You are on page 1of 949

‫ملتقى أهل الحديث‬

‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫تفسير القران العظيم‬


‫للمام الحافظ عماد الدين ‪،‬‬
‫أبو الفداء اسماعيل بن كثير‬
‫القرشى الدمشقي‬

‫المتوفى سنة ‪‍ 774‬‬


‫ه‬
‫الجزء الثالث‬
‫من سورة التوبة إلى سورة‬
‫مريم‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫ُ‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫‪1‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫سبببببببببببببببببببببببببببببببببببورة التوببببببببببببببببببببببببببببببببببببة‬
‫ن‬ ‫مبب َ‬ ‫م ّ‬ ‫هببد ْت ُ ْ‬ ‫عا َ‬
‫ن َ‬ ‫ذي َ‬‫سببول ِهِ إ َِلببى اّلبب ِ‬
‫ن الّلببهِ وََر ُ‬ ‫مبب َ‬
‫** َبببَرآَءةٌ ّ‬
‫مبوَا ْ‬‫شبهُرٍ َواعْل َ ُ‬ ‫ة أَ ْ‬
‫ض أ َْرب َعَب َ‬
‫الْر ِ‬ ‫حوا ْ فِببي‬ ‫ن * فَ ِ‬
‫سببي ُ‬ ‫كي َ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬‫ال ْ ُ‬
‫زي ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫أ َن ّ ُ‬
‫ن‬‫ري َ‬ ‫كببافِ ِ‬ ‫خبب ِ‬‫م ْ‬‫ه ُ‬ ‫ن الّلبب َ‬‫زي الّلببهِ وَأ ّ‬ ‫جبب ِ‬
‫مع ْ ِ‬‫م غَْيببُر ُ‬ ‫كبب ْ‬
‫هذه السورة الكريمة من أواخر ما نزل على رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم كما قال البخاري‪ :‬حدثنا أبببو الوليببد‪,‬‬
‫حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال‪ :‬سمعت البراء يقول آخر‬
‫آية نزلت }يستفتونك قل الله يفتيكم فببي الكللببة{ وآخببر‬
‫سببورة نزلببت بببراءة‪ ,‬وإنمببا لببم يبسببمل فببي أولهببا لن‬
‫الصحابة لم يكتبوا البسملة في أولها في المصحف المام‪,‬‬
‫بل اقتدوا في ذلك بأمير المؤمنين عثمان بن عفان رضببي‬
‫الله عنببه وأرضبباه‪ ,‬كمببا قببال الترمببذي‪ :‬حببدثنا محمببد بببن‬
‫بشار‪ ,‬حدثنا يحيى بن سعيد ومحمببد بببن جعفببر وابببن أبببي‬
‫عدي وسهيل بن يوسف قالوا‪ :‬حدثنا عوف بن أبي جميلة‪,‬‬
‫أخبرني يزيببد الفارسببي‪ ,‬أخبببرني ابببن عببباس قببال‪ :‬قلببت‬
‫لعثمان بن عفان‪ :‬ما حملكم أن عمدتم إلى النفببال وهببي‬

‫‪2‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من المثاني وإلى براءة وهببي مببن المئيببن وقرنتببم بينهمببا‬
‫ولببم تكتبببوا بينهمببا سببطر بسببم اللببه الرحمببن الرحيببم‬
‫ووضعتموها في السبببع الطببوال مببا حملكببم علببى ذلببك ؟‬
‫فقال عثمان‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسببلم ممببا‬
‫يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد فكان‬
‫إذا نزل عليه الشببيء دعببا بعببض مببن كببان يكتببب فيقببول‬
‫لية فبي السبورة البتي يبذكر فيهببا كببذا وكبذا‪,‬‬ ‫ضعوا هذه ا َ‬
‫وكانت النفال من أول ما نزل بالمدينة وكانت بببراءة مببن‬
‫آخر ما نببزل مببن القببرآن‪ ,‬وكببانت قصببتها شبببيهة بقصببتها‬
‫وحسبت أنها منهببا‪ ,‬وقبببض رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم ولم يبين لنا أنها منها فمن أجل ذلببك قرنببت بينهمببا‬
‫ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتها‬
‫فببي السبببع الطببوال‪ ,‬وكببذا رواه المببام أحمببد وأبببو داود‬
‫والنسائي وابن حبان في صحيحه‪ ,‬والحاكم في مسببتدركه‬
‫من طببرق أخببر عببن عببوف العرابببي بببه‪ ,‬وقببال الحبباكم‪:‬‬
‫صحيح السناد ولم يخرجبباه‪ ,‬وأول هببذه السببورة الكريمببة‬
‫نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم لمبا رجبع مببن‬
‫غزوة تبوك وهم بالحج‪ ,‬ثببم ذكببر أن المشببركين يحضببرون‬
‫عامهم هذا الموسم على عادتهم في ذلك وأنهم يطوفببون‬
‫بببالبيت عببراة‪ ,‬فكببره مخببالطتهم وبعببث أبببا بكببر الصببديق‬
‫رضي الله عنه أميرا ً على الحج تلببك السببنة ليقيببم للنبباس‬
‫مناسكهم ويعلم المشركين أن ل يحجوا بعببد عببامهم هببذا‪,‬‬
‫وأن ينادي في الناس }براءة من الله ورسوله{ فلما قفل‬
‫أتبعه بعلي بن أبي طببالب ليكببون مبلغبا ً عببن رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم لكونه عصبة لببه كمببا سببيأتي بيببانه‪.‬‬
‫فقوله تعالى‪} :‬براءة من الله ورسببوله{ أي هببذه بببراءة‬
‫أي تبببرؤ مببن اللببه ورسببوله }إلببى الببذين عاهببدتم مببن‬
‫المشببركين * فسببيحوا فببي الرض أربعببة أشببهر{ اختلببف‬
‫المفسرون ههنا اختلفبا ً كببثيرًا‪ ,‬فقببال قببائلون‪ :‬هببذه ا َ‬
‫ليببة‬
‫لذوي العهود المطلقة غيببر المؤقتببة أو مببن لببه عهببد دون‬
‫أربعة أشهر فيكمل له أربعة أشهر‪ ,‬فأما من كان لببه عهببد‬
‫مؤقت فأجله إلى مدته مهما كان‪ ,‬لقببوله تعببالى‪} :‬فببأتموا‬

‫‪3‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لية‪ ,‬ولما سيأتي في الحببديث‪.‬‬ ‫إليهم عهدهم إلى مدتهم{ ا َ‬
‫ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد‬
‫فعهده إلى مدته وهذا أحسن القوال وأقواها‪ ,‬وقد اختبباره‬
‫ابن جرير رحمه الله‪ ,‬وروي عن الكلبي ومحمببد بببن كعببب‬
‫القرظي وغير واحد‪ .‬وقال علي بببن أبببي طلحببة عببن ابببن‬
‫عباس فببي قببوله‪} :‬بببراءة مببن اللبه ورسببوله إلببى الببذين‬
‫عاهببدتم مببن المشببركين * فسببيحوا فببي الرض أربعببة‬
‫لية‪ ,‬قال‪ :‬حد اللببه للببذين عاهببدوا رسببوله أربعببة‬ ‫أشهر{ ا َ‬
‫أشهر يسيحون فببي الرض حيببث شبباءوا وأجببل أجببل مببن‬
‫ليس له عهد انسلخ الشببهر الحببرم مببن يببوم النحببر إلببى‬
‫سببلخ المحببرم فببذلك خمسببون ليلببة‪ ,‬فببأمر اللببه نبببيه إذا‬
‫حرم أن يضع السيف فيمن لببم يكببن بينببه‬ ‫انسلخ الشهر ال ُ‬
‫وبينه عهد بقتلهم حتى يدخلوا في السلم‪ ,‬وأمر بمن كببان‬
‫له عهد إذا انسلخ أربعة أشهر مببن يببوم النحببر إلببى عشببر‬
‫لخببر أن يضببع فيهببم السببيف أيضبا ً حببتى‬ ‫خلون من ربيببع ا َ‬
‫يببببببببببببببببببدخلوا فببببببببببببببببببي السببببببببببببببببببلم‪.‬‬
‫وقال أبو معشر المدني‪ :‬حدثنا محمد بن كعببب القرظببي‬
‫وغيره قالوا‪ :‬بعث رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم أبببا‬
‫بكر أميرا ً على الموسم سببنة تسببع‪ ,‬وبعببث علببي بببن أبببي‬
‫طالب بثلثين آية أو أربعيببن آيببة مببن بببراءة فقرأهببا علببى‬
‫الناس‪ ,‬يؤجل المشركين أربعة أشهر يسيحون فببي الرض‬
‫فقرأها عليهم يوم عرفببة أجلهببم عشببرين مببن ذي الحجببة‬
‫لخببر‪,‬‬‫والمحرم وصفر وشهر ربيع الول وعشرا ً من ربيببع ا َ‬
‫وقرأها عليهم في منازلهم وقال‪ :‬ل يحجن بعببد عامنببا هببذا‬
‫مشرك ول يطوفن بالبيت عريببان‪ .‬وقببال ابببن أبببي نجيببح‪,‬‬
‫عن مجاهد }بببراءة مببن اللببه ورسببوله{ إلببى أهببل العهببد‬
‫خزاعة ومدلج ومن كان له عهد أو غيرهببم‪ ,‬فقفببل رسببول‬
‫الله صببلى اللبه عليببه وسببلم مببن تبببوك حيببن فببرغ فببأراد‬
‫رسول الله صلى الله عليببه وسببلم الحببج ثببم قببال‪» :‬إنمببا‬
‫يحضر المشركون فيطوفون عراة فل أحب أن أحببج حببتى‬
‫ل يكون ذلبك« فأرسبل أببا بكبر وعليبا ً رضبي اللبه عنهمبا‬
‫فطافببا بالنبباس فببي ذي المجبباز وبببأمكنتهم الببتي كببانوا‬

‫‪4‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يتبايعون بها وبالمواسبم كلهبا‪ ,‬فبآذنوا أصبحاب العهبد ببأن‬
‫منوا أربعة أشهر فهي الشهر المتواليببات عشببرون مببن‬ ‫يؤ ّ‬
‫لخر ثم ل عهد لهم‪,‬‬ ‫ذي الحجة إلى عشر يخلون من ربيع ا َ‬
‫وآذن الناس كلهم بالقتال إل أن يؤمنببوا‪ ,‬وهكببذا روي عببن‬
‫السبدي وقتبادة وقببال الزهببري‪ :‬كبان ابتبداء التأجيبل مبن‬
‫شوال وآخببره سببلخ المحببرم‪ ,‬وهببذا القببول غريببب وكيببف‬
‫يحاسبون بمدة لم يبلغهم حكمهببا وإنمببا ظهببر لهببم أمرهببا‬
‫يوم النحر حين نادى أصحاب رسول الله صببلى اللببه عليببه‬
‫وسببببببببلم بببببببببذلك ولهببببببببذا قببببببببال تعببببببببالى‪(:‬‬

‫َ‬ ‫** وَأ َ َ‬


‫ج الك َْبببرِ أ ّ‬
‫ن‬ ‫ح ّ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫س ي َوْ َ‬ ‫َ‬
‫سول ِهِ إ ِلى الّنا ِ‬ ‫ن الل ّهِ وََر ُ‬ ‫م َ‬‫ن ّ‬ ‫ذا ٌ‬
‫م‬‫كبب ْ‬ ‫خي ٌْر ل ّ ُ‬
‫م فَهُوَ َ‬ ‫ه فَِإن ت ُب ْت ُ ْ‬ ‫سول ُ ُ‬‫ن وََر ُ‬‫كي َ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫م َ‬‫ه ب َرِيٌَء ّ‬ ‫الل ّ َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ش برِ ال ّب ِ‬ ‫زي الل ّبهِ وَب َ ّ‬ ‫ِ‬ ‫جب‬
‫مع ْ ِ‬ ‫موَا ْ أن ّك ُ ْ‬
‫م غَي ْبُر ُ‬ ‫م َفاعْل َ ُ‬‫وَِإن ت َوَل ّي ْت ُ ْ‬
‫َ‬ ‫ك ََفببببببببببببببببببُروا ْ ب َِعبببببببببببببببببب َ‬
‫ب أِليببببببببببببببببببم ٍ‬ ‫ذا ٍ‬
‫يقول تعالى وإعلم }مببن اللبه ورسببوله{ وتقبدم وإنببذار‬
‫إلى الناس }يوم الحج الكبر{ وهببو يببوم النحببر الببذي هببو‬
‫أفضببل أيببام المناسببك وأظهرهببا وأكثرهببا جمعبا ً }أن اللببه‬
‫بريء من المشركين ورسوله{ أي بريببء منهببم أيض با ً ثببم‬
‫دعاهم إلى التوبة إليه‪ ,‬فقال }فإن تبتم{ أي مما أنتم فيببه‬
‫مببن الشببرك والضببلل }فهببو خيببر لكببم‪ ,‬وإن تببوليتم{ أي‬
‫استمررتم على ما أنتم عليه }فاعلموا أنكم غيببر معجببزي‬
‫الله{ بل هو قادر عليكم وأنتببم فببي قبضببته وتحببت قهببره‬
‫ومشيئته‪} ,‬وبشر الذين كفروا بعذاب أليم{ أي في الببدنيا‬
‫لخببرة بالمقببامع والغلل‪ ,‬قببال‬ ‫بببالخزي والنكببال وفببي ا َ‬
‫البخاري رحمببه اللببه‪ :‬حببدثنا عبببد اللببه بببن يوسببف‪ ,‬حببدثنا‬
‫الليث‪ ,‬حدثني عقيل عن ابن شببهاب قببال‪ :‬أخبببرني حميببد‬
‫بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال‪ :‬بعثنببي أبببو بكببر رضببي‬
‫الله عنه في تلك الحجة فببي المببؤذنين الببذين بعثهببم يببوم‬
‫النحر يؤذنون بمنى أن ل يحج بعد العام مشرك ول يطوف‬
‫بالبيت عريان‪ .‬قال حميد‪ :‬ثم أردف النبي صلى اللببه عليببه‬
‫وسلم بعلي بن أبي طالب فأمره أن يؤذن ببراءة‪ ,‬قال أبو‬

‫‪5‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هريرة فأذن معنا علي في أهببل منببى يببوم النحببر ببببراءة‪,‬‬
‫وأن ل يحببج بعببد هببذا العببام مشببرك ول يطببوف بببالبيت‬
‫عريبببان‪ ,‬ورواه البخببباري أيضبببًا‪ :‬حبببدثنا أببببو اليمبببان‪,‬‬
‫أخبرناشعيب عن الزهري‪ ,‬أخبرني حميد بن عبببد الرحمببن‬
‫أن أبا هريرة قال‪ :‬بعثني أبو بكبر فيمببن يبؤذن يبوم النحبر‬
‫بمنى أل يحج بعد العام مشرك ول يطوف بببالبيت عريببان‪,‬‬
‫ويوم الحج الكبر يوم النحببر‪ ,‬وإنمببا قيببل الكبببر مببن أجببل‬
‫قول الناس الحج الصغر‪ ,‬فنبذ أبو بكر إلى الناس في ذلك‬
‫العام فلم يحج عام حجة الوداع الذي حج فيه رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم مشرك‪ ,‬هذا لفظ البخاري في كتاب‬
‫الجهاد‪ .‬وقال عبد الرزاق‪ :‬عن معمر عن الزهري عن ابببن‬
‫المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله‪} :‬بببراءة‬
‫من الله ورسوله{ قال‪ :‬لمببا كببان النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫مر أبا بكر علببى‬ ‫وسلم زمن حنين اعتمر من الجعرانة ثم أ ّ‬
‫تلك الحجة‪ ,‬قال معمببر‪ :‬قببال الزهببري‪ :‬وكببان أبببو هريببرة‬
‫يحدث أن أبا بكر أمر أبا هريرة أن يؤذن ببراءة فببي حجببة‬
‫أبي بكر‪ ,‬قال أبو هريرة‪ :‬ثم أتبعنا النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم عليا ً وأمره أن يؤذن ببراءة وأبو بكر علببى الموسببم‬
‫كما هو أو قال على هيئته‪ .‬وهببذا السببياق فيببه غرابببة مببن‬
‫جهة أن أمير الحج كان سنة عمرة الجعرانة إنما هو عتبباب‬
‫بببن أسببيد فأمببا أبببو بكببر إنمببا كببان أميببرا ً سببنة تسببع‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا محمد بببن جعفببر‪ ,‬حببدثنا شببعبة‬
‫عن مغيرة عن الشعبي عن محّرر بن أبي هريرة عن أبيببه‬
‫قال‪ :‬كنت مع علي بن أبي طالب حيببن بعثببه رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ببراءة فقال‪ :‬ما كنتببم‬
‫تنببادون ؟‪ .‬قببال‪ :‬كنببا ننببادي أنببه ل يببدخل الجنببة إل نفببس‬
‫مؤمنة‪ ,‬ول يطببوف بببالبيت عريببان‪ ,‬ومببن كببان بينببه وبيببن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فإن أجلببه أو مببدته‬
‫إلى أربعة أشهر‪ ,‬فإذا مضت الربعة الشهر فإن الله بريء‬
‫من المشركين ورسوله‪ ,‬ول يحج هذا البيت بعد عامنا هببذا‬
‫مشببرك‪ ,‬قببال‪ :‬فكنببت أنببادي حببتى صببحل صببوتي‪ ,‬وقببال‬
‫الشعبي‪ :‬حدثني محّرر بن أبي هريرة عن أبيه قببال‪ :‬كنببت‬

‫‪6‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مع علي بن أبي طالب رضببي اللببه عنببه حيببن بعثببه النبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم ينادي فكان إذا صحل ناديت فقلببت‪:‬‬
‫بببأي شببيء كنتببم تنببادون ؟ قببال بببأربع‪ ,‬ل يطببوف بببالبيت‬
‫عريان‪ ,‬ومن كان له عهد عند رسول الله صلى اللببه عليببه‬
‫وسلم فعهده إلى مدته‪ ,‬ول يدخل الجنة إل نفببس مؤمنببة‪,‬‬
‫ول يحج بعد عامنا هذا مشببرك‪ .‬رواه ابببن جريببر مببن غيببر‬
‫وجه عن الشعبي‪ ,‬ورواه شعبة عن مغيرة عن الشعبي به‪,‬‬
‫إل أنه قال‪ :‬ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم عهد فعهده إلى أربعبة أشبهر وذكبر تمبام الحبديث‪.‬‬
‫قال ابن جرير‪ :‬وأخشى أن يكون وهما ً من بعض نقلته لن‬
‫الخببببببببار متظببببببباهرة فبببببببي الجبببببببل بخلفبببببببه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عفان‪ ,‬حدثنا حمبباد عبن سبماك‬
‫عن أنس بن مالك رضي اللببه عنببه أن رسببول اللببه صببلى‬
‫اللبه عليبه وسبلم بعثبه بببراءة مبع أببي بكبر فلمبا بلبغ ذا‬
‫الحليفة قببال‪» :‬ل يبلغهببا إل أنببا أو رجببل مببن أهببل بيببتي«‬
‫فبعث بها مع علي بن أبي طببالب رضببي اللببه عنببه‪ ,‬ورواه‬
‫الترمذي في التفسير‪ :‬عن بندار عببن عفببان وعبببد الصببمد‬
‫كلهما عن حماد بن سلمة به‪ ,‬ثم قال‪ :‬حسببن غريببب مببن‬
‫حديث أنس رضي الله عنه‪ ,‬وقال عبد اللببه بببن أحمببد بببن‬
‫حنبل‪ :‬حدثنا محمد بن سليمان‪ ,‬ب ل ُوَْين ب حببدثنا محمببد بببن‬
‫جابر عن سماك عن حنش عن علي رضي الله عنببه قببال‪:‬‬
‫لما نزلت عشر آيات من براءة على النبي صلى الله عليببه‬
‫وسلم دعا النبي صلى الله عليه وسلم أبببا بكببر فبعثببه بهببا‬
‫ليقرأها على أهل مكببة ثببم دعبباني فقببال‪» :‬أدرك أبببا بكببر‬
‫فحيثما لحقتببه فخببذ الكتبباب منببه فبباذهب إلببى أهببل مكببة‬
‫فاقرأه عليهم« فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه ورجع‬
‫أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقببال‪ :‬يببا رسببول‬
‫ي شببيء ؟ فقببال »ل ولكببن جبريببل جبباءني‬ ‫اللببه‪ ,‬نببزل فب ّ‬
‫فقال‪ :‬لن يؤدي عنك إل أنت أو رجل منك« هذا إسناد فيه‬
‫ضعف‪ ,‬وليس المراد أن أبا بكر رضي الله عنببه رجببع مببن‬
‫فوره بل بعد قضائه للمناسك التي أمره عليها رسول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم كما جاء مبينا ً فببي الروايببة الخببرى‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال عبد الله أيضًا‪ :‬حدثني أبو بكر‪ ,‬حدثنا عمرو بن حمبباد‬
‫عن أسباط بن نصر عن سماك عن حنش عن علي رضببي‬
‫الله عنه‪ ,‬أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيببن بعثببه‬
‫ببراءة قال‪ :‬يا نبي الله إنببي لسببت باللسببن ول بببالخطيب‬
‫قال‪» :‬ل بد لي أن أذهب بها أنا أو تذهب بهببا أنببت« قببال‪:‬‬
‫فإن كان ول بد فسأذهب أنا‪ ,‬قال‪» :‬انطلق فإن الله يثبببت‬
‫لسببانك ويهببدي قلبببك« قببال‪ :‬ثببم وضببع يببده علببى فيببه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا سببفيان عببن أبببي إسببحاق عببن‬
‫زيد بن يثيع رجل من همدان‪ ,‬سألنا عليا ً بأي شيء بعثت ؟‬
‫يعني يوم بعثه النبي صلى الله عليببه وسببلم مببع أبببي بكببر‬
‫في الحجببة‪ ,‬قببال‪ :‬بعثببت بببأربع‪ :‬ل يببدخل الجنببة إل نفببس‬
‫مؤمنة‪ ,‬ول يطببوف بببالبيت عريببان‪ ,‬ومببن كببان بينببه وبيببن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته‪ ,‬ول يحج‬
‫المشركون والمسلمون بعد عببامهم هببذا‪ ,‬ورواه الترمببذي‬
‫عن قلبة عن سفيان بن عيينببة وقببال‪ :‬حسببن صببحيح كببذا‬
‫قال‪ ,‬ورواه شعبة عن أبي إسحاق فقال‪ :‬زيد بن يثيع وهبم‬
‫فيه‪ ,‬ورواه الثوري عن أبي إسحاق عن بعض أصحابه عببن‬
‫علي رضي الله عنه‪ .‬وقببال ابببن جريببر‪ :‬حببدثنا ابببن وكيببع‪,‬‬
‫حدثنا أبو أسامة عن زكريا عن أبببي إسببحاق عببن زيببد بببن‬
‫يثيع عن علبي قبال‪ :‬بعثنبي رسبول اللبه صبلى اللبه عليبه‬
‫وسلم حين أنزلت براءة بأربع‪ :‬أن ل يطوف بالبيت عريان‪,‬‬
‫ول يقرب المسجد الحرام مشرك بعببد عببامهم هببذا‪ ,‬ومببن‬
‫كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهببو‬
‫إلى مدته‪ ,‬ول يدخل الجنة إل نفببس مؤمنببة‪ ,‬ثببم رواه ابببن‬
‫جرير عن محمد بن عبد العلى عن ابن ثور عن معمر عن‬
‫أبببي إسببحاق عببن الحببارث عببن علببي قببال‪ :‬أمببرت بببأربع‬
‫فذكره‪ ,‬وقال إسرائيل عن أبي إسحاق عببن زيببد بببن يببثيغ‬
‫قال‪ :‬نزلت براءة فبعث رسول الله صلى الله عليه وسببلم‬
‫أبا بكر ثم أرسل عليا ً فأخذها‪ ,‬فلما رجع أبو بكر قال‪ :‬نزل‬
‫ي شيء ؟ قال‪» :‬ل ولكببن أمببرت أن أبلغهببا أنببا أو رجببل‬ ‫ف ّ‬
‫من أهل بيتي« فانطلق إلى أهل مكة فقام فيهببم بببأربع ل‬
‫يببدخل مكببة مشببرك بعببد عببامه هببذا‪ ,‬ول يطببوف بببالبيت‬

‫‪8‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عريان‪ ,‬ول يدخل الجنة إل نفس مسببلمة‪ ,‬ومببن كببان بينببه‬
‫وبين رسول الله صلى الله عليه وسببلم عهببد فعهببده إلببى‬
‫مدته‪ ,‬وقال محمد بن إسحاق عن حكيم بن حكيم بن عباد‬
‫بن حنيف عن أبي جعفر محمد بن علببي بببن الحسببين بببن‬
‫علي قال‪ :‬لما نزلت بببراءة علببى رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم وقد كان بعث أبا بكر ليقيم الحج للناس فقيببل‬
‫يا رسول الله‪ :‬لو بعثت إلببى أببي بكبر ؟ فقببال‪» :‬ل يببؤدي‬
‫عني إل رجل من أهل بيتي« ثببم دعببا عليبا ً فقببال »اذهببب‬
‫بهذه القصة من سورة براءة وأذن في النبباس يببوم النحببر‬
‫إذا اجتمعوا بمنى‪ ,‬أنه ل يببدخل الجنببة كببافر‪ ,‬ول يحببج بعببد‬
‫العام مشرك‪ ,‬ول يطوف بالبيت عريان‪ ,‬ومن كان له عهببد‬
‫عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو له إلببى مببدته«‬
‫فخرج علي رضي الله عنه علببى ناقببة رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم العضباء حتى أدرك أبببا بكببر فببي الطريببق‬
‫فلما رآه أبو بكر قال‪ :‬أمير أو مببأمور ؟ فقببال بببل مببأمور‪,‬‬
‫ثم مضيا فأقام أبو بكر للناس الحج إذ ذاك في تلك السبنة‬
‫على منازلهم من الحج التي كانوا عليها في الجاهلية حببتى‬
‫إذا كان يوم النحببر قببام علببي بببن أبببي طببالب فببأذن فببي‬
‫الناس بالببذي أمببره رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫فقال‪ :‬يا أيها(الناس‪ ,‬إنه ل يدخل الجنة كافر‪ ,‬ول يحج بعببد‬
‫العام مشرك ول يطوف بالبيت عريان‪ ,‬ومن كان لببه عهببد‬
‫عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو إلى مدته‪ ,‬فلببم‬
‫يحج بعد ذلك العام مشرك‪ ,‬ولم يطف بالبيت عريببان‪ ,‬ثببم‬
‫قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان هذا من‬
‫براءة فيمن كان من أهببل الشببرك مببن أهببل العهببد العببام‬
‫وأهبببببببل المبببببببدة إلبببببببى الجبببببببل المسبببببببمى‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم‪,‬‬
‫أخبرنا أبو زرعببة وهببب اللببه بببن راشببد‪ ,‬أخبرنببا حيببوة بببن‬
‫شريح‪ ,‬أخبرنا ابن صخر أنه سمع أبببا معاويببة البجلببي مببن‬
‫أهل الكوفة يقول‪ :‬سمعت أبا الصهباء البكري وهو يقببول‪:‬‬
‫سألت عليا ً عن يببوم الحببج الكبببر فقببال‪ :‬إن رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكببر بببن أبببي قحافببة يقيببم‬

‫‪9‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫للناس الحج وبعثني معه بأربعين آية من بببراءة حببتى أتببى‬
‫عرفة فخطب الناس يوم عرفة‪ ,‬فلما قضى خطبته التفببت‬
‫إلي فقال‪ :‬قم يا علي فأد رسالة رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪ ,‬فقمت فقرأت عليهم أربعين آيببة مببن بببراءة‪,‬‬
‫ثم صدرنا فأتينا منى فرميببت الجمببرة ونحببرت البدنببة ثببم‬
‫حلقببت رأسببي وعلمببت أن أهببل الجمببع لببم يكونببوا كلهببم‬
‫حضببروا خطبببة أبببي بكببر يببوم عرفببة فطفببت أتتبببع بهببا‬
‫الفساطيط أقرأها عليهم فمن ثم أخببال حسبببتم أنببه يببوم‬
‫النحر أل وهو يوم عرفة‪ ,‬وقال عبد الرزاق عن معمبر عبن‬
‫أبي إسحاق سألت أبا جحيفة عن يببوم الحببج الكبببر قببال‪:‬‬
‫يوم عرفة‪ ,‬فقلت‪ :‬أمن عندك أم من أصحاب محمد صببلى‬
‫الله عليه وسلم ؟ قال‪ :‬كل في ذلببك‪ ,‬وقببال عبببد الببرزاق‬
‫أيضًا‪ :‬عن ابن جريج عن عطاء قال‪ :‬يوم الحج الكبببر يببوم‬
‫شّني‪ :‬حدثنا شهاب بن عببباد‬ ‫عرفة‪ .‬وقال عمر بن الوليد ال ّ‬
‫البصري عن أبيه قال‪ :‬سببمعت عمببر بببن الخطبباب يقببول‪:‬‬
‫هذا يوم عرفة هذا يوم الحج الكبر فل يصومنه أحد‪ .‬قببال‪:‬‬
‫فحججت بعد أبي فأتيت المدينة فسألت عن أفضببل أهلهببا‬
‫فقالوا‪ :‬سعيد بن المسيب فأتيته فقلببت‪ :‬إنببي سببألت عببن‬
‫أفضل أهل المدينة فقالوا سعيد بن المسيب فأخبرني عن‬
‫صوم يوم عرفة‪ ,‬فقال‪ :‬أخبرك عمن هو أفضل منببي مببائة‬
‫ضعف عمر أو ابن عمر‪ ,‬كان ينهى عن صببومه ويقببول هببو‬
‫يوم الحج الكبر‪ ,‬رواه ابن جريببر وابببن أبببي حبباتم‪ ,‬وهكببذا‬
‫روي عن ابن عباس وعبد الله بن الزبير ومجاهد وعكرمببة‬
‫وطاووس أنهببم قببالوا‪ :‬يببوم عرفببة هببو يببوم الحببج الكبببر‪.‬‬
‫وقد ورد فيه حديث مرسل رواه ابن جريج‪ ,‬أخبببرت عببن‬
‫محمد بن قيس عن ابن مخرمة أن رسول الله صلى اللببه‬
‫عليببه وسببلم خطببب يببوم عرفببة فقببال‪» :‬هببذا يببوم الحببج‬
‫الكبر« وروي من وجه آخر‪ :‬عن ابن جريج عن محمببد بببن‬
‫قيس عن المسور بن مخرمة عن رسول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم أنه خطبهم بعرفات فحمد الله وأثنى عليه ثببم‬
‫قال‪» :‬أما بعد فإن هذا يوم الحببج الكبببر« والقببول الثبباني‬
‫أنه يوم النحر قال هشيم عن إسماعيل بن أبي خالببد عببن‬

‫‪10‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الشعبي عن علي رضي الله عنببه قببال‪ :‬يببوم الحببج الكبببر‬
‫يوم النحر‪ ,‬وقال إسببحاق السبببيعي عببن الحببارث العببور‪:‬‬
‫سألت عليا ً رضي الله عنه عن يوم الحج الكبر فقببال‪ :‬هببو‬
‫يببوم النحببر‪ ,‬وقببال شببعبة عببن الحكببم سببمعت يحيببى بببن‬
‫الجزار يحدث عن علي رضي الله عنه أنه خرج يوم النحببر‬
‫على بغلة بيضاء يريد الجبانة فجاء رجل فأخذ بلجببام دابتببه‬
‫فسأله عببن يببوم الحببج الكبببر فقببال هببو يومببك هببذا خببل‬
‫سبيلها‪ ,‬وقال عبد الرزاق‪ :‬عن سفيان عن شعبة عبن عببد‬
‫الملك بن عمير عن عبد الله بن أبي أوفى أنببه قببال‪ :‬يببوم‬
‫الحج الكبر يوم النحر‪ ,‬وروى شعبة وغيره عن عبد الملببك‬
‫بن عمير به نحوه‪ .‬وهكذا رواه هشيم وغيره عن الشيباني‬
‫عن عبد الله بن أبي أوفى‪ .‬وقال العمببش عببن عبببد اللببه‬
‫بن سنان قال‪ :‬خطبنا المغيرة بن شعبة يوم الضحى على‬
‫بعير فقال‪ :‬هذا يوم الضبحى وهببذا يبوم النحبر وهببذا يببوم‬
‫الحج الكبر‪ ,‬وقال حماد بن سلمة عن سماك عن عكرمببة‬
‫عن ابن عباس أنه قال‪ :‬الحج الكبر يوم النحر‪ ,‬وكببذا روي‬
‫عن أبي جحيفة وسعيد بن جبير وعبببد اللببه بببن شببداد بببن‬
‫الهاد ونافع بن جبير بن مطعم والشعبي وإبراهيم النخعببي‬
‫ومجاهببد وعكرمببة وأبببي جعفببر الببباقر والزهببري وعبببد‬
‫الرحمن بن زيد بن أسلم أنهم قالوا‪ :‬يوم الحببج الكبببر هببو‬
‫يوم النحر واختاره ابن جرير‪ ,‬وقد تقدم الحببديث عببن أبببي‬
‫هريرة في صحيح البخبباري أن أبببا بكببر بعثهببم يببوم النحببر‬
‫يؤذنون بمنى‪ ,‬وقببد ورد فببي ذلببك أحبباديث أخببر كمببا قببال‬
‫المببام أبببو جعفببر بببن جريببر‪ :‬حببدثني سببهل بببن محمببد‬
‫الحساني‪ ,‬حدثنا أبو جابر الحرمي‪ ,‬حدثنا هشام بن الغببازي‬
‫الجرشي عن نافع عن ابن عمببر قببال‪ :‬وقببف رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم يوم النحر عند الجمببرات فببي حجببة‬
‫الوداع فقال‪» :‬هذا يوم الحج الكبر« وهكذا رواه ابن أبببي‬
‫حاتم وابن مردويه من حديث أبي جابر واسمه محمببد بببن‬
‫عبد الملك به‪ ,‬ورواه ابن مردويه أيضبا ً مببن حببديث الوليببد‬
‫بن مسلم عن هشام بن الغببازي ببه‪ ,‬ثببم رواه مببن حببديث‬
‫سعيد بن عبد العزيز عن نافع به‪ ,‬وقال شببعبة عببن عمببرو‬

‫‪11‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن مرة عن مرة الهمداني عببن رجببل مببن أصببحاب النبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪ :‬قام فينا رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم على ناقة حمراء مخضرمة فقال‪» :‬أتدرون أي‬
‫يوم يومكم هذا ؟« قالوا‪ :‬يوم النحر‪ ,‬قببال‪» :‬صببدقتم يببوم‬
‫الحبببببببببببببببببببببببببببببببج الكببببببببببببببببببببببببببببببببر«‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا أحمد بن المقدام‪ ,‬حدثنا يزيببد بببن‬
‫زريع‪ ,‬حببدثنا ابببن عببون عببن محمببد بببن سببيرين عببن عبببد‬
‫الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قببال‪ :‬لمببا كببان ذلببك اليببوم‬
‫قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعير لببه وأخببذ‬
‫الناس بخطامه أو زمامه‪ ,‬فقببال‪» :‬أي يببوم هببذا ؟« قببال‪:‬‬
‫فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه‪ ,‬فقال »أليس‬
‫هذا يوم الحج الكبر ؟« وهذا إسناد صببحيح وأصببله مخببرج‬
‫في الصحيح‪ .‬وقال أبو الحوص عن شبيب بن غرقدة عببن‬
‫سليمان بببن عمببرو بببن الحببوص عببن أبيببه قببال‪ :‬سببمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الببوداع فقببال‪:‬‬
‫»أي يوم هذا ؟« فقالوا‪ :‬اليوم الحج الكبر‪ ,‬وعن سعيد بن‬
‫المسيب أنه قال‪ :‬يوم الحج الكبر اليببوم الثبباني مببن يببوم‬
‫النحر رواه ابن أبي حاتم‪ ,‬وقببال مجاهببد أيضبًا‪ :‬يببوم الحببج‬
‫الكبر أيام الحج كلها‪ ,‬وكذا قال أبو عبيد‪ .‬قال سفيان‪ :‬يوم‬
‫الحج ويوم الجمل ويوم صفين أي أيامه كلها‪ ,‬وقببال سببهل‬
‫السراج‪ :‬سئل الحسببن البصببري عببن يببوم الحببج الكبببر ؟‬
‫فقال‪ :‬ما لكم وللحج الكبر ذاك عام حج فيه أبو بكر الذي‬
‫استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسببلم فحببج بالنبباس‬
‫رواه ابن أبي حاتم‪ ,‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا ابن وكيع‪ ,‬حدثنا‬
‫أبو أسامة عن ابن عون‪ ,‬سألت محمدا ً يعني ابببن سببيرين‬
‫عن يوم الحج الكبر‪ ,‬فقال‪ :‬كان يوما ً وافق فيه حج رسول‬
‫اللبببه صبببلى اللبببه عليبببه وسبببلم وحبببج أهبببل البببوبر‪.‬‬

‫شببْيئا ً‬ ‫م َ‬‫صوك ُ ْ‬ ‫م َينُق ُ‬ ‫م لَ ْ‬ ‫ن ثُ ّ‬ ‫كي َ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬


‫َ‬ ‫م‬
‫هدّتم ّ‬ ‫عا َ‬
‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫** إ ِل ّ ال ّ ِ‬
‫ذي‬
‫م إ ِل َ‬ ‫موَا ْ إ ِل َ‬ ‫ظاهروا ْ عل َيك ُم أ َحدا ً فَأ َ‬
‫م‬ ‫مببد ّت ِهِ ْ‬
‫ى ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫َ ْ ْ َ‬ ‫م يُ َ ِ ُ‬ ‫وَل َ ْ‬
‫ن‬‫مت ِّقيببببببببببببببببب َ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫حببببببببببببببببب ّ‬ ‫ن الل ّببببببببببببببببب َ‬
‫ه يُ ِ‬ ‫إِ ّ‬

‫‪12‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هذا استثناء من ضرب مدة التأجيل بأربعة أشهر لمن لببه‬
‫عهد مطلق ليس بمؤقت‪ ,‬فببأجله أربعببة أشببهر يسببيح فببي‬
‫الرض يذهب فيها لينجو بنفسه حيث شاء‪ ,‬إل من له عهببد‬
‫مؤقت فأجله إلى مدته المضروبة التي عوهبد عليهببا‪ ,‬وقببد‬
‫تقدمت الحاديث ومن كان له عهد مع رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليببه وسببلم فعهببده إلببى مببدته‪ ,‬وذلببك بشببرط أن ل‬
‫ينقض المعاهد عهده ولم يظاهر على المسببليمن أحببدا ً أي‬
‫يمالىء عليهم مببن سببواهم‪ ,‬فهببذا الببذي يببوفي لببه بببذمته‬
‫وعهده إلى مدته ولهذا حببرض تعببالى علببى الوفبباء بببذلك‪,‬‬
‫فقببال }إن اللببه يحببب المتقيببن{ أي المببوفين بعهببدهم‪.‬‬

‫ث‬ ‫حْيب ُ‬‫ن َ‬ ‫كي َ‬ ‫شبرِ ِ‬‫م ْ‬‫م َفباقْت ُُلوا ْ ال ْ ُ‬ ‫حبُر ُ‬ ‫شبهُُر ال ْ ُ‬ ‫خ ال ْ‬ ‫سبل َ َ‬
‫ذا ان َ‬ ‫** َفبإ ِ َ‬
‫ص بدٍ‬‫مْر َ‬ ‫ل َ‬ ‫م ك ُب ّ‬‫دوا ْ ل َهُ ب ْ‬
‫م َواقْعُ ُ‬‫صُروهُ ْ‬ ‫ح ُ‬‫م َوا ْ‬ ‫ذوهُ ْ‬‫خ ُ‬ ‫م وَ ُ‬‫موهُ ْ‬ ‫جدت ّ ُ‬
‫وَ َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫م إِ ّ‬‫سبِبيل َهُ ْ‬‫خّلبوا ْ َ‬ ‫كباةَ فَ َ‬ ‫صبل َةَ َوآَتبوُا ْ الّز َ‬ ‫موا ْ ال ّ‬ ‫فَِإن َتاُبوا ْ وَأَقا ُ‬
‫م‬
‫حيببببببببببببببببببب ٌ‬ ‫ه غَُفبببببببببببببببببببوٌر ّر ِ‬ ‫الّلببببببببببببببببببب َ‬
‫اختلف المفسرون في المراد بالشهر الحرم ههنا ما هي‬
‫؟ فذهب ابن جرير إلى أنهببا المببذكورة فببي قببوله تعببالى‪:‬‬
‫}منهببا أربعببة حببرم ذلببك الببدين القيببم فل تظلمببوا فيهببن‬
‫ليببة‪ ,‬قببال أبببو جعفببر الببباقر‪ ,‬ولكببن قببال ابببن‬ ‫أنفسكم{ ا َ‬
‫جرير‪ :‬آخر الشهر الحرم في حقهم المحببرم‪ ,‬وهببذا الببذي‬
‫ذهب إليه حكاه علي بن أبي طلحة عن ابببن عببباس وإليببه‬
‫ذهب الضحاك أيضبا ً وفيببه نظببر‪ ,‬والببذي يظهببر مببن حيببث‬
‫السياق ما ذهب إليه ابن عباس فببي روايببة العببوفي عنببه‪,‬‬
‫وبه قال مجاهببد وعمببرو بببن شببعيب ومحمببد بببن إسببحاق‬
‫وقتادة والسدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم‪ :‬أن المراد‬
‫بها أشهر التسيير الربعة المنصوص عليها بقوله }فسيحوا‬
‫في الرض أربعة أشببهر{ ثبم قبال‪} :‬فببإذا انسبلخ الشبهر‬
‫الحرم{ أي إذا انقضت الشهر الربعة التي حرمنببا عليكببم‬
‫فيها قتالهم وأجلناهم فيها فحيثما وجدتموهم فاقتلوهم لن‬
‫عود العهد علبى مببذكور أولببى مببن مقببدر‪ ,‬ثببم إن الشبهر‬
‫الربعة المحرمة سيأتي بيان حكمها في آية أخرى بعد في‬

‫‪13‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هذه السورة الكريمة‪ .‬وقوله‪} :‬فبباقتلوا المشببركين حيببث‬
‫وجبببدتموهم{ أي مبببن الرض وهبببذا عبببام‪ ,‬والمشبببهور‬
‫تخصيصه بتحريم القتال في الحرم‪ ,‬بقببوله‪} :‬ول تقبباتلوهم‬
‫عنببد المسببجد الحببرام حببتى يقبباتلوكم فيببه فببإن قبباتلوكم‬
‫فبباقتلوهم{ وقببوله‪} :‬وخببذوهم{ أي وأسببروهم إن شببئتم‬
‫قتل ً وإن شئتم أسرًا‪ ,‬وقببوله‪} :‬واحصببروهم واقعببدوا لهببم‬
‫كببل مرصببد{ أي ل تكتفببوا بمجببرد وجببدانكم لهببم‪ ,‬بببل‬
‫اقصدوهم بالحصار في معبباقلهم وحصببونهم والرصببد فببي‬
‫طرقهبببم ومسبببالكهم حبببتى تضبببيقوا عليهبببم الواسبببع‬
‫وتضطروهم إلى القتل أو السلم‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬فببإن تببابوا‬
‫وأقاموا الصلة وآتوا الزكاة فخلوا سبببيلهم إن اللببه غفببور‬
‫رحيم{ ولهذا اعتمببد الصببديق رضببي اللببه عنببه فببي قتببال‬
‫ليببة الكريمببة وأمثالهببا‪ ,‬حيببث‬ ‫مببانعي الزكبباة علببى هببذه ا َ‬
‫حرمببت قتببالهم بشببرط هببذه الفعببال وهببي الببدخول فببي‬
‫السلم والقيام بأداء واجباته‪ ,‬ونبه بأعلها على أدناها فببإن‬
‫أشرف أركان السلم بعد الشهادتين الصلة التي هي حق‬
‫الله عز وجل‪ ,‬وبعدها أداء الزكاة التي هي نفببع متعببد إلببى‬
‫الفقبببراء والمحاويبببج وهبببي أشبببرف الفعبببال المتعلقبببة‬
‫بالمخلوقين‪ ,‬ولهذا كثيرا ً ما يقرن الله بين الصلة والزكاة‪.‬‬
‫وقد جاء في الصحيحين عن ابببن عمببر رضببي اللببه عنهمببا‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪» :‬أمرت أن‬
‫أقاتل الناس حببتى يشببهدوا أن ل إلببه إل اللببه وأن محمببدا ً‬
‫رسول الله ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة« الحببديث‪ ,‬وقبال‬
‫أبو إسحاق‪ :‬عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود رضببي‬
‫الله عنه قال‪ :‬أمرتم بإقام الصلة وإيتبباء الزكبباة ومببن لببم‬
‫يزك فل صلة له‪ ,‬وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم‪ :‬أبى‬
‫الله أن يقبل الصلة إل بالزكاة وقال‪ :‬يرحم الله أبا بكر ما‬
‫كببببببببببببببببببببببببببببببببان أفقهببببببببببببببببببببببببببببببببه!‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا علي بن إسحاق‪ ,‬أنبأنا عبد اللببه‬
‫بن المبارك‪ ,‬أنبأنا حميد الطويل عن أنس أن رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬أمرت أن أقاتل النبباس حببتى‬
‫يشببهدوا أن ل إلببه إل اللببه وأن محمببدا ً رسببول اللببه فببإذا‬

‫‪14‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫شهدوا أن ل إله إل الله وأن محمدا ً رسول الله واسببتقبلوا‬
‫قبلتنببا وأكلببوا ذبيحتنببا وصببلوا صببلتنا فقببد حرمببت علينببا‬
‫دماؤهم وأموالهم إل بحقها‪ ,‬لهم ما للمسلمين وعليهببم مببا‬
‫عليهم« ورواه البخاري في صحيحه وأهببل السببنن إل ابببن‬
‫ماجه‪ ,‬من حديث عبد الله بن المبارك به‪ ,‬وقال المام أبببو‬
‫جعفر بن جريببر‪ :‬حببدثنا عبببد العلببى بببن واصببل السببدي‪,‬‬
‫حدثنا عبيد الله بن موسى أخبرنببا أبببو جعفببر الببرازي عببن‬
‫الربيع بن أنببس قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬من فارق الدنيا على الخلص لله وحببده وعبببادته‬
‫ل يشرك بببه شببيئا ً فارقهببا واللببه عنببه راض« قببال‪ :‬وقببال‬
‫أنس‪ :‬هو دين الله الذي جاءت به الرسل وبلغوه عن ربهم‬
‫قبل هرج الحبباديث واختلف الهببواء‪ ,‬وتصببديق ذلببك فببي‬
‫كتاب الله في آخر ما أنزل‪ ,‬قال اللببه تعببالى‪} :‬فببإن تببابوا‬
‫وأقاموا الصلة وآتوا الزكاة فخلوا سبببيلهم{ قببال‪ :‬تببوبتهم‬
‫خلع الوثان وعبادة ربهم وإقام الصببلة وإيتبباء الزكبباة‪ ,‬ثببم‬
‫قال في آية أخرى‪} :‬فإن تابوا وأقاموا الصلة وآتوا الزكاة‬
‫فإخوانكم في الدين{ ورواه ابن مردويه ورواه محمببد بببن‬
‫نصر المبروزي فبي كتباب الصببلة لبه‪ .‬حببدثنا إسبحاق بببن‬
‫إبراهيم‪ ,‬أنبأنا حكام بن سلمة‪ ,‬حدثنا أبو جعفر الببرازي بببه‬
‫لية الكريمة هي آية السيف الببتي قببال فيهببا‬ ‫سواء‪ ,‬وهذه ا َ‬
‫الضحاك بن مزاحم‪ :‬إنها نسخت كل عهد بين النبببي صببلى‬
‫الله عليه وسلم وبين أحد من المشركين وكببل عقببد وكببل‬
‫لية لببم يبببق‬‫مدة‪ ,‬وقال العوفي‪ :‬عن ابن عباس في هذه ا َ‬
‫لحببد مببن المشببركين عهببد ول ذمببة منببذ نزلببت بببراءة‪,‬‬
‫وانسببلخ الشببهر الحببرم ومببدة مببن كببان لببه عهببد مببن‬
‫المشركين قبل أن تنزل براءة أربعة أشبهر‪ ,‬مبن يبوم أذن‬
‫لخر‪ ,‬وقال علببي بببن‬ ‫ببراءة إلى عشر من أول شهر ربيع ا َ‬
‫لية قببال‪ :‬أمببره اللببه‬ ‫أبي طلحة‪ :‬عن ابن عباس في هذه ا َ‬
‫تعببالى أن يضببع السببيف فيمببن عاهببد إن لببم يببدخلوا فببي‬
‫السلم‪ ,‬ونقض ما كبان سبمي لهببم مبن العهبد والميثباق‪,‬‬
‫وأذهب الشببرط الول‪ .‬وقببال ابببن أبببي حبباتم‪ :‬حببدثنا أبببي‬
‫حدثنا إسحاق بن موسى النصاري قببال‪ :‬قببال سببفيان بببن‬

‫‪15‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عيينة‪ :‬قال علي بن أبي طالب‪ :‬بعث النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم بأربعة أسياف سببيف فببي المشببركين مببن العببرب‪,‬‬
‫قال الله تعالى‪} :‬فبباقتلوا المشببركين حيببث وجببدتموهم{‬
‫هكذا رواه مختصرًا‪ ,‬وأظن أن السيف الثاني هو قتال أهل‬
‫الكتاب لقببوله تعببالى‪} :‬قبباتلوا الببذين ل يؤمنببون بببالله ول‬
‫لخر ول يحرمون ما حرم الله ورسببوله ول يببدينون‬ ‫باليوم ا َ‬
‫دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزيببة عببن‬
‫يد وهم صاغرون{ والسببيف الثببالث قتببال المنببافقين فببي‬
‫لية‪ ,‬والرابع‬‫قوله }يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين{ ا َ‬
‫قتال الباغين في قوله }وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا‬
‫فأصلحوا بينهما فإن بغببت إحببداهما علببى الخببرى فقبباتلوا‬
‫التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله{ ثم اختلف المفسرون‬
‫في آية السيف هذه فقال الضحاك والسدي هي منسببوخة‬
‫بقببوله تعببالى‪} :‬فإمببا من با ً بعببد وإمببا فببداء{ وقببال قتببادة‬
‫ببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببالعكس‪.‬‬

‫ك ف َ بأ َ‬ ‫** وإ َ‬
‫ع‬
‫م َ‬‫سب َ‬‫ى يَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ب‬‫ّ‬ ‫ت‬‫ح‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫ر‬‫ْ‬ ‫ج‬
‫ِ‬ ‫جاَر َ‬
‫ست َ َ‬
‫نا ْ‬ ‫َ‬ ‫كي‬ ‫شرِ ِ‬‫م ْ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫م‬‫حد ٌ ّ‬‫نأ َ‬ ‫َِ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫مببو َ‬ ‫م ل ّ ي َعْل َ ُ‬ ‫م ق َ بو ْ ٌ‬ ‫ه ذ َل ِب َ‬
‫ك ب ِبأن ّهُ ْ‬ ‫من َ ُ‬
‫م بأ َ‬ ‫ه َ‬‫م أب ْل ِغْ ب ُ‬ ‫م الل ّبهِ ث ُب ّ‬ ‫ك َل َ َ‬
‫يقول تعالى لنبيه صلوات اللببه وسببلمه عليببه }وإن أحببد‬
‫مببن المشببركين{ الببذين أمرتببك بقتببالهم وأحللببت لببك‬
‫اسببتباحة نفوسببهم وأمببوالهم }اسببتجارك{ أي اسببتأمنك‬
‫فأجبه إلى طلبته حتى يسمع كلم اللببه أي القببرآن تقببرؤه‬
‫عليه وتذكر له شيئا ً من أمر الدين تقيم به عليه حجة اللببه‬
‫}ثم أبلغه مأمنه{ أي وهو آمن مستمر المان حببتى يرجببع‬
‫إلى بلده وداره ومأمنه }ذلك بببأنهم قببوم ل يعلمببون{ أي‬
‫إنما شرعنا أمان مثل هؤلء ليعلموا دين الله وتنتشر دعوة‬
‫اللببببببببببببببببببببه فببببببببببببببببببببي عببببببببببببببببببببباده‪.‬‬
‫وقال ابن أبي نجيح عببن مجاهببد فببي تفسببير هببذه ا َ‬
‫ليببة‬
‫قال‪ :‬إنسان يأتيك ليسمع ما تقببول ومببا أنببزل عليببك فهببو‬
‫آمن حتى يأتيك فتسمعه كلم الله وحتى يبلغ مببأمنه حيببث‬
‫جاء‪ ,‬ومن هذا كببان رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬

‫‪16‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يعطي المان لمببن جبباءه مسترشببدا ً أو فببي رسببالة‪ ,‬كمببا‬
‫جاءه يوم الحديبية جماعة من الرسببل مببن قريببش‪ ,‬منهببم‬
‫عروة ببن مسبعود ومكبرز ببن حفبص وسبهيل ببن عمبرو‬
‫وغيرهم‪ ,‬واحدا ً بعد واحد يترددون فببي القضببية بينببه وبيببن‬
‫المشركين فرأوا من إعظام المسلمين رسول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم ما بهرهم وما لم يشبباهدوه عنببد ملببك ول‬
‫قيصر‪ ,‬فرجعوا إلى قببومهم وأخبببروهم بببذلك‪ ,‬وكببان ذلببك‬
‫وأمثاله من أكبر أسباب هداية أكثرهم‪ ,‬ولهذا أيضا ً لما قدم‬
‫رسول مسيلمة الكذاب على رسول الله صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم قال له أتشهد أن مسيلمة رسول الله ؟ قببال نعببم‪,‬‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬لول أن الرسببل‬
‫ل تقتل لضربت عنقك« وقد قيببض اللببه لببه ضببرب العنببق‬
‫في إمارة ابن مسعود علببى الكوفببة‪ ,‬وكببان يقببال لببه ابببن‬
‫النواحببة ظهببر عنببه فببي زمببان ابببن مسببعود أنببه يشببهد‬
‫لمسيلمة بالرسالة‪ ,‬فأرسل إليه ابن مسعود فقال له‪ :‬إنك‬
‫لن لست في رسالة وأمر به فضربت عنقه ل رحمه اللببه‬ ‫ا َ‬
‫ولعنببه‪ .‬والغببرض أن مببن قببدم مببن دار الحببرب إلببى دار‬
‫السلم في أداء رسالة أو تجارة أو طلب صببلح أو مهادنببة‬
‫أو حمل جزية أو نحو ذلك من السباب‪ ,‬وطلب من المببام‬
‫أو نائبه أمانا ً أعطي أمانا ً ما دام مببترددا ً فببي دار السببلم‪,‬‬
‫وحتى يرجع إلى مأمنه ووطنه‪ ,‬لكن قببال العلمبباء ل يجببوز‬
‫أن يمكببن مببن القامببة فببي دار السببلم سببنة‪ ,‬ويجببوز أن‬
‫يمكن من إقامة أربعة أشهر‪ ,‬وفيما بين ذلك فيما زاد على‬
‫أربعة أشهر ونقص عن سنة قببولن عببن المببام الشببافعي‬
‫وغيببببببببره مببببببببن العلمبببببببباء رحمهببببببببم اللببببببببه‪.‬‬

‫سببول ِهِ إ ِل ّ‬‫عن بد َ َر ُ‬ ‫عند َ الل ّبهِ وَ ِ‬‫ن عَهْد ٌ ِ‬ ‫كي َ‬


‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ل ِل ْ ُ‬
‫كو ُ‬ ‫ف يَ ُ‬‫** ك َي ْ َ‬
‫م‬‫موا ْ ل َك ُب ْ‬
‫س بت ََقا ُ‬
‫مببا ا ْ‬‫ح بَرام ِ فَ َ‬‫جدِ ال ْ َ‬
‫سب ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عن بد َ ال ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫عاهَد ْت ُ ْ‬‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ن‬‫مت ِّقيبببببب َ‬ ‫ب ال ْ ُ‬‫حبببببب ّ‬ ‫ه يُ ِ‬‫ن الّلبببببب َ‬ ‫م إِ ّ‬‫موا ْ ل َُهبببببب ْ‬ ‫سببببببت َِقي ُ‬ ‫َفا ْ‬
‫يبين تعالى حكمته في البببراءة مببن المشببركين ونظرتببه‬
‫إياهم أربعة أشهر‪ ,‬ثم بعد ذلك السيف المرهف أين ثقفببوا‬

‫‪17‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقببال تعببالى‪} :‬كيببف يكببون للمشببركين عهببد{ أي أمببان‬
‫ويتركون فيما هم فيببه وهببم مشببركون بببالله كببافرون بببه‬
‫وبرسوله }إل الذين عاهدتم عند المسببجد الحببرام{ يعنببي‬
‫يوم الحديبية‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬هم الذين كفروا وصببدوكم‬
‫ليببة‪,‬‬‫عن المسجد الحرام والهدي معكوفا ً أن يبلغ محله{ ا َ‬
‫}فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم{ أي مهما تمسكوا بما‬
‫عاقببدتموهم عليببه وعاهببدتموهم مببن تببرك الحببرب بينكببم‬
‫وبينهببم عشببر سببنين }فاسببتقيموا لهببم إن اللببه يحببب‬
‫المتقين{ وقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك‬
‫والمسلمون‪ .‬استمر العقد والهدنة مببع أهببل مكببة مببن ذي‬
‫القعدة في سنة ست إلى أن نقضت قريش العهد ومالؤوا‬
‫حلفاءهم وهبم بنبو بكبر علبى خزاعبة أحلف رسبول اللبه‬
‫صلى الله عليه وسببلم فقتلببوهم معهببم فببي الحببرم أيض با ً‬
‫فعنذ ذلك غزاهم رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم فببي‬
‫رمضان سنة ثمان ففتح الله عليه البلد الحرام ومكنه مببن‬
‫نواصيهم ولله الحمد والمنة‪ ,‬فأطلق من أسببلم منهببم بعببد‬
‫القهر والغلبة عليهببم فسببموا الطلقبباء‪ ,‬وكببانوا قريب با ً مببن‬
‫ألفين‪ ,‬ومن استمر على كفره وفّر من رسول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسببلم بعببث إليببه بالمببان والتسببيير فببي الرض‬
‫أربعة أشهر يببذهب حيببث شبباء‪ ,‬ومنهببم صببفوان بببن أميببة‬
‫وعكرمة بن أبي جهل وغيرهما‪ ,‬ثم هببداهم اللببه بعببد ذلببك‬
‫إلى السلم التام‪ ,‬واللببه المحمببود علببى جميببع مببا يقببدره‬
‫ويفعلبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬

‫ة‬
‫مب ً‬ ‫م ل َ ي َْرقُب ُببوا ْ ِفيك ُب ْ‬
‫م إ ِل ّ وَل َ ذِ ّ‬ ‫ف وَِإن ي َظ ْهَبُروا عَل َي ْك ُب ْ‬‫** ك َي ْب َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫سببُقو َ‬ ‫م َفا ِ‬ ‫م وَأ َك ْث َُر ُ‬
‫هبب ْ‬ ‫ى قُُلببوب ُهُ ْ‬
‫م وَت َبأب َ َ‬‫واهِهِ ْ‬ ‫ضببون َ ُ‬
‫كم ب ِبأفْ َ‬ ‫ي ُْر ُ‬
‫يقول تعالى محرضبا ً للمببؤمنين علببى معبباداتهم والتبببري‬
‫منهم ومبينا ً أنهم ل يستحقون أن يكون لهم عهد لشببركهم‬
‫بالله تعالى وكفرهم برسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‪,‬‬
‫ولنهم لو ظهروا على المسلمين وأديلوا عليهببم لببم يبقببوا‬
‫ولم يذروا ول راقبوا فيهم إل ً ول ذمة‪ .‬قببال علببي بببن أبببي‬

‫‪18‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫طلحببة وعكرمببة والعببوفي عببن ابببن عببباس‪ :‬ال ّ‬
‫ل القرابببة‬
‫والذمة العهد‪ .‬وكذا قال الضحاك والسدي كمببا قببال تميببم‬
‫ببببببببببببببببببببببببببببببببببن مقببببببببببببببببببببببببببببببببببل‪:‬‬
‫أفسببد النبباس خلببوف خلفواقطعببوا الل وأعببراق الرحببم‬
‫وقببببال حسببببان بببببن ثببببابت رضببببي اللببببه عنببببه‪:‬‬
‫وجبببببدناهم كاذبببببا ً إلهمببببوذو الل والعهببببد ل يكببببذب‬
‫وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد‪ :‬ل يرقبون في مؤمن إل‪,‬‬
‫قال‪ :‬الل الله‪ ,‬وفي رواية ل يرقبون الله ول غيببره‪ .‬وقببال‬
‫ابن جرير‪ :‬حدثني يعقوب‪ ,‬حدثنا ابن علية عن سليمان عن‬
‫أبي مجلز في قوله تعالى‪} :‬ل يرقبببون فببي مببؤمن إل ً ول‬
‫ذمة{ مثل قوله جبريببل ميكائيببل إسببرافيل كببأنه يقببول ل‬
‫يرقبون اللببه‪ ,‬والقببول الول أظهببر وأشببهر وعليببه الكببثر‪.‬‬
‫وعن مجاهد أيضبا ً الل العهببد‪ .‬وقببال قتببادة‪ :‬الل الحلببف‪.‬‬

‫م‬ ‫سبِبيل ِهِ إ ِن ُّهب ْ‬ ‫عبن َ‬ ‫دوا ْ َ‬‫صب ّ‬‫منبا ً قَِليل ً فَ َ‬ ‫ت الّلبهِ ث َ َ‬ ‫شت ََروْا ْ ِبآَيا ِ‬ ‫** ا ْ‬
‫ة‬‫مب ً‬ ‫ن إ ِل ّ وَل َ ذِ ّ‬ ‫م بؤ ْ ِ‬
‫م ٍ‬ ‫ن فِببي ُ‬ ‫ن * ل َ ي َْرقُُبو َ‬ ‫مُلو َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َعْ َ‬‫ما َ‬ ‫سآَء َ‬ ‫َ‬
‫صبل َةَ َوآت َبوُا ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وَأوْلـئ ِ َ‬
‫موا ال ّ‬ ‫ن * فَِإن ت َبباُبوا وَأقَببا ُ‬ ‫دو َ‬‫معْت َ ُ‬‫م ال ُ‬ ‫ك هُ ُ‬
‫ن‬‫مببو َ‬ ‫ت ل َِقببوْم ٍ ي َعْل َ ُ‬‫ل ال ََيا ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫ن وَن َُف ّ‬‫دي ِ‬‫م ِفي ال ّ‬ ‫وان ُك ُ ْ‬‫خ َ‬‫كاةَ فَإ ِ ْ‬ ‫الّز َ‬
‫يقول تعالى ذما ً للمشركين وحثا ً للمؤمنين على قتببالهم‬
‫ل{ يعنببي أنهببم اعتاضببوا عببن‬ ‫}اشتروا بآيات الله ثمن با ً قلي ً‬
‫اتباع آيات الله بمببا التهببوا بببه مببن أمببور الببدنيا الخسيسببة‬
‫}فصدوا عن سبيله{ أي منعوا المؤمنين مببن اتببباع الحببق‬
‫}إنهم ساء ما كانوا يعملون * ل يرقبون في مببؤمن إل ً ول‬
‫ليببة الببتي بعببدها }فببإن تببابوا‬ ‫ذمة{ تقدم تفسببيره وكببذا ا َ‬
‫وأقاموا الصلة{ إلى آخرها تقدمت‪ .‬وقال الحافظ أبو بكر‬
‫البزار‪ :‬حدثنا محمد بن المثنى‪ ,‬حدثنا يحيبى بببن أبببي بكبر‪,‬‬
‫حدثنا أبو جعفر الرازي‪ ,‬حدثنا الربيع بن أنس قال‪ :‬سمعت‬
‫أنس بن مالببك يقببول قببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسببلم‪» :‬مببن فببارق الببدنيا علببى الخلص للببه وعبببادته ل‬
‫يشرك به‪ ,‬وأقام الصببلة وآتببى الزكبباة فارقهببا واللببه عنببه‬
‫ض« وهو دين الله الذي جاءت بببه الرسببل وبلغببوه عببن‬ ‫را ٍ‬

‫‪19‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ربهم‪ ,‬قبل هرج الحاديث واختلف الهببواء وتصببديق ذلببك‬
‫فببي كتبباب اللببه }فببإن تببابوا{ يقببول فببإن خلعببوا الوثببان‬
‫وعبادتها }وأقبباموا الصببلة وآتببوا الزكبباة فخلببوا سبببيلهم{‬
‫وقال في آية أخرى }فإن تابوا وأقاموا الصلة وآتوا الزكاة‬
‫فإخوانكم في الدين{ ثم قال البزار‪ :‬آخببر الحببديث عنببدي‬
‫ض وببباقيه عنببدي مببن كلم‬ ‫والله أعلم فارقها وهو عنببه را ٍ‬
‫الربيببببببببببببببببببببع بببببببببببببببببببببن أنببببببببببببببببببببس‪.‬‬

‫َ‬
‫م وَط َعَن ُببوا ْ فِببي ِدين ِك ُب ْ‬
‫م‬ ‫من ب َعْدِ عَهْدِهِ ْ‬ ‫مان َُهم ّ‬ ‫** وَِإن ن ّك َث ُوَا ْ أي ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م ل َعَل ّهُ ب ْ‬
‫م َينت َهُببو َ‬ ‫ن ل َهُ ب ْ‬ ‫م ل َ أي ْ َ‬
‫مببا َ‬ ‫ة ال ْك ُْف برِ إ ِن ّهُ ب ْ‬ ‫مب َ‬ ‫فََقببات ِل ُوَا ْ أئ ِ ّ‬
‫يقببول تعببالى وإن نكببث المشببركون الببذين عاهببدتموهم‬
‫على مدة معينة أيمانهم أي عهودهم ومببواثيقهم }وطعنببوا‬
‫في دينكم{ أي عابوه وانتقصوه‪ ,‬ومن ههنا أخببذ قتببل مببن‬
‫سب الرسول صلوات الله وسلمه عليه أو من طعببن فببي‬
‫دين السلم أو ذكببره بنقببص‪ ,‬ولهببذا قببال‪} :‬فقبباتلوا أئمببة‬
‫الكفر إنهم ل أيمان لهم لعلهم ينتهببون{ أي يرجعببون عمببا‬
‫هم فيه من الكفر والعناد والضلل‪ .‬وقد قال قتادة وغيره‪:‬‬
‫أئمة الكفر‪ .‬كأبي جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف وعببدد‬
‫ل‪ ,‬وعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال‪ :‬مر سببعد‬ ‫رجا ً‬
‫بن أبي وقاص برجل من الخوارج فقال الخارجي‪ :‬هذا من‬
‫أئمة الكفر فقال سعد كذبت بل أنا قاتلت أئمة الكفر رواه‬
‫ابن مردويه‪ ,‬وقال العمش عن زيد بن وهببب عببن حذيفببة‬
‫لية بعببد‪ .‬وروي عببن علببي بببن‬ ‫أنه قال ما قوتل أهل هذه ا َ‬
‫ليببة عامببة‬ ‫أبي طالب رضي الله عنه‪ :‬مثله‪ ,‬والصحيح أن ا َ‬
‫وإن كان سبب نزولهببا مشببركي قريببش فهببي عامببة لهببم‬
‫ولغيرهم والله أعلم وقال‪ :‬الوليد بن مسلم‪ :‬حدثنا صفوان‬
‫بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير‪ ,‬أنه كببان فببي‬
‫عهد أبي بكر رضي الله عنه إلى الناس حين وجههببم إلببى‬
‫وقببة رؤوسببهم‪,‬‬ ‫الشببام قببال‪ :‬إنكببم سببتجدون قومببا ً مح ّ‬
‫فاضربوا معاقد الشيطان منهم بالسيوف‪ ,‬فوالله لن أقتل‬

‫‪20‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ي من أن أقتل سبعين من غيرهم وذلك‬ ‫رجل ً منهم أحب أل ّ‬
‫بأن الله يقول‪} :‬فقاتلوا أئمة الكفر{ رواه ابن أببي حباتم‪.‬‬

‫ل‬ ‫موا ْ‬ ‫** أ َل َ تَقات ُِلون قَوما ً نك َث ُوا ْ أ َ‬


‫سببو ِ‬ ‫ج الّر ُ‬ ‫َِ‬ ‫را‬‫َ‬ ‫خ‬‫ْ‬ ‫َ ِ‬‫إ‬ ‫ببب‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫ما‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ّ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫شبوْهُ‬ ‫خ َ‬ ‫حبقّ أن ت َ ْ‬ ‫هأ َ‬ ‫م فَببالل ّ ُ‬ ‫شبوْن َهُ ْ‬ ‫خ َ‬ ‫مّرةٍ أت َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫م أو ّ َ‬ ‫هم ب َد َُءوك ُ ْ‬ ‫وَ ُ‬
‫َ‬
‫م‬‫خزِهِ ب ْ‬ ‫م وَي ُ ْ‬‫ديك ُ ْ‬ ‫ه ب ِأي ْب ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫م ي ُعَذ ّب ْهُ ُ‬ ‫ن * َقات ُِلوهُ ْ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ُ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ِإن ُ‬
‫كنت ُ ْ‬
‫ب‬ ‫ن * وَي ُبذ ْهِ ْ‬ ‫مِني َ‬ ‫م بؤ ْ ِ‬ ‫دوَر قَ بوْم ٍ ّ‬ ‫صب ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫شب ِ‬ ‫م وَي َ ْ‬ ‫م عَل َي ْهِ ْ‬ ‫صْرك ُ ْ‬ ‫وَي َن ْ ُ‬
‫م‬
‫كيبب ٌ‬‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه عَِلي ٌ‬ ‫شآُء َوالل ّ ُ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ى َ‬ ‫ه عَل َ‬
‫ب الل ّ ُ َ‬ ‫م وَي َُتو ُ‬ ‫ظ قُُلوب ِهِ ْ‬ ‫غَي ْ َ‬
‫وهذا أيضا ً تهييج وتحضيض وإغراء على قتال المشركين‬
‫الناكثين بأيمانهم الذين همبوا بببإخراج الرسبول مببن مكببة‪,‬‬
‫كما قال تعببالى‪} :‬وإذ يمكببر بببك الببذين كفببروا ليثبتببوك أو‬
‫يقتلببوك أو يخرجببوك ويمكببرون ويمكببر اللببه واللببه خيببر‬
‫المباكرين{ وقبال تعبالى‪} :‬يخرجبون الرسبول وإيباكم أن‬
‫ليببة‪ ,‬وقببال تعببالى‪} :‬وإن كببادوا‬ ‫تؤمنببوا بببالله ربكببم{ ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬وقببوله‪:‬‬ ‫ليسببتفزونك مببن الرض ليخرجببوك منهببا{ ا َ‬
‫}وهم بدءوكم أول مرة{ قيل المراد بذلك‪ :‬يوم بببدر حيببن‬
‫خرجوا لنصر عيرهم‪ ,‬فلمببا نجببت وعلمببوا بببذلك اسببتمروا‬
‫على وجوههم‪ ,‬طلبا ً للقتال بغي با ً وتكبببرا ً كمببا تقببدم بسببط‬
‫ذلك‪ ,‬وقيل المراد نقضهم العهد وقتالهم مع حلفببائهم بنببي‬
‫بكر لخزاعة أحلف رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى‬
‫سار إليهم رسول الله صلى الله عليببه وسببلم عببام الفتببح‬
‫وكببببببان مببببببا كببببببان وللببببببه الحمببببببد والمنببببببة‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬أتخشببونهم ؟ فببالله أحببق أن تخشببوه إن كنتببم‬
‫مؤمنين{ يقول تعالى ل تخشوهم واخشببون فأنببا أهببل أن‬
‫يخشى العببباد مببن سببطوتي وعقوبببتي فبيببدي المببر ومببا‬
‫شببئت كببان ومببالم أشببأ لببم يكببن‪ ,‬ثببم قببال عزيمببة علببى‬
‫المؤمنين وبيانا ً لحكمتببه فيمببا شببرع لهببم مببن الجهبباد مببع‬
‫قببدرته علببى إهلك العببداء بببأمر مببن عنببده‪} :‬قبباتلوهم‬
‫يعببذبهم اللببه بأيببديكم ويخزهببم وينصببركم عليهببم ويشببف‬
‫صدور قوم مؤمنين{‪ :‬وهذا عام في المؤمنين كلهم‪ ,‬وقال‬
‫ليببة }ويشببف صببدور‬ ‫مجاهد وعكرمة والسدي فببي هببذه ا َ‬

‫‪21‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قبوم مبؤمنين{ يعنبي خزاعبة‪ ,‬وأعباد الضبمير فبي قبوله‪:‬‬
‫}ويذهب غيظ قلوبهم{ عليهم أيضًا‪ .‬وقد ذكر ابن عسبباكر‬
‫في ترجمة مؤذن لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عببن‬
‫مسلم بن يسار عن عائشببة رضببي اللببه عنهببا‪ ,‬أن رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غضبت أخذ بأنفها وقال‬
‫»يببا عببويش قببولي اللهببم رب النبببي محمببد اغفببر ذنبببي‪,‬‬
‫وأذهب غيظ قلبي وأجرني من مضلت الفتن« سباقه مبن‬
‫طريق أبي أحمببد الحبباكم‪ ,‬عببن الباغنببدي عببن هشببام بببن‬
‫عمار حدثنا عبد الرحمن بن أبي الجوزاء عنه }ويتوب الله‬
‫على من يشاء{ أي من عباده }والله عليم{ أي بما يصلح‬
‫عببباده }حكيببم{ فببي أفعبباله وأقببواله الكونيببة والشببرعية‬
‫فيفعل ما يشاء ويحكم ما يريد‪ ,‬وهو العادل الحبباكم الببذي‬
‫ل يجور أبدا ً ول يضيع مثقال ذرة من خير وشر‪ ,‬بل يجببازي‬
‫عليببببببببببببه فببببببببببببي الببببببببببببدنيا وا َ‬
‫لخببببببببببببرة‪.‬‬

‫دوا ْ‬ ‫** أ َم حسببت َ‬


‫جاهَب ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّب ِ‬
‫مببا ي َعْل َبم ِ الل ّب ُ‬‫م أن ت ُت َْرك ُببوا ْ وَل َ ّ‬ ‫ْ َ ِ ُْ ْ‬
‫ن‬ ‫مِني َ‬ ‫ْ‬
‫سببول ِهِ وَل َ ال ُ‬
‫م بؤ ْ ِ‬ ‫ّ‬
‫ن الل بهِ وَل َ َر ُ‬ ‫دو ِ‬ ‫مببن ُ‬ ‫ْ‬
‫ذوا ِ‬‫خ ُ‬ ‫م وَل َ ْ‬
‫م ي َت ّ ِ‬ ‫منك ُ ْ‬‫ِ‬
‫مُلببببببببو َ‬
‫ن‬ ‫مببببببببا ت َعْ َ‬ ‫خِبيببببببببٌر ب ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ة َوالّلبببببببب ُ‬ ‫جبببببببب ً‬ ‫وَِلي َ‬
‫يقبول تعبالى‪} :‬أم حسببتم{ أيهبا المؤمنبون أن نبترككم‬
‫مهملين ل نختبركم بأمور يظهر فيهببا أهببل العببزم الصببادق‬
‫من الكاذب ولهببذا قببال‪} :‬ولمببا يعلببم اللببه الببذين جاهببدوا‬
‫منكم ولم يتخذوا مببن دون اللببه ول رسببوله ول المببؤمنين‬
‫وليجة{ أي بطانبة ودخيلبة ببل هبم فبي الظباهر والبباطن‬
‫لخر‬ ‫على النصح لله ولرسوله فاكتفى بأحد القسمين عن ا َ‬
‫كمبببببببببببببببببببا قبببببببببببببببببببال الشببببببببببببببببببباعر‪:‬‬
‫ومبببا أدري إذا يممبببت أرضبببًاأريد الخيبببر أيهمبببا يلينبببي‬
‫ليببة الخببرى‪} :‬ألببم أحسببب‬ ‫وقد قببال اللببه تعببالى فببي ا َ‬
‫الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم ل يفتنون ؟ ولقد فتنببا‬
‫الببذين مببن قبلهبم فليعلمببن اللبه الببذين صببدقوا وليعلمببن‬
‫مببا‬ ‫الكاذبين{ وقال تعالى‪} :‬أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ول ّ‬
‫يعلم الله الببذين جاهببدوا منكببم ويعلببم الصببابرين{‪ ,‬وقببال‬

‫‪22‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تعالى‪} :‬ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى‬
‫لية‪ ,‬والحاصببل أنببه تعببالى لمببا‬ ‫يميز الخبيث من الطيب{ ا َ‬
‫شرع لعباده الجهاد بين أن له فيه حكمة وهو اختبار عبيده‬
‫من يطيعه ممن يعصيه‪ ,‬وهبو تعبالى العبالم بمبا كبان ومبا‬
‫يكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكببون فيعلببم الشببيء‬
‫قبل كونه ومع كونه على ما هو عليه ل إلببه إل هببو ول رب‬
‫دره وأمضببببببببباه‪.‬‬ ‫سبببببببببواه‪ ,‬ول راد لمبببببببببا قببببببببب ّ‬

‫ش بركي َ‬
‫ن‬ ‫دي َ‬
‫شبباهِ ِ‬‫جد َ اللببه َ‬ ‫سببا ِ‬ ‫م َ‬‫م بُروا ْ َ‬ ‫ن أن ي َعْ ُ‬ ‫م ْ ِ ِ َ‬ ‫ن ل ِل ْ ُ‬ ‫كا َ‬‫ما َ‬ ‫** َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫هبب ْ‬‫م وَِفي الّنارِ ُ‬ ‫مال ُهُ ْ‬‫ت أعْ َ‬ ‫حب ِط َ ْ‬‫ك َ‬ ‫م ِبال ْك ُْفرِ أوْل َئ ِ َ‬ ‫سه ِ ْ‬ ‫ى أن ُْف ِ‬ ‫َ‬
‫عَل َ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫جد َ الّلبهِ َ‬
‫ن ب ِبباللهِ َوالي َبوْم ِ‬ ‫مب َ‬ ‫نآ َ‬ ‫مب ْ‬ ‫سا ِ‬‫م َ‬ ‫مُر َ‬ ‫ما ي َعْ ُ‬
‫ن * إ ِن ّ َ‬
‫َ‬
‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬‫َ‬
‫ى‬‫سبب َ‬ ‫ش إ ِل ّ الل ّ َ‬
‫ه فَعَ َ‬ ‫خ َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫كاةَ وَل َ ْ‬‫ى الّز َ‬ ‫صل َةَ َوآت َ َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫خرِ وَأَقا َ‬ ‫ال َ ِ‬
‫ن‬
‫دي َ‬‫مهْت َبببببببببب ِ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫مبببببببببب َ‬ ‫كون ُببببببببببوا ْ ِ‬ ‫ك َأن ي َ ُ‬ ‫أ ُوَْلـببببببببببئ ِ َ‬
‫يقببول تعببالى مببا ينبغببي للمشببركين بببالله أن يعمببروا‬
‫مساجد الله التي بنيببت علببى اسببمه وحببده ل شببريك لببه‪,‬‬
‫ومن قرأ مسجد اللببه فببأراد بببه المسببجد الحببرام أشببرف‬
‫المساجد في الرض الذي بني مببن أول يببوم علببى عبببادة‬
‫الله وحده ل شريك له‪ ,‬وأسسه خليل الرحمببن‪ ,‬هببذا وهببم‬
‫شاهدون علببى أنفسببهم بببالكفر أي بحببالهم وبقببالهم قببال‬
‫السدي‪ :‬لو سألت النصراني ما دينك ؟ لقال نصراني‪ ,‬ولببو‬
‫سألت اليهودي ما دينك ؟ لقببال يهببودي‪ ,‬والصببابىء لقببال‬
‫صابىء‪ ,‬والمشرك لقال مشرك }أولئك حبطت أعمالهم{‬
‫أي بشركهم }وفي النار هم خالدون{ وقال تعببالى‪} :‬ومببا‬
‫لهم أل يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحببرام ومببا‬
‫كببانوا أوليبباءه إن أوليبباؤه إل المتقببون ولكببن أكببثرهم ل‬
‫يعلمون{ ولهذا قال تعالى‪} :‬إنما يعمببر مسبباجد اللببه مببن‬
‫لخببر{ فشببهد تعببالى باليمببان لعمببار‬ ‫آمببن بببالله واليببوم ا َ‬
‫المساجد كما قال المام أحمببد‪ :‬حببدثنا شببريح‪ ,‬حببدثنا ابببن‬
‫وهب عن عمرو بن الحارث‪ ,‬أن دراجا ً أبا السمح حدثه عن‬
‫أبي الهيثم عن أبي سعيد الخببدري‪ ,‬أن رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليببه وسببلم قببال »إذا رأيتببم الرجببل يعتبباد المسببجد‬

‫‪23‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فاشببهدوا لببه باليمببان«‪ .‬قببال اللببه تعببالى‪} :‬إنمببا يعمببر‬
‫لخبر{ ورواه الترمبذي‬ ‫مساجد الله من آمن بالله واليبوم ا َ‬
‫وابن مردويه والحاكم في مستدركه من حببديث عبببد اللببه‬
‫ببببببببببببببببببببببن وهبببببببببببببببببببببب ببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫وقال عبد الرحمن بن حميد في مسنده‪ :‬حدثنا يونس بن‬
‫مد حدثنا صالح المري عن ثابت البناني عن ميمون بببن‬ ‫مح ّ‬
‫سياه وجعفر بن زيد عن أنس بن مالك قال‪ :‬قببال رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إنما عمار المساجد هببم أهببل‬
‫الله« ورواه الحافظ أبو بكر البببزار‪ :‬عببن عبببد الواحببد بببن‬
‫غياث عن صالح بن بشير المري عن ثابت عن أنس قببال‪:‬‬
‫قببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬إنمببا عمببار‬
‫المساجد هم أهل الله« ثببم قببال‪ :‬ل نعلبم رواه عبن ثبابت‬
‫غير صالح‪ ,‬وقد روى الدار قطني فببي الفببراد مببن طريببق‬
‫حكامة بنت عثمان بن دينار عن أبيها عببن أخيببه مالببك بببن‬
‫دينار عن أنس مرفوعا ً »إذا أراد الله بقوم عاهة نظر إلببى‬
‫أهببل المسبباجد فصببرف عنهببم« ثببم قببال‪ :‬غريببب‪ ,‬وروى‬
‫الحافظ البهائي في المستقصى عن أبيه بسنده إلببى أبببي‬
‫أمية الطرسوسي‪ ,‬حدثنا منصور بببن صببقير‪ ,‬حببدثنا صببالح‬
‫المري عن ثببابت عببن أنببس مرفوعبا ً يقببول اللبه‪ :‬وعزتببي‬
‫وجللي إني لهم بأهل الرض عذابا ً فإذا نظرت إلى عمببار‬
‫بيوتي وإلى المتحببابين فببي وإلببى المسببتغفرين بالسببحار‬
‫صرفت ذلك عنهم‪ .‬ثم قببال ابببن عسبباكر‪ :‬حببديث غريببب‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حببدثنا روح حببدثنا سببعيد عببن قتببادة‪,‬‬
‫حدثنا العلء بن زياد عن معاذ بن جبل أن النبي صلى اللببه‬
‫عليببه وسببلم قببال‪» :‬إن الشببيطان ذئب النسببان‪ ,‬كببذئب‬
‫الغنببم يأخببذ الشبباة القاصببية والناحيببة‪ ,‬فإيبباكم والشببعاب‬
‫وعليكم بالجماعة والعامة والمسجد« وقببال عبببد الببرزاق‪:‬‬
‫عن معمر عن أبي إسحاق عببن عمببرو بببن ميمببون الودي‬
‫قال‪ :‬أدركت أصحاب محمد صبلى اللبه عليببه وسبلم وهبم‬
‫يقولون‪ :‬إن المساجد بيوت الله في الرض وإنه حق علببى‬
‫الله أن يكرم من زاره فيها‪ .‬وقال المسعودي‪ :‬عببن حبببيب‬
‫بن أبي ثابت وعدي بن ثابت عن سعيد بن جبببير عببن ابببن‬

‫‪24‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬من سمع النداء بالصببلة ثببم‬
‫لم يجب ولم يأت المسجد ويصلي فل صلة له وقد عصببى‬
‫الله ورسوله‪ .‬قال الله تعالى‪} :‬إنما يعمر مساجد الله من‬
‫لية‪ ,‬رواه ابن مردويه‪ .‬وقد روي‬ ‫لخر{ ا َ‬ ‫آمن بالله واليوم ا َ‬
‫مرفوعا ً من وجه آخر‪ ,‬وله شواهد من وجوه أخر ليس هذا‬
‫موضع بسطها‪ .‬وقوله‪} :‬وأقام الصلة{ أي التي هببي أكبببر‬
‫عبادات البدن }وآتى الزكاة{ أي التي هي أفضل العمببال‬
‫المتعدية إلى بر الخلئق‪ ,‬وقوله }ولم يخببش إل اللببه{ أي‬
‫ولم يخف إل من اللببه تعببالى ولببم يخببش سببواه }فعسببى‬
‫أولئك أن يكونوا من المهتدين{ قال علي بببن أبببي طلحببة‬
‫عن ابن عباس في قوله }إنما يعمر مساجد الله من آمببن‬
‫لخر‬‫لخر{ يقول‪ :‬من وحد الله وآمن باليوم ا َ‬ ‫بالله واليوم ا َ‬
‫يقببول مببن آمببن بمببا أنببزل اللببه }وأقببام الصببلة{ يعنببي‬
‫الصلوات الخمس }ولم يخش إل الله{ يقببول لببم يعبببد إل‬
‫الله ثببم قببال‪} :‬فعسببى أولئك أن يكونببوا مببن المهتببدين{‬
‫يقول تعالى‪ :‬إن أولئك هببم المفلحببون كقببوله لنبببيه صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪} :‬عسى أن يبعثك ربببك مقام با ً محمببودًا{‬
‫وهي الشفاعة‪ ,‬وكل عسى في القرآن فهي واجبببة‪ ,‬وقببال‬
‫محمد بن إسحاق بن يسار رحمبه اللبه‪ :‬وعسبى مببن اللبه‬
‫حبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببق‪.‬‬

‫َ‬
‫ن‬ ‫مب ْ‬ ‫حبَرام ِ ك َ َ‬ ‫جدِ ال ْ َ‬ ‫سب ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مبباَرةَ ال ْ َ‬ ‫ع َ‬‫ج وَ ِ‬ ‫حببا ّ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫سبَقاي َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫جعَل ْت ُ ْ‬‫** أ َ‬
‫ن‬ ‫وو َ‬ ‫س بت َ ُ‬‫ل الل ّبهِ ل َ ي َ ْ‬ ‫س بِبي ِ‬ ‫جاهَد َ ِفي َ‬ ‫خرِ وَ َ‬ ‫ن ِبالل ّهِ َوال ْي َوْم ِ ال َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫آ َ‬
‫من ُببوا ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * ال ّب ِ‬ ‫مي َ‬ ‫م الظ ّببال ِ ِ‬ ‫دي ال َْقبوْ َ‬ ‫ه ل َ ي َهْب ِ‬ ‫عند َ الل ّهِ َوالل ّب ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫م أعْظ َ ُ‬ ‫سه ِ ْ‬ ‫م وَأن ُْف ِ‬ ‫وال ِهِ ْ‬‫م َ‬ ‫ل الل ّهِ ب ِأ ْ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫دوا ْ ِفي َ‬ ‫جاهَ ُ‬ ‫جُروا ْ وَ َ‬ ‫ها َ‬ ‫وَ َ‬
‫م َرب ّهُببم‬ ‫ش بُرهُ ْ‬ ‫ن * ي ُب َ ّ‬ ‫م ال َْفببائ ُِزو َ‬ ‫ك هُ ب ُ‬ ‫عند َ الل ّبهِ وَأ ُوَْلـ بئ ِ َ‬ ‫ة ِ‬ ‫ج ً‬ ‫د ََر َ‬
‫م*‬ ‫مِقيبب ٌ‬ ‫م ّ‬ ‫م ِفيَهببا ن َِعيبب ٌ‬ ‫ت ل ُّهبب ْ‬ ‫جّنببا ٍ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫وا ٍ‬ ‫ضبب َ‬ ‫ه وَرِ ْ‬ ‫مْنبب ُ‬‫مببةٍ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ب َِر ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ظيبببب ٌ‬ ‫جببببٌر عَ ِ‬ ‫عنببببد َهُ أ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن الل ّبببب َ‬ ‫ن ِفيهَببببآ أب َببببدا ً إ ِ ّ‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِبببب ِ‬ ‫َ‬
‫قال العوفي في تفسببيره عببن ابببن عببباس فببي تفسببير‬
‫لية قال‪ :‬إن المشركين قالوا‪ :‬عمارة بيت الله وقيام‬ ‫هذه ا َ‬
‫علببى(السببقاية خيببر ممببن آمببن وجاهببد‪ ,‬وكببانوا يفخببرون‬

‫‪25‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بالحرم ويستكبرون به من أجل أنهم أهله وعمبباره‪ ,‬فببذكر‬
‫اللببه اسببتكبارهم وإعراضببهم‪ ,‬فقببال لهببل الحببرم مببن‬
‫المشببركين }قببد كببانت آيبباتي تتلببى عليكببم فكنتببم علببى‬
‫أعقابكم تنكصون * مستكبرين به سامرا ً تهجببرون{ يعنببي‬
‫أنهببم كببانوا يسببتكبرون بببالحرم قببال }بببه سببامرًا{ كببانوا‬
‫يسببمرون بببه ويهجببرون القببرآن والنبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم فخير الله اليمان والجهاد مع النبي صلى الله عليه‬
‫وسببلم علببى عمببارة المشببركين البببيت وقيببامهم علببى‬
‫السقاية ولم يكن ينفعهببم عنببد اللببه مببع الشببرك بببه‪ ,‬وإن‬
‫كببانوا يعمببرون بيتببه ويحرمببون بببه‪ .‬قببال اللببه تعببالى‪} :‬ل‬
‫يستوون عند الله واللبه ل يهبدي القبوم الظبالمين{ يعنبي‬
‫الذين زعمببوا أنهببم أهببل العمببارة فسببماهم اللببه ظببالمين‬
‫بشبببببركهم فلبببببم تغبببببن عنهبببببم العمبببببارة شبببببيئًا‪.‬‬
‫وقال علي ابن أبي طلحببة عببن ابببن عببباس فببي تفسببير‬
‫لية قال‪ :‬قد نزلت في العباس بن عبد المطلب حين‬ ‫هذه ا َ‬
‫أسببر ببببدر قببال‪ :‬لئن كنتببم سبببقتمونا بالسببلم والهجببرة‬
‫والجهبباد لقببد كنببا نعمببر المسببجد الحببرام ونسببقي ونفببك‬
‫العاني‪ ,‬قال الله عز وجل‪} :‬أجعلتم سببقاية الحبباج ب ب إلببى‬
‫قوله ب والله ل يهدي القوم الظالمين{ يعني أن ذلببك كلببه‬
‫كببان فببي الشببرك ول أقبببل مببا كببان فببي الشببرك‪ ,‬وقببال‬
‫الضببحاك بببن مزاحببم‪ :‬أقبببل المسببلمون علببى العببباس‬
‫وأصحابه الذين أسروا يوم بببدر يعيرونهببم بالشببرك‪ ,‬فقببال‬
‫العباس‪ :‬أما والله لقببد كنببا نعمببر المسببجد الحببرام ونفببك‬
‫العاني ونحجب البيت ونسقي الحاج‪ ,‬فأنزل الله }أجعلتببم‬
‫سببببببببببببببببببقاية الحبببببببببببببببببباج{ ا َ‬
‫ليببببببببببببببببببة‪.‬‬
‫وقال عبد الرزاق‪ :‬أخبرنا ابن عيينببة عببن إسببماعيل عببن‬
‫الشعبي‪ :‬قال‪ :‬نزلت في علي والعباس رضي اللببه عنهمببا‬
‫بما تكلما في ذلك‪ ,‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثني يونس‪ ,‬أخبرنببا‬
‫ابن وهب‪ ,‬أخبرني ابن لهيعة عن أبي صخر قببال‪ :‬سببمعت‬
‫محمد بن كعب القرظي يقول افتخر طلحة بن شببيبة مببن‬
‫بني عبد الدار وعببباس بببن عبببد المطلببب وعلببي بببن أبببي‬
‫طالب فقال طلحة‪ :‬أنا صبباحب البببيت معببي مفتبباحه ولببو‬

‫‪26‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أشاء بت فيه‪ .‬وقال العباس‪ :‬أنا صبباحب السببقاية والقببائم‬
‫عليها ولو أشاء بت في المسببجد‪ ,‬فقببال علببي رضببي اللببه‬
‫عنه‪ :‬ما أدري ما تقولن لقد صليت إلى القبلة ستة أشببهر‬
‫قبببل النبباس وأنببا صبباحب الجهبباد‪ ,‬فببأنزل اللببه عببز وجببل‬
‫لية كلها‪ ,‬وهكذا قال السدي إل‬ ‫}أجعلتم سقاية الحاج ؟{ ا َ‬
‫أنه قال‪ :‬افتخببر علببي والعببباس وشببيبة بببن عثمببان وذكببر‬
‫نحوه‪ ,‬وقببال عبببد الببرزاق‪ :‬أخبرنببا معمببر عببن عمببرو عببن‬
‫الحسببن قببال‪ :‬نزلببت فببي علببي وعببباس وعثمببان وشببيبة‬
‫تكلموا في ذلبك‪ ,‬فقبال العبباس‪ :‬مببا أرانببي إل أنبي تبارك‬
‫سقايتنا‪ ,‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسببلم »أقيمببوا‬
‫على سقايتكم فإن لكم فيها خيرًا« ورواه محمد بببن ثببور‪:‬‬
‫عن معمر عن الحسن فذكر نحببوه‪ ,‬وقببد ورد فببي تفسببير‬
‫لية حديث مرفوع فل بببد مببن ذكببره هنببا‪ ,‬قببال عبببد‬ ‫هذه ا َ‬
‫الرزاق‪ :‬أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كببثير عببن النعمببان‬
‫بببن بشببير رضببي اللببه عنببه أن رجل ً قببال‪ :‬مببا أبببالي أن ل‬
‫أعمل عمل ً بعد السلم إل أن أسقي الحاج‪ .‬وقال آخر‪ :‬مبا‬
‫أبالي أن ل أعمل عمل ً بعد السببلم إل أن أعمببر المسببجد‬
‫الحرام‪ .‬وقال آخر‪ :‬الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم‪.‬‬
‫فزجرهم عمر رضي الله عنببه وقببال‪ :‬ل ترفعببوا أصببواتكم‬
‫عند منبر رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‪ ,‬وذلببك يببوم‬
‫الجمعة‪ ,‬ولكن إذا صلينا الجمعببة دخلنببا علببى النبببي صببلى‬
‫الله عليه وسلم فسألناه‪ .‬فنزلببت }أجعلتببم سببقاية الحبباج‬
‫وعمارة المسجد الحببرام ب ب إلببى قببوله ب ب ل يسببتوون عنببد‬
‫اللبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببه{‪.‬‬
‫)طريق أخرى( قال الوليد بن مسلم حببدثني معاويببة بببن‬
‫سلم عن جده أبي سلم السببود عببن النعمببان بببن بشببير‬
‫النصاري قال‪ :‬كنت عند منبر رسول الله صلى اللببه عليببه‬
‫وسلم في نفر من أصحابه فقال رجل منهم‪ :‬مببا أبببالي أن‬
‫ل أعمل لله عمل ً بعد السبلم إل أن أسبقي الحباج‪ .‬وقبال‬
‫آخر‪ :‬بل عمارة المسجد الحرام وقال آخر‪ :‬بل الجهاد فببي‬
‫سبيل الله خير مما قلتم فزجرهم عمر بن الخطاب رضي‬
‫الله عنه‪ .‬وقال‪ :‬ل ترفعوا أصواتكم عند منبببر رسببول اللببه‬

‫‪27‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ,‬وذلك يوم الجمعة ولكن إذا صببليت‬
‫الجمعة دخلت على رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫فاستفتيته فيما اختلفتم فيه‪ .‬قببال ففعببل فببأنزل اللببه عببز‬
‫وجل }أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام ب إلى‬
‫قوله ب والله ل يهدي القوم الظببالمين{ ورواه مسببلم فببي‬
‫صحيحه وأبو داود وابن جريببر وهببذا لفظببه‪ ,‬وابببن مردويببه‬
‫وابن أبي حاتم فببي تفاسببيرهم وابببن حبببان فببي صببحيحه‪.‬‬

‫ن‬ ‫َ‬ ‫إ‬ ‫َ‬ ‫ء‬ ‫بآ‬‫ب‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫و‬‫خ بوانك ُم أ َ‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ء‬ ‫بآ‬
‫ب‬ ‫ب‬ ‫آ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ذ‬ ‫خ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫نو‬ ‫م‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫ذي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ها‬ ‫ي‬ ‫** يأ َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫م فَأوَْلـئ ِ َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫من ي َت َوَل ّهُ ْ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫لي َ‬ ‫ِ‬ ‫حّبوا ْ ال ْك ُْفَر عََلى ا‬ ‫ست َ َ‬ ‫ا ْ‬
‫َ‬ ‫ال ّ‬
‫م‬‫وان ُك ُ ْ‬ ‫خبب َ‬ ‫م وَإ ِ ْ‬ ‫م وَأب َْنببآؤُك ُ ْ‬ ‫ن آَببباؤُك ُ ْ‬ ‫كببا َ‬ ‫ل ِإن َ‬ ‫ن * ُقبب ْ‬ ‫مو َ‬ ‫ظببال ِ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫شببوْ َ‬ ‫خ َ‬ ‫جاَرةٌ ت َ ْ‬ ‫ها وَت ِ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ل اقْت ََرفْت ُ ُ‬ ‫وا ٌ‬ ‫م َ‬
‫م وَأ ْ‬ ‫شيَرت ُك ُ ْ‬ ‫م وَعَ ِ‬ ‫جك ُ ْ‬ ‫وَأْزَوا ُ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫سببول ِ ِ‬ ‫ن الل ّبهِ وََر ُ‬ ‫َ‬ ‫مب‬ ‫م ّ‬ ‫ب إ ِل َي ْك ُب ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ضوْن ََهآ أ َ‬ ‫ن ت َْر َ‬ ‫ُ‬ ‫ساك ِ‬ ‫م َ‬ ‫ها وَ َ‬ ‫ساد َ َ‬ ‫كَ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ه لَ‬ ‫مرِهِ َوالل ّب ُ‬ ‫ه ب ِبأ ْ‬ ‫ي الل ّب ُ‬ ‫ى ي َبأت ِ َ‬ ‫حت ّ َ‬ ‫صوا ْ َ‬ ‫سِبيل ِهِ فَت ََرب ّ ُ‬ ‫جَهادٍ ِفي َ‬ ‫وَ ِ‬
‫ن تعالى بمباينة الكفار به وإن كانوا‬ ‫سِقي َ‬ ‫م ال َْفا ِ‬ ‫دي ال َْقوْ َ‬ ‫ي َهْ ِ‬
‫آباء أو أبناء‪ ,‬ونهى عببن مببوالتهم إن اسببتحبوا أي اختبباروا‬
‫الكفر على اليمان‪ ,‬وتوعد على ذلك كقوله تعالى }ل تجد‬
‫دون مببن حبباد ّ اللبه‬ ‫لخبر يبوا ّ‬ ‫قومبا ً يؤمنببون بببالله واليببوم ا َ‬
‫ورسببوله ولببو كببانوا آببباءهم أو أبنبباءهم أو إخببوانهم أو‬
‫عشيرتهم أولئك كتب فببي قلببوبهم اليمببان وأيببدهم بببروح‬
‫ليببة‪ ,‬وروى‬ ‫منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها النهببار{ ا َ‬
‫الحافظ البيهقي من حديث عبد الله بن شوذب قال‪ :‬جعل‬
‫للهببة يببوم بببدر وجعببل‬ ‫أبو أبي عبيدة بن الجراح ينعت له ا َ‬
‫أبو عبيدة يحيد عنه فلما أكثر الجراح قصده ابنه أبو عبيدة‬
‫لية }ل تجد قوما ً يؤمنون بالله‬ ‫فقتله فأنزل الله فيه هذه ا َ‬
‫لية‪ .‬ثببم أمببر‬ ‫دون من حاد ّ الله ورسوله{ ا َ‬ ‫لخر يوا ّ‬ ‫واليوم ا َ‬
‫تعالى رسوله أن يتوعبد مبن آثببر أهلبه وقرابتببه وعشبيرته‬
‫على الله ورسوله وجهاد في سبيله فقببال‪} :‬قببل إن كببان‬
‫آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكببم وعشببيرتكم وأمببوال‬
‫اقترفتموها{ أي اكتسبتموها وحصلتموها }وتجارة تخشون‬
‫كسادها ومساكن ترضونها{ أي تحبونهببا لطيبهببا وحسببنها‪,‬‬

‫‪28‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أي إن كانت هذه الشياء }أحب إليكببم مببن اللببه ورسببوله‬
‫وجهاد في سبيله فتربصوا{ أي فببانتظروا مبباذا يحببل بكببم‬
‫من عقابه ونكاله بكم ولهذا قال }حببتى يببأتي اللببه بببأمره‬
‫واللبببببببببه ل يهبببببببببدي القبببببببببوم الفاسبببببببببقين{‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعببة‬
‫عن زهرة بن معبد عن جده قال‪ :‬كنا مع رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم وهببو آخببذ بيببد عمببر بببن الخطبباب فقببال‪:‬‬
‫والله يا رسول الله لنت أحب إلي من كببل شببيء إل مببن‬
‫نفسي‪ ,‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ل يؤمن‬
‫أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه« فقال عمببر فببأنت‬
‫ي من نفسي‪ ,‬فقببال رسببول اللببه صببلى‬ ‫لن والله أحب إل ّ‬ ‫ا َ‬
‫لن يببا عمببر« انفببرد بببإخراجه البخبباري‬ ‫الله عليه وسلم »ا َ‬
‫فرواه عن يحيى بن سليمان عن ابن وهب عببن حيببوة بببن‬
‫شريح عن أبي عقيل زهرة بن معبببد أنببه سببمع جببده عبببد‬
‫الله بن هشام عن النبي صلى الله عليه وسلم بهببذا‪ ,‬وقببد‬
‫ثبت فببي الصببحيح عنببه صببلى اللببه عليببه وسببلم أنبه قبال‬
‫»والذي نفسي بيده ل يؤمن أحدكم حتى أكون أحببب إليببه‬
‫من والده وولده والناس أجمعين« وروى المام أحمد وأبو‬
‫داود واللفظ له من حديث أبببي عبببد الرحمببن الخراسبباني‬
‫عن عطاء الخراساني عن نافع عن ابن عمر قال‪ :‬سمعت‬
‫رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم يقببول »إذا تبببايعتم‬
‫بالعينة وأخذتم بأذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد‬
‫سلط الله عليكم ذل ً ل ينزعببه حببتى ترجعببوا إلببى دينكببم«‬
‫وروى المام أحمد أيضا ً عن يزيد بن هارون عن أبي جناب‬
‫عن شهر بن حوشب أنببه سببمع عبببد اللببه بببن عمببرو عببن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو ذلببك‪ ,‬وهببذا شبباهد‬
‫للبببببببببببببذي قبلبببببببببببببه واللبببببببببببببه أعلبببببببببببببم‪.‬‬

‫ن إ ِذ ْ‬‫حن َي ْب ٍ‬
‫م ُ‬ ‫ن ك َِثيبَرةٍ وَي َبوْ َ‬ ‫واط ِ َ‬ ‫مب َ‬
‫ه فِببي َ‬ ‫م الل ّب ُ‬‫صبَرك ُ ُ‬ ‫** ل ََقبد ْ ن َ َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ت عَل َي ْك ُب ُ‬‫ضبباقَ ْ‬ ‫شبْيئا ً وَ َ‬ ‫م َ‬ ‫عنك ُب ْ‬‫ن َ‬‫ِ‬ ‫م فَل َب ْ‬
‫م ت ُغْب‬ ‫م ك َث َْرت ُك ُب ْ‬‫جب َت ْك ُ ْ‬
‫أعْ َ‬
‫ه‬‫ل الل ّب ُ‬ ‫م أ ََنببز َ‬
‫ن * ث ُب ّ‬ ‫ري َ‬ ‫م وَل ّي ْت ُببم ّ‬
‫م بد ْب ِ ِ‬ ‫ت ث ُب ّ‬ ‫حب َب ْ‬ ‫مببا َر ُ‬ ‫ض بِ َ‬‫الْر ُ‬

‫‪29‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جن ُببودا ً ل ّب ْ‬
‫م‬ ‫ل ُ‬ ‫ن وََأن بَز َ‬ ‫مِني َ‬ ‫سببول ِهِ وَعَل َببى ال ْ ُ‬
‫م بؤ ْ ِ‬ ‫ى َر ُ‬ ‫كين َت َ ُ َ‬
‫ه عَل ب َ‬ ‫س ِ‬‫َ‬
‫م‬‫ن * ث ُب ّ‬ ‫ري َ‬ ‫جبَزآُء ال ْك َببافِ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ن ك ََفبُروا ْ وَذ َل ِب َ‬ ‫ب ال ّب ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ها َوعبذ ّ َ‬ ‫ت ََروْ َ‬
‫م‬‫حيبب ٌ‬‫ه غَُفببوٌر ّر ِ‬ ‫شآُء َوالل ّ ُ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ى َ‬ ‫من ب َعْدِ ذ َل ِ َ َ‬
‫ك عَل َ‬ ‫ه ِ‬‫ب الل ّ ُ‬‫ي َُتو ُ‬
‫قال ابن جريج عن مجاهد هذه أول آية نزلت مببن بببراءة‬
‫يذكر تعالى للمؤمنين فضببله عليهببم وإحسببانه لببديهم فببي‬
‫نصره إياهم في مواطن كثيرة مببن غزواتهببم مببع رسببوله‪,‬‬
‫وأن ذلك من عنده تعالى وبتأييببده وتقببديره ل بعببددهم ول‬
‫بعددهم ونبههم على أن النصر من عنده سواء قببل الجمببع‬
‫أو كثر فإن يوم حنين أعجبتهم كثرتهم ومع هببذا مببا أجببدى‬
‫ذلك عنهم شيئا ً فولوا مدبرين إل القليل منهبم مببع رسبول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ثببم أنببزل نصببره وتأييببده علببى‬
‫رسوله وعلى المؤمنين الببذين معببه كمببا سببنبينه إن شبباء‬
‫الله تعالى مفصل ً ليعلمهم أن النصر من عنده تعالى وحده‬
‫وبإمداده وإن قببل الجمببع فكببم مببن فئة قليلببة غلبببت فئة‬
‫كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين‪ .‬وقد قال المام أحمد‪:‬‬
‫حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبي سمعت يونس يحببدث عببن‬
‫الزهري عن عبيد الله عن ابببن عببباس قببال‪ :‬قببال رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسببلم‪» :‬خيببر الصببحابة أربعببة‪ ,‬وخيببر‬
‫السرايا أربعمائة‪ ,‬وخير الجيوش أربعة آلف ولن تغلب اثنا‬
‫عشر ألفا ً من قلة« وهكذا رواه أبو داود والترمذي ثم قال‬
‫هذا حديث حسن غريب جدا ً ل يسنده أحببد غيببر جريببر بببن‬
‫حازم‪ ,‬وإنما روي عن الزهري عن النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫ل‪ .‬وقد رواه ابببن مبباجه والبببيهقي وغيببره عببن‬ ‫وسلم مرس ً‬
‫أكثم الجوني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحببوه‬
‫والله أعلم‪ .‬وقد كانت وقعة حنين بعد فتح مكة في شوال‬
‫سبببببببببببببنة ثمبببببببببببببان مبببببببببببببن الهجبببببببببببببرة‪.‬‬
‫وذلك لمببا فببرغ صببلى اللببه عليببه وسببلم مببن فتببح مكببة‬
‫وتمهدت أمورها وأسلم عامة أهلها وأطلقهببم رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم فبلغه أن هوازن جمعوا لببه ليقبباتلوه‬
‫وأن أميرهم مالك بن عوف بن النضر‪ ,‬ومعه ثقيف بكمالها‬
‫وبنو جشم وبنو سعد بن بكببر وأوزاع مببن بنببي هلل وهببم‬
‫قليل وناس من بني عمرو بن عامر وعوف بن عببامر وقببد‬

‫‪30‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أقبلببوا ومعهببم النسبباء والولببدان والشبباء والنعببم وجبباءوا‬
‫بقضهم وقضيضهم فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم في جيشه الذي جاء معببه للفتببح وهببو عشببرة آلف‬
‫مببن المهبباجرين والنصببار وقبببائل العببرب ومعببه الببذين‬
‫أسلموا من أهل مكة وهم الطلقاء فبي ألفيببن فسبار بهبم‬
‫إلى العدو فالتقوا بواد بين مكة والطببائف يقببال لببه حنيببن‬
‫فكببانت فيببه الوقعببة فببي أول النهببار فببي غلببس الصبببح‬
‫انحدروا في الوادي وقد كمنت فيه هوازن فلما تواجهوا لم‬
‫يشعر المسببلمون إل بهببم قببد ثبباوروهم‪ ,‬ورشببقوا بالنبببال‬
‫وأصلتوا السيوف وحملببوا حملببة رجببل واحببد كمببا أمرهببم‬
‫ملكهم فعند ذلك ولى المسلمون مدبرين كما قال الله عز‬
‫وجل‪ ,‬وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهببو راكببب‬
‫يومئذ بغلته الشهباء يسوقها إلى نحو العدو‪ ,‬والعباس عمه‬
‫آخببذ بركابهببا اليمببن‪ ,‬وأبببو سببفيان بببن الحببارث بببن عبببد‬
‫المطلب آخذ بركابها اليسر يثقلنها لئل تسرع السير وهببو‬
‫ينوه باسمه عليه الصلة والسببلم ويببدعو المسببلمين إلببى‬
‫ي أنا رسول الله« ويقول‬ ‫ي عباد الله إل ّ‬
‫الرجعة ويقول‪» :‬إل ّ‬
‫في تلك الحال‪» :‬أنا النبي ل كذب‪ ,‬أنا ابن عبببد المطلببب«‬
‫وثبت معه من أصحابه قريببب مببن مببائة ومنهببم مببن قببال‬
‫ثمانون فمنهم أبو بكر وعمر رضببي اللببه عنهمببا والعببباس‬
‫وعلي والفضل بن عباس وأبو سفيان بببن الحببارث وأيمببن‬
‫بن أم أيمن وأسامة بن زيد وغيرهم رضي اللببه عنهببم ثببم‬
‫أمببر صببلى اللببه عليببه وسببلم عمببه العببباس وكببان جهيببر‬
‫الصوت أن ينادي بأعلى صوته يببا أصببحاب الشببجرة يعنببي‬
‫شبببجرة بيعبببة الرضبببوان البببتي ببببايعه المسبببلمون مبببن‬
‫المهاجرين والنصببار تحتهببا علببى أن ل يفببروا عنببه فجعببل‬
‫ينادي بهم يببا أصببحاب السببمرة‪ ,‬ويقببول تببارة يببا أصببحاب‬
‫سورة البقرة‪ ,‬فجعلوا يقولون يا لبيببك يببا لبيببك‪ ,‬وانعطببف‬
‫الناس فتراجعوا إلى رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم‪,‬‬
‫حتى إن الرجل منهم إذا لم يطبباوعه بعيببره علببى الرجببوع‬
‫لبس درعه ثم انحدر عنه وأرسله ورجع بنفسه إلى رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسببلم فلمببا اجتمعببت شببرذمة منهببم‬

‫‪31‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم عليه السلم‬
‫أن يصدقوا الحملة وأخذ قبضة من تراب بعد مببا دعببا ربببه‬
‫واستنصره‪ ,‬وقال »اللهم أنجز لي مببا وعببدتني« ثببم رمببى‬
‫القوم بها فما بقي إنسان منهم إل أصببابه منهببا فببي عينببه‬
‫وفمه ما يشغله عن القتال ثببم انهزمببوا فبباتبع المسببلمون‬
‫أقفبباءهم يقتلببون ويأسببرون ومببا تراجببع بقيببة النبباس إل‬
‫والسرى مجندلة بين يببدي رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببلم‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حبدثنا عفبان حبدثنا حمباد ببن سبلمة‬
‫أخبرنا يعلى بن عطاء عن عبد الله بن يسار عن أبي همام‬
‫عن أبي عبد الرحمن الفهري واسمه يزيد بن أسيد ويقببال‬
‫يزيد بن أنيس ويقال كرز قال‪ :‬كنت مع رسول الله صببلى‬
‫الله عليه وسلم في غببزوة حنيببن فسببرنا فببي يببوم قببائظ‬
‫شديد الحر فنزلنا تحت ظلل الشجر فلما زالت الشببمس‬
‫لبست لمتي وركبت فرسببي فببانطلقت إلببى رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم وهو فببي فسببطاطه فقلببت السببلم‬
‫عليك يا رسول الله ورحمببة اللببه وبركبباته حببان الببرواح ؟‬
‫فقال‪» :‬أجل« فقال‪» :‬يا بلل« فثار من تحت سمرة كببأن‬
‫ظلها ظل طائر فقال‪ :‬لبيببك وسببعديك وأنببا فببداؤك فقببال‬
‫»أسرج لي فرسي« فأخرج سرجا ً دفتبباه مببن ليببف ليببس‬
‫فيهما أشر ول بطر قال فأسرج فركب وركبنا فصبباففناهم‬
‫عشيتنا وليلتنا فتشامت الخيلن فولى المسلمون مببدبرين‬
‫كمال قال الله تعالى‪} :‬ثم وليتم مببدبرين{ فقببال رسببول‬
‫الله صلى اللببه عليببه وسببلم »يببا عببباد اللببه أنببا عبببد اللببه‬
‫ورسوله« ثببم قببال‪» :‬يببا معشببر المهبباجرين أنببا عبببد اللببه‬
‫ورسوله« قال ثم اقتحم عن فرسه فأخببذ كفبا ً مببن تببراب‬
‫فأخبرني الذي كان أدنى إليه مني أنه ضببرب بببه وجببوههم‬
‫وقال‪» :‬شاهت الوجوه« فهزمهم اللببه تعببالى‪ .‬قببال يعلببى‬
‫بن عطاء‪ :‬فحدثني أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا‪ :‬لببم يبببق‬
‫منا أحد إل امتلت عيناه وفمه ترابا ً وسببمعنا صلصببلة بيببن‬
‫السببماء والرض كببإمرار الحديببد علببى الطسببت الجديببد‪,‬‬
‫وهكذا رواه الحافظ البيهقي في دلئل النبببوة مببن حببديث‬

‫‪32‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبي داود الطيالسي عن حماد بن سلمة بببه‪ ,‬وقببال محمببد‬
‫بن إسحاق‪ :‬حببدثني عاصبم ببن عمببر بببن قتبادة عببن عببد‬
‫الرحمن بن جابر عن أبيه جابر بن عبببد اللببه قببال‪ :‬فخببرج‬
‫مالك بن عوف بمن معببه إلببى حنيببن فسبببق رسببول اللببه‬
‫صلى اللببه عليببه وسببلم إليببه فأعببدوا وتهيئوا فببي مضببايق‬
‫الوادي وأحنائه وأقبل رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫وأصحابه حتى انحط بهم الببوادي فببي عمايببة الصبببح فلمببا‬
‫انحط النبباس ثببارت فببي وجببوههم الخيببل فشببدت عليهببم‬
‫وانكفببأ النبباس منهزميببن ل يقبببل أحببد علببى أحببد وانحبباز‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين يقول‪» :‬أيها‬
‫الناس هلموا إلي أنا رسول الله‪ ,‬أنا رسول الله‪ ,‬أنا محمببد‬
‫بن عبد الله« فل شببيء وركبببت البببل بعضببها بعضبا ً فلمببا‬
‫رأى رسول الله صلى الله عليبه وسببلم أمبر النباس قبال‪:‬‬
‫»يا عباس اصرخ يا معشر النصببار يببا أصببحاب السببمرة«‬
‫فأجابوه لبيك‪ ,‬لبيك‪ ,‬فجعل الرجل يذهب ليعطف بعيره فل‬
‫يقببدر علببى ذلببك فيقببذف درعببه فببي عنقببه ويأخببذ سببيفه‬
‫وقوسه ثم يؤم الصوت حتى اجتمع إلى رسول اللبه صبلى‬
‫الله عليببه وسببلم منهببم مببائة فاسببتعرض النبباس فبباقتتلوا‬
‫وكببانت الببدعوة أول مببا كببانت بالنصببار ثببم جعلببت آخببرا ً‬
‫بالخزرج وكانوا صبراء عنببد الحببرب وأشببرف رسببول اللبه‬
‫صلى الله عليه وسلم في ركابه فنظر إلببى مجتلببد القببوم‬
‫لن حمببي الببوطيس« قببال‪ :‬فببوالله مببا راجعببه‬ ‫فقببال‪» :‬ا َ‬
‫الناس إل والسارى عنببد رسببول اللببه ملقببون فقتببل اللببه‬
‫منهم من قتببل وانهببزم منهببم مببا انهببزم وأفبباء اللببه علببى‬
‫رسبببببببببببببببوله أمبببببببببببببببوالهم وأبنببببببببببببببباءهم‪.‬‬
‫وفي الصحيحين من حديث شعبة عبن أببي إسبحاق عبن‬
‫البراء بن عازب رضي الله عنهما أن رجل ً قببال لببه‪ :‬يببا أبببا‬
‫عمارة أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسببلم يببوم‬
‫حنين ؟ فقال‪ :‬لكن رسول الله صلى الله عليه وسببلم لببم‬
‫يفر إن هوازن كانوا قوما ً رماة فلما لقيناهم وحملنا عليهم‬
‫انهزموا فأقبببل النبباس علببى الغنببائم فاسببتقبلونا بالسببهام‬
‫فانهزم الناس فلقببد رأيببت رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬

‫‪33‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسلم وأبو سفيان بن الحببارث آخببذ بلجببام بغلتببه البيضبباء‬
‫وهو يقول‪» :‬أنا النبي ل كذب‪ ,‬أنا ابن عبد المطلب« قلت‪:‬‬
‫وهذا في غاية ما يكون من الشجاعة التامة إنببه فببي مثببل‬
‫هذا اليوم في حومة الوغى وقد انكشف عنببه جيشببه وهببو‬
‫مع هذا على بغلة وليست سريعة الجري ول تصلح لفببر ول‬
‫لكر ول لهرب وهببو مببع هببذا أيضبا ً يركضببها إلببى وجببوههم‬
‫وينوه باسمه ليعرفه من لم يعرفببه صببلوات اللببه وسببلمه‬
‫عليه دائما ً إلى يوم الدين وما هذا كله إل ثقة بالله وتببوكل ً‬
‫عليه وعلما ً منه بأنه سينصره ويتببم مببا أرسببله بببه ويظهببر‬
‫دينه على سائر الديان‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬ثببم أنببزل اللببه‬
‫سكينته علببى رسببوله{ أي طمببأنينته وثببباته علببى رسببوله‬
‫}وعلببى المببؤمنين{ أي الببذين معببه }وأنببزل جنببودا ً لببم‬
‫تروها{ وهم الملئكة كما قال المام أبو جعفببر ابببن جريببر‬
‫حدثني الحسن بن عرفة قال حدثني المعتمر بببن سببليمان‬
‫عن عوف هو ابن أبي جميلة العرابببي قببال سببمعت عبببد‬
‫الرحمن مولى بن برثن حدثني رجببل كبان مبع المشببركين‬
‫يوم حنين قال لما التقينا نحن وأصحاب رسول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم يوم حنين لم يقوموا لنا حلب شبباة‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫فلما كشفناهم جعلنا نسوقهم في آثارهم حتى انتهينا إلببى‬
‫صاحب البغلة البيضاء فإذا هو رسول الله صلى اللببه عليببه‬
‫وسلم قال‪ :‬فتلقانا عنده رجال بيض حسان الوجوه فقالوا‬
‫لنا شبباهت الوجببوه ارجعببوا قببال فانهزمنببا وركبببوا أكتافنببا‬
‫فكبببببببببببببببببببببببببببببببانت إياهبببببببببببببببببببببببببببببببا‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبو بكر البيهقي‪ :‬أنبأنا أبو عبد الله الحافظ‬
‫حدثني محمد بن أحمد بن بالويه حدثنا إسحاق بن الحسن‬
‫الحربي حدثنا عفان بن مسلم حدثنا عبد الواحببد بببن زيبباد‬
‫حدثنا الحارث بن حصيرة حدثنا القاسم بببن عبببد الرحمببن‬
‫عن أبيه قال‪ :‬قال ابن مسعود رضي اللببه عنببه‪ :‬كنببت مببع‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسببلم يببوم حنيببن فببولى عنببه‬
‫النبباس وبقيببت معببه فببي ثمببانين رجل ً مببن المهبباجرين‬
‫والنصار قببدمنا ولبم نببولهم البدبر وهبم البذين أنبزل اللبه‬
‫عليهم السكينة قال‪ :‬ورسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‬

‫‪34‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫على بغلته البيضاء يمضي قدما ً فحببادت بغلتببه فمببال عببن‬
‫السرج فقلت‪ :‬ارتفع رفعك اللببه‪ .‬قببال‪» :‬نبباولني كفبا ً مببن‬
‫التراب« فناولته قال‪ :‬فضرب به وجوههم فامتلت أعينهببم‬
‫ترابا ً قال‪» :‬أين المهاجرون والنصار ؟« قلببت‪ :‬هببم هنبباك‬
‫قال‪» :‬اهتف بهم« فهتفت بهم فجاءوا وسيوفهم بأيمببانهم‬
‫كأنهببا الشببهب وولببى المشببركون أدبببارهم‪ ,‬ورواه المببام‬
‫أحمد في مسنده عببن عفببان بببه نحببوه‪ ,‬وقببال الوليببد بببن‬
‫مسلم‪ :‬حدثني عبد الله بن المبارك عن أبببي بكببر الهببذلي‬
‫عن عكرمة مولى ابن عباس عن شببيبة بببن عثمببان قببال‪:‬‬
‫لما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنيببن قببد‬
‫عري ذكرت أبي وعمي وقتل علبي وحمبزة إياهمببا فقلبت‬
‫اليوم أدرك ثأري منه قال‪ :‬فذهبت لجيئه عببن يمينببه فببإذا‬
‫أنا بالعباس بن عبد المطلب قائما ً عليببه درع بيضبباء كأنهببا‬
‫فضة يكشف عنها العجبباج فقلببت‪ :‬عمببه ولببن يخببذله قببال‬
‫فجئته عن يساره فإذا أنا بأبي سفيان بن الحارث بن عبببد‬
‫المطلب فقلت‪ :‬ابن عمه ولن يخذله فجئته من خلفه فلببم‬
‫يبق إل أن أسوره سورة بالسيف إذ رفببع لببي شببواظ مببن‬
‫نار بيني وبينه كأنه برق فخفت أن تمحشني فوضعت يدي‬
‫على بصري ومشيت القهقرى فالتفت رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم وقال‪» :‬يا شيبة يا شيبة ادن منببي‪ ,‬اللهببم‬
‫أذهب عنه الشيطان« قال‪ :‬فرفعت إليه بصري ولهو أحب‬
‫إلي من سمعي وبصري فقببال‪» :‬يببا شببيبة قاتببل الكفببار«‬
‫رواه البببببببيهقي مببببببن حببببببديث الوليببببببد فببببببذكره‪.‬‬
‫ثم روي من حديث أيوب بن جابر عن صببدقة بببن سببعيد‬
‫عن مصعب بن شيبة عن أبيه قال‪ :‬خرجت مع رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم يوم حنين والله مببا أخرجنببي إسببلم‬
‫ول معرفة به ولكنني أبيت أن تظهر هببوازن علببى قريببش‬
‫فقلت وأنا واقف معه‪ :‬يببا رسببول اللبه إنببي أرى خيل ً بلقبا ً‬
‫فقال‪» :‬يا شيبة إنه ل يراها إل كببافر« فضببرب بيببده علببى‬
‫صدري ثم قال‪» :‬اللهم اهد شببيبة« ثببم ضببربها الثانيببة ثببم‬
‫قال‪» :‬اللهم اهد شيبة« ثم ضربها الثالثة ثم قببال‪» :‬اللهببم‬
‫اهد شيبة« قال‪ :‬فوالله ما رفع يده عن صدري في الثالثببة‬

‫‪35‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ي منببه وذكببر تمببام‬ ‫حتى ما كان أحد من خلق الله أحب إل ّ‬
‫الحديث في التقاء الناس وانهزام المسلمين ونداء العباس‬
‫واستنصار رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم حببتى هببزم‬
‫الله تعببالى المشببركين‪ ,‬قببال محمببد بببن إسببحاق‪ :‬حببدثني‬
‫والدي إسحاق بن يسار عمن حدثه عببن جبببير بببن مطعببم‬
‫رضي الله عنه قال إنا لمببع رسببول اللببه صبلى اللببه عليببه‬
‫وسلم يوم حنين والناس يقتتلون إذ نظرت إلى مثل البجاد‬
‫السود يهوي من السماء حتى وقع بيننا وبيببن القببوم فببإذا‬
‫نمل منثور قد مل الوادي فلم يكن إل هزيمة القوم فما كنا‬
‫نشك أنها الملئكة‪ ,‬وقال سعيد بن السائب بن يسببار عببن‬
‫أبيه قال‪ :‬سمعت يزيد بن عامر السوائي وكان شهد حنينا ً‬
‫مع المشركين ثم أسلم بعد فكنا نسأله عن الرعببب الببذي‬
‫ألقى الله فببي قلببوب المشببركين يببوم حنيببن فكببان يأخببذ‬
‫الحصاة فيرمي بها في الطست فيطن فيقول كنا نجد في‬
‫أجوافنا مثل هذا‪ ,‬وقد تقدم له شاهد من حببديث يزيببد بببن‬
‫أبي أسيد فالله أعلم‪ ,‬وفي صحيح مسببلم عببن محمببد بببن‬
‫رافع عن عبد الرزاق أنبأنا معمر عن همببام قببال‪ :‬هببذا مببا‬
‫حدثنا أبو هريببرة أن رسببول اللبه صببلى اللبه عليببه وسببلم‬
‫قال‪» :‬نصرت بالرعب وأوتيت جوامع الكلببم« ولهببذا قببال‬
‫تعالى‪} :‬ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين‬
‫وأنزل جنودا ً لم تروهببا وعببذب الببذين كفببروا وذلببك جببزاء‬
‫الكافرين{ وقوله‪} :‬ثم يتوب الله من بعد ذلببك علببى مببن‬
‫يشاء والله غفور رحيم{ قد تبباب اللببه علببى بقيببة هببوازن‬
‫فأسلموا وقدموا عليه مسلمين ولحقببوه وقببد قببارب مكببة‬
‫عند الجعرانة وذلك بعد الوقعة بقريب مببن عشببرين يوم با ً‬
‫فعنببد ذلببك خيرهببم بيببن سبببيهم وبيببن أمببوالهم فاختبباروا‬
‫سبيهم وكانوا ستة آلف أسير ما بين صبي وامببرأة‪ ,‬فببرده‬
‫عليهببم وقسببم المببوال بيببن الغببانمين ونفببل أناس با ً مببن‬
‫الطلقاء لكي يتألف قلوبهم على السببلم فأعطبباهم مببائة‬
‫من البل وكان من جملة من أعطى مائة مالك بببن عببوف‬
‫صري واستعمله على قومه كما كان فامتببدحه بقصببيدته‬ ‫الن ّ ْ‬
‫الببببببببببببببببببببتي يقببببببببببببببببببببول فيهببببببببببببببببببببا‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ما إن رأيت ول سمعت بمثلهفي الناس كلهم بمثل محمببد‬
‫أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتدىومتى تشأ يخبرك عما فببي‬
‫غبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببد‬
‫وإذا الكتيبببة عببردت أنيابهابالسببمهري وضببرب كببل مهنببد‬
‫فكأنه ليببث علببى أشبالهوسببط المببباءة خببادر فببي مرصببد‬
‫(‬

‫س فَل َ ي َْقَرب ُببوا ْ‬ ‫َ‬


‫جب ٌ‬ ‫ن نَ َ‬ ‫كو َ‬ ‫ش برِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫مببا ال ْ ُ‬ ‫من ُبوَا ْ إ ِن ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫** ي َأي ّهَببا ال ّب ِ‬
‫ف‬ ‫سببوْ َ‬ ‫ة فَ َ‬ ‫م عَي َْلبب ً‬ ‫خْفت ُ ْ‬‫ن ِ‬ ‫ذا وَإ ِ ْ‬‫هـ َ‬ ‫م َ‬ ‫مه ِ ْ‬ ‫عا ِ‬ ‫م ب َعْد َ َ‬ ‫حَرا َ‬ ‫جد َ ال ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬‫ال ْ َ‬
‫م*‬ ‫كي ب ٌ‬‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه عَِلي ب ٌ‬ ‫ن الل ّب َ‬ ‫شببآَء إ ِ ّ‬ ‫ض بل ِهِ ِإن َ‬ ‫مببن فَ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫م الل ّب ُ‬ ‫ي ُغِْنيك ُب ُ‬
‫ن‬‫مببو َ‬ ‫حّر ُ‬ ‫خبرِ وَل َ ي ُ َ‬ ‫ن ِبالل ّهِ وَل َ ب ِببال ْي َوْم ِ ال َ ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ن ل َ ي ُؤْ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫َقات ُِلوا ْ ال ّ ِ‬
‫ن ُأوُتوا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م َ‬‫حق ّ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ن ِدي َ‬ ‫ديُنو َ‬ ‫ه وَل َ ي َ ِ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫حّر َ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫صبباِغُرو َ‬ ‫م َ‬ ‫هبب ْ‬‫عببن َيببدٍ وَ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫جْزَيبب َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ى ي ُعْطببوا ال ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫حّتبب َ‬ ‫ب َ‬ ‫الك َِتببا َ‬
‫أمر تعالى عباده المببؤمنين الطبباهرين دين با ً وذات با ً بنفببي‬
‫المشركين الذين هم نجس دينا ً عن المسببجد الحببرام وأن‬
‫لية وكان نزولها فببي سببنة تسببع‬ ‫ل يقربوه بعد نزول هذه ا َ‬
‫ولهذا بعث رسول الله صلى الله عليه وسببلم علي با ً صببحبة‬
‫أبي بكببر رضببي اللببه عنهمببا عببامئذ وأمببره أن ينببادي فببي‬
‫المشركين أن ل يحببج بعببد هببذا العببام مشببرك ول يطببوف‬
‫بالبيت عريان‪ .‬فأتم الله ذلك وحكم به شرعا ً وقدرًا‪ .‬وقال‬
‫عبد الرزاق‪ :‬أخبرنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنببه سببمع‬
‫جابر بن عبد الله يقول في قوله تعالى‪} :‬إنما المشببركون‬
‫نجس فل يقربوا المسجد الحرام بعببد عببامهم هببذا{ إل أن‬
‫يكون عبدا ً أو أحدا ً من أهل الذمة‪ .‬وقد روي مرفوع با ً مببن‬
‫وجه آخر فقال المام أحمد حدثنا حسين حدثنا شريك عببن‬
‫الشعث يعني ابن سوار عن الحسن عن جببابر قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ل يدخل مسجدنا بعببد‬
‫عامنا هذا مشرك إل أهل العهد وخدمهم« تفرد بببه المببام‬
‫أحمد مرفوعا ً والموقوف أصببح إسببنادًا‪ .‬وقببال المببام أبببو‬
‫عمرو الوزاعي‪ ,‬كتب عمر بن عبد العزيز رضي اللببه عنببه‬
‫أن امنعوا اليهود والنصارى من دخول مسبباجد المسببلمين‬
‫وأتبع نهيه قول الله تعالى‪} :‬إنما المشركون نجس{ وقال‬

‫‪37‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عطبباء‪ :‬الحببرم كلببه مسببجد لقببوله تعببالى‪} :‬فل يقربببوا‬
‫لية الكريمة‬ ‫المسجد الحرام بعد عامهم هذا{ ودلت هذه ا َ‬
‫على نجاسة المشرك كمببا ورد فببي الصببحيح »المببؤمن ل‬
‫ينجس« وأما نجاسة بدنه فالجمهور على أنه ليس بنجببس‬
‫البدن والببذات لن اللببه تعببالى أحببل طعببام أهببل الكتبباب‪,‬‬
‫وذهب بعض الظاهرية إلى نجاسة أبببدانهم‪ ,‬وقببال أشببعث‬
‫عببن الحسببن مببن صببافحهم فليتوضببأ‪ .‬رواه ابببن جريببر‪.‬‬
‫وقوله }وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضببله{‬
‫قال محمد بن إسحاق‪ :‬وذلك أن الناس قالوا لتقطعن عنببا‬
‫السواق ولتهلكن التجارة وليذهبن عنا ما كنببا نصببيب فيهببا‬
‫من المرافق فأنزل الله }وإن خفتم عيلة فسببوف يغنيكببم‬
‫الله من فضله{ من وجه غير ذلببك }إن شبباء{ إلببى قببوله‬
‫}وهم صاغرون{ أي هذا عوض ما تخوفتم من قطببع تلببك‬
‫السواق فعوضهم الله مما قطع أمر الشرك مببا أعطبباهم‬
‫من أعناق أهل الكتاب من الجزيببة‪ ,‬وهكببذا روي عببن ابببن‬
‫عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وقتادة والضببحاك‬
‫وغيرهببم }إن اللببه عليببم{ أي بمببا يصببلحكم }حكيببم{ أي‬
‫فيما يأمر به وينهى عنه لنببه الكامببل فببي أفعبباله وأقببواله‬
‫العادل في خلقه وأمره تبارك وتعالى ولهببذا عوضببهم عببن‬
‫تلببك المكاسببب بببأموال الجزيببة الببتي يأخببذونها مببن أهببل‬
‫الذمببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬قباتلوا البذين ل يؤمنبون ببالله ول بباليوم‬
‫لخر ول يحرمون ما حرم اللببه ورسببوله ول يببدينون ديببن‬ ‫ا َ‬
‫الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطببوا الجزيببة عببن يببد‬
‫وهم صاغرون{ فهم فبي نفبس المبر لمبا كفبروا بمحمبد‬
‫صلى الله عليه وسلم لم يبق لهم إيمان صبحيح بأحبد مببن‬
‫الرسل ول بما جاءوا بببه وإنمببا يتبعببون آراءهببم وأهببواءهم‬
‫وآباءهم فيما هم فيه ل لنه شرع الله ودينه‪ ,‬لنهم لوكببانوا‬
‫مؤمنين بما بأيديهم إيمانا ً صحيحا ً لقادهم ذلك إلى اليمببان‬
‫بمحمد صلى الله عليه وسلم لن جميع النبيبباء بشببروا بببه‬
‫وأمروا باتباعه فلما جاء وكفببروا بببه وهببو أشببرف الرسببل‬
‫علم أنهم ليسوا متمسكين بشرع النبياء القدمين لنه من‬

‫‪38‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عند الله‪ .‬بل لحظوظهم وأهوائهم فلهذا ل ينفعهم إيمببانهم‬
‫ببقيببة النبيبباء وقببد كفببروا بسببيدهم وأفضببلهم وخبباتمهم‬
‫وأكملهم‪ ,‬ولهببذا قببال‪} :‬قباتلوا الببذين ل يؤمنببون بببالله ول‬
‫لخر ول يحرمون ما حرم الله ورسببوله ول يببدينون‬ ‫باليوم ا َ‬
‫ليببة الكريمببة‬ ‫دين الحق من الذين أوتببوا الكتبباب{ وهببذه ا َ‬
‫أول المبببر بقتبببال أهبببل الكتببباب بعبببدما تمهبببدت أمبببور‬
‫المشركين ودخل الناس في دين اللببه أفواج با ً واسببتقامت‬
‫جزيرة العرب أمر الله ورسوله بقتال أهل الكتابين اليهببود‬
‫والنصارى وكان ذلك في سنة تسع ولهذا تجهز رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم لقتال الروم ودعا النبباس إلببى ذلببك‬
‫وأظهره لهم وبعث إلى أحياء العرب حول المدينة فنببدبهم‬
‫فأوعبوا معه واجتمببع مببن المقاتلببة نحببو مببن ثلثيببن ألف با ً‬
‫وتخلف بعبض النبباس مببن أهببل المدينببة ومببن حولهببا مببن‬
‫المنافقين وغيرهم وكان ذلك في عام جببدب ووقببت قيببظ‬
‫وحر وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريببد الشببام‬
‫لقتال الببروم فبلببغ تبببوك فنببزل بهببا وأقببام بهببا قريببا ً مببن‬
‫عشرين يوما ً ثم استخار الله في الرجوع فرجع عامه ذلببك‬
‫لضيق الحال وضعف الناس كما سيأتي بيانه بعببد إن شبباء‬
‫لية الكريمة من يببرى أنببه ل‬ ‫الله تعالى‪ .‬وقد استدل بهذه ا َ‬
‫تؤخذ الجزية إل من أهل الكتاب أو من أشبههم كالمجوس‬
‫كما صح فيهببم الحببديث أن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسبلم أخببذها مببن مجبوس هجبر وهبذا مبذهب الشبافعي‬
‫وأحمد في المشهور عنه وقال أبو حنيفة رحمببه اللببه‪ .‬بببل‬
‫تؤخذ من جميع العاجم سواء كانوا من أهل الكتاب أو من‬
‫المشببركين ول تؤخببذ مببن العببرب إل مببن أهببل الكتبباب‪.‬‬
‫وقال المببام مالببك‪ :‬بببل يجببوز أن تضببرب الجزيببة علببى‬
‫جميع الكفار من كتابي ومجوسي ووثني وغير ذلك ولمأخذ‬
‫هذه المببذاهب وذكببر أدلتهببا مكببان غيببر هببذا واللببه أعلببم‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬حتى يعطوا الجزية{ أي إن لم يسلموا }عن يد{‬
‫أي عببن قهببر لهببم وغلبببة }وهببم صبباغرون{ أي ذليلببون‬
‫حقيرون مهانون فلهذا ل يجوز إعزاز أهل الذمة ول رفعهم‬
‫على المسلمين بل هم أذلء صغرة أشببقياء كمببا جبباء فببي‬

‫‪39‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صحيح مسلم عبن أببي هريبرة رضببي اللبه عنبه أن النببي‬
‫صلى الله عليه وسببلم قببال‪» :‬ل تبببدءوا اليهببود والنصببارى‬
‫بالسببلم وإذا لقيتببم أحببدهم فببي طريببق فاضببطروه إلببى‬
‫أضببيقه« ولهببذا اشببترط عليهببم أميببر المببؤمنين عمببر بببن‬
‫الخطبباب رضببي اللببه عنببه تلببك الشببروط المعروفببة فببي‬
‫إذللهببم وتصببغيرهم وتحقيرهببم وذلببك ممببا رواه الئمببة‬
‫الحفاظ من رواية عبببد الرحمببن بببن غنببم الشببعري قببال‪:‬‬
‫كتبت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح نصببارى‬
‫من أهل الشام‪ :‬بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب لعبببد‬
‫الله عمر أمير المؤمنين من نصارى مدينة كذا وكببذا إنكببم‬
‫لما قدمتم علينا سألناكم المان لنفسنا وذرارينببا وأموالنببا‬
‫وأهل ملتنا وشببرطنا لكببم علببى أنفسببنا أن ل نحببدث فببي‬
‫مدينتنا ول فيما حولها ديرا ً ول كنيسة ول قلية ول صببومعة‬
‫راهب ول نجدد ما خرب منها ول نحيي منها ما كان خططا ً‬
‫للمسلمين وأل نمنع كنائسنا أن ينزلها أحد مببن المسببلمين‬
‫في ليل ول نهار وأن نوسببع أبوابهببا للمببارة وابببن السبببيل‬
‫وأن ننزل من مر بنا من المسلمين ثلثة أيام نطعمهببم ول‬
‫نببؤوي فببي كنائسببنا ول منازلنببا جاسوس با ً ول نكتببم غش با ً‬
‫للمسلمين ول نعلم أولدنا القرآن ول نظهر شركا ً ول ندعو‬
‫إليببه أحببدا ً ول نمنببع أحببدا ً مببن ذوي قرابتنببا الببدخول فببي‬
‫السلم إن أرادوه وأن نوقر المسلمين وأن نقوم لهم مببن‬
‫مجالسنا إن أرادوا الجلوس ول نتشبه بهم في شببيء مببن‬
‫ملبسهم في قلنسوة ول عمامة ول نعلين ول فببرق شببعر‬
‫ول نتكلم بكلمهم ولنكتنببي بكنبباهم ل نركببب السببروج ول‬
‫نتقلد السيوف ول نتخذ شيئا ً مببن السببلح ول نحملببه معنببا‬
‫ول ننقببش خواتيمنببا بالعربيببة ول نبببيع الخمببور وأن نجببز‬
‫مقاديم رؤوسنا وأن نلزم زينا حيثما كنا وأن نشببد الزنببانير‬
‫على أوساطنا وأن ل نظهببر الصببليب علببى كنائسببنا وأن ل‬
‫نظهر صلبنا ول كتبنا في شببيء مببن طببرق المسببلمين ول‬
‫أسواقهم ول نضرب نواقيسنا في كنائسنا إل ضببربا ً خفيفبا ً‬
‫وأن ل نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسببنا فببي شببيء مببن‬
‫حضرة المسببلمين ول نخببرج شببعانين ول باعوثبا ً ول نرفببع‬

‫‪40‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أصواتنا مع موتانا ول نظهر النيران معهببم فببي شببيء مببن‬
‫طرق المسلمين ول أسواقهم ول نجاورهم بموتانا ول نتخذ‬
‫من الرقيق مببا جببرى عليببه سببهام المسببلمين وأن نرشببد‬
‫المسلمين ول نطلع عليهم في منببازلهم‪ .‬قببال فلمببا أتيببت‬
‫عمببر بالكتبباب زاد فيببه ول نضببرب أحببدا ً مببن المسببلمين‬
‫شرطنا لكببم ذلببك علببى أنفسببنا وأهببل ملتنببا وقبلنببا عليببه‬
‫المببان فببإن نحببن خالفنببا فببي شببيء ممببا شببرطناه لكببم‬
‫ووظفنا على أنفسنا فل ذمة لنا وقد حل لكم منا مببا يحببل‬
‫مبببببببببببن أهبببببببببببل المعانبببببببببببدة والشبببببببببببقاق‪.‬‬

‫ح‬ ‫سببي ُ‬‫م ِ‬ ‫صبباَرى ال ْ َ‬ ‫ت الن ّ َ‬ ‫ن الل ّهِ وَقَببال َ ْ‬ ‫ر اب ْ ُ‬ ‫ت ال ْي َُهود ُ عَُزي ْ ٌَ‬ ‫** وََقال َ ِ‬
‫ن ك ََفببُروا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫ن قَوْ َ‬ ‫ضاهُِئو َ‬ ‫م يُ َ‬ ‫واهِهِ ْ‬ ‫ك قَوْل ُُهم ب ِأفْ َ‬ ‫ن الل ّهِ ذ َل ِ َ‬ ‫اب ْ ُ‬
‫َ‬ ‫ه أ َن ّب‬
‫م‬ ‫حب َبباَرهُ ْ‬ ‫خ بذ ُوَا ْ أ ْ‬ ‫ن * ات ّ َ‬ ‫ى ي ُؤْفَك ُببو َ‬ ‫َ‬ ‫م الل ّب ُ‬ ‫ل قَببات َل َهُ ُ‬ ‫مببن قَب ْب ُ‬ ‫ِ‬
‫مُروَا ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫مآ أ ِ‬ ‫م وَ َ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ن َ‬‫ح اب ْ َ‬ ‫سي َ‬‫م ِ‬‫ن الل ّهِ َوال ْ َ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫م أْرَبابا ً ّ‬ ‫وَُرهَْبان َهُ ْ‬
‫ن‬‫كو َ‬ ‫شببرِ ُ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫ه عَ ّ‬ ‫حان َ ُ‬
‫سب ْ َ‬ ‫ه إ ِل ّ هُوَ ُ‬ ‫حدا ً ل ّ إ َِلـ َ‬ ‫إ ِل ّ ل ِي َعْب ُد ُوَا ْ إ َِلـها ً َوا ِ‬
‫وهذا إغراء من الله تعالى للمؤمنين علببى قتببال الكفببار‬
‫مببن اليهببود والنصببارى لمقببالتهم هببذه المقالببة الشببنيعة‬
‫والفرية على الله تعالى فأما اليهود فقالوا في العزير‪ :‬إنببه‬
‫ابن الله تعالى اللببه عببن ذلببك علببوا ً كبببيرًا‪ ,‬وذكببر السببدي‬
‫وغيره أن الشبهة التي حصلت لهم فبي ذلبك أن العمالقبة‬
‫لمببا غلبببت علببى بنببي إسببرائيل فقتلببوا علمبباءهم وسبببوا‬
‫كبارهم بقي العزير يبكي على بني إسرائيل وذهاب العلببم‬
‫منهم حتى سقطت جفون عينيه فبينما هو ذات يوم إذ مببر‬
‫علببى جبانببة وإذا امببرأة تبكببي عنببد قبببر وهببي تقببول‪:‬‬
‫وامطعماه واكاسياه فقببال لهببا‪ :‬ويحببك مببن كببان يطعمببك‬
‫قبل هذا ؟ قالت‪ :‬الله قال‪ :‬فإن الله حي ل يمببوت‪ ,‬قببالت‬
‫يا عزير فمن كان يعلم العلماء قبل بني إسببرائيل ؟ قببال‪:‬‬
‫الله‪ .‬قالت‪ :‬فلم تبكي عليهم ؟ فعرف أنه شيء قد وعببظ‬
‫به ثم قيل له اذهب إلى نهر كذا فاغتسل منه وصل هنبباك‬
‫ركعتين فإنك ستلقى هناك شيخا ً فما أطعمك فكله فذهب‬
‫ففعل ما أمر به فإذا الشيخ فقال له‪ :‬افتح فمك ففتح فمه‬

‫‪41‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فألقى فيه شيئا ً كهيئة الجمرة العظيمة ثلث مرات فرجببع‬
‫عزير وهو من أعلم الناس بالتوراة فقال‪ :‬يا بني إسببرائيل‬
‫قد جئتكم بالتوراة فقببالوا يببا عزيببر مببا كنببت كببذابا ً فعمببد‬
‫فربط على أصبع من أصابعه قلما ً وكتببب التببوراة بأصبببعه‬
‫كلها فلما تراجع الناس من عدوهم ورجببع العلمبباء أخبببروا‬
‫بشأن عزير فاستخرجوا النسببخ الببتي كببانوا أودعوهببا فببي‬
‫الجبال وقابلوها بها فوجدوا ما جاء به صحيحا ً فقببال بعببض‬
‫جهلتهبببببم‪ :‬إنمبببببا صبببببنع هبببببذا لنبببببه اببببببن اللبببببه‪.‬‬
‫وأما ضلل النصارى في المسيح فظاهر‪ ,‬ولهذا كذب الله‬
‫سبحانه الطائفتين فقببال‪} :‬ذلببك قببولهم بببأفواههم{ أي ل‬
‫مسببتند لهببم فيمببا ادعببوه سببوى افببترائهم واختلقهببم‬
‫}يضاهئون{ أي يشابهون }قول الببذين كفببروا مببن قبببل{‬
‫أي من قبلهم مببن المببم ضبلوا كمبا ضبل هببؤلء }قباتلهم‬
‫الله{ قال ابن عببباس‪ :‬لعنهببم اللببه }أنببى يؤفكببون ؟{ أي‬
‫كيف يضلون عن الحق وهو ظاهر ويعدلون إلى الباطببل ؟‬
‫وقوله‪} :‬اتخببذوا أحبببارهم ورهبببانهم أرباب با ً مببن دون اللببه‬
‫والمسيح ابن مريببم{ روى المببام أحمببد والترمببذي وابببن‬
‫جرير من طرق عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنببه لمببا‬
‫بلغته دعوة رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم فببر إلببى‬
‫الشام وكان قد تنصر في الجاهلية فأسرت أختببه وجماعببة‬
‫ن رسول الله صلى الله عليببه وسببلم علببى‬ ‫من قومه ثم م ّ‬
‫أخته وأعطاها فرجعت إلى أخيها فرغبته في السلم وفي‬
‫القدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم عدي‬
‫إلى المدينببة وكببان رئيس با ً فببي قببومه طيببء وأبببوه حبباتم‬
‫الطائي المشهور بببالكرم فتحببدث النبباس بقببدومه فببدخل‬
‫على رسول الله صلى الله عليه وسببلم وفببي عنببق عببدي‬
‫ليببة }اتخببذوا أحبببارهم‬ ‫صليب من فضببة وهببو يقببرأ هببذه ا َ‬
‫ورهبببانهم أرباب با ً مببن دون اللببه{ قببال‪ :‬فقلببت‪ :‬إنهببم لببم‬
‫يعبدوهم فقال‪» :‬بلببى إنهببم حرمببوا عليهببم الحلل وأحلببوا‬
‫لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم« وقببال رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم »يا عدي ما تقول ؟ أيضرك أن‬
‫يقال الله أكبر ؟ فهل تعلم شيئا ً أكبر مببن اللببه مببا يضببرك‬

‫‪42‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أيضرك أن يقال ل إله إل الله فهل تعلم إلها ً غير اللببه ؟«‬
‫ثم دعاه إلى السلم فأسلم وشهد شهادة الحق قال فلقد‬
‫رأيت وجهه استبشر ثم قال »إن اليهببود مغضببوب عليهببم‬
‫والنصارى ضالون« وهكذا قال حذيفة بن اليمان وعبد الله‬
‫بن عباس وغيرهما في تفسير }اتخذوا أحبارهم ورهبببانهم‬
‫أربابا ً من دون اللبه{ إنهبم اتبعببوهم فيمببا حللبوا وحرمببوا‪,‬‬
‫وقال السدي‪ :‬استنصحوا الرجببال ونبببذوا كتبباب اللببه وراء‬
‫ظهورهم ولهذا قببال تعببالى‪} :‬ومببا أمببروا إل ليعبببدوا إلهبا ً‬
‫واحدًا{ أي الذي إذا حرم الشببيء فهببو الحببرام ومببا حللببه‬
‫فهو الحلل وما شرعه اتبع وما حكم به نفذ }ل إله إل هببو‬
‫سبببحانه عمببا يشببركون{ أي تعببالى وتقببدس وتنببزه عببن‬
‫الشركاء والنظراء والعوان والضداد والولد ل إله إل هببو‬
‫ول رب سببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببواه‪.‬‬

‫ه إ ِل ّ َأن‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫** يريدو َ‬


‫ى الّلب ُ‬ ‫م وَي َبأ َب َ َ‬ ‫ن أن ي ُط ِْفُئوا ْ ُنوَر الل ّهِ ب ِأفْ َ‬
‫واهِهِ ْ‬ ‫ُ ِ ُ َ‬
‫سببول َ ُ‬
‫ه‬ ‫ل َر ُ‬ ‫سب َ‬‫ن * هُبوَ ال ّبذِيَ أْر َ‬ ‫م ُنوَرهُ وَل َوْ ك َبرِهَ ال ْك َببافُِرو َ‬‫ي ُت ِ ّ‬
‫ن ك ُل ّبهِ وَل َبوْ ك َبرِهَ‬ ‫دي ِ‬‫حبقّ ل ِي ُظ ْهِبَرهُ عَل َببى الب ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ْ‬
‫ِبالهُبد َىَ وَِديب ِ‬
‫ن‬
‫كو َ‬ ‫شبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببرِ ُ‬ ‫م ْ‬‫ال ْ ُ‬
‫يقول تعالى‪ :‬يريد هببؤلء الكفببار مببن المشببركين وأهببل‬
‫الكتاب }أن يطفئوا نور الله{ أي ما بعث بببه رسببول اللببه‬
‫صببلى اللببه عليببه وسببلم مببن الهببدى وديببن الحببق بمجببرد‬
‫جدالهم وافببترائهم فمثلهببم فببي ذلببك كمثببل مببن يريببد أن‬
‫يطفىء شعاع الشمس أو نور القمر بنفخه وهببذا ل سبببيل‬
‫إليه فكذلك مببا أرسببل بببه رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم لبد أن يتم ويظهر ولهذا قال تعالى مقابل ً لهم فيما‬
‫رامببوه وأرادوه‪} :‬ويببأبى اللببه إل أن يتببم نببوره ولببو كببره‬
‫الكافرون{ والكافر هو الذي يستر الشببيء ويغطيببه ومنببه‬
‫سمي الليل كافرا ً لنه يسببتر الشببياء والببزارع كببافرا ً لنببه‬
‫يغطي الحب في الرض كما قال }يعجب الكفار نباته{ ثم‬
‫قال تعالى }هو الذي أرسل رسوله بالهبدى وديبن الحبق{‬
‫فالهدى هو مبا جباء ببه مبن الخببارات الصبادقة واليمبان‬

‫‪43‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الصحيح والعلم النافع ودين الحببق هببي العمببال الصببالحة‬
‫لخبببببببرة‪.‬‬ ‫الصبببببببحيحة النافعبببببببة فبببببببي البببببببدنيا وا َ‬
‫}ليظهره على الدين كلببه{ أي علببى سببائر الديببان كمببا‬
‫ثبت في الصحيح عن رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫أنببه قببال‪» :‬إن اللببه زوى لببي الرض مشببارقها ومغاربهببا‬
‫وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها«‪ ,‬وقال المببام أحمببد‪:‬‬
‫حدثنا محمد بببن جعفببر حببدثنا شببعبة عببن محمببد بببن أبببي‬
‫يعقوب سمعت شقيق بببن حيببان يحببدث عببن مسبعود بببن‬
‫قبيصة أو قبيصة بن مسعود يقببول‪ :‬صببلى هببذا الحببي مببن‬
‫محارب الصبح فلما صلوا قال شاب منهم‪ :‬سمعت رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬إنه ستفتح لكم مشارق‬
‫الرض ومغاربها‪ ,‬وإن عمالها فببي النببار إل مببن اتقببى اللبه‬
‫وأدى المانة«‪ ,‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو المغيرة حببدثنا‬
‫صفوان حدثنا سليم بن عامر عن تميم الداري رضببي اللببه‬
‫عنه قال‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقببول‬
‫»ليبلغن هذا المر ما بلغ الليل والنهار‪ ,‬ول يترك اللببه بيببت‬
‫ل‪ ,‬عزا ً‬‫مدر ول وبر إل أدخله هذا الدين يعز عزيزا ً ويذل ذلي ً‬
‫يعز الله به السلم وذل ً يذل الله بببه الكفببر« فكببان تميببم‬
‫الداري يقول‪ :‬قد عرفت ذلك أهببل بيببتي لقببد أصبباب مببن‬
‫أسلم منهم الخير والشرف والعببز ولقببد أصبباب مببن كببان‬
‫كبببببببافرا ً منهبببببببم البببببببذل والصبببببببغار والجزيبببببببة‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا يزيد بن عبببد ربببه حببدثنا الوليببد‬
‫بن مسلم حدثني ابن جابر سببمعت سببليم بببن عببامر قببال‬
‫سمعت المقداد بن السود يقول سمعت رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم يقول »ل يبقى على وجه الرض بيت مدر‬
‫ول وبر إل دخلته كلمة السلم يعز عزيببزًا‪ ,‬ويببذل ذليل ً إمببا‬
‫يعزهم الله فيجعلهم من أهلها‪ ,‬وإما يببذلهم فيببدينون لهببا«‬
‫وفي المسند أيضا ً حدثنا محمد بن أبي عدي عن ابن عببون‬
‫عن ابن سيرين عن أبي حذيفة عن عدي بن حبباتم سببمعه‬
‫يقول دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‪:‬‬
‫»يا عدي أسلم تسلم« فقلت إني من أهل دين قال‪» :‬أنببا‬
‫أعلم بدينك منك« فقلببت أنببت أعلببم بببديني منببي ؟ قببال‪:‬‬

‫‪44‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫»نعم ألست مببن الركوسببية وأنببت تأكببل مرببباع قومببك ؟‬
‫قلت‪ :‬بلى! قال‪» :‬فإن هذا ل يحببل لببك فببي دينببك« قببال‪:‬‬
‫فلم يعد أن قالها فتواضعت لها‪ ,‬قال‪» :‬أمببا إنببي أعلببم مببا‬
‫الذي يمنعك من السلم‪ ,‬تقببول إنمببا اتبعببه ضببعفة النبباس‬
‫ومن ل قوة له وقد رمتهم العرب أتعرف الحيرة ؟« قلببت‬
‫لم أرها وقببد سببمعت بهببا‪ ,‬قببال‪» :‬فببو الببذي نفسببي بيببده‬
‫ليتمن الله هذا المر حتى تخرج الظعينة من الحيببرة حببتى‬
‫تطوف بالبيت من غير جوار أحد ولتفتحن كنوز كسرى بن‬
‫هرمز« قلت‪ :‬كسرى بن هرمز ؟ قببال‪» :‬نعببم كسببرى بببن‬
‫هرمز‪ ,‬وليبذلن المال حبتى ل يقبلبه أحببد« قبال عببدي ببن‬
‫حاتم‪ :‬فهذه الظعينة تخرج من الحيرة فتطوف بالبيت مببن‬
‫غير جوار أحببد‪ ,‬ولقببد كنببت فيمببن فتببح كنببوز كسببرى بببن‬
‫هرمز‪ ,‬والذي نفسي بيده لتكونن الثالثببة لن رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم قد قالهببا‪ .‬وقببال مسببلم‪ :‬حببدثنا أبببو‬
‫معن زيد بن يزيد الرقاشي حدثنا خالد بببن الحببارث حببدثنا‬
‫عبد الحميد بن جعفر عن السود بن العلء عن أبي سببلمة‬
‫عن عائشة رضي اللببه عنهببا قببالت‪ :‬سببمعت رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬ل يذهب الليل والنهار حببتى‬
‫تعبد اللت والعزى« فقلت‪ :‬يا رسول الله إن كنببت لظببن‬
‫حين أنزل الله عز وجل }هو الذي أرسببل رسببوله بالهببدى‬
‫لية‪ ,‬أن ذلك تببام‪ ,‬قببال‪» :‬إنببه سببيكون مببن‬‫ودين الحق{ ا َ‬
‫ذلك مببا شباء اللبه عبز وجببل‪ ,‬ثبم يبعبث اللبه ريحبا ً طيببة‬
‫فيتوفى كل من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمببان‬
‫فيبقببى مببن ل خيببر فيببه فيرجعببون إلببى ديببن آبببائهم«‪.‬‬

‫ْ‬ ‫** يأ َ‬
‫ن‬‫ن ل ََيبأك ُُلو َ‬ ‫ِ‬ ‫با‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫وال‬
‫ِ َ ّ‬ ‫ر‬ ‫با‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ثير‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ن‬‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫نو‬ ‫ُ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫آ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ذي‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ها‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬‫ل الل ّبهِ َوال ّب ِ‬ ‫س بِبي ِ‬‫ن عَببن َ‬ ‫دو َ‬ ‫صب ّ‬ ‫ل وَي َ ُ‬ ‫س ِبال َْباط ِب ِ‬ ‫ل الّنا ِ‬ ‫وا َ‬ ‫م َ‬‫أ ْ‬
‫ل الّلبب ِ‬
‫ه‬ ‫سببِبي ِ‬‫فُقون ََهببا ِفببي َ‬ ‫ة وَل َ ُين ِ‬ ‫ضبب َ‬ ‫ب َوال ِْف ّ‬ ‫ن الببذ ّهَ َ‬ ‫ي َك ِْنببُزو َ‬
‫ذاب أ َ‬
‫م‬ ‫جهَن ّب َ‬ ‫ى عَل َي ْهَببا فِببي ن َببارِ َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫*‬ ‫ٍ‬ ‫م‬ ‫لي‬
‫ِ‬ ‫م ب ِعَ َ ٍ‬ ‫شْرهُ ْ‬ ‫فَب َ ّ‬
‫م‬ ‫مببا ك َن َْزت ُب ْ‬
‫ذا َ‬ ‫هـ ب َ‬ ‫م َ‬‫م وَظ ُهُببوُرهُ ْ‬ ‫جنببوب ُهُ ْ‬ ‫م وَ ُ‬ ‫جب َبباهُهُ ْ‬ ‫فَت ُك ْوَىَ ب ِهَببا ِ‬
‫م ت َك ِْنبببببببُزو َ‬
‫ن‬ ‫كنُتببببببب ْ‬ ‫مبببببببا ُ‬ ‫ذوُقوا ْ َ‬ ‫م َفببببببب ُ‬ ‫سبببببببك ُ ْ‬ ‫لن ُْف ِ‬

‫‪45‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال السدي‪ :‬الحبار من اليهود والرهبببان مببن النصببارى‬
‫وهو كما قال فإن الحبار هم علماء اليهود كما قال تعالى‪:‬‬
‫}لول ينهاهم الربانيون والخبار عببن قببولهم الثببم وأكلهببم‬
‫السحت{ والرهبان عباد النصبارى والقسيسبون علمباؤهم‬
‫كمببا قببال تعببالى‪} :‬ذلببك بببأن منهببم قسيسببين ورهبان بًا{‬
‫والمقصود التحذير من علمبباء السببوء وعببباد الضببلل كمببا‬
‫قال سفيان بن عيينة‪ :‬من فسد من علمائنا كان فيبه شببه‬
‫مببن اليهببود‪ ,‬ومببن فسببد مببن عبادنببا كببان فيببه شبببه مببن‬
‫النصارى‪ .‬وفي الحديث الصحيح »لببتركبن سببنن مببن كببان‬
‫قبلكم حذو القذة بالقذة« قالوا‪ :‬اليهود والنصببارى ؟ قببال‪:‬‬
‫»فمن« ؟ وفي رواية فارس والروم‪ ,‬قببال‪» :‬فمبن النبباس‬
‫إل هؤلء ؟« والحاصل التحذير من التشبه بهم في أقوالهم‬
‫وأحببوالهم ولهببذا قببال تعببالى‪} :‬ليببأكلون أمببوال النبباس‬
‫بالباطل ويصبدون عبن سببيل اللبه { وذلبك أنهبم يبأكلون‬
‫الببدنيا بالببدين ومناصبببهم ورياسببتهم فببي النبباس يببأكلون‬
‫أموالهم بذلك كما كان لحبببار اليهببود علببى أهببل الجاهليببة‬
‫شرف ولهم عندهم خرج وهدايا وضرائب تجيء إليهم فلما‬
‫بعث الله رسوله صببلى اللببه عليببه وسببلم اسببتمروا علببى‬
‫ضللهم وكفرهم وعنادهم طمعا ً منهم أن تبقببى لهببم تلببك‬
‫الرياسات فأطفأها الله بنور النبوة وسلبهم إياها وعوضهم‬
‫البببذل والصبببغار وبببباءوا بغضبببب مبببن اللبببه تعبببالى‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ويصدون عببن سبببيل اللببه{ أي وهببم مببع‬
‫أكلهم الحرام يصببدون النبباس عببن اتببباع الحببق ويلبسببون‬
‫الحق بالباطببل ويظهببرون لمببن اتبعهببم مببن الجهلببة أنهببم‬
‫يدعونه إلى الخير وليسوا كما يزعمون بل هببم دعبباة إلببى‬
‫النار ويوم القيامببة ل ينصببرون‪ .‬وقببوله‪} :‬والببذين يكنببزون‬
‫الببذهب والفضببة ول ينفقونهببا فببي سبببيل اللببه فبشببرهم‬
‫بعذاب أليم{‪ ,‬هؤلء هم القسم الثالث مببن رؤوس النبباس‬
‫فإن الناس عالة على العلماء وعلببى العببباد وعلببى أرببباب‬
‫الموال فإذا فسدت أحوال هببؤلء فسببدت أحببوال النبباس‬
‫كمبببببببببببببا قبببببببببببببال اببببببببببببببن المببببببببببببببارك‪:‬‬
‫وهبببل أفسبببد البببدين إل الملوكوأحببببار سبببوء ورهبانهبببا‬

‫‪46‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وأما الكنز فقال مالك عن عبببد اللببه بببن دينببار عببن ابببن‬
‫عمر هو المال الذي ل يؤدى زكبباته‪ ,‬وروى الثببوري وغيببره‬
‫دي زكبباته‬ ‫ُ‬
‫عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمببر قببال‪ :‬مببا أ ّ‬
‫فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرضين وما كببان ظبباهرا ً ل‬
‫تؤدى زكاته فهو كنز‪ ,‬وقد روي هذا عن ابن عببباس وجببابر‬
‫وأبي هريرة موقوفبا ً ومرفوعبًا‪ ,‬وقببال عمببر بببن الخطبباب‬
‫نحوه أيما مال أديت زكاته فليببس بكنببز وإن كببان مببدفونا ً‬
‫في الرض‪ ,‬وأيما مال لببم تببؤد زكبباته فهببو كنببز يكببوى بببه‬
‫صبباحبه وإن كببان علببى وجببه الرض‪ ,‬وروى البخبباري مببن‬
‫حديث الزهري عن خالد بن أسلم قال‪ :‬خرجنا مع عبد الله‬
‫بن عمر فقال‪ :‬هذا قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلبت جعلهبا‬
‫الله طهرة للموال‪ ,‬وكذا قال عمر بن عبد العزيز وعببراك‬
‫بن مالك نسخها قوله تعالى‪} :‬خببذ مببن أمببوالهم صببدقة{‬
‫ا َ‬
‫ليببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬
‫وقال سعيد بن محمد بن زياد عن أبببي أمامببة أنببه قببال‪:‬‬
‫حلية السيوف من الكنببز‪ .‬مببا أحببدثكم إل مببا سببمعت مببن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وقببال الثببوري عببن أبببي‬
‫حصين عن أبي الضببحى عببن جعببدة بببن هبببيرة عببن علببي‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬أربعة آلف فما دونها نفقببة فمببا كببان‬
‫أكثر من ذلك فهببو كنببز وهببذا غريببب وقببد جبباء فببي مببدح‬
‫التقلببل مببن الببذهب والفضببة وذم التكببثر منهمببا أحبباديث‬
‫كثيرة‪ .‬ولنورد منها هنا طرفا يببدل علببى الببباقي قببال عبببد‬
‫الرزاق‪ :‬أخبرنا الثوري أخبرني أبو حصين عن أبي الضببحى‬
‫عن جعدة بن هبيرة عن علي رضبي اللبه عنببه فببي قبوله‪:‬‬
‫لية‪ .‬قببال النبببي‪» :‬تب با ً‬
‫}والذين يكنزون الذهب والفضة{ ا َ‬
‫للببذهب تببا ً للفضببة« يقولهببا ثلثبا ً قببال فشببق ذلببك علببى‬
‫أصحاب رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم وقببالوا‪ :‬فببأي‬
‫مال نتخذ ؟ فقال عمر رضي الله عنه أنا أعلببم لكببم ذلببك‬
‫فقال‪ :‬يا رسول الله إن أصحابك قببد شببق عليهببم وقببالوا‪:‬‬
‫فأي المال نتخذ قال‪» :‬لسبانا ً ذاكببرا ً وقلببا ً شبباكرا ً وزوجبة‬
‫تعيببببببببببببن أحببببببببببببدكم علببببببببببببى دينببببببببببببه«‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫)حديث آخر( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الله بببن عمببرو‬
‫بن مرة عن أبي محمد جعفر حدثنا شعبة حدثني سالم بن‬
‫عبد الله أخبرنا عبد الله بن أبي الهذيل حدثني صاحب لببي‬
‫أن رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم قببال »تببا ً للببذهب‬
‫والفضة« قال وحدثني صبباحبي أنببه انطلببق مببع عمببر بببن‬
‫الخطاب فقال‪ :‬يا رسول الله قولك‪» :‬تبا ً للذهب والفضة«‬
‫مبباذا نببدخر ؟ قببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪:‬‬
‫لخببرة«‪.‬‬ ‫»لسانا ً ذاكببرا ً وقلببا ً شبباكرا ً وزوجببة تعيببن علببى ا َ‬
‫)حديث آخر( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا وكيع حدثنا عبد الله‬
‫بن عمرو بن مرة عن أبيه عن سالم بببن أبببي الجعببد عببن‬
‫ثوبان قال‪ :‬لما نزل في الذهب والفضة ما نزل قالوا‪ :‬فأي‬
‫المال نتخذ ؟ قال عمر‪ :‬فأنا أعلم لكم ذلببك فأوضببع علببى‬
‫بعير فأدركه وأنا في أثره فقال‪ :‬يا رسببول اللببه أي المببال‬
‫نتخذ ؟ قال‪» :‬قلبا ً شاكرا ً ولسانا ً ذاكرا ً وزوجة تعين أحدكم‬
‫لخرة« ورواه الترمذي وابن ماجه من غير وجبه‬ ‫على أمر ا َ‬
‫عن سالم بن أبي الجعد وقال الترمذي حسن‪ ,‬وحكي عببن‬
‫البخاري أن سالما ً لم يسمعه من ثوبان قلببت‪ :‬ولهببذا رواه‬
‫بعضببببببببهم عنببببببببه مرسبببببببب ً‬
‫ل‪ ,‬واللببببببببه أعلببببببببم‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبببي حببدثنا حميببد‬
‫بن مالك حدثنا يحيى بن يعلى المحاربي حببدثنا أبببي حببدثنا‬
‫غيلن بن جامع المحباربي عبن عثمبان أببي اليقظبان عبن‬
‫جعفر بن أبي إياس عن مجاهد عن ابببن عبباس قبال‪ :‬لمبا‬
‫لية }والذين يكنزون الببذهب والفضببة{ ا َ‬
‫ليببة‪,‬‬ ‫نزلت هذه ا َ‬
‫كبر ذلك على المسلمين وقالوا‪ :‬مببا يسببتطيع أحببد منببا أن‬
‫يترك لولده مال ً يبقى بعببده فقببال عمببر‪ :‬أنببا أفببرج عنكببم‬
‫فانطلق عمر واتبعببه ثوبببان فببأتى النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم فقال‪ :‬يا نبي الله إنببه قببد كبببر علببى أصببحابك هببذه‬
‫لية‪ ,‬فقال رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬إن اللببه‬ ‫ا َ‬
‫لم يفرض الزكاة إل ليطيب بها ما بقي من أموالكم وإنمببا‬
‫فرض المواريث من أموال تبقى بعدكم« قال فكبببر عمببر‬
‫ثم قال له النبي صلى الله عليه وسبلم‪» :‬أل أخببرك بخيبر‬
‫ما يكنز المرء ؟ المرأة الصالحة التي إذا نظر إليها سببرته‪,‬‬

‫‪48‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته« ورواه أبببو داود‬
‫والحاكم في مستدركه وابن مردويه من حديث يحيببى بببن‬
‫يعلى به وقال الحاكم‪ :‬صحيح على شرطهما ولم يخرجبباه‪.‬‬
‫)حببديث آخببر( قببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا روح حببدثنا‬
‫الوزاعي عن حسان بن عطية قال‪ :‬كببان شببداد بببن أوس‬
‫رضي الله عنه في سببفر فنببزل منببزل ً فقببال لغلمببه ائتنببا‬
‫بالشفرة نعبث بها فأنكرت عليه فقال‪ :‬مببا تكلمببت بكلمببة‬
‫منذ أسلمت إل وأنا أخطمهببا وأزمهبا غيبر كلمبتي هبذه فل‬
‫تحفظوها علي واحفظوا ما أقول لكم سمعت رسول اللببه‬
‫صببلى اللببه عليببه وسببلم يقببول‪» :‬إذا كنببز النبباس الببذهب‬
‫والفضة فاكنزوا هؤلء الكلمات‪ :‬اللهم إني أسببألك الثبببات‬
‫فبي المبر والعزيمبة علبى الرشبد وأسبألك شبكر نعمتبك‬
‫وأسألك حسن عبادتك وأسألك قلبا ً سليما ً وأسببألك لسببانا ً‬
‫صادقا ً وأسألك من خير ما تعلببم‪ ,‬وأعببوذ ببك مببن شببر مببا‬
‫تعلببم وأسببتغفرك لمببا تعلببم إنببك أنببت علم الغيببوب«‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها‬
‫جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لنفسكم فذوقوا‬
‫ما كنتم تكنزون{ أي يقال لهم هببذا الكلم تبكيت با ً وتقريع با ً‬
‫وتهكما ً كما في قوله }ثببم صبببوا فببوق رأسببه مببن عببذاب‬
‫الحميم * ذق إنك أنت العزيز الكريم{ أي هذا بببذاك وهببذا‬
‫الذي كنتم تكنزون لنفسكم ولهببذا يقببال مببن أحببب شببيئا ً‬
‫وقدمه على طاعة الله عذب به وهؤلء لما كان جمع هببذه‬
‫الموال آثر عندهم من رضا الله عنهم عذبوا بها كمببا كببان‬
‫أبو لهب لعنه الله جاهدا ً في عداوة رسول الله صلى اللببه‬
‫عليه وسلم وامرأته تعينه في ذلك كانت يوم القيامة عون با ً‬
‫على عذابه أيضا ً في جيدها أي عنقهببا حبببل مببن مسببد أي‬
‫تجمع من الحطب في النار وتلقي عليببه ليكببون ذلببك أبلببغ‬
‫في عذابه ممن هو أشببفق عليببه فببي الببدنيا كمببا أن هببذه‬
‫الموال لما كببانت أعببز الشببياء علببى أربابهببا كببانت أضببر‬
‫لخرة فيحمى عليها في نار جهنم‬ ‫الشياء عليهم في الدار ا َ‬
‫وناهيك بحرهافتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم‪ .‬قببال‬
‫سفيان عن العمش عن عبد الله بن عمرو بببن مببرة عببن‬

‫‪49‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مسروق عن عبد الله بببن مسببعود‪ :‬والببذي ل إلببه غيببره ل‬
‫يكوى عبد يكنز فيمس دينار دينارا ً ول درهم درهمببا ً ولكببن‬
‫يوسع جلده فيوضع كل دينار ودرهم على حدته‪ ,‬وقببد رواه‬
‫ابن مردويه عن أبي هريرة مرفوعا ً ول يصببح رفعببه واللببه‬
‫أعلبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ابن طاوس عببن أبيببه‬
‫قببال‪ :‬بلغنببي أن الكنببز يتحببول يببوم القيامببة شببجاعا ً يتبببع‬
‫صاحبه وهو يفر منه ويقول‪ :‬أنا كنزك ل يدرك منه شيئا ً إل‬
‫أخذه‪ .‬وقال المام أبو جعفر ابن جريببر حببدثنا بشببر حببدثنا‬
‫يزيد حدثنا سعيد عن قتادة عن سالم ببن أببي الجعبد عبن‬
‫معدان بن أبي طلحة عن ثوبان أن رسول الله صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم كان يقول »من ترك بعده كنببزا ً مثببل لببه يببوم‬
‫القيامة شجاعا ً أقرع له زبيبتان يتبعه ويقول‪ :‬ويلك ما أنت‬
‫؟ فيقول‪ :‬أنا كنزك الذي تركته بعدك ول يزال يتبعببه حببتى‬
‫يلقمه يده فيقضمها ثببم يتبعهببا سببائر جسببده« ورواه ابببن‬
‫حبان في صحيحه من حديث يزيد عن سعيد به وأصل هبذا‬
‫الحديث في الصحيحين من رواية أببي الزنبباد عبن العببرج‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنببه‪ ,‬وفببي صببحيح مسببلم مببن‬
‫حديث سهيل بن أبي صالح عببن أبيببه عببن أبببي هريببرة أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قببال‪» :‬مببا مببن رجببل ل‬
‫يؤدي زكاة ماله إل جعل له يببوم القيامببة صببفائح مببن نببار‬
‫فيكوى بهببا جنبببه وجبهتببه وظهببره فببي يببوم كببان مقببداره‬
‫خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العببباد ثببم يببرى سبببيله‬
‫إما إلى الجنة وإما إلى النار« وذكببر تمببام الحببديث‪ .‬وقببال‬
‫لية حدثنا قتيبة بن سببعيد حببدثنا‬ ‫البخاري في تفسير هذه ا َ‬
‫جرير عن حصين عن زيد بن وهب قال‪ :‬مررت علببى أبببي‬
‫ذر بالرببببببذة فقلبببببت مبببببا أنزلبببببك بهبببببذه الرض ؟‪.‬‬
‫قال كنا بالشام فقرأت }والذين يكنزون الذهب والفضببة‬
‫ول ينفقونها في سبيل الله فبشببرهم بعببذاب أليببم{ فقببال‬
‫معاوية ما هذه فينا ما هذه إل في أهل الكتاب‪ ,‬قال‪ :‬قلببت‬
‫إنهببا لفينببا وفيهببم ورواه ابببن جريببر مببن حببديث عبببثر بببن‬
‫القاسم عن حصين عن زيد بببن وهببب عببن أبببي ذر رضببي‬

‫‪50‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله عنه فذكره وزاد فارتفع فببي ذلببك بينببي وبينببه القببول‬
‫ي عثمان أن أقبل إليه‬ ‫فكتب إلى عثمان يشكوني فكتب إل ّ‬
‫قال فأقبلت إليه فلما قدمت المدينة ركبني النبباس كببأنهم‬
‫لم يروني قبل يومئذ فشكوت ذلك إلى عثمان فقببال لببي‪:‬‬
‫تنح قريبا ً قلت‪ :‬والله لن أدع ما كنت أقول )قلت( كان من‬
‫مذهب أبي ذر رضي الله عنببه تحريببم ادخببار مببا زاد علببى‬
‫نفقة العيال وكان يفتي بببذلك ويحثهببم عليببه ويببأمرهم بببه‬
‫ويغلظ في خلفه فنهاه معاوية فلم ينتببه فخشببي أن يضببر‬
‫الناس في هذا فكتب يشكوه إلببى أميببر المببؤمنين عثمببان‬
‫وأن يأخببذه إليببه فاسببتقدمه عثمببان إلببى المدينببة وأنزلببه‬
‫بالّربذة وحده وبها مات رضي الله عنه في خلفة عثمببان‪.‬‬
‫وقد اختبره معاوية رضي الله عنه وهببو عنببده هببل يوافببق‬
‫عمله قوله فبعث إليه بببألف دينببار ففرقهببا مببن يببومه ثببم‬
‫بعث إليه الذي أتاه بها فقببال إن معاويببة إنمببا بعثنببي إلببى‬
‫غيرك فأخطأت فهببات الببذهب فقببال ويحببك إنهببا خرجببت‬
‫ولكن إذا جاء مالي حاسبناك به وهكذا روى علي بببن أبببي‬
‫طلحة عن ابن عباس أنها عامببة وقببال السببدي‪ :‬هببي فببي‬
‫أهل القبلة وقال الحنف بن قيس قدمت المدينة فبينببا أنببا‬
‫في حلقة فيها مل من قريش إذ جاء رجببل أخشببن الثيبباب‬
‫أخشببن الجسببد أخشببن الببوجه فقببام عليهببم فقببال‪ :‬بشببر‬
‫الكنازين برضف يحمى عليه فببي نببار جهنببم فيوضببع علببى‬
‫حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفه ويوضع علببى‬
‫نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه يببتزلزل قببال فوضببع‬
‫القوم رؤوسهم فما رأيت أحدا ً منهم رجببع إليببه شببيئا ً قببال‬
‫وأدبر فاتبعته حتى جلس إلى سارية فقلت‪ :‬ما رأيت هؤلء‬
‫إل كرهوا ما قلت لهببم‪ ,‬فقببال‪ :‬إن هببؤلء ل يعلمببون شببيئا ً‬
‫وفي الصحيح أن رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم قببال‬
‫لبي ذر‪» :‬ما يسرني أن عندي مثببل أحببد ذهب با ً يمببر عل ب ّ‬
‫ي‬
‫ثلثة أيام وعندي منه شيء إل دينببار أرصببده لببدين« فهببذا‬
‫واللببه أعلببم هببو الببذي حببدا بببأبي ذر علببى القببول بهببذا‪.‬‬
‫وقال المام أحمد حدثنا عفان حببدثنا همببام حببدثنا قتببادة‬
‫عن سعيد بن أبي الحسن عن عبد الله بن الصامت رضببي‬

‫‪51‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله عنه أنه كان مع أبببي ذر فخببرج عطبباؤه ومعببه جاريببة‬
‫فجعلت تقضي حببوائجه ففضببلت معهببا سبببعة فأمرهببا أن‬
‫تشتري بببه فلوس با ً قببال‪ :‬قلببت لببو ادخرتببه لحاجببة بيوتببك‬
‫ي أن أيما ذهب أو‬ ‫وللضيف ينزل بك قال إن خليلي عهد إل ّ‬
‫فضة أوكىء عليه فهو جمر على صاحبه حببتى يفرغببه فببي‬
‫سبيل الله عز وجبل‪ .‬ورواه عببن يزيبد عببن همببام بببه وزاد‬
‫إفراغببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببًا‪.‬‬
‫وقال الحافظ ابن عساكر بسنده إلى أبببي بكببر الشبببلي‬
‫في ترجمته عن محمد بن مهدي حدثنا عمر بن أبي سلمة‬
‫عن صدقة بن عبد الله عن طلحة بن زيد عببن أبببي فببروة‬
‫الرهاوي عن عطاء عن أبي سببعيد رضببي اللببه عنببه قببال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬الببق اللبه فقيبرًا‪,‬‬
‫ول تلقه غنيًا« قال‪ :‬يا رسول الله كيف لببي بببذلك ؟ قببال‪:‬‬
‫»مببا سببئلت فل تمنببع‪ ,‬ومببا رزقببت فل تخبببىء« قببال‪ :‬يببا‬
‫رسول الله كيف لي بذلك ؟ قال رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليببه وسببلم‪» :‬هببو ذاك وإل فالنببار« إسببناده ضببعيف‪.‬‬
‫وقال المام أحمد حدثنا عفان حدثنا جعفببر بببن سببليمان‬
‫حدثنا عيينة عن يزيد بن الصرم قببال سببمعت علي با ً رضببي‬
‫الله عنه يقول مات رجل من أهل الصفة وترك دينارين أو‬
‫درهمين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬كيتببان‪,‬‬
‫صلوا على صاحبكم« وقد روي هذا من طرق أخببر‪ ,‬وقببال‬
‫قتادة عببن شببهر بببن حوشببب عببن أبببي أمامببة صببدي بببن‬
‫عجلن قال‪ :‬مات رجل من أهل الصببفة فوجببد فببي مئزره‬
‫دينار فقال رسول الله صلى الله عليببه وسببلم »كيببة« ثببم‬
‫توفي رجل في مئزره ديناران فقال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم »كيتان« وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي حببدثنا‬
‫أبو النضر إسحاق بن إبراهيم الفراديسي حدثنا معاوية بببن‬
‫يحيى الطرابلسي حدثني أرطاة حدثني أبو عامر الهوزني‬
‫سمعت ثوبان مولى رسبول اللبه صبلى اللبه عليبه وسبلم‬
‫قال‪» :‬ما من رجل يموت وعنده أحمببر أو أبيببض إل جعببل‬
‫الله بكل قيراط صفحة من نار يكوى بهببا مببن قببدمه إلببى‬
‫ذقنه« وقال الحافظ أبو يعلى‪ :‬حببدثنا محمببود بببن خببداش‬

‫‪52‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حدثنا سيف بببن محمببد الثببوري حببدثنا العمببش عببن أبببي‬
‫صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬ل يوضع البدينار علبى البدينار‪ ,‬ول‬
‫الدرهم على الدرهم ولكن يوسع جلده فيكوى بها جببباههم‬
‫وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لنفسكم فذوقوا ما كنتم‬
‫تكنبببببببزون« سبببببببيف هبببببببذا كبببببببذاب مبببببببتروك‪.‬‬

‫ب‬ ‫ش بْهرا ً فِببي ك ِت َببا ِ‬ ‫ش بَر َ‬ ‫عند َ الل ّهِ اث ْن َببا عَ َ‬


‫شُهورِ ِ‬ ‫عد ّةَ ال ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫** إ ِ ّ‬
‫ك‬ ‫م ذ َل ِب َ‬ ‫ح بُر ٌ‬ ‫ة ُ‬ ‫من ْهَببآ أ َْرب َعَ ب ٌ‬‫ض ِ‬‫ماَوات َوالْر َ‬ ‫سب َ‬ ‫خل َقَ ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫الل ّهِ ي َوْ َ‬
‫الدين ال َْقيم فَل َ تظ ْل ِموا ْ فيه َ‬
‫ن‬‫كي َ‬ ‫ش برِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م وَقَببات ُِلوا ْ ال ْ ُ‬ ‫سك ُ ْ‬‫ن أن ُْف َ‬ ‫ِ ِ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ّ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مت ِّقيب َ‬ ‫م بع َ ال ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّب َ‬ ‫مبوَا ْ أ ّ‬‫ة َواعْل َ ُ‬ ‫م َ‬
‫كآفّب ً‬ ‫ما ي َُقببات ُِلون َك ُ ْ‬‫ة كَ َ‬ ‫كآفّ ً‬‫َ‬
‫قال المام أحمببد حببدثنا إسببماعيل أخبرنببا أيببوب أخبرنببا‬
‫محمد بن سيرين عن أبي بكرة أن النبي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم خطب في حجته فقال‪» :‬أل إن الزمان قببد اسببتدار‬
‫كهيئته يوم خلق الله السموات والرض‪ ,‬السنة اثنببا عشببر‬
‫شهرا ً منها أربعة حرم ثلثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة‬
‫والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان« ثم قببال‬
‫»أي يوم هذا ؟« قلنا الله ورسوله أعلم فسكت حتى ظننا‬
‫أنه سيسميه بغير اسمه قال‪» :‬أليس يببوم النحببر ؟« قلنببا‬
‫بلى ثم قال‪» :‬أي شهر هببذا ؟« قلنببا اللببه ورسببوله أعلببم‬
‫فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال‪» :‬أليس ذا‬
‫الحجة ؟« قلنا بلى ثببم قببال‪» :‬أي بلببد هببذا ؟« قلنببا‪ :‬اللببه‬
‫ورسوله أعلم فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغيببر اسببمه‬
‫قال‪» :‬أليسببت البلببدة ؟« قلنببا بلببى قببال‪» :‬فببإن دمبباءكم‬
‫وأموالكم ب وأحسبه قال ب وأعراضكم عليكم حرام كحرمة‬
‫يومكم هذا فبي شبهركم هبذا فبي بلبدكم هبذا‪ .‬وسبتلقون‬
‫ربكم فيسببألكم عببن أعمببالكم أل ل ترجعببوا بعببدي ضببلل ً‬
‫يضرب بعضكم رقاب بعض أل هل بلغت ؟ أل ليبلغ الشاهد‬
‫منكم الغائب فلعل من يبلغه يكون أوعى له من بعض من‬
‫سمعه« رواه البخاري فببي التفسببير وغيببره‪ .‬ومسببلم مببن‬
‫حديث أيوب عن محمد وهو ابن سيرين عن عبببد الرحمببن‬

‫‪53‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن أبي بكرة عن أبيه به‪ ,‬وقد قال ابن جرير حببدثنا معمببر‬
‫حدثنا روح حدثنا أشعث عببن محمببد بببن سببيرين عببن أبببي‬
‫هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صلى اللببه عليببه وسبلم‪» :‬إن‬
‫الزمان قد اسببتدار كهيئتببه يببوم خلببق السببموات والرض‪,‬‬
‫وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا ً في كتبباب اللببه‬
‫يببوم خلببق السببموات والرض منهببا أربعببة حببرم‪ :‬ثلثببة‬
‫متواليات ب ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ب ورجببب مضببر‬
‫الذي بين جمادى وشببعبان« ورواه البببزار عببن محمببد بببن‬
‫معمببببببببببببببببببببببببببببببببببر بببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫ثم قال ل يروى عن أبي هريرة إل من هببذا الببوجه‪ ,‬وقببد‬
‫رواه ابن عون وقرة عن ابن سيرين عن عبد الرحمببن بببن‬
‫أبي بكرة عن أبيه به‪ ,‬وقال ابن جرير أيضا ً حدثني موسببى‬
‫بن عبد الرحمن المسببروقي حببدثنا زيببد بببن حببباب حببدثنا‬
‫موسى بن عبيدة الربذي حدثني صدقة بن يسار عببن ابببن‬
‫عمر قال‪ :‬خطب رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم فببي‬
‫حجة الوداع بمنى في أوسببط أيببام التشببريق فقببال »أيهببا‬
‫الناس إن الزمان قد استدار فهو اليببوم كهيئتببه يببوم خلببق‬
‫اللببه السببموات والرض وإن عببدة الشببهور عنببد اللببه اثنببا‬
‫عشر شهرا ً منها أربعة حرم أولهن رجب مضر بين جمادى‬
‫وشببعبان‪ ,‬وذو القعببدة وذو الحجببة والمحببرم« وروى ابببن‬
‫مردويه من حديث موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار‬
‫عن ابن عمر مثله أو نحوه وقال حمبباد بببن سببلمة حببدثني‬
‫علي بن زيد عن أبي حمزة الرقاشي عن عمه وكببانت لببه‬
‫صحبة قال‪ :‬كنت آخذا ً بزمام ناقة رسببول اللببه صبلى اللببه‬
‫عليه وسببلم فببي أوسببط أيببام التشببريق أذود النبباس عنببه‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‪» :‬أل إن الزمببان‬
‫قد استدار كهيئته يوم خلببق اللببه السببموات والرض‪ ,‬وإن‬
‫عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا ً في كتبباب اللبه يببوم‬
‫خلق السموات والرض منها أربعة حرم فل تظلمببوا فيهببن‬
‫أنفسكم« وقال سعيد بببن منصببور حبدثنا أبببو معاويبة عبن‬
‫الكلبي عن أبي صببالح عببن ابببن عببباس فببي قببوله }منهببا‬
‫أربعة حرم{ قال محببرم ورجببب وذو القعببدة وذو الحجببة‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث‪» :‬إن الزمان قببد‬
‫استدار كهيئته يببوم خلببق اللببه السببموات والرض« تقريببر‬
‫منه صلوات الله وسلمه عليه‪ ,‬وتثبيت للمر على ما جعله‬
‫الله ‪ ,‬في أول المر من غير تقديم ول تأخير‪ ,‬ول زيادة ول‬
‫نقص‪ ,‬ول نسيء ول تبديل كما قال في تحريببم مكببة‪» :‬إن‬
‫هذا البلببد حرمببه اللببه يببوم خلببق السببموات والرض فهببو‬
‫حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة« وهكذا قال ههنا‬
‫»إن الزمان قد استدار كهيئتببه يببوم خلببق اللببه السببموات‬
‫والرض« أي المر اليوم شرعا ً كمببا ابتببدع اللببه ذلببك فببي‬
‫كتبببببببببابه يبببببببببوم خلبببببببببق السبببببببببموات والرض‪.‬‬
‫وقد قال بعض المفسرين والمتكلمين على هذا الحببديث‬
‫إن المببراد بقببوله »قببد اسببتدار كهيئتببه يببوم خلببق اللببه‬
‫السموات والرض« أنه اتفق أن حج رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم في تلك السنة في ذي الحجة وأن العببرب قببد‬
‫كانت نسأت النسيء يحجببون فببي كببثير مببن السببنين بببل‬
‫أكثرها في غير ذي الحجة وزعمببوا أن حجببة الصببديق فببي‬
‫سنة تسع كانت في ذي القعدة وفي هذا نظر كمبا سبنبينه‬
‫إذا تكلمنا عن النسيء وأغرب منه ما رواه الطبببراني عببن‬
‫بعض السلف في جملة حببديث أنببه اتفببق حببج المسببلمين‬
‫واليهود والنصارى في يوم واحد وهو يوم النحر عببام حجببة‬
‫الببوداع واللببه اعلببم‪) .‬فصببل( ذكببر الشببيخ علببم الببدين‬
‫السخاوي في جببزء جمعبه سبماه }المشببهور فببي أسببماء‬
‫اليببام والشببهور{ أن المحببرم سببمي بببذلك لكببونه شببهرا ً‬
‫محرمًا‪ ,‬وعندي أنه سمي بذلك تأكيدا لتحريمه لن العببرب‬
‫كانت تتقلب به فتحله عاما ً وتحرمه عاما ً قال ويجمع علببى‬
‫محرمببات ومحببارم ومحبباريم‪ ,‬وصببفر سببمي بببذلك لخلببو‬
‫بيوتهم منهم حين يخرجببون للقتببال والسببفار يقببال صببفر‬
‫المكان إذا خل ويجمع على أصفار كجمل وأجمببال‪ ,‬وشببهر‬
‫ي بذلك لرتباعهم فيه والرتباع القامة فببي‬ ‫ربيع الول سم ّ‬
‫عمارة الربع ويجمع على أربعبباء كنصببيب وأنصببباء‪ ,‬وعلببى‬
‫لخر كالول‪ .‬جمببادى سببمي‬ ‫أربعة كرغيف وأرغفة‪ ,‬وربيع ا َ‬
‫بذلك لجمود الماء فيه‪ ,‬قال وكانت الشهور في حسابهم ل‬

‫‪55‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تدور‪ ,‬وفي هذا نظر إذ كانت شهورهم منوطببة بالهلببة فل‬
‫بد من دورانهببا فلعلهببم سببموه بببذلك أول مببا سببمي عنببد‬
‫جمببببود المبببباء فببببي البببببرد‪ ,‬كمببببا قببببال الشبببباعر‪:‬‬
‫وليلة مببن جمببادى ذات أنديببةل يبصببر العبببد فببي ظلمائهببا‬
‫الطنببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببا‬
‫ل ينبح الكلب فيهببا غيببر واحببدةحتى يلببف علببى خرطببومه‬
‫الببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببذنبا‬
‫ويجمببع علببى جماديببات كحبببارى وحباريببات وقببد يببذكر‬
‫لخرة‪.‬‬ ‫لخر وا َ‬ ‫ويؤنث فيقال جمادى الولى والول جمادى ا َ‬
‫رجببب مببن الببترجيب وهببو التعظيببم ويجمببع علببى أرجبباب‬
‫ورجبباب ورجبببات‪ .‬شببعبان مببن تشببعب القبببائل وتفرقهببا‬
‫للغارة ويجمع على شعابين وشعبانات‪ .‬رمضان مببن شببدة‬
‫الرمضبباء وهببو الحببر يقببال رمضببت الفصببال إذا عطشببت‬
‫ويجمع على رمضانات ورماضين وأرمضة قال‪ :‬وقببول مببن‬
‫قال إنه اسم من أسماء الله خطأ ل يعرج عليه ول يلتفببت‬
‫إليه‪ ,‬قلت‪ :‬قد ورد فيه حديث ولكنه ضعيف وبينته في أول‬
‫كتاب الصيام‪ .‬شوال من شالت البل بأذنابها للطراق قببال‬
‫ويجمببع علببى شببواول وشببواويل وشببوالت‪ .‬القعببدة بفتببح‬
‫القاف‪ ,‬قلت وكسرها‪ ,‬لقعودهم فيه عن القتببال والترحببال‬
‫ويجمع على ذوات القعدة‪ .‬الحجة بكسر الحاء قلت وفتحها‬
‫سمي بذلك لقامتهم الحج فيه‪ ,‬ويجمع على ذوات الحجببة‪,‬‬
‫أسماء اليام أولها الحد ويجمع على آحاد وأوحبباد ووجببود‪,‬‬
‫ثبم يبوم الثنيبن ويجمبع علبى أثبانين‪ ,‬الثلثباء يمبد ويبذكر‬
‫ويؤنث ويجمببع علببى ثلثبباوات وأثببالث‪ ,‬ثببم الربعبباء بالمببد‬
‫ويجمببع علببى أربعبباوات وأرابيببع والخميببس يجمببع علببى‬
‫أخمسة وأخامس ثم الجمعة بضم الميم وإسكانها وفتحهببا‬
‫أيضبا ً ويجمببع علببى جمببع وجماعببات‪ ,‬السبببت مببأخوذ مببن‬
‫السبببت وهببو القطببع لنتهبباء العببدد عنببده وكببانت العببرب‬
‫تسمي اليام أول ثم أهون ثم جبار ثم دبار ثم مببؤنس ثببم‬
‫العروبة ثم شيار‪ ,‬قال الشاعر من العرب العرببباء العاربببة‬
‫المتقببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببدمين‪:‬‬
‫أرجبببى أن أعيبببش وإن يوميببببأول أو ببببأهون أو جببببار‬

‫‪56‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أو التبببالي دببببار فبببإن أفتهفمبببؤنس أو عروببببة أو شبببيار‬
‫وقوله تعالى‪} :‬منها أربعة حرم{ فهذا مما كانت العببرب‬
‫أيضا ً في الجاهلية تحرمه وهو الذي كببان عليببه جمهببورهم‬
‫إل طائفة منهم يقال لهم البسل كانوا يحرمون من السببنة‬
‫ثمانية أشهر تعمقا ً وتشديدًا‪ ,‬وأما قوله »ثلثة متواليات ذو‬
‫القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى‬
‫وشعبان« فإنما أضافه إلى مضر ليبببين صببحة قببولهم فببي‬
‫رجب أنه الشهر الذي بيببن جمببادى وشببعبان ل كمببا تظنببه‬
‫ربيعة من أن رجب المحرم هو الشببهر الببذي بيببن جمببادى‬
‫وشببعبان ل كمببا تظنببه ربيعببة مببن أن رجببب المحببرم هببو‬
‫الشهر الذي بين شعبان وشوال وهو رمضببان اليببوم فبببين‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه رجب مضر ل رجب ربيعة‪ ,‬وإنما‬
‫كانت الشهر المحرمة أربعة ثلثة سرد وواحد فببرد‪ ,‬لجببل‬
‫أداء مناسك الحج والعمرة فحرم قبل أشببهر الحببج شببهرا ً‬
‫وهو ذو القعدة لنهم يقعدون فيه عن القتببال وحببرم شببهر‬
‫ذي الحجة لنهم يوقعون فيببه الحببج ويشببتغلون فيببه بببأداء‬
‫المناسك وحرم بعده شهرا ً آخر وهو المحرم ليرجعوا فيببه‬
‫إلى أقصى بلدهم آمنين‪ ,‬وحرم رجببب فببي وسببط الحببول‬
‫لجل زيارة البيت والعتمار به لمن يقدم إليه مببن أقصببى‬
‫جزيببرة العببرب فيببزوره ثببم يعببود إلببى وطنببه فيببه آمن بًا‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ذلك الدين القيم{ أي هذا هو الشرع المستقيم‬
‫من امتثال أمر الله فيما جعل من الشببهر الحببرم والحببذو‬
‫بها على ما سبق مببن كتبباب اللببه الول قببال تعببالى‪} :‬فل‬
‫تظلموا فيهن أنفسكم{ أي في هذه الشهر المحرمة لنها‬
‫آكد وأبلغ في الثم من غيرها كما أن المعاصببي فببي البلببد‬
‫الحرام تضاعف لقوله تعالى‪} :‬ومن يرد فيه بإلحبباد بظلببم‬
‫نذقه من عذاب أليم{ وكببذلك الشببهر الحببرام تغلببظ فيببه‬
‫لثام‪ ,‬ولهذا تغلظ فيه الدية في مذهب الشافعي وطائفببة‬ ‫ا َ‬
‫كثيرة من العلماء‪ ,‬وكذا في حببق مببن قتببل فببي الحببرم أو‬
‫قتل ذا محرم‪ ,‬وقال حماد بن سلمة عن علي بن زيد عببن‬
‫يوسف بن مهران عن ابن عباس في قببوله‪} :‬فل تظلمببوا‬
‫فيهن أنفسكم{ قال‪ :‬في الشهور كلها‪ ,‬وقال علي بن أبي‬

‫‪57‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫طلحة عن ابن عباس قوله‪} :‬إن عدة الشبهور عنببد اللبه{‬
‫لية‪ ,‬فل تظلموا فيهن أنفسكم في كلهن ثببم اختببص مببن‬ ‫ا َ‬
‫ذلك أربعة أشهر فجعلهن حرامبا ً وعظببم حرمبباتهن وجعببل‬
‫الذنب فيهن أعظم والعمببل الصببالح والجببر أعظببم وقببال‬
‫قتادة في قوله‪} :‬فل تظلمببوا فيهببن أنفسببكم{ إن الظلببم‬
‫في الشهر الحببرم أعظببم خطيئة ووزرا ً مببن الظلببم فيمببا‬
‫سواها‪ ,‬وإن كان الظلم على كل حببال عظيمبا ً ولكببن اللببه‬
‫يعظم من أمره ما يشاء‪ ,‬وقال إن الله اصطفى صفايا من‬
‫خلقببه‪ .‬اصببطفى مببن الملئكببة رس بل ً ومببن النبباس رس بل ً‬
‫واصبببطفى مبببن الكلم ذكبببره‪ ,‬واصبببطفى مبببن الرض‬
‫المساجد‪ .‬واصطفى من الشهور رمضان والشببهر الحببرم‬
‫واصطفى من اليبام يبوم الجمعبة واصبطفى مبن الليبالي‬
‫ليلة القدر فعظموا ما عظم الله‪ .‬فإنما تعظيم المببور بمببا‬
‫عظمها الله به عند أهل الفهم وأهل العقببل وقببال الثببوري‬
‫عن قيس بن مسلم عن الحسببن عببن محمببد بببن الحنفيببة‬
‫بان ل تحرموهن كحرمتهن وقال محمبد ببن إسبحاق‪} :‬فل‬
‫تظلمببوا فيهببن أنفسببكم{ أي ل تجعلببوا حرامهببا حلل ً ول‬
‫حللها حراما ً كما فعل أهببل الشببرك فإنمببا النسببيء الببذي‬
‫كانوا يصنعون من ذلك زيادة في الكفببر }يضببل بببه الببذين‬
‫ليبببة‪ ,‬وهبببذا القبببول اختيبببار اببببن جريبببر‪.‬‬‫كفبببروا{ ا َ‬
‫وقوله‪} :‬وقبباتلوا المشببركين كافببة{ أي جميعكببم }كمببا‬
‫يقبباتلونكم كافببة{ أي جميعهببم }واعلمببوا أن اللببه مببع‬
‫المتقين{ وقد اختلف العلماء في تحريم ابتداء القتال فببي‬
‫الشببهر الحببرام هببل هببو منسببوخ أو محكببم علببى قببولين‬
‫)أحدهما( وهو الشهر أنببه منسببوخ لنببه تعببالى قببال ههنببا‬
‫}فل تظلمببوا فيهببن أنفسببكم{ وأمببر بقتببال المشببركين‪,‬‬
‫وظاهر السياق مشعر بأنه أمر بذلك أمببرا ً عام با ً ولببو كببان‬
‫محرما ً في الشهر الحرام لوشك أن يقيده بانسلخها ولن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم حاصر أهل الطائف فببي‬
‫شهر حرام وهو ذو القعببدة كمببا ثبببت فبي الصبحيحين أنببه‬
‫خرج إلى هوازن في شوال فلما كسرهم واستفاء أموالهم‬
‫ورجببع فلهببم لجئوا إلببى الطببائف فعمببد إلببى الطببائف‬

‫‪58‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فحاصرهم أربعين يوما ً وانصببرف ولببم يفتتحهببا فثبببت أنببه‬
‫لخببر أن ابتببداء القتببال‬‫حاصر في الشهر الحرام والقببول ا َ‬
‫في الشببهر الحببرام حببرام وأنبه لبم ينسببخ تحريببم الشببهر‬
‫الحرام لقوله تعالى‪} :‬يا أيها الذين آمنببوا ل تحلببوا شببعائر‬
‫الله ول الشهر الحببرام{ وقببال‪} :‬الشببهر الحببرام بالشببهر‬
‫الحرام والحرمببات قصبباص فمببن اعتببدى عليكببم فاعتببدوا‬
‫ليببة‪ ,‬وقببال }فببإذا انسببلخ‬ ‫عليه بمثل ما اعتببدى عليكببم{ ا َ‬
‫الشهر الحرم فاقتلوا المشببركين{ ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬وقببد تقببدم أنهببا‬
‫الربعة المقررة في كل سنة ل أشببهر التسببيير علببى أحببد‬
‫القولين‪ .‬وأما قوله تعالى‪} :‬وقاتلوا المشببركين كافببة كمببا‬
‫يقاتلونكم كافة{ فيحتمل أنه منقطع عما قبلببه وأنببه حكببم‬
‫مسببتأنف ويكببون مببن ببباب التهييببج والتحضببيض أي كمببا‬
‫يجتمعون لحربكم إذا حاربوكم فاجتمعوا أنتم أيضا ً لهببم إذا‬
‫حاربتموهم وقاتلوهم بنظيببر مببايفعلون‪ ,‬ويحتمببل أنببه أذن‬
‫للمؤمنين بقتال المشركين فببي الشببهر الحببرام إذا كببانت‬
‫البداءة منهببم كمببا قببال تعببالى‪} :‬الشببهر الحببرام بالشببهر‬
‫الحرام والحرمات قصبباص{ وقببال تعببالى‪} :‬ول تقبباتلوهم‬
‫عنببد المسببجد الحببرام حببتى يقبباتلوكم فيببه فببإن قبباتلوكم‬
‫لية‪ ,‬وهكذا الجببواب عببن حصببار رسببول اللببه‬ ‫فاقتلوهم{ ا َ‬
‫صلى الله عليه وسلم أهببل الطببائف واستصببحابه الحصببار‬
‫إلى أن دخل الشهر الحببرام فببإنه مببن تتمببة قتببال هببوازن‬
‫وأحلفها من ثقيف فإنهم هم الذين ابتدءوا القتال وجمعببوا‬
‫الرجال ودعوا إلى الحرب والنزال فعندها قصدهم رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم فلما تحصنوا بالطائف‬
‫ذهب إليهم لينزلهبم مبن حصبونهم فنبالوا مبن المسبلمين‬
‫وقتلوا جماعة‪ ,‬واستمر الحصببار بالمجببانيق وغيرهببا قريب با ً‬
‫مببن أربعيببن يوم بًا‪ ,‬وكببان ابتببداؤه فببي شببهر حلل ودخببل‬
‫الشهر الحرام فاستمر فيه أياما ً ثم قفل عنهم لنببه يغتفببر‬
‫في الدوام ما ل يغتفر في البتببداء‪ ,‬وهببذا أمببر مقببرر ولببه‬
‫نظائر كثيرة والله أعلم‪ ,‬ولنذكر الحاديث الواردة في ذلك‬
‫وقببببد حررنببببا ذلببببك فببببي السببببيرة واللببببه أعلببببم‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫ن ك ََفبُروا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ب ِبهِ ال ّب ِ‬


‫ضب ّ‬ ‫يُء زَِياد َةٌ فِببي ال ْك ُْفبرِ ي ُ َ‬ ‫س َ‬‫ما الن ّ ِ‬ ‫** إ ِن ّ َ‬
‫م الل ّب ُ‬
‫ه‬ ‫حبّر َ‬ ‫مببا َ‬ ‫عبد ّةَ َ‬ ‫واط ُِئوا ْ ِ‬
‫عاما ً ل ّي ُب َ‬‫ه َ‬ ‫مون َ ُ‬‫حّر ُ‬‫عاما ً وَي ُ َ‬
‫ه َ‬ ‫حّلون َ ُ‬ ‫يُ ِ‬
‫َ‬
‫دي‬ ‫ه ل َ ي َهْ ب ِ‬ ‫م َوالل ّب ُ‬‫مال ِهِ ْ‬
‫سوَُء أعْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ن ل َهُ ْ‬
‫ه ُزي ّ َ‬‫م الل ّ ُ‬ ‫حّر َ‬ ‫ما َ‬‫حّلوا ْ َ‬ ‫فَي ُ ِ‬
‫ن‬‫ري َ‬‫كبببببببببببببببببببببببببببببافِ ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ال َْقبببببببببببببببببببببببببببببوْ َ‬
‫هذا مما ذم الله تعالى به المشببركين مببن تصببرفهم فببي‬
‫شرع الله بآرائهم الفاسدة‪ ,‬وتغييرهم أحكام الله بببأهوائهم‬
‫الباردة‪ ,‬وتحليلهم ما حرم اللبه وتحريمهبم مبا أحبل اللبه ‪,‬‬
‫فإنهم كان فيهم من القوة الغضبية والشهامة والحميببة مببا‬
‫استطالوا به مدة الشهر الثلثة فببي التحريببم المببانع لهببم‬
‫من قضاء أوطارهم من قتال أعدائهم‪ ,‬فكببانوا قببد أحببدثوا‬
‫قبببل السببلم بمببدة تحليببل المحببرم فببأخروه إلببى صببفر‬
‫فيحلون الشهر الحرام ويحرمببون الشببهر الحلل ليببواطئوا‬
‫عدة ما حرم الله الشهر الربعة كمببا قببال شبباعرهم وهببو‬
‫عميبببببر ببببببن قيبببببس المعبببببروف بجبببببذل الطعبببببان‪:‬‬
‫لقببد علمببت مع بد ّ بببأن قببوميكرام النبباس إن لهببم كرامببا‬
‫ألسببنا الناسببئين علببى معدشببهور الحببل نجعلهببا حرامببا‬
‫فأي النبباس لببم نببدرك بببوتروأي النبباس لببم نعلببك لجامببا‬
‫وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله‪} :‬إنما‬
‫النسببيء زيببادة فببي الكفببر{ قببال النسببيء أن جنببادة بببن‬
‫عوف بن أمية الكناني كان يوافي الموسببم فببي كببل عببام‬
‫وكان يكنى أبا ثمامة فينادي أل إن أبببا ثمامببة ل يجبباب ول‬
‫يعاب أل وإن صفر العببام الول العببام حلل فيحلببه للنبباس‬
‫فيحرم صفرا ً عاما ً ويحرم المحرم عام با ً فببذلك قببول اللببه‬
‫}إنما النسيء زيادة في الكفببر{ يقببول‪ :‬يببتركون المحببرم‬
‫عاما ً وعاما ً يحرمونه‪ ,‬وروى العوفي عن ابن عباس نحببوه‪,‬‬
‫وقال ليث بن أبي سليم عبن مجاهبد كبان رجبل مبن بنبي‬
‫كنانة يأتي كل عام إلى الموسم على حمار لببه فيقببول‪ :‬يببا‬
‫أيها الناس‪ :‬إني ل أعاب ول أجاب ول مببرد لمببا أقببول‪ ,‬إنببا‬
‫قد حرمنا المحرم وأخرنا صببفر‪ .‬ثببم يجيببء العببام المقبببل‬
‫بعببده فيقببول مثببل مقببالته ويقببول إنببا قببد حرمنببا صببفر‬
‫وأخرناالمحرم فهو قبوله }ليبواطئوا عبدة مبا حبرم اللبه{‬

‫‪60‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال يعني الربعة فيحلوا ما حرم اللببه لتببأخير هببذا الشببهر‬
‫الحرام‪ ,‬وروي عن أبي وائل والضببحاك وقتببادة نحببو هببذا‪,‬‬
‫وقببال عبببد الرحمببن بببن زيببد بببن أسبلم فببي قببوله }إنمببا‬
‫ليببة قببال هببذا رجببل مببن بنببي‬ ‫النسيء زيادة في الكفر{ ا َ‬
‫كنانة يقببال لببه القلمببس وكببان فببي الجاهليببة وكببانوا فببي‬
‫الجاهلية ل يغيببر بعضببهم علببى بعببض فببي الشببهر الحببرام‬
‫يلقى الرجل قاتل أبيه ول يمد إليه يده‪ ,‬فلما كان هببو قببال‬
‫اخرجوا بنا قالوا لببه هببذا المحببرم قببال ننسببئه العببام همببا‬
‫العببام صببفران‪ ,‬فببإذا كببان العببام القابببل قضببينا جعلناهمببا‬
‫محرمين‪ ,‬قال ففعل ذلك فلما كان عام قابل قال ل تغزوا‬
‫في صفر حرموه مع المحببرم همببا محرمببان‪ ,‬فهببذه صببفة‬
‫غريبة في النسيء وفيها نظر لنهم في عام إنما يحرمببون‬
‫على هذا ثلثة أشهر فقط وفي العام الببذي يليببه يحرمببون‬
‫خمسة أشهر فأين هببذا مببن قببوله تعببالى‪} :‬يحلببونه عامبا ً‬
‫ويحرمونه عاما ً ليواطئوا عدة ما حرم الله{ وقد روي عببن‬
‫مجاهد صفة أخرى غريبة أيضبا ً فقببال عبببد الببرزاق أخبرنببا‬
‫معمر عن أبي نجيح عببن مجاهببد فبي قبوله تعبالى‪} :‬إنمببا‬
‫لية‪ ,‬قال فرض الله عببز وجببل‬ ‫النسيء زيادة في الكفر{ ا َ‬
‫الحج فببي ذي الحجببة‪ ,‬قببال وكببان المشببركون يسببمون ذا‬
‫الحجببة المحببرم وصببفر وربيببع وربيببع وجمببادى وجمببادى‬
‫ورجب وشببعبان ورمضببان وشببوال ً وذا القعببدة وذا الحجببة‬
‫يحجون فيه مرة ثم يسكتون عن المحرم ول يببذكرونه ثببم‬
‫لخرة‪,‬‬‫يعودون فيسمون صفرًا‪ ,‬ثم يسمون رجب جمادى ا َ‬
‫ثم يسمون شعبان رمضان‪ ,‬ثم يسمون شوال ً رمضان‪ ,‬ثببم‬
‫ل‪ ,‬ثم يسمون ذا الحجببة ذا القعببدة‪,‬‬ ‫يسمون ذا القعدة شوا ً‬
‫ثم يسمون المحرم ذا الحجة فيحجون فيه واسمه عنببدهم‬
‫ذا الحجة‪ .‬ثم عادوا بمثل هذه الصبفة فكبانوا يحجبون فبي‬
‫لخببر مببن‬‫كل عام شهرين حتى إذا وافق حجببة أبببي بكببر ا َ‬
‫العامين في ذي القعببدة‪ ,‬ثببم حببج النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم حجته التي حج فوافق ذا الحجببة فببذلك حيببن يقببول‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم في خطبتببه‪» :‬إن الزمببان قببد‬
‫استدار كهيئتببه يببوم خلببق اللببه السببموات والرض« وهببذا‬

‫‪61‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الذي قاله مجاهد فيه نظر أيضا ً وكيف تصح حجة أبي بكببر‬
‫وقبببببد وقعبببببت فبببببي ذي القعبببببدة وأنبببببى هبببببذا ؟‪.‬‬
‫وقببد قببال اللببه تعببالى‪} :‬وأذان مببن اللببه ورسببوله إلببى‬
‫النبباس يببوم الحببج الكبببر أن اللببه بريببء مببن المشببركين‬
‫لية وإنما نودي به في حجببة أببي بكبر فلببو لبم‬ ‫ورسوله{ ا َ‬
‫تكن في ذي الحجة لما قال تعالى‪} :‬يوم الحج الكبببر{ ول‬
‫يلزم من فعلهم النسيء هذا الذي ذكره من دوران السببنة‬
‫عليهم وحجهم في كل شهر عببامين فببإن النسببيء حاصببل‬
‫بببدون هببذا فببإنهم لمببا كببانوا يحلببون شببهر المحببرم عامبا ً‬
‫يحرمون عوضه صفرا ً وبعده ربيع وربيببع إلببى آخببر السببنة‬
‫بحالها على نظامها وعدتها وأسماء شهورها ثم في السببنة‬
‫الثانية يحرمون المحرم ويتركونه على تحريمه وبعده صفر‬
‫وربيع وربيببع إلببى آخرهببا }يحلببونه عام با ً ويحرمببونه عام با ً‬
‫دة ما حرم الله فيحلببوا مببا حببرم اللببه{ أي فببي‬ ‫ليوطئوا ع ّ‬
‫تحريم أربعة أشهر من السنة إل أنهم تارة يقدمون تحريببم‬
‫الشهر الثببالث مببن الثلثببة المتواليببة وهببو المحببرم وتببارة‬
‫ينسئونه إلببى صببفر أي يببؤخرونه وقببد قببدمنا الكلم علببى‬
‫قوله صببلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬إن الزمببان قببد اسببتدار«‬
‫الحببديث أي إن المببر فببي عببدة الشببهور وتحريببم مببا هببو‬
‫محببرم منهببا علببى مببا سبببق فببي كتبباب اللببه مببن العببدد‬
‫والتوالي ل كما تعتمده جهلببة العببرب مببن فصببلهم تحريببم‬
‫بعضها بالنسيء عن بعض والله أعلم وقال ابن أبي حبباتم‪:‬‬
‫حدثنا صالح بن بشر بن سلمة الطبببراني حببدثنا مكببي بببن‬
‫إبراهيم حدثنا موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عببن‬
‫ابن عمر أنه قال‪ :‬وقف رسول الله صلى الله عليه وسببلم‬
‫بالعقبة فاجتمع إليه من شبباء اللببه مببن المسببلمين فحمببد‬
‫الله وأثنى عليه بما هو له أهل ثم قال‪» :‬إنما النسيء مببن‬
‫الشيطان زيادة في الكفر يضببل بببه الببذين كفببروا يحلببونه‬
‫عام با ً ويحرمببونه عام بًا« فكببانوا يحرمببون المحببرم عام با ً‬
‫ويسبببتحلون صبببفر ويسبببتحلون المحبببرم هبببو النسبببيء‪.‬‬
‫وقد تكلم المام محمد بن إسحاق علببى هببذا فببي كتبباب‬
‫السيرة كلما ً جيدا ً مفيدا ً حسنا ً فقببال‪ :‬كببان أول مببن نسببأ‬

‫‪62‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الشهور على العرب فأحل منها ما حرم الله وحرم منها ما‬
‫أحل الله عز وجل القلمس وهو حذيفة بن عبببد فقيببم بببن‬
‫عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانببة بببن‬
‫خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معببد بببن‬
‫عدنان‪ :‬ثم قام بعده على ذلك ابنه عباد ثم مببن بعببد عببباد‬
‫ابنه قلع بن عباد ثم ابنه أمية بببن قلببع ثببم ابنببه عببوف بببن‬
‫أمية ثم ابنه أبو ثمامة جنادة بن عوف وكان آخرهم وعليببه‬
‫قام السلم فكانت العرب إذا فرغت مببن حجهببا اجتمعببت‬
‫إليه فقام فيهم خطيبا ً فحبرم رجببا ً وذا القعبدة وذا الحجبة‬
‫ويحل المحرم عاما ً ويجعل مكانه صفر ويحرمببه ليببواطىء‬
‫عدة ما حرم الله فيحل ما حرم الله يعني ويحرم مببا أحببل‬
‫اللبببببببببببببببببببه ‪ .‬واللبببببببببببببببببببه أعلبببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫َ‬
‫ل‬ ‫سببِبي ِ‬ ‫م انِفُروا ْ ِفي َ‬ ‫ل ل َك ُ ُ‬‫ذا ِقي َ‬ ‫م إِ َ‬‫ما ل َك ُ ْ‬‫مُنوا ْ َ‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫** ي َأي َّها ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫ة‬
‫خ بَر ِ‬ ‫ن ال َ ِ‬
‫مب َ‬ ‫حَياةِ ال بد ّن َْيا ِ‬ ‫م ِبال ْ َ‬ ‫ضيت ُ ْ‬‫ض أَر ِ‬ ‫م إ ِلى الْر ِ‬
‫الل ّهِ اّثاقَل ْت ُ ْ َ‬
‫ل * إ ِل ّ َتنِف بُروا ْ‬ ‫خ بَرةِ إ ِل ّ قَِلي ب ٌ‬ ‫حَياةِ ال بد ّن َْيا فِببي ال َ ِ‬ ‫مَتاعُ ال ْ َ‬ ‫ما َ‬ ‫فَ َ‬
‫شببْيئا ً‬ ‫َ‬
‫ضّروهُ َ‬ ‫م وَل َ ت َ ُ‬ ‫وما ً غَي َْرك ُ ْ‬ ‫ل قَ ْ‬ ‫ذابا ً أِليما ً وَي َ ْ‬
‫ست َب ْدِ ْ‬ ‫م عَ َ‬ ‫ي ُعَذ ّب ْك ُ ْ‬
‫يٍء َقببببببببب ِ‬
‫ديٌر‬ ‫شببببببببب ْ‬ ‫ل َ‬ ‫كببببببببب ّ‬ ‫ى ُ‬ ‫َوالّلببببببببب ُ َ‬
‫ه عَلببببببببب َ‬
‫هذا شروع في عتاب من تخلف عن رسببول اللببه صببلى‬
‫اللببه عليببه وسببلم فببي غببزوة تبببوك حيببن طببابت الثمببار‬
‫والظلل في شدة الحر وحماّرة القيببظ فقببال تعببالى‪} :‬يببا‬
‫أيها الذين آمنوا مببا لكببم إذا قيببل لكببم انفببروا فببي سبببيل‬
‫الله{ أي إذا دعيتم إلى الجهبباد فببي سبببيل اللببه }اثبباقلتم‬
‫إلى الرض{ أي تكاسلتم وملتببم إلببى المقببام فببي الدعببة‬
‫والخفببض وطيببب الثمببار }أرضببيتم بالحيبباة الببدنيا مببن‬
‫ى منكم بالدنيا بدل ً‬ ‫لخرة ؟{ أي ما لكم فعلتم هكذا أرض ً‬ ‫ا َ‬
‫لخرة ؟ ثم زهد تبارك وتعالى في الدنيا‪ ,‬ورغببب فببي‬ ‫من ا َ‬
‫لخرة إل قليببل{‬ ‫لخرة فقال }فما متاع الحياة الدنيا في ا َ‬ ‫ا َ‬
‫كما قال المام أحمد‪ :‬حببدثنا وكيبع ويحيبى ببن سبعيد قبال‬
‫حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن المستورد أخي‬
‫بني فهر قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ما‬

‫‪63‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لخرة إل كما يجعل أحدكم أصبعه هذه في اليم‬ ‫الدنيا في ا َ‬
‫فلينظر بم ترجع ؟« وأشار بالسبابة انفرد بإخراجه مسلم‪.‬‬
‫وروى ابن أبي حاتم حدثنا بشر بن مسلم بن عبببد الحميببد‬
‫الحمصي بحمص حببدثنا الربيببع بببن روح حببدثنا محمببد بببن‬
‫خالد الوهبي حدثنا زياد يعنببي الجصبباص عببن أبببي عثمببان‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬يا أبا هريرة سمعت من إخواني بالبصببرة أنببك‬
‫تقول‪ :‬سمعت نبي الله صلى الله عليبه وسببلم يقببول »إن‬
‫الله يجزي بالحسنة ألف ألف حسنة« قال أبو هريببرة‪ :‬بببل‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقببول »إن اللببه‬
‫ليببة }فمببا‬‫يجزي بالحسنة ألفي ألف حسنة« ثم تل هببذه ا َ‬
‫لخرة إل قليببل{ فالببدنيا مببا مضببى‬ ‫متاع الحياة الدنيا في ا َ‬
‫منهببا ومبا بقبي منهببا عنبد اللبه قليببل‪ .‬وقبال الثبوري عبن‬
‫لخببرة إل‬ ‫لية }فما متاع الحياة الببدنيا فببي ا َ‬ ‫العمش في ا َ‬
‫قليبببببببببببل{ قبببببببببببال‪ :‬كبببببببببببزاد الراكبببببببببببب‪.‬‬
‫وقال عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه‪ :‬لما حضرت عبد‬
‫العزيز بن مروان الوفاة‪ .‬قال‪ :‬ائتوني بكفنببي الببذي أكفببن‬
‫فيه أنظر إليه فلما وضع بين يديه نظر إليه فقال‪ :‬أمببا لببي‬
‫من كبير ما أخلف من الدنيا إل هذا ؟ ثم ولى ظهره فبكى‬
‫وهو يقول أف لك من دار إن كان كثيرك لقليل‪ ,‬وإن كببان‬
‫قليلك لقصير‪ ,‬وإن كنا منك لفي غرور‪ .‬ثم توعد تعالى من‬
‫ترك الجهاد فقال‪} :‬إل تنفببروا يعببذبكم عببذابا ً أليمبًا{ قببال‬
‫ابن عباس‪ :‬استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيببا ً‬
‫من العرب فتثاقلوا عنه فأمسك اللبه عنهببم القطببر فكببان‬
‫عذابهم }ويستبدل قوما ً غيركببم{ أي لنصببرة نبببيه وإقامببة‬
‫دينه كما قال تعالى‪} :‬وإن تتولوا يسببتبدل قوم با ً غيركببم *‬
‫ثم ل يكونوا أمثببالكم{ }ول تضببروه شببيئًا{ أي ول تضببروا‬
‫اللببه شببيئا ً بتببوليكم عببن الجهبباد‪ ,‬ونكببولكم وتثبباقلكم عنببه‬
‫}والله على كل شيء قدير{ أي قادر علببى النتصببار مببن‬
‫ليبة وقبوله‪} :‬انفبروا‬ ‫العداء بدونكم‪ ,‬وقبد قيبل إن هبذه ا َ‬
‫ل{ وقوله‪} :‬ما كان لهل المدينبة ومبن حبولهم‬ ‫خفافا ً وثقا ً‬
‫من العراب أن يتخلفوا عن رسول الله{ إنهن منسوخات‬
‫بقوله تعالى‪} :‬وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلببول نفببر‬

‫‪64‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من كببل فرقببة منهببم طائفببة{ روي هببذا عببن ابببن عببباس‬
‫وعكرمة والحسن‪ ,‬وزيد بن أسلم ورده ابببن جريببر وقببال‪:‬‬
‫إنما هذا فيمن دعاهم رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫إلى الجهاد فتعيبن عليهبم ذلبك فلبو تركبوه لعوقببوا عليبه‬
‫وهببذا لببه اتجبباه واللببه سبببحانه وتعببالى أعلببم بالصببواب‪.‬‬

‫ي‬ ‫ن ك ََفُروا ْ ث َببان ِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬


‫ج ُ‬‫خَر َ‬ ‫ه إ ِذ ْ أ َ ْ‬
‫صَرهُ الل ّ ُ‬ ‫صُروهُ فََقد ْ ن َ َ‬ ‫** إ ِل ّ َتن ُ‬
‫ه‬‫ن الل ّب َ‬ ‫ن إِ ّ‬‫ح بَز ْ‬ ‫حب ِهِ ل َ ت َ ْ‬‫صببا ِ‬ ‫ل لِ َ‬ ‫ما ِفي ال َْغارِ إ ِذ ْ ي َُقببو ُ‬ ‫ن إ ِذ ْ هُ َ‬‫ِ‬ ‫اث ْن َي ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫جَعبب َ‬ ‫ها وَ َ‬ ‫م ت ََروْ َ‬ ‫جُنودٍ ل ّ ْ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَأي ّد َهُ ب ِ ُ‬ ‫كين َت َ ُ‬
‫س ِ‬
‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫معََنا فَأنَز َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ي ال ْعُل ْي َببا َوالل ّب ُ‬ ‫ة الل ّبهِ هِب َ‬ ‫مب ُ‬‫ى وَك َل ِ َ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ ال ّ َ‬
‫سبْفل َ‬ ‫ذي َ‬‫ة ال ّ ِ‬
‫م َ‬‫ك َل ِ َ‬
‫م‬
‫كيبببببببببببببببببببببببببببببببب ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫زيببببببببببببببببببببببببببببببببٌز َ‬ ‫عَ ِ‬
‫يقول تعالى‪} :‬إل تنصروه{ أي تنصروا رسوله فببإن اللببه‬
‫ناصببره ومؤيببده وكببافيه وحببافظه كمببا تببولى نصببره }إذ‬
‫أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين{ أي عبام الهجبرة لمببا هبم‬
‫المشببركون بقتلببه أو حبسببه أو نفيببه فخببرج منهببم هارب با ً‬
‫بصحبة صديقه وصاحبه أبي بكر بن أبي قحافببة فلجببأ إلببى‬
‫غار ثور ثلثة أيام ليرجع الطلب الذين خرجوا فببي آثببارهم‬
‫ثم يسيروا نحبو المدينبة فجعبل أببو بكبر رضبي اللبه عنبه‬
‫يجزع أن يطلع عليهم أحد فيخلص إلى رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم منهم أذى فجعببل النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم يسكنه ويثبته ويقول‪» :‬يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله‬
‫ثالثهما« كما قال المببام أحمببد حببدثنا عفببان حببدثنا همببام‬
‫أنبأنا ثابت عن أنببس أن أبببا بكببر حببدثه قببال‪ :‬قلببت للنبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم ونحن في الغار‪ :‬لو أن أحدهم نظببر‬
‫إلى قدميه لبصرنا تحت قدميه قال‪ :‬فقال‪» :‬يا أبا بكر مببا‬
‫ظنك باثنين الله ثالثهما« أخرجبباه فببي الصببحيحين‪ ,‬ولهببذا‬
‫قال تعالى‪} :‬فأنزل الله سكينته عليه{ أي تأييببده ونصببره‬
‫عليه أي على الرسول صلى الله عليببه وسببلم فببي أشببهر‬
‫القولين وقيل على أبي بكر‪ ,‬وروي عن ابن عببباس وغيببره‬
‫قالوا‪ :‬لن الرسول صلى اللببه عليببه وسببلم لببم تببزل معببه‬
‫سكينة وهذا ل ينافي تجدد سكينة خاصة بتلك الحال ولهببذا‬

‫‪65‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال‪} :‬وأيده بجنود لم تروها{ أي الملئكببة }وجعببل كلمببة‬
‫الببذين كفرواالسببفلى وكلمببة اللببه هببي العليببا{ قببال ابببن‬
‫عباس يعني بكلمة الذين كفروا الشرك وكلمة الله هببي ل‬
‫إله إل الله‪ .‬وفببي الصببحيحين عببن أبببي موسببى الشببعري‬
‫رضي الله عنه قببال‪ :‬سببئل رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل ريبباء‬
‫أي ذلك في سبيل الله فقال‪» :‬من قاتل لتكون كلمة اللببه‬
‫هي العليا فهو في سبيل الله« وقببوله‪} :‬واللببه عزيببز{ أي‬
‫في انتقامه وانتصاره‪ ,‬منيع الجناب ل يضببام مببن لذ ببببابه‪,‬‬
‫واحتمى بالتمسك بخطابه }حكيببم{ فببي أقببواله وأفعبباله‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫م ِفبي‬ ‫سبك ُ ْ‬ ‫م وَأن ُْف ِ‬ ‫وال ِك ُ ْ‬ ‫دوا ْ ِببأ ْ‬
‫م َ‬ ‫هب ُ‬‫جا ِ‬‫خَفافا ً وَث َِقببال ً وَ َ‬‫** ان ِْفُروا ْ ِ‬
‫ن‬
‫مببببو َ‬ ‫م ت َعْل َ ُ‬ ‫م ِإن ُ‬
‫كنت ُبببب ْ‬ ‫خي ْببببٌر ل ّك ُبببب ْ‬
‫م َ‬ ‫ل الّلبببهِ ذ َل ِك ُبببب ْ‬
‫سببببِبي ِ‬‫َ‬
‫قال سفيان الثوري عن أبيه عن أبي الضحى مسببلم بببن‬
‫لية }انفروا خفافا ً وثقال ً { أول مببا نببزل مببن‬ ‫صبيح‪ :‬هذه ا َ‬
‫سورة براءة وقال معتمر بن سليمان عن أبيه قببال‪ :‬زعببم‬
‫حضرمي أنه ذكر له أن ناسا ً كانوا عسى أن يكون أحببدهم‬
‫عليل ً وكبيرا ً فيقول‪ :‬إني ل آثم فأنزل الله }انفببروا خفافببا ً‬
‫لية أمر الله تعالى بالنفير العام مببع رسببول اللببه‬ ‫ل{ ا َ‬‫وثقا ً‬
‫صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبببوك لقتببال أعببداء اللببه‬
‫من الروم الكفرة من أهل الكتبباب وحتببم علببى المببؤمنين‬
‫في الخروج معببه علببى كببل حببال فببي المنشببط والمكببره‬
‫ل{‪.‬‬ ‫والعسببببر واليسببببر فقببببال }انفببببروا خفافببببا ً وثقببببا ً‬
‫وقال علي بن زيد عن أنس عن أبي طلحة‪ :‬كهول ً وشبابا ً‬
‫ما سمع الله عذر أحد ثم خرج إلى الشام فقاتل حتى قتل‬
‫وفي رواية قرأ أبو طلحببة سببورة بببراءة فببأتى علببى هببذه‬
‫لية }انفروا خفافا ً وثقال ً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في‬ ‫ا َ‬
‫سبببيل اللببه{ فقببال أرى ربنببا اسببتنفرنا شببيوخا ً وشبببانا ً‬
‫جهزوني يا بني‪ ,‬فقببال بنببوه يرحمببك اللببه قببد غببزوت مببع‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات ومع أبي بكببر‬
‫حتى مات ومع عمببر حببتى مببات فنحببن نغببزو عنببك فببأبى‬

‫‪66‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فركب البحر فمات فلم يجدوا لببه جزيببرة يببدفنوه فيهببا إل‬
‫بعد تسعة أيام فلم يتغير فدفنوه فيها وهكذا روي عن ابببن‬
‫عباس وعكرمة وأبي صالح والحسن البصري وسببهيل بببن‬
‫عطية ومقاتل بن حيان والشعبي وزيد بن أسلم أنهم قالوا‬
‫ل{ كهببول ً وشبببانا ً‬ ‫لية }انفروا خفافا ً وثقا ً‬ ‫في تفسير هذه ا َ‬
‫وكذا قال عكرمة والضحاك ومقاتل بببن حيببان وغيرواحببد‪,‬‬
‫وقال مجاهد شبانا ً وشيوخا ً وأغنياء ومساكين وكذا قال أبو‬
‫صببالح وغيببره وقببال الحكببم بببن عتيبببة‪ :‬مشبباغيل وغيببر‬
‫مشاغيل‪ ,‬وقال العوفي عن ابن عببباس فببي قببوله تعببالى‪:‬‬
‫ل{ يقول انفببروا نشبباطا ً وغيببر نشبباط‪,‬‬ ‫}انفروا خفافا ً وثقا ً‬
‫وكذا قال قتادة وقال ابن أبي نجيببح عببن مجاهببد }انفببروا‬
‫ل{ قالوا فإن فينا الثقيل‪ ,‬وذا الحاجببة والضببيعة‬ ‫خفافا ً وثقا ً‬
‫والشغل والمتيسر به أمره فببأنزل اللببه وأبببى أن يعببذرهم‬
‫ل{ أي على ما كان منهم وقال‬ ‫دون أن ينفروا }خفافا ً وثقا ً‬
‫الحسن بن أبي الحسن البصري أيضا ً فبي العسبر واليسببر‬
‫لية وهذا اختيببار ابببن‬ ‫وهذا كله من مقتضيات العموم في ا َ‬
‫جريبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببر‪.‬‬
‫وقال المببام أبببو عمببرو الوزاعببي‪ :‬إذا كببان النفيببر إلببى‬
‫دروب الروم نفر الناس إليها خفافا ً وركبانا ً وإذا كان النفير‬
‫إلى هذه السواحل نفروا إليها خفافا ً وثقال ً وركبانا ً ومشبباة‬
‫وهذا تفصيل في المسألة وقد روي عن ابن عباس ومحمد‬
‫ليببة‬‫بببن كعببب وعطبباء الخراسبباني وغيرهببم أن هببذه ا َ‬
‫منسوخة بقوله تعالى‪} :‬فلببول نفببر مببن كببل فرقببة منهببم‬
‫طائفببة{ وسببيأتي الكلم علببى ذلببك إن شبباء اللببه‪ ,‬وقببال‬
‫ل{ يقببول غني با ً وفقيببرا ً‬
‫السدي قوله‪} :‬انفروا خفاف با ً وثقببا ً‬
‫وقويا ً وضعيفا ً فجاءه رجل يومئذ زعموا أنه المقببداد وكببان‬
‫عظيما ً سمينا ً فشكا إليه وسأله أن يأذن لببه فببأبى فنزلببت‬
‫ليببة اشببتد‬ ‫ل{ فلما نزلببت هببذه ا َ‬ ‫يومئذ }انفروا خفافا ً وثقا ً‬
‫على الناس فنسخها الله فقال‪} :‬ليببس علببى الضببعفاء ول‬
‫على المرضى ول على الذين ل يجدون ما ينفقون حرج إذا‬
‫نصبببببببببببببببببحوا للبببببببببببببببببه ورسبببببببببببببببببوله{‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حببدثني يعقببوب حببدثنا ابببن عليببة حببدثنا‬
‫أيوب عن محمد قال شهد أبو أيوب مع رسول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم بدرا ً ثم لم يتخلف عن غزاة للمسلمين إل‬
‫عاما ً واحدا ً قال وكان أبببو أيببوب يقببول‪ :‬قببال اللببه تعببالى‪:‬‬
‫ل‪ .‬وقببال‬‫ل{ فل أجدني إل خفيف با ً أو ثقي ً‬ ‫}انفروا خفافا ً وثقا ً‬
‫ابن جرير‪ :‬حدثني سعيد بببن عمببرو السببكوني حببدثنا بقيببة‬
‫حدثنا جرير حدثني عبببد الرحمببن بببن ميسببرة حببدثني أبببو‬
‫راشد الحبراني قبال‪ :‬وافيبت المقبداد بببن السببود فببارس‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ً على تببابوت مببن‬
‫توابيت الصيارفة بحمص وقد فصل عنها مببن عظمبه يريبد‬
‫الغزو فقلت‪ :‬له قد أعذر الله إليك فقال‪ :‬أتت علينا سورة‬
‫ل{ وقببال ابببن جريببر‪ :‬حببدثني‬ ‫البعوث }انفروا خفافبا ً وثقببا ً‬
‫حيان بن زيد الشرعبي قال‪ :‬نفرنا مببع صببفوان بببن عمببرو‬
‫وكان والي با ً علببى حمببص قبببل الفسببوس إلببى الجراجمببة‬
‫ما ً قد سقط حاجباه علببى عينيببه مببن‬ ‫فرأيت شيخا ً كبيرا ً ه ّ‬
‫أهل دمشق على راحلته فيمن أغار فأقبلت إليه فقلببت يببا‬
‫عم لقد أعذر الله إليك قال فرفع حاجبيه فقال يا ابن أخي‬
‫استنفرنا الله خفافا ً وثقال ً أل إنه من يحبببه اللببه يبتليببه ثببم‬
‫يعيده الله فيبقيه وإنمبا يبتلببي اللبه مببن عببباده مببن شببكر‬
‫وصبر وذكر ولم يعبد إل الله عز وجل‪ .‬ثم رغب تعالى فببي‬
‫النفقببة فببي سبببيله وبببذل المهببج فببي مرضبباته ومرضبباة‬
‫رسوله فقال‪} :‬وجاهببدوا بببأموالكم وأنفسببكم فببي سبببيل‬
‫الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون{ أي هذا خير لكم في‬
‫لخرة لنكم تغرمون في النفقة قليل ً فيغنمكم الله‬ ‫الدنيا وا َ‬
‫أموال عدوكم في الدنيا مع ما يدخر لكم من الكرامة فببي‬
‫لخرة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‪» :‬تكفببل اللببه‬ ‫ا َ‬
‫للمجاهد في سبيله إن توفاه أن يدخله الجنة‪ ,‬أو يرده إلى‬
‫منزله بما نال من أجببر أو غنيمببة ولهببذا قببال اللببه تعببالى‪:‬‬
‫}كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا ً‬
‫وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا ً وهببو شببر لكببم واللببه‬
‫يعلم وأنتم ل تعلمببون{ ومببن هببذا القبيببل مببا رواه المببام‬
‫ن‬‫أحمد حدثنا محمد بن أبي عببدي عببن حميببد عببن أنببس أ ّ‬

‫‪68‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رسول الله صلى الله عليببه وسببلم قببال لرجببل‪» :‬أسببلم«‬
‫قببال‪ :‬أجببدني كارهببا ً قببال‪» :‬أسببلم وإن كنببت كارهببًا«‪.‬‬

‫كن‬ ‫ك وََلـب ِ‬ ‫صببدا ً ل ّت ّب َعُببو َ‬


‫سبَفرا ً َقا ِ‬ ‫ريببا ً وَ َ‬ ‫ن عََرضبا ً قَ ِ‬ ‫** ل َبوْ ك َببا َ‬
‫جن َببا‬ ‫س بت َط َعَْنا ل َ َ‬
‫خَر ْ‬ ‫ن ِبالل ّهِ ل َوِ ا ْ‬‫حل ُِفو َ‬
‫سي َ ْ‬
‫ة وَ َ‬ ‫شّق ُ‬‫م ال ّ‬‫ت عَل َي ْهِ ُ‬‫ب َعُد َ ْ‬
‫َ‬
‫م ل َك َببباذُِبو َ‬
‫ن‬ ‫ه ي َعَْلبب ُ‬
‫م إ ِن ُّهبب ْ‬ ‫م َوالّلبب ُ‬‫سبببهُ ْ‬ ‫م ي ُهْل ِك ُبببو َ‬
‫ن أن ُْف َ‬ ‫معَك ُببب ْ‬
‫َ‬
‫يقول تعالى موبخا للببذين تخلفببوا عبن النببي صبلى اللبه‬ ‫ً‬
‫عليه وسلم في غزوة تببوك وقعبدوا بعبدما اسبتأذنوه فبي‬
‫ذلك مظهرين أنهم ذوو أعذار ولم يكونوا كذلك فقال‪} :‬لو‬
‫كان عرضا ً قريبًا{ قال ابن عباس‪ :‬غنيمة قريبببة }وسببفرا ً‬
‫قاصدًا{ أي قريبا ً أيضا ً }ل تبعوك{ أي لكانوا جبباءوا معببك‬
‫لببذلك }ولكببن بعببدت عليهببم الشببقة{ أي المسببافة إلببى‬
‫الشام }وسيحلفون بالله{ أي لكم إذا رجعتببم إليهببم }لببو‬
‫استطعنا لخرجنا معكم{ أي لو لم يكن لنببا أعببذار لخرجنببا‬
‫معكم قال الله تعالى‪} :‬يهلكون أنفسهم والله يعلببم إنهببم‬
‫لكببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببباذبون{‪.‬‬

‫ك ل ِب َ‬
‫ن‬ ‫ك ال ّب ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ن ل َب َ‬ ‫ى ي َت َب َي ّب َ‬‫حت ّب َ‬ ‫م َ‬ ‫ت ل َهُب ْ‬ ‫م أِذنب َ‬ ‫َ‬ ‫عنب َ‬ ‫ه َ‬ ‫** عََفا الل ّب ُ‬
‫ن ِببالل ّهِ‬ ‫مُنبو َ‬ ‫ن ي ُؤْ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك اّلب ِ‬ ‫ست َأ ْذِن ُ َ‬‫ن * ل َ يَ ْ‬ ‫َ‬ ‫كاذِِبي‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫صد َُقوا ْ وَت َعْل َ َ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫م‬‫ه عَِليب ٌ‬ ‫م َواللب ُ‬ ‫س به ِ ْ‬ ‫م وَأن ُْف ِ‬ ‫وال ِهِ ْ‬ ‫م َ‬‫دوا ب ِبأ ْ‬ ‫جاهِب ُ‬ ‫خرِ أن ي ُ َ‬ ‫َوالي َوْم ِ ال َ ِ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ن ب ِبباللهِ َوالي َبوْم ِ‬ ‫من ُببو َ‬ ‫ن ل َ ي ُؤْ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ال ّب ِ‬‫سبت َأذِن ُ َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫ن * إ ِن ّ َ‬ ‫ِبال ْ ُ‬
‫مت ِّقي َ‬
‫ن‬
‫دو َ‬‫م ي َت َبببَرد ّ ُ‬‫م فِبببي َري ْب ِهِببب ْ‬ ‫م فَهُببب ْ‬ ‫ت قُل ُبببوب ُهُ ْ‬ ‫خبببرِ َواْرت َببباب َ ْ‬ ‫ال َ ِ‬
‫قال ابببن أبببي حبباتم‪ :‬حببدثنا أبببي حببدثنا أبببو حصببين بببن‬
‫سليمان الرازي حدثنا سبفيان ببن عيينبة عببن مسبعر عببن‬
‫عون قال‪ :‬هببل سببمعتم بمعاتبببة أحسببن مببن هببذا ؟ نببداء‬
‫بالعفو قبل المعاتبة فقال }عفا الله عنك لببم أذنببت لهببم{‬
‫وكذا قال مورق العجلي وغيببره‪ .‬وقببال قتببادة‪ :‬عبباتبه كمببا‬
‫تسمعون ثم أنزل التي في سورة النور فرخص له فببي أن‬
‫يأذن لهم إن شبباء فقببال }فببإذا اسببتأذنوك لبعببض شببأنهم‬
‫ليببة‪ .‬وكببذا روي عببن عطبباء‬ ‫فببأذن لمببن شببئت منهببم{ ا َ‬
‫لية في أناس قالوا‪:‬‬ ‫الخراساني‪ ,‬وقال مجاهد‪ :‬نزلت هذه ا َ‬

‫‪69‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسببلم فببإن أذن لكببم‬
‫فاقعدوا وإن لببم يببأذن لكببم فاقعببدوا‪ ,‬ولهببذا قببال تعببالى‪:‬‬
‫}حببتى يتبببين لببك الببذين صببدقوا{ أي فببي إبببداء العببذار‬
‫}وتعلم الكاذبين{ يقول تعالى هل تركتهببم لمببا اسببتأذنوك‬
‫فلم تأذن لحد منهم في القعود لتعلم الصببادق منهببم فببي‬
‫إظهار طاعتك من الكاذب فإنهم قببد كببانوا مصببرين علببى‬
‫القعببببود عببببن الغببببزو وإن لببببم تببببأذن لهببببم فيببببه‪.‬‬

‫ولهذا أخبر تعالى أنه ل يسببتأذنه فببي القعببود عببن الغببزو‬


‫أحببد يببؤمن بببالله ورسببوله فقببال‪} :‬ليسببتأذنك{ أي فببي‬
‫لخببر أن‬ ‫القعود عن الغزو }الببذين يؤمنببون بببالله واليببوم ا َ‬
‫يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم{ لنهم يرون الجهاد قربة ولما‬
‫ندبهم إليه بببادروا وامتثلببوا }واللببه عليببم بببالمتقين * إنمببا‬
‫يسببتأذنك{ أي فببي القعببود ممببن ل عببذر لببه }الببذين ل‬
‫لخر{ أي ل يرجببون ثببواب اللببه فببي‬ ‫يؤمنون بالله واليوم ا َ‬
‫لخرة على أعمالهم }وارتببابت قلببوبهم{ أي شببكت‬ ‫الدار ا َ‬
‫في صحة مببا جئتهببم بببه }فهببم فببي ريبهببم يببترددون{ أي‬
‫يتحيرون يقدمون رجل ً ويؤخرون أخرى وليست لهببم قببدم‬
‫ثابتة في شيء فهم قببوم حيببارى هلكببى ل إلببى هببؤلء ول‬
‫إلبببى هببؤلء ومببن يضببلل اللببه فلبببن تجببد لببه سببببي ً‬
‫ل‪.‬‬

‫َ‬
‫ه‬‫كن ك َبرِهَ الل ّب ُ‬ ‫ه عُبد ّةً وََلـب ِ‬ ‫دوا ْ ل َب ُ‬
‫ج لعَب ّ‬ ‫خبُرو َ‬ ‫دوا ْ ال ْ ُ‬
‫** وَل َبوْ أَرا ُ‬
‫جببوا ْ‬ ‫خَر ُ‬ ‫ن * ل َبوْ َ‬ ‫دي َ‬‫عب ِ‬ ‫معَ ال َْقا ِ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫ل اقْعُ ُ‬ ‫م وَِقي َ‬ ‫م فَث َب ّط َهُ ْ‬ ‫انب َِعاث َهُ ْ‬
‫ة‬‫م ال ِْفت َْنبب َ‬ ‫خل َل َك ُ ْ‬
‫م ي َب ُْغون َك ُ ُ‬ ‫ضُعوا ْ ِ‬ ‫خَبال ً ولوْ َ‬ ‫م إ ِل ّ َ‬ ‫دوك ُ ْ‬‫ما َزا ُ‬ ‫كم ّ‬ ‫ِفي ُ‬
‫ن‬
‫مي َ‬ ‫م ِبالظ ّببببال ِ ِ‬ ‫ه عَِليبببب ٌ‬ ‫م َوالل ّبببب ُ‬ ‫ن ل َهُبببب ْ‬‫عو َ‬‫ما ُ‬ ‫سبببب ّ‬‫م َ‬ ‫وَِفيك ُبببب ْ‬
‫يقول تعالى‪} :‬ولو أرادوا الخروج{ أي معك إلببى الغببزو‬
‫}لعدوا له عدة{ أي لكببانوا تببأهبوا لببه }ولكببن كببره اللببه‬
‫انبعاثهم{ أي أبغض أن يخرجوا معكم قدرا ً }فثبطهم{ أي‬
‫أخرهم }وقيببل اقعببدوا مببع القاعببدين{ أي قببدرا ً ثببم بيببن‬
‫تعالى وجه كراهيتببه لخروجهببم مببع المببؤمنين فقببال‪} :‬لببو‬
‫ل{ أي لنهببم جبنبباء‬ ‫خرجببوا فيكببم مببا زادوكببم إل خبببا ً‬

‫‪70‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مخبببذولون }ولوضبببعوا خللكبببم يبغبببونكم الفتنبببة{ أي‬
‫ولسرعوا السير والمشي بينكم بالنميمة والبغضاء والفتنة‬
‫}وفيكم سماعون لهببم{ أي مطيعببون لهببم ومستحسببنون‬
‫لحديثهم وكلمهم يستنصحونهم وإن كانوا ل يعلمون حالهم‬
‫فيؤدي إلى وقوع شر بيببن المببؤمنين وفسبباد كبببير‪ .‬وقببال‬
‫مجاهد وزيد بن أسلم وابن جرير‪} :‬وفيكم سماعون لهم{‬
‫أي عيون يسمعون لهببم الخبببار وينقلونهببا إليهببم‪ ,‬وهببذا ل‬
‫يبقى له اختصاص بخروجهم معهم بل هذا عام فببي جميببع‬
‫الحوال والمعنى الول أظهر في المناسبة بالسببياق وإليببه‬
‫ذهبببببببب قتبببببببادة وغيبببببببره مبببببببن المفسبببببببرين‪.‬‬
‫وقال محمد بن إسحاق‪ :‬كان الذين استأذنوا فيمببا بلغنببي‬
‫من ذوي الشرف منهم عبد الله بن أبي ابن سبلول والجبد‬
‫بن قيس وكانوا أشرافا ً فببي قببومهم فثبطهببم اللببه لعلمببه‬
‫بهم أن يخرجوا معه فيفسدوا عليه جنده وكان فببي جنببده‬
‫قوم أهل محبة لهم وطاعة فيمببا يببدعونهم إليببه لشببرفهم‬
‫فيهم فقال‪} :‬وفيكم سماعون لهم{ ثببم أخبببر تعببالى عببن‬
‫تمام علمه فقببال‪} :‬واللببه عليببم بالظببالمين{ فببأخبر بببأنه‬
‫يعلم ما كان وما يكببون ومببا لببم يكببن لببو كببان كيببف كببان‬
‫يكون‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬لو خرجوا فيكببم مببا زادوكببم إل‬
‫ل{ فأخبر عن حالهم كيف يكون لو خرجوا ومع هذا مببا‬ ‫خبا ً‬
‫خرجوا كما قببال تعببالى‪} :‬ولببو ردوا لعببادوا لمببا نهببوا عنببه‬
‫وإنهم لكاذبون{ وقال تعالى‪} :‬ولو علببم اللببه فيهببم خيببرا ً‬
‫لسببمعهم ولببو أسببمعهم لتولببوا وهببم معرضببون{ وقببال‬
‫تعالى‪} :‬ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسببكم أو اخرجببوا‬
‫من دياركم ما فعلببوه إل قليببل منهببم ولببو أنهببم فعلببوا مببا‬
‫لتيناهم مببن‬ ‫يوعظون به لكان خيرا ً لهم وأشد تثبيتا ً * وإذا ً َ‬
‫ليببات‬ ‫لدنا أجرا ً عظيما ً * ولهديناهم صببراطا ً مسببتقيمًا{ وا َ‬
‫فببببببببببببببببببببي هببببببببببببببببببببذا كببببببببببببببببببببثيرة‪.‬‬

‫جببآءَ‬
‫ى َ‬‫حت ّب َ‬
‫مببوَر َ‬ ‫ل وَقَل ُّبوا ْ ل َب َ‬
‫ك ال ُ ُ‬ ‫من قَب ْ ُ‬ ‫ة ِ‬‫** ل ََقدِ اب ْت َغَوُا ْ ال ِْفت ْن َ َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫هو َ‬ ‫مببببببُر الل ّببببببهِ وَهُبببببب ْ‬
‫م ك َببببببارِ ُ‬ ‫حببببببقّ وَظ َهَببببببَر أ ْ‬ ‫ال ْ َ‬

‫‪71‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول تعالى محرضا ً لنبيه عليه السببلم علببى المنببافقين‪:‬‬
‫}لقد ابتغوا الفتنبة مبن قببل وقلبببوا لبك المببور{ أي لقبد‬
‫أعملوا فكرهم وأجالوا آراءهببم فببي كيببدك وكيببد أصببحابك‬
‫وخذلن دينك وإخماده مدة طويلة‪ ,‬وذلك أول مقدم النبببي‬
‫صلى الله عليببه وسببلم المدينببة رمتببه العببرب عببن قببوس‬
‫واحدة‪ ,‬وحاربته يهود المدينة ومنافقوها‪ ,‬فلمببا نصببره اللببه‬
‫يوم بدر وأعلى كلمته قال عبد الله بن أبي وأصببحابه‪ :‬هببذا‬
‫أمر قد توجه فدخلوا في السلم ظاهرا ً ثم كلما أعببز اللببه‬
‫السلم وأهله غبباظهم ذلببك وسبباءهم ولهببذا قببال تعببالى‪:‬‬
‫}حببتى جبباء الحببق وظهببر أمببر اللببه وهببم كببارهون{‪.‬‬

‫َ‬
‫ذن ل ّببي وَل َ ت َْفت ِن ّببي أل فِببي ال ِْفت ْن َب ِ‬
‫ة‬ ‫ل ائ ْ َ‬
‫مببن ي َُقببو ُ‬ ‫م ّ‬‫من ْهُ ب ْ‬
‫** وَ ِ‬
‫ن‬
‫ري َ‬ ‫كبببببببافِ ِ‬‫ة ِبال ْ َ‬
‫طببببببب ٌ‬ ‫حي َ‬ ‫م لَ ُ‬
‫م ِ‬ ‫جهَّنببببببب َ‬
‫ن َ‬ ‫طوا ْ وَإ ِ ّ‬
‫سبببببببَق ُ‬ ‫َ‬
‫يقول تعبالى ومببن المنببافقين مبن يقبول لبك‪ :‬يببا محمببد‬
‫}ائذن لي{ في القعود }ول تفتني{ بالخروج معك بسبببب‬
‫الجواري من نساء الروم‪ .‬قال الله تعالى‪} :‬أل فببي الفتنببة‬
‫سقطوا{ أي قد سقطوا في الفتنة بقولهم هببذا كمببا قببال‬
‫محمد بن إسحاق عن الزهري ويزيد بن رومان وعبببد اللببه‬
‫بن أبي بكر وعاصم بن قتادة وغيرهم قببالوا‪ :‬قببال رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلمذات يوم وهو فببي جهببازه للجببد‬
‫بن قيس أخي بني سلمة‪» :‬هل لك يا جببد العببام فببي جلد‬
‫بني الصفر ؟« فقال‪ :‬يا رسول الله أو تأذن لي ول تفتني‪,‬‬
‫فوالله لقد عرف قومي ما رجل أشد عجبا ً بالنسبباء منببي‪,‬‬
‫وإنى أخشي إن رأيت نساء بني الصفر أن ل أصبر عنهن‪.‬‬
‫فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال‪» :‬قد‬
‫أذنت لك« ففي الجد بن قيس نزلببت هببذه‪} :‬ومنهببم مببن‬
‫ليببة‪ ,‬أي إن كببان إنمببا يخشببى‬ ‫يقول ائذن لي ول تفتني{ ا َ‬
‫من نساء بني الصفر وليس ذلك به فمببا سببقط فيببه مببن‬
‫الفتنببة بتخلفببه عببن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫والرغبة بنفسه عببن نفسببه أعظببم‪ .‬وهكببذا روي عببن ابببن‬
‫عباس ومجاهد وغير واحد أنها نزلت في الجببد بببن قيببس‪,‬‬

‫‪72‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقد كان الجد بن قيس هذا من أشراف بني سببلمة‪ .‬وفببي‬
‫الصحيح أن رسول الله صلى الله عليببه وسببلم قببال لهببم‪:‬‬
‫»من سيدكم يا بني سلمة ؟« قالوا‪ :‬الجد بببن قيببس علببى‬
‫أنا نبخله‪ .‬فقال رسول الله صبلى اللبه عليببه وسببلم »وأي‬
‫داء أدوأ من البخببل! ولكببن سببيدكم الفببتى الجعببد البيببض‬
‫بشبر ببن الببراء ببن معبرور« وقبوله تعبالى‪} :‬وإن جهنبم‬
‫لمحيطة بالكافرين{ أي ل محيد لهببم عنهببا ول محيببص ول‬
‫مهبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببرب‪.‬‬

‫ة ي َُقول ُببوا ْ َقبد ْ‬‫صبيب َ ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫ك ُ‬ ‫صب ْ َ‬‫م وَِإن ت ُ ِ‬ ‫سؤْهُ ْ‬ ‫ة تَ ُ‬ ‫سن َ ٌ‬


‫ح َ‬‫ك َ‬ ‫صب ْ َ‬‫** ِإن ت ُ ِ‬
‫َ‬ ‫أَ َ‬
‫صببيب ََنآ‬‫ن * ُقل ّلن ي ُ ِ‬ ‫حو َ‬ ‫م فَرِ ُ‬ ‫ل وَي َت َوَّلوا ْ وّهُ ْ‬
‫من قَب ْ ُ‬ ‫مَرَنا ِ‬ ‫خذ َْنا أ ْ‬
‫ن‬‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫ل ال ْ ُ‬
‫موْل ََنا وَعََلى الل ّهِ فَل ْي َت َوَك ّ ِ‬ ‫ه ل ََنا هُوَ َ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫ما ك َت َ َ‬
‫إ ِل ّ َ‬
‫يعلم تبارك وتعالى نبيه صلى اللببه عليببه وسببلم بعببداوة‬
‫هؤلء له لنه مهما أصابه من حسببنة أي فتببح وظفببر علببى‬
‫العداء مما يسره ويسر أصحابه ساءهم ذلك }وإن تصبك‬
‫مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل{ أي قد احترزنا مببن‬
‫متابعته من قبل هذا }ويتولوا وهم فرحببون{ فأرشببد اللببه‬
‫تعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلببى جببوابهم فببي‬
‫عداوتهم هذه التامة فقال‪} :‬قل{ أي لهم }لببن يصببيبنا إل‬
‫مببا كتببب اللببه لنببا{ أي نحببن تحببت مشببيئته وقببدره }هببو‬
‫مولنبببا{ أي سبببيدنا وملجؤنبببا }وعلبببى اللبببه فليتوكبببل‬
‫المؤمنببون{ أي ونحببن متوكلببون عليببه وهببو حسبببنا ونعببم‬
‫الوكيبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببل‪.‬‬

‫ص‬
‫ن ن َت ََرب ّب ُ‬ ‫حب ُ‬ ‫ن وَن َ ْ‬ ‫س َبن َي َي ْ َ ِ‬‫ح ْ‬ ‫دى ال ْ ُ‬ ‫ح َ‬‫ن ب َِنآ إ ِل ّ إ ِ ْ‬ ‫صو َ‬ ‫ل ت ََرب ّ ُ‬ ‫ل هَ ْ‬ ‫** قُ ْ‬
‫صوَا ْ إ ِّنا‬ ‫بك ُ َ‬
‫ديَنا فَت ََرب ّ ُ‬ ‫عندِهِ أوْ ب ِأي ْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ّ‬ ‫ذا ٍ‬ ‫ه ب ِعَ َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫صيب َك ُ ُ‬‫م أن ي ُ ِ‬ ‫ِ ْ‬
‫وع با ً أوْ ك َْره با ً ل ّببن ي ُت ََقب ّب َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ل أنِفُقببوا ْ ط َ ْ‬ ‫ن * قُ ْ‬ ‫صو َ‬ ‫مت ََرب ّ ُ‬
‫م ّ‬ ‫معَك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫م أن ت ُْقب َب َ‬ ‫من َعَهُب ْ‬ ‫مببا َ‬ ‫ن * وَ َ‬ ‫سبِقي َ‬ ‫ومبا َفا ِ‬ ‫م قَ ْ‬ ‫م كنت ُب ْ‬ ‫م إ ِن ّكب ْ‬ ‫منك ْ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫سببول ِهِ وَل َ ي َبأُتو َ‬ ‫م ك ََف بُروا ب ِبباللهِ وَب َِر ُ‬ ‫م إ ِل ّ أن ّهُ ب ْ‬‫م ن ََفَقببات ُهُ ْ‬‫من ْهُ ب ْ‬ ‫ِ‬
‫ن‬
‫هو َ‬ ‫كببارِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫هبب ْ‬ ‫ن إ ِل ّ وَ ُ‬ ‫ى وَل َ ُينِفُقببو َ‬ ‫م كُ َ َ‬ ‫صببل َةَ إ ِل ّ وَ ُ‬
‫سببال َ‬ ‫هبب ْ‬ ‫ال ّ‬

‫‪73‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول تعالى‪} :‬قل{ لهم يا محمد }هل تربصون بنا{ أي‬
‫تنتظرون بنا }إل إحدى الحسببنيين{ شببهادة أو ظفببر بكببم‬
‫قاله ابن عباس ومجاهد وقتببادة وغيرهببم }ونحببن نببتربص‬
‫بكم{ أي ننتظر بكم }أن يصيبكم الله بعذاب من عنببده أو‬
‫بأيدينا{ أي ننتظر بكم هببذا أو هببذا إمببا }أن يصببيبكم اللببه‬
‫بعذاب من عنده أو بأيدينا{ بسبي أو بقتببل }فتربصببوا إنببا‬
‫معكببم متربصببون{ وقببوله تعببالى‪} :‬قببل أنفقببوا طوعبا ً أو‬
‫كرهًا{ أي مهما أنفقتم من نفقة طائعين أو مكرهين }لببن‬
‫يتقبل منكم إنكم كنتم قوما ً فاسقين{ ثم أخبر تعالى عببن‬
‫سبب ذلك وهو أنهببم ل يتقبببل منهببم }لنهببم كفببروا بببالله‬
‫وبرسببوله{ أي والعمببال إنمببا تصببح باليمببان }ول يببأتون‬
‫الصلة إل وهببم كسببالى{ أي ليببس لهببم قصببد صببحيح ول‬
‫همة في العمل }ول ينفقببون{ نفقببة }إل وهببم كببارهون{‬
‫وقد أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن الله‬
‫ل يمل حتى تملوا وأن الله طيب ل يقبل إل طيبًا‪ .‬فلهببذا ل‬
‫يقبل الله مببن هببؤلء نفقببة ول عمل ً لنببه إنمببا يتقبببل مببن‬
‫المتقيبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببن‪.‬‬

‫َ‬ ‫** فَل َ تعجب َ َ‬


‫ريبد ُ الل ّب ُ‬
‫ه ل ِي ُعَبذ ّب َهُ ْ‬
‫م‬ ‫ما ي ُ ِ‬
‫م إ ِن ّ َ‬‫م وَل َ أوْل َد ُهُ ْ‬ ‫وال ُهُ ْ‬
‫م َ‬
‫كأ ْ‬ ‫ُْ ِ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬‫كببافُِرو َ‬ ‫م َ‬ ‫هبب ْ‬‫م وَ ُ‬‫سببهُ ْ‬ ‫هببقَ أنُف ُ‬ ‫ب َِهببا ِفببي ال ْ َ‬
‫حَيبباةِ الببد ّن َْيا وَت َْز َ‬
‫يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسببلم }فل تعجبببك‬
‫أموالهم ول أولدهم{ كما قببال تعببالى‪} :‬ول تمببدن عينيببك‬
‫إلى ما متعنا به أزواجا ً منهببم زهببرة الحيبباة الببدنيا لنفتنهببم‬
‫فيببه ورزق ربببك خيببر وأبقببى{ وقببال }أيحسبببون أن مببا‬
‫نمدهم به من مال وبنين نسارع لهببم فببي الخيببرات بببل ل‬
‫يشعرون{ وقوله }إنما يريد الله ليعببذبهم بهببا فببي الحيبباة‬
‫الدنيا{ قببال الحسببن البصببري بزكاتهببا والنفقببة منهببا فببي‬
‫سبيل الله‪ ,‬وقال قتادة‪ :‬هذا من المقدم والمؤخر تقببديره‪:‬‬
‫فل تعجبك أموالهم ول أولدهم في الحياة الدنيا إنمببا يريببد‬
‫لخببرة‪ .‬واختببار ابببن جريببر قببول‬ ‫اللببه ليعببذبهم بهببا فببي ا َ‬
‫الحسببن‪ ,‬وهببو القببول القببوي الحسببن‪ ,‬وقببوله }وتزهببق‬

‫‪74‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أنفسهم وهم كافرون{ أي ويريد أن يميتهببم حيببن يميتهببم‬
‫على الكفر ليكون ذلك أنكببى لهببم وأشببد لعببذابهم‪ .‬عيبباذا ً‬
‫بالله من ذلك وهذا يكون من باب الستدراج لهم فيما هببم‬
‫فيبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬

‫م‬‫م ق َ بو ْ ٌ‬ ‫م وََلـبك ِن ّهُ ْ‬‫منك ُ ْ‬‫هم ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫منك ُ ْ‬‫م لَ ِ‬‫ن ِبالل ّهِ إ ِن ّهُ ْ‬ ‫حل ُِفو َ‬
‫** وَي َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫خل ً ل ّوَل ّوْا ْ إ ِل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫مد ّ َ‬
‫ت أو ْ ُ‬ ‫مَغاَرا ٍ‬‫جئا ً أوْ َ‬ ‫مل ْ َ‬
‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫ج ُ‬‫ن * ل َوْ ي َ ِ‬ ‫ي َْفَرُقو َ‬
‫ن‬‫حببببببببببببببببببببببببببببببو َ‬ ‫م ُ‬
‫ج َ‬ ‫م يَ ْ‬‫هبببببببببببببببببببببببببببببب ْ‬ ‫وَ ُ‬
‫يخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عببن جزعهببم‬
‫وفزعهببم وفرقهببم وهلعهببم أنهببم }يحلفببون بببالله إنهببم‬
‫لمنكم{ يمينا ً مؤكدة }وما هم منكم{ أي في نفببس المببر‬
‫}ولكنهم قوم يفرقون{ أي فهو الذي حملهم على الحلببف‬
‫}لو يجدون ملجأ{ أي حصنا ً يتحصنون به وحرزا ً يتحببرزون‬
‫ل{ وهببو‬ ‫به }أو مغارات{ وهي التي في الجبببال }أو مببدخ ً‬
‫السرب في الرض والنفق قال ذلك في الثلثة ابن عباس‬
‫ومجاهد وقتادة }لولوا إليه وهببم يجمحببون{ أي يسببرعون‬
‫في ذهببابهم عنكببم لنهببم إنمببا يخببالطونكم كرهبا ً ل محبببة‬
‫وودوا أنهم ل يخالطونكم ولكن للضببرورة أحكببام ولهببذا ل‬
‫يزالون في هم وحزن وغم لن السلم وأهله ل يزال فببي‬
‫عز ونصر ورفعة‪ ,‬فلهذا كلما سر المسلمون سبباءهم ذلببك‬
‫فهم يودون أن ل يخالطوا المؤمنين ولهذا قال }لو يجدون‬
‫ملجببأ أو مغببارات أو مببدخل ً لولببوا إليببه وهببم يجمحببون{‪.‬‬

‫ضوا ْ‬ ‫من َْها َر ُ‬‫طوا ْ ِ‬ ‫ن أ ُعْ ُ‬


‫ت فَإ ِ ْ‬‫صد ََقا ِ‬ ‫ك ِفي ال ّ‬ ‫مُز َ‬ ‫من ي َل ْ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫من ْهُ ْ‬
‫** وَ ِ‬
‫َ‬
‫مآ‬ ‫ضوْا ْ َ‬‫م َر ُ‬ ‫ن * وَل َوْ أن ّهُ ْ‬ ‫طو َ‬‫خ ُ‬ ‫س َ‬‫م يَ ْ‬ ‫ذا هُ ْ‬ ‫منَها إ ِ َ‬ ‫م ي ُعْط َوْا ْ ِ‬ ‫وَِإن ل ّ ْ‬
‫مببن‬ ‫ه ِ‬‫س بي ُؤِْتيَنا الل ّب ُ‬‫ه َ‬ ‫س بب َُنا الل ّب ُ‬
‫ح ْ‬ ‫ه وَقَبباُلوا ْ َ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬‫م الل ّ ُ‬ ‫آَتاهُ ُ‬
‫ن‬‫ه إ ِن ّببببببآ إ ِل َببببببى الل ّببببببهِ َراِغب ُببببببو َ‬ ‫سببببببول ُ ُ‬ ‫ضببببببل ِهِ وََر ُ‬ ‫فَ ْ‬
‫يقببول تعببالى‪} :‬ومنهببم{ أي ومببن المنببافقين }مببن‬
‫يلمببزك{ أي يعيببب عليببك }فببي{ قسببم }الصببدقات{ إذا‬
‫فرقتها ويتهمك في ذلك وهم المتهمون المأبونون وهم مع‬
‫هذا ل ينكرون للدين وإنمببا ينكببرون لحببظ أنفسببهم ولهببذا‬

‫‪75‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}فببإن أعطببوا منهببا رضببوا وإن لببم يعطببوا منهببا إذا هببم‬
‫يسخطون{ أي يغضبون لنفسهم‪ ,‬قال ابن جريج‪ :‬أخبرني‬
‫داود بن أبي عاصم قال أتى النبي صلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫بصدقة قسمها هاهنا وههنا حتى ذهبببت قببال ووراءه رجببل‬
‫ليببة‪ ,‬وقببال‬ ‫من النصار فقال‪ :‬ما هذا بالعدل فنزلت هذه ا َ‬
‫قتادة في قوله‪} :‬ومنهم من يلمزك في الصدقات{ يقول‪:‬‬
‫ومنهم من يطعن عليك فببي الصببدقات‪ ,‬وذكببر لنبباأن رجل ً‬
‫من أهل البادية حديث عهد بأعرابية أتى النبببي صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم وهو يقسم ذهبا ً وفضببة فقببال يببا محمببد واللبه‬
‫لئن كان الله أمببرك أن تعببدل مببا عببدلت فقببال نبببي اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬ويلك فمببن ذا الببذي يعببدل عليببك‬
‫بعدي ؟« ثم قال نبي الله‪» :‬احذروا هذا وأشباهه فإن فببي‬
‫أمتي أشباه هببذا يقببرءون القببرآن ل يجبباوز تراقيهببم فببإذا‬
‫خرجوا فاقتلوهم ثببم إذا خرجببوا فبباقتلوهم ثببم إذا خرجببوا‬
‫فاقتلوهم« وذكر لنا أن نبي اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫كببان يقببول‪» :‬والببذي نفسببي بيببده مببا أعطيكببم شببيئا ول‬
‫أمنعكمببببببببببببوه إنمببببببببببببا أنببببببببببببا خببببببببببببازن«‪.‬‬
‫وهذا الذي ذكره قتادة يشبه ما رواه الشيخان من حديث‬
‫الزهببري عببن أبببي سببلمة عببن أبببي سببعيد فببي قصببة ذي‬
‫الخويصرة واسمه حرقوص لما اعترض على النبببي صببلى‬
‫الله عليه وسلم حين قسم غنببائم حنيببن فقببال لببه‪ :‬اعببدل‬
‫فإنك لم تعببدل فقببال‪» :‬لقببد خبببت وخسببرت إن لببم أكببن‬
‫أعدل« ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقببد رآه‬
‫مقفيًا‪» :‬إنه يخببرج مببن ضئضببىء هببذا قببوم يحقببر أحببدكم‬
‫صلته مع صلتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الببدين‬
‫مروق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فببإنهم‬
‫شر قتلى تحت أديم السماء« وذكر بقية الحديث ثببم قببال‬
‫تعالى منبها ً لهم على ما هو خير لهم من ذلك فقال‪} :‬ولببو‬
‫أنهببم رضببوا مببا آتبباهم اللببه ورسببوله وقببالوا حسبببنا اللببه‬
‫سيؤتينا اللبه مبن فضبله ورسبوله إنبا إلبى اللبه راغببون{‬
‫لية الكريمة أدبا ً عظيما ً وسرا ً شريفا ً حيث‬ ‫فتضمنت هذه ا َ‬
‫جعل الرضا بما آتاه الله ورسوله والتوكل على الله وحببده‬

‫‪76‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وهو قوله‪} :‬وقالوا حسبنا الله{‪ ,‬وكذلك الرغبببة إلببى اللببه‬
‫وحده في التوفيق لطاعة الرسول صلى الله عليببه وسببلم‬
‫وامتثال أوامره وترك زواجببره وتصببديق أخببباره والقتفبباء‬
‫بآثبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببباره‪.‬‬

‫ن عَل َي ْهَببا‬ ‫ن َوال ْعَببا ِ‬


‫مِلي َ‬ ‫كي ِ‬
‫سببا ِ‬‫م َ‬ ‫ت ل ِل ُْفَقبَرآِء َوال ْ َ‬‫صبد ََقا ُ‬ ‫مببا ال ّ‬ ‫** إ ِن ّ َ‬
‫ل الّلببهِ‬ ‫سِبي ِ‬‫ن وَِفي َ‬ ‫مي َ‬ ‫ب َوال َْغارِ ِ‬ ‫م وَِفي الّرَقا ِ‬ ‫مؤَل َّفةِ قُُلوب ُهُ ْ‬ ‫َوال ْ ُ‬
‫م‬‫كيبب ٌ‬ ‫ح ِ‬‫م َ‬‫ه عَِليبب ٌ‬ ‫ن الّلببهِ َوالّلبب ُ‬ ‫مبب َ‬‫ة ّ‬‫ضبب ً‬
‫ري َ‬ ‫ل فَ ِ‬‫سببِبي ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫َواْببب ِ‬
‫لما ذكر تعببالى اعببتراض المنببافقين الجهلببة علببى النبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم ولمزهم إيبباه فببي قسببم الصببدقات‬
‫بين تعالى أنه هو الذي قسمها وبين حكمهببا وتببولى أمرهببا‬
‫بنفسه ولببم يكببل قسببمها إلببى أحببد غيببره فجزأهببا لهببؤلء‬
‫المذكورين كما رواه المام أبو داود في سننه مببن حببديث‬
‫عبد الرحمن بن زياد بن أنعببم وفيببه ضببعف عببن زيبباد بببن‬
‫نعيم عن زياد بن الحارث الصدائي رضببي اللببه عنببه قببال‪:‬‬
‫أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فبايعته فأتى رجل فقال‪:‬‬
‫أعطني من الصدقة فقال لببه‪» :‬إن اللببه لببم يببرض بحكببم‬
‫نبي ول غيره في الصببدقات حببتى حكببم فيهببا هببو فجزأهببا‬
‫ثمانية أصناف فإن كنت من تلببك الجببزاء أعطيتببك« وقببد‬
‫اختلببف العلمبباء فببي هببذه الصببناف الثمانيببة هببل يجببب‬
‫استيعاب الدفع لها أو إلببى مببا أمكببن منهببا ؟ علببى قببولين‬
‫)أحببدهما( أنبه يجببب ذلبك وهببو قببول الشببافعي وجماعبة‪.‬‬
‫)والثاني( أنه ل يجب استيعابها بل يجوز الدفع إلى واحببد‬
‫منها ويعطي جميع الصببدقة مببع وجببود الببباقين وهببو قببول‬
‫مالك وجماعة مببن السببلف والخلببف منهببم عمببر وحذيفببة‬
‫وابن عببباس وأبببو العاليببة وسببعيد بببن جبببير وميمببون بببن‬
‫مهران‪ ,‬قال ابن جرير‪ :‬وهو قول جماعببة عامببة مببن أهببل‬
‫العلببم‪ ,‬وعلببى هببذا فإنمببا ذكببرت الصببناف ههنببا لبيببان‬
‫المصرف ل لوجببوب اسببتيعاب العطباء‪ .‬ولوجبوه الحجبباج‬
‫والمآخذ مكان غير هذا والله أعلم‪ ,‬وإنما قدم الفقراء ههنا‬
‫على البقية لنهم أحوج من غيرهم على المشببهور ولشببدة‬

‫‪77‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فاقتهم وحاجتهم‪ ,‬وعند أبي حنيفة أن المسكين أسوأ حال ً‬
‫من الفقير وهو كما قببال أحمببد وقببال ابببن جريببر‪ :‬حببدثني‬
‫يعقوب حدثنا ابن علية أنبأنا ابن عون عن محمد قال‪ :‬قال‬
‫عمر رضي الله عنه‪ :‬الفقير ليس بالذي ل مال لببه‪ ,‬ولكببن‬
‫الفقير الخلق الكسب قببال ابببن عليببة‪ :‬الخلببق المحببارف‬
‫عندنا‪ ,‬والجمهور على خلفه وروي عن ابن عباس ومجاهد‬
‫والحسن البصري وابن زيد‪ .‬واختار ابن جريببر وغيببر واحببد‬
‫أن الفقيببر هببو المتعفببف الببذي ل يسببأل النبباس شببيئا ً‬
‫والمسكين هببو الببذي يسببأل ويطببوف ويتبببع النبباس وقببال‬
‫قتادة‪ :‬الفقير مبن ببه زمانبة والمسبكين الصبحيح الجسبم‬
‫وقببال الثببوري عببن منصببور عببن إبراهيببم هببم فقببراء‬
‫المهاجرين‪ ,‬قال سفيان الثوري يعنببي ول يعطببى العببراب‬
‫منها شيئا ً وكذا روي عن سعيد بببن جبببير وسببعيد بببن عبببد‬
‫الرحمبببببببببببببببببببن ببببببببببببببببببببن أببببببببببببببببببببزى‪.‬‬
‫وقال عكرمة‪ :‬ل تقولوا لفقراء المسلمين مسبباكين إنمببا‬
‫المساكين أهل الكتبباب ولنببذكر أحبباديث تتعلببق بكببل مببن‬
‫الصناف الثمانية‪ .‬فأما الفقراء فعن ابببن عمببر قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ل تحل الصدقة لغنببي‬
‫ول لببذي مببرة سببوي« رواه أحمببد وأبببو داود والترمببذي‪,‬‬
‫ولحمد أيضا ً والنسائي وابن مبباجه عببن أبببي هريببرة مثلببه‬
‫وعن عبيد الله بن عدي بن الخيار أن رجلين أخبببراه أنهمببا‬
‫أتيا النبي صلى الله عليه وسلم يسألنه من الصدقة فقلب‬
‫فيهما البصر فرآهما جلدين فقببال‪» :‬إن شببئتما أعطيتكمببا‬
‫ولحظ فيها لغني ول لقوي مكتسب« رواه أحمد وأبو داود‬
‫والنسببائي بإسببناد قببوي وقببال ابببن أبببي حبباتم فببي كتبباب‬
‫الجرح والتعديل‪ :‬أبو بكر العبسي قال قرأ عمر رضي اللببه‬
‫عنه }إنما الصدقات للفقراء{ قال‪ :‬هم أهببل الكتبباب روى‬
‫عنه عمر بن نافع سمعت أبببي يقببول ذلببك }قلببت{ وهببذا‬
‫قول غريب جدا ً بتقدير صحة السناد فإن أبا بكببر هببذا وإن‬
‫لم ينص أبو حاتم على جهببالته لكنببه فببي حكببم المجهببول‪,‬‬
‫وأما المساكين فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسببول‬
‫الله صلى الله عليببه وسببلم قببال‪» :‬ليببس المسببكين بهببذا‬

‫‪78‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الطبببواف البببذي يطبببوف علبببى النببباس فبببترده اللقمبببة‬
‫واللقمتببان‪ ,‬والتمببرة والتمرتببان قببالوا فمببن المسببكين يببا‬
‫رسول الله ؟ قال »الذي ل يجد غنى يغنيه‪ ,‬ول يفطببن لببه‬
‫فيتصدق عليه ول يسأل الناس شيئًا« رواه الشيخان‪ .‬وأمببا‬
‫العاملون عليها فهم الجباة والسعاة يستحقون منه قسببطا‬
‫على ذلك ول يجوز أن يكونوا من أقرباء رسول الله صببلى‬
‫الله عليه وسلم الذين تحرم عليهم الصدقة لمببا ثبببت فببي‬
‫صحيح مسلم عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحببارث‪ ,‬أنببه‬
‫انطلق هو والفضل بن العباس يسألن رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليببه وسببلم ليسببتعملهما علببى الصببدقة فقببال‪» :‬إن‬
‫لل محمببد‪ ,‬إنمببا هببي أوسبباخ‬‫الصدقة ل تحببل لمحمببد ول َ‬
‫الناس«‪ .‬وأما المؤلفة قلوبهم فأقسببام منهببم مببن يعطببى‬
‫ليسلم‪ ,‬كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم صفوان بن‬
‫أمية من غنائم حنين‪ ,‬وقد كان شهدها مشركًا‪ ,‬قببال‪ :‬فلببم‬
‫يزل يعطيني حتى صار أحب الناس إلي بعد أن كان أبغض‬
‫الناس إلي‪ ,‬كما قال المام أحمبد‪ :‬حببدثنا زكريبا ببن عببدي‬
‫أنبأنا ابن المبارك‪ ,‬عن يونس عن الزهري عببن سببعيد بببن‬
‫المسيب عن صفوان بن أمية قببال‪ :‬أعطبباني رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم يوم حنين وإنه لبغببض النبباس إلببي‪,‬‬
‫فما زال يعطيني حتى إنه لحب الناس إلي‪ ,‬ورواه مسببلم‬
‫والترمذي من حديث يونس عببن الزهببري بببه‪ ,‬ومنهببم مببن‬
‫يعطى ليحسن إسلمه ويثبت قلبه‪ ,‬كما أعطى يببوم حنيببن‬
‫أيضبا ً جماعببة مببن صببناديد الطلقبباء وأشببرافهم مببائة مببن‬
‫البل‪ ,‬وقال »إني لعطببي الرجببل وغيببره أحببب إلببي منببه‬
‫خشببية أن يكبببه اللبه علببى وجهبه فببي نببار جهنببم«‪ .‬وفببي‬
‫الصحيحين عن أبي سعيد أن عليبا ً بعبث إلبى النببي صبلى‬
‫الله عليه وسلم بذهبية في تربتها من اليمن‪ ,‬فقسمها بيببن‬
‫أربعة نفر‪ :‬القرع بن حابس‪ ,‬وعيينة بن بببدر‪ ,‬وعلقمببة بببن‬
‫علثة‪ ,‬وزيد الخير‪ ,‬وقال »أتألفهم« ومنهم من يعطببى لمببا‬
‫يرجببى مببن إسببلم نظببرائه‪ ,‬ومنهببم مببن يعطببى ليجبببي‬
‫الصدقات ممن يليه‪ ,‬أو ليدفع عن حوزة المسلمين الضرر‬

‫‪79‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من أطراف البلد‪ ,‬ومحل تفصبيل هبذا فبي كتبب الفبروع‪,‬‬
‫واللببببببببببببببببببببببببببببببببه أعلببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫وهل تعطى المؤلفة على السلم بعببد النبببي صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم ؟ فيه خلف‪ ,‬فروي عن عمر وعامر والشعبي‬
‫وجماعة‪ :‬أنهم ل يعطبون بعبده لن اللبه قبد أعبز السبلم‬
‫وأهله ومكن لهم في البلد‪ ,‬وأذل لهم رقاب العببباد‪ ,‬وقببال‬
‫آخرون‪ :‬بل يعطون لنه عليه الصلة والسلم قد أعطبباهم‬
‫بعد فتببح مكببة وكسببر هببوازن‪ ,‬وهببذا أمببر قببد يحتبباج إليببه‬
‫فيصرف إليهم‪ .‬وأما الرقاب فببروي عببن الحسببن البصببري‬
‫ومقاتل بن حيان وعمر بببن عبببد العزيبز وسبعيد ببن جبببير‬
‫والنخعي والزهري وابببن زيببد أنهببم المكبباتبون‪ ,‬وروي عببن‬
‫أبي موسى الشعري نحوه‪ ,‬وهببو قببول الشببافعي والليببث‬
‫رضبببببببببببببببببببي اللبببببببببببببببببببه عنهمبببببببببببببببببببا‪.‬‬
‫وقال ابن عباس والحسن‪ :‬ل بأس أن تعتببق الرقبببة مببن‬
‫الزكاة‪ ,‬وهو مذهب أحمد ومالك وإسببحاق‪ ,‬أي أن الرقبباب‬
‫أعببم مببن أن يعطببي المكبباتب أو يشببتري رقبببة فيعتقهببا‬
‫ل‪ ,‬وقد ورد في ثواب العتاق وفببك الرقبببة أحبباديث‬ ‫استقل ً‬
‫كثيرة‪ ,‬وأن الله يعتق بكل عضببو منهببا عضببوا ً مببن معتقهببا‬
‫حببتى الفببرج بببالفرج‪ ,‬ومببا ذاك إل لن الجببزاء مببن جنببس‬
‫العمل }وما تجزون إل ما كنتم تعملون{ وعن أبي هريببرة‬
‫رضي اللبه عنببه‪ ,‬أن النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪:‬‬
‫»ثلثببة حببق علببى اللببه عببونهم‪ :‬الغببازي فببي سبببيل اللببه‪,‬‬
‫والمكاتب الذي يريد الداء‪ ,‬والناكببح الببذي يريببد العفبباف«‬
‫رواه المام أحمد وأهل السببنن إل أبببا داود‪ ,‬وفببي المسببند‬
‫عن البراء بن عازب قال‪ :‬جاء رجل فقال‪ :‬يببا رسببول اللببه‬
‫دلني على عمل يقربني من الجنببة ويباعببدني مببن النببار ؟‬
‫فقال‪» :‬أعتق النسمة وفك الرقبة« فقال‪ :‬يا رسببول اللببه‬
‫أو ليسا واحدا ً ؟ قال‪» :‬ل‪ ,‬عتببق النسببمة أن تفببرد بعتقهببا‪,‬‬
‫وفببك الرقبببة أن تعيببن فببي ثمنهببا« وأمببا الغببارمون فهببم‬
‫أقسببام فمنهببم‪ :‬مببن تحمببل حمالببة أو ضببمن دينبا ً فلزمببه‬
‫فأجحف بماله أو غرم في أداء دينه أو في معصية ثم تبباب‬
‫فهؤلء يدفع إليهم‪ ,‬والصل في هببذا الببباب حببديث قبيصببة‬

‫‪80‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن مخارق الهللي قال‪ :‬تحملت حمالة فأتيت رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم أسأله فيها‪ ,‬فقال »أقببم حببتى تأتينببا‬
‫الصببدقة فنببأمر لببك بهببا« قببال‪ :‬ثببم قببال‪» :‬يببا قبيصببة إن‬
‫المسألة ل تحل إل لحد ثلثة‪ :‬رجل تحمل حمالة فحلت له‬
‫المسألة حببتى يصببيبها ثببم يمسببك‪ ,‬ورجببل أصببابته جائحببة‬
‫اجتاحت ماله فحلت له المسببألة حببتى يصببيب قوام با ً مببن‬
‫عيش ب أو قال سدادا ً من عيش ب ورجل أصابته فاقة حتى‬
‫يقوم ثلثة من ذوي الحجا من قرابببة قببومه فيقولببون لقببد‬
‫أصابت فلنا ً فاقة فحلت لببه المسببألة حببتى يصببيب قوامبا ً‬
‫من عيش ب أو قال سدادا ً مببن عيببش بب فمببا سببواهن مببن‬
‫المسألة سحت يأكلها صاحبها سببحتًا« رواه مسببلم‪ ,‬وعببن‬
‫أبي سعيد قال‪ :‬أصيب رجل فببي عهببد رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها فكببثر دينببه‪ ,‬فقببال النبببي‬
‫صلى الله عليه وسببلم‪» :‬تصببدقوا عليببه« فتصببدق النبباس‬
‫عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه‪ ,‬فقال النبي صلى اللببه عليببه‬
‫وسلم لغرمائه‪» :‬خببذوا مببا وجببدتم وليببس لكببم إل ذلببك«‬
‫رواه مسببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببلم‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبببد الصببمد‪ ,‬أنبأنببا صببدقة بببن‬
‫موسى عن أبي عمران الجوني عببن قيببس بببن يزيببد عببن‬
‫قاضي المصرين عن عبد الرحمن بن أبي بكببر قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‪» :‬يببدعو اللببه بصبباحب‬
‫الدين يوم القيامة حتى يوقف بين يديه فيقول‪ :‬يا ابببن آدم‬
‫فيم أخذت هذا الدين وفيم ضيعت حقوق الناس ؟ فيقول‪:‬‬
‫يا رب إنك تعلم أني أخذته فلم آكل ولم أشرب ولم أضببيع‬
‫ولكن أتى على يدي إمببا حببرق وإمببا سببرق وإمببا وضببيعة‪.‬‬
‫فيقول الله صدق عبدي أنا أحببق مببن قضببى عنببك اليببوم‪,‬‬
‫فيدعو الله بشيء فيضعه في كفة ميزانه فترجببح حسببناته‬
‫على سيئاته‪ ,‬فيدخل الجنة بفضل الله ورحمته« وأمببا فببي‬
‫سبيل الله فمنهم الغزاة الببذين ل حببق لهببم فببي الببديوان‪,‬‬
‫وعند المام أحمد والحسن وإسحاق والحج من سبيل اللببه‬
‫الحديث‪ ,‬وكذلك ابن السبيل وهوالمسافر المجتاز في بلببد‬
‫ليس معببه شببيء يسببتعين بببه علببى سببفره‪ ,‬فيعطببى مببن‬

‫‪81‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الصدقات ما يكفيببه إلببى بلببده وإن كببان لببه مببال‪ ,‬وهكببذا‬
‫الحكم فيمن أراد إنشاء سفر من بلده وليس معببه شببيء‪,‬‬
‫فيعطى من مال الزكاة كفايته في ذهببابه وإيببابه‪ .‬والببدليل‬
‫لية وما رواه المببام أبببو داود وابببن مبباجه مببن‬ ‫على ذلك ا َ‬
‫حديث معمر عن زيد بن أسلم عببن عطبباء بببن يسببار عببن‬
‫أبي سعيد رضي الله عنه‪ ,‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪» :‬ل تحببل الصببدقة لغنببي إل لخمسببة‪ :‬العامببل‬
‫عليها أو رجل اشتراها بماله‪ ,‬أو غببارم‪ ,‬أو غبباز فببي سبببيل‬
‫الله‪ ,‬أو مسكين تصدق عليه منها فأهدى لغني« وقببد رواه‬
‫ل‪ ,‬ولبببي داود‬ ‫السفيانان عن زيد بن أسلم عن عطاء مرس ً‬
‫عببن عطيببة العببوفي عببن أبببي سببعيد الخببدري قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ل تحل الصدقة لغنببي‬
‫إل في سبيل الله وابن السبيل أو جار فقير فيهببدي لببك أو‬
‫يببدعوك« وقببوله‪} :‬فريضببة مببن اللببه{ أي حكم با ً مقببدرا ً‬
‫بتقدير الله وفرضه وقسمه }والله عليم حكيم{ أي عليببم‬
‫بظواهر المور وبواطنهببا وبمصببالح عببباده }حكيببم{ فيمببا‬
‫يقوله ويفعلببه ويشببرعه ويحكببم بببه‪ ,‬ل إلببه إل هببو ول رب‬
‫سببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببواه‪.‬‬

‫ذون النببي ويُقول ُببون هُبو أ ُذ ُن قُب ْ ُ‬


‫ن‬ ‫ل أذ ُ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن ي ُبؤْ ُ َ ّ ِ ّ َ ِ‬ ‫ذي َ‬‫م ال ّ ِ‬ ‫من ْهُ ُ‬
‫** وَ ِ‬
‫مُنببوا ْ‬ ‫نآ َ‬‫ذي َ‬ ‫ة ل ّل ّ ِ‬ ‫م ٌ‬‫ح َ‬
‫ن وََر ْ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫ن ل ِل ْ ُ‬
‫م ُ‬‫ن ِبالل ّهِ وَي ُؤْ ِ‬‫م ُ‬ ‫م ي ُؤْ ِ‬‫خي ْرٍ ل ّك ُ ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫م‬‫ب أِليبب ٌ‬
‫ذا ٌ‬ ‫عبب َ‬ ‫م َ‬ ‫ل الّلببهِ ل َُهبب ْ‬ ‫سببو َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ذو َ‬ ‫ن ُيببؤْ ُ‬ ‫ذي َ‬‫م َواّلبب ِ‬ ‫كبب ْ‬‫من ُ‬ ‫ِ‬
‫يقول تعببالى ومببن المنببافقين قببوم يببؤذون رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم بالكلم فيه‪ ,‬ويقولون }هو أذن{ أي‬
‫من قال له شيئا ً صدقه فينا ومن حدثه صدقه‪ ,‬فببإذا جئنبباه‬
‫وحلفنا لببه صببدقنا‪ .‬روي معنبباه عببن ابببن عببباس ومجاهببد‬
‫وقتادة‪ .‬قال الله تعالى‪} :‬قل أذن خيببر لكببم{ أي هببو أذن‬
‫خيببر يعببرف الصببادق مببن الكبباذب }يببؤمن بببالله ويببؤمن‬
‫للمببؤمنين{ أي ويصببدق المببؤمنين }ورحمببة للببذين آمنببوا‬
‫منكم{ أي وهو حجة على الكببافرين ولهببذا قببال }والببذين‬
‫يبببببؤذون رسبببببول اللبببببه لهبببببم عبببببذاب أليبببببم{‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫ح بقّ َأن‬ ‫** يحل ُِفون بالل ّه ل َك ُبم ل ِيرضببوك ُم والل ّبه ورسببول ُ َ‬
‫هأ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ََ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ ُْ ُ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حببادِدِ الّلبب َ‬
‫ه‬ ‫من ي ُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫موَا ْ أن ّ ُ‬
‫م ي َعْل َ ُ‬
‫ن * أل َ ْ‬ ‫مِني َ‬ ‫كاُنوا ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫ضوهُ ِإن َ‬ ‫ي ُْر ُ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫خ بْزيُ ال ْعَ ِ‬
‫ظي ب ُ‬ ‫ك ال ْ ِ‬ ‫خاِلدا ً ِفيَها ذ َل ِ َ‬ ‫م َ‬
‫جهَن ّ َ‬
‫ه َناَر َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫سول َ ُ‬
‫ه فَأ ّ‬ ‫وََر ُ‬
‫قببال قتببادة فببي قببوله تعببالى‪} :‬يحلفببون بببالله لكببم‬
‫لية‪ .‬قال ذكر لنا أن رجل ً من المنافقين قببال‪:‬‬ ‫ليرضوكم{ ا َ‬
‫والله إن هؤلء لخيارنا وأشرافنا وإن كان مبا يقبول محمبد‬
‫حق بًا‪ ,‬لهببم شببر مببن الحميببر‪ .‬قببال‪ :‬فسببمعها رجببل مببن‬
‫المسلمين فقال‪ :‬والله ما يقول محمببد لحببق ولنببت أشببر‬
‫من الحمار‪ ,‬قال‪ :‬فسعى بها الرجل إلى النبببي صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم فأخبره‪ ,‬فأرسل إلى الرجل فدعاه فقببال »مببا‬
‫حملك على الذي قلت ؟« فجعل يلتعببن ويحلببف بببالله مببا‬
‫قببال ذلببك‪ ,‬وجعببل الرجببل المسببلم يقببول‪ :‬اللهببم صببدق‬
‫ليببة‪ .‬وقببوله تعببالى‪:‬‬ ‫الصادق وكذب الكاذب‪ ,‬فببأنزل اللببه ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬أي ألببم‬ ‫}ألم يعلموا أنه مببن يحببادد اللببه ورسببوله{ ا َ‬
‫يتحققببوا ويعلمببوا أنببه مببن حبباد اللببه عببز وجببل أي شبباقه‬
‫وحاربه وخالفه‪ ,‬وكان في حد والله ورسوله في حد }فأن‬
‫له نار جهنم خالدا ً فيها{ أي مهان با ً معببذبًا‪} ,‬وذلببك الخببزي‬
‫العظيببم{ أي وهببذا هببو الببذل العظيببم والشببقاء الكبببير‪.‬‬

‫مببا فِببي‬
‫م بِ َ‬ ‫سوَرةٌ ت ُن َب ّئ ُهُب ْ‬‫م ُ‬ ‫ن َأن ت ُن َّز َ‬
‫ل عَل َي ْهِ ْ‬ ‫حذ َُر ال ْ ُ‬
‫مَنافُِقو َ‬ ‫** ي َ ْ‬
‫حببذ َُرو َ‬
‫ن‬ ‫مببا ت َ ْ‬ ‫ج ّ‬ ‫خببرِ ٌ‬‫م ْ‬
‫ه ُ‬‫ن الّلبب َ‬ ‫سببت َهْزُِءوَا ْ إ ِ ّ‬
‫لا ْ‬ ‫قُُلببوب ِِهم ُقبب ِ‬
‫قال مجاهد‪ :‬يقولون القول بينهم ثم يقولون عسببى اللببه‬
‫ليبة شببيهة بقبوله‬ ‫أن ل يفشبي علينبا سبرنا هبذا‪ ,‬وهبذه ا َ‬
‫تعالى‪} :‬وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به اللببه ويقولببون‬
‫فببي أنفسببهم لببول يعببذبنا اللببه بمببا نقببول حسبببهم جهنببم‬
‫ليببة‪} :‬قببل‬ ‫يصببلونها فبببئس المصببير{‪ ,‬وقببال فببي هببذه ا َ‬
‫استهزئوا إن الله مخرج ما تحببذرون{ أي إن اللببه سببينزل‬
‫علببى رسببوله مببا يفضببحكم بببه ويبببين لببه أمركببم‪ ,‬كقببوله‬
‫تعالى‪} :‬أم حسب الذين في قلوبهم مببرض أن لببن يخببرج‬
‫الله أضغانهم ب إلى قوله بب ولتعرفنهببم فببي لحببن القببول{‬

‫‪83‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليببة‪ ,‬ولهببذا قببال قتببادة‪ :‬كببانت تسببمى هببذه السببورة‬ ‫ا َ‬
‫الفاضببببببببببببببحة فاضببببببببببببببحة المنببببببببببببببافقين‪.‬‬

‫خوض ونل ْعب ُقبب ْ َ‬ ‫َ‬


‫ل أب ِببالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ُ ََ َ ُ‬ ‫ما ك ُّنا ن َ ُ‬ ‫ن إ ِن ّ َ‬‫م ل َي َُقول ُ ّ‬
‫سأل ْت َهُ ْ‬ ‫** وَل َِئن َ‬
‫م‬‫ن * ل َ ت َعْت َبذُِروا ْ قَبد ْ ك ََفْرت ُب ْ‬ ‫سبت َهْزُِءو َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫كنت ُب ْ‬‫سول ِهِ ُ‬ ‫َوآَيات ِهِ وََر ُ‬
‫َ‬ ‫ب َ‬ ‫عن َ‬
‫م‬‫ة ب ِبأن ّهُ ْ‬‫طآئ َِف ب ً‬ ‫م ن ُعَذ ّ ْ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫طآئ َِفةٍ ّ‬ ‫ف َ‬ ‫م ِإن ن ّعْ ُ‬ ‫مان ِك ُ ْ‬
‫ب َعْد َ ِإي َ‬
‫ن‬‫ميبببببببببببببببببببببببببببببب َ‬ ‫جرِ ِ‬ ‫ك َبببببببببببببببببببببببببببببباُنوا ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫قال أبو معشر المديني‪ :‬عن محمببد بببن كعببب القرظببي‬
‫وغيبره قبالوا‪ :‬قبال رجبل مبن المنبافقين‪ :‬مبا أرى قراءنبا‬
‫هؤلء إل أرغبنا بطونا ً وأكذبنا ألسببنة‪ ,‬وأجبننببا عنببد اللقبباء‪.‬‬
‫فرفع ذلك إلى رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم فجبباء‬
‫إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبد ارتحبل وركبب‬
‫ناقته فقال‪ :‬يا رسول الله إنما كنا نخببوض ونلعببب‪ .‬فقببال‪:‬‬
‫}أبا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ب إلى قوله ب كببانوا‬
‫مجرمين{ وإن رجليه لتسفعان الحجببارة ومببا يلتفببت إليببه‬
‫رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم وهببو متعلببق بنسببعة‬
‫رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم‪ .‬وقببال عبببد اللببه بببن‬
‫وهب‪ :‬أخبرني هشام بن سعد عن زيد بن أسبلم عبن عببد‬
‫الله بن عمر قال‪ :‬قال رجل في غزوة تبوك فببي مجلببس‪:‬‬
‫ما رأيت مثل قرائنا هؤلء أرغب بطونا ً ول أكذب ألسنا ً ول‬
‫أجبن عند اللقاء‪ .‬فقال رجل في المسببجد‪ :‬كببذبت ولكنببك‬
‫منافق لخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن‪ ,‬فقال عبد‬
‫الله بن عمر أنا رأيته متعلقا ً بحقب ناقة رسول الله صببلى‬
‫الله عليه وسلم تنكبه الحجارة‪ ,‬وهو يقول يببا رسببول اللببه‬
‫إنما كنا نخوض ونلعب ورسول الله صلى الله عليه وسببلم‬
‫لية‪ .‬وقببد‬ ‫يقول‪} :‬أبا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون{ ا َ‬
‫رواه الليبببث عبببن هشبببام ببببن سبببعيد بنحبببو مبببن هبببذا‪.‬‬
‫وقال ابن إسحاق وقد كببان مببن جماعببة مببن المنببافقين‬
‫منهم وديعة بن ثابت أخو بني أمية بن زيببد بببن عمببرو بببن‬
‫عببوف‪ ,‬ورجببل مببن أشببجع حليببف لبنببي سببلمة يقببال لببه‬

‫‪84‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مخشي بن حمير‪ ,‬يسيرون مع رسول الله صلى الله عليببه‬
‫وسببلم وهببو منطلببق إلببى تبببوك فقببال بعضببهم لبعببض‪:‬‬
‫أتحسبون جلد بني الصفر كقتال العببرب بعضببهم بعض با ً ؟‬
‫والله لكأنا بكم غدا ً مقرنيببن فببي الحبببال‪ ,‬إرجافبا ً وترهيببا ً‬
‫للمؤمنين فقال مخشي بن حمير‪ :‬والله لوددت أن أقاضي‬
‫على أن يضرب كل رجل منببا مببائة جلببدة‪ ,‬وإننببا نغلببب أن‬
‫ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه‪ ,‬وقال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم فيما بلغني لعمار بن ياسر »أدرك القوم فإنهم‬
‫قد احترقوا فاسألهم عما قالوا فإن أنكروا فقل بلى قلتببم‬
‫كذا وكذا« فانطلق إليهم عمار فقال ذلك لهم فأتوا رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليببه فقببال وديعببة بببن‬
‫ثابت ورسول الله واقف على راحلتببه‪ ,‬فجعببل يقببول وهببو‬
‫آخذ بحقبها‪ :‬يا رسول الله إنمببا كنببا نخببوض ونلعببب فقببال‬
‫مخشي بن حمير‪ :‬يا رسول الله قعد بي اسمي واسم أبي‬
‫ليببة مخشببي بببن حميببر‬ ‫فكان الذي عفي عنببه فببي هببذه ا َ‬
‫فتسمى عبد الرحمن وسأل اللببه أن يقتببل شببهيدا ً ل يعلببم‬
‫مكبببانه‪ ,‬فقتبببل يبببوم اليمامبببة ولبببم يوجبببد لبببه أثبببر‪.‬‬
‫وقببال قتببادة }ولئن سببألتهم ليقببولن إنمببا كنببا نخببوض‬
‫ونلعب{ قال‪ :‬فبينمببا النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم فببي‬
‫غببزوة تبببوك وركببب مببن المنببافقين يسببيرون بيببن يببديه‪,‬‬
‫فقالوا‪ :‬يظن هذاأن يفتببح قصببور الببروم وحصببونها هيهببات‬
‫هيهات‪ ,‬فأطلع الله نبيه صببلى اللببه عليببه وسببلم علببى مببا‬
‫ي بهؤلء النفر{ فدعاهم فقال »قلتم كذا‬ ‫قالوا‪ ,‬فقال }عل ّ‬
‫وكذا« فحلفوا ما كنا إل نخوض ونلعب‪ .‬وقال عكرمببة فببي‬
‫لية‪ :‬كان رجل ممببن إن شبباء اللببه عفببا عنببه‬ ‫تفسير هذه ا َ‬
‫يقول اللهم إني أسمع آية أنا أعنى بها تقشعر منها الجلببود‬
‫وتجب منها القلوب‪ ,‬اللهم فاجعل وفاتي قتل ً في سبيلك ل‬
‫يقول أحد أنا غسلت أنا كفنت أنا دفنت‪ .‬قال‪ :‬فأصيب يوم‬
‫اليمامة فما من أحببد مبن المسبلمين إل وقببد وجبد غيبره‪.‬‬
‫وقببوله‪} :‬ل تعتببذروا قببد كفرتببم بعببد إيمببانكم{ أي بهببذا‬
‫المقال الببذي اسببتهزأتم بببه }إن نعببف عببن طائفببة منكببم‬
‫نعذب طائفة{ أي ل يعفى عن جميعكم ول بد مببن عببذاب‬

‫‪85‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بعضكم }بأنهم كانوا مجرمين{ أي مجرمين بهذه المقالببة‬
‫الفبببببببببببببببببببببببببببباجرة الخبببببببببببببببببببببببببببباطئة‪.‬‬

‫ْ‬
‫ن‬ ‫مُرو َ‬‫ض َيببأ ُ‬ ‫مببن ب َْعبب ٍ‬ ‫م ّ‬ ‫ضببهُ ْ‬‫ت ب َعْ ُ‬‫مَنافَِقببا ُ‬‫ن َوال ْ ُ‬ ‫مَنببافُِقو َ‬ ‫** ال ْ ُ‬
‫بال ْمنك َر وينهون عَن ال ْمعروف ويْقبضو َ‬
‫سوا ْ الّلبب َ‬
‫ه‬ ‫م نَ ُ‬‫ن أي ْدِي َهُ ْ‬‫َ ْ ُ ِ ََ ِ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ُ ِ َََْ ْ َ‬
‫ن * وَعَبببد َ اللبببه‬ ‫سبببُقو َ‬ ‫م ال َْفا ِ‬
‫ن هُببب ُ‬ ‫من َبببافِِقي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫سبببي َهُ ْ‬ ‫فَن َ ِ‬
‫ي‬‫هبب َ‬‫ن ِفيَهببا ِ‬ ‫دي َ‬‫خال ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫جهَن ّ َ‬‫ت َوال ْك ُّفاَر َناَر َ‬ ‫مَنافَِقا ِ‬ ‫ن َوال ْ ُ‬ ‫مَنافِِقي َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م‬
‫مِقيببببب ٌ‬ ‫ب ّ‬ ‫ذا ٌ‬‫عببببب َ‬ ‫م َ‬ ‫ه وَل َُهببببب ْ‬ ‫م الّلببببب ُ‬‫م وَل َعَن َُهببببب ُ‬ ‫سبببببب ُهُ ْ‬ ‫ح ْ‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى منكرا ً على المنافقين الذين هم على خلف‬
‫صفات المؤمنين‪ ,‬ولما كان المؤمنون يببأمرون بببالمعروف‬
‫وينهون عن المنكر‪ ,‬كان هؤلء }يببأمرون بببالمنكر وينهببون‬
‫عن المعروف ويقبضون أيديهم{ أي عن النفاق في سبيل‬
‫اللببه‪} ,‬نسببوا اللببه{ أي نسببوا ذكببر اللببه }فنسببيهم{ أي‬
‫عاملهم معاملة مبن نسبيهم كقبوله تعبالى‪} :‬وقيبل اليبوم‬
‫ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هببذا{ }إن المنببافقين هببم‬
‫الفاسقون{ أي الخارجون عن طريق الحق الداخلون فببي‬
‫طريق الضللة‪ ,‬وقوله‪} :‬وعد الله المنببافقين والمنافقببات‬
‫والكفار نار جهنم{ أي على هذا الصببنيع الببذي ذكببر عنهببم‬
‫}خالدين فيها{ أي ماكثين فيها مخلدين هم والكفار }هببي‬
‫حسبببهم{ أي كفببايتهم فببي العببذاب }ولعنهببم اللببه{ أي‬
‫طردهببببببم وأبعببببببدهم }ولهببببببم عببببببذاب مقيببببببم{‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫كاُنوا ْ أ َ َ‬


‫وال ً‬ ‫مب َ‬‫م قُ بوّةً وَأك ْث َبَر أ ْ‬ ‫منك ُب ْ‬ ‫شد ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫من قَب ْل ِك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫كال ّ ِ‬‫** َ‬
‫مببا‬ ‫م كَ َ‬ ‫كبب ْ‬‫خل َقِ ُ‬ ‫م بِ َ‬‫مت َعْت ُ ْ‬‫سببت َ ْ‬‫م َفا ْ‬ ‫خلقِِهبب ْ‬ ‫مت َُعوا ْ ب ِ َ‬ ‫لدا ً َفا ْ‬
‫سببت َ ْ‬ ‫وَأ َوْ َ‬
‫ض بوَا ْ‬ ‫خا ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫كال ّب ِ‬
‫م َ‬ ‫ض بت ُ ْ‬‫خ ْ‬ ‫م وَ ُ‬‫خل َقِهِ ْ‬ ‫م بِ َ‬ ‫من قَب ْل ِك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬‫مت َعَ ال ّ ِ‬‫ست َ ْ‬‫ا ْ‬
‫م‬ ‫ك هُ ب ُ‬ ‫خبَرةِ وَأ ُوْل َئ ِ َ‬ ‫م فِببي الببدن َْيا َوال َ ِ‬ ‫مببال ُهُ ْ‬
‫َ‬
‫ت أعْ َ‬ ‫حب ِط َب ْ‬ ‫ك َ‬ ‫أ ُوَْلـبئ ِ َ‬
‫ن‬‫سببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببُرو َ‬ ‫خا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫يقببول تعببالى أصبباب هببؤلء مببن عببذاب اللببه فببي الببدنيا‬
‫لخرة كما أصبباب مببن قبلهببم‪ ,‬وقببوله }بخلقهببم{ قببال‬ ‫وا َ‬
‫الحسن البصري‪ :‬بدينهم‪ ,‬وقوله }وخضتم كالذي خاضببوا{‬
‫أي فببي الكببذب والباطببل }أولئك حبطببت أعمببالهم{ أي‬

‫‪86‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بطلت مساعيهم فل ثواب لهببم عليهببا لنهببا فاسببدة }فببي‬
‫لخرة وأولئك هببم الخاسببرون{ لنهببم لببم يحصببل‬ ‫الدنيا وا َ‬
‫لهم عليها ثواب‪ .‬قال ابن جريج عن عمرو بببن عطبباء عببن‬
‫عكرمة عن ابن عببباس فببي قببوله }كالببذين مببن قبلكببم{‬
‫لية‪ ,‬قال ابن عباس‪ :‬ما أشبه الليلة بالبارحة }كالذين من‬ ‫ا َ‬
‫قبلكم{ هؤلء بنو إسرائيل شبهنا بهم ل أعلم إل أنببه قببال‪:‬‬
‫»والذي نفسي بيده لتتبعنهم حتى لببو دخببل الرجببل منهببم‬
‫جحر ضب لدخلتموه« قال ابن جريببج‪ :‬وأخبببرني زيبباد بببن‬
‫سعد عن محمد بببن زيبباد بببن مهبباجر عببن سببعيد بببن أبببي‬
‫سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنببه قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليببه وسبلم‪» :‬والببذي نفسببي بيببده‬
‫لتتبعن سنن الذين من قبلكببم شبببرا ً بشبببر وذراع با ً بببذراع‬
‫وباعا ً بباع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه« قالوا‪ :‬ومن‬
‫هم يا رسول الله‪ ,‬أهببل الكتبباب ؟ قببال »فمببن ؟« وهكببذا‬
‫رواه أبو معشر عن أبي سببعيد المقبببري عببن أبببي هريببرة‬
‫عن النبي صلى اللبه عليبه وسببلم‪ :‬فببذكره‪ ,‬وزاد قببال أبببو‬
‫هريرة‪ :‬اقرأوا إن شئتم القرآن }كالذين من قبلكم{ ا َ‬
‫لية‪,‬‬
‫قال أبو هريببرة‪ :‬الخلق الببدين }وخضببتم كالببذي خاضببوا{‬
‫قالوا يببا رسببول اللببه كمببا صببنعت فببارس والببروم ؟ قببال‬
‫»فهببل النبباس إل هببم ؟« وهببذا الحببديث لببه شبباهد فببي‬
‫الصبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببحيح‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬


‫مببود َ‬ ‫ح وَعَببادٍ وَث َ ُ‬ ‫م قَبوْم ِ ن ُببو ٍَ‬‫مببن قَب ْل ِهِب ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ن َب َأ ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫م ي َأت ِهِ ْ‬ ‫** أل َ ْ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫س بل ُهُ ْ‬ ‫م ُر ُ‬ ‫ت أت َت ْهُ ب ْ‬‫مؤْت َِفك َببا ِ‬‫ن َوال ْ ُ‬ ‫مد ْي َ َ‬
‫ب َ‬ ‫حا ِ‬‫ص َ‬‫م وِأ ْ‬ ‫هي َ‬ ‫وَقَوْم ِ إ ِب َْرا ِ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫س به ُ ْ‬ ‫كن ك َببان ُوَا ْ أن ُْف َ‬ ‫م وََلـ ب ِ‬
‫مه ُ ب ْ‬ ‫ه ل ِي َظ ْل ِ َ‬
‫ن الل ّب ُ‬‫مببا ك َببا َ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫ِبال ْب َي ّن َببا ِ‬
‫ن‬‫مبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببو َ‬ ‫ي َظ ْل ِ ُ‬
‫يقول تعالى واعظا ً لهببؤلء المنببافقين المكببذبين للرسببل‬
‫}ألم يأتهم نبأ الذين من قبلكم{ أي ألم تخبببروا خبببر مببن‬
‫كان قبلكم من المببم المكذبببة للرسببل }قببوم نببوح{ ومببا‬
‫أصابهم من الغرق العببام لجميببع أهببل الرض إل مببن آمببن‬
‫بعبده ورسوله نببوح عليببه السببلم‪} ,‬وعبباد{ كيببف أهلكببوا‬

‫‪87‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بالريح العقيم لما كذبوا هودا ً عليه السلم‪} ,‬وثمود{ كيببف‬
‫أخذتهم الصبيحة لمبا كبذبوا صبالحا ً عليبه السبلم وعقبروا‬
‫الناقة‪} ,‬وقببوم إبراهيببم{ كيببف نصببره اللببه عليهببم وأيببده‬
‫بالمعجزات الظاهرة عليهم وأهلك ملكهم نمروذ بن كنعان‬
‫بن كوش الكنعاني لعنه الله‪} ,‬وأصحاب مدين{ وهم قببوم‬
‫شعيب عليه السلم وكيف أصببابتهم الرجفببة وعببذاب يببوم‬
‫الظلة‪} ,‬والمؤتفكات{ قوم لوط وقد كببانوا يسببكنون فببي‬
‫ليببة الخببرى }والمؤتفكببة أهببوى{ أي‬ ‫مدائن‪ ,‬وقببال فببي ا َ‬
‫المة المؤتكفة وقيل أم قراهم‪ ,‬وهي سدوم‪ ,‬والغببرض أن‬
‫الله تعالى أهلكهم عن آخرهم بتكذيبهم نبي الله لوط عليه‬
‫السلم وإتيانهم الفاحشة الببتي لببم يسبببقهم بهببا أحببد مبن‬
‫العالمين‪} ,‬أتتهم رسببلهم بالبينببات{ أي بالحجببج والببدلئل‬
‫القاطعات‪} ,‬فما كان الله ليظلمهم{ أي بإهلكه إياهم لنه‬
‫أقام عليهم الحجة بإرسال الرسل وإزاحة العلببل‪} ,‬ولكببن‬
‫كانوا أنفسهم يظلمون{ أي بتكببذيبهم الرسببل ومخببالفتهم‬
‫الحق فصاروا إلببى مببا صبباروا إليببه مببن العببذاب والببدمار‪.‬‬

‫ن‬ ‫ْ‬ ‫** وال ْمؤْمنببون وال ْمؤْمنببات بعضبه َ‬


‫مُرو َ‬ ‫ض ي َبأ ُ‬ ‫م أوْل ِي َببآُء ب َعْب ٍ‬ ‫َ ُ ِ ُ َ َ ُ ِ َ ِ َْ ُ ُ ْ‬
‫ن‬ ‫ص بل َةَ وَي ُؤْت ُببو َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مببو َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫من ْك َبرِ وَي ُِقي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ن ع َب‬ ‫ف وَي َن ْهَوْ َ‬‫معُْرو ِ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫ن‬
‫ه إِ ّ‬‫م الل ّب ُ‬ ‫مه ُ ُ‬‫ح ُ‬‫سبي َْر َ‬‫ك َ‬ ‫ه أ ُوَْلـبئ ِ َ‬
‫سببول َ ُ‬‫ه وََر ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫طيُعو َ‬ ‫الّز َ‬
‫كاةَ وَي ُ ِ‬
‫م‬
‫كيببببببببببببببببببب ٌ‬ ‫ح ِ‬‫زيبببببببببببببببببببٌز َ‬ ‫ه عَ ِ‬ ‫الّلببببببببببببببببببب َ‬
‫لما ذكر تعالى صببفات المنببافقين الذميمببة عطببف بببذكر‬
‫صبببفات المبببؤمنين المحمبببودة‪ ,‬فقبببال‪} :‬والمؤمنبببون‬
‫والمؤمنات بعضهم أولياء بعض{ أي يتناصرون ويتعاضدون‬
‫كمببا جبباء فببي الصببحيح »المببؤمن للمببؤمن كالبنيببان يشببد‬
‫بعضه بعضًا« وشبك بين أصابعه‪ ,‬وفي الصحيح أيضا ً »مثل‬
‫المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثببل الجسببد الواحببد إذا‬
‫اشببتكى منببه عضببو تببداعى لببه سببائر الجسببد بببالحمى‬
‫والسهر« وقوله‪} :‬يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر{‬
‫كقببوله تعببالى‪} :‬ولتكببن منكببم أمببة يببدعون إلببى الخيببر‬
‫ليبة‪ ,‬وقببوله‪:‬‬ ‫ويأمرون بببالمعروف وينهببون عببن المنكببر{ ا َ‬

‫‪88‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}ويقيمببون الصببلة ويؤتببون الزكبباة{ أي يطيعببون اللببه‬
‫ويحسنون إلى خلقه }ويطيعببون اللببه ورسببوله{ أي فيمببا‬
‫أمببر وتببرك مببا عنببه زجببر }أولئك سببيرحمهم اللببه{ أي‬
‫سيرحم الله من اتصف بهذه الصفات }إن الله عزيز{ أي‬
‫عببز مببن أطبباعه فببإن العببزة للببه ولرسببوله وللمببؤمنين‬
‫}حكيببم{ فببي قسببمته هببذه الصببفات لهببؤلء وتخصيصببه‬
‫المنافقين بصفاتهم المتقدمة‪ ,‬فإنه له الحكمببة فببي جميببع‬
‫مببببببببببببا يفعلببببببببببببه تبببببببببببببارك وتعببببببببببببالى‪.‬‬

‫حت ِهَببا‬
‫مببن ت َ ْ‬‫ري ِ‬ ‫جب ِ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫ت َ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫ن َوال ْ ُ‬
‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ه ال ْ ُ‬‫** وَعَد َ الل ّ ُ‬
‫ن‬
‫عببد ْ ٍ‬ ‫ت َ‬ ‫جّنببا ِ‬
‫ة ِفببي َ‬ ‫ن ط َي َّببب ً‬‫سبباك ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِفيَهببا وَ َ‬ ‫دي َ‬ ‫خاِلبب ِ‬ ‫الن َْهبباُر َ‬
‫َ‬
‫م‬
‫ظيببب ُ‬ ‫ك هُبببوَ ال َْفبببوُْز ال ْعَ ِ‬ ‫ن الل ّبببهِ أك ْب َبببُر ذ َل ِببب َ‬ ‫مببب َ‬ ‫ن ّ‬ ‫وا ٌ‬
‫ضببب َ‬‫وَرِ ْ‬
‫يخبببر تعببالى بمببا أعببده للمببؤمنين بببه والمؤمنببات مببن‬
‫الخيببرات والنعيببم المقيببم فببي }جنببات تجببري مببن تحتهببا‬
‫النهببار خالببدين فيهببا{ أي مبباكثين فيهببا أبببدا ً }ومسبباكن‬
‫طيبببة{ أي حسببنة البنبباء طيبببة القببرار‪ ,‬كمببا جبباء فببي‬
‫الصحيحين من حديث أبي عمران الجوني عن أبي بكر بن‬
‫أبي موسى عبد الله بن قيس الشعري عن أبيه قال‪ :‬قال‬
‫رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬جنتببان مببن ذهببب‬
‫آنيتهما وما فيهما‪ ,‬وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما‪ ,‬ومببا‬
‫بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إل رداء الكبرياء على‬
‫وجهه في جنة عدن« وبه قال‪ ,‬قال رسول الله صلى اللببه‬
‫عليه وسببلم‪» :‬إن للمببؤمن فببي الجنببة لخيمببة مببن لؤلببؤة‬
‫واحدة مجوفة طولها ستون ميل ً في السماء! للمؤمن فيها‬
‫أهلون يطوف عليهم ل يرى بعضببهم بعض بًا« أخرجبباه فببي‬
‫الصحيحين‪ ,‬وفيهما أيضا ً عن أبي هريرة قال‪ :‬قببال رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬من آمن بالله ورسوله وأقببام‬
‫الصلة وصام رمضان‪ ,‬فإن حقا ً على الله أن يببدخله الجنببة‬
‫هاجر في سبيل الله أو حبس في أرضببه الببتي ولببد فيهببا«‬
‫قالوا‪ :‬يببا رسببول اللببه أفل نخبببر النبباس ؟ قببال‪» :‬إن فببي‬
‫الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله بين كل‬

‫‪89‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫درجتين كما بين السماء والرض‪ ,‬فإذا سألتم الله فاسألوه‬
‫الفردوس فببإنه أعلببى الجنببة وأوسببط الجنببة‪ ,‬ومنببه تفجببر‬
‫أنهببار الجنببة‪ ,‬وفببوقه عببرش الرحمببن« وعنببد الطبببراني‬
‫والترمذي وابن ماجه من رواية زيد بببن أسببلم عببن عطبباء‬
‫بن يسار عن معاذ بن جبل رضي الله عنه سمعت رسببول‬
‫اللبببه صبببلى اللبببه عليبببه وسبببلم يقبببول فبببذكر مثلبببه‪.‬‬
‫وللترمذي عن عبادة بن الصامت مثله‪ .‬وعببن أبببي حببازم‬
‫عن سهل بن سعد قال‪ :‬قال رسول الله صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬إن أهل الجنببة ليببتراءون الغببرف فببي الجنببة كمببا‬
‫ترون الكوكب في السماء« أخرجبباه فببي الصببحيحين‪ ,‬ثببم‬
‫ليعلم أن أعلى منزلة في الجنببة مكببان يقببال لببه الوسببيلة‬
‫لقربه من العرش وهو مسكن رسول الله صلى الله عليببه‬
‫وسلم من الجنة‪ ,‬كما قال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الببرزاق‬
‫أخبرنببا سببفيان عببن ليببث عببن كعببب عببن أبببي هريببرة أن‬
‫ي‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قببال‪» :‬إذا صببليتم عل ب ّ‬
‫فسببلوا اللببه لببي الوسببيلة« قيببل يببا رسببول اللببه ومببا‬
‫الوسيلة ؟ قال »أعلى درجة فببي الجنببة ل ينالهببا إل رجببل‬
‫واحببببببببد وأرجببببببببو أن أكببببببببون أنببببببببا هببببببببو«‪.‬‬
‫وفي صحيح مسلم من حديث كعب بن علقمة‪ :‬عن عبببد‬
‫الرحمن بن جبير عن عبد الله ببن عمبرو ببن العباص‪ ,‬أنبه‬
‫سمع النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم يقببول‪» :‬إذا سببمعتم‬
‫ي فإنه من صببلى‬ ‫المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عل ّ‬
‫علي صلة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا‪ ,‬ثم سببلوا لببي‬
‫الوسيلة فإنها منزلة في الجنة ل تنبغي إل لعبببد مببن عببباد‬
‫الله‪ .‬وأرجو أن أكون هو‪ ,‬فمن سأل الله لي الوسيلة حلت‬
‫عليه الشفاعة يببوم القيامببة« وقببال الحببافظ أبببو القاسببم‬
‫الطبراني‪ :‬حدثنا أحمد بن علي البار‪ ,‬حدثنا الوليد بن عبببد‬
‫الملك الحراني‪ ,‬حدثنا موسى بن أعين عبن اببن أببي ذئب‬
‫عن محمد بن عمرو بن عطاء عن ابببن عببباس قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬سلوا الله لببي الوسببيلة‬
‫فإنه لم يسألها لي عبببد فببي الببدنيا إل كنببت لببه شببهيدا ً أو‬
‫شفيعا ً يوم القيامببة« رواه الطبببراني‪ .‬وفببي مسببند المببام‬

‫‪90‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أحمد من حديث سعد بن مجاهد الطائي عببن أبببي المببدله‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنببه قببال‪ :‬قلنببا يببا رسببول اللببه‬
‫حدثنا عن الجنة ما بناؤها ؟ قال‪» :‬لبنة ذهبب ولبنبة فضبة‪,‬‬
‫وملطهببا المسببك وحصببباؤها اللؤلببؤ واليبباقوت‪ ,‬وترابهببا‬
‫الزعفران‪ .‬مببن يببدخلها ينعببم ل يبببأس ويخلببد ل يمببوت‪ ,‬ل‬
‫تبلى ثيابه ول يفنى شبابه« وروي عببن ابببن عمببر مرفوعبا ً‬
‫نحوه‪ ,‬وعند الترمذي من حديث عبد الرحمببن بببن إسببحاق‬
‫عن النعمان بن سعد عن علي رضي الله عنببه قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إن فببي الجنببة لغرف با ً‬
‫يببرى ظاهرهببا مببن باطنهببا وباطنهببا مببن ظاهرهببا« فقببام‬
‫أعرابي فقال‪ :‬يببا رسببول اللببه لمببن هببي ؟ فقببال‪» :‬لمببن‬
‫طيب الكلم‪ ,‬وأطعم الطعام‪ ,‬وأدام الصيام‪ ,‬وصلى بالليببل‬
‫والناس نيام« ثم قال‪ :‬حديث غريب ورواه الطبببراني مببن‬
‫حديث عبد الله بن عمرو وأبي مالك الشببعري كببل منهمببا‬
‫عببن النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم بنحببوه‪ ,‬وكببل مببن‬
‫السنادين جيد وحسببن‪ ,‬وعنببده أن السببائل هببو أبببو مالببك‬
‫الشبببببببببببببببببعري‪ ,‬فبببببببببببببببببالله أعلبببببببببببببببببم‪.‬‬
‫وعن أسامة بن زيبد قبال‪ :‬قبال رسببول اللبه صبلى اللبه‬
‫عليه وسلم‪» :‬أل هل من مشمر إلى الجنة ؟ فإن الجنببة ل‬
‫خطر لها‪ ,‬هي ورب الكعبة نور يتلل وريحانة تهببتز‪ ,‬وقصببر‬
‫مشيد‪ ,‬ونهر مطرد‪ ,‬وثمرة نضيجة‪ ,‬وزوجة حسبناء جميلبة‪.‬‬
‫وحلببل كببثيرة‪ ,‬ومقببام فببي أبببد فببي دار سببليمة‪ ,‬وفاكهببة‬
‫وخضرة وحبرة ونعمة في محلة عالية بهية« قالوا‪ :‬نعم يببا‬
‫رسول الله نحببن المشببمرون لهببا‪ ,‬قببال‪» :‬قولببوا إن شبباء‬
‫الله« فقال القوم‪ :‬إن شاء اللببه‪ ,‬رواه ابببن مبباجه‪ .‬وقببوله‬
‫تعالى‪} :‬ورضوان من الله أكبر{ أي رضا اللببه عنهببم أكبببر‬
‫وأجل وأعظم مما هببم فيببه مببن النعيببم‪ ,‬كمببا قببال المببام‬
‫مالك رحمه الله عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن‬
‫أبي سعيد الخدري رضي الله عنببه‪ ,‬أن رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪» :‬إن الله عز وجل يقول لهل الجنة‪:‬‬
‫يا أهل الجنببة فيقولببون‪ :‬لبيببك ربنببا وسببعديك والخيببر فببي‬
‫يديك‪ .‬فيقول‪ :‬هل رضيتم ؟ فيقولون‪ :‬وما لنا ل نرضببى يببا‬

‫‪91‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحببدا ً مببن خلقببك‪ ,‬فيقببول‪ :‬أل‬
‫أعطيكببم أفضببل مببن ذلببك ؟ فيقولببون يببا رب وأي شببيء‬
‫أفضل من ذلك ؟ فيقول‪ :‬أحل عليكم رضواني فل أسببخط‬
‫عليكم بعده أبدًا« أخرجاه من حديث مالك‪ ,‬وقال أببو عببد‬
‫اللببه الحسببين بببن إسببماعيل المحبباملي‪ :‬حببدثنا الفضببل‬
‫الرجببائي‪ ,‬حببدثنا الفريببابي عببن سببفيان عببن محمببد بببن‬
‫المنكدر عن جابر بن عبد الله قال‪ :‬قال رسول الله صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬إذا دخل أهل الجنة الجنة قال اللببه عببز‬
‫وجل هل تشتهون شيئا ً فأزيدكم ؟ قالوا يا ربنا ما خير مما‬
‫أعطيتنا ؟ قال‪ :‬رضواني أكبببر« ورواه البببزار فببي مسببنده‬
‫من حديث الثوري‪ ,‬وقببال الحببافظ الضببياء المقدسببي فببي‬
‫كتابه صفة الجنة‪ :‬هذا عندي علببى شببرط الصببحيح‪ ,‬واللببه‬
‫أعلبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫َ‬
‫م‬ ‫ظ عَل َي ْهِ ب ْ‬ ‫ن َواغْل ُب ْ‬ ‫من َببافِِقي َ‬ ‫جاهِ بدِ ال ْك ُّفبباَر َوال ْ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫** ْي َأي ّهَببا الن ّب ِب ّ‬
‫مببا قَبباُلوا ْ‬ ‫ن ب ِببالل ّهِ َ‬ ‫حل ُِفببو َ‬ ‫صببيُر * ي َ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫س ال ْ َ‬ ‫م وَب ِئ ْ َ‬ ‫جهَن ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫مأَواهُ ْ‬ ‫وَ َ‬
‫م‬‫ما َلبب ْ‬ ‫موا ْ ب ِ َ‬‫م وَهَ ّ‬ ‫مه ِ ْ‬ ‫سل َ ِ‬ ‫ة ال ْك ُْفرِ وَك ََفُروا ْ ب َعْد َ إ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫وَل ََقد ْ َقاُلوا ْ ك َل ِ َ‬
‫يناُلوا ْ وما نَقموا ْ إل ّ أ َ َ‬
‫ضل ِهِ فَ بِإن‬ ‫من فَ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫م الل ّ ُ‬‫ن أغَْناهُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ ُ َ ِ‬ ‫ََ‬
‫ذابا ً أِليما ً ِفببي‬ ‫َ‬ ‫ه عَ َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫م وَِإن ي َت َوَل ّ ْ‬
‫وا ي ُعَذ ّب ْهُ ُ‬ ‫خْيرا ً ل ّهُ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ي َُتوُبوا ْ ي َ ُ‬
‫صببيرٍ‬ ‫ي وَل َ ن َ ِ‬ ‫مببن وَل ِب ّ‬ ‫ض ِ‬ ‫م فِببي الْر ِ‬ ‫مببا ل َهُ ب ْ‬
‫خ بَرةِ وَ َ‬ ‫الد ّن َْيا َوال َ ِ‬
‫أمر تعالى رسوله صلى الله عليببه وسببلم بجهبباد الكفببار‬
‫والمنافقين والغلظة عليهم‪ ,‬كما أمره بببأن يخفببض جنبباحه‬
‫لمببن اتبعببه مببن المببؤمنين‪ ,‬وأخبببره أن مصببير الكفببار‬
‫لخرة‪ ,‬وقد تقدم عن أميببر‬ ‫والمنافقين إلى النار في الدار ا َ‬
‫المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قببال‪ :‬بعببث رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم بأربعببة أسببياف‪ :‬سببيف للمشببركين‬
‫}فإذا انسلخ الشهر الحببرم فبباقتلوا المشببركين{ وسببيف‬
‫لكفار أهل الكتاب }قاتلوا الذين ل يؤمنون بالله ول باليوم‬
‫لخر ول يحرمون ما حرم اللببه ورسببوله ول يببدينون ديببن‬ ‫ا َ‬
‫الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطببوا الجزيببة عببن يببد‬
‫وهبببم صببباغرون{ وسبببيف للمنبببافقين }جاهبببد الكفبببار‬

‫‪92‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والمنافقين{ وسيف للبغاة }فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء‬
‫إلى أمر الله{ وهذا يقتضببي أنهببم يجاهببدون بالسببيوف إذا‬
‫أظهبببببروا النفببببباق وهبببببو اختيبببببار اببببببن جريبببببر‪.‬‬
‫وقببال ابببن مسببعود فببي قببوله تعببالى‪} :‬جاهببد الكفببار‬
‫والمنببافقين{ قببال‪ :‬بيببده فببإن لببم يسببتطع فليكفهببر فببي‬
‫وجهه‪ .‬وقال ابن عببباس‪ :‬أمببره اللببه تعببالى بجهبباد الكفببار‬
‫بالسيف والمنافقين باللسان وأذهب الرفببق عنهببم‪ ,‬وقببال‬
‫الضحاك‪ :‬جاهببد الكفببار بالسببيف واغلببظ علببى المنببافقين‬
‫بالكلم وهو مجاهدتهم‪ ,‬وعن مقاتببل والربيببع مثلببه‪ ,‬وقببال‬
‫الحسن وقتادة مجاهدتهم إقامة الحدود عليهم‪ ,‬وقببد يقببال‬
‫إنه ل منافاة بين هذه القوال لنه تارة يؤاخذهم بهذا وتارة‬
‫بهذا بحسب الحوال‪ ,‬والله أعلم‪ .‬وقببوله‪} :‬يحلفببون بببالله‬
‫ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلمهم{ قال‬
‫قتادة‪ :‬نزلت في عبد الله بن أبي وذلببك أنببه اقتتببل رجلن‬
‫جهني وأنصاري فعل الجهنببي علببى النصبباري‪ ,‬فقببال عبببد‬
‫الله للنصار أل تنصروا أخاكم ؟ والله ما مثلنا ومثل محمد‬
‫إل كما قال القائل‪ :‬سببمن كلببك يأكلببك‪ ,‬وقببال لئن رجعنببا‬
‫إلى المدينة ليخرجن العببز منهببا الذل‪ ,‬فسببعى بهببا رجببل‬
‫من المسلمين إلى النبي صلى اللببه عليببه وسببلم فأرسببل‬
‫إليه فسأله فجعل يحلف بالله ما قاله‪ ,‬فأنزل الله فيه هذه‬
‫ليببة‪ ,‬وروى إسببماعيل بببن إبراهيببم بببن عقبببة عببن عمببه‬ ‫ا َ‬
‫موسى بن عقبة قال‪ :‬فحببدثني عبببد اللببه بببن الفضببل أنببه‬
‫سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول‪ :‬حزنت على من‬
‫أصيب بالحرة من قومي فكتب إلي زيببد بببن أرقببم وبلغببه‬
‫شدة حزني يذكر أنه سمع رسول الله يقول‪» :‬اللهم اغفر‬
‫للنصار ولبناء النصار« وشك ابن الفضل فببي أبنبباء أبنبباء‬
‫النصار قال ابن الفضل‪ :‬فسأل أنس بعض من كان عنببده‬
‫عن زيد بن أرقم فقال‪ :‬هو الذي يقول لهرسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬أوفى الله له بببإذنه« قببال‪ :‬وذلببك حيببن‬
‫سمع رجل ً من المنبافقين يقببول ورسببول اللبه صبلى اللبه‬
‫عليببه وسببلم يخطببب‪ :‬لئن كببان صببادقا ً فنحببن شببر مببن‬
‫الحمير‪ ,‬فقال زيد بن أرقم‪ :‬فهو واللبه صبادق ولنبت شبر‬

‫‪93‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من الحمار‪ .‬ثم رفع ذلك إلى رسول الله صببلى اللببه عليببه‬
‫ليبة تصبديقا ً لزيببد‪,‬‬ ‫وسلم فجحده القائل فأنزل الله هببذه ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬رواه البخبباري‬ ‫يعني قوله‪} :‬يحلفون بالله ما قالوا{ ا َ‬
‫في صحيحه عن إسماعيل بن أبي أويس عن إسماعيل بن‬
‫إبراهيم بن عقبة ب إلى قببوله بب هببذا الببذي أوفببى اللببه لببه‬
‫بإذنه‪ ,‬ولعل ما بعده من قول موسى بن عقبببة‪ ,‬وقببد رواه‬
‫محمد بن فليح عن موسى بن عقبة بإسناده‪ :‬ثم قال قببال‬
‫ابن شهاب فذكر ما بعببده عببن موسببى عببن ابببن شببهاب‪.‬‬
‫والمشهور فببي هببذه القصببة أنببه كببانت فببي غببزوة بنببي‬
‫لية‪ ,‬وأراد أن يذكر‬ ‫المصطلق فلعل الراوي وهم في ذكر ا َ‬
‫غيرها فذكرها‪,‬والله أعلم‪ .‬قال الموي في مغببازيه‪ :‬حببدثنا‬
‫محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبببد الرحمببن بببن عبببد‬
‫الله بن كعب بن مالك عن أبيه عببن جببده قببال‪ :‬لمببا قببدم‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسببلم أخببذني قببومي فقببالوا‪:‬‬
‫إنك امرؤ شاعر فإن شئت أن تعتذر إلى رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم ببعض العلة ثببم يكببون ذنب با ً تسببتغفر اللببه‬
‫منه‪ ,‬وذكر الحديث بطوله إلى أن قال‪ :‬وكان ممببن تخلببف‬
‫من المنافقين ونزل فيه القرآن منهم ممن كان مببع النبببي‬
‫صلى اللببه عليببه وسببلم الجلس بببن سببويد بببن الصببامت‪,‬‬
‫وكان على أم عمير بن سعد‪ ,‬وكان عمير في حجره‪ ,‬فلمببا‬
‫نزل القرآن وذكرهم الله بما ذكر مما أنزل في المنببافقين‬
‫قال الجلس‪ :‬والله لئن كان هذا الرجل صادقا ً فيمبا يقبول‬
‫لنحن شر من الحميببر ؟ فسببمعها عميببر بببن سببعد فقببال‪:‬‬
‫ي وأحسببنهم بلء عنببدي‬ ‫والله يا جلس إنك لحب الناس إل ّ‬
‫ي أن يصله شيء يكرهه‪ ,‬ولقد قلت مقالة لئن‬ ‫وأعزهم عل ّ‬
‫ذكرتها لتفضحنك ولئن كتمتهببا لتهلكنببي‪ ,‬ولحببداهما أهببون‬
‫ي من الخرى‪ ,‬فمشى إلى رسول الله صلى اللبه عليبه‬ ‫عل ّ‬
‫وسلم فذكر لببه مببا قببال الجلس‪ ,‬فلمببا بلببغ ذلببك الجلس‬
‫خرج حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فحلف بالله ما‬
‫قال ما قال عمير بن سعد ولقد كذب علي‪ ,‬فأنزل الله عز‬
‫وجل فيه }يحلفون بالله ما قالوا ولقد قببالوا كلمببة الكفببر‬
‫لية‪ ,‬فببوقفه رسببول اللببه‬ ‫وكفروا بعد إسلمهم{ إلى آخر ا َ‬

‫‪94‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صببلى اللببه عليببه وسببلم عليهببا فزعمببوا أن الجلس تبباب‬
‫فحسببببببنت تببببببوبته ونببببببزع فأحسببببببن النببببببزوع‪.‬‬
‫هكذا جاء هذا مدرجا ً في الحديث متصل ً بببه وكببأنه واللببه‬
‫أعلم مببن كلم ابببن إسببحاق نفسببه ل مببن كلم كعببب بببن‬
‫لية فببي الجلس‬ ‫مالك‪ ,‬وقال عروة بن الزبير‪ :‬نزلت هذه ا َ‬
‫بن سويد بن الصامت‪ ,‬أقبل هو وابن امرأتببه مصببعب مببن‬
‫قباء‪ ,‬فقال الجلس‪ :‬إن كان ما جاء به محمببد حق با ً فنحببن‬
‫أشر من حمرنا هذه التي نحن عليهببا‪ ,‬فقببال مصببعب‪ :‬أمببا‬
‫والله يا عببدو اللببه لخبببرن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم بما قلت فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وخفببت‬
‫ي القببرآن أو تصببيبني قارعببة أو أن أخلببط‬ ‫أن ينببزل فبب ّ‬
‫بخطيئته‪ ,‬فقلت‪ :‬يا رسببول اللببه أقبلببت أنببا والجلس مببن‬
‫قببباء فقببال كببذا وكببذا ولببول مخافببة أن أخلببط بخطيئة أو‬
‫تصيبني قارعة ما أخبرتك‪ ,‬قببال‪ :‬فببدعا الجلس فقببال »يببا‬
‫جلس أقلببت الببذي قبباله مصببعب ؟« فحلببف فببأنزل اللببه‬
‫ليببة وقببال محمببد بببن إسببحاق‪:‬‬ ‫}يحلفون بالله ما قالوا{ ا َ‬
‫كان الذي قال تلك المقالة فيما بلغنببي الجلس بببن سببويد‬
‫بن الصامت فرفعها عليه رجل كببان فببي حجببره يقببال لببه‬
‫عمير بن سعد فأنكرها فحلف بالله ما قالها‪ ,‬فلما نزل فيه‬
‫القرآن تاب ونزع وحسنت توبته فيما بلغني‪ ,‬وقببال المببام‬
‫أبو جعفر بن جرير‪ :‬حدثني أيوب بن إسببحاق بببن إبراهيببم‪,‬‬
‫حدثنا عبد الله بن رجاء‪ ,‬حببدثنا إسببرائيل عببن سببماك عببن‬
‫سعيد بن جبير عن ابن عباس قال‪ :‬كان رسول الله صببلى‬
‫اللببه عليببه وسببلم جالس با ً فببي ظببل شببجرة فقببال‪» :‬إنببه‬
‫سيأتيكم إنسان فينظر إليكم ب بعيني الشيطان ب فببإذا جبباء‬
‫فل تكلموه« فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق فببدعاه رسببول‬
‫الله صلى اللببه عليببه وسببلم فقببال‪» :‬علم تشببتمني أنببت‬
‫وأصحابك ؟« فانطلق الرجل فجاءه بأصحابه فحلفوا بببالله‬
‫ما قالوا حتى تجاوز عنهم‪ ,‬فأنزل الله عز وجببل }يحلفببون‬
‫لية‪ ,‬وقوله }وهمببوا بمبا لبم ينببالوا{ قيببل‬ ‫بالله ما قالوا{ ا َ‬
‫أنزلببت فببي الجلس بببن سببويد وذلببك أنببه هببم بقتببل ابببن‬
‫امرأتببه حيببن قببال لخبببرن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬

‫‪95‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسلم‪ ,‬وقيل في عبد الله بن أبي‪ ,‬هببم بقتببل رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسببلم‪ ,‬وقببال السببدي‪ :‬نزلببت فببي أنبباس‬
‫أرادوا أن يتوجوا عبد الله بببن أبببي وإن لببم يببرض رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم وقد ورد أن نفرا ً من المنافقين‬
‫هموا بالفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم وهببو فببي غببزوة‬
‫تبوك‪ ,‬في بعض تلك الليالي في حال السير‪ ,‬وكانوا بضببعة‬
‫ليببة‪ ,‬وذلببك‬‫ل‪ ,‬قال الضحاك‪ :‬ففيهم نزلببت هببذه ا َ‬ ‫عشر رج ً‬
‫بين فيما رواه الحافظ أبببو بكببر البببيهقي فببي كتبباب دلئل‬
‫النبوة مببن حببديث محمببد بببن إسببحاق عببن العمببش عببن‬
‫عمرو بن مرة عبن أببي البخبتري عبن حذيفبة ببن اليمبان‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬كنت آخببذا ً بخطببام ناقببة رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم أقود به وعمار يسببوق الناقببة أو أنببا‬
‫أسوقه وعمار يقوده حببتى إذا كنببا بالعقبببة فببإذا أنببا ببباثني‬
‫عشر راكبا ً قد اعترضببوه فيهببا‪ ,‬قببال فببأنبهت رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليببه وسببلم بهببم‪ ,‬فصببرخ بهببم فولببوا مببدبرين‬
‫فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسبلم‪» :‬هبل عرفتببم‬
‫القوم ؟« قلنا‪ :‬ل يا رسول الله قد كانوا متلثمين ولكنا قببد‬
‫عرفنا الركاب قال‪» :‬هببؤلء المنببافقون إلببى يببوم القيامببة‬
‫وهبببل تبببدرون مبببا أرادوا ؟« قلنبببا‪ :‬ل‪ ,‬قبببال‪» :‬أرادوا أن‬
‫يزاحموا رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم فببي العقبببة‬
‫فيلقوه منها« قلنا‪ :‬يا رسول الله أفل تبعث إلى عشببائرهم‬
‫حتى يبعث إليك كل قوم برأس صاحبهم ؟ قال‪» :‬ل‪ ,‬أكره‬
‫أن تتحببدث العببرب بينهببا أن محمببدا ً قاتببل بقببوم حببتى إذا‬
‫أظهره الله بهم أقبببل عليهببم يقتلهببم ب ب ثببم قببال ب ب اللهببم‬
‫ارمهم بالدبيلة« قلنا‪ :‬يا رسببول اللببه ومببا الدبيلببة ؟ قببال‪:‬‬
‫»شهاب من نار يقع على نياط قلب أحدهم فيهلببك‪ ,‬وقببال‬
‫المام أحمد رحمه الله‪ :‬حدثنا يزيد أخبرنببا الوليببد بببن عبببد‬
‫الله بن جميع عن أبي الطفيل قال‪ :‬لما أقبل رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم من غزوة تببوك أمبر مناديبا ً فنبادى‪:‬‬
‫إن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم أخببذ العقبببة فل‬
‫يأخذها أحد فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوده‬
‫حذيفة ويسوقه عمار إذ أقبل رهط متلثمون على الرواحل‬

‫‪96‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فغشوا عمارا ً وهبو يسبوق برسبول اللبه صبلى اللبه عليبه‬
‫وسلم فأقبل عمار رضي الله عنه يضرب وجببوه الرواحببل‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحذيفة »قببد قببد«‬
‫حتى هبط رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم فلمببا هبببط‬
‫نزل ورجع عمار فقببال يببا عمببار‪» :‬هببل عرفببت القببوم ؟«‬
‫قال‪ :‬لقد عرفت عامة الرواحل والقوم متلثمون قال »هل‬
‫تدري ما أرادوا ؟« قال‪ :‬الله ورسبوله أعلبم قبال‪» :‬أرادوا‬
‫أن ينفروا برسول اللهب صببلى اللببه عليببه وسببلم بب راحلتببه‬
‫فيطرحوه« قال‪ :‬فسببأل عمببار رجل ً مببن أصببحاب رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم فقببال نشببدتك بببالله كببم تعلببم‬
‫كان أصحاب العقبببة ؟ قببال‪ :‬أربعببة عشببر رجل ً فقببال‪ :‬إن‬
‫كنت منهم فقد كانوا خمسة عشر قببال فعببد رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم منهم ثلثببة قببالوا‪ :‬واللببه مببا سببمعنا‬
‫منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما علمنا ما أراد‬
‫القوم فقال عمار أشهد‪ :‬أن الثني عشر الباقين حرب لله‬
‫ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الشهاد‪ ,‬وهكذا روى‬
‫ابن لهيعة عن أبي السود عن عروة ببن الزبيبر نحبو هبذا‪,‬‬
‫وأن رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم أمببر أن يمشببي‬
‫الناس في بطن الوادي وصعد هو وحذيفة وعمببار العقبببة‪,‬‬
‫فتبعهم هؤلء النفر الرذلون وهم متلثمون فأرادوا سببلوك‬
‫العقبة‪ ,‬فأطلع الله على مرادهببم رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليببه وسببلم فببأمر حذيفببة فرجببع إليهببم فضببرب وجببوه‬
‫رواحلهم ففزعببوا ورجعببوا مقبببوحين‪ ,‬وأعلببم رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم حذيفة وعمارا ً بأسببمائهم ومببا كببانوا‬
‫هموا به من الفتك به صلوات الله وسلمه عليببه وأمرهمببا‬
‫أن يكتمببا عليهببم‪ ,‬وكببذا روى يببونس بببن بكيببر عببن ابببن‬
‫إسببحاق‪ ,‬إل أنببه سببمى جماعببة منهببم‪ ,‬فببا للببه أعلببم‪.‬‬
‫وكذا قد حكي في معجم الطبراني قاله البيهقي‪ ,‬ويشهد‬
‫لهذه القصة بالصحة ما رواه مسلم‪ :‬حدثنا زهير بن حببرب‬
‫حدثنا أبو أحمد الكوفي‪ ,‬حدثنا الوليد بن جميببع‪ ,‬حببدثنا أبببو‬
‫الطفيل قال‪ :‬كان بين رجل من أهل العقبببة وبيببن حذيفببة‬
‫بعض ما يكون بين الناس‪ ,‬فقببال‪ :‬أنشببدك بببالله كببم كببان‬

‫‪97‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أصحاب العقبة ؟ قال‪ :‬فقال له القوم‪ :‬أخبببره إذ سببألك ؟‬
‫فقال‪ :‬كنا نخبر أنهم أربعة عشر فإن كنت منهم فقببد كببان‬
‫القوم خمسببة عشببر‪ ,‬وأشببهد بببالله أن اثنببي عشببر منهببم‬
‫حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويببوم يقببوم الشببهاد‪,‬‬
‫وعذر ثلثة قالوا‪ :‬ما سمعنا منادي رسول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم ول علمنا بما أراد القوم ؟ وقد كببان فببي حببرة‬
‫يمشي فقال‪ :‬إن الماء قليل فل يسبقني إليببه أحببد‪ ,‬فوجببد‬
‫قوما ً قد سبقوه فلعنهم يومئذ‪ ,‬وما رواه مسببلم أيضبا ً مببن‬
‫حديث قتادة عن أبي نضرة عن قيس بن عببباد عببن عمببار‬
‫بن ياسر قال‪ :‬أخبرني حذيفة عن النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم أنه قال‪» :‬في أصحابي اثنا عشر منافقبا ً ل يببدخلون‬
‫الجنة ول يجدون ريحها حتى يلج الجمل في سببم الخيبباط‪:‬‬
‫ثمانية منهم تكفيكهببم الدبيلببة سببراج مببن نببار تظهببر بيببن‬
‫أكتافهم حتى ينجم في صدورهم« ولهذا كان حذيفببة يقببال‬
‫له صاحب السر الذي ل يعلمه غيره أي من تعيين جماعببة‬
‫من المنافقين وهم هببؤلء قببد أطلعببه عليهببم رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم دون غيره‪ ,‬والله أعلببم‪ ,‬وقببد ترجببم‬
‫الطبراني في مسببند حذيفببة تسببمية أصببحاب العقبببة‪ ,‬ثببم‬
‫روي عن علي بن عبد العزيز عن الزبير بن بكار أنه قببال‪:‬‬
‫هم معتب بن قشيرة ووديعة بن ثابت وجد بن عبد الله بن‬
‫نبتل بن الحارث من بني عمرو بن عوف والحارث بن يزيد‬
‫الطائي وأوس بن قيظبي والحبارث ببن سبويد وسبعد ببن‬
‫زرارة وقيس بن فهد وسويد بن داعببس مببن بنببي الحبلببى‬
‫وقيس بن عمرو بن سهل وزيببد بببن اللصببيت وسببللة بببن‬
‫الحمبببام وهمبببا مبببن بنبببي قينقببباع أظهبببرا السبببلم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وما نقموا إل أن أغناهم الله ورسوله من‬
‫فضله{ أي وما للرسبول عنبدهم ذنبب إل أن اللبه أغنباهم‬
‫ببركته ويمن سعادته‪ ,‬ولو تمت عليه السعادة لهداهم اللببه‬
‫لما جاء به كما قال صلى الله عليه وسببلم للنصببار‪» :‬ألببم‬
‫أجدكم ضلل ً فهداكم الله بي وكنتم متفرقين فألفكم اللببه‬
‫بي‪ ,‬وعالة فأغناكم الله بببي« كلمببا قببال شببيئا ً قببالوا اللببه‬
‫ن‪ .‬وهذه الصببيغة تقببال حيببث ل ذنببب‪ ,‬كقببوله‪:‬‬ ‫ورسوله أم ّ‬

‫‪98‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليببة‪ .‬وقببوله عليببه‬ ‫}وما نقموا منهم إل أن يؤمنوا بببالله{ ا َ‬
‫السلم »ما ينقم ابن جميل إل أن كان فقيرا ً فأغناه اللببه«‬
‫ثم دعاهم الله تبارك وتعالى إلى التوبة فقال }فإن يتوبببوا‬
‫يك خيرا ً لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا ً أليما ً فببي الببدنيا‬
‫لخببرة{ أي وإن يسببتمروا علببى طريقهببم يعببذبهم اللببه‬ ‫وا َ‬
‫لخببرة أي‬ ‫عذابا ً أليما ً في الدنيا أي بالقتل والهم والغببم‪ ,‬وا َ‬
‫بالعذاب والنكال والهوان والصببغار }ومببا لهببم فببي الرض‬
‫مببن ولببي ول نصببير{ أي وليببس لهببم أحببد يسببعدهم ول‬
‫ينجبببدهم ل يحصبببل لهبببم خيبببرا ً ول يبببدفع عنهبببم شبببرًا‪.‬‬

‫ن‬ ‫صبد ّقَ ّ‬ ‫ضبل ِهِ ل َن َ ّ‬ ‫مببن فَ ْ‬ ‫ن آَتان َببا ِ‬ ‫ه ل َئ ِ ْ‬ ‫عاهَبد َ الل ّب َ‬ ‫ن َ‬ ‫مب ْ‬ ‫م ّ‬ ‫من ْهُب ْ‬ ‫** وَ ِ‬
‫خل ُببوا ْ ب ِب ِ‬
‫ه‬ ‫ض بل ِهِ ب َ ِ‬ ‫من فَ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫مآ آَتاهُ ْ‬ ‫ن * فَل َ ّ‬ ‫َ‬ ‫حي‬‫صال ِ ِ‬‫ّ‬ ‫ن ال‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ن ِ‬ ‫ّ‬ ‫كون َ‬‫وَل َن َ ُ‬
‫ى‬ ‫ب‬ ‫م إ ِل َ‬ ‫ه‬ ‫ب‬‫بو‬ ‫ب‬‫م ن َِفاق با ً فِببي قُل ُ‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ع‬ ‫وتوّلوا ْ وهم معرضون * فَأ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ ُ ْ ّ ْ ِ ُ َ‬ ‫ََ َ‬
‫كاُنوا ْ ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫كببذُِبو َ‬ ‫ما َ‬ ‫دوهُ وَب ِ َ‬ ‫ما وَعَ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫خل َُفوا ْ الل ّ َ‬ ‫مآ أ ْ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫ي َوْم ِ ي َل َْقوْن َ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ه عَل ّ ُ‬ ‫ن الل ّب َ‬ ‫م وَأ ّ‬ ‫واهُ ْ‬‫جب َ‬ ‫م وَن َ ْ‬ ‫سبّرهُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ي َعْل َب ُ‬‫ن الل ّب َ‬ ‫موا ْ أ ّ‬ ‫م ي َعْل َ ُ‬ ‫أل َ ْ‬
‫ب‬‫ال ْغُُيببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببو ِ‬
‫يقببول تعببالى ومببن المنببافقين مببن أعطببى اللببه عهببده‬
‫وميثاقه لئن أغناه من فضله ليصببدقن مببن مبباله وليكببونن‬
‫من الصالحين‪ ,‬فما وفى بمببا قببال ول صببدق فيمببا ادعببى‪,‬‬
‫فأعقبهم هببذا الصببنيع نفاقبا ً سببكن فببي قلببوبهم إلببى يببوم‬
‫يلقون الله عز وجل يوم القيامة عياذا ً بالله من ذلك‪ ,‬وقببد‬
‫ذكببر كببثير مببن المفسببرين منهببم ابببن عببباس والحسببن‬
‫لية الكريمببة فببي ثعلبببة بببن‬ ‫البصري أن سبب نزول هذه ا َ‬
‫حاطب النصاري‪ ,‬وقد ورد فيه حديث رواه ابن جرير ههنا‪,‬‬
‫وابن أبي حاتم من حديث معان ببن رفاعبة عبن علبي ببن‬
‫يزيد عن أبي عبد الرحمن القاسم بن عبد الرحمببن مببولى‬
‫عبد الرحمن بن يزيد بن معاويببة عببن أبببي أمامببة الببباهلي‬
‫عن ثعلبة بن حاطب النصاري‪ ,‬أنه قال لرسول الله صبلى‬
‫ل‪ ,‬قببال‪ :‬فقببال‬ ‫الله عليه وسببلم‪ :‬ادع اللببه أن يرزقنببي مببا ً‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ويحك يببا ثعلبببة قليببل‬
‫تؤدي شكره خير من كثير ل تطيقه« قببال‪ :‬ثببم قببال مببرة‬

‫‪99‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أخرى فقال‪» :‬أما ترضى أن تكون مثل نبي الله ب فو الذي‬
‫ة‬‫نفسي بيده لو شئت أن تسببير الجبببال معببي ذهب با ً وفض ب ً‬
‫لسارت« قال‪ :‬والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله فرزقني‬
‫مال ً لعطين كل ذي حق حقه‪ ,‬فقال رسول الله صلى الله‬
‫ل« قببال فاتخببذ غنم با ً‬
‫عليه وسببلم »اللهببم ارزق ثعلبببة مببا ً‬
‫فنمت كما ينمو الدود فضاقت عليببه المدينببة فتنحببى عنهببا‬
‫فنزل واديا ً من أوديتها حببتى جعببل يصببلي الظهببر والعصببر‬
‫في جماعة ويترك مببا سببواهما‪ ,‬ثببم نمببت وكببثرت فتنحببى‬
‫حتى ترك الصلوات إل الجمعة‪ ,‬وهي تنمو كما ينمببو الببدود‬
‫حتى تببرك الجمعببة‪ ,‬فطفببق يتلقببى الركبببان يببوم الجمعببة‬
‫ليسألهم عن الخبببار فقببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬ما فعل ثعلبة ؟« فقالوا‪ :‬يا رسول الله اتخذ غنما ً‬
‫فضاقت عليببه المدينببة‪ ,‬فببأخبروه بببأمره‪ ,‬فقببال‪» :‬يببا ويببح‬
‫ثعلبببببببة يببببببا ويببببببح ثعلبببببببة يببببببا ويببببببح ثعلبببببببة«‪.‬‬
‫ليببة‪,‬‬ ‫وأنزل الله جل ثناؤه }خببذ مببن أمببوالهم صببدقة{ ا َ‬
‫ونزلت فرائض الصدقة فبعث رسول الله صلى اللببه عليببه‬
‫وسلم رجلين على الصدقة من المسلمين رجل ً من جهينببة‬
‫ورجل ً من سببليم وكتببب لهمببا كيببف يأخببذان الصببدقة مببن‬
‫المسلمين‪ ,‬وقال لهما‪» :‬مرا بثعلبة وبفلن ب رجل من بني‬
‫سليم ب فخذا صدقاتهما« فخرجببا حببتى أتيببا ثعلبببة فسببأله‬
‫الصدقة وأقرآه كتاب رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‪,‬‬
‫فقال‪ :‬ما هذه إل جزية ما هذه إل أخت الجزية ما أدري ما‬
‫ي فانطلقا وسمع بهمببا‬ ‫هذا ؟ انطلقا حتى تفرغا ثم عودا إل ّ‬
‫السلمي فنظر إلى خيار أسببنان إبلببه فعزلهببا للصببدقة ثببم‬
‫استقبلهما بهما‪ ,‬فلما رأوها قالوا ما يجببب عليببك هببذا ومببا‬
‫نريد أن نأخذ هذا منك‪ ,‬فقببال‪ :‬بلببى فخببذوها فببإن نفسببي‬
‫بذلك طيبة وإنما هي لله‪ ,‬فأخذاها منه ومببرا علببى النبباس‬
‫فأخذا الصدقات ثم رجعا إلى ثعلبة فقببال‪ :‬أرونببي كتابكمببا‬
‫فقرأه فقببال مببا هببذه إل جزيببة مببا هببذه إل أخببت الجزيببة‬
‫انطلقا حتى أرى رأيي‪ ,‬فانطلقا حتى أتيا النبي صببلى اللببه‬
‫عليببه وسببلم فلمببا رآهمببا قببال‪» :‬يببا ويببح ثعلبببة« قبببل أن‬
‫يكلمهما ودعا للسلمي بالبركة فأخبراه بالببذي صببنع ثعلبببة‬

‫‪100‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والذي صنع السلمي‪ ,‬فأنزل اللببه عببز وجببل }ومنهببم مببن‬
‫ليببة‪ ,‬قببال وعنببد‬ ‫عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصببدقن{ ا َ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل مببن أقببارب ثعلبببة‬
‫فسمع ذلك فخرج حتى أتاه فقال‪ :‬ويحك يا ثعلبة قد أنببزل‬
‫الله فيك كذا وكذا‪ ,‬فخرج ثعلبة حتى أتى النبي صلى اللببه‬
‫عليه وسلم فسأله أن يقبل منه صدقته‪ ,‬فقببال‪ :‬ويحببك إن‬
‫الله منعني أن أقبل منك صدقتك« فجعل يحثو على رأسه‬
‫التراب‪ ,‬فقال له رسول الله صلى الله عليه وسببلم »هببذا‬
‫عملك قد أمرتك فلم تطعني« فلما أبى رسول الله صببلى‬
‫الله عليه وسلم أن يقبل صدقته رجع إلببى منزلببه‪ ,‬فقبببض‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقبل منه شببيئًا‪ ,‬ثببم‬
‫أتى أبا بكر رضي الله عنه حين استخلف فقال قبد علمبت‬
‫منزلتي من رسول الله صلى الله عليببه وسببلم وموضببعي‬
‫من النصار فاقبل صدقتي‪ ,‬فقال أبو بكببر لببم يقبلهببا منببك‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى أن يقبلهببا‪ ,‬فقبببض‬
‫أبببببببببببببببو بكببببببببببببببر ولببببببببببببببم يقبلهببببببببببببببا‪.‬‬
‫فلمببا ولببي عمببر رضببي اللببه عنببه أتبباه فقببال‪ :‬يببا أميببر‬
‫المؤمنين اقبل صدقتي فقال‪ :‬لم يقبلها رسول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم ول أبو بكر وأنا أقبلها منك ؟ فقبببض ولببم‬
‫يقبلها‪ ,‬فلما ولي عثمان رضي الله عنببه أتبباه فقببال‪ :‬اقبببل‬
‫صدقتي فقال لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسببلم‬
‫ول أبو بكر ول عمر وأنا أقبلها منك ؟ فلم يقبلها منه فهلك‬
‫ثعلبة في خلفة عثمان‪ ,‬وقوله تعالى‪} :‬بما أخلفوا الله مببا‬
‫ليببة‪ ,‬أي أعقبهببم النفبباق فببي قلببوبهم بسبببب‬ ‫وعببدوه{ ا َ‬
‫إخلفهم الوعد وكذبهم كما في الصحيحين عن رسول الله‬
‫صلى اللببه عليببه وسببلم أنببه قببال »آيببة المنببافق ثلث‪ :‬إذا‬
‫حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان« وله شببواهد‬
‫كببثيرة‪ ,‬واللببه أعلببم‪ .‬وقببوله‪} :‬ألببم يعلمببوا أن اللببه يعلببم‬
‫لية‪ ,‬يخبر تعالى أنه يعلم السر وأخفى‪,‬‬ ‫سرهم ونجواهم{ ا َ‬
‫وأنه أعلم بضمائرهم وإن أظهروا أنه إن حصل لهم أموال‬
‫تصببدقوا منهببا وشببكروا عليهببا فببإن اللببه أعلببم بهببم مببن‬

‫‪101‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أنفسببهم‪ ,‬لنببه تعببالى علم الغيببوب أي يعلببم كببل غيببب‬
‫وشببهادة وكببل سببر ونجببوى ويعلببم مببا ظهببر ومببا بطببن‪.‬‬

‫ت‬‫ص بد ََقا ِ‬
‫ن فِببي ال ّ‬ ‫مِني َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬‫عي َ‬ ‫مط ّوّ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مُزو َ‬ ‫ن ي َل ْ ِ‬ ‫** ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫خَر الّلب ُ‬
‫ه‬ ‫سب ِ‬
‫م َ‬‫من ُْهب ْ‬‫ن ِ‬‫خُرو َ‬ ‫سب َ‬‫م فَي َ ْ‬ ‫جْهبد َهُ ْ‬‫ن إ ِل ّ ُ‬‫دو َ‬‫ج ُ‬ ‫ن ل َ يَ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫َوال ّ ِ‬
‫َ‬
‫م‬
‫ب أِليبببببببببببب ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫عبببببببببببب َ‬ ‫م َ‬ ‫م وَل َُهبببببببببببب ْ‬ ‫من ُْهبببببببببببب ْ‬ ‫ِ‬
‫وهذا أيضا ً من صفات المنافقين ل يسلم أحد من عيبهببم‬
‫ولمزهم في جميع الحوال حتى ول المتصببدقون يسببلمون‬
‫منهم‪ ,‬إن جاء أحد منهم بمال جزيل قالوا هببذا مببراء‪ ,‬وإن‬
‫جاء بشيء يسير قالوا‪ :‬إن الله لغني عن صدقة هببذا‪ ,‬كمببا‬
‫روى البخاري حدثنا عبيد الله بن سعيد‪ ,‬حدثنا أبو النعمببان‬
‫البصري‪ ,‬حدثنا شعبة عن سليمان عن أببي وائل عبن أببي‬
‫مسعود رضي الله عنه قببال‪ :‬لمببا نزلببت آيببة الصببدقة كنببا‬
‫نحامببل علببى ظهورنببا‪ ,‬فجبباء رجببل فتصببدق بشببيء كببثير‬
‫فقالوا‪ :‬مرائي‪ ,‬وجاء رجل فتصدق بصبباع‪ :‬فقببالوا إن اللببه‬
‫لغني عن صدقة هذا‪ .‬فنزلت }الذين يلمزون المطببوعين{‬
‫لية‪ .‬وقد رواه مسلم أيضا ً في صحيحه من حببديث شببعبة‬ ‫ا َ‬
‫به‪ ,‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا يزيد حدثنا الجريري عببن أبببي‬
‫السليل قال‪ :‬وقف علينا رجل في مجلسببنا بببالبقيع فقببال‪:‬‬
‫حدثني أبي أو عمي أنه رأى رسول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم بالبقيع وهو يقول‪» :‬من يتصدق بصدقة أشهد له بها‬
‫يوم القيامة« قال‪ :‬فحللت من عمامتي لوثا أو لببوثين وأنببا‬
‫أريد أن أتصدق بهما‪ ,‬فأدركني ما يببدرك ابببن آدم فعقببدت‬
‫على عمببامتي‪ ,‬فجبباء رجببل لببم أر بببالبقيع رجل ً أشببد منببه‬
‫سوادا ً ول أصببغر منببه ول أدم‪ ,‬ببعيببر سبباقه لببم أر بببالبقيع‬
‫ناقة أحسببن منهببا فقببال‪ :‬يببا رسببول اللببه أصببدقة ؟ قببال‪:‬‬
‫»نعم« قال‪ :‬دونك هذه الناقة‪ ,‬قال فلمزه رجل فقال‪ :‬هذا‬
‫يتصدق بهذه فو الله لهي خير منه‪ .‬قال‪ :‬فسببمعها رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم فقال »كذبت بل هو خيببر منببك‬
‫ومنها« ثلث مرات‪ ,‬ثم قال‪» :‬ويببل لصببحاب المئيببن مببن‬
‫البل« ثلثا ً قالوا إل من يا رسول الله ؟ قال‪» :‬إل من قال‬

‫‪102‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بالمال هكذاوهكذا« وجمع بين كفيه عن يمينه وعن شماله‬
‫ثم قبال‪» :‬قبد أفلبح المزهبد المجهبد« ثلثبا‪ .‬المزهبد فبي‬
‫العيش‪ ,‬المجهد في العبادة‪ ,‬وقال علي بن أبي طلحة عببن‬
‫لية قال‪ :‬جاء عبد الرحمن بببن عببوف‬ ‫ابن عباس في هذه ا َ‬
‫بأربعين أوقية من ذهب إلى رسول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم وجاءه رجل مببن النصببار بصبباع مببن طعببام‪ ,‬فقببال‬
‫بعض المنافقين‪ :‬والله ما جاء عبد الرحمن بما جبباء بببه إل‬
‫ريبباء‪ ,‬وقببالوا‪ :‬إن اللببه ورسببوله لغنيببان عببن هببذا الصبباع‪.‬‬
‫وقال العوفي عن ابن عباس‪ :‬إن رسول اللببه خببرج إلببى‬
‫النبباس يوم با ً فنببادى فيهببم أن اجمعببوا صببدقاتكم‪ ,‬فجمببع‬
‫الناس صدقاتهم‪ ,‬ثم جاء رجل من آخرهم بصاع مببن تمببر‪,‬‬
‫فقال‪ :‬يا رسول اللبه هبذا صباع مبن تمبر ببت ليلببتي أجببر‬
‫بالجرير الماء حتى نلت صاعين من تمر فأمسكت أحدهما‬
‫لخر‪ ,‬فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن‬ ‫وأتيتك با َ‬
‫ينثره في الصببدقات‪ ,‬فسببخر منببه رجببال وقببالوا‪ :‬إن اللببه‬
‫ورسوله لغنيان عن هذا وما يصنعون بصبباعك مببن شببيء‪,‬‬
‫ثم إن عبد الرحمن بن عوف قال لرسول الله صببلى اللببه‬
‫عليه وسبلم‪ :‬هبل بقبي أحبد مبن أهبل الصبدقات ؟ فقبال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬لم يبببق أحببد غيببرك«‬
‫فقال له عبد الرحمن بن عوف فإن عندي مائة أوقية مببن‬
‫ذهب في الصدقات‪ ,‬فقال له عمر بن الخطاب رضي اللببه‬
‫عنه أمجنون أنت ؟ قال ليس ببي جنبون‪ ,‬قبال أفعلبت مبا‬
‫فعلببت ؟ قببال‪ :‬نعببم مببالي ثمانيببة آلف أمببا أربعببة آلف‬
‫فأقرضها ربي وأماأربعة آلف فلي‪ ,‬فقال لببه رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم »بارك الله لك فيما أمسكت وفيمببا‬
‫أعطيت« ولمزه المنافقون فقببالوا واللببه مببا أعطببى عبببد‬
‫الرحمن عطيته إل رياء وهم كاذبون إنما كان به متطوعببًا‪,‬‬
‫فأنزل الله عز وجل عذره وعببذر صبباحبه المسببكين الببذي‬
‫جاء بالصبباع مببن التمببر فقببال تعببالى فببي كتببابه‪} :‬الببذين‬
‫يلمزون المطوعين مببن المببؤمنين فببي الصببدقات{ ا َ‬
‫ليببة‪,‬‬
‫وهكذا روي عن مجاهد وغير واحد وقال ابن إسحاق‪ :‬كببان‬
‫من المطوعين من المؤمنين في الصببدقات عبببد الرحمببن‬

‫‪103‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن عوف تصدق بأربعة آلف درهم وعاصم بببن عببدي أخببو‬
‫بني العجلن‪ ,‬وذلك أن رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‬
‫رغب فببي الصببدقة وحببض عليهببا فقببام عبببد الرحمببن بببن‬
‫عوف فتصدق بأربعة آلف وقام عاصم بببن عببدي وتصببدق‬
‫بمائة وسق من تمببر فلمزوهمببا وقببالوا‪ :‬مببا هببذا إل ريبباء‪,‬‬
‫وكان الذي تصدق بجهده أبو عقيل أخو بني أنيف الراشي‬
‫حليف بني عمرو بن عوف‪ ,‬أتى بصاع من تمر فأفرغه في‬
‫الصدقة فتضاحكوا به وقالوا‪ :‬إن الله لغني عببن صباع أبببي‬
‫عقيببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببل‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبو بكببر البببزار‪ :‬حببدثنا طببالوت بببن عببباد‪,‬‬
‫حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيببه عببن أبببي‬
‫هريببرة قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪:‬‬
‫»تصدقوا فإني أريد أن أبعث بعثًا« قال فجاء عبد الرحمن‬
‫بن عوف فقال يا رسول اللببه‪ :‬عنببدي أربعببة آلف‪ ,‬ألفيببن‬
‫أقرضهما ربي وألفين لعيالي‪ ,‬فقال رسول الله صلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪» :‬بارك الله لك فيما أعطيت وبارك لببك فيمببا‬
‫أمسكت«‪ ,‬وبات رجل من النصار فأصاب صاعين من تمر‬
‫فقال يا رسول الله‪ :‬أصبت صاعين من تمبر صباع أقرضبه‬
‫لربي وصبباع لعيببالي‪ ,‬قببال فلمببزه المنببافقون وقببالوا‪ :‬مببا‬
‫أعطى الذي أعطى ابن عببوف إل ريبباء‪ ,‬وقببالوا‪ :‬ألببم يكببن‬
‫الله ورسوله غنيين عببن صبباع هببذا ؟ فببأنزل اللببه }الببذين‬
‫يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصببدقات والببذين ل‬
‫ليبة‪ ,‬ثبم رواه عبن‬ ‫يجدون إل جهدهم فيسبخرون منهبم{ ا َ‬
‫أبي كامل عن أبي عوانة عن عمر بن أبي سلمة عببن أبيببه‬
‫مرسل‪ ,‬قال ولم يسنده أحد إل طالوت‪ ,‬وقببال المببام أبببو‬
‫جعفر ابن جرير‪ :‬حدثنا ابن وكيع‪ ,‬حدثنا زيد بن الحباب عن‬
‫موسى بن عبيدة‪ ,‬حدثني خالد بن يسار عن ابن أبي عقيل‬
‫عن أبيه‪ ,‬قال‪ :‬بت أجر الجرير على ظهببري علببى صبباعين‬
‫من تمر‪ ,‬فانقلبت بأحببدهما إلببى أهلببي يتبلغببون بببه وجئت‬
‫لخر أتقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته‬ ‫با َ‬
‫فأخبرته‪ ,‬فقال‪» :‬انثره في الصببدقة« قببال فسببخر القببوم‬
‫وقالوا لقد كان الله غنيا ً عن صدقة هذا المسببكين‪ ,‬فببأنزل‬

‫‪104‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليببتين‪ ,‬وكببذا رواه‬ ‫اللببه }الببذين يلمببزون المطببوعين{ ا َ‬
‫الطبراني من حديث زيد بن حببباب بببه‪ ,‬وقببال‪ :‬اسببم أبببي‬
‫عقيل حباب ويقال عبد الرحمببن بببن عبببد اللببه بببن ثعلبببة‪,‬‬
‫وقوله‪} :‬فيسخرون منهم سخر الله منهم{ هببذا مببن ببباب‬
‫المقابلة على سببوء صببنيعهم واسببتهزائهم بببالمؤمنين‪ ,‬لن‬
‫الجزاء من جنس العمل فعاملهم معاملة من سببخر منهببم‬
‫لخببرة‬‫انتصارا ً للمؤمنين في الدنيا‪ ,‬وأعببد للمنببافقين فببي ا َ‬
‫عبببببذابا ً أليمبببببا ً لن الجبببببزاء مبببببن جنبببببس العمبببببل‪.‬‬

‫** استغْفر ل َه َ‬
‫ن‬‫سببب ِْعي َ‬
‫م َ‬ ‫ست َغِْفْر ل َهُ ْ‬ ‫م ِإن ت َ ْ‬‫ست َغِْفْر ل َهُ ْ‬ ‫م أو ْ ل َ ت َ ْ‬‫ْ َ ِ ْ ُ ْ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫سببول ِ ِ‬‫م ك ََفبُروا ْ ب ِببالل ّهِ وََر ُ‬
‫ك ب ِبأن ّهُ ْ‬‫م ذ َل ِب َ‬‫ه ل َهُ ْ‬
‫مّرةً فََلن ي َغِْفَر الل ّ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫سببببببببببِقي َ‬ ‫م الَفا ِ‬‫ْ‬ ‫ْ‬
‫دي الَقببببببببببوْ َ‬ ‫ه ل َ ي َهْبببببببببب ِ‬ ‫ّ‬
‫َواللبببببببببب ُ‬
‫يخبببر تعببالى نبببيه صببلى اللببه عليببه وسببلم بببأن هببؤلء‬
‫المنببافيقين ليسببوا أهل ً للسببتغفار وأنببه لببو اسببتغفر لهببم‬
‫سبعين مرة فلن يغفر الله لهم‪ ,‬وقد قيل إن السبعين إنما‬
‫ذكببرت حسببما ً لمببادة السببتغفار لهببم‪ ,‬لن العببرب فببي‬
‫أساليب كلمها تذكر السبعين في مبالغة كلمهببا‪ ,‬ول تريببد‬
‫التحديد بها ول أن يكون ما زاد عليها بخلفها‪ ,‬وقيل بل لها‬
‫مفهوم كما روى العوفي عن ابببن عببباس أن رسببول اللببه‬
‫ليببة أسببمع‬ ‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬لما نزلببت هببذه ا َ‬
‫ربي قد رخص لي فيهم فو الله لستغفرن لهببم أكببثر مببن‬
‫سبعين مرة لعل الله أن يغفر لهم« فقال اللببه مببن شببدة‬
‫غضبه عليهم‪} :‬سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تسببتغفر‬
‫لية‪ .‬وقال الشعبي لما ثقل عبد الله بن أبي انطلق‬ ‫لهم{ ا َ‬
‫ابنه إلى النبي صلى الله عليببه وسببلم فقببال‪ :‬إن أبببي قببد‬
‫احتضر فأحب أن تشهده وتصلي عليه فقال له النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬ما اسمك ؟« قال‪ :‬الحباب بن عبد اللببه‬
‫قال‪» :‬بل أنببت عبببد اللببه بببن عبببد اللببه إن الحببباب اسببم‬
‫شيطان«‪ ,‬فانطلق معه حتى شهده وألبسببه قميصببه وهببو‬
‫عرق وصلى عليه فقيببل لببه‪ :‬أتصببلي عليببه وهببو منببافق ؟‬
‫فقببال‪» :‬إن اللببه قببال }إن تسببتغفر لهببم سبببعين مببرة{‬

‫‪105‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ولستغفرن لهم سبعين و سبعين وسبعين« وكذا روي عن‬
‫عروة بن الزبير ومجاهد بن جبير وقتادة بببن دعامببة ورواه‬
‫ابببببببببببببببببببن جريببببببببببببببببببر بأسببببببببببببببببببانيده‪.‬‬

‫ل الل ّهِ وَك َرِهُوَا ْ َأن‬ ‫سو ِ‬ ‫ف َر ُ‬ ‫خل َ َ‬‫م ِ‬ ‫مْقعَدِهِ ْ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫خل ُّفو َ‬ ‫م َ‬‫ح ال ْ ُ‬ ‫** فَرِ َ‬
‫ل الل ّهِ وََقاُلوا ْ ل َ َتنِفُروا ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سِبي ِ‬ ‫م ِفي َ‬ ‫سه ِ ْ‬ ‫م وَأن ُْف ِ‬ ‫وال ِهِ ْ‬‫م َ‬‫دوا ْ ب ِأ ْ‬ ‫جاهِ ُ‬ ‫يُ َ‬
‫َ‬
‫ن*‬ ‫حبّرا ً ل ّبوْ ك َبباُنوا ي َْفَقهُببو َ‬ ‫شبد ّ َ‬ ‫مأ َ‬ ‫جهَن ّب َ‬
‫ل ن َبباُر َ‬ ‫حبّر قُب ْ‬ ‫فِببي ال ْ َ‬
‫ن‬
‫س بُبو َ‬‫مببا ك َبباُنوا ْ ي َك ْ ِ‬
‫ج بَزآًء ب ِ َ‬‫كوا ْ قَِليل ً وَل ْي َب ْك ُببوا ْ ك َِثيببرا ً َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ض َ‬ ‫فَل ْي َ ْ‬
‫يقببول تعببالى ذام با ً للمنببافقين المتخلفيببن عببن صببحابة‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك‪ ,‬وفرحوا‬
‫بقعبببودهم بعبببد خروجبببه }وكرهبببوا أن يجاهبببدوا{ معبببه‬
‫}بأموالهم وأنفسهم فببي سبببيل اللببه وقببالوا{ أي بعضببهم‬
‫لبعض }ل تنفروا في الحر{ وذلك أن الخببروج فببي غببزوة‬
‫تبوك كان في شدة الحر عند طيب الظلل والثمار‪ ,‬فلهببذا‬
‫قالوا }ل تنفروا في الحر{ قال الله تعالى لرسببوله صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪} :‬قل{ لهم }نببار جهنببم{ الببتي تصببيرون‬
‫إليها بمخالفتكم }أشد حرًا{ مما فررتم منه من الحببر بببل‬
‫أشد حرا ً من النار‪,‬كما قال المام مالك عن أبي الزناد عن‬
‫العرج عن أبببي هريببرة أن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم قال‪» :‬نار بني آدم التي توقدونها جببزء مببن سبببعين‬
‫جزءا ً من نار جهنم« فقالوا‪ :‬يا رسول الله إن كانت لكافية‬
‫؟ فقال‪» :‬فضلت عليها بتسعة وستين جزءًا« أخرجاه فببي‬
‫الصحيحين من حديث مالك به‪ ,‬وقال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا‬
‫سفيان عن أبي الزنباد عبن العبرج عبن أببي هريبرة عبن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬إن ناركم هذه جزء من‬
‫سبعين جزءا ً من نار جهنم‪ ,‬وضربت في البحر مرتين ولول‬
‫ذلك ما جعببل اللببه فيهببا منفعببة لحببد« وهذاأيض با ً إسببناده‬
‫صحيح‪ ,‬وقد روى المام أبو عيسببى الترمببذي وابببن مبباجه‬
‫عن عباس الدوري‪ ,‬وعن يحيى بن أبببي بكيببر عببن شببريك‬
‫عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضببي اللببه عنببه‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسببلم‪» :‬أوقببد اللببه‬

‫‪106‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫على النار ألف سنة حتى احمرت‪ ,‬ثم أوقد عليها ألف سنة‬
‫حتى ابيضت‪ ,‬ثم أوقد عليها ألف سنة‪ ,‬حتى اسودت‪ ,‬فهي‬
‫سوداء كالليل المظلم« ثببم قببال الترمببذي‪ :‬ل أعلببم أحببدا ً‬
‫رفعه غير يحيى‪ ,‬كذا قال‪ ,‬وقد رواه الحببافظ أبببو بكببر بببن‬
‫مردويه‪ ,‬عن إبراهيم بن محمد عن محمد بن الحسببين بببن‬
‫مكرم عن عبيد الله بن سعد عن عمه عن شريك وهو ابن‬
‫عببببببببببببببد اللبببببببببببببه النخعبببببببببببببي ببببببببببببببه‪.‬‬
‫وروى أيضا ً ابن مردويه‪ ,‬من رواية مبارك بن فضالة عببن‬
‫ثابت بن أنس قال‪ :‬تل رسول الله صلى اللبه عليبه وسبلم‬
‫»نارا ً وقودها الناس والحجببارة« قببال‪» :‬أوقببد عليهببا ألببف‬
‫عام حتى ابيضت‪ ,‬وألببف عببام حببتى احمببرت‪ ,‬وألببف عببام‬
‫حتى اسودت‪ ,‬فهي سببوداء كالليببل ل يضببيء لهبهببا‪ ,‬وروى‬
‫الحافظ أبو القاسم الطبراني من حببديث تمببام بببن نجيببج‪,‬‬
‫وقببد اختلببف فيببه عببن الحسببن عببن أنببس رفعببه »لببو أن‬
‫شرارة بالمشرق ب أي مببن نببار جهنببم بب لوجببد حرهببا مببن‬
‫بالمغرب« وروى الحافظ أبو يعلى‪ ,‬عببن إسببحاق بببن أبببي‬
‫إسرائيل عن أبي عبيدة الحداد عن هشام بن حسببان عببن‬
‫محمد بن شبيب عن جعفر بن أبي وحشية عن سببعيد بببن‬
‫جبير عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليببه‬
‫وسلم‪» :‬لو كان فببي هببذا المسببجد مببائة ألببف أو يزيببدون‬
‫وفيهم رجل من أهل النار فتنفس فأصابهم نفسه لحببترق‬
‫المسجد ومن فيه« غريب‪ ,‬وقال العمش عن أبي إسحاق‬
‫عن النعمان بن بشير قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪» :‬إن أهون أهل النار عذابا ً يببوم القيامببة لمببن‬
‫له نعلن وشراكان من نار جهنم يغلببي منهمببا دمبباغه كمببا‬
‫يغلي المرجل‪ ,‬ل يرى أن أحدا ً من أهببل النببار أشببد عببذابا ً‬
‫منه وإنه أهونهم عذابًا« أخرجاه في الصحيحين من حديث‬
‫العمش‪ ,‬وقال مسلم أيضًا‪ :‬حدثنا أبو بكر بببن أبببي شببيبة‪,‬‬
‫حدثنا يحيى بن أبي كثير‪ ,‬حدثنا زهير بن محمد عن سببهيل‬
‫بن أبي صالح عن النعمان بن أبي عيبباش عببن أبببي سببعيد‬
‫الخدري أن رسول الله صلى الله عليببه وسببلم قببال‪» :‬إن‬
‫أدنى أهل النار عذابا ً يببوم القيامببة ينتعببل بنعليببن مببن نببار‬

‫‪107‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يغلي دماغه من حرارة نعليه«‪ ,‬وقال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا‬
‫يحيى عن ابن عجلن‪ ,‬سبمعت أببي عبن أببي هريبرة عبن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال »إن أدنى أهل النار عذابا ً‬
‫رجل يجعل له نعلن يغلي منهما دماغه« وهذا إسببناد جيببد‬
‫قوي رجبباله علببى شببرط مسببلم واللببه أعلببم‪ ,‬والحبباديث‬
‫لثار النبوية في هذا كثيرة‪ ,‬وقال اللببه تعببالى فببي كتببابه‬ ‫وا َ‬
‫العزيز }كل إنها لظى نزاعة للشوى{ وقال تعالى‪} :‬يصب‬
‫مببن فببوق رؤوسببهم الحميببم يصببهر بببه مببا فببي بطببونهم‬
‫والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها‬
‫من غم أعيدوا فيها وذوقوا عببذاب الحريببق{ وقببال تعببالى‬
‫}إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصببليهم نببارا ً كلمببا نضببجت‬
‫جلببودهم بببدلناهم جلببودا ً غيرهببا ليببذوقوا العببذاب{ وقببال‬
‫لية الكريمة }قل نار جهنم أشببد حببرا ً لببو‬ ‫تعالى في هذه ا َ‬
‫كانوا يفقهون{ أي لو أنهم يفقهببون ويفهمببون لنفببروا مببع‬
‫الرسول في سبيل الله في الحر ليتقوا به مببن حببر جهنببم‬
‫لخبر‪:‬‬ ‫الذي هبو أضبعاف أضبعاف هبذا ولكنهبم كمبا قبال ا َ‬
‫كالمسبببببتجير مبببببن الرمضببببباء بالنبببببار‬
‫وقبببببببببببببببببببببببببببببببال ا َ‬
‫لخبببببببببببببببببببببببببببببببر‪:‬‬
‫عمببببرك بالحميببببة أفنيتهخوفببببا ً مببببن البببببارد والحببببار‬
‫وكبببان أولبببى لبببك أن تتقيمبببن المعاصبببي حبببذر النبببار‬
‫ثم قال تعالى جل جلله متوعببدا ً هببؤلء المنببافقين علببى‬
‫لية‪ ,‬قال ابن أبي طلحببة‬ ‫ل{ ا َ‬‫صنيعهم هذا‪} :‬فليضحكوا قلي ً‬
‫عن ابن عباس‪ :‬الدنيا قليل فليضحكوا فيها ما شاؤوا‪ ,‬فببإذا‬
‫انقطعت الدنيا وصاروا إلى الله عز وجل اسببتأنفوا بكبباء ل‬
‫ينقطع أبدًا‪ ,‬وكذا قال أبو رزين والحسن وقتادة والربيع بن‬
‫خثيم وعون العقيلي وزيببد بببن أسببلم‪ ,‬وقببال الحببافظ أبببو‬
‫يعلى الموصلي‪ :‬حدثنا عبد اللببه بببن عبببد الصببمد بببن أبببي‬
‫خداش‪ ,‬حدثنا محمد بن جبير عن ابن المبارك عن عمران‬
‫بن زيد‪ ,‬حدثنا يزيببد الرقاشببي عببن أنببس بببن مالببك قببال‪:‬‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبول‪» :‬يبا أيهبا‬
‫الناس ابكوا فإن لم تبكوا فتببباكوا فببإن أهببل النببار يبكببون‬
‫حتى تسيل دموعهم في وجوهم كأنها جداول حتى تنقطببع‬

‫‪108‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الدموع فتسيل الدماء فتقرح العيون‪ ,‬فلو أن سفنا ً أزجيت‬
‫فيها لجرت« ورواه ابن ماجه من حديث العمش عن يزيد‬
‫الرقاشي به‪ ,‬وقال الحافظ أبو بكر بن عبد الله بن محمببد‬
‫بن أبي الدنيا‪ :‬حدثنا محمد بن عباس‪ ,‬حدثنا حماد الجببزري‬
‫عن زيد بن رفيع رفعه‪ ,‬قال‪ :‬إن أهل النار إذا دخلببوا النببار‬
‫بكوا الدموع زمانا ً ثم بكوا القيح زمانبًا‪ ,‬قببال‪ :‬فتقببول لهببم‬
‫الخزنة يا معشر الشقياء تركتم البكاء في الدار المرحببوم‬
‫فيها أهلها في الدنيا هل تجدون اليوم من تسببتغيثون بببه ؟‬
‫قبال‪ :‬فيرفعبون أصبواتهم يبا أهبل الجنبة يبا معشبر ا َ‬
‫لبباء‬
‫والمهات والولد خرجنببا مببن القبببور عطاشبا ً وكنببا طببول‬
‫الموقف عطاشا ً ونحن اليوم عطاش‪ ,‬فأفيضببوا علينببا مببن‬
‫الماء أو مما رزقكم الله‪ ,‬فيدعون أربعين سببنة ل يجيبهببم‪,‬‬
‫ثببم يجيبهببم }إنكببم مبباكثون{ فييأسببون مببن كببل خيببر«‪.‬‬

‫ج‬ ‫خ بُرو ِ‬ ‫ك ل ِل ْ ُ‬‫س بت َأ ْذ َُنو َ‬‫م َفا ْ‬ ‫من ْهُ ب ْ‬


‫طآئ َِفةٍ ّ‬‫ه إ ِل َى َ‬
‫ََ‬ ‫ك الل ّ ُ‬
‫جع َ َ‬‫** فَِإن ّر َ‬
‫م‬ ‫ي عَ بد ُوّا ً إ ِن ّك ُب ْ‬ ‫مع ِ ب َ‬ ‫ي أَبدا ً وَل َببن ت َُقببات ُِلوا ْ َ‬ ‫مع ِ َ‬ ‫جوا ْ َ‬ ‫ل ّلن ت َ ْ‬
‫خُر ُ‬ ‫فَُق ْ‬
‫ن‬
‫خبببال ِِفي َ‬ ‫مبببعَ ال ْ َ‬ ‫دوا ْ َ‬‫مبببّرةٍ َفاقُْعببب ُ‬ ‫ل َ‬ ‫م ِببببال ُْقُعودِ أ َوّ َ‬ ‫ضبببيت ُ ْ‬‫َر ِ‬
‫يقول تعببالى آمببرا ً لرسببوله عليببه الصببلة السببلم }فببإن‬
‫رجعك الله{ أي ردك الله من غزوتببك هببذه }إلببى طائفببة‬
‫منهم{ قال قتببادة‪ :‬ذكببر لنببا أنهببم كببانوا اثنببي عشببر رجل ً‬
‫}فاستأذنوك للخروج{ أي معك إلببى غببزوة أخببرى }فقببل‬
‫لن تخرجوا معي أبدا ً ولن تقاتلوا معببي عببدوًا{ أي تعزيببرا ً‬
‫لهم وعقوبة‪ ,‬ثم علل ذلك بقببوله‪} :‬إنكببم رضببيتم بببالقعود‬
‫أول مرة{ وهذا كقوله تعالى‪} :‬ونقلب أفئدتهم وأبصببارهم‬
‫ليببة‪ ,‬فببإن جببزاء السببيئة‬ ‫كمببا لببم يؤمنببوا بببه أول مببرة{ ا َ‬
‫السيئة بعدها كما أن ثواب الحسنة الحسنة بعببدها‪ ,‬كقببوله‬
‫في عمرة الحديبية }سيقول المخلفببون ِإذا انطلقتببم إلببى‬
‫ليببة‪ .‬وقببوله تعببالى‪} :‬فاقعببدوا مببع‬ ‫مغببانم لتأخببذوها{ ا َ‬
‫الخالفين{ قال ابن عباس‪ :‬أي الرجال الببذين تخلفببوا عببن‬
‫الغزاة‪ ,‬وقال قتادة }فاقعدوا مع الخالفين{ أي مع النساء‬
‫قال ابن جرير وهببذا ل يسببتقيم لن جمببع النسبباء ل يكببون‬

‫‪109‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بالياء والنون ولو أريد النساء لقال فاقعدوا مع الخوالف أو‬
‫الخالفببات‪ ,‬ورجببح قببول ابببن عببباس رضببي اللببه عنهمببا‪.‬‬

‫ى قَب ْبرِ ِ‬
‫ه‬ ‫ب‬‫م عَل َ‬‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ت أ َب َببدا ً‬
‫َ‬ ‫ما‬
‫ّ‬ ‫هم‬‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫م‬‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫د‬‫ح‬‫َ‬
‫ل عَل َى أ َ‬
‫ص ّ‬‫** وَل َ ت ُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫سبببُقو َ‬ ‫م َفا ِ‬ ‫مببباُتوا ْ وَهُببب ْ‬ ‫م ك ََفبببُروا ْ ب ِبببالل ّهِ وََر ُ‬
‫سبببول ِهِ وَ َ‬ ‫إ ِن ّهُببب ْ‬
‫أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبرأ مبن‬
‫المنافقين وأن ل يصلي علببى أحببد منهببم إذا مببات‪ ,‬وأن ل‬
‫يقوم على قبره ليستغفر له أو يدعو له لنهم كفروابببا للببه‬
‫ورسوله وماتوا عليه وهذا حكم عببام فببي كببل مببن عببرف‬
‫لية في عبد الله بن أبي ابببن‬ ‫نفاقه‪ ,‬وإن كان سبب نزول ا َ‬
‫سلول رأس المنافقين كما قال البخبباري‪ :‬حببدثنا عبيببد بببن‬
‫إسماعيل عن أبي أسامة عن عبيد الله عن نافع عببن ابببن‬
‫عمر قال‪ :‬لما توفي عبد الله بن أبي »جاء ابنببه عبببد اللببه‬
‫بن عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسببأله‬
‫أن يعطيه قميصه يكفببن فيببه أببباه فأعطبباه‪ ,‬ثببم سببأله أن‬
‫يصلي عليه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي‬
‫عليه‪ ,‬فقام عمر فأخذ بثوب رسول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم فقال‪ :‬يا رسول الله تصلي عليه وقد نهاك ربببك أن‬
‫تصلي عليه ؟ فقال رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪:‬‬
‫»ِإنما خيرني الله فقال }استغفر لهم أول تستغفر لهببم إن‬
‫تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفببر اللببه لهببم{ وسببأزيده‬
‫على السبعين« قال إنه منافق‪ .‬قال فصببلى عليببه رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم فأنزل اللببه عببز وجببل آيببة }ول‬
‫تصل على أحد منهم مات أبدا ً ول تقم على قبببره{‪ ,‬وكببذا‬
‫رواه مسلم عن أبي بكر بببن أبببي شببيبة عببن أبببي أسببامة‬
‫حماد بببن أسببامة بببه‪ ,‬ثببم رواه البخبباري عببن إبراهيببم بببن‬
‫المنذر عن أنس بن عياض عن عبيببد اللببه وهببو ابببن عمببر‬
‫العمري به‪ ,‬وقال فصلى عليه وصلينا معه وأنزل الله }ول‬
‫ليببة‪ .‬وهكببذا رواه المببام‬ ‫تصل على أحد منهم مات أبدًا{ ا َ‬
‫أحمببد عبن يحيببى بببن سبعيد القطبان عبن عبيببد اللبه ببه‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقد روي من حديث عمر بن الخطاب نفسبه أيضبا ً بنحببو‬
‫من هذا‪ ,‬فقال المام أحمد‪ :‬حدثنا يعقوب‪ ,‬حدثنا أبببي عببن‬
‫ابن إسحاق‪ ,‬حدثني الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن‬
‫ابن عباس‪ ,‬قال‪ :‬سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنببه‬
‫يقول لما توفي عبد الله بن أبي‪ ,‬دعي رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم للصلة عليه‪ ,‬فقام إليبه فلمبا وقبف عليبه‬
‫يريد الصلة تحولت حتى قمت في صدره فقلت يا رسببول‬
‫الله أعلى عدو الله عبد الله بن أبي القائل يوم كببذا وكببذا‬
‫وكذا يعدد أيامه‪ ,‬قال ورسول الله صلى الله عليبه وسبلم‬
‫يبتسم‪ ,‬حتى إذا أكثرت عليه فقببال‪» :‬أخببر عنببي يببا عمببر‪,‬‬
‫ِإني خيرت فاخترت‪ ,‬قد قيل لي اسببتغفر لهببم« ا َ‬
‫ليببة‪ .‬لببو‬
‫أعلم أني لو زدت على السبعين غفر له لببزدت« قببال ثببم‬
‫صلى عليه ومشى معه وقام علببى قبببره حببتى فببرغ منببه‪,‬‬
‫قال فعجبت من جرأتي على رسول الله صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم والله ورسوله أعلم‪ .‬قال فوا لله ما كببان ِإل يسببيرا‬
‫ليتان }ول تصل علببى أحببد منهببم مببات‬ ‫حتى نزلت هاتان ا َ‬
‫لية‪ .‬فما صلى رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم‬ ‫أبدًا{ ا َ‬
‫بعده على منافق ول قام على قبره حببتى قبضببه اللببه عببز‬
‫وجل‪ .‬وهكذا رواه الترمذي في التفسير من حديث محمببد‬
‫بن إسحاق عببن الزهببري بببه‪ ,‬وقببال حسببن صببحيح‪ ,‬ورواه‬
‫البخاري عن يحيببى بببن بكيببر عببن الليببث عببن عقيببل عببن‬
‫الزهري به فذكر مثلبه‪ ,‬قببال‪» :‬أخببر عنبي يببا عمببر« فلمبا‬
‫أكثرت عليه قال‪ِ» :‬إني خيرت فاخترت ولو أعلببم أنببي ِإن‬
‫زدت على السبعين غفر له لزدت عليها« قال فصلى عليه‬
‫رسول الله ثم انصرف‪ ,‬فلببم يلبببث إل يسببيرا ً حببتى نزلببت‬
‫ليتان من براءة }ولتصل على أحببد منهببم مببات أبببدا ً ول‬ ‫ا َ‬
‫لية‪ ,‬فعجبت بعد من جرأتي على رسول‬ ‫تقم على قبره{ ا َ‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ورسببول اللبه صبلى اللبه عليببه‬
‫وسلم أعلم‪ .‬وقببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا محمببد بببن أبببي‬
‫عبيد‪ ,‬حدثنا عبد الملك عن أبي الزبير عن جببابر قببال‪ :‬لمبا‬
‫مات عبد الله بن أبي أتى ابنه النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫فقال‪ :‬يا رسول الله إنك إن لببم تببأته لببم نببزل نعيببر بهببذا‪,‬‬

‫‪111‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فأتاه النبي صلى الله عليه وسببلم فوجببده قببد أدخببل فببي‬
‫حفرته فقال‪» :‬أفل قبل أن تببدخلوه« فببأخرج مببن حفرتببه‬
‫وتفل عليه من ريقه من قرنه إلى قدمه وألبسببه قميصببه‪,‬‬
‫ورواه النسائي عن أبي داود الحراني عن يعلببى بببن عبيببد‬
‫عن عبدالملك وهو ابن أبببي سببليمان بببه‪ ,‬وقببال البخبباري‪:‬‬
‫حدثنا عبد الله بببن عثمببان‪ ,‬أخبرنببا ابببن عيينببة عببن عمببرو‬
‫سمع جابر بن عبد الله قبال‪ :‬أتببى النببي صبلى اللبه عليبه‬
‫وسلم عبد الله بن أبي بعد مببا أدخببل فببي قبببره فببأمر بببه‬
‫فأخرج ووضع على ركبتيه ونفبث عليبه مببن ريقببه وألبسبه‬
‫قميصببببببببببببببببببه واللببببببببببببببببببه أعلببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫وقد رواه أيضا ً في غير موضع مسلم والنسائي مببن غيببر‬
‫وجه‪ ,‬عن سفيان بن عيينة به‪ .‬وقال المام أبببو بكببر أحمببد‬
‫بن عمرو بن عبد الخالق البزار في مسببنده‪ :‬حببدثنا عمببرو‬
‫بن علي‪ ,‬حدثنا يحيببى‪ ,‬حببدثنا مجالببد‪ ,‬حببدثنا عببامر‪ ,‬حببدثنا‬
‫جابر »ح« وحدثنا يوسف بن موسى‪ ,‬حببدثنا عبببد الرحمببن‬
‫بن مغراء الدوسي‪ ,‬حدثنا مجالببد عببن الشببعبي عببن جببابر‬
‫قببال‪ :‬لمببا مببات رأس المنببافقين قببال يحيببى بببن سببعيد‬
‫بالمدينة فأوصببى أن يصببلي عليببه النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم فجاء ابنه إلى النبي صلى اللببه عليببه وسببلم فقببال‪:‬‬
‫إن أبي أوصى أن يكفن بقميصك وهببذا الكلم فببي حببديث‬
‫عبد الرحمن بن مغراء‪ ,‬قال يحيى في حديثه‪ :‬فصلى عليه‬
‫وألبسه قميصه فببأنزل اللببه تعببالى‪} :‬ول تصببل علببى أحببد‬
‫منهم مات أبببدا ً ول تقببم علببى قبببره{ وزاد عبببد الرحمببن‪:‬‬
‫وخلع النبي صلى اللببه عليببه وسببلم قميصببه فأعطبباه إيبباه‬
‫ومشى فصلى عليه وقام علببى قبببره‪ ,‬فأتبباه جبريببل عليببه‬
‫السلم لما ولى قال }ول تصل على أحد منهببم مببات أببدا ً‬
‫ول تقم على قبره{ وإسناده ل بأس به وما قبله شاهد له‪.‬‬
‫وقال المام أبو جعفر الطبري‪ :‬حدثنا أحمد بببن إسببحاق‪,‬‬
‫حدثنا أحمد‪ ,‬حدثنا حماد بن سلمة عن يزيد الرقاشببي عببن‬
‫أنس‪ ,‬أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يصببلي‬
‫على عبد الله بن أبي فأخذ جبريل بثببوبه وقبال }ول تصببل‬
‫علببى أحببد منهببم مببات أبببدا ً ول تقببم علببى قبببره{ ورواه‬

‫‪112‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الحافظ أبو يعلى في مسببنده مببن حببديث يزيببد الرقاشببي‬
‫وهو ضعيف‪ .‬وقببال قتببادة أرسببل عبببد اللببه بببن أبببي إلببى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريببض فلمببا دخببل‬
‫عليه قال له النبي صلى الله عليببه وسببلم‪» :‬أهلكببك حببب‬
‫يهود« قال‪ :‬يارسول الله إنما أرسببلت إليببك لتسببتغفر لببي‬
‫ولم أرسل إليببك لتببؤنبني‪ ,‬ثببم سببأله عبببد اللببه أن يعطيببه‬
‫قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه إياه وصلى عليه وقام علببى‬
‫قبره‪ ,‬فأنزل الله عز وجل }ول تصل على أحد منهم مببات‬
‫لية‪ ,‬وقد ذكر بعض السلف أنه إنمببا كسبباه قميصببه‬ ‫أبدًا{ ا َ‬
‫لن عبد الله بن أبي لما قدم العباس طلب له قميص فلم‬
‫يوجد على تفصببيله إل ثببوب عبببد اللببه بببن أبببي لنببه كببان‬
‫ضخما ً طويل ً ففعل ذلك ببه رسبول اللبه صبلى اللبه عليبه‬
‫وسلم مكافأة له فالله أعلم‪ .‬ولهذا كان رسول اللببه صببلى‬
‫لية الكريمة عليه ل يصلي‬ ‫الله عليه وسلم بعد نزول هذه ا َ‬
‫على أحد مببن المنببافقين ول يقببوم علببى قبببره‪ ,‬كمببا قببال‬
‫المام أحمد‪ :‬حدثنا يعقوب‪ ,‬حدثنا أبي عن أبيه‪ ,‬حدثني عبد‬
‫الله بن أبي قتادة عن أبيه قال‪ :‬كان رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم إذا دعي إلى جنازة سأل عنها‪ ,‬فإن أثني عليها‬
‫خيرا ً قببام فصببلى عليهببا‪ ,‬وإن كببان غيببر ذلببك قببال لهلهببا‬
‫»شأنكم بها« ولم يصل عليها‪ ,‬وكان عمببر بببن الخطبباب ل‬
‫يصلي على جنازة من جهل حاله حتى يصلي عليها حذيفببة‬
‫بن اليمان لنه كان يعلم أعيان المنافقين‪ ,‬قببد أخبببره بهببم‬
‫رسول الله صلى اللببه عليببه وسبلم‪ ,‬ولهببذا كببان يقببال لببه‬
‫صبباحب السببر الببذي ل يعلمببه غيببره أي مببن الصببحابة‪.‬‬
‫وقال أبو عبيد في كتاب الغريببب فببي حببديث عمببر‪ ,‬أنببه‬
‫أراد أن يصلي على جنازة رجل فمرزه حذيفة كأنه أراد أن‬
‫يصده عن الصلة عليها‪ .‬ثببم حكببى عببن بعضببهم أن المببرز‬
‫بلغة أهل اليمامة هو القرص بأطراف الصببابع‪ ,‬ولمببا نهببى‬
‫الله عز وجل عببن الصببلة علببى المنببافقين والقيببام علببى‬
‫قبورهم للستغفار لهم‪ ,‬كان هذه الصنيع من أكبر القربات‬
‫في حق المؤمنين فشرع ذلك‪ ,‬وفببي فعلببه الجببر الجزيببل‬
‫كما ثبت في الصحاح وغيرها من حديث أبي هريرة رضببي‬

‫‪113‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله عنه‪ ,‬أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬مببن‬
‫شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيببراط‪ ,‬ومببن شببهدها‬
‫حبتى تبدفن فلبه قيراطبان« قيبل ومبا القيراطبان ؟ قبال‬
‫»أصغرهما مثبل أحبد« وأمبا القيبام عنبد قببر المبؤمن إذا‬
‫مات‪ ,‬فروى أبو داود‪ :‬حدثنا إبراهيببم بببن موسببى الببرازي‪,‬‬
‫أخبرنا هشام عن عبد الله بن بحيبر عبن هبانىء‪ ,‬وهبو أببو‬
‫سعيد البربري مولى عثمان بن عفببان عببن عثمببان رضببي‬
‫الله عنه قال‪ :‬كان رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم إذا‬
‫فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال‪» :‬استغفروا لخيكببم‬
‫لن يسببأل« انفببرد بببإخراجه أبببو‬ ‫واسألوا له التثبيت فببإنه ا َ‬
‫داود رحمبببببببببببببببببببببببببببببه اللبببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬

‫ك أ َموال ُهم وأ َول َدهُم إنما يريبد الّلب َ‬


‫ه أن ي َُعبذ ّب َهُ ْ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫جب ْ َ ْ َ ُ ْ َ ْ ُ ْ ِ ّ َ ُ ِ ُ‬ ‫** وَل َ ت ُعْ ِ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫كبببافُِرو َ‬ ‫هببب ْ‬
‫م وَ ُ‬
‫سبببهُ ْ‬
‫هبببقَ أنُف ُ‬‫ب َِهبببا ِفبببي البببد ّن َْيا وَت َْز َ‬
‫لية الكريمة ولله الحمد والمنببة‪.‬‬ ‫قد تم تفسيرنظير هذه ا َ‬

‫َ‬ ‫** وإ َ ُ‬
‫سببول ِهِ‬‫م بعَ َر ُ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫جاهِب ُ‬‫مُنوا ْ ب ِببالل ّهِ وَ َ‬‫نآ ِ‬ ‫سوَرةٌ أ ْ‬ ‫ت ُ‬ ‫ذآ أنزِل َ ْ‬‫َْ ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫دي َ‬ ‫عب ِ‬‫م بعَ الَقا ِ‬ ‫ن ّ‬ ‫م وََقالوا ذ َْرَنا ن َك ْ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ست َأذ َن َك أ َوْلوا الطوْ ِ‬ ‫ا ْ‬
‫م‬‫م فَُهب ْ‬ ‫ى قُُلبوب ِهِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ف وَطب ِعَ عَلب َ‬ ‫وال ِ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫مع َ ا ل ْ َ‬‫كوُنوا ْ َ‬
‫ضوا ْ ب ِأن ي َ ُ‬
‫* َر ُ‬
‫ن‬‫ل َ ي َْفَقُهبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببو َ‬
‫يقول تعالى منكرا ً وذاما ً للمتخلفين عن الجهاد النبباكلين‬
‫عنه مع القدرة عليببه ووجببود السببعة والطببول‪ .‬واسببتأذنوا‬
‫الرسببول فببي القعببود وقببالوا }ذرنببا نكببن مببع القاعببدين{‬
‫ورضوا لنفسهم بالعار والقعود في البلد مع النسبباء‪ ,‬وهببن‬
‫الخوالف بعد خروج الجيش‪ ,‬فإذا وقع الحببرب كببانوا أجبببن‬
‫الناس‪ ,‬وإذا كان أمن كببانوا أكببثر النبباس كلمبًا‪ ,‬كمببا قببال‬
‫لية الخرى‪} :‬فببإذا جبباء الخببوف رأيتهببم‬ ‫تعالى عنهم في ا َ‬
‫ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من المببوت‪,‬‬
‫فببإذا ذهببب الخببوف سببلقوكم بألسببنة حببداد{ أي علببت‬
‫ألسنتهم بالكلم الحاد القوي في المن‪ ,‬وفي الحرب أجبن‬
‫شببببببببببببيء‪ ,‬وكمببببببببببببا قببببببببببببال الشبببببببببببباعر‪:‬‬

‫‪114‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أفي السلم أعيار أجفاء وغلظةوفي الحرب أشببباه النسبباء‬
‫الفبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببوارك ؟‬
‫لية الخرى }ويقببول الببذين آمنببوا لببول‬ ‫وقال تعالى في ا َ‬
‫نزلت سورة‪ ,‬فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيهببا القتببال‬
‫رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي‬
‫عليه من الموت فببأولى لهببم طاعببة وقببول معببروف فببإذا‬
‫عزم المر فلو صدقوا الله لكان خيرا ً لهببم{ ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬وقببوله‬
‫}وطبببع علببى قلببوبهم{ أي بسبببب نكببولهم عببن الجهبباد‬
‫والخروج مع الرسول في سبيل الله }فهم ل يفقهون{ أي‬
‫ل يفهمون ما فيه صلح لهببم فيفعلببوه ول مببا فيببه مضببرة‬
‫لهببببببببببببببببببببببببببببببم فيجتنبببببببببببببببببببببببببببببببوه‪.‬‬

‫ل وال ّبذين آمنببوا ْ مع به جاه بدوا ْ ب بأ َ‬


‫م‬
‫وال ِهِ ْ‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫َ َ ُ َ َ ُ ِ‬ ‫سببو ُ َ ِ َ َ ُ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫ِ‬ ‫** َلـ بك ِ‬
‫ن*‬ ‫حببو َ‬ ‫مْفل ِ ُ‬ ‫م ال ْ ُ‬
‫ك هُ ب ُ‬ ‫ت وَأ ُوَْلـ بئ ِ َ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫خي َْرا ُ‬ ‫ك ل َهُ ُ‬‫م وَأ ُوَْلـئ ِ َ‬‫سه ِ ْ‬
‫َ‬
‫وَأن ُْف ِ‬
‫َ‬
‫ن ِفيهَببا‬‫دي َ‬ ‫خال ِب ِ‬ ‫حت ِهَببا الن ْهَبباُر َ‬ ‫مببن ت َ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫ج ِ‬
‫ت تَ ْ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ه ل َهُ ْ‬ ‫أعَد ّ الل ّ ُ‬
‫م‬
‫ظيبببببببببببببببببب ُ‬ ‫ك ال َْفببببببببببببببببببوُْز ال ْعَ ِ‬ ‫ذ َِلبببببببببببببببببب َ‬
‫لما ذكر تعالى ذنب المنافقين وبين ثناءه على المؤمنين‬
‫ومالهم في آخرتهم‪ ,‬فقببال }لكببن الرسببول والببذين آمنببوا‬
‫ليببتين مببن بيببان حببالهم ومببآلهم‪,‬‬ ‫معه جاهدوا{ إلى آخببر ا َ‬
‫لخببرة فببي‬ ‫وقوله‪} :‬وأولئك لهم الخيرات{ أي في الببدار ا َ‬
‫جنبببببببببات الفبببببببببردوس والبببببببببدرجات العلبببببببببى‪.‬‬

‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫م وَقَعَ بد َ ال ّب ِ‬ ‫ن ل َهُ ب ْ‬
‫ب ل ِي ُبؤْذ َ َ‬‫ن العَْرا ِ‬ ‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫جآَء ال ْ ُ‬
‫معَذ ُّرو َ‬ ‫** وَ َ‬
‫َ‬
‫م‬‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬‫م عَ َ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ ِ‬
‫من ْهُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب ال ّ ِ‬
‫صي ُ‬
‫سي ُ ِ‬
‫ه َ‬‫سول َ ُ‬
‫ه وََر ُ‬ ‫ك َذ َُبوا ْ الل ّ َ‬
‫ثم بين تعالى حال ذوي العذار فببي تببرك الجهبباد الببذين‬
‫جاءوا رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسبلم يعتببذرون إليببه‬
‫ويبينون له ما هببم فيببه مببن الضببعف وعببدم القببدرة علببى‬
‫الخروج وهم من أحياء العببرب ممببن حببول المدينببة‪ .‬قببال‬
‫الضحاك عن ابن عباس‪ ,‬إنه كان يقرأ }وجبباء المعببذرون{‬
‫بالتخفيف ويقول‪ :‬هم أهل العذر‪ .‬وكذا روى ابن عيينة عببن‬
‫حميد عن مجاهد سواء‪ ,‬قال ابن إسحاق‪ :‬وبلغني أنهم نفر‬

‫‪115‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من بني غفار خفاف بن إيماء بن رخصة‪ ,‬وهذا‪ :‬القول هببو‬
‫لية‪ ,‬لنببه قببال بعببد هببذا }وقعببد الببذين‬ ‫الظهر في معنى ا َ‬
‫كذبوا الله ورسوله{ أي لم يأتوا فيعتذروا‪ ,‬وقال ابن جريج‬
‫عن مجاهد }وجاء المعذرون من العراب{ قال‪ :‬نفببر مببن‬
‫بني غفار جبباءوا فاعتببذروا فلببم يعببذرهم اللببه‪ ,‬وكببذا قببال‬
‫الحسن وقتببادة ومحمببد بببن إسببحاق والقببول الول أظهببر‬
‫والله أعلم‪ ,‬لما قدمنا من قوله بعده }وقعببد الببذين كببذبوا‬
‫الله ورسوله{ أي وقعد آخرون من العراب عببن المجيببء‬
‫للعتذار ثم أوعدهم بالعذاب الليم فقال‪} :‬سيصيب الذين‬
‫كفببببببببببببروا منهببببببببببببم عببببببببببببذاب أليببببببببببببم{‪.‬‬

‫ن لَ‬ ‫ذي َ‬ ‫ى وَل َ عََلى ال ّ ِ‬ ‫ض َ‬ ‫مْر َ‬ ‫ى ال ْ َ‬ ‫َ‬


‫ضعََفآِء وَل َ عَل َ‬ ‫س عََلى ال ّ‬ ‫** ل ّي ْ َ‬
‫مببا عَل َببى‬ ‫سببول ِهِ َ‬ ‫حوا ْ لل ّبهِ وََر ُ‬ ‫صب ُ‬ ‫ذا ن َ َ‬ ‫ج إِ َ‬ ‫حَر ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫فُقو َ‬ ‫ما ُين ِ‬‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫يَ ِ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫م * وَل َ عََلببى اّلبب ِ‬ ‫حي ٌ‬‫ه غَُفوٌر ّر ِ‬ ‫ل َوالل ّ ُ‬ ‫سِبي ٍ‬ ‫من َ‬ ‫ن ِ‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫مآ أ َت َوْ َ‬
‫وا‬‫م عَل َي ْبهِ ت َوَل ّب ْ‬ ‫مل ُك ُب ْ‬‫ح ِ‬ ‫مببآ أ ْ‬ ‫جبد ُ َ‬ ‫ت لَأ ِ‬ ‫م قُل ْ َ‬ ‫مل َهُ ْ‬ ‫ح ِ‬‫ك ل ِت َ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫إِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫ن * إ ِن ّ َ‬ ‫فُقو َ‬ ‫ما ي ُن ْ ِ‬‫دوا ْ َ‬ ‫حَزنا ً أل ّ ي َ ِ‬
‫ج ُ‬ ‫مِع َ‬ ‫ن الد ّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ض ِ‬ ‫م ت َِفي ُ‬ ‫وّأعْي ُن ُهُ ْ‬
‫َ‬
‫ضببوا ْ ب ِبأن‬ ‫ك وه ُ ب َ‬ ‫ْ‬
‫م أغْن ِي َببآُء َر ُ‬ ‫س بت َأذُِنون َ َ َ ْ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل عَل َببى ال ّب ِ‬ ‫س بِبي ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ن‬‫مو َ‬ ‫م ل َ ي َعْل َ ُ‬ ‫م فَهُ ْ‬ ‫ى قُُلوب ِهِ ْ‬ ‫ف وَط َب َعَ الل ّ ُ َ‬
‫ه عَل َ‬ ‫وال ِ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫معَ ال ْ َ‬‫كوُنوا ْ َ‬ ‫يَ ُ‬
‫ثم بين تعالى العذار التي ل حببرج علببى مببن قعببد معهببا‬
‫عن القتال‪ ,‬فذكر منها ما هببو لزم للشببخص ل ينفببك عنببه‬
‫وهو الضعف في التركيب الذي ل يستطيع معه الجلد فببي‬
‫الجهاد‪ ,‬ومنه العمى والعرج ونحوهما‪ ,‬ولهذا بدأ به ومنه ما‬
‫ن لببه فببي بببدنه شببغله عببن‬ ‫هببو عببارض بسبببب مببرض عب ّ‬
‫الخببروج فببي سبببيل اللببه أو بسبببب فقببره ل يقببدر علببى‬
‫التجهيز للحرب‪ ,‬فليس على هؤلء حرج إذا قعدوا ونصحوا‬
‫في حال قعودهم ولم يرجفوا بالناس ولببم يثبطببوهم وهببم‬
‫محسنون في حالهم هذا‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬ما على المحسببنين‬
‫من سبيل والله غفور رحيببم{ وقببال سببفيان الثببوري عببن‬
‫عبد العزيز بن رفيع عن أبي ثمامة رضببي اللببه عنببه قببال‪:‬‬
‫قال الحواريون يا روح الله أخبرنا عن الناصببح للببه ؟ قببال‬
‫الذي يؤثر حق الله على حق الناس‪ ,‬وإذا حدث لببه أمببران‬

‫‪116‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لخرة ثم تفرغ‬ ‫لخرة‪ ,‬بدأ بالذي ل َ‬ ‫أو بدا له أمر الدنيا وأمر ا َ‬
‫للببببببببببببببببببببببببببببببببذي للببببببببببببببببببببببببببببببببدنيا‪.‬‬
‫وقال الوزاعي‪ :‬خرج الناس إلى الستسقاء فقببام فيهببم‬
‫بلل بن سعد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال‪ ,‬يا معشر مببن‬
‫حضر ألستم مقريببن بالسبباءة ؟ قببالوا اللهببم نعببم‪ ,‬فقببال‬
‫اللهم إنا نسمعك تقول‪} :‬ما على المحسنين مببن سبببيل{‬
‫اللهم وقد أقررنا بالساءة فاغفر لنا وارحمنا واسقنا‪ ,‬ورفع‬
‫يديه ورفعوا أيديهم فسقوا‪ ,‬وقال قتببادة نزلببت هببذه ا َ‬
‫ليببة‬
‫في عائذ بن عمرو المزنببي‪ ,‬وقببال ابببن أبببي حبباتم‪ :‬حببدثنا‬
‫أبي‪ ,‬حدثنا هشام بن عبيد الله الرازي‪ ,‬حدثنا ابن جابر عن‬
‫ابن فروة عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن زيببد بببن ثببابت‬
‫قال‪ :‬كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكنببت‬
‫أكتببب بببراءة‪ ,‬فببإني لواضببع القلببم علببى أذنببي إذ أمرنببا‬
‫بالقتال‪ ,‬فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر مببا‬
‫ينزل عليه‪ ,‬إذ جاء أعمى فقال‪ :‬كيف بي يا رسول الله وأنا‬
‫لية‪ ,‬وقال العوفي‬ ‫أعمى ؟ فنزلت }ليس على الضعفاء{ ا َ‬
‫لية‪ ,‬وذلك أن رسول اللببه صببلى‬ ‫عن ابن عباس في هذه ا َ‬
‫الله عليه وسلم أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه‪ ,‬فجبباءته‬
‫عصابة من أصحابه فيهم عبببد اللببه بببن مغفببل بببن مقببرن‬
‫المزني فقالوا‪ :‬يارسول الله احملنا فقببال لهببم‪» :‬واللببه ل‬
‫أجد ما أحملكم عليه«{ فتولوا وهم يبكون وعز عليهببم أن‬
‫ل‪ .‬فلمببا رأى‬ ‫يجلسوا عن الجهاد ول يجببدون نفقببة ول محم ً‬
‫الله حرصهم على محبته ومحبة رسوله أنزل عببذرهم فببي‬
‫كتببابه فقببال }ليببس علببى الضببعفاء{ إلببى قببوله }فهببم ل‬
‫يعلمون{ وقال مجاهد في قببوله‪} :‬ول علببى الببذين إذا مببا‬
‫أتوك لتحملهم{ نزلت في بنببي مقببرن مببن مزينببة‪ ,‬وقببال‬
‫محمد بن كعب‪ :‬كانوا سبعة نفر من بني عمرو بببن عببوف‬
‫سالم بن عمير‪ ,‬ومن بني واقف حرمببي بببن عمببرو‪ ,‬ومببن‬
‫بني مازن بن النجار عبد الرحمن بن كعب ويكنى أبا ليلى‪,‬‬
‫ومن بني المعلى سلمان بن صخر‪ ,‬ومن بني سلمة عمببرو‬
‫بن غنمة وعبد اللببه بببن عمببرو المزنببي‪ ,‬وقببال محمببد بببن‬
‫إسحاق في سياق غزوة تبوك‪ :‬ثم إن رجال ً من المسلمين‬

‫‪117‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم البكاءون وهببم‬
‫سبعة نفر من النصار وغيرهم‪ ,‬من بني عمببرو بببن عببوف‬
‫سالم بن عمير وعلية بن زيد أخو بنببي حارثببة‪ ,‬وأبببو ليلببى‬
‫عبد الرحمن بن كعب أخو بني مازن بن النجار‪ ,‬وعمرو بن‬
‫الحمام بن الجموح أخو بني سلمة وعبد اللببه بببن المغفببل‬
‫المزني‪ ,‬وبعض الناس يقول بببل هببو عبببد اللببه بببن عمببرو‬
‫المزني‪ ,‬وحرمي بن عبد الله أخو بني واقببف وعيبباض بببن‬
‫سارية الفزاري‪ ,‬فاستحملوا رسول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم وكانوا أهل حاجة فقببال }ل أجببد مببا أحملكببم عليببه‬
‫تولببوا وأعينهببم تفيببض مببن الببدمع حزنببا ً أل يجببدوا مببا‬
‫ينفقببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببون{‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا عمبر ببن الودي‪ ,‬حبدثنا وكيبع‬
‫عن الربيع عن الحسن قال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪» :‬لقد خلفتم بالمدينببة أقوامبا ً مببا أنفقتببم مببن‬
‫نفقببة ول قطعتببم واديببا ً ول نلتببم مببن عببدو نيل ً إل وقببد‬
‫شركوكم في الجر« ثم قرأ }ول على الذين إذا مببا أتببوك‬
‫ليببة‪ ,‬وأصببل‬‫لتحملهببم قلببت ل أجببد مببا أحملكببم عليببه{ ا َ‬
‫الحديث في الصحيحين من حببديث أنببس‪ ,‬أن رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬إن بالمدينة أقواما ً ما قطعتم‬
‫واديا ً ول سرتم سيرا ً إل وهم معكم« قالوا وهم بالمدينة ؟‬
‫قال‪» :‬نعم حبسهم العذر«‪ ,‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا وكيع‬
‫حدثنا العمش عن أبي سفيان عن جابر قال‪ :‬قال رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬لقد خلفتم بالمدينة رجال ً مببا‬
‫قطعتم واديبا ً ول سبلكتم طريقبا ً إل شبركوكم فبي الجببر‪,‬‬
‫حبسهم المرض« ورواه مسلم وابن ماجه من طببرق عببن‬
‫العمش به ثم رد تعالى الملمة على الذين يستأذنون في‬
‫القعود وهببم أغنيبباء‪ ,‬وأنبهببم فببي رضبباهم ببأن يكونببوا مببع‬
‫النساء الخوالف في الرحال }وطبع الله على قلوبهم فهم‬
‫ل يعلمبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببون{‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫م ُقل ل ّ ت َعْت َذُِروا ْ َلن ن ّؤْ ِ‬ ‫م إ ِل َي ْهِ ْ‬ ‫جعْت ُ ْ‬ ‫ذا َر َ‬ ‫م إِ َ‬ ‫ن إ ِل َي ْك ُ ْ‬ ‫** ي َعْت َذُِرو َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫م وََر ُ‬ ‫مل َك ُ ْ‬‫ه عَ َ‬ ‫سي ََرى الل ّ ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫خَبارِك ُ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫م قَد ْ ن َب ّأَنا الل ّ ُ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫كنت ُب ْ‬ ‫مببا ُ‬‫شبَهاد َةِ فَي ُن َب ّئ ُك ُببم ب ِ َ‬ ‫ب َوال ّ‬ ‫ى عَببال ِم ِ ال ْغَي ْب ِ‬ ‫دو َ َ‬
‫ن إ ِل َ‬ ‫م ت َُر ّ‬ ‫ثُ ّ‬
‫ضببوا ْ‬ ‫م ل ِت ُعْرِ ُ‬‫م إ ِل َي ْهِ ْ‬ ‫ذا ان َْقل َب ْت ُ ْ‬
‫م إِ َ‬ ‫ن ِبالل ّهِ ل َك ُ ْ‬ ‫حل ُِفو َ‬ ‫سي َ ْ‬ ‫ن* َ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ت َعْ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫مببا‬ ‫جَزآًء ب ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫جهَن ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫مأَواهُ ْ‬ ‫س وَ َ‬ ‫ج ٌ‬ ‫م رِ ْ‬ ‫ضوا ْ عَن ْهُ ْ‬
‫م إ ِن ّهُ ْ‬ ‫م فَأعْرِ ُ‬ ‫عَن ْهُ ْ‬
‫ض بوْا ْ‬ ‫م فَ بِإن ت َْر َ‬ ‫ضوْا ْ عَن ْهُ ب ْ‬ ‫م ل ِت َْر َ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫حل ُِفو َ‬ ‫ن * يَ ْ‬ ‫سُبو َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َك ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫سبببِقي َ‬ ‫ن ال َْقبببوْم ِ ال َْفا ِ‬ ‫عببب ِ‬‫ى َ‬ ‫ضببب َ‬ ‫ه ل َ ي َْر َ‬ ‫ن الّلببب َ‬ ‫م َفبببإ ِ ّ‬ ‫عَن ُْهببب ْ‬
‫أخبر تعالى عن المنافقين بأنهم إذا رجعوا إلببى المدينببة‬
‫أنهم يعتذرون إليهم }قل ل تعتذروا لن نؤمن لكم{ أي لن‬
‫نصدقكم }قد نبأنا الله من أخببباركم{ أي قببد أعلمنببا اللببه‬
‫أحببوالكم }وسببيرى اللببه عملكببم ورسببوله{ أي سببيظهر‬
‫أعمالكم للناس في البدنيا }ثبم تبردون إلبى عبالم الغيبب‬
‫والشبببهادة فينببببئكم بمبببا كنتبببم تعملبببون{ أي فيخببببركم‬
‫بأعمالكم خيرها وشرها ويجزيكببم عليهببا‪ ,‬ثببم أخبببر عنهببم‬
‫أنهم سيحلفون لكم معتذرين لتعرضببوا عنهببم فل تؤنبببوهم‬
‫فأعرضوا عنهم احتقارا ً لهببم إنهببم رجببس أي خبببث نجببس‬
‫بواطنهم واعتقاداتهم‪ ,‬ومأواهم في آخرتهم جهنم جزاء بما‬
‫لثببام والخطايببا‪ ,‬وأخبببر أنهببم إن‬ ‫كببانوا يكسبببون أي مببن ا َ‬
‫رضوا عنهم بحلفهم لهم }فبإن اللبه ل يرضبى عبن القبوم‬
‫الفاسقين{ أي الخارجين عن طاعة اللببه وطاعببة رسببوله‪,‬‬
‫فإن الفسببق هبو الخببروج‪ ,‬ومنببه سبميت الفبأرة فويسببقة‬
‫لخروجها من جحرها للفسبباد‪ ,‬ويقببال فسببقت الرطبببة إذا‬
‫خرجببببببببببببببببببت مببببببببببببببببببن أكمامهببببببببببببببببببا(‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب أَ َ‬
‫مببآ‬ ‫دود َ َ‬ ‫حب ُ‬ ‫مببوا ْ ُ‬ ‫جبد َُر أل ّ ي َعْل َ ُ‬ ‫شد ّ ك ُْفرا ً وَن َِفاقبا ً وَأ ْ‬ ‫** العَْرا ُ‬
‫ب‬ ‫ن العْ بَرا ِ‬ ‫مب َ‬‫م * وَ ِ‬ ‫كي ٌ‬‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه عَِلي ٌ‬ ‫سول ِهِ َوالل ّ ُ‬ ‫ى َر ُ‬ ‫ل الل ّ ُ َ‬
‫ه عَل َ‬ ‫َأنَز َ‬
‫دآئ َِرةُ‬‫م َ‬ ‫م الد َّوائ َِر عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ص ب ِك ُ ُ‬ ‫مغَْرما ً وَي َت ََرب ّ ُ‬ ‫ما ُينِفقُ َ‬ ‫خذ ُ َ‬ ‫من ي َت ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ن ب ِبباللهِّ‬ ‫م ُ‬ ‫من ي ُبؤْ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ن العَْرا ِ‬ ‫م َ‬
‫م * وَ ِ‬ ‫ميعٌ عَِلي ٌ‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫سوِْء َوالل ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ت‬ ‫وا ِ‬‫ص بل َ َ‬
‫عنبد َ الل ّبهِ وَ َ‬ ‫ت ِ‬ ‫مببا ُينِفبقُ قُُرب َببا ٍ‬ ‫خبذ ُ َ‬ ‫خرِ وَي َت ّ ِ‬ ‫َوال ْي َوْم ِ ال َ ِ‬
‫ن‬‫مت ِبهِ إ ِ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ه فِببي َر ْ‬ ‫م الل ّب ُ‬ ‫خل ُهُ ُ‬‫سبي ُد ْ ِ‬‫م َ‬ ‫ة ل ّهُب ْ‬‫ل َأل إ ِن َّها قُْرب َ ٌ‬ ‫سو ِ‬ ‫الّر ُ‬
‫م‬
‫حيببببببببببببببببببب ٌ‬ ‫ه غَُفبببببببببببببببببببوٌر ّر ِ‬ ‫الّلببببببببببببببببببب َ‬

‫‪119‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أخبر تعالى أن في العراب كفببارا ً ومنببافقين ومببؤمنين‪,‬‬
‫وأن كفرهم ونفاقهم أعظم من غيرهببم وأشببد وأجببدر‪ ,‬أي‬
‫أحرى أن ل يعلموا حدود ما أنببزل اللببه علببى رسببوله كمببا‬
‫قال العمش عن إبراهيم قال‪ :‬جلس أعرابي إلى زيد بببن‬
‫صوحان وهو يحدث أصحابه وكببانت يببده قببد أصببيبت يببوم‬
‫نهاوند‪ ,‬فقال العرابي‪ :‬والله إن حديثك ليعجبني‪ ,‬وإن يدك‬
‫لتريبني‪ .‬فقال زيد‪ :‬ما يريبك من يدي إنها الشمال ؟ فقال‬
‫العرابببي‪ :‬واللببه مببا أدري اليميببن يقطعببون أو الشببمال ؟‬
‫فقال زيد بن صببوحان‪ :‬صببدق اللببه }العببراب أشببد كفببرا ً‬
‫ونفاقببا ً وأجببدر أن ل يعلمببوا حببدود مببا أنببزل اللببه علببى‬
‫رسوله{ وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الرحمن بن مهببدي‪,‬‬
‫حدثنا سفيان عن أبي موسى عن وهب بن منبببه عببن ابببن‬
‫عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسببلم قببال‪» :‬مببن‬
‫سببكن الباديببة جفببا‪ ,‬ومببن اتبببع الصببيد غفببل‪ ,‬ومببن أتببى‬
‫السلطان افتتن« ورواه أبو داود والترمذي والنسببائي مببن‬
‫طرق عن سفيان الثوري به‪ ,‬وقال الترمذي حسببن غريببب‬
‫ل نعرفه إل من حديث الثوري‪ ,‬ولما كانت الغلظة والجفبباء‬
‫ل‪ ,‬وإنمببا كببانت‬‫في أهل البوادي لم يبعث الله منهببم رسببو ً‬
‫البعثة من أهل القرى كما قببال تعببالى‪} :‬ومببا أرسببلنا مببن‬
‫قبلك إل رجال ً نوحي إليهم مبن أهبل القبرى{ ولمبا أهبدى‬
‫ذلك العرابي تلبك الهديبة لرسبول اللبه صبلى اللبه عليبه‬
‫وسلم فرد عليه أضعافها حتى رضي‪ ,‬قببال‪» :‬لقببد هممببت‬
‫أن ل أقبببل هديببة إل مببن قرشببي أو ثقفببي أو أنصبباري أو‬
‫دوسي« لن هؤلء كببانوا يسببكنون المببدن مكببة والطببائف‬
‫والمدينة واليمن‪ ,‬فهم ألطف أخلقا ً من العبراب لمبا فبي‬
‫طبببببببببببباع العبببببببببببراب مبببببببببببن الجفببببببببببباء‪.‬‬
‫)حديث العرابي في تقبيل الولد( قال مسلم‪ :‬حدثنا أبببو‬
‫بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قال‪ :‬حدثنا أبببو أسببامة وابببن‬
‫نمير عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت‪ :‬قدم نبباس مببن‬
‫العراب على رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم فقببالوا‪:‬‬
‫أتقبلون صبيانكم ؟ قالوا نعم‪ ,‬قببالوا لكنببا واللببه مببا نقبببل‪,‬‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬وأملببك إن كببان‬

‫‪120‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫اللببه نببزع منكببم الرحمببة« وقببال ابببن نميببر‪» :‬مببن قلبببك‬
‫الرحمببة«‪ .‬وقببوله }واللببه عليببم حكيببم{ أي عليببم بمببن‬
‫يستحق أن يعلمه اليمان والعلببم‪ ,‬حكيببم فيمببا قسببم بيببن‬
‫عباده من العلم والجهل واليمان والكفر والنفاق‪ ,‬ل يسأل‬
‫عما يفعل لعلمببه وحكمتببه‪ ,‬وأخبببر تعببالى أن منهببم }مببن‬
‫يتخذ ما ينفببق{ أي فببي سبببيل اللببه }مغرمبًا{ أي غرامببة‬
‫وخسارة }ويتربص بكم الدوائر{ أي ينتظر بكببم الحببوادث‬
‫لفات }عليهببم دائرة السببوء{ أي هببي منعكسببة عليهببم‬ ‫وا َ‬
‫والسوء دائر عليهم }والله سميع عليم{ أي سببميع لببدعاء‬
‫عباده عليم بمن يسببتحق النصببر ممببن يسببتحق الخببذلن‪,‬‬
‫لخر ويتخببذ‬‫وقوله‪} :‬ومن العراب من يؤمن بالله واليوم ا َ‬
‫مببا ينفببق قربببات عنببد اللبه وصببلوات الرسببول{ هببذا هببو‬
‫القسم الممببدوح مببن العببراب‪ ,‬وهببم الببذين يتخببذون مببا‬
‫ينفقون في سبيل الله قربة يتقربون بها عند الله ويبتغببون‬
‫بذلك دعبباء الرسببول لهببم }أل إنهببا قربببة لهببم{ أي أل إن‬
‫ذلك حاصل لهم }سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفببور‬
‫رحيبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم{‪.‬‬

‫ن‬ ‫ذي َ‬‫صببارِ َوال ّب ِ‬ ‫ن َوالن ْ َ‬ ‫ري َ‬


‫ِ‬ ‫ج‬
‫مهَببا ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫مب َ‬ ‫ن ِ‬‫ن الوّل ُببو َ‬ ‫ساب ُِقو َ‬ ‫** َوال ّ‬
‫َ‬
‫م‬‫ه وَأعَبد ّ ل َهُ ب ْ‬ ‫ضببوا ْ عَن ْب ُ‬
‫م وََر ُ‬ ‫ه عَن ْهُ ْ‬ ‫ي الل ّ ُ‬‫ض َ‬
‫ن ّر ِ‬ ‫سا ٍ‬ ‫ح َ‬
‫هم ب ِإ ِ ْ‬ ‫ات ّب َُعو ُ‬
‫ك ال َْفبوُْز‬ ‫َ‬
‫ن ِفيَهبآ أَببدا ً ذ َِلب َ‬ ‫دي َ‬ ‫خاِلب ِ‬ ‫حت ََهبا الن َْهباُر َ‬ ‫ري ت َ ْ‬ ‫جب ِ‬ ‫ت تَ ْ‬‫جّنا ٍ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ظيبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببب ُ‬ ‫ال ْعَ ِ‬
‫يخبر تعببالى عببن رضبباه عببن السببابقين مببن المهبباجرين‬
‫والنصار والتابعين لهم بإحسان‪ ,‬ورضاهم عنه بما أعد لهم‬
‫من جنات النعيم والنعيم المقيم‪ ,‬قال الشعبي‪ :‬السببابقون‬
‫الولون من المهاجرين والنصار من أدرك بيعببة الرضببوان‬
‫عببام الحديبيببة‪ ,‬وقببال أبببو موسببى الشببعري وسببعيد بببن‬
‫المسيب ومحمد بن سيرين والحسببن وقتببادة‪ ,‬هببم الببذين‬
‫صلوا إلى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‪,‬‬
‫وقال محمببد بببن كعببب القرظببي‪ :‬مببر عمببر بببن الخطبباب‬
‫لية‪} ,‬والسابقون الولون من المهاجرين‬ ‫برجل يقرأ هذه ا َ‬

‫‪121‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والنصار{ فأخذ عمر بيده فقال‪ :‬من أقرأك هببذا ؟ فقببال‪:‬‬
‫أبي بن كعب‪ ,‬فقال‪ :‬ل تفارقني حتى أذهب بك إليه‪ ,‬فلمببا‬
‫جاءه قال عمر أنت أقببرأت هببذا هببذه ا َ‬
‫ليببة هكببذا ؟ قببال‪:‬‬
‫نعم‪ .‬قال‪ :‬وسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسببلم‬
‫؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬لقد كنت أرى أنببا رفعنببا رفعببة ل يبلغهببا‬
‫ليببة فببي أول سببورة‬ ‫أحد بعدنا‪ ,‬فقال أبببي تصببديق هببذه ا َ‬
‫الجمعببة }وآخريببن منهببم لمببا يلحقببوا بهببم وهببو العزيببز‬
‫الحكيم{ وفي سورة الحشر }والذين جاءوا مببن بعببدهم{‬
‫ليببة‪ ,‬وفببي النفببال }والببذين آمنببوا وهبباجروا وجاهببدوا‬ ‫ا َ‬
‫لية‪ ,‬ورواه ابن جريببر‪ ,‬قببال‪ :‬وذكببر عببن الحسببن‬ ‫معكم{ ا َ‬
‫البصببري أنببه كببان يقرؤهببا برفببع النصببار عطفببا ً علببى‬
‫والسابقون الولون‪ ,‬فقد أخبر الله العظيببم أنببه قببد رضببي‬
‫عببن السببابقين الوليببن مببن المهبباجرين والنصببار والببذين‬
‫اتبعوهم بإحسان‪ ,‬فياويل من أبغضببهم أو سبببهم أو أبغببض‬
‫أو سببب بعضببهم‪ ,‬ول سببيما سببيد الصببحابة بعببد الرسببول‬
‫وخيرهم وأفضلهم أعني الصديق الكبر والخليفببة العظببم‬
‫أبببا بكببر بببن أبببي قحافببة رضببي اللببه عنببه‪ ,‬فببإن الطائفببة‬
‫المخذولة من الرافضة يعادون أفضل الصحابة ويبغضونهم‬
‫ويسبببونهم‪ .‬عيبباذا ً بببالله مببن ذلببك‪ .‬وهببذا يببدل علببى أن‬
‫عقببولهم معكوسببة وقلببوبهم منكوسببة‪ ,‬فببأين هببؤلء مببن‬
‫اليمان بالقرآن إذ يسبون من رضي الله عنهم ؟ وأما أهل‬
‫السنة فإنهم يترضون عمن رضي اللببه عنببه ويسبببون مببن‬
‫سبه الله ورسوله‪ ,‬ويوالون من يببوالي اللببه ويعببادون مببن‬
‫يعادي الله وهم متبعون ل مبتدعون ويقتببدون ول يبتببدون‪,‬‬
‫ولهببذا هببم حببزب اللببه المفلحببون وعببباده المؤمنببون‪.‬‬

‫** وممن حول َك ُم من العْراب منافُقون وم َ‬


‫ديَنببةِ‬ ‫م ِ‬‫ل ال ْ َ‬‫ن أه ْ ِ‬
‫َ َ ِ ْ‬ ‫َ ِ ُ َ ِ‬ ‫َ ِ ّ ْ َ ْ ْ ّ َ‬
‫ن‬
‫مّرت َي ْ ِ‬‫سن ُعَذ ّب ُُهم ّ‬‫م َ‬ ‫ن ن َعْل َ ُ‬
‫مه ُ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫ق ل َ ت َعْل َ ُ‬
‫مه ُ ْ‬ ‫دوا ْ عََلى الن َّفا ِ‬‫مَر ُ‬
‫َ‬
‫ى عَببببببببب َ‬ ‫َ‬ ‫ث ُببببببببب ّ‬
‫ظيبببببببببم ٍ‬ ‫ب عَ ِ‬ ‫ذا ٍ‬ ‫ن إ ِلببببببببب َ‬ ‫دو َ‬ ‫م ي ُبببببببببَر ّ‬
‫يخبر تعالى رسوله صلوات اللببه وسببلمه عليببه أن فببي‬
‫أحيبباء العببرب ممببن حببول المدينببة منببافقون‪ ,‬وفببي أهببل‬

‫‪122‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المدينة أيضبا ً منببافقون }مببردوا علببى النفبباق{ أي مرنببوا‬
‫واستمروا عليه‪ ,‬ومنه يقببال شببيطان مريببد‪ ,‬ومببارد ويقببال‬
‫تمرد فلن علببى اللببه أي عتببا وتجبببر‪ ,‬وقببوله‪} :‬ل تعلمهببم‬
‫نحن نعلمهم{ ل ينافي قوله تعالى‪} :‬ولو نشبباء لرينبباكهم‬
‫فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحبن القببول{ لن هببذا‬
‫من باب التوسم فيهم بصفات يعرفببون بهببا‪ ,‬ل أنببه يعببرف‬
‫جميع من عنده من أهل النفاق والريب على التعيين‪ ,‬وقببد‬
‫كان يعلم أن في بعض من يخالطه من أهل المدينة نفاقببا ً‬
‫وإن كان يراه صباحا ً ومساء‪ ,‬وشاهد هذا بالصببحة مببا رواه‬
‫المام أحمد في مسنده حيث قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪,‬‬
‫حدثنا شعبة عن النعمان بن سالم عن رجل عن جبببير بببن‬
‫مطعم رضي اللببه عنببه‪ ,‬قببال قلببت‪ :‬يببا رسببول اللببه إنهببم‬
‫يزعمون أنه ليس لنا أجر بمكة فقببال‪» :‬لتببأتينكم أجببوركم‬
‫ولو كنتم في جحر ثعلب« وأصغى إلى رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم برأسه فقال »إن في أصحابي منببافقين«‬
‫ومعناه أنه قد يبوح بعض المنافقين والمرجفين من الكلم‬
‫بما ل صحة له ومن مثلهم صببدر هببذا الكلم الببذي سببمعه‬
‫جبير بن مطعم‪ ,‬وتقدم في تفسير قببوله }وهمببوا بمببا لببم‬
‫ينالوا{ أنه صلى الله عليه وسلم أعلم حذيفة بأعيان أربعة‬
‫عشر أو خمسة عشر منافقًا‪ ,‬وهذا تخصيص ل يقتضي أنببه‬
‫اطلبببع علبببى أسبببمائهم وأعيبببانهم كلهبببم‪ ,‬واللبببه أعلبببم‪.‬‬
‫وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي عمر البيروتي‬
‫من طريق هشام بن عمار‪ :‬حدثنا صببدقة بببن خالببد‪ ,‬حببدثنا‬
‫ابن جابر‪ ,‬حدثني شيخ ببيروت يكنى أبا عمر‪ ,‬أظنه حدثني‬
‫عن أبي الدرداء أن رجل ً يقال له حرملة أتببى النبببي صببلى‬
‫اللببه عليببه وسببلم فقببال‪ :‬اليمببان ههنببا وأشببار بيببده إلببى‬
‫لسانه‪ ,‬والنفاق ههنا وأشار بيده إلى قلبه‪ ,‬ولبم يبذكر اللبه‬
‫ل‪ ,‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسببلم‪» :‬اللهببم‬ ‫إل قلي ً‬
‫اجعل له لسانا ً ذاكرًا‪ ,‬وقلبا ً شاكرًا‪ ,‬وارزقه حبي وحب من‬
‫يحبني‪ ,‬وصير أمره إلى خير« فقال‪ :‬يا رسول الله إنه كان‬
‫لي أصببحاب مببن المنببافقين وكنببت رأسبا ً فيهببم أفل آتيببك‬
‫بهم ؟ قال‪» :‬من أتانا استغفرنا له‪ ,‬ومن أصر فببالله أولببى‬

‫‪123‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫به‪ ,‬ول تخرقن على أحد سترًا«‪ ,‬قال وكذا رواه أبببو أحمببد‬
‫الحاكم عن أبي بكببر الباغنببدي عببن هشببام بببن عمببار بببه‪,‬‬
‫وقال عبد الرزاق‪ :‬أخبرنا معمر عن قتببادة فببي هببذه ا َ‬
‫ليببة‬
‫أنه قال‪ :‬مببا بببال أقببوام يتكلفببون علببم النبباس‪ ,‬فلن فببي‬
‫الجنة وفلن في النار‪ ,‬فإذا سألت أحدهم عن نفسه قال ل‬
‫أدري لعمري أنت بنفسك أعلم منك بأحوال النبباس‪ ,‬ولقببد‬
‫تكلفت شيئا ً ما تكلفه النبياء قبلك‪ ,‬قال نبي الله نوح عليه‬
‫السلم }وما علمببي بمببا كببانوا يعملببون{ وقبال نبببي اللبه‬
‫شعيب عليه السلم }بقية الله خير لكم إن كنتببم مببؤمنين‬
‫وما أنا عليكم بحفيظ{ وقال الله تعببالى لنبببيه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم }ل تعلمهم نحن نعلمهبم{ وقبال السبدي عبن‬
‫لية قببال‪ :‬قببام رسببول‬ ‫أبي مالك عن ابن عباس في هذه ا َ‬
‫الله صببلى اللببه عليببه وسببلم خطيببا ً يببوم الجمعببة فقببال‪:‬‬
‫»اخرج يا فلن فإنك منافق‪ ,‬واخرج يببا فلن إنببك منببافق«‬
‫فأخرج من المسجد ناسا ً منهم فضحهم‪ ,‬فجبباء عمببر وهببم‬
‫يخرجون مببن المسببجد فاختبببأ منهببم حيبباء أنببه لببم يشببهد‬
‫الجمعة وظن أن الناس قد انصرفوا‪ ,‬واختبأوا هم من عمر‬
‫ظنوا أنه قد علم بأمرهم‪ ,‬فجاء عمر فدخل المسببجد فببإذا‬
‫الناس لم يصلوا‪ ,‬فقال له رجل مببن المسببلمين‪ :‬أبشببر يببا‬
‫عمر قد فضح الله المنافقين اليوم‪ ,‬قال ابن عباس‪ :‬فهببذا‬
‫العذاب الول حين أخرجهم من المسجد‪ ,‬والعببذاب الثبباني‬
‫عذاب القبر‪ ,‬وكذا قال الثوري عن السدي عن أبببي مالببك‬
‫نحببببببببببببببببببببببببببببببببببو هببببببببببببببببببببببببببببببببببذا‪.‬‬
‫وقال مجاهد في قوله }سببنعذبهم مرتيببن{ يعنببي القتببل‬
‫والسبي‪ ,‬وقال في رواية بالجوع وعذاب القبر‪ ,‬ثبم يبردون‬
‫إلى عذاب عظيم‪ ,‬وقال ابببن جريببج عببذاب الببدنيا وعببذاب‬
‫القبر ثم يببردون إلببى عببذاب عظيببم النببار‪ ,‬وقببال الحسببن‬
‫البصري‪ :‬عذاب في الدنيا وعببذاب فببي القبببر‪ ,‬وقببال عبببد‬
‫الرحمن بن زيد‪ :‬أما عببذاب فببي الببدنيا فببالموال والولد‪,‬‬
‫وقرأ قببوله تعببالى }فل تعجبببك أمببوالهم ول أولدهببم إنمببا‬
‫يريد الله ليعذبهم بها فببي الحيبباة الببدنيا{ فهببذه المصببائب‬
‫لخببرة فببي‬ ‫لهم عذاب وهي للمؤمنين أجببر‪ ,‬وعببذاب فببي ا َ‬

‫‪124‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫النار }ثببم يببردون إلببى عببذاب عظيببم{ قببال النببار‪ ,‬وقببال‬
‫محمد بن إسحاق }سنعذبهم مرتين{ قال‪ :‬هو فيما بلغنببي‬
‫ما هم فيه من أمر السلم وما يدخل عليهم من غيظ ذلك‬
‫على غير حسبة‪ ,‬ثم عذابهم في القبور إذا صاروا إليها‪ ,‬ثببم‬
‫لخببرة والخلببد‬‫العذاب العظيم الببذي يببردون إليببه عببذاب ا َ‬
‫فيه‪ ,‬وقال سعيد عن قتادة في قوله‪} :‬سببنعذبهم مرتيببن{‬
‫عذاب الدنيا وعذاب القبر }ثم يرّدون إلى عذاب عظيببم{‬
‫وذكر لنا أن نبببي اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم أسببر إلببى‬
‫حذيفة باثني عشر رجل ً من المنببافقين‪ ,‬فقببال سببتة منهببم‬
‫تكفيهم الدبيلة سراج من نار جهنم يأخذ في كتببف أحببدهم‬
‫حتى يفضي إلى صدره‪ ,‬وستة يموتون موتبًا‪ ,‬وذكببر لنببا أن‬
‫عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا مات رجببل ممببن‬
‫يرى أنه منهم‪ ,‬نظر إلى حذيفة فإن صلى عليه وإل تركببه‪,‬‬
‫وذكر لنا أن عمر قال لحذيفة أنشدك الله أمنهم أنا ؟ قال‬
‫ل ول أومبببببببببببن منهبببببببببببا أحبببببببببببدا ً بعبببببببببببدك‪.‬‬

‫صبباِلحا ً َوآ َ‬
‫خ بَر‬ ‫مل ً َ‬‫خل َط ُببوا ْ عَ َ‬
‫م َ‬ ‫ن اعْت ََرفُببوا ْ ب ِبذ ُُنوب ِهِ ْ‬
‫خ بُرو َ‬
‫** َوآ َ‬
‫سبيئا ً عَسببى الّلب َ‬
‫م‬ ‫ه غَُفببوٌر ّر ِ‬
‫حيب ٌ‬ ‫ن الل ّب َ‬
‫م إِ ّ‬‫ب عَل َي ْهِب ْ‬ ‫ه أن ي َت ُببو َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬
‫لما بّين تعالى حال المنافقين المتخلفين عن الغزاة رغبة‬
‫عنها وتكذيبا ً وشكًا‪ ,‬شرع فببي بيببان حببال المببذنبين الببذين‬
‫تببأخروا عببن الجهبباد كسبل ً وميل ً إلببى الراحببة مببع إيمببانهم‬
‫وتصديقهم بالحق‪ ,‬فقال }وآخببرون اعببترفوا بببذنوبهم{ أي‬
‫أقروا بها واعترفوا فيما بينهم وبين ربهم‪ ,‬ولهم أعمال أخر‬
‫صالحة خلطوا هذه بتلك فهؤلء تحت عفببو اللببه وغفرانببه‪,‬‬
‫لية وإن كانت نزلت في أناس معينين إل أنها عامبة‬ ‫وهذه ا َ‬
‫في كل المذنبين الخطائين المخلطين المتلوثين‪ ,‬وقد قال‬
‫مجاهد‪ :‬إنها نزلت في أبي لبابة لما قال لبني قريظببة‪ :‬إنببه‬
‫الذبح وأشار بيده إلى حلقه‪ ,‬وقال ابن عببباس }وآخببرون{‬
‫نزلببت فببي أبببي لبابببة وجماعببة مببن أصببحابه تخلفببوا عببن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم في غببزوة تبببوك‪ ,‬فقببال‬
‫بعضهم‪ :‬أبو لبابة وخمسة معه‪ ,‬وقيل وسبببعة معببه‪ ,‬وقيببل‬

‫‪125‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وتسعة معه‪ ,‬فلما رجع رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‬
‫من غزوتببه ربطببوا أنفسببهم بسببواري المسببجد وحلفببوا ل‬
‫يحلهم إل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أنزل الله‬
‫لية }وآخرون اعترفوا بذنوبهم{ أطلقهم رسول الله‬ ‫هذه ا َ‬
‫صلى الله عليه وسلم وعفا عنهببم‪ ,‬وقببال البخبباري‪ :‬حببدثنا‬
‫مؤمل بن هشام‪ ,‬حدثنا إسماعيل بن إبراهيم‪ ,‬حدثنا عوف‪,‬‬
‫حدثنا أبو رجاء‪ ,‬حدثنا سمرة بن جندب قببال‪ :‬قببال رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم لنا »أتاني الليلة آتيان فابتعثاني‬
‫فانتهيا بي إلى مدينة مبنية بلبن ذهببب ولبببن فضببة فتلقانببا‬
‫رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء‪ ,‬وشطر كأقبح‬
‫ما أنت راء‪ ,‬قال لهم اذهبوا فقعوا في ذلببك النهببر فوقعببوا‬
‫فيه ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم فصاروا فببي‬
‫أحسن صورة‪ ,‬قال لي هذه جنببة عببدن وهببذا منزلببك‪ ,‬قببال‬
‫وأما القوم الذين كانوا شببطر منهببم حسببن وشببطر منهببم‬
‫قبيح‪ ,‬فببإنهم خلطببوا عمل ً صببالحا ً وآخببر سببيئا ً تجبباوز اللببه‬
‫ليببة‪.‬‬‫عنهم« هكذا رواه البخاري مختصرا ً في تفسير هذه ا َ‬

‫خذ ْ م َ‬
‫ل‬‫صب ّ‬ ‫م ب ِهَببا وَ َ‬‫كيهِ ب ْ‬‫م وَت َُز ّ‬‫ة ت ُط َهُّرهُ ب ْ‬ ‫ص بد َقَ ً‬‫م َ‬ ‫وال ِهِ ْ‬‫مب َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫** ُ ِ ْ‬
‫َ‬
‫م * أل َب ْ‬
‫م‬ ‫ميعٌ عَِلي ب ٌ‬ ‫سب ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م َوالل ّب ُ‬
‫ن ل ّهُ ب ْ‬ ‫ٌ‬ ‫س بك َ‬‫ك َ‬ ‫وات َ َ‬‫َ‬ ‫صل َ‬‫َ‬ ‫ن‬
‫م إِ ّ‬‫عَل َي ْهِ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ص بد ََقا ِ‬
‫خ بذ ُ ال ّ‬ ‫عَبادِهِ وَي َأ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫ل الت ّوْب َ َ‬ ‫ه هُوَ ي َْقب َ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫موَا ْ أ ّ‬‫ي َعْل َ ُ‬
‫َ‬
‫م‬
‫حيببببببببببب ُ‬ ‫ب الّر ِ‬ ‫وا ُ‬ ‫ه هُبببببببببببوَ الت ّببببببببببب ّ‬ ‫ن الل ّببببببببببب َ‬ ‫وَأ ّ‬
‫أمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسببلم بببأن يأخببذ مببن‬
‫أموالهم صدقة يطهرهم ويزكيهم بها وهببذا عببام وإن أعبباد‬
‫بعضهم الضمير في أموالهم إلببى الببذين اعببترفوا بببذنوبهم‬
‫وخلطوا عمل ً صالحا ً وآخر سيئًا‪ ,‬ولهذا اعتقد بعببض مببانعي‬
‫الزكاة من أحياء العرب أن دفع الزكاة إلى المام ل يكون‪,‬‬
‫وإنما كان هببذا خاص با ً بالرسببول صببلى اللببه عليببه وسببلم‪,‬‬
‫لية‪,‬‬ ‫ولهذا احتجوا بقوله تعالى‪} :‬خذ من أموالهم صدقة{ ا َ‬
‫وقد رد عليهم هذا التأويل والفهم الفاسد‪ ,‬أبو بكر الصديق‬
‫وسائر الصحابة وقبباتلوهم حببتى أدوا الزكبباة إلببى الخليفببة‬
‫كما كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‪,‬‬

‫‪126‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حتى قال الصديق‪ :‬والله لو منعببوني عناق با ً ب ب وفببي روايببة‬
‫عقال ً ب كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫لقاتلنهم على منعه‪ ,‬وقببوله }وصببل عليهببم{ أي ادع لهببم‬
‫واستغفر لهم كما رواه مسلم في صببحيحه عببن عبببد اللببه‬
‫بن أبي أوفى قال‪ :‬كان النبي صببلى اللببه عليببه وسببلم إذا‬
‫أتي بصدقة قوم صببلى عليهببم فأتبباه أبببي بصببدقته فقببال‪:‬‬
‫لخببر أن‬ ‫»اللهم صل على آل أبي أوفببى« وفببي الحببديث ا َ‬
‫ي وعلى زوجببي‪ ,‬فقببال‬ ‫امرأة قالت‪ :‬يا رسول الله صل عل ّ‬
‫»صلى الله عليك وعلى زوجك« وقوله‪} :‬إن صلتك سكن‬
‫لهم{ قرأ بعضهم صلواتك على الجمببع وآخببرون قببرأوا إن‬
‫صلتك على الفراد }سكن لهم{ قال ابببن عببباس‪ :‬رحمببة‬
‫لهم‪ ,‬وقال قتادة وقار‪ ,‬وقوله‪} :‬والله سببميع{ أي لببدعائك‬
‫}عليم{ أي بمن يستحق ذلك منك ومن هو أهل لببه‪ ,‬قببال‬
‫المام أحمد‪ :‬حدثنا وكيع‪ ,‬حدثنا أبو العميس عببن أبببي بكببر‬
‫بن عمرو بن عتبة عن ابن حذيفة عن أبيه أن النبببي صببلى‬
‫الله عليه وسلم كان إذا دعا لرجل أصببابته وأصببابت ولببده‬
‫وولد ولده‪ ,‬ثم رواه عن أبي نعيم عن مسعر عن أبي بكببر‬
‫بن عمرو بن عتبة عن ابن لحذيفة‪ ,‬قال مسعر‪ :‬وقد ذكره‬
‫مرة عن حذيفببة إن صببلة النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫لتببببببببدرك الرجببببببببل وولببببببببده وولببببببببد ولببببببببده‪.‬‬
‫وقوله }ألم يعلموا أن اللببه هببو يقبببل التوبببة عببن عببباده‬
‫ويأخذ الصدقات{ هذا تهييج إلى التوبة والصدقة اللتين كل‬
‫منهما يحط الذنوب ويمحصببها ويمحقهببا‪ ,‬وأخبببر تعببالى أن‬
‫كل من تاب إليه تاب عليه‪ ,‬ومن تصدق بصدقة من كسب‬
‫حلل‪ ,‬فإن الله تعالى يتقبلها بيمينه فيربيها لصبباحبها حببتى‬
‫تصير التمرة مثل أحد‪ ,‬كما جاء بذلك الحديث عببن رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم كما قال الثببوري ووكيببع كلهمببا‬
‫عن عباد بن منصور عن القاسم بن محمببد‪ ,‬أنببه سببمع أبببا‬
‫هريرة يقول‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسببلم‪» :‬إن‬
‫الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه قيربيها لحدكم كما يربي‬
‫أحدكم مهره‪ ,‬حتى أن اللقمة لتكون مثببل أحببد« وتصببديق‬
‫ذلك في كتاب الله عز وجل }ألم يعلموا أن الله هو يقبببل‬

‫‪127‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫التوبة عن عباده ويأخبذ الصبدقات{ وقبوله‪} :‬يمحبق اللبه‬
‫الربا ويربي الصدقات{ وقببال الثببوري والعمببش‪ ,‬كلهمببا‬
‫عن عبد الله بن السائب عن عبد الله بن أبي قتببادة قببال‪:‬‬
‫قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنببه‪ ,‬إن الصببدقة تقببع‬
‫في يد الله عز وجل قبل أن تقع في يببد السببائل‪ ,‬ثببم قببرأ‬
‫لية }ألم يعلموا أن الله هو يقبببل التوبببة عببن عببباده‬ ‫هذه ا َ‬
‫ويأخذ الصدقات{ وقد روى ابن عسبباكر فببي تبباريخه فببي‬
‫ترجمة عبد الله بن الشاعر السكسكي الدمشببقي وأصببله‬
‫حمصببي‪ ,‬وكببان أحببد الفقهبباء‪ ,‬روى عببن معاويببة وغيببره‪,‬‬
‫وحكى عنه حوشب بن سيف السكسببكي الحمصببي قببال‪:‬‬
‫غزا الناس في زمان معاوية رضي الله عنببه وعليهببم عبببد‬
‫الرحمن بن خالد بن الوليد‪ ,‬فغل رجل من المسلمين مائة‬
‫دينار رومية‪ .‬فلما قفل الجيش ندم وأتببى الميببر فببأبى أن‬
‫يقبلها منه وقال‪ :‬قد تفرق النبباس ولببن أقبلهببا منببك حببتى‬
‫تأتي الله بها يوم القيامة‪ ,‬فجعل الرجل يستقري الصببحابة‬
‫فيقولون له مثل ذلك‪ ,‬فلما قدم دمشق ذهب إلى معاويببة‬
‫ليقبلها منه فأبىعليه‪ ,‬فخرج من عنده وهو يبكي ويسترجع‪,‬‬
‫فمر بعبد الله بن الشاعر السكسكي فقال له ما يبكيببك ؟‬
‫فذكر له أمره‪ ,‬فقال لببه‪ :‬أو مطيعببي أنببت ؟ فقببال‪ :‬نعببم‪,‬‬
‫فقال اذهب إلى معاوية فقل له اقبل مني خمسببك فببادفع‬
‫إليه عشرين دينارا ً وانظر إلى الثمانين الباقية فتصدق بهببا‬
‫عن ذلك الجيش‪ ,‬فإن اللببه يقبببل التوبببة عببن عببباده وهببو‬
‫أعلببم بأسببمائهم ومكببانهم‪ ,‬ففعببل الرجببل‪ ,‬فقببال معاويببة‬
‫رضي الله عنه‪ :‬لن أكببون أفببتيته بهببا أحببب إلببي مببن كببل‬
‫شبببببببببببيء أملكبببببببببببه‪ ,‬أحسبببببببببببن الرجبببببببببببل‪.‬‬

‫ن‬
‫من ُببو َ‬ ‫ه َوال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫سببول ُ ُ‬ ‫م وََر ُ‬ ‫مل َك ُب ْ‬ ‫سي ََرى الل ّ ُ‬
‫ه عَ َ‬ ‫مُلوا ْ فَ َ‬ ‫** وَقُ ِ‬
‫ل اعْ َ‬
‫م‬ ‫مببا ُ‬
‫كنت ُب ْ‬ ‫م بِ َ‬ ‫شبَهاد َةِ فَي ُن َب ّئ ُك ُب ْ‬ ‫ب َوال ّ‬ ‫ى عَببال ِم ِ ال ْغَي ْب ِ‬ ‫دو َ َ‬
‫ن إ ِل َ‬ ‫ست َُر ّ‬‫وَ َ‬
‫ن‬‫م ُلببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببو َ‬ ‫ت َعْ َ‬
‫قال مجاهد‪ :‬هذا وعيد يعني من اللببه تعببالى للمخببالفين‬
‫أوامره بأن أعمالهم ستعرض عليببه تبببارك وتعببالى وعلببى‬

‫‪128‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرسول صببلى اللببه عليببه وسببلم وعلببى المببؤمنين‪ .‬وهببذا‬
‫كائن ل محالة يوم القيامة كمببا قببال‪} :‬يببومئذ تعرضببون ل‬
‫تخفى منكم خافية{ وقببال تعببالى‪} :‬يببوم تبلببى السببرائر{‬
‫وقال‪} :‬وحصل ما فببي الصببدور{ وقببد يظهببر اللببه تعببالى‬
‫ذلك للناس في الدنيا‪ ,‬كما قال المام أحمد‪ :‬حببدثنا حسببن‬
‫بن موسى‪ ,‬حدثنا ابن لهيعة‪ ,‬حببدثنا دراج عببن أبببي الهيثببم‬
‫عن أبي سعيد مرفوعا ً عن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم أنه قال‪» :‬لو أن أحببدكم يعمببل فببي صببخرة صببماء‬
‫ليس لها باب ول كوة لخببرج اللببه عملببه للنبباس كائن با ً مببا‬
‫كان« وقد ورد‪ :‬أن أعمال الحياء تعرض على الموات من‬
‫القربببباء والعشبببائر فبببي الببببرزخ‪ ,‬كمبببا قبببال أببببو داود‬
‫الطيالسي‪ :‬حدثنا الصلت بن دينار عن الحسببن عببن جببابر‬
‫بن عبد الله قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‪:‬‬
‫»إن أعمببالكم تعببرض علببى أقربببائكم وعشببائركم فببي‬
‫قبورهم‪ ,‬فإن كان خيرا ً استبشروا به‪ ,‬وإن كببان غيببر ذلببك‬
‫قببالوا‪ :‬اللهببم ألهمهببم أن يعملببوا بطاعتببك« وقببال المببام‬
‫أحمد‪ :‬أنبأنببا عبببد الببرزاق عببن سببفيان عمببن سببمع أنسبا ً‬
‫يقببول‪ :‬قببال النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم‪ :‬إن أعمببالكم‬
‫تعرض على أقبباربكم وعشببائركم مببن المببوات فببإن كببان‬
‫خيرا ً استبشروا به وإن كان غير ذلك قالوا اللهببم ل تمتهببم‬
‫حببببببببببببتى تهببببببببببببديهم كمببببببببببببا هببببببببببببديتنا«‪.‬‬
‫وقال البخاري قالت عائشة رضي الله عنهببا‪ :‬إذا أعجبببك‬
‫حسن عمببل امرىببء مسببلم فقببل }اعملببوا فسببيرى اللببه‬
‫عملكم ورسوله والمؤمنون{ وقد ورد في الحببديث شبببيه‬
‫بهذا‪ ,‬قال المام أحمد‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬حدثنا حميببد عببن أنببس‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قببال‪» :‬ل عليكببم أن‬
‫تعجبوا بأحد حتى تنظروا بم يختم لببه‪ ,‬فببإن العامببل يعمببل‬
‫زمانا ً من عمره أو برهة من دهببره بعمببل صببالح لببو مببات‬
‫عليه دخل الجنة ثم يتحببول فيعمببل عمل ً سببيئًا‪ ,‬وإن العبببد‬
‫ليعمل البرهة من دهره بعمل سببيء لببو مببات عليببه دخببل‬
‫النار ثم يتحببول فيعمببل عمل ً صببالحًا‪ ,‬وإذا أراد اللببه بعبببده‬
‫خيرا ً استعمله قبببل مببوته« قببالوا‪ :‬يببا رسببول اللببه وكيببف‬

‫‪129‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يستعمله ؟ قال‪» :‬يبوفقه لعمببل صببالح ثبم يقبضببه عليببه«‬
‫تفبببببرد ببببببه المبببببام أحمبببببد مبببببن هبببببذا البببببوجه‪.‬‬

‫ب عَل َي ْهِ ْ‬
‫م‬ ‫ما ي َُتو ُ‬
‫م وَإ ِ ّ‬ ‫مرِ الل ّهِ إ ِ ّ‬
‫ما ي ُعَذ ّب ُهُ ْ‬ ‫نل ْ‬
‫جو ْ َ‬
‫مْر َ‬‫ن ُ‬
‫خُرو َ‬‫** َوآ َ‬
‫م‬‫كيببببببببببببببببببب ٌ‬ ‫ح ِ‬‫م َ‬ ‫ه عَِليببببببببببببببببببب ٌ‬ ‫َوالل ّببببببببببببببببببب ُ‬
‫قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة والضحاك وغيببر واحببد‪:‬‬
‫هم الثلثة الببذين خلفببوا أي عببن التوبببة‪ ,‬وهببم مببرارة بببن‬
‫الربيع وكعب بن مالك وهلل ببن أميبة‪ ,‬قعبدوا عبن غبزوة‬
‫تبوك في جملة من قعد كس بل ً وميل ً إلببى الدعببة والحفببظ‬
‫وطيب الثمار والظلل ل شكا ً ونفاقًا‪ ,‬فكانت منهبم طائفبة‬
‫ربطوا أنفسهم بالسببواري كمببا فعببل أبببو لبابببة وأصببحابه‪,‬‬
‫وطائفة لببم يفعلببوا ذلببك وهببم هببؤلء الثلثببة المببذكورون‪,‬‬
‫فنزلت توبة أولئك قببل هببؤلء وأرجببي هببؤلء عببن التوبببة‪,‬‬
‫لتيببة وهببي قببوله }لقببد تبباب اللببه علببى‬ ‫لية ا َ‬ ‫حتى نزلت ا َ‬
‫ليببة‪} ,‬وعلببى الثلثببة الببذين‬ ‫النبي والمهاجرين والنصار{ ا َ‬
‫لية‪ ,‬كما‬ ‫خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الرض بما رحبت{ ا َ‬
‫سيأتي بيانه في حديث كعب بن مالك‪ ,‬وقوله }إما يعذبهم‬
‫وإما يتوب عليهم{ أي هم تحببت عفببو اللببه إن شبباء فعببل‬
‫بهم هذا وإن شاء فعل بهم ذاك‪ ,‬ولكن رحمته تغلب غضبه‬
‫}والله عليم حكيم{ أي عليم بمن يسببتحق العقوبببة ممببن‬
‫يستحق العفو‪ ,‬حكيم في أفعبباله وأقببواله ل إلبه إل هببو ول‬
‫رب سبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببواه‪.‬‬

‫ن‬ ‫ريقببا ً ب َْيبب َ‬ ‫ضببَرارا ً وَك ُْفببرا ً وَت َْف ِ‬ ‫جدا ً ِ‬ ‫سبب ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ذوا ْ َ‬ ‫خبب ُ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫ذي َ‬‫** َواّلبب ِ‬
‫ل‬ ‫مببن قَب ْب ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫سببول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ب الل ّب َ‬ ‫حبباَر َ‬ ‫ن َ‬ ‫مب ْ‬ ‫صببادا ً ل ّ َ‬ ‫ن وَإ ِْر َ‬ ‫م بؤ ْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م لَ َ‬ ‫ول َيحل َِفن إ َ‬
‫ن*‬ ‫كبباذُِبو َ‬ ‫شهَد ُ إ ِن ّهُ ْ‬ ‫ه يَ ْ‬‫ى َوالل ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫سن َ‬‫ح ْ‬ ‫ن أَرد َْنا إ ِل ّ ال ْ ُ‬ ‫ّ ِ ْ‬ ‫َ َ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ل ي َبوْم ٍ‬ ‫ن أو ّ ِ‬ ‫مب ْ‬ ‫س عََلى الت ّْق بوَىَ ِ‬ ‫س َ‬ ‫جد ٌ أ ّ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬‫م ِفيهِ أَبدا ً ل ّ َ‬ ‫ل َ ت َُق ْ‬
‫حبببو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن أن ي َت َط َهّبُروا ْ َوالل ّب ُ‬
‫ه‬ ‫ل يُ ِ ّ َ‬ ‫جببا ٌ‬ ‫م ِفيبهِ ِفيبهِ رِ َ‬ ‫حقّ أن ت َُقببو َ‬ ‫أ َ‬
‫ن‬
‫ريبببببببببببببببببببببببببببب َ‬ ‫مط ّهّ ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫حببببببببببببببببببببببببببببب ّ‬ ‫يُ ِ‬
‫ليات الكريمات‪ ,‬أنه كان بالمدينة قبل‬ ‫سبب نزول هذه ا َ‬
‫مقدم رسول الله صلى الله عليببه وسببلم إليهببا رجببل مببن‬

‫‪130‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الخزرج يقال له أبو عببامر الراهببب‪ ,‬وكببان قببد تنصببر فببي‬
‫الجاهلية وقببرأ علببم أهببل الكتبباب‪ ,‬وكببان فيببه عبببادة فببي‬
‫الجاهلية وله شرف في الخببزرج كبببير‪ ,‬فلمببا قببدم رسببول‬
‫الله صلى الله عليبه وسبلم مهباجرا ً إلبى المدينبة واجتمبع‬
‫المسلمون عليه وصارت للسببلم كلمببة عاليببة وأظهرهببم‬
‫الله يوم بدر‪ ,‬شرق اللعين أبو عامر بريقه وبببارز بالعببداوة‬
‫وظاهر بها‪ ,‬وخرج فارا ً إلى كفار مكة من مشركي قريش‪,‬‬
‫يمالئهم على حببرب رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫فاجتمعوا بمن وافقهم من أحياء العرب وقدموا عام أحببد‪,‬‬
‫فكان من أمر المسلمين ما كان وامتحنهم الله عببز وجببل‪,‬‬
‫وكانت العاقبة للمتقين‪ ,‬وكان هذا الفاسق قد حفر حفببائر‬
‫فيما بين الصفين‪ ,‬فوقع في إحداهن رسول الله صلى الله‬
‫عليببه وسببلم وأصببيب ذلببك اليببوم فجببرح وجهببه وكسببرت‬
‫رباعيته اليمنى السفلى وشج رأسه صلوات اللببه وسببلمه‬
‫عليه‪ ,‬وتقدم أبو عببامر فببي أول المبببارزة إلببى قببومه مببن‬
‫النصار فخاطبهم واستمالهم إلببى نصببره ومببوافقته‪ ,‬فلمببا‬
‫عرفوا كلمه قالوا‪ :‬ل أنعم الله بك عينا ً يببا فاسببق يببا عببدو‬
‫الله‪ ,‬ونالوا منه وسبوه فرجع وهو يقول‪ :‬والله لقد أصبباب‬
‫قومي بعدي شر‪ ,‬وكان رسول الله صلى الله عليه وسببلم‬
‫قد دعاه إلى الله قبل فراره وقرأ عليه من القرآن‪ ,‬فببأبى‬
‫أن يسلم وتمرد‪ ,‬فدعا عليه رسول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم أن يموت بعيدا ً طريدا ً فنالته هذه الدعوة‪ ,‬وذلك أنه‬
‫لما فرغ الناس مببن أحببد‪ ,‬ورأى أمببر الرسببول صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم فببي ارتفبباع وظهببور‪ ,‬ذهببب إلببى هرقببل ملببك‬
‫الروم يستنصره على النبي صلى الله عليه وسببلم فوعببده‬
‫ومنبباه وأقببام عنببده‪ ,‬وكتببب إلببى جماعببة مببن قببومه مببن‬
‫النصار من أهل النفاق والريب يعدهم ويمنيهم أنه سيقدم‬
‫بجيش يقاتل به رسول الله صلى الله عليه وسببلم ويغلبببه‬
‫ويرده عمببا هببو فيببه‪ ,‬وأمرهببم أن يتخببذوا لببه معقل ً يقببدم‬
‫عليهم فيه من يقدم من عنده لداء كتبه ويكون مرصدا ً له‬
‫إذا قدم عليهم بعد ذلك‪ ,‬فشرعوا في بنبباء مسببجد مجبباور‬
‫لمسببجد قببباء فبنببوه وأحكمببوه وفرغببوا منببه قبببل خببروج‬

‫‪131‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رسببول اللبه صبلى اللبه عليبه وسبلم إلببى تبببوك‪ ,‬وجباءوا‬
‫فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسببلم أن يببأتي إليهببم‬
‫فيصلي في مسجدهم ليحتجببوا بصببلته فيببه علببى تقريببره‬
‫وإثباته‪ ,‬وذكروا أنهم إنما بنوه للضعفاء منهببم وأهببل العلببة‬
‫في الليلة الشاتية‪ ,‬فعصمه الله من الصلة فيه فقال‪» :‬إنا‬
‫على سفر ولكن إذا رجعنا إن شاء الله« فلمببا قفببل عليببه‬
‫السلم راجعا ً إلى المدينة من تبوك ولم يبق بينه وبينهببا إل‬
‫يوم أو بعض يوم‪ ,‬نزل عليه جبريببل بخبببر مسببجد الضببرار‬
‫ومببا اعتمببده بببانوه مببن الكفببر والتفريببق بيببن جماعببة‬
‫المؤمنين في مسجدهم مسجد قباء الذي أسببس مببن أول‬
‫يوم على التقوى‪ .‬فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫إلى ذلك المسجد من هدمه قبل مقدمه المدينة‪ ,‬كما قببال‬
‫لية‪ ,‬هم أناس من‬ ‫علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في ا َ‬
‫النصار بنوا مسجدا ً فقببال لهببم أبببو عببامر‪ :‬ابنببوا مسببجدا ً‬
‫واستعدوا بما استطعتم من قوة ومببن سببلح فببإني ذاهببب‬
‫إلببى قيصببر ملببك الببروم فببآتي بجنببود مببن الببروم وأخببرج‬
‫محمدا ً وأصببحابه‪ ,‬فلمبا فرغببوا مبن مسبجدهم أتببوا النببي‬
‫صببلى اللببه عليببه وسببلم فقببالوا لببه‪ :‬قببد فرغنببا مببن بنبباء‬
‫مسجدنا فنحب أن تصلي فيببه وتببدعو لنببا بالبركببة‪ ,‬فببأنزل‬
‫الله عز وجل }ل تقم فيه أبببدًا{ إلببى قببوله‪} :‬الظببالمين{‬
‫وكذا روي عن سعيد بن جبير ومجاهببد وعببروة بببن الزبيببر‬
‫وقتادة وغير واحد من العلماء‪ ,‬وقال محمد بن إسحاق بببن‬
‫يسار‪ ,‬عن الزهري ويزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكببر‬
‫وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم‪ ,‬قالوا‪ :‬أقبل رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم يعني من تبوك حتى نزل بببذي أوان‬
‫بلببد بينببه وبيببن المدينببة سبباعة مببن نهببار‪ ,‬وكببان أصببحاب‬
‫مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهز إلى تبوك فقببالوا‪:‬‬
‫يا رسبول اللبه إنبا قبد بنينبا مسبجدا ً لبذي العلبة والحاجبة‬
‫والليلببة المطيببرة والليلببة الشبباتية‪ ,‬وإنببا نحببب أن تأتينببا‬
‫فتصلي لنا فيه‪ ,‬فقال‪» :‬إني على جناح سفر وحال شغل«‬
‫أو كما قال رسول الله صبلى اللبه عليبه وسبلم »ولببو قببد‬
‫قدمنا إن شاء الله تعالى أتيناكم فصببلينا لكببم فيببه« فلمببا‬

‫‪132‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نزل بذي أوان أتاه خبر المسجد فببدعا رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسببلم مالببك بببن الدخشببم أخببا بنببي سببالم بببن‬
‫عوف‪ ,‬ومعن بن عدي أو أخاه عامر بن عدي أخببا بلعجلن‬
‫فقال‪» :‬انطلقا إلببى هببذا المسببجد الظببالم أهلببه فاهببدماه‬
‫وحرقاه« فخرجا سريعين حتى أتيا بنببي سبالم ببن عببوف‪,‬‬
‫وهم رهط مالك بن الدخشم‪ .‬فقال مالك لمعببن‪ :‬أنظرنببي‬
‫حتى أخرج إليك بنار من أهلي‪ ,‬فببدخل أهلببه فأخببذ سببعفا ً‬
‫من النخل فأشعل فيه نببارا ً ثببم خرجببا يشببتدان حببتى دخل‬
‫المسجد وفيه أهله‪ ,‬فحرقاه وهدماه وتفرقببوا عنببه‪ ,‬ونببزل‬
‫فيهم من القرآن ما نزل }والذين اتخببذوا مسببجدا ً ضببرارا ً‬
‫ل‪:‬‬ ‫وكفرًا{ إلى آخر القصة‪ .‬وكان الذين بنوه اثني عشر رج ً‬
‫خذام بن خالد من بني عبيد بببن زيببد أحببد بنببي عمببرو بببن‬
‫عوف‪ ,‬ومن داره أخرج مسجد الشقاق‪ ,‬وثعلبة بن حبباطب‬
‫من بني عبيد وموالي بني أمية بن زيد‪ ,‬ومعتب بببن قشببير‬
‫من بني ضبيعة بن زيببد‪ ,‬وأبببو حبيبببة بببن الزعببر مببن بنببي‬
‫ضبيعة بن زيد‪ ,‬وعباد بن حنيف أخو سببهل بببن حنيببف مببن‬
‫بني عمرو بن عوف‪ ,‬وحارثببة بببن عببامر وابنبباه مجمببع بببن‬
‫حارثة وزيد بن حارثة ونبتل الحارث وهم مببن بنببي ضبببيعة‬
‫ومخرج‪ ,‬وهم من بني ضبيعة‪ ,‬وبجاد بببن عثمببان وهببو مببن‬
‫بني ضبيعة‪ ,‬ووديعة بن ثابت‪ ,‬وموالي بني أمية رهببط أبببي‬
‫لبابة بن عبببد المنببذر‪ .‬وقببوله }وليحلفببن{ أي الببذين بنببوه‬
‫}إن أردنا إل الحسنى{ أي ما أردنا ببنيانه إل خيببرا ً ورفق با ً‬
‫بالناس‪ ,‬قال الله تعالى‪} :‬والله يشهد إنهببم لكبباذبون{ أي‬
‫فيما قصدوا وفيما نووا‪ ,‬وإنمببا بنببوه ضببرارا ً لمسببجد قببباء‬
‫وكفرا ً بالله وتفريقا ً بين المؤمنين وإرصادا ً لمن حارب الله‬
‫ورسوله من قبل‪ ,‬وهو أبو عببامر الفاسببق الببذي يقببال لببه‬
‫الراهب لعنه الله‪ ,‬وقوله }ل تقم فيه أبدًا{ نهي لببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم والمة تبع له في ذلك عببن أن يقببوم فيببه‬
‫أي يصلي فيه أبدًا‪ .‬ثم حثه على الصلة بمسجد قباء الببذي‬
‫أسس من أول يوم بنيانه على التقببوى‪ ,‬وهببي طاعببة اللببه‬
‫وطاعببة رسببوله وجمع با ً لكلمببة المببؤمنين ومعقل ً ومببوئل ً‬
‫للسلم وأهله‪ ,‬ولهذا قببال تعببالى‪} :‬لمسببجد أسببس علببى‬

‫‪133‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه{ والسياق إنما هببو‬
‫في معرض مسجد قباء‪ ,‬ولهذا جاء فببي الحببديث الصببحيح‬
‫أن رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪» :‬صببلة فببي‬
‫مسجد قباء كعمرة«‪ ,‬وفي الصحيح أن رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم كان يزور مسجد قباء راكبا ً وماشيًا‪ ,‬وفببي‬
‫الحديث أن رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم لمببا بنبباه‬
‫وأسسه أول قدومه ونزوله على بني عمرو بن عوف كببان‬
‫جبريببل هببو الببذي عيببن لببه جهببة القبلببة‪ ,‬فببالله أعلببم‪.‬‬
‫وقال أبو داود‪ :‬حدثنا محمد بن العلء‪ ,‬حببدثنا معاويببة بببن‬
‫هشام عن يونس بن الحارث عن إبراهيم بن أبببي ميمونببة‬
‫عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي اللببه عنببه عببن النبببي‬
‫لية في أهل قباء‬ ‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬نزلت هذه ا َ‬
‫}فيه رجال يحبون أن يتطهروا{ ب قببال بب كببانوا يسببتنجون‬
‫لية«‪ .‬ورواه الترمذي وابن ماجه‬ ‫بالماء فنزلت فيهم هذه ا َ‬
‫من حديث يونس بن الحارث وهو ضعيف‪ ,‬وقببال الترمببذي‬
‫غريب من هذا الوجه‪ ,‬وقال الطبراني‪ :‬حببدثنا الحسببن بببن‬
‫علي المعمري‪ ,‬حدثنا محمد بن حميد الرازي‪ ,‬حدثنا سلمة‬
‫بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن العمش عن مجاهببد‬
‫ليببة }فيببه رجببال‬ ‫عن ابن عببباس قببال‪ :‬لمببا نزلببت هببذه ا َ‬
‫يحبون أن يتطهببروا{ بعببث رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم إلى عويم بن ساعدة فقال‪» :‬ما هذا الطهببور الببذي‬
‫أثنى الله عليكم ؟« فقال‪ :‬يا رسول الله ما خرج منا رجل‬
‫ول امرأة مببن الغببائط إل وغسببل فرجببه أو قببال مقعببدته‪,‬‬
‫فقبببال النببببي صبببلى اللبببه عليبببه وسبببلم »هبببو هبببذا«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حببدثنا حسببين بببن محمببد‪ ,‬حببدثنا أبببو‬
‫أويس‪ ,‬حدثنا شرحبيل عن عويم بن ساعدة النصاري‪ ,‬أنه‬
‫حدثه أن النبي صلى الله عليببه وسببلم أتبباهم فببي مسببجد‬
‫قباء فقال‪» :‬إن الله تعالى قببد أحسببن عليكببم الثنبباء فببي‬
‫الطهببور فببي قصببة مسببجدكم‪ ,‬فمببا هببذا الطهببور الببذي‬
‫تطهرون به ؟« فقالوا‪ :‬والله يا رسول الله ما نعلببم شببيئًا‪,‬‬
‫إل أنه كان لنا جيران من اليهود فكببانوا يغسببلون أدبببارهم‬
‫من الغببائط فغسببلنا كمببا غسببلوا‪ ,‬ورواه ابببن خزيمببة فببي‬

‫‪134‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صحيحه‪ ,‬وقال هشيم عن عبد الحميد المدني عن إبراهيببم‬
‫بن إسماعيل النصاري‪ :‬أن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم قال لعويم بببن سبباعدة‪» :‬مببا هببذا الببذي أثنببى اللببه‬
‫لية‪ ,‬قالوا‪ :‬يببا‬‫عليكم }فيه رجال يحبون أن يتطهروا ؟«{ ا َ‬
‫رسببول اللبه إنببا نغسببل الدبببار بالمباء‪ ,‬وقببال اببن جريببر‪:‬‬
‫حدثني محمد بن عمارة السببدي‪ ,‬حببدثنا محمببد بببن سببعد‬
‫عن إبراهيم بن محمد عن شرحبيل بن سعد قال‪ :‬سببمعت‬
‫لية }فيه رجال يحبببون‬ ‫خزيمة بن ثابت يقول‪ :‬نزلت هذه ا َ‬
‫أن يتطهروا والله يحببب المطهريببن{ قببال كببانوا يغسببلون‬
‫أدبببببببببببببببببببارهم مببببببببببببببببببن الغببببببببببببببببببائط‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال المام أحمد بن حنبل‪ :‬حدثنا يحيببى بببن‬
‫آدم‪ ,‬حدثنا مالك يعني ابن مغول‪ ,‬سمعت سيارا ً أبا الحكببم‬
‫عن شهر بن حوشب عن محمببد بببن عبببد اللببه بببن سببلم‬
‫قال‪ :‬لما قدم رسبول اللبه صبلى اللبه عليبه وسبلم يعنببي‬
‫قباء‪ ,‬فقال »إن الله عز وجل قد أثنى عليكم فببي الطهببور‬
‫خيرا ً أفل تخبروني ؟« يعني قببوله }فيببه رجببال يحبببون أن‬
‫يتطهروا{ فقالوا يا رسول الله إنا نجده مكتوببا ً علينببا فببي‬
‫التببببببببببببببببوراة السببببببببببببببببتنجاء بالمبببببببببببببببباء‪.‬‬
‫وقد صرح بببأنه مسببجد قببباء جماعببة مببن السببلف‪ ,‬رواه‬
‫علي بن أبي طلحة عن ابن عباس‪ ,‬ورواه عبد الرزاق عن‬
‫معمر الزهري عن عروة بن الزبير‪ ,‬وقببال عطيببة العببوفي‬
‫وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم والشعبي والحسن البصري‬
‫ونقله البغوي عن سببعيد بببن جبببير وقتببادة‪ ,‬وقببد ورد فببي‬
‫الحديث الصحيح أن مسجد رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم الذي في جوف المدينببة هبو المسبجد الببذي أسببس‬
‫ليبة وبيبن هبذا‪,‬‬ ‫على التقوى‪ ,‬وهذا صحيح‪ .‬ول منافاة بين ا َ‬
‫لنه إذا كان مسجد قباء قد أسببس علببى التقببوى مببن أول‬
‫يوم‪ ,‬فمسجد رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم بطريببق‬
‫الولى والحرى‪ ,‬ولهببذا قببال المببام أحمببد بببن حنبببل فببي‬
‫مسنده‪ :‬حدثنا أبو نعيم‪ ,‬حدثنا عبد الله بن عبامر السبلمي‬
‫عن عمران بن أبي أنس‪ ,‬عن سهل بن سعد عن أبببي بببن‬

‫‪135‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬المسجد الذي‬
‫أسببس علببى التقببوى مسببجدي هببذا« تفببرد بببه أحمببد‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا وكيع‪ ,‬حببدثنا ربيعببة‬
‫بن عثمان التيمي عن عمران بن أبي أنس عببن سببهل بببن‬
‫سعد الساعدي قال‪ :‬اختلف رجلن على عهد رسببول اللببه‬
‫صلى اللببه عليببه وسببلم فببي المسببجد الببذي أسببس علببى‬
‫التقوى فقال أحدهما هببو مسببجد رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫لخر هو مسجد قباء‪ ,‬فأتيا النبي صببلى‬ ‫عليه وسلم‪ ,‬وقال ا َ‬
‫الله عليه وسلم فسأله فقال‪» :‬هو مسببجدي هببذا« تفببرد‬
‫بببببببببببببببببببببه أحمببببببببببببببببببببد أيضببببببببببببببببببببًا‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال المام أحمببد‪ :‬حببدثنا موسببى بببن داود‪,‬‬
‫حدثنا ليث عن عمران بن أبببي أنببس عببن سببعيد بببن أبببي‬
‫سعيد الخببدري رضببي اللببه عنببه قببال‪ :‬تمببارى رجلن فببي‬
‫المسجد الذي أسببس علببى التقببوى مببن أول يببوم‪ ,‬فقببال‬
‫لخر هو مسجد رسول الله‬ ‫أحدهما هو مسجد قباء‪ ,‬وقال ا َ‬
‫صلى الله عليه وسلم فقال رسول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسببببلم »هببببو مسببببجدي هببببذا« تفببببرد بببببه أحمببببد‪.‬‬
‫)طريببق أخببرى( قببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا إسببحاق بببن‬
‫عيسى‪ ,‬حدثنا ليث حدثني عمران بن أبببي أنببس عببن ابببن‬
‫أبي سعيد عن أبيه أنببه قببال‪ :‬تمببارى رجلن فببي المسببجد‬
‫الذي أسس على التقببوى مببن أول يببوم‪ ,‬فقببال رجببل هببو‬
‫لخر هو مسجد رسول الله صببلى اللببه‬ ‫مسجد قباء‪ ,‬وقال ا َ‬
‫عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليبه وسبلم »هببو‬
‫مسجدي« وكذا رواه الترمببذي والنسببائي عببن قتيبببة عببن‬
‫الليبببث وصبببححه الترمبببذي ورواه مسبببلم كمبببا سبببيأتي‪.‬‬
‫)طريق أخرى( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا يحيى عببن أنيببس‬
‫بن أبي يحيى‪ ,‬حدثني أبي قال‪ :‬سمعت أبا سببعيد الخببدري‬
‫قال‪ :‬اختلف رجلن رجل من بنببي خببدرة ورجببل مببن بنببي‬
‫عمرو بن عوف‪ ,‬في المسجد الببذي أسببس علببى التقببوى‪,‬‬
‫فقال الخببدري هببو مسببجد رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪ ,‬وقال العمري هو مسببجد قببباء‪ ,‬فأتيببا رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم فسأله عببن ذلببك فقببال‪» :‬هببو هببذا‬

‫‪136‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المسجد« لمسببجد رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪,‬‬
‫وقببببببال فببببببي ذلببببببك يعنببببببي مسببببببجد قببببببباء‪.‬‬
‫)طريق أخببرى( قببال المببام أحمببد‪ :‬قببال أبببو جعفببر بببن‬
‫جرير‪ :‬حدثنا ابن بشار‪ ,‬حدثنا يحيى بن سعيد‪ ,‬حببدثنا حميببد‬
‫الخراط المدني سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن بببن أبببي‬
‫سعيد فقلت كيف سمعت أباك يقببول فببي المسببجد الببذي‬
‫أسس على التقوى ؟ فقال إنببي أتيببت رسببول اللببه صببلى‬
‫اللببه عليببه وسببلم فببدخلت عليببه فببي بيببت لبعببض نسببائه‬
‫فقلببت‪ :‬يببا رسببول اللببه أيببن المسببجد الببذي أسببس علببى‬
‫التقوى ؟ قال‪ :‬فأخذ كفا ً من حصباء فضرب بببه الرض ثببم‬
‫قال‪» :‬هو مسجدكم هذا« ثببم قببال سببمعت أببباك يببذكره‪,‬‬
‫رواه مسلم منفردا ً به عن محمد بن حبباتم عببن يحيببى بببن‬
‫سعيد به‪ ,‬ورواه عن أبببي بكبر ببن أبببي شببيبة وغيبره عبن‬
‫حاتم بن إسماعيل عن حميد الخببراط بببه‪ ,‬وقببد قببال بببأنه‬
‫مسجد النبي صلى الله عليببه وسببلم جماعببة مببن السببلف‬
‫والخلف‪ ,‬وهو مروي عن عمر بن الخطاب وابنه عبببد اللببه‬
‫وزيد بن ثابت وسببعيد بببن المسببيب‪ ,‬واختبباره ابببن جريببر‪,‬‬
‫وقوله‪} :‬لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن‬
‫تقببوم فيببه فيببه رجببال يحبببون أن يتطهببروا واللببه يحببب‬
‫المطهرين{ دليببل علببى اسببتحباب الصببلة فببي المسبباجد‬
‫القديمة المؤسسة من أول بنائها على عبادة الله وحببده ل‬
‫شريك له‪ ,‬وعلى استحباب الصلة مع الجماعببة الصببالحين‬
‫والعباد العاملين المحافظين على إسببباغ الوضببوء والتنببزه‬
‫عببببببببببببببببن ملبسببببببببببببببببة القبببببببببببببببباذورات‪.‬‬
‫وقد قال المام أحمد‪ :‬حدثنا محمد بن جعفببر عببن شببعبة‬
‫عن عبد الملك بن عمير‪ ,‬سمعت شبيبا ً أبا روح يحدث عن‬
‫رجل من أصحاب رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهببم الصبببح فقببرأ‬
‫الروم فيها فأوهم فلمببا انصببرف قببال‪» :‬إنببه يلبببس علينببا‬
‫القرآن إن أقواما ً منكم يصلون معنا ل يحسببنون الوضببوء‪,‬‬
‫فمن شهد الصلة معنببا فليحسببن الوضببوء« ثببم رواه مببن‬
‫طريقين آخرين عن عبد الملك بن عمير عببن شبببيب أبببي‬

‫‪137‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫روح من ذي الكلع‪ ,‬أنه صلى مببع النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم فذكره‪ ,‬فدل هببذا علببى أن إكمببال الطهببارة يسببهل‬
‫القيام في العبببادة ويعيببن علببى إتمامهببا وإكمالهببا والقيبام‬
‫بمشروعاتها‪ .‬وقال أبببو العاليببة فببي قببوله تعببالى‪} :‬واللببه‬
‫يحببب المطهريببن{ إن الطهببور بالمبباء لحسببن ولكنهببم‬
‫المطهرون من الذنوب‪ .‬وقال العمش التوبة من الببذنوب‬
‫والتطهر من الشرك‪ ,‬وقد ورد فببي الحببديث المببروي مببن‬
‫طرق في السنن وغيرها أن رسول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم قال لهل قباء‪» :‬قد أثنى اللببه عليكببم فببي الطهببور‬
‫فمبباذا تصببنعون ؟« فقببالوا نسببتنجي بالمبباء‪ ,‬وقببد قببال‬
‫الحافظ أبو بكر البزار‪ :‬حدثنا عبببد اللببه بببن شبببيب‪ ,‬حببدثنا‬
‫أحمد بببن عبببد العزيببز قببال‪ :‬وجببدته فببي كتبباب أبببي عببن‬
‫الزهري عن عبيد الله بن عبببد اللببه عببن ابببن عببباس قببال‬
‫ليببة فببي أهببل قببباء }فيببه رجببال يحبببون أن‬ ‫نزلببت هببذه ا َ‬
‫يتطهروا والله يحب المطهرين{ فسألهم رسول الله صلى‬
‫اللببه عليببه وسببلم‪ ,‬فقببالوا إنببا نتبببع الحجببارة بالمبباء رواه‬
‫البزار‪ ,‬ثم قال‪ :‬تفرد به محمد بن عبد العزيز عن الزهببري‬
‫ولم يرو عنه سوى ابنه‪} ,‬قلت{ وإنما ذكرتببه بهببذا اللفببظ‬
‫لنه مشهور بين الفقهاء ولببم يعرفببه كببثير مببن المحببدثين‬
‫المتببببببببببأخرين أو كلهببببببببببم‪ ,‬واللببببببببببه أعلببببببببببم‪.‬‬

‫خي ٌْر َأم‬ ‫ن َ‬ ‫وا ٍ‬


‫ض َ‬‫ن الل ّهِ وَرِ ْ‬ ‫م َ‬‫ى ت َْقوَىَ ِ‬ ‫س ب ُن َْيان َ ُ َ‬
‫ه عَل َ‬ ‫س َ‬
‫** أ َفَم َ‬
‫نأ ّ‬ ‫َ ْ‬
‫ف هَببارٍ َفان ْهَبباَر ب ِبهِ فِببي ن َبباِر‬ ‫ى َ‬ ‫س ب ُن َْيان َ ُ َ‬ ‫م َ‬
‫جُر ٍ‬
‫شَفا ُ‬ ‫ه عَل َ‬ ‫س َ‬ ‫نأ ّ‬ ‫ّ ْ‬
‫م‬‫ل ب ُن ْي َببان ُهُ ُ‬ ‫َ‬
‫ن * ل ي َبَزا ُ‬ ‫مي َ‬ ‫ّ‬
‫م الظببال ِ ِ‬ ‫ْ‬
‫دي الَقبوْ َ‬ ‫َ‬
‫ه ل ي َهْب ِ‬ ‫ّ‬
‫م َواللب ُ‬ ‫جهَن ّ َ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫م‬‫ه عَِليبب ٌ‬ ‫م َوالل ُ‬ ‫م إ ِل ّ أن ت ََقطعَ قُلوب ُهُ ْ‬ ‫ة ِفي قُلوب ِهِ ْ‬ ‫ذي ب َن َوْا ِريب َ ً‬ ‫ال ِ‬
‫م‬‫كيببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببب ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى ل يستوي من أسس بنيانه علببى تقببوى مببن‬
‫الله ورضوان ومن بنى مسجدا ً ضرارا ً وكفرا ً وتفريق با ً بيببن‬
‫المؤمنين‪ ,‬وإرصبادا ً لمبن حبارب اللبه ورسبوله مبن قببل‪,‬‬
‫فإنما يبني هؤلء بنيانهم على شبفا جبرف هبار‪ ,‬أي طبرف‬
‫حفيببرة‪ ,‬مثبباله }فببي نببار جهنببم واللببه ل يهببدي القببوم‬

‫‪138‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الظالمين{ أي ل يصلح عمل المفسدين‪ .‬قال جابر بن عبد‬
‫الله‪ :‬رأيت المسجد الذي بنببي ضببرارا ً يخببرج منبه الببدخان‬
‫على عهد رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‪ ,‬وقببال ابببن‬
‫جريج‪ :‬ذكر لنا أن رجال ً حفروا فوجدوا الدخان يخرج منببه‪,‬‬
‫وكذا قال قتبادة‪ ,‬وقبال خلبف ببن ياسبين الكبوفي‪ :‬رأيبت‬
‫مسجد المنافقين الذي ذكره الله تعالى في القببرآن وفيببه‬
‫جحر يخرج منه الدخان وهو اليوم مزبلببة‪ ,‬رواه ابببن جريببر‬
‫رحمه الله‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬ل يزال بنيانهم الذي بنببوا ريبببة‬
‫في قلوبهم{ أي شكا ً ونفاق بًا‪ ,‬بسبببب إقببدامهم علببى هببذا‬
‫الصنيع الشنيع أورثهم نفاقا ً في قلوبهم كما أشببرب عابببدو‬
‫العجل حببه‪ ,‬وقبوله‪} :‬إل أن تقطبع قلبوبهم{ أي بمبوتهم‪,‬‬
‫قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة وزيببد بببن أسببلم والسببدي‬
‫وحبيب بن أبي ثابت والضببحاك وعبببدالرحمن بببن زيببد بببن‬
‫أسلم وغير واحد مببن علمبباء السببلف‪} ,‬واللببه عليببم{ أي‬
‫بأعمال خلقه }حكيم{ في مجازاتهم عنها من خيببر وشببر‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫شترى مبن ال ْمبؤْمِني َ‬


‫ن‬ ‫وال َهُ ْ‬
‫م ب ِبأ ّ‬ ‫مب َ‬‫م وَأ ْ‬ ‫س به ُ ْ‬
‫ن أنُف َ‬ ‫ُ ِ َ‬ ‫ها ْ ََ َ ِ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫** إ ِ ّ‬
‫عببدا ً‬‫ن وَ ْ‬ ‫ن وَي ُْقت َُلببو َ‬‫ل الل ّهِ فَي َْقت ُُلو َ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ن ِفي َ‬ ‫ة ي َُقات ُِلو َ‬ ‫م ال ّ َ‬
‫جن ّ َ‬ ‫ل َهُ ُ‬
‫عَل َيه حّقا ً في التوراة والنجيل وال ُْقرآن وم َ‬
‫ه‬ ‫ن أوْفَ ب َ‬
‫ى ب ِعَهْ بدِ ِ‬ ‫ْ ِ َ َ ْ‬ ‫ّ ْ َ ِ َ ِْ ِ ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ ِ َ‬
‫ك هُوَ ال َْفوُْز‬ ‫م ب ِهِ وَذ َل ِ َ‬
‫ذي َباي َعْت ُ ْ‬ ‫م ال ّ ِ‬‫شُروا ْ ب ِب َي ْعِك ُ ُ‬ ‫ن الل ّهِ َفا ْ‬
‫ست َب ْ ِ‬ ‫م َ‬‫ِ‬
‫م‬
‫ظيبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببب ُ‬ ‫ال ْعَ ِ‬
‫يخبر تعالى أنببه عبباوض عببباده المببؤمنين عببن أنفسببهم‬
‫وأموالهم إذ بببذلوها فببي سبببيله بالجنببة‪ ,‬وهببذا مببن فضببله‬
‫وكرمه وإحسانه‪ ,‬فإنه قبل العوض عما يملكببه بمببا تفضببل‬
‫به على عبيده المطيعين له‪ .‬ولهببذا قبال الحسبن البصببري‬
‫وقتادة‪ :‬بايعهم والله فأغلى ثمنهم‪ .‬وقال شمر بن عطيببة‪:‬‬
‫ما من مسلم إل ولله عز وجل في عنقه بيعة‪ ,‬وفى بهببا أو‬
‫ليببة‪ .‬ولهببذا يقببال مببن حمببل فببي‬ ‫مات عليها ثم تل هببذه ا َ‬
‫سبيل الله بايع الله أي قبببل هببذا العقببد ووفببى بببه‪ .‬وقببال‬
‫محمد بن كعب القرظي وغيره‪ ,‬قال عبد اللببه بببن رواحببة‬
‫رضي الله عنه لرسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم يعنببي‬

‫‪139‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليلببة العقبببة‪ :‬اشببترط لربببك ولنفسببك مببا شببئت‪ ,‬فقببال‬
‫»أشترط لربي أن تعبدوه ول تشركوا بببه شببيئًا‪ .‬وأشببترط‬
‫لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسببكم وأمببوالكم«‬
‫قالوا فما لنا إذا فعلنا ذلك ؟ قال »الجنة« قالوا‪ :‬ربح البيع‬
‫ل نقيل ول نستقيل‪ ,‬فنزلت }إن الله اشترى من المؤمنين‬
‫لية‪ ,‬وقوله‪} :‬يقاتلون في سبيل اللببه فيقتلببون‬ ‫أنفسهم{ ا َ‬
‫ويقتلون{ أي سواء قتلوا أو قتلوا‪ ,‬أو اجتمع لهم هذا وهببذا‬
‫فقبببببببببببببد وجببببببببببببببت لهبببببببببببببم الجنبببببببببببببة‪.‬‬
‫ولهذا جاء في الصحيحين »وتكفببل اللببه لمببن خببرج فببي‬
‫سبيله ل يخرجه إل جهاد في سبيلي وتصديق برسببلي بببأن‬
‫توفاه أن يدخله الجنة أو يرجعه إلى منزله الذي خرج منببه‬
‫نائل ً ما نال من أجر أو غنيمة« وقببوله‪} :‬وعببدا ً عليببه حق با ً‬
‫في التوراة والنجيل والقببرآن{ تأكيببد لهببذا الوعببد وإخبببار‬
‫بأنه قد كتبه على نفسه الكريمة وأنزلببه علببى رسببله فببي‬
‫كتبه الكبار‪ ,‬وهي التوراة المنزلبة علبى موسبى‪ ,‬والنجيبل‬
‫المنزل على عيسى‪ ,‬والقرآن المنزل على محمد صببلوات‬
‫الله وسلمه عليهم أجمعين‪ .‬وقببوله‪} :‬ومببن أوفببى بعهببده‬
‫من الله{ فإنه ل يخلف الميعاد‪ .‬هذا كقوله‪} :‬ومن أصببدق‬
‫ل{ ولهببذا قببال‬ ‫من الله حديثًا{ }ومن أصببدق مببن اللببه قي ً‬
‫}فاستبشببروا ببببيعكم الببذي بببايعتم بببه وذلببك هببو الفببوز‬
‫العظيم{ أي فليستبشر من قام بمقتضى هذا العقد ووفى‬
‫بهببببذا العهببببد بببببالفوز العظيببببم والنعيببببم المقيببببم‪.‬‬

‫ن‬‫ن الّراك ُِعببو َ‬ ‫حو َ‬ ‫سببائ ِ ُ‬


‫ن ال ّ‬ ‫دو َ‬‫مبب ُ‬
‫حا ِ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫دو َ‬‫ن ال َْعاِببب ُ‬‫** الّتببائ ُِبو َ‬
‫ر‬ ‫من َ‬
‫كبب ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫عبب ِ‬ ‫ن َ‬ ‫هو َ‬ ‫ف َوالّنببا ُ‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫ن ِبببال ْ َ‬‫مببُرو َ‬ ‫ن ال َ ِ‬ ‫جدو َ‬ ‫سببا ِ‬‫ال ّ‬
‫ن‬ ‫مبببببؤْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫شبببببرِ ال ْ ُ‬ ‫دودِ الّلبببببهِ وَب َ ّ‬ ‫حببببب ُ‬ ‫ن لِ ُ‬‫ظو َ‬ ‫حبببببافِ ُ‬ ‫َوال ْ َ‬
‫هذا نعببت المببؤمنين الببذين اشببترى اللببه منهببم أنفسببهم‬
‫وأمبببوالهم بهبببذه الصبببفات الجميلبببة والخلل الجليلبببة‬
‫}التبببائبون{ مبببن البببذنوب كلهبببا التببباركون للفبببواحش‬
‫}العابببدون{ أي القببائمون بعبببادة ربهببم محببافظين عليهببا‬
‫وهي القوال والفعال‪ ,‬فمن أخص القببوال الحمببد‪ ,‬فلهببذا‬

‫‪140‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال‪} :‬الحامدون{ ومن أفضل العمال الصيام وهببو تببرك‬
‫الملذ مبببن الطعبببام والشبببراب والجمببباع‪ ,‬وهبببو المبببراد‬
‫بالسياحة ههنا‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬السائحون{ كما وصببف أزواج‬
‫النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم بببذلك فببي قببوله تعببالى‪:‬‬
‫}سببائحات{ أي صببائمات‪ ,‬وكببذا الركببوع والسببجود وهمببا‬
‫عبارة عبن الصبلة‪ ,‬ولهبذا قبال‪} :‬الراكعبون السباجدون{‬
‫وهم مع ذلك ينفعون خلق الله ويرشدونهم إلى طاعة الله‬
‫بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر مع العلم بما ينبغببي‬
‫فعلببه ويجببب تركببه‪ ,‬وهببو حفببظ حببدود اللببه فببي تحليلببه‬
‫ل‪ ,‬فقاموا بعبادة الحببق ونصببح الخلببق‪,‬‬ ‫وتحريمه علما ً وعم ً‬
‫ولهذا قال‪} :‬وبشر المؤمنين{ لن اليمان يشمل هذا كله‪,‬‬
‫والسبببببعادة كبببببل السبببببعادة لمبببببن اتصبببببف ببببببه‪.‬‬
‫)بيان أن المراد بالسياحة الصيام( قببال سببفيان الثببوري‪:‬‬
‫عببن عاصببم عببن زِّر عببن عبببد اللببه بببن مسببعود قببال‬
‫}السائحون{ الصببائمون وكببذا روي عببن سببعيد بببن جبببير‬
‫والعوفي عن ابن عباس‪ ,‬وقال علببي بببن أبببي طلحببة عببن‬
‫ابببن عببباس كببل مببا ذكببر اللببه فببي القببرآن السببياحة هببم‬
‫الصائمون‪ ,‬وكذا قال الضحاك رحمه الله‪ ,‬وقال ابن جرير‪:‬‬
‫حدثنا أحمد بن إسحاق‪ ,‬حدثنا أبو أحمد‪ ,‬حدثنا إبراهيببم بببن‬
‫يزيد عن الوليد بن عبد الله عببن عائشبة رضببي اللبه عنهببا‬
‫قببالت‪ :‬سببياحة هببذه المببة الصببيام‪ ,‬وهكببذا قببال مجاهببد‬
‫وسببعيد بببن جبببير وعطبباء وأبببو عبببد الرحمببن السببلمي‬
‫والضحاك بن مزاحم وسفيان بن عيينة وغيرهم‪ ,‬أن المراد‬
‫بالسببببائحين الصببببائمون‪ ,‬وقببببال الحسببببن البصببببري‪:‬‬
‫}السائحون{ الصائمون شببهر رمضببان‪ ,‬وقببال أبببو عمببرو‬
‫العببببدي‪} :‬السبببائحون{ البببذين يبببديمون الصبببيام مبببن‬
‫المؤمنين‪ ,‬وقد ورد في حديث مرفوع نحو هذا‪ ,‬وقببال ابببن‬
‫جرير‪ :‬حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع‪ ,‬حدثنا حكيببم بببن‬
‫حزام‪ ,‬حدثنا سليمان عن أبي صالح عن أبي هريببرة قببال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم »السببائحون هببم‬
‫الصائمون« وهذا الموقوف أصح‪ ,‬وقال أيضا ً حدثني يونس‬
‫عن ابن وهب عن عمر بن الحارث عن عمرو بن دينار عن‬

‫‪141‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عبيد بن عمير‪ ,‬قال‪ :‬سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن‬
‫السائحين‪ ,‬فقال »هم الصائمون« وهذا مرسل جيببد وهببذا‬
‫أصببببببببببببببببح القببببببببببببببببوال وأشببببببببببببببببهرها‪.‬‬
‫وجاء ما يدل على أن السياحة الجهبباد وهببو مببا روى أبببو‬
‫داود فببي سببننه مببن حببديث أبببي أمامببة أن رجل ً قببال‪ :‬يببا‬
‫رسول الله ائذن لي في السياحة‪ ,‬فقال النبي صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪» :‬سياحة أمتي الجهاد في سبببيل اللببه« وقببال‬
‫ابن المبارك عن ابن لهيعة‪ ,‬أخبببرني عمببارة بببن غزيببة أن‬
‫السياحة ذكرت عند رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪,‬‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬أبدلنا الله ببذلك‬
‫الجهاد في سبببيل اللببه والتكبببير علببى كببل شببرف« وعببن‬
‫عكرمة أنه قال‪ :‬هم طلبة العلم‪ ,‬وقببال عبببد الرحمببن بببن‬
‫زيد بببن أسبلم‪ :‬هبم المهباجرون‪ ,‬رواهمببا اببن أببي حباتم‪,‬‬
‫وليس المراد من السياحة ما قببد يفهمببه بعببض مببن يتعبببد‬
‫بمجرد السياحة فببي الرض والتفببرد فببي شببواهق الجبببال‬
‫والكهوف والبراري‪ ,‬فإن هذا ليببس بمشببروع إل فببي أيببام‬
‫الفتن والزلزل في الدين‪ ,‬كما ثبببت فببي صببحيح البخبباري‬
‫عن أبي سعيد الخدري‪ ,‬أن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم قال‪» :‬يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم يتبع بها‬
‫شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه مببن الفتببن« وقببال‬
‫العوفي وعلي بن أبي طلحة عببن ابببن عببباس فببي قببوله‪:‬‬
‫}والحافظون لحدود الله{ قال القائمون بطاعة الله‪ ,‬وكذا‬
‫قال الحسن البصري وعنه رواية }الحافظون لحدود الله{‬
‫قال‪ :‬لفرائض الله‪ ,‬وفي روايببة القببائمون علببى أمببر اللببه‪.‬‬

‫َ‬
‫ن‬ ‫كي َ‬‫شبرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫سبت َغِْفُروا ْ ل ِل ْ ُ‬ ‫من ُبوَا ْ أن ي َ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ي َوال ّب ِ‬ ‫ن ِللن ّب ِب ّ‬ ‫كا َ‬‫ما َ‬‫** َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب‬ ‫حا ُ‬ ‫صب َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫م أن ّهُب ْ‬ ‫ن ل َُهب ْ‬
‫مببا ت َب َي ّب َ‬
‫من ب َعْدِ َ‬ ‫ى ِ‬ ‫كان ُوَا أوِْلي قُْرب َ َ‬
‫وَل َوْ َ ْ‬
‫ع بد َةٍ‬ ‫م لِبي بهِ إ ِل ّ عَببن ّ‬
‫مو ْ ِ‬ ‫هي َ‬ ‫ست ِغَْفاُر إ ِب َْرا ِ‬ ‫نا ْ‬ ‫كا َ‬‫ما َ‬ ‫حيم ِ * وَ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ج ِ‬
‫َ‬ ‫هآ إياه فَل َما تبين ل َ َ‬
‫م‬‫هي ب َ‬ ‫ن إ ِب َْرا ِ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫من ْب ُ‬‫ه عَد ُوّ لل ّهِ ت َب َبّرأ ِ‬ ‫ه أن ّ ُ‬‫ّ ََّ َ ُ‬ ‫وَعَد َ َ ِ ّ ُ‬
‫م‬
‫ح ِليبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببب ٌ‬ ‫لّواهٌ َ‬

‫‪142‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال المببام أحمبد‪ :‬حببدثنا عببدالرزاق‪ ,‬حبدثنا معمبر عبن‬
‫الزهري عن ابن المسيب عن أبيببه قببال‪ :‬لمببا حضببرت أبببا‬
‫طالب الوفبباة دخببل عليببه النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫وعنده أبو جهل وعبد الله بببن أبببي أميببة‪ ,‬فقببال »أي عببم‪,‬‬
‫قل ل إله إل الله كلمة أحاج لك بهببا عنببد اللببه عببز وجببل«‬
‫فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية‪ :‬يا أبا طالب أترغببب‬
‫عن ملة عبد المطلب ؟ فقال‪ :‬أنا على ملة عبد المطلببب‪,‬‬
‫فقال النبي صلى الله عليه وسلم »لستغفرن لببك مببا لببم‬
‫أنببه عنببك« فنزلببت }مببا كببان للنبببي والببذين آمنببوا أن‬
‫يستغفروا للمشركين ولو كببانوا أولببي قربببى مببن بعببد مببا‬
‫تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم{ قال ونزلببت فيببه }إنببك ل‬
‫تهدي من أحببت ولكببن اللببه يهببدي مببن يشبباء{ أخرجبباه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا يحيى بن آدم‪ ,‬أخبرنا سفيان عببن‬
‫أبي إسحاق عن أبي الخليل عن علي رضي الله عنه قال‪:‬‬
‫سببمعت رجل ً يسببتغفر لبببويه وهمببا مشببركان‪ ,‬فقلببت‪:‬‬
‫أيسببتغفر الرجببل لبببويه وهمببا مشببركان ؟ فقببال‪ :‬أو لببم‬
‫يستغفر إبراهيم لبيه ؟ فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه‬
‫وسلم فنزلت }ما كان للنبببي والببذين آمنببوا أن يسببتغفروا‬
‫لية‪ ,‬قال لما مات فل أدري‪ ,‬قاله سببفيان أو‬ ‫للمشركين{ ا َ‬
‫قاله إسرائيل أو هو في الحببديث لمببا مببات‪) ,‬قلببت(‪ :‬هببذا‬
‫ثابت عن مجاهد أنه قببال لمببا مببات‪ .‬وقببال المببام أحمببد‪:‬‬
‫حبدثنا الحسبن ببن موسبى‪ ,‬حبدثنا زهيبر‪ ,‬حبدثنا زبيبد ببن‬
‫الحارث اليامي عن محارب بن دثببار عببن ابببن بريببدة عببن‬
‫أبيه قال كنا مع النبي صبلى اللبه عليبه وسبلم ونحببن فبي‬
‫سببفر‪ ,‬فنببزل بنببا ونحببن قريببب مببن ألببف راكببب‪ ,‬فصببلى‬
‫ركعتين ثم أقبل علينا بببوجهه وعينبباه تببذرفان‪ ,‬فقببام إليببه‬
‫عمر بن الخطاب وفداه بالب والم وقال‪ :‬يبا رسببول اللبه‬
‫مالك ؟ قال »إنبي سبألت رببي عبز وجبل فبي السبتغفار‬
‫لمي فلم يأذن لي فببدمعت عينبباي رحمببة لهببا مببن النببار‪,‬‬
‫وإنببي كنببت نهيتكببم عببن ثلث‪ :‬نهيتكببم عببن زيببارة القبببور‬
‫فزوروهببا لتببذكركم زيارتهببا خيببرًا‪ .‬ونهيتكببم عببن لحببوم‬
‫الضاحي بعد ثلث فكلوا وأمسكوا ما شئتم‪ ,‬ونهيتكببم عببن‬

‫‪143‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الشببربة فببي الوعيببة فاشببربوا فببي أي وعبباء شببئتم ول‬
‫تشببببببببببببببببببببببببببببربوا مسببببببببببببببببببببببببببببكرًا«‪.‬‬
‫وروى ابن جرير من حديث علقمة بن مرثد عن سببليمان‬
‫بن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم‬
‫مكة‪ ,‬أتى رسم قبر فجلس إليببه فجعببل يخبباطب ثببم قببام‬
‫مستعبرًا‪ ,‬فقلنا يا رسول اللببه إنببا رأينببا مببا صببنعت‪ .‬قببال‪:‬‬
‫»إنببي اسببتأذنت ربببي فببي زيببارة قبببر أمببي فببأذن لببي‬
‫واستأذنته في الستغفار لها فلم يأذن لي« فما رئي باكيببا ً‬
‫أكثر من يومئذ‪ .‬وقال ابن أبببي حبباتم فببي تفسببيره‪ :‬حببدثنا‬
‫أبي‪ ,‬حدثنا خالد بن خداش‪ ,‬حدثنا عبد الله بببن وهببب عببن‬
‫ابن جريج عن أيوب بن هانىء عن مسروق عن عبببد اللببه‬
‫بن مسعود‪ ,‬قال‪ :‬خرج رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‬
‫يوما ً إلى المقابر فاتبعناه فجاء حتى جلس إلى قبببر منهببا‪,‬‬
‫فناجاه طويل ً ثم بكى فبكينا لبكائه‪ ,‬ثم قام فقام إليه عمببر‬
‫بن الخطاب فدعاه ثم دعانا‪ ,‬فقال »مببا أبكبباكم ؟« فقلنببا‬
‫بكينا لبكائك‪ .‬قال‪» :‬إن القبر الذي جلست عنده قبر آمنة‪,‬‬
‫وإني استأذنت ربي في زيارتها فببأذن لببي« ثببم أورده مببن‬
‫وجه آخر‪ ,‬ثم ذكر من حديث ابن مسعود قريبا ً منببه‪ ,‬وفيببه‬
‫»وإني استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يببأذن لببي وأنببزل‬
‫لية‪ ,‬فأخذني مببا يأخببذ‬ ‫علي }ما كان للنبي والذين آمنوا{ ا َ‬
‫الولد للوالبد‪ ,‬وكنببت نهيتكبم عبن زيبارة القبببور‪ ,‬فزوروهبا‬
‫فإنهببببببببببببببببببا تببببببببببببببببببذكر ا َ‬
‫لخببببببببببببببببببرة«‪.‬‬
‫)حديث آخر( في معناه‪ .‬قال الطبراني‪ :‬حدثنا محمببد بببن‬
‫علي المروزي‪ ,‬حدثنا أبو الببدرداء عبببد العزيببز بببن منيببب‪,‬‬
‫حدثنا إسحاق بن عبد الله بن كيسان‪ ,‬عن أبيه عن عكرمة‬
‫عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليببه وسببلم لمببا‬
‫أقبل من غزوة تبوك واعتمر‪ ,‬فلما هبط من ثنيببة عسببفان‬
‫أمر أصببحابه أن اسببتندوا إلببى العقبببة حببتى أرجببع إليكببم‪,‬‬
‫ل‪ ,‬ثم إنببه بكببى‬ ‫فذهب فنزل على قبر أمه فناجى ربه طوي ً‬
‫فاشتد بكاؤه وبكى هؤلء لبكائه‪ ,‬وقالوا ما بكببى نبببي اللببه‬
‫بهذا المكان إل وقد أحدث الله فببي أمتببه شببيئا ً ل تطيقببه‪,‬‬
‫فلما بكى هؤلء قام فرجببع إليهببم فقببال‪» :‬مببا يبكيكببم ؟«‬

‫‪144‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قالوا يا نبي الله بكينا لبكائك‪ ,‬فقلنا لعله أحدث فببي أمتببك‬
‫شيء ل تطيقه‪ ,‬قال‪» :‬ل‪ ,‬وقببد كببان بعضببه‪ ,‬ولكببن نزلببت‬
‫على قبر أمي فسألت الله أن يأذن لي في شببفاعتها يببوم‬
‫القيامة فأبى الله أن يأذن لي فرحمتها وهي أمي فبكيببت‪,‬‬
‫ثم جاءني جبريل فقال‪} :‬وما كان اسببتغفار إبراهيببم لبيببه‬
‫إل عن موعدة وعدها إياه‪ ,‬فلما تبين له أنه عببدو للببه تبببرأ‬
‫منببه{ فتبببرأ أنببت مببن أمببك كمببا تبببرأ إبراهيببم مببن أبيببه‪,‬‬
‫فرحمتها وهي أمي ودعوت ربي أن يرفع عن أمببتي أربع با ً‬
‫فرفع عنهم اثنتين وأبى أن يرفع عنهم اثنتين‪ ,‬ودعوت ربي‬
‫أن يرفع عنهم الرجم من السماء والغرق مببن الرض وأن‬
‫ل يلبسهم شيعا ً وأن ل يذيق بعضهم بأس بعض‪ ,‬فرفع الله‬
‫عنهم الرجم من السماء والغرق من الرض وأبببى اللبه أن‬
‫يرفع عنهم القتل والهرج« وإنما عدل إلببى قبببر أمببه لنهببا‬
‫كانت مدفونة تحت كداء وكانت عسفان لهم‪ ,‬وهذا حببديث‬
‫غريب وسياق عجيب‪ ,‬وأغببرب منببه وأشببد نكببارة مببا رواه‬
‫الخطيببب البغببدادي فببي كتبباب السببابق واللحببق بسببند‬
‫مجهول عن عائشة في حديث فيه قصة‪ ,‬أن الله أحيا أمببه‬
‫فآمنت ثم عادت‪ ,‬وكببذلك مببا رواه السببهيلي فببي الببروض‬
‫بسند فيه جماعببة مجهولببون‪ :‬إن اللببه أحيببا لببه أببباه وأمببه‬
‫فآمنا به‪ .‬وقد قال الحافظ ابن دحيببة فببي هببذا السببتدلل‪,‬‬
‫بما حاصله أن هذه حياة جديدة كما رجعببت الشببمس بعببد‬
‫غيبوبتها‪ ,‬فصلى علي العصر‪ ,‬قال الطحبباوي‪ :‬وهببو حببديث‬
‫ثببابت يعنببي حببديث الشببمس‪ ,‬قببال القرطبببي‪ :‬فليببس‬
‫إحياؤهما يمتنع عقل ً ول شرعًا‪ ,‬قال وقببد سببمعت أن اللببه‬
‫أحيا عمه أبا طالب فببآمن بببه‪) ,‬قلببت( وهببذا كلببه متوقببف‬
‫على صحة الحديث فببإذا صببح فل مببانع منببه‪ ,‬واللببه أعلببم‪.‬‬
‫وقال العوفي عن ابن عباس في قوله‪} :‬مببا كببان للنبببي‬
‫ليببة‪ ,‬أن النبببي‬‫والذين آمنببوا أن يسببتغفروا للمشببركين{ ا َ‬
‫صلى الله عليه وسلم أراد أن يستغفر لمه فنهاه الله عببز‬
‫وجل عن ذلك‪ ,‬فقال »إن إبراهيم خليل اللببه قببد اسببتغفر‬
‫لبيه« فأنزللله }وما كان اسببتغفار إبراهيببم لبيببه إل عببن‬
‫لية‪ ,‬وقال علي بن أبي طلحة عن ابن‬ ‫موعدة عدها إياه{ ا َ‬

‫‪145‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليببة‪ ,‬كببانوا يسببتغفرون لهببم حببتى نزلببت‬ ‫عباس في هذه ا َ‬
‫لية‪ ,‬فأمسكوا عن الستغفار لمواتهم ولببم ينهببوا أن‬ ‫هذه ا َ‬
‫يستغفروا للحياء حتى يموتببوا‪ ,‬ثببم أنببزل اللببه }ومببا كببان‬
‫لية‪ :‬ذكر لنا‬ ‫لية‪ ,‬وقال قتادة في ا َ‬ ‫استغفار إبراهيم لبيه{ ا َ‬
‫أن رجال ً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسببلم‪ :‬قببالوا‪:‬‬
‫يا نبي الله إن مببن آبائنببا مببن كببان يحسببن الجببوار ويصببل‬
‫الرحام ويفك العبباني ويببوفي بالببذمم أفل نسببتغفر لهببم ؟‬
‫قال‪ :‬فقال النبي صلى الله عليه وسببلم »بلببى واللببه إنببي‬
‫لستغفر لبي كما استغفر إبراهيم لبيه« فأنزل اللببه }مببا‬
‫كان للنبي والذين آمنببوا أن يسببتغفروا للمشببركين{ حببتى‬
‫بلغ قببوله }الجحيببم{ ثببم عببذر اللببه تعببالى إبراهيببم عليببه‬
‫السلم‪ ,‬فقال‪} :‬وما كببان اسببتغفار إبراهيببم لبيببه{ ا َ‬
‫ليببة‪,‬‬
‫قال‪ :‬وذكر لنا أن نبي اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪:‬‬
‫ي كلمات فدخلن فببي أذنببي وقببرن فببي‬ ‫»قد أوحى الله إل ّ‬
‫قلبي‪ :‬أمرت أن ل أستغفر لمن مات مشركًا‪ ,‬ومن أعطى‬
‫فضل ماله فهو خير له‪ ,‬ومن أمسك فهو شر له‪ ,‬ول يلببوم‬
‫اللبببببببببببببببببببه علبببببببببببببببببببى كفببببببببببببببببببباف«‪.‬‬
‫وقال الثوري عن الشيباني عن سعيد بن جبببير عببن ابببن‬
‫عباس قال‪ :‬مات رجل يهودي وله ابن مسببلم فلببم يخببرج‬
‫معه‪ ,‬فذكر ذلببك لبببن عببباس فقببال‪ :‬فكببان ينبغببي لببه أن‬
‫يمشي معه ويدفنه ويببدعو لببه بالصببلح مببا دام حي بًا‪ ,‬فببإذا‬
‫مات وكله إلى شأنه‪ ,‬ثم قال‪} :‬وما كان استغفار إبراهيببم‬
‫لبيه ب إلى قوله ب تبرأ منه{ لم يدع‪ .‬ويشهد له بالصحة مببا‬
‫رواه أبو داود وغيره عن علي رضي الله عنه‪ ,‬لما مات أبو‬
‫طالب قلت يببا رسببول اللببه‪ :‬إن عمببك الشببيخ الضببال قببد‬
‫مات‪ ,‬قال‪» :‬اذهب فببواره ول تحببدثن شببيئا ً حببتى تببأتيني«‬
‫فذكر تمام الحديث‪ ,‬وروي أنه صلى الله عليببه وسببلم لمببا‬
‫مرت به جنازة عمه أبي طببالب قببال‪» :‬وصببلتك رحمببة يببا‬
‫عم« وقال عطاء بن أبي رباح‪ :‬ما كنت لدع الصببلة علببى‬
‫أحد من أهل القبلة‪,‬ولو كانت حبشية حبلى من الزنا‪ ,‬لني‬
‫لم أسمع الله حجب الصلة إل عن المشركين‪ ,‬يقببول اللببه‬

‫‪146‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عببز وجببل‪} :‬مببا كببان للنبببي والببذين آمنببوا أن يسببتغفروا‬
‫للمشببببببببببببببببببببببببببببركين{ ا َ‬
‫ليببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬
‫وروى ابن جرير‪ ,‬عن ابن وكيع عن أبيببه عبن عصببمة ببن‬
‫زامل عن أبيه‪ ,‬قال‪ :‬سببمعت أبببا هريببرة يقببول رحببم اللببه‬
‫رجل ً استغفر لبي هريرة ولمه‪ ,‬قلت ولبيه‪ .‬قببال ل‪ .‬قببال‬
‫إن أبي مات مشركًا‪ ,‬وقوله‪} :‬فلما تبين لببه أنببه عببدو للببه‬
‫تبرأ منه{ قال ابن عباس‪ :‬مببا زال إبراهيببم يسببتغفر لبيببه‬
‫حتى مات‪ ,‬فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه‪ ,‬وفببي روايببة‬
‫لما مات تبين له أنه عدو لله‪ ,‬وكذا قال مجاهببد والضببحاك‬
‫وقتادة وغيرهم رحمهم الله‪ ,‬وقال عبيد بببن عميببر وسببعيد‬
‫بن جبير‪ :‬إنه يتبرأ منه يوم القيامة حتى يلقى أببباه‪ ,‬وعلببى‬
‫وجه أبيه القببترة والغبببرة‪ ,‬فيقببول‪ :‬يببا إبراهيببم إنببي كنببت‬
‫أعصيك وإني اليوم ل أعصيك‪ ,‬فيقببول أي رب ألببم تعببدني‬
‫أن ل تخزني يوم يبعثون‪ ,‬فأي خزي أخزى من أبي البعببد‪,‬‬
‫فيقال انظر إلى ما وراءك فببإذا هببو بذيببخ متلطببخ‪ ,‬أي قببد‬
‫مسخ ضبعا ً ثم يسحب بقوائمه ويلقببى فببي النببار‪ .‬وقببوله‪:‬‬
‫}إن إبراهيم لواه حليم{ قال سفيان الثوري وغيببر واحببد‪:‬‬
‫عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبببيش عببن عبببد اللببه بببن‬
‫مسعود‪ ,‬أنه قال الواه الدعاء‪ ,‬وكببذا روي مببن غيببر وجببه‪:‬‬
‫عن ابن مسعود‪ ,‬وقال ابببن جريببر‪ :‬حببدثني المثنببى‪ ,‬حببدثنا‬
‫الحجاج بن منهال‪ ,‬حببدثني عبببد الحميببد بببن بهببرام‪ ,‬حببدثنا‬
‫شهر بن حوشب عن عبد الله بببن شببداد بببن الهبباد‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫بينما النبي صلى اللبه عليببه وسبلم جبالس قبال‪ :‬رجببل يببا‬
‫رسببول اللببه مببا الواه ؟ قببال‪» :‬المتضببرع« قببال‪} :‬إن‬
‫إبراهيم لواه حليم{ ورواه ابن أبي حاتم‪ :‬من حببديث ابببن‬
‫المبارك عن عبد الحميد بن بهرام بببه‪ ,‬ولفظببه قببال الواه‬
‫المتضرع الدعاء‪ .‬وقال الثوري عببن سببلمة بببن كهيببل عببن‬
‫مسلم البطين عن أبي الغدير‪ ,‬أنه سأل ابببن مسببعود عببن‬
‫الواه فقال هو الرحيم‪ ,‬وبه قال مجاهد وأبو ميسرة عمببر‬
‫بن شرحبيل والحسن البصري وقتادة وغيرهما أي الرحيببم‬
‫أي بعبببببببببببببببببببببببببببببببباد اللبببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال ابن المبارك عن خالد عن عكرمة عن ابن عببباس‪,‬‬
‫قال‪ :‬الواه الموقن بلسان الحبشة‪ ,‬وكذا قال العوفي عبن‬
‫ابن عباس أنه الموقن‪ ,‬وكذا قال مجاهد والضببحاك‪ ,‬وقببال‬
‫علببي بببن أبببي طلحببة ومجاهببد عببن ابببن عببباس‪ :‬الواه‬
‫المؤمن‪ ,‬زاد علي بن أبي طلحة عنه‪ :‬هو المؤمن التببواب‪,‬‬
‫وقال العوفي عنه هو المؤمن بلسان الحبشببة‪ .‬وكببذا قببال‬
‫اببببببن جريبببببج هبببببو المبببببؤمن بلسبببببان الحبشبببببة‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا موسى‪ ,‬حببدثنا ابببن لهيعببة عببن‬
‫الحارث بن يزيد عن علي بن رباح عن عقبة بببن عببامر أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجببل يقببال لببه ذو‬
‫البجادين »إنه أواه« وذلك أنه رجل كان إذا ذكببر اللببه فببي‬
‫القرآن رفع صوته بالدعاء‪ ,‬ورواه ابن جريببر‪ .‬وقببال سببعيد‬
‫بن جبير والشعبي‪ :‬الواه المسبببح‪ ,‬وقببال ابببن وهببب عببن‬
‫معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن جبير بببن نفيببر عببن‬
‫أبي الدرداء رضي اللببه عنببه قببال‪ :‬ل يحببافظ علببى سبببحة‬
‫الضحى إل الواه‪ ,‬وقال شببفي بببن مببانع عببن أبببي أيببوب‪,‬‬
‫الواه الذي إذا ذكببر خطايبباه اسببتغفر منهببا‪ ,‬وعببن مجاهببد‬
‫الواه الحفيظ الوجل يذنب الذنب سرا ً ثم يتوب منه سرًا‪,‬‬
‫ذكر ذلك كله ابن أبي حاتم رحمه اللببه‪ .‬وقببال ابببن جريببر‪:‬‬
‫حدثنا ابن وكيع‪ ,‬حدثنا المحاربي عن حجاج عن الحكم عن‬
‫الحسن بن مسلم بن بيببان‪ ,‬أن رجل ً كببان يكببثر ذكببر اللببه‬
‫ويسبح‪ ,‬فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال »إنببه‬
‫أواه«‪.‬‬
‫وقال أيضًا‪ :‬حدثنا أبببو كريببب‪ ,‬حببدثنا ابببن هببانىء‪ ,‬حببدثنا‬
‫المنهال بن خليفة عن حجاج بن أرطاة عن عطاء عن ابببن‬
‫عباس‪ ,‬أن النبي صلى الله عليه وسببلم دفببن ميت با ً فقببال‪:‬‬
‫»رحمببك اللببه إن كنببت لواهببا« يعنببي تلء للقببرآن‪ ,‬وقببال‬
‫شعبة عن أبببي يببونس الببباهلي‪ ,‬قببال سببمعت رجل ً بمكببة‬
‫وكان أصله روميا ً وكان قاصا ً يحدث عن أبي ذر‪ ,‬قال‪ :‬كان‬
‫رجل يطببوف بببالبيت الحببرام ويقببول فببي دعببائه‪ :‬أوه أوه‬
‫فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فقال‪» :‬إنببه أواه«‬
‫قال‪ :‬فخرجت ذات ليلة فإذا رسول اللبه صببلى اللببه عليببه‬

‫‪148‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسلم يدفن ذلك الرجببل ليل ً ومعبه المصببباح‪ ,‬هبذا حبديث‬
‫غريب رواه ابن جرير‪ .‬وروي عن كعببب الحبببار أنببه قببال‪:‬‬
‫سمعت }إن إبراهيم لواه{ قال كببان إذا ذكببر النببار قببال‪:‬‬
‫أوه من النار‪ ,‬وقال ابن جريج عن ابن عباس }إن إبراهيم‬
‫لواه{ قال‪ :‬فقيه‪ .‬قال المام أبو جعفر بببن جريببر‪ :‬وأولببى‬
‫القوال قول من قال إنه الببدعاء وهببو المناسببب للسببياق‪,‬‬
‫وذلك أن الله تعالى لما ذكر أن إبراهيم إنما استغفر لبيببه‬
‫عن موعدة وعببدها إيبباه‪ ,‬وقببد كببان إبراهيببم كببثير الببدعاء‬
‫حليما ً عمن ظلمه وأناله مكروهًا‪ ,‬ولهذا اسببتغفر لبيببه مببع‬
‫شببدة أذاه لببه فببي قببوله }أراغببب أنببت عببن آلهببتي يببا‬
‫إبراهيم ؟ لئن لم تنته لرجمنك واهجرني مليا ً * قال سلم‬
‫عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيًا{ فحلم عنه مببع‬
‫أذاه له ودعا له واستغفر‪ ,‬ولهذا قال تعببالى‪} :‬إن إبراهيببم‬
‫لواه حليببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم{‪.‬‬

‫ن ل َُهببم‬‫ى ي ُب َّيبب َ‬
‫حت ّ َ‬
‫م َ‬ ‫داهُ ْ‬ ‫وما ً ب َعْد َ إ ِذ ْ هَ َ‬
‫ل قَ ْ‬
‫ض ّ‬ ‫ه ل ِي ُ ِ‬‫ن الل ّ ُ‬ ‫كا َ‬‫ما َ‬‫** وَ َ‬
‫مل ْب ُ‬
‫ك‬ ‫ه ُ‬ ‫ه ل َب ُ‬‫ن الل ّب َ‬‫م * إِ ّ‬ ‫يٍء عَِليب ٌ‬ ‫شب ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ب ِك ُب ّ‬‫ن الل ّب َ‬ ‫ن إِ ّ‬‫ما ي َت ُّقببو َ‬
‫ّ‬
‫ن الل ّب ِ‬
‫ه‬ ‫دو ِ‬ ‫مببن ُ‬ ‫م ّ‬ ‫مببا ل َك ُب ْ‬‫ت وَ َ‬ ‫مي ُ‬ ‫حِيبي وَي ُ ِ‬ ‫ض يُ ْ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫صببببببببببببببببببيرٍ‬ ‫ي وَل َ ن َ ِ‬ ‫مببببببببببببببببببن وَِلبببببببببببببببببب ّ‬ ‫ِ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن نفسببه الكريمببة وحكمببه العببادل‪:‬‬
‫إنه ل يضل قوما ً بعد إبلغ الرسالة إليهم‪ ,‬حتى يكونببوا قببد‬
‫قببامت عليهببم الحجببة‪ ,‬كمببا قببال تعببالى‪} :‬وأمببا ثمببود‬
‫لية‪ ,‬وقال مجاهد في قوله تعالى‪} :‬ومببا كببان‬ ‫فهديناهم{ ا َ‬
‫ليبة‪ ,‬قببال بيببان اللبه عببز‬ ‫الله ليضل قوما ً بعد إذ هداهم{ ا َ‬
‫وجل للمؤمنين في ترك الستغفار للمشركين خاصة‪ ,‬وفي‬
‫بيببانه لهببم مببن معصببيته وطبباعته عامببة‪ ,‬فببافعلوا أو ذروا‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬يقول اللبه تعبالى ومبا كبان اللبه ليقضبي‬
‫عليكم في استغفاركم لموتاكم المشركين بالضلل بعببد إذ‬
‫رزقكم الهداية ووفقكم لليمان به وبرسببوله‪ ,‬حببتى يتقببدم‬
‫إليكم بالنهي عنه فتتركوا‪ ,‬فأما قبببل أن يبببين لكببم كراهببة‬
‫ذلك بالنهي عنه فلم تضيعوا نهيه إلى ما نهاكم عنه فإنه ل‬

‫‪149‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يحكم عليه بالضلل‪ ,‬فإن الطاعببة والمعصببية إنمببا يكونببان‬
‫من المأمور والمنهي‪ ,‬وأما من لم يؤمر ولم ينه فغير كائن‬
‫مطيعببا ً أو عاصببيا ً فيمببا لببم يببؤمر بببه ولببم ينببه عنببه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬إن الله له ملك السموات والرض يحيببي‬
‫ويميت ومالكم من دون الله من ولي ول نصير{ قال ابببن‬
‫جرير‪ ,‬هذا تحريض من اللببه تعببالى لعببباده المببؤمنين فببي‬
‫قتال المشركين وملوك الكفر‪ ,‬وأن يثقوا بنصر الله مالببك‬
‫السموات والرض ول يرهبوا من أعدائه‪ ,‬فإنه ل ولي لهببم‬
‫من دون الله ول نصير لهم سببواه‪ ,‬وقببال ابببن أبببي حبباتم‪:‬‬
‫حدثنا علي بن أبي دلمة البغدادي‪ ,‬حدثنا عبد الوهبباب بببن‬
‫عطاء‪ ,‬حدثنا سعيد عن قتادة عن صببفوان بببن محببرز عببن‬
‫حكيم بن حزام قال‪ :‬بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫بين أصحابه إذ قال لهم‪» :‬هل تسمعون ما أسمع ؟« قالوا‬
‫ما نسمع من شبيء‪ ,‬فقبال رسبول اللبه صبلى اللبه عليبه‬
‫وسلم‪» :‬إني لسمع أطيببط السببماء ومببا تلم أن تئط ومببا‬
‫فيها من موضع شبر إل وعليه ملك ساجد أو قببائم« وقببال‬
‫كعب الحبار‪ :‬ما من موضع خرم إبرة من الرض إل وملك‬
‫موكل بها يرفع علببم ذلببك إلببى اللببه‪ ,‬وإن ملئكببة السببماء‬
‫لكثر من عدد الببتراب‪ ,‬وإن حملببة العببرش مببا بيببن كعببب‬
‫أحببببببدهم إلببببببى مخببببببه مسببببببيرة مببببببائة عببببببام‪.‬‬

‫ن‬
‫ذي َ‬‫صببارِ ال ّب ِ‬
‫ن َوالن َ‬ ‫ري َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ي َوال ْ ُ‬
‫مهَببا ِ‬ ‫ى الن ّب ِب ّ‬ ‫َ‬
‫ب الله عَل َ‬ ‫** ل ََقد ْ َتا َ‬
‫ق‬‫ري ٍ‬‫ب فَ ِ‬ ‫زيغُ قُُلو ُ‬ ‫ما َ‬
‫كاد َ ي َ ِ‬ ‫من ب َعْدِ َ‬ ‫سَرةِ ِ‬ ‫ساعَةِ ال ْعُ ْ‬‫ات ّب َُعوهُ ِفي َ‬
‫م‬
‫حيبببب ٌ‬‫ف ّر ِ‬‫م َرُءو ٌ‬ ‫ه ب ِهِبببب ْ‬ ‫ب عَل َي ْهِبببب ْ‬
‫م إ ِن ّبببب ُ‬ ‫م ت َببببا َ‬‫م ث ُبببب ّ‬
‫من ْهُبببب ْ‬
‫ّ‬
‫لية في غزوة تبببوك‪,‬‬ ‫قال مجاهد وغير واحد‪ :‬نزلت هذه ا َ‬
‫وذلك أنهببم خرجببوا إليهببا فببي شببدة مببن المببر فببي سببنة‬
‫مجدبة وحر شديد وعسببر مببن الببزاد والمبباء‪ ,‬قببال قتببادة‪:‬‬
‫خرجوا إلى الشام عام تبوك في لهبان الحر على ما يعلببم‬
‫الله من الجهد‪ ,‬أصابهم فيها جهد شديد حتى لقببد ذكببر لنببا‬
‫أن الرجليببن كانببا يشببقان التمببرة بينهمببا‪ ,‬وكببان النفببر‬
‫يتداولون التمرة بينهببم يمصببها هببذا ثببم يشببرب عليهببا ثببم‬

‫‪150‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يمصها هذا ثم يشرب عليها‪ ,‬فتاب الله عليهم وأقفلهم من‬
‫غزوتهم‪ ,‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثني يببونس بببن عبببد العلببى‪,‬‬
‫أخبرنا ابن وهب‪ ,‬أخبرني عمرو بن الحارث عن سببعيد بببن‬
‫أبي هلل عن عتبة بن أبببي عتبببة عببن نببافع بببن جبببير بببن‬
‫مطعم عن عبد الله بن عباس‪ ,‬أنه قيل لعمر بن الخطبباب‬
‫في شأن العسببرة‪ ,‬فقببال عمببر بببن الخطبباب‪ :‬خرجنببا مببع‬
‫رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم إلببى تبببوك فببي قيببظ‬
‫شديد‪ ,‬فنزلنا منزل ً فأصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا‬
‫ستنقطع‪ ,‬وحتى إن كان الرجببل ليببذهب يلتمببس المبباء فل‬
‫يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع‪ ,‬وحتى إن الرجل لينحر‬
‫بعيره فيعصر فرثه فيشببربه ويجعببل مببا بقببي علببى كبببده‪,‬‬
‫فقال أبو بكر الصديق‪ :‬يا رسول الله إن الله عز وجببل قببد‬
‫عودك في الدعاء خيرا ً فادع لنا‪ ,‬فقال »تحب ذلك ؟« قال‬
‫نعببم‪ ,‬فرفببع يببديه فلببم يرجعهمببا حببتى سببالت السببماء‬
‫فأهطلت ثم سكنت‪ ,‬فملؤا ما معهم ثببم ذهبنببا ننظببر فلببم‬
‫نجدها جاوزت العسكر‪ ,‬وقال ابن جريببر‪ :‬فببي قببوله }لقببد‬
‫تاب الله على النبي والمهاجرين والنصار الذين اتبعوه في‬
‫ساعة العسرة{ أي من النفقة والطهر والزاد والماء }من‬
‫بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم{ أي عن الحببق‪ ,‬ويشبك‬
‫في دين الرسببول صببلى اللببه عليببه وسببلم ويرتبباب للببذي‬
‫نالهم من المشقة والشدة في سفرهم وغزوهم }ثم تبباب‬
‫عليهم{ يقول‪ :‬ثم رزقهم النابة إلببى ربهببم والرجببوع إلببى‬
‫الثبببببات علببببى دينببببه }إنببببه بهببببم رؤوف رحيببببم{‪.‬‬

‫ض‬
‫الْر ُ‬ ‫ت عَل َي ْهِ ُ‬
‫م‬ ‫ضاقَ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫ى إِ َ‬
‫َ‬ ‫حت ّ‬‫خل ُّفوا ْ َ‬ ‫ن ُ‬‫َ‬ ‫** وَعََلى الث ّل َث َةِ ال ّ ِ‬
‫ذي‬
‫ن‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫بما رحبت وضاقَت عل َيهم َأنُفسهم وظ َن بوا ْ َأن ل ّ مل ْج بأ َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُ ْ َ ّ َ‬ ‫ْ َ ِْ ْ‬ ‫ِ َ َ ُ َ ْ َ َ‬
‫ب‬ ‫وا ُ‬ ‫ه هُبوَ الت ّب ّ‬ ‫ن الل ّب َ‬ ‫م ل ِي َُتوب ُبوَا ْ إ ِ ّ‬‫ب عَل َي ْهِب ْ‬ ‫م ت َببا َ‬‫الل ّبهِ إ ِل ّ إ ِل َي ْبهِ ث ُب ّ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫صادِِقي َ‬ ‫معَ ال ّ‬ ‫كوُنوا ْ َ‬‫ه وَ ُ‬ ‫مُنوا ْ ات ُّقوا ْ الل ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م * َيـأي َّها ال ّ ِ‬ ‫حي ُ‬ ‫الّر ِ‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا يعقوب بببن إبراهيببم‪ ,‬حببدثنا ابببن‬
‫أخي الزهري محمببد بببن عبببد اللببه‪ ,‬عببن عمببه محمببد بببن‬
‫مسلم الزهري أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعببب‬

‫‪151‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن مالك‪ ,‬أن عبد الله بن كعب بن مالك وكان قببائد كعببب‬
‫من بنيه حين عمي‪ ,‬قال‪ :‬سمعت كعببب بببن مالببك يحببدث‬
‫حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫في غزوة تببوك‪ ,‬فقبال كعبب ببن مالبك‪ :‬لبم أتخلبف عبن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قببط إل‬
‫في غزاة تبوك‪ ,‬غيرأني كنت تخلفببت فببي غببزاة بببدر ولببم‬
‫يعاتب أحد تخلف عنها‪ ,‬وإنما خرج رسول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم يريد عير قريش حببتى جمببع اللببه بينهببم وبيببن‬
‫عدوهم على غير ميعاد‪ ,‬ولقد شهدت مع رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم ليلة العقبة حين تواثقنا على السلم‪ ,‬ومببا‬
‫أحب أن لي بها مشهد بدر وإن كانت بدر أذكر في النبباس‬
‫منها وأشهر‪ ,‬وكان من خبري حين تخلفت عن رسول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك‪ ,‬أنببي لببم أكببن قببط‬
‫أقوى ول أيسر منبي حيبن تخلفبت عنبه فبي تلبك الغبزاة‪,‬‬
‫والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتهما في تلببك‬
‫الغزاة‪ ,‬وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلمبا يريبد‬
‫غببزوة يغزوهببا إل ورى بغيرهببا حببتى كببانت تلببك الغببزوة‬
‫فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسببلم فببي حببر شببديد‬
‫واستقبل سفرا ً بعيدا ً ومفاوز‪ ,‬واستقبل عدوا ً كببثيرا ً فخلببى‬
‫للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبببة عببدوهم‪ ,‬فببأخبرهم وجهببه‬
‫الذي يريد‪ ,‬والمسلمون مع رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم كثير‪ ,‬ل يجمعهم كتاب حافظ ب يريد الببديوان بب قببال‬
‫كعب‪ :‬فقل رجل يريد أن يتغيب إل ظبن أن ذلبك سبيخفى‬
‫عليه ما لم ينزل فيه وحي من الله عز وجل‪ ,‬وغزا رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزاة حيببن طببابت الثمببار‬
‫والظلل وأنا إليها أصعر‪ ,‬فتجهببز إليهببا رسببول اللببه صببلى‬
‫اللبه عليببه وسببلم والمؤمنببون معببه‪ ,‬فطفقببت أغببدو لكببي‬
‫أتجهز معهم فأرجع ولببم أقببض مببن جهببازي شببيئا‪ ,‬فببأقول‬
‫لنفسي أنا قادر على ذلك إذا أردت‪ ,‬فلم يزل ذلك يتمببادى‬
‫مر بالناس الجد‪ ,‬فأصبح رسول الله صلى اللببه‬ ‫بي حتى ش ّ‬
‫عليه وسلم غاديا ً والمسلمون معه ولم أقببض مببن جهببازي‬
‫شيئا ً وقلت أتجهز بعد يوم أو يومين ثم ألحقه فغدوت بعببد‬

‫‪152‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ما فصلوا لتجهز فرجعت ولم أقض من جهبازي شبيئًا‪ ,‬ثبم‬
‫غدوت فرجعت ولم أقض شيئًا‪ ,‬فلم يزل ذلك يتمببادى بببي‬
‫حتى أسرعوا وتفارط الغزو فهممببت أن أرتحببل فببألحقهم‬
‫وليت أني فعلت‪ ,‬ثم لم يقدر ذلك لي فطفقت إذا خرجببت‬
‫في الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسببلم يحزننببي‬
‫أني ل أرى إل رجل ً مغموصا ً عليه في النفاق أو رجل ً ممببن‬
‫عذره الله عز وجل‪ ,‬ولم يذكرني رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم حتى بلغ تبوك‪ ,‬فقال وهببو جببالس فببي القببوم‬
‫بتبوك‪» :‬ما فعل كعببب بببن مالببك« فقببال رجببل مببن بنببي‬
‫سلمة‪ :‬حبسه يا رسول اللببه بببرداه والنظببر فببي عطفيببه‪,‬‬
‫فقال معاذ بن جبل‪ :‬بئسما قلت واللببه يببا رسببول اللببه مببا‬
‫علمنا عليه إل خيرًا‪ .‬فسكت رسول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببلم‪.‬‬
‫قال كعب بن مالك‪ :‬فلما بلغني أن رسول الله صلى الله‬
‫عليببه وسببلم قببد تببوجه قببافل ً مببن تبببوك‪ ,‬حضببرني بببثي‬
‫وطفقت أتذكر الكذب‪ ,‬وأقول بماذا أخرج من سخطه غدا ً‬
‫وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلببي‪ ,‬فلمببا قيببل إن‬
‫رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم قببد أظببل قادم بًا‪ ,‬زاح‬
‫عني الباطل وعرفت أني لم أنج منه بشيء أبدًا‪ ,‬فأجمعت‬
‫صدقه فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسببلم وكببان إذا‬
‫قدم مببن سببفر بببدأ بالمسببجد فصببلى ركعببتين ثببم جلببس‬
‫للناس‪ ,‬فلما فعل ذلك جاءه المتخلفون فطفقوا يعتببذرون‬
‫ل‪ ,‬فيقبببل منهببم‬ ‫إليه ويحلفون له وكانوا بضعة وثمببانين رج ً‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم علنيتهم ويسببتغفر لهببم‬
‫ويكل سرائرهم إلى الله تعببالى‪ ,‬حببتى جئت فلمببا سببلمت‬
‫عليه تبسم تبسم المغضببب‪ ,‬ثببم قببال لببي »تعببال« فجئت‬
‫أمشي حتى جلست بين يديه‪ ,‬فقال لببي‪» :‬مببا خلفببك ألببم‬
‫تكن قد اشببتريت ظهببرًا« فقلببت يببا رسببول اللببه إنببي لببو‬
‫جلست عند غيببرك مببن أهببل الببدنيا لرأيببت أن أخببرج مببن‬
‫سخطه بعذر‪ ,‬لقد أعطيت جدل ً ولكنببي واللببه لقببد علمببت‬
‫لئن حدثتك اليوم بحديث كببذب ترضببى بببه عنببي ليوشببكن‬
‫الله أن يسخطك علي‪ ,‬ولئن حدثتك بصدق تجد علببي فيببه‬

‫‪153‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إني لرجو عقبى ذلك من الله عز وجل والله مببا كببان لببي‬
‫عذر‪ ,‬والله ما كنت قط أفرغ ول أيسر منببي حيببن تخلفببت‬
‫عنك‪ ,‬قال‪ :‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسببلم‪» :‬أمببا‬
‫هذا فقد صدق فقم حتى يقضي اللببه فيببك« فقمببت وقببام‬
‫إلي رجال من بني سلمة واتبعببوني فقببالوا لببي‪ :‬واللببه مببا‬
‫علمناك كنت أذنبت ذنبا ً قبل هذا ولقد عجزت إل أن تكون‬
‫اعتذرت ِإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمببا اعتببذر‬
‫به المتخلفون‪ ,‬فقد كان كافيك من ذنبك اسببتغفار رسببول‬
‫الله صببلى اللببه عليببه وسببلم لببك‪ ,‬قببال‪ :‬فببوالله مببا زالببوا‬
‫يؤنبوني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي‪ ,‬قال ثم قلببت‬
‫لهم هل لقي معي هذا أحد ؟ قالوا نعم لقيببه معببك رجلن‬
‫قال مثل ما قلت‪ ,‬وقيل لهما مثل ما قيل لك‪ ,‬فقلت فمببن‬
‫همببا ؟ قببالوا مببرارة بببن الربيببع العببامري وهلل بببن أميببة‬
‫الواقفي‪ ,‬فذكروا لي رجلين صببالحين قببد شببهدا بببدرا ً لببي‬
‫فيهما أسوة‪ ,‬قال‪ :‬فمضيت حين ذكروهما لببي قببال ونهببى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسببلم المسببلمين عببن كلمنببا‬
‫أيها الثلثة من بين من تخلف عنه‪ ,‬فاجتنبنا الناس وتغيببروا‬
‫لنا حتى تنكرت لببي فببي نفسببي الرض فمببا هببي بببالرض‬
‫التي كنببت أعببرف‪ ,‬فلبثنببا علببى ذلببك خمسببين ليلببة فأمببا‬
‫صاحباي فاستكانا وقعدافي بيوتهما يبكيان‪ ,‬وأما أنا فكنببت‬
‫أشد القوم وأجلدهم‪ ,‬فكنت أشهد الصببلة مببع المسببلمين‬
‫وأطوف بالسواق فل يكلمني أحد‪ ,‬وآتي رسول الله صلى‬
‫اللببه عليببه وسببلم وهببو فببي مجلسببه بعببد الصببلة فأسببلم‬
‫ي أم ل ؟‬ ‫وأقول في نفسي أحرك شفتيه بببرد السببلم عل ب ّ‬
‫صبلي قريببا ً منببه وأسبارقه النظبر‪ ,‬فبإذا أقبلبت علببى‬ ‫ثم أ ّ‬
‫ت نحوه أعببرض عن ّببي‪ ,‬حت ّببى ِإذا‬ ‫ي‪ ,‬فِإذا التف ُ‬
‫صلتي نظر إل ّ‬
‫ورت‬ ‫طال عّلي ذلك من هجر المسلمين مشيت حت ّببى تس ب ّ‬
‫ي‪ ,‬فسببلمت‬ ‫حائط أبي قتادة وهوابن عمي وأحب الناس إل ّ‬
‫عليه فوالله ما رد علببي السببلم‪ ,‬فقلببت لببه‪ :‬يببا أبببا قتببادة‬
‫أنشببدك اللببه هببل تعلببم أنببي أحببب اللببه ورسببوله ؟ قببال‬
‫فسكت‪ ,‬قال فعدت له فنشدته فسكت‪ ,‬فعدت له فنشدته‬
‫فسبببببببكت‪ ,‬فقبببببببال اللبببببببه ورسبببببببوله أعلبببببببم‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال ففاضت عيناي وتوليت حتى تسببورت الجببدار‪ ,‬فبينببا‬
‫أنا أمشي بسوق المدينة إذا أنا بنبطببي مببن أنببباط الشببام‬
‫ممن قدم بطعام يبيعه بالمدينة يقول من يدل علببى كعببب‬
‫بن مالك‪ ,‬قال فطفق الناس يشببيرون لببه إلببي حببتى جبباء‬
‫فدفع إلي كتابا ً من ملك غسان وكنت كاتبًا‪ ,‬فِإذا فيببه‪ :‬أمببا‬
‫بعد فقد بلغنا أن صاحبك قد جفاك وإن الله لم يجعلك في‬
‫دار هوان ول مضيعة‪ ,‬فالحق بنا نواسك‪ ,‬قال‪ :‬فقلت حيببن‬
‫قرأتببه وهببذا أيضببا ً مببن البلء‪ ,‬قببال‪ :‬فببتيممت بببه التنببور‬
‫فسجرته به حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين‪ ,‬إذا‬
‫برسول رسول الله صلى الله عليببه وسببلم يببأتيني يقببول‪:‬‬
‫يببأمرك رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم أن تعببتزل‬
‫امرأتك‪ ,‬قببال فقلببت أطلقهببا أم مبباذا أفعببل ؟ فقببال‪ :‬بببل‬
‫ي بمثبل ذلبك‪,‬‬ ‫اعتزلها ول تقربها‪ ,‬قال وأرسبل إلبى صباحب ّ‬
‫قال فقلببت لمرأتببي الحقببي بأهلببك فكببوني عنببدهم حببتى‬
‫يقضي الله في هبذا المبر مبا يشباء‪ ,‬قبال فجباءت امبرأة‬
‫هلل بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت‪ :‬يبا‬
‫رسول الله إن هلل ً شيخ ضعيف ليس له خادم فهل تكببره‬
‫أن أخدمه‪ ,‬قال »ل ولكن ل يقربّنك« قالت وإنببه واللببه مببا‬
‫به من حركة إلى شيء‪ ,‬وإنه والله ما زال يبكي منببذ كببان‬
‫من أمره ما كان إلى يومه هذا‪ ,‬قال فقال لي بعض أهلببي‬
‫لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتببك‬
‫فقد أذن ل مرأة هلل بن أمية أن تخدمه‪ ,‬قال فقلت والله‬
‫ل أستأذن فيها رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم ومببا‬
‫أدري ما يقول فيها رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم إذا‬
‫اسببببببببببببتأذنته وأنببببببببببببا رجببببببببببببل شبببببببببببباب‪.‬‬
‫قال‪ :‬فلبثنا عشر ليال فكمل لنا خمسون ليلببة مببن حيببن‬
‫نهببى عببن كلمنببا‪ ,‬قببال‪ :‬ثببم صببليت صببلة الصبببح صببباح‬
‫خمسين ليلة على ظهر بيببت مببن بيوتنببا‪ ,‬فبينببا أنببا جببالس‬
‫على الحببال الببتي ذكببر اللببه تعببالى منببا قببد ضبباقت علببي‬
‫نفسي وضاقت علببي الرض بمببا رحبببت‪ ,‬سببمعت صببارخا ً‬
‫أوفى على جبل سلع يقول بأعلى صوته‪ :‬أبشر يا كعب بن‬
‫مالك‪ ,‬قال‪ :‬فخررت ساجدا ً وعرفت أن قد جاء الفرج مببن‬

‫‪155‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله عز وجل بالتوبة علينا‪ ,‬فببآذن رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسببلم بتوبببة اللببه علينببا حيببن صببلى الفجببر‪ ,‬فببذهب‬
‫ي مبشرون‪ ,‬وركض إلي‬ ‫الناس يبشروننا وذهب قبل صاحب ّ‬
‫رجل فرسا ً وسببعى سبباع مببن أسببلم وأوفببى علببى الجبببل‬
‫فكببان الصببوت أسببرع مببن الفببرس‪ ,‬فلمببا جبباءني الببذي‬
‫ي فكسببوتهما إيبباه‬ ‫سمعت صوته يبشببرني نزعببت لببه ثببوب ّ‬
‫ببشارته‪ ,‬والله ما أملك يببومئذ غيرهمببا‪ ,‬واسببتعرت ثببوبين‬
‫فلبستهما وانطلقت أؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫وتلقباني النبباس فوجبا ً فوجبا ً يهنبوني بتوبببة اللبه‪ ,‬يقولبون‬
‫ليهنك توبة الله عليك حتى دخلببت المسببجد‪ ,‬فببإذا رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسببلم جببالس فببي المسببجد والنبباس‬
‫ي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صببافحني‬ ‫حوله‪ ,‬فقام إل ّ‬
‫وهنأني والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫فكان كعب ل ينساها لطلحة‪ ,‬قال كعب‪ :‬فلما سلمت على‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسببلم قببال وهببو يبببرق وجهببه‬
‫من السرور »أبشر بخير يوم مر عليك منببذ ولببدتك أمببك«‬
‫قال‪ :‬قلت أمن عندك رسول الله أم من عنببد اللببه ؟ قببال‬
‫»ل بل من عند الله« قببال وكببان رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم إذا سر اسببتنار وجهببه حببتى كببأنه قطعببة قمببر‬
‫حتى يعرف ذلك منه‪ ,‬فلما جلست بين يديه قلت يا رسول‬
‫الله ِإن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى‬
‫رسوله‪ ,‬قال »أمسببك عليببك بعببض مالببك فهببو خيببر لببك«‬
‫قال‪ :‬فقلت‪ :‬فبإني أمسبك سبهمي البذي بخيببر وقلبت يبا‬
‫رسول الله‪ :‬إنما نجاني الله بالصدق وإن مببن توبببتي أن ل‬
‫أحدث إل صدقا ً ما بقيت‪ ,‬قال‪ :‬فوالله مببا أعلببم أحببدا ً مببن‬
‫المسلمين أبله الله من الصدق فببي الحببديث منببذ ذكببرت‬
‫ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما أبلنببي‬
‫الله تعالى‪ ,‬والله ما تعمدت كذبة منذ قلببت ذلببك لرسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا‪ ,‬وِإنببي لرجبو أن‬
‫يحفظنببببببي اللببببببه عببببببز وجببببببل فيمببببببا بقببببببي‪.‬‬
‫)قال( وأنببزل اللببه تعببالى‪} :‬لقببد تبباب اللببه علببى النبببي‬
‫والمهاجرين والنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة مببن‬

‫‪156‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهبم إنبه بهبم‬
‫رؤ وف رحيم * وعلى الثلثة الذين خلفوا حتى إذا ضبباقت‬
‫عليهم الرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن‬
‫ل ملجا ً من الله إل إليه ثم تاب عليهم ليتوبببوا إن اللببه هببو‬
‫التواب الرحيم * يا أيها الذين آمنوا اتقببوا للببه وكونببوا مببع‬
‫ليات‪ .‬قببال كعببب‪ :‬فببوالله مببا أنعببم‬ ‫الصاديقين{ إلى آخر ا َ‬
‫الله علي من نعمة قط بعد أن هداني للسلم أعظببم فببي‬
‫نفسي مببن صببدقي رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫يومئذ‪ ,‬أن ل أكون كذبته فأهلببك كمببا هلببك الببذين كببذبوه‪,‬‬
‫فإن الله تعالى قال للذين كذبوه حين أنزل الوحي شر مببا‬
‫قال لحد‪ ,‬فقال اللببه تعببالى‪} :‬سببيحلفون بببا للببه لكببم إذا‬
‫انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضببوا عنهببم إنهببم رجببس‬
‫ومأواهم جهنم جببزاء بمببا كببانوا يكسبببون * يحلفببون لكببم‬
‫لترضوا عنهم فإن ترضببوا عنهببم ف بِإن اللببه ل يرضببى عببن‬
‫القوم الفاسقين{ قال‪ :‬وكنا أيها الثلثببة الببذين خلفنببا عببن‬
‫أمر أولئك الذين قبل منهم رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم حين حلفوا فبببايعهم واسببتغفر لهببم‪ ,‬وأرجببأ رسببول‬
‫الله أمرنببا حببتى قضببى اللببه فيببه‪ ,‬فلببذلك قببال عببز وجببل‬
‫}وعلى الثلثة الذين خلفوا{ وليس تخليفببه ِإيانببا وارجبباؤه‬
‫أمرنا الذي ذكر مما خلفنا بتخليفنببا عببن الغببزو‪ ,‬وإنمببا هببو‬
‫عمبببببن حلبببببف لبببببه واعتبببببذر إليبببببه فقببببببل منبببببه‪.‬‬
‫هذا حديث صحيح ثابت متفق علببى صببحته رواه صبباحبا‬
‫الصحيح البخاري ومسلم‪ ,‬من حديث الزهري بنحببوه‪ ,‬فقببد‬
‫ليببة الكريمببة بأحسببن‬ ‫تضمن هببذا الحببديث تفسببير هببذه ا َ‬
‫الوجوه وأبسطها‪ ,‬وكذا روي عن غير واحد من السلف في‬
‫تفسيرها‪ ,‬كما رواه العمش عن أبي سفيان عن جابر بببن‬
‫عبد الله في قوله تعببالى‪} :‬وعلببى الثلثببة الببذين خلفببوا{‬
‫قال‪ :‬هببم كعببب بببن مالببك‪ ,‬وهلل بببن أميببة‪ ,‬ومببرارة بببن‬
‫الربيع‪ ,‬وكلهم مببن النصببار‪ ,‬وكببذا قببال مجاهببد والضببحاك‬
‫وقتادة والسدي وغير واحد وكلهم قببال مببرارة بببن ربيعببة‪,‬‬
‫وكذا في مسلم ابن ربيعة في بعض نسببخه‪ ,‬وفببي بعضببها‬
‫مرارة بن الربيع‪ ,‬وفي رواية عن الضحاك مرارة بن الربيع‬

‫‪157‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كمببا وقببع فببي الصببحيحين وهببو الصببواب‪ ,‬وقببوله فسببموا‬
‫رجلين شهدا بدرا ً قيل إنه خطأ من الزهري‪ ,‬فِإنه ل يعرف‬
‫شبببهود واحبببد مبببن هبببؤلء الثلثبببة ببببدرًا‪ ,‬واللبببه أعلبببم‪.‬‬
‫ولما ذكر تعالى ما فرج به عن هؤلء الثلثببة مببن الضببيق‬
‫والكرب من هجر المسلمين إياهم نحوا ً من خمسببين ليلببة‬
‫بأيامها‪ ,‬وضاقت عليهم أنفسهم وضاقت عليهم الرض بمببا‬
‫رحبت‪ ,‬أي مع سعتها فسدت عليهببم المسببالك والمببذاهب‬
‫فل يهتدون ما يصنعون‪ ,‬فصبروا لمر الله واسببتكانوا لمببر‬
‫الله وثبتوا حتى فرج الله عنهم بسبب صدقهم رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم في تخلفهم‪ ,‬وأنه كان عن غير عببذر‬
‫فعوقبوا على ذلك هذه المدة ثم تبباب اللببه عليهببم‪ ,‬فكببان‬
‫عاقبة صدقهم خيرا ً لهم وتوبة عليهم‪ ,‬ولهذا قببال }يببا أيهببا‬
‫الذين آمنوا اتقوا الله وكونبوا مبع الصبادقين{ أي اصبدقوا‬
‫والزمببوا الصببدق تكونببوا مببن أهلببه وتنجببوا مببن المهالببك‪,‬‬
‫ويجعل لكم فرجا ً من أموركم ومخرج بًا‪ ,‬وقببد قببال المببام‬
‫أحمد‪ :‬حدثنا أبو معاوية‪ ,‬حدثنا العمببش‪ ,‬عببن شببقيق عببن‬
‫عبد الله هو ابن مسعود رضي الله عنه قال‪ :‬قببال رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬عليكم بالصدق فببِإن الصببدق‬
‫يهدي إلى البر‪ ,‬وإن البر يهدي إلى الجنة‪ ,‬ول يزال الرجببل‬
‫يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا‪ ,‬وإياكم‬
‫والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجببور يهببدي‬
‫إلى النار‪ ,‬ول يببزال الرجببل يكببذب ويتحببرى الكببذب حببتى‬
‫يكتب عند الله كذابًا« أخرجاه في الصحيحين‪ ,‬وقال شعبة‬
‫عن عمرو بن مرة‪ :‬سمع أبا عبيدة يحدث عن عبد الله بببن‬
‫مسعود رضي الله عنه أنه قال‪ :‬الكببذب ل يصببلح منببه جببد‬
‫ول هزل‪ ,‬اقروءا إن شئتم }يا أيها الذين آمنببوا اتقببوا اللببه‬
‫وكونوا مع الصادقين{ هكذا قرأها‪ ,‬ثببم قببال فهببل تجببدون‬
‫لحد فيه رخصة‪ ,‬وعن عبد الله بن عمرو في قوله }اتقوا‬
‫الله وكونوا مع الصادقين{ قال مع محمد صلى اللببه عليببه‬
‫وسببلم وأصببحابه‪ ,‬وقببال الضببحاك مببع أبببي بكببر وعمببر‬
‫وأصحابهما‪ ,‬وقال الحسن البصري إن أردت أن تكببون مببع‬
‫الصادقين فعليك بالزهد في الدنيا والكف عن أهببل الملببة‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫ب َأن‬ ‫ن العْبَرا ِ‬ ‫مب َ‬ ‫م ّ‬ ‫ح بوْل َهُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ْ‬ ‫مب‬‫دين َبةِ وَ َ‬


‫م ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ن له ْ ب‬ ‫ما ك َببا َ‬ ‫** َ‬
‫َ‬
‫سبهِ‬ ‫م عَببن ن ّْف ِ‬ ‫س به ِ ْ‬ ‫ل الل ّبهِ وَل َ ي َْرغَب ُببوا ْ ب ِأن ُْف ِ‬ ‫ِ‬ ‫سببو‬ ‫عن ّر ُ‬ ‫خل ُّفوا ْ َ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ة ِفي َ‬ ‫ص ٌ‬
‫م َ‬ ‫خ َ‬
‫م ْ‬ ‫ب وَل َ َ‬ ‫ص ٌ‬ ‫مأ وَل َ ن َ َ‬ ‫م ظَ َ‬ ‫صيب ُهُ ْ‬ ‫م ل َ يُ ِ‬ ‫ك ب ِأن ّهُ ْ‬‫ذ َل ِ َ‬
‫ُ‬
‫ن عَد ُوّ ن ّي ْل ً‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫ظ ال ْك ُّفاَر وَل َ ي ََناُلو َ‬ ‫طئا ً ي َِغي ُ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫الل ّهِ وَل َ ي َط َأو َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫جَر ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ضيعُ أ ْ‬ ‫ه ل َ يُ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ح إِ ّ‬ ‫صال ِ ٌ‬
‫ل َ‬ ‫م ٌ‬ ‫م ب ِهِ عَ َ‬ ‫ب ل َهُ ْ‬ ‫إ ِل ّ ك ُت ِ َ‬
‫يعاتب تبارك وتعالى المتخلفين عببن رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم في غببزوة تبببوك مببن أهببل المدينببة ومببن‬
‫حولها من أحياء العرب‪ ,‬ورغبتهببم بأنفسببهم عببن مواسبباته‬
‫فيما حصل لبه مبن المشبقة‪ ,‬فبإنهم نقصبوا أنفسبهم مبن‬
‫الجر لنهم }ل يصيبهم ظمأ{ وهببو العطببش }ول نصببب{‬
‫وهببو التعببب }ول مخمصببة{ وهببي المجاعببة }ول يطئون‬
‫موطئا ً يغيظ الكفار{‪ .‬أي ينزلون منزل ً يرهب عدوهم }ول‬
‫ينببالون{ منببه ظفببرا ً وغلبببة عليببه }إل كتببب لهببم{ بهببذه‬
‫العمال التي ليست داخلة تحت قدرهم وإنمببا هببي ناشببئة‬
‫عن أفعالهم أعمال ً صالحة وثوابا ً جببزيل ً }إن اللببه ل يضببيع‬
‫أجببر المحسببنين{ كقببوله }إنببا ل نضببيع أجببر مببن أحسببن‬
‫ل{‪.‬‬ ‫عم ً‬

‫ن َواِديا ً إ ِل ّ‬ ‫صِغيَرةً وَل َ ك َِبيَرةً وَل َ ي َْقط َُعو َ‬


‫ة َ‬‫ن ن ََفَق ً‬ ‫** وَل َ ُين ِ‬
‫فُقو َ‬
‫ك ُِتببب ل َهببم ل ِيجزيهببم الّلبب َ‬
‫مُلببو َ‬
‫ن‬ ‫كبباُنوا ْ ي َعْ َ‬
‫مببا َ‬ ‫ن َ‬‫سبب َ‬ ‫ح َ‬ ‫هأ ْ‬‫ُ‬ ‫َ ُ ْ َ ْ َُِ ُ‬
‫يقول تعالى‪} :‬ول ينفقون{ هؤلء الغزاة في سبيل اللببه‬
‫}نفقة صغيرة ول كبيرة{ أي قليل ً ول كثيرا ً }ول يقطعببون‬
‫واديًا{ أي في السير إلى العداء }إل كتب لهم{ ولم يقببل‬
‫ههنببا بببه‪ ,‬لن هببذه أفعببال صببادرة عنهببم‪ ,‬ولهببذا قببال‪:‬‬
‫}ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون{ وقد حصببل لميببر‬
‫ليببة‬ ‫المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنببه مببن هببذه ا َ‬
‫الكريمة حظ وافر ونصيب عظيم‪ ,‬وذلك أنه أنفق في هذه‬
‫الغزوة النفقات الجليلة والموال الجزيلببة‪ ,‬كمببا قببال عبببد‬
‫الله بن المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو موسى الغنزي‪ ,‬حببدثنا عبببد‬
‫الصببمد بببن عبببد الببوارث‪ ,‬حببدثني سببليمان بببن المغيببرة‪,‬‬

‫‪159‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حدثني الوليد بن أبي هشام‪ ,‬عببن فرقببد أبببي طلحببة‪ ,‬عببن‬
‫عبد الرحمن بن خباب السلمي‪ ,‬قال‪ :‬خطببب رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسببلم فحببث علببى جيببش العسببرة فقببال‬
‫ي مائة بعيببر بأحلسببها‬ ‫عثمان بن عفان رضي الله عنه‪ :‬عل ّ‬
‫ي مائة بعير أخببرى‬ ‫وأقتابها‪ ,‬قال ثم حث‪ ,‬فقال عثمان‪ :‬عل ّ‬
‫بأحلسها وأقتابها‪ ,‬قال ثم نزل مرقاة من المنبر ثببم حببث‪,‬‬
‫ي مائة أخرى بأحلسها وأقتابها‪.‬‬ ‫فقال عثمان بن عفان‪ :‬عل ّ‬
‫قال‪ :‬فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسببلم قببال بيببده‬
‫هكذا يحركها‪ ,‬وأخرج عبد الصمد يده كالمتعجب »ما علببى‬
‫عثمان مببا عمببل بعببد هببذا« وقببال عبببد اللببه أيضبًا‪ :‬حببدثنا‬
‫هببارون بببن معببروف‪ ,‬حببدثنا ضببمرة‪ ,‬حببدثنا عبببد اللببه بببن‬
‫شوذب‪ ,‬عن عببد اللبه ببن القاسبم عبن كبثير مببولى عبببد‬
‫الرحمن بن سمرة عن عبد الرحمن بن سمرة‪ ,‬قببال‪ :‬جبباء‬
‫عثمان رضي الله عنه إلى النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫بألف دينار في ثوبه حتى جهز النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫جيش العسرة‪ ,‬قال‪ :‬فصبها في حجر النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم فرأيت النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم يقلبهببا بيببده‬
‫ويقول‪» :‬ما ضر ابن عفببان مببا عمببل بعببد اليببوم« يرددهببا‬
‫مرارًا‪ ,‬وقال قتادة في قوله تعالى‪} :‬ول يقطعون وادي با ً إل‬
‫لية‪ .‬ما ازداد قببوم فببي سبببيل اللببه بعببدا ً مببن‬ ‫كتب لهم{ ا َ‬
‫أهليهببببببببببم إل ازدادوا قربببببببببببا ً مببببببببببن اللببببببببببه‪.‬‬

‫مببن ك ُب ّ‬
‫ل‬ ‫ة فَل َبوْل َ ن ََف بَر ِ‬ ‫ن ل َِينِف بُروا ْ َ‬
‫كآفّ ب ً‬ ‫من ُببو َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫كا َ‬‫ما َ‬ ‫** وَ َ‬
‫م إِ َ‬
‫ذا‬ ‫ن وَل ُِينبذُِروا ْ قَبوْ َ‬
‫مه ُ ْ‬ ‫دي ِ‬‫ة ل ّي َت ََفّقُهوا ْ ِفي ال ّ‬ ‫م َ‬
‫طآئ َِف ٌ‬ ‫فِْرقَةٍ ّ‬
‫من ْهُ ْ‬
‫حبببببببببببذ َُرو َ‬
‫ن‬ ‫م ل َعَل ّهُببببببببببب ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫جعُبببببببببببوَا ْ إ ِل َي ْهِببببببببببب ْ‬ ‫َر َ‬
‫هذا بيان من اللببه تعببالى لمببا أراد مببن نفيببر الحيبباء مببع‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك‪ ,‬فإنه قد‬
‫ذهبت طائفة من السلف إلى أنه كببان يجببب النفيببر علببى‬
‫كل مسلم إذا خببرج رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫ل{ وقببال }مببا كببان‬ ‫ولهذا قال تعالى‪} :‬انفروا خفاقا ً وثقببا ً‬
‫لية‪ ,‬قال فنسببخ‬ ‫لهل المدينة ومن حولهم من العراب{ ا َ‬

‫‪160‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لية‪ .‬وقد يقال إن هذا بيان لمببراده تعببالى مببن‬ ‫ذلك بهذه ا َ‬
‫نفير الحياء كلها وشرذمة مببن كببل قبيلببة إن لببم يخرجببوا‬
‫كلهم‪ ,‬ليتفقه الخارجون مع الرسول بما ينزل مببن الببوحي‬
‫عليه وينذروا قببومهم إذا رجعببوا إليهببم بمببا كببان مببن أمببر‬
‫العدو‪ ,‬فيجتمع لهم المران في هذا النفير المعيببن‪ ,‬وبعببده‬
‫صلى الله عليه وسلم تكون الطائفة النافرة من الحي إمببا‬
‫للتفقه وإما للجهاد‪ ,‬فإنه فرض كفاية علببى الحيبباء‪ ,‬وقببال‬
‫ليببة }ومببا كببان‬‫علي بن أبي طلحة عن ابببن عببباس فببي ا َ‬
‫المؤمنون لينفروا كافة{ يقول‪ :‬ما كان المؤمنببون لينفببروا‬
‫جميعا ً ويتركوا النبي صلى الله عليه وسببلم وحببده }فلببول‬
‫نفر من كل فرقة منهم طائفة{ يعني عصبة يعني السبرايا‬
‫ول يسيروا إل بإذنه‪ ,‬فإذا رجعت السرايا وقد أنببزل بعببدهم‬
‫قرآن تعلمه القاعدون مع النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم‪,‬‬
‫وقالوا إن اللببه قببد أنببزل علببى نبببيكم قرآنبا ً وقببد تعلمنبباه‬
‫فتمكث السرايا يتعلمون ما أنزل الله علببى نبببيهم بعببدهم‬
‫ويبعث سرايا أخرى‪ ,‬فذلك قببوله‪} :‬ليتفقهببوا فببي الببدين{‬
‫يقول‪ :‬ليتعلموا ما أنزل الله على نبببيهم وليعلمببوا السببرايا‬
‫إذا رجعت إليهم‪} ,‬لعلهم يحببذرون{ وقببال مجاهببد‪ :‬نزلببت‬
‫لية في أناس مببن أصببحاب النبببي صببلى اللببه عليببه‬ ‫هذه ا َ‬
‫وسلم‪ ,‬خرجوا في البببوادي فأصببابوا مببن النبباس معروفبًا‪,‬‬
‫ومن الخصب ما ينتفعون به‪ ,‬ودعوا من وجدوا من النبباس‬
‫إلى الهدى‪ ,‬فقببال النبباس لهببم‪ :‬مببا نراكببم إل وقببد تركتببم‬
‫أصحابكم وجئتمونا ؟ فوجدوا في أنفسهم من ذلك تحرج با ً‬
‫وأقبلوا من البادية كلهم حتى دخلوا على النبي صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪ ,‬فقال الله عز وجل‪} :‬فلول نفر من كل فرقة‬
‫منهببم طائفببة{ يبغببون الخيببر }ليتفقهببوا فببي الببدين{‬
‫وليستمعوا ما في الناس وما أنزل الله فعذرهم }ولينذروا‬
‫قومهم{ الناس كلهم إذا رجعوا إليهببم }لعلهببم يحببذرون{‬
‫لية‪ :‬هذا إذا بعث رسول اللببه صببلى اللببه‬ ‫وقال قتادة في ا َ‬
‫عليه وسلم الجيوش أمرهم الله أن يغزوا بنبيه صلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪ ,‬وتقيم طائفة مع رسول الله صلى اللببه عليببه‬

‫‪161‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسببلم تتفقببه فببي الببدين‪ ,‬وتنطلببق طائفببة تببدعو قومهببا‬
‫وتحببببببذرهم وقببببببائع اللببببببه فيمببببببن خل قبلهببببببم‪.‬‬
‫وقال الضحاك‪ :‬كان رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫إذا غزا بنفسه لم يحل لحد من المسلمين أن يتخلف عنببه‬
‫إل أهل العذار‪ ,‬وكان إذا قام وأسرى السرايا لم يحل لهم‬
‫أن ينطلقوا إل بإذنه‪ ,‬وكان الرجببل إذا أسببرى فنببزل بعببده‬
‫قرآن وتله نبي الله صلى الله عليببه وسببلم علببى أصببحابه‬
‫القاعدين معه‪ ,‬فإذا رجعت السرية قال لهم الببذين أقبباموا‬
‫مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬إن الله أنزل بعدكم‬
‫على نبببيه قرآنبا ً فيقرئونهببم ويفقهببونهم فببي الببدين‪ ,‬وهببو‬
‫قوله‪} :‬وما كان المؤمنون لينفببروا كافببة{ يقببول إذا أقببام‬
‫رسول الله }فلول نفر من كل فرقة منهم طائفببة{ يعنببي‬
‫بذلك أنه ل ينبغي للمسلمين أن ينفببروا جميعبا ً ونبببي اللببه‬
‫صببلى اللببه عليببه وسببلم قاعببد‪ ,‬ولكببن إذا قعببد نبببي اللببه‬
‫فسرت السرايا وقعد معه معظم النبباس‪ .‬وقببال علببي بببن‬
‫لية‪ ,‬قوله }ومببا كببان‬ ‫أبي طلحة أيضا ً عن ابن عباس في ا َ‬
‫المؤمنون لينفروا كافة{ إنها ليست في الجهاد‪ ,‬ولكن لمببا‬
‫دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على مضر بالسنين‪,‬‬
‫أجدبت بلدهم وكببانت القبيلببة منهببم تقبببل بأسببرها‪ ,‬حببتى‬
‫يحلوا بالمدينة من الجهببد ويعتلببوا بالسببلم وهببم كبباذبون‪,‬‬
‫فضيقوا على أصحاب رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫وأجهدوهم‪ ,‬فبأنزل اللبه تعبالى يخببر رسبوله أنهبم ليسبوا‬
‫مؤمنين‪ ,‬فردهم رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم إلببى‬
‫عشائرهم وحببذر قببومهم أن يفعلببوا فعلهببم‪ ,‬فببذلك قببوله‪:‬‬
‫}ولينبببببذروا قبببببومهم إذا رجعبببببوا إليهبببببم{ ا َ‬
‫ليبببببة‪.‬‬
‫لية‪ :‬كببان ينطلببق‬ ‫وقال العوفي عن ابن عباس في هذه ا َ‬
‫من كل حي من العرب عصببابة فيببأتون النبببي صببلى اللببه‬
‫عليببه وسببلم فيسببألونه عمببا يريببدون مببن أمببر دينهببم‬
‫ويتقفهببون فببي دينهببم‪ ,‬ويقولببون للنبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪ :‬ما تأمرنا أن نفعله ؟ وأخبرنا بما نأمر بببه عشببائرنا‬
‫إذا قدمنا عليهم‪ ,‬قال فيأمرهم نبي اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم بطاعة الله ورسوله ويبعثهببم إلببى قببومهم بالصببلة‬

‫‪162‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والزكاة‪ ,‬وكانوا إذا أتوا قومهم قالوا‪ :‬إن من أسلم فهو منا‬
‫وينذرونهم‪ ,‬حتى إن الرجل ليفارق أباه‪ ,‬وأمه‪ ,‬وكان النبببي‬
‫صببلى اللببه عليببه وسببلم يخبببرهم وينببذرهم قببومهم‪ ,‬فببإذا‬
‫رجعببوا إليهببم يببدعونهم إلببى السببلم وينببذرونهم النببار‬
‫ليببة }إل‬‫ويبشرونهم بالجنة‪ ,‬وقال عكرمة لما نزلت هببذه ا َ‬
‫لية‪,‬‬‫تنفروا يعذبكم عذابا ً أليمًا{ و}ما كان لهل المدينة{ ا َ‬
‫قال المنببافقون‪ :‬هلببك أصببحاب البببدو الببذين تخلفببوا عببن‬
‫محمد ولم ينفروا معه‪ ,‬وقد كان ناس مببن أصببحاب النبببي‬
‫صببلى اللببه عليببه وسببلم خرجببوا إلببى البببدو إلببى قببومهم‬
‫يفقهونهم فأنزل الله عز وجل }وما كان المؤمنون لينفروا‬
‫لية‪ ,‬ونزلت}والذين يحاجون في الله مببن بعببد مببا‬ ‫كافة{ ا َ‬
‫استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهببم‬
‫عذاب شديد{ وقببال الحسببن البصببري فببي ا َ‬
‫ليببة‪ :‬ليتفقببه‬
‫الذين خرجوا بما يريهم الله من الظهبور علبى المشبركين‬
‫والنصبببببرة‪ ,‬وينبببببذروا قبببببومهم إذا رجعبببببوا إليهبببببم‪.‬‬

‫ن ال ْك ُّفبباِر‬ ‫َ‬
‫مبب َ‬‫م ّ‬‫ن ي َُلببون َك ُ ْ‬‫ذي َ‬‫من ُببوا ْ قَببات ُِلوا ْ ال ّب ِ‬
‫نآ َ‬‫ذي َ‬‫** ي َأي ّهَببا ال ّب ِ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مت ِّقيبب َ‬‫مببعَ ال ْ ُ‬‫ه َ‬ ‫ن الّلبب َ‬ ‫مببوَا ْ أ ّ‬‫ة َواعْل َ ُ‬ ‫ظبب ً‬‫م ِغل ْ َ‬ ‫دوا ْ ِفي ُ‬
‫كبب ْ‬ ‫جبب ُ‬ ‫وَل ِي َ ِ‬
‫ل‪ ,‬فببأول ً‬ ‫أمر الله تعببالى المببؤمنين أن يقبباتلوا الكفببار أو ً‬
‫القرب فالقرب فالقرب إلى حببوزة السببلم‪ ,‬ولهببذا بببدأ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسببلم بقتببال المشببركين فببي‬
‫جزيببرة العببرب‪ ,‬فلمببا فببرغ منهببم وفتببح اللببه عليببه مكببة‬
‫والمدينبببة والطبببائف واليمبببن واليمامبببة وهجبببر وخيببببر‬
‫وحضرموت وغير ذلك مببن أقبباليم جزيببرة العببرب‪ ,‬ودخببل‬
‫الناس من سائر أحياء العرب في دين اللببه أفواجبًا‪ ,‬شببرع‬
‫في قتال أهل الكتاب‪ ,‬فتجهز لغزو الروم الذين هم أقببرب‬
‫النبباس إلببى جزيببرة العببرب وأولببى النبباس بالببدعوة إلببى‬
‫السلم لنهم أهل الكتاب‪ ,‬فبلغ تبوك ثم رجببع لجببل جهببد‬
‫الناس وجدب البلد وضببيق الحببال‪ ,‬وذلببك سببنة تسببع مببن‬
‫هجرته عليه السلم‪ ,‬ثم اشتغل في السنة العاشببرة بحجببة‬
‫الوداع‪ ,‬ثم عاجلته المنية صلوات اللببه وسببلمه عليببه بعببد‬

‫‪163‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حجته بأحد وثمببانين يومبًا‪ ,‬فاختبباره اللببه لمببا عنببده وقببام‬
‫بالمر بعده وزيره وصديقه وخليفته أبو بكر الصديق رضي‬
‫الله عنه‪ ,‬وقد مال الدين ميلببة كبباد أن ينجفببل فثبتببه اللببه‬
‫تعالى به‪ ,‬فوطد القواعد وثبت الببدعائم‪ ,‬ورد شببارد الببدين‬
‫وهو راغم‪ ,‬ورد أهل الردة إلى السلم‪ ,‬وأخذ الزكاة ممببن‬
‫منعهببا مببن الطغبباة‪ ,‬وبيببن الحببق لمببن جهلببه‪ ,‬وأدى عببن‬
‫الرسول ما حمله‪ ,‬ثم شرع في تجهيز الجيببوش السببلمية‬
‫إلى الروم عبببدة الصببلبان‪ ,‬وإلببى الفببرس عبببدة النيببران‪,‬‬
‫ففتح الله ببركة سفارته البلد‪ ,‬وأرغم أنف كسرى وقيصببر‬
‫ومن أطاعهما من العباد‪ .‬وأنفق كنوزهما فببي سبببيل اللببه‬
‫كما أخبر بذلك رسول الله‪ ,‬وكببان تمببام المببر علببى يببدي‬
‫وصببيه مببن بعببده‪ ,‬وولببي عهببده الفبباروق الواب‪ ,‬شببهيد‬
‫المحراب‪ ,‬أبي حفص عمر بن الخطبباب رضببي اللببه عنببه‪,‬‬
‫فببأرغم اللببه بببه أنببوف الكفببرة الملحببدين‪ ,‬وقمببع الطغبباة‬
‫والمنافقين واستولى على الممالك شرقا ً وغرب بًا‪ .‬وحملببت‬
‫إليه خزائن الموال من سائر القاليم بعدا ً وقرب بًا‪ .‬ففرقهببا‬
‫على الببوجه الشببرعي‪ .‬والسبببيل المرضببي‪ .‬ثببم لمببا مببات‬
‫شهيدا ً وقد عاش حميببدًا‪ .‬أجمببع الصببحابة مببن المهبباجرين‬
‫والنصار على خلفة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي‬
‫اللبببببببببببببه عنبببببببببببببه شبببببببببببببهيد البببببببببببببدار‪.‬‬
‫فكسى السلم رياسته حلة سببابغة‪ .‬وامتببدت فببي سببائر‬
‫القاليم على رقاب العباد حجة الله البالغة‪ .‬فظهر السلم‬
‫في مشارق الرض ومغاربها‪ .‬وعلت كلمة الله وظهر دينه‪.‬‬
‫وبلغت الملة الحنيفية من أعداء اللببه غايببة مآربهببا‪ .‬وكلمببا‬
‫علوا أمة انتقلوا إلى من بعدهم ثم الذين يلونهم من العتاة‬
‫الفجار‪ ,‬امتثال ً لقوله تعببالى‪} :‬يببا أيهببا الببذين آمنببوا قبباتلوا‬
‫الذين يلونكم من الكفار{ وقببوله تعببالى‪} :‬وليجببدوا فيكببم‬
‫غلظة{ أي وليجد الكفار منكم غلظة في قتالكم لهم‪ ,‬فإن‬
‫المؤمن الكامل هو الذي يكون رفيقا ً لخيه المؤمن غليظ با ً‬
‫على عدوه الكافر‪ ,‬كقوله تعالى‪} :‬فسوف يأتي الله بقببوم‬
‫يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة علببى الكببافرين{‬
‫وقوله تعالى‪} :‬محمد رسول الله والذين معه أشداء علببى‬

‫‪164‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الكفار رحماء بينهم{ وقوله تعببالى‪} :‬يببا أيهببا النبببي جاهببد‬
‫الكفببار والمنببافقين واغلببظ عليهببم{ وفببي الحببديث‪ :‬أن‬
‫رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪» :‬أنببا الضببحوك‬
‫القتال{ يعني أنه ضحوك في وجه وليه قتال لهامة عببدوه‪,‬‬
‫وقوله‪} :‬واعلموا أن الله مببع المتقيببن{ أي قبباتلوا الكفببار‬
‫وتوكلببوا علببى اللببه واعلمببوا أن اللببه معكببم ِإذا اتقيتمببوه‬
‫وأطعتموه‪ ,‬وهكذا المر لما كانت القرون الثلثة الذين هم‬
‫خير هذه المة فببي غايببة السببتقامة والقيببام بطاعببة اللببه‬
‫تعالى لم يزالوا ظاهرين على عدوهم‪ .‬ولم تزل الفتوحات‬
‫كثيرة ولم تزل العداء في سفال وخسار‪ ,‬ثببم لمببا وقعببت‬
‫الفتن والهواء والختلفات بين الملوك طمبع العبداء فبي‬
‫أطراف البلد وتقدموا إليها‪ ,‬فلببم يمببانعوا لشببغل الملببوك‬
‫بعضهم ببعض‪ ,‬ثم تقدموا إلى حوزة السببلم فأخببذوا مببن‬
‫الطراف بلدانا ً كثيرة‪ ,‬ثم لم يزالوا حببتى اسببتحوذوا علببى‬
‫كثير من بلد السلم ولله المر من قبل ومن بعببد‪ ,‬فكلمببا‬
‫قام ملك من ملوك السلم وأطاع أوامر الله وتوكل علببى‬
‫الله فتح الله عليه من البلد واسترجع من العببداء بحسبببه‬
‫وبقدر ما فيه من ولية الله‪ .‬والله المسببؤول المببأمول أن‬
‫يمكن المسلمين من نواصبي أعبدائه الكبافرين وأن يعلبي‬
‫كلمتهببببم فببببي سببببائر القبببباليم إنببببه جببببواد كريببببم‪.‬‬

‫ذا مآ ُأنزل َت سورةٌ فَمنهم من يُقو ُ َ‬


‫هـ بذِهِ‬ ‫ه َ‬‫م َزاد َت ْ ُ‬‫ل أي ّك ُ ْ‬ ‫ِ ُْ ْ ّ َ‬ ‫ِ ْ ُ َ‬ ‫** وَإ ِ َ َ‬
‫َ‬
‫ن*‬ ‫ش بُرو َ‬ ‫ست َب ْ ِ‬
‫م يَ ْ‬ ‫مان با ً وَهُ ب ْ‬ ‫م ِإي َ‬‫مُنوا ْ فََزاد َت ْهُ ْ‬
‫نآ َ‬ ‫ما ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫مانا ً فَأ ّ‬ ‫ِإي َ‬
‫م رِ ْ ً َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫سببهِ ْ‬‫ج ِ‬‫ى رِ ْ‬ ‫جسا إ ِل َ‬ ‫ض فََزاد َت ْهُ ْ‬‫مَر ٌ‬ ‫ن ِفي قُُلوب ِِهم ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫ما ال ّ ِ‬
‫وَأ ّ‬
‫ن‬‫كبببببببببببببببببافُِرو َ‬ ‫م َ‬ ‫هببببببببببببببببب ْ‬ ‫مببببببببببببببببباُتوا ْ وَ ُ‬ ‫وَ َ‬
‫يقول تعالى‪} :‬وإذا مببا أنزلببت سببورة{ فمببن المنببافقين‬
‫}من يقول أيكم زادته هذه إيمانًا{ أي يقول بعضهم لبعض‬
‫أيكم زادتبه هببذه السببورة إيمانبا ً قبال اللبه تعبالى‪} :‬فأمببا‬
‫ليببة‬‫الذين آمنوا فزادتهم إيمانا ً وهم يستبشببرون{ وهببذه ا َ‬
‫من أكبببر الببدلئل علببى أن اليمببان يزيببدوينقص‪ ,‬كمببا هببو‬
‫مذهب أكثر السلف والخلف من أئمة العلماء‪ .‬بل قد حكى‬

‫‪165‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫غير واحد الجماع على ذلك‪ .‬وقد بسببط الكلم علببى هببذه‬
‫المسألة في أول شرح البخاري رحمببه اللببه }وأمببا الببذين‬
‫فببي قلببوبهم مببرض فزادتهببم رجسببا ً إلببى رجسببهم{ أي‬
‫زادتهم شكا ً إلى شكهم وريبا ً إلى ريبهم كمببا قببال تعببالى‪:‬‬
‫ليببة‪ ,‬وقببوله تعببالى‪:‬‬‫}وننزل من القببرآن مببا هببو شببفاء{ ا َ‬
‫}قل هو للذين آمنوا هدى وشببفاء والببذين ل يؤمنببون فببي‬
‫ى أولئك ينببادون مببن مكببان‬ ‫آذانهببم وقببر وهببو عليهببم عمب ً‬
‫بعيد{ وهذا من جملة شقائهم أن ما يهببدي القلببوب يكببون‬
‫سببا ً لضللهم ودمارهم كما أن سيء المزاج لو غذي بببه ل‬
‫يزيبببببببببببببببببده إل خببببببببببببببببببال ً ونقصبببببببببببببببببًا‪.‬‬

‫م لَ‬ ‫عام مرةً أ َ‬ ‫ُ‬ ‫** أ َول َ يرون أ َ‬


‫ن ثُ ّ‬‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ت‬‫ر‬‫ّ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫و‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ك‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫نو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫ف‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫ّ‬ ‫ن‬ ‫َ ََ ْ َ‬
‫سببوَرةٌ ن ّظ َبَر‬ ‫ُ‬
‫ت ُ‬ ‫مببآ أنزَِلبب ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن * وَإ ِ َ‬ ‫م ي َبذ ّك ُّرو َ‬ ‫ن وَل َ هُ ب ْ‬ ‫ي َُتوب ُببو َ‬
‫َ‬
‫ف‬‫ص بَر َ‬ ‫ص بَرُفوا ْ َ‬ ‫م ان َ‬ ‫حدٍ ث ُب ّ‬ ‫نأ َ‬ ‫م ْ‬‫م ّ‬
‫َ‬
‫ل ي ََراك ُ ْ‬ ‫ض هَ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ى ب َعْ‬
‫َ‬
‫م إ ِل َ‬‫ضه ُ ْ‬
‫ب َعْ ُ‬
‫م ل ّ ي َْفَقُهبببببببون‬ ‫م َقبببببببوْ ٌ‬ ‫ه قُُلبببببببوب َُهم ِببببببببأن ّهُ ْ‬ ‫الّلببببببب ُ‬
‫يقول‪ :‬تعالى أو ل يرى هؤلء المنافقون }أنهببم يفتنببون{‬
‫أي يختبرون }في كل عام مرة أو مرتين ثم ل يتوبببون ول‬
‫هم يذكرون{ أي ل يتوبببون مببن ذنببوبهم السببالفة ول هببم‬
‫يذكرون فيما يستقبل من أحوالهم‪ ,‬قببال مجاهببد يختبببرون‬
‫بالسببنة والجببوع وقببال قتببادة بببالغزو فببي السببنة مببرة أو‬
‫مرتيببن‪ ,‬وقببال شببريك عببن جببابر‪ :‬هببو الجعفببي عببن أبببي‬
‫الضحى عن حذيفة في قوله‪} :‬أو ل يرون أنهم يفتنون في‬
‫كل عام مرة أو مرتين{ قال‪ :‬كنا نسمع في كل عام كذبة‬
‫أو كذبتين فيضل بها فئام من الناس كببثير رواه ابببن جريببر‬
‫وفي الحديث عن أنس‪ :‬ل يببزداد المببر إل شببدة ول يببزداد‬
‫الناس إل شببحا ً ومببا مببن عببام إل والببذي بعببده شببر منببه‪,‬‬
‫سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسببلم وقببوله‪} :‬وإذا مببا‬
‫أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض‪ :‬هل يراكببم مببن أحببد‬
‫ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم ل يفقهون{ هذا‬
‫أيضبا ً إخبببار عببن المنببافقين أنهببم إذا أنزلببت سببورة علببى‬
‫رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم }نظببر بعضببهم إلببى‬

‫‪166‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بعض{ أي تلفتوا }هل يراكببم مببن أحببد ثببم انصببرفوا{ أي‬
‫تولوا عن الحق وانصرفوا عنببه وهببذا حببالهم فببي الببدين ل‬
‫يثبتون عند الحببق ول يقبلببونه ول يفهمببونه كقببوله تعببالى‪:‬‬
‫}فما لهم عن التذكرة معرضببين * كببأنهم حمببر مسببتنفرة‬
‫ل الببذين كفببروا‬ ‫فّرت من قسببورة{ وقببوله تعببالى‪} :‬فمببا ِ‬
‫قبلك مهطعين * عن اليمن وعن الشببمال عزيببن{ أي مببا‬
‫لهؤلء القوم يتفللون عنك يمينا ً وشبمال ً هروببا ً مبن الحبق‬
‫وذهاب با ً إلببى الباطببل وقببوله‪} :‬ثببم انصببرفوا صببرف اللببه‬
‫قلوبهم{ كقوله‪} :‬فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم بببأنهم قببوم‬
‫ل يفقهون{ أي ل يفهمبون عبن اللبه خطبابه ول يقصبدون‬
‫لفهمه ول يريدونه بل هم في شغل عنه ونفور منببه فلهببذا‬
‫صببببببببباروا إلبببببببببى مبببببببببا صببببببببباروا إليبببببببببه‪.‬‬

‫ل مب َ‬
‫م‬ ‫زيبٌز عَل َي ْبهِ َ‬
‫مببا عَن ِت ّب ْ‬ ‫م عَ ِ‬ ‫سبك ُ ْ‬‫ن أنُف ِ‬ ‫سو ٌ ّ ْ‬ ‫م َر ُ‬ ‫جآَءك ُ ْ‬ ‫** ل ََقد ْ َ‬
‫ل‬‫م * فَ بِإن ت َوَل ّبوْا ْ فَُق ب ْ‬ ‫حي ٌ‬ ‫ف ّر ِ‬‫ن َرُءو ٌ‬ ‫مِني َ‬‫مؤ ْ ِ‬‫م ِبال ْ ُ‬‫ص عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫ت وَهُبوَ َر ّ ْ‬ ‫هبوَ عَل َي ْبهِ َتبوَك ّل ْ ُ‬
‫ه إ ِل ّ ُ‬‫ه ل إ َِلـب َ‬ ‫ي الل ّ ُ‬
‫ب العَبْر ِ‬ ‫سب ِ َ‬
‫ح ْ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫ظيببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم ِ‬ ‫الع َ ِ‬
‫يقول تعالى ممتنا ً على المؤمنين بما أرسل إليهم رسول ً‬
‫من أنفسهم أي من جنسهم وعلى لغتهم كما قال إبراهيببم‬
‫عليببه السببلم‪} :‬ربنببا وابعببث فيهببم رسببول ً منهببم{ وقببال‬
‫ن الله على المؤمنين إذ بعث فيهببم رسببول ً‬ ‫تعالى‪} :‬لقد م ّ‬
‫مببن أنفسببهم{ وقببال تعببالى‪} :‬لقببد جبباءكم رسببول مببن‬
‫أنفسكم{ أي منكم وبلغتكم كما قال جعفر بن أبي طببالب‬
‫رضببي اللببه عنببه للنجاشببي والمغيببرة بببن شببعبة لرسببول‬
‫كسرى‪ :‬إن الله بعث فينا رسول ً منا نعببرف نسبببه وصببفته‬
‫ومببدخله ومخرجببه وصببدقه وأمببانته وذكببر الحببديث وقببال‬
‫سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عببن أبيببه فببي قببوله‬
‫تعالى‪} :‬لقد جاءكم رسول من أنفسكم{ قببال‪ :‬لببم يصبببه‬
‫شيء مببن ولدة الجاهليببة وقببال صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫»خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح« وقببد وصببل هببذا‬
‫من وجه آخر كما قال الحافظ أبو محمد الحسببن بببن عبببد‬

‫‪167‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرحمببن الرامهرمببزي فببي كتببابه الفاصببل بيببن الببراوي‬
‫والواعي‪ :‬حدثنا أبو أحمد يوسف بن هارون بن زيبباد حببدثنا‬
‫ابن أبي عمر حدثنا محمد بن جعفر بن محمد قببال‪ :‬أشببهد‬
‫على أبي لحدثني عن أبيه عن جببده عببن علببي قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم »خرجت من نكبباح ولببم‬
‫أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي لببم‬
‫يمسني من سفاح الجاهلية شيء« وقببوله تعببالى‪} :‬عزيببز‬
‫عليه مببا عنتببم{ أي يعببز عليببه الشببيء الببذي يعنببت أمتببه‬
‫ويشق عليها ولهذا جاء في الحديث المروي من طرق عنه‬
‫أنه قال‪» :‬بعثت بالحنيفيببة السببمحة« وفببي الصببحيح »إن‬
‫هذا الدين يسر وشريعته كلها سهلة سمحة كاملببة يسببيرة‬
‫على من يسرها الله تعببالى عليببه« }حريببص عليكببم{ أي‬
‫علببى هببدايتكم ووصببول النفببع الببدنيوي والخببروي إليكببم‪,‬‬
‫وقال الطبراني حدثنا محمد بن عبد الله الحضببرمي حببدثنا‬
‫محمد بن عبد الله بن يزيد المقري حدثنا سفيان بن عيينة‬
‫طن عن أبي الطفيل عن أبي ذر قال‪ :‬تركنببا رسببول‬ ‫عن فِ ْ‬
‫الله صلى الله عليه وسببلم ومببا طببائر يقلببب جنبباحيه فببي‬
‫الهواء إل وهو يذكر لنا منه علما ً قببال‪ :‬وقببال رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬ما بقبي شبيء يقبرب مبن الجنبة‬
‫ويباعد من النببار إل وقببد بيببن لكببم« وقببال المببام أحمببد‪:‬‬
‫حدثنا فطن حدثنا المسعودي عببن الحسببن بببن سببعد عببن‬
‫عبدة الهذلي عن عبد الله ببن مسبعود قببال‪ :‬قبال رسبول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إن اللببه لببم يحببرم حرمببة إل‬
‫وقد علم أنه سيطلعها منكم مطلع أل وإني آخببذ بحجزكببم‬
‫أن تهبببافتوا فبببي النبببار كتهبببافت الفبببراش أو البببذباب«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا حسن بببن موسببى حببدثنا حمبباد‬
‫بن سلمة عن علي بببن زيببد بببن جببدعان عببن يوسببف بببن‬
‫مهران عن ابببن عببباس أن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم أتاه ملكان فيما يرى النائم فقعد أحدهما عند رجليه‬
‫لخر عند رأسه‪ .‬فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسببه‪:‬‬ ‫وا َ‬
‫اضرب مثل هببذا ومثببل أمتببه فقببال‪ :‬إن مثلببه ومثببل أمتببه‬
‫كمثل قوم سفر انتهوا إلببى رأس مفببازة ولببم يكببن معهببم‬

‫‪168‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من الزاد ما يقطعون به المفازة ول ما يرجعون بببه فبينمببا‬
‫هم كذلك إذ أتاهم رجل فبي حلبة حببرة فقبال‪ :‬أرأيتبم إن‬
‫وردت بكم رياضا ً معشبة وحياضبا ً رواء تتبعبوني ؟ فقبالوا‪:‬‬
‫نعم قال‪ :‬فبانطلق بهبم فبأوردهم رياضبا ً معشبببة وحياضبا ً‬
‫رواء فأكلوا وشربوا وسمنوا فقال لهببم‪ :‬ألببم ألفكببم علببى‬
‫تلببك الحببال فجعلتببم لببي إن وردت بكببم رياضببا ً معشبببة‬
‫وحياضا ً رواء أن تتبعببوني ؟ فقببالوا بلببى فقببال‪ :‬فببإن بيببن‬
‫أيديكم رياضا ً هي أعشب من هذه وحياضبا ً هبي أروى مبن‬
‫هذه فاتبعوني فقالت طائفببة صببدق واللببه لنتبعببه‪ ,‬وقببالت‬
‫طائفة قد رضينا بهذا نقيم عليه‪ ,‬وقال البزار‪ :‬حدثنا سببلمة‬
‫بن شبيب وأحمد بن منصور قال حدثنا إبراهيم بببن الحكببم‬
‫بن أبان حدثنا أبي عن عكرمة عن أبي هريببرة رضببي اللببه‬
‫عنه أن أعرابيا ً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسببلم‬
‫يستعينه في شيء قال عكرمة‪ :‬أراه قال في دم فأعطبباه‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ً ثم قال‪» :‬أحسببنت‬
‫إليك« قال العرابي ل ول أجملت فغضب بعض المسلمين‬
‫وهموا أن يقوموا إليه فأشار رسول الله صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم إليهم أن كفوا فلما قام رسول الله صلى الله عليببه‬
‫وسلم وبلغ إلببى منزلببه دعببا العرابببي إلببى البببيت فقببال‪:‬‬
‫»إنك إنما جئتنا تسألنا فأعطيناك فقلت مببا قلببت« فببزاده‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسبلم شببيئا ً وقببال‪» :‬أحسببنت‬
‫إليك ؟« فقال العرابي نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة‬
‫خيرًا‪ .‬قال النبي صلى الله عليه وسلم‪» :‬إنك جئتنا فسألتنا‬
‫فأعطيناك فقلت ما قلت‪ .‬وفي أنفس أصحابي عليببك مببن‬
‫ذلك شيء فإذا جئت فقل بين أيببديهم مببا قلببت بيببن يببدي‬
‫حتى يذهب عن صدورهم« فقال‪ :‬نعم فلما جبباء العرابببي‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم »إن صبباحبكم كببان‬
‫جبباء فسببألنا فأعطينبباه فقببال مببا قببال‪ ,‬وإنببا قببد دعونبباه‬
‫فأعطيناه فزعم أنه قد رضي‪ ,‬كذلك يببا أعرابببي ؟« فقببال‬
‫العرابببي‪ :‬نعببم فجببزاك اللببه مببن أهببل وعشببيرة خيببرًا‪.‬‬
‫فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪» :‬إن مثلي ومثببل هببذا‬
‫العرابي كمثل رجل كانت له ناقة فشببردت عليببه فاتبعهببا‬

‫‪169‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الناس فلبم يزيبدوها إل نفبورًا‪ .‬فقبال لهبم صباحب الناقبة‬
‫خلوا بيني وبين ناقتي فأنا أرفق بها وأنببا أعلببم بهببا فتببوجه‬
‫إليهببا وأخببذ لهببا مببن قتببام الرض ودعاهببا حببتى جبباءت‬
‫واستجابت وشد عليها رحلها وإني لو أطعتكم حيث قال ما‬
‫قال لدخل النار« رواه البزار ثم قال ل نعلمه يروى إل من‬
‫هذا الوجه )قلت( وهو ضعيف بحال إبراهيم بن الحكم بببن‬
‫أبان والله أعلم‪ ,‬وقوله‪} :‬بالمؤمنين رءوف رحيم{ كقببوله‬
‫}واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين * فإن عصببوك‬
‫فقل إني بريء مما تعملون * وتوكل على العزيز الرحيم{‬
‫لية الكريمة وهي قوله تعالى‬ ‫وهكذا أمره تعالى في هذه ا َ‬
‫}فإن تولوا{ أي تولوا عما جئتم به من الشريعة العظيمببة‬
‫المطهرة الكاملببة الشبباملة }فقببل حسبببي اللببه ل إلببه إل‬
‫هو{ أي اللببه كببافي ل إلببه إل هببو عليببه تببوكلت كمببا قببال‬
‫تعببالى‪} :‬رب المشببرق والمغببرب ل إلببه إل هببو فاتخببذه‬
‫ل{ }وهو رب العرش العظيم{ أي هو مالك كل شببيء‬ ‫وكي ً‬
‫وخببالقه‪ ,‬لنببه رب العببرش العظيببم الببذي هببو سببقف‬
‫المخلوقات وجميع الخلئق مببن السببموات والرضببين ومببا‬
‫فيهما وما بينهما تحت العرش مقهورون بقدرة الله تعالى‪,‬‬
‫وعلمه محيط بكل شيء وقدره نافذ فببي كببل شببيء وهببو‬
‫على كل شيء وكيل‪ ,‬قال المام أحمببد‪ :‬حببدثنا محمببد بببن‬
‫أبي بكر حدثنا بشر بن عمر حدثنا شعبة عن علي بببن زيببد‬
‫عن يوسف بن مهران عن ابببن عببباس رضببي اللببه عنهمببا‬
‫لية‬‫عن أبي بن كعب قال‪ :‬آخر آية نزلت من القرآن هذه ا َ‬
‫}لقد جاءكم رسول من أنفسكم{ إلى آخر السورة‪ ,‬وقال‬
‫عبد الله بن المام أحمد حدثنا روح بن عبد المؤمن حببدثنا‬
‫عمر بن شقيق حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس‬
‫عن أبي العالية عن أبي بن كعببب رضببي اللببه عنهببم أنهببم‬
‫جمعوا القرآن في مصاحف في خلفة أبي بكر رضي اللببه‬
‫عنه فكان رجال يكتبون ويملي عليهم أبي بببن كعببب فلمببا‬
‫لية من سورة براءة }ثم انصرفوا صببرف‬ ‫انتهوا إلى هذه ا َ‬
‫لية فظنوا أن هذا آخر ما نزل مببن القببرآن‬ ‫الله قلوبهم{ ا َ‬
‫فقال لهم أبي بن كعببب إن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬

‫‪170‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسببلم أقرأنببي بعببدها آيببتين }لقببد جبباءكم رسببول مببن‬
‫أنفسكم{ إلى آخببر السببورة قببال هببذا آخببر مببا نببزل مببن‬
‫القرآن فختم بما فتح به بالله الذي ل إله إل هو وهببو قببول‬
‫الله تعالى‪} :‬وما أرسلنا مببن قبلببك مببن رسببول إل نببوحي‬
‫إليببه أنببه ل إلببه أل أنببا فاعبببدون{ وهببذا غريببب أيضببًا‪.‬‬
‫وقال أحمد حدثنا علي بن بحر حدثنا علي بن محمببد بببن‬
‫سلمة عن محمد بن إسحاق عن يحيى بببن عببباد عببن أبيببه‬
‫عباد بببن عبببد اللببه بببن الزبيببر رضببي اللببه عنببه قببال أتببى‬
‫الحارث بن خزيمببة بهبباتين ا َ‬
‫ليببتين مببن آخببر بببراءة }لقببد‬
‫جاءكم رسول من أنفسكم{ إلى عمر بن الخطاب فقببال‪:‬‬
‫مببن معببك علببى هببذا ؟ قببال‪ :‬ل أدري واللببه إنببي لشببهد‬
‫لسمعتها من رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم ووعيتهببا‬
‫وحفظتها فقال عمر‪ :‬وأنا أشهد لسمعتها من رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم ثم قال‪ :‬لو كانت ثلث آيات لجعلتها‬
‫سورة على حدة فانظروا سورة من القرآن فضعوها فيها‪,‬‬
‫فوضعوها في آخببر بببراءة‪ ,‬وقببد تقببدم الكلم أن عمببر بببن‬
‫الخطاب هو الذي أشار على أبي بكر الصديق رضببي اللببه‬
‫عنهما بجمع القرآن فأمر زيد بن ثابت فجمعه وكببان عمببر‬
‫يحضرهم وهم يكتبون ذلك‪ ,‬وفببي الصببحيح أن زيببدا ً قببال‪:‬‬
‫فوجدت آخببر سببورة بببراءة مببع خزيمببة بببن ثببابت أو أبببي‬
‫خزيمة‪ ,‬وقد قدمنا أن جماعببة مببن الصببحابة تببذكروا ذلببك‬
‫عند رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال خزيمة بببن‬
‫ثابت حين ابتدأهم بها والله أعلم‪ ,‬وقببد روى أبببو داود عببن‬
‫يزيد بن محمد عن عبد الرزاق بن عمر بب وقببال كببان مببن‬
‫ثقات المسلمين من المتعبدين عن مببدرك بببن سببعد قببال‬
‫يزيد شيخ ثقة عن يونس بن ميسببرة عببن أم الببدرداء عببن‬
‫أبي الدرداء قال‪ :‬من قببال إذا أصبببح وإذا أمسببى‪ :‬حسبببي‬
‫الله ل إله إل هو عليببه تببوكلت وهببو رب العببرش العظيببم‪.‬‬
‫سبع مرات إل كفاه الله ما أهمببه‪ ,‬وقببد رواه ابببن عسبباكر‬
‫في ترجمة عبد الرزاق عن عمر‪ ,‬هذا من رواية أبي زرعببة‬
‫الدمشقي عنه عن أبي سعد مدرك بن أبي سعد الفببزاري‬
‫عن يونس بن ميسرة بن حليس عببن أم الببدرداء سببمعت‬

‫‪171‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبا الدرداء يقول‪ :‬ما من عبد يقول‪ :‬حسبببي اللببه ل إلببه إل‬
‫هببو عليببه تببوكلت وهببو رب العببرش العظيببم سبببع مببرات‬
‫صادقا ً كان بها أو كاذبا ً إل كفاه الله ما أهمه‪ .‬وهببذه زيببادة‬
‫غريبة‪ ,‬ثم رواه في ترجمببة عبببد الببرزاق أبببي محمببد عببن‬
‫أحمد بن عبد الله بن عبد الرزاق عن جده عبد الرزاق بببن‬
‫عمر بسنده فرفعه فذكر مثله بالزيادة وهببذا منكببر‪ ,‬واللببه‬
‫أعلبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫) سورة يونس (‬

‫مقدمة تفسير سورة يونس‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫سورة يونس مكية وآياتها تسع ومئة‬

‫جبا ً‬
‫س عَ َ‬
‫ن ِللّنا ِ‬ ‫كيم ِ }‪ {1‬أ َ َ‬
‫كا َ‬ ‫ب ال ْ َ‬
‫ح ِ‬ ‫ت ال ْك َِتا ِ‬ ‫الر ت ِل ْ َ‬
‫ك آَيا ُ‬
‫أ َن أ َوحينا إل َببى رج بل منه بم أ َ َ‬
‫ن‬ ‫ش برِ ال ّب ِ‬
‫ذي َ‬ ‫س وَب َ ّ‬
‫ن أن بذِرِ الن ّببا َ‬
‫َ ُ ٍ ّ ُْ ْ ْ‬ ‫ْ ْ َ َْ ِ‬
‫مُنوا ْ‬
‫آ َ‬

‫هب َ‬
‫ذا‬ ‫ن َ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫م َقا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬
‫ن إِ ّ‬
‫كافُِرو َ‬ ‫عند َ َرب ّهِ ْ‬
‫ق ِ‬
‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫د‬‫ص‬‫ِ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ن‬
‫ّ‬

‫ن }‪{2‬‬
‫مِبي ٌ‬
‫حٌر ّ‬ ‫لَ َ‬
‫سا ِ‬

‫‪172‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أما الحروف المقطعة في أوائل السور فقد تقدم الكلم عليها في أوائل سسسورة‬

‫البقرة وقال أبو الضحى عن بن عبسساس فسسي قسسوله تعسسالى ) السسر ( أي أنسسا الس‬

‫أرى وكذلك قال الضحاك وغيره ) تلك آيات الكتاب الحكيم ( أي هسسذه آيسسات‬

‫القرآن المحكم المبين وقال مجاهسسد ) السسر تلسسك آيسسات الكتسساب الحكيسسم ( وقسسال‬

‫الحسن التوراة والزبور وقال قتسساده ) تلسسك آيسسات الكتسساب ( قسسال الكتسسب السستي‬

‫كانت قبل القرآن وهذا القول ل أعرف وجهه ول معناه وقوله ) أكان للنسساس‬

‫عجبا ( اليسسة يقسول تعسالى منكسرا علسسى مسن تعجسب مسن الكفسسار مسن إرسسسال‬

‫المرسلين من البشر كما أخبر تعالى عن القرون الماضين من قولهم ) أبشسسر‬

‫يهدوننا ( وقال هود وصالح لقومهما ) أو عجبتسسم أن جسساءكم ذكسسر مسسن ربكسم‬

‫على رجل منكم ( وقال تعالى مخسسبرا عسسن كفسسار قريسسش أنهسسم قسسالوا ) أجعسسل‬

‫اللهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب ( وقال الضحاك عسسن بسسن عبسساس لمسسا‬

‫رسول أنكرت العرب ذلك أو من أنكر منهم فقالوا‬ ‫بعث ال تعالى محمدا‬

‫ال أعظم من أن يكون رسوله بشسسرا مثسسل محمسسد قسسال فسسأنزل الس عسسز وجسسل‬

‫) أكان للناس عجبا ( الية وقوله ) أن لهم قدم صدق عند ربهم ( اختلفوا فيه‬

‫فقال علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله ) وبشر السسذين آمنسسوا أن لهسسم‬

‫قدم صدق ( يقول سبقت لهم السعادة في الذكر الول وقسسال العسسوفي عسسن بسسن‬

‫‪173‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عباس ) أن لهم قدم صدق عند ربهم ( يقول أجرا حسنا بما قدموا وكسسذا قسسال‬

‫الضحاك والربيع بن أنس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهذا كقوله تعالى )‬

‫لينذر بأسا شديدا ( الية وقال مجاهد ) أن لهم قسسدم صسسدق عنسسد ربهسسم ( قسسال‬

‫العمال الصالحة صلتهم وصومهم وصدقتهم وتسبيحهم قسسال ومحمسسد‬

‫يشفع لهم وكذا قال زيد بن أسلم ومقاتل بن حيان وقال قتادة سلف صدق عند‬

‫ربهم واختار بن جرير قول مجاهد أنها العمال الصالحة التي قسسدموها كمسسا‬

‫يقسسسسسسسسسال لسسسسسسسسسه قسسسسسسسسسدم فسسسسسسسسسي السسسسسسسسسسلم كقسسسسسسسسسول حسسسسسسسسسسان‬

‫لنسسسسا القسسسسدم العليسسسسا إليسسسسك وخلفنسسسسا لولنسسسسا فسسسسي طاعسسسسة السسسس تسسسسابع‬

‫وقول ذي الرمة لكم قدم ل ينكر الناس أنها مع الحسسسب العسسادي طمسست علسسى‬

‫البحسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسر‬

‫وقوله تعالى ) قال الكافرون إن هسسذا لسسساحر مسسبين ( أي مسسع أنسسا بعثنسسا إليهسسم‬

‫رسول منهم رجل من جنسهم بشيرا ونذيرا ) قال الكسسافرون إن هسسذا لسسساحر‬

‫مبين ( أي ظاهر وهم الكاذبون في ذلك‬


‫َ‬
‫ض‬
‫ت َوالْر َ‬
‫ماَوا ِ‬ ‫خل َقَ ال ّ‬
‫س َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ن َرب ّك ُ ُ‬
‫إِ ّ‬

‫مببن‬ ‫َ‬ ‫وى عََلى ال ْ‬ ‫ُ‬ ‫في ستة أ َ‬


‫مببا ِ‬
‫م بَر َ‬
‫ش ي ُبد َب ُّر ال ْ‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫س‬‫ْ‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫ث‬ ‫ٍ‬ ‫م‬‫يا‬
‫ّ‬ ‫ِ ّ ِ‬ ‫ِ‬

‫َ‬
‫شِفيٍع‬

‫‪174‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫دوهُ أ َفَل َ‬
‫م َفاعْب ُ ُ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه َرب ّك ُ ْ‬ ‫من ب َعْدِ إ ِذ ْن ِهِ ذ َل ِك ُ ُ‬
‫إ ِل ّ ِ‬

‫ت َذ َك ُّرو َ‬
‫ن }‪{3‬‬

‫يخبر تعالى أنه رب العالم جميعه وأنه خلق السماوات والرض في ستة أيام‬

‫قيل كهذه اليام وقيل كل يسسوم كسسألف سسسنة ممسسا تعسسدون كمسسا سسسيأتي بيسسانه ثسسم‬

‫استوى على العرش والعرش أعظم المخلوقسسات وسسسقفها قسسال بسسن أبسسي حسساتم‬

‫حدثنا حجاج بن حمزة حدثنا أبو أسسسامة حسسدثنا إسسسماعيل بسسن أبسسي خالسسد قسسال‬

‫سمعت سعدا الطائي يقول العرش ياقوتة حمراء وقال وهسسب بسسن منبسسه خلقسسه‬

‫ال من نوره وهذا غريب وقوله ) يدبرالمر ( أي يسدبر الخلئق ) ل يعسزب‬

‫عنه مثقال ذرة في السماوات ول في الرض ( ول يشغله شأن عن شأن ول‬

‫تغلطه المسائل ول يتبرم بإلحاح الملحين ول يلهيه تدبير الكبير عن الصغير‬

‫في الجبال والبحار والعمران والقفار ) وما من دابة في الرض إل على ال‬

‫رزقها ( الية ) وما تسقط من ورقة إل يعلمها ول حبة فسسي ظلمسسات الرض‬

‫ول رطب ول يابس إل فسسي كتسساب مسسبين ( وقسسال السسدراوردي عسسن سسسعد بسسن‬

‫إسحاق بن كعب أنه قسسال حيسسن نزلسست هسسذه اليسسة ) إن ربكسسم الس السسذي خلسسق‬

‫‪175‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السماوات والرض ( الية لقيهم ركب عظيم ل يسرون إل أنهسسم مسسن العسسرب‬

‫فقالوا لهم من أنتم قالوا من الجن خرجنا من المدينة أخرجتنا هذه اليسسة رواه‬

‫بن أبي حاتم وقوله ) ما من شفيع إل مسسن بعسسد إذنسسه ( كقسسوله تعسسالى ) مسسن ذا‬

‫الذي يشفع عنده إل بإذنه ( وكقوله تعالى ) وكسسم مسسن ملسسك فسسي السسسماوات ل‬

‫تغني شفاعتهم شيئا إل من بعد أن يأذن ال لمن يشاء ويرضى ( وقوله ) ول‬

‫تنفع الشفاعة عنسسده إل لمسسن أذن لسسه ( وقسسوله ) ذلكسسم الس ربكسسم فاعبسسدوه أفل‬

‫تذكرون ( أي أفردوه بالعبادة وحسسده ل شسسريك لسسه ) أفل تسسذكرون ( أي أيهسسا‬

‫المشركون في أمركم تعبدون مع ال إلهسسا غيسسره وأنتسسم تعلمسسون أنسسه المتفسسرد‬

‫بالخلق كقوله تعالى ) ولئن سألتهم من خلقهم ليقسسولن الس ( وقسسوله ) قسسل مسسن‬

‫رب السماوات السبع ورب العرش العظيم سيقولون ل قل أفل تتقون ( وكذا‬

‫الية التي قبلها والتي بعدها‬

‫حّقا ً إ ِن ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ميعا ً وَعْد َ الل ّهِ َ‬
‫ج ِ‬ ‫جعُك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫إ ِل َي ْهِ َ‬
‫مْر ِ‬

‫ت‬
‫حا ِ‬ ‫مُلوا ْ ال ّ‬
‫صال ِ َ‬ ‫مُنوا ْ وَعَ ِ‬
‫نآ َ‬ ‫جزِيَ ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫م ي ُِعيد ُهُ ل ِي َ ْ‬ ‫ي َب ْد َأ ُ ال ْ َ‬
‫خل ْقَ ث ُ ّ‬

‫ب‬ ‫ميم ٍ وَعَ َ‬


‫ذا ٌ‬ ‫ح ِ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ب ّ‬
‫شَرا ٌ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ ل َهُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ط َوال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ِبال ِْق ْ‬
‫س ِ‬
‫َ‬
‫كاُنوا ْ ي َك ُْفُرو َ‬
‫ن }‪{4‬‬ ‫ما َ‬
‫م بِ َ‬
‫أِلي ٌ‬

‫يخبر تعالى أن إليه مرجع الخلئق يوم القيامة ل يترك منهم أحدا حتى يعيده‬

‫كما بدأه ثم ذكر تعالى أنه كما بدأ الخلق كذلك يعيده ) وهو الذي يبسسدأ الخلسسق‬

‫‪176‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ثسسم يعيسسده وهسسو أهسسون عليسسه ( ) ليجسسزي السسذين آمنسسوا وعملسسوا الصسسالحات‬

‫بالقسط ( أي بالعدل والجزاء الوفى ) والذين كفروا لهسسم شسسراب مسسن حميسسم‬

‫وعذاب أليم بما كانوا يكفرون ( أي بسبب كفرهم يعذبون يوم القيامة بسسأنواع‬

‫العذاب من سموم وحميسسم وظسسل مسسن يحمسسوم ) هسسذا فليسسذوقوه حميسسم وغسسساق‬

‫وآخر من شكله أزواج ( ) هذه جهنسسم السستي يكسسذب بهسسا المجرمسسون يطوفسسون‬

‫بينها وبين حميم آن (‬

‫س‬
‫م َ‬
‫ش ْ‬ ‫جع َ َ‬
‫ل ال ّ‬ ‫هُوَ ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬

‫ن‬ ‫موا ْ عَد َد َ ال ّ‬


‫سِني َ‬ ‫ل ل ِت َعْل َ ُ‬ ‫مَر ُنورا ً وَقَد َّرهُ َ‬
‫مَنازِ َ‬ ‫ضَياء َوال َْق َ‬
‫ِ‬

‫ت‬ ‫ص ُ‬
‫ل الَيا ِ‬ ‫ك إ ِل ّ ِبال ْ َ‬
‫حقّ ي َُف ّ‬ ‫خل َقَ الل ّ ُ‬
‫ه ذ َل ِ َ‬ ‫ما َ‬
‫ب َ‬
‫سا َ‬ ‫َوال ْ ِ‬
‫ح َ‬

‫ن }‪{5‬‬ ‫ل َِقوْم ٍ ي َعْل َ ُ‬


‫مو َ‬

‫خل َقَ‬
‫ما َ‬ ‫ف الل ّي ْ ِ‬
‫ل َوالن َّهارِ وَ َ‬ ‫خت ِل َ ِ‬
‫ن ِفي ا ْ‬
‫إِ ّ‬

‫ت ل َّقوْم ٍ ي َت ُّقو َ‬ ‫ت وال َ‬


‫ن }‪{6‬‬ ‫ض لَيا ٍ‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫ماَوا ِ َ‬
‫س َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ه ِفي ال ّ‬

‫يخبر تعالى عما خلق من اليسات الدالسة علسى كمسال قسدرته وعظيسم سسلطانه‬

‫وأنه جعل الشعاع الصادر عن جرم الشمس ضياء وجعل شعاع القمسر نسورا‬

‫هذا فن وهذا فن آخر ففاوت بينهما لئل يشتبها وجعل سلطان الشمس بالنهار‬

‫وسلطان القمر بالليل وقدر القمر منازل فأول ما يبدو صغيرا ثم يتزايد نوره‬

‫وجرمه حتى يستوسق ويكمل إبداره ثم يشرع في النقص ‪2‬حتى يرجسسع إلسسى‬

‫‪177‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حالته الولى في تمام شهر كقوله تعالى ) والقمسسر قسسدرناه منسسازل حسستى عسساد‬

‫كالعرجون القديم ل الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ول الليل سابق النهسسار‬

‫وكل في فلك يسبحون ( وقوله تعالى ) والشمس والقمر حسبانا ( الية وقوله‬

‫في هسسذه اليسسة الكريمسة ) وقسدره ( أي القمسر ) منسازل لتعلمسوا عسدد السسنين‬

‫والحساب ( فبالشمس تعرف اليام وبسسسير القمسسر تعسسرف الشسسهور والعسسوام‬

‫) ما خلق ال ذلك إل بالحق ( أي لم يخلقه عبثا بل له حكمة عظيمة في ذلسسك‬

‫وحجة بالغة كقوله تعالى ) وما خلقنا السماء والرض وما بينهما باطل ذلسك‬

‫ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النسسار ( وقسسال تعسسالى ) أفحسسسبتم أنمسسا‬

‫خلقناكم عبثا وأنكم إلينا ل ترجعون فتعالى ال الملك الحق ل إله إل هو رب‬

‫العرش الكريم ( وقسسوله ) نفصسسل اليسسات ( أي نسسبين الحجسسج والدلسسة ) لقسسوم‬

‫يعلمون ( وقوله ) إن في اختلف الليل والنهسسار ( أي تعاقبهمسسا إذا جسساء هسسذا‬

‫ذهب هذا وإذا ذهب هذا جاء هذا ل يتأخر عنسسه شسسيئا كقسسوله تعسسالى ) يغشسسي‬

‫الليل النهار يطلبه حثيثا ( وقال ) لالشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ( اليسسة‬

‫وقال تعالى ) فالق الصباح وجعل الليل سكنا ( الية وقوله ) ومسسا خلسسق الس‬

‫في السماوات والرض ( أي من اليات الدالة على عظمته تعالى كما قسسال )‬

‫وكأين من آية في السماوات والرض ( الية وقوله ) قسسل انظسسروا مسساذا فسسي‬

‫السسسماوات والرض ومسساتغني اليسسات والنسسذر عسسن قسسوم ل يؤمنسسون ( وقسسال‬

‫‪178‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫) أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهسسم مسسن السسسماء والرض ( وقسسال ) إن‬

‫في خلق السماوات والرض واختلف الليل والنهار ليات لولي اللبسساب (‬

‫أي العقول وقال ها هنا ) ليات لقوم يتقون ( أي عقاب ال وسخطه وعذابه‬

‫مأ َّنوا ْ‬
‫حياةِ الد ّن َْيا َواط ْ َ‬
‫ضوا ْ ِبال ْ َ‬
‫ن ل َِقاءَنا وََر ُ‬ ‫ن ل َ ي َْر ُ‬
‫جو َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫إَ ّ‬
‫ك ْ‬ ‫ُ‬
‫م‬ ‫ن }‪ {7‬أوَْلبئ ِ َ َ‬
‫مأَواهُ ُ‬ ‫غافُِلو َ‬
‫ن آَيات َِنا َ‬
‫م عَ ْ‬
‫ن هُ ْ‬ ‫ب َِها َوال ّ ِ‬
‫ذي َ‬

‫ن }‪{8‬‬ ‫كاُنوا ْ ي َك ْ ِ‬
‫سُبو َ‬ ‫ما َ‬
‫الّناُر ب ِ َ‬

‫يقول تعالى مخبرا عن حال الشقياء الذين كفسسروا بلقسساه الس يسسوم القيامسسة ول‬

‫يرجون في لقائه شيئا ورضوا بهذه الحياة الدنيا واطمأنت إليها نفوسسسهم قسسال‬

‫الحسن وال مازينوها ول رفعوها حتى رضوا بهسسا وهسم غسسافلون عسسن آيسسات‬

‫ال الكونية فل يتفكرون فيها والشسسرعية فل يسسأتمرون بهسسا فسسإن مسسأواهم يسسوم‬

‫معادهم النار جزاء علسسى ماكسسانوا يكسسسبون فسسي دنيسساهم مسسن الثسسام والخطايسسا‬

‫والجرام مع ماهم فيه من الكفر بال ورسوله واليوم الخر‬

‫مُنوا ْ‬
‫نآ َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫إِ ّ‬

‫من‬
‫ري ِ‬
‫ج ِ‬
‫م تَ ْ‬
‫مان ِهِ ْ‬
‫م ب ِِإي َ‬
‫م َرب ّهُ ْ‬
‫ديهِ ْ‬
‫ت ي َهْ ِ‬
‫حا ِ‬ ‫مُلوا ْ ال ّ‬
‫صال ِ َ‬ ‫وَعَ ِ‬

‫حان َ َ‬
‫ك‬ ‫سب ْ َ‬
‫م ِفيَها ُ‬
‫واهُ ْ‬
‫ت الن ِّعيم ِ }‪ {9‬د َعْ َ‬ ‫م ال َن َْهاُر ِفي َ‬
‫جّنا ِ‬ ‫حت ِهِ ُ‬
‫تَ ْ‬
‫خر دعْواهُ َ‬
‫مد ُ ل ِل ّهِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ح ْ‬ ‫مأ ِ‬ ‫سل َ ٌ‬
‫م َوآ ِ ُ َ َ ْ‬ ‫م ِفيَها َ‬
‫حي ّت ُهُ ْ‬ ‫الل ّهُ ّ‬
‫م وَت َ ِ‬

‫ن }‪{10‬‬ ‫ب ال َْعال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫َر ّ‬

‫‪179‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫(‬ ‫‪10‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪10‬‬ ‫)‬

‫هذا إخبار عن حال السعداء الذين آمنوا بال وصدقوا المرسلين وامتثلسسوا مسسا‬

‫أمروا به فعملوا الصالحات بأنه سيهديهم بإيمانهم يحتمل أن تكسسون البسساء هسسا‬

‫هنسسا سسسببية فتقسسديره بسسسب إيمسسانهم فسسي السسدنيا يهسسديهم الس يسسوم القيامسسة علسسى‬

‫الصسسراط المسسستقيم حسستى يجسسوزوه ويخلصسسوا إلسسى الجنسسة ويحتمسسل أن تكسسون‬

‫للستعانة كما قال مجاهد في قوله ) يهديهم ربهم بإيمسسانهم ( قسسال يكسسون لهسسم‬

‫نورا يمشون به وقال بن جريج في الية يمثسسل لسسه عملسسه فسسي صسسورة حسسسنة‬

‫وريح طيبة إذا قام من قبره يعارض صاحبه ويبشره بكل خير فيقول له مسسن‬

‫أنت فيقول أنا عملك فيجعل له نوره من بيسسن يسسديه حسستى يسسدخله الجنسسة فسسذلك‬

‫قوله تعالى ) يهديهم ربهم بإيمانهم ( والكافر يمثل له عمله في صسسورة سسسيئة‬

‫وريح منتنة فيلزم صاحبه ويلده حتى يقذفه في النار وروي نحوه عن قتسسادة‬

‫مرسل فال أعلم وقسوله ) دعسواهم فيهسا سسبحانك اللهسسم وتحيتهسم فيهسسا سسلم‬

‫وآخر دعواهم أن الحمد ل رب العالمين ( أي هذا حسسال أهسسل الجنسسة قسسال بسن‬

‫جريج أخبرت بأن قوله ) دعواهم فيها سبحانك اللهم ( قال إذا مر بهم الطير‬

‫يشتهونه قالوا سبحانك اللهم وذلك دعواهم فيأتيهم الملك بمسسا يشسستهونه فيسسسلم‬

‫عليهم فيردون عليه فذلك قوله ) وتحيتهم فيها سلم ( قال فسسإذا أكلسسوا حمسسدوا‬

‫ال ربهم فذلك قوله ) وآخر دعواهم أن الحمد ل رب العالمين ( وقال مقاتسسل‬

‫‪180‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن حيان إذا أراد أهل الجنة أن يدعوا بالطعام قال أحدهم ) سسسبحانك اللهسسم (‬

‫قال فيقوم على أحدهم عشرة آلف خادم مع كل خادم صحفة من ذهسسب فيهسسا‬

‫طعام ليس في الخرى قال فيأكل منهن كلهسن وقسسال سسفيان الثسسوري إذا أراد‬

‫أحدهم أن يدعو بشيء قال ) سبحانك اللهم ( وهذه ال ية فيها شبه من قوله )‬

‫تحيتهم يوم يلقونه سلم ( الية وقسسوله ) ليسسسمعون فيهسسا لغسسوا ول تأثيمسسا إل‬

‫قيل سلما سلما ( وقوله ) سلم قول مسسن رب رحيسسم ( وقسسوله ) والملئكسسة‬

‫يدخلون عليهم من كل باب سلم عليكسسم ( اليسسة وقسسوله ) وآخسسر دعسسواهم أن‬

‫الحمد ل رب العسالمين ( هسذا فيسه دللسة علسى إنسه تعسالى هسو المحمسود أبسدا‬

‫المعبود على طول المدى ولهذا حمد نفسه عند ابتداء خلقه واسسستمراره وفسسي‬

‫ابتداء كتابه وعند ابتداء تنزيله حيث يقول تعالى ) الحمد ل الذي أنزل علسسى‬

‫عبده الكتاب ( ) الحمد ل الذي خلق السماوات والرض ( إلى غير ذلك من‬

‫الحوال التي يطول بسطها وإنسسه المحمسسود فسسي الولسسى والخسسرة فسسي الحيسساة‬

‫الدنيا وفي الخرة في جميع الحوال ولهذا جسساء فسسي الحسسديث إن أهسسل الجنسسة‬

‫يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس وإنما يكون ذلك كذلك لما يرون‬

‫من تزايد نعم ال عليهم فتكرر وتعاد وتزداد فليسسس لهسسا انقضسساء ول أمسسد فل‬

‫إله إل هو ول رب سواه‬

‫س ال ّ‬
‫شّر‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ه ِللّنا ِ‬ ‫وَل َوْ ي ُعَ ّ‬
‫ج ُ‬

‫‪181‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫خير ل َُقضي إل َيه َ‬
‫ن‬ ‫م فَن َذ َُر ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫جل ُهُ ْ‬
‫مأ َ‬‫ِ َ ِ ِْ ْ‬ ‫جال َُهم ِبال ْ َ ْ ِ‬
‫ست ِعْ َ‬
‫ا ْ‬

‫ن }‪{11‬‬
‫مُهو َ‬ ‫ن ل َِقاءَنا ِفي ط ُغَْيان ِهِ ْ‬
‫م ي َعْ َ‬ ‫ل َ ي َْر ُ‬
‫جو َ‬

‫يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده أنه ل يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم‬

‫أو أموالهم أو أولدهم في الشر في حال ضجرهم وغضبهم وإنسسه يعلسسم منهسسم‬

‫عدم القصد إلى إرادة ذلك فلهذا ل يستجيب لهسسم والحالسسة هسسذه لطفسسا ورحمسسة‬

‫كما يستجيب لهم إذا دعوا لنفسهم أو لموالهم أو لولدهم بسسالخير والبركسسة‬

‫والنماء ولهذا قال ) ولو يعجل ال للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم‬

‫أجلهم ( الية أي لو استجاب لهم كلمسسا دعسوه بسه فسي ذلسسك لهلكهسم ولكسن ل‬

‫ينبغي الكثار مسن ذلسك كمسا جساء فسي الحسديث السذي رواه الحسافظ أبسو بكسر‬

‫البزار في مسنده حدثنا محمد بن معمر حدثنا يعقوب بسسن محمسسد حسسدثنا حسساتم‬

‫بن إسماعيل حدثنا يعقوب بن مجاهد أبو حزرة عن عبسسادة بسسن الوليسسد حسسدثنا‬

‫ل تدعوا على أنفسكم ل تدعوا على أولدكسسم ل‬ ‫جابر قال قال رسول ال‬

‫تدعوا على أموالكم ل توافقوا من ال ساعة فيها إجابة فيسسستجيب لكسسم ورواه‬

‫أبو داود ‪ 1532‬من حديث حاتم بن إسماعيل به وقال البزار وتفرد به عبسسادة‬

‫بن الوليد بن عبادة بن الصامت النصاري لم يشاركه أحسسد فيسسه وهسذا كقسسوله‬

‫تعالى ) ويدع النسان بالشر دعاءه بالخير ( اليسسة وقسسال مجاهسسد فسسي تفسسسير‬

‫‪182‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هذه الية ) ولو يعجل ال للنسساس الشسسر اسسستعجالهم بسسالخير ( اليسسة هسسو قسسول‬

‫النسان لولده أو ماله إذا غضب عليه اللهم ل تبارك فيسسه والعنسسه فلسسو يعجسسل‬

‫لهسسسم السسسستجابة فسسسي ذلسسسك كمسسسا يسسسستجاب لهسسسم فسسسي الخيسسسر لهلكهسسسم‬

‫س‬
‫م ّ‬ ‫وَإ ِ َ‬
‫ذا َ‬
‫َ‬ ‫جنب ِهِ أ َوْ َقا ِ‬
‫شْفَنا‬ ‫عدا ً أوْ َقآِئما ً فَل َ ّ‬
‫ما ك َ َ‬ ‫عاَنا ل ِ َ‬
‫ضّر د َ َ‬
‫ن ال ّ‬
‫سا َ‬
‫لن َ‬
‫ا ِ‬

‫ن‬ ‫ي‬‫ز‬ ‫َ‬


‫ك‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ذ‬‫َ‬ ‫ك‬ ‫ه‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ض‬ ‫َ‬
‫لى‬ ‫إ‬ ‫نا‬ ‫ع‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫عنه ضره مر ك َ َ‬
‫أن‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ُ ُ ّ ُ َ ّ‬

‫مُلو َ‬
‫ن }‪{12‬‬ ‫كاُنوا ْ ي َعْ َ‬
‫ما َ‬
‫ن َ‬
‫سرِِفي َ‬ ‫ل ِل ْ ُ‬
‫م ْ‬

‫يخبر تعالى عن النسان وضجره وقلقه إذا مسه الشر كقوله وإذا مسه الشسسر‬

‫فذو دعاء عريض ( أي كثير وهما فسي معنسى واحسد وذلسك لنسه إذا أصسابته‬

‫شدة قلق لها وجزع منها وأكثر الدعاء عند ذلك فدعا ال في كشسسفها ورفعهسسا‬

‫عنه في حال اضطجاعه وقعوده وقيسسامه وفسسي جميسسع أحسسواله فسسإذا فسسرج الس‬

‫شدته وكشف كربته أعرض ونأى بجانبه وذهب كسسأنه مسسا كسسان بسسه مسسن ذلسسك‬

‫شسيء ) مسر كسأن لسم يسدعنا إلسى ضسر مسسه ( ثسم ذم تعسالى مسن هسذه صسفته‬

‫وطريقته فقال ) كذلك زين للمسرفين ماكانوا يعملسون ( فأمسا مسن رزقسه الس‬

‫الهداية والسداد والتوفيق والرشاد فإنه مسسستثنى مسسن ذلسسك كقسسوله تعسسالى ) إل‬

‫عجبسسا لمسسر‬ ‫السسذين صسسبروا وعملسسوا الصسسالحات ( وكقسسول رسسسول ال س‬

‫‪183‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المؤمن ل يقضي ال له قضاء إل كسسان خيسسرا لسسه إن أصسسابته ضسسراء فصسسبر‬

‫كان خيرا له وإن أصابته سسسراء فشسسكر كسسان خيسسرا لسسه وليسسس ذلسسك لحسسد إل‬

‫للمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسؤمنين م ‪2999‬‬
‫َ‬
‫وَل ََقد ْ أهْل َك َْنا ال ُْقُرو َ‬
‫ن‬

‫كاُنوا ْ‬
‫ما َ‬ ‫سل ُُهم ِبال ْب َي َّنا ِ‬
‫ت وَ َ‬ ‫م ُر ُ‬ ‫موا ْ وَ َ‬
‫جاءت ْهُ ْ‬ ‫ما ظ َل َ ُ‬
‫م لَ ّ‬
‫من قَب ْل ِك ُ ْ‬
‫ِ‬

‫جعَل َْناك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ن }‪ {13‬ث ُ ّ‬
‫م َ‬ ‫مي َ‬
‫جرِ ِ‬ ‫م ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫زي ال َْقوْ َ‬
‫ج ِ‬ ‫مُنوا ْ ك َذ َل ِ َ‬
‫ك نَ ْ‬ ‫ل ِي ُؤْ ِ‬

‫مُلو َ‬
‫ن }‪{14‬‬ ‫هم ل َِننظ َُر ك َي ْ َ‬ ‫ف ِفي ال َ‬
‫خل َئ ِ َ‬
‫ف ت َعْ َ‬ ‫من ب َعْدِ ِ‬
‫ض ِ‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫َ‬

‫أخبر تعالى عما أحل بالقرون الماضية في تكذيبهم الرسل فيمسسا جسساءوهم بسسه‬

‫من البينات والحجسج الواضسحات ثسسم اسسستخلف الس هسؤلء القسسوم مسن بعسدهم‬

‫وأرسل إليهم رسول لينظر طاعتهم له وإتباعهم رسوله وفسسي صسسحيح مسسسلم‬

‫إن السسدنيا‬ ‫‪ 2742‬من حديث أبي نضرة عن أبي سعيد قال قال رسول ال‬

‫حلوة خضرة وإن ال مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقسسوا‬

‫النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت من النسسساء وقسسال بسسن جريسسر حسسدثني‬

‫المثنى حدثنا زيد بن عوف أبو ربيعة فهد أنبأنا حماد عن ثسسابت البنسساني عسسن‬

‫‪184‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عبد الرحمن بن أبي ليلى إن عوف بن مالك قال لبي بكر رأيسست فيمسسا يسسرى‬

‫ثسسم أعيسسد فانتشسسط أبسسو‬ ‫النائم كأن سببا دلى من السماء فانتشط رسول الس‬

‫بكر ثم ذرع الناس حول المنبر ففضل عمسسر بثلث أذرع حسول المنسبر فقسسال‬

‫عمر دعنا مسسن رؤيسساك ل أرب لنسسا فيهسسا فلمسسا اسسستخلف عمسسر قسسال يسسا عسسوف‬

‫رؤياك قال وهل لك فسسي رؤيسساي مسسن حاجسسة أولسسم تنتهرنسسي قسسال ويحسسك إنسسي‬

‫نفسه فقص عليه الرؤيسسا حسستى إذا بلسسغ‬ ‫كرهت أن تنعى لخليفة رسول ال‬

‫ذرع الناس إلى المنبر بهذه الثلث الذرع قال أما إحسسداهن فسسإنه كسسان خليفسسة‬

‫وأما الثانية فإنه ل يخاف في ال لومة لئم ؤاما الثالثة فسسإنه شسسهيد قسسال فقسسال‬

‫يقول ال تعسالى ) ثسم جعلنساكم خلئف فسي الرض مسن بعسدهم لننظسر كيسف‬

‫تعملون ( فقد استخلفت يا بن أم عمر فانظر كيسسف تعمسسل وأمسسا قسسوله فسسإني ل‬

‫أخاف في ال لومة لئم فيما شاء ال وأما قوله ) شهيد ( فأنى لعمسسر الشسسهادة‬

‫والمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسلمون مطيفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسون بسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه‬

‫ن‬ ‫ن ل َ ي َْر ُ‬
‫جو َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ت َقا َ‬ ‫ذا ت ُت َْلى عَل َي ْهِ ْ‬
‫م آَيات َُنا ب َي َّنا ٍ‬ ‫وَإ ِ َ‬
‫هب َ َ‬
‫ن ِلي‬ ‫ما ي َ ُ‬
‫كو ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ذا أوْ ب َد ّل ْ ُ‬
‫ه قُ ْ‬ ‫ن غَي ْرِ َ‬ ‫ل َِقاءَنا ائ ْ ِ‬
‫ت ب ُِقْرآ ٍ‬
‫أ َن أ ُبدل َه من ت ِل َْقاء نْفسي إ َ‬
‫حى إ ِل َ ّ‬
‫ي إ ِّني‬ ‫ن أت ّب ِعُ إ ِل ّ َ‬
‫ما ُيو َ‬ ‫ِ ْ‬ ‫َ ِ‬ ‫ْ َ ّ ُ ِ‬

‫‪185‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ظيبم ٍ }‪ {15‬قُببل ل ّب ْ‬
‫و‬ ‫ب ي َبوْم ٍ عَ ِ‬ ‫ت َرب ّببي عَب َ‬
‫ذا َ‬ ‫صي ْ ُ‬
‫ن عَ َ‬
‫ف إِ ْ‬ ‫أَ َ‬
‫خا ُ‬

‫َ‬
‫شاء‬

‫ت‬ ‫م وَل َ أ َد َْرا ُ‬


‫كم ب ِهِ فََقد ْ ل َب ِث ْ ُ‬ ‫ه عَل َي ْك ُ ْ‬
‫ما ت َل َوْت ُ ُ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ه َ‬
‫َ‬
‫من قَب ْل ِهِ أفَل َ ت َعِْقُلو َ‬
‫ن }‪{16‬‬ ‫مرا ً ّ‬ ‫ِفيك ُ ْ‬
‫م عُ ُ‬

‫يخبر تعالى عن تعنت الكفار من مشركي قريش الجاحدين المعرضسسين عنسسه‬

‫كتسساب الس وحججسسه الواضسسحة قسسالوا لسسه ائت‬ ‫إنهم إذا قرأ عليهم الرسول‬

‫بقرآن غير هذا أي رد هذا وجئنا بغيره من نمط آخر أو بدله إلى وضع آخسسر‬

‫) قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي ( أي ليسسس‬ ‫قال ال تعالى لنبيه‬

‫هذا إلي إنما أنا عبد مأمور ورسول مبلغ عن ال ) إن أتبع إل ما يوحى إلسسي‬

‫إني أخاف إن عصيت ربي عسسذاب يسسوم عظيسسم ( ثسسم قسسال محتجسسا عليهسسم فسسي‬

‫صحة ما جاءهم به ) قل لو شاء ال ما تلوته عليكم ول أدراكم بسسه ( أي هسسذا‬

‫إنما جئتكم به عن إذن ال لي في ذلسسك ومشسسيئته وإرادتسسه والسسدليل علسسى إنسسي‬

‫لسسست أتقسسوله مسسن عنسدي ول افسستريته إنكسسم عسساجزون عسسن معارضسسته وإنكسسم‬

‫تعلمون صدقي ؤامانتي منذ نشأت بينكسسم إلسى حيسن بعثنسي الس عسز وجسل ل‬

‫تنتقدون علي شيئا تغمصوني به ولهذا قال ) فقد لبثسست فيكسسم عمسسرا مسسن قبلسسه‬

‫‪186‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أفل تعقلون ( أي أفليس لكم عقول تعرفون بها الحسسق مسن الباطسسل ولهسسذا لمسا‬

‫قسسال‬ ‫سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان ومن معه فيما سأله من صفة النبي‬

‫هرقل لبي سفيان هل كنتم تتهمونه بالكسسذب قبسسل أن يقسسول مسسا قسسال قسسال أبسسو‬

‫سفيان فقلت ل وكان أبو سفيان إذ ذاك رأس الكفرة وزعيسسم المشسسركين ومسسع‬

‫هسسسسسذا اعسسسسسترف بسسسسسالحق والفضسسسسسل مسسسسسا شسسسسسهدت بسسسسسه العسسسسسداء‬

‫فقال له هرقل فقد أعرف إنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ثم يذهب فيكذب‬

‫على ال وقال جعفر بن أبي طالب للنجاشي ملك الحبشة بعث ال فينا رسول‬

‫نعرف صدقه ونسبه وأمانته وقد كانت مدة مقامه عليسسه السسسلم بيسسن أظهرنسسا‬

‫قبل النبوة أربعين سنة وعن سعيد بن المسيب ثلثا وأربعين سنة والصسسحيح‬

‫المشسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهور الول‬
‫فَم َ‬
‫ن أظ ْل َ ُ‬
‫م‬ ‫َ ْ‬
‫َ‬
‫ه‬ ‫ذبا ً أوْ ك َذ ّ َ‬
‫ب ِبآَيات ِهِ إ ِن ّ ُ‬ ‫ن افْت ََرى عََلى الل ّهِ ك َ ِ‬
‫م ِ‬
‫م ّ‬
‫ِ‬

‫ن }‪{17‬‬
‫مو َ‬
‫جرِ ُ‬ ‫ح ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ل َ ي ُْفل ِ ُ‬

‫يقول تعالى ل أحد أظلم ول أعتى ول أشد إجرامسسا ) ممسسن افسسترى علسسى ال س‬

‫كذبا ( وتقول على ال وزعم أن ال أرسله ولسم يكسن كسذلك فليسس أحسد أكسبر‬

‫‪187‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جرما ول أعظم ظلما من هذا ومثل هذا ل يخفى أمره علسسى الغبيسساء فكيسسف‬

‫يشتبه حال هذا بالنبياء فإن من قال هذه المقالة صادقا أو كاذبا فلبد أن السس‬

‫ينصب عليه من الدلة علسسى بسسره أو فجسسوره مسسا هسسو أظهرمسسن الشسسمس فسسإن‬

‫وبين مسيلمة الكذاب لمسسن شسساهدهما أظهسسر مسسن الفسسرق‬ ‫الفرق بين محمد‬

‫بين وقت الضحى وبين نصف الليل في حندس الظلماء فمن شسسيم كسسل منهمسسا‬

‫وكسسذب مسسسيلمة‬ ‫وأفعاله وكلمه يستدل من له بصيرة على صدق محمسسد‬

‫الكذاب وسجاح والسود العنسي قال عبد ال بسسن سسسلم لمسسا قسسدم رسسسول الس‬

‫المدينة إنجفل الناس فكنت فيمن إنجفل فلما رأيته عرفت أن وجهه ليسسس‬

‫بوجه رجل كذاب قال فكان أول ما سمعته يقول يا أيها النسساس أفشسسوا السسسلم‬

‫وأطعموا الطعام وصلوا الرحام وصسسلوا بالليسسل والنسساس نيسسام تسدخلوا الجنسسة‬

‫في قسسومه بنسسي سسسعد بسسن‬ ‫بسلم ولما وفد ضمام بن ثعلبة على رسول ال‬

‫بكر قال لرسول ال فيما قال له من رفع هذه السماء قال ال قال ومن نصسسب‬

‫هذه الجبال قال ال قال ومن سطح هذه الرض قال ال قال فبالذي رفع هسسذه‬

‫السماء ونصب هذه الجبال وسطح هذه الرض أل أرسلك إلسسى النسساس كلهسسم‬

‫قال اللهم نعم ثم سأله عن الصلة والزكاة والحج والصيام ويحلسسف عنسسد كسسل‬

‫‪188‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقسسال لسه صسدقت والسسذي بعثسسك‬ ‫واحدة هذه اليمين ويحلف له رسسول الس‬

‫بالحق ل أزيد على ذلك ول أنقص فاكتفى هذا الرجل بمجرد هسسذا وقسسد أيقسسن‬

‫بصدقه صلوات ال وسلمه عليه بمسسا رأى وشسساهد مسسن السسدلئل الدالسسة عليسسه‬

‫وقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسال حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسان بسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسن ثسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسابت‬

‫لسسسسو لسسسسم تكسسسسن فيسسسسه آيسسسسات مبينسسسسة كسسسسانت بسسسسديهته تأتيسسسسك بسسسسالخبر‬

‫وأما مسيلمة فمن شاهده من ذوي البصائر علم أمره لمحاله بأقواله الركيكة‬

‫التي ليست بفصيحة وأفعاله غير الحسنة بل القبيحة وقرآنه الذي يخلد به في‬

‫النار يوم الحسرة والفضيحة وكم من فرق بين قوله تعالى ) ال ل إله إل هو‬

‫الحي القيوم ل تأخذه سنة ولنوم ( إلى آخرها وبين قسسول مسسسيلمة قبحسسه ال س‬

‫ولعنه ياضفدع بنسست ضسسفدعين نقسسي كسسم تنقيسسن لالمسساء تكسسدرين ولالشسسارب‬

‫تمنعين وقوله قبحه ال لقد أنعم ال على الحبلى إذ أخرج منهسسا نسسسمة تسسسعى‬

‫من بين صفاق وحشى وقوله خلسسده الس فسسي نسسار جهنسسم وقسسد فعسسل الفيسسل ومسسا‬

‫أدراك ماالفيل له خرطسوم طويسسل وقسوله أبعسسده الس عسن رحمتسسه والعاجنسسات‬

‫عجنا والخابزات خبزا واللقمات لقما إهالسسة وسسسمنا إن قريشسسا قسسوم يعتسسدون‬

‫إلى غير ذلك من الخرافات والهذيانات التي يسسأنف الصسسبيان أن يتلفظسسوا بهسسا‬

‫إل على وجه السخرية والستهزاء ولهذا أرغم ال أنفسسه وشسسرب يسسوم حديقسسة‬

‫‪189‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الموت حتفه ومزق شمله ولعنه صحبه وأهله وقسسدموا علسسى الصسسديق تسسائبين‬

‫وجاءوا في دين الس راغسسبين فسسسألهم الصسسديق خليفسسة الرسسسول صسسلوات الس‬

‫وسلمه عليه ورضي عنه أن يقرأوا عليه شيئا مسسن قسسرآن مسسسيلمة لعنسسه الس‬

‫فسألوه أن يعفيهم من ذلك فأبى عليهم إل أن يقرأوا شيئا منه ليسسسمعه مسسن لسسم‬

‫يسمعه من الناس فيعرفوا فضل ماهم عليه من الهدى والعلم فقرأوا عليه من‬

‫هذا الذي ذكرناه وأشباهه فلما فرغوا قال لهم الصديق رضي ال عنه ويحكم‬

‫أين كان يذهب بعقولكم وال إن هذا لم يخرج من إل وذكسسروا أن عمسسرو بسسن‬

‫العاص وفد على مسيلمة وكان صديقا له في الجاهلية وكان عمسسرو لسسم يسسسلم‬

‫بعد فقال له مسيلمة ويحك ياعمرو ماذا أنزل على صاحبكم يعني رسول الس‬

‫في هذه المدة فقال لقد سسمعت أصسحابه يقسرأون سسورة عظيمسة قصسيرة‬

‫فقال وماهي فقال ) والعصر إن النسان لفي خسر ( إلى آخر السسسورة ففكسسر‬

‫مسيلمة ساعة ثم قال وأنا قد أنزل علي مثله فقال ومسساهو فقسسال يسساوبر يسساوبر‬

‫إنما أنت أذنان وصدر وسائرك حفر نقر كيف ترى ياعمرو فقال لسسه عمسسرو‬

‫وال إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب فاذا كان هذا من مشرك فسسي حسسال شسسركه‬

‫وصدقه وحال مسيلمة لعنسسه ال س وكسسذبه فكيسسف‬ ‫لم يشتبه عليه حال محمد‬

‫بأولي البصائر والنهى وأصحاب العقول السليمة المسسستقيمة والحجسسى ولهسسذا‬

‫‪190‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال ال تعالى ) ومن أظلم ممن افترى على ال كذبا أو قسسال أوحسسي إلسسي ولسسم‬

‫يوح إليه شيء ومسن قسال سسأنزل مثسسل مسا أنسزل الس ( وقسال فسي هسسذه اليسة‬

‫الكريمة ) فمن أظلم ممن افترى علسسى الس كسسذبا أو كسسذب بآيسساته إنسسه ل يفلسسح‬

‫المجرمون ( وكذلك من كذب بسالحق السذي جسساءت بسه الرسسسل وقسامت عليسه‬

‫الحجج ل أحد أظلم منه كمافي الحديث أعتى الناس على الس رجسل قتسل نبيسا‬

‫أو قتله نبي‬

‫ن الل ّهِ‬
‫دو ِ‬
‫من ُ‬
‫ن ِ‬
‫دو َ‬
‫وَي َعْب ُ ُ‬

‫شَفَعاؤَُنا‬
‫ؤلء ُ‬
‫هب ُ‬ ‫م وَي َُقوُلو َ‬
‫ن َ‬ ‫م وَل َ َينَفعُهُ ْ‬ ‫ما ل َ ي َ ُ‬
‫ضّرهُ ْ‬ ‫َ‬
‫عند الل ّه قُ ْ َ‬
‫ت وَل َ‬
‫ماَوا ِ‬
‫س َ‬ ‫ما ل َ ي َعْل َ ُ‬
‫م ِفي ال ّ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه بِ َ‬ ‫ل أت ُن َب ُّئو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫ن }‪ {18‬وَ َ‬ ‫شرِ ُ‬
‫كو َ‬ ‫ه وَت ََعاَلى عَ ّ‬
‫ما ي ُ ْ‬ ‫حان َ ُ‬
‫سب ْ َ‬
‫ض ُ‬
‫ِفي الْر ِ‬
‫ُ‬
‫ة‬ ‫خت َل َُفوا ْ وَل َوْل َ ك َل ِ َ‬
‫م ٌ‬ ‫حد َةً َفا ْ‬
‫ة َوا ِ‬ ‫س إ ِل ّ أ ّ‬
‫م ً‬ ‫الّنا ُ‬

‫ن‬
‫خت َل ُِفو َ‬
‫ما ِفيهِ ي َ ْ‬
‫م ِفي َ‬
‫ي ب َي ْن َهُ ْ‬ ‫ك ل َُق ِ‬
‫ض َ‬ ‫من ّرب ّ َ‬
‫ت ِ‬
‫سب ََق ْ‬
‫َ‬

‫}‪{19‬‬

‫ينكر تعالى على المشركين الذين عبدوا مع ال غيسسره ظسسانين أن تلسسك اللهسسة‬

‫تنفعهم شفاعتها عند ال فأخبر تعالى أنهسسا ل تضسسر ول تنفسسع ول تملسسك شسسيئا‬

‫‪191‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وليقع شيء مما يزعمسسون فيهسسا وليكسسون هسسذا أبسسدا ولهسسذا قسسال تعسسالى ) قسسل‬

‫أتنبئون ال بما ل يعلم في السماوات ولفي الرض ( وقال بن جريسسر معنسساه‬

‫أتخبرون ال بمال يكون في السماوات ولفي الرض ثم نزه نفسسسه الكريمسسة‬

‫عن شركهم وكفرهم فقال ) سبحانه وتعالى عما يشسسركون ( ثسم أخسسبر تعسسالى‬

‫أن هذا الشرك حادث في الناس كائن بعد أن لم يكسسن وأن النسساس كلهسسم كسسانوا‬

‫على دين واحد وهو السلم قال بن عباس كان بين آدم ونوح عشسسرة قسسرون‬

‫كلهم على السلم ثم وقسسع الختلف بيسسن النسساس وعبسسدت الصسسنام والنسسداد‬

‫والوثان فبعث ال الرسل بآياته وبينسساته وحججسسه البالغسسة وبراهينسسه الدامغسسة‬

‫) ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حسسي عسسن بينسسة ( وقسسوله ) ولسسول كلمسسة‬

‫سبقت من ربك ( الية أي لول ما تقدم من الس تعسالى أنسه ل يعسذب أحسدا إل‬

‫بعد قيام الحجة عليه وأنه قد أجل الخلق إلى أجسسل معسسدود لقضسسي بينهسسم فيمسسا‬

‫اختلفسسسسسسسسوا فيسسسسسسسسه فأسسسسسسسسسعد المسسسسسسسسؤمنين وأعنسسسسسسسست الكسسسسسسسسافرين‬

‫ما‬ ‫من ّرب ّهِ فَُق ْ‬


‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫ة ّ‬ ‫ن ل َوْل َ ُأنزِ َ‬
‫ل عَل َي ْهِ آي َ ٌ‬ ‫وَي َُقوُلو َ‬

‫ن }‪{20‬‬
‫ري َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫منت َظ ِ ِ‬ ‫م َ‬
‫كم ّ‬ ‫ب ل ِل ّهِ َفان ْت َظ ُِروا ْ إ ِّني َ‬
‫مع َ ُ‬ ‫ال ْغَي ْ ُ‬

‫أي ويقول هؤلء الكفرة المكذبون المعاندون لول أنزل علسسى محمسسد آيسسة مسسن‬

‫ربه يعنون كما أعطى ال ثمود الناقة أو أن يحول لهم الصسسفا ذهبسسا أو يزيسسح‬

‫عنهم جبال مكة ويجعل مكانها بسسساتين وأنهسسارا أو نحسسو ذلسسك ممسسا الس عليسسه‬

‫‪192‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قادر ولكنه حكيم في أفعاله وأقسسواله كمسسا قسسال تعسسالى ) تبسسارك السسذي إن شسساء‬

‫جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها النهسسار ويجعسسل لسسك قصسسورا‬

‫بل كذبوا بالساعة واعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا ( وكقوله ) وما منعنا أن‬

‫نرسل باليات إل أن كسذب بهسسا الولسسون ( اليسة يقسسول تعسسالى إن سسسنتي فسسي‬

‫خلقي أني إذا آتيتهم ما سألوا فان آمنوا وإل عاجلتهم بالعقوبة ولهذا لما خيسسر‬

‫بين إعطائهم ما سألوا فسسان آمنسسوا وإل عسذبوا وبيسن إنظسسارهم‬ ‫رسول ال‬

‫ولهسسذا قسسال تعسسالى‬ ‫اختار إنظارهم كما حلم عنهسسم غيسسر مسسرة رسسسول الس‬

‫إلى الجواب عما سألوا ) فقل إنما الغيب ل ( أي المر كلسسه‬ ‫إرشادا لنبيه‬

‫ل وهو يعلم العواقب في المور ) فانتظروا إني معكم مسسن المنتظريسسن ( أي‬

‫إن كنتم ل تؤمنون حتى تشاهدوا ما سألتم فانتظروا حكم ال فسسي وفيكسسم هسسذا‬

‫أعظم مما سألوا حين أشسار بحضسرتهم إلسى‬ ‫مع أنهم قد شاهدوا من آياته‬

‫القمر ليلة إبداره فانشق اثنين فرقة مسسن وراء الجبسسل وفرقسة مسسن دونسسه وهسذا‬

‫أعظم من سائر اليات الرضية مما سألوا ومالم يسألوا ولسسو علسسم ال س منهسسم‬

‫أنهم سألوا ذلك استرشادا وتثبتا لجابهم ولكن علسسم أنهسسم إنمسسا يسسسألون عنسسادا‬

‫وتعنتا فتركهم فيما رابهم وعلم أنهسسم ل يسسؤمن منهسسم أحسسد كقسسوله تعسسالى ) إن‬

‫‪193‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الذين حقت عليهم كلمة ربك ل يؤمنون ولو جسساءتهم كسسل آيسسة ( اليسسة وقسسوله‬

‫تعالى ) ولو أننا نزلنا إليهم الملئكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء‬

‫قبل ما كانوا ليؤمنوا إل أن يشاء ال ( الية ولمسسا فيهسسم مسسن المكسسابرة كقسسوله‬

‫تعالى ) ولو فتحنا عليهم بابسسا مسسن السسسماء ( اليسسة وقسوله تعسسالى ) وإن يسسروا‬

‫كسفا مسن السسماء سساقطا ( اليسة وقسال تعسالى ) ولسو نزلنسا عليسك كتابسا فسي‬

‫قرطاس فلمسوه بأيسسديهم لقسسال السسذين كفسسروا إن هسسذا إل سسسحر مسسبين ( فمثسسل‬

‫هؤلء أقل من أن يجابوا إلى ما سألوا لنه لفائدة في جوابهم لنه دائر على‬

‫تعنتهم وعنادهم لكثرة فجورهم وفسادهم ولهذا قال ) فانتظروا إني معكم من‬

‫المنتظريسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسن (‬
‫وإ َ َ‬
‫ذا ل َُهم ّ‬
‫مك ْبٌر‬ ‫م إِ َ‬
‫ست ْهُ ْ‬
‫م ّ‬
‫ضّراء َ‬
‫من ب َعْدِ َ‬
‫ة ّ‬
‫م ً‬
‫ح َ‬ ‫ذا أذ َقَْنا الّنا َ‬
‫س َر ْ‬ ‫َِ‬

‫ِفي‬
‫آيات ِنا قُل الل ّ َ‬
‫مك ُُرو َ‬
‫ن‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫سل ََنا ي َك ْت ُُبو َ‬
‫ن َ‬ ‫كرا ً إ ِ ّ‬
‫ن ُر ُ‬ ‫م ْ‬
‫سَرعُ َ‬
‫هأ ْ‬‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬

‫م ِفي‬ ‫ذا ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫حّتى إ ِ َ‬ ‫م ِفي ال ْب َّر َوال ْب َ ْ‬
‫حرِ َ‬ ‫سي ُّرك ُ ْ‬ ‫}‪ {21‬هُوَ ال ّ ِ‬
‫ذي ي ُ َ‬

‫ال ُْفل ْ ِ‬
‫ك‬

‫ف‬
‫ص ٌ‬
‫عا ِ‬
‫ح َ‬ ‫حوا ْ ب َِها َ‬
‫جاءت َْها ِري ٌ‬ ‫ح ط َي ّب َةٍ وَفَرِ ُ‬
‫ري ٍ‬
‫ن ب ِِهم ب ِ ِ‬
‫جَري ْ َ‬
‫وَ َ‬

‫م د َعَوُا ْ‬
‫ط ب ِهِ ْ‬ ‫م أُ ِ‬
‫حي َ‬ ‫َ‬
‫ن وَظ َّنوا ْ أن ّهُ ْ‬ ‫م َ‬
‫كا ٍ‬ ‫من ك ُ ّ‬
‫ل َ‬ ‫ج ِ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫مو ْ ُ‬ ‫جاءهُ ُ‬
‫وَ َ‬

‫هبذِهِ ل َن َ ُ‬ ‫خل ِصين ل َه الدين ل َئ ِ َ‬


‫ن‬
‫م َ‬
‫ن ِ‬
‫كون َ ّ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫جي ْت ََنا ِ‬
‫ن أن َ‬
‫ْ‬ ‫م ْ ِ َ ُ ّ َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ه ُ‬

‫‪194‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ن }‪{22‬‬ ‫ري َ‬ ‫ال ّ‬
‫شاك ِ ِ‬

‫يخبر تعالى أنه إذا أذاق الناس رحمة مسسن بعسسد ضسسراء مسسستهم كالرخسساء بعسسد‬

‫الشدة والخصب بعد الجدب والمطر بعد القحط ونحو ذلك ) إذا لهم مكر فسسي‬

‫آياتنا ( قال مجاهد إستهزاء وتكذيب كقوله ) وإذا مس النسان الضسسر دعانسسا‬

‫صسلى بهسم‬ ‫لجنبه أو قاعدا أو قائما ( الية وفي الصسحيح أن رسسول الس‬

‫الصبح على أثر سماء كانت من الليل أي مطر ثم قال هل تسسدرون مسساذا قسسال‬

‫ربكم الليلة قالوا ال ورسسسوله أعلسسم قسسال قسسال أصسسبح مسسن عبسسادي مسسؤمن بسسي‬

‫وكافر فأما من قال مطرنا بفضل ال ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب‬

‫وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكسسذا فسسذلك كسسافر بسسي مسسؤمن بسسالكوكب وقسسوله‬

‫) قل ال أسسسرع مكسسرا ( أي أشسسد اسسستدراجا وإمهسسال حسستى يظسسن الظسسان مسسن‬

‫المجرمين أنسه ليسس بمعسذب وإنمسسا هسسو فسي مهلسة ثسم يؤخسسذ علسى غسرة منسه‬

‫والكاتبون الكرام يكتبون عليه جميع ما يفعله ويحصونه عليه ثسسم يعرضسسونه‬

‫على عالم الغيب والشهادة فيجازيه على الجليل والحقير النقير والقمطيسسر ثسسم‬

‫أخبر تعالى أنه ) هو الذي يسيركم في السسبر والبحسسر ( أي يحفظكسسم ويكلسسؤكم‬

‫بحراسته ) حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بهسسا ( أي‬

‫‪195‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بسرعة سيرهم رافقين فبينما هم كذلك إذ ) جاءتهسسا ( أي تلسسك السسسفن ) ريسسح‬

‫عاصف ( أي شديدة ) وجاءهم الموج من كل مكان ( أي اغتلم البحر عليهسسم‬

‫) وظنوا أنهم أحيط بهم ( أي هلكوا ) دعوا ال س مخلصسسين لسسه السسدين ( أي ل‬

‫يدعون معه صنما ول وثنا بل يفردونه بالدعاء والبتهال كقوله تعالى ) وإذا‬

‫مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إل إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم‬

‫وكان النسان كفورا ( وقال ها هنا ) دعوا ال مخلصين له الدين لئن أنجيتنا‬

‫من هذه ( أي هذه الحسسال ) لنكسسونن مسسن الشسساكرين ( أي ل نشسسرك بسسك أحسسدا‬

‫ولنفردنك بالعبادة هناك كما أفردناك بالسدعاء هسا هنسسا قسسال الس تعسالى ) فلمسا‬

‫أنجاهم ( أي من تلك الورطة ) إذا هم يبغسسون فسسي الرض بغيسسر الحسسق ( أي‬

‫كأن لم يكن من ذلك شيء ) كأن لم يدعنا إلى ضر مسه ( ثم قال تعسسالى ) يسسا‬

‫أيها الناس إنمسسا بغيكسسم علسسى أنفسسسكم ( أي إنمسسا يسسذوق وبسسال هسسذا البغسسي أنتسسم‬

‫أنفسكم ول تضرون به أحدا غيركم كما جاء في الحديث ما مسسن ذنسسب أجسسدر‬

‫أن يعجل ال عقوبته في الدنيا مع ما يدخر ال لصاحبه في الخرة من البغي‬

‫وقطيعة الرحم وقوله ) متاع الحياة الدنيا ( أي إنما لكم متاع في الحياة السسدنيا‬

‫السسدنيئة الحقيسسرة ) ثسسم إلينسسا مرجعكسسم ( أي مصسسيركم ومسسآلكم ) فننسسبئكم ( أي‬

‫فنخبركم بجميع أعمالكم ونوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد ال ومسسن وجسسد‬

‫‪196‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫غيسسسسسسسسسسسسسسسسسسر ذلسسسسسسسسسسسسسسسسسسك فل يلسسسسسسسسسسسسسسسسسسومن إل نفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه‬

‫ر‬ ‫ن ِفي ال َ‬ ‫َ‬ ‫فَل َما َ‬


‫ض ب ِغَي ْ ِ‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫غو‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ذا‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫جا‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫مَتاعَ ال ْ َ‬
‫حَيا ِ‬ ‫كم ّ‬ ‫م عََلى أنُف ِ‬
‫س ُ‬ ‫ما ب َغْي ُك ُ ْ‬
‫س إ ِن ّ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫حقّ َيا أي َّها الّنا ُ‬

‫مُلو َ‬
‫ن }‪{23‬‬ ‫م ت َعْ َ‬ ‫ما ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫م فَن ُن َب ّئ ُ ُ‬
‫كم ب ِ َ‬ ‫جعُك ُ ْ‬ ‫م إ َِليَنا َ‬
‫مْر ِ‬ ‫الد ّن َْيا ث ُ ّ‬
‫خت َل َ َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ط بِ ِ‬ ‫ماءِ َفا ْ‬
‫س َ‬
‫ن ال ّ‬ ‫ماء أنَزل َْناهُ ِ‬
‫م َ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫حَياةِ الد ّن َْيا ك َ َ‬ ‫مث َ ُ‬
‫ما َ‬
‫إ ِن ّ َ‬

‫ذا أ َ َ‬
‫خ بذ َ ِ‬
‫ت‬ ‫ى إِ َ‬
‫حت ّب َ‬
‫م َ‬ ‫َ‬
‫س َوالن ْعَببا ُ‬ ‫مببا ي َأ ْك ُب ُ‬
‫ل الن ّببا ُ‬ ‫م ّ‬
‫ض ِ‬ ‫َ‬
‫ت الْر ِ‬
‫ن َب َببا ُ‬

‫ض‬ ‫َ‬
‫الْر ُ‬

‫ن عَل َي َْها‬ ‫َ‬ ‫خرفَها وازينت وظ َ َ‬


‫ن أهْل َُها أن ّهُ ْ‬
‫م َقادُِرو َ‬ ‫ُز ْ ُ َ َ ّ ّ َ ْ َ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ َتا َ َ‬
‫ن‬ ‫صيدا ً ك َأن ل ّ ْ‬
‫م ت َغْ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫جعَل َْنا َ‬
‫ها َ‬ ‫مُرَنا ل َي ْل ً أوْ ن ََهارا ً فَ َ‬
‫ها أ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن }‪َ {24‬والل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ت ل َِقوْم ٍ ي َت ََفك ُّرو َ‬ ‫ص ُ‬
‫ل الَيا ِ‬ ‫س ك َذ َل ِ َ‬
‫ك ن َُف ّ‬ ‫م ِ‬
‫ِبال ْ‬

‫ط‬ ‫شبباُء إ َِلببى ِ‬


‫صببَرا ٍ‬ ‫مببن ي َ َ‬ ‫سببل َم ِ وَي َْهبب ِ‬
‫دي َ‬ ‫عو إ َِلببى َ‬
‫دارِ ال ّ‬ ‫َيببد ْ ُ‬

‫ست َِقيم ٍ }‪{25‬‬


‫م ْ‬
‫ّ‬

‫ضرب تبارك وتعالى مثل لزهسسرة الحيساة السسدنيا وزينتهسا وسسرعة انقضسسائها‬

‫وزوالها بالنبات الذي أخرجه الس مسسن الرض بمسساء أنسسزل مسسن السسسماء ممسسا‬

‫يأكل الناس مسسن زروع وثمسسار علسسى اختلف أنواعهسسا وأصسسنافها ومسسا تأكسسل‬

‫النعام من أب وقضب وغير ذلك ) حسستى إذا أخسسذت الرض زخرفهسسا ( أي‬

‫‪197‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫زينتها الفانية ) وازينت ( أي حسنت بما خرج في رباها مسسن زهسسور نضسسرة‬

‫مختلفة الشكال واللوان ) وظن أهلها ( السسذين زرعوهسسا وغرسسسوها ) أنهسسم‬

‫قسسادرون عليهسسا ( أي علسسى جسسذاذها وحصسسادها فبينمسسا هسسم كسسذلك إذ جاءتهسسا‬

‫صاعقة أو ريح شديدة باردة فأيبست أوراقها وأتلفت ثمارها ولهذا قال تعالى‬

‫) أتاهسسا أمرنسسا ليل أو نهسسارا فجعلناهسسا حصسسيدا ( أي يابسسسا بعسسد الخضسسرة‬

‫والنضارة ) كأن لم تغن بالمس ( أي كأنهسسا مسسا كسسانت حينسسا قبسسل ذلسسك وقسسال‬

‫قتادة كأن لم تغن كأن لم تنعم وهكذا المور بعد زوالها كأنهسا لسم تكسن ولهسسذا‬

‫جاء في الحديث يؤتى بأنعم أهل الدنيا فيغمس في النار غمسة فيقسسال لسسه هسسل‬

‫رأيت خيرا قط هل مر بك نعيم قط فيقول ل ويسسؤتى بأشسسد النسساس عسسذابا فسسي‬

‫الدنيا فيغمس في النعيم غمسة ثم يقال له هل رأيت بؤسا قسسط فيقسسول ل وقسسال‬

‫تعالى إخبارا عن المهلكين ) فأصبحوا في دارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها (‬

‫ثسسم قسسال تعسسالى ) كسسذلك نفصسسل اليسسات ( أي نسسبين الحجسسج والدلسسة ) لقسسوم‬

‫يتفكسسرون ( فيعتسسبرون بهسسذا المثسسل فسسي زوال السسدنيا عسسن أهلهسسا سسسريعا مسسع‬

‫اغترارهم بها وتمكنهم وثقتهم بمواعيدها وتفلتها عنهم فإن من طبعها الهرب‬

‫ممن طلبها والطلب لمن هرب منها وقد ضرب ال تعسسالى مثسسل السسدنيا بنبسسات‬

‫الرض في غير ما آية من كتابه العزيز فقال في سسورة الكهسف ) واضسرب‬

‫لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الرض فأصبح‬

‫‪198‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هشيما تذروه الرياح وكان ال على كل شيء مقتدرا ( وكذا في سورة الزمر‬

‫والحديد يضرب ال بذلك مثل الحياة الدنيا وقال بسسن جريسسر حسسدثني الحسسارث‬

‫حدثنا عبد العزيز حدثنا بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبسد الرحمسسن بسن‬

‫أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال سمعت مسسروان يعنسسي بسن‬

‫الحكم يقرأ على المنبر وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها ومسسا كسسان الس‬

‫ليهلكهم إل بذنوب أهلها قال قد قرأتها وليست في المصحف فقال عبسساس بسسن‬

‫عبد ال بن عباس هكذا يقرؤها بن عباس فارسلوا إلى بن عباس فقسسال هكسسذا‬

‫أقرأني أبي بن كعب وهذه قراءة غريبة وكأنها زيدت للتفسير وقوله تعالى )‬

‫وال يدعو إلى دار السلم ( الية لما ذكر تعالى الدنيا وسرعة زوالها رغب‬

‫في الجنة ودعااليها وسماها دار السلم أي مسن الفسسات والنقسسائص والنكبسسات‬

‫فقال ) وال يدعو إلى دار السلم ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ( قسسال‬

‫قسسال قيسسل لسسي لتنسسم عينسسك وليعقسسل قلبسسك‬ ‫أيوب عن أبي قلبسسة عسسن النسسبي‬

‫ولتسمع أذنك فنامت عيني وعقل قلبي وسمعت أذني ثم قيل لسسي مثلسسي ومثسسل‬

‫ماجئت كمثل سيد بنى داراثم صنع مأدبة وأرسل داعيسسا فمسسن أجسساب السسداعي‬

‫دخل الدار‬

‫‪199‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وأكل من المأدبة ورضي عنه السيد ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولسسم‬

‫يأكل من المأدبة ولم يرض عنه السسيد والس السسسيد والسسدار السسلم والمأدبسة‬

‫وهذا حديث مرسسسل وقسسد جسساء متصسسل مسسن حسسديث‬ ‫الجنة والداعي محمد‬

‫الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلل عن جابر بن عبد ال رضسسي‬

‫يوما فقال إني رأيسست فسسي المنسسام كسسأن‬ ‫ال عنه قال خرج علينا رسول ال‬

‫جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي يقسسول أحسسدهما لصسساحبه اضسسرب لسسه‬

‫مثل فقال اسمع سمعت أذنك واعقل عقل قلبك إنما مثلسسك ومثسسل أمتسسك كمثسسل‬

‫ملك اتخذ دارا ثم بنى فيها بيتسا ثسم جعسل فيهسا مأدبسة ثسم بعسث رسسول يسدعو‬

‫الناس إلى طعسامه فمنهسم مسن أجساب الرسسول ومنهسم مسن تركسه فسال الملسك‬

‫والدار السلم والبيت الجنة وأنت يامحمد الرسول فمن أجابك دخل السلم‬

‫ومن دخل السلم دخل الجنة ومسسن دخسسل الجنسسة أكسسل منهسسا رواه بسسن جريسسر‬

‫وقال قتادة حدثني خليد العصري عن أبي الدرداء مرفوعسسا قسسال قسسال رسسسول‬

‫مامن يوم طلعت فيه الشمس إل وبجنبيها ملكان يناديان يسمعه خلسسق‬ ‫ال‬

‫ال كلهم إل الثقلين يا أيها الناس هلموا إلى ربكم إن ما قسسل وكفسسى خيسسر ممسسا‬

‫كثر وألهى قال وأنزل في قوله يا أيها الناس هلمسسوا إلسسى ربكسسم ) والس يسسدعو‬

‫‪200‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إلسسسسسى دار السسسسسسلم ( اليسسسسسة رواه بسسسسسن أبسسسسسي حسسسسساتم وبسسسسسن جريسسسسسر‬
‫ل ّل ّذي َ‬
‫م قَت ٌَر‬ ‫سَنى وَزَِياد َةٌ وَل َ ي َْرهَقُ وُ ُ‬
‫جوهَهُ ْ‬ ‫سُنوا ْ ال ْ ُ‬
‫ح ْ‬ ‫ح َ‬
‫نأ ْ‬‫ِ َ‬
‫ة أ ُوَلبئ ِ َ َ‬
‫ن }‪{26‬‬
‫دو َ‬
‫خال ِ ُ‬
‫م ِفيَها َ‬ ‫ب ال ْ َ‬
‫جن ّةِ هُ ْ‬ ‫حا ُ‬
‫ص َ‬
‫كأ ْ‬ ‫وَل َ ذِل ّ ٌ ْ‬

‫يخبر تعالى أن لمن أحسن العمل في الدنيا باليمان والعمل الصالح الحسسسنى‬

‫في الدار الخرة كقسسوله تعسسالى ) هسسل جسسزاء الحسسسان إل الحسسسان ( وقسسوله‬

‫) وزيادة ( هي تضعيف ثواب العمال بالحسنة عشسسر أمثالهسسا إلسسى سسسبعمائة‬

‫ضعف وزيادة على ذلك أيضا ويشمل ما يعطيهم ال في الجنان من القصور‬

‫والحور والرضا عنهم وما أخفاه لهم من قرة أعين وأفضل مسسن ذلسسك وأعله‬

‫النظر إلى وجهه الكريم فانه زيادة أعظم من جميع ما أعطسسوه ل يسسستحقونها‬

‫بعملهم بل بفضله ورحمته وقد روي تفسير الزيادة بالنظر إلى وجهه الكريسسم‬

‫عن أبي بكر الصديق وحذيفسسة بسسن اليمسسان وعبسسد الس بسسن عبسساس وسسسعيد بسسن‬

‫المسسسيب وعبسسد الرحمسسن بسسن أبسسي ليلسسى وعبسسد الرحمسسن بسسن سسسابط ومجاهسسد‬

‫وعكرمة وعامر بن سعد وعطاء والضحاك والحسن وقتادة والسدي ومحمسسد‬

‫بن إسحاق وغيرهم من السلف والخلف وقد وردت فيسسه أحسساديث كسسثيرة عسسن‬

‫فمن ذلك مارواه المام أحمد ‪ 4333‬حدثنا عفان أخبرنسسا حمسساد بسسن‬ ‫النبي‬

‫سلمة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب رضي ال س‬

‫‪201‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تل هذه الية ) للذين أحسنوا الحسنى وزيسسادة ( وقسسال‬ ‫عنه أن رسول ال‬

‫إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نسسادى منسساد يسسا أهسسل الجنسسة إن لكسسم‬

‫عند ال موعسدا يريسسد أن ينجزكمسسوه فيقولسون ومساهو ألسسم يثقسل موازيننسسا ألسسم‬

‫يبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويجرنسسا مسسن النسسار قسسال فيكشسسف لهسسم الحجسساب‬

‫فينظرون إليه فوال ما أعطاهم ال شيئا أحب إليهم مسسن النظسسر إليسسه ول أقسسر‬

‫لعينهم وهكذا رواه مسسلم ‪ 181‬وجماعسة مسن الئمسة مسن حسديث حمساد بسن‬

‫سلمة به وقال بن جرير حسسدثني يسسونس قسسال أخبرنسا بسن وهسب قسال أخسبرني‬

‫شبيب عن أبان عن أبي تميمة الهجيمي أنه سمع أبا موسى الشعري يحسسدث‬

‫إن الس يبعسسث يسوم القيامسسة مناديسا ينسسادي يسا أهسل الجنسة‬ ‫عن رسسول الس‬

‫بصوت يسمع أولهم وآخرهم إن ال وعدكم الحسنى وزيسسادة فالحسسسنى الجنسسة‬

‫والزيادة النظر إلى وجه الرحمن عز وجسسل ورواه أيضسسا بسسن أبسسي حسساتم مسسن‬

‫حديث أبي بكر الهذلي عن أبسسي تميمسسة الهجيمسسي بسسه وقسسال بسسن جريسسر أيضسسا‬

‫حدثنا بن حميد حدثنا إبراهيم بن المختار عن بن جريج عن عطاء عن كعب‬

‫فسسي قسسوله ) للسسذين أحسسسنوا الحسسسنى وزيسسادة ( قسسال‬ ‫بن عجرة عن النسسبي‬

‫النظر إلى وجه الرحمن عز وجل وقال أيضا حسسدثنا بسسن عبسسد الرحيسسم حسسدثنا‬

‫عمر بن أبي سلمة سمعت زهيرا عمن سمع أبا العالية حسسدثنا أبسسي بسسن كعسسب‬

‫‪202‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عسسن قسسول الس عسسز وجسسل ) للسسذين أحسسسنوا الحسسسنى‬ ‫أنه سأل رسول الس‬

‫وزيادة ( قال الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه ال عز وجل ورواه بن‬

‫أبي حاتم أيضا من حديث زهير به وقوله تعالى ) ول يرهق وجوههم قسستر (‬

‫أي قتام وسواد في عرصات المحشر كما يعتري وجسسوه الكفسسرة الفجسسرة مسسن‬

‫القترة والغبرة ) ول ذلة ( أي هسسوان وصسسغار أي ل يحصسسل لهسسم إهانسسة فسسي‬

‫الباطن ول في الظاهر بل هم كما قال‬

‫تعالى في حقهم ) فوقاهم الس شسسر ذلسسك اليسسوم ولقسساهم نضسسرة وسسسرورا ( أي‬

‫نضرة في وجوههم وسرورا في قلوبهم جعلنا ال منهم بفضله ورحمته آمين‬

‫ن‬ ‫َوال ّ ِ‬
‫ذي َ‬

‫مببا ل َهُببم‬ ‫م ذِل ّب ٌ‬


‫ة ّ‬ ‫سي ّئ َةٍ ب ِ ِ‬
‫مث ْل ِهَببا وَت َْرهَُقهُب ْ‬ ‫جَزاء َ‬ ‫سُبوا ْ ال ّ‬
‫سي َّئا ِ‬
‫ت َ‬ ‫كَ َ‬

‫ن‬
‫م َ‬
‫ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن الل ّي ْب ِ‬
‫ل‬ ‫طعبا ً ّ‬
‫مب َ‬ ‫م قِ َ‬
‫جببوهُهُ ْ‬
‫ت وُ ُ‬
‫شبي َ ْ‬ ‫صم ٍ ك َأن ّ َ‬
‫مببا أغْ ِ‬ ‫عا ِ‬
‫ن َ‬ ‫الل ّهِ ِ‬
‫م ْ‬
‫مظ ِْلما ً‬
‫ُ‬

‫ن }‪{27‬‬ ‫أ ُوَلبئ ِ َ َ‬
‫دو َ‬
‫خال ِ ُ‬
‫م ِفيَها َ‬
‫ب الّنارِ هُ ْ‬
‫حا ُ‬
‫ص َ‬
‫كأ ْ‬ ‫ْ‬

‫‪203‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لما أخبر تعالى عسن حسسال السسسعداءالذين يضسساعف لهسسم الحسسسنات ويسسزدادون‬

‫على ذلك عطف بذكر حال الشقياء فسذكر تعسالى عسدله فيهسم وأنسه يجسازيهم‬

‫على السيئة بمثلها ل يزيدهم علسسى ذلسسك ) وترهقهسسم ( أي تعسستريهم وتعلسسوهم‬

‫ذلة من معاصيهم وخوفهم منها كما قال ) وتراهم يعرضون عليهسسا خاشسسعين‬

‫من الذل ( الية وقال تعالى ) ول تحسبن ال غافل عما يعمل الظالمون إنمسسا‬

‫يؤخرهم ليوم تشخص فيه البصار مهطعين مقنعي رؤوسهم ( اليات وقوله‬

‫) ما لهم من ال من عاصسم ( أي مسسانع ول واق يقيهسسم العسذاب كقسسوله تعسسالى‬

‫) يقول النسان يومئذ أين المفر كل لوزر إلى ربك يومئذ المستقر ( وقسسوله‬

‫) كأنما أغشيت وجوههم ( الية إخبار عن سواد وجوههم في السسدار الخسسرة‬

‫كقوله تعالى ) يوم تبيض وجوه وتسود وجسسوه فأمسا السذين اسسودت وجسسوههم‬

‫أكفرتم بعسسد إيمسسانكم فسسذوقوا العسسذاب بمسسا كنتسسم تكفسسرون وأمسسا السسذين ابيضسست‬

‫وجوههم ففي رحمة ال هم فيها خالدون ( وقوله تعالى ) وجوه يومئذ مسفرة‬

‫ضسسسسسساحكة مستبشسسسسسسرة ووجسسسسسسوه يسسسسسسومئذ عليهسسسسسسا غسسسسسسبرة ( اليسسسسسسة‬

‫م‬ ‫ح ُ‬
‫شُرهُ ْ‬ ‫م نَ ْ‬
‫وَي َوْ َ‬
‫كوا ْ مك َببانك ُ َ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫كآؤُك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ش بَر َ‬
‫م وَ ُ‬
‫م أنت ُب ْ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ش بَر ُ‬ ‫ل ل ِل ّب ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ميعا ً ث ُ ّ‬
‫م ن َُقو ُ‬ ‫ج ِ‬
‫َ‬

‫فََزي ّل َْنا‬

‫‪204‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ن }‪ {28‬فَك ََفببى‬
‫دو َ‬
‫م إ ِّيان َببا ت َعْب ُب ُ‬ ‫ما ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫شَر َ‬
‫كآؤُ ُ‬ ‫م وََقا َ‬
‫ل ُ‬ ‫ب َي ْن َهُ ْ‬

‫ِبالل ّهِ‬

‫م ل ََغافِِلي َ‬
‫ن }‪{29‬‬ ‫عَباد َت ِك ُ ْ‬ ‫شِهيدا ً ب َي ْن ََنا وَب َي ْن َك ُ ْ‬
‫م ِإن ك ُّنا عَ ْ‬
‫ن ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫دوا ْ إ َِلى الل ّهِ َ‬
‫موْل َهُ ُ‬ ‫سل ََف ْ‬
‫ت وَُر ّ‬ ‫ما أ ْ‬
‫س ّ‬ ‫ك ت َب ُْلو ك ُ ّ‬
‫ل ن َْف ٍ‬ ‫هَُنال ِ َ‬

‫كاُنوا ْ ي َْفت َُرو َ‬


‫ن }‪{30‬‬ ‫ما َ‬ ‫ض ّ‬
‫ل عَن ُْهم ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫حقّ وَ َ‬

‫يقول تعالى ) ويوم نحشسسرهم ( أي أهسسل الرض كلهسسم مسسن جسسن وإنسسس وبسسر‬

‫وفاجر كقوله ) وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ( ) ثم نقول للسذين أشسركوا (‬

‫الية أي الزموا أنتم وهم مكانا معينا امتازوا فيه عسسن مقسسام المسسؤمنين كقسسوله‬

‫تعالى ) وامتازوا اليوم أيها المجرمون ( وقوله ) ويسسوم تقسسوم السسساعة يسسومئذ‬

‫يتفرقون ( وفي الية الخسسرى ) يسسومئذ يصسسدعون ( أي يصسسيرون صسسدعين‬

‫وهذا يكسسون إذا جسساء السسرب تبسسارك وتعسسالى لفصسسل القضسساء ولهسسذا قيسسل ذلسسك‬

‫يستشفع المؤمنون إلى ال تعالى أن يأتي لفصل القضاء ويريحنسا مسن مقامنسسا‬

‫هذا وفي الحديث الخر نحن يسسوم القيامسسة علسسى كسسوم فسسوق النسساس وقسسال الس‬

‫تعالى في هذه الية الكريمة إخبسسارا عمسسا يسسأمر بسسه المشسسركين وأوثسسانهم يسسوم‬

‫القيامة ) مكانكم أنتم وشسسركاؤكم فزيلنسسا بينهسم ( اليسسة أنهسسم أنكسسروا عبسسادتهم‬

‫وتبرءوا منهم كقوله ) كل سيكفرون بعبادتهم ( الية وقسسوله ) إذ تسسبرأ السسذين‬

‫اتبعوا من الذين اتبعوا ( وقوله ) ومن أضل ممن يدعو مسسن دون ال س مسسن ل‬

‫‪205‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر النسساس كسسانوا‬

‫لهم أعداء ( الية وقوله في هذه الية إخبارا عن قول الشركاء فيمسسا راجعسسوا‬

‫فيه عابديهم عند ادعائهم عبادتهم ) فكفى بال شهيدا بيننسا وبينكسم ( اليسة أي‬

‫ما كنا نشعر بها ول نعلم بها وإنما كنتم تعبدوننا من حيث ل ندري بكم وال س‬

‫شهيد بيننا وبينكم أنا مادعوناكم إلى عبادتنا ول أمرناكم بها ولرضينا منكسسم‬

‫بذلك وفي هذا تبكيت عظيم للمشسسركين السسذين عبسسدوا مسسع الس غيسسره ممسسن ل‬

‫يسمع ول يبصر ول يغني عنهم شيئا ولسسم يسسأمرهم بسسذلك ول رضسسي بسسه ول‬

‫أراده بل تبرأ منهم وقت أحوج ما يكونون إليه وقد تركوا عبادة الحي القيسسوم‬

‫السميع البصير القادر علسى كسسل شسيء العليسسم بكسسل شسيء وقسسد أرسسسل رسسسله‬

‫وأنزل كتبه آمرا بعبادته وحده ل شريك له ناهيا عن عبادة ما سواه كما قسسال‬

‫تعالى ) ولقد بعثنا فسسي كسسل أمسسة رسسسول أن اعبسسدوا الس واجتنبسسوا الطسساغوت‬

‫فمنهم من هدى ال ومنهم من حقت عليه الضللة‬

‫وقال تعالى ) وما أرسلنا من قبلك من رسول إل نوحي إليه أنه ل إله إل أنسسا‬

‫فاعبدون ( وقال ) واسأل من أرسسسلنا مسسن قبلسسك مسسن رسسسلنا أجعلنسسا مسسن دون‬

‫الرحمن آلهة يعبدون ( والمشركون أنواع وأقسام كثيرون قد ذكرهم ال فسسي‬

‫كتابه وبين أحوالهم وأقوالهم ورد عليهسسم فيمسسا هسسم فيسسه أتسسم رد وقسسوله تعسسالى‬

‫) هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت ( أي في موقف الحساب يوم القيامسسة تختسسبر‬

‫‪206‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كل نفس وتعلم ما سلف من عملها من خيسسر وشسسر كقسسوله تعسسالى ) يسسوم تبلسسى‬

‫السرائر ( وقال تعسالى ) ينبسسأ النسسان يسومئذ بمسا قسدم وأخسر ( وقسال تعسسالى‬

‫) ونخرج له يوم القيامة كتابسسا يلقسساه منشسورا اقسسرأ كتابسسك كفسى بنفسسسك اليسوم‬

‫عليك حسيبا ( وقد قرأ بعضهم ) هنالك تبلو كل نفسسس مسسا أسسسلفت ( وفسسسرها‬

‫بعضسسهم بسسالقراءة وفسسسرها بعضسسهم بمعنسسى تتبسسع مسسا قسسدمت مسسن خيسسر وشسسر‬

‫وفسرها بعضهم بحديث لتتبع كسسل أمسسة مسسا كسسانت تعبسسد فيتبسسع مسسن كسسان يعبسسد‬

‫الشسسمس الشسسمس ويتبسسع مسسن كسسان يعبسسد القمسسر القمسسر ويتبسسع مسسن كسسان يعبسسد‬

‫الطواغيت الطواغيت الحديث وقسسوله ) وردوا إلسسى ال س مسسولهم الحسسق ( أي‬

‫ورجعت المور كلها إلى ال الحكم العدل ففصلها وأدخل أهسسل الجنسسة الجنسسة‬

‫وأهسسل النسسار النسسار ) وضسسل عنهسسم ( أي ذهسسب عسسن المشسسركين ) ماكسسانوا‬

‫يفسسسسسترون ( أي ماكسسسسسانوا يعبسسسسسدون مسسسسسن دون السسسسس افسسسسستراء عليسسسسسه‬

‫من ي َْرُزقُ ُ‬
‫كم‬ ‫قُ ْ‬
‫ل َ‬

‫ج‬ ‫َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫خرِ ُ‬
‫من ي ُ ْ‬
‫صاَر وَ َ‬
‫معَ والب ْ َ‬
‫س ْ‬
‫ك ال ّ‬ ‫من ي َ ْ‬
‫ضأ ّ‬‫ماءِ َوالْر ِ‬
‫س َ‬
‫ن ال ّ‬
‫م َ‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫مَر‬
‫من ي ُد َب ُّر ال ْ‬
‫ي وَ َ‬
‫ح ّ‬ ‫م َ‬
‫ت ِ‬ ‫ج ال ْ َ‬
‫مي ّ َ‬ ‫خرِ ُ‬
‫ت وَي ُ ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫مي ّ ِ‬ ‫م َ‬
‫ي ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ح ّ‬
‫فَسيُقوُلون الل ّه فَُق ْ َ‬
‫م‬
‫كب ُ‬ ‫م الّلب ُ‬
‫ه َرب ّ ُ‬ ‫ن }‪َ {31‬فبذ َل ِك ُ ُ‬
‫ل أفَل َ ت َت ُّقو َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬

‫ق‬ ‫ال ْ َ‬
‫ح ّ‬

‫ن }‪ {32‬ك َذ َل ِ َ‬ ‫ذا بعد ال ْحق إل ّ الضل َ ُ َ‬


‫ك‬ ‫صَرُفو َ‬
‫ل فَأّنى ت ُ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ما َ َ ْ َ َ ّ ِ‬‫فَ َ‬

‫‪207‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬
‫ن}‬
‫مُنبو َ‬ ‫سبُقوا ْ أن ُّهب ْ‬
‫م ل َ ي ُؤْ ِ‬ ‫ن فَ َ‬ ‫ك عََلبى اّلب ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ت َرّبب َ‬ ‫ت ك َل ِ َ‬
‫م ُ‬ ‫حّق ْ‬
‫َ‬

‫‪{33‬‬

‫يحتج تعالى على المشسسركين بسساعترافهم بوحسسدانيته وربسسوبيته علسسى وحدانيسسة‬

‫إلهيته فقال تعالى ) قل من يرزقكم من السسسماء والرض ( أي مسن ذا السذي‬

‫ينزل من السماء ماء المطر فيشق الرض شقا بقدرته ومشيئته فيخرج منهسسا‬

‫حبا ) وعنبا وقضبا وزيتونسسا ونخل وحسسدائق غلبسسا وفاكهسسا وأبسسا ( ) أإلسسه مسسع‬

‫ال ( ) فسيقولون ال ( ) أمسسن هسسذا السسذي يرزقكسسم إن أمسسسك رزقسسه ( وقسسوله‬

‫) أمن يملك السمع والبصار ( أي السسذي وهبكسسم هسسذه القسسوة السسسامعة والقسسوة‬

‫الباصرة ولو شاء لذهب بها ولسلبكم إياها كقوله تعالى ) قل هو الذي أنشأكم‬

‫وجعل لكم السمع والبصار ( اليسسة وقسسال ) قسسل أرأيتسسم إن أخسسذ الس سسسمعكم‬

‫وأبصاركم ( الية وقوله ) ومن يخرج الحي من الميت ويخسسرج الميسست مسسن‬

‫الحي ( أي بقدرته العظيمة ومنته العميمسسة وقسسد تقسسدم ذكسسر الخلف فسسي ذلسسك‬

‫وأن الية عامة لذلك كله وقوله ) ومن يدبر المر ( أي من بيده ملكوت كسسل‬

‫شيء وهو يجيرول يجار عليه وهو المتصرف الحاكم الذي لمعقب لحكمسسه‬

‫ول يسئل عما يفعل وهم يسئلون ) يسأله من في السماوات والرض كل يوم‬

‫هو في شأن ( فالملك كله العلوي والسفلي وما فيهما من ملئكة وإنس وجان‬

‫فقيرون إليه عبيد له خاضعون لديه ) فسيقولون ال ( أي وهسسم يعلمسسون ذلسسك‬

‫‪208‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ويعترفون به ) فقل أفل تتقون ( أي أفل تخافون منسسه أن تعبسسدوا معسسه غيسسره‬

‫بآرائكم وجهلكم وقوله ) فذلكم ال ربكم الحق ( الية أي فهذا السسذي اعسسترفتم‬

‫بأنه فاعل ذلك كله هسسو ربكسسم وإلهكسسم الحسسق السسذي يسسستحق أن يفسسرد بالعبسسادة‬

‫) فماذا بعد الحق إل الضلل ( أي فكل معبود سواه باطل ل إله إل هو واحد‬

‫ل شريك له ) فأنى تصرفون ( أي فكيف تصرفون عن عبادته إلى عبادة ما‬

‫سواه وأنتم تعلمون أنه الرب الذي خلق كل شيء والمتصرف في كسسل شسسيء‬

‫وقوله ) كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا ( الية أي كمسسا كفسسر هسسؤلء‬

‫المشركون واستمروا على شركهم وعبادتهم مع ال غيره مع أنهسم يعسترفون‬

‫بأنه الخالق الرازق المتصرف فسي الملسك وحسده السذي بعسث رسسله بتوحيسده‬

‫فلهذا حقت عليهم كلمة ال أنهم أشقياء مسن سسساكني النسار كقسوله ) قسالوا بلسسى‬

‫ولكسسسسسسسسسن حقسسسسسسسسست كلمسسسسسسسسسة العسسسسسسسسسذاب علسسسسسسسسسى الكسسسسسسسسسافرين (‬

‫ل الل ّب ُ‬
‫ه‬ ‫م ي ُِعيبد ُهُ قُب ِ‬ ‫من ي َب ْد َأ ُ ال ْ َ‬
‫خل ْبقَ ث ُب ّ‬ ‫كآئ ِ ُ‬
‫كم ّ‬ ‫شَر َ‬
‫من ُ‬
‫ل ِ‬ ‫قُ ْ‬
‫ل هَ ْ‬
‫يبدأ ُ‬
‫َْ َ‬

‫مببن‬ ‫هبب ْ‬
‫ل ِ‬ ‫ن }‪ُ {34‬قبب ْ‬
‫ل َ‬ ‫م ي ُِعيببد ُهُ َفببأ َّنى ت ُؤْفَ ُ‬
‫كببو َ‬ ‫خْلببقَ ُثبب ّ‬
‫ال ْ َ‬

‫دي‬
‫من ي َهْ ِ‬ ‫كآئ ِ ُ‬
‫كم ّ‬ ‫شَر َ‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫ح ّ‬ ‫دي إ َِلى ال ْ َ‬
‫حقّ أ َ‬ ‫من ي َهْ ِ‬ ‫دي ل ِل ْ َ‬
‫حقّ أفَ َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ه ي َهْ ِ‬ ‫إ َِلى ال ْ َ‬
‫حقّ قُ ِ‬

‫َأن‬

‫‪209‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن}‬ ‫حك ُ ُ‬
‫مببو َ‬ ‫ف تَ ْ‬ ‫مببا ل َك ُب ْ‬
‫م ك َي ْب َ‬ ‫من ل ّ ي َهِد ّيَ إ ِل ّ أن ي ُهْ َ‬
‫دى فَ َ‬ ‫ي ُت ّب َعَ أ ّ‬

‫‪{35‬‬

‫شبْيئا ً‬ ‫َ‬
‫ن ال ْ َ‬
‫حبقّ َ‬ ‫ن الظ ّ ّ‬
‫ن ل َ ي ُغِْني ِ‬
‫مب َ‬ ‫م إ ِل ّ ظ َن ّا ً إ َ ّ‬
‫ما ي َت ّب ِعُ أك ْث َُرهُ ْ‬
‫وَ َ‬

‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫إِ ّ‬

‫ما ي َْفعَُلو َ‬
‫ن }‪{36‬‬ ‫عََلي ٌ‬
‫م بِ َ‬

‫وهذا إبطال لدعواهم فيما أشركوا بال غيسره وعبسدوا مسن الصسنام والنسداد‬

‫) قل هل مسسن شسسركائكم مسسن يبسسدؤ الخلسسق ثسسم يعيسسده ( أي مسسن بسسدأ خلسسق هسسذه‬

‫السماوات والرض ثم ينشىء ما فيهما من الخلئق ويفرق أجرام السماوات‬

‫والرض ويبدلهما بفناء ما فيهما ثم يعيد الخلق خلقسسا جديسسدا ) قسسل ال س ( هسسو‬

‫الذي يفعل هذا ويستقل بسسه وحسسده ل شسسريك لسسه ) فسسأنى تؤفكسسون ( أي فكيسسف‬

‫تصرفون عن طريق الرشد إلى الباطل ) قل هل من شركائكم من يهدي إلى‬

‫الحق قل ال يهدي للحق ( أي أنتم تعلمون أن شركاءكم ل تقدر علسسى هدايسسة‬

‫ضال وإنما يهدي الحيارى والضلل ويقلب القلوب من الغي إلى الرشسسد ال س‬

‫الذي لإله إل هو ) أفمن يهدي إلى الحق أحسسق أن يتبسسع أمسسن ل يهسسدي إل أن‬

‫يهدي ( أي أفيتبع العبد الذي يهدي إلى الحق ويبصر بعسسد العمسسى أم السسذي ل‬

‫يهدي إلى شيء إل أن يهدى لعماه وبكمه كما قال تعالى إخبارا عسن إبراهيسم‬

‫أنه قال ) يا أبت لم تعبد ما ل يسمع ول يبصر ول يغنسي عنسك شسيئا ( وقسسال‬

‫‪210‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لقومه ) أتعبدون ما تنحتون والس خلقكسسم ومسسا تعملسسون ( إلسسى غيسسر ذلسسك مسن‬

‫اليات وقوله ) فما لكم كيف تحكمون ( أي فما بالكم أن يذهب بعقولكم كيف‬

‫سويتم بين ال وبين خلقه وعسدلتم هسذا بهسسذا وعبسسدتم هسسذا وهسذا وهل أفردتسم‬

‫الرب جل جلله المالك الحاكم الهادي من الضللة بالعبادة وحسسده وأخلصسستم‬

‫إليه الدعوة والنابة ثسسم بيسسن تعسسالى أنهسسم ل يتبعسسون فسسي دينهسسم هسذا دليل ول‬

‫برهانا وإنما هو ظن منهم أي توهم وتخيل وذلك ل يغني عنهم شيئا ) إن ال‬

‫عليم بما يفعلون ( تهديد لهم ووعيسد شسديد لنسه تعسالى أخسبر أنسه سسيجازيهم‬

‫علسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسى ذلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسك أتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسم الجسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسزاء‬

‫ن‬ ‫ذا ال ُْقرآ َ‬


‫هب َ‬ ‫ما َ‬
‫دو ِ‬
‫من ُ‬
‫ن أن ي ُْفت ََرى ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫ن َ‬
‫كا َ‬ ‫وَ َ‬

‫ب‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬
‫ب ل َ َري ْ َ‬ ‫صي َ‬
‫ن ي َد َي ْهِ وَت َْف ِ‬ ‫ديقَ ال ّ ِ‬
‫ذي ب َي ْ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫الل ّهِ وََلب ِ‬
‫كن ت َ ْ‬
‫ل فَبأ ُْتوا ْ‬ ‫م ي َُقوُلو َ‬
‫ن افْت َبَراهُ قُب ْ‬ ‫َ‬
‫ن }‪ {37‬أ ْ‬ ‫ب ال َْعال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫من ّر ّ‬
‫ِفيهِ ِ‬

‫ة‬
‫سوَر ٍ‬
‫بِ ُ‬

‫ن‬
‫صببادِِقي َ‬
‫م َ‬ ‫ن الل ّهِ ِإن ُ‬
‫كنت ُب ْ‬ ‫دو ِ‬ ‫ست َط َعُْتم ّ‬
‫من ُ‬ ‫نا ْ‬ ‫عوا ْ َ‬
‫م ِ‬ ‫مث ْل ِهِ َواد ْ ُ‬
‫ّ‬

‫}‪{38‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫م ت َبأِويل ُ ُ‬
‫ه ك َبذ َل ِ َ‬
‫ك‬ ‫مبهِ وَل َ ّ‬
‫مببا ي َبأت ِهِ ْ‬ ‫حيط ُببوا ْ ب ِعِل ْ ِ‬ ‫ما ل َ ْ‬
‫م يُ ِ‬ ‫ل ك َذ ُّبوا ْ ب ِ َ‬
‫بَ ْ‬

‫ك َذ ّ َ‬
‫ب‬

‫ن }‪{39‬‬
‫مي َ‬ ‫ة ال ّ‬
‫ظال ِ ِ‬ ‫عاقِب َ ُ‬
‫ن َ‬
‫كا َ‬ ‫م َفانظ ُْر ك َي ْ َ‬
‫ف َ‬ ‫من قَب ْل ِهِ ْ‬
‫ن ِ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫‪211‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ومنهم من يؤْمن به ومنهم من ل ّ يؤْمن به ورب َ َ‬
‫ك أعْل َ ُ‬
‫م‬ ‫ُ ِ ُ ِ ِ ََ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ ِ ُ ِ ِ َ ِ ُْ‬ ‫َ ِ ُ‬

‫ن }‪{40‬‬
‫دي َ‬
‫س ِ‬ ‫ِبال ْ ُ‬
‫مْف ِ‬

‫هذا بيان لعجساز القسرآن وأنسه ل يسستطيع البشسر أن يسأتوا بمثلسه ول بعشسر‬

‫سسسور ول بسسسورة مسسن مثلسسه لنسسه بفصسساحته وبلغتسسه ووجسسازته وحلوتسسه‬

‫واشتماله على المعاني العزيزة والغريزة النافعة في الدنيا والخسسرة ل تكسسون‬

‫إل من عند ال الذي ل يشبهه شيء في ذاتسسه ول فسسي صسسفاته ول فسسي أفعسساله‬

‫وأقواله فكلمسه ل يشسبه كلم المخلسوقين ولهسذا قسال تعسالى ) ومسا كسان هسذا‬

‫القرآن أن يفترى من دون ال ( أي مثل هذا القرآن ل يكون إل من عنسسد ال س‬

‫وليشبه هذا كلم البشسسر ) ولكسسن تصسسديق السسذي بيسسن يسسديه ( أي مسسن الكتسسب‬

‫المتقدمة ومهيمنا عليه ومبينا لما وقع فيها مسسن التحريسسف والتأويسسل والتبسسديل‬

‫وقوله ) وتفصيل الكتاب لريب فيه مسسن رب العسسالمين ( أي وبيسسان الحكسسام‬

‫والحلل والحرام بيانا شافيا كافيا حقا لمرية فيه من ال س رب العسسالمين كمسسا‬

‫تقدم في حديث الحارث العور عن علي بن أبسسي طسسالب فيسه خسسبر مسسا قبلكسم‬

‫ونبأ مابعدكم وفصل مابينكم أي خبر عما سلف وعما سيأتي وحكم فيما بيسسن‬

‫الناس بالشرع الذي يحبه الس ويرضساه وقسوله ) أم يقولسون افستراه قسل فسأتوا‬

‫بسورة مثلسه وادعسوا مسن اسسستطعتم مسن دون الس إن كنتسسم صسادقين ( أي إن‬

‫إدعيتم وافتريتم وشككتم في أن هذا من عند ال وقلتم كذبا ومينا إن هسسذا مسسن‬

‫‪212‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عند محمد فمحمد بشر مثلكم وقسسد جسساء فيمسسا زعمتسسم بهسسذا القسسرآن فسسأتوا أنتسسم‬

‫بسورة مثله أي من جنس هذا القسسرآن واسسستعينوا علسسى ذلسسك بكسسل مسسن قسسدرتم‬

‫عليه من إنس وجان وهذا هو المقام الثالث فسسي التحسسدي فسسإنه تعسسالى تحسسداهم‬

‫ودعاهم إن كانوا صادقين في دعواهم أنه من عند محمد فليعارضسسوه بنظيسسر‬

‫ما جاء به وحده وليستعينوا بمسسن شسساءوا وأخسسبر أنهسسم ل يقسسدرون علسسى ذلسسك‬

‫ولسبيل لهم إليه فقال تعالى ) قل لئن إجتمعت النس والجسسن علسسى أن يسسأتوا‬

‫بمثل هذا القرآن ل يأتون بمثله ولوكان بعضهم لبعسض ظهيسرا ( ثسم تقاصسر‬

‫معهم إلى عشر سور منه فقال فسسي أول سسسورة هسسود ) أم يقولسسون افسستراه قسسل‬

‫فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا مسسن اسسستطعتم مسسن دون ال س إن كنتسسم‬

‫صادقين ( ثم تنازل إلى سورة فقال في هذه السسسورة ) أم يقولسسون افسستراه قسسل‬

‫فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون ال إن كنتم صسسادقين ( وكسسذا‬

‫في سورة البقرة وهي مدنية تحداهم بسسسورة منسه وأخسسبر أنهسسم ل يسستطيعون‬

‫ذلك أبدا فقال ) فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار ( اليسسة هسسذا وقسسد كسسانت‬

‫الفصاحة من سسسجاياهم وأشسسعارهم ومعلقسساتهم إليهسسا المنتهسسى فسسي هسسذا البسساب‬

‫ولكن جاءهم من ال ما ل قبل لحد به ولهذا آمن مسن آمسن منهسم بمسسا عسرف‬

‫من بلغة هذا الكلم وحلوتسسه وجزالتسسه وطلوتسه وإفسسادته وبراعتسه فكسسانوا‬

‫أعلم الناس به وأفهمهم له وأتبعهم له وأشدهم له انقيسسادا كمسسا عسسرف السسسحرة‬

‫‪213‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بعلمهم بفنون السحر أن هذا الذي فعله موسى عليه السلم ل يصدر إل عسسن‬

‫مؤيد مسدد مرسل مسسن الس وأن هسسذا ل يسسستطاع لبشسسر إل بسسإذن الس وكسسذلك‬

‫عيسى عليه السلم بعث في زمسسان علمسساء الطسسب ومعالجسسة المرضسسى فكسسان‬

‫يبرىء الكمه والبرص ويحيي الموتى بإذن ال ومثل هسسذا لمسسدخل للعلج‬

‫والدواء فيه فعرف مسن عسرف منهسم أنسسه عبسد الس ورسسسوله ولهسذا جساء فسسي‬

‫أنه قال مامن نبي من النبياء إل وقد أوتسسي مسسن‬ ‫الصحيح عن رسول ال‬

‫اليات ماآمن على مثله البشر وإنما كان السسذي أوتيتسسه وحيسسا أوحسساه ال س إلسسي‬

‫فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا وقوله ) بل كذبوا بمسسا لسسم يحيطسسوا بعلمسسه ولمسسا‬

‫يأتهم تأويله ( يقول بل كذب هؤلء بسسالقرآن ولسسم يفهمسسوه ول عرفسسوه ) ولمسسا‬

‫يأتهم تأويله ( أي ولم يحصلوا مافيه من الهدى ودين الحق إلى حين تكسسذيبهم‬

‫به جهل وسفها ) كذلك كذب الذين من قبلهم ( أي من المم السالفة ) فسسانظر‬

‫كيف كان عاقبة الظالمين ( أي فانظر كيف أهلكنسساهم بتكسسذيبهم رسسسلنا ظلمسسا‬

‫وعلوا وكفرا وعنادا وجهل فاحذروا أيها المكذبون أن يصسسيبكم مسسا أصسسابهم‬

‫وقوله ) ومنهم من يؤمن به ( الية أي ومن هؤلء الذين بعثت إليهم يامحمسسد‬

‫من يؤمن بهذا القرآن ويتبعك وينتفع بمسسا أرسسسلت بسسه ) ومنهسسم مسسن ل يسسؤمن‬

‫به ( بل يموت على ذلك ويبعسسث عليسسه ) وربسسك أعلسسم بالمفسسسدين ( أي وهسسو‬

‫‪214‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أعلم بمن يستحق الهداية فيهديه ومن يسسستحق الضسسللة فيضسسله وهسسو العسسادل‬

‫الذي ل يجور بل يعطي كل ما يستحقه تبارك وتعالى وتقدس وتنزه لإله إل‬

‫هسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسو‬

‫مل ُك ُ ْ‬
‫م‬ ‫مِلي وَل َك ُ ْ‬
‫م عَ َ‬ ‫ك فَُقل ّلي عَ َ‬
‫وَِإن ك َذ ُّبو َ‬

‫َأنتبم ببريُئون ممببا أ َعْمب ُ َ‬


‫مل ُببو َ‬
‫ن }‪{41‬‬ ‫مببا ت َعْ َ‬
‫م ّ‬ ‫ل وَأن َبا ْ ب َ ِ‬
‫ريبٌء ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ِ ّ‬ ‫ُ ْ َ ِ‬

‫من‬
‫من ُْهم ّ‬
‫وَ ِ‬
‫يستمعون إل َي َ َ َ‬
‫م وَل َوْ ك َبباُنوا ْ ل َ ي َعِْقل ُببو َ‬
‫ن}‬ ‫ص ّ‬
‫معُ ال ّ‬
‫س ِ‬ ‫ك أفَأن َ‬
‫ت تُ ْ‬ ‫َ ْ َ ِ ُ َ ِ ْ‬

‫‪{42‬‬

‫كاُنوا ْ‬
‫ي وَل َوْ َ‬ ‫ومنهم من ينظ ُر إل َي َ َ َ‬
‫دي ال ْعُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ك أفَأن َ‬
‫ت ت َهْ ِ‬ ‫ّ َ ُ ِ ْ‬ ‫َ ِ ُ‬

‫شْيئا ً وََلبك ِ ّ‬
‫ن‬ ‫س َ‬ ‫ه ل َ ي َظ ْل ِ ُ‬
‫م الّنا َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ن }‪ {43‬إ ِ ّ‬ ‫ل َ ي ُب ْ ِ‬
‫صُرو َ‬

‫َ‬
‫وإن كسسذبك‬ ‫ن }‪{44‬يقسسول تعسسالى لنسسبيه‬ ‫م ي َظ ْل ِ ُ‬
‫مو َ‬ ‫سه ُ ْ‬
‫س أنُف َ‬
‫الّنا َ‬

‫هؤلءالمشركون فتبرأ منهسسم ومسسن عملهسسم ) فقسسل لسسي عملسسي ولكسسم عملكسسم (‬

‫كقوله تعالى ) قل يا أيها الكسسافرون ل أعبسسد مسسا تعبسسدون ( إلسسى آخرهسسا وقسسال‬

‫إبراهيم الخليل وأتباعه لقومهم المشركين ) إنا برآء منكم وممسسا تعبسسدون مسسن‬

‫دون ال ( الية وقسسوله ) ومنهسسم مسسن يسسستمعون إليسسك ( أي يسسسمعون كلمسسك‬

‫الحسن والقرآن العظيم والحاديث الصسسحيحة الفصسسيحة النافعسسة فسسي القلسسوب‬

‫‪215‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والديان والبدان وفي هذا كفاية عظيمة ولكن ليس ذلك إليك ول إليهم فإنك‬

‫ل تقدر على إسماع الصم وهو الطرش فكذلك ل تقدر علسى هدايسة هسؤلء‬

‫إل أن يشاءال ) ومنهم من ينظر إليك ( أي ينظرون إليسك وإلسى مسا أعطساك‬

‫ال من التؤدة والسمت الحسن والخلق العظيم والدللة الظسساهرة علسسى نبوتسسك‬

‫لولي البصائر والنهى وهؤلء ينظرون كما ينظر غيرهسسم ول يحصسسل لهسسم‬

‫من الهداية شيء كما يحصل لغيرهم بل المؤمنون ينظرون إليك بعين الوقار‬

‫وهؤلء الكفار ينظسسرون إليسسك بعيسسن الحتقسسار ) وإذا رأوك إن يتخسسذونك إل‬

‫هزوا ( الية ث م أخبر تعالى أنه ل يظلم أحدا شيئا وإن كان قد هدى به مسن‬

‫هدى وبصر به مسسن العمسسى وفتسسح بسسه أعينسسا عميسسا وآذانسسا صسسما وقلوبسسا غلفسسا‬

‫وأضل به عن اليمان آخرين فهو الحاكم المتصرف في ملكه بما يشاء الذي‬

‫ل يسئل عما يفعل وهم يسئلون لعلمه وحكمته وعدله ولهسسذا قسسال تعسسالى ) إن‬

‫ال ل يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون ( وفي الحديث عسسن أبسسي‬

‫فيما يرويه عن ربه عز وجل ياعبادي إنسسي حرمسست الظلسسم‬ ‫ذر عن النبي‬

‫على نفسي وجعلته بينكم‬

‫محرما فل تظالموا إلى أن قال في آخره ياعبادي إنما هي أعمسسالكم أحصسسيها‬

‫لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد ال ومن وجد غير ذلك فل يلسسومن‬

‫‪216‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إل نفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه رواه مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسلم ‪ 2577‬بطسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوله‬

‫م ي َل ْب َُثوا ْ إ ِل ّ‬ ‫َ‬
‫م ك َأن ل ّ ْ‬ ‫ح ُ‬
‫شُرهُ ْ‬ ‫م يَ ْ‬
‫وَي َوْ َ‬
‫ن ك َبذ ُّبوا ْ‬ ‫سبَر ال ّب ِ‬
‫ذي َ‬ ‫م قَبد ْ َ‬
‫خ ِ‬ ‫ن الن َّهارِ ي َت َعَبباَرُفو َ‬
‫ن ب َي ْن َهُب ْ‬ ‫م َ‬
‫ة ّ‬
‫ساعَ ً‬
‫َ‬

‫ب ِل َِقاء الل ّهِ‬

‫ن }‪{45‬‬
‫دي َ‬ ‫كاُنوا ْ ُ‬
‫مهْت َ ِ‬ ‫ما َ‬
‫وَ َ‬

‫يقول تعالى مذكرا للناس قيام الساعة وحشسرهم مسن أجسداثهم إلسى عرصسات‬

‫القيامة ) ويوم يحشرهم ( الية كقوله ) كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا‬

‫إل سسساعة مسسن نهسسار ( وكقسسوله ) كسسأنهم يسسوم يرونهسسا لسسم يلبثسسوا إل عشسسية أو‬

‫ضحاها ( وقال تعالى ) يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقسسا‬

‫يتخسافتون بينهسم إن لبثتسم إل عشسرا نحسن أعلسم بمسا يقولسون إذ يقسول أمثلهسم‬

‫طريقة إن لبثتم إل يوما ( وقال تعالى ) ويوم تقوم السسساعة يقسسسم المجرمسسون‬

‫مالبثوا غير ساعة ( اليتين وهذا كله دليل على استقصسسار الحيسساة السسدنيا فسسي‬

‫الدار الخرة كقوله ) قال كم لبثتم في الرض عدد سنين قسسالوا لبثنسسا يومسسا أو‬

‫بعض يوم فاسئل العادين قال إن لبثتم إل قليل لو أنكم كنتم تعلمسسون ( وقسسوله‬

‫) يتعارفون بينهم ( أي يعرف البناء الباء والقرابسسات بعضسسهم لبعسسض كمسسا‬

‫كانوا في الدنيا ولكن كل مشغول بنفسسسه ) فسسإذا نفسسخ فسسي الصسسور فل أنسسساب‬

‫بينهم ( الية وقال تعالى ) ول يسأل حميم حميما ( اليات وقوله ) قسسد خسسسر‬

‫‪217‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الذين كذبوا بلقاء الس ومسسا كسسانوا مهتسسدين ( كقسسوله تعسسالى ) ويسسل للمكسسذبين (‬

‫لنهم خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامسسة أل ذلسسك هسسو الخسسسران المسسبين ول‬

‫خسارة أعظم من خسارة من فرق بينسسه وبيسسن أحبتسسه يسسوم الحسسسرة والندامسسة‬

‫م أ َوْ ن َت َوَفّي َن ّ َ‬
‫ك‬ ‫ض ال ّ ِ‬
‫ذي ن َعِد ُهُ ْ‬ ‫ما ن ُرِي َن ّ َ‬
‫ك ب َعْ َ‬ ‫وَإ ِ ّ‬

‫ل‬ ‫ما ي َْفعَُلو َ‬


‫ن }‪ {46‬وَل ِك ُ ّ‬ ‫شِهيد ٌ عََلى َ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫م ثُ ّ‬
‫جعُهُ ْ‬ ‫فَإ ِل َي َْنا َ‬
‫مْر ِ‬
‫ُ‬
‫م‬
‫ط وَهُ ْ‬ ‫ي ب َي ْن َُهم ِبال ِْق ْ‬
‫س ِ‬ ‫ض َ‬ ‫سول ُهُ ْ‬
‫م قُ ِ‬ ‫جاء َر ُ‬ ‫ل فَإ ِ َ‬
‫ذا َ‬ ‫سو ٌ‬
‫مةٍ ّر ُ‬
‫أ ّ‬

‫ن }‪{47‬‬ ‫ل َ ي ُظ ْل َ ُ‬
‫مو َ‬

‫) وإما نرينك بعض الذي نعدهم ( أي ننتقسسم‬ ‫يقول تعالى مخاطبا لرسوله‬

‫منهم في حياتك لتقر عينك منهم ) أو نتوفينك فإلينا مرجعهسم ( أي مصسيرهم‬

‫ومنقلبهم وال شهيد على أفعالهم بعدك وقد قال الطبراني ‪ 3055‬حسسدثنا عبسسد‬

‫ال بن أحمد حسسدثنا عقبسة بسن مكسرم حسسدثنا أبسو بكسسر الحنفسي حسسدثنا داود بسن‬

‫قال عرضت علي‬ ‫الجارود عن أبي السليل عن حذيفة بن أسيد عن النبي‬

‫أمتي البارحة لسسدى هسسذه الحجسسرة أولهسسا وآخرهسسا فقسسال رجسسل يسسا رسسسول الس‬

‫عرض عليك من خلق فكيف من لم يخلق فقال صوروا لي فسسي الطيسسن حسستى‬

‫أني لعرف بالنسان منهم من أحدكم بصاحبه ورواه ‪ 3054‬عن محمسسد بسسن‬

‫عثمان بن أبي شيبة عن عقبة بن مكرم عسسن يسسونس بسسن بكيسسر عسسن زيسساد بسسن‬

‫‪218‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المنذر عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد به نحوه وقوله ) ولكل أمة رسول‬

‫فإذا جاء رسولهم ( قال مجاهد يعني يوم القيامة ) قضي بينهم بالقسط ( الية‬

‫كقوله تعالى ) وأشرقت الرض بنور ربها ( الية فكل أمة تعرض على ال‬

‫بحضسسرة رسسسولها وكتسساب أعمالهسسا مسسن خيسسر وشسسر موضسسوع شسساهد عليهسسم‬

‫وحفظتهم من الملئكة شهود أيضسسا أمسسة بعسسد أمسسة وهسسذه المسسة الشسسريفة وإن‬

‫كسسانت آخسسر المسسم فسسي الخلسسق إل أنهسسا أول المسسم يسسوم القيامسسة يفصسسل بينهسسم‬

‫أنسسه قسسال نحسسن‬ ‫ويقضى لهسسم كمسسا جسساء فسسي الصسسحيحين عسسن رسسسول الس‬

‫الخرون السابقون يوم القيامة المقضى لهم قبسسل الخلئق فسسأمته إنمسسا حسسازت‬

‫قصب السبق بشرف رسولها صلوات ال وسلمه عليه دائما إلى يوم السسدين‬

‫ن‬
‫صادِِقي َ‬
‫م َ‬ ‫ذا ال ْوَعْد ُ ِإن ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫هب َ‬
‫مَتى َ‬ ‫وَي َُقوُلو َ‬
‫ن َ‬
‫َ‬
‫شبباء الل ّب ُ‬
‫ه‬ ‫ضّرا ً وَل َ ن َْفع با ً إ ِل ّ َ‬
‫مببا َ‬ ‫سي َ‬ ‫مل ِ ُ‬
‫ك ل ِن َْف ِ‬ ‫}‪ُ {48‬قل ل ّ أ ْ‬

‫ة‬ ‫ل ِك ُ ّ ُ‬
‫م ٍ‬
‫لأ ّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن}‬
‫مو َ‬ ‫ة وَل َ ي َ ْ‬
‫سبت َْقدِ ُ‬ ‫ساعَ ً‬
‫ن َ‬
‫خُرو َ‬
‫ست َأ ِ‬ ‫جل ُهُ ْ‬
‫م فَل َ ي َ ْ‬ ‫جاء أ َ‬
‫ذا َ‬ ‫ج ٌ‬
‫ل إِ َ‬ ‫أ َ‬

‫‪{49‬‬
‫َ‬ ‫ل أ َرأ َيتم إ َ‬
‫ه‬
‫من ْ ُ‬ ‫ج ُ‬
‫ل ِ‬ ‫ست َعْ ِ‬
‫ذا ي َ ْ‬ ‫ه ب ََياتا ً أوْ ن ََهارا ً ّ‬
‫ما َ‬ ‫ذاب ُ ُ‬ ‫ن أَتاك ُ ْ‬
‫م عَ َ‬ ‫قُ ْ َ ْ ُ ْ ِ ْ‬

‫‪219‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬
‫ن وَقَبد ْ ُ‬
‫كنت ُببم‬ ‫ما وَقَعَ آ َ‬
‫من ُْتم ب ِبهِ آل َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن }‪ {50‬أث ُ ّ‬
‫م إِ َ‬ ‫مو َ‬
‫جرِ ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ْ‬

‫ب ِهِ‬

‫ب‬ ‫ذوقُببوا ْ عَب َ‬


‫ذا َ‬ ‫مببوا ْ ُ‬
‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫ل ل ِل ّب ِ‬
‫ذي َ‬ ‫م ِقي ب َ‬ ‫جُلو َ‬
‫ن }‪ {51‬ث ُب ّ‬ ‫س بت َعْ ِ‬
‫تَ ْ‬

‫خل ْدِ‬
‫ال ْ ُ‬

‫ن }‪{52‬‬ ‫م ت َك ْ ِ‬
‫سُبو َ‬ ‫ما ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫ن إ ِل ّ ب ِ َ‬
‫جَزوْ َ‬ ‫هَ ْ‬
‫ل تُ ْ‬

‫يقول تعالى مخبرا عن كفر هؤلء المشركين في استعجالهم العذاب وسؤالهم‬

‫عن وقته قبل التعييسسن ممسسا ل فسسائدة لهسسم فيسسه كقسسوله ) يسسستعجل بهسسا السسذين ل‬

‫يؤمنسسون بهسسا والسسذين آمنسسوا مشسسفقون منهسسا ويعلمسسون أنهسسا الحسسق ( أي كائنسسة‬

‫إلسسى‬ ‫لمحالة وواقعة وإن لم يعلموا وقتها عينا ولهذا أرشد تعالى رسوله‬

‫جسسوابهم فقسسال ) قسسل ل أملسسك لنفسسسي ضسسرا ول نفعسسا ( اليسسة أي ل أقسسول إل‬

‫ماعلمني ول أقدر على شيء ممسسا اسسستأثر بسسه إل أن يطلعنسسي الس عليسسه فأنسسا‬

‫عبده ورسوله إليكم وقد أخبرتكم بمجيسسء السسساعة وأنهسسا كائنسسة ولسسم يطلعنسسي‬

‫على وقتها ولكن ) لكل أمة أجل ( أي لكل قرن مسسدة مسسن العمسسر مقسسدرة فسسإذا‬

‫انقضى أجلهم ) فل يستأخرون ساعة ول يسسستقدمون ( كقسسوله ) ولسسن يسسؤخر‬

‫ال نفسا إذا جاء أجلها ( الية ثم أخبر أن عذاب ال سيأتيهم بغتة فقسسال ) قسسل‬

‫أرأيتم أن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ) أي ليل أو نهسسارا ) مسساذا يسسستعجل منسسه‬

‫‪220‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المجرمون أثم إذا ما وقع آمنتم به آلن وقد كنتم به تسسستعجلون ( يعنسسي أنهسسم‬

‫إذا جاءهم العذاب قالوا ) ربنسا أبصسرنا وسسمعنا ( اليسة وقسال تعسالى ) فلمسا‬

‫رأوا بأسنا قالوا آمنا بال وحده وكفرنا بما كنسسا بسسه مشسسركين فلسسم يسسك ينفعهسسم‬

‫إيمسسانهم لمسسا رأوا بأسسسنا سسسنة ال س السستي قسسد خلسست فسسي عبسساده وخسسسر هنالسسك‬

‫الكافرون ( ) ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلسسد ( أي يسسوم القيامسسة يقسسال‬

‫لهم هذا تبكيتا وتقريعا كقوله ) يوم يدعون إلى نار جهنم دعا هذه النار السستي‬

‫كنتم بها تكسسذبون أفسسسحر هسسذا أم أنتسسم ل تبصسسرون اصسسلوها فاصسسبروا أو ل‬

‫تصسسسسسبروا سسسسسسواء عليكسسسسسم إنمسسسسسا تجسسسسسزون مسسسسسا كنتسسسسسم تعملسسسسسون (‬

‫سَتنب ُِئون َ َ‬
‫ك‬ ‫وَي َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن }‪{53‬‬
‫زي َ‬
‫ج ِ‬
‫مع ْ ِ‬
‫م بِ ُ‬
‫ما أنت ُ ْ‬ ‫ه لَ َ‬
‫حقّ وَ َ‬ ‫حقّ هُوَ قُ ْ‬
‫ل ِإي وََرّبي إ ِن ّ ُ‬ ‫أ َ‬
‫ل ن َْفببس ظ َل َمببت مببا ِفببي ال َ‬ ‫ُ‬ ‫وَلببو أ َ‬
‫ه‬ ‫ض ل َفَْتببد َ ْ‬
‫ت ب ِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫كبب‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫َ ْ‬
‫سّروا ْ‬ ‫َ‬
‫وَأ َ‬

‫م‬
‫ط وَهُ ْ‬ ‫ي ب َي ْن َُهم ِبال ِْق ْ‬
‫س ِ‬ ‫ب وَقُ ِ‬
‫ض َ‬ ‫ما َرأ َوُا ْ ال ْعَ َ‬
‫ذا َ‬ ‫ة لَ ّ‬
‫م َ‬
‫دا َ‬
‫الن ّ َ‬

‫ن }‪{54‬‬ ‫ل َ ي ُظ ْل َ ُ‬
‫مو َ‬

‫يقول تعالى ويستخبرونك ) أحق هو ( أي المعاد والقيامة مسسن الجسسداث بعسسد‬

‫صيرورة الجسام ترابا ) قل إي وربسسي إنسسه لحسسق ومسسا أنتسسم بمعجزيسسن ( أي‬

‫ليس صيرورتكم ترابا بمعجز ال عن إعادتكم كما بدأكم من العدم ف ) إنمسسا‬

‫‪221‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكسون ( وهسذه اليسة ليسس لهسا نظيسر فسي‬

‫القرآن إل آيتان أخريان يأمر ال تعالى رسسسوله أن يقسسسم بسسه علسسى مسسن أنكسسر‬

‫المعاد في سورة سبأ ) وقسسال السسذين كفسسروا ل تأتينسسا السسساعة قسسل بلسسى وربسسي‬

‫لتأتينكم ( وفي التغابن ) زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن‬

‫ثم لتنبؤن بما عملتسم وذلسك علسى الس يسسير ( ثسم أخسبر تعسالى أنسه إذا قسامت‬

‫القيامة يود الكافر لسسو افتسسدى مسسن عسذاب الس بملسسء الرض ذهبسسا ) وأسسسروا‬

‫الندامسسة لمسسا رأوا العسسذاب وقضسسي بينهسسم بالقسسسط ( أي بسسالحق ) وهسسم ل‬

‫يظلمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسون (‬
‫َ‬ ‫ت وال َ‬ ‫ن ل ِل ّ‬ ‫َ‬
‫ض أل َ إ ِ ّ‬
‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وا‬
‫َ‬ ‫ما‬
‫َ‬ ‫س‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫في‬
‫ِ‬ ‫ما‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫أل‬
‫وعْد الل ّه حق وَلبك َ‬
‫حي ِببي‬
‫ن }‪ {55‬هُ بوَ ي ُ ْ‬ ‫م ل َ ي َعْل َ ُ‬
‫مببو َ‬ ‫ن أك ْث ََرهُ ب ْ‬
‫ِ َ ّ َ ِ ّ‬ ‫َ َ‬

‫ت‬
‫مي ُ‬
‫وَي ُ ِ‬

‫ن }‪{56‬‬ ‫وَإ ِل َي ْهِ ت ُْر َ‬


‫جُعو َ‬

‫يخبر تعالى أنه مالك السماوات والرض وأن وعده حق كائن ل محالة وأنه‬

‫يحيي ويميست وإليسه مرجعهسم وأنسه القسادر علسى ذلسك العليسم بمسا تفسرق مسن‬

‫الجسام وتمزق في سائر أقطار الرض والبحار والقفار‬

‫عظ َ ٌ‬ ‫جاءت ْ ُ‬ ‫َ‬


‫ة‬ ‫مو ْ ِ‬
‫كم ّ‬ ‫س قَد ْ َ‬
‫َيا أي َّها الّنا ُ‬

‫ن‬ ‫ة ل ّل ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫م ٌ‬
‫ح َ‬
‫دى وََر ْ‬
‫دورِ وَهُ ً‬
‫ص ُ‬ ‫شَفاء ل ّ َ‬
‫ما ِفي ال ّ‬ ‫من ّرب ّك ُ ْ‬
‫م وَ ِ‬ ‫ّ‬

‫‪222‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حببوا ْ هُ بوَ َ‬
‫خي ْبٌر‬ ‫ك فَل ْي َْفَر ُ‬
‫مت ِهِ فَب ِذ َل ِ َ‬ ‫ل الل ّهِ وَب َِر ْ‬
‫ح َ‬ ‫ض ِ‬ ‫}‪ {57‬قُ ْ‬
‫ل ب َِف ْ‬

‫ما‬
‫م ّ‬
‫ّ‬

‫ن }‪{58‬‬
‫مُعو َ‬
‫ج َ‬
‫يَ ْ‬

‫يقول تعالى ممتنا على خلقه بما أنزله من القرآن العظيم على رسوله الكريسسم‬

‫) يسسا أيهسسا النسساس قسسد جسساءتكم موعظسسة مسسن ربكسسم أي زاجسسر عسسن الفسسواحش‬

‫) وشفاء لما في الصدور ( أي من الشبه والشكوك وهسسو إزالسسة مسسا فيهسسا مسسن‬

‫رجس ودنس وهدى ورحمة أي يحصل به الهداية والرحمسسة مسسن ال س تعسسالى‬

‫وإنما ذلك للمؤمنين به والمصدقين الموقنين بمسسا فيسسه كقسسوله تعسسالى ) وننسسزل‬

‫من القرآن ما هسسو شسفاء ورحمسة للمسسؤمنين ول يزيسسد الظسسالمين إل خسسسارا (‬

‫وقوله ) قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء ( الية وقوله تعالى ) قل بفضسسل الس‬

‫وبرحمته فبذلك فليفرحوا ( أي بهذا الذي جسساءهم مسسن الس مسسن الهسسدى وديسسن‬

‫الحق فليفرحوا فإنه أولى ما يفرحون به ) هو خيسسر ممسسا يجمعسسون ( أي مسسن‬

‫حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الفانية الذاهبة لمحالة كما قال بن أبي حاتم‬

‫في تفسير هذه الية وذكر بسنده عن بقية بن الوليد عسسن صسسفوان بسسن عمسسرو‬

‫سمعت أيفع بن عبد الكلعي يقول لما قدم خسراج العسسراق إلسسى عمسر رضسسي‬

‫ال عنه خرج عمر ومولى له فجعل عمر يعد البل فإذا هسسي أكسسثر مسسن ذلسسك‬

‫فجعل عمر يقسسول الحمسسد لس تعسسالى ويقسسول مسسوله هسسذا والس مسسن فضسسل الس‬

‫‪223‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ورحمته فقال عمر كذبت ليس هذا هو الذي يقول ال تعالى ) قل بفضسسل ال س‬

‫وبرحمته ( الية وهذا مما يجمعون وقد أسنده الحسسافظ أبسسو القاسسسم الطسسبراني‬

‫فسسرواه عسسن أبسسي زرعسسة الدمشسسقي عسسن حيسسوة بسسن شسسريح عسسن بقيسسة فسسذكره‬

‫ق‬
‫من ّرْز ٍ‬ ‫ه لَ ُ‬
‫كم ّ‬ ‫ما َأنَز َ‬
‫ل الل ّ ُ‬
‫قُ ْ َ َ‬
‫ل أَرأي ُْتم ّ‬
‫ل آلل ّه أ َذن ل َك ُ َ‬
‫م عََلى الل ّهِ‬
‫مأ ْ‬‫ْ‬ ‫ُ ِ َ‬ ‫حَراما ً وَ َ‬
‫حل َل ً قُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫جعَل ُْتم ّ‬
‫من ْ ُ‬ ‫فَ َ‬

‫ن عََلى الل ّهِ ال ْك َذِ َ‬


‫ب‬ ‫ن ي َْفت َُرو َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ما ظ َ ّ‬
‫ن }‪ {59‬وَ َ‬
‫ت َْفت َُرو َ‬
‫ذو فَضل عََلى الناس وَلبك َ‬
‫ه لَ ُ‬
‫ن أك ْث ََرهُ ْ‬
‫م‬ ‫ّ ِ َ ِ ّ‬ ‫ْ ٍ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬
‫مة ِ إ ِ ّ‬ ‫ي َوْ َ‬

‫شك ُُرو َ‬
‫ن }‪{60‬‬ ‫ل َ يَ ْ‬

‫قال بن عباس ومجاهد والضسسحاك وقتسسادة وعبسسد الرحمسسن بسسن زيسسد بسسن أسسسلم‬

‫وغيرهسم نزلست إنكسارا علسى المشسركين فيمسا كسانوا يحلسون ويحرمسون مسن‬

‫البحائر والسوائب والوصايل كقوله تعالى ) وجعلوا ل مما ذرأ مسسن الحسسرث‬

‫والنعام نصيبا ( اليات وقسسال المسسام أحمسسد ‪ 3473‬حسسدثنا محمسسد بسسن جعفسسر‬

‫حدثنا شعبة عن أبي إسحاق سمعت أبا الحوص وهسسو عسسوف بسسن مالسسك بسسن‬

‫وأنا رث الهيئة فقسسال هسسل لسسك‬ ‫نضلة يحدث عن أبيه قال أتيت رسول ال‬

‫مال قلت نعم قال من أي المال قال قلسست مسسن كسسل المسسال مسسن البسسل والرقيسسق‬

‫والخيل والغنم فقال إذا آتاك ال مال فلير عليك قال هسسل تنتسسج إبلسسك صسسحاحا‬

‫‪224‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫آذانها فتعمد إلى موسى فتقطع آذانها فتقول هذه بحر وتشسسق جلودهسسا وتقسسول‬

‫هذه صرم وتحرمها عليك وعلى أهلك قال نعم قال فإن ماآتسساك ال س لسسك حسسل‬

‫ساعد ال أشد من ساعدك وموسى ال أحد من موساك وذكر تمام الحديث ثم‬

‫رواه ‪ 4136‬عن سفيان بن عيينة عن أبسسي الزعسسراء عمسسرو بسسن عمسسرو عسسن‬

‫عمه أبي الحوص و ‪ 3473‬عن بهز بن أسد عن حماد بسسن سسسلمة عسسن عبسسد‬

‫الملك بن عمير عن أبي الحوص به وهذا حديث جيد قوي السناد وقد أنكر‬

‫ال تعالى على من حرم ما أحل ال أو أحل ما حرم بمجرد الراء والهسسواء‬

‫التي لمستند لهسسا ول دليسسل عليهسسا ثسسم توعسسدهم علسسى ذلسسك يسسوم القيامسسة فقسسال‬

‫) وماظن الذين يفترون على ال الكذب يوم القيامسسة ( أي مسساظنهم إن يصسسنع‬

‫بهم يوم مرجعهم إلينا يوم القيامة وقوله ) إن ال لذو فضل على الناس ( قال‬

‫بن جرير في تركه معاجلتهم بالعقوبة في الدنيا قلت ويحتمل أن يكون المراد‬

‫لذو فضل على الناس فيما أباح لهم مما خلقه من المنافع في الدنيا ولسم يحسرم‬

‫عليهم إل ما هو ضار لهم في دنياهم أو دينهم ) ولكن أكسسثرهم ل يشسسكرون (‬

‫بل يحرمون ما أنعم ال به عليهسسم ويضسسيقون علسسى أنفسسسهم فيجعلسسون بعضسسا‬

‫حلل وبعضا حراما وهذا قد وقع فيه المشركون فيما شرعوه لنفسهم وأهل‬

‫الكتاب فيما ابتدعوه في دينهم وقال بن أبي حاتم في تفسير هسسذه اليسسة حسسدثنا‬

‫أبي حدثنا أحمد بن أبي الحواري حدثنا رباح حدثنا عبد ال بن سليمان حدثنا‬

‫‪225‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫موسى بن الصباح في قوله عز وجل ) إن ال لذو فضسل علسى النسساس ( قسسال‬

‫إذا كان يوم القيامة يؤتى بأهل ولية ال عز وجل فيقومون بين يدي ال عسسز‬

‫وجل ثلثسسة أصسسناف فيسسؤتى برجسسل مسسن الصسسنف الول فيقسسول عبسسدي لمسساذا‬

‫عملت فيقسسول يسسارب خلقسست الجنسسة وأشسسجارها وثمارهسسا وأنهارهسسا وحورهسسا‬

‫ونعيمها وما أعددت لهل طاعتك فيها فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري شسسوقا‬

‫إليها قال فيقول ال تعالى عبدي إنما عملت للجنسسة هسسذه الجنسسة فادخلهسسا ومسسن‬

‫فضلي عليك قد أعتقتك من النار ومن فضلي عليك أن أدخلك جنسستي فيسسدخل‬

‫هو ومن معه الجنة قال ثم يؤتى برجل من الصنف الثاني فيقول عبدي لمسساذا‬

‫عملسست فيقسسول يسسارب خلقسست نسسارا وخلقسست أغللهسسا وسسسعيرها وسسسمومها‬

‫ويحمومها وما أعددت لعدائك وأهل معصيتك فيها فأسهرت ليلي وأظمسسأت‬

‫نهاري خوفا منها فيقول عبسسدي إنمسسا عملسست ذلسسك خوفسسا مسسن نسساري فسسإني قسسد‬

‫أعتقتك من النار ومن فضلي عليك أن أدخلسسك جنسستي فيسسدخل هسسو ومسسن معسسه‬

‫الجنة ثم يؤتى برجل من الصنف الثالث فيقول عبدي لماذا عملت فيقول رب‬

‫حبا لك وشوقا إليك وعزتك لقد أسسسهرت ليلسسي وأظمسسأت نهسساري شسسوقا إليسسك‬

‫وحبا لك فيقول تبارك وتعالى عبدي إنما عملت حبا لي وشسسوقا إلسسي فيتجلسسى‬

‫له الرب جل جلله ويقول ها أنا ذا فانظر إلي ثم يقول من فضسسلي عليسسك أن‬

‫أعتقك من النار وأبيحك جنتي وأزيرك ملئكتي وأسلم عليك بنفسسسي فيسسدخل‬

‫‪226‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسو ومسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسن معسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه الجنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسة‬
‫كون في َ ْ‬
‫من قُْرآ ٍ‬
‫ن‬ ‫ه ِ‬ ‫ما ت َت ُْلو ِ‬
‫من ْ ُ‬ ‫ن وَ َ‬
‫شأ ٍ‬ ‫ما ت َ ُ ُ ِ‬
‫وَ َ‬

‫ن‬ ‫شُهودا ً إ ِذ ْ ت ُِفي ُ‬


‫ضو َ‬ ‫ل إ ِل ّ ك ُّنا عَل َي ْك ُ ْ‬
‫م ُ‬ ‫م ٍ‬
‫ن عَ َ‬
‫م ْ‬ ‫مُلو َ‬
‫ن ِ‬ ‫وَل َ ت َعْ َ‬

‫ض وَل َ ِفي‬ ‫َ‬ ‫عن ّرب ّ َ‬


‫مث َْقا ِ‬
‫ل ذ َّرةٍ ِفي الْر ِ‬ ‫من ّ‬
‫ك ِ‬ ‫ب َ‬
‫ما ي َعُْز ُ‬
‫ِفيهِ وَ َ‬

‫ن}‬ ‫ب‬ ‫بي‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫با‬


‫ب‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫بي‬
‫ب‬ ‫ف‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫ب‬‫ْ‬ ‫ك‬‫ك ول أ َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ذ‬ ‫من‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫غ‬ ‫ص‬ ‫السماء ول َ أ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬

‫‪{61‬‬

‫أنه يعلم جميع أحواله وأحوال أمته وجميع الخلئق فسسي‬ ‫يخبر تعالى نبيه‬

‫كل ساعة وأوان ولحظة وأنسسه ل يعسسزب عسسن علمسسه وبصسسره مثقسسال ذرة فسسي‬

‫حقارتها وصغرها في السماوات ول في الرض ول أصسسغر منهسسا ول أكسسبر‬

‫إل في كتاب مبين كقوله ) وعنده مفاتح الغيب ل يعلمها إل هو ويعلم ما فسسي‬

‫البر والبحر وما تسقط من ورقة إل يعلمها ول حبة في ظلمسسات الرض ول‬

‫رطب ول يابس إل في كتاب مبين ( فأخبر تعالى أنسسه يعلسسم حركسسة الشسسجار‬

‫وغيرها من الجمادات وكذلك الدواب السارحة في قوله ) ومسسا مسسن دابسة فسسي‬

‫الرض ول طائر يطير بجناحيه إل أمم أمثالكم اليسسة وقسسال تعسسالى ومسسا مسسن‬

‫دابة في الرض إل على ال رزقها ( الية وإذا كان هذا علمه بحركات هسسذه‬

‫‪227‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الشياء فكيف علمه بحركسات المكلفيسن المسأمورين بالعبسادة كمسا قسال تعسالى‬

‫) وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقسسوم وتقلبسسك فسسي السسساجدين (‬

‫ولهذا قال تعالى ) وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ول تعملون من‬

‫عمل إل كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه ( أي إذ تأخسسذون فسسي ذلسسك الشسسيء‬

‫لمسسا سسسأله جبريسسل عسسن‬ ‫نحن مشاهدون لكسسم راءون سسسامعون ولهسسذا قسسال‬

‫الحسسسسان أن تعبسسسد السسس كأنسسسك تسسسراه فسسسإن لسسسم تكسسسن تسسسراه فسسسإنه يسسسراك‬

‫ن‬
‫حَزُنو َ‬
‫م يَ ْ‬ ‫ف عَل َي ْهِ ْ‬
‫م وَل َ هُ ْ‬ ‫ن أ َوْل َِياء الل ّهِ ل َ َ‬
‫خو ْ ٌ‬ ‫َ‬
‫أل إ ِ ّ‬

‫م ال ْب ُ ْ‬
‫شَرى‬ ‫ن }‪ {63‬ل َهُ ُ‬
‫كاُنوا ْ ي َت ُّقو َ‬
‫مُنوا ْ وَ َ‬
‫نآ َ‬ ‫}‪ {62‬ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬

‫ت الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ل ل ِك َل ِ َ‬
‫ما ِ‬ ‫خَرةِ ل َ ت َب ْ ِ‬
‫دي َ‬ ‫ِفي ال ْ َ‬
‫حياةِ الد ّن َْيا وَِفي ال ِ‬

‫م }‪{64‬‬ ‫ك هُوَ ال َْفوُْز ال ْعَ ِ‬


‫ظي ُ‬ ‫ذ َل ِ َ‬

‫يخبر تعالى أن أولياءه هم الذين آمنوا وكانوا يتقون كما فسرهم بهم فكل مسسن‬

‫كان تقيا كان ل وليا ف ) ل خسسوف عليهسسم ( أي فيمسسا يسسستقبلونه مسسن أهسسوال‬

‫الخرة ) ولهم يحزنسسون ( علسسى مسسا وراءهسسم فسسي السسدنيا وقسسال عبسسد الس بسسن‬

‫مسعود وبن عباس وغير واحد من السلف أولياء ال الذين إذا رؤوا ذكر الس‬

‫وقد ورد هذا في حديث مرفوع كما قال البزار ‪ 3626‬حدثنا علي بسسن حسسرب‬

‫الرازي حدثنا محمد بن سعيد بن سابق حدثنا يعقوب بسن عبسد الس الشسعري‬

‫‪228‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وهو القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن بن عباس قسسال‬

‫قال رجل يا رسول ال من أولياء الس قسسال السسذين إذا رؤوا ذكسسر الس ثسسم قسسال‬

‫البزار وقد روي عن سعيد مرسل وقال بن جرير حدثنا أبو هشسسام الرفسساعي‬

‫حدثنا أبو فضيل حدثنا أبي عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن عمرو‬

‫إن‬ ‫بن جرير البجلي عن أبي هريرة رضي ال عنه قال قال رسسسول ال س‬

‫من عباد ال عبادا يغبطهم النبياء والشهداء قيل من هم يسسا رسسسول الس لعلنسسا‬

‫نحبهم قال هم قوم تحابوا في ال من غيسسر أمسسوال ول أنسسساب وجسسوههم نسسور‬

‫على منابر من نور ل يخافون إذا خاف الناس ول يحزنون إذا حسسزن النسساس‬

‫ثم قرأ ) أل إن أولياء ال ل خوف عليهم ول هم يحزنون ( ثم رواه ‪11132‬‬

‫أيضا أبو داود ‪ 3527‬من حسسديث جريسسر عسسن عمسسارة بسسن القعقسساع عسسن أبسسي‬

‫زرعة عن عمرو بن جرير عن عمر بن الخطاب رضي ال عنه عن النسسبي‬

‫بمثله وهذا أيضا إسناد جيسد إل أنسه منقطسع بيسن أبسي زرعسة وعمسر بسن‬

‫الخطاب وال أعلم وفي حديث المام أحمد ‪ 5343‬عن أبي النضر عسسن عبسسد‬

‫الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عسسن عبسسد الرحمسسن بسسن غنسسم عسسن أبسسي‬

‫يأتي من أفناء الناس ونسسوازع القبسسائل‬ ‫مالك الشعري قال قال رسول ال‬

‫‪229‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قوم لم تتصل بينهم أرحام متقاربة تحابوا في ال وتصافوا في الس يضسسع الس‬

‫لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم عليها يفزع الناس ول يفزعسسون وهسسم‬

‫أولياء ال الذين ل خوف عليهم ول هم يحزنون والحديث مطول وقال المام‬

‫أحمد ‪ 6445‬حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن العمسسش عسسن ذكسسوان بسسن‬

‫في قسسوله‬ ‫أبي صالح عن رجل عن أبي الدرداء رضي ال عنه عن النبي‬

‫) لهم البشرى في الحيسساة السسدنيا وفسسي الخسسرة ( قسسال الرؤيسسا الصسسالحة يراهسسا‬

‫المسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسلم أو تسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرى لسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه‬

‫وقال بن جرير حدثني أبو السائب حدثنا أبو معاوية عسسن العمسسش عسسن أبسسي‬

‫صالح عن عطاء بن يسار عن رجل من أهسسل مصسسر عسسن أبسسي السسدرداء فسسي‬

‫قوله ) لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الخرة ( قال سأل رجل أبا السسدرداء‬

‫عن هذه الية فقال لقد سألت عن شيء ما سمعت أحدا سسسأل عنسسه بعسسد رجسسل‬

‫فقال هي الرؤيسسا الصسسالحة يراهسا الرجسل المسسسلم أو‬ ‫سأل عنه رسول ال‬

‫ترى له بشراه في الحياة الدنيا وبشراه في الخرة الجنسسة ثسسم رواه بسسن جريسسر‬

‫عن سفيان عن بن المنكدر عن عطاء بن يسار عن رجل من أهل مصر أنسسه‬

‫سأل أبا الدرداء عن هذه الية فذكر نحو ما تقسسدم ثسسم قسسال بسسن جريسسر حسسدثني‬

‫المثنى حدثنا حجاج بن منهال حدثنا حماد بن زيد عن عاصم بسسن بهدلسسة عسسن‬

‫‪230‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبي صالح قال سمعت أبا الدرداء سئل عن هذه اليسسة ) السسذين آمنسسوا وكسسانوا‬

‫يتقون لهم البشرى ( فذكر نحوه سواء وقال المام أحمد ‪ 5315‬حسسدثنا عفسسان‬

‫حدثنا أبان حدثنا يحيى عن أبي سلمة عن عبادة بن الصامت أنه سأل رسول‬

‫فقال يا رسول ال أرأيت قسسول الس تعسسالى ) لهسسم البشسسرى فسسي الحيسساة‬ ‫ال‬

‫الدنيا وفي الخرة ( فقال لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحسسد مسسن أمسستي‬

‫أو قال أحد قبلك تلك الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له وكذا رواه أبسسو‬

‫داود الطيالسي ‪ 583‬عن عمران القطان عن يحيى بسسن أبسسي كسسثير بسسه ورواه‬

‫الوزاعي عن يحيى بن أبي كثير فذكره ورواه علي بن المبارك عسسن يحيسسى‬

‫عسسن هسسذه‬ ‫عن أبي سلمة قال نبئنا عن عبادة بن الصامت سأل رسول ال‬

‫الية فذكره وقال بن جرير حدثني أبو حميد الحمصي حدثنا يحيى بن سسسعيد‬

‫حدثنا عمر بن عمرو بن عبد الحموسي عن حميد بن عبد ال س المزنسسي قسسال‬

‫أتى رجل عبادة بن الصامت فقال آيسسة فسسي كتسساب الس أسسسألك عنهسسا قسسول الس‬

‫تعالى ) لهم البشرى في الحياة الدنيا ( فقال عبادة ما سسسألني عنهسسا أحسسد قبلسسك‬

‫سألت عنها نبي ال فقال مثل ذلك ما سألني عنها أحد قبلسسك الرؤيسسا الصسسالحة‬

‫يراها العبد المؤمن في المنام أو ترى له ثم رواه من حديث موسى بن عبيسسدة‬

‫عن أيوب بن خالد بن صفوان عن عبادة بن الصسسامت أنسسه قسسال لرسسسول ال س‬

‫‪231‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫) لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الخرة ( فقسسد عرفنسسا بشسسرى الخسسرة‬

‫الجنة فما بشرى الدنيا قال الرؤيا الصالحة يراها العبد أو ترى له وهي جزء‬

‫من أربعة وأربعين جزءا أو سبعين جزءا من النبوة وقال المام أحمد أيضسسا‬

‫‪ 5156‬حدثنا بهز حدثنا حماد حدثنا أبو عمران عن عبد ال بن الصامت عن‬

‫أبي ذر أنه قال يا رسول ال الرجل يعمل العمل ويحمده الناس عليه ويثنسسون‬

‫تلسسك عاجسسل بشسسرى المسسؤمن رواه مسسسلم ‪2642‬‬ ‫عليه به فقال رسول ال‬

‫وقال أحمد أيضا ‪ 2219‬حدثنا حسسن يعنسي الشسيب حسدثنا بسسن لهيعسة حسدثنا‬

‫دراج عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد ال بن عمرو عن رسسسول الس‬

‫أنه قال ) لهم البشرى في الحياة الدنيا ( قال الرؤيا الصالحة يبشرها المسسؤمن‬

‫جزء من تسعة وأربعين جزءا من النبوة فمن رأى ذلك فليخبر بها ومن رأى‬

‫سوى ذلك فإنما هو من الشيطان ليحزنه فلينفث عن يساره ثلثسسا وليكسسبر ول‬

‫يخبر بها أحدا لم يخرجسسوه وقسسال بسسن جريسسر حسسدثني يسسونس أنبأنسسا بسسن وهسسب‬

‫حدثني عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السسسمح حسسدثه عسسن عبسسد الرحمسسن بسسن‬

‫أنسه قسال لهسم البشسرى فسي‬ ‫جبير عن عبد ال بن عمرو عسن رسسول الس‬

‫الحياة الدنيا الرؤيا الصالحة يبشرها المؤمن جزء مسسن سسستة وأربعيسسن جسسزءا‬

‫‪232‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من النبوة وقال أيضا بن جرير حدثني محمسسد بسسن أبسسي حسساتم المسسؤدب حسسدثنا‬

‫عمار بن محمد حدثنا العمش عن أبسي صسالح عسن أبسي هريسرة عسن النسبي‬

‫) لهسم البشسرى فسي الحيساة السدنيا وفسي الخسرة ( قسال فسي السدنيا الرؤيسا‬

‫الصالحة يراها العبد أو ترى له وهسسي فسسي الخسسرة الجنسسة ثسسم رواه عسسن أبسسي‬

‫كريب عن أبي بكر بن عيسساش عسسن أبسسي حصسسين عسسن أبسسي صسسالح عسسن أبسسي‬

‫هريرة أنه قال الرؤيا الحسنة بشرى من ال وهي من المبشسسرات هكسسذا رواه‬

‫من هذه الطريق موقوفا وقال أيضا حدثنا أبسسو كريسسب حسسدثنا أبسسو بكسسر حسسدثنا‬

‫الرؤيسسا الحسسسنة‬ ‫هشام عن بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الس‬

‫هي البشرى يراها المسلم أو ترى له وقال بن جرير حدثني أحمسسد بسسن حمسساد‬

‫الدولبي حدثنا سفيان عن عبيد ال بن أبي يزيد عن أبيه عن سباع بن ثسسابت‬

‫يقسسول ذهبسست النبسسوة وبقيسست‬ ‫عسسن أم كريسسز الكعبيسسة سسسمعت رسسسول ال س‬

‫المبشرات وهكذا روي عن بسن مسسعود وأبسي هريسسرة وبسن عبساس ومجاهسسد‬

‫وعروة بن الزبير ويحيى بن أبسسي كسسثير وإبراهيسسم النخعسسي وعطسساء بسسن أبسسي‬

‫رباح وغيرهم أنهم فسروا ذلك بالرؤيا الصسسالحة وقيسسل المسسراد بسسذلك بشسرى‬

‫الملئكة للمؤمن عند احتضاره بالجنة والمغفرة كقوله تعالى ) إن الذين قالوا‬

‫‪233‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ربنا ال ثم استقاموا تتنزل عليهم الملئكسسة أل تخسسافوا ول تحزنسسوا وأبشسسروا‬

‫بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة السسدنيا وفسسي الخسسرة ولكسسم‬

‫فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيهسسا مسسا تسسدعون نسسزل مسسن غفسسور رحيسسم ( وفسسي‬

‫حديث البراء رضي الس عنسسه أن المسسؤمن إذا حضسسره المسسوت جسساءه ملئكسسة‬

‫بيض الوجسسوه بيسسض الثيسساب فقسسالوا اخرجسسي أيتهسسا السسروح الطيبسسة إلسسى روح‬

‫وريحان ورب غير غضبان فتخرج من فمه كما تسيل القطرة من فم السسسقاء‬

‫وأما بشراهم في الخرة فكما قال تعالى ) ل يحزنهم الفزع الكسسبر وتتلقسساهم‬

‫الملئكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ( وقال تعسسالى ) يسسوم تسسرى المسسؤمنين‬

‫والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمسسانهم بشسسراكم اليسسوم جنسسات تجسسري‬

‫مسسسسن تحتهسسسسا النهسسسسار خالسسسسدين فيهسسسسا ذلسسسسك هسسسسو الفسسسسوز العظيسسسسم (‬

‫وقوله ) ل تبديل لكلمات ال ( أي هذا الوعد ل يبدل ول يخلف ول يغير بسسل‬

‫هسسسسو مقسسسسرر مثبسسسست كسسسسائن ل محالسسسسة ) ذلسسسسك هسسسسو الفسسسسوز العظيسسسسم (‬

‫ن‬ ‫ك قَوْل ُهُ ْ‬


‫م إِ ّ‬ ‫حُزن َ‬
‫وَل َ ي َ ْ‬
‫َ‬
‫ن ل ِل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ميعُ ال ْعَِلي ُ‬
‫م }‪ {65‬أل إ ِ ّ‬ ‫ميعا ً هُوَ ال ّ‬
‫س ِ‬ ‫ال ْعِّزةَ ل ِل ّهِ َ‬
‫ج ِ‬

‫ن‬ ‫ما ي َت ّب ِعُ ال ّ ِ‬ ‫َ‬


‫ذي َ‬ ‫ض وَ َ‬
‫من ِفي الْر ِ‬
‫ماَوات وَ َ‬
‫س َ‬
‫من ِفي ال ّ‬
‫َ‬

‫ن إ ِل ّ‬
‫كاء ِإن ي َت ّب ُِعو َ‬ ‫ن الل ّهِ ُ‬
‫شَر َ‬ ‫دو ِ‬
‫من ُ‬
‫ن ِ‬
‫عو َ‬
‫ي َد ْ ُ‬

‫ل ل َك ُ ُ‬
‫م‬ ‫جع َ َ‬ ‫ن }‪ {66‬هُوَ ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫صو َ‬ ‫م إ ِل ّ ي َ ْ‬
‫خُر ُ‬ ‫ن هُ ْ‬ ‫الظ ّ ّ‬
‫ن وَإ ِ ْ‬

‫‪234‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صرا ً إ ِ ّ‬
‫ن ِفي ذ َل ِ َ‬
‫ك‬ ‫سك ُُنوا ْ ِفيهِ َوالن َّهاَر ُ‬
‫مب ْ ِ‬ ‫الل ّي ْ َ‬
‫ل ل ِت َ ْ‬

‫ن }‪{67‬‬
‫مُعو َ‬ ‫ت ل َّقوْم ٍ ي َ ْ‬
‫س َ‬ ‫لَيا ٍ‬

‫) ول يحزنك ( قول هؤلء المشركين واسسستعن بسسال‬ ‫يقول تعالى لرسوله‬

‫عليهم وتوكل عليه فإن العزة ل جميعا أي جميعهسسا لسسه ولرسسسوله وللمسسؤمنين‬

‫) هو السميع العليم ( أي السميع لقوال عباده العليم بأحوالهم ثم أخبر تعسسالى‬

‫أن لسسه ملسسك السسسماوات والرض وأن المشسسركين يعبسسدون الصسسنام وهسسي ل‬

‫تملك شيئا ل ضرا ول نفعا ول دليل لهم على عبادتهسسا بسسل إنمسسا يتبعسسون فسسي‬

‫ذلك ظنونهم وتخرصهم وكذبهم وإفكهم ثم أخبر أنه الذي جعسسل لعبسساده الليسسل‬

‫ليسكنوا فيه أي يستريحون فيسسه مسسن نصسسبهم وكلمهسسم وحركسساتهم ) والنهسسار‬

‫مبصرا ( أي مضيئا لمعاشهم وسعيهم وأسفارهم ومصسسالحهم ) إن فسسي ذلسسك‬

‫ليسسات لقسسوم يسسسمعون ( أي يسسسمعون هسسذه الحجسسج والدلسسة فيعتسسبرون بهسسا‬

‫ويسسسسسسسستدلون علسسسسسسسى عظمسسسسسسسة خالقهسسسسسسسا ومقسسسسسسسدرها ومسسسسسسسسيرها‬

‫ه وََلدا ً‬
‫خذ َ الل ّ ُ‬
‫َقاُلوا ْ ات ّ َ‬
‫َ‬
‫ض‬
‫ما ِفي الْر ِ‬
‫ماَوات وَ َ‬
‫س َ‬
‫ما ِفي ال ّ‬ ‫ي لَ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ه هُوَ ال ْغَن ِ ّ‬
‫حان َ ُ‬
‫سب ْ َ‬
‫ُ‬
‫طان بهب َ َ‬
‫ن عََلى الل ّهِ َ‬
‫ما‬ ‫ذا أتُقوُلو َ‬ ‫سل ْ َ ٍ ِ َ‬
‫من ُ‬ ‫عند َ ُ‬
‫كم ّ‬ ‫ن ِ‬
‫إِ ْ‬

‫ن عََلى الل ّهِ ال ْك َذِ َ‬


‫ب‬ ‫ن ي َْفت َُرو َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ن }‪ {68‬قُ ْ‬
‫ل إِ ّ‬ ‫ل َ ت َعْل َ ُ‬
‫مو َ‬

‫‪235‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫م ثُ ّ‬
‫م‬ ‫جعُهُ ْ‬ ‫م إ ِل َي َْنا َ‬
‫مْر ِ‬ ‫مَتاعٌ ِفي الد ّن َْيا ث ُ ّ‬
‫ن }‪َ {69‬‬ ‫ل َ ي ُْفل ِ ُ‬
‫حو َ‬

‫كاُنوا ْ ي َك ُْفُرو َ‬
‫ن }‪{70‬‬ ‫ما َ‬
‫ديد َ ب ِ َ‬ ‫ب ال ّ‬
‫ش ِ‬ ‫م ال ْعَ َ‬
‫ذا َ‬ ‫ذيُقهُ ُ‬
‫نُ ِ‬

‫يقول تعالى منكرا على من ادعى أن له ولدا ) سبحانه هو الغني ( أي تقسسدس‬

‫عن ذلسسك هسسو الغنسسي عسسن كسسل مسسا سسسواه وكسسل شسسيء فقيسسر إليسسه ) لسسه مسسا فسسي‬

‫السماوات ومافي الرض ( أي فكيسف يكسون لسه ولسسد ممسسا خلسسق وكسل شسيء‬

‫مملوك له عبد له ) إن عندكم من سلطان بهذا ( أي ليس عندكم دليل على ما‬

‫تقولونه من الكذب والبهتان ) أتقولون على ال ما ل تعلمون ( إنكار ووعيسسد‬

‫أكيد وتهديد شديد كقوله تعالى ) وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقسسد جئتسسم شسسيئا إدا‬

‫تكاد السسسماوات يتفطسسرن منسسه وتنشسسق الرض وتخسسر الجبسسال هسسدا أن دعسسوا‬

‫للرحمن ولدا وما ينبغسسي للرحمسسن أن يتخسسذ ولسسدا إن كسسل مسسن فسسي السسسماوات‬

‫والرض إل آت الرحمن عبسسدا لقسسد أحصسساهم وعسسدهم عسسدا وكلهسسم آتيسسه يسسوم‬

‫القيامة فردا ( ثم توعد تعالى الكاذبين عليه المفترين ممسسن زعسسم أن لسسه ولسسدا‬

‫بأنهم ل يفلحون في الدنيا ول في الخرة فأما في السسدنيا فسسإنهم إذا اسسستدرجهم‬

‫وأملى لهم متعهم قليل ) ثم يضطرهم إلى عذاب غليظ ( كما قسسال تعسسالى هسسا‬

‫هنا ) متاع في الدنيا ( أي مدة قريبة ) ثم إلينا مرجعهم ( أي يوم القيامة ) ثم‬

‫نذيقهم العذاب الشديد ( أي الموجع المؤلم ) بمسسا كسسانوا يكفسسرون ( أي بسسسبب‬

‫كفرهسسم وافسسترائهم وكسسذبهم علسسى السس فيمسسا ادعسسوه مسسن الفسسك والسسزور‬

‫‪236‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ن ك َب ُبَر‬ ‫ل عل َيهم نببأ َ‬
‫مهِ ي َببا قَبوْم ِ ِإن ك َببا َ‬ ‫ح إ ِذ ْ قَببا َ‬
‫ل ل َِقبوْ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بو‬
‫ب‬‫ُ‬ ‫ن‬ ‫َوات ْ ُ َ ْ ِ ْ َ َ‬

‫عَل َي ْ ُ‬
‫كم‬

‫مُعوا ْ‬ ‫َ‬
‫ج ِ‬ ‫ت الل ّهِ فَعََلى الل ّهِ ت َوَك ّل ْ ُ‬
‫ت فَأ ْ‬ ‫ري ِبآَيا ِ‬ ‫مي وَت َذ ْ ِ‬
‫كي ِ‬ ‫مَقا ِ‬
‫ّ‬
‫ضوا ْ‬ ‫كاءك ُم ث ُم ل َ يك ُ َ‬ ‫َ‬
‫م اقْ ُ‬
‫ة ثُ ّ‬
‫م ً‬ ‫م عَل َي ْك ُ ْ‬
‫م غُ ّ‬ ‫مُرك ُ ْ‬
‫نأ ْ‬‫َ ْ‬ ‫ْ ّ‬ ‫شَر َ‬ ‫مَرك ُ ْ‬
‫م وَ ُ‬ ‫أ ْ‬

‫ر‬ ‫ب‬ ‫ج‬ ‫كم م بن أ َ‬


‫ُ‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫ل‬‫إل َي ول َ تنظرون }‪ {71‬فَإن تول ّيتم فَما س بأ َ‬
‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ َ ُْ ْ َ َ‬ ‫ِ ّ َ ُ ُِ ِ‬

‫ن‬
‫إِ ْ‬

‫ن }‪{72‬‬
‫مي َ‬
‫سل ِ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫م َ‬
‫ن ِ‬ ‫ن أَ ُ‬
‫كو َ‬
‫َ‬
‫تأ ْ‬‫مْر ُ‬
‫ُ‬
‫جرِيَ إ ِل ّ عََلى الل ّهِ وَأ ِ‬
‫َ‬
‫أ ْ‬

‫خل َئ ِ َ‬
‫ف‬ ‫جعَل َْناهُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ه ِفي ال ُْفل ْ ِ‬
‫ك وَ َ‬ ‫مع َ ُ‬
‫من ّ‬ ‫فَك َذ ُّبوهُ فَن َ ّ‬
‫جي َْناهُ وَ َ‬

‫كببذ ُّبوا ْ ِبآَيات َِنببا َفببانظ ُْر ك َْيبب َ‬ ‫َ‬


‫ة‬
‫عاقَِببب ُ‬
‫ن َ‬ ‫ف َ‬
‫كببا َ‬ ‫ن َ‬ ‫وَأغَْرقَْنببا اّلبب ِ‬
‫ذي َ‬

‫ال ْ ُ‬
‫منذ َِري َ‬
‫ن‬

‫}‪{73‬‬

‫يقول تعسالى لنسبيه صسلوات الس وسسلمه عليسه ) واتسل عليهسم ( أي أخسبرهم‬

‫واقصص عليهم أي على كفار مكة الذين يكسسذبونك ويخالفونسسك ) نبسسأ نسسوح (‬

‫أي خبره مع قومه الذين كذبوه كيسسف أهلكهسسم الس ودمرهسسم بسسالغرق أجمعيسسن‬

‫عن آخرهم ليحذر هؤلء أن يصسيبهم مسن الهلك والسدمار مسا أصساب أولئك‬

‫) إذ قال لقومه يا قوم إن كسسان كسسبر عليكسسم ( أي عظسسم عليكسسم ) مقسسامي ( أي‬

‫فيكم بين أظهركم ) وتسسذكيري ( إيسساكم ) بآيسسات الس ( أي بحججسسه وبراهينسسه‬

‫‪237‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫) فعلى ال توكلت ( أي فإني ل أبالي ول أكف عنكم سواء عظم عليكسسم أول‬

‫) فأجمعوا أمركم وشركاءكم ( أي فاجتمعوا أنتسسم وشسسركاؤكم السسذين تسسدعون‬

‫من دون ال من صنم ووثن ) ثم ل يكن أمركم عليكم غمسسة ( أي ول تجعلسسوا‬

‫أمركم عليكم ملتبسا بل أفصلوا حالكم معي فإن كنتم تزعمسسون أنكسسم محقسسون‬

‫فاقضوا إلي ول تنظسسرون أي ول تسسؤخروني سسساعة واحسسدة أي مهمسسا قسسدرتم‬

‫فافعلوا فإني ل أباليكم ول أخاف منكم لنكم لستم علسى شسيء كمسسا قسسال هسسود‬

‫لقومه ) إني أشهد ال واشهدوا أني بريء مما تشسسركون مسسن دونسسه فكيسسدوني‬

‫جميعا ثم ل تنظرون إني توكلت على ال ربي وربكسسم ( اليسسة وقسسوله ) فسسإن‬

‫توليتم ( أي كذبتم وأدبرتم عن الطاعة ) فما سألتكم من أجسسر ( أي لسسم أطلسسب‬

‫منكسسم نصسسحي إيسساكم شسسيئا ) إن أجسسري إل علسسى الس وأمسسرت أن أكسسون مسسن‬

‫المسلمين ( أي وأنا ممتثل ما أمرت به من السسسلم لس عسسز وجسسل والسسسلم‬

‫هو دين النبياء جميعا من أولهم إلى آخرهم وإن تنوعت شسسرائعهم وتعسسددت‬

‫مناهلهم كما قال تعالى ) لكل جعلنا منكم شسسرعة ومنهاجسسا ( قسسال بسسن عبسساس‬

‫سبيل وسنة فهذا نوح يقول ) وأمرت أن أكون من المسسسلمين ( وقسسال تعسسالى‬

‫عن إبراهيم الخليل ) إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لسسرب العسسالمين ووصسسى‬

‫بها إبراهيم بنيه ويعقسسوب يسسا بنسي إن الس اصسطفى لكسم السسدين فل تمسوتن إل‬

‫وأنتم مسلمون ( وقال يوسف ) رب قد آتيتني من الملك وعلمتني مسسن تأويسسل‬

‫‪238‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الحاديث فسساطر السسسماوات والرض أنسست ولسسي فسسي السسدنيا والخسسرة تسسوفني‬

‫مسلما وألحقني بالصالحين ( وقال موسى ) يا قوم إن كنتم آمنتسسم بسسال فعليسسه‬

‫توكلوا إن كنتم مسلمين ( وقالت السسسحرة ) ربنسسا أفسسرغ علينسسا صسسبرا وتوفنسسا‬

‫مسلمين ( وقالت بلقيس ) رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان ل رب‬

‫العالمين ( وقال تعالى ) إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكسسم بهسسا النسسبيون‬

‫السسذين أسسسلموا ( وقسسال تعسسالى ) وإذ أوحيسست إلسسى الحسسواريين أن آمنسسوا بسسي‬

‫وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون ( وقسسال خسساتم الرسسسل وسسسيد البشسسر‬

‫) إن صلتي ونسسسكي ومحيسساي وممسساتي لس رب العسسالمين ل شسسريك لسسه‬

‫وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ( أي من هذه المة ولهسسذا قسسال فسسي الحسسديث‬

‫الثابت عنه نحن معاشر النبياء أولد علت وديننا واحد أي وهو عبسسادة الس‬

‫وحده ل شريك له وإن تنوعت شرائعنا وذلك معنى قوله أولدي علت وهم‬

‫الخوة من أمهات شتى والب واحد وقوله تعالى ) فكذبوه فنجيناه ومن معسسه‬

‫( أي علسسى دينسسه ) فسسي الفلسسك ( وهسسي السسسفينة ) وجعلنسساهم خلئف ( أي فسسي‬

‫الرض ) وأغرقنا الذين كذبوا باياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنسسذرين ( أي‬

‫يامحمد كيف أنجينا المؤمنين وأهلكنا المكذبين‬

‫هم ِبال ْب َي َّنا ِ‬


‫ت‬ ‫م فَ َ‬
‫جآ ُ‬
‫ؤو ُ‬ ‫سل ً إ َِلى قَوْ ِ‬
‫مه ِ ْ‬ ‫م ب َعَث َْنا ِ‬
‫من ب َعْدِهِ ُر ُ‬ ‫ثُ ّ‬

‫‪239‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ك ن َط ْب َبعُ عَل َببى‬ ‫ل َ‬
‫كبذ َل ِ َ‬ ‫ما ك َذ ُّبوا ْ ب ِهِ ِ‬
‫من قَْبب ُ‬ ‫مُنوا ْ ب ِ َ‬
‫كاُنوا ْ ل ِي ُؤْ ِ‬
‫ما َ‬
‫فَ َ‬

‫ُقلو ِ‬
‫ب‬

‫ن }‪{74‬‬
‫دي َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫معْت َ ِ‬

‫يقول تعالى ثم بعثنا من بعسسد نسسوح رسسسل إلسسى قسسومهم فجسساءوهم بالبينسسات أي‬

‫بالحجج والدلة والبراهين على صدق ما جاءوهم به ) فما كانوا ليؤمنوا بمسسا‬

‫كذبوا به من قبل ( أي فما كانت المم لتؤمن بمسسا جسساءتهم بسسه رسسسلهم بسسسبب‬

‫تكذيبهم إياهم أول ما أرسلوا إليهم كقوله تعالى ) ونقلب أفئدتهم وأبصارهم (‬

‫الية وقوله ) كذلك نطبع على قلوب المعتدين ( أي كما طبع ال على قلسسوب‬

‫هؤلء فما آمنوا بسبب تكذيبهم المتقدم هكذا يطبع ال على قلوب من أشسسبههم‬

‫ممن بعدهم ويختم على قلوبهم فل يؤمنوا حتى يروا العسسذاب الليسسم والمسسراد‬

‫أن ال تعالى أهلك المم المكذبة للرسل وأنجى من آمسسن بهسسم وذلسسك مسسن بعسد‬

‫نوح عليه السلم فإن الناس كانوا من قبله مسسن زمسسان آدم عليسسه السسسلم علسسى‬

‫السلم إلى أن أحدث الناس عبادة الصنام فبعث ال إليهم نوحا عليه السلم‬

‫ولهذا يقول لسسه المؤمنسسون يسسوم القيامسسة أنسست أول رسسسول بعثسسه الس إلسسى أهسسل‬

‫الرض وقال بن عباس كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم علسسى السسسلم‬

‫وقال ال تعالى ) وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح ( الية وفي هسسذا إنسسذار‬

‫عظيم لمشركي العرب الذين كذبوا سسسيد الرسسسل وخسساتم النبيسساء والمرسسسلين‬

‫‪240‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فإنه إذا كان قد أصاب من كذب بتلك الرسل ما ذكره ال تعسسالى مسسن العسسذاب‬

‫والنكسسسسسال فمسسسسساذا ظسسسسسن هسسسسسؤلء وقسسسسسد ارتكبسسسسسوا أكسسسسسبر مسسسسسن أولئك‬

‫ن إ َِلى‬
‫هاُرو َ‬
‫سى وَ َ‬
‫مو َ‬
‫هم ّ‬ ‫م ب َعَث َْنا ِ‬
‫من ب َعْدِ ِ‬ ‫ثُ ّ‬

‫ن}‬
‫ميب َ‬
‫جرِ ِ‬ ‫ومبا ً ّ‬
‫م ْ‬ ‫سبت َك ْب َُروا ْ وَك َبباُنوا ْ قَ ْ‬
‫مل َئ ِهِ ِبآَيات ِن َببا َفا ْ‬
‫ن وَ َ‬
‫فِْرعَوْ َ‬

‫‪{75‬‬

‫ن}‬
‫مِبيبب ٌ‬
‫حٌر ّ‬ ‫ذا ل َ ِ‬
‫سبب ْ‬ ‫هب َ‬ ‫عندَِنا َقاُلوا ْ إ ِ ّ‬
‫ن َ‬ ‫ن ِ‬
‫م ْ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫حقّ ِ‬ ‫جاءهُ ُ‬ ‫فَل َ ّ‬
‫ما َ‬

‫‪{76‬‬
‫ل موسى َأتُقوُلون ل ِل ْحق ل َما جاءك ُ َ‬
‫ذا وَل َ ي ُْفل ِ ُ‬
‫ح‬ ‫هب َ‬
‫حٌر َ‬
‫س ْ‬
‫مأ ِ‬‫ْ‬ ‫َ ّ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫َقا َ ُ َ‬

‫جد َْنا عَل َي ْهِ آَباءَنا‬ ‫َ‬


‫جئ ْت ََنا ل ِت َل ِْفت ََنا عَ ّ‬
‫ما وَ َ‬ ‫ن }‪َ {77‬قاُلوا ْ أ ِ‬
‫حُرو َ‬
‫سا ِ‬
‫ال ّ‬
‫َ‬
‫ن}‬ ‫م بؤ ْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫ن ل َك ُ َ‬
‫ما ب ِ ُ‬ ‫ح ُ‬
‫ما ن َ ْ‬
‫ض وَ َ‬ ‫ن ل َك ُ َ ْ‬
‫ما الك ِب ْرَِياء ِفي الْر ِ‬
‫وَت َ ُ‬
‫كو َ‬

‫‪{78‬‬

‫يقول تعالى ) ثم بعثنا ( من بعد تلك الرسل ) موسسسى وهسسارون إلسسى فرعسسون‬

‫وملئه ( أي قومه ) بآياتنا ( أي حججنا وبراهيننسسا ) فاسسستكبروا وكسسانوا قومسسا‬

‫مجرمين ( أي استكبروا عن اتباع الحق والنقياد لسسه وكسسانوا قومسسا مجرميسسن‬

‫) فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا إن هسسذا لسسسحر مسسبين ( كسسأنهم قبحهسسم الس‬

‫أقسموا على ذلسسك وهسسم يعلمسسون أن مسسا قسسالوه كسسذب وبهتسسان كمسسا قسسال تعسسالى‬

‫) وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ( الية ) قال ( لهسسم ) موسسسى (‬

‫‪241‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫منكرا عليهم ) أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ول يفلح الساحرون قسسالوا‬

‫أجئتنا لتلفتنا ( أي تثنينا ) عما وجدنا عليه آباءنا ( أي الدين الذي كانوا عليسسه‬

‫) وتكون لكما ( أي لسسك ولهسسارون ) الكبريسساء ( أي العظمسسة والرياسسسة ) فسسي‬

‫الرض وما نحن لكما بمؤمنين ( وكثيرا مسسا يسسذكر الس تعسسالى قصسسة موسسسى‬

‫عليه السلم مع فرعون فسي كتسسابه العزيسسز لنهسا مسن أعجسب القصسسص فسسإن‬

‫فرعون حذر من موسى كل الحذر فسخره القدر أن ربى هذا الذي يحذر منه‬

‫على فراشه ومائدته بمنزلة الولد ثم ترعرع وعقد الس لسسه سسسببا أخرجسسه مسسن‬

‫بين أظهرهم ورزقسسه النبسسوة والرسسسالة والتكليسسم وبعثسسه إليسسه ليسسدعوه إلسسى الس‬

‫تعالى ليعبده ويرجع إليه هذا مع ما كسسان عليسسه فرعسسون مسسن عظمسسة المملكسسة‬

‫والسلطان فجاءه برسالة ال تعالى وليس له وزير سوى أخيسسه هسسارون عليسسه‬

‫السلم فتمرد فرعون واستكبر وأخذته الحمية والنفس الخبيثسسة البيسسة وقسسوى‬

‫رأسه وتولى بركنه وادعى ما ليس له وتجهرم على ال وعتسسا وبغسسى وأهسسان‬

‫حزب اليمان من بني إسرائيل وال تعالى يحفظ رسوله موسى عليه السسسلم‬

‫وأخاه هارون ويحوطهمسسا بعنسسايته ويحرسسسهما بعينسسه السستي ل تنسسام ولسسم تسسزل‬

‫المحاجة والمجادلة واليات تقوم على يدي موسى شيئا بعد شيء ومسسرة بعسسد‬

‫مرة مما يبهر العقول ويدهش اللباب مما ل يقوم لسسه شسسيء ول يسسأتي بسسه إل‬

‫من هو مؤيد من ال ) وما تأتيهم من آيسة إل هسي أكسبر مسن أختهسا ( وصسمم‬

‫‪242‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فرعون وملؤه قبحهم ال على التكذيب بذلك كله والجحسسد والعنسساد والمكسسابرة‬

‫حتى أحل ال بهم بأسه السذي ل يسرد وأغرقهسم فسي صسبيحة واحسدة أجمعيسن‬

‫) فقطسسسسع دابسسسسر القسسسسوم السسسسذين ظلمسسسسوا والحمسسسسد لسسسس رب العسسسسالمين (‬

‫جبباء‬ ‫حرٍ عَِلي بم ٍ }‪ {79‬فَل َ ّ‬


‫مببا َ‬ ‫سببا ِ‬ ‫ن ائ ُْتوِني ب ِك ُب ّ‬
‫ل َ‬ ‫وََقا َ‬
‫ل فِْرعَوْ ُ‬

‫حَرةُ‬
‫س َ‬
‫ال ّ‬
‫مببا أ َل َْقببوا ْ‬
‫ن }‪ {80‬فَل َ ّ‬
‫مل ُْقببو َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سى أل ُْقوا ْ َ‬
‫ما أنت ُببم ّ‬ ‫ل ل َُهم ّ‬
‫مو َ‬ ‫َقا َ‬

‫َقا َ‬
‫ل‬

‫ن الل ّب َ‬
‫ه لَ‬ ‫سبي ُب ْط ِل ُ ُ‬
‫ه إِ ّ‬ ‫ن الل ّب َ‬
‫ه َ‬ ‫حُر إ ِ ّ‬ ‫جئ ْت ُببم ب ِبهِ ال ّ‬
‫سب ْ‬ ‫مببا ِ‬
‫سى َ‬
‫مو َ‬
‫ُ‬

‫ح‬
‫صل ِ ُ‬
‫يُ ْ‬

‫مات ِهِ وَل َوْ ك َرِهَ‬ ‫ه ال ْ َ‬


‫حقّ ب ِك َل ِ َ‬ ‫حقّ الل ّ ُ‬
‫ن }‪ {81‬وَي ُ ِ‬
‫دي َ‬
‫س ِ‬ ‫ل ال ْ ُ‬
‫مْف ِ‬ ‫م َ‬
‫عَ َ‬

‫ن }‪{82‬‬
‫مو َ‬
‫جرِ ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ْ‬

‫ذكر ال سبحانه قصة السحرة مع موسى عليه السسسلم فسسي سسسورة العسسراف‬

‫وقد تقدم الكلم عليها هناك وفي هذه السورة وفي سورة طسسه وفسسي الشسسعراء‬

‫وذلك أن فرعون لعنه ال أراد أن يتهرج على الناس ويعسسارض مسسا جسساء بسسه‬

‫موسى عليه السلم من الحق المبين بزخارف السحرة والمشسسعبذين فسسانعكس‬

‫عليه النظام ولم يحصل له من ذلك المرام وظهرت البراهين اللهية في ذلك‬

‫المحفل العام ) وألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا بسسرب العسسالمين رب موسسسى‬

‫‪243‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وهارون ( فظن فرعون أنه يستنصر بالسسسحار علسسى رسسسول عسسالم السسسرار‬

‫فخاب وخسر الجنة واستوجب النار ) وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليسسم‬

‫فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا مسا أنتسم ملقسون ( وإنمسا قسال لهسم ذلسك‬

‫لنهم لما اصطفوا وقد وعدوا من فرعون بالتقريب والعطاء الجزيل ) قسسالوا‬

‫يا موسى إمسسا أن تلقسسي وإمسسا أن نكسسون أول مسسن ألقسسى قسسال بسسل ألقسسوا ( فسسأراد‬

‫موسى أن تكون البداءة منهسسم ليسسرى النسساس ماصسسنعوا ثسسم يسسأتي بسسالحق بعسسده‬

‫فيدمغ بسساطلهم ولهسسذا لمسسا ألقسسوا سسسحروا أعيسسن النسساس واسسسترهبوهم وجسساءوا‬

‫بسحر عظيم ) فأوجس في نفسه خيفة موسى قلنا ل تخف إنسسك أنسست العلسسى‬

‫وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إن ما صنعوا كيد ساحر ول يفلح الساحر‬

‫حيث أتى ( فعند ذلك قال موسى لما ألقوا ) ما جئتم به السحر إن ال سيبطله‬

‫إن السس ل يصسسلح عمسسل المفسسسدين ويحسسق السس الحسسق بكلمسساته ولسسو كسسره‬

‫المجرمون ( وقال بن أبي حاتم حدثنا محمد بن عمار بن الحارث حدثنا عبسسد‬

‫الرحمن يعني الدشتكي أخبرنا أبو جعفر الرازي عن ليث وهو بن أبي سسسليم‬

‫قال بلغني أن هؤلء اليات شفاء من السحر بإذن ال تعالى تقرأ في إناء فيه‬

‫ماء ثم يصب على رأس المسحور الية التي من‬

‫) فلما ألقوا قال موسى ما جئتم بسسه السسسحر إن الس سسسيبطله إن الس ل يصسسلح‬

‫عمل المفسدين ويحق ال الحق بكلماته ولو كره المجرمون ( والية الخرى‬

‫‪244‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫) فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون ( إلى آخسسر أربسسع آيسسات وقسسوله ) إن مسسا‬

‫صسسسسسسسنعوا كيسسسسسسسد سسسسسسسساحر ول يفلسسسسسسسح السسسسسسسساحر حيسسسسسسسث أتسسسسسسسى (‬

‫مهِ عََلى‬
‫من قَوْ ِ‬ ‫سى إ ِل ّ ذ ُّري ّ ٌ‬
‫ة ّ‬ ‫مو َ‬
‫ن لِ ُ‬
‫م َ‬ ‫فَ َ‬
‫ما آ َ‬
‫خوف من فرعَون ومل َئ ِه َ‬
‫ن ل ََعا ٍ‬
‫ل‬ ‫ن فِْرعَوْ َ‬
‫م وَإ ِ ّ‬
‫م أن ي َْفت ِن َهُ ْ‬
‫ِ ْ ْ َ َ َ ِ ْ‬ ‫َ ْ ٍ ّ‬
‫ِفي ال َ‬
‫ن }‪{83‬‬
‫سرِِفي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ه لَ ِ‬
‫م َ‬ ‫ض وَإ ِن ّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬

‫يخبر تعالى أنه لم يسسؤمن بموسسسى عليسسه السسسلم مسسع مسسا جسساء بسسه مسسن اليسسات‬

‫البينات والحجج القاطعات والبراهين الساطعات إل قليل من قوم فرعون من‬

‫الذرية وهم الشباب علسى وجسل وخسوف منسه ومسن ملئه أن يردوهسم إلسى مسا‬

‫كانوا عليه من الكفر لن فرعون لعنه ال كان جبارا عنيدا مسرفا في التمرد‬

‫والعتو وكانت له سطوة ومهابة تخاف رعيته منه خوفسسا شسسديدا قسسال العسسوفي‬

‫عن بن عباس ) فما آمن لموسى إل ذرية من قومه على خوف مسسن فرعسسون‬

‫وملئهم أن يفتنهم ( قال فإن الذرية التي آمنسست لموسسسى مسسن أنسساس غيسسر بنسسي‬

‫إسسسرائيل مسسن قسسوم فرعسسون يسسسير منهسسم امسسرأة فرعسسون ومسسؤمن آل فرعسون‬

‫وخازن فرعون وامرأة خازنه وروى علي بن أبي طلحة عن بن عبسساس فسسي‬

‫قوله ) فما آمن لموسى إل ذريسة مسن قسسومه ( يقسسول بنسي إسسرائيل وعسن بسن‬

‫عباس والضحاك وقتادة الذرية القليل وقال مجاهد فسسي قسسوله ) إل ذريسسة مسسن‬

‫‪245‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قومه ( قسال هسم أولد السذين أرسسل إليهسسم موسسسى مسن طسول الزمسان ومسسات‬

‫آباؤهم واختار بن جرير قول مجاهد في الذرية أنها من بني إسرائيل‬

‫ل من قوم فرعون لعود الضمير على أقرب المذكورين وفي هذا نظسسر لنسسه‬

‫أراد بالذرية الحداث والشباب وأنهم مسسن بنسسي إسسسرائيل فسسالمعروف أن بنسي‬

‫إسرائيل كلهم آمنوا بموسى عليه السلم واستبشسسروا بسسه وقسسد كسسانوا يعرفسسون‬

‫نعته وصفته والبشارة به من كتبهم المتقدمة وأن ال تعسسالى سسسينقذهم بسسه مسسن‬

‫أسر فرعون ويظهرهم عليه ولهذا لما بلغ هذا فرعون حسسذر كسسل الحسسذر فلسسم‬

‫يجد عنه شيئا ولما جاء موسى آذاهم فرعون أشد الذى و ) قالوا أوذينا مسسن‬

‫قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلسسك عسسدوكم ويسسستخلفكم‬

‫في الرض فينظر كيسسف تعملسسون ( وإذا تقسسرر هسسذا فكيسسف يكسسون المسسراد إل‬

‫ذرية من قوم موسى وهم بنو إسرائيل ) على خسسوف مسسن فرعسسون وملئهسسم (‬

‫أي وأشراف قومهم أن يفتنهم ولم يكن في بنسسي إسسسرائيل مسسن يخسساف منسسه أن‬

‫يفتن عن اليمان سوى قارون فإنه كان من قوم موسى فبغى عليهم لكنه كان‬

‫طاويا إلى فرعون متصل به متعلقا بحبساله ومسن قسال إن الضسمير فسي قسوله‬

‫وملئهم عائد إلى فرعون وعظم الملك من أجل اتباعه أو بحسسذف آل فرعسسون‬

‫وإقامة المضاف إليه مقامه فقد أبعد وإن كان بن جرير قد حكاهما عن بعض‬

‫النحاة ومما يدل على أنسسه لسسم يكسسن فسسي بنسسي إسسسرائيل إل مسسؤمن قسسوله تعسسالى‬

‫‪246‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫) وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بال فعليه توكلوا إن كنتسم مسسلمين فقسالوا‬

‫على ال توكلنا ربنا ل تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنسسا برحمتسسك مسسن القسسوم‬

‫الكسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسافرين (‬

‫م‬ ‫سى َيا قَوْم ِ ِإن ُ‬


‫كنت ُ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫وََقا َ‬
‫ل ُ‬
‫ن }‪ {84‬فََقبباُلوا ْ‬
‫مي َ‬
‫س بل ِ ِ‬
‫م ْ‬ ‫منُتم ِبالل ّهِ فَعَل َي ْهِ ت َوَك ُّلوا ْ ِإن ُ‬
‫كنت ُببم ّ‬ ‫آ َ‬

‫عََلى الل ّهِ‬

‫جَنا‬
‫ن }‪ {85‬وَن َ ّ‬
‫مي َ‬ ‫ة ل ّل َْقوْم ال ّ‬
‫ظال ِ ِ‬ ‫جعَل َْنا فِت ْن َ ً‬
‫ت َوَك ّل َْنا َرب َّنا ل َ ت َ ْ‬
‫ِ‬

‫ن }‪{86‬‬
‫ري َ‬ ‫ن ال َْقوْم ِ ال ْ َ‬
‫كافِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫مت ِ َ‬
‫ك ِ‬ ‫ح َ‬
‫ب َِر ْ‬

‫يقول تعالى مخبرا عن موسى أنه قال لبني إسرائيل ) يسا قسوم إن كنتسسم آمنتسم‬

‫بال فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين ( أي فإن ال كاف من توكل عليسسه ) أليسسس‬

‫ال بكاف عبده ( ) ومن يتوكل على ال فهسسو حسسسبه ( وكسسثيرا مسسا يقسسرن الس‬

‫تعالى بين العبادة والتوكل كقسسوله تعسسالى ) فاعبسسده وتوكسسل عليسسه ( ) قسسل هسسو‬

‫الرحمن آمنا به وعليه توكلنا ( ) رب المشرق والمغرب ل إله إل هو فاتخذه‬

‫وكيل ( وأمر ال تعالى المؤمنين أن يقولوا في كل صلواتهم مرات متعددة )‬

‫إياك نعبد وإياك نسسستعين ( وقسد امتثسسل بنسو إسسرائيل ذلسك ) فقسسالوا علسى الس‬

‫توكلنا ربنا ل تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ( أي ل تظفرهم بنا وتسلطهم علينسسا‬

‫فيظنوا أنهم إنما سلطوا لنهم علسى الحسق ونحسن علسى الباطسل فيفتنسوا بسذلك‬

‫‪247‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هكذا روي عن أبي مجلز وأبسسي الضسسحى وقسسال بسسن أبسسي نجيسسح وغيسسره عسسن‬

‫مجاهد ل تعذبنا بأيدي آل فرعون ول بعذاب من عندك فيقسسول قسسوم فرعسسون‬

‫لو كانوا على حق ما عذبوا ول سلطنا عليهم فيفتنسسوا بنسسا وقسسال عبسسد السسرزاق‬

‫أنبأنا بن عيينة عن بسن أبسي نجيسح عسن مجاهسد ) ربنسا ل تجعلنسا فتنسة للقسوم‬

‫الظالمين ( ل تسلطهم علينا فيفتنونسسا وقسسوله ) ونجنسسا برحمتسسك ( أي خلصسسنا‬

‫برحمة منك وإحسان ) من القوم الكافرين ( أي الذين كفسسروا الحسسق وسسستروه‬

‫ونحسسسسسسسسسسسن قسسسسسسسسسسسد آمنسسسسسسسسسسسا بسسسسسسسسسسسك وتوكلنسسسسسسسسسسسا عليسسسسسسسسسسسك‬

‫ه‬ ‫سى وَأ َ ِ‬


‫خي ِ‬ ‫حي َْنا إ َِلى ُ‬
‫مو َ‬
‫َ‬
‫وَأوْ َ‬

‫م قِب ْل َ ً‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫جعَُلوا ْ ب ُُيوت َك ُ ْ‬
‫صَر ب ُُيوتا ً َوا ْ‬
‫م ْ‬ ‫مك ُ َ‬
‫ما ب ِ ِ‬ ‫أن ت َب َوَّءا ل َِقوْ ِ‬
‫َ‬
‫ن }‪{87‬‬ ‫شرِ ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫موا ْ ال ّ‬
‫صل َةَ وَب َ ّ‬ ‫وَأِقي ُ‬

‫يذكر تعالى سبب انجائه بني إسرائيل من فرعسسون وقسسومه وكيفيسسة خلصسسهم‬

‫منهم وذلك أن ال تعالى أمر موسى وأخسساه هسسارون عليهمسسا السسسلم أن يتبسسوآ‬

‫أي يتخذا لقومهما بمصر بيوتسسا واختلسسف المفسسسرون فسسي معنسسى قسسوله تعسسالى‬

‫) واجعلوا بيوتكم قبلة ( فقال الثوري وغيره عن خصيف عسسن عكرمسسة عسسن‬

‫بن عبسساس ) واجعلسسوا بيسسوتكم قبلسسة ( قسسال أمسسروا أن يتخسسذوها مسسساجد وقسسال‬

‫الثوري أيضا عن بن منصور عن إبراهيم ) واجعلوا بيوتكم قبلة ( قال كانوا‬

‫خا ئفين فأمروا أن يصلوا في بيوتهم وكذا قال مجاهد وأبو مالك والربيع بسسن‬

‫‪248‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أنس والضحاك وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وأبوه زيد بن أسلم وكسسأن هسذا‬

‫وال أعلم لما اشتد بهم البلء من قبل فرعون وقومه وضسسيقوا عليهسسم أمسسروا‬

‫بكثرة الصلة كقوله تعالى ) يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصسسلة (‬

‫إذا حزبسه أمسسر صسسلى أخرجسسه أبسسو داود‬ ‫وفسسي الحسسديث كسسان رسسسول الس‬

‫‪ 1319‬ولهذا قال تعالى في هذه الية ) واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيمسسوا الصسسلة‬

‫وبشر المؤمنين ( أي بالثواب والنصر القريب وقال العوفي عسسن بسسن عبسساس‬

‫في تفسير هذه الية قال قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلم ل نستطيع أن‬

‫نظهر صلتنا مع الفراعنة فأذن ال تعالى لهم أن يصلوا في بيسسوتهم وأمسسروا‬

‫أن يجعلوا بيوتهم قبل القبلة وقال مجاهد ) واجعلوا بيسوتكم قبلسسة ( لمسا خساف‬

‫بنو إسرائيل من فرعسسون أن يقتلسسوا فسي الكنسائس الجامعسسة أمسسروا أن يجعلسسوا‬

‫بيوتهم مساجد مستقبلة الكعبة يصلون فيها سسسرا وكسسذا قسسال قتسسادة والضسسحاك‬

‫وقسسال سسسعيد بسسن جسسبير ) واجعلسسوا بيسسوتكم قبلسسة ( أي يقابسسل بعضسسها بعضسسا‬

‫سى‬
‫مو َ‬ ‫وََقا َ‬
‫ل ُ‬
‫ك آتيت فرعَون ومله زين ً َ‬
‫ة‬ ‫وال ً ِفي ال ْ َ‬
‫حَيا ِ‬ ‫م َ‬
‫ة وَأ ْ‬‫َرب َّنا إ ِن ّ َ َ ْ َ ِ ْ ْ َ َ َ ُ ِ َ‬
‫َ‬
‫م‬
‫وال ِهِ ْ‬ ‫س عََلى أ ْ‬
‫م َ‬ ‫ك َرب َّنا اط ْ ِ‬
‫م ْ‬ ‫سِبيل ِ َ‬ ‫ضّلوا ْ َ‬
‫عن َ‬ ‫الد ّن َْيا َرب َّنا ل ِي ُ ِ‬

‫‪249‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬ ‫حّتى ي ََروُا ْ ال ْعَ ب َ‬
‫مُنوا ْ َ‬
‫م}‬
‫ب الِلي ب َ‬
‫ذا َ‬ ‫شد ُد ْ عََلى قُُلوب ِهِ ْ‬
‫م فَل َ ي ُؤْ ِ‬ ‫َوا ْ‬

‫‪{88‬‬
‫ُ‬
‫سِبي َ‬
‫ل‬ ‫ما وَل َ ت َت ّب َِعآ ّ‬
‫ن َ‬ ‫ست َِقي َ‬ ‫جيَبت د ّعْوَت ُك ُ َ‬
‫ما َفا ْ‬ ‫ل قَد ْ أ ِ‬
‫َقا َ‬

‫ن }‪{89‬‬ ‫ن ل َ ي َعْل َ ُ‬
‫مو َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬

‫هذا إخبار من ال تعالى عما دعا به موسى عليه السلم علسسى فرعسسون وملئه‬

‫لما أبوا قبول الحق واستمروا على ضللهم وكفرهم معاندين جاحسسدين ظلمسسا‬

‫وعلوا وتكبرا وعتوا قال موسى ) ربنا إنك آتيسست فرعسسون ومله زينسسة ( أي‬

‫من أثاث الدنيا ومتاعها ) وأمسوال ( أي جزيلسة كسثيرة ) فسي ( هسذه ) الحيساة‬

‫الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ( بفتح الياء أي أعطيتهم ذلك وأنسست تعلسسم أنهسسم‬

‫ل يؤمنون بما أرسلتني به إليهم استدراجا منك لهم كقوله تعالى ) لنفتنهم فيه‬

‫( وقرأ آخرون ليضلوا بضم الياء أي ليفتتن بما أعطيتهم من شئت من خلقك‬

‫ليظن من أغويته أنك إنما أعطيتهسسم هسسذا لحبسسك إيسساهم واعتنسسائك بهسسم ) ربنسسا‬

‫اطمس على أموالهم ( قال بن عباس ومجاهد أي أهلكها وقال الضحاك وابو‬

‫العالية والربيع بن أنس جعلها ال حجارة منقوشة كهيئة ما كانت وقال قتسسادة‬

‫بلغنا أن زروعهم تحولت حجارة وقال محمد بن كعب القرظي جعل سكرهم‬

‫حجارة وقال بن أبي حاتم حدثنا إسماعيل بن أبسسي الحسسارث حسسدثنا يحيسسى بسسن‬

‫أبي بكير عن أبي معشر حدثني محمد بن قيس أن محمد بن كعسب قسرأ علسى‬

‫‪250‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عمر بن عبد العزيز حتى بلغ ) وقال موسى ربنسسا إنسسك آتيسست فرعسسون ومله‬

‫زينة وأموال في الحياة الدنيا ( إلى قوله ) ربنا اطمس علسى أمسوالهم ( اليسة‬

‫فقال عمر يا أبا حمزة أي شيء الطمس قال عادت أموالهم كلها حجارة فقال‬

‫عمر بن عبد العزيسسز لغلم لسسه ائتنسسي بكيسسس فجسساءه بكيسسس فسسإذا فيسسه حمسسص‬

‫وبيض قد حول حجارة وقوله ) واشدد على قلوبهم ( قال بن عباس أي اطبع‬

‫عليها ) فل يؤمنوا حتى يروا العذاب الليم ( وهذه الدعوة كانت مسسن موسسسى‬

‫عليه السلم غضبا ل ولدينه على فرعون وملئه الذين تبين لسسه أنهسسم ل خيسسر‬

‫فيهم ول يجيء منهم شيء كما دعا نوح عليه السلم فقال ) رب ل تذر على‬

‫الرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ول يلدوا إل فسساجرا‬

‫كفارا ( ولهذا استجاب ال تعالى لموسى عليه السلم فيهم هسسذه السسدعوة السستي‬

‫أمن عليها أخوه هارون فقال تعالى ) قد أجيبسست دعوتكمسسا ( قسسال أبسسو العاليسسة‬

‫وأبو صالح وعكرمة ومحمد بن كعب القرظي والربيع بن أنس دعسسا موسسسى‬

‫وأمن هارون أي قد أجبنا كما فيما سألتما مسسن تسسدمير آل فرعسسون وقسسد يحتسسج‬

‫بهذه الية من يقول إن تأمين المأموم على قراءة الفاتحة ينزل منزلة قراءتها‬

‫لن موسى دعا وهارون أمن وقال تعالى ) قسسد أجيبسست دعوتكمسسا فاسسستقيما (‬

‫الية أي كما أجيبت دعوتكما فاستقيما علسسى أمسسري قسسال بسسن جريسسج عسسن بسسن‬

‫عباس فاستقيما فامضيا لمري وهسسي السسستقامة قسسال بسسن جريسسج يقولسسون إن‬

‫‪251‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فرعون مكث بعد هذه الدعوة أربعين سنة وقال محمسسد بسسن كعسسب وعلسسي بسسن‬

‫الحسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسين أربعيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسن يومسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬

‫ل ال ْب َ ْ‬
‫حَر‬ ‫سَراِئي َ‬
‫جاوَْزَنا ب ِب َِني إ ِ ْ‬
‫وَ َ‬
‫فَأ َتبعهم فرعَون وجنوده بْغيا ً وعَدوا ً حتى إ َ َ‬
‫ذا أد َْرك َ ُ‬
‫ه‬ ‫َ ّ ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫ََْ ُ ْ ِ ْ ْ ُ َ ُ ُ ُ ُ َ‬
‫َ‬
‫سَراِئي َ‬
‫ل‬ ‫ت ب ِهِ ب َُنو إ ِ ْ‬
‫من َ ْ‬ ‫ه إ ِل ّ ال ّ ِ‬
‫ذي آ َ‬ ‫ه ل إ ِِلب َ‬
‫ت أن ّ ُ‬
‫من ُ‬ ‫ال ْغََرقُ َقا َ‬
‫لآ َ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫ل وَ ُ‬
‫كن َ‬ ‫ت قَب ْ ُ‬ ‫ن وَقَد ْ عَ َ‬
‫صي ْ َ‬ ‫ن }‪ {90‬آل َ‬
‫مي َ‬
‫سل ِ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫وَأن َا ْ ِ‬
‫م َ‬

‫ن‬
‫م ْ‬
‫ن لِ َ‬ ‫ك ل ِت َ ُ‬
‫كو َ‬ ‫ك ب ِب َد َن ِ َ‬
‫جي َ‬ ‫ن }‪َ {91‬فال ْي َوْ َ‬
‫م ن ُن َ ّ‬ ‫دي َ‬
‫س ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مْف ِ‬ ‫م َ‬
‫ِ‬

‫ن آَيات َِنا ل ََغافُِلو َ‬


‫ن }‪{92‬‬ ‫س عَ ْ‬
‫ن الّنا ِ‬ ‫ن ك َِثيرا ً ّ‬
‫م َ‬ ‫ة وَإ ِ ّ‬ ‫خل َْف َ‬
‫ك آي َ ً‬ ‫َ‬

‫يذكر تعالى كيفية إغراقه فرعون وجنوده فإن بني إسرائيل لمسسا خرجسسوا مسسن‬

‫مصر صحبة موسى عليه السلم وهم فيما قيسسل سسست مئة ألسسف مقاتسسل سسسوى‬

‫الذرية وقد كانوا استعاروا من القبط حليا كثيرا فخرجوا به معهم فاشتد حنق‬

‫فرعون عليهم فأرسل في المدائن حاشسسرين يجمعسسون لسسه جنسسوده مسسن أقسساليمه‬

‫فركب وراءهم في أبهة عظيمة وجيوش هائلة لما يريده الس تعسسالى بهسسم ولسسم‬

‫يتخلف عنه أحسد ممسن لسه دولسة وسسلطان فسي سسائر مملكتسه فلحقسوهم وقست‬

‫شروق الشمس ) فلما تراءى الجمعان قال أصسسحاب موسسسى إنسسا لمسسدركون (‬

‫‪252‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وذلك أنهم لما انتهسسوا إلسسى سسساحل البحسسر وفرعسسون وراءهسسم ولسسم يبسسق إل أن‬

‫يتقاتل الجمعان وألح أصحاب موسسسى عليسسه السسسلم عليسسه فسسي السسسؤال كيسسف‬

‫المخلص مما نحن فيه فيقول إني أمرت أن أسلك ها هنا ) كل إن معي ربسسي‬

‫سيهدين ( فعندما ضاق المر اتسع فأمره ال تعالى أن يضرب البحر بعصاه‬

‫فضسسربه فسسانفلق البحسسر فكسسان كسسل فسسرق كسسالطود العظيسسم أي كالجبسسل العظيسسم‬

‫وصار اثني عشر طريقا لكسسل سسسبط واحسسد وأمسسر الس الريسسح فنشسسفت أرضسسه‬

‫) فاضرب لهم طريقا في البحر يبسسسا ل تخسساف دركسسا ول تخشسسى ( وتخسسرق‬

‫الماء بين الطرق كهيئة الشسسبابيك ليسسرى كسسل قسسوم الخريسسن لئل يظنسسوا أنهسسم‬

‫هلكوا وجاوزت بنو إسرائيل البحر فلمسسا خسسرج آخرهسسم منسسه انتهسسى فرعسسون‬

‫وجنوده إلى حافته من الناحية الخرى وهسسو فسسي مئة ألسسف أدهسسم سسسوى بقيسسة‬

‫اللوان فلما رأى ذلك هاله وأحجم وهاب وهم بالرجوع وهيهات ولت حين‬

‫مناص نفذ القدر واستجيبت الدعوة وجسساء جبريسسل عليسسه السسسلم علسسى فسسرس‬

‫وديق حائل فمسر إلسى جسانب حصسان فرعسون فحمحسم إليهسا واقتحسم جبريسل‬

‫البحر فاقتحم الحصان وراءه ولم يبسسق فرعسسون يملسسك مسسن نفسسسه شسسيئا فتجلسسد‬

‫لمرائه وقال لهم ليس بنسسو إسسسرائيل بسسأحق بسسالبحر منسسا فسساقتحموا كلهسسم عسسن‬

‫آخرهم وميكائيل في ساقتهم ل يترك منهم أحدا إل ألحقه بهم فلمسسا استوسسسقوا‬

‫فيه وتكاملوا وهم أولهم بالخروج منه أمر ال القدير البحر أن يرتطسسم عليهسسم‬

‫‪253‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فسسارتطم عليهسسم فلسسم ينسسج منهسسم أحسسد وجعلسست المسسواج ترفعهسسم وتخفضسسهم‬

‫وتراكمت المواج فوق فرعون وغشسسيته سسسكرات المسسوت فقسسال وهسسو كسسذلك‬

‫) آمنت أنه ل إله إل الذي آمنت به بنو إسسسرائيل وأنسسا مسسن المسسسلمين ( فسسآمن‬

‫حيث ل ينفعه اليمان ) فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بال وحده وكفرنسسا بمسسا كنسسا‬

‫به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة ال السستي قسسد خلسست فسسي‬

‫عباده وخسر هنالك الكافرون ( ولهذا قال ال تعالى في جواب فرعون حيسسن‬

‫قال ما قال ) آلن وقد عصيت قبل ( أي أهذا الوقت تقسسول وقسسد عصسسيت الس‬

‫قبل هذا فيما بينك وبينه ) وكنت من المفسدين ( أي في الرض الذين أضلوا‬

‫الناس ) وجعلناهم أئمة يدعون إلى النسسار ويسسوم القيامسسة ل ينصسسرون ( وهسسذا‬

‫الذي حكى ال تعالى عن فرعون مسسن قسسوله هسسذا فسسي حسساله ذلسسك مسسن أسسسرار‬

‫ولهذا قال المام أحمسسد بسسن حنبسسل رحمسسة‬ ‫الغيب التي أعلم ال بها رسوله‬

‫ال ‪ 1309‬حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن سسسلمة عسسن علسسي بسسن زيسسد‬

‫لما قال فرعون‬ ‫عن يوسف بن مهران عن بن عباس قال قال رسول ال‬

‫آمنت أنه ل إله إل الذي آمنت به بنو إسرائيل قال قال لي جبريل لسسو رأيتنسسي‬

‫وقد أخذت من حال البحسسر فدسسسسته فسسي فيسسه مخافسسة أن تنسساله الرحمسسة ورواه‬

‫الترمذي ‪ 3107‬وبن جرير وبن أبي حاتم في تفاسيرهم من حديث حماد بسسن‬

‫‪254‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سلمة به وقال الترمذي حديث حسن وقال أبسسو داود الطيالسسسي ‪ 2618‬حسسدثنا‬

‫شعبة عن عدي بن ثابت وعطاء بسسن السسسائب عسسن سسسعيد بسسن جسسبير عسسن بسسن‬

‫قال لي جبريل لو رأيتنسسي وأنسسا آخسسذ مسسن حسسال‬ ‫عباس قال قال رسول ال‬

‫البحر فأدسه في فم فرعون مخافة أن تسسدركه الرحمسسة وقسسد رواه أبسسو عيسسسى‬

‫الترمذي أيضا ‪ 3108‬وبن جرير أيضا من غيسسر وجسسه عسسن شسسعبة بسسه فسسذكر‬

‫مثله وقال الترمذي حسن غريب صحيح ووقع في رواية عند بن جرير عسسن‬

‫محمد بن المثنى عن غندر عن شعبة عن عطاء وعسسدي عسسن سسسعيد عسسن بسسن‬

‫عباس رفعه أحدهما فكأن الخر لم يرفع فال أعلم وقال بن أبي حسساتم حسسدثنا‬

‫أبو سعيد الشج حدثنا أبو خالد الحمر عن عمر بن عبد ال بن يعلى الثقفسسي‬

‫عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال لما أغرق الس فرعسسون أشسسار بأصسسبعه‬

‫ورفع صوته ) آمنت أنه ل إله إل الذي آمنت به بنسسو إسسسرائيل ( قسسال فخسساف‬

‫جبريل أن تسبق رحمة ال فيه غضبه فجعل يأخذ الحسسال بجنسساحيه فيضسسرب‬

‫به وجهه فيرمسه وكذا رواه بن جرير عن سفيان بن وكيع عن أبي خالسسد بسسه‬

‫موقوفا وقد روي من حديث أبي هريرة أيضا فقال بن جرير حدثنا بن حميسسد‬

‫حدثنا حكام عن عنبسة هو بن أبي سعيد عن كثير بن زاذان عسسن أبسسي حسسازم‬

‫قسسال لسسي جبريسسل يسسا‬ ‫عن أبي هريرة رضي ال عنه قال قسسال رسسسول الس‬

‫‪255‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫محمد لو رأيتني وأنا أغطه وأدس من الحال في فيه مخافة أن تسدركه رحمسة‬

‫ال فيغفر له يعني فرعون كثير بن زاذان هذا قال بن معيسسن ل أعرفسسه وقسسال‬

‫أبو زرعة وأبو حاتم مجهول وبسساقي رجسساله ثقسسات وقسسد أرسسسل هسسذا الحسسديث‬

‫جماعة مسن السسسلف قتسادة وإبراهيسسم الستيمي وميمسون بسن مهسران ونقسل عسن‬

‫الضحاك بن قيس أنه خطسسب بهسسذا للنسساس فسسال أعلسسم وقسسوله ) فسساليوم ننجيسسك‬

‫ببدنك لتكون لمن خلفك آية ( قال بن عباس وغيره من السلف إن بعض بنسسي‬

‫إسرائيل شكوا في موت فرعون فأمر ال تعالى البحر أن يلقيه بجسسسده سسسويا‬

‫بل روح وعليه درعه المعروفة على نجوة من الرض وهو المكان المرتفع‬

‫ليتحققوا موته وهلكه ولهذا قسسال تعسسالى ) فسساليوم ننجيسسك ( أي نرفعسسك علسسى‬

‫نشز من الرض ) ببدنك ( قال مجاهد بجسدك وقسسال الحسسسن بجسسسم ل روح‬

‫فيه وقال عبد ال بن شداد سويا صحيحا أي لم يتمزق ليحققوه ويعرفوه وقال‬

‫أبو صخر بدرعك وكسسل هسذه القسوال ل منافساة بينهمسسا كمسا تقسدم والس أعلسسم‬

‫وقوله ) لتكون لمن خلفك آيسسة ( أي لتكسسون لبنسسي إسسسرائيل دليل علسسى موتسسك‬

‫وهلكك وأن ال هو القادر الذي ناصية كل دابسسة بيسسده وأنسسه ل يقسسوم لغضسسبه‬

‫شيء ولهذا قرأ بعضهم ) لتكون لمن خلفسسك آيسسة وإن كسسثيرا مسسن النسساس عسسن‬

‫آياتنا لغافلون ( أي ل يتعظون بها ول يعتبرون بهسسا وقسسد كسسان إهلكهسسم يسسوم‬

‫عشوراء كما قال البخاري ‪ 4680‬حدثنا محمد بن بشسسار حسسدثنا غنسسدر حسسدثنا‬

‫‪256‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جسبير عسن بسسن عبسساس قسال قسدم النسسبي‬

‫المدينة واليهود تصوم يوم عاشوراء فقال ما هذا اليوم الذي تصومونه فقالوا‬

‫لصسسحابه أنتسسم أحسسق‬ ‫هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعسسون فقسسال النسسبي‬

‫بموسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسى منهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسم فصسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوموه‬


‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن الط ّي َّبا ِ‬
‫ت‬ ‫م َ‬ ‫ق وََرَزقَْنا ُ‬
‫هم ّ‬ ‫صد ْ ٍ‬
‫مب َوّأ ِ‬
‫ل ُ‬ ‫وَل ََقد ْ ب َوّأَنا ب َِني إ ِ ْ‬
‫سَراِئي َ‬

‫م‬
‫م ي َبوْ َ‬
‫ضببي ب َي ْن َهُ ب ْ‬ ‫ن َرب ّ َ‬
‫ك ي َْق ِ‬ ‫م ال ْعِل ْ ُ‬
‫م إِ ّ‬ ‫جاءهُ ُ‬ ‫خت َل َُفوا ْ َ‬
‫حّتى َ‬ ‫فَ َ‬
‫ما ا ْ‬

‫ة‬ ‫ال ِْقَيا َ‬


‫م ِ‬

‫ن }‪{93‬‬ ‫كاُنوا ْ ِفيهِ ي َ ْ‬


‫خت َل ُِفو َ‬ ‫ما َ‬
‫ِفي َ‬

‫يخبر تعالى عما أنعم به على بني إسرائيل من النعسسم الدينيسسة الدنيويسسة وقسسوله‬

‫) مبوأ صدق ( قيل هو بلد مصر والشام مما يلي بيت المقدس ونواحيه فإن‬

‫ال تعالى لما أهلك فرعون وجنوده استقرت يسسد الدولسسة الموسسسوية علسسى بلد‬

‫مصر بكمالها كما قال ال تعسسالى ) وأورثنسسا القسسوم السسذين كسسانوا يستضسسعفون‬

‫مشارق الرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمسسة ربسسك الحسسسنى علسسى‬

‫بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كسسان يصسسنع فرعسسون وقسسومه ومسسا كسسانوا‬

‫يعرشون ( وقال في الية الخرى ) فأخرجناهم مسسن جنسسات وعيسسون وكنسسوز‬

‫ومقام كريم كذلك وأورثناهسسا بنسسي إسسسرائيل ( وقسسال ) كسسم تركسسوا مسسن جنسسات‬

‫‪257‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وعيون ( اليات ولكن استمروا مع موسى عليه السلم طالبين إلى بلد بيت‬

‫المقدس وهي بلد الخليل عليه السلم فاستمر موسسسى بمسسن معسسه طالبسسا بيسست‬

‫المقدس وكان فيه قوم من العمالقة فنكل بنو إسرائيل عن قتالهم فشسردهم الس‬

‫تعالى في الستيه أربعيسن سسنة ومسسات فيسه هسارون ثسم موسسسى عليهمسسا السسسلم‬

‫وخرجوا بعدهما مع يوشع بن نون ففتح الس عليهسم بيسست المقسسدس واسسستقرت‬

‫أيديهم عليها إلى أن أخذها منهم بختنصر حينا من الدهر ثم عسسادت إليهسسم ثسسم‬

‫أخذها ملوك اليونان فكانت أحكامهم مدة طويلة وبعث الس عيسسسى بسسن مريسسم‬

‫عليه السلم في تلك المدة فاستعانت اليهسسود قبحهسسم ال س علسسى معسساداة عيسسسى‬

‫عليه السلم بملوك اليونسان وكسانت تحست أحكسسامهم ووشسوا عنسدهم وأوحسسوا‬

‫إليهم أن هذا يفسد عليكم الرعايا فبعثوا من يقبض عليه فرفعه ال إليه وشسسبه‬

‫لهم بعض الحواريين بمشيئة ال وقسسدره فأخسسذوه فصسسلبوه واعتقسسدوا أنسسه هسسو‬

‫) وما قتلوه يقينا بل رفعه ال إليه وكان ال عزيزا حكيمسسا ( ثسسم بعسسد المسسسيح‬

‫عليه السلم بنحو ثلث مئة سنة دخل قسطنطين أحد ملوك اليونان فسسي ديسسن‬

‫النصرانية وكان فيلسوفا قبل ذلك فدخل فسسي ديسسن النصسسارى قيسسل تقيسة وقيسسل‬

‫حيلة ليفسده فوضعت له الساقفة منهسسم قسسوانين وشسسريعة بسسدعوها وأحسسدثوها‬

‫فبنسى لهسم الكنسائس والسبيع الكبسار والصسغار والصسوامع والهياكسل والمعابسد‬

‫والقليات وانتشر دين النصرانية في ذلسك الزمسسان واشستهر علسى مسسافيه مسن‬

‫‪258‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تبديل وتغيير وتحريف ووضع وكذب ومخالفة لدين المسسسيح ولسسم يبسسق علسسى‬

‫دين المسيح على الحقيقة منهم إل القليل من الرهبان فاتخسسذوا لهسسم الصسسوامع‬

‫في البراري والمهامه والقفار واسسستحوذت يسسد النصسسارى علسسى مملكسسة الشسسام‬

‫والجزيرة وبلد الروم وبنى هذا الملك المذكور مدينسسة قسسسطنطينية والقمامسسة‬

‫وبيت لحم وكنائس ببلد بيت المقدس ومدن حسسوران كبصسسرى وغيرهسسا مسسن‬

‫البلدان بناءات هائلة محكمة وعبدوا الصليب من حينئذ وصسسلوا إلسسى الشسسرق‬

‫وصوروا الكنائس وأحلوا لحم الخنزير وغير ذلك ممسسا أحسسدثوه مسسن الفسسروع‬

‫فسسي دينهسسم والصسسول ووضسسعوا لسه المانسسة الحقيسسرة السستي يسسسمونها الكسسبيرة‬

‫وصنفوا له القوانين وبسط هذا يطول والغرض أن يسسدهم لسسم تسسزل علسسى هسسذه‬

‫البلد إلى أن انتزعها منهم الصحابة رضي ال عنهم وكان فتح بيت المقدس‬

‫على يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي ال عنه ول الحمسسد والمنسسة‬

‫وقسسوله ) ورزقنسساهم مسسن الطيبسسات ( أي الحلل مسسن السسرزق الطيسسب النسسافع‬

‫المسسستطاب طبعسسا وشسسرعا وقسسوله ) فمسسا اختلفسسوا حسستى جسساءهم العلسسم ( أي‬

‫مااختلفوا في شيء من المسائل إل من بعد ما جاءهم العلم أي ولسسم يكسسن لهسسم‬

‫أن يختلفوا وقسسد بيسسن الس لهسسم وأزال عنهسسم اللبسسس وقسسد ورد فسسي الحسسديث إن‬

‫اليهود اختلفوا على إحدى وسبعين فرقة وأن النصارى اختلفسسوا علسسى اثنسستين‬

‫وسبعين فرقة وستفترق هذه المة على ثلث وسبعين فرقة منهسسا واحسسدة فسي‬

‫‪259‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الجنة وثنتان وسبعون في النار قيل من هسم يسا رسسول الس قسال مسا أنسا عليسه‬

‫وأصسسحابي رواه الحسساكم فسسي مسسستدركه ‪ 1129‬بهسسذا اللفسسظ وهسسو فسسي السسسنن‬

‫والمسانيد ولهذا قال الس تعسسالى ) إن ربسسك يقضسسي بينهسسم ( أي يفصسسل بينهسسم‬

‫) يسسسسسسسسسسوم القيامسسسسسسسسسسة فيمسسسسسسسسسسا كسسسسسسسسسسانوا فيسسسسسسسسسسه يختلفسسسسسسسسسسون (‬

‫ما َأنَزل َْنا إ ِل َي ْ َ‬


‫ك‬ ‫م ّ‬ ‫ش ّ‬
‫ك ّ‬ ‫ت ِفي َ‬ ‫فَِإن ُ‬
‫كن َ‬
‫َفا َ‬
‫ك‬ ‫ك ل ََقد ْ َ‬
‫جاء َ‬ ‫من قَب ْل ِ َ‬ ‫ن ال ْك َِتا َ‬
‫ب ِ‬ ‫ن ي َْقَر ُ‬
‫ؤو َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫سأ ِ‬
‫ْ‬

‫ن‬ ‫ن }‪ {94‬وَل َ ت َ ُ‬
‫كون َ ّ‬ ‫ري َ‬
‫مت َ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫م َ‬
‫ن ِ‬ ‫ك فَل َ ت َ ُ‬
‫كون َ ّ‬ ‫من ّرب ّ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫حقّ ِ‬

‫ن‬
‫ري َ‬
‫س ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫خا ِ‬ ‫م َ‬
‫ن ِ‬ ‫ت الل ّهِ فَت َ ُ‬
‫كو َ‬ ‫ن ك َذ ُّبوا ْ ِبآَيا ِ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫م َ‬
‫ِ‬

‫ن‬ ‫ك ل َ ي ُؤْ ِ‬
‫مُنو َ‬ ‫ت َرب ّ َ‬
‫م ُ‬ ‫ت عَل َي ْهِ ْ‬
‫م ك َل ِ َ‬ ‫حّق ْ‬
‫ن َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫}‪ {95‬إ ِ ّ‬

‫م }‪{97‬‬ ‫َ‬ ‫حّتى ي ََروُا ْ ال ْعَ َ‬ ‫م كُ ّ‬ ‫}‪ {96‬وَل َوْ َ‬


‫ب الِلي َ‬
‫ذا َ‬ ‫ل آي َةٍ َ‬ ‫جاءت ْهُ ْ‬

‫قال ل أشك ول أسسسأل وكسسذا قسسال‬ ‫قال قتادة بن دعامة بلغنا أن رسول ال‬

‫بن عباس وسعيد بن جبير والحسن البصري وهذا فيسسه تثسسبيت للمسسة وإعلم‬

‫موجودة في الكتب المتقدمة السستي بأيسسدي أهسسل الكتسساب‬ ‫لهم أن صفة نبيهم‬

‫كما قال تعالى ) الذين يتبعسسون الرسسسول النسسبي المسسي السسذي يجسسدونه مكتوبسسا‬

‫عندهم في التوراة والنجيل ( الية ثم مع هذا العلم الذي يعرفونه مسسن كتبهسسم‬

‫كما يعرفون أبناءهم يلبسون ذلك ويحرفونه ويبدلونه ول يؤمنون به مع قيام‬

‫‪260‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الحجة عليهم ولهذا قال تعالى ) إن الذين حقت عليهم كلمسسة ربسسك ل يؤمنسسون‬

‫ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الليم ( أي ل يؤمنون إيمانا ينفعهم بل‬

‫حين ل ينفع نفسا إيمانها ولهذا لمسسا دعسسا موسسسى عليسسه السسسلم علسسى فرعسسون‬

‫وملئه قال ) ربنا اطمس على أموالهم واشسسدد علسسى قلسسوبهم فل يؤمنسسوا حسستى‬

‫يروا العذاب الليم ( كما قال تعالى ) ولو أننسسا نزلنسسا إليهسسم الملئكسسة وكلمهسسم‬

‫الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبل ما كانوا ليؤمنوا إل أن يشاء الس ولكسسن‬

‫أكثرهم يجهلون ( ثم قال تعالى ) فلول كانت قريسسة آمنسست فنفعهسسا إيمانهسسا إل‬

‫قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخسسزي فسسي الحيسساة السسدنيا ومتعنهسساهم‬

‫إلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسى حيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسن (‬

‫س لَ ّ‬
‫ما‬ ‫مان َُها إ ِل ّ قَوْ َ‬
‫م ُيون ُ َ‬ ‫ت فَن ََفعََها ِإي َ‬
‫من َ ْ‬ ‫ت قَْري َ ٌ‬
‫ةآ َ‬ ‫فَل َوْل َ َ‬
‫كان َ ْ‬

‫ي ِفببي ال ْ َ‬
‫حَيبباةَ الببد ّن َْيا‬ ‫خببْز ِ‬
‫ب ال ِ‬ ‫عبب َ‬
‫ذا َ‬ ‫م َ‬ ‫مُنببوا ْ ك َ َ‬
‫شببْفَنا عَن ُْهبب ْ‬ ‫آ َ‬

‫م‬
‫مت ّعَْناهُ ْ‬
‫وَ َ‬

‫ن }‪{98‬‬ ‫إ َِلى ِ‬
‫حي ٍ‬

‫يقول تعالى فهل كانت قرية آمنت بكمالها من المم السالفة الذين بعثنا إليهسسم‬

‫الرسل بل ما أرسلنا من قبلك يا محمد من رسول إل كسسذبه قسسومه أو أكسسثرهم‬

‫كقسسوله تعسسالى ) يسسا حسسسرة علسسى العبسساد مسسا يسسأتيهم مسسن رسسسول إل كسسانوا بسسه‬

‫يستهزئون ( ) كذلك ما أتى الذين مسسن قبلهسسم مسسن رسسسول إل قسسالوا سسساحر أو‬

‫‪261‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مجنون ( ) وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إل قال مترفوها إنسسا‬

‫وجدنا آباءنا على أمسة وإنسسا علسى آثسسارهم مقتسسدون ( وفسي الحسسديث الصسحيح‬

‫عرض علي النبياء فجعل النبي يمر ومعه الفئام من الناس والنبي يمر معسسه‬

‫الرجل والنبي معه الرجلن والنبي ليس معه أحد ثم ذكر كثرة أتبسساع موسسسى‬

‫عليه السلم ثم ذكر كثرة أمته صلوات ال وسلمه عليه كثرة سدت الخافقين‬

‫الشرقي والغربي والغرض أنه لم توجد قرية آمنت بكمالها بنبيهم ممن سلف‬

‫من القرى إل قوم يونس وهسسم أهسسل نينسسوى ومسسا كسسان إيمسسانهم إل تخوفسسا مسسن‬

‫وصسسول العسسذاب السسذي أنسسذرهم بسسه رسسسولهم بعسسد مسسا عسساينوا أسسسبابه وخسسرج‬

‫رسولهم من بين أظهرهم فعندها جأروا إلى ال واستغاثوا به وتضسسرعوا لسسه‬

‫واستكانوا وأحضروا أطفالهم ودوابهم ومواشيهم وسألوا ال تعسسالى أن يرفسسع‬

‫عنهم العذاب الذي أنذرهم به نبيهم فعندها رحمهم ال وكشف عنهسسم العسسذاب‬

‫وأخروا كما قال تعالى ) إل قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهسسم عسسذاب الخسسزي‬

‫في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حيسسن ( واختلسسف المفسسسرون هسسل كشسسف عنهسسم‬

‫العذاب الخروي مع الدنيوي أو إنما كشف عنهم في الدنيا فقسسط علسسى قسسولين‬

‫أحدهما إنما كان ذلك في الحياة السسدنيا كمسسا هسسو مقيسسد فسسي هسذه اليسسة والثسساني‬

‫فيهما لقوله تعالى ) وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فسسآمنوا فمتعنسساهم إلسسى‬

‫حين ( فأطلق عليهم اليمان واليمان منقذ من العسسذاب الخسسروي وهسسذا هسسو‬

‫‪262‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الظاهر وال أعلم وقال قتادة في تفسسسير هسسذه اليسسة لسسم ينفسسع قريسسة كفسسرت ثسسم‬

‫آمنت حين حضرها العذاب فتركت إل قوم يونس لما فقدوا نسسبيهم وظنسسوا أن‬

‫العذاب قد دنا منهم قذف ال في قلوبهم التوبسة ولبسسوا المسسسوح وفرقسسوا بيسسن‬

‫كل بهيمة وولدها ثم عجوا إلى ال أربعين ليلة فلما عرف الس منهسسم الصسسدق‬

‫من قلوبهم والتوبة والندامة على ما مضى منهم كشف عنهم العسسذاب بعسسد أن‬

‫تدلى عليهم قال قتادة وذكر أن قوم يونس بنينوى أرض الموصل وكذا روي‬

‫عن بن مسعود ومجاهد وسعيد بن جبير وغير واحسسد مسسن السسسلف وكسسان بسسن‬

‫مسعود يقرؤها ) فهل كانت قرية آمنت ( وقال أبسسو عمسسران عسسن أبسسي الجلسسد‬

‫قال لما نزل بهم العذاب جعل يدور على رؤوسهم كقطع الليل المظلم فمشسسوا‬

‫إلى رجل من علمائهم فقالوا علمنا دعاء نسسدعوا بسسه لعسسل الس أن يكشسسف عنسسا‬

‫العذاب فقال قولوا ياحي حين ل حي يا حسسي محيسي المسسوتى يساحي ل إلسه إل‬

‫أنسست قسسال فكشسسف عنهسسم العسسذاب وتمسسام القصسسة سسسيأتي مفصسسل فسسي سسسورة‬

‫الصسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسافات إن شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساء السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس‬


‫ك لمن من ِفي ال َ‬
‫ض ك ُل ّهُ ْ‬
‫م‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫شاء َرب ّ َ َ َ َ‬ ‫وَل َوْ َ‬

‫ما‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫جميعا ً أ َفَ َ‬


‫ن }‪ {99‬وَ َ‬
‫َ‬ ‫ني‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ؤ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫نو‬‫ُ‬ ‫كو‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫تى‬ ‫ّ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫نا‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ك‬‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫َ ِ‬
‫َ‬
‫س‬
‫ج َ‬
‫ل الّر ْ‬ ‫ن الل ّهِ وَي َ ْ‬
‫جع َ ُ‬ ‫ن إ ِل ّ ب ِإ ِذ ْ ِ‬ ‫س أن ت ُؤْ ِ‬
‫م َ‬ ‫ن ل ِن َْف ٍ‬ ‫َ‬
‫كا َ‬

‫ن ل َ ي َعِْقُلو َ‬
‫ن }‪{100‬‬ ‫عََلى ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬

‫‪263‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول تعالى ) ولو شاء ربك ( يا محمد لذن لهل الرض كلهم فسسي اليمسسان‬

‫بما جئتهم به فآمنوا كلهم ولكن له حكمة فيما يفعله تعالى كقوله تعالى ) ولسسو‬

‫شاء ربك لجعل الناس أمسسة واحسسدة ول يزالسسون مختلفيسسن إل مسسن رحسسم ربسسك‬

‫ولذلك خلقهم وتمت كلمسسة ربسسك لملن جهنسسم مسسن الجنسسة والنسساس أجمعيسسن (‬

‫وقال تعالى ) أفلم ييأس الذين آمنسسوا أن لسسو يشسساء الس لهسسدى النسساس جميعسسا (‬

‫ولهذا قال تعالى ) أفأنت تكره النسساس ( أي تلزمهسسم وتلجئهسسم ) حسستى يكونسسوا‬

‫مؤمنين ( أي ليس ذلك عليك ول إليك بل ال ) يضل مسسن يشسساء ويهسسدي مسسن‬

‫يشاء فل تذهب نفسك عليهم حسرات ( ) ليس عليك هداهم ولكسسن الس يهسسدي‬

‫من يشاء ( ) لعلك باخع نفسسسك أن ل يكونسسوا مسسؤمنين ( ) إنسسك ل تهسسدي مسسن‬

‫أحببت ( ) فإنما عليك البلغ وعلينا الحساب ( ) فذكر إنما أنت مسسذكر لسسست‬

‫عليهم بمصيطر ( إلى غير ذلسسك مسسن اليسسات الدالسسة علسسى أن الس تعسسالى هسسو‬

‫الفعال لما يريد الهادي من يشسساء المضسسل لمسسن يشسساء لعلمسسه وحكمتسه وعسسدله‬

‫ولهذا قال تعالى ) وما كان لنفسسس أن تسسؤمن إل بسسإذن الس ويجعسسل الرجسسس (‬

‫وهو الخبال والضلل ) على السسذين ل يعقلسسون ( أي حجسسج الس وأدلتسسه وهسسو‬

‫العسسسادل فسسسي كسسسل ذلسسسك فسسسي هدايسسسة مسسسن هسسسدى وإضسسسلل مسسسن ضسسسل‬

‫ت‬
‫ماَوا ِ‬
‫س َ‬
‫ذا ِفي ال ّ‬ ‫ل انظ ُُروا ْ َ‬
‫ما َ‬ ‫قُ ِ‬

‫‪264‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ن}‬ ‫ت َوالن ّبذ ُُر عَببن قَبوْم ٍ ل ّ ي ُؤْ ِ‬
‫من ُببو َ‬ ‫َ‬
‫مببا ت ُغْن ِببي الي َببا ُ‬
‫ض وَ َ‬
‫َوالْر ِ‬
‫‪{101‬‬
‫ل ينتظرون إل ّ مث ْ َ َ‬
‫م‬ ‫خل َوْا ْ ِ‬
‫من قَب ْل ِهِ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ل أّيام ِ ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫فَهَ ْ َ َ ِ ُ َ ِ ِ‬

‫جي‬ ‫ن }‪ {102‬ث ُ ّ‬
‫م ن ُن َ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫منت َظ ِ ِ‬ ‫م َ‬
‫كم ّ‬ ‫ل َفانت َظ ُِروا ْ إ ِّني َ‬
‫مع َ ُ‬ ‫قُ ْ‬

‫ن‬
‫مِني َ‬ ‫ج ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫ك َ ً َ‬
‫حّقا عَلي َْنا ُنن ِ‬ ‫مُنوا ْ ك َذ َل ِ َ‬
‫نآ َ‬ ‫سل ََنا َوال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ُر ُ‬

‫}‪{103‬‬

‫يرشد تعالى عباده إلى التفكر في آلئه وما خلق ال فسي السسماوات والرض‬

‫من اليات الباهرة لذوي اللباب مما في السماوات من كواكب نيرات ثوابت‬

‫وسيارات والشمس والقمر والليسسل والنهسسار واختلفهمسسا وإيلج أحسسدهما فسسي‬

‫الخر حتى يطسسول هسسذا ويقصسسر هسسذا ثسسم يقصسسر هسسذا ويطسسول هسسذا وارتفسساع‬

‫السماء واتساعها وحسنها وزينتها ومسسا أنسسزل الس منهسسا مسسن مطسسر فأحيسسا بسسه‬

‫الرض بعسسد موتهسسا وأخسسرج فيهسسا مسسن أفسسانين الثمسسار والسسزروع والزاهيسسر‬

‫وصنوف النبات وما ذرأ فيها من دواب مختلفة الشسسكال واللسسوان والمنسسافع‬

‫وما فيهسا مسن جبسال وسسهول وقفسار وعمسران وخسراب ومسا فسي البحسر مسن‬

‫العجائب والمواج وهو مع هذا مسخر مذلل للسالكين يحمل سفنهم ويجسسري‬

‫بها برفسسق بتسسسخير القسسدير ل إلسسه إل هسسو ول رب سسسواه وقسسوله ) ومسسا تغنسسي‬

‫اليات والنذر عن قسسوم ل يؤمنسسون ( أي وأي شسسيء تغنسسي اليسسات السسسماوية‬

‫‪265‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والرضية والرسل بآياتها وحججها وبراهينها الدالة على صدقها عن قوم ل‬

‫يؤمنون كقوله ) إن الذين حقت عليهم كلمسسة ربسسك ل يؤمنسسون ( اليسسة وقسسوله‬

‫) فهل ينتظرون إل مثل أيام الذين خلوا مسسن قبلهسسم ( أي فهسسل ينتظسسر هسسؤلء‬

‫المكذبون لك يا محمد من النقمة والعذاب إل مثل أيام ال في الذين خلوا مسسن‬

‫قبلهسسم مسسن المسسم الماضسسية المكذبسسة لرسسسلهم ) قسسل فسسانتظروا إنسسي معكسسم مسسن‬

‫المنتظريسسن ثسسم ننجسسي رسسسلنا والسسذين آمنسسوا ( أي ونهلسسك المكسسذبين بالرسسسل‬

‫) كذلك حقا علينا ننجي المؤمنين ( حقا أوجبه ال تعالى على نفسسسه الكريمسسة‬

‫كقوله ) كتسسب ربكسسم علسسى نفسسسه الرحمسسة ( وكمسسا جسساء فسسي الصسسحيحين عسن‬

‫أي أنسسه قسسال إن الس كتسسب كتابسسا فهسسو عنسسده فسسوق العسسرش إن‬ ‫رسول الس‬

‫رحمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسستي سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسبقت غضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسبي‬


‫َ‬ ‫س ِإن ُ‬ ‫َ‬
‫مببن ِدين ِببي فَل َ أعْب ُبد ُ‬ ‫شب ّ‬
‫ك ّ‬ ‫م فِببي َ‬
‫كنت ُب ْ‬ ‫قُ ْ‬
‫ل َيا أي َّها الن ّببا ُ‬

‫ن‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫تعب بدون مببن دون الل ّبه وَلب بك َ‬
‫ه ال ّب ِ‬
‫ذي ي َت َوَفّبباك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ن أعْب ُبد ُ الل ّب َ‬
‫ِ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫ُ ِ‬ ‫َُْ ُ َ ِ‬

‫ت‬ ‫ُ‬
‫مْر ُ‬
‫وَأ ِ‬

‫ن‬ ‫جه َ ب َ‬ ‫أ َن أ َك ُببون مبن ال ْمبؤْمِنين }‪ {104‬وأ َ َ‬


‫دي ِ‬
‫ك ِلل ب ّ‬ ‫م وَ ْ‬
‫ن أقِب ْ‬
‫َ ْ‬ ‫ُ ِ َ‬ ‫َ ِ َ‬ ‫ْ‬

‫حِنيفا ً‬
‫َ‬

‫‪266‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ن الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫دو ِ‬ ‫ن }‪ {105‬وَل َ ت َد ْعُ ِ‬
‫من ُ‬ ‫كي َ‬
‫شرِ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫م َ‬
‫ن ِ‬ ‫وَل َ ت َ ُ‬
‫كون َ ّ‬

‫ن‬
‫مي َ‬ ‫ن ال ّ‬
‫ظببال ِ ِ‬ ‫ك ِإذا ً ّ‬
‫مبب َ‬ ‫ك فَِإن فَعَل ْ َ‬
‫ت فَإ ِن ّ َ‬ ‫ضّر َ‬
‫ك وَل َ ي َ ُ‬
‫ما ل َ َينَفعُ َ‬
‫َ‬

‫}‪{106‬‬

‫ف لَ ُ‬
‫ه إ ِل ّ هُوَ وَِإن‬ ‫ش َ‬ ‫ضّر فَل َ َ‬
‫كا ِ‬ ‫ك الل ّ ُ‬
‫ه بِ ُ‬ ‫س َ‬
‫س ْ‬
‫م َ‬
‫وَِإن ي َ ْ‬

‫ه‬
‫عَبادِ ِ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬ ‫من ي َ َ‬
‫شاُء ِ‬ ‫ب ب ِهِ َ‬
‫صي ُ‬ ‫خي ْرٍ فَل َ َرآد ّ ل َِف ْ‬
‫ضل ِهِ ي ُ َ‬ ‫ي ُرِد ْ َ‬
‫ك بِ َ‬

‫م }‪{107‬‬ ‫وَهُوَ ال ْغَُفوُر الّر ِ‬


‫حي ُ‬

‫قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من صحة ما‬ ‫يقول تعالى لرسوله محمد‬

‫جئتكم به من الدين الحنيف الذي أوحاه ال إلي فأنا ل أعبد الذين تعبدون من‬

‫دون ال ولكن أعبد ال وحده ل شريك له وهو الذي يتوفاكم كمسسا أحيسساكم ثسسم‬

‫إليه مرجعكم فإن كانت آلهتكم التي تدعون من دون ال س حقسسا فأنسسا ل أعبسسدها‬

‫فادعوها فلتضرني فإنها ل تضر ول تنفع وإنما الذي بيده الضر والنفسسع هسسو‬

‫ال وحده ل شريك له وأمرت أن أكون من المؤمنين وقوله ) وأن أقم وجهك‬

‫للدين حنيفا ( الية أي أخلص العبادة ل وحده حنيفا أي منحرفا عسسن الشسسرك‬

‫ولهذا قال ) ول تكونن من المشركين ( وهو معطوف علسسى قسسوله ) وأمسسرت‬

‫أن أكون من المؤمنين ( وقوله ) وإن يمسسك ال بضر ( الية فيه بيسسان لن‬

‫الخير والشر والنفع والضر إنما هو راجع إلسى الس تعسالى وحسده ل يشساركه‬

‫‪267‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫في ذلك أحد فهو الذي يستحق العبسسادة وحسسده ل شسسريك لسسه روى الحسسافظ بسسن‬

‫عساكر في ترجمة صفوان بن سليم من طريسق عبسد الس بسن وهسب أخسبرني‬

‫يحيى بن أيوب عن عيسى بن موسى عن صفوان بن سليم عن أنس بن مالك‬

‫قال اطلبوا الخير دهركم كله وتعرضوا لنفحات ربكم فسسإن‬ ‫أن رسول ال‬

‫ل نفحات مسسن رحمتسسه يصسسيب بهسسا مسسن يشسساء مسسن عبسساده واسسسألوه أن يسسستر‬

‫عوراتكم ويؤمن روعاتكم ثم رواه من طريق الليث عسسن عيسسسى بسسن موسسسى‬

‫عن صفوان عن رجل من أشجع عن أبي هريرة مرفوعا بمثله سواء وقسسوله‬

‫) وهو الغفور الرحيم ( أي لمن تاب إليه وتوكل عليه ولو من أي ذنسسب كسسان‬

‫حسسسسسسسسستى مسسسسسسسسسن الشسسسسسسسسسرك بسسسسسسسسسه فسسسسسسسسسإنه يتسسسسسسسسسوب عليسسسسسسسسسه‬


‫َ‬
‫جاءك ُ ُ‬
‫م‬ ‫س قَد ْ َ‬ ‫قُ ْ‬
‫ل َيا أي َّها الّنا ُ‬

‫من‬
‫سه ِ و َ َ‬
‫دي ل ِن َْف ِ‬ ‫دى فَإ ِن ّ َ‬
‫ما ي َهْت َ ِ‬ ‫ن اهْت َ َ‬
‫م ِ‬ ‫من ّرب ّك ُ ْ‬
‫م فَ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫حقّ ِ‬

‫ع‬
‫ل }‪َ {108‬وات ّب ِ ْ‬
‫كي ٍ‬ ‫ما أ َن َا ْ عَل َي ْ ُ‬
‫كم ب ِوَ ِ‬ ‫ل عَل َي َْها وَ َ‬
‫ض ّ‬ ‫ل فَإ ِن ّ َ‬
‫ما ي َ ِ‬ ‫ض ّ‬
‫َ‬

‫ن‬
‫مي َ‬ ‫خي ْبُر ال ْ َ‬
‫حبباك ِ ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه وَهُبوَ َ‬ ‫حك ُ َ‬
‫ى يَ ْ‬
‫حت ّ َ‬
‫صب ِْر َ‬ ‫حى إ ِل َي ْ َ‬
‫ك َوا ْ‬ ‫ما ُيو َ‬
‫َ‬

‫}‪{109‬‬

‫‪268‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أن يخبر الناس أن الذي جاءهم به من عنسسد ال س‬ ‫يقول تعالى آمر لرسوله‬

‫هو الحق الذي ل مرية‬

‫فيه ول شك فمن اهتدى به واتبعه فإنما يعود نفع ذلك التباع على نفسه ومن‬

‫ضل عنه فإنما يرجع وبال ذلك عليه ) ومسسا أنسسا عليكسسم بوكيسسل ( أي ومسسا أنسسا‬

‫موكل بكم حتى تكونوا مؤمنين وإنما أنا نذير لكسسم والهدايسسة علسسى الس تعسسالى‬

‫وقوله ) واتبع ما يوحى إليك واصبر ( أي تمسك بما أنزل ال عليك وأوحسساه‬

‫إليك واصبر على مخالفة من خالفك من الناس ) حسستى يحكسسم الس ( أي يفتسسح‬

‫بينك وبينهم ) وهو خير الحاكمين ( أي خير الفاتحين بعدله وحكمته‬

‫سبببببببببببببببببببببببببببببببببببببورة هبببببببببببببببببببببببببببببببببببببود‬
‫قال الحافظ أبو يعلى حدثنا خلف بن هشام البزار حببدثنا‬
‫أبو الحوص عن أبي إسببحاق عبن عكرمبة قبال‪ :‬قبال أبببو‬
‫بكر‪ :‬سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شببيبك ؟‬
‫قال »شيبتني هود والواقعة وعم يتسبباءلون وإذا الشببمس‬
‫كورت« وقال أبو عيسى الترمذي‪ :‬حدثنا أبو كريب محمببد‬
‫بن العلء حببدثنا معاويببة بببن هشببام عببن شببيبان عببن أبببي‬
‫إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس قال‪ :‬قال أبببو بكببر‪ :‬يببا‬
‫رسببول اللببه قببد شبببت قببال »شببيبتني هببود والواقعببة‬
‫والمرسلت وعم يتسبباءلون وإذا الشببمس كببورت« وفببي‬
‫رواية »هود وأخواتها« وقببال الطبببراني حببدثنا عبببدان بببن‬
‫أحمد حدثنا حجاج بن الحسن حدثنا سعيد بن سببلم حببدثنا‬

‫‪269‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عمر بن محمد عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬شيبتني هود وأخواتها‪:‬‬
‫الواقعة والحاقة وإذا الشمس كورت« وفببي روايببة »هببود‬
‫وأخواتها« وقد روي من حببديث ابببن مسببعود نحببوه فقببال‬
‫الحببافظ أبببو القاسببم سببليمان بببن أحمببد الطبببراني فببي‬
‫معجمه الكبير‪ :‬حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة حببدثنا‬
‫أحمد بن طارق الرائشي حدثنا عمببرو بببن ثببابت عببن أبببي‬
‫إسحاق عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن أبا بكر‬
‫قال‪ :‬يا رسول اللببه مببا شببيبك ؟ قببال‪» :‬هببود والواقعببة«‪.‬‬
‫عمرو بن ثابت متروك وأبو إسحاق لم يدرك ابببن مسببعود‬
‫واللببببببببببببببببببببببببببببببببه أعلببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫حيبببببببببببم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سبببببببببببم ِ الل ّبببببببببببهِ الّر ْ‬
‫حمـببببببببببب ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫ُ‬
‫ر‬
‫خِبي َب ٍ‬ ‫كي بم ٍ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬ ‫من ل ّد ُ ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫صل َ ْ‬‫م فُ ّ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ت آَيات ُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫حك ِ َ‬
‫بأ ْ‬ ‫** اَلر ك َِتا ٌ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫شببيٌر * وَأ ِ‬ ‫ذيٌر وَب َ ِ‬ ‫ه ن َب ِ‬‫من ْب ُ‬
‫م ّ‬ ‫ه إ ِن ّن ِببي ل َك ُب ْ‬
‫* أل ّ ت َعْب ُبد ُوَا ْ إ ِل ّ الل ّب َ‬
‫ل‬ ‫استغْفروا ْ ربك ُم ث ُم توبوا ْ إل َيه يمتعك ُم متاعا ً حسنا ً إل َ َ‬
‫ج ٍ‬ ‫ىأ َ‬ ‫َ َ ِ ََ‬ ‫َ ّ ْ ّ ُ ُ َ ِ ْ ِ ُ َ ّْ ْ ّ َ‬ ‫ْ َ ِ ُ‬
‫ف‬ ‫خببا ُ‬ ‫يأ َ‬ ‫ه وَِإن ت َوَل ّوْا ْ َفببإ ِن ّ َ‬ ‫ضل َ ُ‬‫ل فَ ْ‬ ‫ل ِذي فَ ْ‬
‫ض ٍ‬ ‫ت كُ ّ‬ ‫مى وَي ُؤْ ِ‬ ‫س ّ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫ل‬‫كبب ّ‬ ‫ى ُ‬ ‫َ‬ ‫جعُك ُ ْ‬ ‫ب ي َوْم ٍ ك َِبيرٍ * إ َِلى الل ّهِ َ‬ ‫م عَ َ‬ ‫عَل َي ْك ُ ْ‬
‫م وَهُوَ عَل َ‬ ‫مْر ِ‬ ‫ذا َ‬
‫ديٌر‬‫يٍء َقبببببببببببببببببببببببببببببببب ِ‬ ‫شبببببببببببببببببببببببببببببببب ْ‬ ‫َ‬
‫قببد تقببدم الكلم علببى حببروف الهجبباء فببي أول سببورة‬
‫البقرة بما أغنى عن إعادته هنا وبالله التوفيق‪ ,‬وأما قببوله‪:‬‬
‫}أحكمت آياته ثببم فصببلت{ أي هببي محكمببة فببي لفظهببا‬
‫مفصلة في معناها فهو كامل صورة ومعنى‪ ,‬هذا معنى مببا‬
‫روي عن مجاهد وقتادة واختبباره ابببن جريببر ومعنببى قببوله‬
‫}من لدن حكيم خبير{ أي من عند الله الحكيم في أقواله‬
‫وأحكامه خبير بعواقب المور }أل تعبدوا إل الله{ أي نببزل‬
‫هذا القرآن المحكم المفصل لعبادة الله وحده ل شريك له‬
‫كقوله تعالى‪} :‬وما أرسلنا من قبلك من رسببول إل نببوحي‬
‫إليه أنه ل إله إل أنا فاعبدون{ وقال }ولقد بعثنببا فببي كببل‬
‫أمببة رسببول ً أن اعبببدوا اللببه واجتنبببوا الطبباغوت{ وقببوله‬

‫‪270‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}إنني لكم منه نذير وبشير{ أي إني لكم نذير من العذاب‬
‫إن خالفتموه‪ ,‬وبشير بببالثواب إن أطعتمببوه كمببا جبباء فببي‬
‫الحديث الصحيح أن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫صببعد الصببفا فببدعا بطببون قريببش القببرب ثببم القببرب‬
‫فاجتمعوا فقال‪» :‬يا معشر قريش أرأيتببم لببو أخبببرتكم أن‬
‫خيل ً تصبحكم ألستم مصدقي ؟« فقبالوا‪ :‬مبا جربنبا عليبك‬
‫كذبا ً قال‪» :‬فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد« وقببوله‪:‬‬
‫}وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليببه يمتعكببم متاع با ً حسببنا ً‬
‫إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضببله{ أي وآمركببم‬
‫بالستغفار من الذنوب السالفة والتوبة منها إلى اللببه عببز‬
‫وجل فيما تستقبلونه‪ ,‬وأن تسببتمروا علببى ذلببك }يمتعكببم‬
‫متاعا ً حسنًا{ أي في الدنيا }إلى أجل مسببمى ويببؤت كببل‬
‫لخرة قبباله قتببادة كقببوله‪:‬‬ ‫ذي فضل فضله{ أي في الدار ا َ‬
‫}من عمل صالحا ً من ذكببر أو أنببثى وهببو مببؤمن فلنحيينببه‬
‫حيببببببببببببببببببباة طيببببببببببببببببببببة{ ا َ‬
‫ليبببببببببببببببببببة‪.‬‬
‫وقد جاء فبي الصببحيح أن رسبول اللبه صبلى اللبه عليبه‬
‫وسلم قال لسعد »وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله‬
‫إل أجرت بها حتى ما تجعل فببي فببي امرأتببك« وقببال ابببن‬
‫جرير‪ :‬حدثني المسيب بن شريك عن أبي بكر عببن سببعيد‬
‫بن جبير عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله‪} :‬ويؤت‬
‫كل ذي فضل فضببله{ قببال مببن عمببل سببيئة كتبببت عليببه‬
‫سيئة ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات فإن عوقب‬
‫بالسيئة التي كان عملها في الدنيا بقيت له عشر حسببنات‬
‫وإن لم يعاقب بها فببي الببدنيا أخببذ مببن الحسببنات العشببر‬
‫واحدة وبقيت له تسع حسنات‪ ,‬ثببم يقببول هلببك مببن غلببب‬
‫آحبباده علببى أعشبباره‪ ,‬وقببوله‪} :‬وإن تولببوا فببإني أخبباف‬
‫عليكم عذاب يوم كبير{ هذا تهديد شببديد لمببن تببولى عببن‬
‫أوامبر اللبه تعبالى وكبذب رسبله فبإن العبذاب ينباله يبوم‬
‫القيامة ل محالببة }إلببى اللببه مرجعكببم{ أي معببادكم يببوم‬
‫القيامة }وهو على كل شيء قدير{ أي هو القادر على مببا‬
‫يشاء من إحسانه إلى أوليائه وانتقامه من أعدائه‪ ,‬وإعببادة‬

‫‪271‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الخلئق يوم القيامببة‪ ,‬وهببذا مقببام الببترهيب كمببا أن الول‬
‫مقبببببببببببببببببببببببببببببببام ترغيبببببببببببببببببببببببببببببببب‪.‬‬

‫ن‬‫حيببب َ‬‫ه َأل ِ‬ ‫خُفوا ْ ِ‬


‫من ْببب ُ‬ ‫سبببت َ ْ‬‫م ل ِي َ ْ‬
‫دوَرهُ ْ‬ ‫صببب ُ‬
‫ن ُ‬ ‫م ي َث ْن ُبببو َ‬
‫َ‬
‫** أل إ ِن ّهُببب ْ‬
‫م‬
‫ه عَِلي ب ٌ‬
‫ن إ ِن ّب ُ‬
‫مببا ي ُعْل ِن ُببو َ‬ ‫ن وَ َ‬‫س بّرو َ‬ ‫ما ي ُ ِ‬
‫م َ‬ ‫م ي َعْل َ ُ‬
‫ن ث َِياب َهُ ْ‬
‫شو َ‬ ‫ست َغْ ُ‬
‫يَ ْ‬
‫دورِ‬
‫صبببببببببببببببببببببببببببببب ُ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ذا ِ‬‫ِببببببببببببببببببببببببببببببب َ‬
‫قببال ابببن عببباس كببانوا يكرهببون أن يسببتقبلوا السببماء‬
‫ليببة‪ ,‬رواه‬ ‫بفروجهببم وحببال وقبباعهم فببأنزل اللببه هببذه ا َ‬
‫البخاري من طريق ابن جريج عن محمد بن عباد بن جعفر‬
‫لية فقلت‪ :‬يا‬ ‫أن ابن عباس قرأ أل إنهم تثنوني صدورهم‪ ,‬ا َ‬
‫أبا العباس ما تثنوني صدورهم ؟ قال‪ :‬الرجل كببان يجببامع‬
‫امرأتببه فيسببتحي أو يتخلببى فيسببتحي فنزلببت‪} :‬أل إنهببم‬
‫تثنوني صدورهم{‪ .‬وفببي لفببظ آخببر لببه قببال ابببن عببباس‪:‬‬
‫أناس كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلببى السببماء وأن‬
‫يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء فنزل ذلك فيهببم ثببم‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حببدثنا عمببرو قببال قببرأ‬
‫ابن عباس‪} :‬أل إنهم تثنببوني صببدورهم ليسببتخفوا منببه أل‬
‫حيببببببببببببببببن يستغشببببببببببببببببون ثيببببببببببببببببابهم{‪.‬‬
‫قال البخاري وقال غيره عببن ابببن عببباس }يستغشببون{‬
‫يغطون رؤوسهم‪ ,‬وقال ابن عباس فببي روايببة أخببرى فببي‬
‫لية‪ :‬يعني به الشك في الله وعمل السببيئات‬ ‫تفسير هذه ا َ‬
‫وكببذا روي عببن مجاهببد والحسببن وغيرهببم أي أنهببم كببانوا‬
‫يثنببون صبدورهم إذا قبالوا شبيئا ً أو عملبوه فيظنبون أنهببم‬
‫يستخفون من الله بذلك فببأخبرهم اللبه تعبالى أنهببم حيببن‬
‫يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليببل }يعلببم مببا‬
‫يسببرون{ مببن القببول }ومببا يعلنببون * إنببه عليببم بببذات‬
‫الصدور{ أي يعلم ما تكن صدورهم من النيببات والضببمائر‬
‫والسرائر‪ ,‬وما أحسن ما قببال زهيببر بببن أبببي سببلمى فببي‬
‫معلقتبببببببببببببببببببببببببببه المشبببببببببببببببببببببببببببهورة‪:‬‬
‫فل تكتمن الله ما في قلوبكمليخفى ومهما يكتم الله يعلببم‬
‫يؤخر فيوضع في كتاب فيدخرليوم حساب أو يعجل فينقببم‬

‫‪272‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقد اعترف هذا الشاعر الجاهلي بوجببود الصببانع وعلمببه‬
‫بالجزئيات وبالمعاد وبالجزاء وبكتابة العمال في الصببحف‬
‫ليوم القيامة‪ ,‬وقال عبد الله بن شداد‪ :‬كان أحدهم إذا مببر‬
‫برسول الله ثنى عنه صدره وغطى رأسه فأنزل الله ذلك‪,‬‬
‫وعود الضمير إلى الله أولى لقببوله‪} :‬أل حيببن يستغشببون‬
‫ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنببون{ وقببرأ ابببن عببباس أل‬
‫إنهم تثنوني صببدورهم برفببع الصببدور علببى الفاعليببة وهببو‬
‫قريببببببببببببببببببببببببببببببب المعنببببببببببببببببببببببببببببببى‪.‬‬

‫ض إ ِل ّ عََلبى الّلبهِ رِْزقَُهبا وَي َعَْلب ُ‬


‫م‬ ‫دآّببةٍ ِفبي الْر ِ‬ ‫مبن َ‬ ‫مبا ِ‬ ‫** وَ َ‬
‫ن‬‫مِبيبببب ٍ‬ ‫ب ّ‬ ‫كبببب ّ‬
‫ل ِفببببي ك َِتببببا ٍ‬ ‫سببببت َوْد َعََها ُ‬
‫م ْ‬
‫ها وَ ُ‬
‫سببببت ََقّر َ‬‫م ْ‬
‫ُ‬
‫أخبر تعببالى أنببه متكفببل بببأرزاق المخلوقببات مببن سببائر‬
‫دواب الرض صببغيرها وكبيرهببا بحريهببا وبريهببا وأنببه يعلببم‬
‫مسببتقرها ومسببتودعها أي يعلببم أيببن منتهببى سببيرها فببي‬
‫الرض وأين تأوي إليه من وكرهببا وهببو مسببتودعها‪ ,‬وقببال‬
‫علببي بببن أبببي طلحببة وغيببره عببن ابببن عببباس }ويعلببم‬
‫مستقرها{ أي حيببث تببأوي }ومسببتودعها{ حيببث تمببوت‪,‬‬
‫وعن مجاهد }مستقرها{ في الرحببم }ومسببتودعها{ فببي‬
‫الصببلب كببالتي فببي النعببام‪ ,‬وكببذا روي عببن ابببن عببباس‬
‫والضحاك وجماعة‪ ,‬وذكر ابن أبي حاتم أقببوال المفسببرين‬
‫لية فالله أعلببم‪ .‬وأن جميببع ذلببك‬ ‫ههنا كما ذكره عند تلك ا َ‬
‫مكتوب في كتاب عند الله مبببين عببن جميببع ذلببك كقببوله‪:‬‬
‫}وما من دابة في الرض ول طائر يطيببر بجنبباحيه إل أمببم‬
‫أمثالكم ما فرطنا فببي الكتبباب مببن شببيء ثببم إلببى ربهببم‬
‫يحشرون{ وقوله‪} :‬وعنده مفاتح الغيب ل يعلمهببا إل هببو‪,‬‬
‫ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط مببن ورقببة إل يعلمهببا‬
‫ول حبببة فببي ظلمببات الرض ول رطببب ول يببابس إل فببي‬
‫كتببببببببببببببببببببببببببببببباب مببببببببببببببببببببببببببببببببين{‪.‬‬

‫ن‬
‫كببا َ‬‫ست ّةِ أ َّيام ٍ وَ َ‬
‫ض ِفي ِ‬ ‫ت َوالْر َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫خَلق ال ّ‬
‫س َ‬ ‫ذي َ‬‫** وَهُوَ ال ّ ِ‬
‫شه عََلى ال ْمببآِء ل ِيبل ُبوك ُم أ َيك ُب َ‬
‫ت‬‫مل ً وَل َِئن قُل ْب َ‬ ‫ن عَ َ‬
‫سب ُ‬
‫ح َ‬
‫مأ ْ‬‫َْ َ ْ ّ ْ‬ ‫َ‬ ‫عَْر ُ ُ‬
‫‪273‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هـ َ‬
‫ذآ‬ ‫ن َ‬‫ن ك ََفُروَا ْ إ ِ ْ‬‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ت ل َي َُقول َ ّ‬‫مو ْ ِ‬ ‫من ب َعْدِ ال ْ َ‬‫ن ِ‬ ‫مب ُْعوُثو َ‬ ‫م ّ‬‫إ ِن ّك ُ ْ‬
‫ُ‬ ‫ذا َ َ‬ ‫م ال َْعبب َ‬ ‫ن أَ ّ‬ ‫ن * وَل َئ ِ‬
‫ة‬
‫مبب ٍ‬ ‫ىأ ّ‬ ‫ب إ ِلبب َ‬ ‫خْرَنببا عَن ُْهبب ُ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫مِبيبب‬
‫حٌر ّ‬ ‫سبب ْ‬‫إ ِل ّ ِ‬
‫صبُروفا ً‬ ‫ْ‬ ‫معدودة ل ّيُقول ُن ما يحبسب َ‬
‫م ْ‬ ‫س َ‬ ‫م ل َي ْب َ‬ ‫م ي َبأِتيهِ ْ‬ ‫ه أل َ ي َبوْ َ‬ ‫ّ َ َ ْ ِ ُ ُ‬ ‫ّ ْ ُ َ ٍ َ‬
‫ن‬
‫سببببت َهْزُِءو َ‬ ‫كبببباُنوا ْ ِبببببهِ ي َ ْ‬ ‫مببببا َ‬ ‫حبببباقَ ب ِِهببببم ّ‬ ‫م وَ َ‬‫عَن ُْهبببب ْ‬
‫يخبببر تعببالى عببن قببدرته علببى كببل شببيء وأنببه خلببق‬
‫السموات والرض فببي سببتة أيببام وأن عرشببه كببان علببى‬
‫الماء قبل ذلك كما قببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا أبببو معاويببة‬
‫حدثنا العمش عن جامع بن شداد عن صببفوان بببن محببرز‬
‫عن عمران بن حصين قال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسببلم‪» :‬اقبلببوا البشببرى يببا بنببي تميببم« قببالوا‪ :‬قببد‬
‫بشرتنا‪ ,‬فأعطنا‪ ,‬قال‪» :‬اقبلوا البشرى يا أهل اليمن قالوا‪:‬‬
‫قد قبلنا‪ .‬فأخبرنببا عببن أول هببذا المببر كيببف كببان ؟ قببال‪:‬‬
‫»كان الله قبل كل شيء‪ ,‬وكان عرشه على المبباء‪ ,‬وكتببب‬
‫فببي اللبوح المحفببوظ ذكبر كبل شبيء« قبال‪ :‬فأتباني آت‬
‫فقال‪ :‬يا عمران انحلت ناقتك من عقالهببا‪ ,‬قببال‪ :‬فخرجببت‬
‫في إثرها فل أدري ما كان بعدي‪ ,‬وهذا الحديث مخرج فببي‬
‫صحيحي البخاري ومسلم بألفاظ كثيرة فمنها قالوا‪ :‬جئناك‬
‫نسألك عن أول هذا المر فقال‪» :‬كان الله ولم يكن شيء‬
‫قبله وفي رواية ب غيره ب وفي رواية ب معه ب وكببان عرشببه‬
‫على الماء وكتب في الذكر كل شيء‪ ,‬ثم خلببق السببموات‬
‫والرض‪.‬‬
‫وفي صحيح مسلم عن عبببد اللببه بببن عمببرو بببن العبباص‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إن الله قدر‬
‫مقادير الخلئق قبل أن يخلق السموات والرض بخمسببين‬
‫ألف سنة وكان عرشببه علببى المبباء« وقببال البخبباري فببي‬
‫لية‪ :‬حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب أخبرنا أبو‬ ‫تفسير هذه ا َ‬
‫الزنبباد عببن العببرج عببن أبببي هريببرة رضببي اللببه عنببه أن‬
‫رسول الله صلى اللبه عليبه وسبلم قبال‪» :‬قببال اللبه عببز‬
‫وجل أنفق أنفق عليببك« وقببال‪» :‬يببد اللببه ملى ل يغيضببها‬
‫نفقة‪ ,‬سحاء الليل والنهار« وقال‪» :‬أفرأيتم مببا أنفببق منببذ‬
‫خلق السموات والرض فإنه لم يغض ما فببي يمينببه وكببان‬
‫عرشببه علببى المبباء‪ ,‬وبيببده الميببزان يخفببض ويرفببع«‪.‬‬

‫‪274‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حمبباد بببن‬
‫سلمة عن يعلى بن عطاء عن وكيببع بببن عببدس عبن عمبه‬
‫أبي رزين واسببمه لقيببط بببن عببامر بببن المنتفببق العقيلببي‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬يارسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقببه‬
‫قال‪» :‬كان في عماء ما تحتببه هببواء ومببا فببوقه هببواء‪ ,‬ثببم‬
‫خلق العرش بعد ذلك« وقببد رواه الترمببذي فببي التفسببير‬
‫وابن ماجه في السنن من حديث يزيد بن هارون به وقببال‬
‫الترمذي‪ :‬هذا حديث حسن‪ ,‬وقببال مجاهببد }وكببان عرشببه‬
‫على الماء{ قبل أن يخلق شيئًا‪ ,‬وكذا قال وهب بببن منبببه‬
‫وضمرة وقتادة وابن جرير وغيببر واحببد‪ ,‬وقببال قتببادة فببي‬
‫قوله }وكان عرشببه علببى المبباء{ ينبببئكم كيببف كببان بببدء‬
‫خلقه قبل أن يخلببق السببموات والرض‪ ,‬وقببال الربيببع ببن‬
‫أنس }وكببان عرشببه علببى المبباء{ فلمببا خلببق السببموات‬
‫والرض قسببم ذلببك المبباء قسببمين فجعببل نصببفا ً تحببت‬
‫العببببببببببرش وهببببببببببو البحببببببببببر المسببببببببببجور‪.‬‬
‫وقال ابن عباس‪ :‬إنمببا سببمي العببرش عرش با ً لرتفبباعه‪,‬‬
‫وقال إسماعيل بن أبي خالد سمعت سعدا ً الطائي يقببول‪:‬‬
‫العرش ياقوتة حمراء‪ ,‬وقال محمد ببن إسبحاق فبي قبوله‬
‫تعالى‪} :‬وهو الذي خلق السموات والرض في سببتة أيببام‬
‫وكان عرشه على الماء{ فكان كما وصف نفسه تعببالى إذ‬
‫ليببس إل المبباء وعليببه العببرش وعلببى العببرش ذو الجلل‬
‫والكببرام‪ ,‬والعببزة والسببلطان‪ ,‬والملببك والقببدرة‪ ,‬والحلببم‬
‫والعلم‪ ,‬والرحمة والنعمة الفعال لما يريد‪ ,‬وقببال العمببش‬
‫عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قببال‪ :‬سببئل ابببن‬
‫عباس عن قول الله‪} :‬وكان عرشه على المبباء{ علببى أي‬
‫شيء كان الماء ؟ قببال علببى متببن الريببح‪ ,‬وقببوله تعببالى‪:‬‬
‫ل{ أي خلببق السببموات والرض‬ ‫}ليبلوكم أيكم أحسببن عم ً‬
‫لنفع عباده الذين خلقهم ليعبدوه ول يشركوا به شببيئا ً ولببم‬
‫يخلق ذلك عبثبا ً كقببوله }ومببا خلقنببا السببماء والرض ومببا‬
‫بينهما باطل ً ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفببروا مببن‬
‫النار{ وقال تعالى‪} :‬أفحسبتم أنمببا خلقنبباكم عبث با ً وأنكببم‬
‫إلينا ل ترجعون فتعالى الله الملك الحق ل إلببه إل هببو رب‬

‫‪275‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العرش الكريم{ وقال تعالى‪} :‬وما خلقببت الجببن والنببس‬
‫لية وقوله }ليبلببوكم{ أي ليختبببركم }أيكببم‬ ‫إل ليعبدون{ ا َ‬
‫ل‪ ,‬بببل أحسببن عمل ً ول‬ ‫أحسببن عمل ً { ولببم يقببل أكببثر عم ً‬
‫يكون العمل حسنا ً حتى يكون خالصا ً للببه عببز وجببل علببى‬
‫شريعة رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم فمببتى فقببد‬
‫العمبببل واحبببدا ً مبببن هبببذين الشبببرطين حببببط وبطبببل‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت{ ا َ‬
‫ليببة‬
‫يقول تعالى ولئن أخبببرت يببا محمببد هببؤلء المشببركين أن‬
‫الله سيبعثهم بعد مماتهم كما بدأهم مببع أنهببم يعلمببون أن‬
‫اللببه تعببالى هببو الببذي خلببق السببموات والرض كمببا قببال‬
‫تعببالى‪} :‬ولئن سبألتهم مبن خلقهبم ليقببولن اللبه{ }ولئن‬
‫سببألتهم مببن خلببق السببموات والرض وسببخر الشببمس‬
‫والقمر ليقولن الله{ وهم مع هذا ينكرون البعببث والمعبباد‬
‫يوم القيامة الذي هو بالنسبة إلى القدرة أهون من البداءة‬
‫كما قال تعالى‪} :‬وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون‬
‫عليببه{ وقببال تعببالى‪} :‬مببا خلقكببم ول بعثكببم إل كنفببس‬
‫واحببدة{ وقببولهم‪} :‬إن هببذا إل سببحر مبببين{ أي يقولببون‬
‫كفرا ً وعنادا ً ما نصدقك على وقوع البعث‪ ,‬ومببا يببذكر ذلببك‬
‫إل من سحرته فهو يتبعك علببى مببا تقببول‪ ,‬وقببوله‪} :‬ولئن‬
‫ليببة‪ .‬يقببول تعببالى‬‫أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة{ ا َ‬
‫ولئن أخرنا العذاب والمؤاخذة عن هببؤلء المشببركين إلببى‬
‫أجل معدود وأمد محصور وأوعببدناهم إلببى مببدة مضببروبة‬
‫ل‪ ,‬ما يحبسه أي يؤخر هببذا العببذاب‬ ‫ليقولن تكذيبا ً واستعجا ً‬
‫عنا فإن سجاياهم قد ألفت التكذيب والشك فلم يبق لهببم‬
‫محيص عنه ول محيد والمة تستعمل في القببرآن والسببنة‬
‫في معان متعددة فيببراد بهببا المببد كقببوله فببي هببذه ا َ‬
‫ليببة‬
‫}إلببببببببببببببببببى أمببببببببببببببببببة معببببببببببببببببببدودة{‪.‬‬
‫دكببر بعببد‬
‫وقوله في يوسف‪} :‬وقببال الببذي نجببا منهمببا وا ّ‬
‫أمببة{ وتسببتعمل فببي المببام المقتببدى بببه كقببوله‪} :‬إن‬
‫إبراهيم كان أمة قانتا ً لله حنيفا ً ولم يببك مببن المشببركين{‬
‫وتستعمل في الملة والدين كقوله إخبببارا ً عببن المشببركين‬
‫إنهم قالوا‪} :‬إنا وجدنا آباءنببا علببى أمببة وإنببا علببى آثببارهم‬

‫‪276‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مقتدون{ وتستعمل في الجماعة كقببوله‪} :‬ولمببا ورد مبباء‬
‫مدين وجد عليه أمة من النبباس يسببقون{ وقببوله‪} :‬ولقببد‬
‫بعثنببا فببي كببل أمببة رسببول ً أن اعبببدوا اللببه واجتنبببوا‬
‫الطبباغوت{ وقببال تعببالى‪} :‬ولكببل أمببة رسببول فببإذا جبباء‬
‫رسولهم قضي بينهم بالقسط وهببم ل يظلمببون{ والمببراد‬
‫مببن المببة ههنببا الببذين يبعببث فيهببم الرسببول مببؤمنهم‬
‫وكافرهم كما فببي صببحيح مسببلم »والببذي نفسببي بيببده ل‬
‫يسمع بي أحببد مببن هببذه المببة يهببودي ول نصببراني ثببم ل‬
‫يؤمن بي إل دخل النار« وأما أمة التبباع فهبم المصبدقون‬
‫للرسل كما قال تعالى‪} :‬كنتم خير أمببة أخرجببت للنبباس{‬
‫وفي الصحيح »فأقول أمتي أمببتي« وتسببتعمل المببة فببي‬
‫الفرقة والطائفة كقوله تعببالى‪} :‬ومببن قببوم موسببى أمببة‬
‫يهدون بالحق وبه يعدلون{ وكقوله‪} :‬من أهل الكتاب أمة‬
‫قائمبببببببببببببببببببببببببببببببة{ ا َ‬
‫ليبببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬

‫** ول َئ ِ َ‬
‫ه‬
‫ه إ ِن ّب ُ‬
‫من ْب ُ‬
‫م ن ََزعَْناهَببا ِ‬ ‫ة ث ُب ّ‬
‫مب ً‬‫ح َ‬
‫من ّببا َر ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫سببا َ‬ ‫ن أذ َقْن َببا ال ِن ْ َ‬‫َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ه لي َُقول ّ‬ ‫ست ْ ُ‬
‫م ّ‬ ‫ضّرآَء َ‬ ‫مآَء ب َعْد َ َ‬‫ن أذ َقَْناهُ ن َعْ َ‬ ‫س ك َُفوٌر * وَلئ ِ ْ‬ ‫ل َي َُئو ٌ‬
‫صبب َُروا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫خببوٌر * إ ِل ّ ال ّب ِ‬ ‫ح فَ ُ‬ ‫ه ل ََفبرِ ٌ‬ ‫ي إ ِن ّب ُ‬‫ت عَن ّ َ‬ ‫سي َّئا ُ‬‫ب ال ّ‬ ‫ذ َهَ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫جببٌر ك َِبيببٌر‬ ‫مغِْفببَرةٌ وَأ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ك ل َُهبب ْ‬ ‫ت أوَْلـببئ ِ َ‬ ‫حا ِ‬ ‫مُلببوا ْ ال ّ‬
‫صببال ِ َ‬ ‫وَعَ ِ‬
‫يخبر تعالى عن النسان وما فيه مببن الصببفات الذميمببة‬
‫إل من رحم الله من عباده المؤمنين أنببه إذا أصببابته شببدة‬
‫بعد نعمة حصل له يأس وقنببوط مببن الخيببر بالنسبببة إلببى‬
‫المستقبل وكفر وجحود لماضي الحببال كبأنه لببم يببر خيببرا ً‬
‫ولم يرج بعد ذلك فرجًا‪ .‬وهكذا إن أصابته نعمة بعببد نقمببة‬
‫}ليقولن ذهب السيئآت عني{ أي يقول‪ :‬ما ينالني بعد هذا‬
‫ضيم ول سوء }إنه لفرح فخور{ أي فرح بما في يده بطر‬
‫فخور على غيره‪ ,‬قال الله تعالى‪} :‬إل الببذين صبببروا{ أي‬
‫علببى الشببدائد والمكبباره }وعملببوا الصببالحات{ أي فببي‬
‫الرخاء والعافية }أولئك لهم مغفرة{ أي بمببا يصببيبهم مببن‬
‫الضراء }وأجر كبير{ بما أسلفوه في زمن الرخاء كما جاء‬
‫في الحديث »والذي نفسي بيده ل يصيب المؤمن هببم ول‬

‫‪277‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫غم ول نصب ول وصب ول حزن حتى الشببوكة يشبباكها إل‬
‫كفر الله عنه بها من خطايبباه« وفببي الصببحيحين »والببذي‬
‫نفسي بيده ل يقضي الله للمؤمن قضاء إل كببان خيببرا ً لببه‬
‫إن أصابته سراء فشكر كان خيببرا ً لببه‪ ,‬وإن أصببابته ضببراء‬
‫فصبر كان خيرا ً له‪ ,‬وليس ذلك لحد غيببر المببؤمن« ولهببذا‬
‫قال اللببه تعببالى‪} :‬والعصببر إن النسببان لفببي خسببر * إل‬
‫الذين آمنوا وعملببوا الصببالحات وتواصببوا بببالحق وتواصببوا‬
‫ليببات‪.‬‬ ‫بالصبر{ وقال تعالى‪} :‬إن النسان خلببق هلوعبًا{ ا َ‬

‫ك َأن‬ ‫صببد ُْر َ‬ ‫ضآئ ِقٌ ب ِهِ َ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫ى إ ِل َي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬


‫ما ُيو َ‬ ‫ض َ‬ ‫ك ب َعْ َ‬ ‫ك َتارِ ٌ‬ ‫** فَل َعَل ّ َ‬
‫ذيٌر‬ ‫َ‬ ‫مل َ ٌ‬ ‫ل عَل َيه َ َ‬ ‫ي َُقوُلوا ْ ل َوْل َ ُأنزِ َ‬
‫ت َنبب ِ‬ ‫مآ أنبب َ‬ ‫ك إ ِن ّ َ‬ ‫ه َ‬ ‫مع َ ُ‬ ‫جآَء َ‬ ‫كنٌز أوْ َ‬ ‫ْ ِ‬
‫ل فَبأ ُْتوا ْ‬ ‫ن افْت ََراهُ قُب ْ‬ ‫م ي َُقوُلو َ‬
‫َ‬
‫ل* أ ْ‬ ‫كي ٌ‬‫يٍء وَ ِ‬ ‫ش ْ‬‫ل َ‬ ‫ى كُ ّ‬ ‫َوالل ّ ُ َ‬
‫ه عَل َ‬
‫ن‬‫دو ِ‬ ‫مببن ُ‬ ‫م ّ‬ ‫سببت َط َعْت ُ ْ‬ ‫نا ْ‬ ‫ِ‬ ‫عوا ْ َ‬
‫م‬ ‫ت َواد ْ ُ‬ ‫مْفت ََرَيا ٍ‬‫مث ْل ِهِ ُ‬‫سوَرٍ ّ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫ب ِعَ ْ‬
‫َ‬
‫مببآ‬‫موَا ْ أن ّ َ‬ ‫م فَبباعْل َ ُ‬ ‫جيُبوا ْ ل َك ُ ْ‬ ‫ست َ ِ‬‫م يَ ْ‬ ‫ن * فَإ ِل ّ ْ‬ ‫صادِِقي َ‬‫م َ‬ ‫الل ّهِ ِإن ُ‬
‫كنت ُ ْ‬
‫هبو فَهب ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫مو َ‬ ‫سبل ِ ُ‬‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ل أنُتب ْ‬ ‫ه إ ِل ّ ُ َ َ‬ ‫ل ب ِعِْلبم ِ الّلبهِ وَأن ل ّ إ َِلـب َ‬ ‫أنبزِ ِ‬
‫يقول تعالى مسليا ً لرسوله صلى اللببه عليببه وسببلم عمببا‬
‫كان يتعنت به المشركون فيما كانوا يقولونه عن الرسببول‬
‫كما أخبر تعالى عنهم في قوله‪} :‬وقالوا ما لهببذا الرسببول‬
‫يأكل الطعام ويمشي في السواق ؟ لول أنببزل إليببه ملببك‬
‫فيكون معه نذيرا ً * أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل‬
‫منها وقال الظالمون إن تتبعببون إل رجل ً مسببحورًا{ فببأمر‬
‫الله تعالى رسوله صلوات الله وسلمه عليه وأرشده إلببى‬
‫أن ل يضيق بذلك منهببم صببدره ول يصببدنه ذلببك ول يثنينببه‬
‫عن دعائهم إلى الله عز وجل آنبباء الليببل وأطببراف النهببار‬
‫كمببا قببال تعببالى‪} :‬ولقببد نعلببم أنببك يضببيق صببدرك بمببا‬
‫لية‪ ,‬وقال ههنا }فلعلك تببارك بعببض مببا يببوحى‬ ‫يقولون{ ا َ‬
‫إليك وضائق به صدرك أن يقولوا{ أي لقولهم ذلببك فإنمببا‬
‫أنت نذير ولببك أسببوة بإخوانببك مببن الرسببل قبلببك فببإنهم‬
‫كذبوا وأوذوا فصبروا حتى أتاهم نصببر اللبه عببز وجببل‪ ,‬ثببم‬
‫بين تعببالى إعجبباز القببرآن وأنببه ل يسببتطيع أحببد أن يببأتي‬
‫بمثله ول بعشر سور مثلببه ول بسببورة مببن مثلببه لن كلم‬

‫‪278‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الببرب تعببالى ل يشبببه كلم المخلببوقين كمببا أن صببفاته ل‬
‫تشبببه صببفات المحببدثات‪ .‬وذاتببه ل يشبببهها شببيء تعببالى‬
‫وتقدس وتنزه ل إله إل هو ول رب سببواه ثببم قببال تعببالى‪:‬‬
‫}فببإن لببم يسببتجيبوا لكببم{ فببإن لببم يببأتوا بمعارضببة مببا‬
‫دعوتموهم إليه فاعلموا أنهم عاجزون عببن ذلببك وأن هببذا‬
‫الكلم منبزل مبن عنبد اللبه متضبمن علمبه وأمبره ونهيبه‬
‫}وأن ل إلبببببه إل هبببببو فهبببببل أنتبببببم مسبببببلمون{‪.‬‬

‫ف إل َيه ب َ‬
‫م‬ ‫مببال َهُ ْ‬‫م أعْ َ‬ ‫ريد ُ ال ْ َ‬
‫حَياةَ الد ّن َْيا وَِزين َت ََها ن ُوَ ّ ِ ْ ِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ن يُ‬ ‫من َ‬
‫كا َ‬ ‫** َ‬
‫ُ‬
‫م فِببي‬ ‫س ل َهُ ب ْ‬ ‫ن ل َي ْب َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ن * أوَْلـئ ِ َ‬ ‫سو َ‬ ‫خ ُ‬ ‫م ِفيَها ل َ ي ُب ْ َ‬ ‫ِفيَها وَهُ ْ‬
‫مببا ك َبباُنوا ْ‬ ‫ل ّ‬ ‫صبن َُعوا ْ ِفيهَببا وََباط ِب ٌ‬ ‫مببا َ‬‫ط َ‬‫حب ِب َ‬‫خَرةِ إ ِل ّ الن ّبباُر وَ َ‬
‫ال َ ِ‬
‫ن‬‫م ُلببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببو َ‬ ‫ي َعْ َ‬
‫لية‪ :‬إن أهل الرياء‬ ‫قال العوفي عن ابن عباس في هذه ا َ‬
‫يعطون بحسناتهم في الدنيا وذلك أنهببم ل يظلمببون نقيببرا ً‬
‫يقول من عمببل صببالحا ً التمبباس الببدنيا صببوما ً أو صببلة أو‬
‫تهجدا ً بالليل ل يعمله إل التماس الدنيا يقببول اللببه تعببالى‪:‬‬
‫أوفيه الذي التمس في الدنيا من المثابة وحبط عمله الذي‬
‫لخرة من الخاسببرين‪:‬‬ ‫كان يعمله للتماس الدنيا وهو في ا َ‬
‫وهكذا روي عن مجاهد والضحاك وغير واحببد‪ ,‬وقبال أنببس‬
‫بن مالببك والحسببن‪ :‬نزلببت فببي اليهببود والنصببارى‪ ,‬وقببال‬
‫مجاهد وغيره‪ :‬نزلببت فببي أهبل الريباء‪ ,‬وقبال قتببادة‪ :‬مببن‬
‫كانت الدنيا همه ونيتببه وطلبتببه جببازاه اللببه بحسببناته فببي‬
‫ى بهببا‬ ‫لخببرة وليببس لببه حسببنة يعطب َ‬ ‫الدنيا ثم يفضي إلى ا َ‬
‫جزاء وأما المؤمن فيجازى بحسناته في الدنيا ويثاب عليها‬
‫لخرة‪ ,‬وقد ورد في الحديث المرفوع نحببو مببن هببذا‪,‬‬ ‫في ا َ‬
‫وقال تعالى‪} :‬من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء‬
‫لمن نريد ثبم جعلنببا لبه جهنببم يصببلها مببذموما ً مبدحورا ً *‬
‫لخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان‬ ‫ومن أراد ا َ‬
‫سعيهم مشكورا ً * كل ً نمد هببؤلء وهببؤلء مببن عطبباء ربببك‬
‫وما كان عطاء ربك محظورا ً * انظر كيببف فضببلنا بعضببهم‬
‫ل{ وقببال‬ ‫لخببرة أكبببر درجببات وأكبببر تفضببي ً‬ ‫على بعببض ول َ‬

‫‪279‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لخرة نزد له في حرثه ومببن‬ ‫تعالى‪} :‬من كان يريد حرث ا َ‬
‫كان يريد حرث الدنيا نببؤته منهببا ومببا لبه فببي ا َ‬
‫لخببرة مببن‬
‫نصبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببيب{‪.‬‬

‫من ّرب ّبهِ وَي َت ْل ُببوهُ َ‬ ‫ن عَل َ‬ ‫من َ‬ ‫َ‬


‫مببن‬ ‫ه وَ ِ‬‫من ْب ُ‬
‫شبباهِد ٌ ّ‬ ‫ى ب َي ّن َةٍ ّ‬
‫َ‬ ‫كا َ‬ ‫** أفَ َ‬
‫مببن‬ ‫ن ِببهِ وَ َ‬ ‫ك ي ُؤْ ِ‬
‫من ُببو َ‬ ‫ة أ ُوَْلـبئ ِ َ‬ ‫مب ً‬ ‫ماما ً وََر ْ‬
‫ح َ‬ ‫ى إَ َ‬ ‫س َ‬ ‫مو َ‬ ‫ب ُ‬ ‫قَب ْل ِهِ ك َِتا ُ‬
‫ه‬‫من ْب ُ‬ ‫مْري َبةٍ ّ‬ ‫ك فِببي ِ‬ ‫عد ُهُ فَل َ ت َ ُ‬ ‫مو ْ ِ‬‫ب َفالّناُر َ‬ ‫حَزا ِ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫م َ‬‫ي َك ُْفْر ب ِهِ ِ‬
‫ك وَلـببكن أ َ‬
‫ن‬
‫مُنببو َ‬‫س ل َ ي ُؤْ ِ‬
‫ِ‬ ‫نببا‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ثبب‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫ِ ّ‬ ‫مببن ّرّببب َ َ‬ ‫حببقّ ِ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫إ ِّنبب ُ‬
‫يخبر تعالى عن حال المببؤمنين الببذين هببم علببى فطببرة‬
‫الله تعالى التي فطر عليها عباده من العتراف لببه بببأنه ل‬
‫إله إل هببو كمببا قببال تعببالى‪} :‬فببأقم وجهببك للببدين حنيفبا ً‬
‫لية وفي الصببحيحين‬ ‫فطرة الله التي فطر الناس عليها{ ا َ‬
‫عن أبي هريببرة قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬كل مولود يولد علببى الفطببرة فببأبواه يهببودانه أو‬
‫ينصرانه أو يمجسانه كما تولببد البهيمببة بهيمببة جمعبباء هببل‬
‫تحسون فيها من جدعاء ؟« الحديث‪ .‬وفببي صببحيح مسببلم‬
‫عن عياض بن حماد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫قال‪» :‬يقول الله تعالى إني خلقت عبادي حنفبباء فجبباءتهم‬
‫الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم مببا أحللببت‬
‫لهم‪ ,‬وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا« وفي‬
‫المسند والسنن »كل مولود يولببد علببى هببذه الملببة حببتى‬
‫يعببرب عنببه لسببانه« الحببديث‪ ,‬فببالمؤمن ببباق علببى هببذه‬
‫الفطرة‪ ,‬قوله‪} :‬ويتلوه شاهد منه{ أي وجاءه شبباهد مببن‬
‫اللبه وهبو مبا أوحباه إلبى النبيباء مبن الشبرائع المطهبرة‬
‫المكملة المعظمة المختتمة بشببريعة محمببد صببلوات اللببه‬
‫وسببلمه عليببه وعليهببم أجمعيببن‪ .‬ولهببذا قببال ابببن عببباس‬
‫ومجاهد وعكرمة وأبو العالية والضببحاك وإبراهيببم النخعببي‬
‫والسدي وغير واحد في قوله تعالى‪} :‬ويتلوه شاهد منه{‪:‬‬
‫إنببببببببببببه جبريببببببببببببل عليببببببببببببه السببببببببببببلم‪.‬‬
‫وعن علي رضي اللببه عنببه والحسببن وقتببادة هببو محمببد‬
‫صلى الله عليه وسلم وكلهما قريب فببي المعنببى لن كل ً‬

‫‪280‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من جبريل ومحمد صببلوات اللببه عليهمببا بلببغ رسببالة اللببه‬
‫ي‬‫تعالى فجبريل إلى محمد ومحمد إلى المة‪ ,‬وقيل هو عل ّ‬
‫وهو ضببعيف ل يثبببت لببه قببائل والول والثبباني هببو الحببق‪,‬‬
‫وذلك أن المؤمن عنده من الفطرة ما يشهد للشريعة من‬
‫حيببث الجملببة والتفاصببيل تؤخببذ مببن الشببريعة والفطببرة‬
‫تصدقها وتؤمن بها‪ ,‬ولهذا قببال تعببالى‪} :‬أفمببن كببان علببى‬
‫بينة من ربه ويتلوه شاهد منه{ وهببو القببرآن بلغببه جبريببل‬
‫إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبلغه النبي محمببد صببلى‬
‫الله عليه وسلم إلببى أمتببه‪ ,‬ثببم قببال تعببالى‪} :‬ومببن قبلببه‬
‫كتاب موسى{ أي ومببن قبببل القببرآن كتبباب موسببى وهببو‬
‫التوراة }إماما ً ورحمة{ أي أنزله الله تعالى إلى تلك المة‬
‫إماما ً لهم وقدوة يقتدون بهببا ورحمبة مببن اللبه بهببم فمبن‬
‫آمن بها حق اليمان قاده ذلك إلى اليمان بالقرآن‪ ,‬ولهببذا‬
‫قال تعالى‪} :‬أولئك يؤمنبون ببه{ ثبم قبال تعبالى متوعبدا ً‬
‫لمن كذب بببالقرآن أو بشببيء منببه‪} :‬ومببن يكفببر بببه مببن‬
‫الحزاب فالنار موعده{ أي ومن كفبر ببالقرآن مبن سبائر‬
‫أهل الرض مشركهم وكافرهم وأهل الكتاب وغيرهبم مبن‬
‫سببائر طببوائف بنببي آدم علببى اختلف ألببوانهم وأشببكالهم‬
‫وأجناسهم ممن بلغه القرآن كما قال تعالى‪} :‬لنذركم بببه‬
‫ومن بلغ{ وقال تعالى‪} :‬قل يا أيها الناس إني رسول الله‬
‫إليكم جميعًا{ وقال تعالى‪} :‬ومن يكفببر بببه مببن الحببزاب‬
‫فالنبببببببببببببببببببببببببببببار موعبببببببببببببببببببببببببببببده{‪.‬‬
‫وفي صحيح مسلم من حديث شعبة عببن أبببي بشببر عببن‬
‫سعيد بن جبير عن أبي موسى الشببعري رضببي اللببه عنببه‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬والذي نفسبي‬
‫بيده ل يسمع بي أحد من هذه المة يهودي أو نصراني ثببم‬
‫ل يؤمن بي إل دخببل النببار« وقببال أيببوب السببختياني عببن‬
‫سعيد بن جبير قال‪ :‬كنت ل أسمع بحديث عن النبي صببلى‬
‫الله عليه وسببلم علببى وجهببه إل وجببدت مصببداقه أو قببال‬
‫تصببديقه فببي القببرآن فبلغنببي أن النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم قال‪» :‬ل يسمع بي أحد مببن هببذه المببة يهببودي ول‬
‫نصراني فل يؤمن بي إل دخببل النببار« فجعلببت أقببول أيببن‬

‫‪281‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مصداقه في كتاب الله ؟ قال وقلمببا سبمعت عببن رسببول‬
‫اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم إل وجببدت لببه تصببديقا ً فببي‬
‫لية }ومن يكفر به من الحببزاب‬ ‫القرآن حتى وجدت هذه ا َ‬
‫فالنار موعده{ قال من الملببل كلهببا وقببوله }فل تببك فببي‬
‫ليبة‪ ,‬أي القبرآن حبق مبن‬ ‫مرية منه إنه الحق من رببك{ ا َ‬
‫الله ل مرية ول شببك فيببه كمببا قببال تعببالى‪} :‬ألببم‪ ,‬تنزيببل‬
‫الكتاب ل ريب فيه من رب العالمين{ وقال تعالى‪} :‬الببم‪,‬‬
‫ذلك الكتاب ل ريب فيببه{ وقببوله‪} :‬ولكببن أكببثر النبباس ل‬
‫يؤمنون{ كقببوله تعببالى‪} :‬ومببا أكببثر النبباس ولببو حرصببت‬
‫بمؤمنين{ وقال تعببالى‪} :‬وإن تطببع أكببثر مببن فببي الرض‬
‫يضلوك عن سبيل الله{ وقال تعالى‪} :‬ولقد صدق عليهببم‬
‫إبليببببس ظنببببه فبببباتبعوه إل فريقببببا ً مببببن المببببؤمنين{‪.‬‬

‫ن‬‫ضببو َ‬ ‫ك ي ُعَْر ُ‬ ‫ذبا ً أ ُوَْلـئ ِ َ‬ ‫ن افْت ََرىَ عََلى الل ّهِ ك َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫م ّ‬‫م ِ‬ ‫ن أظ ْل َ ُ‬
‫** وم َ‬
‫َ َ ْ‬
‫م أ َل َ‬ ‫ى َرب ّهِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن كذ َُبوا عَل َ‬ ‫َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ؤلِء ال ِ‬ ‫هـ ُ‬‫شَهاد ُ َ‬ ‫ل ال ْ‬ ‫م وَي َُقو ُ‬ ‫ى َرب ّهِ ْ‬ ‫عَل َ‬
‫َ‬
‫ل الّلبب ِ‬
‫ه‬ ‫سببِبي ِ‬ ‫عن َ‬ ‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫ص ّ‬‫ن يَ ُ‬ ‫ذي َ‬‫ن * ال ّ ِ‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬‫ة الل ّهِ عََلى ال ّ‬ ‫ل َعْن َ ُ‬
‫م‬ ‫ك ل َب ْ‬ ‫ن * ُأوَلـ بئ ِ َ‬ ‫م ك َببافُِرو َ‬ ‫خَرةِ هُ ب ْ‬ ‫م ب ِببال َ ِ‬ ‫وج با ً وَهُ ب ْ‬ ‫ع َ‬‫وَي َب ُْغون ََها ِ‬
‫ن‬ ‫مب ْ‬ ‫ن الل ّهِ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ل َهُ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ض وَ َ‬ ‫ن ِفي الْر ِ‬ ‫زي َ‬ ‫ج ِ‬ ‫مع ْ ِ‬ ‫كوُنوا ْ ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫َ‬
‫ما‬ ‫مع َ و َ َ‬ ‫س ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫طيُعو َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫كاُنوا ْ ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ب َ‬ ‫ذا ُ‬ ‫م ال ْعَ َ‬ ‫ف ل َهُ ُ‬ ‫ضاعَ ُ‬ ‫أوْل َِيآَء ي ُ َ‬
‫َ‬ ‫ن * أ ُوَْلـ بئ ِ َ‬
‫ل‬ ‫ضب ّ‬ ‫م وَ َ‬ ‫س به ُ ْ‬ ‫س بُروَا ْ أن ُْف َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ال ّب ِ‬ ‫ص بُرو َ‬ ‫ك َبباُنوا ْ ي ُب ْ ِ‬
‫كبانوا ْ يْفتبرون * ل َ جبر َ‬
‫م‬ ‫هب ُ‬ ‫خبَرةِ ُ‬ ‫م فِببي ال َ ِ‬ ‫م أن ّهُب ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫مببا َ ُ َ َ ُ َ‬ ‫م ّ‬ ‫عَن ْهُ ْ‬
‫ن‬‫سببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببُرو َ‬ ‫خ َ‬ ‫ال ْ‬
‫يبين تعالى حببال المفببترين عليببه وفضببيحتهم فببي الببدار‬
‫لخرة على رؤوس الخلئق من الملئكة والرسل والنبيبباء‬ ‫ا َ‬
‫وسائر البشببر والجببان كمببا قببال المببام أحمببد حببدثنا بهببز‬
‫وعفان أخبرنا همام حببدثنا قتببادة عببن صببفوان بببن محببرز‬
‫قال‪ :‬كنت آخذا ً بيد ابن عمر إذ عرض له رجل قببال‪ :‬كيببف‬
‫سببمعت رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم يقببول فببي‬
‫النجوى يوم القيامة ؟ قبال‪ :‬سببمعته يقببول‪» :‬إن اللبه عببز‬
‫وجل يدني المؤمن فيضع عليه كنفببه ويسببتره مببن النبباس‬
‫ويقرره بذنوبه ويقول له‪ :‬أتعرف ذنب كذا ؟ أتعببرف ذنببب‬

‫‪282‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ حتى إذا قببرره بببذنوبه ورأى فببي‬
‫نفسه أنه قد هلك قال‪ :‬فإني قد سترتها عليببك فببي الببدنيا‬
‫وإني أغفرها لك اليببوم« ثببم يعطببى كتبباب حسببناته‪ ,‬وأمببا‬
‫الكفار والمنافقون فيقببول‪} :‬الشببهاد هببؤلء الببذين كببذبوا‬
‫علببى ربهببم أل لعنببة اللببه علببى الظببالمين{ ا َ‬
‫ليببة أخرجببه‬
‫البخبباري ومسببلم فببي الصببحيحين مببن حببديث قتببادة بببه‬
‫وقوله‪} :‬الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوج بًا{ أي‬
‫يببردون النبباس عببن اتببباع الحببق وسببلوك طريببق الهببدى‬
‫الموصلة إلى اللببه عببز وجببل ويجنبببونهم الجنببة }ويبغونهببا‬
‫عوجًا{ أي ويريدون أن يكون طريقهم عوج با ً غيببر معتدلببة‬
‫لخرة هببم كببافرون{ أي جاحببدون بهببا مكببذبون‬ ‫}وهببم بببا َ‬
‫بوقوعها وكونها }أولئك لم يكونوا معجزين في الرض وما‬
‫كان لهم من دون الله من أولياء{ أي بل كانوا تحت قهره‬
‫وغلبته وفي قبضته وسلطانه وهو قادر على النتقام منهببم‬
‫لخرة }إنمببا يببؤخرهم ليببوم تشببخص‬ ‫في الدار الدنيا قبل ا َ‬
‫فيبببببببببببببببببببببببببببببببه البصبببببببببببببببببببببببببببببببار{‪.‬‬
‫وفي الصحيحين »إن الله ليملي للظببالم حببتى إذا أخببذه‬
‫ليببة‬ ‫لم يفلته{ ولهذا قال تعالى‪} :‬يضاعف لهم العببذاب{ ا َ‬
‫أي يضاعف عليهم العذاب‪ ,‬وذلك أن الله تعالى جعل لهببم‬
‫سبببمعا ً وأبصبببارا ً وأفئدة فمبببا أغنبببى عنهبببم سبببمعهم ول‬
‫أبصارهم ول أفئدتهم بل كانوا صما ً عن سماع الحق عميببا ً‬
‫عن اتباعه كما أخبر تعالى عنهم حين دخولهم النار كقوله‪:‬‬
‫}وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير{‬
‫وقال تعالى‪} :‬الذين كفروا وصدوا عن سبيل اللبه زدنباهم‬
‫ليببة‪ ,‬ولهببذا يعببذبون علببى كببل أمببر‬ ‫عذابا ً فوق العببذاب{ ا َ‬
‫تركوه وعلى كل نهي ارتكبوه ولهذا كان أصح القوال أنهم‬
‫مكلفون بفروع الشرائع أمرها ونهيهببا بالنسبببة إلببى الببدار‬
‫لخرة وقوله‪} :‬أولئك الذين خسروا أنفسهم وضببل عنهببم‬ ‫ا َ‬
‫ما كانوا يفترون{ أي خسبروا أنفسبهم لنهبم أدخلبوا نبارا ً‬
‫حامية فهم معذبون فيها ل يفتر عنهببم مببن عببذابها طرفببة‬
‫ل‬ ‫عين كما قال تعالى‪} :‬كلما خبت زدناهم سببعيرًا{ }وض ب ّ‬
‫عنهم{ أي ذهب عنهم }ما كببانوا يفببترون{ مببن دون اللببه‬

‫‪283‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من النداد والصنام فلم تجد عنهم شببيئا ً بببل ضببرتهم كببل‬
‫الضرر كما قال تعالى‪} :‬وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء‬
‫وكبببببببببببببببانوا بعببببببببببببببببادتهم كبببببببببببببببافرين{‪.‬‬
‫وقال تعالى‪} :‬واتخذوا مببن دون اللببه آلهببة ليكونببوا لهببم‬
‫عزا ً كل سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهببم ضببدًا{ وقببال‬
‫الخليببل لقببومه }إنمببا اتخببذتم مببن دون اللببه أوثانبا ً مببودة‬
‫بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعببض‬
‫ويلعن بعضكم بعضا ً ومأواكم النار وما لكم مببن ناصببرين{‬
‫وقوله‪} :‬إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب‬
‫ليببات الدالببة‬‫وتقطعت بهم السباب{ إلى غير ذلببك مببن ا َ‬
‫على خسببرهم ودمببارهم ولهببذا قببال‪} :‬ل جببرم أنهببم فببي‬
‫لخرة هم الخسرون{ يخبر تعالى عن مآلهم أنهم أخسببر‬ ‫ا َ‬
‫لخرة لنهم استبدلوا الدركات عن‬ ‫الناس صفقة في الدار ا َ‬
‫الببدرجات‪ ,‬واعتاضببوا عببن نعيببم الجنببان بحميببم آن وعببن‬
‫شرب الرحيق المختوم بسموم وحميم وظل مببن يحمببوم‬
‫وعن الحور العين بطعام من غسلين وعن القصور العاليببة‬
‫بالهاويببة‪ ,‬وعببن قببرب الرحمببن‪ ,‬ورؤيتببه بغضببب الببديان‬
‫لخببرة هببم الخسببرون‪.‬‬ ‫وعقببوبته‪ ,‬فل جببرم أنهببم فببي ا َ‬

‫م‬‫ى َرب ّهِ ب ْ‬ ‫ْ َ‬


‫خب َت ُبوَا إ ِل ب َ‬ ‫ت وَأ َ ْ‬ ‫حا ِ‬‫صببال ِ َ‬ ‫مل ُببوا ْ ال ّ‬ ‫مُنوا ْ وَعَ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫** إ ِ ّ‬
‫ن‬ ‫ب‬ ‫ي‬‫ق‬‫َ‬ ‫ري‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ث‬‫م‬ ‫*‬ ‫ن‬ ‫دو‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫خا‬
‫َ‬ ‫با‬
‫ب‬ ‫ه‬ ‫في‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ة‬ ‫ن‬‫ج‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫حا‬ ‫ص‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫َ‬
‫لـ‬ ‫و‬ ‫أُ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫مث َل ً أ َفَل َ‬ ‫ن َ‬ ‫سبت َوَِيا ِ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫ميِع هَب ْ‬ ‫س ِ‬‫صيرِ َوال ّ‬ ‫م َوال ْب َ ِ‬ ‫ص ّ‬‫ى َوال َ‬ ‫م َ‬ ‫كالعْ َ‬ ‫َ‬
‫َتبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببذ َك ُّرو َ‬
‫ن‬
‫لما ذكر تعالى حببال الشببقياء ثنببى بببذكر السببعداء وهببم‬
‫البذين آمنبوا وعملبوا الصبالحات فبآمنت قلبوبهم وعملبت‬
‫جبببوارحهم العمبببال الصبببالحة قبببول ً وفعل ً مبببن التيبببان‬
‫بالطاعات وترك المنكرات وبهذا ورثوا الجنات‪ ,‬المشببتملة‬
‫على الغببرف العاليببات‪ ,‬والسببرر المصبفوفات‪ ,‬والقطببوف‬
‫البببدانيات‪ ,‬والفبببرش المرتفعبببات والحسبببان الخيبببرات‪,‬‬
‫والفببواكه المتنوعببات‪ ,‬والمآكببل المشببتهيات والمشببارب‬
‫المستلذات‪ ,‬والنظر إلببى خببالق الرض والسببموات‪ ,‬وهببم‬

‫‪284‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫في ذلك خالدون ل يموتببون ول يهرمببون ول يمرضببون ول‬
‫ينامون ول يتغوطون ول يبصقون ول يتمخطون‪ ,‬إن هببو إل‬
‫رشببح مسببك يعرقببون‪ ,‬ثببم ضببرب تعببالى مثببل الكببافرين‬
‫والمؤمنين فقال‪} :‬مثل الفريقين{ أي الذين وصببفهم أول ً‬
‫بالشببقاء والمببؤمنين بالسببعادة فببأولئك كببالعمى والصببم‬
‫وهؤلء كالبصير والسميع‪ ,‬فالكافر أعمى عببن وجببه الحببق‬
‫في الدنيا والخرة ل يهتدي إلى خير ول يعرفببه‪ ,‬أصببم عببن‬
‫سماع الحجج فل يسمع ما ينتفع به }ولببو علببم اللببه فيهببم‬
‫خيبببببببببببببببببرا ً لسبببببببببببببببببمعهم{ ا َ‬
‫ليبببببببببببببببببة‪.‬‬
‫وأما المؤمن ففطن ذكي لبببيب بصببير بببالحق يميببز بينببه‬
‫وبين الباطل فيتبع الخير ويترك الشر سميع للحجببة يفببرق‬
‫بينها وبين الشبهة فل يروج عليه باطل‪ ,‬فهببل يسببتوي هببذا‬
‫وهذا ؟ }أفل تذكرون{ أفل تعتبرون فتفرقببون بيببن هببؤلء‬
‫ليببة الخببرى‪} :‬ل يسببتوي أصببحاب‬ ‫وهؤلء كما قببال فببي ا َ‬
‫النببار وأصببحاب الجنببة ؟ أصببحاب الجنببة هببم الفببائزون{‬
‫وكقوله‪} :‬وما يسببتوي العمببى والبصببير ول الظلمببات ول‬
‫النور ول الظل ول الحرور وما يستوي الحياء ول الموات‪,‬‬
‫إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبببور *‬
‫إن أنت إل نذير إنا أرسلناك بالحق بشيرا ً ونببذيرا ً وإن مببن‬
‫أمبببببببببببببببببة إل خل فيهبببببببببببببببببا نبببببببببببببببببذير{‪.‬‬

‫ن * َأن‬ ‫مِبي ب ٌ‬ ‫ذيٌر ّ‬ ‫م ن َب ِ‬ ‫مهِ إ ِّني ل َك ُ ْ‬ ‫ى قَوْ ِ‬ ‫َ‬


‫سل َْنا ُنوحا ً إ ِل َ‬ ‫َ‬
‫** وَل ََقد ْ أْر َ‬
‫ل‬‫ب ي َوْم ٍ أ َِليم ٍ * فََقا َ‬ ‫ذا َ‬ ‫م عَ َ‬‫ف عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫خا ُ‬ ‫ي أَ َ‬ ‫ل ّ ت َعْب ُد ُوَا ْ إ ِل ّ الل ّ َ‬
‫ه إ ِن ّ َ‬
‫مث ْل َن َببا وَ َ‬
‫مببا‬ ‫شببرا ً ّ‬‫ك إ ِل ّ ب َ َ‬ ‫مببا ن َبَرا َ‬ ‫مه ِ َ‬ ‫من قِوْ ِ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫مل ُ ال ّ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ك إل ّ ال ّذين هُم أ َراذل ُنا بادي الرأ ْ‬
‫ما ن َبَرىَ ل َك ُب ْ‬
‫م‬ ‫ي وَ َ‬ ‫ْ َ ِ َ َ ِ َ ّ ِ‬ ‫ِ َ‬ ‫ك ات ّب َعَ َ ِ‬ ‫ن ََرا َ‬
‫ن‬
‫كبببببباذِِبي َ‬ ‫م َ‬ ‫كبببببب ْ‬ ‫ل ن َظ ُن ّ ُ‬‫ل َببببببب ْ‬ ‫ضبببببب ٍ‬ ‫مببببببن فَ ْ‬ ‫عَل َي َْنببببببا ِ‬
‫يخبر تعالى عن نوح عليه السلم وكان أول رسببول بعثببه‬
‫الله إلى أهل الرض من المشركين عبدة الصنام أنه قببال‬
‫لقومه }إني لكم نذير مبين{ أي ظبباهر النببذارة لكببم مببن‬
‫عذاب الله إن أنتببم عبببدتم غيببر اللببه‪ ,‬ولهببذا قببال‪} :‬أن ل‬
‫تعبدوا إل اللببه{ وقببوله‪} :‬إنببي أخبباف عليكببم عببذاب يببوم‬

‫‪285‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أليم{ أي إن استمررتم علببى مببا أنتببم عليببه عببذبكم اللببه‬
‫لخببرة }فقببال المل‬ ‫عذابا ً أليمبا ً موجعبا ً شبباقا ً فببي الببدار ا َ‬
‫الذين كفروا من قومه{ والمل هببم السببادة والكبببراء مببن‬
‫الكافرين منهم }ما نراك إل بشرا ً مثلنا{ أي لسببت بملببك‬
‫ولكنك بشر فكيف أوحي إليك من دوننا ثم ما نراك اتبعببك‬
‫إل الذين هم أراذلنا كالباعة والحاكة وأشباههم ولم يتبعببك‬
‫الشراف ول الرؤساء منا ثم هؤلء الذين اتبعوك لببم يكببن‬
‫عن تببرو منهببم ول فكببر ول نظببر بببل بمجببرد مببا دعببوتهم‬
‫أجابوك فاتبعوك ولهذا قالوا }وما نراك اتبعك إل الذين هم‬
‫أراذلنا بادي الرأي{ أي في أول بببادىء الببرأي }ومببا نببرى‬
‫لكم علينا من فضل{ يقولون مببا رأينببا لكببم علينببا فضببيلة‬
‫في خلق ول خلق ول رزق ول حال لما دخلتببم فببي دينكببم‬
‫هذا }بل نظنكم كاذبين{ أي فيمببا تببدعونه لكببم مببن البببر‬
‫لخبرة إذا صبرتم‬ ‫والصلح والعببادة والسبعادة فبي البدار ا َ‬
‫إليها‪ ,‬هذا اعتراض الكافرين على نوح عليه السلم وأتباعه‬
‫وهو دليل على جهلهم وقلة علمهم وعقلهم فإنه ليس بعار‬
‫على الحق رذالة من اتبعه‪ ,‬فإن الحببق فببي نفسببه صببحيح‬
‫سواء اتبعه الشراف أو الراذل بل الحق الذي ل شك فيه‬
‫أن أتباع الحق هم الشراف ولو كانوا فقراء والذين يببأبونه‬
‫هم الراذل ولو كببانوا أغنيبباء ثببم الواقببع غالببا ً أن مببا يتبببع‬
‫الحببق ضبعفاء النباس‪ ,‬والغببالب علبى الشبراف والكبببراء‬
‫مخالفته كما قال تعالى‪} :‬وكذلك ما أرسلنا من قبلك فببي‬
‫قرية من نذير إل قال مترفوها إنا وجببدنا آباءنببا علببى أمببة‬
‫وإنبببببببببببا علبببببببببببى آثبببببببببببارهم مقتبببببببببببدون{‪.‬‬
‫ولما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان صببخر بببن حببرب‬
‫عن صفات النبي صلى الله عليه وسلم قال له فيما قببال‪:‬‬
‫أشراف الناس اتبعوه أو ضعفاؤهم‪ .‬قببال‪ :‬بببل ضببغفاؤهم‪,‬‬
‫فقال هرقل هم أتباع الرسل‪ ,‬وقولهم }بادي الرأي{ ليس‬
‫بمذمببة ول عيببب لن الحببق إذا وضببح ل يبقببى للببرأي ول‬
‫للفكر مجال بل ل بد من اتباع الحق والحالة هذه لكببل ذي‬
‫زكباء وذكباء ببل ل يفكبر ههنبا إل غببي أو عيبي‪ ,‬والرسبل‬
‫صلوات الله وسلمه عليهم أجمعين إنما جاءوا بببأمر جلببي‬

‫‪286‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫واضح‪ .‬وقد جاء فببي الحببديث أن رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم قال‪» :‬ما دعوت أحدا ً إلى السلم إل كانت له‬
‫كبوة غير أبي بكر فإنه لم يتلعثببم« أي مببا تببردد ول تببروى‬
‫لنه رأى أمرا ً جليا ً عظيما ً واضحا ً فبادر إليه وسارع وقوله‪:‬‬
‫}وما نرى لكم علينا من فضببل{ هببم ل يببرون ذلببك لنهببم‬
‫عمي عن الحق ل يسمعون ول يبصرون بل هم في ريبهببم‬
‫يببترددون فببي ظلمببات الجهببل يعمهببون وهببم الفبباكون‬
‫لخرة هم الخسرون‪.‬‬ ‫الكاذبون القلون الرذلون وهم في ا َ‬

‫ي َوآت َبباِني‬ ‫ت عَل َب‬ ‫م ِإن ُ‬ ‫َ َ‬ ‫** َقا َ‬


‫مببن ّرب ّب َ‬‫ى ب َي ّن َبةٍ ّ‬
‫َ‬ ‫كنب ُ‬ ‫ل ي ََقوْم ِ أَرأي ْت ُ ْ‬
‫م ل َهَببا‬ ‫َ‬ ‫عنبده فَعميبت عَل َيك ُب َ‬
‫موهَببا وَأنت ُب ْ‬ ‫م أن ُل ْزِ ُ‬
‫مك ُ ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ن ِ ِ ِ ُ ّ َ ْ‬ ‫مب ْ‬ ‫ة ّ‬‫مب ً‬‫ح َ‬
‫َر ْ‬
‫ن‬‫هو َ‬ ‫كبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببارِ ُ‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عما رد به نوح على قومه فببي ذلببك‪:‬‬
‫}أرأيتم إن كنت على بينة من ربي{ أي علببى يقيببن وأمببر‬
‫جلي ونبوة صادقة وهي الرحمة العظيمة من الله به وبهم‬
‫}فعميت عليكم{ أي خفيببت عليكببم فلببم تهتببدوا إليهببا ول‬
‫عرفتم قدرها بل بادرتم إلى تكذيبها وردها }أنلزمكموهببا{‬
‫أي نغضبببببببكم بقبولهببببببا وأنتببببببم لهببببببا كببببببارهون‪.‬‬

‫** ويَقوم ل أ َسأ َل ُك ُم عَل َيه مال ً إ َ‬


‫مببآ‬ ‫جرِيَ إ ِل ّ عََلى الّلببهِ وَ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ْ ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ََ ْ ِ‬
‫وم با ً‬ ‫َ‬
‫م قَ ْ‬‫ي أَراك ُ ْ‬ ‫م وََلـك ِن ّ َ‬
‫مل َُقو َرب ّهِ ْ‬
‫م ّ‬ ‫من ُوَا ْ إ ِن ّهُ ْ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫طارِدِ ال ّ ِ‬
‫أن َا ْ ب ِ َ‬
‫م أ َفَل َ‬‫ن الل ّبهِ ِإن ط ََردت ّهُ ب ْ‬ ‫مب َ‬ ‫صُرِني ِ‬‫من َين ُ‬ ‫ن * وَي ََقوْم ِ َ‬ ‫جهَُلو َ‬ ‫تَ ْ‬
‫َتبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببذ َك ُّرو َ‬
‫ن‬
‫ل‪ :‬أجببرة‬ ‫يقول لقببومه ل أسببألكم علببى نصببحي لكببم مببا ً‬
‫آخذها منكم إنما أبتغي الجر من الله عببز وجببل }ومببا أنببا‬
‫بطارد الذين آمنوا{ كأنهم طلبوا منببه أن يطببرد المببؤمنين‬
‫عنه احتشاما ً ونفاسة منهببم أن يجلسببوا معهببم كمببا سببأل‬
‫أمثالهم خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم أن يطرد عنهم‬
‫جماعة من الضعفاء ويجلس معهببم مجلس با ً خاص با ً فببأنزل‬
‫اللببه تعببالى‪} :‬ول تطببرد الببذين يببدعون ربهببم بالغببداة‬
‫لية وقال تعالى‪} :‬وكذلك فتنببا بعضببهم ببعببض‬ ‫والعشي{ ا َ‬

‫‪287‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليقولوا أهؤلء من الله عليهم من بيننا ؟ أليس اللبه ببأعلم‬
‫بالشبببببببببببببببببببببببببباكرين{ ا َ‬
‫ليببببببببببببببببببببببببببات‪.‬‬

‫َ‬ ‫** وَل َ أ َُقو ُ‬


‫ب وَل َ‬ ‫م ال ْغَي ْب َ‬
‫ن الل ّبهِ وَل َ أعْل َب ُ‬ ‫خ بَزآئ ِ ُ‬ ‫دي َ‬ ‫عن ب ِ‬‫م ِ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬
‫َ‬ ‫ك وَل َ أ َُقو ُ‬ ‫أ َُقو ُ‬
‫م‬‫م ل َببن ي ُبؤْت ِي َهُ ُ‬ ‫ن ت َْزد َرِيَ أعْي ُن ُك ُب ْ‬‫ذي َ‬ ‫ل ل ِل ّ ِ‬ ‫مل َ ٌ‬‫ل إ ِّني َ‬
‫ن ال ّ‬ ‫َ‬ ‫خيرا ً الل ّ َ‬
‫ن‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫م َ‬‫ي ِإذا ً ل ّ ِ‬‫م إ ِن ّ َ‬
‫سه ِ ْ‬
‫ما ِفي أن ُْف ِ‬ ‫م بِ َ‬‫ه أعْل َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ه َ ْ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫يخبرهم أنه رسول من الله يدعو إلى عبادة الله وحده ل‬
‫شريك له بإذن الله له في ذلك ول يسألهم على ذلك أجرا ً‬
‫بل هو يدعو من لقيه من شريف ووضيع فمن استجاب لببه‬
‫فقببد نجببا‪ ,‬ويخبببرهم أنببه ل قببدرة لببه علببى التصببرف فببي‬
‫خزائن الله ول يعلببم مببن الغيببب إل مببا أطلعببه اللببه عليببه‬
‫وليس هو بملك من الملئكببة بببل هببو بشببر مرسببل مؤيببد‬
‫ببببالمعجزات ول أقبببول عبببن هبببؤلء البببذين تحقرونهبببم‬
‫وتزدرونهم إنهم ليس لهم عنببد اللببه ثببواب علببى أعمببالهم‬
‫الله أعلم بما في أنفسهم فإن كانوا مؤمنين باطنا ً كما هببو‬
‫الظاهر من حالهم فلهم جزاء الحسنى ولو قطع لهببم أحببد‬
‫بشر بعببد مبا آمنبوا لكببان ظالمبا ً قبائل ً مبا ل علبم لبه ببه‪.‬‬

‫ْ‬ ‫َ‬
‫مبا ت َِعبد َُنآ ِإن‬‫دال ََنا فَأت َِنا ب ِ َ‬ ‫ج َ‬‫ت ِ‬ ‫جاد َل ْت ََنا فَأك ْث َْر َ‬‫ح قَد ْ َ‬ ‫** َقاُلوا ْ ي َُنو ُ‬
‫ْ‬
‫مببآ‬‫شآَء وَ َ‬‫ه ِإن َ‬ ‫م ب ِهِ الل ّ ُ‬ ‫ما ي َأِتيك ُ ْ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬‫ن * َقا َ‬ ‫صادِِقي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬‫ت ِ‬ ‫كن َ‬ ‫ُ‬
‫حي إن أ َردت أ َ َ‬ ‫َ‬
‫ح‬
‫صب َ‬ ‫ن أن َ‬ ‫صب ِ َ ِ ْ َ ْ ّ ْ‬ ‫م نُ ْ‬ ‫ن * وَل َ َينَفعُك ُب ْ‬ ‫زيب َ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬
‫مع ْ ِ‬
‫م بِ ُ‬‫أنت ُب ْ‬
‫َ‬
‫ن‬‫جُعببو َ‬ ‫م وَإ ِل َي ْهِ ت ُْر َ‬ ‫م هُوَ َرب ّك ُ ْ‬ ‫ريد ُ أن ي ُغْوِي َك ُ ْ‬ ‫ن الل ّ ُ‬
‫ه يُ ِ‬ ‫كا َ‬‫م ِإن َ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عببن اسببتعجال قببوم نببوح نقمببة اللببه‬
‫وعذابه وسخطه‪ ,‬والبلء موكل بالمنطق‪} .‬قالوا يا نوح قد‬
‫جادلتنببا فببأكثرت جببدالنا{ أي حاججتنببا فببأكثرت مببن ذلببك‬
‫ونحن ل نتبعك }فأتنا بما تعدنا{ أي مببن النقمببة والعببذاب‬
‫ادع علينببا بمببا شببئت فليأتنببا مببا تببدعو بببه }إن كنببت مببن‬
‫الصببادقين قببال إنمببا يببأتيكم بببه اللببه إن شبباء ومببا أنتببم‬
‫بمعجزين{ أي إنما الذي يعاقبكم ويعجلها لكم الله الذي ل‬
‫يعجزه شيء }ول ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصببح لكببم‬
‫إن كان الله يريد أن يغويكم{ أي أي شببيء يجببدي عليكببم‬

‫‪288‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إبلغي لكم وإنذاري إياكم ونصحي }إن كان اللببه يريببد أن‬
‫يغويكم{ أي إغواؤكم ودماركم }هو ربكم وإليه ترجعببون{‬
‫أي هو مالك أزمة المور المتصرف الحاكم العادل الببذي ل‬
‫يجور‪ ,‬له الخلق وله المر وهو المبدىء المعيد مالك الدنيا‬
‫وا َ‬
‫لخبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببرة‪.‬‬

‫مببي وَأ َن َبا ْ‬


‫جَرا ِ‬ ‫ه فَعَل َب ّ‬
‫ي إِ ْ‬ ‫ن افْت ََري ْت ُب ُ‬ ‫م ي َُقوُلو َ‬
‫ن افْت ََراهُ قُ ْ‬
‫ل إِ ِ‬
‫َ‬
‫** أ ْ‬
‫ن‬
‫مببببببببببببببببببو َ‬ ‫جَر ُ‬ ‫مببببببببببببببببببا ت ُ ْ‬ ‫م ّ‬
‫يببببببببببببببببببٌء ّ‬ ‫ب َرِ َ‬
‫هذا كلم معترض في وسط هذه القصة مؤكد لها‪ .‬مقببرر‬
‫لهببا يقببول تعببالى لمحمببد‪ :‬أم يقببول هببؤلء الكببافرون‬
‫الجاحدون افترى هذا وافتعله من عنببده }قببل إن افببتريته‬
‫فعلببي إجرامببي{ أي فببإثم ذلببك علببي }وأنببا بريببء ممببا‬
‫تجرمون{ أي ليس ذلك مفتعل ً ول مفببترى لنببي أعلببم مببا‬
‫عنبببببد اللبببببه مبببببن العقوببببببة لمبببببن كبببببذب عليبببببه‪.‬‬

‫حي إل َى نو َ‬ ‫** و ُ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫من قَد ْ آ َ‬ ‫ك إ ِل ّ َ‬‫م َ‬‫من قَوْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫َ‬ ‫ه َلن ي ُؤْ ِ‬
‫م‬ ‫ح أن ّ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫أو‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫صن َِع ال ُْفل ْ َ‬
‫حي َِنببا‬
‫ك ب ِأعْي ُن َِنا وَوَ ْ‬ ‫ن * َوا ْ‬ ‫كاُنوا ْ ي َْفعَُلو َ‬ ‫ما َ‬ ‫س بِ َ‬ ‫فَل َ ت َب ْت َئ ِ ْ‬
‫ع‬
‫صبن َ ُ‬‫ن * وَي َ ْ‬ ‫مغَْرُقبو َ‬ ‫م ّ‬ ‫مبوَا ْ إ ِن ُّهب ْ‬‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫خاط ِب ِْني فِببي ال ّب ِ‬ ‫وَل َ ت ُ َ‬
‫خُروا ْ ِ‬ ‫ٌ‬
‫ل ِإن‬ ‫ه قَببا َ‬
‫من ْب ُ‬ ‫سب ِ‬ ‫مه ِ َ‬ ‫من قَ بوْ ِ‬ ‫مل ّ‬ ‫مّر عَل َي ْهِ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ك وَك ُل ّ َ‬ ‫ال ُْفل ْ َ‬
‫ف‬ ‫س بو ْ َ‬ ‫ن * فَ َ‬ ‫خُرو َ‬‫سب َ‬ ‫مببا ت َ ْ‬‫م كَ َ‬ ‫كب ْ‬‫من ُ‬ ‫خُر ِ‬ ‫سب َ‬ ‫مّنا فَإ ِن ّببا ن َ ْ‬ ‫خُروا ْ ِ‬ ‫س َ‬ ‫تَ ْ‬
‫ل عَل َي ْبهِ عَب َ‬ ‫ْ‬
‫م‬
‫مِقي ب ٌ‬ ‫ب ّ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫حب ّ‬ ‫زيهِ وَي َ ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫ب يُ ْ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫من ي َأِتيهِ عَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫ت َعْل َ ُ‬
‫يخبر تعالى أنه أوحى إلى نوح لما اسببتعجل قببومه نقمببة‬
‫الله بهم وعذابه لهم فدعا عليهم نوح دعوته التي قال الله‬
‫تعالى مخبرا ً عنه أنبه قببال‪} :‬رب ل تبذر علبى الرض مبن‬
‫الكافرين ديارًا{ }فدعا ربببه أنببي مغلببوب فانتصببر{ فعنببد‬
‫ذلك أوحى الله إليه }أنه لن يؤمن مبن قومببك إل مبن قببد‬
‫آمن{ فل تحزن عليهم ول يهمنك أمرهم }واصببنع الفلببك{‬
‫يعنببي السببفينة }بأعيننببا{ أي بمببرأى منببا }ووحينببا{ أي‬
‫تعليمنا لك ما تصنعه }ول تخاطبني في الذين ظلموا إنهببم‬
‫مغرقون{ فقال بعض السلف‪ :‬أمره اللببه تعببالى أن يغببرز‬
‫الخشب ويقطعه وييبسه فكان ذلك في مائة سنة ونجرهببا‬

‫‪289‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫في مائة سنة أخرى وقيل فببي أربعيببن سببنة واللببه أعلببم‪.‬‬
‫وذكر محمببد بببن إسببحاق عببن التببوراة‪ :‬أن اللببه أمببره أن‬
‫يصنعها من خشب الساج وأن يجعل طولها ثمببانين ذراعببا ً‬
‫وعرضها خمسين ذراعا ً وأن يطلي باطنها وظاهرها بالقببار‬
‫وأن يجعل لها جؤجؤا ً أزورا يشق الماء‪ ,‬وقببال قتببادة كببان‬
‫طولهببا ثلثمببائة ذراع فببي عببرض خمسببين وعببن الحسببن‬
‫طولها ستمائة ذارع وعرضها ثلثمائة وعنه مببع ابببن عببباس‬
‫طولها ألف ومائتا ذراع فببي عببرض سببتمائة وقيببل طولهببا‬
‫ألفا ذارع وعرضها مائة ذراع فالله أعلم‪ ,‬قالوا كلهم وكببان‬
‫ارتفاعها في السماء ثلثين ذراعا ً ثلث طبقات كببل طبقببة‬
‫عشببرة أذرع فالسببفلى للببدواب والوحببوش والوسببطى‬
‫للنس والعليا للطيور وكان بابها فببي عرضببها ولهببا غطبباء‬
‫مببببببببببببن فوقهببببببببببببا مطبببببببببببببق عليهببببببببببببا‪.‬‬
‫وقد ذكر المام أبو جعفر بن جرير أثرا ً غريبا ً مببن حببديث‬
‫علي بن زيد بن جدعان عن يوسببف بببن مهببران عببن عبببد‬
‫الله بن عباس أنه قال‪ :‬قال الحواريون لعيسى ابن مريببم‪:‬‬
‫لو بعثت لنا رجل ً شهد السفينة فحدثنا عنهببا قببال فببانطلق‬
‫بهم حتى انتهى إلى كثيب من تببراب فأخببذ كف با ً مببن ذلببك‬
‫التراب بكفه فقال أتدرون ما هببذا ؟ قببالوا‪ :‬اللببه ورسببوله‬
‫أعلم‪ .‬قال‪ :‬هذا كعب حام بببن نبوح‪ .‬قببال فضبرب الكببثيب‬
‫بعصاه قال قم بإذن الله فإذا هو قائم ينفببض الببتراب عببن‬
‫رأسببه قببد شبباب قببال لببه عيسببى عليببه السببلم‪ :‬أهكببذا‬
‫هلكت ؟ قال‪ :‬ل‪ .‬ولكني مت وأنا شاب ولكني ظننببت أنهببا‬
‫الساعة فمن ثم شبت‪ ,‬قال حدثنا عن سفينة نوح ؟ قببال‪:‬‬
‫كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضببها سببتمائة ذراع‬
‫وكانت ثلث طبقات فطبقة فيها الدواب والوحوش وطبقة‬
‫فيهببا النببس وطبقببة فيهببا الطيببر فلمببا كببثر روث الببدواب‬
‫أوحى الله عز وجل إلى نوح عليببه السببلم أن اغمببز ذنببب‬
‫الفيل فغمزه فوقع منه خنزير وخنزيرة فأقبل على الببروث‬
‫فلما وقع الفأر بجوف السفينة يقرضها وحبالها أوحى اللببه‬
‫إليه أن اضرب بين عيني السد فضرب فخرج من منخببره‬
‫سنور وسنورة فأقبل علببى الفببأر‪ ,‬فقببال لببه عيسببى عليببه‬

‫‪290‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السلم‪ :‬كيف علم نوح أن البلد قببد غرقببت ؟ قببال‪ :‬بعببث‬
‫الغراب يأتيه بالخبر فوجببد جيفببة فوقببع عليهببا فببدعا عليببه‬
‫بببببببببببالخوف فلببببببببببذلك ل يببببببببببألف البببببببببببيوت‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم بعببث الحمامببة فجبباءت بببورق زيتببون بمنقارهببا‬
‫وطيببن برجليهببا فعلببم أن البلد قببد غرقببت قببال فطوقهببا‬
‫الخضرة التي في عنقها ودعا لها أن تكون في أنس وأمان‬
‫فمن ثم تألف البيوت قال فقلنا يا رسول اللببه‪ :‬أل ننطلببق‬
‫به إلى أهلينا فيجلس معنا ويحدثنا ؟ قال‪ :‬كيف يتبعكم من‬
‫ل رزق له ؟ قال فقال له‪ :‬عد بإذن الله فعاد ترابًا‪ ,‬وقوله‪:‬‬
‫}ويصنع الفلك وكلما مر عليه مل من قومه سخروا منببه{‬
‫أي يهزءون به ويكذبون بما يتوعدهم به من الغببرق }قببال‬
‫لية وعيد شديد وتهديد‬ ‫إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم{ ا َ‬
‫أكيد }من يأتيه عذاب يخزيه{ أي يهينه في الببدنيا }ويحببل‬
‫عليبببببه عبببببذاب مقيبببببم{ أي دائم مسبببببتمر أببببببدًا‪.‬‬

‫َ‬
‫ل‬ ‫مببن ُ‬
‫كبب ّ‬ ‫ل ِفيَها ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مُرَنا وََفاَر الت ّّنوُر قُل َْنا ا ْ‬
‫ح ِ‬ ‫جآَء أ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫ى إِ َ‬ ‫َ‬ ‫حت ّ‬
‫** َ‬
‫ن‬
‫مب َ‬ ‫نآ َ‬
‫مب ْ‬ ‫سبب َقَ عَل َي ْبهِ ال َْقبوْ ُ‬
‫ل وَ َ‬ ‫من َ‬ ‫ن وَأ َهْل َ َ‬
‫ك إ ِل ّ َ‬ ‫ن اث ْن َي ْ ِ‬‫جي ْ ِ‬
‫َزوْ َ‬
‫ه إ ِل ّ قَِليببببببببببببب ٌ‬
‫ل‬ ‫معَببببببببببببب ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مببببببببببببب َ‬ ‫مبببببببببببببآ آ َ‬ ‫وَ َ‬
‫هذه موعدة من الله تعالى لنوح عليه السلم إذا جاء أمر‬
‫الله من المطار المتتابعة والهتان الببذي ل يقلببع ول يفببتر‪,‬‬
‫بل هو كما قال تعالى‪} :‬ففتحنا أبواب السماء بماء منهمببر‬
‫* وفجرنا الرض عيونا ً فالتقى الماء علببى أمببر قببد قببدر *‬
‫وحملناه على ذات ألواح ودسر * تجري بأعيننا جبزاء لمبن‬
‫كان كفر{ وأما قوله }وفار التنور{ فعن ابن عباس التنور‬
‫وجه الرض‪ ,‬أي صارت الرض عيونا ً تفور حتى فببار المبباء‬
‫من التنانير التي هي مكببان النببار صببارت تفببور مبباء وهببذا‬
‫قول جمهور السلف وعلماء الخلببف‪ ,‬وعببن علببي بببن أبببي‬
‫طالب رضي الله عنه التنور فلق الصبح وتنوير الفجر‪ ,‬وهو‬
‫ضياؤه وإشراقه والول أظهر وقال مجاهد والشعبي‪ :‬كببان‬
‫هذا التنور بالكوفببة‪ ,‬وعببن ابببن عببباس عيببن بالهنببد‪ ,‬وعببن‬
‫قتادة عين بالجزيرة يقببال لهببا عيببن الببوردة وهببذه أقببوال‬

‫‪291‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫غريبة فحينئذ أمر الله نوحا ً عليه السلم أن يحمل معه في‬
‫السفينة مببن كببل زوجيببن اثنيببن مببن صببنوف المخلوقببات‬
‫ذوات الرواح‪ ,‬قيل وغيرها من النباتات اثنيببن ذكببرا ً وأنببثى‬
‫فقيل كان أول من أدخل من الطيور الدرة وآخر من أدخل‬
‫من الحيوانات الحمار فتعلق إبليس بببذنبه وجعببل يريببد أن‬
‫ينهض فيثقله إبليس وهو متعلق بذنبه فجعل يقول له نببوح‬
‫عليه السلم‪ :‬مالك ويحك ادخببل فينهببض ول يقببدر فقببال‪:‬‬
‫ادخل وإن كببان إبليببس معببك فببدخل فببي السببفينة‪ ,‬وذكببر‬
‫بعض السلف أنهم لم يسبتطيعوا أن يحملبوا معهبم السبد‬
‫حببببببببببببتى ألقيببببببببببببت عليببببببببببببه الحمببببببببببببى‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبببد اللببه بببن صببالح‬
‫كاتب الليث حدثني الليث حدثني هشام بن سعد عببن زيببد‬
‫بن أسلم عن أبيه أن رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫قال‪» :‬لما حمل نوح في السببفينة مببن كببل زوجيببن اثنيببن‬
‫قببال أصببحابه‪ :‬وكيببف تطمئن المواشببي ومعهببا السببد ؟‬
‫فسببلط اللببه عليببه الحمببى فكببانت أول حمببى نزلببت فببي‬
‫الرض‪ ,‬ثببم شببكوا الفببأر فقببالوا‪ :‬الفويسببقة تفسببد علينببا‬
‫طعامنا ومتاعنا فأوحى الله إلى السد فعطببس‪ ,‬فخرجببت‬
‫الهببببببببرة منببببببببه فتخبببببببببأت الفببببببببأرة منهببببببببا«‪.‬‬
‫وقوله }وأهلببك إل مببن سبببق عليببه القببول{ أي واحمببل‬
‫فيها أهلك وهم أهل بيته وقرابته إل من سبق عليبه القبول‬
‫منهم ممن لم يؤمن بالله فكان منهم ابنه يام الذي انعببزل‬
‫وحده وامببرأة نببوح وكببانت كببافرة بببالله ورسببوله‪ ,‬وقببوله‬
‫}ومن آمن{ أي من قومك }وما آمببن معببه إل قليببل{ أي‬
‫نزر يسير مع طول المدة والمقام بين أظهرهم ألف سببنة‬
‫إل خمسين عامًا‪ ,‬فعن ابن عباس كانوا ثمانين نفسا ً منهببم‬
‫نساؤهم‪ ,‬وعن كعببب الحبببار كببانوا اثنيببن وسبببعين نفسبًا‪.‬‬
‫وقيل كانوا عشرة‪ ,‬وقيل إنما كان نوح وبنوه الثلثببة سببام‬
‫وحام ويافث وكنائنه الربع نساء هؤلء الثلثة وامببرأة يببام‪,‬‬
‫وقيل بل امرأة نوح كبانت معهببم فببي السببفينة وهببذا فيببه‬
‫نظر‪ ,‬بل الظاهر أنها هلكت لنهببا كببانت علببى ديببن قومهببا‬

‫‪292‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فأصابها ما أصابهم كما أصاب امرأة لوط ما أصاب قومها‪,‬‬
‫واللببببببببببببببببببه أعلببببببببببببببببببم وأحكببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫ن َرب ّببي‬ ‫ها إ ِ ّ‬‫سببا َ‬‫مْر َ‬ ‫جَراهَببا وَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫سم ِ الل ّهِ َ‬ ‫ل اْرك َُبوا ْ ِفيَها ب ِ ْ‬ ‫** وََقا َ‬
‫ى‬
‫ل وَن َبباد َ َ‬ ‫كال ْ ِ‬
‫جب َببا ِ‬ ‫ج َ‬ ‫م بو ْ ٍ‬ ‫م ِفي َ‬ ‫ري ب ِهِ ْ‬ ‫ج ِ‬‫ي تَ ْ‬
‫م * وَهِ َ‬ ‫حي ٌ‬ ‫ل َغَُفوٌر ّر ِ‬
‫ع‬
‫مب َ‬ ‫معَن َببا وَل َ ت َك ُببن ّ‬ ‫ب ّ‬ ‫ي اْرك َب َ‬ ‫ل ي َب ُن َب ّ‬‫معْبزِ ٍ‬ ‫ن فِببي َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه وَ َ‬ ‫ح اب ْن َ ُ‬‫ُنو ٌ‬
‫ل‬ ‫مببآِء قَببا َ‬ ‫ن ال ْ َ‬‫م َ‬ ‫مِني ِ‬ ‫ص ُ‬‫ل ي َعْ ِ‬ ‫جب َ ٍ‬‫ى َ‬ ‫َ‬
‫سآوِ َيَ إ ِل َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن * َقا َ‬ ‫ري َ‬ ‫كافِ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫مببا‬‫ل ب َي ْن َهُ َ‬‫حببا َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫حب َ‬ ‫مببن ّر ِ‬ ‫مبرِ الل ّبهِ إ ِل ّ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫مب ْ‬‫م ِ‬ ‫م ال ْي َبوْ َ‬ ‫ص َ‬ ‫عا ِ‬ ‫لَ َ‬
‫ن‬
‫مغَْرِقيببببببببببب َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫مببببببببببب َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كبببببببببببا َ‬ ‫ج فَ َ‬ ‫مبببببببببببوْ ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫يقول تعالى إخبارا ً عن نوح عليه السلم أنببه قببال للببذين‬
‫أمر بحملهببم معببه فببي السببفينة }اركبببوا فيهببا بسببم اللبه‬
‫مجريها ومرساها{ أي بسم اللببه يكببون جريهببا علببى وجببه‬
‫وها‪ ,‬وقببرأ‬ ‫الماء‪ ,‬وبسم الله يكون منتهى سيرها وهببو رس ب ّ‬
‫أبو رجاء العطاردي }بسم اللبه مجريهبا ومرسببيها{ وقببال‬
‫الله تعالى‪} :‬فإذا اسببتويت أنببت ومببن معببك علببى الفلببك‬
‫ب‬ ‫فقل الحمد لله الذي نجانا من القببوم الظببالمين وقببل ر ّ‬
‫أنزلني منزل ً مباركا ً وأنت خيببر المنزليببن{ ولهببذا تسببتحب‬
‫التسببمية فببي ابتببداء المببور عنببد الركببوب علببى السببفينة‬
‫وعلى الدابة كما قببال تعببالى‪} :‬والببذي خلببق الزواج كلهببا‬
‫وجعل لكم من الفلك والنعببام مببا تركبببون لتسببتووا علببى‬
‫لية‪ ,‬وجاءت السببنة بببالحث علببى ذلببك والنببدب‬ ‫ظهوره{ ا َ‬
‫إليه كما سيأتي في سورة الزخرف إن شاء الله وبه الثقة‬
‫وقببال أبببو القاسببم الطبببراني حببدثنا إبراهيببم بببن هاشببم‬
‫البغوي حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي وحدثنا زكريا بن‬
‫يحيى الساجي حدثنا محمد بن موسى الحرشي قال حببدثنا‬
‫عبد الحميد بن الحسن الهللي عن نهشل بببن سببعيد عببن‬
‫الضحاك عن ابن عباس عن النبي صلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫قال‪» :‬أمببان أمببتي مببن الغببرق إذا ركبببوا فببي السببفن أن‬
‫لية‬ ‫يقولوا بسم الله الملك }وما قدروا الله حق قدره{ ب ا َ‬
‫ب }بسم الله مجريهببا ومرسبباها إن ربببي لغفببور رحيببم{‪(.‬‬
‫وقوله }إن ربي لغفور رحيم{ مناسببب عنببد ذكببر النتقببام‬

‫‪293‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من الكببافرين بببإغراقهم أجمعيببن فببذكر أنببه غفببور رحيببم‬
‫كقببوله‪} :‬إن ربببك لسببريع العقبباب * وإنببه لغفببور رحيببم{‬
‫وقال‪} :‬وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك‬
‫ليات التي يقببرن فيهببا‬ ‫لشديد العقاب{ إلى غير ذلك من ا َ‬
‫بين رحمته وانتقامه وقوله‪} :‬وهببي تجببري بهببم فببي مببوج‬
‫كالجبال{ أي السفينة سائرة بهم على وجه الماء الذي قد‬
‫طبق جميع الرض حتى طفت على رؤوس الجبال وارتفببع‬
‫ل‪ ,‬وهببذه‬ ‫عليهببا بخمسببة عشببر ذراعببا ً وقيببل بثمببانين مي ً‬
‫السفينة جارية على وجه المبباء سببائرة بببإذن اللببه وتحببت‬
‫كنفه وعنايته وحراسته وامتنانه كما قبال تعبالى‪} :‬إنبا لمبا‬
‫طغى الماء حملنبباكم فببي الجاريببة * لنجعلهببا لكببم تببذكرة‬
‫وتعيها أذن واعية{ وقال تعالى‪} :‬وحملناه على ذات ألواح‬
‫ودسر * تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر * ولقببد تركناهببا‬
‫آية فهل من مدكر{ وقوله‪} :‬ونادى نوح ابنببه{ ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬هببذا‬
‫هو البن الرابع واسببمه يببام وكببان كببافرا ً دعبباه أبببوه عنببد‬
‫ركوب السفينة أن يؤمن ويركب معهم ول يغببرق مثببل مببا‬
‫يغببرق الكببافرون }قببال سببآوي إلببى جبببل يعصببمني مببن‬
‫المبباء{ وقيببل إنببه اتخببذ لببه مركب با ً مببن زجبباج وهببذا مببن‬
‫السرائيليات والله أعلم بصحته‪ ,‬والذي نص عليببه القببرآن‬
‫أنه قال‪} :‬سآوي إلببى جبببل يعصببمني مببن المبباء{ اعتقببد‬
‫بجهلببه أن الطوفببان ل يبلببغ إلببى رؤوس الجبببال‪ ,‬وأنببه لببو‬
‫تعلق في رأس جبل لنجاه ذلك من الغرق‪ ,‬فقال لببه أبببوه‬
‫نوح عليه السلم‪} :‬ل عاصم اليببوم مببن أمببر اللببه إل مببن‬
‫رحم{ أي ليس شيء يعصم اليوم من أمر اللببه‪ ,‬وقيببل إن‬
‫عاصما ً بمعنببى معصببوم كمببا يقببال طبباعم وكبباس بمعنببى‬
‫مطعبببوم ومكسبببو }وحبببال بينهمبببا المبببوج فكبببان مبببن‬
‫المغرقيبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببن{‪.‬‬

‫َ‬ ‫** وقي َ َ‬


‫مببآءُ‬‫ض ال ْ َ‬ ‫مآءُ أقْل ِعِببي وَِغي ب َ‬
‫س َ‬ ‫ك وَي َ َ‬
‫مآَء ِ‬‫ض اب ْل َِعي َ‬‫ل ي َأْر ُ‬ ‫َ ِ‬
‫ً ّْ‬ ‫جببودِيّ وَِقيب َ‬ ‫ت عَل َببى ال ْ ُ‬ ‫وَقُ ِ‬
‫ل ب ُعْببدا للَقبوْم ِ‬ ‫سبت َوَ ْ‬
‫مبُر َوا ْ‬‫ي ال ْ‬
‫ض َ‬
‫ن‬
‫مي َ‬ ‫ظبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببال ِ ِ‬ ‫ال ّ‬

‫‪294‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يخبر تعالى أنه لما اغرق أهببل الرض كلهببم إل أصببحاب‬
‫السفينة أمر الرض أن تبلع ماءها البذي نبببع منهببا واجتمببع‬
‫عليها‪ ,‬وأمر السماء أن تقلع عببن المطببر }وغيببض المبباء{‬
‫أي شرع في النقببص }وقضببي المببر{ أي فببرغ مببن أهببل‬
‫الرض قاطبببة ممببن كفببر بببالله لببم يبببق منهببم ديببار‬
‫}واسببتوت{ السببفينة بمببن فيهببا }علببى الجببودي{ قببال‬
‫مجاهد‪ :‬وهو جبل بببالجزيرة تشببامخت الجبببال يببومئذ مببن‬
‫الغببرق وتطبباولت وتواضببع هببو للببه عببز وجببل فلببم يغببرق‬
‫ست عليه سفينة نوح عليه السلم وقال قتادة‪ :‬استوت‬ ‫وأر َ‬
‫عليه شهرا ً حببتى نزلببوا منهببا‪ ,‬قببال قتببادة‪ :‬قببد أبقببى اللببه‬
‫سفينة نوح عليه السلم على الجببودي مببن أرض الجزيببرة‬
‫عبرة وآية حتى رآها أوائل هذه المة وكم مببن سببفينة قببد‬
‫كبببببببانت بعبببببببدها فهلكبببببببت وصبببببببارت رمبببببببادًا‪.‬‬
‫وقال الضحاك‪ :‬الجودي جبل بالموصل وقال بعضهم‪ :‬هو‬
‫الطور‪ ,‬وقال ابن أبي حبباتم‪ :‬حببدثنا أبببي حببدثنا عمببرو بببن‬
‫رافع حدثنا محمد بن عبيد عن توبة بن سببالم قببال‪ :‬رأيببت‬
‫زر بن حبيش يصلي فببي الزاويببة حيببن يببدخل مببن أبببواب‬
‫كنببدة علببى يمينببك فسببألته إنببك لكببثير الصببلة ههنببا يببوم‬
‫الجمعة قال بلغني أن سفينة نوح أرست مببن ههنببا‪ .‬وقببال‬
‫علباء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس قببال‪ :‬كببان مببع‬
‫نوح في السفينة ثمانون رجل ً معهببم أهلببوهم وإنهببم كببانوا‬
‫فيها مائة وخمسين يوما ً وإن الله وجه السببفينة إلببى مكببة‬
‫فطافت بالبيت أربعين يوما ً ثببم وجههببا اللببه إلببى الجببودي‬
‫فاسببتقرت عليببه فبعببث نببوح الغببراب ليببأتيه بخبببر الرض‬
‫فذهب فوقع على الجيف فأبطأ عليه فبعث الحمامة فببأتته‬
‫بورق الزيتون فلطخت رجليهببا بببالطين فعببرف نببوح عليببه‬
‫السببلم أن المبباء قببد نضببب فهبببط إلببى أسببفل الجببودي‬
‫فببابتنى قريببة‪ ,‬وسببماها ثمببانين فأصبببحوا ذات يببوم وقببد‬
‫تبلبلت ألسنتهم على ثمانين لغببة إحببدها اللسببان العربببي‪,‬‬
‫فكان بعضهم ل يفقه كلم بعض فكببان نببوح عليببه السببلم‬
‫يعبر عنهم‪ .‬وقال كعب الحبار‪ :‬إن السفينة طافت ما بيببن‬
‫المشرق والمغرب قبببل أن تسببتقر علببى الجببودي‪ ,‬وقببال‬

‫‪295‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قتادة وغيره‪ :‬ركبوا في عاشببر شببهر رجببب فسبباروا مببائة‬
‫وخمسين يوما ً واستقرت بهم علببى الجببودي شببهرا ً وكببان‬
‫خروجهم من السفينة في يوم عاشوراء من المحرم‪ ,‬وقببد‬
‫ورد نحبو هبذا فبي حبديث مرفبوع رواه ابببن جريببر وأنهبم‬
‫صبببببببباموا يببببببببومهم ذلببببببببك واللببببببببه أعلببببببببم‪.‬‬
‫وقال المام أحمد حدثنا أبو جعفر حدثنا عبببد الصببمد بببن‬
‫حبيب الزدي عن أبيه حبيب بن عبببد اللببه عببن شبببل عببن‬
‫أبي هريرة قال‪ :‬مر النبي صببلى اللببه عليببه وسبلم بأنبباس‬
‫مببن اليهببود وقببد صبباموا يببوم عاشببوراء فقببال »مببا هببذا‬
‫الصوم ؟ قالوا هذا اليوم الذي نجى الله بببه موسببى وبنببي‬
‫إسرائيل من الغرق وغرق فيه فرعون وهببذا يببوم اسببتوت‬
‫فيه السببفينة علببى الجببودي فصببام نببوح وموسببى عليهمببا‬
‫السلم شكرا ً لله عز وجل‪ .‬فقببال النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬أنا أحق بموسى وأحق بصوم هببذا اليببوم« فصببام‬
‫وقال لصحابه‪» :‬من كان أصبح منكم صائما ً فليتم صببومه‪,‬‬
‫ومن كان أصاب من غبذاء أهلبه فليتببم بقيبة يببومه« وهببذا‬
‫حديث غريب من هذا الوجه ولبعضه شبباهد فببي الصببحيح‪,‬‬
‫وقوله‪} :‬وقيل بعدا ً للقببوم الظببالمين{ أي هلكبا ً وخسببارا ً‬
‫لهم وبعدا ً من رحمة الله فإنهم قد هلكوا عن آخرهم فلببم‬
‫يبببببببببببببببببببببق لهببببببببببببببببببببم بقيببببببببببببببببببببة‪.‬‬
‫وقد روى المام أبو جعفر بن جرير والحبر أبو محمد بببن‬
‫أبي حاتم في تفسيريهما مببن حببديث موسببى بببن يعقببوب‬
‫الزمعي عن قائد مولى عبيد الله بن أبي رافع أن إبراهيببم‬
‫بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة أخبره أن عائشة زوج النبببي‬
‫صلى الله عليه وسببلم أخبببرته أن النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم قال‪» :‬لو رحم اللببه مببن قببوم نببوح أحببدا ً لرحببم أم‬
‫الصبي« قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬كان نوح‬
‫عليه السلم مكث في قومه ألف سببنة إل خمسببين عام با ً‬
‫يعنببي وغببرس مببائة سببنة الشببجر فعظمببت وذهبببت كببل‬
‫مببذهب ثببم قطعهببا ثببم جعلهببا سببفينة ويمببرون عليببه‬
‫ويسبخرون منبه ويقولبون تعمبل سبفينة فبي الببر فكيبف‬
‫تجري ؟ قال سوف تعلمون فلمببا فببرغ ونبببع المبباء وصببار‬

‫‪296‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫في السكك خشيت أم الصبي عليه وكانت تحبه حبا ً شديدا ً‬
‫فخرجببت إلببى الجبببل حببتى بلغببت ثلثببه فلمببا بلغهببا المبباء‬
‫ارتفعت حتى بلغت ثلثيه فلما بلغها الماء خرجت بببه حببتى‬
‫استوت على الجببل فلمبا بلبغ المباء رقبتهبا رفعتبه بيبديها‬
‫فغرقا‪ ,‬فلو رحم الله منهم أحببدا ً لرحببم أم الصبببي« وهببذا‬
‫حديث غريب من هذا الوجه‪ ,‬وقبد روي عبن كعبب الحببار‬
‫ومجاهد بن جبير قصبة هبذا الصببي وأمبه بنحبو مبن هبذا‪.‬‬

‫ن وَعْد َ َ‬ ‫ل رب إن ابِني م َ‬
‫ك‬ ‫ن أهِْلي وَإ ِ ّ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ه فََقا َ َ ّ ِ ّ ُ‬ ‫ح ّرب ّ ُ‬‫دى ُنو ٌ‬ ‫** وََنا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫مب ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ه ل َي ْب َ‬ ‫ح إ ِن ّب ُ‬‫ل ي َن ُببو ُ‬‫ن * قَببا َ‬ ‫َ‬ ‫مي‬
‫حبباك ِ ِ‬
‫ل غَير صالح فَل َ ت َ‬
‫م ال ْ َ‬ ‫حك َ ُ‬‫تأ ْ‬ ‫حقّ وَأن َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م‬ ‫عْلبب ٌ‬ ‫ك ب ِهِ ِ‬ ‫س لَ َ‬ ‫ما ل َي ْ َ‬ ‫سأل ِْنبي َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫م ٌ ُْ َ ِ‬ ‫ه عَ َ‬ ‫ك إ ِن ّ ُ‬‫أ َهْل ِ َ‬
‫ي أ َعُببوذ ُ‬ ‫ب إ ِن ّب َ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫ن * قَببا َ‬ ‫جاهِِلي َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫ك َأن ت َ ُ‬ ‫عظ ُ َ‬ ‫ي أَ ِ‬
‫إ ِن ّ َ‬
‫َ‬ ‫ك أَ َ‬
‫ي‬ ‫من ِب َ‬ ‫ح ْ‬ ‫م وَإ ِل ّ ت َغِْفْر ل ِببي وَت َْر َ‬ ‫عل ْ ٌ‬
‫س ِلي ب ِهِ ِ‬ ‫ما ل َي ْ َ‬ ‫ك َ‬ ‫سأل َ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫بِ َ ْ‬
‫ن‬
‫ري َ‬ ‫سبببببببببببببببببب ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مبببببببببببببببببب َ‬ ‫كببببببببببببببببببن ّ‬ ‫أَ ُ‬
‫هذا سؤال استعلم وكشف مببن نببوح عليببه السببلم عببن‬
‫حال ولده الذي غرق }قببال رب إن ابنببي مببن أهلببي{ أي‬
‫وقد وعببدتني بنجبباة أهلببي ووعببدك الحببق الببذي ل يخلببف‬
‫فكيف غرق وأنت أحكم الحاكمين }قال يا نببوح إنببه ليببس‬
‫من أهلك{ أي الببذين وعببدت إنجبباءهم لنببي إنمببا وعببدتك‬
‫بنجاة من آمن من أهلك‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬وأهلك إل من سبق‬
‫عليه القول منهم{ فكان هذا الولد ممن سبق عليه القول‬
‫بالغرق لكفره ومخالفته أباه نبي الله نوح با ً عليببه السببلم‪,‬‬
‫وقد نص غير واحد من الئمة علبى تخطئة مبن ذهبب فبي‬
‫تفسير هذا إلى أنه ليس بابنه وإنما كان ابن زنية‪ ,‬ويحكببى‬
‫القول بأنه ليس بابنه وإنمبا كبان ابببن امرأتبه عبن مجاهببد‬
‫والحسن وعبيد بن عمير وأبببي جعفببر الببباقر وابببن جريببر‪,‬‬
‫واحتببج بعضببهم بقببوله‪} :‬إنببه عمببل غيببر صببالح{ وبقببوله‪:‬‬
‫}فخانتاهما{ فممببن قبباله الحسببن البصببري احتببج بهبباتين‬
‫ليتين وبعضهم يقول ابببن امرأتببه وهببذا يحتمببل أن يكببون‬ ‫ا َ‬
‫أراد ما أراد الحسن أو أراد أنه نسب إليه مجازا ً لكونه كان‬
‫ربيبا ً عنده فالله أعلم‪ .‬وقال ابببن عببباس وغيببر واحببد مببن‬

‫‪297‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السلف‪ :‬ما زنت امرأة نبي قط قببال‪ :‬وقببوله‪} :‬إنببه ليببس‬
‫من أهلك{ أي الذين وعدتك نجاتهم‪ ,‬وقول ابن عباس في‬
‫هذا هو الحق الذي ل محيد عنه فإن الله سبحانه أغير مببن‬
‫أن يمكن امرأة نبي من الفاحشة ولهذا غضببب اللببه علببى‬
‫الذين رموا أم المؤمنين عائشببة بنببت الصببديق زوج النبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم وأنكر على المؤمنين الببذين تكلمببوا‬
‫بهذا وأشاعوه ولهذا قال تعالى‪} :‬إن الببذين جبباءوا بالفببك‬
‫عصبة منكم ل تحسبوه شرا ً لكم بل هو خيببر لكببم * لكببل‬
‫امرىء منهم ما اكتسب من الثم والذي تولى كبببره منهببم‬
‫له عذاب عظيم ب إلى قوله ب إذ تلقونه بألسنتكم وتقولببون‬
‫بأفواهكم ما ليس لكم به علببم وتحسبببونه هين با ً وهببو عنببد‬
‫اللبببببببببببببببببببببببببببببببه عظيبببببببببببببببببببببببببببببببم{‪.‬‬
‫وقال عبد الببرزاق أخبرنببا معمببر عببن قتببادة وغيببره عببن‬
‫عكرمة عن ابن عباس قال‪ :‬هو ابنببه غيببر أنببه خببالفه فببي‬
‫العمل والنية قال عكرمببة فببي بعببض الحببروف إنببه عمببل‬
‫عمل ً غير صالح‪ ,‬والخيانة تكببون علببى غيببر ببباب‪ ,‬وقببد ورد‬
‫في الحديث أن رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم قببرأ‬
‫بذلك فقال المام أحمد حدثنا يزيد بن هارون حببدثنا حمبباد‬
‫بن سلمة عن ثابت عن شهر بن حوشب عن أسببماء بنببت‬
‫يزيد قالت‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ‬
‫}إنه عمل غير صالح{ وسمعته يقببول‪} :‬يببا عبببادي الببذين‬
‫أسرفوا على أنفسهم ل تقنطببوا مببن رحمببة اللببه إن اللببه‬
‫يغفر الذنوب جميعًا{ ول يبالي }إنه هببو الغفببور الرحيببم{‬
‫وقال أحمد أيضا ً حدثنا وكيع حدثنا هارون النحوي عن ثابت‬
‫البناني عن شهر بن حوشب عن أم سلمة أن رسول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم قرأها }إنه عمل غير صبالح{ أعبباده‬
‫أحمببد أيضببا ً فببي مسببنده‪ ,‬أم سببلمة هببي أم المببؤمنين‬
‫والظاهر والله أعلم أنها أسماء بنت يزيد فإنها تكنى بببذلك‬
‫أيضًا‪ .‬وقال عبد الرزاق أيضا ً أنبأنا الثببوري عببن ابببن عيينببة‬
‫عن موسببى بببن أبببي عائشببة عببن سببليمان بببن قبببة قببال‬
‫سمعت ابن عباس سئل وهو إلى جنببب الكعبببة عببن قببول‬
‫الله‪} :‬فخانتاهما{ قال‪ :‬أما إنه لم يكن بالزنا ولكببن كببانت‬

‫‪298‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هببذه تخبببر النبباس أنببه مجنببون‪ ,‬وكببانت هببذه تببدل علببى‬
‫الضياف ثم قرأ }إنه عمببل غيببر صببالح{ قببال ابببن عيينببة‬
‫وأخبرني عمار الدهني أنه سأل سعيد بببن جبببير عببن ذلببك‬
‫فقال‪ :‬كان ابن نوح إن الله ل يكذب‪ .‬قال تعببالى‪} :‬ونببادى‬
‫نوح ابنه{ قال وقال بعض العلماء‪ :‬ما فجببرت امببرأة نبببي‬
‫قببط‪ .‬وكببذا روي عببن مجاهببد أيضببا ً وعكرمببة والضببحاك‬
‫وميمون بببن مهببران وثبابت بببن الحجبباج وهبو اختيبار أبببي‬
‫جعفبببر ببببن جريبببر وهبببو الصبببواب البببذي ل شبببك فيبببه‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت عَل َي ْب َ‬ ‫ح اهْب ِ ْ‬


‫م بم ٍ‬
‫ىأ َ‬‫ك وَعَل ب ََ‬ ‫مّنا وََبرك َببا ٍ‬‫سل َم ٍ ّ‬ ‫ط بِ َ‬ ‫** ِقي َ‬
‫ل ي َُنو ُ‬
‫ُ‬ ‫مع َ َ‬
‫م‬
‫ب أِلي ب ٌ‬‫ذا ٌ‬‫من ّببا عَب َ‬
‫م ّ‬ ‫س به ُ ْ‬
‫م ّ‬ ‫م ث ُب ّ‬
‫م يَ َ‬ ‫مت ّعُهُ ْ‬‫س بن ُ َ‬
‫م َ‬ ‫م ٌ‬‫ك وَأ َ‬ ‫من ّ‬ ‫م ّ‬‫ّ‬
‫يخبر تعالى عمببا قيببل لنبوح عليبه السبلم حيببن أرسببت‬
‫السفينة على الجودي من السلم عليه وعلى من معه من‬
‫المؤمنين وعلى كل مؤمن من ذريته إلى يوم القيامة كمببا‬
‫قال محمد ببن كعبب‪ :‬دخبل فبي هبذا السبلم كبل مبؤمن‬
‫ومؤمنة إلى يوم القيامة وكذلك فببي العبذاب والمتباع كببل‬
‫كافر وكافرة إلى يوم القيامة وقال محمد بن إسحاق‪ :‬لمببا‬
‫أراد الله أن يكف الطوفان أرسل ريحبا ً علببى وجببه الرض‬
‫فسكن الماء وانسدت ينابيع الرض الغمببر الكبببر وأبببواب‬
‫السماء يقول الله تعببالى‪} :‬وقيببل يببا أرض ابلعببي مبباءك{‬
‫لية فجعل الماء ينقص ويغيض ويدبر وكان استواء الفلببك‬ ‫ا َ‬
‫على الجودي فيما يزعم أهل التببوراة فببي الشببهر السببابع‬
‫لسبع عشببرة ليلبة مضبت منبه فبي أول يببوم مبن الشببهر‬
‫العاشر رأى رؤوس الجبال فلما مضببى بعببد ذلببك أربعببون‬
‫يوما ً فتح نوح كوة الفلك التي ركب فيها ثم أرسل الغراب‬
‫لينظر له ما صنع الماء فلببم يرجببع إليببه فأرسببل الحمامببة‬
‫فرجعت إليه لم تجد لرجليها موضعا ً فبسط يببده للحمامببة‬
‫فأخذها فأدخلها ثم مضى سبعة أيام ثم أرسببلها لتنظببر لببه‬
‫فرجعت حين أمست وفي فيها ورق زيتببون فعلببم نببوح أن‬
‫الماء قد قببل عببن وجببه الرض ثببم مكببث سبببعة أيببام ثببم‬
‫أرسلها فلببم ترجببع فعلببم نببوح أن الرض قببد بببرزت فلمببا‬

‫‪299‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كملت السنة فيمببا بيببن أن أرسببل اللببه الطوفببان إلببى أن‬
‫أرسل نوح الحمامة ودخل يوم واحد من الشهر الول مببن‬
‫سنة اثنتين برز وجه الرض وظهر البر وكشف نببوح غطبباء‬
‫الفلببك وفببي الشببهر الثبباني مببن سببنة اثنببتين فببي سببت‬
‫وعشرين ليلة منه }قيل يا نوح اهبببط بسببلم منببا{ ا َ‬
‫ليببة‪.‬‬

‫َ‬ ‫كم َ‬
‫ت وَل َ‬ ‫مَهآ أن َ‬ ‫ت ت َعْل َ ُ‬‫كن َ‬ ‫ما ُ‬ ‫ك َ‬ ‫حيَهآ إ ِل َي ْ َ‬‫ب ُنو ِ‬‫ن أن َْبآِء ال ْغَي ْ ِ‬
‫** ت ِل ْ َ ِ ْ‬
‫ن‬
‫مت ِّقيببب َ‬‫ة ل ِل ْ ُ‬‫ن ال َْعاقِب َببب َ‬
‫صبببب ِْر إ ِ ّ‬ ‫ذا َفا ْ‬‫هـببب َ‬
‫ل َ‬ ‫مبببن قَب ْببب ِ‬ ‫مببب َ‬
‫ك ِ‬ ‫قَوْ ُ‬
‫يقول تعالى لنبيه صببلى اللببه عليببه وسببلم هببذه القصببة‬
‫وأشببباهها‪} :‬مببن أنببباء الغيببب{ يعنببي مببن أخبببارالغيوب‬
‫السالفة نوحيها إليببك علببى وجههببا كأنببك شبباهدها نوحيهببا‬
‫إليك أي نعلمك بها وحيا ً منا إليك }ما كنت تعلمها أنببت ول‬
‫قومك من قبل هذا{ أي لم يكن عنببدك ول عنببد أحببد مببن‬
‫قومك علم بها حتى يقول من يكذبك إنك تعلمتها منببه بببل‬
‫أخبرك الله بها مطابقة لما كان عليببه المببر الصببحيح كمببا‬
‫تشهد به كتب النبياء قبلك فاصبر على تكذيب مببن كببذبك‬
‫من قومببك وأذاهببم لببك فإنببا سننصببرك ونحوطببك بعنايتنببا‬
‫لخببرة كمببا فعلنببا‬ ‫ونجعل العاقبة لك ولتباعك في الدنيا وا َ‬
‫بالمرسلين حيث نصرناهم على أعدائهم }إنا لننصر رسبلنا‬
‫ليببة وقببال تعبالى‪} :‬ولقببد سبببقت كلمتنببا‬ ‫والذين آمنببوا{ ا َ‬
‫ليببة وقببال‬ ‫لعبادنببا المرسببلين إنهببم لهببم المنصببورون{ ا َ‬
‫تعببببببببالى‪} :‬فاصبببببببببر إن العاقبببببببببة للمتقيببببببببن{‪.‬‬

‫ن‬‫م ْ‬‫م ّ‬ ‫ما ل َك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫دوا ْ الل ّ َ‬‫ل ي ََقوْم ِ اعْب ُ ُ‬ ‫هودا ً َقا َ‬ ‫م ُ‬ ‫خاهُ ْ‬ ‫عادٍ أ َ َ‬ ‫ى َ‬ ‫َ‬
‫** وَإ ِل َ‬
‫جرا ً‬ ‫َ‬ ‫إَلـه غَيره إن َأنتم إل ّ مْفترون * يَقوم ل أ َ َ‬
‫م عَل َي ْهِ أ ْ‬ ‫سأل ُك ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ ِ‬ ‫ِ ٍ ُْ ُ ِ ْ ُ ْ ِ ُ َُ َ‬
‫إ َ‬
‫ن * وَي ََق بوْم ِ‬ ‫ي أفَل َ ت َعِْقل ُببو َ‬ ‫ذي فَط ََرن ِب َ‬ ‫جبرِيَ إ ِل ّ عَل َببى ال ّب ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ِ ْ‬
‫مد َْرارا ً‬ ‫م ّ‬ ‫مآَء عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫س َ‬‫ل ال ّ‬ ‫س ِ‬‫م ُتوب ُوَا ْ إ ِل َي ْهِ ي ُْر ِ‬ ‫م ثُ ّ‬‫ست َغِْفُروا ْ َرب ّك ُ ْ‬ ‫ا ْ‬
‫ن‬
‫ميبببب َ‬ ‫جرِ ِ‬ ‫م ْ‬‫م وَل َ ت َت َوَّلببببوْا ْ ُ‬ ‫ى ُقببببوّت ِك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫م ُقببببوّةً إ ِلبببب َ‬ ‫كبببب ْ‬‫وَي َزِد ْ ُ‬
‫يقول تعالى }و{ لقببد أرسببلنا }إلببى عبباد أخبباهم هببودًا{‬
‫آمرا ً لهم بعبببادة اللببه وحببده ل شببريك لببه ناهيبا ً لهببم عببن‬
‫للهببة وأخبببرهم‬ ‫الوثان التي افتروها واختلقوا لها أسببماء ا َ‬

‫‪300‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أنه ل يريد منهم أجرة على هذا النصح والبلغ من الله إنما‬
‫يبغي ثوابه من الله الذي فطره أفل تعقلون مببن يببدعوكم‬
‫لخببرة مبن غيبر أجببرة ثببم‬‫إلى مببا يصببلحكم فببي البدنيا وا َ‬
‫أمرهببم بالسببتغفار الببذي فيببه تكفيببر الببذنوب السببالفة‬
‫وبالتوبة عما يستقبلون‪ ,‬ومن اتصف بهذه الصفة يسر الله‬
‫عليه رزقه وسببهل عليببه أمببره وحفببظ شببأنه ولهببذا قببال‪:‬‬
‫}يرسل السماء عليكم مدرارًا{ وفي الحببديث »مببن لببزم‬
‫الستغفار جعل الله له من كل هم فرج با ً ومببن كببل ضببيق‬
‫مخرجببببببا ً ورزقببببببه مببببببن حيببببببث ل يحتسببببببب«‪.‬‬

‫ي آل ِهَت ِن َببا عَببن‬ ‫ن ب ِت َببارِك ِ َ‬‫حب ُ‬‫مببا ن َ ْ‬ ‫جئ ْت ََنا ب ِب َي ّن َبةٍ وَ َ‬‫ما ِ‬ ‫** َقاُلوا ْ ي َُهود ُ َ‬
‫ض‬ ‫ك ب َعْ ب ُ‬ ‫ل إ ِل ّ اعَْتببَرا َ‬ ‫ن * ِإن ن ُّقو ُ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫ك بِ ُ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ما ن َ ْ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫قَوْل ِ َ‬
‫َ‬ ‫ي أُ ْ‬
‫مببا‬ ‫م ّ‬ ‫ش بهَد ُوَا ْ أن ّببي ب َرِيَ بءٌ ّ‬ ‫شهِد ُ الل ّهِ َوا ْ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬‫سوٍَء َقا َ‬ ‫آل ِهَت َِنا ب ِ ُ‬
‫ن*‬ ‫م ل َ ُتنظ ِبُرو ِ‬ ‫ميع با ً ث ُب ّ‬‫ج ِ‬‫دوِني َ‬ ‫كي ب ُ‬ ‫دون ِبهِ فَ ِ‬ ‫مببن ُ‬ ‫ن* ِ‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫تُ ْ‬
‫خ بذ ٌ‬ ‫دآب ّبةٍ إ ِل ّ هُبوَ آ ِ‬ ‫مببن َ‬ ‫ما ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ت عََلى الل ّهِ َرّبي وََرب ّك ُ ْ‬ ‫إ ِّني ت َوَك ّل ْ ُ‬
‫َ‬
‫سببببببت َِقيم ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ّ‬ ‫صببببببَرا ٍ‬ ‫ى ِ‬ ‫ن َرب ّببببببي عَلبببببب َ‬ ‫صببببببي َت َِهآ إ ِ ّ‬ ‫ب َِنا ِ‬
‫يخبر تعالى أنهم قالوا لنبيهم }ما جئتنا ببينببة{ أي بحجببة‬
‫وبرهان على ما تدعيه }وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك{‬
‫أي بمجرد قولك اتركوهم نتركهم }وما نحن لك بمؤمنين{‬
‫بمصببدقين }إن نقببول إل اعببتراك بعببض آلهتنببا بسببوء{‬
‫للهة أصببابك بجنببون وخبببل‬ ‫يقولون‪ :‬ما نظن إل أن بعض ا َ‬
‫في عقلك بسبب نهيك عن عبادتها وعيبك لهببا }قببال إنببي‬
‫أشهد الله واشهدوا أني بريببء ممببا تشببركون مببن دونببه{‬
‫يقول‪ :‬إني بريببء مببن جميببع النببداد والصببنام }فكيببدوني‬
‫جميعًا{ أي أنتم وآلهتكم إن كببانت حقبا ً }ثببم ل تنظببرون{‬
‫أي طرفة عين وقوله‪} :‬إني توكلت على الله رببي وربكببم‬
‫ما من دابة إل هو آخذ بناصيتها{ أي تحت قهبره وسبلطانه‬
‫وهو الحاكم العببادل الببذي ل يجببور فببي حكمببه فببإنه علببى‬
‫صراط مستقيم‪ .‬قال الوليببد بببن مسببلم عببن صببفوان بببن‬
‫عمرو عن أيفع بن عبد الكلعي أنه قال في قببوله تعببالى‪:‬‬
‫}ما من دابببة إل هببو آخببذ بناصببيتها إن ربببي علببى صببراط‬

‫‪301‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مستقيم{ قال‪ :‬فيأخذ بنواصي عباده فيلقن المببؤمن حبتى‬
‫يكون له أشفق من الوالد لولده ويقول‪} :‬مببا غببرك بربببك‬
‫الكريم{ وقد تضمن هذا المقام حجة بالغة ودللببة قاطعببة‬
‫على صدق ما جاءهم به وبطلن مببا هببم عليببه مببن عبببادة‬
‫الصببنام الببتي ل تنفببع ول تضببر بببل هببي جمبباد ل تسببمع‬
‫ولتبصر ول توالي ول تعادي وإنما يسببتحق إخلص العبببادة‬
‫الله وحده ل شريك له الذي بيده الملك وله التصرف ومببا‬
‫من شيء إل تحت ملكه وقهره وسلطانه فل إله إل هو ول‬
‫رب سبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببواه‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫خل ِ ُ‬ ‫س بت َ ْ‬
‫م وَي َ ْ‬ ‫ت ب ِهِ إ ِل َي ْك ُب ْ‬ ‫سل ْ ُ‬
‫مآ أْر ِ‬ ‫م ّ‬ ‫** فَِإن ت َوَل ّوْا ْ فََقد ْ أب ْل َغْت ُك ُ ْ‬
‫يءٍ‬ ‫شبب ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ى كُ ّ‬ ‫َ‬ ‫شْيئا ً إ ِ ّ‬‫ه َ‬ ‫م وَل َ ت َ ُ‬ ‫وما ً غَي َْرك ُ ْ‬ ‫َرّبي قَ ْ‬
‫ن َرّبي عَل َ‬ ‫ضّرون َ ُ‬
‫َ‬
‫ه‬ ‫من ُببوا ْ َ‬
‫مع َ ب ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫جي ْن َببا هُببودا ً َوال ّب ِ‬ ‫مُرن َببا ن َ ّ‬ ‫جببآَء أ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ظ * وَل َ ّ‬ ‫حِفي ٌ‬ ‫َ‬
‫دوا ْ‬ ‫حبب ُ‬ ‫ج َ‬‫عاد ٌ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ظ * وَت ِل ْ َ‬ ‫ب غَِلي ٍ‬ ‫ذا ٍ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬‫م ّ‬ ‫جي َْناهُ ْ‬‫مّنا وَن َ ّ‬ ‫مة ٍ ّ‬ ‫ح َ‬‫ب َِر ْ‬
‫َ‬
‫جب ّببارٍ عَِنيبدٍ *‬ ‫ل َ‬ ‫مبَر ك ُب ّ‬ ‫ه َوات ّب َعُبوَا ْ أ ْ‬ ‫س بل َ ُ‬ ‫صبوْا ْ ُر ُ‬ ‫م وَعَ َ‬ ‫ت َرب ّهِ ْ‬ ‫ِبآَيا ِ‬
‫عادا ً ك ََفُروا ْ‬ ‫َ‬ ‫وَأ ُت ْب ُِعوا ْ ِفي َ‬
‫ن َ‬ ‫مةِ أل إ ِ ّ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬ ‫ة وَي َوْ َ‬ ‫هـذِهِ الد ّن َْيا ل َعْن َ ً‬
‫ربهببببببببب َ‬
‫م أل َ ب ُعْبببببببببدا ً ل ّعَبببببببببادٍ قَبببببببببوْم ِ هُبببببببببودٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُّ‬
‫يقول لهم هود‪ :‬فإن تولوا عما جئتكم به مببن عبببادة اللبه‬
‫ربكم وحده ل شريك له فقد قامت عليكم الحجببة بببإبلغي‬
‫إياكم رسالة الله التي بعثنببي بهبا }ويسببتخلف ربببي قومبا ً‬
‫غيركم{ يعبدونه وحده ل يشركون به ول يبالي بكم فببإنكم‬
‫ل تضرونه بكفركم ببل يعبود وببال ذلبك عليكبم }إن رببي‬
‫على كل شيء حفيببظ{ أي شبباهد وحببافظ لقببوال عببباده‬
‫وأفعالهم ويجزيهببم عليهببا إن خيببرا ً فخيببر وإن شببرا ً فشببر‬
‫}ولما جاء أمرنا{ وهببو الريببح العقيببم فببأهلكهم اللببه عببن‬
‫آخرهم ونجى هودا ً وأتباعه من عذاب غليظ برحمته تعالى‬
‫ولطفه }وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم{ كفروا بهببا وعصببوا‬
‫رسل الله وذلك أن من كفر بنبي فقد كفر بجميببع النبيبباء‬
‫لنه ل فرق بين أحببد منهببم فببي وجببوب اليمببان بببه فعبباد‬
‫كفروا بهود فنزل كفرهم منزلببة مببن كفببر بجميببع الرسببل‬
‫}واتبعببوا أمببر كببل جبببار عنيببد{ تركببوا اتببباع رسببولهم‬

‫‪302‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرشيد ؟ واتبعوا أمر كل جبار عنيد‪ ,‬فلهذا أتبعوا في الدنيا‬
‫لعنة من اللببه ومببن عببباده المببؤمنين كلمببا ذكببروا وينببادى‬
‫عليهببم يببوم القيامببة علببى رؤوس الشببهاد }أل ِإن عببادا ً‬
‫لية قال السدي‪ :‬ما بعببث نبببي بعببد عبباد إل‬ ‫كفروا ربهم{ ا َ‬
‫لعنبببببببببببببببببببوا علبببببببببببببببببببى لسبببببببببببببببببببانه‪.‬‬

‫مببا ل َك ُب ْ‬
‫م‬ ‫ه َ‬‫دوا ْ الل ّ َ‬ ‫ل ي ََقوْم ِ اعْب ُ ُ‬ ‫صاِلحا ً َقا َ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫خاهُ ْ‬ ‫مود َ أ َ َ‬
‫ى ثَ ُ‬
‫َ‬
‫** وَإ ِل َ‬
‫م ِفيهَببا‬ ‫مَرك ُ ْ‬ ‫سبت َعْ َ‬‫ض َوا ْ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ب‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫شبأ َك ُ‬‫َ‬ ‫من إَلـه غَيبره هُبو َ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫ّ ْ ِ ٍ ْ ُ ُ‬
‫ِ‬
‫ب‬‫جيببب ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫ب ّ‬ ‫ريببب ٌ‬ ‫ن َرب ّبببي قَ ِ‬ ‫م ُتوب ُبببوَا ْ إ ِل َي ْبببهِ إ ِ ّ‬ ‫سبببت َغِْفُروهُ ث ُببب ّ‬ ‫َفا ْ‬
‫يقول تعالى‪} :‬و{ لقد أرسلنا }ِإلى ثمببود{ وهببم الببذين‬
‫كانوا يسكنون مدائن الحجر بين تبوك والمدينة وكانوا بعببد‬
‫عاد فبعث الله منهم }أخاهم صالحًا{ فأمرهم بعبببادة اللبه‬
‫وحببده ولهببذا قببال‪} :‬هببو أنشببأكم مببن الرض{ أي ابتببدأ‬
‫خلقكم منها خلق منها أببباكم آدم }واسببتعمركم فيهببا{ أي‬
‫جعلكم عمارا ً تعمرونها وتستغلونها }فاستغفروه{ لسالف‬
‫ذنوبكم }ثم توبوا إليه{ فيما تسببتقبلونه }إن ربببي قريببب‬
‫مجيب{ كما قال تعببالى‪} :‬وإذا سببألك عبببادي عنببي فببإني‬
‫ليببببة‪.‬‬ ‫قريببببب أجيببببب دعببببوة الببببداع إذا دعببببان{ ا َ‬

‫ذا أ َت َن َْهان َببآ َأن‬


‫هـب َ‬ ‫ل َ‬‫جبوّا ً قَب ْب َ‬ ‫مْر ُ‬ ‫ت ِفين َببا َ‬ ‫كن َ‬‫ح قَد ْ ُ‬ ‫صال ِ ُ‬ ‫** َقاُلوا ْ ي َ َ‬
‫ب*‬ ‫ريبب ٍ‬‫م ِ‬ ‫عوَنآ إ ِل َي ْهِ ُ‬‫ما ت َد ْ ُ‬ ‫م ّ‬‫ك ّ‬ ‫ش ّ‬ ‫ما ي َعْب ُد ُ آَباؤَُنا وَإ ِن َّنا ل َِفي َ‬ ‫ن ّعْب ُد َ َ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫م ِإن ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َقا َ‬
‫من ْب ُ‬‫مببن ّرب ّببي َوآت َبباِني ِ‬ ‫ة ّ‬ ‫ى ب َي ّن َب ً‬ ‫ت عَل َ‬ ‫كن ُ‬ ‫ل ي ََقوْم ِ أَرأي ْت ُ ْ‬
‫دون َِني غَْيببَر‬ ‫زي ُ‬ ‫ه فَ َ‬
‫ما ت َ ِ‬ ‫صي ْت ُ ُ‬
‫ن عَ َ‬ ‫ن الل ّهِ إ ِ ْ‬
‫م َ‬‫صُرِني ِ‬ ‫من َين ُ‬ ‫ة فَ َ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬‫َر ْ‬
‫سبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببيرٍ‬ ‫خ ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫يذكر تعالى ما كان مببن الكلم بيببن صببالح عليببه السببلم‬
‫وبين قومه وما كان من الجهببل والعنبباد فببي قببولهم }قببد‬
‫كنت فينا مرجوا ً قبل هذا{ أي كنا نرجوك في عقلببك قبببل‬
‫أن تقول ما قلت }أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا{ ومببا كببان‬
‫عليه أسلفنا }وإننا لفي شك مما تدعونا إليببه مريببب{ أي‬
‫شك كثير }قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي{‬
‫فيما أرسلني به إليكببم علببى يقيببن وبرهببان }وآتبباني منببه‬

‫‪303‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته{ وتركت دعببوتكم‬
‫إلى الحق وعبادة الله وحده‪ ,‬فلو تركته لما نفعتموني ولما‬
‫زدتمببببببببوني }غيببببببببر تخسببببببببير{ أي خسببببببببارة‪.‬‬

‫ض‬ ‫ر‬‫ل ف بي أ َ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬‫ُ‬ ‫ك‬‫** ويَقوم هـذه ناقَة الل ّه ل َك ُم آية فَ بذ َروها تأ ْ‬
‫َ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ْ َ ً‬ ‫ِ‬ ‫ََ ْ ِ َ ِ ِ َ ُ‬
‫ْ‬
‫ب * فَعََقُروهَببا‬ ‫ريب ٌ‬ ‫ب قَ ِ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م عَ َ‬ ‫خذ َك ُ ْ‬‫سوٍَء فَي َأ ُ‬ ‫ها ب ِ ُ‬ ‫سو َ‬ ‫م ّ‬ ‫الل ّهِ وَل َ ت َ َ‬
‫ب*‬ ‫ذو ٍ‬ ‫كبب ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك وَعْد ٌ غَي ُْر َ‬ ‫ة أ َّيام ٍ ذ َل ِ َ‬ ‫م ث َل َث َ َ‬‫دارِك ُ ْ‬ ‫مت ُّعوا ْ ِفي َ‬ ‫ل تَ َ‬‫فََقا َ‬
‫َ‬
‫من ّببا‬‫م بة ٍ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ه ب َِر ْ‬ ‫مع َ ب ُ‬ ‫مُنوا ْ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫صاِلحا ً َوال ّ ِ‬ ‫جي َْنا َ‬ ‫مُرَنا ن َ ّ‬ ‫جآَء أ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫فَل َ ّ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫خبذ َ ال ّب ِ‬ ‫زيُز * وَأ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ك هُوَ ال َْقوِيّ ال ْعَ‬ ‫ن َرب ّ َ‬ ‫مئ ِذٍ إ ِ ّ‬ ‫ي ي َوْ ِ‬ ‫خْز ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ن * ك َبأن ل ّب ْ‬ ‫مي َ‬ ‫جبباث ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫حوا ْ فِببي دِي َببارِهِ ْ‬ ‫صب َ ُ‬ ‫ة فَأ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫صي ْ َ‬‫موا ْ ال ّ‬ ‫ظ َل َ ُ‬
‫كفببروا ْ ربهبب َ‬ ‫َ‬
‫مببود َ‬ ‫م أل َ ب ُْعببدا ً ل ّث َ ُ‬ ‫َ ُّ ْ‬ ‫مببود َ َ ُ‬ ‫ن ثَ ُ‬ ‫ي َغَْنببوْا ْ ِفيَهببآ أل َ إ ِ ّ‬
‫تقببدم الكلم علببى هببذه القصببة مسببتوفى فببي سببورة‬
‫العببراف بمببا أغنببى عببن إعببادته ههنببا وبببالله التوفيببق‪.‬‬

‫ل‬ ‫لما ً َقببا َ‬ ‫سبب َ‬ ‫شَرىَ َقاُلوا ْ َ‬ ‫م ِبال ُْبب ْ‬ ‫هي َ‬ ‫سل َُنآ إ ِب َْرا ِ‬ ‫ت ُر ُ‬ ‫جآَء ْ‬ ‫** وَل ََقد ْ َ‬
‫َ َ‬ ‫سل َم فَما ل َب َ َ‬
‫م لَ‬ ‫مببا َرأى أي ْبدِي َهُ ْ‬ ‫حِنيبذٍ * فَل َ ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ج ٍ‬ ‫جآَء ب ِعِ ْ‬ ‫ث أن َ‬ ‫َ ٌ َ ِ‬
‫ة قَبباُلوا ْ ل َ ت َ َ‬ ‫َ‬
‫ف إ ِن ّببا‬ ‫خب ْ‬ ‫خيَف ب ً‬ ‫م ِ‬ ‫من ْهُ ب ْ‬ ‫س ِ‬ ‫جب َ‬ ‫م وَأوْ َ‬ ‫ل إ ِل َي ْهِ ن َك َِرهُ ْ‬ ‫ص ُ‬ ‫تَ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ها‬ ‫شْرَنا َ‬ ‫ت فَب َ ّ‬ ‫حك َ ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫ة فَ َ‬ ‫ه َقآئ ِ َ‬
‫م ٌ‬ ‫مَرأت ُ ُ‬ ‫ط * َوا ْ‬ ‫ى قَوْم ِ ُلو ٍ‬ ‫َ‬
‫سل َْنا إ ِل َ‬
‫أْر ِ‬
‫ت ي َوَي ْل ََتا أ َأ َل ِد ُ وَأ َن َا ْ‬ ‫ب * َقال َ ْ‬ ‫حاقَ ي َعُْقو َ‬ ‫س َ‬‫من وََرآِء إ ِ ْ‬ ‫حاقَ وَ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ب ِإ ِ ْ‬
‫ب * قَببال ُوَا ْ‬ ‫جي ب ٌ‬ ‫يٌء عَ ِ‬ ‫شب ْ‬ ‫ذا ل َ َ‬ ‫هـ ب َ‬‫ن َ‬ ‫شْيخا ً إ ِ ّ‬ ‫ذا ب َعِْلي َ‬ ‫هـ َ‬ ‫جوٌز وَ َ‬ ‫عَ ُ‬
‫ت‬ ‫ل ال ْب َي ْب ِ‬ ‫م أ َهْ َ‬ ‫ه عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫كات ُ ُ‬ ‫ة الل ّهِ وَب ََر َ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬‫مرِ الل ّهِ َر ْ‬
‫أ َتعجبين م َ‬
‫نأ ْ‬ ‫َْ َ ِ َ ِ ْ‬
‫جيببببببببببببببببببببد ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫ميببببببببببببببببببببد ٌ ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫ه َ‬‫إ ِن ّبببببببببببببببببببب ُ‬
‫يقول تعالى‪} :‬ولقد جاءت رسلنا{ وهم الملئكة إبراهيم‬
‫بالبشببرى قيببل تبشببره بإسببحاق وقيببل بهلك قببوم لببوط‬
‫ويشهد للول قوله تعالى‪} :‬فلما ذهب عن إبراهيببم الببروع‬
‫وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط{ }قالوا سلما ً قببال‬
‫سلم{ أي عليكم قال علماء البيان‪ :‬هذا أحسن مما حيببوه‬
‫به لن الرفع يدل على الثبوت والدوام }فما لبببث أن جبباء‬
‫بعجل حنيذ{ أي ذهب سريعا ً فأتاهم بالضببيافة وهببو عجببل‬
‫فتى البقببر‪ ,‬حنيببذ‪ :‬مشببوي علببى الرضببف وهببي الحجببارة‬
‫المحماة‪ .‬هذا معنى ما روي عن ابن عببباس وقتببادة وغيببر‬

‫‪304‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليببة الخببرى }فببراغ إلببى أهلببه فجبباء‬ ‫واحد كما قال فببي ا َ‬
‫بعجل سمين فقربه إليهم قببال أل تببأكلون{ وقببد تضببمنت‬
‫لية آداب الضيافة مببن وجببوه كببثيرة وقببوله‪} :‬فلمببا‬ ‫هذه ا َ‬
‫رأى أيديهم ل تصل إليه نكرهم{تنكرهببم }وأوجببس منهببم‬
‫خيفببة{ وذلببك أن الملئكببة ل همببة لهببم إلببى الطعببام ول‬
‫يشببتهونه ول يببأكلونه فلهببذا رأى حببالهم معرضببين عمببا‬
‫جاءهم به فارغين عنه بالكلية فعند ذلك نكرهم }وأوجببس‬
‫منهم خيفة{ قال السببدي‪ :‬لمببا بعببث اللببه الملئكببة لقببوم‬
‫لوط أقبلت تمشي في صور رجال شبان حتى نزلببوا علببى‬
‫إبراهيم فتضيفوه‪ ,‬فلما رآهم أجلهم }فراغ إلى أهله فجبباء‬
‫بعجل سمين{ فذبحه ثببم شببواه فببي الرضببف وأتبباهم بببه‬
‫فقعد معهم وقببامت سببارة تخببدمهم فببذلك حيببن يقببول بب‬
‫وامرأتببه قائمببة وهببو جببالس ب ب فببي قببراءة ابببن مسببعود‬
‫}فقربه إليهم قال أل تببأكلون ؟{ قببالوا‪ :‬يببا إبراهيببم إنببا ل‬
‫نأكل طعاما ً إل بثمن‪ ,‬قال فإن لهذا ثمنًا‪ ,‬قالوا‪ :‬وما ثمنه ؟‬
‫قال تذكرون اسم اللببه علببى أولببه وتحمببدونه علببى آخببره‬
‫فنظر جبريل إلى ميكائيل فقبال حبق لهبذا أن يتخبذه رببه‬
‫خليل ً }فلما رأى أيديهم ل تصل إليبه نكرهبم{ يقبول فلمبا‬
‫رآهببم ل يببأكلون فببزع منهببم وأوجببس منهببم خيفببة‪ ,‬فلمببا‬
‫نظرت سارة أنه قد أكرمهم وقامت هي تخدمهم ضحكت‬
‫وقالت‪ :‬عجبا لضيافنا هؤلء نخدمهم بأنفسببنا كرامببة لهببم‬
‫وهبببببببببببببببببم ل يبببببببببببببببببأكلون طعامنبببببببببببببببببا‪.‬‬
‫وقال ابن حاتم حدثنا علي بببن الحسببين حببدثنا نصببر بببن‬
‫علي حدثنا نوح بن قيس عن عثمان بن محصن في ضببيف‬
‫إبراهيببم قببال كببانوا أربعببة‪ :‬جبريببل وميكائيببل وإسببرافيل‬
‫ورفائيل‪ .‬قال نوح بن قيس فزعم نوح بن أبي شداد أنهببم‬
‫لما دخلوا على إبراهيم فقرب إليهم العجل مسحه جبريببل‬
‫بجناحه فقام يدرج حتى لحق بأمه وأم العجببل فببي الببدار‪,‬‬
‫وقببوله تعببالى إخبببارا ً عببن الملئكببة‪} :‬قببالوا ل تخببف{ أي‬
‫قالوا ل تخف منا إنا ملئكة أرسلنا إلى قوم لوط لنهلكهم‪,‬‬
‫فضحكت سارة استبشارا ً بهلكهم لكببثرة فسببادهم وغلببظ‬
‫كفرهم فلهذا جوزيت بالبشارة بالولببد بعببد اليبباس‪ ,‬وقببال‬

‫‪305‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قتادة ضحكت وعجبت أن قومبا ً يبأتيهم العببذاب وهبم فببي‬
‫غفلة‪ ,‬وقوله‪} :‬ومن وراء إسببحاق يعقببوب{ قببال العببوفي‬
‫عن ابببن عببباس فضببحكت أي حاضببت‪ ,‬وقببول محمببد بببن‬
‫قيس‪ :‬إنها إنما ضبحكت مببن أنهبا ظنببت أنهببم يريببدون أن‬
‫يعملببوا كمببا يعمببل قببوم لببوط‪ .‬وقببول الكلبببي‪ :‬إنهببا إنمببا‬
‫ضحكت لما رأت من الروع بإبراهيم ضببعيفان ووجببدا ً وإن‬
‫كان ابن جرير قد رواهما بسنده إليهما فل يلتفت إلى ذلك‬
‫والله أعلم‪ .‬وقال وهب بن منبه‪ :‬إنما ضحكت لمببا بشببرت‬
‫بإسحاق وهذا مخالف لهذا السياق فببإن البشببارة صببريحة‬
‫مرتبة على ضحكها }فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسببحاق‬
‫يعقوب{ أي بولبد لهبا يكبون لبه ولبد وعقبب ونسبل فبإن‬
‫يعقوب ولد إسببحاق كمببا قببال فببي آيببة البقببرة }أم كنتببم‬
‫شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون مبن‬
‫بعدي ؟ قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيببم وإسببحاق إله با ً‬
‫واحبببببببببببدا ً ونحبببببببببببن لبببببببببببه مسبببببببببببلمون{‪.‬‬
‫ليببة علببى أن الذبيببح‬‫ومن ههنا استدل من استدل بهذه ا َ‬
‫إنما هو إسماعيل‪ ,‬وأنببه يمتنببع أن يكببون هببو إسببحاق لنببه‬
‫وقعت البشارة بببه وأنببه سببيولد لببه يعقببوب فكيببف يببؤمر‬
‫إبراهيم بذبحه وهو طفل صغير ولم يولببد لببه بعببد يعقببوب‬
‫الموعود بوجوده ووعد اللببه حببق ل خلببف فيببه فيمتنببع أن‬
‫يؤمر بذبح هذا والحالببة هببذه‪ ,‬فتعيببن أن يكببون إسببماعيل‬
‫وهذا مببن أحسببن السببتدلل وأصببحه وأبينببه و للببه الحمببد‬
‫ليببة‬‫}قالت يا ويلتى أألد وأنا عجببوز وهببذا بعلببي شببيخًا{ ا َ‬
‫لية الخرى‬ ‫لية كما حكى فعلها في ا َ‬ ‫حكى قولها في هذه ا َ‬
‫فإنها }قبالت يببا ويلببتى أألببد وأنببا عجببوز{ وفبي الببذاريات‬
‫}فأقبلت امرأته في صببرة فصببكت وجههببا وقببالت عجببوز‬
‫عقيم{ كما جرت به عادة النساء فببي أقببوالهن وأفعببالهن‬
‫عنببد التعجببب }قببالوا أتعجبببين مببن أمببر اللببه{ أي قببالت‬
‫الملئكة لها ل تعجبي من أمببر اللببه فببإنه إذا أراد شببيئا ً أن‬
‫يقول له كن فيكون‪ .‬فل تعجبي من هذا وإن كنببت عجببوزا ً‬
‫عقيما ً وبعلك شيخا ً كبببيرا ً فببإن اللببه علببى مببا يشبباء قببدير‬
‫}رحمة الله وبركاته عليكم أهل البببيت إنببه حميببد مجيببد{‬

‫‪306‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أي هو الحميد في جميع أفعاله وأقواله محمود ممجد فببي‬
‫صفاته وذاته‪ ,‬ولهذا ثببت فبي الصبحيحين أنهبم قبالوا‪ :‬قبد‬
‫علمنا السلم عليك فكيف الصلة عليك يا رسول اللببه ؟«‬
‫ل على محمببد وعلببى آل محمببد كمببا‬ ‫»قال قولوا اللهم ص ّ‬
‫صليت على إبراهيم وآل إبراهيم‪ ,‬وبارك على محمد وعلى‬
‫آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنببك حميببد‬
‫مجيبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببد«‪.‬‬

‫جادِل ُن َببا‬ ‫ش بَرىَ ي ُ َ‬ ‫ه ال ْب ُ ْ‬


‫جببآَءت ْ ُ‬‫م الّروْعُ وَ َ‬ ‫هي َ‬‫ن إ ِب َْرا ِ‬ ‫ب عَ ْ‬ ‫** فَل َ ّ‬
‫ما ذ َهَ َ‬
‫م‬ ‫في قَوم ُلوط * إن إبراهيم ل َحِلي َ‬
‫هي ُ‬ ‫ب * يببإ ِب َْرا ِ‬ ‫مِني ٌ‬ ‫م أّواهٌ ّ‬ ‫ِ ّ َِْ ِ َ َ ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫مُر َرب ّب َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫ذا ٌ‬ ‫م ع َب َ‬ ‫م آِتيهِ ب ْ‬
‫ك وَإ ِن ّهُ ب ْ‬ ‫جآَء أ ْ‬‫ه قَد ْ َ‬ ‫هـ َ‬
‫ذآ إ ِن ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ض عَ ْ‬ ‫أعْرِ ْ‬
‫دودٍ‬ ‫مببببببببببببببببببببببببببببببببْر ُ‬ ‫غَْيببببببببببببببببببببببببببببببببُر َ‬
‫يخبر تعالى عن إبراهيم عليه السلم أنببه لمببا ذهببب عنببه‬
‫الروع وهو ما أوجس من الملئكببة خيفببة حيببن لببم يببأكلوا‬
‫وبشروه بعد ذلببك بالولببد وأخبببروه بهلك قببوم لببوط أخببذ‬
‫ليبة قببال‪ :‬لمببا جبباءه‬ ‫يقول كما قال سعيد بببن جبببير فببي ا َ‬
‫جبريل ومن معه قالوا له‪} :‬إنا مهلكبو أهبل هبذه القريبة{‬
‫قال لهم‪ :‬أتهلكببون قريبة فيهبا ثلثمببائة مبؤمن ؟ قببالوا‪ :‬ل‪,‬‬
‫قال‪ :‬أفتهلكبون قريببة فيهبا مائتبا مببؤمن ؟ قبالوا‪ :‬ل‪ ,‬قبال‬
‫أفتهلكببون قريببة فيهببا أربعببون مؤمنببا ً ؟ قببالوا‪ :‬ل‪ ,‬قببال‬
‫ثلثون ؟ قالوا‪ :‬ل‪ ,‬حتى بلغ خمسة قالوا‪ :‬ل‪ ,‬قال‪ :‬أرأيتكببم‬
‫إن كان فيها رجل مسلم واحد أتهلكونها ؟ قالوا‪ :‬ل‪ ,‬فقببال‬
‫إبراهيم عليه السلم عند ذلك‪} :‬إن فيها لوطا ً قببالوا نحببن‬
‫ليببة‪ .‬فسببكت‬ ‫أعلم بمن فيهببا لننجينببه وأهلببه إل امرأتببه{ ا َ‬
‫عنهم واطمأنت نفسه‪ ,‬وقال قتادة وغيببره قريببا ً مببن هببذا‬
‫زاد ابن إسحاق أفرأيتم إن كان فيها مؤمن واحببد ؟ قببالوا‪:‬‬
‫ل‪ ,‬قال‪ :‬فإن كان فيها لوط يدفع به عنهببم العببذاب قببالوا‪:‬‬
‫لية‪ ,‬وقببوله‪} :‬إن إبراهيببم لحليببم‬ ‫}نحن أعلم بمن فيها{ ا َ‬
‫أواه منيب{ مببدح لبراهيببم بهببذه الصببفات الجميلببة‪ ,‬وقببد‬
‫تقدم تفسيرها‪ ,‬وقوله تعالى‪} :‬يا إبراهيم أعرض عببن هببذا‬
‫لية‪ ,‬أي أنه قببد نفببذ فيهببم القضبباء‬ ‫إنه قد جاء أمر ربك{ ا َ‬

‫‪307‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وحقت عليهم الكلمة بالهلك وحلببول البببأس الببذي ل يببرد‬
‫عبببببببببببببببببن القبببببببببببببببببوم المجرميبببببببببببببببببن‪.‬‬

‫م ذ َْرع با ً‬ ‫ضبباقَ ب ِهِ ب ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫يَء ب ِهِ ب ْ‬ ‫سب َ‬ ‫سل َُنا ُلوطا ً ِ‬ ‫ت ُر ُ‬ ‫جآَء ْ‬ ‫ما َ‬ ‫** وَل َ ّ‬
‫مببن‬ ‫ن إ ِل َْيببهِ وَ ِ‬
‫عو َ‬ ‫ه ي ُهَْر ُ‬ ‫جآَءهُ قَوْ ُ‬
‫م ُ‬ ‫ب * وَ َ‬ ‫صي ٌ‬ ‫م عَ ِ‬ ‫ذا ي َوْ ٌ‬ ‫هـ َ‬‫ل َ‬ ‫وََقا َ‬
‫ن‬ ‫ؤلِء ب َن َبباِتي هُب ّ‬ ‫هـب ُ‬‫ل ي ََقبوْم ِ َ‬ ‫ت قَببا َ‬ ‫سبي َّئا ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫مُلو َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َعْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫قَب ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫من ْك ُب ْ‬
‫س ِ‬ ‫ض بي ِْفي أل َي ْب َ‬ ‫ن ِفي َ‬ ‫خُزو ِ‬ ‫ه وَل َ ت ُ ْ‬‫م َفات ُّقوا ْ الل ّ َ‬ ‫أط ْهَُر ل َك ُ ْ‬
‫ق‬
‫حب ّ‬ ‫ن َ‬ ‫مب ْ‬‫ك ِ‬ ‫ما ل ََنا فِببي ب ََنات ِب َ‬ ‫ت َ‬ ‫م َ‬ ‫شيد ٌ * َقاُلوا ْ ل ََقد ْ عَل ِ ْ‬ ‫ل ّر ِ‬ ‫ج ٌ‬‫َر ُ‬
‫ريببببببببببببببد ُ‬ ‫مببببببببببببببا ن ُ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ك ل َت َعْل َبببببببببببببب ُ‬ ‫وَإ ِن ّبببببببببببببب َ‬
‫يخبر تعالى عن قدوم رسله من الملئكة بعد ما أعلمببوا‬
‫إبراهيم بهلكهم وفارقوه وأخبروه ببإهلك اللبه قبوم لبوط‬
‫هذه الليلة فانطلقوا من عنده فأتوا لوطا ً عليه السلم وهو‬
‫على ما قيل في أرض لببه وقيببل فببي منزلببه ووردوا عليببه‬
‫وهببم فببي أجمببل صببورة تكببون علببى هيئة شبببان حسببان‬
‫الوجوه ابتلء من الله وله الحكمة والحجة البالغببة فسبباءه‬
‫شأنهم وضاقت نفسه بسببهم وخشي إن لببم يضببيفهم أن‬
‫يضيفهم أحد مببن قببومه فينببالهم بسببوء }وقببال هببذا يببوم‬
‫عصيب{ قال ابن عباس وغير واحد‪ :‬شديد بلؤه وذلك أنه‬
‫علم أنه سيدافع عنهم ويشق عليه ذلك‪ .‬وذكر قتببادة أنهببم‬
‫أتوه وهو في أرض لببه فتضببيفوه فاسببتحيا منهببم فببانطلق‬
‫أمامهم وقال لهم في أثنبباء الطريببق كببالمعرض لهببم بببأن‬
‫ينصرفوا عنه‪ :‬إنه والله يا هؤلء ما أعلم على وجببه الرض‬
‫أهل بلد أخبث مببن هببؤلء‪ .‬ثببم مشببى قليل ً ثببم أعبباد ذلببك‬
‫عليهم حتى كرره أربع مرات‪ ,‬قال قتادة وقد كببانوا أمببروا‬
‫أن ل يهلكببببوهم حببببتى يشببببهد عليهببببم نبببببيهم بببببذلك‪.‬‬
‫وقال السدي خرجت الملئكة من عند إبراهيم نحو قريببة‬
‫لببوط فبلغببوا نهببر سببدوم نصببف النهببار ولقببوا بنببت لببوط‬
‫تستقي فقالوا يا جارية هببل مببن منببزل ؟ فقببالت مكببانكم‬
‫حتى آتيكم وفرقت عليهم من قومها فأتت أباها فقالت يببا‬
‫أبتاه أدرك فتيانا ً على ببباب المدينببة مببا رأيببت وجببوه قببوم‬
‫أحسن منهم ل يأخذهم قومك وكان قومه نهوه أن يضببيف‬

‫‪308‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رجل ً فقالوا خل عنا فلنضيف الرجال فجاء بهببم فلببم يعلببم‬
‫بهببم أحببد إل أهببل بيتببه فخرجببت امرأتببه فببأخبرت قومهببا‬
‫فجاءوا يهرعون إليه وقوله‪} :‬يهرعون إليه{ أي يسببرعون‬
‫ويهرولببون مببن فرحهببم بببذلك وقببوله‪} :‬ومببن قبببل كببانوا‬
‫يعملببون السببيئات{ أي لببم يببزل هببذا مببن سببجيتهم حببتى‬
‫أخذوا وهم على ذلك الحال وقببوله‪} :‬قببال يببا قببوم هببؤلء‬
‫بناتي هن أطهر لكبم{ يرشبدهم إلبى نسبائهم فبإن النببي‬
‫للمة بمنزلة الوالد فأرشدهم إلببى مببا هببو أنفببع لهببم فببي‬
‫ليبة الخبرى‪} :‬أتبأتون‬ ‫لخرة كمبا قبال لهبم فبي ا َ‬ ‫الدنيا وا َ‬
‫الذكران مبن العبالمين وتبذرون مبا خلبق لكبم ربكبم مبن‬
‫ليببة الخببرى‪:‬‬ ‫أزواجكم بل أنتم قوم عادون{ وقببوله فببي ا َ‬
‫}قالوا أولم ننهك عن العالمين{ أي ألم ننهك عببن ضببيافة‬
‫الرجال }قال هؤلء بناتي إن كنتم فاعلين * لعمببرك إنهببم‬
‫ليببة الكريمببة‪:‬‬‫لفي سببكرتهم يعمهببون{ وقببال فببي هببذه ا َ‬
‫}هؤلء بناتي هن أطهر لكم{ قببال مجاهببد لببم يكببن بنبباته‬
‫ولكن كن من أمته وكل نبي أبو أمته وكذا روي عن قتببادة‬
‫وغيببببببببببببببببببببببببببببببببر واحببببببببببببببببببببببببببببببببد‪.‬‬
‫وقال ابن جريج‪ :‬أمرهم أن يتزوجوا النسبباء ولببم يعببرض‬
‫عليهم سفاحًا‪ ,‬وقال سعيد بببن جبببير‪ :‬يعنببي نسبباءهم هببن‬
‫بناته وهو أب لهم ويقال في بعض القراءات }النبي أولببى‬
‫بالمؤمنين من أنفسببهم وأزواجببه أمهبباتهم وهببو أب لهببم{‬
‫وكذا روي عن الربيع بن أنس وقتادة والسدي ومحمببد بببن‬
‫إسببحاق وغيرهببم وقببوله‪} :‬فبباتقوا اللببه ول تخببزون فببي‬
‫ضيفي{ أي اقبلوا ما آمركم به من القتصار على نسببائكم‬
‫}أليس منكم رجل رشيد{ أي فيه خير يقبل مببا آمببره بببه‬
‫ويترك ما أنهاه عنه }قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك مببن‬
‫حبببق{ أي إنبببك لتعلبببم أن نسببباءنا ل أرب لنبببا فيهبببن‬
‫ول(نشتهيهن }وإنك لتعلم ما نريد{ أي ليس لنببا غببرض إل‬
‫في الذكور وأنت تعلم ذلك فببأي حاجببة فببي تكببرار القببول‬
‫علينا في ذلك ؟ قال السدي }وإنك لتعلبم مبا نريبد{ إنمبا‬
‫نريبببببببببببببببببببببببببببببببد الرجبببببببببببببببببببببببببببببببال‪.‬‬

‫‪309‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫ديدٍ * َقاُلوا ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ش ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ى ُرك ْ ٍَ‬ ‫م قُوّةً أوْ آوِيَ إ ِل َ َ‬ ‫ن ِلي ب ِك ُ ْ‬ ‫ل ل َوْ أ ّ‬ ‫** َقا َ‬
‫ن‬ ‫مب َ‬ ‫ك ب ِِقط ٍْع ّ‬ ‫سرِ ب ِأهْل ِ َ‬ ‫ك فَأ ْ‬ ‫صل ُوَا ْ إ ِل َي ْ َ‬ ‫ك َلن ي َ ِ‬ ‫ل َرب ّ َ‬ ‫س ُ‬‫ط إ ِّنا ُر ُ‬ ‫ي َُلو ُ‬
‫مببآ‬‫صببيب َُها َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك إ ِن ّب ُ‬‫مَرأ َت َب َ‬ ‫ح بد ٌ إ ِل ّ ا ْ‬
‫ال ْل ّي بل ول َ يل ْتف بت منك ُب َ‬
‫مأ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ِ َ َ َِ ْ ِ‬
‫ب‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬
‫ريببب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ح‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬‫بب‬ ‫ب‬ ‫ص‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫بب‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫ح‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬‫بب‬‫ب‬ ‫ص‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫بب‬‫ب‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫و‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ن‬‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫ب‬‫ببا‬‫ب‬ ‫ص‬
‫َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن نبيه لوط عليببه السببلم إن لوط با ً‬
‫لية أي لكنت نكلت‬ ‫توعدهم بقوله‪} :‬لو أن لي بكم قوة{ ا َ‬
‫بكم وفعلت بكم الفاعيببل بنفسببي وعشببيرتي‪ ,‬ولهببذا ورد‬
‫في الحديث من طريق محمد بن عمرو بن علقمة بن أبي‬
‫سلمة عببن أبببي هريببرة أن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم قال‪» :‬رحمة الله على لوط لقد كان يأوي ِإلى ركن‬
‫شديد ب يعني الله عز وجل ب فما بعث الله بعببده مببن نبببي‬
‫ِإل في ثروة من قومه« فعنببد ذلبك أخبببرته الملئكبة أنهبم‬
‫رسل الله ِإليهم وأنهم ل وصول لهم إليه }قالوا يا لوط إنا‬
‫رسل ربك لن يصلوا إليك{ وأمبروه أن يسبري ببأهله مبن‬
‫آخر الليببل وأن يتبببع أدبببارهم أي يكببون سبباقة لهلببه }ول‬
‫يلتفت منكم أحد{ أي ِإذا سمعت ما نزل بهم ول تهببولنكم‬
‫تلببك الصببوات المزعجببة ولكببن اسببتمروا ذاهبببين }ِإل‬
‫امرأتك{ قال الكثرون هو استثناء من المثبت وهببو قببوله‪:‬‬
‫}فأسر بأهلك{ تقبديره }ِإل امرأتبك{ وكبذلك قرأهبا اببن‬
‫مسعود‪ ,‬ونصب هؤلء امرأتك لنه من مثبت فوجب نصبببه‬
‫عندهم‪ ,‬وقال آخرون من القراء والنحبباة هببو اسببتثناء مببن‬
‫قوله }ول يلتفببت منكببم أحببد ِإل امرأتببك{ فجببوزوا الرفببع‬
‫والنصبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببب‪.‬‬
‫وذكر هؤلء أنها خرجت معهم وأنهبا لمبا سبمعت الوجببة‬
‫التفتت وقالت‪ :‬واقوماه فجاءها حجر مببن السببماء فقتلهببا‬
‫ثم قربوا له هلك قومه تبشيرا ً له لنه قال لهببم أهلكببوهم‬
‫الساعة فقالوا }ِإن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريببب{‬
‫هببذا وقببوم لببوط وقببوف علببى الببباب عكببوف قببد جبباءوا‬
‫يهرعببون ِإليببه مببن كببل جببانب ولببوط واقببف علببى الببباب‬
‫يدافعهم ويردعهم وينهاهم عما هم فيه وهم ل يقبلون منه‬
‫بل يتوعدونه ويتهددونه فعند ذلك خرج عليهم جبريل عليببه‬

‫‪310‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السلم فضرب وجوههم بجناحه فطمببس أعينهببم فرجعببوا‬
‫وهم ل يهتدون الطريق كما قال تعالى‪} :‬ولقد راودوه عن‬
‫ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عببذابي ونببذر{ ا َ‬
‫ليببة وقببال‬
‫معمر عن قتادة عن حذيفة بن اليمان قببال‪ :‬كببان ِإبراهيببم‬
‫عليه السلم يأتي قوم لوط فيقول أنهاكم الله أن تعرضوا‬
‫لعقببوبته فلببم يطيعببوه حببتى ِإذا بلببغ الكتبباب أجلببه انتهببت‬
‫الملئكة ِإلى لوط وهو يعمببل فببي أرض لببه فببدعاهم ِإلببى‬
‫الضيافة فقالوا ِإنا ضيوفك الليلة وكان اللببه قببد عهببد ِإلببى‬
‫جبريل أل يعذبهم حتى يشببهد عليهببم لببوط ثلث شببهادات‬
‫فلما توجه بهم لوط إلى الضيافة ذكر ما يعمل قببومه مببن‬
‫الشببر فمشببى معهببم سبباعة ثببم التفببت ِإليهببم فقببال أمببا‬
‫تعلمون ما يعمل أهل هببذه القريببة ؟ مببا أعلببم علببى وجبه‬
‫الرض شرا ً منهم أين أذهب بكم ؟ ِإلى قببومي وهببم أشببر‬
‫خلق الله‪ ,‬فبالتفت جبريبل ِإلببى الملئكببة فقببال احفظوهبا‬
‫هذه واحدة ثببم مشببى معهببم سبباعة فلمببا توسببط القريببة‬
‫وأشفق عليهم واستحيا منهم قببال أمببا تعلمببون مببا يعمببل‬
‫أهل هذه القرية ؟ ما أعلم على وجه الرض أشر منهم إن‬
‫قومي أشر خلق الله فالتفت جبريببل ِإلببى الملئكببة فقببال‬
‫احفظوها هاتان اثنتان‪ ,‬فلما انتهببى ِإلببى ببباب االببدار بكببى‬
‫حيبباء منهببم وشببفقة عليهببم فقببال‪ِ :‬إن قببومي أشببر خلببق‬
‫الله ؟ أما تعلمون ما يعمببل أهببل هببذه القريبة ؟ مببا أعلبم‬
‫علبببببى وجبببببه الرض أهبببببل قريبببببة شبببببرا ً منهبببببم‪.‬‬
‫فقال جبريل للملئكة احفظوا هذه ثلث قد حق العببذاب‬
‫فلما دخلوا ذهبت عجببوز السببوء فصببعدت فلببوحت بثوبهببا‬
‫فأتاها الفساق يهرعببون سببراعا ً قببالوا مببا عنببدك ؟ قببالت‬
‫ضيف لوط قومبا ً مببا رأيببت قببط أحسببن وجوهبا ً منهببم ول‬
‫أطيب ريحا ً منهم فهرعوا يسببارعون ِإلببى الببباب فعببالجهم‬
‫لوط على البباب فبدافعوه طبويل ً وهبو داخبل وهبم خبارج‬
‫يناشدهم الله ويقول‪} :‬هؤلء بناتي هن أطهر لكببم{ فقببام‬
‫الملك فلز بالباب ب يقببول فشببده بب واسببتأذن جبريببل فببي‬
‫عقوبتهم فأذن الله له فقام في الصورة الببتي يكببون فيهببا‬
‫في السببماء‪ ,‬فنشببر جنبباحه بب ولجبريببل جناحببان بب وعليببه‬

‫‪311‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وشاح من در منظوم وهو براق الثنايا أجلى الجبين ورأسه‬
‫حبك حبك مثل المرجان وهو اللؤلؤ كأنه الثلج ورجله إلببى‬
‫الخضرة فقال‪ :‬يا لوط }ِإنا رسبل رببك لبن يصبلوا ِإليبك{‬
‫امض يا لوط عن الباب ودعني وِإياهم‪ ,‬فتنحببى لببوط عببن‬
‫الباب فخرج ِإليهم فنشر جناحه فضرب به وجوههم شببدخ‬
‫أعينهم فصبباروا عميببا ل يعرفببون الطريببق‪ ,‬ثببم أمببر لببوط‬
‫فاحتمل بأهله في ليلتببه قببال‪} :‬فأسببر بأهلببك بقطببع مببن‬
‫الليل{ وروي عن محمببد بببن كعببب وقتببادة والسببدي نحببو‬
‫هبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببذا(‬

‫مط َْرن َببا عَل َي ْهَببا‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫سببافِل ََها وَأ ْ‬ ‫جعَل ْن َببا َ‬
‫عال ِي َهَببا َ‬ ‫مُرن َببا َ‬ ‫جببآَء أ ْ‬
‫ما َ‬‫** فَل َ ّ‬
‫ي‬
‫مببا هِب َ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫عنبد َ َرب ّب َ‬
‫ة ِ‬ ‫م ً‬ ‫س بو ّ َ‬
‫م َ‬
‫ضودٍ * ّ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ل ّ‬ ‫جي ٍ‬ ‫س ّ‬‫من ِ‬ ‫جاَرةً ّ‬ ‫ح َ‬
‫ِ‬
‫ن ب ِب َِعيببببببببببببببببببدٍ‬ ‫مي َ‬‫ن الظ ّببببببببببببببببببال ِ ِ‬ ‫مبببببببببببببببببب َ‬ ‫ِ‬
‫يقول تعالى‪} :‬فلما جاء أمرنببا{ وكببان ذلببك عنببد طلببوع‬
‫الشمس }جعلنا عاليها{ وهببي سببدوم }سببافلها{ كقببوله‪:‬‬
‫}فغشاها ماغشى{ أي أمطرنا عليهببا حجببارة مببن سببجيل‬
‫وهي بالفارسية حجارة من طين قبباله ابببن عببباس وغيببره‬
‫وقال بعضهم أي من سنك وهو الحجببر وكببل وهببو الطيببن‬
‫لية الخرى حجارة من طين أي مسببتحجرة‬ ‫وقد قال في ا َ‬
‫قوية شديدة‪ ,‬وقال بعضهم مشوية‪ ,‬وقال البخاري سجيل‪:‬‬
‫الشديد الكبير‪ ,‬سجيل وسجين اللم والنببون أختببان‪ ,‬وقببال‬
‫تميببببببببببببببببببببم بببببببببببببببببببببن مقبببببببببببببببببببببل‪:‬‬
‫ورجلة يضبربون البببيض صاحبةضبربا ً تواصببت ببه البطبال‬
‫سبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببجينا‬
‫وقوله‪} :‬منضود{ قببال بعضببهم‪ :‬فببي السببماء أي معببدة‬
‫لذلك وقال آخرون‪} :‬منضببود{ أي يتبببع بعضببها بعضبا ً فببي‬
‫ومة{ أي معلمة مختومة عليهببا‬ ‫نزولها عليهم وقوله‪} :‬مس ّ‬
‫أسماء أصحابها كل حجر مكتببوب عليببه اسببم الببذي ينببزل‬
‫عليه وقال قتادة وعكرمة‪} :‬مسببومة{ مطوقببة بهببا نضببح‬
‫مببن حمببرة وذكببروا أنهببا نزلببت علببى أهببل البلببد وعلببى‬
‫المتفرقين في القرى مما حولها فبينببا أحببدهم يكببون عنببد‬

‫‪312‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الناس يتحدث ِإذ جاءه حجر من السماء فسقط عليببه مببن‬
‫بين الناس فدمره فتتبعهم الحجارة مببن سببائر البلد حببتى‬
‫أهلكتهم عن آخرهم فلم يبق منهم أحد‪ ,‬وقال مجاهد‪ :‬أخذ‬
‫جبريل قوم لوط من سرحهم ودورهبم حملهبم بمواشبيهم‬
‫وأمتعتهم ورفعهم حتى سمع أهل السماء نببباح كلبهببم ثببم‬
‫أكفأهم‪ ,‬وكان حملهم على حوافي جناحه اليمن قال ولما‬
‫قلبها كان أول ما سقط منها شببرفاتها‪ ,‬وقببال قتببادة بلغنببا‬
‫أن جبريل أخذ بعروة القرية الوسطى ثم ألوى بها ِإلى جو‬
‫السماء حتى سمع أهل السببماء ضببواغي كلبهببم ثببم دمببر‬
‫بعضهم على بعض ثم أتبع شذاذ القوم صخرا ً قال وذكر لنا‬
‫أنهم كانوا أربع قرى في كل قرية مببائة ألببف وفببي روايببة‬
‫ثلث قرى الكبرى منها سدوم‪ ,‬قال وبلغنا أن ِإبراهيم عليه‬
‫السلم كان يشرف على سدوم ويقول‪ :‬سدوم يببوم هالببك‬
‫وفي رواية عن قتادة وغيببره قببال وبلغنببا أن جبريببل عليببه‬
‫السلم لما أصبح نشر جناحه فانتسف بها أرضهم بما فيهببا‬
‫من قصورها ودوابهببا وحجارتهببا وشببجرها وجميببع مببا فيهببا‬
‫فضمها في جناحه فحواها وطواهببا فببي جببوف جنبباحه ثببم‬
‫صعد بهببا ِإلببى السببماء الببدنيا حببتى سببمع سببكان السببماء‬
‫أصببوات النبباس والكلب وكببانوا أربعببة آلف ثببم قلبهببا‬
‫فأرسلها ِإلى الرض منكوسببة ودمببدم بعضببها علببى بعببض‬
‫فجعل عاليها سافلها ثم أتبعها حجببارة مببن سببجيل‪ ,‬وقببال‬
‫محمد بن كعب القرظببي‪ :‬كببانت قببرى قببوم لببوط خمببس‬
‫قريات سدوم وهي العظمى وصعبة وصبعود وغمبة ودومبا‬
‫احتملها جبريل بجناحه ثم صعد بها حببتى ِإن أهببل السببماء‬
‫الدنيا ليسمعون نابحة كلبهببا وأصببوات دجاجهببا ثببم كفأهببا‬
‫على وجهها ثببم أتبعهببا اللبه بالحجببارة‪ ,‬يقببول اللبه تعببالى‪:‬‬
‫}جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجبارة مبن سبجيل{‬
‫فأهلكها الله وما حولها من المؤتفكات‪ ,‬وقال السدي‪ :‬لمببا‬
‫أصبح قوم لوط نزل جبريل فاقتلع الرض من سبع أرضين‬
‫فحملها حتى بلغ بها السماء حتى سمع أهل السماء الببدنيا‬
‫نباح كلبهم وأصوات ديوكهم ثم قلبها فقتلهم فذلك قببوله‪:‬‬
‫}والمؤتفكببة أهببوى{ ومببن لببم يمببت حببتى سببقط للرض‬

‫‪313‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أمطر الله عليه وهو تحت الرض الحجارة ومن كان منهببم‬
‫شاذا ً في الرض يتبعهم في القببرى فكببان الرجببل يتحببدث‬
‫فيببأتيه الحجببر فيقتلببه فببذلك قببوله عببز وجببل‪} :‬وأمطرنببا‬
‫عليهببم{ أي فببي القببرى حجببارة مببن سببجيل هكببذا قببال‬
‫السدي)‪ (1‬وقوله‪} :‬وما هي من الظالمين ببعيد{ أي ومببا‬
‫هذه النقمة ممن تشبه بهم فببي ظلمهببم ببعيببد عنببه‪ ,‬وقببد‬
‫ورد فببي الحببديث المببروي فببي السببنن عببن ابببن عببباس‬
‫مرفوعا ً »مببن وجببدتموه يعمببل عمببل قببوم لببوط فبباقتلوا‬
‫الفاعل والمفعول به« وذهب المببام الشببافعي فببي قببول‬
‫عنه وجماعة من العلماء ِإلببى أن اللئط يقتببل سببواء كببان‬
‫محصنا ً أو غير محصن عمل ً بهذا الحديث‪ ,‬وذهب المام أبو‬
‫حنيفة إلى أنه يلقى من شاهق ويتبببع بالحجببارة كمببا فعببل‬
‫اللببه بقببوم لببوط واللببه سبببحانه وتعببالى أعلببم بالصببواب‪.‬‬

‫م‬ ‫كبب ْ‬ ‫ما ل َ ُ‬‫ه َ‬ ‫دوا ْ الل ّ َ‬


‫ل ي ََقوْم ِ اعْب ُ ُ‬ ‫شعَْيبا ً َقا َ‬ ‫م ُ‬ ‫خاهُ ْ‬ ‫ن أَ َ‬‫مد ْي َ َ‬
‫ى َ‬ ‫َ‬
‫** وَإ ِل َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ي أَراك ُب ْ‬ ‫ن إ ِن ّب َ‬‫مي بَزا َ‬ ‫ل َوال ْ ِ‬ ‫صببوا ْ ال ْ ِ‬
‫مك ْي َببا َ‬ ‫ن إ َِلـهٍ غَي ْبُرهُ وَل َ َتنُق ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ط‬‫حيبببب ٍ‬ ‫م ِ‬‫ب ي َببببوْم ٍ ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫م عَبببب َ‬ ‫ف عَلي ْك ُبببب ْ‬ ‫خببببا ُ‬ ‫يأ َ‬ ‫خي ْببببرٍ وَإ ِن ّبببب َ‬ ‫بِ َ‬
‫يقول تعببالى ولقببد أرسببلنا إلببى مببدين وهببم قبيلببة مببن‬
‫العرب كانوا يسكنون بين الحجاز والشام قريبا ً من معببان‪.‬‬
‫بلدا ً تعرف بهم يقال لها مدين فأرسببل اللببه ِإليهببم شببعيبا ً‬
‫وكبان مبن أشبرفهم نسبببًا‪ ,‬ولهببذا قببال‪} :‬أخبباهم شبعيبًا{‬
‫يأمرهم بعبادة الله تعالى وحده ل شريك لببه وينهبباهم عببن‬
‫التطفيف في المكيال والميزان }ِإني أراكم بخير{ أي في‬
‫معيشتكم ورزقكببم وِإنببي أخبباف أن تسببلبوا مببا أنتببم فيببه‬
‫بانتهاككم محببارم اللببه }وإنببي أخبباف عليكببم عببذاب يببوم‬
‫لخببببببببببرة‪.‬‬ ‫محيببببببببببط{ أي فببببببببببي الببببببببببدار ا َ‬

‫سببوا ْ‬ ‫َ‬
‫خ ُ‬ ‫ط وَل َ ت َب ْ َ‬ ‫سب ِ‬ ‫ن ِبال ِْق ْ‬ ‫ل َوال ْ ِ‬
‫ميبَزا َ‬ ‫مك ْي َببا َ‬ ‫** وَي ََقوْم ِ أوْفُببوا ْ ال ْ ِ‬
‫الناس أ َ‬
‫ة الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ن * ب َِقي ّ ُ‬ ‫دي َ‬ ‫س ِ‬‫مْف ِ‬ ‫ض ُ‬‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫م وَل َ ت َعْث َوْا ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ء‬‫يآ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ش‬ ‫ّ َ‬
‫َ‬
‫مببآ أَنببا ْ عَل َي ْ ُ‬ ‫م ِإن ُ‬ ‫خْيببٌر ل ّ ُ‬
‫ظ‬
‫حِفيبب ٍ‬ ‫م بِ َ‬ ‫كبب ْ‬ ‫ن وَ َ‬‫مِني َ‬ ‫مببؤْ ِ‬ ‫كنُتببم ّ‬ ‫كبب ْ‬ ‫َ‬

‫‪314‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ينهبباهم أول ً عببن نقببص المكيببال والميببزان ِإذا أعطببوا‬
‫الناس‪ ,‬ثم أمرهببم بوفبباء الكيببل والببوزن بالقسببط آخببذين‬
‫ومعطين ونهاهم عن العثو في الرض بالفسبباد وقببد كببانوا‬
‫يقطعون الطريق‪ ,‬وقوله‪} :‬بقية الله خير لكببم{ قببال ابببن‬
‫عباس‪ :‬رزق الله خير لكببم وقببال الحسببن رزق اللببه خيببر‬
‫لكم من بخسكم الناس‪ ,‬وقال الربيع بن أنببس وصببية اللبه‬
‫خير لكم‪ ,‬وقال مجاهد‪ :‬طاعة الله وقال‪ :‬قتادة حظكم من‬
‫الله خير لكم‪ ,‬وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسببلم‪ :‬الهلك‬
‫في العذاب والبقية في الرحمة‪ ,‬وقال أبو جعفر بببن جريببر‬
‫}بقية الله خير لكم{ أي ما يفضل لكم من الربح بعد وفاء‬
‫الكيل والميزان خير لكم من أخذ أموال النبباس قببال وقببد‬
‫روي هذا عن ابن عباس قلت ويشبه قوله تعببالى‪} :‬قببل ل‬
‫يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبببيث{ ا َ‬
‫ليببة‪,‬‬
‫وقوله‪} :‬وما أنا عليكم بحفيظ{ أي برقيببب ول حفيببظ أي‬
‫افعلوا ذلك لله عز وجل ل تفعلوه ليراكببم النبباس بببل للببه‬
‫عبببببببببببببببببببببببببببببببببز وجبببببببببببببببببببببببببببببببببل‪.‬‬

‫ك َأن ن ّت ُْر َ‬ ‫شعيب أ َصل َوات َ ْ‬


‫ما ي َعْب ُبد ُ ءاَباؤُن َببآ‬‫ك َ‬ ‫مُر َ‬‫ك ت َأ ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫** َقاُلوا ْ ي َ ُ َ ْ ُ‬
‫َ‬ ‫أ َوْ َأن ن ّْفعَ َ‬
‫شببيد ُ‬‫م الّر ِ‬ ‫حِليب ُ‬ ‫ت ال ْ َ‬‫ك لن َ‬ ‫شاُء إ ِن ّ َ‬‫ما ن َ َ‬
‫وال َِنا َ‬
‫م َ‬
‫يأ ْ‬ ‫ل فِ َ‬
‫يقولون له على سبيل التهكببم قبحهببم اللببه }أصببلواتك{‬
‫قال العمش أي قراءتك }تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤ نا{‬
‫أي الوثان والصنام }أو أن نفعل فببي أموالنببا مببا نشبباء{‬
‫ى قولببك وهببي أموالنببا نفعببل فيهببا مببا‬ ‫فتترك التطفيف عل َ‬
‫نريد‪ ,‬قال الحسن في قوله‪} :‬أصلتك تأمرك أن نببترك مببا‬
‫يعبد آباؤنا{ أي والله ِإن صلته لتأمرهم أن يتركوا ما كببان‬
‫يعبد آباؤهم‪ ,‬وقببال الثببوري فببي قببوله‪} :‬أو أن نفعببل فببي‬
‫أموالنا مانشاء{ يعنون الزكاة }ِإنك لنت الحليم الرشببيد{‬
‫قال ابن عباس وميمون بن مهران وابن جريج وابن أسببلم‬
‫وابن جرير يقولون ذلك أعداء الله علببى سبببيل السببتهزاء‬
‫قبحهببببم اللببببه ولعنهببببم عببببن رحمتببببه وقببببد فعببببل‪.‬‬

‫‪315‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مببن ّرب ّببي وََرَزقَن ِببي‬ ‫ت عَل َ‬ ‫م ِإن ُ‬ ‫َ َ‬ ‫** َقا َ‬
‫ى ب َي ّن َبةٍ ّ‬
‫َ‬ ‫كن ُ‬ ‫ل ي ََقوْم ِ أَرأي ْت ُ ْ‬
‫َ‬ ‫خال َِفك ُ ْ َ‬ ‫ن أُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫ه إِ ْ‬ ‫مآ أن َْهاك ُ ْ‬
‫م عَن ْ ُ‬ ‫ى َ‬ ‫م إ ِل َ‬ ‫مآ أِريد ُ أ ْ‬ ‫سنا ً وَ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ه رِْزقا ً َ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫ي إ ِل ّ ب ِببالل ّهِ عَل َي ْب ِ‬
‫ه‬ ‫مببا ت َبوِْفيِق َ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫س بت َط َعْ ُ‬
‫ما ا ْ‬ ‫ح َ‬ ‫صل َ َ‬ ‫أِريد ُ إ ِل ّ ال ِ ْ‬
‫ُ‬
‫ب‬ ‫ت وَإ ِل َْيببببببببببببببببببهِ أِنيبببببببببببببببببب ُ‬ ‫َتببببببببببببببببببوَك ّل ْ ُ‬
‫يقول لهم هل رأيتببم يببا قببوم ِإن كنببت }علببى بينببة مببن‬
‫ربي{ أي على بصيرة فيما أدعو ِإليه }ورزقني منببه رزق با ً‬
‫حسنًا{ قيل أراد النبوة وقيببل أراد الببرزق الحلل ويحتمببل‬
‫المرين‪ ,‬وقال الثوري }وماأريد أن أخالفكم ِإلى ما أنهاكم‬
‫عنببه{ أي ل أنهبباكم عببن الشببيء وأخببالف أنببا فببي السببر‬
‫فأفعله خفية عنكم كما قال قتادة فببي قببوله }وماأريببد أن‬
‫أخالفكم ِإلى ما أنهاكم عنه{ يقببول‪ :‬لببم أكببن أنهبباكم عببن‬
‫لصلح مببا اسببتطعت{ أي فيمببا‬ ‫أمر وأرتكبه }ِإن أريد ِإل ا ِ‬
‫آمركببم وأنهبباكم إنمببا أريببد ِإصببلحكم جهببدي وطبباقتي‬
‫}وماتوفيقي{ أي في إصببابة الحببق فيمببا أريببده }ِإلبببالله‬
‫عليه توكلت{ في جميببع أمببوري {وإليببه أنيببب{ أي أرجببع‬
‫قاله مجاهد وغيره قال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا عفببان حببدثنا‬
‫حماد بن سلمة حدثنا أبو قزعبة سبويد ببن حجيبر البباهلي‬
‫عن حكيببم بببن معاويببة عببن أبيببه أن أخبباه مالكبًا‪ :‬قببال يببا‬
‫معاوية ِإن محمدا ً أخذ جيراني فانطلق ِإليه فِإنه قد كلمببك‬
‫وعرفك فانطلقت معه فقببال‪ :‬دع لببي جيرانببي فقببد كببانوا‬
‫أسلموا فأعرض عنببه فقببام مغضبببا ً فقببال‪ :‬أمببا واللببه لئن‬
‫فعلت ِإن الناس يزعمون أنك لتأمرنا ببالمر وتخبالف ِإلبى‬
‫غيره وجعلت أجره وهو يتكلم فقال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪» :‬ماتقول ؟« فقال‪ :‬إنك والله لئن فعلت ذلك‬
‫إن الناس ليزعمون أنك لتأمر بببالمر وتخببالف إلبى غيبره‪.‬‬
‫قال‪ :‬فقال »أو قد قالوهبا بب أي قبائلهم بب ولئن فعلبت مبا‬
‫ي وما عليهببم مببن ذلببك مببن شببيء أرسببلوا لببه‬ ‫ذاك ِإل عل ّ‬
‫جيرانه« وقال أيضًا‪ :‬حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن بهز‬
‫بن حكيم عن أبيه عن جده قال‪ :‬أخذ النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم ناسا ً من قومي في تهمة فحبسهم فجاء رجببل مببن‬
‫قومي ِإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهببو يخطببب‬
‫فقال‪ :‬يا محمد علم تحبس جيراني ؟ فصمت رسول اللببه‬

‫‪316‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صلى الله عليه وسلم فقال‪ِ :‬إن ناسا ً ليقولببون ِإنببك تنهببى‬
‫عن الشببيء وتسببتخلي بببه فقببال النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬ما تقول ؟« قببال‪ :‬فجعلببت أعببرض بينهمببا كلمبا ً‬
‫مخافة أن يسببمعها فيببدعو علببى قببومي دعببوة ل يفلحببون‬
‫بعدها أبدا ً فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى‬
‫فهمها فقال‪» :‬قد قالوها أو قائلهببا منهببم واللببه لببو فعلببت‬
‫ي وما كان عليهببم خلببوا عببن جيرانببه« ومببن هببذا‬ ‫لكان عل ّ‬
‫القبيل الحديث الببذي رواه المببام أحمببد حببدثنا أبببو عببامر‬
‫حدثنا سليمان بن بلل عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عببن‬
‫عبد الملك بن سعيد بن سويد النصبباري قببال سببمعت أبببا‬
‫حميد وأبا أسيد يقولون عنببه صببلى اللببه عليببه وسببلم إنببه‬
‫قال‪ِ» :‬إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلببوبكم‪ ,‬وتليببن لببه‬
‫أشعاركم وأبشاركم‪ ,‬وترون أنه منكببم قريببب فأنببا أولكببم‬
‫به‪ ,‬وإذا سمعتم الحبديث عنبي تنكبره قلبوبكم وتنفبر منبه‬
‫أشعاركم وأبشبباركم وتببرون أنببه منكببم بعيببد فأنببا أبعببدكم‬
‫منه« ِإسناده صحيح‪ .‬وقد أخرج مسلم بهذا السببند حببديث‬
‫»ِإذا دخل أحدكم المسجد فليقببل اللهببم افتببح لببي أبببواب‬
‫رحمتك‪ ,‬وإذا خرج فليقل اللهم ِإنببي أسببألك مببن فضببلك«‬
‫ومعناه والله أعلم مهما بلغكم عني مببن خيببر فأنببا أولكببم‬
‫به‪ .‬ومهما يكن من مكروه فأنا أبعدكم منه }ومببا أريببد أن‬
‫أخالفكم ِإلى ما أنهاكم عنه{ وقال قتببادة عببن عببزرة عببن‬
‫الحسن العرني عن يحيى ببن الجبزار عبن مسبروق قبال‪:‬‬
‫جاءت امرأة ِإلى ابن مسعود فقالت تنهى عببن الواصببلة ؟‬
‫قال نعبم‪ ,‬قبالت‪ :‬فعلبه بعبض نسبائك‪ ,‬فقبال مبا حفظبت‬
‫وصببية العبببد الصببالح ِإذا ً }ومببا أريببد أن أخببالفكم إلببى مببا‬
‫أنهاكم عنه{ وقال عثمان بن أبي شببيبة حببدثنا جريببر عببن‬
‫أبي سليمان العتبي قال‪ :‬كانت تجيئنا كتببب عمببر بببن عبببد‬
‫العزيز فيها المر والنهي فيكتب في آخرها ومببا كنببت مببن‬
‫ذلك ِإل كما قال العبد الصالح‪} :‬وما توفيقي ِإل بالله عليببه‬
‫تببببببببببببببببببوكلت وإليببببببببببببببببببه أنيببببببببببببببببببب{‪.‬‬

‫‪317‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬ ‫صيب َ ُ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫صببا َ‬‫مببآ أ َ‬ ‫ل َ‬‫مث ْب ُ‬
‫كم ّ‬ ‫ي أن ي ُ ِ‬ ‫شَقاقِ َ‬ ‫م ِ‬ ‫من ّك ُ ْ‬
‫جرِ َ‬‫** وَي ََقوْم ِ ل َ ي َ ْ‬
‫َ‬ ‫قَوم نو َ‬
‫منك ُببم‬‫ط ّ‬ ‫م ل ُببو ٍ‬
‫مببا قَ بوْ ُ‬ ‫ح وَ َ‬ ‫صال ِ ٍ‬ ‫م َ‬ ‫هودٍ أوْ قَوْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ح أوْ قَوْ َ‬ ‫ْ َ ُ ٍ‬
‫دود ٌ‬‫م وَ ُ‬ ‫حي ٌ‬‫ن َرّبي َر ِ‬ ‫م ُتوب ُوَا ْ إ ِل َي ْهِ إ ِ ّ‬ ‫ست َغِْفُروا ْ َرب ّك ُ ْ‬
‫م ثُ ّ‬ ‫ب ِب َِعيدٍ * َوا ْ‬
‫يقول لهم }وياقوم ل يجرمنكم شقاقي{ أي ل تحملنكببم‬
‫عداوتي وبغضي على الصرار على ما أنتم عليه من الكفر‬
‫والفساد فيصبيبكم مثببل مبا أصباب قبوم نببوح وقببوم هببود‬
‫وقوم صالح وقوم لوط من النقمببة والعببذاب وقببال قتببادة‬
‫}وياقوم ل يجرمنكم شقاقي{ يقول‪ :‬ل يحملنكببم فراقببي‪,‬‬
‫وقال السدي عداوتي‪ ,‬على أن تمادوا في الضلل والكفببر‬
‫فيصيبكم من العذاب مببا أصببابهم‪ .‬وقببال ابببن أبببي حبباتم‪:‬‬
‫حدثنا محمد ابن عوف الحمصببي حببدثنا أبببو المغيببرة عبببد‬
‫القدوس بن الحجاج حدثنا ابن أبي غنية حدثني عبد الملببك‬
‫بن أبي سليمان عن ابن أبي ليلى الكندي قببال‪ :‬كنببت مببع‬
‫مولي أمسك دابته وقد أحاط الناس بعثمان بببن عفببان ِإذ‬
‫أشرف علينا من داره فقال‪} :‬يا قوم ل يجرمنكم شببقاقي‬
‫أن يصيبكم مثل ما أصاب قببوم نببوح أو قبوم هبود أو قبوم‬
‫صالح{ يا قوم ل تقتلببوني ِإنكببم ِإن قتلتمببوني كنتببم هكببذا‬
‫وشبك بين أصابعه‪ ,‬وقوله‪} :‬وما قوم لببوط منكببم ببعيببد{‬
‫قيل المراد في الزمان‪ ,‬قال قتادة‪ :‬يعني إنمببا هلكببوا بيببن‬
‫أيببديكم بببالمس‪ ,‬وقيببل فببي المكببان ويحتمببل المببران‬
‫}واستغفروا ربكم{ من سالف الببذنوب }ثببم توبببوا ِإليببه{‬
‫فيمببا تسببتقبلونه مببن العمببال السببيئة وقببوله‪ِ} :‬إن ربببي‬
‫رحيببببببببببببببببم ودود{ لمببببببببببببببببن تبببببببببببببببباب‪.‬‬

‫ل وَإ ِن ّببا ل َن َبَرا َ‬


‫ك ِفين َببا‬ ‫ما ت َُقو ُ‬ ‫ه ك َِثيرا ً ّ‬
‫م ّ‬ ‫ما ن َْفَق ُ‬
‫ب َ‬ ‫شعَي ْ ُ‬ ‫** َقاُلوا ْ ي َ ُ‬
‫َ‬
‫زيزٍ * َقببا َ‬
‫ل‬ ‫ت عَل َي َْنا ب ِعَ ِ‬ ‫مآ أن َ‬ ‫مَنا َ‬
‫ك وَ َ‬ ‫ج ْ‬‫ك ل ََر َ‬
‫ضِعيفا ً وَل َوْل َ َرهْط ُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫م‬‫موهُ وََرآَءك ُب ْ‬ ‫خبذ ْت ُ ُ‬ ‫ن الّلبهِ َوات ّ َ‬ ‫ي أعَبّز عَل َي ْك ُببم ّ‬
‫مب َ‬ ‫ي ََقبوْم ِ أَرهْط ِب َ‬
‫ط‬‫حيببببببب ٌ‬ ‫م ِ‬
‫ن ُ‬ ‫مُلبببببببو َ‬ ‫مبببببببا ت َعْ َ‬ ‫ن َرّببببببببي ب ِ َ‬ ‫ظ ِهْرِّيبببببببا ً إ ِ ّ‬
‫يقولون }ياشعيب ما نفقه{ ما نفهم }كثيرًا{ من قولببك‬
‫}وِإنا لنراك فينببا ضببعيفًا{ قببال سببعيد بببن جبببير والثببوري‬
‫وكان ضرير البصببر‪ ,‬وقببال الثببوري كببان يقببال لببه خطيببب‬

‫‪318‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫النبياء‪ ,‬قال السدي }وِإنا لنراك فينببا ضببعيفًا{ قببال‪ :‬أنببت‬
‫واحد‪ ,‬وقال أبو روق‪ :‬يعنون ذليل ً لن عشيرتك ليسوا على‬
‫دينك }ولببول رهطببك لرجمنبباك{ أي قومببك لببول معزتهببم‬
‫علينا لرجمناك قيل بالحجببارة وقيببل لسببببناك }ومببا أنببت‬
‫علينببا بعزيببز{ أي ليببس عنببدنا لببك معببزة }قببال يببا قببوم‬
‫أرهطي أعز عليكم من الله{ يقول‪ :‬أتتركوني لجل قومي‬
‫ول تتركوني ِإعظاما ً لجناب الرب تبببارك وتعببالى أن تنببالوا‬
‫نبيه بمساءة وقد اتخذتم كتاب الله }وراءكببم ظهريببًا{ أي‬
‫نبببذتموه خلفكببم ل تطيعببونه ول تعظمببونه }ِإن ربببي بمببا‬
‫تعملون محيط{ أي هو يعلببم جميببع أعمببالكم وسببيجزيكم‬
‫بهببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببا‪.‬‬

‫ن‬‫مببو َ‬ ‫ف ت َعْل َ ُ‬ ‫س بو ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫م ٌ‬ ‫عا ِ‬ ‫م إ ِّني َ‬ ‫كان َت ِك ُ ْ‬‫م َ‬ ‫ى َ‬ ‫** وَي ََقوْم اعْ َ ُ ْ َ‬
‫ملوا عَل َ‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫معَكبب ْ‬ ‫ْ‬
‫ب َواْرت َِقب ُوَا إ ِّنببي َ‬ ‫َ‬
‫ن هُوَ كاذِ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫زيهِ وَ َ‬ ‫خ َِ‬‫ب يُ ْ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫من ي َأ ِْتيهِ عَ َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫مع َ ب ُ‬ ‫ْ‬
‫من ُببوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ش بعَْيبا َوال ب ِ‬ ‫جي ْن َببا ُ‬ ‫مُرن َببا ن َ ّ‬ ‫جآَء أ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫ب * وَل ّ‬ ‫َرِقي ٌ‬
‫حوا ْ فِببي‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ص بب َ ُ‬‫ة فَأ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫مببوا ْ ال ّ‬
‫ص بي ْ َ‬ ‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ت ال ّب ِ‬
‫َ‬
‫خ بذ َ ِ‬ ‫مّنا وَأ َ‬ ‫مة ٍ ّ‬‫ح َ‬
‫ب َِر ْ‬
‫َ‬
‫مببا‬ ‫ن كَ َ‬ ‫م بد ْي َ َ‬ ‫م ي َغْن َوْا ْ ِفيهَببآ أل َ ب ُعْببدا ً ل ّ َ‬ ‫ن * ك َأن ل ّ ْ‬ ‫مي َ‬ ‫جاث ِ ِ‬‫م َ‬‫دَِيارِهِ ْ‬
‫مببببببببببببببببببببببببببببببببود ُ‬ ‫ت ثَ ُ‬ ‫ب َِعببببببببببببببببببببببببببببببببد َ ْ‬
‫لما يئس نبي الله شعيب من استجابتهم له قال يببا قببوم‬
‫}اعملوا على مكانتكم{ أي طريقتكببم وهببذا تهديببد شببديد‬
‫}ِإني عامل{ علببى طريقببتي }سببوف تعلمببون مببن يببأتيه‬
‫عذاب يخزيه ومن هو كاذب{ أي مني ومنكببم }وارتقبببوا{‬
‫أي انتظروا }}ِإني معكم رقيب{ قال اللبه تعببالى‪} :‬ولمبا‬
‫جاء أمرنا نجينا شعيبا ً والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت‬
‫الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين{ وقوله‬
‫جاثمين اي هامببدين ل حببراك بهببم‪ .‬وذكببر ههنببا أنببه أتتهببم‬
‫صيحة‪ ,‬وفببي العببراف رجفببة وفببي الشببعراء عببذاب يببوم‬
‫الظلة وهم أمببة واحببدة اجتمببع عليهببم يببوم عببذابهم هببذه‬
‫النقم كلهببا‪ ,‬وِإنمببا ذكببر فببي كببل سببياق مببا يناسبببه ففببي‬
‫العراف لما قالوا }لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معببك‬
‫من قريتنا{ ناسب أن يذكر الرجفة الرجفببة فرجفببت بهببم‬

‫‪319‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرض التي ظلموا بها وأرادوا ِإخراج نبيهم منها‪ ,‬وههنا لما‬
‫أساءوا الدب في مقالتهم على نبببيهم ذكببر الصببيحة الببتي‬
‫استلبثتهم وأخمدتهم‪ ,‬وفي الشببعراء لمببا قببالوا }فأسببقط‬
‫علينببا كسببفا ً مببن السببماء ِإن كنببت مببن الصببادقين{ قببال‬
‫}فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كببان عببذاب يببوم عظيببم{‬
‫وهذا من السرار الدقيقة ولله الحمد والمنببة كببثيرا ً دائمبًا‪,‬‬
‫وقوله‪} :‬كأن لم يغنوا فيها{ أي يعيشببوا فببي دارهببم قبببل‬
‫ذلك }أل بعدا ً لمببدين كمببا بعببدت ثمببود{ وكببانوا جيرانهببم‬
‫قريبا ً منهم في الدار وشبيها ً بهم في الكفر وقطع الطريق‬
‫وكببببببببببببببببببانوا عربببببببببببببببببببا ً مثلهببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫ى‬ ‫ب‬ ‫مِبيببن * إ ِل َ‬ ‫ن‬ ‫سببل ْ َ‬


‫طا‬ ‫و‬ ‫با‬‫ب‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫ت‬‫يا‬ ‫بآ‬ ‫ى‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫مو‬ ‫نا‬ ‫س بل ْ‬ ‫ر‬ ‫** ول ََق بد أ َ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫شببيدٍ‬ ‫ن ب َِر ِ‬ ‫مُر فِْرعَوْ َ‬ ‫مآ أ ْ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫مَر فِْرعَوْ َ‬ ‫مل َئ ِهِ َفات ّب َعُوَا ْ أ ْ‬ ‫ن وَ َ‬‫فِْرعَوْ َ‬
‫َ‬
‫س ال ْبوِْرد ُ‬ ‫م الن ّبباَر وَب ِئ ْ َ‬ ‫م بةِ فَ بأوَْرد َهُ ُ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬ ‫ه ي َبوْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫م ق َ بو ْ َ‬‫* ي َْقد ُ ُ‬
‫ُ‬
‫س الّرفْد ُ‬ ‫مةِ ب ِئ ْ َ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬ ‫ة وَي َوْ َ‬ ‫هـذِهِ ل َعْن َ ً‬ ‫موُْرود ُ * وَأت ْب ُِعوا ْ ِفي َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫مْرُفبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببود ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫يقول تعبالى مخبببرا ً عببن ِإرسببال موسبى بآيبباته ودللتبه‬
‫الببباهرة ِإلببى فرعببون ملببك القبببط وملئه }فبباتبعوا أمببر‬
‫فرعون{ أي منهجه ومسلكه وطريقته في الغي }وما أمر‬
‫فرعون برشيد{ أي ليببس فيببه رشببد ول هببدى‪ .‬وِإنمببا هببو‬
‫جهل وضلل وكفر وعناد‪ ,‬وكما أنهم اتبعوه في الدنيا وكان‬
‫مقدمهم ورئيسهم كذلك هو يقدمهم يوم القيامببة إلببى نببار‬
‫جهنم فأوردهم ِإياها وشربوا مببن حيبباض رداهببا‪ ,‬ولببه فببي‬
‫ذلك الحظ الوفبر‪ ,‬مبن العبذاب الكببر‪ ,‬كمبا قبال تعبالى‪:‬‬
‫ل{ وقببال‬ ‫}فعصببى فرعببون الرسببول فأخببذناه أخببذا ً وبي ً‬
‫تعالى‪} :‬فكذب وعصى * ثم أدبر يسعى * فحشر فنادى *‬
‫لخرة والولببى *‬ ‫فقال أناربكم العلى * فأخذه الله نكال ا َ‬
‫ِإن في ذلك لعبرة لمن يخشى{ وقال تعالى‪} :‬يقدم قومه‬
‫يوم القيامة فأوردهم النار‪ ,‬وبئس الورد المورود{ وكببذلك‬
‫شأن المتبوعين يكونون موفورين في العذاب يوم القيامة‬
‫كما قببال تعببالى‪} :‬لكببل ضببعف ولكببن ل تعلمببون{ وقببال‬

‫‪320‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تعالى ِإخبارا ً عن الكفرة أنهم يقولون في النببار‪} :‬ربنببا ِإنببا‬
‫أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبببيل ربنببا آتهببم ضببعفين‬
‫لية‪ ,‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا هشببيم حببدثنا‬ ‫من العذاب{ ا َ‬
‫أبو الجهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال‪:‬‬
‫قال رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬امببرؤ القيببس‬
‫حامل لواء شعراء الجاهليببة إلببى النببار« وقببوله‪} :‬وأتبعببوا‬
‫لية‪ ,‬أي أتبعناهم زيادة علببى‬ ‫في هذه لعنة ويوم القيامة{ ا َ‬
‫عذاب النببار لعنببة فببي الببدنيا }ويببوم القيامببة بئس الرفببد‬
‫المرفببود{ قببال مجاهببد‪ :‬زيببدوا لعنببة يببوم القيامببة فتلببك‬
‫لعنتان‪ ,‬وقال علي بن أبي طلحببة عببن ابببن عببباس }بئس‬
‫لخببرة وكببذا قببال‬ ‫الرفببد المرفببود{ قببال‪ :‬لعنببة الببدنيا وا َ‬
‫الضحاك وقتادة وهو كقوله }وجعلناهم أئمببة يببدعون ِإلببى‬
‫النار ويوم القيامة ل ينصرون * وأتبعناهم فببي هببذه الببدنيا‬
‫لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين{ وقال تعالى }النببار‬
‫يعرضون عليها غدوا ً وعشيا ً ويوم تقوم الساعة أدخلببوا آل‬
‫فرعبببببببببببببببببون أشبببببببببببببببببد العبببببببببببببببببذاب{‪.‬‬

‫ه عَل َي ْ َ‬ ‫كم َ‬
‫صببيد ٌ *‬ ‫ح ِ‬‫م وَ َ‬‫من ْهَببا قَببآئ ِ ٌ‬
‫ك ِ‬ ‫ن أن َْبآِء ال ُْقَرىَ ن َُق ّ‬
‫ص ُ‬ ‫** ذ َل ِ َ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫مببا أغْن َب ْ‬
‫ت عَن ْهُب ْ‬ ‫م فَ َ‬ ‫مبوَا ْ أنُف َ‬
‫س به ُ ْ‬ ‫كن ظ َل َ ُ‬ ‫م وََلـب ِ‬ ‫مببا ظ َل َ ْ‬
‫من َبباهُ ْ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬
‫مبُر‬‫جببآَء أ ْ‬‫مببا َ‬ ‫يٍء ل ّ ّ‬‫شب ْ‬‫من َ‬ ‫ن الل ّهِ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬‫عو َ‬ ‫م ال ِّتي ي َد ْ ُ‬ ‫آل ِهَت ُهُ ُ‬
‫ب‬‫م غَي ْبببببببببَر ت َت ِْبيببببببببب ٍ‬ ‫دوهُببببببببب ْ‬ ‫مبببببببببا َزا ُ‬ ‫ك وَ َ‬‫َرب ّببببببببب َ‬
‫لما ذكر تعببالى خبببر النبيبباء ومببا جببرى لهببم مببع أممهببم‬
‫وكيف أهلك الكببافرين ونجببى المببؤمنين قببال‪} :‬ذلببك مببن‬
‫أنباء القرى{ أي أخبببارهم }نقصببه عليببك منهببا قببائم{ أي‬
‫عامر }وحصيد{ أي هالك }وما ظلمناهم{ أي ِإذ أهلكناهم‬
‫}ولكن ظلمببوا أنفسببهم{ بتكببذيبهم رسببلنا وكفرهببم بهببم‬
‫}فما أغنت عنهم آلهتهم{ أوثانهم التي يعبببدونها ويببدعونها‬
‫}من دون الله من شيء{ ما نفعوهم ول أنقذوهم لما جاء‬
‫أمر الله بِإهلكهم }وما زادوهم غيببر تتبببيب{ قببال مجاهببد‬
‫وقتادة وغيرهما‪ :‬أي غير تخسببير وذلببك أن سبببب هلكهببم‬

‫‪321‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫للهة فلهببذا خسببروا فببي‬ ‫ودمارهم ِإنما كان باتباعهم تلك ا َ‬
‫الببببببببببببببببببببببببببببببدنيا وا َ‬
‫لخببببببببببببببببببببببببببببببرة‪.‬‬

‫خ بذ َهُ‬‫ن أَ ْ‬
‫ة إِ ّ‬
‫مب ٌ‬ ‫ي َ‬
‫ظال ِ َ‬ ‫ذا أ َ َ‬
‫خذ َ ال ُْقَرىَ وَهِب َ‬ ‫ك أَ ْ‬
‫خذ ُ َرب ّ َ‬
‫ك إِ َ‬ ‫** وَك َذ َل ِ َ‬
‫م َ‬ ‫َ‬
‫ديد ٌ‬
‫شبببببببببببببببببببببببببببببببب ِ‬ ‫أِليبببببببببببببببببببببببببببببببب ٌ‬
‫يقول تعالى وكما أهلكنا أولئك القرون الظالمة المكذبة‬
‫لرسلنا كذلك نفعل بأشباههم }إن أخذه أليم شديد{ وفببي‬
‫الصحيحين عببن أبببي موسببى رضببي اللببه عنببه قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ِ» :‬إن الله ليملي للظالم‬
‫حتى ِإذا أخذه لم يفلته« ثببم قببرأ رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليببه وسببلم }وكببذلك أخببذ ربببك ِإذا أخببذ القببرى وهببي‬
‫ليببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬ ‫ظالمببببببببببببببببببببببببببببببة{ ا َ‬

‫م‬‫ك ي َبوْ ٌ‬ ‫خبَرةِ ذ َِلب َ‬ ‫ب ال َ ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫ف عَب َ‬‫خبا َ‬ ‫ن َ‬ ‫مب ْ‬ ‫ة لّ َ‬‫ك ل ََيب ً‬ ‫ن ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫** إ ِ ّ‬
‫ل‬ ‫ج ٍ‬ ‫خُرهُ إ ِل ّ ل َ‬ ‫ما ن ُؤَ ّ‬ ‫شُهود ٌ * وَ َ‬ ‫م ْ‬
‫م ّ‬ ‫ك ي َوْ ٌ‬‫س وَذ َل ِ َ‬ ‫ه الّنا ْ ُ‬ ‫موعٌ ل ّ ُ‬‫ج ُ‬ ‫م ْ‬
‫ّ‬
‫ي‬
‫شبِق ّ‬ ‫م َ‬ ‫من ْهُب ْ‬‫س إ ِل ّ ب ِبإ ِذ ْن ِهِ فَ ِ‬
‫م ن َْفب ٌ‬ ‫ّ‬
‫ت ل َ ت َك َلب ُ‬ ‫م ي َبأ ِ‬ ‫دودٍ * ي َوْ َ‬ ‫مع ْ ُ‬ ‫ّ‬
‫سبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببِعيد ٌ‬ ‫وَ َ‬
‫يقول تعالى إن في ِإهلكنببا الكببافرين وِإنجائنببا المببؤمنين‬
‫لخببرة‬ ‫لية{ أي عظة واعتبارا ً على صدق موعودنا فببي ا َ‬ ‫} َ‬
‫}إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم‬
‫الشببهاد{ وقببال تعببالى }فببأوحى إليهببم ربهببم لنهلكببن‬
‫لية‪ .‬وقوله‪} :‬ذلك يوم مجموع له الناس{ أي‬ ‫الظالمين{ ا َ‬
‫أولهم وآخرهم كقوله‪} :‬وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدًا{‬
‫}وذلك يوم مشهود{ أي عظيم تحضببره الملئكببة ويجتمببع‬
‫فيه الرسل وتحشببر الخلئق بأسببرهم مببن النببس والجببن‬
‫والطير والوحببوش والببدواب ويحكببم فيببه العببادل الببذي ل‬
‫يظلم مثقال ذرة وإن تببك حسببنة يضبباعفها‪ ,‬وقببوله }ومببا‬
‫نؤخره إل لجل معدود{ أي ما نؤخر إقامة القيامة إل لنببه‬
‫قد سبقت كلمة الله في وجود أنباس معببدودين مببن ذريببة‬
‫آدم وضرب مدة معينة إذا انقطعببت وتكامببل وجببود أولئك‬
‫المقدر خروجهم قامت الساعة ولهذا قال‪} :‬وما نؤخره إل‬

‫‪322‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لجل معدود{ أي لمدة مؤقتة ل يزاد عليها ول ينتقص منها‬
‫}يببوم يببأت ل تكلببم نفببس إل بببإذنه{ أي يببوم يببأتي يببوم‬
‫القيامة ل يتكلم أحد إل بإذن اللببه كقببوله‪} :‬ل يتكلمببون إل‬
‫مببن أذن لببه الرحمببن وقببال صببوابًا{ وقببال‪} :‬وخشببعت‬
‫ليببة‪ .‬وفببي الصببحيحين مببن حببديث‬ ‫الصببوات للرحمببن{ ا َ‬
‫الشببفاعة »ول يتكلببم يببومئذ إل الرسببل ودعببوى الرسببل‬
‫يومئذ اللهم سلم سلم« وقوله‪} :‬فمنهببم شببقي وسببعيد{‬
‫أي فمن أهل الجمع شقي ومنهم سعيد كمببا قببال }فريببق‬
‫في الجنة وفريق في السعير{ وقال الحافظ أبو يعلى في‬
‫مسنده‪ :‬حدثنا موسى بن حّيان حدثنا عبد الملك بن عمببرو‬
‫حدثنا سليمان أبو سفيان حدثنا عبد الله بن دينار عبن اببن‬
‫عمر عن عمر قببال‪ :‬لمببا نزلببت }فمنهببم شببقي وسببعيد{‬
‫سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يببا رسببول اللببه‪:‬‬
‫علم نعمل ؟ على شيء قد فرغ منببه أم علببى شببيء لببم‬
‫يفرغ منه‪ ,‬فقال‪» :‬على شيء قد فرغ منه يا عمر وجببرت‬
‫به القلم‪ ,‬ولكن كل ميسر لما خلببق لببه« ثببم بي ّببن تعببالى‬
‫حببببببال الشببببببقياء وحببببببال السببببببعداء فقببببببال‪(:‬‬

‫َ‬
‫شبِهيقٌ *‬ ‫في الّنارِ ل َهُب ْ‬
‫م ِفيهَببا َزِفيبٌر وَ َ‬ ‫شُقوا ْ فَ ِ‬‫ن َ‬ ‫ما ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫** فَأ ّ‬
‫شببآَء َرّببب َ‬
‫ك‬ ‫ما َ‬ ‫ض إ ِل ّ َ‬
‫ت َوالْر ُ‬ ‫ماَوا ُ‬ ‫س َ‬
‫ت ال ّ‬‫م ِ‬ ‫دا َ‬
‫ما َ‬‫ن ِفيَها َ‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬‫َ‬
‫ريببببببببببببد ُ‬ ‫ل لّ َ‬
‫مببببببببببببا ي ُ ِ‬ ‫ك فَّعببببببببببببا ٌ‬ ‫ن َرّببببببببببببب َ‬ ‫إِ ّ‬
‫يقول تعالى }لهم فيها زفير وشببهيق{ قببال ابببن عببباس‬
‫الزفير في الحلق والشهيق في الصببدر أي تنفسببهم زفيببر‬
‫وأخذهم النفس شهيق‪ ,‬لما هم فيه من العذاب عياذا ً بالله‬
‫من ذلك }خالدين فيها ما دامت السببموات والرض{ قببال‬
‫المام أبو جعفر بن جرير‪ :‬من عببادة العببرب إذا أرادت أن‬
‫تصف الشيء بالدوام أبدا ً قالت هببذا دائم دوام السببموات‬
‫والرض‪ ,‬وكذلك يقولون هو باق ما اختلببف الليببل والنهببار‪,‬‬
‫وما سمر أبناء سمير وما للت العير بأذنابها يعنببون بببذلك‬
‫كله أبدا ً فخاطبهم جل ثنبباؤه بمببا يتعببارفونه بينهببم فقببال‪:‬‬
‫}خالببدين فيهببا مببا دامببت السببموات والرض{ )قلببت(‪:‬‬

‫‪323‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ويحتمل أن المراد بمببا دامببت السببموات والرض الجنببس‬
‫لخببرة مببن سببموات وأرض كمببا قببال‬ ‫لنه ل بد في عالم ا َ‬
‫دل الرض غيببر الرض والسببموات{ ولهببذا‬ ‫تعالى }يوم تب ب ّ‬
‫قببال الحسببن البصبري فببي قببوله‪} :‬مبا دامببت السبموات‬
‫والرض{ قال‪ :‬يقول‪ :‬سماء غير هذه السببماء وأرض غيببر‬
‫هذه فما دامت تلك السماء وتلببك الرض‪ .‬وقببال ابببن أبببي‬
‫حاتم ذكر عن سفيان بن حسببين عببن الحكببم عببن مجاهببد‬
‫عن ابن عباس قوله‪} :‬ما دامت السموات والرض{ قال‪:‬‬
‫لكل جنة سببماء وأرض‪ ,‬وقببال عبببد الرحمببن بببن زيببد بببن‬
‫أسلم‪ :‬ما دامت الرض أرضا والسببماء سببماء‪ .‬وقببوله }إل‬
‫ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد{ كقوله }النار مثببواكم‬
‫خالدين فيها إل ما شبباء اللببه إن ربببك حكيببم عليببم{ وقببد‬
‫اختلببف المفسببرون فببي المببراد مببن هببذا السببتثناء علببى‬
‫أقوال كثيرة حكاها الشيخ أبو الفرج بن الجوزي في كتببابه‬
‫زاد المسير‪ ,‬وغيره من علماء التفسير‪ ,‬ونقببل كببثيرا ً منهببا‬
‫المام أبو جعفر بن جرير رحمه الله في كتببابه واختببار هببو‬
‫ما نقله عن خالد بن معدان والضحاك وقتادة وابببن سببنان‬
‫ورواه ابن أبببي حبباتم عببن ابببن عببباس والحسببن أيضبا ً أن‬
‫الستثناء عائد على العصاة من أهل التوحيد ممن يخرجهم‬
‫الله من النار بشببفاعة الشببافعين‪ ,‬مببن الملئكببة والنبببيين‬
‫والمؤمنين‪ ,‬حتى يشفعون فببي أصببحاب الكبببائر ثببم تببأتي‬
‫رحمة أرحم الراحمين فتخرج من النار من لم يعمل خيببرا ً‬
‫قط وقال يوما ً من الدهر ل إلببه إل اللببه كمببا وردت بببذلك‬
‫الخبار الصحيحة المستفيضة عن رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم بمضمون ذلك مببن حببديث أنببس وجببابر وأبببي‬
‫سعيد وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة ول يبقى بعد ذلببك‬
‫في النار إل من وجب عليه الخلود فيها ول محيد لببه عنهببا‪,‬‬
‫وهذا الذي عليه كثير من العلماء قديما ً وحديثا ً في تفسببير‬
‫ليببة الكريمببة‪ .‬وقببد روي فببي تفسببيرها عببن أميببر‬ ‫هببذه ا َ‬
‫المؤمنين عمر بن الخطاب وابن مسعود وابن عباس وأبي‬
‫هريرة وعبد الله بن عمرو وجابر وأبي سعيد من الصحابة‪,‬‬
‫وعن أبي مجلز والشعبي وغيرهما من التابعين‪ ,‬وعن عبببد‬

‫‪324‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرحمن بن زيد بن أسلم وإسحاق بن راهويه وغيرهما من‬
‫الئمة فببي أقببوال غريبببة وورد حببديث غريببب فببي معجببم‬
‫الطبراني الكبير عن أبي أمامة صببدي بببن عجلن الببباهلي‬
‫ولكن سنده ضعيف والله أعلببم‪ .‬وقببال قتببادة‪ :‬اللببه أعلببم‬
‫بثنياه‪ ,‬وقال السببدي هببي منسببوخة بقببوله }خالببدين فيهببا‬
‫أببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببدًا{‪.‬‬

‫َ‬
‫ت‬‫مب ِ‬ ‫دا َ‬
‫مببا َ‬
‫ن ِفيهَببا َ‬ ‫دي َ‬
‫خال ِب ِ‬‫جن ّبةِ َ‬‫دوا ْ فَِفي ال ْ َ‬‫سعِ ُ‬
‫ن ُ‬
‫ذي َ‬‫ما ال ّ ِ‬
‫** وَأ ّ‬
‫جب ُ‬
‫ذوذٍ‬ ‫ك عَط َببآًء غَي ْبَر َ‬
‫م ْ‬ ‫شببآَء َرب ّب َ‬ ‫ض إ ِل ّ َ‬
‫مببا َ‬ ‫ت َوالْر ُ‬ ‫ماَوا ُ‬ ‫س َ‬
‫ال ّ‬
‫يقول تعالى‪} :‬وأما الببذين سببعدوا{ وهببم أتببباع الرسببل‬
‫}ففببي الجنببة{ أي فمببأواهم الجنببة }خالببدين فيهببا{ أي‬
‫ماكثين فيها أبدا ً }ما دامت السموات والرض إل مببا شبباء‬
‫ربك{ معنى الستثناء ههنا أن دوامهببم فيمببا هبم فيببه مببن‬
‫النعيم ليس أمرا ً واجبا ً بذاته بببل هببو موكببول إلببى مشببيئة‬
‫الله تعالى فله المنة عليهم دائم با ً ولهببذا يلهمببون التسبببيح‬
‫والتحميد كمببا يلهمببون النفببس‪ .‬وقببال الضببحاك والحسببن‬
‫البصري هي في حببق عصبباة الموحببدين الببذين كببانوا فببي‬
‫النببار ثببم أخرجببوا منهببا وعقببب ذلببك بقببوله }عطبباء غيببر‬
‫مجذوذ{ أي غير مقطببوع قبباله مجاهببد وابببن عببباس وأبببو‬
‫العالية وغير واحد لئل يتوهم متوهم بعد ذكره المشببيئة أن‬
‫ثم انقطاعا ً أو لبسبا ً أو شببيئا ً بببل حتببم لببه بالببدوام وعببدم‬
‫النقطاع كما بين هناك أن عذاب أهل النار في النار دائمبا ً‬
‫مردود إلى مشيئته وأنه بعدله وحكمته عببذبهم ولهببذا قببال‬
‫}إن ربك فعال لما يريد{ كما قال‪} :‬ل يسببأل عمببا يفعببل‬
‫وهم يسألون{ وهنا طيب القلوب وثبببت المقصببود بقببوله‪:‬‬
‫}عطبباء غيببر مجببذوذ{ وقببد جبباء فببي الصببحيحين »يببؤتى‬
‫بالموت في صورة كبش أملح فيذبح بين الجنببة والنببار ثببم‬
‫يقال يا أهل الجنة خلود فل(موت‪ ,‬ويا أهببل النببار خلبود فل‬
‫موت‪ ,‬وفي الصحيح أيضا ً »فيقال يا أهل الجنة إن لكببم أن‬
‫تعيشوا فل تموتوا أبدا ً وإن لكم أن تشبوا فل تهرمببوا أبببدا ً‬

‫‪325‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وإن لكم أن تصحوا فل تسببقموا أبببدا ً وإن لكببم أن تنعمببوا‬
‫فل تبأسبببببببببببببببببببببببببببببوا أببببببببببببببببببببببببببببببدًا«‪.‬‬

‫ما ي َعْب ُد ُ‬ ‫ن إ ِل ّ ك َ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ي َعْب ُ ُ‬ ‫ؤلِء َ‬ ‫هـ ُ‬


‫ما ي َعْب ُد ُ َ‬ ‫م ّ‬
‫مْري َةٍ ّ‬ ‫ك ِفي ِ‬ ‫** فَل َ ت َ ُ‬
‫ص*‬ ‫منُقببو ٍ‬ ‫م غَي ْبَر َ‬ ‫صببيب َهُ ْ‬‫م نَ ِ‬ ‫موَفّببوهُ ْ‬ ‫ل وَإ ِن ّببا ل َ ُ‬ ‫مببن قَب ْب ُ‬ ‫هم ّ‬ ‫آب َبباؤُ ُ‬
‫ت‬ ‫س بب ََق ْ‬
‫ة َ‬ ‫مب ٌ‬‫ف ِفيهِ وَل َبوْل َ ك َل ِ َ‬ ‫ب َفا ْ‬
‫خت ُل ِ َ‬ ‫ى ال ْك َِتا َ‬ ‫س َ‬ ‫مو َ‬ ‫وَل ََقد ْ آت َي َْنا ُ‬
‫ن‬ ‫ب * وَإ ِ ّ‬ ‫ريب ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫من ْب ُ‬‫ك ّ‬ ‫شب ّ‬ ‫م ل َِفي َ‬ ‫م وَإ ِن ّهُ ْ‬ ‫ي ب َي ْن َهُ ْ‬
‫ض َ‬ ‫ك ل َُق ِ‬ ‫من ّرب ّ َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫خِبي بٌر‬
‫ن َ‬ ‫مل ُببو َ‬ ‫مببا ي َعْ َ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫مببال َهُ ْ‬
‫م إ ِن ّب ُ‬ ‫ك أعْ َ‬ ‫م َرب ّب َ‬ ‫مببا ل َي ُبوَفّي َن ّهُ ْ‬ ‫كبل ّ ل ّ ّ‬‫ُ‬
‫يقببول تعببالى‪} :‬فل تببك فببي مريببة ممببا يعبببد هببؤلء{‬
‫المشركون إنه باطل وجهل وضلل فإنهم إنما يعبببدون مببا‬
‫يعبد آباؤهم من قبل أي ليس لهم مستند فيما هببم فيببه إل‬
‫لباء في الجهببالت وسببيجزيهم اللببه علببى ذلببك أتببم‬ ‫إتباع ا َ‬
‫الجزاء فيعذب كافرهم عذابا ً ل يعذبه أحببدا ً وإن كببان لهببم‬
‫لخببرة‪ .‬قببال‬ ‫حسنات فقد وفاهم الله إياها في الدنيا قبل ا َ‬
‫سفيان الثببوري عببن جببابر الجعفببي عببن مجاهببد عببن ابببن‬
‫عببباس }وإنببا لموفببوهم نصببيبهم غيببر منقببوص{ قببال مببا‬
‫وعدوا من خيببر أو شببر‪ .‬وقببال عبببد الرحمببن بببن زيببد بببن‬
‫أسلم لموفوهم من العذاب نصيبهم غير منقببوص ثببم ذكببر‬
‫تعالى أنه آتى موسببى الكتبباب فبباختلف النبباس فيببه فمببن‬
‫مؤمن به ومن كافر به فلك بمن سلف من النبياء قبلك يا‬
‫محمببد أسببوة فل يغيظنببك تكببذيبهم لببك ول يهمنببك ذلببك‬
‫}ولول كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم{ قال ابن جرير‬
‫لول ما تقدم من تأجيله العببذاب إلببى أجببل معلببوم لقضببى‬
‫الله بينهم ويحتمل أن يكون المببراد بالكلمببة أنببه ل يعببذب‬
‫أحدا ً إل بعد قيام الحجة عليه وإرسببال الرسببول إليببه كمببا‬
‫ل{ فبإنه قبد قببال‬ ‫قال‪} :‬وما كنا معذبين حتى نبعببث رسبو ً‬
‫لية الخرى‪} :‬ولول كلمة سبقت من ربك لكان لزاما ً‬ ‫في ا َ‬
‫وأجل مسمى * فاصبر على ما يقولببون{ ثببم أخبببر تعببالى‬
‫لخرين من المم ويجزيهم بأعمببالهم‬ ‫أنه سيجمع الولين وا َ‬
‫إن خيبببرا ً فخيبببر وإن شبببرا ً فشبببر فقبببال‪} :‬وإن كل ً لمبببا‬
‫ليوفينهم ربك أعمببالهم إنببه بمببا يعملببون خبببير{ أي عليببم‬

‫‪326‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بأعمالهم جميعها جليلهببا وحقيرهببا صببغيرها وكبيرهببا وفببي‬
‫لية قراءات كثيرة يرجع معناها إلى هذا الذي ذكرناه‬ ‫هذه ا َ‬
‫كما في قوله تعالى‪} :‬وإن كل لما جميع لدينا محضرون{‪.‬‬

‫** َفاستقم ك َ ُ‬
‫مببا‬ ‫ك وَل َ ت َط ْغَبوْا ْ إ ِن ّب ُ‬
‫ه بِ َ‬ ‫مع َ ب َ‬‫ب َ‬‫من َتا َ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫مْر َ‬ ‫مآ أ ِ‬
‫ْ َِ ْ َ‬
‫سبك ُ ُ‬
‫م‬ ‫م ّ‬ ‫مببوا ْ فَت َ َ‬ ‫ن ظ َل َ ُ‬
‫ذي َ‬ ‫صببيٌر * وَل َ ت َْرك َن ُبوَا ْ إ ِل َببى ال ّب ِ‬ ‫ن بَ ِ‬ ‫مُلو َ‬‫ت َعْ َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫صبُرو َ‬ ‫م ل َ ُتن َ‬ ‫ن أوْل ِي َببآَء ث ُب ّ‬ ‫ن الل ّبهِ ِ‬
‫مب ْ‬ ‫دو ِ‬ ‫مببن ُ‬ ‫م ّ‬‫مببا ل َك ُب ْ‬
‫الّناُر وَ َ‬
‫يأمر تعببالى رسببوله وعببباده المببؤمنين بالثبببات والببدوام‬
‫على الستقامة وذلك مبن أكببر العبون علبى النصبر علبى‬
‫العداء ومخالفة الضداد ونهببى عببن الطغيببان وهببو البغببي‬
‫فإنه مصرعة حتى ولو كان على مشرك وأعلم تعببالى أنببه‬
‫بصير بأعمببال العببباد ل يغفببل عببن شببيء ول يخفببى عليببه‬
‫شببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببيء‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ول تركنوا إلى الذين ظلموا{ قال علي بن أبببي‬
‫طلحة عن ابن عباس‪ :‬ل تببداهنوا وقببال العببوفي عببن ابببن‬
‫عباس‪ :‬هو الركون إلى الشرك وقال أبو العالية‪ :‬ل ترضببوا‬
‫بأعمالهم وقال ابن جرير عن ابببن عببباس‪ :‬ول تميلببوا إلببى‬
‫الذين ظلموا وهذا القببول حسببن أي ل تسببتعينوا بالظلمببة‬
‫فتكونوا كأنكم قد رضيتم بأعمالهم }فتمسببكهم النببار ومببا‬
‫لكم من دون الله من أولياء ثم ل تنصرون{ أي ليس لكببم‬
‫من دونه من ولي ينقذكم ول ناصببر يخلصببكم مببن عببذابه‪.‬‬

‫َ‬
‫ن‬‫ل إِ ّ‬ ‫ن ال ْل ّْيبب ِ‬‫مبب َ‬ ‫ي الن َّهببارِ وَُزَلفببا ً ّ‬ ‫صببل َةَ ط ََرَفبب ِ‬ ‫** وَأِقببم ِ ال ّ‬
‫صببب ِْر‬
‫ن * َوا ْ‬ ‫ري َ‬ ‫ك ذِك َْرىَ ِلل ّ‬
‫ذاك ِ ِ‬ ‫ت ذ َل ِ َ‬‫سبي َّئا ِ‬
‫ن ال ّ‬‫ت ي ُذ ْهِب ْ َ‬
‫سَنا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ح َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫سبببببببِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫جبببببببَر ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ضبببببببيعُ أ ْ‬ ‫ن الّلببببببب َ‬
‫ه ل َ يُ ِ‬ ‫َفبببببببإ ِ ّ‬
‫قال علي بن أبي طلحة عن ابببن عببباس }وأقببم الصببلة‬
‫طرفببي النهببار{ قببال يعنببي الصبببح والمغببرب وكببذا قببال‬
‫الحسن وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم‪ ,‬وقال الحسن فببي‬
‫رواية وقتادة والضحاك وغيرهم هي الصبح والعصببر وقببال‬
‫مجاهد‪ :‬هي الصبببح فببي أول النهببار والظهببر والعصببر مببن‬
‫آخره }وزلفا ً من الليل{ قال ابن عباس ومجاهد والحسبن‬

‫‪327‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وغيرهم يعني صلة العشاء وقال الحسببن فببي روايببة ابببن‬
‫المبارك عن مبارك بببن فضببالة عنببه }وزلف با ً مببن الليببل{‬
‫يعني المغرب والعشاء قال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬همبا زلفتبا الليبل المغبرب والعشباء« وكبذا قبال‬
‫مجاهببد ومحمببد بببن كعببب وقتببادة والضببحاك إنهببا صببلة‬
‫ليببة نزلببت‬ ‫المغرب والعشاء‪ ,‬وقد يحتمل أن تكببون هببذه ا َ‬
‫قبل فرض الصلوات الخمس ليلة السراء فببإنه إنمببا كببان‬
‫يجب من الصلة صلتان‪ :‬صلة قبل طلوع الشمس وصلة‬
‫قبل غروبها‪ ,‬وفي أثناء الليبل قيبام عليبه وعلبى المبة ثبم‬
‫نسخ في حق المة وثبت وجوبه عليه ثم نسببخ عنببه أيض با ً‬
‫فبببببببببببببي قبببببببببببببول واللبببببببببببببه أعلبببببببببببببم‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬إن الحسنات يذهبن السببيئات{ يقببول إن فعببل‬
‫الخيرات يكفر الذنوب السالفة كما جاء في الحديث الببذي‬
‫رواه المام أحمد وأهل السنن عن أمير المؤمنين علي بن‬
‫أبي طالب قال‪ :‬كنت إذا سبمعت مبن رسبول اللبه حبديثا ً‬
‫نفعني الله بما شاء أن ينفعني منببه وإذا حببدثني عنببه أحببد‬
‫استحلفته فإذا حلف لي صدقته‪ ,‬وحدثني أبببو بكببر وصببدق‬
‫أبو بكر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقببول‪:‬‬
‫»ما من مسلم يذنب ذنبا ً فيتوضأ ويصلي ركعببتين إل غفببر‬
‫له{ وفي الصحيحين عن أمير المؤمنين عثمان بببن عفببان‬
‫أنه توضألهم كوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثببم‬
‫قال‪ :‬هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسببلم يتوضببأ‬
‫وقال‪» :‬من توضأ وضوئي هذا ثم صببلى ركعببتين ل يحببدث‬
‫فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه« وروى المام أحمببد‬
‫وأبو جعفر ابن جرير من حديث أبي عقيل زهرة بببن معبببد‬
‫أنه سمع الحارث مولى عثمان يقول‪ :‬جلببس عثمببان يومببا‬
‫وجلسنا معه فجباءه المبؤذن فبدعا عثمبان بمباء فبي ِإنباء‬
‫أظنه سيكون فيه قدر مد فتوضببأ ثببم قببال‪ :‬رأيببت رسببول‬
‫الله صلى الله عليببه وسببلم يتوضببأ وضببوئي هببذا ثببم قببال‬
‫»من توضأ وضوئي هذا ثم قام فصلى صلة الظهر غفر له‬
‫ما بينه وبين صلة الصبح ثم صلى العصر غفر لببه مببا بينببه‬
‫وبين صلة الظهر ثم صلى المغرب غفر له مببا بينببه وبيببن‬

‫‪328‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صلة العصر ثم صلى العشاء غفر له مببا بينببه وبيببن صببلة‬
‫المغببرب ثببم لعلببه يبببيت يتمببرغ ليلتببه ثببم ِإن قببام فتوضببأ‬
‫وصلى الصبح غفر لببه مببا بينهببا وبيببن صببلة العشبباء وهببن‬
‫الحسنات يذهبن السيئات« وفي الصحيح عن أبببي هريببرة‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪» :‬أرأيتم لببو‬
‫أن بباب أحدكم نهببرا ً غمببرا ً يغتسببل فيببه كببل يببوم خمببس‬
‫مرات هل يبقى من درنه شيئا ً ؟ قببالوا‪ :‬ل يببا رسببول اللببه‬
‫قال‪» :‬كذلك الصببلوات الخمببس يمحببو اللببه بهببن الببذنوب‬
‫والخطايا« وقال مسببلم فببي صببحيحه‪ :‬حببدثنا أبببو الطبباهر‬
‫وهارون ابن سعيد قال‪ :‬حدثنا ابن وهب عن أبي صببخر أن‬
‫عمر بن إسحاق مولى زائدة حدثه عن أبيه عن أبي هريرة‬
‫أن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم كببان يقببول‪:‬‬
‫»الصلوات الخمس والجمعببة ِإلببى الجمعببة ورمضببان ِإلببى‬
‫رمضببان مكفببرات لمببا بينهببن مببا اجتنبببت الكبببائر« وقببال‬
‫المام أحمبد حببدثنا الحكببم بببن نبافع حبدثنا ِإسببماعيل ببن‬
‫عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد أن أبارهم‬
‫السببمعي كببان يحببدث أن أبببا أيببوب النصبباري حببدثه أن‬
‫رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم كببان يقببول‪ِ» :‬إن كببل‬
‫صلة تحط ما بين يببديهامن خطيئة« وقببال أبببو جعفببر بببن‬
‫جرير حدثنا محمد بببن عببوف حببدثنا محمببد بببن إسببماعيل‬
‫حدثنا أبي عن ضمضم بن زرعة عن شببريح بببن عبيببد عببن‬
‫أبي مالك الشعري قال‪ :‬قال رسول الله صلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬جعلت الصبلوات كفبارات لمببا بينهببن« فبِإن اللبه‬
‫قببببببببال }ِإن الحسببببببببنات يببببببببذهبن السببببببببيئات{‪.‬‬
‫وقال البخاري‪ :‬حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يزيد بن زريببع‬
‫عببن سببليمان الببتيمي عببن أبببي عثمببان النهببدي عببن ابببن‬
‫مسعود أن رجل ً أصاب من امرأة قبلببة فببأتى النبببي صببلى‬
‫الله عليه وسلم فأخبره فأنزل الله }وأقم الصببلة طرفببي‬
‫النهببار وزلف با ً مببن الليببل إن الحسببنات يببذهبن السببيئات{‬
‫فقال الرجل يا رسول الله ألي هذا ؟ قال‪» :‬لجميببع أمببتي‬
‫كلهم« هكذا رواه في كتاب الصلة وأخرجبه فببي التفسبير‬
‫عن مسدد عن يزيد بن زريببع بنحببوه ورواه مسببلم وأحمببد‬

‫‪329‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وأهل السنن ِإل أبا داود من طرق عن أبي عثمببان النهببدي‬
‫واسمه عبد الرحمن بن مل به‪ .‬ورواه المام أحمد ومسلم‬
‫والترمذي والنسائي وابن جرير وهذا لفظه من طرق عببن‬
‫سماك بن حرب أنببه سببمع إبراهيببم بببن يزيببد يحببدث عببن‬
‫علقمة والسود عن ابن مسعود قال جاء رجل ِإلى رسول‬
‫الله صببلى اللببه عليببه وسببلم فقببال‪ :‬يببا رسببول اللببه ِإنببي‬
‫وجدت امرأة في بستان ففعلت بها كل شيء غير أني لببم‬
‫أجامعها قبلتها ولزمتها ولم أفعل غير ذلببك فافعببل بببي مببا‬
‫شئت فلم يقل رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم شببيئا ً‬
‫فذهب الرجل‪ .‬فقال عمر‪ :‬لقببد سببتر اللببه عليببه لببو سببتر‬
‫على نفسه‪ ,‬فببأتبعه رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫بصره ثم قال‪» :‬ردوه علي« فردوه عليه فقرأ عليه }أقببم‬
‫الصلة طرفي النهار وزلفا ً من الليل ِإن الحسببنات يببذهبن‬
‫السيئات ذلك ذكببرى للببذاكرين{ فقببال معبباذ وفببي روايببة‬
‫عمريا رسول الله أله وحده أم للناس كافببة ؟ قببال‪» :‬بببل‬
‫للناس كافة« وقال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا محمببد بببن عبيببد‬
‫حدثنا أبان بن إسببحاق عببن الصببباح بببن محمببد عببن مببرة‬
‫الهمداني عن عبد الله بن مسعود قال‪ :‬قببال رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ِ» :‬إن الله قسم بينكم أخلقكم كمببا‬
‫قسم بينكم أرزاقكم وِإن الله يعطي الدنيا من يحب ومببن‬
‫ل يحب ول يعطي الببدين ِإل مببن أحببب فمببن أعطبباه اللببه‬
‫الدين فقبد أحبببه والبذي نفسبي بيبده ل يسبلم عبببد حببتى‬
‫يسلم قلبه ولسانه ول يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه« قال‪:‬‬
‫قلنا‪ :‬وما بببوائقه يببا نبببي اللببه ؟ قببال‪» :‬غشببه وظلمببه ول‬
‫يكسببب عببد مبال ً حرامبا ً فينفببق منبه فيببارك لبه فيببه ول‬
‫يتصدق فيقبل منه ول يتركه خلف ظهره ِإل كان زاده ِإلببى‬
‫النار ِإن الله ل يمحو السيء بالسيء ولكن يمحببو السببيء‬
‫بالحسن ِإن الخبببيث ل يمحببو الخبببيث« وقببال ابببن جريببر‪:‬‬
‫حبدثنا أببو السبائب حبدثنا أببو معاويبة عبن العمبش عبن‬
‫ِإبراهيم قال‪ :‬كان فلن ابن معتب رجل ً من النصببار فقببال‬
‫ي امرأة فنلت منها ما ينال الرجببل‬ ‫يا رسول الله دخلت عل ّ‬
‫من أهله ِإل أني لم أواقعها فلم يدر رسول الله صلى اللببه‬

‫‪330‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليببة }وأقببم الصببلة‬ ‫عليه وسلم ما يجيبه حتى نزلت هذه ا َ‬
‫طرفببي النهببار وزلفببا ً مببن الليببل ِإن الحسببنات يببذهبن‬
‫السيئات ذلك ذكرى للذاكرين{ فدعاه رسول الله فقرأهببا‬
‫عليه وعن ابن عباس أنه عمرو بن غزية النصبباري التمببار‬
‫وقال مقاتل هو أبو نفيل عامر بببن قيببس النصبباري وذكببر‬
‫الخطيب البغدادي أنه أبببو اليسببر كعببب بببن عمببرو‪ .‬وقببال‬
‫المام أحمد حدثنا يونس وعفان قال‪ :‬حدثنا حماد يعني ابن‬
‫سلمة عن علي بن زيد قال عفان أنبأنا علي بن يزيببد عببن‬
‫يوسف بن مهران عن ابن عباس أن رجل ً أتى عمببر فقببال‬
‫إن امرأة جاءت تبايعه فأدخلتهببا الدولببج فأصبببت منهببا مببا‬
‫دون الجماع‪ ,‬فقال ويحك لعلهببا مغيبببة فببي سبببيل اللببه ؟‬
‫قال أجل‪ ,‬قال فائت أبا بكر فسله‪ .‬قال فأتاه فسأله فقال‬
‫لعلها مغيبة في سبيل الله ؟ فقال مثل قول عمر ثببم أتببى‬
‫النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم فقببال لببه مثببل ذلببك قببال‬
‫»فلعلهببا مغيبببة فببي سبببيل اللببه« ونببزل القببرآن }وأقببم‬
‫الصلة طرفي النهار وزلفا ً من الليل ِإن الحسببنات يببذهبن‬
‫لية‪ ,‬فقال يا رسول الله لي خاصة أم‬ ‫السيئات{ ِإلى آخر ا َ‬
‫للناس عامة ؟ فضرب يعني عمر صدره بيببده وقببال ل ول‬
‫نعمة عين بل للناس عامة فقببال رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسببلم‪» :‬صببدق عمببر« وروى المببام أبببو جعفببر بببن‬
‫جرير من حديث قيس بن الربيع عن عثمان بن موهب عن‬
‫موسى بن طلحة عن أبي اليسر كعب بن عمرو النصبباري‬
‫قال أتتني امببرأة تبتبباع منببي بببدرهم تمببرا ً فقلببت ِإن فببي‬
‫البيت تمرا ً أجود مببن هببذا فببدخلت فببأهويت ِإليهببا فقبلتهببا‬
‫فأتيت عمر فسألته فقال اتق الله واستر علببى نفسببك ول‬
‫تخبرن أحدا ً فلم أصبر حتى أتيت أبا بكر فسألته فقال اتق‬
‫الله واستر على نفسببك ول تخبببرن أحببدا ً قببال فلببم أصبببر‬
‫حتى أتيت النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم فببأخبرته فقببال‬
‫»أخلفت رجل ً غازيا ً في سبيل اللبه فببي أهلبه بمثبل هبذا«‬
‫حتى ظننت أني من أهل النببار حببتى تمنيببت أنببي أسببلمت‬
‫ساعتئذ فأطرق رسول الله صلى الله عليببه وسببلم سبباعة‬
‫ي رسول الله‬ ‫فنزل جبريل فقال أبو اليسر فجئت فقرأ عل ّ‬

‫‪331‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}وأقم الصلة طرفي النهار وزلفا ً من الليبل ِإن الحسببنات‬
‫يذهبن السيئات ذلك ذكببرى للببذاكرين{ فقببال ِإنسببان‪ :‬يببا‬
‫رسببول اللببه لببه خاصببة أم للنبباس عامببة ؟ قببال »للنبباس‬
‫عامببة« وقببال الحببافظ أبببو الحسببن الببدارقطني حببدثنا‬
‫الحسين بن إسماعيل المحاملي حدثنا يوسف بببن موسببى‬
‫حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمببن بببن‬
‫أبي ليلى عن معاذ بن جبل أنه كان قاعدا ً عند النبي صببلى‬
‫الله عليه وسلم فجاء رجل فقال‪ :‬يا رسول الله مببا تقببول‬
‫في رجل أصاب من امرأة ل تحل له فلم يدع شيئا ً الرجببل‬
‫يصيبه من امرأته ِإل قد أصاب منها غير أنه لببم يجامعهببا ؟‬
‫فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‪» :‬توضأ وضوءا ً حسنا ً‬
‫ليببة يعنببي قببوله‪:‬‬ ‫ل« فأنزل الله عز وجل هذه ا َ‬ ‫ثم قم فص ّ‬
‫}وأقم الصلة طرفي النهار{ فقال معاذ أهي له خاصة أم‬
‫للمسلمين عامة ؟ قال‪» :‬بل للمسلمين عامة« ورواه ابن‬
‫جرير من طرق عن عبد الملك بببن عميببر بببه‪ .‬وقببال عبببد‬
‫الرزاق حدثنا محمد بن مسببلم عببن عمببرو بببن دينببار عببن‬
‫يحيى بن جعدة أن رجل ً من أصحاب النبي صلى الله عليببه‬
‫وسلم ذكر امرأة وهو جالس مببع رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم فاستأذنه لحاجة فأذن لببه فببذهب يطلبهببا فلببم‬
‫يجدها فأقبل الرجل يريد أن يبشر النببي صبلى اللبه عليبه‬
‫وسلم بالمطر فوجد المرأة جالسة على غببدير فببدفع فببي‬
‫صدرها وجلس بين رجليها فصار ذكببره مثببل الهدبببة فقببام‬
‫نادما ً حتى أتى النبي صلى اللببه عليببه وسببلم فببأخبره بمببا‬
‫صنع فقال له‪» :‬استغفر ربببك وصببل أربببع ركعببات« قببال‪:‬‬
‫وتل عليه }وأقم الصلة طرفببي النهببار وزلفبا ً مببن الليببل{‬
‫ا َ‬
‫ليببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثني عبد اللببه بببن أحمببد بببن سببيبويه‬
‫حدثنا إسحاق بن ِإبراهيم حدثني عمرو بن الحارث حببدثني‬
‫عبد الله بن سالم عن الزبيببدي عببن سببليم بببن عببامر أنببه‬
‫سمع أبا أمامة يقول ِإن رجل ً أتببى النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫ي حببد اللببه ب ب مببرة أو‬ ‫وسلم فقال‪ :‬يا رسول اللببه أقببم ف ب ّ‬
‫اثنتين ب فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبم‬

‫‪332‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أقيمت الصلة فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسببلم مببن‬
‫ي حببد اللببه ؟«‬ ‫الصلة قال‪» :‬أين هذا الرجل القائل أقم ف ّ‬
‫قال‪ :‬أنا ذا‪ .‬قال‪ :‬أتممت الوضوء وصليت معنا آنفا ً ؟ قببال‪:‬‬
‫نعم‪ .‬قال‪» :‬فإنك من خطيئتك كيوم ولدتك أمببك فل تعببد«‬
‫وأنزل الله على رسول الله }وأقم الصببلة طرفببي النهببار‬
‫وزلفا ً من الليل إن الحسنات يذهبن السببيئات ذلببك ذكببرى‬
‫للذاكرين{ وقال المام أحمد حدثنا عفان حببدثنا حمبباد بببن‬
‫سلمة أنبأنا علي بن زيد عببن أبببي عثمببان قببال كنببت‪ :‬مببع‬
‫سلمان الفارسي تحت شجرة فأخذ منها غصنا ً يابسا ً فهزه‬
‫حتى تحات ورقه ثم قال‪ :‬أبا عثمان أل تسببألني لببم أفعببل‬
‫هذا قلت ولم تفعله ؟ قال هكببذا فعببل رسببول اللببه صببلى‬
‫اللببه عليببه وسببلم فقببال‪ :‬إن المسببلم إذا توضببأ فأحسببن‬
‫الوضوء ثم صلى الصببلوات الخمببس تحبباتت خطايبباه كمببا‬
‫يتحات هببذا الببورق‪ .‬وقببال‪} :‬وأقببم الصببلة طرفببي النهببار‬
‫وزلفا ً من الليل إن الحسنات يذهبن السببيئات ذلببك ذكببرى‬
‫للذاكرين{ وقال المام أحمد حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن‬
‫حبيب بن أبي ثابت عن ميمون بن أبي شبيب عن معاذ أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لببه‪ :‬يببا معبباذ »أتبببع‬
‫السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلببق حسببن« وقببال‬
‫المببام أحمببد حببدثنا وكيببع حببدثنا سببفيان عببن حبببيب عببن‬
‫ميمون بن أبي شبيب عببن أبببي ذر أن رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪» :‬اتق الله حيثما كنببت وأتبببع السببيئة‬
‫الحسنة تمحها وخالق النبباس بخلببق حسببن« وقببال أحمببد‬
‫حدثنا أبو معاوية حدثنا العمش عن شبمر ببن عطيبة عبن‬
‫أشياخه عن أبي ذر قببال‪ :‬قلببت‪ :‬يببا رسببول اللببه أوصببني‪,‬‬
‫قال‪» :‬إذا عملت سيئة فأتبعها بحسنة تمحها« قال‪ :‬قلببت‪:‬‬
‫يا رسول الله أمن الحسنات ل إلببه إل اللببه ؟ قببال‪» :‬هببي‬
‫أفضل الحسنات« وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي حببدثنا‬
‫هذيل بن إبراهيم الجماني حدثنا عثمببان بببن عبببد الرحمببن‬
‫الزهري عن ولد سبعد ببن أببي وقباص عبن الزهبري عببن‬
‫أنس بببن مالببك قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬ما قال عبد ل إله إل الله فببي سبباعة مببن ليببل أو‬

‫‪333‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نهار إل طلست ما في الصحيفة من السيئات حتى تسببكن‬
‫إلى مثلها من الحسنات« عثمان بن عبد الرحمن يقال لببه‬
‫الوقاصي فيه ضعف‪ .‬وقال الحافظ أبببو بكببر البببزار حببدثنا‬
‫بشر بن آدم وزيد بن أخرم قال حببدثنا الضببحاك بببن مخلببد‬
‫حدثنا مستور بن عباد عن ثابت عن أنس أن رجل ً قببال‪ :‬يببا‬
‫رسول الله ما تركت من حاجة ول داجة فقال رسول اللببه‬
‫صبلى اللبه عليبه وسبلم‪» :‬تشبهد أن ل إلبه إل اللبه وأنبي‬
‫رسول الله ؟« قال‪ :‬بلى‪ .‬قال »فإن هذا يأتي على ذلببك«‬
‫تفبببببببرد ببببببببه مبببببببن هبببببببذا البببببببوجه مسبببببببتور‪.‬‬

‫كان من ال ُْقرون من قَبل ِك ُ ُ‬


‫ن‬ ‫عبب ِ‬‫ن َ‬ ‫م أوُْلوا ْ ب َِقي ّةٍ ي َن ْهَوْ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ُ ِ ِ‬ ‫** فَل َوْل َ َ َ ِ َ‬
‫ال َْفساد في الرض إل ّ قَِليل ً مم َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫م َوات ّب َبعَ ال ّب ِ‬ ‫من ْهُ ب ْ‬‫جي َْنا ِ‬‫ن أن َ‬ ‫ّ ّ ْ‬ ‫ْ ِ ِ‬ ‫َ ِ ِ‬
‫ُ‬
‫ك‬‫ن َرب ّب َ‬ ‫مببا ك َببا َ‬‫ن * وَ َ‬ ‫ميب َ‬ ‫جرِ ِ‬ ‫م ْ‬‫مآ أت ْرِفُببوا ْ ِفيبهِ وَك َبباُنوا ْ ُ‬‫موا ْ َ‬
‫ظ َل َ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫حو َ‬ ‫صببببببل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ال ُْقببببببَرىَ ب ِظ ُْلببببببم ٍ وَأهْل َُهببببببا ُ‬ ‫ل ِي ُهِْلبببببب َ‬
‫يقول تعالى فهل وجد من القرون الماضية بقايا من أهببل‬
‫الخير ينهون عما كان يقع بينهببم مببن الشببرور والمنكببرات‬
‫ل{ أي قد وجببد منهببم‬ ‫والفساد في الرض‪ ,‬وقوله‪} :‬إل قلي ً‬
‫من هذا الضرب قليل لم يكونوا كثيرا ً وهببم الببذين أنجبباهم‬
‫الله عند حلول غضبه وفجأة نقمته ولهببذا أمببر اللببه تعببالى‬
‫هذه المة الشببريفة أن يكببون فيهببا مببن يببأمر بببالمعروف‬
‫وينهى عبن المنكبر كمبا قببال تعببالى‪} :‬ولتكبن منكببم أمبة‬
‫يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عببن المنكببر‬
‫وأولئك هم المفلحون{ وفي الحببديث »إن النبباس إذا رأوا‬
‫المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهببم اللببه بعقبباب« ولهببذا‬
‫قال تعالى‪} :‬فلول كان من القرون من قبلكببم أولببو بقيببة‬
‫ينهون عن الفساد في الرض إل قليل ممن أنجينببا منهببم{‬
‫وقوله‪} :‬واتبع الذين ظلموا ما أترفببوا فيببه{ أي اسببتمروا‬
‫على ما هم عليه من المعاصي والمنكرات ولم يلتفتوا إلى‬
‫إنكار أولئك حتى فجببأهم العببذاب }وكببانوا مجرميببن{ ثببم‬
‫أخبر تعالى أنه لم يهلك قرية إل وهي ظالمة لنفسببها ولببم‬
‫يببأت قريببة مصببلحة بأسببه وعببذابه قببط حببتى يكونببوا هببم‬

‫‪334‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الظالمين كما قال تعببالى‪} :‬ومببا ظلمنبباهم ولكببن ظلمببوا‬
‫أنفسبببببهم{ وقبببببال‪} :‬ومبببببا رببببببك بظلم للعبيبببببد{‪.‬‬

‫ُ‬
‫ن‬‫حبد َةً وَل َ ي ََزال ُببو َ‬ ‫ة َوا ِ‬ ‫مب ً‬
‫سأ ّ‬ ‫ل الن ّببا َ‬ ‫جع َ ب َ‬‫ك لَ َ‬
‫شببآَء َرب ّب َ‬ ‫** وَل َبوْ َ‬
‫ة‬
‫مب ُ‬‫ت ك َل ِ َ‬‫مب ْ‬ ‫خل ََقُهب ْ‬
‫م وَت َ ّ‬ ‫ك َ‬‫ك وَل ِبذ َل ِ َ‬‫م َرب ّ َ‬‫ح َ‬‫من ّر ِ‬ ‫ن * إ ِل ّ َ‬ ‫خت َل ِِفي َ‬
‫م ْ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مِعيبببب َ‬ ‫ج َ‬
‫سأ ْ‬ ‫جن ّببببةِ َوالن ّببببا ِ‬ ‫ن ال ْ ِ‬‫مبببب َ‬‫م ِ‬ ‫جهَن ّبببب َ‬‫ن َ‬ ‫مل ّ‬ ‫كل ْ‬ ‫َرب ّبببب َ‬
‫يخبر تعالى أنه قادر على جعل الناس كلهببم أمببة واحببدة‬
‫لمن من‬ ‫من إيمان أو كفر كما قال تعالى‪} :‬ولو شاء ربك َ‬
‫في الرض كلهم جميعًا{ وقوله‪} :‬ول يزالون مختلفيببن إل‬
‫من رحم ربك{ أي ول يزال الخلف بين الناس في أديانهم‬
‫واعتقببادات مللهببم ونحلهببم ومببذاهبهم وآرائهببم‪ ,‬وقببال‬
‫عكرمببة‪ :‬مختلفيببن فببي الهببدى وقببال الحسببن البصببري‪:‬‬
‫مختلفيببن فببي الببرزق يسببخر بعضببهم بعض بًا‪ ,‬والمشببهور‬
‫الصبببحيح الول‪ .‬وقبببوله‪} :‬إل مبببن رحبببم رببببك{ أي إل‬
‫المرحومين من أتباع الرسل الذين تمسكوا بمببا أمببروا بببه‬
‫من الدين‪ ,‬أخبرتهم بببه رسببل اللببه إليهببم ولببم يببزل ذلببك‬
‫دأبهببم حببتى كببان النبببي وخبباتم الرسببل والنبيبباء فبباتبعوه‬
‫لخببرة لنهببم‬ ‫وصببدقوه ووازروه ففببازوا بسببعادة الببدنيا وا َ‬
‫الفرقة الناجية كما جاء في الحديث المروي في المسببانيد‬
‫والسنن من طرق يشد بعضها بعض با ً »إن اليهببود افببترقت‬
‫على إحببدى وسبببعين فرقببة وإن النصببارى افببترقت علببى‬
‫اثنببتين وسبببعين فرقببة وسببتفترق هببذه المببة علببى ثلث‬
‫وسبعين فرقة كلها في النار إل فرقة واحدة‪ ,‬قببالوا‪ :‬ومببن‬
‫هم يا رسول اللببه ؟ قببال »مببا أنببا عليببه وأصببحابي« رواه‬
‫الحبباكم فببي مسببتدركه بهببذه الزيببادة‪ ,‬وقبال عطبباء‪} :‬ول‬
‫يزالون مختلفين{ يعني اليهببود والنصببارى والمجببوس }إل‬
‫من رحم ربك{ يعني الحنيفية وقال قتادة أهل رحمة اللببه‬
‫أهل الجماعة وإن تفرقت ديارهم وأبدانهم وأهببل معصببيته‬
‫أهل فرقة وإن اجتمعت ديارهم وأبدانهم‪ ,‬وقوله‪} :‬ولببذلك‬
‫خلقهم{ قال الحسن البصببري فببي روايببة عنببه وللختلف‬
‫خلقهم‪ ,‬وقال مكي بن أبي طلحة عن ابن عببباس‪ :‬خلقهببم‬

‫‪335‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فريقيببن كقببوله‪} :‬فمنهببم شبقي وسببعيد{ وقيببل للرحمببة‬
‫خلقهم قال ابن وهب أخبرني مسلم بن خالد عن ابن أبببي‬
‫نجيح عن طبباوس‪ :‬أن رجليببن اختصببما إليببه فببأكثرا فقببال‬
‫طاوس اختلفتما وأكثرتما فقال أحد الرجلين‪ :‬لببذلك خلقنببا‬
‫فقال طاوس‪ :‬كذبت فقال أليس الله يقببول‪} :‬ول يزالببون‬
‫مختلفين إل من رحم ربك ولذلك خلقهم{ قال لم يخلقهم‬
‫ليختلفوا ولكن خلقهم للجماعة والرحمة كمببا قببال الحكببم‬
‫بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قببال‪ :‬للرحمببة خلقهببم‬
‫ولم يخلقهم للعذاب‪ ,‬وكذا قببال مجاهببد والضببحاك وقتببادة‬
‫ويرجع معنى هبذا القبول إلبى قبوله تعبالى‪} :‬ومبا خلقبت‬
‫الجببن والنببس إل ليعبببدون{ وقيببل بببل المببراد وللرحمببة‬
‫والختلف خلقهم كما قال الحسن البصري في رواية عنببه‬
‫في قوله‪} :‬ول يزالون مختلفين إل من رحببم ربببك ولببذلك‬
‫خلقهم{ قال الناس مختلفون علببى أديببان شببتى }إل مببن‬
‫رحم ربك{ فمن رحم ربببك غيببر مختلببف فقيببل لببه لببذلك‬
‫خلقهم قال خلق هببؤلء لجنتببه وخلببق هببؤلء لنبباره وخلببق‬
‫لعذابه وكذا قال عطاء بن أبي رباح والعمش‪ ,‬وقببال ابببن‬
‫وهب سألت مالكا ً عن قوله تعالى‪} :‬ول يزالببون مختلفيببن‬
‫إل من رحم ربك ولببذلك خلقهببم{ قببال فريببق فببي الجنببة‬
‫وفريق في السعير‪ ,‬وقد اختار هذا القول ابببن جريببر وأبببو‬
‫عبيببد الفببراء وعببن مالببك فيمببا روينببا عنببه مببن التفسببير‬
‫}ولذلك خلقهم{ قال للرحمة وقال قوم للختلف‪ .‬وقوله‪:‬‬
‫}وتمببت كلمببة ربببك لملن جهنببم مببن الجنببة والنبباس‬
‫أجمعين{ يخبر تعالى أنه قد سبق في قضائه وقدره لعلمه‬
‫التام وحكمته النافذة أن ممببن خلقببه مببن يسببتحق الجنببة‬
‫ومنهم من يستحق النار وأنه ل بد أن يمل جهنم من هببذين‬
‫الثقلين الجن والنس وله الحجة البالغببة والحكمببة التامببة‪,‬‬
‫وفي الصحيحين عبن أببي هريبرة قبال‪ :‬قبال رسبول اللبه‬
‫صلى الله عليببه وسببلم‪» :‬اختصببمت الجنببة والنببار فقببالت‬
‫الجنة‪ :‬ما لي ل يدخلني إل ضعفاء الناس وسقطهم وقالت‬
‫النار‪ :‬أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين فقال اللببه عببز وجببل‬
‫للجنة‪ :‬أنت رحمتي أرحم ببك مببن أشبباء وقبال للنببار أنبت‬

‫‪336‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عذابي أنتقم بك ممن أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها فأما‬
‫الجنبة فل يبزال فيهبا فضبل حبتى ينشبىء اللبه لهبا خلقبا ً‬
‫يسكن فضل الجنة وأما النار فل تزال تقول هل من مزيببد‬
‫حتى يضع عليها رب العزة قدمه فتقول قط قببط وعزتببك‪.‬‬

‫كم َ‬
‫ؤاد َ َ‬
‫ك‬ ‫ت ب ِبهِ فُب َ‬ ‫مببا ن ُث َب ّب ُ‬
‫ل َ‬ ‫س ِ‬ ‫ص عَل َي ْ َ ِ ْ‬
‫ن أن َْباِء الّر ُ‬ ‫** وَ ُ‬
‫كبل ّ ن ُّق ّ‬
‫ن‬
‫مِني َ‬ ‫كببَرىَ ل ِل ْ ُ‬
‫مببؤْ ِ‬ ‫ة وَذِ ْ‬ ‫ع َ‬
‫ظبب ٌ‬ ‫مو ْ ِ‬
‫حببقّ وَ َ‬ ‫هـببذِهِ ال ْ َ‬
‫ك ِفببي َ‬ ‫جببآَء َ‬
‫وَ َ‬
‫يقول تعالى وكل أخبار نقصبها عليبك مببن أنبباء الرسببل‬
‫المتقدمين مببن قبلببك مببع أممهببم وكيببف جببرى لهببم مببن‬
‫المحاجات والخصومات وما احتملببه النبيبباء مببن التكببذيب‬
‫والذى وكيببف نصببر اللببه حزبببه المببؤمنين وخببذل أعببداءه‬
‫الكافرين‪ .‬كل هذا مما نثبت به فؤادك أي قلبببك يببا محمببد‬
‫ليكون لك بمن مضى من إخوانببك مببن المرسببلين أسببوة‪,‬‬
‫وقوله‪} :‬وجاءك في هذه الحق{ أي هذه السورة قال ابن‬
‫عباس ومجاهد وجماعبة مبن السبلف‪ ,‬وعببن الحسبن فبي‬
‫روايببة عنببه وقتببادة فببي هببذه الببدنيا والصببحيح فببي هببذه‬
‫السورة المشتملة على قصص النبياء وكيف أنجبباهم اللببه‬
‫والمؤمنين بهم وأهلك الكببافرين جبباءك فيهببا قصببص حببق‬
‫ونبأ صدق وموعظة يرتدع بها الكافرون وذكرى يتببذكر بهببا‬
‫المؤمنبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببون‪.‬‬

‫مُلو َ‬
‫ن‬ ‫عببا ِ‬ ‫كان َت ِك ُ ْ‬
‫م إ ِّنا َ‬ ‫م َ‬
‫ى َ‬ ‫ن اعْ َ ُ ْ َ‬
‫ملوا عَل َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ن ل َ ي ُؤْ ِ‬ ‫** وَُقل ل ّل ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫ن‬‫ظبببببببببببببببُرو َ‬ ‫منت َ ِ‬‫ظبببببببببببببببُروَا ْ إ ِّنبببببببببببببببا ُ‬ ‫* َوان ْت َ ِ‬
‫يقول تعالى آمرا ً رسوله أن يقول للببذين ل يؤمنببون بمببا‬
‫جاء به من ربه على وجه التهديد }اعملوا على مكببانتكم{‬
‫أي علببى طريقتكببم ومنهجكببم }إنببا عبباملون{ أي علببى‬
‫طريقتنببببا ومنهجنببببا }وانتظببببروا إنببببا منتظببببرون{ أي‬
‫}فسببتعلمون مببن تكببون لببه عاقبببة الببدار إنببه ل يفلببح‬
‫الظالمون{ وقد أنجز اللببه لرسببوله وعببده ونصببره وأيببده‬
‫وجعل كلمته هي العليا وكلمة الذين كفروا السببفلى واللببه‬
‫عزيببببببببببببببببببببببببببببببببز حكيببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫‪337‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫مبُر ك ُل ّب ُ‬
‫ه‬ ‫جبعُ ال ْ‬ ‫ض وَإ ِل َي ْبهِ ي ُْر َ‬‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬‫سب َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫** َولل ّهِ غَي ْب ُ‬
‫مُلببو َ‬
‫ن‬ ‫مببا ت َعْ َ‬
‫ل عَ ّ‬ ‫ك ب َِغاِفبب ٍ‬ ‫ل عَل َْيببهِ وَ َ‬
‫مببا َرّببب َ‬ ‫َفاعُْبببد ْهُ وَت َوَ ّ‬
‫كبب ْ‬
‫يخبر تعالى أنه عالم غيب السببموات والرض وأنببه إليببه‬
‫المرجع والمآب‪ ,‬وسيؤتي كل عامل عملببه يببوم الحسبباب‪,‬‬
‫فله الخلق والمر‪ ,‬فأمر تعالى بعبادته والتوكل عليه‪ .‬فببإنه‬
‫كاف من توكل عليه وأناب إليه‪ ,‬وقوله‪} :‬وما ربببك بغافببل‬
‫عما تعملون{ أي ليس يخفبى عليبه مبا عليبه مكبذبوك يبا‬
‫محمد بل هو عليببم بببأحوالهم وسببيجزيهم علببى ذلببك أتببم‬
‫الجزاء في الدنيا والخرة وسينصببرك وحزبببك عليهببم فببي‬
‫الدارين‪ ,‬وقال ابن جريببر حببدثنا ابببن وكيببع حببدثنا زيببد بببن‬
‫الحباب عن جعفر بن سليمان عن أبي عمران الجوني عن‬
‫عبد الله بن رببباح عببن كعببب قببال‪ :‬خاتمببة التببوراة خاتمببة‬
‫هببود‪.‬آخببر تفسببير سببورة هببود عليببه السببلم وللببه الحمببد‬
‫والمنبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬

‫سبببببببببببببببببببببببببببببببببببورة يوسبببببببببببببببببببببببببببببببببببف‬
‫روى الثعلبي وغيره من طريق سببلم بببن سببلم‪ ,‬ويقببال‪:‬‬
‫سليم المدائني‪ ,‬وهو متروك عن هارون بن كثير‪ ,‬وقد نص‬
‫على جهالته أبو حاتم‪ ,‬عن زيد بن أسلم‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن أبي‬
‫أمامة‪ ,‬عن أبي بن كعب قال‪ :‬قال رسول الله صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم »علموا أرقاكم سورة يوسف‪ ,‬فإنه أيما مسلم‬
‫تلها أو علمها أهلببه أو مببا ملكببت يمينببه‪ ,‬هببون اللببه عليببه‬
‫سكرات الموت وأعطاه من القوة أن ل يحسببد مسببلمًا«‪,‬‬
‫وهذا من هذا الوجه ل يصح لضببعف إسببناده بالكليببة‪ ,‬وقببد‬
‫ساقه الحافظ ابن عساكر متابعا ً مببن طريببق القاسببم بببن‬
‫الحكم‪ ,‬عن هارون بن كببثير بببه‪ ,‬ومببن طريببق شبببابة عببن‬

‫‪338‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫محمببد بببن عبببد الواحببد النضببري‪ ,‬عببن علببي بببن زيببد بببن‬
‫جدعان‪ ,‬وعن عطاء بن أبي ميمونببة‪ ,‬عببن زر بببن حبببيش‪,‬‬
‫عن أبي بن كعب‪ ,‬عن النبي صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فببذكر‬
‫نحوه‪ ,‬وهببو منكببر مببن سببائر طرقببه‪ ,‬وروى البببيهقي فببي‬
‫الدلئل أن طائفة من اليهود حين سمعوا رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم يتلو هببذه السببورة أسببلموا لموافقتهببا مببا‬
‫عندهم‪ ,‬وهو من روايببة الكلبببي عببن أبببي صببالح عببن ابببن‬
‫عببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببباس‪.‬‬

‫حيبببببببببببم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سبببببببببببم ِ الل ّبببببببببببهِ الّر ْ‬
‫حمـببببببببببب ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫مِبين * إ ِّنآ أ َن َْزل ْن َبباهُ قُْرآن با ً عََرب ِي ّبا ً‬ ‫ب ال ْ ُ‬‫ت ال ْك َِتا ِ‬


‫ك آَيا ُ‬‫** اَلر ت ِل ْ َ‬
‫ك أَ‬ ‫ِ‬
‫مببآ‬‫ص بِ َ‬ ‫ب‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫ص عَل َي ْب َ‬ ‫ن ن َُقب ّ‬ ‫حب ُ‬ ‫ن * نَ ْ‬ ‫م ت َعِْقُلو َ‬ ‫ل ّعَل ّك ُ ْ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ن ال َْغببافِِلي َ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫من قَب ْل ِهِ ل َ ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫كن َ‬ ‫ن وَِإن ُ‬ ‫ذا ال ُْقْرآ َ‬ ‫هـ َ‬
‫ك َ‬‫حي َْنآ إ ِل َي ْ َ‬
‫أو ْ َ‬
‫أما الكلم على الحروف المقطعببة فقببد تقببدم فببي أول‬
‫سورة البقرة‪ .‬وقوله‪} :‬تلك آيات الكتبباب{ أي هببذه آيببات‬
‫الكتبباب‪ ,‬وهببو القببرآن المبببين‪ ,‬أي الواضببح الجلببي الببذي‬
‫يفصح عن الشياء المبهمة‪ ,‬ويفسرها ويبينهببا }إنببا أنزلنبباه‬
‫قرآنا ً عربيا ً لعلكم تعقلون{ وذلببك لن لغببة العببرب أفصببح‬
‫اللغات وأبينها وأوسعها وأكثرها تأدية للمعبباني الببتي تقببوم‬
‫بالنفوس‪ ,‬فلهذا أنزل أشرف الكتب بأشرف اللغات‪ ,‬علببى‬
‫أشرف الرسل بسفارة أشرف الملئكببة‪ ,‬وكببان ذلببك فببي‬
‫أشرف بقبباع الرض‪ ,‬وابتببدىء إنزالببه فببي أشببرف شببهور‬
‫السنة‪ ,‬وهو رمضان‪ ,‬فكمل مببن كببل الوجببوه‪ ,‬ولهببذا قببال‬
‫تعالى‪} :‬نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينببا إليببك‬
‫هبببذا القبببرآن{ بسببببب إيحائنبببا إليبببك هبببذا القبببرآن‪.‬‬
‫ليببة مببا رواه ابببن جريببر‪:‬‬ ‫وقد ورد في سبب نزول هذه ا َ‬
‫حدثني نصر بن عبد الرحمن الودي‪ ,‬حببدثنا حكببام الببرازي‬
‫عببن أيببوب‪ ,‬عبن عمببرو هبو ابببن قيببس الملئي‪ ,‬عبن اببن‬
‫عباس قال‪ :‬قالوا‪ :‬يا رسول الله صلى الله عليه وسلم لببو‬
‫قصصببت علينببا ؟ فنزلببت }نحببن نقببص عليببك أحسببن‬

‫‪339‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫القصببص{‪ ,‬ورواه مببن وجببه آخببر عببن عمببرو بببن قيببس‬
‫ل‪ .‬وقال أيضًا‪ .‬حدثنا محمد بن سعيد القطببان‪ ,‬حببدثنا‬ ‫مرس ً‬
‫عمرو بن محمد‪ ,‬أنبأنا خالد الصفار عن عمببرو بببن قيببس‪,‬‬
‫عن عمرو بن مرة‪ ,‬عن مصعب بن سببعد‪ ,‬عببن أبيببه قببال‪:‬‬
‫أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن‪ .‬قببال‪ :‬فتله‬
‫عليهم زمانبًا‪ ,‬فقببالوا‪ :‬يارسببول اللببه لببو قصصببت علينببا ؟‬
‫فأنزل الله عز وجل }الر تلك آيات الكتبباب المبببين{ إلببى‬
‫قوله‪} :‬لعلكم تعقلون{ ثببم تله عليهببم زمان بًا‪ ,‬فقببالوا‪ :‬يببا‬
‫رسول الله لو حببدثتنا‪ ,‬فببأنزل اللببه عببز وجببل }اللببه نببزل‬
‫لية‪ ,‬وذكر الحببديث‪ ,‬ورواه الحبباكم مببن‬ ‫أحسن الحديث{ ا َ‬
‫حديث إسحاق بن راهويه عن عمببرو بببن محمببد القرشببي‬
‫المنقري به‪ ,‬وروى ابن جرير بسنده عن المسببعودي‪ ,‬عببن‬
‫عون بن عبد الله قال‪ :‬مل أصحاب رسول الله صلى اللببه‬
‫عليه وسلم ملة فقالوا‪ :‬يا رسول اللببه حببدثنا‪ ,‬فببأنزل اللببه‬
‫}الله نزل أحسن الحديث{ ثم ملوا ملة أخرى‪ ,‬فقالوا‪ :‬يببا‬
‫رسببول اللببه حببدثنا فببوق الحببديث‪ ,‬ودون القببرآن يعنببون‬
‫القصص‪ ,‬فببأنزل اللببه عببز وجببل }الببر تلببك آيببات الكتبباب‬
‫المبين إنا أنزلناه قرآنا ً عربيا ً لعلكم تعقلببون * نحببن نقببص‬
‫لية‪ ,‬فأرادوا الحديث‪ ,‬فدلهم على‬ ‫عليك أحسن القصص{ ا َ‬
‫أحسببن الحببديث‪ ,‬وأرادوا القصببص فببدلهم علببى أحسببن‬
‫القصبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببص‪.‬‬
‫ليبة الكريمبة المشبتملة‬ ‫ومما يناسبب ذكبره عنبد هبذه ا َ‬
‫على مدح القرآن‪ ,‬وأنه كاف عن كل ما سواه مببن الكتببب‬
‫مببا رواه المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا سببريج بببن النعمببان‪ ,‬أنبأنببا‬
‫هشيم‪ ,‬أنبأنا مجالد عن الشعبي‪ ,‬عن جابر بن عبد اللببه أن‬
‫عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسببلم بكتبباب‬
‫أصابه من بعض أهل الكتاب‪ ,‬فقرأه على النبي صلى اللببه‬
‫وكببون فيهببا يببا ابببن‬ ‫عليه وسلم‪ .‬قال‪ :‬فغضب وقال‪» :‬أمته ّ‬
‫الخطاب ؟ والذي نفسي بيده‪ ,‬لقد جئتكم بها بيضاء نقيببة‪,‬‬
‫ل تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبونه‪ ,‬أو بباطببل‬
‫فتصدقونه‪ ,‬والذي نفسي بيده‪ ,‬لو أن موسى كببان حي ّبا ً مببا‬
‫وسببعه إل أن يتبعنببي«‪ .‬وقببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا عبببد‬

‫‪340‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرزاق‪ ,‬أنبأنا سفيان عن جابر‪ ,‬عن الشعبي‪ ,‬عن عبد اللببه‬
‫بن ثابت قال‪ :‬جاء عمر إلى رسول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم فقال‪ :‬يا رسول الله إني مررت بأخ لي من قريظة‪,‬‬
‫فكتب لي جوامببع مببن التببوراة أل أعرضببها عليببك ؟ قببال‪:‬‬
‫فتغير وجه رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‪ ,‬قببال عبببد‬
‫الله بن ثابت‪ :‬فقلت له‪ :‬أل ترى ما بوجه رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم ؟ فقال عمر‪ :‬رضببينا بببالله رب با ً وبالسببلم‬
‫ل‪ .‬قال‪ :‬فسببري عببن النبببي صببلى اللببه‬ ‫دينًا‪ ,‬وبمحمد رسو ً‬
‫عليه وسلم وقال‪» :‬والببذي نفببس محمببد بيببده‪ ,‬لببو أصبببح‬
‫فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم‪ ,‬إنكم حظببي‬
‫مببببببن المببببببم‪ ,‬وأنببببببا حظكببببببم مببببببن النبببببببيين«‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي‪ :‬حدثنا عبببد الغفببار بببن‬
‫عبد الله بن الزبير‪ ,‬حدثنا علي بن مسعر عن عبد الرحمن‬
‫بن إسحاق‪ ,‬عن خليفة بببن قيببس‪ ,‬عببن خالببد بببن عرفطببة‬
‫قال‪ :‬كنت جالسا ً عند عمر إذ أتي برجل مببن عبببد القيببس‬
‫مسببكنه بالسببوس‪ ,‬فقببال لببه عمببر‪ :‬أنببت فلن بببن فلن‬
‫العبدي ؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬وأنببت النببازل بالسببوس ؟ قببال‪:‬‬
‫نعم‪ ,‬فضربه بقناة معه‪ ,‬قال‪ :‬فقال الرجل‪ :‬ما لي يببا أميببر‬
‫المبؤمنين ؟ فقبال لبه عمبر‪ :‬اجلبس فجلبس‪ ,‬فقبرأ عليبه‬
‫}بسببم اللبه الرحمببن الرحيببم * آلببر * تلببك آيببات الكتبباب‬
‫المبين * إنا أنزلناه قرآنا ً عربيا ً لعلكم تعقلون * نحن نقص‬
‫عليك أحسن القصص ب إلى قوله ب لمن الغافلين{ فقرأهببا‬
‫عليه ثلثًا‪ ,‬وضربه ثلثبًا‪ ,‬فقببال لببه الرجببل‪ :‬مببا لببي يبباأمير‬
‫المؤمنين ؟ فقال‪ :‬أنت الذي نسببخت كتبباب دانيببال‪ .‬قببال‪:‬‬
‫مرني بأمرك أتبعه‪ ,‬قال‪ :‬انطلق فامحه بالحميم والصببوف‬
‫البيض ثم ل تقرأه ول تقرئه أحدا ً من النبباس فلئن بلغنببي‬
‫عنك أنك قرأته أو أقرأته أحدا ً من الناس لنهكنببك عقوبببة‪,‬‬
‫ثم قال‪ ,‬له اجلس فجلس بيببن يببديه‪ ,‬فقببال‪ :‬انطلقببت أنببا‬
‫فانتسخت كتابا ً من أهببل الكتبباب‪ ,‬ثببم جئت بببه فببي أديببم‪,‬‬
‫فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ما هببذا فببي‬
‫يدك يا عمر ؟« قال‪ :‬قلت‪ :‬يببا رسببول اللببه كتبباب نسببخته‬
‫لنزداد به علما ً إلى علمنا‪ ,‬فغضب رسول اللببه صببلى اللببه‬

‫‪341‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليه وسلم حتى احمرت وجنتاه‪ ,‬ثم نودي بالصلة جامعة‪,‬‬
‫فقالت النصار‪ :‬أغضب نبيكم الله صلى الله عليه وسلم ؟‬
‫السلح السلح‪ ,‬فجبباءوا حببتى أحببدقوا بمنبببر رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم فقال‪» :‬يا أيها الناس إني قد أوتيببت‬
‫جوامع الكلم وخواتيمه‪ ,‬واختصر لي اختصارًا‪ ,‬ولقد أتيتكببم‬
‫بها بيضاء نقية‪ ,‬فل تتهوكببوا ول يغرنكببم المتهوكببون« قببال‬
‫عمر‪ :‬فقمت فقلت‪ :‬رضيت بالله ربا ً وبالسببلم دينبًا‪ ,‬وبببك‬
‫ل‪ ,‬ثم نزل رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم‪ ,‬وقببد‬ ‫رسو ً‬
‫رواه ابن أبي حاتم في تفسيره مختصببرا ً مببن حببديث عبببد‬
‫الرحمن بن إسحاق به وهذا حديث غريب من هببذا الببوجه‪,‬‬
‫وعبد الرحمن بن إسببحاق هببو أبببو شببيبة الواسببطي‪ ,‬وقببد‬
‫ضعفوه وشيخه‪ .‬قال البخاري‪ :‬ل يصح حببديثه‪ ,‬قلببت‪ :‬وقببد‬
‫روي له شاهد من وجه آخر‪ ,‬فقال الحافظ أبببو بكببر أحمببد‬
‫بن إبراهيم السماعيلي‪ :‬أخبرني الحسن بن سفيان‪ ,‬حدثنا‬
‫يعقوب بن سببفيان‪ ,‬حببدثنا إسببحاق بببن إبراهيببم بببن العلء‬
‫الزبيدي‪ ,‬حدثني عمببرو بببن الحببارث‪ ,‬حببدثنا عبببد اللببه بببن‬
‫سالم الشعري عببن الزبيببدي‪ ,‬حببدثنا سببليم بببن عببامر أن‬
‫جبير بن نفير حدثهم أن رجلين كانا بحمص في خلفة عمر‬
‫رضببي اللببه عنببه‪ ,‬فأرسببل إليهمببا فيمببن أرسببل مببن أهببل‬
‫حمص‪ ,‬وكانا قد اكتتبا من اليهود صلصفة فأخببذاها معهمببا‬
‫يستفتيان فيها أمير المؤمنين يقولون‪ :‬إن رضببيها لنببا أميببر‬
‫المؤمنين ازددنا فيها رغبة‪ ,‬وإن نهانا عنهببا رفضببناها‪ ,‬فلمببا‬
‫قدما عليه قال‪ :‬إنا بأرض أهببل الكتبباب‪ ,‬وإنببا نسببمع منهببم‬
‫كلما ً تقشعر منببه جلودنببا‪ ,‬أفنأخببذ منببه أو نببترك ؟ فقببال‪:‬‬
‫لعلكمببا كتبتمببا منببه شببيئا ً ؟ فقببال‪ :‬ل‪ ,‬قببال سببأحدثكما‪:‬‬
‫انطلقت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم حببتى أتيببت‬
‫خيبر‪ ,‬فوجدت يهوديا ً يقول قول ً أعجبني‪ ,‬فقلت‪ :‬هببل أنببت‬
‫مكتبي مما تقول ؟ قببال‪ :‬نعببم فببأتيت بببأديم‪ ,‬فأخببذ يملببي‬
‫علي حتى كتبت في الكرع‪ ,‬فلما رجعت قلت‪ :‬يا نبي اللببه‬
‫وأخبرته‪ .‬قال »ائتنببي بببه« فببانطلقت أرغببب عببن الشببيء‬
‫رجاء أن أكون جئت رسول الله ببعض ما يحب‪ ,‬فلما أتيت‬
‫به قال‪» :‬اجلس اقرأ علي« فقرأت ساعة‪ ,‬ثم نظرت إلى‬

‫‪342‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وجه رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‪ ,‬فببإذا هببو يتلببون‪,‬‬
‫فتحيرت من الفببرق‪ ,‬فمببا اسببتطعت أن أجيببز منببه حرفببا‪,‬‬
‫فلمببا رأى الببذي بببي رفعببه ثببم جعببل يتبعببه رسببما ً رسببما ً‬
‫فيمحببوه بريقببه‪ ,‬وهببو يقببول‪» :‬ل تتبعببوا هببؤلء فببإنهم قببد‬
‫هوكوا وتهوكوا« حتى محببا آخببره حرفبا ً حرفبًا‪ .‬قببال عمببر‬
‫رضي الله عنه‪ :‬فلو علمت أنكما كتبتما منه شيئا ً جعلتكمببا‬
‫نكال ً لهذه المة‪ ,‬قال‪ :‬والله ما نكتب منه شيئا ً أبدًا‪ ,‬فخرجا‬
‫بصلصفتهما‪ ,‬فحفرا لها‪ ,‬فلم يألوا أن يعمقا ودفناها‪ ,‬فكان‬
‫آخببر العهببد منهببا‪ ,‬وهكببذا روى الثببوري عببن جببابر بببن‬
‫يزيد(الجعفى عن الشعبي عن عبد الله بن ثابت النصبباري‬
‫عن عمر بن الخطاب بنحوه‪ ,‬وروى أبو داود في المراسيل‬
‫مببن حببديث أبببي قلبببة عببن عمببر نحببوه‪ ,‬واللببه أعلببم‪.‬‬

‫كب با ً‬
‫ش بَر ك َوْ َ‬
‫ح بد َ عَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫** إ ِذ ْ َقا َ‬
‫تأ َ‬‫ت إ ِّني َرأي ْب ُ‬ ‫ف لِبيهِ ي َأب ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ل ُيو ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫دي َ‬ ‫ج ِ‬‫سببببببا ِ‬
‫م ِلببببببي َ‬ ‫مببببببَر َرأي ْت ُُهبببببب ْ‬ ‫س َوال َْق َ‬‫م َ‬ ‫شبببببب ْ‬ ‫َوال ّ‬
‫يقول تعالى‪ :‬اذكر لقومك يا محمد فببي قصصببك عليهببم‬
‫من قصة يوسف إذ قال لبيه‪ ,‬وأبوه هو يعقوب بن إسحاق‬
‫بن إبراهيم عليهم السلم‪ ,‬كمببا قببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا‬
‫عبد الصمد حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بببن دينببار‪ ,‬عببن‬
‫أبيه عن ابن عمر أن رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫قال‪» :‬الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابببن الكريببم يوسببف‬
‫بببن يعقببوب بببن إسببحاق بببن إبراهيببم« انفببرد بببإخراجه‬
‫البخاري‪ ,‬فرواه عن عبد الله بن محمد عن عبد الصمد به‪,‬‬
‫وقال البخاري أيضًا‪ :‬حدثنا محمد‪ ,‬أنبأنا عبدة عن عبيد الله‬
‫عن سعيد بن أبي سعيد‪ ,‬عن أبي هريرة قال‪ :‬سئل رسول‬
‫اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪ ,‬أي النبباس أكببرم ؟ قببال‪:‬‬
‫»أكرمهم عند الله أتقاهم« قالوا‪ :‬ليس عببن هببذا نسببألك‪.‬‬
‫قال‪» :‬فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي‬
‫الله ابن خليل الله« قبالوا‪ :‬ليببس عببن هبذا نسببألك‪ ,‬قبال‪:‬‬
‫»فعببن معببادن العببرب تسببألوني ؟« قببالوا‪ :‬نعببم‪ .‬قببال‬

‫‪343‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫»فخياركم في الجاهلية خياركم في السلم إذا فقهوا« ثم‬
‫قبببببال‪ :‬تبببببابعه أببببببو أسبببببامة عبببببن عبيبببببد اللبببببه‪.‬‬
‫وقال ابن عباس رؤيا النبياء وحي‪ ,‬وقد تكلم المفسرون‬
‫على تعبير هببذا المنببام أن الحببد عشببر كوكببا ً عبببارة عببن‬
‫إخوته‪ ,‬وكببانوا أحببد عشببر رجل ً سببواه‪ ,‬والشببمس والقمببر‬
‫عبارة عن أمه وأبيه‪ .‬روي هذا عببن ابببن عببباس والضببحاك‬
‫وقتادة وسفيان الثوري وعبد الرحمن بببن زيببد بببن أسببلم‪,‬‬
‫وقد وقع تفسيرها بعد أربعين سببنة‪ ,‬وقيببل‪ :‬ثمببانين سببنة‪,‬‬
‫وذلك حين رفع أبويه على العرش وهو سريره وإخوته بين‬
‫يديه }وخّروا له سجدا ً وقال يا أبت هذا تأويببل رؤيبباي مببن‬
‫قبل قد جعلها ربي حقًا{ وقد جاء في حديث تسببمية هببذه‬
‫الحد عشر كوكبًا‪ ,‬فقال المام أبو جعفر بن جرير‪ :‬حببدثني‬
‫علي بن سعيد الكندي‪ ,‬حدثنا الحكم بن ظهير عن السببدي‬
‫عن عبد الرحمن بببن سببابط‪ ,‬عببن جببابر قببال‪ :‬أتببى النبببي‬
‫صلى الله عليببه وسببلم رجببل مببن يهببود يقببال لببه بسببتانة‬
‫اليهودي‪ ,‬فقال له‪ :‬يا محمببد أخبببرني عببن الكببواكب الببتي‬
‫رآها يوسف أنها ساجدة له‪ ,‬مببا أسببماؤها ؟ قببال‪ :‬فسببكت‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ساعة فلم يجبه بشيء‪ .‬ونببزل‬
‫عليه جبريل عليه السببلم فببأخبره بأسببمائها‪ ,‬قببال‪ :‬فبعببث‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم إليببه فقببال‪» :‬هببل أنببت‬
‫مؤمن إذا أخبرتك بأسمائها ؟« فقال‪ :‬نعم‪ .‬قببال »جريببان‪,‬‬
‫والطبببارق‪ ,‬والبببذيال‪ ,‬وذو الكنفبببات‪ ,‬وقبببابس‪ ,‬ووثببباب‪,‬‬
‫وعمببودان‪ ,‬والفيلببق‪ ,‬والمصبببح‪ ,‬والضببروح‪ ,‬وذو الفببرغ‪,‬‬
‫والضياء‪ ,‬والنور« فقال اليهودي‪ :‬إي وا لله إنها لسببماؤها‪.‬‬
‫ورواه البيهقي في الدلئل من حديث سببعيد بببن منصببور‬
‫عن الحكم بن ظهير‪ .‬وقد روى هذا الحديث الحافظان أبببو‬
‫يعلى الموصلي وأبو بكر البزار في مسببنديهما‪ ,‬وابببن أبببي‬
‫حاتم في تفسببيره‪ ,‬أمببا أبببو يعلببى فببرواه عببن أربعببة مببن‬
‫شيوخه عن الحكم بن ظهيببر بببه‪ ,‬وزاد‪ :‬قببال رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬لما رآها يوسف قصببها علببى أبيببه‬
‫يعقوب فقال له أبوه‪ :‬هذا أمببر متشببتت يجمعببه اللببه مببن‬
‫مه« تفببرد بببه الحكببم‬ ‫بعد‪ ,‬ب قال ب والشمس أبوه والقمر أ ّ‬

‫‪344‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن ظهير الفزاري وقد ضعفه الئمة وتركه الكثرون‪ ,‬وقال‬
‫الجوزجاني‪ :‬ساقط وهببو صبباحب حببديث حسببن‪ ,‬ثببم ذكببر‬
‫الحديث المروي عن جابر أن يهوديا ً سأل النبي صلى اللببه‬
‫عليه وسلم عن الكواكب التي رآها يوسف‪ ,‬ما أسببماؤها ؟‬
‫وأنه أجابه‪ ,‬ثم قال‪ :‬تفرد به الحكم بن ظهير‪ ,‬وقببد ضببعفه‬
‫الربعبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬

‫دوا ْ ل َب َ‬
‫ك‬ ‫كيب ُ‬ ‫خوَت ِب َ‬
‫ك فَي َ ِ‬ ‫ى إِ ْ‬ ‫ص ُرؤْي َببا َ َ‬
‫ك عَلب َ‬ ‫صب ْ‬ ‫ي ل َ ت َْق ُ‬ ‫** َقا َ‬
‫ل ي َب ُن َ ّ‬
‫ن‬
‫مِبيبببببب ٌ‬ ‫عببببببد ُوّ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫سببببببا ِ‬
‫ن ل ِل ِن ْ َ‬ ‫شببببببي ْ َ‬
‫طا َ‬ ‫ن ال ّ‬‫ك َْيببببببدا ً إ ِ ّ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن قببول يعقببوب لبنببه يوسببف حيببن‬
‫قص عليه مببا رأى مببن هببذه الرؤيببا الببتي تعبيرهببا خضببوع‬
‫إخوته له‪ ,‬وتعظيمهم إياه تعظيم با ً زائدا ً بحيببث يخببرون لببه‬
‫سبباجدين إجلل ً واحترامبا ً وإكرامبًا‪ ,‬فخشببي يعقببوب عليببه‬
‫السلم أن يحدث بهذا المنام‪ ,‬أحدا ً من إخببوته فيحسببدونه‬
‫على ذلك‪ ,‬فيبغون له الغوائل حسدا ً منهم لببه‪ ,‬ولهببذا قببال‬
‫له‪} :‬ل تقصص رؤياك على إخوتك فيكيببدوا لببك كيببدًا{ أي‬
‫يحتالوا لببك حيلببة يردونببك فيهببا‪ ,‬ولهببذا ثبتببت السببنة عببن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال »إذا رأى أحدكم ما‬
‫يحب فليحدث به‪ ,‬وإذا رأى مببا يكببره فليتحببول إلببى جنبببه‬
‫لخر‪ ,‬وليتفل عن يساره ثلثًا‪ ,‬وليستعذ بببالله مببن شببرها‪,‬‬ ‫ا َ‬
‫لخبر‬ ‫ول يحدث بها أحدا ً فإنها لبن تضبره« وفبي الحبديث ا َ‬
‫البذي رواه المبام أاحمبد وبعبض أهبل السبنن مبن روايبة‬
‫معاوية بن حيدة‪ ,‬القشيري أنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر‪ ,‬فببإذا‬
‫عبرت وقعت« ومن هذا يؤخذ المر بكتمببان النعمببة حببتى‬
‫توجد وتظهر‪ ,‬كما ورد في حببديث »اسببتعينوا علببى قضبباء‬
‫الحبببوائج بكتمانهبببا‪ ,‬فبببإن كبببل ذي نعمبببة محسبببود«‪.‬‬

‫ْ‬
‫م‬
‫ث وَي ُت ِب ّ‬‫حبباِدي ِ‬ ‫ل ال َ‬
‫من ت َأِوي ب ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫م َ‬‫ك وَي ُعَل ّ ُ‬
‫ك َرب ّ َ‬‫جت َِبي َ‬
‫ك يَ ْ‬‫** وَك َذ َل ِ َ‬
‫مبن‬ ‫ك ِ‬ ‫ى أ َب َوَْيب َ‬ ‫َ‬
‫مَهبآ عَلب َ‬
‫َ‬
‫مبآ أت َ ّ‬ ‫ب كَ َ‬ ‫ل ي َعُْقو َ‬ ‫ىآ ِ‬ ‫َ‬
‫ك وَعَل َ‬ ‫ه عَل َي ْ َ‬‫مت َ ُ‬
‫ن ِعْ َ‬
‫م‬‫كيبببب ٌ‬ ‫ح ِ‬
‫م َ‬ ‫ك عَِليبببب ٌ‬‫ن َرّببببب َ‬ ‫حاقَ إ ِ ّ‬ ‫سبببب َ‬ ‫م وَإ ِ ْ‬‫هيبببب َ‬ ‫قَْببببب ُ‬
‫ل إ ِب َْرا ِ‬
‫‪345‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن قول يعقببوب لولببده يوسببف‪ :‬إنببه‬
‫كما اختارك ربك وأراك هذه الكواكب مع الشمس والقمببر‬
‫ساجدة لك }كذلك يجتبيببك رببك{ أي يختببارك ويصبطفيك‬
‫لنبوته }ويعلمك من تأويببل الحبباديث{ قببال مجاهببد وغيببر‬
‫واحد‪ :‬يعني تعبير الرؤيا }ويتم نعمته عليببك{ أي بإرسببالك‬
‫واليحاء إليك‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬كما أتمها على أبويك من قبببل‬
‫إبراهيم{ وهو الخليل }وإسببحاق{ ولببده وهببو الذبيببح فببي‬
‫قول‪ ,‬وليس بالرجيح }إن ربك عليم حكيببم{ أي هبو أعلببم‬
‫ليببة الخبببرى‪.‬‬‫حيبببث يجعبببل رسبببالته‪ ,‬كمببا قبببال فببي ا َ‬

‫ن * إ ِذ ْ َقبباُلوا ْ‬ ‫سائ ِِلي َ‬ ‫ت ّلل ّ‬ ‫خوَت ِهِ آَيا ٌ‬


‫ف وَإ ِ ْ‬‫س َ‬ ‫ن ِفي ُيو ُ‬ ‫كا َ‬ ‫** ل َّقد ْ َ‬
‫ن أ ََباَنا ل َِفي‬ ‫ة إِ ّ‬ ‫صب َ ٌ‬‫ن عُ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫مّنا وَن َ ْ‬
‫خوه أ َحب إل َ َ‬
‫ى أِبيَنا ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ف وأ َ‬
‫س ُ َ‬ ‫ل َُيو ُ‬
‫م‬‫ل ل َك ُب ْ‬ ‫خب ُ‬ ‫حببوهُ أ َْرضبا ً ي َ ْ‬ ‫ف أوِ اط َْر ُ‬
‫ضل َل مبين * اقْتُلوا ْ يوس َ َ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ٍَ ّ ِ ٍ‬
‫ل‬ ‫ل قَببآئ ِ ٌ‬‫ن * قَببا َ‬ ‫حي َ‬ ‫وم با ً َ‬
‫صببال ِ ِ‬ ‫من ب َعْدِهِ قَ ْ‬ ‫كوُنوا ْ ِ‬ ‫م وَت َ ُ‬ ‫ه أِبيك ُ ْ‬‫ج ُ‬‫وَ ْ‬
‫َ‬
‫ب ي َل ْت َِقط ْب ُ‬
‫ه‬ ‫جب ّ‬ ‫ف وَأل ُْقببوهُ فِببي غََياب َبةِ ال ْ ُ‬ ‫سب َ‬ ‫م ل َ ت َْقت ُل ُببوا ْ ُيو ُ‬ ‫من ْهُ ْ‬
‫ّ‬
‫ن‬‫عِلي َ‬ ‫م فَببببببببببا ِ‬ ‫ُ‬
‫سببببببببببّياَرةِ ِإن كنت ُبببببببببب ْ‬ ‫ض ال ّ‬ ‫ب َعْبببببببببب ُ‬
‫يقول تعالى‪ :‬لقد كان في قصة يوسف وخبره مببع إخببوته‬
‫آيات‪ ,‬أي عبرة ومواعظ للسائلين عببن ذلببك المسببتخبرين‬
‫عنببه‪ ,‬فببإنه خبببر عجيببب يسببتحق أن يخبببر عنببه }إذ قببالوا‬
‫ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا{ أي حلفوا فيمببا يظنببون‬
‫والله ليوسف وأخوه‪ ,‬يعنببون بنيببامين وكببان شببقيقه لمببه‬
‫}أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة{ أي جماعة‪ ,‬فكيف أحببب‬
‫ن أبانا لفي ضلل مبين{‬ ‫ذينك الثنين أكثر من الجماعة }إ ّ‬
‫يعنببون فببي تقببديمهما علينببا‪ ,‬ومحبتببه إياهمببا أكببثر منببا‪.‬‬
‫واعلم أنه لم يقم دليل على نبوة إخببوة يوسببف‪ ,‬وظبباهر‬
‫هذا السياق يدل على خلف ذلك‪ ,‬ومن النبباس مببن يزعببم‬
‫أنهم أوحي إليهم بعد ذلك‪ ,‬وفي هذا نظر‪ ,‬ويحتبباج مببدعي‬
‫ذلك إلى دليل‪ ,‬ولم يذكروا سوى قوله تعالى‪} :‬قولوا آمنببا‬
‫بالله ومببا أنببزل إلينببا ومببا أنببزل إلببى إبراهيببم وإسببماعيل‬
‫وإسحاق ويعقوب والسباط{ وهذا فيه احتمال لن بطببون‬
‫بني إسرائيل يقال لهم السباط‪ ,‬كما يقببال للعببرب قبببائل‬

‫‪346‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وللعجم شعوب‪ ,‬يذكر تعببالى أنببه أوحببى إلببى النبيبباء مببن‬
‫أسباط بني إسرائيل فذكرهم إجمال ً لنهم كببثيرون‪ ,‬ولكببن‬
‫كل سبط من نسل رجل من إخوة يوسف‪ ,‬ولم يقم دليببل‬
‫على أعيان هؤلء أنهم أوحي إليهببم‪ ,‬واللببه أعلببم‪} ,‬اقتلببوا‬
‫يوسف أو اطرحوه أرضا ً يخل لكم وجببه أبيكببم{ يقولببون‪:‬‬
‫هذا الذي يزاحمكم في محبة أبيكم لكم أعدموه مببن وجببه‬
‫أبيكم‪ ,‬ليخلو لكم وحببدكم‪ ,‬إمببا بببأن تقتلببوه أو تلقببوه فببي‬
‫أرض مببن الراضببي تسببتريحوا منببه‪ ,‬وتخلببوا أنتببم بببأبيكم‬
‫}وتكونوا من بعده قوما ً صببالحين{ فأضببمروا التوبببة قبببل‬
‫الذنب }قال قائل منهم{ قال قتادة ومحمببد بببن إسببحاق‪:‬‬
‫وكان أكبببرهم واسببمه روبيببل‪ .‬وقببال السببدي‪ :‬الببذي قببال‬
‫ذلك‪ ,‬يهوذا‪ .‬وقببال مجاهببد هببو شببمعون الصببفا }ل تقتلببوا‬
‫يوسف{ أي ل تصلوا في عببداوته وبغضببه إلببى قتلببه‪ ,‬ولببم‬
‫يكن لهم سبيل إلى قتله لن الله تعالى كان يريد منه أمرا ً‬
‫ل بد من إمضائه وإتمببامه مببن اليحبباء إليببه بببالنبوة‪ ,‬ومببن‬
‫التمكيبن لبه ببلد مصبر والحكبم بهبا‪ ,‬فصبرفهم اللبه عنبه‬
‫بمقالة روبيل فيببه وإشببارته عليهببم بببأن يلقببوه فببي غيابببة‬
‫الجب وهببو أسببفله‪ .‬قببال قتببادة‪ :‬وهببي بئر بيببت المقببدس‬
‫}يلتقطببه بعببض السببيارة{ أي المببارة مببن المسببافرين‬
‫فتستريحوا منه بهذا ول حاجة إلى قتله }إن كنتم فاعلين{‬
‫أي إن كنتببم عببازمين علببى مببا تقولببون‪ .‬قببال محمببد بببن‬
‫إسحاق بن يسار‪ :‬لقد اجتمعوا على أمر عظيم من قطيعة‬
‫الرحم‪ ,‬وعقوق الوالد‪ ,‬وقلة الرأفة بالصغير الضببرع الببذي‬
‫ل ذنب له‪ ,‬وبالكبير الفبباني ذي الحببق والحرمببة والفضببل‪,‬‬
‫وخطره عند الله مع حق الوالد علببى ولببده‪ ,‬ليفرقببوا بينببه‬
‫وبين أبيه وحبيبه على كبر سببنه ورقببة عظمببه‪ ,‬مببع مكببانه‬
‫من الله فيمن أحبه طفل ً صببغيرًا‪ ,‬وبيببن ابنببه علببى ضببعف‬
‫قوته وصغر سنه وحاجته إلى لطبف والبده وسبكونه إليبه‪,‬‬
‫يغفر الله لهببم وهببو أرحببم الراحميببن‪ ,‬فقببد احتملببوا أمببرا ً‬
‫عظيما ً رواه ابن أبي حاتم مبن طريبق سبلمة ببن الفضبل‬
‫عنبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬

‫‪347‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫حو َ‬ ‫ه ل ََنا ِ‬
‫ص ُ‬ ‫ف وَإ ِّنا ل َ ُ‬
‫س َ‬ ‫ى ُيو ُ‬ ‫َ‬
‫مّنا عَل َ‬ ‫ك ل َ ت َأ َ‬ ‫ما ل َ َ‬
‫** َقاُلوا ْ َيبأَباَنا َ‬
‫حببافِ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ظو َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ب وَإ ِّنببا َلبب ُ‬
‫غببدا ً ي َْرَتببعْ وَي َل َْعبب ْ‬‫معََنببا َ‬
‫ه َ‬ ‫سببل ْ ُ‬
‫* أْر ِ‬
‫لما تواطأوا على أخذه وطرحه في البببئر كمببا أشببار بببه‬
‫عليهم أخببوهم الكبببير روبيببل‪ ,‬جبباءوا أببباهم يعقببوب عليببه‬
‫السبلم فقببالوا‪ :‬مبا بالبك }ل تأمنببا علببى يوسببف وإنبا لبه‬
‫لناصحون{ وهذه توطئة ودعوى‪ ,‬وهم يريدون خلف ذلببك‬
‫لما له في قلوبهم من الحسد لحب أبيه له }أرسله معنببا{‬
‫أي ابعثه معنا }غدا ً نرتع ونلعب{ وقرأ بعضهم بالياء }يرتع‬
‫ويلعب{ قال ابن عباس‪ :‬يسعى وينشط‪ ,‬وكذا قببال قتببادة‬
‫والضحاك والسدي وغيرهم }وإنا له لحببافظون{ يقولببون‪:‬‬
‫ونحبببببببن نحفظبببببببه ونحبببببببوطه مبببببببن أجلبببببببك‪.‬‬

‫ْ‬ ‫خا ُ َ‬
‫ب‬‫ه الببذ ّئ ْ ُ‬ ‫ف أن ي َأك ُل َ ُ‬ ‫ي َأن ت َذ ْهَُبوا ْ ب ِهِ وَأ َ َ‬ ‫ل إ ِّني ل َي َ ْ‬
‫حُزن ُن ِ َ‬ ‫** َقا َ‬
‫غافُلون * َقاُلوا ْ ل َئ ِ َ‬ ‫َ‬
‫ة إ ِّنآ‬‫صب َ ٌ‬
‫ن عُ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫ب وَن َ ْ‬‫ه الذ ّئ ْ ُ‬ ‫ن أك َل َ ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه َ ِ‬ ‫م عَن ْ ُ‬ ‫وَأن ْت ُ ْ‬
‫ن‬‫سببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببُرو َ‬ ‫خا ِ‬‫إ ِذ َا ً ل ّ َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن نبببيه يعقببوب أنببه قببال لبنيببه فببي‬
‫جواب ما سألوا من إرسال يوسف معهم إلى الرعببي فببي‬
‫الصببحراء }إنببي ليحزننببي أن تببذهبوا بببه{ أي يشببق علببي‬
‫مفارقته مدة ذهابكم به إلى أن يرجع‪ ,‬وذلك لفرط محبتببه‬
‫لببه لمببا يتوسببم فيببه مببن الخيببر العظيببم وشببمائل النبببوة‬
‫والكمال في الخلق والخلببق صببلوات اللببه وسببلمه عليببه‪.‬‬
‫وقببوله‪} :‬وأخبباف أن يببأكله الببذئب وأنتببم عنببه غببافلون{‬
‫يقول‪ :‬وأخشى أن تشببتغلوا عنببه برميكببم ورعيكببم فيببأتيه‬
‫ذئب فيببأكله وأنتببم ل تشببعرون‪ ,‬فأخببذوا مببن فمببه هببذه‬
‫الكلمة‪ ,‬وجعلوها عذرهم فيمببا فعلببوه‪ ,‬وقببالوا مجيبببين لببه‬
‫عنها في الساعة الراهنة }لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا‬
‫إذا ً لخاسرون{ يقولون‪ :‬لئن عببدا عليببه الببذئب فببأكله مببن‬
‫بيننببببا ونحببببن جماعببببة إنببببا إذا ً لهببببالكون عبببباجزون‪.‬‬

‫‪348‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫جب ّ‬‫جعَل ُببوهُ فِببي غََياب َبةِ ال ْ ُ‬‫معُبوَا ْ أن ي َ ْ‬ ‫ج َ‬‫ما ذ َهَب ُببوا ْ ب ِبهِ وَأ ْ‬ ‫** فَل َ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫شببعُُرو َ‬ ‫م ل َ يَ ْ‬‫هبب ْ‬ ‫هـبب َ‬
‫ذا وَ ُ‬ ‫م َ‬ ‫مرِهِ ْ‬
‫م ِبببأ ْ‬ ‫حي َْنببآ إ ِل َْيببهِ ل َت ُن َب ّئ َن ُّهبب ْ‬
‫وَأوْ َ‬
‫يقول تعالى‪ :‬فلمببا ذهببب بببه إخببوته مببن عنببد أبيببه بعببد‬
‫مراجعتهم له فببي ذلببك }وأجمعببوا أن يجعلببوه فببي غيابببة‬
‫الجب{ هذا فيه تعظيم لما فعلوه‪ ,‬أنهم اتفقوا كلهبم علبى‬
‫إلقائه في أسفل ذلك الجب وقد أخذوه من عند أبيه فيمببا‬
‫يظهرونه له إكراما ً لببه‪ ,‬وبسببطا ً وشببرحا ً لصببدره‪ ,‬وإدخببال ً‬
‫للسرور عليببه‪ ,‬فيقببال إن يعقببوب عليببه السببلم لمببا بعثببه‬
‫معهم ضمه إليه وقبله ودعا له‪ ,‬وذكر السدي وغيره أنه لم‬
‫يكن بين إكرامهم له وبين إظهار الذى له إل أن غابوا عببن‬
‫عين أبيه وتواروا عنه‪ ,‬ثم شرعوا يؤذونه بالقول مببن شببتم‬
‫ونحوه‪ ,‬والفعل من ضرب ونحوه‪ ,‬ثم جبباءوا بببه إلببى ذلببك‬
‫الجب الذي اتفقوا على رميه فيببه‪ ,‬فربطببوه بحبببل ودلببوه‬
‫فيه‪ ,‬فكببان إذا لجببأ إلببى واحببد منهببم لطمببه وشببتمه‪ ,‬وإذا‬
‫تشبث بحافات البئر ضربوا على يديه‪ ,‬ثم قطعوا به الحبل‬
‫من نصف المسافة‪ ,‬فسقط في الماء فغمره‪ ,‬فصعد إلببى‬
‫صخرة تكون في وسطه يقال لها الراغوفة‪ ,‬فقببام فوقهببا‪.‬‬
‫وقببوله‪} :‬وأوحينببا إليببه لتنبببئنهم بببأمرهم هببذا وهببم ل‬
‫يشببعرون{‪ ,‬يقببول تعببالى ذاكببرا ً لطفببه ورحمتببه وعببائدته‬
‫وإنزاله اليسر في حال العسر‪ :‬إنه أوحى إلى يوسببف فببي‬
‫ذلك الحال الضيق تطييبا ً لقلبه وتثبيتا ً له‪ ,‬إنك ل تحزن مما‬
‫أنببت فيببه‪ ,‬فببإن لببك مببن ذلببك فرجببا ً ومخرجببا ً حسببنًا‪,‬‬
‫وسينصرك الله عليهم ويعليك ويرفببع درجتببك وسببتخبرهم‬
‫بمببا فعلببوا معببك مببن هببذا الصببنيع‪ ,‬وقببوله‪} :‬وهببم ل‬
‫يشعرون{‪ .‬قال مجاهد وقتادة‪} :‬وهم ل يشعرون{ بإيحبباء‬
‫الله إليه‪ .‬وقبال اببن عبباس‪ :‬سبتنبئهم بصببنيعهم هبذا فبي‬
‫حقك‪ ,‬وهم ل يعرفونك ول يستشعرون بك‪ ,‬كمببا قببال ابببن‬
‫جرير‪ :‬حدثني الحارث‪ ,‬حدثنا عبد العزيز‪ ,‬حدثنا صببدقة بببن‬
‫عبادة السدي عببن أبيببه‪ ,‬سببمعت ابببن عببباس يقببول‪ :‬لمببا‬
‫دخل إخوة يوسف عليه فعرفهم وهببم لببه منكببرون‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫جيء بالصواع فوضعه على يده‪ ,‬ثم نقره فطن‪ ,‬فقال‪ :‬إنه‬
‫ليخبرني هذا الجام أنبه كبان لكببم أخ مببن أبيكببم يقببال لبه‬

‫‪349‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يوسف‪ ,‬يدنيه دونكببم‪ ,‬وأنكببم انطلقتببم بببه وألقيتمببوه فببي‬
‫غيابببة الجببب‪ ,‬قببال‪ :‬ثببم نقببره فطببن‪ ,‬قببال‪ :‬فببأتيتم أببباكم‬
‫فقلتم‪ :‬إن الذئب أكله وجئتم على قميصه بدم كذب‪ ,‬قال‪:‬‬
‫فقال بعضهم لبعض‪ :‬إن هذا الجببام ليخبببره بخبببركم‪ .‬قببال‬
‫ابن عباس‪ :‬فل نرى هببذه ا َ‬
‫ليببة نزلببت إل فيهببم }لتنبببئنهم‬
‫بببببببببببأمرهم هببببببببببذا وهببببببببببم ل يشببببببببببعرون{‪.‬‬

‫ن * قَبباُلوا ْ ي َأ ََبان َببا إ ِن ّببا ذ َهَب ْن َببا‬ ‫شببآًء ي َب ْك ُببو َ‬ ‫ع َ‬ ‫م ِ‬ ‫َ‬


‫جببآُءَوا أب َبباهُ ْ‬‫** وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫مببآ أن ب َ‬ ‫ب وَ َ‬ ‫ه ال بذ ّئ ْ ُ‬ ‫عن َببا فَ بأك َل َ ُ‬ ‫مَتا ِ‬
‫عند َ َ‬ ‫ف ِ‬ ‫س َ‬ ‫ست َب ِقُ وَت ََرك َْنا ُيو ُ‬ ‫نَ ْ‬
‫ى قَ ِ‬ ‫َ‬ ‫ن ل َّنا وَل َوْ ك ُّنا َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫صبهِ ب ِبد َم ٍ‬ ‫مي ِ‬ ‫جببآ َُءوا عَلب َ‬ ‫ن * وَ َ‬
‫َ‬
‫صببادِِقي َ‬ ‫م ٍ‬ ‫بِ ُ‬
‫ه‬‫ل َوالل ّب ُ‬ ‫مي ٌ‬ ‫ج ِ‬‫صب ٌْر َ‬ ‫مرا ً فَ َ‬ ‫سك ُ ْ‬
‫مأ ْ‬ ‫م أنُف ُ‬ ‫ت ل َك ُ ْ‬ ‫سوّل َ ْ‬‫ل َ‬ ‫ل بَ ْ‬‫ب َقا َ‬ ‫ك َذِ ٍ‬
‫ن‬
‫صبببببببببببُفو َ‬ ‫مبببببببببببا ت َ ِ‬ ‫ى َ‬ ‫سبببببببببببت ََعا ُ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن عَلببببببببببب َ‬ ‫م ْ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن الذي اعتمده إخببوة يوسببف بعببد‬
‫ما ألقوه في غيابة الجب‪ ,‬ثم رجعوا إلى أبيهم فببي ظلمببة‬
‫الليببل يبكببون ويظهببرون السببف والجببزع علببى يوسببف‬
‫ويتغممون لبيهم‪ ,‬وقالوا معتبذرين عمبا وقبع فيمبا زعمبوا‬
‫}إنببا ذهبنببا نسببتبق{ أي نببترامى‪} ,‬وتركنببا يوسببف عنببد‬
‫متاعنا{ أي ثيابنا وأمتعتنا‪} ,‬فأكله الذئب{‪ ,‬وهو الذي كببان‬
‫قد جزع منه وحذر عليه‪ .‬وقوله‪} :‬وما أنت بمؤمن لنا ولببو‬
‫كنببا صببادقين{ تلطببف عظيببم فببي تقريببر مببا يحبباولونه‪,‬‬
‫يقولون‪ :‬ونحن نعلم أنببك ل تصببدقنا والحالببة هببذه لببو كنببا‬
‫عندك صادقين‪ ,‬فكيف وأنت تتهمنا في ذلك‪ ,‬لنك خشببيت‬
‫أن يأكله الذئب‪ ,‬فأكله الذئب‪ ,‬فأنت معذور في تكذيبك لنا‬
‫لغرابة ما وقع‪ ,‬وعجيب ما اتفق لنا في أمرنا هذا }وجاءوا‬
‫على قميصه بببدم كببذب{ أي مكببذوب مفببترى‪ ,‬وهببذا مببن‬
‫الفعال التي يؤكدون بها ما تمالئوا عليه من المكيده‪ ,‬وهو‬
‫أنهم عمدوا إلى سخلة فيما ذكببره مجاهببد والسببدي وغيببر‬
‫واحد‪ ,‬فذبحوها ولطخوا ثببوب يوسببف بببدمها‪ ,‬مببوهمين أن‬
‫هذا قميصه الذي أكله فيه الببذئب‪ ,‬وقببد أصببابه مببن دمببه‪,‬‬
‫ولكنهم نسوا أن يخرقوه‪ ,‬فلهذا لم يرج هببذا الصببنيع علببى‬
‫نبي الله يعقوب‪ ,‬بل قال لهم معرضا ً عن كلمهببم إلببى مببا‬

‫‪350‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ولت لكم أنفسببكم‬ ‫وقع في نفسه من لبسهم عليه }بل س ّ‬
‫أمببرا ً فصبببر جميببل{ أي فسأصبببر صبببرا ً جميل ً علببى هببذا‬
‫المر الذي اتفقتم عليببه حببتى يفرجببه اللببه بعببونه ولطفببه‬
‫}والله المستعان على ما تصببفون{ أي علببى مببا تببذكرون‬
‫مبببببببببببببببببن الكبببببببببببببببببذب والمحبببببببببببببببببال‪.‬‬
‫وقال الثوري عن سماك‪ ,‬عن سعيد بببن جبببير‪ ,‬عببن ابببن‬
‫عباس }وجاءوا على قميصببه بببدم كببذب{ قببال‪ :‬لببو أكلببه‬
‫السبع لخرق القميص‪ ,‬وكذا قال الشعبي والحسن وقتببادة‬
‫وغير واحد‪ .‬وقال مجاهد‪ :‬الصبر الجميل الذي ل جزع فيه‪.‬‬
‫وروى هشيم عن عبد الرحمن بن يحيى‪ ,‬عن حبان بن أبي‬
‫جبلة‪ ,‬قال‪ :‬سئل رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم عببن‬
‫قوله‪} :‬فصبر جميببل{ فقببال‪ :‬صبببر ل شببكوى فيببه‪ ,‬وهببذا‬
‫مرسل‪ .‬وقال عبد الرزاق‪ :‬قال الثوري‪ ,‬عن بعض أصببحابه‬
‫أنببه قببال‪ :‬ثلث مببن الصبببر‪ :‬أن ل تحببدث بوجعببك‪ ,‬ول‬
‫بمصببيبتك‪ ,‬ول تزكببي نفسببك وذكببر البخبباري ههنببا حببديث‬
‫عائشة في الفك حتى ذكر قولها‪ :‬والله ل أجببد لببي ولكببم‬
‫مثل ً إل كما قال أبو يوسف‪} :‬فصبر جميل والله المستعان‬
‫علبببببببببببببببببببى مبببببببببببببببببببا تصبببببببببببببببببببفون{‪.‬‬

‫ى د َْلببوَهُ َقببا َ‬ ‫َ َ‬ ‫سببُلوا ْ َوارِد َ ُ‬


‫َ‬
‫ل‬ ‫م َفببأد ْل َ‬ ‫هبب ْ‬ ‫سببّياَرةٌ فَأْر َ‬
‫َ‬
‫ت َ‬ ‫جبباَء ْ‬
‫** وَ َ‬
‫ن‬‫مل ُببو َ‬
‫مببا ي َعْ َ‬
‫م بِ َ‬ ‫ة َوالل ّ ُ‬
‫ه عَِلي ٌ‬ ‫ضاعَ ً‬ ‫سّروهُ ب ِ َ‬ ‫م وَأ َ‬‫ذا غُل َ ٌ‬ ‫هـ َ‬‫شَرىَ َ‬ ‫ي َب ُ ْ‬
‫ن‬ ‫كباُنوا ْ ِفيبهِ ِ‬
‫مب َ‬ ‫دود َةٍ وَ َ‬ ‫مْعب ُ‬‫م َ‬ ‫هب َ‬
‫س د ََرا ِ‬‫خب ٍ‬ ‫ن بَ ْ‬‫مب ٍ‬‫شبَروْهُ ب ِث َ َ‬‫* وَ َ‬
‫ن‬
‫دي َ‬
‫هبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببب ِ‬ ‫الّزا ِ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عما جرى ليوسف عليه السببلم حيببن‬
‫ألقاه إخوته وتركوه في ذلك الجببب وحيببدا ً فريببدًا‪ ,‬فمكببث‬
‫في البئر ثلثة أيام فيمببا قبباله أبببو بكببر بببن عيبباش‪ ,‬وقببال‬
‫محمد بببن إسببحاق‪ :‬لمببا ألقبباه إخببوته جلسببوا حببول البببئر‬
‫يومهم ذلك‪ ,‬ينظرون ماذا يصنع وما يصنع به‪ ,‬فسبباق اللببه‬
‫له سيارة‪ ,‬فنزلوا قريبا ً مببن تلببك البببئر‪ ,‬وأرسببلوا واردهببم‬
‫وهو الذي يتطلب لهم الماء‪ ,‬فلمببا جبباء ذلببك البببئر وأدلببى‬
‫دلببوه فيهببا‪ ,‬تشبببث يوسببف عليببه السببلم فيهببا فببأخرجه‬

‫‪351‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫واستبشر به‪ ,‬وقببال‪} :‬يببا بشببرى هببذا غلم{‪ .‬وقببرأ بعببض‬
‫القراء يا بشراي‪ ,‬فزعم السدي أنه اسم رجل‪ ,‬نباداه ذلبك‬
‫الرجل الذي أدلى دلوه معلما ً لببه أنببه أصبباب غلمبًا‪ ,‬وهببذا‬
‫القول من السدي غريب لنه لم يسبببق إلببى تفسببير هببذه‬
‫القراءة بهذا إل في روايببة عببن ابببن عببباس‪ ,‬واللببه أعلببم‪,‬‬
‫وإنما معنى القببراءة علببى هببذا النحببو يرجببع إلببى القبراءة‬
‫الخرى‪ ,‬ويكون قد أضاف البشرى إلى نفسببه وحببذف يبباء‬
‫الضافة‪ ,‬وهو يريدها كما تقول العرب‪ :‬يا نفس اصبري ويا‬
‫غلم أقبببل‪ ,‬بحببذف حببرف الضببافة‪ ,‬ويجببوز الكسببر حينئذ‬
‫والرفع‪ ,‬وهذا منه‪ ,‬وتفسرها القببراءة الخببرى يببا بشببراي‪,‬‬
‫واللببببببببببببببببببببببببببببببببه أعلببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وأسروه بضاعة{ أي وأسره الواردون من بقيببة‬
‫السببيارة وقببالوا‪ :‬اشببتريناه وتبضببعناه مببن أصببحاب المبباء‬
‫مخافة أن يشباركوهم فيبه إذا علمبوا خببره‪ ,‬قباله مجاهبد‬
‫والسدي وابن جريببر‪ :‬هببذا قببول‪ ,‬وقببال العببوفي عببن ابببن‬
‫عباس قوله‪} :‬وأسروه بضاعة{ يعني إخوة يوسف أسببروا‬
‫شأنه‪ ,‬وكتموا أن يكون أخاهم‪ ,‬وكتم يوسف شببأنه مخافببة‬
‫أن يقتله إخوته‪ ,‬واختار الببيع فبذكره إخبوته لبوارد القبوم‪,‬‬
‫فنادى أصحابه }يا بشببرى هببذا غلم{ يببباع فببباعه إخببوته‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬والله عليببم بمببا يعملببون{ أي عليببم بمببا يفعلببه‬
‫إخوة يوسف ومشتروه‪ ,‬وهو قادر على تغيير ذلك ودفعببه‪,‬‬
‫ولكن له حكمة وقدر سابق‪ ,‬فترك ذلك ليمضببي مببا قببدره‬
‫وقضاه }أل له الخلببق والمببر تبببارك اللببه رب العببالمين{‬
‫وفي هذا تعريض لرسوله محمببد صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫وإعلم لببه بببأني عببالم بببأذى قومببك لببك‪ ,‬وأنببا قببادر علببى‬
‫النكار عليهم‪ ,‬ولكني سأملي لهببم ثببم أجعببل لببك العاقبببة‬
‫والحكم عليهم‪ ,‬كما جعلت ليوسف الحكببم والعاقبببة علببى‬
‫إخببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببوته‪.‬‬
‫وقببوله‪} :‬وشببروه بثمببن بخببس دراهببم معببدودة{ يقببول‬
‫تعبالى‪ :‬وبباعه إخبوته بثمبن قليبل‪ .‬قباله مجاهبد وعكرمبة‬
‫والبخس‪ :‬هو النقص‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬فل يخاف بخسا ً ول‬
‫رهقًا{ أي اعتاض عنه إخوته بثمببن دون قليببل‪ ,‬ومببع ذلببك‬

‫‪352‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كانوا فيه من الزاهببدين أي ليببس لهببم رغبببة فيببه‪ ,‬بببل لببو‬
‫سبببئلوه بل شبببيء لجبببابوا‪ .‬قبببال اببببن عبببباس ومجاهبببد‬
‫والضحاك‪ :‬إن الضببمير فببي قببوله‪} :‬وشببروه{ عببائد علببى‬
‫إخوة يوسف‪ .‬وقببال قتببادة‪ :‬بببل هببو عببائد علببى السببيارة‪.‬‬
‫والول أقوى‪ ,‬لن قوله‪} :‬وكانوا فيه مببن الزاهببدين{ إنمببا‬
‫أراد إخببوته ل أولئك السببيارة‪ ,‬لن السببيارة استبشببروا ببه‬
‫وأسروه بضاعة‪ ,‬ولو كانوا فيه زاهدين لما اشتروه‪ ,‬فترجح‬
‫من هذا أن الضمير في }شروه{ إنما هببو لخببوته‪ .‬وقيببل‪:‬‬
‫المراد بقوله }بخس{ الحرام‪ .‬وقيل‪ :‬الظلم‪ ,‬هذا وإن كان‬
‫كذلك لكن ليس هو المراد هنا‪ ,‬لن هذا معلوم يعرفببه كببل‬
‫أحد أن ثمنه حرام على كل حال وعلى كل أحببد لنببه نبببي‬
‫ابن نبببي ابببن نبببي ابببن خليببل الرحمببن فهببو الكريببم ابببن‬
‫الكريم ابن الكريم ابن الكريم‪ ,‬وإنما المببراد هنببا بببالبخس‬
‫الناقص أو الزيوف أو كلهما‪ ,‬أي إنهم إخببوته وقببد ببباعوه‪,‬‬
‫ومع هذا ببأنقص الثمبان‪ ,‬ولهبذا قبال }دراهبم معبدودة{‪,‬‬
‫فعن ابن مسعود رضي الله عنه‪ :‬ببباعوه بعشببرين درهم بًا‪,‬‬
‫وكببذا قببال ابببن عببباس ونببوف البكببالي والسببدي وقتببادة‬
‫وعطية العوفي‪ ,‬وزاد اقتسموها درهميببن درهميببن‪ .‬وقببال‬
‫مجاهد‪ :‬اثنان وعشرون درهمبًا‪ .‬وقببال محمببد بببن إسببحاق‬
‫وعكرمة‪ :‬أربعون درهمًا‪ .‬وقال الضحاك في قوله }وكببانوا‬
‫فيه من الزاهدين{ وذلك أنهببم لببم يعلمببوا نبببوته ومنزلتببه‬
‫عند الله عز وجل‪ ,‬وقال مجاهد‪ :‬لما باعوه جعلوا يتبعونهم‬
‫ويقولون لهم‪ :‬استوثقوا منه ل يببأبق‪ ,‬حببتى وقفببوه بمصببر‬
‫فقال‪ :‬من يبتاعني وليبشر ؟ فاشتراه الملك وكان مسلمًا‪.‬‬

‫َ‬ ‫ش بتراه مببن مص بر ل َ‬


‫واهُ‬‫مث ْب َ‬ ‫مببي َ‬ ‫مَرأت ِبهِ أك ْرِ ِ‬ ‫ّ ْ َ ِْ‬ ‫ذي ا ْ َ َ ُ ِ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫** وََقا َ‬
‫ف فِببي‬ ‫سب َ‬ ‫مك ّن ّببا ل ُِيو ُ‬ ‫ك َ‬ ‫خذ َهُ وََلدا ً وَك َبذ َل ِ َ‬ ‫ى َأن َينَفعََنآ أ َوْ ن َت ّ ِ‬ ‫س َ‬‫عَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ه‬
‫م برِ ِ‬ ‫ىأ ْ‬ ‫ب عَل َ‬ ‫غال ِ ٌ‬‫ه َ‬ ‫ث َوالل ّ ُ‬ ‫حاِدي ِ‬ ‫ل ال َ‬ ‫من ت َأِوي ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ض وَل ِن ُعَل ّ َ‬
‫م ُ‬ ‫الْر ِ‬
‫كما ً‬ ‫َ‬
‫ما ب َل َغَ أ ُ‬ ‫َ‬
‫ح ْ‬‫شد ّهُ آت َي َْناهُ ُ‬ ‫ن * وَل َ ّ‬ ‫مو َ‬‫س ل َ ي َعْل َ ُ‬ ‫ن أك ْث ََر الّنا ِ‬ ‫وََلـك ِ ّ‬
‫ن‬
‫سبببببببببِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬‫زي ال ْ ُ‬ ‫جببببببببب ِ‬ ‫كبببببببببذ َل ِ َ‬
‫ك نَ ْ‬ ‫عْلمبببببببببا ً وَ َ‬ ‫وَ ِ‬

‫‪353‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يخبر تعالى بألطافه بيوسف عليببه السببلم أنببه قيببض لببه‬
‫الذي اشتراه من مصر حببتى اعتنببى بببه وأكرمببه‪ ,‬وأوصببى‬
‫أهلببه بببه‪ ,‬وتوسببم فيببه الخيببر والصببلح‪ ,‬فقببال لمرأتببه‬
‫}أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدًا{ وكان الذي‬
‫اشتراه من مصر عزيزها وهو الوزير‪ .‬حببدثنا العببوفي عببن‬
‫ابن عباس وكان اسمه قطفير‪ ,‬وقال محمببد بببن إسببحاق‪:‬‬
‫اسمه أطفير بن روحيب وهو العزيببز‪ ,‬وكببان علببى خببزائن‬
‫مصببر‪ ,‬وكببان الملببك يببومئذ الريببان بببن الوليببد رجببل مببن‬
‫العماليق‪ ,‬قال‪ :‬واسم امرأتببه راعيببل بنببت رعائيببل‪ ,‬وقببال‬
‫غيره‪ :‬اسمها زليخا‪ ,‬وقببال محمببد بببن إسببحاق أيضبًا‪ ,‬عببن‬
‫محمد بن السائب‪ ,‬عن أبي صالح‪ ,‬عببن ابببن عببباس‪ :‬كببان‬
‫الذي باعه بمصر مالببك بببن دعببر بببن بببويب بببن عنقببا بببن‬
‫مديان بن إبراهيم‪ ,‬فالله أعلم‪ .‬وقال أبو إسحاق عببن أبببي‬
‫عبيدة عن عبد الله بببن مسببعود أنببه قببال‪ :‬أفببرس النبباس‬
‫ثلثة‪ :‬عزيببز مصببر حيببن قببال لمرأتببه‪} :‬أكرمببي مثببواه{‪,‬‬
‫ليبة‪ ,‬وأببو‬‫والمرأة التي قالت لبيها }يبا أببت اسبتأجره{ ا َ‬
‫بكر الصديق حين استخلف عمر بببن الخطبباب رضببي اللببه‬
‫عنهما‪ .‬يقول تعالى‪ :‬كما أنقذنا يوسف مببن إخببوته }كبذلك‬
‫مكنا ليوسف في الرض{ يعنببي بلد مصببر }ولنعلمببه مببن‬
‫تأويببببببببببببببببببببببببببببل الحبببببببببببببببببببببببببببباديث{‪.‬‬
‫قال مجاهد والسدي‪ :‬هو تعبير الرؤيا }والله غببالب علببى‬
‫أمره{ أي إذا أراد شيئا ً فل يرد ول يمانع ول يخالف‪ ,‬بل هو‬
‫الغالب لما سواه‪ .‬قال سعيد بن جبببير فببي قببوله‪} :‬واللببه‬
‫غالب على أمببره{‪ :‬أي فعببال لمببا يشبباء‪ .‬وقببوله‪} :‬ولكببن‬
‫أكثر الناس ل يعلمون{ يقول‪ :‬ل يدرون حكمته فببي خلقببه‬
‫وتلطفه وفعله لما يريببد‪ ,‬وقببوله‪} :‬ولمببا بلببغ{ أي يوسببف‬
‫عليه السلم }أشده{ أي استكمل عقله وتم خلقه }آتيناه‬
‫حكما ً وعلمًا{ يعني النبوة أنه حباه بهببا بيببن أولئك القببوام‬
‫}وكذلك نجزي المحسنين{ أي إنه كان محسنا ً فببي عملببه‬
‫عامل ً بطاعة الله تعالى‪ ,‬وقد اختلف في مقدار المدة التي‬
‫بلغ فيها أشببده‪ ,‬فقببال ابببن عببباس ومجاهببد وقتببادة‪ :‬ثلث‬
‫وثلثببون سببنة‪ .‬وعببن ابببن عببباس‪ :‬بضببع وثلثببون‪ .‬وقببال‬

‫‪354‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الضحاك‪ :‬عشببرون‪ ,‬وقببال الحسببن‪ :‬أربعببون سببنة‪ .‬وقببال‬
‫عكرمة‪ :‬خمس وعشرون سنة‪ .‬وقال السدي‪ :‬ثلثون سنة‪.‬‬
‫وقال سعيد بببن جبببير‪ :‬ثمبباني عشببرة سببنة‪ .‬وقببال المببام‬
‫مالك وربيعة بن زيببد بببن أسببلم والشببعبي‪ :‬الشببد الحلببم‪,‬‬
‫وقيبببببببببل غيبببببببببر ذلبببببببببك‪ ,‬واللبببببببببه أعلبببببببببم‪.‬‬

‫ب‬‫وا َ‬ ‫ت الب ْب َ‬ ‫سبهِ وَغَل َّقب ِ‬


‫ه ال ِّتي هُوَ ِفي ب َي ْت َِها عَببن ن ّْف ِ‬ ‫** وََراوَد َت ْ ُ‬
‫َ‬
‫ه لَ‬ ‫وايَ إ ِن ّ ُ‬‫مث ْ َ‬
‫ن َ‬
‫س َ‬ ‫ح َ‬
‫يأ ْ‬ ‫مَعاذ َ الل ّهِ إ ِن ّ ُ‬
‫ه َرب ّ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ت لَ َ‬
‫ك َقا َ‬ ‫ت هَي ْ َ‬ ‫وََقال َ ْ‬
‫ن‬
‫مو َ‬ ‫ظبببببببببببببببببببببببببببببال ِ ُ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫ي ُْفِلببببببببببببببببببببببببببببب ُ‬
‫يخبر تعالى عن امرأة العزيز التي كان يوسف في بيتهببا‬
‫بمصببر‪ ,‬وقببد أوصبباها زوجهببا بببه وبببإكرامه‪ ,‬فراودتببه عببن‬
‫نفسه‪ ,‬أي حاولته على نفسه ودعته إليها‪ ,‬وذلك انها أحبتببه‬
‫حبا ً شديدا ً لجماله وحسببنه وبهببائه‪ ,‬فحملهببا ذلببك علببى أن‬
‫تجملببت لببه وغلقببت عليببه البببواب ودعتببه إلببى نفسببها‪,‬‬
‫}وقالت هيت لك{ فامتنع من ذلك أشببد المتنبباع‪ ,‬و}قببال‬
‫معاذ الله إنه ربي أحسن مثببواي{ وكببانوا يطلقببون الببرب‬
‫على السببيد الكبببير‪ ,‬أي إن بعلببك ربببي أحسببن مثببواي أي‬
‫منزلى‪ ,‬وأحسن إلي فل أقابله بالفاحشة في أهلببه }إنببه ل‬
‫يفلح الظالمون{‪ ,‬قال ذلببك مجاهببد والسببدي ومحمببد بببن‬
‫إسحاق وغيرهم‪ .‬وقد اختلف القراء في قوله‪} :‬هيت لك{‬
‫فقرأه كثيرون بفتح الهاء وإسكان الياء وفتببح التبباء‪ ,‬وقببال‬
‫ابن عباس ومجاهببد وغيببر واحببد‪ :‬معنبباه أنهببا تببدعوه إلببى‬
‫نفسها‪ .‬وقال علي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس‪:‬‬
‫هيت لك‪ ,‬تقول هلم لك‪ ,‬وكذا قال زر بن حبيش وعكرمببة‬
‫والحسن وقتادة‪ .‬قال عمرو بن عبيببد عببن الحسببن‪ :‬وهببي‬
‫كلمة بالسريانية‪ ,‬أي عليك‪ .‬وقببال السببدي‪ :‬هيببت لببك‪ ,‬أي‬
‫هلم لك‪ ,‬وهببي بالقبطيببة‪ .‬وقببال مجاهببد‪ :‬هببي لغببة عربيببة‬
‫تدعوه بها‪ .‬وقال البخاري‪ :‬وقال عكرمة‪ :‬هيت لك‪ ,‬أي هلم‬
‫لبببببببك بالحورانيبببببببة‪ .‬وهكبببببببذا ذكبببببببره معلقبببببببًا‪.‬‬
‫وقد أسنده المام جعفر بن جرير‪ :‬حدثني أحمد بن سهل‬
‫الواسطي‪ ,‬حدثنا قرة بن عيسى‪ ,‬حدثنا النضببر بببن عربببي‬

‫‪355‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الجزري عن عكرمة مولى ابببن عببباس فببي قبوله‪} :‬هيببت‬
‫لك{ قال‪ :‬هلم لك‪ ,‬قال‪ :‬هي بالحورانيببة‪ ,‬وقببال أبببو عبيببد‬
‫القاسم بن سببلم‪ :‬وكببان الكسببائي يحكببي هببذه القببراءة‪,‬‬
‫يعني هيت لك‪ ,‬ويقول‪ :‬هي لغة لهبل حبوران وقعبت إلبى‬
‫أهل الحجاز‪ ,‬ومعناها تعال‪ .‬وقال أبو عبيدة‪ :‬سببألت شببيخا ً‬
‫عالما ً من أهل حوران‪ ,‬فذكر أنها لغتهم يعرفها‪ ,‬واستشببهد‬
‫المام ابن جرير على هذه القراءة بقول الشاعر لعلي بببن‬
‫أببببببببببي طبببببببببالب رضبببببببببي اللبببببببببه عنبببببببببه‪:‬‬
‫أبلبببببغ أميبببببر المؤمنبببببببين أذى العبببببراق إذا أتينبببببا‬
‫إن العببببببراق وأهلهعنببببببق إليببببببك فهيببببببت هيتببببببا‬
‫يقول‪ :‬فتعال واقترب‪ ,‬وقرأ ذلك آخرون هئت لبك بكسببر‬
‫الهاء وبالهمز وضم التاء‪ ,‬بمعنى تهيأت لك من قول القائل‬
‫هئت بالمر أهيء هئة‪ ,‬وممن روى عنه هذه القببراءة‪ :‬ابببن‬
‫عببباس وأبببو عبببد الرحمببن السببلمي وأبببو وائل وعكرمببة‬
‫وقتادة‪ ,‬وكلهم يفسرها بمعنى تهيأت لك‪ .‬قال ابببن جريببر‪:‬‬
‫وكان أبو عمرو والكسائي ينكران هذه القراءة‪ ,‬وقببرأ عبببد‬
‫الله بن إسحاق‪ :‬هيت بفتح الهاء وكسر التاء‪ ,‬وهي غريبببة‪,‬‬
‫وقرأ آخرون منهم عامة أهل المدينة هيت بفتح الهاء وضم‬
‫التببببببببببباء‪ ,‬وأنشبببببببببببد قبببببببببببول الشببببببببببباعر‪:‬‬
‫ليس قومي بالبعببدين إذا ماقببال داع مببن العشببيرة هيببت‬
‫قال عبد الرزاق‪ :‬أنبأنا الثببوري‪ ,‬عببن العمببش‪ ,‬عببن أبببي‬
‫وائل‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن مسعود وقببد سببمع القببراء‪ :‬سببمعتهم‬
‫متقاربين‪ ,‬فاقرءوا كما علمتم‪ ,‬وإياكم والتنطببع والختلف‪,‬‬
‫وإنما هو كقول أحدكم‪ :‬هلم وتعال‪ .‬ثم قرأ عبد الله‪ :‬هيببت‬
‫لك‪ ,‬فقال‪ :‬يا أبا عبد الرحمن إن ناسا ً يقرءونها هيت‪ .‬قببال‬
‫ي‪ .‬وقال ابن جرير‪:‬‬ ‫عبد الله‪ :‬أن أقرأها كما علمت أحب إل ّ‬
‫حدثني ابن وكيع‪ ,‬حدثنا ابن عيينببة عببن منصببور‪ ,‬عببن أبببي‬
‫وائل‪ ,‬قال‪ :‬قال عبد الله‪ :‬هيت لك‪ ,‬فقال له مسببروق‪ :‬إن‬
‫ناسا ً يقرءونها‪ :‬هيت لببك‪ ,‬فقببال‪ :‬دعببوني فببإني أقببرأ كمببا‬
‫ي‪ ,‬وقال أيضًا‪ :‬حببدثني المثنببى‪ ,‬حببدثنا آدم‬ ‫أقرئت‪ ,‬أحب إل ّ‬
‫بن أبي إياس‪ ,‬حدثنا شعبة عن شقيق‪ ,‬عببن ابببن مسببعود‪,‬‬
‫قال‪ :‬هيت لك بنصب الهاء والتاء‪ ,‬ول نهمز‪ .‬وقال آخببرون‪:‬‬

‫‪356‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هيت لك بكسر الهاء‪ ,‬وإسكان الياء‪ ,‬وضم التبباء‪ .‬قببال أبببو‬
‫عبيد معمر بن المثنى‪ :‬هيت ل تثنى‪ ,‬ول تجمببع‪ ,‬ول تببؤنث‪,‬‬
‫بل يخاطب الجميع بلفظ واحد‪ ,‬فيقببال‪ :‬هيببت لببك‪ ,‬وهيببت‬
‫لكببببم‪ ,‬وهيببببت لكمببببا‪ ,‬وهيببببت لكببببن‪ ,‬وهيببببت لهببببن‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ن َرب ّبهِ ك َبذ َل ِ َ‬
‫ك‬ ‫ول أن ّرأى ب ُْرهَببا َ‬ ‫م ب َِها ل َب ْ‬
‫ت ب ِهِ وَهَ ّ‬
‫م ْ‬ ‫** وَل ََقد ْ هَ ّ‬
‫ن‬
‫صببي َ‬‫خل َ ِ‬‫م ْ‬‫عَبادِن َببا ال ْ ُ‬
‫ن ِ‬
‫مب ْ‬‫ه ِ‬
‫شآَء إ ِن ّ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫سوََء َوال َْف ْ‬
‫ه ال ّ‬ ‫ف عَن ْ ُ‬‫صرِ َ‬ ‫ل ِن َ ْ‬
‫اختلفت أقوال الناس وعببباراتهم فببي هببذا المقببام‪ ,‬وقببد‬
‫روي عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وطائفببة مببن‬
‫السلف في ذلك ما رواه ابببن جريببر وغيببره‪ ,‬واللببه أعلببم‪.‬‬
‫وقيببل‪ :‬المببراد بهمببه بهببا خطببرات حببديث النفببس‪ ,‬حكبباه‬
‫البغببوي عببن بعببض أهببل التحقيببق‪ ,‬ثببم أورد البغببوي ههنببا‬
‫حديث عبد الرزاق عن معمر‪ ,‬عن همام‪ ,‬عببن أبببي هريببرة‬
‫رضي الله عنه‪ .‬قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬يقول الله تعالى‪ :‬إذا هم عبببدي بحسببنة فاكتبوهببا‬
‫له حسنة‪ ,‬فإن عملها فاكتبوها له بعشببر أمثالهببا‪ ,‬وإن هببم‬
‫بسيئة فلم يعملها فاكتبوها حسنة‪ ,‬فإنما تركها من جرائي‪,‬‬
‫فإن عملهببا فاكتبوهببا بمثلهببا«‪ ,‬وهببذا الحببديث مخببرج فببي‬
‫الصحيحين وله ألفاظ كثيرة هذا منها‪ .‬وقيل‪ :‬هببم بضببربها‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬تمناها زوجة‪ .‬وقيل‪ :‬هم بها لول أن رأى برهان ربببه‬
‫أي فلم يهم بها‪ ,‬وفي هذا القول نظببر مببن حيببث العربيببة‪,‬‬
‫حكاه ابن جرير وغيره‪ .‬وأما البرهان الذي رآه ففيه أقببوال‬
‫أيضًا‪ ,‬فعن ابن عببباس وسببعيد ومجاهببد وسببعيد بببن جبببير‬
‫ومحمد بن سيرين والحسن وقتادة وأبي صببالح والضببحاك‬
‫ومحمد بن إسحاق وغيرهم‪ :‬رأى صورة أبيه يعقببوب عليببه‬
‫السلم عاضا ً علببى أصبببعه بفمببه‪ .‬وقيببل عنببه فببي روايببة‪:‬‬
‫فضرب في صدر يوسف‪ .‬وقال العببوفي عببن ابببن عببباس‪:‬‬
‫رأى خيال الملك يعني سيده‪ ,‬وكذا قال محمد بن إسببحاق‬
‫فيما حكاه عن بعضهم‪ :‬إنما هو خيال قطفيببر سببيده حيببن‬
‫دنببببببببببببببببببببا مببببببببببببببببببببن الببببببببببببببببببببباب‪.‬‬

‫‪357‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا أبو كريببب‪ ,‬حببدثنا وكيببع عببن أبببي‬
‫مودود‪ ,‬سمعت من محمد بببن كعببب القرظببي‪ .‬قببال رفببع‬
‫يوسف رأسببه إلببى سببقف البببيت‪ ,‬فببإذا كتبباب فببي حببائط‬
‫ل{‪,‬‬‫البيت }ول تقربوا الزنببا إنببه كببان فاحشببة وسبباء سبببي ً‬
‫وكذا رواه أبو معشر المدني عن محمببد بببن كعببب‪ .‬وقببال‬
‫عبد الله بن وهب‪ :‬أخبرني نافع بن يزيد‪ ,‬عببن أبببي صببخر‪,‬‬
‫قال‪ :‬سمعت القرظي يقول‪ :‬في البرهان الذي رآه يوسف‬
‫ثلث آيات مببن كتبباب اللبه }إن عليكببم لحببافظين{ ا َ‬
‫ليببة‪,‬‬
‫ليببة‪ ,‬وقببوله‪} :‬أفمببن هببو‬‫وقوله‪} :‬وما تكون في شببأن{ ا َ‬
‫قائم على كل نفس بمببا كسبببت{ قببال نببافع‪ :‬سببمعت أببا‬
‫هلل يقول مثل قول القرظي‪ ,‬وزاد آية رابعة }ول تقربببوا‬
‫الزنا{‪ .‬وقال الوزاعي رأى آية من كتاب الله فببي الجببدار‬
‫تنهاه عن ذلك‪ .‬قال ابن جرير‪ :‬والصواب أن يقال‪ :‬إنه رأى‬
‫آية من آيات الله تزجره عما كان هم به‪ ,‬وجببائز أن يكببون‬
‫صورة يعقوب‪ ,‬وجببائز أن يكببون صبورة الملببك‪ ,‬وجببائز أن‬
‫يكون ما رآه مكتوبا ً من الزجر عن ذلك‪ ,‬ول حجببة قاطعببة‬
‫على تعيين شيء من ذلك‪ ,‬فالصواب أن يطلببق كمببا قببال‬
‫اللبببه تعبببالى‪ .‬وقبببوله‪} :‬كبببذلك لنصبببرف عنبببه السبببوء‬
‫والفحشاء{ أي كمببا أرينبباه برهانبا ً صببرفه عمببا كببان فيببه‪,‬‬
‫كذلك نقيه السوء والفحشاء في جميببع أمببوره‪} :‬إنببه مببن‬
‫عبادنا المخلصين{ أي من المجتبين المطهرين المختببارين‬
‫المصبببطفين الخيبببار‪ ,‬صبببلوات اللبببه وسبببلمه عليبببه‪.‬‬

‫َ‬
‫دى‬ ‫ها ل َ َ‬ ‫سي ّد َ َ‬‫من د ُب ُرٍ وَأل َْفَيا َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ص ُ‬
‫مي ََ‬ ‫ت قَ ِ‬ ‫ب وَقَد ّ ْ‬ ‫ست َب ََقا ال َْبا َ‬ ‫** َوا ُ‬
‫ك سوًءا إل ّ َأن يسجن أوَ‬ ‫َ‬
‫ُ ْ َ َ ْ‬ ‫ن أَراد َ ب ِأهْل ِ َ ُ َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫جَزآُء َ‬ ‫ما َ‬ ‫ت َ‬‫ب َقال َ ْ‬ ‫ال َْبا ِ‬
‫ش بهِد َ َ‬ ‫سببي وَ َ‬ ‫م * َقا َ‬ ‫َ‬ ‫عَ َ‬
‫شبباهِد ٌ‬ ‫عن ن ّْف ِ‬ ‫ي َراوَد َت ِْني َ‬ ‫ل هِ َ‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬
‫ن أهْل َِهآ ِإن َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫مب َ‬ ‫ت وَهُ بوَ ِ‬ ‫ص بد َقَ ْ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫من قُب ُب ٍ‬ ‫ه قُد ّ ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫مي ُ‬ ‫ن قَ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫مببن‬ ‫هببوَ ِ‬ ‫ت وَ ُ‬ ‫َ‬
‫من د ُب ُرٍ فَكذ َب َ ْ‬ ‫ه قُد ّ ِ‬ ‫ص ُ‬‫مي ُ‬ ‫ن قَ ِ‬ ‫ن كا َ‬‫َ‬ ‫ن * وَإ ِ ْ‬ ‫الكاذِِبي َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫مببن‬ ‫ه ِ‬ ‫ل إ ِن ّب ُ‬ ‫مببن د ُب ُبرٍ قَببا َ‬ ‫ه قُبد ّ ِ‬ ‫ص ُ‬‫مي َ‬ ‫ما َرأى قَ ِ‬ ‫ن * فَل َ ّ‬ ‫صادِِقي َ‬ ‫ال ّ‬
‫ذا‬‫هـبب َ‬ ‫ن َ‬ ‫عبب ْ‬ ‫ض َ‬ ‫عببرِ ْ‬ ‫ف أَ ْ‬‫سبب ُ‬ ‫م * ُيو ُ‬ ‫ظيبب ٌ‬ ‫ن عَ ِ‬ ‫ن ك َْيببد َك ُ ّ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫ك َْيببدِك ُ ّ‬
‫ن‬
‫خبببباط ِِئي َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مبببب َ‬ ‫ت ِ‬ ‫كنبببب ِ‬ ‫ك ُ‬ ‫ك إ ِّنبببب ِ‬ ‫ذنب ِ ِ‬ ‫ري ِلبببب َ‬ ‫سببببت َغِْف ِ‬ ‫َوا ْ‬

‫‪358‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يخبر تعالى عن حالهما حين خرجا يسببتبقان إلببى الببباب‪:‬‬
‫يوسف هارب‪ ,‬والمرأة تطلبه ليرجببع إلببى البببيت‪ ,‬فلحقتببه‬
‫في أثناء ذلبك فأمسببكت بقميصببه مبن ورائه‪ ,‬فقبد ّْته قببدا ً‬
‫فظيعًا‪ ,‬يقال‪ :‬إنه سقط عنه واستمر يوسببف هارب با ً ذاهب بًا‪,‬‬
‫وهي في أثره‪ ,‬فألفيا سيدها وهو زوجها عند الببباب‪ ,‬فعنببد‬
‫ذلك خرجت مما هي فيه بمكرها وكيببدها‪ ,‬وقببالت لزوجهببا‬
‫متنصلة وقاذفة يوسف بببدائها }مببا جببزاء مببن أراد بأهلببك‬
‫سوءًا{ أي فاحشة }إل أن يسجن{ أي يحبس‪} ,‬أو عذاب‬
‫أليم{ أي يضرب ضببربا ً شببديدا ً موجعبًا‪ .‬فعنببد ذلبك انتصببر‬
‫يوسف عليه السلم بالحق‪ ,‬وتبرأ مما رمته به من الخيانة‪,‬‬
‫و}قال{ بارا ً صادقا ً }هي راودتني عن نفسي{ وذكببر أنهببا‬
‫اتبعته تجذبه إليها حتى قببدت قميصببه }وشببهد شبباهد مببن‬
‫أهلهببا إن كببان قميصببه قببد ّ مببن قبببل{ أي مببن قببدامه‬
‫}فصبدقت{ أي فبي قولهبا إنبه راودهبا عبن نفسبها‪ ,‬لنبه‬
‫دت‬ ‫يكون لمببا دعاهببا وأبببت عليببه دفعتببه فببي صببدره‪ ,‬فق ب ّ‬
‫قميصه فيصح مببا قببالت }وإن كببان قميصببه قببد مببن دبببر‬
‫فكذبت وهو مببن الصببادقين{ وذلببك يكببون كمببا وقببع لمببا‬
‫هرب منها وتطلبته‪ ,‬أمسكت بقميصه من ورائه لترده إليها‬
‫فقدت قميصه من ورائه‪ ,‬وقببد اختلفببوا فببي هببذا الشبباهد‪:‬‬
‫هل هو صغير أو كبير ؟ على قولين لعلماء السببلف‪ ,‬فقببال‬
‫عبد الرزاق‪ ,‬أخبرنا إسرائيل عن سماك‪ ,‬عن عكرمة‪ ,‬عببن‬
‫ابن عباس }وشهد شاهد من أهلها{ قببال ذو لحيببة‪ ,‬وقببال‬
‫الثوري‪ ,‬عن جابر‪ ,‬عن ابن أبببي مليكببة‪ ,‬عببن ابببن عببباس‪:‬‬
‫كان من خاصة الملك‪ ,‬وكذا قال مجاهد وعكرمة والحسببن‬
‫وقتادة والسدي ومحمد بن إسحاق وغيرهم‪ :‬إنه كان رج ً‬
‫ل‪.‬‬
‫وقال زيد بن أسلم والسبدي‪ :‬كبان اببن عمهبا‪ .‬وقبال اببن‬
‫عباس‪ :‬كان من خاصة الملببك‪ .‬وقببد ذكببر ابببن إسببحاق أن‬
‫زليخبببا كبببانت بنبببت أخبببت الملبببك الريبببان ببببن الوليبببد‪.‬‬
‫وقال العوفي عن ابن عباس في قوله }وشهد شاهد من‬
‫أهلها{ قببال‪ :‬كببان صبببيا ً فببي المهببد‪ ,‬وكببذا روي عببن أبببي‬
‫هريببرة وهلل بببن يسبباف والحسببن وسببعيد بببن جبببير‬
‫والضحاك بن مزاحم أنه كان صبيا ً في الدار‪ ,‬واختبباره ابببن‬

‫‪359‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جرير‪ :‬وقد ورد فيه حديث مرفوع فقال ابن جريببر‪ :‬حببدثنا‬
‫الحسن بن محمد‪ ,‬حدثنا عفان‪ ,‬حدثنا حماد هو ابن سلمة‪,‬‬
‫أخبرني عطاء بن السائب عبن سبعيد ببن جببير‪ ,‬عبن اببن‬
‫عباس‪ ,‬عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬تكلم أربعة‬
‫وهم صغار« فذكر فيهبم شباهد يوسبف‪ ,‬ورواه غيببره عببن‬
‫حماد بن سلمة‪ ,‬عن عطاء‪ ,‬عن سعيد‪ ,‬عن ابن عباس أنببه‬
‫قال »تكلم أربعة وهم صغار‪ :‬ابببن ماشببطة بنببت فرعببون‪,‬‬
‫وشاهد يوسف‪ ,‬وصاحب جريج‪ ,‬وعيسى ابن مريم«‪ .‬وقال‬
‫ليث بن أبي سليم عن مجاهد‪ :‬كان مببن أمببر اللببه تعببالى‪,‬‬
‫ولببببببم يكببببببن إنسببببببيا ً وهببببببذا قببببببول غريببببببب‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬فلما رأى قميصه قبد ّ مببن دبببر{ أي لمببا تحقببق‬
‫زوجها صدق يوسف وكذبها فيما قذفته ورمته به }قال إنه‬
‫من كيدكن{ أي إن هذا البهت واللطخ الذي لطخت عرض‬
‫هذا الشاب به من جملة كيدكن }إن كيببدكن عظيببم{‪ ,‬ثببم‬
‫قال آمرا ً ليوسف عليه السببلم بكتمببان مببا وقببع }يوسببف‬
‫أعرض عن هذا{ أي اضرب عن هذا صفحًا‪ ,‬أي فل تببذكره‬
‫لحببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببد‪.‬‬
‫}واستغفري لذنبك{ يقول لمرأته وقد كان لين العريكببة‬
‫سهل ً أو أنه عذرها لنها رأت ما ل صبر لها عنه فقببال لهببا‪:‬‬
‫استغفري لذنبك أي الذي وقع منك من إرادة السببوء بهببذا‬
‫الشبباب ثببم قببذفه بمببا هببو بريببء منببه }إنببك كنببت مببن‬
‫الخببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببباطئين{‪.‬‬

‫ل ن ِسوةٌ في ال ْمدينة ا َ‬
‫زيزِ ت ُبَراوِد ُ فََتاهَببا عَببن‬ ‫مَرأةُ ال ْعَ ِ‬ ‫َ ِ َ ِ ْ‬ ‫** وََقا َ ْ َ ِ‬
‫مببا‬ ‫ن * فَل َ ّ‬ ‫مِبيب ٍ‬ ‫ل ّ‬‫ضبل َ ٍ‬ ‫حب ّا ً إ ِن ّببا ل َن ََراهَببا فِببي َ‬ ‫شغََفَها ُ‬ ‫سهِ قَد ْ َ‬ ‫ن ّْف ِ‬
‫َ‬ ‫سمعت بمك ْره َ‬
‫ت‬ ‫كئا ً َوآت َب ْ‬ ‫مت ّ َ‬
‫ن ُ‬ ‫ت ل َهُ ب ّ‬ ‫ن وَأعْت َبد َ ْ‬ ‫ت إ ِل َي ْهِ ّ‬ ‫سل َ ْ‬‫ن أْر َ‬ ‫َ ِ َ ْ ِ َ ِ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ه‬ ‫مببا َرأي ْن َب ُ‬ ‫ن فَل َ ّ‬ ‫ج عَل َي ْهِب ّ‬ ‫خبُر ْ‬ ‫تا ْ‬ ‫كينا ً وَقَببال َ ِ‬ ‫سب ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫من ْهُ ّ‬
‫حد َةٍ ّ‬ ‫ل َوا ِ‬ ‫كُ ّ‬
‫أ َك ْبرنه وقَط ّع َ‬
‫ن‬ ‫شببرا ً إ ِ ْ‬ ‫ذا ب َ َ‬ ‫هـ ب َ‬‫مببا َ‬ ‫ش لل ّبهِ َ‬ ‫حا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن وَقُل ْ َ‬ ‫ن أي ْدِي َهُ ّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َْ َ ُ َ‬
‫مت ُن ِّني ِفيهِ وَل ََقببد ْ‬ ‫ذي ل ُ ْ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ت فَذ َل ِك ُ ّ‬ ‫م * َقال َ ْ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ك كَ ِ‬ ‫مل َ ٌ‬ ‫ذآ إ ِل ّ َ‬ ‫هـ َ‬‫َ‬
‫م بُرهُ‬ ‫مببآ آ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫م ي َْفعَ ب ْ‬ ‫م وَل َِئن ل ّب ْ‬ ‫صب َ‬ ‫ست َعْ َ‬ ‫س بهِ َفا َ‬ ‫ه عَببن ن ّْف ِ‬ ‫َراَودت ّب ُ‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫حب ّ‬ ‫نأ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫سب ْ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫ن * قَببا َ‬ ‫ري َ‬‫صاِغ ِ‬ ‫من ال ّ‬ ‫كونا ً ّ‬ ‫ن وَل َي َ ُ‬ ‫جن َ ّ‬
‫س َ‬ ‫ل َي ُ ْ‬

‫‪360‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ف عَني ك َيدهُ َ‬
‫ن‬‫ب إ ِل َي ْهِ ّ‬
‫ص ُ‬
‫نأ ْ‬ ‫ْ َ ّ‬ ‫صرِ ْ ّ‬ ‫ي إ ِل َي ْهِ وَإ ِل ّ ت َ ْ‬
‫عون َن ِ َ‬‫ما ي َد ْ ُ‬
‫م ّ‬ ‫إ ِل َ ّ‬
‫ي ِ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫ف عَن ْب ُ‬ ‫ه فَ َ‬
‫ص بَر َ‬ ‫ب ل َب ُ‬
‫ه َرب ّب ُ‬ ‫جا َ‬ ‫ن * َفا ْ‬
‫س بت َ َ‬ ‫جبباهِِلي َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مب َ‬ ‫وَأك ُببن ّ‬
‫ميعُ ال ْعَِليبببببببب ُ‬
‫م‬ ‫سبببببببب ِ‬ ‫هببببببببوَ ال ّ‬ ‫ه ُ‬‫ن إ ِّنبببببببب ُ‬ ‫ك َْيببببببببد َهُ ّ‬
‫يخبر تعالى أن خبر يوسببف وامببرأة العزيببز‪ ,‬شبباع فببي‬
‫المدينة وهي مصر حتى تحدث به الناس }وقال نسوة في‬
‫المدينة{ مثل نساء الكبراء والمببراء‪ ,‬ينكببرن علببى امببرأة‬
‫العزيز وهو الوزير ويعبن ذلك عليها }امببرأة العزيببز تببراود‬
‫فتاها عن نفسه{ أي تحاول غلمها عن نفسه وتدعوه إلى‬
‫نفسها }قد شغفها حب بًا{ أي قببد وصببل حبببه إلببى شببغاف‬
‫قلبها وهو غلفه‪ .‬قال الضببحاك عببن ابببن عببباس‪ :‬الشببغف‬
‫الحب القاتل‪ ,‬والشغف دون ذلك‪ ,‬والشغاف حجاب القلب‬
‫»إنا لنراها في ضلل مبين{ أي في صنيعها هذا مببن حبهببا‬
‫فتاها ومراودتها إياه عن نفسه‪} ,‬فلما سببمعت بمكرهببن{‬
‫قال بعضهم‪ :‬بقببولهن ذهببب الحببب بهببا‪ ,‬وقببال محمببد بببن‬
‫إسحاق‪ :‬بل بلغهن حسن يوسف‪ ,‬فأحببن أن يرينببه‪ ,‬فقلببن‬
‫ذلك ليتوصلن إلى رؤيته ومشاهدته‪ ,‬فعنببد ذلببك }أرسببلت‬
‫إليهن{ أي دعتهببن إلببى منزلهببا لتضببيفهن }وأعتببدت لهببن‬
‫متكأ{‪ .‬قال ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهببد والحسببن‬
‫والسدي وغيرهم‪ :‬هو المجلس المعد فيه مفارش‪ ,‬ومخاد‪,‬‬
‫وطعام فيه ما يقطع بالسببكاكين مببن أتببرج ونحببوه‪ ,‬ولهببذا‬
‫قال تعالى‪} :‬وآتت كببل واحببدة منهببن سببكينًا{ وكببان هببذا‬
‫مكيدة منها ومقابلة لهن في احتيالهن على رؤيته }وقببالت‬
‫اخرج عليهن{ وذلك أنها كانت قببد خبببأته فببي مكببان آخببر‬
‫}فلما{ خببرج }ورأينببه أكبببرنه{ أي أعظمنببه أي أعظمببن‬
‫شأنه‪ ,‬وأجللن قدره‪ ,‬وجعلن يقطعن أيديهن دهشا ً برؤيتببه‪,‬‬
‫وهن يظنن أنهن يقطعن الترج بالسكاكين‪ ,‬والمببراد أنهببن‬
‫حززن أيديهن بها‪ ,‬قاله غيببر واحببد‪ ,‬وعببن مجاهببد وقتببادة‪:‬‬
‫قطعبببببن أيبببببديهن حبببببتى ألقينهبببببا‪ ,‬فبببببالله أعلبببببم‪.‬‬
‫وقد ذكر غير واحد أنها قالت لهن بعببد مببا أكلببن وطببابت‬
‫أنفسهن‪ ,‬ثم وضعت بين أيببديهن أترج با ً وآتببت كببل واحببدة‬
‫منهن سكينًا‪ :‬هل لكن في النظر إلى يوسف ؟ قلن‪ :‬نعببم‪,‬‬
‫فبعثببت إليببه تببأمره أن اخببرج إليهببن‪ ,‬فلمببا رأينببه جعلببن‬

‫‪361‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقطعن أيديهن‪ ,‬ثبم أمرتبه أن يرجبع ليرينبه مقبل ً ومبدبرًا‪,‬‬
‫فرجع وهن يحززن في أيديهن‪ ,‬فلما أحسسن باللم جعلن‬
‫يولولن‪ ,‬فقالت‪ :‬أنتن من نظرة واحدة فعلتن هببذا‪ ,‬فكيببف‬
‫ألم أنا ؟ }وقلن حاشى لله ما هذا بشرا ً إن هببذا إل ملببك‬
‫كريم{ ثم قلن لها‪ :‬وما نرى عليك من لوم بعد هببذا الببذي‬
‫رأينا‪ ,‬لنهن لم يرين في البشر شبيهه ول قريبا ً منببه‪ ,‬فببإنه‬
‫عليه السلم كان قد أعطي شطر الحسن كمببا ثبببت ذلببك‬
‫في الحديث الصحيح في حببديث السببراء أن رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم مر بيوسف عليه السلم في السماء‬
‫الثالثة‪ ,‬قال »فإذا هببو قببد أعطببي شببطر الحسببن« وقببال‬
‫حماد بن سلمة‪ ,‬عن ثابت‪ ,‬عببن أنببس‪ ,‬قببال‪ :‬قببال رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬أعطببي يوسببف وأمببه شببطر‬
‫الحسن«‪ .‬وقال سفيان الثوري‪ ,‬عن أبي إسحاق‪ ,‬عن أبببي‬
‫الحوص‪ ,‬عن عبد اللببه بببن مسببعود قببال‪ :‬أعطببي يوسببف‬
‫وأمببه ثلببث الحسببن‪ .‬وقببال أبببو إسببحاق أيض بًا‪ ,‬عببن أبببي‬
‫الحوص‪ ,‬عن عبد الله‪ ,‬قال‪ :‬كان وجه يوسف مثل البببرق‪,‬‬
‫وكانت المرأة إذا أتته لحاجة غطى وجهه مخافة أن تفتتببن‬
‫به‪ .‬ورواه الحسن البصببري مرسبل ً عببن النبببي صبلى اللببه‬
‫عليه وسلم أنه قال‪» :‬أعطي يوسف وأمه ثلث حسن أهل‬
‫الدنيا‪ ,‬وأعطي النبباس الثلببثين«‪ ,‬أو قببال »أعطببي يوسببف‬
‫وأمه الثلثين والناس الثلث«‪ .‬وقال سببفيان‪ ,‬عببن منصببور‪,‬‬
‫عن مجاهد عن ربيعة الجرشي قال‪ :‬قسم الحسن نصفين‬
‫لخببر‬‫فأعطي يوسف وأمه سارة نصف الحسن‪ ,‬والنصف ا َ‬
‫بيبببببببببببببببببببن سبببببببببببببببببببائر الخلبببببببببببببببببببق‪.‬‬
‫وقال المام أبو القاسم السهيلي‪ :‬معناه أن يوسف عليه‬
‫السلم كان على النصف من حسن آدم عليه السلم‪ ,‬فإن‬
‫الله خلق آدم بيده على أكمل صورة وأحسببنها‪ ,‬ولببم يكببن‬
‫في ذريته من يوازيه في جماله‪ ,‬وكان يوسببف قببد أعطببي‬
‫شطر حسنه‪ ,‬فلهذا قال هؤلء النسوة عند رؤيته }حاشببى‬
‫لله{‪ .‬قال مجاهد وغير واحد‪ :‬معاذ الله }مببا هببذا بشببرًا{‪,‬‬
‫وقرأ بعضهم ما هذا بشري أي بمشببترى بشببراء }إن هببذا‬
‫إل ملك كريم * قالت فذلكن الذي لمتنني فيه{ تقول هببذا‬

‫‪362‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫معتذرة إليهبن ببأن هبذا حقيبق أن يحبب لجمباله وكمباله‪,‬‬
‫}ولقببد راودتببه عببن نفسببه فاستعصببم{ أي فببامتنع‪ .‬قببال‬
‫بعضهم‪ :‬لما رأين جماله الظاهر أخبرتهن بصببفاته الحسببنة‬
‫التي تخفى عنهن‪ ,‬وهي العفة مع هببذا الجمببال‪ ,‬ثببم قببالت‬
‫تتوعده }ولئن لببم يفعببل مببا آمببره ليسببجنن وليكون با ً مببن‬
‫الصاغرين{ فعند ذلببك اسببتعاذ يوسببف عليببه السببلم مببن‬
‫شببرهن وكيببدهن‪ ,‬و}قببال رب السببجن أحببب إلببي ممببا‬
‫يدعونني إليه{ أي من الفاحشة }وإل تصرف عني كيببدهن‬
‫أصب إليهن{ أي إن وكلتني إلببى نفسببي فليببس لبي منهببا‬
‫قدرة ول أملك لها ضببرا ً ول نفعبا ً إل بحولببك وقوتببك‪ ,‬أنببت‬
‫المستعان وعليك التكلن‪ ,‬فل تكلنببي إلببى نفسببي }أصببب‬
‫ليببة‪ ,‬وذلببك‬‫إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربببه{ ا َ‬
‫أن يوسف عليه السلم عصمه الله عصمة عظيمة‪ ,‬وحماه‬
‫فامتنع منها أشد المتناع‪ ,‬واختار السجن على ذلببك‪ ,‬وهببذا‬
‫في غاية مقامات الكمبال أنبه مبع شببابه وجمباله وكمباله‬
‫تدعوه سيدته‪ ,‬وهي امرأة عزيز مصر‪ ,‬وهي مببع هببذا فببي‬
‫غاية الجمال والمببال والرياسببة‪ ,‬ويمتنببع مببن ذلببك ويختببار‬
‫السبببجن علبببى ذلبببك خوفبببا ً مبببن اللبببه ورجببباء ثبببوابه‪.‬‬
‫ولهذا ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪» :‬سبعة يظلهم اللببه فببي ظلببه يببوم ل ظببل إل‬
‫ظله‪ :‬إمام عادل‪ ,‬وشاب نشأ في عبادة الله‪ ,‬ورجببل قلبببه‬
‫معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه‪ ,‬ورجلن تحابببا‬
‫في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليببه‪ ,‬ورجببل تصببدق بصببدقة‬
‫فأخفاها حتى ل تعلم شماله ما أنفقت يمينه‪ ,‬ورجببل دعتبه‬
‫امرأة ذات منصب وجمال فقال‪ :‬إنببي أخبباف اللببه‪ ,‬ورجببل‬
‫ذكببببببببر اللببببببببه خاليببببببببا ً ففاضببببببببت عينبببببببباه«‪.‬‬

‫َ‬
‫ن‬
‫حي ب ٍ‬
‫ى ِ‬
‫حت ّب َ‬
‫ه َ‬
‫جن ُن ّ ُ‬ ‫ت ل َي َ ْ‬
‫س ُ‬ ‫ما َرأوُا ْ ال ََيا ِ‬
‫من ب َعْدِ َ‬ ‫دا ل َهُ ْ‬
‫م ّ‬ ‫** ث ُ ّ‬
‫م بَ َ‬
‫يقول تعالى‪ :‬ثم ظهر لهم من المصلحة فيمببا رأوه أنهببم‬
‫يسجنونه إلى حيببن‪ ,‬أي إلببى مببدة‪ ,‬وذلببك بعببد مببا عرفببوا‬
‫ليات‪ ,‬وهي الدلة على صدقه فببي عفتببه‬ ‫براءته وظهرت ا َ‬

‫‪363‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ونزاهته‪ ,‬وكببأنهم بب واللبه أعلبم بب إنمببا سبجنوه لمببا شباع‬
‫الحديث إيهاما ً أنه راودها عن نفسبها وأنهبم سبجنوه علبى‬
‫ذلك‪ .‬ولهذا لما طلبه الملك الكبببير فببي آخببر المببدة امتنببع‬
‫من الخروج حتى تتبين براءته مما نسب إليه مببن الخيانببة‪.‬‬
‫فلما تقرر ذلك‪ ,‬خرج وهو نقي العرض صلوات اللببه عليببه‬
‫وسلمه‪ .‬وذكر السدي أنهم إنما سجنوه لئل يشيع مببا كببان‬
‫منهبببببا فبببببي حقبببببه‪ ,‬ويببببببرأ عرضبببببه فيفضبببببحها‪.‬‬

‫ل أ َحدهُمآ إني أ َران ِ َ‬


‫صُر‬ ‫ي أعْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن َقا َ َ ُ َ ِ ّ‬ ‫ن فَت ََيا َ‬ ‫َ‬ ‫ج‬
‫س ْ‬‫ه ال ّ‬ ‫مع َ ُ‬
‫ل َ‬ ‫خ َ‬
‫** وَد َ َ‬
‫ْ‬
‫خب ْببزا ً ت َأك ُب ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مرا ً وََقا َ‬
‫ل‬ ‫سي ُ‬ ‫ل فَوْقَ َرأ ِ‬ ‫م ُ‬
‫ح ِ‬
‫يأ ْ‬ ‫خُر إ ِّني أ َ ْران ِ َ‬ ‫ل ال َ َ‬ ‫خ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫سببِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫مببب َ‬ ‫ه ن َب ّئ ْن َبببا ب َِتببأِويل ِهِ إ ِّنببا َنببَرا َ‬
‫ك ِ‬ ‫الط ّْيببُر ِ‬
‫من ْببب ُ‬
‫لخببر خبببازه‪.‬‬ ‫قال قتادة‪ :‬كببان أحببدهما سبباقي الملبك‪ ,‬وا َ‬
‫قال محمد بن إسحاق‪ :‬كان اسم الذي على الشببراب نبببوا‬
‫لخر مجلث‪ .‬قال السدي‪ :‬كان سبب حبس الملك إياهما‬ ‫وا َ‬
‫أنه توهم أنهما تمال َ على سمه في طعامه وشرابه‪ ,‬وكببان‬
‫يوسببف عليببه السببلم قببد اشببتهر فببي السببجن بببالجود‬
‫والمانة‪ ,‬وصدق الحديث‪ ,‬وحسن السمت‪ ,‬وكثرة العبببادة‪,‬‬
‫صلوات الله عليه وسلمه‪ .‬ومعرفة التعبير والحسان إلببى‬
‫أهل السجن‪ ,‬وعيببادة مرضبباهم‪ ,‬والقيببام بحقببوقهم‪ .‬ولمببا‬
‫دخل هذان الفتيان إلى السجن تآلفا به وأحباه حبا ً شببديدا ً‬
‫وقال لببه‪ :‬واللببه لقببد أحببنبباك حببا ً زائدًا‪ .‬قببال‪ :‬بببارك اللببه‬
‫ي مببن محبتببه ضببرر‪,‬‬ ‫فيكما‪ ,‬إنه ما أحبني أحد إل دخل عل ب ّ‬
‫ي الضببرر بسببببها‪ ,‬وأحبنببي أبببي‬ ‫أحبتني عمببتي فببدخل علب ّ‬
‫فأوذيت بسببه‪ ,‬وأحبتني امرأة العزيز فكذلك‪ ,‬فقال‪ :‬واللببه‬
‫ما نستطيع إل ذلك‪ ,‬ثم إنهما رأيا مناما ً فرأى السبباقي أنببه‬
‫يعصر خمرا ً يعني عنبًا‪ ,‬وكذلك هي في قراءة عبد الله بببن‬
‫مسببببببببعود‪ :‬إنببببببببي أرانببببببببي أعصببببببببر عنبببببببببًا‪.‬‬
‫ورواه ابن أبي حاتم عن أحمد بببن سببنان‪ ,‬عببن يزيببد بببن‬
‫هارون‪ ,‬عن شريك‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن زيد بن وهببب‪ ,‬عببن‬
‫ابن مسعود أنبه قرأهببا‪ :‬أعصببر عنببًا‪ :‬وقببال الضببحاك فببي‬
‫قوله }إني أراني أعصببر خمببرًا{ يعنببي عنببًا‪ ,‬قببال‪ :‬وأهببل‬

‫‪364‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عمان يسمون العنب خمرًا‪ ,‬وقال عكرمببة‪ :‬قببال لببه‪ :‬إنببي‬
‫رأيت فيما يرى النائم أني غرست حببة مبن عنبب‪ ,‬فنبتبت‬
‫فخرج فيها عناقيد‪ ,‬فعصرتهن ثم سببقيتهن الملببك‪ ,‬فقببال‪:‬‬
‫تمكث في السجن ثلثة أيام ثم تخرج فتسقيه خمرًا‪ ,‬وقال‬
‫لخر وهو الخباز }إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا ً تأكل‬ ‫ا َ‬
‫لية‪ ,‬والمشهور عنببد الكببثرين مببا‬ ‫الطيرمنه نبئنا بتأويله{ ا َ‬
‫ذكرناه أنهما رأيببا منامبا ً وطلبببا تعبببيره‪ .‬وقببال ابببن جريببر‪:‬‬
‫حدثنا وكيع وابن حميد قببال‪ :‬حببدثنا جريببر عببن عمببارة بببن‬
‫القعقاع عن إبراهيم عن عبد الله بن مسعود قال‪ :‬مببا رأى‬
‫صبباحبا يوسببف شببيئًا‪ ,‬إنمببا كببان تحالمببا ً ليجربببا عليببه‪.‬‬

‫ل َأن‬ ‫ما ب َِتبأ ِْويل ِهِ قَْبب َ‬ ‫ْ‬


‫م ت ُْرَزَقان ِهِ إ ِل ّ ن َب ّأت ُك ُ َ‬ ‫ما ط ََعا ٌ‬
‫ْ‬
‫ل ل َ ي َأِتيك ُ َ‬ ‫** َقا َ‬
‫يأ ْ‬
‫ة قَ بوْم ٍ ل ّ‬ ‫مل ّب َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ي إ ِن ّببي ت ََرك ْب ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ب‬‫ّ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫بي‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫با‬
‫ب‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ما‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ما‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫تي‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ة‬‫مل ّب َ‬
‫ت ِ‬ ‫ن * َوات ّب َعْب ُ‬ ‫م ك َببافُِرو َ‬ ‫خَرةِ هُب ْ‬ ‫م ب ِببال َ ِ‬ ‫ن ب ِببالل ّهِ وَهُب ْ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ي ُؤْ ِ‬
‫َ‬
‫ن ل َن َببآ أن ن ّ ْ‬
‫ك‬ ‫ش برِ َ‬ ‫مببا ك َببا َ‬ ‫ب َ‬ ‫حاقَ وَي َعُْقببو َ‬ ‫سب َ‬ ‫م وَإ ِ ْ‬ ‫هي َ‬ ‫ي إ ِب َْرا ِ‬ ‫آَبآِئب َ‬
‫س‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ضب ِ ّ‬ ‫مببن فَ ْ‬ ‫يٍء ذ َِلب َ‬ ‫من َ‬ ‫ِبالل ّهِ ِ‬
‫ل اللبهِ عَلي ْن َببا وَعَلببى الن ّببا ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫ش ْ‬
‫وَلـببببببببببك َ‬
‫شببببببببببك ُُرو َ‬
‫ن‬ ‫س ل َ يَ ْ‬ ‫ن أك ْث َببببببببببَر الن ّببببببببببا ِ‬ ‫ِ ّ‬ ‫َ‬
‫يخبرهما يوسف عليه السلم أنهما مهما رأيا فببي المنببام‬
‫من حلم فإنه عارف بتفسيره يخبرهما بتأويله قبل وقوعه‪,‬‬
‫ولهذا قال‪} :‬ل يأتيكما طعام ترزقانه إل نبأتكمببا بتببأويله{‪.‬‬
‫ومجاهد‪ :‬يقول }ل يأتيكما طعام ترزقانه{ في يومكما }إل‬
‫نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما{‪ ,‬وكذا قببال السببدي‪ .‬وقببال‬
‫ابن أبي حاتم رحمه الله‪ :‬حدثنا علببي بببن الحسببين‪ ,‬حببدثنا‬
‫محمببد بببن العلء‪ ,‬حببدثنا محمببد بببن يزيببد شببيخ لببه‪ ,‬عببن‬
‫الحسن بن ثوبان‪ ,‬عن عكرمة‪ ,‬عببن ابببن عببباس قببال‪ :‬مببا‬
‫أدري لعل يوسف عليببه السببلم كببان يعتبباف وهببو كببذلك‪,‬‬
‫لني أجد في كتباب اللبه حيببن قبال للرجليبن‪} :‬ل يأتيكمبا‬
‫طعام ترزقبانه إل نبأتكمبا بتبأويله{ قبال‪ :‬إذا جباء الطعبام‬
‫حلوا ً أو مرا ً اعتاف عند ذلك‪ .‬ثم قال ابن عباس‪ :‬إنما علم‬
‫فعلم‪ ,‬وهذا أثر غريب‪ ,‬ثم قال‪ :‬وهببذا إنمببا هببو مببن تعليببم‬
‫لخببر‪,‬‬ ‫الله إياي‪ ,‬لني اجتنبت ملة الكافرين بببالله واليببوم ا َ‬

‫‪365‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فل يرجون ثوابا ً ول عقابا ً في المعبباد }واتبعببت ملببة آبببائي‬
‫ليببة‪ ,‬يقببول‪ :‬هجببرت طريببق‬ ‫إبراهيم وإسحاق ويعقببوب{ ا َ‬
‫الكفر والشرك‪ ,‬وسلكت طريق هؤلء المرسببلين صببلوات‬
‫الله وسلمه عليهم أجمعين‪ ,‬وهكذا يكون حببال مببن سببلك‬
‫طريق الهدى‪ ,‬واتبع طريق المرسلين‪ ,‬وأعرض عن طريق‬
‫الضالين‪ ,‬فإن الله يهدي قلبه‪ ,‬ويعلمببه مببا لببم يكببن يعلببم‪,‬‬
‫ويجعلببه إمامبا ً يقتببدى بببه فببي الخيببر‪ ,‬وداعيبا ً إلببى سبببيل‬
‫الرشاد }ما كان لنا أن نشرك بببالله مببن شببيء ذلببك مببن‬
‫فضل الله علينا وعلى النبباس{ هببذا التوحيببد وهببو القببرار‬
‫بأنه ل إلببه إل اللببه وحببده ل شببريك لببه }مببن فضببل اللببه‬
‫علينا{ أي أوحاه إلينا وأمرنا به‪} .‬وعلى النبباس{ إذ جعلنببا‬
‫ن أكثر الناس ل يشببكرون{ أي ل‬ ‫دعاة لهم إلى ذلك }ولك ّ‬
‫يعرفون نعمة الله عليهم بإرسال الرسل إليهم‪ ,‬بل }بدلوا‬
‫نعمة الله كفرا ً وأحلوا قومهم دار البوار{‪ .‬وقبال اببن أببي‬
‫حاتم‪ :‬حدثنا أحمد بن سنان‪ ,‬حدثنا أبو معاوية‪ ,‬حدثنا حجاج‬
‫عن عطاء‪ ,‬عن ابن عباس أنه كان يجعل الجد أب با ً ويقببول‪:‬‬
‫والله فمن شاء لعنته عنببد الحجببر‪ ,‬مببا ذكببر اللببه جببدا ً ول‬
‫جدة‪ ,‬قال الله تعالى يعني إخبببارا ً عببن يوسببف‪} :‬واتبعببت‬
‫ملببببببة آبببببببائي إبراهيببببببم وإسببببببحاق ويعقببببببوب{‪.‬‬

‫َ‬ ‫حبي السج َ َ‬


‫حببد ُ‬ ‫ه ال ْ َ‬
‫وا ِ‬ ‫خي ٌْر أم ِ الّلبب ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مت َّفّرُقو َ‬ ‫ب ّ‬ ‫ن أأْرَبا ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫صا ِ َ‬ ‫** ي َ َ‬
‫م‬ ‫ال َْقهار * ما تعبدون مببن دون ِبه إل ّ أ َسبمآًء سبميتمو َ َ‬
‫هآ أنت ُب ْ‬ ‫َ ّ ُْ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ َُْ ُ َ ِ‬ ‫ّ ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫مآ أنَز َ‬ ‫ُ‬
‫مَر‬ ‫م إ ِل للهِ أ َ‬ ‫حك ُ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫ن إِ ِ‬ ‫سلطا ٍ‬ ‫من ُ‬ ‫ه ب َِها ِ‬ ‫ل الل ُ‬ ‫م ّ‬ ‫َوآَبآؤُك ْ‬
‫َ‬ ‫أ َل ّ ت َعْب ُد ُوَا ْ إ ِل ّ إ ِّياهُ ذ َل ِ َ‬
‫س لَ‬ ‫ن أك ْث َبَر الن ّببا ِ‬ ‫م وََلـبك ِ ّ‬‫ن ال َْقي ّب ُ‬‫دي ُ‬ ‫ك الب ّ‬
‫ن‬‫مببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببو َ‬ ‫ي َعْل َ ُ‬
‫ن يوسف عليه السلم أقبل على الفتيين بالمخاطبببة‬ ‫ثم إ ّ‬
‫والدعاء لهما إلى عبادة الله وحده ل شريك لببه‪ ,‬وخلببع مببا‬
‫سواه من الوثببان الببتي يعبببدها قومهمببا‪ ,‬فقببال‪} :‬أأرببباب‬
‫متفرقون خيببر أم اللببه الواحببد القهببار{ أي الببذي ذل كببل‬
‫شيء لعز جلله وعظمة سببلطانه‪ ,‬ثببم بيببن لهمببا أن الببتي‬
‫يعبدونها ويسمونها آلهة إنما هو جهل منهببم‪ ,‬وتسببمية مببن‬

‫‪366‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تلقاء أنفسهم‪ ,‬تلقاهببا خلفهببم عببن سببلفهم‪ ,‬وليببس لببذلك‬
‫مستند من عند الله‪ ,‬ولهذا قببال‪} :‬مببا أنببزل اللببه بهببا مببن‬
‫سببلطان{ أي حجببة ول برهببان‪ ,‬ثببم أخبببرهم أن الحكببم‬
‫والتصببرف والمشببيئة والملببك كلببه للببه‪ ,‬وقببد أمببر عببباده‬
‫قاطبة أن ل يعبدوا إل إياه‪ ,‬ثببم قببال تعببالى‪} :‬ذلببك الببدين‬
‫القيم{ أي هذا الذي أدعوكم إليه من توحيببد اللببه وإخلص‬
‫العمل له‪ ,‬هو الدين المستقيم الذي أمر الله به‪ ,‬وأنزل بببه‬
‫الحجة والبرهان الذي يحبه ويرضاه }ولكن أكببثر النبباس ل‬
‫يعلمببون{ أي فلهببذا كببان أكببثرهم مشببركين‪} ,‬ومببا أكببثر‬
‫الناس ولو حرصت بمؤمنين{‪ .‬وقبد قببال اببن جريببر‪ :‬إنمبا‬
‫عدل بهم يوسف عن تعبير الرؤيا إلى هذا‪ ,‬لنه عرف أنهببا‬
‫ضارة لحدهما‪ ,‬فأحب أن يشغلهما بغير ذلببك لئل يعبباودوه‬
‫فيها‪ .‬فعاودوه فأعاد عليهم الموعظة‪ ,‬وفي هذا الذي قبباله‬
‫نظر‪ ,‬لنه قد وعدهما أول ً بتعبيرها‪ ,‬ولكن جعل سؤالهما له‬
‫على وجه التعظيم والحترام وصلة وسببا ً إلى دعائهما إلى‬
‫التوحيد والسلم‪ ,‬لما رأى في سجيتهما مببن قبببول الخيببر‬
‫والقبال عليه والنصات إليه‪ ,‬ولهذا لما فرغ مببن دعوتهمببا‬
‫شرع فببي تعبببير رؤياهمببا مببن غيببر تكببرار سببؤال فقببال‪(:‬‬

‫َ‬ ‫حبي السجن أ َ َ‬


‫مببرا ً وَأ ّ‬
‫مببا‬ ‫خ ْ‬
‫ه َ‬‫سبِقي َرب ّب ُ‬ ‫حبد ُك ُ َ‬
‫ما فَي َ ْ‬ ‫مآ أ َ‬‫ّ ْ ِ ّ‬ ‫صا ِ َ ِ‬ ‫** ي َ َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ذي‬ ‫مبُر ال ّب ِ‬ ‫ي ال ْ‬ ‫ضب َ‬ ‫س به ِ ق ُ ِ‬
‫مببن ّرأ ِ‬ ‫ل الط ّي ُْر ِ‬ ‫صل َ ُ‬
‫ب فَت َأك ُ ُ‬ ‫خُر فَي ُ ْ‬ ‫ال َ َ‬
‫ن‬
‫سببببببببببببببببببببببببببببببت َْفت َِيا ِ‬ ‫ِفيببببببببببببببببببببببببببببببهِ ت َ ْ‬
‫يقول لهما }يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسببقي ربببه‬
‫خمرًا{ وهو الذي رأى أنه يعصر خمرًا‪ ,‬ولكنه لم يعينببه لئل‬
‫لخببر فيصببلب‬ ‫يحزن ذاك‪ ,‬ولهذا أبهمببه فببي قببوله }وأمببا ا َ‬
‫فتأكل الطير من رأسه{ وهو فببي نفببس المببر الببذي رأى‬
‫أنه يحمل فوق رأسه خبزًا‪ ,‬ثببم أعلمهمببا أن هببذا قببد فببرغ‬
‫منه‪ ,‬وهو واقع ل محالة‪ ,‬لن الرؤيا على رجل طائر ما لببم‬
‫تعبر فببإذا عببرت وقعبت‪ ,‬وقبال الثبوري‪ :‬عبن عمبارة بببن‬
‫القعقاع‪ ,‬عن إبراهيم عن عبد الله قببال‪ :‬لمببا قببال مببا قببال‬
‫وأخبرهما‪ ,‬قال‪ :‬ما رأينا شيئًا‪ ,‬فقببال‪} :‬قضببي المببر الببذي‬

‫‪367‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فيه تستفتيان{ ورواه محمد بن فضببيل عببن عمببارة‪ ,‬عببن‬
‫إبراهيم‪ ,‬عن علقمببة‪ ,‬عببن ابببن مسببعود بببه‪ ,‬وكببذا فسببره‬
‫مجاهد وعبد الرحمن بن زيد بن أسببلم وغيرهببم‪ ,‬وحاصببله‬
‫أن مببن تحلببم بباطببل‪ ,‬وفسببره فببإنه يلببزم بتببأويله‪ ,‬واللببه‬
‫تعالى أعلببم‪ ,‬وقببد ورد فببي الحببديث الشببريف الببذي رواه‬
‫المام أحمد عن معاوية بن حيببدة‪ ,‬عببن النبببي صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم قال‪» :‬الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر‪ ,‬فببإذا‬
‫عبرت وقعت« وفببي مسببند أبببي يعلببى مببن طريببق يزيببد‬
‫الرقاشبببي‪ ,‬عبببن أنبببس مرفوعبببا ً »الرؤيبببا لول عبببابر«‪.‬‬

‫ل لل ّذي ظ َن أ َنه ناج منهما اذ ْك ُرني عند رب َ َ‬


‫ساهُ‬‫ك فَأن ْ َ‬‫ِ َ َ ّ‬ ‫ْ ِ‬ ‫ّ ّ ُ َ ٍ ّ ُْ َ‬ ‫** وََقا َ ِ ِ‬
‫ن‬
‫سببِني َ‬‫ضببعَ ِ‬‫ن بِ ْ‬
‫ج ِ‬
‫سبب ْ‬‫ث ِفببي ال ّ‬‫كببَر َرّبببهِ فَل َِببب َ‬
‫ن ذِ ْ‬ ‫شببي ْ َ‬
‫طا ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ولما ظن يوسف عليه السلم أن السبباقي نبباج‪ ,‬قببال لببه‬
‫لخببر‪ ,‬واللببه أعلببم بب لئل يشببعره أنببه‬ ‫يوسببف خفيببة عببن ا َ‬
‫المصببلوب بب قببال لببه }اذكرنببي عنببد ربببك{ يقببول‪ :‬اذكببر‬
‫قصتي عند ربببك‪ ,‬وهببو الملببك‪ ,‬فنسببي ذلببك الموصببى أن‬
‫يذكر موله الملك بذلك‪ ,‬وكان من جملة مكايببد الشببيطان‬
‫لئل يطلببع نبببي اللببه مببن السببجن‪ ,‬هببذا هببو الصببواب أن‬
‫الضمير في قوله }فأنساه الشيطان ذكر ربه{ عائد علببى‬
‫الناجي‪ ,‬كما قاله مجاهد ومحمد بببن إسببحاق وغيببر واحببد‪.‬‬
‫ويقال‪ :‬إن الضمير عائد على يوسف عليه السلم رواه ابن‬
‫جريبر عبن اببن عبباس ومجاهبد أيضبا ً وعكرمبة وغيرهبم‪,‬‬
‫وأسند ابن جرير ههنا حديثا ً فقال‪ :‬حدثنا ابببن وكيببع‪ ,‬حببدثنا‬
‫عمرو بن محمد عن إبراهيم بن يزيد‪ ,‬عن عمرو بن دينببار‪,‬‬
‫عن عكرمة‪ ,‬عببن ابببن عببباس مرفوع بًا‪ ,‬قببال‪ :‬قببال النبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬لو لم يقل ب يعني يوسف ب الكلمة‬
‫التي قال‪ ,‬ما لبث في السجن طول ما لبببث حيببث يبتغببي‬
‫الفرج من عند غير الله«‪ ,‬وهذا الحببديث ضببعيف جببدًا‪ ,‬لن‬
‫سفيان بن وكيع ضببعيف‪ ,‬وإبراهيببم بببن يزيببد هببو الخببوزي‬
‫أضعف منه أيضًا‪ .‬وقد روي عن الحسن وقتادة مرسل ً عن‬

‫‪368‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كل منهما‪ ,‬وهذه المرسلت ههنا ل تقبل لو قبببل المرسببل‬
‫مببن حيببث هببو فببي غيببر هببذا المببوطن‪ ,‬واللببه أعلببم‪.‬‬
‫وأما البضع فقال مجاهد وقتادة‪ :‬هببو مبا بيبن الثلث إلببى‬
‫التسع‪ .‬وقال وهب بن منبه‪ :‬مكث أيببوب فببي البلء سبببعًا‪,‬‬
‫ويوسف في السجن سبببعًا‪ ,‬وعببذب بختنصببر سبببعًا‪ ,‬وقببال‬
‫الضحاك عن ابببن عببباس رضببي اللببه عنهمببا }فلبببث فببي‬
‫السببجن بضببع سببنين{ قببال‪ :‬ثنتببا عشببرة سببنة‪ .‬وقببال‬
‫الضبببببببببببحاك‪ :‬أرببببببببببببع عشبببببببببببرة سبببببببببببنة‪.‬‬

‫ْ‬ ‫َ‬
‫س بب ْعٌ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ي َبأك ُ َل ُهُ ّ‬ ‫ما ٍ‬ ‫سب َ‬ ‫ت ِ‬ ‫سب ْعَ ب ََقَرا ٍ‬ ‫ي أَرىَ َ‬ ‫ك إ ِن ّ َ‬ ‫مل ِ ُ‬‫ل ال ْ َ‬ ‫** وََقا َ‬
‫مل ُ‬ ‫ت ي َأي ّهَببا ال ْ َ‬ ‫سببا ٍ‬ ‫خ بَر َياب ِ َ‬ ‫ض برٍ وَأ ُ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ت ُ‬ ‫س بن ْب ُل َ ٍ‬ ‫س بب ْعَ ُ‬ ‫ف وَ َ‬ ‫جببا ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫أ َفُْتوِني ِفي ُرؤَْيايَ ِإن ُ‬
‫ث‬ ‫ضببَغا ُ‬ ‫ن * َقال ُوَا ْ أ ْ‬ ‫م ِللّرؤَْيا ت َعْب ُُرو َ‬ ‫كنت ُ ْ‬
‫أ َحل َم وما نحن بتأ ْ‬
‫جببا‬ ‫ذي ن َ َ‬ ‫ل ال ّب ِ‬ ‫ن * وَقَببا َ‬ ‫ْ َ‬ ‫مي‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫عا‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫وي‬
‫ْ ٍ َ َ َ ْ ُ َِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫س ُ‬ ‫ن * ُيو ُ‬ ‫سُلو ِْ‬ ‫م ب ِت َأِويل ِهِ فَأْر ِ‬ ‫مةٍ أن َا ْ أن َب ّئ ُك ُ ْ‬ ‫ما َواد ّك ََر ب َعْد َ أ ّ‬ ‫من ْهُ َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ع‬
‫سبب ْ ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ي َبأك ُل ُهُ ّ‬ ‫ما ٍ‬ ‫سب َ‬ ‫ت ِ‬ ‫سبب ِْع ب ََقبَرا ٍ‬ ‫ديقُ أفْت ِن َببا فِببي َ‬ ‫ص ّ‬ ‫أي َّها ال ّ‬
‫جعُ إ َِلببى‬ ‫خر يابسات ل ّعل ّ َ‬ ‫ُ‬
‫ي أْر ِ‬ ‫ضرٍ وَأ َ َ َ ِ َ ٍ َ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ت ُ‬ ‫سنب ُل َ ٍ‬ ‫سب ِْع ُ‬ ‫ف وَ َ‬ ‫جا ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫مببا‬ ‫ن د َأببا ً فَ َ‬ ‫َ‬ ‫سِني‬ ‫سب ْعُ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫عو َ‬ ‫ل ت َْزَر ُ‬ ‫ن * َقا َ‬ ‫مو َ‬ ‫م ي َعْل َ ُ‬‫س ل َعَل ّهُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫الّنا‬
‫م ي َبأ ِْتي‬ ‫ن * ث ُب ّ‬
‫ْ‬
‫ما ت َأك ُُلو َ‬ ‫م ّ‬ ‫سنب ُل ِهِ إ ِل ّ قَِليل ً ّ‬ ‫م فَذ َُروهُ ِفي ُ‬ ‫صدت ّ ْ‬‫ح َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫مببا‬ ‫م ّ‬ ‫ن إ ِل ّ قَِليل ً ّ‬ ‫م ل َهُب ّ‬ ‫مت ُ ْ‬‫ما قَد ّ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫داد ٌ ي َأك ُل ْ َ‬ ‫ش َ‬ ‫سب ْعٌ ِ‬
‫ْ‬
‫ك َ‬ ‫من ب َعْدِ ذ َل ِ َ‬ ‫ِ‬
‫س‬ ‫ث الن ّببا ُ‬ ‫م ِفي بهِ ي ُغَببا ُ‬ ‫ك عَببا ٌ‬ ‫من ب َعْدِ ذ َل ِب َ‬ ‫م ي َأِتي ِ‬ ‫ن * ثُ ّ‬ ‫صُنو َ‬ ‫ح ِ‬ ‫تُ ْ‬
‫ن‬
‫صببببببببببببببببببببببببببببببُرو َ‬ ‫وَِفيببببببببببببببببببببببببببببببهِ ي َعْ ِ‬
‫هذه الرؤيا من ملك مصر مما قدر الله تعالى أنهبا كبانت‬
‫سببببا ً لخببروج يوسببف عليببه السببلم مببن السببجن‪ ,‬معببززا ً‬
‫مكرمًا‪ ,‬وذلك أن الملك رأى هببذه الرؤيببا‪ ,‬فهببالته وتعجببب‬
‫من أمرها وما يكون تفسيرها‪ ,‬فجمع الكهنة والحذاة وكبار‬
‫دولته وأمراءه فقص عليهم مببا رأى وسببألهم عببن تأويلهببا‪,‬‬
‫فلم يعرفوا ذلك‪ ,‬واعتذروا إليه بأنهببا }أضببغاث أحلم{ أي‬
‫أخلط أحلم اقتضته رؤياك هذه }وما نحن بتأويببل الحلم‬
‫بعالمين{ أي لو كانت رؤيا صحيحة من أخلط لما كان لنببا‬
‫معرفة بتأويلها‪ ,‬وهو تعبيرها‪ ,‬فعند ذلك تذكر الذي نجا مببن‬
‫ذينك الفتيين اللذين كانببا فببي السببجن مببع يوسببف‪ ,‬وكببان‬

‫‪369‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الشيطان قد أنساه مببا وصبباه بببه يوسببف مببن ذكببر أمببره‬
‫للملك‪ ,‬فعند ذلك تذكر بعد أمة‪ ,‬أي مدة‪ ,‬وقرأ بعضهم بعد‬
‫أمه أي بعد نسيان‪ ,‬فقال لهم‪ ,‬أي للملببك والببذين جمعهببم‬
‫لبببذلك }أنبببا أنببببئكم بتبببأويله{ أي بتأويبببل هبببذا المنبببام‪,‬‬
‫}فأرسببلون{ أي فببابعثون إلببى يوسببف الصببديق إلببى‬
‫السجن‪ ,‬ومعنى الكلم فبعثوه فجاءه‪ ,‬فقال‪} :‬يوسف أيهببا‬
‫الصديق أفتنا{ وذكر المنببام الببذي رآه الملببك‪ ,‬فعنببد ذلببك‬
‫ذكر له يوسف عليه السلم تعبيرها من غير تعنيببف للفببتى‬
‫في نسيانه ما وصاه به‪ ,‬ومن غيببر اشببتراط للخببروج قبببل‬
‫ذلببك‪ ,‬بببل قببال‪} :‬تزرعببون سبببع سببنين دأب بًا{ أي يببأتيكم‬
‫الخصببب والمطببر سبببع سببنين متواليببات ففسببر البقببر‬
‫بالسببنين لنهببا تببثير الرض الببتي تسببتغل منهببا الثمببرات‬
‫والببزروع‪ ,‬وهببن السببنبلت الخضببر‪ ,‬ثببم أرشببدهم إلببى مببا‬
‫يعتدونه في تلك السنين‪ ,‬فقال }فما حصببدتم فببذروه فببي‬
‫سنبله إل قليل ً مما تأكلون{ أي مهمببا اسببتغللتم فببي هببذه‬
‫السبع السنين الخصب‪ ,‬فادخروه في سببنبله ليكببون أبقببى‬
‫له وأبعد عن إسراع الفساد إليه إل المقدار الذي تببأكلونه‪,‬‬
‫ل‪ ,‬ل تسببرفوا فيببه لتنتفعببوا فببي السبببع‬ ‫وليكببن قليل ً قلي ً‬
‫الشداد‪ ,‬وهن السبع السنين المحل التي تعقب هذه السبع‬
‫المتواليات‪ ,‬وهن البقرات العجبباف اللتببي تأكببل السببمان‪,‬‬
‫لن سني الجدب يؤكل فيها ما جمعوه في سني الخصببب‪,‬‬
‫وهن السنبلت اليابسات‪ ,‬وأخبرهم أنهن ل ينبتن شيئًا‪ ,‬وما‬
‫بذروه فل يرجعون منه إلى شيء‪ ,‬ولهذا قبال‪} :‬يبأكلن مبا‬
‫قدمتم لهن إل قليل ً مما تحصنون{ ثم بشرهم بعد الجببدب‬
‫العام المتوالي بأنه يعقبهم بعد ذلك عام فيه يغاث الناس‪,‬‬
‫أي يأتيهم الغيث وهو المطر وتغل البلد‪ ,‬ويعصر الناس ما‬
‫كببانوا يعصببرون علببى عببادتهم مببن زيببت ونحببوه‪ ,‬وسببكر‬
‫ونحوه‪ ,‬حتى قال بعضهم‪ :‬يدخل فيه حلب اللبن أيضًا‪ .‬قال‬
‫علي بببن أبببي طلحببة عببن ابببن عببباس }وفيببه يعصببرون{‬
‫يحلبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببون‪.‬‬

‫‪370‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ع‬
‫جب ْ‬ ‫ل اْر ِ‬ ‫ل قَببا َ‬ ‫سببو ُ‬ ‫جببآَءهُ الّر ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ك ائ ُْتوِني ب ِهِ فَل َ ّ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫** وََقا َ‬
‫ل النسوة الل ّت ِببي قَط ّع ب َ‬ ‫ك َفا َ‬
‫ن‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫ن أي ْبدِي َهُ ّ‬ ‫ْ َ‬ ‫ما َبا ُ ّ ْ َ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫سأل ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ى َرب ّ َ‬ ‫إ ِل َ‬
‫َ‬
‫ف‬ ‫سب َ‬ ‫ن ُيو ُ‬ ‫ن إ ِذ ْ َراَودت ُب ّ‬ ‫خط ْب ُك ُب ّ‬ ‫مببا َ‬ ‫ل َ‬ ‫م * َقا َ‬ ‫ن عَِلي ٌ‬ ‫َرّبي ب ِك َي ْدِهِ ّ‬
‫ت‬ ‫سبوٍَء قَببال َ ِ‬ ‫مببن ُ‬ ‫من َببا عَل َي ْبهِ ِ‬ ‫ما عَل ِ ْ‬ ‫ش لل ّهِ َ‬ ‫حا َ‬ ‫ن َ‬ ‫سهِ قُل ْ َ‬ ‫عن ن ّْف ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ا َ‬
‫ه‬ ‫سهِ وَإ ِن ّ ُ‬ ‫عن ن ّْف ِ‬ ‫ه َ‬ ‫حقّ أن َا ْ َراوَد ْت ّ ُ‬ ‫ص ال ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ص َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن َ‬ ‫زيزِ ال َ َ‬ ‫ِ‬ ‫مَرأةُ ال ْعَ‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫ن الل ّب َ‬ ‫ب وَأ ّ‬ ‫ه ِبال ْغَي ْ ِ‬ ‫خن ْ ُ‬
‫مأ ُ‬ ‫م أّني ل َ ْ‬ ‫ك ل ِي َعْل َ َ‬‫ن * ذ َل ِ َ‬ ‫صادِِقي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫لَ ِ‬
‫ُ‬ ‫دي ك َي ْبد َ ال ْ َ‬
‫س‬ ‫ن الن ّْف ب َ‬ ‫ي إِ ّ‬ ‫سب َ‬ ‫مببآ أب َّرى بُء ن َْف ِ‬ ‫ن * وَ َ‬ ‫خببائ ِِني َ‬ ‫ل َ ي َهْ ب ِ‬
‫م‬
‫حي ب ٌ‬ ‫ن َرب ّببي غَُفببوٌر ّر ِ‬ ‫ي إِ ّ‬ ‫م َرب ّب َ‬ ‫حب َ‬ ‫مببا َر ِ‬ ‫س بوَِء إ ِل ّ َ‬ ‫مبباَرةٌ ِبال ّ‬ ‫ل ّ‬
‫يقول تعالى إخبارا ً عن الملك لما رجعوا إليه بتعبير رؤياه‬
‫التي كان رآها بما أعجبه وأيقنه‪ ,‬فعرف فضل يوسف عليه‬
‫السلم‪ ,‬وعلمه وحسن اطلعه على رؤياه‪ ,‬وحسن أخلقببه‬
‫علببى مببن ببلببده مببن رعايبباه‪ ,‬فقببال‪} :‬ائتببوني بببه{ أي‬
‫أخرجوه من السجن وأحضروه‪ ,‬فلما جاءه الرسببول بببذلك‬
‫امتنع من الخروج حتى يتحقق الملك ورعيته براءة سبباحته‬
‫ونزاهة عرضه مما نسب إليه من جهة امببرأة العزيببز‪ ,‬وأن‬
‫هذا السجن لببم يكببن علببى أمببر يقتضببيه‪ ,‬بببل كببان ظلمبا ً‬
‫لية‪ .‬وقد وردت السببنة‬ ‫وعدوانًا‪ ,‬فقال‪} :‬ارجع إلى ربك{ ا َ‬
‫بمدحه على ذلك والتنبيه على فضله وشببرفه وعلببو قببدره‬
‫وصبببره‪ ,‬صببلوات اللببه وسببلمه عليببه‪ ,‬ففببي المسببند‬
‫والصحيحين من حديث الزهببري عببن سببعيد وأبببي سببلمة‪,‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬نحن أحق بالشببك مببن إبراهيببم إذ قببال‬
‫ليببة‪ ,‬ويرحببم اللببه لوطببا‬ ‫}رب أرني كيف تحيي الموتى{ ا َ‬
‫كان يأوي إلى ركن شديد‪ ,‬ولو لبثت في السببجن مببا لبببث‬
‫يوسف لجبت الداعي«‪ ,‬وفي لفببظ لحمببد‪ :‬حببدثنا عفببان‪,‬‬
‫حدثنا حماد بن سببلمة‪ ,‬حببدثنا محمببد بببن عمببرو عببن أبببي‬
‫سلمة‪ ,‬عن أبي هريرة‪ ,‬عن النبي صبلى اللبه عليبه وسبلم‬
‫في قوله‪} :‬فاسأله ما بال النسببوة اللتببي قطعببن أيببديهن‬
‫إن ربي بكيدهن عليم{ فقال رسول الله صلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬لو كنت أنا‪ ,‬لسرعت الجابة وما ابتغيت العببذر«‪.‬‬
‫وقال عبد الرزاق‪ :‬أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بببن دينببار‪,‬‬
‫عن عكرمة قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‪:‬‬

‫‪371‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫»لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه والله يغفر له حين‬
‫سئل عن البقرات العجاف والسمان‪ ,‬ولو كنببت مكببانه مببا‬
‫أجبتهببم حببتى أشببترط أن يخرجببوني‪ ,‬ولقببد عجبببت مببن‬
‫يوسف وصبره وكرمه‪ ,‬والله يغفر له حيببن أتبباه الرسببول‪,‬‬
‫ولو كنت مكانه لبببادرتهم الببباب‪ ,‬ولكنببه أراد أن يكببون لببه‬
‫العببذر«‪ ,‬هببذا حببديث مرسببل‪ .‬وقببوله تعببالى‪} :‬قببال مببا‬
‫خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسببه{ إخبببار عببن الملببك‬
‫حين جمع النسوة اللتي قطعن أيديهن عند امرأة العزيببز‪,‬‬
‫فقال مخاطببا ً لهببن كلهببن وهببو يريببد امببرأة وزيببره‪ ,‬وهببو‬
‫العزيببز‪ ,‬قببال الملببك للنسببوة اللتببي قطعببن أيببديهن }مببا‬
‫خطبكببن{ أي شببأنكن وخبببركن }إذ راودتببن يوسببف عببن‬
‫نفسه{ يعني يوم الضيافة‪} ,‬قلن حاش لله ما علمنا عليببه‬
‫من سوء{ أي قالت النسوة جواب با ً للملببك‪ :‬حبباش للببه أن‬
‫يكون يوسف متهمًا‪ ,‬والله ما علمنا عليه مببن سببوء‪ ,‬فعنببد‬
‫لن حصحص الحببق{ قببال ابببن‬ ‫ذلك }قالت امرأة العزيز ا َ‬
‫لن تبببين الحببق وظهببر‬ ‫عباس ومجاهد وغير واحد‪ :‬تقببول ا َ‬
‫وبرز‪} ,‬أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين{ أي فببي‬
‫قوله‪} :‬هي راودتني عن نفسي{ }ذلك ليعلم أني لم أخنه‬
‫بببالغيب{ تقببول‪ :‬إنمببا اعببترفت بهببذا علببى نفسببي ليعلببم‬
‫زوجببي أنببي لببم أخنببه بببالغيب فببي نفببس المببر‪ ,‬ول وقببع‬
‫المحذور الكبر‪ ,‬وإنما راودت هذا الشاب مببراودة فببامتنع‪,‬‬
‫فلهذا اعترفت ليعلببم أنببي بببريئة }وأن اللببه ل يهببدي كيببد‬
‫الخائنين * وما أبرىء نفسي{ تقول المرأة‪ :‬ولست أبرىء‬
‫نفسببي‪ ,‬فببإن النفببس تتحببدث وتتمنببى‪ ,‬ولهببذا راودتببه لن‬
‫}النفببس لمببارة بالسببوء إل مببا رحببم ربببي{ أي إل مببن‬
‫عصمه الله تعالى‪} :‬إن ربي غفور رحيم{ وهذا القول هببو‬
‫الشهر والليببق والنسببب بسببياق القصببة ومعبباني الكلم‪.‬‬
‫وقد حكاه الماوردي في تفسيره‪ ,‬وانتدب لنصببره المببام‬
‫أبو العباس بن تيميببة رحمببه اللببه‪ ,‬فببأفرده بتصببنيف علببى‬
‫حدة‪ ,‬وقببد قيببل‪ :‬إن ذلببك مببن كلم يوسببف عليببه السببلم‬
‫يقول‪} :‬ذلك ليعلم أني لم أخنببه{ فببي زوجتببه }بببالغيب{‬
‫ليببتين‪ ,‬أي إنمببا رددت الرسببول ليعلببم الملببك براءتببي‪,‬‬ ‫ا َ‬

‫‪372‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وليعلم العزيز }أني لببم أخنببه{ فببي زوجتببه }بببالغيب وأن‬
‫لية‪ ,‬وهذا القول هو الببذي لببم‬ ‫الله ل يهدي كيد الخائنين{ ا َ‬
‫يحك ابن جرير ول ابن أبي حاتم سواه‪ .‬وقببال ابببن جريببر‪:‬‬
‫حدثنا أبو كريب‪ ,‬حدثنا وكيع عن إسرائيل‪ ,‬عن سماك‪ ,‬عن‬
‫عكرمة‪ ,‬عببن ابببن عببباس قببال‪ :‬لمببا جمببع الملببك النسببوة‬
‫فسألهن‪ :‬هل راودتن يوسف عن نفسه ؟ }قلن حاش للببه‬
‫لن حصببحص‬ ‫ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيببز ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬قببال يوسببف }ذلببك ليعلببم أنببي لببم أخنببه‬ ‫الحببق{ ا َ‬
‫بالغيب{ فقال جبريل عليببه السببلم‪ :‬ول يببوم هممببت بمببا‬
‫لية‪ ,‬وهكببذا قببال‬ ‫هممت به ؟ فقال }وما أبرىء نفسي{ ا َ‬
‫مجاهببد وسببعيد بببن جبببير وعكرمببة وابببن أبببي الهببذيل‬
‫والضحاك والحسن وقتادة والسببدي‪ ,‬والقببول الول أقببوى‬
‫وأظهببر‪ ,‬لن سببياق الكلم كلببه مببن كلم امببرأة العزيببز‬
‫بحضرة الملك‪ ,‬ولم يكن يوسف عليه السلم عنببدهم‪ ,‬بببل‬
‫بعببببببببببببد ذلببببببببببببك أحضببببببببببببره الملببببببببببببك‪.‬‬

‫َ‬
‫ه‬
‫مب ُ‬‫مببا ك َل ّ َ‬
‫سببي فَل َ ّ‬‫ه ل ِن َْف ِ‬
‫صب ُ‬‫خل ِ ْ‬ ‫ك ائ ُْتوِني ب ِبهِ أ ْ‬
‫ست َ ْ‬ ‫مل ِ ُ‬‫ل ال ْ َ‬
‫** وََقا َ‬
‫َ‬ ‫لا ْ ْ‬ ‫ك ال ْيبوم ل َبدينا مكي ب َ‬
‫ى‬‫جعَلن ِببي عَل ب َ‬ ‫ن * قَببا َ‬ ‫مي ب ٌ‬ ‫نأ ِ‬ ‫ََْ ِ ِ ٌ‬ ‫ل إ ِن ّب َ َ ْ َ‬ ‫َقا َ‬
‫م‬
‫ظ عَِليبببببببببب ٌ‬ ‫حِفيبببببببببب ٌ‬ ‫ض إ ِن ّببببببببببي َ‬
‫ن الْر ِ‬ ‫خببببببببببَزآئ ِ ِ‬‫َ‬
‫يقول تعالى إخبارا ً عن الملك حين تحقببق بببراءة يوسببف‬
‫عليه السلم ونزاهة عرضه مما نسب إليببه‪ ,‬قببال }ائتببوني‬
‫بببه أستخلصببه لنفسببي{ أي أجعلببه مببن خاصببتي وأهببل‬
‫مشورتي }فلما كلمه{ أي خبباطبه الملببك‪ ,‬وعرفببه‪ ,‬ورأى‬
‫فضله وبراعته‪ ,‬وعلم ما هو عليه من خلق وخلببق وكمببال‪,‬‬
‫قال له الملك }إنك اليوم لدينا مكين أمين{ أي إنك عنببدنا‬
‫قببد بقيببت ذا مكانببة وأمانببة‪ ,‬فقببال يوسببف عليببه السببلم‬
‫}اجعلنببي علببى خببزائن الرض إنببي حفيببظ عليببم{ مببدح‬
‫نفسه‪ ,‬ويجوز للرجل ذلك إذا جهل أمره للحاجة‪ ,‬وذكر أنه‬
‫}حفيظ{ أي خازن أميببن‪} ,‬عليببم{ ذو علببم وبصببيرة بمببا‬
‫يتوله‪ .‬وقال شيبة بن نعامة‪ :‬حفيظ لما استودعتني‪ ,‬عليببم‬
‫بسني الجدب‪ ,‬رواه ابن أبببي حبباتم‪ ,‬وسببأل العمببل لعلمببه‬

‫‪373‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بقدرته عليه ولما فيه من المصالح للناس‪ ,‬وإنما سببأله أن‬
‫يجعله على خزائن الرض‪ ,‬وهي الهبرام البتي يجمبع فيهبا‬
‫الغلت‪ ,‬لما يستقبلونه من السنين الببتي أخبببرهم بشببأنها‪,‬‬
‫فيتصببرف لهببم علببى الببوجه الحببوط والصببلح والرشببد‪,‬‬
‫فأجيب إلى ذلك رغبة فيه وتكرمة له ولهببذا قببال تعببالى‪(:‬‬

‫ُ‬
‫شببآءُ‬‫ث يَ َ‬
‫حي ْب ُ‬ ‫من ْهَببا َ‬
‫ض ي َت َب َوّأ ِ‬
‫ف ِفي الْر َِ‬ ‫س َ‬ ‫مك ّّنا ل ُِيو ُ‬ ‫ك َ‬ ‫** وَك َذ َل ِ َ‬
‫جُر‬‫ن * َول ْ‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬‫م ْ‬‫جَر ال ْ ُ‬ ‫شآُء وَل َ ن ُ ِ‬
‫ضيعُ أ ْ‬ ‫من ن َ َ‬ ‫مت َِنا َ‬ ‫ح َ‬
‫ب ب َِر ْ‬ ‫صي ُ‬ ‫نُ ِ‬
‫كببببباُنوا ْ ي َت ُّقبببببو َ‬
‫ن‬ ‫مُنبببببوا ْ وَ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫خْيبببببٌر ل ّّلببببب ِ‬
‫ذي َ‬ ‫خبببببَرةِ َ‬ ‫ال َ ِ‬
‫يقببول تعببالى‪} :‬وكببذلك مكنببا ليوسببف فببي الرض{ أي‬
‫أرض مصر‪} ,‬يتبوأ منها حيببث يشبباء{ قببال السببدي وعبببد‬
‫الرحمن بن زيد بن أسلم‪ :‬يتصرف فيها كيف يشبباء‪ .‬وقببال‬
‫ابن جرير‪ :‬يتخذ منها منزل ً حيث يشاء بعد الضيق والحبس‬
‫والسببار‪} ,‬نصببيب برحمتنببا مببن نشبباء ول نضببيع أجببر‬
‫المحسنين{ أي وما أضعنا صبببر يوسببف علببى أذى إخببوته‬
‫وصبره على الحبس بسبب امرأة العزيز‪ ,‬فلهذا أعقبه الله‬
‫عبببز وجببل السبببلم والنصببر والتأييبببد‪} ,‬ول نضبببيع أجببر‬
‫لخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقببون{‬ ‫المحسنين * ولجر ا َ‬
‫يخبر تعالى أن مببا ادخببره اللببه تعببالى لنبببيه يوسببف عليببه‬
‫لخرة أعظم وأكثر وأجل مما خوله مببن‬ ‫السلم في الدار ا َ‬
‫التصرف والنفوذ في الدنيا‪ ,‬كقوله في حق سببليمان عليببه‬
‫السلم }هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغيببر حسبباب * وإن‬
‫له عندنا لزلفى وحسن مببآب{ والغببرض أن يوسببف عليببه‬
‫السلم وله ملك مصر الريان بن الوليببد الببوزارة فببي بلد‬
‫مصببر مكبان الببذي اشببتراه مببن مصببر زوج البتي راودتبه‪,‬‬
‫وأسلم الملك على يدي يوسف عليه السلم‪ ,‬قاله مجاهببد‪.‬‬
‫وقببال محمببد بببن إسببحاق‪ :‬لمببا قببال يوسببف للملببك‪:‬‬
‫}اجعلنببي علببى خببزائن الرض إنببي حفيببظ عليببم{ قببال‬
‫الملك‪ :‬قد فعلت‪ ,‬فوله فيما ذكببروا عمببل اطفيببر‪ ,‬وعببزل‬
‫اطفير عما كان عليه‪ ,‬يقول الله عز وجببل‪} :‬وكببذلك مكنببا‬
‫ليوسف في الرض يتبوأ منها حيببث يشبباء نصببيب برحمتنببا‬

‫‪374‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من نشاء ول نضيع أجر المحسنين{ قال‪ :‬فذكر لي ب والله‬
‫أعلم ب أن اطفير هلك في تلك الليالي‪ ,‬وأن الملك الريببان‬
‫بن الوليببد زّوج يوسببف امببرأة اطفيببر راعيببل‪ ,‬وأنهببا حيببن‬
‫دخلت عليه قال لها‪ :‬أليس هذا خيببرا ً ممببا كنببت تريببدين ؟‬
‫قال‪ :‬فيزعمون أنها قببالت‪ :‬أيهببا الصببديق ل تلمنببي‪ ,‬فببإني‬
‫كنت امرأة كما ترى حسناء جميلة ناعمة فببي ملببك ودنيببا‪,‬‬
‫وكان صاحبي ل يأتي النساء‪ ,‬وكنببت كمببا جعلببك اللببه فببي‬
‫حسنك وهيئتك على ما رأيت‪ ,‬فيزعمون أنه وجدها عذراء‪,‬‬
‫فأصابها‪ ,‬فولدت له رجلين‪ :‬أفرائيم بن يوسف‪ ,‬وميشا بببن‬
‫يوسف‪ ,‬وولد لفرائيم نون والببد يوشببع بببن نببون‪ ,‬ورحمببة‬
‫امرأة أيوب عليه السلم‪ ,‬وقال الفضيل بن عياض‪ :‬وقفببت‬
‫امرأة العزيز على ظهر الطريق حتى مر يوسف‪ ,‬فقببالت‪:‬‬
‫الحمد لله الذي جعل العبيد ملوكا ً بطاعته‪ ,‬والملوك عبيببدا ً‬
‫بمعصببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببيته‪.‬‬

‫ه‬‫م ل َب ُ‬ ‫م وَهُ ب ْ‬ ‫خُلوا ْ عَل َي ْبهِ فَعََرفَهُ ب ْ‬ ‫ف فَ بد َ َ‬ ‫سب َ‬ ‫خ بوَةُ ُيو ُ‬ ‫جببآَء إ ِ ْ‬ ‫** وَ َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫مب ْ‬ ‫م ّ‬ ‫خ ل ّك ُ ْ‬ ‫ل ائ ُْتوِني ب ِأ ٍ‬ ‫م َقا َ‬ ‫جَهازِهِ ْ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫جهَّز ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ن * وَل َ ّ‬ ‫منك ُِرو َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن * فَ بِإن‬ ‫من ْزِِلي ب َ‬‫خي ُْر ال ْ ُ‬‫ل وَأن َا ْ َ‬ ‫ي أوِفي ال ْك َي ْ َ‬ ‫ن أن ّ َ‬ ‫م أل َ ت ََروْ َ‬ ‫أِبيك ُ ْ‬
‫ن * قَبباُلوا ْ‬ ‫دي وَل َ ت َْقَرب ُببو ِ‬ ‫عنب ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ل َك ُب ْ‬ ‫م ت َبأ ُْتوِني ب ِبهِ فَل َ ك َي ْب َ‬ ‫ل ّب ْ‬
‫جعَل ُببوا ْ‬ ‫ل ل ِِفت ْي َببان ِهِ ا ْ‬ ‫ن * وَقَببا َ‬ ‫عُلو َ‬ ‫ه أ َب َبباهُ وَإ ِن ّببا ل ََفببا ِ‬ ‫سن َُراوِد ُ عَن ْب ُ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م ي َعْرُِفون ََهآ إ ِ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ى أهْل ِهِ ْ‬ ‫ذا ان َْقلب ُوَا إ ِل َ‬ ‫م لعَلهُ ْ‬ ‫حال ِهِ ْ‬ ‫م ِفي رِ َ‬ ‫ضاعَت َهُ ْ‬ ‫بِ َ‬
‫ن‬‫جُعبببببببببببببببببببببببببببببو َ‬ ‫م ي َْر ِ‬ ‫ل َعَل ُّهببببببببببببببببببببببببببببب ْ‬
‫ذكر السدي ومحمد بن إسحاق وغيرهما مبن المفسبرين‬
‫أن السبب الذي أقدم إخوة يوسف بلد مصببر‪ ,‬أن يوسببف‬
‫عليببه السببلم لمببا باشببر الببوزارة بمصببر ومضببت السبببع‬
‫السنين المخصبة‪ ,‬ثم تلتها السبببع السببنين المجدبببة‪ ,‬وعببم‬
‫القحط بلد مصببر بكمالهببا‪ ,‬ووصببل إلببى بلد كنعببان وهببي‬
‫الببتي فيهببا يعقببوب عليببه السببلم وأولده‪ ,‬وحينئذ احتبباط‬
‫يوسف عليه السلم للنبباس فببي غلتهببم‪ ,‬وجمعهببا أحسببن‬
‫جمع‪ ,‬فحصل من ذلك مبلغ عظيببم وهببدايا متعببددة هائلببة‪,‬‬
‫وورد عليه الناس من سائر القاليم والمعبباملت‪ ,‬يمتببارون‬

‫‪375‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لنفسهم وعيالهم‪ ,‬فكان ل يعطي الرجببل أكببثر مببن حمببل‬
‫بعير في السنة‪ ,‬وكببان عليببه السببلم‪ ,‬ل يشبببع نفسببه‪ ,‬ول‬
‫يأكببل هببو والملببك وجنودهمببا إل أكلببة واحببدة فببي وسببط‬
‫النهار‪ ,‬حتى يتكفا الناس بما في أيديهم مدة السبع سنين‪,‬‬
‫وكبببببان رحمبببببة مبببببن اللبببببه علبببببى أهبببببل مصبببببر‪.‬‬
‫وما ذكره بعبض المفسببرين مببن أنبه ببباعهم فببي السببنة‬
‫الولى بالموال‪ ,‬وفي الثانيببة بالمتبباع‪ ,‬وفببي الثالثببة بكببذا‪,‬‬
‫وفي الرابعة بكذا‪ ,‬حتى باعهم بأنفسهم وأولدهببم بعببد مببا‬
‫تملببك عليهببم جميببع مببا يملكببون‪ ,‬ثببم أعتقهببم ورد عليهببم‬
‫أموالهم كلها‪ ,‬الله أعلم بصحة ذلك‪ ,‬وهو من السرائيليات‬
‫التي ل تصدق ول تكذب‪ ,‬والغرض أنه كان فببي جملبة مببن‬
‫ورد للميرة إخوة يوسف عن أمر أبيهم لهم في ذلك‪ ,‬فببإنه‬
‫بلغهم أن عزيز مصر يعطي الناس الطعام بثمنببه‪ ,‬فأخببذوا‬
‫معهم بضبباعة يعتاضببون بهببا طعامبًا‪ ,‬وركبببوا عشببرة نفببر‪,‬‬
‫واحتبس يعقوب عليبه السببلم عنببده ابنببه بنيببامين شببقيق‬
‫يوسف عليه السلم‪ ,‬وكان أحببب ولببده إليببه بعببد يوسببف‪,‬‬
‫فلما دخلوا على يوسبف وهببو جببالس فببي أبهتببه ورياسببته‬
‫وسيادته‪ ,‬عرفهم حين نظر إليهم‪ ,‬وهببم لببه منكببرون أي ل‬
‫يعرفونه‪ ,‬لنهم فارقوه وهو صغير حدث‪ ,‬وببباعوه للسببيارة‬
‫ولببم يببدروا أيببن يببذهبون بببه‪ ,‬ول كببانوا يستشببعرون فببي‬
‫أنفسهم أن يصير إلى ما صار إليه‪ ,‬فلهذا لم يعرفوه‪ ,‬وأمببا‬
‫هو فعرفهببم‪ .‬فببذكر السببدي وغيببره أنببه شببرع يخبباطبهم‪,‬‬
‫فقال لهم كالمنكر عليهم‪ :‬ما أقدمكم بلدي ؟ فقالوا‪ :‬أيهببا‬
‫العزيز إنا قدمنا للميرة‪ ,‬قال‪ :‬فلعلكم عيون ؟ قالوا‪ :‬معبباذ‬
‫الله‪ .‬قال‪ :‬فمن أيببن أنتببم ؟ قببالوا مببن بلد كنعببان‪ ,‬وأبونببا‬
‫يعقوب نبي الله‪ .‬قال‪ :‬وله أولد غيركببم ؟ قببالوا‪ :‬نعببم كنببا‬
‫اثني عشر‪ ,‬فذهب أصغرنا‪ ,‬هلك في البرية وكان أحبنا إلى‬
‫أبيه‪ ,‬وبقي شقيقه فاحتبسه أبببوه ليتسببلى بببه عنببه‪ ,‬فببأمر‬
‫بإنزالهم وإكرامهم }ولما جهزهم بجهازهم{ أي أوفى لهبم‬
‫كيلهم‪ ,‬وحمل لهم أحمالهم‪ ,‬قال‪ :‬ائتوني بأخيكم هذا الببذي‬
‫ذكرتم لعلم صببدقكم فيمببا ذكرتببم }أل تببرون أنببي أوفببي‬
‫الكيل وأنا خير المنزلين ؟{ يرغبهم في الرجببوع إليببه‪ ,‬ثببم‬

‫‪376‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رهبهم فقال‪} :‬فإن لببم تببأتوني بببه فل كيببل لكببم عنببدي{‬
‫لية‪ ,‬أي إن لم تقدموا به معكم في المببرة الثانيببة فليببس‬ ‫ا َ‬
‫لكم عندي ميرة‪} ,‬ول تقربببون * قببالوا سببنراود عنببه أببباه‬
‫وإنا لفاعلون{ أي سنحرص على مجيئه إليك بكل ممكببن‪,‬‬
‫ول نبقي مجهودا ً لتعلم صدقنا فيما قلناه‪ ,‬وذكر السدي أنه‬
‫أخذ منهم رهائن حتى يقدموا به معهم‪ ,‬وفي هذا نظر لنببه‬
‫أحسن إليهم ورغبهم كثيرًا‪ ,‬وهذا لحرصببه علببى رجببوعهم‪,‬‬
‫}وقال لفتيانه{ أي غلمببانه }اجعلببوا بضبباعتهم{ أي الببتي‬
‫قببدموا بهبا ليمتباروا عوضبا ً عنهبا }فببي رحببالهم{ أي فببي‬
‫أمتعتهم من حيث ل يشعرون‪} ,‬لعلهم يرجعون{ بها‪ ,‬قيل‪:‬‬
‫خشببي يوسببف عليببه السببلم أن ل يكببون عنببدهم بضبباعة‬
‫أخرى يرجعون للميرة بها‪ .‬وقيل‪ :‬تذمم أن يأخببذ مببن أبيببه‬
‫وإخببوته عوضببا ً عببن الطعببام‪ ,‬وقيببل أراد أن يردهببم إذا‬
‫وجدوها في متاعهم تحرجا ً وتورعًا‪ ,‬لنببه يعلببم ذلببك منهببم‬
‫واللببببببببببببببببببببببببببببببببه أعلببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫** فَل َما رجعوا إل َى أ َبيهم َقاُلوا ْ يأ َبانا منع منا ال ْك َي ُ َ‬


‫ل‬ ‫س ْ‬ ‫ل فَأْر ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ ُ ِ َ ِ ّ‬ ‫ِ َ ِ ِ ْ‬ ‫ّ َ ِ ُ‬
‫م عَل َْيب ِ‬
‫ه‬ ‫من ُ ُ‬
‫كب ْ‬ ‫لآ َ‬‫هب ْ‬ ‫ل َ‬‫ن * َقا َ‬ ‫ظو َ‬ ‫حافِ ُ‬ ‫ه لَ َ‬
‫ل وَإ ِّنا ل َ ُ‬
‫خاَنا ن َك ْت َ ْ‬‫معََنآ أ َ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حاِفظبا ً وَهُب َ‬
‫و‬ ‫خي ْبٌر َ‬‫ه َ‬‫ل فَببالل ّ ُ‬‫من قَب ْ ُ‬ ‫خيهِ ِ‬ ‫ىأ ِ‬ ‫منت ُك ُ ْ َ‬
‫م عَل َ‬ ‫مآ أ ِ‬ ‫إ ِل ّ ك َ َ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫ميببببببببببببببببببببببببببببب َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م الّرا ِ‬ ‫حببببببببببببببببببببببببببببب ُ‬ ‫أْر َ‬
‫يقول الله تعالى عنهم‪ :‬إنهم رجعوا إلى أبيهببم }قببالوا يببا‬
‫أبانا منع منا الكيل{ يعنون بعد هذه المببرة‪ ,‬إن لببم ترسببل‬
‫معنا أخانا بنيببامين ل نكتببل‪ ,‬فأرسببله معنببا نكتببل‪ ,‬وإنببا لببه‬
‫لحببافظون‪ ,‬قببرأ بعضببهم باليبباء أي يكتببل هببو‪} ,‬وإنببا لببه‬
‫لحافظون{ أي ل تخف عليه فإنه سيرجع إليك‪ ,‬وهببذا كمببا‬
‫قالوا له في يوسف }أرسله معنا غدا ً يرتع ويلعب وإنببا لببه‬
‫لحببافظون{ ولهببذا قببال لهببم‪} :‬هببل آمنكببم عليببه إل كمببا‬
‫أمنتكم على أخيه من قبببل{ أي هببل أنتببم صببانعون بببه إل‬
‫كما صنعتم بأخيه من قبل‪ ,‬تغيبببونه عنببي‪ ,‬وتحولببون بينببي‬
‫وبينه ؟ }فا لله خير حافظبًا{ وقببرأ بعضببهم حفظبا ً }وهببو‬
‫أرحم الراحميببن{ أي هبو أرحببم الراحميببن ببي‪ ,‬وسبيرحم‬

‫‪377‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كبري وضعفي ووجدي بولببدي‪ ,‬وأرجببو مببن اللببه أن يببرده‬
‫علبببي ويجمبببع شبببملي ببببه‪ ,‬إنبببه أرحبببم الراحميبببن‪.‬‬

‫م قَبباُلوا ْ‬ ‫ت إ ِل َي ْهِ ب ْ‬ ‫م ُرد ّ ْ‬ ‫ضبباعَت َهُ ْ‬ ‫دوا ْ ب ِ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫مَتاعَهُ ْ‬ ‫حوا ْ َ‬ ‫ما فَت َ ُ‬ ‫** وَل َ ّ‬
‫حَف ب ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ظ‬ ‫ميُر أهْل َن َببا وَن َ ْ‬ ‫ت إ ِل َي َْنا وَن َ ِ‬ ‫ضاعَت َُنا ُرد ّ ْ‬ ‫هـذِهِ ب ِ َ‬ ‫ما ن َب ِْغي َ‬ ‫ي َأَباَنا َ‬
‫ل ل َب ُ‬ ‫أَ َ‬
‫ه‬‫س بل َ ُ‬
‫ن أْر ِ‬ ‫ْ‬ ‫سببيٌر * قَببا َ‬ ‫ل يَ ِ‬ ‫ك ك َي ْ ٌ‬ ‫ل ب َِعيرٍ ذ َل ِ َ‬‫داد ُ ك َي ْ َ‬‫خاَنا وَن َْز َ‬
‫حببا َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ط‬ ‫ن الل ّبهِ ل َت َبأت ُن ِّني ب ِبهِ إ ِل ّ أن ي ُ َ‬ ‫م َ‬‫موِْثقا ً ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ى ت ُؤُْتو ِ‬ ‫حت ّ َ‬‫م َ‬ ‫معَك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫كيب ٌ‬
‫ل‬ ‫ل وَ ِ‬ ‫مببا ن َُقببو ُ‬ ‫ى َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫م قَببا َ‬ ‫َ‬
‫م فَل ّ‬ ‫ب ِك ُ ْ‬
‫ه عَلب َ‬ ‫ل اللب ُ‬ ‫مبوْث َِقهُ ْ‬‫مآ آت َبوْهُ َ‬
‫يقبول تعبالى‪ :‬ولمبا فتبح إخبوة يوسبف متباعهم‪ ,‬وجبدوا‬
‫بضاعتهم ردت إليهم‪ ,‬وهي الببتي كببان أمببر يوسببف فتيببانه‬
‫بوضعها في رحالهم‪ ,‬فلما وجدوها فببي متبباعهم }قببالوا يببا‬
‫أبانا ما نبغي{ أي مبباذا نريببد }هببذه بضبباعتنا ردت إلينببا{‪,‬‬
‫كما قال قتادة‪ :‬ما نبغي وراء هبذا‪ ,‬إن بضباعتنا ردت إلينبا‪,‬‬
‫وقد أوفى لنا الكيل‪} ,‬ونميببر أهلنببا{ أي إذا أرسببلت أخانببا‬
‫معنا نأتي بالميرة إلى أهلنببا‪} ,‬ونحفببظ أخانببا ونببزداد كيببل‬
‫بعير{ وذلك أن يوسف عليه السلم كان يعطي كببل رجببل‬
‫حمل بعير‪ ,‬وقببال مجاهببد‪ :‬حمببل حمببار‪ ,‬وقببد يسببمى فببي‬
‫بعض اللغات بعيرًا‪ ,‬كذا قال }ذلببك كيببل يسببير{ هببذا مببن‬
‫تمام الكلم وتحسينه‪ ,‬أي إن هببذا يسببير فببي مقابلببة أخببذ‬
‫أخيهم ما يعدل هذا }قال لببن أرسببله معكببم حببتى تؤتببون‬
‫موثقا ً من الله{ أي تحلفون بالعهود والمواثيق }لتأتنني به‬
‫إل أن يحبباط بكببم{ إل أن تغلبببوا كلكببم ول تقببدرون علببى‬
‫تخليصه }فلما آتوه موثقهم{ أكببده عليهببم‪ ,‬فقببال‪} :‬اللببه‬
‫على ما نقول وكيل{‪ ,‬قال ابن إسببحاق‪ :‬وإنمببا فعببل ذلببك‬
‫لنه لم يجد بدا ً من بعثهم لجل الميببرة الببتي ل غنببى لهببم‬
‫عنهببببببببببببببببببا‪ ,‬فبعثببببببببببببببببببه معهببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫خُلوا ْ مبب َ‬
‫ب‬ ‫وا ٍ‬ ‫ن أْببب َ‬‫ِ ْ‬ ‫حدٍ َواد ْ ُ‬‫ب َوا ِ‬ ‫من َبا ٍ‬ ‫خُلوا ْ ِ‬ ‫ي ل َ ت َد ْ ُ‬‫ل ي َب َن ِ ّ‬‫** وََقا َ‬
‫ُ‬
‫م إ ِل ّ‬ ‫حك ْب ُ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫يٍء إ ِ ِ‬ ‫شب ْ‬ ‫مببن َ‬ ‫ن الل ّهِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ّ‬ ‫عنك ُ ْ‬ ‫مآ أغِْني َ‬ ‫مت ََفّرقَةٍ وَ َ‬ ‫ّ‬
‫خل ُببوا ْ‬
‫مببا د َ َ‬ ‫ن * وَل َ ّ‬ ‫مت َوَك ُّلو َ‬
‫ل ال ْ ُ‬
‫ت وَعَل َي ْهِ فَل ْي َت َوَك ّ ِ‬ ‫لل ّهِ عَل َي ْهِ ت َوَك ّل ْ ُ‬
‫مببن‬‫ن الل ّبهِ ِ‬ ‫مب َ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ي ُغْن ِببي عَن ْهُب ْ‬‫كا َ‬‫ما َ‬ ‫هم ّ‬ ‫م أ َُبو ُ‬ ‫مَرهُ ْ‬
‫من حي ُ َ‬
‫ثأ َ‬ ‫ِ ْ َ ْ‬
‫‪378‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مببا‬‫عل ْم ٍ ل ّ َ‬
‫ذو ِ‬ ‫ه لَ ُ‬ ‫ها وَإ ِن ّ ُ‬ ‫ب قَ َ‬
‫ضا َ‬ ‫س ي َعُْقو َ‬
‫ة ِفي ن َْف َ ِ‬‫ج ً‬ ‫يٍء إ ِل ّ َ‬
‫حا َ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫مببببببو َ‬ ‫س ل َ ي َعْل َ ُ‬ ‫ن أك َْثببببببَر الّنببببببا ِ‬ ‫مَنبببببباهُ وََلـببببببك ِ ّ‬ ‫عَل ّ ْ‬
‫يقول تعالى إخبارا ً عن يعقوب عليه السلم‪ ,‬إنه أمر بنيببه‬
‫لما جهزهم مع أخيهم بنيامين إلى مصر أن ل يدخلوا كلهم‬
‫من باب واحد‪ ,‬وليدخلوا من أبواب متفرقة‪ ,‬فإنه كما قببال‬
‫ابن عبباس ومحمبد ببن كعبب ومجاهببد والضبحاك وقتبادة‬
‫والسدي وغير واحد إنه‪ :‬خشي عليهم العيببن‪ ,‬وذلببك أنهببم‬
‫كببانوا ذوي جمببال وهيئة حسببنة‪ ,‬ومنظببر وبهبباء‪ ,‬فخشببي‬
‫عليهم أن يصيبهم الناس بعيونهم‪ ,‬فإن العين حق تسببتنزل‬
‫الفارس عببن فرسببه‪ ,‬وروى ابببن أبببي حبباتم عببن إبراهيببم‬
‫النخعي في قوله }وادخلوا من أبواب متفرقة{ قال‪ :‬علببم‬
‫أنه سيلقى إخببوته فببي بعببض تلببك البببواب‪ .‬وقببوله }ومببا‬
‫أغني عنكم من الله من شيء{ أي إن هذا الحتراز ل يببرد‬
‫قببدر اللببه وقضبباءه‪ ,‬فببإن اللببه إذا أراد شببيئا ً ل يخببالف ول‬
‫يمببانع‪} ,‬إن الحكببم إل للببه عليببه تببوكلت وعليببه فليتوكببل‬
‫المتوكلون * ولما دخلوا من حيث أمرهببم أبببوهم مببا كببان‬
‫يغني عنهم من الله من شيء إل حاجة في نفببس يعقببوب‬
‫قضاها{ قالوا‪ :‬هي دفع إصابة العين لهم }وإنببه لببذو علببم‬
‫لما علمناه{ قال قتادة والثوري‪ :‬لببذو عمببل بعلمببه‪ .‬وقببال‬
‫ابن جرير‪ :‬لذو علببم لتعليمنببا إيبباه }ولكببن أكببثر النبباس ل‬
‫يعلمببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببون{‪.‬‬

‫ي أ َن َبا ْ‬ ‫خبباهُ قَببا َ‬


‫ل إ ِن ّب َ‬ ‫ف آوَىَ إ ِل َي ْبهِ أ َ َ‬
‫سب َ‬‫ى ُيو ُ‬ ‫ما د َ َ ُ ْ َ‬ ‫** وَل َ ّ‬
‫خلوا عَل َ‬
‫مل ُبببببببببو َ‬
‫ن‬ ‫مبببببببببا ك َببببببببباُنوا ْ ي َعْ َ‬ ‫ك فَل َ ت َب ْت َئ ِ ْ‬
‫س بِ َ‬ ‫خبببببببببو َ‬‫أَ ُ‬
‫يخبر تعالى عن إخوة يوسببف لمببا قببدموا علببى يوسببف‬
‫ومعهم أخوه شقيقه بنيامين‪ ,‬وأدخلهم دار كرامتببه ومنببزل‬
‫ضببيافته‪ ,‬وأفبباض عليهببم الصببلة واللطبباف والحسببان‪,‬‬
‫واختلى بأخيه فأطلعه على شأنه وما جرى له‪ ,‬وعرفه أنببه‬
‫أخوه‪ ,‬وقال له‪ :‬ل تبتئس‪ ,‬أي ل تأسف على ما صنعوا بي‪,‬‬
‫وأمره بكتمان ذلك عنهم‪ ,‬وأن ل يطلعهم علببى مببا أطلعببه‬

‫‪379‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليه من أنه أخوه‪ ,‬وتواطأ معه أنه سيحتال على أن يبقيببه‬
‫عنبببببببببببده معبببببببببببززا ً مكّرمبببببببببببا ً معظمبببببببببببًا‪.‬‬

‫م‬ ‫خيهِ ُثبب ّ‬ ‫ل أَ ِ‬ ‫ح ِ‬


‫ة ِفي َر ْ‬ ‫سَقاي َ َ‬
‫ل ال ّ‬ ‫جع َ َ‬‫م َ‬ ‫جَهازِهِ ْ‬ ‫م بِ َ‬‫جهَّزهُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫** فَل َ ّ‬
‫ن * قَبباُلوا ْ وَأ َقْب َل ُببوا ْ‬ ‫سببارُِقو َ‬ ‫م لَ َ‬
‫أ َذ ّن م بؤَذ ّ َ‬
‫ن أي ّت ُهَببا ال ِْعي بُر إ ِن ّك ُب ْ‬‫ٌ‬ ‫َ ُ‬
‫جببآءَ‬ ‫مببن َ‬ ‫ك وَل ِ َ‬ ‫واعَ ال ْ َ‬
‫مل ِ ِ‬ ‫ن * َقاُلوا ْ ن َْفِقد ُ ُ‬
‫ص َ‬ ‫دو َ‬ ‫ذا ت َْفِق ُ‬ ‫ما َ‬‫م ّ‬ ‫عَل َي ْهِ ْ‬
‫م‬‫عيبببببببب ٌ‬ ‫ل ب َِعيببببببببرٍ وَأ َن َببببببببا ْ ب ِببببببببهِ َز ِ‬ ‫مبببببببب ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ب ِببببببببهِ ِ‬
‫لما جهزهم وحمل لهم أبعرتهم طعامًا‪ ,‬أمر بعببض فتيببانه‬
‫أن يضع السقاية‪ ,‬وهي إناء من فضبة فبي قبول الكبثرين‪,‬‬
‫وقيل‪ :‬من ذهب‪ ,‬قال ابن زيببد‪ ,‬كببان يشببرب فيببه‪ ,‬ويكيببل‬
‫للنبباس بببه مببن عببزة الطعببام إذ ذاك‪ ,‬قبباله ابببن عببباس‬
‫ومجاهد وقتادة والضببحاك وعبببد الرحمببن بببن زيببد‪ ,‬وقببال‬
‫شعبة عن أبي بشر‪ ,‬عن سعيد بن جبير‪ ,‬عن ابببن عببباس‪:‬‬
‫صواع الملك‪ ,‬قال‪ :‬كان من فضة يشربون فيه‪ ,‬وكان مثببل‬
‫المكوك‪ ,‬وكان للعباس مثلببه فببي الجاهليببة‪ ,‬فوضببعها فببي‬
‫متاع بنيامين من حيث ل يشعر أحد‪ ,‬ثببم نببادى منبباد بينهببم‬
‫}أيتها العير إنكم لسارقون{ فالتفتوا إلى المنببادي وقببالوا‬
‫}ماذا تفقدون * قالوا نفقد صواع الملك{ أي صاعه الببذي‬
‫يكيل به }ولمن جاء به حمل بعير{ وهذا من باب الجعالة‪,‬‬
‫}وأنببا بببه زعيببم{ وهببذا مببن ببباب الضببمان والكفالببة‪.‬‬

‫مببا‬‫ض وَ َ‬ ‫س بد َ فِببي الْر ِ‬ ‫جئ ْن َببا ل ِن ُْف ِ‬


‫ما ِ‬ ‫م ّ‬ ‫مت ُ ْ‬ ‫** َقاُلوا ْ َتالل ّهِ ل ََقد ْ عَل ِ ْ‬
‫ن * قَبباُلوا ْ‬ ‫م ك َبباذِِبي َ‬ ‫كنت ُب ْ‬ ‫جَزآؤُهُ ِإن ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ن * َقاُلوا ْ فَ َ‬ ‫سارِِقي َ‬ ‫ك ُّنا َ‬
‫زي‬ ‫جب ِ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫كببذ َل ِ َ‬‫جببَزاؤُهُ َ‬ ‫حل ِبهِ فَهُ بوَ َ‬ ‫ج بد َ فِببي َر ْ‬ ‫مببن وُ ِ‬ ‫ج بَزآؤُهُ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫م قَب ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫جَها‬ ‫خَر َ‬‫س بت َ ْ‬
‫ما ْ‬ ‫خي بهِ ث ُب ّ‬ ‫عآِء أ ِ‬ ‫ل وِ َ‬ ‫عي َت ِهِ ْ‬‫ن * فَب َد َأ ب ِأوْ ِ‬ ‫َ‬ ‫مي‬‫الظال ِ ِ‬
‫ْ‬
‫خبباهُ ِفببي‬ ‫خذ َ أ َ َ‬‫ن ل ِي َأ ُ‬
‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ف َ‬ ‫س َ‬ ‫ك ك ِد َْنا ل ُِيو ُ‬ ‫عآِء أ َ ِ‬
‫خيهِ ك َذ َل ِ َ‬ ‫من وِ َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫شببآُء وَفَ بوْ َ‬
‫ق‬ ‫من ن ّ َ‬ ‫ت ّ‬ ‫جا ٍ‬ ‫ه ن َْرفَعُ د ََر َ‬ ‫شآَء الل ّ ُ‬ ‫ك إ ِل ّ أن ي َ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫مل ِ ِ‬ ‫ِدي ِ‬
‫عْلببببببببببببببببببم ٍ عَِليبببببببببببببببببب ٌ‬
‫م‬ ‫ل ِذي ِ‬ ‫كبببببببببببببببببب ّ‬ ‫ُ‬
‫لمببا اتهمهببم أولئك الفتيببان بالسببرقة‪ ,‬قببال لهببم إخببوة‬
‫يوسف }تا لله لقد علمتم ما جئنا لنفسببد فببي الرض ومببا‬
‫كنا سارقين{ أي لقد تحققتم وعلمتم منذ عرفتمونا‪ ,‬لنهم‬

‫‪380‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫شاهدوا منهم سيرة حسنة أنا }ما جئنا لنفسد فببي الرض‬
‫وما كنا سارقين{ أي ليست سجايانا تقتضي هببذه الصببفة‪,‬‬
‫فقال لهم الفتيان }فما جزاؤه{ أي السارق إن كان فيكببم‬
‫}إن كنتم كاذبين{ أي‪ :‬أي شيء يكببون عقببوبته إن وجببدنا‬
‫فيكم من أخذه ؟ }قالوا جزاؤه مبن وجبد فببي رحلبه فهبو‬
‫جببزاؤه كببذلك نجببزي الظببالمين{ وهكببذا كببانت شببريعة‬
‫إبراهيم عليه السلم‪ ,‬أن السارق يدفع إلى المسروق منه‪,‬‬
‫وهذا هو الذي أراد يوسف عليه السلم‪ ,‬ولهذا بدأ بأوعيتهم‬
‫قبل وعاء أخيه‪ ,‬أي فتشها قبله تورية‪} ,‬ثم استخرجها مببن‬
‫وعبباء أخيببه{ فأخببذه منهببم بحكببم اعببترافهم والببتزامهم‪,‬‬
‫وإلزاما ً لهم بما يعتقدونه‪ ,‬ولهذا قال تعببالى‪} :‬كببذلك كببدنا‬
‫ليوسف{ وهذا من الكيد المحبوب المراد الذي يحبببه اللببه‬
‫ويرضبباه‪ ,‬لمببا فيببه مببن الحكمببة والمصببلحة المطلوبببة‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك{ أي لم يكببن‬
‫له أخذه في حكم ملك مصر قاله الضببحاك وغيببره‪ ,‬وإنمببا‬
‫قيض الله له أن التزم لببه إخببوته بمببا الببتزموه‪ ,‬وهببو كببان‬
‫يعلم ذلك من شريعتهم‪ ,‬ولهببذا مببدحه اللببه تعببالى فقببال‪:‬‬
‫}نرفع درجات من نشبباء{ كمببا قببال تعببالى‪} :‬يرفببع اللببه‬
‫لية‪} ,‬وفوق كل ذي علم عليم{ قببال‬ ‫الذين آمنوا منكم{ ا َ‬
‫الحسن البصري‪ :‬ليس عالم إل فوقه عالم حتى ينتهي إلى‬
‫الله عز وجل‪ ,‬وكذا روى عبد الرزاق عن سببفيان الثببوري‪,‬‬
‫عن عبد العلى الثعلبي‪ ,‬عن سعيد بن جبير‪ ,‬قال‪ :‬كما عند‬
‫ابن عباس فحببدث بحببديث عجيببب‪ ,‬فتعجببب رجببل فقببال‪:‬‬
‫الحمد لله فوق كل ذي علم عليم‪ ,‬فقال ابن عببباس‪ :‬بئس‬
‫ما قلت‪ :‬الله العليم فوق كل عالم‪ ,‬وكذا روى سماك عببن‬
‫عكرمة‪ ,‬عن ابن عباس }وفوق كل ذي علم عليببم{ قببال‪:‬‬
‫يكون هذا أعلم من هذا‪ ,‬وهذا أعلم مببن هببذا‪ ,‬واللببه فببوق‬
‫كل عالم‪ ,‬وهكذا قال عكرمة‪ ,‬وقال قتادة‪ :‬وفببوق كببل ذي‬
‫علم عليم‪ ,‬حتى ينتهي العلم إلى الله‪ ,‬منه بدىء‪ ,‬وتعلمببت‬
‫العلماء‪ ,‬وإليه يعود‪ ,‬وفي قراءة عبد الله‪ ,‬وفوق كل عببالم‬
‫عليبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫‪381‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫خ ل ّبه مببن قَبب ُ َ‬ ‫سبَرقَ أ َ ٌ‬
‫ها‬ ‫ل فَأ َ‬
‫سبّر َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ِ‬ ‫سبرِقْ فََقبد ْ َ‬ ‫** َقال ُوَا ْ ِإن ي َ ْ‬
‫ها ل َهم َقا َ َ‬
‫كانا ً َوالّلبب ُ‬
‫ه‬ ‫م َ‬ ‫م َ‬
‫شّر ّ‬ ‫ل أن ْت ُ ْ‬ ‫سهِ وَل َ ْ‬
‫م ي ُب ْدِ َ ُ ْ‬ ‫ف ِفي ن َْف ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ُيو ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫صبببببببببببببببببببُفو َ‬‫مبببببببببببببببببببا ت َ ِ‬ ‫م بِ َ‬‫أعْل َببببببببببببببببببب ْ‬
‫وقال إخوة يوسف لما رأوا الصواع قد أخببرج مببن متبباع‬
‫بنيامين }إن يسرق فقد سرق أخ له مببن قبببل{ يتنصببلون‬
‫إلى العزيز من التشبه به‪ ,‬ويذكرون أن هذا فعل كما فعببل‬
‫أخ له من قبل‪ ,‬يعنون به يوسف عليه السلم‪ .‬قببال سببعيد‬
‫بن جبير‪ ,‬عن قتادة‪ :‬كان يوسببف عليببه السببلم قببد سببرق‬
‫صنما ً لجده أبي أمه فكسره‪ ,‬وقال محمد بن إسحاق‪ ,‬عن‬
‫عبد الله بن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قال‪ :‬كان أول ما دخببل‬
‫على يوسف من البلء فيما بلغني أن عمتببه ابنببة إسببحاق‪,‬‬
‫وكانت أكبر ولد إسببحاق‪ ,‬وكببانت عنببدها منطقببة إسببحاق‪,‬‬
‫وكانوا يتوارثونها بالكبر‪ ,‬فكان من اختبأها ممن وليهببا كببان‬
‫له سلما ً ل ينازع فيه‪ ,‬يصنع فيببه مببا يشبباء‪ ,‬وكببان يعقببوب‬
‫حين ولد له يوسف قد حضنته عمته‪ ,‬وكان لها به وله‪ ,‬فلم‬
‫تحب أحدا ً حبها إياه حتى إذا ترعببرع وبلببغ سببنوات‪ ,‬تبباقت‬
‫إليبه نفبس يعقببوب عليببه السببلم‪ ,‬فأتاهبا فقببال‪ :‬يبا أخيببة‬
‫ي يوسف‪ ,‬فو الله ما أقببدر علببى أن يغيببب عنببي‬ ‫سلمي إل ّ‬
‫ساعة‪ .‬قالت‪ :‬فو الله ما أنا بتاركته‪ ,‬ثم قالت‪ :‬فدعه عندي‬
‫أياما ً أنظر إليه‪ ,‬وأسكن عنه لعل ذلك يسليني عنه‪ ,‬أو كما‬
‫قالت فلما خرج مببن عنببدها يعقببوب عمببدت إلببى منطقببة‬
‫إسحاق فحزمتها على يوسف من تحببت ثيببابه‪ ,‬ثببم قببالت‪:‬‬
‫فقدت منطقة إسحاق عليه السببلم‪ ,‬فببانظروا مببن أخببذها‬
‫ومن أصابها ؟ فالتمست‪ ,‬ثببم قببالت‪ :‬اكشببفوا أهببل البببيت‬
‫فكشفوهم‪ ,‬فوجدوها مببع يوسببف‪ ,‬فقببالت‪ :‬واللبه إنببه لببي‬
‫لسلم‪ ,‬أصنع فيه ما شئت‪ ,‬فأتاه يعقببوب‪ ,‬فببأخبرته الخبببر‪,‬‬
‫فقال لها‪ :‬أنت وذلك‪ ,‬إن كان فعل ذلك فهو سلم لببك‪ ,‬مببا‬
‫أستطيع غير ذلك‪ ,‬فأمسكته فمبا قبدر عليبه يعقبوب حبتى‬
‫ماتت‪ ,‬قال‪ :‬فهو الذي يقول إخوة يوسف حين صنع بببأخيه‬
‫ما صنع حين أخذه }إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل{‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬فأسرها يوسف فببي نفسببه{ يعنببي الكلمببة الببتي‬

‫‪382‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بعببدها‪ ,‬وهببي قببوله‪} :‬أنتببم شببر مكانببا ً واللببه أعلببم بمببا‬
‫تصفون{ أي تذكرون‪ ,‬قال هذا في نفسه ولببم يبببده لهببم‪,‬‬
‫وهببذامن ببباب الضببمار قبببل الببذكر‪ ,‬وهببو كببثير‪ ,‬كقببول‬
‫الشبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببباعر‪:‬‬
‫جببزى بنببوه أبببا الغيلن عببن كبروحسببن فعببل كمببا يجببزي‬
‫سببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببنمار‬
‫ولببه شببواهد كببثيرة فببي القببرآن والحببديث واللغببة فببي‬
‫منثورها وأخبارها وأشعارها‪ .‬قال العوفي عببن ابببن عببباس‬
‫}فأسرها يوسف في نفسه{‪ ,‬قال‪ :‬أسر في نفسه }أنتببم‬
‫شببببببر مكانببببببا ً واللببببببه أعلببببببم بمببببببا تصببببببفون{‪.‬‬

‫شيخا ً ك َبيرا ً فَ ُ َ‬ ‫** َقاُلوا ْ يأ َيها ال ْعزيز إن ل َ َ‬


‫ه‬ ‫م َ‬
‫كان َ ُ‬ ‫حد ََنا َ‬‫خذ ْ أ َ‬ ‫ِ‬ ‫ه أبا ً َ ْ‬ ‫َ ِ ُ ِ ّ ُ‬ ‫َ َّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫مببن‬ ‫مَعاذ َ الل ّبهِ أن ن ّأ ُ‬
‫خ بذ َ إ ِل ّ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن * َقا َ‬ ‫سِني َ‬
‫ح ِ‬
‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫م َ‬
‫ك ِ‬ ‫إ ِّنا ن ََرا َ‬
‫ن‬
‫مو َ‬ ‫عنبببببببد َهُ إ ِّنببببببببآ ِإذا ً ل ّظ َبببببببال ِ ُ‬
‫مَتاعَن َبببببببا ِ‬ ‫جبببببببد َْنا َ‬‫وَ َ‬
‫لما تعين أخذ بنيامين وتقرر تركه عنببد يوسببف بمقتضببى‬
‫اعترافهم‪ ,‬شرعوا يترققون له ويعطفونه عليهم }فقالوا يا‬
‫أيها العزيز إن له أبا ً شببيخا ً كبببيرًا{ يعنببون وهببو يحبببه حببا ً‬
‫شببديدا ً ويتسببلى بببه عببن ولببده الببذي فقببده }فخببذ أحببدنا‬
‫مكانه{ أي بدله يكون عندك عوضبا ً عنببه‪} ,‬إنببا نببراك مببن‬
‫المحسنين{ أي العادلين المنصفين القابلين للخيببر‪} ,‬قببال‬
‫معاذ الله أن نأخذ إل من وجدنا متاعنا عنده{ أي كما قلتم‬
‫واعترفتم }إنا إذا ً لظببالمون{ أي إن أخببذنا بببريئا ً بسببقيم‪.‬‬

‫موَا ْ‬ ‫ل ك َبيرهُ َ‬ ‫َ‬


‫م ت َعْل َ ُ‬
‫م أل َ ْ‬ ‫جي ّا ً َقا َ ِ ُ ْ‬ ‫صوا ْ ن َ ِ‬ ‫خل َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬‫سوا ْ ِ‬ ‫ست َي ْأ ُ‬‫ما ا ْ‬ ‫** فَل َ ّ‬
‫مبا‬ ‫ل َ‬ ‫مبن قَْبب ُ‬ ‫ن الّلبهِ وَ ِ‬ ‫َ‬ ‫موِْثقبا ً ّ‬
‫مب‬ ‫م ّ‬ ‫كب ْ‬ ‫خبذ َ عَل َي ْ ُ‬ ‫م َقبد ْ أ َ َ‬ ‫ن أَبباك ُ ْ‬
‫أَ َ‬
‫ّ‬
‫ف فَل َن أ َبرح الرض حتى يأ ْذ َن ل ِي أ َبببي أوَ‬
‫ْ َ َ ّ َ َ َ َ ِ َ ْ‬ ‫ْ َْ َ‬ ‫س َ‬ ‫م ِفي ُيو ُ‬ ‫فَّرطت ُ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫م‬ ‫ى أِبيك ُب ْ‬ ‫جعُبوَا إ ِلب َ‬ ‫ن * اْر ِ‬ ‫مي َ‬ ‫حبباك ِ ِ‬ ‫خي ْبُر ال ْ َ‬ ‫ه ِلي وَهُبوَ َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫حك ُ َ‬ ‫يَ ْ‬
‫َ‬
‫ما ك ُّنا‬ ‫مَنا وَ َ‬ ‫ما عَل ِ ْ‬‫شهِد َْنآ إ ِل ّ ب ِ َ‬‫ما َ‬ ‫سَرقَ وَ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ن اب ْن َ َ‬ ‫فَُقوُلوا ْ ي َأَباَنا إ ِ ّ‬
‫لل ْغيب حافظين * وا َ‬
‫ة ال ِّتي ك ُّنا ِفيَها َوال ّعِي َْر ال ّت ِ َ‬
‫ي‬ ‫ل ال َْقْري َ َ‬ ‫سأ ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫ِ َْ ِ َ ِ ِ َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫صببببببببببببادُِقو َ‬ ‫أقْب َل ْن َببببببببببببا ِفيهَببببببببببببا وَإ ِن ّببببببببببببا ل َ َ‬

‫‪383‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يخبر تعالى عن إخوة يوسف أنهم لما يئسوا من تخليص‬
‫أخيهم بنيامين الذي قد التزموا لبيهم برده إليه‪ ,‬وعاهببدوه‬
‫على ذلك‪ ,‬فامتنع عليهم ذلببك }خلصببوا{ أي انفببردوا عببن‬
‫الناس }نجيًا{ يتنباجون فيمبا بينهبم }قبال كببيرهم{ وهبو‬
‫روبيل‪ ,‬وقيل‪ :‬يهوذا‪ ,‬وهو الببذي أشببار عليهببم بإلقببائه فببي‬
‫البئر عندما هموا بقتله‪ ,‬قال لهم‪} :‬ألم تعلموا أن أباكم قد‬
‫أخذ عليكم موثقا ً من الله{ لببتردنه إليببه فقببد رأيتببم كيببف‬
‫تعذر عليكم ذلك مع ما تقدم لكم من إضاعة يوسببف عنببه‬
‫}فلن أبرح الرض{ أي لن أفارق هذه البلدة }حببتى يببأذن‬
‫لي أبي{ في الرجوع إليه راضيا ً عني }أو يحكم الله لببي{‬
‫قيل‪ :‬بالسيف‪ ,‬وقيل‪ :‬بأن يمكنني من أخذ أخي }وهو خيبر‬
‫الحاكمين{‪ ,‬ثم أمرهم أن يخببروا أببباهم بصبورة مبا وقبع‪,‬‬
‫حتى يكون عذرا ً لهم عنده‪ ,‬ويتنصلوا إليه ويبرؤا ممببا وقببع‬
‫بقببولهم وقببوله‪} :‬ومببا كنببا للغيببب حببافظين{ قببال قتببادة‬
‫وعكرمة‪ :‬ما علمنا أن ابنك سرق‪ .‬وقال عبببد الرحمببن بببن‬
‫زيد بن أسلم‪ :‬ما علمنا في الغيب أنه سرق له شيئًا‪ ,‬إنمببا‬
‫سألنا ما جزاء السارق ؟ }واسأل القرية التي كنببا فيهببا{‪:‬‬
‫قيل المراد مصر‪ ,‬قاله قتادة‪ ,‬وقيل غيرهببا‪} ,‬والعيببر الببتي‬
‫أقبلنا فيها{ أي التي رافقناها‪ ,‬عن صدقنا وأمانتنا وحفظنببا‬
‫وحراستنا‪} ,‬وإنا لصادقون{ فيما أخبرناك به من أنه سرق‬
‫وأخببببببببببببببببببببببببببببذوه بسببببببببببببببببببببببببببببرقته‪.‬‬

‫ل سول َت ل َك ُم َأنُفسك ُ َ‬
‫سببى‬ ‫ل عَ َ‬ ‫ميب ٌ‬ ‫ج ِ‬‫صبب ٌْر َ‬ ‫مرا ً فَ َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ل بَ ْ َ ّ ْ‬
‫ْ‬
‫** َقا َ‬
‫ّ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ى‬
‫م * وَت َبوَل َ‬ ‫كيب ُ‬ ‫ح ِ‬‫م ال ْ َ‬‫ه هُوَ ال ْعَِليب ُ‬ ‫ميعا ً إ ِن ّ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه أن ي َأت ِي َِني ب ِهِ ْ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م وََقا َ‬
‫حببْز ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫مبب َ‬ ‫ت عَي َْناهُ ِ‬ ‫ض ْ‬ ‫ف َواب ْي َ ّ‬
‫ُ‬
‫س َ‬ ‫سَفا عَلى ُيو ُ‬ ‫ل ي َأ َ‬ ‫عَن ْهُ ْ‬
‫ن‬‫ى ت َك ُببو َ‬ ‫حت ّب َ‬ ‫ف َ‬ ‫سب َ‬ ‫م * قَبباُلوا ْ ت َببالله ت َْفت َبأ ت َبذ ْك ُُر ُيو ُ‬ ‫ظي ٌ‬ ‫فَهُوَ ك َ ِ‬
‫حْزِني‬ ‫كو ب َّثي وَ ُ‬ ‫ش ُ‬ ‫مآ أ َ ْ‬ ‫ن * َقا َ‬
‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫كي َ‬ ‫ن ال َْهال ِ ِ‬‫م َ‬ ‫ن ِ‬‫كو َ‬ ‫حَرضا ً أ َوْ ت َ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مببببو َ‬ ‫مببببا ل َ ت َعْل َ ُ‬ ‫ن الّلببببهِ َ‬ ‫مبببب َ‬ ‫م ِ‬ ‫إ َِلببببى الّلببببهِ وَأعَْلبببب ُ‬
‫قال لهم كما قال لهم حيببن جباءوا علببى قميبص يوسببف‬
‫ولت لكم أنفسببكم أمببرا ً فصبببر جميببل{‬ ‫بدم كذب }بل س ّ‬
‫قال محمد بن إسببحاق‪ :‬لمببا جبباءوا يعقببوب وأخبببروه بمببا‬

‫‪384‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جببرى‪ ,‬اتهمهببم فظببن أنهببا كفعلتهببم بيوسببف‪ ,‬قببال‪} :‬بببل‬
‫سببولت لكببم أنفسببكم أمببرا ً فصبببر جميببل{ وقببال بعببض‬
‫الناس‪ :‬لمببا كببان صببنيعهم هببذا مرتببا ً علببى فعلهببم الول‪,‬‬
‫ولت لكببم‬ ‫سحب حكببم الول عليبه‪ ,‬وصببح قببوله‪} :‬بببل سب ّ‬
‫أنفسكم أمرا ً فصبر جميببل{ ثببم ترجببى مببن اللببه أن يببرد‬
‫عليه أولده الثلثببة‪ :‬يوسببف وأخبباه بنيببامين وروبيببل الببذي‬
‫أقام بديار مصر ينتظر أمر اللببه فيببه‪ ,‬إمببا أن يرضببى عنببه‬
‫أبوه‪ ,‬فيأمره بالرجوع إليه‪ ,‬وإما أن يأخذ أخاه خفية‪ ,‬ولهبذا‬
‫قال‪} :‬عسى الله أن يأتيني بهم جميعا ً إنه هو العليببم{ أي‬
‫العليببم بحببالي‪} ,‬الحكيببم{ فببي أفعبباله وقضببائه وقببدره‪,‬‬
‫}وتولى عنهم وقال يا أسفا على يوسف{ أي أعرض عببن‬
‫بنيه‪ ,‬وقال متببذكرا ً حببزن يوسببف القببديم الول }يبا أسببفا‬
‫على يوسف{ جدد له حببزن البنيببن الحببزن الببدفين‪ ,‬قببال‬
‫عبد الرزاق‪ :‬أنبأنا الثوري عن سفيان العصفري‪ ,‬عن سعيد‬
‫بن جبير أنه قال‪ :‬لم يعط أحد غير هذه المببة السببترجاع‪,‬‬
‫أل تسمعون إلى قول يعقوب عليه السلم }يا أسببفا علببى‬
‫يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيببم{ أي سبباكت‬
‫ل يشببكو أمببره إلببى مخلببوق‪ ,‬قبباله قتببادة وغيببره‪ .‬وقببال‬
‫الضبببببببحاك‪ :‬فهبببببببو كظيبببببببم كئيبببببببب حزيبببببببن‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبببي‪ .‬حببدثنا حمبباد بببن سببلمة‬
‫عن علي بن زيد عن الحسببن‪ ,‬عببن الحنببف بببن قيببس أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قببال‪» :‬إن داود عليببه السببلم‬
‫قال‪ :‬يا رب إن بني إسرائيل يسببألونك بببإبراهيم وإسببحاق‬
‫ويعقوب‪ ,‬فاجعلني لهم رابعًا‪ ,‬فأوحى الله تعالى إليه‪ :‬أن يا‬
‫داود إن إبراهيم ألقي في النار بسببببي فصبببر‪ ,‬وتلببك بليببة‬
‫لم تنلك‪ ,‬وإن إسحاق بذل مهجة دمه بسببي فصبر‪ ,‬وتلببك‬
‫بلية لم تنلك‪ ,‬وإن يعقوب أخذت منه حبيبه فابيضت عينبباه‬
‫من الحزن فصبر‪ ,‬وتلك بلية لم تنلك«‪ .‬وهذا مرسل وفيببه‬
‫نكارة‪ ,‬فإن الصحيح أن إسماعيل هببو الذبيببح‪ ,‬ولكببن علببي‬
‫بن زيد بن جدعان له‪ ,‬مناكير وغرائب كثيرة‪ ,‬واللببه أعلببم‪,‬‬
‫وأقرب ما في هذا أن الحنف بن قيس رحمببه اللببه حكبباه‬
‫عن بعببض بنببي إسببرائيل ككعببب ووهببب ونحوهمببا‪ ,‬واللببه‬

‫‪385‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أعلببم‪ ,‬فببإن بنببي إسببرائيل ينقلببون أن يعقببوب كتببب إلببى‬
‫يوسف لما احتبس أخاه بسبب السرقة يتلطف له فببي رد‬
‫ابنه‪ ,‬ويذكر له أنهم أهببل بيببت مصببابون بببالبلء‪ ,‬فببإبراهيم‬
‫ابتلي بالنار‪ ,‬وإسحاق بالذبح‪ ,‬ويعقوب بفراق يوسببف‪ ,‬فببي‬
‫حديث طويل ل يصح‪ ,‬والله أعلم‪ ,‬فعند ذلببك رق لببه بنببوه‪,‬‬
‫وقالوا له على سبيل الرفق به والشفقة عليه‪} :‬تالله تفتؤ‬
‫تببذكر يوسببف{ أي ل تفببارق تببذكر يوسببف }حببتى تكببون‬
‫حرضًا{ أي ضعيف القوة }أو تكون من الهالكين{ يقولون‬
‫إن استمر بك هذا الحال خشينا عليك الهلك والتلف }قال‬
‫إنما أشكو بثي وحزنببي إلببى اللببه{ أي أجببابهم عمببا قببالوا‬
‫بقوله‪} :‬إنما أشببكو بببثي وحزنببي{ أي همببي ومببا أنببا فيببه‬
‫}إلى الله{ وحببده‪} ,‬وأعلببم مببن اللببه مببا ل تعلمببون{ أي‬
‫أرجو منه كل خير‪ ,‬وعن ابن عباس }وأعلم من الله مببا ل‬
‫تعلمون{ يعني رؤيا يوسف أنها صببدق‪ ,‬وأن اللببه ل بببد أن‬
‫لية‪ :‬أعلم أن رؤيا يوسف‬ ‫يظهرها‪ ,‬وقال العوفي عنه في ا َ‬
‫صببببببببادقة وأنببببببببي سببببببببوف أسببببببببجد لببببببببه‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا الحسن بن عرفة‪ ,‬حدثنا يحيى‬
‫بن عبد الملك بن أبي غنية عبن حفبص ببن عمببر ببن أببي‬
‫الزبير‪ ,‬عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول‬
‫الله صلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬كببان ليعقببوب النبببي عليببه‬
‫السلم أخ مؤاخ له‪ ,‬فقببال لببه ذات يببوم‪ :‬مببا الببذي أذهببب‬
‫بصرك‪ ,‬وقببوس ظهببرك ؟ قببال‪ :‬أمببا الببذي أذهببب بصببري‬
‫فالبكاء علبى يوسبف‪ ,‬وأمبا البذي قبوس ظهبري فبالحزن‬
‫على بنيامين‪ ,‬فأتاه جبريل عليه السلم فقببال‪ :‬يببا يعقببوب‬
‫إن الله يقرئك السلم ويقول لك‪ :‬أما تستحي أن تشكوني‬
‫إلى غيري ؟ فقال يعقببوب‪ :‬إنمببا أشببكو بببثي وحزنببي إلببى‬
‫الله‪ ,‬فقال جبريببل عليببه السببلم‪ :‬اللبه أعلببم بمببا تشببكو«‬
‫وهببببببببذا حببببببببديث غريببببببببب فيببببببببه نكببببببببارة‪.‬‬

‫َ‬
‫سوا ْ ِ‬
‫من‬ ‫خيهِ وَل َ ت َي ْأ ُ‬ ‫ف وَأ َ ِ‬‫س َ‬ ‫من ُيو ُ‬ ‫سوا ْ ِ‬
‫س ُ‬‫ح ّ‬‫ي اذ ْهَُبوا ْ فَت َ َ‬ ‫** ي َب َن ِ ّ‬
‫َ‬
‫ن*‬‫م ال ْك َببافُِرو َ‬‫ح الل ّبهِ إ ِل ّ ال َْق بوْ ُ‬
‫من ّروْ ِ‬ ‫س ِ‬‫ه ل َ ي َي ْأ ُ‬ ‫ح الل ّهِ إ ِن ّ ُ‬ ‫ّروْ ِ‬

‫‪386‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جئ ْن َببا‬
‫ضّر وَ ِ‬ ‫سَنا وَأهْل ََنا ال ّ‬ ‫م ّ‬ ‫زيُز َ‬ ‫خُلوا ْ عَل َي ْهِ َقا ُ َلوا ْ ي َأي َّها ال ْعَ ِ‬
‫ما د َ َ‬‫فَل َ ّ‬
‫ن الل ّب َ‬
‫ه‬ ‫صبد ّقْ عَل َي ْن َببآ إ ِ ّ‬
‫ل وَت َ َ‬‫ف ل َن َببا ال ْك َي ْب َ‬ ‫جبباةٍ فَبأوْ ِ‬ ‫مْز َ‬ ‫ضبباعَةٍ ّ‬‫ب ِب ِ َ‬
‫ن‬
‫صبببببببببببببببببببببببببببد ِّقي َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫زي ال ْ ُ‬ ‫جببببببببببببببببببببببببببب ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن يعقببوب عليببه السببلم‪ :‬إنببه نببدب‬
‫بنيببه علببى الببذهاب فببي الرض يسببتعلمون أخبببار يوسببف‬
‫وأخيه بنيامين‪ ,‬والتحسببس يكببون فببي الخيببر‪ ,‬والتجسببس‬
‫يكون في الشر‪ ,‬ونهضهم وبشببرهم وأمرهببم أن ل ييأسببوا‬
‫من روح الله أي ل يقطعوا رجاءهم وأملهم من اللببه فيمببا‬
‫يرومونه ويقصبدونه‪ ,‬فبإنه ل يقطبع الرجبباء ول ييببأس مبن‬
‫روح الله إل القوم الكافرون‪ .‬وقوله }فلمببا دخلببوا عليببه{‬
‫تقدير الكلم‪ :‬فذهبوا فدخلوا مصببر‪ ,‬ودخلببوا علببى يوسببف‬
‫}قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر{ يعنون من الجدب‬
‫والقحط وقلة الطعام‪} ,‬وجئنا ببضاعة مزجبباة{ أي ومعنببا‬
‫ثمن الطعام الذي نمتبباره‪ ,‬وهببو ثمببن قليببل‪ ,‬قبباله مجاهببد‬
‫والحسن وغير واحد‪ .‬وقببال ابببن عببباس‪ :‬الرديببء ل ينفببق‬
‫مثببل خلببق الغببرارة والحبببل والشببيء‪ ,‬وفببي روايببة عنببه‪:‬‬
‫الدراهم الرديئة التي ل تجوز إل بنقصان‪ ,‬وكذا قببال قتببادة‬
‫والسدي‪ .‬وقال سببعيد بببن جبببير‪ :‬هببي الببدراهم الفسببول‪.‬‬
‫وقببال أبببو صببالح‪ :‬هببو الصببنوبر وحبببة الخضببراء‪ ,‬وقببال‬
‫الضحاك‪ :‬كاسدة ل تنفببق‪ .‬وقببال أبببو صببالح‪ :‬جبباءوا بحببب‬
‫البطم الخضببر والصببنوبر‪ ,‬وأصببل الخبباء الزجبباء لضببعف‬
‫الشببببببببيء‪ ,‬كمببببببببا قببببببببال حبببببببباتم طيببببببببء‪:‬‬
‫لبيك على ملحان ضيف مدافعوأرملة تزجي مع الليل أرمل‬
‫وقببببببببببببال أعشببببببببببببى بنببببببببببببي ثعلبببببببببببببة‪:‬‬
‫الواهب المائة الهجان وعبببدهاعوذا ً تزجببي خلفهببا أطفالهببا‬
‫وقوله إخبارا ً عنهم }فببأوف لنببا الكيببل{ أي أعطنببا بهببذا‬
‫الثمن القليل ما كنت تعطينا قبل ذلك‪ ,‬وقرأ ابببن مسببعود‪:‬‬
‫فأوقر ركابنا وتصدق علينا‪ .‬وقال ابن جريج‪ :‬وتصدق علينببا‬
‫برد أخينا إلينا‪ .‬وقببال سببعيد بببن جبببير والسببدي }وتصببدق‬
‫علينا{ يقولون‪ :‬تصدق علينا بقبض هذه البضاعة المزجبباة‪,‬‬
‫وتجوز فيها‪ .‬وسئل سفيان بن عيينة‪ :‬هل حرمببت الصببدقة‬
‫على أحد من النبياء قبل النبي صببلى اللببه عليببه وسببلم ؟‬

‫‪387‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقال ألم تسمع قوله‪} :‬فأوف لنا الكيل وتصببدق علينببا إن‬
‫الله يجزي المتصببدقين ؟{ رواه ابببن جريببر عببن الحببارث‪,‬‬
‫عن القاسم عنه‪ .‬وقال ابببن جريببر‪ :‬حببدثنا الحببارث‪ ,‬حببدثنا‬
‫القاسم‪ ,‬حدثنا مروان بن معاوية عن عثمببان بببن السببود‪,‬‬
‫سمعت مجاهبدا ً وسبئل‪ :‬هبل يكبره أن يقبول الرجبل فبي‬
‫دعائه‪ :‬اللهم تصدق علي ؟ قال‪ :‬نعببم‪ ,‬إنمببا الصببدقة لمببن‬
‫يبتغببببببببببببببببببببببببببببببي الثببببببببببببببببببببببببببببببواب‪.‬‬

‫َ‬ ‫ف وَأ َ ِ‬
‫ن‬ ‫جاهُِلو َ‬ ‫م َ‬ ‫خيهِ إ ِذ ْ أنت ُ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ما فَعَل ُْتم ب ُِيو ُ‬ ‫م ّ‬ ‫مت ُ ْ‬ ‫ل عَل ِ ْ‬ ‫ل هَ ْ‬ ‫** َقا َ‬
‫خببي قَ بد ْ‬ ‫ذا أ َ ِ‬ ‫هـ ب َ‬ ‫ف وَ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ل أن َا ْ ُيو ُ‬
‫ف َقا َ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ت ُيو ُ‬ ‫ك لن َ‬ ‫* َقال ُوَا ْ أ َإ ِن ّ َ‬
‫َ‬
‫ج بَر‬ ‫ضببيعُ أ ْ‬ ‫ه ل َ يُ ِ‬ ‫ن الل ّب َ‬ ‫ص بب ِْر فَ بإ ِ ّ‬ ‫ق وَي ِ ْ‬ ‫من ي َت ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ه عَل َي َْنآ إ ِن ّ ُ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫َ‬
‫ه عَلي ْن َببا وَِإن ك ُن ّببا‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ك اللب ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ن * قَببالوا ت َبباللهِ لَقبد ْ آث َبَر َ‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫سبِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫ال ُ‬
‫و‬
‫م وَهُ ب َ‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬ ‫م ي َغِْفُر الل ّ ُ‬ ‫م ال ْي َوْ َ‬ ‫ب عَل َي ْك ُ ُ‬ ‫ل ل َ ت َث َْري َ‬ ‫ن * َقا َ‬ ‫خاط ِِئي َ‬ ‫لَ َ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫ميببببببببببببببببببببببببببببب َ‬ ‫ح ِ‬‫م الّرا ِ‬ ‫حببببببببببببببببببببببببببببب ُ‬ ‫أْر َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن يوسف عليه السلم‪ ,‬أنه لما ذكببر‬
‫له إخببوته مببا أصببابهم مببن الجهببد والضببيق وقلببة الطعببام‬
‫وعموم الجدب‪ ,‬وتذكر أباه وما هو فيببه مببن الحببزن لفقببد‬
‫ولديه مع ما هو فيه من الملببك والتصببرف والسببعة‪ ,‬فعنببد‬
‫ذلك أخذته رقة ورأفة ورحمة وشبفقة علببى أبيبه وإخبوته‪,‬‬
‫وبدره البكبباء فتعببرف إليهببم‪ ,‬فيقببال‪ :‬إنبه رفببع التبباج عببن‬
‫جبهته‪ ,‬وكببان فيهببا شببامة‪ ,‬وقببال }هببل علمتببم مببا فعلتببم‬
‫بيوسف وأخيه إذ أنتببم جبباهلون{ يعنببي كيببف فرقببوا بينببه‬
‫وبين أخيه }إذ أنتم جبباهلون{ أي إنمببا حملكببم علببى هببذا‬
‫الجهل بمقدار هذا الذي ارتكبتموه‪ ,‬كما قال بعض السلف‪:‬‬
‫كل من عصى الله فهو جاهل‪ ,‬وقببرأ }ثببم إن ربببك للببذين‬
‫لية‪ ,‬والظبباهر بب واللببه أعلببم ب ب أن‬ ‫عملوا السوء بجهالة{ ا َ‬
‫يوسف عليه السلم إنمببا تعببرف إليهببم بنفسببه بببإذن اللببه‬
‫تعالى له في ذلك‪ ,‬كما أنببه إنمببا أخفببى منهببم نفسببه فببي‬
‫المرتين الوليين بأمر الله تعالى له في ذلببك‪ ,‬واللببه أعلببم‬
‫ولكن لما ضاق الحال واشتد المر‪ ,‬فببرج اللببه تعببالى مببن‬
‫ن مع‬ ‫ذلك الضيق‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬فإن مع العسر يسرا ً إ ّ‬

‫‪388‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العسر يسرًا{ فعند ذلك قالوا }أئنك لنت يوسف ؟{ وقرأ‬
‫أبي بببن كعببب }إنببك لنببت يوسببف{‪ ,‬وقببرأ ابببن محيصببن‬
‫}أنببت يوسببف{‪ ,‬والقببراءة المشببهورة هببي الولببى‪ ,‬لن‬
‫الستفهام يدل على الستعظام أي أنهم تعجبببوا مببن ذلببك‬
‫أنهم يترددون إليه من سنتين وأكثر وهببم ل يعرفببونه وهببو‬
‫مع هببذا يعرفهببم ويكتببم نفسببه‪ ,‬فلهببذا قببالوا علببى سبببيل‬
‫السببتفهام‪} :‬أئنببك لنببت يوسببف قببال أنببا يوسببف وهببذا‬
‫أخببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببي{‪.‬‬
‫ن الله علينا{ أي بجمعه بيننا بعببد التفرقببة‬ ‫وقوله‪} :‬قد م ّ‬
‫وبعد المدة }إنه من يتببق ويصبببر فببإن اللببه ل يضببيع أجببر‬
‫المحسببنين * قببالوا تببالله لقببد آثببرك اللببه علينببا{ ا َ‬
‫ليببة‪,‬‬
‫يقولون معترفين لببه بالفضببل والثببرة عليهببم فببي الخلببق‬
‫والخلق والسعة والملك والتصرف والنبوة أيضًا‪ ,‬على قول‬
‫من لم يجعلهم أنبياء‪ ,‬وأقروا له بأنهم أساءوا إليه وأخطأوا‬
‫في حقه }قال ل تثريب عليكم اليوم{ يقول‪ :‬أي ل تببأنيب‬
‫عليكم ول عتب عليكم اليوم‪ ,‬ول أعيببد عليكببم ذنبكببم فببي‬
‫حقي بعد اليوم‪ ,‬ثببم زادهببم الببدعاء لهببم بببالمغفرة فقببال‪:‬‬
‫}يغفببر اللببه لكببم وهببو أرحببم الراحميببن{ قببال السببدي‪:‬‬
‫اعتذروا إلى يوسف فقال‪} :‬ل تثريب عليكم اليوم{ يقول‪:‬‬
‫ل أذكر لكم ذنبكم‪ :‬وقال ابببن إسببحاق والثببوري }لتببثريب‬
‫عليكببم{ أي ل تببأنيب عليكببم اليببوم عنببدي فيمببا صببنعتم‪,‬‬
‫}يغفر الله لكم{ أي يستر الله عليكم فيمببا فعلتببم }وهببو‬
‫أرحببببببببببببببببببببببببببببم الراحميببببببببببببببببببببببببببببن{‪.‬‬

‫صببيرا ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ذا فَأ َل ُْقوهُ عَل َ‬


‫ت بَ ِ‬ ‫جهِ أِبي ي َأ ِ‬ ‫ى وَ ْ‬ ‫َ‬ ‫هـ َ‬
‫صي َ‬ ‫مي ِ‬‫** اذ ْهَُبوا ْ ب َِق ِ‬
‫م‬ ‫وأ ْتوِني بأ َهْل ِك ُم أ َجمِعين * ول َما فَص بل َت ال ِْعي بر قَببا َ َ‬
‫ل أب ُببوهُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ِ‬ ‫َ ّ‬ ‫ْ ْ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ‬
‫ن * قَبباُلوا ْ ت َببالل ّهِ إ ِن ّب َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫دو ِ‬ ‫ف ل َبوْل َ أن ت َُفن ّب ُ‬ ‫س َ‬‫ح ُيو ُ‬‫جد ُ ِري َ‬ ‫إ ِّني ل ِ‬
‫ك ال َْقبببببببببببببببببب ِ‬
‫ديم ِ‬ ‫ضببببببببببببببببببل َل ِ َ‬ ‫ل َِفببببببببببببببببببي َ‬
‫يقول‪ :‬اذهبوا بهذا القميص }فألقوه على وجه أبببي يببأت‬
‫بصيرًا{ وكان قد عمي من كثرة البكبباء‪} ,‬وأتببوني بببأهلكم‬
‫أجمعين{ أي بجميع بني يعقوب‪} ,‬ولما فصلت العيببر{ أي‬

‫‪389‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫خرجت من مصر }قال أبوهم{ يعني يعقوب عليه السببلم‬
‫لمن بقي عنده من بنيه }إنببي لجببد ريببح يوسببف لببول أن‬
‫تفندون{ تنسبوني إلى الفند والكبر قال عبد الرزاق‪ :‬أنبأنا‬
‫إسرائيل عن أبي سببنان‪ ,‬عببن عبببد اللبه بببن أبببي الهببذيل‪,‬‬
‫قال‪ :‬سمعت ابن عباس يقول‪ :‬ولمببا فصببلت العيببر‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫لما خرجت العير هاجت ريح‪ ,‬فجاءت يعقوب بريببح قميبص‬
‫يوسف‪ ,‬فقال }إنببي لجببد ريببح يوسببف لببول أن تفنببدون{‬
‫قببال‪ :‬فوجببد ريحببه مببن مسببيرة ثمانيببة أيببام‪ ,‬وكببذا رواه‬
‫سفيان الثوري وشعبة وغيرهما عببن أبببي سببنان بببه وقببال‬
‫الحسن وابن جريج‪ :‬كان بينهما ثمانون فرسخًا‪ ,‬وكان بينببه‬
‫وبينببببببببه منببببببببذ افترقببببببببا ثمببببببببانون سببببببببنة‪.‬‬
‫وقوله }لول أن تفندون{ قال ابن عباس ومجاهد وعطاء‬
‫وقتببادة وسببعيد بببن جبببير تسببفهون وقببال مجاهببد أيض با ً‬
‫والحسن‪ :‬تهرمون‪ .‬وقببولهم }إنببك لفببي ضببللك القببديم{‬
‫قال ابن عباس‪ :‬لفي خطئك القديم‪ .‬وقال قتببادة‪ :‬أي مببن‬
‫حب يوسف ل تنساه ولتسله‪ ,‬قالوا لوالدهم كلمة غليظة‬
‫لم يكن ينبغي لهم أن يقولوها لوالدهم ول لنبي الله صببلى‬
‫اللببببه عليببببه وسببببلم‪ ,‬وكببببذا قببببال السببببدي وغيببببره‪.‬‬

‫ل‬‫صيرا ً َقببا َ‬ ‫جهِهِ َفاْرت َد ّ ب َ ِ‬ ‫ى وَ ْ‬ ‫شيُر أ َل َْقاهُ عَل َ‬ ‫جآَء ال ْب َ ِ‬ ‫مآ أن َ‬


‫َ‬
‫** فَل َ ّ‬
‫َ‬
‫ن * َقاُلوا ْ ي َأ ََباَنا‬ ‫مو َ‬ ‫ما ل َ ت َعْل َ ُ‬ ‫ن الل ّهِ َ‬‫م َ‬ ‫م ِ‬
‫َ‬
‫ي أعْل َ ُ‬ ‫ل ل ّك ُ ْ‬
‫م إ ِن ّ َ‬ ‫م أ َقُ ْ‬ ‫َ‬
‫أل َ ْ‬
‫ل س بو َ َ‬ ‫ست َغِْفْر ل ََنا ذ ُُنوب ََنآ إ ِّنا ك ُن ّببا َ‬
‫سبت َغِْفُر‬ ‫فأ ْ‬ ‫ن * قَببا َ َ ْ‬ ‫خبباط ِِئي َ‬ ‫ا ْ‬
‫م‬
‫حيببببببب ُ‬ ‫ه هُبببببببوَ ال ْغَُفببببببوُر الّر ِ‬ ‫ي إ ِّنبببببب ُ‬ ‫م َرب ّببببببب َ‬ ‫ل َك ُببببببب ْ‬
‫قببال ابببن عببباس والضببحاك‪} :‬البشببير{ البريببد‪ .‬وقببال‬
‫مجاهد والسدي‪ :‬كان يهوذا بن يعقوب‪ ,‬قال السببدي‪ :‬إنمببا‬
‫جاء به لنه هو الذي جاء بالقميص وهو ملطببخ بببدم كببذب‪,‬‬
‫فأحب أن يغسل ذلك بهببذا‪ ,‬فجبباء بببالقميص فألقبباه علببى‬
‫وجه أبيه فرجع بصيرًا‪ ,‬وقال لبنيه عند ذلك }ألم أقل لكببم‬
‫إني أعلم من الله ما ل تعلمون{ أي أعلم أن الله سببيرده‬
‫إلي‪ ,‬وقلت لكم‪} :‬إني لجد ريح يوسف لببول أن تفنببدون{‬
‫فعند ذلك قالوا لبيهم مترفقين لببه‪} :‬يببا أبانببا اسببتغفر لنببا‬

‫‪390‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ذنوبنا إنا كنا خاطئين * قال سوف أستغفر لكببم ربببي إنببه‬
‫هو الغفور الرحيم{ أي من تاب إليه تباب عليبه‪ ,‬قبال اببن‬
‫مسعود وإبراهيببم الببتيمي وعمببرو بببن قيببس وابببن جريببج‬
‫وغيرهببم‪ :‬أرجببأهم إلببى وقببت السببحر‪ .‬وقببال ابببن جريببر‪:‬‬
‫حببدثني أبببو السببائب‪ ,‬حببدثنا ابببن إدريببس‪ ,‬سببمعت عبببد‬
‫الرحمن بن إسحاق يذكر عن محارب بببن دثببار قببال‪ :‬كببان‬
‫عمر رضي الله عنه يأتي المسببجد فيسببمع إنسببانا ً يقببول‪:‬‬
‫اللهم دعببوتني فببأجبت‪ ,‬وأمرتنببي فببأطعت‪ ,‬وهببذا السببحر‬
‫فاغفر لي‪ .‬قال فاستمع الصوت‪ ,‬فإذا هو من دار عبد اللببه‬
‫بن مسعود‪ ,‬فسأل عبد الله عببن ذلببك‪ ,‬فقببال‪ :‬إن يعقببوب‬
‫أخر بنيه إلى السحر بقببوله }سببوف أسببتغفر لكببم ربببي{‬
‫وقد ورد في الحديث أن ذلك كان ليلة الجمعببة‪ ,‬كمببا قببال‬
‫ابن جرير أيضبًا‪ :‬حببدثني المثنببى‪ ,‬حبدثنا سبليمان بببن عببد‬
‫الرحمن أيوب الدمشقي‪ ,‬حدثنا الوليد‪ ,‬أنبأنا ابن جريج عن‬
‫عطاء‪ ,‬وعكرمة عن ابن عباس‪ ,‬عن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم }سوف أستغفر لكم ربي{ يقبول‪ :‬حببتى تببأتي‬
‫ليلة الجمعة‪ ,‬وهو قول أخي يعقوب لبنيه »وهذا غريب من‬
‫هببببذا الببببوجه‪ ,‬وفببببي رفعببببه نظببببر‪ ,‬واللببببه أعلببببم«‪.‬‬

‫خُلبوا ْ‬ ‫ل اد ْ ُ‬ ‫ف آوَىَ إ ِل َْيبهِ أ ََببوَي ْهِ وََقبا َ‬ ‫سب َ‬ ‫ى ُيو ُ‬ ‫َ‬


‫خُلوا ْ عَل َ‬ ‫ما د َ َ‬ ‫** فَل َ ّ‬
‫ش‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ن * وََرفَ بعَ أ َب َبوَي ْهِ عَل َببى ال ْ‬ ‫َ‬ ‫مِني ب‬ ‫هآ ِ‬ ‫شببآَء الل ّب ُ‬ ‫ص بَر ِإن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل َقببد ْ‬ ‫من قَب ْ ُ‬ ‫ل ُرؤَْيايَ ِ‬ ‫ذا ت َأِوي ُ‬ ‫هـ َ‬‫ت َ‬ ‫ل ي َأب َ ِ‬ ‫جد َا ً وََقا َ‬ ‫س ّ‬‫ه ُ‬ ‫خّروا ْ ل َ ُ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ج ِ‬‫سب ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مب َ‬ ‫جن ِببي ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫ي إ ِذ ْ أ ْ‬ ‫ن ب َب َ‬‫سب َ‬ ‫ح َ‬ ‫حّقا ً وَقَد ْ أ ْ‬ ‫جعَل ََها َرّبي َ‬ ‫َ‬
‫ش بي ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ن ب َي ْن ِببي وَب َي ْب َ‬ ‫طا ُ‬ ‫من ب َعْدِ أن ّنزغَ ال ّ‬ ‫ن ال ْب َد ْوِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ّ‬ ‫جآَء ب ِك ُ ْ‬ ‫وَ َ‬
‫م‬
‫كي ب ُ‬‫ح ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه هُبوَ ال ْعَِليب ُ‬ ‫مببا ي َ َ‬
‫شببآُء إ ِن ّب ُ‬ ‫ف لّ َ‬ ‫طي ٌ‬ ‫ن َرّبي ل َ ِ‬ ‫ي إِ ّ‬ ‫خوَت ِ َ‬ ‫إِ ْ‬
‫يخبر تعالى عن ورود يعقوب عليه السببلم علببى يوسببف‬
‫عليه السلم‪ ,‬وقدومه بلد مصر‪ ,‬لما كان يوسف قد تقببدم‬
‫لخبوته أن يبأتوه ببأهلهم أجمعيبن‪ ,‬فتحملبوا عبن آخرهبم‪,‬‬
‫وترحلببوا مببن بلد كنعببان قاصببدين بلد مصببر‪ ,‬فلمببا أخبببر‬
‫يوسف عليه السلم باقترابهم‪ ,‬خرج لتلقيهببم وأمببر الملببك‬
‫أمراءه وأكابر الناس بالخروج مع يوسف لتلقببي نبببي اللببه‬

‫‪391‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يعقوب عليه السلم‪ ,‬ويقال‪ :‬إن الملك خببرج أيضبا ً لتلقيببه‪,‬‬
‫وهببو الشبببه‪ ,‬وقببد أشببكل قببوله‪} :‬آوى إليببه أبببويه وقببال‬
‫ادخلوا مصر{ على كببثير مببن المفسببرين‪ ,‬فقببال بعضببهم‪:‬‬
‫هببذا مببن المقببدم والمببؤخر‪ ,‬ومعنببى الكلم }وقببال اخلببوا‬
‫مصر إن شاء الله آمنين{ وآوى إليه أبببويه ورفعهمببا علببى‬
‫العرش‪ ,‬ورد ابن جرير هذا‪ ,‬وأجاد في ذلببك‪ ,‬ثببم اختببار مببا‬
‫حكاه عن السدي أن يوسف آوى إليببه أبببويه لمببا تلقاهمببا‪,‬‬
‫ثم لما وصلوا باب البلد قال‪} :‬ادخلوا مصببر إن شبباء اللببه‬
‫آمنين{ وفي هذا نظببر أيضببا‪ ,‬لن اليببواء إنمببا يكببون فببي‬
‫المنزل‪ ,‬كقوله }آوى إليه أخاه{ وفببي الحببديث »مببن آوى‬
‫محدثًا« وما المانع أن يكون قببال لهببم بعببدما دخلببوا عليببه‬
‫وآواهم إليه‪ :‬ادخلوا مصر‪ ,‬وضببمنه اسببكنوا مصببر إن شبباء‬
‫الله آمنين‪ ,‬أي مما كنتم فيه من الجهد والقحط‪ ,‬ويقببال ببب‬
‫واللببه أعلببم بب إن اللببه تعببالى رفببع عببن أهببل مصببر بقيببة‬
‫السنين المجدبة ببركة قدوم يعقوب عليهم‪ ,‬كما رفع بقيببة‬
‫السنين التي دعا بها رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫على أهل مكة حين قال‪» :‬اللهم أعني عليهم بسبع كسبببع‬
‫يوسف« ثم لما تضرعوا إليبه واستشبفعوا لبديه‪ ,‬وأرسبلوا‬
‫أبا سفيان في ذلك‪ ,‬فدعا لهم فرفع عنهم بقية ذلك ببركببة‬
‫دعببببببببببببببببببائه عليببببببببببببببببببه السببببببببببببببببببلم‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬آوى إليه أبويه{ قال السدي وعبد الرحمببن بببن‬
‫زيد بن أسلم‪ :‬إنما كان أباه وخالته‪ ,‬وكانت أمببه قببد مبباتت‬
‫قديمًا‪ .‬وقال محمد بن إسحاق وابن جرير‪ :‬كان أبوه وأمببه‬
‫يعيشان‪ ,‬قال ابن جرير‪ :‬ولم يقببم دليببل علببى مببوت أمببه‪,‬‬
‫وظاهر القبرآن يبدل علبى حياتهبا‪ ,‬وهبذا البذي نصبره هبو‬
‫المنصور الذي يببدل عليببه السببياق‪ .‬وقببوله‪} :‬ورفببع أبببويه‬
‫على العرش{ قال ابن عباس ومجاهد وغيببر واحببد‪ :‬يعنببي‬
‫السببرير‪ ,‬أي أجلسببهما معببه علببى سببريره‪} ,‬وخببروا لببه‬
‫سجدًا{ أي سببجد لببه أبببواه وإخببوته الببباقون‪ .‬وكببانوا أحببد‬
‫ل‪} ,‬وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي مببن قبببل{ أي‬ ‫عشر رج ً‬
‫التي كان قصها على أبيه من قبل‪} ,‬إني رأيت أحببد عشببر‬
‫لية‪ ,‬وقد كان هذا سائغا ً في شرائعهم إذا سببلموا‬ ‫كوكبًا{ ا َ‬

‫‪392‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫على الكبير يسجدون له‪ ,‬ولم يزل هذا جائزا ً من لببدن آدم‬
‫إلى شببريعة عيسببى عليببه السببلم‪ ,‬فحببرم هببذا فببي هببذه‬
‫الملببة‪ ,‬وجعببل السببجود مختصببا ً بجنبباب الببرب سبببحانه‬
‫وتعبببببالى‪ ,‬هبببببذا مضبببببمون قبببببول قتبببببادة وغيبببببره‪.‬‬
‫وفي الحديث أن معاذا ً قببدم الشببام فوجببدهم يسببجدون‬
‫لساقفتهم‪ ,‬فلما رجع سجد لرسول الله صببلى اللببه عليببه‬
‫وسببلم فقببال »مببا هببذا يببا معبباذ ؟« فقببال إنببي رأيتهببم‬
‫يسجدون لساقفتهم‪ ,‬وأنت أحق أن يسجد لببك يببا رسببول‬
‫الله‪ ,‬فقال‪» :‬لو كنت آمببرا ً أحببدا ً أن يسببجد لحببد‪ ,‬لمببرت‬
‫المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها«‪ .‬وفببي حببديث‬
‫آخر‪ :‬أن سلمان لقببي النبببي صبلى اللبه عليببه وسبلم فببي‬
‫بعض طرق المدينة‪ ,‬وكان سببلمان حببديث عهببد بالسببلم‪,‬‬
‫فسجد للنبي صلى الله عليه وسلم فقال‪» :‬ل تسجد لي يا‬
‫سلمان‪ ,‬واسجد للحي البذي ل يمبوت«‪ ,‬والغبرض أن هبذا‬
‫كان جائزا ً في شريعتهم‪ ,‬ولهببذا خببروا لببه سببجدًا‪ ,‬فعنببدها‬
‫قال يوسف‪} :‬يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قببد جعلهببا‬
‫ربي حقًا{ أي هذا مببا آل إليببه المببر‪ ,‬فببإن التأويببل يطلببق‬
‫على ما يصير إليه المر‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬هل ينظرون إل‬
‫تأويله يوم يأتي تأويله{ أي يوم القيامة يببأتيتهم مببا وعببدوا‬
‫بببببببببببببببه مببببببببببببببن خيببببببببببببببر وشببببببببببببببر‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬قد جعلها ربببي حق بًا{ أي صببحيحة صببدقا ً يببذكر‬
‫نعم الله عليه‪} ,‬وقد أحسن بببي إذ أخرجنببي مببن السببجن‬
‫وجاء بكم من البدو{ أي الباديببة‪ .‬قببال ابببن جريببج وغيببره‪:‬‬
‫كانوا أهل بادية وماشية‪ ,‬وقببال‪ :‬كببانوا يسببكنون بالعربببات‬
‫من أرض فلسطين من غور الشببام‪ ,‬قببال‪ :‬وبعببض يقببول‪:‬‬
‫كانوا بالولج من ناحية شعب أسفل مببن حسببمى‪ ,‬وكببانوا‬
‫أصحاب بادية وشاء وإبل‪} ,‬من بعد أن نزع الشيطان بيني‬
‫وبين إخوتي إن ربي لطيببف لمببا يشبباء{ أي إذا أراد أمببرا ً‬
‫قيض له أسبابا ً وقدره ويسره }إنببه هببو العليببم{ بمصببالح‬
‫عباده‪} ,‬الحكيم{ في أقواله وأفعاله وقضببائه وقببدره ومببا‬
‫يختاره ويريده‪ .‬قال أبو عثمان النهدي‪ ,‬عن سببليمان‪ :‬كببان‬
‫بين رؤيا يوسف وتأويلها أربعون سببنة‪ ,‬قببال عبببد اللببه بببن‬

‫‪393‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫شداد‪ :‬وإليها ينتهي أقصى الرؤيببا‪ ,‬رواه ابببن جريببر‪ ,‬وقببال‬
‫أيضًا‪ :‬حدثنا عمببر بببن علببي‪ ,‬حببدثنا عبببد الوهبباب الثقفببي‪,‬‬
‫حدثنا هشببام عببن الحسببن قببال‪ :‬كببان منببذ فببارق يوسببف‬
‫يعقوب إلى أن التقيا ثمانون سنة‪ ,‬لم يفارق الحزن قلبببه‪,‬‬
‫ودموعه تجري على خديه‪ ,‬وما على وجه الرض عبد أحب‬
‫إلبببببببببببببى اللبببببببببببببه مبببببببببببببن يعقبببببببببببببوب‪.‬‬
‫وقال هشببيم‪ ,‬عببن يببونس‪ ,‬عببن الحسببن‪ :‬ثلث وثمببانون‬
‫سنة‪ ,‬وقال مبارك بن فضالة‪ ,‬عن الحسببن‪ :‬ألقببي يوسببف‬
‫في الجبب وهبو اببن سببع عشبرة سبنة‪ ,‬فغباب عبن أبيبه‬
‫ثمانين سنة‪ ,‬وعاش بعد ذلك ثلثبا ً وعشببرين سببنة‪ ,‬فمببات‬
‫وله عشرون ومائة سنة‪ ,‬وقال قتببادة‪ :‬كببان بينهمببا خمببس‬
‫وثلثون سنة‪ .‬وقال محمد بن إسحاق‪ :‬ذكر ب والله أعلببم ب ب‬
‫أن غيبة يوسف عن يعقوب كانت ثماني عشرة سنة‪ ,‬قال‪:‬‬
‫وأهل الكتاب يزعمون أنهببا كببانت أربعيببن سببنة أو نحوهببا‪,‬‬
‫وأن يعقوب عليه السلم بقي مع يوسف بعد أن قدم عليه‬
‫مصر سبع عشببرة سببنة‪ ,‬ثببم قبضببه اللببه إليببه‪ .‬وقببال أبببو‬
‫إسببحاق السبببيعي‪ ,‬عببن أبببي عبيببدة‪ ,‬عببن عبببد اللببه بببن‬
‫مسعود‪ ,‬قال‪ :‬دخل بنو إسرائيل مصر وهببم ثلثببة وسببتون‬
‫إنسانًا‪ ,‬وخرجوا منها وهم ستمائة ألف وسبعون ألفًا‪ ,‬وقال‬
‫أبو إسحاق‪ ,‬عن مسروق‪ :‬دخلوا وهم ثلثمائة وتسعون بين‬
‫رجل وامرأة‪ ,‬فا لله أعلم‪ .‬وقببال موسببى بببن عبيببدة‪ ,‬عببن‬
‫محمد بن كعب القرظي‪ ,‬عن عبد الله بن شداد‪ :‬اجتمع آل‬
‫يعقببوب إلببى يوسببف بمصببر وهببم سببتة وثمببانون إنسببانًا‪:‬‬
‫صغيرهم وكبيرهم‪ ,‬وذكرهببم وأنثبباهم‪ ,‬وخرجببوا منهببا وهبم‬
‫سببببببببببببببببببتمائة ألببببببببببببببببببف ونيببببببببببببببببببف‪.‬‬

‫ْ‬
‫ث‬‫حبباِدي ِ‬ ‫ل ال َ‬ ‫من ت َأِوي ِ‬
‫مت َِني ِ‬ ‫ك وَعَل ّ ْ‬ ‫مل ْ ِ‬
‫ن ال ْ ُ‬ ‫ب قَد ْ آت َي ْت َِني ِ‬
‫م َ‬ ‫** َر ّ‬
‫ت وَل ِي ّببي فِببي البد ّن َُيا َوال َ ِ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫خبَر ِ‬ ‫ض أنب َ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سب َ‬‫َفاط َِر ال ّ‬
‫َ‬
‫سببببببببِلما ً وَأل ْ ِ‬
‫ن‬
‫حي َ‬
‫صببببببببال ِ ِ‬ ‫حْقِنببببببببي ِبال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫َتببببببببوَفِّني ُ‬
‫هذا دعاء من يوسف الصديق‪ ,‬دعا به ربه عز وجببل لمببا‬
‫ن اللببه‬ ‫تمت نعمة الله عليه باجتماعه بأبويه وإخوته‪ ,‬وما م ّ‬

‫‪394‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫به عليه من النبوة والملببك سببأل ربببه عببز وجببل كمببا أتببم‬
‫لخببرة‪ ,‬وأن‬ ‫نعمته عليه في الدنيا أن يستمر بها عليه في ا َ‬
‫يتوفبباه مسببلما ً حيببن يتوفبباه‪ ,‬قبباله الضببحاك‪ :‬وأن يلحقببه‬
‫بالصالحين وهم إخوانه مببن النبببيين والمرسببلين‪ ,‬صببلوات‬
‫اللببه وسببلمه عليهببم أجمعيببن‪ ,‬وهببذا الببدعاء يحتمببل أن‬
‫يوسف عليه السببلم‪ ,‬قبباله عنببد اختصبباره‪ ,‬كمبا ثبببت فببي‬
‫الصحيحين عببن عائشببة رضببي اللببه عنهببا أن رسببول اللببه‬
‫صببلى اللببه عليببه وسببلم جعببل يرفببع أصبببعه عنببد المببوت‬
‫ويقول‪} :‬اللهببم فببي الرفيببق العلببى{ ثلثبًا‪ ,‬ويحتمببل أنبه‬
‫سببأل الوفبباة علببى السببلم واللحبباق بالصببالحين إذا جبباء‬
‫أجله‪ ,‬وانقضى عمره‪ ,‬ل أنه سأله ذلببك منجببزا ً كمببا يقببول‬
‫الداعي لغيره‪ :‬أماتك الله علببى السبلم‪ ,‬ويقببول البداعي‪:‬‬
‫اللهم أحينا مسلمين‪ ,‬وتوفنا مسلمين‪ ,‬وألحقنا بالصببالحين‪,‬‬
‫ويحتمل أنه سأل ذلك منجزًا‪ ,‬وكان ذلك سائغا ً في ملتهم‪,‬‬
‫كما قال قتادة قوله‪} :‬توفني مسلما ً وألحقني بالصالحين{‬
‫لما جمع الله شببمله وأقببر عينببه‪ ,‬وهببو يببومئذ مغمببور فببي‬
‫الببدنيا وملكهببا ونضببارتها‪ ,‬اشببتاق إلببى الصببالحين قبلببه‪.‬‬
‫وكان ابن عباس يقول‪ :‬ما تمنببى نبببي قببط المببوت قبببل‬
‫يوسف عليه السلم‪ ,‬وكذا ذكر ابن جرير والسدي عن ابن‬
‫عباس أنه أول نبي دعا بذلك ‪ ,‬وهببذا يحتمببل أنببه أول مببن‬
‫سأل الوفبباة علببى السببلم‪ ,‬كمببا أن نوحبا ً أول مببن قببال‪:‬‬
‫}رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمن بًا{ ويحتمببل‬
‫أنه أول من سأل إنجاز ذلك‪ ,‬وهو ظاهر سياق قول قتادة‪,‬‬
‫ولكن هذا ل يجوز في شريعتنا‪ .‬قال المام أحمد بن حنبببل‬
‫رحمه الله‪ :‬حدثنا إسماعيل بن إبراهيم‪ ,‬حدثنا عبببد العزيببز‬
‫بن صهيب عن أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬ل يتمنين أحدكم المببوت لضببر نببزل بببه‬
‫فإن كان ول بببد متمنيبا ً المببوت‪ ,‬فليقببل‪ :‬اللهببم أحينببي مببا‬
‫كانت الحياة خيرا ً لي‪ ,‬وتوفني إذا كانت الوفاة خيببرا ً لببي«‬
‫وأخرجبباه فببي الصببحيحين‪ ,‬وعنببدهما »ل يتمنيببن أحببدكم‬
‫الموت لضر نزل به إما محسنا ً فيزداد‪ ,‬وِإما مسببيئا ً فلعلببه‬

‫‪395‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يستعتب‪ ,‬ولكن ليقل‪ :‬اللهم أحيني مببا كبانت الحيبباة خيبرا ً‬
‫لبببببي‪ ,‬وتبببببوفني ِإذا كبببببانت الوفببببباة خيبببببرا ً لبببببي«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبببو المغيببرة‪ ,‬حببدثنا معببان بببن‬
‫رفاعة‪ ,‬حدثني علي بن يزيد عن القاسببم عببن أبببي أمامببة‬
‫قال‪ :‬جلسنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فببذكرنا‬
‫ورققنا‪ ,‬فبكى سعد بن أبي وقاص فأكثر البكاء‪ ,‬وقببال‪ :‬يببا‬
‫ليتني مت‪ ,‬فقال النبي صلى الله عليببه وسببلم‪» :‬يببا سببعد‬
‫أعندي تتمنى الموت ؟« فردد ذلك ثلث مببرات‪ ,‬ثببم قببال‪:‬‬
‫»يا سببعد إن كنببت خلقببت للجنببة‪ ,‬فمببا طببال مببن عمببرك‬
‫وحسن من عملك فهو خير لك« وقال المام أحمد‪ :‬حببدثنا‬
‫حسن‪ ,‬حدثنا ابن لهيعة‪ ,‬حدثنا أبو يببونس‪ ,‬وهببو سببليم بببن‬
‫جبير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليببه وسببلم أنببه‬
‫قال‪» :‬ل يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به ول يدع به من‬
‫قبل أن يأتيه إل أن يكببون قببد وثببق بعملببه‪ ,‬فبِإنه ِإذا مببات‬
‫أحدكم انقطع عنه عمره‪ ,‬وأنببه ل يزيببد المببؤمن عمببره إل‬
‫خيرًا« تفرد به أحمد‪ ,‬وهذا فيما إذا كببان الضببر خاص با ً بببه‪,‬‬
‫وأما ِإذا كان فتنة في الدين فيجوز سؤال الموت‪ ,‬كما قال‬
‫الله تعالى ِإخبارا ً عببن السببحرة لمببا أرادهببم فرعببون عببن‬
‫دينهم وتهددهم بالقتل }قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا ً وتوفنببا‬
‫مسلمين{ وقالت مريم لما أجاءهاالمخاض‪ ,‬وهببو الطلببق‪,‬‬
‫ت قبببل هببذا وكنببت نسببيا ً‬‫إلى جذع النخلببة‪} :‬يببا ليتنببي مب ّ‬
‫منسيًا{ لما علمت من أن الناس يقذفونها بالفاحشة‪ ,‬لنها‬
‫لم تكن ذات زوج‪ ,‬وقد حملببت ووضببعت‪ ,‬وقببد قببالوا‪} :‬يببا‬
‫مريم لقد جئت شيئا ً فريا ً يا أخت هارون ما كان أبوك أمرأ‬
‫مك بغيًا{ فجعل الله لها مببن ذلببك الحببال‬ ‫سوء وما كانت أ ّ‬
‫فرجا ً ومخرجًا‪ ,‬وأنطببق الصبببي فببي المهببد بببأنه عبببد اللبه‬
‫ورسوله‪ ,‬فكان آية عظيمة‪ ,‬ومعجببزة ببباهرة صببلوات اللببه‬
‫وسلمه عليه‪ .‬وفي حببديث معبباذ الببذي رواه المببام أحمببد‬
‫والترمذي في قصة المنام والدعاء الببذي فيببه »وِإذا أردت‬
‫بقبببببوم فتنبببببة فتبببببوفني إليبببببك غيبببببر مفتبببببون«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو سلمة‪ ,‬أنبأنا عبد العزيز بببن‬
‫محمد عن عمرو عن عاصم بن عمر بن قتادة‪ ,‬عن محمود‬

‫‪396‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن لبيد مرفوع با ً أن النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪:‬‬
‫»اثنتببان يكرههمببا ابببن آدم‪ :‬يكببره المببوت والمببوت خيببر‬
‫للمؤمن من الفتببن‪ ,‬ويكببره قلببة المببال وقلببة المببال أقببل‬
‫للحسبباب« فعنببد حلببول الفتببن فببي الببدين يجببوز سببؤال‬
‫الموت‪ ,‬ولهذا قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه فببي‬
‫آخر خلفته لما رأى أن المور ل تجتمع له ول يببزداد المببر‬
‫ِإل شبببدة‪ ,‬فقبببال‪ :‬اللهبببم خبببذني إليبببك‪ ,‬فقبببد سبببئمتهم‬
‫وسئموني‪ .‬وقال البخاري رحمه الله‪ :‬لمببا وقعببت لببه تلببك‬
‫الفتنة وجرى له مع أمير خراسببان مببا جببرى‪ ,‬قببال‪ :‬اللهببم‬
‫توفني ِإليك‪ .‬وفي الحديث »إن الرجل ليمربالقبر ب أي في‬
‫زمان الدجال بب فيقبول‪ :‬يببا ليتنببي مكانبك« لمبا يبرى مبن‬
‫الفتن‪ .‬والزلزل والبلبببل والمببور الهائلببة الببتي هببي فتنببة‬
‫لكل مفتون‪ .‬قال أبو جعفر بن جرير‪ :‬وذكر أن َبني يعقوب‬
‫الذين فعلوا بيوسف ما فعلوا‪ ,‬استغفر لهببم أبببوهم‪ ,‬فتبباب‬
‫اللببببه عليهببببم‪ ,‬وعفببببا عنهببببم‪ ,‬وغفببببر لهببببم ذنببببوبهم‪.‬‬

‫)ذكببببببببببببببر مببببببببببببببن قببببببببببببببال ذلببببببببببببببك(‬


‫حدثنا القاسم‪ ,‬حدثنا الحسين‪ ,‬حببدثني حجبباج عببن صببالح‬
‫المري‪ ,‬عن يزيد الرقاشي‪ ,‬عن أنببس بببن مالببك قببال‪ِ :‬إن‬
‫الله تعالى لما جمع ليعقوب شببمله بعينيببه خل ولببده نجيببا‪,‬‬
‫فقال بعضهم لبعض‪ :‬ألستم قببد علمتببم مببا صببنعتم ؟ ومببا‬
‫لقي منكم الشيخ‪ ,‬وما لقببي منكببم يوسببف ؟ قببالوا‪ :‬بلببى‪.‬‬
‫قال فيغركم عفوهما عنكم‪ ,‬فكيف لكم بربكم ؟ فاسببتقام‬
‫أمرهم على أن أتوا الشيخ‪ ,‬فجلسوا بين يديه ويوسف إلى‬
‫جانب أبيه قاعد‪ ,‬قالوا‪ :‬يا أبانا ِإنا أتيناك لمر لم نأتك لمببر‬
‫مثله قط‪ ,‬ونزل بنا أمر لم ينزل بنا مثله قط حتى حركوه‪,‬‬
‫والنبياء عليهببم السببلم أرحببم البريببة‪ ,‬فقببال‪ :‬مببا لكببم يببا‬
‫بني ؟ قالوا‪ :‬ألست قد علمت ما كان منببا ِإليببك ومببا كببان‬
‫منببا ِإلببى أخينببا يوسببف ؟ قببال‪ :‬بلببى قببالوا‪ :‬أولسببتما قببد‬
‫غفرتما لنا ؟ قال‪ :‬بلببى‪ .‬قببالوا‪ :‬فببإن عفوكمببا ل يغنببي عنببا‬
‫شيئًا‪ِ ,‬إن كان الله لم يعف عنا‪ .‬قال‪ :‬فما تريدون يا بنببي ؟‬
‫قالوا‪ :‬نريد أن تدعو الله لنا‪ ,‬فإذا جبباءك الببوحي مببن اللببه‬

‫‪397‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بأنه قد عفببا عنببا‪ ,‬قببرت أعيننببا‪ ,‬واطمببأنت قلوبنببا‪ ,‬وِإل فل‬
‫قرة عين في الدنيا لنا أبدًا‪ .‬قببال‪ :‬فقببام الشببيخ فاسببتقبل‬
‫القبلببة وقببام يوسببف خلببف أبيببه‪ ,‬وقبباموا خلفهمببا أذلببة‬
‫خاشببعين‪ ,‬قببال‪ :‬فببدعا وأمببن يوسببف‪ ,‬فلببم يجببب فيهببم‬
‫عشرين سنة‪ ,‬قال صببالح المببري يخيفهببم‪ ,‬قببال‪ :‬حببتى ِإذا‬
‫كان على رأس العشرين نزل جبريل عليببه السببلم‪ ,‬علببى‬
‫يعقوب عليه السلم‪ ,‬فقال‪ِ :‬إن الله تعالى قد بعثنببي إليببك‬
‫أبشرك بأنه قد أجاب دعوتك في ولدك وأن الله تعالى قد‬
‫عفا عما صنعوا‪ ,‬وأنه قد اعتقد مواثيقهم مببن بعببدك علببى‬
‫النبوة‪ .‬هذا الثر موقوف عن أنس‪ .‬ويزيد الرقاشي وصالح‬
‫المري ضعيفان جدًا‪ .‬وذكر السدي أن يعقوب عليه السلم‬
‫لمببا حضببره المببوت أوصببى إلببى يوسببف بببأن يببدفن عنببد‬
‫ِإبراهيم وِإسحاق‪ ,‬فلما مببات صبببره وأرسببله إلببى الشببام‪,‬‬
‫فببببببببببدفن عنببببببببببدهما عليهببببببببببم السببببببببببلم‪.‬‬

‫كم َ‬
‫ت ل َبد َي ْهِ ْ‬
‫م إ ِذ ْ‬ ‫كنب َ‬‫مببا ُ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫حيهِ إ ِل َي ْب َ‬ ‫ب ن ُببو ِ‬ ‫ن أن َْبآِء ال ْغَي ْب ِ‬
‫** ذ َل ِ َ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س وَل َب ْ‬
‫و‬ ‫مببآ أك ْث َ َبُر الن ّببا ِ‬ ‫ن * وَ َ‬ ‫مك ُبُرو َ‬ ‫م يَ ْ‬
‫م وَهُ ب ْ‬
‫حرصت بمؤْمنين * وما ت َ‬
‫مَرهُ ب ْ‬ ‫معُ بوَا ْ أ ْ‬
‫ج َ‬‫أ ْ‬
‫ن هُبوَ إ ِل ّ‬ ‫جبرٍ إ ِ ْ‬
‫نأ ْ‬ ‫مب ْ‬ ‫م عَل َي ْهِ ِ‬ ‫سأل ُهُ ْ‬
‫َ َ َ ْ‬ ‫َ َ ْ َ ِ ُ ِ ِ َ‬
‫ن‬
‫مي َ‬ ‫كببببببببببببببببببببببببببببببٌر ل ّل َْعببببببببببببببببببببببببببببببال َ ِ‬ ‫ذِ ْ‬
‫يقول تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم لما قص عليببه‬
‫نبأ ِإخوة يوسف‪ ,‬وكيف رفعه الله عليهم‪ ,‬وجعل له العاقبة‬
‫والنصببر والملببك والحكببم‪ ,‬مببع مببا أرادوا بببه مببن السببوء‬
‫والهلك والعدام‪ ,‬هذا وأمثاله يا محمد من أخبببار الغيببوب‬
‫السابقة }نوحيه ِإليك{ ونعلمك به يا محمببد لمببا فيببه مببن‬
‫العبببرة لببك‪ ,‬والتعبباظ لمببن خالفببك }ومببا كنببت لببديهم{‬
‫حاضرا ً عندهم ول مشبباهدا ً لهببم }ِإذ أجمعببوا أمرهببم{ أي‬
‫على ِإلقائه في الجب }وهم يمكرون{ به‪ ,‬ولكنببا أعلمنبباك‬
‫به وحيا ً ِإليك وِإنبزال ً عليبك‪ ,‬كقبوله‪} :‬ومبا كنبت لبديهم ِإذ‬
‫ليبة‪ ,‬وقببال تعببالى‪} :‬ومببا كنببت بجببانب‬ ‫يلقون أقلمهببم{ ا َ‬
‫لية‪ِ ,‬إلى قوله‪} :‬وما‬ ‫الغربي ِإذ قضينا ِإلى موسى المر{ ا َ‬
‫لية‪ ,‬وقال‪} :‬وما كنت ثاويببا ً‬ ‫كنت بجانب الطور ِإذ نادينا{ ا َ‬

‫‪398‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لية‪ ,‬وقال }ما كببان لببي‬ ‫في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا{ ا َ‬
‫من علم بببالمل العلببى ِإذ يختصببمون * ِإن يببوحى إلببي ِإل‬
‫أنما أنا نذير مبين{ يقول تعالى‪ِ :‬إنه رسوله وِإنه قد أطلعه‬
‫على أنباء ما قد سبق‪ ,‬مما فيببه عبببرة للنبباس ونجبباة لهببم‬
‫في دينهم ودنياهم‪ ,‬ومع هذا مببا آمببن أكببثر النبباس‪ ,‬ولهببذا‬
‫قال‪} :‬وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين{ وقال‪} :‬وِإن‬
‫تطع أكثر من في الرض يضلوك عن سبيل اللببه{ كقببوله‪:‬‬
‫لية وما كان أكثرهم مؤمنين{ ِإلى غير ذلببك‬ ‫}ِإن في ذلك َ‬
‫ليات‪ .‬وقوله‪} :‬وما تسببألهم عليببه مببن أجببر{ أي مببا‬ ‫من ا َ‬
‫تسببألهم يببا محمببد علببى هببذا النصببح والببدعاء ِإلببى الخيببر‬
‫والرشد من أجر‪ ,‬أي من جعالببة ول أجببرة علببى ذلببك‪ ,‬بببل‬
‫تفعلببه ابتغبباء وجببه اللببه ونصببحا ً لخلقببه }ِإن هببو ِإل ذكببر‬
‫للعالمين{ يتببذكرون بببه ويهتببدون وينجببون بببه فببي الببدنيا‬
‫وا َ‬
‫لخبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببرة‪.‬‬

‫ن عَل َي ْهَببا‬ ‫** وك َأ َ‬


‫مبّرو َ‬ ‫ض يَ ُ‬‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫وال‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫وا‬‫َ‬ ‫ما‬
‫َ‬ ‫ب‬ ‫س‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫بي‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ٍ‬ ‫ة‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫بن‬‫ب‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫ين‬‫ّ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫م‬‫م ب ِبباللهِ إ ِل ّ وَهُب ْ‬ ‫ن أك ْث َُرهُب ْ‬ ‫م ُ‬‫مببا ي ُبؤْ ِ‬ ‫ن * وَ َ‬ ‫ضببو َ‬ ‫معْرِ ُ‬ ‫م عَن َْها ُ‬ ‫وَهُ ْ‬
‫ب الل ّبهِ أ َْو‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ذا ِ‬‫ن ع َب َ‬ ‫مب ْ‬ ‫ة ّ‬‫ش بي َ ٌ‬‫غا ِ‬ ‫م َ‬ ‫من ُوَا ْ أن ت َأت ِي َهُ ْ‬‫ن * أفَأ ِ‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫م ْ‬
‫ّ‬
‫ن‬ ‫م ل َ يَ ْ‬ ‫ْ‬
‫شببببببعُُرو َ‬ ‫هبببببب ْ‬ ‫ة وَ ُ‬ ‫ة ب َغَْتبببببب ً‬ ‫سبببببباعَ ُ‬ ‫م ال ّ‬ ‫َتببببببأت ِي َهُ ُ‬
‫يخبر تعالى عن غفلة أكثر الناس عببن التفكببر فببي آيببات‬
‫الله ودلئل توحيده بما خلقه اللببه فببي السببموات والرض‬
‫مببن كببواكب زاهببرات ثببوابت‪ ,‬وسببيارات وأفلك دائرات‪,‬‬
‫والجميع مسخرات‪ ,‬وكم في الرض من قطببع متجبباورات‪,‬‬
‫وحدائق وجنات‪ ,‬وجبال راسيات‪ ,‬وبحبار زاخبرات‪ ,‬وأمبواج‬
‫متلطمببات‪ ,‬وقفببار شاسببعات‪ ,‬وكببم مببن أحيبباء وأمببوات‪,‬‬
‫وحيوان ونبات‪ ,‬وثمرات متشابهة ومختلفات فببي الطعببوم‬
‫والروائح واللوان والصفات‪ ,‬فسبحان الواحد الحد‪ ,‬خببالق‬
‫أنببواع المخلوقببات‪ ,‬المتفببرد بالببدوام والبقبباء والصببمدية‬
‫للسببببببببببماء والصببببببببببفات‪ ,‬وغيببببببببببر ذلببببببببببك‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وما يؤمن أكثرهم بالله إل وهم مشركون{ قال‬
‫ابببن عببباس‪ :‬مببن ِإيمببانهم أنهببم ِإذا قيببل لهببم‪ :‬مببن خلببق‬

‫‪399‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السموات‪ ,‬ومن خلق الرض‪ ,‬ومن خلببق الجبببال ؟ قببالوا‪:‬‬
‫الله‪ ,‬وهم مشركون به‪ .‬وكذا قال مجاهد وعطاء وعكرمببة‬
‫والشببعبي وقتببادة والضببحاك وعبببد الرحمببن بببن زيببد بببن‬
‫أسلم‪ ,‬وفي الصحيحين‪ :‬أن المشركين كببانوا يقولببون فببي‬
‫تلبيتهم‪ :‬لبيك ل شريك لك إل شريك هببو لببك‪ ,‬تملكببه ومببا‬
‫ملببك‪ .‬وفببي صببحيح مسببلم أنهببم كببانوا ِإذا قببالوا‪ :‬لبيببك ل‬
‫شريك لك‪ ,‬قال رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬قببد‬
‫قببد« أي حسببب حسببب‪ ,‬ل تزيببدوا علببى هببذا‪ .‬وقبال اللبه‬
‫تعببالى‪ِ} :‬إن الشببرك لظلببم عظيببم{ وهببذا هببو الشببرك‬
‫العظم يعبد مع الله غيره‪ ,‬كمببا فببي الصببحيحين عببن ابببن‬
‫مسعود قلت‪ :‬يا رسول الله‪ ,‬أي الذنب أعظم ؟ قال‪» :‬أن‬
‫تجعبببببببببل للبببببببببه نبببببببببدا ً وهبببببببببو خلقبببببببببك«‪.‬‬
‫وقال الحسن البصببري فببي قببوله‪} :‬ومببا يببؤمن أكببثرهم‬
‫بالله ِإل وهم مشركون{ قال‪ :‬ذلك المنافق يعمل ِإذا عمل‬
‫رياء الناس‪ ,‬وهو مشببرك بعملببه ذلببك يعنببي قببوله تعببالى‪:‬‬
‫}ِإن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وِإذا قاموا إلببى‬
‫الصلة قاموا كسالى يببراءون النبباس ول يببذكرون اللببه ِإل‬
‫م شرك آخر خفي ل يشعر بببه غالببا ً فبباعله‪ ,‬كمببا‬ ‫قليل{ وث ّ‬
‫روى حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عببن عببروة‬
‫قال‪ :‬دخل حذيفة علببى مريببض فببرأى فببي عضببده سببيرا ً‬
‫فقطعه ب أو انتزعه ب ثم قال }وما يببؤمن أكببثرهم بببالله إل‬
‫وهم مشركون{ وفي الحديث »من حلببف بغيببر اللببه فقببد‬
‫أشرك« رواه الترمذي وحسنه من رواية ابببن عمببر‪ ,‬وفببي‬
‫الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود وغيره عببن ابببن سببعود‬
‫رضي الله عنببه قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬إن الرقى والتمببائم والتولببة شببرك«‪ ,‬وفببي لفبظ‬
‫لهما »الطيرة شرك وما منا إل ولكن الله يذهبه بالتوكببل«‬
‫ورواه المببام أحمببد بأبسببط مببن هببذا فقببال‪ :‬حببدثنا أبببو‬
‫معاوية‪ ,‬حدثنا العمببش عببن عمببرو بببن مببرة‪ ,‬عببن يحيببى‬
‫الجزار عن ابن أخي زينب‪ ,‬عن زينب امرأة عبببد اللببه بببن‬
‫مسعود قالت‪ :‬كان عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهى إلببى‬
‫الباب تنحنح وبزق كراهة أن يهجم منببا علببى أمببر يكرهببه‪,‬‬

‫‪400‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قالت‪ :‬وإنه جاء ذات يوم فتنحنح وعندي عجوز ترقيني من‬
‫الحمرة فأدخلتها تحت السرير‪ ,‬قالت‪ :‬فدخل فجلببس إلببى‬
‫جانبي‪ ,‬فرأى فببي عنقببي خيط با ً فقببال‪ :‬مببا هببذا الخيببط ؟‬
‫قالت‪ :‬قلت‪ :‬خيط رقي لي فيه‪ ,‬فأخذه فقطعببه ثببم قببال‪:‬‬
‫ِإن آل عبد الله لغنياء عن الشببرك‪ ,‬سببمعت رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول‪ِ» :‬إن الرقى والتمببائم والتولببة‬
‫شرك« قالت‪ :‬قلت لببه‪ :‬لببم تقببول هببذا وقببد كببانت عينببي‬
‫تقذف‪ ,‬فكنت أختلف إلى فلن اليهببودي يرقيهببا‪ ,‬فكببان إذا‬
‫رقاها سكنت‪ ,‬فقال إنما ذاك من الشببيطان كببان ينخسببها‬
‫بيده‪ ,‬فإذا رقاها كف عنها‪ ,‬إنما كان يكفيك أن تقببولي كمببا‬
‫قال النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬أذهببب الببباس‪ ,‬رب‬
‫الناس‪ ,‬اشف وأنت الشافي‪ ,‬ل شفاء إل شببفاؤك شببفاء ل‬
‫يغببببببببببببببببببببببببببببببادر سببببببببببببببببببببببببببببببقمًا«‪.‬‬
‫وفي حديث آخر رواه المام أحمببد عببن وكيببع‪ ,‬عببن ابببن‬
‫أبي ليلى‪ ,‬عن عيسى بن عبد الرحمببن قببال‪ :‬دخلببت علببى‬
‫عبد الله بن عكيم وهو مريض نعوده‪ ,‬فقيل له‪ ,‬لو تعلقببت‬
‫شيئًا‪ ,‬فقال‪ :‬أتعلق شيئا ً وقد قال رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪» :‬من تعلق شببيئا ً وكببل ِإليببه« ورواه النسببائي‬
‫عن أبي هريرة‪ ,‬وفي مسند المام أحمد من حببديث عقبببة‬
‫بن عامر قال‪ :‬قال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪:‬‬
‫»من علق تميمة فقببد أشببرك«‪ ,‬وفببي روايببة »مببن تعلببق‬
‫تميمة فل أتم الله له‪ ,‬ومن تعلق ودعة فل ودع اللببه لببه«‪,‬‬
‫وعن العلء عن أبيه‪ ,‬عن أبي هريرة رضي الله عنببه قببال‪:‬‬
‫سمعت رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم يقببول‪» :‬قببال‬
‫الله‪ :‬أنا أغنى الشركاء عن الشرك‪ ,‬من عمل عمل ً أشببرك‬
‫فيببببه معببببي غيببببري تركتببببه وشببببركه« رواه مسببببلم‪.‬‬
‫وعن أبي سعيد بن أبي فضالة قال‪ :‬سمعت رسول اللببه‬
‫صببلى اللببه عليببه وسببلم يقببول‪» :‬إذا جمببع اللببه الوليببن‬
‫لخرين ليوم ل ريب فيه ينادي مناد‪ :‬من كان أشرك فببي‬ ‫وا َ‬
‫عمل عمله لله‪ ,‬فليطلب ثوابه من عند غير الله‪ ,‬فإن اللببه‬
‫أغنى الشركاء عن الشرك« رواه المام أحمد وقال أحمد‪:‬‬
‫حدثنا يونس حدثنا ليث عن يزيببد يعنببي ابببن الهببادي‪ ,‬عببن‬

‫‪401‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عمرو‪ ,‬عن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليببه‬
‫وسلم قال‪» :‬إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الصببغر«‬
‫قالوا‪ :‬وما الشرك الصغر يا رسول اللببه ؟ قببال‪» :‬الريبباء‪,‬‬
‫يقول الله تعالى يوم القيامببة إذا جببازى النبباس بأعمببالهم‪:‬‬
‫اذهبوا الى الببذين كنتببم تببراءون فببي الببدنيا فببانظروا هببل‬
‫تجدون عندهم جزاًء ؟« وقد رواه إسماعيل بن جعفر عببن‬
‫عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب‪ ,‬عن عاصببم بببن عمببر‬
‫بن قتادة عن محمود بن لبيد به‪ .‬وقال المام أحمد‪ :‬حببدثنا‬
‫حسن‪ ,‬أنبأنببا ابببن لهيعببة‪ ,‬أنبأنببا ابببن هبببيرة عببن أبببي عبببد‬
‫الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قببال‪ :‬قببال رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬من ردته الطيرة عببن حبباجته‬
‫فقد أشرك« قالوا‪ :‬يا رسول الله‪ ,‬ما كفببارة ذلببك ؟ قببال‪:‬‬
‫»أن يقببول أحببدهم‪ :‬اللهببم ل خيببر ِإل خيببرك‪ ,‬ول طيببر ِإل‬
‫طيببببببببببببببببرك‪ ,‬ول ِإلببببببببببببببببه غيببببببببببببببببرك«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد اللببه بببن نميببر‪ ,‬حببدثنا عبببد‬
‫الملك بن أبي سليمان العرزمي عن أبي علي ب رجببل مببن‬
‫بني كاهل ب قال‪ :‬خطبنا أبو موسى الشعري فقال‪ :‬يا أيهببا‬
‫الناس اتقوا هبذا الشببرك‪ ,‬فبإنه أخفببى مببن دبيببب النمببل‪.‬‬
‫فقام عبد الله بن حزن وقيس بن المضببارب فقببال‪ :‬واللببه‬
‫لتخرجن مما قلت‪ ,‬أو لنأتين عمر مأذونا لنا أو غير مأوذن‪.‬‬
‫قال‪ :‬بل أخرج مما قلببت‪ ,‬خطبنببا رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسببلم ذات يببوم فقببال‪» :‬يببا أيهببا النبباس اتقببوا هببذا‬
‫الشرك‪ ,‬فإنه أخفى من دبيب النمل« فقببال لببه مببن شبباء‬
‫الله أن يقول‪ :‬فكيف نتقيه وهو أخفى من دبيببب النمببل يببا‬
‫رسول اللببه ؟ قببال‪» :‬قولببوا‪ :‬اللهببم إنببا نعببوذ ببك مببن أن‬
‫نشرك بك شببيئا ً نعلمببه‪ ,‬ونسببتغفرك لمببا ل نعلمببه«‪ .‬وقببد‬
‫روي من وجه آخر‪ ,‬وفيه أن السائل في ذلك هو الصببديق‪,‬‬
‫كمببا رواه الحببافظ أبببو يعلببى الموصببلي مببن حببديث عبببد‬
‫العزيز بن مسلم‪ ,‬عن ليث بن أبي سليم‪ ,‬عن أبي محمببد‪,‬‬
‫عن معقل بن يسار‪ ,‬قال‪ :‬شهدت النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم أو قال‪ :‬حدثني أبببو بكببر الصببديق عببن رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه قال‪» :‬الشرك أخفى فيكببم مببن‬

‫‪402‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫دبيب النمل«‪ ,‬فقال أبو بكر‪ :‬وهل الشرك ِإل من دعببا مببع‬
‫الله ِإلها ً آخر ؟ فقال رسول الله صبلى اللبه عليببه وسبلم‪:‬‬
‫»الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل« ثم قال‪» :‬أل أدلك‬
‫على ما يذهب عنك صغير ذلك وكبببيره ؟ قببل‪ :‬اللهببم ِإنببي‬
‫أعببوذ بببك أن أشببرك بببك وأنببا أعلببم‪ ,‬وأسببتغفرك ممببا ل‬
‫أعلبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم«‪.‬‬
‫وقد رواه الحببافظ أبببو القاسببم البغببوي عببن شببيبان بببن‬
‫فروخ‪ ,‬عن يحيى بن كثير‪ ,‬عن الثوري‪ ,‬عببن إسببماعيل بببن‬
‫أبي خالد‪ ,‬عن قيس بن أبي حازم‪ ,‬عن أبي بكببر الصببديق‪,‬‬
‫قال‪ :‬قال رسول اللبه صبلى اللبه عليبه وسببلم‪» :‬الشببرك‬
‫أخفى في أمتي من دبيب النمل على الصفا« قببال‪ :‬فقببال‬
‫أبو بكر‪ :‬يا رسول الله‪ ,‬فكيف النجاة والمخرج من ذلببك ؟‬
‫فقال‪» :‬أل أخبرك بشيء ِإذا قلته برئت من قليلببه وكببثيره‬
‫وصغيره وكبيره ؟« قال‪ :‬بلى يا رسول اللببه‪ .‬قببال‪» :‬قببل‪:‬‬
‫اللهم ِإني أعوذ بك أن أشرك بببك وأنببا أعلببم‪ ,‬وأسببتغفرك‬
‫لما ل أعلم«‪ .‬قال الدارقطني‪ :‬يحيى بن كثير هذا‪ ,‬يقال له‬
‫أبو النضر‪ ,‬متروك الحببديث‪ ,‬وقببد روى المببام أحمببد وأبببو‬
‫داود والترمذي وصببححه والنسببائي مببن حببديث يعلببى بببن‬
‫عطاء‪ ,‬سمعت عمرو بن عاصم‪ ,‬سمعت أبببا هريببرة قببال‪:‬‬
‫قال أبببو بكببر الصببديق رضببي اللببه عنببه‪ :‬يببا رسببول اللببه‪,‬‬
‫علمني شيئا ً أقببوله ِإذا أصبببحت وِإذا أمسببيت‪ ,‬وِإذا أخببذت‬
‫مضببجعي‪ ,‬قببال‪» :‬قببل‪ :‬اللهببم فبباطر السببموات والرض‪,‬‬
‫عالم الغيب والشهادة‪ ,‬رب كل شيء ومليكه‪ ,‬أشببهد أن ل‬
‫إله ِإل أنت‪ ,‬أعوذ بك من شر نفسي ومببن شببر الشببيطان‬
‫وشركه«‪ ,‬رواه أبببو داود والنسببائي وصببححه‪ ,‬وزاد المببام‬
‫أحمد في رواية له‪ :‬مببن حببديث ليببث بببن أبببي سببليم عببن‬
‫مجاهد‪ ,‬عن أبي بكببر الصببديق‪ ,‬قببال‪ :‬أمرنببي رسببول اللبه‬
‫صلى الله عليه وسلم أن أقببول بب فببذكر هببذا الببدعاء وزاد‬
‫في آخره ب »وأن أقترف على نفسي سببوءا ً أو أجببره ِإلببى‬
‫مسبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببلم«‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب للببه{ ا َ‬
‫ليببة‪,‬‬
‫أي أفأمن هؤلء المشركون بالله أن يببأتيهم أمببر يغشبباهم‬

‫‪403‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مببن حيببث ل يشببعرون‪ ,‬كمببا قببال تعببالى‪} :‬أفببأمن الببذين‬
‫مكببروا السببيئات أن يخسببف اللببه بهببم الرض أو يببأتيهم‬
‫العذاب من حيث ل يشعرون * أو يأخذهم في تقلبهم فمببا‬
‫هم بمعجزين * أو يأخذهم على تخوف فإن ربكببم لببرؤوف‬
‫رحيم{‪ .‬وقوله‪} :‬أفأمن أهل القرى أن يببأتيهم بأسببنا بياتبا ً‬
‫وهم نائمون * أو أمن أهل القرى أن يببأتيهم بأسببنا ضببحى‬
‫وهبم يلعبببون * أفبأمنوا مكببر اللبه فل يببأمن مكبر اللبه ِإل‬
‫القبببببببببببببببببببببببببببوم الخاسبببببببببببببببببببببببببببرون{‪.‬‬

‫َ‬ ‫ي أ َد ْ ُ َ‬
‫ن‬‫مب ِ‬ ‫صببيَرةٍ أن َبا ْ وَ َ‬ ‫ى بَ ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ى اللبهَِ عَلب َ‬ ‫عو إ ِل َ‬ ‫سِبيل ِ َ‬‫هـذِهِ َ‬ ‫** قُ ْ‬
‫ل َ‬
‫ن‬
‫كي َ‬ ‫شبببرِ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫مبببآ أَنبببا ْ ِ‬
‫مببب َ‬ ‫ن الّلبببهِ وَ َ‬
‫حا َ‬ ‫سبببب ْ َ‬
‫ات ّب َعَِنبببي وَ ُ‬
‫يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين‪:‬‬
‫النس والجن‪ ,‬آمرا ً له أن يخبر النبباس أن هببذه سبببيله أي‬
‫طريقته ومسلكه وسنته‪ ,‬وهببي الببدعوة إلببى شببهادة أن ل‬
‫ِإله ِإل الله وحده ل شببريك لببه‪ ,‬يببدعو إلببى اللببه بهببا علببى‬
‫بصيرة من ذلك ويقين وبرهان هو وكل من اتبعه يدعو إلى‬
‫ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم على بصببيرة‬
‫ويقين وبرهان عقلي وشرعي‪ .‬وقوله‪} :‬وسبحان الله{ أي‬
‫وأنزه الله وأجله وأعظمه وأقدسه عن أن يكون له شريك‬
‫أو نظير أو عديل أو نديد أو ولد أو والد أو صباحبة أو وزيبر‬
‫أو مشير‪ ,‬تبارك وتقدس وتنزه وتعالى عن ذلك كلببه علببوا ً‬
‫كبيرًا‪} ,‬تسبح له السموات السبع والرض ومن فيهببن وإن‬
‫من شيء ِإل يسبح بحمده ولكن ل تفقهببون تسبببيحهم ِإنببه‬
‫كببببببببببببببببببان حليمببببببببببببببببببا ً غفببببببببببببببببببورًا{‪.‬‬

‫حي إل َيهبم مب َ‬ ‫َ‬


‫ل‬ ‫جببال ً ن ّببو ِ َ ِ ْ ِ ْ ّ ْ‬
‫ن أه ْ ب ِ‬ ‫ك إ ِل ّ رِ َ‬ ‫من قَب ْل ِب َ‬ ‫سل َْنا ِ‬ ‫مآ أْر َ‬ ‫** وَ َ‬
‫ض فََينظ ُُروا ْ ك َي ْب َ‬ ‫سيُروا ْ ِفي الْر‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫عاقِب َب ُ‬‫ن َ‬‫ف ك َببا َ‬ ‫ِ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫ال ُْقَرىَ أفَل َ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ن ات َّقوا ْ أفَل َ ت َعِْقُلو َ‬‫ذي َ‬ ‫خي ٌْر ل ّل ّ ِ‬
‫خَرةِ َ‬ ‫داُر ال َ ِ‬ ‫م وَل َ َ‬‫من قَب ْل ِهِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬‫ال ّ ِ‬
‫يخبر تعالى أنببه إنمببا أرسببل رسببله مببن الرجببال ل مببن‬
‫النساء‪ ,‬وهذا قببول جمهببور العلمبباء‪ ,‬كمببا دل عليببه سببياق‬
‫لية الكريمة أن الله تعالى لببم يببوح ِإلببى امببرأة مببن‬ ‫هذه ا َ‬

‫‪404‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بنات بني آدم وحي تشريع‪ .‬وزعم بعضهم أن سارة امببرأة‬
‫الخليل وأم موسى ومريم بنت عمببران أم عيسببى نبيببات‪,‬‬
‫واحتجوا بببأن الملئكببة بشببرت سببارة بإسببحاق ومببن وراء‬
‫م موسببى أن‬ ‫إسببحاق يعقببوب‪ ,‬وبقببوله‪} :‬وأوحينببا ِإلببى أ ّ‬
‫لية‪ ,‬وبأن الملك جاء إلى مريم فبشرها بعيسى‬ ‫أرضعيه{ ا َ‬
‫عليه السلم‪ ,‬وبقوله تعالى‪} :‬إذ قالت الملئكببة يببا مريببم‪,‬‬
‫ِإن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نسبباء العببالمين‬
‫* يا مريم اقنتي لربك واسببجدي واركعببي مببع الراكعيببن{‪,‬‬
‫وهذا القدر حاصل لهببن‪ ,‬ولكببن ل يلببزم مببن هببذا أن يكببن‬
‫نبيببات بببذلك‪ ,‬فببإن أراد القببائل بنبببوتهن هببذا القببدر مببن‬
‫التشريف‪ ,‬فهذا ل شك فيه‪ ,‬ويبقى الكلم معه في أن هببذا‬
‫هل يكفي في النتظام فببي سببلك النبببوة بمجببرده أم ل ؟‬
‫الذي عليه أهل السنة والجماعة‪ ,‬وهو الذي نقله الشيخ أبو‬
‫الحسن علي بن إسماعيل الشعري عنهببم أنببه ليببس فببي‬
‫النساء نبية‪ ,‬وإنما فيهن صديقات‪ ,‬كما قببال تعببالى مخبببرا ً‬
‫عن أشرفهن مريم بنببت عمببران حيببث قببال تعببالى‪} :‬مببا‬
‫المسيح ابن مريم ِإل رسببول قببد خلببت مببن قبلببه الرسببل‬
‫وأمه صديقة كانببا يببأكلن الطعببام{ فوصببفها فببي أشببرف‬
‫مقاماتها بالصديقية‪ ,‬فلو كانت نبيببة لببذكر ذلببك فببي مقببام‬
‫ديقة بنبببص القبببرآن‪.‬‬ ‫التشبببريف والعظبببام‪ ,‬فهبببي صببب ّ‬
‫وقال الضحاك عن ابن عببباس فببي قببوله‪} :‬ومببا أرسببلنا‬
‫لية‪ ,‬أي ليسوا من أهل السببماء كمببا‬ ‫ل{ ا َ‬
‫من قبلك ِإل رجا ً‬
‫قلتم‪ ,‬وهذا القببول مببن ابببن عببباس يعتضببد بقببوله تعببالى‪:‬‬
‫}وما أرسلنا قبلك من المرسلين ِإل ِإنهم ليأكلون الطعببام‬
‫لية‪ ,‬وقوله تعالى‪} :‬وما جعلناهم‬ ‫ويمشون في السواق{ ا َ‬
‫جسدا ً ل يأكلون الطعام وما كانوا خالدين * ثببم صببدقناهم‬
‫الوعد فأنجيناهم ومن نشبباء وأهلكنببا المسببرفين{‪ .‬وقببوله‬
‫لية‪ .‬وقوله‪} :‬من‬ ‫تعالى‪} :‬قل ما كنت بدعا ً من الرسل{ ا َ‬
‫أهببل القببرى{ المببراد بببالقرى المببدن ل أنهببم مببن أهببل‬
‫البوادي الذين هم من أجفى الناس طباع با ً وأخلق بًا‪ ,‬وهببذا‬
‫هو المعهود المعروف أن أهل المببدن أرق طباعبا ً وألطببف‬
‫من أهل سوادهم‪ ,‬وأهل الريف والسببواد أقببرب حببال ً مببن‬

‫‪405‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الذين يسكنون في البوادي‪ ,‬ولهذا قببال تعببالى‪} :‬العببراب‬
‫لية‪ .‬وقال قتادة في قببوله }مببن أهببل‬ ‫أشد ّ كفرا ً ونفاقًا{ ا َ‬
‫القرى{ لنهم أعلم وأحلم من أهل العمور‪ .‬وفببي الحببديث‬
‫لخر أن رجل ً من العراب أهدى لرسول اللببه صببلى اللببه‬ ‫ا َ‬
‫عليه وسلم ناقة فلم يزل يعطيه ويزيده حتى رضي‪ ,‬فقال‬
‫رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسبلم‪» :‬لقببد هممببت أن ل‬
‫أتهب هبة ِإل من قرشي أو أنصاري أو ثقفببي أو دوسببي«‪.‬‬
‫وقببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا حجبباج‪ ,‬حببدثنا شببعبة عببن‬
‫العمش عن يحيى بن وثاب‪ ,‬عن شيخ من أصحاب رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قببال العمببش‪ :‬هببو ابببن عمببر‪,‬‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪» :‬المببؤمن الببذي‬
‫يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي ل يخالطهم‬
‫ول يصبر على أذاهم‪ .‬وقوله‪} :‬أفلبم يسبيروا فبي الرض{‬
‫يعني هؤلء المكذبين لك يببا محمببد فببي الرض }فينظببروا‬
‫كيف كان عاقبة الذين من قبلهم{ أي مبن المبم المكذببة‬
‫للرسل‪ ,‬كيف دمر الله عليهم وللكببافرين أمثالهببا‪ ,‬كقببوله‪:‬‬
‫}أفلم يسيروا في الرض فتكون لهم قلوب يعقلببون بهببا{‬
‫لية‪ ,‬فإذا استمعوا خبر ذلك رأوا أنالله قد أهلك الكببافرين‬ ‫ا َ‬
‫ونجى المؤمنين‪ ,‬وهذه كانت سنته تعالى في خلقه‪ ,‬ولهببذا‬
‫لخرة خير للذين اتقوا{ أي وكما نجينا‬ ‫قال تعالى‪} :‬ولدار ا َ‬
‫المببؤمنين فببي الببدنيا كببذلك كتبنببا لهببم النجبباة فببي الببدار‬
‫لخرة وهي خير لهم من الدنيا بكثير‪ ,‬كقوله‪} :‬إنببا لننصببر‬ ‫ا َ‬
‫رسلنا والذين آمنوا في الحياة الببدنيا ويببوم يقببوم الشببهاد‬
‫يوم ل ينفع الظببالمين معببذرتهم ولهببم اللعنببة ولهببم سببوء‬
‫لخببرة{‬ ‫لخرة‪ ,‬فقببال‪} :‬ولببدار ا َ‬ ‫الدار{ وأضاف الدار إلى ا َ‬
‫كما يقال‪ :‬صلة الولى ومسجد الجامع‪ ,‬وعام أول‪ ,‬وبارحة‬
‫الولببببببى‪ ,‬ويببببببوم الخميببببببس‪ .‬وقببببببال الشبببببباعر‪:‬‬
‫أتمببدح فقعسببا ً وتببذم عبسببًاأل للببه أمببك مببن هجيببن‬
‫ولو أقببوت عليببك ديببار عبسببعرفت الببذل عرفببان اليقيببن‬
‫َ‬ ‫ذا استيأ َ‬
‫م‬
‫جببآَءهُ ْ‬‫م قَد ْ ك ُبذُِبوا ْ َ‬ ‫ل وَظ َن ّوَا ْ أن ّهُ ْ‬‫س ُ‬ ‫س الّر ُ‬
‫َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ى إِ َ‬ ‫حت ّ َ‬
‫** َ‬
‫ْ‬
‫ن‬
‫مي َ‬‫جرِ ِ‬ ‫ن ال َْقوْم ِ ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫سَنا عَ ِ‬ ‫شآُء وَل َ ي َُرد ّ ب َأ ُ‬ ‫من ن ّ َ‬ ‫ي َ‬
‫ج َ‬‫صُرَنا فَن ُ ّ‬
‫نَ ْ‬

‫‪406‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يذكر تعببالى أن نصببره ينببزل علببى رسببله صببلوات اللببه‬
‫وسلمه عليهم أجمعين عنببد ضببيق الحببال وانتظببار الفببرج‬
‫من الله في أحوج الوقات إليبه‪ ,‬كقبوله تعبالى‪} :‬وزلزلبوا‬
‫حتى يقول الرسول والببذين آمنببوا معببه مببتى نصببر اللببه{‬
‫لية‪ ,‬وفي قوله‪} :‬كذبوا{ قراءتان إحببداهما بالتشببديد قببد‬ ‫ا َ‬
‫كذبوا‪ ,‬وكذلك كانت عائشة رضي الله عنهببا تقرؤهببا‪ ,‬قببال‬
‫البخاري‪ :‬حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حببدثنا إبراهيببم بببن‬
‫سعد عن صالح عن اببن شبهاب قبال‪ :‬أخببرني عبروة ببن‬
‫الزبير عن عائشة أنها قالت له وهو يسألها عن قببول اللببه‬
‫تعالى‪} :‬حتى إذا استيأس الرسل{ قال‪ :‬قلببت‪ :‬أكببذبوا أم‬
‫كذبوا ؟ قالت عائشة كذبوا‪ .‬قلت فقد استيقنوا أن قومهم‬
‫قد كببذبوهم فمبا هبو بببالظن ؟‪ :‬قبالت‪ :‬أجبل لعمبري لقبد‬
‫استيقنوا بذلك‪ ,‬فقلت لها‪} :‬وظنوا أنهم قد كببذبوا{ قببالت‬
‫معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك بربها قلببت‪ :‬فمببا هببذه‬
‫ليببة ؟ قببالت‪ :‬هببم أتببباع الرسببل الببذين آمنببوا بربهببم‬ ‫ا َ‬
‫وصببدقوهم‪ ,‬فطببال عليهببم البلء‪ ,‬واسببتأخر عنهببم النصببر‬
‫}حببتى إذا اسببتيأس الرسببل{ ممببن كببذبهم مببن قببومهم‪,‬‬
‫وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم‪ ,‬جاء نصر اللببه عنببد‬
‫ذلك‪ ,‬حببدثنا أبببو اليمببان‪ ,‬أنبأنببا شببعبة عببن الزهببري قببال‪:‬‬
‫أخبرنا عروة فقلت لها‪ :‬لعلها قببد كببذبوا مخففببة ؟ قببالت‪:‬‬
‫معببببببببباذ اللبببببببببه‪ .‬انتهبببببببببى مبببببببببا ذكبببببببببره‪.‬‬
‫وقال ابن جريج‪ :‬أخبرني ابن أبببي مليكببة أن ابببن عببباس‬
‫قرأها }وظنوا أنهم قد كذبوا{ خفيفة‪ .‬قببال عبببد اللببه هببو‬
‫ابن أبي مليكة ثم قال لي ابن عباس‪ :‬كببانوا بشببرًا‪ ,‬ثببم تل‬
‫}حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصببر اللببه أل‬
‫إن نصر الله قريب{ قال ابن جريببج‪ :‬وقببال لببي ابببن أبببي‬
‫مليكة‪ ,‬وأخبرني عروة عن عائشة أنها خالفت ذلببك وأبتببه‪,‬‬
‫وقالت‪ :‬ما وعد الله محمببدا ً صببلى اللببه عليببه وسببلم مببن‬
‫شيء إل قد علم أنه سيكون حببتى مببات‪ ,‬ولكنببه لببم يببزل‬
‫البلء بالرسل حتى ظنوا أن من معهببم مببن المببؤمنين قببد‬
‫كذبوهم‪ .‬قببال ابببن أبببي مليكببة فببي حببديث عببروة‪ ,‬كببانت‬
‫عائشببة تقرؤهببا }وظنببوا أنهببم قببد كببذبوا{ مثقلببة مببن‬

‫‪407‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫التكذيب‪ .‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬أنبأنا يونس بن عبببد العلببى‬
‫قراءة‪ ,‬أنبأنا ابن وهب‪ ,‬أخبرني سليمان بن بلل عن يحيى‬
‫بن سعيد قال‪ :‬جاء إنسان إلى القاسببم بببن محمببد فقببال‪:‬‬
‫ليببة }حببتى إذا‬ ‫إن محمببد بببن كعببب القرظببي قببرأ هببذه ا َ‬
‫استيأس الرسل وظنببوا أنهببم قببد كببذبوا{ فقببال القاسببم‪:‬‬
‫أخبره عني أني سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليببه‬
‫وسلم تقول‪} :‬حتى إذا استيأس الرسببل وظنببوا أنهببم قببد‬
‫كبببذبوا{ تقببول‪ :‬كبببذبهم أتببباعهم إسبببناد صبببحيح أيضبببًا‪.‬‬
‫والقراءة الثانية بالتخفيف‪ ,‬واختلفوا في تفسيرها‪ ,‬فقببال‬
‫ابن عباس ما تقدم‪ .‬وعن ابببن مسببعود فيمببا رواه سببفيان‬
‫الثوري عن العمش‪ ,‬عن أبي الضحى‪ ,‬عن مسببروق‪ ,‬عببن‬
‫عبد الله أنه قرأ }حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد‬
‫كذبوا{ محففة‪ ,‬قال عبد الله‪ :‬هو الببذي تكببره‪ ,‬وهببذا عببن‬
‫ابن عباس وابن مسببعود رضببي اللببه عنهمببا‪ ,‬مخببالف لمببا‬
‫رواه آخرون عنهما‪ .‬أما ابن عببباس‪ ,‬فببروى العمببش عببن‬
‫مسببلم عببن ابببن عببباس فببي قببوله‪} :‬حببتى إذا اسببتيأس‬
‫الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا{ قال‪ :‬لماأيسببت الرسببل أن‬
‫يستجيب لهم قومهم وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم‪,‬‬
‫جاءهم النصر على ذلك }فنجي من نشاء{ وكذا روي عببن‬
‫سعيد بن جبير وعمران بن الحارث السلمي وعبد الرحمن‬
‫بن معاوية وعلي بن أبي طلحة والعوفي عببن ابببن عببباس‬
‫بمثلبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثني المثنى‪ ,‬حدثنا عارم أبببو النعمببان‬
‫حدثنا حماد بن زيد‪ ,‬حدثنا شعيب‪ ,‬حببدثنا إبراهيببم بببن أبببي‬
‫حّرة الجزري قال‪ :‬سأل فتى من قريببش سببعيد بببن جبببير‬
‫فقال له‪ :‬يا أبا عبد الله كيف هذا الحببرف‪ ,‬فببإني إذا أتيببت‬
‫عليه تمنيت أن ل أقببرأ هببذه السببورة }حببتى إذا اسببتيأس‬
‫الرسببل وظنببوا أنهببم قببد كببذبوا{ ؟ قببال‪ :‬نعببم حببتى إذا‬
‫استيأس الرسل من قومهم أن يصدقوهم‪ ,‬وظن المرسببل‬
‫إليهم أن الرسل قد كذبوا‪ ,‬فقال الضحاك بببن مزاحببم‪ :‬مببا‬
‫رأيت كاليوم قط رجل ً يدعى إلى علم فيتلكببأ‪ ,‬ولببو رحلببت‬
‫ل‪ ,‬ثم روى ابن جرير أيضا ً مببن‬ ‫إلى اليمن في هذه كان قلي ً‬

‫‪408‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وجه آخر أن مسلم بببن يسببار سببأل سببعيد بببن جبببير عببن‬
‫ذلك‪ ,‬فأجابه بهذا الجواب‪ ,‬فقام إلى سعيد فاعتنقه وقببال‪:‬‬
‫فرج الله عنك كما فرجت عني‪ ,‬وهكذا روي من غير وجببه‬
‫عن سعيد بن جبير أنه فسرها كذلك‪ ,‬وكذا فسرها مجاهببد‬
‫بن جبر وغيبر واحبد مبن السبلف حبتى إن مجاهبدا ً قرأهبا‬
‫}وظنوا أنهم قد كذبوا{ بفتح الذال‪ .‬رواه ابن جريببر إل أن‬
‫بعض من فسرها كذلك يعيببد الضببمير فببي قببوله }وظنببوا‬
‫أنهم قد كذبوا{ إلى أتببباع الرسببل مببن المببؤمنين‪ ,‬ومنهببم‬
‫من يعيده إلى الكافرين منهم‪ ,‬أي وظن الكفار أن الرسببل‬
‫قد كببذبوا مخففببة فيمببا وعببدوا بببه مببن النصببر‪ .‬وأمببا ابببن‬
‫مسعود‪ ,‬فقال ابن جرير‪ :‬حببدثنا القاسببم‪ ,‬حببدثنا الحسببين‪,‬‬
‫حدثنا محمد بن فضبيل عبن جحبش ببن زيباد الضببي عبن‬
‫ذلم قال‪ :‬سمعت عبد الله بن مسعود يقول في‬ ‫ح ْ‬‫تميم بن َ‬
‫لية }حتى إذا استيأس الرسل{ مببن إيمببان قببومهم‬ ‫هذه ا َ‬
‫أن يؤمنوا بهم وظن قومهم حين أبطأ المر أنهم قد كذبوا‬
‫بالتخفيف ب فهاتان الروايتان عن كل من ابن مسعود وابن‬
‫عباس‪ ,‬وقد أنكرت ذلك عائشة علببى مببن فسببرها بببذلك‪,‬‬
‫وانتصر لها ابن جرير‪ ,‬ووجه المشهور عن الجمهور وزيببف‬
‫لخر بالكليببة‪ ,‬ورده وأببباه ولببم يقبلببه ول ارتضبباه ‪,‬‬ ‫القول ا َ‬
‫واللببببببببببببببببببببببببببببببببه أعلببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫ديثا ً‬‫ح ِ‬
‫ن َ‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫ب َ‬ ‫عب َْرةٌ ل ُوِْلي الل َْبا ِ‬ ‫م ِ‬
‫صه ِ ْ‬ ‫ص ِ‬‫ن ِفي قَ َ‬ ‫** ل ََقد ْ َ‬
‫كا َ‬
‫يءٍ‬ ‫شب ْ‬ ‫ل َ‬‫ل ك ُب ّ‬‫صببي َ‬ ‫ن ي َبد َي ْهِ وَت َْف ِ‬
‫ذي ب َي ْب َ‬‫ديقَ ال ّ ِ‬ ‫ص ِ‬
‫كن ت َ ْ‬‫ي ُْفت ََرىَ وََلـ ِ‬
‫ن‬
‫من ُبببببببببببو َ‬‫ة ل َّقبببببببببببوْم ٍ ي ُؤْ ِ‬ ‫مببببببببببب ً‬ ‫ح َ‬
‫دى وََر ْ‬ ‫وَهُببببببببببب ً‬
‫يقول تعالى‪ :‬لقد كان في خبببر المرسببلين مببع قببومهم‪,‬‬
‫وكيببف نجينببا المببؤمنين وأهلكنببا الكببافرين }عبببرة لولببي‬
‫اللباب{ وهي العقول‪} ,‬مببا كببان حببديثا ً يفببترى{ أي ومببا‬
‫كببان لهببذا القببرآن أن يفببترى مببن دون اللببه‪ ,‬أي يكببذب‬
‫ويختلق }ولكن تصديق الببذي بيببن يببديه{ أي‪ :‬مببن الكتببب‬
‫المنزلة مببن السببماء وهببو يصببدق مببا فيهببا مببن الصببحيح‪,‬‬
‫وينفي ما وقببع فيهببا مببن تحريببف وتبببديل وتغييببر‪ ,‬ويحكببم‬

‫‪409‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليها بالنسخ أو التقرير }وتفصيل كل شيء{ مببن تحليببل‬
‫وتحريم ومحبوب ومكروه‪ ,‬وغير ذلك من المر بالطاعببات‬
‫والواجبببات والمسببتحبات‪ ,‬والنهببي عببن المحرمببات ومببا‬
‫شاكلها من المكروهات‪ ,‬والخبار عن المور الجليببة‪ ,‬وعببن‬
‫الغيوب المستقبلة المجملة والتفصيلية‪ ,‬والخبار عن الرب‬
‫تبارك وتعببالى وبالسببماء والصببفات‪ ,‬وتنزهببه عببن مماثلببة‬
‫المخلوقببات‪ ,‬فلهببذا كببان }هببدى ورحمببة لقببوم يؤمنببون{‬
‫تهتدي به قلوبهم من الغي إلى الرشاد‪ ,‬ومن الضببلل إلببى‬
‫السببداد‪ ,‬ويبتغببون بببه الرحمببة مببن رب العببباد‪ ,‬فببي هببذه‬
‫الحياة الدنيا ويوم المعاد‪ ,‬فنسببأل اللببه العظيببم أن يجعلنببا‬
‫لخببرة‪ ,‬يببوم يفببوز بالربببح المبيضببة‬ ‫منهببم فببي الببدنيا وا َ‬
‫دة وجببوههم بالصببفقة‬ ‫وجببوههم الناضببرة‪ ,‬ويرجببع المسببو ّ‬
‫الخاسرة‪ .‬آخر تفسببير سببورة يوسببف عليببه السببلم وللببه‬
‫الحمبببببببببببد والمنبببببببببببة وببببببببببببه المسبببببببببببتعان‪.‬‬

‫سبببببببببببببببببببببببببببببببببببورة الرعبببببببببببببببببببببببببببببببببببد‬
‫حيبببببببببببم ِ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫حمـب ُبببببببببب ِ‬ ‫سبببببببببببم ِ الل ّبببببببببببهِ الّر ْ‬ ‫بِ ْ‬
‫ق‬
‫حب ّ‬ ‫ك ال ْ َ‬
‫من ّرب ّ َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ل إ ِل َي ْ َ‬
‫ب َوال ّذِيَ أنزِ َ‬
‫ت ال ْك َِتا ِ‬
‫ك آَيا ُ‬‫مر ت ِل ْ َ‬
‫** ال َ َ‬
‫وَلـببببببببببك َ‬
‫ن‬
‫مُنببببببببببو َ‬ ‫س ل َ ي ُؤْ ِ‬ ‫ن أك َْثببببببببببَر الّنببببببببببا ِ‬ ‫ِ ّ‬ ‫َ‬
‫أما الكلم على الحروف المقطعة في أوائل السور‪ ,‬فقد‬
‫تقدم في أول سورة البقرة‪ ,‬وقدمنا أن كل سورة ابتببدئت‬
‫بهذه الحروف ففيها النتصار للقرآن وتبيان أن نزولببه مببن‬
‫عند الله حق ل شك فيببه ول مريببة ول ريببب‪ ,‬ولهببذا قببال‪:‬‬
‫}تلك آيات الكتاب{ أي هذه آيببات الكتبباب‪ ,‬وهببو القببرآن‪,‬‬
‫وقيل‪ :‬التوراة والنجيل‪ ,‬قاله مجاهد وقتادة‪ ,‬وفيه نظر بببل‬
‫هو بعيد‪ ,‬ثم عطف على ذلك عطف صفات فقال‪} :‬والذي‬
‫أنزل إليببك{ أي يببا محمببد }مببن ربببك الحببق{ خبببر تقببدم‬
‫مبتدؤه‪ ,‬وهو قوله‪} :‬والذي أنزل إليك من ربببك{ هببذا هببو‬
‫الصحيح المطابق لتفسير مجاهد وقتادة‪ ,‬واختار ابن جريببر‬
‫أن تكببون الببواو زائدة أو عاطفببة صببفة علببى صببفة كمببا‬
‫قبببببببببدمنا‪ ,‬واستشبببببببببهد بقبببببببببول الشببببببببباعر‪:‬‬
‫إلى الملك القرم وابن الهماموليث الكتيبة فببي المزدحببم‬

‫‪410‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقوله‪} :‬ولكن أكثر الناس ل يؤمنون{ كقوله‪} :‬وما أكببثر‬
‫الناس ولو حرصت بمببؤمنين{ أي مببع هببذا البيببان والجلء‬
‫والوضوح ل يؤمن أكثرهم لما فيهببم مببن الشببقاق والعنبباد‬
‫والنفببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببباق(‬

‫ى‬
‫س بت َوَ َ‬
‫ما ْ‬ ‫مدٍ ت ََروْن َهَببا ث ُب ّ‬‫ت ب ِغَي ْرِ عَ َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫ذي َرفَعَ ال ّ‬
‫س َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫** الل ّ ُ‬
‫ل‬‫جب ٍ‬
‫ري ل َ‬ ‫جب ِ‬ ‫ل يَ ْ‬‫مبَر ك ُب ّ‬ ‫س َوال َْق َ‬‫م َ‬ ‫شب ْ‬‫خَر ال ّ‬ ‫سب ّ‬‫ش وَ َ‬‫عَلى العَبْر ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م ب ِل َِقآِء َرب ّك ُ ْ‬
‫م ُتوقُِنو َ‬ ‫ت ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫ل ال ََيا ِ‬ ‫ص ُ‬
‫مَر ي َُف ّ‬‫مبى ي ُد َب ُّر ال ْ‬ ‫س ّ‬
‫م َ‬ ‫ّ‬
‫يخبر الله تعالى عن كمببال قببدرته وعظيببم سببلطانه أنببه‬
‫د‪ ,‬بببل بببإذنه‬ ‫الذي بببإذنه وأمببره رفببع السببموات بغيببر عم ب ٍ‬
‫وأمره وتسخيره رفعها عن الرض بعببدا ً ل تنببال ول تببدرك‬
‫مداها‪ ,‬فالسماء الدنيا محيطة بجميع الرض وما حولها من‬
‫الماء والهواء من جميع نواحيها وجهاتها وأرجائها‪ ,‬مرتفعببة‬
‫عليها من كببل جببانب علببى السببواء‪ ,‬وبعببد مببا بينهببا وبيببن‬
‫الرض من كل ناحية مسيرة خمسمائة عام‪ ,‬وسمكها فببي‬
‫نفسها مسيرة خمسمائة عام‪ ,‬ثم السببماء الثانيببة محيطببة‬
‫بالسببماء الببدنيا ومببا حببوت‪ ,‬وبينهمببا مببن بعببد المسببير‬
‫خمسمائة عام‪ ,‬وسببمكها خمسببمائة عببام‪ ,‬وهكببذا السببماء‬
‫الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة‪ ,‬كمببا قببال‬
‫تعالى‪} :‬الله الذي خلق سبع سموات ومن الرض مثلهن{‬
‫ليببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬ ‫ا َ‬
‫وفي الحديث »ما السموات السبع وما فيهن ومببا بينهببن‬
‫في الكرسي إل كحلقة ملقاة بببأرض فلة‪ ,‬والكرسببي فببي‬
‫العرش المجيد كتلك الحلقة في تلك الفلة«‪ .‬وفببي روايببة‬
‫»والعرش ل يقدر قدره إل الله عز وجل« وجاء عن بعببض‬
‫السف أن بعد ما بين العرش إلى الرض مسيرة خمسببين‬
‫ألف سنة‪ ,‬وبعد ما بين قطريه مسيرة خمسين ألف سببنة‪,‬‬
‫وهو من ياقوتة حمراء‪ .‬وقوله‪} :‬بغيببر عمببد ترونهببا{ روي‬
‫عن ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وغيببر واحببد أنهببم‬
‫قالوا‪ :‬لهببا عمببد ولكببن ل تببرى‪ .‬وقببال إيبباس بببن معاويببة‪:‬‬
‫السماء على الرض مثل القبة‪ ,‬يعنببي بل عمببد‪ ,‬وكببذا روي‬

‫‪411‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن قتادة‪ ,‬وهبذا هبو اللئق بالسبياق‪ ,‬والظباهر مبن قبوله‬
‫تعالى‪} :‬ويمسبك السبماء أن تقبع علببى الرض إل بببإذنه{‬
‫فعلى هذا يكون قوله‪} :‬ترونها{ تأكيدا ً لنفي ذلك‪ ,‬أي هببي‬
‫مرفوعببة بغيببر عمببد كمببا ترونهببا‪ ,‬وهببذا هببو الكمببل فببي‬
‫القدرة‪ ,‬وفي شعر أمية بن أبي الصلت الذي آمن شببعره‪,‬‬
‫وكفر قلبه كما ورد في الحديث‪ ,‬ويروى لزيد بن عمرو بن‬
‫نفيبببببببببببببل رضبببببببببببببي اللبببببببببببببه عنبببببببببببببه‪:‬‬
‫ن ورحمةبعثت إلى موسى رسول ً‬ ‫وأنت الذي من فضل م ّ‬
‫مناديبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببا‬
‫فقلت له‪ :‬فاذهب وهارون فادعواإلى اللببه فرعببون الببذي‬
‫كبببببببببببببببببببببببببببببببببان طاغيبببببببببببببببببببببببببببببببببا ً‬
‫وقببببببببببببببببببببببببببببببببببول لببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪:‬‬
‫هبل أنبت سبويت هبذهبل وتببد حبتى اسبتقلت كمبا هيبا ؟‬
‫وقببببببببببببببببببببببببببببببببببول لببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪:‬‬
‫أأنبببت رفعبببت هبببذهبل عمبببد أو فبببوق ذلبببك بانيبببا ؟‬
‫وقببببببببببببببببببببببببببببببببببول لببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪:‬‬
‫هل أنت سويت وسببطهامنيرا ً إذا مببا جنببك الليببل هاديببا ؟‬
‫وقول له‪ :‬من يرسل الشمس غدوة‪,‬فيصبح ما مسببت مببن‬
‫الرض ضبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببباحيا ؟‬
‫وقول له‪ :‬من أنبت الحب في الثرىفيصبح منه العشب يهتز‬
‫رابيبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببا‬
‫ويخرج منه حبه في رؤوسه ؟ففببي ذاك آيببات لمببن كببان‬
‫واعيببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببا‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ثم استوى على العرش{ تقببدم تفسببيره‬
‫في سورة العراف وأنه يمر كما جاء مببن غيببر تكييببف ول‬
‫تشبيه ول تعطيل‪ ,‬ول تمثيل‪ ,‬تعالى الله علوا ً كبيرًا‪ .‬وقوله‪:‬‬
‫}وسخر الشمس والقمر كل يجري لجل مسببمى{ قيببل‪:‬‬
‫المراد أنهما يجريان إلى انقطاعهما بقيام السباعة‪ ,‬كقببوله‬
‫تعالى‪} :‬والشمس تجري لمستقر لها{ وقيل‪ :‬المراد إلببى‬
‫مستقرهما وهو تحت العببرش ممببا يلببي بطببن الرض مببن‬
‫لخر‪ ,‬فإنهمببا وسببائر الكببواكب إذا وصببلوا هنالببك‬ ‫الجانب ا َ‬
‫يكونون أبعد ما يكون عن العرش‪ ,‬لنه على الصحيح الذي‬

‫‪412‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تقوم عليبه الدلبة قببة ممببا يلببي العببالم مبن هبذا البوجه‪,‬‬
‫وليببس بمحيببط كسببائر الفلك‪ ,‬لن لببه قببوائم وحملببة‬
‫يحملونه‪ ,‬ول يتصور هذا في الفلك المستدير‪ ,‬وهذا واضببح‬
‫ليببات والحبباديث الصببحيحة‪ ,‬وللببه‬ ‫لمن تدبر ما وردت به ا َ‬
‫الحمببببببببببببببببببببببببببببببد والمنببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬
‫وذكر الشبمس والقمبر لنهمبا أظهببر الكببواكب السببيارة‬
‫السبعة التي هي أشرف وأعظم من الثوابت‪ ,‬فإذا كان قد‬
‫سببخر هببذه ‪ ,‬فلن يببدخل فببي التسببخير سببائر الكببواكب‬
‫بطريق الولى والحرى‪ ,‬كما نبه بقوله تعالى‪} :‬ل تسجدوا‬
‫للشمس ول للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه‬
‫تعبدون{ مع أنه صببرح بببذلك بقببوله‪} :‬والشببمس والقمببر‬
‫والنجوم مسخرات بأمره أل له الخلببق والمببر تبببارك اللبه‬
‫ليات لعلكم بلقبباء ربكببم‬ ‫رب العالمين{‪ .‬وقوله‪} :‬يفصل ا َ‬
‫ليات والدللت الدالة على أنه ل إلببه‬ ‫توقنون{ أي يوضح ا َ‬
‫إل هببببو‪ ,‬وأنببببه يعيببببد الخلببببق إذا شبببباء كمببببا بببببدأه‪.‬‬

‫َ‬
‫مببن‬ ‫ي وَأن ْهَببارا ً وَ ِ‬ ‫سب َ‬ ‫ل ِفيَها َرَوا ِ‬ ‫جع َ َ‬ ‫ض وَ َ‬ ‫مد ّ الْر َ‬ ‫ذي َ‬ ‫** وَهُوَ ال ّ ِ‬
‫ن‬‫ل الن َّهاَر إ ِ ّ‬ ‫شي ال ْل ّي ْ َ‬ ‫ن ي ُغْ ِ‬ ‫ن اث ْن َي ْ ِ‬ ‫جي ْ ِ‬‫ل ِفيَها َزوْ َ‬ ‫جع َ َ‬ ‫ت َ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫ل الث ّ َ‬ ‫كُ ّ‬
‫ع‬
‫طبب ٌ‬ ‫ن * وَِفببي الْرض قِ َ‬ ‫كببُرو َ‬ ‫ت ل َّقببوْم ٍ ي َت ََف ّ‬‫ك ل ََيببا ٍ‬ ‫ِفببي ذ َِلبب َ‬
‫ِ‬ ‫متجاورات وجنات م َ‬
‫ن وَغَي ْبُر‬ ‫وا ٌ‬
‫ص بن ْ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫خي ب ٌ‬
‫ب وََزْرعٌ وَن َ ِ‬ ‫ن أعْن َببا ٍ‬ ‫ّ َ َ َِ ٌ َ َ ّ ٌ ّ ْ‬
‫ض فِببي‬ ‫َ‬ ‫ض ُ‬
‫ى ب َعْ ب ٍ‬ ‫ض بَها عَل ب َ‬ ‫ل ب َعْ َ‬ ‫حدٍ وَن َُف ّ‬ ‫مآٍء َوا ِ‬‫ى بِ َ‬‫سَق َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫وا ٍ‬‫صن ْ َ‬‫ِ‬
‫ن‬‫ت ل َّقبببببوْم ٍ ي َعِْقُلبببببو َ‬ ‫ك ل ََيبببببا ٍ‬ ‫ن ِفبببببي ذ َِلببببب َ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫كببببب ِ‬ ‫ال ُ ُ‬
‫لما ذكر تعببالى العببالم العلببوي‪ ,‬شببرع فببي ذكببر قببدرته‬
‫وحكمته وإحكامه للعالم السفلي‪ ,‬فقال‪} :‬وهببو الببذي مببد‬
‫الرض{ أي جعلها متسببعة ممتببدة فببي الطببول والعببرض‪,‬‬
‫وأرساها بجبببال راسببيات شببامخات‪ ,‬وأجببرى فيهببا النهببار‬
‫والجداول والعيببون‪ ,‬ليسببقي مببا جعببل فيهببا مببن الثمببرات‬
‫المختلفة اللوان والشكال والطعببوم والببروائح }مببن كببل‬
‫زوجين اثنين{ أي مبن كبل شبكل صبنفان }يغشبي الليببل‬
‫لخببر طلب با ً حثيث بًا‪ ,‬فببإذا‬ ‫النهار{ أي جعل كل ً منهما يطلب ا َ‬
‫لخر‪ ,‬فيتصرف‬ ‫ذهب هذا غشيه هذا‪ ,‬وإذا انقضى هذا جاء ا َ‬

‫‪413‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أيضا ً في الزمان كما يتصرف في المكببان والسببكان‪} ,‬إن‬
‫ليات لقوم يتفكببرون{ أي فببي آلء اللببه وحكمببه‬ ‫في ذلك َ‬
‫ودلئلبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وفي الرض قطع متجبباورات{ أي أراض يجبباور‬
‫بعضها بعضًا‪ ,‬مع أن هذه طيبة تنبت ما ينفع النبباس وهببذه‬
‫سبخة مالحببة ل تنبببت شببيئًا‪ ,‬هكببذا روي عببن ابببن عببباس‬
‫ومجاهد وسعيد بن جبير والضحاك وغير واحد‪ .‬ويدخل فببي‬
‫لية اختلف ألوان بقبباع الرض‪ ,‬فهببذه تربببة حمببراء‪,‬‬ ‫هذه ا َ‬
‫وهذه بيضاء‪ ,‬وهذه صفراء‪ ,‬وهذه سببوداء‪ ,‬وهببذه محجببرة‪,‬‬
‫وهذه سهلة‪ ,‬وهذه مرملببة‪ ,‬وهببذه سببميكة‪ ,‬وهببذه رقيقببة‪,‬‬
‫والكل متجاورات‪ ,‬فهببذه بصببفتها‪ ,‬وهببذه بصببفتها الخببرى‪,‬‬
‫فهذا كله مما يدل علببى الفاعببل المختببار ل إلببه إل هببو ول‬
‫رب سببواه‪ .‬وقببوله‪} :‬وجنببات مببن أعنبباب وزرع ونخيببل{‬
‫يحتمببل أن تكببون عاطفببة علببى جنببات‪ ,‬فيكببون }وزرع‬
‫ونخيببل{ مرفببوعين‪ .‬ويحتمببل أن يكببون معطوفببا ً علببى‬
‫أعناب‪ ,‬فيكون مجرورًا‪ ,‬ولهذا قرأ بكل منهمببا طائفببة مببن‬
‫الئمببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬صبنوان وغيبر صبنوان{ الصبنوان‪ :‬هبو الصبول‬
‫المجتمعة في منبت واحد‪ ,‬كالرمان والتين‪ ,‬وبعض النخيببل‬
‫ونحو ذلك‪ ,‬وغير الصنوان‪ :‬ما كان على أصل واحد‪ ,‬كسائر‬
‫الشجار‪ ,‬ومنه سمي عم الرجل صنو أبيببه‪ ,‬كمببا جبباء فببي‬
‫الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قببال لعمببر‪:‬‬
‫»أمببا شببعرت أن عببم الرجببل صببنو أبيببه«‪ .‬وقببال سببفيان‬
‫الثوري وشعبة عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنببه‪:‬‬
‫الصببنوان هببي النخلت فببي أصببل واحببد‪ ,‬وغيببر الصببنوان‬
‫المتفرقات‪ ,‬وقاله ابببن عببباس ومجاهببد والضببحاك وقتبادة‬
‫وعببببد الرحمبببن ببببن زيبببد ببببن أسبببلم وغيبببر واحبببد‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬تسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في‬
‫الكل{ قال العمش عن أبي صالح‪ ,‬عن أبي هريرة رضي‬
‫الله عنه‪ ,‬عن النبي صلى الله عليه وسلم }ونفضل بعضها‬
‫على بعض في الكل{ قال »الببدقل‪ ,‬والفارسببي‪ ,‬والحلببو‪,‬‬
‫والحامض«‪ ,‬رواه الترمذي وقببال‪ :‬حسببن غريببب‪ ,‬أي هببذا‬

‫‪414‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الختلف فببي أجنبباس الثمببرات والببزروع فببي أشببكالها‬
‫وألوانها‪ ,‬وطعومها وروائحها‪ ,‬وأوراقها وأزهارها‪ ,‬فهببذا فببي‬
‫غايببة الحلوة‪ ,‬وهببذا فببي غايببة الحموضببة‪ ,‬وذا فببي غايببة‬
‫المرارة‪ ,‬وذا عفص‪ ,‬وهذا عذب‪ ,‬وهذا جمع هببذا وهببذا‪ ,‬ثببم‬
‫يستحيل إلى طعم آخر بإذن الله تعالى‪ ,‬وهذا أصفر‪ ,‬وهببذا‬
‫أحمببر‪ ,‬وهببذا أبيببض‪ ,‬وهببذا أسببود‪ ,‬وهببذا أزرق‪ ,‬وكببذلك‬
‫الزهورات مببع أنهببا كلهببا تسببتمد مببن طبيعببة واحببدة وهببو‬
‫الماء‪ ,‬مع الختلف الكثير الذي ل ينحصر ول ينضبط ففببي‬
‫ذلك آيات لمن كان واعيًا‪ ,‬وهذا من أعظببم الببدللت علببى‬
‫الفاعل المختار الذي بقدرته فبباوت بيببن الشببياء‪ ,‬وخلقهببا‬
‫ليببات لقببوم‬‫على ما يريد‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬إن في ذلك َ‬
‫يعقلببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببون{‪.‬‬

‫ق‬ ‫ذا ك ُّنا ت َُراب با ً أ َإ ِن ّببا ل َِفببي َ ْ‬‫م أ َإ ِ َ‬


‫ب قَوْل ُهُ ْ‬ ‫ب فَعَ َ‬
‫خل ب ٍ‬ ‫ُ‬
‫ج ٌ‬ ‫ج ْ‬ ‫** وَِإن ت َعْ َ‬
‫ي‬
‫ل ِفبب َ‬‫ك الغْل َ ُ‬ ‫م وَأوْل َئ ِ َ‬ ‫ن ك ََفببُروا ْ ب َِرب ِّهبب ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك اّلبب ِ‬ ‫ديببدٍ أ ُوَْلـببئ ِ َ‬‫ج ِ‬‫َ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫م وَأوَْلـبببئ ِ َ‬ ‫َ‬
‫خال ِبببدو َ‬
‫م ِفيهَبببا َ‬ ‫ب الن ّبببارِ هُببب ْ‬ ‫حا ُ‬ ‫صببب َ‬‫كأ ْ‬ ‫أعْن َببباقِهِ ْ‬
‫شايقول تعالى لرسوله محمببد صببلى اللببه عليببه وسببلم‪:‬‬
‫}وإن تعجب{ من تكذيب هؤلء المشركين بالمعاد‪ ,‬مع مببا‬
‫يشاهدونه من آيات الله سبحانه ودلئله في خلقه على أنه‬
‫القادر على ما يشاء‪ ,‬ومع ما يعترفون به من أنه ابتدأ خلق‬
‫الشياء فكونها بعد أن لم تكن شيئا ً مببذكورًا‪ ,‬ثببم هببم بعببد‬
‫هذا يكذبون خبره في أنه سيعيد العالم خلق با ً جديببدًا‪ ,‬وقببد‬
‫اعترفوا وشاهدوا ما هو أعجب مما كذبوا به‪ ,‬فالعجب من‬
‫قولهم }أئذا كنا ترابا ً أئنا لفي خلق جديد{‪ ,‬وقببد علبم كببل‬
‫عالم وعاقل أن خلببق السببموات والرض أكبببر مببن خلببق‬
‫الناس‪ ,‬وأن من بدأ الخلق فالعادة عليه أسهل‪ ,‬كمببا قببال‬
‫تعالى‪} :‬أو لم يروا أن الله الذي خلببق السببموات والرض‬
‫ولم يعي بخلقهن بقببادر علببى أن يحيببي المببوتى بلببى إنببه‬
‫علببى كببل شببيء قببدير{ ثببم نعببت المكببذبين بهببذا فقببال‪:‬‬
‫}أولئك الذين كفروا بربهببم وأولئك الغلل فببي أعنبباقهم{‬

‫‪415‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أي يسحبون بها في النار }وأولئك أصحاب النببار هببم فيهببا‬
‫خالدون{ أي ماكثون فيها أبدا ً ل يحولون عنها ول يزولببون‪.‬‬
‫مببن قَب ْل ِهِ ب ُ‬
‫م‬ ‫ت ِ‬ ‫خل َب ْ‬
‫سن َةِ وَقَد ْ َ‬
‫ح َ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫سي ّئ َةِ قَب ْ َ‬
‫ك ِبال ّ‬ ‫جُلون َ َ‬‫ست َعْ ِ‬
‫وَي َ ْ‬
‫ك‬‫ن َرب ّ َ‬ ‫م وَإ ِ ّ‬ ‫ى ظ ُل ْ ِ‬
‫مه ِ ْ‬ ‫َ‬
‫س عَل َ‬
‫ّ‬
‫مغِْفَرةٍ للّنا ِ‬ ‫ذو َ‬ ‫ك لَ ُ‬
‫ن َرب ّ َ‬‫ت وَإ ِ ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫مث ُل َ ُ‬
‫ب‬‫ديد ُ ال ِْعَقببببببببببببببببببببببببببببببا ِ‬ ‫شبببببببببببببببببببببببببببببب ِ‬ ‫لَ َ‬
‫يقبببول تعبببالى‪} :‬ويسبببتعجلونك{ أي هبببؤلء المكبببذبون‬
‫}بالسيئة قبل الحسنة{ أي بالعقوبة كما أخبببر عنهببم فببي‬
‫قوله‪} :‬وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الببذكر إنببك لمجنببون‪,‬‬
‫لو مببا تأتينببا بالملئكببة إن كنببت مببن الصببادقين‪ ,‬مببا ننببزل‬
‫الملئكة إل بالحق وما كببانوا إذا ً منظريببن{‪ ,‬وقببال تعببالى‪:‬‬
‫ليببتين‪ ,‬وقببال تعببالى‪} :‬سببأل‬ ‫}ويسببتعجلونك بالعببذاب{ ا َ‬
‫سائل بعذاب واقع{‪ ,‬وقال‪} :‬يستعجل بها الذين ل يؤمنون‬
‫بهببا والببذين آمنببوا مشببفقون منهببا ويعلمببون أنهببا الحببق{‬
‫لية‪ ,‬أي عقابنا وحسابنا‪ ,‬كما‬ ‫}وقالوا ربنا عجل لنا قطنا{ ا َ‬
‫قال مخبرا ً عنهم‪} :‬وإذ قالوا اللهم إن كان هببذا هببو الحببق‬
‫ليببة‪ ,‬فكببانوا مببن شببدة تكببذيبهم وعنببادهم‬ ‫مببن عنببدك{ ا َ‬
‫وكفرهم يطلبون أن يأتيهم بعذاب اللببه قببال اللببه تعببالى‪:‬‬
‫}وقد خلت من قبلهم المثلت{ أي قد أوقعنا نقمنا بالمم‬
‫الخاليبببة وجعلنببباهم عببببرة وعظبببة لمبببن اتعبببظ بهبببم‪.‬‬
‫ثم أخبر تعالى أنه لول حلمببه وعفببوه لعبباجلهم بالعقوبببة‬
‫كما قال‪} :‬ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما تببرك علببى‬
‫ليببة الكريمببة‪:‬‬ ‫ظهرها من دابة{‪ ,‬وقببال تعببالى فببي هببذه ا َ‬
‫}وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم{ أي إنه تعببالى‬
‫ذو عفو وصفح وستر للناس مببع أنهببم يظلمببون ويخطئون‬
‫بالليل والنهببار‪ ,‬ثببم قببرن هببذا الحكببم بببأنه شببديد العقبباب‬
‫ليعتدل الرجاء والخببوف‪ ,‬كمببا قببال تعببالى‪} :‬فببإن كببذبوك‬
‫فقببل ربكببم ذو رحمببة واسببعة ول يببرد بأسببه عببن القببوم‬
‫المجرمين{ وقال‪} :‬إن ربك لسببريع العقبباب وإنببه لغفببور‬
‫رحيم{‪ ,‬وقال‪} :‬نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيببم * وأن‬
‫ليات الببتي‬ ‫عذابي هو العذاب الليم{ إلى أمثال ذلك من ا َ‬
‫تجمع الرجاء والخوف‪ .‬وقال ابببن أبببي حبباتم‪ :‬حببدثنا أبببي‪,‬‬
‫حدثنا موسى بن إسماعيل‪ ,‬حدثنا حماد عن علببي بببن زيببد‬

‫‪416‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليببة }وإن‬‫عن سعيد بن المسببيب قببال‪ :‬لمببا نزلببت هببذه ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬قببال رسببول‬ ‫ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهببم{ ا َ‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬لول عفو الله وتجاوزه ما هنببأ‬
‫أحدا ً العيش‪ ,‬ولول وعيده وعقابه ل تكبل كبل أحبد« وروى‬
‫الحافظ ابن عساكر في ترجمببة الحسببن بببن عثمببان أبببي‬
‫حسان الزيادي أنه رأى رب العزة في النوم‪ ,‬ورسول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم واقف بين يديه يشفع في رجل مببن‬
‫أمته‪ ,‬فقال له‪ :‬ألبم يكفبك أنبي أنزلبت عليببك فببي سبورة‬
‫الرعد }وإن ربك لذو مغفرة للناس علببى ظلمهببم{ قببال‪:‬‬
‫ثبببببببببببببببببببببببببببببببببم انتبهبببببببببببببببببببببببببببببببببت‪.‬‬

‫مببآ‬ ‫مببن ّرب ّبهِ إ ِن ّ َ‬ ‫ة ّ‬‫ل عَل َي ْبهِ آي َب ٌ‬‫ول ُأنبزِ َ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ ل َ ْ‬ ‫ل ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫** وَي َُقو ُ‬
‫ل َقبببببببببوْم ٍ َ‬ ‫كببببببببب ّ‬‫منبببببببببذٌِر وَل ِ ُ‬ ‫َ‬
‫هبببببببببادٍ‬ ‫ت ُ‬ ‫أنببببببببب َ‬
‫يقول تعالى إخبارا ً عببن المشببركين أنهببم يقولببون كفببرا ً‬
‫وعنادًا‪ :‬لول يأتينا بآية مببن ربببه كمببا أرسببل الولببون‪ ,‬كمببا‬
‫تعنتوا عليببه أن يجعببل لهببم الصببفا ذهببًا‪ ,‬وأن يزيببح عنهببم‬
‫الجبال‪ ,‬ويجعل مكانها مروجبا ً وأنهببارًا‪ ,‬قببال تعببالى‪} :‬ومببا‬
‫ليببة‪,‬‬ ‫ليببات إل أن كببذب بهببا الولببون{ ا َ‬ ‫منعنا أن نرسببل با َ‬
‫قال الله تعالى‪} :‬إنما أنت منببذر{ أي إنمببا عليببك أن تبلببغ‬
‫رسالة الله التي أمرك بها‪} ,‬ليس عليك هداهم ولكن اللببه‬
‫يهدي من يشاء{ وقوله‪} :‬ولكل قوم هاد{ قببال علببي بببن‬
‫أبببي طلحببة عببن ابببن عببباس‪ :‬أي لكببل قببوم داع‪ .‬وقببال‬
‫لية‪ :‬يقول الله تعالى‪ :‬أنت يببا‬ ‫العوفي عن ابن عباس في ا َ‬
‫محمد منذر‪ ,‬وأنا هادي كل قوم‪ ,‬وكذا قال مجاهببد وسببعيد‬
‫بن جبير والضحاك وغير واحد‪ .‬وعببن مجاهببد }ولكببل قببوم‬
‫هاد{ أي نبي‪ ,‬كقببوله‪} :‬وإن مببن أمببة إل خل فيهببا نببذير{‪,‬‬
‫وبه قال قتببادة وعبببد الرحمببن بببن زيببد‪ .‬وقببال أبببو صببالح‬
‫ويحيى بببن رافببع }ولكببل قببوم هبباد{ أي قببائد‪ .‬وقببال أبببو‬
‫العالية‪ :‬الهادي القائد‪ ,‬والقائد المام‪ ,‬والمام العمل‪ .‬وعن‬
‫عكرمة وأبي الضببحى }لكببل قببوم هبباد{ قببال‪ :‬هببو محمببد‬

‫‪417‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صلى الله عليبه وسببلم‪ .‬وقبال مالبك‪} :‬ولكبل قببوم هبباد{‬
‫يبببببببببدعوهم إلبببببببببى اللبببببببببه عبببببببببز وجبببببببببل‪.‬‬
‫وقال أبو جعفر بن جرير حدثني أحمد بن يحيى الصوفي‪,‬‬
‫حببدثنا الحسببن بببن الحسببين النصبباري‪ ,‬حببدثنا معبباذ بببن‬
‫مسلم‪ ,‬حدثنا الهروي عن عطاء بن السائب‪ ,‬عن سعيد بن‬
‫جبير عن ابن عباس رضببي اللببه عنهمببا‪ ,‬قببال‪ :‬لمببا نزلببت‬
‫}إنما أنت منذر ولكل قوم هاد{ قببال‪ :‬وضببع رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم يديه على صدره وقال‪» :‬أنا المنببذر‪,‬‬
‫ولكل قوم هاد« وأومأ بيده إلى منكب علي‪ ,‬فقببال »أنببت‬
‫الهادي يا علي بببك يهتببدي المهتببدون مببن بعببدي« ‪ ,‬وهببذا‬
‫الحديث فيه نكارة شديدة‪ ,‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا علي‬
‫بن الحسين‪ ,‬حدثنا عثمان بن أبي شيبة‪ ,‬حدثنا المطلب بن‬
‫زياد عن السدي عن عبد خير عن علي }ولكل قببوم هبباد{‬
‫قال‪ :‬الهادي رجل من بني هاشم‪ .‬قال الجنيد‪ :‬هو علي بن‬
‫أبي طالب رضي الله عنه‪ .‬قال ابن أبي حبباتم‪ :‬وروي عببن‬
‫ابن عباس في إحدى الروايات وعن أبي جعفر محمببد بببن‬
‫علببببببببببببببببببببي نحببببببببببببببببببببو ذلببببببببببببببببببببك‪.‬‬

‫ل ك ُب ّ ُ‬
‫مببا‬‫م وَ َ‬
‫حببا ُ‬
‫ض الْر َ‬
‫مببا ت َِغيب ُ‬ ‫ل أنث َب َ‬
‫ى وَ َ‬ ‫م ُ‬‫ح ِ‬‫ما ت َ ْ‬
‫م َ‬‫ه ي َعْل َ ُ‬
‫** الل ّ ُ‬
‫ة‬ ‫ب َوال ّ‬
‫ش بَهاد َ ِ‬ ‫م ال ْغَي ْب ِ‬
‫دارٍ * عَببال ِ ُ‬ ‫مْق ب َ‬
‫عند َهُ ب ِ ِ‬‫يٍء ِ‬ ‫ش ْ‬‫ل َ‬ ‫داد ُ وَك ُ ّ‬‫ت َْز َ‬
‫ل‬
‫مت ََعببببببببببببببببببببببببببببببا ِ‬ ‫ال ْك َِبيببببببببببببببببببببببببببببببُر ال ْ ُ‬
‫يخبر تعالى عن تمام علمه الذي ل يخفببى عليببه شببيء‪,‬‬
‫وأنه محيط بما تحمله الحوامل مبن كبل إنباث الحيوانبات‪,‬‬
‫كما قال تعالى‪} :‬ويعلم ما في الرحام{ أي ما حملت من‬
‫ذكببر أو أنببثى‪ ,‬أو حسببن أو قبيببح‪ ,‬أو شببقي أو سببعيد‪ ,‬أو‬
‫طويل العمر أو قصيره‪ ,‬كقوله تعببالى‪} :‬هببو أعلببم بكببم إذ‬
‫ليببة‪ ,‬وقببال تعببالى‪:‬‬ ‫أنشببأكم مببن الرض وإذ أنتببم أجنببة{ ا َ‬
‫}يخلقكببم فببي بطببون أمهبباتكم خلقبا ً مببن بعببد خلببق فببي‬
‫ظلمات ثلث{ أي خلقكم طورا ً من بعببد طببور‪ ,‬كمببا قببال‬
‫تعببالى‪} :‬ولقببد خلقنببا النسببان مببن سببللة مببن طيببن ثببم‬
‫جعلناه نطفة في قببرار مكيببن * ثببم خلقنببا النطفببة علقببة‬

‫‪418‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فخلقنببا العلقببة مضببغة فخلقنببا المضببغة عظام با ً فكسببونا‬
‫العظام لحما ً ثببم أنشببأناه خلقبا ً آخببر فتبببارك اللببه أحسببن‬
‫الخالقين{ وفي الصببحيحين عببن ابببن مسببعود قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إن خلق إحدكم يجمببع‬
‫في بطن أمه أربعين يومًا‪ ,‬ثم يكون علقببة مثببل ذلببك‪ ,‬ثببم‬
‫يكون مضغة مثل ذلك‪ ,‬ثم يبعث الله إليه ملكا ً فيؤمر بأربع‬
‫كلمات‪ ,‬بكتب رزقه‪ ,‬وعمره‪ ,‬وعملببه‪ ,‬وشببقي أو سببعيد«‪.‬‬
‫لخر »فيقول الملك أي رب أذكر أم أنثى ؟‬ ‫وفي الحديث ا َ‬
‫أي رب أشببقي أم سببعيد ؟ فمببا الببرزق ؟ فمببا الجببل ؟‬
‫فيقبببببببببببول اللبببببببببببه‪ ,‬ويكتبببببببببببب الملبببببببببببك{‪.‬‬
‫وقوله }وما تغيببض الرحببام ومببا تببزداد{ قببال البخبباري‪:‬‬
‫حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا معن حببدثنا مالبك عبن عببد‬
‫الله بن دينار‪ ,‬عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليبه‬
‫وسلم قال‪» :‬مفاتيح الغيب خمببس‪ ,‬ل يعلمهببن إل اللببه‪ :‬ل‬
‫يعلم ما في غد إل الله‪ ,‬ول يعلم ما تغيض الرحام إل الله‪,‬‬
‫ول يعلم متى يأتي المطر أحد إل الله‪ ,‬ول تدري نفس بأي‬
‫أرض تموت‪ ,‬ول يعلم متى تقببوم السبباعة إل اللببه« وقببال‬
‫العببوفي عببن ابببن عببباس }ومببا تغيببض الرحببام{ يعنببي‬
‫السقط‪},‬وما تزداد{ يقول‪ :‬مببا زادت الرحببم فببي الحمببل‬
‫على ما غاضت حتى ولدته تمامًا‪ ,‬وذلك أن من النساء من‬
‫تحمل عشرة أشهر‪ ,‬ومن تحمل تسعة أشهر‪ ,‬ومنهببن مببن‬
‫تزيد في الحمل‪ ,‬ومنهن من تنقص‪ ,‬فذلك الغيض والزيببادة‬
‫البببتي ذكبببر اللبببه تعبببالى وكبببل ذلبببك بعلمبببه تعبببالى‪.‬‬
‫وقال الضحاك عن ابببن عببباس فببي قببوله‪} :‬ومببا تغيببض‬
‫الرحام وما تزداد{ قببال‪ :‬مببا نقصببت مببن تسببعة ومببا زاد‬
‫عليها‪ ,‬وقببال الضببحاك‪ :‬وضببعتني أمببي وقببد حملتنببي فببي‬
‫بطنها سنتين‪ ,‬وولدتني وقد نبتت ثنيببتي‪ .‬وقببال ابببن جريببج‬
‫عن جميلة بنت سعد عبن عائشبة قببالت‪ :‬ل يكبون الحمببل‬
‫أكثر من سنتين قدر ما يتحرك ظل مغببزل‪ ,‬وقببال مجاهببد‬
‫}وما تغيض الرحام وما تزداد{ قال‪ :‬ما ترى من الدم في‬
‫حملهببا‪ ,‬ومببا تببزداد علببى تسببعة أشببهر‪ ,‬وبببه قببال عطيببة‬
‫العوفي والحسن البصري وقتادة والضحاك‪ ,‬وقببال مجاهببد‬

‫‪419‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أيضًا‪ :‬إذا رأت المرأة الدم دون التسعة‪ ,‬زاد علببى التسببعة‬
‫مثل أيام الحيض‪ ,‬وقاله عكرمة وسعيد بن جبير وابن زيببد‪.‬‬
‫وقال مجاهد أيضًا‪} :‬وما تغيض الرحام{ إراقة الببدم حببتى‬
‫يخس الولد‪} ,‬وما تزداد{ إن لم تهببرق المببرأة‪ ,‬تببم الولببد‬
‫وعظم‪ .‬وقال مكحول‪ :‬الجنين في بطن أمببه ل يطلببب ول‬
‫يحزن ول يغتم‪ ,‬وإنمببا يببأتيه رزقبه فببي بطببن أمببه مببن دم‬
‫حيضتها‪ ,‬فمن ثم ل تحيض الحامل‪ ,‬فإذا وقببع إلببى الرض‪,‬‬
‫استهل‪ ,‬واستهلله استنكاره لمكانه‪ ,‬فببإذا قطعببت سببرته‪,‬‬
‫حول الله رزقه إلى ثديي أمه حتى ل يحزن ول يطلببب ول‬
‫يغتم‪ ,‬ثم يصير طفل ً يتناول الشيء بكفه فيببأكله‪ ,‬فببإذا هببو‬
‫بلغ قال‪ :‬هو المببوت أو القتببل أنببى لببي بببالرزق ؟ فيقببول‬
‫مكحول ياويلك‪ :‬غذاك وأنت فببي بطببن أمببك وأنببت طفببل‬
‫صغير‪ ,‬حتى إذا اشتددت وعقلت قلت‪ :‬هو الموت أو القتل‬
‫أنى لي بالرزق‪ ,‬ثم قرأ مكحول }الله يعلم مببا تحمببل كببل‬
‫أنببببببببببببببببببببببببببببببببثى{ ا َ‬
‫ليببببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬
‫وقال قتادة‪} :‬وكل شيء عنده بمقدار{ أي بأجل‪ ,‬حفببظ‬
‫أرزاق خلقببه وآجببالهم‪ ,‬وجعببل لببذلك أجل ً معلومببًا‪ .‬وفببي‬
‫الحديث الصببحيح أن إحببدى بنببات النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم بعثت إليه أن ابنبا ً لهببا فببي المببوت‪ ,‬وأنهببا تحببب أن‬
‫يحضره‪ .‬فبعث إليها يقول‪» :‬إن لله ما أخذ‪ ,‬وله ما أعطى‪,‬‬
‫وكبببل شبببيء عنبببده بأجبببل مسبببمى‪ ,‬فمروهبببا فلتصببببر‬
‫ولتحتسبببب« الحبببديث بتمبببامه‪ .‬وقبببوله‪} :‬عبببالم الغيبببب‬
‫والشهادة{ أي يعلم كل شببيء ممببا يشبباهده العببباد وممببا‬
‫يغيب عنهم‪ ,‬ول يخفى عليه منه شيء }الكبير{ الببذي هببو‬
‫أكبر من كل شيء‪} ,‬المتعببال{ أي علببى كببل شببيء }قببد‬
‫أحاط بكل شببيء علمبًا{ وقهببر كببل شببيء‪ ,‬فخضببعت لببه‬
‫الرقببببببباب ودان لببببببه العببببببباد طوعببببببا ً وكرهببببببًا‪.‬‬

‫و‬ ‫سبّر ال َْقبوْ َ‬ ‫** سوآٌء منك ُم مب َ‬


‫هب َ‬ ‫ن ُ‬ ‫مب ْ‬ ‫جهَبَر ب ِبهِ وَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مب ْ‬‫ل وَ َ‬ ‫نأ َ‬ ‫ّ ْ ْ ّ ْ‬ ‫َ َ‬
‫ه‬
‫ن ي َد َي ْ ِ‬
‫من ب َي ْ ِ‬ ‫ت ّ‬ ‫معَّقَبا ٌ‬ ‫ه ُ‬‫ب ِبالن َّهارِ * ل َ ُ‬ ‫سارِ ٌ‬ ‫ف ِبال ْل ّي ْ ِ‬
‫ل وَ َ‬ ‫خ ٍ‬ ‫ست َ ْ‬‫م ْ‬‫ُ‬
‫َ‬
‫ما ب َِقببوْم ٍ‬ ‫ه ل َ ي ُغَي ُّر َ‬‫ن الل ّ َ‬‫مرِ الل ّهِ إ ِ ّ‬‫نأ ْ‬‫م ْ‬‫ه ِ‬ ‫حَف ُ‬
‫ظون َ ُ‬ ‫خل ِْفهِ ي َ ْ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫وَ ِ‬

‫‪420‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حتى يغَيروا ْ ما بأ َنُفسهم وإ َ َ‬
‫مببَرد ّ‬‫سوًَءا فَل َ َ‬ ‫ذا أَراد َ الل ّ ُ‬
‫ه ب َِقوْم ٍ ُ‬ ‫َ ِ ْ ِ ِ ْ َِ‬ ‫َ ّ َ ُ ُّ‬
‫ل‬
‫مبببببببن َوا ٍ‬ ‫دوِنبببببببهِ ِ‬ ‫مبببببببن ُ‬ ‫م ّ‬‫مبببببببا ل َُهببببببب ْ‬ ‫َلببببببب ُ‬
‫ه وَ َ‬
‫يخبر تعالى عن إحاطة علمببه بجميببع خلقببه‪ ,‬وأنببه سببواء‬
‫منهم من أسر قوله أو جهر به‪ ,‬فإنه يسمعه ل يخفى عليببه‬
‫شببيء‪ ,‬كقببوله‪} :‬وإن تجهببر بببالقول فببإنه يعلببم السببر‬
‫وأخفى{‪ ,‬وقال‪} :‬ويعلم ما تخفببون ومببا تعلنببون{‪ ,‬قببالت‬
‫عائشببة رضببي اللببه عنهببا‪ :‬سبببحان الببذي وسببع سببمعه‬
‫الصوات‪ ,‬والله لقد جباءت المجادلبة تشبتكي زوجهبا إلبى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬وأنببا فببي جنببب البببيت‪,‬‬
‫ي بعض كلمها‪ ,‬فأنزل الله }قد سببمع اللببه‬ ‫وإنه ليخفى عل ّ‬
‫قول الببتي تجادلببك فببي زوجهببا وتشببتكي إلببى اللببه واللببه‬
‫يسمع تحاوركما إن الله سببميع بصببير{ وقببوله }ومببن هببو‬
‫مستخف بالليل{ أي مختف في قعر بيته في ظلم الليببل‪,‬‬
‫}وسببارب بالنهببار{ أي ظبباهر مبباش فببي بيبباض النهببار‬
‫وضيائه‪ ,‬فإن كليهما فببي علببم اللببه علببى السببواء‪ ,‬كقببوله‬
‫ليبببببة‪.‬‬ ‫تعبببببالى‪} :‬أل حيبببببن يستغشبببببون ثيبببببابهم{ ا َ‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وما تكبون فبي شبأن ومبا تتلبو منبه مبن‬
‫قببرآن ول تعملببون مببن عمببل إل كنببا عليكببم شببهودا ً إذ‬
‫تفيضببون فيببه ومببا يعببزب عببن ربببك مببن مثقببال ذرة فببي‬
‫الرض ول في السماء ول أصغر من ذلببك ول أكبببر إل فببي‬
‫كتببببببببببببببببببببببببببببببباب مببببببببببببببببببببببببببببببببين{‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬له معقبات من بين يديه ومببن خلفببه يحفظببونه‬
‫مببن أمببر اللببه{ أي للعبببد ملئكببة يتعبباقبون عليببه‪ ,‬حببرس‬
‫بالليل وحرس بالنهار‪ ,‬يحفظونه مببن السببواء والحادثببات‪,‬‬
‫كما يتعاقب ملئكة آخرون لحفظ العمال من خير أو شر‪,‬‬
‫ملئكة بالليل وملئكة بالنهار‪ ,‬فاثنان عن اليمين والشببمال‬
‫يكتبان العمال‪ ,‬صاحب اليمين يكتب الحسببنات‪ ,‬وصبباحب‬
‫الشبببمال يكتبببب السبببيئات‪ ,‬وملكبببان آخبببران يحفظبببانه‬
‫ويحرسانه‪ ,‬واحببد مببن ورائه وآخببر مببن قببدامه‪ ,‬فهببو بيببن‬
‫أربعبة أملك بالنهبار‪ ,‬وأربعبة أملك بالليببل‪ ,‬بببدل ً حافظبان‬
‫وكاتبان‪ ,‬كما جبباء فببي الصببحيح »يتعبباقبون فيكببم ملئكببة‬
‫بالليل وملئكة بالنهار‪ ,‬ويجتمعون في صلة الصبببح وصببلة‬

‫‪421‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العصر‪ ,‬فيصعد إليه الذين باتوا فيكم فيسببألهم وهببو أعلببم‬
‫بكم‪ :‬كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون‪ :‬أتيناهم وهم يصببلون‪,‬‬
‫لخببر »إن معكببم‬ ‫وتركناهم وهم يصلون«‪ .‬وفببي الحببديث ا َ‬
‫من ل يفارقكم إل عنببد الخلء وعنببد الجمبباع‪ ,‬فاسببتحيوهم‬
‫وأكرمببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببوهم«‪.‬‬
‫وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قببوله‪} :‬لببه‬
‫معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمببر اللببه{‬
‫والمعقبات من الله هي الملئكة‪ ,‬وقببال عكرمببة عببن ابببن‬
‫عباس }يحفظونه من أمببر اللببه{ قببال‪ :‬ملئكببة يحفظببونه‬
‫من بين يديه ومن خلفببه‪ ,‬فببإذا جبباء قببدر اللببه خلببوا عنببه‪,‬‬
‫وقال مجاهد‪ :‬ما من عبد إل له ملك موكل‪ ,‬يحفظه فينومه‬
‫ويقظته من الجن والنس والهوام‪ ,‬فمببا منهببا شببيء يببأتيه‬
‫يريده‪ ,‬إل قببال لبه الملببك وراءك‪ ,‬إل شببيء أذن اللبه فيببه‬
‫فيصببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببيبه‪.‬‬
‫وقال الثوري عن حبيب بن أبي ثابت‪ ,‬عن سعيد بن جبير‬
‫عن ابن عباس في قوله‪} :‬له معقبات من بين يببديه ومببن‬
‫خلفه{ قال‪ :‬ذلك ملك من ملوك الدنيا‪ ,‬له حرس من دونه‬
‫حرس‪ ,‬وقال العوفي عن ابببن عببباس‪} :‬لببه معقبببات مببن‬
‫بين يديه ومببن خلفببه{ يعنببي ولببي الشببيطان يكببون عليببه‬
‫الحببرس‪ .‬وقببال عكرمببة فببي تفسببيرها‪ :‬هببؤلء المببراء‬
‫لية‪ :‬هو‬ ‫المواكب بين يديه ومن خلفه‪ ,‬وقال الضحاك في ا َ‬
‫السلطان المحببروس مببن أمببر اللببه‪ ,‬وهببم أهببل الشببرك‪,‬‬
‫والظبباهر بب واللببه أعلببم بب أن مببراد ابببن عببباس وعكرمببة‬
‫والضحاك بهذا أن حرس الملئكة للعبد يشبه حرس هببؤلء‬
‫لملبببببببببببببببببببببببببببوكهم وأمرائهبببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫وقد روى المام أبو جعفر بن جرير ههنا حديثا ً غريبا ً جدًا‪,‬‬
‫فقال حدثني المثنى‪ ,‬حببدثنا إبراهيببم بببن عبببد السببلم بببن‬
‫صالح القشيري‪ ,‬حدثنا علي بن جرير عن حماد بببن سببلمة‬
‫عن عبد الحميد بن جعفببر عببن كنانببة العببدوي قببال‪ :‬دخببل‬
‫عثمان بن عفان على رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‪,‬‬
‫فقال‪ :‬يا رسول الله أخبرني عن العبد كم معه من ملك ؟‬
‫فقال »ملك على يمينببك علببى حسببناتك‪ ,‬وهببو أميببر علببى‬

‫‪422‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الذي على الشمال‪ ,‬فإذا عملت حسببنة كتبببت عشببرًا‪ ,‬وإذا‬
‫عملت سيئة قال الذي علببى الشببمال للببذي علببى اليميببن‬
‫أكتبها ؟ قال‪ :‬ل‪ ,‬لعله يستغفر الله ويتببوب فيسببتأذنه ثلث‬
‫مرات‪ ,‬فإذا قال ثلثًا‪ ,‬قال‪ :‬اكتبها أراحنببا اللببه منببه فبببئس‬
‫القرين‪ ,‬ما أقل مراقبتببه للببه وأقببل اسببتحياءه منببا‪ ,‬يقببول‬
‫الله‪} :‬ما يلفظ من قول إل لديه رقيب عتيد{ وملكان من‬
‫بين يديك ومن خلفك‪ ,‬يقول الله تعالى‪} :‬له معقبببات مببن‬
‫لية وملك قابض على ناصيتك‪ ,‬فِإذا‬ ‫بين يديه ومن خلفه{ ا َ‬
‫تواضببعت للببه رفعببك‪ ,‬وإذا تجبببرت علببى اللببه قصببمك‪,‬‬
‫وملكان على شفتيك ليس يحفظان عليك إل الصببلة علببى‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم‪ .‬وملك قائم على فيك ل يببدع‬
‫أن تدخل الحيببة فببي فيببك‪ ,‬وملكببان علببى عينيببك‪ ,‬فهببؤلء‬
‫عشرة أملك على كل آدمي‪ ,‬ينزلببون ملئكببة الليببل علببى‬
‫ملئكة النهار‪ ,‬لن ملئكة الليل سوى ملئكة النهار‪ ,‬فهؤلء‬
‫عشببرون ملك با ً علببى كببل آدمببي‪ ,‬وإبليببس بالنهببار وولببده‬
‫بالليببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببل«‪.‬‬
‫وقال المام أحمببد رحمببه اللببه‪ :‬حببدثنا أسببود بببن عببامر‪,‬‬
‫حدثنا سفيان‪ ,‬حدثني منصور عن سالم بن أبي الجعد عببن‬
‫أبيه‪ ,‬عن عبد الله قال‪ :‬قال رسول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬ما منكم من أحد إل وقد وكل به قرينه من الجببن‬
‫وقرينه من الملئكة« قببالوا‪ :‬وإيبباك يارسببول اللببه ؟ قببال‪:‬‬
‫»وإياي‪ ,‬ولكببن اللببه أعببانني عليببه‪ ,‬فل يببأمرني إل بخيببر«‪,‬‬
‫انفرد بإخراجه مسلم‪ .‬وقوله‪} :‬يحفظببونه مببن أمببر اللببه{‬
‫قيل‪ :‬المراد حفظهم له من أمر اللببه‪ ,‬رواه علببي بببن أبببي‬
‫طلحة وغيره عن ابن عباس‪ ,‬وإليه ذهب مجاهد وسعيد بن‬
‫جبير وإبراهيم النخعي وغيرهببم‪ .‬وقببال قتببادة‪} :‬يحفظببونه‬
‫من أمر الله{ قال‪ :‬وفي بعببض القببراءات يحفظببونه بببأمر‬
‫لدم كل سهل وكل‬ ‫الله‪ ,‬وقال كعب الحبار‪ :‬لو تجلى لبن َ‬
‫حزن‪ ,‬لرأى كل شيء من ذلك شياطين‪ ,‬لول أن الله وكببل‬
‫بكببم ملئكببة يببذبون عنكببم فببي مطعمكببم ومشببربكم‬
‫وعوراتكم إذا ً لتخطفتم‪ .‬وقببال أبببو أمامببة‪ :‬مببا مببن آدمببي‬
‫ومعه ملك يذود عنه حتى يسلمه للذي قدر لببه‪ ,‬وقببال أبببو‬

‫‪423‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مجلز‪ :‬جاء رجل من مراد إلى علي رضببي اللببه عنببه وهببو‬
‫يصلي فقال‪ :‬احترس‪ :‬فإن ناسا ً من مببراد يريببدون قتلببك‪,‬‬
‫در‪ ,‬فببإذا‬‫فقال‪ :‬إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يق ّ‬
‫جبباء القببدر خليببا بينببه وبينببه‪ ,‬إن الجببل جنببة حصببينة‪.‬‬
‫وقال بعضهم }يحفظونه من أمر اللببه{ بببأمر اللببه‪ ,‬كمببا‬
‫ى‬
‫جاء في الحديث أنهم قالوا‪ :‬يببا رسببول اللببه‪ ,‬أرأيببت رقب َ‬
‫نسترقي بها‪ ,‬هل ترد من قدر الله شيئا ً ؟ فقال »هي مببن‬
‫قدر الله«‪ .‬وقال ابن أبي حبباتم‪ :‬حببدثنا أبببو سببعيد الشببج‪,‬‬
‫حدثنا حفص بن غياث عن أشعث عن جهببم‪ ,‬عببن إبراهيببم‬
‫قال‪ :‬أوحى الله إلى نبي من أنبياء بنببي إسببرائيل‪ :‬أن قببل‬
‫لقومك‪ :‬إنه ليس من أهل قرية ول أهل بيت يكونون علببى‬
‫طاعة الله فيتحولون منها إلى معصية اللببه‪ ,‬إل حببول اللببه‬
‫عنهم ما يحبون إلى ما يكرهون‪ ,‬ثم قال‪ :‬إن تصببديق ذلببك‬
‫في كتاب الله }إن الله ل يغيبر مبا بقبوم حبتى يغيبروا مبا‬
‫بأنفسهم{‪ .‬وقد ورد هذا في حديث مرفوع‪ ,‬فقال الحافظ‬
‫محمد بن عثمان بن أبي شببيبة فببي كتببابه صببفة العببرش‪:‬‬
‫حدثنا الحسن بن علي‪ ,‬حدثنا الهيثم بن الشعث السببلمي‪,‬‬
‫حدثنا أبو حنيفة اليماني النصاري عن عمير بن عبد الملك‬
‫قال‪ :‬خطبنا علي بن أبي طبالب علبى منببر الكوفبة قبال‪:‬‬
‫كنت إذا أمسكت عن رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫ابتدأني‪ ,‬وإذا سألته عن الخبر أنبأني‪ ,‬وإنه حدثني عن ربببه‬
‫عز وجل قال‪» :‬قال الرب‪ :‬وعزتي وجللي وارتفاعي فوق‬
‫عرشي‪ ,‬ما من قرية ول أهل بيببت كببانوا علببى مببا كرهببت‬
‫من معصيتي ثم تحولوا عنها إلى ما أحببت من طاعتي‪ ,‬إل‬
‫تحولت لهم عما يكرهون من عببذابي إلببى مببا يحبببون مببن‬
‫رحمببتي«‪ ,‬وهببذا غريببب‪ ,‬وفببي إسببناده مببن ل أعرفببه‪.‬‬

‫ب‬‫حا َ‬ ‫سبب َ‬‫شببىُء ال ّ‬ ‫معا ً وَي ُن ْ ِ‬ ‫وفا ً وَط َ َ‬‫خ ْ‬‫م ال ْب َْرقَ َ‬ ‫ريك ُ ُ‬ ‫ذي ي ُ ِ‬‫** هُوَ ال ّ ِ‬
‫ه‬
‫خيَفِتبب ِ‬‫ن ِ‬ ‫مبب ْ‬
‫ة ِ‬ ‫كبب ُ‬‫مل َئ ِ َ‬ ‫مببدِهِ َوال ْ َ‬‫ح ْ‬‫عببد ُ ب ِ َ‬
‫ح الّر ْ‬ ‫سببب ّ ُ‬‫ل * وَي ُ َ‬ ‫الث َّقببا َ‬
‫ن ِفببي‬ ‫جادُِلو َ‬
‫م يُ َ‬ ‫شآُء وَهُ ْ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ب ب َِها َ‬ ‫صي ُ‬‫عقَ فَي ُ ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ص َ‬
‫ل ال ّ‬ ‫س ُ‬ ‫وَي ُْر ِ‬
‫ل‬
‫حببببببببببببا ِ‬ ‫م َ‬‫ديد ُ ال ْ ِ‬ ‫شبببببببببببب ِ‬ ‫هببببببببببببوَ َ‬ ‫الّلببببببببببببهِ وَ ُ‬

‫‪424‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يخبر تعالى أنه هو الذي يسخر البرق‪ ,‬وهو مببا يببرى مببن‬
‫النور اللمع ساطعا ً من خلل السحاب‪ .‬وروى ابن جرير أن‬
‫ابن عباس كتب إلى أبي الجلد يسببأله عببن البببرق‪ ,‬فقببال‪:‬‬
‫البرق الماء‪ .‬وقببوله‪} :‬خوف با ً وطمعبًا{ قببال قتببادة‪ :‬خوف با ً‬
‫للمسافر يخاف أذاه ومشقته‪ ,‬وطمعا ً للمقيم يرجببو بركتببه‬
‫ومنفعتببه ويطمببع فببي رزق اللببه‪} ,‬وينشببىء السببحاب‬
‫الثقال{ أي ويخلقها منشأة جديدة‪ ,‬وهي لكثرة مائها ثقيلة‬
‫قريبة إلى الرض قال مجاهد‪ :‬السحاب الثقببال الببذي فيببه‬
‫الماء‪ ,‬قببال‪} :‬ويسبببح الرعببد بحمببده{ كقببوله‪} :‬وإن مببن‬
‫شببببببببببببببببيء إل يسبببببببببببببببببح بحمببببببببببببببببده{‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬حدثنا إبراهيببم بببن سببعد‪,‬‬
‫أخبرني أبي قال‪ :‬كنببت جالسبا ً إلببى جنببب حميببد بببن عبببد‬
‫الرحمن في المسجد‪ ,‬فمر شبيخ مبن بنبي غفبار‪ ,‬فأرسبل‬
‫إليه حميد‪ ,‬فلما أقبل قببال‪ :‬يبباابن أخببي‪ ,‬وسببع فيمببا بينببي‬
‫وبينك‪ ,‬فإنه قد صحب رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‪,‬‬
‫فجاء حببتى جلببس فيمبا بينبي وبينببه‪ ,‬فقببال لبه حميببد‪ :‬مبا‬
‫الحديث الذي حببدثتني عببن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم ؟ فقال له الشيخ‪ :‬سمعت عن شيخ من بنببي غفببار‬
‫أنه سمع النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم يقببول‪» :‬إن اللببه‬
‫ينشىء السحاب فينطق أحسببن النطببق‪ ,‬ويضببحك أحسببن‬
‫الضحك« والمراد ب والله أعلم ب أن نطقها الرعد وضببحكها‬
‫البرق‪ .‬وقال موسى بن عبيدة عن سعد بن إبراهيببم قببال‪:‬‬
‫يبعث الله الغيببث فل أحسببن منببه مضببحكًا‪ ,‬ول آنببس منببه‬
‫منطقببببببًا‪ ,‬فضببببببحكه البببببببرق‪ ,‬ومنطقببببببه الرعببببببد‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا هشام بن عبيد الله‬
‫الرازي عن محمد بن مسلم قال‪ :‬بلغنا أن البرق ملببك لببه‬
‫أربعة وجوه‪ :‬وجه إنسان‪ ,‬ووجببه ثببور‪ ,‬ووجببه نسببر‪ ,‬ووجببه‬
‫أسد‪ ,‬فإذا مصع بببذنبه فببذاك البببرق‪ .‬وقببال المببام أحمببد‪,‬‬
‫حدثنا عفان‪ ,‬حدثنا عبببد الواحببد بببن زيبباد‪ ,‬حببدثنا الحجبباج‪,‬‬
‫حدثنا أبو مطر عن سالم‪ ,‬عن أبيه قببال كببان رسببول اللببه‬
‫صلى اللببه عليببه وسببلم إذا سببمع الرعببد والصببواعق قببال‬
‫»اللهم ل تقتلنببا بغضبببك‪ ,‬ول تهلكنببا بعببذابك‪ ,‬وعافنببا قبببل‬

‫‪425‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ذلبببك«‪ ,‬ورواه الترمبببذي والبخببباري فبببي كتببباب الدب‪,‬‬
‫والنسائي في اليوم والليلة‪ ,‬والحبباكم فببي مسببتدركه مببن‬
‫حديث الحجاج بن أرطبباة‪ ,‬عببن أبببي مطببر ولببم يسببم بببه‪.‬‬
‫وقال المام أبو جعفر بن جرير‪ :‬حببدثنا أحمببد بببن إسببحاق‬
‫حدثنا أبو أحمد‪ ,‬حدثنا إسرائيل عببن أبيببه‪ ,‬عببن رجببل‪ ,‬عببن‬
‫أبي هريرة رفعه‪ ,‬أنه كان إذا سمع الرعببد قببال‪» :‬سبببحان‬
‫من يسبح الرعد بحمده«‪ ,‬وروي عن علي رضي اللببه عنببه‬
‫أنه كان إذا سمع صوت الرعد يقول‪ :‬سبحان مببن سبببحت‬
‫له‪ ,‬وكذا روي عن ابن عباس وطاوس والسببود بببن يزيببد‪,‬‬
‫أنهم كانوا يقولببون ذلببك‪ .‬وقببال الوزاعببي‪ :‬كببان ابببن أبببي‬
‫زكريا يقببول‪ :‬مببن قببال حيببن يسببمع الرعببد‪ :‬سبببحان اللببه‬
‫وبحمده‪ ,‬لم تصبه صاعقة‪ ,‬وعن عبببد اللببه بببن الزبيببر أنببه‬
‫كان إذا سبمع الرعبد تبرك الحببديث وقبال‪ :‬سببحان الببذي‬
‫يسبح الرعد بحمده والملئكة من خيفتببه‪ ,‬ويقببول‪ِ :‬إن هببذا‬
‫لوعيبببد شبببديد لهبببل الرض‪ ,‬رواه مالبببك فبببي مبببوطئه‪,‬‬
‫والبخببببببببببببببباري فبببببببببببببببي كتببببببببببببببباب الدب‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حببدثنا سببليمان بببن داود الطيالسببي‪,‬‬
‫حدثنا صدقة بن موسى حدثنا محمد بببن واسبع عببن شبتير‬
‫بن نهار‪ ,‬عن أبي هريرة أن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم قال‪» :‬قال ربكم عز وجل‪ :‬لو أن عبيببدي أطبباعوني‬
‫لسقيتهم المطر بالليل‪ ,‬وأطلعت عليهم الشبمس بالنهبار‪,‬‬
‫ولمببا أسببمعتهم صببوت الرعببد«‪ .‬وقببال الطبببراني‪ :‬حببدثنا‬
‫زكريا بن يحيى الساجي‪ ,‬حدثنا أبو كامل الجحببدري‪ ,‬حببدثنا‬
‫يحيى بن كثير أبو النضر‪ ,‬حدثنا عبد الكريببم‪ ,‬حببدثنا عطبباء‬
‫عن ابن عببباس قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسبلم‪ِ» :‬إذا سبمعتم الرعبد فباذكروا اللبه فبإنه ل يصبيب‬
‫ذاكرًا« وقوله تعالى‪} :‬ويرسل الصواعق فيصيب بهببا مببن‬
‫يشاء{ أي يرسلها نقمة ينتقم بها ممن يشبباء‪ ,‬ولهببذا تكببثر‬
‫في آخر الزمان‪ ,‬كما قال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا محمببد بببن‬
‫مصعب‪ ,‬حببدثنا عمببارة عببن أبببي نضببرة‪ ,‬عببن أبببي سببعيد‬
‫الخدري رضي الله عنه أن النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫قببال‪» :‬تكببثر الصببواعق عنببد اقببتراب السبباعة حببتى يببأتي‬

‫‪426‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرجل القوم فيقول‪ :‬من صعق تلكببم الغببداة ؟ فيقولببون‪:‬‬
‫صبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببعق فلن وفلن وفلن«‪.‬‬
‫وقد روي في سبببب نزولهببا مببا رواه الحببافظ أبببو يعلببى‬
‫الموصببلي‪ :‬حببدثنا إسببحاق‪ ,‬حببدثنا علببي بببن أبببي سببارة‬
‫الشيباني‪ ,‬حدثنا ثابت عن أنس أن رسول الله صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم بعث رجل ً مرة إلى رجل مبن فراعنبة العبرب‪,‬‬
‫فقال‪ِ» :‬اذهب فادعه لي«‪ .‬قال‪ :‬فذهب إليه فقال‪ :‬يدعوك‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فقببال لببه‪ :‬مببن رسببول‬
‫الله‪ ,‬وما الله‪ ,‬أمببن ذهببب هببو‪ ,‬أم مببن فضببة هببو‪ ,‬أم مببن‬
‫نحاس هو ؟ قال‪ :‬فرجع إلى رسول اللبه صبلى اللبه عليبه‬
‫وسلم فأخبره‪ ,‬فقال‪ :‬يا رسول الله‪ ,‬قد أخبرتك أنه أعببتى‬
‫من ذلك‪ ,‬قال لي كذا وكذا‪ ,‬فقال لي‪» :‬ارجع إليه الثانيببة«‬
‫فذهب فقال له مثلها‪ ,‬فرجع إلببى رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسول الله قد أخبرتك أنه أعتى مببن‬
‫ذلك‪ ,‬فقال‪» :‬ارجع إليه فادعه« فرجببع إليببه الثالثببة‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫فأعاد عليه ذلك الكلم‪ ,‬فبينما هو يكلمه إذ بعببث اللببه عببز‬
‫وجل سحابة حيال رأسه‪ ,‬فرعببدت فببوقعت منهببا صبباعقة‪,‬‬
‫فببذهب بقحببف رأسببه‪ ,‬فببأنزل اللببه عببز وجببل }ويرسببل‬
‫لية‪ ,‬ورواه ابن جرير من حديث علي بن أبببي‬ ‫الصواعق{ ا َ‬
‫سببببببببببببببببببببببببببببببببببارة بببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫ورواه الحافظ أبو بكر البزار عن عبدة بن عبد اللببه عببن‬
‫يزيد بن هارون‪ ,‬عن ديلم بن غزوان‪ ,‬عن ثابت‪ ,‬عببن أنببس‬
‫فذكر نحوه‪ ,‬وقال‪ :‬حدثنا الحسن بن محمد‪ ,‬حببدثنا عفببان‪,‬‬
‫حدثنا أبان بن يزيببد‪ ,‬حببدثنا أبببو عمببران الجببوني عببن عبببد‬
‫الرحمن بن صحار العبببدي أنببه بلغببه أن النبببي صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم بعثه إلى جبار يدعوه فقال‪ :‬أرأيتم ربكم أذهب‬
‫هو ؟ أم فضة هو ؟ أم لؤلؤ هو ؟ قال‪ :‬فبينما هببو يجببادلهم‬
‫إذ بعث الله سحابة فرعدت‪ ,‬فأرسل عليه صاعقة‪ ,‬فذهبت‬
‫لية‪ .‬وقال أبببو بكببر بببن عيبباش‬ ‫بقحف رأسه‪ ,‬ونزلت هذه ا َ‬
‫عن ليث بن أبي سليم‪ ,‬عن مجاهد قال‪ :‬جاء يهودي فقال‪:‬‬
‫يا محمد أخبرني عن ربك‪ ,‬من أي شيء هو ؟ مببن نحبباس‬

‫‪427‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هو‪ ,‬أم من لؤلؤ أو ياقوت ؟ قال‪ :‬فجاءت صاعقة فأخببذته‪,‬‬
‫ليببببببة‪.‬‬‫وأنببببببزل اللببببببه }ويرسببببببل الصببببببواعق{ ا َ‬
‫وقال قتادة‪ :‬ذكر لنا أن رجل ً أنكر القببرآن‪ ,‬وكببذب النبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم فأرسل الله صاعقة فأهلكته‪ ,‬وأنزل‬
‫لية‪ ,‬وذكروا فببي سبببب نزولهببا‬ ‫الله }ويرسل الصواعق{ ا َ‬
‫قصة عامر بن الطفيل وأربببد بببن ربيعببة‪ ,‬لمببا قببدما علببى‬
‫رسببول اللبه صبلى اللبه عليبه وسبلم المدينببة فسببأله أن‬
‫يجعل لهما نصف المر‪ ,‬فأبى عليهما رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ,‬فقال له عامر بن الطفيل ب لعنببه اللبه بب‪ :‬أمببا‬
‫والله لملنها عليك خيل ً جردا ً ورجال ً مردًا‪ ,‬فقال له رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬يأبى اللببه عليببك ذلببك وأبنبباء‬
‫قيلة« يعني النصببار‪ ,‬ثببم إنهمببا همببا بالفتببك برسببول اللببه‬
‫لخببر‬‫صببلى اللببه عليببه وسببلم فجعببل أحببدهما يخبباطبه‪ ,‬وا َ‬
‫يسبببتل سبببيفه ليقتلبببه مبببن ورائه‪ ,‬فحمببباه اللبببه تعبببالى‬
‫منهماوعصببمه‪ ,‬فخرجببا مببن المدينببة فانطلقببا فببي أحيبباء‬
‫العببرب يجمعببان النبباس لحربببه عليببه الصببلة والسببلم‪,‬‬
‫فأرسل الله على أربد سحابة فيها صاعقة فببأحرقته‪ ,‬وأمببا‬
‫عامر بن الطفيل‪ ,‬فأرسببل اللببه عليببه الطبباعون فخرجببت‬
‫فيه غدة عظيمببة‪ ,‬فجعببل يقببول‪ :‬يببا آل عببامر غببدة كغببدة‬
‫البكر‪ ,‬وموت فببي بيببت سببلولية‪ ,‬حببتى ماتببا لعنهمببا اللببه‪,‬‬
‫وأنزل الله في مثل ذلك }ويرسل الصببواعق فيصببيب بهببا‬
‫من يشاء وهم يجادلون في الله{‪ ,‬وفي ذلك يقول لبيد بن‬
‫ربيعبببببببببببببة أخبببببببببببببو أرببببببببببببببد يرثيبببببببببببببه‪:‬‬
‫أخشى على أربد الحتوف ولأرهببب نببوء السببماك والسببد‬
‫فجعني الرعد والصببواعق بالببببفارس يببوم الكريهببة النجببد‬
‫وقال الحافظ أبو القاسم الطبببراني‪ :‬حببدثنا مسببعدة بببن‬
‫سعيد العطار‪ ,‬حدثنا إبراهيم بن المنببذر الحزامببي‪ ,‬حببدثني‬
‫عبد العزيز بن عمران‪ ,‬حدثني عبد الرحمن وعبد اللببه ابنببا‬
‫زيد بن أسلم عن أبيهما‪ ,‬عببن عطبباء بببن يسببار‪ ,‬عببن ابببن‬
‫عباس أن أربد بن قيس بن جزء بببن جليببد بببن جعفببر بببن‬
‫كلب‪ ,‬وعامر بن الطفيببل بببن مالببك‪ ,‬قببدما المدينببة علببى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فانتهيا إليه وهو جببالس‬

‫‪428‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فجلسا بين يديه‪ ,‬فقال عببامر بببن الطفيببل‪ :‬يببا محمببد‪ ,‬مببا‬
‫تجعل لي إن أسلمت ؟ فقال رسول الله صلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬لك ما للمسلمين وعليك ما عليهببم«‪ .‬قببال عببامر‬
‫بن الطفيل‪ :‬أتجعل لي المر إن أسلمت من بعدك ؟ قببال‬
‫رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬ليببس ذلببك لببك ول‬
‫لن في أعنة خيل‬ ‫لقومك‪ ,‬ولكن لك أعنة الخيل« قال‪ :‬أنا ا َ‬
‫نجد‪ ,‬اجعل لي الوبر ولك المببدر‪ .‬قببال رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬ل«‪ ,‬فلما قفل من عنده قال عامر‪ :‬أمببا‬
‫ل‪ ,‬فقال له رسول الله صلى‬ ‫والله لملنها عليك خيل ً ورجا ً‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬يمنعك الله«‪ ,‬فلمببا خببرج أربببد وعببامر‪,‬‬
‫قال عامر‪ :‬يا أربد‪ ,‬أنا أشغل عنك محمدا ً بالحديث فاضربه‬
‫بالسيف‪ ,‬فإن الناس إذا قتلت محمدا ً لببم يزيببدوا علببى أن‬
‫يرضوا بالدية ويكرهوا الحرب‪ ,‬فنعطيهم الدية‪ .‬قببال أربببد‪:‬‬
‫أفعل‪ ,‬فأقبل راجعين إليه‪ ,‬فقال عامر‪ :‬يا محمد قببم معببي‬
‫أكلمبك‪ ,‬فقببام معببه رسبول اللبه صبلى اللبه عليبه وسبلم‬
‫فجلسا إلى الجدار‪ ,‬ووقف معه رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يكلمه‪ ,‬وسببل أربببد السببيف‪ ,‬فلمببا وضببع يببده علببى‬
‫السيف يبست يده على قائم السببيف‪ ,‬فلببم يسببتطع سببل‬
‫السيف‪ ,‬فأبطأ أربد على عببامر بالضببرب‪ ,‬فببالتفت رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم فرأى أربد وما يصنع‪ ,‬فانصببرف‬
‫عنهما‪ ,‬فلما خرج عامر وأربد من عنببد رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم حتى إذا كانا بالحرة ب حببرة راقببم ب ب نببزل‪,‬‬
‫فخببرج إليهمببا سببعد بببن معبباذ وأسببيد بببن حضببير‪ ,‬فقببال‪:‬‬
‫اشخصا يا عدوي الله لعنكما الله‪ ,‬فقال عامر‪ :‬من هببذا يببا‬
‫سعد ؟ قال‪ :‬هذا أسيد بن حضير الكتائب‪ ,‬فخرجا حببتى ِإذا‬
‫كانا بالرقم‪ ,‬أرسل الله على أربببد صبباعقة فقتلتببه‪ ,‬وخببرج‬
‫عامر حتى إذا كببان بببالخريم أرسببل اللببه قرحببة فأخببذته‪,‬‬
‫فأدركه الليل في بيت امرأة من بني سلول‪ ,‬فجعل يمببس‬
‫قرحتببه فببي حلقببة ويقببول‪ :‬غببدة كغببدة الجمببل فببي بيببت‬
‫سببلولية‪ ,‬ترغببب أن يمببوت فببي بيتهببا‪ ,‬ثببم ركببب فرسببه‬
‫فأحضره حتى مات عليه راجعًا‪ ,‬فببأنزل اللببه فيهمببا }اللببه‬
‫يعلم ما تحمل كل أنثى ب إلى قوله ب وما لهم من دونه من‬

‫‪429‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وال{ قال‪ :‬المعقبات من أمر الله يحفظون محمببدا ً صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ,‬ثم ذكر أربد وما قتله به‪ ,‬فقال }ويرسببل‬
‫الصببببببببببببببببببببببببببببواعق{ ا َ‬
‫ليببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬
‫وقببوله }وهببم يجببادلون فببي ا للببه{ أي يشببكون فببي‬
‫عظمته‪ ,‬وأنه ل إله إل هو‪} ,‬وهو شديد المحال{ قببال ابببن‬
‫جرير‪ :‬شديدة مما حلته في عقوبة من طغببى عليببه‪ ,‬وعتببا‬
‫ليببة شبببيهة بقببوله‪} :‬ومكببروا‬ ‫وتمادى فببي كفببره‪ ,‬وهببذه ا َ‬
‫مكرا ً ومكرنا مكرا ً وهببم ل يشببعرون * فببانظر كيببف كببان‬
‫عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعيببن{‪ ,‬وعببن علببي‬
‫رضي اللببه عنببه }وهببو شببديد المحببال{ أي شببديد الخببذ‪,‬‬
‫وقبببببببببببال مجاهبببببببببببد‪ :‬شبببببببببببديد القبببببببببببوة‪.‬‬

‫ن‬‫جيُبو َ‬ ‫دون ِبهِ ل َ ي َ ْ‬


‫س بت َ ِ‬ ‫مببن ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬‫ن ي َبد ْ ُ‬‫ذي َ‬‫حقّ َوال ّ ِ‬ ‫ه د َعْوَةُ ال ْ َ‬ ‫** ل َ ُ‬
‫و‬
‫مببا هُ ب َ‬‫مببآِء ل ِي َب ْل ُبغَ فَبباهُ وَ َ‬‫ط ك َّفي ْهِ إ َِلى ال ْ َ‬‫س ِ‬ ‫يٍء إ ِل ّ ك ََبا ِ‬
‫ش ْ‬ ‫ل َُهم ب ِ َ‬
‫ل‬‫ضبببببل َ ٍ‬‫ن إ ِل ّ ِفبببببي َ‬ ‫ري َ‬ ‫مبببببا د ُعَبببببآُء ال ْك َبببببافِ ِ‬ ‫ب ِب َبببببال ِغِهِ وَ َ‬
‫قال علببي بببن أبببي طببالب رضببي اللببه عنببه }لببه دعببوة‬
‫الحق{ قال‪ :‬التوحيد‪ ,‬رواه ابببن جريببر‪ .‬وقببال ابببن عببباس‬
‫وقتادة ومالك عن محمد بن المنكدر }له دعببوة الحببق{ ل‬
‫ليبة‪ ,‬أي ومثببل‬ ‫إله إل اللبه }والبذين يببدعون مبن دونبه{ ا َ‬
‫الذين يعبدون آلهة غير الله }كباسط كفيه إلى الماء ليبلببغ‬
‫فاه{‪ .‬قال علي بن أبي طالب‪ :‬كمثبل البذي يتنبباول المباء‬
‫من طرف البئر بيده وهو ل يناله أبدا ً بيده‪ ,‬فكيف يبلغ فاه‬
‫؟ وقال مجاهد }كباسط كفيه{ يدعو الماء بلسانه ويشببير‬
‫إليه فل يأتيه أبدًا‪ ,‬وقيل‪ :‬المراد كقببابض يببده علببى المبباء‪,‬‬
‫فبببإنه ل يحكبببم منبببه علبببى شبببي‪ ,‬كمبببا قبببال الشببباعر‪:‬‬
‫فإني وِإيبباكم وشببوقا ً إليكمكقببابض مبباء لببم تسببقه أنببامله‬
‫لخبببببببببببببببببببببببببببببببر‪:‬‬ ‫وقبببببببببببببببببببببببببببببببال ا َ‬
‫فأصبحت مما كان بيني وبينهامن الود ّ مثببل القببابض المبباء‬
‫باليبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببد‬
‫ومعنى هببذا الكلم أن الببذي يبسببط يببده إلببى المبباء إمببا‬
‫قابضا ً وإما متناول ً له من بعد كما أنه ل ينتفع بالمبباء الببذي‬

‫‪430‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لم يصل إلى فيه الذي جعله محل ً للشرب‪ ,‬فكببذلك هببؤلء‬
‫المشركون الذين يعبدون مع اللببه إله با ً غيببره‪ ,‬ل ينتفعببون‬
‫لخرة‪ ,‬ولهببذا قببال }ومببا دعبباء‬ ‫بهم أبدا ً في الدنيا ول في ا َ‬
‫الكببببببببببببببببافرين إل فببببببببببببببببي ضببببببببببببببببلل{‪.‬‬

‫وع با ً وَك َْره با ً‬


‫ض طَ ْ‬ ‫** َولل ّهِ ي َ ْ‬
‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬
‫سب َ‬‫من ِفي ال ّ‬ ‫جد ُ َ‬
‫س ُ‬
‫ل‬
‫صبببببببببببببببا ِ‬ ‫ظلل ُُهبببببببببببببببم ِبال ُْغبببببببببببببببد ُوّ َوال َ َ‬ ‫وَ ِ‬
‫يخبر تعالى عن عظمته وسلطانه‪ ,‬الذي قهر كل شببيء‪,‬‬
‫ودان له كل شيء‪ ,‬ولهذا يسجد له كببل شببيء طوع با ً مببن‬
‫المببؤمنين وكرهبا ً علببى الكببافرين }وظللهببم بالغببدّو{ أي‬
‫لصال{ وهو جمع أصيل‪ ,‬وهو آخر النهار‪ ,‬كقببوله‬ ‫البكر }وا َ‬
‫تعالى‪} :‬أو لم يببروا إلببى مببا خلببق اللببه مببن شببيء يتفيببؤ‬
‫ليبببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬ ‫ظللبببببببببببببببببببببببببببببببه{ ا َ‬

‫م‬ ‫ل أ ََفات ّ َ‬
‫خ بذ ْت ُ ْ‬ ‫ه ُقبب ْ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ض قُ ِ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫من ّر ّ‬ ‫ل َ‬ ‫** قُ ْ‬
‫ضبّرا ً قُب ْ‬ ‫َ‬
‫ل هَ ب ْ‬
‫ل‬ ‫م ن َْفعا ً وَل َ َ‬ ‫سه ِ ْ‬ ‫ن لن ُْف ِ‬ ‫كو َ‬‫مل ِ ُ‬‫دون ِهِ أوْل َِيآَء ل َ ي َ ْ‬ ‫من ُ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ت َوالّنوُر أ ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫وي الظ ّل ُ َ‬ ‫ست َ ِ‬‫ل تَ ْ‬ ‫م هَ ْ‬‫صيُر أ ْ‬ ‫ى َوال ْب َ ِ‬ ‫م َ‬‫وي العْ َ‬ ‫ست َ ِ‬
‫يَ ْ‬
‫ل‬ ‫م قُ ب ِ‬ ‫خل ْبقُ عَل َي ْهِب ْ‬ ‫ه ال ْ َ‬‫شاب َ َ‬ ‫خل ِْقهِ فَت َ َ‬
‫خل َُقوا ْ ك َ َ‬ ‫كآَء َ‬ ‫شَر َ‬ ‫جعَُلوا ْ لل ّهِ ُ‬ ‫َ‬
‫حببببد ُ ال َْقّهبببباُر‬ ‫وا ِ‬ ‫هببببوَ ال ْ َ‬ ‫يٍء وَ ُ‬‫شبببب ْ‬ ‫ل َ‬ ‫كبببب ّ‬ ‫خببببال ِقُ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫الّلبببب ُ‬
‫يقرر تعالى أنه ل إلببه إل هببو‪ ,‬لنهببم معببترفون بببأنه هببو‬
‫الذي خلق السموات والرض‪ ,‬وهو ربها ومدبرها‪ ,‬وهم مببع‬
‫للهببة ل‬ ‫هذا قد اتخذوا من دونه أوليبباء يعبببدونهم‪ ,‬وأولئك ا َ‬
‫تملك لنفسها ول لعابديها بطريق الولى نفعا ً ول ضرًا‪ ,‬أي‬
‫ل تحصل لهم منفعة ول تدفع عنهم مضببرة‪ ,‬فهببل يسببتوي‬
‫للهة مع الله‪ ,‬ومن عبد الله وحده ل شببريك‬ ‫من عبد هذه ا َ‬
‫له فهو على نور من ربه ؟ ولهذا قببال‪} :‬قببل هببل يسببتوي‬
‫العمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلببوا‬
‫لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهببم{ أي أجعبل‬
‫هؤلء المشركون مع الله آلهببة تنبباظر الببرب وتمبباثله فببي‬
‫الخلق فخلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم فل يدرون أنهببا‬
‫مخلوقة من مخلببوق غيببره أي ليببس المببر كببذلك فببإنه ل‬

‫‪431‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يشابهه شيء‪ ,‬ول يماثله ول ند له ول عدل له ول وزير لببه‬
‫ول ولد ول صاحبة تعالى الله عببن ذلببك علببوا ً كبببيرا ً وإنمببا‬
‫عبد هؤلء المشركون معه آلهة هم معترفون أنها مخلوقببة‬
‫له‪ ,‬عبيد له‪ ,‬كما كانوا يقولون في تلبيتهم‪ :‬لبيببك ل شببريك‬
‫لك‪ ,‬إل شريكا ً هو لك‪ ,‬تملكه وما ملك‪ ,‬وكما أخبرنا تعببالى‬
‫عنهم في قوله‪} :‬ما نعبدهم إل ليقربونا إلببى اللببه زلفببى{‬
‫فأنكر تعالى عليهم ذلك حيث اعتقدوا ذلك‪ ,‬وهببو تعببالى ل‬
‫يشفع أحد عنده إل بإذنه }ول تنفع الشفاعة عنده إل لمببن‬
‫ليببة‪ ,‬وقببال }إن‬ ‫أذن له{ }وكم من ملك في السموات{ ا َ‬
‫كل من في السموات والرض إل آتي الرحمن عبدا ً * لقببد‬
‫أحصاهم وعدهم عدا ً * وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا{ فببإذا‬
‫كان الجميببع عبيببدًا‪ ,‬فلببم يعبببد بعضببهم بعضبا ً بل دليببل ول‬
‫برهان‪ ,‬بل مجرد الرأي والختراع والبتداع‪ ,‬ثم قببد أرسببل‬
‫رسله من أولهم إلى آخرهم‪ ,‬تزجرهببم عببن ذلببك وتنهبباهم‬
‫عن عبادة من سببوى اللببه‪ ,‬فكببذبوهم وخببالفوهم‪ ,‬فحقببت‬
‫عليهببم كلمببة العببذاب ل محالببة }ول يظلببم ربببك أحببدًا{‪.‬‬

‫ل‬ ‫مب َ‬ ‫ها َفا ْ‬


‫حت َ َ‬ ‫ة ب َِقبد َرِ َ‬ ‫ت أ َوْدِي َب ٌ‬ ‫سببال َ ْ‬ ‫مببآًء فَ َ‬ ‫مآِء َ‬ ‫س َ‬‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ِ‬ ‫** أ َن ََز َ‬
‫حل َْيبةٍ‬ ‫ن عَل َي ْهِ ِفي الّنبارِ اب ْت ِغَببآَء ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ُيوقِ ُ‬ ‫م ّ‬‫ل َزَبدا ً ّراِبيا ً وَ ِ‬ ‫سي ْ ُ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫حبقّ َوال َْباط ِب َ‬ ‫َ‬
‫مببا‬ ‫ل فَأ ّ‬ ‫ه ال ْ َ‬
‫ب الل ّب ُ‬ ‫ضبرِ ُ‬ ‫ك يَ ْ‬ ‫ه ك َذ َل ِ َ‬ ‫مث ْل ُ ُ‬‫مَتاٍع َزب َد ٌ ّ‬ ‫أو ْ َ‬
‫ض‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫بي‬ ‫ب‬ ‫ف‬ ‫ث‬‫ُ‬ ‫مك ُ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫س‬ ‫نا‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ين‬ ‫ما‬ ‫ما‬ ‫الزبد فَيذ ْهَب جَفآًء وأ َ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ّ َ ُ َ‬
‫مَثبببببببببببا َ‬
‫ل‬ ‫ه ال ْ‬ ‫ب الّلببببببببببب ُ‬ ‫ضبببببببببببرِ ُ‬ ‫ك يَ ْ‬ ‫كبببببببببببذ َل ِ َ‬ ‫َ‬
‫لية الكريمة على مثلين مضروبين للحببق‬ ‫اشتملت هذه ا َ‬
‫في ثبباته وبقببائه‪ ,‬والباطببل فبي اضبمحلله وفنببائه‪ ,‬فقببال‬
‫تعالى‪} :‬أنزل من السماء ماء{ أي مطرا ً }فسالت أوديببة‬
‫بقدرها{ أي أخذ كل واد بحسبه‪ ,‬فهذا كبير وسع كثيرا ً مببن‬
‫الماء‪ ,‬وهذا صغير وسع بقببدره‪ ,‬وهببو إشببارة إلببى القلببوب‬
‫وتفاوتها‪ ,‬فمنها مببا يسببع علمبا ً كببثيرًا‪ ,‬ومنهببا مببن ل يتسببع‬
‫لكثير من العلوم بببل يضببيق عنهببا }فاحتمببل السببيل زبببدا ً‬
‫رابيًا{ أي فجاء على وجه الماء الذي سال في هذه الودية‬
‫زبببببببببببد عببببببببببال عليببببببببببه‪ ,‬هببببببببببذا مثببببببببببل‪.‬‬

‫‪432‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقوله‪} :‬وممببا يوقببدون عليببه فببي النببار ابتغبباء حليببة أو‬
‫لية‪ ,‬هذا هو المثل الثاني وهو ما يسبببك فببي النببار‬ ‫متاع{ ا َ‬
‫من ذهب أو فضة ابتغاء حليببة‪ ,‬أي ليجعببل حليببة نحبباس أو‬
‫حديد‪ ,‬فيجعل متاعًا‪ ,‬فإنه يعلوه زبد منه كما يعلو ذلك زبببد‬
‫منه }كذلك يضرب الله الحق والباطل{ أي إذا اجتمعببا‪ ,‬ل‬
‫ثبات للباطل ول دوام له‪ ,‬كما أن الزبد ل يثبببت مببع المبباء‬
‫ول مع الذهب والفضة‪ ,‬ونحوهما مما يسبك في النببار‪ ,‬بببل‬
‫يذهب ويضمحل‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬فأما الزبببد فيببذهب جفبباء{‬
‫أي ل ينتفببع بببه بببل يتفببرق ويتمببزق‪ ,‬ويببذهب فببي جببانبي‬
‫الببوادي‪ ,‬ويعلببق بالشببجر‪ ,‬وتنسببفه الريبباح‪ ,‬وكببذلك خبببث‬
‫الذهب والفضة والحديببد والنحبباس‪ ,‬يببذهب ول يرجببع منببه‬
‫شيء ول يبقى إل المبباء‪ ,‬وذلببك الببذهب ونحببوه ينتفببع بببه‪,‬‬
‫ولهذا قال‪} :‬وأما ما ينفع الناس فيمكث في الرض كببذلك‬
‫يضرب الله المثال{ كقوله تعالى‪} :‬وتلك المثال نضببربها‬
‫للناس وما يعقلها إل العالمون{ وقال بعض السلف‪ :‬كنببت‬
‫ِإذا قرأت مثل ً من القرآن فلم أفهمه‪ ,‬بكيت علببى نفسببي‪,‬‬
‫لن اللبببه تعبببالى يقبببول }ومبببا يعقلهبببا إل العبببالمون{‪.‬‬
‫قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعببالى‪:‬‬
‫}أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقببدرها{ ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬هببذا‬
‫مثل ضربه اللببه‪ ,‬احتملببت منببه القلببوب علببى قببدر يقينهببا‬
‫وشكها‪ ,‬فأما الشك فل ينفع معه العمل‪ ,‬وأما اليقين فينفع‬
‫الله به أهله وهو قوله‪} :‬فأما الزبد{ وهو الشك‪} ,‬فيذهب‬
‫جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الرض{ وهو اليقين‪,‬‬
‫وكما يجعل الحلي في النار فيؤخذ خالصه ويترك خبثه في‬
‫النار‪ ,‬فكذلك يقبل الله اليقين ويترك الشك‪ ,‬وقال العوفي‬
‫عن ابن عباس قوله‪} :‬أنزل من السماء ماء فسالت أودية‬
‫بقدرها فاحتمل السيل زبدا ً رابيًا{ يقول‪ :‬احتمل السيل ما‬
‫في الوادي من عود ودمنة }ومما يوقدون عليه في النار{‬
‫فهو الذهب والفضبة والحليبة والمتباع والنحبباس والحديبد‪,‬‬
‫فللنحاس والحديد خبث‪ ,‬فجعل الله مثل خبثه كزبد المبباء‪,‬‬
‫فأما ما ينفع الناس فالذهب والفضة‪ ,‬وأما مببا ينفببع الرض‬
‫فمببا شببربت مببن المبباء فببأنبتت‪ ,‬فجعببل ذاك مثببل العمببل‬

‫‪433‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الصالح يبقى لهله‪ ,‬والعمل السيء يضمحل عن أهله‪ ,‬كما‬
‫يذهب هذا الزبد‪ ,‬وكذلك الهدى والحق جاءا من عنببد اللببه‪,‬‬
‫فمن عمل بالحق كان له وبقي‪ ,‬كما بقي مببا ينفببع النبباس‬
‫في الرض‪ ,‬وكذلك الحديد ل يستطاع أن يعمل منه سكين‬
‫ول سيف حتى يدخل في النار‪ ,‬فتأكل خبثه‪ ,‬ويخببرج جيببده‬
‫فينتفع به‪ ,‬فكذلك يضمحل الباطل‪ ,‬فإذا كبان يبوم القيامبة‬
‫وأقيببم النبباس وعرضببت العمببال‪ ,‬فيزيببغ الباطببل ويهلبك‪,‬‬
‫وينتفع أهل الحق بببالحق‪ ,‬وهكببذا روي فببي تفسببيرها عببن‬
‫مجاهد والحسن البصري وعطاء وقتببادة‪ ,‬وغيببر واحببد مببن‬
‫السبببببببببببببببببببببببببببببلف والخلبببببببببببببببببببببببببببببف‪.‬‬
‫وقببد ضببرب سبببحانه وتعببالى فببي أول سببورة البقببرة‬
‫للمنافقين مثلين‪ :‬ناريبا ً ومائيبا ً وهمبا قبوله }مثلهبم كمثبل‬
‫الذي استوقد نارا ً فلما أضاءت مببا حببوله{ ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬ثببم قببال‬
‫}أو كصيب من السماء فيه ظلمببات ورعببد وبببرق{ ا َ‬
‫ليببة‪,‬‬
‫وهكذا ضرب للكافرين في سورة النببور مثليببن )أحببدهما(‬
‫ليببة‪ ,‬والسببراب‬ ‫قوله }والذين كفروا أعمالهم كسببراب{ ا َ‬
‫إنما يكببون فببي شببدة الحببر‪ ,‬ولهببذا جبباء فببي الصببحيحين‪:‬‬
‫فيقال لليهود يوم القيامة‪ :‬فما تريدون ؟ فيقولون‪ :‬أي ربنا‬
‫عطشنا فاسقنا‪ .‬فيقال‪ :‬أل تردون ؟ فيردون النار فإذا هي‬
‫كسراب يحطم بعضببها بعضبًا‪ .‬ثببم قببال تعببالى فببي المثببل‬
‫لية‪ ,‬وفي الصحيحين‬ ‫لخر‪} :‬أو كظلمات في بحر لجي{ ا َ‬ ‫ا َ‬
‫عن أبي موسى الشعري رضي الله عنببه أن رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬إن مثل ما بعثني الله به مببن‬
‫الهدى والعلم‪ ,‬كمثل غيث أصاب أرضًا‪ ,‬فكان منهببا طائفببة‬
‫قبلببت المبباء فببأنبتت الكل والعشببب الكببثير‪ ,‬وكببانت منهببا‬
‫أجببادب أمسببكت المبباء‪ ,‬فنفببع اللبه بهببا النبباس‪ ,‬فشببربوا‪,‬‬
‫ورعوا‪ ,‬وسقوا‪ ,‬وزرعوا‪ ,‬وأصابت طائفة منهبا أخبرى‪ِ ,‬إنمبا‬
‫هي قيعان ل تمسك ماء ول تنبت كل‪ ,‬فذلك مثل من فقببه‬
‫في دين الله ونفعه الله بما بعثني ونفببع بببه‪ ,‬فعلببم وعلببم‪,‬‬
‫ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ً ولم يقبببل هببدى اللببه الببذي‬
‫لخر الذي‬ ‫أرسلت به« فهذا مثل مائي‪ .‬وقال في الحديث ا َ‬
‫رواه المام أحمببد‪ :‬حببدثنا عبببد الببرزاق‪ ,‬حببدثنا معمببر عببن‬

‫‪434‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫همام بن منبه قال‪ :‬هذا ما حببدثنا أبببو هريببرة عببن رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪» :‬مثلي ومثلكببم كمثببل‬
‫رجل استوقد نارا ً فلما أضبباءت مببا حببوله‪ ,‬جعببل الفببراش‬
‫وهببذه البدواب البتي يقعببن فبي النببار يقعببن فيهببا‪ ,‬وجعببل‬
‫يحجزهن ويغلبنه فيقتحمببن فيهببا ب ب قببال ببب‪ :‬فببذلكم مثلببي‬
‫ومثلكم‪ ,‬أنا آخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار‪ ,‬فتغلبوني‬
‫فتقتحمون فيها« وأخرجاه في الصحيحين أيضًا‪ ,‬فهذا مثببل‬
‫نببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببباري‪.‬‬

‫ه‬ ‫جيُبوا ْ َلبب ُ‬ ‫ست َ ِ‬


‫م يَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬‫ذي َ‬ ‫ى َوال ّ ِ‬ ‫سن َ َ‬‫ح ْ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫جاُبوا ْ ل َِرب ّهِ ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫** ل ِل ّ ِ‬
‫ل َو أ َ‬
‫ه ل َفْت َبد َوْا ْ ب ِب ِ‬
‫ه‬ ‫معَب ُ‬ ‫ه َ‬ ‫مث ْل َب ُ‬
‫ميعبا ً وَ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫ال‬ ‫بي‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫با‬‫ب‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ن لَ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أ ُوْلـئ ِ َ‬
‫َ‬
‫مهَبباد ُ‬
‫س ال ِ‬ ‫م وَب ِئ ْ َ‬ ‫جهَن ّب ُ‬‫م َ‬ ‫م بأَواهُ ْ‬ ‫ب وَ َ‬ ‫سببا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫سوَُء ال ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ك له ُ ْ‬
‫يخبر تعالى عن مآل السعداء والشقياء فقببال‪} :‬للببذين‬
‫اسببتجابوا لربهببم{ أي أطبباعوا اللببه ورسببوله‪ ,‬وانقببادوا‬
‫لتيبببة‪ ,‬فلهبببم‬ ‫لوامبببره‪ ,‬وصبببدقوا أخبببباره الماضبببية وا َ‬
‫}الحسنى{ وهو الجزاء الحسن‪ ,‬كقوله تعالى مخبببرا ً عببن‬
‫ذي القرنين أنه قال‪} :‬أما من ظلم فسوف نعذبه ثببم يببرد‬
‫إلى ربه فيعذبه عذابا ً نكرًا‪ .‬وأمببا مببن آمببن وعمببل صببالحا ً‬
‫فله جزاء الحسنى وسنقول لببه مببن أمرنببا يسببرًا{‪ ,‬وقببال‬
‫تعالى‪} :‬للذين أحسنوا الحسنى وزيادة{‪ .‬وقوله‪} :‬والذين‬
‫لم يستجيبوا له{ أي لم يطيعوا الله‪} ,‬لو أن لهببم مببا فببي‬
‫لخببرة لببو أن يمكنهببم أن‬ ‫الرض جميع بًا{ أي فببي الببدار ا َ‬
‫يفتدوا من عذاب الله بملء الرض ذهبا ً ومثله معه لفتدوا‬
‫به‪ ,‬ولكببن ل يقبببل منهببم‪ ,‬لنببه تعببالى ل يقبببل منهببم يببوم‬
‫القيامة صرفا ً ول عدل ً }أولئك لهم سوء الحساب{ أي في‬
‫لخرة‪ .‬أي يناقشون على النقير والقطمير‪ ,‬والجليببل‬ ‫الدار ا َ‬
‫والحقيببر‪ ,‬ومببن نببوقش الحسبباب عببذب‪ ,‬ولهببذا قببال‬
‫}ومببببببببببببأواهم جهنببببببببببببم وبئس المهبببببببببببباد{‪.‬‬

‫و‬
‫ن هُ ب َ‬ ‫حبقّ ك َ َ‬
‫مب ْ‬ ‫ك ال ْ َ‬
‫مببن َرب ّب َ‬‫ك ِ‬ ‫مآ ُأنبزِ َ‬
‫ل إ ِل َي ْب َ‬ ‫** أ َفَمن يعل َ َ‬
‫م أن ّ َ‬ ‫َ َْ ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫مببببببببا ي ََتببببببببذ َك ُّر أوُْلببببببببوا ْ الل َْبببببببببا ِ‬
‫ب‬ ‫ى إ ِن ّ َ‬
‫مبببببببب َ‬
‫أعْ َ‬
‫‪435‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول تعالى ل يستوي مببن يعلببم مببن النبباس أن الببذي‬
‫}أنزل إليك{ يا محمد }من ربك{ هو الحق الببذي ل شببك‬
‫فيه‪ ,‬ول مرية‪ ,‬ول لبس فيه‪ ,‬ول اختلف فيه‪ ,‬بببل هببو كلببه‬
‫حق يصببدق بعضببه بعضبًا‪ ,‬ل يضبباد شببيء منببه شببيئا ً آخببر‪,‬‬
‫فأخباره كلها حق‪ ,‬وأوامره ونواهيه عدل‪ ,‬كما قال تعببالى‪:‬‬
‫ل{ أي صببدقا ً فببي الخبببار‪,‬‬ ‫}وتمت كلمة ربك صببدقا ً وعببد ً‬
‫وعدل ً في الطلب‪ ,‬فل يستوي من تحقق صدق ما جئت به‬
‫يا محمد‪ ,‬ومن هو أعمى ل يهتدي إلى خير ول يفهمه‪ ,‬ولببو‬
‫فهمه ما انقبباد لببه ول صببدقه ول اتبعببه كقببوله تعببالى‪} :‬ل‬
‫يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنببة‪ ,‬أصببحاب الجنببة هببم‬
‫لية الكريمة‪} :‬أفمن يعلم أنمببا‬ ‫الفائزون{ وقال في هذه ا َ‬
‫أنببزل إليببك مببن ربببك الحببق كمببن هببو أعمببى{ أي أفهببذا‬
‫كهذا ؟ ل استواء‪ .‬وقببوله‪} :‬إنمببا يتببذكر أولببو اللببباب{ أي‬
‫إنما يتعظ ويعتبر ويعقل أولو العقببول السببليمة الصببحيحة‪,‬‬
‫جعلنبببببببببببببببببببا اللبببببببببببببببببببه منهبببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ميَثبباقَ * َوال ّب ِ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫ضو َ‬ ‫ن ب ِعَهْدِ الل ّهِ وَل َ ِينُق ُ‬ ‫ن ُيوُفو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫** ال ّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫خبباُفو َ‬ ‫م وَي َ َ‬‫ن َرب ّهُ ب ْ‬ ‫شو ْ َ‬ ‫خ َ‬ ‫ل وَي َ ْ‬ ‫ص َ‬ ‫ه ب ِهِ أن ُيو َ‬ ‫مَر الل ّ ُ‬ ‫مآ أ َ‬ ‫ن َ‬ ‫صُلو َ‬ ‫يَ ِ‬
‫موا ْ‬ ‫َ‬
‫م وَأَقببا ُ‬ ‫جهِ َرب ِّهبب ْ‬ ‫صب َُروا ْ اب ْت َِغاَء وَ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب * َوال ّ ِ‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫سوَء ال ِ‬ ‫ُ‬
‫سببّرا وَعَل َن َِيبب ً‬‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ة وََيببد َْرُءو َ‬ ‫م ِ‬ ‫مببا َرَزقَْنبباهُ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫صببل َةَ وَأن َْفُقببوا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ُ‬
‫ن‬ ‫عبد ْ ٍ‬ ‫ت َ‬ ‫جّنبا ُ‬ ‫دارِ * َ‬ ‫ى الب ّ‬ ‫َ‬ ‫م عُْقَبب‬ ‫ك ل َُهب ْ‬‫ة أوَْلـبئ ِ َ‬ ‫سي ّئ َ َ‬ ‫سن َةِ ال ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫م وَذ ُّرّيببات ِهِ ْ‬ ‫جِهبب ْ‬ ‫م وَأْزَوا ِ‬ ‫ن آَبببائ ِهِ ْ‬ ‫مبب ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫صببل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مبب ْ‬ ‫خُلون ََها وَ َ‬ ‫َيببد ْ ُ‬
‫مببا‬ ‫م عَل َي ْك ُببم ب ِ َ‬ ‫سل َ ٌ‬ ‫ب* َ‬ ‫ل َبا ٍ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ن عَل َي ْهِ ْ‬ ‫خُلو َ‬ ‫ة ي َد ْ ُ‬ ‫مل َئ ِك َ ُ‬ ‫َوال َ‬
‫دارِ‬ ‫ى البببببببببببب ّ‬ ‫م عُْقب َبببببببببببب َ‬ ‫م فَن ِعْبببببببببببب َ‬ ‫صببببببببببببب َْرت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى مخبرا عمن اتصف بهببذه الصببفات الحميببدة‬ ‫ً‬
‫بأن لهم عقبببى الببدار‪ ,‬وهببي العاقبببة والنصببرة فببي الببدنيا‬
‫لخرة‪} :‬الذين يوفون بعهببد اللببه ول ينقضببون الميثبباق{‬ ‫وا َ‬
‫وليسببوا كالمنببافقين الببذين ِإذا عاهببد أحببدهم غببدر‪ ,‬وإذا‬
‫خاصم فجر‪ ,‬وإذا حببدث كببذب‪ ,‬وإذا ائتمببن خببان }والببذين‬
‫يصببلون مببا أمببر اللببه بببه أن يوصببل{ مببن صببلة الرحببام‬
‫والحسبببان إليهبببم‪ ,‬وإلبببى الفقبببراء والمحاويبببج‪ ,‬وببببذل‬

‫‪436‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المعروف‪} ,‬ويخشون ربهم{ أي فيمببا يببأتون ومببا يببذرون‬
‫مببن العمببال‪ ,‬ويراقبببون اللببه فببي ذلببك‪ ,‬ويخببافون سببوء‬
‫لخببرة‪ ,‬فلهببذا أمرهببم علببى السببداد‬ ‫الحساب فببي الببدار ا َ‬
‫والستقامة في جميع حركاتهم وسكناتهم‪ ,‬وجميع أحوالهم‬
‫القاصرة والمتعدية }والذين صبروا ابتغاء وجببه ربهببم{ أي‬
‫عن المحارم والمآثم‪ ,‬ففطموا أنفسهم عنها لله عببز وجببل‬
‫ابتغاء مرضاته وجزيبل ثببوابه }وأقباموا الصبلة{ بحببدودها‬
‫ومواقيتهببا وركوعهببا وسببجودها وخشببوعها‪ ,‬علببى الببوجه‬
‫الشرعي المرضي }وأنفقوا مما رزقناهم{ أي على الذين‬
‫يجب عليهم النفاق لهم من زوجات وقرابات وأجانب مببن‬
‫فقراء ومحاويج ومساكين }سببرا ً وعلنيببة{ أي فببي السببر‬
‫والجهر‪ ,‬لم يمنعهم من ذلك حال من الحببوال‪ ,‬آنبباء الليببل‬
‫وأطراف النهار }ويدرءون بالحسببنة السببيئة{ أي يببدفعون‬
‫القبيح بالحسببن‪ ,‬فببإذا آذاهببم أحببد قببابلوه بالجميببل صبببرا ً‬
‫واحتمال ً وصفحا ً وعفوًا‪ ,‬كقببوله تعببالى‪} :‬ادفببع بببالتي هببي‬
‫أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميببم * ومببا‬
‫يلقاهببا إل الببذين صبببروا ومببا يلقاهببا إل ذو حببظ عظيببم{‪,‬‬
‫ولهببذا قببال مخبببرا ً عببن هببؤلء السببعداء المتصببفين بهببذه‬
‫الصببفات الحسببنة بببأن لهببم عقبببى الببدار‪ ,‬ثببم فسببر ذلببك‬
‫بقوله‪} :‬جنببات عببدن{ والعببدن القامببة‪ ,‬أي جنببات إقامببة‬
‫يخلدون فيها‪ ,‬وعن عبد اللببه بببن عمببرو أنببه قببال‪ :‬إن فببي‬
‫الجنة قصرا ً يقال لببه عببدن‪ ,‬حببوله البببروج والمببروج‪ ,‬فيببه‬
‫خمسة آلف ببباب‪ ,‬علببى كببل ببباب خمسببة آلف حبببرة‪ ,‬ل‬
‫يبببببببببدخله إل نببببببببببي أو صبببببببببديق أو شبببببببببهيد‪.‬‬
‫وقال الضحاك في قوله‪} :‬جنببات عببدن{‪ :‬مدينببة الجنببة‪,‬‬
‫فيهببا الرسببل والنبيبباء والشببهداء وأئمببة الهببدى‪ ,‬والنبباس‬
‫حولهم بعببد والجنببات حولهببا‪ ,‬رواهمببا ابببن جريببر‪ .‬وقببوله‪:‬‬
‫}ومببن صببلح مببن آبببائهم وأزواجهببم وذريبباتهم{ أي يجمببع‬
‫لباء والهليببن والبنبباء‪ ,‬ممببن‬ ‫بينهم وبين أحبابهم فيها من ا َ‬
‫هو صالح لدخول الجنة مببن المببؤمنين‪ ,‬لتقببر أعينهببم بهببم‬
‫حتى إنه ترفع درجة الدنى إلى درجببة العلببى امتنان با ً مببن‬
‫الله وإحسانا ً من غير تنقيص للعلى عن درجته‪ ,‬كمببا قببال‬

‫‪437‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تعالى‪} :‬والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمببان ألحقنببا بهببم‬
‫ذريتهببببببببببببببببببببببببببببببم{ ا َ‬
‫ليببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬
‫وقوله }والملئكببة يببدخلون عليهببم مببن كببل ببباب سببلم‬
‫عليكم بما صبرتم فنعببم عقبببى الببدار{ أي وتببدخل عليهببم‬
‫الملئكة من ههنا ومببن ههنببا للتهنئة بببدخول الجنببة‪ ,‬فعنببد‬
‫دخولهم إياها تفد عليهم الملئكة مسلمين‪ ,‬مهنئين لهم بما‬
‫حصل لهم من الله من التقريب والنعام والقامة فببي دار‬
‫السلم في جوار الصديقين والنبياء والرسل الكرام‪ .‬وقال‬
‫المام أحمد رحمه الله‪ :‬حببدثنا أبببو عبببد الرحمببن‪ ,‬حببدثني‬
‫سعيد بن أبي أيوب‪ ,‬حدثنا معروف بن سويد الحراني عببن‬
‫أبي عشانة المعافري‪ ,‬عن عبد الله بن عمببرو بببن العبباص‬
‫رضي الله عنهما‪ ,‬عن رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫أنببه قببال‪» :‬هببل تببدرون أول مببن يببدخل الجنببة مببن خلببق‬
‫الله ؟« قالوا‪ :‬الله ورسوله أعلبم‪ .‬قبال‪» :‬أول مبن يبدخل‬
‫الجنة من خلق الله الفقبراء المهباجرون البذين تسبد بهبم‬
‫الثغور‪ ,‬وتتقى بهم المكاره‪ ,‬ويمببوت أحببدهم وحبباجته فببي‬
‫صدره ل يستطيع لها قضاء‪ ,‬فيقول الله تعالى لمببن يشبباء‬
‫من ملئكته‪ :‬ائتوهم فحيوهم‪ ,‬فتقول الملئكة‪ :‬نحن سكان‬
‫سمائك وخيرتك من خلقك‪ ,‬أفتأمرنا أن نأتي هؤلء ونسلم‬
‫عليهم ؟ فيقول‪ :‬إنهم كانوا عبادا ً يعبدونني ل يشركون بببي‬
‫شببيئًا‪ ,‬وتسببد بهببم الثغببور‪ ,‬وتتقببى بهببم المكبباره‪ ,‬ويمببوت‬
‫أحدهم وحاجته في صدره ل يستطيع لها قضاء ب ب قببال ب ب ‪:‬‬
‫فتأتيهم الملئكة عند ذلك فيببدخلون عليهببم مببن كببل ببباب‬
‫}سبببلم عليكبببم بمبببا صببببرتم فنعبببم عقببببى البببدار{«‪.‬‬
‫رواه أبو القاسم الطبراني عببن أحمببد بببن رشببدين‪ ,‬عببن‬
‫أحمد بن صالح‪ ,‬عن عبببد اللببه بببن وهببب‪ ,‬عببن عمببرو بببن‬
‫الحارث‪ ,‬عن أبي عشببانة سببمع عبببد اللببه بببن عمببرو عببن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬أول ثلة يدخلون الجنببة‬
‫فقراء المهبباجرين الببذين تتقببى بهببم المكبباره‪ ,‬وإذا أمببروا‬
‫سمعوا وأطاعوا‪ ,‬وإن كانت لرجل منهم حاجة إلى سلطان‬
‫لم تقض حتى يموت وهي في صدره‪ ,‬وإن الله يببدعو يببوم‬
‫القيامة الجنة فتأتي بزخرفها وزينتها‪ ,‬فيقببول‪ :‬أيببن عبببادي‬

‫‪438‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الذين قاتلوا في سبيلي‪ ,‬وأوذوا في سبببيلي‪,‬وجاهببدوا فببي‬
‫سبببيلي ؟ ادخلببوا الجنببة بغيببر عببذاب ول حسبباب‪ .‬وتببأتي‬
‫الملئكببة فيسببجدون ويقولببون‪ :‬ربنببا نحببن نسبببح بحمببدك‬
‫الليل والنهار‪ ,‬ونقدس لك من هؤلء الذين آثرتهببم علينببا ؟‬
‫فيقول الرب عز وجببل‪ :‬هببؤلء عبببادي الببذين جاهببدوا فببي‬
‫سبيلي‪ ,‬وأوذوا في سبيلي‪ ,‬فتدخل عليهم الملئكة من كل‬
‫ببباب‪} :‬سببلم عليكببم بمببا صبببرتم فنعببم عقبببى الببدار{‪.‬‬
‫وقال عبد الله بن المبببارك عببن بقيببة بببن الوليببد‪ :‬حببدثنا‬
‫أرطاة بن المنذر‪ ,‬سمعت رجل ً من مشيخة الجند يقال لببه‬
‫أبببو الحجبباج يقببول‪ :‬جلسببت إلببى أبببي أمامببة فقببال‪ :‬إن‬
‫المؤمن ليكون متكئا ً على أريكتببه إذا دخببل الجنببة‪ ,‬وعنببده‬
‫سماطان من خدم‪ ,‬وعند طببرف السببماطين ببباب مبببوب‪,‬‬
‫فيقبل الملك فيسببتأذن فيقببول للببذي يليببه ملببك يسببتأذن‪,‬‬
‫ويقببول الببذي يليببه للببذي يليببه ملببك يسببتأذن‪ ,‬حببتى يبلببغ‬
‫المؤمن فيقول‪ :‬ائذنوا‪ ,‬فيقول أقربهم للمؤمن‪ :‬ائذنببوا لببه‪,‬‬
‫ويقول الذي يليه للذي يليه‪ :‬ائذنوا له‪ ,‬حببتى يبلببغ أقصبباهم‬
‫الذي عند الباب‪ ,‬فيفتح لببه‪ ,‬فيببدخل فيسببلم ثببم ينصببرف‪,‬‬
‫رواه ابن جرير‪ .‬ورواه ابن أبي حاتم من حببديث إسببماعيل‬
‫بن عياش‪ ,‬عن أرطاة بن المنذر عن أبببي الحجبباج يوسببف‬
‫اللهاني قال‪ :‬سمعت أبا أمامة فذكر نحوه‪ .‬وقبد جبباء فبي‬
‫الحديث أن رسول الله صلى الله عليببه وسببلم كببان يببزور‬
‫قبور الشببهداء فببي رأس كببل حببول فيقببول لهببم‪} :‬سببلم‬
‫عليكم بمببا صبببرتم فنعببم عقبببى الببدار{ وكببذلك أبببو بكببر‬
‫وعمببببببببببببببببببببببببببببببر وعثمببببببببببببببببببببببببببببببان‪.‬‬

‫مببآ‬
‫ن َ‬ ‫ميَثاقِهِ وَي َْقط َعُببو َ‬
‫من ب َعْدِ ِ‬ ‫ن عَهْد َ الل ّهِ ِ‬‫ضو َ‬ ‫ن َينُق ُ‬
‫ذي َ‬‫** َوال ّ ِ‬
‫م‬ ‫ض أ ُوَْلـبئ ِ َ‬
‫ك ل َُهب ُ‬ ‫ن ِفبي الْر ِ‬ ‫دو َ‬ ‫سب ُ‬ ‫صب َ‬
‫ل وَي ُْف ِ‬
‫َ‬
‫ه ب ِهِ أن ُيو َ‬ ‫مَر الل ّ ُ‬
‫َ‬
‫أ َ‬
‫دارِ‬
‫سببببببببببببوَُء البببببببببببب ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ة وَل َُهبببببببببببب ْ‬‫الل ّعَْنبببببببببببب ُ‬
‫لخببرة‪,‬‬ ‫هذا حال الشقياء وصفاتهم‪ ,‬وذكر مببا لهببم فببي ا َ‬
‫ومصيرهم إلى خلف مببا صببار إليببه المؤمنببون‪ ,‬كمببا أنهببم‬
‫اتصفوا بخلف صببفاتهم فبي الببدنيا‪ ,‬فببأولئك كبانوا يوفبون‬

‫‪439‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بعهببد اللببه‪ ,‬ويصببلون مببا أمببر اللببه بببه أن يوصببل‪ ,‬وهببؤلء‬
‫}ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمببر اللببه‬
‫به أن يوصل ويفسدون في الرض{ كما ثبت في الحببديث‬
‫»آية المنافق ثلث‪ :‬إذا حدث كذب‪ ,‬وإذا وعببد أخلببف‪ ,‬وإذا‬
‫اؤتمببن خببان«‪ .‬وفببي روايببة »وإذا عاهببد غببدر وإذا خاصببم‬
‫فجر«‪ ,‬ولهذا قال }أولئك لهببم اللعنببة{ وهببي البعبباد عببن‬
‫الرحمة‪} ,‬ولهم سوء الدار{ وهببي سببوء العاقبببة والمببآل‪,‬‬
‫}ومأواهم جهنم وبئس المهاد{‪ .‬وقال أبو العالية في قوله‬
‫لية‪ ,‬قال‪ :‬هببي سببت‬ ‫تعالى‪} :‬والذين ينقضون عهد الله{ ا َ‬
‫خصال في المنافقين‪ ,‬إذا كان فيهم الظهببرة علببى النبباس‬
‫أظهروا هذه الخصال‪ :‬إذا حدثوا كذبوا‪ ,‬وإذا وعدوا أخلفببوا‪,‬‬
‫وإذا ائتمنببوا خببانوا‪ ,‬ونقضببوا عهببد اللببه مببن بعببد ميثبباقه‪,‬‬
‫وقطعوا ما أمر الله بببه أن يوصببل‪ ,‬وأفسببدوا فببي الرض‪,‬‬
‫وإذا كببانت الظهببرة عليهببم أظهببروا الثلث الخصببال‪ :‬إذا‬
‫حببدثوا كببذبوا‪ ,‬وإذا وعببدوا أخلفببوا‪ ,‬وإذا اؤتمنببوا خببانوا‪.‬‬

‫ة‬ ‫حببوا ْ ِبال ْ َ‬


‫حي َببا ِ‬ ‫شبآُء وَي ََقبدُِر وَفَرِ ُ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫مب ْ‬
‫ط البّرْزقَ ل ِ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ه ي َب ْ ُ‬‫** الل ّ ُ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬‫ل ال ّب ِ‬ ‫مَتاعٌ * وَي َُقو ُ‬ ‫خَرةِ إ ِل ّ َ‬ ‫حَياةُ الد ّن َْيا ِفي ال َ ِ‬ ‫ما ال ْ َ‬ ‫الد ّن َْيا وَ َ‬
‫ُ‬
‫مببن‬ ‫ل َ‬ ‫ضب ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ن الل ّب َ‬
‫ل إِ ّ‬‫من ّرب ّبهِ قُ ب ْ‬ ‫ة ّ‬‫ل عَل َي ْهِ آي َ ٌ‬
‫ك ََفُروا ْ ل َوْل َ أنزِ َ‬
‫ب‬ ‫شبببببببببآُء ويهبببببببببدي إل َيبببببببببه مببببببببب َ‬ ‫يَ َ‬
‫ن أَنبببببببببا َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ َ ِ ْ‬ ‫ََْ‬
‫يذكر تعالى أنه هو الذي يوسببع الببرزق علببى مببن يشبباء‪,‬‬
‫ويقتر على من يشاء‪ ,‬لما له في ذلك من الحكمة والعدل‪,‬‬
‫وفرح هؤلء الكفار بما أوتبوا مبن الحيباة البدنيا اسبتدراجا ً‬
‫ل‪ ,‬كما قال‪} :‬أيحسبون أنما نمدهم به مببن مببال‬ ‫لهم وإمها ً‬
‫وبنين نسارع لهم في الخيرات بببل ل يشببعرون{ ثببم حقببر‬
‫الحياة الدنيا بالنسبة إلى ما ادخره تعالى لعباده المببؤمنين‬
‫لخببرة إل‬ ‫لخرة‪ ,‬فقال‪} :‬وما الحياة الدنيا فببي ا َ‬ ‫في الدار ا َ‬
‫لخرة خيببر لمببن‬ ‫متاع{‪ ,‬كما قال‪} :‬قل متاع الدنيا قليل وا َ‬
‫ل{‪ .‬وقال‪} :‬بل تؤثرون الحياة الببدنيا‬ ‫اتقى ول تظلمون فتي ً‬
‫لخببرة خيببر وأبقببى{‪ .‬وقببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا وكيببع‬ ‫وا َ‬
‫ويحيى بن سعيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا إسماعيل بببن أبببي خالببد عببن‬

‫‪440‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قيس‪ ,‬عن المستودر أخي بني فهر قال‪ :‬قال رسببول اللببه‬
‫لخرة إل كما يجعببل‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬ما الدنيا في ا َ‬
‫احدكم أصبعه هذه فببي اليببم‪ ,‬فلينظببر بببم ترجببع« وأشببار‬
‫لخببر أن‬‫بالسبابة‪ ,‬رواه مسلم في صحيحه‪ .‬وفي الحديث ا َ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم مببر بجببدي أسببك ميببت‪,‬‬
‫والسك الصغير الذنين‪ ,‬فقال‪» :‬واللببه للببدنيا أهببون علببى‬
‫اللبببببه مبببببن هبببببذا علبببببى أهلبببببه حيبببببن ألقبببببوه«‪.‬‬

‫َ‬
‫م ب ِبذِك ْرِ الّلبهِ أل َ ب ِبذِك ْرِ الّلبهِ‬ ‫ن قُُلبوب ُهُ ْ‬‫مئ ِ ّ‬‫من ُببوا ْ وَت َط ْ َ‬
‫نآ َ‬ ‫** ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫ى‬ ‫حا ِ ُ‬ ‫مل ُببوا ْ ال ّ‬
‫من ُببوا ْ وَعَ ِ‬ ‫ب * ال ّ ِ‬ ‫ن ال ُْقُلو ُ‬ ‫ت َط ْ َ‬
‫ت طببوب َ َ‬ ‫صببال ِ َ‬ ‫نآ َ‬
‫ذي َ‬ ‫مئ ِ ّ‬
‫ب‬
‫مبببببببببببببببببببآ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫سببببببببببببببببببب ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫م وَ ُ‬ ‫ل َُهببببببببببببببببببب ْ‬
‫يخبر تعالى عببن قيببل المشببركين }لببول{ أي هل }أنببزل‬
‫عليببه آيببة مببن ربببه{‪ ,‬كقببولهم }فليأتنببا بآيببة كمببا أرسببل‬
‫الولون{‪ .‬وقد تقدم الكلم على هببذا غيببر مببرة‪ ,‬وأن اللببه‬
‫قادر على إجابة ما سألوا‪ ,‬وفي الحديث إن الله أوحى إلى‬
‫رسوله لما سألوه أن يحول لهببم الصببفا ذهب بًا‪ ,‬وأن يجببري‬
‫لهم ينبوعًا‪ ,‬وأن يزيح الجبال من حول مكة‪ ,‬فيصير مكانهببا‬
‫مروج وبساتين‪ :‬إن شببئت يببا محمببد أعطيتهببم ذلببك‪ ,‬فببإن‬
‫كفروا أعذبهم عذابا ً ل أعذبه أحدا ً من العالمين‪ ,‬وإن شئت‬
‫فتحت عليهم باب التوبة والرحمة‪ ,‬فقببال‪» :‬بببل تفتبح لهبم‬
‫باب التوبة والرحمة«‪ ,‬ولهذا قببال لرسببوله‪} :‬قببل إن اللببه‬
‫يضل مببن يشبباء ويهببدي إليببه مببن أنبباب{ أي هببو المضببل‬
‫والهادي سواء بعث الرسول بآية على وفق ما اقببترحوا أو‬
‫لم يجبهم إلى سؤالهم‪ ,‬فإن الهداية والضلل ليس منوطا ً‬
‫ليببات والنببذر عببن‬ ‫بذلك ول عدمه‪ ,‬كما قال‪} :‬ومببا تغنببي ا َ‬
‫قوم ل يؤمنون{ وقال‪} :‬إن الذين حقت عليهم كلمة ربببك‬
‫ل يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حببتى يببروا العببذاب الليببم{‬
‫وقببال‪} :‬ولببو أننببا نزلنببا إليهببم الملئكببة وكلمهببم المببوتى‬
‫وحشرنا عليهم كل شيء قبل ً ما كانوا ليؤمنوا إل أن يشبباء‬
‫الله ولكن أكببثرهم يجهلببون{‪ ,‬ولهببذا قببال‪} :‬قببل إن اللببه‬
‫يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب{ أي ويهدي إليببه مببن‬

‫‪441‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أناب إلى الله ورجع إليه واستعان به وتضرع لديه }الببذين‬
‫آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر اللببه{ أي تطيببب وتركببن إلببى‬
‫جانب الله‪ ,‬وتسكن عند ذكره‪ ,‬وترضى به مببولى ونصببيرًا‪,‬‬
‫ولهذا قال‪} :‬أل بذكر الله تطمئن القلببوب{ أي هببو حقيببق‬
‫ببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببذلك‪.‬‬
‫وقببوله‪} :‬الببذين آمنببوا وعملببوا الصببالحات طببوبى لهببم‬
‫وحسن مآب{ قال ابن أبي طلحة عببن ابببن عببباس‪ :‬فببرح‬
‫وقرة عين‪ .‬وقال عكرمببة‪ :‬نعببم مببا لهببم‪ .‬وقببال الضببحاك‪:‬‬
‫غبطة لهم‪ .‬وقال إبراهيم النخعي‪ :‬خير لهببم‪ .‬وقببال قتببادة‪:‬‬
‫هي كلمة عربية‪ ,‬يقول الرجل‪ :‬طوبى لك‪ ,‬أي أصبت خيرًا‪.‬‬
‫وقال في رواية‪ :‬طوبى لهم حسنى لهم‪} ,‬وحسببن مببآب{‬
‫أي مرجع‪ ,‬وهذه القوال شيء واحد‪ ,‬ل منافاة بينها‪ .‬وقببال‬
‫سعيد بن جبير عن ابببن عببباس }طببوبى لهببم{ قببال‪ :‬هببي‬
‫أرض الجنة بالحبشية‪ ,‬وقببال سببعيد بببن مسببجوح‪ :‬طببوبى‬
‫اسم الجنة بالهندية‪ ,‬وكذا روى السدي عن عكرمة‪ :‬طوبى‬
‫لهم هي الجنة‪ ,‬وبه قببال مجاهببد‪ .‬وقببال العببوفي عببن ابببن‬
‫عباس‪ :‬لما خلق الله الجنة وفرغ منها‪ ,‬قال‪} :‬الذين آمنببوا‬
‫وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسببن مببآب{ وذلببك حيببن‬
‫أعجبتبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫وقببال ابببن جريببر حببدثنا ابببن حميببد‪ ,‬حببدثنا يعقببوب عببن‬
‫جعفر‪ ,‬عن شهر بن حوشب قال‪ :‬طوبى شجرة في الجنة‪,‬‬
‫كل شجر الجنة منها‪ ,‬أغصانها من وراء سور الجنة‪ ,‬وهكببذا‬
‫روي عن أبي هريرة وابن عباس ومغيث بن سليمان وأبي‬
‫إسحاق السبيعي‪ ,‬وغير واحد من السلف أن طوبى شجرة‬
‫في الجنة في كل دار منها غصببن منهببا‪ .‬وذكببر بعضببهم أن‬
‫الرحمن تبارك وتعالى غرسها بيده من حبة لؤلؤة‪ ,‬وأمرهببا‬
‫أن تمتببد‪ ,‬فامتببدت إلببى حيببث يشبباء اللببه تبببارك وتعببالى‪,‬‬
‫وخرجت من أصبلها ينببابيع أنهببار الجنببة مببن عسببل وخمببر‬
‫وماء ولبن‪ .‬وقد قال عبد الله بن وهببب‪ :‬حببدثنا عمببرو بببن‬
‫الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم‪ ,‬عن أبي‬
‫سعيد الخدري‪ ,‬مرفوعا ً »طوبى شجرة في الجنببة مسببيرة‬
‫مببائة سببنة‪ ,‬ثيبباب أهببل الجنببة تخببرج مببن أكمامهببا«‪.‬‬

‫‪442‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا حسن بن موسى‪ ,‬سمعت عبببد‬
‫الله بن لهيعة‪ ,‬حدثنا دراج أبو السببمح أن أبببا الهيثببم حببدثه‬
‫عن أبي سعيد الخدري‪ ,‬عن رسول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم أن رجل ً قال‪ :‬يا رسول الله‪ :‬طوبى لمن رآك وآمببن‬
‫بك‪ ,‬قال‪» :‬طوبى لمن رآني وآمن بي‪ ,‬وطوبى ثببم طببوبى‬
‫ثم طوبى لمن آمن بببي ولببم يرنببي« قببال لببه رجببل‪ :‬ومببا‬
‫طوبى ؟ قال‪» :‬شجرة في الجنة مسيرتها مائة عام ثيبباب‬
‫أهل الجنة تخببرج مببن أكمامهببا«‪ .‬وروى البخبباري ومسببلم‬
‫جميعا ً عن إسحاق بن راهويه‪ ,‬عن مغيرة المخزومببي عببن‬
‫وهيب عن أبي حازم‪ ,‬عن سهل بن سعد رضببي اللببه عنببه‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬إن في الجنببة‬
‫شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ل يقطعها« قببال‪:‬‬
‫فحدثت به النعمان بن أبي عياش الزرقي‪ ,‬فقببال‪ :‬حببدثني‬
‫أبو سعيد الخدري عن النبي صلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪:‬‬
‫»إن فببي الجنببة شببجرة يسببير الراكببب الجببواد المضببمر‬
‫السببببببببريع مببببببببائة عببببببببام مببببببببا يقطعهببببببببا«‪.‬‬
‫وفي صحيح البخاري من حديث يزيد بن زريع عن سعيد‪,‬‬
‫عن قتادة‪ ,‬عن أنس رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول اللببه‬
‫صببلى اللببه عليببه وسببلم فببي قببول اللببه تعببالى‪} :‬وظببل‬
‫ممدود{ قال‪» :‬في الجنة شجرة يسير الراكب فببي ظلهببا‬
‫مائة عام ل يقطعها«‪ .‬وقببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا سببريج‪,‬‬
‫حدثنا فليح عن هلل بن علي‪ ,‬عبن عببد الرحمبن ببن أببي‬
‫عمرة‪ ,‬عن أبي هريرة قال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪» :‬في الجنة شجرة يسببير الراكببب فببي ظلهببا‬
‫مائة سنة‪ ,‬اقرأوا إن شئتم }وظل ممببدود{‪ .‬أخرجبباه فببي‬
‫الصحيحين‪ .‬وفي لفظ لحمد أيضًا‪ :‬حدثنا محمد بببن جعفببر‬
‫وحجاج‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ :‬سمعت أبا الضحاك يحدث عببن‬
‫أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قببال‪» :‬إن‬
‫في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين ب أو مببائة‬
‫سنة ب هي شجرة الخلبد«‪ .‬وقبال محمبد ببن إسببحاق عبن‬
‫يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن أسببماء‬
‫بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت‪ :‬سمعت رسببول اللببه‬

‫‪443‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ذكر سدرة المنتهى‪ ,‬فقببال‪» :‬يسببير‬
‫في ظل الغصن منها الراكب مائة سنة ب أو قال ب يسببتظل‬
‫في الفنن منها مائة راكب‪ ,‬فيها فراش الذهب كأن ثمرهببا‬
‫القلل« رواه الترمببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببذي‪.‬‬
‫وقال إسماعيل بن عيبباش عببن سببعيد بببن يوسببف‪ ,‬عببن‬
‫يحيى بن أبي كثير‪ ,‬عن أبي سلم السود قال‪ :‬سمعت أبببا‬
‫أمامببة الببباهلي قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬ما منكم من أحد يدخل الجنة إل انطلببق بببه إلببى‬
‫طوبى‪ ,‬فتفتح له أكمامها فيأخذ من أي ذلك شاء‪ ,‬إن شبباء‬
‫أبيض وإن شبباء أحمببر‪ ,‬وإن شبباء أصببفر‪ ,‬وإن شبباء أسببود‬
‫مثببل شببقائق النعمببان وأرق وأحسببن«‪ ,‬وقببال المببام أبببو‬
‫جعفر بن جرير‪ :‬حدثنا محمد بن عبد العلى‪ ,‬حببدثنا محمببد‬
‫بن ثور عن معمر‪ ,‬عن أشعث بن عبد الله‪ ,‬عببن شببهر بببن‬
‫حوشب‪ ,‬عببن أبببي هريببرة رضببي اللببه عنببه‪ ,‬قببال‪ :‬طببوبى‬
‫شجرة في الجنة‪ ,‬يقول الله لها‪ :‬تفتقي لعبدي عمببا شبباء‪,‬‬
‫فتفتق له عن الخيل بسروجها ولجمها‪ ,‬وعن البل بأزمتها‪,‬‬
‫وعمببببببببببببا شبببببببببببباء مببببببببببببن الكسببببببببببببوة‪.‬‬
‫وقد روى ابن جرير عن وهب بببن منبببه ههنببا أثببرا ً غريببا ً‬
‫عجيبًا‪ ,‬قال وهب رحمه الله‪ :‬إن في الجنة شجرة يقال لها‬
‫طوبى‪ ,‬يسير الراكب في ظلها مائة عام ل يقطعها‪ ,‬زهرها‬
‫رياط‪ ,‬وورقها برود‪ ,‬وقضبببانها عنبببر‪ ,‬وبطحاؤهببا يببا قببوت‪,‬‬
‫وترابها كافور‪ ,‬ووحلها مسك‪ ,‬يخرج من أصلها أنهار الخمر‬
‫واللبن والعسل‪ ,‬وهي مجلس لهل الجنة‪ ,‬فبينمببا هببم فببي‬
‫مجلسهم إذ أتتهم ملئكة من ربهم يقودون نجبا ً مزمومببة‪,‬‬
‫بسلسل من ذهب‪ ,‬وجوهها كالمصابيح حسنًا‪ ,‬ووبرها كخز‬
‫المرعببزي مببن لينببه‪ ,‬عليهببا رحببال ألواحهببا مببن يبباقوت‪,‬‬
‫ودفوفها من ذهب‪ ,‬وثيابها من سندس وإستبرق‪ ,‬فينيخونها‬
‫يقولبون‪ :‬إن ربنبا أرسبلنا إليكبم لبتزوروه وتسبلموا عليبه‪.‬‬
‫قببال‪ :‬فيركبونهببا فهببي أسببرع مببن الطببائر‪ ,‬وأوطببأ مببن‬
‫الفراش‪ ,‬نجبا ً من غير مهنة‪ ,‬يسير الرجل إلى جنببب أخيببه‬
‫لخببرى‪,‬‬ ‫وهو يكلمه ويناجيه‪ ,‬ل تصيب أذن راحلة منها أذن ا َ‬
‫ول برك رحلة برك الخرى‪ ,‬حتى إن الشجرة لتتنحببى عببن‬

‫‪444‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫طريقهم لئل تفرق بين الرجببل وأخيببه‪ ,‬قببال‪ :‬فيببأتون إلببى‬
‫الرحمببن الرحيببم فيسببفر لهببم عببن وجهببه الكريببم حببتى‬
‫ينظروا إليببه‪ ,‬فببإذا رأوه قببالوا‪ :‬اللهببم أنببت السببلم ومنببك‬
‫السلم وحق لك الجلل والكرام‪ ,‬قال‪ :‬فيقول تعببالى عنببد‬
‫ذلببك‪ :‬أنببا السببلم ومنببي السببلم وعليكببم حقببت رحمببتي‬
‫ومحبببتي‪ ,‬مرحببا ً بعبببادي الببذين خشببوني بغيببب وأطبباعوا‬
‫أمري‪ ,‬قال‪ :‬فيقولون‪ :‬ربنبا لبم نعببدك حبق عبادتبك‪ ,‬ولبم‬
‫نقدرك حق قدرك‪ ,‬فأذن لنببا فببي السببجود قببدامك‪ .‬قببال‪:‬‬
‫فيقول الله‪ :‬إنها ليست بببدار نصببب ول عبببادة‪ ,‬ولكنهببا دار‬
‫ملك ونعيم‪ ,‬وإني قد رفعت عنكم نصب العبادة‪ ,‬فسببلوني‬
‫ما شئتم‪ ,‬فإن لكل رجل منكم أمنيتببه‪ ,‬فيسببألونه حببتى أن‬
‫أقصرهم أمنية ليقول‪ :‬ربي تنافس أهل الببدنيا فبي دنيباهم‬
‫فتضايقوا فيها رب فآتني مثل كل شيء كانوا فيها من يوم‬
‫خلقتهببا إلببى أن انتهببت الببدنيا‪ ,‬فيقببول اللببه تعببالى‪ :‬لقببد‬
‫قصرت بببك أمنيتببك‪ ,‬ولقببد سببألت دون منزلتببك‪ ,‬هببذا لببك‬
‫مني‪ ,‬وسأتحفك بمنزلتي لنببه ليببس فببي عطببائي نكببد ول‬
‫قصر يد‪ ,‬قال‪ :‬ثم يقول‪ :‬اعرضوا على عبببادي مببا لببم يبلببغ‬
‫أمانيهم‪ ,‬ولم يخطر لهم على بال‪ ,‬قال‪ :‬فيعرضببون عليهببم‬
‫حتى تقصر بهم أمانيهم الببتي فببي أنفسببهم‪ ,‬فيكببون فيمببا‬
‫يعرضون عليهم براذين مقرنة‪ ,‬على كل أربعة منها سببرير‬
‫من ياقوتة واحدة‪ ,‬علبى كبل سبرير منهبا قببة مبن ذهبب‪,‬‬
‫مفرغة في كل قبة منها فرش من فرش الجنة‪ ,‬متظبباهرة‬
‫في كل قبة منها جاريتان من الحور العين‪ ,‬على كل جارية‬
‫منهن ثوبان من ثياب الجنة‪ ,‬وليس في الجنة لون إل وهببو‬
‫فيهمببا‪ ,‬ول ريببح ول طيببب إل قببد عبببق بهمببا‪ ,‬ينفببذ ضببوء‬
‫وجوههما غلببظ القبببة حببتى يظببن مببن يراهمببا أنهمببا دون‬
‫القبة‪ ,‬يرى مخهما من فوق سوقهما كالسلك البيببض فببي‬
‫ياقوتة حمراء يريان له من الفضببل علببى صبباحبته كفضببل‬
‫الشمس على الحجارة أو أفضل‪ ,‬ويرى هو لهما مثل ذلببك‬
‫ويدخل إليهما فيحييانه‪ ,‬ويقبلنه‪ ,‬ويتعلقان به‪ ,‬ويقولن لببه‪:‬‬
‫والله ما ظننببا أن اللببه يخلببق مثلببك ثببم يببأمر اللببه تعببالى‬
‫الملئكة فيسيرون بهم صببفا ً فببي الجنببة حببتى ينتهببي كببل‬

‫‪445‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رجل منهم إلى منزلته التي أعدت له‪ ,‬وقد روى هببذا الثببر‬
‫ابن أبي حاتم بسنده عببن وهببب بببن منبببه‪ ,‬وزاد‪ :‬فببانظروا‬
‫إلى موهوب ربكم الذي وهببب لكببم‪ ,‬فببإذا هببو بقببباب فببي‬
‫الرفيق العلى‪ ,‬وغرف مبنية من الببدر والمرجببان‪ ,‬أبوابهببا‬
‫مببن ذهببب‪ ,‬وسببررها مببن يبباقوت‪ ,‬وفرشببها مببن سببندس‬
‫وإستبرق‪ ,‬ومنابرها من نور يفور من أبوابها‪ ,‬وعراصها نور‬
‫مثل شعاع الشمس عنده مثل الكوكب الببدري فببي النهببار‬
‫المضببيء‪ ,‬وإذا بقصببور شببامخة فببي أعلببى علييببن مببن‬
‫الياقوت يزهو نورها‪ ,‬فلول أنه مسببخر إذا ً للتمببع البصببار‪,‬‬
‫فمببا كببان مببن تلببك القصببور مببن اليبباقوت البيببض فهببو‬
‫مفببروش بببالحرير البيببض‪ ,‬ومببا كببان فيهببا مببن اليبباقوت‬
‫الحمر فهو مفروش بالعبقري الحمر‪ ,‬وما كببان فيهببا مببن‬
‫الياقوت الخضر فهو مفروش بالسندس الخضر‪ ,‬وما كان‬
‫فيها من الياقوت الصفر فهو مفروش بالرجوان الصببفر‪,‬‬
‫مبوبة بالزمرد الخضر والببذهب الحمببر والفضببة البيضبباء‪,‬‬
‫قوائمها وأركانها مببن الجببوهر‪ ,‬وشببرفها قببباب مببن لؤلببؤ‪,‬‬
‫وبروجهببا غببرف مببن المرجببان‪ ,‬فلمببا انصببرفوا إلببى مببا‬
‫أعطاهم ربهم‪ ,‬قربت لهم براذين من ياقوت أبيض‪ ,‬منفوخ‬
‫فيها الروح‪ ,‬تجنبها الولدان المخلدون بيببد كببل وليببد منهببم‬
‫حكمة برذون من تلك البراذين‪ ,‬ولجمها وأعنتها مببن فضببة‬
‫بيضاء منظومة بالببدر واليبباقوت‪ ,‬سببروجها سببرر موضببونة‬
‫مفروشببة بالسببندس والسببتبرق‪ ,‬فببانطلقت بهببم تلببك‬
‫البراذين تزف بهم ببطببن ريبباض الجنببة‪ ,‬فلمببا انتهببوا إلببى‬
‫منببازلهم‪ ,‬وجببدوا الملئكببة قعببودا ً علببى منببابر مببن نببور‬
‫ينتظرونهم ليزوروهم ويصافحوهم ويهنئوهم كرامببة ربهببم‪,‬‬
‫فلمببا دخلببوا قصببورهم وجببدوا فيهببا جميببع مببا تطبباول بببه‬
‫عليهم‪ ,‬وما سألوا وتمنوا‪ ,‬وإذا على باب كل قصر من تلك‬
‫القصور أربعة جنان‪ :‬جنتان ذواتا أفنان‪ ,‬وجنتان مدهامتان‪,‬‬
‫وفيهما عينان نضبباختان‪ ,‬وفيهمببا مببن كببل فاكهببة زوجببان‪,‬‬
‫وحببور مقصببورات فببي الخيببام‪ ,‬فلمببا تبببوءوا منببازلهم‬
‫واستقروا قرارهم‪ ,‬قال لهببم ربهببم‪ :‬هببل وجببدتم مببا وعببد‬
‫ربكببم حقبا ً ؟ قببالوا‪ :‬نعبم وربنببا‪ .‬قببال‪ :‬هببل رضببيتم ثببواب‬

‫‪446‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ربكم ؟ قالوا‪ :‬ربنا رضينا فارض عنا‪ .‬قببال‪ :‬برضبباي عنكببم‬
‫حللتم داري‪ ,‬ونظرتببم إلببى وجهببي‪ ,‬وصببافحتكم ملئكببتي‪,‬‬
‫فهنيئا ً لكببم‪} ,‬عطبباء غيببر مجببذوذ{ ليببس فيببه تنغيببص ول‬
‫تصريد‪ ,‬فعند ذلك قالوا‪ :‬الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن‪,‬‬
‫وأدخلنا دار المقامة من فضببله‪ ,‬ل يمسببنا فيهببا نصببب‪ ,‬ول‬
‫يمسببنا فيهببا لغببوب‪ ,‬إن ربنببا لغفببور شببكور‪ ,‬وهببذا سببياق‬
‫غريب‪ ,‬وأثر عجيب‪ ,‬ولبعضه شواهد‪ ,‬ففببي الصببحيحين أن‬
‫الله تعالى يقول لذلك الرجل يكون آخر أهل الجنة دخببول ً‬
‫ن‪ ,‬فيتمنى‪ ,‬حتى إذا انتهت به الماني يقببول اللببه‬ ‫الجنة‪ :‬تم ّ‬
‫تعالى‪ :‬تمن من كذا‪ ,‬وتمن من كذا‪ ,‬يذكره‪ ,‬ثم يقول‪ :‬ذلك‬
‫لببببببببببببببببببك وعشببببببببببببببببببرة أمثبببببببببببببببببباله‪.‬‬
‫وفي صحيح مسلم عن أبببي ذر‪ ,‬عببن رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم عن الله عز وجل »يا عبادي لو أن أولكببم‬
‫وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صببعيد واحببد فسببألوني‬
‫فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيئا ً‬
‫إل كمببا ينقببص المخيببط إذا أدخببل فببي البحببر«‪ .‬الحببديث‬
‫بطوله‪ ,‬وقال خالد بن معدان‪ :‬إن في الجنببة شببجرة يقببال‬
‫لها طوبى‪ ,‬لها ضروع كلها ترضع صبببيان أهببل الجنببة‪ ,‬وإن‬
‫سقط المرأة يكون في نهببر مببن أنهببار الجنببة يتقلببب فيببه‬
‫حتى تقوم القيامة‪ ,‬فيبعث ابن أربعين سنة‪ ,‬رواه ابن أبببي‬
‫حببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببباتم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫** ك َذ َل ِ َ َ‬


‫م ل ّت َت ْل ُب َ‬
‫و‬ ‫مب ٌ‬‫مببن قَب ْل ِهَببآ أ َ‬ ‫ت ِ‬ ‫خل َ ْ‬‫مةٍ قَد ْ َ‬ ‫يأ ّ‬ ‫ك فِ َ‬ ‫سل َْنا َ‬ ‫ك أْر َ‬
‫حي َْنآ إ ِل َي ْ َ‬ ‫َ‬
‫و‬
‫ل ه ُب َ‬ ‫ن ق ُب ْ‬‫مـب ِ‬‫ح َ‬ ‫ن ِبالّر ْ‬ ‫م ي َك ُْفبُرو َ‬ ‫ك وَهُب ْ‬ ‫م ال ّذِيَ أوْ َ‬ ‫عَل َي ْهِ ُ‬
‫ب‬‫مت َببببا ِ‬ ‫ت وَإ ِل َي ْببببهِ َ‬
‫ه إ ِل ّ هُببببوَ عَل َي ْببببهِ ت َببببوَك ّل ْ ُ‬ ‫َرب ّببببي ل إ َِلـبببب َ‬
‫يقول تعالى ‪ :‬وكما أرسببلناك يببا محمببد فببي هببذه المببة‬
‫}لتتلو عليهم الذي أوحينببا إليببك{ أي تبلغهببم رسببالة اللببه‬
‫إليهم‪ ,‬كذلك أرسلنا في المم الماضية الكافرة بالله‪ ,‬وقببد‬
‫كذب الرسببل مببن قبلببك بهببم أسببوة‪ ,‬وكمببا أوقعنببا بأسببنا‬
‫ونقمتنا بأولئك‪ ,‬فليحذر هؤلء من حلببول النقببم بهببم‪ ,‬فببإن‬
‫تكذيبهم لك أشد من تكبذيب غيببرك مببن المرسببلين‪ ,‬قببال‬

‫‪447‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليبة‪,‬‬‫الله تعالى‪} :‬تالله لقد أرسلنا إلى أمببم مببن قبلبك{ ا َ‬
‫وقال تعالى‪} :‬ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما‬
‫كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ول مبدل لكلمات الله ولقد‬
‫جبباءك مببن نبببإ المرسببلين{ أي كيببف نصببرناهم‪ ,‬وجعلنببا‬
‫لخببببرة‪.‬‬ ‫العاقبببببة لهببببم ولتببببباعهم فببببي الببببدنيا وا َ‬
‫وقوله‪} :‬وهببم يكفببرون بببالرحمن{ أي هببذه المببة الببتي‬
‫بعثناك فيهم يكفرون بببالرحمن ل يقببرون بببه‪ ,‬لنهببم كببانوا‬
‫يأنفون من وصف الله بالرحمن الرحيم‪ ,‬ولهببذا أنفببوا يببوم‬
‫الحديبية أن يكتبوا بسم الله الرحمن الرحيببم‪ ,‬وقببالوا‪ :‬مببا‬
‫ندري ما الرحمن الرحيم‪ ,‬قاله قتادة‪ ,‬والحديث في صحيح‬
‫البخاري‪ .‬وقد قال الله تعبالى‪} :‬قببل ادعببوا اللبه أو ادعببوا‬
‫الرحمن أيا ً ما تدعو فله السماء الحسببنى{‪ .‬وفببي صببحيح‬
‫مسلم عن عبد الله بن عمر قال‪ :‬قال رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬إن أحب السماء إلببى اللببه تعببالى عبببد‬
‫الله وعبد الرحمن« }قل هو ربببي ل إلببه إل هببو{ أي هببذا‬
‫الذي تكفرون به‪ ,‬أنا مؤمن به معترف‪ ,‬مقببر لببه بالربوبيببة‬
‫واللوهية‪ ,‬هو ربببي ل إلببه إل هببو }عليببه تببوكلت{ أي فببي‬
‫جميع أموري‪} ,‬وإليه متاب{ أي إليه أرجع وأنيببب‪ ,‬فببإنه ل‬
‫يسببببببببببببتحق ذلببببببببببببك أحببببببببببببد سببببببببببببواه‪.‬‬

‫ض أ َْو‬ ‫ت ب ِبهِ الْر ُ‬ ‫ل أوْ قُط ّعَ ب ْ‬


‫** ول َو أ َن قُرآنا ً سيرت به ال ْجبا ُ َ‬
‫ُ َّ ْ ِ ِ ِ َ‬ ‫َ ْ ّ ْ‬
‫من ُبوَا ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫س ال ّ ِ‬ ‫م ي َي ْأ ِ‬ ‫ميعا ً أفَل َ ْ‬‫ج ِ‬ ‫مُر َ‬ ‫ى َبل لل ّهِ ال ْ‬ ‫موْت َ َ‬‫م ب ِهِ ال ْ َ‬ ‫ك ُل ّ َ‬
‫ن ك ََفببُروا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬‫ميعا ً وَل َ ي ََزا ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫س َ‬ ‫دى الّنا َ‬ ‫ه ل َهَ َ‬
‫شآُء الل ّ ُ‬ ‫َأن ل ّوْ ي َ َ‬
‫تصيبهم بما صنعوا ْ َقارعَ ٌ َ‬
‫ى‬ ‫حت ّب َ‬ ‫م َ‬ ‫دارِهِب ْ‬ ‫مببن َ‬ ‫ريببا ً ّ‬ ‫ل قَ ِ‬ ‫حب ّ‬ ‫ة أو ْ ت َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ ُُ ِ َ َ َُ‬
‫ْ‬
‫ميَعببببباد َ‬ ‫ف ال ْ ِ‬ ‫خِلببببب ُ‬ ‫ه ل َ يُ ْ‬ ‫ن الّلببببب َ‬ ‫عبببببد ُ الّلبببببهِ إ ِ ّ‬ ‫ي وَ ْ‬ ‫َيبببببأت ِ َ‬
‫يقول تعالى مادحا ً للقرآن الذي أنزله على محمد صببلى‬
‫الله عليه وسلم ومفضل ً له على سائر الكتب المنزلة قبله‬
‫}ولو أن قرآنا ً سيرت به الجبال{ أي لببو كببان فببي الكتببب‬
‫الماضية كتاب تسير به الجبببال عببن أماكنهببا‪ ,‬أو تقطببع بببه‬
‫الرض وتنشق‪ ,‬أو تكلم به الموتى في قبورهم‪ ,‬لكان هببذا‬
‫القرآن هو المتصف بذلك دون غيره‪ ,‬أو بطريق الولببى أن‬

‫‪448‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يكون كذلك لما فيه من العجاز الذي ل يسببتطيع النسببان‬
‫والجن عن آخرهم إذا اجتمعوا أن يببأتوا بمثلببه‪ ,‬ول بسببورة‬
‫من مثله‪ ,‬ومع هذا فهؤلء المشركون كافرون به‪ ,‬جاحدون‬
‫له }بل لله المر جميعًا{ أي مرجع المببور كلهببا إلببى اللببه‬
‫عز وجل‪ ,‬ما شاء الله كبان‪ ,‬ومببا لبم يشببأ لبم يكببن‪ ,‬ومبن‬
‫يضلل الله فل هادي له‪ ,‬ومن يهد الله فما لببه مببن مضببل‪,‬‬
‫وقد يطلق اسم القرآن على كل من الكتب المتقدمة‪ ,‬لنه‬
‫مشببببببببببببببببببتق مببببببببببببببببببن الجميببببببببببببببببببع‪.‬‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبببد الببرزاق‪ ,‬حببدثنا معمببر عببن‬
‫همام بن منبه‪ .‬قال‪ :‬هذا مببا حببدثنا أبببو هريببرة قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم »خففببت علببى داود‬
‫القراءة فكان يأمر بدابته أن تسرج‪ ,‬فكان يقرأ القرآن من‬
‫قبل أن تسببرج دابتببه‪ ,‬وكببان ل يأكببل إل مببن عمببل يببديه«‬
‫انفرد بإخراجه البخاري‪ .‬والمراد بالقرآن هو الزبور‪ .‬وقوله‬
‫}أفلببم ييببأس البذين آمنبوا{ أي مببن إيمببان جميببع الخلببق‬
‫ويعلموا‪ ,‬أو يتبينوا }أن لو يشاء الله لهدى النبباس جميعبًا{‬
‫فإنه ليس ثم حجة ول معجببزة أبلببغ ول أنجببع فببي العقببول‬
‫والنفوس من هذا القرآن البذي لبو أنزلبه اللبه علبى جببل‬
‫لرأيته خاشعا ً متصدعا ً من خشية الله‪ .‬وثبت فببي الصببحيح‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬ما من نبي إل‬
‫وقد أوتي ما آمن على مثله البشر‪ ,‬وإنما كان الذي أوتيتببه‬
‫وحيا ً أوحاه الله إلببي‪ ,‬فببأرجو أن أكببون أكببثرهم تابعبا ً يببوم‬
‫القيامة«‪ ,‬معناه أن معجزة كل نبي انقرضت بموته‪ ,‬وهببذا‬
‫لباد ل تنقضببي عجببائبه ول يخلببق‬ ‫القرآن حجة باقية على ا َ‬
‫عن كببثرة الببرد ول يشبببع منببه العلمبباء هببو الفصببل ليببس‬
‫بالهزل من تركه من جبار قصمه الله‪ ,‬ومببن ابتغببى الهببدى‬
‫مبببببببببببببن غيبببببببببببببره أضبببببببببببببله اللبببببببببببببه‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبو زرعببة‪ ,‬حببدثنا منجبباب بببن‬
‫الحارث‪ ,‬أنبأنا بشر بن عمارة‪ ,‬حدثنا عمر بببن حسببان عببن‬
‫ن قرآن با ً سببيرت بببه‬‫عطية العوفي قال‪ :‬قلببت لببه‪} :‬ولببو أ ّ‬
‫لية‪ ,‬قببالوا لمحمببد صببلى اللببه عليببه وسببلم‪ :‬لببو‬ ‫الجبال{ ا َ‬
‫سيرت لنا جبال مكة حتى تتسع‪ ,‬فنحرث فيهببا‪ ,‬أو قطعببت‬

‫‪449‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لنا الرض كما كان سليمان يقطع لقومه بالريح‪ ,‬أو أحييببت‬
‫لنا الموتى كما كان عيسى يحيببي المببوتى لقببومه‪ ,‬فببأنزل‬
‫لية‪ ,‬قال‪ :‬قلت‪ :‬هببل تببروون هببذا الحببديث عببن‬ ‫الله هذه ا َ‬
‫أحد من أصحاب النبي صلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪ :‬نعببم‬
‫عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم‪ ,‬وكذا روى‬
‫ابن عباس والشعبي وقتادة والثوري وغير واحد في سبببب‬
‫نزول هذه ا َ‬
‫لية‪ ,‬واللببه أعلببم‪ .‬وقببال قتببادة‪ :‬لببو فعببل هببذا‬
‫بقبببببببرآن غيبببببببر قرآنكبببببببم لفعبببببببل بقرآنكبببببببم‪.‬‬
‫وقوله }بل لله المر جميعًا{ قال ابن عباس‪ :‬أي ل يصنع‬
‫من ذلك إل ما شبباء ولببم يكببن ليفعببل‪ ,‬رواه ابببن إسببحاق‬
‫بسنده عنه‪ ,‬وقاله ابن جريببر أيضبًا‪ .‬وقببال غيببر واحببد مببن‬
‫السلف في قوله }أفلم ييببأس الببذين آمنببوا{‪ :‬أفلببم يعلببم‬
‫الذين آمنوا‪ ,‬وقرأ آخرون‪ :‬أفلم يتبببين الببذين آمنببوا أن لببو‬
‫يشاء الله لهدى الناس جميعًا‪ .‬وقال أبببو العاليببة‪ :‬قببد يئس‬
‫الذين آمنوا أن يهدوا‪ ,‬ولو يشاء الله لهببدى النبباس جميع بًا‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ول يزال الذين كفروا تصيبهم بمببا صببنعوا قارعببة‬
‫أو تحببل قريب با ً مببن دارهببم{ أي بسبببب تكببذيبهم ل تببزال‬
‫القوارع تصيبهم في الدنيا أو تصيب مببن حببولهم‪ ,‬ليتعظببوا‬
‫ويعتبروا‪ ,‬كما قببال تعبالى‪} :‬ولقببد أهلكنبا مببا حببولكم مببن‬
‫ليات لعلهم يرجعببون{ وقببال }أفل يببرون‬ ‫القرى وصرفنا ا َ‬
‫أنا نأتي الرض ننقصها من أطرافها أفهم الغببالبون{‪ .‬قببال‬
‫قتادة عن الحسن }أو تحل قريبا ً من دارهم{ أي القارعببة‬
‫وهببببببببذا هببببببببو الظبببببببباهر مببببببببن السببببببببياق‪.‬‬
‫وقال أبو داود الطيالسي‪ :‬حببدثنا المسببعودي عببن قتببادة‬
‫عن سعيد بن جبير‪ ,‬عن ابن عباس فببي قببوله‪} :‬ول يببزال‬
‫الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة{ قببال‪ :‬سببرية‪} ,‬أو‬
‫تحل قريبا ً من دارهم{ قال محمد صلى الله عليببه وسببلم‪:‬‬
‫}حببتى يببأتي وعببد اللببه{ قببال »فتببح مكببة«‪ ,‬وهكببذا قببال‬
‫عكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد في رواية‪ ,‬وقببال العببوفي‬
‫عن ابن عباس }تصيبهم بما صنعوا قارعببة{ قببال‪ :‬عببذاب‬
‫من السماء ينزل عليهم }أو تحل قريبا ً من دارهببم{ يعنببي‬
‫نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم وقتاله إيبباهم‪,‬‬

‫‪450‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وكذا قال مجاهد وقتادة‪ .‬وقال عكرمة في رواية عببن ابببن‬
‫عباس }قارعة{ أي نكببة‪ .‬وكلهبم قبال }حبتى يبأتي وعبد‬
‫الله{ يعني فتح مكة‪ .‬وقال الحسن البصري‪ :‬يوم القيامببة‪,‬‬
‫وقببوله‪} :‬إن اللببه ل يخلببف الميعبباد{ أي ل ينقببض وعببده‬
‫لخببرة }فل‬ ‫لرسله بالنصببرة لهببم ولتببباعهم فببي الببدنيا وا َ‬
‫تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقببام{‪.‬‬

‫ن ك ََفببُروا ْ‬ ‫** ول ََقد استهزىَء برسل من قَبل َ َ‬


‫ت ل ِّلبب ِ‬
‫ذي َ‬ ‫مل َي ْ ُ‬
‫ك فَأ ْ‬ ‫ِْ‬ ‫ُِ ُ ٍ ّ‬ ‫َ ِ َ ْ ُْ ِ‬
‫ب‬
‫عَقببببببببا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫كببببببببا َ‬ ‫ف َ‬‫م فَك َْيبببببببب َ‬
‫خببببببببذ ْت ُهُ ْ‬ ‫ُثبببببببب ّ‬
‫مأ َ‬
‫يقول تعالى مسليا ً لرسوله صلى الله عليببه وسببلم فببي‬
‫تكذيب من كذبه من قومه‪} :‬ولقببد اسببتهزىء برسببل مببن‬
‫قبلك{ أي فلك فيهم أسببوة }فببأمليت للببذين كفببروا{ أي‬
‫أنظرتهم وأجلتهم‪} ,‬ثم أخذتهم{ أخذة رابية‪ ,‬فكيف بلغببك‬
‫ما صنعت بهم وعبباقبتهم وأمليببت لهببم‪ ,‬كمببا قببال تعببالى‪:‬‬
‫}وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثببم أخببذتها وإلببي‬
‫المصير{ وفي الصحيحين »إن الله ليملي للظالم حتى إذا‬
‫أخذه لم يفلته« ثم قرأ رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‬
‫}وكذلك أخذ ربك إذا أخببذ القببرى وهببي ظالمببة إن أخببذه‬
‫أليبببببببببببببببببببببببببببببببم شبببببببببببببببببببببببببببببببديد{‪.‬‬

‫َ‬
‫جعَل ُببوا ْ لل ّبهِ‬
‫ت وَ َ‬ ‫سبب َ ْ‬ ‫مببا ك َ َ‬ ‫س بِ َ‬‫ٍ‬ ‫ل ن َْف‬‫ى كُ ّ‬ ‫َ‬
‫م عَل َ‬‫ن هُوَ َقآئ ِ ٌ‬ ‫م ْ‬‫** أفَ َ‬
‫ض َأم‬ ‫م فِببي الْر ِ‬ ‫مببا ل َ ي َعْل َب ُ‬ ‫ه بِ َ‬‫م ت ُن َب ُّئون َب ُ‬
‫ل سموهُ َ‬
‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫كآَء قُ ْ َ ّ‬ ‫شَر َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫ص ّ ْ‬ ‫مك ُْرهُ ْ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ َ‬ ‫ن ل ِل ّ ِ‬ ‫ل بَ ْ‬‫ن ال َْقوْ ِ‬ ‫بِ َ‬
‫دوا عَ ِ‬ ‫م وَ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ُزي ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ظاهِرٍ ّ‬
‫ن هَببببادٍ‬ ‫مبببب ْ‬
‫ه ِ‬ ‫مببببا ل َبببب ُ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫ل الل ّبببب ُ‬ ‫ضببببل ِ ِ‬ ‫مببببن ي ُ ْ‬ ‫ل وَ َ‬‫سببببِبي ِ‬‫ال ّ‬
‫يقببول تعببالى‪} :‬أفمببن هببو قببائم علببى كببل نفببس بمببا‬
‫كسبت{ أي حفيظ عليم رقيب علببى كببل نفببس منفوسببة‬
‫يعلم ما يعمل العبباملون مببن خيببر وشببر‪ ,‬ول يخفببى عليببه‬
‫خافية }وما تكون في شببأن ومببا تتلببو منببه مببن قببرآن ول‬
‫تعملون من عمل إل كنا عليكم شببهودا ً إذ تفيضببون فيببه{‪,‬‬
‫وقال تعالى‪} :‬وما تسببقط مببن ورقببة إل يعلمهببا{‪ ,‬وقببال‪:‬‬
‫}ومببا مببن دابببة فببي الرض إل علببى اللببه رزقهببا ويعلببم‬

‫‪451‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين{‪ ,‬وقال‪} :‬سواء‬
‫منكم من أسببر القببول ومببن جهببر بببه ومببن هببو مسببتخف‬
‫بالليل وسببارب بالنهببار{‪ ,‬وقببال‪} :‬يعلببم السببر وأخفببى{‪,‬‬
‫وقال‪} :‬وهو معكم أين ما كنتم والله بمببا تعملببون بصببير{‬
‫أفمن هو كذلك كالصنام التي يعبدونها‪ ,‬ل تسمع ول تبصر‪,‬‬
‫ول تعقل‪ ,‬ول تملك نفع با ً لنفسببها ول لعابببديها‪ ,‬ول كشببف‬
‫ضر عنهببا ول عببن عابببديها ؟ وحببذف هببذا الجببواب اكتفبباء‬
‫بدللة السياق عليه وهو قوله‪} :‬وجعلببوا للببه شببركاء{ أي‬
‫عبدوها معه من أصنام وأنداد وأوثببان }قببل سببموهم{ أي‬
‫أعلمونا بهم‪ ,‬واكشفوا عنهم حتى يعرفوا‪ ,‬فإنهم ل حقيقببة‬
‫لهم‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬أم تنبئونه بما ل يعلم في الرض{ أي ل‬
‫وجود له‪ ,‬لنه لو كان له وجود فببي الرض لعلمهببا‪ ,‬لنببه ل‬
‫تخفى عليه خافية }أم بظبباهر مببن القببول{ قببال مجاهببد‪:‬‬
‫بظن من القول‪ .‬وقال الضحاك وقتادة‪ :‬بباطل من القول‪,‬‬
‫أي إنما عبدتم هذه الصببنام بظببن منكببم أنهببا تنفببع وتضببر‬
‫وسببميتموها آلهببة }إن هببي إل أسببماء سببميتموها أنتببم‬
‫وآببباؤكم مببا أنببزل اللببه بهببا مببن سببلطان * إن يتبعببون إل‬
‫الظن وما تهوى النفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى‪ ,‬بببل‬
‫زين للذين كفروا مكرهم{ قال مجاهد‪ :‬قولهم أي مببا هببم‬
‫عليه من الضلل والدعوة إليه آنباء الليبل وأطبراف النهبار‬
‫كقببوله تعببالى‪} :‬وقيضببنا لهببم قرنبباء فزينببوا لهببم{ ا َ‬
‫ليببة‪,‬‬
‫}وصدوا عن السبيل{ من قرأها بفتح الصاد معناه أنه لمببا‬
‫زين لهم ما هم فيه‪ ,‬وأنه حببق دعببوا إليببه‪ ,‬وصببدوا النبباس‬
‫عن اتباع طريق الرسل‪ ,‬ومببن قرأهببا بالضببم أي بمببا زيببن‬
‫لهم من صحة ما هم عليه‪ ,‬صدوا به عن سبيل الله‪ ,‬ولهببذا‬
‫قال‪} :‬ومن يضلل الله فما له من هبباد{ كمببا قببال }ومببن‬
‫يرد الله فتنته فلن تملببك لببه مببن اللببه شببيئًا{ وقببال }إن‬
‫تحرص على هداهم فإن الله ل يهدي مببن يضببل ومببا لهببم‬
‫مببببببببببببببببببببببببببببببن ناصببببببببببببببببببببببببببببببرين{‪.‬‬

‫‪452‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مببا‬ ‫شبقّ وَ َ‬ ‫خبَرةِ أ َ َ‬‫ب ال َُ ِ‬ ‫ذا ُ‬ ‫حَياةِ الد ّن َْيا وَل َعَ َ‬ ‫ب ِفي ال ْ َ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م عَ َ‬‫** ل ّهُ ْ‬
‫ن‬ ‫مت ُّقببو َ‬‫عبد َ ال ْ ُ‬ ‫جن ّبةِ ال ّت ِببي وُ ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫مث َب ُ‬
‫ق* ّ‬ ‫ٍ‬ ‫مببن َوا‬‫ن الل ّهِ ِ‬ ‫م َ‬‫ل َُهم ّ‬
‫ُ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ى اّلبب ِ‬ ‫ك عُْقب َ َ‬ ‫م وِظ ِل َّها ت ِل ْ َ‬ ‫دآئ ِ ٌ‬‫حت َِها الن َْهاُر أك ُل َُها َ‬‫من ت َ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫ج ِ‬
‫تَ ْ‬
‫ن الن ّببببببببببباُر‬ ‫ري َ‬‫ات َّقبببببببببببوا ْ وّعُْقب َبببببببببببى ال ْك َبببببببببببافِ ِ‬
‫ذكر تعالى عقاب الكفار وثواب البرار‪ ,‬فقال بعد إخببباره‬
‫عن حال المشببركين ومببا هببم عليببه مببن الكفببر والشببرك‬
‫}لهم عذاب في الحيبباة الببدنيا{ أي بأيببدي المببؤمنين قتل ً‬
‫لخرة{ أي المدخر مع هذا الخببزي فببي‬ ‫وأسرًا‪} ,‬ولعذاب ا َ‬
‫الدنيا }أشق{ أي مببن هببذا بكببثير‪ ,‬كمببا قببال رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم للمتلعنين‪» :‬إن عذاب الدنيا أهببون‬
‫لخرة« وهببو كمببا قببال صببلوات اللببه وسببلمه‬ ‫من عذاب ا َ‬
‫عليه‪ ,‬فإن عذاب الدنيا له انقضاء‪ ,‬وذاك دائم أبدا ً فببي نببار‬
‫هببي بالنسبببة إلببى هببذه سبببعون ضببعفًا‪ ,‬ووثبباق ل يتصببور‬
‫كثافته وشدته‪ ,‬كما قال تعببالى‪} :‬فيببومئذ ل يعببذب عببذابه‬
‫أحد ول يوثببق وثباقه احببد{‪ ,‬وقببال تعببالى‪} :‬وأعتببدنا لمببن‬
‫كذب بالساعة سعيرا ً * إذا رأتهم مببن مكببان بعيببد سببمعوا‬
‫لها تغيظا ً وزفيببرا ً * وإذا ألقببوا منهببا مكان با ً ضببيقا ً مقرنيببن‬
‫دعوا هناك ثبورا ً * ل تدعو اليوم ثبورا ً واحدا ً وادعببوا ثبببورا ً‬
‫كثيرا ً * قل أذلك خيببر أم جنببة الخلببد الببتي وعببد المتقببون‬
‫كانت لهم جزاًء ومصيرًا{‪ ,‬ولهذا قببرن هببذا بقببوله‪} :‬مثببل‬
‫الجنة التي وعد المتقون{ أي صببفتها ونعتهببا }تجببري مببن‬
‫تحتها النهار{ أي سارحة في أرجائها وجوانبها‪ ,‬وحيث شاء‬
‫أهلها يفجرونهبا تفجيبرًا‪ ,‬أي يصبرفونها كيبف شباءوا وأيبن‬
‫شاءوا‪ ,‬كقوله‪} :‬مثل الجنة التي وعد المتقببون فيهببا أنهببار‬
‫من ماء غير آسن وأنهار من لبببن لببم يتغيببر طعمببه وأنهببار‬
‫من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها‬
‫ليبببببببة‪.‬‬ ‫مببببببببن كببببببببل الثمببببببببرات ومغفببببببببرة{ ا َ‬
‫وقوله‪} :‬أكلها دائم وظلها{ أي فيها الفببواكه والمطبباعم‬
‫والمشارب لانقطاع ول فناء‪ ,‬وفي الصحيحين مببن حببديث‬
‫ابن عباس في صلة الكسوف‪ ,‬وفيه قالوا‪ :‬يا رسببول اللببه‬
‫رأيناك تناولت شيئا ً في مقامك هذا‪ ,‬ثببم رأينبباك تكعكعببت‪,‬‬
‫فقال‪» :‬إني رأيت الجنة ب أو أريت الجنببة بب فتنبباولت منهببا‬

‫‪453‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عنقودًا‪ ,‬ولببو أخببذته لكلتببم منببه مببا بقيببت الببدنيا«‪ .‬وقببال‬
‫الحافظ أبو يعلى‪ :‬حببدثنا أبببو خيثمببة‪ ,‬حببدثنا عبببد اللببه بببن‬
‫جعفر‪ ,‬حدثنا عبيد الله‪ ,‬حببدثنا أبببو عقيببل عببن جببابر قببال‪:‬‬
‫بينما نحن في صلة الظهر إذ تقدم رسول الله صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم فتقدمنا‪ ,‬ثم تناول شيئا ً ليأخذه ثم تببأخر‪ ,‬فلمببا‬
‫قضى الصلة‪ ,‬قال له أبي بن كعب‪ :‬يا رسول الله‪ ,‬صنعت‬
‫اليوم في الصلة شيئا ً ما رأيناك كنت تصنعه‪ ,‬فقال‪» :‬إنببي‬
‫عرضت علي الجنة وما فيها من الزهرة والنضرة‪ ,‬فتناولت‬
‫لتيكببم ببه‪ ,‬فحيببل بينبي وبينببه‪ ,‬ولببو‬‫منها قطفا ً مببن عنببب َ‬
‫أتيتكم به لكل منه من بين السماء والرض ل ينقصببونه«‪.‬‬
‫وروى مسببلم مببن حببديث أبببي الزبيببر عببن جببابر شبباهدا ً‬
‫لبعضه‪ ,‬وعن عتبة بن عبد السلمي أن أعرابيا ً سببأل النبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم عن الجنة‪ ,‬فقال‪ :‬فيها عنب ؟ قببال‪:‬‬
‫»نعم«‪ .‬قال‪ :‬فمببا عظببم العنقبود ؟ قبال‪» :‬مسبيرة شبهر‬
‫للغبببببراب البقبببببع ول يفبببببتر«‪ ,‬رواه المبببببام أحمبببببد‪.‬‬
‫وقال الطبراني‪ :‬حدثنا معاذ بن المثنببى‪ ,‬حببدثنا علببي بببن‬
‫المديني‪ ,‬حدثنا ريحان بن سعيد عن عباد بن منصببور‪ ,‬عببن‬
‫أيوب عن أبي قلبة عن أبي أسماء‪ ,‬عن ثوبان قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬إن الرجببل إذا نببزع‬
‫ثمرة من الجنة عادت مكانها أخرى«‪ .‬وعن جببابر بببن عبببد‬
‫الله قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‪» :‬يأكببل‬
‫أهببل الجنببة ويشببربون‪ ,‬ول يتمخطببون ول يتغوطببون‪ ,‬ول‬
‫يبولون‪ ,‬طعامهم جشاء كريح المسببك‪ ,‬ويلهمببون التسبببيح‬
‫والتقديس كما يلهمون النفس« رواه مسلم‪ ,‬وروى المببام‬
‫أحمد والنسائي من حديث العمش عببن تمببام بببن عقبببة‪,‬‬
‫سمعت زيد بببن أرقببم قببال‪ :‬جبباء رجببل مببن أهببل الكتبباب‬
‫فقال‪ :‬يا أبا القاسم‪ :‬تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون‬
‫؟ قال‪» :‬نعم‪ ,‬والذي نفس محمببد بيببده‪ ,‬إن الرجببل منهببم‬
‫ليعطببى قببوة مببائة رجببل فببي الكببل والشببرب والجمبباع‬
‫والشهوة«‪ .‬قال‪ :‬إن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجببة‪,‬‬
‫وليس في الجنة أذى ؟ قال‪» :‬تكون حاجة أحببدهم رشببحا ً‬

‫‪454‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يفيببض مببن جلببودهم كريببح المسببك فيضببمر بطنببه« رواه‬
‫المببببببببببببببببام أحمببببببببببببببببد والنسببببببببببببببببائي‪.‬‬
‫وقال الحسن بن عرفة‪ :‬حدثنا خلف بن خليفة عن حميببد‬
‫العرج‪ ,‬عن عبد الله بن الحارث‪ ,‬عن عبد الله بن مسعود‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬قال لي رسول الله صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬إنك لتنظر إلى الطير في الجنة‪ ,‬فيخر بيببن يببديك‬
‫مشويًا« وجاء في بعببض الحبباديث أنببه إذا فببرغ منببه عبباد‬
‫طائرا ً كما كبان بببإذن اللبه تعببالى‪ ,‬وقببد قببال اللبه تعببالى‪:‬‬
‫}وفاكهة كثيرة ل مقطوعة ول ممنوعببة{‪ ,‬وقبال } ودانيبة‬
‫ل{ وكذلك ظلها ل يببزول‬ ‫عليهم ظللها وذللت قطوفها تذلي ً‬
‫ول يقلببص‪ ,‬كمببا قببال تعببالى‪} :‬والببذين آمنببوا وعملببوا‬
‫الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها النهار خالدين‬
‫ل{‪.‬‬‫فيهببا أبببدا ً لهببم فيهببا أزواج مطهببرة ونببدخلهم ظل ً ظلي ً‬
‫وقد تقدم في الصحيحين من غيببر وجببه أن رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬إن فببي الجنببة شببجرة يسببير‬
‫الراكب المجد الجواد المضمر السريع في ظلها مائة عببام‬
‫ل يقطعها« ثم قرأ }وظل ممدود{ وكببثيرا ً مببا يقببرن اللببه‬
‫تعالى بين صفة الجنة وصفة النار ليرغب في الجنة ويحذر‬
‫من النار‪ ,‬ولهذا لما ذكر صفة الجنببة بمببا ذكببر قببال بعببده‪:‬‬
‫}تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار{‪ .‬كما قببال‬
‫تعالى‪} :‬ل يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنببة‪ ,‬أصببحاب‬
‫الجنة هم الفائزون{‪ .‬وقال بلل بن سببعد خطيببب دمشببق‬
‫في بعض خطبه‪ :‬عباد الله‪ ,‬هل جبباءكم مخبببر يخبببركم أن‬
‫شيئا ً من عبادتكم تقبلت منكم‪ ,‬أو أن شببيئا ً مببن خطايبباكم‬
‫غفرت لكم ؟ }أفحسبتم أنما خلقناكم عبثبا ً وأنكببم إلينببا ل‬
‫ترجعون{‪ ,‬والله لو عجل لكم الثواب في الدنيا ل ستقللتم‬
‫كلكم ما افترض عليكم‪ ,‬أو ترغبون في طاعة الله لتعجيببل‬
‫دنياكم ول تنافسون في جنة }أكلهببا دائم{ رواه ابببن أبببي‬
‫حببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببباتم‪.‬‬

‫‪455‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ن‬ ‫مب َ‬‫ك وَ ِ‬ ‫مببآ ُأنبزِ َ‬
‫ل إ ِل َي ْب َ‬ ‫ن بِ َ‬‫حببو َ‬‫ب ي َْفَر ُ‬‫م ال ْك ِت َببا َ‬ ‫ن آت َي َْناهُ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫** َوال ّ ِ‬
‫ل إنمببآ أ ُم برت أ َ َ‬
‫ه َول‬ ‫ن أعْب ُبد َ الل ّب َ‬ ‫ِ ْ ُ ْ‬ ‫ه قُ ْ ِ ّ َ‬ ‫ض ُ‬ ‫من ُينك ُِر ب َعْ َ‬ ‫ب َ‬ ‫حَزا ِ‬ ‫ال ْ‬
‫كمبا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أُ ْ‬
‫ح ْ‬ ‫ك أنَزل ْن َبباهُ ُ‬ ‫ب * وَك َبذ َل ِ َ‬ ‫مببآ ِ‬ ‫ك ب ِهِ إ ِل َي ْهِ أد ْعُببو وَإ ِل َي ْبهِ َ‬ ‫شرِ َ‬
‫مببا ل َب َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ن ال ْعِل ْم ِ َ‬‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫جآَء َ‬ ‫ما َ‬‫هم ب َعْد َ َ‬ ‫واَء ُ‬ ‫ت أه ْ َ‬‫ن ات ّب َعْ َ‬ ‫ً َ‬
‫عََرب ِي ّا وَلئ ِ ِ‬
‫ي وَل َ َوا ٍ‬
‫ق‬ ‫مبببببببببببن وَِلببببببببببب ّ‬ ‫ن الّلبببببببببببهِ ِ‬ ‫مببببببببببب َ‬ ‫ِ‬
‫يقببول تعببالى‪} :‬والببذين آتينبباهم الكتبباب{ وهببم قببائمون‬
‫بمقتضاه }يفرحون بما أنزل إليك{ أي من القرآن لما في‬
‫كتبهم من الشواهد علببى صببدقه والبشببارة بببه‪ ,‬كمببا قببال‬
‫ليببة‪,‬‬ ‫تعالى‪} :‬الذين آتيناهم الكتبباب يتلببونه حببق تلوتببه{ ا َ‬
‫وقال تعالى‪} :‬قل آمنوا به أو ل تؤمنببوا بب إلببى قببوله بب إن‬
‫ل{ أي إن كان ما وعببدنا اللببه بببه فببي‬ ‫كان وعد ربنا لمفعو ً‬
‫كتبنا من إرسال محمد صلى الله عليه وسلم لحقا ً وصدقا ً‬
‫مفعول ً ل محالة وكائن بًا‪ ,‬فسبببحانه مببا أصببدق وعببده‪ ,‬فلببه‬
‫الحمد وحده }ويخّرون للذقان يبكون ويزيدهم خشببوعًا{‪,‬‬
‫وقوله }ومن الحزاب من ينكر بعضه{ أي ومن الطببوائف‬
‫مببن يكببذب ببعببض مببا أنببزل إليببك‪ .‬وقببال مجاهببد }ومببن‬
‫الحزاب{ أي اليهود والنصارى }من ينكر بعضه{ أي بعض‬
‫ما جاءك من الحق‪ ,‬وكذا قال قتادة وعبد الرحمن بن زيببد‬
‫بن أسلم‪ ,‬وهذا كمببا قببال تعببالى‪} :‬وإن مببن أهببل الكتبباب‬
‫لية‪} ,‬قل إنما أمببرت أن أعبببد اللببه ول‬ ‫لمن يؤمن بالله{ ا َ‬
‫أشرك به{ أي إنما بعثت بعبادة اللببه وحببده ل شببريك لببه‪,‬‬
‫كما أرسل النبياء من قبلي }إليببه أدعببو{ أي إلببى سبببيله‬
‫أدعبببو النببباس }وإليبببه مبببآب{ أي مرجعبببي ومصبببيري‪.‬‬
‫وقبببوله‪} :‬وكبببذلك أنزلنببباه حكمبببا ً عربيبببًا{ أي وكمبببا‬
‫أرسلناقبلك المرسلين‪ ,‬وأنزلنا عليهم الكتب مببن السببماء‪,‬‬
‫كببذلك أنزلنببا عليببك القببرآن محكمبا ً معرببًا‪ ,‬شببرفناك بببه‪,‬‬
‫وفضلناك علببى مببن سببواك بهببذا الكتبباب المبببين الواضببح‬
‫الجلي الذي }ل يأتيه الباطل من بيببن يببديه ول مببن خلفببه‬
‫تنزيل من حكيم حميد{‪ .‬وقببوله‪} :‬ولئن اتبعببت أهببواءهم{‬
‫أي آراءهم }بعدما جاءك من العلم{ أي من اللببه سبببحانه‬
‫ي ول واق{ وهذا وعيد لهببل العلببم‬ ‫}مالك من الله من ول ّ‬
‫أن يتبعوا سبل أهل الضللة بعدما صاروا إليببه مببن سببلوك‬

‫‪456‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السنة النبوية والمحجة المحمدية‪ ,‬على من جاء بها أفضببل‬
‫الصبببببببببببببببببببببببببببببلة والسبببببببببببببببببببببببببببببلم‪.‬‬

‫م أ َْزَواج با ً وَذ ُّري ّب ً‬


‫ة‬ ‫جعَل َْنا ل َهُ ب ْ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫من قَب ْل ِ َ‬ ‫سل ً ّ‬ ‫سل َْنا ُر ُ‬
‫َ‬
‫** وَل ََقد ْ أْر َ‬
‫ل أَ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫كان لرسول َأن يأ ْ‬
‫ب‬ ‫ل ك ِت َببا ٌ‬
‫ٍ‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ْ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ذ‬‫إ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ٍ‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ي‬‫بآ‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ما َ َ ِ َ ُ ٍ‬ ‫وَ َ‬
‫ُ‬
‫م ال ْك ِت َبببا ِ‬
‫ب‬ ‫عنبببد َهُ أ ّ‬ ‫ت وَ ِ‬ ‫شبببآُء وَي ُث ْب ِببب ُ‬ ‫مبببا ي َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫حبببو الل ّببب ُ‬ ‫م ُ‬‫* يَ ْ‬
‫يقول تعالى‪ :‬وكما أرسلناك يا محمد رسول ً بشريًا‪ ,‬كذلك‬
‫قد بعثنا المرسلين قبلك بشرًا‪ ,‬يأكلون الطعببام‪ ,‬ويمشببون‬
‫في السواق‪ ,‬ويأتون الزوجببات‪ ,‬ويولببد لهببم‪ ,‬وجعلنببا لهببم‬
‫أزواجا ً وذرية‪ ,‬وقد قببال تعببالى لشببرف الرسببل وخبباتمهم‬
‫ي{ وفببي الصببحيحين أن‬ ‫}قل إنماأنا بشر مثلكم يوحى إل ب ّ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قببال‪» :‬أمببا أنببا فأصببوم‬
‫وأفطر‪ ,‬وأقوم وأنام‪ ,‬وآكل اللحببم‪ ,‬وأتببزوج النسبباء‪ ,‬فمببن‬
‫رغب عن سنتي فليس مني«‪ .‬وقببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا‬
‫يزيد‪ ,‬أنبأنا الحجاج بن أرطاة عببن مكحببول قببال‪ :‬قببال أبببو‬
‫أيوب‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسببلم‪» :‬أربببع مببن‬
‫سنن المرسببلين‪ :‬التعطببر والنكبباح‪ .‬والسببواك‪ ,‬والحنبباء«‪.‬‬
‫وقد رواه أبو عيسى الترمذي عببن سببفيان بببن وكيببع عببن‬
‫حفببص بببن غيبباث‪ ,‬عببن الحجبباج‪ ,‬عببن مكحببول‪ ,‬عببن أبببي‬
‫الشمال‪ ,‬عن أبي أيوب فذكره‪ ,‬ثببم قببال‪ :‬وهببذا أصببح مببن‬
‫الحببببديث الببببذي لببببم يببببذكر فيببببه أبببببو الشببببمال‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وما كان لرسول أن يأتي بآية إل بإذن اللببه{ أي‬
‫لم يكن يأتي قومه بخببارق إل إذا أذن لببه فيببه‪ ,‬ليببس ذلببك‬
‫إليه بل إلى الله عز وجل يفعل ما يشاء ويحكببم مببا يريببد‪,‬‬
‫}لكل أجل كتاب{ أي لكل مببدة مضببروبة‪ ,‬كتبباب مكتببوب‬
‫بها‪ ,‬وكل شيء عنده بمقدار }ألم تعلببم أن اللببه يعلببم مببا‬
‫في السماء والرض إن ذلك في كتاب إن ذلببك علببى اللببه‬
‫يسير{ وكان الضحاك بن مزاحم يقببول فبي قبوله‪} :‬لكبل‬
‫أجل كتاب{ أي لكل كتاب أجل‪ ,‬يعني لكل كتاب أنزله من‬
‫السببماء مببدة مضببروبة عنببد اللببه‪ ,‬ومقببدار معيببن‪ ,‬فلهببذا‬
‫}يمحو الله ما يشاء{ منها‪} ,‬ويثبت{ يعنببي حببتى نسببخت‬

‫‪457‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كلها بالقرآن الببذي أنزلببه اللببه علببى رسببوله صببوات اللببه‬
‫وسلمه عليه‪ .‬وقوله }يمحو الله ما يشاء ويثبببت{ اختلببف‬
‫المفسرون في ذلك فقال الثوري ووكيع وهشيم عببن ابببن‬
‫أبي ليلى‪ ,‬عن المنهال بن عمرو‪ ,‬عن سعيد بن جبير! عببن‬
‫ابببن عببباس‪ :‬يببدبر أمببر السببنة‪ ,‬فيمحببو اللببه مببا يشبباء إل‬
‫الشقاء والسعادة والحياة والموت‪ ,‬وفي رواية }يمحو الله‬
‫مببا يشبباء ويثبببت{ قببال‪ :‬كببل شببيء إل المببوت والحيبباة‬
‫والشببببقاء والسببببعادة‪ ,‬فإنهمببببا قببببد فببببرغ منهمببببا‪.‬‬
‫وقال مجاهببد }يمحببو اللببه مببا يشبباء ويثبببت{ إل الحيبباة‬
‫والمببوت والشببقاء والسببعادة فإنهمببا ل يتغيببران‪ .‬وقببال‬
‫منصور‪ :‬سألت مجاهدًا‪ ,‬فقلت‪ :‬أرأيت دعبباء أحببدنا يقببول‪:‬‬
‫اللهم إن كان اسمي في السعداء فببأثبته فيهببم‪ ,‬وإن كببان‬
‫في الشقياء فامحه عنهم‪ ,‬واجعله فببي السببعداء ؟ فقببال‪:‬‬
‫حسن‪ :‬ثم لقيته بعد ذلك بحول أو أكثر‪ ,‬فسبألته عبن ذلبك‬
‫ليببتين‪ ,‬قببال‪ :‬يقضببي‬ ‫فقال‪} :‬إنا أنزلناه في ليلة مباركة{ ا َ‬
‫في ليلة القدر ما يكون في السنة من رزق أو مصيبة‪ ,‬ثببم‬
‫يقببدم مببا يشبباء ويببؤخر مببا يشبباء‪ ,‬فأمببا كتبباب السببعادة‬
‫والشقاوة فهو ثابت ل يغير‪ ,‬وقال العمش‪ ,‬عن أبببي وائل‬
‫شقيق بن سلمة‪ :‬إنه كان كثيرا ً ما يدعو بهذا الدعاء‪ :‬اللهم‬
‫إن كنت كتبتنا أشببقياء‪ ,‬فببامحه واكتبنببا سببعداء‪ ,‬وإن كنببت‬
‫كتبتنا سعداء فأثبتنا‪ ,‬فإنك تمحو ما تشاء وتثبت‪ ,‬وعندك أم‬
‫الكتاب‪ ,‬رواه ابن جرير‪ ,‬وقال ابن جرير أيضًا‪ :‬حدثنا عمرو‬
‫بن علي حدثنا معاذ بن هشام‪ ,‬حدثنا أبي عن أبببي حكيمببة‬
‫عصمة‪ ,‬عن أبي عثمان النهدي أن عمر بن الخطاب رضي‬
‫الله عنه قال وهو يطببوف بببالبيت ويبكببي‪ :‬اللهببم إن كنببت‬
‫كتبت علبي شببقوة أو ذنببا ً فبامحه‪ ,‬فإنبك تمحببو مببا تشباء‬
‫وتثبببت‪ ,‬وعنببدك أم الكتبباب‪ ,‬فبباجعله سببعادة ومغفببرة‪.‬‬
‫وقال حماد عن خالبد الحبذاء‪ ,‬عبن أببي قلببة‪ ,‬عبن اببن‬
‫مسعود رضي الله عنه أنه كببان يببدعو بهببذا الببدعاء أيض بًا‪.‬‬
‫ورواه شريك عن هلل بن حميد‪ ,‬عن عبد الله بببن عكيببم‪,‬‬
‫عن ابن مسعود بمثله‪ .‬وقببال ابببن جريببر‪ :‬حببدثني المثنببى‪,‬‬
‫حدثنا حجاج‪ ,‬حدثنا خصاف عن أبببي حمببزة‪ ,‬عببن إبراهيببم‪,‬‬

‫‪458‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أن كعبا ً قال لعمر بن الخطاب‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ,‬لبول آيبة‬
‫في كتاب الله لنبأتك بما هو كائن إلى يوم القيامببة‪ .‬قببال‪:‬‬
‫وما هي ؟ قال‪ :‬قول الله تعببالى‪} :‬يمحببو اللببه مببا يشبباء{‬
‫لية‪ ,‬ومعنى هذه القوال أن القدار ينسببخ اللبه مبا يشباء‬ ‫ا َ‬
‫منها‪ ,‬ويثبت منها ما يشاء‪ ,‬وقد يسببتأنس لهببذا القببول بمببا‬
‫ورواه المام احمد‪ :‬حدثنا وكيع‪ ,‬وحدثنا سفيان هو الثوري‪,‬‬
‫عن عبد الله بن عيسى‪ ,‬عن عبد الله بن أبي الجعببد‪ ,‬عببن‬
‫ثوبان قال‪ :‬قال رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬إن‬
‫الرجببل ليحببرم الببرزق بالببذنب يصببيبه‪ ,‬ول يببرد القببدر إل‬
‫الدعاء‪ ,‬ول يزيد في العمر إل البر«‪ ,‬ورواه النسببائي وابببن‬
‫مبببببباجه مببببببن حببببببديث سببببببفيان الثببببببوري بببببببه‪.‬‬
‫وثبت في الصحيح أن صلة الرحم تزيد في العمببر‪ .‬وفببي‬
‫حببديث آخببر »إن الببدعاء والقضبباء ليعتلجببان بيببن السببماء‬
‫والرض«‪ .‬وقال ابن جريببر‪ :‬حببدثني محمببد بببن سببهل بببن‬
‫عسكر‪ ,‬حدثنا عبد الرزاق‪ ,‬أخبرنببا ابببن جريببر عببن عطبباء‪,‬‬
‫عببن ابببن عببباس قببال‪ :‬إن للببه لوحببا ً محفوظببا ً مسببيرة‬
‫خمسمائة عببام مببن درة بيضبباء لهببا دفتببان مببن يبباقوت بب‬
‫والدفتان‪ :‬لوحان ب لله عز وجل‪ ,‬كل يوم ثلثمببائة وسببتون‬
‫لحظة‪ ,‬يمحببو مببا يشبباء ويثبببت‪ ,‬وعنببده أم الكتبباب‪ .‬وقببال‬
‫الليث بن سعد عن زيادة بن محمد‪ ,‬عن محمببد بببن كعببب‬
‫القرظي‪ ,‬عن فضالة بن عبيد‪ ,‬عن أبي الدرداء قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬يفتح الببذكر فببي ثلث‬
‫ساعات يبقين من الليل‪ ,‬فببي السبباعة الولببى منهببا ينظببر‬
‫في الذكر الذي ل ينظبر فيبه أحببد غيبره فيمحبو مببا يشباء‬
‫ويثبببببت« وذكببببر تمببببام الحببببديث‪ ,‬رواه ابببببن جريببببر‪.‬‬
‫وقال الكلبي‪ :‬يمحو الله ما يشاء ويثبت‪ ,‬قال‪ :‬يمحو مببن‬
‫الرزق ويزيد فيه‪ ,‬ويمحو من الجل ويزيد فيببه‪ ,‬فقيببل لببه‪:‬‬
‫من حدثك بهذا ؟ فقال‪ :‬أبو صالح عن جابر بن عبد الله بن‬
‫رئاب‪ ,‬عن النبي صلى الله عليه وسلم‪ ,‬ثم سئل بعببد ذلببك‬
‫لية‪ ,‬فقال‪ :‬يكتب القول كلببه حببتى إذ كببان يببوم‬ ‫عن هذه ا َ‬
‫الخميس طرح منه كل شيء ليس فيببه ثببواب ول عقبباب‪,‬‬
‫مثل قولك‪ :‬أكلت وشربت‪ ,‬ودخلببت وخرجببت‪ ,‬ونحببو ذلببك‬

‫‪459‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من الكلم‪ ,‬وهو صادق‪ ,‬ويثبت ما كان فيببه الثببواب وعليببه‬
‫العقاب‪ ,‬وقببال عكرمببة عببن ابببن عببباس‪ :‬الكتبباب كتابببان‪,‬‬
‫فكتاب يمحو الله منه ما يشاء ويثبببت‪ ,‬وعنببده أم الكتبباب‪,‬‬
‫وقال العوفي عن ابن عباس في قوله‪} :‬يمحببو اللببه مببا‬
‫يشاء ويثبت وعنده أم الكتبباب{ يقببول‪ :‬هببو الرجببل يعمببل‬
‫الزمان بطاعة الله ثم يعببود لمعصببية اللببه‪ ,‬فيمببوت علببى‬
‫ضللة‪ ,‬فهو الذي يمحو‪ ,‬والذي يثبت الرجل يعمل بمعصببية‬
‫الله‪ ,‬وقد كان سبق له خير حببتى يمببوت وهببو فببي طاعببة‬
‫الله وهو الذي يثبت‪ ,‬وروي عن سعيد بن جبير أنها بمعنببى‬
‫}يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله علببى كببل شببيء‬
‫قدير{‪ .‬وقال علي بن أبي طلحة عبن اببن عبباس }يمحبو‬
‫الله ما يشاء ويثبت{ يقول‪ :‬يبدل ما يشاء فينسخه‪ ,‬ويثبت‬
‫ما يشاء فل يبدله‪} ,‬وعنده أم الكتاب{ وجملة ذلببك عنببده‬
‫في أم الكتاب الناسخ والمنسوخ‪ ,‬وما يبدل وما يثبببت كببل‬
‫ذلك في كتاب‪ ,‬وقال قتادة في قوله‪} :‬يمحو الله ما يشاء‬
‫ليببة‪ .‬وقببال‬ ‫ويثبت{ كقوله‪} :‬ما ننسخ من آية أو ننسببها{ ا َ‬
‫ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله‪} :‬يمحو اللببه مببا يشبباء‬
‫ويثبت{ قببال‪ :‬قببالت كفببار قريببش لمببا نزلببت }ومببا كببان‬
‫لرسول أن يأتي بآية إل بإذن الله{‪ :‬ما نرى محمببدا ً يملببك‬
‫لية تخويفا ً ووعيببدا ً‬ ‫شيئا ً وقد فرغ من المر‪ ,‬فأنزلت هذه ا َ‬
‫لهم‪ ,‬إنا إن شئنا أحدثنا له من أمرنا ما شئنا‪ ,‬ونحببدث فببي‬
‫كل رمضان‪ ,‬فيمحو ما يشاء‪ ,‬ويثبببت مببا يشبباء مببن أرزاق‬
‫النببباس ومصبببائبهم ومبببا يعطيهبببم ومبببا يقسبببم لهبببم‪.‬‬
‫وقال الحسن البصري }يمحو الله ما يشاء ويثبت{ قال‪:‬‬
‫من جاء أجله يذهب‪ ,‬ويثبت الذي هو حي يجري إلى أجلببه‪,‬‬
‫وقد اختببار هببذا القببول أبببو جعفببر بببن جريببر رحمببه اللببه‪,‬‬
‫وقوله‪} :‬وعنده أم الكتاب{ قببال‪ :‬الحلل والحببرام‪ ,‬وقببال‬
‫قتادة‪ :‬أي جملة الكتاب وأصله‪ ,‬وقال الضحاك }وعنببده أم‬
‫الكتاب{ قال‪ :‬كتبباب عنببد رب العببالمين‪ ,‬وقببال سببنيد بببن‬
‫داود‪ :‬حدثني معتمر عن أبيه‪ ,‬عن يسببار‪ ,‬عببن ابببن عببباس‬
‫أنه سأل كعبا ً عن أم الكتاب‪ ,‬فقال‪ :‬علم الله ما هو خببالق‬
‫وما خلقه عاملون‪ ,‬ثم قال لعلمببه‪ :‬كببن كتاببا ً فكببان كتاببًا‪,‬‬

‫‪460‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال ابن جريج عن ابن عباس }وعنده أم الكتاب{ قببال‪:‬‬
‫البببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببذكر‪.‬‬

‫ك‬‫ما عَل َي ْ َ‬ ‫م أ َوْ ن َت َوَفّي َن ّ َ‬


‫ك فَإ ِن ّ َ‬ ‫ذي ن َعِد ُهُ ْ‬ ‫ض ال ّ ِ‬‫ك ب َعْ َ‬ ‫ما ن ُرِي َن ّ َ‬‫** وَِإن ّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صببَها‬ ‫ض َننُق ُ‬ ‫م ي ََروْا ْ أّنا ن َأِتي الْر َ‬ ‫ب * أوَل َ ْ‬ ‫سا ُ‬ ‫ح َ‬‫ال ْب َل َغُ وَعَل َي َْنا ال ْ ِ‬
‫مب َ‬
‫ع‬
‫ري ُ‬ ‫سب ِ‬ ‫مبهِ وَهُبوَ َ‬ ‫حك ْ ِ‬‫ب لِ ُ‬ ‫معَّقب َ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫حك ُب ُ‬ ‫ن أط َْرافِهَببا َوالل ّب ُ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫ِ ْ‬
‫ب‬ ‫سببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫يقول تعالى لرسوله }وإما نرينك{ يا محمد‪ ,‬بعض الببذي‬
‫نعد أعداءك من الخزي والنكال فببي الببدنيا }أو نتوفينببك{‬
‫أي قبببل ذلببك‪} ,‬فإنمببا عليببك البلغ{ أي إنمببا أرسببلناك‬
‫لتبلغهببم رسببالة اللببه‪ ,‬وقببد فعلببت مببا أمببرت بببه }وعلينببا‬
‫الحساب{ أي حسابهم وجزاؤهببم‪ ,‬كقببوله تعببالى‪} :‬فببذكر‬
‫إنما انت مبذكر * لسبت عليهببم بمسببيطر * إل مببن تبولى‬
‫وكفر * فيعذ به الله العذاب الكبر * إن إلينببا إيببابهم * ثببم‬
‫إن علينا حسابهم{‪ ,‬وقبوله‪} :‬أو لبم يبروا أنبا نبأتي الرض‬
‫ننقصها من أطرافها{ قال ابن عباس‪ :‬أو لم يروا أنبا نفتبح‬
‫لمحمد صلى الله عليه وسلم الرض بعد الرض‪ ,‬وقال في‬
‫رواية‪ :‬أو لم يروا إلى القرية تخرب حببتى يكببون العمببران‬
‫في ناحية‪ .‬وقال مجاهببد وعكرمببة‪ :‬ننقصببها مببن أطرافهببا‪,‬‬
‫قبببال‪ :‬خرابهبببا‪ .‬وقبببال الحسبببن والضبببحاك‪ :‬هبببو ظهبببور‬
‫المسلمين على المشركين‪ .‬وقال العوفي عن ابن عباس‪:‬‬
‫نقصببان أهلهببا وبركتهببا‪ .‬وقببال مجاهببد‪ :‬نقصببان النفببس‬
‫والثمرات وخراب الرض‪ .‬وقال الشعبي‪ :‬لو كببانت الرض‬
‫تنقص لضاق عليك حشك‪ ,‬ولكن تنقص النفس والثمرات‪,‬‬
‫وكذا قال عكرمة‪ :‬لو كببانت الرض تنقببص لببم تجببد مكان با ً‬
‫تقعد فيه‪ ,‬ولكن هو الموت‪ .‬وقال ابببن عببباس فببي روايببة‪:‬‬
‫خرابها بموت علمائها وفقهائها وأهل الخير منها‪ ,‬وكذا قال‬
‫مجاهد أيضبًا‪ :‬هببو مببوت العلمبباء‪ ,‬وفببي هببذا المعنببى روى‬
‫الحافظ ابن عساكر في ترجمة أحمد بن عبببد العزيببز أبببي‬
‫القاسم المصري الواعظ سكن أصبهان‪ ,‬حدثنا أبببو محمببد‬

‫‪461‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لجببري‬‫طلحة بن أسد المرئي بدمشببق‪ ,‬أنشببدنا أبببو بكببر ا َ‬
‫بمكببببة قببببال‪ :‬أنشببببدنا أحمببببد بببببن غببببزال لنفسببببه‪:‬‬
‫الرض تحيا إذا ما عاش عالمهامتى يمت عالم منهببا يمببت‬
‫طبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببرف‬
‫كالرض تحيا إذا ما الغيث حل بهاوإن أبى عاد في أكنافهببا‬
‫التلبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببف‬
‫والقول الول أولببى‪ ,‬وهببو ظهببور السببلم علببى الشببرك‬
‫قريببة بعببد قريببة‪ ,‬كقببوله‪} :‬ولقببد أهلكنببا مببا حببولكم مببن‬
‫ليبببببة‪ ,‬وهبببببذا اختيبببببار اببببببن جريبببببر‪.‬‬ ‫القبببببرى{ ا َ‬

‫مببا‬ ‫م َ‬‫ميعبا ً ي َعْل َب ُ‬ ‫مك ْبُر َ‬


‫ج ِ‬ ‫م فَل ِل ّهِ ال ْ َ‬‫من قَب ْل ِهِ ْ‬‫ن ِ‬ ‫مك ََر ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫** وَقَد ْ َ‬
‫دارِ‬
‫ن عُْقَبببى البب ّ‬ ‫م ال ْك ُّفبباُر ل ِ َ‬
‫مبب ْ‬ ‫سببي َعْل َ ُ‬‫س وَ َ‬
‫ل ن َْفبب ٍ‬‫كبب ّ‬‫ب ُ‬‫سبب ُ‬ ‫ت َك ْ ِ‬
‫يقول تعالى‪} :‬وقببد مكببر الببذين مببن قبلهببم{ برسببلهم‪,‬‬
‫وأرادوا إخراجهم من بلدهم‪ ,‬فمكر الله بهم وجعل العاقبة‬
‫للمتقين‪ ,‬كقوله‪} :‬وإذ يمكر بببك الببذين كفببروا ليثبتببوك أو‬
‫يقتلببوك أو يخرجببوك ويمكببرون ويمكببر اللببه‪ ,‬واللببه خيببر‬
‫الماكرين{‪ ,‬وقوله تعببالى‪} :‬ومكببروا مكببرا ً ومكرنببا مكببرا ً‬
‫وهبم ل يشبعرون * فبانظر كيبف كبان عاقببة مكرهبم أنبا‬
‫دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية بما ظلمببوا{‬
‫ليتين‪ .‬وقوله‪} :‬يعلم ما تكسب كل نفس{ أي أنه تعببالى‬ ‫ا َ‬
‫عالم بجميع السرائر والضمائر وسيجزي كل عامببل بعملببه‬
‫}وسيعلم الكافر{‪ ,‬والقراءة الخرى الكفار‪} ,‬لمن عقبببى‬
‫الببدار{ أي لمببن تكببون الببدائرة والعاقبببة لهببم أو لتببباع‬
‫لخرة‪ ,‬ولله‬ ‫الرسل‪ ,‬كل‪ ,‬بل هي لتباع الرسل في الدنيا وا َ‬
‫الحمببببببببببببببببببببببببببببببد والمنببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬

‫شهيدا ً‬ ‫ّ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ ل َ ْ‬ ‫ل ال ّ ِ‬


‫ى ِباللهِ َ ِ‬ ‫ل ك ََف َ‬
‫سل ً قُ ْ‬
‫مْر َ‬‫ت ُ‬‫س َ‬ ‫ذي َ‬ ‫** وَي َُقو ُ‬
‫م ال ْك ِت َببببببا ِ‬
‫ب‬ ‫عْلببببب ُ‬‫عنبببببد َهُ ِ‬
‫ن ِ‬‫مبببببب ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ب َي ْن ِببببببي وَب َي ْن َ ُ‬
‫كببببب ْ‬
‫يقببول تعببالى‪ :‬يكببذبك هببؤلء الكفببار ويقولببون‪} :‬لسببت‬
‫مرسل{ أي ما أرسلك الله }قل كفببى بببالله شببهيدا ً بينببي‬
‫وبينكم{ أي حسبي الله هو الشاهد علببي وعليكببم‪ .‬شبباهد‬

‫‪462‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫علي فيمببا بلغبت عنببه مببن الرسببالة‪ ,‬وشبباهد عليكببم أيهبا‬
‫المكذبون فيما تفترونه من البهتان‪ ,‬وقببوله‪} :‬ومببن عنببده‬
‫علم الكتاب{ قيل‪ :‬نزلبت فببي عبببد اللبه ببن سبلم‪ ,‬قبباله‬
‫لية مكية‪ ,‬وعبد اللببه‬ ‫مجاهد‪ ,‬وهذا القول غريب‪ ,‬لن هذه ا َ‬
‫بن سلم إنما أسلم في أول مقدم النبي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم المدينة‪ ,‬والظهر في هذا ما قاله العببوفي عببن ابببن‬
‫عباس قال‪ :‬هم من اليهود والنصارى‪ ,‬وقببال قتببادة‪ :‬منهببم‬
‫ابن سلم وسلمان وتميم الداري‪ ,‬وقال مجاهد فببي روايببة‬
‫عنه‪ :‬هو الله تعالى‪ ,‬وكان سعيد بببن جبببير ينكببر أن يكببون‬
‫المراد بها عبد اللببه بببن سببلم ويقببول‪ :‬هببي مكيببة‪ ,‬وكببان‬
‫م الكتاب{ ويقببول‪ :‬مببن عنببد اللببه‪,‬‬ ‫يقرؤها }ومن عنده عُل ِ َ‬
‫وكببببببذا قرأهببببببا مجاهببببببد والحسببببببن البصببببببري‪.‬‬
‫وقببد روى ابببن جريببر مببن حببديث هببارون العببور عببن‬
‫الزهري عن سالم‪ ,‬عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله‬
‫م الكتبباب{‪ ,‬ثببم قببال‪ :‬ل‬ ‫عليه وسلم قرأها }ومن عنده عُل ِ َ‬
‫أصل له من حديث الزهري عند الثقببات‪ ,‬قلببت‪ ,‬وقببد رواه‬
‫الحافظ أبو يعلى في مسنده من طريق هارون بن موسى‬
‫هذا‪ ,‬عن سليمان بن أرقم‪ ,‬وهو ضعيف‪ ,‬عن الزهببري عببن‬
‫سببالم عببن أبيببه مرفوع با ً كببذلك ول يثبببت‪ ,‬واللببه أعلببم‪,‬‬
‫والصحيح في هببذا أن }ومببن عنببده{ اسببم جنببس يشببمل‬
‫علماء أهل الكتاب الذين يجببدون صببفة محمببد صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم ونعته في كتبهم المتقدمة من بشارات النبيبباء‬
‫به‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬ورحمتي وسعت كل شيء فسببأكتبها‬
‫للذين يتقببون ويؤتببون الزكبباة والببذين هببم بآياتنببا يؤمنببون‬
‫الذين يتبعون الرسول النبي المببي الببذي يجببدونه مكتوب با ً‬
‫لية‪ :‬وقببال تعببالى‪} :‬أو لببم‬ ‫عندهم في التوراة والنجيل{ ا َ‬
‫يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل{ ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬وأمثببال‬
‫ذلك مما فيه الخبار عن علماء بني إسرائيل أنهم يعلمببون‬
‫ذلك من كتبهم المنزلة‪ .‬وقد ورد فببي حببديث الحبببار عببن‬
‫عبببد اللببه بببن سببلم بببأنه أسببلم بمكببة قبببل الهجببرة‪.‬‬
‫قال الحافظ أبو نعيم الصبهاني فببي كتبباب دلئل النبببوة‬
‫وهو كتاب جليل‪ :‬حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني‪ ,‬حببدثنا‬

‫‪463‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عبدان بن أحمد‪ ,‬حدثنا محمد بن مصفى‪ ,‬حدثنا الوليببد بببن‬
‫مسلم عن محمد بن حمزة يوسف بن عبد الله بن سببلم‪,‬‬
‫عن أبيه عن جده عبد الله بن سلم أنه قال لحبار اليهببود‪:‬‬
‫إني أردت أن أحدث بمسجد أبينا إبراهيم وإسماعيل عيدًا‪,‬‬
‫فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكببة‪,‬‬
‫فوافاهم وقد انصرفوا من الحج‪ ,‬فوجد رسببول اللبه صبلى‬
‫الله عليه وسلم بمنى والناس حوله‪ ,‬فقام مع الناس‪ ,‬فلما‬
‫نظر إليه رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪» :‬أنببت‬
‫عبد الله بن سلم ؟« قال قلت‪ :‬نعببم‪ ,‬قببال »ادن«‪ .‬قببال‪:‬‬
‫فدنوت منه‪ .‬قال‪» :‬أنشدك بالله يا عبد الله بن سلم‪ ,‬أمببا‬
‫تجدني في التوراة رسول الله ؟« فقلببت لببه‪ :‬انعببت ربنببا‪,‬‬
‫قال‪ :‬فجاء جبريل حتى وقف بين يببدي رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم فقال له‪} :‬قل هو الله أحد اللببه الصببمد{‬
‫إلببى آخرهببا‪ ,‬فقرأهببا علينببا رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسببلم‪ ,‬فقببال ابببن سببلم‪ :‬أشببهد أن ل إلببه إل اللببه وأنببك‬
‫رسول الله‪ ,‬ثببم انصببرف ابببن سببلم إلببى المدينببة‪ ,‬فكتببم‬
‫إسلمه‪ ,‬فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلببى‬
‫المدينة وأنا فوق نخلة لي أجذها‪ ,‬فألقيت نفسببي‪ ,‬فقببالت‬
‫أمي‪ :‬لله أنت‪ ,‬لو كان موسى بن عمببران مببا كبان لبك أن‬
‫تلقببي نفسببك مببن رأس النخلببة‪ ,‬فقلببت‪ :‬واللببه لنببا أسببر‬
‫بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسبلم مبن موسبى ببن‬
‫عمران إذ بعث‪ ,‬وهذا حديث غريب جدًا‪ .‬آخر تفسير سورة‬
‫الرعبببببببببببد‪ ,‬و للبببببببببببه الحمبببببببببببد والمنبببببببببببة‪.‬‬

‫سورة إبراهيم‬
‫حيبببببببببببم ِ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫حمـببببببببببب ِ‬ ‫سبببببببببببم ِ الل ّبببببببببببهِ الّر ْ‬ ‫بِ ْ‬
‫ت إ ِل َببى‬ ‫َ‬
‫مببا ِ‬ ‫ن الظ ّل ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫س ِ‬ ‫ج الّنا َ‬ ‫خرِ َ‬ ‫ك ل ِت ُ ْ‬‫ب أنَزل َْناهُ إ ِل َي ْ َ‬ ‫** اَلر ك َِتا ٌ‬
‫ه‬‫ذي ل َ ُ‬ ‫ميدِ * الل ّهِ ال ّ ِ‬ ‫ح ِ‬‫زيزِ ال ْ َ‬ ‫ط ال ْعَ ِ‬‫صَرا ِ‬ ‫ى ِ‬ ‫ن َرب ّه ْ َ‬
‫م إ ِل َ‬ ‫ِ‬ ‫الّنورِ ب ِإ ِذ ْ ِ‬
‫ن‬ ‫مب ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ري َ‬ ‫ل ل ّل ْك َببافِ ِ‬‫ض وَوَي ْب ٌ‬ ‫مببا فِببي الْر ِ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سب َ‬‫ما فِببي ال ّ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫خ بَر ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حَياةَ الد ّن َْيا عَلببى ال ِ‬ ‫ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫حّبو َ‬ ‫ست َ ِ‬‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ديدٍ * ال ِ‬ ‫ش ِ‬‫ب َ‬ ‫ذا ٍ‬‫عَ َ‬
‫ُ‬
‫وجا ً أوَْلـ بئ ِ َ‬ ‫ل الل ّهِ وَي َب ُْغون ََها ِ‬
‫ل‬ ‫ض بل َ ٍ‬‫ك فِببي َ‬ ‫ع َ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫عن َ‬ ‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫ص ّ‬‫وَي َ ُ‬
‫ب َِعيببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببدٍ‬

‫‪464‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قد تقدم الكلم على الحروف المقطعة في أوائل السور‬
‫}كتاب أنزلناه إليك{ أي هببذا كتبباب أنزلناإليببك يببا محمببد‪,‬‬
‫وهو القرآن العظيم الذي هو أشرف كتاب أنزله اللببه مببن‬
‫السماء‪ ,‬على أشببرف رسببول بعثببه اللببه فببي الرض إلببى‬
‫جميع أهلها عربهم وعجمهم }لتخرج الناس من الظلمببات‬
‫إلى النور{ أي إنما بعثناك يببا محمببد بهببذا الكتبباب لتخببرج‬
‫الناس مما هم فيه من الضلل والغي إلى الهدى والرشببد‪,‬‬
‫كمببا قببال تعببالى‪} :‬اللببه ولببي الببذين آمنببوا يخرجهببم مببن‬
‫الظلمات إلببى النببور‪ ,‬والببذين كفببروا أوليبباؤهم الطبباغوت‬
‫يخرجونهم من النور إلببى الظلمببات{ ا َ‬
‫ليببة‪ .‬وقببال تعببالى‪:‬‬
‫}هو الببذي ينببزل علببى عبببده آيببات بينببات ليخرجكببم مببن‬
‫الظلمبببببببببببات إلبببببببببببى النبببببببببببور{ ا َ‬
‫ليبببببببببببة‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬بإذن ربهم{ أي هو الهادي لمن قدر لببه الهدايببة‬
‫على يدي رسوله المبعوث عن أمره يهديهم }إلى صببراط‬
‫العزيز{‪ ,‬أي العزيز الذين ل يمانع ول يغالب‪ ,‬بل هو القاهر‬
‫لكل ما سواه‪} ,‬الحميببد{ أي المحمببود فببي جميببع أفعبباله‬
‫وأقواله وشرعه وأمره ونهيه الصببادق فببي خبببره‪ .‬وقببوله‪:‬‬
‫}الله الذي لببه مببا فببي السببموات ومببا فببي الرض{ قببرأ‬
‫بعضهم مستأنفا ً مرفوعا ً وقببرأ آخببرون علببى التببباع صببفة‬
‫للجللة‪ ,‬كقوله تعالى‪} :‬قل يا أيها الناس إني رسببول اللببه‬
‫إليكببم جميع با ً الببذي لببه ملببك السببموات والرض{ ا َ‬
‫ليببة‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وويل للكافرين من عببذاب شببديد{ أي ويببل لهببم‬
‫يوم القيامة إذ خالفوك يا محمد وكذبوك‪ ,‬ثم وصفهم بأنهم‬
‫لخرة‪ ,‬أي يقدمونها ويؤثرونها‬ ‫يستحبون الحياة الدنيا على ا َ‬
‫لخببرة وتركوهبببا وراء‬ ‫عليهبببا ويعملببون للبببدنيا‪ ,‬ونسبببوا ا َ‬
‫ظهورهم }ويصدون عن سبيل اللببه{ وهببي اتببباع الرسببل‬
‫}ويبغونها عوجًا{ أي ويحبون أن تكببون سبببيل اللببه عوجبا ً‬
‫مائلببة عائلببة‪ ,‬وهببي مسببتقيمة فببي نفسببها ل يضببرها مببن‬
‫خالفها‪ ,‬ول من خببذلها فهببم فببي ابتغببائهم ذلببك فببي جهببل‬
‫وضلل بعيد من الحق‪ ,‬ل يرجى لهم والحالببة هببذه صببلح‪.‬‬

‫‪465‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ن ل َهُ ب ْ‬ ‫ن ق َ بو ْ ِ‬
‫مهِ ل ِي ُب َي ّب َ‬ ‫ل إ ِل ّ ب ِل ِ َ‬
‫سببا ِ‬ ‫سببو ٍ‬
‫مببن ّر ُ‬ ‫سبل َْنا ِ‬‫مببآ أْر َ‬ ‫** وَ َ‬
‫م‬‫كيب ُ‬ ‫ح ِ‬‫زيُز ال ْ َ‬ ‫شآُء وَهُوَ ال ْعَ ِ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫دي َ‬ ‫من ي َ َ‬
‫شآُء وَي َهْ ِ‬ ‫ه َ‬‫ل الل ّ ُ‬
‫ض ّ‬ ‫فَي ُ ِ‬
‫هذا من لطفه تعالى بخلقه أنه يرسل إليهم رسببل ً منهببم‬
‫بلغاتهم‪ ,‬ليفهموا عنهم ما يريدون‪ ,‬ومببا أرسببلوا بببه إليهببم‪,‬‬
‫كما روى المام أحمد‪ :‬حدثنا وكيع عببن عمببر بببن ذر قببال‪:‬‬
‫قال مجاهد عن أبي ذر‪ :‬قال قال رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪» :‬لم يبعث الله عز وجل نبيا ً إل بلغببة قببومه«‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬فيضل الله من يشاء ويهدي مببن يشبباء{ أي بعببد‬
‫البيان وإقامة الحجة عليهم‪ ,‬يضل الله من يشاء عببن وجببه‬
‫الهدى‪ ,‬ويهدي من يشاء إلى الحق }وهو العزيز{ الذي مببا‬
‫شاء كان‪ ,‬وما لببم يشبأ لبم يكبن‪} ,‬الحكيببم{ فببي أفعباله‪,‬‬
‫فيضل من يستحق الضلل ويهدي من هو أهل لذلك‪ ,‬وقببد‬
‫كانت هذه سنته في خلقه أنه ما بعث نبي با ً فببي أمببة إل أن‬
‫يكون بلغتهم‪ ,‬فاختص كل نبي بإبلغ رسالته إلى أمته دون‬
‫غيرهم‪ ,‬واختص محمد بن عبد الله رسول الله صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم بعموم الرسالة إلى سائر الناس‪ ,‬كما ثبت في‬
‫الصحيحين عن جابر قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليببه‬
‫وسلم‪» :‬أعطيت خمسا ً لم يعطهن أحد من النبيبباء قبلببي‪:‬‬
‫نصرت بالرعب مسيرة شهر‪ ,‬وجعلت لببي الرض مسببجدا ً‬
‫وطهورًا‪ ,‬وأحلت لي الغنائم ولم تحل لحد قبلي‪ ,‬وأعطيت‬
‫الشفاعة‪ ,‬وكان النبي يبعث إلى قومه خاصببة وبعثببت إلببى‬
‫الناس عامة« وله شواهد من وجوه كببثيرة‪ .‬وقببال تعببالى‪:‬‬
‫}قببل يببا أيهببا النبباس إنببي رسببول اللببه إليكببم جميع بًا{‪.‬‬

‫ن‬
‫مبب َ‬ ‫ك ِ‬ ‫مبب َ‬
‫ج قَوْ َ‬ ‫خببرِ ْ‬‫ن أَ ْ‬ ‫َ‬
‫ى ِبآَيات َِنببآ أ ْ‬ ‫َ‬ ‫سبب‬ ‫َ‬ ‫مو‬‫ُ‬ ‫نا‬
‫َ‬ ‫سببل ْ‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫ْ‬
‫** ول ََقببد أ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ت‬‫ك ل َي َببا ٍ‬‫ن فِببي ذ َل ِب َ‬‫م ب ِأّيام ِ الل ّهِ إ ِ ّ‬‫ت إ َِلى الّنورِ وَذ َك ّْرهُ ْ‬ ‫الظ ّل ُ َ‬
‫ما ِ‬
‫شببببببببببببببببببب ُ‬
‫كورٍ‬ ‫صبببببببببببببببببببّبارٍ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ّك ُببببببببببببببببببب ّ‬
‫يقبول تعبالى‪} :‬وكمبا أرسبلناك يبا محمبد وأنزلنبا عليبك‬
‫الكتاب لتخببرج النبباس كلهببم‪ ,‬تببدعوهم إلببى الخببروج مببن‬
‫الظلمببات إلببى النببور‪ ,‬كببذلك أرسببلنا موسببى إلببى بنببي‬
‫ليات }أن أخرج‬ ‫إسرائيل بآياتنا{‪ ,‬قال مجاهد‪ :‬هي التسع ا َ‬

‫‪466‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قومك{ أي أمرناه قائلين له }أخرج قومك مببن الظلمببات‬
‫إلى النور{ أي ادعهم إلى الخير ليخرجوا مببن ظلمببات مببا‬
‫كانوا فيه مببن الجهببل والضببلل إلببى نببور الهببدى وبصببيرة‬
‫اليمان‪} ,‬وذكرهم بأيام الله{ أي بأياديه ونعمه عليهم فببي‬
‫إخراجه إياهم من أسببر فرعببون وقهببره وظلمببه وغشببمه‪,‬‬
‫وإنجائه إيبباهم مببن عببدوهم‪ ,‬وفلقببه لهببم البحببر‪ ,‬وتظليلببه‬
‫إياهم بالغمام‪ ,‬وإنزاله عليهم المن والسلوى إلى غير ذلببك‬
‫من النعم‪ ,‬قال ذلك مجاهد وقتببادة وغيببر واحببد‪ ,‬وقببد ورد‬
‫فيه الحديث المرفوع الذي رواه عبد الله بن المببام أحمببد‬
‫بن حنبل في مسند أبيه حيث قال حببدثني يحيببى بببن عبببد‬
‫الله مولى بني هاشم‪ ,‬حدثنا محمد بن أبببان الجعفببي عببن‬
‫أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن اببن عبباس‪ ,‬عبن أببي‬
‫بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعببالى‪:‬‬
‫}وذكرهم بأيام اللببه{ قببال‪ :‬بنعببم اللببه‪ ,‬ورواه ابببن جريببر‬
‫وابن أبي حاتم من حديث محمد بببن أبببان بببه‪ ,‬ورواه عبببد‬
‫اللببببببه ابنببببببه أيضببببببا ً موقوفببببببا ً وهببببببو أشبببببببه‪.‬‬
‫ليببات لكببل صبببار شببكور{ أي إن‬ ‫وقوله‪} :‬إن في ذلببك َ‬
‫فيما صنعنا بأوليائنا بنببي إسببرائيل حيببن أنقببذناهم مببن يببد‬
‫فرعون وأنجيناهم مما كانوا فيه من العذاب المهين لعبببرة‬
‫لكل صبار‪ ,‬أي في الضراء شكور أي في السراء‪ ,‬كما قال‬
‫قتادة‪ :‬نعم العبد عبببد إذا ابتلببي صبببر‪ ,‬وإذا أعطببي شببكر‪.‬‬
‫وكذا جاء في الصببحيح عببن رسببول اللبه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم أنه قال‪» :‬إن أمر المؤمن كله عجب‪ ,‬ل يقضي الله‬
‫له قضاء إل كان خيببرا ً لببه‪ ,‬إن أصببابته ضببراء صبببر‪ ,‬فكببان‬
‫خيببرا ً لببه‪ ,‬وإن أصببابته سببراء شببكر‪ ,‬فكببان خيببرا ً لببه«‪.‬‬

‫م إ ِذ ْ‬ ‫ة الل ّبهِ عَل َي ْك ُب ْ‬ ‫مب َ‬ ‫مهِ اذ ْك ُبُروا ْ ن ِعْ َ‬ ‫ى ل َِق بوْ ِ‬‫سب َ‬ ‫مو َ‬ ‫ل ُ‬ ‫** وَإ ِذ ْ قَببا َ‬
‫سوََء ال ْعَ ب َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫حو َ‬ ‫ب وَي ُبذ َب ّ ُ‬‫ذا ِ‬ ‫م ُ‬ ‫مون َك ُ ْ‬‫سو ُ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ل فِْرعَوْ َ‬ ‫نآ ِ‬ ‫م ْ‬
‫م ّ‬ ‫جاك ُ ْ‬‫أن َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫مببن ّرب ّك ُب ْ‬ ‫م َبلٌء ّ‬ ‫م وَفِببي ذ َل ِك ُب ْ‬ ‫سببآَءك ُ ْ‬ ‫ن نِ َ‬ ‫حُيو َ‬‫س بت َ ْ‬‫م وَي َ ْ‬ ‫أب ْن َببآَءك ُ ْ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫م وَل َِئن ك ََفْرت ُ ْ‬ ‫م لِزيد َن ّك ُ ْ‬ ‫شك َْرت ُ ْ‬ ‫م ل َِئن َ‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬‫م * وَإ ِذ ْ ت َأذ ّ َ‬ ‫ظي ٌ‬‫عَ ِ‬

‫‪467‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬
‫من ِفي‬ ‫م وَ َ‬‫ى ِإن ت َك ُْفُروَا ْ أنت ُ ْ‬
‫س َ‬ ‫مو َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ديد ٌ * وََقا َ‬ ‫ذاِبي ل َ َ‬
‫ش ِ‬ ‫ن عَ َ‬
‫إِ ّ‬
‫ميبببببببد ٌ‬‫ح ِ‬
‫ي َ‬ ‫ه ل َغَِنببببببب ّ‬ ‫ن الّلببببببب َ‬
‫ميعبببببببا ً َفبببببببإ ِ ّ‬‫ج ِ‬
‫ض َ‬ ‫الْر ِ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن موسى حين ذكر قومه بأيام الله‬
‫عندهم ونعمه عليهم‪ ,‬إذ أنجاهم من آل فرعون‪ ,‬وما كببانوا‬
‫يسومونهم به من العذاب والذلل‪ ,‬حيث كانوا يذبحون من‬
‫وجد من أبنائهم‪ ,‬ويتركون إناثهم‪ ,‬فأنقذهم الله مببن ذلببك‪,‬‬
‫وهذه نعمة عظيمة‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬وفي ذلكم بلء من ربكم‬
‫عظيببم{ أي نعمببة عظيمببة منببه عليكببم فببي ذلببك‪ ,‬أنتببم‬
‫عاجزون عن القيام بشكرها وقيل‪ :‬وفيما كان يصنعه بكببم‬
‫قوم فرعون من تلببك الفاعيببل }بلء{ أي اختبببار عظيببم‪,‬‬
‫ويحتمل أن يكون المببراد هببذا وهببذا‪ ,‬واللببه أعلببم‪ ,‬كقببوله‬
‫تعالى‪} :‬وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهببم يرجعببون{‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وإذ تأذن ربكم{ أي آذنكم وأعلمكم بوعببده لكببم‪,‬‬
‫ويحتمل أن يكون المعنببى‪ :‬وإذ أقسببم ربكببم وآلببى بعزتببه‬
‫وجللببه وكبريببائه‪ ,‬كقببوله تعببالى‪} :‬وإذ تببأذن ربببك ليبعثببن‬
‫عليهببببببببببببم إلببببببببببببى يببببببببببببوم القيامببببببببببببة{‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬لئن شكرتم لزيبدنكم{ أي لئن شبكرتم نعمبتي‬
‫عليكببم لزيببدنكم منهببا‪} ,‬ولئن كفرتببم{ أي كفرتببم النعببم‬
‫وسترتموها وجحدتموها }إن عذابي لشديد{‪ ,‬وذلك بسلبها‬
‫عنهم وعقابه إياهم على كفرها‪ ,‬وقد جاء في الحديث »إن‬
‫العبببد ليحببرم الببرزق بالببذنب يصببيبه«‪ .‬وفببي المسببند أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬مببر بببه سببائل فأعطبباه‬
‫تمرة‪ ,‬فسخطها ولم يقبلها‪ ,‬ثم مر به آخببر فأعطبباه إياهببا‪,‬‬
‫فقبلها وقال‪ :‬تمرة من رسول الله صلى الله عليه وسببلم‪,‬‬
‫فأمر له بأربعين درهمبًا‪ ,‬أو كمببا قببال‪ :‬قببال المببام أحمببد‪:‬‬
‫حدثنا أسود‪ ,‬حدثنا عمارة الصيدلني عن ثببابت عببن أنببس‪,‬‬
‫قال‪ :‬أتى النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم سببائل فببأمر لببه‬
‫بتمرة فلم يأخذها أو وحش بها ب قال ب‪ :‬وأتاه آخر فأمر لببه‬
‫بتمرة‪ ,‬فقال‪ :‬سبحان الله تمرة من رسول الله صلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪ ,‬فقال للجارية‪» :‬اذهبي إلى أم سلمة فأعطيه‬
‫الربعين درهما ً التي عندها« تفرد به المام أحمد‪ ,‬وعمارة‬
‫بن زاذان وثقه ابن حبان وأحمد ويعقوب بن سفيان‪ .‬وقال‬

‫‪468‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ابن معين‪ :‬صالح‪ .‬وقال أبو زرعببة‪ :‬ل بببأس بببه‪ .‬وقببال أبببو‬
‫حبباتم‪ :‬يكتببب حببديثه ول يحتببج بببه‪ ,‬ليببس بببالمتين‪ .‬وقببال‬
‫البخاري‪ :‬ربما يضطرب في حديثه‪ ,‬وعببن أحمببد أيض با ً أنببه‬
‫قببال‪ :‬روى أحبباديث منكببرة‪ .‬وقببال أبببو داود‪ :‬ليببس بببذاك‬
‫وضعفه الدارقطني‪ .‬وقال ابن عدي‪ :‬ل بأس به ممن يكتب‬
‫حببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببديثه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وقال موسى إن تكفببروا أنتببم ومببن فببي‬
‫الرض جميعا ً فإن الله لغني حميد{ أي هو غني عن شببكر‬
‫عباده‪ ,‬وهو الحميد المحمود وإن كفره من كفببره‪ ,‬كقببوله‪:‬‬
‫لية‪ .‬وقببوله‪} :‬فكفببروا‬ ‫}إن تكفروا فإن الله غني عنكم{ ا َ‬
‫وتولببوا واسببتغنى اللببه واللببه غنببي حميببد{‪ .‬وفببي صببحيح‬
‫مسلم عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‬
‫فيما يرويه عن ربه عز وجل أنببه قببال‪» :‬يببا عبببادي لببو أن‬
‫أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل‬
‫واحد منكم‪ ,‬ما زاد ذلك في ملكي شبيئًا‪ ,‬يبا عببادي لبو أن‬
‫أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل‬
‫واحد منكم‪ ,‬ما نقص ذلك في ملكي شيئًا‪ ,‬يا عبادي لببو أن‬
‫أولكم وآخركم وإنسببكم وجنكببم قبباموا فببي صببعيد واحببد‪,‬‬
‫فسألوني‪ ,‬فأعطيت كل إنسان مسألته‪ ,‬ما نقص ذلك مببن‬
‫ملكببي شببيئا ً إل كمببا ينقببص المخيببط إذا أدخببل البحببر«‬
‫فسبببببببببببحانه وتعببببببببببالى الغنببببببببببي الحميببببببببببد‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬


‫مببود َ‬ ‫ح وَعَببادٍ وَث َ ُ‬ ‫م قَ بوْم ِ ن ُببو ٍ‬ ‫من قَب ْل ِك ُب ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ن َب َأ ال ّ ِ‬
‫م ي َأت ِك ُ ْ‬ ‫** أل َ ْ‬
‫م‬ ‫سببل ُهُ ْ‬ ‫م ُر ُ‬ ‫جببآَءت ْهُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫م إ ِل ّ الّلبب ُ‬‫مُهبب ْ‬ ‫م ل َ ي َعْل َ ُ‬‫مببن ب َْعببدِهِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫َواّلبب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مببآ‬‫م وَقَببال ُوَا ْ إ ِن ّببا ك ََفْرن َببا ب ِ َ‬ ‫واهِهِ ْ‬ ‫ي أفْ ب َ‬ ‫م فِ َ‬ ‫ت فََرد ّوَا ْ أي ْدِي َهُ ْ‬ ‫ِبال ْب َي َّنا ِ‬
‫ُ‬
‫ب‬‫ريبب ٍ‬ ‫عون ََنآ إ ِل َْيببهِ ُ‬
‫م ِ‬ ‫مببا َتببد ْ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ك ّ‬ ‫شبب ّ‬ ‫م ِبببهِ وَإ ِّنببا ل َِفببي َ‬ ‫سببل ْت ُ ْ‬ ‫أْر ِ‬
‫قال ابن جرير‪ :‬هذا من تمام قببول موسببى لقببومه يعنببي‬
‫وتببذكيره إيبباهم بأيببام اللببه بانتقببامه مببن المببم المكذبببة‬
‫بالرسل‪ ,‬وفيمببا قبال ابببن جريببر نظببر‪ ,‬والظبباهر أنببه خبببر‬
‫مستأنف من الله تعالى لهذه المة‪ ,‬فإنه قد قيل‪ :‬إن قصة‬
‫عاد وثمببود ليسببت فببي التببوراة‪ ,‬فلببو كببان هببذا مببن كلم‬

‫‪469‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫موسى لقببومه وقصصببه عليهببم‪ ,‬ل شببك أن تكببون هاتببان‬
‫القصتان في التوراة‪ ,‬والله أعلم‪ ,‬وبالجملة فالله تعالى قد‬
‫قص علينا خبر قوم نوح وعبباد وثمببود وغيرهببم مببن المببم‬
‫المكذبة للرسل مما ل يحصببي عببددهم إل اللببه عببز وجببل‬
‫}جاءتهم رسلهم بالبينات{ أي بالحجج والدلئل الواضحات‬
‫البباهرات القاطعبات‪ ,‬وقبال اببن إسبحاق عبن عمبرو ببن‬
‫ميمون‪ ,‬عن عبد الله أنببه قببال فببي قببوله‪} :‬ل يعلمهببم إل‬
‫الله{ كذب النسابون‪ .‬وقال عببروة بببن الزبيببر‪ :‬مببا وجببدنا‬
‫أحبببببدا ً يعبببببرف مبببببا بعبببببد معبببببد ببببببن عبببببدنان‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬فردوا أيديهم في أفواههم{ اختلف المفسببرون‬
‫في معناه‪ ,‬قيببل‪ :‬معنبباه أنهببم أشبباروا إلببى أفببواه الرسببل‬
‫بأمرهم بالسكوت عنهم لما دعببوهم إلببى اللببه عببز وجببل‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬بل وضعوا أيديهم على أفواههم تكذيبا ً لهببم‪ .‬وقيببل‪:‬‬
‫بببل هببو عبببارة عببن سببكوتهم عببن جببواب الرسببل‪ .‬وقببال‬
‫مجاهببد ومحمبد ببن كعبب وقتبادة‪ :‬ومعنباه أنهبم كبذبوهم‬
‫وردوا عليهم قولهم بأفواههم‪ .‬قال ابن جرير‪ :‬وتببوجيهه أن‬
‫في هنا بمعنى الباء‪ ,‬قال‪ :‬وقببد سببمع مببن العببرب أدخلببك‬
‫اللبببه بالجنبببة يعنبببون فبببي الجنبببة‪ ,‬وقبببال الشببباعر‪:‬‬
‫وأرغب فيها عن لقيط ورهطهببولكنني عببن سببنبس لسببت‬
‫أرغبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببب‬
‫يريد أرغب بها‪ .‬قلت‪ :‬ويؤيببد مجاهببد تفسببير ذلببك بتمببام‬
‫الكلم }وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شبك ممببا‬
‫تدعوننا إليبه مريببب{ فكببأن هببذا بب واللبه أعلبم بب تفسببير‬
‫لمعنى }فردوا أيديهم في أفواههم{‪ .‬وقال سفيان الثوري‬
‫وإسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الحوص عن عبببد اللببه‬
‫في قوله‪} :‬فردوا أيديهم في أفواههم{ قال‪ :‬عضوا عليهببا‬
‫غيظًا‪ .‬وقال شعبة عببن أبببي إسببحاق عببن أبببي هبببيرة بببن‬
‫يريم‪ ,‬عن عبد الله أنه قببال ذلببك أيضبًا‪ .‬وقببد اختبباره عبببد‬
‫الرحمن بن زيد بن أسببلم‪ ,‬ووجهببه ابببن جريببر مختببارا ً لببه‬
‫بقببوله تعببالى عببن المنببافقين }وإذا خلببوا عضببوا عليكببم‬
‫النامل من الغيط{‪ .‬وقال العببوفي عببن ابببن عببباس‪ :‬لمببا‬
‫سببمعوا كلم اللبه عجبببوا ورجعبوا بأيببديهم إلبى أفببواههم‪,‬‬

‫‪470‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لية‪ ,‬يقولون‪ :‬ل نصببدقكم‬ ‫وقالوا‪ :‬إنا كفرنا بما أرسلتم به ا َ‬
‫فيمببببا جئتببببم بببببه‪ ,‬فببببإن عنببببدنا فيببببه شببببكا ً قويببببًا‪.‬‬

‫ض‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫وال‬ ‫َ‬ ‫ت‬


‫ِ‬ ‫وا‬ ‫َ‬ ‫ما‬
‫َ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ط‬ ‫با‬
‫ب‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ّ‬
‫ك‬ ‫ش‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫م أ َِفي الل ّ‬ ‫سل ُهُ ْ‬ ‫ت ُر ُ‬ ‫** َقال َ ْ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫جبب ٍ‬ ‫ىأ َ‬ ‫خَرك ُ ْ َ‬ ‫م وَُيببؤَ ّ‬ ‫مببن ذ ُُنببوب ِك ُ ْ‬ ‫م ل ِي َغِْفببَر ل َ ُ‬ ‫عوك ُ ْ‬
‫م َإ ِلبب َ‬ ‫م ّ‬ ‫كبب ْ‬
‫َ‬
‫َيببد ْ ُ‬
‫دوَنا‬ ‫صب ّ‬ ‫ن أن ت َ ُ‬ ‫دو َ‬ ‫ري ب ُ‬ ‫مث ْل ُن َببا ت ُ ِ‬ ‫ش بٌر ّ‬ ‫م إ ِل ّ ب َ َ‬
‫ْ‬
‫ن أنت ُ ْ‬ ‫مبى َقال ُوَا ْ إ ِ ْ‬ ‫سب ّ‬‫م َ‬ ‫ّ‬
‫م‬ ‫ت له ُ ب ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن * قَببال ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن ي َعْب ُد ُ آَبآؤُن َببا فَأُتون َببا ب ِ ُ‬ ‫َ‬
‫مِبيب ٍ‬ ‫ن ّ‬ ‫سبلطا ٍ‬ ‫ما كا َ‬ ‫عَ ّ‬
‫مببن‬ ‫ى َ‬ ‫مب ّ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م وََلـ ْك ِ ّ‬ ‫مث ْل ُك ُ ْ‬ ‫ن إ ِل ّ ب َ َ‬ ‫سل ُهُ ْ‬
‫ن عَلب َ‬ ‫ه يَ ُ‬
‫َ‬
‫شٌر ّ‬ ‫ح ُ‬ ‫م ِإن ن ّ ْ‬ ‫ُر ُ‬
‫ن‬ ‫ن إ ِل ّ ب ِبإ ِذ ْ ِ‬ ‫طا ٍ‬ ‫س بل ْ َ‬ ‫م بِ ُ‬ ‫ن ل َن َببآ أن ن ّبأت ِي َك ُ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫عَبادِهِ وَ َ‬ ‫ن ِ‬‫م ْ‬ ‫شآُء ِ‬ ‫يَ َ‬
‫ل‬ ‫مببا ل َن َببآ أ َل ّ ن َت َوَك ّب َ‬ ‫ن * وَ َ‬ ‫من ُببو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫الل ّهِ َوعَلى الل ّبهِ فَل ْي َت َوَك ّب ِ‬
‫موَنا وَعََلى‬ ‫مآ آذ َي ْت ُ ُ‬ ‫ى َ‬ ‫صب َِر ّ َ‬
‫ن عَل َ‬ ‫سب ُل ََنا وَل َن َ ْ‬ ‫داَنا ُ‬ ‫عََلى الل ّهِ وَقَد ْ هَ َ‬
‫مت َوَك ّل ُببببببببببببببببو َ‬
‫ن‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫الل ّببببببببببببببببهِ فَل ْي َت َوَك ّبببببببببببببببب ِ‬
‫يخبر تعالى عما دار بين الكفار وبين رسلهم من المجادلة‪,‬‬
‫وذلك أن أممهم لما واجهوهم بالشك فيما جاءوهم به مببن‬
‫عبادة الله وحده ل شريك له‪ ,‬قببالت الرسببل‪} :‬أفببي اللببه‬
‫شك{ وهذا يحتمل شيئين )أحدهما( أفي وجوده شك‪ ,‬فإن‬
‫الفطبر شباهدة بوجببوده ومجبولبة علبى القببرار ببه‪ ,‬فبإن‬
‫العتراف به ضروري في الفطر السليمة‪ ,‬ولكن قد يعرض‬
‫لبعضها شك واضبطراب‪ ,‬فتحتبباج إلبى النظببر فبي الببدليل‬
‫الموصل إلى وجوده‪ ,‬ولهببذا قببالت لهببم الرسببل ترشببدهم‬
‫إلى طريق معرفته بأنه }فاطر السموات والرض{ الببذي‬
‫خلقهمببا وابتببدعهما علببى غيببر مثببال سبببق‪ ,‬فببإن شببواهد‬
‫الحدوث والخلق والتسخير ظاهر عليهما‪ ,‬فل بد لهمببا مببن‬
‫صانع وهو الله ل إله إل اللبه هبو خبالق كبل شبيء وإلهبه‬
‫ومليكه ‪) ¹‬والمعنى الثاني( في قولهم‪} :‬أفي اللببه شببك{‬
‫أي أفي إلهيته وتفرده بوجوب العبادة له شك‪ ,‬وهو الخالق‬
‫لجميببع الموجببودات‪ ,‬ول يسببتحق العبببادة إل هببو وحببده ل‬
‫شريك له‪ ,‬فإن غالب المببم كببانت مقببرة بالصببانع‪ ,‬ولكببن‬
‫تعبببد معببه غيببره مببن الوسببائط الببتي يظنونهببا تنفعهببم أو‬
‫تقربهم من اللببه زلفببى‪ ,‬وقببالت لهببم رسبلهم‪} :‬يببدعوكم‬
‫لخبرة }ويبؤخركم‬ ‫ليغفر لكم من ذنوبكم{ أي فبي البدار ا َ‬

‫‪471‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إلى أجل مسمى{ أي فببي الببدنيا كمببا قببال تعببالى‪} :‬وأن‬
‫استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا ً حسنا ً إلى أجل‬
‫ليبة‪ ,‬فقبالت لهبم‬ ‫مسمى ويبؤت كبل ذي فضبل فضبله{ ا َ‬
‫المم محبباجين فببي مقببام الرسببالة بعببد تقببدير تسببليمهم‬
‫المقام الول‪ ,‬وحاصل ما قالوه }إن أنتببم ِإل بشببر مثلنببا{‬
‫أي كيببف نتبعكببم بمجببرد قببولكم ولمببا نببر منكببم معجببزة‪,‬‬
‫}فأتونا بسلطان مبين{ أي خارق نقببترحه عليكببم }قببالت‬
‫لهم رسلهم ِإن نحن ِإل بشر مثلكببم{ أي صببحيح إنببا بشببر‬
‫ن علببى مببن يشبباء مببن‬ ‫مثلكم في البشرية }ولكن الله يم ّ‬
‫عببباده{ أي بالرسببالة والنبببوة }ومببا كببان لنببا أن نببأتيكم‬
‫بسلطان{ على وفق مببا سببألتم }ِإل ب بِإذن اللببه{ أي بعببد‬
‫سببؤالنا ِإيبباه وِإذنببه لنببا فببي ذلببك }وعلببى اللببه فليتوكببل‬
‫المؤمنون{ أي في جميع أمورهم‪ ,‬ثم قالت الرسل‪} :‬ومببا‬
‫لنا أن ل نتوكل على الله{ أي وما يمنعنا من التوكل عليه‪,‬‬
‫وقد هدانا لقوم الطرق وأوضحها وأبينها }ولنصبببرن علببى‬
‫مببا آذيتمونببا{ أي مببن الكلم السببيء والفعببال السببخيفة‬
‫}وعلبببببببببى اللبببببببببه فليتوكبببببببببل المتوكلبببببببببون{‪.‬‬

‫ض بَنآ أ َْو‬ ‫ن أْر ِ‬


‫خرجنب بك ُم م ب َ‬
‫ْ ّ ْ‬ ‫م ل َن ُ ْ ِ َ ّ‬ ‫س بل ِهِ ْ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ ل ُِر ُ‬ ‫َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬
‫ذي‬ ‫** وََقا َ‬
‫َ‬
‫ن*‬ ‫مي َ‬ ‫ن الظ ّببال ِ ِ‬ ‫م ل َن ُهْل ِك َب ّ‬‫م َرب ّهُ ب ْ‬ ‫ى إ ِل َي ْهِ ْ‬
‫ح َ‬ ‫مل ّت َِنا فَأوْ َ‬ ‫ن ِفي ِ‬ ‫ل َت َُعود ُ ّ‬
‫مي‬ ‫مَقببا ِ‬ ‫ف َ‬ ‫خببا َ‬ ‫ن َ‬ ‫مب ْ‬ ‫ك لِ َ‬‫م ذ َل ِب َ‬ ‫مببن ب َعْبدِهِ ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫م الْر َ‬ ‫سك ِن َّنبك ُ ُ‬ ‫وَل َن ُ ْ‬
‫مبن‬ ‫جّببارٍ عَِنيبدٍ * ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ب ُ‬
‫كب ّ‬ ‫خبا َ‬ ‫حوا ْ وَ َ‬ ‫سبت َْفت َ ُ‬ ‫عيدِ * َوا ْ‬ ‫ف وَ ِ‬ ‫خا َ‬ ‫وَ َ‬
‫ه وَل َ ي َك َبباد ُ‬ ‫جّرعُب ُ‬ ‫ديدٍ * ي َت َ َ‬ ‫صب ِ‬‫مببآٍء َ‬ ‫مببن ّ‬ ‫ى ِ‬ ‫سبَق َ‬ ‫م وَي ُ ْ‬ ‫جهَن ّ ُ‬ ‫وََرآئ ِهِ َ‬
‫ْ‬
‫مببن‬ ‫ت وَ ِ‬ ‫مي ّب ٍ‬ ‫مببا هُ بوَ ب ِ َ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫مك َببا ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫من ك ُب ّ‬ ‫ت ِ‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫ه وَي َأِتيهِ ال ْ َ‬ ‫سيغُ ُ‬ ‫يُ ِ‬
‫ب غَِليببببببببببببببببببببببببببب ٌ‬
‫ظ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫عببببببببببببببببببببببببببب َ‬ ‫وََرآئ ِهِ َ‬
‫يخبر تعالى عما توعدت بببه المببم الكببافرة رسببلهم مببن‬
‫الخراج من أرضهم والنفي مببن بيببن أظهرهببم‪ ,‬كمببا قببال‬
‫قوم شعيب له ولمن آمن به‪} :‬لنخرجنك يا شعيب والذين‬
‫ليببة‪ .‬وكمببا قببال قببوم لببوط‪:‬‬ ‫آمنببوا معببك مببن قريتنببا{ ا َ‬
‫لية‪ ,‬وقببال تعببالى ِإخبببارا ً‬ ‫}أخرجوا آل لوط من قريتكم{ ا َ‬
‫عن مشركي قريش‪} :‬وِإن كادوا ليسببتفزونك مببن الرض‬

‫‪472‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ل{‪ .‬وقببال‬ ‫ليخرجببوك منهببا وِإذا ً ل يلبثببون خلفببك ِإل قلي ً‬
‫تعالى‪} :‬وإذ يمكر بك الذين كفببروا ليثبتببوك أو يقتلببوك أو‬
‫يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين{ وكان‬
‫من صنعه تعالى أنه أظهر رسوله ونصره‪ ,‬وجعل له بسبب‬
‫خروجه من مكة أنصارا ً وأعوانا ً وجندا ً يقبباتلون فببي سبببيل‬
‫الله تعالى‪ ,‬ولم يزل يرقيببه تعببالى مببن شببيء إلببى شببيء‬
‫حتى فتح له مكببة الببتي أخرجتببه‪ ,‬ومكببن لببه فيهببا‪ ,‬وأرغببم‬
‫أنببوف أعببدائه منهببم ومببن سببائر أهببل الرض حببتى دخببل‬
‫الناس في دين الله أفواجًا‪ ,‬وظهرت كلمة الله ودينه علببى‬
‫سائر الديان في مشارق الرض ومغاربها في أيسر زمان‪,‬‬
‫ولهذا قال تعالى‪} :‬فأوحى إليهم ربهببم لنهلكببن الظببالمين‬
‫ولنسكننكم الرض من بعدهم{ وكما قال‪} :‬ولقببد سبببقت‬
‫كلمتنا لعبادنا المرسلين * ِإنهم لهم المنصورون وِإن جندنا‬
‫لهم الغالبون{‪ ,‬وقال تعالى‪} :‬كتب الله لغلبن أنا ورسلي‬
‫ِإن الله قوي عزيز{‪ ,‬وقال تعالى‪} :‬ولقد كتبنا فببي الزبببور‬
‫لية‪} ,‬وقال موسى لقومه استعينوا بببالله‬ ‫من بعد الذكر{ ا َ‬
‫واصبروا إن الرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة‬
‫للمتقيببن{‪ ,‬وقببال تعببالى‪} :‬وأورثنببا القببوم الببذين كببانوا‬
‫يستضببعفون مشببارق الرض ومغاربهببا الببتي باركنببا فيهببا‬
‫وتمت كلمة ربك الحسنى على بنببي إسببرائيل بمببا صبببروا‬
‫ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه ومببا كببانوا يعرشببون{‬
‫وقوله‪} :‬ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيبد{ أي وعيبدي‬
‫هذا لمن خاف مقامي بين يدي يببوم القيامببة وخشببي مببن‬
‫وعيدي وهو تخويفي وعذابي كما قببال تعببالى‪} :‬فأمببا مببن‬
‫طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيببم هببي المببأوى{ وقببال‬
‫}ولمببببببببن خبببببببباف مقببببببببام ربببببببببه جنتببببببببان{‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬واستفتحوا{ أي استنصببرت الرسببل ربهببا علببى‬
‫قومها‪ ,‬قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة‪ ,‬وقال عبد الرحمن‬
‫بن زيد بن أسلم‪ :‬استفتحت المم على أنفسها كما قببالوا‪:‬‬
‫}اللهم إن كببان هببذا هببو الحببق مببن عنببدك فببأمطر علينببا‬
‫حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم{ ويحتمل أن يكببون‬
‫هذا مرادا ً وهذا مرادًا‪ ,‬كما أنهببم اسببتفتحوا علببى أنفسببهم‬

‫‪473‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يببوم بببدر واسببتفتح رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫واستنصر‪ ,‬وقببال اللببه تعببالى للمشببركين‪} :‬إن تسببتفتحوا‬
‫ليبة‪ ,‬واللبه‬ ‫فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهبو خيبر لكببم{ ا َ‬
‫أعلم‪} ,‬وخاب كل جبار عنيد{ أي متجبر فببي نفسببه عنيببد‬
‫معاند للحق‪ ,‬كقوله تعالى‪} :‬ألقيا في جهنم كل كفار عنيد‪,‬‬
‫مناع للخيببر معتببد مريببب‪ ,‬الببذي جعببل مببع اللببه إلهبا ً آخببر‬
‫فألقياه فببي العببذاب الشببديد{ وفببي الحببديث »إنببه يببؤتى‬
‫بجهنم يوم القيامببة‪ ,‬فتنببادي الخلئق‪ ,‬فتقببول‪ :‬إنببي وكلببت‬
‫بكببل جبببار عنيببد« الحببديث أي خبباب وخسببر حيببن اجتهببد‬
‫النبيببباء فبببي البتهبببال إلبببى ربهبببا العزيبببز المقتبببدر‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ومن ورائه جهنم{ وراء هنا بمعنى أمام‪ ,‬كقببوله‬
‫تعالى‪} :‬وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبببًا{ وكببان‬
‫ابن عباس يقرؤها‪ :‬وكان أمامهم ملك‪ ,‬أي من وراء الجبار‬
‫العنيببد جهنببم‪ ,‬أي هببي لببه بالمرصبباد يسببكنها مخلببدا ً يببوم‬
‫المعاد‪ ,‬ويعرض عليها غدوا ً وعشيا ً إلى يوم التناد }ويسقى‬
‫من ماء صديد{ أي في النار ليس له شراب إل من حميببم‬
‫وغساق‪ ,‬فهذا حار في غاية الحرارة‪ ,‬وهذا بببارد فببي غايببة‬
‫البرد والنتن‪ ,‬كما قال‪} :‬هذا فليذوقوه حميم وغساق وآخر‬
‫مببن شببكله أزواج{ وقببال مجاهببد وعكرمببة‪ :‬الصببديد مببن‬
‫القيح والدم‪ .‬وقال قتادة‪ :‬هو ما يسيل مببن لحمببه وجلببده‪,‬‬
‫وفي رواية عنه‪ :‬الصديد مببا يخببرج مببن جببوف الكببافر قببد‬
‫خالط القيببح والببدم‪ .‬وفببي حبديث شببهر بببن حوشبب عبن‬
‫أسماء بنت يزيد بن السكن قالت‪ :‬قلت يا رسول اللببه مببا‬
‫طينببة الخبببال ؟ قببال »صببديد أهببل النببار«‪ .‬وفببي روايببة‬
‫»عصبببببببببببببببببارة أهبببببببببببببببببل النبببببببببببببببببار«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا علي بن إسحاق‪ ,‬أنبأنا عبد الله‪,‬‬
‫أخبرنا صفوان بن عمرو عن عبيد الله بن بسببر‪ ,‬عببن أبببي‬
‫أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فببي‬
‫قوله‪} :‬ويسقى من ماء صديد يتجرعه{ قال‪» :‬يقرب إليه‬
‫فيكرهه‪ ,‬فإذا أدني منه شوىَ وجهه‪ ,‬ووقعت فبروة رأسبه‪,‬‬
‫فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبببره« يقببول اللببه‬
‫تعالى‪} :‬وسقوا ماء حميما ً فقطع أمعاءهم{ ويقول‪} :‬وإن‬

‫‪474‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليببة‪ ,‬وهكببذا‬‫يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه{ ا َ‬
‫رواه ابن جرير من حديث عبد الله بن المبببارك بببه‪ .‬ورواه‬
‫هو وابن أبي حاتم من حديث بقية بن الوليببد عببن صببفوان‬
‫ببببببببببببببببببببببن عمبببببببببببببببببببببرو ببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬يتجرعه{ أي يتغصصه ويتكرهه‪ ,‬أي يشربه قهرا ً‬
‫وقسرا ً ل يضعه في فمه حتى يضربه الملك بمطببراق مببن‬
‫حديد‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬ولهم مقامع من حديد{ }ول يكبباد‬
‫يسيغه{ أي يزدرده لسوء طعمه ولونه وريحه وحرارتببه أو‬
‫برده الذي ل يستطاع }ويأتيه الموت مببن كببل مكببان{ أي‬
‫يألم لببه جميببع بببدنه وجببوارحه وأعضببائه‪ .‬قببال عمببرو بببن‬
‫ميمون بن مهران‪ :‬من كببل عظببم وعصببب وعببرق‪ .‬وقببال‬
‫عكرمة‪ :‬حتى من أطراف شببعره‪ ,‬وقببال إبراهيببم الببتيمي‪:‬‬
‫من موضع كل شعرة‪ ,‬أي مببن جسببده حببتى مببن أطببراف‬
‫شعره‪ .‬وقال ابن جرير‪} :‬ويأتيه الموت من كل مكان{ أي‬
‫من أمامه وخلفه‪ ,‬وفي رواية‪ :‬وعن يمينببه وشببماله‪ ,‬ومببن‬
‫فببوقه ومببن تحببت أرجلببه‪ ,‬ومببن سببائر أعضبباء جسببده‪.‬‬
‫وقال الضحاك عن ابن عببباس }ويببأتيه المببوت مببن كببل‬
‫مكان{ قال‪ :‬أنواع العذاب الذي يعذبه الله بها يوم القيامة‬
‫في نار جهنم‪ ,‬ليس منها نوع إل يأتيه الموت منببه لببو كببان‬
‫يمببوت‪ ,‬ولكبن ل يمبوت لن اللبه تعبالى قببال‪} :‬ل يقضبى‬
‫عليهم فيموتوا ول يخفف عنهم مببن عببذابها{ ومعنببى كلم‬
‫ابن عباس رضي الله عنه أنه ما من نوع من هببذه النببواع‬
‫من العذاب إل إذا ورد عليه اقتضى أن يموت منه لببو كببان‬
‫يموت‪ ,‬ولكنه ل يمببوت ليخلببد فببي دوام العببذاب والنكببال‪,‬‬
‫ولهذا قال تعالى‪} :‬ويأتيه الموت مببن كببل مكببان ومببا هببو‬
‫بميببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببت{‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ومن ورائه عذاب غليظ{ أي وله من بعببد هببذه‬
‫الحال عذاب آخر غليظ‪ ,‬أي مؤلم صعب شديد أغلببظ مببن‬
‫الذي قبله‪ ,‬وأدهى وأمر‪ ,‬وهذا كما قال تعالى عببن شببجرة‬
‫الزقوم‪} :‬إنها شببجرة تخببرج فببي أصببل الجحيببم * طلعهببا‬
‫لكلون منها فمالئون منهببا‬ ‫كأنه رؤوس الشياطين * فإنهم َ‬
‫البطببون * ثببم إن لهببم عليهببا لشببوبا ً مببن حميببم * ثببم إن‬

‫‪475‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مرجعهم لإلى الجحيم{ فأخبر أنهم تارة يكونون في أكببل‬
‫زقوم‪ ,‬وتارة في شرب حميم‪ ,‬وتببارة يببردون إلببى جحيببم‪,‬‬
‫عياذا ً بالله من ذلك‪ ,‬وهكذا قال تعالى‪} :‬هببذه جهنببم الببتي‬
‫يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن{‪ ,‬وقال‬
‫تعالى‪} :‬إن شجرة الزقوم طعام الثيم‪ ,‬كالمهل يغلي فببي‬
‫البطون كغلي الحميم‪ ,‬خذوه فاعتلوه إلى سببواء الجحيببم‪,‬‬
‫ثم صبببوا فببوق رأسببه مببن عببذاب الحميببم‪ ,‬ذق إنببك أنببت‬
‫العزيببز الكريببم‪ ,‬إن هببذا مببا كنتببم بببه تمببترون{‪ ,‬وقببال‪:‬‬
‫}وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم‬
‫وظل من يحموم ل بببارد ول كريببم{‪ ,‬وقببال تعببالى‪} :‬هببذا‬
‫وإن للطاغين لشر مآب‪ ,‬جهنم يصلونها فبئس المهاد‪ ,‬هببذا‬
‫فليذوقوه حميم وغساق وآخر من شكله أزواج{ إلببى غيببر‬
‫ليات الدالة على تنوع العببذاب عليهببم‪ ,‬وتكببراره‬ ‫ذلك من ا َ‬
‫وأنواعه‪ ,‬وأشكاله ممببا ل يحصببيه إل اللبه عبز وجببل جبزاًء‬
‫وفاقببببببببببا ً }ومببببببببببا ربببببببببببك بظلم للعبيببببببببببد{‪.‬‬

‫ل ال ّذين ك ََف بروا ْ بربه ب َ‬


‫ه‬
‫ت ب ِب ِ‬ ‫مببادٍ ا ْ‬
‫ش بت َد ّ ْ‬ ‫مببال ُهُ ْ‬
‫م ك ََر َ‬ ‫م أعْ َ‬‫َِ ِّ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ‬ ‫مث َ ُ‬‫** ّ‬
‫يءٍ‬ ‫شب ْ‬ ‫ى َ‬ ‫ْ َ‬ ‫مببا ك َ َ‬ ‫ف ل ّ ي َْقدُِرو َ‬
‫سبُبوا عَلب َ‬ ‫م ّ‬‫ن ِ‬ ‫ص ٍ‬ ‫عا ِ‬
‫ح ِفي ي َوْم ٍ َ‬ ‫الّري ُ‬
‫ل ال ْب َِعيبببببببببببببد ُ‬‫ضبببببببببببببل َ ُ‬ ‫ك هُبببببببببببببوَ ال ّ‬ ‫ذ َل ِببببببببببببب َ‬
‫هذا مثل ضربه الله تعببالى لعمببال الكفببار الببذين عبببدوا‬
‫معه غيره‪ ,‬وكذبوا رسله‪ ,‬وبنوا أعمالهم على غيببر أسبباس‬
‫صببحيح‪ ,‬فانهببارت وعببدموها أحببوج مببا كببانوا إليهببا‪ ,‬فقببال‬
‫تعببالى‪} :‬مثببل الببذين كفببروا بربهببم أعمببالهم{ أي مثببل‬
‫أعمالهم يوم القيامة إذا طلبوا ثوابها من الله تعالى‪ ,‬لنهم‬
‫كانوا يحسبون أنهم كانوا على شيء فلببم يجببدو شببيئًا‪ ,‬ول‬
‫ألفوا حاصل ً إل كما يتحصل من الرماد إذا اشتدت به الريح‬
‫العاصفة }في يوم عاصف{ أي ذي ريببح شببديدة عاصببفة‬
‫قوية‪ ,‬فلم يقدروا على شيء من أعمالهم التي كسبوا في‬
‫الدنيا إل كما يقدرون على جمع هذا الرماد في هذا اليببوم‪,‬‬
‫كقوله تعالى‪} :‬وقدمنا إلى مببا عملببوا مببن عمببل فجعلنبباه‬
‫هباء منثورًا{‪ ,‬وقوله تعببالى‪} :‬مثببل مببا ينفقببون فببي هببذه‬

‫‪476‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلمببوا‬
‫أنفسببهم فببأهلكته ومببا ظلمهببم اللببه‪ .‬ولكببن أنفسببهم‬
‫يظلمون{‪ ,‬وقوله تعالى‪} :‬يببا أيهببا الببذين آمنببوا ل تبطلببوا‬
‫صدقاتكم بالمن والذى كالذي ينفببق مبباله رئاء النبباس ول‬
‫لخر فمثله كمثل صببفوان عليببه تببراب‬ ‫يؤمن بالله واليوم ا َ‬
‫فأصببابه وابببل فببتركه صببلدا ً ل يقببدرون علببى شببيء ممببا‬
‫كسبوا والله ل يهدي القببوم الكببافرين{‪ ,‬وقببوله فببي هببذه‬
‫لية }ذلك هو الضلل البعيببد{ أي سببعيهم وعملهببم علببى‬ ‫ا َ‬
‫غير أساس ول استقامة‪ ,‬حتى فقدوا ثوابهم أحوج ما كانوا‬
‫إليببببببببه }ذلببببببببك هببببببببو الضببببببببلل البعيببببببببد{‪.‬‬

‫شببأ ْ‬‫ض ِباْلحقّ ِإن ي َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ت َوالْر َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫خل َقَ ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م ت ََر أ ّ‬‫** أل َ ْ‬
‫ز‬‫ب‬ ‫زي‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ب‬‫ّ‬ ‫ل‬‫ال‬ ‫بى‬
‫ب‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ب‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ذ‬ ‫با‬‫ب‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫*‬ ‫د‬‫ب‬ ‫دي‬ ‫ج‬ ‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫يذ ْهبك ُم ويأ ْ‬
‫ِ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِْ ْ ََ‬
‫يقول تعالى مخببرا ً عبن قبدرته علبى معباد البببدان يبوم‬
‫القيامة بأنه خلببق السببموات والرض البتي هبي أكبببر مبن‬
‫خلق الناس‪ ,‬أفليس الذي قدر على خلببق هببذه السببموات‬
‫في ارتفاعها واتساعها وعظمتها‪ ,‬ومببا فيهببا مببن الكببواكب‬
‫ليببات‬ ‫الثببوابت والسببيارات‪ ,‬والحركببات المختلفببات‪ ,‬وا َ‬
‫الباهرات‪ ,‬وهذه الرض بما فيهببا مببن مهبباد ووهبباد وأوتبباد‪,‬‬
‫وبراري وصحارى‪ ,‬وقفار وبحار‪ ,‬وأشببجار ونبببات‪ ,‬وحيببوان‬
‫على اختلف أصنافها ومنافعها وأشببكالها وألوانهببا }أو لببم‬
‫يببروا أن اللببه الببذي خلببق السببموات والرض ولببم يعببي‬
‫بخلقهن بقادر على أن يحيي المببوتى‪ ,‬بلببى إنببه علببى كببل‬
‫شيء قدير{ وقال تعالى‪} :‬أو لم يببر النسببان أنببا خلقنبباه‬
‫من نطفة فإذا هو خصيم مبببين * وضببرب لنببا مثل ً ونسببي‬
‫خلقه قال من يحيببي العظببام وهببي رميببم ؟ * قببل يحييهببا‬
‫الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلببق عليببم * الببذي جعببل‬
‫لكم مببن الشببجر الخضببر نببارا ً فببإذا أنتببم منببه توقببدون *‬
‫أوليس الذي خلق السموات والرض بقادر على أن يخلببق‬
‫مثلهم بلى وهو الخلق العليم * إنما أمره إذا أراد شيئا ً أن‬
‫يقول له كن فيكببون * فسبببحان الببذي بيببده ملكببوت كببل‬

‫‪477‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫شيء وإليه ترجعون{ وقوله }إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق‬
‫جديد * وما ذلك على الله بعزيز{ أي بعظيم ول ممتنع بل‬
‫هو سهل عليه إذا خالفتم أمره أن يببذهبكم ويببأت بببآخرين‬
‫على غير صفتكم كما قال‪} :‬يببا أيهببا النبباس أنتببم الفقببراء‬
‫إلى الله والله هو الغني الحميببد * إن يشببأ يببذهبكم ويببأت‬
‫بخلق جديببد * ومببا ذلببك علببى اللببه بعزيببز{ وقببال‪} :‬وإن‬
‫تتولوا يستبدل قوما ً غيركم * ثم ل يكونوا أمثالكم{ وقال‪:‬‬
‫}يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسببوف يببأتي‬
‫الله بقوم يحبهم ويحبببونه{ وقببال‪} :‬إن يشببأ يببذهبكم أيهببا‬
‫النبباس ويببأت بببآخرين وكببان اللببه علببى ذلببك قببديرًا{‪.‬‬

‫ست َك ْب َُروَا ْ إ ِّنا ك ُّنا‬


‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ضعََفاُء ل ِل ّ ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ميعا ً فََقا َ‬ ‫ج ِ‬‫** وَب ََرُزوا ْ لل ّهِ َ‬
‫ل َك ُم تبعا فَه ْ َ‬
‫يءٍ‬ ‫شب ْ‬ ‫مبن َ‬ ‫ب الّلبهِ ِ‬ ‫ذا ِ‬‫عب َ‬ ‫ن َ‬ ‫مب ْ‬ ‫ن عَّنا ِ‬ ‫مغُْنو َ‬ ‫م ّ‬ ‫ل أنت ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ًََ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ص بب َْرَنا‬‫م َ‬ ‫جزِعْن َببآ أ ْ‬ ‫وآٌء عَل َي ْن َببآ أ َ‬‫س َ‬ ‫م َ‬‫ه ل َهَد َي َْناك ُ ْ‬
‫داَنا الل ّ ُ‬ ‫َقاُلوا ْ ل َوْ هَ َ‬
‫ص‬‫حيبببببببببببببب ٍ‬ ‫م ِ‬‫مببببببببببببببن ّ‬ ‫مببببببببببببببا ل ََنببببببببببببببا ِ‬ ‫َ‬
‫يقببول تعببالى‪} :‬وبببرزوا{ أي بببرزت الخلئق كلهببا برهببا‬
‫وفاجرها لله الواحد القهار‪ ,‬أي اجتمعوا لببه فببي بببراز مببن‬
‫الرض وهببو المكببان الببذي ليببس فيببه شببيء يسببتر أحببدا ً‬
‫}فقال الضعفاء{ وهم التباع لقادتهم وسببادتهم وكبببرائهم‬
‫}للذين استكبروا{ عن عبادة الله وحده ل شريك له وعن‬
‫موافقة الرسل قالوا لهببم‪} :‬إنببا كنببا لكببم تبعبًا{ أي مهمببا‬
‫أمرتمونا ائتمرنا وفعلنا }فهل أنتم مغنون عنببا مببن عببذاب‬
‫الله من شيء{ أي فهل تدفعون عنا شيئا ً من عذاب اللببه‬
‫كما كنتم تعدوننا وتمنوننا‪ ,‬فقالت القببادة لهببم‪} :‬لببو هببدانا‬
‫الله لهببديناكم{ ولكببن حببق علينببا قببول ربنببا‪ ,‬وسبببق فينببا‬
‫وفيكم قببدر اللببه‪ ,‬وحقببت كلمببة العببذاب علببى الكببافرين‪,‬‬
‫}سواء علينا أجزعنا أم صبرنا مالنا من محيص{ أي ليببس‬
‫لنا خلص ممببا نحببن فيببه إن صبببرنا عليببه أو جزعنببا منببه‪.‬‬
‫قال عبد الرحمن بن زيد بببن أسببلم‪ :‬إن أهببل النببار قببال‬
‫بعضهم لبعض‪ :‬تعالوا فإنما أدرك أهل الجنة الجنة ببكببائهم‬
‫وتضرعهم إلى الله عز وجل‪ ,‬تعالوا نبك ونتضرع إلى اللببه‬

‫‪478‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فبكوا وتضرعوا فلما رأوا أنببه ل ينفعهببم قببالوا‪ :‬إنمببا أدرك‬
‫أهل الجنة الجنة بالصبر‪ ,‬تعالوا حتى نصبببر فصبببروا صبببرا ً‬
‫لم ير مثله‪ ,‬فلم ينفعهم ذلك‪ ,‬فعند ذلك قالوا }سواء علينا‬
‫لية‪ ,‬قلت‪ :‬والظاهر أن هذه المراجعببة‬ ‫أجزعنا أم صبرنا{ ا َ‬
‫في النار بعد دخولهم إليها‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬وإذ يتحبباجون‬
‫في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكببم تبع با ً‬
‫فهل أنتم مغنون عنا نصيبا ً من النار‪ ,‬قال الببذين اسببتكبروا‬
‫إنا كل فيها إن اللببه قببد حكببم بيببن العببباد{ وقببال تعببالى‪:‬‬
‫}قبال ادخلبوا فبي أمبم قبد خلبت مبن قبلكبم مبن الجبن‬
‫والنس في النببار كلمببا دخلببت أمببة لعنببت أختهببا حببتى إذا‬
‫اداركوا فيها جميعا ً قالت أخراهم لولهم ربنا هؤلء أضلونا‬
‫فآتهم عببذابا ً ضببعفا ً مببن النببار‪ ,‬قببال لكببل ضببعف ولكببن ل‬
‫تعلمون * وقالت أولهم لخراهم فما كان لكببم علينببا مببن‬
‫فضل فذوقوا العذاب بمببا كنتببم تكسبببون{‪ ,‬وقببال تعببالى‪:‬‬
‫}ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل‪ ,‬ربنببا آتهببم‬
‫ضعفين من العذاب والعنهببم لعنبا ً كبببيرًا{ وأمببا تخاصببمهم‬
‫فببي المحشببر‪ ,‬فقببال تعببالى‪} :‬ولببو تببرى إذ الظببالمون‬
‫موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القببول‪ ,‬يقببول‬
‫الذين استضعفوا للذين اسببتكبروا لببول أنتببم لكنببا مببؤمنين‬
‫قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عببن‬
‫الهببدى بعببد إذ جبباءكم‪ ,‬بببل كنتببم مجرميببن‪ .‬وقببال الببذين‬
‫استضببعفوا للببذين اسببتكبروا بببل مكببر الليببل والنهببار إذ‬
‫تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا ً وأسروا الندامة لما‬
‫رأوا العذاب وجعلنا الغلل فببي أعنبباق الببذين كفببروا هببل‬
‫يجببببببببببزون إل مببببببببببا كببببببببببانوا يعملببببببببببون{‪.‬‬

‫م وَعْ بد َ‬ ‫ه وَعَ بد َك ُ ْ‬ ‫ن الل ّب َ‬ ‫م بُر إ ِ ّ‬ ‫ي ال ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ما قُ ِ‬ ‫ن لَ ّ‬ ‫طا ُ‬‫شي ْ َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫** وََقا َ‬


‫س بل ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫طا ٍ‬ ‫من ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ي عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫ن لِ َ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫خل َْفت ُك ُ ْ‬ ‫م فَأ ْ‬ ‫عدت ّك ُ ْ‬ ‫حقّ وَوَ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫سببك ُ ْ‬ ‫موَا ْ أنُف َ‬ ‫موِني وَُلو ُ‬ ‫م ِلي فَل َ ت َُلو ُ‬ ‫جب ْت ُ ْ‬‫ست َ َ‬‫م َفا ْ‬ ‫إ ِل ّ أن د َعَوْت ُك ُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مببآ‬ ‫ت بِ َ‬ ‫ي إ ِن ّببي ك ََف بْر ُ‬ ‫خ ّ‬‫ص برِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م بِ ُ‬‫مببآ أنت ُب ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫خك ُ ْ‬‫ص برِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مببآ أن َبا ْ ب ِ ُ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫م*‬ ‫ب أِليبب ٌ‬ ‫عبب َ‬
‫ذا ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ن ل َُهبب ْ‬ ‫مي َ‬ ‫ظببال ِ ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫مببن قَْببب ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫مو ِ‬ ‫شببَرك ْت ُ ُ‬

‫‪479‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مببن‬ ‫ري ِ‬‫جب ِ‬‫ت تَ ْ‬
‫جن ّببا ٍ‬ ‫ت َ‬ ‫حا ِ‬ ‫مل ُببوا ْ ال ّ‬
‫صببال ِ َ‬ ‫مُنوا ْ وَعَ ِ‬‫نآ َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫وَأ ُد ْ ِ‬
‫خ َ‬
‫سبل َ ٌ‬
‫م‬ ‫م ِفيهَببا َ‬ ‫حي ّت ُهُب ْ‬
‫م تَ ِ‬
‫ن َرب ّهِب ْ‬‫ن ِفيَها ب ِبإ ِذ ْ ِ‬‫دي َ‬‫خال ِ ِ‬
‫حت َِها الن َْهاُر َ‬
‫تَ ْ‬
‫يخبر تعالى عما خاطب به إبليس أتباعه بعدما قضى الله‬
‫بين عباده‪ ,‬فأدخببل المببؤمنين الجنببات‪ ,‬وأسببكن الكببافرين‬
‫الببدركات‪ ,‬فقببام فيهببم إبليببس لعنببه اللببه يببومئذ خطيبببا ً‬
‫ليزيدهم حزنا ً إلى حزنهم‪ ,‬وغبنا ً إلى غبنهببم‪ ,‬وحسببرة إلببى‬
‫حسرتهم‪ ,‬فقال‪} :‬إن الله وعببدكم وعببد الحببق{ أي علببى‬
‫ألسنة رسله‪ ,‬ووعدكم في اتباعهم النجاة والسلمة‪ ,‬وكببان‬
‫وعدا ً حقا ً وخبرا ً صدقًا‪ ,‬وأما أنا فوعببدتكم فببأخلفتكم‪ ,‬كمببا‬
‫قال الله تعالى‪} :‬يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشببيطان إل‬
‫غرورًا{‪ ,‬ثم قال‪} :‬وما كان لي عليكببم مببن سببلطان{ أي‬
‫ما كان لي دليل فيما دعوتكم إليه ول حجة فيمببا وعببدتكم‬
‫به }إل أن دعوتكم فاستجبتم لي{ بمجرد ذلببك‪ ,‬هببذا وقببد‬
‫أقامت عليكم الرسل الحجج والدلة الصحيحة على صببدق‬
‫ما جاءوكم به‪ ,‬فخالفتموهم فصرتم إلى ما أنتببم فيببه }فل‬
‫تلومببوني{ اليببوم }ولومببوا أنفسببكم{ فببإن الببذنب لكببم‬
‫لكونكم خالفتم الحجج واتبعتموني بمجرد ما دعببوتكم إلببى‬
‫الباطبببل }مبببا أنبببا بمصبببرخكم{ أي بنبببافعكم ومنقبببذكم‬
‫ي{ أي بنافعي‬ ‫ومخلصكم مما أنتم فيه‪} ,‬وما أنتم بمصرخ ّ‬
‫بإنقاذي مما أنا فيه من العذاب والنكال }إنببي كفببرت بمببا‬
‫أشركتمون من قبل{ قال قتادة‪ :‬أي بسبب ما أشركتمون‬
‫من قبل‪ ,‬وقال ابببن جريببر‪ :‬يقببول‪ :‬إنببي جحببدت أن أكببون‬
‫شريكا ً لله عز وجل‪ ,‬وهذا الذي قاله هو الراجح‪ ,‬كمببا قببال‬
‫تعببالى‪} :‬ومببن أضببل ممببن يببدعو مببن دون اللببه مببن ل‬
‫يستجيب له إلى يوم القيامة وهببم عبن دعببائهم غببافلون *‬
‫وإذا حشببر النبباس كببانوا لهببم أعببداء وكببانوا بعبببادتهم‬
‫كافرين{‪ ,‬قال‪} :‬كل ّ سيكفرون بعبببادتهم ويكونببون عليهببم‬
‫ضببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببدًا{‪.‬‬
‫وقببوله‪} :‬إن الظببالمين{ أي فببي إعراضببهم عببن الحببق‬
‫لية‬ ‫واتباعهم الباطل‪ ,‬لهم عذاب أليم‪ ,‬والظاهر من سياق ا َ‬
‫أن هذه الخطبة تكون من إبليببس بعببد دخببولهم النببار كمببا‬
‫قدمنا‪ ,‬ولكن قد ورد في حديث رواه ابن أبي حبباتم‪ ,‬وهببذا‬

‫‪480‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لفظه‪ ,‬وابن جرير من رواية عبد الرحمن بن زيبباد‪ :‬حببدثني‬
‫دخين الحجري عن عقبة بن عامر عن رسببول اللببه صببلى‬
‫لخريببن‬‫الله عليه وسلم أنه قال‪» :‬إذا جمع الله الوليببن وا َ‬
‫فقضى بينهم ففرغ من القضاء‪ ,‬قال المؤمنون‪ :‬قد قضببى‬
‫بيننا ربنا‪ ,‬فمن يشفع لنا ؟ فيقولون‪ ,‬انطلقوا بنببا إلببى آدم‪,‬‬
‫وذكببر نوح با ً وإبراهيببم وموسببى وعيسببى فيقببول عيسببى‪:‬‬
‫أدلكم على النبي المي‪ ,‬فيأتوني‪ ,‬فيأذن الله لي أن أقببوم‬
‫إليه فيثور من مجلسي من أطيببب ريببح شببمها أحببد قببط‪,‬‬
‫حتى آتي ربي فيشفعني ويجعل لي نورا ً من شببعر رأسببي‬
‫إلببى ظفببر قببدمي‪ ,‬ثببم يقببول الكببافرون‪ :‬هببذا قببد وجببد‬
‫المؤمنبون مبن يشبفع لهبم‪ ,‬فمبن يشبفع لنبا ؟ مبا هبو إل‬
‫إبليس هو الذي أضلنا‪ ,‬فيأتون إبليببس فيقولببون‪ :‬قببد وجببد‬
‫المؤمنون من يشفع لهم‪ ,‬فقم أنت فاشفع لنا‪ ,‬فإنببك أنببت‬
‫أضللتنا فيقوم فيثور من مجلسه من أنتن ريح شببمها أحببد‬
‫قط‪ ,‬ثم يعظم نحيبهم }وقال الشيطان لما قضي المر إن‬
‫الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فببأخلفتكم ومببا كببان لببي‬
‫عليكببم مببن سببلطان إل أن دعببوتكم فاسببتجبتم لببي فل‬
‫تلوموني ولومببوا أنفسببكم{ وهببذا سببياق ابببن أبببي حبباتم‪,‬‬
‫ورواه المبارك عن رشدين بن سعد عن عبد الرحمببن بببن‬
‫زيبباد بببن نعيببم‪ ,‬عببن دخيببن عببن عقبببة بببه مرفوعببًا‪.‬‬
‫وقال محمد بن كعب القرظي رحمه الله‪ :‬لما قببال أهببل‬
‫النار }سواء علينا أجزعنا أم صبببرنا مببا لنببا مببن محيببص{‬
‫قال لهم إبليس }إن الله وعدكم وعد الحببق{ ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬فلمببا‬
‫سمعوا مقالته‪ ,‬مقتوا أنفسببهم فنببودوا }لمقببت اللببه أكبببر‬
‫من مقتكببم أنفسببكم إذ تببدعون إلببى اليمببان فتكفببرون{‬
‫وقببال عببامر الشببعبي‪ :‬يقببوم خطيبببان يببوم القيامببة علببى‬
‫رؤوس الناس‪ ,‬يقول الله تعالى لعيسى ابن مريم‪} :‬أأنببت‬
‫قلت للناس اتخذوني وأمي إلهيببن مببن دون اللببه ؟{ إلببى‬
‫قوله }قال الله هذا يببوم ينفببع الصببادقين صببدقهم{ قببال‪:‬‬
‫ويقوم إبليس لعنه الله فيقول }وما كببان لببي عليكببم مببن‬
‫سلطان إل أن دعوتكم فاستجبتم لي{ ا َ‬
‫لية‪ .‬ثببم لمببا ذكببر‬
‫تعالى مآل الشقياء وما صاروا إليببه مببن الخببزي والنكببال‪,‬‬

‫‪481‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وأن خطيبهم إبليس عطف بمآل السعداء‪ ,‬فقبال }وأدخبل‬
‫الذين آمنببوا وعملببوا الصببالحات جنببات تجببري مببن تحتهببا‬
‫النهار{ سارحة فيها حيببث سبباروا وأيببن سبباروا }خالببدين‬
‫فيهببا{ مبباكثين أبببدا ً ل يحولببون ول يزولببون }بببإذن ربهببم‬
‫تحيتهم فيها سببلم{‪ ,‬كمببا قببال تعببالى‪} :‬حببتى إذا جاءوهببا‬
‫وفتحت أبوابهببا وقببال لهببم خزنتهببا سببلم عليكببم{‪ ,‬وقببال‬
‫تعببالى‪} :‬والملئكببة يببدخلون عليهببم مببن كببل ببباب سببلم‬
‫عليكم{‪ ,‬وقال تعالى‪} :‬ويلقون فيها تحية وسلمًا{‪ ,‬وقببال‬
‫تعالى‪} :‬دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهببم فيهببا سببلم‬
‫وآخبببببر دعبببببواهم أن الحمبببببد للبببببه رب العبببببالمين{‪.‬‬

‫َ‬
‫جرةٍ ط َي َّبب ٍ‬
‫ة‬ ‫شب َ‬ ‫ة كَ َ‬ ‫ة ط َي َّبب ً‬ ‫م ً‬ ‫مث َل ً ك َل ِ َ‬
‫ه َ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫ضَر َ‬ ‫ف َ‬ ‫م ت ََر ك َي ْ َ‬ ‫** أل َ ْ‬
‫ن‬‫حي ب ٍ‬ ‫ي أ ُك ُل َهَببا ك ُب ّ‬
‫ل ِ‬ ‫مآِء * ت ُبؤْت ِ َ‬ ‫سب َ‬ ‫ت وَفَْرعَُها ِفي ال ّ‬ ‫صل َُها َثاب ِ ٌ‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬
‫ن*‬ ‫م ي َت َبذ َك ُّرو َ‬‫س ل َعَل ّهُ ب ْ‬ ‫ل ِللن ّببا ِ‬ ‫مث َببا َ‬‫ه ال ْ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫ضرِ ُ‬ ‫ن َرب َّها وَي َ ْ‬ ‫ب ِإ ِذ ْ ِ‬
‫ما‬‫ض َ‬ ‫ق الْر ِ‬ ‫من فَوْ ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫جت ُث ّ ْ‬‫خِبيث َةٍ ا ْ‬ ‫جَرةٍ َ‬ ‫ش َ‬ ‫خِبيث َةٍ ك َ َ‬
‫مةٍ َ‬ ‫ل ك َل ِ َ‬‫مث ُ‬ ‫وَ َ‬
‫مبببببببببببببببببببببن َقبببببببببببببببببببببَرارٍ‬ ‫ل ََهبببببببببببببببببببببا ِ‬
‫قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله }ومثل‬
‫كلمة طيبببة{ شببهادة أن ل إلببه إل اللببه }كشببجرة طيبببة{‬
‫وهو المؤمن‪} ,‬أصلها ثابت{ يقول‪ :‬ل إله إل الله في قلب‬
‫المببؤمن‪} ,‬وفرعهببا فببي السببماء{ يقببول يرفببع بهببا عمببل‬
‫المؤمن إلى السماء‪ ,‬وهكذا قال الضحاك وسعيد بن جبببير‬
‫وعكرمة ومجاهد وغيببر واحببد‪ :‬إن ذلببك عبببارة عببن عمببل‬
‫المببؤمن‪ ,‬وقببوله الطيببب‪ ,‬وعملببه الصببالح‪ ,‬وإن المببؤمن‬
‫كشجرة من النخل ل يزال يرفع لببه عمببل صببالح فببي كببل‬
‫حين ووقت وصباح ومساء‪ ,‬وهكذا رواه السببدي عببن مببرة‬
‫عن ابن مسعود قال‪ :‬هي النخلة‪ ,‬وشعبة عببن معاويببة بببن‬
‫قرة عن أنس‪ :‬هي النخلة‪ .‬وحماد بببن سببلمة عببن شببعيب‬
‫بن الحبحاب عببن أنببس أن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم أتي بقناع بسر فقببرأ }ومثببل كلمببة طيبببة كشببجرة‬
‫طيبة{ قال‪ :‬هي النخلة‪ ,‬وروي من هذا الببوجه ومببن غيببره‬

‫‪482‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عببن أنببس موقوفببًا‪ ,‬وكببذا نببص عليببه مسببروق ومجاهببد‬
‫وعكرمببة وسببعيد بببن جبببير والضببحاك وقتببادة وغيرهببم‪.‬‬
‫وقال البخاري‪ :‬حدثنا عبيد بن إسماعيل عن أبي أسببامة‪,‬‬
‫عن عبيد الله عن نافع‪ ,‬عن ابن عمر قال‪ :‬كنا عند رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم فقببال‪» :‬أخبببروني عببن شببجرة‬
‫تشبه بب أو بب كالرجببل المسببلم ل يتحببات ورقهببا صببيفا ً ول‬
‫شتاء‪ ,‬وتؤتي أكلها كل حيببن بببإذن ربهببا« قببال ابببن عمببر‪:‬‬
‫فوقببع فببي نفسببي أنهببا النخلببة‪ ,‬ورأيببت أبببا بكببر وعمببر ل‬
‫يتكلمان‪ ,‬فكرهت أن أتكلببم‪ ,‬فلمببا لببم يقولببوا شببيئًا‪ ,‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‪» :‬هببي النخلببة«‪ ,‬فلمببا‬
‫قمنا قلت لعمر‪ :‬يا أبتاه‪ ,‬والله لقبد كبان وقببع فببي نفسبي‬
‫أنها النخلة‪ .‬قببال‪ :‬مببا منعببك أن تتكلببم ؟ قلببت‪ :‬لببم أركببم‬
‫تتكلمون‪ ,‬فكرهت أن أتكلم أو أقول شيئًا‪ ,‬قببال عمببر‪ :‬لن‬
‫ي مبببببن كبببببذا وكبببببذا‪.‬‬‫تكبببببون قلتهبببببا أحبببببب إلببببب ّ‬
‫وقال أحمد‪ :‬حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهببد‪:‬‬
‫صحبت ابببن عمببر إلببى المدينببة فلببم أسببمعه يحببدث عببن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم إل حديثا ً واحدا ً قال‪ :‬كنببا‬
‫عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتي بجمار‪ ,‬فقببال‪:‬‬
‫»من الشجر شجرة مثلها مثل الرجل المسلم« فأردت أن‬
‫أقول هي النخلببة‪ ,‬فنظببرت فببإذا أنببا أصببغر القببوم‪ ,‬فقببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬هي النخلة«‪ ,‬أخرجاه‪.‬‬
‫وقال مالك وعبد العزيز عن عبد اللبه ببن دينبار‪ ,‬عبن اببن‬
‫عمر قال‪ :‬قال رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم يومبا ً‬
‫لصببحابه‪» :‬إن مببن الشببجر شببجرة ل يطببرح ورقهببا مثببل‬
‫المؤمن«‪ .‬قال‪ :‬فوقع في شجر الببوادي‪ ,‬ووقببع فببي قلبببي‬
‫أنها النخلة‪ ,‬فاستحييت حتى قببال رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليببببه وسببببلم‪» :‬هببببي النخلببببة«‪ ,‬أخرجبببباه أيضببببًا‪.‬‬
‫وقببال ابببن أبببي حبباتم‪ :‬حببدثنا أبببي‪ ,‬حببدثنا موسببى بببن‬
‫إسماعيل‪ ,‬حدثنا أبان يعني ابن زيد العطار‪ ,‬حدثنا قتادة أن‬
‫رجل ً قال‪ :‬يا رسول الله‪ ,‬ذهب أهل الدثور بالجور‪ ,‬فقببال‪:‬‬
‫»أرأيت لو عمد إلى متاع الدنيا فركببب بعضببه علببى بعببض‬
‫أكببان يبلببغ السببماء‪ ,‬أفل أخبببرك بعمببل أصببله فببي الرض‬

‫‪483‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وفرعه في السماء ؟« قال‪ :‬ما هو يا رسببول اللببه ؟ قببال‪:‬‬
‫»تقول ل إله إل الله‪ ,‬واللببه أكبببر‪ ,‬وسبببحان اللببه‪ ,‬والحمببد‬
‫لله‪ ,‬عشببر مببرات فببي دبببر كببل صببلة‪ ,‬فببذاك أصببله فببي‬
‫الرض وفرعه في السماء«‪ .‬وعببن ابببن عببباس }كشببجرة‬
‫طيبة{ قال‪ :‬هي شجرة في الجنببة‪ .‬وقببوله‪} :‬تببؤتي أكلهببا‬
‫كل حين{ قيل‪ :‬غدوة وعشيًا‪ ,‬وقيل‪ :‬كل شهر‪ .‬وقيل‪ :‬كببل‬
‫شهرين‪ .‬وقيل‪ :‬كل ستة أشهر‪ .‬وقيببل‪ :‬كببل سبببعة أشببهر‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬كل سببنة‪ ,‬والظبباهر مببن السببياق أن المببؤمن مثلببه‬
‫كمثل شجرة ل يزال يوجببد منهبا ثمببر فببي كببل وقبت مببن‬
‫صيف أو شتاء أو ليل أو نهار‪ ,‬كذلك المؤمن ل يببزال يرفببع‬
‫له عمل صالح آناء الليببل وأطببراف النهببار فببي كببل وقببت‬
‫وحيببن }بببإذن ربهببا{ أي كببامل ً حسببنا ً كببثيرا ً طيببا ً مبارك با ً‬
‫}ويضبببرب اللبببه المثبببال للنببباس لعلهبببم يتبببذكرون{‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ومثل كلمببة خبيثببة كشببجرة خبيثببة{ هببذا‬
‫مثببل كفببر الكببافر ل أصببل لببه ول ثبببات‪ ,‬مشبببه بشببجرة‬
‫الحنظل‪ ,‬ويقال لها الشريان‪ ,‬رواه شعبة عببن معاويببة بببن‬
‫قرة عن أنس بن مالك‪ :‬أنها شجرة الحنظل وقال أبو بكببر‬
‫البزار الحافظ‪ :‬حدثنا يحيى بن محمببد السببكن‪ ,‬حببدثنا أبببو‬
‫زيد سعيد بن الربيع‪ ,‬حدثنا شعبة عن معاوية بن قببرة عببن‬
‫أنس أحسبه رفعه‪ ,‬قال }ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة{‬
‫قال‪ :‬هي النخلة‪} ,‬ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة{ قال‪:‬‬
‫هي الشريان‪ ,‬ثم رواه عن محمد بن المثنى عن غندر عببن‬
‫شعبة‪ ,‬عن معاوية عن أنس موقوفًا‪ .‬وقال ابن أبي حبباتم‪:‬‬
‫حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا موسى بن إسماعيل‪ ,‬حدثنا حماد هو ابببن‬
‫سلمة عن شعيب بببن الحبحبباب‪ ,‬عببن أنببس بببن مالببك أن‬
‫النبي صلى الله عليببه وسبلم قببال‪}» :‬ومثببل كلمببة خبيثببة‬
‫كشجرة خبيثة{ هي الحنظلة« فببأخبرت بببذلك أبببا العاليببة‬
‫فقال‪ :‬هكذا كنا نسمع‪ .‬ورواه ابن جرير مببن حببديث حمبباد‬
‫ببببببببببببببببببببببن سبببببببببببببببببببببلمة ببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫ورواه أبو يعلى في مسنده بأبسط من هذا فقال‪ :‬حببدثنا‬
‫غسان عن حماد عببن شببعيب‪ ,‬عببن أنببس أن رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم أتي بقناع عليه بسر‪ ,‬فقال‪} :‬ومثببل‬

‫‪484‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السببماء‬
‫تببؤتي أكلهببا كببل حيببن بببإذن ربهببا{ فقببال »هببي النخلببة«‬
‫}ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت مببن فبوق الرض‬
‫مببا لهببا مببن قببرار{ قببال‪» :‬هببي الحنظببل« قببال شببعيب‪:‬‬
‫فأخبرت بذلك أبا العالية فقال‪ :‬كذلك كنببا نسببمع‪ .‬وقببوله‪:‬‬
‫}اجتثببت{ أي استؤصببلت }مببن فببوق الرض مببا لهببا مببن‬
‫قرار{ أي ل أصل لها ول ثبببات‪ ,‬كببذلك الكفببر ل أصببل لببه‬
‫ولفببرع‪ ,‬ول يصببعد للكببافر عمببل‪ ,‬ول يتقبببل منببه شببيء‪.‬‬

‫ت فِببي ال ْ َ‬
‫حي َبباةِ ال بد ّن َْيا‬ ‫مُنوا ْ ِبال َْقوْ ِ‬
‫ل الّثاب ِ ِ‬ ‫نآ َ‬‫ذي َ‬‫ه ال ّ ِ‬
‫ت الل ّ ُ‬ ‫** ي ُث َب ّ ُ‬
‫شببآءُ‬ ‫مببا ي َ َ‬
‫ه َ‬ ‫ل الل ّب ُ‬
‫ن وَي َْفعَب ُ‬
‫مي َ‬‫ه الظ ّببال ِ ِ‬‫ل الل ّ ُ‬‫ض ّ‬
‫خَرةِ وَي ُ ِ‬ ‫وَِفي ال َ ِ‬
‫قال البخبباري‪ :‬حببدثنا أبببو الوليببد‪ ,‬حببدثنا شببعبة‪ ,‬أخبببرني‬
‫علقمة بن مرثد قال‪ :‬سمعت سعد بببن عبيببدة عببن البببراء‬
‫بن عازب رضي الله عنه أن رسول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم قال‪» :‬المسلم إذا سئل في القبر شهد أن ل إله إل‬
‫الله‪ ,‬وأن محمببدا ً رسببول اللبه‪ ,‬فببذلك قببوله‪} :‬يثبببت اللبه‬
‫لخرة{«‬ ‫الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي ا َ‬
‫ورواه مسلم أيضا ً وبقية الجماعة كلهم مببن حببديث شببعبة‬
‫ببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو معاوية‪ ,‬حدثنا العمش عببن‬
‫المنهال بن عمرو‪ ,‬عن زاذان عن البببراء بببن عببازب قببال‪:‬‬
‫خرجنا مع رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم فببي جنببازة‬
‫رجل من النصار‪ ,‬فانتهينا إلببى القبببر ولمببا يلحببد‪ ,‬فجلببس‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬وجلسنا حوله كأن على‬
‫رؤوسنا الطير‪ ,‬وفي يده عود ينكت به الرض‪ ,‬فرفع رأسه‬
‫فقال‪» :‬استعيذوا بالله من عذاب القبببر« مرتيببن أو ثلث بًا‪,‬‬
‫ثم قال‪» :‬إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع مببن الببدنيا‬
‫لخببرة‪ ,‬نببزل إليبه ملئكبة مببن السبماء بيبض‬ ‫وإقبال مببن ا َ‬
‫الوجوه‪ ,‬كببأن وجببوههم الشببمس معهببم كفببن مببن أكفببان‬
‫الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد ّ البصر‬
‫ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه‪ ,‬فيقول‪ :‬أيتها‬

‫‪485‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان ب قال‬
‫ب‪ :‬فتخببرج تسببيل‪ ,‬كمببا تسببيل القطببرة مببن فببي السببقاء‪,‬‬
‫فيأخذها‪ ,‬فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفببة عيببن حببتى‬
‫يأخذوها فيجعلوهببا فببي ذلببك الكفببن وفببي ذلببك الحنببوط‪,‬‬
‫ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجببه الرض‪,‬‬
‫فيصعدون بها فل يمرون بها‪ ,‬يعني على مل مببن الملئكببة‪,‬‬
‫إل قالوا‪ :‬ما هذه الروح الطيبة ؟ فيقولببون‪ :‬فلن بببن فلن‬
‫بأحسن أسمائه الببتي كببانوا يسببمونه بهببا فببي الببدنيا حببتى‬
‫ينتهوا بببه إلببى السببماء الببدنيا فيسببتفتحون لببه‪ ,‬فيفتببح لببه‬
‫فيشيعه من كل سماء مقربوهببا إلببى السببماء الببتي تليهببا‪,‬‬
‫حتى ينتهى بها إلى السماء السببابعة‪ ,‬فيقببول اللببه‪ :‬اكتبببوا‬
‫كتاب عبدي في علييببن وأعيببدوه إلببى الرض‪ ,‬فببإني منهببا‬
‫خلقتهم وفيها أعيبدهم‪ ,‬ومنهبا أخرجهبم تبارة أخبرى قبال‪:‬‬
‫فتعاد روحه في جسده‪ ,‬فيأتيه ملكببان فيجلسببانه فيقببولن‬
‫له‪ :‬من ربك ؟ فيقول‪ :‬ربي الله‪ ,‬فيقببولن لببه‪ :‬مببا دينببك ؟‬
‫فيقول‪ :‬ديني السلم‪ ,‬فيقولن له‪ :‬مببا هببذا الرجببل الببذين‬
‫بعث فيكم ؟ فيقبول‪ :‬هبو رسبول اللبه‪ ,‬فيقببولن لبه‪ :‬ومببا‬
‫علمك ؟ فيقول‪ :‬قببرأت كتبباب اللببه فببآمنت بببه وصببدقت‪,‬‬
‫فينادي مناد من السببماء‪ :‬أن صببدق عبببدي فأفرشببوه مببن‬
‫الجنة‪ ,‬وألبسوه من الجنة‪ ,‬وافتحوا له بابا ً إلى الجنة ب قال‬
‫ب‪ :‬فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مببد بصببره‬
‫ويببأتيه رجببل حسببن الببوجه‪ ,‬حسببن الثيبباب‪ ,‬طيببب الريببح‪,‬‬
‫فيقول‪ :‬أبشر بالذي يسرك هببذا يومببك الببذي كنببت توعببد‪,‬‬
‫فيقول له‪ :‬من أنببت فوجهببك الببوجه الببذي يببأتي بببالخير ؟‬
‫فيقول‪ :‬أنا عملك الصببالح‪ ,‬فيقببول‪ :‬رب أقببم السبباعة رب‬
‫أقم الساعة‪ ,‬حتى أرجع إلببى أهلببي ومببالي بب قببال ببب‪ :‬وإن‬
‫العبد الكافر إذا كبان فبي انقطبباع مببن الببدنيا وإقببال مببن‬
‫لخرة‪ ,‬نزل إليه ملئكة من السببماء سببود الوجببوه معهببم‬ ‫ا َ‬
‫المسوح‪ ,‬فجلسوا منه مد البصر‪ ,‬ثببم يجيببء ملببك المببوت‬
‫فيجلس عند رأسه‪ ,‬فيقول‪ :‬أيتها النفبس الخبيثببة‪ ,‬اخرجببي‬
‫إلى سخط من الله وغضب ب قببال ببب‪ :‬فتفببرق فببي جسببده‬
‫فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول‪ ,‬فيأخببذها‬

‫‪486‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفببة عيببن حببتى يجعلوهببا‬
‫في تلك المسوح‪ ,‬فيخببرج منهببا كببأنتن ريببح جيفببة وجببدت‬
‫على وجه الرض‪ ,‬فيصعدون بهببا فل يمببرون بهببا علببى مل‬
‫من الملئكة إل قالوا‪ :‬ما هذه الببروح الخبيثببة ؟ فيقولببون‪:‬‬
‫فلن بن فلن بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا‬
‫حتى ينتهى بها إلى السماء الدنيا‪ ,‬فيستفتح له فل يفتح لببه‬
‫ب ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسببلم }ل تفتببح لهببم‬
‫أبواب السماء ول يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سببم‬
‫الخياط{ فيقول الله‪ :‬اكتبوا كتابه فببي سببجين فببي الرض‬
‫السفلى فتطرح روحه طرحا ً ب ثم قرأ }ومن يشببرك بببالله‬
‫فكأنما خّر من السماء فتخطفه الطيببر أو تهببوي ببه الريببح‬
‫في مكان سحيق{ فتعاد روحه فببي جسبده ويببأتيه ملكبان‬
‫فيجلسببانه ويقببولن لببه‪ :‬مببن ربببك ؟ فيقببول‪ :‬هبباه هبباه ل‬
‫أدري‪ ,‬فيقولن له‪ :‬مببا دينببك ؟ فيقببول‪ :‬هبباه هبباه ل أدري‪,‬‬
‫فيقولن له‪ :‬ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول‪ :‬هبباه‬
‫هبباه ل أدري‪ ,‬فينببادي منبباد مببن السببماء‪ :‬أن كببذب عبببدي‬
‫فأفرشوه من النار وافتحوا له باب با ً إلببى النببار‪ ,‬فيببأتيه مببن‬
‫حرهببا وسببمومها ويضببيق عليببه قبببره حببتى تختلببف فيببه‬
‫أضلعه‪ ,‬ويأتيه رجل قبيح الوجه‪ ,‬قبيح الثياب‪ ,‬منتن الريح‪,‬‬
‫فيقول‪ :‬أبشر بالذي يسوؤك‪ ,‬هذا يومك الذي كنببت توعببد‪,‬‬
‫فيقول‪ :‬ومن أنت‪ ,‬فوجهك الوجه يجيببء بالشببر ؟ فيقببول‪:‬‬
‫أنا عملك الخبيث‪ ,‬فيقول‪ :‬رب ل تقم السبباعة« ورواه أبببو‬
‫داود من حديث العمش والنسائي وابن ماجه مببن حببديث‬
‫المنهببال بببن عمببرو بببه‪(.‬وقببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا عبببد‬
‫الرزاق‪ ,‬حدثنا معمر عن يونس بن حبيب عن المنهببال بببن‬
‫عمرو‪ ,‬عن زاذان عببن البببراء بببن عببازب رضببي اللببه عنببه‬
‫قال‪ :‬خرجنا مع رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم إلببى‬
‫جنازة‪ ,‬فذكر نحوه‪ ,‬وفيه »فإذا خرجت روحببه صببلى عليببه‬
‫كببل ملببك بيببن السببماء والرض وكببل ملببك فببي السببماء‪,‬‬
‫وفتحت أبواب السماء ليس من أهل باب إل وهببم يببدعون‬
‫الله عز وجل أن يعرج بروحه من قبلهم«‪ ,‬وفي آخره »ثم‬
‫يقيض له أعمى أصم أبكم‪ ,‬وفي يده مرزبة لو ضببرب بهببا‬

‫‪487‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جبل لكان ترابًا‪ ,‬فيضربه ضربة فيصير ترابًا‪ ,‬ثم يعيده اللببه‬
‫عز وجل كما كببان‪ ,‬فيضببربه ضببربة أخببرى فيصببيح صببيحة‬
‫يسمعها كل شيء إل الثقلين« قال البراء‪ :‬ثم يفتح له باب‬
‫إلى النار ويمهد له من فرش النار‪ ,‬وقببال سببفيان الثببوري‬
‫عن أبيه‪ ,‬عن خيثمة عن البببراء فببي قببوله تعببالى‪} :‬يثبببت‬
‫الله الببذين آمنببوا بببالقول الثببابت فببي الحيبباة الببدنيا وفببي‬
‫ا َ‬
‫لخبببببببببببرة{ قبببببببببببال عبببببببببببذاب القببببببببببببر‪.‬‬

‫وقال المسعودي عن عبد الله بن مخبارق عبن أبيبه عبن‬


‫عبد الله قال‪ :‬إن المؤمن إذا مات أجلس في قبره فيقببال‬
‫له‪ :‬ما ربك ؟ ما دينبك ؟ مبن نبيبك ؟ فيثبتبه اللبه فيقبول‪:‬‬
‫ربي الله‪ ,‬وديني السببلم‪ ,‬ونبببيي محمببد صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪ ,‬وقببرأ عبببد اللببه }يثبببت اللببه الببذين آمنببوا بببالقول‬
‫لخرة{ وقال المام عبد بببن‬ ‫الثابت في الحياة الدنيا وفي ا َ‬
‫حميد رحمه الله في مسنده حدثنا يونس بن محمد‪ ,‬حببدثنا‬
‫شيبان بن عبد الرحمن عن قتببادة‪ ,‬حببدثنا أنببس بببن مالببك‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إن العبد إذا‬
‫وضع في قبببره‪ ,‬وتببولى عنببه أصببحابه‪ ,‬وإنببه ليسببمع قببرع‬
‫نعالهم‪ ,‬فيأتيه ملكان فيقعدانه فيقولن له‪ :‬ما كنببت تقببول‬
‫في هذا الرجل ؟ قال‪ :‬فأما المؤمن فيقول‪ :‬أشهد أنه عبد‬
‫الله ورسوله‪ ,‬قال‪ :‬فيقال له‪ :‬انظر إلى مقعدك مببن النببار‬
‫قد أبدلك الله به مقعدا ً من الجنة«‪ ,‬قال النبي صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪» :‬فيراهما جميعًا«‪ ,‬قال قتببادة‪ :‬وذكببر لنببا أنببه‬
‫يفسح له في قبره سبعون ذراعًا‪ ,‬ويمل عليببه خضببرا ً إلببى‬
‫يببوم القيامببة‪ ,‬رواه مسببلم عببن عبببد بببن حميببد‪ ,‬وأخرجببه‬
‫النسببائي مببن حببديث يببونس بببن محمببد المببؤدب بببه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريببج‪,‬‬
‫أخبرني أبو الزبير أنه سأل جابر بببن عبببد اللبه عببن فتبباني‬
‫القبر‪ ,‬فقال‪ :‬سمعت رسول اللبه صبلى اللبه عليبه وسبلم‬
‫يقببول‪» :‬إن هببذه المببة تبتلببى فببي قبورهببا‪ ,‬فببإذا أدخببل‬
‫المببؤمن قبببره وتببولى عنببه أصببحابه‪ ,‬جبباءه ملببك شببديد‬
‫النتهار‪ ,‬فيقول له‪ :‬ما كنت تقول فببي هببذا الرجببل ؟ فأمببا‬

‫‪488‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المؤمن فيقول‪ :‬إنه رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫وعبده‪ ,‬فيقول له الملك‪ :‬انظر إلى مقعدك الذي كببان لببك‬
‫في النار قد أنجاك الله منه وأبدلك بمقعدك الذي ترى من‬
‫النار مقعدك الذي ترى من الجنة‪ ,‬فيراهما كليهما‪ ,‬فيقببول‬
‫المببؤمن‪ :‬دعببوني أبشببر أهلببي فيقببال لببه‪ :‬اسببكن‪ ,‬وأمببا‬
‫المنافق فيقعد إذا تولى عنه أهله فيقال له‪ :‬ما كنت تقببول‬
‫في هذا الرجل ؟ فيقول‪ :‬ل أدري‪ ,‬أقول كما يقول النبباس‪,‬‬
‫فيقال له‪ :‬ل دريت هذا مقعدك الذي كان لك في الجنة قد‬
‫أبدلت مكانه مقعدك من النار« قال جابر‪ :‬فسمعت النبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬يبعببث كببل عبببد فببي القبببر‬
‫على ما مات‪ ,‬المؤمن على إيمانه‪ ,‬والمنافق على نفبباقه«‬
‫إسبببناده صبببحيح علبببى شبببرط مسبببلم‪ ,‬ولبببم يخرجببباه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو عامر‪ ,‬حدثنا عباد بببن راشببد‬
‫عن داود بن أبببي هنببد‪ ,‬عببن أبببي نضببرة‪ ,‬عببن أبببي سببعيد‬
‫الخدري‪ ,‬قببال‪ :‬شببهدنا مببع رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم جنازة‪ ,‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬يا‬
‫أيها الناس إن هذه المة تبتلى في قبورهببا‪ ,‬فببإذا النسببان‬
‫دفن وتفرق عنه أصحابه‪ ,‬جاءه ملك في يده مطببراق مببن‬
‫حديد فأقعده‪ ,‬فقال‪ :‬ما تقول في هذا الرجببل ؟ فببإن كببان‬
‫مؤمنا ً قال‪ :‬أشهد أن ل إله إل الله‪ ,‬وأشهد أن محمدا ً عبده‬
‫ورسوله‪ ,‬فيقول له‪ :‬صببدقت ثببم يفتببح لببه باببا ً إلببى النببار‪,‬‬
‫فيقول‪ :‬كان هذا منزلببك لببو كفببرت بربببك‪ ,‬فأمببا إذ آمنببت‬
‫فهذا منزلك‪ ,‬فيفتح له بابا ً إلى الجنة‪ ,‬فيريد أن ينهض إليببه‬
‫فيقول له‪ :‬اسكن ويفسح له في قبره‪ ,‬وإن كببان كببافرا ً أو‬
‫منافقا ً فيقول لببه‪ :‬مببا تقببول فببي هببذا الرجببل ؟ فيببول‪ :‬ل‬
‫أدري‪ ,‬سمعت الناس يقولببون شببيئًا‪ ,‬فيقببول‪ :‬ل دريببت ول‬
‫تليت ول اهتديت‪ ,‬ثم يفتح له باببا ً إلببى الجنببة‪ ,‬فيقببول لببه‪:‬‬
‫هذا منزلك لو آمنت بربك‪ ,‬فأما إذ كفرت به فإن اللببه عببز‬
‫وجل أبدلك به هذا‪ ,‬فيفتح له بابا ً إلى النار ثم يقمعه قمعبة‬
‫بالمطراق‪ ,‬فيصيح صيحة يسمعها خلق الله عز وجل كلهم‬
‫غير الثقلين‪ ,‬فقال بعض القببوم‪ :‬يببا رسببول اللببه‪ ,‬مببا أحببد‬
‫يقوم عليه ملك في يده مطراق إل هيل عند ذلببك‪ ,‬فقببال‬

‫‪489‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪} :‬يثبت الله الذين آمنببوا‬
‫بالقول الثابت{ وهذا أيضا ً إسناد ل بأس به‪ ,‬فإن عببباد بببن‬
‫راشببد التميمببي روى لببه البخبباري مقرون بًا‪ ,‬ولكببن ضببعفه‬
‫بعضببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببهم‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا حسين بن محمد عببن ابببن أبببي‬
‫ذئب‪ ,‬عن محمد بن عمرو بن عطاء‪ ,‬عن سعيد بببن يسببار‪,‬‬
‫عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قببال‪» :‬إن‬
‫الميت تحضره الملئكة‪ ,‬فببإذا كببان الرجببل الصببالح قببالوا‪:‬‬
‫اخرجي أيتهببا النفببس الطيبببة كبانت فببي الجسببد الطيببب‪,‬‬
‫اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحببان ورب غيببر غضبببان‪.‬‬
‫قال فل يزال يقال لها ذلك‪ ,‬حتى تخرج ثم يعببرج بهببا إلببى‬
‫السببماء فيسببتفتح لهببا فيقببال‪ :‬مببن هببذا ؟ فيقببال‪ :‬فلن‪,‬‬
‫فيقولون‪ :‬مرحبا ً بالروح الطيبة كانت في الجسببد الطيببب‪,‬‬
‫ادخلي حميدة‪ ,‬وأبشري بروح وريحببان ورب غيببر غضبببان‪.‬‬
‫قال‪ :‬فل يزال يقال لها ذلك حتى ينتهببى بهببا إلببى السببماء‬
‫التي فيها الله عببز وجببل‪ .‬وإذا كببان الرجببل السببوء قببالوا‪:‬‬
‫اخرجي أيتها النفببس الخبيثببة كببانت فببي الجسببد الخبببيث‪,‬‬
‫اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق‪ ,‬وآخببر مببن شببكله‬
‫أزواج‪ ,‬فل يزال يقال لها ذلك حتى تخرج‪ ,‬ثم يعرج بها إلى‬
‫السببماء‪ ,‬فيسببتفتح لهببا فيقببال‪ :‬مببن هببذا ؟ فيقببال‪ :‬فلن‪,‬‬
‫فيقال‪ :‬ل مرحبا ً بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث‪,‬‬
‫ارجعي ذميمة فإنه ل تفتح لك أبواب السماء‪ ,‬فيرسل مببن‬
‫السماء ثم يصير إلى القبر‪ ,‬فيجلس الرجل الصالح‪ ,‬فيقال‬
‫له مثل ما قيل في الحديث الول‪ ,‬ويجلس الرجببل السببوء‬
‫فيقببال لببه مثببل مببا قيببل لببه فببي الحببديث الول‪ .‬ورواه‬
‫النسببائي وابببن مبباجه مببن طريببق ابببن أبببي ذئب بنحببوه‪.‬‬
‫وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنببه قببال‪:‬‬
‫ِإذا خرجت روح العبد المؤمن تلقاها ملكببان يصببعدان بهببا‪.‬‬
‫قال حماد‪ :‬فذكر من طيب ريحها وذكر المسببك بب قببال ببب‪:‬‬
‫ويقول أهببل السببماء‪ :‬روح طيبببة جبباءت مببن قبببل الرض‬
‫صلى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه‪ ,‬فينطلق به إلى‬
‫ربه عز وجببل‪ ,‬فيقببال‪ :‬انطلقببوا بببه إلببى آخببر الجببل‪ .‬وإن‬

‫‪490‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الكافر إذا خرجت روحه بب قببال حمبباد بب وذكببر مببن نتنهببا‪,‬‬
‫وذكر مقتًا‪ ,‬ويقول أهل السماء‪ :‬روح خبيثة جاءت من قبل‬
‫الرض‪ ,‬فيقببال‪ :‬انطلقببوا بببه إلببى آخببر الجببل بب قببال أبببو‬
‫هريرة‪ :‬فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ريطة كانت‬
‫عليبببببببببببببه علبببببببببببببى أنفبببببببببببببه هكبببببببببببببذا‪.‬‬
‫وقببال ابببن حبببان فببي صببحيحه‪ :‬حببدثنا عمببر بببن محمببد‬
‫الهمداني‪ ,‬حببدثنا زيببد بببن أخببرم‪ ,‬حببدثنا معبباذ بببن هشببام‪,‬‬
‫حدثني أبببي عببن قتببادة‪ ,‬عببن قسببام بببن زهيببر‪ ,‬عببن أبببي‬
‫هريرة‪ ,‬عن رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم قببال »إن‬
‫المببؤمن إذا قبببض‪ ,‬أتتببه ملئكببة الرحمببة بحريببرة بيضبباء‪,‬‬
‫فيقولببون‪ :‬اخرجببي إلببى روح اللببه‪ ,‬فتخببرج كببأطيب ريببح‬
‫مسك حتى إنه ليناوله بعضهم بعضا ً يشمونه حتى يأتوا بببه‬
‫باب السماء‪ ,‬فيقولون‪ :‬ما هذه الريح الطيبببة الببتي جبباءت‬
‫من قبل الرض‪ ,‬ول يأتون سماء إل قالوا مثببل ذلببك حببتى‬
‫يأتوا بببه أرواح المببؤمنين‪ ,‬فلهببم أشببد فرحبا ً بببه مببن أهببل‬
‫الغائب بغائبهم‪ ,‬فيقولون‪ :‬ما فعل فلن ؟ فيقولون‪ :‬دعببوه‬
‫حتى يسببتريح فببإنه كببان فببي غببم‪ ,‬فيقببول‪ :‬قببد مببات أمببا‬
‫أتاكم ؟ فيقولون‪ :‬ذهب به إلى أمببه الهاويببة‪ ,‬وأمببا الكببافر‬
‫فيأتيه ملئكة العذاب بمسح فيقولون‪ :‬اخرجي إلى غضببب‬
‫اللببه‪ ,‬فتخببرج كببأنتن ريببح جيفببة‪ ,‬فيببذهب بببه إلببى ببباب‬
‫الرض«‪.‬‬
‫وقببد روي أيض با ً مببن طريببق همببام بببن يحيببي عببن أبببي‬
‫الجوزاء‪ ,‬عن أبي هريرة‪ ,‬عن النبي صلى الله عليه وسببلم‬
‫بنحوه‪ ,‬قببال »فيسببأل‪ :‬مببا فعببل فلن‪ ,‬مببا فعببل فلن‪ ,‬مببا‬
‫فعلت فلنة ؟ قال‪ :‬وأما الكافر فإذا قبضت نفسه‪ ,‬وذهببب‬
‫بها إلى باب الرض‪ ,‬تقببول خزنببة الرض‪ :‬مببا وجببدنا ريحبا ً‬
‫أنتببن مببن هببذه‪ ,‬فيبلببغ بهببا الرض السببفلى«‪ .‬قببال قتببادة‬
‫وحدثني رجل عن سعيد بببن المسببيب‪ ,‬عببن عبببد اللببه بببن‬
‫عمرو قال‪ :‬أرواح المؤمنين تجتمع بالجابية‪ ,‬وأرواح الكفببار‬
‫تجتمع ببرهوت سبخة بحضرموت‪ ,‬ثببم يضببيق عليببه قبببره‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبو عيسى الترمذي رحمه الله‪ :‬حدثنا يحيببى‬
‫بن خلف‪ ,‬حدثنا بشر بببن المفضببل عببن عبببد الرحمببن بببن‬

‫‪491‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إسحاق‪ ,‬عن سعيد بن أبي سعيد المقبري‪ ,‬عن أبي هريرة‬
‫قال‪ :‬قال رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪ِ» :‬إذا قبببر‬
‫الميت ب أو قال‪ :‬أحببدكم ب ب أتبباه ملكببان أسببودان أزرقببان‪,‬‬
‫لخر نكير‪ ,‬فيقولن‪ :‬مببا كنببت تقببول‬ ‫يقال لحدهما منكر وا َ‬
‫فببي هببذا الرجببل ؟ فيقببول‪ :‬مببا كببان يقببول هببو عبببد اللببه‬
‫ورسوله‪ ,‬أشهد أن ل إله إل اللبه وأشببهد أن محمببدا ً عبببده‬
‫ورسوله‪ ,‬فيقولن‪ :‬قد كنا نعلم أنك تقول هببذا‪ ,‬ثببم يفسببح‬
‫له في قبره سبعون ذراعا ً في سبعين‪ ,‬وينور لببه فيببه‪ ,‬ثببم‬
‫يقال له‪ :‬نم‪ ,‬فيقول‪ :‬أرجع الى أهلببي فببأخبرهم‪ ,‬فيقببولن‪:‬‬
‫نم نومة العروس الذي ل يوقظه إل أحب أهلببه إليببه حببتى‬
‫يبعثه الله من مضجعه ذلك‪ ,‬وإن كان منافقا ً قال‪ :‬سببمعت‬
‫الناس يقولببون‪ :‬فقلببت مثلهببم ل أدري‪ ,‬فيقببولن‪ :‬قببد كنببا‬
‫نعلم أنك تقول هببذا‪ ,‬فيقببال للرض‪ :‬الببتئمي عليببه فتلببتئم‬
‫عليه حتى تختلف أضلعه‪ ,‬فل يزال فيها معذبا ً حببتى يبعثببه‬
‫الله من مضجعه ذلك« ثم قال الترمذي‪ :‬هذا حديث حسن‬
‫غريببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببب‪.‬‬
‫وقال حماد ببن سبلمة عبن محمبد ببن عمبرو‪ ,‬عبن أببي‬
‫سلمة عن أبي هريرة قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪} :‬يثبت الله الببذين آمنببوا بببالقول الثببابت فببي‬
‫لخرة{ ب قال بب ‪ :‬ذلبك ِإذا قيبل لبه فببي‬ ‫الحياة لدنيا وفي ا َ‬
‫القبر من ربك‪ ,‬وما دينك‪ ,‬ومن نبيك ؟ فيقببول‪ :‬ربببي اللببه‪,‬‬
‫وديني السلم‪ ,‬ونبيي محمد جاءنا بالبينات مببن عنببد اللببه‪,‬‬
‫فآمنت به وصدقت‪ ,‬فيقال له‪ :‬صدقت‪ ,‬علببى هببذا عشببت‪,‬‬
‫وعليه مت‪ ,‬وعليه تبعث«‪.‬وقال ابببن جريببر‪ :‬حببدثنا مجاهببد‬
‫بن موسى والحسببن بببن محمببد‪ ,‬قببال‪ :‬حببدثنا يزيببد‪ ,‬أنبأنببا‬
‫محمد بن عمرو عن أبي سلمة‪ ,‬عن أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه‪ ,‬عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬والذي نفسي‬
‫بيببده‪ ,‬إن الميببت ليسببمع خفببق نعببالكم حيببن تولببون عنببه‬
‫مدبرين‪ ,‬فإن كان مؤمنا ً كانت الصلة عنببد رأسببه والزكبباة‬
‫عن يمينه والصوم عببن يسبباره وكببان فعببل الخيببرات مببن‬
‫الصدقة والصببلة والمعببروف والحسببان إلببى النبباس عنببد‬
‫رجليه‪ ,‬فيؤتى من قبببل رأسببه‪ ,‬فتقببول الصببلة‪ :‬مببا قبلببي‬

‫‪492‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مدخل‪ ,‬فيؤتى عن يمينه فتقول الزكاة‪ :‬مببا قبلببي مببدخل‪,‬‬
‫فيؤتى عن يساره فيقول الصيام‪ :‬ما قبلي مببدخل‪ ,‬فيببؤتى‬
‫عند رجليه فيقول‪ :‬فعل الخيرات ما قبلببي مببدخل‪ ,‬فيقببال‬
‫لببه‪ :‬اجلببس‪ ,‬فيجلببس قببد مثلببت لببه الشببمس قببد دنببت‬
‫للغروب‪ ,‬فيقال له‪ :‬أخبرنا عما نسألك‪ ,‬فيقول‪ :‬دعني حتى‬
‫أصلي‪ ,‬فيقال له‪ :‬إنك ستفعل فأخبرنا عما نسألك‪ ,‬فيقول‪:‬‬
‫وعم تسألوني ؟ فيقال‪ :‬أرأيت هذا الرجل الذي كان فيكببم‬
‫ماذا تقول به‪ ,‬ومبباذا تشببهد بببه عليببه ؟ فيقببول‪ :‬أمحمببد ؟‬
‫فيقال له‪ :‬نعم‪ ,‬فيقول‪ :‬أشهد أنه رسول اللببه‪ ,‬وأنببه جاءنببا‬
‫بالبينات من عند الله فصدقناه‪ ,‬فيقال له‪ :‬على ذلك حييت‬
‫وعلى ذلك مت‪ ,‬وعليه تبعث إن شاء الله ثم يفسح له في‬
‫قبره سبعون ذراعا ً وينور له فيه‪ ,‬ويفتح له باب إلى الجنببة‬
‫فيقال له‪ :‬انظر إلى ما أعد اللببه لببك فيهببا‪ ,‬فيببزداد غبطببة‬
‫وسرورًا‪ ,‬ثم تجعل نسمته في النسم الطيببب‪ ,‬وهببي طيببر‬
‫خضر تعلق بشجر الجنة‪ ,‬ويعاد الجسد إلببى مببا بببدىء مببن‬
‫التراب«‪ ,‬وذلك قول الله‪} :‬يثبت الله الذين آمنببوا بببالقول‬
‫لخرة{‪ ,‬رواه ابن حبان مببن‬ ‫الثابت في الحياة الدنيا وفي ا َ‬
‫طريق المعتمر بببن سببليمان عببن محمببد بببن عمببر‪ ,‬وذكببر‬
‫جبببببببببببببببببواب الكبببببببببببببببببافر وعبببببببببببببببببذابه‪.‬‬
‫وقال البزار‪ :‬حببدثنا سببعيد بببن بحببر القراطيسببي‪ ,‬حببدثنا‬
‫الوليد بن القاسم‪ ,‬حدثنا يزيد بن كيسببان عببن أبببي حببازم‪,‬‬
‫عن أبي هريرة أحسبه رفعه‪ ,‬قال‪» :‬إن المببؤمن ينببزل بببه‬
‫الموت ويعاين ما يعبباين‪ ,‬فيببود لببو خرجببت‪ ,‬يعنببي نفسببه‪,‬‬
‫والله يحب لقاءه وإن المؤمن يصعد بروحببه الببى السببماء‪,‬‬
‫فتأتيه أرواح المؤمنين فتستخبره عببن معببارفهم مببن أهببل‬
‫الرض‪ ,‬فِإذا قال‪ :‬تركت فلن با ً فببي الرض‪ ,‬أعجبهببم ذلببك‪,‬‬
‫وِإذا قال‪ِ :‬إن فلنا ً قد مات‪ ,‬قالوا‪ :‬مببا جيببء بببه إلينببا‪ ,‬وإن‬
‫المؤمن يجلس في قبره فيسأل‪ ,‬من ربك ؟ فيقببول‪ :‬ربببي‬
‫الله‪ ,‬ويسأل‪ :‬من نبيك ؟ فيقول‪ :‬محمد نبيي‪ ,‬فيقال‪ :‬مبباذا‬
‫دينك ؟ قال‪ :‬ديني السلم‪ ,‬فيفتح له باب في قبره فيقول‬
‫ب أو يقال ب انظر إلى مجلسك‪ ,‬ثم يرى القبر فكأنما كببانت‬
‫رقدة‪ ,‬وإذا كان عدو الله نزل به الموت وعبباين مببا عبباين‪,‬‬

‫‪493‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فإنه ل يحب أن تخرج روحه أبدًا‪ ,‬والله يبغض لقبباءه‪ ,‬فببإذا‬
‫جلس في قبره أو أجلس‪ ,‬فيقال له‪ :‬من ربك ؟ فيقول‪ :‬ل‬
‫أدري‪ ,‬فيقال‪ :‬ل دريت‪ ,‬فيفتح له باب إلى جهنم ثم يضرب‬
‫ضربة تسمعها كل دابة إل الثقلين‪ ,‬ثببم يقببال لببه‪ :‬نببم كمببا‬
‫ينام المنهوش«‪ .‬قلت لبي هريببرة‪ :‬مببا المنهببوش ؟ قببال‪:‬‬
‫الذي تنهشه الدواب والحيات‪ ,‬ثببم يضببيق عليببه قبببره‪ ,‬ثببم‬
‫قببببال‪ :‬ل نعلببببم مببببن رواه إل الوليببببد بببببن القاسببببم‪.‬‬
‫وقال المام أحمد رحمه الله‪ :‬حببدثنا حجيببن بببن المثنببى‪,‬‬
‫حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عن محمببد بببن‬
‫المنكدر قال‪ :‬كانت أسماء‪ ,‬يعني بنت الصديق رضببي اللببه‬
‫عنها‪ ,‬تحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قببالت‪ :‬قببال‪:‬‬
‫»إذا دخل النسان قبره‪ ,‬فإن كببان مؤمنبا ً أحببف بببه عملببه‬
‫الصلة والصيام‪ ,‬قال‪ :‬فيأتيه الملك من نحو الصلة فببترده‬
‫ومن نحو الصببيام فيببرده‪ ,‬قببال‪ :‬فينبباديه اجلببس فيجلببس‪,‬‬
‫فيقول له‪ :‬ماذا تقول في هببذا الرجببل‪ ,‬يعنببي النبببي صببلى‬
‫الله عليه وسلم ؟ قال‪ :‬من ؟ قال‪ :‬محمد‪ ,‬قال‪ :‬أشهد أنببه‬
‫رسول الله‪ ,‬قال‪ :‬ومببا يببدريك‪ ,‬أدركتببه ؟ قببال‪ :‬اشببهد أنببه‬
‫رسول الله‪ ,‬قببال‪ :‬يقبول علببى ذلبك عشببت‪ ,‬وعليبه مبت‪,‬‬
‫وعليه تبعث وإن كان فبباجرا ً أو كببافرا ً جبباءه الملببك ليببس‬
‫بينه وبينه شيء يرده فأجلسه‪ ,‬فيقول له‪ :‬ماذا تقببول فببي‬
‫هذا الرجل ؟ قال‪ :‬أي رجل ؟ قال‪ :‬محمببد ؟ قببال‪ :‬يقببول‪:‬‬
‫والله ما أدري سمعت الناس يقولون شيئا ً فقلته‪ ,‬قببال لببه‬
‫الملك‪ :‬على ذلك عشت‪ ,‬وعليببه مببت‪ ,‬وعليببه تبعببث‪ ,‬قببال‬
‫ويسلط عليه دابة في قبره معها سوط‪ ,‬ثمرته جمرة مثببل‬
‫غرب البعير‪ ,‬تضربه ما شبباء اللببه‪ ,‬صببماء ل تسببمع صببوته‬
‫فبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببترحمه«‪.‬‬
‫وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما فببي هببذه‬
‫لية قال‪ :‬إن المؤمن إذا حضره الموت شببهدته الملئكببة‪,‬‬ ‫ا َ‬
‫فسلموا عليه وبشروه بالجنة‪ ,‬فإذا مات مشوا مببع جنببازته‬
‫ثم صلوا عليببه مببع النبباس‪ ,‬فبِإذا دفببن أجلببس فببي قبببره‪,‬‬
‫فيقال له‪ :‬من ربك ؟ فيقببول‪ :‬ربببي اللببه‪ ,‬فيقببال لببه‪ :‬مببن‬
‫رسولك ؟ فيقول‪ :‬محمد صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فيقال له‪:‬‬

‫‪494‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ما شهادتك ؟ فيقول‪ :‬أشهد أن ل إلببه إل اللببه‪ ,‬وأشببهد أن‬
‫محمدا ً رسول الله‪ ,‬فيوسع له في قبببره مببد بصببره‪ ,‬وأمببا‬
‫الكافر فتنزل عليه الملئكة فيبسطون أيديهم‪ ,‬والبسط هو‬
‫الضرب‪} ,‬يضربون وجوههم وأدبارهم{ عند المببوت‪ ,‬فببإذا‬
‫أدخل قبره أقعد‪ ,‬فقيل له‪ :‬مببن ربببك ؟ فلببم يرجببع إليهببم‬
‫شيئًا‪ ,‬وأنساه الله ذكر ذلك‪ ,‬وإذا قيل‪ :‬من الرسببول الببذي‬
‫بعث إليك ؟ لم يهتد له ولم يرجع إليهم شيئا ً }كذلك يضببل‬
‫اللبببببببببببببببببببببببببببببه الظبببببببببببببببببببببببببببببالمين{‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حببدثنا أحمببد بببن عثمببان بببن حكيببم‬
‫الودي حدثنا شريح بن مسلمة‪ ,‬حدثنا إبراهيم بببن يوسببف‬
‫عن أبيه عن أبي إسحاق‪ ,‬عن عامر بن سببعد البجلببي عببن‬
‫أبي قتادة النصاري في قببوله تعببالى‪} :‬يثبببت اللببه الببذين‬
‫لخببرة{ ا َ‬
‫ليببة‪,‬‬ ‫آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفببي ا َ‬
‫قال‪ :‬إن المؤمن إذا مات أجلس في قبره‪ ,‬فيقال له‪ :‬مببن‬
‫ربك ؟ فيقول‪ :‬الله‪ ,‬فيقال له‪ :‬من نبيببك ؟ فيقببول‪ :‬محمببد‬
‫بن عبد الله‪ ,‬فيقال له ذلك مرات‪ ,‬ثببم يفتببح لببه ببباب إلببى‬
‫النار‪ ,‬فيقال له‪ :‬انظر إلى منزلك مبن النبار لببو زغبت‪ ,‬ثبم‬
‫يفتح له باب إلى الجنة‪ ,‬فيقال له‪ :‬انظببر إلببى منزلببك مببن‬
‫الجنة إذا ثبت‪ ,‬وإذا مات الكافر أجلس في قبره فيقال له‪:‬‬
‫من ربك ؟ من نبيك ؟ فيقول‪ :‬ل أدري كنت أسببمع النبباس‬
‫يقولون‪ ,‬فيقال له‪ :‬ل دريت‪ ,‬ثم يفتح لببه ببباب إلببى الجنببة‪,‬‬
‫فيقال له‪ :‬انظر إلى منزلك إذا ثبت‪ ,‬ثم يفتح له ببباب إلببى‬
‫النار‪ ,‬فيقال له‪ :‬انظببر إلببى منزلببك ِإذ زغببت‪ ,‬فببذلك قببوله‬
‫تعالى‪} :‬يثبت الله الذين آمنوا بببالقول الثببابت فببي الحيبباة‬
‫الببببببببببببببببببدنيا وفببببببببببببببببببي ا َ‬
‫لخببببببببببببببببببرة{‪.‬‬
‫وقال عبد الرزاق عن معمر عن ابن طبباووس‪ ,‬عببن أبيببه‬
‫}يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فببي الحيبباة الببدنيا{‬
‫لخببرة{ المسببألة فببي القبببر‪,‬‬ ‫قال‪ :‬ل إله إل الله‪} ,‬وفببي ا َ‬
‫وقببال قتببادة أمببا الحيبباة الببدنيا فيثبتهببم بببالخير والعمببل‬
‫لخرة{ في القبر وكذا روي عن غير واحد‬ ‫الصالح‪} ,‬وفي ا َ‬
‫من السلف‪ .‬وقال أبو عبد الله الحكيم الترمذي في كتببابه‬
‫نوادر الصول‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا عبد الله بن نافع عببن ابببن‬

‫‪495‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبي فديك عبن عببدالرحمن ببن عببد اللبه عبن سبعيد ببن‬
‫المسيب‪ ,‬عن عبد الرحمببن بببن سببمرة قببال‪ :‬خببرج علينببا‬
‫رسول الله صبلى اللبه عليبه وسبلم ذات يببوم ونحبن فبي‬
‫مسجد المدينة‪ ,‬فقال‪» :‬إنببي رأيببت البارحببة عجب بًا‪ ,‬رأيببت‬
‫رجل ً من أمتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه‪ ,‬فجاءه بره‬
‫بوالديه‪ ,‬فرد عنه‪ ,‬ورأيت رجل ً مببن أمببتي قببد بسببط عليببه‬
‫عذاب القبر‪ ,‬فجاءه وضبوؤه فاسبتنقذه مبن ذلبك‪ ,‬ورأيبت‬
‫رجل ً من أمتي قد احتوشببته الشببياطين‪ ,‬فجبباءه ذكببر اللببه‬
‫فخلصه مببن بينهببم‪ ,‬ورأيببت رجل ً مببن أمببتي قببد احتوشببته‬
‫ملئكببة العببذاب‪ ,‬فجبباءته صببلته فاسببتنقذته مببن أيببديهم‪,‬‬
‫ورأيت رجل ً من أمتي يلهث عطش با ً كلمببا ورد حوض با ً منببع‬
‫منه‪ ,‬فجاءه صيامه فسقاه وأرواه‪ ,‬ورأيبت رجل ً مبن أمبتي‬
‫والنبيون قعود حلقا ً حلقًا‪ ,‬كلما دنا لحلقببة طببردوه‪ ,‬فجبباءه‬
‫اغتساله من الجنابة فأخذ بيده فأقعده إلى جنبببي‪ ,‬ورأيببت‬
‫رجل ً من أمتي بين يديه ظلمببة‪ ,‬ومببن خلفببه ظلمببة‪ ,‬وعببن‬
‫يمينه ظلمة‪ ,‬وعن شماله ظلمة‪ ,‬ومن فبوقه ظلمبة‪ ,‬ومبن‬
‫تحتببه ظلمببة‪ ,‬وهببو متحيببر فيهببا‪ ,‬فجبباءته حجتببه وعمرتببه‬
‫فاستخرجاه مبن الظلمبة وأدخله النببور‪ ,‬ورأيببت رجل ً مبن‬
‫أمببتي يكلببم المببؤمنين فل يكلمببونه‪ ,‬فجبباءته صببلة الرحببم‬
‫فقالت‪ :‬يا معشر المؤمنين‪ ,‬كلمبوه فكلمبوه‪ ,‬ورأيبت رجل ً‬
‫من أمتي يتقي وهج النار وشررها بيده عن وجهه‪ ,‬فجبباءته‬
‫صدقته فصارت لببه سببترا ً علببى وجهببه وظل ً علببى رأسببه‪,‬‬
‫ورأيت رجل ً من أمتي قد أخببذته الزبانيببة مببن كببل مكببان‪,‬‬
‫فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكببر فاسببتنقذاه مببن‬
‫أيديهم وأدخله مع ملئكة الرحمة‪ ,‬ورأيببت رجل ً مبن أمبتي‬
‫جاثيا ً على ركبببتيه بينببه وبيببن اللببه حجبباب‪ ,‬فجبباءه حسببن‬
‫خلقه‪ ,‬فأخذ بيده فأدخله على الله عز وجببل‪ ,‬ورأيببت رجل ً‬
‫من أمتي قد هوت صحيفته من قبل شماله‪ ,‬فجاءه خببوفه‬
‫من الله‪ ,‬فأخذ صحيفته فجعلها في يمينه‪ ,‬ورأيت رجل ً من‬
‫أمببتي قببد خببف ميزانببه‪ ,‬فجبباءته أفراطببه فثقلببوا ميزانببه‪,‬‬
‫ورأيت رجل ً من أمتي قائما ً على شفير جهنم‪ ,‬فجاءه وجله‬
‫من الله فاستنقذه من ذلك ومضى‪ ,‬ورأيت رجل ً من أمببتي‬

‫‪496‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هوى في النار فجاءته دموعه الببتي بكببى مببن خشببية اللببه‬
‫في الدنيا‪ ,‬فاستخرجته مببن النببار‪ ,‬ورأيببت رجل ً مببن أمببتي‬
‫قائما ً على الصببراط يزحببف أحيان با ً ويحبببو أحيان بًا‪ ,‬فجبباءته‬
‫ي‪ ,‬فأخذت بيده‪ ,‬فأقامته ومضى علببى الصببراط‪,‬‬ ‫صلته عل ّ‬
‫ورأيببت رجل ً مببن أمببتي انتهببى إلببى ببباب الجنببة‪ ,‬فغلقببت‬
‫البواب دونه‪ ,‬فجاءته شهادة أن ل إله إل اللببه ففتحببت لببه‬
‫البواب وأدخلته الجنببة«‪ ,‬قببال القرطبببي بعببد إيببراده هببذا‬
‫الحديث من هذا الوجه‪ :‬هذا حديث عظيم ذكر فيه أعمببال ً‬
‫خاصببة تنجببي مببن أهببوال خاصببة‪ ,‬أورده هكببذا فببي كتابببة‬
‫التببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببذكرة‪.‬‬
‫وقد روى الحافظ أبو يعلى الموصلي في هذا حديثا ً غريبا ً‬
‫مطول ً فقال‪ :‬حدثنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم النكببري‪,‬‬
‫حدثنا محمد بن بكر البرساني أبو عثمان‪ ,‬حدثنا أبو عاصببم‬
‫الحبطي‪ ,‬وكان من أخيار أهل البصرة‪ ,‬وكان مببن أصببحاب‬
‫حزم‪ ,‬وسلم بن أبببي مطيببع‪ ,‬حببدثنا بكببر بببن خنيببس عببن‬
‫ضرار بن عمرو‪ ,‬عن يزيد الرقاشي‪ ,‬عببن أنببس بببن مالببك‬
‫عن تميم الداري‪ ,‬عن النبي صلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪:‬‬
‫يقول الله عز وجل لملك الموت‪ :‬انطلق إلى وليببي فببأتني‬
‫به‪ ,‬فِإني قد ضربته بالسراء والضراء‪ ,‬فوجدته حيث أحببب‪,‬‬
‫ائتنببي بببه فلريحنببه‪ ,‬فينطلببق إليببه ملببك المببوت ومعببه‬
‫خمسمائة من الملئكة معهببم أكفببان وحنببوط مببن الجنببة‪,‬‬
‫ومعهم ضبائر الريحان أصل الريحانببة واحببد‪ ,‬وفببي رأسببها‬
‫عشرون لونا ً لكل لون منها ريح سوى ريح صاحبه‪ ,‬ومعهم‬
‫الحرير البيض فيه المسك الذفببر‪ ,‬فيجلببس ملببك المببوت‬
‫عند رأسه وتحف به الملئكة‪ ,‬ويضببع كببل ملببك منهببم يببده‬
‫علببى عضببو مببن أعضببائه‪ ,‬ويبسببط ذلببك الحريببر البيببض‬
‫والمسك الذفر تحت ذقنه‪ ,‬ويفتح له باب إلى الجنببة‪ ,‬فببإن‬
‫نفسه لتعلل عند ذلك بطرف الجنبة تبارة بأزواجهبا‪ ,‬وتبارة‬
‫بكسوتها‪ ,‬ومرة بثمارها كمببا يعلببل الصبببي أهلببه إذا بكببى‪,‬‬
‫قال‪ِ :‬إن أزواجه ليبتهشن عنببد ذلببك ابتهاش بًا‪ ,‬قببال‪ :‬وتبببرز‬
‫الروح‪ ,‬قال البرساني‪ :‬يريد أن تخرج مببن العجببل إلببى مببا‬
‫تحب‪ ,‬قال‪ :‬ويقول ملببك المببوت‪ ,‬اخرجببي يببا أيتهببا الببروح‬

‫‪497‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الطيبة إلى سدر مخضببود‪ ,‬وطلببح منضببود‪ ,‬وظببل ممببدود‪,‬‬
‫وماء مسكوب‪ ,‬قببال‪ :‬ولملببك المببوت أشببد بببه لطفبا ً مببن‬
‫الوالدة بولببدها‪ ,‬يعببرف أن تلببك الببروح حبببيب لربببه‪ ,‬فهببو‬
‫يتلمس بلطفه تحببا ً لديه‪ ,‬رضاء للرب عنببه‪ ,‬فتسببل روحببه‬
‫كما تسل الشعرة من العجين‪ ,‬قال‪ :‬وقال الله عببز وجببل‪:‬‬
‫}الذين تتوفاهم الملئكة طيبببين{‪ ,‬وقببال‪} :‬فأمببا إن كببان‬
‫من المّقربين فروح وريحببان وجنببة نعيببم{ قببال‪ :‬روح مببن‬
‫جهة الموت‪ ,‬وريحان يتلقى بببه‪ ,‬وجنببة نعيببم تقببابله‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫فإذا قبض ملك الموت روحه‪ ,‬قالت الروح للجسببد‪ :‬جببزاك‬
‫الله عني خيرًا‪ ,‬فقد كنت سريعا ً بي إلى طاعة الله‪ ,‬بطيئا ً‬
‫بي عن معصببية اللببه‪ ,‬فقببد نجيببت وأنجيببت‪ ,‬قببال‪ :‬ويقببول‬
‫الجسد للروح مثبل ذلبك‪ ,‬قبال‪ :‬وتبكبي عليبه بقباع الرض‬
‫التي كان يطيع الله فيها‪ ,‬وكل باب من السماء يصعد منببه‬
‫عمله وينزل منه رزقه أربعين ليلة‪ ,‬قال‪ :‬فببإذا قبببض ملببك‬
‫الموت روحه‪ ,‬أقامت الخمسمائة من الملئكة عند جسده‪,‬‬
‫فل يقلبه بنو آدم لشق إل قلبته الملئكببة قبلهببم‪ ,‬وغسببلته‬
‫وكفنته بأكفان قبل أكفببان بنببي آدم‪ ,‬وحنببوط قبببل حنببوط‬
‫بني آدم‪ ,‬ويقوم من باب بيته إلى قبره صفان من الملئكة‬
‫يسببتقبلونه بالسببتغفار‪ ,‬فيصببيح عنببد ذلببك إبليببس صببيحة‬
‫تتصدع منها عظام جسده‪ ,‬قال‪ :‬ويقول لجنوده‪ :‬الويل لكم‬
‫كيف خلص هذا العبد منكم ؟ فيقولون‪ :‬إن هذا كببان عبببدا ً‬
‫معصومًا‪ ,‬قببال‪ :‬فببإذا صببعد ملببك المببوت بروحببه يسببتقبله‬
‫جبريل في سبعين ألفا ً من الملئكة‪ ,‬كل يأتيه ببشارة مببن‬
‫ربه سوى بشارة صبباحبه‪ ,‬قببال‪ :‬فببإذا انتهببى ملببك المببوت‬
‫بروحه إلى العرش‪ ,‬خر الروح ساجدًا‪ ,‬قال‪ :‬يقول الله عببز‬
‫وجل لملك الموت‪ :‬انطلق بروح عبببدي فضببعه فببي سببدر‬
‫مخضود‪ ,‬وطلح منضود وظل ممدود‪ ,‬وماء مسكوب‪ ,‬قال‪:‬‬
‫فإذا وضع في قبره جاءته الصلة فكانت عن يمينه‪ ,‬وجاءه‬
‫الصيام فكان عن يساره‪ ,‬وجاءه القرآن فكان عنببد رأسببه‪,‬‬
‫وجاءه مشيه الى الصلة فكان عند رجليببه‪ ,‬وجبباءه الصبببر‬
‫فكان ناحية القبر‪ ,‬قال‪ :‬فيبعببث اللببه عببز وجببل عنق با ً مببن‬
‫العببذاب‪ ,‬قببالوا‪ :‬فيببأتيه عببن يمينببه‪ ,‬قببال‪ :‬فتقببول الصببلة‬

‫‪498‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لن‬ ‫وراءك‪ :‬والله ما زال دائببا ً عمبره كلبه وإنمبا اسبتراح ا َ‬
‫حين وضع في قبره قال‪ :‬فيأتيه عن يساره فيقول الصببيام‬
‫مثل ذلك‪ ,‬قال‪ :‬ثببم يببأتيه مببن عنببد رأسببه فيقببول القببرآن‬
‫والذكر مثل ذلبك قبال‪ :‬ثبم يببأتيه مبن عنببد رجليبه فيقببول‬
‫مشيه إلى الصلة مثل ذلببك‪ ,‬فل يببأتيه العببذاب مببن ناحيببة‬
‫يلتمس هل يجد إليه مساغا ً إل وجد ولي الله قد أخذ جنته‪,‬‬
‫قال‪ :‬فينقمع العذاب عند ذلك فيخرج‪ ,‬قال‪ :‬ويقول الصبببر‬
‫لسائر العمال أما إنه لم يمنعني أن أباشر أنا بنفسببي‪ ,‬إل‬
‫أني نظرت ما عندكم فإن عجزتم كنت أنا صاحبه‪ ,‬فأما إذا‬
‫أجزأتم عنه فأنببا لببه ذخببر عنببد الصببراط والميببزان‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫ويبعث الله ملكين أبصارهما كالبرق الخبباطف‪ ,‬وأصببواتهما‬
‫كالرعد القاصف‪ ,‬وأنيابهما كالصياصي‪ ,‬وأنفاسهما كاللهب‪,‬‬
‫يطآن في أشببعارهما بيببن منكببب كببل واحببد مسببيرة كببذا‬
‫وكذا‪ ,‬وقد نزعت منهما الرأفة والرحمة‪ ,‬يقال لهمببا منكببر‬
‫ونكير‪ ,‬في يد كببل واحببد منهمببا مطرقببة لببو اجتمببع عليهببا‬
‫ربيعة ومضر لم يقلوها‪ ,‬قال‪ :‬فيقببولن لببه‪ :‬اجلببس‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫فيجلس فيستوي جالسًا‪ ,‬قببال‪ :‬وتقببع أكفببانه فببي حقببويه‪,‬‬
‫قال‪ :‬فيقولن له‪ :‬مببن ربببك‪ ,‬ومادينببك‪ ,‬ومببن نبيببك ؟ قببال‬
‫قالوا‪ :‬يا رسول اللببه ومببن يطيببق الكلم عنببد ذلببك وأنببت‬
‫تصف من الملكيببن مببا تصببف ؟ قببال‪ :‬فقببال رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسببلم‪} :‬يثبببت اللببه الببذين آمنببوا بببالقول‬
‫لخببرة * ويضببل اللببه‬ ‫الثببابت فببي الحيبباة الببدنيا وفببي ا َ‬
‫الظالمين ويفعل اللبه مبا يشباء{ قبال فيقبول‪ :‬رببي اللبه‬
‫وحده ل شريك له‪ ,‬وديني السلم الذي دانت به الملئكببة‪,‬‬
‫ونبيي محمد خاتم النبيين‪ ,‬قال‪ :‬فيقولن له‪ :‬صدقت‪ ,‬قال‪:‬‬
‫فيدفعان القبر فيوسعان من بين يديه أربعين ذراعًا‪ ,‬وعببن‬
‫يمينه أربعين ذراعًا‪ ,‬وعن شماله أربعين ذراعبًا‪ ,‬ومببن عنببد‬
‫رأسه أربعين ذراعًا‪ ,‬ومن عند رجليه أربعيببن ذراع بًا‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫فيوسعان له مائتي ذراع‪ ,‬قال البرساني‪ :‬فأحسبه وأربعين‬
‫ذراعا ً تحاط به‪ ,‬قال‪ :‬ثم يقولن له‪ :‬انظر فوقك‪ ,‬فإذا ببباب‬
‫مفتوح إلى الجنة‪ ,‬قال فيقولن له‪ :‬ولي الله هذا منزلك إذ‬
‫أطعت الله‪ ,‬فقببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪:‬‬

‫‪499‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫»والذي نفس محمد بيده‪ ,‬إنببه يصببل إلببى قلبببه عنببد ذلببك‬
‫فرحة ل ترتد أبدًا« ثم يقال له‪ :‬انظر تحتببك‪ ,‬قببال‪ :‬فينظببر‬
‫تحته فإذا باب مفتوح إلى النار ب قال ب فيقولن‪ :‬ولي اللببه‬
‫نجوت آخر ما عليك ب قال‪ :‬فقببال رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم ب إنه ليصل إلى قلبه عنببد ذلببك فرحببة ل ترتببد‬
‫أبدًا« قال‪ :‬قالت عائشة‪ :‬يفتح له سبعة وسبعون باب با ً إلببى‬
‫الجنببة‪ ,‬يببأتيه ريحهببا وبردهببا حببتى يبعثببه اللببه عببز وجببل‪.‬‬
‫وبالسناد المتقدم إلى النبي صلى الله عليه وسلم قببال‪:‬‬
‫»ويقول الله تعالى لملك الموت‪ :‬انطلق إلى عدوي فأتني‬
‫به‪ ,‬فإني قد بسطت له رزقي‪ ,‬ويسرت لببه نعمببتي‪ ,‬فببأبى‬
‫إل معصيتي فأتني به‪ ,‬لنتقم منه‪ ,‬قال‪ :‬فينطلق إليببه ملببك‬
‫الموت في أكره صورة رآها أحد من النبباس قببط‪ ,‬لببه ثنتببا‬
‫عشر عينبًا‪ ,‬ومعببه سببفود مببن النببار‪ ,‬كببثير الشببوك ومعببه‬
‫خمسمائة من الملئكة معهم نحاس وجمر من جمر جهنم‪,‬‬
‫ومعهم سياط من نار لينهببالين السببياط‪ ,‬وهببي نببار تأجببج‪,‬‬
‫قال‪ :‬فيضربه ملك الموت بذلك السفود ضببربة يغيببب كببل‬
‫أصل شوكة من ذلك السفود في أصل كببل شبعرة وعببرق‬
‫وظفر‪ ,‬قال‪ :‬ثم يلويه ليا ً شببديدًا‪ ,‬قببال‪ :‬فينببزع روحببه مببن‬
‫أظفار قدميه‪ ,‬قال‪ :‬فيلقيها في عقبيه‪ .‬قال‪ :‬فيسببكر عببدو‬
‫اللببه عنببد ذلببك سببكرة فيرفببه ملببك المببوت عنببه‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫وتضرب الملئكة وجهه ودبره بتلك السياط‪ ,‬قال‪ :‬فيشببده‬
‫ملك المببوت شببدة فينببزع روحببه مببن عقبببيه فيلقيهببا فببي‬
‫ركبتيه‪ ,‬ثم يسكر عدو الله عنببد ذلببك سببكرة فيرفببه ملببك‬
‫الموت عنببه‪ ,‬قببال‪ :‬فتضببرب الملئكببة وجهببه ودبببره بتلببك‬
‫دة فينزع روحببه مببن‬ ‫السياط‪ ,‬قال‪ :‬فيشده ملك الموت ش ّ‬
‫ركبتيه فيلقيهببا فببي حقببويه‪ ,‬فيسببكر عببدو اللببه عنببد ذلببك‬
‫سكرة فيرفه ملببك المببوت عنببه‪ ,‬قببال‪ :‬فتضببرب الملئكببة‬
‫وجهه ودبره بتلببك السببياط‪ ,‬قببال كببذلك‪ :‬إلببى صببدره ثببم‬
‫كذلك إلى حلقه‪ ,‬قال‪ :‬ثببم تبسببط الملئكببة ذلببك النحبباس‬
‫وجمر جهنم تحت ذقنه‪ ,‬قال‪ :‬ويقول ملك الموت‪ :‬اخرجببي‬
‫أيتها الروح اللعينة إلى سموم وحميم وظل مببن يحمببوم ل‬
‫بارد ول كريم ب قال‪ :‬فإذا قبض ملببك المببوت روحببه‪ ,‬قببال‬

‫‪500‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الروح للجسد‪ :‬جزاك الله عني شرا ً فقد كنببت سببريعا ً بببي‬
‫إلى معصية الله‪ ,‬بطيئا ً بببي عببن طاعببة اللببه‪ ,‬فقببد هلكببت‬
‫وأهلكت ب قال ب ويقول الجسببد للببروح مثببل ذلببك‪ ,‬وتلعنببه‬
‫بقاع الرض التي كببان يعصببي اللببه عليهببا‪ ,‬وتنطلببق جنببود‬
‫إبليس إليه فيبشرونه بأنهم قببد أوردوا عبببدا ً مببن ولببد آدم‬
‫النار‪ ,‬قال‪ :‬فببإذا وضببع فببي قبببره ضببيق عليببه قبببره حببتى‬
‫تختلف أضلعه حتى تدخل اليمنى في اليسببرى واليسببرى‬
‫في اليمنى‪ ,‬قال‪ :‬ويبعببث اللببه إليببه أفبباعي دهم با ً كأعنبباق‬
‫البل‪ ,‬يأخذن بأرنبته وإبهامي قدميه فيقرضنه حتى يلتقيببن‬
‫في وسطه‪ ,‬قببال‪ :‬ويبعببث اللببه ملكيببن أبصببارهما كببالبرق‬
‫الخاطف‪ ,‬وأصواتهما كالرعد القاصف وأنيابهما كالصياصي‬
‫وأنفاسهما كاللهب يطآن فببي أشببعارهما بيببن منكبببي كببل‬
‫واحد منهما مسببيرة كببذا وكببذا‪ ,‬قببد نزعببت منهمببا الرأفببة‬
‫والرحمة‪ ,‬يقال لهما منكر ونكير‪ ,‬في يببد كببل واحببد منهمببا‬
‫مطرقببة لبو اجتمببع عليهببا ربيعبة ومضببر لبم يقلوهببا‪ ,‬قببال‬
‫فيقولن له اجلس فيستوي جالسا ً وتقع أكفانه في حقويه‪,‬‬
‫قال فيقولن له‪ :‬من ربك‪ ,‬وما دينك‪ ,‬ومن نبيك ؟ فيقببول‪:‬‬
‫ل أدري‪ ,‬فيقولن له‪ :‬ل دريببت ول تليببت‪ ,‬فيضببربانه ضببربة‬
‫يتطاير شررها في قبره ثم يعودان‪ ,‬قبال‪ :‬فيقببولن‪ :‬انظببر‬
‫فوقك فينظر‪ ,‬فإذا باب مفتوح من الجنببة‪ ,‬فيقببولن‪ :‬عببدو‬
‫الله هذا منزلك لو أطعت الله‪ .‬قال رسول الله صلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪» :‬والذي نفسي بيده إنه ليصل إلى قلبببه عنببد‬
‫ذلك حسرة ل ترتد أبدًا«‪ .‬ب قال ب ويقولن له‪ :‬انظر تحتببك‬
‫فينظر تحته فإذا باب مفتوح إلى النار ب فيقولن لببه‪ :‬عببدو‬
‫الله هذا منزلك إذ عصيت الله‪ ,‬قال رسول الله صلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪» :‬والذي نفسي بيده إنه ليصل إلى قلبببه عنببد‬
‫ذلك حسرة ل ترتد أبدًا« قال‪ :‬وقببالت عائشببة‪ :‬ويفتببح لببه‬
‫سبعة وسبعون بابا ً إلى النببار يببأتيه حرهببا وسببمومها حببتى‬
‫يبعثه الله إليها‪ .‬هببذا حببديث غريببب جببدًا‪ ,‬وسببياق عجيببب‪,‬‬
‫ويزيد الرقاشي راويه عن أنس له غرائب ومنكببرات‪ ,‬وهببو‬
‫ضعيف الرواية عند الئمة‪ ,‬والله أعلم‪ ,‬ولهذا قال أبو داود‪:‬‬
‫حدثنا إبراهيم بببن موسببى الببرازي‪ ,‬حببدثنا هشببام هببو ابببن‬

‫‪501‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يوسف عن عبد الله بن بحير عن هانى مولى عثمان‪ ,‬عببن‬
‫عثمان رضي الله عنه قببال‪ :‬كببان النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسببلم إذا فببرغ مببن دفببن الرجببل وقببف عليببه وقببال‬
‫لن يسببأل«‬ ‫»استغفروا لخيكم واسألوا لببه التثبببيت فببإنه ا َ‬
‫تفرد به أبو داود‪ ,‬وقد أورد الحافظ أبو بكر بن مردويه عند‬
‫قوله تعالى‪} :‬ولو ترى إذ الظببالمون فببي غمببرات المببوت‬
‫ليببة‪ ,‬حببديثا ً مطببول ً جببدا ً مببن‬
‫والملئكة باسطوا أيببديهم{ ا َ‬
‫طرق غريبة عن الضحاك عن ابببن عببباس مرفوع بًا‪ ,‬وفيببه‬
‫غبببببببببببببببببببببببببببببببرائب أيضبببببببببببببببببببببببببببببببًا‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫حل ّببوا ْ قَ بوْ َ‬
‫مه ُ ْ‬ ‫ة الل ّهِ ك ُْفببرا ً وَأ َ‬ ‫م َ‬‫ن ب َد ُّلوا ْ ن ِعْ َ‬
‫ذي َ‬ ‫م ت ََر إ َِلى ال ّ ِ‬ ‫** أل َ ْ‬
‫جعَل ُببوا ْ لّلب ِ‬
‫ه‬ ‫س ال َْقبَراُر * وَ َ‬ ‫صبل َوْن ََها وَب ِئ ْ َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫جهَن ّب َ‬‫وارِ * َ‬ ‫داَر ال ْب َ َ‬
‫َ‬
‫م إ َِلى الّناِر‬ ‫َ‬
‫صيَرك ُ ْ‬‫م ِ‬ ‫ن َ‬‫مت ُّعوا ْ فَإ ِ ّ‬
‫ل تَ َ‬‫سِبيل ِهِ قُ ْ‬ ‫عن َ‬ ‫ضّلوا ْ َ‬
‫دادا ً ل ّي ُ ِ‬ ‫أن َ‬
‫قال البخاري‪ :‬قوله }ألم تر إلى الذين بدلوا نعمببت اللببه‬
‫كفرًا{ ألم تعلم‪ ,‬كقوله‪} :‬ألم تر كيف{ }ألم تر إلى الذين‬
‫خرجببوا{ البببوار الهلك‪ ,‬بببار يبببور بببورًا‪} ,‬وقومببا ً بببورًا{‬
‫هالكين‪ .‬حدثنا علي بن عبد الله‪ ,‬حدثنا سفيان عببن عمببرو‬
‫عن عطاء‪ .‬سمع ابن عباس }ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة‬
‫الله كفرًا{ قال‪ :‬هم كفار أهل مكة‪ ,‬وقال العوفي عن ابن‬
‫لية‪ ,‬هو جبلة بن اليهم والذين اتبعوه من‬ ‫عباس في هذه ا َ‬
‫العرب فلحقوا بالروم‪ ,‬والمشهور الصحيح عن ابن عببباس‬
‫هو القول الول‪ :‬وإن كان المعنى يعم جميببع الكفببار‪ ,‬فببإن‬
‫اللببه تعببالى بعببث محمببدا ً صببلى اللببه عليببه وسببلم رحمببة‬
‫للعالمين ونعمة للنبباس‪ ,‬فمببن قبلهببا وقببام بشببكرها دخببل‬
‫الجنة‪ ,‬ومن ردها وكفرها دخل النببار‪ ,‬وقببد روي عببن علببي‬
‫نحبببببببببببو قبببببببببببول اببببببببببببن عبببببببببببباس الول‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا مسلم بن إبراهيم‪,‬‬
‫حدثنا شعبة عن القاسم بن أبي بزة‪ ,‬عن أبببي الطفيببل أن‬
‫ابن الكواء سأل عليا ً عببن }الببذين بببدلوا نعمببة اللبه كفببرا ً‬
‫وأحلوا قومهم دار البوار{ قال‪ :‬هم كفار قريش يببوم بببدر‪,‬‬
‫حدثنا المنذر بن شاذان‪ ,‬حدثنا يعلى بن عبيد‪ ,‬حبدثنا بسبام‬

‫‪502‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هو الصيرفي عن أبي الطفيل قببال‪ :‬جبباء رجببل إلببى علببي‬
‫فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين من الذين بببدلوا نعمببة اللببه كفببرًا‪,‬‬
‫وأحلوا قومهم دار البوار ؟ قال‪ :‬منافقو قريش وقببال ابببن‬
‫أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حببدثنا ابببن نفيببل قببال‪ :‬قببرأت علببى‬
‫معقل عن ابن أبي حسين قال‪ :‬قام علي بببن أبببي طببالب‬
‫رضي الله عنه فقال‪ :‬أل أحد يسألني عن القببرآن‪ ,‬فببوالله‬
‫لو أعلم اليوم أحدا ً أعلم به مني وإن كان من وراء البحببار‬
‫لتيته‪ ,‬فقام عبد الله بببن الكببواء فقببال‪ :‬مببن الببذين بببدلوا‬
‫نعمة الله كفرا ً وأحلوا قبومهم دار الببوار ؟ قبال‪ :‬مشبركو‬
‫قريش أتتهم نعمببة اللببه اليمببان فبببدلوا نعمببة اللببه كفببرا ً‬
‫وأحلببببببببببببببببوا قببببببببببببببببومهم دار البببببببببببببببببوار‪.‬‬
‫وقال السدي في قوله‪} :‬ألم تر إلببى الببذين بببدلوا نعمببة‬
‫لية‪ ,‬ذكببر مسببلم المسببتوفى‪ ,‬عببن علببي أنببه‬ ‫الله كفرًا{ ا َ‬
‫قال‪ :‬هم الفجران من قريش‪ :‬بنو أمية وبنو المغيرة‪ ,‬فأما‬
‫بنو المغيرة‪ ,‬فأحلوا قومهم دار البببوار يببوم بببدر‪ ,‬وأمببا بنببو‬
‫أمية فأحلوا قومهم دار البوار يوم أحد‪ ,‬وكان أبو جهل يوم‬
‫بدر‪ ,‬وأبو سبفيان يببوم أحببد‪ ,‬وأمببا دار البببوار فهببي جهنببم‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم رحمه الله‪ :‬حببدثنا محمببد بببن يحيببى‪,‬‬
‫حدثنا الحارث أبو منصور‪ ,‬عن إسرائيل عببن أبببي إسببحاق‪,‬‬
‫ليببة‬‫عببن عمببرو بببن مببرة قببال‪ :‬سببمعت علي با ً قببرأ هببذه ا َ‬
‫}وأحلببوا قببومهم دار البببوار{ قببال‪ :‬هببم الفجببران مببن‬
‫قريش‪ :‬بنو أمية‪ ,‬وبنو المغيرة‪ ,‬فأما بنبو المغيبرة فبأهلكوا‬
‫يوم بدر‪ ,‬وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين‪ ,‬ورواه أبو إسببحاق‬
‫عن عمرو بن مرة عن علي‪ ,‬نحببوه‪ ,‬وروي مببن غيببر وجببه‬
‫عنه‪ .‬وقال سفيان الثوري عن علي بن زيد عن يوسف بن‬
‫سعد‪ ,‬عن عمر بن الخطاب في قوله‪} :‬ألم تر إلى الببذين‬
‫بدلوا نعمة الله كفرًا{ قال‪ :‬هم الفجران من قريببش‪ :‬بنببو‬
‫المغيرة‪ ,‬وبنو أمية‪ ,‬فأما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بببدر‪,‬‬
‫وأما بنو أمية فمتعوا إلى حيببن‪ ,‬وكببذا رواه حمببزة الزيببات‬
‫عببن عمببرو بببن مببرة قببال‪ :‬قببال ابببن عببباس لعمببر بببن‬
‫لية }ألببم تببر إلببى الببذين‬ ‫الخطاب‪ :‬يا أمير المؤمنين هذه ا َ‬
‫بدلوا نعمة الله كفرا ً وأحلوا قومهم دار البوار{ ؟ قال‪ :‬هم‬

‫‪503‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الفجببران مببن قريببش‪ :‬أخببوالي وأعمامببك‪ ,‬فأمببا أخببوالي‬
‫فاستأصلهم الله يوم بدر‪ ,‬وأما أعمامببك فببأملى اللببه لهببم‬
‫إلى حين‪ ,‬وقال مجاهد وسعيد بن جبببير والضببحاك وقتببادة‬
‫وابن زيد هم كفار قريش الذين قتلوا يوم بببدر‪ ,‬وكببذا رواه‬
‫مالبببك فبببي تفسبببيره عبببن نبببافع عبببن اببببن عمبببر‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وجعلوا لله أندادا ً ليضلوا عن سبيله{ أي جعلببوا‬
‫له شركاء عبدوهم معه‪ ,‬ودعوا الناس إلببى ذلببك‪ ,‬ثببم قببال‬
‫تعالى مهددا ً لهم ومتوعدا ً لهم على لسان نبيه صببلى اللببه‬
‫عليه وسببلم‪} :‬قببل تمتعببوا فببإن مصببيركم إلببى النببار{ أي‬
‫مهما قدرتم عليه في الدنيا فافعلوا‪ ,‬فمهما يكن من شيء‬
‫}فإن مصيركم إلى النار{ أي مرجعكم وموئلكم إلينا كمببا‬
‫قببال تعببالى‪} :‬نمتعهببم قليل ً ثببم نضببطرهم إلببى عببذاب‬
‫غليظ{‪ ,‬وقال تعالى‪} :‬متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم‬
‫نببببذيقهم العببببذاب الشببببديد بمببببا كببببانوا يكفببببرون{‪.‬‬

‫مببا‬ ‫ص بل َةَ وَي ُن ِْفُقببوا ْ ِ‬


‫م ّ‬ ‫مببو ْا ْ ال ّ‬‫من ُببوا ْ ي ُِقي ُ‬
‫نآ َ‬‫ذي َ‬ ‫** ُقل ل ّعِب َببادِيَ ال ّب ِ‬
‫م ل ّ ب َي ْبعٌ ِفي بهِ وَل َ‬ ‫ة من قَب َ‬ ‫سّرا ً وَ َ‬
‫ي ي َوْ ٌ‬
‫ل أن ي َأت ِ َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫علن ِي َ ً ّ‬ ‫م ِ‬ ‫َرَزقَْناهُ ْ‬
‫ل‬‫خل َ ٌ‬‫ِ‬
‫يقول تعالى آمرا ً عباده بطاعته والقيام بحقه والحسببان‬
‫إلى خلقه بأن يقيمببوا الصببلة‪ ,‬وهببي عبببادة اللببه وحببده ل‬
‫شببريك لببه‪ ,‬وأن ينفقببوا ممببا رزقهببم اللببه بببأداء الزكببوات‬
‫والنفقة على القراببات والحسبان إلبى الجبانب‪ ,‬والمبراد‬
‫بإقامتهببا هببو المحافظببة علببى وقتهببا وحببدودها وركوعهببا‬
‫وخشوعها وسجودها‪ ,‬وأمر تعببالى بالنفبباق ممببا رزق فببي‬
‫السر أي في الخفية والعلنية وهي الجهببر‪ ,‬وليبببادروا إلببى‬
‫ذلك لخلص أنفسهم }من قبببل أن يببأتي يببوم{ وهببو يببوم‬
‫القيامة }لبيع فيه ول وخلل{ أي ول يقبل مبن أحبد فديبة‬
‫بأن تباع نفسه‪ ,‬كما قببال تعببالى‪} :‬فبباليوم ل يؤخببذ منكببم‬
‫فدية ول من الذين كفببروا{ وقببوله‪} :‬ول خلل{ قببال ابببن‬
‫جريببر‪ :‬يقببول ليببس هنبباك مخالببة خليببل فيصببفح عمببن‬
‫استوجب العقوبة عن العقاب لمخالفته‪ ,‬بببل هنبباك العببدل‬

‫‪504‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والقسط‪ ,‬والخلل مصدر من قول القائل‪ :‬خاللت فلنا ً فأنا‬
‫ل‪ ,‬ومنبببه قبببول امرىبببء القيبببس‪:‬‬ ‫أخببباله مخالبببة وخل ً‬
‫رفببببببت الهببببببوى عنهببببببن مببببببن خشببببببية الببببببردى‬
‫ولسبببببببببببببت بمقبببببببببببببل للخلل ول قبببببببببببببالي‬
‫وقال قتادة‪ :‬إن الله قد علم أن فببي الببدنيا بيوع با ً وخلل ً‬
‫يتخببالون بهببا فببي الببدنيا‪ ,‬فينظببر رجببل مببن يخالببل وعلم‬
‫يصبباحب‪ ,‬فببإن كببان للببه فليببداوم‪ ,‬وإن كببان لغيببر اللببه‬
‫فسيقطع عنه‪ ,‬قلت‪ :‬والمراد من هذا أنه يخبر تعالى أنه ل‬
‫ينفع أحدا ً بيع ول فدية‪ ,‬ولببو افتببدى بملببء الرض ذهببا ً لببو‬
‫وجده‪ ,‬ول تنفعه صداقة أحد ول شفاعة أحد إذا لقببي اللببه‬
‫كافرًا‪ ,‬قال الله تعالى‪} :‬واتقوا يوم با ً ل تجببزي نفببس عببن‬
‫نفس شيئا ً ول يقبل منها عببدل ول تنفعهببا شببفاعة ول هببم‬
‫ينصرون{ وقال تعالى‪} :‬يا أيهببا الببذين آمنببوا أنفقببوا ممببا‬
‫رزقنبباكم مببن قبببل أن يببأتي يببوم ل بيببع فيببه ول خلببة ول‬
‫شببببببببفاعة والكببببببببافرون هببببببببم الظببببببببالمون{‪.‬‬

‫مآءِ‬ ‫سبب َ‬‫ن ال ّ‬ ‫مبب َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ض وََأنَز َ‬ ‫ت َوالْر َ‬ ‫ماَوا ِ‬‫س َ‬‫خل َقَ ال ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬‫** الل ّ ُ‬
‫م ال ُْفل ْب َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫خَر ل َك ُب ُ‬ ‫سب ّ‬
‫م وَ َ‬ ‫ت رِْزقا ً ل ّك ُب ْ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫ن الث ّ َ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ج ب ِهِ ِ‬ ‫مآًء فَأ ْ‬
‫خَر َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫خر ل َك ُب ُ‬
‫م‬ ‫سب ّ‬ ‫م الن َْهاَر * وَ َ‬ ‫خَر ل َك ُ ُ‬ ‫س ّ‬ ‫مرِهِ وَ َ‬ ‫حرِ ب ِأ ْ‬ ‫جرِيَ ِفي ال ْب َ ْ‬ ‫ل ِت َ ْ‬
‫كم‬ ‫ل َوالن َّهاَر * َوآَتا ُ‬ ‫م ال ْل ّي ْ َ‬ ‫خَر ل َك ُ ُ‬ ‫س ّ‬ ‫ن وَ َ‬‫دآئ َِبي َ‬ ‫مَر َ‬ ‫س َوال َْق َ‬ ‫م َ‬ ‫ش ْ‬‫ال ّ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ها إ ِ ّ‬‫صببو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ة الل ّبهِ ل َ ت ُ ْ‬ ‫مب َ‬ ‫دوا ْ ن ِعْ َ‬ ‫موهُ وَِإن ت َعُب ّ‬ ‫سبأل ْت ُ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ل َ‬‫من ك ُ ّ‬ ‫ّ‬
‫م ك َّفببببببببببببببببباٌر‬ ‫ن ل َظ َُلبببببببببببببببببو ٌ‬ ‫سبببببببببببببببببا َ‬ ‫الن ْ َ‬
‫يعدد تعالى نعمه علببى خلقببه بببأن خلببق لهببم السببموات‬
‫سقفا ً محفوظبا ً والرض فرشبا ً }وأنببزل مببن السببماء مبباء‬
‫فأخرجنا به أزواجا ً من نبببات شببتى{ مببا بيببن ثمببار وزروع‬
‫مختلفببة اللببوان والشببكال والطعببوم والببروائح والمنببافع‪.‬‬
‫وسخر الفلك بأن جعلها طافية على تيار ماء البحببر تجببري‬
‫عليببه بببأمر اللببه تعببالى‪ ,‬وسببخر البحببر لحملهببا ليقطببع‬
‫المسافرون بها من إقليم إلى إقليم آخر لجلب ما هنا إلببى‬
‫هناك‪ ,‬وما هناك إلى هنا‪ ,‬وسخر النهببار تشببق الرض مببن‬
‫قطر إلى قطر رزقا ً للعباد من شرب وسببقي‪ ,‬وغيببر ذلببك‬

‫‪505‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من أنواع المنافع }وسخر لكم الشببمس والقمببر دائبيببن{‬
‫أي يسيران ل يفتران ليل ً ول نهارا ً }ل الشمس ينبغببي لهببا‬
‫أن تببدرك القمببر ول الليببل سببابق النهببار وكببل فببي فلببك‬
‫يسبحون{ }يغشببي الليببل النهببار يطلبببه حثيث با ً والشببمس‬
‫والقمببر والنجببوم مسببخرات بببأمره أل لببه الخلببق والمببر‪,‬‬
‫تبببارك اللببه رب العببالمين{ فالشببمس والقمببر يتعاقبببان‪,‬‬
‫والليل والنهار يتعارضان‪ ,‬فتارة يأخذ هذا من هذا فيطببول‪,‬‬
‫لخببر مببن هبذا فيقصبر }يولبج الليببل فبي النهببار‬ ‫ثم يأخذ ا َ‬
‫ويولج النهار في الليل‪ .‬وسخر الشمس والقمر كل يجببري‬
‫لجبببببببل مسبببببببمى أل هبببببببو العزيبببببببز الغفبببببببار{‪.‬‬
‫وقوله }وآتاكم من كل ما سألتموه{ يقببول هيببأ لكببم مببا‬
‫تحتاجون إليه فببي جميببع أحببوالكم ممببا تسببألونه بحببالكم‪.‬‬
‫وقال بعض السلف‪ :‬من كل ما سألتموه ومبا لبم تسبألوه‪,‬‬
‫وقرأ بعضهم }وآتاكم من كل مببا سببألتموه{ وقببوله }وإن‬
‫تعدوانعمة الله ل تحصوها{ يخبببر تعببالى عببن عجببز العببباد‬
‫عن تعداد النعم فضل ً عن القيام بشكرها‪ ,‬كمببا قببال طلببق‬
‫بن حبيب رحمه الله‪ :‬إن حق اللببه أثقببل مببن أن يقببوم بببه‬
‫العباد‪ ,‬وإن نعبم اللبه أكبثر مببن أن يحصبيها العبباد‪ ,‬ولكبن‬
‫أصبحوا تائبين‪ .‬وأمسببوا تببائبين‪ ,‬وفببي صببحيح البخبباري أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقببول‪» :‬اللهببم لببك‬
‫الحمببد غيببر مكفببي ول مببودع ول مسببتغنى عنببه ربنببا«‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده‪ :‬حدثنا إسماعيل‬
‫بن أبي الحارث‪ ,‬حدثنا داود بن المحبر حدثنا صالح المببري‬
‫عن جعفر بن زيد العبدي‪ ,‬عن أنس عن النبببي صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم أنه قال‪» :‬يخببرج لبببن آدم يببوم القيامببة ثلثببة‬
‫دواويبن‪ :‬ديبوان فيبه العمبل الصبالح‪ ,‬وديبوان فيبه ذنبوبه‪,‬‬
‫وديوان فيه النعم من الله تعالى عليه‪ ,‬فيقببول اللببه تعببالى‬
‫لصغر نعمه ب أحسبه قال في ديوان النعببم ب ب خببذي ثمنببك‬
‫من عمله الصالح فتستوعب عمله الصالح كلببه‪ ,‬ثببم تنحببى‬
‫وتقول‪ :‬وعزتك ما استوفيت وتبقى الببذنوب والنعببم‪ ,‬فببإذا‬
‫أراد الله أن يرحمه قال‪ :‬يا عبدي قد ضاعفت لك حسناتك‬
‫وتجاوزت لك عن سيئاتك ب أحسبه قال‪ :‬ووهبت لك نعمببي‬

‫‪506‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ب« غريب وسنده ضعيف‪ .‬وقد روي في الثر أن داود عليببه‬
‫السلم قال‪ :‬يا رب كيف أشكرك وشكري لبك نعمببة منببك‬
‫لن شببكرتني يببا داود‪ ,‬أي حيببن‬ ‫ي ؟ فقال الله تعببالى‪ :‬ا َ‬ ‫عل ّ‬
‫اعببترفت بالتقصببير عببن أداء شببكر المنعببم‪ ,‬وقببال المببام‬
‫الشافعي رحمه الله‪ :‬الحمد لله الذي ل يؤدى شببكر نعمببة‬
‫من نعمه إل بنعمة حادثة توجب علببى مؤديهببا شببكره بهببا‪,‬‬
‫وقبببببببببببببال القبببببببببببببائل فبببببببببببببي ذلبببببببببببببك‪:‬‬
‫لو كل جارحة مني لها لغةتثني عليك بما أوليت من حسببن‬
‫لكان ما زاد شكري إذ شكرت بهإليببك أبلببغ فببي الحسببان‬
‫والمنببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببن‬
‫(‬

‫منبا ً َوا ْ‬
‫جن ُب ْن ِببي‬ ‫ذا ال ْب َل َبد َ آ ِ‬
‫هـب َ‬
‫ل َ‬ ‫جع َب ْ‬‫با ْ‬ ‫م َر ّ‬‫هيب ُ‬‫ل إ ِب َْرا ِ‬‫** وَإ ِذ ْ قَببا َ‬
‫وبن ِي َأن نعبد الصنام * رب إنه َ‬
‫س‬
‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬‫ن ك َِثيرا ً ّ‬ ‫ضل َل ْ َ‬‫نأ ْ‬ ‫َ ّ ِّ ُ ّ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ُّْ َ‬ ‫ََ ّ‬
‫م‬
‫حي ب ٌ‬ ‫ك غَُفببوٌر ّر ِ‬ ‫صبباِني فَإ ِن ّب َ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫مب ْ‬‫من ّببي وَ َ‬
‫ه ِ‬ ‫من ت َب ِعَِني فَبإ ِن ّ ُ‬ ‫فَ َ‬
‫يذكر تعالى في هذا المقام محتجا ً على مشركي العببرب‬
‫بأن البلد الحرام بمكة إنما وضببعت أول مببا وضببعت علببى‬
‫عبادة الله وحببده ل شببريك لببه‪ ,‬وأن إبراهيببم الببذي كببانت‬
‫عامرة بسببه آهلة تبرأ ممن عبد غير الله‪ ,‬وأنه دعببا لمكببة‬
‫بالمن فقال‪} :‬رب اجعل هببذا البلببد آمنبًا{ وقببد اسببتجاب‬
‫الله له فقال تعببالى‪} :‬أو لببم يببروا أنببا جعلنببا حرمبا ً آمنبًا{‬
‫لية‪ ,‬وقال تعالى‪} :‬إن أّول بيت وضع للنبباس للببذي ببكببة‬ ‫ا َ‬
‫مباركا ً وهدى للعببالمين * فيببه آيببات بينببات مقببام إبراهيببم‬
‫ومن دخله كان آمنًا{ وقال فببي هببذه القصببة }رب اجعببل‬
‫هذا البلد آمنًا{ فعرفه لنه دعا به بعببد بنائهببا‪ ,‬ولهببذا قببال‪:‬‬
‫}الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق{‬
‫ومعلوم أن إسماعيل أكبر من إسحاق بثلث عشرة سببنة‪,‬‬
‫فأما حين ذهب بإسماعيل وأمه وهو رضيع إلى مكان مكببة‬
‫فإنه دعببا أيضبا ً فقببال‪} :‬رب اجعببل هببذا البلببد آمنبًا{ كمببا‬
‫ذكرنبباه هنالببك فببي سببورة البقببرة مستقصببى مطببوّ ً‬
‫ل‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬واجنبني وبني أن نعبد الصنام{ ينبغي لكبل داع‬
‫أن يببدعو لنفسببه ولوالببديه ولببذريته‪ ,‬ثببم ذكببر أنببه افتتببن‬

‫‪507‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بالصببنام خلئق مببن النبباس‪ ,‬وأنببه تبببرأ ممببن عبببدها ورد‬
‫أمرهم إلى الله إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهببم‪ ,‬كقببول‬
‫عيسى عليه السلم }إن تعذبهم فببإنهم عبببادك وإن تغفببر‬
‫لهم فإنك أنت العزيز الحكيم{ وليس فيببه أكببثر مببن الببرد‬
‫إلى مشيئة الله تعالى ل تجويز وقوع ذلك‪ .‬وقال عبد اللببه‬
‫بن وهب‪ :‬حدثنا عمرو بن الحارث أن بكر بن سوادة حبدثه‬
‫عن عبد الرحمن بببن جريببر‪ ,‬عببن عبببد اللببه بببن عمببرو أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسببلم تل قببول إبراهيببم عليببه‬
‫السلم }رب إنهن أضللن كثيرا ً من النبباس{ ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬وقببول‬
‫عيسى عليه السلم }إن تعذبهم فإنهم عببادك{ ا َ‬
‫ليبة‪ ,‬ثبم‬
‫رفع يديه ثم قال‪» :‬اللهم‪ ,‬أمتي‪ ,‬اللهم أمتي‪ ,‬اللهم أمتي«‬
‫وبكى فقال الله‪ :‬اذهب يا جبريل إلى محمد‪ ,‬وربببك أعلببم‪,‬‬
‫وسببله مببا يبكيببك ؟ فأتبباه جبريببل عليببه السببلم فسببأله‪,‬‬
‫فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسبلم مببا قببال‪ ,‬فقببال‬
‫الله‪ :‬اذهب إلى محمد فقل له‪ :‬إنا سنرضيك في أمتببك ول‬
‫نسببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببوءك‪.‬‬

‫عند َ ب َي ْت ِب َ‬
‫وادٍ غَي ْرِ ِذي َزْرٍع ِ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫من ذ ُّري ِّتي ب ِ َ‬ ‫ت ِ‬ ‫كن ُ‬ ‫يأ ْ‬ ‫** ّرب َّنآ إ ِن ّ َ‬
‫َ‬
‫ي‬
‫س ت َهْ بوِ َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫ل أفْئ ِد َةً ّ‬
‫م َ‬ ‫جع َ ْ‬ ‫صل َةَ َفا ْ‬ ‫موا ْ ال ّ‬ ‫حّرم ِ َرب َّنا ل ِي ُِقي ُ‬ ‫م َ‬‫ال ْ ُ‬
‫شببببك ُُرو َ‬
‫ن‬ ‫ت ل َعَل ّهُبببب ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫مببببَرا ِ‬ ‫ن الث ّ َ‬‫مبببب َ‬‫م ّ‬ ‫م َواْرُزقْهُبببب ْ‬ ‫إ ِل َي ْهِبببب ْ‬
‫وهذا يدل على أن هذا دعاء ثان بعد الببدعاء الول الببذي‬
‫دعا به عندما ولى عن هاجر وولدها‪ ,‬وذلك قبل بناء البيت‪,‬‬
‫وهذا كان بعد بنائه تأكيدا ً ورغبة إلى الله عز وجببل‪ ,‬ولهببذا‬
‫قال‪} :‬عند بيتك المحّرم{‪ .‬وقوله‪} :‬ربنا ليقيمببوا الصببلة{‬
‫قال ابن جرير‪ :‬هو متعلق بقوله }المحّرم{ أي إنما جعلتببه‬
‫محرما ً ليتمكن أهله من إقامة الصلة عنده }فاجعل أفئدة‬
‫من الناس تهوي إليهم{ قال ابببن عببباس ومجاهببد وسببعيد‬
‫بن جبير وغيره‪ :‬لو قال أفئدة الناس لزدحم عليببه فببارس‬
‫والروم واليهود والنصارى والناس كلهم‪ ,‬ولكن قال‪} :‬مببن‬
‫النبباس{ فبباختص بببه المسببلمون وقببوله‪} :‬وارزقهببم مببن‬
‫الثمرات{ أي ليكون ذلك عونا ً لهم على طاعتك‪ ,‬وكما أنبه‬

‫‪508‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫واد غير ذي زرع فاجعل له ثمببارا ً يأكلونهببا‪ ,‬وقببد اسببتجاب‬
‫الله ذلك كما قال‪} :‬أو لم نمكن لهم حرما ً آمنا ً يجبى إليببه‬
‫ثمرات كل شيء رزقا ً من لببدنا{ وهببذا مببن لطفببه تعببالى‬
‫وكرمه ورحمته وبركته أنببه ليببس فببي البلببد الحببرام مكببة‬
‫شجرة مثمرة وهي تجبى إليها ثمرات مببا حولهببا اسببتجابة‬
‫لبببببببببببدعاء الخليبببببببببببل عليبببببببببببه السبببببببببببلم‪.‬‬

‫ى عَل َببى الل ّب ِ‬


‫ه‬ ‫خَفب َ‬ ‫ما ي َ ْ‬
‫ن وَ َ‬ ‫ما ن ُعْل ِ ُ‬
‫خِفي وَ َ‬ ‫ما ن ُ ْ‬‫م َ‬ ‫ك ت َعْل َ ُ‬
‫** َرب َّنآ إ ِن ّ َ‬
‫ذي‬ ‫مبد ُ لّلبهِ اّلب ِ‬ ‫ح ْ‬‫مآِء * ال ْ َ‬ ‫سب َ‬‫ض وَل َ ِفي ال ّ‬ ‫يٍء َفي الْر ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫من َ‬ ‫ِ‬
‫ع‬
‫مي ُ‬ ‫سب ِ‬ ‫ن َرب ّببي ل َ َ‬ ‫حاقَ إ ِ ّ‬ ‫سب َ‬ ‫ل وَإ ِ ْ‬ ‫عي َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ب ِلي عََلى ال ْك ِب َرِ إ ِ ْ‬
‫سب َ‬ ‫وَهَ َ‬
‫ل‬ ‫من ذ ُّري َِتي َرب َّنا وَت ََقب ّ ْ‬ ‫صل َةِ وَ ِ‬ ‫م ال ّ‬ ‫مِقي َ‬‫جعَل ِْني ُ‬ ‫با ْ‬ ‫عآِء * َر ّ‬ ‫الد ّ َ‬
‫م‬‫م ي َُقببو ُ‬ ‫ن ي َبوْ َ‬
‫مِني َ‬ ‫وال ِبد َيّ وَل ِل ْ ُ‬
‫م بؤ ْ ِ‬ ‫د ُعَببآِء * َرب ّن َببا اغِْف بْر ل ِببي وَل ِ َ‬
‫ب‬‫سببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫قال ابن جرير‪ :‬يقول تعالى مخبرا ً عن إبراهيم خليله أنببه‬
‫قال‪} :‬ربنا إنك تعلم ما نخفببي ومببا نعلببن{ أي أنببت تعلببم‬
‫قصدي في دعائي‪ ,‬وما أردت بدعائي لهل هذا البلد‪ ,‬وإنما‬
‫هو القصد إلى رضباك والخلص لبك‪ ,‬فإنبك تعلبم الشبياء‬
‫كلهببا ظاهرهببا وباطنهببا‪ ,‬ل يخفببى عليببك منهببا شببيء فببي‬
‫الرض ول في السماء‪ ,‬ثببم حمببد ربببه عببز وجببل علببى مببا‬
‫رزقه من الولد بعد الكبر‪ ,‬فقال‪} :‬الحمد للببه الببذي وهببب‬
‫لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الببدعاء{‬
‫أي إنه يستجيب لمن دعاه‪ ,‬وقد استجاب لببي فيمببا سببألته‬
‫مببن الولببد‪ ,‬ثببم قببال‪} :‬رب اجعلنببي مقيببم الصببلة{ أي‬
‫محافظا ً عليها مقيما ً لحدودها }ومن ذّريتي{ أي واجعلهببم‬
‫كذلك مقيمين لها }ربنا وتقبل دعاء{ أي فيما سبألتك فيبه‬
‫كلببه }ربنببا اغفببر لببي ولوالببدي{ وقببرأ بعضببهم‪ :‬ولوالببدي‬
‫بالفراد وكان هذا قبل أن يتبرأ من أبيه لما تبين له عداوته‬
‫للبببه عبببز وجبببل }وللمبببؤمنين{ أي كلهبببم }يبببوم يقبببوم‬
‫الحساب{ أي يوم تحاسب عبادك فتجببازيهم بأعمببالهم إن‬
‫خيبببببببببببرا ً فخيبببببببببببر وإن شبببببببببببرا ً فشبببببببببببر‪.‬‬

‫‪509‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مببا‬
‫ن إ ِن ّ َ‬
‫مو َ‬ ‫ل ال ّ‬
‫ظببال ِ ُ‬ ‫مبب ُ‬
‫مببا ي َعْ َ‬‫غببافِل ً عَ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الّلبب َ‬ ‫سببب َ ّ‬‫ح َ‬ ‫** وَل َ ت َ ْ‬
‫مْقن ِعِببي‬ ‫ن ُ‬‫مهْط ِِعي ب َ‬ ‫صبباُر * ُ‬ ‫ص ِفي بهِ الب ْ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫شب َ‬‫م ل ِي َبوْم ٍ ت َ ْ‬‫خُرهُ ْ‬ ‫ي ُؤَ ّ‬
‫َ‬
‫وآٌء‬‫هببب َ‬ ‫م َ‬‫م وَأفْئ ِد َت ُُهببب ْ‬‫م ط َْرفُُهببب ْ‬ ‫م ل َ ي َْرَتبببد ّ إ ِل َي ِْهببب ْ‬‫سبببهِ ْ‬ ‫ُرُءو ِ‬
‫يقول تعالى‪ :‬ول تحسبن الله يا محمببد غببافل ً عمببا يعمببل‬
‫الظالمون‪ ,‬أي ل تحسبببنه إذا أنظرهببم وأجلهببم أنببه غافببل‬
‫عنهم مهمل لهم ل يعاقبهم على صببنعهم‪ ,‬بببل هببو يحصببي‬
‫ذلك ويعده عليهم عدا ً }إنمببا يببؤخرهم ليببوم تشببخص فيببه‬
‫البصار{ أي من شدة الهوال يوم القيامة‪ ,‬ثم ذكر تعببالى‬
‫كيفية قيامهم من قبببورهم وعجلتهببم إلببى قيببام المحشببر‪,‬‬
‫فقبببال‪} :‬مهطعيبببن{ أي مسبببرعين‪ ,‬كمبببا قبببال تعبببالى‪:‬‬
‫لية‪ ,‬وقال تعببالى‪} :‬يببومئذ يتبعببون‬ ‫}مهطعين إلى الداع{ ا َ‬
‫الداعي ل عببوج لببه بب إلببى قببوله بب وعنببت الوجببوه للحببي‬
‫القيببوم{‪ ,‬وقببال تعببالى‪} :‬يببوم يخرجببون مببن الجببداث‬
‫لية‪ .‬وقوله }مقنعي رؤوسهم{ قال ابببن عببباس‬ ‫سراعًا{ ا َ‬
‫ومجاهببد وغيببر واحببد‪ :‬رافعببي رؤوسببهم }ل يرتببد إليهببم‬
‫طرفهم{ أي أبصارهم ظاهرة شاخصة مببديمون النظببر‪ ,‬ل‬
‫يطرفون لحظببة لكببثرة مببا هببم فيببه مببن الهببول والفكببرة‬
‫والمخافة لما يحل بهم‪ ,‬عياذا ً بالله العظيم من ذلك‪ ,‬ولهذا‬
‫قال‪} :‬وأفئدتهم هواء{ أي وقلوبهم خاوية خالية ليس فيها‬
‫شيء لكثرة الوجل والخوف‪ ,‬ولهذا قال قتادة وجماعة‪ :‬إن‬
‫أمكنة أفئدتهم خالية لن القلوب لدى الحناجر قببد خرجببت‬
‫من أماكنها من شدة الخوف‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬هي خببراب ل‬
‫تعي شيئا ً لشدة ما أخبر به تعببالى عنهببم‪ ,‬ثببم قببال تعببالى‬
‫لرسببببببببوله صببببببببلى اللببببببببه عليببببببببه وسببببببببلم‪(:‬‬

‫مبوَا ْ‬ ‫** وَأنذر الناس يوم يأ ْ‬


‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ذي‬‫ِ‬ ‫ب‬‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫بو‬ ‫ب‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ف‬ ‫ب‬‫ُ‬ ‫ذا‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ع‬‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ه‬ ‫تي‬
‫ِ‬
‫َ َ ِ ِ ّ ََ َ ْ َ َ ِ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ل أوََلبب ْ‬ ‫س َ‬ ‫ك وَن َت ّب ِِع الّر ُ‬ ‫ب د َعْوَت َ َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ب نّ ِ‬ ‫ري ٍ‬ ‫ل قَ ِ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ىأ َ‬ ‫َ‬
‫رَنآ إ ِل َ‬ ‫خ ْ‬‫َرب َّنآ أ ّ‬
‫َ‬
‫م ِفببي‬ ‫كنت ُ ْ‬‫س َ‬ ‫ل * وَ َ‬ ‫من َزَوا ٍ‬ ‫م ّ‬ ‫ما ل َك ُ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫من قَب ْ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫مت ُ ْ‬
‫س ْ‬ ‫كون ُوَا ْ أقْ َ‬ ‫تَ ُ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ف فَعَل ْن َببا ب ِهِ ب ْ‬ ‫م ك َي ْب َ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫م وَت َب َي ّ َ‬ ‫سه ُ ْ‬ ‫موَا ْ أنُف َ‬ ‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫سـك ِ ِ‬
‫م َ‬ ‫َ‬
‫عن بد َ الل ّب ِ‬
‫ه‬ ‫م وَ ِ‬ ‫مك َْرهُب ْ‬ ‫مك َبُروا ْ َ‬ ‫ل * وَقَ بد ْ َ‬ ‫مث َببا َ‬
‫م ال ْ‬ ‫ض بَرب َْنا ل َك ُب ُ‬‫وَ َ‬
‫ل‬‫جب َببببا ُ‬ ‫ه ال ْ ِ‬ ‫من ْبببب ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫م ل ِت َببببُزو َ‬ ‫مك ُْرهُبببب ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م وَِإن ك َببببا َ‬ ‫مك ُْرهُبببب ْ‬ ‫َ‬

‫‪510‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن الذين ظلموا أنفسهم عند معاينببة‬
‫العذاب‪} :‬ربنا أخرنا إلى أجببل قريببب نجببب دعوتببك ونتبببع‬
‫الرسل{ كقببوله }حببتى إذا جبباء أحببدهم المببوت قببال رب‬
‫لية‪ ,‬وقال تعالى }يا أيها الذين آمنببوا ل تلهكببم‬ ‫ارجعون{ ا َ‬
‫ليببتين‪ ,‬وقببال تعببالى مخبببرا ً عنهببم فببي حببال‬ ‫أمببوالكم{ ا َ‬
‫لية‪,‬‬ ‫محشرهم }ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم{ ا َ‬
‫وقال‪} :‬ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نببرد ول‬
‫لية‪ ,‬وقببال تعببالى‪} :‬وهببم يصببطرخون‬ ‫نكذب بآيات ربنا{ ا َ‬
‫لية‪ ,‬قال تعالى ردا ً عليهم في قببولهم هببذا }أو لببم‬ ‫فيها{ ا َ‬
‫تكونببوا أقسببمتم مببن قبببل مبا لكبم مبن زوال{ أي أو لبم‬
‫تكونوا تحلفون من قبل هذه الحالة أنببه ل زوال لكببم عمببا‬
‫أنتم فيه وأنببه ل معبباد ول جببزاء فببذوقوا هببذا بببذلك‪ ,‬قببال‬
‫مجاهد وغيره }ما لكم من زوال{ أي ما لكببم مببن انتقببال‬
‫لخرة‪ ,‬كقوله }وأقسموا بالله جهد أيمانهم‬ ‫من الدنيا إلى ا َ‬
‫ليببة‪} ,‬وسببكنتم فببي مسبباكن‬ ‫ل يبعث اللببه مببن يمببوت{ ا َ‬
‫الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيببف فعلنببا بهببم وضببربنا‬
‫لكم المثال{ أي قد رأيتم وبلغكم ما أحللنا بالمم المكذبة‬
‫قبلكم ومع هذا لم يكن لكم فيهبم معتببر‪ ,‬ولبم يكببن فيمبا‬
‫أوقعنا بهم لكم مزدجر }حكمة بالغة فما تغني النذر{ وقد‬
‫روى شعبة عببن أبببي إسببحاق عببن عبببد الرحمببن أن عليبا ً‬
‫ليببة }وِإن كببان مكرهببم‬ ‫رضي اللببه عنببه قببال فببي هببذه ا َ‬
‫لتزول منه الجبال{ قال‪ :‬أخذ ذاك الذي حاج إبراهيببم فببي‬
‫ربه نسبرين صبغيرين‪ ,‬فرباهمبا حبتى اسبتغلظا واسبتفحل‬
‫وشبا‪ ,‬قال‪ :‬فأوثق رجل كل واحد منهمببا بوتببد إلببى تببابوت‬
‫وجوعهما‪ ,‬وقعد هو ورجل آخبر فبي التبابوت‪ ,‬قبال‪ :‬ورفبع‬
‫في التابوت عصا ً على رأسه اللحببم فطببارا‪ ,‬وجعببل يقببول‬
‫لصاحبه‪ :‬انظر ما ترى ؟ قال‪ :‬أرى كذا وكذا حتى قال أرى‬
‫الدنيا كلها كأنها ذباب‪ .‬قال‪ :‬فصوب العصا‪ ,‬فصوبها فهبطببا‬
‫جميعًا‪ ,‬قال‪ :‬فهو قوله عز وجل‪} :‬وإن كاد مكرهم لببتزول‬
‫منبببببببببببببببببببببببببببببببه الجببببببببببببببببببببببببببببببببال{‪.‬‬
‫قال أبو إسحاق‪ :‬وكذلك هي فببي قببراءة عبببد اللببه }وإن‬
‫كاد مكرهم{ قلت‪ :‬وكذا روي عن أبي بن كعب وعمر بببن‬

‫‪511‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الخطاب رضي الله عنهما أنهما قبرآ }وإن كباد{ كمببا قببرأ‬
‫علي‪ ,‬وكذا رواه سفيان الثوري وإسرائيل عن أبي إسحاق‬
‫عن عبد الرحمن ببن أذنبان عبن علبي فبذكر نحبوه‪ ,‬وكبذا‬
‫روي عن عكرمة أن سياق هذه القصة للنمروذ ملك كنعان‬
‫أنببه رام أسببباب السببماء بهببذه الحيلببة والمكببر‪ ,‬كمببا رام‬
‫فرعون ملك القبط في بناء الصرح فعجببزا وضببعفا‪ ,‬وهمببا‬
‫أقل وأحقر وأصغر وأدحر‪ ,‬وذكر مجاهببد هببذه القصببة عببن‬
‫بختنصر وأنه لما انقطببع بصببره عببن الرض وأهلهببا‪ ,‬نببودي‬
‫أيها الطاغية أين تريببد ؟ ففببرق ثببم سببمع الصببوت فببوقه‪,‬‬
‫فصببوب الرمبباح فصببوبت النسببور‪ ,‬ففزعببت الجبببال مببن‬
‫هدتها‪ ,‬وكادت الجبال أن تزول من حس ذلك‪ ,‬فذلك قوله‪:‬‬
‫}وإن كببببببان مكرهببببببم لببببببتزول منببببببه الجبببببببال{‪.‬‬
‫ونقببل ابببن جريببج عببن مجاهببد أنببه قرأهببا }لببتزول منببه‬
‫الجبال{ بفتح اللم الولى وضم الثانية‪ ,‬وروى العوفي عن‬
‫ابببن عببباس فببي قببوله‪} :‬وإن كببان مكرهببم لببتزول منببه‬
‫الجبال{ يقول‪ :‬ما كان مكرهم لببتزول منببه الجبببال‪ ,‬وكببذا‬
‫قال الحسن البصببري‪ ,‬ووجهببه ابببن جريببر بببأن هببذا الببذي‬
‫فعلوه بأنفسهم من شركهم بالله وكفرهم به‪ ,‬ما ضر شيئا ً‬
‫من الجبال ول غيرها‪ ,‬وِإنما عاد وبببال ذلببك عليهببم‪ ,‬قلببت‪:‬‬
‫ويشبه هذا قول الله تعالى‪} :‬ول تمبش فبي الرض مرحبا ً‬
‫ل{‪ ,‬والقبول‬ ‫إنك لبن تخبرق الرض ولبن تبلبغ الجببال طبو ً‬
‫الثاني في تفسيرها ما رواه علي بن أبي طلحببة عببن ابببن‬
‫عببباس }وإن كببان مكرهببم لببتزول منببه الجبببال{ يقببول‪:‬‬
‫شببركهم كقببوله‪} :‬تكبباد السببموات يتفطببرن منببه{ ا َ‬
‫ليببة‪,‬‬
‫وهكبببببببببببذا قبببببببببببال الضبببببببببببحاك وقتبببببببببببادة‪.‬‬

‫ذو‬ ‫زيبٌز ُ‬ ‫ن الل ّب َ‬


‫ه عَ ِ‬ ‫س بل َ ُ‬
‫ه إِ ّ‬ ‫ف وَعْبدِهِ ُر ُ‬
‫خل ِ َ‬
‫م ْ‬‫ه ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫سب َ ّ‬
‫ح َ‬ ‫** فَل َ ت َ ْ‬
‫ت وََبببَرُزوا ْ‬
‫ماَوا ُ‬ ‫س َ‬‫ض َوال ّ‬ ‫ض غَي َْر الْر ِ‬ ‫ل الْر ُ‬ ‫م ت ُب َد ّ ُ‬‫ان ْت َِقام ٍ * ي َوْ َ‬
‫حبببببببببببببببببببدِ ال َْقّهبببببببببببببببببببارِ‬ ‫لل ّبببببببببببببببببببهِ ال ْ َ‬
‫وا ِ‬
‫يقول تعببالى مقببررا ً لوعببده ومؤكببدًا‪} :‬فل تحسبببن اللببه‬
‫مخلف وعده رسببله{ أي مببن نصببرتهم فببي الحيبباة الببدنيا‬

‫‪512‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ويوم يقوم الشهاد‪ ,‬ثم أخبببر تعببالى أنببه ذو عببزة ل يمتنببع‬
‫عليببه شببيء أراده ول يغببالب‪ ,‬وذو انتقببام ممببن كفببر بببه‬
‫دل‬ ‫وجحده }ويل يومئذ للمكذبين{‪ ,‬ولهببذا قببال‪} :‬يببوم تب ب ّ‬
‫الرض غير الرض والسموات{ أي وعده هذا حاصببل يببوم‬
‫تبببدل الرض غيببر الرض‪ ,‬وهببي هببذه علببى غيببر الصببفة‬
‫المألوفة المعروفة‪ ,‬كما جبباء فببي الصببحيحين مببن حببديث‬
‫أبي حازم عن سهل بن سعد قال‪ :‬قال رسول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬يحشر النبباس يببوم القيامببة علببى أرض‬
‫ي ليببس فيهببا معلببم لحببد«‪.‬‬ ‫بيضبباء عفببراء كقرصببة النق ب ّ‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا محمد بببن عببدي عببن داود عببن‬
‫الشببعبي عببن مسببروق‪ ,‬عببن عائشببة أنهببا قببالت‪ :‬أنببا أول‬
‫الناس سأل رسول الله صلى الله عليببه وسببلم عببن هببذه‬
‫دل الرض غيببر الرض والسببموات{ قببالت‪:‬‬ ‫ا َ‬
‫لية }يببوم تبب ّ‬
‫قلببت أيببن النبباس يببومئذ يببا رسببول اللببه ؟ قببال‪» :‬علببى‬
‫الصراط«‪ ,‬رواه مسلم منفردا ً به دون البخاري‪ ,‬والترمذي‬
‫وابن ماجه من حديث داود بن أبي هند به‪ ,‬وقال الترمذي‪:‬‬
‫حسن صحيح‪ ,‬ورواه أحمد أيضا ً عن عفان عن وهيببب عببن‬
‫داود‪ ,‬عن الشعبي عنها‪ ,‬ولم يببذكر مسببروقًا‪ .‬وقببال قتببادة‬
‫عن حسان بن بلل المزني عببن عائشببة رضببي اللببه عنهببا‬
‫أنها سألت رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم عببن قببول‬
‫دل الرض غيببر الرض والسببموات{ قببالت‪:‬‬ ‫الله‪} :‬يوم تب ب ّ‬
‫قلببت يببا رسببول اللببه‪ ,‬فببأين النبباس يببومئذ ؟ قببال‪» :‬لقببد‬
‫سألتني عن شيء ما سألني عنه أحببد مببن أمببتي‪ ,‬ذاك أن‬
‫النببببببببببباس علبببببببببببى جسبببببببببببر جهنبببببببببببم«‪.‬‬
‫وروى المام أحمد من حديث حبيب بن أبببي عمببرة عببن‬
‫مجاهد‪ ,‬عن ابن عباس حدثتني عائشة أنها سببألت رسببول‬
‫الله صببلى اللببه عليببه وسببلم عببن قببوله تعببالى‪} :‬والرض‬
‫جميعا ً قبضته يببوم القيامببة والسببموات مطويببات بيمينببه{‬
‫فأين الناس يومئذ يا رسول الله ؟ قببال‪» :‬هببم علببى متببن‬
‫جهنم«‪ .‬وقال ابن جريببر‪ :‬حببدثنا الحسببن‪ ,‬حببدثنا علببي بببن‬
‫الجعد‪ ,‬أخبرنا القاسم‪ ,‬سمعت الحسن قال‪ :‬قالت عائشة‪:‬‬
‫يا رسول الله }يوم تبدل الرض غير الرض{ فأين النبباس‬

‫‪513‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يومئذ ؟ قال‪» :‬إن هذا شيء ما سألني عنه أحببد بب قببال بب‬
‫على الصببراط يببا عائشببة«‪ ,‬ورواه أحمببد عببن عفببان عببن‬
‫القاسببببببم بببببببن الفضببببببل‪ ,‬عببببببن الحسببببببن بببببببه‪.‬‬

‫وقببال المببام مسببلم بببن الحجبباج فببي صببحيحه‪ :‬حببدثني‬


‫الحسن بن علي الحلواني‪ ,‬حدثني أبو توبة الربيع بن نببافع‪,‬‬
‫حدثنا معاوية بن سلم عن زيببد يعنببي أخبباه أنببه سببمع أبببا‬
‫سلم‪ ,‬حدثني أبو أسماء الرحبببي أن ثوبببان مببولى رسببول‬
‫الله صلى اللببه عليببه وسببلم حببدثه قببال‪ :‬كنببت نائمبا ً عنببد‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فجاءه حبببر مببن أحبببار‬
‫اليهود‪ ,‬فقال‪ :‬السلم عليك يببا محمببد‪ ,‬فببدفعته دفعببة كبباد‬
‫يصرع منها‪ ,‬فقال‪ :‬لم تدفعني ؟ فقلت‪ :‬أل تقول يا رسول‬
‫الله ؟ فقال اليهودي‪ :‬إنما ندعوه باسببمه الببذي سببماه بببه‬
‫أهله‪ ,‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إن اسمي‬
‫محمببد الببذي سببماني بببه أهلببي« فقببال اليهببودي‪ :‬جئت‬
‫أسألك‪ ,‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬أينفعببك‬
‫شيئا ً إن حدثتك ؟« قال‪ :‬أسمع بأذني‪ ,‬فنكبت رسبول اللبه‬
‫صلى اللببه عليببه وسببلم بعببود معببه فقببال‪» :‬سببل« فقببال‬
‫اليهودي‪ :‬أين يكببون النبباس يببوم تبببدل الرض غيببر الرض‬
‫والسموات ؟ فقال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسبلم‪:‬‬
‫»هم فببي الظلمببة دون الجسببر« قببال‪ :‬فمببن أول النبباس‬
‫إجازة ؟ فقال‪» :‬فقراء المهاجرين«‪ ,‬فقببال اليهببودي‪ :‬فمببا‬
‫تحفتهم حين يببدخلون الجنببة ؟ قببال‪» :‬زيببادة كبببد النببون«‬
‫قال‪ :‬فما غذائهم في أثرها ؟ قال‪» :‬ينحر لهببم ثببور الجنببة‬
‫الذي كان يأكل من أطرافها« قببال‪ :‬فمببا شببرابهم عليببه ؟‬
‫ل«‪ .‬قال‪ :‬صدقت‪ ,‬قال‪:‬‬ ‫قال »من عين فيها تسمى سلسبي ً‬
‫وجئت أسألك عن شيء ل يعلمه أحببد مببن أهببل الرض إل‬
‫نبي أو رجل أو رجلن‪ .‬قال »أينفعببك إن حببدثتك ؟{ قببال‪:‬‬
‫أسمع بببأذني‪ .‬قببال‪ :‬جئت أسببألك عببن الولببد‪ ,‬قببال‪» :‬مبباء‬
‫الرجل أبيض‪ ,‬وماء المببرأة أصببفر‪ ,‬فببإذا اجتمعببا فعل منببي‬
‫ي‬
‫ي المرأة‪ ,‬أذكرا بِإذن اللببه تعببالى‪ ,‬وإذا عل من ب ّ‬ ‫الرجل من ّ‬
‫المرأة مني الرجببل‪ ,‬أنثببا بببإذن اللببه« قببال اليهببودي‪ :‬لقببد‬

‫‪514‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صدقت وإنك لنبي ثم انصببرف‪ ,‬فقببال رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬لقد سألني هذا عن البذي سبألني عنببه‪,‬‬
‫ومبببا لبببي علبببم بشبببيء منبببه حبببتى أتببباني اللبببه ببببه«‪.‬‬
‫قال أبو جعفر بن جرير الطبري‪ :‬حدثنا ابن عوف‪ ,‬حببدثنا‬
‫أبو المغيرة‪ ,‬حدثنا ابن أبي مريم‪ ,‬حببدثنا سببعيد بببن ثوبببان‬
‫الكلعي‪ ,‬عن أبي أيوب النصاري أن حبرا ً من اليهود سأل‬
‫النبي صلى الله عليبه وسبلم فقببال‪ :‬أرأيببت إذ يقببول اللبه‬
‫تعبببالى فبببي كتبببابه‪} :‬يبببوم تببببدل الرض غيبببر الرض‬
‫والسموات{ فأين الخلق عند ذلك ؟ فقال‪» :‬أضببياف اللببه‬
‫فلن يعجزهم ما لديه« ورواه ابن أبي حاتم من حديث أبي‬
‫بكر بن عبد الله بن أبي مريم به‪ .‬وقال شعبة‪ :‬أخبرنببا أبببو‬
‫إسحاق‪ ,‬سمعت عمرو بن ميمون‪ ,‬وربمببا قببال‪ :‬قببال عبببد‬
‫الله‪ ,‬وربما لم يقل‪ ,‬فقلت له عن عبد الله فقال‪ :‬سببمعت‬
‫عمرو بن ميمون يقببول‪} :‬يببوم تبببدل الرض غيببر الرض{‬
‫قال‪ :‬أرض كالفضة البيضاء نقية لببم يسببفك فيهببا دم ولببم‬
‫يعمل عليها خطيئة‪ ,‬ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي حفاة‬
‫عراة كما خلقوا‪ ,‬قال‪ :‬أراه قال قياما ً حتى يلجمهم العرق‪.‬‬
‫وروي مببن وجببه آخبر عببن شبعبة عبن إسبرائيل عببن أببي‬
‫إسحاق‪ ,‬عن عمرو بببن ميمببون عببن ابببن مسببعود بنحببوه‪,‬‬
‫وكذا رواه عاصم عن زر عن ابن مسعود به‪ .‬وقال سفيان‬
‫الثوري عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون‪ :‬لم يخبر به‪,‬‬
‫أورد ذلببببببببببببك كلببببببببببببه ابببببببببببببن جريببببببببببببر‪.‬‬
‫وقد قال الحافظ أبو بكر البزار‪ :‬حدثنا محمد بن عبد الله‬
‫بن عبيد بن عقيل‪ ,‬حدثنا سهل بن حماد أبببو عتبباب‪ ,‬حببدثنا‬
‫جرير بن أيوب عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمببون عببن‬
‫عبد الله‪ ,‬عن النبي صلى الله عليه وسببلم فببي قببول اللببه‬
‫عببز وجببل‪} :‬يببوم تبببدل الرض غيببر الرض{ قببال‪ :‬أرض‬
‫بيضاء لم يسفك عليها دم‪ ,‬ولببم يعمببل عليهببا خطيئة« ثببم‬
‫قال‪ :‬ل نعلم رفعه إل جرير بن أيببوب‪ ,‬وليببس بببالقوي‪ ,‬ثبم‬
‫قال ابن جرير‪ :‬حدثنا أبو كريب‪ ,‬حببدثنا معاويببة بببن هشببام‬
‫عن سنان عن جابر الجعفي‪ ,‬عن أبي جبيرة عن زيد قببال‪:‬‬
‫أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليهود فقال‪:‬‬

‫‪515‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫»هل تببدرون لببم أرسببلت إليهببم ؟« قببالوا‪ :‬اللببه ورسببوله‬
‫أعلم‪ ,‬قال‪» :‬فإني أرسلت إليهببم أسببألهم عببن قببول اللببه‬
‫}يوم تببدل الرض غيبر الرض{ إنهبا تكبون يبومئذ بيضباء‬
‫مثل الفضة« فلما جاءوا سألهم‪ ,‬فقالوا‪ :‬تكون بيضاء مثببل‬
‫النقي‪ ,‬وهكذا روي عن علي وابن عباس وأنس بببن مالببك‬
‫ومجاهد بن جبر أنها تبدل يببوم القيامببة بببأرض بيضبباء مببن‬
‫فضة‪ .‬وعن علي رضببي اللببه عنببه أنببه قببال‪ :‬تصببير الرض‬
‫فضة والسموات ذهبًا‪ .‬وقببال الربيببع عببن أبببي العاليببة بببن‬
‫كعب‪ ,‬قال‪ :‬تصير السموات جنانبًا‪ .‬وقببال أبببو معشببر عببن‬
‫محمد بن كعب القرظي أو عن محمد بن قيس في قببوله‪:‬‬
‫}يببوم تبببدل الرض غيببر الرض{ قببال‪ :‬خبببزة يأكببل منهببا‬
‫المؤمنون من تحت أقدامهم‪ ,‬وكذا روى وكيع عن عمر بن‬
‫بشير الهمداني عن سعيد بن جبير في قببوله‪} :‬يببوم تبببدل‬
‫الرض غير الرض{ قال‪ :‬تببدل الرض خببزة بيضباء يأكبل‬
‫المببببببببببببؤمن مببببببببببببن تحببببببببببببت قببببببببببببدميه‪.‬‬
‫وقال العمش عن خيثمة قال‪ :‬قال عبد الله بن مسعود‪:‬‬
‫الرض يببوم القيامببة كلهببا نببار‪ ,‬والجنببة مببن ورائهببا تببرى‬
‫كواعبهببا‪ ,‬وأكوابهببا‪ ,‬ويلجببم النبباس العببرق أو يبلببغ منهببم‬
‫العببرق‪ ,‬ولببم يبلغببوا الحسبباب‪ .‬وقببال العمببش أيضبا ً عببن‬
‫المنهال بن عمرو عن قيببس بببن السببكن قببال‪ :‬قببال عبببد‬
‫الله‪ :‬الرض كلها نار يوم القيامة‪ ,‬والجنة مببن ورائهببا تببرى‬
‫أكوابها وكواعبها‪ ,‬والذي نفس عبببد اللببه بيببده‪ ,‬إن الرجببل‬
‫ليفيض عرقا ً حتى ترسخ في الرض قدمه‪ ,‬ثم يرتفع حببتى‬
‫يبلغ أنفه وما مسه الحساب‪ ,‬قببالوا‪ :‬مببم ذلببك يببا أبببا عبببد‬
‫الرحمن ؟ قال‪ :‬مما يرى الناس ويلقون‪ .‬وقببال أبببو جعفببر‬
‫الرازي عن الربيع بن أنس عن كعب في قوله‪} :‬يوم تبدل‬
‫الرض غيببر الرض والسببموات{ قببال‪ :‬تصببير السببموات‬
‫جنانًا‪ ,‬ويصير مكان البحر نارًا‪ ,‬وتبدل الرض غيرهببا‪ .‬وفببي‬
‫الحديث الذي رواه أبو داود »ل يركب البحر إل غاز أو حاج‬
‫أو معتمر‪ ,‬فإن تحت البحر نببارا ً بب أو تحببت النببار بحببرا ً ببب«‬
‫وفي حديث الصور المشهور المروي عن أبي هريرة‪ ,‬عببن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أنببه قببال‪» :‬يبببدل اللببه الرض‬

‫‪516‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫غيببر الرض والسببموات فيبسببطها ويمببدها مببد الديببم‬
‫العكاظي‪ ,‬ل ترى فيها عوجا ً ول أمتًا‪ ,‬ثم يزجر اللببه الخلببق‬
‫زجرة فإذا هم في هذه المبدلببة«‪ .‬وقببوله‪} :‬وبببرزوا للببه{‬
‫أي خرجببت الخلئق جميعهببا مببن قبببورهم للببه }الواحببد‬
‫القهار{ أي الذي قهر كل شيء وغلبه ودانببت لببه الرقبباب‬
‫وخضببببببببببببببببببعت لببببببببببببببببببه اللببببببببببببببببببباب‪.‬‬

‫صبببَفادِ *‬ ‫ن فِبببي ال ْ‬ ‫مَقّرِنيببب َ‬‫مئ ِذٍ ّ‬


‫ن ي َبببوْ َ‬
‫ميببب َ‬‫جرِ ِ‬ ‫** وَت َبببَرى ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫ي‬
‫ج بزِ َ‬‫م الن ّبباُر * ل ِي َ ْ‬‫جببوهَهُ ْ‬ ‫ى وُ ُ‬ ‫شب َ‬ ‫ن وَت َغْ َ‬‫من قَط ِبَرا ٍ‬ ‫سَراِبيل ُُهم ّ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫سببا ِ‬‫ح َ‬ ‫ريعُ ال ْ ِ‬
‫سبب ِ‬
‫ه َ‬ ‫ن الّلبب َ‬‫ت إِ ّ‬ ‫مببا ك َ َ‬
‫سببب َ ْ‬ ‫س ّ‬ ‫ل ن َْفبب ٍ‬ ‫ه ُ‬
‫كبب ّ‬ ‫الّلبب ُ‬
‫يقول تعالى‪} :‬يوم تبدل الرض غير الرض والسببموات{‬
‫وتبرز الخلئق لديانها‪ ,‬ترى يا محمد يومئذ المجرمين وهببم‬
‫الذين أجرموا بكفرهببم وفسببادهم }مقرنيببن{ أي بعضببهم‬
‫إلى بعببض قببد جمببع بيببن النظببراء أو الشببكال منهببم كببل‬
‫صنف إلى صنف‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬احشروا الببذين ظلمببوا‬
‫وأزواجهببم{ وقببال‪} :‬وإذا النفببوس زّوجببت{ وقببال‪} :‬وإذا‬
‫ألقوا منها مكانا ً ضيقا ً مقرنين دعببوا هنالببك ثبببورًا{ وقببال‪:‬‬
‫}والشببياطين كببل بنبباء وغببواص وآخريببن مقرنيببن فببي‬
‫الصفاد{ والصفاد هي القيود‪ ,‬قاله ابن عباس وسعيد بببن‬
‫جبير والعمش وعبد الرحمن بببن زيببد‪ ,‬وهببو مشببهور فببي‬
‫اللغبببببببببة‪ ,‬قبببببببببال عمبببببببببرو ببببببببببن كلثبببببببببوم‪:‬‬
‫آببببببببببببببببببوا بالثيببببببببببببببببباب وبالسببببببببببببببببببايا‬
‫وأبنبببببببببببببببببا ببببببببببببببببببالملوك مصبببببببببببببببببفدينا‬
‫وقبببوله‪} :‬سبببرابيلهم مبببن قطبببران{ أي ثيبببابهم البببتي‬
‫يلبسونها من قطران‪ ,‬وهو الذي تهنببأ بببه البببل أي تطلببى‪,‬‬
‫قال قتادة‪ :‬وهو ألصق شببيء بالنببار‪ .‬ويقببال فيببه‪ :‬قطببران‬
‫بفتببح القبباف وكسببر الطبباء وتسببكينها‪ ,‬وبكسببر القبباف‬
‫وتسبببببكين الطببببباء‪ ,‬ومنبببببه قبببببول أببببببي النجبببببم‪:‬‬
‫كبببأن قطرانبببا ً إذا تلهببباترمي ببببه الريبببح إلبببى مجراهبببا‬
‫وكان ابن عباس يقول‪ :‬القطببران هنببا النحبباس المببذاب‪,‬‬
‫وربما قرأها }سرابيلهم من قطران{ أي مببن نحبباس حببار‬

‫‪517‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قد انتهى حره‪ ,‬وكذا روي عن مجاهد وعكرمة وسببعيد بببن‬
‫جبير والحسن وقتادة‪ .‬وقببوله‪} :‬وتغشببى وجببوههم النببار{‬
‫كقوله‪} :‬تلفح وجببوههم النببار وهببم فيهببا كببالحون{ وقببال‬
‫المام أحمد رحمه الله‪ :‬حدثنا يحيى بن إسحاق‪ ,‬أنبأنا أبان‬
‫بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير عببن زيببد عببن أبببي سببلم‪,‬‬
‫عن أبي مالك الشعري قال‪ :‬قال رسول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليببه وسببلم‪» :‬أربببع مببن أمببر الجاهليببة ل يببتركن‪ :‬الفخببر‬
‫بالحساب‪ ,‬والطعن فببي النسبباب‪ ,‬والستسببقاء بببالنجوم‪,‬‬
‫والنياحة على الميت‪ ,‬والنائحة إذا لم تتب قبل موتها‪ ,‬تقام‬
‫يوم القيامة وعليها سربال من قطببران ودرع مببن جببرب«‬
‫انفرد بإخراجه مسلم‪ .‬وفي حديث القاسم عن أبي أمامببة‬
‫رضي الله عنببه قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬النائحة إذا لم تتب توقف فببي طريببق بيببن الجنببة‬
‫والنببار سببرابيلها مببن قطببران وتغشببى وجههببا النببار«‪.‬‬
‫وقببوله‪} :‬ليجببزي اللببه كببل نفببس مببا كسبببت{ أي يببوم‬
‫القيامة كما قال‪} :‬ليجزي الذين أساءوا بما عملببوا{ ا َ‬
‫ليببة‬
‫}إن الله سريع الحساب{ يحتمل أن يكون كقببوله تعببالى‪:‬‬
‫}اقببترب للنبباس حسببابهم وهببم فببي غفلببة معرضببون{‬
‫ويحتمل أنه في حببال محاسبببته لعبببده سببريع النجبباز لنببه‬
‫يعلم كل شيء‪ ,‬ول يخفى عليبه خافيببة‪ ,‬وإن جميببع الخلببق‬
‫بالنسبببة إلببى قببدرته كالواحببد منهببم‪ ,‬كقببوله تعببالى‪} :‬مببا‬
‫خلقكببم ول بعثكببم إل كنفببس واحببدة{ وهببذا معنببى قببول‬
‫مجاهببد }سببريع الحسبباب{ إحصبباء ويحتمببل ان يكببون‬
‫المعنيببببببببببان مراديببببببببببن‪ ,‬واللببببببببببه أعلببببببببببم‪.‬‬

‫َ‬
‫حد ٌ‬ ‫ما هُوَ إ َِلـ ٌ‬
‫ه َوا ِ‬ ‫موَا ْ أن ّ َ‬
‫س وَل ُِينذ َُروا ْ ب ِهِ وَل ِي َعْل َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ذا ب َل َغٌ ّللّنا‬
‫هـ َ‬
‫** َ‬
‫ُ‬
‫ب‬‫وَل َِيبببببببببببببببببذ ّك َّر أوُْلبببببببببببببببببوا ْ الل َْببببببببببببببببببا ِ‬
‫يقول تعالى هذا القرآن بلغ للناس كقوله‪} :‬لنذركم ببه‬
‫ومن بلغ{ أي هو بلغ لجميع الخلببق مببن إنببس وجببن كمببا‬
‫قال في أول السورة‪} :‬الببر * كتبباب أنزلنبباه إليببك لتخببرج‬
‫ليببة‪} ,‬ولينببذروا بببه{ أي‬ ‫الناس من الظلمات إلى النور{ ا َ‬

‫‪518‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليتعظوا به }وليعلموا أنما هو إله واحببد{ أي يسببتدلوا بمببا‬
‫فيه من الحجج والدللت على أنببه ل إلببه إل هببو }وليببذكر‬
‫أولبببببببببببببو اللبببببببببببببباب{ أي ذوي العقبببببببببببببول‪.‬‬
‫آخر تفسير سورة إبراهيم عليه الصلة والسلم‪ ,‬والحمببد‬
‫للببببببببببببببببببببببببببببه رب العببببببببببببببببببببببببببببالمين‪.‬‬

‫سبببببببببببببببببببببببببببببببببببورة الحجبببببببببببببببببببببببببببببببببببر‬
‫حيبببببببببببم ِ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫حمـببببببببببب ِ‬ ‫سبببببببببببم ِ الل ّبببببببببببهِ الّر ْ‬ ‫بِ ْ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫مببا ي َبوَد ّ ال ّب ِ‬‫ن * ّرب َ َ‬ ‫مِبيب ْ ٍ‬
‫ن ّ‬ ‫ب وَقُبْرآ ٍ‬ ‫ت ال ْك َِتا ِ‬ ‫ك آَيا ُ‬ ‫** ال ََر ت ِل ْ َ‬
‫مت ّعُببوا ْ وَي ُل ْهِهِ ب ُ‬
‫م‬ ‫م ي َبأك ُُلوا ْ وَي َت َ َ‬ ‫ن * ذ َْرهُ ْ‬ ‫مي َ‬‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫كاُنوا ْ ُ‬
‫ك ََفُروا ْ ل َوْ َ‬
‫ن‬
‫مببببببببببببببببو َ‬ ‫ف ي َعْل َ ُ‬‫سببببببببببببببببوْ َ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫مبببببببببببببببب ُ‬ ‫ال َ‬
‫قببد تقببدم الكلم علببى الحببروف المقطعببة فببي أوائل‬
‫ليببة‪ ,‬إخبببار‬ ‫السور‪ .‬وقوله تعالى }ربما يود الذين كفروا{ ا َ‬
‫عنهببم أنهببم سببيندمون علببى مببا كببانوا فيببه مببن الكفببر‪,‬‬
‫ويتمنون لو كانوا في الببدنيا مسببلمين‪ ,‬ونقببل السببدي فببي‬
‫تفسيره بسنده المشببهور عببن ابببن عببباس وابببن مسببعود‬
‫وغيرهما من الصحابة‪ ,‬أن كفار قريببش لمببا عرضببوا علببى‬
‫النار تمنوا أن لو كانوا مسلمين‪ .‬وقيل‪ :‬إن المببراد أن كببل‬
‫كافر يود عند احتضاره أن لو كان مؤمنًا‪ .‬وقيل‪ :‬هذا إخبببار‬
‫عن يوم القيامة‪ ,‬كقوله تعالى‪} :‬ولو تببرى إذ وقفببوا علببى‬
‫النار فقالوا يا ليتنا نبرد ول نكبذب بآيبات ربنبا ونكبون مبن‬
‫المؤمنين{ وقال سفيان الثوري عن سلمة بن كهيببل‪ ,‬عببن‬
‫أبي الزعراء‪ ,‬عن عبببد اللبه فببي قبوله‪} :‬ربمببا يبود البذين‬
‫كفروا لبو كبانوا مسببلمين{ قببال‪ :‬هببذا فببي الجهنمييببن إذا‬
‫رأوهم يخرجون من النار‪ ,‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثني المثنببى‪,‬‬
‫حدثنا مسلم‪ ,‬حدثنا القاسم‪ ,‬حدثنا ابن أبببي فببروة العبببدي‬
‫لية }ربما‬ ‫أن ابن عباس وأنس بن مالك كانا يتأولن هذه ا َ‬
‫يود الذين كفروا لو كانوا مسببلمين{ يتأولنهببا يببوم يحبببس‬
‫الله أهل الخطايا من المسلمين مع المشركين فببي النببار‪,‬‬
‫قال‪ :‬فيقببول لهببم المشببركون‪ :‬مببا أغنببى عنكببم مببا كنتببم‬
‫تعبدون في الدنيا‪ ,‬قال‪ :‬فيغضب اللببه لهببم بفضببل رحمتببه‬

‫‪519‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فيخرجهم‪ ,‬فذلك حين يقول‪} :‬ربمببا يببود الببذين كفببروا لببو‬
‫كبببببببببببببببببببببببببببببانوا مسبببببببببببببببببببببببببببببلمين{‪.‬‬
‫وقال عبد الرزاق‪ :‬أخبرنا الثوري عن حماد عببن إبراهيببم‪,‬‬
‫وعن خصيف عن مجاهد قال‪ :‬يقول أهل النببار للموحببدين‪:‬‬
‫ما أغنى عنكم إيمانكم ؟ فإذا قالوا ذلك‪ ,‬قال الله‪ :‬أخرجوا‬
‫من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمببان‪ ,‬قببال‪ :‬فعنببد ذلببك‬
‫قوله‪} :‬ربما يود الذين كفروا لو كببانوا مسببلمين{‪ ,‬وهكببذا‬
‫روي عن الضحاك وقتادة وأبي العاليببة وغيرهببم‪ ,‬وقببد ورد‬
‫فببي ذلببك أحبباديث مرفوعببة‪ ,‬فقببال الحببافظ أبببو القاسببم‬
‫الطبببراني‪ :‬حببدثنا محمببد بببن العببباس هببو الخببرم‪ ,‬حببدثنا‬
‫محمد بن منصور الطوسي‪ ,‬حدثنا صالح بن إسحاق الجهبذ‬
‫وابن علية يحيى بن موسى‪ ,‬حدثنا معروف بن واصببل عببن‬
‫يعقوب بن نباتة عن عبد الرحمن الغر‪ ,‬عن أنس بن مالك‬
‫رضي الله عنببه قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسبلم‪» :‬إن ناسبا ً مبن أهبل ل إلبه إل اللبه يبدخلون النبار‬
‫بذنوبهم‪ ,‬فيقول لهم أهل اللت والعببزى‪ :‬مببا أغنببى عنكببم‬
‫قولكم ل إله إل الله وأنتم معنا فببي النببار ؟ فيغضببب اللببه‬
‫لهببم فيخرجهببم فيلقيهببم فببي نهببر الحيبباة‪ ,‬فيبببرءون مببن‬
‫حرقهببم كمببا يبببرأ القمببر مببن خسببوفه‪ ,‬ويببدخلون الجنببة‬
‫ويسببمون فيهببا الجهنمييببن«‪ ,‬فقببال رجببل‪ :‬يببا أنببس أنببت‬
‫سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال‬
‫أنس‪ :‬سمعت رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم يقببول‪:‬‬
‫»من كذب علي متعمدا ً فليتبوأ مقعده من النببار« نعببم أنببا‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقببول هببذا‪ ,‬ثببم‬
‫قال الطبراني‪ :‬تفرد به الجهبذ‪) (.‬الحديث الثبباني( ب ب قببال‬
‫الطبراني أيضًا‪ :‬حدثنا عبد الله بن أحمبد ببن حنبببل‪ ,‬حبدثنا‬
‫أبو الشعثاء علي بن حسن الواسطي‪ ,‬حدثنا خالد بن نببافع‬
‫الشعري عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه‪ ,‬عن أبي موسى‬
‫رضي الله عنببه قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬إذا اجتمع أهل النار في النار ومعهم من شاء الله‬
‫مببن أهببل القبلببة‪ ,‬قببال الكفببار للمسببلمين‪ :‬ألببم تكونببوا‬
‫مسلمين ؟ قالوا‪ :‬بلى‪ ,‬قالوا‪ :‬فما أغنى عنكم السلم وقد‬

‫‪520‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صرتم معنا في النار ؟ قالوا‪ :‬كانت لنبا ذنبوب فأخبذنا بهبا‪,‬‬
‫فسمع الله ما قبالوا فببأمر بمبن كبان فببي النبار مبن أهبل‬
‫القبلة فأخرجوا‪ .‬فلما رأى ذلك من بقي من الكفار قببالوا‪:‬‬
‫ياليتنا كنبا مسبلمين فنخببرج كمبا خرجبوا بب قبال‪ :‬ثبم قببرأ‬
‫رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم ب ب أعببوذ بببالله مببن‬
‫الشيطان الرجيم }ألر تلببك آيببات الكتبباب وقببرآن مبببين *‬
‫ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين{« ورواه ابببن أبببي‬
‫حاتم من حديث خالببد بببن نببافع بببه‪ ,‬وزاد فيببه‪ :‬بسببم اللببه‬
‫الرحمبببببببببن الرحيبببببببببم عبببببببببوض السبببببببببتعاذة‪.‬‬
‫)الحديث الثالث( قال الطبراني أيضًا‪ :‬حببدثنا موسببى بببن‬
‫هارون‪ ,‬حدثنا إسحاق بن راهويه‪ ,‬قال‪ :‬قلببت لبببي أسببامة‬
‫أحدثكم أبو روق واسمه عطية بن الحببارث حببدثني صببالح‬
‫بن أبي طريف قال‪ :‬سألت أبا سببعيد الخببدري فقلببت لببه‪:‬‬
‫هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسببلم يقببول فببي‬
‫لية }ربما يبود البذين كفبروا لبو كبانوا مسبلمين{ ؟‬ ‫هذه ا َ‬
‫قال‪ :‬نعم سمعته يقول‪» :‬يخرج اللببه ناس با ً مببن المببؤمنين‬
‫من النار بعدما يأخذ نقمته منهم« وقال‪» :‬لما أدخلهم الله‬
‫النار مع المشركين‪ ,‬قال لهم المشببركون‪ :‬تزعمببون أنكببم‬
‫أولياء الله في الدنيا فيما بلكم معنا في النببار‪ ,‬فببإذا سببمع‬
‫اللببه ذلببك منهببم أذن فببي الشببفاعة لهببم‪ ,‬فتشببفع لهببم‬
‫الملئكة والنبيون‪ ,‬ويشببفع المؤمنببون حببتى يخرجببوا بببإذن‬
‫الله‪ ,‬فبإذا رأى المشببركون ذلبك قببالوا‪ :‬ياليتنببا كنبا مثلهبم‬
‫فتدركنا الشفاعة فنخرج معهم ب قببال ب ب فببذلك قببول اللببه‬
‫}ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسببلمين{ فيسببمون فببي‬
‫الجنة الجهنميين من أجل سواد في وجوههم‪ ,‬فيقولون‪ :‬يببا‬
‫رب أذهب عنا هذا السم‪ ,‬فيأمرهم فيغتسلون في نهر في‬
‫الجنة فيذهب ذلك السم عنهم« فأقّر به أبو أسامة وقببال‬
‫نعبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫)الحديث الرابببع( قببال ابببن أبببي حبباتم‪ ,‬حببدثنا علببي بببن‬
‫الحسين‪ ,‬حدثنا العباس بن الوليد النرسي‪ ,‬حببدثنا مسببكين‬
‫أبو فاطمة‪ ,‬حدثني اليمان بن يزيد عن محمد بن جبر عببن‬
‫محمد بن علي‪ ,‬عن أبيه عن جده قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه‬

‫‪521‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬منهم من تأخذه النار إلى ركبببتيه‪,‬‬
‫ومنهم من تأخذه إلى حجزته‪ ,‬ومنهم من تأخذه النببار إلببى‬
‫عنقه‪ ,‬على قدر ذنوبهم وأعمالهم‪ ,‬ومنهم من يمكببث فيهببا‬
‫شهرا ً ثم يخرج منها‪ ,‬ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخببرج‬
‫منها‪ ,‬وأطولهم فيها مكثا ً بقدر الدنيا منذ يببوم خلقببت إلببى‬
‫أن تفنببى‪ ,‬فببإذا أراد اللببه أن يخرجهببم منهببا قببالت اليهببود‬
‫والنصارى ومن في النار من أهل الديان والوثان لمن في‬
‫النار من أهل التوحيببد‪ :‬آمنتببم بببالله وكتبببه ورسببله فنحببن‬
‫وأنتم اليوم في النار سببواء‪ ,‬فيغضببب اللببه لهببم غضبببا ً لببم‬
‫يغضبه لشيء فيما مضى‪ ,‬فيخرجهم إلى عيببن فببي الجنببة‬
‫وهو قوله‪} :‬ربما يود الذين كفببروا لببو كببانوا مسببلمين{«‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ذرهم يأكلوا ويتمتعوا{ تهديببد شببديد لهببم ووعيببد‬
‫أكيد‪ ,‬كقوله تعالى‪} :‬قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النببار{‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬كلوا وتمتعوا قليل ً إنكبم مجرمبون{‪ ,‬ولهبذا قبال‪:‬‬
‫}ويلههم المل{ أي عن التوبة والنابة }فسوف يعلمون{‬
‫أي عاقبببببببببببببببببببببببببببببة أمرهببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫َ‬
‫سبب ِقُ‬
‫مببا ت َ ْ‬
‫م* ّ‬ ‫معْل ُببو ٌ‬
‫ب ّ‬‫من قَْري َةٍ إ ِل ّ وَل ََها ك َِتا ٌ‬
‫مآ أهْل َك َْنا ِ‬‫** وَ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫خُرو َ‬‫سببببببببت َأ ِ‬ ‫جل ََهببببببببا وَ َ‬
‫مببببببببا ي َ ْ‬ ‫مببببببببةٍ أ َ‬ ‫نأ ّ‬ ‫مبببببببب ْ‬
‫ِ‬
‫يخبر تعالى أنه ما أهلك قرية إل بعد قيببام الحجببة عليهببا‬
‫وانتهاء أجلها‪ ,‬وأنه ل يؤخر أمة حان هلكها عن ميقاتهم ول‬
‫يتقدمون عن مدتهم‪ ,‬وهذا تنبببيه لهببل مكببة وإرشبباد لهببم‬
‫إلى القلع عما هم عليه من الشرك والعناد واللحاد الذي‬
‫يسببببببببببببببببببببببببببتحقون بببببببببببببببببببببببببببه الهلك‪.‬‬

‫َ‬
‫ما‬‫ن * ل ّوْ َ‬ ‫جُنو ٌ‬‫م ْ‬ ‫ك لَ َ‬ ‫ل عَل َي ْهِ الذ ّك ُْر إ ِن ّ َ‬ ‫ذي ن ُّز َ‬ ‫** وََقاُلوا ْ ي َأي َّها ال ّ ِ‬
‫ْ‬
‫ة‬
‫كبب َ‬ ‫ملئ ِ َ‬ ‫ل ال ْ َ‬‫ما ن ُن َّز ُ‬ ‫ن* َ‬ ‫صادِِقي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬‫ت ِ‬ ‫كن َ‬ ‫ملئ ِك َةِ ِإن ُ‬ ‫ت َأِتيَنا ِبال ْ َ‬
‫ن ن َّزل َْنا الذ ّك َْر وَإ ِن ّببا‬ ‫ح ُ‬‫ن * إ ِّنا ن َ ْ‬ ‫ري َ‬ ‫منظ َ ِ‬ ‫كاُنوا ْ ِإذا ً ّ‬ ‫ما َ‬ ‫حقّ وَ َ‬ ‫إ ِل ّ ِبال َ‬
‫ن‬‫ظو َ‬ ‫حبببببببببببببببببببببببببببببببافِ ُ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ل َببببببببببببببببببببببببببببببب ُ‬
‫يخبر تعالى عن كفرهببم وعنببادهم فببي قببولهم }يببا أيهببا‬
‫الببذي نببزل عليببه الببذكر{ أي الببذي تببدعي ذلببك }إنببك‬

‫‪522‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لمجنون{ أي في دعائك إيانا إلى اتباعك وتببرك مببا وجببدنا‬
‫عليه آباءنا }لو ما{ أي هل }تأتينا بالملئكة{ أي يشببهدون‬
‫لك بصحة ما جئت بببه إن كنببت مببن الصببادقين‪ ,‬كمببا قببال‬
‫فرعون }فلول ألقي عليه أسببورة مببن ذهببب أو جبباء معببه‬
‫الملئكة مقببترنين{‪} ,‬وقببال الببذين ل يرجببون لقاءنببا لببول‬
‫أنزل علينا الملئكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسببهم‬
‫وعتوا عتببوا ً كبببيرا ً * يببوم يببرون الملئكببة ل بشببرى يببومئذ‬
‫للمجرمين ويقولون حجرا ً محجورًا{‪ ,‬وكبذا قبال فبي هبذه‬
‫لية‪} :‬ما ننزل الملئكة إل بالحق وما كانوا إذا منظريببن{‬ ‫ا َ‬
‫وقال مجاهببد فببي قببوله‪} :‬مببا ننببزل الملئكببة إل بببالحق{‬
‫بالرسالة والعذاب‪ ,‬ثم قرر تعالى أنه هو الببذي أنببزل عليبه‬
‫الذكر وهو القرآن‪ ,‬وهو الحافظ لبه مببن التغييببر والتبببديل‪,‬‬
‫ومنهم من أعاد الضمير في قوله تعالى‪} :‬لببه لحببافظون{‬
‫على النبي صلى الله عليه وسلم‪ ,‬كقببوله }واللببه يعصببمك‬
‫مببن النبباس{ والمعنببى الول أولببى وهببو ظبباهر السببياق‪.‬‬

‫مببا ي َبأ ِْتيِهم‬‫ن * وَ َ‬ ‫شي َِع الوِّلي ب َ‬ ‫ك ِفي ِ‬ ‫من قَب ْل ِ َ‬ ‫سل َْنا ِ‬
‫َ‬
‫** وَل ََقد ْ أْر َ‬
‫ه فِببي‬ ‫سبل ُك ُ ُ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫ن * ك َبذ َل ِ َ‬ ‫ل إ ِل ّ ك َبباُنوا ْ ب ِبهِ ي َ ْ‬
‫سبت َهْزُِئو َ‬ ‫سو ٍ‬ ‫من ّر ُ‬ ‫ّ‬
‫ن‬
‫ة الوِّلي ب َ‬ ‫سببن ّ ُ‬
‫ت ُ‬ ‫خل َ ْ‬‫ن ب ِهِ وَقَد ْ َ‬
‫مُنو َ‬‫ن * ل َ ي ُؤْ ِ‬ ‫مي َ‬ ‫جرِ ِ‬‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬
‫قُُلو ِ‬
‫يقول تعالى مسليا ً لرسوله صلى اللببه عليببه وسببلم فببي‬
‫تكذيب من كذبه من كفار قريش‪ :‬إنه أرسل من قبله فببي‬
‫المببم الماضببية وإنببه مببا أتببى أمببة مببن رسببول إل كببذبوه‬
‫واسبتهزءوا ببه‪ ,‬ثبم أخببر أنبه سبلك التكبذيب فبي قلبوب‬
‫المجرمين الذين عاندوا واستكبروا عببن اتببباع الهببدى قببال‬
‫أنببس والحسببن البصببري }كببذلك نسببلكه فببي قلببوب‬
‫المجرمين{ يعني الشرك‪ .‬وقوله }قد خلت سنة الولين{‬
‫أي قد علم ما فعببل تعببالى بمببن كببذب رسببله مببن الهلك‬
‫والببدمار‪ ,‬وكيببف أنجببى اللببه النبيبباء وأتببباعهم فببي الببدنيا‬
‫لخبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببرة‪.‬‬ ‫وا َ‬

‫‪523‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ن*‬ ‫جببو َ‬‫ماِء فَظ َّلوا ْ ِفيهِ ي َعُْر ُ‬ ‫س َ‬
‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬‫حَنا عَل َي ِْهم َبابا ً ّ‬
‫** وَل َوْ فَت َ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫حوُرو َ‬‫سب ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬‫ن ق َ بو ْ ٌ‬‫حب ُ‬ ‫صبباُرَنا ب َب ْ‬
‫ل نَ ْ‬ ‫ت أب ْ َ‬ ‫سبك َّر ْ‬ ‫مببا ُ‬ ‫ل ََقبباُلوا ْ إ ِن ّ َ‬
‫وة كفرهم وعنببادهم ومكببابرتهم للحببق‬ ‫يخبر تعالى عن ق ّ‬
‫أنه لو فتح لهم بابا ً من السماء فجعلببوا يصببعدون فيببه لمببا‬
‫صببدقوا بببذلك‪ ,‬بببل قببالوا‪} :‬إنمببا سببكرت أبصببارنا{ قببال‬
‫مجاهد وابن كثير والضحاك‪ :‬سببدت أبصببارنا‪ .‬وقببال قتببادة‬
‫عن ابن عباس‪ :‬أخببذت أبصببارنا‪ .‬وقببال العببوفي عببن ابببن‬
‫عباس‪ :‬شبببه علينببا وإنمببا سببحرنا‪ .‬وقببال الكلبببي‪ :‬عميببت‬
‫أبصارنا‪ .‬وقال ابن زيد‪} :‬سكرت أبصارنا{‪ ,‬السكران الذي‬
‫ل يعقببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببل‪.‬‬

‫ن*‬ ‫ري َ‬‫ماِء ب ُُروج با ً وََزي ّّناهَببا ِللن ّبباظ ِ ِ‬ ‫سب َ‬ ‫جعَل ْن َببا فِببي ال ّ‬ ‫** وَل ََق بد ْ َ‬
‫ع‬
‫م َ‬ ‫سبب ْ‬‫ست ََرقَ ال ّ‬ ‫نا ْ‬ ‫جيم ٍ * إ ِل ّ َ‬
‫م‬ ‫ن ّر ِ‬ ‫طا ٍ‬‫شي ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫ها ِ‬ ‫حِفظ َْنا َ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ها وَأل َْقي َْنببا ِفيَهببا‬ ‫مببد َد َْنا َ‬ ‫ض َ‬‫ن * َوالْر َ‬ ‫مِبيبب ٌ‬ ‫ب ّ‬ ‫شببَها ٌ‬ ‫ه ِ‬ ‫َفببأت ْب َعَ ُ‬
‫َ‬
‫جعَل ْن َببا ل َك ُب ْ‬
‫م‬ ‫ن * وَ َ‬ ‫مبوُْزو ٍ‬ ‫يٍء ّ‬
‫شب ْ‬ ‫ل َ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫ي وَأن ْب َت َْنا ِفيَها ِ‬ ‫س َ‬ ‫َرَوا ِ‬
‫ن‬‫ه ب َِرازِِقيببببب َ‬ ‫م َلببببب ُ‬ ‫سبببببت ُ ْ‬‫مبببببن ل ّ ْ‬ ‫ش وَ َ‬‫مَعببببباي ِ َ‬ ‫ِفيَهبببببا َ‬
‫يذكر تعالى خلقه السماء في ارتفاعها وما زينهببا بببه مببن‬
‫الكواكب الثوابت والسيارات‪ ,‬لمن تأمل وكرر النظر فيمببا‬
‫ليات الباهرات‪ ,‬مببا يحببار نظببره فيببه‪,‬‬ ‫يرى من العجائب وا َ‬
‫وبهببذا قببال مجاهببد وقتببادة‪ :‬البببروج ههنببا هببي الكببواكب‪.‬‬
‫)قلت(‪ :‬وهذا كقوله تبارك وتعالى }تبارك الذي جعببل فببي‬
‫لية‪ .‬ومنهم من قال‪ :‬البببروج هببي منببازل‬ ‫السماء بروجًا{ ا َ‬
‫الشمس والقمر‪ .‬وقال عطيببة العببوفي‪ :‬البببروج ههنببا هببي‬
‫قصببور الحببرس‪ .‬وجعببل الشببهب حرسببا ً لهببا مببن مببردة‬
‫الشياطين لئل يسمعوا إلى المل العلى‪ ,‬فمن تمرد وتقدم‬
‫منهم لستراق السمع جبباءه شببهاب مبببين فببأتلفه‪ ,‬فربمببا‬
‫يكون قد ألقى الكلمة التي سمعها قبل أن يدركه الشهاب‬
‫لخر ويأتي بها إلى وليببه‪ ,‬كمببا‬ ‫إلى الذي هو دونه فيأخذها ا َ‬
‫جببببببببباء مصبببببببببرحا ً ببببببببببه فبببببببببي الصبببببببببحيح‪.‬‬
‫ليببة‪ :‬حببدثنا علببي بببن‬ ‫كما قال البخاري في تفسير هذه ا َ‬
‫عبد الله‪ ,‬حدثنا سفيان عن عمببرو عببن عكرمببة‪ ,‬عببن أبببي‬

‫‪524‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هريرة يبلببغ بببه النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪» :‬إذا‬
‫قضى اللببه المببر فببي السببماء ضببربت الملئكببة بأجنحتهببا‬
‫خضعانا ً لقوله كأنه سلسلة على صفوان« قال علي وقببال‬
‫غيره صفوان ينفذهم ذلك‪ ,‬فببإذا فببزع عببن قلببوبهم قببالوا‪:‬‬
‫ماذا قال ربكم ؟ قالوا‪ :‬للذي قال الحق وهو العلي الكبير‪,‬‬
‫فيسمعها مسترقو السمع‪ ,‬ومسببترقو السببمع هكببذا واحببد‬
‫فوق آخببر‪ ,‬ووصببف سببفيان بيببده‪ ,‬وفببرج بيببن أصببابع يببده‬
‫اليمنى‪ ,‬نصبببها بعضببها فببوق بعببض‪ ,‬فربمببا أدرك الشببهاب‬
‫المستمع قبل أن يرمي بها إلى صاحبه فيحرقه‪ ,‬وربما لببم‬
‫يدركه حتى يرمي بها إلى الذي يليه إلى الببذي هببو أسببفل‬
‫منه حببتى يلقوهببا إلببى الرض‪ ,‬وربمببا قببال سببفيان‪ :‬حببتى‬
‫تنتهببي إلببى الرض فتلقببى علببى فببم السبباحر أو الكبباهن‬
‫فيكذب معها مائة كذبة فيصدق‪ ,‬فيقولون‪ :‬ألم يخبرنا يببوم‬
‫كببذا وكببذا يكببون كببذا وكببذا‪ ,‬فوجببدناه حق با ً للكلمببة الببتي‬
‫سمعت من السببماء‪ ,‬ثببم ذكببر تعببالى خلقببه الرض ومببده‬
‫إياهببا وتوسببيعها وبسببطها‪ ,‬ومببا جعببل فيهببا مببن الجبببال‬
‫الرواسي‪ ,‬والودية والراضي والرمال‪ ,‬وما أنبت فيهببا مببن‬
‫البببببببببببببببزروع والثمبببببببببببببببار المتناسببببببببببببببببة‪.‬‬
‫وقال ابن عباس }مببن كببل شببيء مببوزون{ أي معلببوم‪,‬‬
‫وكذا قببال سببعيد بببن جبببير وعكرمببة وأبببو مالببك ومجاهببد‬
‫والحكم بن عتيبة والحسن بن محمببد وأبببو صببالح وقتببادة‪,‬‬
‫ومنهم من يقول‪ :‬مقدر بقدر‪ .‬وقال ابن زيد‪ :‬من كل شيء‬
‫يوزن ويقدر بقدر‪ ,‬وقال ابن زيد‪ :‬مببا يزنببه أهببل السببواق‪.‬‬
‫وقببوله‪} :‬وجعلنببا لكببم فيهببا معببايش{ يببذكر تعببالى أنببه‬
‫صرفهم في الرض في صنوف السببباب والمعببايش وهببي‬
‫جمببع معيشببة‪ .‬وقببوله‪} :‬ومببن لسببتم لببه برازقيببن{ قببال‬
‫مجاهد‪ :‬هي الدواب والنعام‪ .‬وقال ابن جريببر‪ :‬هببم العبيببد‬
‫والماء والدواب والنعام‪ ,‬والقصد أنه تعببالى يمتببن عليهببم‬
‫بمببا يسببر لهببم مببن أسببباب المكاسببب ووجببوه السببباب‬
‫وصببنوف المعببايش‪ ,‬وبمببا سببخر لهببم مببن الببدواب الببتي‬
‫يركبونهببا‪ ,‬والنعببام الببتي يأكلونهببا‪ ,‬والعبيببد والمبباء الببتي‬

‫‪525‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يستخدمونها‪ ,‬ورزقهم علببى خببالقهم ل عليهببم‪ ,‬فلهببم هببم‬
‫المنفعبببببببة‪ ,‬والبببببببرزق علبببببببى اللبببببببه تعبببببببالى‪.‬‬

‫ه إ ِل ّ ب َِق بد ٍَر‬‫مببا ن ُن َّزل ُب ُ‬ ‫ه وَ َ‬ ‫خَزائ ِن ُب ُ‬ ‫عن بد ََنا َ‬ ‫يٍء إ ِل ّ ِ‬ ‫شب ْ‬ ‫مببن َ‬ ‫** وَِإن ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مبباءً‬ ‫مآِء َ‬ ‫سب َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مب َ‬ ‫ح فَأنَزل ْن َببا ِ‬ ‫واقِ ب َ‬ ‫ح لَ َ‬ ‫سل َْنا الّرَيا َ‬ ‫معُْلوم ٍ * وَأْر َ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حي ِببي‬ ‫ن نُ ْ‬‫حب ُ‬ ‫ن * َوإن ّببا ل َن َ ْ‬ ‫خببازِِني َ‬ ‫ه بِ َ‬‫م ل َب ُ‬ ‫مببآ أن ْت ُب ْ‬
‫موهُ وَ َ‬ ‫سبَقي َْناك ُ ُ‬
‫فَأ ْ‬
‫م‬ ‫كبب ْ‬‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫مي َ‬ ‫سببت َْقدِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مَنا ال ْ ُ‬‫ن * وَل ََقد ْ عَل ِ ْ‬ ‫وارُِثو َ‬ ‫َ‬ ‫ن ال ْ‬
‫ح ُ‬ ‫ت وَن َ ْ‬ ‫مي ُ‬‫وَن ُ ِ‬
‫ْ‬
‫ه‬‫م إ ِن ّب ُ‬‫شبُرهُ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫ك ه ُ بو َ ي َ ْ‬ ‫ن َرّبب َ‬ ‫ن * وَإ ِ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫خ ِ‬‫سبت َأ ِ‬‫م ْ‬ ‫من َببا ال ْ ُ‬
‫وَل ََقبد ْ عَل ِ ْ‬
‫م‬‫م عَِليبببببببببببببببببببببببببببببببب ٌ‬ ‫كيبببببببببببببببببببببببببببببببب ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫َ‬
‫يخبر تعالى أنه مالك كل شيء وأن كل شيء سهل عليه‬
‫يسير لديه‪ ,‬وأن عنده خزائن الشببياء مببن جميببع الصببنوف‬
‫}وما ننزله إل بقدر معلوم{ كما يشاء وكما يريد‪ ,‬ولمبا لبه‬
‫في ذلك من الحكمة البالغة والرحمة بعببباده ل علببى جهببة‬
‫الوجوب بل هو كتب على نفسه الرحمة قال يزيد بن أبببي‬
‫زياد عن أبي جحيفة عن عبد الله‪ :‬ما من عام بببأمطر مببن‬
‫عام‪ ,‬ولكن الله يقسمه بينهم حيث شاء عاما ً ههنببا وعامببا ً‬
‫ليببة‪ ,‬رواه‬ ‫ههنا‪ ,‬ثم قرأ }وإن من شيء إل عندنا خزائنه{ ا َ‬
‫ابن جرير‪ ,‬وقال أيضًا‪ :‬حدثنا القاسم‪ ,‬حدثنا هشيم‪ ,‬أخبرنببا‬
‫إسماعيل بن سالم عن الحكم بن عتيبة فببي قببوله‪} :‬ومببا‬
‫ننزله إل بقدر معلوم{ قال‪ :‬ما عام بأكثر مطببرا ً مببن عببام‬
‫ول أقل‪ ,‬ولكنه يمطبر قبوم ويحبرم آخبرون بمبا كبان فبي‬
‫البحر‪ ,‬قال‪ :‬وبلغنا أنه ينزل مع المطببر مببن الملئكببة أكببثر‬
‫من عدد ولد إبليس‪ ,‬وولببد آدم يحصببون كببل قطببرة حيببث‬
‫تقببببببببببببببببببببع ومببببببببببببببببببببا تنبببببببببببببببببببببت‪.‬‬
‫وقال البزار‪ :‬حدثنا داود هببو ابببن بكيببر‪ ,‬حببدثنا حيببان بببن‬
‫أغلب بن تميم‪ ,‬حببدثني أبببي عببن هشببام‪ ,‬عببن محمببد بببن‬
‫سيرين‪ ,‬عن أبي هريرة رضي الله عنه قببال‪ :‬قببال رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬خزائن اللببه الكلم‪ ,‬فببإذا أراد‬
‫شيئا ً قال له كن فكان« ثم قال‪ :‬ل يرويه إل أغلببب وليببس‬
‫بالقوي‪ ,‬وقد حبدث عنبه غيبر واحبد مبن المتقبدمين‪ ,‬ولبم‬
‫يروه عنه إل ابنه‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬وأرسببلنا الريبباح لواقببح{‬

‫‪526‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أي تلقببح السببحاب فتببدر مبباء‪ ,‬وتلقببح الشببجر فتفتببح عببن‬
‫أوراقها وأكمامها‪ ,‬وذكرها بصيغة الجمع ليكون منها النتبباج‬
‫بخلف الريح العقيم‪ ,‬فببإنه أفردهببا ووصببفها بببالعقيم وهببو‬
‫عببدم النتبباج‪ ,‬لنببه ل يكببون إل مببن شببيئين فصبباعدًا‪.‬‬
‫وقال العمش عببن المنهببال بببن عمببرو‪ ,‬عببن قيببس بببن‬
‫السكن‪ ,‬عن عبببد اللببه بببن مسببعود فببي قببوله‪} :‬وأرسببلنا‬
‫الريبباح لواقببح{ قببال‪ :‬ترسببل الريببح فتحمببل المبباء مببن‬
‫السماء‪ ,‬ثم تمرى السحاب حتى تدر كما تدر اللقحة‪ ,‬وكذا‬
‫قال ابن عباس وإبراهيم النخعي وقتببادة‪ .‬وقببال الضببحاك‪:‬‬
‫يبعثها الله على السحاب فتلقحه فيمتلىء ماء‪ .‬وقال عبيببد‬
‫بن عمير الليثي‪ :‬يبعث الله المبشرة فتقم الرض قمًا‪ ,‬ثببم‬
‫يبعث الله المثيرة فتثير السحاب‪ ,‬ثم يبعببث اللببه المؤلفببة‬
‫فتؤلف السحاب‪ ,‬ثم يبعث الله اللواقح فتلقح الشببجر‪ ,‬ثببم‬
‫تل }وأرسببببببببببببببلنا الريبببببببببببببباح لواقببببببببببببببح{‪.‬‬
‫وقد روى ابن جرير من حديث عبيس بن ميمون عن أبي‬
‫المهزم عن أبي هريرة‪ ,‬عن النبي صلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫قال‪» :‬الريح الجنوب من الجنة‪ ,‬وهي الببتي ذكببر اللببه فببي‬
‫كتببابه‪ ,‬وفيهببا منببافع للنبباس« وهببذا إسببناد ضببعيف‪ ,‬وقببال‬
‫المام أبو بكر عبد الله بن الزبيببر الحميببدي فببي مسببنده‪.‬‬
‫حدثنا سببفيان‪ ,‬حببدثنا عمببرو بببن دينببار‪ ,‬أخبببرني يزيببد بببن‬
‫جعدية الليثي أنه سمع عبد الرحمن بن مخراق يحدث عن‬
‫أبي ذر‪ ,‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسببلم‪» :‬إن‬
‫الله خلق في الجنة ريحا ً بعد الريح بسبببع سببنين‪ ,‬وإن مببن‬
‫دونها بابا ً مغلقًا‪ ,‬وإنما يأتيكم الريببح مببن ذلببك الببباب‪ ,‬ولببو‬
‫فتح لذرت ما بين السماء والرض مببن شببيء‪ ,‬وهببي عنببد‬
‫اللبببببببه الذيبببببببب‪ ,‬وهبببببببي فيكبببببببم الجنبببببببوب«‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬فأسقيناكموه{ أي أنزلناه لكم عذبا ً يمكنكببم أن‬
‫تشربوا منه لو نشاء جعلناه أجاجًا‪ ,‬كما نبه على ذلببك فببي‬
‫ليببة الخببرى فببي سببورة الواقعببة‪ ,‬وهببو قببوله تعببالى‪:‬‬ ‫ا َ‬
‫}أفرأيتم الماء الذي تشربون * أأنتم أنزلتموه مببن المببزن‬
‫أم نحببن المنزلببون ؟ * لببو نشبباء جعلنبباه أجاجببا ً فلببول‬
‫تشكرون{‪ ,‬وفي قوله‪} :‬هو الذي أنببزل مببن السببماء مبباء‬

‫‪527‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسببيمون{‪ .‬وقببوله‪} :‬ومببا‬
‫أنتم له بخازنين{ قال سفيان الثوري‪ :‬بمببا نعيببن‪ ,‬ويحتمببل‬
‫أن المراد وما أنتم له بحافظين‪ ,‬بببل نحببن ننزلببه ونحفظبه‬
‫عليكم ونجعله معينا ً وينببابيع فببي الرض‪ ,‬ولببو شبباء تعببالى‬
‫لغاره وذهب بببه‪ ,‬ولكببن مببن رحمتببه أنزلببه وجعلببه عببذبًا‪,‬‬
‫لبار والنهار وغير ذلببك‪ ,‬ليبقببى لهببم‬ ‫وحفظه في العيون وا َ‬
‫فببي طببول السببنة يشببربون ويسببقون أنعببامهم وزروعهببم‬
‫وثمببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببارهم‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وإنا لنحن نحيي ونميت{ إخبار عن قدرته تعالى‬
‫على بدء الخلق وإعادته‪ ,‬وأنببه هببو الببذي أحيببا الخلببق مببن‬
‫العدم‪ ,‬ثم يميتهم ثم يبعثهم كلهم ليوم الجمببع‪ ,‬وأخبببر أنببه‬
‫تعالى يرث الرض ومببن عليهببا‪ ,‬وإليببه يرجعببون‪ ,‬ثببم أخبببر‬
‫تعالى عن تمام علمه بهم أولهببم وآخرهببم‪ ,‬فقببال‪} :‬ولقببد‬
‫ليببة‪ ,‬قببال ابببن عببباس رضببي‬ ‫علمنا المستقدمين منكم{ ا َ‬
‫الله عنهما‪ :‬المستقدمون كل من هلك من لببدن آدم عليببه‬
‫السلم‪ ,‬والمستأخرون من هو حي ومن سببيأتي إلببى يببوم‬
‫القيامة‪ ,‬وروي نحوه عن عكرمة ومجاهد والضحاك وقتادة‬
‫ومحمد بن كعب والشعبي وغيرهم‪ ,‬وهو اختيار ابببن جريببر‬
‫رحمببببببببببببببببببببببببببببببببه اللببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫وقال ابببن جريببر‪ :‬حببدثنا محمببد بببن عبببد العلببى‪ ,‬حببدثنا‬
‫المعتمر بن سليمان عن أبيه‪ ,‬عن رجببل‪ ,‬عببن مببروان بببن‬
‫الحكم أنه قال‪ :‬كان أناس يسببتأخرون فببي الصببفوف مببن‬
‫أجل النساء‪ ,‬فأنزل الله }ولقد علمنببا المسببتقدمين منكببم‬
‫ولقد علمنا المستأخرين{‪ ,‬وقد ورد فيه حديث غريب جدًا‪,‬‬
‫فقال ابن جرير‪ :‬حدثني محمد بن موسى الجرشي‪ ,‬حببدثنا‬
‫نوح بن قيس‪ ,‬حدثنا عمرو بن قيس‪ ,‬حدثنا عمرو بن مالك‬
‫عن أبي الجوزاء‪ ,‬عن ابن عباس رضببي اللببه عنهمببا قببال‪:‬‬
‫كانت تصببلي خلببف النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم امببرأة‬
‫حسناء‪ ,‬قال ابن عباس‪ :‬ل والله ما رأيت مثلها قط‪ ,‬وكببان‬
‫بعببض المسببلمين إذا صببلوا اسببتقدموا‪ ,‬يعنببي لئل يروهببا‪,‬‬
‫وبعبض يسبتأخرون‪ ,‬فبإذا سبجدوا نظبروا إليهبا مبن تحبت‬
‫أيديهم‪ ,‬فأنزل الله }ولقد علمنا المستقدمين منكببم ولقببد‬

‫‪528‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫علمنا المستأخرين{‪ ,‬وكذا رواه أحمد وابن أبي حبباتم فببي‬
‫تفسيره‪ ,‬ورواه الترمذي والنسائي في كتاب التفسير مببن‬
‫سننيهما‪ ,‬وابن ماجه من طرق عن نوح بن قيس الحداني‪,‬‬
‫وقد وثقه أحمد وأبو داود وغيرهما‪ ,‬وحكي عبن اببن معيبن‬
‫تضعيفه‪ ,‬وأخرجه مسلم وأهل السنن‪ ,‬وهببذا الحببديث فيببه‬
‫نكببارة شببديدة‪ ,‬وقببد رواه عبببد الببرزاق عببن جعفببر بببن‬
‫سليمان‪ ,‬عن عمرو بن مالببك وهببو النكببري أنببه سببمع أبببا‬
‫الجوزاء يقول في قوله‪} :‬ولقد علمنا المستقدمين منكم{‬
‫في الصفوف في الصببلة }والمسببتأخرين{ فالظبباهر أنببه‬
‫من كلم أبي الجوزاء فقط‪ ,‬ليببس فيببه لبببن عببباس ذكببر‪,‬‬
‫وقد قال الترمذي‪ :‬هذا أشبه من روايببة نببوح بببن قيببس‪ ,‬و‬
‫اللببه أعلببم‪ ,‬وهكببذا روى ابببن جريببر عببن محمببد بببن أبببي‬
‫معشر‪ ,‬عن أبيه أنه سمع عون بن عبد الله يذكر محمد بن‬
‫كعب في قببوله‪} :‬ولقببد علمنببا المسببتقدمين منكببم ولقببد‬
‫علمنا المستأخرين{ وأنها في صفوف الصلة‪ ,‬فقال محمد‬
‫بن كعب‪ :‬ليس هكببذا }ولقببد علمنببا المسببتقدمين منكببم{‬
‫الميت والمقتببول }والمسببتأخرين{ مببن يخلببق بعببد }وإن‬
‫ربك هو يحشرهم إنه حكيببم عليببم{ فقببال عببون بببن عبببد‬
‫اللببببببببه‪ :‬وفقببببببببك اللببببببببه وجببببببببزاك خيببببببببرًا‪.‬‬

‫ن*‬ ‫سبُنو ٍ‬‫م ْ‬ ‫م بإ ٍ ّ‬


‫ح َ‬
‫ن َ‬
‫مب ْ‬
‫ل ّ‬ ‫صل ْ َ‬
‫صببا ٍ‬ ‫مببن َ‬ ‫ن ِ‬‫سا َ‬ ‫خل َْقَنا ا ِ‬
‫لن َ‬ ‫** وَل ََقد ْ َ‬
‫موم ِ‬ ‫سبببب ُ‬
‫مببببن ّنببببارِ ال ّ‬‫ل ِ‬ ‫خل َْقَنبببباهُ ِ‬
‫مببببن قَْببببب ُ‬ ‫ن َ‬‫جببببآ ّ‬ ‫َوال ْ َ‬
‫قال ابن عباس ومجاهد وقتادة‪ :‬المببراد بالصلصببال ههنببا‬
‫التراب اليابس‪ ,‬والظاهر أنه كقوله تعالى‪} :‬خلق النسببان‬
‫من صلصال كالفخار‪ ,‬وخلببق الجببان مببن مببارج مببن نببار{‬
‫لية با َ‬
‫ليببة‬ ‫وعن مجاهد أيضا ً }الصلصال{ المنتن‪ ,‬وتفسير ا َ‬
‫أولى‪ .‬قوله‪} :‬من حمأ مسببنون{ أي الصلصببال مببن حمببأ‪,‬‬
‫وهببو الطيببن‪ .‬والمسببنون‪ :‬الملببس‪ ,‬كمببا قببال الشبباعر‪:‬‬
‫ثم خاصرتها إلى القبة الخضبراء تمشي في مرمر مسنون‬
‫أي أملس صقيل‪ ,‬ولهذا روي عن ابن عباس أنه قال‪ :‬هو‬
‫التراب الرطب‪ ,‬وعن ابن عباس ومجاهد أيضا ً والضببحاك‪:‬‬

‫‪529‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أن الحمأ المسنون هببو المنتببن‪ .‬وقيببل‪ :‬المببراد بالمسببنون‬
‫ههنا المصبوب‪ .‬وقوله‪} :‬والجان خلقناه من قبل{ أي مببن‬
‫قبل النسان }مببن نببار السببموم{ قببال ابببن عببباس‪ :‬هببي‬
‫السموم التي تقتل‪ ,‬وقال بعضهم‪ :‬السموم بالليل والنهبار‪,‬‬
‫ومنهم من يقول‪ :‬السموم بالليببل والحببرور بالنهببار‪ .‬وقببال‬
‫أبو داود الطيالسي‪ :‬حببدثنا شببعبة عببن أبببي إسببحاق قببال‪:‬‬
‫دخلت على عمر الصببم أعببوده‪ ,‬فقببال‪ :‬أل أحببدثك حببديثا ً‬
‫سمعته من عبد الله بن مسعود‪ ,‬يقول هذه السببموم جببزء‬
‫من سبعين جزءا ً من السموم التي خلببق منهبا الجببان‪ ,‬ثببم‬
‫قرأ }والجان خلقناه من قبل من نار السموم{ وعببن ابببن‬
‫عباس‪ :‬أن الجان خلق مببن لهببب النببار‪ ,‬وفببي روايببة‪ :‬مببن‬
‫أحسن النار‪ .‬وعن عمرو بن دينار‪ :‬من نببار الشببمس‪ .‬وقببد‬
‫ورد في الصحيح »خلقت الملئكة من نور‪ ,‬وخلقت الجببان‬
‫من مارج من نار‪ ,‬وخلق آدم مما وصف لكم«‪ .‬والمقصببود‬
‫ليببة التنبببيه علببى شببرف آدم عليببه السببلم وطيببب‬ ‫مببن ا َ‬
‫عنصببببببببببببببببره وطهببببببببببببببببارة محتببببببببببببببببده‪.‬‬

‫ن‬ ‫م ْ‬‫ل ّ‬ ‫صا ٍ‬ ‫صل ْ َ‬ ‫من َ‬ ‫شرا ً ّ‬ ‫خال ِقٌ ب َ َ‬ ‫مل َئ ِك َةِ إ ِّني َ‬ ‫ك ل ِل ْ َ‬
‫ل َرب ّ َ‬ ‫** وَإ ِذ ْ َقا َ‬
‫حببي فََقعُببوا ْ‬ ‫من ّرو ِ‬ ‫ت ِفيهِ ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ه وَن ََف ْ‬ ‫سوّي ْت ُ ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن * فَإ ِ َ‬ ‫سُنو ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫مإ ٍ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن * إ ِل ّ إ ِب ِْلي َ‬
‫س‬ ‫مُعو َ‬ ‫ج َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ة ك ُل ّهُ ْ‬ ‫ملئ ِك َ ُ‬ ‫جد َ ال ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن * فَ َ‬ ‫دي َ‬ ‫ج ِ‬‫سا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫لَ ُ‬
‫ن‬‫كو َ‬ ‫ك أ َل ّ ت َ ُ‬ ‫ما ل َ َ‬‫س َ‬ ‫ل ي َإ ِب ِْلي ُ‬ ‫ن * َقا َ‬ ‫دي َ‬ ‫ج ِ‬ ‫سا ِ‬ ‫معَ ال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫كو َ‬ ‫ى َأن ي َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫أَ‬
‫مببن‬ ‫َ‬ ‫جد َ ل ِب َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه ِ‬ ‫خلْقت َب ُ‬ ‫شبرٍ َ‬ ‫سب ُ‬
‫م أكببن ل ْ‬ ‫ن * قببال لب ْ‬ ‫دي َ‬ ‫ج ِ‬‫سا ِ‬ ‫معَ ال ّ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫سبببببببببببُنو ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫مبببببببببببإ ٍ ّ‬ ‫ح َ‬‫ن َ‬ ‫مببببببببببب ْ‬ ‫ل ّ‬‫صبببببببببببا ٍ‬ ‫صل ْ َ‬ ‫َ‬
‫يببذكر تعببالى تنببويهه بببذكر آدم فببي ملئكتببه قبببل خلقببه‬
‫وتشريفه إياه بببأمر الملئكببة بالسببجود لببه‪ ,‬ويببذكر تخلببف‬
‫إبليس عدوه عن السجود له من بين سائر الملئكة حسدا ً‬
‫وكفرا ً وعنادا ً واستكبارا ً وافتخارا ً بالباطل‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬لم‬
‫أكن لسجد لبشر خلقته من صلصال من حمبباٍء مسببنون{‬
‫كقوله }أنا خير منه خلقتني مببن نببار وخلقتببه مببن طيببن{‬
‫ليببة‪ ,‬وقببد روى‬ ‫ي{ ا َ‬ ‫وقوله‪} :‬أرأيتك هذا الذي كّرمببت عل ب ّ‬
‫ابن جرير ههنا أثرا ً غريبا ً عجيبا ً من حديث شبيب بببن بشبر‬

‫‪530‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن عكرمة‪ ,‬عن ابن عباس قال‪ :‬لمببا خلببق اللببه الملئكببة‬
‫قال‪ِ} :‬إني خالق بشرا ً من طين‪ ,‬فإذا سويته ونفخببت فيببه‬
‫من روحي فقعوا لببه سبباجدين{ قببالوا‪ :‬ل نفعببل‪ ,‬فأرسببل‬
‫عليهم نارا ً فأحرقتهم‪ ,‬ثم خلببق ملئكببة أخببرى فقببال لهببم‬
‫مثل ذلك‪ ,‬فقالوا‪ :‬ل نفعل‪ ,‬فأرسل عليهم نببارا ً فببأحرقتهم‪,‬‬
‫ثم خلق ملئكة أخرى فقال‪ :‬إنبي خبالق بشبرا ً مبن طيبن‪,‬‬
‫فإذا أنببا خلقتببه فاسببجدوا لببه فببأبوا‪ ,‬فأرسببل عليهببم نببارا ً‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫فأحرقتهم‪ ,‬ثم خلق ملئكببة فقببال‪ :‬إنببي خببالق بشببرا مببن‬
‫طين‪ ,‬فِإذا أنا خلقته فاسجدوا له‪ ,‬قالوا‪ :‬سمعنا وأطعنا‪ِ ,‬إل‬
‫ِإبليس كان من الكافرين الولين‪ ,‬وفي ثبوت هذا عنه بعد‪,‬‬
‫والظببببببباهر أنبببببببه إسبببببببرائيلي‪ ,‬و اللبببببببه أعلبببببببم‪.‬‬

‫ى‬ ‫ك الل ّعْن َب َ َ‬ ‫ن عَل َي ْب َ‬ ‫من َْها فَإ ِن ّ َ‬ ‫ل َفا ْ‬ ‫** َقا َ‬
‫ة إ ِل ب َ‬ ‫م * وَإ ِ ّ‬ ‫جي ٌ‬ ‫ك َر ِ‬
‫َ‬
‫ج ِ‬ ‫خُر ْ‬
‫ن * قَببا َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ى ي َبوْم ِ ي ُب ْعَث ُببو َ‬‫ب فَأنظ ِْرِني إ ِلب َ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫ن * َقا َ‬ ‫دي ِ‬‫ي َوْم ِ ال ّ‬
‫ت ال ْ َ ُ‬‫ى َيببوْم ِ اْلببوَقْ ِ‬ ‫َ‬ ‫منظ َ ِ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫فَإ ِّنبب َ‬
‫معْلببوم ِ‬ ‫ن * إ ِلبب َ‬ ‫ريبب َ‬ ‫مبب َ‬ ‫ك ِ‬
‫يذكر تعالى أنه أمر ِإبليس أمرا ً كونيا ً ل يخببالف ول يمببانع‬
‫بالخروج من المنزلة التي كان فيها من المل العلى‪ ,‬وأنببه‬
‫رجيم أي مرجوم‪ ,‬وأنه قد أتبعببه لعنببة ل تببزال متصببلة بببه‬
‫لحقة له متواترة عليه إلى يوم القيامببة‪ .‬وعببن سببعيد بببن‬
‫جبير أنه قال‪ :‬لما لعببن اللببه ِإبليببس‪ ,‬تغيببرت صببورته عببن‬
‫صورة الملئكة‪ ,‬ورن رنة‪ ,‬فكببل رنببة فببي الببدنيا إلببى يببوم‬
‫القيامة منها‪ ,‬رواه ابن أبي حاتم‪ ,‬وأنه لمببا تحقببق الغضببب‬
‫لدم وذريته النظرة‬ ‫الذي ل مرد له‪ ,‬سأل من تمام حسده َ‬
‫إلى يوم القيامة‪ ,‬وهو يببوم البعببث‪ ,‬وأنببه أجيببب إلببى ذلببك‬
‫ل‪ ,‬فلمببا تحقببق النظببرة قبحببه اللببه‪.‬‬ ‫اسببتدراجا ً لببه وِإمهببا ً‬

‫َ‬
‫م‬‫ض وَل ُغْبوِي َن ّهُ ْ‬ ‫م فِببي الْر ِ‬ ‫ن ل َهُ ْ‬ ‫مآ أغْوَي ْت َِني ل َُزي ّن َ ّ‬ ‫ب بِ َ‬‫ل َر ّ‬ ‫** َقا َ‬
‫ص بَرا ٌ‬ ‫َ‬
‫ط‬ ‫ذا ِ‬ ‫ل هَ ب َ‬‫ن * َقا َ‬ ‫صي َ‬ ‫خل َ ِ‬‫م ْ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫من ْهُ ُ‬
‫ك ِ‬ ‫عَباد َ َ‬‫ن * إ ِل ّ ِ‬ ‫مِعي َ‬ ‫ج َ‬‫أ ْ‬
‫ن‬ ‫ن إ ِل ّ َ‬ ‫سل ْ َ‬ ‫ك عَل َي ْهِ ْ‬‫س لَ َ‬ ‫عَباِدي ل َي ْ َ‬ ‫عَل َ ّ‬
‫م ِ‬ ‫طا ٌ‬ ‫م ُ‬
‫عدهُ َ‬
‫ن ِ‬‫م * إِ ّ‬ ‫ست َِقي ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ي ُ‬
‫ن * ل ََهببا‬ ‫مِعيبب َ‬‫ج َ‬‫مأ ْ‬ ‫مو ْ ِ ُ ْ‬ ‫م لَ َ‬‫جهَن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن * وَإ ِ ّ‬ ‫ن ال َْغاِوي َ‬ ‫م َ‬‫ك ِ‬ ‫ات ّب َعَ َ‬
‫م‬ ‫ب ل ِك ُبببب ّ‬ ‫سبببببع ُ َ‬
‫سببببو ٌ‬ ‫مْق ُ‬ ‫جببببْزٌء ّ‬ ‫م ُ‬ ‫من ْهُبببب ْ‬
‫ب ّ‬ ‫ل ب َببببا ٍ‬ ‫وا ٍ‬ ‫ة أب ْبببب َ‬ ‫َ َْ‬
‫‪531‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن ِإبليببس وتمببرده وعتببوه أنببه قببال‬
‫للرب‪} :‬بما أغويتني{ قال بعضهم‪ :‬أقسم بِإغواء اللببه لببه‪.‬‬
‫}قلت{ ويحتمل أنه بسبب ما أغويتني وأضللتني }لزينببن‬
‫لهم{ أي لذرية آدم عليه السلم }فببي الرض{ أي أحبببب‬
‫إليهم المعاصي وأرغبهم فيها وأؤزهم إليها‪ ,‬وأزعجهم إليهببا‬
‫ي‬‫إزعاجا ً }ولغوينهم أجمعين{ أي كما أغويتني وقدرت عل ّ‬
‫ذلك }إل عبادك منهببم المخلصببين{ كقببوله‪} :‬أرأيتببك هببذا‬
‫خرتبن إلبى يبوم القيامبة لحتنكبن‬ ‫الذي كرمت علبي لئن أ ّ‬
‫ل{ }قببال{ اللببه تعببالى لببه متهببددا ً ومتوعببدا ً‬ ‫ذريتببه إل قلي ً‬
‫ي‪,‬‬ ‫ي مسببتقيم{ أي مرجعكببم كلكببم إل ب ّ‬ ‫}هببذا صببراط عل ب ّ‬
‫فأجازيكم بأعمالكم إن خيرا ً فخير وإن شرا ً فشببر‪ ,‬كقببوله‬
‫تعالى‪} :‬إن ربك لبالمرصاد{‪ .‬وقيل‪ :‬طريق الحق مرجعهببا‬
‫إلى الله تعالى‪ ,‬وإليه تنتهي‪ ,‬قاله مجاهد والحسببن وقتببادة‬
‫كقوله‪} :‬وعلى الله قصد السبيل{ وقرأ قيببس بببن عبببادة‬
‫ي مسببتقيم{‬ ‫ومحمد بن سيرين وقتببادة }هببذا صببراط علب ّ‬
‫كقوله‪} :‬وإنه في أم الكتاب لدينا لعلببي حكيببم{ أي رفيببع‬
‫والمشبببببببببببببببهور القبببببببببببببببراءة الولبببببببببببببببى‪.‬‬
‫وقببوله }إن عبببادي ليببس لببك عليهببم سببلطان{ أي الببذي‬
‫قدرت لهببم الهدايببة فل سبببيل لببك عليهببم ول وصببول لببك‬
‫إليهم }إل من اتبعك من الغبباوين{ اسببتثناء منقطببع‪ .‬وقببد‬
‫أورد ابن جرير ههنا من حديث عبد اللببه بببن المبببارك عببن‬
‫عبد الله بن مببوهب‪ ,‬حببدثنا يزيببد بببن قسببيط قببال‪ :‬كببانت‬
‫النبياء يكون لهببم مسبباجد خارجببة مببن قراهببم‪ ,‬فببإذا أراد‬
‫النبي أن يستنبىء ربه عن شيء خرج إلى مسجده فصلى‬
‫ما كتب الله له‪ ,‬ثم سأله ما بدا له‪ ,‬فبينا نبي في مسببجده‬
‫ِإذ جاء عدو الله ب يعنببي ِإبليببس بب حببتى جلببس بينببه وبيببن‬
‫القبلة‪ ,‬فقال النبي‪ :‬أعوذ بالله من الشيطان الرجيم‪ ,‬قال‪:‬‬
‫فردد ذلك ثلث مرات‪ ,‬فقال عدو الله‪ :‬أخبرني بأي شببيء‬
‫تنجو مني ؟ فقال النبي‪ :‬بل أخبرني بأي شيء تغلببب ابببن‬
‫آدم مرتين ؟ فأخذ كببل واحببد منهمببا علببى صبباحبه‪ ,‬فقببال‬
‫النبي‪ :‬إن الله تعالى يقول‪} :‬إن عبببادي ليببس لببك عليهببم‬
‫سلطان إل من اتبعك مببن الغبباوين{‪ .‬قبال عببدو اللبه‪ :‬قببد‬

‫‪532‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سمعت هذا قبل أن تولد‪ .‬قال النبي‪ :‬ويقببول اللببه‪} :‬وإمببا‬
‫ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليببم{‪,‬‬
‫وإني و الله ما أحسست بك قط إل اسببتعذت بببالله منببك‪.‬‬
‫قببال عببدو اللببه‪ :‬صببدقت بهببذا تنجببو منببي‪ ,‬فقببال النبببي‪:‬‬
‫أخبرني بأي شيء تغلب ابن آدم ؟ قال آخذه عند الغضببب‬
‫والهببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببوى‪.‬‬
‫قوله‪} :‬وِإن جهنم لموعببدهم أجمعيببن{ أي جهنببم موعببد‬
‫جميع من اتبع ِإبليس‪ ,‬كما قال عن القرآن }ومن يكفر بببه‬
‫من الحزاب فالنببار موعببده{‪ ,‬ثببم أخبببر أن لجهنببم سبببعة‬
‫أبواب }لكل باب منهم جزء مقسببوم{ أي قببد كتببب لكببل‬
‫باب منها جزء من أتباع إبليس يدخلونه ل محيد لهببم عنببه‪,‬‬
‫أجارنببا اللببه منهببا‪ ,‬وكببل يببدخل مببن ببباب بحسببب عملببه‪,‬‬
‫ويستقر فببي درك بقببدر عملببه‪ .‬قببال إسببماعيل بببن عليببة‬
‫وشعبة‪ ,‬كلهما عن أبي هارون الغنوي عن حطان بن عبببد‬
‫الله أنه قال‪ :‬سببمعت علببي بببن أبببي طببالب وهببو يخطببب‬
‫قال‪ :‬إن أبواب جهنببم هكببذا بب قببال أبببو هببارون بب أطباقبا ً‬
‫بعضها فوق بعض‪ .‬وقببال إسببرائيل عببن أبببي إسببحاق عببن‬
‫هبيرة بن أبي يريم‪ ,‬عن علي رضي الله عنه قببال‪ :‬أبببواب‬
‫جهنم سبعة بعضها فوق بعببض‪ ,‬فيمتلىببء الول ثببم الثبباني‬
‫ثبببببببببم الثبببببببببالث حبببببببببتى تمتلىبببببببببء كلهبببببببببا‪.‬‬
‫وقببال عكرمببة‪ :‬سبببعة أبببواب سبببعة أطببباق‪ ,‬وقببال ابببن‬
‫جريج‪ :‬سبعة أبواب‪ :‬أولها جنهم‪ ,‬ثم لظى‪ ,‬ثم الحطمة‪ ,‬ثم‬
‫السعير‪ ,‬ثم سقر‪ ,‬ثم الجحيم‪ ,‬ثم الهاويببة‪ .‬وروى الضببحاك‬
‫عن ابن عباس نحوه‪ :‬وكذا روي عن العمش بنحوه أيض بًا‪,‬‬
‫وقببال قتببادة‪} :‬لهببا سبببعة أبببواب لكببل ببباب منهببم جببزء‬
‫مقسوم{ هي و الله منازل بأعمببالهم‪ ,‬رواهببن اببن جريبر‪,‬‬
‫وقال جويبر عن الضحاك }لها سبعة أبواب لكل باب منهم‬
‫جزء مقسوم{ قال‪ :‬ببباب لليهببود‪ ,‬وببباب للنصببارى‪ ,‬وببباب‬
‫للصابئين‪ ,‬وباب للمجوس‪ ,‬وباب للذين أشركوا وهم كفببار‬
‫العببرب‪ ,‬وببباب للمنببافقين‪ ,‬وببباب لهببل التوحيببد‪ ,‬فأهببل‬
‫التوحيبببببد يرجبببببى لهبببببم ول يرجبببببى لولئك أببببببدًا‪.‬‬

‫‪533‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال الترمذي‪ :‬حدثنا عبد بن جنيد‪ ,‬حدثنا عثمان بن عمر‬
‫عن مالك بن مغول عبن حميبد عبن اببن عمبر عببن النبببي‬
‫صلى الله عليه وسببلم قببال‪» :‬لجهنببم سبببعة أبببواب‪ ,‬ببباب‬
‫منها لمببن سببل السببيف علببى أمببتي بب أو قببال علببى أمببة‬
‫محمد{ ثم قال‪ :‬ل نعرفه إل من حديث مالببك بببن مغببول‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حبباتم‪ :‬حببدثنا أبببي حببدثنا عببباس بببن الوليببد‬
‫الخلل‪ ,‬حدثنا زيد ب يعني ابن يحيى ب حدثنا سعيد بن بشبير‬
‫عن قتادة عن أبي نضرة عن سمرة بن جندب‪ ,‬عن النبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم فببي قببوله‪} :‬لكببل ببباب منهببم جببزء‬
‫مقسوم{ قال »إن مببن أهببل النببار مببن تأخببذه النببار إلببى‬
‫كعبيه‪ ,‬وإن منهم من تأخذه النار إلى حجزتببه‪ ,‬ومنهببم مببن‬
‫تأخذه النار إلى تراقيببه‪ ,‬منببازلهم بأعمببالهم‪ ,‬فببذلك قببوله‪:‬‬
‫}لكببببببببل ببببببببباب منهببببببببم جببببببببزء مقسببببببببوم{‪.‬‬

‫ن‬ ‫مِني ب َ‬
‫سببلم ٍ آ ِ‬ ‫ها ب ِ َ‬ ‫خُلو َ‬ ‫ن * اد ْ ُ‬ ‫ت وَعُُيو ٍ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫ن ِفي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مت ِّقي َ‬ ‫** إ ِ ّ‬
‫سبُرٍر‬ ‫ى ُ‬ ‫خ َ ً َ‬ ‫ن ِغب ّ‬
‫وانبا عَلب َ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫مب ْ‬‫هم ّ‬ ‫دورِ ِ‬ ‫صب ُ‬‫مببا فِببي ُ‬ ‫* وَن ََزعْن َببا َ‬
‫ن*‬ ‫جي َ‬ ‫خَر ِ‬ ‫م ْ‬‫من َْها ب ِ ُ‬
‫م ّ‬ ‫ما هُ ْ‬ ‫ب وَ َ‬ ‫ص ٌ‬‫م ِفيَها ن َ َ‬ ‫سه ُ ْ‬‫م ّ‬‫ن * ل َ يَ َ‬ ‫مت ََقاب ِِلي َ‬
‫ّ‬
‫و‬ ‫ن عَب َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عب َبباِدي أن ّببي أن َببا ال ْغَُفببوُر الّر ِ‬
‫ذاِبي هُب َ‬ ‫م * وَأ ّ‬ ‫حيب ُ‬ ‫ن َّبىبْء ِ‬
‫م‬
‫ب الِليبببببببببببببببببببببببببببببب ُ‬ ‫ذا ُ‬‫ال َْعبببببببببببببببببببببببببببببب َ‬
‫لما ذكر تعالى حببال أهببل النببار‪ ,‬عطببف علببى ذكببر أهببل‬
‫الجنة وأنهم في جنات وعيون‪ .‬وقوله‪} :‬ادخلوهببا بسببلم{‬
‫لفببات‪ ,‬مسبلم عليكببم }آمنيببن{ أي مببن‬ ‫أي سالمين من ا َ‬
‫كببل خببوف وفببزغ‪ ,‬ول تخشببوا مببن إخببراج ول انقطبباع ول‬
‫فناء‪ ,‬وقوله‪} :‬ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا ً على‬
‫سرر متقابلين{ روى القاسم عن أبي أمامببة قببال‪ :‬يببدخل‬
‫أهل الجنة الجنببة علببى مببا فببي صببدورهم فببي الببدنيا مببن‬
‫الشحناء والضغائن‪ ,‬حتى ِإذا توافوا وتقببابلوا نببزع اللببه مببا‬
‫في صدورهم في الدنيا من غل‪ ,‬ثم قببرأ }ونزعنببا مببا فببي‬
‫صدورهم من غل{ هكذا فببي هببذه الروايببة‪ ,‬والقاسببم بببن‬
‫عبد الرحمن في روايته عن أبي أمامة ضببعيف‪ ,‬وقببد روى‬
‫سنيد في تفسيره‪ :‬حدثنا ابن فضالة عن لقمببان عببن أبببي‬

‫‪534‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أمامة قال‪ :‬ل يدخل الجنة مؤمن حببتى ينببزع اللببه مببا فببي‬
‫صدره من غل حتى ينزع منه مثببل السبببع الضبباري‪ .‬وهببذا‬
‫موافببق لمببا فببي الصببحيح مببن روايببة قتببادة‪ :‬حببدثنا أبببو‬
‫المتوكل الناجي أن أبببا سببعيد الخببدري حببدثهم أن رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬يخلص المؤمن من النار‪,‬‬
‫فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار‪ .‬فيقتببص لبعضببهم‬
‫من بعض مظبالم كبانت بينهبم فبي البدنيا حبتى ِإذا هبذبوا‬
‫ونقبببببببوا‪ ,‬أذن لهبببببببم فبببببببي دخبببببببول الجنبببببببة«‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬حببدثنا يزيببد بببن هببارون‪,‬‬
‫أخبرنا هشبام عبن محمبد هبو اببن سبيرين قبال‪ :‬اسبتأذن‬
‫الشببتر علببى علببي رضببي اللبه عنببه‪ ,‬وعنببده ابببن لطلحببة‬
‫فحبسببه ثببم أذن لببه‪ ,‬فلمببا دخببل قببال‪ :‬إنببي لراك إنمببا‬
‫حبستني لهذا‪ ,‬قال‪ :‬أجل‪ ,‬قببال‪ :‬إنببي لراه لببو كببان عنببدك‬
‫ابن لعثمان لحبستني‪ ,‬قال‪ :‬أجل إنببي لرجببو أن أكببون أنببا‬
‫وعثمان ممن قال الله تعالى }ونزعنا ما في صدورهم من‬
‫غل إخوانا ً على سببرر متقببابيلن{ وقببال ابببن جريببر أيض بًا‪:‬‬
‫حدثنا الحسن‪ ,‬حدثنا أبو معاوية الضببرير‪ ,‬حببدثنا أبببو مالببك‬
‫الشجعي‪ ,‬عن أبي حبيبة مولى لطلحة قال‪ :‬دخل عمببران‬
‫بببن طلحببة علببى علببي رضببي اللببه عنببه بعببدما فببرغ مببن‬
‫أصحاب الجمل‪ ,‬فرحب به وقببال‪ :‬إنببي لرجببو أن يجعلنببي‬
‫الله وأباك من الذين قال الله }ونزعنببا مببا فببي صببدورهم‬
‫مبببببن غبببببل إخوانبببببا ً علبببببى سبببببرر متقبببببابلين{‪.‬‬
‫وقال‪ :‬ورجلن جالسان إلى ناحية البسبباط‪ ,‬فقببال‪ :‬اللببه‬
‫أعدل من ذلك تقتلهم بالمس وتكونون إخوانًا‪ ,‬فقال علي‬
‫رضي الله عنه‪ :‬قوما ً أبعد أرض وأسحقها‪ ,‬فمن هم إذا ً إن‬
‫لم أكن أنببا وطلحببة ؟ وذكببر أبببو معاويببة الحببديث بطببوله‪,‬‬
‫وروى وكيع عن أبان بن عبد الله البجلي عن نعيم بن أبببي‬
‫هند‪ ,‬عن ربعي بن جراش عن علي نحوه‪ ,‬وقال فيه فقببام‬
‫رجببل مببن همببدان فقببال‪ :‬اللببه أعببدل مببن ذلببك يببا أميببر‬
‫المؤمنين‪ ,‬قال‪ :‬فصاح به علبي صبيحة فظننبت أن القصبر‬
‫تدهببده لهببا‪ ,‬ثببم قببال‪ :‬إذا لببم نكببن نحببن فمببن هببم ؟‬

‫‪535‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال سعيد بن مسروق عبن أببي طلحبة‪ ,‬وذكبره وفيبه‪:‬‬
‫فقال الحارث العور ذلك‪ ,‬فقام إليه علي رضي اللببه عنببه‬
‫فضربه بشيء كان في يده في رأسه‪ ,‬وقبال‪:‬فمبن هبم يبا‬
‫أعور إذا لم نكن نحن ؟ وقال سفيان الثوري عببن منصببور‬
‫عن إبراهيم قال‪ :‬جبباء ابببن جرمببوز قاتببل الزبيببر يسببتأذن‬
‫على علي رضي الله عنه فحجبه طببويل ً ثببم أذن لببه فقببال‬
‫له‪ :‬أما أهل البلء فتجفوهم‪ ,‬فقال علي‪ :‬بفيك التراب إنببي‬
‫لرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله‪} :‬ونزعنا‬
‫ما في صدورهم من غل إخوانا ً على سرر متقابلين{ وكببذا‬
‫روى الثوري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بنحوه‪.‬‬
‫وقال سفيان بن عيينة عن إسرائيل عن أبي موسى سببمع‬
‫الحسن البصببري يقببول‪ :‬قببال علببي‪ :‬فينببا واللببه أهببل بببدر‬
‫لية }ونزعنا ما في صدورهم مببن غببل إخوان با ً‬ ‫نزلت هذه ا َ‬
‫على سرر متقابلين{ وقال كثير النببواء‪ :‬دخلببت علببى أبببي‬
‫جعفببر محمببد بببن علببي فقلببت‪ :‬وليببي وليكببم‪ ,‬وسببلمي‬
‫سببلمكم‪ ,‬وعببدوي عببدوكم‪ ,‬وحربببي حربكببم‪ ,‬أنببا أسببألك‬
‫بالله(أتبرأ من أبي بكر وعمر فقال‪} :‬قد ضللت إذا ً وما أنا‬
‫من المهتدين{ تولهما يا كثير فما أدركك فهببو فببي رقبببتي‬
‫لية }إخوانا ً على سببرر متقببابلين{ قببال‪:‬‬ ‫هذه‪ ,‬ثم تل هذه ا َ‬
‫أببو بكبر وعمبر وعلبي رضبي اللبه عنهبم أجمعيبن‪ ,‬وقبال‬
‫الثوري عن رجل عن أبي صالح فببي قببوله‪} :‬إخوان با ً علببى‬
‫سرر متقابلين{ قال‪ :‬هم عشرة‪ :‬أبو بكببر وعمببر وعثمببان‬
‫وعلي وطلحة‪ ,‬والزبير وعبد الرحمن بن عوف‪ ,‬وسعد بببن‬
‫أبي وقاص وسعيد بن زيد وعبد الله بن مسعود رضي الله‬
‫عنهم أجمعين‪ .‬وقوله‪} :‬متقببابلين{ قببال مجاهببد‪ :‬ل ينظببر‬
‫بعضببببهم فببببي قفببببا بعببببض‪ ,‬وفيببببه حببببديث مرفببببوع‪.‬‬
‫قال ابن أبببي حبباتم‪ :‬حببدثنا يحيببى بببن عبببدك القزوينببي‪,‬‬
‫حدثنا حسان بن حسان‪ ,‬حببدثنا إبراهيببم بببن بشببير‪ ,‬حببدثنا‬
‫يحيببى بببن معيببن عببن إبراهيببم القرشببي عببن سببعيد بببن‬
‫شرحبيل‪ ,‬عن زيد بن أبي أوفى قببال‪ :‬خببرج علينببا رسببول‬
‫ليببة }إخوانبا ً علببى‬
‫الله صلى الله عليببه وسببلم فتل هببذه ا َ‬
‫سرر متقابلين{ في الله ينظر بعضهم إلى بعببض‪ .‬وقببوله‪:‬‬

‫‪536‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}ل يمسهم فيها نصببب{ يعنببي المشببقة والذى‪ ,‬كمببا جبباء‬
‫في الصحيحين »أن الله أمرني أن أبشر خديجة ببيت فببي‬
‫الجنة من قصب ل صخب فيه ول نصببب«‪ .‬وقببوله‪} :‬ومببا‬
‫هم منها بمخرجين{ كما جاء في الحببديث »يقببال يببا أهببل‬
‫الجنببة إن لكببم أن تصببحوا فل تمرضببوا أبببدًا‪ ,‬وإن لكببم أن‬
‫تعيشوا فل تموتوا أبدًا‪ ,‬وإن لكم أن تشبوا فل تهرموا أبدًا‪,‬‬
‫وإن لكم أن تقيموا فل تظعنببوا أبببدًا«‪ .‬وقببال اللببه تعببالى‪:‬‬
‫ل{‪.‬‬ ‫}خالبببببببدين فيهبببببببا ل يبغبببببببون عنهبببببببا حبببببببو ً‬
‫وقوله‪} :‬نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيببم وأن عببذابي‬
‫هو العذاب الليم{ أي أخبر يا محمد عبادي أنببي ذو رحمببة‬
‫ليببة الكريمببة‬ ‫وذو عذاب أليم‪ ,‬وقد تقدم ذكر نظيببر هببذه ا َ‬
‫وهي دالة على مقامي الرجاء والخوف‪ ,‬وذكببر فببي سبببب‬
‫نزولها ما رواه موسببى بببن عبيببدة عبن مصببعب ببن ثبابت‬
‫قال‪ :‬مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناس مببن‬
‫أصببحابه يضببحكون فقببال »اذكببروا الجنببة واذكببروا النببار«‬
‫فنزلت }نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيبم * وأن عبذابي‬
‫هببو العببذاب الليببم{ رواه ابببن أبببي حبباتم وهببو مرسببل‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حببدثني المثنببى‪ ,‬حببدثنا إسببحاق‪ ,‬أخبرنببا‬
‫ابن المكي‪ ,‬أخبرنا ابن المبارك‪ ,‬أخبرنا مصببعب بببن ثببابت‪,‬‬
‫حدثنا عاصم بن عبيد الله عن ابن أبي رياح‪ ,‬عن رجل مببن‬
‫أصحاب النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪ :‬طلببع علينببا‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم من الببباب الببذي يببدخل‬
‫منه بنو شيبة فقال »أل أراكم تضحكون« ثم أدبر حببتى إذا‬
‫كان عند الحجر رجع إلينا القهقرى فقال‪» :‬إني لما خرجت‬
‫جاء جبريل عليه السلم فقال‪ :‬يا محمد إن الله يقببول لببك‬
‫لم تقنط عبادي }نببىء عببادي أنبي أنبا الغفبور الرحيبم *‬
‫وأن عذابي هو العذاب الليم{« وقال شعبة عن قتادة في‬
‫قوله‪} :‬نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيم{ قال‪ :‬بلغنببا أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسببلم قببال‪» :‬لببو يعلببم العبببد‬
‫قدر عفو الله لما تورع مببن حببرام‪ ,‬ولببو يعلببم العبببد قببدر‬
‫عببببببببببببذاب اللببببببببببببه لبخببببببببببببع نفسببببببببببببه«‪.‬‬

‫‪537‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫خل ُببوا ْ عَل َي ْبهِ فََقبباُلوا ْ‬ ‫م * إ ِذ ْ د َ َ‬ ‫هي ب َ‬ ‫ف إ ِب َْرا ِ‬‫ض بي ْ ِ‬ ‫م عَببن َ‬ ‫** وَن َب ّئ ْهُ ب ْ‬
‫ك‬ ‫ش بُر َ‬ ‫ل إ ِن ّببا ن ُب َ ّ‬‫جب ْ‬ ‫ن * قَبباُلوا ْ ل َ ت َوْ َ‬ ‫جُلو َ‬ ‫م وَ ِ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫ل إ ِّنا ِ‬‫سلما ً َقا َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ي الك ِب َبُر فَب ِب َ‬ ‫سن ِ َ‬
‫م ّ‬ ‫ى أن ّ‬ ‫موِني عَل َ‬ ‫شْرت ُ ُ‬ ‫ل أب َ ّ‬ ‫ب ُِغلم ٍ عَِليم ٍ * َقا َ‬
‫ن*‬ ‫طي َ‬‫ن ال َْقببان ِ ِ‬ ‫مب َ‬ ‫كن ّ‬ ‫حقّ فَل َ ت َ ُ‬ ‫ك ِبال ْ َ‬ ‫شْرَنا َ‬ ‫ن * َقاُلوا ْ ب َ ّ‬ ‫شُرو َ‬ ‫ت ُب َ ّ‬
‫ضبببآّلو َ‬
‫ن‬ ‫مببببةِ َرب ّببببهِ إ ِل ّ ال ّ‬ ‫ح َ‬
‫مببببن ّر ْ‬ ‫ط ِ‬ ‫مببببن ي َْقن َبببب ُ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫قَببببا َ‬
‫يقببول تعببالى‪ :‬وأخبببرهم يببا محمببد عببن قصببة }ضببيف‬
‫إبراهيببم{ والضببيف يطلببق علببى الواحببد والجمببع كببالزور‬
‫والسفر‪ ,‬وكيف }دخلوا عليه فقالوا سببلما ً قببال إنببا منكببم‬
‫وجلون{ أي خائفون‪ ,‬وقد ذكر سبب خوفه منهببم لمببا رأى‬
‫أيديهم ل تصل إلى ما قربه إليهم من الضيافة‪ ,‬وهو العجل‬
‫السمين الحنيببذ }قببالوا ل توجببل{ أي ل تخببف }وبشببروه‬
‫بغلم عليم{ أي إسحاق عليه السلم كما تقدم في سببورة‬
‫هود ثم }قال{ متعجببا ً مببن كبببره وكبببر زوجتببه ومتحقق با ً‬
‫للوعد }أبشرتموني على أن مسني الكبر فبببم تبشببرون{‬
‫فأجابوه مؤكدين لما بشروه به تحقيقا ً وبشارة بعد بشببارة‬
‫}قببالوا بشببرناك بببالحق فل تكببن مببن القببانطين{ وقببرأ‬
‫بعضهم القنطين فأجابهم بأنه ليس يقنط‪ ,‬ولكن يرجو مببن‬
‫الله الولد‪ ,‬وإن كان قد كبر وأسنت امرأته فإنه يعلببم مببن‬
‫قببببدرة اللببببه ورحمتببببه مببببا هببببو أبلببببغ مببببن ذلببببك‪.‬‬

‫ى‬ ‫َ‬ ‫ن * َقاُلوا ْ إ ِّنآ أ ُْر ِ ْ‬ ‫سُلو َ‬


‫خط ْبك ُ َ‬
‫م أي َّها ال ْ ُ‬ ‫ل فَ َ‬‫** َقا َ‬
‫سلَنآ إ ِل َ‬ ‫مْر َ‬
‫ل ل ُببوط إنببا ل َمنجببوهُ َ‬
‫ما َ ُ ْ‬
‫ن * إ ِل ّ‬ ‫مِعيب َ‬‫ج َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ ّ‬ ‫ٍ ِّ‬ ‫ن * إ ِل ّ آ َ‬ ‫مي َ‬ ‫جرِ ِ‬ ‫قَوْم ٍ ّ‬
‫م ْ‬
‫ا َ‬
‫ن‬
‫ري َ‬ ‫ن ال ْغَبببببببباب ِ ِ‬ ‫مبببببببب َ‬‫ه قَببببببببد ّْرَنآ إ ِن ّهَببببببببا ل َ ِ‬
‫مَرأت َبببببببب ُ‬
‫ْ‬
‫يقول تعالى إخبارا عن إبراهيببم عليببه السببلم لمببا ذهببب‬ ‫ً‬
‫عنه الروع وجاءته البشرى‪ ,‬أنه شرع يسببألهم عمببا جبباءوا‬
‫له‪ ,‬فقالوا‪} :‬إنا أرسلنا إلببى قببوم مجرميببن{ يعنببون قببوم‬
‫لوط‪ ,‬وأخبروه أنهم سينجون آل لوط من بينهم إل امرأتببه‬
‫فإنها من الهالكين‪ ,‬ولهذا قالوا‪} :‬إل امرأته قدرنا إنها لمن‬
‫الغببببببببببببابرين{ أي الببببببببببببباقين المهلكيببببببببببببن‪.‬‬

‫‪538‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫منك َُرو َ‬
‫ن‬ ‫م ّ‬‫م قَوْ ٌ‬ ‫ل إ ِن ّك ُ ْ‬‫ن * َقا َ‬ ‫سُلو َ‬ ‫مْر َ‬ ‫ط ال ْ ُ‬‫ل ُلو ٍ‬‫جآَء آ َ‬ ‫ما َ‬ ‫** فَل َ ّ‬
‫ق‬
‫ح ّ‬ ‫ك ِبببال ْ َ‬‫ن * َوآت َي َْنا َ‬ ‫كاُنوا ْ ِفيهِ ي َ ْ‬
‫مت َُرو َ‬ ‫ما َ‬ ‫جئ َْنا َ‬
‫ك بِ َ‬ ‫* َقاُلوا ْ ب َ ْ‬
‫ل ِ‬
‫صببببببببببببببببببببببببببببببادُِقو َ‬
‫ن‬ ‫وَإ ِّنببببببببببببببببببببببببببببببا ل َ َ‬
‫يخبر تعببالى عببن لببوط لمببا جبباءته الملئكببة فببي صببورة‬
‫شباب حسان الوجوه‪ ,‬فدخلوا عليه داره قال‪} :‬إنكم قببوم‬
‫منكرون * قالوا بل جئناك بما كانوا فيببه يمببترون{ يعنببون‬
‫بعذابهم وهلكهم ودمارهم الذي كانوايشببكون فببي وقببوعه‬
‫بهم وحلوله بساحتهم }وأتيناك بالحق{ كقوله تعالى‪} :‬مببا‬
‫ننزل الملئكة إل بالحق{‪ .‬وقوله‪} :‬وإنبا لصبادقون{ تأكيبد‬
‫لخبببرهم إيبباه بمببا أخبببروه بببه مببن نجبباته وإهلك قببومه‪.‬‬

‫ت‬‫م وَل َ ي َل ْت َِف ب ْ‬


‫َ‬
‫ل َوات ّب ِبعْ أد ْب َبباَرهُ ْ‬ ‫ن الل ّي ْ ِ‬ ‫م َ‬‫ك ب ِِقط ٍْع ّ‬‫سرِ ب ِأ َهْل ِ َ‬ ‫َ‬
‫** فَأ ْ‬
‫ضي َْنآ إ ِل َي ْهِ ذ َل ِ َ‬ ‫منك ُ َ‬
‫مَر‬‫ك ال ْ‬ ‫ن * وَقَ َ‬ ‫مُرو َ‬ ‫ث ت ُؤْ َ‬ ‫ضوا ْ َ‬
‫حي ْ ُ‬ ‫م ُ‬‫حد ٌ َوا ْ‬ ‫مأ َ‬ ‫ِ ْ‬
‫مْق ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫حي َ‬ ‫صبببببببببب ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫طبببببببببوعٌ ّ‬ ‫هبببببببببؤُل َِء َ‬ ‫داِببببببببببَر َ‬ ‫ن َ‬
‫أ ّ‬
‫يذكر تعالى عن الملئكة أنهم أمروه أن يسري بأهله بعد‬
‫مضببي جببانب مببن الليببل‪ ,‬وأن يكببون لببوط عليببه السببلم‬
‫يمشي وراءهم ليكون أحفظ لهم‪ ,‬وهكذا كان رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم يمشي في الغزو إنمببا يكببون سبباقة‬
‫يزجي الضعيف ويحمل المنقطع‪ .‬وقوله‪} :‬ول يلتفت منكم‬
‫أحببد{ أي إذا سببمعتم الصببيحة بببالقوم فل تلتفتببوا إليهببم‬
‫وذروهم فيما حل بهم من العذاب والنكال }وامضوا حيببث‬
‫تؤمرون{ كأنه كان معهم مببن يهببديهم السبببيل } وقضببينا‬
‫إليه ذلك المر{ أي تقدمنا إليه فببي هببذا }أن دابببر هببؤلء‬
‫ليببة‬‫مقطببوع مصبببحين{ أي وقببت الصببباح كقببوله فببي ا َ‬
‫الخببرى‪} :‬إن موعببدهم الصبببح أليببس الصبببح بقريببب{‪.‬‬

‫ضبي ِْفي‬ ‫ن هَبؤُل َِء َ‬ ‫ل إِ ّ‬‫ن * َقا َ‬ ‫شُرو َ‬ ‫ست َب ْ ِ‬


‫دين َةِ ي َ ْ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫م ِ‬ ‫جآَء أ َهْ ُ‬ ‫** وَ َ‬
‫َ‬
‫م ن َن ْهَب َ‬
‫ك‬ ‫ن * َقاُلوا ْ أوَل َب ْ‬ ‫خُزو ِ‬ ‫ن * َوات ُّقوا ْ الل ّ َ‬
‫ه وَل َ ت ُ ْ‬ ‫حو ِ‬ ‫ض ُ‬‫فَل َ ت َْف َ‬
‫ن*‬ ‫عِلي َ‬ ‫م َفببا ِ‬ ‫هببؤُل َِء ب ََنبباِتي ِإن ك ُن ُْتبب ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ن * َقببا َ‬ ‫مي َ‬ ‫ن ال َْعببال َ ِ‬‫عبب ِ‬‫َ‬
‫ن‬
‫مهُبببببببو َ‬ ‫م ي َعْ َ‬ ‫م ل َِفبببببببي َ‬
‫سبببببببك َْرت ِهِ ْ‬ ‫ك إ ِن ّهُببببببب ْ‬ ‫مبببببببُر َ‬ ‫ل َعَ ْ‬

‫‪539‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يخبر تعالى عببن مجيببء قببوم لببوط لمببا علمببوا بأضببيافه‬
‫وصباحة وجوههم‪ ,‬وأنهببم جبباءوا مستبشببرين بهببم فرحيببن‬
‫}قببال إن هببؤلء ضببيفي فل تفضببحون * واتقببوا اللببه ول‬
‫تخزون{ وهذا إنما قاله لهم قبل أن يعلم أنهم رسل اللببه‪,‬‬
‫كما قال في سورة هود‪ ,‬وأما ههنا فتقدم ذكر أنهببم رسببل‬
‫الله وعطف بذكر مجيء قومه ومحاجته لهم‪ ,‬ولكببن الببواو‬
‫ل تقتضببي الببترتيب ول سببيما إذا دل دليببل علببى خلفببه‪,‬‬
‫فقالوا له مجيبين‪} :‬أو لم ننهببك عببن العببالمين{ أي أو مببا‬
‫نهيناك أن تضيف أحدا ً ؟ فأرشدهم إلى نسائهم ومببا خلببق‬
‫لهم ربهم منهن مببن الفببروج المباحببة‪ .‬وقببد تقببدم إيضبباح‬
‫القول في ذلك بما أغنى عن إعادته‪ .‬هذا كله وهم غافلون‬
‫عما يراد بهم وما قد أحاط بهم مببن البلء ومبباذا يصبببحهم‬
‫من العذاب المنتظر‪ .‬ولهذا قال تعالى لمحمببد صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪} :‬لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون{ أقسببم‬
‫تعالى بحياة نبببيه صببلوات اللببه وسببلمه عليببه‪ ,‬وفببي هببذا‬
‫تشريف عظيم ومقام رفيع وجاه عريببض‪ .‬قببال عمببرو بببن‬
‫مالك البكري عن أبي الجوزاء عن ابن عباس أنه قال‪ :‬مببا‬
‫خلق الله وما ذرأ وما برأ نفسا ً أكرم عليه من محمد صلى‬
‫الله عليه وسلم وما سمعت الله أقسم بحيبباة أحببد غيببره‪,‬‬
‫قال الله تعالى‪} :‬لعمببرك إنهببم لفببي سببكرتهم يعمهببون{‬
‫يقببول‪ :‬وحياتببك وعمببرك وبقبباؤك فببي الببدنيا}إنهببم لفببي‬
‫سبكرتهم يعمهبون{ رواه اببن جريبر‪ ,‬وقبال قتبادة‪} :‬فبي‬
‫سكرتهم{ أي في ضببللهم }يعمهببون{ أي يلعبببون‪ ,‬وقببال‬
‫علي بن أببي طلحبة عبن ابببن عبباس }لعمببرك{ لعيشبك‬
‫}إنهببببم لفببببي سببببكرتهم يعمهببببون{ قببببال يببببترددون‪.‬‬

‫سببافِل ََها‬ ‫َ‬


‫جعَل ْن َببا َ‬
‫عال ِي َهَببا َ‬ ‫ن * فَ َ‬ ‫م ْ‬
‫ش برِِقي َ‬ ‫ة ُ‬ ‫ح ُ‬‫ص بي ْ َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫خذ َت ْهُ ُ‬‫** فَأ َ‬
‫َ‬
‫ت‬‫ك ل َي َببا ٍ‬ ‫ن فِببي ذ َل ِب َ‬ ‫ل * إِ ّ‬ ‫جي ٍ‬‫سب ّ‬‫من ِ‬ ‫جاَرةً ّ‬ ‫ح َ‬ ‫م ِ‬ ‫مط َْرَنا عَل َي ْهِ ْ‬ ‫وَأ ْ‬
‫ك ل ََيب ً‬
‫ة‬ ‫ن فِببي ذ َِلب َ‬ ‫مِقيبم ٍ * إ ِ ّ‬ ‫ل ّ‬ ‫ن * وَإ ِن َّهبا ل َب ِ َ‬
‫سبِبي ٍ‬ ‫مي َ‬ ‫سب ِ‬ ‫مت َوَ ّ‬‫ل ِل ْ ُ‬
‫ن‬
‫مِني َ‬ ‫مبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببؤْ ِ‬ ‫ل ِل ْ ُ‬

‫‪540‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول تعالى‪} :‬فأخذتهم الصيحة{ وهي ما جاءهم به مببن‬
‫الصوت القاصف عند شروق الشمس وهو طلوعها‪ ,‬وذلببك‬
‫مع رفع بلدهم إلى عنان السماء‪ ,‬ثببم قلبهببا وجعببل عاليهببا‬
‫سافلها‪ ,‬وإرسال حجارة السجيل عليهم وقببد تقببدم الكلم‬
‫على السجيل في هود بما فيه كفاية‪ .‬وقوله‪} :‬إن في ذلك‬
‫ليات للمتوسمين{ أي إن آثار هذه النقببم الظبباهرة علببى‬ ‫َ‬
‫تلك البلد لمن تأمل ذلك وتوسمه بعيببن بصببره وبصببيرته‪,‬‬
‫كمبببا قبببال مجاهبببد فبببي قبببوله‪} :‬للمتوسبببمين{ قبببال‪:‬‬
‫المتفرسين‪ .‬وعن ابن عباس والضحاك‪ :‬للنبباظرين‪ .‬وقببال‬
‫قتببادة‪ :‬للمعتبببرين‪ .‬وقببال مالببك عببن بعببض أهببل المدينببة‬
‫}للمتوسببمين{ للمتببأملين‪ .‬وقببال ابببن أبببي حبباتم‪ :‬حببدثنا‬
‫الحسن بن عرفة‪ ,‬حدثنا محمد بن كثير العبدي عن عمببرو‬
‫بن قيس‪ ,‬عن عطية عببن أبببي سببعيد مرفوع با ً قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬اتقوا فراسة المؤمن‪,‬‬
‫فإنه ينظر بنور الله« ثم قرأ النبي صلى اللبه عليبه وسبلم‬
‫ليببات للمتوسببمين{ رواه الترمببذي‪ :‬وابببن‬ ‫}إن فببي ذلببك َ‬
‫جرير من حديث عمرو بن قيببس الملئي عببن عطيببة عببن‬
‫أبي سعيد‪ ,‬وقببال الترمببذي‪ .‬ل نعرفببه إل ّ مببن هببذا الببوجه‪.‬‬
‫وقال ابن جرير أيضًا‪ :‬حدثني أحمد بن محمببد الطوسببي‪,‬‬
‫حدثنا الحسن بن محمد‪ ,‬حدثنا الفرات بن السببائب‪ ,‬حببدثنا‬
‫ميمون بن مهران عببن ابببن عمببر قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه‬
‫صببلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬اتقببوا فراسببة المببؤمن‪ ,‬فببإن‬
‫المببؤمن ينظببر بنبور اللبه« وقببال اببن جريبر‪ :‬حببدثني أببو‬
‫شببرحبيل الحمصببي‪ ,‬حببدثنا سببليمان بببن سببلمة‪ ,‬حببدثنا‬
‫المؤمل بن سعيد بن يوسببف الرحبببي‪ ,‬حببدثنا أبببو المعلببى‬
‫أسد بن وداعة الطائي‪ ,‬حدثنا وهب بن منبببه عببن طبباوس‬
‫بن كيسان عن ثوبان قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسبلم‪» :‬احبذروا فراسبة المبؤمن‪ ,‬فبإنه ينظبر بنبور اللبه‬
‫وبتوفيق الله«‪ .‬وقال أيضًا‪ :‬حدثنا عبد العلببى بببن واصببل‪,‬‬
‫حدثنا سببعيد بببن محمببد الجرمببي‪ ,‬حببدثنا عبببد الواحببد بببن‬
‫واصل‪ ,‬حدثنا أبو بشر المزلق عن ثابت عن أنس بن مالك‬
‫قال‪ :‬قال النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬إن للببه عبببادا ً‬

‫‪541‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يعرفون الناس بالتوسم«‪ ,‬ورواه الحافظ أبببو بكببر البببزار‪:‬‬
‫حدثنا سهل بن بحر‪ ,‬حدثنا سعيد بن محمد الجرمي‪ ,‬حببدثنا‬
‫أبو بشر يقال له ابن المزلق قببال‪ :‬وكببان ثقببة‪ ,‬عببن ثببابت‬
‫عن أنس قال‪ :‬قال رسبول اللبه صبلى اللبه عليبه وسبلم‪:‬‬
‫»إن لله عبادا ً يعرفببون النبباس بالتوسببم« وقببوله‪} :‬وإنهببا‬
‫لبسبيل مقيم{ أي وإن قرية سدوم التي أصابها ما أصببابها‬
‫من القلببب الصببوري والمعنببوي والقببذف بالحجببارة‪ ,‬حببتى‬
‫صارت بحيرة منتنة خبيثة بطريق مهيع مسببالكه مسببتمرة‬
‫إلى اليوم‪ ,‬كقوله‪} :‬وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل‬
‫أفل تعقلون * وإن يونس لمببن المرسببلين{ وقببال مجاهببد‬
‫والضحاك }وإنها لبسبيل مقيم{ قال‪ :‬معلم‪ .‬وقببال قتببادة‪:‬‬
‫بطريق واضح‪ .‬وقال قتادة أيضًا‪ :‬بصقع مببن الرض واحببد‪,‬‬
‫وقال السبدي‪ :‬بكتباب مببين‪ ,‬يعنبي كقبوله‪} :‬وكبل شبيء‬
‫أحصيناه في إمام مبين{ ولكن ليس المعنى على ما قببال‬
‫لية للمببؤمنين{ اي‬ ‫ههنا‪,‬والله أعلم‪ .‬وقوله‪} :‬إن في ذلك َ‬
‫إن الببذي صببنعنا بقببوم لببوط مببن الهلك والببدمار وإنجائنببا‬
‫لوطا ً وأهله لدللة واضببحة جليببة للمببؤمنين بببالله ورسببله‪.‬‬

‫** وإن ك َببا َ‬


‫م‬
‫من ْهُ ب ْ‬ ‫ن * َفانت ََق ْ‬
‫من َببا ِ‬ ‫مي َ‬‫ب الي ْك َبةِ ل َظ َببال ِ ِ‬ ‫حا ُ‬‫صب َ‬
‫نأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َِ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫مِبيبببببببببببببببببب ٍ‬ ‫مببببببببببببببببببام ٍ ّ‬ ‫مببببببببببببببببببا لب ِإ ِ َ‬
‫وَإ ِن ّهُ َ‬
‫أصحاب اليكة هببم قببوم شببعيب‪ ,‬قببال الضببحاك وقتببادة‬
‫وغيرهما‪ :‬اليكة الشجر الملتببف‪ ,‬وكببان ظلمهببم بشببركهم‬
‫بالله وقطعهم الطريق ونقصهم المكيال والميزان‪ ,‬فانتقم‬
‫الله منهم بالصيحة والرجفة وعذاب يوم الظلة‪ ,‬وقد كببانوا‬
‫قريبا ً من قوم لوط بعببدهم فببي الزمببان‪ ,‬ومسببامتين لهببم‬
‫في المكان‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬وإنهمببا لبإمببام مبببين{ أي‬
‫طريق مبين‪ ,‬قال ابن عببباس ومجاهببد والضببحاك وغيببره‪:‬‬
‫طريق ظاهر‪ ,‬ولهذا لما أنذر شعيب قومه قال في نببذارته‬
‫إيبببببباهم }ومببببببا قببببببوم لببببببوط منكببببببم ببعيببببببد{‬

‫‪542‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬
‫م آَيات ِن َببا‬‫ن * َوآت َي ْن َبباهُ ْ‬ ‫سِلي َ‬
‫مْر َ‬ ‫جرِ ال ْ ُ‬ ‫ح ْ‬‫ب ال ِ‬ ‫حا ُ‬‫ص َ‬ ‫بأ ْ‬ ‫** وَل ََقد ْ ك َذ ّ َ‬
‫ل ب ُُيوت با ً‬ ‫جب َببا ِ‬‫ن ال ْ ِ‬ ‫مب َ‬‫ن ِ‬‫حت ُببو َ‬‫كاُنوا ْ ي َن ْ ِ‬‫ن * وَ َ‬ ‫ضي َ‬‫معْرِ ِ‬ ‫كاُنوا ْ عَن َْها ُ‬ ‫فَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مببا‬ ‫م ّ‬ ‫ى عَن ْهُ ْ‬ ‫مآ أغْن َ َ‬ ‫ن * فَ َ‬ ‫حي َ‬ ‫صب ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ُ‬ ‫ح ُ‬
‫صي ْ َ‬
‫م ال ّ‬ ‫خذ َت ْهُ ُ‬ ‫ن * فَأ َ‬ ‫مِني َ‬‫آ ِ‬
‫ن‬
‫سببببببببببببببببببببببببببببببُبو َ‬ ‫كبببببببببببببببببببببببببببببباُنوا ْ ي َك ْ ِ‬ ‫َ‬
‫أصحاب الحجر هم ثمود الذين كذبوا صالحا ً نبيهم عليهببم‬
‫السلم‪ ,‬ومن كذب برسول فقد كببذب بجميببع المرسببلين‪,‬‬
‫ولهذا أطلبق عليهبم تكبذيب المرسبلين‪ ,‬وذكبر تعبالى أنبه‬
‫ليات ما يدلهم على صدق ما جاءهم بببه صببالح‬ ‫أتاهم من ا َ‬
‫كالناقة التي أخرجهببا اللببه لهببم بببدعاء صببالح مببن صببخرة‬
‫صماء‪ ,‬وكانت تسرح في بلدهببم لهببا شببرب ولهببم شببرب‬
‫يوم معلوم‪ ,‬فلمببا عتببوا وعقروهببا قببال لهببم }تمتعببوا فببي‬
‫داركم ثلثة أيببام ذلببك وعببد غيببر مكببذوب{ وقببال تعببالى‪:‬‬
‫}وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى{ وذكببر‬
‫تعالى أنهم }كانوا ينحتون من الجبال بيوتا ً آمنين{ أي مببن‬
‫غير خوف ول احتياج إليها بل أشرا ً وبطببرا ً وعبث با ً كمببا هببو‬
‫المشاهد من صنيعهم في بيوتهم بوادي الحجر الذي مّر به‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وهببو ذاهببب إلببى تبببوك‪,‬‬
‫فقنع رأسه وأسرع دابته‪ ,‬وقال لصحابه‪» :‬ل تدخلوا بيببوت‬
‫القوم المعذبين إل أن تكونوا باكين‪ ,‬فإن لم تبكببوا فتببباكوا‬
‫خشية أن يصيبكم ما أصابهم«‪ .‬وقوله‪} :‬فأخذتهم الصببيحة‬
‫مصبحين{ أي وقت الصباح من اليوم الرابببع } فمببا أغنببى‬
‫عنهببم مببا كببانوا يكسبببون{ أي مببا كببانوا يسببتغلونه مببن‬
‫زروعهببم وثمببارهم الببتي ضببنوا بمائهببا عببن الناقببة حببتى‬
‫عقروها لئل تضيق عليهم في المياه‪ ,‬فما دفعت عنهم تلك‬
‫المبببببوال ول نفعتهبببببم لمبببببا جببببباء أمبببببر رببببببك‪.‬‬

‫ن‬‫حقّ وَإ ِ ّ‬ ‫مآ إ ِل ّ ِبببال ْ َ‬‫ما ب َي ْن َهُ َ‬‫ض وَ َ‬‫ت َوالْر َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫خل َْقَنا ال ّ‬ ‫ما َ‬ ‫** وَ َ‬
‫خل ّ ُ‬
‫ق‬ ‫ك هُوَ ال ْ َ‬ ‫ن َرب ّ َ‬‫ل * إِ ّ‬ ‫مي َ‬ ‫ج ِ‬‫ح ال ْ َ‬
‫صْف َ‬
‫ح ال ّ‬ ‫صَف ِ‬ ‫ة ل َت ِي َ ٌ‬
‫ة َفا ْ‬ ‫ساعَ َ‬ ‫ال ّ‬
‫م‬‫ال ْعَِليبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببب ُ‬
‫يقول تعالى‪} :‬وما خلقنا السموات والرض وما بينهما إل‬
‫لتيببة{ أي بالعببدل }ليجببزي الببذين‬ ‫بببالحق وإن السبباعة َ‬

‫‪543‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لية‪ ,‬وقال تعالى‪} :‬وما خلقنا السببماء‬ ‫أساءوا بما عملوا{ ا َ‬
‫والرض ومبا بينهمبا بباطل ً ذلبك ظبن البذين كفبروا فويبل‬
‫للببذين كفببروا مببن النببار{ وقببال تعببالى‪} :‬أفحسبببتم أنمببا‬
‫خلقناكم عبثا ً وأنكم إلينا ل ترجعون * فتعببالى اللببه الملببك‬
‫الحق ل إله إل هو رب العرش الكريم{ ثم أخبر نبيه بقيام‬
‫الساعة وأنها كائنة ل محالة ثم أمره بالصفح الجميببل عببن‬
‫المشركين في أذاهم له وتكذيبهم مببا جبباءهم بببه‪ ,‬كقببوله‪:‬‬
‫}فاصفح عنهم وقل سلم فسوف يعلمون{ وقببال مجاهببد‬
‫وقتادة وغيرهما‪ :‬كان هذا قبل القتال‪ ,‬وهو كما قببال‪ ,‬فببإن‬
‫هببببذه مكيببببة والقتببببال إنمببببا شببببرع بعببببد الهجببببرة‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬إن ربك هو الخلق العليم{ تقريببر للمعبباد وأنببه‬
‫تعالى قادر على إقامة الساعة فإنه الخلق الذي ل يعجببزه‬
‫خلق شيء‪ ,‬العليببم بمببا تمببزق مببن الجسبباد وتفببرق فببي‬
‫سائر أقطار الرض‪ ,‬كقوله‪} :‬أوليس الذي خلق السموات‬
‫والرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلق العليم‬
‫* إنمببا أمببره إذا أراد شببيئا ً أن يقببول لببه كببن فيكببون *‬
‫فسبحان الذي بيده ملكببوت كببل شببيء وإليببه ترجعببون{‪.‬‬

‫م * لَ‬ ‫ن ال ْعَ ِ‬
‫ظي ب َ‬ ‫مث َبباِني َوال ُْق بْرآ َ‬‫ن ال ْ َ‬
‫مب َ‬ ‫سْبعا ً ّ‬
‫ك َ‬ ‫** وَل ََقد ْ آت َي َْنا َ‬
‫َ‬
‫ن عَل َي ِْهبب ْ‬
‫م‬ ‫حَز ْ‬‫م وَل َ ت َ ْ‬‫من ْهُ ْ‬‫مت ّعَْنا ب ِهِ أْزَواجا ً ّ‬
‫ما َ‬ ‫ى َ‬ ‫ن عَي ْن َي ْ َ َ‬
‫ك إ ِل َ‬ ‫مد ّ ّ‬‫تَ ُ‬
‫ن‬‫مِني َ‬ ‫مبببببببببببببببؤْ ِ‬ ‫ك ل ِل ْ ُ‬‫حببببببببببببببب َ‬ ‫جَنا َ‬‫ض َ‬ ‫خِفببببببببببببببب ْ‬ ‫َوا ْ‬
‫يقول تعبالى لنبببيه صبلى اللبه عليببه وسبلم‪ :‬كمبا آتينباك‬
‫ن إلى الدنيا‪ ,‬وزينتها‪ ,‬وما متعنا به‬ ‫القرآن العظيم فل تنظر ّ‬
‫أهلها من الزهرة الفانية لنفتنهم فيه فل تغبطهببم بمببا هببم‬
‫فيه‪ ,‬ول تذهب نفسببك عليهببم حسببرات حزن با ً عليهببم فببي‬
‫تكببذيبهم لببك ومخببالفتهم دينببك‪} ,‬واخفببض جناحببك لمببن‬
‫اتبعك من المؤمنين{ أي ألببن لهببم جانبببك‪ ,‬كقببوله‪} :‬لقببد‬
‫جاءكم رسول من أنفسببكم عزيببز عليببه مببا عنتببم حريببص‬
‫عليكم بالمؤمنين رءوف رحيببم{ وقببد اختلببف فببي السبببع‬
‫المثاني ما هي ؟ فقال ابن مسعود وابن عمر وابن عببباس‬
‫ومجاهد وسعيد بن جبببير والضببحاك وغيرهببم‪ :‬هببي السبببع‬

‫‪544‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الطوال‪ ,‬يعنون البقببرة‪ ,‬وآل عمببران‪ ,‬والنسبباء‪ ,‬والمببائدة‪,‬‬
‫والنعام‪ ,‬والعراف‪ ,‬ويونس‪ ,‬نص عليه ابن عببباس وسببعيد‬
‫بببن جبببير‪ ,‬وقببال سببعيد‪ :‬بيببن فيهببن الفببرائض والحببدود‬
‫والقصص والحكام‪ .‬وقال ابن عباس‪ :‬بين المثببال والخبببر‬
‫والعبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببر‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا ابن أبي عمر قببال‪:‬‬
‫قببال سببفيان‪ :‬المثبباني‪ :‬البقببرة‪ .‬وآل عمببران‪ ,‬والنسبباء‪,‬‬
‫والمببائدة‪ ,‬والنعببام‪ ,‬والعببراف‪ ,‬والنفببال وبببراءة سببورة‬
‫واحدة‪ ,‬قال ابن عباس‪ :‬ولم يعطهببن أحببد إل النبببي صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ,‬وأعطي موسى منهن ثنتين‪ ,‬رواه هشببيم‬
‫عن الحجاج عن الوليد بن العيذار عن سعيد بن جبير عنببه‪.‬‬
‫وقال العمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبببير عببن‬
‫ابن عباس قال‪ :‬أوتي النبي صلى الله عليببه وسببلم سبببعا ً‬
‫من المثاني الطوال‪ ,‬وأوتي موسى عليه السلم ستًا‪ ,‬فلما‬
‫ألقى اللواح ارتفع اثنتان وبقيت أربع‪ ,‬وقببال مجاهببد‪ :‬هببي‬
‫السبع الطوال‪ ,‬ويقال‪ :‬هي القرآن العظيم‪ .‬وقببال خصببيف‬
‫عببن زيبباد بببن أبببي مريببم فببي قببوله تعببالى‪} :‬سبببعا ً مببن‬
‫مبْر‪ ,‬وَأنببه‪ ,‬وأبشببر‪,‬‬‫المثاني{ قال‪ :‬أعطيتك سبببعة أجببزاء آ ُ‬
‫وأنذر‪ ,‬وأضرب المثال‪ ,‬وأعدد النعم‪ ,‬وأنبببئك بنبببأ القببرآن‪.‬‬
‫رواه ابببن جريببر وابببن أبببي حبباتم )والقببول الثبباني( أنهببا‬
‫الفاتحة‪ ,‬وهي سبع آيات‪ .‬وروي ذلك عن علي وعمر وابببن‬
‫ليببة‬‫مسعود وابن عباس‪ ,‬قال ابن عباس‪ :‬والبسملة هببي ا َ‬
‫السابعة‪ ,‬وقد خصكم الله بهببا‪ ,‬وبببه قببال إبراهيببم النخعببي‬
‫وعبد الله بن عبيد بن عميببر وابببن أبببي مليكببة وشببهر بببن‬
‫حوشببببببببب والحسببببببببن البصببببببببري ومجاهببببببببد‪.‬‬
‫وقال قتادة‪ :‬ذكر لنا أنهن فاتحة الكتاب وأنهن يثنين فببي‬
‫كل ركعببة مكتوبببة أو تطببوع‪ ,‬واختبباره ابببن جريببر‪ ,‬واحتببج‬
‫بالحبباديث الببواردة فببي ذلببك‪ ,‬وقببد قببدمناها فببي فضببائل‬
‫سورة الفاتحببة فببي أول التفسببير وللببه الحمببد‪ ,‬وقببد أورد‬
‫البخاري رحمه اللببه ههنببا حببديثين‪) :‬أحببدهما( قببال‪ :‬حببدثنا‬
‫محمد بن بشار حدثنا غندر‪ ,‬حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد‬
‫الرحمن عن حفص بن عاصم‪ ,‬عن أبي سبعيد ببن المعلبى‬

‫‪545‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قبال‪ :‬مبر ببي النببي صبلى اللبه عليبه وسبلم وأنبا أصبلي‬
‫فدعاني فلم آته حتى صليت فأتيته‪ ,‬فقببال‪» :‬مببا منعببك أن‬
‫تأتيني ؟« فقلت‪ :‬كنت أصلي‪ ,‬فقال‪» :‬ألببم يقببل اللببه }يببا‬
‫أيها الببذين آمنبوا اسبتجيبوا للبه وللرسبول إذا دعباكم{ أل‬
‫أعلمببك أعظببم سببورة فببي القببرآن قبببل أن أخببرج مببن‬
‫المسببجد« فببذهب النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم ليخببرج‬
‫فذكرت فقال‪}» :‬الحمببد للببه رب العببالمين{ هببي السبببع‬
‫المثاني والقرآن الببذي أوتيتببه« )الثبباني( قببال‪ :‬حببدثنا آدم‪,‬‬
‫حدثنا ابن أبي ذئب‪ ,‬حدثنا المقبري عن أبي هريببرة رضببي‬
‫الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬أم‬
‫القرآن هي السبع المثباني والقبرآن العظيبم«‪ ,‬فهبذا نبص‬
‫في أن الفاتحة السبع المثباني والقبرآن العظيبم‪ ,‬ولكبن ل‬
‫ينافي وصف غيرها من السبع الطوال بذلك‪ ,‬لما فيهببا مببن‬
‫هذه الصفة كما ل ينافي وصف القرآن بكماله بذلك أيضببًا‪,‬‬
‫كما قال تعالى‪} :‬الله نزل أحسن الحببديث كتاب با ً متشببابها ً‬
‫مثبباني{ فهببو مثبباني مببن وجببه ومتشببابه مببن وجببه‪ ,‬وهببو‬
‫القرآن العظيببم أيضبًا‪ ,‬كمبباأنه عليببه الصببلة والسببلم لمببا‬
‫سئل عن المسجد الذي أسس على التقببوى‪ ,‬فأشببار إلببى‬
‫لية نزلت في مسجد قباء‪ ,‬فل تنافي‪ ,‬فإن ذكر‬ ‫مسجده‪ ,‬وا َ‬
‫الشيء ل ينفي ذكر ما عداه إذا اشتركا فببي تلببك الصببفة‪,‬‬
‫ن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا ً‬ ‫والله أعلم‪ .‬وقوله‪} :‬ل تمد ّ‬
‫منهم{ أي استغن بماآتاك الله من القرآن العظيم عما هم‬
‫فيه من المتاع والزهرة الفانية‪ ,‬ومن ههنا ذهب ابن عيينببة‬
‫إلببى تفسببير الحببديث الصببحيح »ليببس منببا مببن لببم يتغببن‬
‫بالقرآن« إلى أنه يستغني به عما عداه‪ ,‬وهو تفسير صحيح‬
‫ولكن ليس هو المقصود من الحببديث كمببا تقببدم فببي أول‬
‫التفسبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببير‪.‬‬
‫وقال ابن أبببي حبباتم‪ :‬ذكببر عببن وكيببع بببن الجببراح‪ ,‬حببدثنا‬
‫موسى بن عبيدة عن يزيد بن عبببد اللببه بببن قسببيط‪ ,‬عببن‬
‫أبي رافع صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قببال‪ :‬ضبباف‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ضببيف ولببم يكببن عنببد النبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم شيء يصلحه‪ ,‬فأرسل إلى رجل من‬

‫‪546‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫اليهود »يقول لك محمد رسببول للببه‪ :‬أسببلفني دقيقبا ً إلببى‬
‫هلل رجب« قببال‪ :‬ل ‪ ,‬إل برهببن فببأتيت النبببي صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم فأخبرته‪ ,‬فقال‪» :‬أما والله إني لمين من فببي‬
‫السببماء وأميببن مببن فببي الرض‪ ,‬ولئن أسببلفني أو ببباعني‬
‫ليببة } ل‬ ‫لؤدين إليه« فلما خرجت من عنده نزلببت هببذه ا َ‬
‫ن عينيك إلى ما متعنببا بببه أزواجبا ً منهببم زهببرة الحيبباة‬ ‫تمد ّ‬
‫لية‪ ,‬كأنه يعزيه عن الببدنيا‪ ,‬قببال العببوفي‬ ‫الدنيا{ إلى آخر ا َ‬
‫دن عينيببك{ قببال‪ :‬نهببى الرجببل أن‬ ‫عن ابن عببباس }ل تمب ّ‬
‫يتمنى ما لصاحبه‪ .‬وقال مجاهد }إلى ما متعنببا بببه أزواج با ً‬
‫منهببببببببببببببببببم{ هببببببببببببببببببم الغنيبببببببببببببببببباء‪.‬‬

‫مببآ أ َن َْزل َْنببا عََلببى‬‫ن * كَ َ‬ ‫مِبيبب ُ‬ ‫ذيُر ال ْ ُ‬


‫َ‬
‫ي أَنببا الّنبب ِ‬ ‫ل إ ِّنبب َ‬‫** وَُقبب ْ‬
‫ن * فَوََرّببب َ‬
‫ك‬ ‫ضببي َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫جعَُلببوا ْ ال ُْقببْرآ َ‬‫ن َ‬ ‫ن * اّلبب ِ‬
‫ذي َ‬ ‫مي َ‬ ‫سبب ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مْقت َ ِ‬
‫ل َنسببببببأ َل َنه َ‬
‫مل ُببببببو َ‬
‫ن‬ ‫مببببببا ك َبببببباُنوا ْ ي َعْ َ‬ ‫ن * عَ ّ‬ ‫مِعيبببببب َ‬‫ج َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ُّ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫يأمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسبلم أن يقببول للنبباس‪:‬‬
‫}إني أنا النذير المبببين{ البببين النببذارة‪ ,‬نببذير للنبباس مببن‬
‫عذاب أليم أن يحل بهم على تكذيبه كما حل بمن تقببدمهم‬
‫مببن المببم المكذبببة لرسببلها‪ ,‬ومببا أنببزل اللببه عليهببم مببن‬
‫العذاب والنتقام‪ .‬وقببوله‪} :‬المقتسببمين{ أي المتحببالفين‪,‬‬
‫أي تحالفوا على مخالفة النبياء وتكببذيبهم وأذاهببم‪ ,‬كقببوله‬
‫تعالى إخبارا ً عن قوم صببالح إنهببم }قببالوا تقاسببموا بببالله‬
‫ل‪ ,‬قال مجاهببد‪ :‬تقاسببموا‬ ‫لية‪ ,‬أي نقتلهم لي ً‬ ‫لنبيتنه وأهله{ ا َ‬
‫وتحالفوا }وأقسموا بالله جهببد أيمببانهم ل يبعببث اللبه مببن‬
‫ليبة }أهبؤلء‬ ‫يموت{ }أولم تكونبوا أقسبمتم مبن قبببل{ ا َ‬
‫الببذين أقسببمتم ل ينببالهم اللببه برحمببة{ فكببأنهم كببانوا ل‬
‫يكببذبون بشببيء مببن الببدنيا إل أقسببموا عليببه فسببموا‬
‫مقتسبببمين‪ ,‬قبببال عببببد الرحمبببن ببببن زيبببد ببببن أسبببلم‪:‬‬
‫المقتسمون أصببحاب صببالح الببذين تقاسببموا بببالله لنبببيتنه‬
‫وأهله‪ .‬وفي الصحيحين عن أبي موسببى عببن النبببي صببلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪» :‬إنما مثلي ومثل ما بعثنببي اللببه بببه‬
‫كمثل رجل أتى قومه فقببال‪ :‬يببا قببوم إنببي رأيببت الجيببش‬

‫‪547‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بعيني‪ ,‬وإني أنببا النببذير العريببان فالنجبباء النجبباء‪ ,‬فأطبباعه‬
‫طائفة من قببومه فببأدلجوا وانطلقببوا علببى مهلهببم فنجببوا‪,‬‬
‫وكذبه طائفبة منهبم فأصببحوا مكبانهم‪ ,‬فصببحهم الجيبش‬
‫فأهلكهم واجتاحهم‪ ,‬فذلك مثل من أطاعني واتبع مببا جئت‬
‫بببه ومثببل مببن عصبباني وكببذب مببا جئت بببه مببن الحببق‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬الذين جعلوا القرآن عضببين{ أي جببزءوا كتبهببم‬
‫المنزلة عليهم فآمنوا ببعض وكفروا ببعض‪ .‬قببال البخبباري‪:‬‬
‫حدثنا يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬حدثنا هشيم‪ ,‬أنبأنا أبو بشبر عبن‬
‫سعيد بن جبير عبن ابببن عبباس }جعلببوا القبرآن عضببين{‬
‫قال‪ :‬هم أهل الكتاب جزءوه أجزاء فآمنوا ببعضببه وكفببروا‬
‫ببعضه‪ .‬حدثنا عبيد الله بن موسى عن العمببش عببن أبببي‬
‫ظبيان‪ ,‬عن ابن عباس }جعلوا القرآن عضببين{ قببال‪ :‬هببم‬
‫أهل الكتاب جزءوه أجزاء فببآمنوا ببعضببه وكفببروا ببعضببه‪.‬‬
‫حدثنا عبيد الله بن موسى عن العمش عببن أبببي ظبيببان‪,‬‬
‫عن ابن عباس قال‪} :‬جعلوا القرآن عضين{ قال هم أهببل‬
‫الكتاب جزءوه أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضببه‪ ,‬حببدثنا‬
‫عبيد الله بن موسى عن العمش عن أبي ظبيان عن ابببن‬
‫عباس قببال }كمببا أنزلنببا علببى المقتسببمين{ قببال‪ :‬آمنببوا‬
‫ببعض وكفروا ببعض اليهود والنصارى‪ .‬قال ابن أبي حبباتم‪:‬‬
‫وروي عن مجاهد والحسن والضحاك وعكرمة وسببعيد بببن‬
‫جبير وغيرهم نحو ذلك‪ ,‬وقال الحكم بن أبان عببن عكرمببة‬
‫عن ابببن عببباس }جعلببوا القببرآن عضببين{ قببال‪ :‬السببحر‪,‬‬
‫وقببال عكرمببة‪ :‬العضببه السببحر بلسببان قريببش تقببول‬
‫للساحرة إنها العاضهة‪ ,‬وقال مجاهد‪ :‬عضوه أعضاء‪ ,‬قببالوا‬
‫سحر‪ ,‬وقالوا كهانة‪ ,‬وقالوا أساطير الولين‪ ,‬وقببال عطبباء‪:‬‬
‫قال بعضهم سبباحر‪ ,‬وقببالوا مجنببون‪ ,‬وقببال كبباهن‪ ,‬فببذلك‬
‫العضبببببين‪ ,‬وكبببببذا روي عببببببن الضببببببحاك وغيببببببره‪.‬‬
‫وقال محمد بن إسحاق عن محمببد بببن أبببي محمببد عببن‬
‫عكرمة أو سعيد بن جبببير عببن ابببن عببباس أن الوليببد بببن‬
‫المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش‪ ,‬وكان ذا شرف فيهببم‪,‬‬
‫وقد حضر الموسم فقال لهم‪ :‬يببا معشببر قريببش‪ ,‬إنببه قببد‬
‫حضر هذا الموسم‪ ,‬وإن وفود العرب سببتقدم عليكببم فيببه‬

‫‪548‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا‪ ,‬فببأجمعوا فيببه رأي با ً واحببدًا‪,‬‬
‫ول تختلفوا فيكذب بعضكم بعضًا‪ ,‬ويرد قولكم بعضه بعضًا‪,‬‬
‫فقالوا‪ :‬وأنت يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا رأيا ً نقول به‪,‬‬
‫قال‪ :‬بل أنتم قولوا لسمع‪ ,‬قالوا‪ :‬نقول كاهن‪ ,‬قال‪ :‬ما هو‬
‫بكاهن‪ ,‬قالوا‪ :‬فنقول مجنون‪ ,‬قال‪ :‬ما هو بمجنببون‪ ,‬قببالوا‪:‬‬
‫فنقول شاعر‪ ,‬قال‪ :‬ما هو بشبباعر‪ ,‬قببالوا‪ :‬فنقببول سبباحر‪,‬‬
‫قال‪ :‬ما هو بساحر‪ ,‬قببالوا‪ :‬فمبباذا نقببول ؟ قببال‪ :‬واللببه إن‬
‫لقوله لحلوة‪ ,‬فما أنتم بقائلين من هذا شيئا ً إل عببرف أنببه‬
‫باطل‪ ,‬وإن أقرب القول أن تقولوا هو ساحر‪ ,‬فتفرقوا عنه‬
‫بذلك‪ ,‬وأنبزل اللبه فيهببم }البذين جعلبوا القببرآن عضبين{‬
‫أصنافا ً }فوربببك لنسببألنهم أجمعيببن عمببا كببانوا يعملببون{‬
‫أولئك النفبببببببر البببببببذين قبببببببالوا لرسبببببببول للبببببببه‪.‬‬
‫وقال عطية العوفي عن ابن عمر في قببوله‪} :‬لنسببألنهم‬
‫أجمعين عما كانوا يعملون{ قال‪ :‬عن ل إله إل الله‪ .‬وقببال‬
‫عبد الرزاق‪ :‬أنبأنا الثوري عن ليث هو ابن أبي سببليم عببن‬
‫مجاهد فببي قببوله تعببالى‪} :‬لنسبألنهم أجمعيببن عمببا كبانوا‬
‫يعملون{ قال‪ :‬عن ل إله إل الله‪ ,‬وقد روى الترمببذي وأبببو‬
‫يعلى الموصبلي واببن جريبر واببن أببي حباتم مبن حبديث‬
‫شريك القاضي‪ ,‬عبن ليبث ببن أببي سبليم عبن بشبير ببن‬
‫نهيك‪ ,‬عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسببلم }فوربببك‬
‫لنسألنهم أجمعيببن{ قببال‪ :‬عببن ل إلببه إل اللببه‪ ,‬ورواه ابببن‬
‫إدريس عن ليث عن بشير عبن أنبس موقوفبًا‪ ,‬وقبال اببن‬
‫جرير‪ :‬حدثنا أحمد‪ ,‬حدثنا أبو أحمد‪ ,‬حدثنا شريك عببن هلل‬
‫عن عبد الله بن عكيم‪ ,‬قببال‪ :‬ورواه الترمببذي وغيببره مببن‬
‫حديث أنببس مرفوعبًا‪ ,‬وقببال عبببد اللببه هببو ابببن مسببعود‪:‬‬
‫والذي ل إله غيره ما منكم من أحد إل سيخلو الله به يببوم‬
‫القيامة كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر‪ ,‬فيقول‪ :‬ابن آدم‬
‫ماذا غرك مني بي ؟ ابن آدم مبباذا عملببت فيمببا علمببت ؟‬
‫اببببببببببن آدم مببببببببباذا أجببببببببببت المرسبببببببببلين ؟‬
‫وقال أبو جعفر عن الربيببع عببن أبببي العاليببة فببي قببوله‪:‬‬
‫}فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون{ قال‪ :‬يسأل‬
‫العباد كلهم عن خلببتين يببوم القيامببة‪ :‬عمببا كببانوا يعبببدون‪,‬‬

‫‪549‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وماذا أجابوا المرسلين‪ ,‬وقال ابن عيينة عببن عملببك وعببن‬
‫مالك‪ .‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا أحمد بن أبببي‬
‫الحواري‪ ,‬حدثنا يونس الحذاء عن أبي حمزة الشيباني عن‬
‫معاذ بن جبل قال‪ :‬قال لي رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬يا معاذ إن المرء يسببأل يببوم القيامببة عببن جميببع‬
‫سعيه حتى كحببل عينيببه‪ ,‬وعببن فتببات الطينببة بأصبببعه‪ ,‬فل‬
‫ألفينك يوم القيامة واحد غيرك أسعد بما آتاك اللببه منببك«‬
‫وقببال علببي بببن أبببي طلحببة عببن ابببن عببباس فببي قببوله‪:‬‬
‫}فوربك لنسألنهم أجمعين عما كببانوا يعملببون{ ثببم قببال‪:‬‬
‫}فيومئذ ل يسأل عن ذنبه إنس ول جان{ قال‪ :‬ل يسببألهم‬
‫هل عملتم كذا ؟ لنه أعلم بذلك منهببم‪ ,‬ولكببن يقببول‪ :‬لببم‬
‫عملتببببببببببببببببببم كببببببببببببببببببذا وكببببببببببببببببببذا ؟‪.‬‬

‫َ‬
‫ك‬ ‫ن * إ ِّنا ك ََفي َْنببا َ‬ ‫كي َ‬‫شرِ ِ‬‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫ض عَ ِ‬ ‫مُر وَأعْرِ ْ‬ ‫ما ت ُؤْ َ‬ ‫صد َعْ ب ِ َ‬‫** َفا ْ‬
‫ف‬ ‫س بو ْ َ‬ ‫خ بَر فَ َ‬ ‫معَ الل ّبهِ ِإلـببها ً آ َ‬ ‫ن َ‬ ‫جعَُلو َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬‫ن * ال ّ ِ‬ ‫ست َهْزِِئي َ‬‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن*‬ ‫مببا ي َُقول ُببو َ‬ ‫ك بِ َ‬ ‫ص بد ُْر َ‬
‫ضببيقُ َ‬ ‫ك يَ ِ‬ ‫م أ َن ّب َ‬ ‫ن * وَل ََقد ْ ن َعْل َب ُ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ي َعْ َ‬
‫ى‬‫حت ّب َ‬ ‫ك َ‬ ‫ن * َواعْب ُبد ْ َرب ّب َ‬ ‫دي َ‬ ‫ج ِ‬
‫سا ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ّ‬ ‫ك وَك ُ ْ‬ ‫مدِ َرب ّ َ‬ ‫ح ْ‬‫ح بِ َ‬‫سب ّ ْ‬ ‫فَ َ‬
‫ك ال ْي َِقيببببببببببببببببببببببببببببببب ُ‬
‫ن‬ ‫ي َأ ْت َِيببببببببببببببببببببببببببببببب َ‬
‫يقول تعالى آمرا ً رسوله صلى الله عليه وسلم بإبلغ مببا‬
‫بعثه به وبإنفاذه والصدع به‪ ,‬وهو مواجهببة المشببركين بببه‪,‬‬
‫كما قال ابن عببباس فببي قببوله‪} :‬فاصببدع بمببا تببؤمر{ أي‬
‫أمضه‪ ,‬وفي روايببة }افعببل مببا تببؤمر{ وقببال مجاهببد‪ :‬هببو‬
‫الجهر بالقرآن في الصلة‪ .‬وقال أبو عبيببدة عببن عبببد اللببه‬
‫بن مسعود‪ :‬ما زال النبي صلى الله عليه وسلم مسببتخفيا ً‬
‫حببتى نزلببت }فاصببدع بمببا تببؤمر{‪ ,‬فخببرج هببو وأصببحابه‪.‬‬
‫وقبببوله‪} :‬وأعبببرض عبببن المشبببركين * إنبببا كفينببباك‬
‫المستهزئين{ أي بلغ ما أنببزل إليببك مببن ربببك‪ ,‬ول تلتفببت‬
‫إلى المشركين الذين يريدون أن يصببدوك عببن آيببات اللببه‬
‫دوا لو تدهن فيدهنون{ ول تخفهم فإن لله كافيك إياهم‬ ‫}و ّ‬
‫وحافظك منهم‪ ,‬كقبوله تعبالى‪} :‬يببا أيهبا الرسبول بلبغ مببا‬

‫‪550‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسببالته واللببه‬
‫يعصبببببببببببببببببمك مبببببببببببببببببن النببببببببببببببببباس{‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبو بكر البزار‪ :‬حدثنا يحيبى ببن محمبد ببن‬
‫السكن‪ ,‬حدثناإسحاق بن إدريس‪ ,‬حدثنا عببون بببن كهمببس‬
‫عن يزيد بن درهم‪ ,‬عن أنس قال‪ :‬سمعت أنسا ً يقول فببي‬
‫لية‪} ,‬إنا كفيناك المستهزئين الذين يجعلون مع اللببه‬ ‫هذه ا َ‬
‫إلها ً آخر{ قال‪ :‬مببر رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫فغمزه بعضهم فجاء جبريل‪ ,‬أحسبه قال‪ :‬فغمزهببم‪ ,‬فوقببع‬
‫فببي أجسببادهم كهيئة الطعنببة فمبباتوا‪ .‬قببال محمببد بببن‬
‫إسحاق‪ :‬كبان عظمبباء المسببتهزئين كمبا حببدثني يزيببد ببن‬
‫رومان عن عروة بن الزبير خمسة نفر‪ ,‬وكانوا ذوي أسنان‬
‫وشرف في قومهم من بني أسد بن عبد العزى بن قصببي‬
‫السود بن المطلب أبي زمعة ‪ ,‬كان رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم فيما بلغني قد دعا عليه لما كان يبلغه من أذاه‬
‫واستهزائه‪ ,‬فقال‪» :‬اللهم أعم بصره‪ ,‬وأثكله ولببده« ومببن‬
‫بني زهرة السود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن‬
‫زهرة‪ ,‬ومن بني مخزوم الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن‬
‫عمر بن مخزوم‪ ,‬ومن بني سهم ابن عمرو بن هصيص بن‬
‫كعب بن لؤي العبباص بببن وائل بببن هشببام بببن سببعيد بببن‬
‫سعد‪ ,‬ومن خزاعة الحببارث بببن الطلطلببة بببن عمببرو بببن‬
‫الحارث بن عبد بن ب عمرو بن ملكان ب‪ .‬فلمببا تمببادوا فببي‬
‫الشببر وأكببثروا برسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫الستهزاء أنزل الله تعالى‪} :‬فاصدع بما تؤمر وأعرض عن‬
‫المشركين * إنا كفينبباك المسببتهزئين إلببى قببوله فسببوف‬
‫يعلمببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببون{‪.‬‬
‫وقال ابن إسحاق‪ :‬فحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن‬
‫الزبير أو غيببره مببن العلمبباء‪,‬أن جبريببل أتببى رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسببلم وهببو يطببوف بببالبيت ‪ ,‬فقببام وقببام‬
‫رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم إلببى جنبببه‪ ,‬فمببر بببه‬
‫السود بن عبد يغوث فأشار إلى بطنه‪ ,‬فاستسببقى بطنببه‪,‬‬
‫ح بأسببفل‬ ‫ومر به الوليد بن المغيبرة‪ ,‬فأشبار إلبى أثبر جبر ٍ‬
‫كعب رجله‪ ,‬وكان أصابه قبل ذلك بسنتين‪ ,‬وهو يجز إزاره‪,‬‬

‫‪551‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وذلك أنه مر برجل من خزاعة يريش نبل ً له‪ ,‬فتعلق سببهم‬
‫من نبله بإزاره فخدش رجله ذلك الخدش‪ ,‬وليس بشببيء‪,‬‬
‫فانتفض به فقتله‪ ,‬ومببر بببه العبباص بببن وائل‪ ,‬فأشببار إلببى‬
‫أخمص قدمه فخرج على حمار لببه يريببد الطببائف‪ ,‬فربببض‬
‫على شبرقة فدخلت فببي أخمببص قببدمه فقتلتببه‪ ,‬ومببر بببه‬
‫الحارث بببن الطلطلببة فأشببار إلببى رأسببه فببامتخط قيحبا ً‬
‫فقتلببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫قال محمد بن إسحاق‪ :‬حدثني محمد بن أبي محمببد عببن‬
‫رجل‪ ,‬عن ابن عباس قال‪ :‬كان رأسهم الوليد بن المغيببرة‬
‫وهو الذي جمعهم‪ ,‬وهكذاروي عن سعيد بن جبير وعكرمببة‬
‫نحو سببياق محمببد بببن إسببحاق بببه‪ ,‬عببن يزيببد عببن عببروة‬
‫بطوله‪ ,‬إل أن سعيدا ً يقول‪ :‬الحارث بببن غيطلببة‪ ,‬وعكرمببة‬
‫يقول الحارث بن قيس‪ .‬قال الزهري‪ :‬وصدقا هببو الحببارث‬
‫بن قيس‪ ,‬وأمببه غيطلببة‪ ,‬وكببذا روي عببن مجاهببد ومقسببم‬
‫وقتادة وغير واحد أنهم كانوا خمسة‪ .‬وقال الشعبي‪ :‬كببانوا‬
‫سبعة‪ ,‬والمشهور الول‪ :‬وقوله‪} :‬الذين يجعلببون مببع اللببه‬
‫إلها ً آخر فسوف يعلمون{ تهديد شببديد ووعيببد أكيببد لمببن‬
‫جعببببببببببل مببببببببببع للببببببببببه معبببببببببببودا ً آخببببببببببر‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبببح‬
‫بحمد ربك وكن من السبباجدين{ أي وإنببا لنعلببم يببا محمببد‬
‫أنك يحصل لببك مببن أذاهببم لببك ضببيق صببدر وانقببباض فل‬
‫يهيدنك ذلك ول يثنينك عن إبلغك رسالة الله‪ ,‬وتوكل عليه‬
‫فإنه كافيك وناصرك عليهم‪ ,‬فاشتغل بببذكر اللببه وتحميببده‬
‫وتسبيحه وعبادته التي هببي الصببلة‪ ,‬ولهببذا قببال‪} :‬فسبببح‬
‫بحمد ربك وكن مببن السبباجدين{‪ .‬كمببا جبباء فببي الحببديث‬
‫الذي رواه المام أحمببد‪ :‬حببدثنا عبببد الرحمببن بببن مهببدي‪,‬‬
‫حدثنا معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن كثير بن مببرة‬
‫مار أنه سمع رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬ ‫عن نعيم بن ه ّ‬
‫وسلم يقول‪» :‬قال الله تعالى يا ابن آدم ل تعجز عن أربببع‬
‫ركعببات مببن أول النهببار أكفببك آخببره« ورواه أبببو داود‬
‫والنسائي من حديث مكحببول عببن كببثير بببن مببرة بنحببوه‪,‬‬

‫‪552‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمببر‬
‫صبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببلى‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬واعبد ربك حتى يأتيببك اليقيببن{ قببال البخبباري‪:‬‬
‫قال سالم‪ :‬الموت‪ ,‬وسالم هذا هو سالم بن عبببد اللببه بببن‬
‫عمر‪ ,‬كما قال ابن جريببر‪ :‬حببدثنا محمببد بببن بشببار‪ ,‬حببدثنا‬
‫يحيببى بببن سببعيد عببن سببفيان‪ ,‬حببدثني طببارق بببن عبببد‬
‫الرحمن عن سالم بن عبد اللببه }واعبببد ربببك حببتى يأتيببك‬
‫اليقين{ قال‪ :‬الموت‪ ,‬وهكذا قال مجاهد والحسببن وقتببادة‬
‫وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيره‪ ,‬والدليل علببى ذلببك‬
‫قوله تعالى إخبارا ً عن أهل النار أنهم قببالوا }لببم نببك مببن‬
‫المصلين * ولم نببك نطعببم المسببكين * وكنببا نخببوض مببع‬
‫الخائضين * وكنا نكذب بيوم الببدين * حببتى أتانببا اليقيببن{‬
‫وفي الصحيح من حديث الزهري عن خارجببة بببن زيببد بببن‬
‫ثابت‪ ,‬عن أم العلء امرأة من النصار أن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم لما دخبل علبى عثمبان ببن مظعبون وقبد‬
‫مببات‪ ,‬قببالت أم العلء‪ :‬رحمببة اللببه عليببك أبببا السببائب‪,‬‬
‫فشهادتي عليك لقد أكرمك الله‪ ,‬فقال رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬وما يببدريك أن اللببه أكرمببه ؟« فقلببت‪:‬‬
‫بأبي وأمي يا رسببول اللببه‪ ,‬فمببن ؟ فقببال‪» :‬أمببا هببو فقببد‬
‫جاءه اليقين‪ ,‬وإني لرجو لببه الخيببر« ويسببتدل بهببذه ا َ‬
‫ليببة‬
‫الكريمة وهي قوله‪} :‬واعبد ربك حتى يأتيك اليقين{ علببى‬
‫أن العبادة كالصببلة ونحوهببا واجبببة علببى النسببان مببا دام‬
‫عقلببببببببه ثابتببببببببًا‪ ,‬فيصببببببببلي بحسببببببببب حبببببببباله‪.‬‬
‫كما ثبببت فببي صببحيح البخبباري عببن عمببران بببن حصببين‬
‫رضي الله عنهما أن رسبول اللبه صبلى اللبه عليبه وسبلم‬
‫قال‪» :‬صل قائمًا‪ ,‬فإن لم تستطع فقاعدًا‪ ,‬فإن لم تستطع‬
‫فعلببى جنببب« ويسببتدل بهببا علببى تخطئة مببن ذهببب مببن‬
‫الملحدة إلببى أن المببراد ببباليقين المعرفببة‪ ,‬فمببتى وصببل‬
‫أحدهم إلى المعرفة سقط عنه التكليف عندهم‪ ,‬وهذا كفر‬
‫وضببلل وجهببل‪ ,‬فببإن النبيبباء عليهببم السببلم كببانوا هببم‬
‫وأصحابهم أعلم الناس بببالله وأعرفهببم بحقببوقه وصببفاته‪,‬‬
‫وما يستحق من التعظيم‪ ,‬وكانوا مع هذا أعبد وأكثر الناس‬

‫‪553‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عبادة ومواظبة على فعل الخيرات إلى حين الوفاة‪ ,‬وإنمببا‬
‫المببراد ببباليقين ههنببا المببوت‪ ,‬كمببا قببدمناه‪ ,‬وللببه الحمببد‬
‫والمنة‪ ,‬والحمد لله على الهداية وعليه الستعانة والتوكببل‪,‬‬
‫وهو المسؤول أن يتوفانببا علببى أكمببل الحببوال وأحسببنها‪,‬‬
‫فبببببببببببببببببببإنه جبببببببببببببببببببواد كريبببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫آخبر تفسبير سببورة الحجبر‪ ,‬والحمببد للبه رب العبالمين‪.‬‬

‫سبببببببببببببببببببببببببببببببببببورة النحبببببببببببببببببببببببببببببببببببل‬
‫حيبببببببببببم ِ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫حمـببببببببببب ِ‬ ‫سبببببببببببم ِ الل ّبببببببببببهِ الّر ْ‬ ‫بِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مببا‬ ‫ى عَ ّ‬‫ه وَت ََعببال َ‬
‫حان َ ُ‬ ‫جُلوهُ ُ‬
‫سببب ْ َ‬ ‫مببُر الّلببهِ فَل َ ت َ ْ‬
‫سببت َعْ ِ‬ ‫ىأ ْ‬‫** أَتبب َ‬
‫ن‬
‫كو َ‬ ‫شببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببرِ ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫يخبر تعالى عببن اقببتراب السبباعة ودنوهببا معبببرا ً بصببيغة‬
‫الماضي الدال علببى التحقيببق والوقببوع ل محالببة‪ ,‬كقببوله‪:‬‬
‫}اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون{‪ ,‬وقال‪:‬‬
‫}اقببببتربت السبببباعة وانشببببق القمببببر{‪ .‬وقببببوله‪} :‬فل‬
‫تستعجلوه{ أي قرب ما تباعببد فل تسببتعجلوه‪ ,‬يحتمببل أن‬
‫يعود الضمير على اللببه‪ ,‬ويحتمببل أن يعببود علببى العببذاب‪,‬‬
‫وكلهما متلزم‪ ,‬كما قال تعببالى‪} :‬ويسببتعجلونك بالعببذاب‬
‫ولول أجل مسمى لجاءهم العبذاب وليبأتينهم بغتبة وهبم ل‬
‫يشببعرون * يسببتعجلونك بالعببذاب وإن جهنببم لمحيطببة‬
‫ليببة إلببى‬ ‫بالكافرين{ وقد ذهب الضحاك في تفسير هببذه ا َ‬
‫قول عجيب‪ ,‬فقال في قوله‪} :‬أتى أمر اللببه{ أي فرائضببه‬
‫وحدوده‪ ,‬وقد رده ابن جرير فقال‪ :‬ل نعلم أحببدا ً اسببتعجل‬
‫بالفرائض وبالشرائع قبببل وجودهببا بخلف العببذاب‪ ,‬فببإنهم‬
‫استعجلوه قبببل كببونه اسببتبعادا ً وتكببذيبًا‪ ,‬قلببت‪ :‬كمببا قببال‬
‫تعالى‪} :‬يستعجل بها الذين ل يؤمنببون بهببا‪ ,‬والببذين آمنببوا‬
‫مشفقون منها ويعلمون أنهببا الحببق‪ ,‬أل إن الببذين يمببارون‬
‫فببببببببي السبببببببباعة لفببببببببي ضببببببببلل بعيببببببببد{‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬ذكر عن يحيى بن آدم‪ ,‬عن أبي بكببر‬
‫بن عياش‪ ,‬عببن محمببد بببن عبببد اللببه مببولى المغيببرة بببن‬
‫شعبة‪ ,‬عن كعب بن علقمة‪ ,‬عن عبد الرحمن بببن حجيببرة‪,‬‬
‫عن عقبة بن عامر قال‪ :‬قال رسول الله صببلى اللببه عليببه‬

‫‪554‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسبلم‪» :‬تطلببع عليكبم عنببد السباعة سببحابة سببوداء مبن‬
‫المغرب مثببل البترس‪ ,‬فمببا تبزال ترتفبع فبي السببماء ثبم‬
‫ينادي مناد فيها‪ :‬يا أيهاالناس‪ ,‬فيقبل النبباس بعضببهم علببى‬
‫بعض‪ :‬هل سببمعتم‪ ,‬فمنهببم مببن يقببول‪ :‬نعبم‪ ,‬ومنهببم مببن‬
‫يشببك‪ ,‬ثببم ينببادي الثانيببة‪ :‬يببا أيهببا النبباس‪ ,‬فيقببول النبباس‬
‫بعضببهم لبعببض‪ :‬هببل سببمعتم‪ ,‬فيقولببون‪ :‬نعببم‪ ,‬ثببم ينببادي‬
‫الثالثة‪ :‬يا أيها النبباس أتببى أمببر اللببه فل تسببتعجلوه« قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬فو الذي نفسي بيببده‪,‬‬
‫إن الرجلين لينشران الثوب فما يطويانه أبببدًا‪ ,‬وإن الرجببل‬
‫ليمدن حوضه فما يسقي فيه شيئا ً ابدًا‪ ,‬وإن الرجل ليحلب‬
‫ناقته فما يشربه أبببدا ً بب قببال بب ويشبتغل النباس« ثبم إنبه‬
‫تعالى نزه نفسه عن شركهم به غيببره وعبببادتهم معببه مببا‬
‫سببواه مببن الوثببان والنببداد‪ ,‬تعببالى وتقببدس علببوا ً كبببيرًا‪,‬‬
‫وهؤلء هم المكذبون بالساعة فقال‪} :‬سبحانه وتعالى عما‬
‫يشببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببركون{‪.‬‬

‫َ‬ ‫ة بببال ْروح مب َ‬


‫ن‬
‫مب ْ‬‫شببآُء ِ‬ ‫مببن ي َ َ‬ ‫ى َ‬ ‫مبرِهِ عَلب ََ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ملئ ِك َ َ ِ ّ ِ ِ ْ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫** ي ُن َّز ُ‬
‫َ‬ ‫عبببببباده أ َ َ‬
‫ن‬‫ه إ ِل ّ أن َبببببا ْ فَبببببات ُّقو ِ‬
‫ه ل َ إ َِلـببببب َ‬‫ن أن ْبببببذُِروَا ْ أّنبببب ُ‬‫ِ ِ ْ‬ ‫ِ َ‬
‫يقول تعالى‪} :‬ينزل الملئكة بالروح{ أي الوحي‪ ,‬كقوله‪:‬‬
‫}وكذلك أوحينا إليك روح با ً مببن أمرنببا مببا كنببت تببدري مببا‬
‫الكتاب ول اليمان‪ ,‬ولكن جعلناه نورا ً نهدي بببه مببن نشبباء‬
‫من عبادنا{ وقببوله‪} :‬علببى مببن يشبباء مببن عببباده{ وهببم‬
‫النبياء‪ ,‬كما قال تعالى‪ } :‬الله أعلم حيث يجعل رسالته{‪,‬‬
‫وقال‪ } :‬الله يصطفي مببن الملئكببة رس بل ً ومببن النبباس{‬
‫وقال‪} :‬يلقي الروح من أمره على مببن يشبباء مببن عببباده‬
‫لينذر يوم التلق * يوم هم بارزون ل يخفى على الله منهم‬
‫شيء لمن الملك اليوم‪ ,‬لله الواحد القهببار{‪ .‬وقببوله‪} :‬أن‬
‫أنذروا{ أي لينذروا }أنببه ل إلبه إل أنببا فبباتقون{أي فباتقوا‬
‫عقوببببببتي لمبببببن خبببببالف أمبببببري وعببببببد غيبببببري‪.‬‬

‫‪555‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ن*‬ ‫كو َ‬‫ش برِ ُ‬‫مببا ي ُ ْ‬
‫ى عَ ّ‬ ‫َ‬ ‫ض ِبال ْ َ‬ ‫خل َقَ ال ّ‬
‫حقّ ت ََعال َ‬ ‫ت َوالْر َ‬ ‫ماَوا ِ‬
‫س َ‬ ‫** َ‬
‫ن‬
‫مِبيببب ٌ‬
‫م ّ‬‫صبببي ٌ‬ ‫خ ِ‬ ‫مبببن ن ّط َْفبببةٍ فَبببإ ِ َ‬
‫ذا هُبببوَ َ‬ ‫ن ِ‬‫سبببا َ‬‫خل َبببقَ ال ِن ْ َ‬
‫َ‬
‫يخبر تعالى عببن خلقببه العببالم العلببوي وهببو السببموات‪,‬‬
‫والعالم السفلي وهو الرض بما حببوت‪ ,‬وأن ذلببك مخلببوق‬
‫بالحق ل للعبببث بببل } ليجببزي الببذين أسبباءوا بمببا عملببوا‬
‫ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى{ ثم نزه نفسه عن شببرك‬
‫من عبد معه غيره‪ ,‬وهو المستقل بالخلق وحببده ل شببريك‬
‫له‪ ,‬فلهذا يستحق أن يعبد وحده ل شريك له‪ ,‬ثم نبه علببى‬
‫خلق جنببس النسببان مببن نطفببة أي مهينببة ضببعيفة‪ ,‬فلمببا‬
‫استقل ودرج إذا هو يخاصببم ربببه تعببالى ويكببذبه ويحببارب‬
‫رسله‪ ,‬وهو إنما خلق ليكون عبببدا ً ل ضببدًا‪ ,‬كقببوله تعببالى‪:‬‬
‫}وهو الذي خلق من الماء بشرا ً فجعله نسبا ً وصهرا ً وكان‬
‫ربببك قببديرا ً * ويعبببدون مببن دون اللببه مببا ل ينفعهببم ول‬
‫يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرًا{‪ .‬وقوله‪} :‬أو لبم يبر‬
‫النسببان أنببا خلقنبباه مببن نطفببة فببإذا هببو خصببيم مبببين *‬
‫وضرب لنا مثل ً ونسي خلقه قال من يحيببي العظببام وهببي‬
‫رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مببرة وهببو بكببل خلببق‬
‫عليم{ وفي الحديث الذي رواه المببام أحمببد وابببن مبباجه‬
‫عن بسر بن جحاش قببال‪ :‬بصببق رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم في كفه‪ ,‬ثم قال‪» :‬يقول الله تعالى‪ :‬ابببن آدم‬
‫أنى تعجزني وقد خلقتك مببن مثببل هببذه حببتى إذا سببويتك‬
‫فعدلتك مشببيت بيببن برديببك وللرض منببك وئيببد فجمعببت‬
‫ومنعت حتى إذا بلغت الحلقببوم قلببت أتصببدق‪ ,‬وأنببى أوان‬
‫الصببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببدقة«‪.‬‬

‫ْ‬
‫ن*‬ ‫من ْهَببا ت َبأك ُُلو َ‬
‫من َببافِعُ وَ ِ‬
‫فٌء وَ َ‬ ‫م ِفيَها دِ ْ‬ ‫خل ََقَها ل َك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫** َوالن َْعا َ‬
‫مب ُ‬
‫ل‬ ‫ح ِ‬ ‫ن * وَت َ ْ‬‫حو َ‬ ‫س بَر ُ‬
‫ن تَ ْ‬ ‫حي َ‬ ‫ن وَ ِ‬ ‫حو َ‬ ‫ري ُ‬‫ن تُ ِ‬ ‫حي َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ما ٌ‬ ‫ج َ‬ ‫م ِفيَها َ‬ ‫وَل َك ُ ْ‬
‫م‬‫ن َرب ّك ُ ْ‬ ‫س إِ ّ‬ ‫كوُنوا ْ َبال ِِغيهِ إ ِل ّ ب ِ ِ‬‫م تَ ُ‬ ‫ى ب َل َدٍ ل ّ ْ‬ ‫أ َث َْقال َك ُ ْ َ‬
‫شقّ النُف ِ‬ ‫م إ ِل َ‬
‫م‬‫حيبببببببببببببببببببببببببببببب ٌ‬ ‫ف ّر ِ‬ ‫ؤو ٌ‬ ‫َلببببببببببببببببببببببببببببببَر ُ‬
‫ن تعالى على عباده بما خلق لهم مببن النعببام وهببي‬ ‫يمت ّ‬
‫البل والبقر والغنم‪ ,‬كمببا فصببلها فببي سببورة النعببام إلببى‬

‫‪556‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ثمانية أزواج‪ ,‬وبما جعل لهم فيهببا مببن المصببالح والمنببافع‬
‫من أصوافها وأوبارهاوأشعارها يلبسون ويفترشببون‪ ,‬ومببن‬
‫ألبانها يشربون ويببأكلون مببن أولدهببا‪ ,‬ومببا لهببم فيهببا مببن‬
‫الجمال وهو الزينة‪ ,‬ولهذا قببال‪} :‬ولكببم فيهببا جمببال حيببن‬
‫تريحببون{ وهببو وقبت رجوعهببا عشبيا ً مبن المرعبى فإنهبا‬
‫تكون أمده خواصر وأعظمه ضروعا ً وأعله أسنمة }وحين‬
‫تسرحون{ أي غدوة حين تبعثونها إلببى المرعببى }وتحمببل‬
‫أثقالكم{ وهي الحمال الثقيلببة الببتي تعجببزون عببن نقلهببا‬
‫وحملها }إلى بلد لم تكونوا بالغيه إل بشق النفس{ وذلك‬
‫في الحج والعمرة والغزو والتجارة وما جرى مجرى ذلببك‪,‬‬
‫تسببتعملونها فببي أنببواع السببتعمال مببن ركببوب وتحميببل‪,‬‬
‫كقوله‪} :‬وإن لكببم فببي النعببام لعبببرة نسببقيكم ممببا فببي‬
‫بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون وعليها وعلببى‬
‫الفلببك تحملببون{‪ ,‬وقببال تعببالى‪} :‬اللببه الببذي جعببل لكببم‬
‫النعببام لببتركبوا منهببا ومنهببا تببأكلون * ولكببم فيهببا منببافع‬
‫ولتبلغوا عليها حاجببة فببي صببدوركم وعليهببا وعلببى الفلببك‬
‫تحملون * ويريكم آياته فببأي آيببات اللببه تنكببرون{‪ ,‬ولهببذا‬
‫قال ههنا بعد تعداد هذه النعم }إن ربكببم لببرءوف رحيببم{‬
‫أي ربكببم الببذي قيببض لكببم هببذه النعببام وسببخرها لكببم‪,‬‬
‫كقوله‪} :‬أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيببدينا أنعام با ً‬
‫فهببم لهببا مببالكون * وذللناهببا لهببم فمنهببا ركببوبهم ومنهببا‬
‫يأكلون ؟{‪ ,‬وقببال‪} :‬وجعببل لكببم مببن الفلببك والنعببام مببا‬
‫تركبون * لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمببة ربكببم إذا‬
‫استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هببذا ومببا كنببا‬
‫له مقرنين * وإنا إلببى ربنببا لمنقلبببون{ قببال ابببن عببباس‪:‬‬
‫}لكم فيها دفء{ أي ثياب‪} ,‬ومنافع{ ما تنتفعون بببه مببن‬
‫الطعمة والشربة‪ .‬وقال عبد الرزاق‪ :‬أخبرنا إسرائيل عببن‬
‫سماك عن عكرمة‪ ,‬عن ابن عباس‪ :‬دفء ومنافع نسل كل‬
‫دابة‪ .‬وقال مجاهد‪ :‬لكم فيها دفء أي لباس ينسج‪ ,‬ومنافع‬
‫مركب ولحم ولبن‪ .‬وقال قتادة‪ :‬دفء ومنافع‪ ,‬يقول‪ :‬لكببم‬
‫فيهببا لببباس ومنفعببة وبلغببة‪ ,‬وكببذا قببال غيببر واحببد مببن‬
‫المفسبببببببببببببببرين بألفببببببببببببببباظ متقارببببببببببببببببة‪.‬‬

‫‪557‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫خل ُبقُ َ‬
‫مببا ل َ‬ ‫ميَر ل ِت َْرك َُبوهَببا وَِزين َب ً‬
‫ة وَي َ ْ‬ ‫ل َوال ْ َ‬
‫ح ِ‬ ‫ل َوال ْب َِغا َ‬ ‫** َوال ْ َ‬
‫خي ْ َ‬
‫ن‬
‫مببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببو َ‬ ‫ت َعْل َ ُ‬
‫هذا صنف آخر مما خلق تبارك وتعببالى لعببباده يمتببن بببه‬
‫عليهم‪ ,‬وهو الخيل والبغال والحميببر الببتي جعلهببا للركببوب‬
‫والزينة بها‪ ,‬وذلبك أكببر المقاصبد منهبا‪ ,‬ولمبا فصبلها مبن‬
‫النعام‪ ,‬وأفردها بالذكر‪ ,‬اسبتدل مببن اسببتدل مببن العلمباء‬
‫ممن ذهب إلى تحريم لحوم الخيببل بببذلك علببى مببا ذهببب‬
‫إليه فيها‪ ,‬كالمام أبي حنيفة رحمه اللببه ومببن وافقببه مببن‬
‫الفقهاء بأنه تعالى قرنها بالبغال والحمير وهي حبرام‪ ,‬كمبا‬
‫ثبتت به السنة النبوية‪ ,‬وذهب إليه أكببثر العلمبباء‪.‬وقببد روى‬
‫المام أبو جعفر بن جرير‪ :‬حدثني يعقوب‪ ,‬حدثنا ابن علية‪,‬‬
‫أنبأنا هشببام الدسببتوائي‪ ,‬حببدثنا يحيببى بببن أبببي كببثير عببن‬
‫ن ابن عباس أنه كان يكببره لحببوم‬ ‫مولى نافع بن علقمة‪ ,‬أ ّ‬
‫الخيبل والبغبال والحميبر‪ ,‬وكبان يقبول‪ :‬قبال اللبه تعبالى‪:‬‬
‫}والنعام خلقها لكببم فيهببا دفببء ومنببافع ومنهببا تببأكلون{‬
‫فهذه للكل‪},‬والخيببل والبغببال والحميببر لتركبوهببا{ فهببذه‬
‫للركوب‪ ,‬وكذا روي من طريق سعيد بن جبير وغيببره عببن‬
‫ابن عباس بمثله‪ ,‬وقال مثل ذلببك الحكببم بببن عتيبببة أيضبا ً‬
‫رضي الله عنه‪ ,‬واستأنسوا بحديث رواه المبام أحمببد فبي‬
‫مسنده‪ :‬حدثنا يزيد بببن عبببد رببه‪ ,‬حببدثنا بقيببة بببن الوليببد‪,‬‬
‫حدثنا ثور بن يزيد عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معببد‬
‫يكرب ‪ ,‬عن أبيه عن جده عن خالد بن الوليببد رضببي اللببه‬
‫عنه قال‪ :‬نهى رسول اللهصلى الله عليه وسببلم عببن أكببل‬
‫لحوم الخيل والبغال والحمير‪ .‬وأخرجه أبببو داود والنسببائي‬
‫وابن ماجه من حديث صالح بببن يحيببى بببن المقببدام وفيببه‬
‫كلم‪.‬‬
‫ورواه أحمد أيضا ً من وجه آخر بأبسط من هذا وأدل منه‬
‫فقال‪ :‬حدثنا أحمد بن عبد الملك‪ ,‬حدثنا محمببد بببن حببرب‪,‬‬
‫حدثنا سليمان بن سليم‪ ,‬عن صالح بن يحيببى بببن المقببدام‬
‫عن جده المقدام بن معد يكرب قال‪ :‬غزونا مببع خالببد بببن‬

‫‪558‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الوليد الصائفة‪ ,‬فقرم أصحابنا إلى اللحم فسببألوني رمكببة‬
‫فدفعتها إليهم‪ ,‬فحبلوها وقلببت‪ :‬مكببانكم حببتى آتببي خالببدا ً‬
‫فأسأله فأتيته فسألته‪ ,‬فقال‪ :‬غزونا مع رسول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم غزوة خيبر فأسرع الناس في حظائر يهود‬
‫فببأمرني أن أنببادي الصببلة جامعببة‪ ,‬ول يببدخل الجنببة إل‬
‫مسلم‪ ,‬ثم قال‪» :‬أيها الناس‪ :‬إنكم قد أسرعتم في حظائر‬
‫يهود‪ ,‬أل ل تحل أموال المعاهدين إل بحقها وحببرام عليكببم‬
‫لحببوم التببن الهليببة وخيلهببا وبغالهببا‪ ,‬وكببل ذي نبباب مببن‬
‫السباع‪ ,‬وكل ذي مخلب من الطير« والرمكة هي الحجرة‪,‬‬
‫وقوله حبلوها أي أوثقوها في الحبببل ليببذبحوها‪ ,‬والحظببائر‬
‫والبساتين القريبة من العمران‪ ,‬وكأن هذا الصنيع وقع بعببد‬
‫إعطائهم العهد ومعاملتهم على الشببطر‪,‬واللببه أعلببم‪ ,‬فلببو‬
‫صح هذا الحديث لكان نصا ً في تحريم لحوم الخيل‪ ,‬ولكببن‬
‫ل يقاوم ما ثبت في الصحيحين عن جابر بن عبد الله قال‪:‬‬
‫نهى رسول الله صلى الله عليه وسببلم عببن لحببوم الحمببر‬
‫الهليببببببببببة‪ ,‬وأذن فببببببببببي لحببببببببببوم الخيببببببببببل‪.‬‬
‫ورواه المام أحمد وأبو داود بإسببنادين كببل منهمببا علببى‬
‫شرط مسلم عن جابر قال‪ :‬ذبحنا يوم خيبر الخيل والبغال‬
‫والحمير‪ ,‬فنهانا رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم عببن‬
‫البغال والحمير ولم ينهنا عن الخيببل‪ .‬وفببي صببحيح مسببلم‬
‫عن أسماء بنت أبي بكر رضببي اللببه عنهمببا قببالت‪ :‬نحرنببا‬
‫على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا ً فأكلنبباه‬
‫ونحن بالمدينة‪ ,‬فهذه أدل وأقوى وأثببت‪ ,‬وإلبى ذلبك صبار‬
‫جمهور العلماء مالك والشبافعي وأحمبد وأصبحابهم وأكبثر‬
‫السلف والخلف‪ ,‬والله أعلم‪ .‬وقال عبد الرزاق‪ :‬أنبأنببا ابببن‬
‫جريج عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال‪ :‬كانت الخيل‬
‫وحشية‪ ,‬فذللها الله لسماعيل بن إبراهيم عليهما السببلم‪,‬‬
‫وذكر وهب بن منبه في إسببرائيلياته أن اللببه خلببق الخيببل‬
‫من ريح الجنوب‪ ,‬والله أعلببم‪ .‬فقببد دل النببص علببى جببواز‬
‫ركوب هذه الدواب ومنها البغال‪ ,‬وقد أهديت إلببى رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم بغلة فكببان يركبهببا مببع أنببه قببد‬
‫نهى عن إنزاء الحمر على الخيل لئل ينقطببع النسببل‪ .‬قببال‬

‫‪559‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المام أحمد‪ :‬حدثني محمد بببن عبيببد‪ ,‬حببدثنا عمببر مببن آل‬
‫حذيفة عن الشعبي عن دحية الكلبي قال‪ :‬قلت يببا رسببول‬
‫اللببه‪ ,‬ألأحمببل لببك حمببارا ً علببى فببرس فتنتببج لببك بغل ً‬
‫فتركبهببا ؟ قببال‪» :‬إنمببا يفعببل ذلببك الببذين ل يعلمببون«‪.‬‬

‫م‬ ‫شببآَء ل َهَ ب َ‬


‫داك ُ ْ‬ ‫جببآئ ٌِر وَل َبوْ َ‬
‫من َْها َ‬
‫ل وَ ِ‬
‫سِبي ِ‬ ‫ى الل ّهِ قَ ْ‬
‫صد ُ ال ّ‬ ‫َ‬
‫َ** وَعَل َ‬
‫ن‬
‫م ِعيبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببب َ‬ ‫ج َ‬
‫أ ْ‬
‫لما ذكر تعالى من الحيوانات ما يسار عليببه فببي السبببل‬
‫الحسية‪ ,‬نبه على الطرق المعنوية الدينية‪ ,‬وكببثيرا ً مببا يقببع‬
‫في القرآن العبور من المور الحسية إلى المور المعنويببة‬
‫النافعة الدينية‪ ,‬كقببوله تعببالى‪} :‬وتببزودوا فببإن خيببر الببزاد‬
‫التقوى{‪ ,‬وقال تعالى‪} :‬يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسببا ً‬
‫يواري سوآتكم وريشا ً ولباس التقوى ذلك خير{ ولما ذكببر‬
‫تعالى في هذه السورة الحيوانات من النعام وغيرها الببتي‬
‫يركبونهببا ويبلغببون عليهببا حاجببة فببي صببدورهم‪ ,‬وتحمببل‬
‫أثقالهم إلى البلد والماكن البعيدة والسفار الشاقة‪ ,‬شرع‬
‫في ذكر الطرق التي يسلكها الناس إليببه‪ ,‬فبببين أن الحببق‬
‫منها ما هي موصلة إليه فقال‪} :‬وعلى الله قصد السبيل{‬
‫كقببوله }وأن هببذا صببراطي مسببتقيما ً فبباتبعوه ول تتبعببوا‬
‫السبل فتفرق بكم عن سبيله{ وقال‪} :‬قببال هببذا صببراط‬
‫ي مسبببببببببببببببببببببببببببببتقيم{‪.‬‬ ‫علببببببببببببببببببببببببببببب ّ‬
‫قال مجاهد في قوله‪} :‬وعلى الله قصد السبببيل{ قببال‪:‬‬
‫طريق الحق على الله‪ ,‬وقال السبدي‪} ,‬وعلبى اللبه قصبد‬
‫السبيل{ السلم‪ .‬وقال العوفي عن ابن عباس في قببوله‪:‬‬
‫}وعلى الله قصد السبيل{ يقببول‪ :‬وعلببى اللبه البيبان‪ ,‬أي‬
‫يبين الهدى والضللة‪ .‬وكذا روى علي بن أبي طلحببة عنببه‪,‬‬
‫وكذاقال قتادة والضببحاك‪ ,‬وقببول مجاهببد ههنببا أقببوى مببن‬
‫حيث السياق‪ ,‬لنه تعالى أخبببر أن ثببم طرقبا ً تسببلك إليببه‪,‬‬
‫فليس يصل إليه منها إل طريق الحق وهببي الطريببق الببتي‬
‫شببرعها ورضببيها‪ ,‬ومببا عببداها مسببدودة والعمببال فيهببا‬
‫مردودة‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬ومنهببا جببائر{ أي حببائد مببائل‬

‫‪560‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫زائغ عببن الحببق‪ .‬قببال ابببن عببباس وغيببره‪ :‬هببي الطببرق‬
‫لراء والهواء المتفرقببة كاليهوديببة والنصببرانية‬ ‫المختلفة وا َ‬
‫والمجوسية‪ ,‬وقرأ ابببن مسببعود }ومنكببم جببائر{ ثبم أخبببر‬
‫تعالى أن ذلك كله كائن عن قدرته ومشيئته‪ ,‬فقببال‪} :‬ولببو‬
‫شاء لهداكم أجمعين{ كمببا قببال تعببالى‪} :‬ولببو شبباء ربببك‬
‫لمن من في الرض كلهم جميعًا{ وقال‪} :‬ولو شبباء ربببك‬ ‫َ‬
‫لجعل الناس أمة واحدة ول يزالون مختلفين إل مببن رحببم‬
‫ربك ولببذلك خلقهببم وتمببت كلمببة ربببك لملن جهنببم مببن‬
‫الجنببببببببببببببببة والنبببببببببببببببباس أجمعيببببببببببببببببن{‪.‬‬

‫ه‬‫من ْب ُ‬
‫ب وَ ِ‬ ‫ش بَرا ٌ‬‫ه َ‬ ‫مآًء ل ّك ُببم ّ‬
‫من ْب ُ‬ ‫ماِء َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬‫م َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ذي أ َن َْز َ‬
‫** هُوَ ال ّ ِ‬
‫ن‬
‫م ِبببهِ الببّزْرعَ َوالّزي ْت ُببو َ‬ ‫ت ل َك ُب ْ‬ ‫ن * ُينب ِب ُ‬ ‫مو َ‬ ‫سببي ُ‬‫جٌر ِفيببهِ ت ُ ِ‬ ‫شبب َ‬ ‫َ‬
‫ك ل َي َ ً ّ‬‫ن ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫من ك ُ ّ‬
‫ل الث ّ َ‬ ‫خي َ‬
‫ة لَقوْم ٍ‬ ‫ت إِ ّ‬‫مَرا ِ‬ ‫ب وَ ِ‬‫ل َوالعَْنا َ‬ ‫َوالن ّ ِ‬
‫ن‬
‫كببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببُرو َ‬ ‫ي َت ََف ّ‬
‫لما ذكر تعالى ما أنعببم بببه عليهببم مببن النعببام والببدواب‬
‫شرع في ذكر نعمته عليهم في إنزال المطر مببن السببماء‬
‫وهو العلو مما لهم فيه بلغة ومتاع لهم ولنعببامهم‪ ,‬فقببال‪:‬‬
‫}لكم منه شراب{ أي جعله عذبا ً زلل ً يسوغ لكم شببرابه‪,‬‬
‫ولم يجعله ملحا ً أجاج با ً }ومنببه شببجر فيببه تسببيمون{‪ :‬أي‬
‫وأخرج لكم منه شجرا ً ترعون فيه أنعامكم‪ .‬كما قببال ابببن‬
‫عباس وعكرمة والضحاك وقتادة وابن زيد فببي قببوله فيببه‬
‫تسببيمون‪ ,‬أي ترعببون ومنببه البببل السببائمة‪ ,‬والسببوم‪:‬‬
‫الرعي‪ .‬وروى ابن ماجه أن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسبببلم نهبببى عبببن السبببوم قببببل طلبببوع الشبببمس‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والعنبباب‬
‫ومببن كببل الثمببرات{ أي يخرجهببا مببن الرض بهببذا المبباء‬
‫الواحد على اختلف صببنوفها وطعومهببا وألوانهببا وروائحهببا‬
‫لية لقببوم يتفكببرون{‬ ‫وأشكالها‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬إن في ذلك َ‬
‫أي دللة وحجة على أنببه ل إلبه إل اللبه‪ ,‬كمبا قببال تعبالى‪:‬‬
‫من خلق السموات والرض وأنزل لكم من السماء مبباء‬ ‫}أ ّ‬

‫‪561‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها ؟‬
‫أإله مع اللببه ؟ بببل هببم قببوم يعببدلون{‪ ,‬ثببم قببال تعببالى‪(:‬‬

‫م‬ ‫جببو ُ‬ ‫مبَر َوال ْن ّ ُ‬ ‫س َوال َْق َ‬‫م َ‬ ‫شب ْ‬ ‫ل َوال ْن ّهَبباَر َوال ّ‬ ‫م الل ّي ْب َ‬
‫خَر ل َك ُ ُ‬‫س ّ‬‫** وَ َ‬
‫َ‬
‫مببا‬ ‫ن * وَ َ‬ ‫ت ل َّقبوْم ٍ ي َعِْقل ُببو َ‬‫ك ل َي َببا ٍ‬ ‫ن ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫مرِهِ إ ِ ّ‬ ‫ت ب ِأ ْ‬‫خَرا ٌ‬ ‫س ّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ك ل َي َب ً ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ة لَق بوْم ٍ‬ ‫ن ِفي ذ َل ِب َ‬ ‫ه إِ ّ‬
‫وان ُ ُ‬‫خت َِلفا ً أل ْ َ‬
‫م ْ‬‫ض ُ‬ ‫م ِفي الْر ِ‬ ‫ذ ََرأ ل َك ُ ْ‬
‫ن‬‫َيبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببذ ّك ُّرو َ‬
‫ينبه تعالى عباده على آياته العظببام ومننببه الجسببام فببي‬
‫تسخيره الليل والنهار يتعاقبان‪ ,‬والشمس والقمر يدوران‪,‬‬
‫والنجوم الثببوابت والسببيارات فببي أرجبباء السببموات نببورا ً‬
‫وضياء ليهتدى بها في الظلمات‪ ,‬وكل منها يسير في فلكببه‬
‫الذي جعله الله تعبالى فيبه‪ ,‬يسبير بحركبة مقبدرة ل يزيبد‬
‫عليهببا ول ينقببص عنهببا‪ ,‬والجميببع تحببت قهببره وسببلطانه‬
‫وتسخيره وتقديره وتسهيله‪ ,‬كقوله‪} :‬إن ربكم اللببه الببذي‬
‫خلق السموات والرض فببي سببتة أيببام ثببم اسببتوى علببى‬
‫العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا ً والشببمس والقمببر‬
‫والنجوم مسخرات بأمره أل له الخلببق والمببر تبببارك اللبه‬
‫ليببات لقببوم‬ ‫رب العببالمين{ ولهببذا قببال‪} :‬إن فببي ذلببك َ‬
‫يعقلون{ أي لدللت على قدرته تعالى الببباهرة وسببلطانه‬
‫العظيبببم لقبببوم يعقلبببون عبببن اللبببه ويفهمبببون حججبببه‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وما ذرأ لكم في الرض مختلفا ً ألوانه{ لمببا نبببه‬
‫تعالى على معالم السموات نبه على ما خلببق فببي الرض‬
‫مببن المببور العجيبببة‪ ,‬والشببياء المختلفببة مببن الحيوانببات‬
‫والمعببادن‪ ,‬والنباتببات والجمببادات علببى اختلف ألوانهببا‬
‫وأشكالها‪ ,‬وما فيها مبن المنبافع والخبواص }إن فبي ذلبك‬
‫ليببة لقببوم يببذكرون{ أي آلء اللببه ونعمببه فيشببكرونها‪.‬‬ ‫َ‬

‫حمببا ً ط َرِّيببا ً‬ ‫ْ‬


‫ه لَ ْ‬‫مْنبب ُ‬ ‫حببَر ل َِتببأك ُُلوا ْ ِ‬‫خَر ال ْب َ ْ‬ ‫سبب ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫هببوَ اّلبب ِ‬ ‫** وَ ُ‬
‫ه‬
‫خَر ِفيب ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫مب َ‬ ‫ك َ‬ ‫سببون ََها وَت َبَرى ال ُْفل ْب َ‬ ‫ة ت َل ْب َ ُ‬ ‫حل ْي َ ً‬‫ه ِ‬ ‫جوا ْ ِ‬
‫من ْ ُ‬ ‫خرِ ُ‬
‫ست َ ْ‬‫وَت َ ْ‬
‫ض‬ ‫َْ‬ ‫شك ُُرو َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ضل ِهِ وَل َعَل ّك ُ ْ‬ ‫من فَ ْ‬ ‫وَل ِت َب ْت َُغوا ْ ِ‬
‫ى فِببي الْر ِ‬ ‫ن * وَألَق ب َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫دو َ‬ ‫م ت َهَْتبب ُ‬ ‫سببب ُل ً ل ّعَل ّ ُ‬
‫كبب ْ‬ ‫م وَأن َْهببارا ً وَ ُ‬ ‫كبب ْ‬ ‫ميببد َ ب ِ ُ‬ ‫ي أن ت َ ِ‬ ‫سبب َ‬‫َرَوا ِ‬
‫‪562‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬
‫خل ُب ُ‬
‫ق‬ ‫من ل ّ ي َ ْ‬ ‫خل ُقُ ك َ َ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫ن * أفَ َ‬ ‫دو َ‬ ‫م ي َهْت َ ُ‬
‫جم ِ ه ُ ْ‬
‫ت وَِبالن ّ ْ‬
‫ما ٍ‬ ‫عل َ‬‫وَ َ‬
‫َ‬
‫ن الل ّب َ‬
‫ه‬ ‫هآ إ ِ ّ‬
‫صببو َ‬‫ح ُ‬ ‫ة الل ّبهِ ل َ ت ُ ْ‬ ‫مب َ‬ ‫دوا ْ ن ِعْ َ‬ ‫ن * وَِإن ت َعُب ّ‬ ‫أَفل ت َذ َك ُّرو َ‬
‫م‬
‫حيببببببببببببببببببببببببببببببب ٌ‬ ‫ل ََغُفبببببببببببببببببببببببببببببببوٌر ّر ِ‬
‫يخبر تعالى عن تسخيره البحر المتلطم المواج‪ ,‬ويمتببن‬
‫على عباده بتذليله لهببم وتيسببيرهم للركببوب فيببه‪ ,‬وجعلببه‬
‫السمك والحيتان فيه‪ ,‬وإحلله لعببباده لحمهببا حيهببا وميتهببا‬
‫للىببء والجببواهر‬ ‫في الحل والحرام‪ ,‬وما يخلقه فيه مببن ال َ‬
‫النفيسببة‪ ,‬وتسببهيله للعببباد اسببتخراجهم مببن قببراره حليببة‬
‫يلبسونها‪ ,‬وتسخيره البحر لحمل السببفن الببتي تمخببره أي‬
‫تشقه‪ ,‬وقيل تمخر الرياح‪ ,‬وكلهمببا صببحيح‪ ,‬وقيببل تمخببره‬
‫بجؤجئها وهو صببدرها المسببنم ب ب الببذي أرشببد العببباد إلببى‬
‫صنعتها وهداهم إلى ذلك إرثا ً عن أبيهم نوح عليبه السبلم‪,‬‬
‫فإنه أول من ركب السببفن‪ ,‬ولببه كببان تعليببم صببنعتها‪ ,‬ثببم‬
‫أخذها الناس عنه قرنا ً بعد قرن‪ ,‬وجيل ً بعد جيببل‪ ,‬يسببيرون‬
‫من قطر إلى قطر‪ ,‬ومببن بلببد إلببى بلببد‪ ,‬ومببن إقليببم إلببى‬
‫إقليم‪ ,‬لجلب ما هناك إلى ما هنا‪ ,‬وما هنببا إلببى مببا هنبباك‪,‬‬
‫ولهذا قال تعالى‪} :‬ولتبتغوا من فضله ولعلكببم تشببكرون{‬
‫أي نعمبببببببببببببببببببببببببببه وإحسبببببببببببببببببببببببببببانه‪.‬‬
‫وقد قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده‪ :‬وجببدت فببي‬
‫كتابي عن محمد بن معاوية البغدادي‪ ,‬حدثنا عبببد الرحمببن‬
‫بن عبد الله بن عمرو عن سهل بن أبببي صببالح عببن أبيببه‪,‬‬
‫عن أبي هريرة قال‪ :‬كلم الله البحببر الغربببي وكلببم البحببر‬
‫الشرقي‪ ,‬فقال للبحر الغربي‪ :‬إني حامببل فيببك عبببادا ً مببن‬
‫عبادي‪ ,‬فكيف أنببت صببانع فيهببم ؟ قببال‪ :‬أغرقهببم‪ ,‬فقببال‪:‬‬
‫بأسك في نواحيك‪ ,‬وأحملهم علببى يببدي‪ ,‬وحرمببت الحليببة‬
‫والصيد‪ ,‬وكلم هذا البحر الشرقي فقال‪ :‬إنببي حامببل فيببك‬
‫عبادا ً من عبادي فما أنت صانع بهم ؟ فقال‪ :‬أحملهم علببى‬
‫يدي وأكون لهم كالوالدة لولدها‪ ,‬فأثابه الحلية والصيد‪ ,‬ثببم‬
‫قال البزار‪ :‬ل نعلم من رواه عن سهل غيببر عبببد الرحمببن‬
‫بن عبد الله بن عمرو‪ ,‬وهو منكر الحديث‪ .‬وقد رواه سببهل‬
‫عن النعمان بن أبي عياش عن عبد الله بن عمر موقوفببًا‪.‬‬

‫‪563‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ثببم ذكببر تعببالى الرض ومببا ألقببى فيهببا مببن الرواسببي‬
‫الشامخات‪ ,‬والجبال الراسيات‪ ,‬لتقببر الرض ول تميببد‪ ,‬أي‬
‫تضببطرب بمببا عليهببا مببن الحيوانببات فل يهنببأ لهببم عيببش‬
‫بسبب ذلببك‪ ,‬ولهببذا قببال‪} :‬والجبببال أرسبباها{ وقببال عبببد‬
‫الرزاق‪ :‬أنبأنا معمر عن قتادة‪ ,‬سمعت الحسن يقول‪ :‬لمببا‬
‫خلقت الرض كببانت تميببد‪ ,‬فقببالوا‪ :‬مببا هببذه بمقببرة علببى‬
‫ظهرهببا أحببدًا‪ ,‬فأصبببحوا وقببد خلقببت الجبببال‪ ,‬فلببم تببدر‬
‫الملئكة مم خلقت الجبببال‪ .‬وقببال سببعيد عببن قتببادة عببن‬
‫الحسببن عببن قيببس بببن عبببادة أن اللببه لمببا خلببق الرض‬
‫جعلببت تمببور‪ ,‬فقببالت الملئكببة‪ :‬مببا هببذه بمقببرة علببى‬
‫ظهرهاأحببدا ً فأصبببحت صبببحا ً وفيهببا رواسببيها‪ .‬وقببال ابببن‬
‫جرير‪ :‬حدثني المثنى‪ ,‬حدثني حجاج بن منهال‪ ,‬حدثنا حماد‬
‫عن عطاء بن السائب‪ ,‬عن عبد الله بن حبببيب‪ ,‬عببن علببي‬
‫بن أبي طالب رضي الله عنه قببال‪ :‬لمببا خلببق اللببه الرض‬
‫َقمصببت وقببالت‪ :‬أي رب تجعببل علببي بنببي آدم يعملببون‬
‫الخطايا ويجعلون علي الخبببث ؟ قببال‪ :‬فأرسببى اللببه فيهببا‬
‫من الجبال مببا تببرون ومببا ل تببرون‪ ,‬فكببان إقرارهاكبباللحم‬
‫يببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببترجرج‪.‬‬
‫ل{ أي جعل فيها أنهببارا ً تجببري مببن‬ ‫وقوله‪} :‬وأنهارا ً وسب ً‬
‫مكان إلى مكان آخر رزقا ً للعباد‪ ,‬ينبع في موضع وهو رزق‬
‫لهل موضع آخر‪ ,‬فيقطع البقاع والبراري والقفار‪ ,‬ويخترق‬
‫لكام‪ ,‬فيصل إلى البلببد الببذي سببخر لهلببه وهببي‬ ‫الجبال وا َ‬
‫ل‪ .‬وشببرقا ً‬ ‫سائرة في الرض يمنة ويسببرة‪ ,‬وجنوب با ً وشببما ً‬
‫وغربًا‪ ,‬ما بين صغار وكبار‪ ,‬وأودية تجري حينا ً وتنقطع فببي‬
‫وقت‪ ,‬وما بين نبع وجمع ‪ ,‬وقوي السير وبطئه بحسببب مببا‬
‫أراد وقببدر وسببخر ويسببر‪ ,‬فل إلببه إل هببو ول رب سببواه‪,‬‬
‫وكذلك جعل فيها سبل ً أي طرقا ً يسلك فيهببا مببن بلد إلببى‬
‫بلد حتى إنه تعببالى ليقطببع الجبببل حببتى يكببون مببا بينهمببا‬
‫ل{‬ ‫ممرا ً ومسلكًا‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬وجعلنا فيها فجاجا ً سببب ً‬
‫ا َ‬
‫ليببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وعلمات{ أي دلئل من جبال كبار وآكام صببغار‬
‫ونحو ذلك ‪ ,‬يستدل بهببا المسببافرون بببرا ً وبحببرا ً إذا ضببلوا‬

‫‪564‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الطببرق‪ .‬وقببوله‪} :‬وبببالنجم هببم يهتببدون{ أي فببي ظلم‬
‫الليل‪ ,‬قاله ابن عباس‪ ,‬وعن مالك فببي قببوله‪} :‬وعلمببات‬
‫وبالنجم هم يهتدون{ يقول‪ :‬النجوم وهي الجبببال‪ ,‬ثببم نبببه‬
‫تعالى على عظمتببه وأنببه ل تنبغببي العبببادة إل لببه دون مببا‬
‫سواه من الوثان التي ل تخلق شيئا ً بل هم يخلقون‪ ,‬ولهذا‬
‫قال‪} :‬أفمن يخلق كمن ل يخلق ؟ أفل تذكرون{ ثم نبههم‬
‫على كثرة نعمه عليهم وإحسانه إليهم‪ ,‬فقال‪} :‬وإن تعببدوا‬
‫نعمببة اللببه ل تحصببوها إن اللببه لغفببور رحيببم{ أي يتجبباوز‬
‫عنكم‪ ,‬ولو طالبكم بشكر جميع نعمه لعجزتببم عببن القيببام‬
‫بذلك‪ ,‬ولو أمركم به لضعفتم وتركتم‪ ,‬ولو عببذبكم لعببذبكم‬
‫وهببو غيببر ظببالم لكببم‪ ,‬ولكنببه غفببور رحيببم‪ ,‬يغفببر الكببثير‬
‫ويجازي على اليسير‪ ,‬وقال ابن جرير‪ :‬يقول إن الله لغفور‬
‫لما كان منكم من تقصببير فببي شببكر بعببض ذلببك إذا تبتببم‬
‫وأنبتم إلى طاعته واتباع مرضاته‪ ,‬رحيم بكم ل يعذبكم بعد‬
‫النابببببببببببببببببببببببببببببببة والتوبببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬

‫من‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬‫ن ي َد ْ ُ‬ ‫ن * َوال ّ ِ‬


‫ذي َ‬ ‫ما ت ُعْل ُِنو َ‬‫ن وَ َ‬‫سّرو َ‬‫ما ت ُ ِ‬
‫م َ‬ ‫ه ي َعْل َ ُ‬
‫** َوالل ّ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت غَي ُْر أ ْ‬
‫حَيآءٍ‬ ‫موا ٌ‬ ‫ن* أ ْ‬ ‫خل َُقو َ‬
‫م يُ ْ‬ ‫شْيئا ً وَهُ ْ‬
‫ن َ‬‫خل ُُقو َ‬‫ن الل ّهِ ل َ ي َ ْ‬ ‫دو ِ‬‫ُ‬
‫َ‬
‫ن ي ُب ْعَُثبببببببببببو َ‬
‫ن‬ ‫ن أّيبببببببببببا َ‬ ‫شبببببببببببعُُرو َ‬ ‫مبببببببببببا ي َ ْ‬ ‫وَ َ‬
‫يخبببر تعببالى أنببه يعلببم الضببمائر والسببرائر كمببا يعلببم‬
‫الظواهر‪ ,‬وسيجزي كل عامل بعمله يوم القيامة‪ ,‬إن خيببرا ً‬
‫فخير وإن شرا ً فشر‪ .‬ثببم أخبببر أن الصببنام الببتي يببدعونها‬
‫مببن دون اللببه ل يخلقببون شببيئا ً وهببم يخلقببون‪ ,‬كمببا قببال‬
‫الخليببل‪} :‬أتعبببدون مببا تنحتببون ؟ واللببه خلقكببم ومببا‬
‫تعملون{‪ .‬وقوله‪} :‬أموات غير أحياء{ أي هببي جمببادات ل‬
‫أرواح فيها‪,‬فل تسببمع ول تبصببر ول تعقببل }ومببا يشببعرون‬
‫أيببان يبعثببون{ أي ل يببدرون مببتى تكببون السبباعة‪ ,‬فكيببف‬
‫يرتجى عند هذه نفع أوثواب أو جزاء ؟ إنما يرجى ذلك من‬
‫البببذي يعلبببم كبببل شبببيء وهبببو خبببالق كبببل شبببيء‪.‬‬

‫‪565‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫خَرةِ قُل ُببوب ُُهم‬ ‫ن ب ِببال َ ِ‬ ‫ن ل َ ي ُؤْ ِ‬
‫من ُببو َ‬ ‫ذي َ‬‫ح بد ٌ َفال ّب ِ‬ ‫م إ ِل َب ٌ‬
‫ه َوا ِ‬ ‫** إ ِل َهُك ُب ْ‬
‫هم مستك ْبرون * ل َ جر َ‬
‫ن‬
‫سّرو َ‬ ‫ما ي ُ ِ‬‫م َ‬‫ه ي َعْل َ ُ‬‫ن الل ّ َ‬‫مأ ّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ّ ْ َ ُِ َ‬ ‫منك َِرةٌ وَ ُ‬ ‫ّ‬
‫ن‬‫ري َ‬ ‫ْ‬
‫سببببببت َكب ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫ب ال ُ‬ ‫حبببببب ّ‬ ‫َ‬
‫ه ل يُ ِ‬ ‫ن إ ِّنبببببب ُ‬‫مببببببا ي ُعْل ُِنببببببو َ‬ ‫وَ َ‬
‫يخبر تعالى أنببه ل إلببه هببو الواحببد الحببد الفببرد الصببمد‪,‬‬
‫وأخبر أن الكببافرين تنكببر قلببوبهم ذلببك‪ ,‬كمببا أخبببر عنهببم‬
‫للهببة إله با ً واحببدا ً ؟ إن هببذا‬ ‫متعجبببين مببن ذلببك }أجعببل ا َ‬
‫لشببيء عجبباب{ وقببال تعببالى‪} :‬وإذا ذكببر اللببه وحببده‬
‫لخرة وإذا ذكببر الببذين‬ ‫اشمأزت قلوب الذين ل يؤمنببون بببا َ‬
‫من دونه إذا هم يستبشرون{ وقوله‪} :‬وهم مسببتكبرون{‬
‫أي عن عبادة الله مع إنكار قلوبهم لتوحيده كما قال‪} :‬إن‬
‫الذين يستكبرون عن عبببادتي سببيدخلون جهنببم داخريببن{‬
‫ولهببذا قببال ههنببا }ل جببرم{ أي حق با ً }أن اللببه يعلببم مببا‬
‫يسرون وما يعلنون{ أي وسيجزيهم على ذلك أتبم الجببزاء‬
‫}إنببببببببببببببه ل يحببببببببببببببب المسببببببببببببببتكبرين{‪.‬‬

‫َ‬ ‫ذآ أ َن َْز َ‬


‫ن*‬ ‫طيُر الوِّليب َ‬ ‫سببا ِ‬‫م قَبباُلوا ْ أ َ‬
‫ل َرب ّك ُ ْ‬ ‫ما َ‬
‫م ّ‬‫ل ل َهُ ْ‬‫ذا ِقي َ‬ ‫** وَإ ِ َ‬
‫ة ي بوم ال ْقيام بة وم ب َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬‫ن أوَْزارِ ال ّب ِ‬
‫مل َب ً َ ْ َ ِ َ َ ِ َ ِ ْ‬ ‫م َ‬
‫كا ِ‬ ‫مل ُببوا ْ أوَْزاَرهُ ب ْ‬‫ح ِ‬
‫ل ِي َ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مبببببا َيبببببزُِرو َ‬ ‫سبببببآَء َ‬ ‫عْلبببببم ٍ أل َ َ‬ ‫م ب ِغَْيبببببرِ ِ‬ ‫ضبببببّلون َهُ ْ‬ ‫يُ ِ‬
‫يقول تعالى‪ :‬وإذا قيل لهؤلء المكذبين }ماذا أنزل ربكببم‬
‫قالوا{ معرضين عن الجببواب }أسبباطير الّوليببن{ أي لببم‬
‫ينزل شيئًا‪ ,‬إنما هذا الذي يتلى علينببا أسبباطير الوليببن‪ ,‬أي‬
‫مببأخوذ مببن كتببب المتقببدمين‪ ,‬كمببا قببال تعببالى‪} :‬وقببالوا‬
‫ل{ أي‬ ‫أساطير الّولين اكتتبها فهي تملى عليه بكببرة وأصببي ً‬
‫يفترون على الرسول ويقولون أقوال ً متضادة مختلفة كلها‬
‫باطلة‪ ,‬كما قال تعببالى‪} :‬انظببر كيببف ضببربوا لببك المثببال‬
‫ل{ وذلك أن كل من خببرج عببن‬ ‫فضلوا فل يستطيعون سبي ً‬
‫الحق فمهما قببال أخطببأ‪ ,‬وكببانوا يقولببون‪ :‬سبباحر وشبباعر‬
‫وكاهن ومجنون‪ ,‬ثببم اسببتقر أمرهببم إلببى مببا اختلقببه لهببم‬
‫شيخهم الوحيد المسمى بالوليببد بببن المغيببرة المخزومببي‬
‫در‪ ,‬ثببم‬ ‫در‪ ,‬ثببم قتببل كيبف قب ّ‬ ‫در‪ ,‬فقتل كيف ق ّ‬ ‫لما }فكر وق ّ‬
‫نظر‪ ,‬ثم عبس وبسر‪ ,‬ثم أدبر واسببتكبر‪ ,‬فقببال إن هببذا إل‬

‫‪566‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سحر يؤثر{ أي ينقببل ويحكببى‪ ,‬فتفرقببوا عببن قببوله ورأيببه‬
‫قبحهببم اللببه قببال تعببالى‪} :‬ليحملببوا أوزارهببم كاملبة يببوم‬
‫القيامببة ومببن أوزار البذين يضببلونهم بغيبر علبم{ أي إنمببا‬
‫قدرنا عليهم أن يقولوا ذلك ليتحملوا أوزارهببم ومببن أوزار‬
‫الذين يتبعونهم ويوافقونهم أي يصير عليهم خطيئة ضللهم‬
‫في أنفسهم‪ ,‬وخطيئة إغوائهم لغيرهم واقتداء أولئك بهببم‪,‬‬
‫كما جاء في الحديث }من دعا إلى هدى كان له من الجببر‬
‫مثل أجور من اتبعه‪ ,‬ل ينقص ذلك من أجورهم شيئًا‪ ,‬ومن‬
‫دعا إلى ضللة كان عليه من الثم مثل آثببام مببن اتبعببه‪ ,‬ل‬
‫ينقص ذلببك مببن آثببامهم شببيئًا{ وقببال تعببالى‪} :‬وليحمل ّببن‬
‫أثقالهم وأثقال ً مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كببانوا‬
‫يفترون{ وهكذا روى العببوفي عببن ابببن عببباس فببي ا َ‬
‫ليببة‬
‫}ليحملوا أوزارهم كاملببة يببوم القيامببة ومببن أوزار الببذين‬
‫يضلونهم بغير علم{ أنها كقوله‪} :‬وليحملن أثقالهم وأثقال ً‬
‫مع أثقالهم{ وقال مجاهد‪ :‬يحملون أثقالهم ذنوبهم وذنوب‬
‫من أطاعهم‪ ,‬ول يخفف عمن أطاعهم مببن العببذاب شببيئًا‪.‬‬

‫َ‬
‫عبدِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن ال َْق َ‬ ‫م َ‬ ‫م ّ‬ ‫ه ب ُن َْيان َهُ ْ‬ ‫م فَأَتى الل ّ ُ‬ ‫ن قَب ْل ِهِ ْ‬‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫مك ََر ال ّ ِ‬ ‫** قَد ْ َ‬
‫م ال ْعَ َ‬ ‫َ‬
‫ث لَ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ب ِ‬ ‫ذا ُ‬ ‫م وَأَتاهُ ُ‬ ‫من فَوْقِهِ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫سْق ُ‬ ‫م ال ّ‬ ‫خّر عَل َي ْهِ ُ‬ ‫فَ َ‬
‫َ‬
‫ي‬ ‫كآئ ِ َ‬‫ش بَر َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ل أي ْب َ‬ ‫م وَي َُقببو ُ‬ ‫زيهِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫خ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬
‫مة ِ ي ُ ْ‬ ‫ن * ثُ ّ‬
‫م ي َوْ َ‬ ‫شعُُرو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن ال ْ ِ‬ ‫ُ‬
‫ي‬
‫خْز َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫ن أوُتوا ْ ال ْعِل ْ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫م َقا َ‬ ‫ن ِفيهِ ْ‬ ‫شاّقو َ‬ ‫م تُ َ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬
‫ذي َ‬‫ال ّ ِ‬
‫ن‬
‫ري َ‬ ‫كببببببببببافِ ِ‬ ‫سببببببببببوََء عََلببببببببببى ال ْ َ‬ ‫م َوال ْ ّ‬ ‫ال َْيببببببببببوْ َ‬
‫قال العوفي عن ابن عباس في قوله‪} :‬قببد مكببر الببذين‬
‫من قبلهم{ قال‪ :‬هو النمرود الذي بنى الصببرح‪ ,‬قببال ابببن‬
‫أبي حاتم وروي عن مجاهد نحوه‪ .‬وقال عبببد الببرزاق عببن‬
‫معمببر‪ ,‬عببن زيببد بببن أسببلم‪ :‬أول جبببار كببان فببي الرض‬
‫النمرود‪ ,‬فبعببث اللببه عليببه بعوضببة فببدخلت فببي منخببره‪,‬‬
‫فمكببث أربعمببائة سببنة يضببرب رأسببه بالمطببارق‪ ,‬وأرحببم‬
‫الناس به من جمع يديه فضببرب بهمببا رأسببه وكببان جبببارا ً‬
‫أربعمائة سنة‪ ,‬فعذبه الله أربعمائة سنة كملكه‪ ,‬ثببم أمبباته‪,‬‬
‫وهو الذي بنى الصرح إلى السماء الذي قببال اللببه تعببالى‪:‬‬

‫‪567‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}فأتى الله بنيانهم مببن القواعببد{ وقببال آخببرون‪ :‬بببل هببو‬
‫بختنصر‪ ,‬وذكروا من المكر الذي حكاه الله ههنا كمببا قببال‬
‫في سورة إبراهيم }وإن كان مكرهم لتزول منه الجبببال{‬
‫وقال آخرون‪ :‬هذا من باب المثل لبطال مببا صببنعه هببؤلء‬
‫الذين كفروا بالله وأشركوا في عبادته غيره‪ ,‬كما قال نوح‬
‫عليه السلم‪} :‬ومكروا مكرا ً كبارًا{ أي احتالوا في إضببلل‬
‫الناس بكل حيلة وأمالوهم إلى شركهم بكببل وسببيلة‪ ,‬كمببا‬
‫يقول لهم أتباعهم يوم القيامة‪} :‬بل مكر الليببل والنهببار إذ‬
‫ليبببة‪.‬‬‫تأمروننبببا أن نكفبببر ببببالله ونجعبببل لبببه أنبببدادًا{ ا َ‬
‫وقوله‪} :‬فأتى الله بنيانهم من القواعببد{ أي اجتثببه مببن‬
‫أصله وأبطببل عملهببم‪ ,‬كقببوله تعببالى‪} :‬كلمببا أوقببدوا نبارا ً‬
‫للحرب أطفأها الله{‪ ,‬وقوله‪} :‬فأتاهم الله مببن حيببث لببم‬
‫يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم‬
‫وأيدي المؤمنين فبباعتبروا يببا أولببي البصببار{‪ ,‬وقببال اللببه‬
‫ههنا‪} :‬فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهببم السببقف‬
‫من فوقهم وأتاهم العذاب من حيببث ل يشببعرون ثببم يببوم‬
‫القيامببة يخزيهببم{ أي يظهببر فضببائحهم‪ ,‬ومببا كببانت تجنببه‬
‫ضببمائرهم فيجعلببه علنيببة‪ ,‬كقببوله تعببالى‪} :‬يببوم تبلببى‬
‫السرائر{ أي تظهر وتشتهر كما في الصببحيحين عببن ابببن‬
‫عمر قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ينصب‬
‫لكل غادر لواء يوم القيامة عند أسته بقببدر غببدرته‪ ,‬فيقببال‬
‫هذه غدرة فلن بن فلن« وهكببذا يظهببر للنبباس مببا كببانوا‬
‫يسببرونه مببن المكببر ويخزيهببم اللببه علببى رؤوس الخلئق‬
‫ويقول لهم الرب تبارك وتعالى مقرعا ً لهببم وموبخ با ً }أيببن‬
‫شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم{ تحاربون وتعادون في‬
‫سبببيلهم أيببن هببم عببن نصببركم وخلصببكم ههنببا ؟ }هببل‬
‫ينصرونكم أو ينتصرون{ }فما له من قوة ول ناصر{ فببإذا‬
‫توجهت عليهم الحجة وقامت عليهم الدللة‪ ,‬وحقت عليهببم‬
‫الكلمة وسكتوا عن العتذار حين ل فرار }قال الذين أوتوا‬
‫لخببرة‪ ,‬والمخبببرون عببن‬ ‫العلم{ وهم السادة في الببدنيا وا َ‬
‫لخببرة‪ ,‬فيقولببون حينئذ‪} :‬إن الخببزي‬ ‫الحببق فببي الببدنيا وا َ‬
‫اليببوم والسببوء علببى الكببافرين{ أي الفضببيحة والعببذاب‬

‫‪568‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫محيط اليوم بمن كفر بالله وأشرك به مببا ل يضببره ومببا ل‬
‫ينفعبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫س بل َ َ‬
‫م‬ ‫م فَ بأل َْقوُا ْ ال ّ‬ ‫سه ِ ْ‬‫مي أن ُْف ِ‬ ‫ة َ‬
‫ظال ِ ِ‬ ‫ملئ ِك َ ُ‬‫م ال ْ َ‬
‫ن ت َت َوَّفاهُ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫** ال ّ ِ‬
‫ن‬‫مُلببو َ‬ ‫ما ك ُن ُْتبب ْ‬
‫م ت َعْ َ‬ ‫م بِ َ‬‫ه عَِلي ٌ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ى إِ ّ‬ ‫َ‬
‫سوٍَء ب َل َ‬ ‫من ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ما ك ُّنا ن َعْ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫وى‬ ‫مث ْببب َ‬
‫س َ‬ ‫ن ِفيهَبببا فَل َب ِئ ْ َ‬ ‫دي َ‬‫خاِلبب ِ‬ ‫م َ‬ ‫جهَّنبب َ‬ ‫ب َ‬ ‫وا َ‬‫خل ُوَا ْ أب ْببب َ‬‫* َفبباد ْ ُ‬
‫ن‬
‫ريببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببب َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مت َك َب ّ ِ‬

‫يخبر تعالى عن حال المشركين الظببالمين أنفسببهم عنببد‬


‫احتضارهم ومجيء الملئكة إليهم لقبض أرواحهببم الخبيثببة‬
‫}فببألقوا السببلم{ أي أظهببروا السببمع والطاعببة والنقيبباد‬
‫قائلين }ما كنا نعمل من سوء{ كمببا يقولببون يببوم المعبباد‬
‫}والله ربنا مببا كنببا مشببركين{ }يببوم يبعثهببم اللببه جميعبا ً‬
‫فيحلفون له كما يحلفون لكم{ قال اللببه مكببذبا ً لهببم فببي‬
‫قيلهم ذلك }بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون * فببادخلوا‬
‫أبواب جهنم خالببدين فيهببا فلبببئس مثببوى المتكبببرين{ أي‬
‫بئس المقيل والمقببام والمكببان مببن دار هببوان لمببن كببان‬
‫متكبرا ً عن آيات الله واتباع رسله‪ ,‬وهم يدخلون جهنم مببن‬
‫يوم مماتهم بأرواحهم‪ ,‬وينببال أجسببادهم فببي قبورهببا مببن‬
‫حرها وسمومها‪ ,‬فإذا كان يوم القيامة سلكت أرواحهم في‬
‫أجسادهم وخلدت في نار جهنم }ل يقضى عليهم فيموتببوا‬
‫ول يخفف عنهم من عذابها{ كما قال اللببه تعببالى‪} :‬النببار‬
‫يعرضون عليها غدوا ً وعشيا ً ويوم تقوم الساعة أدخلببوا آل‬
‫فرعبببببببببببببببببون أشبببببببببببببببببد العبببببببببببببببببذاب{‪.‬‬

‫ن‬‫ذي َ‬‫خي ْببرا ً ل ّل ّب ِ‬


‫م قَبباُلوا ْ َ‬ ‫ل َرب ّك ُب ْ‬ ‫ذا أ َن ْبَز َ‬‫مببا َ‬ ‫ن ات َّقوْا ْ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ل ِل ّ ِ‬
‫** وَِقي َ‬
‫َ‬
‫داُر‬‫م َ‬ ‫خي ٌْر وَل َن ِْعبب َ‬ ‫خَرةِ َ‬ ‫داُر ال َ ِ‬ ‫ة وَل َ َ‬
‫سن َ ٌ‬‫ح َ‬ ‫سُنوا ْ ِفي هَذِهِ ال ْد ّن َْيا َ‬ ‫ح َ‬ ‫أ ْ‬
‫حت ِهَببا الن ْهَبباُر‬ ‫مببن ت َ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫جب ِ‬ ‫خُلون ََها ت َ ْ‬ ‫ن ي َد ْ ُ‬ ‫ت عَد ْ ٍ‬ ‫جّنا ُ‬ ‫ن* َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مت ِّقي َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬‫ن * ال ّب ِ‬ ‫مت ِّقي ب َ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫زي الل ّب ُ‬ ‫جب ِ‬‫ك يَ ْ‬ ‫ن ك َذ َل ِ َ‬ ‫شآؤو َ‬ ‫ما ي َ َ‬ ‫م ِفيَها َ‬ ‫ل َهُ ْ‬
‫ة‬
‫جّنب َ‬ ‫خُلوا ْ ال ْ َ‬ ‫م اد ْ ُ‬ ‫م عَل َي ْك ُ ُ‬ ‫سل ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ي َُقوُلو َ‬ ‫ة ط َي ِّبي َ‬ ‫ملئ ِك َ ُ‬ ‫م ال ْ َ‬‫ت َت َوَّفاهُ ُ‬
‫مُلبببببببببببببببببببو َ‬
‫ن‬ ‫م ت َعْ َ‬‫مبببببببببببببببببببا ك ُن ُْتببببببببببببببببببب ْ‬ ‫بِ َ‬

‫‪569‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هذا خبر عن السعداء بخلف ما أخبببر بببه عببن الشببقياء‪,‬‬
‫فإن أولئك قيل لهم‪} :‬مباذا أنبزل ربكبم{ قبالوا معرضبين‬
‫عن الجببواب‪ :‬لببم ينببزل شببيئا ً إنمببا هببذا أسبباطير الوليببن‪,‬‬
‫وهؤلء قالوا‪ :‬خيرًا‪ ,‬أي أنزل خيرًا‪ ,‬أي رحمببة وبركببة لمببن‬
‫اتبعه وآمن به‪ .‬ثم أخبر عمببا وعببد اللببه عببباده فيمببا أنزلببه‬
‫على رسله فقال‪} :‬للذين أحسنوا في هذه الببدنيا حسببنة{‬
‫لية‪ ,‬كقوله تعالى‪} :‬من عمل صالحا ً من ذكر أو أنثى وهو‬ ‫ا َ‬
‫مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهببم أجرهببم بأحسببن مببا‬
‫كانوا يعملون{ أي من أحسن عمله في الدنيا أحسن اللببه‬
‫لخرة خيببر‬ ‫لخرة‪ ,‬ثم أخبر بأن دار ا َ‬ ‫إليه عمله في الدنيا وا َ‬
‫أي من الحياة الببدنيا‪ ,‬والجببزاء فيهببا أتببم مببن الجببزاء فببي‬
‫الدنيا‪ ,‬كقوله‪} :‬وقال الذين أوتوا العلم ويلكببم ثببواب اللببه‬
‫لية‪ .‬وقال تعالى‪} :‬وما عند الله خير للبرار{ وقال‬ ‫خير{ ا َ‬
‫لخرة خير وأبقببى{ وقببال لرسببوله صببلى اللببه‬ ‫تعالى‪} :‬وا َ‬
‫لخرة خير لك من الولى{ ثم وصف الدار‬ ‫عليه وسلم }ول َ‬
‫لخببببببببرة فقببببببببال‪} :‬ولنعببببببببم دار المتقيببببببببن{‪.‬‬ ‫ا َ‬
‫وقوله‪} :‬جنات عدن{ بدل من دار المتقين أي لهببم فببي‬
‫لخرة جنات عدن‪ ,‬أي مقام يدخلونها }تجببري مببن تحتهببا‬ ‫ا َ‬
‫النهببار{ أي بيببن أشببجارها وقصببورها }لهببم فيهببا مببا‬
‫يشاءون{ كقوله تعالى‪} :‬وفيها مببا تشببتهيه النفببس وتلببذ‬
‫العين وأنتم فيها خالبدون{‪ .‬وفبي الحببديث »إن السبحابة‬
‫لتمر بالمل من أهل الجنة وهم جلبوس علببى شبرابهم‪ ,‬فل‬
‫يشتهي أحد منهم شيئا ً إل أمطرته عليه حتى إن منهم لمن‬
‫يقول أمطرينا كواعب أترابا ً فيكون ذلببك« }كببذلك يجببزي‬
‫الله المتقين{ أي كذلك يجزي الله كل من آمن به واتقبباه‬
‫وأحسن عمله‪ ,‬ثم أخبر تعببالى عببن حببالهم عنببد الحتضببار‬
‫أنهم طيبون أي مخلصون من الشرك والدنس وكل سببوء‪,‬‬
‫وأن الملئكة تسلم عليهم وتبشرهم بالجنة‪ ,‬كقوله تعببالى‪:‬‬
‫}إن الببذين قببالوا ربنببا اللببه ثببم اسببتقاموا تتنببزل عليهببم‬
‫الملئكة أن ل تخافوا ول تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتببم‬
‫لخببرة‬‫توعدون * نحن أوليبباؤكم فببي الحيبباة الببدنيا وفببي ا َ‬
‫ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون * نببزل ً‬

‫‪570‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من غفور رحيم{ وقد قدمنا الحبباديث الببواردة فببي قبببض‬
‫روح المؤمن وروح الكافر عنببد قببوله تعببالى‪} :‬يثبببت اللببه‬
‫لخببرة‬‫الذين آمنوا بالقول الثابت في الحيبباة الببدنيا وفببي ا َ‬
‫ويضبببل اللبببه الظبببالمين ويفعبببل اللبببه مبببا يشببباء{‪.‬‬

‫ة أ َو ي بأ ْت ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫م بُر َرب ّب َ‬
‫يأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ملئ ِك َب ُ ْ َ‬ ‫م ال ْ َ‬‫ن إ ِل ّ أن ت َبأت ِي َهُ ُ‬‫ل ي َن ْظ ُُرو َ‬ ‫** هَ ْ‬
‫كن ك َبباُنوا ْ‬ ‫ه َولـ ب ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ما ظ َل َ َ‬
‫مه ُ ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫من قَب ْل ِهِ ْ‬‫ن ِ‬ ‫َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬
‫ذي‬ ‫ك فَعَ َ‬ ‫ك َذ َل ِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حبباقَ ب ِهِببم‬ ‫مُلوا ْ وَ َ‬ ‫ما عَ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫سي َّئا ُ‬‫م َ‬ ‫صاب َهُ ْ‬ ‫ن * فَأ َ‬ ‫مو َ‬ ‫م ي َظ ْل ِ ُ‬
‫سه ُ ْ‬‫أن ُْف َ‬
‫سبببببببببببببت َهْزُِئو َ‬
‫ن‬ ‫مبببببببببببببا ك َببببببببببببباُنوا ْ ب ِبببببببببببببهِ ي َ ْ‬ ‫ّ‬
‫يقول تعالى مهددا ً للمشركين على تماديهم فببي الباطببل‬
‫واغترارهم بالدنيا‪ :‬هل ينتظر هببؤلء إل الملئكببة أن تببأتيهم‬
‫لقبض أرواحهم‪ ,‬قاله قتادة‪} ,‬أو يأتي أمببر ربببك{ أي يببوم‬
‫القيامة ومببا يعبباينونه مببن الهببوال‪ .‬وقببوله‪} :‬كببذلك فعببل‬
‫الذين من قبلهم{ أي هكذا تمببادى فببي شببركهم أسببلفهم‬
‫ونظراؤهم وأشباههم من المشركين حتى ذاقوا بأس اللببه‬
‫وحلوا فيما هببم فيببه مببن العببذاب والنكببال }ومببا ظلمهببم‬
‫الله{ لنه تعالى أعذر إليهم وأقام حججببه عليهببم بإرسببال‬
‫رسله وإنببزال كتبببه }ولكببن كببانوا أنفسببهم يظلمببون{ أي‬
‫بمخالفة الرسل والتكذيب بمببا جبباءوا بببه‪ ,‬فلهببذا أصببابتهم‬
‫عقوبة الله علببى ذلببك }وحبباق بهببم{ أي أحبباط بهببم مببن‬
‫العذاب الليم } ماكانوا به يستهزئون{ أي يسببخرون مببن‬
‫الرسل إذا توعببدوهم بعقبباب اللببه‪ ,‬فلهببذا يقببال لهببم يببوم‬
‫القيامبببة‪} :‬هبببذه النبببار البببتي كنتبببم بهبببا تكبببذبون{‪.‬‬

‫مببن‬ ‫دون ِهِ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ما عَب َد َْنا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫شآَء الل ّ ُ‬ ‫كوا ْ ل َوْ َ‬‫شَر ُ‬ ‫ن أَ ْ‬‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫** وََقا َ‬
‫ك‬ ‫يٍء ك َبذ َل ِ َ‬ ‫شب ْ‬ ‫مببن َ‬ ‫دون ِهِ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫حّر ْ‬‫ن َول آَباؤَُنا وَل َ َ‬ ‫ح ُ‬‫يٍء ن ّ ْ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫مِبي ب ُ‬ ‫ل إ ِل ّ ال َْبلغُ ال ْ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ل عََلى الّر ُ‬ ‫م فَهَ ْ‬ ‫من قَب ْل ِهِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬
‫فَعَ َ‬
‫جت َن ِب ُببوا ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ه َوا ْ‬ ‫دوا ْ الل ّب َ‬‫ن اعْب ُب ُ‬ ‫سببول ً أ ِ‬ ‫م بةٍ ّر ُ‬ ‫لأ ّ‬ ‫وَل ََقد ْ ب َعَث َْنا فِببي ك ُب ّ‬
‫ت عَل َي ْب ِ‬
‫ه‬ ‫حّقب ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مب ْ‬‫م ّ‬ ‫من ْهُب ْ‬
‫ه وَ ِ‬ ‫دى الل ّب ُ‬ ‫ن هَ ب َ‬ ‫مب ْ‬ ‫من ُْهم ّ‬ ‫ت فَ ِ‬ ‫غو َ‬ ‫طا ُ‬‫ال ْ ّ‬
‫ة‬ ‫عاقِب َب ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ف ك َببا َ‬ ‫ض فَببانظ ُُروا ْ ك َي ْب َ‬ ‫سببيُروا فِببي الْر ِ‬
‫ْ‬ ‫ة فَ ِ‬ ‫ضببلل َ ُ‬ ‫ال ّ‬

‫‪571‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مببن‬ ‫دي َ‬ ‫ه ل َ ي َهْب ِ‬‫ن الل ّ َ‬
‫م فَإ ِ ّ‬
‫داهُ ْ‬
‫ى هُ َ‬ ‫حرِ ْ َ‬
‫ص عَل َ‬ ‫ن * ِإن ت َ ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مك َذ ِّبي َ‬
‫ن‬
‫ري َ‬
‫صببببببببب ِ‬ ‫مبببببببببن ّنا ِ‬ ‫م ّ‬‫مبببببببببا ل َُهببببببببب ْ‬ ‫ضببببببببب ّ‬
‫ل وَ َ‬ ‫يُ ِ‬
‫يخبببر تعببالى عببن اغببترار المشببركين بمببا هببم فيببه مببن‬
‫الشراك واعتذارهم محتجين بالقدر بقولهم‪} :‬لو شاء الله‬
‫ما عبدنا من دونه من شيء نحن ول آباؤنببا ول حرمنببا مببن‬
‫دونه من شيء{ أي من البحائر والسوائب والوصائل وغير‬
‫ذلك مما كانوا ابتدعوه واخترعوه من تلقاء أنفسهم ما لببم‬
‫ينزل به سلطانًا‪ ,‬ومضمون كلمهم أنه لو كان تعالى كارها ً‬
‫لما فعلنا لنكره علينا بالعقوبة‪ ,‬ولما مكننا منببه‪ ,‬قببال اللببه‬
‫تعالى رادا ً عليهم شبببهتهم‪} :‬فهببل علببى الرسببل إل البلغ‬
‫المبين{ أي ليس المر كما تزعمون أنه لم ينكره عليكببم‪,‬‬
‫بل قد أنكره عليكم أشد النكار‪ ,‬ونهبباكم عنببه آكببد النهببي‪,‬‬
‫ل‪ ,‬وكلهببم‬ ‫وبعث في كل أمة أي في كل قرن وطائفة رسو ً‬
‫يدعون إلى عبادة الله وينهببون عببن عبببادة مببا سببواه }أن‬
‫اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت{ فلم يزل تعالى يرسل إلى‬
‫الناس الرسل بذلك منذ حدث الشببرك فببي بنببي آدم فببي‬
‫قوم نوح الذين أرسل إليهم نببوح‪ ,‬وكببان أول رسببول بعثببه‬
‫الله الى أهل الرض إلى أن ختمهم بمحمد صلى الله عليه‬
‫وسلم الذي طبقببت دعببوته النببس والجببن فببي المشببارق‬
‫والمغارب‪ ,‬وكلهم كما قال الله تعببالى‪} :‬ومببا أرسببلنا مببن‬
‫قبلك من رسول إل نوحي إليه أنه ل إله إل أنا فاعبببدون{‪,‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬واسئل من أرسببلنا مببن قبلببك مببن رسببلنا‬
‫أجعلنا من دون الرحمن آلهببة يعبببدون{ وقببال تعببالى فببي‬
‫لية الكريمببة‪} :‬ولقببد بعثنببا فببي كببل أمببة رسببول ً أن‬ ‫هذه ا َ‬
‫اعبدوا الله واجتنبببوا الطبباغوت{ فيكببف يسببوغ لحببد مببن‬
‫المشركين بعد هذا أن يقول‪} :‬لو شاء الله مببا عبببدنا مببن‬
‫دونه من شيء{ فمشيئته تعالى الشببرعية عنهببم منتفيببة‪,‬‬
‫لنببه نهبباهم عببن ذلببك علببى ألسببنة رسببله‪ ,‬وأمببا مشببيئته‬
‫الكونية وهي تمكينهم من ذلك قببدرًا‪ ,‬فل حجببة لهببم فيهببا‪,‬‬
‫لنه تعالى خلق النار وأهلها من الشياطين والكفببرة‪ ,‬وهببو‬
‫ل يرضى لعباده الكفر‪ ,‬وله فببي ذلببك حجببة بالغببة وحكمببة‬
‫قاطعبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬

‫‪572‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ثم إنه تعالى قد أخبر أنه أنكر عليهم بالعقوبة فببي الببدنيا‬
‫بعببد إنببذار الرسببل‪ ,‬فلهببذا قببال‪} :‬فمنهببم مببن هببدى اللببه‬
‫ومنهببم مببن حقببت عليببه الضببللة فسببيروا فببي الرض‬
‫فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين{ أي اسببألوا عمببا كببان‬
‫من أمر من خالف الرسل وكذب الحببق كيببف }دمببر اللببه‬
‫عليهم وللكافرين أمثالها{‪ ,‬فقال‪} :‬ولقد كذب الببذين مببن‬
‫قبلهم فكيف كان نكير{‪ .‬ثم أخبر الله تعالى رسوله صببلى‬
‫الله عليه وسلم أن حرصه على هدايتهم ل ينفعهم إذا كان‬
‫الله قد أراد إضللهم كقوله تعالى‪} :‬ومبن يبرد اللبه فتنتبه‬
‫فلببن تملببك لببه مببن اللببه شببيئًا{ وقببال نببوح لقببومه‪} :‬ول‬
‫ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كببان اللببه يريببد‬
‫ليبة الكريمببة‪} :‬إن تحببرص‬ ‫أن يغويكم{ وقببال فببي هببذه ا َ‬
‫على هداهم فإن الله ل يهدي مببن يضببل{ كمببا قببال اللببه‬
‫تعالى‪} :‬من يضلل الله فل هادي له ويذرهم في طغيببانهم‬
‫يعمهون{ وقال تعالى‪} :‬إن الذين حقت عليهم كلمة ربببك‬
‫ل يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يببروا العببذاب الليببم{‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬فإن الله{ أي شأنه وأمره أنه مببا شبباء كببان ومببا‬
‫لم يشأ لم يكن‪ ,‬فلهذا قال‪} :‬ل يهدي من يضببل{ أي مببن‬
‫أضله‪ ,‬فمن ذا الذي يهديه من بعد الله ؟ أي ل أحببد }ومببا‬
‫لهم من ناصرين{ أي ينقذونهم من عذابه ووثبباقه }أل لببه‬
‫الخلبببببق والمبببببر تببببببارك اللبببببه رب العبببببالمين{‪.‬‬

‫مو ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ى‬
‫ت ب َل َ‬ ‫من ي َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ث الل ّ ُ‬ ‫م ل َ ي َب ْعَ ُ‬‫مان ِهِ ْ‬ ‫جهْد َ أي ْ َ‬ ‫موا ْ ِبالل ّهِ َ‬‫س ُ‬ ‫** وَأقْ َ‬
‫م‬‫ن ل َهُ ب ُ‬‫ن * ل ِي ُب َي ّب َ‬ ‫مو َ‬ ‫س ل َ ي َعْل َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ن أ َك ْث ََر ال ّْنا‬ ‫حّقا ً َولـك ِ ّ‬ ‫عدا ً عَل َي ْهِ َ‬ ‫وَ ْ‬
‫كاُنوا ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫كاذِِبي َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ أن ّهُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫ن ِفيهِ وَل ِي َعْل َ َ‬ ‫خت َل ُِفو َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي ي َ ْ‬
‫ن‬‫ن فَي َك ُببو ُ‬ ‫ه ك ُب ْ‬ ‫ل ل َب ُ‬ ‫ذآ أ ََرد ْن َبباهُ َأن ن ُّقببو َ‬ ‫يٍء إ ِ َ‬‫شب ْ‬ ‫مببا قَوْل ُن َببا ل ِ َ‬‫إ ِن ّ َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن المشركين أنهم حلفببوا فأقسببموا‬
‫بالله جهد أيمانهم أي اجتهدوا في الحلف‪ ,‬وغلظوا اليمببان‬
‫على أنه ل يبعث الله من يموت أي استبعدوا ذلك‪ ,‬وكببذبوا‬
‫الرسل في إخبارهم لهم بذلك وحلفوا على نقيضببه‪ ,‬فقببال‬
‫تعالى مكذبا لهم ورادا ً عليهم }بلى{ أي بلى سيكون ذلببك‬

‫‪573‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}وعببدا ً عليببه حقبًا{ أي ل بببد منببه }ولكببن أكببثر النبباس ل‬
‫يعلمون{ أي فلجهلهم يخالفون الرسل ويقعون في الكفر‪,‬‬
‫ثم ذكر تعالى حكمته في المعاد وقيام الجساد يوم التنبباد‪,‬‬
‫فقال‪} :‬ليبين لهم{ أي للناس }الببذي يختلفببون فيببه{ أي‬
‫من كل شيء }ليجزي الببذين أسبباءوا بمببا عملببوا ويجببزي‬
‫الذين أحسنوا بالحسنى{ }وليعلم الذين كفروا أنهم كببانوا‬
‫كبباذبين{ أي فببي أيمببانهم وأقسببامهم ل يبعببث اللببه مببن‬
‫يمببوت‪ ,‬ولهببذا يببدعون يببوم القيامببة إلببى نببار جهنببم دعببا‪,‬‬
‫وتقول لهم الزبانية‪} :‬هذه النار الببتي كنتببم بهببا تكببذبون *‬
‫أفسحر هببذا أم أنتببم ل تبصببرون * اصببلوها فاصبببروا أو ل‬
‫تصبروا سواء عليكم إنمببا تجببزون مببا كنتببم تعملببون{ ثببم‬
‫أخبر تعالى عن قدرته على ما يشاء‪ ,‬وأنه ل يعجببزه شببيء‬
‫فببي الرض ول فببي السبماء وإنمبا أمبره إذا أراد شببيئا ً أن‬
‫يقول له كن فيكون‪ ,‬والمعاد من ذلبك إذا أراد كبونه فإنمبا‬
‫يأمر به مرة واحدة‪ ,‬فيكون كما يشاء‪ ,‬كقوله‪} :‬وما أمرنببا‬
‫إل واحدة كلمح بالبصر{ وقببال }مببا خلقكببم ول بعثكببم إل‬
‫لية الكريمببة }إنمببا قولنببا‬ ‫كنفس واحدة{ وقال‪ :‬في هذه ا َ‬
‫لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون{ أي أن نببأمر بببه‬
‫مبببرة واحبببدة فبببإذا هبببو كبببائن‪ ,‬كمبببا قبببال الشببباعر‪:‬‬
‫إذا مببا أراد اللببه أمببرا ً فإنمببايقول لببه كببن كائنببا ً فيكببون‬
‫أي أنه تعالى ل يحتاج إلى تأكيد فيما يأمر به‪ ,‬فإنه تعالى‬
‫ل يمانع ول يخالف‪ ,‬لنه الواحد القهببار العظيببم الببذي قهببر‬
‫سلطانه وجبروته وعزته كل شببيء فل إلببه إل هببو ول رب‬
‫سواه‪ ,‬وقال ابن أبببي حبباتم‪ :‬ذكببر الحسببن بببن محمببد بببن‬
‫الصباح‪ ,‬حدثنا حجاج عببن ابببن جريببج‪ ,‬أخبببرني عطبباء أنببه‬
‫سمع أبا هريرة يقول قال الله تعالى‪ :‬شتمني ابن آدم ولم‬
‫يكن ينبغي له ذلك‪ ,‬وكذبني ابببن آدم ولببم يكببن ينبغببي لببه‬
‫ذلك‪ ,‬فأما تكذيبه إياي فقال‪} :‬وأقسموا بالله جهد أيمانهم‬
‫ل يبعث الله من يموت{ قال وقلت‪} :‬بلى وعدا ً عليه حقا ً‬
‫ولكن أكثر الناس ل يعلمون{ وأما شتمه إياي فقببال‪} :‬إن‬
‫الله ثالث ثلثة{ وقلت‪} :‬قل هو الله أحد الله الصببمد لببم‬

‫‪574‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا ً أحد{‪ .‬هكذا ذكببره موقوفببا ً‬
‫وهبببببو فبببببي الصبببببحيحين مرفوعبببببا بلفبببببظ آخبببببر‪.‬‬

‫م فِببي‬ ‫موا ْ ل َن ُب َوّئ َن ّهُ ْ‬ ‫ما ظ ُل ِ ُ‬ ‫ن ب َعْدِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫جُروا ْ ِفي الل ّهِ ِ‬ ‫ها َ‬
‫ن َ‬ ‫** َوال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬‫ن * ال ّب ِ‬ ‫مببو َ‬ ‫خَرةِ أك ْب َُر ل َوْ ك َبباُنوا ْ ي َعْل َ ُ‬ ‫جُر ال َ ِ‬‫ة َول ْ‬‫سن َ ً‬‫ح َ‬‫الد ّن َْيا َ‬
‫م ي َت َوَك ّل ُبببببببببببو َ‬
‫ن‬ ‫ى َرب ّهِببببببببببب ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫صبببببببببببب َُروا وَعَلببببببببببب َ‬ ‫َ‬
‫يخبببر تعببالى عببن جببزائه للمهبباجرين فببي سبببيله ابتغبباء‬
‫مرضاته‪ ,‬الذين فارقوا الدار والخوان والخلن رجاء ثببواب‬
‫الله وجزائه‪ ,‬ويحتمل أن يكون سبب نزولهببا فببي مهبباجرة‬
‫الحبشة الذين اشتد أذى قببومهم لهببم بمكببة حببتى خرجببوا‬
‫من بيببن أظهرهببم إلببى بلد الحبشببة ليتمكنببوا مببن عبببادة‬
‫ربهم‪ ,‬ومن أشرافهم عثمان بن عفان ومعببه زوجتببه رقيببة‬
‫بنت رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‪ ,‬وجعفببر بببن أبببي‬
‫طالب ابن عم الرسول‪ ,‬وأبو سلمة بببن عبببد السببود فببي‬
‫جماعة قريببب مببن ثمببانين مببا بيببن رجببل وامببرأة صببديق‬
‫وصديقة رضي الله عنهببم وأرضبباهم‪ ,‬وقببد فعببل فوعببدهم‬
‫لخببرة فقببال‪:‬‬ ‫تعببالى بالمجببازاة الحسببنة فببي الببدنيا وا َ‬
‫}لنبوئنهم في الببدنيا حسببنة{ قببال ابببن عببباس والشببعبي‬
‫وقتادة‪ :‬المدينببة‪ ,‬وقيببل‪ :‬الببرزق الطيببب‪ ,‬قبباله مجاهببد ول‬
‫منافبباة بيببن القببولين‪ ,‬فببإنهم تركببوا مسبباكنهم وأمببوالهم‬
‫فعوضهم الله خيرا ً منها في الدنيا‪ ,‬فإن من ترك شببيئا ً للببه‬
‫عوضه الله بما هو خير له منببه‪ ,‬وكببذلك وقببع فببإنهم مكببن‬
‫الله لهم في البلد‪ ,‬وحكمهم علببى رقبباب العببباد‪ ,‬وصبباروا‬
‫أمراء حكامًا‪ ,‬وكل منهببم للمتقيببن إمامبًا‪ ,‬وأخبببر أن ثببوابه‬
‫لخرة أعظم مما أعطاهم في الدنيا‪,‬‬ ‫للمهاجرين في الدار ا َ‬
‫لخرة أكبر{ أي مما أعطينبباهم فببي الببدنيا‬ ‫فقال‪} :‬ولجر ا َ‬
‫}لو كانوا يعلمببون{ أي لببو كببان المتخلفببون عببن الهجببرة‬
‫معهم يعلمون مببا ادخببر اللببه لمببن أطبباعه واتبببع رسببوله‪,‬‬
‫ولهببذا قببال هشببيم عببن العببوام عمببن حببدثه أن عمببر بببن‬
‫الخطبباب رضببي اللببه عنببه‪ ,‬كببان إذا أعطببى الرجببل مببن‬
‫المهاجرين عطاءه يقول‪ :‬خذ بارك اللببه لببك فيببه‪ ,‬هببذا مببا‬

‫‪575‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لخرة أفضل‪ ,‬ثببم‬ ‫وعدك الله في الدنيا‪ ,‬وما ادخر لك في ا َ‬
‫لخبرة‬‫لية }لنببوئنهم فببي الببدنيا حسببنة ولجبر ا َ‬ ‫قرأ هذه ا َ‬
‫أكبر لو كانوا يعلمون{‪ .‬ثم وصفهم تعببالى فقببال‪} :‬الببذين‬
‫صبروا وعلى ربهبم يتوكلبون{ أي صببروا علبى الذى مبن‬
‫قومهم متوكلين على الله الببذي أحسببن لهببم العاقبببة فببي‬
‫الببببببببببببببببببببببببببببببدنيا وا َ‬
‫لخببببببببببببببببببببببببببببببرة‪.‬‬

‫سأ َُلوا ْ أ َهْ َ‬


‫ل‬ ‫م َفا ْ‬ ‫ي إ ِل َي ْهِ ْ‬
‫ح َ‬ ‫جال ً ّنو ِ‬ ‫ك إ ِل ّ رِ َ‬‫من قَب ْل ِ َ‬ ‫سل َْنا ِ‬
‫مآ أْر َ‬
‫َ‬
‫** وَ َ‬
‫ك‬‫ت َوالّزب ُبرِ وَأ َن َْزل ْن َببا إ ِل َي ْب َ‬ ‫ن * ِبال ْب َي ّن َببا ِ‬ ‫مو َ‬ ‫الذ ّك ْرِ ِإن ك ُن ُْتم ل َ ت َعْل َ ُ‬
‫ن‬
‫كببُرو َ‬ ‫م ي َت ََف ّ‬ ‫م وَل َعَل ُّهبب ْ‬‫ل إ ِل َي ِْهبب ْ‬ ‫مببا ُنببّز َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ِللّنببا ِ‬ ‫الببذ ّك َْر ل ِت ُب َّيبب َ‬
‫قال الضحاك‪ :‬عن ابن عباس‪ :‬لما بعث الله محمدا ً صلى‬
‫ل‪ ,‬أنكبرت العبرب ذلبك أو مبن أنكبر‬ ‫الله عليه وسلم رسو ً‬
‫منهم وقالوا‪ :‬الله أعظم من أن يكون رسوله بشرًا‪ ,‬فأنزل‬
‫}أكبان للنباس عجببا أن أوحينبا إلبى رجبل منهبم أن أنبذر‬
‫لية‪ ,‬وقال‪} :‬وما أرسلنا من قبلك إل رجال ً نوحي‬ ‫الناس{ ا َ‬
‫إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ل تعلمببون{ يعنببي أهببل‬
‫الكتب الماضية أبشرا ً كانت الرسل إليهم أم ملئكة ؟ فإن‬
‫كانوا ملئكة أنكرتم وإن كببانوا بشببرا ً فل تنكببروا أن يكببون‬
‫ل‪ ,‬قببال تعببالى‪} :‬ومببا‬ ‫محمد صلى الله عليببه وسببلم رسببو ً‬
‫أرسلنا من قبلك إل رجال ً نوحي إليهببم مببن أهببل القببرى{‬
‫ليسوا من أهل السماء كما قلتببم‪ ,‬وكببذا روي عببن مجاهببد‬
‫عن ابن عباس أن المراد بأهل الذكر أهببل الكتبباب‪ ,‬وقبباله‬
‫مجاهببد والعمببش‪ ,‬وقببول عبببد الرحمببن بببن زيببد‪ :‬الببذكر‬
‫القرآن‪ ,‬واستشهد بقوله‪} :‬إنببا نحببن نزلنببا الببذكر وإنببا لببه‬
‫لحببافظون{ صببحيح‪ ,‬لكببن ليببس هببو المببراد ههنببا‪ ,‬لن‬
‫المخالف ل يرجع في إثباته بعد إنكاره إليه‪ ,‬وكذا قول أبي‬
‫جعفر الباقر‪ :‬نحن أهل الذكر‪ ,‬ومراده أن هببذه المببة أهببل‬
‫الببذكر‪ ,‬صببحيح فببإن هببذه المببة أعلببم مببن جميببع المببم‬
‫السببالفة‪ .‬وعلمبباء أهببل بيببت رسببول اللببه عليهببم السببلم‬
‫والرحمة من خير العلماء إذا كانوا على السنة المسببتقيمة‬
‫كعلي وابن عباس وابني علي الحسببن والحسببين‪ ,‬ومحمببد‬

‫‪576‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن الحنفية وعلي بن الحسين زين العابدين‪ ,‬وعلي بن عبد‬
‫الله بن عباس‪ ,‬وأبي جعفر الباقر وهو محمد بن علببي بببن‬
‫الحسين وجعفر ابنه‪ ,‬وأمثالهم وأضرابهم وأشببكالهم ممببن‬
‫هو متمسك بحبل الله المتين وصراطه المستقيم‪ ,‬وعببرف‬
‫لكل ذي حببق حقبه ونببزل كبل المنبزل البذي أعطباه اللبه‬
‫ورسوله واجتمعت عليه قلوب عباده المببؤمنين‪ ,‬والغببرض‬
‫لية الكريمة أخبببرت بببأن الرسببل الماضببين قبببل‬ ‫أن هذه ا َ‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم كانوا بشرا ً كما هو بشر‪ ,‬كمببا‬
‫قال تعالى‪} :‬قل سبحان ربي هل كنت إل بشببرا ً رسببول ً ؟‬
‫وما منببع النبباس أن يؤمنببوا إذ جبباءهم الهببدى إل أن قببالوا‬
‫أبعث الله بشرا ً رسول ً ؟{ وقال تعالى‪} :‬وما أرسلنا قبلك‬
‫مببن المرسببلين إل إنهببم ليببأكلون الطعببام ويمشببون فببي‬
‫السواق{ وقال تعببالى‪} :‬ومببا جعلنبباهم جسببدا ً ل يببأكلون‬
‫الطعام وما كانوا خالدين{ وقال‪} :‬قل ما كنببت بببدعا ً مببن‬
‫الرسل{ وقال تعببالى‪} :‬قببل إنمببا أنببا بشببر مثلكببم يببوحى‬
‫إلي{ ثم أرشد الله تعالى من شك في كون الرسل كببانوا‬
‫بشرا ً إلببى سببؤال أصببحاب الكتببب المتقدمببة عببن النبيبباء‬
‫الذين سلفوا هل كان أنبياؤهم بشببرا ً أو ملئكببة ‪ ,‬ثببم ذكببر‬
‫تعببالى أنببه أرسببلهم }بالبينببات{ أي بالحجببج والببدلئل‬
‫}والزبر{ وهي الكتب قاله ابن عباس ومجاهببد والضببحاك‬
‫وغيرهم‪ ,‬والزبر جمع زبور‪ ,‬تقول العرب‪ :‬زبرت الكتاب إذا‬
‫كتبته‪ .‬وقال تعالى‪} :‬وكل شيء فعلوه فببي الزبببر{ وقببال‬
‫}ولقد كتبنببا فببي الزبببور مببن بعببد الببذكر أن الرض يرثهببا‬
‫عبادي الصالحون{ ثم قال تعبالى‪} :‬وأنزلنببا إليببك البذكر{‬
‫يعني القرآن }لتبين للناس ما نببزل إليهببم{ أي مببن ربهببم‬
‫لعلمك بمعنى ما أنببزل اللببه وحرصببك عليببه واتباعببك لببه‪,‬‬
‫ولعلمنا بأنك أفضل الخلئق وسيد ولد آدم‪ ,‬فتفصل لهم ما‬
‫أجمببل وتبببين لهببم مببا أشببكل }ولعلهببم يتفكببرون{ أي‬
‫ينظرون لنفسهم فيهتدون فيفوزون بالنجاة فببي الببدارين‪.‬‬

‫‪577‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫** أ َفَ بأ َ‬
‫م‬ ‫ف الل ّب ُ‬
‫ه ب ِهِ ب ُ‬ ‫سب َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ت َأن ي َ ْ‬ ‫س بي َّئا ِ‬‫مك َبُروا ْ ال ّ‬ ‫ن َ‬‫َ‬ ‫ذي‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬
‫شبببعرون * أوَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ث ل يَ ْ ُ ُ َ‬ ‫حي ْببب ُ‬‫ن َ‬ ‫ْ‬ ‫مببب‬
‫ب ِ‬ ‫ذا ُ‬‫م العَببب َ‬ ‫ض أوْ ي َبببأت ِي َهُ ُ‬ ‫الْر َ‬
‫خ بذ َهُ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ى‬ ‫م عَل ب َ‬ ‫ن * أوْ ي َأ ُ‬ ‫زي ب َ‬ ‫ج ِ‬‫مع ْ ِ‬
‫هم ب ِ ُ‬‫ما ُ‬ ‫م فَ َ‬ ‫م ِفي ت ََقل ّب ِهِ ْ‬ ‫خذ َهُ ْ‬ ‫ي َأ ُ‬
‫م‬‫حيبببببببب ٌ‬ ‫ف ّر ِ‬ ‫ؤو ٌ‬ ‫م ل َببببببببَر ُ‬ ‫ن َرب ّك ُبببببببب ْ‬ ‫ف فَببببببببإ ِ ّ‬ ‫خببببببببوّ ٍ‬ ‫تَ َ‬
‫ليخبر تعالى عن حلمبه وإنظباره العصباة البذين يعملبون‬
‫السببيئات ويببدعون إليهببا‪ ,‬ويمكببرون بالنبباس فببي دعببائهم‬
‫إيبباهم وحملهببم عليهببا‪ ,‬مببع قببدرته علببى أن يخسببف بهببم‬
‫الرض أو يأتيهم العذاب }من حيث ل يشببعرون{‪ ,‬أي مببن‬
‫حيث ل يعلمون مجيئه إليهم‪ ,‬كقببوله تعببالى‪} :‬أأمنتببم مببن‬
‫في السماء أن يخسببف بكببم الرض فببإذا هببي تمببور * أم‬
‫أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا ً فسببتعلمون‬
‫كيببف نببذير‪ {.‬وقببوله‪} :‬أو يأخببذهم فببي تقلبهببم{ أي فببي‬
‫تقلبهم في المعايش واشتغالهم بها في أسببفارهم ونحوهببا‬
‫مببن الشببغال الملهيببة‪ ,‬قببال قتببادة والسببدي‪ :‬تقلبهببم أي‬
‫أسفارهم‪ ,‬وقال مجاهد والضببحاك وقتببادة }فببي تقلبهببم{‬
‫في الليل والنهببار كقببوله }أفببأمن أهببل القببرى أن يببأتيهم‬
‫بأسنا بياتا ً وهببم نببائمون * أو أمببن أهببل القببرى أن يببأتيهم‬
‫بأسبببببببببببنا ضبببببببببببحى وهبببببببببببم يلعببببببببببببون{‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬فما هم بمعجزين{ أي ل يعجزون الله علببى أي‬
‫حال كانوا عليه‪ .‬وقوله‪} :‬أو يأخببذهم علببى تخببوف{ أي أو‬
‫يأخذهم الله في حال خوفهم من أخببذه لهببم‪ ,‬فببإنه يكببون‬
‫أبلغ وأشد‪ ,‬فإن حصول ما يتوقع مع الخوف شببديد‪ ,‬ولهببذا‬
‫قال العوفي عن ابببن عببباس‪} :‬أو يأخببذهم علببى تخببوف{‬
‫يقببول‪ :‬إن شببئت أخبذته علبى أثبر مبوت صباحبه وتخبوفه‬
‫بذلك‪ ,‬وكذا روي عن مجاهد والضحاك وقتادة وغيرهم‪ .‬ثبم‬
‫قببال تعببالى‪} :‬فببإن ربكببم لببرؤوف رحيببم{ أي حيببث لببم‬
‫يعاجلكم بالعقوبة‪ ,‬كما ثبت في الصحيحين »ل أحببد أصبببر‬
‫علببى أذى سببمعه مببن اللببه‪ ,‬إنهببم يجعلببون لببه ولببدا ً وهببو‬
‫يرزقهم ويعافيهم« وفيهما »إن الله ليملي للظالم حتى إذا‬
‫أخذه لم يفلته« ثم قرأ رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‬
‫}وكذلك أخذ ربك إذا أخببذ القببرى وهببي ظالمببة إن أخببذه‬

‫‪578‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أليم شديد{ وقبال تعبالى‪} :‬وكبأين مبن قريبة أمليبت لهبا‬
‫وهبببببي ظالمبببببة ثبببببم أخبببببذتها وإلبببببي المصبببببير{‪.‬‬

‫ن‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ه‬


‫ُ‬ ‫ب‬‫يٍء ي َت ََفي ّأ ُ ظ ِل َل ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫خل َقَ الل ّ‬‫َ‬ ‫ما‬‫َ‬ ‫ى‬ ‫م ي ََروْا ْ إ ِل َ‬ ‫ْ‬ ‫** أ َوَ ل َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫جد ُ‬ ‫سب ُ‬ ‫ّ‬
‫ن * وَل ِل بهِ ي َ ْ‬ ‫خ بُرو َ‬ ‫دا ِ‬
‫م َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫جدا ل ِلهِ وَهُ ْ‬ ‫س ّ‬ ‫ل ُ‬ ‫مآئ ِ ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ن َوال ْ ّ‬ ‫ال ْي َ ِ‬
‫مي ِ‬
‫م‬ ‫ة وَهُ ب ْ‬ ‫ملئ ِك َب ُ‬ ‫دآب ّةٍ َوال ْ َ‬ ‫من َ‬ ‫ض ِ‬‫ما ِفي الْر ِ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫ما ِفي ال ّ‬ ‫َ‬
‫مببا‬ ‫ن َ‬ ‫ُ‬
‫م وَي َْفعَلببو َ‬ ‫مببن فَبوْقِهِ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ن َرب ّهُب ْ‬‫خبباُفو َ‬ ‫ن * يَ َ‬ ‫ْ‬
‫سبت َكب ُِرو َ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫مُرو َ‬ ‫ُيبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببؤْ َ‬
‫يخبر تعالى عن عظمته وجلله وكبريببائه الببذي خضببع لببه‬
‫كببل شببيء‪ ,‬ودانببت لببه الشببياء والمخلوقببات بأسببرها‪:‬‬
‫جماداتهبببا وحيواناتهبببا‪ ,‬ومكلفوهبببا مبببن النبببس والجبببن‪,‬‬
‫والملئكة‪ ,‬فأخبر أن كل ما له ظل يتفيأ ذات اليمين وذات‬
‫الشمال‪ ,‬أي بكرة وعشيا ً فإنه ساجد بظله لله تعالى‪ .‬قال‬
‫مجاهد‪ :‬إذا زالت الشمس سجد كل شيء للببه عببز وجببل‪,‬‬
‫وكذا قال قتادة والضحاك وغيرهم‪ ,‬وقوله }وهم داخرون{‬
‫أي صاغرون‪ .‬وقال مجاهد أيضًا‪ :‬سجود كل شببيء فيببؤه ‪,‬‬
‫وذكببر الجبببال‪ ,‬قببال‪ :‬سببجودها فيؤهببا‪ .‬وقببال أبببو غببالب‬
‫الشيباني‪ :‬أمواج البحر صلته‪ ,‬ونزلهم منزلة مببن يعقببل إذ‬
‫أسند السجود إليهم فقال‪} :‬ولله يسجد ما في السببموات‬
‫وما في الرض من دابة{ كما قال‪} :‬ولله يسجد مببن فببي‬
‫السبببموات والرض طوعببببا ً وكرهببببا ً وظللهبببم بالغبببدو‬
‫لصببال{‪ .‬وقببوله‪} :‬والملئكببة وهببم ل يسببتكبرون{ أي‬ ‫وا َ‬
‫تسجد لله أي غير مستكبرين عن عبببادته }يخببافون ربهببم‬
‫من فوقهم{ أي يسجدون خائفين وجليببن مببن الببرب جببل‬
‫جلله }ويفعلببون مببا يببؤمرون{ أي مثببابرين علببى طبباعته‬
‫تعببببببالى وامتثببببببال أوامببببببره‪ ,‬وتببببببرك زواجببببببره‪.‬‬

‫خب ُ ْ‬ ‫ه ل َ ت َت ّ ِ‬‫ل الل ّ ُ‬‫** وََقا َ‬


‫حبد ٌ‬‫ه َوا ِ‬ ‫مببا هُبوَ ِإلـب ٌ‬ ‫ن إ ِن ّ َ‬‫ن اث ْن َي ْب ِ‬
‫ذوا ِإلـبهَي ْ ِ‬
‫ض وَل َب ُ‬
‫ه‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬‫سب َ‬ ‫مببا فِببي ال ْ ّ‬ ‫ه َ‬‫ن * وَل َب ُ‬ ‫َفإي ّببايَ فَبباْرهَُبو ِ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫مب َ‬‫م بة ٍ ف َ ِ‬
‫مببن ن ّعْ َ‬ ‫كم ّ‬ ‫ما ب ِ ُ‬ ‫ن * وَ َ‬ ‫صبا ً أفَغَي َْر الل ّهِ ت َت ُّقو َ‬ ‫ن َوا ِ‬ ‫دي ُ‬‫ال ّ‬
‫َ‬
‫ف‬ ‫شب َ‬ ‫ذا ك َ َ‬‫م إِ َ‬ ‫ن * ث ُب ّ‬ ‫جبأُرو َ‬ ‫ضبّر فَبإ ِل َي ْهِ ت َ ْ‬ ‫م ال ّ‬ ‫سبك ُ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫الل ّهِ ث ُ ّ‬
‫م إِ َ‬

‫‪579‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مآ‬ ‫ن * ل ِي َك ُْفُروا ْ ب ِ َ‬ ‫شرِ ُ‬
‫كو َ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫من ْ ُ‬
‫كم ب َِرب ّهِ ْ‬ ‫ذا فَ ِ‬
‫ريقٌ ّ‬ ‫ضّر عَن ْك ُ ْ‬
‫م إِ َ‬ ‫ال ّ‬
‫ن‬
‫مبببببببببو َ‬ ‫ف ت َعْل َ ُ‬‫سبببببببببوْ َ‬‫مت ُّعبببببببببوا ْ فَ َ‬‫م فَت َ َ‬‫آت َي َْنببببببببباهُ ْ‬
‫يخبر تعالى أنه ل إله إل هو‪ ,‬وأنه ل ينبغي العبببادة إل لببه‬
‫وحده ل شريك له‪ ,‬فإنه مالك كل شيء وخالقه وربه }وله‬
‫الدين واصبًا{ قال ابن عباس ومجاهببد وعكرمببة وميمببون‬
‫بن مهران والسدي وقتادة وغير واحد‪ :‬أي دائمًا‪ ,‬وعن ابن‬
‫عباس أيضا‪ :‬أي واجبًا‪ .‬وقال مجاهد‪ :‬أي خالصا ً لببه‪ ,‬أي لببه‬
‫العبادة وحده ممن في السموات والرض‪ ,‬كقوله‪} :‬أفغيببر‬
‫دين الله يبغون * ولببه أسببلم مببن فببي السببموات والرض‬
‫طوعا ً وكرها ً وإليه يرجعون{ هببذا علببى قببول ابببن عببباس‬
‫وعكرمة‪ ,‬فيكون من باب الخبببر‪ ,‬وأمببا علببى قببول مجاهببد‬
‫فإنه يكون من باب الطلب‪ ,‬أي ارهبوا أن تشركوا بي شيئا ً‬
‫وأخلصببوا لببي الطاعببة‪ ,‬كقببوله تعببالى‪} :‬أل للببه الببدين‬
‫الخالص{ ثم أخبر أنه مالك النفببع والضببر‪ ,‬وأن مببا بالعببباد‬
‫من رزق ونعمة وعافية ونصر فمن فضله عليهم‪ ,‬وإحسانه‬
‫إليهم }ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون{ أي لعلمكم أنببه‬
‫ل يقدر على إزالته إل هو فببإنكم عنببد الضببرورات تلجببأون‬
‫إليببه وتسببألونه وتلحببون فببي الرغبببة إليببه مسببتغيثين بببه‪,‬‬
‫كقببوله تعببالى‪} :‬وإذا مسببكم الضببر فببي البحببر ضببل مببن‬
‫تدعون إل إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان النسان‬
‫كفورًا{ وقال ههنا‪} :‬ثم إذا كشف الضببر عنكببم إذا فريببق‬
‫منكم بربهم يشركون * ليكفبروا بمبا آتينباهم{ قيبل‪ :‬اللم‬
‫ههنا لم العاقبة‪ .‬وقيل ‪ :‬لم التعليل بمعنى قيضنا لهم ذلك‬
‫ليكفروا أي يستروا ويجحدوا نعم الله عليهم وأنه المسدي‬
‫إليهببم النعببم‪ ,‬الكاشببف عنهببم النقببم‪ ,‬ثببم توعببدهم قببائل ً‬
‫}فتمتعوا{ أي اعملوا ما شئتم وتمتعوا بما أنتببم فيببه قليل ً‬
‫}فسبببببببببوف تعلمبببببببببون{ أي عاقببببببببببة ذلبببببببببك‪.‬‬

‫م َتببالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫مببا َرَزقَْنبباهُ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫صببيبا ً ّ‬
‫ن نَ ِ‬ ‫مببو َ‬‫مببا ل َ ي َعْل َ ُ‬‫ن لِ َ‬ ‫جعَُلببو َ‬ ‫** وَي َ ْ‬
‫ل َتسأ َ‬
‫ه‬‫حان َ ُ‬ ‫س بب ْ َ‬
‫ت ُ‬ ‫ن ل ِل ّهِ ال ْب َن َببا ِ‬ ‫جعَُلو َ‬‫ن * وَي َ ْ‬ ‫م ت َْفت َُرو َ‬ ‫ما ك ُن ْت ُ ْ‬‫ن عَ ّ‬ ‫ُ‬
‫ُ ْ ّ‬ ‫ل‬
‫ى ظ َب ّ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫جه ُ ب ُ‬‫ل وَ ْ‬ ‫م ب ِببال ُن ْث َ َ‬ ‫ح بد ُهُ ْ‬‫شَر أ َ‬ ‫ذا ب ُ ّ‬‫ن * وَإ ِ َ‬ ‫شت َُهو َ‬ ‫ما ي َ ْ‬‫م ّ‬ ‫وَل َهُ ْ‬

‫‪580‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ش بَر‬ ‫مببا ب ُ ّ‬
‫سوَِء َ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ال َْقوْم ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫واَرىَ ِ‬ ‫م * ي َت َ َ‬ ‫ظي ٌ‬ ‫سوَد ّا ً وَهُوَ ك َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫سك ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫مببا‬ ‫سببآءَ َ‬ ‫ب أل َ َ‬ ‫ه ِفبي الّتبَرا ِ‬ ‫سب ُ‬ ‫م ي َد ُ ّ‬ ‫نأ ْ‬ ‫هبو ٍ‬‫ى ُ‬ ‫ه عَلب َ‬ ‫م ِ‬ ‫ب ِهِ أي ُ ْ‬
‫سبوِْء وَل ِل ّب ِ‬
‫ه‬ ‫ل ال ّ‬ ‫مث َب ُ‬
‫خَرةِ َ‬ ‫ن ب ِببال َ ِ‬ ‫من ُببو َ‬ ‫ن ل َ ي ُؤْ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * ل ِل ّب ِ‬‫مببو َ‬ ‫حك ُ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫م‬
‫كيببببببب ُ‬ ‫ح ِ‬‫زيبببببببُز ال ْ َ‬ ‫هبببببببوَ ال ْعَ ِ‬ ‫ى وَ ُ‬ ‫َ‬
‫ل العْلببببببب َ‬ ‫مَثببببببب ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫يخبر تعالى عن قبائح المشببركين الببذين عبببدوا مببع اللببه‬
‫غيببره مببن الصببنام والوثببان والنببداد بغيببر علببم‪ ,‬وجعلببوا‬
‫للوثان نصيبا ً مما رزقهم الله فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا‬
‫لشركائنا فما كان لشركائهم فل يصل إلببى اللببه ومببا كببان‬
‫لله فهو يصل إلى شركائهم ساء مببا يحكمببون{ أي جعلببوا‬
‫للهتهم نصيبا ً مع الله وفضلوها علببى جببانبه‪ ,‬فأقسببم اللببه‬ ‫َ‬
‫تعالى بنفسه الكريمببة ليسببألنهم عببن ذلببك الببذي افببتروه‬
‫وائتفكوه وليقابلنهم عليه وليجازينهم أوفر الجزاء فببي نببار‬
‫جهنم‪ ,‬فقال‪} :‬تالله لتسألن عما كنتم تفببترون{ ثببم أخبببر‬
‫تعالى عنهم أنهم جعلوا الملئكة البذين هبم عبباد الرحمبن‬
‫إناثًا‪ ,‬وجعلوها بنات الله فعبدوها معه‪ ,‬فأخطأوا خطأ كبيرا ً‬
‫فببي كببل مقببام مببن هببذه المقامببات الثلث‪ ,‬فنسبببوا إليببه‬
‫تعالى أن له ولدا ً ول ولد له‪ ,‬ثببم أعطببوه أخببس القسببمين‬
‫مبن الولد وهبو البنبات‪ ,‬وهبم ل يرضبونها لنفسبهم‪ ,‬كمبا‬
‫قال‪} :‬ألكم الذكر وله النببثى ؟ تلببك إذا ً قسببمة ضببيزى{‪.‬‬
‫وقببوله ههنببا‪} :‬ويجعلببون للببه البنببات سبببحانه{ أي عببن‬
‫قولهم وإفكهببم }أل إنهببم مببن إفكهببم ليقولببون ولببد اللببه‬
‫وإنهم لكاذبون * أصبطفى البنبات علببى البنيبن ؟ مببا لكببم‬
‫كيف تحكمون{‪ .‬وقوله‪} :‬ولهم ما يشببتهون{ أي يختببارون‬
‫لنفسهم الذكور ويأنفون لنفسهم من البنات التي نسبوها‬
‫إلى الله‪ ,‬تعالى الله عن قولهم علوا ً كبيرًا‪ ,‬فإنه }إذا بشر‬
‫أحدهم بالنثى ظل وجهه مسودًا{ أي كئيبا ً من الهم }وهو‬
‫كظيم{ ساكت من شدة ما هو فيه مببن الحببزن‪} ,‬يتببوارى‬
‫من القوم{ أي يكره أن يراه الناس }من سوء ما بشر به‬
‫أيمسكه على هببون أم يدسببه فببي الببتراب{ أي إن أبقاهببا‬
‫أبقاها مهانة ل يورثها ول يعتني بها‪ ,‬ويفضببل أولده الببذكور‬
‫عليها }أم يدسه في التراب{ أي يئدها وهو أن يدفنها فيببه‬
‫حية كما كانوا يصنعون في الجاهلية‪ ,‬أفمببن يكرهببونه هببذه‬

‫‪581‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الكراهة ويأنفون لنفسهم عنه يجعلونه لله ؟ }أل ساء مببا‬
‫يحكمون{ أي بئس ما قالوا‪ ,‬وبئس مببا قسبموا‪ ,‬وبئس مبا‬
‫نسبوه إليه‪ ,‬كقوله تعالى‪} :‬وإذا بشببر أحببدهم بمببا ضببرب‬
‫للرحمن مثل ً ظل وجهه مسودا ً وهو كظيم{‪ .‬وقببوله ههنببا‪:‬‬
‫لخرة مثببل السببوء{ أي النقببص إنمببا‬ ‫}للذين ل يؤمنون بببا َ‬
‫ينسب إليهم } ولله المثببل العلببى{ اي الكمببال المطلببق‬
‫من كل وجه وهببو منسببوب إليببه }وهببو العزيببز الحكيببم{‪.‬‬

‫دآب ّبةٍ‬
‫مببن َ‬ ‫ك عَل َي ْهَببا ِ‬ ‫ما ت ََر َ‬ ‫م ّ‬ ‫مه ِ ْ‬‫س ب ِظ ُل ْ ِ‬‫ه الّنا َ‬ ‫خذ ُ الل ّ ُ‬ ‫** وَل َوْ ي ُ َ‬
‫ؤا ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م لَ‬ ‫جل ُُهبب ْ‬
‫جببآَء أ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ى َفببإ ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫سبب ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ّ‬ ‫جبب ٍ‬‫ىأ َ‬ ‫خُرهُ ْ َ‬
‫م إلبب َ‬ ‫كببن ُيببؤَ ّ‬ ‫وَل َ ِ‬
‫ْ‬
‫مببا‬‫ن ل ِّلببهِ َ‬ ‫جعَُلببو َ‬‫ن * وَي َ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫سببت َْقدِ ُ‬ ‫ة وَل َ ي َ ْ‬ ‫سبباعَ ً‬ ‫ن َ‬ ‫خُرو َ‬ ‫سببت َأ ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫جببَر َ‬‫ى لَ َ‬ ‫سببن َ َ‬
‫ح ْ‬‫م ال ْ ُ‬ ‫ن ل َهُ ُ‬ ‫بأ ّ‬ ‫م ال ْك َذِ َ‬ ‫ف أل ْ ِ‬
‫سن َت ُهُ ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫ن وَت َ ِ‬ ‫هو َ‬ ‫ي َك َْر ُ‬
‫مْفَر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫طببببببببببو َ‬ ‫م ّ‬ ‫م ال ّْنبببببببببباَر وَأن ُّهبببببببببب ْ‬ ‫ن ل َُهبببببببببب ُ‬ ‫أ ّ‬
‫يخبر تعالى عن حلمه بخلقه مع ظلمهم وأنه لو يؤاخذهم‬
‫بما كسبوا ما ترك علبى ظهبر الرض مببن داببة أي لهلببك‬
‫جميع دواب الرض تبعا ً لهلك بني آدم‪ ,‬ولكببن الببرب جببل‬
‫جلله يحلم ويستر‪ ,‬وينظر إلى أجل مسمى أي ل يعاجلهم‬
‫بالعقوبة‪ ,‬إذ لو فعل ذلك بهم لما أبقى أحدًا‪ .‬قببال سببفيان‬
‫الثوري عن أبي إسحاق عببن أبببي الحببوص أنببه قببال‪ :‬كبباد‬
‫ليببة }ولببو يؤاخببذ‬ ‫الجعل أن يعذب بذنب بنببي آدم‪ ,‬وقببرأ ا َ‬
‫الله الناس بظلمهم ما تببرك عليهببا مببن دابببة{ وكببذا روى‬
‫العمش عن أبي إسحاق عن أبببي عبيببدة قببال‪ :‬قببال عبببد‬
‫اللببه‪ :‬كبباد الجعببل أن يهلببك فببي جحببره بخطيئة بنببي آدم‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثني محمد بن المثنى‪ ,‬حدثنا إسببماعيل‬
‫بن حكيم الخزاعببي‪ ,‬حببدثنا محمببد بببن جببابر الحنفببي عببن‬
‫يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة قببال‪ :‬سببمع أبببو هريببرة‬
‫رجل ً وهو يقول‪ :‬إن الظالم ل يضر إل نفسه‪ ,‬قال‪ :‬فالتفت‬
‫إليه‪ ,‬فقال‪ :‬بلى والله حتى إن الحباري لتموت في وكرهببا‬
‫بظلببببببببببببببببببببببببببببببم الظببببببببببببببببببببببببببببببالم‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا علي بن الحسين‪ ,‬أنبأنا الوليببد‬
‫بن عبد الملك‪ ,‬حدثنا عبيد الله بن شرحبيل‪ ,‬حدثنا سليمان‬

‫‪582‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن عطاء عن مسلمة بن عبد الله عن عمببه أبببي مشببجعة‬
‫بن ربيعة عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال‪ :‬ذكرنببا عنببد‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‪» :‬إن الله ل يببؤخر‬
‫شيئا ً إذا جبباء أجلببه‪ ,‬وإنمببا زيببادة العمببر بالذريببة الصببالحه‬
‫يرزقها الله العبد فيدعون له من بعده فيلحقه دعاؤهم في‬
‫قببببببببببببره فبببببببببببذلك زيبببببببببببادة العمبببببببببببر«‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ويجعلون لله ما يكرهون{ أي من البنببات ومببن‬
‫الشببركاء الببذين هببم عبيببده وهببم يببأنفون أن يكببون عنببد‬
‫أحبببببببببدهم شبببببببببريك لبببببببببه فبببببببببي مببببببببباله‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى{ إنكار‬
‫عليهم في دعواهم مع ذلك أن لهم الحسنى في الدنيا وإن‬
‫كان ثم معاد ففيه أيضا ً لهم الحسنى‪ ,‬وإخبار عن قيل مببن‬
‫قببال منهببم‪ ,‬كقببوله‪} :‬ولئن أذقنببا النسببان منببا رحمببة ثببم‬
‫نزعناهببا منببه إنببه ليئوس كفببور * ولئن أذقنبباه نعمبباء بعببد‬
‫ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخببور{‬
‫وقببوله‪} :‬ولئن أذقنبباه رحمببة منببا مببن بعببد ضببراء مسببته‬
‫ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمببة ولئن رجعببت إلببى‬
‫ربي إن لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملببوا‬
‫ولنذيقنهم من عذاب غليظ{‪ .‬وقوله‪} :‬أفرأيت الببذي كفببر‬
‫بآياتنببا وقببال لوتيببن مببال ً وولببدًا{ وقببال إخبببارا ً عببن أحببد‬
‫الرجلين أنه }دخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن‬
‫تبيد هذه أبدا ً * وما أظببن السبباعة قائمببة ولئن رددت إلببى‬
‫ربي لجببدن خيببرا ً منهببا منقلب بًا{ فجمببع هببؤلء بيببن عمببل‬
‫السوء وتمني الباطل ببأن يجبازوا علبى ذلبك حسبنا ً وهبذا‬
‫مستحيل‪ ,‬كما ذكر ابن إسحاق إنه وجد حجببر فببي أسبباس‬
‫الكعبة حين نقضوها ليجددوها مكتوب عليه حكم ومواعظ‪,‬‬
‫فمن ذلك‪ :‬تعلمون السيئات وتجوزن الحسنات ؟ أجل كما‬
‫يجتنببببببببببببى مببببببببببببن الشببببببببببببوك العنببببببببببببب‪.‬‬
‫وقال مجاهد وقتادة‪} :‬وتصببف ألسببنتهم الكببذب أن لهببم‬
‫الحسبببنى{ أي الغلمبببان‪ .‬وقبببال اببببن جريبببر‪} :‬أن لهبببم‬
‫الحسنى{ أي يوم القيامة كما قدمنا بيانه‪ ,‬وهببو الصببواب‪,‬‬
‫ولله الحمد‪ ,‬ولهذا قال تعالى رادا ً عليهم في تمنيهم ذلببك‪:‬‬

‫‪583‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}ل جببرم{ أي حقببا ً ل بببد منببه }أن لهببم النببار{ أي يببوم‬
‫القيامة }وأنهم مفرطون{ قببال مجاهببد وسببعيد بببن جبببير‬
‫وقتببادة وغيرهببم‪ :‬منسببيون فيهببا مضببيعون وهببذا كقببوله‬
‫تعالى‪} :‬فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا{‪ .‬وعببن‬
‫قتادة أيضا‪ :‬مفرطون أي معجلون إلببى النبار مبن الفبرط‪,‬‬
‫وهو السابق إلى الورد‪ ,‬ول منافبباة لنهببم يعجببل بهببم يببوم‬
‫القيامببببة إلببببى النببببار وينسببببون فيهببببا أي يخلببببدون‪( .‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن ل َُهبب ُ‬
‫م‬ ‫ك فََزّيبب َ‬ ‫مببن قَب ِْلبب َ‬ ‫مببم ٍ ّ‬ ‫ىأ َ‬ ‫َ‬ ‫سببل َْنآ إ َِلبب‬ ‫** َتببالل ّهِ ل ََقببد ْ أْر َ‬
‫َ‬ ‫طا َ‬
‫م*‬ ‫ب أِلي ب ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م ع َب َ‬ ‫م وَل َهُ ب ْ‬ ‫م ال ْي َبوْ َ‬ ‫م فَهُوَ وَل ِي ّهُ ب ُ‬ ‫مال َهُ ْ‬‫ن أعْ َ‬ ‫شي ْ َ ُ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬
‫خت َل َُفببوا ْ ِفيبهِ‬ ‫ذي ا ْ‬ ‫م ال ّب ِ‬ ‫ن ل َهُب ُ‬ ‫ب إ ِل ّ ل ِت ُب َي ّب َ‬ ‫ك ال ْك ِت َببا َ‬ ‫مآ أن َْزل َْنا عَل َي ْ َ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬
‫مببآءً‬ ‫مآِء َ‬ ‫س َ‬‫ن ال ْ ّ‬ ‫م َ‬
‫ل ِ‬ ‫ه أن َْز َ‬ ‫ن * َوالل ّ ُ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ة ل َّقوْم ٍ ي ُؤْ ِ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬‫دى وََر ْ‬ ‫وَهُ ً‬
‫َ‬
‫ن‬‫مُعو َ‬ ‫س َ‬ ‫ة ل َِقوْم ٍ ي َ ْ‬ ‫ك ل َي َ ً‬ ‫ن ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫موْت َِهآ إ ِ ّ‬ ‫ض ب َعْد َ َ‬ ‫حَيا ب ِهِ الْر َ‬ ‫فَأ ْ‬
‫يذكر تعالى أنه أرسل إلببى المببم الخاليببة رسبل ً فكببذبت‬
‫الرسل‪ ,‬فلك يا محمد في إخوانك من المرسلين أسوة فل‬
‫يهيدنك تكذيب قومك لببك‪ ,‬وأمببا المشببركون الببذين كببذبوا‬
‫الرسل فإنما حملهم علبى ذلبك تزييبن الشبيطان لهبم مبا‬
‫فعلوه‪} .‬فهو وليهم اليوم{ أي هم تحت العقوبة والنكببال‪,‬‬
‫والشببيطان وليهببم ول يملببك لهببم خلصببا ول صببريخ لهببم‪,‬‬
‫ولهم عذاب أليم‪ .‬ثم قال تعببالى لرسببوله‪ :‬إنببه إنمببا أنببزل‬
‫عليه الكتاب ليبين للناس الببذي يختلفببون فيببه ؟ فببالقرآن‬
‫فاصل بين الناس في كل مببا يتنببازعون فيببه }وهببدى{ أي‬
‫للقلوب }ورحمة{ أي لمببن تمسببك بببه }لقببوم يؤمنببون{‬
‫وكما جعل سبحانه القببرآن حيبباة للقلببوب الميتببة بكفرهببا‪,‬‬
‫كذلك يحيي الرض بعد موتها بما أنزله عليها مببن السببماء‬
‫ليببة لقببوم يسببمعون{ أي يفهمببون‬ ‫من ماء }إن في ذلك َ‬
‫الكلم ومعنبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببباه‪.‬‬

‫من‬‫طون ِهِ ِ‬ ‫ما ِفي ب ُ ُ‬‫م ّ‬‫م ّ‬ ‫م ِفي الن َْعام ِ ل َعِب َْرةً ن ّ ْ‬
‫سِقيك ُ ْ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬
‫** وَإ ِ ّ‬
‫ت‬ ‫مببن ث َ َ‬
‫م بَرا ِ‬ ‫ن * وَ ِ‬‫شارِِبي َ‬‫سآِئغا ً ِلل ّ‬
‫خاِلصا ً َ‬ ‫ث وَد َم ٍ ل َّبنا ً َ‬ ‫ن فَْر ٍ‬ ‫ب َي ْ ِ‬

‫‪584‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سببنا ً إ ِ ّ‬
‫ن فِببي‬ ‫كرا ً وَرِْزقبا ً َ‬
‫ح َ‬ ‫سب َ‬
‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ن ِ‬ ‫خ ُ‬
‫ذو َ‬ ‫ب ت َت ّ ِ‬
‫ل َوالعَْنا ِ‬‫خي ِ‬
‫الن ّ ِ‬
‫ن‬‫ة ل َّقببببببببببببوْم ٍ ي َعِْقُلببببببببببببو َ‬‫ك ل ََيبببببببببببب ً‬ ‫ذ َِلبببببببببببب َ‬
‫يقول تعالى‪} :‬وإن لكم{ أيها الناس}في النعببام{ وهببي‬
‫ليببة ودللببة علببى حكمببة‬ ‫البل والبقر والغنم }لعبرة{ أي َ‬
‫خالقها وقدرته ورحمته ولطفه }نسقيكم مما في بطونه{‬
‫أفردها ههنا عودا ً على معنى النعم‪ ,‬أو الضمير عببائد علببى‬
‫الحيوان‪ ,‬فإن النعام حيوانات أي نسقيكم ممببا فببي بطببن‬
‫لية الخرى ممببا فببي بطونهببا‪ ,‬ويجببوز‬ ‫هذا الحيوان‪ ,‬وفي ا َ‬
‫هذا وهذا‪ ,‬كما في قوله تعالى‪} :‬كل إنها تذكرة فمن شبباء‬
‫ذكببره{ وفببي قببوله تعببالى‪} :‬وإنببي مرسببلة إليهببم بهببديه‬
‫فنبباظرة بببم يرجببع المرسببلون * فلمببا جبباء سببليمان{ أي‬
‫المببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببال‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬من بين فرث ودم لبنا ً خالصًا{ أي يتخلص اللبن‬
‫بياضببه وطعمببه وحلوتببه‪ ,‬مببا بيببن فببرث ودم فببي ببباطن‬
‫الحيبوان‪ ,‬فيسبري كبل إلبى مبوطنه إذا نضبج الغبذاء فبي‬
‫معدته‪ ,‬فيصرف منه دم إلى العببروق‪ ,‬ولبببن إلببى الضببرع‪,‬‬
‫وبول إلى المثانة‪ ,‬وروث إلى المخرج‪ ,‬وكل منها ل يشوب‬
‫لخر ول يمازجه بعببد انفصباله عنبه ول يتغيبر ببه‪ .‬وقبوله‪:‬‬ ‫ا َ‬
‫}لبنا ً خالصا ً سائغا ً للشبباربين{ أي ل يغببص بببه أحببد‪ ,‬ولمببا‬
‫ذكر اللبن وأنه تعالى جعله شرابا ً للناس سائغا ً ثنببى بببذكر‬
‫ما يتخذه الناس من الشربة من ثمرات النخيل والعنبباب‪,‬‬
‫وما كانوا يصنعون من النبيذ المسكر قبببل تحريمببه‪ ,‬ولهببذا‬
‫امتن بببه عليهببم فقببال‪} :‬ومببن ثمببرات النخيببل والعنبباب‬
‫تتخذون منه سكرًا{ دل على إباحته شببرعا قبببل تحريمببه‪,‬‬
‫ودل على التسوية بين المسكر المتخذ من النخل والمتخذ‬
‫مببن العنببب‪ ,‬كمببا هببو مببذهب مالببك والشببافعي وأحمببد‬
‫وجمهور العلماء‪ ,‬وكذا حكببم سببائر الشببربة المتخببذة مببن‬
‫الحنطببة والشببعير والببذرة والعسببل‪ ,‬كمببا جبباءت السببنة‬
‫بتفصبببيل ذلبببك‪ ,‬وليبببس هبببذا موضبببع بسبببط ذلبببك‪.‬‬
‫كما قال ابن عببباس فببي قببوله‪} :‬سببكرا ً ورزق با ً حسببنًا{‬
‫السكر ما حرم من ثمرتيهما‪ ,‬والرزق الحسن ما أحل مببن‬
‫ثمرتيهمببا‪ ,‬وفببي روايببة‪ :‬السببكر حرامببه‪ ,‬والببرزق الحسببن‬

‫‪585‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حلله‪ ,‬يعني ما يبببس منهمببا مببن تمببر وزبيببب‪ ,‬ومببا عمببل‬
‫منهما من طلء وهو الدبس وخل ونبيذ‪ ,‬حلل يشرب قبببل‬
‫أن يشتد كما وردت السنة بذلك }إن في ذلببك َ‬
‫ليببة لقببوم‬
‫يعقلون{ ناسببب ذكببر العقببل ههنببا فببإنه أشببرف مببا فببي‬
‫النسببان‪ ,‬ولهببذا حببرم اللببه علببى هببذه المببة الشببربة‬
‫المسكرة صيانة لعقولها‪ ,‬قبال اللبه تعبالى‪} :‬وجعلنببا فيهبا‬
‫جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيهببا مببن العيببون ليببأكلوا‬
‫من ثمره وما عملته أيديهم أفل يشكرون * سبببحان الببذي‬
‫خلق الزواج كلها مما تنبت الرض ومببن أنفسببهم وممببا ل‬
‫يعلمببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببون{‪.‬‬

‫ك إل َى النح َ‬ ‫** وأ َ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫ل ب ُُيوتا ً وَ ِ‬ ‫ن ال ْ ِ‬
‫جَبا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ذي ِ‬ ‫خ ِ‬‫ن ات ّ ِ‬ ‫لأ ِ‬ ‫ى َرب ّ َ ِ َ ّ ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫و‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫مببَرا ِ‬ ‫ل الث ّ َ‬ ‫مببن ُ‬
‫كبب ّ‬ ‫م ك ُِلببي ِ‬ ‫ن * ُثبب ّ‬ ‫شببو َ‬ ‫مببا ي َعْرِ ُ‬‫م ّ‬ ‫جرِ وَ ِ‬ ‫شبب َ‬ ‫ال ّ‬
‫ف‬ ‫خت َِلبب ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ّ‬‫شببَرا ٌ‬ ‫طون َِها َ‬ ‫من ب ُ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ك ذ ُل ُل ً ي َ ْ‬
‫خُر ُ‬ ‫ل َرب ّ ِ‬‫سب ُ َ‬
‫كي ُ‬ ‫سل ُ ِ‬ ‫َفا ْ‬
‫َ‬
‫ة ل َّق بوْم ٍ ي َت ََفك ّبُرو َ‬
‫ن‬ ‫ك ل َي َب ً‬ ‫ن ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫س إِ ّ‬ ‫شَفآٌء ِللّنا ِ‬ ‫ه ِفيهِ ِ‬ ‫أل ْ َ‬
‫وان ُ ُ‬
‫المراد بالوحي هنا اللهام والهدايببة‪ ,‬والرشبباد للنحببل أن‬
‫تتخببذ مببن الجبببال بيوت با ً تببأوي إليهببا‪ ,‬ومببن الشببجر وممببا‬
‫يعرشون‪ ,‬ثم هي محكمة في غاية التقببان فببي تسديسببها‬
‫ورصها بحيث ل يكون في بيتها خلل‪ ,‬ثم أذن لها تعالى إذنا ً‬
‫قببدريا ً تسببخيريا ً أن تأكببل مببن كببل الثمببرات‪ ,‬وأن تسببلك‬
‫الطرق التي جعلها الله تعالى مذللة لها‪ ,‬أي مسهلة عليهببا‬
‫حيث شاءت من هذا الجببو العظيببم‪ ,‬والبببراري الشاسببعة‪,‬‬
‫والودية والجبال الشاهقة‪ ,‬ثم تعود كببل واحببدة منهببا إلببى‬
‫بيتها ل تحيد عنه يمنة ول يسرة‪ ,‬بل إلى بيتها وما لهببا فيببه‬
‫مببن فببراخ وعسببل‪ ,‬فتبنببي الشببمع مببن أجنحتهببا وتقيببء‬
‫العسل من فيها‪ ,‬وتبيض الفراخ من دبرها‪ ,‬ثببم تصبببح إلببى‬
‫مراعيهبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببا‪.‬‬
‫وقال قتادة وعبد الرحمن بن زيد بببن أسببلم‪} :‬فاسببلكي‬
‫ل{ أي مطيعة‪ ,‬فجعله حال ً من السالكة‪ ,‬قال‬ ‫سبل ربك ذل ً‬
‫اببن زيبد‪ :‬وهبو كقبول اللبه تعبالى‪} :‬وذللناهبا لهبم فمنهبا‬
‫ركوبهم ومنها يأكلون{ قال‪ :‬أل تببرى أنهببم ينقلببون النحببل‬

‫‪586‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ببيوته من بلد إلببى بلببد وهببو يصببحبهم‪ ,‬والقببول الول هببو‬
‫الظهر‪ ,‬وهو أنه حببال مببن الطريببق‪ ,‬أي فاسببلكيها مذللببة‬
‫لك‪ ,‬نص عليه مجاهد‪ ,‬وقال ابن جرير‪ :‬كل القولين صحيح‪.‬‬
‫وقد قال أبو يعلى الموصلي‪ :‬حدثنا شيبان بن فروخ‪ ,‬حدثنا‬
‫مكين بن عبد العزيز عن أبيه عن أنس قببال‪ :‬قببال رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسببلم‪» :‬عمببر الببذباب أربعببون يومبًا‪,‬‬
‫والبببببببذباب كلبببببببه فبببببببي النبببببببار إل النحبببببببل«‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬يخرج من بطونها شببراب مختلببف ألببوانه‬
‫فيه شفاء للناس{ ما بين أبيض وأصفر وأحمر وغيببر ذلببك‬
‫من اللوان الحسنة علببى اختلف مراعيهببا ومأكلهببا منهببا‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬فيه شفاء للناس{ أي في العسل شببفاء للنبباس‪,‬‬
‫أي من أدواء تعرض لهم‪ ,‬قال بعض من تكلم على الطببب‬
‫النبوي‪ :‬لو قال فيببه الشببفاء للنبباس‪ ,‬لكببان دواء لكببل داء‪,‬‬
‫ولكن قال فيه شفاء للناس‪ ,‬أي يصلح لكل أحببد مبن أدواء‬
‫بببببباردة‪ ,‬فبببببإنه حبببببار والشبببببيء يبببببداوى بضبببببده‪.‬‬
‫وقال مجاهد وابن جرير في قوله‪} :‬فيببه شبفاء للنبباس{‬
‫يعني القرآن‪ ,‬وهذا قول صحيح في نفسه‪ ,‬ولكن ليس هببو‬
‫ليبة‪ ,‬فبإن ا َ‬
‫ليبة إنمبا ذكببر فيهببا‬ ‫الظاهر ههنببا مبن سببياق ا َ‬
‫العسل ولم يتابع مجاهد على قوله ههنا‪ ,‬وإنما الببذي قبباله‬
‫ذكروه في قوله تعالى‪} :‬وننزل من القرآن مببا هببو شببفاء‬
‫ورحمببة للمببؤمنين{ وقببوله تعببالى‪} :‬يببا أيهببا النبباس قببد‬
‫جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما فببي الصببدور وهببدى‬
‫ورحمة للمؤمنين{ والدليل على أن المببراد بقببوله تعببالى‪:‬‬
‫}فيببه شببفاء للنبباس{ هببو العسببل‪ ,‬الحببديث الببذي رواه‬
‫البخاري ومسلم في صحيحيهما من رواية قتببادة عببن أبببي‬
‫المتوكل علببي بببن داود النبباجي عببن أبببي سببعيد الخببدري‬
‫رضي الله عنه أن رجل ً جبباء إلببى رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم فقال‪ :‬إن أخي استطلق بطنببه‪ ,‬فقببال »اسببقه‬
‫ل‪ ,‬ثم جاء فقببال‪ :‬يارسببول اللببه‬ ‫ل« فذهب فسقاه عس ً‬ ‫عس ً‬
‫ل‪ ,‬فما زاده إل استطلقا‪ ,‬قال‪» :‬اذهب فاسببقه‬ ‫سقيته عس ً‬
‫ل‪ ,‬ثم جاء فقال‪ :‬يارسببول اللببه‪,‬‬ ‫ل« فذهب فسقاه عس ً‬ ‫عس ً‬
‫ما زاده إل استطلقا‪ ,‬فقال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬

‫‪587‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسببلم‪» :‬صببدق اللببه وكببذب بطببن أخيببك‪ ,‬اذهببب فاسببقه‬
‫ل« فذهب فسقاه عس بل ً فبببرىء‪ .‬قببال بعببض العلمبباء‬ ‫عس ً‬
‫بالطب‪ :‬كان هذا الرجل عنده فضلت‪ ,‬فلما سببقاه عسببل ً‬
‫ل‪,‬‬‫وهو حار تحللببت‪ ,‬فأسببرعت فببي النببدفاع فببزاده إسببها ً‬
‫فاعتقد العرابببي أن هببذا يضببره وهببو مصببلحة لخيببه‪ ,‬ثببم‬
‫سببقاه فببازداد التحليببل والببدفع‪ ,‬ثببم سببقاه فكببذلك‪ ,‬فلمببا‬
‫انببدفعت الفضببلت الفاسببده المضببرة بالبببدن‪ ,‬استمسببك‬
‫للم ببركببة‬ ‫بطنببه‪ ,‬وصببلح مزاجببه‪ ,‬وانببدفعت السببقام وا َ‬
‫إشبببارته‪ ,‬عليبببه مبببن رببببه أفضبببل الصبببلة والسبببلم‪.‬‬
‫وفي الصحيحين من حديث هشام بن عروة عن أبيه عببن‬
‫عائشة رضي اللبه عنهبا أن رسبول اللبه صبلى اللبه عليبه‬
‫وسلم كان يعجبببه الحلببواء والعسببل‪ ,‬هببذا لفببظ البخبباري‪:‬‬
‫وفي صحيح البخاري من حديث سالم الفطس عن سببعيد‬
‫بن جبير عن ابن عباس‪ :‬قال‪ :‬قال رسول الله صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪» :‬الشببفاء فببي ثلثببة‪ :‬فبي شبرطة محجببم‪ ,‬أو‬
‫شببربة عسببل‪ ,‬أو كيببة بنببار‪ ,‬وأنهببى أمببتي عببن الكببي«‪.‬‬
‫وقال البخاري‪ :‬حدثنا أبو نعيببم‪ ,‬حببدثنا عبببد الرحمببن بببن‬
‫الغسيل عن عاصم بن عمر بببن قتببادة‪ ,‬سببمعت جببابر بببن‬
‫عبد الله قال‪ :‬سمعت رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫يقول‪» :‬إن كان في شيء من أدويتكم‪ ,‬أو يكون في شيء‬
‫من أدويتكم خير‪ :‬ففي شرطة محجم‪ ,‬أو شربة عسببل‪ ,‬أو‬
‫لذعة بنار توافق الداء‪ ,‬وما أحب أن أكتوي« ورواه مسببلم‬
‫مببن حببديث عاصببم بببن عمببر بببن قتببادة عببن جببابر بببه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا علي بن إسحاق‪ ,‬أنبأنا عبد اللببه‬
‫أنبأنا سعيد بن أبي أيوب‪ ,‬حدثنا عبببد اللببه بببن الوليببد عببن‬
‫أبي الخير عن عقبة بن عببامر الجهنببي قببال‪ :‬قببال رسببول‬
‫اللهصلى الله عليه وسلم‪» :‬ثلث إن كان في شيء شفاء‪:‬‬
‫فشرطة محجم‪ ,‬أو شربة عسل‪ ,‬أو كية تصببيب ألم بًا‪ ,‬وأنببا‬
‫أكببره الكببي ول أحبببه« ورواه الطبببراني عببن هببارون بببن‬
‫سلول المصري عن أبي عبد الرحمببن المقببري‪ ,‬عببن عبببد‬
‫اللبه ببن الوليبد ببه‪ ,‬ولفظبه »إن كبان فبي شبيء شبفاء‪:‬‬
‫فشرطة محجم« وذكره‪ ,‬وهذا إسناد صحيح‪ ,‬ولم يخرجوه‪.‬‬

‫‪588‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال المام أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني‬
‫في سننه‪ :‬حدثنا علي بن سلمة هو التغلبي‪ ,‬حدثنا زيببد بببن‬
‫حباب‪ ,‬حدثنا سفيان عن أبببي إسبحاق‪ ,‬عببن أببي الحببوص‬
‫عن عبد الله هو ابن مسعود قال‪ :‬قال رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬عليكببم بالشببفاءين‪ :‬العسببل والقببرآن«‬
‫وهذا إسناد جيد تفببرد بببإخراجه ابببن مبباجه مرفوعببا‪ ,‬وقببد‬
‫رواه ابن جرير عن سفيان بن وكيع عن أبيببه عببن سببفيان‬
‫هبببببببو الثبببببببوري ببببببببه موقوفبببببببا ولبببببببه شببببببببه‪.‬‬
‫وروينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اللببه‬
‫عنه أنه قال‪ :‬إذا أراد أحدكم الشفاء فليكتب آية من كتبباب‬
‫اللببه فببي صببحيفة‪ ,‬وليغسببلها بمبباء السببماء‪ ,‬وليأخببذ مببن‬
‫امرأته درهمبا ً عبن طيبب نفبس منهببا‪ ,‬فليشببتر ببه عسبل ً‬
‫فليشربه بذلك فإنه شفاء‪ :‬أي من وجوه‪ ,‬وقال الله تعالى‪:‬‬
‫}وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين{ وقببال‪:‬‬
‫}وأنزلنا من السماء ماء مباركًا{ وقال‪} :‬فببإن طبببن لكببم‬
‫عن شيء منه نفسا ً فكلوه هنيئا ً مريئًا{ وقال في العسل‪:‬‬
‫}فيبببببببببببببببببه شبببببببببببببببببفاء للنببببببببببببببببباس{‪.‬‬
‫وقال ابن مباجه أيضبًا‪ :‬حبدثنا محمبود ببن خبداش حبدثنا‬
‫سعيد بن زكريا القرشي‪ ,‬حدثنا الزبير بن سعيد الهاشببمي‬
‫عن عبد الحميد بن سالم عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول‬
‫الله »من لعببق العسببل ثلث غببدوات فببي كببل شببهر‪ ,‬لببم‬
‫يصبه عظيم من البلء« الزبير بن سعيد متروك‪ .‬وقال ابن‬
‫ماجه أيضًا‪ :‬حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسببف بببن سببرح‬
‫الفريابي‪ ,‬حدثنا عمرو بن بكير السكسكي‪ ,‬حببدثنا إبراهيببم‬
‫بن أبي عبلة سمعت أبا أبي بن أم حببرام وكببان قببد صببلى‬
‫القبلتين‪ ,‬يقول‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسببلم‬
‫يقول‪» :‬عليكم بالسنا والسنوت‪ ,‬فإن فيهما شفاء من كببل‬
‫داء إل السببام« قيببل‪ :‬يارسببول اللببه ومببا السببام ؟ قببال‬
‫}المببوت{ قببال عمببرو‪ :‬قببال ابببن أبببي عبلببة‪ :‬السببنوت‬
‫الشبت‪ .‬وقببال آخببرون‪ :‬بببل هببو العسببل الببذي فببي زقبباق‬
‫السبببببببببببمن‪ ,‬وهبببببببببببو قبببببببببببول الشببببببببببباعر‪:‬‬

‫‪589‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هم السمن بالسنوت ل لبس فيهمببوهم يمنعببون الجببار أن‬
‫يقببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببردا‬
‫كذا رواه ابن مبباجه‪ ,‬وقببوله‪ :‬ل لبببس فيهببم أي ل خلببط‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬يمنعون الجار أن يقردا‪ ,‬أي يضطهد ويظلم‪ ,‬وقوله‪:‬‬
‫لية لقوم يتفكرون{ أي إن فببي إلهببام اللببه‬ ‫}إن في ذلك َ‬
‫لهببذه الببدواب الضببعيفة الخلقببة إلببى السببلوك فببي هببذه‬
‫المهببامه والجتنبباء مببن سببائر الثمببار‪ ,‬ثببم جمعهببا للشببمع‬
‫لية لقببوم يتفكببرون فببي‬ ‫والعسل وهو من أطيب الشياء‪َ ,‬‬
‫عظمة خالقها ومقبدرها ومسبخرها وميسبرها‪ ,‬فيسبتدلون‬
‫بببذلك علببى أنببه الفاعببل القببادر الحكيببم العليببم الكريببم‬
‫الرحيبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ى أْرذ َ ِ‬ ‫مببن ي ُبَرد ّ إ ِلب َ‬‫منك ُببم ّ‬ ‫م ي َت َوَفّبباك ُ ْ‬
‫م وَ ِ‬ ‫م ث ُب ّ‬ ‫خل ََقك ُب ْ‬
‫ه َ‬ ‫** َوالل ّ ُ‬
‫ديٌر‬‫م قَ ب ِ‬‫ه عَِليب ٌ‬ ‫ن الل ّب َ‬‫شبْيئا ً إ ِ ّ‬‫عل ْبم ٍ َ‬
‫م ب َعْبد َ ِ‬ ‫ي ل َ ي َعْل َب َ‬‫مرِ ل ِك َب ْ‬ ‫ال ْعُ ُ‬
‫يخبببر تعببالى عببن تصببرفه فببي عببباده‪ ,‬وأنببه هببو الببذي‬
‫أنشأهم من العدم ثم بعد ذلك يتوفاهم‪ ,‬ومنهم مببن يببتركه‬
‫حتى يدركه الهرم وهو الضعف في الخلقة‪ ,‬كمببا قببال اللببه‬
‫تعالى‪ } :‬الله الذي خلقكم من ضببعف ثببم جعببل مببن بعببد‬
‫لية‪ ,‬وقببد روي عببن علببي رضببي اللببه عنببه‪:‬‬ ‫ضعف قوة{ ا َ‬
‫أرذل العمر خمس وسبعون سنة‪ ,‬وفي هذا السببن يحصببل‬
‫له ضعف القوى والخرف‪ ,‬وسوء الحفظ وقلة العلم‪ ,‬ولهذا‬
‫قال‪} :‬لكيل يعلم بعد علم شيئًا{‪ ,‬أي بعببد مببا كببان عالم با ً‬
‫أصبح ل يدري شيئا ً من الفند والخرف‪ ,‬ولهذا روى البخاري‬
‫لية‪ :‬حدثنا موسببى بببن إسببماعيل‪ ,‬حببدثنا‬ ‫عند تفسير هذه ا َ‬
‫هارون بن موسى أبو عبد الله العور عن شعيب عن أنس‬
‫بببن مالببك أن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم كببان‬
‫يدعو»أعوذ بك من البخل والكسبل والهبرم‪ ,‬وأرذل العمبر‬
‫وعذاب القبر‪ ,‬وفتنة الدجال وفتنة المحيببا والممببات وقببال‬
‫زهيببببر بببببن أبببببي سبببلمة فببببي معلقتببببه المشببببهورة‪.‬‬
‫سئمت تكاليف الحياة ومن يعببش ثمببانين عام با ً ل أبببا لببك‬
‫يسببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببأم‬

‫‪590‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رأيت المنايا خبط عشواء من تصبتمته ومن تخطىء يعمببر‬
‫فيهبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببرم‬
‫(‬

‫ن‬‫ذي َ‬‫مببا ال ّب ِ‬
‫ق فَ َ‬‫ض فِببي ال َْبّرْز ِ‬ ‫ى ب َعْ ٍ‬
‫ضك ُ ْ َ‬
‫م عَل َ‬ ‫ل ب َعْ َ‬ ‫ه فَ ّ‬
‫ض َ‬ ‫** َوالل ّ ُ‬
‫م ِفيبهِ‬ ‫م فَهُب ْ‬‫مبان ُهُ ْ‬‫ت أي ْ َ‬ ‫مل َ َ‬
‫كب ْ‬ ‫مبا َ‬‫ى َ‬ ‫دي رِْزقِهب ْ َ‬
‫م عَلب َ‬ ‫ِ‬ ‫ضُلوا ْ ب ِبَرآ ّ‬
‫فُ ّ‬
‫َ‬
‫ن‬‫دو َ‬‫حببببببببببب ُ‬ ‫ج َ‬ ‫مبببببببببببةِ الل ّبببببببببببهِ ي َ ْ‬
‫وآٌء أفَب ِن ِعْ َ‬ ‫سببببببببببب َ‬ ‫َ‬
‫يبين تعالى للمشركين جهلهم وكفرهم فيما زعموه للببه‬
‫من الشركاء‪ ,‬وهم يعترفون أنها عبيد له كما كانوا يقولببون‬
‫في تلبيتهم في حجهم‪ :‬لبيببك ل شببريك لببك إل شببريكا ً هببو‬
‫لك‪ ,‬تملكه وما ملببك‪ ,‬فقببال تعببالى منكببرا ً عليهببم‪ :‬أنتببم ل‬
‫ترضون أن تساووا عبيدكم فيمببا رزقنبباكم‪ ,‬فكيببف يرضببى‬
‫هو تعالى بمساواة عبيد له في اللهية والتعظيم‪ ,‬كما قببال‬
‫لية الخرى‪} :‬ضرب لكم مثل ً من أنفسبكم هبل لكبم‬ ‫في ا َ‬
‫مما ملكت أيمانكم من شببركاء فيمببا رزقنبباكم فببأنتم فيببه‬
‫لية‪ ,‬قال العوفي عن‬ ‫سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم{ ا َ‬
‫ليببة‪ :‬يقببول لببم يكونببوا ليشببركوا‬ ‫ابببن عببباس فببي هببذه ا َ‬
‫عبيدهم فببي أمببوالهم ونسببائهم‪ ,‬فكيببف يشببركون عبيببدي‬
‫معي في سلطاني‪ ,‬فذلك قوله‪} :‬أفبنعمة اللببه يجحببدون{‬
‫وقال في الرواية الخبرى عنبه‪ :‬فكيبف ترضبون لبي مبا ل‬
‫ليبة‪ :‬هبذا مثبل‬ ‫ترضون لنفسكم‪ .‬وقال مجاهد فبي هبذه ا َ‬
‫للهة الباطلة‪ ,‬وقببال قتببادة‪ :‬هببذا مثببل ضببربه اللببه‪ ,‬فهببل‬ ‫ا َ‬
‫منكم من أحد يشاركه مملوكه فببي زوجتببه وفببي فراشببه‪,‬‬
‫فتعدلون بالله خلقه وعباده ؟ فإن لم تببرض لنفسببك هببذا‪,‬‬
‫فببببببببببببالله أحببببببببببببق أن ينببببببببببببزه منببببببببببببك‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬أفبنعمة الله يجحدون{ أي أنهم جعلوا للببه ممببا‬
‫ذرأ من الحرث والنعام نصببيبًا‪ ,‬فجحببدوا نعمتببه‪ ,‬وأشببركوا‬
‫معه غيببره‪ .‬وعببن الحسببن البصببري قببال‪ :‬كتببب عمببر بببن‬
‫الخطاب رضي الله عنببه هببذه الرسببالة إلببى أبببي موسببى‬
‫الشعري‪ :‬واقنع برزقببك مببن الببدنيا‪ ,‬فببإن الرحمببن فضببل‬
‫ل‪ ,‬فيبتلي‬ ‫بعض عباده على بعض في الرزق بلء يبتلي به ك ً‬

‫‪591‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من بسط له كيف شكره للببه وأداؤه الحببق الببذي افببترض‬
‫عليبببه فيمبببا رزقبببه وخبببوله‪ ,‬رواه اببببن أببببي حببباتم‪.‬‬

‫ل ل َك ُم مبن أ َنُفسبك ُ َ‬
‫ن‬ ‫مب ْ‬ ‫ل ل َك ُب ْ‬
‫م ّ‬ ‫م أْزَواجبا ً وَ َ‬
‫جع َب َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ّ ْ ْ ِ‬ ‫جع َ َ‬‫ه َ‬ ‫** َوالل ّ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ت أفَِبال َْباط ِب ِ‬ ‫ن الط ّي ّب َببا ِ‬
‫مب َ‬ ‫حَف بد َةً وََرَزقَك ُببم ّ‬‫ن وَ َ‬ ‫كم ب َِني ب َ‬‫ج ُ‬ ‫أْزَوا ِ‬
‫م ي َك ُْفبببببببُرو َ‬
‫ن‬ ‫هببببببب ْ‬ ‫مبببببببةِ الّلبببببببهِ ُ‬ ‫ن وَب ِن ِعْ َ‬‫مُنبببببببو َ‬ ‫ي ُؤْ ِ‬
‫يذكر تعالى نعمه على عبيده بأن جعل لهم من أنفسببهم‬
‫أزواجا ً من جنسهم وشببكلهم‪ ,‬ولببو جعببل الزواج مببن نببوع‬
‫آخر ما حصل الئتلف والمودة والرحمة‪ ,‬ولكن من رحمته‬
‫خلببق مببن بنببي آدم ذكببورا ً وإناث بًا‪ ,‬وجعببل النبباث أزواج با ً‬
‫للذكور‪ ,‬ثم ذكر تعالى أنه جعل من الزواج البنين والحفدة‬
‫وهببم أولد البنيببن‪ ,‬قبباله ابببن عببباس وعكرمببة والحسببن‬
‫والضحاك وابن زيد‪ ,‬قال شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن‬
‫جبير عن ابن عباس‪ :‬بنين وحفدة‪ ,‬وهم الولد وولببد الولببد‪.‬‬
‫وقال سنيد‪ :‬حدثنا حجاج عن أبي بكر عن عكرمة عن ابببن‬
‫عببباس قببال‪ :‬بنببوك حيببث يحفببدونك ويرفببدونك ويعينونببك‬
‫ويخببببببببببببببببدمونك‪ ,‬قببببببببببببببببال جميببببببببببببببببل‪:‬‬
‫حفببد الببولئد حببولهن وأسببلمت بببأكفهن أزمببة الجمببال‬
‫وقال مجاهد‪ :‬بنين وحفدة ابنه وخادمه وقال فببي روايببة‪:‬‬
‫الحفدة النصببار والعببوان والخببدام‪ ,‬وقببال طبباوس وغيببر‬
‫واحد‪ :‬الحفدة الخدم‪ .‬وكذا قال قتادة وأبو مالك والحسببن‬
‫البصري‪ .‬وقال عبد الرزاق‪ :‬أنبأنا معمر عن الحكم بن أبان‬
‫عن عكرمة أنه قال‪ :‬الحفدة من خببدمك مببن ولببدك وولببد‬
‫ولدك‪ ,‬قببال الضببحاك‪ :‬إنمببا كببانت العببرب تخببدمها بنوهببا‪.‬‬
‫وقال العببوفي عببن ابببن عببباس قببوله‪} :‬وجعببل لكببم مببن‬
‫أزواجكم بنين وحفدة{ يقول‪ :‬بنو امرأة الرجل ليسوا منه‪,‬‬
‫ويقال‪ :‬الحفدة الرجل يعمل بين يدي الرجببل‪ .‬يقببال‪ :‬فلن‬
‫يحفد لنا أي يعمل لنا‪ ,‬قال‪ :‬وزعم رجال أن الحفدة أختببان‬
‫الرجببل‪ ,‬وهبذا الخيبر الببذي ذكببره اببن عبباس‪ ,‬قباله اببن‬
‫مسعود ومسروق وأبو الضببحى وإبراهيببم النخعببي وسببعيد‬

‫‪592‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن جبير ومجاهد والقرظي‪ ,‬ورواه عكرمة عن ابن عباس‪,‬‬
‫وقال علي بن أبي طلحة عببن ابببن عببباس‪ :‬هببم الصببهار‪.‬‬
‫قال ابببن جريببر‪ :‬وهببذه القببوال كلهببا داخلببة فببي معنببى‬
‫الحفدة‪ ,‬وهو الخدمة الذي منه قببوله فببي القنببوت‪ :‬وإليببك‬
‫نسعى ونحفد‪ ,‬ولمببا كببانت الخدمببة قببد تكببون مببن الولد‬
‫والخدم والصهار‪ ,‬فالنعمة حاصببلة بهببذا كلببه‪ ,‬ولهببذا قببال‪:‬‬
‫}وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة{ قلت‪ :‬فمببن جعببل‬
‫}وحفدة{ متعلقا ً بأزواجكم‪ ,‬فل بد أن يكون المببراد الولد‬
‫وأولد الولد والصببببهار‪ ,‬لنهببببم أزواج البنببببات أو أولد‬
‫الزوجة‪ ,‬وكذا قال الشعبي والضحاك‪ ,‬فإنهم يكونون غالبببا ً‬
‫تحت كنف الرجل وفي حجره وفي خدمته‪ ,‬وقد يكون هببذا‬
‫هو المراد من قوله عليه الصلة والسلم في حديث نضرة‬
‫بن أكثم »والولد عبد لك« رواه أبببو داود‪ .‬وأمببا مببن جعببل‬
‫الحفدة الخبدم‪ ,‬فعنبده أنبه معطبوف علبى قبوله‪} :‬واللبه‬
‫جعببل لكببم مببن أنفسببكم أزواج بًا{ أي جعببل لكببم الزواج‬
‫والولد خببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببدمًا‪.‬‬
‫وقببوله‪} :‬ورزقكببم مببن الطيبببات{ أي مببن المطبباعم‬
‫والمشارب‪ .‬ثم قببال تعببالى منكببرا ً علببى مببن أشببرك فببي‬
‫عبببادة المنعببم غيببره‪} :‬أفبالباطببل يؤمنببون{ وهببم النببداد‬
‫والصنام }وبنعمة الله هم يكفرون{ أي يسترون نعم الله‬
‫عليهم ويضيفونها إلى غيببره‪ .‬وفببي الحببديث الصببحيح »إن‬
‫الله يقول للعبد يوم القيامة ممتنا ً عليه‪ :‬ألم أزوجك ؟ ألببم‬
‫أكرمببك ؟ ألببم أسببخر لببك الخيببل والبببل‪ ,‬وأذرك تببرأس‬
‫وتربببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببع ؟«‪.‬‬

‫ن‬
‫مبب َ‬‫م رِْزقببا ً ّ‬ ‫ك ل َُهبب ْ‬‫مِلبب ُ‬
‫مببا ل َ ي َ ْ‬‫ن الّلببهِ َ‬ ‫دو ِ‬‫مببن ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫** وَي َعُْببب ُ‬
‫ضرُِبوا ْ ل ِّلببهِ‬‫ن * فَل َ ت َ ْ‬ ‫طيُعو َ‬ ‫شْيئا ً وَل َ ي َ ْ‬
‫ست َ ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫ال ّ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مببببببو َ‬ ‫م ل َ ت َعْل َ ُ‬ ‫م وَأن ُْتبببببب ْ‬‫ه ي َعَْلبببببب ُ‬ ‫ن الّلبببببب َ‬ ‫مَثببببببا َ‬
‫ل إِ ّ‬ ‫ال ْ‬
‫يقول تعالى إخبارا ً عن المشركين الذين عبدوا معه غيره‬
‫مببع أنببه هببو المنعببم المتفضببل الخببالق الببرازق‪ ,‬وحببده ل‬
‫شريك ومع هببذا يعبببدون مببن دونببه مببن الصببنام والنببداد‬

‫‪593‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والوثان ما ل يملك لهم رزقا ً من السموات والرض شيئًا‪,‬‬
‫أي ل يقدر على إنببزال مطببر ول إنبببات زرع ول شببجر‪ ,‬ول‬
‫يملكون ذلببك لنفسببهم‪ ,‬أي ليببس لهببم ذلببك‪ ,‬ول يقببدرون‬
‫عليببه لببو أرادوه‪ ,‬ولهببذا قببال تعببالى‪} :‬فل تضببربوا للببه‬
‫المثال{ أي ل تجعلوا له أندادا ً وأشباها ً وأمثببال ً }إن اللببه‬
‫يعلم وأنتم ل تعلمون{أي أنه يعلم ويشهد أنه ل إله إل هو‪,‬‬
‫وأنتبببببببم بجهلكبببببببم تشبببببببركون ببببببببه غيبببببببره‪( .‬‬

‫َ‬ ‫م ْ ُ ً‬ ‫مث َل ً عَْبدا ً ّ‬ ‫ب الل ّ ُ‬


‫مبن‬ ‫يٍء وَ َ‬‫شب ْ‬ ‫ى َ‬ ‫ملوكا ل ّ ي َْقبدُِر عَلب َ‬ ‫ه َ‬ ‫ضَر َ‬ ‫** َ‬
‫جهْببرا ً هَب ْ‬
‫ل‬ ‫سبّرا ً وَ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫من ْب ُ‬‫سببنا ً فَهُبوَ ي ُن ِْفبقُ ِ‬‫ح َ‬ ‫مّنا رِْزقبا ً َ‬ ‫ّرَزقَْناهُ ِ‬
‫ن‬
‫مببببو َ‬ ‫م ل َ ي َعْل َ ُ‬‫هبببب ْ‬‫ل أ َك ْث َُر ُ‬
‫مببببد ُ ل ِّلببببهِ َببببب ْ‬‫ح ْ‬‫ن ال ْ َ‬‫وو َ‬‫سببببت َ ُ‬
‫يَ ْ‬
‫قال العوفي عن ابن عباس‪ :‬هذا مثل ضربه اللببه للكببافر‬
‫والمببؤمن‪ ,‬وكببذا قببال قتببادة‪ ,‬واختبباره ابببن جريببر‪ ,‬فالعبببد‬
‫المملوك الذي ل يقدر على شيء مثببل الكببافر والمببرزوق‬
‫الرزق الحسن‪ ,‬فهو ينفبق منببه سببرا ً وجهبرا ً هببو المبؤمن‪,‬‬
‫وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد‪ :‬هببو مثبل مضبروب للببوثن‬
‫وللحق تعالى‪ ,‬فهل يستوي هذا وهببذا ؟ ولمببا كببان الفببرق‬
‫بينهما ظاهرا واضحا ً بينبا ً ل يجهلببه إل كببل غبببي قببال اللببه‬
‫تعببببالى‪} :‬الحمببببد للببببه بببببل أكببببثرهم ل يعلمببببون{‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫** وض برب الل ّبه مث َل ً رجل َيب َ‬


‫م ْل َ ي َْق بدُِر عَل ب َ‬
‫ى‬ ‫مآ أب ْك َب ُ‬ ‫حبد ُهُ َ‬
‫نأ َ‬ ‫ّ ُ ْ َِ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ل‬‫هب ْ‬‫خْيبرٍ َ‬ ‫ت بِ َ‬‫ه ل َ َيبأ ِ‬ ‫جه ّ‬‫مبا ُيبوَ ّ‬ ‫ولهُ أي ْن َ َ‬ ‫مب ْ‬ ‫ى َ‬ ‫يٍء وَهُوَ ك َ ّ َ‬ ‫َ‬
‫ل عَل ْ َ‬ ‫ش ْ‬
‫َ‬ ‫مُر ِبال ْعَد ْ ِ‬
‫سبت َِقيم ٍ‬
‫م ْ‬‫ط ّ‬ ‫صبَرا ٍ‬ ‫ى ِ‬ ‫ل وَهُبوَ عَلب َ‬ ‫من ي َأ ُ‬‫وي هُوَ وَ َ‬‫ست َ ِ‬
‫يَ ْ‬
‫قال مجاهد‪ :‬وهذا أيضبا ً المببراد بببه الببوثن والحببق تعببالى‬
‫يعني أن الوثن أبكم ل يتكلم ول ينطق بخير ول بشببيء ول‬
‫يقدر على شيء بالكلية‪ ,‬فل مقال ول فعال‪ ,‬وهو مببع هببذا‬
‫كل أي عيال وكلفة على مببوله }أينمببا يببوجهه{ أي يبعثببه‬
‫}ل يأت بخير{ ول ينجح مسعاه }هببل يسببتوي{ مببن هببذه‬
‫صببفاته }ومببن يببأمر بالعببدل{ أي بالقسببط‪ ,‬فمقبباله حببق‬
‫وفعبباله مسببتقيمة }وهببو علببى صببراط مسببتقيم{ وقيببل‪:‬‬

‫‪594‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫البكم مولى لعثمان‪ ,‬وبهببذا قببال السببدي وقتببادة وعطبباء‬
‫الخراسببببباني‪ ,‬واختبببببار هبببببذا القبببببول ابببببن جريببببر‪.‬‬
‫وقال العوفي عن ابن عباس‪ :‬هو مثببل للكببافر والمببؤمن‬
‫أيضا ً كما تقدم‪ ,‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا الحسن بن الصببباح‬
‫البزار‪ ,‬حدثنا يحيببى بببن إسببحاق السببالحيني‪ ,‬حببدثنا حمبباد‬
‫حببدثنا عبببد اللببه بببن عثمببان بببن خيثببم عببن إبراهيببم عببن‬
‫عكرمة‪ ,‬عن يعلببى بببن أميببة عببن ابببن عببباس فببي قببوله‪:‬‬
‫}ضرب الله مثل ً عبدا ً مملوكا ً ل يقدر علببى شببيء{ قببال‪:‬‬
‫نزلت فببي رجببل مببن قريببش وعبببده‪ ,‬يعنببي قببوله }عبببدا ً‬
‫ليببة‪ ,‬وفببي قببوله‪} :‬وضببرب اللببه مثل ً رجليببن‬ ‫مملوكببا{ ا َ‬
‫أحدهما أبكم ب إلى قببوله ب ب وهببو علببى صببراط مسببتقيم{‬
‫قال‪ :‬هو عثمان بن عفان‪ :‬قال‪ :‬والبكم الذي أينما يببوجهه‬
‫ل يأت بخير‪ ,‬قال‪ :‬هو مولى لعثمان بن عفان‪ ,‬كان عثمببان‬
‫لخببر يكببره‬ ‫ينفببق عليببه ويكلفببه ويكفيببه المببؤونه‪ ,‬وكببان ا َ‬
‫السببلم ويأببباه وينهبباه عببن الصببدقة والمعببروف‪ ,‬فنزلببت‬
‫فيهمبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببا‪.‬‬

‫َ‬
‫ح‬ ‫ساعَةِ إ ِل ّ ك َل َ ْ‬
‫م ِ‬ ‫مُر ال ّ‬ ‫مآ أ ْ‬ ‫ض وَ َ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫ب ال ّ‬ ‫** وَل ِل ّهِ غَي ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ديٌر * َوالل ّب ُ‬
‫ه‬ ‫يٍء قَ ب ِ‬ ‫شب ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ى كُ ّ‬ ‫ن الل ّ َ َ‬
‫ه عَل َ‬ ‫ب إِ ّ‬‫صرِ أوْ هُوَ أقَْر ُ‬ ‫ال ْب َ َ‬
‫طو ُ‬ ‫أَ ْ‬
‫م‬ ‫ل ل َك ُب ُ‬ ‫جع َ ب َ‬‫ش بْيئا ً وَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مببو َ‬ ‫م ل َ ت َعْل َ ُ‬ ‫مَهات ِك ُ ْ‬‫نأ ّ‬ ‫من ب ُ ُ ِ‬ ‫كم ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫خَر َ‬
‫ى‬ ‫ب‬‫م ي َبَروْا ْ إ ِل َ‬ ‫ْ‬ ‫ن * أ َل َ‬ ‫شك ُُرو َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫صاَر َوالفْئ ِد َةَ ل َعَل ّك ُ ْ‬ ‫معَ َوالب ْ َ‬ ‫س ْ‬‫ال ْ ّ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ن إ ِل ّ الل ّب ُ‬ ‫س بك ُهُ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫مببا ي ُ ْ‬ ‫مآِء َ‬ ‫س َ‬‫جوّ ال ّ‬ ‫ت ِفي َ‬ ‫خَرا ٍ‬ ‫س ّ‬‫م َ‬‫الط ّي ْرِ ُ‬
‫ن‬
‫مُنببببببببو َ‬ ‫ت ل َّقببببببببوْم ٍ ي ُؤْ ِ‬ ‫ك ل ََيببببببببا ٍ‬ ‫ِفببببببببي ذ َِلبببببببب َ‬
‫يخبر تعالى عن كمببال علمببه وقببدرته علببى الشببياء فببي‬
‫علمه غيب السموات والرض واختصاصه بعلم الغيببب‪ ,‬فل‬
‫اطلع لحد على ذلك إل أن يطلعه تعبالى علبى مبا يشباء‪,‬‬
‫وفي قدرته التامة الببتي ل تخببالف ول تمببانع‪ ,‬وأنببه إذا أراد‬
‫شيئا ً فإنما يقول له كن فيكون‪ ,‬كمببا قببال‪} :‬ومببا أمرنببا إل‬
‫واحدة كلمح بالبصر{ أي فيكون مببا يريببد كطببرف العيببن‪,‬‬
‫وهكذا قال ههنا‪} :‬وما أمر الساعة إل كلمح البصببر أو هببو‬
‫أقرب إن الله على كل شيء قدير{ كما قال‪} :‬ما خلقكم‬

‫‪595‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ول بعثكم إل كنفببس واحببدة{ ثببم ذكببر تعببالى منتببه علببى‬
‫عباده في إخراجببه إيبباهم مببن بطببون أمهبباتهم ل يعلمببون‬
‫شببيئًا‪ ,‬ثببم بعببد هببذا يرزقهببم السببمع الببذي بببه يببدركون‬
‫الصوات والبصببار الببتي بهببا يحسببون المرئيببات والفئدة‪,‬‬
‫وهي العقول التي مركزهببا القلببب علببى الصببحيح‪ ,‬وقيببل‪:‬‬
‫الدماغ والعقل به يميز بين الشياء ضببارها ونافعهببا‪ ,‬وهببذه‬
‫القوى والحواس تحصل للنسببان علببى التدريببج قليل ً قليل ً‬
‫كلما كبر زيد في سمعه وبصره وعقلببه حببتى يبلببغ أشببده‪.‬‬
‫وإنما جعل تعالى هذه في النسان ليتمكن بهببا مببن عبببادة‬
‫ربه تعالى‪ ,‬فيستعين بكل جارحة وعضو وقوة على طاعببة‬
‫مببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببوله‪.‬‬
‫كما جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة عببن رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسببلم أنبه قببال‪» :‬يقببول تعببالى‪ :‬مببن‬
‫عادى لي وليا ً فقد بارزني بالحرب‪ ,‬وما تقرب إلببي عبببدي‬
‫بشيء أفضل من أداء ما افترضت عليببه‪ ,‬ول يببزال عبببدي‬
‫يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه‪ ,‬فببإذا أحببتببه كنببت سببمعه‬
‫الذي يسمع به‪ ,‬وبصره الذي يبصر به‪ ,‬ويببده الببتي يبطببش‬
‫بها‪ ,‬ورجله التي يمشببي بهببا‪ ,‬ولئن سببألني لعطينببه‪ ,‬ولئن‬
‫دعاني لجيبنه‪ ,‬ولئن استعاذ بي لعيذنه‪ ,‬ومببا تببرددت فببي‬
‫شيء أنا فبباعله تببرددي فببي قبببض نفببس عبببدي المببؤمن‬
‫يكببره المببوت وأكببره مسبباءته ول بببد لببه منببه« فمعنببى‬
‫الحديث أن العبد إذا أخلص الطاعة صارت أفعاله كلها للبه‬
‫عز وجل‪ ,‬فل يسمع إل لله‪ ,‬ول يبصر إل لله أي مببا شببرعه‬
‫الله له‪ ,‬ول يبطش ول يمشي إل في طاعة الله عز وجببل‪,‬‬
‫مستعينا ً بالله في ذلك كلببه‪ ,‬ولهببذا جبباء فببي بعببض روايببة‬
‫الحديث في غير الصحيح بعد قوله ورجله التي يمشي بهببا‬
‫»فبي يسمع‪ ,‬وبي يبصر‪ ,‬وبي يبطش‪ ,‬وبي يمشي« ولهببذا‬
‫قال تعالى‪} :‬وجعل لكم السببمع والبصببار والفئدة لعلكببم‬
‫لية الخرى‪} :‬قببل هببو الببذي‬ ‫تشكرون{ كقوله تعالى في ا َ‬
‫أنشببأكم وجعببل لكببم السببمع والبصببار والفئدة قليل ً مببا‬
‫تشبببكرون * قبببل هبببو البببذي ذرأكبببم فبببي الرض وإليبببه‬
‫تحشرون{ ثببم نبببه تعببالى عببباده إلببى النظببر إلببى الطيببر‬

‫‪596‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المسخر بين السماء والرض‪ ,‬كيف جعلببه يطيببر بجنبباحين‬
‫بين السماء والرض في جو السماء‪ ,‬مببا يمسببكه هنبباك إل‬
‫الله بقدرته تعالى التي جعل فيها قوى تفعل ذلبك‪ ,‬وسبخر‬
‫الهواء يحملها ويسير الطيببر كببذلك‪ ,‬كمببا قببال تعببالى فببي‬
‫سورة الملبك‪ } :‬أو لبم يبروا إلبى الطيبر فبوقهم صبافات‬
‫ويقبضن ما يمسكهن إل الرحمببن إنببه بكببل شببيء بصببير{‬
‫وقبببال ههنبببا‪} :‬إن فبببي ذلبببك َ‬
‫ليبببات لقبببوم يؤمنبببون{‪.‬‬

‫جُلبودِ‬ ‫مبن ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬ ‫جع َ َ‬ ‫كنا ً وَ َ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫من ب ُُيوت ِك ُ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬ ‫جع َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫** َوالل ّ ُ‬


‫ن‬ ‫مب ْ‬ ‫م وَ ِ‬ ‫مت ِك ُ ْ‬ ‫م إ ِقَببا َ‬ ‫م وَي َبوْ َ‬ ‫م ظ َعْن ِك ُب ْ‬ ‫خّفون ََها ي َوْ َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫الن َْعام ِ ب ُُيوتا ً ت َ ْ‬
‫شعار َ َ‬ ‫أ َصوافها وأ َوبار َ َ‬
‫ه‬ ‫ن * َوالل ّب ُ‬ ‫ٍ‬ ‫حي ب‬‫ى ِ‬ ‫َ‬
‫مَتاعا ً إ ِل َ‬ ‫هآ أَثاثا ً وَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ها وَأ ْ َ‬ ‫ْ َ ِ َ َ َْ ِ‬
‫ل أك َْنانبا ً‬ ‫َ‬
‫جب َببا ِْ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫مب َ‬ ‫م ّ‬ ‫ل ل َك ُب ْ‬ ‫جع َ ب َ‬ ‫خل َبقَ ظ ِل َل ً وَ َ‬ ‫ما َ‬ ‫م ّ‬
‫م ّ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬ ‫جع َ َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫س بك ُ ْ‬ ‫ل ت َِقيك ُببم ب َأ َ‬ ‫س بَراِبي َ‬ ‫ح بّر وَ َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ل ت َِقيك ُ ُ‬ ‫سَراِبي َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬ ‫جع َ َ‬ ‫وَ َ‬
‫مببا‬ ‫ن * فَِإن ت َوَل ّوْا ْ فَإ ِن ّ َ‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬
‫م تُ ْ‬ ‫م ل َعَل ّك ُ ْ‬‫ه عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫مت َ ُ‬‫م ن ِعْ َ‬ ‫ك ي ُت ِ ّ‬ ‫ك َذ َل ِ َ‬
‫م ُينك ُِرون َهَببا‬ ‫ة الل ّبهِ ث ُب ّ‬ ‫مب َ‬ ‫ن ن ِعْ َ‬ ‫ن * ي َعْرِفُببو َ‬ ‫مِبي ب ُ‬ ‫ك ال ْب َل َغُ ال ْ ُ‬ ‫عَل َي ْب َ‬
‫م ال ْك َبببببببببببببببببببببببببببافُِرو َ‬
‫ن‬ ‫هببببببببببببببببببببببببببب ُ‬ ‫وَأ َك ْث َُر ُ‬
‫يذكر تبارك وتعالى تمام نعمه على عبيده بما جعببل لهببم‬
‫من البيوت التي هي سكن لهببم‪ ,‬يببأوون إليهببا‪ ,‬ويسببتترون‬
‫بها‪ ,‬وينتفعون بها بسائر وجوه النتفبباع‪ ,‬وجعببل لهببم أيض با ً‬
‫من جلود النعام بيوتا ً أي من الدم‪ ,‬يستخفون حملهببا فببي‬
‫أسفارهم ليضربوها لهم في إقامتهم في السفر والحضببر‪,‬‬
‫ولهذا قال‪} :‬تستخفونها يوم ظعنكم ويببوم إقببامتكم ومببن‬
‫أصوافها{ أي الغنببم‪} ,‬وأوبارهببا{ أي البببل‪} ,‬وأشببعارها{‬
‫أي المعز‪ ,‬والضمير عائد على النعام }أثاثببا{ أي تتخببذون‬
‫منببه أثاثببا ً وهببو المببال‪ ,‬وقيببل‪ :‬المتبباع‪ ,‬وقيببل‪ :‬الثيبباب‪,‬‬
‫والصحيح أعم من هذا كله فإنه يتخببذ مببن الثبباث البسببط‬
‫والثياب وغير ذلك‪ ,‬ويتخذ مال ً وتجارة‪ ,‬وقببال ابببن عببباس‪:‬‬
‫الثاث المتاع‪ ,‬وكذا قال مجاهد وعكرمة وسببعيد بببن جبببير‬
‫والحسبن وعطيبة العبوفي وعطباء الخراسباني والضببحاك‬
‫وقتادة‪ .‬وقوله‪} :‬إلى حين{ أي إلببى أجببل مسببمى ووقببت‬
‫معلبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببوم‪.‬‬

‫‪597‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ل{ قببال قتببادة‪:‬‬ ‫وقوله‪ } :‬والله جعل لكم ممببا خلببق ظل ً‬
‫يعني الشجر }وجعل لكم مببن الجبببال أكنانبًا{ أي حصببونا ً‬
‫ومعاقببل‪ ,‬كمببا }جعببل لكببم سببرابيل تقيكببم الحببر{ وهببي‬
‫الثياب مببن القطببن والكتببان والصببوف }وسببرابيل تقيكببم‬
‫بأسكم{ كالدروع من الحديد المصفح والببزرد وغيببر ذلببك‪,‬‬
‫}كببذلك يتببم نعمتببه عليكببم{ أي هكببذا يجعببل لكببم مببا‬
‫تستعينون به على أمركم وما تحتبباجون إليببه ليكببون عونبا ً‬
‫لكم على طاعته وعبادته }لعلكم تسلمون{ هكببذا فسببره‬
‫الجمهببور‪ ,‬وقببرءوه بكسببر اللم مببن }تسببلمون{ أي مببن‬
‫السببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببلم‪.‬‬
‫وقال قتادة في قوله‪} :‬كبذلك يتببم نعمتببه عليكبم{ هبذه‬
‫السورة تسمى سورة النعم‪ .‬وقال عبببد اللببه بببن المبببارك‬
‫وعباد بن العببوام عببن حنظلببة السدوسببي‪ ,‬عببن شببهر بببن‬
‫حوشب‪ ,‬عن ابن عباس أنه كان يقرؤها }تسلمون{ بفتببح‬
‫اللم‪ ,‬يعني من الجراح‪ ,‬رواه أبو عبيببد القاسببم بببن سببلم‬
‫عببن عببباد‪, ,‬أخرجببه ابببن جريببر مببن الببوجهين‪ ,‬ورد هببذه‬
‫القراءة‪ .‬وقال عطاء الخراساني‪ :‬إنمببا نببزل القببرآن علببى‬
‫قدر معرفة العرب‪ ,‬أل ترى إلى قوله تعالى‪ } :‬والله جعل‬
‫لكم مما خلق ظلل ً وجعببل لكببم مببن الجبببال أكنانبًا{ ومببا‬
‫جعل من السهل أعظم وأكثر‪ ,‬ولكنهم كانوا أصحاب جبببال‬
‫؟ أل ترى إلى قببوله‪} :‬ومببن أصببوافها وأوبارهببا وأشببعارها‬
‫أثاثا ً ومتاعا ً إلى حين{ وما جعل لهم من غيببر ذلببك أعظببم‬
‫وأكثر‪ ,‬ولكنهبم كبانوا أصببحاب وبببر وشببعر ؟ أل تبرى إلبى‬
‫قوله‪} :‬وينزل من السماء من جبال فيها من برد{ لعجبهم‬
‫من ذلك وما أنزل من الثلج أعظم وأكثر‪ ,‬ولكنهببم كببانوا ل‬
‫يعرفببونه ؟ أل تببرى إلببى قببوله تعببالى‪} :‬سببرابيل تقيكببم‬
‫الحر{ ومببا تقببي مببن البببرد أعظببم وأكببثر‪ ,‬ولكنهببم كببانوا‬
‫أصبببببببببببببببببببببببببببببببحاب حبببببببببببببببببببببببببببببببر‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬فإن تولوا{ أي بعد هذ البيان وهذا المتنببان‪ ,‬فل‬
‫عليك منهم }فإنما عليك البلغ المبببين{ وقببد أديتببه إليهببم‬
‫}يعرفببون نعمببة اللببه ثببم ينكرونهببا{ أي يعرفببون أن اللببه‬
‫تعالى هو المسدي إليهم ذلك وهو المتفضل به عليهم ومع‬

‫‪598‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هذا ينكببرون ذلببك ويعبببدون معببه غيببره ويسببندون النصببر‬
‫والرزق إلى غيره }وأكثرهم الكافرون{ كما قال ابن أبببي‬
‫حاتم‪ :‬حدثنا أبو زرعة‪ ,‬حدثنا صفوان‪ ,‬حببدثنا الوليببد‪ ,‬حببدثنا‬
‫عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن مجاهببد أن أعرابي با ً أتببى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم فسأله‪ ,‬فقرأ عليه رسول الله‬
‫صببلى اللببه عليببه وسببلم } واللببه جعببل لكببم مببن بيببوتكم‬
‫سكنًا{ فقال العرابي‪ :‬نعم‪ ,‬قال‪} :‬وجعل لكم مببن جلببود‬
‫لية‪ ,‬قال العرابي‪ :‬نعم‪ ,‬ثم قببرأ عليببه كببل‬ ‫النعام بيوتا{ ا َ‬
‫ذلك‪ ,‬يقول العرابببي‪ :‬نعببم حببتى بلببغ }كببذلك يتببم نعمتببه‬
‫عليكببم لعلكببم تسببلمون{ فببولى العرابببي‪ ,‬فببأنزل اللببه‬
‫ليبببببة‪.‬‬‫}يعرفبببببون نعمبببببة اللبببببه ثبببببم ينكرونهبببببا{ ا َ‬

‫ن ك ََفُروا ْ‬ ‫ث من ك ُ ّ ُ‬
‫ذي َ‬ ‫ن ل ِل ّ ِ‬ ‫م ل َ ي ُؤْذ َ ُ‬ ‫شِهيدا ً ث ُ ّ‬ ‫مة ٍ َ‬ ‫لأ ّ‬ ‫م ن َب ْعَ ُ ِ‬ ‫** وَي َوْ َ‬
‫ب فَل َ‬ ‫ذا َ‬ ‫مببوا ْ ال ْعَب َ‬ ‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ذا َرأى ال ّب ِ‬ ‫ن * وَإ ِ َ‬ ‫سبت َعْت َُبو َ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫وَل َ هُب ْ‬
‫كوا ْ‬ ‫شبَر ُ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ذا َرأى ال ّب ِ‬ ‫ن * وَإ ِ َ‬ ‫م ُينظ َبُرو َ‬ ‫م وَل َ هُب ْ‬ ‫ف عَن ْهُ ْ‬ ‫خّف ُ‬ ‫يُ َ‬
‫مببن‬ ‫وا ِ‬ ‫ن ك ُن ّببا ن َبد ْعُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫كآؤَُنا ال ّ ِ‬ ‫شَر َ‬ ‫هـؤُل َِء ُ‬ ‫م َقاُلوا ْ َرب َّنا َ‬ ‫كآَءهُ ْ‬ ‫شَر َ‬ ‫ُ‬
‫ى الّلبب ِ‬
‫ه‬ ‫َْ ْ َ‬ ‫م لَ َ‬ ‫ل إ ِن ّك ُ ْ‬ ‫م ال َْقوْ َ‬‫وا إ ِل َي ْهِ ُ‬‫ك َفأل َْق ْ‬ ‫دون ِ َ‬
‫ن * وَألَقوْا إ ِل َ‬ ‫كاذُِبو َ‬ ‫ُ‬
‫ن ك ََفببُروا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * ال ّ ِ‬ ‫كاُنوا ْ ي َْفت َُرو َ‬ ‫ما َ‬ ‫ل عَن ُْهم ّ‬ ‫ض ّ‬ ‫م وَ َ‬ ‫سل َ َ‬‫مئ ِذٍ ال ّ‬ ‫ي َوْ َ‬
‫كاُنوا ْ‬‫ما َ‬ ‫ب بِ َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ذابا ً فَوْقَ ال ْعَ َ‬ ‫م عَ َ‬ ‫ل الل ّهِ زِد َْناهُ ْ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫عن َ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫ص ّ‬‫وَ َ‬
‫ن‬
‫دو َ‬ ‫سبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببب ُ‬ ‫ي ُْف ِ‬
‫يخبر تعالى عن شأن المشركين يوم معببادهم فببي الببدار‬
‫لخرة‪ ,‬وأنه يبعث من كببل أمبة شببهيدا ً وهبو نبيهببا‪ ,‬يشبهد‬ ‫ا َ‬
‫عليها بما أجابته فيما بلغها عن اللببه تعببالى‪} :‬ثببم ل يببؤذن‬
‫للببذين كفببروا{ أي فببي العتببذار‪ ,‬لنهببم يعلمببون بطلنببه‬
‫وكببذبه‪ ,‬كقببوله‪} :‬هببذا يببوم ل ينطقببون ول يببؤذن لهببم‬
‫فيعتببذرون{ فلهببذا قببال‪} :‬ول هببم يسببتعتبون * وإذا رأى‬
‫الببذين ظلمببوا{ أي الببذين أشببركوا }العببذاب فل يخفببف‬
‫عنهم{ أي ل يفتر عنهم ساعة واحدة‪} .‬ول هم ينظببرون{‬
‫أي ل يببؤخر عنهببم بببل يأخببذهم سببريعا ً مببن الموقببف بل‬
‫حساب‪ ,‬فإنه إذا جيء بجهنم تقاد بسبعين ألف زمببام‪ ,‬مببع‬
‫كل زمببام سبببعون ألببف ملببك‪ ,‬فيشببرف عنببق منهببا علببى‬

‫‪599‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الخلئق‪ ,‬وتزفر زفرة ل يبقى أحد إل جثا لركبببتيه‪ ,‬فتقببول‪:‬‬
‫إني وكلت بكل جبار عنيببد الببذي جعببل مببع اللببه إلهببا آخببر‬
‫وبكببذا وبكببذا‪ ,‬وتببذكر أصببنافا ً مببن النبباس‪ ,‬كمببا جبباء فببي‬
‫الحديث‪ ,‬ثم تنطببوي عليهببم وتلتقطهببم مببن الموقببف كمببا‬
‫يلتقط الطائر الحب‪ ,‬قال الله تعالى‪} :‬إذا رأتهم من مكان‬
‫بعيد سمعوا لها تغيظا ً وزفيرًا‪ ,‬وإذا ألقوا منها مكان با ً ضببيقا ً‬
‫مقرنين دعوا هنالببك ثبببورًا‪ ,‬ل تببدعوا اليببوم ثبببورا ً واحببدًا‪,‬‬
‫وادعوا ثبورا ً كثيرًا{‪ ,‬وقال تعالى‪} :‬ورأى المجرمون النببار‬
‫فظنببوا أنهببم مواقعوهببا ولببم يجببدوا عنهببا مصببرفًا{ وقببال‬
‫تعالى‪} :‬لو يعلم الذين كفروا حين ل يكفون عن وجببوههم‬
‫النار ول عن ظهورهم ول هبم ينصبرون * ببل تبأتيهم بغتبة‬
‫فتبهتهبببم فل يسبببتطيعون ردهبببا ول هبببم ينظبببرون{‪.‬‬
‫ثم أخبر تعالى عن تبري آلهتهم منهبم أحببوج مببا يكونببون‬
‫إليها فقال‪} :‬وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم{ أي الذين‬
‫كانوا يعبدونهم في الدنيا }قالوا ربنا هؤلء شركاؤنا الببذين‬
‫كنا ندعو من دونك * فألقوا إليهم القببول إنكببم لكبباذبون{‬
‫للهه‪ :‬كذبتم ما نحن أمرناكم بعبادتنببا‪ ,‬كمببا‬ ‫أي قالت لهم ا َ‬
‫قال تعالى‪} :‬ومن أضل ممبن يبدعو مبن دون اللبه مبن ل‬
‫يستجيب له إلى يوم القيامة وهببم عبن دعببائهم غببافلون *‬
‫وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين{‬
‫وقال تعالى‪} :‬واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عببزا ً‬
‫* كل سببيكفرون بعبببادتهم ويكونببون عليهببم ضببدًا{ وقببال‬
‫الخليببل عليببه الصببلة والسببلم }ثببم يببوم القيامببة يكفببر‬
‫ليببة‪ ,‬وقببال تعببالى‪} :‬وقيببل ادعببوا‬ ‫بعضببكم ببعببض{ ا َ‬
‫ليبببببات فبببببي هبببببذا كبببببثيرة‪.‬‬ ‫ليبببببة‪ ,‬وا َ‬
‫شبببببركاءكم{ا َ‬
‫وقببوله‪} :‬وألقببوا إلببى اللببه يببومئذ السببلم{ قببال قتببادة‬
‫وعكرمببة‪ :‬ذلببوا واستسببلموا يببومئذ‪ ,‬أي استسببلموا للببه‬
‫جميعهم فل أحد إل سامع مطيع‪ ,‬وكقببوله تعببالى‪} :‬أسببمع‬
‫بهببم وأبصببر يببوم يأتوننببا{ أي مببا أسببمعهم ومببا أبصببرهم‬
‫يومئذ‪ ,‬وقال‪} :‬ولببو تببرى إذ المجرمببون ناكسببو رؤوسببهم‬
‫ليببة‪ ,‬وقببال‪} :‬وعنببت‬ ‫عنببد ربهببم ربنببا أبصببرنا وسببمعنا{ ا َ‬
‫الوجببوه للحببي القيببوم{ أي خضببعت وذلببت واسببتكانت‬

‫‪600‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وأنابت واستسلمت‪ .‬وقوله }وألقوا إلى الله يومئذ السببلم‬
‫وضل عنهم ما كانوا يفترون{ أي ذهب واضمحل مببا كببانوا‬
‫يعبدونه افتراء على لله فل ناصر لهم ول معيببن ول مجيببر‪.‬‬
‫ثم قال تعببالى‪} :‬الببذين كفببروا وصببدوا عببن سبببيل اللببه‬
‫لية‪ ,‬أي عذابا ً علببى كفرهببم وعببذابا ً علببى‬
‫زدناهم عذابا{ ا َ‬
‫صدهم الناس عن اتباع الحق كقوله تعبالى‪} :‬وهبم ينهبون‬
‫عنه وينأون عنه{ أي ينهون النبباس عببن اتببباعه ويبتعببدون‬
‫هم منببه أيضبا ً }وإن يهلكببون إل أنفسببهم ومببا يشببعرون{‬
‫وهذا دليل على تفبباوت الكفببار فببي عببذابهم كمببا يتفبباوت‬
‫المؤمنببون فببي منببازلهم فببي الجنببة ودرجبباتهم‪ ,‬كمببا قببال‬
‫تعببالى‪} :‬قببال لكببل ضببعف ولكببن ل تعلمببون{ وقببد قببال‬
‫الحببافظ أبببو يعلببى‪ :‬حببدثنا سببريج بببن يببونس‪ ,‬حببدثنا أبببو‬
‫معاويببة‪ ,‬حببدثنا العمببش عببن عبببد اللببه بببن مببرة‪ ,‬عببن‬
‫مسروق‪ ,‬عن عبد الله قي قول الله‪} :‬زدناهم عذابا ً فببوق‬
‫العببذاب{ قببال‪ :‬زيببدوا عقببارب أنيابهببا كالنخببل الطببوال‪.‬‬
‫وحدثنا شريح بن يونس‪ ,‬حدثنا إبراهيم بن سببليمان‪ ,‬حببدثنا‬
‫العمش عن الحسن‪ ,‬عن ابن عباس فببي ا َ‬
‫ليببة أنببه قببال‪:‬‬
‫}زدناهم عذابا فوق العذاب{ قال‪ :‬هي خمسة أنهار تحببت‬
‫العرش يعببذبون ببعضببها فببي الليببل وببعضببها فببي النهببار‪.‬‬

‫م‬ ‫شبهيدا ً عَل َيهبم مب َ‬ ‫َ‬ ‫ل أُ‬‫ث فِببي ك ُب ّ‬


‫س به ِ ْ‬ ‫ن أن ُْف ِ‬ ‫ِْ ْ ّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ة‬ ‫ب‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫م ن َب ْعَ ُ‬‫** وَي َوْ َ‬
‫ل‬‫ب ت ِب َْيانا ً ل ّك ُ ّ‬ ‫ك ال ْك َِتا َ‬‫هـؤُل َِء وَن َّزل َْنا عَل َي ْ َ‬ ‫ى َ‬ ‫ً َ‬
‫شِهيدا عَل َ‬ ‫ك َ‬ ‫جئ َْنا ب ِ َ‬
‫وَ ِ‬
‫ن‬‫مي َ‬ ‫سبببببل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫شبببببَرىَ ل ِل ْ ُ‬ ‫ة وَب ُ ْ‬ ‫مببببب ً‬ ‫ح َ‬ ‫دى وََر ْ‬ ‫هببببب ً‬
‫يٍء وَ ُ‬ ‫شببببب ْ‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى مخاطبا ً عبببده ورسببوله محمببدا ً صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪} :‬ويوم نبعث في كل أمببة شببهيدا ً عليهببم مببن‬
‫أنفسهم وجئنا بك شهيدا ً على هؤلء{ يعني أمتك‪ ,‬أي اذكر‬
‫ذلببك اليببوم وهببوله‪ ,‬ومببا منحببك اللببه فيببه مببن الشببرف‬
‫ليببة الببتي‬ ‫ليببة شبببيهة با َ‬ ‫العظيم والمقببام الرفيببع‪ ,‬وهببذه ا َ‬
‫انتهى إليها عبد الله بن مسعود حين قرأ على رسول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم صدر سورة النساء‪ ,‬فلما وصل إلببى‬
‫قوله‪} :‬فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنببا بببك علببى‬

‫‪601‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هؤلء شهيدًا{ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسببلم‪:‬‬
‫»حسبك« فقال ابن مسعود رضي الله عنه‪ :‬فببالتفت فببإذا‬
‫عينبببببببببببببببببببببببببببببباه تببببببببببببببببببببببببببببببذرفان‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ونزلنا عليك الكتاب تبيانا ً لكل شيء{ قببال ابببن‬
‫مسعود‪ :‬قد بين لنا في هذا القرآن كل علببم وكببل شببيء‪.‬‬
‫وقال مجاهد‪ :‬كل حلل وكل حرام‪ ,‬وقول ابن مسعود أعم‬
‫وأشمل‪ ,‬فإن القرآن اشتمل على كل علم نببافع مببن خبببر‬
‫ما سبق وعلم ما سيأتي‪ ,‬وكببل حلل وحببرام‪ ,‬ومببا النبباس‬
‫إليه محتاجون في أمر دنياهم ودينهم ومعاشببهم ومعببادهم‬
‫}وهدى{ أي للقلوب }ورحمة وبشرى للمسلمين{‪ .‬وقال‬
‫الوزاعي‪} :‬ونزلنببا عليببك الكتبباب تبيانبا ً لكببل شببيء{ أي‪:‬‬
‫بالسنة‪ ,‬ووجه اقتران قببوله‪} :‬ونزلنببا عليببك الكتبباب{ مببع‬
‫قوله‪} :‬وجئنا بك شهيدا ً علببى هببؤلء{ أن المببراد ب ب واللببه‬
‫أعلم ب إن الذي فرض عليك تبليغ الكتاب الذي أنزله عليك‬
‫سائلك عن ذلك يوم القيامة }فلنسألن الذين أرسل إليهم‬
‫ولنسألن المرسلين{ }فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا‬
‫يعملون{ }يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قببالوا‬
‫ل علم لنا إنك أنت علم الغيوب{‪ ,‬وقال تعالى‪} :‬إن الذي‬
‫فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد{ أي إن الببذي أوجببب‬
‫عليببك تبليببغ القببرآن لببرادك إليببه ومعيببدك يببوم القيامببة‬
‫وسائلك عن أداء ما فرض عليك‪ .‬هببذا أحببد القببوال‪ ,‬وهببو‬
‫متجبببببببببببببببببببببببببببببببه حسبببببببببببببببببببببببببببببببن‪.‬‬

‫ْ‬ ‫** إن الل ّ ْ‬


‫ى‬
‫ى وَي َن ْهَ َ‬
‫ن وَِإيَتآِء ِذي الُقْرب َ َ‬‫سا ِ‬‫ح َ‬‫ل َوال ْ‬ ‫مُر ِبال ْعَد ْ ِ‬
‫ه ي َأ ُ‬
‫َ‬ ‫ِ ّ‬
‫ن‬‫م ت َبذ َك ُّرو َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫م لعَلك ُب ْ‬ ‫ُ‬
‫ي ي َعِظك ُب ْ‬ ‫ْ‬
‫من ْك َبرِ َوالب َغْب ِ‬ ‫ْ‬
‫شبباِء َوال ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ْ‬
‫ن الَف ْ‬ ‫عَب ِ‬
‫يخبببر تعببالى أنببه يببأمر عببباده بالعببدل‪ ,‬وهببو القسببط‬
‫والمببوازنه‪ ,‬وينببدب إلببى الحسببان‪ ,‬كقببوله تعببالى‪} :‬وإن‬
‫عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبببرتم لهببو خيببر‬
‫للصابرين{‪ ,‬وقوله‪} :‬وجزاء سيئة سببيئة مثلهببا فمببن عفببا‬
‫وأصلح فأجره على الله{‪ ,‬وقال‪} :‬والجروح قصاص فمببن‬
‫ليببات الدالببة‬ ‫تصدق به فهو كفارة له{ إلى غير ذلك مببن ا َ‬

‫‪602‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫على شرعية العدل والندب إلببى الفضببل‪ .‬وقببال علببي بببن‬
‫أبي طلحة عن ابن عببباس }إن اللببه يببأمر بالعببدل{ قببال‪:‬‬
‫شهادة أن ل إله إل الله‪ ,‬وقببال سببفيان بببن عيينببة‪ ,‬العببدل‬
‫في هذا الموضع هببو اسببتواء السببريرة والعلنيببة مببن كببل‬
‫ل‪ ,‬والحسان أن تكببون سببريرته أحسببن مببن‬ ‫عامل لله عم ً‬
‫علنيته‪ ,‬والفحشاء والمنكر أن تكببون علنيتببه أحسببن مببن‬
‫سبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببريرته‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وإيتاء ذي القربى{ أي يببأمر بصببلة الرحببام‪ ,‬كمببا‬
‫قال‪} :‬وآت ذا القربى حقببه والمسببكين وابببن السبببيل ول‬
‫تبببذر تبببذيرًا{‪ .‬وقببوله‪} :‬وينهببى عببن الفحشبباء والمنكببر{‬
‫فببالفواحش المحرمببات‪ ,‬والمنكببرات مببا ظهببر منهببا مببن‬
‫لخر‪} :‬قل إنما حببرم ربببي‬ ‫فاعلها‪ ,‬ولهذ قال في الموضع ا َ‬
‫الفواحش ما ظهر منها وما بطن{ وأما البغي فهو العدوان‬
‫على الناس‪ ,‬وقد جاء في الحديث »ما من ذنببب أجببدر أن‬
‫يعجل الله عقببوبته فببي الببدنيا مببع مببا يببدخر لصبباحبه فببي‬
‫لخرة من البغي وقطيعة الرحم«‪ .‬وقوله‪} :‬يعظكببم{ أي‬ ‫ا َ‬
‫يأمركم بما يأمركم به من الخير وينهاكم عما ينهبباكم عنببه‬
‫من الشر }لعلكم تذكرون{ وقال الشعبي عببن شببتير بببن‬
‫شكل‪ :‬سمعت ابن مسعود يقول‪ :‬إن أجمع آية في القرآن‬
‫في سورة النحل }إن الله يأمر بالعدل والحسببان{ ا َ‬
‫ليببة‪,‬‬
‫رواه ابن جرير‪ ,‬وقببال سببعيد عببن قتببادة قببوله‪} :‬إن اللببه‬
‫لية ليس من خلببق حسببن‪ ,‬كببان‬ ‫يأمر بالعدل والحسان{ ا َ‬
‫أهل الجاهليبة يعملببون ببه ويستحسببنونه إل أمبر اللبه ببه‪,‬‬
‫وليس من خلق سيء كانوا يتعايرونه بينهببم‪ ,‬إل نهببى اللببه‬
‫عنه وقدم فيه‪ .‬وإنما نهى عن سفاسببف الخلق ومببذامها‪.‬‬
‫) قلببت( ولهببذا جبباء فببي الحببديث »إن اللببه يحببب معببالي‬
‫الخلق ويكببببببببببببببببببببببره سفسببببببببببببببببببببببافها«‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبو يعلى في كتاب معرفة الصحابة‪ :‬حببدثنا‬
‫أبو بكر محمد بن الفتح الحنبلببي‪ ,‬حببدثنا يحيببى بببن محمببد‬
‫مولى بني هاشم‪ ,‬حدثنا الحسن بن داود المنكدري‪ ,‬حببدثنا‬
‫عمر بن علي المقدمي عن علي بن عبببد اللببه بببن عميببر‪,‬‬
‫عن أبيه‪ ,‬قال‪ :‬بلغ أكثم بن صيفي مخرج النبي صببلى اللببه‬

‫‪603‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليه وسلم فأراد أن يأيته‪ ,‬فأبى قببومه أن يببدعوه وقببالوا‪:‬‬
‫أنت كبيرنا لم تكن لتخف إليه‪ ,‬قال‪ :‬فليأته من يبلغه عنببي‬
‫ويبلغني عنه‪ ,‬فانتدب رجلن فأتيببا النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم فقال‪ :‬نحن رسل أكثم بن صيفي‪ ,‬وهببو يسببألك مببن‬
‫أنت‪ ,‬وما أنت ؟ فقال النبي صلى الله عليببه وسببلم‪» :‬أمببا‬
‫من أنا فأنا محمد بن عبد الله‪ ,‬وأما ما أنا ؟ فأنا عبببد اللببه‬
‫ورسببوله« قببال‪ :‬ثببم تل عليهببم هببذه ا َ‬
‫ليببة }إن اللببه يببأمر‬
‫بالعدل والحسببان{ ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬قببالوا‪ :‬اردد علينببا هببذا القببول‪,‬‬
‫فردده عليهم حتى حفظوه‪ ,‬فأتيا أكثم فقال أبببى أن يرفببع‬
‫نسبه‪ ,‬فسألنا عن نسبه فوجدناه زاكي النسب وسطا ً فببي‬
‫مضر ب أي شريفا ً ب وقد رمى إلينببا بكلمببات قببد سببمعناها‪,‬‬
‫فلما سمعهن أكثببم قببال‪ :‬إنببي أراه يببأمر بمكببارم الخلق‪,‬‬
‫وينهى عن ملئمها‪ ,‬فكونوا في هذا المر رؤوسا ً ول تكونوا‬
‫أذنابًا‪ ,‬وقد ورد في نزولها حديث حسن رواه المام أحمببد‪:‬‬
‫حدثنا أبو النضر‪ ,‬حدثنا عبببد الحميببد‪ ,‬حببدثنا شببهر‪ ,‬حببدثني‬
‫عبد الله بن عباس قال‪ :‬بينما رسول الله صلى اللببه عليببه‬
‫وسلم بفنبباء بيتببه جببالس إذ مببر بببه عثمببان بببن مظعببون‪,‬‬
‫فكشر إلى رسول الله فقببال لببه رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليببه وسببلم‪» :‬أل تجلببس ؟{ فقببال‪ :‬بلببى‪ ,‬قببال‪ :‬فجلببس‬
‫رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم مسببتقبله‪ ,‬فبينمببا هببو‬
‫يحدثه إذ شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصببره‬
‫إلى السماء‪ ,‬فنظر ساعة إلى السماء‪ ,‬فأخببذ يضببع بصببره‬
‫حتى وضعه على يمينه فببي الرض‪ ,‬فتحببرف رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم عن جليسه عثمان إلببى حيببث وضببع‬
‫بصره‪ ,‬فأخذ ينغض رأسه كأنه يستفقه ما يقببال لببه‪ ,‬وابببن‬
‫مظعون ينظر‪ ,‬فلما قضى حبباجته واسببتفقه مببا يقببال لببه‪,‬‬
‫شببخص بصببر رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم إلببى‬
‫السماء كما شخص أول مببرة‪ ,‬فببأتبعه بصببره حببتى تببوارى‬
‫إلى السماء‪ ,‬فأقبببل إلببى عثمببان بجلسببته الولببى‪ ,‬فقببال‪:‬‬
‫يامحمد فيما كنت أجالسك ما رأيتك تفعل كفعلببك الغببداة‪,‬‬
‫فقال‪» :‬وما رأيتني فعلت ؟« قال‪ :‬رأيتببك شببخص بصببرك‬
‫إلببى السببماء‪ ,‬ثببم وضببعته حيببث وضببعته علببى يمينببك‪,‬‬

‫‪604‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فتحرفببت إليببه وتركتنببي‪ ,‬فأخببذت تنغببض رأسببك كأنببك‬
‫تستفقه شيئا ً يقببال لببك‪ ,‬قببال‪» :‬وفطنببت لببذلك ؟« فقببال‬
‫عثمان‪ :‬نعببم‪ ,‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪:‬‬
‫»أتاني رسول الله آنفا ً وأنت جالس« قال‪ :‬رسول اللببه ؟‬
‫قال »نعببم«‪ ,‬قببال‪ :‬فمببا قببال لبك ؟ قببال‪} :‬إن اللبه يببأمر‬
‫لية‪ ,‬قال عثمان‪ :‬فببذلك حيببن اسببتقر‬ ‫بالعدل والحسان{ ا َ‬
‫اليمان في قلبي وأحببت محمدا ً صلى الله عليببه وسببلم ‪,‬‬
‫إسناد جيد متصببل حسببن قببد بيببن فيببه السببماع المتصببل‪,‬‬
‫ورواه ابن أبببي حبباتم مببن حببديث عبببد الحميببد بببن بهببرام‬
‫مختصرًا‪ .‬حديث آخر عن عثمببان بببن أبببي العبباص الثقفببي‬
‫في ذلك‪ ,‬قال المام أحمد‪ :‬حدثنا أسببود بببن عببامر‪ ,‬حببدثنا‬
‫هريم عن ليث عن شهر بن حوشب‪ ,‬عن عثمببان بببن أبببي‬
‫العاص قال‪ :‬كنت عند رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫جالسا ً إذ شخص بصره فقال‪» :‬أتبباني جبريببل فببأمرني أن‬
‫لية بهذا الموضببع مببن هببذه السببورة }إن اللببه‬ ‫أضع هذه ا َ‬
‫يأمر بالعببدل والحسببان{ ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬وهببذا إسببناد ل بببأس بببه‪,‬‬
‫ولعله عند شهر بببن حوشببب مببن الببوجهين‪ ,‬واللببه أعلببم‪.‬‬

‫ن ب َعْ بد َ‬
‫مببا َ‬ ‫ضببوا ْ الي ْ َ‬ ‫م وَل َ َتنُق ُ‬ ‫عاهَببدت ّ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫** وَأ َوُْفوا ْ ب ِعَهْدِ الل ّبهِ إ ِ َ‬
‫مببا‬‫م َ‬ ‫ه ي َعْل َب ُ‬ ‫ن الل ّب َ‬ ‫م ك َِفيل ً إ ِ ّ‬ ‫ه عَل َي ْك ُب ْ‬ ‫م الل ّب َ‬ ‫جعَل ْت ُب ُ‬ ‫ها وَقَبد ْ َ‬ ‫كيبدِ َ‬ ‫ت َوْ ِ‬
‫مببن ب َعْبدِ قُبوّ ٍ‬
‫ة‬ ‫ت غَْزل َهَببا ِ‬ ‫ضب ْ‬ ‫كوُنوا ْ ك َببال ِّتي ن ََق َ‬ ‫ن * وَل َ ت َ ُ‬ ‫ت َْفعَُلو َ‬
‫ي أ َْرَبببى‬ ‫هبب َ‬ ‫ة ِ‬ ‫م ٌ‬ ‫كو ُ‬
‫نأ ّ‬ ‫م أن ت َ ُ َ‬
‫خل ً بينك ُ َ‬
‫م دَ َ َ ْ َ ْ‬ ‫مان َك ُ ْ‬
‫ذو َ‬
‫ن أي ْ َ‬ ‫خ ُ َ‬ ‫َأن َ‬
‫كاثا ً ت َت ّ ِ‬
‫م ُ‬
‫مببا‬ ‫م بة ِ َ‬‫م ال ِْقَيا َ‬ ‫م ي َبوْ َ‬ ‫ن ل َك ُب ْ‬ ‫ه ب ِهِ وَل َي ُب َي ّن َب ّ‬‫م الل ّ ُ‬ ‫ما ي َب ُْلوك ُ ُ‬ ‫مةٍ إ ِن ّ َ‬ ‫نأ ّ‬ ‫ِ ْ‬
‫ن‬
‫خت َل ُِفببببببببببببببببببو َ‬ ‫م ِفيببببببببببببببببببهِ ت َ ْ‬ ‫ك ُن ُْتبببببببببببببببببب ْ‬
‫هببذا ممببا يببأمر اللببه تعببالى بببه‪ ,‬وهببو الوفبباء بببالعهود‬
‫والمواثيق والمحافظة على اليمان المؤكببدة‪ ,‬ولهببذا قببال‪:‬‬
‫}ول تنقضوا اليمببان بعببد توكيببدها{ ول تعببارض بيببن هببذا‬
‫ليببة‪ ,‬وبيببن‬ ‫وبين قوله‪} :‬ول تجعلوا الله عرضة ليمانكم{ ا َ‬
‫قببوله تعببالى‪} :‬ذلبك كفبارة أيمبانكم إذا حلفتببم واحفظببوا‬
‫أيمانكم{ أي ل تتركوها بل كفارة‪ ,‬وبين قوله عليه السببلم‬
‫فيما ثبت عنه في الصحيحين أنه عليه الصلة والسلم قال‬

‫‪605‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫»إني والله إن شاء الله ل أحلف على يميببن فببأرى غيرهببا‬
‫خيرا ً منها إل أتيت الذي هو خير وتحللتهببا بب وفببي روايببة بب‬
‫وكفرت عن يميني« ل تعارض بين هببذا كلببه ول بيببن ا َ‬
‫ليببة‬
‫المببذكورة ههنببا‪ ,‬وهببي قببوله‪} :‬ول تنقضببوا اليمببان بعببد‬
‫توكيدها{ لن هذه اليمان المراد بهببا الداخلبة فببي العهبود‬
‫والمواثيق ل اليمببان الببتي هببي واردة علببى حببث أو منببع‪,‬‬
‫ولهببذا قببال مجاهببد فببي قببوله }ول تنقضببوا اليمببان بعببد‬
‫توكيدها{ يعني الحلف‪ ,‬أي حلف الجاهلية‪ .‬ويؤيببد مببا رواه‬
‫المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الله بن محمد ب هو ابن أبي شيبة ب‬
‫حدثنا ابن نمير وأبو أسامة عن زكريا‪ .‬هو ابن أبي زائدة ببب‬
‫عن سعد بن إبراهيم عن أبيه‪ ,‬عن جببير ببن مطعبم قبال‪:‬‬
‫قال رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬ل حلببف فببي‬
‫السببلم‪ ,‬وأيمببا حلببف كببان فببي الجاهليببة فببإنه ل يزيببده‬
‫السلم إل شدة« وكذا رواه مسلم عن ابن أبي شيبة بببه‪.‬‬
‫ومعناه أن السلم ل يحتاج معه إلى الحلف الذي كان أهل‬
‫الجاهلية يفعلونه‪ ,‬فإن فببي التمسببك بالسببلم كفايببة عمببا‬
‫كبببببببببببببببببببببببببببببببببانوا فيبببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫وأما ما ورد في الصحيحين عن عاصم الحول عببن أنببس‬
‫رضي الله عنه أنه قال‪ :‬حالف رسول الله صلى الله عليببه‬
‫وسلم بين المهاجرين والنصار في دورنا‪ ,‬فمعناه أنه آخببى‬
‫بينهم فكانوا يتوارثون به حتى نسخ الله ذلك‪ ,‬والله أعلم‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثني محمد بن عمببارة السببدي‪ ,‬حببدثنا‬
‫عبد الله بن موسى‪ ,‬أخبرنا أبو ليلى عن فريدة في قببوله‪:‬‬
‫}وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم{ قال‪ :‬نزلت في بيعة النبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ,‬كان من أسلم بايع النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم على السببلم‪ ,‬فقببال‪} :‬وأوفببوا بعهببد اللببه إذا‬
‫عاهدتم{ هذه البيعة التي بايعتم على السلم }ول تنقضوا‬
‫اليمببان بعببد توكيببدها{ ل يحملنكببم قلببة محمببد وكببثرة‬
‫المشركين أن تنقضوا البيعببة الببتي بببايعتم علببى السببلم‪.‬‬
‫وقببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا إسببماعيل‪ ,‬حببدثنا صببخر بببن‬
‫جويرية عن نافع قال‪ :‬لما خلع الناس يزيد بن معاوية جمع‬
‫ابن عمر بنيه وأهله ثم تشهد‪ ,‬ثببم قببال‪ :‬أمببا بعببد فإنببا قببد‬

‫‪606‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بايعنا هذا الرجل على بيعببة اللببه ورسببوله‪ ,‬وإنببي سببمعت‬
‫رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم يقببول‪» :‬إن الغببادر‬
‫ينصب له لواء يوم القيامببة فيقببال‪ :‬هببذه غببدرة فلن‪ ,‬وإن‬
‫من أعظم الغدر ب إل أن يكببون الشببراك بببالله بب أن يبببايع‬
‫رجل رجل ً على بيعببة اللببه ورسببوله‪ ,‬ثببم ينكببث بيعتببه‪ ,‬فل‬
‫يخلعن أحد منكم يدا ً ول يسرفن أحد منكم في هذا المببر‪,‬‬
‫فيكون صيلم بيني وبينبه« المرفبوع منبه فبي الصبحيحين‪.‬‬
‫وقببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا يزيببد حببدثنا حجبباج عببن عبببد‬
‫الرحمن ببن عبباس عبن أبيبه‪ ,‬عبن حذيفبة قبال‪ :‬سبمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬من شرط لخيه‬
‫شرطا ل يريد أن يفي له به‪ ,‬فهو كالمدلي جاره إلببى غيببر‬
‫منفعببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببة«‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬إن الله يعلببم مببا تفعلببون{ تهديببد ووعيببد لمببن‬
‫نقببض اليمببان بعببد توكيببدها‪ .‬وقببوله }ول تكونببوا كببالتي‬
‫نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا{ قال عبببد اللببه بببن كببثير‬
‫والسدي‪ :‬هذه امرأة خرقاء كانت بمكة كلما غزلببت شببيئا ً‬
‫نقضته بعد إبرامه‪ .‬وقال مجاهد وقتادة وابن زيد‪ :‬هذا مثل‬
‫لمن نقض عهده بعببد توكيببده‪ ,‬وهببذا القببول أرجببح وأظهببر‬
‫سببواء كببان بمكببة امببرأة تنقببض غزلهببا أم ل ‪ .‬وقببوله‪:‬‬
‫}أنكاثًا{ يحتمل أن يكون اسم مصدر‪} ,‬نقضت غزلها مببن‬
‫بعد قوة أنكاثًا{ أي أنقاضًا‪ ,‬ويحتمل أن يكون بدل ً عن خبر‬
‫كان أي ل تكونوا أنكاثا ً جمع نكببث مببن نبباكث‪ ,‬ولهببذا قببال‬
‫بعده‪} :‬تتخببذون أيمببانكم دخل ً بينكببم{ أي خديعببة ومكببرا ً‬
‫}أن تكون أمة هي أربى من أمة{ أي تحلفببون للنبباس إذا‬
‫كانوا أكثر منكم ليطمئنوا إليكم‪ ,‬فببإذا أمكنكببم الغببدر بهببم‬
‫غدرتم‪ ,‬فنهى الله عن ذلك لينبه بالدنى علببى العلببى‪ ,‬إذا‬
‫كان قد نهى عن الغدر والحالة هببذه‪ ,‬فلن ينهببى عنببه مببع‬
‫التمكببببببببببن والقببببببببببدرة بطريببببببببببق الولببببببببببى‪.‬‬
‫وقد قدمنا ب وللهالحمد ب في سورة النفال قصة معاويببة‬
‫لما كان بينه وبين ملك الروم أمد‪ ,‬فسار معاوية إليهم في‬
‫آخر الجل حتى إذا انقضببى وهببو قريببب مببن بلدهببم أغببار‬
‫عليهم‪ ,‬وهم غارون ل يشعرون‪ ,‬فقال له عمرو بن عبسة‪:‬‬

‫‪607‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله أكبر يا معاوية وفاء ل غدر‪ ,‬سمعت رسول الله صببلى‬
‫الله عليه وسلم يقول »من كان بينببه وبيببن قببوم أجببل فل‬
‫يحلن عقده حتى ينقضي أمدها« فرجع معاوية رضببي اللببه‬
‫عنه بالجيش‪ ,‬قال ابن عباس‪} :‬أن تكببون أمببة هببي أربببى‬
‫من أمة{ أي أكثر‪ ,‬وقال مجاهببد‪ :‬كببانوا يحببالفون الحلفبباء‬
‫فيجدون أكثر منهم وأعز‪ ,‬فينقضون حلف هؤلء ويحببالفون‬
‫أولئك الذين هم أكثر وأعز‪ ,‬فنهوا عن ذلك وقببال الضببحاك‬
‫وقتادة وابن زيد نحوه‪ .‬وقوله‪} :‬إنما يبلوكم الله ببه{ قبال‬
‫سعيد بن جبير‪ :‬يعني بالكثرة‪ ,‬رواه ابببن أبببي حبباتم‪ .‬وقببال‬
‫ابن جرير‪ :‬أي بأمره إيبباكم بالوفبباء بالعهببد }وليبببينن لكببم‬
‫يوم القيامة مبا كنتبم فيبه تختلفبون{ فيجبازي كبل عامبل‬
‫بعملبببببببببببببه مبببببببببببببن خيبببببببببببببر وشبببببببببببببر‪.‬‬

‫شآءُ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ض ّ‬ ‫شآَء الل ّه ل َجعل َك ُ ُ‬ ‫** وَل َوْ َ‬


‫ل َ‬ ‫كن ي ُ ِ‬ ‫حد َةً َولـ ِ‬ ‫ة َوا ِ‬ ‫م ً‬ ‫مأ ّ‬ ‫ُ َ َ ْ‬
‫خببذ ُوَا ْ‬ ‫شآُء ول َت َ‬
‫ن * وَل َ ت َت ّ ِ‬ ‫مُلو َ‬‫م ت َعْ َ‬ ‫ما ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫ن عَ ّ‬ ‫سأل ُ ّ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫دي َ‬ ‫وَي َهْ ِ‬
‫َ‬
‫سبوَءَ‬ ‫ذوُقوا ْ ال ْ ّ‬ ‫م ب َعْبد َ ث ُُبوت ِهَببا وَت َب ُ‬ ‫ل قَد َ ٌ‬ ‫م فَت َزِ ّ‬ ‫خل ً ب َي ْن َك ُ ْ‬ ‫م دَ َ‬ ‫مان َك ُ ْ‬ ‫أي ْ َ‬
‫م * وَل َ‬ ‫ظيب ٌ‬‫ب عَ ِ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م عَب َ‬ ‫ل الل ّبهِ وَل َك ُب ْ‬ ‫سبِبي ِ‬‫م عَببن َ‬ ‫ددت ّ ْ‬ ‫صب َ‬ ‫مببا َ‬ ‫بِ َ‬
‫م ِإن‬ ‫خي ْبٌر ل ّك ُب ْ‬ ‫عن ْد َ الل ّهِ هُ بوَ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫منا ً قَِليل ً إ ِن ّ َ‬ ‫شت َُروا ْ ب ِعَهْدِ الل ّهِ ث َ َ‬ ‫تَ ْ‬
‫ن‬ ‫جزَِيبب ّ‬ ‫ق وَل َن َ ْ‬‫عند َ الل ّهِ َبا ٍ‬ ‫ما ِ‬ ‫م َينَفد ُ وَ َ‬ ‫عند َك ُ ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫ن* َ‬ ‫مو َ‬ ‫م ت َعْل َ ُ‬ ‫ك ُن ْت ُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫مُلبببو َ‬ ‫كببباُنوا ْ ي َعْ َ‬ ‫مبببا َ‬ ‫ن َ‬ ‫سببب ِ‬ ‫ح َ‬ ‫م ب ِأ ْ‬ ‫هببب ْ‬ ‫جَر ُ‬ ‫صبببب َُروَا ْ أ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫اّلببب ِ‬
‫يقول الله تعالى‪} :‬ولو شبباء اللببه لجعلكببم{ أيهببا النبباس‬
‫لمن مببن فببي‬ ‫}أمة واحدة{ كقوله تعالى‪} :‬ولو شاء ربك َ‬
‫الرض كلهم جميعًا{ أي لوفق بينكم ولما جعل اختلف با ً ول‬
‫تباغض ول شحناء }ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحببدة‬
‫ول يزالون مختلفيببن إل مببن رحببم ربببك ولببذلك خلقهببم{‪,‬‬
‫وهكذا قال ههنا‪} :‬ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء{‬
‫ثم يسألكم يوم القيامة عن جميع أعمالكم فيجازيكم عليها‬
‫على الفتيل والنقير والقطمير‪ .‬ثم حذر تعببالى عببباده عببن‬
‫اتخبباذ اليمببان دخل ً أي خديعببة ومكببرا ً لئل تببزل قببدم بعببد‬
‫ثبوتها‪ ,‬مثل لمن كان على الستقامة فحاد عنها‪ ,‬وزل عببن‬
‫طريق الهدى بسبب اليمان الحانثة المشتملة علببى الصببد‬

‫‪608‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن سبيل الله‪ ,‬لن الكافر إذا رأى أن المؤمن قببد عاهببده‬
‫ثم غدر به لببم يبببق لببه وثببوق بالببدين‪ ,‬فانصببد بسببببه عببن‬
‫الببدخول فببي السببلم‪ ,‬ولهببذا قببال }وتببذوقوا السببوء بمببا‬
‫صبببددتم عبببن سببببيل اللبببه ولكبببم عبببذاب عظيبببم{‪.‬‬
‫ل{ أي ل‬ ‫ثم قال تعالى‪} :‬ول تشتروا بعهببد اللببه ثمنببا قلي ً‬
‫تعتاضوا عن اليمان بببالله عببرض الحيبباة الببدنيا( وزينتهببا‪,‬‬
‫فإنها قليلة‪ ,‬ولو حيزت لبن آدم الدنيا بحذافيرها لكببان مببا‬
‫عند الله هو خير له‪ ,‬أي جزاء الله وثبوابه خيبر لمبن رجباه‬
‫وآمن به وطلبه وحفظ عهده رجبباء موعببوده‪ ,‬ولهببذا قببال‪:‬‬
‫}إن كنتم تعلمون * مبا عنبدكم ينفبد{ أي يفبرغ وينقضبي‬
‫فإنه إلى أجل معدود محصور مقدر متناه }ومببا عنببد اللببه‬
‫باق{ أي وثوابه لكم في الجنة باق ل انقطاع ول نفبباد لببه‪,‬‬
‫فببإنه دائم ل يحببول ول يببزول }ولنجزيببن الببذين صبببروا‬
‫أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون{ قسم مببن الببرب تعببالى‬
‫مؤكد باللم‪ ,‬أنببه يجببازي الصببابرين بأحسببن أعمببالهم‪ ,‬أي‬
‫ويتجبببببببببببببببببباوز عببببببببببببببببببن سببببببببببببببببببيئها‪.‬‬

‫َ ُ‬
‫ه‬ ‫ن فَل َن ُ ْ‬
‫حي ِي َن ّب ُ‬ ‫م بؤ ْ ِ‬
‫م ٌ‬ ‫من ذ َك َرٍ أوْ َأن ْث َ َ‬
‫ى وَهُبوَ ُ‬ ‫صاِلحا ً ّ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬
‫ن عَ ِ‬ ‫م ْ‬
‫** َ‬
‫َ‬
‫مل ُببو َ‬
‫ن‬ ‫مببا ك َبباُنوا ْ ي َعْ َ‬
‫ن َ‬‫سب ِ‬‫ح َ‬ ‫جَرهُببم ب ِأ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫جزِي َن ّهُ ْ‬‫ة وَل َن َ ْ‬‫حَياةً ط َي ّب َ ً‬
‫َ‬
‫هذا وعد من الله تعبالى لمبن عمبل صبالحا ً وهبو العمبل‬
‫المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسببلم‬
‫من ذكر أو أنثى‪ ,‬من بني آدم وقلبه مؤمن بالله ورسببوله‪,‬‬
‫وأن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله بأن يحييه‬
‫الله حياة طيبة في الدنيا‪ ,‬وأن يجزيه بأحسن ما عمله فببي‬
‫لخرة‪ ,‬والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحببة مببن أي‬ ‫الدار ا َ‬
‫جهببة كببانت‪ .‬وقببد روي عببن ابببن عببباس وجماعببة أنهببم‬
‫فسروها بالرزق الحلل الطيب‪ .‬وعن علي بن أبببي طببالب‬
‫رضي الله عنه أنه فسرها بالقناعة‪ ,‬وكذا قال ابببن عببباس‬
‫وعكرمة ووهب بن منبه‪ ,‬وقال علببي بببن أبببي طلحببة عببن‬
‫ابببن عببباس‪ :‬أنهببا هببي السببعادة‪ .‬وقببال الحسببن ومجاهببد‬
‫وقتادة‪ :‬ل يطيب لحد حياة إل في الجنة‪ .‬وقببال الضببحاك‪:‬‬

‫‪609‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هي الرزق الحلل والعبادة في الدنيا‪ ,‬وقال الضحاك أيضًا‪:‬‬
‫هي العمل بالطاعببة والنشببراح بهببا‪ ,‬والصببحيح أن الحيبباة‬
‫الطيبببببببببببببة تشببببببببببببمل هببببببببببببذا كلببببببببببببه‪.‬‬
‫كما جاء في الحديث الذي رواه المام أحمد‪ :‬حببدثنا عبببد‬
‫الله بن يزيد‪ ,‬حدثنا سعيد بن أبي أيببوب‪ ,‬حببدثني شببرحبيل‬
‫بن أبي شريك عن أبي عبد الرحمن الحبلي‪ ,‬عن عبد اللببه‬
‫بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قببال‪» :‬قببد‬
‫أفلح من أسلم‪ ,‬ورزق كفافًا‪ ,‬وقنعه الله بمببا آتبباه{‪ ,‬ورواه‬
‫مسلم من حببديث عبببد اللببه بببن يزيببد المقببري بببه‪ .‬وروى‬
‫الترمذي والنسائي من حديث أبببي هببانىء عببن أبببي علببي‬
‫الجنبي‪ ,‬عن فضالة بن عبيد أنببه سببمع رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم يقول‪» :‬قد أفلح من هدي للسلم‪ ,‬وكببان‬
‫عيشه كفافا ً وقنع به«‪ .‬وقال الترمذي‪ :‬هذا حديث صببحيح‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا يزيد حدثنا همام عن يحيببى‪ ,‬عببن‬
‫قتادة‪ ,‬عن أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسول الله صلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪» :‬إن الله ل يظلم المببؤمن حسببنة يعطببى بهببا‬
‫لخببرة‪ .‬وأمببا الكببافر فيطعببم‬ ‫في الدنيا ويثاب عليهببا فببي ا َ‬
‫لخرة‪ ,‬لم يكن لببه‬ ‫بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى ا َ‬
‫حسبببنة يعطبببى بهبببا خيبببرًا«‪ ,‬انفبببر ببببإخراجه مسبببلم‪.‬‬

‫ش بي ْ َ‬ ‫ست َعِذ ْ ِبالل ّ‬ ‫َ‬ ‫ت ال ْ‬ ‫ذا قَرأ ْ‬


‫ِ‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫جي‬‫ِ‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫طا‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫فا‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫رآ‬ ‫ْ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫** فَإ ِ َ َ‬
‫م‬ ‫ى َرب ّهِب ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ى ال ّب ِ‬ ‫طا ٌ َ‬ ‫س بل ْ َ‬ ‫س ل َب ُ‬ ‫ه ل َي ْب َ‬
‫من ُببوا وَعَل ب َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن عَلب َ‬ ‫ه ُ‬ ‫* إ ِن ّ ُ‬
‫ه‬
‫هم ِببب ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه َوال ّ ِ‬‫ن ي َت َوَل ّوْن َ ُ‬‫ذي َ‬ ‫ى ال ّ ِ‬ ‫طان ُ ُ َ‬
‫ه عَل َ‬
‫سل ْ َ‬ ‫ما ُ‬ ‫ن * إ ِن ّ َ‬ ‫ي َت َوَك ُّلو َ‬
‫ن‬‫كو َ‬ ‫شبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببرِ ُ‬ ‫م ْ‬
‫ُ‬
‫هذا أمر من الله تعالى لعباده على لسان نبيه صلى اللببه‬
‫عليه وسلم إذا أرادوا قراءة القرآن أن يستعيذوا بالله مببن‬
‫الشبيطان الرجيبم‪ ,‬وهبذا أمبر نبدب ليبس ببواجب‪ ,‬حكبى‬
‫الجماع على ذلك أبو جعفر بن جريببر وغيببره مببن الئمببة‪.‬‬
‫وقد قدمنا الحاديث الواردة في السببتعاذة مبسببوطة فببي‬
‫أول التفسير‪ ,‬ولله الحمد والمنة‪ .‬والمعنى في السببتعاذة‬
‫عند ابتداء القراءة لئل يلبس على القارىء قراءته‪ ,‬ويخلط‬

‫‪610‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليه ويمنعه من التدبر والتفكر‪ ,‬ولهذا ذهب الجمهور إلببى‬
‫أن الستعاذة إنمبا تكبون قبببل التلوة‪ ,‬وحكبي عببن حمببزة‬
‫وأبي حاتم السجستاني أنها تكون بعد التلوة‪ ,‬واحتجا بهذه‬
‫لية‪ ,‬ونقل النووي في شرح المهذب مثل ذلببك عببن أبببي‬ ‫ا َ‬
‫هريرة أيضا ً ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي والصببحيح‬
‫الول لما تقببدم مببن الحبباديث الدالببة علببى تقببدمها علببى‬
‫التلوة‪ ,‬واللبببببببببببببببببببببببببببه أعلبببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬إنه ليس له سببلطان علببى الببذين آمنببوا وعلببى‬
‫ربهم يتوكلون{ قال الثوري‪ :‬ليببس لببه عليهببم سببلطان أن‬
‫يوقعهم في ذنب ل يتوبببون منببه‪ ,‬وقببال آخببرون‪ :‬معنبباه ل‬
‫حجة له عليهببم‪ .‬وقببال آخببرون كقببوله‪} :‬إل عبببادك منهببم‬
‫المخلصببين{‪} ,‬إنمببا سببلطانه علببى الببذين يتلببونه{ قببال‬
‫مجاهد‪ :‬يطيعونه‪ ,‬وقال آخرون‪ :‬اتخذوه وليا ً مبن دون اللبه‬
‫}والذين هم بببه مشببركون{ أي أشببركوا فببي عبببادة اللببه‬
‫تعالى‪ .‬أي أشركوه في عبادة الله‪ ,‬ويحتمل أن تكون الببباء‬
‫سببة‪ ,‬أي صاروا بسبب طاعتهم للشيطان مشركين بببالله‬
‫تعببالى‪ .‬وقببال آخببرون‪ :‬معنبباه أنببه شببركهم فببي المببوال‬
‫والولد‪.‬‬

‫كان آية والل ّ َ‬


‫مببآ‬‫ل قَببال ُوَا ْ إ ِن ّ َ‬‫ما ي ُن َبّز ُ‬ ‫م بِ َ‬‫ه أعْل َ ُ‬‫م َ َ َ ٍ َ ُ‬ ‫ة ّ‬ ‫ذا ب َد ّل َْنآ آي َ ً‬ ‫** وَإ ِ َ‬
‫س‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ح ال ْ‬ ‫رو‬ ‫ه‬ ‫ب‬‫ل ن َّزل َ‬‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫*‬ ‫ن‬ ‫مو‬ ‫م ل َ ي َعْل َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ث‬‫ْ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ت‬‫ف‬‫ْ‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫أن‬‫َ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ى‬
‫شببَر َ‬ ‫دى وَب ُ ْ‬ ‫هبب ً‬ ‫ْ‬
‫مُنببوا وَ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ت البب ِ‬ ‫َ‬
‫حقّ ل ِي ُثّببب َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مببن ّرّبببك ِبببال َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬
‫مي َ‬ ‫سببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِل ْ ُ‬
‫يخبر تعالى عببن ضببعف عقببول المشببركين وقلببة ثببباتهم‬
‫وإيقانهم‪ ,‬وأنه ل يتصببور منهببم اليمببان وقببد كتببب عليهببم‬
‫الشببقاوة‪ ,‬وذلببك أنهببم إذا رأوا تغييببر الحكببام ناسببخها‬
‫بمنسوخها قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم‪} :‬إنمببا‬
‫أنت مفتر{ أي كذاب‪ ,‬وإنما هو الرب تعالى يفعل ما يشاء‬
‫ويحكم ما يريد‪ ,‬وقال مجاهببد‪} :‬بببدلنا آيببة مكببان آيببة{ أي‬
‫رفعناها وأثبتنا غيرها‪ ,‬وقال قتادة‪ :‬هو كقببوله تعببالى‪} :‬مببا‬
‫لية‪ ,‬فقال تعالى مجيبا ً لهم }قل‬ ‫ننسخ من آية أو ننسها{ ا َ‬

‫‪611‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نزلببه روح القببدس{ أي جبريببل }مببن ربببك بببالحق{ أي‬
‫بالصدق والعدل }ليثبت الذين آمنوا{ فيصببدقوا بمببا أنببزل‬
‫أول ً وثانيًا‪ ,‬وتخبت له قلوبهم }وهدى وبشرى للمسببلمين{‬
‫أي وجعلببه هاديببا وبشببارة للمسببلمين الببذين آمنببوا بببالله‬
‫ورسبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببله‪.‬‬

‫** ول ََقد نعل َ َ‬


‫ذي‬ ‫ن ال ّب ِ‬ ‫شبٌر ل ّ َ‬
‫سببا ُ‬ ‫ه بَ َ‬ ‫مببا ي ُعَل ّ ُ‬
‫مب ُ‬ ‫م ي َُقوُلو َ‬
‫ن إ ِن ّ َ‬ ‫م أن ّهُ ْ‬
‫َ ْ َْ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مِبيببب ٌ‬ ‫ي ّ‬‫ن عََرِبببب ّ‬‫سبببا ٌ‬
‫ذا ل ِ َ‬ ‫هـببب َ‬‫ي وَ َ‬ ‫مببب ّ‬ ‫ن إ ِل َْيبببهِ أعْ َ‬
‫ج ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ي ُل ْ ِ‬
‫حببب ُ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن المشركين ما كانوا يقولببونه مببن‬
‫الكذب والفتراء والبهت أن محمدا ً إنمببا يعلمببه هببذا الببذي‬
‫يتلوه علينا من القرآن بشر‪ ,‬ويشيرون إلى رجببل أعجمببي‬
‫كان بين أظهرهم غلم لبعض بطببون قريببش‪ ,‬وكبان بياعبا ً‬
‫يبيع عند الصفا‪ ,‬وربما كببان رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسببلم يجلببس إليببه ويكلمببه بعببض الشببيء‪ ,‬وذاك كببان‬
‫أعجمي اللسان ل يعرف العربية أو أنه كان يعرف الشيء‬
‫اليسير بقدر ما يرد جواب الخطاب فيما ل بببد منببه‪ ,‬فلهببذا‬
‫قال اللببه تعببالى‪ :‬رادا ً عليهببم فببي افببترائهم ذلببك }لسببان‬
‫الذي يلحدون إليه أعجمي وهببذا لسببان عربببي مبببين{ أي‬
‫القرآن‪ ,‬أي فكيف يتعلم من جاء بهذا القرآن في فصبباحته‬
‫وبلغته ومعانيه التامة الشاملة التي هي أكمل من معبباني‬
‫كل كتاب نببزل علببى بنببي ُأرسببل‪ ,‬كيببف يتعلببم مببن رجببل‬
‫أعجمي ؟ ل يقول هبذا مبن لبه أدنبى مسبكة مبن العقبل‪.‬‬
‫قال محمد بن إسحاق بن يسار في السيرة‪ :‬كان رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلمب فيما بلغني بب كببثيرا ً مببا يجلببس‬
‫عند المروة إلى مبيعبة غلم نصببراني يقببال لبه جببر‪ ,‬عببد‬
‫لبعببض بنببي الحضببرمي‪ ,‬فببأنزل اللببه }ولقببد نعلببم أنهببم‬
‫يقولون إنما يعلمه بشر‪ ,‬لسان الذي يلحدون إليه أعجمببي‬
‫وهذا لسان عربي مبين{ وكذا قال عبد الله بن كثير‪ ,‬وعن‬
‫عكرمببة وقتببادة‪ :‬كببان اسببمه يعيببش ‪ .‬وقببال ابببن جريببر‪:‬‬
‫حدثني أحمد بن محمد الطوسي‪ ,‬حببدثنا أبببو عببامر‪ ,‬حببدثنا‬
‫إبراهيم بن طهمان عن مسلم بن عبببد اللببه الملئي‪ ,‬عببن‬

‫‪612‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مجاهد‪ ,‬عن ابن عباس قال‪ :‬كان رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسببلم يعلببم قينبا ً بمكببة‪ ,‬وكببان اسببمه بلعببام‪ ,‬وكببان‬
‫أعجمي اللسان‪ ,‬وكان المشركون يرون رسول الله صببلى‬
‫الله عليه وسلم يدخل عليه ويخرج من عنده‪ ,‬فقالوا‪ :‬إنمببا‬
‫ليببة }ولقببد نعلببم أنهببم‬ ‫يعلمببه بلعببام‪ ,‬فببأنزل اللببه هببذه ا َ‬
‫يقولون إنما يعلمه بشر‪ ,‬لسان الذي يلحدون إليه أعجمببي‬
‫وهذا لسان عربي مبين{‪ ,‬وقال الضحاك بببن مزاحببم‪ :‬هببو‬
‫سببلمان الفارسببي‪ ,‬وهببذا القببول ضببعيف‪ ,‬لن هببذه ا َ‬
‫ليببة‬
‫مكية‪ ,‬وسلمان إنما أسببلم بالمدينببة‪ ,‬وقببال عبيببد اللببه بببن‬
‫مسلم‪ :‬كان لنا غلمان روميان يقرآن كتابا ً لهمببا بلسببانهما‬
‫فكان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بهما فيقوم فيسببمع‬
‫منهما‪ ,‬فقال المشركون‪ :‬يتعلببم منهمببا‪ ,‬فببأنزل اللببه هببذه‬
‫لية‪ .‬وقال الزهري عن سعيد بن المسيب‪ :‬الذي قال ذلك‬ ‫ا َ‬
‫من المشركين رجل كان يكتب الوحي لرسول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم فارتد بعد ذلك عن السببلم وافببترى هببذه‬
‫المقالببببببببببببببببببة‪ ,‬قبحببببببببببببببببببه اللببببببببببببببببببه‪.‬‬

‫م‬ ‫ه وَل َهُب ْ‬ ‫م الل ّب ُ‬ ‫ديهِ ُ‬ ‫ت الل ّبهِ ل َ ي َهْب ِ‬‫ن ِبآي َببا ِ‬
‫من ُببو َ‬ ‫ن ل َ ي ُؤْ ِ‬‫ذي َ‬‫ن ال ّب ِ‬
‫** إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫ن ِبآي َببا ِ‬ ‫ن ل َ ي ُؤْ ِ‬
‫من ُببو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب ال ّب ِ‬
‫ري ال ْك َبذِ َ‬ ‫ما ي َْفت َ ِ‬‫م * إ ِن ّ َ‬‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬‫عَ َ‬
‫ن‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ُ‬
‫الّلبببببببببببهِ وَأْولـبببببببببببئ ِ َ‬
‫كببببببببببباذُِبو َ‬ ‫هببببببببببب ُ‬ ‫ك ُ‬
‫يخبر تعالى أنه ل يهدي من أعرض عن ذكره وتغافل عما‬
‫أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يكن له قصد‬
‫إلى اليمان بما جاء من عند الله‪ ,‬فهذا الجنس من النبباس‬
‫ل يهديهم الله إلى اليمان بآياته وما أرسل بببه رسببله فببي‬
‫لخرة‪ ,‬ثم أخبببر تعببالى‬ ‫الدنيا‪ ,‬ولهم عذاب أليم موجع في ا َ‬
‫أن رسوله صلى الله عليه وسببلم ليببس بمفببتر ول كببذاب‪,‬‬
‫لنه إنما يفتري الكذب على الله وعلى رسوله صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم شرار الخلق‪} ,‬الذين ل يؤمنببون بآيببات اللببه{‬
‫من الكفرة والملحببدين المعروفيببن بالكببذب عنببد النبباس‪,‬‬
‫والرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان أصببدق النبباس‬
‫وأبرهببم وأكملهببم علمببا ً وعمل ً وإيمانببا ً وإيقانببًا‪ ,‬معروفببا ً‬

‫‪613‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بالصدق في قومه‪ ,‬ل يشك فبي ذلبك أحببد منهبم بحيبث ل‬
‫يدعى بينهم إل بالمين محمد صلى الله عليه وسلم‪ ,‬ولهذا‬
‫لما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان عببن تلببك المسببائل‬
‫التي سألها من صفة رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫كان فيما قال له‪ :‬هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقببول‬
‫ما قال ؟ قال‪ :‬ل ‪ ,‬فقال هرقل‪ :‬فما كان ليدع الكذب على‬
‫النبببباس ويببببذهب فيكببببذب علببببى اللببببه عببببز وجببببل‪.‬‬

‫** من ك ََفر بالل ّه من بعد إيمان ِه إل ّ م ُ‬


‫ن‬‫مئ ِ ّ‬ ‫مط ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن أك ْرِهَ وَقَل ْب ُ ُ‬ ‫َ ِ ِ ِ َْ ِ َ ِ ِ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫مب َ‬ ‫ب ّ‬ ‫ضب ٌ‬ ‫م غَ َ‬ ‫درا ً فَعَل َي ْهِ ْ‬ ‫ح ِبال ْك ُْفرِ َ َ‬
‫ص ْ‬ ‫شَر َ‬ ‫من َ‬ ‫كن ّ‬ ‫ن وََلـ ِ‬ ‫ما ِ‬‫لي َ‬ ‫ِبا ِ‬
‫حَياةَ ال ْد ّن َْيا‬ ‫حّبوا ْ ال ْ َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫ما ْ‬ ‫ك ب ِأن ّهُ ُ‬‫م * ذ َل ِ َ‬ ‫ظي ٌ‬‫ب عَ ِ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م عَ َ‬ ‫الل ّهِ وَل َهُ ْ‬
‫ك‬ ‫ن * ُأوَلـ بئ ِ َ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫م ال ْك َببافِ‬ ‫دي ال َْقبوْ َ‬ ‫ه ل َ ي َهْب ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫َ‬
‫خَرةِ وَأ ّ‬ ‫ى ال َ ِ‬ ‫َ‬
‫عَل َ‬
‫ك‬ ‫م وَُأوَلـ بئ ِ َ‬ ‫صببارِهِ ْ‬
‫َ‬
‫م وَأب ْ َ‬ ‫معِهِ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ى قُُلوب ِهِ ْ‬ ‫َ‬
‫ه عَل َ‬ ‫ن ط َب َعَ الل ّ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ن‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫م فِببي ال َ ِ‬ ‫هُم ال َْغافُلون * ل َ جر َ‬
‫سببرو َ‬ ‫خا ِ‬ ‫خبَرةِ هُب ُ‬ ‫م أن ّهُ ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أخبر تعالى عمن كفر بببه بعببد اليمببان والتبصببر‪ ,‬وشببرح‬
‫صدره بالكفر واطمببأن بببه‪ ,‬أنببه قببد غضببب عليببه لعلمهببم‬
‫باليمان ثم عدولهم عنه‪ ,‬وأن لهم عذابا عظيما ً فببي الببدار‬
‫لخببرة‪ ,‬فأقببدموا‬ ‫لخرة‪ ,‬لنهم استحبوا الحياة الدنيا على ا َ‬ ‫ا َ‬
‫على ما أقدموا عليه من الردة لجل الدنيا‪ ,‬ولببم يهببد اللببه‬
‫قلوبهم ويثبتهم على الدين الحق‪ ,‬فطبع على قلوبهم‪ ,‬فهم‬
‫ل يعقلون بها شيئا ً ينفعهم‪ ,‬وختم على سمعهم وأبصببارهم‬
‫فل ينتفعون بها‪ ,‬ول أغنبت عنهبم شبيئا ً فهبم غبافلون عمبا‬
‫يراد بهم‪} ,‬ل جرم{ أي ل بد ول عجب أن من هذه صببفته‬
‫لخببرة هببم الخاسببرون{ أي الببذين خسببروا‬ ‫}أنهببم فببي ا َ‬
‫أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ب وأمببا قببوله‪} :‬إل مببن أكببره‬
‫وقلبه مطمئن باليمان{ فهببو اسببتثناء ممببن كفببر بلسببانه‬
‫ووافق المشركين بلفظه مكرها ً لما ناله من ضببرب وأذى‪,‬‬
‫وقلبه يأبى ما يقول‪ ,‬وهو مطمئن باليمان بببالله ورسببوله‪.‬‬
‫لية نزلت فببي‬ ‫وقد روى العوفي عن ابن عباس أن هذه ا َ‬
‫عمار بن ياسر حين عذبه المشببركون حببتى يكفببر بمحمببد‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فوافقهم علببى ذلببك مكرهبًا‪ ,‬وجبباء‬

‫‪614‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫معتذرا ً إلى النبي صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فببأنزل اللببه هببذه‬
‫لية‪ .‬وهكذا قال الشببعبي وقتببادة وأبببو مالببك‪ ,‬وقببال ابببن‬ ‫ا َ‬
‫جرير‪ :‬حدثنا ابن عبببد العلببى‪ ,‬حببدثنا محمببد بببن ثببور عببن‬
‫معمر عن عبد الكريم الجزري‪ ,‬عن أبي عبيببدة محمببد بببن‬
‫عمببار بببن ياسببر قببال‪ :‬أخببذ المشببركون عمببار بببن ياسببر‬
‫فعذبوه حتى قاربهم في بعض مببا أرادوا فشببكا ذلببك إلببى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فقال النبي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬كيف تجد قلبك ؟{ قببال‪ :‬مطمئن با ً باليمببان‪ .‬قببال‬
‫النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬إن عببادوا فعببد« ورواه‬
‫البيهقي بأبسط من ذلك‪ ,‬وفيه أنه سب النبببي صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪ ,‬وذكر آلهتهم بخيببر‪ ,‬فشببكا ذلببك النبببي صببلى‬
‫الله عليه وسلم فقال‪ :‬يارسول الله ما تركت حتى سببتك‬
‫وذكببرت آلهتهببم بخيببر‪ ,‬قببال‪» :‬كيببف تجببد قلبببك ؟« قببال‪:‬‬
‫مطمئنا ً باليمان‪ ,‬فقال »إن عادوا فعد«‪ ,‬وفببي ذلببك أنببزل‬
‫الله }إل من أكببره وقلبببه مطمئن باليمببان{ ولهببذا اتفببق‬
‫العلماء على أن المكببره علببى الكفببر يجببوز لببه أن يببوالي‬
‫إبقاء لمهجته‪ ,‬ويجوز له أن يأبى كما كان بلل رضببي اللببه‬
‫عنه يأبى عليهم ذلك وهم يفعلون به الفاعيل‪ ,‬حببتى إنهببم‬
‫ليضعوا الصببخرة العظيمببة علببى صببدره فببي شببدة الحببر‪,‬‬
‫ويأمرونه بالشرك بببالله فيببأبى عليهببم‪ ,‬وهببو يقببول‪ :‬أحببد‪,‬‬
‫أحد‪ .‬ويقول‪ :‬واللببه لببو أعلببم كلمببة هببي أغيببظ لكببم منهببا‬
‫لقلتها‪ ,‬رضببي اللببه عنببه وأرضبباه‪ .‬وكببذلك حبببيب بببن زيببد‬
‫النصاري لما قال له مسيلمة الكببذاب‪ :‬أتشببهد أن محمببدا ً‬
‫رسول اللببه ؟ فيقببول‪ :‬نعببم‪ .‬فيقببول‪ :‬أتشببهد أنببي رسببول‬
‫الله ؟ فيقول‪ :‬ل أسبمع‪ .‬فلبم يبزل يقطعبه إرببا ً إرببا ً وهبو‬
‫ثابت على ذلك‪ .‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا إسماعيل‪ ,‬حببدثنا‬
‫أيوب عن عكرمة أن عليا ً رضي الله عنه حرق ناسا ً ارتدوا‬
‫عن السلم‪ ,‬فبلغ ذلك ابن عباس فقال‪ :‬لم أكن لحرقهببم‬
‫بالنار‪ ,‬إن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪» :‬ل‬
‫تعذبوا بعذاب الله« وكنت أقاتلهم بقول رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬من بدل دينه فاقتلوه« فبلببغ ذلببك عليبا ً‬
‫فقبببببال‪ :‬ويبببببح أم اببببببن عبببببباس‪ ,‬رواه البخببببباري‪.‬‬

‫‪615‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال المام أحمد أيضا‪ :‬حدثنا عبببد الببرزاق‪ ,‬أنبأنببا معمببر‬
‫عن أيوب عن حميد بن هلل العدوي‪ ,‬عن أبي بببردة قببال‪:‬‬
‫قدم على أبي موسى معبباذ بببن جبببل ببباليمن‪ ,‬فببإذا رجببل‬
‫عنده‪ ,‬قال‪ :‬ما هذا ؟ قال‪ :‬رجببل كببان يهودي با ً فأسببلم‪ ,‬ثببم‬
‫تهود ونحن نريده على السلم منذ قببال أحسبببه شببهرين‪,‬‬
‫فقال‪ :‬والله ل أقعد حببتى تضببربوا عنقببه‪ ,‬فضببربت عنقببه‪,‬‬
‫فقال‪ :‬قضى الله ورسوله أن من رجع عن دينه فاقتلوه أو‬
‫قال‪» :‬من بدل دينه فاقتلوه« وهذه القصة في الصحيحين‬
‫بلفظ آخر‪ .‬والفضل والولى أن يثبت المسببلم علببى دينببه‬
‫ولو أفضى إلى قتله‪ ,‬كمببا ذكببر الحببافظ ابببن عسبباكر فببي‬
‫ترجمة عبببد اللببه بببن حذافببة السببهمي أحببد الصببحابة أنببه‬
‫أسرته الروم‪ ,‬فجاءوا به إلى ملكهم فقببال لبه‪ :‬تنصببر وأنببا‬
‫أشركك في ملكي وأزوجك ابنتي‪ ,‬فقال لببه‪ :‬لببو أعطيتنببي‬
‫جميع ما تملك وجميع ما تملكه العرب على أن أرجببع عببن‬
‫دين محمد صلى الله عليه وسلم طرفببة عيببن مببا فعلببت‪,‬‬
‫فقال‪ :‬إذا ً أقتلك‪ ,‬فقال‪ :‬أنت وذاك‪ ,‬قال‪ :‬فأمر به فصببلب‪,‬‬
‫وأمر الرماة فرموه قريببا ً مببن يببديه ورجليببه وهببو يعببرض‬
‫عليه دين النصرانية فيأبى‪ ,‬ثم أمر به فأنزل‪ ,‬ثم أمر بقدر‪,‬‬
‫وفي رواية ببقرة من نحبباس فببأحميت‪ ,‬وجبباء بأسببير مببن‬
‫المسلمين فألقاه وهو ينظر‪ ,‬فإذا هو عظام تلوح‪ ,‬وعببرض‬
‫عليه فأبى‪ ,‬فأمر به أن يلقى فيها‪ ,‬فرفع في البكرة ليلقى‬
‫فيها‪ ,‬فبكى فطمع فيه ودعاه‪ ,‬فقال‪ :‬إنما بكيت لن نفسي‬
‫إنما هي نفس واحدة تلقبى فبي هبذه القبدر السباعة فبي‬
‫الله‪ ,‬فأحببت أن يكون لي بعببدد كببل شببعرة فببي جسببدي‬
‫نفس تعذب هذا العذاب في الله‪ .‬وفي بعض الروايات أنه‬
‫سجنه ومنع منه الطعام والشببراب أيام بًا‪ ,‬ثببم أرسببل إليببه‬
‫بخمر ولحم خنزير فلم يقربه‪ ,‬ثم استدعاه فقال‪ :‬ما منعك‬
‫أن تأكببل ؟ فقببال‪ :‬أمببا إنببه قببد حببل لببي‪ ,‬ولكببن لببم أكببن‬
‫لشمتك بي‪ ,‬فقال له الملببك‪ :‬فقبببل رأسببي وأنببا أطلقببك‪,‬‬
‫فقال‪ :‬وتطلق معي جميع أسارى المسلمين ؟ قببال‪ :‬نعببم‪,‬‬
‫فقبل رأسه فأطلقه وأطلق معه جميع أسببارى المسببلمين‬
‫عنده‪ ,‬فلما رجع قال عمر بببن الخطبباب رضببي اللببه عنببه‪:‬‬

‫‪616‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حق على كل مسلم أن يقبببل رأس عبببد اللببه بببن حذافببة‪,‬‬
‫وأنبببا أببببدأ‪ ,‬فقبببام فقببببل رأسبببه رضبببي اللبببه عنهمبببا‪.‬‬

‫دوا ْ‬‫جاهَب ُ‬ ‫م َ‬ ‫ما فُت ِن ُببوا ْ ث ُب ّ‬‫من ب َعْدِ َ‬‫جُروا ْ ِ‬ ‫ها َ‬‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫ذي‬ ‫ك ل ِل ّ ِ‬‫ن َرب ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬‫** ث ُ ّ‬
‫ْ‬
‫ل‬ ‫م ت َبأِتي ك ُب ّ‬ ‫م * ي َبوْ َ‬ ‫ها ل َغَُفوٌر ّر ِ‬
‫حي ب ٌ‬ ‫من ب َعْدِ َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ن َرب ّ َ‬ ‫صب َُروا ْ إ ِ ّ‬‫وَ َ‬
‫م لَ‬ ‫ت وَهُ ْ‬ ‫مل َ ْ‬‫ما عَ ِ‬ ‫س ّ‬ ‫ل ن َْف ٍ‬‫ى كُ ّ‬
‫سَها وَت ُوَفّ َ‬ ‫عن ن ّْف ِ‬ ‫ل َ‬ ‫جادِ ُ‬ ‫س تُ َ‬‫ن َْف ٍ‬
‫ن‬
‫مبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببو َ‬ ‫ي ُظ ْل َ ُ‬
‫هبؤلء صبنف آخبر كبانو مستضبعفين بمكبة مهبانين فبي‬
‫قومهم فوافقوهم على الفتنببة‪ ,‬ثببم إنهببم أمكنهببم الخلص‬
‫بالهجرة فتركوا بلدهم وأهليهببم وأمببوالهم ابتغبباء رضببوان‬
‫اللببه وغفرانببه‪ ,‬وانتظمببوا فببي سببلك المببؤمنين‪ ,‬وجاهببدوا‬
‫معهم الكافرين‪ ,‬وصبروا‪ ,‬فأخبر تعالى أنببه مببن بعببدها‪ ,‬أي‬
‫تلك الفعلة وهي الجابة إلى الفتنة لغفور لهببم رحيببم بهببم‬
‫يوم معادهم }يوم تأتي كل نفس تجادل{ أي تحبباج }عببن‬
‫نفسببها{ ليببس أحببد يحبباج عنهببا ل أب ول ابببن ول أخ ول‬
‫زوجة }وتوفى كل نفببس مببا عملببت{ أي مببن خيببر وشببر‬
‫}وهم ل يظلمون{ أي ل ينقص من ثواب الخيببر‪ ,‬ول يببزاد‬
‫علببببببى ثببببببواب الشببببببر‪ ,‬ول يظلمببببببون نقيببببببرًا‪( .‬‬

‫ة ي َأ ِْتيهَببا رِْزقُهَببا‬‫مئ ِن ّ ً‬‫مط ْ َ‬‫ة ّ‬ ‫من َ ً‬


‫تآ ِ‬ ‫ة َ‬
‫كان َ ْ‬ ‫مث َل ً قَْري َ ً‬‫ه َ‬‫ب الل ّ ُ‬ ‫ضَر َ‬ ‫** وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫س‬
‫ه ل ِب َببا َ‬‫ذاقَهَببا الل ّب ُ‬ ‫ت ب ِأن ْعُم ِ الل ّهِ فَأ َ‬‫ن فَك ََفَر ْ‬ ‫كا ٍ‬ ‫م َ‬‫ل َ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫غدا ً ّ‬‫َر َ‬
‫ل‬‫سببو ٌ‬ ‫م َر ُ‬ ‫جببآَءهُ ْ‬ ‫ن * وَل ََقبد ْ َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َ ْ‬
‫صن َُعو َ‬ ‫ما َ‬ ‫ف بِ َ‬ ‫خو ْ ِ‬‫جوِع َوال ْ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مو َ‬ ‫م ظ َببببال ِ ُ‬ ‫ب وَهُبببب ْ‬ ‫ذا ُ‬‫م ال ْعَبببب َ‬ ‫خببببذ َهُ ُ‬ ‫م فَك َببببذ ُّبوهُ فَأ َ‬ ‫من ْهُبببب ْ‬
‫ّ‬
‫هذا مثل أريد بببه أهببل مكببة‪ ,‬فإنهببا كببانت آمنببة مطمئنببة‬
‫مستقرة يتخطف الناس من حولها‪ ,‬ومن دخلها كان آمنا ل‬
‫يخبباف‪ ,‬كمببا قببال تعببالى‪} :‬وقببالوا إن نتبببع الهببدى معببك‬
‫نتخطف من أرضنا أو لم نمكن لهم حرما ً آمن با ً يجبببى إليببه‬
‫ثمرات كل شيء رزقا ً من لدنا{‪ ,‬وهكذا قال ههنا‪} :‬يأتيهببا‬
‫رزقها رغدًا{ أي هنيئا ً سهل ً }من كل مكان فكفرت بببأنعم‬
‫الله{ أي جحدت آلء الله عليها وأعظمها بعثة محمد صلى‬
‫الله عليه وسلم إليهم‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬ألم تر إلى الببذين‬

‫‪617‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بببدلوا نعمببة اللببه كفببرا ً وأحلببوا قببومهم دار البببوار جهنببم‬
‫يصلونها وبئس القرار{ ولهذا بدلهم اللببه بحبباليهم الوليببن‬
‫خلفهما‪ ,‬فقال‪} :‬فأذاقها الله لباس الجببوع والخببوف{ أي‬
‫ألبسها وأذاقها الجوع بعد أن كان يجبى إليهم ثمببرات كببل‬
‫شببيء‪ ,‬ويأيتهببا رزقهببا رغببدا ً مببن كببل مكببان‪ ,‬وذلببك ل ّ‬
‫مببا‬
‫استعصوا على رسول الله صلى الله عليه وسببلم وأبببوا إل‬
‫خلفه فدعا عليهببم بسبببع كسبببع يوسببف‪ ,‬فأصببابتهم سببنة‬
‫أذهبت كل شيء لهم‪ ,‬فأكلوا العلهز وهو وبر البعير يخلببط‬
‫ببببببببببببببببببببببببببببببدمه إذا نحبببببببببببببببببببببببببببببروه‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬والخوف{ وذلك أنهببم بببدلوا بببأمنهم خوفبا ً مببن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصببحابه حيببن هبباجروا‬
‫إلى المدينة من سطوته وسراياه وجيوشه‪ ,‬وجعل كببل مببا‬
‫لهم في دمار وسفال حتى فتحها الله علببى رسببوله صببلى‬
‫الله عليه وسلم وذلببك بسبببب صببنيعهم وبغيهببم وتكببذيبهم‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله فيهم منهببم‪,‬‬
‫وامتن به عليهم في قوله‪} :‬لقد من الله على المؤمنين إذ‬
‫ليببة‪ .‬وقببوله تعببالى‪:‬‬ ‫بعببث فيهببم رسببول ً مببن أنفسببهم{ ا َ‬
‫}فاتقوا الله يا أولي اللباب * الذين آمنببوا قببد أنببزل اللببه‬
‫لية‪ ,‬وقوله‪} :‬كما أرسلنا فيكم رسول ً‬ ‫ل{ ا َ‬‫إليكم ذكرا ً رسو ً‬
‫منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمببة‬
‫ب الى قوله ب ول تكفرون{ وكما أنه انعكس على الكافرين‬
‫حالهم فخافوا بعد المن‪ ,‬وجبباعوا بعببد الرغببد‪ ,‬فبببدل اللببه‬
‫المببؤمنين مببن بعببد خببوفهم أمنببًا‪ ,‬ورزقهببم بعببد العيلببة‪,‬‬
‫وجعلهم أمراء الناس وحكامهم وسادتهم وقادتهم وأئمتهم‪,‬‬
‫وهذا الذي قلناه من أن هذا المثل ضرب لهببل مكببة قبباله‬
‫العوفي عن ابن عباس‪ ,‬وإليه ذهببب مجاهببد وقتببادة وعبببد‬
‫الرحمببن بببن زيببد بببن أسببلم‪ ,‬وحكبباه مالببك عببن الزهببري‬
‫رحمهبببببببببببببببببببببببببببببببم اللبببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثني ابن عبد الرحيببم البببرقي‪ ,‬حببدثنا‬
‫ابن أبي مريم‪ ,‬حدثنا نافع بن يزيد‪ ,‬حدثنا عبد الرحمببن بببن‬
‫شريح أن عبببد الكريببم ببن الحببارث الحضببرمي حبدثه أنبه‬
‫سمع مشببرح بببن هاعببان يقببول‪ :‬سببمعت سببليم بببن عببتر‬

‫‪618‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول‪ :‬صدرنا من الحج مببع حفصببة زوج النبببي صببلى اللببه‬
‫عليه وسببلم وعثمببان رضببي اللببه عنببه محصببور بالمدينببة‪,‬‬
‫فكانت تسأل عنه ما فعببل ؟ حببتى رأت راكبببين فأرسببلت‬
‫إليهما تسألهما فقال‪ :‬قتل‪ ,‬فقالت حفصببة‪ :‬والببذي نفسببي‬
‫بيده إنها القرية ب تعني المدينببة ب ب الببتي قببال اللببه تعببالى‪:‬‬
‫}وضرب الله مثل قرية كانت آمنببة مطمئنببة يأتيهببا رزقهببا‬
‫رغدا ً من كل مكان فكفرت بأنعم الله{ قببال ابببن شببريح‪:‬‬
‫وأخبرني عبيد الله بن المغيرة عمن حدثه أنببه كببان يقببول‬
‫إنهببببببببببببببببببببببببببببببببا المدينببببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬

‫ة الل ّبهِ‬ ‫مب َ‬ ‫شبك ُُروا ْ ن ِعْ َ‬ ‫حلل ً ط َّيببا ً َوا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ما َرَزقَك ُ ُ‬ ‫م ّ‬‫** فَك ُُلوا ْ ِ‬
‫م‬ ‫ة َوال ْبد ّ َ‬ ‫مي ْت َب َ‬‫م ال ْ َ‬ ‫م عَل َي ْك ُب ُ‬ ‫حبّر َ‬ ‫مببا َ‬ ‫ن * إ ِن ّ َ‬ ‫دو َ‬ ‫م إ ِي ّبباهُ ت َعْب ُب ُ‬ ‫ِإن ك ُن ْت ُ ْ‬
‫ضبط ُّر غَي ْبَر ب َبباٍغ‬ ‫نا ْ‬ ‫مب ِ‬ ‫ل ل ِغَي ْرِ الل ّهِ ب ِهِ فَ َ‬ ‫مآ أ ُهِ ّ‬ ‫زيرِ وَ َ‬ ‫خن ْ ِ‬‫م ال ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫وَل َ ْ‬
‫ف‬‫صب ُ‬ ‫مببا ت َ ِ‬ ‫م * وَل َ ت َُقول ُببوا ْ ل ِ َ‬ ‫حي ب ٌ‬ ‫ه غَُفببوٌر ّر ِ‬ ‫ن الل ّب َ‬ ‫وَل َ عَببادٍ فَ بإ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ى الل ّبهِ‬ ‫ْ َ‬
‫م لت َْفت َبُروا عَلب َ‬
‫حَرا ٌ ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫هـ َ‬‫ل وَ َ‬ ‫حل َ ٌ‬ ‫ذا َ‬ ‫هـ َ‬ ‫ب َ‬ ‫م ال ْك َذِ َ‬ ‫سن َت ُك ُ ُ‬ ‫أل ْ ِ‬
‫ن*‬ ‫حببو َ‬ ‫ب ل َ ي ُْفل ِ ُ‬ ‫ى الل ّبهِ ال ْك َبذِ َ‬ ‫َ‬ ‫ن عَل َب‬ ‫ن ي َْفت َبُرو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ب إِ ّ‬ ‫ال ْك َذِ َ‬
‫َ‬
‫م‬
‫ب أِليببببببببب ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م عَببببببببب َ‬ ‫ل وَل َهُببببببببب ْ‬ ‫مت َببببببببباعٌ قَِليببببببببب ٌ‬ ‫َ‬
‫يقببول تعببالى آمببرا ً عببباده المببؤمنين بأكببل رزقببه الحلل‬
‫الطيب وبشكره على ذلك فإنه المنعم المتفضل به ابتببداء‬
‫الذي يستحق العبادة وحده ل شريك له‪ ,‬ثم ذكر تعالى مببا‬
‫حرمه عليهم مما فيه مضرة لهم فببي دينهببم ودنيبباهم مببن‬
‫الميتة والدم ولحم الخنزير }ومببا أهببل لغيببر اللببه بببه{ أي‬
‫ذبح على غير اسم الله‪ ,‬ومع هذا }فمبن اضبطر{ إليبه أي‬
‫احتاج من غير بغي ول عدوان }فببإن اللببه غفببور رحيببم{‪.‬‬
‫لية في سورة البقرة بما‬ ‫وقد تقدم الكلم على مثل هذه ا َ‬
‫فيببببببه كفايببببببة عببببببن إعببببببادته‪ ,‬وللببببببه الحمببببببد‪.‬‬
‫ثم نهى تعالى عن سلوك سبيل المشركين الببذين حللببوا‬
‫وحرموا بمجرد ما وصفوه واصببطلحوا عليببه مببن السببماء‬
‫بآرائهم من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام وغير ذلببك‪,‬‬
‫مما كان شرعا ً لهببم ابتببدعوه فببي جبباهليتهم‪ ,‬فقببال‪} :‬ول‬
‫تقولوا لما تصف ألسببنتكم الكببذب هببذا حلل وهببذا حببرام‬

‫‪619‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لتفتروا على الله الكذب{ ويدخل في هببذا كببل مببن ابتببدع‬
‫بدعة ليس له فيها مستند شرعي‪ ,‬أو حلل شيئا ً مما حببرم‬
‫الله‪ ,‬أو حرم شيئا ً مما أباح الله بمجرد رأيه وتشببهيه‪ ,‬ومببا‬
‫في قوله‪} :‬لمببا تصببف{ مصببدرية‪ ,‬أي ول تقولببوا الكببذب‬
‫لوصف ألسنتكم‪ ,‬ثببم توعببد علببى ذلببك فقببال‪} :‬إن الببذين‬
‫يفترون على الله الكذب ل يفلحون{ أي في الدنيا ول في‬
‫لخببرة فلهببم‬‫لخرة‪ ,‬أما في الدنيا فمتاع قليل‪ ,‬وأما فببي ا َ‬ ‫ا َ‬
‫عذاب أليم‪ ,‬كمببا قببال‪} :‬نمتعهببم قليل ً ثببم نضببطرهم إلببى‬
‫عذاب غليظ{ وقال }إن الذين يفترون على الله الكذب ل‬
‫يفلحببون‪ ,‬متبباع فببي الببدنيا ثببم إلينببا مرجعهببم ثببم نببذيقهم‬
‫العبببببببذاب الشبببببببديد بمبببببببا كبببببببانوا يكفبببببببرون{‪.‬‬

‫ما‬‫ل وَ َ‬ ‫من قَب ْ ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫صَنا عَل َي ْ َ‬‫ص ْ‬ ‫ما قَ َ‬ ‫مَنا َ‬


‫حّر ْ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫ها ُ‬ ‫ن َ‬
‫ذي َ‬ ‫ى ال ّ ِ‬ ‫َ‬
‫** وَعَل َ‬
‫َ‬
‫ك‬ ‫ن َرب ّب َ‬ ‫م إِ ّ‬‫ن * ث ُب ّ‬ ‫مببو َ‬‫م ي َظ ْل ِ ُ‬ ‫كن ك َببان ُوَا ْ أن ُْف َ‬
‫س به ُ ْ‬ ‫م وََلـ ب ِ‬ ‫مَناهُ ْ‬ ‫ظ َل َ ْ‬
‫حوَا ْ‬ ‫ل ِل ّذين عَمُلوا ْ السوَء بجهال َة ث ُم تابوا ْ من بعد ذ َل ِ َ َ‬
‫صببل َ ُ‬ ‫ك وَأ ْ‬ ‫ِ َْ ِ‬ ‫ّ َ ِ َ َ ٍ ّ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ‬
‫م‬‫حيبببببببب ٌ‬ ‫ها ل َغَُفببببببببوٌر ّر ِ‬ ‫مببببببببن ب َعْببببببببدِ َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ن َرب ّبببببببب َ‬ ‫إِ ّ‬
‫لما ذكر تعالى أنه إنمببا حببرم علينببا الميتببة والببدم ولحببم‬
‫الخنزيببر ومببا أهببل لغيببر اللببه بببه وإنمببا أرخببص فيببه عنببد‬
‫الضرورة ب وفي ذلك توسعة لهذه المة التي يريد الله بهببا‬
‫اليسرى ول يريد بها العسرى ب ذكر سبحانه وتعالى ما كان‬
‫حرمه على اليهود في شريعتهم قبل أن ينسخها‪ ,‬وما كانوا‬
‫لصار والتضييق والغلل والحرج‪ ,‬فقال‪} :‬وعلببى‬ ‫فيه من ا َ‬
‫الذين هادوا حرمنببا مببا قصصببنا عليببك مببن قبببل{ أي فببي‬
‫سورة النعام في قوله‪} :‬وعلببى الببذين هببادوا حرمنببا كببل‬
‫ذي ظفر ومببن البقببر والغنببم حرمنببا عليهببم شببحومهما إل‬
‫ماحملت ظهورهما ب إلببى قببوله بب لصببادقون{ ولهببذا قببال‬
‫ههنا‪} :‬وما ظلمناهم{ أي فيما ضيقنا عليهم }ولكن كببانوا‬
‫أنفسهم يظلمون{ أي فاسببتحقوا ذلببك‪ ,‬كقببوله‪} :‬فبظلببم‬
‫من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهببم وبصببدهم‬
‫عن سبيل الله كثيرًا{ ثم أخبر تعببالى تكرم با ً وامتنان با ً فببي‬
‫حق العصاة المؤمنين أن من تبباب منهببم إليببه تبباب عليببه‪,‬‬

‫‪620‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقال‪} :‬ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة{ قال بعض‬
‫السلف‪ :‬كل من عصى الله فهو جاهل }ثم تببابوا مببن بعببد‬
‫ذلك وأصلحوا{ أي أقلعببوا عمببا كببانوا فيببه مببن المعاصببي‬
‫وأقبلوا على فعل الطاعات }إن ربك من بعببدها{ أي تلببك‬
‫الفعلببببببببببة والزلببببببببببة }لغفببببببببببور رحيببببببببببم{‪.‬‬

‫** إن إبراهي بم ك َببا ُ‬


‫ن‬ ‫مب َ‬ ‫ك ِ‬ ‫م ي َب ُ‬‫حِنيف با ً وَل َب ْ‬ ‫ة َقاِنت با ً ل ِل ّبهِ َ‬ ‫مب ً‬ ‫نأ ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ ّ َِْ ِ َ‬
‫ط‬
‫ص بَرا ٍ‬ ‫ى ِ‬ ‫َ‬ ‫كرا ً لن ْعُ ِ‬ ‫ن* َ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫داهُ إ ِل ب َ‬ ‫جت َب َبباهُ وَهَ ب َ‬ ‫م به ِ ا ْ‬ ‫شببا ِ‬ ‫كي َ‬
‫ش برِ ِ‬
‫ن‬‫مب َ‬ ‫خ بَرةِ ل َ ِ‬
‫ه فِببي ال َ ِ‬ ‫ة وَإ ِن ّ ُ‬‫سن َ ً‬‫ح َ‬‫ست َِقيم ٍ * َوآت َي َْناهُ ِفي ال ْد ّن َْيا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مببا‬‫حِنيفا ً وَ َ‬‫م َ‬ ‫هي َ‬
‫ة إ ِب َْرا ِ‬‫مل ّ َ‬ ‫ن ات ّب ِعْ ِ‬
‫كأ ِ‬ ‫حي َْنآ إ ِل َي ْ َ‬ ‫م أو ْ َ‬ ‫ن * ثُ ّ‬
‫حي َ‬‫صال ِ ِ‬‫ال ّ‬
‫ن‬
‫كي َ‬ ‫شببببببببببببببببببرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫مبببببببببببببببببب َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ك َببببببببببببببببببا َ‬
‫يمدح تعالى عبده ورسوله وخليله إبراهيم إمببام الحنفبباء‬
‫ووالببد النبيبباء‪ ,‬ويبببرئه مببن المشببركين ومببن اليهوديببة‬
‫والنصرانية‪ ,‬فقال‪} :‬إن إبراهيم كان أمة قانتا ً للببه حنيف بًا{‬
‫فأمببا المببة‪ :‬فهببو المببام الببذي يقتببدى بببه‪ ,‬والقببانت‪ :‬هببو‬
‫الخاشع المطيع‪ ,‬والحنيف‪ :‬المنحببرف قصببدا ً عببن الشببرك‬
‫إلى التوحيد‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬ولم يببك مببن المشببركين{ قببال‬
‫سفيان الثوري عن سلمة بببن كهيببل‪ ,‬عببن مسببلم البطيببن‬
‫عن أبي العبيدين‪ :‬أنه سأل عبد الله بن مسعود عن المببة‬
‫القانت‪ ,‬فقال‪ :‬المة معلببم الخيببر‪ ,‬والقببانت‪ :‬المطيببع للببه‬
‫ورسوله‪ ,‬وعن مالك قال‪ :‬قال ابن عمر‪ :‬المة البذي يعلببم‬
‫الناس دينهم‪ ,‬وقال العمش عن يحيى بن الجزار عن أببي‬
‫العبيدين أنه جاء إلبى عببد اللبه فقبال‪ :‬مبن نسبأل إذا لبم‬
‫نسألك ؟ فكأن ابببن مسببعود رق لببه‪ ,‬فقببال‪ :‬أخبببرني عببن‬
‫المبببببة‪ ,‬فقبببببال‪ :‬البببببذي يعلبببببم النببببباس الخيبببببر‪.‬‬
‫وقال الشعبي‪ :‬حدثني فببروة بببن نوفببل الشببجعي قببال‪:‬‬
‫قال ابن مسعود‪ :‬إن معاذا ً كان أمة قانتا ً لله حنيفًا‪ ,‬فقلببت‬
‫في نفسي‪ :‬غلط أبو عبد الرحمببن‪ ,‬وقببال إنمببا قببال اللببه‪:‬‬
‫}إن إبراهيببم كببان أمببة{ فقببال‪ :‬أتببدري مببا المببة ومببا‬
‫القانت ؟ قلت‪ :‬الله أعلم‪ ,‬فقال‪ :‬المة الببذي يعلببم الخيببر‪,‬‬
‫والقانت المطيع لله ورسوله‪ ,‬وكذلك كان معاذ‪ .‬وقببد روي‬

‫‪621‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من غير وجه عن ابببن مسببعود‪ ,‬أخرجببه ابببن جريببر‪ .‬وقببال‬
‫مجاهد‪ :‬أمة أي أمة وحده‪ ,‬والقانت المطيببع وقببال مجاهببد‬
‫أيضًا‪ :‬كان إبراهيم أمة أي مؤمن با ً وحببده والنبباس كلهببم إذ‬
‫ذاك كفار‪ .‬وقال قتادة‪ :‬كان إمام هببدى‪ ,‬والقببانت المطيببع‬
‫لله‪ .‬وقبوله‪} :‬شباكرا ً لنعمبه{ أي قائمبا ً بشبكر نعبم اللبه‬
‫عليه‪ ,‬كقوله تعالى‪} :‬وإبراهيم الذي وفى{ أي قام بجميببع‬
‫مببببببببببا أمببببببببببره اللببببببببببه تعببببببببببالى بببببببببببه‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬اجتباه{ أي اختاره واصطفاه كقوله‪} :‬ولقد آتينا‬
‫إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين{‪ ,‬ثم قال‪} :‬وهداه‬
‫إلى صراط مستقيم{ وهو عبادة الله وحببده ل شببريك لببه‬
‫على شرع مرضي‪ .‬وقوله‪} :‬وآتيناه في الدنيا حسببنة{ أي‬
‫جمعنا له خير الدنيا من جميع ما يحتبباج المببؤمن إليببه فببي‬
‫لخبرة لمبن الصبالحين{‪.‬‬ ‫إكمال حياته الطيبة }وإنبه فبي ا َ‬
‫وقال مجاهد فببي قببوله‪} :‬وآتينبباه فببي الببدنيا حسببنة{ أي‬
‫لسان صدق‪ .‬وقوله‪} :‬ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيببم‬
‫حنيفًا{ أي ومن كماله وعظمته وصببحة توحيببده وطريقببه‪,‬‬
‫أنا أوحينا إليك ياخاتم الرسل وسيد النبيبباء }أن اتبببع ملببة‬
‫إبراهيم حنيفا ً وما كان من المشركين{ كقوله في النعام‪:‬‬
‫}قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم * دينا ً قيما ً ملة‬
‫إبراهيم حنيفا ً وما كان مببن المشببركين{ ثببم قببال تعببالى‬
‫منكببببببببببببببببببرا ً علببببببببببببببببببى اليهببببببببببببببببببود‪.‬‬

‫خت َل َُفببوا ْ ِفي بهِ وَإ ِ ّ‬


‫ن َرب ّب َ‬
‫ك‬ ‫نا ْ‬
‫ذي َ‬‫ى ال ّب ِ‬ ‫َ‬
‫ت عَل ب َ‬ ‫س بب ْ ُ‬
‫ل ال ّ‬‫جع ِ َ‬ ‫ما ُ‬ ‫** إ ِن ّ َ‬
‫ن‬ ‫كبباُنوا ْ ِفيببهِ ي َ ْ‬
‫خت َل ُِفببو َ‬ ‫مببا َ‬‫مببةِ ِفي َ‬‫م ال ِْقَيا َ‬
‫م َيببوْ َ‬
‫م ب َي ْن َُهبب ْ‬
‫كبب ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ل َي َ ْ‬
‫ل شك أن الله تعالى شرع في كل ملة يوما ً من السبوع‬
‫يجتمع الناس فيه للعبببادة فشببرع تعببالى لهببذه المببة يببوم‬
‫الجمعة لنه اليوم السادس الذي أكمببل اللبه فيببه الخليقببة‬
‫واجتمعت فيه وتمت النعمة علببى عببباده‪ ,‬ويقببال‪ :‬إن اللببه‬
‫تعالى شرع ذلك لبني إسرائيل على لسان موسى فعببدلوا‬
‫عنه‪ ,‬واختاروا السبت لنه اليوم الذي لم يخلق فيببه الببرب‬
‫شببيئا ً مببن المخلوقببات الببذي كمببل خلقهببا يببوم الجمعببة‬

‫‪622‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فببألزمهم تعببالى بببه فببي شببريعة التببوراة‪ ,‬ووصبباهم أن‬
‫يتمسكوا به وأن يحببافظوا عليببه مببع أمببره إيبباهم بمتابعببة‬
‫ذه مببواثيقهم‬ ‫محمد صببلى اللببه عليببه وسببلم إذا بعثببه وأ َ ْ‬
‫خب ِ‬
‫وعهودهم على ذلك‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬إنما جعل السبببت‬
‫علببى الببذين اختلفببوا فيببه{ قببال مجاهببد‪ :‬اتبعببوه وتركببوا‬
‫الجمعة ثم إنهم لم يزالوا متمسببكين بببه حببتى بعببث اللببه‬
‫عيسى ابن مريم‪ ,‬فيقال‪ :‬إنه حولهم إلى يوم الحد‪ ,‬ويقال‬
‫إنه لم يترك شريعة التوراة إل ما نسخ من بعض أحكامهببا‪,‬‬
‫وإنه لم يزل محافظا على السبت حتى رفع‪ ,‬وإن النصارى‬
‫بعده في زمن قسطنطين هم الذين تحولوا إلى يوم الحد‬
‫مخالفة لليهود‪ ,‬وتحولوا إلى الصببلة شببرقا ً عببن الصببخرة‪,‬‬
‫واللببببببببببببببببببببببببببببببببه أعلببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫وقد ثبت فببي الصببحيحين مببن حببديث عبببد الببرزاق عببن‬
‫معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله عنببه أنببه سببمع‬
‫لخببرون‬ ‫رسول لله صلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪» :‬نحببن ا َ‬
‫السابقون يوم القيامة‪ ,‬بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنببا ثببم‬
‫هذا يومهم الذي فرض اللبه عليهببم فبباختلفوا فيببه‪ ,‬فهببدانا‬
‫الله له‪ ,‬فالناس لنا فيه تبع‪ :‬اليهود غدا ً والنصارى بعد غببد«‬
‫لفظ البخاري‪ .‬وعن أبي هريرة وحذيفة رضبي اللبه عنهمبا‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسببلم‪» :‬أضببل اللببه‬
‫عن الجمعة من كان قبلنا‪ ,‬فكان لليهود يوم السبت‪ ,‬وكان‬
‫للنصارى يوم الحد‪ ,‬فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة‪,‬‬
‫فجعل الجمعة والسبت والحببد‪ ,‬وكببذلك هببم تبببع لنببا يببوم‬
‫لخببرون مببن أهببل الببدنيا‪ ,‬والولببون يببوم‬ ‫القيامببة نحببن ا َ‬
‫القيامببة‪ ,‬والمقضببى بينهببم قبببل الخلئق« رواه مسببلم‪.‬‬

‫سببن َةِ‬ ‫ظببةِ ال ْ َ‬


‫ح َ‬ ‫ع َ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫مببةِ َوال ْ َ‬‫حك ْ َ‬‫ك ِبال ْ ِ‬
‫ل َرّببب َ‬ ‫سببِبي ِ‬‫ى َ‬ ‫** اد ْعُ إ ِِلبب َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫عببن‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬‫من َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ك هُوَ أعْل َ ُ‬ ‫ن َرب ّ َ‬ ‫ن إِ ّ‬‫س ُ‬
‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫جادِل ُْهم ِبال ِّتي هِ َ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫دي َ‬ ‫مهَْتببببببببببب ِ‬ ‫م ِبال ْ ُ‬ ‫هبببببببببببوَ أعَْلببببببببببب ُ‬ ‫سبببببببببببِبيل ِهِ وَ ُ‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى آمرا ً رسوله محمدا ً صلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫أن يدعو الخلق إلى الله بالحكمة‪ .‬قال ابن جرير‪ :‬وهببو مببا‬

‫‪623‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أنزله عليه من الكتاب والسنة }والموعظببة الحسببنة{‪ ,‬أي‬
‫بما فيه من الزواجر والوقائع بالناس‪ ,‬ذكرهم بهببا ليحببذروا‬
‫بأس الله تعالى‪ ,‬وقوله‪} :‬وجادلهم بالتي هي أحسببن{ أي‬
‫من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال فليكن بالوجه الحسن‬
‫برفق ولين وحسببن خطبباب‪ ,‬كقببوله تعببالى‪} :‬ول تجببادلوا‬
‫أهل الكتاب إل بالتي هي أحسن إل الببذين ظلمببوا منهببم{‬
‫ليببة‪ ,‬فببأمره تعببالى بليببن الجببانب كمببا أمببر بببه موسببى‬ ‫ا َ‬
‫وهارون عليهما السلم حين بعثهما إلى فرعون في قببوله‪:‬‬
‫}فقببببول لببببه قببببول ً لينببببا ً لعلببببه يتببببذكر أو يخشببببى{‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬إن ربك هو أعلم بمن ضببل عببن سبببيله{ ا َ‬
‫ليببة‪,‬‬
‫أي قد علم الشقي منهم والسعيد‪ ,‬وكتب ذلك عنده وفببرغ‬
‫منه‪ ,‬فادعهم إلببى اللببه ول تببذهب نفسببك علببى مببن ضببل‬
‫منهم حسرات‪ ,‬فببإنه ليببس عليببك هببداهم إنمببا أنببت نببذير‬
‫عليك البلغ وعلينا الحساب }إنببك ل تهببدي مببن أحببببت{‪,‬‬
‫}ليببس عليببك هببداهم ولكببن اللببه يهببدي مببن يشبباء{‪.‬‬

‫م‬ ‫صبب َْرت ُ ْ‬‫م ب ِبهِ وَل َِئن َ‬ ‫مببا عُببوقِب ْت ُ ْ‬‫ل َ‬ ‫مث ْ ِ‬‫م فََعاقُِبوا ْ ب ِ ِ‬
‫عاقَب ْت ُ ْ‬‫ن َ‬‫** وَإ ِ ْ‬
‫ن‬
‫حببَز ْ‬ ‫ك إ ِل ّ ِبالل ّهِ وَل َ ت َ ْ‬ ‫صب ُْر َ‬
‫ما َ‬ ‫صب ِْر وَ َ‬ ‫ن * َوا ْ‬ ‫صاِبري َ‬ ‫خي ٌْر ّلل ّ‬‫ل َهُوَ َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫م بعَ ال ّب ِ‬ ‫ه َ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫ن * إِ ّ‬ ‫مك ُُرو َ‬ ‫ما ي َ ْ‬‫م ّ‬ ‫ق ّ‬ ‫ضي ْ ٍ‬
‫ك ِفي َ‬ ‫م وَل َ ت َ ُ‬‫عَل َي ْهِ ْ‬
‫ن‬
‫سبببببببببببُنو َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬‫هبببببببببببم ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ات َّقبببببببببببوا ْ ّواّلببببببببببب ِ‬
‫يأمر تعالى بالعدل في القصاص والمماثلببة فببي اسببتيفاء‬
‫الحق‪ ,‬كما قال عبد الرزاق عن الثوري عن خالد‪ ,‬عن ابببن‬
‫سيرين أنه قال في قوله تعالى‪} :‬فعاقبوا بمثل ما عوقبتم‬
‫به{ إن أخذ منكم رجل شيئا ً فخذوا مثله‪ ,‬وكذا قال مجاهد‬
‫وإبراهيم والحسن البصببري وغيرهببم واختبباره ابببن جريببر‪.‬‬
‫وقال ابن زيببد‪ :‬كببانوا قببد أمببروا بالصببفح عببن المشببركين‬
‫فأسلم رجال ذوو منعة فقالوا‪ :‬يارسول اللببه لببو أذن اللببه‬
‫لية‪ ,‬ثم نسببخ‬ ‫لنا ل نتصرنا من هؤلء الكلب‪ .‬فنزلت هذه ا َ‬
‫ذلبببببببببببببببببببببببببببببببك بالجهببببببببببببببببببببببببببببببباد‪.‬‬
‫وقال محمد بن إسحاق عن بعض أصحابه عن عطباء ببن‬
‫يسار قال‪ :‬نزلببت سببورة النحببل كلهببا بمكببة‪ ,‬وهيمكيببة إل‬

‫‪624‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ثلث آيات من آخرها نزلببت بالمدينببة بعببد أحببد حيببن قتببل‬
‫حمزة رضي الله عنه ومثل بببه‪ ,‬فقببال رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬لئن أظهرني الله عليهم لمثلببن بثلثيببن‬
‫رجل ً منهم« فلما سمع المسببلمون ذلببك قببالوا‪ :‬واللببه لئن‬
‫ظهرنا عليهم لنمثلن بهم مثلببة لببم يمثلهاأحببد مببن العببرب‬
‫بأحببد قببط‪ ,‬فببأنزل اللببه }وإن عبباقبتم فعبباقبوا بمثببل مببا‬
‫عوقبتم به{ إلى آخببر السببورة‪ ,‬وهببذا مرسببل وفيببه رجببل‬
‫مبهببببببببببببببببببببم لببببببببببببببببببببم يسببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫وقد روي هذا من وجه آخر متصل‪ ,‬فقال الحافظ أبو بكر‬
‫البزار‪ :‬حدثنا الحسن بن يحيببى‪ ,‬حببدثنا عمببرو بببن عاصببم‪,‬‬
‫حدثنا صالح المري عن سليمان الببتيمي عببن أبببي عثمببان‪,‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسببول للببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم وقف على حمزة بن عبد المطلب رضببي اللببه‬
‫عنه حين استشهد‪ ,‬فنظر إلى منظر لم ينظببر إلببى منظببر‬
‫أوجع للقلب منه‪ ,‬أو قال لقلبه‪ ,‬فنظبر إليبه وقبد مثبل ببه‪,‬‬
‫فقال‪» :‬رحمة اللبه عليببك إن كنببت مببا علمتببك إل وصببول ً‬
‫للرحم‪ ,‬فعول ً للخيرات‪ ,‬والله لول حببزن مببن بعببدك عليببك‬
‫لسرني أن أتركك حتى يحشرك الله من بطببون السببباع بب‬
‫أو كلمبة نحوهببا بب أمببا واللبه علببى ذلببك لمثلببن بسبببعين‬
‫كمثلتك« فنزل جبريل عليه السلم على محمد صلى اللببه‬
‫عليه وسلم بهذه السورة وقرأ }وإن عاقبتم فعاقبوا بمثببل‬
‫لية‪ ,‬فكفر رسول الله صببلى اللببه‬ ‫ماعوقبتم به{ إلى آخر ا َ‬
‫عليه وسلم يعني عن يمينه وأمسك عن ذلك‪ ,‬وهببذا إسببناد‬
‫فيه ضعف‪ ,‬لن صالحا ً هو ابببن بشببير المببري ضببعيف عنببد‬
‫الئمة‪ ,‬وقال البخاري‪ :‬هو منكببر الحببديث‪ ,‬وقببال الشببعبي‬
‫وابن جريج‪ :‬نزلت في قول المسلمين يوم أحد فيمن مثل‬
‫بهببببم لنمثلببببن بهببببم فببببأنزل اللببببه فيهببببم ذلببببك‪.‬‬
‫وقال عبد الله بن المببام أحمببد فببي مسببند أبيببه‪ :‬حببدثنا‬
‫هدية بن عبد الوهاب المروزي‪ ,‬حدثنا الفضل بببن موسببى‪,‬‬
‫حدثنا عيسى بن عبيد عن الربيع بن أنس عن أبي العاليببة‪,‬‬
‫عن أبي بن كعب قال‪ :‬لما كان يوم أحد قتل مببن النصببار‬
‫ل‪ ,‬ومن المهاجرين ستة‪ ,‬فقببال أصببحاب رسببول‬ ‫ستون رج ً‬

‫‪625‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ‪ :‬لئن كان لنا يوم مثل هذا مببن‬
‫المشركين لنربّين عليهم‪ ,‬فلما كان يوم الفتح قببال رجببل‪:‬‬
‫ل تعرف قريش بعببد اليببوم‪ ,‬فنببادى منبباد‪ :‬إن رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم قببد أمببن السببود والبيببض إل فلن با ً‬
‫وفلنا ً ب ناسا ً سببماهم ب ب فببأنزل اللببه تبببارك وتعببالى }وإن‬
‫عاقبتم فعبباقبوا بمثببل مبباعوقبتم بببه{ إلببى آخببر السببورة‪,‬‬
‫فقببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬نصبببر ول‬
‫لية الكريمة لها أمثببال فببي القببرآن‪ ,‬فإنهببا‬ ‫نعاقب« وهذه ا َ‬
‫مشتملة على مشروعية العدل والنببدب إلببى الفضببل كمببا‬
‫في قوله‪} :‬وجزاء سيئة سيئة مثلها{ ثم قال‪} :‬فمن عفببا‬
‫لية‪ .‬وقال‪} :‬والجروح قصاص{‬ ‫وأصلح فأجره على الله{ ا َ‬
‫ثم قال }فمن تصدق به فهو كفببارة لببه{ وقببال فببي هببذه‬
‫لية‪} :‬وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به{ ثببم قببال‬ ‫ا َ‬
‫}ولئن صبببببببببرتم لهببببببببو خيببببببببر للصببببببببابرين{‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬واصبر وما صبرك إل بالله{ تأكيببد للمببر‬
‫بالصبر وإخبار بأن ذلببك ل ينببال إل بمشببيئة اللببه وإعببانته‪,‬‬
‫وحوله وقوته‪ ,‬ثم قال تعالى‪} :‬ول تحزن عليهم{ أي علببى‬
‫من خالفك فإن الله قدر ذلك }ول تك في ضببيق{ أي غببم‬
‫}مما يمكببرون{ أي ممببا يجهببدون أنفسببهم فببي عببداوتك‬
‫وإيصال الشر إليببك‪ ,‬فببإن اللببه كافيببك وناصببرك ومؤيببدك‬
‫ومظهرك ومظفرك بهم‪ .‬وقوله‪} :‬إن الله مع الذين اتقببوا‬
‫والذين هم محسنون{ أي معهببم بتأييببده ونصببره ومعببونته‬
‫وهديه وسعيه وهذه معية خاصببة كقببوله‪} :‬إذ يببوحي ربببك‬
‫إلى الملئكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا{ وقوله لموسى‬
‫وهارون‪ } :‬ل تخافا إنني معكما أسمع وأرى{ وقول النبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم للصديق وهما في الغار‪ » :‬ل تحببزن‬
‫إن اللببه معنببا« وأمببا المعيببة العامببة فبالسببمع والبصببر‬
‫والعلم‪ ,‬كقوله تعالى‪} :‬وهببو معكببم أينمببا كنتببم واللببه بمببا‬
‫تعملون بصير{ وكقوله تعالى‪} :‬ألم تببر أن اللبه يعلببم مببا‬
‫في السماوات وما في الرض ما يكون من نجوى ثلثببة إل‬
‫هو رابعهم ول خمسة إل هو سادسببهم ول أدنببى مببن ذلببك‬
‫ول أكثر إل هو معهم أينما كانوا{ وكما قال تعببالى‪ } :‬ومببا‬

‫‪626‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تكون في شأن وما تتلببو منببه مببن قببرآن ول تعملببون مببن‬
‫لية‪ ,‬ومعنببى }الببذين اتقببوا{‬ ‫عمل إل كنا عليكم شهودًا{ ا َ‬
‫أي تركوا المحرمات‪} ,‬والببذين هببم محسببنون{ أي فعلببوا‬
‫الطاعببات‪ ,‬فهببؤلء اللببه يحفظهببم ويكلببؤهم وينصببرهم‬
‫ويؤيدهم ويظفرهم على أعببدائهم ومخببالفيهم‪ ,‬وقببال ابببن‬
‫أبي حاتم‪ :‬حدثناأبي‪ ,‬حدثنا محمد بن بشار‪ ,‬حدثنا أبو أحمد‬
‫الزبيري‪ ,‬حدثنا مسعر عن عببون عببن محمببد بببن حبباطب‪:‬‬
‫كان عثمان رضي الله عنببه مببن الببذين اتقببوا والببذين هببم‬
‫محسبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببنون‪.‬‬

‫تفسير ابن كثير )‪(3‬‬

‫سببببببببببببببببببببببببببببببببببورة السببببببببببببببببببببببببببببببببببراء‬
‫** تفسببببببير سببببببورة السببببببراء وهببببببي مكيببببببة‬

‫قببال المببام الحببافظ المتقببن أبببو عبببد اللببه محمببد بببن‬


‫إسماعيل البخاري‪ :‬حدثنا آدم بن أبي إيبباس‪ ,‬حببدثنا شببعبة‬
‫عببن أبببي إسببحاق قببال‪ :‬سببمعت عبببد الرحمببن بببن يزيببد‪,‬‬
‫سمعت ابن مسعود رضي الله عنه قال في بني إسببرائيل‬
‫والكهف ومريم‪ :‬إنهبن مببن العتبباق الول وهببن مبن تلدي‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬حدثنا حماد بن زيببد‬
‫عن مروان أبي لبابة‪ ,‬سمعت عائشببة تقببول‪ :‬كببان رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يصوم حببتى نقببول مببا يريببد أن‬
‫يفطر‪ ,‬ويفطر حتى نقول ما يريد أن يصوم‪ ,‬وكان يقرأ كل‬
‫ليلبببببببببببة بنبببببببببببي إسبببببببببببرائيل والزمبببببببببببر‪.‬‬

‫حيبببببببببببم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سبببببببببببم ِ الل ّبببببببببببهِ الّر ْ‬
‫حمـببببببببببب ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫‪627‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ى‬
‫حَرام ِ إ ِل َ‬ ‫جدِ ال ْ َ‬ ‫س ِ‬‫م ْ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫سَرىَ ب ِعَب ْدِهِ ل َي ْل ً ّ‬ ‫ذي أ ْ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫حا َ‬
‫سب ْ َ‬
‫** ُ‬
‫و‬
‫ه هُ ب َ‬ ‫ن آَيات َِنآ إ ِّنبب ُ‬ ‫م ْ‬
‫ه ِ‬ ‫ه ل ِن ُرِي َ ُ‬‫حوْل َ ُ‬‫ذي َباَرك َْنا َ‬ ‫صى ال ّ ِ‬
‫جدِ القْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬‫ال ْ َ‬
‫صبببببببببببببببببببببببببببببيُر‬ ‫ميعُ الب َ ِ‬ ‫سببببببببببببببببببببببببببببب ِ‬ ‫ال ّ‬
‫يمجد تعالى نفسه‪ ,‬ويعظم شأنه‪ ,‬لقدرته على ما ليقببدر‬
‫عليه أحد سواه‪ ,‬فل إله غيره ول رب سواه‪} ,‬الذي أسرى‬
‫ل{ أي فببي‬ ‫بعبده{ يعني محمدا ً صلى الله عليه وسببلم }لي ً‬
‫جنح الليل }من المسجد الحرام{ وهو مسجد مكببة }إلببى‬
‫المسجد القصى{ وهو بيت المقدس الببذي بإيليبباء معببدن‬
‫النبياء من لدن إبراهيم الخليل عليه السلم‪ ,‬ولهذا جمعببوا‬
‫له هناك كلهم فأمهم في محلتهم ودارهم‪ ,‬فببدل علببى أنببه‬
‫هو المام العظم‪ ,‬والرئيس المقدم‪ ,‬صلوات الله وسلمه‬
‫عليه وعليهم أجمعين‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬الذي باركنببا حببوله{‬
‫أي في الزروع والثمار }لنريه{ أي محمدا ً }من آياتنا{ أي‬
‫العظام‪ .‬كما قال تعالى‪} :‬لقد رأى من آيات ربه الكبببرى{‬
‫وسنذكر من ذلك ما وردت بببه السببنة مببن الحبباديث عنببه‬
‫صلى الله عليببه وسببلم‪ ,‬وقببوله تعببالى‪} :‬إنببه هببو السببميع‬
‫البصببير{ أي السببميع لقببوال عببباده مببؤمنهم وكببافرهم‪,‬‬
‫مصببدقهم ومكببذبهم‪ ,‬البصببير بهببم فيعطببي كل ً منهببم مببا‬
‫لخبببببببببببرة‪.‬‬ ‫يسبببببببببببتحقه فبببببببببببي البببببببببببدنيا وا َ‬

‫)ذكر الحاديث الورادة في السراء‪ :‬رواية أنس بببن مالببك‬


‫رضببببببببببببببببببببي اللببببببببببببببببببببه عنببببببببببببببببببببه(‬
‫قال المام أبو عبد الله البخاري‪ :‬حدثني عبببد العزيببز بببن‬
‫عبد الله‪ ,‬حدثنا سليمان ب هو ابن بلل ب عن شريك بن عبد‬
‫الله قال‪ :‬سمعت أنس بن مالك يقول ليلة أسري برسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم مببن مسببجد الكعبببة‪ :‬إنببه جبباءه‬
‫ثلثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحببرام‬
‫فقال أولهم‪ :‬أيهم هو ؟ فقال أوسطهم‪ :‬هو خيرهم‪ ,‬فقببال‬
‫آخرهم‪ :‬خذوا خيرهم‪ ,‬فكانت تلك الليلببة فلببم يرهببم حببتى‬
‫أتوه ليلة أخرى فيما يرى قلبه وتنام عينه ول ينببام قلبببه ب ب‬
‫وكذلك النبياء تنام أعينهم ول تنام قلوبهم ب ب فلببم يكلمببوه‬

‫‪628‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حتى يحتملوه فوضعوه عند بئر زمزم‪ ,‬فتوله منهم جبريببل‬
‫فشق جبريل ما بين نحره إلى لبته حتى فببرغ مببن صببدره‬
‫وجوفه‪ ,‬فغسله من ماء زمزم بيده حتى أنقببى جببوفه‪ ,‬ثببم‬
‫أتى بطست من ذهب فيببه تببور مببن ذهببب محشببو إيمان با ً‬
‫وحكمة فحشا به صدره ولغاديده ب يعني عروق حلقه ب ثببم‬
‫أطبقه ثم عبرج ببه إلبى السبماء الببدنيا‪ ,‬فضبرب باببا ً مببن‬
‫أبوابهببا‪ ,‬فنبباداه أهببل السببماء‪ :‬مببن هببذا ؟ فقببال‪ :‬جبريببل‪,‬‬
‫قالوا‪ :‬ومن معبك ؟ قبال‪ :‬معبي محمبد‪ ,‬قبالوا‪ :‬وقبد بعبث‬
‫ل‪ ,‬يستبشر بببه أهببل‬ ‫إليه ؟ قال‪ :‬نعم‪ ,‬قالوا‪ :‬فمرحبا ً به وأه ً‬
‫السماء ل يعلم أهل السماء بما يريببد اللببه بببه فببي الرض‬
‫حتى يعلمهم‪ ,‬فوجد في السماء الدنيا آدم فقال له جبريل‪:‬‬
‫هببذا أبببوك آدم فسببلم عليببه‪ ,‬فسببلم عليببه ورد عليببه آدم‬
‫فقال‪ :‬مرحب با ً وأهل ً بببابني نعببم البببن أنببت‪ ,‬فببإذا هببو فببي‬
‫السماء الدنيا بنهرين يطردان فقال‪» :‬ما هذان النهببران يببا‬
‫جبريبببل ؟« قبببال‪ :‬هبببذان النيبببل والفبببرات عنصبببرهما‪.‬‬
‫ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من‬
‫لؤلؤ وزبرجد‪ ,‬فضرب بيده فإذا هو مسك أذفببر فقببال‪ :‬مببا‬
‫هذا يا جبريل ؟ قال‪ :‬هذا الكوثر الذي خبببأه لببك ربببك‪ ,‬ثببم‬
‫عرج به إلى السبماء الثانيبة فقبالت الملئكبة لبه مثبل مبا‬
‫قالت له الملئكة الولى‪ :‬من هببذا ؟ قببال‪ :‬جبريببل‪ .‬قببالوا‪:‬‬
‫ومن معك ؟ قال‪ :‬محمد صلى الله عليه وسلم‪ .‬قالوا‪ :‬وقد‬
‫ل‪ ,‬ثبم عبرج ببه‬ ‫بعث إليه ؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قالوا‪ :‬مرحبا ً ببه وأه ً‬
‫إلى السماء الثالثة فقالوا له مثل ما قالت الولى والثانيببة‪,‬‬
‫ثم عرج به إلى السماء الرابعة فقببالوا لببه مثببل ذلببك‪ ,‬ثببم‬
‫عرج به إلى السماء الخامسة فقالوا له مثل ذلك‪ ,‬ثم عرج‬
‫به إلى السماء السادسة فقالوا له مثل ذلك‪ ,‬ثببم عببرج بببه‬
‫إلى السماء السابعة فقالوا له مثل ذلبك‪ ,‬كبل سبماء فيهبا‬
‫أنبياء قد سماهم فوعيت منهم إدريس في الثانية وهببارون‬
‫في الرابعة وآخر في الخامسة لم أحفظ اسمه‪ ,‬وإبراهيببم‬
‫فببي السادسببة وموسببى فببي السببابعة بتفضببيل كلم اللببه‬
‫د‪ ,‬ثببم‬ ‫تعالى‪ ,‬فقال موسى‪ :‬رب لم أظن أن يرفع علي أح ب ٌ‬
‫عل به فوق ذلك بما ل يعلمه إل اللبه عببز وجبل حبتى جبباء‬

‫‪629‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سدرة المنتهى‪ ,‬ودنا الجبار رب العببزة فتببدلى‪ ,‬حببتى كببان‬
‫منه قاب قوسين أو أدنببى‪ ,‬فببأوحى اللبه إليببه فيمببا يببوحي‬
‫خمسين صلة على أمتك كل يوم وليلة‪ ,‬ثم هبط بببه حببتى‬
‫بلغ موسى فاحتبسه موسى فقال‪ :‬يا محمد ماذا عهد إليك‬
‫ربك ؟ قال‪» :‬عهد إلي خمسين صلة كل يوم وليلة« قال‪:‬‬
‫إن أمتك ل تستطيع ذلك فارجع فليخفف عنك ربك وعنهم‪.‬‬
‫فالتفت النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم إلببى جبريببل كببأنه‬
‫يستشيره في ذلك فأشار جبريل أن نعم إن شئت‪ ,‬فعل به‬
‫إلى الجبار تعالى وتقدس فقال وهببو فببي مكببانه‪» :‬يببا رب‬
‫خفف عنا فإن أمببتي ل تسببتطيع هببذا« فوضببع عنببه عشببر‬
‫صلوات ثم رجببع إلببى موسببى فاحتبسببه‪ ,‬فلببم يببزل يببرده‬
‫موسببى إلببى رببه حببتى صببارت إلببى خمبس صبلوات‪ ,‬ثببم‬
‫احتبسه موسى عند الخمببس فقببال‪ :‬يببا محمببد واللببه لقببد‬
‫راودت بني إسرائيل قومي علبى أدنببى مببن هببذا فضبعفوا‬
‫فببتركوه‪ ,‬فأمتببك أضببعف أجسببادا ً وقلوببا ً وأبببدانا ً وأبصببارا ً‬
‫وأسماعًا‪ ,‬فارجع فليخفف عنك ربك‪ ,‬كل ذلك يلتفت النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم إلببى جبريببل ليشببير عليببه ول يكببره‬
‫ذلك جبريل‪ ,‬فرفعه عند الخامسة فقال »يببا رب إن أمببتي‬
‫ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبصارهم وأبببدانهم‬
‫فخفف عنا« فقال الجبببار تبببارك وتعببالى‪ :‬يببا محمببد‪ .‬قبال‬
‫»لبيك وسعديك« قال‪ :‬إنه ل يبدل القول لدي كما فرضت‬
‫عليببك فببي أم الكتبباب‪ ,‬فكببل حسببنة بعشببر أمثالهببا فهببي‬
‫خمسون في أم الكتاب‪ ,‬وهببي خمببس عليببك‪ ,‬فرجببع إلببى‬
‫موسى فقال‪ :‬كيف فعلت ؟ فقال »خفف عنا أعطانا بكببل‬
‫حسنة عشر أمثالها« قببال موسبى‪ :‬قبد واللبه راودت بنببي‬
‫إسرائيل على أدنببى مببن ذلببك فببتركوه‪ ,‬فببارجع إلببى ربببك‬
‫فليخفبف عنبك أيضبًا‪ .‬قبال رسبول اللبه صبلى اللبه عليبه‬
‫وسلم‪» :‬يا موسى قد والله استحييت من ربببي عببز وجببل‬
‫ممببببا أختلببببف إليببببه« قببببال‪ :‬فبببباهبط باسببببم اللببببه‪.‬‬
‫قال‪ :‬واستيقظ وهو فببي المسببجد الحببرام‪ .‬هكببذا سبباقه‬
‫البخاري في كتاب التوحيد‪ ,‬ورواه فببي صببفة النبببي صببلى‬
‫الله عليه وعلى آله وسلم عببن إسببماعيل بببن أبببي أويببس‬

‫‪630‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن أخيه أبي بكر عبد الحميد عن سليمان بببن بلل‪ .‬ورواه‬
‫مسلم عن هارون بن سعيد عببن ابببن وهببب عببن سببليمان‬
‫قال فزاد ونقص وقدم وأخر‪ ,‬وهببو كمببا قببال مسببلم فببإن‬
‫شريك بن عبد الله بن أبي نمر اضطرب في هذا الحببديث‬
‫وساء حفظه ولم يضبطه كما سيأتي بيانه إن شاء الله في‬
‫الحاديث الخر‪ ,‬ومنهم من يجعل هذا مناما ً توطئة لما وقع‬
‫بعد ذلك والله أعلم‪ .‬وقد قال الحافظ أبو بكر البيهقي في‬
‫حديث شريك زيادة تفرد بها‪ ,‬علببى مببذهب مببن زعببم أنببه‬
‫صلى الله عليه وسلم رأى الله عز وجل يعني قببوله‪} ,‬ثببم‬
‫دنببا{ الجبببار رب العببزة }فتببدلى فكببان قبباب قوسببين أو‬
‫أدنى{‪ .‬قال وقول عائشة وابن مسعود وأبببي هريببرة فببي‬
‫ليات علبى رؤيتبه جبريبل أصبح‪ ,‬وهبذا البذي‬ ‫حملهم هذه ا َ‬
‫قاله البيهقي رحمه الله في هذه المسألة هببو الحببق‪ ,‬فببإن‬
‫أبا ذر قال‪ :‬يا رسوله الله هل رأيت ربك ؟ قال‪» :‬نور أنببى‬
‫أراه« وفي رواية‪» :‬رأيببت نببورًا« أخرجببه مسببلم‪ ,‬وقببوله‪:‬‬
‫}ثم دنا فتدلى{ إنما هببو جبريببل عليببه السببلم‪ ,‬كمببا ثبببت‬
‫ذلك في الصحيحين عببن عائشببة أم المببؤمنين‪ ,‬وعببن ابببن‬
‫مسعود‪ ,‬وكذلك هو في صحيح مسلم عن أبببي هريببرة‪ ,‬ول‬
‫لية بهذا‪.‬‬‫يعرف لهم مخالف من الصحابة في تفسير هذه ا َ‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا حسن بببن موسببى حببدثنا حمبباد‬
‫بن سببلمة‪ ,‬أخبرنببا ثببابت البنبباني عببن أنببس بببن مالببك أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬أتيت بالبراق وهو‬
‫دابببة أبيبض فببوق الحمبار ودون البغبل‪ ,‬يضببع حببافره عنبد‬
‫منتهى طرفه‪ ,‬فركبت فسار بي حتى أتيت بيت المقببدس‪,‬‬
‫فربطت الدابة بالحلقة التي يربط فيها النبياء‪ ,‬ثببم دخلببت‬
‫فصليت فيه ركعتين ثببم خرجببت فأتبباني جبريببل بإنباء مببن‬
‫خمر وإناء من لبن‪ ,‬فبباخترت اللبببن فقببال جبريببل‪ :‬أصبببت‬
‫الفطرة‪ .‬قال‪ :‬ثم عببرج بببي إلببى السببماء الببدنيا فاسببتفتح‬
‫جبريل فقيل له من أنت ؟ قال‪ :‬جبريل‪ .‬قيل‪ :‬ومن معك ؟‬
‫قال‪ :‬محمد‪ .‬قيل‪ :‬وقد أرسل إليه ؟ قال‪ :‬قد أرسببل إليببه‪.‬‬
‫ففتح لنا فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخيببر‪ ,‬ثببم عببرح‬
‫بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل فقيل له‪ :‬من أنببت‪.‬‬

‫‪631‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال‪ :‬جبريل‪ .‬قيل‪ :‬ومن معببك ؟ قببال‪ :‬محمببد‪ .‬قيببل‪ :‬وقببد‬
‫أرسل إليه ؟ قال‪ :‬قد أرسل إليه‪ ,‬ففتح لنا فببإذا أنببا بببابني‬
‫الخالة يحيى وعيسى فرحبا بي ودعوا لببي بخيببر ثببم عببرج‬
‫بي إلى السماء الثالثة فاسببتفتح جبريببل فقيببل‪ :‬مببن أنببت‬
‫قبال‪ :‬جبريبل فقيبل ومبن معبك فقبال محمبد فقيبل وقبد‬
‫أرسل له قال قد أرسل له ففتح لنا فإذا أنا بيوسببف عليببه‬
‫السلم‪ ,‬وإذا هو قد أعطي شطر الحسن فرحب بي ودعببا‬
‫لي بخير‪ .‬ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل‪,‬‬
‫فقيل‪ :‬من أنت ؟ قال‪ :‬جبريل‪ .‬فقيل‪ :‬ومببن معببك ؟ قببال‪:‬‬
‫محمد‪ ,‬فقيل‪ :‬وقد أرسل إليه ؟ قال‪ :‬قد بعببث إليببه ففتببح‬
‫لنا فإذا أنا بإدريس فرحب بي ودعا لي بخير ثم يقول اللببه‬
‫تعالى‪} :‬ورفعناه مكانبا ً عليببا{ ثببم عببرج بنببا إلببى السببماء‬
‫الخامسة فاستفتح جبريل فقيل مببن أنببت ؟ قببال جبريببل‪,‬‬
‫فقيل‪ :‬ومن معك ؟ قال‪ :‬محمد‪ .‬فقيببل‪ :‬قببد أرسببل إليبه ؟‬
‫قال‪ :‬قد بعث إليه ففتح لنببا فببإذا أنببا بهببارون‪ ,‬فرحببب بببي‬
‫ودعا لي بخير ثم عرج بنا إلى السماء السادسببة فاسببتفتح‬
‫جبريل فقيل من أنت ؟ قال جبريل قيل ومن معك ؟ قال‪:‬‬
‫محمد‪ .‬فقيل‪ :‬وقد بعث إليه ؟ قال قد بعث إليبه ففتببح لنبا‬
‫فإذا أنا بموسى عليه السلم‪ ,‬فرحب بي ودعا لي بخير ثم‬
‫عرج بنا إلى السماء السابعة فاسببتفتح جبريببل فقيببل مببن‬
‫أنت ؟ قال‪ :‬جبريل‪ .‬قيل ومن معك ؟ قببال‪ :‬محمببد‪ .‬فقيببل‬
‫وقد بعببث إليببه ؟ قببال قببد بعببث إليببه‪ ,‬ففتببح لنببا فببإذا أنببا‬
‫بإبراهيم عليه السلم‪ ,‬وإذا هو مستند إلى البيت المعمببور‪,‬‬
‫وإذا هو يدخله كل يبوم سببعون ألبف ملبك ثبم ل يعبودون‬
‫إليه‪ ,‬ثم ذهب بي إلى سببدرة المنتهببى فببإذا ورقهببا كببآذان‬
‫الفيلة‪ ,‬وإذا ثمرها كالقلل‪ ,‬فلما غشببيها مببن أمببر اللببه مببا‬
‫غشيها تغيرت فما أحد مببن خلببق اللببه تعببالى يسببتطيع أن‬
‫يصببببببببببببببببببفها مببببببببببببببببببن حسببببببببببببببببببنها‪.‬‬
‫ي ما أوحى‪ ,‬وقد فرض علي في كببل‬ ‫قال‪ :‬فأوحى الله إل ّ‬
‫يوم وليلة خمسين صلة فنزلت حتى انتهيت إلببى موسببى‪,‬‬
‫قال ما فرض ربك على أمتك ؟ قلببت خمسببين صببلة فببي‬
‫كل يوم وليلة‪ ,‬قال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لمتك‪,‬‬

‫‪632‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فببإن أمتببك ل تطيبق ذلبك وإنببي قببد بلببوت بنببي إسببرائيل‬
‫وخبرتهم‪ ,‬قال فرجعت إلى ربي فقلت أي رب خفببف عببن‬
‫أمتي فحط عني خمسًا‪ ,‬فنزلت حتى انتهيببت إلببى موسببى‬
‫فقال ما فعلببت ؟ فقلببت قببد حببط عنببي خمسبا ً فقببال إن‬
‫أمتببك ل تطيببق ذلببك فببارجع إلببى ربببك فاسببأله التخفيببف‬
‫لمتك‪ ,‬قال فلم أزل أرجع بين ربببي وبيببن موسببى ويح ب ّ‬
‫ط‬
‫عني خمسا ً خمسا ً حتى قال‪ :‬يا محمد هن خمس صببلوات‬
‫في كل يوم وليلة بكل صلة عشر‪ ,‬فتلببك خمسببون صببلة‬
‫م بحسنة فلم يعملها كتبت لببه حسببنة‪ ,‬فببإن علمهببا‬ ‫ومن ه ّ‬
‫كتبت عشرًا‪ ,‬ومن هم بسيئة فلم يعلمهببا لببم تكتببب‪ ,‬فببإن‬
‫عملها كتبت سيئة واحدة‪ ,‬فنزلت حتى انتهيت إلى موسببى‬
‫فأخبرته‪ ,‬فقال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لمتك فإن‬
‫أمتك ل تطيق ذلببك‪ ,‬فقببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسببلم‪» :‬لقببد رجعببت إلببى ربببي حببتى اسببتحييت« ورواه‬
‫مسلم عن شببيبان بببن فببروخ عببن حمبباد بببن سببلمة بهببذا‬
‫السبببببياق‪ ,‬وهبببببو أصبببببح مبببببن سبببببياق شبببببريك‪.‬‬
‫قال البيهقي‪ :‬وفي هذا السببياق دليببل علببى أن المعببراج‬
‫كان ليلة أسري به عليه الصلة والسلم من مكة إلى بيت‬
‫المقدس‪ ,‬وهذا الذي قاله هببو الحببق الببذي لشببك فيببه ول‬
‫مرية‪ ,‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الببرزاق‪ ,‬حببدثنا معمببر‬
‫عن قتادة عن أنس أن النبي صلى اللببه عليببه وسببلم أتببي‬
‫بالبراق ليلة أسري به مسرجا ً ملجمبا ً ليركبببه‪ ,‬فاستصببعب‬
‫عليه فقال له جبريل‪ :‬ما يحملك على هذا فوالله ما ركبببك‬
‫قببط أكببرم علببى اللببه منببه ؟ قببال‪ :‬فببارفض عرقببا‪ ,‬ورواه‬
‫الترمذي عن إسحاق بن منصببور عببن عبببد الببرزاق‪ ,‬وقببال‬
‫غريب ل نعرفه إل من حديثه‪ .‬وقال أحمد أيضًا‪ :‬حببدثنا أبببو‬
‫المغيببرة‪ ,‬حببدثنا صببفوان‪ ,‬حببدثني راشببد بببن سببعيد وعبببد‬
‫الرحمن بن جبير عن أنس قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬لما عرج بي إلى ربي عز وجببل مببررت‬
‫بقببوم لهببم أظفببار مببن نحبباس يخمشببون بهببا وجببوههم‬
‫وصدورهم‪ ,‬فقلت‪ :‬من هؤلء يا جبريل ؟ قال‪ :‬هؤلء الذين‬
‫يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضببهم« وأخرجببه أبببو‬

‫‪633‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫داود من حديث صفوان بن عمرو به‪ ,‬ومن وجه آخر ليببس‬
‫فيببه أنبس‪ ,‬فبالله أعلبم‪ ,‬وقبال أيضبًا‪ :‬حبدثنا وكيببع‪ ,‬حببدثنا‬
‫سفيان عن سليمان التيمي عببن أنببس قببال‪ :‬قببال رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬مررت ليلة أسببري بببي علببى‬
‫موسبببى عليبببه السبببلم قائمبببا ً يصبببلي فبببي قببببره«‪.‬‬
‫ورواه مسلم من حديث حماد بن سلمة عن سليمان بببن‬
‫طرخببان الببتيمي وثببابت البنبباني‪ ,‬كلهمببا عببن أنببس‪ ,‬قببال‬
‫النسائي‪ :‬هذا أصح من رواية من قال سببليمان عببن ثببابت‬
‫عن أنس‪ ,‬وقال الحافظ أبو يعلى الموصببلي فببي مسببنده‪:‬‬
‫حدثنا وهب بن بقية‪ ,‬حدثنا خالد عن التيمي عن أنس قال‪:‬‬
‫أخبرني بعبض أصبحاب النببي صبلى اللبه عليبه وسبلم أن‬
‫النبي صببلى اللببه عليببه وسببلم ليلببة أسببري بببه‪ ,‬مببر علببى‬
‫موسببى وهببو يصببلي فببي قبببره‪ ,‬وقببال أبببو يعلببى‪ :‬حببدثنا‬
‫إبراهيم بن محمد بن عرعرة‪ ,‬حدثنا معتمر عن أبيببه قببال‪:‬‬
‫سمعت أنسا ً أن النبي صلى الله عليه وسببلم ليلببة أسببري‬
‫به مر بموسى وهو يصلي في قبببره‪ ,‬قببال أنببس ذكببر أنببه‬
‫حمل على البراق فأوثق الدابة أو قببال الفببرس‪ .‬قببال أبببو‬
‫بكر‪ :‬صفها لي‪ ,‬فقال رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‪:‬‬
‫»هي كذه وذه« فقال‪ :‬أشهد أنك رسببول اللببه‪ .‬وكببان أبببو‬
‫بكر رضي الله عنه قد رآها‪ ,‬وقال الحافظ أبببو بكببر أحمببد‬
‫بن عمرو البزار في مسنده‪ :‬حدثنا سلمة بن شبيب‪ ,‬حدثنا‬
‫سعيد بن منصور‪ ,‬حدثنا الحارث بن عبيد عن أبببي عمببران‬
‫الجوني عببن أنببس بببن مالببك رضببي اللببه عنببه قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسببلم‪» :‬بينببا أنببا نببائم إذ جبباء‬
‫جبريل عليه السلم فوكز بيببن كتفببي فقمببت إلببى شببجرة‬
‫لخببر‪,‬‬‫فيها كوكري الطير‪ ,‬فقعد في أحدهما وقعببدت فببي ا َ‬
‫فسمت وارتفعت حتى سدت الخافقين‪ ,‬وأنا أقلب طرفببي‬
‫ولو شئت أن أمس السماء لمسست‪ ,‬فالتفت إلى جبريببل‬
‫كأنه حلس لط فعرفت فضل علمه بالله علبي‪ ,‬وفتبح لبي‬
‫باب من أبببواب السببماء فرأيببت النببور العظببم‪ ,‬وإذا دون‬
‫الحجاب رفرف الدر والياقوت وأوحي إلي ما شاء اللببه أن‬
‫يوحى« ثببم قببال ول نعلببم روى هببذا الحببديث إل أنببس ول‬

‫‪634‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نعلم رواه عن أبي عمران الجببوني إل الحببارث بببن عبيببد‪,‬‬
‫وكببببببان رجل ً مشببببببهورا ً مببببببن أهببببببل البصببببببرة‪.‬‬
‫ورواه الحافظ البيهقي في الدلئل عن أبي بكر القاضببي‬
‫عن أبي جعفر محمد بببن علببي بببن دحيببم عببن محمببد بببن‬
‫الحسين بن أبي الحسين‪ ,‬عببن سببعيد بببن منصببور فببذكره‬
‫بسنده مثله ثم قال وقال غيره في هذا الحديث في آخببره‬
‫ولط دوني‪ ,‬أو قال دون الحجاب رفرف الدر والياقوت‪ ,‬ثم‬
‫قال هكذا رواه الحارث بن عبيد ورواه حماد بن سلمة عن‬
‫أبي عمران الجوني عن محمبد ببن عميبر ببن عطببارد‪ ,‬أن‬
‫النبي صببلى اللببه عليببه وسببلم كببان فببي مل مببن أصببحابه‬
‫فجاءه جبريل فنكت في ظهره‪ ,‬فببذهب بببه إلببى الشببجرة‬
‫وفيها مثل وكري الطير‪ ,‬فقعد فببي أحببدهما وقعببد جبريببل‬
‫لخر فنشأت بنا حتى بلغت الفق‪ ,‬فلبو بسبطت يبدي‬ ‫في ا َ‬
‫إلى السماء لنلتها فدلي بسبب وهبط النببور فوقببع جبريببل‬
‫مغشببيا ً عليببه كببأنه حلببس‪ ,‬فعرفببت فضببل خشببيته علببى‬
‫خشيتي فأوحي إلي نبيًا‪ :‬ملكا ً أو نبيا ً عبدا ً وإلببى الجنببة مببا‬
‫ي جبريل وهو مضطجع أن تواضع قببال قلببت‬ ‫أنت‪ ,‬فأومأ إل ّ‬
‫ل بل نبيا ً عبدًا‪ ,‬قلت وهذا إن صح يقتضي أنهببا واقعببة غيببر‬
‫ليلة السراء‪ ,‬فإنه لم يذكر فيها بيت المقدس ول الصببعود‬
‫إلى السماء فهي كائنة غير ما نحن فيه‪ ,‬والله أعلببم وقببال‬
‫البزار أيضًا‪ :‬حدثنا عمرو بن عيسى حدثنا أبببو بحببر‪ ,‬حببدثنا‬
‫شعبة عن قتادة عن أنس أن محمدا ً صلى الله عليه وسلم‬
‫رأى ربببببببببه عببببببببز وجببببببببل‪ ,‬وهببببببببذا غريببببببببب‪.‬‬
‫وقال أبو جعفر بن جرير‪ :‬حدثنا يونس‪ ,‬حدثنا عبد الله بن‬
‫وهب‪ ,‬حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن الزهري عن أبيه عببن‬
‫عبد الرحمن بن هاشم بن عتبة بن أبي وقبباص عببن أنببس‬
‫بن مالك قال‪ :‬لما جاء جبريل إلى رسول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم بالبراق فكأنها حركت ذنبها‪ ,‬فقببال لهببا جبريببل‬
‫مه يا براق فوالله ما ركبك مثله‪ ,‬وسار رسول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم فإذا هو بعجوز على جانب الطريق فقببال‪:‬‬
‫»ما هذه يا جبريل ؟« قال‪ :‬سر يا محمببد‪ ,‬قببال فسببار مببا‬
‫شاء الله أن يسير فإذا شيء يببدعوه متنحيبا ً عببن الطريببق‬

‫‪635‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقال هلم يا محمد‪ ,‬فقال له جبريل‪ :‬سر يببا محمببد فسببار‬
‫ما شباء اللبه أن يسبير‪ ,‬قبال فلقيبه خلبق مبن خلبق اللبه‬
‫فقالوا السببلم عليببك )يببا أول(‪ ,‬السببلم عليببك )يببا آخببر(‪,‬‬
‫السلم عليك يا حاشببر‪ ,‬فقببال لببه جبريببل اردد السببلم يببا‬
‫محمد فرد السلم‪ ,‬ثم لقيه الثانيببة فقببال لببه مثببل مقببالته‬
‫الولى ثم الثالثة كببذلك‪ ,‬حببتى انتهببى إلببى بيببت المقببدس‬
‫فعرض عليه الخمر والماء واللبن فتناول رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم اللبن‪ ,‬فقال له جبريل أصبت الفطرة ولببو‬
‫شربت الماء لغرقببت وغرقببت أمتببك‪ ,‬ولببو شببربت الخمببر‬
‫لغويت ولغوت أمتك‪ ,‬ثم بعث له آدم فمن دونه من النبياء‬
‫عليهم السلم فأمهم رسول اللبه صبلى اللبه عليبه وسبلم‬
‫تلك الليلة‪ .‬ثم قاله له جبريل‪ :‬أما العجوز التي رأيت علببى‬
‫جانب الطريق فلم يبق من الببدنيا إل كمببا بقببي مببن عمببر‬
‫تلك العجوز‪ .‬وأما الذي أراد أن تميل إليه فببذاك عببدو اللببه‬
‫إبليببس أراد أن تميببل إليببه‪ ,‬وأمببا الببذين سببلموا عليببك‬
‫فببإبراهيم وموسببى وعيسببى عليهببم السببلم‪ ,‬وهكببذا رواه‬
‫الحافظ البيهقي في دلئل النبببوة مببن حببديث ابببن وهببب‪.‬‬
‫وفبببببببي بعبببببببض ألفببببببباظه نكبببببببارة وغراببببببببة‪.‬‬
‫)طريق أخرى( عن أنس بن مالك‪ ,‬وفيهببا غرابببة ونكببارة‬
‫جدا ً وفي سنن النسببائي والمجتبببى ولببم أرهببا فببي الكبببير‬
‫قال‪ :‬حدثنا عمرو بن هشام‪ ,‬حدثنا مخلد هو ابببن الحسببين‬
‫عن سعيد بن عبد العزيز‪ ,‬حدثنا يزيد بن أبببي مالببك حببدثنا‬
‫أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسببلم قببال‪:‬‬
‫»أتيت بدابة فوق الحمار ودون البغل خطوهببا عنببد منتهببى‬
‫طرفها‪ ,‬فركبت ومعي جبريل عليه السببلم فسببرت فقببال‬
‫ل فصببليت فقببال أتببدري أيببن صببليت ؟ صببليت‬ ‫انببزل فصب ّ‬
‫بطيبة وإليها المهاجر‪ ,‬ثم قال انببزل فصببل فصببليت فقببال‬
‫أتدري أين صليت ؟ صببليت بطببور سببيناء حيببث كلببم اللببه‬
‫موسى‪ ,‬ثم قببال انببزل فصببل فصببليت‪ ,‬فقببال أتببدري أيببن‬
‫صليت ؟ صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى عليببه السببلم‪,‬‬
‫ثم دخلت بيت المقدس فجمع لببي النبيبباء عليهببم السببلم‬
‫فقدمني جبريل عليه السلم حتى أممتهم ثم صعد بي إلى‬

‫‪636‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السماء الدنيا فإذا فيها آدم عليه السلم‪ ,‬ثم صعد بي إلببى‬
‫السماء الثانية فإذا فيها ابنا الخالة عيسببى ويحيببى عليهمببا‬
‫السلم‪ ,‬ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فببإذا فيهببا يوسببف‬
‫عليه السلم‪ ,‬ثم صعد بي إلى السببماء الرابعببة فببإذا فيهببا‬
‫هارون عليه السلم‪ ,‬ثم صببعد بببي إلببى السببماء الخامسببة‬
‫فببببببببإذا فيهببببببببا إدريببببببببس عليببببببببه السببببببببلم‪.‬‬
‫ثم صعد بي إلى السماء السادسة فإذا فيها موسى عليه‬
‫السلم‪ ,‬ثم صعد بي إلى السماء السابعة فإذا فيها إبراهيم‬
‫عليه السلم‪ ,‬ثم صعدبي فوق سبع سموات وأتيت سببدرة‬
‫المنتهى فغشيتني ضبابة فخببررت سبباجدا ً فقيببل لببي إنببي‬
‫يوم خلقت السموات والرض فرضت عليببك وعلببى أمتببك‬
‫خمسين صلة‪ ,‬فقم بها أنببت وأمتببك فرجعببت بببذلك حببتى‬
‫أمر بموسى عليه السلم‪ ,‬فقال ما فرض ربك علببى أمتببك‬
‫قلت خمسين صلة‪ ,‬قال فإنك ل تسببتطيع أن تقببوم بهببا ل‬
‫أنت ول أمتك‪ ,‬فارجع إلى ربك فاسببأله التخفيببف فرجعببت‬
‫إلى ربي فخفف عنببي عشببرًا‪ ,‬ثببم أتيببت موسببى فببأمرني‬
‫بالرجوع فرجعت فخفف عني عشرًا‪ ,‬ثم ردت إلى خمببس‬
‫صلوات‪ ,‬قال فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإنه فببرض‬
‫على بني إسرائيل صلتين فما قبباموا بهمببا‪ ,‬فرجعببت إلببى‬
‫ربي عز وجببل فسببألته التخفيببف‪ ,‬فقببال إنببي يببوم خلقببت‬
‫السببموات والرض فرضببت عليببك وعلببى أمتببك خمسببين‬
‫صلة‪ ,‬فخمس بخمسين فقم بها أنت وأمتك‪ ,‬قال فعرفببت‬
‫أنها من الله عز وجببل صبّري فرجعببت إلببى موسببى عليببه‬
‫السلم فقال ارجع فعرفت أنها من الله عز وجل ص بّرى ب ب‬
‫يقبببببببببول أي حتبببببببببم بببببببببب فلبببببببببم أرجبببببببببع«‪.‬‬
‫)طريق أخرى( وقال ابن أبببي حبباتم‪ :‬حببدثنا أبببي‪ ,‬حببدثنا‬
‫هشام بن عمار‪ ,‬حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه‬
‫عن أنس بن مالببك رضببي اللببه عنببه قببال‪ :‬لمببا كببان ليلببة‬
‫أسببري برسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم إلببى بيببت‬
‫المقدس أتاه جبريل بدابة فوق الحمار ودون البغل‪ ,‬حملببه‬
‫جبريل عليها ينتهي خفها حيث ينتهي طرفها‪ ,‬فلما بلغ بيت‬
‫المقدس وبلغ المكان الذي يقال له باب محمد صببلى اللببه‬

‫‪637‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليه وسببلم أتببى إلببى الحجببر الببذي ثمببة‪ ,‬فغمببزه جبريببل‬
‫بأصبعه فثقبه‪ ,‬ثم ربطها ثم صعد فلما استويا فببي صببرحة‬
‫المسجد قال جبريل يببا محمببد هببل سببألت ربببك أن يريببك‬
‫الحببور العيببن ؟ فقببال »نعببم« فقببال فببانطلق إلببى أولئك‬
‫النسوة‪ ,‬فسلم عليهن وهببن جلببوس عببن يسببار الصببخرة‪,‬‬
‫قال‪» :‬فأتيتهن فسلمت عليهن فرددن علي السلم فقلببت‬
‫من أنتن ؟ فقلن‪ :‬نحن خيرات حسان نساء قوم أبرار نقوا‬
‫فلم يدرنوا‪ .‬وأقاموا فلم يظعنوا‪ ,‬وخلدوا فلم يموتوا‪ ,‬قببال‬
‫ثم انصرفت فلم ألبث إل يسيرا ً حتى اجتمع ناس كثير‪ ,‬ثم‬
‫أذن مؤذن وأقيمت الصلة‪ ,‬قال فقمنا صببفوفا ً ننتظببر مببن‬
‫يؤمنا فأخذ بيببدي جبريببل عليببه السببلم فقببدمني فصببليت‬
‫بهم‪ ,‬فلما انصرفت قال جبريل‪ :‬يا محمد أتدري من صببلى‬
‫خلفك ؟ ب قال ب قلت ل ب قال صلى خلفببك كببل نبببي بعثببه‬
‫اللببببببببببببببببببببه عببببببببببببببببببببز وجببببببببببببببببببببل‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم أخذ بيدي جبريل فصعد بببي إلببى السببماء‪ ,‬فلمببا‬
‫انتهينا إلى الباب استفتح فقالوا من أنت ؟ قال أنا جبريببل‪,‬‬
‫قالوا ومن معك ؟ قال محمد قالوا وقد بعببث إليببه ؟ قببال‬
‫نعم ب قال ب ففتحوا له وقالوا مرحبا ً بك وبمن معك بب قببال‬
‫ب فلما استوى على ظهرها إذا فيها آدم‪ ,‬فقال لي جبريل يا‬
‫محمد أل تسلم على أبيك آدم ب قببال بب قلببت بلببى‪ ,‬فببأتيته‬
‫فسلمت عليه فرد علي وقال مرحبا ً بابني الصببالح والنبببي‬
‫الصالح ب قال ب ثم عرج بي إلى السببماء الثانيببة‪ ,‬فاسببتفتح‬
‫فقالوا من أنت قال جبريل قالوا ومببن معببك قببال محمببد‪,‬‬
‫قالوا وقد بعث إليه‪ ,‬قال نعم‪ ,‬ففتحوا له وقال مرحبببا ً بببك‬
‫وبمن معبك فببإذا فيهببا عيسببى وابببن خبالته يحيببى عليهمبا‬
‫السلم‪ ,‬ب قال ب ثم عرج بي إلى السماء الثالثببة فاسببتفتح‪,‬‬
‫قببالوا مببن أنببت ؟ قببال جبريببل‪ ,‬قببالوا ومببن معببك ؟ قببال‬
‫محمد‪ ,‬قالوا وقد بعث إليه ؟ قال نعم‪ ,‬ففتحببوا لببه وقببالوا‬
‫مرحبا ً بك وبمن معك‪ ,‬فإذا فيها يوسف عليببه السببلم‪ ,‬ثببم‬
‫عرج بي إلى السماء الرابعببة فاسببتفتح قببالوا مببن أنببت ؟‬
‫قال جبريل‪ ,‬فقالوا ومن معك قال محمد قببالوا وقببد بعببث‬
‫إليه قال نعم ب قال ب ففتحوا لببه وقببالوا مرحب با ً بببك وبمببن‬

‫‪638‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫معك فإذا فيها إدريس عليه السلم ب قال ب فعرج بببي إلببى‬
‫السماء الخامسة فاسببتفتح جبريببل فقببالوا مببن أنببت قببال‬
‫جبريل قالوا ومن معك قال محمد‪ ,‬قالوا وقد بعببث إليببه ؟‬
‫قال نعم ب قال ب ففتحوا وقالوا مرحبا ً بك وبمن معببك وإذا‬
‫فيهببببببببببببا هببببببببببببارون عليببببببببببببه السببببببببببببلم‪.‬‬
‫ثببم عببرج بببي إلببى السببماء السادسببة فاسببتفتح جبريببل‬
‫فقالوا من أنت‪ ,‬قال جبريل‪ ,‬قالوا ومن معك‪ ,‬قال محمببد‪,‬‬
‫قالوا وقد بعث إليبه ؟ قببال نعببم بب قبال بب ففتحببوا وقبالوا‬
‫مرحبا ً بك وبمن معك‪ ,‬وإذا فيها موسى عليببه السببلم‪ ,‬ثببم‬
‫عرج بي إلى السماء السابعة‪ ,‬فاستفتح جبريل فقالوا مببن‬
‫أنت ؟ قال جبريل‪ ,‬قالوا ومن معببك ؟ قببال محمببد‪ ,‬قببالوا‬
‫وقد بعث إليببه ؟ قببال نعببم ففتحببوا لببه وقببالوا مرحببا ً بببك‬
‫وبمن معك وإذا فيها إبراهيم عليه السلم فقال جبريببل يببا‬
‫محمد أل تسببلم علببى أبيببك إبراهيببم ؟ قلببت بلببى‪ ,‬فببأتيته‬
‫فسلمت عليه فرد علي السلم وقال مرحبا ً بابني الصببالح‬
‫والنبي الصالح‪ ,‬ثم انطلق بي على ظهببر السببماء السببابعة‬
‫حببتى انتهببى بببي إلببى نهببر عليببه خيببام اللؤلببؤ واليبباقوت‬
‫والزبرجد‪ ,‬وعليه طير أخضببر أنعببم طيببر رأيببت‪ ,‬فقلببت يببا‬
‫جبريل إن هذا الطير لناعم قال يا محمببد آكلببه أنعببم منببه‪,‬‬
‫ثم قال يا محمد أتدري أي نهر هذا ب قببال بب قلببت ل‪ ,‬قببال‬
‫هذا الكوثر الذي أعطاك الله أيبباه‪ ,‬فببإذا فيببه آنيببة الببذهب‬
‫والفضة يجري على رضراض من اليبباقوت والزمببرد مبباؤه‬
‫أشد بياضا ً من اللبن ب قال بب فأخببذت مببن آنيتببه آنيببة مببن‬
‫الذهب‪ ,‬فاغترفت من ذلك الماء فشببربت فببإذا هببو أحلببى‬
‫مبببببن العسبببببل وأشبببببد رائحبببببة مبببببن المسبببببك‪.‬‬
‫ثم انطلق بي حتى انتهيت إلى الشجرة فغشيتني سحابة‬
‫فيها من كل لون )فرفضني( جبريببل وخببررت سبباجدا ً للببه‬
‫عز وجل فقال الله لي‪ :‬يا محمد إني يوم خلقت السموات‬
‫والرض افترضت عليك وعلى أمتك خمسببين صببلة‪ ,‬فقببم‬
‫بها أنت وأمتك ب قال ب ثم انجلت عني السحابة فأخذ بيدي‬
‫جبريل فانصرفت سريعًا‪ ,‬فببأتيت علببى إبراهيببم فلببم يقببل‬
‫شيئًا‪ ,‬ثم أتيت على موسى فقببال مببا صببنعت يببا محمببد ؟‬

‫‪639‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقلت فرض ربي علي وعلبى أمببتي خمسبين صبلة‪ .‬قبال‬
‫فلن تستطيعها أنت ول أمتك فارجع إلببى ربببك فاسببأله أن‬
‫يخفف عنك‪ ,‬فرجعببت سببريعا ً حبتى انتهيببت إلببى الشببجرة‬
‫فغشيتني السحابة ورفضني جبريل وخررت ساجدا ً وقلببت‬
‫ربي إنك فرضت علببي وعلببى أمببتي خمسببين صببلة ولببن‬
‫أستطيعها أنببا ول أمببتي فخفببف عنببا‪ ,‬قببال وضببعت عنكببم‬
‫عشرا ً ب قال ب ثم انجلت عني السحابة وأخذ بيدي جبريل ب‬
‫قال ب فانصرفت سريعا ً حتى أتيت على إبراهيم فلببم يقببل‬
‫لي شيئًا‪ ,‬ثم أتيت علببى موسببى فقببال لببي مببا صببنعت يببا‬
‫محمد ؟ فقلت وضع عني ربي عشرا ً قال فببأربعون صببلة‬
‫لن تستطيعها أنت ول أمتببك فببارجع إلببى ربببك فاسببأله أن‬
‫يخفف عنكم‪ .‬فببذكر الحببديث كببذلك إلببى خمببس صببلوات‬
‫وخمببس بخمسببين ثببم أمببره موسببى أن يرجببع فيسببأله‬
‫التخفيببببف فقببببال‪» ,‬إنببببي اسببببتحييت منببببه تعببببالى«‪.‬‬
‫قال ثم انحدر فقال رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫لجبريل‪» :‬ما لي لم آت أهل سماء إل رحبوا بببي وضببحكوا‬
‫لي غير رجل واحد فسلمت عليه فرد علي السلم ورحببب‬
‫بي ولببم يضببحك لببي« قببال‪ :‬يببا محمببد ذاك مالببك‪ ,‬خببازن‬
‫جهنم‪ ,‬لم يضحك منذ خلببق ولببو ضببحك إلببى أحببد لضببحك‬
‫إليك‪ ,‬قال ثم ركب منصرفا ً فبينا هو في بعض الطريق مر‬
‫بعير لقريش تحمل طعامًا‪ ,‬منها جمل عليه غرارتان غرارة‬
‫سببوداء وغببرارة بيضبباء‪ ,‬فلمببا حبباذى بببالعير نفببرت منببه‬
‫واسببتدارت وصببرع ذلببك البعيببر وانكسببر‪ ,‬ثببم إنببه مضببى‬
‫فأصبح فأخبر عما كان‪ ,‬فلما سمع المشركون قوله أتوا أبا‬
‫بكر فقالوا يا أبا بكر هل لك في صبباحبك ؟ يخبببر أنببه أتببى‬
‫في ليلته هذه مسيرة شهر ورجع في ليلته‪ ,‬فقال أبو بكببر‬
‫رضي الله عنه إن كان قاله فقد صدق وإنببا لنصببدقه فيمببا‬
‫هببو أبعببد مببن هببذا لنصببدقه علببى خبببر السببماء فقببال‬
‫المشركون لرسول الله صلى الله عليه وسببلم مببا علمببة‬
‫ما تقول قال مررت بعير لقريش وهي في مكان كذا وكذا‬
‫فنفرت البببل منببا واسببتدارت وفيهببا بعيببر عليببه غرارتببان‬
‫غرارة سوداء وغرارة بيضاء فصرع فانكسببر فلمببا قببدمت‬

‫‪640‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العير سألوهم فأخبروهم الخبر على مثل ما حدثهم رسول‬
‫اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم ومببن ذلببك سببمي أبببو بكببر‬
‫الصديق وسألوه وقالوا هل كان فيمن حضر معك موسببى‬
‫وعيسى ؟ قال نعم قالوا فصببفهم لنببا قببال‪» :‬أمببا موسببى‬
‫فرجل آدم كأنه من رجال أزد عمان‪ ,‬وأمببا عيسببى فرجببل‬
‫ربعة سبط تعلوه حمرة كأنما يتحادر من شببعره الجمببان«‬
‫هببببببببذا سببببببببياق فيببببببببه غببببببببرائب عجيبببببببببة‪.‬‬

‫روايبببة أنبببس ببببن مالبببك عبببن مالبببك ببببن صعصبببعة‬


‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا عفان‪ ,‬حدثنا همام قال‪ :‬سببمعت‬
‫قتادة يحدث عن أنس بن مالك أن مالك بن صعصعة حدثه‬
‫أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلببة أسببري‬
‫به قال‪» :‬بينما أنبا فبي الحطيبم بب وربمبا قبال قتبادة فبي‬
‫الحجببر ب ب مضببطجعا ً إذ أتبباني آت‪ ,‬فجعببل يقببول لصبباحبه‬
‫الوسط بين الثلثة ب قال بب فأتبباني فقبد ّ بب سببمعت قتببادة‬
‫يقول فشق ب ما بين هذه إلببى هببذه« وقببال قتببادة فقلببت‬
‫للجارود وهو إلى جنبي‪ :‬ما يعني ؟ قببال‪ :‬مببن ثغببرة نحببره‬
‫إلى شعرته‪ ,‬وقد سمعته يقول من قصته إلى شعرته قال‪:‬‬
‫»فاستخرج قلبي ب قال ب فأتيت بطست من ذهببب مملببوء‬
‫إيمانا ً وحكمة فغسل قلبببي ثببم حشببي ثببم أعيببد ثببم أتيببت‬
‫بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض« قال فقال الجببارود‪:‬‬
‫هو البراق يا أبا حمزة ؟ قال نعم يقبع خطبوه عنبد أقصبى‬
‫طرفببه قببال‪» :‬فحملببت عليببه فببانطلق بببي جبريببل عليببه‬
‫السلم حتى أتى بي إلببى السببماء الببدنيا فاسببتفتح‪ ,‬فقيببل‬
‫من هذا ؟ قال جبريل‪ ,‬قيل ومن معك ؟ قال محمببد‪ ,‬قيببل‬
‫أَوقد أرسل إليه ؟ قال نعم فقيل‪ :‬مرحبا ً به ولنعم المجيء‬
‫عليه ب قببال بب فتببح لنببا فلمببا خلصببت فببإذا فيهببا آدم عليببه‬
‫السلم‪ ,‬قال هذا أبوك آدم فسلم عليه‪ ,‬فسلمت عليه فرد‬
‫السلم ثم قال مرحبا ً بببالبن الصببالح والنبببي الصببالح‪ ,‬ثببم‬
‫صعد حتى أتى السماء الثانيببة فاسببتفتح فقيببل مببن هببذا ؟‬
‫فقال جبريببل قيببل ومببن معببك ؟ قببال محمببد قيببل أو قببد‬
‫أرسل إليه ؟ قال نعم قيل‪ :‬مرحبا ً به ولنعببم المجيببء جبباء‬

‫‪641‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال ففتح لنا‪ ,‬فلما خلصت فإذا عيسببى ويحيببى وهمببا ابنببا‬
‫الخالة‪ ,‬قال هذان يحيى وعيسى فسببلم عليهمببا ب ب قببال ب ب‬
‫فسلمت عليهما فردا السلم ثم قال‪ :‬مرحبا ً بببالخ الصببالح‬
‫والنبي الصالح‪ ,‬ثم صعد حتى أتى السماء الثالثة فاسببتفتح‬
‫فقيل من هذا ؟ فقال جبريل قيل ومن معك ؟ قال محمببد‬
‫قيل أو قد أرسل إليه ؟ قببال نعبم قيببل‪ :‬مرحببا ً ببه ولنعببم‬
‫المجيء جاء ب قال ب قال ففتح لنببا‪ ,‬فلمببا خلصببت فببإذا إذا‬
‫يوسف عليه السلم قال هذا يوسف ب قال ب فسلمت عليه‬
‫فرد السلم ثم قال‪ :‬مرحبا ً بببالخ الصببالح والنبببي الصببالح‪,‬‬
‫ثم صعد حببتى أتببى السببماء الرابعببة فاسببتفتح فقيببل مببن‬
‫هذا ؟ قال جبريل‪ ,‬قيل ومن معببك ؟ قببال محمببد‪ ,‬قيببل أو‬
‫قد أرسل إليه ؟ قال نعم قيل‪ :‬مرحببا ً بببه ولنعببم المجيببء‬
‫جاء بب قببال بب ففتببح لنببا فلمببا خلصببت فببإذا إدريببس عليببه‬
‫السلم‪ ,‬قال هذا إدريس‪ ,‬قال فسلمت عليببه فببرد السببلم‬
‫ثمقال‪ :‬مرحبا ً بالخ الصببالح والنبببي الصببالح‪ ,‬بب قببال بب ثببم‬
‫صعد حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح فقيل من هببذا ؟‬
‫قال جبريببل‪ ,‬قيببل ومببن معببك ؟ قببال محمببد‪ ,‬قيببل أو قببد‬
‫أرسل إليه ؟ قال نعم‪ ,‬قيل‪ :‬مرحبا ً به ولنعم المجيء جاء‪,‬‬
‫ففتح لنا فلما خلصت فإذا هببارون عليببه السببلم قببال هببذا‬
‫هارون فسلم عليه فسلمت عليببه فببرد السببلم‪ ,‬ثببم قببال‪:‬‬
‫مرحبا ً بالخ الصالح والنبي الصالح ب قال بب ثببم صببعد حببتى‬
‫أتببى السببماء السادسببة فاسببتفتح فقيببل مببن هببذا ؟ قببال‬
‫جبريل‪ ,‬قيل ومن معك ؟ قببال محمببد‪ ,‬قيببل أو قببد أرسببل‬
‫إليه ؟ قال نعم‪ ,‬قيل‪ :‬مرحبا ً به ولنعم المجيء جبباء‪ ,‬ففتببح‬
‫لنا فلما خلصت فإذا بموسى عليه السلم قال هذا موسى‬
‫فسلم عليه فسلمت عليه فببرد السببلم‪ ,‬ثببم قببال‪ :‬مرحب با ً‬
‫بالخ الصالح والنبي الصالح ب قال ب فلما تجاوزته بكى قيل‬
‫له‪ :‬ما يبكيك ؟ قببال‪ :‬أبكببي لن غلم با ً بعببث بعببدي يببدخل‬
‫الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمببتي‪ .‬قببال ثببم صببعد‬
‫حتى أتى السماء السابعة فاستفتح فقيل مببن هببذا ؟ قببال‬
‫جبريل‪ ,‬قيل ومببن معببك ؟ قببال محمببد‪ ,‬قيببل أو قببد بعببث‬
‫إليه ؟ قال نعم‪ ,‬قيل‪ :‬مرحبا ً به ولنعم المجيء جبباء‪ ,‬ففتببح‬

‫‪642‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لنببا فلمببا خلصببت فببإذا إبراهيببم عليببه السببلم فقببال هببذا‬
‫إبراهيم فسلم عليه فسلمت عليه فببرد السببلم‪ ,‬ثببم قببال‪:‬‬
‫مرحبا ً بالخ الصالح والنبي الصالح ب قال ب ثببم رفعببت إلببى‬
‫سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلل هجر‪ ,‬وإذا ورقهببا مثببل‬
‫آذان الفيلة‪ ,‬فقببال هببذه سببدرة المنتهببى‪ ,‬قببال وإذا أربعببة‬
‫أنهار‪ :‬نهران باطنان ونهران ظبباهران‪ ,‬فقلببت‪ :‬مببا هببذا يببا‬
‫جبريببل ؟ قببال‪ :‬أمببا الباطنببان فنهببران فببي الجنببة‪ ,‬وأمببا‬
‫الظاهران فالنيل والفببرات بب قببال بب ثببم رفببع إلببى البببيت‬
‫المعمبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببور«‪.‬‬
‫قال قتادة‪ :‬وحدثنا الحسببن عببن أبببي هريببرة عببن النبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه رأى البيت المعمببور يببدخله كببل‬
‫يوم سبعون ألفا ً ثم ل يعودون فيببه‪ ,‬ثببم رجببع إلببى حببديث‬
‫أنس قال‪» :‬ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من‬
‫عسل‪ .‬ب قال ب فأخذت اللبن قال هذه الفطرة أنببت عليهببا‬
‫ي الصلة خمسين صببلة كببل‬ ‫وأمتك ب قال ب ثم فرضت عل ّ‬
‫يوم ب قال ب فنزلت حتى أتيت موسى‪ ,‬فقال ما فرض ربك‬
‫على أمتك ؟ قال فقلت خمسين صببلة كببل يببوم‪ ,‬قببال إن‬
‫أمتك ل تستطيع خمسين صلة وإني خبرت النبباس قبلببك‪,‬‬
‫وعالجت بني إسببرائيل أشببد المعالجببة‪ ,‬فببارجع إلببى ربببك‬
‫فاسأله التخفيف لمتك ب قال ب فرجعت فوضع عني عشرا ً‬
‫م أمبرت ؟ قلبت‬ ‫بب قبال بب فرجعبت إلبى موسبى فقبال بب َ‬
‫بأربعين صلة كل يببوم‪ ,‬قببال إن أمتببك ل تسببتطيع أربعيببن‬
‫صلة كل يوم‪ ,‬وإني قد خبرت الناس قبلبك وعببالجت بنببي‬
‫إسرائيل أشد المعالجة‪ ,‬فارجع إلى ربك فاسبأله التخفيببف‬
‫لمتك ب قال ب فرجعت فوضببع عشببرا ً أخببر‪ ,‬فرجعببت إلببى‬
‫م أمرت ؟ فقلت أمرت بثلثين صببلة‪ ,‬قببال‬ ‫موسى فقال ب َ‬
‫إن أمتك ل تستطيع ثلثين صلة كل يوم‪ ,‬وإني قببد خبببرت‬
‫الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجببة‪ ,‬فببارجع‬
‫إلى ربك فاسأله التخفيف لمتك ب قببال بب فرجعببت فوضببع‬
‫م أمببرت ؟ فقلببت‬ ‫عشرا ً أخر‪ ,‬فرجعت إلى موسى فقال ب َ‬
‫أمرت بعشرين صلة كببل يببوم‪ ,‬قببال إن أمتببك ل تسببتطيع‬
‫عشببرين صببلة كببل يببوم‪ ,‬وإنببي قببد خبببرت النبباس قبلببك‬

‫‪643‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وعالجت بني إسببرائيل أشببد المعالجببة‪ ,‬فببارجع إلببى ربببك‬
‫فاسأله التخفيف لمتك ب قال ب فرجعت فوضع عشرا ً عني‬
‫م أمرت ؟ فقلببت أمببرت‬ ‫أخر‪ ,‬فرجعت إلى موسى فقال ب َ‬
‫بعشر صلوات كل يببوم‪ ,‬قببال إن أمتببك ل تسببتطيع لعشببر‬
‫صلوات كل يوم‪ ,‬وإني قببد خبببرت النبباس قبلببك وعببالجت‬
‫بنببي إسببرائيل أشببد المعالجببة‪ ,‬فببارجع إلببى ربببك فاسببأله‬
‫التخفيف لمتك ب قال ب فرجعبت فبأمرت بخمبس صبلوات‬
‫كل يوم‪ ,‬فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قببال أمببرت‬
‫بخمس صلوات كل يوم قببال إن أمتببك ل تسببتطيع خمببس‬
‫صلوات كل يوم‪ ,‬وإني قببد خبببرت النبباس قبلببك وعببالجت‬
‫بنببي إسببرائيل أشببد المعالجببة‪ ,‬فببارجع إلببى ربببك فاسببأله‬
‫التخفيببف لمتببك ب ب قببال ب ب قلببت قببد سببألت ربببي حببتى‬
‫استحييت‪ ,‬ولكن أرضبى وأسبلم‪ ,‬فنفبذت فنبادى منباد قبد‬
‫أمضببيت فريضببتي وخففببت عببن عبببادي« وأخرجبباه فببي‬
‫الصبببببببحيحين مبببببببن حبببببببديث قتبببببببادة بنحبببببببوه‪.‬‬

‫)روايببببببببببببة أنببببببببببببس عببببببببببببن أبببببببببببببي ذر(‬


‫قال البخاري‪ :‬حببدثنا يحيببى بببن بكيببر‪ ,‬حببدثنا الليببث عببن‬
‫يونس عن ابن شهاب‪ ,‬عن أنس بن مالك قال‪ :‬كان أبو ذر‬
‫يحدث أن رسول الله صلى الله عليببه وسببلم قببال »فببرج‬
‫عن سقف بيتي وأنا بمكة‪ ,‬فنزل جبريل ففرج صببدري ثببم‬
‫غسله بمبباء زمببزم‪ ,‬ثببم جبباء بطسببت مببن ذهببب ممتلىببء‬
‫حكمة وإيمانًا‪ ,‬فأفرغه في صدري‪ ,‬ثم أخذ بيدي فعرج بببي‬
‫إلى السببماء الببدنيا‪ ,‬فلمببا جئت إلببى السببماء قببال جبريببل‬
‫لخازن السماء‪ :‬افتح قال‪ :‬من هذا ؟ قال‪ :‬جبريل‪ ,‬قال هل‬
‫معك أحد ؟ قال‪ :‬نعم معي محمد صلى الله عليببه وسببلم‪,‬‬
‫فقال‪ :‬أرسل إليببه ؟ قببال‪ :‬نعببم فلمببا فتببح علونببا السببماء‬
‫الدنيا فإذا رجببل قاعببد علببى يمينببه أسببودة وعلببى يسبباره‬
‫أسودة‪ ,‬إذا نظر قبل يمينببه ضببحك وإذا نظببر قبببل شببماله‬
‫بكى‪ ,‬فقال مرحبا ً بالنبي الصالح والبن الصالح قال‪ :‬قلببت‬
‫لجبريل‪ :‬من هذا ؟ قال‪ :‬هذا آدم وهذه السودة عن يمينببه‬
‫وعن شماله نسم بنيببه‪ ,‬فأهببل اليميببن منهببم أهببل الجنببة‪,‬‬

‫‪644‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والسودة التي عن شماله أهل النار‪ ,‬فإذا نظر عببن يمينببه‬
‫ضحك‪ ,‬وإذا نظر عن شماله بكى‪ ,‬ثم عرج بي إلى السماء‬
‫الثانية فقال لخازنها افتح‪ ,‬فقال لببه خازنهببا مثببل مببا قبباله‬
‫الول‪ ,‬ففتح« قال أنس فذكر أنه وجد فببي السببموات آدم‬
‫وإدريببس وموسببى وعيسببى وإبراهيببم‪ ,‬ولببم يثبببت كيببف‬
‫منببازلهم غيببر أنبه ذكببر أنببه وجببد آدم فببي السببماء الببدنيا‪,‬‬
‫وإبراهيم في السادسة‪ ,‬قال أنس‪ :‬فلما مر جبريل والنبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم بإدريس‪ ,‬قال‪ :‬مرحبا ً بالنبي الصببالح‬
‫والخ الصالح‪ ,‬فقلت‪ :‬من هذا ؟ قال‪ :‬إدريببس‪ ,‬ثببم مببررت‬
‫بموسى فقال‪ :‬مرحبا ً بالنبي الصالح والخ الصالح‪ ,‬فقلببت‪:‬‬
‫من هذا ؟ قال‪ :‬هببذا موسببى‪ ,‬ثببم مببررت بعيسببى‪ ,‬فقببال‪:‬‬
‫مرحبا ً بالنبي الصالح والخ الصالح‪ ,‬قلت‪ :‬من هببذا ؟ قببال‪:‬‬
‫هببذا عيسببى‪ ,‬ثببم مببررت بببإبراهيم فقببال‪ :‬مرحب با ً بببالنبي‬
‫الصالح والبن الصالح‪ ,‬قلت‪ :‬من هذا ؟ قال‪ :‬هذا إبراهيببم‪.‬‬
‫ن ابببن عببباس وأبببا حبببة‬ ‫قال الزهري‪ :‬فأخبرني ابن حزم أ ّ‬
‫النصاري كانا يقولن‪ :‬قال النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫»ثم عرج بي حببتى ظهببرت لمسببتوى أسببمع فيببه صببريف‬
‫القلم«‪.‬‬
‫قال ابن حزم وأنس بن مالببك‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬ففرض الله على أمتي خمسببين صببلة‪,‬‬
‫فرجعت بببذلك حببتى مببررت علببى موسببى عليببه السببلم‪,‬‬
‫فقال‪ :‬ما فرض الله علببى أمتببك ؟ قلببت‪ :‬فببرض خمسببين‬
‫صلة‪ ,‬قال موسى‪ :‬فارجع إلببى ربببك فببإن أمتببك ل تطيببق‬
‫ذلك‪ ,‬فرجعت فوضع شطرها‪ ,‬فرجعت إلى موسى‪ ,‬قلببت‪:‬‬
‫وضع شطرها‪ ,‬فقال‪ :‬ارجع إلى ربك‪ ,‬فببإن أمتببك ل تطيببق‬
‫ذلك‪ ,‬فرجعت فوضع شطرها‪ ,‬فرجعببت إليببه فقببال‪ :‬ارجببع‬
‫إلى ربك فإن أمتببك ل تطيببق ذلببك‪ ,‬فراجعتببه فقببال‪ :‬هببي‬
‫خمس وهي خمسون ل يبببدل القببول لببدي‪ ,‬فرجعببت إلببى‬
‫موسى فقال‪ :‬ارجببع إلببى ربببك‪ ,‬قلببت‪ :‬قببد اسببتحييت مببن‬
‫ربي‪ ,‬ثم انطلق بي حتى انتهى إلى سدرة المنتهى فغشيها‬
‫ألوان ل أدري ما هي‪ ,‬ثم أدخلببت الجنببة‪ ,‬فببإذا فيهببا جنابببذ‬
‫اللؤلؤ‪ ,‬وإذا ترابها من المسببك« وهببذا لفببظ البخبباري فببي‬

‫‪645‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كتاب الصلة‪ ,‬ورواه في ذكر بني إسرائيل وفي الحج وفي‬
‫أحبباديث النبيباء مبن طبرق أخبرى عببن يببونس ببه‪ ,‬ورواه‬
‫مسلم في صحيحه في كتاب اليمان منه عن حرملببة عببن‬
‫اببببببببن وهبببببببب عبببببببن يبببببببونس ببببببببه نحبببببببوه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عفان‪ ,‬حببدثنا همببام عببن قتببادة‬
‫عن عبببد اللبه بببن شببقيق قبال‪ :‬قلببت لبببي ذر‪ :‬لببو رأيببت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم لسألته‪ ,‬قال‪ :‬ومببا كنببت‬
‫تسأله ؟ قال‪ :‬كنت أسأله‪ :‬هل رأى ربه ؟ فقببال‪ :‬إنببي قببد‬
‫ى أراه« هكببذا قببد وقببع فببي‬ ‫ً‬
‫سألته‪ ,‬فقال‪ :‬قد رأيته نورا أن ّ‬
‫رواية المام أحمد‪ ,‬وأخرجه مسلم فببي صببحيحه عببن أبببي‬
‫بكر بن أبي شبيبة عبن وكيبع‪ ,‬عبن يزيبد ببن إبراهيبم عبن‬
‫قتادة عن عبد الله بببن شببقيق‪ ,‬عببن أبببي ذر قببال‪ :‬سببألت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيببت ربببك ؟ قببال‪:‬‬
‫»نور أنى أراه«‪ .‬وعن محمد بن بشار عن معاذ بن هشام‪:‬‬
‫حدثنا أبي عن قتادة عن عبد اللببه بببن شببقيق قببال‪ :‬قلببت‬
‫لبببي ذر‪ :‬لببو رأيببت رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫لسألته‪ ,‬فقببال‪ :‬عببن أي شببيء كنببت تسببأله ؟ قببال‪ :‬كنببت‬
‫أسأله هل رأيت ربك ؟ قال أبو ذر‪ :‬قد سألت فقال رأيببت‬
‫نببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببورًا‪.‬‬

‫)رواية أنس عن أبي بن كعب النصبباري رضببي اللببه عنببه(‬


‫قال عبد الله بن المام أحمد‪ :‬حببدثنا محمببد بببن إسببحاق‬
‫بن محمد المسيني‪ ,‬حدثنا أنس بن عياض‪ ,‬حدثنا يونس بن‬
‫يزيد قال‪ :‬قال ابن شهاب‪ :‬قال أنس بن مالببك‪ :‬كببان أبببي‬
‫بن كعب يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫»فرج سقف بيتي وأنا بمكة‪ ,‬فنزل جبريببل ففببرج صببدري‬
‫ثببم غسببله مببن مبباء زمببزم‪ ,‬ثببم جبباء بطسببت مببن ذهببب‬
‫ممتلىء حكمة وإيمانًا‪ ,‬فأفرغها في صدري‪ ,‬ثم أطبقه‪ ,‬ثببم‬
‫أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جاء السماء الدنيا إذا‬
‫رجل عن يمينه أسودة‪ ,‬وعن يساره أسودة‪ ,‬فإذا نظر قبل‬
‫يمينه تبسببم‪ ,‬وإذا نظببر قبببل يسبباره بكببى‪ ,‬فقببال‪ :‬مرحببا ً‬
‫بالنبي الصببالح والبببن الصببالح‪ ,‬قببال‪ :‬قلببت لجبريببل‪ :‬مببن‬

‫‪646‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هذا ؟ قال‪ :‬هذا آدم‪ ,‬وهذه السودة التي عببن يمينببه وعببن‬
‫شماله نسم بنيه‪ ,‬فأهل يمينببه هببم أهببل الجنببة‪ ,‬والسببودة‬
‫التي عن شماله هم أهل النار‪ ,‬فإذا نظر قبل يمينه ضحك‪,‬‬
‫وإذا نظر قبل يساره بكى ب قال ب ثم عرج بي جبريل حتى‬
‫أتى السماء الثانية‪ ,‬فقال لخازنها‪ :‬افتببح‪ ,‬فقببال لببه خازنهببا‬
‫مثل ما قال خازن السببماء الببدنيا‪ ,‬ففتببح لببه« قببال أنببس‪:‬‬
‫فببذكر أنببه وجببد فببي السببموات آدم وإدريببس وموسببى‬
‫وإبراهيم وعيسى‪ ,‬ولم يثبت لي كيف منازلهم غير أنه ذكر‬
‫أنه وجد آدم عليه السلم في السماء الدنيا‪ ,‬وإبراهيم فببي‬
‫السماء السادسة‪ ,‬قال أنس‪ :‬فلما مر جبريل عليه السببلم‬
‫ورسول الله صلى الله عليه وسلم بببإدريس قببال‪ :‬مرحب با ً‬
‫بببالنبي الصببالح والخ الصببالح‪ ,‬قببال »قلببت مببن هببذا يببا‬
‫جبريل ؟ قال‪ :‬هذا إدريس ب قال ثم مررت بموسى فقال‪:‬‬
‫مرحبا ً بالنبي الصالح والخ الصالح‪ ,‬فقلت من هذا ؟ قببال‪:‬‬
‫موسى‪ ,‬ثم مببررت بعيسببى فقببال‪ :‬مرحببا ً بببالنبي الصببالح‬
‫والخ الصالح‪ ,‬قلت من هذا ؟ قال‪ :‬هذا عيسى ابن مريم ب‬
‫قال ب ثبم مبررت ببإبراهيم‪ ,‬فقبال‪ :‬مرحببا ً ببالنبي الصبالح‬
‫والبببن الصببالح‪ ,‬قلببت‪ :‬مببن هببذا ؟ قببال‪ :‬هببذا إبراهيببم«‪.‬‬
‫قال ابن شهاب‪ :‬وأخبرني ابن حببزم أن ابببن عببباس وأبببا‬
‫حبة النصاري كانا يقولن‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم »ثم عرج بي حتى ظهرت لمسببتوى أسببمع صببريف‬
‫القلم« قال ابن حزم وأنس بن مالببك‪ :‬قببال رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسببلم »فببرض اللببه علببى أمببتي خمسببين‬
‫صلة‪ ,‬قال‪ :‬فرجعت بذلك حتى أمببر علببى موسببى‪ ,‬فقببال‬
‫موسى‪ :‬ماذا فرض ربك على أمتك ؟ قلت‪ :‬فببرض عليهببم‬
‫خمسين صلة فقال لي موسى‪ :‬راجببع ربببك فببإن أمتببك ل‬
‫تطيق ذلك‪ ,‬قال‪ :‬فراجعت ربي فوضببع شببطرها‪ ,‬فرجعببت‬
‫إلى موسى فأخبرته‪ ,‬فقال‪ :‬ارجع إلى ربببك‪ ,‬فببإن أمتببك ل‬
‫تطيق ذلك‪ ,‬فرجعت فقال‪ :‬هي خمببس وهببي خمسببون‪ ,‬ل‬
‫يبدل القول لدي‪ ,‬قال‪ :‬فرجعت إلى موسى‪ ,‬فقببال‪ ,‬راجببع‬
‫ربك فقلت‪ :‬قد استحييت من ربببي‪ ,‬قببال‪ :‬ثببم انطلببق بببي‬
‫حتى أتى سدرة المنتهى‪ ,‬قال‪ :‬فغشيها ألوان مببا أدري مببا‬

‫‪647‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هي‪ ,‬قال‪ :‬ثم دخلببت الجنببة‪ ,‬فببإذا فيهببا جنابببذ اللؤلببؤ‪ ,‬وإذا‬
‫ترابها المسك« هكذا رواه عبد الله بببن أحمببد فببي مسببند‬
‫أبيه‪ ,‬وليس هو في شيء من الكتب الستة‪ ,‬وقد تقدم في‬
‫الصحيحين من طريق يونس عن الزهري‪ ,‬عن أبي ذر مثل‬
‫هببببببببذا السببببببببياق سببببببببواء‪ ,‬فببببببببالله أعلببببببببم‪.‬‬

‫)روايبببببببة بريبببببببدة ببببببببن الحصبببببببيب السبببببببلمي(‬


‫قببال الحببافظ أبببو بكببر البببزار‪ :‬حببدثنا عبببد الرحمببن بببن‬
‫المتوكل ويعقوب بن إبراهيم واللفظ لببه‪ ,‬قببال‪ :‬حببدثنا أبببو‬
‫نميلة‪ ,‬حدثنا الزبير بن جنادة عن عبد الله بببن بريببدة‪ ,‬عببن‬
‫أبيه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم »لما كان‬
‫ليلة أسري بي ب قال ب فببأتى جبريببل الصببخرة الببتي ببببيت‬
‫المقدس ب قببال بب فوضببع أصبببعه فيهببا فخرقهببا فشببد بهببا‬
‫البراق« ثم قال البزار‪ :‬ل نعلم رواه عن الزبير بببن جنببادة‬
‫إل أبو نميلة‪ ,‬ول نعلم هذا الحديث إل عن بريدة‪ ,‬وقد رواه‬
‫الترمذي في التفسير من جامعه عن يعقببوب بببن إبراهيببم‬
‫البببببببببببدورقي ببببببببببببه‪ ,‬وقبببببببببببال غريبببببببببببب‪.‬‬

‫)روايببببة جببببابر بببببن عبببببد اللببببه رضببببي اللببببه عنببببه(‬


‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا يعقوب‪ ,‬حدثنا أبي عن صالح عن‬
‫ابن شهاب قال‪ :‬قال أبو سلمة‪ :‬سمعت جابر بن عبد اللببه‬
‫يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسببلم يقببول‪:‬‬
‫»لما كذبتني قريش حين أسبري ببي إلبى بيبت المقبدس‪,‬‬
‫قمت في الحجر فجلى الله لببي بيببت المقببدس‪ ,‬فطفقببت‬
‫أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه« أخرجبباه فببي الصببحيحين‬
‫من طرق عن حببديث الزهببري بببه‪ .‬وقببال البببيهقي‪ :‬حببدثنا‬
‫أحمد بن الحسن القاضي‪ ,‬حدثنا أبو العباس الصم‪ ,‬حببدثنا‬
‫العباس بن محمد الدوري‪ :‬حدثنا يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬حدثنا‬
‫أبي عن صالح بن كيسان‪ ,‬عن ابببن شببهاب قببال‪ :‬سببمعت‬
‫سعيد بن المسيب يقول‪ :‬إن رسول الله صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم حين انتهببى إلببى بيببت المقببدس لقببي فيببه إبراهيببم‬
‫وموسى وعيسى‪ ,‬وأنه أتي بقدحين‪ :‬قدح مببن لبببن وقببدح‬

‫‪648‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من خمر‪ ,‬فنظر إليهما‪ ,‬ثم أخذ قدح اللبببن‪ ,‬فقببال جبريببل‪:‬‬
‫أصبت هديت للفطرة‪ ,‬لو أخذت الخمببر لغببوت أمتببك‪ ,‬ثببم‬
‫رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة فأخبر أنببه‬
‫أسري به فافتتن ناس كثير كانوا قد صلوا معه‪ ,‬وقال ابببن‬
‫شهاب‪ :‬قال أبو سلمة بن عبد الرحمببن‪ :‬فتجهببز‪ ,‬أو كلمببة‬
‫نحوها‪ ,‬ناس من قريش إلى أبي بكر فقالوا‪ :‬هببل لببك فببي‬
‫صاحبك يزعم أنه جاء إلى بيت المقدس ثم رجع إلى مكببة‬
‫في ليلة واحدة ؟ فقال أبو بكر‪ :‬أو قال ذلك ؟ قالوا‪ :‬نعببم‪,‬‬
‫قببال‪ :‬فأنببا أشببهد لئن كببان قببال ذلببك لقببد صببدق‪ ,‬قببالوا‪:‬‬
‫فتصدقه بأن يأتي الشام في ليلة واحدة ثم يرجع إلى مكة‬
‫قبببل أن يصبببح ؟ قببال‪ :‬نعببم أنببا أصببدقه بأبعببد مببن ذلببك‪,‬‬
‫أصدقه بخبر السماء‪ ,‬قال أبو سلمة‪ :‬فبها سببمي أبببو بكببر‬
‫الصديق‪ .‬قال أبو سلمة‪ :‬فسمعت جابر بن عبد الله رضببي‬
‫الله عنهما يحدث أنه سببمع رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم يقول‪» :‬لما كذبتني قريش حين أسري بي إلى بيت‬
‫المقدس‪ ,‬قمت في الحجر فجلى الله لي بيببت المقببدس‪,‬‬
‫فطفقببببت أخبببببرهم عببببن آيبببباته وأنببببا أنظببببر إليببببه«‪.‬‬

‫)روايببببة حذيفببببة بببببن اليمببببان رضببببي اللببببه عنببببه(‬


‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبببو النضببر‪ ,‬حببدثنا سببليمان عببن‬
‫شيبان‪ ,‬عن عاصم‪ ,‬عببن زر بببن حبببيش قببال‪ :‬أتيببت علببى‬
‫حذيفة بن اليمان رضبي اللبه عنبه‪ ,‬وهببو يحبدث عبن ليلبة‬
‫أسري بمحمد صلى الله عليه وسلم‪ ,‬وهو يقببول‪ :‬فانطلقببا‬
‫حتى أتيا بيت المقدس فلم يدخله‪ ,‬قال‪ :‬قلببت‪ :‬بببل دخلببه‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلتئذ وصلى فيببه‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫مببا اسببمك يببا أصببلع ؟ فأنببا أعببرف وجهببك‪ ,‬ول أدري مببا‬
‫اسمك‪ ,‬قال‪ :‬قلت أنا زر بن حبيش‪ ,‬قال‪ :‬فما علمببك بببأن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فيه ليلتئذ ؟ قببال‪:‬‬
‫قلت القرآن يخبرني بذلك‪ ,‬قال‪ :‬فمن تكلببم بببالقرآن فلببج‬
‫اقرأ‪ ,‬قال‪ :‬فقلت‪} :‬سبببحان الببذي أسببرى بعبببده ليل ً مببن‬
‫المسجد الحرام إلى المسجد القصا{ قال‪ :‬يا أصببلع‪ ,‬هببل‬
‫تجد صلى فيه ؟ قلت‪ :‬ل‪ .‬قال‪ :‬والله ما صلى فيببه رسببول‬

‫‪649‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله ليلتئذ‪ ,‬لو صلى فيه لكتبت عليكم صلة فيه كمببا كتببب‬
‫عليكم صلة في البيت العتيق‪ ,‬والله ما زايل البببراق حببتى‬
‫لخببرة‬‫فتحت لهما أبواب السماء فرأيا الجنة والنار ووعببد ا َ‬
‫أجمع‪ ,‬ثم عادا عودهما على بدئهما‪ ,‬قال‪ :‬ثببم ضببحك حببتى‬
‫رأيت نواجذه‪ .‬قال‪ :‬ويحدثونه أنه ربطه ل يفببر منببه‪ ,‬وإنمببا‬
‫سخره له عالم الغيب والشببهادة‪ ,‬قلببت‪ :‬يببا عبببد اللببه‪ ,‬أي‬
‫دابة البراق ؟ قببال‪ :‬داببة أبيبض طويبل‪ ,‬هكببذا خطبوه مبد‬
‫البصر‪ .‬ورواه أبو داود الطيالسي عن حماد بن سلمة‪ ,‬عن‬
‫عاصببم بببه‪ .‬ورواه الترمببذي والنسببائي فببي التفسببير مببن‬
‫حديث عاصم وهببو ابببن أبببي النجببود بببه‪ .‬وقببال الترمببذي‪:‬‬
‫حسن‪ ,‬وهذا الذي قاله حذيفة رضببي اللببه عنببه ومببا أثبتببه‬
‫غيره عن رسببول اللبه صبلى اللبه عليبه وسببلم مبن رببط‬
‫الدابة بالحلقة‪ ,‬ومن الصلة ببيت المقدس مما سبببق ومببا‬
‫سبببيأتي مقبببدم علبببى قبببوله‪ ,‬واللبببه أعلبببم بالصبببواب‪.‬‬

‫)روايببة أبببي سببعيد سببعد بببن مالببك بببن سببنان الخببدري(‬


‫قال الحافظ أبببو بكببر البببيهقي فببي كتبباب دلئل النبببوة‪:‬‬
‫حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد اللببه الحببافظ‪ ,‬حببدثنا أبببو‬
‫العباس محمد بن يعقوب‪ ,‬حببدثنا أبببو بكببر يحيببى بببن أبببي‬
‫طالب‪ ,‬حدثنا عبد الوهاب بن عطاء‪ ,‬حدثنا أبو محمد راشد‬
‫الحماني عن أبي هارون العبدي‪ ,‬عن أبببي سببعيد الخببدري‬
‫رضي الله عنه‪ ,‬عن النبي صلى الله عليه وسببلم أنببه قببال‬
‫له أصحابه‪ :‬يا رسول الله‪ ,‬أخبرنا عن ليلة أسري بك فيهببا‪.‬‬
‫ل{‬‫قال‪ :‬قال الله عز وجل }سبحان الذي أسببرى بعبببده لي ً‬
‫ا َ‬
‫لية‪ :‬قال‪ :‬فببأخبرهم‪ ,‬قببال‪» :‬فبينمببا أنببا نببائم عشبباء فببي‬
‫المسجد الحرام إذ أتاني آت فأيقظني‪ ,‬فاستيقظت فلم أر‬
‫شيئًا‪ ,‬فإذا أنا بكهيئة خيال فأتبعته بصري حتى خرجت مببن‬
‫المسجد الحرام‪ ,‬فإذا أنا بدابة أدنببى شبببها ً بببدوابكم هببذه‪,‬‬
‫بغالكم هذه‪ ,‬غير أنه مضببطرب الذنيببن يقببال لببه البببراق‪,‬‬
‫وكانت النبياء تركبببه قبلببي‪ ,‬يقببع حببافره عنببد مببد بصببره‪,‬‬
‫فركبته‪ ,‬فبينما أنا أسير عليه إذ دعاني داع مببن يمينببي‪ :‬يببا‬
‫محمد انظرني أسألك‪ ,‬يا محمد انظرني أسألك‪ ,‬يببا محمببد‬

‫‪650‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫انظرني أسألك‪ ,‬فلم أجبه ولم أقم عليه‪ ,‬فبينمببا أنببا أسببير‬
‫عليه إذ دعاني داع عن يساري‪ :‬يا محمد انظرنببي أسببألك‪,‬‬
‫فلم أجبه ولم أقببم عليببه‪ ,‬فبينمببا أنببا أسببير إذا أنببا بببامرأة‬
‫حاسببرة عببن ذراعيهببا وعليهببا مببن كببل زينببة خلقهببا اللببه‪,‬‬
‫فقالت‪ :‬يا محمد‪ ,‬انظرني أسببألك‪ ,‬فلببم ألتفببت إليهببا ولببم‬
‫أقم عليها حتى أتيت بيت المقدس‪ ,‬فأوثقت دابتي بالحلقة‬
‫البببببببببتي كبببببببببانت النبيببببببببباء توثقهبببببببببا بهبببببببببا‪.‬‬
‫لخر‬ ‫ثم أتاني جبريل عليه السلم بإنائين‪ :‬أحدهما خمر وا َ‬
‫لبن‪ ,‬فشربت اللبن وأبيببت الخمببر‪ ,‬فقببال جبريببل‪ :‬أصبببت‬
‫الفطرة‪ ,‬أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك‪ ,‬فقلت‪ :‬اللببه‬
‫أكبر الله أكبر‪ ,‬فقال جبريل‪ :‬مببا أريببت فببي وجهببك هببذا ؟‬
‫قال‪ :‬فقلت بينما أنبا أسببير إذا دعبباني داع عببن يمينببي‪ :‬يببا‬
‫محمد انظرني أسألك فلم أجبه ولم أقببم عليببه‪ ,‬قببال ذاك‬
‫داعي اليهود‪ ,‬أمببا إنببك لببو أجبتببه أو وقفببت عليببه لتهببودت‬
‫أمتك ب قال ب فبينمببا أنببا أسببير إذ دعبباني داع عببن يسبباري‬
‫قال‪ :‬يا محمد انظرني أسألك فلم ألتفت ولببم أقببم عليببه‪,‬‬
‫قال‪ :‬ذاك داعي النصارى أما إنك لو أجبته لتنصرت أمتك ب‬
‫قال ب فبينما أنا أسير إذا أنببا بببامرأة حاسببرة عببن ذراعيهببا‬
‫عليها من كل زينببة خلقهببا اللببه تقببول‪ :‬يببا محمببد انظرنببي‬
‫أسألك فلم أجبها ولم أقم عليها‪ ,‬قال‪ :‬تلك الدنيا‪ ,‬أما إنببك‬
‫لخببرة‪.‬‬ ‫لو أجبتها أو قمت عليها لختارت أمتك الدنيا على ا َ‬
‫قال‪ :‬ثم دخلت أنببا وجبريببل بيببت المقببدس‪ ,‬فصببلى كببل‬
‫واحد منا ركعتين‪ ,‬ثم أتيت بالمعراج الذي كانت تعرج عليه‬
‫أرواح بني آدم فلببم يببر الخلئق أحسببن مببن المعببراج أمببا‬
‫رأيت الميت حين يشق بصره طامحا ً إلببى السببماء‪ ,‬فإنمببا‬
‫يشق بصببره طامحبا ً إلببى السببماء عجبببه بببالمعراج‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫فصعدت أنا وجبريل‪ ,‬فإذا أنا بملك يقال له إسماعيل وهببو‬
‫صاحب السماء الدنيا وبين يديه سبعون ألف ملك مببع كببل‬
‫ملك جنوده مائة ألف ملك‪ ,‬قال‪ :‬قال الله عز وجل‪} :‬ومببا‬
‫يعلم جنود ربك إل هو{ قال‪ :‬فاستفتح جبريل باب السماء‪,‬‬
‫قيل‪ :‬مببن هببذا ؟ قببال جبريببل‪ .‬قيببل‪ :‬ومببن معببك ؟ قببال‪:‬‬
‫محمد‪ .‬قيل‪ :‬أوقد بعببث إليببه ؟ قببال‪ :‬نعببم‪ ,‬فببإذا أنببا بببآدم‬

‫‪651‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كهيئته يبوم خلقبه اللبه عبز وجببل علبى صببورته‪ ,‬فبإذا هببو‬
‫تعرض عليه أرواح ذريته من المؤمنين‪ ,‬فيقول‪ :‬روح طيبببة‬
‫ونفس طيبة اجعلوها فببي علييببن‪ ,‬ثببم تعببرض عليببه أرواح‬
‫ذريته الفجار‪ ,‬فيقول‪ :‬روح خبيثة ونفس خبيثة اجعلوها في‬
‫سجين‪ ,‬فمضيت هنيهة فإذا أنا بأخونببة عليهببا لحبم مشبرح‬
‫ليس يقربها أحد‪ ,‬وإذا أنا بأخونة أخرى عليها لحم قد أروح‬
‫وأنتببن عنببدها أنبباس يببأكلون منهببا‪ ,‬قلببت‪ :‬يببا جبريببل مببن‬
‫هببؤلء ؟ قببال‪ :‬هببؤلء مببن أمتببك يببأتون الحببرام ويببتركون‬
‫الحلل‪ ,‬قال‪ :‬ثم مضيت هنيهة‪ ,‬فإذا أنببا بببأقوام مشببافرهم‬
‫كمشافر البل‪ ,‬قال‪ :‬فتفتببح أفببواههم فيلقمببون مببن ذلببك‬
‫الجمر‪ ,‬ثم يخرج من أسافلهم فسمعتهم يضجون إلى اللببه‬
‫عز وجل فقلت‪ :‬من هببؤلء يببا جبريببل ؟ قببال‪ :‬هببؤلء مببن‬
‫أمتك }الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ً إنما يأكلون فببي‬
‫بطونهم نارا ً وسيصلون سعيرًا{ قببال‪ :‬ثببم مضببيت هنيهببة‪,‬‬
‫فإذا أنا بنساء تعلقن بثديهن‪ ,‬فسمعتهن يضججن إلببى اللببه‬
‫عز وجل‪ ,‬قلت‪ :‬يا جبريل من هؤلء النسبباء ؟ قببال‪ :‬هببؤلء‬
‫الزناة من أمتك‪ .‬قال‪ :‬ثم مضببيت هنيهببة‪ ,‬فببإذا أنببا بببأقوام‬
‫بطونهم أمثال البيوت كلما نهض أحدهم خر فيقول‪ :‬اللهببم‬
‫لتقم الساعة‪ .‬قال‪ :‬وهببم علببى سببابلة آل فرعببون‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫فتجيء السابلة فتطؤهم‪ ,‬قال فسمعتهم يضجون إلى الله‬
‫ب قال ب قلت يا جبريل من هؤلء ؟ قبال‪ :‬هبؤلء مبن أمتبك‬
‫}الذين يأكلون الربا ل يقومون إل كما يقوم الذي يتخبطببه‬
‫الشيطان من المببس{ قببال‪ :‬ثببم مضببيت هنيهببة‪ ,‬فببإذا أنببا‬
‫بأقوام يقطع من جنوبهم اللحم فيلقمونه‪ ,‬فيقببال لببه‪ :‬كببل‬
‫كما كنت تأكل من لحم أخيك‪ ,‬قلت‪ :‬يا جبريل من هؤلء ؟‬
‫قببببال‪ :‬هببببؤلء الهمببببازون مببببن أمتببببك اللمببببازون‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم صعدنا إلى السماء الثانية‪ ,‬فإذا أنا برجل أحسببن‬
‫ما خلق الله عز وجل قد فضل الناس في الحسن كببالقمر‬
‫ليلة البدر على سائر الكواكب‪ ,‬قلت‪ :‬ياجبريببل مببن هببذا ؟‬
‫قال‪ :‬هذا أخوك يوسف ومعه نفر من قومه‪ ,‬فسلمت عليه‬
‫ي‪.‬‬‫فبببببببببببببببببببببببببببببببببرد علببببببببببببببببببببببببببببببببب ّ‬

‫‪652‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ثم صعدنا إلى السماء الثالثببة‪ ,‬واسببتفتح فببإذا أنببا بيحيببى‬
‫وعيسى عليهما السلم‪ ,‬ومعهما نفر من قومهما‪ ,‬فسلمت‬
‫ي‪ ,‬ثم صعدنا إلبى السبماء الرابعبة‪ ,‬فبإذا‬ ‫عليهما وسلما عل ّ‬
‫أنا بإدريس قد رفعه الله مكانا ً عليًا‪ ,‬فسلمت عليببه فسببلم‬
‫ي‪.‬‬
‫علبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببب ّ‬
‫قال‪ :‬ثم صعدنا إلببى السببماء الخامسببة فببإذا أنببا بهببارون‬
‫ونصف لحيتببه بيضبباء ونصببفها سببوداء تكبباد لحيتببه تصببيب‬
‫سرته من طولها‪ ,‬قلببت‪ :‬يببا جبريببل مببن هببذا ؟ قببال‪ :‬هببذا‬
‫المحبب في قومه‪ ,‬هذا هارون بن عمران ومعببه نفببر مببن‬
‫ي‪.‬‬ ‫قبببببببومه‪ ,‬فسبببببببلمت عليبببببببه وسبببببببلم علببببببب ّ‬
‫ثم صعدت إلى السماء السادسببة‪ ,‬فببإذا أنببا بموسببى بببن‬
‫عمران رجل آدم‪ ,‬كثير الشعر‪ ,‬لو كان عليه قميصان لنفببذ‬
‫شعره دون القميببص‪ ,‬فببإذا هببو يقببول‪ :‬يزعببم النبباس أنببي‬
‫أكرم على الله من هذا‪ ,‬بل هذا أكرم على الله مني‪ .‬قال‪:‬‬
‫قلت يبا جبريبل مبن هبذا ؟ قبال‪ :‬هبذا أخببوك موسببى بببن‬
‫عمران عليه السلم ومعه نفر مببن قببومه‪ ,‬فسببلمت عليببه‬
‫ي‪.‬‬‫وسببببببببببببببببببببببببببببببببلم علبببببببببببببببببببببببببببببببب ّ‬
‫ثم صعدت إلى السماء السبابعة‪ ,‬فبإذا أنبا بأبينببا إبراهيبم‬
‫خليل الرحمن‪ ,‬ساند ظهره إلببى البببيت المعمببور كأحسببن‬
‫الرجال‪ ,‬قلت‪ :‬يا جبريل من هذا ؟ قال‪ :‬هذا أبوك إبراهيببم‬
‫خليل الرحمن عليه السلم ومعه نفر من قببومه‪ ,‬فسببلمت‬
‫ي‪ .‬وإذا أنببا بببأمتي شببطرين‪ :‬شببطر عليهببم‬ ‫عليه فسلم عل ّ‬
‫ثياب بيض كأنها القراطيس‪ ,‬وشطر عليهم ثياب رمد قببال‬
‫ب فدخلت البيت المعمور‪ ,‬ودخل معي الذين عليهم الثيبباب‬
‫لخرون الذين عليهببم الثيبباب السببود وهببم‬ ‫البيض وحجب ا َ‬
‫على خير‪ ,‬فصليت أنا ومن معي فببي البببيت المعمببور‪ ,‬ثببم‬
‫خرجبببببببببببببت أنبببببببببببببا ومبببببببببببببن معبببببببببببببي‪.‬‬
‫قال والبيت المعمور يصلي فيببه كببل يببوم سبببعون ألببف‬
‫ملك ل يعودون إليه إلى يوم القيامة‪ .‬قال‪ :‬ثم رفعببت إلببى‬
‫سدرة المنتهى‪ ,‬فإذا كل ورقة منها تكاد تغطي هذه المببة‪,‬‬
‫وإذا فيها عين تجري يقال لها سلسبيل فينشق منها نهران‬

‫‪653‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لخر( يقال له نهر الرحمة‪ ,‬فاغتسببلت‬ ‫)أحدهما( الكوثر )وا َ‬
‫فيبببه فغفبببر لبببي مبببا تقبببدم مبببن ذنببببي ومبببا تبببأخر‪.‬‬
‫قال إني رفعت إلببى الجنببة فاسببتقبلتني جاريببة‪ ,‬فقلببت‪:‬‬
‫لمن أنت يا جارية ؟ قالت‪ :‬لزيد بن حارثة‪ ,‬وإذا بأنهار مببن‬
‫ماء غير آسن‪ ,‬وأنهار من لبن لم يتغير طعمه‪ ,‬وأنهببار مببن‬
‫خمر لذة للشاربين‪ ,‬وأنهار من عسل مصببفى‪ ,‬وإذا رمانهببا‬
‫كالدلء عظمًا‪ ,‬وإذا أنببا بطيرهببا كأنهببا بختكببم هببذه‪ ,‬فقببال‬
‫عندها صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى قد أعببد لعببباده‬
‫الصالحين ما ل عين رأت ول أذن سببمعت ول خطببر علببى‬
‫قلب بشر ب قال ب ثم عرضت علي النار‪ ,‬فإذا فيهببا غضببب‬
‫الله وزجببره ونقمتببه‪ ,‬لببو طرحببت فيهببا الحجببارة والحديببد‬
‫لكلتهببببببببببببا ثببببببببببببم أغلقببببببببببببت دونببببببببببببي‪.‬‬
‫ثم إني رفعت إلى سدرة المنتهى فتغشبباني فكببان بينببي‬
‫وبينه قاب قوسين أو أدنى‪ .‬قال وينزل على كل ورقة منها‬
‫ملك من الملئكة ب قال ب وفرضببت علببي خمسببون صببلة‪,‬‬
‫وقال لك بكببل حسببنة عشببر‪ ,‬فببإذا هممببت بالحسببنة فلببم‬
‫تعملها كتبت لك حسنة‪ ,‬فإذا عملتها كتبت لك عشببرًا‪ ,‬وإذا‬
‫هممت بالسيئة فلم تعملهببا لببم يكتببب عليببك شببيء‪ ,‬فببإن‬
‫عملتهببببببببا كتبببببببببت عليببببببببك سببببببببيئة واحببببببببدة‪.‬‬
‫ثم رجعت إلى موسببى فقببال بببم أمببرك ربببك ؟ فقلببت‪:‬‬
‫بخمسين صببلة‪ .‬قببال‪ :‬ارجببع إلببى ربببك فاسببأله التخفيببف‬
‫لمتك‪ ,‬فبإن أمتبك ل تطيبق ذلبك‪ ,‬ومبتى ل تطيقبه تكفبر‪,‬‬
‫فرجعت إلى ربي فقلببت‪ :‬يببا رب خفببف عببن أمببتى‪ ,‬فإنهببا‬
‫أضعف المم‪ ,‬فوضع عني عشرا ً وجعلها أربعين‪ ,‬فما زلببت‬
‫أختلف بين موسى وربي كلمببا أتيببت عليببه قببال لببي مثببل‬
‫مقالته‪ ,‬حتى رجعت إليبه‪ ,‬فقبال لبي‪ :‬ببم أمبرت ؟ فقلبت‬
‫أمرت بعشر صلوات‪ .‬قال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف‬
‫لمتك‪ ,‬فناداني عندها تممت فريضتي وخففت عن عبببادي‬
‫وأعطيتهبببببببم بكبببببببل حسبببببببنة عشبببببببر أمثالهبببببببا‪.‬‬
‫ثم رجعت إلى موسى فقال‪ :‬بم أمرت ؟ فقلببت بخمببس‬
‫صلوات‪ .‬قال‪ :‬ارجع إلى ربك فإنه ل يؤوده شيء‪ ,‬فاسببأله‬
‫التخفيف لمتك‪ ,‬فقلت‪ :‬رجعت إلى ربببي حببتى اسببتحييت‪.‬‬

‫‪654‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ثم أصبح بمكة يخبرهم بالعاجيب‪ :‬إني أتيت البارحببة بيببت‬
‫المقدس وعرج بي إلى السماء‪ ,‬ورأيببت كببذا وكببذا‪ ,‬فقببال‬
‫أبو جهل يعني ابن هشببام‪ :‬أل تعجبببون ممببا قببال محمببد ؟‬
‫يزعم أنه أتى البارحة بيت المقدس‪ ,‬ثم أصبح فينببا وأحببدنا‬
‫يضرب مطيته مصعدة شهرا ً ومقفلة شهرًا‪ ,‬فهذه مسببيرة‬
‫شهرين في ليلة واحدة‪ ,‬قال‪ :‬فأخبرتهم بعيبر لقريبش لمبا‬
‫كنت في مصعدي رأيتها في مكان كذا وكذا‪ ,‬وأنهببا نفببرت‪,‬‬
‫فلمببا رجعببت وجببدتها عنببد العقبببة‪ ,‬وأخبببرهم بكببل رجببل‬
‫وبعيره كذا وكذا‪ ,‬ومتاعه كذا وكذا‪ ,‬فقال أبو جهل‪ :‬يخبرنببا‬
‫بأشياء‪ ,‬فقال رجل منهم‪ :‬أنا أعلم الناس ببببيت المقببدس‪,‬‬
‫وكيف بناؤه وهيئته‪ ,‬وكيف قربه من الجبل‪ ,‬فإن يك محمد‬
‫صادقا ً فسأخبركم وإن يببك كاذب با ً فسببأخبركم‪ ,‬فجبباء ذلببك‬
‫المشرك فقال‪ :‬يا محمد أنا أعلببم النبباس ببببيت المقببدس‬
‫فببأخبرني‪ :‬كيببف بنبباؤه‪ ,‬وكيببف هيئتببه‪ ,‬وكيببف قربببه مببن‬
‫الجبل ؟ قال فرفع لرسول الله صلى الله عليه وسلم بيت‬
‫المقدس من مقعده‪ ,‬فنظببر إليببه كنظببر أحببدنا إلببى بيتببه‪,‬‬
‫قال‪ :‬بناؤه كذا وكذا‪ ,‬وهيئته كذا وكببذا‪ ,‬وقربببه مببن الجبببل‬
‫لخر‪ :‬صدقت‪ ,‬فرجع إليهببم فقببال‪ :‬صببدق‬ ‫كذا وكذا‪ ,‬فقال ا َ‬
‫محمبببببد فيمبببببا قبببببال أو نحبببببوا ً مبببببن هبببببذا الكلم‪.‬‬
‫وكذا رواه المام أبو جعفر بن جرير بطوله عن محمد بن‬
‫عبد العلى‪ ,‬عن محمد بن ثور عن معمر عن أبببي هببارون‬
‫العبدي‪ ,‬وعن الحسن بن يحيى عن عبد الرزاق عن معمر‪,‬‬
‫عن أبي هببارون العبببدي بببه‪ .‬ورواه أيضبا ً مببن حببديث ابببن‬
‫إسحاق حدثني روح بن القاسم عببن أبببي هببارون بببه نحببو‬
‫سياقه المتقدم‪ ,‬ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أحمد بن‬
‫عبدة‪ ,‬عن أبي عبد الصمد عبد العزيز بن عبد الصمد‪ ,‬عببن‬
‫أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري‪ ,‬فبذكره بسبياق‬
‫طويل حسن أنيق‪ ,‬أجود مما ساقه غيره على غرابتببه ومببا‬
‫فيه من النكارة‪ .‬ثم ذكره البيهقي أيضا ً من رواية نببوح بببن‬
‫قيس الحببداني وهشببيم ومعمببر عببن أبببي هببارون العبببدي‬
‫واسمه عمارة بن جوين وهببو مضببعف عنببد الئمببة‪ ,‬وإنمببا‬
‫سقنا حديثه ههنا لما فيه مببن الشببواهد لغيببره‪ ,‬ولمببا رواه‬

‫‪655‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫البببيهقي‪ :‬أخبرنببا المببام أبببو عثمببان إسببماعيل بببن عبببد‬
‫الرحمن‪ ,‬أنبأنا أبو نعيم أحمد بن محمد بن إبراهيم البببزار‪,‬‬
‫حدثنا أبو حامد بن بلل‪ ,‬حدثنا أبو الزهببر‪ ,‬حببدثنا يزيببد بببن‬
‫أبي حكيم قال‪ :‬رأيت فببي النببوم رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم قلت‪ :‬يا رسول الله‪ ,‬رجل من أمتببك يقببال لببه‬
‫سفيان الثوري ل بأس به‪ .‬فقال رسول الله »ل ببأس ببه«‬
‫حدثنا عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري عنببك‬
‫يا رسول الله ليلة أسببري بببك‪ ,‬قلببت رأيببت فببي السببماء‪,‬‬
‫فحدثته بالحديث فقال لي »نعم« فقلت له‪ :‬يا رسول الله‬
‫إن ناسا ً من أمتك يحدثون عنك في السرى بعجائب ؟ قال‬
‫لبببببببببببي »ذلبببببببببببك حبببببببببببديث القصببببببببببباص«‪.‬‬

‫)روايبببببببببببببببببة شبببببببببببببببببداد ببببببببببببببببببن أوس(‬


‫قال المام أبو إسماعيل محمببد بببن إسببماعيل الترمببذي‬
‫حدثنا إسحاق بن إبراهيم بببن العلء بببن الضببحاك الزبيببدي‬
‫حدثنا عمرو بن الحارث عن عبد الله بببن سببالم الشببعري‬
‫عن محمد بن الوليد بن عامر الزبيدي حدثنا الوليد بن عبد‬
‫الرحمن عن جبير بن نفير حدثنا شداد بن أوس قبال‪ :‬قلنبا‬
‫يا رسول الله كيف أسببري بببك ؟ قببال »صببليت لصببحابي‬
‫صلة العتمة بمكة معتما ً فأتاني جبريل عليه السبلم بداببة‬
‫أبيض أو قال بيضاء فوق الحمار ودون البغل فقببال اركببب‬
‫ي فرازها بأذنها ثم حملني عليهببا فببانطلقت‬ ‫فاستصعب عل ّ‬
‫تهوي بنا يقع حافرها حيث انتهى طرفها حببتى بلغنببا أرض با ً‬
‫ذات نخل فببأنزلني فقببال صببل فصببليت ثببم ركبببت فقببال‬
‫أتدري أين صليت ؟ قلبت اللبه أعلبم‪ ,‬قبال صبليت بيبثرب‬
‫صبببببببببببببببببببببببببببببببليت بطيببببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬
‫فانطلقت تهوي بنا يقبع حافرهبا عنبد منتهبى طرفهبا ثبم‬
‫بلغنا أرضا ً قال انزل ثم قال صل فصليت ثببم ركبنببا فقببال‬
‫أتدري أين صليت ؟ قلت اللببه أعلببم‪ ,‬قببال صببليت بمببدين‬
‫عند شجرة موسى‪ ,‬ثم انطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث‬
‫أدرك طرفها ثم بلغنببا أرضبا ً بببدت لنببا قصببور فقببال انببزل‬
‫فنزلت فقال صل فصليت ثم ركبنا فقال أتدري أين صليت‬

‫‪656‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫؟ قلت الله أعلم‪ ,‬قال صليت ببيت لحم حيث ولببد عيسببى‬
‫المسيح ابن مريم ثم انطلق بي حببتى دخلنببا المدينببة مببن‬
‫بابها اليماني فأتى قبلة المسجد فربببط فيببه دابتببه ودخلنببا‬
‫المسجد من باب تميل فيه الشمس والقمببر فصببليت مببن‬
‫المسجد حيبث شباء اللبه وأخببذني مببن العطبش أشبد مبا‬
‫لخببر عسببل‬ ‫أخذني فأتيت بإنائين في أحببدهما لبببن وفببي ا َ‬
‫أرسل إلي بهما جميعا ً فعدلت بينهمببا ثببم هببداني اللببه عببز‬
‫وجل فأخذت اللبن فشربت حتى قرعببت بببه جبببيني وبيببن‬
‫يدي شيخ متكىء على مثواة له فقال أخذ صاحبك الفطرة‬
‫إنبببببببببببببببببببببببببببببببببه ليهبببببببببببببببببببببببببببببببببدى‪.‬‬
‫ثم انطلق بي حتى أتينا الببوادي الببذي فيببه المدينببة فببإذا‬
‫جهنم تنكشف عن مثل الروابي قلت يا رسببول اللببه كيببف‬
‫وجدتها ؟ قال وجدتها مثل الحمة السخنة ثم انصببرف بببي‬
‫فمررنا بعير لقريش بمكان كذا وكذا قد أضببلوا بعيببرا ً لهببم‬
‫قد جمعه فلن فسلمت عليهبم فقبال بعضبهم هبذا صبوت‬
‫محمد ثم أتيت أصحابي قبل الصبح بمكة فأتبباني أبببو بكببر‬
‫رضي الله عنه فقال يا رسول اللببه أيببن كنببت الليلببة فقببد‬
‫التمستك في مظانك‪ ,‬فقببال علمببت أنببي أتيببت مببن بيببت‬
‫المقدس الليلبة‪ ,‬فقبال يبا رسبول اللبه إنبه مسبيرة شبهر‬
‫فصفه لي‪ ,‬قال ففتح لي صراط كأني إليه ل يسببألني عببن‬
‫شيء إل أنبأته به‪ ,‬فقال أبو بكر أشهد أنببك لرسببول اللببه‪,‬‬
‫وقال المشركون انظروا إلى ابن أبي كبشة يزعم أنه أتبى‬
‫بيت المقدس الليلة‪ ,‬قال فقال إن من آيببة مببا أقببول لكببم‬
‫أني مررت بعير لكم في مكان كذا وكذا وقد أضببلوا بعيببرا ً‬
‫لهببم فجمعببه فلن وإن مسببيرهم ينزلببون بكببذا ثببم بكببذا‬
‫ويأتونكم يوم كذا وكذا يقدمهم جمل آدم عليه مسح أسود‬
‫وغراراتببببببببببببببببببببببببببان سببببببببببببببببببببببببببوداوان‪.‬‬
‫فلما كان ذلك اليوم قد أشرف الناس ينظرون حين كان‬
‫قريبا ً مببن نصببف النهببار حببتى أقبلبت العيبر يقببدمهم ذلبك‬
‫الجمل الذي وصفه رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪.‬‬
‫هكببذا رواه البببيهقي مببن طريقيببن عببن أبببي إسببماعيل‬
‫الترمذي به ثم قال بعببد تمببامه هببذا إسببناد صببحيح‪ ,‬وروى‬

‫‪657‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ذلك مفرقا ً من أحاديث غيره ونحن نذكر من ذلك إن شبباء‬
‫اللببه مببا حضببرنا ثببم سبباق أحبباديث كببثيرة فببي السببراء‬
‫كالشاهد لهذا الحديث‪ ,‬وقد روى هببذا الحببديث عببن شببداد‬
‫بن أوس بطوله المام أبو عبد الرحمن بن أبببي حبباتم فببي‬
‫تفسيره عن أبيه عن إسحاق بن إبراهيم بن العلء الزبيدي‬
‫به‪ ,‬ول شك أن هذا الحببديث أعنببي الحببديث المببروي عببن‬
‫شداد بن أوس مشتمل على أشياء منها ما هو صحيح كمببا‬
‫ذكره البيهقي ومنها ما هو منكر كالصببلة فببي بيببت لحببم‪.‬‬
‫وسؤال الصديق عن نعت بيت المقدس وغيببر ذلببك واللببه‬
‫أعلبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫)روايبببة عببببد اللبببه ببببن عبببباس رضبببي اللبببه عنهمبببا(‬


‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا عثمببان بببن محمببد‪ ,‬حببدثنا جريببر‬
‫عن قابوس عبن أبيبه قبال‪ :‬حبدثنا اببن عبباس قبال‪ :‬ليلبة‬
‫أسري برسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم‪ ,‬دخببل الجنببة‬
‫فسمع في جانبها وخشا ً فقال‪ :‬يببا جبريببل مببا هببذا ؟ قببال‪:‬‬
‫هذا بلل المؤذن‪ ,‬فقال النبي صلى الله عليه وسببلم حيببن‬
‫جاء إلى الناس »قد أفلح بلل رأيت لببه كببذا وكببذا« قببال‪:‬‬
‫فلقيه موسى عليه السلم‪ ,‬فرحب به قببال‪ :‬مرحببا ً بببالنبي‬
‫المي‪ ,‬قال‪ :‬وهو رجل آدم طويل‪ ,‬سبط شببعره مببع أذنيببه‬
‫أو فوقهما‪ ,‬فقال‪ :‬من هذا يا جبريبل ؟ قبال‪ :‬هبذا موسبى‪,‬‬
‫قال‪ :‬فمضى فلقيه شيخ جليببل متهيببب فرحببب بببه وسببلم‬
‫عليه‪ ,‬وكلهم يسلم عليه‪ ,‬قال‪ :‬من هببذا يببا جبريببل ؟ قببال‪:‬‬
‫هذا أبوك إبراهيم ب قال ب ونظر في النار فإذا قوم يببأكلون‬
‫الجيببف‪ ,‬قببال‪ :‬مببن هببؤلء يببا جبريببل ؟ قببال هببؤلء الببذين‬
‫يأكلون لحوم الناس‪ ,‬ورأى رجل ً أحمر أزرق جدا ً قال‪ :‬مببن‬
‫هذا يا جبريل ؟ قال‪ :‬هذا عاقر الناقببة بب قببال بب فلمببا أتببى‬
‫رسول الله صلى الله عليببه وسببلم المسجدالقصببى‪ ,‬قببام‬
‫يصلي فإذا النببيون أجمعبون يصبلون معبه‪ ,‬فلمبا انصبرف‬
‫لخر عن الشمال‪ ,‬فببي‬ ‫جيء بقدحين أحدهما عن اليمين وا َ‬
‫لخببر عسببل‪,‬فأخببذ اللبببن فشببرب منببه‪,‬‬ ‫أحدهما لبن وفي ا َ‬

‫‪658‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقال الذي كان معه القدح‪ :‬أصبت الفطرة‪ ,‬إسناد صببحيح‪,‬‬
‫ولبببببببببببببببببببببببببببببببم يخرجبببببببببببببببببببببببببببببببوه‪.‬‬
‫)طريق أخرى( ب قال المام أحمببد‪ :‬حببدثنا حسببن‪ ,‬حببدثنا‬
‫ثابت أبو زيد‪ ,‬حدثنا هلل‪ ,‬حدثني عكرمة عببن ابببن عببباس‬
‫قال‪ :‬أسري برسول الله صلى الله عليه وسببلم إلببى بيببت‬
‫المقدس‪ ,‬ثم جاء من ليلته فحدثهم بمسيره وبعلمببة بيببت‬
‫المقدس وبعيرهم‪ ,‬فقال الناس‪ :‬نحن ل نصدق محمدا ً بمببا‬
‫يقول‪ ,‬فارتدوا كفارا ً فضرب اللببه رقببابهم مببع أبببي جهببل‪,‬‬
‫وقال أبو جهل‪ :‬يخوفنا محمد بشجرة الزقوم‪ ,‬هبباتوا تمببرا ً‬
‫وزبدا ً فتزقموا‪ ,‬ورأى الدجال في صورته رؤيببا عيببن ليببس‬
‫برؤيا منام وعيسى وموسى وإبراهيم‪ ,‬وسئل النبببي صببلى‬
‫الله عليه وسلم عن الببدجال فقببال »رأيتببه فيلمانيبا ً أقمببر‬
‫هجانًا‪ ,‬إحدى عينيببه قائمببة كأنهببا كببوكب دري‪ ,‬كببأن شببعر‬
‫رأسه أغصان شجرة‪ ,‬ورأيت عيسى عليببه السببلم أبيببض‪,‬‬
‫جعد الرأس حديد البصر‪ ,‬ومبطبن الخلبق‪ ,‬ورأيبت موسبى‬
‫عليببه السببلم أسببحم آدم‪ ,‬كببثير الشببعر‪ ,‬شببديد الخلببق‪,‬‬
‫ونظرت إلى إبراهيم عليه السلم فلم أنظر إلى أرب منببه‬
‫إل نظرت إليه مني حتى كأنه صاحبكم‪ ,‬قال جبريل‪ :‬سببلم‬
‫على مالك‪ ,‬فسلمت عليه« ورواه النسائي من حديث أبي‬
‫زيد ثابت عن هلل‪ ,‬وهو ابن خباب به‪ ,‬وهو إسببناد صببحيح‪.‬‬
‫)طريق أخرى( قال البيهقي‪ :‬أنبأنا أبو عبد اللببه الحببافظ‪,‬‬
‫أنبأنا أبو بكر الشافعي‪ ,‬أنبأنببا إسببحاق بببن الحسببن‪ ,‬حببدثنا‬
‫الحسين بن محمد‪ ,‬حدثنا شيبان عن قتادة عن أبي العالية‬
‫قال‪ :‬حدثنا ابن عم نبيكم صلى الله عليه وسلم ابن عباس‬
‫رضي الله عنهما قال‪ :‬قال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬رأيت ليلببة أسببري بببي موسببى بببن عمببران رجل ً‬
‫طوال ً جعدًا‪ ,‬كأنه مببن رجببال شببنوءة‪ ,‬ورأيببت عيسببى بببن‬
‫مريم عليه السببلم مربببوع الخلببق إلببى الحمببرة والبيبباض‬
‫سبط الرأس« وأرى مالكا ً خازن جهنم والدجال فببي آيببات‬
‫أراهن الله إياه‪ ,‬قال‪} :‬فل تكن في مرية من لقائه{ فكان‬
‫قتادة يفسرها أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قببد لقببي‬
‫موسى عليه السلم }وجعلناه هدى لبني إسببرائيل{ قببال‪:‬‬

‫‪659‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جعل الله موسببى هببدى لبنببي إسببرائيل‪ ,‬رواه مسبلم فببي‬
‫الصحيح عن عبببد بببن حميببد عببن يببونس بببن محمببد‪ ,‬عببن‬
‫شيبان‪ ,‬وأخرجاه مببن حببديث شببعبة عببن قتببادة مختصببرًا‪.‬‬
‫)طريق أخرى( وقال البيهقي‪ :‬أخبرنا علي بببن أحمببد بببن‬
‫عبدان‪ ,‬أنبأنا أحمد بن عبيد الصفار‪ ,‬حدثنا دبيببس المعببدل‪,‬‬
‫حدثنا عفان قال‪ :‬حببدثنا حمبباد بببن سببلمة عببن عطبباء بببن‬
‫السائب عن سعيد بببن جببير‪ ,‬عببن ابببن عببباس قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬لما أسببري بببي مببرت‬
‫بي رائحة طيبة‪ ,‬فقلت‪ :‬ما هذه الرائحببة ؟ قببالوا‪ :‬ماشببطة‬
‫بنت فرعون وأولدهببا‪ ,‬سببقط المشببط مببن يببدها فقببالت‪:‬‬
‫باسم الله‪ ,‬فقببالت بنببت فرعببون أبببي‪ ,‬قببالت ربببي وربببك‬
‫ورب أبيك‪ ,‬قببالت أولببك رب غيببر أبببي ؟ قببالت نعببم ربببي‬
‫وربك ورب أبيك الله‪ ..‬قال‪ :‬فدعاها‪ ,‬فقال‪ :‬ألك رب غيري‬
‫؟ قالت نعم ربي وربك الله عز وجل‪ .‬قال فأمر بنقرة من‬
‫نحاس‪ ,‬فأحميت ثم أمر بها أن تلقى فيهببا‪ ,‬قببالت‪ :‬إن لببي‬
‫إليك حاجة‪ ,‬قال‪ :‬ما هي ؟ قالت‪ :‬تجمببع عظببامي وعظببام‬
‫ولدي في موضع‪ ,‬قال‪ :‬ذاك لك لما لببك علينببا مببن الحببق‪,‬‬
‫قال‪ :‬فأمر بهم فألقوا واحدا ً واحدا ً حتى بلغ رضببيعا ً فيهببم‪,‬‬
‫فقال‪ :‬يا أمه قعي ول تقاعسي‪ ,‬فإنببك علببى الحببق‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫وتكلم أربعة في المهببد وهببم صببغار‪ :‬هببذا وشبباهد يوسببف‬
‫وصاحب جريج وعيسى بببن مريببم عليببه السببلم‪ .‬إسببناد ل‬
‫ببببببببببببببأس ببببببببببببببه‪ ,‬ولبببببببببببببم يخرجبببببببببببببوه‪.‬‬
‫)طريق أخرى( قال المام أحمد أيضبًا‪ :‬حببدثنا محمبد ببن‬
‫جعفر وروح بن المعين قببال‪ :‬حببدثنا عببوف عببن زرارة بببن‬
‫أوفى عن ابن عباس قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪» :‬لما كان ليلة أسري بي‪ ,‬فأصببحبت بمكببة فظعببت‬
‫وعرفت أن الناس مكذبي« فقعد معببتزل ً حزين بًا‪ ,‬فمببر بببه‬
‫عببدوالله أبببو جهببل‪ ,‬فجبباء حببتى جلببس إليببه فقببال لببه‬
‫كالمستهزىء‪ :‬هل كان مببن شببيء فقببال لببه رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم »نعم« قال‪ :‬وما هببو ؟ قببال‪» :‬إنببي‬
‫أسببري بببي الليلببة«‪ ,‬قببال‪ :‬إلببى أيببن ؟ قببال‪» :‬إلببى بيببت‬
‫المقدس« قال‪ :‬ثم أصبحت بين ظهرانينببا ؟ قببال »نعببم«‪,‬‬

‫‪660‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال فلم يببر أن يكببذبه مخافببة أن يجحببد الحببديث إن دعببا‬
‫قومه إليه‪ ,‬فقببال‪ :‬أرأيببت إن دعببوت قومببك أتحببدثهم بمببا‬
‫حدثتني ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسبلم »نعبم«‬
‫فقال‪ :‬يا معشر بني كعبب بببن لببؤي‪ ,‬قببال‪ :‬فانفضببت إليببه‬
‫المجالس وجاؤوا حتى جلسوا إليهمببا‪ ,‬قببال‪ :‬حببدث قومببك‬
‫بما حدثتني‪ ,‬فقببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪:‬‬
‫»إني أسري بي الليلة« فقالوا‪ :‬إلى أين ؟ قال »إلى بيببت‬
‫المقدس«‪ .‬قالوا‪ :‬ثم أصبحت بين ظهرانينا ؟ قال »نعببم«‪.‬‬
‫قال فمن بين مصببفق ومببن بيببن واضببع يببده علببى رأسببه‬
‫متعجبا ً للكذب‪ ,‬قالوا‪ :‬وتسببتطيع أن تنعببت لنببا المسببجد ؟‬
‫وفيهم من قد سافر إلى ذلك البلببد ورأى المسببجد‪ ,‬فقببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم »فما زلببت أنعببت حببتى‬
‫ي بعض النعت قال فجيببء بالمسببجد وأنببا أنظببر‬ ‫التبس عل ّ‬
‫إليه حتى وضع دون دار عقيببل أو عقببال فنعتببه وأنببا أنظببر‬
‫إليه قال وكان مع هذا نعت لم أحفظه قببال فقببال القببوم‪:‬‬
‫أما النعت فوالله لقد أصاب فيببه« وأخرجببه النسببائي مببن‬
‫حببديث عببوف بببن أبببي جميلببة وهببو العرابببي بببه‪ ,‬ورواه‬
‫البيهقي من حديث النضر بن شميل وهوذة عن عوف وهو‬
‫اببببن أببببي جميلبببة العراببببي أحبببد الئمبببة الثقبببات‪.‬‬

‫)روايبببة عببببد اللبببه ببببن مسبببعود رضبببي اللبببه عنبببه(‬


‫قببال الحببافظ أبببو بكببر البببيهقي‪ :‬أخبرنببا أبببو عبببد اللببه‬
‫الحببافظ‪ ,‬حببدثنا أبببو عبببد اللببه محمببد بببن يعقببوب‪ ,‬حببدثنا‬
‫السري بن خزيمة‪ ,‬حدثنا يوسف بن بهلول‪ ,‬حدثنا عبد الله‬
‫بن نمير عن مالببك بببن مغببول عببن الزبيببر بببن عببدي عببن‬
‫طلحة بن مصرف عن مبرة الهمبداني‪ ,‬عبن عببد اللبه ببن‬
‫مسعود قببال‪ :‬لمببا أسببري برسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسببلم فببانتهى إلببى سببدرة المنتهببى وهببي فببي السببماء‬
‫السادسة‪ ,‬وإليها ينتهي ما يصعد به حتى يقبض منها‪ ,‬وإليها‬
‫ينتهببي مببا يهبببط بببه مببن فوقهببا حببتى يقبببض }إذ يغشببى‬
‫السدرة ما يغشى{ قال‪ :‬غشيها فراش من ذهب‪ ,‬وأعطي‬
‫رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم الصببلوات الخمببس‬

‫‪661‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وخواتيم سورة البقببرة‪ ,‬وغفببر لمببن ل يشببرك بببالله شببيئا ً‬
‫المقحمببببببببببببببببات يعنببببببببببببببببي الكبببببببببببببببببائر‪.‬‬
‫ورواه مسلم في صحيحه عببن محمببد بببن عبببد اللببه بببن‬
‫نمير وزهير بن حرب‪ ,‬كلهما عن عبد الله بن نمير به‪ ,‬ثببم‬
‫قال البيهقي وهذا الذي ذكره عبد الله بن مسببعود طببرف‬
‫من حديث المعراج‪ ,‬وقد رواه أنس بن مالك عن مالك بن‬
‫صعصعة عن النبي صلى اللببه عليببه وسببلم‪ ,‬ثببم عببن أبببي‬
‫ذرعن النبي صلى الله عليه وسلم‪ ,‬ثببم رواه مببرة مرس بل ً‬
‫من دون ذكرهما‪ ,‬ثم إن البيهقي ساق الحاديث الثلثة كما‬
‫تقدم‪ ,‬قلت‪ :‬وقد روي عن ابن مسببعود بأبسببط مببن هببذا‪,‬‬
‫وفيه غرابة‪ ,‬وذلك فيما رواه الحسن ابن عرفة فببي جببزئه‬
‫المشهور‪ :‬حدثنا مروان بن معاوية عن قتادة بن عبببد اللببه‬
‫النهمي‪ ,‬حدثنا أبو ظبيان الجنبي قال‪ :‬كنا جلوسا ً عند أبببي‬
‫عبيدة بن عبد الله يعني ابن مسعود‪ ,‬ومحمد بن سببعد بببن‬
‫أبي وقبباص وهمببا جالسببان‪ ,‬فقببال محمببد بببن سببعد لبببي‬
‫عبيدة‪ :‬حدثنا عن أبيك ليلة أسري بمحمد صلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪ ,‬فقال أبو عبيدة‪ :‬ل بل حدثنا أنت عببن أبيببك‪ ,‬فقببال‬
‫محمد‪ :‬لو سألتني قبل أن أسألك لفعلت‪ ,‬قببال فأنشببأ أبببو‬
‫عبيدة يحدث يعني عن أبيه كما سببئل‪ ,‬قببال‪ :‬قببال رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسببلم‪» :‬أتبباني جبريببل عليببه السببلم‬
‫بدابة فوق الحمار ودون البغل‪ ,‬فحملنببي عليببه ثببم انطلببق‬
‫يهوي بنا كلما صعد عقبة اسببتوت رجله كببذلك يببديه‪ ,‬وإذا‬
‫هبط استوت يببداه مببع رجليببه‪ ,‬حببتى مررنببا برجببل طببوال‬
‫سبط آدم كأنه من رجال أزد شنوءة‪ ,‬فيرفببع صببوته يقببول‬
‫أكرمتببه وفضببلته‪ ,‬قببال‪ :‬فببدفعنا إليببه فسببلمنا عليببه فببرد‬
‫السلم‪ ,‬فقال‪ ,‬من هذا معك يا جبريل ؟ قببال‪ :‬هببذا أحمببد‪,‬‬
‫قال مرحبا ً بالنبي المي العربي الذي بلغ رسالة ربه ونصح‬
‫لمته‪ ,‬قال ثم اندفعنا فقلت من هذا يا جبريل ؟ قببال هببذا‬
‫موسى بن عمران‪ .‬قال قلت ومن يعاتب ؟ قال يعاتب ربه‬
‫فيك‪ ,‬قلبت‪ :‬ويرفببع صببوته علببى رببه ؟ قببال‪ :‬إن اللبه قببد‬
‫عرف له حدته‪ .‬قال‪ :‬ثم اندفعنا حتى مررنببا بشببجرة كببأن‬
‫ثمرها السرج‪ ,‬تحتها شيخ وعياله‪ ,‬قال‪ :‬فقال لببي جبريببل‪:‬‬

‫‪662‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫اعمد إلى أبيببك إبراهيببم‪ ,‬فببدفعنا إليببه فسببلمنا عليبه فببرد‬
‫السلم‪ ,‬فقال إبراهيم‪ :‬من هذا معك يا جبريل ؟ قال‪ :‬هببذا‬
‫ابنببك أحمببد‪ ,‬قببال‪ :‬فقببال مرحببا ً بببالنبي المببي الببذي بلببغ‬
‫رسالة ربه‪ ,‬ونصح لمته‪ ,‬يا بني إنببك لق ربببك الليلببة‪ ,‬وإن‬
‫أمتك آخر المم وأضعفها‪ ,‬فإن استطعت أن تكون حاجتببك‬
‫أو جلهببببببببببببا فببببببببببببي أمتببببببببببببك فافعببببببببببببل‪.‬‬
‫قببال‪ :‬ثببم انببدفعنا حببتى انتهينببا إلببى المسببجد القصببى‪,‬‬
‫فنزلت فربطت الدابة في الحقلة التي فببي ببباب المسببجد‬
‫التي كانت النبياء تربط بها‪ ,‬ثببم دخلببت المسببجد فعرفببت‬
‫النبيين من بين قائم وراكع وساجد‪ ,‬قال‪ :‬ثم أتيت بكأسين‬
‫من عسل ولبن‪ ,‬فأخذت اللبببن فشببربت‪ ,‬فضببرب جبريببل‬
‫عليه السلم منكبببي وقببال‪ :‬أصبببت الفطببرة ورب محمببد‪,‬‬
‫قال‪» :‬ثم أقيمت الصبلة فببأممتهم‪ ,‬ثبم انصببرفنا فأقبلنبا«‬
‫إسناد غريب‪ ,‬ولم يخرجوه‪ ,‬فيه من الغرائب سؤال النبياء‬
‫عنه عليه السلم ابتببداء‪ ,‬ثببم سببؤاله عنهببم بعببد انصببرافه‪,‬‬
‫والمشهور في الصحاح كمببا تقببدم أن جبريببل كببان يعلمببه‬
‫بهببم أول ً ليسببلم عليهببم سببلم معرفببة‪ ,‬وفيببه أنببه اجتمببع‬
‫بالنبيبباء عليهببم السببلم قبببل دخببوله المسببجد القصببى‪,‬‬
‫والصحيح أنه إنما اجتمع بهم في السموات‪ ,‬ثببم نببزل إلببى‬
‫بيت المقدس ثانيا ً وهم معه‪ .‬وصلى بهم فيه‪ ,‬ثم أنه ركببب‬
‫البببببراق وكببببر راجعببببا ً إلببببى مكببببة‪ ,‬واللببببه أعلببببم‪.‬‬
‫)طريق أخرى( قببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا هشببيم‪ ,‬حببدثنا‬
‫العوام عن جبلة بن سحيم عن مؤثر بن عفببازة‪ ,‬عببن ابببن‬
‫مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال »لقيببت ليلببة‬
‫أسببري بببي إبراهيببم وموسببى وعيسببى عليهببم السببلم‪,‬‬
‫فتذاكروا أمر السبباعة‪ ,‬قببال‪ :‬فببردوا أمرهببم إلببى إبراهيببم‬
‫عليه السلم‪ ,‬فقببال‪ :‬ل علببم لببي بهببا‪ ,‬فببردوا أمرهببم إلببى‬
‫موسى فقال‪ :‬ل علم لي بها‪ ,‬فببردوا أمرهببم إلببى عيسببى‪,‬‬
‫فقال‪ :‬ما أوحيتها فل يعلم بها أحد إل الله عز وجل‪ ,‬وفيمببا‬
‫عهد إلي ربي أن الدجال خارج‪ ,‬قال‪ :‬ومعي قضببيبان فببإذا‬
‫رآني ذاب كما يذوب الرصاص‪ ,‬قال‪ :‬فيهلكه الله إذا رآنببي‬
‫حتى إن الحجر والشجر يقول‪ :‬يببا مسببلم إن تحببتي كببافرا ً‬

‫‪663‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فتعال فاقتله‪ ,‬قببال‪ :‬فيهلكهببم اللببه ثببم يرجببع النبباس إلببى‬
‫بلدهم وأوطانهم‪ ,‬قال‪ :‬فعند ذلك يخببرج يببأجوج ومببأجوج‪,‬‬
‫وهم من كل حدب ينسلون فيطأون بلدهم فل يأتون على‬
‫شيء إل أهلكوه‪ ,‬ول يمرون على ماء إل شربوه‪ ,‬قال‪ :‬ثببم‬
‫يرجع الناس إلي فيشببكونهم فببأدعو اللبه عليهببم فيهلكهببم‬
‫ويميتهم حتى تجري الرض من نتن ريحهم‪ ,‬أي تنتن‪ ,‬قال‪:‬‬
‫فينزل الله المطر فيجبترف أجسبادهم حبتى يقبذفهم فبي‬
‫البحببر‪ ,‬ففيمببا عهببد إلببي ربببي أن ذلببك إذا كببان كببذلك أن‬
‫السبباعة كالحامببل المتببم ل يببدري أهلهببا مببتى تفجببؤهم‬
‫بولدتهببببببببببببببببببببببببببا ليل ً أو نهببببببببببببببببببببببببببارًا‪.‬‬
‫وأخرجه ابن ماجه عن بندار عببن يزيببد بببن هببارون‪ ,‬عببن‬
‫العوام بن حوشب رواية عبد الرحمن بن قببرط أخببي عبببد‬
‫اللببه بببن قببرظ الثمببالي‪ ,‬قببال سببعيد بببن منصببور‪ :‬حببدثنا‬
‫مسكين ميمون بن مؤذن مسجد الرملة‪ ,‬حدثني عروة بببن‬
‫رويم عن عبد الرحمن بن قرط أن رسول الله صببلى اللببه‬
‫عليببه وسببلم ليلببة أسببري بببه مببن المسببجد الحببرام إلببى‬
‫المسجد القصى من بين زمزم والمقام‪ ,‬جبريل عن يمينه‬
‫وميكائيل عن يساره‪ ,‬فطارا به حتى بلغ السموات العلببى‪,‬‬
‫فلما رجع قال‪ :‬سمعت تسبيحا ً فببي السببموات العلببى مببع‬
‫تسبببيح كببثير‪ ,‬سبببحت السببموات العلببى مببن ذي المهابببة‬
‫مشببفقات مببن ذي العلببو بمببا عل سبببحان العلببي العلببى‬
‫سبحانه وتعالى‪ .‬ونذكر ههنا الحديث عند قببوله تعببالى مببن‬
‫هبببذه السبببورة }تسببببح لبببه السبببموات السببببع{ ا َ‬
‫ليبببة‪.‬‬

‫)روايببببة عمببببر بببببن الخطبببباب رضببببي اللببببه عنببببه(‬


‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا أسود بن عامر‪ ,‬حببدثنا حمبباد بببن‬
‫سلمة عن أبي سنان‪ ,‬عن عبيد بن آدم وأبببي مريببم وأبببي‬
‫شعيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كببان بالجابيببة‪,‬‬
‫فذكر فتح بيت المقدس قال‪ :‬قال أبو سلمة‪ :‬فحبدثني أببو‬
‫سنان عن عبيد بن آدم‪ ,‬قال‪ :‬سببمعت عمببر بببن الخطبباب‬
‫يقول لكعب‪ :‬أين ترى أن أصلي ؟ فقببال‪ :‬إن أخببذت عنببي‬
‫صليت خلببف الصببخرة‪ ,‬فكببانت القببدس كلهببا بيببن يببديك‪,‬‬

‫‪664‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه‪ :‬ضبباهيت اليهوديببة‪,‬‬
‫ولكن أصلي حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‪,‬‬
‫فتقدم إلى القبلببة فصببلى‪ ,‬ثببم جبباء فبسببط رداءه وكنببس‬
‫الكناسة فببي ردائه‪ ,‬وكنببس النبباس‪ ,‬فلببم يعظببم الصببخرة‬
‫تعظيما ً يصلي وراءها وهي بين يديه كما أشار كعب الحبار‬
‫وهو من قوم يعظمونها حببتى جعلوهببا قبلتهببم‪ ,‬ولكببن مببن‬
‫الله عليه بالسلم فهدي إلى الحق‪ ,‬ولهذا لما أشار بببذلك‪,‬‬
‫قال له أمير المببؤمنين عمببر‪ :‬ضبباهيت اليهوديببة ول أهانهببا‬
‫إهانة النصارى الذين كانوا قد جعلوها مزبلة من أجببل أنهببا‬
‫قبلة اليهود‪ ,‬ولكن أماط عنها الذى وكنببس عنهببا الكناسببة‬
‫بردائه‪ .‬وهذا شبيه بما جاء في صحيح مسلم عن أبي مرثد‬
‫الغنوي قال‪ :‬قال رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬ل‬
‫تجلسببببببوا علببببببى القبببببببور ول تصببببببلوا إليهببببببا«‪.‬‬

‫)روايببة أبببي هريببرة وهببي مطولببة جببدا ً وفيهببا غرابببة(‬


‫قال المام أبو جعفر بن جرير في تفسير سورة سبحان‪:‬‬
‫حدثنا علي بن سهل‪ ,‬حدثنا حجاج حدثنا أبو جعفببر الببرازي‬
‫عن الربيع بن أنببس‪ ,‬عببن أبببي العاليببة الريبباحي عببن أبببي‬
‫هريرة أو غيره‪ ,‬شك أبو جعفر‪ ,‬فببي قببول اللببه عببز وجببل‬
‫لية‪ ,‬قببال‪ :‬جبباء جبريببل‬‫ل{ ا َ‬
‫}سبحان الذي أسرى بعبده لي ً‬
‫إلى النبي صببلى اللببه عليببه وسببلم ومعببه ميكائيببل‪ ,‬فقببال‬
‫جبريل لميكائيل‪ :‬ائتني بطست من ماء زمزم كيمببا أطهببر‬
‫له قلبه وأشرح له صدره‪ ,‬قال‪ :‬فشببق عببن بطنببه فغسببله‬
‫ثلث مرات‪ ,‬واختلف إليه ميكائيل بثلث طساس مببن مبباء‬
‫زمزم‪ ,‬فشرح صببدره فنببزع مببا كببان فيببه مببن غببل‪ ,‬ومله‬
‫علما ً وحلما ً وإيمانا ً ويقينا ً وإسلمًا‪ ,‬وختم بين كتفيببه بخبباتم‬
‫النبوة‪ ,‬ثم أتاه بفرس فحمله عليه كل خطببوة منببه منتهببى‬
‫بصبره أو أقصبى بصبره‪ ,‬قبال‪ :‬فسبار وسبار معبه جبريبل‬
‫عليهما السلم‪ ,‬قال‪ :‬فببأتى علببى قببوم يزرعببون فببي يببوم‬
‫ويحصدون في يوم‪ ,‬كلما حصدوا عاد كما كان‪ ,‬فقال النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم »يا جبريل مببا هببذا ؟« قببال‪ :‬هببؤلء‬
‫المجاهدون في سبيل الله تضاعف لهم الحسنة بسبببعمائة‬

‫‪665‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ضببعف‪ ,‬ومببا أنفقببوا مببن شببيء فهببو يخلفببه وهببو خيببر‬
‫الرازقين‪ ,‬ثم أتى على قوم ترضخ رؤوسهم بالصخر‪ ,‬كلمببا‬
‫رضخت عادت كما كانت ول يفبتر عنهببم مببن ذلبك شبيء‪,‬‬
‫فقال »ما هؤلء يببا جبريببل ؟« قببال‪ :‬هببؤلء الببذين تتثاقببل‬
‫رؤوسهم عن الصلة المكتوبببة‪ ,‬ثببم أتببى علببى قببوم علببى‬
‫أقبالهم رقاع وعلى أدبارهم رقبباع‪ ,‬يسببرحون كمببا تسببرح‬
‫البببل والنعببم‪ ,‬ويببأكلون الضببريع والزقببوم ورضببف جهنببم‬
‫وحجارتها‪ ,‬قال »فما هؤلء يا جبريل ؟« قال‪ :‬هببؤلء الببذي‬
‫ل يؤدون صدقات أموالهم ومببا ظلمهبم اللبه تعبالى شببيئًا‪,‬‬
‫وما الله بظلم للعبيد ثم أتى على قببوم بيببن أيببديهم لحببم‬
‫نضيج في قدر ولحم نيء في قدر خبببيث‪ ,‬فجعلببوا يببأكلون‬
‫من اللحم النيء الخبيث ويدعون النضببيج الطيببب‪ ,‬فقببال‪:‬‬
‫»ما هؤلء يا جبريل ؟« فقال هذا الرجل مببن أمتببك تكببون‬
‫عنببده المببرأة الحلل الطيبببة‪ ,‬فيببأتي امببرأة خبيثببة فيبببيت‬
‫عندها حتى يصبح‪ ,‬والمرأة تقوم من عند زوجها حلل ً طيبا ً‬
‫فتأتي رجل ً خبيثا ً فتبيت معه حتى تصبح‪ ,‬قال‪ :‬ثم أتى على‬
‫خشبة على الطريق ل يمر بها ثوب إل شقته ول شببيء إل‬
‫خرقته‪ ,‬قال‪» :‬ما هذا يا جبريل ؟« قببال‪ :‬هببذا مثببل أقببوام‬
‫أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونها‪ ,‬ثم تل }ول تقعدوا‬
‫لية‪ ,‬قببال‪ :‬ثببم أتببى علببى‬ ‫بكل صراط توعدون وتصدون{ ا َ‬
‫رجل قد جمع حزمة عظيمة ل يسببتطيع حملهببا وهببو يزيببد‬
‫عليها‪ ,‬فقال‪» :‬ما هذا يا جبريببل ؟« قببال هببذا الرجببل مببن‬
‫أمتك يكون عليه أمانات للنبباس ل يقببدر علببى أدائهببا وهببو‬
‫يريد أن يحمل عليها‪ ,‬ثم أتببى علببى قببوم تقببرض ألسببنتهم‬
‫وشفاههم بمقاريض من حديببد‪ ,‬كلمببا قرضببت عببادت كمببا‬
‫كانت ل يفتر عنهببم مببن ذلببك شببيء‪ ,‬فقببال‪» :‬مببا هببذا يببا‬
‫جبريل ؟« فقال‪ :‬هؤلء خطباء الفتنة‪ ,‬ثم أتببى علببى جحببر‬
‫صغير يخرج منه ثور عظيم‪ ,‬فجعل الثور يريد أن يرجع من‬
‫حيث خرج فل يستطيع‪ ,‬فقال‪» :‬ما هذا يا جبريل ؟« فقال‬
‫هببذا الرجببل يتكلببم بالكلمببة العظيمببة ثببم ينببدم عليهببا فل‬
‫يسبببببببببببببببببببببببببببتطيع أن يردهبببببببببببببببببببببببببببا‪.‬‬

‫‪666‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ثم أتى علببى واد فوجببد ريح با ً طيبببة ببباردة وريببح مسببك‬
‫وسببمع صببوتًا‪ ,‬فقببال يببا جبريببل »مببا هببذه الريببح الطيبببة‬
‫الباردة‪ ,‬وما هذا المسك‪ ,‬ومببا هببذا الصببوت ؟« قبال‪ :‬هببذا‬
‫صوت الجنة تقول‪ :‬يا رب ائتنببي بمببا وعببدتني فقببد كببثرت‬
‫غرفي وإستبرقي‪ ,‬وحريري وسندسي‪ ,‬وعبقببري ولؤلببؤي‪,‬‬
‫ومرجبباني وفضببتي وذهبببي‪ ,‬وأكببوابي وصببحافي وأببباريقي‬
‫وأكؤسببي‪ ,‬وعسببلي ومببائي ولبنببي وخمببري‪ ,‬فببائتني بمببا‬
‫وعدتني‪ ,‬فقال‪ :‬لك كل مسلم ومسببلمة ومببؤمن ومؤمنببة‪,‬‬
‫ومن آمن بي وبرسلي وعمل صالحا ً ولم يشرك بي شيئًا‪,‬‬
‫ولم يتخذ من دوني أندادًا‪ ,‬ومن خشببيني فهببو آمببن‪ ,‬ومببن‬
‫ي‬‫سألني أعطيته‪ ,‬ومببن أقرضببني جزيتببه‪ ,‬ومببن توكببل علب ّ‬
‫كفيته‪ ,‬إني أنا الله ل إله إل أنا ل أخلف الميعاد‪ ,‬وقببد أفلببح‬
‫المؤمنون تبارك الله أحسن الخالقين‪ ,‬قالت‪ :‬قببد رضببيت‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم أتى علببى واد فسببمع صببوتا ً منكببرا ً ووجببد ريحبا ً‬
‫خبيثة‪ ,‬فقال‪» :‬ما هذا يا جبريل وما هذا الصوت ؟« فقال‪:‬‬
‫هذا صببوت جهنببم تقببول‪ :‬يببا رب ائتنببي بمببا وعببدتني فقببد‬
‫كثرت سلسبلي‪ ,‬وأغللبي وسبعيري‪ ,‬وحميمببي‪ ,‬وضبريعي‬
‫وغساقي وعذابي‪ ,‬وقد بعد قعري واشتد حري‪ ,‬فائتني بما‬
‫وعدتني‪ ,‬قال‪ :‬لك كل مشببرك ومشببركة‪ ,‬وكببافر وكببافرة‪,‬‬
‫وكل خبببيث وخبيثببة‪ ,‬وكببل جبببار ل يببؤمن بيببوم الحسبباب‪,‬‬
‫قبببببببببببببببببببالت‪ :‬قبببببببببببببببببببد رضبببببببببببببببببببيت‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم سار حتى أتى بيت المقدس فنزل فربط فرسببه‬
‫إلى الصخرة‪ ,‬ثم دخل فصببلى مببع الملئكببة‪ ,‬فلمببا قضببيت‬
‫الصلة قالوا‪ ,‬يا جبريل من هذا معك ؟ قال‪ :‬محمببد صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ,‬قالوا‪ :‬أوقد أرسل إليه فقال‪ :‬نعم‪ ,‬قالوا‪:‬‬
‫حياه الله مببن أخ ومببن خليفببة فنعببم الخ‪ ,‬ونعببم الخليفببة‪,‬‬
‫ونعم المجيء جاء‪ .‬قال‪ :‬ثم لقي أرواح النبياء فأثنوا علببى‬
‫ربهم‪ ,‬فقال إبراهيم عليه السلم‪ :‬الحمد لله الذي اتخببذني‬
‫ل‪ ,‬وأعطاني ملكا ً عظيمًا‪ ,‬وجعلني أمة قانتبا ً يبؤتم ببي‪,‬‬ ‫خلي ً‬
‫وأنقذني من النار وجعلها علي بردا ً وسلمًا‪ ,‬ثم إن موسببى‬
‫عليه السلم أثنى على ربه فقال‪ :‬الحمد لله الببذي كلمنببي‬
‫تكليمًا‪ ,‬وجعل هلك آل فرعون ونجاة بنببي إسببرائيل علببى‬

‫‪667‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يدي‪ ,‬وجعل من أمتي قوما ً يهدون بالحق وبه يعببدلون‪ ,‬ثببم‬
‫إن داود عليه السببلم أثنببى علببى ربببه‪ ,‬فقببال‪ :‬الحمببد للببه‬
‫الذي جعل لببي ملكبا ً عظيمبًا‪ ,‬وعلمنببي الزبببور‪ ,‬وألن لببي‬
‫الحديببد‪ ,‬وسببخر لببي الجبببال يسبببحن والطيببر‪ ,‬وأعطبباني‬
‫الحكمببببببببببببببببة وفصببببببببببببببببل الخطبببببببببببببببباب‪.‬‬
‫ثم إن سليمان عليه السلم أثنى على ربه‪ ,‬فقال‪ :‬الحمببد‬
‫لله الذي سخر لي الرياح وسببخر لببي الشببياطين يعملببون‬
‫لي ما شئت من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقببدور‬
‫راسيات‪ ,‬وعلمنبي منطبق الطيبر‪ ,‬وآتباني مبن كبل شبيء‬
‫ل‪ ,‬وسببخر لببي جنببود الشببياطين والنببس والطيببر‪,‬‬ ‫فضبب ً‬
‫وفضببلني علببى كببثير مببن عببباده المببؤمنين‪ ,‬وآتبباني ملكبا ً‬
‫عظيما ً ل ينبغي لحد من بعدي‪ ,‬وجعببل ملكببي طيببا ً ليببس‬
‫فيببببببببببببببببببببببببببببببببه حسبببببببببببببببببببببببببببببببباب‪.‬‬
‫ثم إن عيسببى عليببه السببلم أثنببى علببى ربببه عببز وجببل‪,‬‬
‫فقال‪ :‬الحمد لله الذي جعلني كلمتببه‪ ,‬وجعببل مثلببي كمثببل‬
‫آدم خلقبه مبن تبراب‪ ,‬ثبم قبال لبه كبن فيكبون‪ ,‬وعلمنبي‬
‫الكتاب والحكمببة والتببوراة والنجيببل‪ ,‬وجعلنببي أخلببق مببن‬
‫الطين كهيئة الطيببر فأنفببخ فيببه فيكببون طيببرا ً بببإذن اللببه‪,‬‬
‫وجعلني أبرىء الكمه والبرص وأحيي الموتى بببإذن اللببه‪,‬‬
‫ورفعني وطهرني‪ ,‬وأعاذني وأمي مببن الشببيطان الرجيببم‪,‬‬
‫فلببببببببم يكببببببببن للشببببببببيطان علينببببببببا سبببببببببيل‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم إن محمدا ً صلى الله عليه وسلم أثنى علببى رببه‬
‫عز وجل‪ ,‬فقال‪» :‬كلكم أثنى علببى ربببه‪ ,‬وإنببي مثببن علببى‬
‫ربببي‪ ,‬فقببال‪ :‬الحمببد للببه الببذي أرسببلني رحمببة للعببالمين‬
‫وكافة للناس بشيرا ً ونذيرًا‪ ,‬وأنزل علي الفرقان فيببه بيببان‬
‫كل شيء وجعل أمببتي خيببر أمببة أخرجببت للنبباس‪ ,‬وجعببل‬
‫لخبرون‪,‬‬ ‫أمتي أمة وسطا ً وجعل أمتي هبم الولبون وهبم ا َ‬
‫وشرح لي صببدري ووضببع عنببي وزري‪ ,‬ورفببع لببي ذكببري‪,‬‬
‫وجعلني فاتحا ً وخاتمًا« فقال إبراهيببم عليببه السببلم‪ :‬بهببذا‬
‫فضبببببلكم محمبببببد صبببببلى اللبببببه عليبببببه وسبببببلم‪.‬‬
‫قال أبو جعفر الرازي‪ :‬خاتم بالنبوة فاتبح بالشببفاعة يبوم‬
‫القيامة‪ ,‬ثم أتي بآنية ثلثة مغطاة أفواهها‪ ,‬فأتي بإناء منهببا‬

‫‪668‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فيه ماء‪ ,‬فقيل له‪ :‬اشرب‪ ,‬فشرب منه يسيرًا‪ ,‬ثم دفع إليه‬
‫إناء آخر فيه لبببن‪ ,‬فقيببل لببه‪ :‬اشببرب‪ ,‬فشببرب منببه حببتى‬
‫روي‪ ,‬ثم دفع إليه إناء آخر فيببه خمببر‪ ,‬فقيببل لببه‪ :‬اشببرب‪,‬‬
‫فقال‪ :‬ل أريده قد رويت‪ ,‬فقال له جبريل‪ :‬أما إنها ستحرم‬
‫على أمتك ولو شربت منها لم يتبعك من أمتك إل القليببل‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم صعد به إلى السماء فاستفتح‪ ,‬فقيل‪ :‬من هذا يا‬
‫جبريل ؟ فقال‪ :‬محمد‪ ,‬فقببالوا‪ :‬أوقببد أرسببل إليببه ؟ قببال‪:‬‬
‫نعم‪ ,‬قالوا‪ :‬حياه الله من أخ ومن خليفة‪ ,‬فنعم الخ‪ ,‬ونعببم‬
‫الخليفة‪ ,‬ونعم المجيء جاء‪ ,‬ففتح لهما‪ ,‬فدخل فبإذا برجبل‬
‫تام الخلق لم ينقص من خلقه شيء‪ ,‬كما ينقص من خلببق‬
‫الناس‪ ,‬عن يمينه باب يخرج منه ريح طيبببة‪ ,‬وعببن شببماله‬
‫باب يخرج منه ريح خبيثة‪ ,‬فإذا نظر إلى الببباب الببذي عببن‬
‫يمينه ضببحك واستبشببر‪ ,‬وإذا نظببر إلببى الببباب الببذي عببن‬
‫شماله بكى وحزن‪ ,‬فقلت‪ :‬يا جبريل‪ ,‬من هذا الشيخ التببام‬
‫الخلق الذي لم ينقص من خلقه شيء‪ ,‬وما هذان البابان ؟‬
‫فقال‪ :‬هذا أبببوك آدم‪ ,‬وهببذا الببباب الببذي عببن يمينببه ببباب‬
‫الجنة‪ ,‬إذا نظببر إلببى مببن يببدخل الجنببة مببن ذريتببه ضببحك‬
‫واستبشر‪ ,‬والباب الذي عببن شببماله ببباب جهنببم‪ ,‬إذا نظببر‬
‫إلببببى مببببن يببببدخلها مببببن ذريتببببه بكببببى وحببببزن‪.‬‬
‫ثم صعد به جبريل إلى السماء الثانيببة فاسببتفتح‪ ,‬فقيببل‪:‬‬
‫من هذا معك ؟ فقال‪ :‬محمد رسببول اللببه‪ ,‬فقببالوا‪ :‬أو قببد‬
‫أرسل إليه ؟ قبال‪ :‬نعبم‪ ,‬فقبالوا‪ :‬حيباه اللبه مبن أخ ومبن‬
‫خليفة‪ ,‬فنعم الخ ونعم الخليفة ونعم المجيببء جبباء‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫فببدخل‪ ,‬فببإذا هببو بشببابين‪ ,‬فقببال‪ :‬يببا جبريببل مببن هببذان‬
‫الشابان ؟ قال‪ :‬هذا عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا ابنببا‬
‫الخالبببببببببببببببببة عليهمبببببببببببببببببا السبببببببببببببببببلم‪.‬‬
‫قال‪ :‬فصعد به إلى السماء الثالثة‪ ,‬فاستفتح‪ ,‬فقالوا‪ :‬من‬
‫هببذا ؟ قببال‪ :‬جبريببل‪ ,‬قببالوا‪ :‬ومببن معببك ؟ قببال‪ :‬محمببد‪,‬‬
‫فقالوا‪ :‬أو قد أرسل إليه ؟ قببال‪ :‬نعببم‪ ,‬فقببالوا‪ :‬حيبباه اللببه‬
‫من أخ ومن خليفة‪ ,‬فنعم الخ ونعم الخليفة ونعم المجيببء‬
‫جاء‪ ,‬قال‪ :‬فدخل‪ ,‬فإذا هو برجل قد فضل على الناس فبي‬
‫الحسن‪ ,‬كما فضل القمر ليلة البدر على سببائر الكببواكب‪,‬‬

‫‪669‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال‪ :‬من هذا يا جبريل الببذي قببد فضببل علببى النبباس فببي‬
‫الحسبببن ؟ قبببال‪ :‬هبببذا أخبببوك يوسبببف عليبببه السبببلم‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم صعد به إلى السماء الرابعة‪ ,‬فاسببتفتح‪ ,‬فقببالوا‪:‬‬
‫من هذا ؟ قال‪ :‬جبريل‪ ,‬قالوا‪ :‬ومببن معببك ؟ قببال‪ :‬محمببد‪,‬‬
‫فقالوا‪ :‬أو قد أرسل إليه ؟ قببال‪ :‬نعببم‪ ,‬فقببالوا‪ :‬حيبباه اللببه‬
‫من أخ ومن خليفة‪ ,‬فنعم الخ ونعم الخليفة ونعم المجيببء‬
‫جاء‪ ,‬قال‪ :‬فدخل‪ ,‬فإذا هو برجل‪ ,‬قال‪ :‬من هذا يا جبريل ؟‬
‫قببال‪ :‬هببذا إدريببس عليببه السببلم رفعببه اللببه مكانبا ً عليبًا‪.‬‬
‫قال‪ :‬فصعد به إلى السماء الخامسة‪ ,‬فاسببتفتح‪ ,‬فقببالوا‪:‬‬
‫من هذا ؟ قال‪ :‬جبريل‪ ,‬قالوا‪ :‬ومببن معببك ؟ قببال‪ :‬محمببد‪,‬‬
‫فقالوا‪ :‬أو قد أرسل إليه ؟ قببال‪ :‬نعببم‪ ,‬فقببالوا‪ :‬حيبباه اللببه‬
‫من أخ ومن خليفة‪ ,‬فنعم الخ ونعم الخليفة ونعم المجيببء‬
‫جاء‪ ,‬قال‪ :‬فدخل‪ ,‬فإذا هو برجل جالس وحوله قببوم يقببص‬
‫عليهم‪ ,‬قال‪ :‬بمن هببذا يببا جبريببل‪ ,‬ومببن هببؤلء حببولهب ؟‬
‫قبببال‪ :‬هبببذا هبببارون المحببببب‪ ,‬وهبببؤلء بنبببو إسبببرائيل‪.‬‬
‫قببال‪ :‬ثببم صببعد بببه إلببى السببماء السادسببة‪ ,‬فاسببتفتح‪,‬‬
‫فقالوا‪ :‬من هذا ؟ قال‪ :‬جبريل‪ ,‬قالوا‪ :‬ومببن معببك ؟ قببال‪:‬‬
‫محمد‪ ,‬فقالوا‪ :‬أو قد أرسل إليه ؟ قال‪ :‬نعم‪ ,‬فقالوا‪ :‬حيبباه‬
‫الله من أخ ومببن خليفببة‪ ,‬فنعببم الخ ونعببم الخليفببة ونعببم‬
‫المجيء جاء‪ ,‬قال‪ :‬فدخل‪ ,‬فإذا هو برجببل جببالس فجبباوزه‬
‫فبكى الرجل‪ ,‬فقال‪ :‬يا جبريببل مببن هببذا ؟ قببال‪ :‬موسببى‪,‬‬
‫قال‪ :‬فما باله يبكي ؟ قال‪ :‬يزعم بنو إسببرائيل أنببي أكببرم‬
‫بني آدم على الله عز وجل‪ ,‬وهببذا رجببل مببن بنببي آدم قببد‬
‫خلفني في دنيا وأنا في أخببرى‪ ,‬فلببو أنببه بنفسببه لببم أبببال‬
‫ولكببببببببببن مببببببببببع كببببببببببل نبببببببببببي أمتببببببببببه‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم صعد به إلى السماء السابعة‪ ,‬فاستفتح‪ ,‬فقببالوا‪:‬‬
‫من هذا ؟ قال‪ :‬جبريل‪ ,‬قالوا‪ :‬ومببن معببك ؟ قببال‪ :‬محمببد‪,‬‬
‫فقالوا‪ :‬أو قد أرسل إليه ؟ قببال‪ :‬نعببم‪ ,‬فقببالوا‪ :‬حيبباه اللببه‬
‫من أخ ومن خليفة‪ ,‬فنعم الخ ونعم الخليفة ونعم المجيببء‬
‫جاء‪ ,‬قال‪ :‬فدخل‪ ,‬فإذا هو برجل أشمط جببالس عنببد ببباب‬
‫الجنببة علبى كرسببي‪ ,‬وعنببده قبوم جلبوس‪ ,‬بيبض الوجببوه‬
‫أمثال القراطيس‪ ,‬وقوم في ألببوانهم شببيء‪ ,‬فقببام هببؤلء‬

‫‪670‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الببذين فببي ألببوانهم شببيء‪ ,‬فببدخلوا نهببرا ً فاغتسببلوا فيببه‪,‬‬
‫فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شيء‪ ,‬ثم دخلوا نهببرا ً آخببر‬
‫فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلص مببن ألببوانهم شببيء‪ .‬ثببم‬
‫دخلببوا نهببرا ً آخببر فاغتسببلوا فيببه‪ ,‬فخرجببوا وقببد خلصببت‬
‫ألوانهم فصارت مثل ألوان أصحابهم‪ ,‬جاؤوا فجلسببوا إلببى‬
‫أصحابهم‪ ,‬فقال‪ :‬يا جبريل من هذا الشمط‪ ,‬ثم من هببؤلء‬
‫البيض الوجوه ومن هؤلء البذين فبي ألبوانهم شبيء‪ ,‬ومبا‬
‫هذه النهار التي دخلوا فيها فجاؤوا وقببد صببفت ألببوانهم ؟‬
‫قال‪ :‬هذا أبوك إبراهيم‪ ,‬أول من شمط على وجببه الرض‪,‬‬
‫وأما هؤلء البيض الوجوه‪ ,‬فقوم لم يلبسوا إيمانهم بظلببم‪,‬‬
‫وأما هؤلء الذين فببي ألببوانهم شببيء‪ ,‬فقببوم خلطببوا عمل ً‬
‫صالحا ً وآخر سيئًا‪ ,‬فتابوا فتبباب اللببه عليهببم‪ ,‬وأمببا النهببار‪,‬‬
‫فأولها رحمة الله‪ ,‬والثاني نعمة الله‪ ,‬والثالث سقاهم ربهم‬
‫شببببببببببببببببببببببببببببببرابا ً طهببببببببببببببببببببببببببببببورًا‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثببم انتهببى إلببى السببدرة‪ ,‬فقيببل لببه‪ :‬هببذه السببدرة‬
‫ينتهي إليها كل أحد خل من أمتببك علببى سببنتك‪ ,‬فببإذا هببي‬
‫شجرة يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن‪ ,‬وأنهار من‬
‫لبن لم يتغير طعمه‪ ,‬وأنهار من خمر لذة للشاربين‪ ,‬وأنهبار‬
‫من عسل مصفى‪ ,‬وهي شجرة يسببير الراكببب فببي ظلهببا‬
‫سبعين عاما ً ل يقطعها‪ ,‬والورقة منهببا تغطببي المببة كلهببا‪,‬‬
‫قال‪ :‬فغشيها نور الخلق عز وجل‪ ,‬وغشيتها الملئكة أمثال‬
‫الغربان حين يقعن على الشجرة‪ ,‬مببن حببب الببرب تبببارك‬
‫وتعالى‪ ,‬قالوا‪ :‬فكلمه الله عند ذلك فقال له‪ :‬سل‪ ,‬فقببال‪:‬‬
‫إنك اتخذت إبراهيم خليل ً وأعطيتببه ملكبا ً عظيمبًا‪ ,‬وكلمببت‬
‫موسببى تكليمببا ً وأعطيببت داود ملكببا ً عظيمببا ً وألنببت لببه‬
‫الحديببد‪ ,‬وسببخرت لببه الجبببال‪ ,‬وأعطيببت سببليمان ملك با ً‬
‫وسخرت له الجن والنس والشياطين‪ ,‬وسخرت له الرياح‬
‫وأعطيت له ملكا ً ل ينبغي لحد من بعده‪ ,‬وعلمببت عيسببى‬
‫التوراة والنجيل وجعلتببه يبببرىء الكمببه والبببرص ويحيببي‬
‫الموتى بإذنك‪ ,‬وأعذته وأمببه مببن الشببيطان الرجيببم‪ ,‬فلببم‬
‫يكن للشيطان عليهما سبيل‪ ,‬فقال له الرب عز وجل‪ :‬وقد‬
‫اتخذتك خليل ً ب وهو مكتوب في التببوراة حبببيب الرحمببن بب‬

‫‪671‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وأرسلتك إلى النبباس كافببة بشببيرا ً ونببذيرًا‪ ,‬وشببرحت لببك‬
‫صدرك‪ ,‬ووضعت عنك وزرك‪ ,‬ورفعت لك ذكرك‪ ,‬فل أذكببر‬
‫إل ذكرت معي‪ ,‬وجعلت أمتببك خيببر أمببة أخرجببت للنبباس‪,‬‬
‫وجعلت أمتك أمة وسطًا‪ ,‬وجعلت أمتك هببم الوليببن وهببم‬
‫لخرين وجعلت أمتك ل تجوز لهم خطبة حتى يشهدوا أنك‬ ‫ا َ‬
‫عبدي ورسولي‪ ,‬وجعلت من أمتك أقواما ً قلوبهم أناجيلهم‪,‬‬
‫وجعلتك أول النبيين خلقا ً وآخرهم بعثًا‪ ,‬وأولهم يقضى لببه‪,‬‬
‫وأعطيتك سبعا ً من المثاني لم يعطها نبي قبلك‪ ,‬وأعطيتك‬
‫خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش لم أعطهببا نبيبا ً‬
‫قبلك‪ ,‬وأعطيتك الكوثر‪ ,‬وأعطيتك ثمانيببة أسببهم‪ :‬السببلم‬
‫والهجرة والجهاد والصلة والصدقة وصوم رمضببان والمببر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ,‬وجعلتك فاتحا ً خاتمًا‪ ,‬فقببال‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم »فضلني ربي بست‪ :‬أعطبباني‬
‫فواتح الكلم وخواتيمه‪ ,‬وجوامببع الحببديث‪ ,‬وأرسببلني إلببى‬
‫النبباس كافببة بشببيرا ً ونببذيرًا‪ ,‬وقببذف فببي قلببوب أعببدائي‬
‫الرعب من مسيرة شببهر‪ ,‬وأحلببت لببي الغنببائم ولببم تحببل‬
‫لحد قبلببي‪ ,‬وجعلببت لببي الرض كلهببا طهببورا ً ومسببجدًا«‪,‬‬
‫قبببببببال‪ :‬وفبببببببرض عليبببببببه خمسبببببببين صبببببببلة‪.‬‬
‫فلما رجع إلى موسى قال‪ :‬بم أمببرت يببا محمببد ؟ قببال‪:‬‬
‫بخمسين صلة‪ ,‬قال‪ :‬ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف‪ ,‬فإن‬
‫أمتك أضعف المم‪ ,‬فقد لقيببت مببن بنببي إسببرائيل شببدة‪,‬‬
‫قال‪ :‬فرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه عز وجببل‬
‫فسأله التخفيف‪ ,‬فوضع عنه عشبرا ً ثبم رجبع إلبى موسبى‬
‫فقال له‪ :‬بكم أمرت ؟ قال بببأربعين قببال ارجببع إلببى ربببك‬
‫فاسأله التخفيف‪ ,‬فإن أمتك أضعف المم‪ ,‬ولقد لقيت مببن‬
‫بني إسرائيل شببدة‪ ,‬قببال‪ :‬فرجببع النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم إلى ربه‪ ,‬فسأله التخفيف‪ ,‬فوضع عنه عشرًا‪ ,‬فرجببع‬
‫إلى موسى‪ ,‬فقال‪ :‬بكم أمرت‪ :‬قال أمببرت بثلثيببن‪ ,‬فقببال‬
‫له موسى ارجببع إلببى رببك فاسببأله التخفيببف‪ ,‬فببإن أمتببك‬
‫أضعف المم‪ ,‬فقد لقيت مببن بنببي إسببرائيل شببدة‪ ,‬فرجببع‬
‫النبي صلى اللببه عليببه وسبلم إلببى ربببه عببز وجببل فسبأله‬
‫التخفيف‪ ,‬فوضع عنه عشرا ً فرجع إلبى موسببى فقببال لبه‪:‬‬

‫‪672‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بكم أمرت ؟ قال بعشرين‪ ,‬قال‪ :‬ارجببع إلببى ربببك فاسببأله‬
‫التخفيف‪ ,‬فإن أمتك أضببعف المببم‪ ,‬فقببد لقيببت مببن بنببي‬
‫إسرائيل شدة‪ ,‬قال‪ :‬فرجع النبي صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫إلى رببه عبز وجبل فسبأله التخفيبف‪ ,‬فوضبع عنبه عشبرا ً‬
‫فرجع إلى موسى عليه السببلم‪ ,‬فقببال لببه‪ :‬بكببم أمببرت ؟‬
‫قال بعشر‪ ,‬قال‪ :‬ارجع إلببى ربببك فاسببأله التخفيببف‪ ,‬فببإن‬
‫أمتك أضعف المم‪ ,‬فقد لقيببت مببن بنببي إسببرائيل شببدة‪,‬‬
‫قال‪ :‬فرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه عز وجببل‬
‫فسأله التخفيف‪ ,‬فوضبع عنببه خمسبًا‪ ,‬فرجببع إلببى موسببى‬
‫عليه السلم‪ ,‬فقال له‪ :‬بكم أمببرت ؟ قببال بخمببس‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف‪ ,‬فإن أمتك أضببعف المببم‪,‬‬
‫وقد لقيت من بني إسرائيل شببدة‪ ,‬قببال‪ :‬قببد رجعببت إلببى‬
‫ربي حتى استحييت‪ ,‬فماأنا براجع إليه‪ ,‬قيل‪ :‬أمببا إنببك كمببا‬
‫صبرت نفسك خمس صلوات‪ ,‬فإنهن يجزين عنك خمسين‬
‫صلة‪ ,‬فإن كل حسنة بعشر أمثالهببا‪ ,‬قببال‪ :‬فرضببي محمببد‬
‫صلى الله عليه وسلم كل الرضا‪ ,‬قال‪ :‬وكان موسى عليببه‬
‫السلم من أشدهم عليه حين مر به وخيرهم له حين رجببع‬
‫إليبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫ثم رواه ابن جريببر عببن محمببد بببن عبيببد اللببه عببن أبببي‬
‫النضر هاشبم ببن القاسبم‪ ,‬عبن أببي جعفبر البرازي‪ ,‬عبن‬
‫الربيع بن أنس‪ ,‬عن أبي العالية أو غيببره‪ ,‬شببك أبببو جعفببر‬
‫عن أبي هريرة‪ ,‬عن النبي صلى اللببه عليببه وسببلم فببذكره‬
‫بمعناه‪ ,‬وقد رواه الحافظ أبو بكر البيهقي عن أبببي سببعيد‬
‫الماليني‪ ,‬عن ابن عدي‪ ,‬عن محمد ببن الحسبن السبكوني‬
‫البالسي بالرملة‪ ,‬حدثنا علي بن سهل فذكر مثببل مببا رواه‬
‫ابن جرير عنه‪ ,‬وذكر البيهقي أن الحاكم أبا عبببد اللببه رواه‬
‫عن إسماعيل بن محمد بن الفضببل بببن محمببد الشببعراني‬
‫عن جده‪ ,‬عن إبراهيم بن حمببزة الزبيببري‪ ,‬عببن حبباتم بببن‬
‫إسماعيل‪ ,‬حدثني عيسى بن ماهان يعني أبا جعفر الببرازي‬
‫عن الربيع بن أنس‪ ,‬عن أبي العالية‪ ,‬عن أبي هريببرة‪ ,‬عببن‬
‫النبببببببي صببببببلى اللببببببه عليببببببه وسببببببلم فببببببذكره‪.‬‬

‫‪673‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬ذكر أبو زرعة‪ ,‬حدثنا محمد بببن عبببد‬
‫الله بن نمير حدثنا يونس بن بكيبر حبدثنا عيسبى ببن عببد‬
‫الله التميمي عن أبي جعفر الرازي‪ ,‬عببن الربيببع بببن أنببس‬
‫البكري‪ ,‬عن أبي العالية أو غيببره‪ ,‬شبك عيسببى‪ ,‬عببن أبببي‬
‫هريرة عن النبي صببلى اللببه عليببه وسببلم قببال فببي قببوله‬
‫تعببالى‪} :‬سبببحان الببذي أسببرى بعبببده ليل ً مببن المسببجد‬
‫الحرام{ فذكر الحديث بطوله كنحو مما سببقناه‪} ,‬قلببت{‬
‫وأبو جعفر الرازي‪ :‬قال‪ :‬فيبه الحببافظ أببو زرعبة الببرازي‪:‬‬
‫يهم فببي الحببديث كببثيرًا‪ ,‬وقببد ضببعفه غيببره أيضبًا‪ ,‬ووثقببه‬
‫بعضهم‪ ,‬والظاهر أنه سيء الحفظ‪ ,‬ففيمببا تفببرد بببه نظببر‪.‬‬
‫وهذا الحديث في بعض ألفاظه غرابة ونكارة شديدة‪ ,‬وفيه‬
‫شيء من حديث المنام من رواية سببمرة بببن جنببدب فببي‬
‫المنام الطويل عند البخاري‪ ,‬ويشبه أن يكون مجموعا ً من‬
‫أحاديث شتى أو منام أو قصة أخببرى غيببر السببراء‪ ,‬واللببه‬
‫أعلبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫وقد روى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث عبد‬
‫الببرزاق‪ ,‬أنبأنببا معمببر عببن الزهببري‪ ,‬أخبببرني سببعيد بببن‬
‫المسيب عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم »حين أسري بي‪ ,‬لقيت موسى عليه السلم ب ب‬
‫فنعته‪ ,‬فإذا رجل حسبته قال ب مضطرب رجل الرأس كأنه‬
‫من رجال شنوءة‪ ,‬قال‪ :‬ولقيت عيسى ب فنعته النبي صببلى‬
‫الله عليه وسلم قال ب ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس ب‬
‫يعني حمام‪ ,‬قال ب ولقيت إبراهيم وأنا أشبه ولده به‪ ,‬قال‪:‬‬
‫لخر خمر‪ ,‬قيببل لببي‪:‬‬ ‫وأتيت بإناءين في أحدهما لبن وفي ا َ‬
‫خذ أيهما شئت‪ ,‬فأخذت اللبن فشربت‪ ,‬فقيل لببي‪ :‬هببديت‬
‫الفطرة ب أو أصبت الفطرة ب أما إنك لو أخذت خمرا ً غوت‬
‫أمتببك« وأخرجبباه مببن وجببه آخببر عببن الزهببري بببه نحببوه‪.‬‬
‫وفي صحيح مسلم عن محمد بن رافع عببن الحجيببن بببن‬
‫المثنى‪ ,‬عن عبد العزيز بن أبي سببلمة عببن عبببد اللببه بببن‬
‫الفضل الهاشمي‪ ,‬عن أبي سببلمة عببن أبببي هريببرة رضببي‬
‫الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم »لقد‬
‫رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي‪ ,‬فسببألوني‬

‫‪674‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن أشياء من بيت المقببدس لببم أثبتهببا‪ ,‬فكربببت كرببا ً مببا‬
‫كربت مثله قط‪ ,‬فرفعه الله إلي أنظر إليه ما سألوني عن‬
‫شيء إل أنبأتهم به‪ ,‬وقد رأيتنببي فبي جماعببة مببن النبيبباء‪,‬‬
‫وإذا موسى قائم يصلي‪ ,‬وإذا هو رجل جعد كأنه من رجبال‬
‫شنوءة‪ ,‬وإذا عيسى بن مريببم قببائم يصببلي أقببرب النبباس‬
‫شبببها ً بببه عببروة بببن مسببعود الثقفببي‪ ,‬وإذا إبراهيببم قببائم‬
‫يصلي أقرب النبباس شبببها ً بببه صبباحبكم بب يعنببي نفسببه بب‬
‫فحانت الصلة فأممتهم‪ ,‬فلما فرغت قال قائل‪ :‬يببا محمببد‬
‫هذا مالببك خببازن جهنببم‪ ,‬فببالتفت إليببه فبببدأني بالسببلم«‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا حجبباج بببن منهببال‪,‬‬
‫حدثنا حماد بن سلمة‪ ,‬عن علي بن زيد عببن أبببي الصببلت‪,‬‬
‫عن أبي هريببرة قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬رأيت ليلببة أسببري بببي لمببا انتهيببت إلببى السببماء‬
‫السابعة‪ ,‬فنظرت فوق فببإذا رعببد وبببرق وصببواعق‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫وأتيت على قوم بطونهم كالبيوت فيهببا الحي ّببات تببرى مببن‬
‫خارج بطونهم‪ ,‬فقلت‪ :‬من هؤلء يببا جبريببل ؟ قببال‪ :‬هببؤلء‬
‫آكلو الربا‪ ,‬فلما نزلببت إلببى السببماء الببدنيا نظببرت أسببفل‬
‫مني فإذا أنا برهج ودخان وأصوات‪ ,‬فقلببت‪ :‬مببن هببؤلء يببا‬
‫جبريل ؟ قال‪ :‬هذه الشياطين يحومون على أعين بني آدم‬
‫ل يتفكببرون فببي ملكببوت السببموات والرض‪ ,‬ولببول ذلببك‬
‫لرأوا العجببائب« ورواه المببام أحمببد عببن حسببن وعفببان‪,‬‬
‫كلهما عن حماد بن سلمة به‪ .‬ورواه ابن ماجه من حببديث‬
‫حمبببببببببببببببببببببببببببببببببباد بببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫)روايبببة جماعبببة مبببن الصبببحابة ممبببن تقبببدم وغيرهبببم(‬
‫قال الحافظ البيهقي‪ :‬حدثنا أبو عبببد اللببه يعنببي الحبباكم‪,‬‬
‫حدثنا عبد الله بن زيد بن يعقوب الدقاق الهمببداني‪ ,‬حببدثنا‬
‫إبراهيببم بببن الحسببين الهمببداني‪ ,‬حببدثنا أبببو محمببد هببو‬
‫إسببماعيل بببن موسببى الفببزاري‪ ,‬حببدثنا عمببر بببن سببعد‬
‫النضري من بني نصر بن معين‪ ,‬حدثني عبد العزيببز وليببث‬
‫ابن أبي سببليم‪ ,‬وسببلمان العمببش وعطبباء بببن السببائب‪,‬‬
‫بعضهم يزيد في الحديث علببى بعببض‪ ,‬عببن علببي بببن أبببي‬
‫طالب‪ ,‬وعبد الله بن عباس ومحمد بن إسببحاق بببن يسببار‬

‫‪675‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عمن حدثه عن ابن عباس‪ ,‬وعن سليم بن مسلم العقيلببي‬
‫عببن عببامر الشببعبي‪ ,‬عببن عبببد اللببه بببن مسببعود وجويبببر‬
‫الضحاك بن مزاحم‪ ,‬قالوا‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه‬
‫لخببرة‪,‬‬‫وسلم في بيت أم هانىء راقدا ً وقد صلى العشاء ا َ‬
‫قببال أبببو عبببد اللببه الحبباكم‪ :‬قببال لنببا هببذا الشببيخ‪ ,‬وذكببر‬
‫الحديث‪ ,‬فكتبت المتن مببن نسببخة مسببموعة منببه‪ ,‬فببذكر‬
‫حديثا ً طويل ً يذكر فيه عدد الدرج والملئكة وغير ذلك ممببا‬
‫ل ينكر شيء منها في قدرة الله إن صببحت الروايببة‪ .‬قببال‬
‫البيهقي فيما ذكرنا قبل في حديث أبي هارون العبدي فببي‬
‫إثبات السراء والمعراج كفايببة‪ ,‬وبببالله التوفيببق‪} .‬قلببت{‬
‫وقد أرسببل هببذا الحببديث غيببر واحببد مببن التببابعين وأئمببة‬
‫المفسببببببرين رحمببببببة اللببببببه عليهببببببم أجمعيببببببن‪.‬‬

‫)روايببببة عائشببببة أم المببببؤمنين رضببببي اللببببه عنهببببا(‬


‫قال البيهقي‪ :‬أخبرنا أبو عبد الله الحافظ‪ ,‬أخبرني مكببرم‬
‫بببن أحمببد القاضببي‪ ,‬حببدثني إبراهيببم بببن الهيثببم البلببدي‪,‬‬
‫حدثني محمد بن كثير الصنعاني‪ ,‬حدثنا معمر بن راشد عن‬
‫الزهري عن عروة عن عائشة قالت‪ :‬لمببا أسببري برسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسبلم إلبى المسبجد القصبى‪ ,‬أصببح‬
‫يحببدث النبباس بببذلك فارتببد نبباس ممببن كببانوا آمنببوا بببه‬
‫وصدقوه‪ ,‬وسعوا بذلك إلى أبي بكر‪ ,‬فقالوا‪ :‬هببل لببك فببي‬
‫صاحبك ؟ يزعم أنه أسري بببه الليلببة إلببى بيببت المقببدس‪,‬‬
‫فقال‪ :‬أو قال ذلك ؟ قالوا‪ :‬نعم‪ ,‬قال‪ :‬لئن كببان قببال ذلببك‬
‫لقببد صببدق‪ ,‬قببالوا فتصببدقه أنببه ذهببب الليلببة إلببى بيببت‬
‫المقدس وجاء قبل أن يصبح ؟ قال نعم إني لصدقه فيمببا‬
‫هو أبعد من ذلك‪ ,‬أصدقه فببي خبببر السببماء فببي غببدوة أو‬
‫روحبببببة‪ ,‬فلبببببذلك سبببببمي أببببببو بكبببببر الصبببببديق‪.‬‬

‫)روايبببببببة أم هبببببببانىء بنبببببببت أببببببببي طبببببببالب(‬


‫قال محمد بن إسحاق‪ :‬حدثني محمد بن السائب الكلبببي‬
‫عن أبي صالح باذان عن أم هببانىء بنببت أبببي طببالب فببي‬
‫مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها كانت تقول‪:‬‬

‫‪676‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ما أسري برسول الله صلى الله عليه وسببلم إل وهببو فببي‬
‫بيتي نائم عندي تلك الليلة‪ ,‬فصلى العشاء ا َ‬
‫لخببرة ثببم نببام‬
‫ونمنا‪ ,‬فلما كان قبيل الفجر أهبنا برسول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم فلما صلى الصبببح وصببلينا معببه‪ ,‬قببال‪» :‬يببا أم‬
‫هانىء لقد صليت معكببم العشبباء ا َ‬
‫لخببرة كمببا رأيببت بهببذا‬
‫الوادي‪ ,‬ثم جئت بيبت المقبدس فصبليت فيبه‪ ,‬ثبم صبليت‬
‫لن كما تريببن« الكلبببي مببتروك بمببرة‬ ‫صلة الغداة معكم ا َ‬
‫ساقط‪ ,‬لكن رواه أبببو يعلببى فببي مسببنده عببن محمببد بببن‬
‫إسماعيل النصاري عن ضمرة بببن ربيعببة‪ ,‬عببن يحيببى بببن‬
‫أبي عمرو الشيباني عن أبي صالح‪ ,‬عن أم هانىء بأبسببط‬
‫من هذا السياق‪ ,‬فليكتب ههنا‪ ,‬وروى الحافظ أبببو القاسببم‬
‫الطبراني من حديث عبببد العلببى بببن أبببي المسبباور عببن‬
‫عكرمة‪ ,‬عن أم هانىء قالت‪ :‬بات رسول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم ليلة أسري به فببي بيببتي‪ ,‬ففقببدته مببن الليببل‪,‬‬
‫فامتنع مني النوم مخافة أن يكون عرض له بعض قريببش‪,‬‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إن جبريل عليببه‬
‫السلم أتاني فأخذ بيدي فأخرجني‪ ,‬فإذا علببى الببباب دابببة‬
‫دون البغل وفوق الحمار‪ ,‬فحملني عليها ثببم انطلببق حببتى‬
‫أتى بي إلى بيت المقدس‪ ,‬فببأراني إبراهيببم عليببه السببلم‬
‫يشبه خلقه خلقي ويشبه خلقي خلقه‪ ,‬وأراني موسببى آدم‬
‫طويل ً سبببط الشببعر‪ ,‬شبببهته برجببال أزد شببنوءة‪ ,‬وأرانببي‬
‫عيسى بن مريم ربعة أبيض يضببرب إلببى الحمببرة‪ ,‬شبببهته‬
‫بعروة بن مسعود الثقفي‪ ,‬وأراني الدجال ممسببوح العيببن‬
‫اليمنى‪ ,‬شبهته بقطن بن عبد العزى ب قال بب وأنببا أريببد أن‬
‫أخببرج إلببى قريببش فببأخبرهم بمببا رأيببت« فأخببذت بثببوبه‬
‫فقلت‪ :‬إني أذكرك الله إنك تأتي قومك يكببذبوك وينكببرون‬
‫مقالتك‪ ,‬فأخاف أن يسطوا بك‪ ,‬قببالت‪ :‬فضببرب ثببوبه مببن‬
‫يدي ثببم خببرج إليهببم‪ ,‬فأتبباهم وهببم جلببوس فببأخبرهم مببا‬
‫أخبرني‪ ,‬فقام جبير بن مطعم فقال يا محمببد ان لببو كنببت‬
‫لك شأن كما كنت مببا تكلمببت بمببا تكلمببت بببه وأنببت بيببن‬
‫ظهرانينا‪ .‬فقال رجل من القوم‪ :‬يا محمد هل مببررت بإبببل‬
‫لنا في مكان كذا كذا ؟ قال‪» :‬نعم واللببه قببد وجببدتهم قببد‬

‫‪677‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أضلوا بعيرا ً لهم فهم فببي طلبببه« قببال‪ :‬هببل مببررت بإبببل‬
‫فلن ؟ قببال‪ :‬نعببم »وجببدتهم فببي مكببان كببذا وكببذا وقببد‬
‫انكسببرت لهببم ناقببة حمببراء‪ ,‬وعنببدهم قصببعة مببن مبباء‬
‫فشربت ما فيها« قالوا‪ :‬فأخبرنا عدتها‪ ,‬من الرعباة ؟ قبال‬
‫ل« فنببام فببأوتي بالبببل فعببدها‬ ‫»قد كنت عن عدتها مشغو ً‬
‫وعلببم مببا فيهببا مببن الرعبباة‪ ,‬ثببم أتببى قريش با ً فقببال لهببم‬
‫»سألتموني عن إبل بني فلن فهي كببذا وكببذا‪ ,‬وفيهببا مببن‬
‫الرعاة فلن وفلن‪ ,‬وسألتموني عن إبببل بنببي فلن‪ ,‬فهببي‬
‫كذا وكذا‪ ,‬وفيها من الرعاة ابببن أبببي قحافببة وفلن وفلن‪,‬‬
‫وهي تصبببحكم بالغببداة علببى الثنيببة« قببال‪ :‬فقعببدوا علببى‬
‫الثنيبببة ينظبببرون أصبببدقهم مبببا قبببال‪ ,‬فاسبببتقبلوا الببببل‬
‫لخر‪,‬‬ ‫فسألوهم‪ :‬هل ضل لكم بعير ؟ فقالوا‪ :‬نعم‪ ,‬فسألوا ا َ‬
‫هل انكسرت لكم ناقة حمراء ؟ قببالوا‪ :‬نعببم‪ ,‬قببالوا‪ :‬فهببل‬
‫كانت عندكم قصعة ؟ قال أبو بكر‪ :‬أنا واللببه وضببعتها فمببا‬
‫شربها أحد ول أهرقوه في الرض‪ ,‬فصدقه أبو بكببر وآمببن‬
‫ببببببببببببه‪ ,‬فسبببببببببببمي يبببببببببببومئذ الصبببببببببببديق‪.‬‬
‫)فصل( وإذا حصل الوقوف على مجموع هببذه الحبباديث‬
‫صحيحها وحسببنها وضببعيفها‪ ,‬يحصببل مضببمون مببا اتفقببت‬
‫عليه من مسرى رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم مببن‬
‫مكة إلبى بيبت المقبدس وأنبه مبرة واحبدة‪ ,‬وإن اختلفبت‬
‫عبارات الرواة في أدائه‪ ,‬أو زاد بعضهم فيه أو نقببص منببه‪,‬‬
‫فإن الخطأ جائز على من عدا النبياء عليهم السلم‪ ,‬ومببن‬
‫جعل من الناس كل رواية خالفت الخرى مرة على حببدة‪,‬‬
‫فأثبت إسراءات متعددة فقد أبعد وأغرب‪ ,‬وهرب إلى غير‬
‫مهرب‪ ,‬ولم يتحصل على مطلب‪ .‬وقد صببرح بعضببهم مببن‬
‫المتأخرين بأنه عليه السلم أسري به مرة مببن مكببة إلببى‬
‫بيت المقدس فقط‪ ,‬ومبرة مببن مكبة إلبى السبماء فقببط‪,‬‬
‫ومرة إلى بيت المقببدس ومنببه إلببى السببماء‪ ,‬وفببرح بهببذا‬
‫المسلك‪ ,‬وأنه قد ظفر بشيء يخلص بببه مببن الشببكالت‪,‬‬
‫وهذا بعيد جدًا‪ ,‬ولم ينقل هببذا عببن أحببد مببن السببلف ولببو‬
‫تعدد هذا التعدد‪ ,‬لخببر النببي صبلى اللبه عليبه وسبلم ببه‬
‫أمتبببببه‪ ,‬ولنقلبببببه النببببباس علبببببى التعبببببدد والتكبببببرر‪.‬‬

‫‪678‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال موسى بن عقبة الزهري‪ :‬كان السراء قبل الهجببرة‬
‫بسنة‪ ,‬وكذا قال عروة‪ .‬وقال السدي‪ :‬بستة عشببر شببهرًا‪,‬‬
‫والحق أنه عليه السلم أسري به يقظة ل منامبا ً مببن مكببة‬
‫إلببى بيببت المقببدس راكببا ً البببراق‪ ,‬فلمببا انتهببى إلببى بباب‬
‫المسجد‪ ,‬ربط الدابة عند الباب ودخله‪ ,‬فصببلى فببي قبلتببه‬
‫تحية المسجد ركعتين‪ ,‬ثم أتببى بببالمعراج وهببو كالسببلم ذو‬
‫درج يرقى فيها‪ ,‬فصعد فيه إلى السماء الدنيا‪ ,‬ثم إلى بقية‬
‫السموات السبع‪ ,‬فتلقاه من كببل سببماء مقربوهببا‪ ,‬وسببلم‬
‫علببى النبيبباء الببذين فببي السببموات بحسببب منببازلهم‬
‫ودرجبباتهم‪ ,‬حببتى مببر بموسببى الكليببم فببي السادسببة‪,‬‬
‫وإبراهيم الخليل في السابعة‪ ,‬ثم جاوز منزلتهما صلى الله‬
‫عليه وسلم وعليهما وعلى سائر النبياء‪ ,‬حببتى انتهببى إلببى‬
‫مستوى يسمع فيه صريف القلم‪ ,‬أي أقلم القدر بمببا هببو‬
‫كائن‪ ,‬ورأى سدرة المنتهى وغشببيها مببن أمببر اللببه تعببالى‬
‫عظمببة عظيمببة مببن فببراش مببن ذهببب وألببوان متعببددة‬
‫وغشببيتها الملئكببة ورأى هنبباك جبريببل علببى صببورته ولببه‬
‫سببتمائة جنبباح ورأى رفرف با ً أخضببر قببد سببد الفببق‪ ,‬ورأى‬
‫البببيت المعمببور‪ ,‬وإبراهيببم الخليببل ببباني الكعبببة الرضببية‬
‫مسند ظهره إليه‪ ,‬لنبه الكعببة السبماوية يبدخله كبل يبوم‬
‫سبعون ألفا ً من الملئكة يتعبدون فيببه ثببم ل يعببودون إليببه‬
‫إلى يوم القيامة‪ .‬ورأى الجنة والنار فرض الله عليه هنالببك‬
‫الصلوات خمسين ثم خففها إلى خمس رحمة منه ولطفببا ً‬
‫بعباده‪ ,‬وفي هذا اعتناء عظيببم بشببرف الصببلة وعظمتهببا‪.‬‬
‫ثم هبط إلى بيت المقدس وهبط معه النبياء فصلى بهم‬
‫فيه لما حانت الصلة‪ ,‬ويحتمل أنها الصبح من يومئذ‪ ,‬ومببن‬
‫الناس من يزعم أنه أمهم في السماء‪ ,‬والذي تظاهرت بببه‬
‫الروايات أنه ببيت المقدس‪ ,‬ولكن في بعضها أنه كان أول‬
‫دخوله إليه‪ .‬والظاهر أنه بعد رجوعه إليه لنه لما مببر بهببم‬
‫في منازلهم جعل يسأل عنهم جبريببل واحببدا ً واحببدًا‪ ,‬وهببو‬
‫يخبره بهببم‪ ,‬وهببذا هببو اللئق‪ ,‬لنببه كببان أول ً مطلوب با ً إلببى‬
‫الجناب العلوي ليفببرض عليببه وعلببى أمتببه مببا يشبباء اللببه‬
‫تعالى‪ ,‬ثم لما فرغ من الذي أريد به‪ ,‬اجتمع به هو وإخوانه‬

‫‪679‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من النبيين ثم أظهببر شببرفه وفضببله عليهببم بتقببديمه فببي‬
‫المامة‪ ,‬وذلك عن إشارة جبريل عليه السلم له في ذلك‪.‬‬
‫ثم خرج من بيت المقدس فركب البراق وعاد إلببى مكببة‬
‫لنية عليببه‬‫بغلس‪ ,‬والله سبحانه وتعالى أعلم‪ ,‬وأما عرض ا َ‬
‫من اللبببن والعسببل أو اللبببن والخمببر‪ ,‬أو اللبببن والمبباء أو‬
‫الجميببع فقببد ورد أنببه فببي بيببت المقببدس وجبباء أنببه فببي‬
‫السببماء‪ .‬ويحتمببل أن يكببون ههنببا وههنببا‪ ,‬لنببه كالضببيافة‬
‫للقادم‪ ,‬والله أعلم‪ ,‬ثم اختلببف النبباس‪ :‬هببل كببان السببراء‬
‫ببدنه عليه السلم وروحه‪ ,‬أو بروحه فقط ؟ علببى قببولين‪,‬‬
‫فالكثرون من العلماء على أنه أسري ببدنه وروحببه يقظببة‬
‫ل منامًا‪ ,‬ول ينكرون أن يكون رسول الله صلى اللببه عليببه‬
‫وسلم رأى قبل ذلك منام با ً ثببم رآه بعببد يقظببة‪ ,‬لنببه كببان‬
‫عليببه السببلم ل يببرى رؤيببا إل جبباءت مثببل فلببق الصبببح‪,‬‬
‫والدليل على هذا قوله تعالى‪} :‬سبحان الذي أسرى بعبده‬
‫ليل ً من المسجد الحرام إلى المسجد القصى الذي باركنببا‬
‫حوله{ فالتسبيح إنما يكون عند المور العظببام‪ ,‬فلببو كببان‬
‫مناما ً لم يكن فيه كبير شيء‪ ,‬ولببم يكببن مسببتعظمًا‪ ,‬ولمببا‬
‫بادرت كفار قريش إلى تكذبيه‪ ,‬ولما ارتدت جماعببة ممببن‬
‫كان قد أسلم‪ ,‬وأيضا ً فإن العبد عبارة عببن مجمببوع الببروح‬
‫والجسد‪ ,‬وقال تعببالى }أسببرى بعبببده ليل{ وقببال تعببالى‪:‬‬
‫}وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إل فتنببة للنبباس{ قببال ابببن‬
‫عباس‪ :‬هي رؤيا عين أريهببا رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسببلم ليلببة أسببري بببه‪ ,‬والشببجرة الملعونببة هببي شببجرة‬
‫الزقوم‪ ,‬رواه البخاري‪ ,‬وقال تعالى‪} :‬وما زاغ البصببر ومببا‬
‫طغى{ والبصر من آلت الذات ل الروح‪ ,‬وأيضا ً فإنه حمببل‬
‫على البراق وهو دابة بيضاء براقة لها لمعان‪ ,‬وإنمببا يكببون‬
‫هذا للبدن ل للروح لنها ل تحتاج في حركتهببا إلببى مركببب‬
‫تركببببببببببببب عليببببببببببببه‪ ,‬واللببببببببببببه أعلببببببببببببم‪.‬‬
‫وقال آخرون بببل أسببري برسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم بروحه ل بجسده‪ ,‬قال محمد بن إسببحاق بببن يسببار‬
‫فببي السببيرة‪ :‬حببدثني يعقببوب بببن عبتببة بببن المغيببرة بببن‬
‫الخنس أن معاويببة بببن أبببي سببفيان‪ ,‬كببان إذا سببئل عببن‬

‫‪680‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪ :‬كانت رؤيببا‬
‫من اللببه صببادقة‪ .‬وحببدثني بعببض آل أبببي بكببر أن عائشبة‬
‫كانت تقول‪ :‬ما فقببد جسببد رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم ولكن أسري بروحه‪ .‬قببال ابببن إسببحاق‪ :‬فلببم ينكببر‬
‫ليببة نزلببت }ومببا‬ ‫ذلك من قولها لقببول الحسببن إن هببذه ا َ‬
‫جعلنا الرؤيا التي أريناك إل فتنة للناس{ ولقببول اللببه فببي‬
‫الخبر عن إبراهيم }إني أرى في المنام أني أذبحك فببانظر‬
‫ماذا ترى{ قال‪ :‬ثم مضى على ذلببك‪ ,‬فعرفببت أن الببوحي‬
‫يأتي للنبياء من الله أيقاظا ً ونيامًا‪ ,‬فكان رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم يقول‪» :‬تنام عيناي وقلبي يقظببان« واللببه‬
‫أعلم‪ ,‬أي ذلك كان قد جاءه وعاين من الله فيببه مببا عبباين‬
‫على أي حالته كان نائما ً أو يقظانًا‪ ,‬كل ذاك حببق وصببدق‪,‬‬
‫انتهى كلم ابن إسحاق‪ .‬وقد تعقبه أبو جعفر بن جرير فببي‬
‫تفسببيره بببالرد والنكببار والتشببنيع بببأن هببذا خلف ظبباهر‬
‫سياق القرآن‪ ,‬وذكر من الدلة علببى رده بعببض مببا تقببدم‪,‬‬
‫واللببببببببببببببببببببببببببببببببه أعلببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫)فببببببببببببببببببائدة حسببببببببببببببببببنة جليلببببببببببببببببببة(‬


‫روى الحافظ أبو نعيم الصبهاني فببي كتبباب دلئل النببوة‬
‫من طريق محمد بن عمر الواقدي‪ :‬حدثني مالببك بببن أبببي‬
‫الرجببال عببن عمببرو بببن عبببد اللببه عببن محمببد بببن كعببب‬
‫القرظي‪ ,‬قال‪ :‬بعث رسبول اللبه صبلى اللبه عليبه وسبلم‬
‫دحية بن خليفة إلى قيصر‪ ,‬فذكر وروده عليه وقدومه إليه‪,‬‬
‫وفي السياق دللة عظيمببة علببى وفببور عقببل هرقببل‪ ,‬ثببم‬
‫استدعى من بالشام من التجار فجيء بأبي سببفيان صببخر‬
‫بن حرب وأصحابه‪ ,‬فسألهم عن تلك المسببائل المشببهورة‬
‫التي رواها البخاري ومسلم كما سببيأتي بيببانه‪ ,‬وجعببل أبببو‬
‫سفيان يجهد أن يحقر أمره وتصغره عنده‪ .‬قببال فببي هببذا‬
‫السياق عن أبي سببفيان‪ :‬واللببه مببا منعنببي مببن أن أقببول‬
‫عليه قول ً أسقطه من عينه إل أنببي أكببره أن أكببذب عنببده‬
‫كذبببة يأخببذها علببي ول يصببدقني فببي شببيء‪ .‬قببال‪ :‬حببتى‬
‫ذكرت قوله ليلببة أسببري بببه‪ ,‬قببال‪ :‬فقلببت أيهببا الملببك أل‬

‫‪681‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أخبرك خبرا ً تعرف أنه قد كببذب ؟ قببال‪ :‬ومببا هببو ؟ قببال‪:‬‬
‫قلت إنه يزعم لنا أنه خرج مببن أرضببنا‪ ,‬أرض الحببرم‪ ,‬فببي‬
‫ليلة فجاء مسببجدكم هببذا مسببجد إيليبباء‪ ,‬ورجببع إلينببا تلببك‬
‫الليلة قبل الصباح‪ .‬قال‪ ,‬وبطريق إيليبباء عنببد رأس قيصببر‪,‬‬
‫فقال بطريق إيلياء‪ :‬قد علمت تلك الليلة‪ ,‬قال‪ :‬فنظر إليببه‬
‫قيصر وقال‪ :‬وما علمك بهذا ؟ قال‪ :‬إني كنت ل أنببام ليلببة‬
‫حتى أغلق أبواب المسجد‪ ,‬فلمببا كببان تلببك الليلببة أغلقببت‬
‫البواب كلها غير باب واحد غلبني‪ ,‬فاستعنت عليه بعمببالي‬
‫ومببن يحضببرني كلهببم فعببالجته‪ ,‬فغلبنببا فلببم نسببتطع أن‬
‫ل‪ ,‬فببدعوت إليببه النجبباجرة‪,‬‬ ‫نحركببه كأنمببا نببزاول بببه جب ً‬
‫فنظروا إليبه فقبالوا‪ :‬إن هبذا البباب سبقط عليبه النجباف‬
‫والبنيان‪ ,‬ول نستطيع أن نحركه حتى نصبح فننظر من أين‬
‫أتى‪ .‬قال‪ :‬فرجعت وتركت البابين مفتوحين‪ .‬فلما أصبحت‬
‫غدوت عليها‪ ,‬فإذا الحجر الذي في زاوية المسجد مثقوب‪,‬‬
‫وإذا فيه أثر مربط دابة‪ ,‬قبال‪ :‬فقلبت لصبحابي مبا حببس‬
‫هببذا الببباب الليلببة إل علببى نبببي‪ ,‬وقببد صببلى الليلببة فببي‬
‫مسببببببببببجدنا‪ ,‬وذكببببببببببر تمببببببببببام الحببببببببببديث‪.‬‬
‫)فائدة( قال الحببافظ أبببو الخطبباب عمببر بببن دحيببة فببي‬
‫كتابه )التنوير في مولد السببراج المنيببر( وقببد ذكببر حببديث‬
‫السراء من طريق أنس وتكلم عليه فأجاد وأفاد‪ ,‬ثم قببال‪:‬‬
‫وقد تواترت الروايات فببي حببديث السببراء عببن عمببر بببن‬
‫الخطاب وعلي وابن مسعود وأبي ذر ومالك بببن صعصببعة‬
‫وأبي هريبرة وأببي سبعيد واببن عبباس‪ ,‬وشبداد ببن أوس‬
‫وأبي بن كعب وعبد الرحمن بن قرط وأبي حبة وأبي ليلى‬
‫النصاريين‪ ,‬وعبد الله بببن عمببرو وجببابر وحذيفببة وبريببدة‪,‬‬
‫وأبي أيوب وأبي أمامة وسمرة بن جنبدب وأببي الحمبراء‪,‬‬
‫وصهيب الرومي وأم هانىء‪ ,‬وعائشببة وأسببماء ابنببتي أبببي‬
‫بكر الصديق رضي الله عنهببم أجمعيببن‪ ,‬منهببم مببن سبباقه‬
‫بطوله‪ ,‬ومنهم من اختصره علببى مببا وقببع فببي المسببانيد‪,‬‬
‫وإن لم تكن رواية بعضببهم علببى شببرط الصببحة‪ ,‬فحببديث‬
‫السببراء أجمببع عليببه المسببلمون‪ ,‬وأعببرض عنببه الزنادقببة‬

‫‪682‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والملحدون }يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متبم‬
‫نبببببببببببوره ولبببببببببببو كبببببببببببره الكبببببببببببافرون{‪.‬‬

‫ل أ َل ّ‬ ‫سبَراِئي َ‬ ‫دى ل ّب َن ِببي إ ِ ْ‬‫جعَل ْن َبباهُ هُب ً‬ ‫سى ال ْك َِتا َ‬


‫ب وَ َ‬ ‫مو َ‬‫** َوآت َي َْنآ ُ‬
‫ن‬ ‫ه ك َببا َ‬‫ح إ ِن ّب ُ‬‫معَ ُنو ٍ‬‫مل َْنا َ‬ ‫ح َ‬‫ن َ‬‫م ْ‬‫ة َ‬ ‫كيل ً * ذ ُّري ّ َ‬‫دوِني وَ ِ‬‫من ُ‬‫ذوا ْ ِ‬ ‫خ ُ‬
‫ت َت ّ ِ‬
‫كورا ً‬ ‫شببببببببببببببببببببببببببببببب ُ‬ ‫عَْببببببببببببببببببببببببببببببببدا ً َ‬
‫لما ذكر تعالى أنه أسرى بعبده محمببد صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم عطف بذكر موسببى عبببده ورسببوله وكليمببه أيض بًا‪,‬‬
‫فإنه تعالى كثيرا ً ما يقرن بين ذكر موسى ومحمببد عليهمببا‬
‫من الله الصلة والسلم‪ ,‬وبين ذكر التوراة والقرآن‪ ,‬ولهذا‬
‫قال بعد ذكر السراء }وآتينا موسى الكتاب{ يعني التوراة‬
‫}وجعلناه{ أي الكتاب }هدى{ أي هادي با ً }لبنببي إسببرائيل‬
‫ل{ أي ولي با ً ول‬ ‫أل ّ تتخذوا{ أي لئل تتخذوا }مببن دونببي وكي ً‬
‫نصيرا ً ول معبودا ً دوني‪ ,‬لن الله تعالى أنزل على كل نبببي‬
‫أرسبببببببله أن يعببببببببده وحبببببببده ل شبببببببريك لبببببببه‪.‬‬
‫ثم قال‪} :‬ذرية من حملنا مع نوح{ تقببديره يببا ذريببة مببن‬
‫حملنا مع نوح‪ ,‬فيه تهييج وتنبيه علببى المنببة‪ ,‬أي يببا سببللة‬
‫من نجينا فحملنا مع نوح في السفينة تشبهوا بببأبيكم }إنببه‬
‫كان عبدا ً شكورًا{ فبباذكروا أنتببم نعمببتي عليكببم بإرسببالي‬
‫إليكم محمدا ً صلى الله عليه وسلم وقد ورد فببي الحببديث‬
‫وفي الثر عن السلف أن نوحا ً عليه السلم كان يحمد الله‬
‫على طعامه وشرابه ولباسه وشأنه كله‪ ,‬فلهذا سمي عبدا ً‬
‫شكورًا‪ .‬قال الطبراني‪ :‬حدثني علي بن عبد العزيز‪ ,‬حببدثنا‬
‫أبو نعيم‪ ,‬حدثنا سفيان عن أبي حصين‪ ,‬عن عبببد اللببه بببن‬
‫سنان عن سعد بن مسعود الثقفي قببال‪ :‬إنمببا سببمي نببوح‬
‫عبببدا ً شببكورًا‪ ,‬لنببه كببان إذا أكببل أو شببرب حمببد اللببه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو أسامة‪ ,‬حدثنا زكريا بن أبببي‬
‫زائدة عن سعيد بن أبي بردة‪ ,‬عن أنببس بببن مالببك رضببي‬
‫الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إن‬
‫الله ليرضى عن العبد أن يأكببل الكلببة أو يشببرب الشببربة‬
‫فيحمد الله عليها« وهكذا رواه مسلم والترمذي والنسائي‬

‫‪683‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من طريق أبي أسامة به‪ .‬وقال مالك عن زيببد بببن أسببلم‪:‬‬
‫كان يحمد الله على كل حال وقد ذكر البخاري هنببا حببديث‬
‫أبي زرعة عببن أبببي هريببرة‪ ,‬عببن النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم قال‪» :‬أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ب بطوله‪ ,‬وفيه ب‬
‫فيأتون نوحا ً فيقولون‪ :‬يا نببوح إنببك أنببت أول الرسببل إلببى‬
‫أهل الرض‪ ,‬وقد سماك الله عبدا ً شكورًا‪ ,‬فاشفع لنببا إلببى‬
‫رببببببببببببك« وذكبببببببببببر الحبببببببببببديث بكبببببببببببامله‪.‬‬

‫ن فِببي‬ ‫سبد ُ ّ‬ ‫ب ل َت ُْف ِ‬ ‫ل فِببي ال ْك ِت َببا ِ‬ ‫سبَراِئي َ‬ ‫ى ب َن ِببي إ ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ضي َْنآ إ ِل َب‬ ‫** وَقَ َ‬
‫مبا‬ ‫ُ‬ ‫ن عُل ُوّا ً ك َِبيرا ً * فَإ ِ َ‬ ‫مّرت َي ْن وَل َت َعْل ُ‬
‫عبد ُ أولهُ َ‬ ‫جبآَء وَ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ض َ‬ ‫الْر ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ل الد َّياِر‬ ‫خل َ َ‬ ‫سوا ْ ِ‬ ‫جا ُ‬ ‫ديدٍ فَ َ‬ ‫ش ِ‬ ‫س َ‬ ‫عَبادا لَنآ أوِْلي ب َأ ٍ‬
‫م ِ ً ّ‬ ‫ب َعَث َْنا عَل َي ْك ُ ْ‬
‫م‬ ‫كببّرةَ عَل َي ِْهبب ْ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫كبب ُ‬ ‫م َرد َد َْنببا ل َ ُ‬ ‫مْفُعببول ً * ُثبب ّ‬ ‫عببدا ً ّ‬ ‫ن وَ ْ‬ ‫كببا َ‬ ‫وَ َ‬
‫كم بببأموال وبِنيببن وجعل ْنبباك ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م أك َْثببَر ن َِفيببرا ً * إ ِ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫مببد َد َْنا ُ ِ ْ َ ٍ َ َ‬ ‫وَأ ْ‬
‫م فَل ََها فَبإ ِ َ‬ ‫أ َحسنتم أ َحسنتم لنُفسك ُم وإن أ َ ْ‬
‫جببآَء وَعْبد ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫سأت ُ ْ‬ ‫ْ َ ُْ ْ ْ َ ُْ ْ ْ ِ ْ َِ ْ َ‬
‫خل ُببوهُ‬ ‫مببا د َ َ‬ ‫جد َ ك َ َ‬ ‫سب ِ‬ ‫م ْ‬ ‫خُلوا ْ ال ْ َ‬ ‫م وَل ِي َبد ْ ُ‬‫جببوهَك ُ ْ‬ ‫سوُءوا ْ وُ ُ‬ ‫خَرةِ ل ِي َ ُ‬ ‫ال َ ِ‬
‫م َأن‬ ‫كبب ْ‬ ‫ى َرب ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫سبب‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫*‬ ‫مببا عََلببوْا ْ ت َت ِْبيببرا ً‬ ‫َ‬ ‫مببّرةٍ وَل ِي ُت َّبببُروا ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ّ‬ ‫و‬‫أَ‬
‫صببيرا ً‬ ‫ري َ َ ِ‬
‫ح‬ ‫ن‬ ‫م ل ِل ْك َببافِ ِ‬ ‫جهَن ّب َ‬ ‫جعَل ْن َببا َ‬ ‫م عُد َْنا وَ َ‬ ‫عدت ّ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫م وَإ ِ ْ‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ي َْر َ‬
‫يخبر تعالى أنه قضى إلى بني إسرائيل في الكتبباب‪ ,‬أي‬
‫تقدم إليهم وأخبرهم في الكتاب الببذي أنزلببه عليهببم أنهببم‬
‫سيفسببدون فببي الرض مرتيببن‪ ,‬ويعلببون علببوا ً كبببيرًا‪ ,‬أي‬
‫يتجبرون ويطغون ويفجببرون علببى النبباس‪ ,‬كقببوله تعببالى‪:‬‬
‫}وقضينا إليه ذلك المر أن دابر هؤلء مقطوع مصبببحين{‬
‫أي تقدمنا إليه‪ ,‬وأخبرناه بذلك‪ ,‬وأعلمناه به‪ .‬وقببوله }فببإذا‬
‫جاء وعد أولهما{ أي أولى الفسادتين }بعثنا عليكم عبادا ً‬
‫لنا أولي بأس شديد{ أي سببلطنا عليكببم جنببدا ً مببن خلقنببا‬
‫أولببي بببأس شببديد ‪ ¹‬أي قببوة وعببدة وسببلطنة شببديدة‪,‬‬
‫فجاسببوا خلل الببديار‪ ,‬أي تملكببوا بلدكببم وسببلكوا خلل‬
‫بيببوتكم‪ ,‬أي بينهببا ووسببطها‪ ,‬وانصببرفوا ذاهبببين وجببائين ل‬
‫ل‪.‬‬ ‫يخببببببببافون أحببببببببدا ً وكببببببببان وعببببببببدا ً مفعببببببببو ً‬
‫وقد اختلف المفسرون من السببلف والخلببف فببي هببؤلء‬
‫المسلطين عليهم من هم ؟ فعبن اببن عبباس وقتبادة أنبه‬

‫‪684‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جالوت الجزري وجنوده‪ ,‬سلط عليهم أول ً ثببم أديلببوا عليببه‬
‫بعد ذلك‪ .‬وقتل داود جالوت‪ ,‬ولهببذا قببال }ثببم رددنببا لكببم‬
‫لية‪ ,‬وعن سعيد بن جبير أنه ملك الموصل‬ ‫الكرة عليهم{ ا َ‬
‫سنجاريب وجنوده‪ .‬وعنه أيضا ً وعن غيره أنه بختنصر ملببك‬
‫بابل‪ .‬وقد ذكر ابن أبي حبباتم لببه قصببة عجيبببة فببي كيفيببة‬
‫ترقيه من حال إلببى حببال إلببى أنببه ملببك البلد‪ ,‬وأنببه كببان‬
‫فقيرا ً مقعدا ً ضعيفا ً يستعطي الناس ويسببتطعمهم‪ ,‬ثببم آل‬
‫به الحال إلببى مببا آل‪ ,‬وأنببه سببار إلببى بلد بيببت المقببدس‬
‫فقتل بها خلقا ً كثيرا ً من بني إسرائيل‪ ,‬وقد روى ابن جرير‬
‫في هذا المكان حديثا ً أسنده عن حذيفببة مرفوع با ً مطببو ً‬
‫ل‪,‬‬
‫وهو حديث موضببوع ل محالببة‪ ,‬ل يسببتريب فببي ذلببك مببن‬
‫عنده أدنى معرفة بالحديث‪ ,‬والعجب كل العجب كيف راج‬
‫عليه مع جللة قدره وإمامته‪ ,‬وقببد صببرح شببيخنا الحببافظ‬
‫العلمببة أبببو الحجبباج المببزي رحمببه اللببه بببأنه موضببوع‬
‫مكببببذورب‪ ,‬وكتببببب ذلببببك علببببى حاشببببية الكتبببباب‪.‬‬
‫وقد وردت في هذا آثببار كببثيرة إسببرائيلية لببم أَر تطويببل‬
‫الكتاب بذكرها‪ ,‬لن منها ما هو موضوع ومببن وضببع بعببض‬
‫زنادقتهم‪ ,‬ومنها ما قد يحتمل أن يكون صحيحًا‪ ,‬ونحن فببي‬
‫غنية عنها‪ ,‬ولله الحمد‪ .‬وفيمببا قببص اللببه علينببا فببي كتببابه‬
‫غنية عما سواه من بقية الكتب قبله‪ ,‬ولم يحوجنببا اللببه ول‬
‫رسوله إليهم‪ .‬وقد أخبره الله عنهم أنهم لما طغببوا وبغببوا‪,‬‬
‫سلط الله عليهم عببدوهم فاسببتباح بيضببتهم‪ ,‬وسببلك خلل‬
‫بيببوتهم‪ ,‬وأذلهببم وقهرهببم جببزاء وفاق بًا‪ ,‬ومببا ربببك بظلم‬
‫للعبيد‪ ,‬فإنهم كببانوا قببد تمببردوا وقتلببوا خلق با ً مببن النبيبباء‬
‫والعلمبباء‪ .‬وقببد روى ابببن جريببر حببدثني يببونس بببن عبببد‬
‫العلى‪ ,‬حدثنا ابببن وهببب‪ ,‬أخبببرني سببليمان بببن بلل عببن‬
‫يحيى بن سعيد قال‪ :‬سببمعت سببعيد بببن المسببيب يقببول‪:‬‬
‫ظهر بختنصر على الشام‪ ,‬فخرب بيببت المقببدس وقتلهببم‪,‬‬
‫ثم أتى دمشق فوجد بها دما ً يغلي على كبببا‪ ,‬فسببألهم‪ ,‬مببا‬
‫هذا الدم ؟ فقالوا‪ :‬أدركنا آباءنا على هذا‪ ,‬وكلما ظهر عليه‬
‫الكبار ظهر‪ ,‬قال‪ :‬فقتل على ذلببك الببدم سبببعين ألفبا ً مببن‬
‫المسلمين وغيرهم‪ ,‬فسكن‪ ,‬وهببذا صببحيح إلببى سببعيد بببن‬

‫‪685‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المسببيب‪ ,‬وهببذا هببو المشبببهور‪ ,‬وأنببه قتبببل أشببرافهم‬
‫وعلماءهم حتى إنه لم يبق من يحفظ التوراة‪ ,‬وأخذ منهببم‬
‫خلقا ً كثيرا ً أسرى من أبناء النبيبباء وغيرهببم‪ ,‬وجبرت أمببور‬
‫وكوائن يطول ذكرها‪ ,‬ولو وجدنا ما هو صحيح أو ما يقبباربه‬
‫لجبببببببباز كتببببببببابته وروايتببببببببه‪ ,‬واللببببببببه أعلببببببببم‪.‬‬
‫ثببم قببال تعببالى‪} :‬إن أحسببنتم أحسببنتم لنفسببكم وإن‬
‫أسأتم فلها{ أي فعليها‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬من عمل صالحا ً‬
‫فلنفسببه ومببن أسبباء فعليهببا{‪ .‬وقببوله‪} :‬فببإذا جبباء وعببد‬
‫لخببرة‪ ,‬أي إذا أفسببدتم الكببرة الثانيببة‬ ‫الخرة{ أي الكببرة ا َ‬
‫وجببباء أعبببداؤكم }ليسبببوءوا وجبببوهكم{ أي يهينبببوكم‬
‫ويقهروكم‪} ,‬وليدخلوا المسجد{ أي بيببت المقببدس }كمببا‬
‫دخلوه أول مرة{ أي في الببتي جاسببوا فيهببا خلل الببديار‪,‬‬
‫}وليتبروا{ أي يدمروا ويخربوا }مببا علببوا{ أي مببا ظهببروا‬
‫عليه }تتبببيرا ً * عسببى ربكببم أن يرحمكببم{ أي فيصببرفهم‬
‫عنكببم‪} ,‬وإن عببدتم عببدنا{ أي مببتى عببدتم إلببى الفسبباد‬
‫}عدنا{ إلى الدالة عليكم في الدنيا مع ما ندخره لكم في‬
‫لخرة من العببذاب والنكببال‪ ,‬ولهببذا قببال‪} :‬وجعلنببا جهنببم‬ ‫ا َ‬
‫للكافرين حصيرًا{ أي مسببتقرا ً ومحصببرا ً وسببجنا ً ل محيببد‬
‫لهم عنه‪ .‬قال ابن عباس‪ :‬حصيرا ً أي سجنًا‪ .‬وقال مجاهببد‪:‬‬
‫يحصببرون فيهببا‪ ,‬وكببذا قببال غيببره‪ ,‬وقببال الحسببن‪ :‬فرشبا ً‬
‫ومهادًا‪ .‬وقال قتببادة‪ :‬قببد عبباد بنببو إسببرائيل‪ ,‬فسببلط اللببه‬
‫عليهم هذا الحي محمد صلى اللببه عليببه وسببلم وأصببحابه‪,‬‬
‫يأخبببذون منهبببم الجزيبببة عبببن يبببد وهبببم صببباغرون‪.‬‬

‫َ‬
‫ن‬
‫مِني َ‬ ‫ش بُر ال ْ ُ‬
‫م بؤ ْ ِ‬ ‫م وَي ُب َ ّ‬‫ي أقْوَ ُ‬ ‫دي ل ِل ِّتي هِ َ‬ ‫ذا ال ُْقْرآ َ‬
‫ن ي ِهْ ِ‬ ‫هـ َ‬
‫ن َ‬‫** إ ِ ّ‬
‫َ‬ ‫ال ّذين يعمُلون الصال ِحات أ َن ل َه َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫ن ال ّب ِ‬ ‫جرا ً ك َِبيببرا ً * وأ ّ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ّ َ ِ ّ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ َْ َ‬
‫َ‬
‫ذابا ً أِليمببببا ً‬ ‫َ‬
‫عبببب َ‬‫م َ‬ ‫خَرةِ أعَْتببببد َْنا ل َُهبببب ْ‬‫ن ِبببببال َ ِ‬ ‫مُنببببو َ‬‫ل َ ي ُؤْ ِ‬
‫يمدح تعالى كتابه العزيز الذي أنزله على رسوله محمببد‬
‫صببلى اللببه عليببه وسببلم‪ ,‬وهببو القببرآن بببأنه يهببدي لقببوم‬
‫الطرق وأوضح السبل‪ ,‬ويبشر المؤمنين به الذين يعملببون‬
‫الصببالحات علببى مقتضبباه‪ ,‬أن لهببم أجببرا ً كبببيرًا‪ ,‬أي يببوم‬

‫‪686‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لخرة‪ ,‬أي ويبشر الببذين ل‬ ‫القيامة‪ ,‬وأن الذين ل يؤمنون با َ‬
‫لخرة أن لهم عذابا ً أليمًا‪ ,‬أي يببوم القيامببة‪ ,‬كمببا‬
‫يؤمنون با َ‬
‫قببببببال تعببببببالى‪} :‬فبشببببببرهم بعببببببذاب أليببببببم{‪.‬‬

‫جول ً‬‫ن عَ ُ‬‫سا ُ‬


‫ن ال ِن ْ َ‬
‫كا َ‬ ‫عآَءهُ ِبال ْ َ‬
‫خي ْرِ وَ َ‬ ‫ن ِبال ّ‬
‫شّر د ُ َ‬ ‫سا ُ‬‫** وَي َد ْعُ ال ِن ْ َ‬
‫يخبر تعالى عن عجلة النسان ودعائه في بعببض الحيببان‬
‫على نفسه أو ولببده أو مبباله بالشببر أي بببالموت أو الهلك‬
‫والدمار واللعنة ونحببو ذلببك‪ ,‬فلببو اسببتجاب لببه ربببه لهلببك‬
‫بدعائه‪ ,‬كما قال تعببالى }ولببو يعجببل اللببه للنبباس الشببر{‬
‫لية‪ ,‬وكذا فسره ابن عباس ومجاهببد وقتببادة‪ ,‬وقببد تقببدم‬ ‫ا َ‬
‫في الحديث »ل تدعوا على أنفسكم‪ ,‬ول على أمببوالكم أن‬
‫توافقوا من الله ساعة إجابة يستجيب فيهببا« وإنمببا يحمببل‬
‫ابن آدم على ذلك قلقه وعجلته‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬وكببان‬
‫ل{ وقد ذكر سببلمان الفارسببي وابببن عببباس‬ ‫النسان عجو ً‬
‫م بببالنهوض قائمبا ً قبببل‬ ‫ههنا قصة آدم عليه السلم حين هب ّ‬
‫أن تصل الروح إلى رجليبه‪ ,‬وذلبك أنبه جبباءته النفخببة مببن‬
‫قبل رأسه‪ ,‬فلما وصلت إلى دماغه عطس‪ ,‬فقببال‪ :‬الحمببد‬
‫لله‪ ,‬فقال الله‪ :‬يرحمك ربك يا آدم‪ .‬فلما وصلت إلى عينيه‬
‫فتحهما‪ ,‬فلما سرت إلى أعضائه وجسده‪ ,‬جعل ينظر إليببه‬
‫ويعجبببه‪ ,‬فهببم بببالنهوض قبببل أن تصببل إلببى رجليببه فلببم‬
‫يسبببببتطع‪ ,‬وقبببببال‪ :‬يبببببا رب عجبببببل قببببببل الليبببببل‪.‬‬

‫جعَل ْن َببآ آي َب َ‬
‫ة‬ ‫ل وَ َ‬ ‫ة ال ْل ّي ْ ِ‬‫حوَْنآ آي َ َ‬
‫م َ‬ ‫ن فَ َ‬‫ل َوالن َّهاَر آي َت َي ْ ِ‬ ‫جعَل َْنا ال ْل ّي ْ َ‬‫** وَ َ‬
‫ن‬‫سِني َ‬‫موا ْ عَد َد َ ال ّ‬ ‫م وَل ِت َعْل َ ُ‬
‫من ّرب ّك ُ ْ‬ ‫ضل ً ّ‬ ‫صَرةً ل ِت َب ْت َُغوا ْ فَ ْ‬ ‫مب ْ ِ‬ ‫الن َّهارِ ُ‬
‫صببببببيل ً‬ ‫صببببببل َْناهُ ت َْف ِ‬ ‫يٍء فَ ّ‬ ‫شبببببب ْ‬ ‫ل َ‬ ‫كبببببب ّ‬ ‫ب وَ ُ‬ ‫سببببببا َ‬ ‫ح َ‬ ‫َوال ْ ِ‬
‫يمتن تعالى على خلقببه بآيبباته العظببام‪ ,‬فمنهببا مخببالفته‬
‫بين الليل والنهار ليسكنوا في الليل‪ ,‬وينتشروا فببي النهببار‬
‫للمعببايش والصببنائع‪ ,‬والعمببال والسببفار‪ ,‬وليعلمببوا عببدد‬
‫لجببال‬ ‫اليام والجمع والشهور والعببوام‪ ,‬ويعرفببوا مضببي ا َ‬
‫المضروبة للديون والعبادات والمعاملت والجببارات وغيببر‬
‫ذلببك‪ ,‬ولهببذا قببال‪} :‬لتبتغببوا فضببل ً مببن ربكببم{ أي فببي‬

‫‪687‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫معايشكم وأسفاركم ونحو ذلببك‪} ,‬ولتعلمببوا عببدد السببنين‬
‫والحساب{ فإنه لو كان الزمان كله نسقا ً واحببدا ً وأسببلوبا ً‬
‫متساويا ً لما عرف شيء من ذلك‪ ,‬كما قببال تعببالى‪} :‬قببل‬
‫أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا ً إلى يببوم القيامببة‬
‫من إله غير الله يأتيكم بضياء ؟ أفل تسمعون * قل أرأيتببم‬
‫إن جعل الله عليكم النهار سرمدا ً إلى يوم القيامة من إله‬
‫غير الله يببأتيكم بليببل تسببكنون فيببه أفل تبصببرون * ومببن‬
‫رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسببكنوا فيببه ولتبتغببوا مببن‬
‫فضله ولعلكم تشكرون{ وقال تعالى‪} :‬تبارك الذي جعببل‬
‫في السماء بروجا ً وجعببل فيهببا سببراجا ً وقمببرا ً منيببرا ً وهببو‬
‫الذي جعل الليل والنهببار خلفببة لمببن أراد أن يببذكر أو أراد‬
‫شكورًا{ وقال تعالى‪} :‬وله اختلف الليل والنهببار{ وقببال‪:‬‬
‫ور الليل على النهار ويكببور النهببار علبى الليببل وسببخر‬ ‫}يك ّ‬
‫الشمس والقمر كببل يجببري لجببل مسببمى أل هببو العزيببز‬
‫الغفار{ وقال تعالى‪} :‬فالق الصببباح وجعببل الليببل سببكنا ً‬
‫والشمس والقمر حسبانا ً ذلك تقدير العزيز العليم{ وقببال‬
‫تعالى‪} :‬وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون‬
‫والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم{ ثم‬
‫إنه تعالى جعل لليل آية‪ ,‬أي علمة يعرف بها‪ ,‬وهي الظلم‬
‫وظهببور القمببر فيببه‪ ,‬وللنهببار علمببة وهببي النببور وطلببوع‬
‫الشمس النيرة فيه‪ ,‬وفاوت بين نور القمر وضياء الشمس‬
‫ليعرف هذا مببن هببذا‪ ,‬كمببا قبال تعببالى‪} :‬هببو الببذي جعببل‬
‫دره منببازل لتعلمببوا عببدد‬ ‫الشمس ضببياء والقمببر نببورا ً وقب ّ‬
‫السنين والحساب ما خلق الله ذلك إل بالحق ب إلى قوله ب‬
‫ليات لقوم يتقون{ وقال تعالى‪} :‬يسألونك عن الهلة قل‬ ‫َ‬
‫هبببببببي مبببببببواقيت للنببببببباس والحبببببببج{ ا َ‬
‫ليبببببببة‪.‬‬
‫قال ابن جريج عن عبد الله بن كثير في قوله‪} :‬فمحونببا‬
‫آية الليل وجعلنببا آيببة النهببار مبصببرة{ قببال‪ :‬ظلمببة الليلببة‬
‫وسدف النهار‪ .‬وقال ابن جريج عن مجاهببد‪ :‬الشببمس آيببة‬
‫النهار والقمر آية الليل‪} ,‬فمحونا آية الليل{ قببال‪ :‬السببواد‬
‫الذي في القمر‪ ,‬وكذلك خلقه الله تعالى‪ .‬وقال ابن جريج‪:‬‬
‫قال ابن عباس‪ :‬كان القمر يضببيء كمببا تضببيء الشببمس‪,‬‬

‫‪688‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والقمر آية الليل‪ ,‬والشمس آية النهببار‪ ,‬فمحونببا آيببة الليببل‬
‫السواد الذي في القمر‪ .‬وقد روى أبو جعفر بن جريببر مببن‬
‫طرق متعددة جيبدة أن اببن الكبواء سبأل أميبر المبؤمنين‬
‫علي بببن أبببي طببالب‪ ,‬فقببال‪ :‬يببا أميببر المببؤمنين مببا هببذه‬
‫اللطخة التي في القمر ؟ فقال‪ :‬ويحك أما تقببرأ القببرآن ؟‬
‫فقال‪ :‬فمحونببا آيببة الليببل فهببذه محببوه‪ .‬وقببال قتببادة فببي‬
‫قوله‪} :‬فمحونا آية الليل{ كنببا نحببدث أن محببو آيببة الليببل‬
‫سواد القمر الذي فيه‪ ,‬وجعلنا آية النهار مبصرة أي منيرة‪,‬‬
‫وخلق الشمس أنور مببن القمببر وأعظببم‪ ,‬وقببال ابببن أبببي‬
‫نجيح عن ابن عباس }وجعلنا الليل والنهار آيتين{ قال ليل ً‬
‫ونهببببببارًا‪ ,‬كببببببذلك خلقهمببببببا اللببببببه عببببببز وجببببببل‪.‬‬

‫ل إنسا َ‬
‫م‬ ‫ه ي َبوْ َ‬‫ج ل َب ُ‬ ‫خ برِ ُ‬
‫طآئ َِرهُ فِببي عُن ُِق بهِ وَن ُ ْ‬‫مَناهُ َ‬ ‫ن أل َْز ْ‬
‫** وَك ُ ّ ِ ْ َ ٍ‬
‫ك‬ ‫سب َ‬ ‫ك ك ََفب َ‬
‫ى ب ِن َْف ِ‬ ‫شببورا ً * اقْبَرأ ْ ك ََتاب َب َ‬ ‫مةِ ك َِتابا ً ي َل َْقبباهُ َ‬
‫من ْ ُ‬ ‫ال ِْقَيا َ‬
‫سببببببببببببببببببيبا ً‬ ‫ح ِ‬ ‫ك َ‬ ‫م عَل َْيبببببببببببببببببب َ‬ ‫ال َْيببببببببببببببببببوْ َ‬
‫يقول تعالى بعد ذكر الزمان وذكر ما يقع فيه من أعمببال‬
‫بني آدم‪} :‬وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه{ وطببائره‬
‫هو ما طار عنه من عمله‪ ,‬كمببا قببال ابببن عببباس ومجاهببد‬
‫وغيرهما‪ ,‬من خير وشر ويلببزم بببه ويجببازى عليببه‪} ,‬فمببن‬
‫يعمل مثقال ذرة خيرا ً يره * ومن يعمبل مثقبال ذرة شبرا ً‬
‫يره{ وقال تعالى‪} :‬عن اليمين وعن الشببمال قعيببد * مببا‬
‫يلفظ من قول إل لديه رقيب عتيببد{ وقببال‪} :‬وإن عليكببم‬
‫لحافظين كراما ً كاتبين يعلمون ما تفعلببون{ وقببال‪} :‬إنمببا‬
‫تجزون ما كنتم تعملون{ وقال }من يعمل سوءا ً يجز بببه{‬
‫ليبة‪ ,‬والمقصببود أن عمبل ابببن آدم محفببوظ عليبه قليلبه‬ ‫ا َ‬
‫وكبببثيره‪ ,‬ويكتبببب عليبببه ليل ً ونهبببارًا‪ ,‬صبببباحا ً ومسببباء‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا قتيبة‪ ,‬حدثنا ابن لهيعة عن أبببي‬
‫الزبير عن جابر‪ ,‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫يقول‪» :‬طائر كل إنسان في عنقه« قال ابن لهيعة‪ :‬يعنببي‬
‫الطيرة‪ ,‬وهذا القول من ابن لهيعة في تفسير هذا الحديث‬
‫غريببببببببببببب جببببببببببببدًا‪ ,‬واللببببببببببببه أعلببببببببببببم‪.‬‬

‫‪689‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقوله‪} :‬ونخرج له يوم القيامة كتابا ً يلقبباه منشببورًا{ أي‬
‫نجمع له عمله كله في كتاب يعطاه يوم القيامة إما بيمينه‬
‫إن كببان سببعيدا ً أو بشببماله إن كببان شببقيًا‪ ,‬منشببورا ً أي‬
‫مفتوحا ً يقرؤه هو وغيره فيه جميببع عملببه مببن أول عمببره‬
‫إلى آخره }ينبأ النسان يومئذ بما قدم وأخر * بل النسان‬
‫على نفسه بصيرة * ولو ألقى معاذيره{ ولهذا قال تعالى‪:‬‬
‫}اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا{ أي إنك لببم‬
‫تظلم ولم يكتب عليك إل ما عملت‪ ,‬لنك ذكرت جميببع مببا‬
‫كان منك‪ ,‬ول ينسى أحد شيئا ً مما كان منه‪ ,‬وكل أحد يقرأ‬
‫كتابه من كاتب وأمي‪ .‬وقوله‪} :‬ألزمناه طائره في عنقببه{‬
‫إنما ذكر العنبق لنبه عضبو مبن العضباء ل نظيبر لبه فبي‬
‫الجسد‪ ,‬ومن ألزم بشيء فيه فل محيد له عنببه‪ ,‬كمببا قببال‬
‫الشبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببباعر‪.‬‬
‫اذهبببببب بهبببببا اذهبببببب بهاطوقتهبببببا طبببببوق الحمبببببام‬
‫قال قتادة عن جابر بن عبببد اللببه عببن النبببي صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم أنببه قببال‪» :‬ل عببدوى ول طيببرة‪ ,‬وكببل إنسببان‬
‫ألزمناه طائره في عنقه« كذا رواه ابببن جريببر‪ ,‬وقببد رواه‬
‫ل‪ ,‬فقببال‪ :‬حببدثنا‬‫المام عبببد بببن حميببد فببي مسببنده متص ب ً‬
‫الحسن بن موسى‪ ,‬حدثنا ابن لهيعة عببن أبببي الزبيببر عببن‬
‫جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقببول‬
‫»طيبببببببببر كبببببببببل عببببببببببد فبببببببببي عنقبببببببببه«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حببدثنا علببي بببن إسببحاق‪ ,‬حببدثنا عبببد‬
‫الله‪ ,‬حدثنا ابن ليهعة‪ ,‬حدثني يزيد أن أببا الخيبر حبدثه أنبه‬
‫سمع عقبة بن عببامر رضببي اللببه عنببه‪ ,‬يحببدث عببن النبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬ليس من عمببل يببوم إل وهببو‬
‫يختم عليه فإذا مرض المؤمن قالت الملئكة‪ :‬يا ربنا عبدك‬
‫فلن قد حبسته‪ ,‬فيقول الرب جل جلله‪ :‬اختمبوا لبه علبى‬
‫مثل عمله حتى يبببرأ أو يمببوت« إسببناده جيببد قببوي‪ ,‬ولببم‬
‫يخرجوه‪ .‬وقببال معمببر عببن قتببادة‪} :‬ألزمنبباه طببائره فببي‬
‫عنقه{ قال عمله }ونخرج لببه يببوم القيامببة{ قببال‪ :‬نخببرج‬
‫ذلك العمل }كتابا ً يلقاه منشورًا{ قال معمر‪ ,‬وتل الحسببن‬
‫البصري }عببن اليميببن وعببن الشببمال قعيببد{ يببا ابببن آدم‬

‫‪690‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بسطت لك صحيفتك‪ ,‬ووكل بببك ملكببان كريمببان أحببدهما‬
‫لخببر عببن شببمالك‪ ,‬فأمببا الببذي عببن يمينببك‬ ‫عن يمينببك وا َ‬
‫فيحفظ حسناتك‪ ,‬وأما الذي عن شمالك فيحفببظ سببيئاتك‪,‬‬
‫فاعمببل مببا شببئت أقلببل أو أكببثر حببتى إذا مببت طببويت‬
‫صحيفتك فجعلت في عنقك معك في قبببرك‪ ,‬حببتى تخببرج‬
‫يوم القيامة كتاببا ً تلقبباه منشببورًا‪ ,‬اقببرأ كتابببك ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬فقببد‬
‫عدل والله من جعلك حسيب نفسك‪ ,‬هذا من أحسببن كلم‬
‫الحسببببببببببببببببببن‪ ,‬رحمببببببببببببببببببه اللببببببببببببببببببه‪.‬‬

‫ضب ّ‬
‫ل‬ ‫مببا ي َ ِ‬ ‫ل فَإ ِن ّ َ‬
‫ضب ّ‬ ‫من َ‬ ‫سه ِ و َ َ‬ ‫ن اهْت َد َىَ فَإ ِن ّ َ‬
‫ما ي َهَْتدي ل ِن َْف ِ‬ ‫م ِ‬
‫** ّ‬
‫ُ‬
‫عَل َي َْها وَل َ ت َزُِر َوازَِرةٌ وِْزَر أ ْ‬
‫ث‬ ‫ى ن َب َْعبب َ‬
‫حت ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ك ُّنا ُ‬
‫معَذ ِّبي َ‬ ‫خَرىَ وَ َ‬
‫سببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببول ً‬ ‫َر ُ‬
‫يخبر تعالى أن من اهتدى واتبع الحق‪ ,‬واقتفى أثر النبوة‪,‬‬
‫فإنما يحصل عاقبة ذلك الحميدة لنفسه‪} ,‬ومن ضببل{ أي‬
‫عببن الحببق‪ ,‬وزاغ عببن سبببيل الرشبباد‪ ,‬فإنمببا يجنببي علببى‬
‫نفسه‪ ,‬وإنما يعود وبال ذلك عليه‪ ,‬ثم قال‪} :‬ول تزر وازرة‬
‫وزر أخرى{ أي ل يحمل أحد ذنب أحبد‪ ,‬ول يجنبي جبان إل‬
‫على نفسه‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬وإن تدع مثقلة إلى حملها ل‬
‫يحمببل منببه شببيء{ ول منافبباة بيببن هببذا وبيببن وقببوله‪:‬‬
‫}وليحملن أثقببالهم وأثقببال ً مببع أثقببالهم{‪(,‬وقببوله‪} :‬ومببن‬
‫أوزار الذين يضلونهم بغير علببم{ فببإن الببدعاة عليهببم إثببم‬
‫ضللتهم في أنفسهم‪ ,‬وإثم آخر بسبب ما أضلوا من أضلوا‬
‫من غير أن ينقص من أوزار أولئك‪ ,‬ول يحمل عنهببم شببيئًا‪,‬‬
‫وهذا من عدل الله ورحمته بعباده‪ ,‬وكذا قوله تعالى‪} :‬وما‬
‫ل{ إخبببار عببن عببدله تعببالى‪,‬‬ ‫كنا معذبين حتى نبعببث رسببو ً‬
‫وأنببه ل يعببذب أحببدا ً إل بعببد قيببام الحجببة عليببه بإرسببال‬
‫الرسول إليه‪ ,‬كقوله تعالى‪} :‬كلما ألقي فيها فببوج سببألهم‬
‫خزنتها ألم يأتكم نذير * قالوا بلببى قببد جاءنببا نببذير فكببذبنا‬
‫وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتببم إل فببي ضببلل كبببير{‬
‫وكذا قوله‪} :‬وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمببرا ً حببتى إذا‬
‫جاؤوها فتحت أبوابها وقال لهببم خزنتهببا ألببم يببأتكم رسببل‬

‫‪691‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا‪,‬‬
‫قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين{ وقببال‬
‫تعالى‪} :‬وهم يصطرخون فيها ربنببا أخرجنببا نعمببل صببالحا ً‬
‫غير الذي كنا نعمل‪ ,‬أو لم نعمركم ما يتذكر فيه مببن تببذكر‬
‫وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير{ إلببى غيببر‬
‫ليات الدالة على أن اللببه تعببالى ل يببدخل أحببدا ً‬ ‫ذلك من ا َ‬
‫النار إل بعد إرسال الرسول إليه‪ ,‬ومببن ثببم طعببن جماعببة‬
‫من العلماء في اللفظبة الببتي جبباءت معجمببة فببي صببحيح‬
‫البخبباري عنببد قببوله تعببالى‪} :‬إن رحمببة اللببه قريببب مببن‬
‫المحسببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببنين{‪.‬‬
‫حدثنا عبد الله بن سعد‪ ,‬حببدثنا يعقببوب‪ ,‬حببدثنا أبببي عببن‬
‫صالح بن كيسان عن العرج بإسناده إلببى أبببي هريببرة أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬اختصببمت الجنببة‬
‫والنار« فذكر الحديث إلى أن قال »وأمببا الجنببة فل يظلببم‬
‫الله من خلقه أحدًا‪ ,‬وإنه ينشىء للنار خلقبا ً فيلقبون فيهبا‪,‬‬
‫فتقول هل من مزيد ؟ ثلثًا« وذكر تمام الحديث‪ ,‬فهذا إنما‬
‫جاء في الجنة‪ ,‬لنها دار فضل‪ ,‬وأما النار فإنها دار عببدل ل‬
‫يدخلها أحد إل بعد العببذار إليببه وقيببام الحجببة عليببه‪ .‬وقببد‬
‫تكلم جماعة من الحفاظ في هببذه اللفظببة‪ ,‬وقببالوا‪ :‬لعلببه‬
‫انقلبب علبى الببراوي بببدليل مبا أخرجباه فبي الصببحيحين‪,‬‬
‫واللفظ للبخاري من حببديث عبببد الببرزاق عببن معمببر عببن‬
‫همام عن أبببي هريببرة قبال‪ :‬قببال النبببي صبلى اللبه عليبه‬
‫وسلم‪» :‬تحاجت الجنة والنار« فذكر الحديث إلى أن قال‪:‬‬
‫»فأما النار فل تمتلىء حتى يضع فيها قدمه‪ ,‬فتقببول‪ :‬قببط‬
‫قط‪ ,‬فهناك تمتلىء وينبزوي بعضبها إلبى بعبض‪ .‬ول يظلبم‬
‫اللبه مبن خلقبه أحببدًا‪ ,‬وأمبا الجنبة فبإن اللبه ينشببىء لهببا‬
‫خلقببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببًا«‪.‬‬
‫بقي ههنا مسألة قببد اختلببف الئمببة رحمهببم اللببه تعببالى‬
‫فيها قديما ً وحديثًا‪ ,‬وهي الولدان الببذين مبباتوا وهببم صببغار‬
‫وآببباؤهم كفببار‪ :‬مبباذا حكمهببم ؟ وكببذا المجنببون والصببم‬
‫والشيخ الخرف ومن مات في الفترة ولببم تبلغببه دعببوة ؟‬
‫وقد ورد فببي شببأنهم أحبباديث أنببا أذكرهببا لببك بعببون اللببه‬

‫‪692‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وتوفيقه‪ ,‬ثم نذكر فصل ً ملخصا ً مببن كلم الئمببة فببي ذلببك‬
‫واللبببببببببببببببببببببببببببببه المسبببببببببببببببببببببببببببببتعان‪.‬‬
‫)فالحببديث الول( عببن السببود بببن سببريع‪ .‬قببال المببام‬
‫أحمد‪ :‬حدثنا علي بن عبد الله‪ ,‬حدثنا معاذ بن هشام‪ ,‬حدثنا‬
‫أبي عن قتادة عن الحنف بن قيس‪ .‬عن السود بن سريع‬
‫أن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪» :‬أربعببة‬
‫يحتجون يوم القيامببة‪ :‬رجببل أصببم ل يسببمع شببيئًا‪ ,‬ورجببل‬
‫أحمق‪ ,‬ورجل هرم‪ ,‬ورجببل مببات فببي فببترة‪ ,‬فأمببا الصببم‬
‫فيقول‪ :‬رب قد جاء السلم وما أسمع شيئًا‪ ,‬وأما الحمببق‬
‫فيقول‪ :‬رب قد جبباء السببلم والصبببيان يحببذفوني بببالبعر‪,‬‬
‫وأما الهرم فيقول‪ :‬رب لقد جاء السلم ومببا أعقببل شببيئًا‪,‬‬
‫وأمببا الببذي مببات فببي الفببترة فيقببول‪ :‬رب مببا أتبباني لببك‬
‫رسول‪ .‬فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه‪ ,‬فيرسل إليهم أن ادخلببوا‬
‫النار‪ ,‬فوالذي نفس محمد بيده‪ ,‬لو دخلوهببا لكببانت عليهببم‬
‫بردا ً وسلمًا«‪ .‬وبالسناد عن قتادة عببن الحسببن عببن أبببي‬
‫رافع عن أبي هريرة مثله‪ ,‬غير أنه قال فبي آخبره‪» :‬فمبن‬
‫دخلها كانت عليه بببردا ً وسببلمًا‪ ,‬ومببن لببم يببدخلها يسببحب‬
‫إليها«‪ ,‬وكذا رواه إسحاق بن راهويه عن معاذ بببن هشببام‪,‬‬
‫ورواه البيهقي فببي كتبباب العتقبباد مببن حببديث أحمببد بببن‬
‫إسحاق عن علببي بببن عبببد اللببه المببديني بببه‪ ,‬وقببال‪ :‬هببذا‬
‫إسناد صحيح‪ ,‬وكذا رواه حماد بن سلمة عن علي بببن زيببد‬
‫عن أبي رافع عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم »أربعة كلهم يدلي على الله بحجة« فذكر‬
‫نحوه‪ ,‬ورواه ابن جرير من حديث معمر عن همام عن أبي‬
‫هريرة‪ ,‬فذكره موقوفًا‪ ,‬ثببم قببال أبببو هريببرة‪ :‬فبباقرؤوا إن‬
‫ل{ وكببذا رواه‬ ‫شئتم }ومببا كنببا معببذبين حببتى نبعببث رسببو ً‬
‫معمر عن عبد الله بن طاوس عببن أبيببه عببن أبببي هريببرة‬
‫موقوفببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببًا‪.‬‬
‫)الحببديث الثبباني( عببن أنببس بببن مالببك قببال أبببو داود‬
‫الطيالسي‪ :‬حدثنا الربيع عن يزيد بن أبان قال‪ :‬قلنا لنس‪:‬‬
‫يا أبا حمزة ما تقول في أطفال المشركين ؟ فقببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬لم يكببن لهببم سببيئات‬

‫‪693‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فيعذبوا بها‪ ,‬فيكونوا من أهل النار‪ ,‬ولم يكن لهببم حسببنات‬
‫فيجبببببازوا بهبببببا‪ ,‬فيكونبببببوا مبببببن أهبببببل الجنبببببة«‪.‬‬
‫)الحديث الثالث( عن أنس أيضًا‪ .‬قال الحافظ أبو يعلببى‪:‬‬
‫حدثنا أبو خيثمة‪ ,‬حدثنا جرير عببن ليببث عببن عبببد الببوارث‪,‬‬
‫عن أنس قال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسبلم‬
‫»يؤتى بأربعة يوم القيامة‪ :‬بالمولود‪ ,‬والمعتوه‪ ,‬ومن مببات‬
‫في الفترة‪ ,‬والشببيخ الفبباني الهببرم كلهببم يتكلببم بحجتببه«‬
‫فيقول الرب تبارك وتعالى‪ :‬لعنق مببن النببار ابببرز‪ ,‬ويقببول‬
‫لهم‪ :‬إني كنت أبعث إلى عبادي رسل ً مببن أنفسببهم‪ ,‬وإنببي‬
‫رسول نفسي إليكم ادخلوا هببذه‪ ,‬قببال‪ :‬فيقببول مببن كتببب‬
‫عليه الشقاء‪ :‬يا رب أنى ندخلها ومنها كنا نفر ؟ قال‪ :‬ومن‬
‫كتب عليه السعادة يمضببي فيقتحببم فيهببا مسببرعًا‪ ,‬فقببال‪:‬‬
‫فيقببول اللببه تعببالى‪ :‬أنتببم لرسببلي أشببد تكببذيبا ً ومعصببية‪,‬‬
‫فيدخل هؤلء الجنة وهؤلء النار‪ ,‬وهكببذا رواه الحببافظ أبببو‬
‫بكر البزار عن يوسف بن موسى عن جرير بن عبد الحميد‬
‫بإسبببببببببببببببببببببببببببببببناده مثلبببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫)الحديث الرابع( عن البراء بببن عببازب رضببي اللببه عنببه‪.‬‬
‫قال الحافظ أبو يعلى الموصلي فبي مسبنده أيضبًا‪ :‬حبدثنا‬
‫قاسم بن أبي شيبة‪ ,‬حدثنا عبببد اللببه يعنببي ابببن داود عببن‬
‫عمر بن ذر عن يزيد بن أمية‪ ,‬عن البراء قال‪ :‬سئل رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم عببن أطفببال المسببلمين‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫»هم مع آبائهم« وسئل عن أولد المشركين‪ ,‬فقببال‪» :‬هببم‬
‫مع آبائهم« فقيل‪ :‬يا رسول الله ما يعملون ؟ قببال‪» :‬اللببه‬
‫أعلم بهم« ورواه عمر بن ذر عن يزيد بن أمية عببن رجببل‬
‫عببببببببن البببببببببراء عببببببببن عائشببببببببة‪ ,‬فببببببببذكره‪.‬‬
‫)الحديث الخامس( عن ثوبان‪ .‬قال الحافظ أبو بكر أحمد‬
‫بن عمرو بن عبد الخالق البزار في مسنده‪ :‬حدثنا إبراهيبم‬
‫بن سعيد الجوهري‪ ,‬حدثنا ريحان بن سعيد‪ ,‬حدثنا عباد بببن‬
‫منصور عن أيوب‪ ,‬عببن أبببي قلبببة عببن أبببي أسببماء‪ ,‬عببن‬
‫ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم عظم شأن المسببألة‬
‫قال »إذا كببان يببوم القيامببة جبباء أهببل الجبباهلين يحملببون‬
‫أوزارهم على ظهورهم‪ ,‬فيسأهلم ربهم‪ ,‬فيقولون‪ :‬ربنا لببم‬

‫‪694‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ل‪ ,‬ولببم ياتنببا لبك أمببر‪ ,‬ولببو أرسبلت إلينببا‬ ‫ترسل إلينا رسو ً‬
‫رسول ً لكنببا أطببوع عبببادك‪ ,‬فيقببول لهببم ربهببم‪ :‬أرأيتببم إن‬
‫أمرتكببم بببأمر تطيعببوني ؟ فيقولببون‪ :‬نعببم‪ ,‬فيببأمرهم أن‬
‫يعمدوا إلى جهنم فيدخلوها‪ ,‬فينطلقون حتى إذا دنببوا منهببا‬
‫وجدوا لها تغيظا ً وزفيرًا‪ ,‬فرجعوا إلى ربهم‪ ,‬فيقولون‪ :‬ربنببا‬
‫أخرجنا أو أجرنبا منهبا‪ ,‬فيقبول لهبم‪ :‬ألبم تزعمبوا أنبي إن‬
‫أمرتكم بأمر تطيعوني فيأخذ على ذلك مواثيقهم‪ ,‬فيقببول‪:‬‬
‫اعمدوا إليها فادخلوهبا‪ ,‬فينطلقببون حببتى إذا رأوهبا فرقببوا‬
‫منهببا ورجعببوا وقببالوا‪ :‬ربنببا فرقنببا منهببا ول نسببتطيع أن‬
‫ندخلها‪ ,‬فيقول‪ :‬ادخلوها داخريببن »فقببال نبببي اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬لو دخلوها أول مرة كببانت عليهببم بببردا ً‬
‫وسلمًا« ثم قال البزار‪ :‬ومتن هذا الحديث غير معروف إل‬
‫من هذا الوجه‪ ,‬لم يروه عن أيوب إل عباد‪ ,‬ول عن عباد إل‬
‫ريحان بن سعيد‪ ,‬قلت‪ :‬وقببد ذكببره ابببن حيببان فببي ثقبباته‪,‬‬
‫وقال يحيى بن معين والنسائي‪ :‬ل بأس به‪ ,‬ولم يرضه أبببو‬
‫داود‪ ,‬وقال أبو حاتم‪ :‬شيخ ل بأس به يكتب حديثه ول يحتج‬
‫ببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫)الحديث السادس( عن أبببي سببعيد سببعد بببن مالببك بببن‬
‫سنان الخدري‪ .‬قال المام محمد بن يحيى الببذهلي‪ :‬حببدثنا‬
‫سعيد بن سليمان عن فضيل بن مرزوق عببن عطيببة‪ ,‬عببن‬
‫أبي سعيد قال‪ :‬قال رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم‪:‬‬
‫»الهالك في الفترة والمعتوه والمولود‪ ,‬يقببول الهالببك فببي‬
‫الفترة‪ :‬لم يأتني كتاب‪ ,‬ويقول المعتوه‪ :‬رب لم تجعل لببي‬
‫عقل ً أعقل به خيرا ً ول شرًا‪ ,‬ويقول المولود‪ :‬رب لم أدرك‬
‫العقل‪ ,‬فترفع لهم نار‪ ,‬فيقال لهم‪ :‬ردوها‪ ,‬قال‪ :‬فيردها من‬
‫كان في علم الله سببعيدا ً لببو أدرك العمببل‪ ,‬ويمسببك عنهببا‬
‫من كان في علم الله شقيا ً لو أدرك العمل‪ ,‬فيقببول‪ :‬إيبباي‬
‫عصيتم‪ ,‬فكيف لو أن رسلي أتتكببم ؟!« وكببذا رواه البببزار‬
‫عن محمد بن عمر بببن هيبباج الكببوفي عببن عبيببد اللببه بببن‬
‫موسى عن فضيل بن مرزوق به‪ ,‬ثببم قببال‪ :‬ل يعببرف مببن‬
‫حديث أبي سعيد إل من طريقه عن عطية عنه‪ ,‬وقال فببي‬

‫‪695‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫آخبببره »فيقبببول اللبببه إيببباي عصبببيتم‪ ,‬فكيبببف برسبببلي‬
‫بببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببالغيب ؟«‪.‬‬
‫)الحديث السابع( عن معاذ بن جبل رضي الله عنببه قببال‬
‫هشام بن عمار ومحمد بن المبارك الصوري‪ :‬حدثنا عمببرو‬
‫بن واقد عن يونس بن حلبس عن أببي إدريبس الخبولني‪,‬‬
‫عن معاذ بن جبل عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫»يؤتى يوم القيامة بالممسببوخ عقل ً وبالهالببك فببي الفببترة‬
‫وبالهالك صغيرًا‪ ,‬فيقول الممسوخ‪ :‬يا رب لببو آتيتنببي عقل ً‬
‫ما كان من آتيته عقل ً بأسعد مني« وذكر فببي الهالببك فببي‬
‫الفترة والصغير نحو ذلبك »فيقببول الببرب عببز وجببل‪ :‬إنببي‬
‫آمركم بأمر فتطيعبوني ؟ فيقولبون‪ :‬نعبم‪ ,‬فيقبول‪ :‬اذهببوا‬
‫فادخلوا النار‪ ,‬قال‪ :‬ولو دخلوها ما ضرتهم‪ ,‬فتخببرج عليهببم‬
‫قوابض فيظنون أنها قد أهلكبت مبا خلبق اللبه مبن شبيء‬
‫فيرجعببون سببراعًا‪ ,‬ثببم يببأمرهم ثانيببة‪ ,‬فيرجعببون كببذلك‪,‬‬
‫فيقول الرب عز وجببل‪ :‬قبببل أن أخلقكببم علمببت مببا أنتببم‬
‫عبباملون‪ ,‬وعلببى علمببي خلقتكببم‪ ,‬وإلببى علمببي تصببيرون‪,‬‬
‫ضبببببببببببببببميهم‪ ,‬فتأخبببببببببببببببذهم النبببببببببببببببار«‪.‬‬
‫)الحبديث الثبامن( عبن أببي هريبرة رضبي اللبه عنبه أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬كببل مولببود يولببد‬
‫على الفطرة‪ ,‬فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه‪ ,‬كمببا‬
‫تنتج البهيمة جمعاء‪ ,‬هل تحسون فيها من جدعاء ؟« وفببي‬
‫رواية قالوا‪ :‬يارسببول اللببه‪ ,‬أفرأيببت مببن يمببوت صببغيرا ً ؟‬
‫قال‪» :‬الله أعلم بما كانوا عبباملين«‪ .‬وقببال المببام أحمببد‪:‬‬
‫حدثنا موسى بن داود‪ ,‬حدثنا عبببد الرحمببن بببن ثببابت عببن‬
‫عطاء بن قرة عن عبد اللببه بببن ضببمرة‪ ,‬عببن أبببي هريببرة‬
‫رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما أعلببم‬
‫ب شك موسى ب قال‪» :‬ذراري المسلمين في الجنة يكفلهم‬
‫إبراهيم عليه السلم« وفي صحيح مسلم عببن عيبباض بببن‬
‫حمار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عببن اللببه عببز‬
‫وجل أنه قببال »إنببي خلقببت عبببادي حنفبباء«‪ ,‬وفببي روايببة‬
‫لغيبببببببببببببببببببببببببببره »مسبببببببببببببببببببببببببببلمين«‪.‬‬

‫‪696‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫)الحببديث التاسببع( عببن سببمرة رضببي اللببه عنببه‪ .‬رواه‬
‫الحببافظ أبببو بكببر البرقبباني فببي كتببابه المسببتخرج علببى‬
‫البخبباري مببن حببديث عببوف العرابببي‪ .‬عببن أبببي رجبباء‬
‫العطاردي عن سمرة رضي الله عنه‪ ,‬عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم قال‪» :‬كل مولود يولد علببى الفطببرة« فنبباداه‬
‫الناس‪ :‬يببا رسببول اللببه وأولد المشببركين ؟ قببال‪» :‬وأولد‬
‫المشركين«‪ .‬وقال الطبراني‪ :‬حببدثنا عبببد اللببه بببن أحمببد‪,‬‬
‫حدثنا عقبة بن مكرم الضبي عن عيسى بببن شببعيب‪ ,‬عببن‬
‫عباد بن منصور عببن أبببي رجبباء‪ ,‬عببن سببمرة قببال‪ :‬سببألنا‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أطفال المشببركين‪,‬‬
‫فقببببببببال‪» :‬هببببببببم خببببببببدم أهببببببببل الجنببببببببة«‪.‬‬
‫)الحديث العاشر( عن عم حسناء قال أحمد‪ :‬حببدثنا روح‪,‬‬
‫حدثنا عوف عن حسناء بنت معاوية‪ ,‬من بني صريم قالت‪:‬‬
‫حدثني عمي قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسببول اللببه مببن فببي الجنببة ؟‬
‫قال »النبي في الجنة‪ ,‬والشهيد في الجنببة‪ ,‬والمولببود فببي‬
‫الجنة‪ ,‬والوئيد في الجنببة«‪ .‬فمببن العلمبباء مببن ذهببب إلببى‬
‫الوقوف فيهم لهذا الحديث‪ ,‬ومنهم مببن جببزم لهببم بالجنببة‬
‫لحديث سمرة بببن جنببدب فببي صببحيح البخبباري أنببه عليببه‬
‫الصلة والسلم قال في جملة ذلك المنام حيببن مببر علببى‬
‫ذلك الشيخ تحت الشجرة وحوله ولدان‪ ,‬فقال لببه جبريببل‪:‬‬
‫هذا إبراهيم عليببه السببلم‪ ,‬وهببؤلء أولد المسببلمين وأولد‬
‫المشركين‪ ,‬قالوا‪ :‬يا رسول الله وأولد المشركين ؟ قببال‪:‬‬
‫»نعم وأولد المشركين« ومنهم من جزم لهم بالنار لقببوله‬
‫عليه السلم‪» :‬هم مع آبائهم« ومنهم من ذهب إلببى أّنهببم‬
‫)يمتحنون يوم القيامة فببي العرصببات(‪ ,‬فمببن أطبباع دخببل‬
‫الجنة وانكشببف علببى اللببه فيهببم بسببابق السببعادة‪ ,‬ومببن‬
‫عصى دخببل النببار داخببرا ً وانكشببف علببم اللببه بببه بسببابق‬
‫الشقاوة وهذا القول يجمع بين الدلة كلها‪ ,‬وقد صرحت به‬
‫الحاديث المتقدمة المتعاضدة الشاهد بعضها لبعض‪ ,‬وهببذا‬
‫القول هو الذي حكاه الشيخ أبو الحسن علي بن إسماعيل‬
‫الشببعري عببن أهببل السببنة والجماعببة‪ ,‬وهببو الببذي نصببره‬
‫الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب العتقبباد‪ ,‬وكببذلك غيببره‬

‫‪697‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من محققي العلماء والحفاظ والنقاد‪ .‬وقد ذكره الشيخ أبو‬
‫عمببر بببن عبببد البببر النمببري بعببد مببا تقببدم مببن أحبباديث‬
‫المتحان‪ ,‬ثم قببال‪ :‬وأحبباديث هببذا الببباب ليسببت قويببة ول‬
‫لخرة دار جببزاء‬ ‫تقوم بها حجة‪ ,‬وأهل العلم ينكرونها‪ ,‬لن ا َ‬
‫وليست بدار عمببل ول ابتلء‪ ,‬فكيببف يكلفببون دخببول النببار‬
‫وليس ذلك في وسع المخلببوقين واللببه ل يكلببف نفس با ً إل‬
‫وسببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببعها ؟‪.‬‬
‫)والجواب( عما قال أن أحاديث هببذا الببباب منهببا مبا هبو‬
‫صحيح كما قد نص على ذلك كثير من أئمة العلماء‪ ,‬ومنهببا‬
‫مببا هببو حسببن ومنهببا مببا هببو ضببعيف يتقببوى بالصببحيح‬
‫والحسبببن‪ ,‬وإذا كبببانت أحببباديث البببباب الواحبببد متصبببلة‬
‫متعاضدة على هذا النمط‪ ,‬أفادت الحجة عند الناظر فيهببا‪.‬‬
‫لخببرة دار جببزاء‪ ,‬فل شببك أنهببا دار‬ ‫وأمببا قببوله إن الببدار ا َ‬
‫جزاء‪ ,‬ول ينافي التكليف في عرصاتها قبل دخول الجنة أو‬
‫النار‪ ,‬كما حكاه الشيخ أبو الحسببن الشببعري عببن مببذهب‬
‫أهل السنة والجماعة من امتحان الطفال وقد قال تعالى‪:‬‬
‫}يببوم يكشببف عببن سبباق ويببدعون إلببى السببجود{ ا َ‬
‫ليببة‪,‬‬
‫وقد ثبت في الصحاح وغيرها أن المؤمنين يسجدون للببه‬
‫يوم القيامة‪ ,‬وأن المنببافق ل يسببتطيع ذلببك ويعببود ظهببره‬
‫كالصببفيحة الواحببدة طبق با ً واحببدا ً كلمببا أراد السببجود خ بّر‬
‫لقفاه‪ .‬وفي الصحيحين في الرجل الببذي يكببون آخببر أهببل‬
‫النببار خروجبا ً منهببا‪ ,‬أن اللببه يأخببذ عهببوده ومببواثيقه أن ل‬
‫يسأل غيببر مببا هببو فيببه‪ ,‬ويتكببرر ذلببك مببرارا ً ويقببول اللببه‬
‫تعالى‪ :‬يا ابن آدم ما أغدرك‪ ,‬ثم يأذن له في دخول الجنببة‪,‬‬
‫وأما قوله‪ :‬فكيف يكلفهم الله دخول النار وليس ذلك فببي‬
‫وسعهم‪ ,‬فليس هذا بمببانع مببن صببحة الحببديث‪ ,‬فببإن اللببه‬
‫يأمر العباد يوم القيامة بالجواز على الصراط‪ ,‬وهببو جسببر‬
‫علببى جهنببم أح بد ّ مببن السببيف وأدق مببن الشببعرة‪ ,‬ويمببر‬
‫المؤمنون عليه بحسب أعمالهم كالبرق وكالريح وكأجاويببد‬
‫الخيل والركاب‪ ,‬ومنهببم السبباعي ومنهببم الماشببي ومنهببم‬
‫من يحبو حبببوا ً ومنهببم المكببدوش علببى وجهببه فببي النببار‪,‬‬

‫‪698‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وليس مبا ورد فبي أولئك ببأعظم مبن هبذا ببل هبذا أطبم‬
‫وأعظببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫وأيضا ً فقد أثبتت السنة بأن الدجال يكون معه جنة ونببار‪,‬‬
‫وقببد أمببر الشببارع المببؤمنين الببذين يببدركونه أن يشببرب‬
‫أحببدهم مببن الببذي يببرى أنببه نببار‪ ,‬فببإنه يكببون عليببه بببردا ً‬
‫وسلمًا‪ ,‬فهذا نظير ذاك‪ ,‬وأيضا ً فإن اللببه تعببالى أمببر بنببي‬
‫إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم فقتل بعضهم بعضا ً حتى قتلببوا‬
‫فيما قيل في غداة واحدة سبعين ألفبًا‪ ,‬يقتببل الرجببل أببباه‬
‫وأخاه‪ ,‬وهم في عماية غمامة أرسببلها اللببه عليهببم‪ ,‬وذلببك‬
‫عقوبة لهم على عبببادتهم العجببل‪ ,‬وهببذا أيضبا ً شبباق علببى‬
‫النفوس جببدا ً ل يتقاصببر عمببا ورد فببي الحببديث المببذكور‪,‬‬
‫واللببببببببببببببببببببببببببببببببه أعلببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫)فصببل( إذا تقببرر هببذا فقببد اختلببف النبباس فببي ولببدان‬
‫المشركين على أقوال )أحدها( أنهم فببي الجنببة‪ .‬واحتجببوا‬
‫بحببديث سببمرة أنببه عليببه السببلم رأى مببع إبراهيببم عليببه‬
‫السلم أولد المسلمين وأولد المشركين‪ ,‬وبما تقببدم فببي‬
‫رواية أحمد عن حسناء عن عمها أن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم قببال‪» :‬والمولببود فببي الجنببة« وهببذا اسببتدلل‬
‫صحيح‪ ,‬ولكن أحاديث المتحان أخص منه‪ .‬فمن علببم اللببه‬
‫منه أنه يطيع جعل روحببه فببي البببرزخ مببع إبراهيببم وأولد‬
‫المسلمين الذين ماتوا على الفطرة‪ ,‬ومن علم منببه أنببه ل‬
‫يجيب‪ ,‬فأمره إلى الله تعالى يوم القيامة يكون فببي النببار‪,‬‬
‫كما دلت عليه أحاديث المتحان‪ ,‬ونقله الشعري عن أهببل‬
‫السنة‪ ,‬ثم إن هؤلء القببائلين بببأنهم فببي الجنببة منهببم مببن‬
‫جعلهم مستقلين فيها‪ ,‬ومنهم من جعلهم خببدما ً لهببم‪ ,‬كمببا‬
‫جبباء فببي حببديث علببي بببن زيببد عببن أنببس عنببد أبببي داود‬
‫الطيالسبببببببي وهبببببببو ضبببببببعيف‪ ,‬واللبببببببه أعلبببببببم‪.‬‬
‫)والقول الثاني( أنهم مع آبائهم في النار‪ .‬واسببتدل عليببه‬
‫بما رواه المام أحمد بببن حنبببل عببن أبببي المغيببرة‪ ,‬حببدثنا‬
‫عتبة بن ضمرة بن حبيب‪ ,‬حدثني عبد الله بببن أبببي قيببس‬
‫مولى غطيف أنه أتى عائشببة فسببألها عببن ذراري الكفببار‪,‬‬
‫فقال‪ :‬قال رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬هببم تبببع‬

‫‪699‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لبائهم« فقلببت‪ :‬يارسببول اللببه بل أعمببال ؟ فقببال‪» :‬اللببه‬ ‫َ‬
‫أعلم بما كانوا عاملين« وأخرجه أبو داود من حديث محمد‬
‫بن حرب عن محمد بن زياد اللهاني‪ ,‬سمعت عبد الله بببن‬
‫أبي قيس‪ ,‬سمعت عائشة تقول‪ :‬سألت رسول الله صببلى‬
‫اللببه عليببه وسببلم عببن ذراري المببؤمنين‪ ,‬قببال‪» :‬هببم مببع‬
‫آبائهم« قلت‪ :‬فذراري المشركين ؟ قال‪» :‬هم مع آبائهم«‬
‫فقلت بل عمببل ؟ قببال‪» :‬اللببه أعلببم بمببا كببانوا عبباملين«‬
‫ورواه أحمببد أيض با ً عببن وكيببع عببن أبببي عقيببل يحيببى بببن‬
‫المتوكل وهببو مببتروك عببن مببولته بهيببة عببن عائشببة أنهببا‬
‫ذكرت أطفبال المشبركين لرسبول اللبه صبلى اللبه عليبه‬
‫وسلم فقبال‪» :‬إن شببئت أسبمعتك تضباغيهم فبي النببار«‪.‬‬
‫وروى عبد الله بن المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا عثمببان بببن أبببي‬
‫شيبة عن محمببد بببن فضببيل بببن غببزوان‪ ,‬عببن محمببد بببن‬
‫عثمان عن زاذان عن علي رضببي اللببه عنببه قببال‪ :‬سببألت‬
‫خديجة رسول الله صلى الله عليه وسببلم عببن ولببدين لهببا‬
‫ماتا في الجاهلية‪ ,‬فقال‪» :‬هما في النار« قببال‪ :‬فلمببا رأى‬
‫الكراهيببة فببي وجههببا فقببال لهببا‪» :‬لببو رأيببت مكانهمببا‬
‫لبغضببتهما« قببال‪ :‬فولببدي منببك ؟ قببال‪» :‬إن المببؤمنين‬
‫وأولدهم في الجنة‪ ,‬وإن المشركين وأولدهم فببي النببار ب ب‬
‫ثم قرأ ب }والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهببم‬
‫ذريتهم{ وهذا حديث غريب‪ ,‬فببإن فببي إسببناده محمببد بببن‬
‫عثمان مجهول الحال‪ ,‬وشيخه زاذان لم يدرك علي بًا‪ ,‬واللببه‬
‫أعلبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫وروى أبو داود من حديث ابببن أبببي زائدة عببن أبيببه عببن‬
‫الشعبي قال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪:‬‬
‫»الوائدة والموؤودة في النار« ثم قال الشعبي‪ :‬حدثني به‬
‫علقمة عن أبي وائل عن ابببن مسببعود‪ ,‬وقببد رواه جماعببة‬
‫عن داود بن أبي هند‪ ,‬عن الشعبي عن علقمة عببن سببلمة‬
‫بن قيس الشجعي قال‪ :‬أتيت أنا وأخببي النبببي صببلى اللببه‬
‫عليه وسببلم فقلنببا‪ :‬إن أمنببا مبباتت فببي الجاهليببة‪ ,‬وكببانت‬
‫تقببري الضببيف‪ ,‬وتصببل الرحببم‪ ,‬وإنهببا وأدت أختبا ً لنببا فببي‬
‫الجاهلية لم تبلبغ الحنبث‪ .‬فقبال‪» :‬البوائدة المبوؤودة فبي‬

‫‪700‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫النار إل أن تببدرك الببوائدة السببلم فتسببلم« وهببذا إسببناد‬
‫حسببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببن‪.‬‬
‫)والقببول الثببالث( التوقببف فيهببم‪ .‬واعتمببدوا علببى قببوله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬الله أعلم بما كانوا عاملين« وهببو‬
‫في الصحيحين من حديث جعفر بن أبي إيبباس عببن سببعيد‬
‫بن جبير‪ ,‬عن ابن عباس سئل رسول الله صلى الله عليببه‬
‫وسلم عن أولد المشببركين‪ ,‬قببال‪» :‬اللببه أعلببم بمببا كببانوا‬
‫عاملين« وكذلك هو فببي الصببحيحين مببن حببديث الزهببري‬
‫عن عطاء بن يزيد‪ ,‬وعن أبي سلمة عن أبببي هريببرة‪ ,‬عببن‬
‫النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم أنببه سببئل عببن أطفببال‬
‫المشركين‪ ,‬فقال‪» :‬الله أعلم بمبا كبانوا عباملين« ومنهببم‬
‫من جعلهم من أهل العراف‪ ,‬وهذا القول يرجع إلببى قببول‬
‫من ذهب إلى أنهم من أهل الجنة‪ ,‬لن العبراف ليبس دار‬
‫قرار ومآل أهلها الجنة‪ ,‬كما تقدم تقريببر ذلببك فببي سببورة‬
‫العبببببببببببببببببراف‪ ,‬واللبببببببببببببببببه أعلبببببببببببببببببم‪.‬‬
‫)فصبببل( وليعلبببم أن هبببذا الخلف مخصبببوص بأطفبببال‬
‫المشركين‪ ,‬فأما ولببدان المببؤمنين فل خلف بيببن العلمبباء‬
‫كما حكاه القاضي أبو يعلى بن الفراء الحنبلي عببن المببام‬
‫أحمد أنه قال‪ :‬ل يختلف فيهم أنهم من أهببل الجنببة‪ ,‬وهببذا‬
‫هو المشهور بين الناس‪ ,‬وهو الذي نقطع به إن شبباء اللببه‬
‫عز وجل‪ ,‬فأما ما ذكره الشيخ أبو عمر بببن عبببد البببر عببن‬
‫بعض العلماء أنهم توقفوا في ذلك وأن الولدان كلهم تحت‬
‫المشيئة‪ ,‬قال أبو عمر‪ :‬ذهب إلى هذا القببول جماعببة مببن‬
‫أهل الفقه والحديث‪ ,‬منهم حماد بن زيد وحماد بببن سببلمة‬
‫وابن المبارك وإسببحاق بببن راهببويه وغيرهببم‪ ,‬قببالوا‪ :‬وهببو‬
‫يشبه ما رسم مالك فببي مببوطئه فببي أبببواب القببدر‪ ,‬ومببا‬
‫أورده من الحاديث في ذلببك‪ ,‬وعلببى ذلببك أكببثر أصببحابه‪,‬‬
‫وليس عن مالك فيه شيء منصوص إل أن المتأخرين مببن‬
‫أصحابه ذهبوا إلى أن أطفال المسلمين في الجنة وأطفال‬
‫المشركين خاصة في المشيئة‪ ,‬انتهى كلمببه‪ ,‬وهببو غريببب‬
‫جدًا‪ ,‬وقد ذكر أبو عبد اللببه القرطبببي فببي كتبباب التببذكرة‬
‫نحبببببببببو ذلبببببببببك أيضبببببببببًا‪ ,‬واللبببببببببه أعلبببببببببم‪.‬‬

‫‪701‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقد ذكروا في ذلك أيضا ً حديث عائشة بنببت طلحببة عببن‬
‫عائشة أم المؤمنين قببالت‪ :‬دعببي النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم إلى جنازة صبي من النصار‪ ,‬فقلت‪ :‬يا رسببول اللببه‬
‫طوبى له عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء ولببم‬
‫يدركه‪ ,‬فقال‪» :‬أو غير ذلك يا عائشة‪ ,‬إن الله خلببق الجنببة‬
‫وخلق لها أهل ً وهم في أصلب آبائهم‪ .‬وخلببق النببار وخلببق‬
‫لها أهل ً وهم في أصلب آبائهم« رواه مسببلم وأحمببد وأبببو‬
‫داود والنسبببببببببببببببائي واببببببببببببببببن مببببببببببببببباجه‪.‬‬
‫ولمببا كببان الكلم فببي هببذه المسببألة يحتبباج إلببى دلئل‬
‫صببحيحة جيببدة وقببد يتكلببم فيهببا مببن ل علببم عنببده عببن‬
‫الشارع‪ ,‬كره جماعببة مببن العلمبباء الكلم فيهببا‪ ,‬روي ذلببك‬
‫عن ابن عباس والقاسم بن محمببد بببن أبببي بكببر الصببديق‬
‫ومحمد بن الحنفية وغيرهم‪ ,‬وأخرج ابن حبان في صببحيحه‬
‫عن جرير بن حازم‪ :‬سمعت أبا رجبباء العطبباردي‪ ,‬سببمعت‬
‫ابن عباس رضي الله عنهما وهو على المنبببر يقببول‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ل يزال أمر هذه المة‬
‫مواتيا ً أو مقاربا ً ما لم يتكلموا في الوالببدان والقببدر« قببال‬
‫ابن حبان‪ :‬يعني أطفال المشببركين‪ ,‬وهكببذا رواه أبببو بكببر‬
‫البببزار مببن طريببق جريببر بببن حببازم‪ ,‬ثببم قببال‪ :‬وقببد رواه‬
‫جماعبببة عبببن أببببي رجببباء عبببن اببببن عبببباس موقوفبببًا‪.‬‬

‫سبُقوا ْ ِفيهَببا‬ ‫ك قَريب ً َ‬ ‫َ‬ ‫** وإ َ َ‬


‫مت َْرِفيهَببا فََف َ‬ ‫مْرن َببا ُ‬‫ةأ َ‬ ‫ذآ أَرد َْنآ أن ن ّهْل ِ َ ْ َ‬‫َِ‬
‫ميرا ً‬ ‫ها ت َبببببببد ْ ِ‬ ‫ل فَبببببببد َ ّ‬
‫مْرَنا َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫فَ َ‬
‫حبببببببقّ عَلي ْهَبببببببا الَقبببببببوْ ُ‬
‫اختلببف القببراء فببي قببراءة قببوله }أمرنببا{ فالمشببهور‬
‫قراءة التخفيف‪ ,‬واختلف المفسرون فيهببا معناهببا‪ ,‬فقيببل‪:‬‬
‫معناهببا أمرنببا مترفيهببا ففسببقوا فيهببا أمببرا ً قببدريًا‪ ,‬كقببوله‬
‫تعببالى‪} :‬أتاهببا أمرنببا ليل ً أو نهببارًا{ فببإن اللببه ل يببأمر‬
‫بالفحشاء‪ ,‬قالوا‪ :‬معناه أنه سخرهم إلببى فعببل الفببواحش‪,‬‬
‫فاستحقوا العذاب‪ ,‬وقيل‪ :‬معناه أمرناهم بالطاعات ففعلوا‬
‫الفواحش‪ ,‬فاسببتحقوا العقوببة‪ ,‬رواه ابببن جريببج عببن ابببن‬
‫عباس‪ ,‬وقاله سعيد بن جبير أيضًا‪ .‬وقال ابن جرير‪ :‬يحتمل‬

‫‪702‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أن يكون معناه جعلناهم أمراء‪ ,‬قلت إنما يجيء هببذا علببى‬
‫مرنا مترفيها{‪ ,‬قال علي بن طلحببة عببن‬ ‫قراءة من قرأ }أ ّ‬
‫ابن عباس قوله‪} :‬أمرنببا مترفيهببا ففسببقوا فيهببا{ يقببول‪:‬‬
‫سلطنا أشرارها فعصوا فيها‪ ,‬فإذا فعلوا ذلك أهلكهببم اللببه‬
‫بالعذاب‪ ,‬وهو قوله‪} :‬وكببذلك جعلنببا فببي كببل قريببة أكبابر‬
‫لية‪ ,‬وكذا قال أبو العالية ومجاهببد والربيببع بببن‬ ‫مجرميها{ ا َ‬
‫أنببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببس‪.‬‬
‫وقال العوفي عن ابن عباس }وإذا أردنببا أن نهلببك قريببة‬
‫أمرنا مترفيها ففسقوا فيها{ يقببول‪ ,‬أكثرنببا عببددهم‪ ,‬وكببذا‬
‫قال عكرمة والحسن والضحاك وقتادة‪ .‬وعببن مالببك‪ ,‬عببن‬
‫الزهري }أمرنببا مترفيهببا{ أكثرنببا‪ ,‬وقببد استشببهد بعضببهم‬
‫بالحديث الذي رواه المام أحمد‪ ,‬حيث قال‪ :‬حدثنا روح بن‬
‫عبادة‪ ,‬حدثنا أبو نعيم العدوي عببن مسببلم بببن بببديل‪ ,‬عببن‬
‫إياس بن زهير‪ ,‬عن سويد بن هبيرة‪ ,‬عن النبي صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم قال »خير مال امرىببء لببه مهببرة مببأمورة‪ ,‬أو‬
‫سكة مأبورة« قال المام أبو عبيد القاسم بن سلم رحمه‬
‫الله في كتابه الغريب‪» :‬المأمورة كثيرة النسببل‪ ,‬والسببكة‬
‫الطريقببة المصببطفة مببن النخببل‪ ,‬والمببأبورة مببن التببأبير«‬
‫وقال بعضهم‪ :‬إنما جاء هذا متناسبا ً كقوله »مأزورات غيببر‬
‫مبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببأجورات«‪.‬‬

‫** وك َ َ‬
‫ب‬ ‫ح وَك ََف َ‬
‫ى ب َِرب ّ َ‬
‫ك ب ِذ ُُنو ِ‬ ‫من ب َعْدِ ُنو ٍ‬‫ن ِ‬‫ن ال ُْقُرو ِ‬ ‫م أهْل َك َْنا ِ‬
‫م َ‬ ‫َ ْ‬
‫صببببببببببببببببببيرا ً‬ ‫خِبيببببببببببببببببببَرا ً ب َ ِ‬
‫عَبببببببببببببببببببادِهِ َ‬
‫ِ‬
‫يقببول تعببالى منببذرا ً كفببار قريببش فببي تكببذيبهم رسببوله‬
‫محمدا ً صلى الله عليه وسلم‪ ,‬بأنه قد أهلك من المكببذبين‬
‫للرسل من بعد نوح‪ ,‬ودل هذا على أن القرون التي كببانت‬
‫بين آدم ونوح على السلم كما قال ابن عباس‪ :‬كببان بيببن‬
‫آدم ونوح عشرة قرون كلهم على السببلم‪ ,‬ومعنبباه أنكببم‬
‫ذبتم‬ ‫أيها المكببذبون لسببتم أكببرم علببى اللببه منهببم وقببد كب ّ‬
‫أشرف الرسل وأكببرم الخلئق‪ ,‬فعقببوبتكم أولببى وأحببرى‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وكفى بربك بذنوب عببباده خبببيرا ً بصببيرًا{ أي هببو‬

‫‪703‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عالم بجميع أعمالهم‪ :‬خيرهببا وشببرها ل يخفببى عليببه منهببا‬
‫خافيبببببببببببببببببة سببببببببببببببببببحانه وتعبببببببببببببببببالى‪.‬‬

‫ريبد ُ‬‫مبن ن ّ َِ‬ ‫شآُء ل ِ َ‬‫ما ن َ َ‬ ‫ه ِفيَها َ‬ ‫جل َْنا ل َ ُ‬‫ة عَ ّ‬‫جل َ َ‬
‫ريد ُ ال َْعا ِ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫كا َ‬‫من َ‬ ‫** ّ‬
‫ن أَراد َ‬ ‫مب ْ‬‫حورا ً * وَ َ‬ ‫موما ً ّ‬
‫م بد ْ ُ‬ ‫م بذ ْ ُ‬‫ها َ‬ ‫صببل َ‬ ‫ْ‬ ‫م يَ‬
‫جهَن ّب َ‬ ‫ه َ‬ ‫جعَل َْنا ل َ ُ‬‫م َ‬ ‫ثُ ّ‬
‫س بعْي ُُهم‬ ‫ن َ‬ ‫ك ك َببا َ‬ ‫ن فَ بُأول َئ ِ َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫م ٌ‬ ‫سعْي ََها وَهُوَ ُ‬ ‫ى ل ََها َ‬ ‫سع َ َ‬ ‫خَرةَ وَ َ‬ ‫ال َ ِ‬
‫كورا ً‬ ‫شببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببب ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫يخبر تعالى أنه مببا كببل مببن طلببب الببدنيا ومببا فيهببا مببن‬
‫النعيم يحصل عليببه‪ ,‬بببل إنمببا يحصببل لمببن أراد اللببه ومببا‬
‫ليات‪ ,‬فإنه قال‪:‬‬ ‫يشاء‪ ,‬وهذه مقيدة لطلق ما سواها من ا َ‬
‫}عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا لببه جهنببم{ أي‬
‫لخببرة }يصببلها{ أي يببدخلها حببتى تغمببره مببن‬ ‫في الدار ا َ‬
‫جميع جوانبه }مذمومًا{ أي في حببال كببونه مببذموما ً علببى‬
‫سببوء تصببرفه وصببنيعه‪ ,‬إذ اختببار الفبباني علببى الببباقي‬
‫}مببببببببدحورًا{ مبعببببببببدا ً مقصببببببببيا ً ذليل ً مهانببببببببًا‪.‬‬
‫روى المام أحمد‪ :‬حببدثنا حسببين‪ ,‬حببدثنا رويببد عببن أبببي‬
‫إسحاق‪ ,‬عن زرعة عن عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسببلم‪» :‬الببدنيا دار مببن ل دار‬
‫له‪ ,‬ومببال مبن ل مبال لبه‪ ,‬ولهبا يجمببع مببن ل عقببل لبه«‪.‬‬
‫لخرة ومببا فيهببا‬ ‫لخرة{ أي أراد الدار ا َ‬ ‫وقوله‪} :‬ومن أراد ا َ‬
‫من النعيم والسرور }وسعى لهببا سببعيها{ أي طلببب ذلببك‬
‫من طريقه وهو متابعببة الرسببول صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫}وهو مؤمن{ أي قلبه مؤمن‪ ,‬أي مصدق بالثواب والجببزاء‬
‫}فبببببببببأولئك كبببببببببان سبببببببببعيهم مشبببببببببكورًا{‪.‬‬

‫ن عَط َببآءُ‬‫مببا ك َببا َ‬


‫ك وَ َ‬‫طآِء َرب ّ َ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬‫ؤلِء ِ‬ ‫هـ ُ‬
‫ؤلِء وَ َ‬ ‫هـ ُ‬ ‫** ك ُل ّ ن ّ ِ‬
‫مد ّ َ‬
‫ض‬ ‫ض به ُ ْ َ‬ ‫ض بل َْنا ب َعْ َ‬ ‫حظ ُببورا ً * انظ ُبْر ك َي ْب َ‬
‫ف فَ ّ‬ ‫َرب ّ َ‬
‫ى ب َعْب ٍ‬‫م عَل ب َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ْ‬ ‫ك َ‬
‫ت وَأك َْببببببببُر ت َْف ِ‬
‫ضبببببببيل ً‬ ‫جبببببببا ٍ‬ ‫خبببببببَرةُ أك َْببببببببُر د ََر َ‬ ‫وَل َل َ ِ‬
‫ل{ أي كببل واحببد مببن الفريقيببن الببذين‬ ‫يقول تعببالى‪} :‬ك ً‬
‫لخرة نمببدهم فيمببا فيببه }مببن‬ ‫أرادوا الدنيا والذين أرادوا ا َ‬
‫عطبباء ربببك{ أي هببو المتصببرف الحبباكم الببذي ل يجببور‪,‬‬

‫‪704‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فيعطي كل ً مببا يسببتحقه مببن السببعادة والشببقاوة‪ ,‬فل راد‬
‫لحكمه ول مانع لما أعطى ول مغيببر لمببا أراد‪ ,‬ولهببذا قببال‬
‫}وما كان عطاء ربك محظورًا{ أي ل يمنعه أحد‪ ,‬ول يببرده‬
‫راد‪ .‬قببال قتببادة }ومببا كببان عطبباء ربببك محظببورًا{ أي‬
‫منقوصًا‪ ,‬وقال الحسن وغيره‪ :‬أي ممنوعًا‪ ,‬ثم قال تعببالى‪:‬‬
‫}انظر كيف فضببلنا بعضببهم علببى بعببض{ أي فببي الببدنيا‪,‬‬
‫فمنهم الغني والفقير وبيبن ذلبك‪ ,‬والحسببن والقبيبح وبيببن‬
‫ذلك‪ ,‬ومن يمببوت صببغيرًا‪ ,‬ومببن يعمببر حببتى يبقببى شببيخا ً‬
‫ل{ أي‬ ‫لخرة أكبر درجات وأكبر تفضببي ً‬ ‫كبيرًا‪ ,‬وبين ذلك }ول َ‬
‫لخرة أكبر من الدنيا‪ ,‬فإن منهببم مببن‬ ‫ولتفاوتهم في الدار ا َ‬
‫يكون في الدركات في جهنببم وسلسببلها وأغللهببا‪ ,‬ومنهببم‬
‫من يكون في الدرجات العليا ونعيمها وسببرورها‪ ,‬ثببم أهببل‬
‫الدركات يتفاتون في ما هببم فيببه‪ ,‬كمببا أن أهببل الببدرجات‬
‫يتفاوتون‪ ,‬فإن الجنة مائة درجة مبا بيبن كبل درجبتين كمبا‬
‫بين السماء والرض‪ .‬وفي الصحيحين »إن أهببل الببدرجات‬
‫العلى ليرون أهل عليين كما ترون الكوكب الغابر في أفق‬
‫لخرة أكبببر درجببات وأكبببر‬ ‫السماء« ولهذا قال تعالى‪} :‬ول َ‬
‫ل{ وفببي الطبببراني مببن روايببة زاذان عببن سببلمان‬ ‫تفضببي ً‬
‫مرفوعبا ً »مببا مببن عبببد يريببد أن يرتفببع فببي الببدنيا درجببة‬
‫فببارتفع‪ ,‬إل وضببعه اللببه فببي ا َ‬
‫لخببرة أكبببر منهببا« ثببم قببرأ‬
‫ل{‪.‬‬‫لخببببببرة أكبببببببر درجببببببات وأكبببببببر تفضببببببي ً‬
‫}ول َ‬

‫ذول ً‬
‫خب ُ‬ ‫موما ً ّ‬
‫م ْ‬ ‫مبعَ الل ّبهِ إ َِلـببها ً آ َ‬
‫خبَر فَت َْقعُبد َ َ‬
‫مبذ ْ ُ‬ ‫** ل ّ ت َ ْ‬
‫جعَببل َ‬
‫يقول تعالى‪ ,‬والمراد المكلفون من المة‪ :‬ل تجعببل أيهببا‬
‫المكلف في عبادتك ربك له شريكا }فتقعببد مببذموما{ أي‬
‫على إشراكك به }مخذول{ لن الرب تعالى ل ينصرك بببل‬
‫يكلك إلى الذي عبدت معه‪ ,‬وهو ل يملك لك ضرا ً ول نفعًا‪,‬‬
‫لن مالك الضر والنفع هببو اللببه وحببده ل شببريك لببه‪ ,‬وقببد‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو أحمد الزبيري‪ ,‬حدثنا بشير بببن‬
‫سلمان عن سيار أبي الحكم‪ ,‬عن طارق بببن شببهاب‪ ,‬عببن‬
‫عبد لله بن مسعود قال‪ :‬قال رسول الله صلى اللببه عليببه‬

‫‪705‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسلم‪» :‬من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لببم تسببد فبباقته‪,‬‬
‫ومن أنزلها بالله أرسل الله له بالغنى إمببا آجل ً وإمببا غنببى‬
‫ل« رواه أبببو داود والترمببذي مببن حببديث بشببير بببن‬ ‫عبباج ً‬
‫سببلمان بببه‪ ,‬وقببال الترمببذي‪ :‬حسببن صببحيح غريببب ‪.‬‬

‫** وقَضى رب َ َ‬
‫مببا‬ ‫سببانا ً إ ِ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ن إِ ْ‬‫ِ‬ ‫ك أل ّ ت َعْب ُبد ُوَا ْ إ ِل ّ إ ِي ّبباهُ وَِبال ْ َ‬
‫وال ِبد َي ْ‬ ‫َ َ َ َ ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف وَل َ‬ ‫مببآ أ ّ‬ ‫ما فَل َ ت َُقببل ل ّهُ َ‬ ‫ما أوْ ك ِل َهُ َ‬ ‫حد ُهُ َ‬ ‫ك ال ْك ِب ََر أ َ‬ ‫عند َ َ‬‫ن ِ‬ ‫ي َب ْل ُغَ ّ‬
‫ل‬ ‫ح الببذ ّ ّ‬ ‫جَنببا َ‬‫ما َ‬ ‫ض ل َهُ َ‬ ‫خِف ْ‬ ‫ريما ً * َوا ْ‬ ‫ما قَوْل ً ك َ ِ‬ ‫ما وَُقل ل ّهُ َ‬ ‫ت َن ْهَْرهُ َ‬
‫صببِغيرا ً‬ ‫مببا َرب َّيبباِني َ‬ ‫مببا ك َ َ‬ ‫مه ُ َ‬‫ح ْ‬ ‫ب اْر َ‬ ‫مببةِ وَُقببل ّر ّ‬ ‫ح َ‬‫ن الّر ْ‬ ‫مبب َ‬ ‫ِ‬
‫يقول تعالى آمرا ً بعبادته وحده ل شريك له‪ ,‬فإن القضبباء‬
‫ههنا بمعنى المر‪ ,‬قال مجاهد }وقضى{ يعني وصى‪ ,‬وكذا‬
‫قببرأ أبببي بببن كعببب وابببن مسببعود والضببحاك بببن مزاحببم‬
‫}ووصى ربك أن ل تعبدوا إل إياه{ ولهذا قببرن بعبببادته ببّر‬
‫الوالدين‪ ,‬فقال‪} :‬وبالوالدين إحسانًا{ أي وأمببر بالوالببدين‬
‫لية الخرى }أن اشكر لببي ولوالببديك‬ ‫إحسانًا‪ ,‬كقوله في ا َ‬
‫إلي المصير{‪ .‬وقوله }إما يبلغببن عنببدك الكبببر أحببدهما أو‬
‫كلهما فل تقل لهما أف{ أي ل تسمعهما قببول ً سببيئا ً حببتى‬
‫ول التببأفيف الببذي هببو أدنببى مراتببب القببول السببيء }ول‬
‫تنهرهما{ أي ول يصدر منك إليهمببا فعببل قبيببح‪ ,‬كمببا قببال‬
‫عطاء بن رباح في قوله }ول تنهرهمببا{ أي ل تنفببض يببدك‬
‫عليهما‪ ,‬ولما نهاه عن القول القبيح والفعببل القبيببح‪ ,‬أمببره‬
‫بالقول والفعل الحسن‪ ,‬فقال‪} :‬وقل لهما قول ً كريمًا{ أي‬
‫لينا ً طيببا ً حسببنا ً بتببأدب وتببوقير وتعظيببم‪} ,‬واخفببض لهمببا‬
‫جناح الذي من الرحمة{ أي تواضع لهما بفعلك }وقل رب‬
‫ارحمهما كما ربياني صغيرا{ أي في كبرهما وعند وفاتهما‪,‬‬
‫قال ابن عباس‪ :‬ثم أنزل الله }ما كان للنبي والذين آمنببوا‬
‫ليببببببببببببة‪.‬‬ ‫أن يسببببببببببببتغفروا للمشببببببببببببركين{ ا َ‬
‫وقد جاء في بببر الوالببدين أحبباديث كببثيرة منهببا الحببديث‬
‫المروي من طرق عن أنببس وغيببره أن النبببي صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم لما صعد المنبر قال‪» :‬آمين آمين آمين« قيببل‬
‫يا رسول الله علم أمنت ؟ قال‪» :‬أتاني جبريببل فقببال‪ :‬يببا‬

‫‪706‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫محمد رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصببل عليببك‪ ,‬قببل‪:‬‬
‫آمين‪ ,‬فقلت آمين‪ ,‬ثم قال رغم أنف رجل دخل عليه شهر‬
‫رمضان ثم خرج فلم يغفر له‪ ,‬قل‪ :‬آمين‪ ,‬فقلت آمين‪ ,‬ثببم‬
‫قال‪ :‬رغم أنف رجل أدرك والبديه أو أحبدهما فلبم يببدخله‬
‫الجنببببببببة‪ ,‬قببببببببل‪ :‬آميببببببببن‪ ,‬فقلببببببببت آميببببببببن«‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬حدثنا علببي‬
‫بن زيد أخبرنا زرارة بن أوفى عن مالك بن الحببارث‪ ,‬عببن‬
‫رجل منهم أنه سمع النبي صلى اللببه عليببه وسببلم يقببول‪:‬‬
‫»من ضم يتيما ً من أببوين مسبلمين إلببى طعبامه وشببرابه‬
‫حتى يستغني عنه‪ ,‬وجبت له الجنة البتة‪ ,‬ومن أعتببق امببرأ‬
‫مسلمًا‪ ,‬كان فكاكه من النار يجزى بكل عضو منببه عضببوا ً‬
‫منه« ثم قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬حدثنا شعبة‪ ,‬سمعت‬
‫علي بن زيد فذكر معناه‪ ,‬إل أنه قال عن رجببل مببن قببومه‬
‫يقال له مالببك أو ابببن مالببك‪ ,‬وزاد »ومببن أدرك والببديه أو‬
‫أحبببببببدهما‪ ,‬فبببببببدخل النبببببببار فأبعبببببببده اللبببببببه«‪.‬‬
‫)حديث آخر( وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عفببان عببن حمبباد‬
‫بن سلمة‪ ,‬حدثنا علي بببن زيببد عببن زرارة بببن أوفببى عببن‬
‫مالك بن عمرو القشيري‪ ,‬سمعت رسول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم يقول‪» :‬من أعتق رقبببة مسببلمة فهببي فببداؤه‬
‫من النار‪ ,‬فإن كل عظم مببن عظببامه محببررة بعظببم مببن‬
‫عظامه‪ ,‬ومن أدرك أحد والديه ثم لم يغفر له فأبعده اللببه‬
‫عز وجل‪ ,‬ومن ضم يتيما ً من أبوين مسببلمين إلببى طعببامه‬
‫وشببببرابه حببببتى يغنيببببه اللببببه وجبببببت لببببه الجنببببة«‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا حجبباج ومحمببد بببن‬
‫جعفر قال‪ :‬حدثنا شعبة عن قتادة‪ ,‬سمعت زرارة بن أوفى‬
‫يحدث عن أبي بن مالك القشيري قال‪ :‬قببال النبببي صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬مببن أدرك والببديه أو أحببدهما ثببم دخببل‬
‫النار من بعد ذلك‪ ,‬فأبعده الله وأسببحقه«‪ ,‬ورواه أبببو داود‬
‫الطيالسبببي عبببن شبببعبة ببببه‪ ,‬وفيبببه زيبببادات أخبببر‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال المببام أحمببد حببدثنا عفببان‪ ,‬حببدثنا أبببو‬
‫عوانة‪ ,‬حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة‪,‬‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم قال »رغم أنف‪ ,‬ثببم رغببم‬

‫‪707‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أنف ثم رغببم أنببف رجببل أدرك أحببد أبببويه أو كلهمببا عنببد‬
‫الكبببر ولببم يببدخل الجنببة« صببحيح مببن هببذا الببوجه‪ ,‬ولببم‬
‫يخرجببوه‪ ,‬سببوى مسببلم مببن حببديث أبببي عوانببة وجريببر‬
‫وسببببببببليمان بببببببببن بلل عببببببببن سببببببببهيل بببببببببه‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا ربعي بببن إبراهيببم‪,‬‬
‫قال أحمد وهو أخو إسماعيل بن علية وكببان يفضببل علببى‬
‫أخيه‪ ,‬عن عبد الرحمببن بببن إسببحاق‪ ,‬عببن سببعيد بببن أبببي‬
‫سعيد عن أبي هريرة قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪» :‬رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي‪,‬‬
‫ورغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان فانسلخ فلم يغفر‬
‫له‪ ,‬ورغم أنف رجل أدرك عنده أبببواه الكبببر‪ ,‬فلببم يببدخله‬
‫الجنة« قال ربعي‪ :‬ول أعلمه إل قال »أو أحببدهما«‪ .‬ورواه‬
‫الترمذي عن أحمببد بببن إبراهيببم الببدورقي عببن ربعببي بببن‬
‫إبراهيببببم‪ ,‬ثببببم قببببال‪ :‬غريببببب مببببن هببببذا الببببوجه‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا يببونس بببن محمببد‪,‬‬
‫حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل‪ ,‬حدثنا أسيد بببن علببي عببن‬
‫أبيه علي بن عبيد‪ ,‬عببن أبببي أسبيل وهببو مالبك بببن ربيعبة‬
‫الساعدي قال‪ :‬بينما أنا جالس عن رسول الله صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪ ,‬إذ جاءه رجل مببن النصببار فقببال‪ :‬يببا رسببول‬
‫الله هل بقي علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به‬
‫؟ قال‪» :‬نعم خصال أربع‪ :‬الصلة عليهما‪ ,‬والستغفار لهما‪,‬‬
‫وإنفاذ عهببدهما‪ ,‬وإكببرام صببديقهما‪ ,‬وصببلة الرحببم الببتي ل‬
‫رحم لك إل من قبلهما‪ ,‬فهو الببذي بقبي عليبك مببن برهمببا‬
‫بعد موتهما« ورواه أبو داود وابببن مبباجه مببن حببديث عبببد‬
‫الرحمببببن بببببن سببببليمان وهببببو ابببببن الغسببببيل بببببه‪.‬‬
‫)حديث آخر( قببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا روح‪ ,‬حببدثنا ابببن‬
‫جريج‪ ,‬أخبببرني محمببد بببن طلحببة بببن عبببد اللببه بببن عبببد‬
‫الرحمن عن معاوية بببن جاهمببة(السببلمي أن جاهمببة جبباء‬
‫إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أردت‬
‫الغزو وجئتك أستشيرك فقال‪» :‬فهل لك من أم« قال نعم‬
‫قال‪» :‬فالزمها فإن الجنة عند رجليها« ثم الثانية ثم الثالثة‬

‫‪708‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫في مقاعد شتى كمثل هببذا القببول‪ ,‬ورواه النسببائي وابببن‬
‫مببببببباجه مبببببببن حبببببببديث اببببببببن جريبببببببج ببببببببه‪.‬‬
‫)حديث آخر( ب قال المام أحمد‪ :‬حببدثنا خلببف بببن الوليببد‬
‫حدثنا ابن عياش عن يحيى بن سعد عن خالببد بببن معببدان‬
‫عن المقدام بن معببد يكببرب عببن النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم قببال‪» :‬إن اللببه يوصببيكم بآبببائكم إن اللببه يوصببيكم‬
‫بأمهبباتكم إن اللببه يوصببيكم بأمهبباتكم إن اللببه يوصببيكم‬
‫بأمهاتكم إن الله يوصيكم بالقرب فالقرب« وأخرجه ابببن‬
‫مبببباجه مببببن حببببديث عبببببد اللببببه بببببن عيبببباش بببببه‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال أحمد‪ :‬حدثنا يببونس‪ ,‬حببدثنا أبببو عوانببة‬
‫عن أشعث بن سليم عن أبيه‪ ,‬عببن رجببل مببن بنببي يربببوع‬
‫قال‪ :‬أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته وهو يكلببم‬
‫النباس يقبول‪» :‬يبد المعطبي العليبا‪ ,‬أمبك وأبباك‪ ,‬وأختبك‬
‫وأخبببببببببببباك‪ ,‬ثببببببببببببم أدنبببببببببببباك أدنبببببببببببباك«‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال الحافظ أبو بكببر أحمببد بببن عمببرو بببن‬
‫عبد الخالق البزار في مسنده‪ :‬حدثنا إبراهيم بن المسببتمر‬
‫العروقي‪ ,‬حدثنا عمرو بن سفيان‪ ,‬حبدثنا الحسبن ببن أببي‬
‫جعفر عن ليث بن أبي سليم عببن علقمببة بببن مرثببد‪ ,‬عببن‬
‫سليمان بن بريدة عن أبيه أن رجل ً كان في الطواف حامل ً‬
‫أمه يطوف بها فسأل النبي صببلى اللببه عليببه وسببلم‪ :‬هببل‬
‫أديت حقها ؟ قال »ل ول بزفرة واحدة« أو كمببا قببال‪ ,‬ثببم‬
‫قببال البببزار‪ :‬ل نعلمببه يببروى إل مببن هببذا الببوجه‪ .‬قلببت‪:‬‬
‫والحسبببن ببببن أببببي جعفبببر ضبببعيف‪ ,‬واللبببه أعلبببم‪.‬‬

‫** ربك ُ َ‬
‫ن فَ بإ ِن ّ ُ‬
‫ه‬ ‫حي َ‬ ‫كون ُببوا ْ َ‬
‫صببال ِ ِ‬ ‫م ِإن ت َ ُ‬
‫س بك ُ ْ‬
‫ما ِفي ن ُُفو ِ‬ ‫م أعْل َ ُ‬
‫م بِ َ‬ ‫ّ ّ ْ‬
‫ن غَُفببببببببببببببببببورا ً‬ ‫ن ِللّواِبيبببببببببببببببببب َ‬‫ك َببببببببببببببببببا َ‬
‫قال سعيد بن جبير‪ :‬هو الرجببل تكببون منببه البببادرة إلببى‬
‫أبويه‪ ,‬وفي نيته وقلبه أنه ل يؤخذ به‪ ,‬وفببي روايبة‪ :‬ل يريببد‬
‫إل الخير بذلك‪ ,‬فقال‪} :‬ربكم أعلببم بمببا فببي نفوسببكم إن‬
‫تكونوا صالحين{‪ .‬وقوله‪} :‬فإنه كان للوابين غفورًا{ قببال‬
‫قتبببادة‪ :‬للمطيعيبببن أهبببل الصبببلة‪ ,‬وعبببن اببببن عبببباس‪:‬‬

‫‪709‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المسبحين‪ ,‬وفي رواية عنه‪ :‬المطيعيببن المحسببنين‪ ,‬وقببال‬
‫بعضهم‪ :‬هم الذين يصبلون بيببن العشباءين وقبال بعضببهم‪:‬‬
‫هم الذين يصلون الضحى‪ .‬وقال شعبة عن يحيى بن سعيد‬
‫عن سببعيد بببن المسببيب فببي قببوله‪} :‬فببإنه كبان للوابيببن‬
‫غفورًا{ قال‪ :‬الذين يصيبون الذنب ثببم يتوبببون‪ ,‬ويصببيبون‬
‫الببذنب ثببم يتوبببون‪ ,‬وكببذا رواه عبببد الببرزاق عببن الثببوري‬
‫ومعمر عن يحيى بن سعيد‪ ,‬عن ابن المسيب بنحوه‪ ,‬وكببذا‬
‫رواه الليبببث واببببن جريبببر عبببن اببببن المسبببيب ببببه‪.‬‬
‫وقال عطاء بن يسار بببن جبببير ومجاهببد‪ :‬هببم الراجعببون‬
‫إلى الخير‪ .‬وقال مجاهد عن عبيد بن عمير فببي ا َ‬
‫ليببة‪ :‬هببو‬
‫الذي إذا ذكر ذنوبه في الخلء فيستغفر الله منها‪ ,‬ووافقببه‬
‫مجاهد في ذلك‪ .‬وقال عبد الرزاق‪ :‬حدثنا محمد بن مسلم‬
‫عن عمرو بن دينار عن عبيد بببن عميببر فببي قببوله‪} :‬فببإنه‬
‫كببان للوابيببن غفببورًا{ قببال‪ :‬كنببا نعببد الواب الحفيببظ أن‬
‫يقول‪ :‬اللهم اغفر لي ما أصبت فببي مجلسببي هببذا‪ .‬وقببال‬
‫ابن جرير‪ :‬والولى في ذلك قول من قال‪ :‬هو التببائب مببن‬
‫الذنب‪ ,‬الراجع من المعصية إلببى الطاعببة ممببا يكببره اللببه‬
‫إلى ما يحبه ويرضاه‪ ,‬وهببذا الببذي قبباله هببو الصببواب‪ ,‬لن‬
‫الواب مشتق من الوب‪ ,‬وهو الرجوع‪ ,‬يقببال‪ :‬آب فلن إذا‬
‫رجع‪ ,‬قال تعالى‪} :‬إن إلينا إيابهم{ وفي الحببديث الصببحيح‬
‫أن رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم كببان إذا رجببع مببن‬
‫سببفر قببال‪» :‬آيبببون تببائبون‪ ,‬عابببدون لربنببا حامببدون«‪.‬‬

‫ل وَل َ ت ُب َبذ ّْر‬‫سبِبي ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن َواب ْب َ‬ ‫كي َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َوال ْ ِ‬ ‫حّق ُ‬‫ى َ‬ ‫ت َ ْ‬


‫ذا الُقْرب َ َ‬ ‫** َوآ ِ‬
‫ن‬
‫كببا َ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫طي ِ‬‫شببَيا ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫وا َ‬‫خبب َ‬ ‫كببان ُوَا ْ إ ِ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مَبببذ ِّري َ‬‫ن ال ْ ُ‬‫ذيرا ً * إ ِ ّ‬‫ت َْببب ِ‬
‫مبةٍ‬ ‫ح َ‬ ‫م اب ْت ِغَببآَء َر ْ‬
‫ن عَن ْهُب ُ‬ ‫ضب ّ‬‫ما ت ُعْرِ َ‬ ‫ن ل َِرب ّهِ ك َُفورا ً * وَإ ِ ّ‬ ‫طا ُ‬‫شي ْ َ‬‫ال ّ‬
‫سببببورا ً‬ ‫مي ْ ُ‬‫م َقببببوْل ً ّ‬ ‫هببببا فَُقببببل ل ُّهبببب ْ‬ ‫جو َ‬ ‫ك ت َْر ُ‬‫مببببن ّرّببببب َ‬ ‫ّ‬
‫لما ذكر تعالى بر الوالببدين‪ ,‬عطببف بببذكر الحسببان إلببى‬
‫القرابة وصلة الرحام‪ ,‬وفي الحديث »أمك وأباك ثم أدناك‬
‫أدناك« وفي رواية »ثم القرب فالقرب«‪ ,‬وفببي الحببديث‬
‫»من أحب أن يبسط له فببي رزقببه وينسببأ لببه فببي أجلببه‪,‬‬

‫‪710‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فليصل رحمه« وقال الحافظ أبو بكببر البببزار‪ :‬حببدثنا عببباد‬
‫بن يعقوب‪ ,‬حببدثنا أبببو يحيببى التميمببي‪ ,‬حببدثنا فضببيل بببن‬
‫مرزوق عن عطية عن أبي سعيد قال‪ :‬لما نزلببت }وآت ذا‬
‫القربي حقببه{ دعببا رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫فاطمبة فأعطاهبا فبدك‪ ,‬ثبم قبال‪ :‬ل نعلبم حبدث ببه عبن‬
‫فضيل بن مرزوق إل أبو يحيى التميمببي وحميببد بببن حمبباد‬
‫بن أبي الخوار‪ ,‬وهذا الحديث مشكل لو صببح إسببناده‪ ,‬لن‬
‫لية مكيبة‪ ,‬وفبدك إنمبا فتحبت مبع خيببر سبنة سببع مبن‬ ‫ا َ‬
‫الهجرة‪ ,‬فكيف يلتئم هذا مع هبذا ؟ فهبو إذا ً حبديث منكبر‪,‬‬
‫والشبه أنه مببن وضببع الرافضببة‪ ,‬واللببه أعلببم‪ ,‬وقببد تقببدم‬
‫الكلم على المساكين وأبناء السبيل في سورة بببراءة بمببا‬
‫أغنبببببببببببببى عبببببببببببببن إعبببببببببببببادته ههنبببببببببببببا‪.‬‬
‫وقببوله }ول تبببذر تبببذيرًا{ لمببا أمببر بالنفبباق‪ ,‬نهببى عببن‬
‫ليببة الخببرى‬ ‫السراف فيه‪ ,‬بل يكون وسطا ً كما قال في ا َ‬
‫لية‪ ,‬ثببم قببال‬ ‫}والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا{ ا َ‬
‫منفرا ً عبن التببذير والسببرف }إن المببذرين كبانوا إخبوان‬
‫الشببياطين{ أي أشببباههم فببي ذلببك‪ .‬قببال ابببن مسببعود‪:‬‬
‫التبذير النفاق في غير حق‪ ,‬وكذا قال ابببن عببباس‪ ,‬وقببال‬
‫مجاهد‪ :‬لو أنفق إنسان ماله كله في الحق لم يكن مبببذرًا‪,‬‬
‫ولو أنفق مدا ً في غير حق كان مبذرًا‪ .‬وقال قتادة‪ :‬التبببذير‬
‫النفقة في معصية الله تعالى‪ ,‬وفببي غيببر الحببق والفسبباد‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا هاشم بن القاسم‪ ,‬حدثنا الليببث‬
‫عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبببي هلل‪ ,‬عببن أنببس بببن‬
‫مالك رضي الله عنه أنه قال‪ :‬أتى رجل من بني تميم إلببى‬
‫رسول الله فقال‪ :‬يا رسببول اللببه إنببي ذو مببال كببثير‪ ,‬وذو‬
‫أهل وولد وحاضرة‪ ,‬فأخبرني كيببف أنفببق‪ ,‬وكيببف أصببنع ؟‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‪» :‬تخببرج الزكبباة‬
‫من مالك إن كان‪ ,‬فإنها طهرة تطهببرك‪ ,‬وتصببل أقرببباءك‪,‬‬
‫وتعرف حق السائل والجار والمسكين« فقببال‪ :‬يببا رسببول‬
‫الله أقلل لببي ؟ »فببآت ذا القربببى حقببه والمسببكين وابببن‬
‫السبيل ول تبذر تبذيرًا« فقال‪ :‬حسبببي يببا رسببول اللببه إذا‬
‫أديت الزكاة إلى رسولك فقد برئت منهببا إلببى اللببه وإلببى‬

‫‪711‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رسوله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‪» :‬نعببم‬
‫إذا أديتها إلى رسولي فقد برئت منها ولببك أجرهببا‪ ,‬وإثمهببا‬
‫علبببببببببببببببببببى مبببببببببببببببببببن ببببببببببببببببببببدلها«‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬إن المبذرين كانوا إخببوان الشببياطين{ أي فببي‬
‫التبذير والسفه وترك طاعة الله وارتكاب معصببيته‪ ,‬ولهببذا‬
‫قال }وكان الشيطان لربه كفببورًا{ أي جحببودًا‪ ,‬لنببه أنكببر‬
‫نعمة الله عليه ولم يعمل بطاعته‪ ,‬بل أقبل علببى معصببيته‬
‫ومخالفته‪ .‬وقوله‪} :‬وإما تعرضن عنهببم ابتغبباء رحمببة مببن‬
‫لية‪ ,‬أي إذا سألك أقاربك ومببن أمرنبباك بإعطببائهم‬ ‫ربك{ ا َ‬
‫وليس عندك شيء‪ ,‬أعرضت عنهم لفقد النفقة }فقل لهم‬
‫قول ً ميسورًا{ أي عدهم وعدا ً بسهولة ولين‪ ,‬إذا جبباء رزق‬
‫الله فسنصلكم إن شاء الله‪ ,‬هكذا فسر قوله‪} :‬فقل لهببم‬
‫قول ً ميسورًا{ بالوعد‪ ,‬مجاهببد وعكرمببة وسببعيد بببن جبببير‬
‫والحسبببببببببببن وقتبببببببببببادة وغيبببببببببببر واحبببببببببببد‪.‬‬

‫ل‬ ‫س بط َْها ك ُب ّ‬ ‫ك وَل َ ت َب ْ ُ‬‫ى عُن ُِق ب َ‬ ‫مغُْلول َب ً َ‬


‫ة إ ِل ب َ‬ ‫ك َ‬ ‫ل ي َبد َ َ‬‫جع َ ب ْ‬ ‫** وَل َ ت َ ْ‬
‫ق‬
‫ط ال بّرْز َ‬ ‫سب ُ‬ ‫ك ي َب ْ ُ‬ ‫سببورا ً * إ ِ ّ‬
‫ن َرب ّب َ‬ ‫ح ُ‬‫م ْ‬ ‫مُلوم با ً ّ‬ ‫ط فَت َْقعُد َ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ال ْب َ ْ‬
‫صبببيرا ً‬
‫خِبيبببرا ً ب َ ِ‬ ‫ه ك َبببا َ‬
‫ن ب ِعِب َبببادِهِ َ‬ ‫شبببآُء وَي َْقبببدُِر إ ِن ّببب ُ‬ ‫مبببن ي َ َ‬ ‫لِ َ‬
‫يقول تعالى آمرا ً بالقتصاد في العيش‪ ,‬ذاما ً للبخل‪ ,‬ناهيا ً‬
‫عن السرف }ول تجعببل يببدك مغلولببة إلببى عنقببك{ أي ل‬
‫تكن بخيل ً منوعًا‪ ,‬ل تعطي أحدا ً شيئًا‪ ,‬كما قببالت اليهببود ب ب‬
‫عليهم لعائن الله ب يد الله مغلولة أي نسبببوه إلببى البخببل‪,‬‬
‫تعالى وتقدس الكريببم الوهبباب‪ ,‬وقببوله }ول تبسببطها كببل‬
‫البسط{ أي ول تسرف في النفاق‪ ,‬فتعطي فوق طاقتك‪,‬‬
‫وتخرج أكثر من دخلك فتقعببد ملومبا ً محسبورًا‪ ,‬وهبذا مببن‬
‫ببباب اللببف والنشببر‪ ,‬أي فتقعببد إن بخلببت ملوم با ً يلومببك‬
‫الناس ويذمونك ويستغنون عنك‪ ,‬كما قببال زهيببر بببن أبببي‬
‫سببببببببببببببببببلمى فببببببببببببببببببي المعلقببببببببببببببببببة‪:‬‬
‫ومببن كببان ذا مببال فيبخببل بمببالهعلى قببومه يسببتغن عنببه‬
‫ويببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببذمم‬

‫‪712‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ومتى بسطت يدك فوق طاقتك‪ ,‬قعدت بل شيء تنفقببه‪,‬‬
‫فتكببون كالحسببير‪ ,‬وهببو الدابببة الببتي عجببزت عببن السببير‬
‫فوقفت ضعفا ً وعجزًا‪ ,‬فإنها تسببمى الحسببير‪ ,‬وهببو مببأخوذ‬
‫من الكلل‪ ,‬كما قال }فارجع البصر هل ترى مببن فطببور *‬
‫ثببم ارجبع البصبر كرتيببن ينقلببب إليبك البصببر خاسبئا ً وهببو‬
‫ليببة‬‫حسير{ أي كليل عن أن يرى عيبًا‪ ,‬هكذا فسببر هببذه ا َ‬
‫بببأن المببراد هنببا البخببل والسببرف‪ :‬ابببن عببباس والحسببن‬
‫وقتببادة وابببن جريببج وابببن زيببد وغيرهببم‪ .‬وقببد جبباء فببي‬
‫الصحيحين من حببديث أبببي الزنبباد عببن العببرج‪ ,‬عببن أبببي‬
‫هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسببلم يقببول‪:‬‬
‫»مثل البخيل والمنفببق كمثببل رجليببن عليهمببا جبتببان مببن‬
‫حديد من ثديهما إلى تراقيهمببا‪ ,‬فأمببا المنفببق فل ينفببق إل‬
‫سبغت أو وفرت على جلده حتى تخفي بنانه وتعفببو أثببره‪,‬‬
‫وأما البخيل فل يريد أن ينفق شيئا ً إل لزقت كل حلقة منها‬
‫مكانها‪ ,‬فهببو يوسببعها فل تتسببع« هببذا لفببظ البخبباري فببي‬
‫الزكببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببباة‪.‬‬
‫وفي الصحيحين من طريق هشام بن عببروة عببن زوجتببه‬
‫فاطمة بنت المنذر‪ ,‬عن جدتها أسماء بنت أبي بكر قببالت‪:‬‬
‫قال رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬أنفقببي هكببذا‬
‫وهكببذا وهكببذا ول تببوعي فيببوعي اللببه عليببك‪ ,‬ول تببوكي‬
‫فيوكي الله عليك«‪ .‬وفي لفظ »ول تحصببي فيحصببي اللببه‬
‫عليك«‪ .‬وفي صحيح مسلم مببن طريببق عبببد الببرزاق عببن‬
‫معمر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫صلى اللببه عليببه وسببلم »إن اللببه قببال لببي‪ :‬أنفببق‪ ,‬أنفببق‬
‫عليك« وفي الصحيحين من طريق معاوية بببن أبببي مببزرد‬
‫عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة رضببي اللببه عنببه قببال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ما من يوم يصبح‬
‫العباد فيه إل وملكان ينببزلن مببن السببماء يقببول أحببدهما‪:‬‬
‫لخر‪ :‬اللهم أعببط ممسببكا ً‬ ‫اللهم أعط منفقا ً خلفًا‪ ,‬ويقول ا َ‬
‫تلفبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببًا«‪.‬‬
‫وروى مسبلم عبن قتيبببة عببن إسببماعيل بببن جعفبر عببن‬
‫العلء عن أبيه‪ ,‬عن أبي هريرة مرفوعا ً »ما نقص مال من‬

‫‪713‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صدقة‪ ,‬وما زاد الله عبدا ً أنفببق إل عببزًا‪ ,‬ومببن تواضببع للببه‬
‫رفعه الله« وفي حديث أبي كثير عن عبد اللببه بببن عمببرو‬
‫ح فإنه أهلك من كان قبلكببم‪ ,‬أمرهببم‬ ‫مرفوعا ً »إياكم والش ّ‬
‫بالبخببل فبخلببوا‪ ,‬وأمرهببم بالقطيعببة فقطعببوا‪ ,‬وأمرهببم‬
‫بالفجور ففجروا«‪ .‬وروى البيهقي من طريببق سببعدان بببن‬
‫نصر عن أبي معاويبة عبن العمبش‪ ,‬عبن أبيبه قبال‪ :‬قبال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ما يخرج رجل صببدقة‬
‫حبببببببتى يفبببببببك لحبببببببي سببببببببعين شبببببببيطانًا«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو عبيدة الحداد‪ ,‬حببدثنا سببكين‬
‫بن عبد العزيز‪ ,‬حدثنا إبراهيم الهجري عببن أبببي الحببوص‪,‬‬
‫عن عبد الله بن مسعود قال‪ :‬قال رسول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم »ما عال من اقتصد« وقوله‪} :‬إن ربك يبسببط‬
‫الرزق لمبن يشباء ويقبدر{ إخببارا ً أنبه تعبالى هبو البرزاق‬
‫القابض الباسط المتصرف في خلقه بما يشاء‪ ,‬فيغني مببن‬
‫يشاء‪ ,‬ويفقر من يشاء لما له في ذلك من الحكمة‪ ,‬ولهببذا‬
‫قال‪} :‬إنه كان بعباده خبيرا ً بصيرًا{ أي خبيرا ً بصببيرا ً بمببن‬
‫يستحق الغنى ويستحق الفقر‪ ,‬كما جاء فببي الحببديث »إن‬
‫من عبادي لمن ل يصلحه إل الفقببر‪ ,‬ولببو أغنيتببه لفسببدت‬
‫عليه دينه‪ ,‬وإن من عببادي لمبن ل يصبلحه إل الغنبى‪ ,‬ولبو‬
‫أفقرته لفسدت عليه دينببه« وقببد يكببون الغنببى فببي حببق‬
‫بعض الناس استدراجًا‪ ,‬والفقر عقوبة‪ ,‬عياذا ً بالله من هببذا‬
‫وهببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببذا‪.‬‬

‫َ‬
‫ن‬
‫كم إ ّ‬ ‫م وَإ ِي ّببا ُ‬
‫ن ن َْرُزقُهُ ْ‬‫ح ُ‬
‫ق نّ ْ‬‫مل ٍ‬‫ة إِ ْ‬ ‫خ ْ‬
‫شي َ َ‬ ‫** وَل َ ت َْقت ُل ُوَا ْ أْولد َك ُ ْ‬
‫م َ‬
‫طئا ً ك َِبيببببببببببببببببرا ً‬ ‫خ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫كببببببببببببببببا َ‬‫م َ‬ ‫قَت ْل َُهبببببببببببببببب ْ‬
‫لية الكريمة دالة على أن الله تعبالى أرحبم بعبباده‬ ‫هذه ا َ‬
‫لباء‬ ‫من الوالد بولده‪ ,‬لنه نهى عن قتل الولد كما أوصى ا َ‬
‫بالولد في الميراث‪ ,‬وكان أهل الجاهلية ل يورثون البنببات‬
‫بل كان أحدهم ربما قتل ابنته لئل تكثر عليلته‪ ,‬فنهببى اللببه‬
‫تعالى عن ذلك وقال }ول تقتلوا أولدكم خشية إملق{ أي‬
‫خببوف أن تفتقببروا فببي ثبباني حببال‪ ,‬ولهببذا قببدم الهتمببام‬

‫‪714‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫برزقهم فقال‪} :‬نحن نرزقهببم وإيبباكم{ وفببي النعببام }ول‬
‫تقتلوا أولدكببم مببن إملق{ أي مببن فقببر }نحببن نرزقكببم‬
‫وإيبباهم{‪ .‬وقببوله }إن قتلهببم كببان خطببأ كبببيرًا{ أي ذنب با ً‬
‫عظيمًا‪ ,‬وقرأ بعضهم‪ :‬كان خطأ كبببيرا ً وهببو بمعنبباه‪ ,‬وفببي‬
‫الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قلببت‪ :‬يببا رسببول اللببه‬
‫أي الذنب أعظم‪ :‬قبال »أن تجعبل للبه نبدا ً وهبو خلقببك بب‬
‫قلت‪ :‬ثببم أي ؟ بب قببال‪ :‬أن تقتببل ولببدك خشببية أن يطعببم‬
‫معك ب قلت‪ :‬ثببم أي ؟ بب قببال‪ :‬أن تزانببي بحليلببة جببارك«‪.‬‬

‫سببِبيل ً‬ ‫ه َ‬ ‫ْ‬
‫سببآَء َ‬
‫ة وَ َ‬
‫شبب ً‬ ‫ن َفا ِ‬
‫ح َ‬ ‫كببا َ‬ ‫** وَل َ ت َْقَرُبببوا الّزَنبب َ‬
‫ى إ ِّنبب ُ‬
‫يقببول تعببالى ناهيببا ً عببباده عببن الزنببا وعببن مقبباربته‬
‫ومخالطببة أسبببابه ودواعيببه }ول تقربببوا الزنببا إنببه كببان‬
‫ل{ أي بئس طريقبا ً‬ ‫فاحشة{ أي ذنبا ً عظيمبا ً }وسبباء سبببي ً‬
‫ومسبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببلكًا‪.‬‬
‫وقد قال المام أحمد‪ :‬حدثنا يزيد بن هارون‪ ,‬حدثنا سليم‬
‫بن عامر عن أبي أمامة أن فتى شابا ً أتى النبي صلى اللببه‬
‫عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسببول اللببه ائذن لببي بالزنببا‪ ,‬فأقبببل‬
‫القوم عليه فزجروه‪ ,‬وقالوا‪ :‬مببه مبه‪ ,‬فقبال »ادنببه« فببدنا‬
‫منه قريبًا‪ ,‬فقال »اجلس« فجلس‪ ,‬فقال »أتحبه لمببك« ؟‬
‫قال‪ :‬ل والله‪ ,‬جعلني الله فببداك‪ ,‬قببال‪ :‬ول النبباس يحبببونه‬
‫لمهاتهم‪ ,‬قال‪» :‬أفتحبه لبنتك ؟« قال‪ :‬ل والله يببا رسببول‬
‫الله‪ ,‬جعلني الله فداك‪ ,‬قبال‪ :‬ول النبباس يحبببونه لبنبباتهم‪.‬‬
‫قال‪» :‬أفتحبه لختك ؟« قال‪ :‬ل والله‪ ,‬جعلني اللببه فببداك‪,‬‬
‫قال‪ :‬ول الناس يحبونه لخواتهم‪ ,‬قال »أفتحبببه لعمتببك ؟«‬
‫قال‪ :‬ل والله يا رسول الله‪ ,‬جعلنببي اللببه فببداك‪ ,‬قببال‪ :‬ول‬
‫الناس يحبونه لعماتهم‪ ,‬قببال »أفتحبببه لخالتببك ؟« قببال‪ :‬ل‬
‫والله يا رسول الله‪ ,‬جعلنببي اللببه فببداك‪ ,‬قببال‪ :‬ول النبباس‬
‫يحبونه لخالتهم‪ ,‬قال فوضع يده عليه‪ ,‬وقال »اللهببم اغفببر‬
‫ذنبه‪ ,‬وطهر قلبه‪ ,‬وأحصن فرجه« قال‪ :‬فلم يكن بعد ذلببك‬
‫الفتى يلتفت إلى شيء‪ ,‬وقال ابن أبي الدنيا‪ :‬حببدثنا عمببار‬
‫بن نصر‪ ,‬حدثنا بقية عن أبي بكر بن أبي مريم عببن الهيثببم‬

‫‪715‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن مالك الطائي‪ ,‬عن النبي صلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪:‬‬
‫»ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها‬
‫رجبببببببببل فبببببببببي رحبببببببببم ل يحبببببببببل لبببببببببه«‪.‬‬

‫ل‬‫مبن قُِتب َ‬ ‫حق ّ و َ َ‬ ‫م الّلب ُ‬


‫ه إ ِل ّ ِببال َ‬ ‫حبّر َ‬ ‫س ال ِّتي َ‬ ‫** وَل َ ت َْقت ُُلوا ْ الن ّْف َ‬
‫ه‬ ‫رف ّفي ال َْقت ْ ِ‬
‫ل إ ِن ّب ُ‬ ‫س ِ‬‫طانا ً فَل َ ي ُ ْ‬‫سل ْ َ‬‫جعَل َْنا ل ِوَل ِي ّهِ ُ‬
‫مظ ُْلوما ً فََقد ْ َ‬ ‫َ‬
‫صبببببببببببببببببببببببببببببببورا ً‬ ‫من ْ ُ‬‫ن َ‬ ‫كبببببببببببببببببببببببببببببببا َ‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى ناهيا ً عن قتل النفس بغير حق شرعي‪ ,‬كمببا‬
‫ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‬
‫قال‪» :‬ل يحل دم امرىببء مسببلم يشببهد أن ل إلببه إل اللببه‬
‫وأن محمدا ً رسول الله‪ ,‬إل بإحدى ثلث‪ :‬النفببس بببالنفس‪,‬‬
‫والزاني المحصن‪ ,‬والتارك لدينه المفارق للجماعة«‪ .‬وفي‬
‫السنن »لزوال الدنيا عنببد اللببه أهببون مببن قتببل مسببلم«‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ومن قتل مظلوما ً فقد جعلنا لببوليه سببلطانًا{ أي‬
‫سلطة على القاتل‪ ,‬فإنه بالخيار فيببه إن شبباء قتلببه قببودًا‪,‬‬
‫وإن شاء عفا عنه على الديببة‪ ,‬وإن شبباء عفببا عنببه مجانبًا‪,‬‬
‫كما ثبتت السنة بذلك‪ ,‬فإنه بالخيار المام الحبر ابن عباس‬
‫لية الكريمببة وليببة معاويببة السببلطنة أنببه‬ ‫من عموم هذه ا َ‬
‫سيملك لنه كان ولي عثمان‪ ,‬وقد قتل مظلوما ً رضي الله‬
‫عنه‪ ,‬وكان معاوية يطالب عليا ً رضي اللببه عنببه أن يسببلمه‬
‫قتلته حتى يقتص منهم‪ ,‬لنه أموي‪ ,‬وكان علي رضببي اللببه‬
‫عنه يستمهله في المر حتى يتمكن ويفعببل ذلببك‪ ,‬ويطلببب‬
‫علي من معاوية أن يسلمه الشام فيأبى معاوية ذلك‪ ,‬حتى‬
‫يسمله القتلة‪ ,‬وأبى أن يبايع عليا ً هو وأهل الشام‪ ,‬ثببم مببع‬
‫المطاولة تمكن معاوية وصببار المببر إليببه‪ ,‬كمببا قبباله ابببن‬
‫لية الكريمببة‪ ,‬وهببذا مببن المببر‬ ‫عباس واستنبطه من هذه ا َ‬
‫العجبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببب‪.‬‬
‫وقد روى ذلك الطبراني فببي معجمببه حيببث قببال‪ :‬حببدثنا‬
‫يحيى بن عبد الباقي‪ ,‬حدثنا أبو عميببر بببن النحبباس‪ ,‬حببدثنا‬
‫ضمرة بن ربيعة عن ابن شببودب عببن مطببر الببوراق‪ ,‬عببن‬
‫زهدم الجرمي قال‪ :‬كنا في سمر ابببن عببباس فقببال‪ :‬إنببي‬

‫‪716‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫محدثكم بحديث ليس بسر ول علنية‪ ,‬إنه لما كان من أمر‬
‫هذا الرجل ما كان )يعني عثمان(‪ ,‬قلت لعلي‪ :‬اعببتزل فلببو‬
‫كنت في جحر طلبت حتى تسببتخرج فعصبباني‪ ,‬وايببم اللببه‬
‫ليتأمرن عليكم معاوية‪ ,‬وذلك أن اللببه يقببول‪} :‬ومببن قتببل‬
‫مظلوما ً فقد جعلنا لوليه سلطانا ً فل يسببرف فببي القتببل{‬
‫ليببة‪ ,‬وليحملنكببم قريببش علببى سببنة فببارس والببروم‪,‬‬ ‫ا َ‬
‫وليقيمن عليكببم النصببارى واليهبود والمجبوس‪ ,‬فمبن أخبذ‬
‫منكم يومئذ بما يعرف نجا‪ ,‬ومببن تببرك بب وأنتببم تبباركون بب‬
‫كنتببم كقببرن مببن القببرون هلببك فيمببن هلببك وقببوله‪} :‬فل‬
‫يسرف في القتل{ قالوا‪ :‬معناه فل يسرف الولي في قتل‬
‫القاتل بأن يمثل به أو يقتص من غير القاتل‪ .‬وقوله‪} :‬إنببه‬
‫كان منصببورًا{ أي إن البولي منصببور علبى القاتببل شببرعا ً‬
‫وغالبببببببببببببببببببببببببببببببببا ً قببببببببببببببببببببببببببببببببدرًا‪.‬‬

‫ى ي َب ْل ُبغَ‬ ‫َ‬
‫حت ّب َ‬
‫ن َ‬ ‫سب ُ‬
‫ح َ‬‫يأ ْ‬ ‫ل ال ْي َِتيم ِ إ ِل ّ ب ِببال ِّتي هِب َ‬
‫ما َ‬ ‫** وَل َ ت َْقَرُبوا ْ َ‬
‫ل‬ ‫ؤول ً * وَأ َوُْفوا ال ْك َي ْ َ‬ ‫س ُ‬‫م ْ‬‫ن َ‬ ‫ن ال ْعَهْد َ َ‬
‫كا َ‬
‫َ‬
‫شد ّهُ وَأوُْفوا ْ ِبال ْعَهْدِ إ ِ ّ‬ ‫أَ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫سب ُ‬ ‫ح َ‬ ‫خْيبٌر وَأ ْ‬ ‫ك َ‬‫سبت َِقيم ِ ذ َِلب َ‬‫م ْ‬‫س ال ْ ُ‬
‫ِ‬
‫سب َ‬
‫طا‬ ‫م وَزُِنوا ْ ِبالِق ْ‬ ‫ِإذا ك ِل ْت ُ ْ‬
‫َتبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببأ ِْويل ً‬
‫يقول تعالى‪} :‬ول تقربوا مال اليتيم إل بالتي هي أحسببن‬
‫حتى يبلغ أشده{ أي ل تتصرفوا في مال اليتيم إل بالغبطة‬
‫}ول تأكلوهببا إسببرافا ً وبببدارا ً أن يكبببروا ومببن كببان غني با ً‬
‫فليستعفف ومن كان فقيرا ً فليأكل بببالمعروف{ وقببد جبباء‬
‫في صحيح مسلم أن رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫قال لبي ذر‪» :‬يا أبا ذر إني أراك ضعيفًا‪ ,‬وإني أحب لك ما‬
‫أحب لنفسي‪ :‬ل تأمرن على اثنين‪ ,‬ول تولين مببال اليببتيم«‬
‫وقوله }وأوفببوا بالعهببد{ أي الببذي تعاهببدون عليببه النبباس‬
‫والعقود التي تعاملونهم بها‪ ,‬فإن العهد والعقببد كببل منهمببا‬
‫ل{ أي عنببه‪.‬‬ ‫يسببأل صبباحبه عنببه }إن العهببد كببان مسببئو ً‬
‫وقوله‪} :‬وأوفوا الكيل إذا كلتم{ أي من غير تطفيببف ول‬
‫تبخسوا الناس أشياءهم‪} ,‬وزنوا بالقسطاس{ قرىء بضم‬
‫القاف وكسرها‪ ,‬كالقرطاس‪ ,‬وهو الميزان‪ .‬وقببال مجاهببد‪:‬‬

‫‪717‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هببو العببدل بالروميببة‪ .‬وقببوله‪} :‬المسببتقيم{ أي الببذي ل‬
‫اعوجاج فيه ول انحراف ول اضطراب }ذلك خير{ أي لكم‬
‫في معاشكم ومعببادكم‪ ,‬ولهببذا قببال }وأحسببن تببأويل{ أي‬
‫مآل ومنقلبا ً في آخرتكم‪ ,‬قال سعيد عن قتادة }ذلببك خيببر‬
‫وأحسن تأويل{ أي خير ثوابا ً وأحسن عاقبببة‪ .‬وابببن عببباس‬
‫كان يقول‪ :‬يا معشر الموالي إنكم وليتم أمرين بهمببا هلببك‬
‫الناس قبلكم‪ ,‬هذا المكيال‪ ,‬وهذا الميزان‪ ,‬قببال‪ :‬وذكببر لنببا‬
‫أن نبي الله عليه الصلة والسلم كان يقول »ل يقدر رجل‬
‫على حرام ثم يدعه ليس به إل مخافة الله‪ ,‬إل أبببدله اللببه‬
‫لخرة ما هو خير لببه مببن ذلببك«‪.‬‬ ‫به في عاجل الدنيا قبل ا َ‬

‫ؤاد َ‬‫صَر َوال ُْف َ‬


‫معَ َوال ْب َ َ‬‫س ْ‬
‫ن ال ّ‬ ‫م إِ ّ‬‫عل ْ ٌ‬ ‫س لَ َ‬
‫ك ب ِهِ ِ‬ ‫ما ل َي ْ َ‬ ‫** وَل َ ت َْق ُ‬
‫ف َ‬
‫ؤول ً‬ ‫سبببببببب ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن عَْنبببببببب ُ‬ ‫كببببببببا َ‬ ‫ك َ‬‫ل ُأولـببببببببئ ِ َ‬
‫كبببببببب ّ‬ ‫ُ‬
‫قال علي بن أبي طلحة عن ابن عببباس يقببول‪ :‬ل تقببل‪.‬‬
‫وقال العوفي‪ :‬ل ترم أحدا ً بمببا ليببس لببك بببه علببم‪ .‬وقببال‬
‫محمد بن الحنفية‪ :‬يعني شهادة الزور‪ .‬وقال قتادة‪ :‬ل تقل‬
‫رأيت ولم تر‪ ,‬وسمعت ولم تسمع‪ ,‬وعلمت ولم تعلم‪ ,‬فإن‬
‫الله تعالى سائلك عن ذلك كلببه‪ ,‬ومضببمون مببا ذكببروه أن‬
‫الله تعالى نهى عبن القبول بل علبم ببل ببالظن البذي هبو‬
‫التوهم والخيال‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬اجتنبوا كثيرا ً من الظببن‬
‫إن بعض الظن إثببم{ وفببي الحببديث »إيبباكم والظببن فببإن‬
‫الظن أكذب الحديث«‪ .‬وفي سنن أبببي داود »بئس مطيببة‬
‫لخببر »إن أفببرى الفببرى أن‬ ‫الرجل زعموا« وفي الحديث ا َ‬
‫يري الرجل عينيه ما لم تريا«‪ .‬وفببي الصببحيح »مببن تحلببم‬
‫حلم با ً كلببف يببوم القيامببة أن يعقببد بيببن شببعيرتين وليببس‬
‫بفاعبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببل«‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬كل أولئك{ أي هذه الصفات من السمع والبصر‬
‫والفؤاد }كان عنه مسببئول{ أي سيسببأل العبببد عنهببا يببوم‬
‫القيامة‪ ,‬وتسأل عنه عما عمل فيها‪ ,‬ويصح استعمال أولئك‬
‫مكببببببببان تلببببببببك‪ ,‬كمببببببببا قببببببببال الشبببببببباعر‪:‬‬
‫ذم المنبببببببببببازل بعبببببببببببد منزلبببببببببببة اللبببببببببببوى‬

‫‪718‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والعيببببببببببببببببش بعببببببببببببببببد أولئك اليببببببببببببببببام‬

‫ض وَل َببن‬
‫خ برِقَ الْر َ‬ ‫ك ل َببن ت َ ْ‬ ‫مَرحا ً إ ِن ّ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ش ِفي الْر ِ‬ ‫م ِ‬‫** وَل َ ت َ ْ‬
‫مك ُْروهببا ً‬ ‫عن ْد َ َرب ّ َ‬
‫ك َ‬ ‫ه ِ‬ ‫سي ّئ ُ ُ‬‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ك َ‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬ ‫ل ُ‬
‫طول ً * ك ُ ّ‬ ‫جَبا َ‬‫ت َب ْل ُغَ ال ْ ِ‬
‫يقول تعالى ناهيا ً عباده عن التجبر والتبختر فببي المشببية‬
‫}ول تمش في الرض مرح بًا{ أي متبخببترا ً متمببايل ً مشببي‬
‫الجبارين }إنك لن تخرق الرض{ أي لببن تقطببع بمشببيك‪,‬‬
‫قاله ابن جرير‪ ,‬واستشببهد عليببه بقببول رؤبببة بببن العجبباج‪:‬‬
‫وقببببباتم العمببببباق خببببباوي المخبببببترقن‬
‫ل{ أي بتمايلببك وفخببرك‬ ‫وقوله‪} :‬ولببن تبلببغ الجبببال طببو ً‬
‫وإعجابك بنفسك‪ ,‬بل قد يجازى فاعل ذلك بنقيض قصببده‪,‬‬
‫كما ثبت في الصحيح »بينما رجل يمشي فيمن كان قبلكم‬
‫وعليببه بببردان يتبخببتر فيهمببا‪ ,‬إذ خسببف بببه الرض فهببو‬
‫يتجلجل فيها إلى يوم القيامة« وكذلك أخبر الله تعالى عن‬
‫قارون أنه خببرج علببى قببومه فببي زينتببه‪ ,‬وأن اللببه تعببالى‬
‫خسف به وبداره الرض‪ ,‬وفي الحببديث »مببن تواضببع للببه‬
‫رفعه الله‪ ,‬فهو في نفسه حقير وعنببد النبباس كبببير‪ ,‬ومببن‬
‫استكبر وضعه الله فهو في نفسه كبير وعند الناس حقيببر‪,‬‬
‫حتى لهو أبغض إليهم من الكلب والخنزير‪ ,‬وقببال أبببو بكببر‬
‫بن أبي الدنيا في كتاب الخمول والتواضع‪ :‬حدثنا أحمد بببن‬
‫إبراهيم بن كببثير‪ ,‬حببدثنا حجبباج بببن محمببد عببن أبببي بكببر‬
‫الهذلي قال بينما نحن مع الحسن إذ مر عليببه ابببن الهيببم‬
‫يريد المنصور‪ ,‬وعليه جباب خز قد نضد بعضها فوق بعببض‬
‫على ساقه‪ ,‬وانفرج عنها قببباؤه‪ ,‬وهببو يمشببي ويتبخببتر‪ ,‬إذ‬
‫نظر إليه الحسن نظرة فقال‪ :‬أف أف‪ ,‬شامخ بأنفه‪ ,‬ثبباني‬
‫عطفه‪ ,‬مصعر خده‪ ,‬ينظر في عطفيه‪ ,‬أي حميق ينظر في‬
‫عطفه في نعم غيببر مشببكورة ول مببذكورة‪ ,‬غيببر المببأخوذ‬
‫بأمر الله فيها‪ ,‬ول المؤدي حق الله منها‪ ,‬واللببه أن يمشببي‬
‫أحدهم طبيعته يتلجلج تلجلج المجنون في كببل عضببو منببه‬
‫نعمة‪ ,‬وللشيطان به لعنة‪ ,‬فسمعه ابن الهيم فرجع يعتببذر‬
‫إليه‪ ,‬فقال‪ :‬ل تعتذر إلي وتب إلى ربك‪ ,‬أمببا سببمعت قببول‬

‫‪719‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله تعالى‪} :‬ول تمببش فببي الرض مرحبا ً إنببك لببن تخببرق‬
‫الرض ولببببببببببن تبلببببببببببغ الجبببببببببببال طببببببببببول{‪.‬‬
‫ورأى البختري العابد رجل ً من آل علي يمشي وهو يخطر‬
‫في مشيته‪ ,‬فقال له‪ :‬يا هذا‪ ,‬إن الذي أكرمك بببه لببم تكببن‬
‫هذه مشيته‪ ,‬قال‪ :‬فتركها ورأى ابن عمببر رجل ً يخطببر فببي‬
‫مشيته‪ ,‬فقال‪ :‬إن للشياطين إخوانًا‪ .‬وقال خالد بن معدان‪:‬‬
‫إياكم والخطر‪ ,‬فإن الرجل يده من سببائر جسببده‪ ,‬رواهمببا‬
‫ابن أبي الدنيا‪ ,‬وقال ابن أبي الدنيا‪ :‬حدثنا خلف بن هشببام‬
‫البزار‪ ,‬حدثنا حماد بن زيد عن يحيى عن سعيد عن بحنبس‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‪» :‬إذا مشببت‬
‫أمتي المطيطاء‪ ,‬وخدمتهم فارس والببروم‪ ,‬سببلط بعضببهم‬
‫علبببببببببببببببببببببببببببببببى بعبببببببببببببببببببببببببببببببض«‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬كل ذلك كان سئيه عند ربك مكروهبًا{ أمببا مببن‬
‫قرأ سيئة‪ ,‬أي فاحشة فمعناه عنبده كبل هبذا البذي نهينباه‬
‫عنه من قوله‪} :‬ول تقتلوا أولدكم خشية إملق{ إلببى هنببا‬
‫فهو سيئه مؤاخذ عليها مكروه عند الله ل يحبه ول يرضاه‪,‬‬
‫وأما من قرأ سبيئه علبى الضبافة فمعنباه عنبده كبل هبذا‬
‫الذي ذكرناه من قوله‪} :‬وقضى ربك أن ل تعبدوا إل إياه{‬
‫إلى هنا فسيئه أي فقبيحه مكروه عند الله‪ ,‬هكذا وجه ذلك‬
‫اببببببببببببببن جريبببببببببببببر رحمبببببببببببببه اللبببببببببببببه‪.‬‬

‫َ‬
‫معَ الل ّهِ‬ ‫ل َ‬‫جع َ ْ‬ ‫حك ْ َ‬
‫مةِ وَل َ ت َ ْ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫م َ‬‫ك ِ‬ ‫ى إ ِل َي ْ َ‬
‫ك َرب ّ َ‬ ‫ح َ‬‫مآ أوْ َ‬
‫م ّ‬‫ك ِ‬‫** ذ َل ِ َ‬
‫حورا ً‬ ‫مُلومببببا ً ّ‬ ‫ْ‬ ‫إ َِلـببببها ً آ َ‬
‫مببببد ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫جهَن ّبببب َ‬‫ى فِببببي َ‬ ‫خببببَر فَت ُلَقبببب َ‬
‫يقول تعالى‪ :‬هذا الذي أمرناك به مببن الخلق الجميلببة‪,‬‬
‫ونهيناك عنببه مببن الصببفات الرذيلببة‪ ,‬ممببا أوحينببا إليببك يببا‬
‫محمد لتأمر به الناس‪} ,‬ول تجعل مع الله إلها ً آخر فتلقببى‬
‫في جهنم ملومًا{ أي تلومك نفسك ويلومك اللبه والخلببق‪,‬‬
‫}مدحورًا{ أي مبعدا ً من كل خير‪ ,‬قال ابن عباس وقتببادة‪:‬‬
‫مطرودًا‪ ,‬والمراد من هذا الخطاب المة بواسطة الرسول‬
‫صلى الله عليه وسببلم‪ ,‬فببإنه صببلوات اللببه وسببلمه عليببه‬
‫معصببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببوم‪.‬‬

‫‪720‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫َ َ‬
‫ملئ ِك َبةِ إ َِناثبا ً إ ِن ّك ُب ْ‬
‫م‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫خذ َ ِ‬
‫مب َ‬ ‫كم ِبال ْب َِني َ‬
‫ن َوات ّ َ‬ ‫م َرب ّ ُ‬
‫صَفاك ُ ْ‬
‫** أفَأ ْ‬
‫ظيمبببببببببببببببببا ً‬ ‫ن َقبببببببببببببببببوْل ً عَ ِ‬ ‫ل َت َُقوُلبببببببببببببببببو َ‬
‫يقول تعالى رادا ً علببى المشببركين الكبباذبين الزاعميببن‪,‬‬
‫عليهم لعائن الله‪ :‬أن الملئكة بنات الله‪ ,‬فجعلببوا الملئكببة‬
‫الذين هم عباد الرحمن إناثًا‪ ,‬ثم ادعوا أنهم بنات اللببه‪ ,‬ثببم‬
‫عبببدوهم فأخطببأوا فببي كببل مببن المقامببات الثلث خطببأ‬
‫عظيمببًا‪ ,‬فقببال تعببالى منكببرا ً عليهببم }أفأصببفاكم ربكببم‬
‫بالبنين{ أي خصصكم بالذكور }واتخذ من الملئكببة إناث بًا{‬
‫أي واختار لنفسه علببى زعمكببم البنببات‪ ,‬ثببم شببدد النكببار‬
‫عليهم فقال‪} :‬إنكم لتقولون قول ً عظيمًا{ أي في زعمكم‬
‫أن لله ولدًا‪ ,‬ثم جعلكم ولده الناث الببتي تببأنفون أن يكببن‬
‫لكم وربما قتلتموهن بالوأد‪ ,‬فتلك إدا ً قسمة ضيزى‪ ,‬وقببال‬
‫تعالى‪} :‬وقالوا اتخذ الرحمن ولدا ً * لقببد جئتببم شببيئا ً إد ّا ً *‬
‫تكاد السموات يتفطرن منه وتنشببق الرض وتخببر الجبببال‬
‫هدا ً * أن دعوا للرحمن ولدا ً * وما ينبغي للرحمن أن يتخذ‬
‫ولدا ً * إن كل من في السموات والرض إل آتببي الرحمببن‬
‫عبدًا‪ ,‬لقد أحصاهم وعدهم عدا ً * وكلهم آتيببه يببوم القيامببة‬
‫فببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببردًا{‪.‬‬

‫م إ ِل ّ‬
‫زيبد ُهُ ْ‬ ‫ن ل ِي َبذ ّك ُّروا ْ وَ َ‬
‫مببا ي َ ِ‬ ‫ذا ال ُْقبْرآ ِ‬ ‫** وَل ََقد ْ َ‬
‫صّرفَْنا ِفي َ‬
‫هـ َ‬
‫ن ُُفبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببورا ً‬
‫يقول تعالى‪} :‬ولقد صرفنا للناس في هببذا القببرآن مببن‬
‫كل مثل{ أي صرفنا فيه من الوعيد لعلهم يذكرون ما فيبه‬
‫من الحجج والبينات والمواعظ‪ ,‬فينزجروا عما هم فيه مببن‬
‫الشرك والظلم والفك‪} ,‬وما يزيدهم{ أي الظالمين منهم‬
‫}إل نفببببببورًا{ أي عببببببن الحببببببق وبعببببببدا ً منببببببه‪.‬‬

‫ْ َ‬ ‫ً‬ ‫مببا ي َُقول ُببو َ‬


‫ة كَ َ‬ ‫ل ل ّوْ َ‬
‫ى ِذي‬ ‫ن ِإذا ل ّب ْت َغَبوْا إ ِلب َ‬ ‫ه آل ِهَب ٌ‬ ‫مع َ ُ‬
‫ن َ‬
‫كا َ‬ ‫** قُ ْ‬
‫ن عُل ُبوّا ً ك َِبيببرا ً‬
‫ما ي َُقول ُببو َ‬
‫ى عَ ّ‬ ‫َ‬ ‫سِبيل ً * ُ‬ ‫ْ‬
‫ه وَت ََعال َ‬ ‫حان َ ُ‬
‫سب ْ َ‬ ‫ش َ‬ ‫العَْر ِ‬
‫‪721‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول تعالى‪ :‬قل يا محمد لهؤلء المشركين الزاعمين أن‬
‫لله شريكا ً من خلقه‪ ,‬العابببدين معببه غيببره‪ ,‬ليقربهببم إليببه‬
‫زلفى لو كان المر كما يقولون‪ ,‬وأن معه آلهة تعبد لتقرب‬
‫إليه وتشفع لديه‪ ,‬لكان أولئك المعبودون يعبدونه ويتقربون‬
‫إليه ويبتغون إليه الوسببيلة والقربببة‪ ,‬فاعبببدوه أنتببم وحببده‬
‫كما يعبده من تدعونه من دونه‪ ,‬ول حاجة لكم إلببى معبببود‬
‫يكون وساطة بينكم وبينه‪ ,‬فببإنه ل يحببب ذلببك ول يرضبباه‪,‬‬
‫بل يكرهه ويأباه‪ ,‬وقببد نهببى عببن ذلببك علببى ألسببنة جميببع‬
‫دسببها فقببال‪:‬‬ ‫رسببله وأنبيببائه‪ ,‬ثببم نببزه نفسببه الكريمببة وق ّ‬
‫}سبببحانه وتعببالى عمببا يقولببون{ أي هببؤلء المشببركون‬
‫المعتدون الظالمون في زعمهم أن معه آلهة أخرى }علوا ً‬
‫كبيرًا{ أي تعاليا ً كبيرًا‪ ,‬بل هو الله الحد الصببمد الببذي لببم‬
‫يلببببد ولببببم يولببببد ولببببم يكببببن لببببه كفببببوا ً أحببببد‪.‬‬

‫من‬ ‫ن وَِإن ّ‬ ‫من ِفيهِ ّ‬ ‫ض وَ َ‬‫سب ْعُ َوالْر ُ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ماَوا ُ‬ ‫س َ‬‫ه ال ّ‬ ‫ح لَ ُ‬‫سب ّ ُ‬
‫** ت ُ َ‬
‫ن‬
‫كببا َ‬‫ه َ‬
‫م إ ِن ّ ُ‬‫حه ُ ْ‬
‫سِبي َ‬
‫ن تَ ْ‬‫كن ل ّ ت َْفَقُهو َ‬‫مد َهِ وََلـ ِ‬
‫ح ْ‬‫ح بِ َ‬ ‫يٍء إ ِل ّ ي ُ َ‬
‫سب ّ ُ‬ ‫ش ْ‬‫َ‬
‫حِليمبببببببببببببببببببببببببببببببا ً غَُفبببببببببببببببببببببببببببببببورا ً‬ ‫َ‬
‫يقببول تعببالى‪ :‬تقدسببه السببموات السبببع والرض ومببن‬
‫فيهن‪ ,‬أي من المخلوقات‪ ,‬وتنزهه وتعظمه وتبجله وتكبببره‬
‫عما يقول هببؤلء المشببركون‪ ,‬وتشببهد لببه بالوحدانيببة فببي‬
‫رببببببببببببببببببببببببببببببوبيته وإلهيتبببببببببببببببببببببببببببببه‪:‬‬
‫ففببببي كببببل شببببيء لببببه آيةتببببدل علببببى أنببببه واحببببد‬
‫كما قال تعالى‪} :‬تكاد السببموات يتفطببرن منببه وتنشببق‬
‫الرض وتخر الجبال هدا ً * أن دعوا للرحمببن ولببدًا{ وقببال‬
‫أبو القاسم الطبراني‪ :‬حدثنا علببي بببن عبببد العزيببز‪ ,‬حببدثنا‬
‫سعيد بن منصور‪ ,‬حدثنا مسكين بن ميمون مببؤذن مسببجد‬
‫الرملة‪ ,‬حدثنا عروة بن رويم عن عبد الرحمن بن قرط أن‬
‫رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم ليلببة أسببري بببه إلببى‬
‫المسجد القصى‪ ,‬كببان بيببن المقببام وزمببزم‪ ,‬جبريببل عببن‬
‫يمينه وميكائيببل عببن يسبباره‪ ,‬فطببارا حببتى بلببغ السببموات‬
‫السبع‪ .‬فلما رجع قببال‪» :‬سببمعت تسبببيحا ً فببي السببموات‬

‫‪722‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العلى مع تسبيح كببثير سبببحت السببموات العلببى‪ ,‬مببن ذي‬
‫المهابة مشفقات لذي العلو بما عل‪ ,‬سبحان العلي العلى‬
‫سبببببببببببببببببببببببببببببحانه وتعببببببببببببببببببببببببببببالى«‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وإن من شببيء إل يسبببح بحمببده{ أي ومببا مببن‬
‫شببيء مببن المخلوقببات إل يسبببح بحمببد اللببه }ولكببن ل‬
‫تفقهون تسبيحهم{ أي ل تفقهببون تسبببيحهم أيهببا النبباس‪,‬‬
‫لنها بخلف لغاتكم‪ ,‬وهذا عام فببي الحيوانببات والجمببادات‬
‫والنباتببات‪ ,‬وهببذا أشببهر القببولين‪ ,‬كمببا ثبببت فببي صببحيح‬
‫البخاري عن ابن مسعود أنه قال‪ :‬كنا نسمع تسبيح الطعام‬
‫وهو يؤكل‪ .‬وفي حديث أبي ذر أن النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم أخذ فببي يببده حصببيات فسببمع لهببن تسبببيح كحنيببن‬
‫النحل‪ ,‬وكذا في يببد أبببي بكببر وعمببر وعثمببان رضببي اللببه‬
‫عنهببم‪ ,‬وهببو حببديث مشببهور فببي المسببانيد وقببال المببام‬
‫أحمد‪ :‬حدثنا حسن‪ ,‬حدثنا ابن لهيعة‪ ,‬حدثنا زبان عن سهل‬
‫بن معاذ عن ابن أنس‪ ,‬عن أبيه رضي الله عنه عن رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل على قوم وهم وقببوف‬
‫علببى دواب لهببم ورواحببل‪ ,‬فقببال لهببم »اركبوهببا سببالمة‬
‫ودعوها سالمة‪ ,‬ول تتخذوها كراسي لحاديثكم في الطرق‬
‫والسواق‪ ,‬فرب مركوبة خير من راكبهببا‪ ,‬وأكببثر ذكببرا ً للبه‬
‫منبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببه«‪.‬‬
‫وفي سنن النسائي عن عبببد اللبه ببن عمبرو قبال‪ :‬نهببى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الضفدع‪ ,‬وقببال‬
‫»نقيقها تسبيح«‪ .‬وقال قتادة عن عبد الله بن أبي عن عبد‬
‫الله بن عمرو أن الرجل إذا قال ل إله إل الله‪ ,‬فهي كلمببة‬
‫الخلص التي ل يقبل الله من أحد عمل ً حببتى يقولهببا‪ ,‬وإذا‬
‫قال‪ :‬الحمد لله‪ ,‬فهي كلمة الشكر التي لم يشكر الله عبد‬
‫قط حتى يقولها‪ ,‬وإذا قببال‪ :‬اللببه أكبببر‪ ,‬فهببي تمل مببا بيببن‬
‫السببماء والرض‪ ,‬وإذا قببال‪ :‬سبببحان اللببه‪ ,‬فهببي صببلة‬
‫الخلئق التي لم يدع الله أحدا ً من خلقه إل قببرره بالصببلة‬
‫والتسبيح‪ .‬وإذا قال‪ :‬ل حول ول قوة إل بالله‪ ,‬قببال‪ :‬أسببلم‬
‫عبببببببببببببببببببببببببببببدي واستسببببببببببببببببببببببببببببلم‪.‬‬

‫‪723‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال المام أحمببد‪ :‬حببدثنا وهببب بببن جريببر‪ ,‬حببدثنا أبببي‪,‬‬
‫صقعب بن زهير يحدث عن زيببد بببن أسببلم عببن‬ ‫سمعت ال ّ‬
‫عطاء بن يسار‪ ,‬عن عبد الله بببن عمببرو قببال‪ :‬أتببى النبببي‬
‫صلى اللببه عليببه وسببلم أعرابببي عليببه جبببة مببن طيالسببة‬
‫مكفوفة بديباج‪ ,‬أو مزورة بديباج‪ ,‬فقال‪ :‬إن صبباحبكم هببذا‬
‫يريد أن يرفع كل راع بببن راع ويضببع كببل رأس بببن رأس‪,‬‬
‫فقام إليه النبي صلى الله عليه وسلم مغضبا ً فأخذ بمجامع‬
‫جبته فاجتذبه فقال‪» :‬ل أرى عليك ثياب من ل يعقببل« ثببم‬
‫رجع رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم فجلببس‪ ,‬فقببال‪:‬‬
‫»إن نوحا ً عليه السلم لما حضرته الوفاة دعا ابنيه فقببال‪:‬‬
‫إني قاص عليكمببا الوصببية آمركمببا ببباثنتين‪ ,‬وأنهاكمببا عببن‬
‫اثنتين‪ ,‬أنهاكما عن الشرك بالله والكبر‪ ,‬وآمركما بل إله إل‬
‫الله فإن السموات والرض وما فيها لببو وضببعت ل إلببه إل‬
‫الله عليهمببا‪ ,‬لقصببمتهما أو لفصببمتهما‪ ,‬وآمركمببا بسبببحان‬
‫الله وبحمده‪ ,‬فإنها صلة كل شيء وبها يرزق كببل شببيء«‬
‫ورواه المام أحمد أيضا ً عن سليمان بن حببرب عببن حمبباد‬
‫بن زيد عن مصعب بن زهير به أطول من هببذا وتفببرد بببه‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حببدثني نصببر بببن عبببد الرحمببن الودي‪,‬‬
‫حدثنا محمد بن يعلى عن موسى بببن عبيببدة عببن زيببد بببن‬
‫أسلم‪ ,‬عن جابر بن عبد اللببه رضببي اللببه عنببه قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬أل أخبركم بشيء امر‬
‫به نوح ابنه ؟ إن نوحا ً عليه السلم قال لبنه‪ :‬يا بني آمرك‬
‫أن تقول‪ :‬سبحان الله‪ ,‬فإنها صلة الخلق وتسبببيح الخلببق‪,‬‬
‫وبها يزرق الخلق« قببال اللببه تعببالى‪} :‬وإن مببن شببيء إل‬
‫يسبح بحمده{ إسناده فيه ضعف‪ ,‬فإن الودي ضعيف عنببد‬
‫الكثرين‪ .‬وقال عكرمة في قوله تعببالى‪} :‬وإن مببن شببيء‬
‫إل يسبح بحمده{ قال السطوانة تسبح والشجرة تسبح ببب‬
‫السطوانة ب السببارية وقببال بعببض السببلف‪ :‬صببرير الببباب‬
‫تسبيحه وخرير الماء تسبببيحه قببال اللببه تعببالى }وإن مببن‬
‫شيء إل يسبح بحمده{ وقال سفيان الثوري عببن منصببور‬
‫عن إبراهيم قال‪ :‬الطعام يسبببح‪ ,‬ويشببهد لهببذا القببول آيببة‬

‫‪724‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السجدة في الحج‪ ,‬وقال آخرون‪ :‬إنما يسبببح مببا كببان فيببه‬
‫روح‪ ,‬يعنببببببببببون مببببببببببن حيببببببببببوان ونبببببببببببات‪.‬‬

‫قال قتادة في قوله‪} :‬وإن من شيء إل يسبببح بحمببده{‬


‫قال‪ :‬كل شيء فيه روح يسبببح مببن شببجر أو شببيء فيببه‪,‬‬
‫وقببال الحسببن والضببحاك فببي قببوله }وإن مببن شببيء إل‬
‫يسبح بحمده{ قال‪ :‬كل شيء فيه الروح‪ .‬وقال ابن جريببر‪:‬‬
‫حدثنا محمد بن حميببد‪ ,‬حببدثنا يحيببى بببن واضببح وزيببد بببن‬
‫حباب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير أبببو الخطبباب‪ ,‬قببال كنببا مببع يزيببد‬
‫الرقاشي ومعه الحسن في طعام‪ ,‬فقدموا الخوان‪ ,‬فقببال‬
‫يزيد الرقاشي‪ :‬يا أبا سعد‪ ,‬يسبح هذا الخوان ؟ فقال‪ :‬كان‬
‫يسبح مرة ب قلت‪ :‬الخوان هو المائدة من الخشب ب فكببأن‬
‫الحسن رحمه الله‪ ,‬ذهب إلى أنه لما كان حيا ً فيببه خضببرة‬
‫كان يسبح‪ ,‬فلما قطع وصار خشبة يابسة انقطببع تسبببيحه‪,‬‬
‫وقد يستأنس لهذا القول بحديث ابن عباس أن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلممر بقبرين فقال »إنهما لعببذبان ومببا‬
‫يعذبان في كبير‪ ,‬أما أحدهما فكان ل يسببتنزه مببن البببول‪,‬‬
‫لخر فكان يمشي بالنميمبة« ثبم أخبذ جريبدة رطببة‬ ‫وأما ا َ‬
‫فشقها نصفين‪ ,‬ثم غرز في كل قبر واحدة‪ ,‬ثم قال »لعلببه‬
‫يخفف عنهما ما لم ييبسا« أخرجباه فبي الصبحيحين‪ ,‬قبال‬
‫بعض من تكلم على هذ الحديث من العلماء‪ :‬إنما قببال مببا‬
‫لم ييبسا لنهما يسبحان ما دام فيهمببا خضببرة‪ ,‬فببإذا يبسببا‬
‫انقطببببببببببع تسبببببببببببيحهما‪ ,‬واللببببببببببه أعلببببببببببم‪.‬‬
‫وقوله }إنه كان حليما ً غفببورًا{ أي ل يعاجببل مببن عصبباه‬
‫بالعقوبة بل يؤجله وينظره‪ ,‬فإن استمر على كفره وعناده‬
‫أخذه أخذ عزيز مقتدر‪ ,‬كما جاء فببي الصببحيحين »إن اللببه‬
‫ليملي للظالم حتى إذا أخذه لببم يفلتببه«‪ ,‬ثببم قببرأ رسببول‬
‫الله صببلى اللببه عليببه وسببلم }وكببذلك أخببذ ربببك إذا أخببذ‬
‫لية‪ ,‬وقال تعالى‪} :‬وكأين من قريببة‬ ‫القرى وهي ظالمة{ ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬وقببال }كببأين مببن قريببة‬ ‫أمليت لهببا وهببي ظالمببة{ ا َ‬
‫ليتين‪ ,‬ومن أقلع عما هو فيببه مببن‬ ‫أهلكناها وهي ظالمة{ ا َ‬
‫كفر أو عصيان‪ ,‬ورجع إلى الله تاب إليه وتبباب عليببه‪ ,‬كمببا‬

‫‪725‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال تعالى‪} :‬ومن يعمل سوءا ً أو يظلم نفسه ثم يسببتغفر‬
‫لية‪ ,‬وقال ههنا }إنه كان حليم با ً غفببورًا{ كمببا قببال‬ ‫الله{ ا َ‬
‫فببي آخببر فبباطر }إن اللببه يمسببك السببموات والرض أن‬
‫تزول ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد مببن بعببده إنببه كببان‬
‫حليما ً غفورًا{ إلى أن قال }ولو يؤاخذ اللببه النبباس{ إلببى‬
‫آخبببببببببببببببببببببببببببببببر السبببببببببببببببببببببببببببببببورة‪.‬‬

‫ْ‬
‫ن‬‫من ُببو َ‬‫ن ل َ ي ُؤْ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّب ِ‬
‫ك وَب َي ْب َ‬ ‫جعَل ْن َببا ب َي ْن َب َ‬
‫ن َ‬‫ت ال ُْقرآ َ‬ ‫ذا قََرأ َ‬
‫** وَإ ِ َ‬
‫ة َأن‬ ‫م أ َك ِن ّب ً‬
‫ى قُُلبوب ِهِ ْ‬ ‫َ‬
‫جعَلَنبا عَلب َ‬
‫سبُتورا ً * وَ َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫جاببا ً ّ‬ ‫ح َ‬‫خَرةِ ِ‬ ‫ب ِببال َ ِ‬
‫ن‬ ‫ك فِببي ال ُْق بْرآ ِ‬ ‫ت َرب ّب َ‬ ‫ذا ذ َك َبْر َ‬ ‫م وَقْببرا ً وَإ ِ َ‬ ‫يآ َ‬
‫ذان ِهِب ْ‬ ‫ي َْفَقُهوهُ وَفِ ب َ‬
‫م ن ُُفببببببببورا ً‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ّ‬
‫ى أد َْبببببببببارِهِ ْ‬ ‫حببببببببد َهُ وَلببببببببوْا عَلبببببببب َ‬ ‫وَ ْ‬
‫يقول تعالى لرسوله محمد صلى اللببه عليببه وسببلم‪ :‬وإذا‬
‫قرأت يا محمد على هؤلء المشركين القرآن‪ ,‬جعلنببا بينببك‬
‫وبينهم حجابا ً مستورًا‪ .‬قال قتادة وابن زيد‪ :‬هو الكنة على‬
‫قلوبهم‪ ,‬كمببا قببال تعببالى‪} :‬وقببالوا قلوبنببا فببي أكنببة ممببا‬
‫تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومببن بيننببا وبينببك حجبباب{ أي‬
‫مانع حائل أن يصل إلينا مما تقول شببيء‪ .‬وقببوله }حجاب با ً‬
‫مستورًا{ بمعنببى سبباتر كميمببون ومشببؤوم بمعنببى يببامن‬
‫وشببائم‪ ,‬لنببه مببن يمنهببم وشببؤمهم‪ ,‬وقيببل‪ :‬مسببتورا ً عببن‬
‫البصار فل تراه وهو مع ذلببك حجبباب بينهببم وبيببن الهببدى‪,‬‬
‫ومببببال إلببببى ترجيحببببه ابببببن جريببببر رحمببببه اللببببه‪.‬‬
‫وقببال الحببافظ أبببو يعلببى الموصببلي‪ :‬حببدثنا أبببو موسببى‬
‫الهروي إسحاق بن إبراهيم‪ ,‬حدثنا سببفيان عببن الوليببد بببن‬
‫كثير‪ ,‬عن يزيد بن تدرس‪ ,‬عن أسماء بنت أبي بكببر رضببي‬
‫الله تعالى عنها قببالت‪ :‬لمببا نزلببت }تبببت يببدا أبببي لهببب{‬
‫جاءت العوراء أم جميل ولها ولولة وفببي يببدها فهببر وهببي‬
‫تقول‪ :‬مذمما ً أتينا ب أو أبينا ب قال أبو موسى‪ :‬الشك منببي‪,‬‬
‫ودينه قلينا‪ ,‬وأمره عصينا‪ ,‬ورسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم جالس وأبو بكر إلى جنبه فقال أبو بكر رضببي اللببه‬
‫عنه‪ :‬لقد أقبلت هذه وأنا أخاف أن تراك‪ ,‬فقببال »إنهببا لببن‬
‫تراني« وقرأ قرآنبا ً اعتصببم بببه منهببا }وإذا قببرأت القببرآن‬

‫‪726‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لخرة حجاب با ً مسببتورًا{‬ ‫جعلنا بينك وبين الذين ل يؤمنون با َ‬
‫قال‪ :‬فجاءت حتى قامت على أبي بكر فلم تر النبي صلى‬
‫الله عليببه وسببلم فقببالت‪ :‬يببا أبببا بكببر‪ ,‬بلغنببي أن صبباحبك‬
‫هجاني‪ ,‬قال أبو بكر‪ :‬ل ورب هذا البببيت مببا هجبباك‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫فانصرفت وهي تقول‪ :‬لقد علمت قريش أني بنت سيدها‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وجعلنا على قلوبهم أكنة{ وهي جمع كنان الذي‬
‫يغشى القلب }أن يفقهوه{ أي لئل يفهموا القببرآن }وفببي‬
‫آذانهم وقرًا{ وهو الثقل الذي منعهببم مببن سببماع القببرآن‬
‫سماعا ً ينفعهم ويهتببدون بببه‪ .‬وقببوله تعببالى‪} :‬وإذا ذكببرت‬
‫ربك في القرآن وحببده{ أي إذا وحببدت اللببه فببي تلوتببك‪,‬‬
‫وا{ أي أدببروا راجعيببن }علبى‬ ‫وقلبت ل إلبه إل اللبه‪} ,‬ول ّب ْ‬
‫أدبببارهم نفبورًا{ ونفببور جمبع نبافر‪ ,‬وكقعبود جمبع قاعببد‪,‬‬
‫ويجوز أن يكون مصدرا ً من غير الفعببل‪ ,‬واللببه أعلببم‪ .‬كمببا‬
‫قال تعالى‪} :‬وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الببذين ل‬
‫لية‪ ,‬قال قتادة فببي قببوله }وإذا ذكببرت‬ ‫لخرة{ ا َ‬‫يؤمنون با َ‬
‫لية‪ ,‬إن المسلمين لمببا قببالوا ل إلببه إل‬ ‫ربك في القرآن{ ا َ‬
‫الله‪ ,‬أنكر ذلك المشركون‪ ,‬كبببرت عليهببم وضبباقها إبليببس‬
‫وجنبببوده‪ ,‬فبببأبى اللبببه إل أن يمضبببيها ويعليهبببا وينصبببرها‬
‫ويظهرها على من ناوأها‪ ,‬إنها كلمة مببن خاصببم بهببا فلببح‪,‬‬
‫ومن قاتل بها نصر‪ ,‬إنمببا يعرفهببا أهببل هببذه الجريببزة مببن‬
‫المسلمين التي يقطعهبا الراكبب فببي ليبال قلئل‪ ,‬ويسببير‬
‫الببدهر فببي فئام مببن النبباس ل يعرفونهببا ول يقببرون بهببا‪.‬‬

‫)قبببببببببببببول آخبببببببببببببر فبببببببببببببي ا َ‬


‫ليبببببببببببببة(‬
‫روى ابن جرير‪ :‬حدثني الحسين بن محمد الببذارع‪ ,‬حببدثنا‬
‫روح بن المسيب أبو رجاء الكلبي‪ ,‬وحدثنا عمرو بببن مالببك‬
‫عن أبي الجوزاء‪ ,‬عن ابن عباس فببي قببوله‪} :‬وإذا ذكببرت‬
‫ووا علببى أدبببارهم نفببورًا{ هببم‬ ‫ربك في القببرآن وحببده ول ّب ْ‬
‫الشياطين‪ ,‬وهذا غريب جدا ً في تفسيرها‪ ,‬وإل فالشياطين‬
‫إذا قرىء القرآن أو نببودي بببالذان أو ذكببر اللببه انصببرفوا‪.‬‬

‫‪727‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ن إ ِل َي ْب َ‬ ‫** نح َ‬
‫ك وَإ ِذ ْ هُب ْ‬
‫م‬ ‫مُعو َ‬ ‫ن ب ِهِ إ ِذ ْ ي َ ْ‬
‫سبت َ ِ‬ ‫مُعو َ‬ ‫ست َ ِ‬‫ما ي َ ْ‬ ‫م بِ َ‬‫ن أعْل َ ُ‬ ‫ّ ْ ُ‬
‫حورا ً *‬ ‫سب ُ‬ ‫م ْ‬‫جل ً ّ‬ ‫ن إ ِل ّ َر ُ‬ ‫ن ِإن ت َت ّب ِعُببو َ‬ ‫مو َ‬‫ل الظ ّببال ِ ُ‬ ‫جوَىَ إ ِذ ْ ي َُقببو ُ‬ ‫نَ ْ‬
‫سِبيل ً‬
‫ن َ‬ ‫طيْعو َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ضّلوا ْ فَل َ ي َ ْ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫مَثا َ‬
‫ك ال ْ‬ ‫ضَرُبوا ْ ل َ َ‬‫ف َ‬ ‫ان ْظ ُْر ك َي ْ َ‬
‫يخبر تعالى نبيه صلى اللببه عليببه وسببلم بمببا يتنبباجى بببه‬
‫رؤساء قريش حيببن جبباؤوا يسببتمعون قراءتببه صببلى اللببه‬
‫عليببه وسببلم سببرا ً مببن قببومهم بمببا قببالوا مببن أنببه رجببل‬
‫مسحور من السحر علببى المشببهور‪ ,‬أو مببن السببحر وهببو‬
‫الرئة‪ ,‬أي إن تتبعون إن اتبعتم محمدا ً إل بشرا ً يأكببل‪ ,‬كمببا‬
‫قبببببببببببببببببببببببببببببببال الشببببببببببببببببببببببببببببببباعر‪:‬‬
‫فإن تسألينا فيم نحن فإنناعصافير من هذا النام المسببحر‬

‫وقببببببببببببببببببببببببببببببال الراجببببببببببببببببببببببببببببببز‪:‬‬
‫* نسبببببببحر بالطعبببببببام وبالشبببببببراب *‬
‫أي يغذي‪ ,‬وقد صوب هذا القببول ابببن جريببر‪ ,‬وفيببه نظببر‬
‫لنهم أرادوا ههنا أنه مسحور لببه رئي يببأتيه بمببا اسببتمعوه‬
‫من الكلم الذي يتلوه‪ ,‬ومنهم من قال‪ :‬شاعر‪ .‬ومنهم مببن‬
‫قال‪ :‬كباهن‪ .‬ومنهببم مبن قبال‪ :‬مجنبون ومنهبم مبن قبال‪:‬‬
‫ساحر‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬انظر كيف ضببربوا لببك المثببال‬
‫ل{ أي فل يهتدون إلى الحق ول‬ ‫فضلوا فل يستطيعون سبي ً‬
‫يجدون إليه مخلصًا‪ ,‬قال محمد بببن إسببحاق فببي السببيرة‪:‬‬
‫حدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهببري أنببه حببدث أن‬
‫أبا سفيان ببن حبرب وأبببا جهببل بببن هشبام والخنببس بببن‬
‫شريق بن عمرو بن وهب الثقفي حليف بني زهرة‪ ,‬خرجوا‬
‫ليلة ليستمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسببلم وهببو‬
‫يصلي بالليل في بيته‪ ,‬فأخذ كل واحد منهم مجلسا ً يستمع‬
‫فيه‪ ,‬وكل ل يعلم بمكان صاحبه‪ ,‬فباتوا يستمعون لببه حببتى‬
‫إذا طلع الفجر تفرقوا‪ ,‬حتى إذا جمعتهم الطريببق تلومببوا‪,‬‬
‫وقال بعضهم لبعض‪ :‬ل تعودوا فلببو رآكببم بعببض سببفهائكم‬
‫لوقعتم في نفسه شيئًا‪ ,‬ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلببة‬
‫الثانية‪ ,‬عاد كل رجل منهم إلببى مجلسببه فببباتوا يسببتمعون‬
‫له‪ ,‬حتى إذا طلع الفجر تفرقوا وجمعتهببم الطريببق‪ ,‬فقببال‬
‫بعضهم لبعض مثل ما قاله أول مرة‪ ,‬ثم انصرفوا حببتى إذا‬

‫‪728‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل مجلسه فببباتوا يسببتمعون‬
‫له‪ ,‬حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعتهببم الطريببق‪ ,‬فقببال‬
‫بعضهم لبعض ل نبرح حتى نتعاهد ل نعود‪ ,‬فتعاهببدوا علببى‬
‫ذلك ثم تفرقوا‪ ,‬فلما أصبح الخنس بن شريق أخببذ عصبباه‬
‫ثم خرج حتى أتى أبا سببفيان بببن حببرب فببي بيتببه‪ ,‬فقببال‪:‬‬
‫أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيببك فيمببا سببمعت مببن محمببد‪.‬‬
‫قال‪ :‬يا أبا ثعلبة والله لقد سمعت أشببياء أعرفهببا وأعببرف‬
‫ما يراد بها‪ ,‬وسمعت أشياء ما عرفببت معناهببا ول مببا يببراد‬
‫بها‪ ,‬قال الخنس‪ :‬وأنا والذي حلفت به‪ .‬قال‪ :‬ثم خرج مببن‬
‫عنده حتى أتى أبببا جهببل فببدخل عليببه بيتببه‪ ,‬فقببال‪ :‬يببا أبببا‬
‫الحكببم مببا رأيببك فيمببا سببمعت مببن محمببد ؟ قببال‪ :‬مبباذا‬
‫سببمعت ؟ قببال‪ :‬تنازعنببا نحببن وبنببو عبببد منبباف الشببرف‪:‬‬
‫أطعموا فأطعمنا‪ ,‬وحملوا فحملنا وأعطببوا فأعطينببا‪ ,‬حببتى‬
‫إذا تجاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان‪ ,‬قالوا‪ :‬منا نبببي‬
‫يأتيه الوحي من السماء‪ ,‬فمتى ندرك هببذه واللببه ل نببؤمن‬
‫بببه أبببدا ً ول نصببدقه‪ .‬قببال‪ :‬فقببام عنببه الخنببس وتركببه‪.‬‬

‫ديببدا ً‬ ‫َ‬ ‫** وََقال ُوَا ْ أ َإ ِ َ‬


‫ج ِ‬‫خْلقبا ً َ‬ ‫ن َ‬ ‫مب ُْعوُثو َ‬ ‫ظاما ً وَُرَفاتا ً أإ ِّنا ل َ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ذا ك ُّنا ِ‬
‫مببا ي َك ْب ُبُر فِببي‬ ‫م ّ‬ ‫خْلقبا ً ّ‬ ‫ديببدا ً * أ َوْ َ‬ ‫ح ِ‬
‫َ‬
‫جبباَرةً أوْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫كون ُببوا ْ ِ‬ ‫ل ُ‬ ‫* قُ ْ‬
‫َ‬
‫ة‬
‫مّر ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫م أو ّ َ‬‫ذي فَط ََرك ُ ْ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫من ي ُِعيد َُنا قُ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫سي َُقوُلو َ‬ ‫م فَ َ‬ ‫دورِك ُ ْ‬ ‫ص ُ‬‫ُ‬
‫َ‬ ‫ى هُوَ قُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن إ ِلي ْ َ‬
‫ى أن‬ ‫س َ‬ ‫ل عَ َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م وَي َُقولو َ‬ ‫سه ُ ْ‬
‫ؤو َ‬ ‫ك ُر ُ‬ ‫ضو َ‬ ‫سي ُن ْغِ ُ‬‫فَ َ‬
‫ن ِإن‬ ‫مدِهِ وَت َظ ُّنو َ‬ ‫ح ْ‬‫ن بِ َ‬‫جيُبو َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م فَت َ ْ‬‫عوك ُ ْ‬ ‫م ي َد ْ ُ‬‫ريبا ً * ي َوْ َ‬ ‫ن قَ ِ‬ ‫كو َ‬ ‫يَ ُ‬
‫م إ ِل ّ قَِليل ً‬‫ل ّب ِث ْت ُببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببب ْ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن الكفار المستبعدين وقببوع المعبباد‬
‫القببائلين اسببتفهام إنكببار منهببم لببذلك }أئذا كنببا عظامببا ً‬
‫ورفاتًا{ أي ترابًا‪ ,‬قاله مجاهد‪ .‬وقال علببي بببن أبببي طلحببة‬
‫عن ابن عباس رضي اللببه عنهمببا‪ :‬غبببارًا‪} ,‬أئنببا لمبعوثببون‬
‫خلقا ً جديدًا{ أي يوم القيامببة بعببدما بلينببا وصببرنا عببدما ً ل‬
‫لخببر }يقولببون أئنببا‬ ‫نذكر‪ ,‬كما أخبببر عنهببم فببي الموضببع ا َ‬
‫لمردودون في الحافرة * أئذا كنا عظاما ً نخرة * قالوا تلك‬
‫إذا كرة خاسرة{‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬وضببرب لنببا مثل ً ونسببي‬

‫‪729‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليتين‪ ,‬فأمر الله سبحانه رسببول اللببه صببلى اللببه‬ ‫خلقه{ ا َ‬
‫عليببه وسببلم أن يجيبهببم فقببال‪} :‬قببل كونببوا حجببارة أو‬
‫حديدًا{ إذ هما أشد امتناعا ً من العظام والرفات }أو خلقا ً‬
‫مما يكبر في صدروكم{ قببال ابببن إسببحاق عببن ابببن أبببي‬
‫نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ :‬سألت ابن عباس عن ذلببك‪ ,‬فقببال‪ :‬هببو‬
‫الموت‪ ,‬وروى عطية عن ابن عمر أنه قال في تفسير هذه‬
‫لية‪ :‬لو كنتم موتى لحييتكم‪ ,‬وكببذا قببال سببعيد بببن جبببير‬ ‫ا َ‬
‫وأبو صببالح والحسببن وقتببادة والضببحاك وغيرهببم‪ ,‬ومعنببى‬
‫ذلك أنكم لو فرضتم أنكم لو صرتم إلى المببوت الببذي هببو‬
‫ضد الحياة‪ ,‬لحياكم الله إذا شاء‪ ,‬فإنه ل يمتنع عليه شببيء‬
‫إذا أراده‪.‬‬
‫وقد ذكر ابن جرير ههنا حديثا ً »يجاء بالموت يوم القيامة‬
‫وكأنه كبش أملح‪ ,‬فيوقف بين الجنببة والنببار‪ ,‬ثببم يقببال‪ :‬يببا‬
‫أهل الجنة أتعرفون هذا ؟ فيقولون‪ :‬نعم‪ ,‬ثم يقال‪ :‬يا أهببل‬
‫النببار أتعرفببون هببذا ؟ فيقولببون‪ :‬نعببم‪ ,‬فيذبببح بيببن الجنببة‬
‫والنار‪ ,‬ثم يقال‪ :‬يا أهل الجنة خلود بل موت‪ ,‬ويا أهل النببار‬
‫خلببود بل مببوت« وقببال مجاهببد }أو خلق با ً ممببا يكبببر فببي‬
‫صدروكم{ يعني السماء والرض والجبال‪ ,‬وفي روايبة‪ :‬مبا‬
‫شئتم فكونوا فسيعيدكم اللبه بعبد مبوتكم‪ ,‬وقبد وقبع فبي‬
‫التفسير المروي عن المام مالك عن الزهببري فببي قببوله‪:‬‬
‫}أو خلقا ً مما يكبر في صببدوركم{ قببال النبببي صببلى اللببه‬
‫عليبببه وسبببلم‪ :‬قبببال مالبببك ويقولبببون هبببو المبببوت‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬فسيقولون من يعيدنا{ أي من يعيببدنا إذا‬
‫كنا حجارة أو حديدا ً أو خلقا ً آخر شديدا ً }قل الذي فطركم‬
‫أول مرة{ أي الذي خلقكم ولبم تكونبوا شبيئا ً مبذكورا ً ثبم‬
‫صرتم بشرا ً تنتشرون‪ ,‬فإنه قادر على إعادتكم ولو صببرتم‬
‫إلى أي حال }وهو الذي يبدأ الخلق ثببم يعيببده وهببو أهببون‬
‫لية‪ ,‬وقوله تعالى‪ُ} :‬ينفضون إليك رؤوسهم{ قببال‬ ‫عليه{ ا َ‬
‫ابن عباس وقتادة‪ :‬يحركونها استهزاء‪ ,‬وهذا الذي قاله هو‬
‫الذي تعرفه العرب من لغاتها‪ ,‬لن إنغاض هو التحرك مببن‬
‫أسفل أعلى أو من أعلى إلى أسببفل‪ ,‬ومنببه قيببل للظليببم‬
‫وهو ولد النعامة نغض‪ ,‬لنه إذا مشى عجل بمشيته وحببرك‬

‫‪730‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رأسه‪ ,‬ويقال‪ :‬نفصت سّنه إذا تحركت وارتفعت من منبتها‬
‫وقبببببببببببببببببببببببببببببببال الراجبببببببببببببببببببببببببببببببز‪:‬‬
‫ونغضبببببببت مبببببببن هبببببببرم أسبببببببنانها‬
‫وقوله‪} :‬ويقولون متى هو{ إخبار عنهم بالستبعاد منهببم‬
‫لوقوع ذلك‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬ويقولون متى هذا الوعد إن‬
‫كنتببم صببادقين{ وقببال تعببالى‪} :‬يسببتعجل بهببا الببذين ل‬
‫يؤمنببون بهبا{‪ .‬وقببوله‪} :‬قبل عسبى أن يكببون قريببًا{ أي‬
‫احذروا ذلك‪ ,‬فإنه قريب سيأتيكم ل محالة‪ ,‬فكل ما هو آت‬
‫آت‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬يوم يدعوكم{ أي الرب تبارك وتعالى‪:‬‬
‫}إذا دعبباكم دعببوة مببن الرض إذا أنتببم تخرجببون{ أي إذا‬
‫أمركم بالخروج منها‪ ,‬فإنه ل يخالف ول يمانع‪ ,‬بل كما قال‬
‫تعالى‪} :‬وما أمرنا إل واحببدة كلمببح بالبصببر{ }إنمببا قولنببا‬
‫لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون{‪ .‬وقببوله }فإنمببا‬
‫هي زجرة واحدة * فإذا هببم بالسبباهرة{ أي إنمببا هبو أمببر‬
‫واحد بانتهار‪ ,‬فإذا الناس قد خرجوا من ببباطن الرض إلببى‬
‫ظاهرهببا‪ ,‬كمببا قببال تعببالى‪} :‬يببوم يببدعوكم فتسببتجيبون‬
‫بحمده{ أي تقومون كلكببم إجابببة لمببره وطاعببة لرادتببه‪.‬‬
‫قال علببي بببن أبببي طلحببة عببن ابببن عببباس‪ :‬فتسببتجيبون‬
‫بحمببده‪ ,‬أي بببأمره‪ ,‬وكببذا قببال ابببن جريببج‪ :‬وقببال قتببادة‬
‫بمعرفتببببببببببببببببببببببببببببه وطبببببببببببببببببببببببببببباعته‪.‬‬
‫وقال بعضهم }يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده{ أي ولببه‬
‫الحمد في كل حال‪ .‬وقد جاء في الحديث »ليس على أهل‬
‫ل إله إل الله وحشة في قبورهم‪ ,‬كأني بأهل ل إله إل اللببه‬
‫يقومببون مببن قبببورهم ينفضببون الببتراب عببن رؤوسببهم‬
‫يقولون ل إله إل اللببه« وفببي روايببة يقولببون }الحمببد للببه‬
‫الذي أذهب عنا الحزن{ وسيأتي في سورة فاطر‪ .‬وقببوله‬
‫تعببالى‪} :‬وتظنببون{ أي يببوم تقومببون مببن قبببوركم }إن‬
‫ل{‪ ,‬وكقببوله تعببالى‪:‬‬ ‫لبثتببم{ أي فببي الببدار الببدنيا }إل قلي ً‬
‫}كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إل عشببية أو ضببحاها{‪ ,‬وقببال‬
‫تعالى‪} :‬يوم ينفببخ فببي الصببور ونحشببر المجرميببن يببومئذ‬
‫زرقا ً * يتخافتون بينهم إن لبثتم إل عشرا * نحن أعلم بمببا‬
‫يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتببم إل يوم بًا{‪ ,‬وقببال‬

‫‪731‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تعالى‪} :‬ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير‬
‫ساعة كذلك كانوا يؤفكون{‪ ,‬وقال تعالى‪} :‬قال كم لبثتببم‬
‫ً‬
‫فببي الرض عببدد سببنين ؟ قببالوا لبثنببا يومبا أو بعببض يببوم ٍ‬
‫فاسببأل العببادين‪ ,‬قببال إن لبثتببم إل قليل ً لببو أنكببم كنتببم‬
‫تعلمببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببون{‪.‬‬

‫شي ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن َينببَزغُ‬ ‫طا َ‬ ‫ن ال ّ‬
‫ن إِ ّ‬
‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫** وَُقل ل ّعَِباِدي ي َُقوُلوا ْ ال ِّتي هِ َ‬
‫مِبينببببا ً‬
‫عببببد ُوّا ً ّ‬
‫ن َ‬‫سببببا ِ‬ ‫ن ل ِل ِن ْ َ‬ ‫ن َ‬
‫كببببا َ‬ ‫طا َ‬ ‫شببببي ْ َ‬‫ن ال ّ‬‫م إِ ّ‬‫ب َي ْن َُهبببب ْ‬
‫يأمر تبارك وتعالى عبده ورسوله صلى الله عليه وسببلم‬
‫أن يببأمر عببباد اللببه المببؤمنين أن يقولببوا فببي مخبباطبتهم‬
‫ومحاورتهم الكلم الحسن والكلمة الطيبببة‪ ,‬فببإنهم إن لببم‬
‫يفعلببوا ذلببك‪ ,‬نببزع الشببيطان بينهببم‪ ,‬وأخببرج الكلم إلببى‬
‫لدم‬ ‫الفعال‪ ,‬وأوقع الشر والمخاصمة والمقاتلة‪ ,‬فإنه عببدو َ‬
‫لدم‪ ,‬وعببداوته ظبباهرة‬ ‫وذريته من حين امتنع عن السجود َ‬
‫بينة‪ ,‬ولهذا نهى أن يشير الرجل إلى أخيه المسلم بحديدة‪,‬‬
‫فببإن الشببيطان ينببزع فببي يببده أي فربمببا أصببابه بهببا‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الببرزاق‪ ,‬حببدثنا معمببر عببن‬
‫همام عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫صببلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬ل يشببيرن أحببدكم إلببى أخيببه‬
‫بالسلح‪ ,‬فإنه ل يدري أحدكم لعل الشيطان أن ينببزغ فببي‬
‫يده فيقع في حفببرة مببن النببار«أخرجبباه مببن حببديث عبببد‬
‫الرزاق‪ .‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عفان‪ ,‬حدثنا حماد‪ ,‬أنبأنببا‬
‫علي بن زيد عن الحسن قال‪ :‬حدثني رجل من بني سليط‬
‫قال‪ :‬أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في رَفلببة مببن‬
‫الناس فسمعته يقول »المسلم أخو المسلم ل يظلمببه ول‬
‫يخذله التقوى ههنببا« قببال حمبباد‪ :‬وقببال بيببده إلببى صببدره‬
‫»وما تواد رجلن فببي اللببه ففببرق بينهمببا إل حببدث يحببدثه‬
‫أحببدهما‪ ,‬المحببدث شببر والمحببدث شببر والمحببدث شببر«‪.‬‬

‫ي َ ْ‬ ‫م أ َوْ ِإن‬ ‫** ربك ُم أ َعل َم بك ُم إن ي َ ْ‬


‫مآ‬ ‫شأ ي ُعَذ ّب ْك ُ ْ‬
‫م وَ َ‬ ‫َ‬ ‫مك ُ ْ‬
‫ح ْ‬ ‫شأ ي َْر َ‬ ‫ّ ّ ْ ْ ُ ِ ْ ِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫ماَوا ِ‬ ‫سب َ‬ ‫فِببي ال ّ‬ ‫ن‬
‫مب ْ‬‫م بِ َ‬‫ك أعَْلب ُ‬ ‫كيل ً * وََرب ّ َ‬ ‫ك عَل َي ْهِ ْ‬
‫م وَ ِ‬ ‫سل َْنا َ‬
‫أْر َ‬
‫‪732‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫داُوود َ‬
‫ض َوآت َي ْن َببا َ‬ ‫ض الن ّب ِّيي َ َ‬
‫ضل َْنا ب َعْ َ‬
‫ض وَل ََقد ْ فَ ّ‬
‫ى ب َعْب ٍ‬
‫ن عَل ب َ‬ ‫َوالْر ِ‬
‫َز ُببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببورا ً‬
‫يقول تعالى‪} :‬ربكم أعلم بكم{ أيها الناس أي أعلم بمن‬
‫يستحق منكم الهداية ومن ل يستحق }إن يشأ يرحمكببم{‬
‫بأن يوفقكم لطاعته والنابة إليه }أو إن يشببأ يعبذبكم ومببا‬
‫أرسلناك ب يا محمد ب عليهم وكيل{ أي إنما أرسلناك نذيرًا‪,‬‬
‫فمن أطاعك دخل الجنة‪ ,‬ومن عصباك دخبل النبار‪ .‬وقبوله‬
‫}وربك أعلم بمببن فببي السببموات والرض{ أي بمراتبهببم‬
‫في الطاعة والمعصببية }ولقببد فضببلنا بعببض النبببيين علببى‬
‫بعض{ وكما قال تعالى }تلك الرسل فضلنا بعضببهم علببى‬
‫بعض منهم من كلم اللبه ورفببع بعضبهم درجبات{ وهببذا ل‬
‫ينافي ما ثبت في الصببحيحين أن رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم قال‪» :‬ل تفضلوا بين النبياء« فإن المببراد مببن‬
‫ذاك هببو التفضببيل بمجببرد التشببهي والعصبببية ل بمقتضببى‬
‫الدليل فإذا دل الدليل على شيء وجببب اتببباعه‪ ,‬ول خلف‬
‫أن الرسل أفضل من بقية النبياء‪ ,‬وأن أولي العببزم منهببم‬
‫أفضلهم‪ ,‬وهببم الخمسببة المببذكورون نصبا ً فببي آيببتين مببن‬
‫القرآن في سورة الحزاب }وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم‬
‫ومنك ومن نببوح وإبراهيببم وموسببى وعيسببى ابببن مريببم{‬
‫وفي الشورى قوله‪} :‬شرع لكم مببن الببدين مببا وصببى بببه‬
‫نوحا ً والذي أوحينا إليببك ومببا وصببينا بببه إبراهيببم وموسببى‬
‫وعيسى أن أقيمببوا الببدين ول تتفرقببوا فيببه{ ول خلف أن‬
‫محمدا ً صلى الله عليه وسلم أفضلهم‪ ,‬ثببم بعببده إبراهيببم‪,‬‬
‫ثم موسى ثم عيسى عليهم السلم علببى المشببهور‪ ,‬وقببد‬
‫بسببطناه بببدلئله فببي غيببر هببذا الموضببع‪ ,‬واللببه الموفببق‪.‬‬
‫وقببوله تعببالى‪} :‬وآتينببا داود زبببورا{ تنبببيه علببى فضببله‬
‫وشرفه‪ .‬قال البخاري‪ :‬حدثنا إسحاق بن نصر‪ ,‬أخبرنببا عبببد‬
‫الرزاق‪ ,‬أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة رضي اللببه‬
‫عنه‪ ,‬عن النبي صلى الله عليه وسلم قببال‪» :‬خفببف علببى‬
‫داود القرآن‪ ,‬فكان يأمر بدابته فتسرج‪ ,‬فكان يقببرؤه قبببل‬
‫أن يفببببببببببببببببرغ« يعنببببببببببببببببي القببببببببببببببببرآن‪.‬‬

‫‪733‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫ف‬ ‫شب َ‬ ‫ن كَ ْ‬
‫مل ِك ُببو َ‬ ‫دون ِبهِ فَل َ ي َ ْ‬ ‫مببن ُ‬ ‫مت ُببم ّ‬‫ن َزعَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫عوا ْ ال ّ ِ‬‫ل اد ْ ُ‬ ‫** قُ ِ‬
‫ى‬ ‫ن ي َب ْت َُغو َ َ‬
‫ن إ ِلبب َ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ي َد ْ ُ‬‫ذي َ‬ ‫ويل ً * ُأوَلـئ ِ َ‬
‫ك ال ّ ِ‬ ‫ح َِ‬ ‫م وَل َ ت َ ْ‬ ‫ضّر عَن ْك ُ ْ‬‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫سيل َ َ‬
‫ه‬
‫ذاب َ ُ‬‫عبب َ‬ ‫ن َ‬ ‫خاُفو َ‬ ‫ه وَي َ َ‬ ‫مت َ ُ‬
‫ح َ‬‫ن َر ْ‬ ‫جو َ‬‫ب وَي َْر ُ‬‫م أقَْر ُ‬ ‫ة أي ّهُ ْ‬ ‫م ال ْوَ ِ‬‫َرب ّهِ ُ‬
‫ذورا ً‬ ‫حببببببببببب ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ك ك َبببببببببببا َ‬ ‫ب َرب ّببببببببببب َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن عَببببببببببب َ‬ ‫إِ ّ‬
‫يقول تعالى‪} :‬قل{ يببا محمببد لهببؤلء المشببركين الببذين‬
‫عبببدوا غيببر اللببه }ادعببوا الببذين زعمتببم مببن دونببه{ مببن‬
‫الصببنام والنببداد فببارغبوا إليهببم }فببب{ إنهببم }ل يملكببون‬
‫كشببف الضببر عنكببم{ أي بالكليببة }ول تحببويل{ أي بببأن‬
‫يحولوه إلى غيركم‪ ,‬والمعنى أن الذي يقدر ذلببك هببو اللببه‬
‫وحده ل شريك له الذي له الخلق والمر‪ .‬قال العوفي عن‬
‫ليببة‪,‬‬ ‫ابن عباس في قببوله‪} :‬قببل ادعببوا الببذين زعمتببم{ ا َ‬
‫قال‪ :‬كان أهببل الشببرك يقولببون نعبببد الملئكببة والمسببيح‬
‫وعزيرًا‪ ,‬وهم الذين يببدعون يعنببي فببي الملئكببة والمسببيح‬
‫وعزيببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببرًا‪.‬‬
‫لية‪ ,‬روى البخاري‬ ‫وقوله تعالى‪} :‬أولئك الذين يدعون{ ا َ‬
‫من حديث سليمان بن مهران العمش‪ ,‬عببن إبراهيببم عببن‬
‫أبي معمر عن عبد اللببه فببي قببوله }أولئك الببذين يببدعون‬
‫يبتغون إلى ربهبم الوسبيلة{ قبال‪ :‬نباس مبن الجبن كبانوا‬
‫يعبدون فأسلموا‪ ,‬وفي رواية‪ :‬قال‪ :‬كان نبباس مببن النببس‬
‫يعبببدون ناس با ً مببن الجببن‪ ,‬فأسببلم الجببن وتمسببك هببؤلء‬
‫بدينهم‪ ,‬وقال قتادة عن معبد بن عبد الله الزماني عن عبد‬
‫الله بن عتبة بن مسعود عن ابن مسعود في قوله }أولئك‬
‫لية‪ ,‬قال‪ :‬نزلت في نفر من العرب كببانوا‬ ‫الذين يدعون{ ا َ‬
‫يعبدون نفببرا ً مبن الجبن‪ ,‬فأسبلم الجنيبون والنبس الببذين‬
‫ليببة‪,‬‬ ‫كانوا يعبدونهم‪ ,‬ل يشعرون بإسلمهم‪ ,‬فنزلببت هببذه ا َ‬
‫وفببي روايببة عببن ابببن مسببعود كببانوا يعبببدون صببنفا ً مببن‬
‫الملئكببببببببة يقببببببببال لهببببببببم الجببببببببن فببببببببذكره‪.‬‬
‫وقال السدي عن أبي صالح عببن ابببن عببباس فببي قببوله‬
‫}أولئك الببذي يببدعون يبتغببون إلببى ربهببم الوسببيلة أيهببم‬
‫أقببرب{ قببال‪ :‬عيسببى وأمببه وعزيببر‪ ,‬وقببال مغيببرة عببن‬
‫ليببة‪ :‬هببم عيسببى‬ ‫إبراهيم‪ :‬كان ابن عباس يقول في هذه ا َ‬

‫‪734‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وعزير والشمس والقمر‪ .‬وقببال مجاهببد‪ :‬عيسببى والعزيببر‬
‫والملئكببة‪ .‬واختببار ابببن جريببر قببول ابببن مسببعود لقببوله‬
‫}يبتغون إلى ربهم الوسيلة{ وهذا ل يعبر به عن الماضي‪,‬‬
‫فل يدخل فيه عيسى والعزيببر والملئكببة‪ ,‬وقببال والوسببيلة‬
‫هي القربة‪ ,‬كما قال قتببادة‪ ,‬ولهببذا قببال‪} :‬أيهببم أقببرب{‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ويرجببون رحمتببه ويخببافون عببذابه{ ل تتببم‬
‫العبادة إل بالخوف والرجاء فبالخوف ينكف عببن المنبباهي‪,‬‬
‫وبالرجاء يكببثر مببن الطاعببات‪ .‬وقببوله تعببالى‪} :‬إن عببذاب‬
‫ربك كان محببذورًا{ أي ينبغببي أن يحببذر منببه ويخبباف مببن‬
‫وقبببببببوعه وحصبببببببوله‪ ,‬عيببببببباذا ً ببببببببالله منبببببببه‪.‬‬

‫م بةِ أ َْو‬
‫ل ي َبوْم ِ ال ِْقَيا َ‬ ‫مهْل ِ ُ‬
‫كوهَببا قَب ْب َ‬ ‫ن ُ‬‫حب ُ‬ ‫من قَْري َبةٍ إ ِل ّ ن َ ْ‬ ‫** وَِإن ّ‬
‫طورا ً‬‫سب ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ن ذ َل ِببك فِببي ال ْك ِت َببا ِ‬ ‫ديدا ً ك َببا َ‬ ‫شب ِ‬ ‫ذابا ً َ‬‫ها عَب َ‬
‫معَذ ُّبو َ‬
‫ُ‬
‫هذا إخبار من الله عز وجل بأنه قد حتم وقضى بما عنده‬
‫في اللوح المحفوظ‪ :‬أنه ما من قرية إل سيهلكها بأن يبيببد‬
‫أهلها جميعهم أو يعذبهم }عذابا ً شديدًا{ إما بقتببل أو ابتلء‬
‫بما يشاء‪ ,‬وإنما يكون ذلك بسبب ذنوبهم وخطايبباهم‪ ,‬كمببا‬
‫قببال تعببالى عببن المببم الماضببين }ومببا ظلمنبباهم ولكببن‬
‫ظلموا أنفسهم{ وقال تعالى‪} :‬فذاقت وبال أمرهببا وكببان‬
‫عاقبة أمرها خسرًا{ وقال }وكأين من قرية عتت عن أمر‬
‫ليبببببببببببببببببات‪.‬‬ ‫ربهبببببببببببببببببا ورسبببببببببببببببببله{ ا َ‬

‫ن‬‫ب ب َِهبا الوُّلبو َ‬ ‫ت إ ِل ّ َأن َ‬


‫كبذ ّ َ‬ ‫ل ِبال ََيبا ِ‬‫سب َ‬ ‫َ‬
‫من َعََنبآ أن ن ّْر ِ‬‫ما َ‬ ‫** وَ َ‬
‫ت إ ِل ّ‬ ‫ل ِبال ََيا ِ‬
‫س ُ‬ ‫موا ْ ب َِها وَ َ‬
‫ما ن ُْر ِ‬ ‫صَرةً فَظ َل َ ُ‬
‫مب ْ ِ‬
‫ة ُ‬ ‫مود َ الّناقَ َ‬
‫َوآت َي َْنا ث َ ُ‬
‫خِويفبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببا ً‬ ‫تَ ْ‬
‫قال سنيد عن حماد بن زيببد عببن أيببوب‪ ,‬عببن سببعيد بببن‬
‫جبير قال‪ :‬قال المشركون‪ :‬يا محمد إنببك تزعببم أنببه كببان‬
‫قبلك أنبياء فمنهم من سخرت له الريح‪ ,‬ومنهببم مببن كببان‬
‫يحيي الموتى‪ ,‬فبإن سببرك أن نببؤمن بببك ونصبدقك‪ ,‬فببادع‬
‫ربك أن يكون لنا الصفا ذهببًا‪ ,‬فببأوحى اللببه إليببه‪ :‬إنببي قببد‬
‫سمعت الذي قالوا فإن شئت أن نفعل الذي قالوا فإن لببم‬

‫‪735‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليببة منبباظرة‪,‬‬‫يؤمنوا نزل العذاب‪ ,‬فإنه ليببس بعببد نببزول ا َ‬
‫وإن شئت أن نستأني بقومك استأنيت بهم‪ .‬قال‪» :‬يببا رب‬
‫استأن بهم« وكذا قال قتادة وابببن جريببج وغيرهمببا‪ ,‬وروى‬
‫المام أحمد‪ :‬حببدثنا عثمببان بببن محمببد‪ ,‬حببدثنا جريببر عببن‬
‫العمش عن جعفر بن إياس‪ ,‬عن سعيد بن جبير عببن ابببن‬
‫عباس قال‪ :‬سأل أهل مكة النبي صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫أن يجعببل لهببم الصببفا ذهبببًا‪ ,‬وأن ينحببي الجبببال عنهببم‬
‫فيزرعوا‪ ,‬فقيل له‪ :‬إن شئت أن نسببتأني بهببم‪ ,‬وإن شببئت‬
‫أن يأتيهم الذي سألوا فإن كفروا هلكوا‪ ,‬كمببا أهلكببت مببن‬
‫كان قبلهم من المم‪ .‬وقبال »ل‪ ,‬ببل اسبتأن بهبم« وأنبزل‬
‫ليببات إل أن كببذب بهببا‬ ‫الله تعالى‪} :‬وما منعنا أن نرسل با َ‬
‫ليبببة‪ ,‬ورواه النسبببائي واببببن جريبببر ببببه‪.‬‬ ‫الولبببون{ ا َ‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬حدثنا سفيان عببن‬
‫سلمة بن كهيل عن عمببران بببن حكيببم‪ ,‬عببن ابببن عببباس‪,‬‬
‫قال‪ :‬قالت قريش للنبي صببلى اللببه عليببه وسببلم‪ :‬ادع لنببا‬
‫رببببك أن يجعبببل لنبببا الصبببفا ذهببببا ً ونبببؤمن ببببك‪ .‬قبببال‬
‫»وتفعلون ؟« قالوا‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬فدعا فأتبباه جبريببل فقببال‪:‬‬
‫إن ربك يقرأ عليك السلم ويقول لك‪ :‬إن شئت أصبح لهم‬
‫الصفا ذهبًا‪ ,‬فمن كفر منهم بعد ذلك عذبته عذابا ً ل أعببذبه‬
‫أحدا ً من العالمين«‪ ,‬وإن شئت فتحببت لهببم أبببواب التوبببة‬
‫والرحمببببة‪ ,‬فقببببال‪» :‬بببببل ببببباب التوبببببة والرحمببببة«‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبببو يعلببى فببي مسببنده‪ :‬حببدثنا محمببد بببن‬
‫إسببماعيل بببن علببي النصبباري‪ ,‬حببدثنا خلببف بببن تميببم‬
‫المصيصي عن عبد الجبار بن عمر اليلي‪ ,‬عن عبد الله بن‬
‫عطاء بن إبراهيببم عببن جببدته أم عطبباء مببولة الزبيببر بببن‬
‫العببوام قببالت‪ :‬سببمعت الزبيببر يقببول لمببا نزلببت }وأنببذر‬
‫عشببيرتك القربيببن{ صبباح رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسببلم علببى أبببي قبببيس »يببا آل عبببد منبباف إنببي نببذير«‬
‫فجاءته قريش فحذرهم وأنذرهم‪ ,‬فقالوا‪ :‬تزعببم أنببك نبببي‬
‫يوحى إليببك‪ ,‬وإن سببليمان سببخر لببه الريببح والجبببال‪ ,‬وإن‬
‫موسى سخر لببه البحببر‪ ,‬وإن عيسببى كببان يحيببي المببوتى‬
‫فببادع اللببه أن يسببير عنببا هببذه الجبببال ويفجببر لنببا الرض‬

‫‪736‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أنهارًا‪ ,‬فنتخذها محببارث فنبزرع ونأكبل‪ ,‬وإل فبادع اللبه أن‬
‫يحيي لنا موتانا لنكلمهم ويكلمونا‪ ,‬وإل فادع الله أن يصببّير‬
‫لنا هذه الصخرة التي تحتك ذهبا ً فننحت منهببا وتغنينببا عببن‬
‫رحلة الشتاء والصيف‪ ,‬فإنببك تزعببم أنببك كهيئتهببم‪ .‬وقببال‪:‬‬
‫فبينا نحن حوله إذ نزل عليه الوحي‪ ,‬فلما سّري عنه‪ ,‬قال‪:‬‬
‫»والذي نفسي بيده‪ ,‬لقببد أعطبباني مببا سببألتم ولببو شببئت‬
‫لكان‪ ,‬ولكنه خيرني بيببن أن تببدخلوا ببباب الرحمببة فيببؤمن‬
‫مؤمنكم‪ ,‬وبين أن يكلكم إلى ما اخترتم لنفسببكم فتضببلوا‬
‫عببن ببباب الرحمببة‪ ,‬فل يببؤمن منكببم أحببد‪ ,‬فبباخترت ببباب‬
‫الرحمة فيؤمن مؤمنكم‪ ,‬وأخبرني أنه إن أعطاكم ذلك ثببم‬
‫كفرتببم أنببه يعببذبكم عببذابا ً ل يعببذبه أحببدا ً مببن العببالمين«‬
‫ليببات إل أن كببذب بهببا‬ ‫ونزلببت }ومببا منعنببا أن نرسببل با َ‬
‫الولون{ وقرأ ثلث آيات ونزلت }ولو أن قرآنا ً سيرت بببه‬
‫ليببة‪.‬‬‫الجبببال أو قطعببت بببه الرض أو كلببم بببه المببوتى{ ا َ‬
‫ليات{ أي نبعببث‬ ‫ولهذا قال تعالى‪} :‬وما منعنا أن نرسل با َ‬
‫ليات ونأتي بها على ما سأل قومك منك فإنه سهل علينا‬ ‫ا َ‬
‫يسير لدينا إل أنه قببد كبذب بهببا الولببون بعببد مببا سبألوها‪,‬‬
‫وجرت سنتنا فيهم وفي أمثالهم أنهم ل يؤخرون إن كببذبوا‬
‫بها بعد نزولها‪ ,‬كما قال الله تعالى في المائدة }قببال اللببه‬
‫إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعببذبه عببذابا ً‬
‫ل أعذبه أحدا ً من العالمين{ وقال تعببالى عببن ثمببود حيببن‬
‫سألوا آية ناقة تخرج من صخرة عينوها‪ ,‬فدعا صببالح عليببه‬
‫السلم ربه فأخرج لهم منهببا ناقببة علببى مببا سببألوه‪ ,‬فلمببا‬
‫ظلموا بها أي كفروا بمن خلقها وكذبوا رسببوله وعقروهببا‪,‬‬
‫فقببال }تمتعببوا فببي داركببم ثلثببة أيببام ذلببك وعببد غيببر‬
‫مكذوب{‪ .‬ولهذا قال تعالى‪} :‬وآتينببا ثمببود الناقببة مبصببرة‬
‫فظلموا بهببا{ أي دالببة علببى وحدانيببة مببن خلقهببا وصببدق‬
‫رسوله الذي أجيب دعاؤه فيهببا }فظلمببوا بهببا{ أي كفببروا‬
‫بهببا ومنعوهببا شببربها وقتلوهببا‪ ,‬فأبببادهم اللببه عببن آخرهببم‬
‫وانتقبببببم منهبببببم وأخبببببذهم أخبببببذ عزيبببببز مقتبببببدر‪.‬‬
‫ليات إل تخويفًا{ قال قتادة‪:‬‬ ‫وقوله تعالى‪} :‬وما نرسل با َ‬
‫ليببات لعلهببم‬ ‫إن الله تعالى يخوف النبباس بمببا شبباء مببن ا َ‬

‫‪737‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يعتبرون ويذكرون ويرجعببون‪ ,‬ذكببر لنببا أن الكوفببة رجفببت‬
‫على عهد ابن مسعود رضي الله عنه‪ ,‬فقال‪ :‬يا أيها النبباس‬
‫إن ربكببم يسببتعتبكم فببأعتبوه‪ ,‬وهكببذا روي أن المدينببة‬
‫زلزلت على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه مببرات‪,‬‬
‫فقال عمر‪ :‬أحدثتم والله لئن عادت لفعلن ولفعلن‪ .‬وكببذا‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق‬
‫عليه »إن الشمس والقمر آيتان مببن آيببات اللببه وإنهمببا ل‬
‫ينكسفان لموت أحد ول لحياته‪ ,‬ولكن الله عز وجل يخوف‬
‫بهما عباده‪ ,‬فإذا رأيتببم ذلببك فببافزعوا إلببى ذكببره ودعببائه‬
‫واستغفاره ب ثم قال ب يا أمة محمد والله ما أحد أغيببر مببن‬
‫الله أن يزني عبده أو تزني أمته‪ ,‬يببا أمببة محمببد واللببه لببو‬
‫تعلمبببون مبببا أعلبببم لضبببحكتم قليل ً ولبكيتبببم كبببثيرًا«‪.‬‬

‫جعَل َْنا الّرؤَيا ال ِّتي‬ ‫ما َ‬ ‫س وَ َ‬ ‫ك أَ َ َ‬ ‫ن َرب ّ َ‬ ‫** وَإ ِذ ْ قُل َْنا ل َ َ‬
‫حاط ِبالّنا ِ‬ ‫ك إِ ّ‬
‫ن‬
‫ة فِببي الُق بْرآ ِ‬ ‫مل ُْعون َب َ‬
‫جَرةَ ال ْ َ‬
‫شب َ‬ ‫س َوال ّ‬ ‫ة للن ّببا ِ‬ ‫أ ََري ْن َببا َ‬
‫ك إ ِل ّ فِت ْن َب ً ّ‬
‫م إ ِل ّ ط ُغَْيانببببببا ً ك َِبيببببببرا ً‬‫زيببببببد ُهُ ْ‬
‫مببببببا ي َ ِ‬ ‫م فَ َ‬ ‫خببببببوّفُهُ ْ‬ ‫وَن ُ َ‬
‫يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم محرضا ً علببى‬
‫إبلغ رسالته مخبرا ً له بببأنه قببد عصببمه مببن النبباس‪ ,‬فببإنه‬
‫القادر عليهم وهم في قبضته وتحبت قهبره وغلبتبه‪ .‬وقبال‬
‫مجاهد وعببروة بببن الزبيبر والحسببن وقتبادة وغيرهببم فببي‬
‫قوله‪} :‬وإذ قلنا لببك إن ربببك أحبباط بالنبباس{ أي عصببمك‬
‫منهببم‪ ,‬وقببوله‪} :‬ومببا جعلنببا الرؤيببا الببتي أرينبباك إل فتنببة‬
‫لية‪ ,‬قال البخاري‪ :‬حدثنا علي بن عبد الله حببدثنا‬ ‫للناس{ ا َ‬
‫سفيان عن عمرو عن عكرمة‪ ,‬عن ابن عباس }وما جعلنببا‬
‫الرؤيا التي أريناك إل فتنببة للنبباس{ قببال‪ :‬هببي رؤيببا عيببن‬
‫أريها رسول الله صلى اللبه عليبه وسبلم ليلبة أسبري ببه‪,‬‬
‫}والشجرة الملعونة فببي القببرآن{ شببجرة الزقببوم‪ ,‬وكببذا‬
‫رواه أحمد وعبد الرزاق وغيرهما عن سفيان بن عيينة بببه‪.‬‬
‫وكبببببببذا رواه العبببببببوفي عبببببببن اببببببببن عبببببببباس‪.‬‬
‫وهكذا فسر ذلك بليلة السراء مجاهببد وسببعيد بببن جبببير‬
‫والحسن ومسروق وإبراهيم وقتادة وعبد الرحمن بن زيد‪,‬‬

‫‪738‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وغير واحد‪ ,‬وقد تقدمت أحاديث السراء في أول السببورة‬
‫مستوفاة ولله الحمد والمنة‪ .‬وتقببدم أن ناسبا ً رجعببوا عببن‬
‫دينهم بعد مببا كببانوا علببى الحببق‪ ,‬لنببه لببم تحمببل قلببوبهم‬
‫وعقولهم ذلك‪ ,‬فكذبوا بما لم يحيطوا بعلمببه‪ ,‬وجعببل اللببه‬
‫لخرين‪ ,‬ولهذا قال }إل فتنببة{ أي اختبببارا ً‬ ‫ذلك ثباتا ً ويقينا ً َ‬
‫وامتحانًا‪ ,‬وأما الشجرة الملعونة فهي شجرة الزقوم‪ ,‬كمببا‬
‫أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسببلم أنببه رأى الجنببة‬
‫والنار‪ ,‬ورأى شجرة الزقببوم فكببذبوا بببذلك حببتى قببال أبببو‬
‫جهل عليه لعائن الله‪ :‬هاتوا لنا تمرا ً وزبدًا‪ ,‬وجعل يأكل من‬
‫هذا بهذا‪ ,‬ويقول‪ :‬تزقموا فل نعلم الزقوم غير هببذا‪ ,‬حكببى‬
‫ذلك ابن عبباس ومسبروق وأبببو مالبك والحسبن البصبري‬
‫وغير واحد‪ ,‬وكل من قال إنها ليلة السببراء‪ ,‬فسببره كببذلك‬
‫بشجرة الزقوم‪ .‬وقيل‪ :‬المراد بالشجرة الملعونة بنو أمية‪,‬‬
‫وهببببببببببببببببببو غريببببببببببببببببببب ضببببببببببببببببببعيف‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثت عن محمد بن الحسن بببن زبالببة‪,‬‬
‫حدثنا عبد المهيمن بن عباس بن سبهل ببن سبعد‪ ,‬حبدثني‬
‫أبي عن جدي قال‪ :‬رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫بني فلن ينزون على منبره نزو القرود‪ ,‬فساءه ذلك‪ ,‬فمببا‬
‫استجمع ضاحكا ً حتى مات‪ ,‬قال‪ :‬وأنزل الله في ذلك }وما‬
‫لية‪ ,‬وهذا السند‬ ‫جعلنا الرؤيا التي أريناك إل فتنة للناس{ ا َ‬
‫ضببعيف جببدا ً فببإن محمببد بببن الحسببن بببن زبالببة مببتروك‪,‬‬
‫وشيخه أيضا ً ضببعيف بالكليببة‪ ,‬ولهببذا اختببار ابببن جريببر أن‬
‫المببراد بببذلك ليلببة السببراء‪ ,‬وأن الشببجرة الملعونببة هببي‬
‫شجرة الزقوم‪ ,‬قال لجماع الحجة من أهببل التأويببل علببى‬
‫ذلببك أي فببي الرؤيببا والشببجرة‪ ,‬وقببوله‪} :‬ونخببوفهم{ أي‬
‫الكفار بالوعيد والعذاب والنكال‪} ,‬فما يزيببدهم إل طغيان با ً‬
‫كبيرًا{ أي تماديا ً فيما هم فيه من الكفببر والضببلل‪ ,‬وذلببك‬
‫مبببببببببببببن خبببببببببببببذلن اللبببببببببببببه لهبببببببببببببم‪.‬‬

‫‪739‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫س قَببا َ‬
‫ل‬ ‫دوا ْ إ َل ّ إ ِب ِْليب َ‬‫ج ُ‬‫س َ‬ ‫م فَ َ‬ ‫دوا ْ ل َد َ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ملئ ِك َةِ ا ْ‬
‫س ُ‬ ‫** وَإ ِذ ْ قُل َْنا ل ِل ْ َ‬
‫ت‬ ‫مب َ‬ ‫ذي ك َّر ْ‬ ‫ذا ال ّب ِ‬ ‫هـ ب َ‬‫ك َ‬ ‫ل أ ََرأ َي ْت َ َ‬ ‫طينا ً * َقا َ‬ ‫ت ِ‬ ‫خل َْق َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫جد ُ ل ِ َ‬ ‫س ُ‬
‫ََ‬
‫أأ ْ‬
‫ه إ َل ّ قَِليل ً‬
‫ن ذ ُّري ّت َب ُ‬‫حت َن ِك َب ّ‬‫م بة ِ ل ْ‬ ‫ى ي َوْم ِ ال ِْقَيا َ‬ ‫َ‬
‫ن إ ِل َ‬
‫خْرت َ ِ‬ ‫ن أَ ّ‬ ‫ي ل َئ ِ ْ‬‫عَل َ ّ‬
‫يذكر تبارك وتعالى عداوة إبليس لعنه اللببه وذريتببه وأنهببا‬
‫عببداوة قديمببة منببذ خلببق آدم فببإنه تعببالى أمببر الملئكببة‬
‫لدم فسجدوا كلهببم إل إبليببس اسببتكبر وأبببى أن‬ ‫بالسجود َ‬
‫يسجد لبه افتخبارا ً عليبه واحتقبارا ً لبه }قبال أأسبجد لمبن‬
‫ليببة الخببرى }أنببا خيببر منببه‬ ‫خلقت طينًا{ كمببا قببال فببي ا َ‬
‫خلقتني من نار وخلقته من طين{ وقال أيضا ً أرأيتك يقول‬
‫للرب جراءة وكفرا ً والرب يحلم وينظر }قببال أرأيببت هببذا‬
‫لية‪ ,‬قال علي بن أبي طلحة عن ابببن‬ ‫الذي كرمت علي{ ا َ‬
‫عباس يقول لسببتولين علببى ذريتببه إل قليل ً وقببال مجاهببد‬
‫ن وقال ابن زيببد لضببلنهم وكلهببا متقاربببة والمعنببى‬ ‫لحتوي ّ‬
‫أرأيتببك هببذا الببذي شببرفته وعظمتببه علببي لن أنظرتنببي‬
‫لضبببببببببببببببلن ذريتبببببببببببببببه إل قليل ً منهبببببببببببببببم‪.‬‬

‫جبَزاءً‬ ‫م َ‬ ‫جَزآؤُك ُب ْ‬ ‫م َ‬ ‫جهَن ّب َ‬ ‫م ف َ بإ ِ ّ‬


‫ن َ‬ ‫من ْهُ ْ‬
‫ك ِ‬‫من ت َب ِعَ َ‬ ‫ب فَ َ‬‫ل اذ ْهَ ْ‬ ‫** َقا َ‬
‫ب‬ ‫موُفورا ً * واستْفزز من اس بتط َعت منه بم بص بوت ِ َ َ‬
‫جل ِب ْ‬‫ك وَأ ْ‬ ‫َ ْ َ ِْ َ ِ ْ َ ْ َ ِ ُْ ْ ِ َ ْ‬ ‫ّ ْ‬
‫ل َوالْولدِ‬ ‫وا ِ‬ ‫مبب َ‬‫م ِفببي ال ْ‬ ‫شببارِك ْهُ ْ‬ ‫ك وَ َ‬‫جِلبب َ‬ ‫ك وََر ِ‬ ‫خي ِْلبب َ‬‫عَل َي ِْهببم ب ِ َ‬
‫س‬‫عب َبباِدي ل َي ْب َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن إ ِل ّ غُُرورا ً * إ ِ ّ‬ ‫طا ُ‬‫شي ْ َ‬
‫م ال ّ‬ ‫ما ي َعِد ُهُ ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫عد ْهُ ْ‬‫وَ ِ‬
‫سببببببل ْ َ‬ ‫ك عَل َي ِْهبببببب ْ‬ ‫َلبببببب َ‬
‫كيل ً‬
‫ك وَ ِ‬ ‫ى ب َِرّببببببب َ‬ ‫ن وَك ََفبببببب َ‬ ‫طا ٌ‬ ‫م ُ‬
‫لمببا سببأل إبليببس النظببرة قببال اللببه لببه }اذهببب{ فقببد‬
‫ليببة الخببرى قببال‪} :‬فإنببك مببن‬ ‫أنظرتببك كمببا قببال فببي ا َ‬
‫المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم{ ثم أوعده ومن اتبعببه‬
‫من ذرية آدم جهنببم }قببال اذهببب فمببن تبعببك منهببم فببإن‬
‫جهنم جزاؤكم{ أي علبى أعمبالكم }جبزاًء موفبورًا{ قبال‬
‫مجاهد وافرًا‪ ,‬وقببال قتببادة موفببورا ً عليكببم ل ينقببص لكببم‬
‫منببه‪ .‬وقببوله تعببالى‪} :‬واسببتفزز مببن اسببتطعت منهببم‬
‫بصببوتك{ قيببل هببو الغنبباء قببال مجاهببد ببباللهو والغنبباء أي‬
‫استخفهم بذلك وقال ابن عباس في قوله }واسببتفزز مببن‬
‫استطعت منهم بصوتك{ قال كل داع دعا إلى معصية الله‬

‫‪740‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عز وجل وقال قتببادة واختبباره ابببن جريببر‪ ,‬وقببوله تعببالى‪:‬‬
‫}وأجلببب عليهببم بخيلببك ورجلببك{ يقببول واحمببل عليهببم‬
‫بجنودك خيالتهم ورجلتهم فإن الرجل جمببع راجببل كمببا أن‬
‫الركب جمع راكبب وصببحب جمببع صباحب ومعنبباه تسببلط‬
‫عليهم بكل ما تقدر عليببه وهببذا أمببر قببدري كقببوله تعببالى‬
‫}ألم تر أنا أرسلنا الشياطين علببى الكببافرين تببؤزهم أزًا{‬
‫أي تزعجهم إلى المعاصي إزعاجبا ً وتسببوقهم إليهببا سببوقا ً‬
‫وقال ابن عباس ومجاهد في قوله }وأجلب عليهم بخيلببك‬
‫ورجلك{ قال كببل راكببب ومبباش فببي معصببية اللببه وقببال‬
‫قتادة‪ :‬إن له خيل ً ورجببال ً مببن الجببن والنببس وهببم الببذين‬
‫يطيعونه تقول العرب أجلب فلن على فلن إذا صاح عليه‬
‫ومنه نهى في المسابقة عن الجلب والجنب ومنه اشببتقاق‬
‫الجلبة وهي ارتفبباع الصببوات‪ ,‬وقببوله تعببالى‪} :‬وشبباركهم‬
‫في المببوال والولد{ قببال ابببن عببباس ومجاهببد‪ :‬هببو مببا‬
‫أمرهببم بببه مببن إنفبباق المببوال فببي معاصببي اللببه‪ ,‬وقببال‬
‫عطبباء‪ :‬هببو الربببا‪ ,‬وقبال الحسببن‪ :‬هببو جمعهببا مببن خبببيث‬
‫وإنفاقها في حرام‪ ,‬وكذا قال قتادة‪ ,‬وقال العوفي عن ابن‬
‫عباس رضي الله عنهما أما مشبباركته إيبباهم فبي أمبوالهم‬
‫فهو ما حرموه من أنعامهم يعنببي مببن البحببائر والسببوائب‬
‫ونحوها وكذا قال الضحاك وقتادة وقال ابن جرير والولببى‬
‫ليبة تعبم ذلبك كلبه‪ ,‬وقببوله }والولد{ قبال‬ ‫أن يقبال إن ا َ‬
‫العوفي عن ابن عباس ومجاهد والضحاك يعني أولد الزنا‪,‬‬
‫وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هو ما كانوا قتلوه‬
‫مببن أولدهببم سببفها ً بغيببر علببم‪ ,‬وقببال قتببادة والحسببن‬
‫البصري‪ :‬قد والله شبباركهم فببي المببوال والولد مجسببوا‬
‫وهودوا ونصروا وصبغوا على غير صبغة السببلم‪ ,‬وجببزؤوا‬
‫أموالهم جزءا ً للشيطان‪ ,‬وكذا قال(قتادة سواء‪ ,‬وقببال أبببو‬
‫صالح عن ابن عباس هو تسببميتهم أولدهببم عبببد الحببارث‬
‫وعبد الشمس وعبد فلن قببال ابببن جريببر وأولببى القببوال‬
‫بالصواب أن يقال كل مولود ولدته أنببثى عصببى اللببه فيببه‬
‫بتسميته بما يكرهه الله أو بإدخبباله فببي غيببر الببدين الببذي‬
‫ارتضاه الله أو بالزنا بأمه أو بقتله أو غير ذلك مببن المببور‬

‫‪741‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫التي يعصى الله بفعله به أو فيه فقببد دخببل فببي مشبباركة‬
‫إبليبس فيبه مبن ولبد ذلبك الولبد لبه أو منبه لن اللبه لبم‬
‫يخصببص بقببوله }وشبباركهم فببي المببوال والولد{ معنببى‬
‫الشركة فيه بمعنى دون معنى فكل ما عصي اللببه فيببه أو‬
‫به او أطيع الشيطان فيه أو به فهبو مشباركة‪ ,‬وهبذا البذي‬
‫قبباله متجببه وكببل مببن السببلف رحمهببم اللببه فسببر بعببض‬
‫المشاركة فقد ثبت في صحيح مسلم عن عياض بن حمبباد‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬قال »يقول الله عز‬
‫وجببل إنببي خلقببت عبببادي حنفبباء فجبباءتهم الشببياطين‬
‫فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم« وفببي‬
‫الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬لو‬
‫أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال بسم الله اللهم جنبنببا‬
‫الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فببإنه إن يقببدر بينهمببا‬
‫ولبد فبي ذلبك لبم يضبره الشبيطان أببدًا« وقبوله تعبالى‪:‬‬
‫}وعدهم وما يعدهم الشيطان إل غرورًا{ كما أخبر تعببالى‬
‫عن إبليس أنه يقول إذا حصحص الحق يوم يقضي بببالحق‬
‫}إن الله وعدكم وعببد الحببق ووعببدتكم فببأخلفتكم{ ا َ‬
‫ليببة‬
‫وقوله تعالى }إن عبادي ليس لك عليهببم سبلطان{ إخبببار‬
‫بتأييده تعالى عباده المؤمنين وحفظه إياهم وحراسته لهببم‬
‫مببن الشببيطان الرجيببم ولهببذا قببال تعببالى }وكفببى بربببك‬
‫ل{ أي حافظا ً ومؤيدا ً ونصيرًا‪ ,‬وقال المام أحمد حببدثنا‬ ‫وكي ً‬
‫قتيبة حببدثنا ابببن لهيعببة عببن موسببى بببن وردان عببن أبببي‬
‫هريرة رضببي اللببه عنببه أن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسببلم قببال‪» :‬إن المببؤمن لينضببي شببياطينه كمببا ينضببي‬
‫أحدكم بعيره في السفر« ينضي أي يأخذ بناصيته ويقهببره‪.‬‬

‫مببن‬ ‫حبرِ ل ِت َب ْت َُغبوا ْ ِ‬‫ك ِفبي ال ْب َ ْ‬‫م ال ُْفْلب َ‬ ‫جبي ل َ ُ‬


‫كب ُ‬ ‫ذي ي ُْز ِ‬ ‫م ال ّ ِ‬
‫** ّرب ّك ُ ُ‬
‫حيمبببببببببا ً‬ ‫م َر ِ‬ ‫كببببببببب ْ‬ ‫ن بِ ُ‬‫كبببببببببا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ضبببببببببل ِهِ إ ِّنببببببببب ُ‬ ‫فَ ْ‬
‫ويخبر تعالى عن لطفه بخلقه في تسخيره لعباده الفلك‬
‫في البحر وتسهيله لمصالح عباده لبتغائهم من فضله فببي‬
‫التجارة من إقليم إلى إقليببم ولهببذا قببال‪} :‬إنببه كببان بكببم‬

‫‪742‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رحيمًا{ أي إنما فعل هذا بكم فببي فضببله عليكببم ورحمتببه‬
‫بكبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫ن إ ِل ّ إ ِي ّبباهُ‬
‫عو َ‬ ‫مببن ت َبد ْ ُ‬‫ل َ‬ ‫ضب ّ‬
‫حبرِ َ‬ ‫ضّر ِفي ال ْب َ ْ‬
‫م ال ْ ّ‬ ‫سك ُ ُ‬ ‫م ّ‬‫ذا َ‬ ‫** وَإ ِ َ‬
‫ن ك َُفببورا ً‬ ‫َ‬
‫سببا ُ‬ ‫م وَك َببا َ‬
‫ن ال ِن ْ َ‬ ‫م إ ِل َببى ال ْب َبّر أعَْر ْ‬
‫ض بت ُ ْ‬ ‫جبباك ُ ْ‬
‫مببا ن َ ّ‬ ‫فَل َ ّ‬
‫يخبببر تبببارك وتعببالى أن النبباس إذا مسببهم ضببر دعببوه‬
‫منيبين إليه مخلصببين لببه الببدين ولهببذا قببال تعببالى‪} :‬وإذا‬
‫مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إل إياه{ أي ذهببب‬
‫عن قلببوبكم كببل مببا تعبببدون غيببر اللببه تعببالى كمببا اتفببق‬
‫لعكرمة بن أبي جهل لما ذهب فارا ً من رسول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم حين فتح مكببة فببذهب هارب با ً فركببب فببي‬
‫البحر يدخل الحبشببة فجبباءتهم ريببح عاصببف فقببال القببوم‬
‫بعضهم لبعض إنه ل يغنبي عنكبم إل أن تبدعوا اللبه وحببده‬
‫فقال عكرمة في نفسه واللببه إن كببان ل ينفببع فببي البحببر‬
‫غيره فإنه ل ينفع في البر غيره اللهببم لببك علببي عهببد لن‬
‫أخرجتني منه لذهبببن فلضببعن يببدي فببي يببدي محمببد فل‬
‫جدنه رؤوفا ً رحيمًا‪ ,‬فخرجوا من البحر فرجببع إلببى رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسببلم أسببلم وحسببن إسببلمه رضببي‬
‫الله عنه وأرضبباه‪ .‬وقببوله تعببالى }فلمببا نجبباكم إلببى البببر‬
‫أعرضتم{ أي نسيتم ما عرفتم من توحيده وأعرضتم عببن‬
‫دعببائه وحببده ل شببريك لببه }وكببان النسببان كفببورًا{ أي‬
‫سببجيته هببذا ينسببى النعببم ويجحببدها إل مببن عصببم اللببه‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ل عَل َي ْك ُب ْ‬
‫م‬ ‫سب َ‬‫ب ال ْب َبّر أوْ ي ُْر ِ‬
‫جببان ِ َ‬
‫م َ‬ ‫ف ب ِك ُب ْ‬
‫س َ‬
‫خ ِ‬‫م َأن ي َ ْ‬ ‫** أفَأ ِ‬
‫من ْت ُ ْ‬
‫كيل ً‬
‫م وَ ِ‬ ‫كبببببببببب ْ‬‫دوا ْ ل َ ُ‬
‫جبببببببببب ُ‬ ‫م ل َ تَ ِ‬‫صبببببببببببا ً ُثبببببببببب ّ‬ ‫حا ِ‬
‫َ‬
‫يقول تعبالى أفحسببتم بخروجكبم إلبى الببر أمنتبم مبن‬
‫انتقامه وعذابه أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم‬
‫حاصبا ً وهو المطر الذي فيه حجارة قاله مجاهد وغير واحد‬
‫كمببا قببال تعببالى }إنببا أرسببلنا عليهببم حاصبببا ً إل آل لببوط‬
‫لية الخرى‬ ‫نجيناهم بسحر نعمة من عندنا{ وقد قال في ا َ‬
‫}وأمطرنا عليهم حجارة من طين{ وقال }أأمنتم من فببي‬

‫‪743‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السماء أن يخسف بكم الرض فإذا هببي تمببور * أم أمنتببم‬
‫من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا ً فسببتعملون كيببف‬
‫نذير{ وقوله }ثم ل تجدوا لكم وكيل{ أي ناصرا ً يببرد ذلببك‬
‫عنكببببببببببببببببببم وينقببببببببببببببببببذكم منببببببببببببببببببه‪.‬‬

‫م‬ ‫ل عَل َي ْك ُب ْ‬
‫سب َ‬‫خ بَرىَ فَي ُْر ِ‬ ‫م ِفي بهِ ت َبباَرةً أ ُ ْ‬ ‫** أ َم أ َمنت َ‬
‫م أن ي ُِعي بد َك ُ ْ‬ ‫ْ ِ ُْ ْ‬
‫م‬ ‫دوا ْ ل َك ُب ْ‬ ‫م ل َ تَ ِ‬
‫جب ُ‬ ‫مببا ك ََفْرت ُب ْ‬
‫م ث ُب ّ‬ ‫ح فَي ُغْرِقَك ُببم ب ِ َ‬ ‫ن الّري ِ‬
‫م َ‬ ‫صفا ً ّ‬
‫َقا ِ‬
‫عَل َي ْن َبببببببببببببببببببببا ب ِبببببببببببببببببببببهِ ت َِبيعبببببببببببببببببببببا ً‬
‫يقببول تبببارك وتعببالى }أم أمنتببم{ أيهببا المعرضببون عنببا‬
‫بعدما اعترفوا بتوحيدنا في البحببر وخرجببوا إلببى البببر }أن‬
‫يعيدكم{ في البحر مرة ثانية }فيرسل عليكم قاصببفا ً مببن‬
‫الريح{ أي يقصببف الصببواري ويغببرق المراكببب قببال ابببن‬
‫عباس وغيره‪ :‬القاصف ريح البحببار الببتي تكسببر المراكببب‬
‫وتغرقها وقوله‪} :‬فيغرقكم بما كفرتم{ أي بسبب كفركببم‬
‫وإعراضكم عن الله تعالى وقوله‪} :‬ثم ل تجدوا لكم علينببا‬
‫به تبيعًا{ قال ابن عباس نصيرا ً وقال مجاهببد نصببيرا ً ثببائرا ً‬
‫أي يأخذ بثأركم بعدكم‪ .‬وقال قتادة ول نخبباف أحببدا ً يتبعنببا‬
‫بشبببببببببببببببببببيء مبببببببببببببببببببن ذلبببببببببببببببببببك‪.‬‬

‫ر‬
‫حبب ِ‬ ‫م ِفببي ال َْبببّر َوال ْب َ ْ‬‫مل َْنبباهُ ْ‬
‫ح َ‬
‫م وَ َ‬ ‫** وَل ََقببد ْ ك َّر ْ‬
‫مَنببا ب َِنببي آد َ َ‬
‫خل َْقن َببا‬
‫ن َ‬ ‫مب ْ‬ ‫ى ك َِثيبرٍ ّ‬
‫م ّ‬ ‫ضل َْناهُ ْ َ‬
‫م عَلب َ‬ ‫ت وَفَ ّ‬ ‫ن الط ّي َّبا ِ‬‫م َ‬ ‫م ّ‬ ‫وََرَزقَْناهُ ْ‬
‫ضبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببيل ً‬ ‫ت َْف ِ‬
‫ويخبر تعالى عن تشريفه لبني آدم وتكريمببه إيبباهم فببي‬
‫خلقه لهم على أحسن الهيئات وأكلمها كقوله تعالى }لقببد‬
‫خلقنا النسان في أحسن تقويم{ أي يمشي قائما ً منتصبببا ً‬
‫على رجليه ويأكل بيديه‪ ,‬وغيره من الحيوانات يمشي على‬
‫أربع ويأكل بفمه وجعل له سمعا ً وبصرا ً وفؤادا ً يفقه بببذلك‬
‫كله وينتفع به ويفرق بين الشياء ويعرف منافعها وخواصها‬
‫ومضببارها فببي المببور الدينيببة والدنيويببة }وحملنبباهم فببي‬
‫البر{ أي على الدواب مببن النعببام والخيببل والبغببال وفببي‬
‫البحر أيضا ً على السفن الكبببار والصببغار }ورزقنبباهم مببن‬

‫‪744‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الطيبات{ أي من زروع ثمار ولحوم وألبان من سائر أنواع‬
‫الطعببوم واللببوان المشببتهاة اللذيببذة والمنبباظر الحسببنة‬
‫والملبس الرفيعة من سائر النواع علببى اختلف أصببنافها‬
‫وألوانهبا وأشببكالها ممببا يصببنعونه لنفسببهم ويجلببه إليهببم‬
‫غيرهم من أقطار القاليم والنواحي }وفضلناهم على كثير‬
‫ل{ أي مببن سببائر الحيوانببات وأصببناف‬ ‫ممببن خلقنببا تفضببي ً‬
‫ليببة الكريمببة علببى أفضببلية‬ ‫المخلوقات وقد استدل بهذه ا َ‬
‫جنس البشر على جنس الملئكة‪ .‬قال عبد الرزاق‪ :‬أخبرنببا‬
‫معمر عن زيد بن أسلم قال‪ :‬قببالت الملئكببة يببا ربنببا إنببك‬
‫أعطيت بني آدم الدينا يأكلون منهببا ويتنعمببون ولببم تعطنببا‬
‫لخرة فقال الله تعببالى »وعزتببي وجللببي ل‬ ‫ذلك فأعطنا ا َ‬
‫أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كمن قلببت كببن فكببان«‬
‫وهذا الحديث مرسل من هذا الببوجه‪ ,‬وقببد روي مببن وجببه‬
‫ل‪ .‬وقببال الحببافظ أبببو القاسببم الطبببراني‪ :‬حببدثنا‬ ‫آخر متص ً‬
‫أحمد بن محمد بن صدقة البغدادي حدثنا إبراهيم بببن عبببد‬
‫الله بن خالد المصيصي حدثنا حجاج بببن محمببد حببدثنا أبببو‬
‫غسان محمد بن مطرف عن صفوان بن سليم عن عطبباء‬
‫بن يسار عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليببه‬
‫وسلم قال‪» :‬إن الملئكة قببالت يببا ربنببا أعطيببت بنببي آدم‬
‫الدنيا يأكلون فيها ويشربون ويلبسون ونحن نسبح بحمدك‬
‫ول نأكل ول نشرب ول نلهو فكما جعلت لهم الدنيا فاجعل‬
‫لخرة قال ل أجعل صالح ذرية من خلقببت بيببدي كمببن‬ ‫لنا ا َ‬
‫قلت لببه كببن فكببان« وقببد روى ابببن عسبباكر مببن طريببق‬
‫محمد بن أيوب الرازي حدثنا الحسن بببن علببي بببن خلببف‬
‫الصيدلني حدثنا سليمان بن عبد الرحمببن حببدثني عثمببان‬
‫بن حصن عببن عبيببدة بببن علق سببمعت عببروة بببن رويببم‬
‫اللخمي حدثني أنس بن مالك عن رسول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪ :‬قال »إن الملئكة قببالوا ربنببا خلقتنببا وخلقببت‬
‫بنببي آدم وجعلتهببم يببأكلون الطعببام ويشببربون الشببراب‬
‫ويلبسببون الثيبباب ويببتزوجون النسبباء ويركبببون الببدواب‬
‫ينامون ويستريحون ولم تجعل لنا مببن ذلببك شببيئا ً فاجعببل‬
‫لخرة فقال الله عز وجببل‪» :‬ل أجعببل مببن‬ ‫لهم الدنيا ولنا ا َ‬

‫‪745‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫خلقته بيدي ونفخببت فيببه مببن روحببي كمببن قلببت لببه كببن‬
‫فكان« وقال الطبراني‪ :‬حدثنا عبدان بن أحمد حببدثنا عمببر‬
‫بن سهل حدثنا عبيد الله بببن تمببام عببن خالببد الحببذاء عببن‬
‫بشر بن شغاف عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم »مببا شببيء أكببرم علببى‬
‫الله يببوم القيامببة مببن ابببن آدم« قيببل يببا رسببول اللببه ول‬
‫الملئكببة قببال »ول الملئكببة‪ ,‬الملئكببة مجبببورون بمنزلببة‬
‫الشببببمس والقمببببر« وهببببذا حببببديث غريببببب جببببدًا‪.‬‬

‫ل أ ُناس بإمامهم فَم ب ُ‬


‫مين ِبهِ‬
‫ه ب ِي َ ِ‬
‫ي ك ِت َبباب َ ُ‬‫ن أوت ِب َ‬ ‫عوا ْ ك ُ ّ َ ٍ ِ ِ َ ِ ِ ْ َ ْ‬ ‫م ن َد ْ ُ‬ ‫** ي َوْ َ‬
‫ن ِفي‬ ‫كا َ‬ ‫من َ‬ ‫ن فَِتيل ً * وَ َ‬ ‫مو َ‬ ‫م وَل َ ي ُظ ْل َ ُ‬‫ن ك َِتاب َهُ ْ‬ ‫ك ي َْقَرؤو َ‬ ‫فَأ ُوَْلـئ ِ َ‬
‫سببِبيل ً‬ ‫ضبب ّ‬ ‫َ‬ ‫خببرة أ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هـببذه أ َ‬
‫ل َ‬ ‫ى وَأ َ‬ ‫َ‬ ‫مبب‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫فببي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫هبب‬
‫ُ‬ ‫ف‬ ‫ى‬
‫َ‬ ‫مبب‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ ِ ِ‬
‫يخبر تبارك وتعالى عن يوم القيامة أنه يحاسب كببل أمببة‬
‫بإمامهم‪ ,‬وقد اختلفوا في ذلك فقال مجاهد وقتادة بنبببيهم‬
‫وهذا كقوله تعالى }ولكل أمة رسببول فببإذا جبباء رسببولهم‬
‫لية وقال بعض السببلف هببذا أكبببر‬ ‫قضي بينهم بالقسط{ ا َ‬
‫شرف لصحاب الحديث لن إمامهم النبي صلى الله عليببه‬
‫وسلم وقال ابن زيد لكتابهم الببذي أنببزل علببى نبببيهم مببن‬
‫التشريع واختاره ابن جرير وروي عن ابببن أبببي نجيببح عببن‬
‫مجاهد أنه قببال‪ :‬بكتبهببم فيحتمببل أن يكببون أراد هببذا وأن‬
‫يكون أراد ما رواه العوفي عن ابن عباس في قوله }يببوم‬
‫ندعو كل أناس بإمامهم{ أي بكتاب أعمالهم وكذا قال أبو‬
‫العالية والحسن والضحاك وهذا القببول هببو الرجببح لقببوله‬
‫تعالى }وكل شيء أحصيناه في إمام مبين{ وقال تعببالى‪:‬‬
‫ليببة‬ ‫}ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه{ ا َ‬
‫ويحتمل أن المراد بإمامهم أي كببل قببوم بمببن يببأتمون بببه‬
‫فأهل اليمان ائتموا بالنبيبباء عليهببم السببلم وأهببل الكفببر‬
‫اتئموا بأئمتهم كما قال }وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار{‬
‫وفي الصحيحين »لتتبع كل أمة مببا كببانت تعبببد فيتبببع مببن‬
‫كان يعبد الطواغيت« الحديث وقال تعالى }وترى كل أمة‬
‫جاثية كل أمببة تببدعى إلببى كتابهببا اليببوم تجببزون مببا كنتببم‬

‫‪746‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تعملون * هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما‬
‫كنتم تعلمون{ وهذا ل ينافي أن يجاء بالنبي إذا حكببم اللببه‬
‫بين أمته فإنه ل بببد أن يكببون شبباهدا ً علببى أمتببه بأعمالهببا‬
‫كقوله تعالى }وأشرقت الرض بنببور ربهببا ووضببع الكتبباب‬
‫وجيء بالنبيين والشهداء{ وقوله تعالى‪} :‬فكيببف إذا جئنببا‬
‫من كل أمة بشهيد وجئنا بببك علببى هببؤلء شببهيدًا{ ولكببن‬
‫المراد ههنا بالمببام هببو كتبباب العمببال ولببذا قببال تعببالى‪:‬‬
‫}يوم ندعو كببل أنبباس بإمببامهم فمببن أوتببي كتببابه بيمينببه‬
‫فأولئك يقرؤون كتابهم{ أي من فرحته وسببروره بمببا فيببه‬
‫من العمل الصالح يقرأه ويحب قراءته كقوله‪} :‬فأمببا مببن‬
‫أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه ب إلى قببوله ب ب‬
‫ليببات‪ ,‬وقببوله تعببالى }ول‬ ‫وأما من أوتي كتابه بشببماله{ ا َ‬
‫ل{ قد تقدم أن الفتيل هو الخيببط المسببتطيل‬ ‫يظلمون فتي ً‬
‫في شق النواة‪ .‬وقد روى الحافظ أبو بكر البزار حديثا ً في‬
‫هذا فقال‪ :‬حدثنا محمد بببن يعمببر ومحمببد بببن عثمببان بببن‬
‫كرامة قال‪ :‬حدثنا عبيد الله بن موسبى عبن إسبرائيل عبن‬
‫السدي عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عببن النبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى‪} :‬يوم ندعو كل‬
‫أناس بإمامهم{ قال‪» :‬يدعى أحدهم فيعطى كتببابه بيمينببه‬
‫ويمد له في جسمه ويبيض وجهه ويجعل علببى رأسببه تبباج‬
‫مببن لؤلببؤة يتلل فينطلببق إلببى أصببحابه فيرونببه مببن بعيببد‬
‫فيقولون اللهم آتنا بهذا وبارك لنا في هذا فيببأتيهم فيقببول‬
‫لهم أبشروا فإن لكل رجل منكببم مثببل هببذا‪ ,‬وأمببا الكببافر‬
‫فيسود وجهه ويمد له جسمه ويراه أصحابه فيقولون أعوذ‬
‫بالله مببن هببذا أو مببن شببر هببذا اللهببم ل تأتنببا بببه فيببأتيهم‬
‫فيقولون اللهم اخزه فيقول أبعبدكم اللبه فبإن لكبل رجبل‬
‫منكم مثل هذا« ثم قال البزار ل يروى إل من هببذا الببوجه‪,‬‬
‫لية‪ ,‬قببال ابببن‬ ‫وقوله تعالى‪} :‬ومن كان في هذه أعمى{ ا َ‬
‫عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد }ومن كان فببي هببذه{ أي‬
‫في الحياة الدنيا }أعمى{ أي عن حجة الله وآيبباته وبينبباته‬
‫ل{‬ ‫لخرة أعمى{ أي كذلك يكون }وأضببل سبببي ً‬ ‫}فهو في ا َ‬
‫أي وأضل منه كما كان فببي الببدنيا عيبباذا ً بببالله مببن ذلببك‪.‬‬

‫‪747‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫ك ِلتْفت َرِيَ عَل َي َْنببا‬ ‫حي َْنآ إ ِل َي ْ َ‬ ‫َ‬


‫ذي أوْ َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ك عَ‬ ‫دوا ْ ل َي َْفت ُِنون َ َ‬
‫كا ُ‬‫** وَِإن َ‬
‫ت‬‫ك ل ََق بد ْ ك ِببد ّ‬ ‫خِليل ً * وَل َبوْل َ َأن ث َب ّت ْن َببا َ‬ ‫ك َ‬ ‫ذو َ‬ ‫خب ُ‬ ‫غَي ْبَرهُ وَِإذا ً ل ّت ّ َ‬
‫ف‬
‫ض بع ْ َ‬ ‫حَياةِ وَ ِ‬‫ف ال ْ َ‬‫ضعْ َ‬ ‫ك ِ‬ ‫شْيئا ً قَِليل ً * ِإذا ً لذ َقَْنا َ‬ ‫م َ‬ ‫ن إ ِل َي ْهِ ْ‬
‫ت َْرك َ ُ‬
‫صببببببيرا ً‬ ‫ك عَل َي َْنببببببا ن َ ِ‬ ‫جببببببد ُ َلبببببب َ‬ ‫م ل َ تَ ِ‬‫ت ُثبببببب ّ‬ ‫مببببببا ِ‬ ‫م َ‬‫ال ْ َ‬
‫يخبر تعالى عن تأييده رسوله صلوات الله عليه وسلمه‪,‬‬
‫وتثبيته وعصمته وسلمته من شببر الشببرار وكيببد الفجببار‪,‬‬
‫وأنه تعالى هو المتولي أمره ونصره‪ ,‬وأنه ل يكله إلى أحببد‬
‫من خلقه بل هو وليببه وحببافظه وناصببره مؤيببده ومظفببره‬
‫ومظهر دينه على من عبباداه وخببالفه ونبباوأه فببي مشببارق‬
‫الرض ومغاربها‪ ,‬صلى الله عليه وسلم تسليما ً كببثيرا ً إلببى‬
‫يبببببببببببببببببببببببببببببببببوم البببببببببببببببببببببببببببببببببدين‪.‬‬

‫من َْها وَِإذا ً ل ّ‬‫ك ِ‬‫رجو َ‬ ‫خَ ِ‬‫ض ل ِي ُ ْ‬


‫ن الْر ِ‬ ‫م َ‬ ‫ست َِفّزون َ َ‬
‫ك ِ‬ ‫دوا ْ ل َي َ ْ‬ ‫** وَِإن َ‬
‫كا ُ‬
‫مببن‬ ‫ك ِ‬ ‫س بل َْنا قَب ْل َب َ‬
‫مببن قَ بد ْ أْر َ‬ ‫ة َ‬ ‫ك إ ِل ّ قَِليل ً * ُ‬
‫سن ّ َ‬ ‫خلفَ َ‬ ‫ي َل ْب َُثو َ‬
‫ن ِ‬
‫ويل ً‬‫حببببببببببب ِ‬ ‫سبببببببببببن ّت َِنا ت َ ْ‬ ‫جبببببببببببد ُ ل ِ ُ‬‫سبببببببببببل َِنا وَل َ ت َ ِ‬
‫ّر ُ‬
‫قيل‪ :‬نزلت في اليهود إذ أشاروا على رسول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم بسكنى الشببام بلد النبيبباء وتببرك سببكنى‬
‫لية مكيببة وسببكنى‬ ‫المدينة‪ ,‬وهذا القول ضعيف‪ ,‬لن هذه ا َ‬
‫المدينة بعد ذلك‪ ,‬وقيل‪ :‬إنها نزلت بتبوك وفي صحته نظر‪.‬‬
‫روى البيهقي عن الحاكم عببن الصببم عببن أحمببد بببن عبببد‬
‫الجبار العطاردي‪ ,‬عن يونس بن بكير عن عبد الحميببد بببن‬
‫بهرام‪ ,‬عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بببن غنببم أن‬
‫اليهود أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومبا ً فقببالوا‪:‬‬
‫يا أبا القاسم إن كنت صادقا ً أنك نبي فالحق بالشام‪ ,‬فببإن‬
‫الشام أرض المحشر وأرض النبياء‪ ,‬فصدق ما قالوا فغببزا‬
‫تبوك ل يريد إل الشام‪ ,‬فلما بلغ تبوك أنزل الله عليه آيات‬
‫من سورة بني إسرائيل بعد ما ختمت السورة }وإن كادوا‬
‫ليسببتفزونك مببن الرض ليخرجببوك منهببا ب ب إلببى قببوله ب ب‬
‫تحببويل{ فببأمره اللببه بببالرجوع إلببى المدينببة‪ ,‬وقببال‪ :‬فيهببا‬
‫محيبباك ومماتببك ومنببه تبعببث‪ .‬وفببي هببذا السببناد نظببر‪,‬‬

‫‪748‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والظهر أن هذا ليس بصحيح‪ ,‬فإن النبي لم يغز تبوك عببن‬
‫قول اليهود‪ ,‬وإنما غزاها امتثال ً لقوله تعالى‪} :‬يا أيها الذين‬
‫آمنببوا قبباتلوا الببذي يلببونكم مببن الكفببار{ ولقببوله تعببالى‪:‬‬
‫لخر ول يحرمببون‬ ‫}قاتلوا الذين ل يؤمنون بالله ول باليوم ا َ‬
‫ما حرم الله ورسوله ول يدينون دين الحق من الذين أوتوا‬
‫الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون{ وغزاهببا‬
‫ليقتص وينتقم ممبن قتبل أهبل مؤتبة مبن أصبحابه‪ ,‬واللبه‬
‫أعلم‪ ,‬ولو صح هذا لحمل عليه الحببديث الببذي رواه الوليببد‬
‫بن مسلم عن عفير بن معدان‪ ,‬عن سببليم بببن عببامر عببن‬
‫أبي أمامة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى اللببه‬
‫عليببه وسببلم‪» :‬أنببزل القببرآن فببي ثلثببة أمكنببة‪ :‬مكببة‪,‬‬
‫والمدينببة‪ ,‬والشببام« قببال الوليببد‪ :‬يعنببي بيببت المقببدس‪,‬‬
‫وتفسير الشام بتبببوك أحسببن‪ ,‬ممببا قببال الوليببد إنببه بيببت‬
‫المقدس‪ ,‬والله أعلم‪ .‬وقيل نزلت في كفار قريببش‪ ,‬همببوا‬
‫بببإخراج رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم مببن بيببن‬
‫لية‪ ,‬وأنهم لو أخرجببوه لمببا‬ ‫أظهرهم‪ ,‬فتوعدهم الله بهذه ا َ‬
‫لبثوا بعده بمكة إل يسيرًا‪ ,‬وكذلك وقع فببإنه لببم يكببن بعببد‬
‫هجرته من بين أظهرهم بعببد مببا اشببتد أذاهبم لبه إل سببنة‬
‫ونصف‪ ,‬حببتى جمعهببم اللببه وإيبباه ببببدر علببى غيببر ميعبباد‪,‬‬
‫فأمكنه منهم وسلطه عليهم وأظفره بهم‪ ,‬فقتل أشببرافهم‬
‫وسبى ذراريهم‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬سنة من قببد أرسببلنا{‬
‫لية‪ ,‬أي هكببذا عادتنببا فببي الببذين كفببروا برسببلنا وآذوهببم‬‫ا َ‬
‫بخروج الرسول من بين أظهرهم يأتيهم العذاب‪ ,‬ولول أنببه‬
‫صلى الله تعالى عليببه وعلببى آلببه وسببلم رسببول الرحمببة‬
‫لجاءهم من النقم في الدنيا ما ل قبل لحد به‪ ,‬ولهببذا قببال‬
‫تعببالى‪} :‬ومببا كببان اللببه ليعببذبهم وأنببت فيهببم{ ا َ‬
‫ليببة‪.‬‬

‫َ‬
‫ن‬ ‫ل وَقُبْرآ َ‬ ‫ق ال ْل ّي ْب ِ‬‫سب ِ‬ ‫ى غَ َ‬ ‫َ‬
‫س إ ِلب َ‬
‫م ِ‬ ‫شب ْ‬‫ك ال ّ‬‫صل َةَ ل ِد ُُلو ِ‬
‫** أقِم ِ ال ّ‬
‫جبد ْ‬ ‫ل فَت َهَ ّ‬‫ن ال ْل ّي ْب ِ‬‫مب َ‬ ‫شُهودا ً * وَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫جرِ َ‬
‫كا َ‬ ‫ن ال َْف ْ‬ ‫ن قُْرآ َ‬‫جرِ إ ِ ّ‬ ‫ال َْف ْ‬
‫مببودا ً‬ ‫ح ُ‬‫م ْ‬ ‫مَقامببا ً ّ‬ ‫ك َ‬ ‫ى َأن ي َب ْعََثبب َ‬
‫ك َرّببب َ‬ ‫سبب َ‬‫ك عَ َ‬ ‫ة ّلبب َ‬‫ِبببهِ َنافَِلبب ً‬

‫‪749‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسببلم آمببرا ً‬
‫له بإقامة الصلوات المكتوبات فببي أوقاتهببا }أقببم الصببلة‬
‫لدلوك الشمس{ قيل لغروبها‪ ,‬قاله ابن مسببعود ومجاهببد‬
‫وابن زيد‪ .‬وقال هشيم عن مغيرة‪ ,‬عببن الشببعبي عببن ابببن‬
‫عباس‪ :‬دلوكهببا زوالهببا‪ ,‬ورواه نببافع عببن ابببن عمببر‪ ,‬ورواه‬
‫مالك في تفسيره عن الزهري عببن ابببن عمببر‪ ,‬وقبباله أبببو‬
‫برزة السلمي وهو رواية أيضا ً عن ابببن مسببعود ومجاهببد‪,‬‬
‫وبببه قببال الحسببن والضببحاك وأبببو جعفببر الببباقر وقتببادة‪,‬‬
‫واختاره ابن جرير‪ ,‬ومما استشهد عليببه مببا رواه عببن ابببن‬
‫حميد عن الحكم بن بشير‪ :‬حدثنا عمرو بن قيس عببن ابببن‬
‫أبي ليلى عن رجل عببن جببابر بببن عبببد اللببه قببال‪ :‬دعببوت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن شبباء مببن أصببحابه‬
‫فطعموا عنببدي ثببم خرجببوا حيببن زالببت الشببمس‪ ,‬فخببرج‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم فقال‪» :‬اخرج يا أبا بكر‪ ,‬فهببذا‬
‫حين دلكت الشمس« ثم رواه عن سهل بن بكار عن أبببي‬
‫عوانة عن السود بن قيس‪ ,‬عن نبيح العنزي عن جابر عن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه‪ ,‬فعلى هببذا تكببون‬
‫لية دخل فيها أوقات الصلوات الخمس فمببن قببوله‪:‬‬ ‫هذه ا َ‬
‫}لدلوك الشمس إلببى غسببق الليببل{ وهببو ظلمببه‪ ,‬وقيببل‬
‫غببروب الشببمس‪ ,‬أخببذ منببه الظهببر والعصببر والمغببرب‬
‫والعشببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببباء‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وقرآن الفجر{ يعنببي صببلة الفجببر‪ ,‬وقببد بينببت‬
‫السنة عن رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم تببواترا ً مببن‬
‫أفعاله وأقواله بتفاصيل هذه الوقات علببى مببا عليببه أهببل‬
‫السلم اليوم مما تلقوه خلفا ً من سلف وقرن با ً بعببد قببرن‪,‬‬
‫كما هو مقرر في مواضعه‪ ,‬ولله الحمد‪} .‬إن قببرآن الفجببر‬
‫كان مشهودًا{ قال العمش عن إبراهيم عن ابن مسببعود‪,‬‬
‫وعن أبي صالح عببن أبببي هريببرة رضببي اللببه عنهمببا‪ ,‬عببن‬
‫لية }وقببرآن الفجببر‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم في هذه ا َ‬
‫إن قرآن الفجر كان مشهودًا{ قال‪ :‬تشببهده ملئكببة الليببل‬
‫وملئكة النهار‪ .‬وقال البخاري‪ :‬حدثنا عبد اللببه بببن محمببد‪,‬‬
‫حدثنا عبببد الببرزاق‪ ,‬أخبرنببا معمببر عببن الزهببري عببن أبببي‬

‫‪750‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سلمة‪ ,‬وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنببه‬
‫أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬فضل صلة الجميببع‬
‫على صلة الواحد خمس وعشرون درجة‪ ,‬وتجتمببع ملئكببة‬
‫الليل وملئكة النهار في صلة الفجببر« يقببول أبببو هريببرة‪:‬‬
‫اقببرؤوا إن شببئتم }وقببرآن الفجببر إن قببرآن الفجببر كببان‬
‫مشبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببهودًا{‪.‬‬
‫وقال المام أحمببد‪ :‬حببدثنا أسببباط‪ ,‬حببدثنا العمببش عببن‬
‫إبراهيم عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسببلم‪,‬‬
‫وحدثنا العمش عن أبي صالح عن أبي هريرة‪ ,‬عببن النبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم في قوله‪} :‬وقرآن الفجببر إن قببرآن‬
‫الفجر كان مشهودًا{ قال‪» :‬تشهده ملئكة الليببل وملئكببة‬
‫النهار«‪ .‬ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه‪ ,‬ثلثتهم عببن‬
‫عبيد بن أسباط بن محمببد عببن أبيببه بببه‪ ,‬وقببال الترمببذي‪:‬‬
‫حسن صحيح وفي لفظ في الصحيحين مببن طريببق مالببك‬
‫عن أبي الزناد عن العرج عن أبي هريرة‪ ,‬عن النبي صلى‬
‫اللببه عليببه وسببلم قببال‪» :‬يتعبباقبون فيكببم ملئكببة بالليببل‬
‫وملئكة بالنهار‪ ,‬ويجتمعون فببي صببلة الصبببح وفببي صببلة‬
‫العصر‪ ,‬فيعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهببو أعلببم‬
‫بكم كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون‪ :‬أتينبباهم وهببم يصببلون‪,‬‬
‫وتركناهم وهم يصلون« وقال عبد الله بن مسببعود يجتمببع‬
‫الحرسان في صببلة الفجببر‪ ,‬فيصببعد هببؤلء ويقيببم هببؤلء‪,‬‬
‫وكذا قال إبراهيم النخعي ومجاهد وقتادة وغيبر واحببد فبي‬
‫تفسبببببببببببببببببببير هبببببببببببببببببببذه ا َ‬
‫ليبببببببببببببببببببة‪.‬‬
‫وأما الحديث الذي رواه ابن جرير ههنا من حديث الليببث‬
‫بن سبعد عبن زيبادة عبن محمبد ببن كعبب القرظبي عبن‬
‫فضالة بن عبيد‪ ,‬عن أبي الببدرداء عببن رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم فذكر حديث النببزول‪ ,‬وأنببه تعببالى يقببول‪:‬‬
‫من يستغفرني أغفر له‪ ,‬من يسبألني أعطيببه‪ ,‬مببن يببدعني‬
‫فأستجيب له حببتى يطلببع الفجببر‪ ,‬فلببذلك يقببول‪} :‬وقببرآن‬
‫الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودًا{ فيشهده الله وملئكة‬
‫الليل وملئكة النهار‪ ,‬فإنه تفرد به زيادة‪ ,‬ولببه بهببذا حببديث‬
‫فببببببببببببببببببي سببببببببببببببببببنن أبببببببببببببببببببي داود‪.‬‬

‫‪751‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ومن الليل فتهجد به نافلبة لبك{ أمبر لبه‬
‫بقيام الليل بعد المكتوبة‪ ,‬كما ورد في صببحيح مسببلم عببن‬
‫أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن سئل‬
‫أي الصببلة أفضببل بعببد المكتوبببة ؟ قببال »صببلة الليببل«‪,‬‬
‫ولهذا أمر تعالى رسوله بعد المكتوبات بقيببام الليببل‪ ,‬فببإن‬
‫التهجد ما كان بعد النوم‪ .‬قبباله علقمببة والسببود وإبراهيببم‬
‫النخعي وغير واحد‪ ,‬وهو المعروف في لغة العرب‪ ,‬وكذلك‬
‫ثبتت الحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسببلم أنببه‬
‫كان يتهجد بعد نومه‪ ,‬عن ابن عباس وعائشببة وغيببر واحببد‬
‫مببن الصببحابة رضببي اللببه عنهببم‪ ,‬كمببا هببو مبسببوط فببي‬
‫موضبببببببببببعه‪ ,‬وللبببببببببببه الحمبببببببببببد والمنبببببببببببة‪.‬‬
‫وقال الحسن البصري‪ :‬هو ما كببان بعببد العشبباء ويحمببل‬
‫على ما كان بعد النوم‪ ,‬واختلببف فببي معنببى قببوله تعببالى‪:‬‬
‫}نافلببة لببك{ فقيببل معنبباه أنببك مخصببوص بوجببوب ذلببك‬
‫وحدك‪ ,‬فجعلوا قيام الليل واجبا ً في حقه دون المببة‪ ,‬رواه‬
‫العوفي عن ابببن عببباس‪ ,‬وهببو أحببد قببولي العلمبباء‪ ,‬وأحببد‬
‫قولي الشافعي رحمه الله‪ ,‬واختاره ابن جرير‪ ,‬وقيل‪ :‬إنمببا‬
‫جعل قيام الليل في حقه نافلبة علببى الخصببوص‪ ,‬لنبه قبد‬
‫غفر له ما تقدم من ذنبه وما تببأخر وغيببره مببن أمتببه إنمببا‬
‫يكفر عنه صلواته النوافل الذنوب التي عليه‪ .‬قاله مجاهببد‪:‬‬
‫وهو في المسند عن أبي أمامة الببباهلي رضببي اللببه عنببه‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬عسى أن يبعثك ربك مقاما ً محمودًا{ أي افعببل‬
‫هذا الذي أمرتك به لنقيمببك يببوم القيامببة مقامبا ً محمببودًا‪,‬‬
‫يحمدك في الخلئق كلهم وخالقهم تبارك وتعالى‪ .‬قال ابن‬
‫جرير‪ :‬قال أكثر أهل التأويل‪ :‬ذلك هو المقام الببذي يقببومه‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة للشفاعة للنبباس‬
‫ليريحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلببك اليببوم‪.‬‬

‫)ذكببببببببببببببر مببببببببببببببن قببببببببببببببال ذلببببببببببببببك(‬


‫حدثنا ابن بشار حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن أبي‬
‫إسحاق‪ ,‬عن صلة بن زفر‪ ,‬عن حذيفة قببال‪ :‬يجمببع النبباس‬
‫في صعيد واحد يسمعهم الببداعي وينفببذهم البصببر‪ ,‬حفبباة‬

‫‪752‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عراة كما خلقوا‪ ,‬قياما ً ل تكلببم نفببس إل بببإذنه‪ ,‬ينببادي‪ :‬يببا‬
‫محمد‪ ,‬فيقول‪» :‬لبيك وسعديك‪ ,‬والخير فببي يببديك والشببر‬
‫ليس إليك‪ ,‬والمهدي من هديت‪ ,‬وعبدك بين يببديك‪ ,‬ومنببك‬
‫وإليك ل منجى ول ملجببأ منببك إل إليببك‪ ,‬تببباركت وتعبباليت‬
‫سبحانك رب البيت« فهذا المقام المحمود الذي ذكره الله‬
‫عز وجل‪ .‬ثم رواه عن بندار‪ ,‬عن غندر عن شعبة‪ ,‬عن أبي‬
‫إسحاق به‪ ,‬وكذا رواه عبد الرزاق عن معمر والثوري‪ ,‬عن‬
‫أبي إسحاق به‪ ,‬وقببال ابببن عببباس‪ :‬هببذا المقببام المحمببود‬
‫مقام الشفاعة‪ ,‬وكذا قال ابن أبي نجيح عن مجاهببد‪,‬وقبباله‬
‫الحسببببببببببببببببببببببببببببن البصببببببببببببببببببببببببببببري‪.‬‬
‫وقال قتادة‪ :‬هو أول من تنشق عنببه الرض يببوم القيامببة‬
‫وأول شافع‪ ,‬وكان أهل العلم يببرون أنببه المقببام المحمببود‬
‫الببذي قببال اللببه تعببالى‪} :‬عسببى أن يبعثببك ربببك مقام با ً‬
‫محمببودًا{ قلببت لرسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫تشريفات يوم القيامة ل يشببركه فيهببا أحببد‪ ,‬وتشببريفات ل‬
‫يساويه فيهاأحد‪ ,‬فهو أول مببن تنشببق عنببه الرض ويبعببث‬
‫راكبا ً إلى المحشر‪ ,‬وله اللواء البذي آدم فمبن دونبه تحبت‬
‫لوائه‪ ,‬وله الحوض الذي ليس في الموقف أكثر واردا ً منه‪,‬‬
‫وله الشفاعة العظمى عند الله ليأتي لفصببل القضبباء بيببن‬
‫الخلئق‪ ,‬وذلببك بعببد مببا تسببأل النبباس آدم ثببم نوح با ً ثببم‬
‫إبراهيم ثم موسى ثم عيسى‪ ,‬فكل يقول‪ :‬لست لها‪ ,‬حببتى‬
‫يأتوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيقول »أنببا لهببا أنببا‬
‫لها« كما سنذكر ذلك مفصل ً في هذا الموضع إن شاء الله‬
‫تعالى‪ .‬ومن ذلك أنه يشفع في أقوام قد أمر بهم إلى النار‬
‫فيردون عنها‪ ,‬وهو أول النبيبباء يقضببي بيببن أمتببه‪ ,‬وأولهببم‬
‫إجازة على الصراط بأمته‪ ,‬وهو أول شفيع في الجنببة كمببا‬
‫ثبببببببببببببت فببببببببببببي صببببببببببببحيح مسببببببببببببلم‪.‬‬
‫وفي حديث الصور أن المؤمنين كلهببم ل يببدخلون الجنببة‬
‫إل بشفاعته‪ ,‬وهو أول داخل إليها‪ ,‬وأمته قبل المم كلهببم‪,‬‬
‫ويشببفع فببي رفببع درجببات أقببوام ل تبلغهببا أعمببالهم وهببو‬
‫صاحب الوسيلة التي هي أعلى منزلة في الجنة ل تليق إل‬
‫لببه‪ ,‬وإذا أذن اللببه تعببالى فببي الشببفاعة للعصبباة‪ ,‬شببفع‬

‫‪753‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الملئكة والنبيون والمؤمنون فيشفع هو في خلئق ل يعلم‬
‫عدتهم إل الله تعالى‪ ,‬ول يشفع أحد مثلببه ول يسبباويه فببي‬
‫ذلك‪ ,‬وقد بسطت ذلك مستقصى في آخببر كتبباب السببيرة‬
‫لن‬ ‫فببي ببباب الخصببائص‪ ,‬وللببه الحمببد والمنببة‪ ,‬ولنببذكر ا َ‬
‫الحاديث الواردة في المقبام المحمبود وببالله المسبتعان‪.‬‬
‫قال البخاري‪ :‬حدثنا إسماعيل بن أبان‪ ,‬حدثنا أبببو الحببوص‬
‫عببن آدم بببن علببي‪ ,‬سببمعت ابببن عمببر قببال‪ :‬إن النبباس‬
‫يصيرون يوم القيامة جثاء كل أمببة تتبببع نبيهببا يقولببون‪ :‬يببا‬
‫فلن اشفع يا فلن اشفع‪ ,‬حتى تنتهي الشفاعة إلى محمببد‬
‫صلى الله عليه وسلم فذلك يوم يبعثه الله مقاما ً محمودًا‪.‬‬
‫ورواه حمزة بن عبد الله عن أبيببه‪ ,‬عببن النبببي صببلى اللببه‬
‫عليببببببببببببببببببببببببببببببببه وسببببببببببببببببببببببببببببببببلم‪.‬‬
‫قال ابن جرير‪ :‬حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم‪,‬‬
‫حدثنا شعيب بن الليث‪ ,‬حدثنا الليث عن عبيد الله بن أبببي‬
‫جعفر‪ ,‬أنه قال‪ :‬سمعت حمزة بن عبد الله بن عمر يقول‪:‬‬
‫سمعت عبد الله بن عمر يقول‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪» :‬إن الشمس لتدنو حببتى يبلببغ العببرق نصببف‬
‫الذن‪ ,‬فبينمببا هببم كببذلك اسببتغاثوا بببآدم فيقببول‪ :‬لسببت‬
‫بصاحب ذلك‪ ,‬ثم بموسى فيقول كذلك‪ ,‬ثببم بمحمببد صببلى‬
‫الله عليه وسلم فيشببفع بيببن الخلببق فيمشببي حببتى يأخببذ‬
‫بحلقة باب الجنة‪ ,‬فيومئذ يبعثه الله مقاما ً محمودًا‪ .‬وهكببذا‬
‫رواه البخاري في الزكاة عن يحيى بن بكيببر وعلقمببة عببن‬
‫عبد الله بن صالح‪ ,‬كلهما عبن الليببث بببن سبعد ببه‪ ,‬وزاد‪.‬‬
‫فيومئذ يبعثه الله مقاما ً محمودًا‪ ,‬يحمده أهل الجمع كلهببم‪.‬‬
‫قال البخاري‪ :‬حدثنا علي بن عياش‪ ,‬حدثنا شعيب بببن أبببي‬
‫حمزة عن محمد بن المنكدر‪ ,‬عببن جببابر بببن عبببد اللببه أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسببلم قببال‪» :‬مببن قببال حيببن‬
‫يسببمع النببداء‪ :‬اللهببم رب هببذه الببدعوة التامببة والصببلة‬
‫القائمببة‪ ,‬آت محمببدا ً الوسببيلة والفضببيلة‪ ,‬وابعثببه مقامببا ً‬
‫محمودا ً الببذي وعببدته‪ ,‬حلببت لببه شببفاعتي يببوم القيامببة«‬
‫انفبببببببببببببببببرد ببببببببببببببببببه دون مسبببببببببببببببببلم‪.‬‬

‫‪754‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫)حبببببببببببببديث أببببببببببببببي ببببببببببببببن كعبببببببببببببب(‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو عامر الزدي‪ ,‬حدثنا زهير بببن‬
‫محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل‪ ,‬عببن الطفيببل بببن‬
‫أبي كعب‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن النبي صلى الله عليه وسلم قببال‪:‬‬
‫»إذا كان يوم القيامة‪ ,‬كنت إمام النبياء وخطيبهم وصاحب‬
‫شفاعتهم غير فخر«‪ ,‬وأخرجببه الترمببذي مببن حببديث أبببي‬
‫عامر عبد الملك بن عمرو العقدي‪ ,‬وقببال‪ :‬حسببن صببحيح‪,‬‬
‫وابن ماجه من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل به‪ ,‬وقد‬
‫قدمنا في حديث أبي بببن كعببب فببي قببراءة القببرآن علببى‬
‫سبببعة أحببرف‪ ,‬قببال صببلى اللببه عليببه وسببلم فببي آخببره‪:‬‬
‫»فقلت اللهببم اغفببر لمببتي‪ ,‬اللهببم اغفببر لمببتي‪ ,‬وأخببرت‬
‫الثالثة ليببوم يرغببب إلببي فيببه الخلببق حببتى إبراهيببم عليببه‬
‫السبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببلم«‪.‬‬

‫)حببببببببببببديث أنببببببببببببس بببببببببببببن مالببببببببببببك(‬


‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا يحيى بن سعيد‪ ,‬حدثنا سببعيد بببن‬
‫أبي عروبة‪ ,‬حدثنا قتادة عن أنببس‪ ,‬عببن النبببي صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم قال‪» :‬يجتمع المؤمنون يوم القيامببة فيلهمببون‬
‫ذلك‪ ,‬فيقولون لو استشفعنا إلى ربنببا فأراحنببا مببن مكاننببا‬
‫هذا‪ ,‬فيأتون آدم فيقولون‪ :‬يببا آدم أنببت أبببو البشببر خلقببك‬
‫الله بيده‪ ,‬وأسجد لك ملئكته‪ ,‬وعلمك أسببماء كببل شببيء‪,‬‬
‫فاشفع لنا إلى ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا‪ ,‬فيقول لهم‬
‫آدم‪ :‬لست هناكم ويذكر ذنبه الببذي أصبباب فيسببتحيي ربببه‬
‫عز وجببل مببن ذلببك‪ ,‬ويقببول‪ :‬ولكببن ائتببوا نوحبا ً فببإنه أول‬
‫رسول بعثه اللببه إلببى أهببل الرض‪ ,‬فيببأتون نوحبا ً فيقببول‪:‬‬
‫لست هناكم ويذكر خطيئة سؤاله ربه ما ليس له به علببم‪,‬‬
‫فيستحيي ربه من ذلك‪ ,‬ويقول‪ :‬ولكن ائتوا إبراهيببم خليببل‬
‫الرحمن‪ ,‬فيأتونه فيقول‪ :‬لست هناكم‪ ,‬لكببن ائتببوا موسببى‬
‫عبدا ً كلمه الله وأعطبباه التببوارة‪ ,‬فيببأتون موسببى فيقببول‪:‬‬
‫لست هناكم‪ ,‬ويبذكر لهبم النفببس البتي قتبل بغيببر نفبس‪,‬‬
‫فيستحيي ربه من ذلك‪ ,‬ويقببول‪ :‬ولكببن ائتببوا عيسببى عبببد‬
‫الله ورسوله وكلمته وروحه‪ ,‬فيأتون عيسى فيقول‪ :‬لسببت‬

‫‪755‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هناكم‪ ,‬ولكن ائتوا محمدا ً عبدا ً غفر الله لببه مببا تقببدم مببن‬
‫ذنبه وما تأخر‪ ,‬فيأتوني ب قال الحسن هذا الحرف ب فببأقوم‬
‫فأمشي بين سماطين من المؤمنين ب ب قببال أنببس ب ب حببتى‬
‫أستأذن على ربي‪ ,‬فإذا رأيت ربي وقعت له ب أو خببررت ب ب‬
‫ساجدا ً لربي فيدعني ما شاء الله أن يببدعني بب قببال بب ثببم‬
‫يقال‪ :‬ارفع محمد‪ ,‬قل يسمع‪ ,‬واشفع تشفع‪ ,‬وسل تعطببه‪,‬‬
‫فأرفع رأسي فأحمده بتحميد يعلمنيه ثم أشببفع فيحببد لببي‬
‫حدا ً فأدخلهم الجنة‪ ,‬قال‪ :‬ثببم أعببود إليببه ثانيببة فببإذا رأيببت‬
‫ربي وقعت له أو خررت ساجدا ً لربي فيدعني ما شاء الله‬
‫أن يدعني ثم يقببال ارفببع محمببد قببل يسببمع وسببل تعطببه‬
‫واشفع تشفع فببأرفع رأسببي فأحمببده بتحميببد يعلمنيببه ثببم‬
‫أشفع فيحد لي حدا ً فأدخلهم الجنة‪ ,‬قال‪ :‬ثببم أعببود الثالثببة‬
‫فإذا رأيت ربي وقعت ب أو خررت ب ساجدا ً لربببي فيببدعني‬
‫ما شاء الله أن يدعني‪ ,‬ثم يقال‪ :‬ارفع محمد‪ ,‬قببل يسببمع‪,‬‬
‫وسل تعطه‪ ,‬واشفع تشفع‪ ,‬فأرفع رأسي فأحمببده بتحميببد‬
‫يعلمنيه‪ ,‬ثم أشفع فيحد لي حدا ً فأدخلهم الجنببة‪ ,‬ثببم أعببود‬
‫الرابعة فببأقول‪ :‬يببا رب مببا بقببي إل مببن حبسببه القببرآن«‪,‬‬
‫فحدثنا أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫»فيخرج من النار من قال ل إله إل الله وكان في قلبه من‬
‫الخير ما يزن شعيرة‪ ,‬ثم يخرج من النار من قال ل إلببه إل‬
‫الله وكان في قلبه من الخير ما يزن بببرة‪ ,‬ثببم يخببرج مببن‬
‫النار من قال ل إله إل الله وكان فببي قلبببه مببن الخيببر مببا‬
‫يببزن ذرة«‪ ,‬أخرجبباه مببن حببديث سببعيد بببه‪ ,‬وهكببذا رواه‬
‫المام أحمد عن عفان‪ ,‬بن حماد بن سلمة‪ ,‬عن ثابت‪ ,‬عن‬
‫أنبببببببببببببببببببببببببببببببس بطبببببببببببببببببببببببببببببببوله‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا يونس بن محمببد‪ ,‬حببدثنا حببرب‬
‫بن ميمون أبو الخطاب النصاري عن النضر بن أنس‪ ,‬عببن‬
‫أنس قال‪ :‬حدثني نبي الله صببلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪:‬‬
‫»إني لقائم أنتظر أمتي تعبببر الصببراط‪ ,‬إذ جبباءني عيسببى‬
‫عليببه السببلم فقببال‪ :‬هببذه النبيبباء قببد جاءتببك يببا محمببد‬
‫يسألون ب أو قال‪ :‬يجتمعون إليك ب ويدعون اللببه أن يفببرق‬
‫بين جميع المم إلببى حيببث يشبباء اللببه لغببم مببا هببم فيببه‪,‬‬

‫‪756‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فالخلق ملجمون بالعرق‪ ,‬فأما المؤمن فهو عليه كالزكمة‪,‬‬
‫وأما الكافر فيغشاه الموت‪ ,‬فقال‪ :‬انتظر حتى أرجع إليك‪,‬‬
‫فذهب نبي الله صلى الله عليه وسلم فقام تحببت العببرش‬
‫فلقي ما لم يلق ملك مصببطفى ول نبببي مرسببل‪ ,‬فببأوحى‬
‫الله عز وجل إلى جبريل أن اذهببب إلببى محمببد‪ ,‬وقببل لببه‬
‫ارفع رأسك سل تعط واشفع تشببفع‪ ,‬فشببفعت فببي أمببتي‬
‫أن أخرج من كل تسعة وتسعين إنسببانا ً واحببدًا‪ ,‬فمببا زلببت‬
‫أتردد إلى ربي عز وجل‪ ,‬فل أقببوم منببه مقام با ً إل شببفعت‬
‫حتى أعطاني الله عز وجل‪ ,‬مببن ذلببك أن قببال‪ :‬يببا محمببد‬
‫أدخل من أمتك من خلق الله عز وجل من شهد أن ل إلببه‬
‫إل اللبببه يومبببا ً واحبببدا ً مخلصبببا ً ومبببات علبببى ذلبببك«‪.‬‬

‫)حببببببببديث بريببببببببدة رضببببببببي اللببببببببه عنببببببببه(‬


‫قال المام أحمد بن حنبل‪ :‬حدثنا السود بن عامر‪ ,‬أخبرنا‬
‫أبو إسرائيل عن الحارث بن حصيرة‪ ,‬عن ابن بريببدة‪ ,‬عببن‬
‫أبيه أنه دخل على معاوية‪ ,‬فإذا رجل يتكلبم‪ ,‬فقبال بريبدة‪:‬‬
‫يا معاوية تأذن لي في الكلم ؟ فقال‪ :‬نعم‪ ,‬وهببو يببرى أنببه‬
‫لخر‪ ,‬فقال بريدة‪ :‬سمعت رسول الله‬ ‫يتكلم بمثل ما قال ا َ‬
‫صلى الله عليه وسلم يقببول‪» :‬إنببي لرجببو أن أشببفع يببوم‬
‫القيامة عدد مببا علببى الرض مببن شببجرة ومببدرة«‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫فترجوها أنت يا معاوية ول يرجوها علي رضي الله عنببه«‪.‬‬
‫)حديث ابن مسعود( ب قال المام أحمد‪ :‬حدثنا عببارم بببن‬
‫الفضل‪ ,‬حدثنا سعيد بن الفضل‪ ,‬حدثنا سعيد بن زيد‪ ,‬حدثنا‬
‫علي بببن الحكببم البنبباني عببن عثمببان‪ ,‬عببن إبراهيببم‪ ,‬عببن‬
‫علقمة والسود‪ ,‬عن ابن مسعود قال‪ :‬جاء ابنا مليكبة إلبى‬
‫النبي صلى الله عليه وسببلم فقببال‪ :‬إن أمنببا تكببرم الببزوج‬
‫وتعطف على الولد‪ ,‬قببال‪ :‬وذكببرا الضببيف غيببر أنهببا كببانت‬
‫وأدت في الجاهلية‪ ,‬فقال »أمكما في النار« قببال‪ :‬فببأدبرا‬
‫والسببوء يببرى فببي وجوههمببا‪ ,‬فببأمر بهمببا فببردا فرجعببا‬
‫والسببرور يببرى فببي وجوههمببا رجبباء أن يكببون قببد حببدث‬
‫شيء‪ ,‬فقال »أمي مع أمكما« فقال رجل من المنببافقين‪:‬‬
‫وما يغني هذا عن أمه شيئا ً ونحن نطأ عقببيه‪ .‬فقبال رجبل‬

‫‪757‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من النصار‪ :‬ولم أر رجل ً قببط أكببثر سببؤال ً منببه يببا رسببول‬
‫الله‪ ,‬هل وعدك ربك فيها أو فيهما ؟ قببال‪ :‬فظببن أنببه مببن‬
‫شيء قد سمعه‪ ,‬فقال‪» :‬ما سألته ربي وما أطمعني فيببه‪,‬‬
‫وإني لقوم المقام المحمود يوم القيامة« فقال النصاري‪:‬‬
‫يا رسول اللببه ومببا ذاك المقببام المحمببود ؟ قببال‪ :‬ذاك إذا‬
‫ل‪ ,‬فيكون أول من يكسى إبراهيم‬ ‫جيء بكم حفاة عراة غر ً‬
‫عليببه السببلم‪ ,‬فيقببول‪ :‬اكسببوا خليلببي فيببؤتى بريطببتين‬
‫بيضاوين فيلبسهما‪ ,‬ثم يقعده مستقبل العببرش‪ ,‬ثببم أوتببى‬
‫بكسوتي فألبسها فأقوم عببن يمينببه مقامبا ً ل يقببومه أحببد‪,‬‬
‫فيغبطني فيه الولببون والخببرون« قببال‪ :‬ويفتببح لهببم مببن‬
‫الكوثر إلى الحوض‪ ,‬فقال المنافق‪ :‬إنه ما جببرى مبباء قببط‬
‫إل على حال أو رضببراض‪ ,‬فقببال رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليببه وسببلم‪» :‬حبباله المسببك‪ ,‬ورضراضببه اللؤلببؤ« فقببال‬
‫المنافق‪ :‬لم أسمع كاليوم‪ ,‬فإنه قلما جرى ماء علببى حببال‬
‫أو رضراض إل كان له نبت ؟ فقببال النصبباري‪ ,‬يببا رسببول‬
‫اللببه هببل لببه نبببت ؟ فقببال‪» :‬نعببم قضبببان الببذهب« قببال‬
‫المنافق لم أسمع كاليوم‪ ,‬فإنه قلما ينبت قضببيب إل أورق‬
‫وإل كان له ثمر‪ ,‬وقال النصبباري‪ :‬يببا رسببول اللببه هببل لببه‬
‫ثمرة ؟ قال‪» :‬نعم ألوان الجوهر‪ ,‬ومبباؤه أشببد بياض با ً مببن‬
‫اللبن وأحلى من العسل‪ ,‬مببن شببرب منببه شببربة ل يظمببأ‬
‫بعببده‪ ,‬ومببن حرمببه لببم يببرو بعببده«‪ .‬وقببال أبببو داود‬
‫الطيالسي‪ :‬حدثنا يحيى بن سلمة بن كهيل‪ ,‬عببن أبيببه عببن‬
‫أبي الزعراء‪ ,‬عن عبد الله قال‪ :‬ثم يأذن الله عز وجل في‬
‫الشفاعة فيقببوم روح القببدس جبريببل‪ ,‬ثببم يقببوم إبراهيببم‬
‫خليل الله ثم يقوم عيسى أو موسى‪ ,‬قال أبببو الزعببراء‪ :‬ل‬
‫أدري أيهما‪ ,‬قال‪ :‬ثم يقوم نبببيكم صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫رابعا ً فيشفع ل يشفع أحد بعده أكثر مما شفع‪ ,‬وهو المقام‬
‫المحمود الذي قال الله عز وجل‪} :‬عسبى أن يبعثبك رببك‬
‫مقامبببببببببببببببببببببببببببببا ً محمبببببببببببببببببببببببببببببودًا{‪.‬‬

‫)حببببديث كعببببب بببببن مالببببك رضببببي اللببببه عنببببه(‬

‫‪758‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا يزيد بن عبد ربه‪ ,‬حدثنا محمد بن‬
‫حرب‪ ,‬حدثنا الزبيدي عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد‬
‫الله بن كعب بن مالك‪ ,‬عن كعب بن مالك أن رسول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسببلم قببال‪» :‬يبعببث النبباس يببوم القيامببة‬
‫فأكون أنا وأمتي على تل‪ ,‬ويكسوني ربببي عببز وجببل حلببة‬
‫خضراء‪ ,‬ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقببول‪ ,‬فببذلك‬
‫المقبببببببببببببببببببببببببببام المحمبببببببببببببببببببببببببببود«‪.‬‬

‫)حببببببديث أبببببببي الببببببدرداء رضببببببي اللببببببه عنببببببه(‬


‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا حسن‪ ,‬حببدثنا ابببن لهيعببة‪ ,‬حببدثنا‬
‫يزيد بن أبي حبيب عن عبببد الرحمببن بببن جبببير‪ ,‬عببن أبببي‬
‫الدرداء‪ ,‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬أنببا‬
‫أول من يؤذن له بالسجود يوم القيامة‪ ,‬وأنا أول من يببؤذن‬
‫له أن يرفع رأسه‪ ,‬فأنظر إلى ما بيببن يببدي فببأعرف أمببتي‬
‫من بين المم‪ ,‬ومن خلفببي مثببل ذلببك‪ ,‬وعببن يمينببي مثببل‬
‫ذلك‪ ,‬وعن شمالي مثل ذلك« فقال رجل‪ :‬يببا رسببول اللببه‬
‫كيف تعرف أمتك من بين المم فيما بين نوح إلى أمتببك ؟‬
‫قال‪» :‬هم غر محجلون من أثر(الوضوء‪ ,‬ليبس أحببد كبذلك‬
‫غيرهم‪ ,‬وأعرفهم أنهببم يؤتببون كتبهببم بأيمببانهم‪ ,‬وأعرفهببم‬
‫تسببببببببعى مببببببببن بيببببببببن أيببببببببديهم ذريتهببببببببم«‪.‬‬

‫)حببببببديث أبببببببي هريببببببرة رضببببببي اللببببببه عنببببببه(‬


‫قال المام أحمد رحمه الله‪ :‬حدثنا يحيى بن سعيد‪ ,‬حدثنا‬
‫أبو حيان‪ ,‬حدثنا أبو زرعببة بببن عمببرو بببن جريببر عببن أبببي‬
‫هريرة رضي الله عنه قببال‪ :‬أتببى رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم بلحم‪ ,‬فرفع إليه الذراع وكببانت تعجبببه فنهببش‬
‫منها نهشة‪ ,‬ثم قال‪» :‬أنا سببيد النبباس يببوم القيامببة‪ ,‬وهببل‬
‫لخريببن فببي صببعيد‬ ‫تدرون مم ذاك ؟ يجمع الله الوليببن وا َ‬
‫واحد‪ ,‬يسمعهم الداعي‪ ,‬وينفذهم البصببر‪ ,‬وتببدنو الشببمس‬
‫فيبلغ من الغم والكرب ما ل يطيقون‪ ,‬ول يحتملون فيقول‬
‫بعض الناس لبعض‪ :‬أل ترون ما أنتم فيه مما قد بلغكم‪ ,‬أل‬
‫تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم ؟ فيقببول بعببض النبباس‬

‫‪759‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لبعض‪ :‬عليكم بآدم‪ ,‬فيأتون آدم عليه السببلم فيقولببون يببا‬
‫آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيببك مببن روحببه‪,‬‬
‫وأمر الملئكة فسجدوا لك‪ ,‬فاشفع لنا إلى ربك أل ترى ما‬
‫نحن فيه‪ ,‬أل ترى ما قببد بلغنببا ؟ فيقببول آدم‪ :‬إن ربببي قببد‬
‫غضب اليوم غضبا ً لم يغضب قبله مثله ولببن يغضببب بعببده‬
‫مثله‪ ,‬وإنه قد نهاني عن الشجرة فعصيت‪ ,‬نفسببي نفسببي‬
‫نفسي‪ ,‬اذهبوا إلى غيببري اذهبببوا إلببى نببوح‪ ,‬فيببأتون نوحبا ً‬
‫فيقولون‪ :‬يا نوح أنت أول الرسببل إلببى أهببل الرض‪ ,‬وقببد‬
‫سماك الله عبدا ً شكورًا‪ ,‬اشببفع لنببا إلببى ربببك أل تببرى مببا‬
‫نحن فيه‪ ,‬أل ترى ما قد بلغنبا ؟ فيقببول نببوح‪ :‬إن ربببي قببد‬
‫غضب اليوم غضبا ً لم يغضب قبله مثله‪ ,‬ولن يغضببب بعببده‬
‫مثله قط‪ ,‬وإنه قببد كببانت لببي دعببوة دعوتهببا علببى قببومي‬
‫نفسببي نفسببي نفسببي‪ ,‬اذهبببوا إلببى غيببري اذهبببوا إلببى‬
‫إبراهيم‪ ,‬فيأتون إبراهيم فيقولون‪ :‬يا إبراهيم أنت نبي الله‬
‫وخليله من أهل الرض‪ ,‬اشببفع لنببا إلببى ربببك‪ ,‬أل تببرى مببا‬
‫نحن فيه‪ ,‬أل ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول‪ :‬إن ربي قد غضببب‬
‫اليوم غضبا ً لم يغضب قبله مثله‪ ,‬ولن يغضببب بعببده مثلببه‪,‬‬
‫فذكر كذباته‪ ,‬نفسببي نفسببي نفسببي‪ ,‬اذهبببوا إلببى غيببري‪,‬‬
‫اذهبوا إلى موسى‪ ,‬فيأتون موسى عليه السلم فيقولببون‪:‬‬
‫يا موسى أنت رسول الله اصطفاك الله برسالته وبكلمببه‬
‫على الناس‪ ,‬اشفع لنا إلى ربك‪ ,‬أل تببرى مببا نحببن فيببه‪ ,‬أل‬
‫ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم موسى‪ ,‬إن ربببي قببد غضببب‬
‫غضبا ً لم يغضب قبله مثله‪ ,‬ولن يغضب بعببده مثلببه‪ ,‬وإنببي‬
‫قد قتلت نفسبا ً لببم أومببر بقتلهببا‪ ,‬نفسببي نفسببي نفسببي‪,‬‬
‫اذهبببوا إلببى غيببري‪ ,‬اذهبببوا إلببى عيسببى‪ ,‬فيببأتون عيسببى‬
‫فيقولون‪ :‬يا عيسى أنت رسببول اللببه وكلمتببه ألقاهببا إلببى‬
‫مريم وروح منه‪ ,‬وكلمت الناس في المهد صبيًا‪ ,‬فاشفع لنا‬
‫إلى ربببك‪ ,‬أل تببرى مببا نحببن فيببه‪ ,‬أل تببرى مببا قببد بلغنببا ؟‬
‫فيقول لهم عيسببى‪ :‬إن ربببي قببد غضببب اليببوم غضبببا ً لببم‬
‫يغضب قبله مثله‪ ,‬ولن يغضب بعده مثله‪ ,‬ولببم يببذكر ذنب بًا‪,‬‬
‫نفسي نفسي نفسي‪ ,‬اذهبوا إلى غيري‪ ,‬اذهبوا إلى محمببد‬
‫صلى الله عليببه وسببلم‪ ,‬فيببأتون محمببدا ً صببلى اللببه عليببه‬

‫‪760‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسلم فيقولون‪ :‬يا محمد أنت رسول اللببه وخبباتم النبيبباء‪,‬‬
‫وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تببأخر‪ ,‬فاشببفع لنببا‬
‫إلى ربك‪ ,‬أل ترى ما نحن فيه‪ ,‬أل ترى ما قد بلغنا ؟ فأقوم‬
‫فآتي تحت العرش‪ ,‬فأقع ساجدا ً لربي عز وجببل‪ ,‬ثببم يفتببح‬
‫الله علي ويلهمني من محامده وحسببن الثنبباء عليببه مببالم‬
‫يفتحه على أحد قبلي‪ ,‬فيقال‪ :‬يا محمد ارفع رأسببك وسببل‬
‫تعطه‪ ,‬واشفع تشفع‪ ,‬فأرفع رأسي فببأقول‪ :‬أمببتي يببا رب‪,‬‬
‫أمببتي يببا رب‪ ,‬فيقببال‪ :‬يببا محمببد أدخببل مببن أمتببك مببن ل‬
‫حساب عليببه مببن الببباب اليمببن مببن أبببواب الجنببة‪ ,‬وهببم‬
‫شركاء الناس فيما سوى ذلك من البواب‪ ,‬ثم قال‪ :‬والذي‬
‫نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة‬
‫كما بين مكة وهجر‪ ,‬أو كما بين مكة وبصرى‪ ,‬أخرجاه فببي‬
‫الصببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببحيحين‪.‬‬
‫وقال مسلم رحمه الله‪ :‬حدثنا الحكم ببن موسبى‪ ,‬حبدثنا‬
‫عقل بن زياد عن الوزاعي‪ ,‬حدثني أبو عمار‪ ,‬حببدثني عبببد‬
‫الله بن فروخ‪ ,‬حدثني أبببو هريببرة قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسببلم‪» :‬أنببا سببيد ولببد آدم يببوم القيامببة‪,‬‬
‫وأول من ينشق عنه القبر يوم القيامببة‪ ,‬وأول شببافع وأول‬
‫مشفع«‪ .‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا أبو كريب‪ ,‬حدثنا وكيع عن‬
‫داود بن يزيد الزعافري عن أبيه‪ ,‬عن أبي هريرة قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪} :‬عسى أن يبعثك ربببك‬
‫مقاما ً محمودًا{ سئل عنهببا فقببال‪» :‬هببي الشببفاعة« رواه‬
‫المام أحمد عن وكيع ومحمد بن عبيد عببن داود عببن أبيببه‬
‫عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فببي قببوله‬
‫تعالى‪} :‬عسى أن يبعثك ربك مقامبا ً محمببودًا{ قببال »هببو‬
‫المقببببببببام الببببببببذي أشببببببببفع لمببببببببتي فيببببببببه«‪.‬‬
‫وقال عبد الرزاق‪ :‬أخبرنا معمر عبن الزهبري‪ ,‬عببن علببي‬
‫بن الحسين قال‪ :‬قال رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫»إذا كان يوم القيامببة مببد اللببه الرض مببد الديببم حببتى ل‬
‫يكون لبشر من الناس إل موضع قدميه ب قال النبي صببلى‬
‫الله عليه وسببلم بب فببأكون أول مببن يببدعى‪ ,‬وجبريببل عببن‬
‫يمين الرحمن تبارك وتعالى والله ما رآه قبلها‪ ,‬فأقول‪ :‬أي‬

‫‪761‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رب إن هذا أخبرني أنك أرسلته إلي‪ ,‬فيقول الله عز وجل‪,‬‬
‫صدق‪ ,‬ثم أشفع فأقول‪ :‬يا رب عبادك عبدوك في أطببراف‬
‫الرض‪ ,‬قال‪ :‬فهو المقام المحمود« وهببذا حببديث مرسببل‪.‬‬

‫ق‬‫ص بد ْ ٍ‬‫ج ِ‬ ‫خ بَر َ‬‫م ْ‬‫جِني ُ‬ ‫خرِ ْ‬‫ق وَأ َ ْ‬‫صد ْ ٍ‬ ‫ل ِ‬ ‫خ َ‬ ‫خل ِْني ُ‬
‫مد ْ َ‬ ‫ب أ َد ْ ِ‬‫** وَُقل ّر ّ‬
‫ق‬
‫حب ّ‬ ‫جببآَء ال ْ َ‬
‫ل َ‬ ‫صببيرا ً * وَقُ ب ْ‬ ‫طانا ً ن ّ ِ‬
‫س بل ْ َ‬
‫ك ُ‬ ‫من ل ّبد ُن ْ َ‬ ‫جَعل ّلي ِ‬ ‫َوا ْ‬
‫هوقببببببا ً‬ ‫ن َز ُ‬‫كببببببا َ‬ ‫ل َ‬‫طبببببب َ‬ ‫ن ال َْبا ِ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫طبببببب ُ‬ ‫هببببببقَ ال َْبا ِ‬ ‫وََز َ‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا جرير عن قابوس بن أبي ظبيببان‬
‫عن أبيه‪ ,‬عن ابن عباس قال‪ :‬كان النبي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسببلم بمكببة ثببم أمببر بببالهجرة‪ ,‬فببأنزل اللببه }وقببل رب‬
‫أدخلني مدخل صدق وأخرجنبي مخبرج صبدق واجعبل لبي‬
‫من لدنك سلطانا ً نصيرًا{ وقال الترمببذي‪ :‬حسببن صببحيح‪,‬‬
‫لية‪ :‬إن كفار أهببل‬ ‫وقال الحسن البصري في تفسير هذه ا َ‬
‫مكببة لمببا ائتمببروا برسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫ليقتلوه أو يطردوه أو يوثقوه‪ ,‬فأراد الله قتببال أهببل مكببة‪,‬‬
‫أمره أن يخرج إلى المدينة‪ ,‬فهو الذي قال الله عببز وجببل‪:‬‬
‫}وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخببرج صببدق{‬
‫ليببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬ ‫ا َ‬
‫وقببال قتببادة }وقببل رب أدخلنببي مببدخل صببدق{ يعنببي‬
‫المدينة }وأخرجني مخرج صدق{ يعنببي مكببة‪ ,‬وكببذا قببال‬
‫عبد الرحمن بببن زيببد بببن أسببلم‪ ,‬وهببذا القببول هببو أشببهر‬
‫القوال‪ .‬وقال العببوفي عببن ابببن عببباس }أدخلنببي مببدخل‬
‫صببدق{ يعنببي المببوت }وأخرجنببي مخببرج صببدق{ يعنببي‬
‫الحياة بعد المببوت‪ ,‬وقيببل غيببر ذلببك مببن القببوال‪ ,‬والول‬
‫أصبببببببببح‪ ,‬وهبببببببببو اختيبببببببببار اببببببببببن جريبببببببببر‪.‬‬
‫وقببوله }واجعببل لببي مببن لببدنك سببلطانا ً نصببيرًا{ قببال‬
‫الحسن البصري فببي تفسببيرها‪ :‬وعببده ربببه لينزعببن ملببك‬
‫فارس وعز فارس وليجعلنه له‪ ,‬وملك الببروم وعببز الببروم‬
‫وليجعلنه له‪ .‬وقال قتادة فيها‪ :‬إن نبي الله صلى الله عليببه‬
‫وسلم علم أن ل طاقة له بهذا المببر إل بسببلطان‪ ,‬فسببأل‬
‫سلطانا ً نصيرا ً لكتاب اللبه‪ ,‬ولحبدود اللبه‪ ,‬ولفبرائض اللبه‪,‬‬

‫‪762‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ولقامة دين الله‪ ,‬فإن السلطان رحمة من الله جعلبه بيبن‬
‫أظهر عباده‪ ,‬ولببول ذلبك لغبار بعضبهم علببى بعبض فأكبل‬
‫شديدهم ضببعيفهم‪ ,‬قببال مجاهببد }سببلطانا ً نصببيرًا{ حجببة‬
‫بينة‪ ,‬واختار ابن جرير قول الحسببن وقتببادة‪ ,‬وهببو الرجببح‬
‫لنه ل بد مع الحق من قهر لمن عاداه وناوأه‪ ,‬ولهذا يقببول‬
‫تعالى‪} :‬لقد أرسلنا رسلنا بالبينات بب إلببى قببوله بب وأنزلنببا‬
‫لية‪ .‬وفي الحديث »إن الله ليزع بالسلطان ما ل‬ ‫الحديد{ ا َ‬
‫يزع بالقرآن« أي ليمنع بالسلطان عن ارتكبباب الفببواحش‬
‫لثام مال يمتنع كثير مببن النبباس بببالقرآن ومببا فيببه مببن‬ ‫وا َ‬
‫الوعيبببد الكيبببد والتهديبببد الشبببديد‪ ,‬وهبببذا هبببو الواقبببع‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وقل جبباء الحببق وزهببق الباطببل{ ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬تهديببد‬
‫ووعيد لكفار قريش‪ ,‬فإنه قد جاءهم من اللبه الحبق البذي‬
‫ل مرية فيه ول قبببل لهببم بببه‪ ,‬وهببو مببا بعثببه اللببه بببه مببن‬
‫القرآن واليمان والعلم النافع‪ ,‬وزهق باطلهم أي اضببمحل‬
‫وهلك‪ ,‬فببإن الباطببل ل ثبببات لببه مببع الحببق ول بقبباء }بببل‬
‫نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهببق{‪ .‬وقببال‬
‫البخاري‪ :‬حدثنا الحميدي‪ ,‬حدثنا سفيان عن ابن أبببي نجيببح‬
‫عن مجاهد‪ ,‬عن أبي معمر عن عبد الله بن مسببعود قببال‪:‬‬
‫دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول البيت سبتون‬
‫وثلثمائة نصب‪ ,‬فجعل يطعنها بعود في يده ويقببول‪» :‬جبباء‬
‫الحق وزهق الباطل‪ ,‬إن الباطل كان زهوقًا‪ .‬جاء الحق وما‬
‫يبدىء الباطل وما يعيد« وكذا رواه البخاري أيضا ً في غيببر‬
‫هذا الموضع‪ ,‬ومسلم والترمذي والنسائي كلهم من طببرق‬
‫عن سفيان بن عيينة به‪ ,‬وكذا رواه عبببد الببرزاق عببن ابببن‬
‫أببببببببببببببببببببببي نجيبببببببببببببببببببببح ببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبو يعلى‪ :‬حدثنا زهير‪ ,‬حدثنا شبببابة‪ ,‬حببدثنا‬
‫المغيرة‪ ,‬حدثنا أبو الزبير عن جبابر رضبي اللبه عنببه قببال‪:‬‬
‫دخلنا مع رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم مكببة وحببول‬
‫البببيت ثلثمببائة وسببتون صببنما ً تعبببد مببن دون اللبه‪ .‬فبأمر‬
‫بهارسول الله صلى الله عليه وسلم فأكبت على وجوههببا‪,‬‬
‫وقببال‪» :‬جبباء وزهببق الباطببل إن الباطببل كببان زهوقببًا«‪.‬‬

‫‪763‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫ن وَل َ‬ ‫ة ل ّل ْ ُ‬
‫م بؤ ْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫مب ٌ‬‫ح َ‬
‫ش بَفآٌء وََر ْ‬ ‫ما هُ بوَ ِ‬
‫ن َ‬ ‫ن ال ُْقْرآ ِ‬
‫م َ‬ ‫** وَن ُن َّز ُ‬
‫ل ِ‬
‫سبببببببببببببببارا ً‬ ‫خ َ‬ ‫ن إ َل ّ َ‬
‫مي َ‬‫ظبببببببببببببببال ِ ِ‬‫زيبببببببببببببببد ُ ال ّ‬ ‫يَ ِ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن كتببابه الببذي أنببزل علببى رسببول‬
‫اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم وهببو القببرآن الببذي ل يببأتيه‬
‫الباطل من بين يديه ول من خلفه تنزيل من حكيببم حميببد‪,‬‬
‫إنه شفاء ورحمة للمؤمنين أي يذهب مببا فببي القلببب مببن‬
‫أمببراض مببن شببك ونفبباق وشببرك وزيببغ وميببل‪ ,‬فببالقرآن‬
‫يشفي من ذلك كله‪ ,‬وهو أيضا ً رحمة يحصل فيهببا اليمببان‬
‫والحكمة وطلب الخير والرغبببة فيببه‪ ,‬وليببس هببذا إل لمببن‬
‫آمن به وصدقه واتبعه‪ ,‬فإنه يكون شفاء في حقه ورحمببة‪,‬‬
‫وأما الكافر الظالم نفسه بذلك‪ ,‬فل يزيببد سببماعه القببرآن‬
‫لفببة مببن الكببافر ل مببن القببرآن‪ ,‬كقببوله‬ ‫إل بعدا ً وكفرًا‪ ,‬وا َ‬
‫تعببالى‪} :‬قببل هببو للببذين آمنببوا هببدى وشببفاء‪ ,‬والببذين ل‬
‫يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من‬
‫مكان بعيد{‪ ,‬وقال تعالى‪} :‬وإذا ما أنزلببت سببورة فمنهببم‬
‫مببن يقببول أيكببم زادتببه هببذه إيمان با ً * فأمببا الببذين آمنببوا‬
‫فزادتهم إيمانا ً وهم يستبشرون * وأما الببذين فببي قلببوبهم‬
‫مرض فزادتهم رجسا ً إلى رجسهم وماتوا وهببم كببافرون{‬
‫ليات في ذلك كثيرة‪ .‬قال قتادة في قوله‪} :‬وننببزل مببن‬ ‫وا َ‬
‫القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين{ إذا سمعه المببؤمن‬
‫انتفع به وحفظه ووعاه }ول يزيد الظالمين إل خسارًا{ أي‬
‫ل ينتفع به ول يحفظه ول يعيه‪ ,‬فإن الله جعل هببذا القببرآن‬
‫شببببببببببببببببفاء ورحمببببببببببببببببة للمببببببببببببببببؤمنين‪.‬‬

‫جان ِب ِهِ وَإ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ذآ أ َنعمنا عََلى النسا َ‬


‫ه‬
‫سبب ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫ض وَن َأى ب ِ َ‬‫ن أعَْر َ‬ ‫ْ َ ِ‬ ‫** وَإ ِ َ ْ َ ْ َ‬
‫م‬‫شبباك ِل َت ِهِ فََرب ّك ُب ْ‬‫ى َ‬ ‫مب ُ َ‬
‫ل عَل ب َ‬ ‫ل ي َعْ َ‬ ‫ن ي َُئوسا ً * قُ ب ْ‬
‫ل ك ُب ّ‬ ‫شّر َ‬
‫كا َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سبببببببببِبيل ً‬ ‫هبببببببببد َىَ َ‬ ‫هبببببببببوَ أ ْ‬ ‫ن ُ‬‫مببببببببب ْ‬
‫م بِ َ‬‫أعَْلببببببببب ُ‬
‫يخبببر تعببالى عببن نقببص النسببان مببن حيببث هببو إل مببن‬
‫عصمه الله تعالى فببي حببالتي السببراء والضببراء‪ ,‬فببإنه إذا‬
‫أنعم الله عليه بمال وعافية وفتببح ورزق ونصببر‪ ,‬ونببال مببا‬

‫‪764‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يريد‪ ,‬أعرض عن طاعببة اللببه وعبببادته ونببأى بجببانبه‪ .‬قببال‬
‫مجاهد‪ :‬بعد عنا‪ ,‬قلت‪ :‬وهذا كقببوله تعببالى‪} :‬فلمببا كشببفنا‬
‫عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه{ وقوله‪} :‬فلمببا‬
‫نجبباكم إلببى البببر أعرضببتم{ وبببأنه إذا مسببه الشببر وهببو‬
‫المصائب‪ ,‬والحوادث والنوائب }كان يؤوسبًا{ أي قنببط أن‬
‫يعود فيحصل له بعد ذلك خير‪ ,‬كقوله تعببالى‪} :‬ولئن أذقنببا‬
‫النسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤوس كفور * ولئن‬
‫أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السببيئات عنببي‬
‫إنه لفرح فخور * إل الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك‬
‫لهببببببببببببم مغفببببببببببببرة وأجببببببببببببر كبببببببببببببير{‬
‫وقوله تعالى‪} :‬قل كببل يعمببل علببى شبباكلته{ قببال ابببن‬
‫عباس‪ :‬على ناحيته‪ .‬وقببال مجاهببد‪ :‬علببى حببدته وطبببيعته‪.‬‬
‫وقال قتادة‪ :‬على نيتببه‪ .‬وقببال ابببن زيببد‪ :‬دينببه‪ ,‬وكببل هببذه‬
‫ليببة بب واللببه أعلببم بب‬‫القوال متقاربة في المعنببى وهببذه ا َ‬
‫تهديد للمشركين ووعيد لهم‪ ,‬كقوله تعالى‪} :‬وقل للذين ل‬
‫لية‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬قل كببل‬ ‫يؤمنون اعملوا على مكانتكم{ ا َ‬
‫ل{ أي‬ ‫يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهببدى سبببي ً‬
‫منا ومنكم‪ ,‬وسيجزي كل عامل بعمله فإنه ل يخفببى عليببه‬
‫خافيببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬

‫مببآ‬
‫م برِ َرب ّببي وَ َ‬
‫ك عَبن البروح قُبل البروح م ب َ‬
‫نأ ْ‬‫ّ ُ ِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫سأ َ ُ‬
‫لو‬ ‫** وَي َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مبببببببببببببببن ال ْعِْلبببببببببببببببم ِ إ ِل ّ قَِليل ً‬
‫أوِتيت ُببببببببببببببببم ّ‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا وكيع‪ ,‬حدثنا العمش عن إبراهيم‬
‫عن علقمة‪ ,‬عن عبد الله هو ابن مسعود رضببي اللببه عنببه‬
‫قال‪ :‬كنت أمشي مع رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫في حرث في المدينة‪ ,‬وهببو متببوكىء علببى عسببيب‪ ,‬فمببر‬
‫بقوم من اليهود‪ ,‬فقال بعضهم لبعض‪ :‬سببلوه عببن الببروح‪,‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬ل تسألوه‪ .‬قال فسألوه عن الروح‪ ,‬فقببالوا‪:‬‬
‫يا محمد ما الروح ؟ فما زال متوكئا ً علببى العسببيب‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫فظننت أنه يوحى إليه‪ ,‬فقال‪} :‬ويسألونك عن الببروح قببل‬
‫ل{ قببال‪:‬‬ ‫الروح من أمر ربي وما أوتيتببم مببن العلببم إل قلي ً‬

‫‪765‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقال بعضهم لبعض‪ :‬قد قلنا لكببم ل تسببألوه‪ .‬وهكببذا رواه‬
‫البخببببباري ومسبببببلم مبببببن حبببببديث العمبببببش ببببببه‪.‬‬
‫لية عببن عبببد اللببه بببن‬‫ولفظ البخاري عند تفسيره هذه ا َ‬
‫مسعود رضي الله عنه قال‪ :‬بينا أنا أمشي مع النبي صببلى‬
‫الله عليه وسلم في حرث وهو متببوكىء علببى عسببيب‪ ,‬إذ‬
‫مر اليهود فقال بعضهم لبعض‪ :‬سلوه عن الروح‪ ,‬فقال‪ :‬ما‬
‫رابكم إليه‪ ,‬وقال بعضهم‪ :‬ل يسببتقبلنكم بشببيء تكرهببونه‪.‬‬
‫فقالوا سلوه‪ ,‬فسألوه عن الروح‪ ,‬فأمسك النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ,‬فلم يرد عليهم شيئًا‪ ,‬فعلمت أنه يببوحى إليببه‪,‬‬
‫فقمت مقامي‪ ,‬فلما نببزل الببوحي قببال‪} :‬ويسببألونك عببن‬
‫لية‪ ,‬وهذا السياق يقتضي‬ ‫الروح قل الروح من أمر ربي{ ا َ‬
‫ليببة مدنيببة‪ ,‬وأنببه نزلببت‬ ‫فيما يظهر بادي الببرأي أن هببذه ا َ‬
‫حين سأله اليهود عن ذلك بالمدينببة‪ ,‬مببع أن السببورة كلهببا‬
‫مكيببة‪ .‬وقببد يجبباب عببن هببذا بببأنه قببد تكببون نزلببت عليببه‬
‫بالمدينة مرة ثانية‪ ,‬كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك‪ ,‬أو نزل‬
‫لية المتقببدم إنزالهببا‬‫عليه الوحي بأن يجيبهم عما سألوه با َ‬
‫لية }ويسألونك عن الببروح{ وممببا يببدل‬ ‫عليه‪ ,‬وهي هذه ا َ‬
‫ليببة بمكببة مببا قببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا‬ ‫على نزول هذه ا َ‬
‫قتيبة‪ ,‬حدثنا يحيى بن زكريا عن داود عن عكرمة‪ ,‬عن ابببن‬
‫عباس قال‪ :‬قالت قريش ليهود‪ :‬أعطونا شببيئا ً نسببأل عنببه‬
‫هذا الرجل‪ ,‬فقببالوا‪ :‬سببلوه عببن الببروح‪ ,‬فسببألوه‪ ,‬فنزلببت‬
‫}ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ومببا أوتيتببم‬
‫ل{ قالوا‪ :‬أوتينا علما ً كثيرًا‪ ,‬أوتينا التببوراة‪,‬‬‫من العلم إل قلي ً‬
‫ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا ً كثيرًا‪ ,‬قببال‪ :‬وأنببزل اللبه‬
‫}قل لو كان البحر مدادا ً لكلمات ربي لنفببد البحببر{ ا َ‬
‫ليببة‪.‬‬
‫وقببد روى ابببن جريببر عببن محمببد بببن المثنببى عببن عبببد‬
‫العلببى‪ ,‬عببن داود عببن عكرمببة قببال‪ :‬سببأل أهببل الكتبباب‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الببروح‪ ,‬فببأنزل اللببه‬
‫لية‪ ,‬فقالوا‪ :‬تزعببم أنببا لببم نببؤت‬ ‫}ويسألونك عن الروح{ ا َ‬
‫ل‪ ,‬وقد أوتينا التوراة وهي الحكمببة }ومببن‬ ‫من العلم إل قلي ً‬
‫يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا ً كثيرًا{ قال‪ :‬فنزلت }ولببو أن‬
‫ما فببي الرض مببن شببجرة أقلم والبحببر يمببده مببن بعببده‬

‫‪766‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لية‪ ,‬قال ما أوتيتم من علم فنجاكم اللببه بببه‬ ‫سبعة أبحر{ ا َ‬
‫مببن النببار‪ ,‬فهببو كببثير طيببب‪ ,‬وهببو فببي علببم اللببه قليببل‪.‬‬
‫وقال محمد بن إسحاق عن بعض أصحابه‪ ,‬عن عطاء بن‬
‫ل{‬‫يسار قال‪ :‬نزلت بمكببة }ومببا أوتيتببم مببن العلببم إل قلي ً‬
‫فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلببى المدينببة‬
‫أتاه أحبار يهود وقالوا‪ :‬يا محمد ألم يبلغنا عنك أنببك تقببول‬
‫ل{ أفعنيتنا أم عنيببت قومببك‪,‬‬ ‫}وما أوتيتم من العلم إل قلي ً‬
‫فقال »كل ً قد عنيت« فقالوا‪ :‬إنببك تتلببو أنببا أوتينببا التببوراة‬
‫وفيها تبيان كل شيء‪ ,‬فقال رسول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬هي في علببم اللببه قليببل وقببد آتبباكم اللببه مببا إن‬
‫عملتم به انتفعتم« وأنزل الله }ولو أن ما في الرض مببن‬
‫شجرة أقلم والبحر يمده من بعده سبعة أبحببر مببا نفببدت‬
‫كلمبببببببات اللبببببببه إن اللبببببببه عزيبببببببز حكيبببببببم{‪.‬‬
‫وقد اختلببف المفسببرون فببي المببراد بببالروح ههنببا علببى‬
‫أقوال )أحببدها( أن المببراد أرواح بنببي آدم‪ .‬وقببال العببوفي‬
‫عن ابن عباس في قوله‪} :‬ويسألونك عببن الببروح{ ا َ‬
‫ليببة‪,‬‬
‫وذلك أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسببلم‪ :‬أخبرنببا‬
‫عن الروح وكيببف تعببذب الببروح الببتي فببي الجسببد‪ ,‬وإنمببا‬
‫الروح من الله ولم يكن نببزل عليبه فيبه شببيء‪ ,‬فلبم يحببر‬
‫إليهم شيئًا‪ ,‬فأتاه جبريل فقال لببه‪} :‬قببل الببروح مببن أمببر‬
‫ل{ فببأخبرهم النبببي صببلى‬ ‫ربي وما أوتيتم من العلم إل قلي ً‬
‫الله عليه وسببلم بببذلك‪ ,‬فقببالوا‪ :‬مببن جبباءك بهببذا ؟ قببال‪:‬‬
‫جاءني به جبريل من عند الله‪ ,‬فقالوا له‪ :‬والله ما قاله لك‬
‫إل عدونا‪ ,‬فأنزل الله }قل من كان عدوا ً لجبريل فإنه نزله‬
‫على قلبك بإذن الله مصدقا ً لما بين يببديه{ وقيببل‪ :‬المببراد‬
‫بالروح ههنا جبريل‪ ,‬وقال قتادة‪ :‬وكان ابن عببباس يكتمببه‪,‬‬
‫وقيل المراد به ههنا ملببك عظيببم بقببدر المخلوقببات كلهببا‪.‬‬
‫قببال علببي بببن أبببي طلحببة عببن ابببن عببباس قببوله‪:‬‬
‫}ويسببألونك عببن الببروح{ يقببول‪ :‬الببروح ملببك‪ .‬وقببال‬
‫الطبراني‪ :‬حدثنا محمد بن عبد اللببه بببن عببرس المصببري‪,‬‬
‫حدثنا وهب بن روق بن هبيرة‪ ,‬حدثنا بشر بببن بكببر‪ ,‬حببدثنا‬
‫الوزاعببي‪ ,‬حببدثنا عطبباء عببن عبببد اللببه بببن عببباس قببال‪:‬‬

‫‪767‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقببول‪» :‬إن للببه‬
‫ملكا ً لو قيل له التقببم السبموات السبببع والرضبين بلقمببة‬
‫واحدة لفعل‪ ,‬تسبيحه سبحانك حيببث كنببت« وهببذا حببديث‬
‫غريب بل منكر‪ .‬وقببال أبببو جعفببر بببن جريببر رحمببه اللببه‪.‬‬
‫حدثني علي‪ ,‬حدثني عبد الله‪ ,‬حدثني أبو مببروان يزيببد بببن‬
‫سمرة صبباحب قيسببارية عمببن حببدثه عببن علببي بببن أبببي‬
‫طالب رضي الله عنه أنه قال في قوله‪} :‬ويسببألونك عببن‬
‫الروح{ قال‪ :‬هو ملك من الملئكة له سبببعون ألببف وجببه‪,‬‬
‫لكببل وجببه منهببا سبببعون ألببف لسببان‪ ,‬لكببل لسببان منهببا‬
‫سبعون ألف لغببة‪ ,‬يسبببح اللببه تعببالى بتلببك اللغببات كلهببا‪,‬‬
‫يخلق الله من كل تسبيحة ملكا ً يطير مع الملئكة إلى يوم‬
‫القيامبببة‪ ,‬وهبببذا أثبببر غريبببب عجيبببب‪ ,‬واللبببه أعلبببم‪.‬‬
‫وقال السهيلي‪ :‬روي عن علي أنه قال‪ :‬هو ملك له مببائة‬
‫ألف رأس‪ ,‬لكل رأس مائة ألف وجه‪ ,‬فببي كببل وجببه مببائة‬
‫ألف فم‪ ,‬في كل فم مائة ألببف لسببان‪ ,‬يسبببح اللببه تعببالى‬
‫بلغات مختلفة‪ .‬قال السهيلي‪ :‬وقيببل المببراد بببذلك طائفببة‬
‫مببن الملئكببة علببى صببور بنببي آدم‪ ,‬وقيببل‪ :‬طائفببة يببرون‬
‫الملئكببة ول تراهببم‪ ,‬فهببم للملئكببة كالملئكببة لبنببي آدم‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬قل الببروح مببن أمببر ربببي{ أي مببن شببأنه وممببا‬
‫استأثر بعلمه دونكم‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬وما أوتيتم من العلببم إل‬
‫ل{ أي وما أطلعكم من علمه إل علببى القليببل‪ ,‬فببإنه ل‬ ‫قلي ً‬
‫يحيط أحد بشيء مببن علمببه إل بمببا شبباء تبببارك وتعببالى‪,‬‬
‫والمعنببى أنببه علمكببم فببي علببم اللببه قليببل‪ ,‬وهببذا الببذي‬
‫تسألون عنه أمر الروح مما استاثر به تعالى ولم يطلعكببم‬
‫عليه‪ ,‬كما أنه لم يطلعكم إل على القليل من علمه تعببالى‪,‬‬
‫وسيأتي إن شاء الله في قصة موسى والخضر أن الخضببر‬
‫نظر إلى عصفور وقع على حافة السفينة فنقر فببي البحببر‬
‫نقرة‪ ,‬أي شرب منه بمنقاره‪ ,‬فقال‪ :‬يا موسببى مببا علمببي‬
‫وعلمببك وعلببم الخلئق فببي علببم اللببه إل كمببا أخببذ هببذا‬
‫العصفور من هذا البحر‪ ,‬أو كما قال صلوات اللببه وسببلمه‬
‫ل{‬‫عليه‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬ومببا أوتيتببم مببن العلببم إل قلي ً‬
‫وقال السهيلي‪ :‬قال بعض النبباس لببم يجبهببم عمببا سببألوا‪,‬‬

‫‪768‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لنهببم سببألوا علببى وجببه التعنببت‪ ,‬وقيببل‪ :‬أجببابهم‪ .‬وعببول‬
‫السهيلي على أن المراد بقوله‪} :‬قل الروح من أمر ربي{‬
‫أي من شرعه‪ ,‬أي فادخلوا فيببه وقببد علمتببم ذلببك‪ ,‬لنببه ل‬
‫سبيل إلى معرفة هذا من طبع ول فلسفة‪ ,‬وإنما ينال مببن‬
‫جهة الشرع‪ ,‬وفي هذا المسلك الذي طرقه وسببلكه نظببر‪,‬‬
‫واللببببببببببببببببببببببببببببببببه أعلببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫ثم ذكر السهيلي الخلف بين العلماء في أن الببروح هببي‬
‫النفس أو غيرها‪ ,‬وقببرر أنهببا ذات لطيفببة كببالهواء‪ ,‬سببارية‬
‫في الجسد كسريان المبباء فببي عببروق الشببجر‪ ,‬وقببرر أن‬
‫الروح التي ينفخها الملك في الجنين هببي النفببس بشببرط‬
‫اتصالها بالبدن واكتسابها بسببه صببفات مببدح أو ذم‪ ,‬فهببي‬
‫إما نفس مطمئنة أو أمارة بالسوء‪ ,‬كما أن الماء هو حيبباة‬
‫الشجر ثم يكسب بسبب اختلطه معها اسببما ً خاصبًا‪ ,‬فببإذا‬
‫اتصل بالعنبة وعصر منها صببار إمببا مصببطارا ً أو خمببرًا‪ ,‬ول‬
‫يقال له مبباء حينئذ إل علببى سبببيل المجبباز‪ ,‬وكببذا ل يقببال‬
‫للنفس روح إل على هذا النحو‪ ,‬وكذا ل يقال للببروح نفببس‬
‫إل باعتبار ما تؤول إليه‪ ,‬فحاصل ما نقببول‪ :‬إن الببروح هببي‬
‫أصل النفس ومادتها‪ ,‬والنفس مركبببة منهببا ومببن اتصببالها‬
‫بالبدن‪ ,‬فهي هي من وجببه ل مببن كببل وجببه‪ ,‬وهببذا معنببى‬
‫حسن‪ ,‬واللببه أعلببم‪ .‬قلببت‪ :‬وقببد تكلببم النبباس فببي ماهيببة‬
‫الروح وأحكامها‪ ,‬وصنفوا في ذلك كتببًا‪ ,‬ومببن أحسببن مببن‬
‫تكلم على ذلك الحافظ ابن منده فبي كتباب سبمعناه فبي‬
‫الببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببروح‪.‬‬

‫ج بد ُ ل َب َ‬ ‫حي َْنا إ ِل َي ْ َ‬ ‫َ‬


‫ه‬
‫ك ب ِب ِ‬ ‫م ل َ تَ ِ‬ ‫ك ثُ ّ‬ ‫ذي أوْ َ‬ ‫ن ِبال ّ ِ‬‫شئ َْنا ل َن َذ ْهَب َ ّ‬
‫** وَل َِئن ِ‬
‫ك ك َِبيرا ً‬ ‫ن عَل َي ْ َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ضل َ ُ‬
‫ن فَ ْ‬ ‫ك إِ ّ‬ ‫من ّرب ّ َ‬ ‫ة ّ‬ ‫م ً‬‫ح َ‬‫كيل ً * إ ِل ّ َر ْ‬ ‫عَل َي َْنا وَ ِ‬
‫ْ‬ ‫* ُقل ل ّئ ِن اجتمعت النس وال ْجن عَل َ َ‬
‫ذا‬ ‫هـ ب َ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ ِ‬‫ى أن ي َأُتوا ْ ب ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ِْ ُ َ ِ ّ‬ ‫ِ ْ َ َ َ ِ‬
‫ض ظ َِهيبرا ً *‬ ‫مث ِْلبهِ وََلبوْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ال ُْقْرآ‬
‫ٍ‬ ‫م ل ِب َْعب‬‫ضبهُ ْ‬ ‫ن ب َعْ ُ‬ ‫كبا َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫ن ل َ َيبأُتو َ‬ ‫ِ‬
‫ل مث َبل فَبأ َ‬
‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫مببن ك ُب ّ َ ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذا ال ُْقبْرآ ِ‬ ‫هـب َ‬
‫س ِفي َ‬ ‫صّرفَْنا ِللّنا ِ‬ ‫وَل ََقد ْ َ‬
‫أ َك َْثبببببببببببببببببُر الّنببببببببببببببببباس إ ِل ّ ك ُُفبببببببببببببببببورا ً‬
‫ِ‬

‫‪769‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يذكر تعالى نعمته وفضببله العظيببم علببى عبببده ورسببوله‬
‫الكريم صلى الله عليه وسلم فيما أوحاه إليه مببن القببرآن‬
‫المجيد الذي ل يأتيه الباطل من بيببن يببديه ول مببن خلفببه‪,‬‬
‫تنزيل من حكيم حميد‪ .‬قال ابن مسبعود رضبي اللبه عنبه‪:‬‬
‫يطرق الناس ريح حمراء‪ ,‬يعني في آخر الزمببان مببن قبببل‬
‫الشام‪ ,‬فل يبقى في مصحف رجببل ول فببي قلبببه آيببة‪ ,‬ثببم‬
‫قرآ ابن مسعود }ولئن شئنا لنببذهبن بالببذي أوحينببا إليببك{‬
‫لية‪ ,‬ثم نبه تعالى على شرف هذا القرآن العظيببم فببأخبر‬ ‫ا َ‬
‫أنه لو اجتمعت النس والجن كلهم واتفقببوا علببى أن يببأتوا‬
‫بمثببل مببا أنببزل علببى رسببوله لمببا أطبباقوا ذلببك ولمببا‬
‫استطاعوه‪ ,‬ولو تعاونوا وتساعدوا وتظافروا فإن هببذا أمببر‬
‫ل يسببتطاع‪ ,‬وكيببف يشبببه كلم المخلببوقين كلم الخببالق‬
‫الذي ل نظير له ول مثال له ول عديل له‪ ,‬وقد روى محمببد‬
‫بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير أو‬
‫لية نزلببت فببي نفببر مببن‬ ‫عكرمة‪ ,‬عن ابن عباس أن هذه ا َ‬
‫اليهود جاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقببالوا لببه‪:‬‬
‫لية‪ ,‬وفي هببذا‬ ‫إنا نأتيك بمثل ما جئتنا به‪ ,‬فأنزل الله هذه ا َ‬
‫نظر‪ ,‬لن هببذه السببورة مكيببة وسببياقها كلببه مببع قريببش‪,‬‬
‫واليهود إنما اجتمعوا به فببي المدينببة‪ ,‬فببالله أعلببم‪ .‬وقببوله‬
‫لية‪ ,‬أي بينا لهم الحجج والبببراهين‬ ‫}ولقد صرفنا للناس{ ا َ‬
‫القاطعة‪ ,‬ووضحنا لهم الحق وشرحناه وبسطناه‪ ,‬ومع هببذا‬
‫فأبى أكثر الناس إل كفورا ً أي جحودا ً للحق وردا ً للصواب‪.‬‬

‫ض ي َن ُْبوعبا ً *‬ ‫ن الْر ِ‬ ‫مب َ‬ ‫جَر ل ََنا ِ‬ ‫ى ت َْف ُ‬‫حت ّ َ‬


‫ك َ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫م َ‬ ‫** وََقاُلوا ْ َلن ن ّؤْ ِ‬
‫خلل َهَببا‬ ‫ج بَر الن ْهَبباَر ِ‬ ‫ب فَت َُف ّ‬ ‫عن َب ٍ‬ ‫ل وَ ِ‬ ‫خي ب ٍ‬‫مببن ن ّ ِ‬ ‫ة ّ‬ ‫جن ّ ٌ‬‫ك َ‬ ‫ن لَ َ‬‫كو َ‬ ‫أ َوْ ت َ ُ‬
‫سببفا ً أ َْو‬ ‫ت عَل َي ْن َببا ك ِ َ‬ ‫مب َ‬ ‫مببا َزعَ ْ‬ ‫مآَء ك َ َ‬ ‫سب َ‬‫ط ال ّ‬ ‫سبِق َ‬ ‫َ‬
‫جيرا ً * أوْ ت ُ ْ‬ ‫ت َْف ِ‬
‫ن لَ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ف‬‫خببُر ٍ‬ ‫مببن ُز ْ‬ ‫ت ّ‬ ‫ك ب َي ْ ٌ‬ ‫كو َ‬ ‫ملئ ِك َةِ قَِبيل ً * أوْ ي َ ُ‬ ‫ي ِبالل ّهِ َوال ْ َ‬ ‫ت َأت ِ َ‬
‫ل عَل َي ْن َببا‬ ‫َ‬
‫حت ّببى ت ُن َبّز َ‬ ‫ك َ‬ ‫ن ل ُِرقِي ّب َ‬ ‫م َ‬ ‫مآِء وََلن ن ّبؤْ ِ‬ ‫س َ‬‫ى ِفي ال ّ‬ ‫أوْ ت َْرقَ َ‬
‫سببول ً‬ ‫شببرا ً ّر ُ‬ ‫ت إ َل ّ ب َ َ‬ ‫كنب ُ‬ ‫ل ُ‬ ‫ن َرب ّببي هَب ْ‬ ‫حا َ‬‫سبب ْ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ك َِتابا ً ن ّْقَرؤُهُ قُ ْ‬
‫قال ابن جرير‪ :‬حدثنا أبو كريب‪ ,‬حببدثنا يببونس بببن بكيببر‪,‬‬
‫حدثنا محمد بن إسحاق‪ ,‬حدثني شيخ من أهببل مصببر قببدم‬

‫‪770‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫منذ بضع وأربعين سببنة عببن عكرمببة‪ ,‬عببن ابببن عببباس أن‬
‫عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبببا سببفيان بببن حببرب ورجل ً مببن‬
‫بني عبد الدار‪ ,‬وأبا البخببتري أخببا بنببي أسببد‪ ,‬والسببود بببن‬
‫المطلب بن أسد وزمعة بن السببود‪ ,‬والوليببد بببن المغيببرة‬
‫وأبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية‪ ,‬وأمية بن خلف‬
‫والعاص بن وائل ونبيه با ً ومنبه با ً ابنببي الحجبباج السببهميين‪,‬‬
‫اجتمعوا أو من اجتمع منهم بعد غروب الشمس عند ظهببر‬
‫الكعبة‪ ,‬فقال بعضببهم لبعببض‪ :‬ابعثببوا إلببى محمببد فكلمببوه‬
‫وخاصموه حتى تعذروا فيه‪ ,‬فبعثوا إليه أن أشبراف قومبك‬
‫قد اجتمعوا لك ليكلموك‪ ,‬فجاءهم رسول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم سريعا ً وهو يظببن أنببه قببد بببدا لهببم فببي أمببره‬
‫بداء‪ ,‬وكان عليهم حريصا ً يحب رشدهم ويعز عليببه عنتهببم‬
‫حتى جلس إليهم‪ ,‬فقالوا‪ :‬يا محمد إنا قد بعثنا إليببك لنعببذر‬
‫فيك‪ ,‬وإنا والله ما نعلم رجل ً من العرب أدخل علببى قببومه‬
‫لببباء وعبببت الببدين‬‫ما أدخلت علببى قومببك‪ ,‬لقببد شببتمت ا َ‬
‫للهة وفرقت الجماعة‪ ,‬فما بقي‬ ‫وسفهت الحلم وشتمت ا َ‬
‫من قبيح إل وقد جئته فيما بيننا وبينك‪ ,‬فإن كنت إنما جئت‬
‫بهذا الحديث تطلب به مببال ً جمعنببا لببك مببن أموالنببا حببتى‬
‫ل‪ ,‬وإن كنببت إنمببا تطلببب الشببرف فينببا‬ ‫تكببون أكثرنببا مببا ً‬
‫سودناك علينا‪ ,‬وإن كنت تريد ملكا ً ملكناك علينا‪ ,‬وإن كان‬
‫هذا الذي يأتيك بما يأتيك رئيا ً تراه قد غلب عليك بب وكببانوا‬
‫يسمون التابع مبن الجبن البرئي بب فربمبا كبان ذلبك ببذلنا‬
‫أموالنا في طلب الطببب حببتى نبببرئك منببه أو نعببذر فيببك‪,‬‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بي ما تقولببون‪,‬‬
‫ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أمبوالكم ول الشبرف فيكبم‬
‫ول الملك عليكم‪ ,‬ولكببن اللببه بعثنببي إليكببم رسببول ً وأنببزل‬
‫علي كتابا ً وأمرني أن أكبون لكبم بشبيرا ً ونبذيرًا‪ ,‬فبلغتكبم‬
‫رسالت ربي ونصحت لكم فإن تقبلوا منببي مببا جئتكببم ببه‬
‫ي أصبر لمر‬ ‫لخرة‪ ,‬وإن تردوه عل ّ‬ ‫فهو حظكم في الدنيا وا َ‬
‫الله حتى يحكم الله بيني وبينكم« أو كما قال رسول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم تسليمًا‪ ,‬فقالوا‪ :‬يا محمد فببإن كنببت‬
‫غير قابل منا ما عرضنا عليك فقد علمت أنه ليس أحد من‬

‫‪771‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ل‪ ,‬ول أشببد عيشبا ً منببا‪,‬‬ ‫الناس أضيق منببا بلدا ً ول أقببل مببا ً‬
‫فاسأل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به‪ ,‬فليسببير عنببا هببذه‬
‫الجبال التي قد ضيقت علينببا‪ ,‬وليبسببط لنببا بلدنببا وليفجببر‬
‫فيها أنهارا ً كأنهار الشام والعراق‪ ,‬وليبعببث لنببا مببن مضببى‬
‫من آبائنا‪ ,‬وليكن فيمببن يبعببث لنببا منهببم قصببي بببن كلب‪,‬‬
‫فإنه كان شيخا ً صدوقًا‪ ,‬فنسببألهم عمببا تقببول حببق هببو أم‬
‫باطل ؟ فإن صنعت ما سألناك وصدقوك صدقناك وعرفنببا‬
‫به منزلتك عند الله‪ ,‬وأنه بعثك رسول ً كما تقول‪ .‬فقال لهم‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسببلم‪» :‬مببا بهببذا بعثببت‪ ,‬إنمببا‬
‫جئتكم من عند الله بما بعثني به‪ ,‬فقد بلغتكببم مببا أرسببلت‬
‫لخببرة‪ ,‬وإن‬ ‫به إليكم‪ ,‬فإن تقبلوه فهو حظكم في الببدنيا وا َ‬
‫تردوه علي أصبر لمر الله حتى يحكم الله بينببي وبينكببم«‬
‫قالوا‪ :‬فإن لم تفعل لنا هذا فخببذ لنفسببك‪ ,‬فسببل ربببك أن‬
‫يبعببث ملك با ً يصببدقك بمببا تقببول ويراجعنببا عنببك‪ ,‬وتسببأله‬
‫فيجعل لك جنات وكنوزا ً وقصورا ً من ذهب وفضة‪ ,‬ويغنيك‬
‫بهببا عمببا نببراك تبتغببي‪ ,‬فإنببك تقببوم بالسببواق وتلتمببس‬
‫المعاش كما نلتمسه‪ ,‬حتى نعرف فضل منزلتك مببن ربببك‬
‫إن كنت رسول ً كما تزعم‪ ,‬فقال لهم رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪» :‬ما أنا بفاعل‪ ,‬ما أنا بالببذي يسببأل ربببه هببذا‪,‬‬
‫وما بعثت إليكم بهذا‪ ,‬ولكن الله بعثني بشيرا ً ونببذيرًا‪ ,‬فببإن‬
‫لخببرة‪ ,‬وإن‬ ‫تقبلوا ما جئتكم به‪ ,‬فهو حظكببم فببي الببدنيا وا َ‬
‫تردوه علي أصبر لمر الله حتى يحكم الله بينببي وبينكببم«‬
‫قالوا‪ :‬فأسقط السماء كما زعمت أن ربببك إن شبباء فعببل‬
‫ذلك‪ ,‬فإنا لن نؤمن لك إل أن تفعل‪ .‬فقال لهم رسول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬ذلك إلى الله‪ ,‬إن شاء فعببل بكببم‬
‫ذلك« فقالوا‪ :‬يا محمد أمببا علببم ربببك أنببا سببنجلس معببك‬
‫ونسألك عما سألناك عنه ونطلب منك مببا نطلببب‪ ,‬فيقببدم‬
‫إليك ويعلمك ما تراجعنا به‪ ,‬ويخبرك ما هو صانع في ذلببك‬
‫بنا إذا لم نقبل منك ما جئتنا به‪ ,‬فقد بلغنا أنه إنمببا يعلمببك‬
‫هذا رجل باليمامة يقببال لببه الرحمببن‪ ,‬وإنببا واللببه ل نببؤمن‬
‫بالرحمن أبببدًا‪ ,‬فقببد أعببذرنا إليببك يببا محمببد‪ ,‬أمببا واللببه ل‬
‫نتركك وما فعلت بنا حتى نهلببك أو تهلكنببا‪ ,‬وقببال قببائلهم‪:‬‬

‫‪772‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نحن نعبد الملئكة وهي بنات الله‪ .‬وقال قائلهم‪ :‬لن نببؤمن‬
‫لك حتى تأتي بالله والملئكة قبي ً‬
‫ل‪ ,‬فلمببا قببالوا ذلببك‪ ,‬قببام‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهببم‪ ,‬وقببام معببه عبببد‬
‫الله بن أبي أمية بن المغيببرة بببن عبببد اللببه بببن عمببر بببن‬
‫مخزوم‪ ,‬وهو ابن عمته عاتكة ابنة عبد المطلب‪ ,‬فقال‪ :‬يببا‬
‫محمد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهببم‪ ,‬ثببم‬
‫سألوك لنفسهم أمورا ً ليعرفوا بها منزلتببك مببن اللببه فلببم‬
‫تفعل ذلك‪ ,‬ثم سألوك أن تعجل لهببم مببا تخببوفهم بببه مببن‬
‫عذاب‪ ,‬فوالله ل أؤمببن بببك أبببدا ً حببتى تتخببذ إلببى السببماء‬
‫سلمًا‪ ,‬ثم ترقببى فيببه وأنببا أنظببر حببتى تأتيهببا وتببأتي معببك‬
‫بصحيفة منشورة ومعك أربعة من الملئكببة يشببهدون لببك‬
‫أنك كما تقببول‪ ,‬وايببم اللببه لببوفعلت بببذلك لظننببت أنببي ل‬
‫أصببدقك‪ ,‬ثببم انصببرف عبن رسبول اللبه صبلى اللبه عليبه‬
‫وسلم‪ ,‬وانصرف رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم إلببى‬
‫أهله حزينا ً أسفا ً لما فاته ممببا كببان طمببع فيببه مببن قببومه‬
‫حين دعوه‪ ,‬ولما رأى من مباعدتهم إياه‪ ,‬وهكببذا رواه زيبباد‬
‫بن عبد الله البكائي عن اببن إسببحاق‪ :‬حببدثني بعبض أهببل‬
‫العلم عن سعيد بن جبير وعكرمة عببن ابببن عببباس فببذكر‬
‫مثله سواء‪ .‬وهذا المجلس الذي اجتمع هؤلء لببه‪ ,‬لببو علببم‬
‫الله منهم أنهم يسألون ذلك استرشادا ً لجيبوا إليه‪ ,‬ولكببن‬
‫علم أنهم إنما يطالبون ذلك كفرا ً وعنادا ً له‪ ,‬فقيل لرسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬إن شئت أعطيناهم ما سببألوا‪,‬‬
‫فإن كفروا عذبتهم عذابا ً ل أعذبه أحدا ً مببن العببالمين‪ ,‬وإن‬
‫شئت فتحت عليهببم ببباب التوبببة والرحمببة ؟ فقببال‪» :‬بببل‬
‫تفتببح عليهببم ببباب التوبببة والرحمببة‪ ,‬كمببا تقببدم ذلببك فببي‬
‫حديثي ابن عباس والزبير بن العوام أيضا ً عند قوله تعالى‪:‬‬
‫ليببات إل أن كببذب بهببا الولببون *‬ ‫}وما منعنا أن نرسببل با َ‬
‫ليات إل‬ ‫وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل با َ‬
‫تخويف بًا{‪ .‬وقببال تعببالى‪} :‬وقببالو مببا لهببذا الرسببول يأكببل‬
‫الطعام ويمشي في السواق لول أنزل إليببه ملببك فيكببون‬
‫معه نذيرا ً * أو يلقى إليه كنز أو تكون لببه جنببة يأكببل منهببا‬
‫وقال الظالمون إن تتبعون إل رجل ً مسحورا ً * انظببر كيببف‬

‫‪773‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ضربوا لك المثببال فضببلوا فل يسببتطيعون سبببيل ً * تبببارك‬
‫الذي إن شاء جعل لك خيببرا ً مببن ذلببك جنببات تجببري مببن‬
‫تحتهببا النهببار ويجعببل لببك قصببورا ً * بببل كببذبوا بالسبباعة‬
‫وأعتببببببدنا لمببببببن كببببببذب بالسبببببباعة سببببببعيرًا{‪.‬‬
‫وقوله تعالى }حتى تفجر لنا في الرض ينبوعًا{ الينبببوع‪:‬‬
‫العين الجارية‪ ,‬سألوه أن يجري لهم عين با ً معين با ً فببي أرض‬
‫الحجاز ههنا وههنا وذلك سهل علببى اللبه تعبالى يسبير لبو‬
‫شاء لفعله ولجابهم على جميع مببا سببألوه وطلبببوا ولكببن‬
‫علم أنهببم ل يهتببدون كمببا قببال تعببالى‪} :‬إن الببذين حقببت‬
‫عليهم كلمة ربك ل يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حببتى يببروا‬
‫العذاب الليم{ وقال تعالى‪} :‬ولو أننا نّزلنا إليهم الملئكببة‬
‫وكلمهم الموتى وحشببرنا عليهببم كببل شببيء قبل ً مببا كببانوا‬
‫ليؤمنببببببببببببببببببببببببببببببوا{ ا َ‬
‫ليببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬أو تسقط السماء كمببا زعمببت{ أي أنببك‬
‫وعدتنا أن يوم القيامة تنشق فيببه السببماء وتهببوي وتببدلي‬
‫أطرافها‪ ,‬فاجعل ذلك في الدنيا وأسقطها كسفًا‪ ,‬أي قطعا ً‬
‫كقوله }اللهم إن كان هببذا هببو الحببق مببن عنببدك فببأمطر‬
‫لية‪ ,‬وكذلك سأل قببوم شببعيب‬ ‫علينا حجارة من السماء{ ا َ‬
‫منه فقالوا }أسقط علينا كسفا ً من السببماء إن كنببت مببن‬
‫الصبباديقين{ فعبباقبهم اللببه بعببذاب يببوم الظلببة‪ ,‬إنببه كببان‬
‫عذاب يوم عظيم‪ ,‬وأما نبي الرحمة ونبي التوبببة المبعببوث‬
‫رحمة للعببالمين فسببأل إنظببارهم وتببأجيلهم لعببل اللببه أن‬
‫يخرج من أصلبهم من يعبببده ل يشببرك بببه شببيئًا‪ ,‬وكببذلك‬
‫وقع فإن من هؤلء الذين ذكروا من أسلم بعد ذلك وحسن‬
‫إسلمه حتى عبد الله بن أمية الذي تبببع النبببي صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم وقال له ما قال‪ ,‬أسلم إسلما ً تاما ً وأناب إلببى‬
‫اللببببببببببببببببببببه عببببببببببببببببببببز وجببببببببببببببببببببل‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬أو يكون لك بيت من زخببرف{ قببال ابببن‬
‫عباس ومجاهد وقتادة‪ :‬هو الذهب‪ ,‬وكذلك هببو فببي قببراءة‬
‫ابن مسعود‪ :‬أو يكون لك بيببت مببن ذهببب }أو ترقببى فببي‬
‫السماء{ أي تصعد في سلم ونحن ننظر إليك }ولن نؤمن‬
‫لرقيببك حببتى تنببزل علينببا كتاببا ً نقببرؤه{ قببال مجاهببد‪ :‬أي‬

‫‪774‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مكتوب فيه إلى كل واحد واحد صحيفة هذا كتاب من اللببه‬
‫لفلن تصبببح موضببوعة عنببد رأسببه‪ .‬وقببوله تعببالى‪} :‬قببل‬
‫ل{ أي سبحانه وتعالى‬ ‫سبحان ربي هل كنت إل بشرا ً رسو ً‬
‫وتقدس أن يتقدم أحد بين يديه في أمر من أمور سببلطانه‬
‫وملكوته‪ ,‬بل هو الفعال لما يشاء إن شاء أجببابكم إلببى مببا‬
‫سألتم‪ ,‬وإن شاء لم يجبكم‪ ,‬وما أنا إل رسول إليكم أبلغكم‬
‫رسالت ربي وأنصح لكم وقد فعلببت ذلببك‪ ,‬وأمركببم فيمببا‬
‫سبببببببببألتم إلبببببببببى اللبببببببببه عبببببببببز وجبببببببببل‪.‬‬
‫قال المام أحمببد بببن حنبببل‪ :‬حببدثنا علببي ابببن اسببحاق ‪,‬‬
‫حدثنا ابن المبارك‪ ,‬حدثنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بببن‬
‫زجر عن علي بن يزيد‪ ,‬عن القاسببم عببن أبببي أمامببة عببن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬عببرض علببي ربببي عببز‬
‫وجل ليجعل لي بطحاء مكة ذهبًا‪ ,‬فقلببت‪ :‬ل يببا رب ولكببن‬
‫أشبع يوما ً وأجوع يوما ً ب أو نحو ذلك ب فإذا جعببت تضببرعت‬
‫إليببك وذكرتببك‪ ,‬وإذا شبببعت حمببدتك وشببكرتك« ورواه‬
‫الترمذي في الزهد عن سويد بن نصببر عببن ابببن المبببارك‬
‫به‪ ,‬وقال‪ :‬هذا حديث حسن‪ ,‬وعلببي بببن يزيببد يضببعف فببي‬
‫الحببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببديث‪.‬‬

‫م ال ْهُد َىَ إ ِل ّ َأن َقببال ُوَا ْ‬ ‫جآَءهُ ُ‬ ‫من ُوَا ْ إ ِذ ْ َ‬


‫َ‬
‫س أن ي ُؤْ ِ‬ ‫من َعَ الّنا َ‬ ‫ما َ‬ ‫** وَ َ‬
‫ملئ ِك َب ٌ‬
‫ة‬ ‫سول ً * ُقل ل َبوْ ك َ‬ ‫شرا ً‬ ‫َ‬ ‫ث الل ّ‬ ‫أَ‬
‫ض َ‬
‫ِ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫ال‬ ‫بي‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫با‬
‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ر‬‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫ب‬
‫سببول ً‬ ‫مَلكبا ً ّر ُ‬ ‫مآِء َ‬‫سب َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مب َ‬‫ن ل َن َّزل َْنا عَل َي ِْهم ّ‬ ‫مط ْ َ‬
‫مئ ِّني َ‬ ‫ن ُ‬ ‫شو َ‬ ‫م ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫يقول تعالى‪} :‬وما منع الناس{ أي أكثرهم }أن يؤمنببوا{‬
‫ل‪ ,‬كمببا‬ ‫ويتابعوا الرسل إل استعجابهم من بعثة البشببر رسب ً‬
‫قال تعالى‪} :‬أكان للناس عجبا ً أن أوحينا إلبى رجبل منهبم‬
‫أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قببدم صببدق عنببد‬
‫ربهببم{‪ ,‬وقببال تعببالى‪} :‬ذلببك بببأنه كببانت تببأتيهم رسببلهم‬
‫لية‪ .‬وقببال فرعببون وملببؤه‬ ‫بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا{ ا َ‬
‫}أنؤمن لبشببرين مثلنببا وقومهمببا لنببا عابببدون ؟{ وكببذلك‬
‫قالت المم لرسببلهم }إن أنتببم إل بشببر مثلنببا تريببدون أن‬
‫ليات‬ ‫تصدونا عما كان يعبد آباؤ نا فأتونا بسلطان مبين{ وا َ‬

‫‪775‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫في هذا كثيرة‪ ,‬ثم قال تعببالى منبهبا ً علببى لطفببه ورحمتببه‬
‫بعباده أنه يبعث إليهم الرسول مببن جنسببهم ليفقهببوا منببه‬
‫لتمكنهببم مببن مخبباطبته ومكببالمته‪,‬ولببو بعببث إلببى البشببر‬
‫رسول ً من الملئكة لما استطاعوا مواجهته ول الخببذ عنببه‬
‫كما قال تعالى‪} :‬لقببد مببن اللببه علببى المببؤمنين إذا بعببث‬
‫فيهببم رسببول ً مببن أنفسببهم{ وقببال تعببالى‪} :‬لقببد جبباءكم‬
‫رسول مببن أنفسببكم{ وقببال تعببالى‪} :‬كمببا أرسبلنا فيكببم‬
‫رسول ً منكم يتلو عليكم آياتنببا ويزكيكببم ويعلمكببم الكتبباب‬
‫والحكمببة ويعلمكببم مببا لببم تكونببوا تعلمببون * فبباذكروني‬
‫أذكركم واشكروا لي ول تكفروان{ ولهذا قببال ههنببا }قببل‬
‫لو كان في الرض ملئكة يمشون مطمئنين{ أي كما أنتببم‬
‫ل{ أي مببن‬ ‫فيهببا }لنزلنببا عليهببم مببن السببماء ملك با ً رسببو ً‬
‫جنسهم‪ .‬ولما كنتم أنتم بشرا ً بعثنا فيكم رسلنا منكم لطفا ً‬
‫ورحمبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببة‪.‬‬

‫خِبيرا ً‬ ‫ه َ‬ ‫شِهيدا ً ب َي ِْني وَب َي ْن َك ُ ْ‬


‫ى ِبالل ّهِ َ‬
‫ن ب ِعَِبادِهِ َ‬
‫كا َ‬ ‫م إ ِن ّ ُ‬ ‫ل ك ََف َ‬
‫** قُ ْ‬
‫صببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببيرا ً‬ ‫بَ ِ‬
‫يقول تعالى مرشببدا ً نبببيه صببلى اللببه عليببه وسببلم إلببى‬
‫الحجة على قومه في صدق ما جاءهم به‪ :‬إنه شاهد علببي‬
‫وعليكم‪ ,‬عالم بما جئتكم به‪ ,‬فلو كنت كاذب با ً عليببه ل نتقببم‬
‫مني أشد النتقام‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬ولو تقول علينا بعببض‬
‫القاويل لخذنا منه ياليمين ثم لقطعنا منه الوتين{‪ .‬وقوله‬
‫}إنه كان بعباده خبيرا ً بصيرًا{ أي عليما ً بهم بمن يسببتحق‬
‫النعام والحسان والهداية ممن يستحق الشقاء والضببلل‬
‫والزاغبببببببببببببببببة‪ ,‬ولهبببببببببببببببببذا قبببببببببببببببببال‪(:‬‬

‫م‬‫ج بد َ ل َهُ ب ْ‬
‫ل فَل َببن ت َ ِ‬‫ض بل ِ ْ‬
‫مببن ي ُ ْ‬ ‫مهْت َبدِ وَ َ‬ ‫ه فَهُوَ ال ْ ُ‬ ‫من ي َهْدِ الل ّ ُ‬‫** وَ َ‬
‫ميا ً‬ ‫مةِ عَل َ‬ ‫م ال ْ‬ ‫ُ‬ ‫أَ‬
‫م عُ ْ‬ ‫جوهِهِ ْ‬ ‫ى وُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يا‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫ش‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ن‬‫دو‬
‫ُ‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ء‬ ‫يآ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫و‬
‫سبِعيرا ً‬ ‫كمبا ً وصبما ً ْ‬
‫ت زِ ْ َ ُ ْ َ‬
‫م‬ ‫ه‬ ‫با‬
‫ب‬ ‫ن‬‫د‬ ‫خب َب ْ‬
‫مببا َ‬ ‫م ك ُل ّ َ‬‫جهَن ّب ُ‬ ‫م َ‬ ‫مبأَواهُ ْ‬ ‫َ ُ ّ ّ‬ ‫وَب ُ ْ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن تصرفه في خلقببه ونفببوذ حكمببه‬
‫وأنه ل معقب له بأنه من يهده فل مضببل لبه‪ ,‬ومببن يضبلل‬

‫‪776‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فلن تجد لهم أولياء من دونه أي يهدونهم‪ ,‬كما قبال‪} :‬مبن‬
‫يهد الله فهو المهتد‪ ,‬ومن يضلل فلن تجد له وليا ً مرشببدًا{‬
‫وقببوله‪} :‬ونحشببرهم يببوم القيامببة علببى وجببوههم{ قببال‬
‫المام أحمد‪ ,‬حدثنا ابببن نميببر‪ ,‬حببدثنا إسببماعيل عببن نفيببع‬
‫قال‪ :‬سمعت أنس بن مالبك يقببول‪ :‬قيبل‪ :‬يبا رسببول اللبه‬
‫كيف يحشر الناس على وجوههم ؟ قال‪» :‬الببذي أمشبباهم‬
‫علببى أرجلهببم قببادر علببى أن يمشببيهم علببى وجببوههم«‪,‬‬
‫وأخرجبببببببببببببببباه فببببببببببببببببي الصببببببببببببببببحيحين‪.‬‬
‫وقال المام أحمد أيضًا‪ :‬حدثنا الوليد ببن جميبع القرشبي‬
‫حدثنا أبي الطفيل عامر ببن واثلبة‪ ,‬عبن حذيفبة ببن أسبيد‬
‫قال‪ :‬قام أبو ذر فقال‪ :‬يا بني غفار‪ ,‬قولوا ول تحلفوا‪ ,‬فببإن‬
‫الصادق المصدوق حدثني أن الناس يحشببرون علببى ثلثببة‬
‫أفببواج‪ :‬فببوج راكبببين طبباعمين كاسببين‪ ,‬وفببوج يمشببون‬
‫ويسبببعون‪ ,‬وفبببوج تسبببحبهم الملئكبببة علبببى وجبببوههم‬
‫وتحشببرهم إلببى النببار‪ ,‬فقببال قببائل منهببم‪ :‬هببذان قببد‬
‫عرفناهما‪ ,‬فما بال الذين يمشون ويسعون ؟ قببال »يلقببي‬
‫لفة على الظهر حببتى ل يبقببى ظهببر‪ ,‬حببتى‬ ‫الله عز وجل ا َ‬
‫إن الرجل لتكون له الحديقة المعجبببة فيعطيهببا بالشببارف‬
‫ذات القتبببب فل يقبببدر عليهبببا«‪ .‬وقبببوله‪} :‬عميبببًا{ أي ل‬
‫يبصرون‪} ,‬وبكمًا{ يعني ل ينطقون‪} ,‬وصمًا{ ل يسمعون‪,‬‬
‫وهذا يكون في حال دون حببال جببزاء لهببم كمببا كببانوا فببي‬
‫الدنيا بكما ً وعميا ً وصما ً عن الحق‪ ,‬فجوزوا فبي محشبرهم‬
‫بببذلك أحببوج مببا يحتبباجون إليببه }مببأواهم{ أي منقلبهببم‬
‫ومصيرهم }جهنم كلما خبت{ قببال ابببن عببباس‪ :‬سببكنت‪,‬‬
‫وقببال مجاهببد طفئت‪} ,‬زدنبباهم سببعيرًا{ أي لهب با ً ووهج با ً‬
‫وجمببرًا‪ ,‬كمببا قببال‪} :‬فببذوقوا فلببن نزيببدكم إل عببذابًا{‪.‬‬

‫ظام با ً‬ ‫ع َ‬ ‫م ك ََفُروا ْ ِبآَيات َِنا وََقاُلوا ْ أ َإ ِ َ‬ ‫َ‬


‫ذا ك ُن ّببا ِ‬ ‫هم ب ِأن ّهُ ْ‬‫جَزآؤُ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫** ذ َل ِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ذي‬ ‫ه ال ّ ِ‬‫ن الل ّ َ‬‫م ي ََروْا ْ أ ّ‬ ‫ديدا ً * أوَل َ ْ‬ ‫ج ِ‬‫خْلقا ً َ‬‫ن َ‬ ‫مب ُْعوُثو َ‬ ‫وَُرَفاتا ً أإ ِّنا ل َ َ‬
‫ل‬ ‫جَعبب َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫مث ْل َهُ ْ‬‫خل ُقَ ِ‬ ‫ى َأن ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ض َقادٌِر َعَل َ‬ ‫ت َوالْر َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫خل َقَ ال ّ‬ ‫َ‬
‫ن إ َل ّ ك ُُفبببورا ً‬ ‫ب ِفيبببهِ َفبببأب َى ال ّ‬ ‫َ‬
‫مو َ‬ ‫ظبببال ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫جل ً ل ّ َرْيببب َ‬ ‫مأ َ‬ ‫ل َُهببب ْ‬

‫‪777‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول تعببالى‪ :‬هببذا الببذي جازينبباهم ببه مببن البعببث علببى‬
‫العمي والبكم والصببمم جزاؤهببم الببذي يسببتحقونه‪ ,‬لنهببم‬
‫كذبوا }بآياتنا{ أي بأدلتنا وحجتنا‪ ,‬واستبعدوا وقببوع البعببث‬
‫}وقببالوا أئذا كنببا عظامببا ً ورفاتببا{ أي باليببة نخببرة }أئنببا‬
‫لمبعوثون خلقا ً جديدًا{ أي بعببد مببا صببرنا إليببه مببن البلببى‬
‫والهلك والتفببرق والببذهاب فببي الرض نعبباد مببرة ثانيببة ؟‬
‫فاحتج تعالى عليهم ونبههم على قدرته على ذلك بأنه خلق‬
‫السموات والرض‪ ,‬فقدرته على إعادتهم أسهل من ذلببك‪,‬‬
‫كما قال‪} :‬لخلق السموات والرض أكبر من خلق الناس{‬
‫وقال‪} :‬أو لم يروا أن الله الببذي خلببق السببموات والرض‬
‫ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيى المببوتى{ ا َ‬
‫ليببة‪,‬فببي‬
‫هذا المقام اضطرب وقال }أوليس الذي خلببق السببموات‬
‫والرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلق العليم‬
‫* إنما أمره إذا أراد شيئا ً أن يقببول لببه كببن فيكببون{ إلببى‬
‫آخر السورة‪ .‬وقال ههنا }أو لم يببروا أن اللببه الببذي خلببق‬
‫السموات والرض قببادر علببى أن يخلببق مثلهببم{ أي يببوم‬
‫القيامة يعيببد أبببدانهم وينشببئهم نشببأة أخببرى كمببا بببدأهم‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وجعل لهم أجل ً ل ريب فيببه{ أي جعببل لعببادتهم‬
‫وإقامتهم من قبورهم أجل ً مضروبا ً ومدة مقدرة ل بببد مببن‬
‫انقضائها‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬وما نؤخره إل لجببل معببدود{‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬فأبى الظالمون{ أي بعد قيام الحجة عليهببم }إل‬
‫كفببببببورًا{ إل تماديببببببا ً فببببببي ببببببباطلهم وضببببببللهم‪.‬‬

‫َ‬
‫سبك ْت ُ ْ‬
‫م‬ ‫مبةِ َرب ّببي ِإذا ً ل ْ‬
‫م َ‬ ‫ح َ‬
‫ن َر ْ‬‫خبَزآئ ِ َ‬‫ن َ‬‫مل ِك ُببو َ‬ ‫** ُقل ل ّوْ أن ْت ُب ْ‬
‫م تَ ْ‬
‫ن قَت ُبببببببورا ً‬
‫سبببببببا ُ‬ ‫ن الن ْ َ‬ ‫ق وَك َبببببببا َ‬‫ة ال ِن َْفبببببببا ِ‬ ‫خ ْ‬
‫شبببببببي َ َ‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى لرسوله صلوات الله وسلمه عليه‪ :‬قل لهم‬
‫يا محمد لو أنكم أيها الناس تملكون التصبرف فبي خبزائن‬
‫الله لمسكتم خشية النفاق‪ ,‬قال ابببن عببباس وقتببادة‪ :‬أي‬
‫الفقر‪ ,‬خشية أن تذهبوها مع أنها ل تفرغ ول تنفد أبدًا‪ ,‬لن‬
‫هذا من طباعكم وسجاياكم‪ ,‬ولهذا قببال‪} :‬وكببان النسببان‬
‫قتورًا{ قال ابن عباس وقتادة‪ :‬أي بخيل ً منوعًا‪ ,‬وقال اللببه‬

‫‪778‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تعالى‪} :‬أم لهم نصببيب مببن الملببك فببإذا ً ل يؤتببون النبباس‬
‫نقيرًا{ أي لو أن لهم نصيبا ً في ملك الله لما أعطببوا أحببدا ً‬
‫شيئا ً ول مقدار نقير‪ ,‬والله تعالى يصف النسان من حيببث‬
‫هو إل من وفقه اللببه وهببداه‪ ,‬فببإن البخببل والجببزع والهلببع‬
‫صفة له‪ ,‬كمببا قببال تعببالى‪} :‬إن النسببان خلببق هلوع با ً إذا‬
‫مسه الشر جزوعا ً وإذا مسببه الخيببر منوعبا ً إل المصببلين{‬
‫ولهذا نظائر كببثيرة فببي القببرآن العزيببز‪ ,‬ويببدل هببذا علببى‬
‫كرمه وجوده وإحسانه‪ ,‬وقد جاء في الصببحيحين »يببد اللببه‬
‫ملى ل يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار‪ ,‬أرأيتببم مببا أنفببق‬
‫منذ خلق السموات والرض‪ ,‬فإنه لم يغض ما في يمينببه«‪.‬‬

‫ل‬‫سَراِئي َ‬ ‫ل ب َِني إ ِ ْ‬ ‫سأ َ ْ‬‫ت َفا ْ‬ ‫ت ب َي َّنا ٍ‬ ‫سعَ آَيا ٍ‬ ‫ى تِ ْ‬ ‫س َ‬ ‫مو َ‬ ‫** وَل ََقد ْ آت َي َْنا ُ‬
‫حورا ً *‬ ‫سب ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ى َ‬‫س َ‬ ‫مو َ‬ ‫ن إ ِّني لظ ُن ّ َ‬
‫ك يَ ُ‬ ‫عو ُ‬ ‫ه فِْر َ‬ ‫ل لَ ُ‬
‫م فََقا َ‬ ‫جآَءهُ ْ‬ ‫إ ِذ ْ َ‬
‫ض‬‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سبب َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ؤلِء إ ِل ّ َر ّ‬ ‫هـ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫مآ َأنَز َ‬ ‫ت َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ل ََقد ْ عَل ِ ْ‬‫َقا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫هم‬ ‫س بت َِفّز ُ‬‫مث ُْبورا ً * فَ بأَراد َ أن ي َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عو ُ‬ ‫ك ي َِفْر َ‬‫صآئ َِر وَإ ِّني لظ ُن ّ َ‬ ‫بَ َ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫مببن ب َعْ بدِ ِ‬ ‫ميع با ً * وَقُل ْن َببا ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه َ‬ ‫مع َ ُ‬ ‫من ّ‬ ‫ض فَأغَْرقَْناهُ وَ َ‬ ‫ن الْر ِ‬ ‫م َ‬‫ّ‬
‫جئ ْن َببا‬
‫خ بَرةِ ِ‬ ‫جببآَء وَعْبد ُ ال َ ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫ض ف َ بإ ِ َ‬ ‫سك ُُنوا الْر َ‬‫ْ‬ ‫لا ْ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ل ِب َِني إ ِ ْ‬
‫م ل َِفيفبببببببببببببببببببببببببببببببببا ً‬ ‫ب ِك ُببببببببببببببببببببببببببببببببب ْ‬
‫يخبر تعببالى أنببه بعببث موسببى بتسببع آيببات بينببات وهببي‬
‫الدلئل القاطعة على صببحة نبببوته وصببدقه فيمببا أخبببر ببه‬
‫عمببن أرسببله إلببى فرعببون‪ ,‬وهببي العصببا واليببد والسببنين‬
‫والبحر والطوفان والجراد والقمل والضببفادع والببدم آيببات‬
‫مفصلت‪ ,‬قاله ابن عباس‪ .‬وقال محمد بن كعب‪ :‬هي اليببد‬
‫والعصا‪ ,‬والخمس في العراف والطمسة والحجببر‪ ,‬وقببال‬
‫ابن عباس أيضا ً ومجاهد وعكرمببة والشببعبي وقتببادة‪ :‬هببي‬
‫يده وعصاه والسنين ونقص الثمببرات والطوفببان والجببراد‬
‫والقمل والضفادع والدم‪ ,‬وهذا القببول ظبباهر جلببي حسببن‬
‫قببوي‪ ,‬وجعببل الحسببن البصببري السببنين ونقببص الثمببرات‬
‫واحدة‪ ,‬وعنده أن التاسببعة هببي تلقببف العصببا مببا يببأفكون‬
‫ليببات‬ ‫}فاستكبروا وكانوا قوما ً مجرميببن{ أي ومببع هببذه ا َ‬
‫ومشاهدتهم لها‪ ,‬كفروا بها وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم‬

‫‪779‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ظلما ً وعلوًا‪ ,‬وما نجعت فيهم‪ :‬فكذلك لو أجبنا هؤلء الذين‬
‫سألوا منك ما سألوا‪ ,‬وقالوا لن نؤمن لببك حببتى تفجببر لنببا‬
‫من الرض ينبوعا ً إلى آخرها‪ ,‬لما استجابوا ول آمنوا إل أن‬
‫يشاء الله‪ ,‬كما قال فرعبون لموسببى وقببد شبباهد منببه مببا‬
‫ليات }وإني لظنك يا موسببى مسببحورًا{‬ ‫شاهد من هذه ا َ‬
‫ليات التسببع‬ ‫قيل‪ :‬بمعنى ساحر‪ ,‬والله تعالى أعلم‪ .‬فهذه ا َ‬
‫التي ذكرها هؤلء الئمة هي المراد ههنا‪ ,‬وهي المعنية في‬
‫قوله تعالى‪} :‬وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جببان ولببى‬
‫مدبرا ً ولم يعقب يا موسى ل تخف ب إلى قوله ب فببي تسببع‬
‫آيات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما ً فاسببقين{ فببذكر‬
‫ليات الباقيات فببي سببورة‬ ‫ليتين العصا واليد وبين ا َ‬‫هاتين ا َ‬
‫العراف وفصلها‪ .‬وقد أوتي موسى عليه السلم آيات أخر‬
‫كثيرة‪ ,‬منها ضربة الحجر بالعصا‪ ,‬وخروج الماء منه‪ ,‬ومنهببا‬
‫تظليلهم بالغمام وإنزال المبن والسبلوى‪ ,‬وغيبر ذلبك ممبا‬
‫أوتيه بنو إسرائيل بعد مفارقتهم بلد مصر‪ ,‬ولكن ذكر ههنا‬
‫ليات التي شاهدها فرعون وقومه من أهل مصببر‪,‬‬ ‫التسع ا َ‬
‫فكببانت حجببة عليهببم فخالفوهببا وعانببدوها كفببرا ً وجحببودًا‪.‬‬
‫فأما الحديث الذي رواه المام أحمببد‪ :‬حببدثنا يزيببد حببدثنا‬
‫شعبة عن عمرو بن مرة قال‪ :‬سمعت عبد الله ببن سبلمة‬
‫يحدث عن صبفوان ببن عسبال المبرادي رضبي اللبه عنبه‬
‫قال‪ :‬قال يهودي لصاحبه‪ :‬اذهب بنا إلببى هببذا النبببي حببتى‬
‫لية }ولقد آتينا موسى تسع آيات بينببات{‬ ‫نسأله عن هذه ا َ‬
‫فقال‪ :‬ل تقل لبه نببي‪ ,‬فببإنه لببو سبمعك لصبارت لبه أرببع‬
‫أعين‪ ,‬فسببأله‪ ,‬فقببال النبببي صبلى اللبه عليبه وسبلم‪» :‬ل‬
‫تشببركوا بببالله شببيئًا‪ ,‬ول تسببرقوا‪ ,‬ول تزنببوا‪ ,‬ول تقتلببوا‬
‫النفس التي حرم اللببه إل بببالحق‪ ,‬ول تسببحروا‪ ,‬ول تببأكلوا‬
‫الربا‪ ,‬ول تمشوا ببريء إلى ذي سلطان ليقتله‪ ,‬ول تقذفوا‬
‫محصنة ب أو قال ل تفروا من الزحف شعبة الشاك ب وأنتببم‬
‫يا يهود عليكم خاصة أن ل تعدوا فببي السبببت« فقبل يببديه‬
‫ورجليه‪ ,‬وقببال‪ :‬نشبهد أنبك نببي‪ .‬قبال‪» :‬فمببا يمنعكمببا أن‬
‫تتبعاني ؟« قال‪ :‬لن دواد عليه السلم دعا أن ل يزال مببن‬
‫ذريته نبي‪ ,‬وإنببا نخشببى إن أسببلمنا أن تقتلنببا يهببود‪ .‬فهببذا‬

‫‪780‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الحديث رواه هكذا الترمببذي والنسببائي وابببن مبباجه وابببن‬
‫جرير في تفسيره من طببرق عببن شببعبة بببن الحجبباج بببه‪,‬‬
‫وقال الترمذي‪ :‬حسن صحيح‪ .‬وهببو حببديث مشببكل‪ ,‬وعبببد‬
‫الله بن سلمة في حفظه شيء‪ ,‬وقببد تكلمببوا فيببه‪ ,‬ولعلببه‬
‫ليات بالعشر الكلمات فإنها وصايا فببي‬ ‫اشتبه عليه التسع ا َ‬
‫التوراة ل تعلق لها بقيام الحجة على فرعون‪ ,‬والله أعلببم‪,‬‬
‫ولهذا قال موسى لفرعون }لقد علمت ما أنببزل هببؤلء إل‬
‫رب السموات والرض بصائر{ أي حججا ً وأدلة على صدق‬
‫ما جئتك به }وإني لظنببك يببا فرعببون مثبببورًا{ أي هالكبًا‪,‬‬
‫قاله مجاهد وقتادة‪ ,‬وقال ابن عباس‪ :‬ملعونًا‪ ,‬وقببال أيضببا ً‬
‫هببو والضببحاك }مثبببورًا{ أي مغلوب بًا‪ ,‬والهالببك كمببا قببال‬
‫مجاهد يشمل هذا كله‪ ,‬قال الشاعر عبد الله بن الزبعري‪:‬‬
‫إذ أجاري الشيطان في سنن الغببي ومن مال ميله مثبببور‬
‫وقرأ بعضهم برفع التاء من قوله علمت‪ ,‬وروي ذلك عببن‬
‫علي بن أبي طالب‪ ,‬ولكن قراءة الجمهور بفتح التاء علببى‬
‫الخطاب لفرعون‪ ,‬كما قببال تعببالى‪} :‬فلمببا جبباءتهم آياتنببا‬
‫مبصببرة قببالوا هببذا سببحر مبببين وجحببدوا بهببا واسببتيقنتها‬
‫لية‪ ,‬فهبذا كلبه ممببا يببدل علبى أن‬ ‫أنفسهم ظلما ً وعلوًا{ ا َ‬
‫ليات إنما هي مببا تقببدم ذكببره مببن العصببا‬ ‫المراد بالتسع ا َ‬
‫واليد والسببنين ونقببص مببن الثمببرات والطوفببان والجببراد‬
‫والقمل والضفادع والدم‪ ,‬الببتي فيهببا حجببج وبراهيببن علببى‬
‫فرعون وقومه‪ ,‬وخوارق ودلئل على صدق موسى ووجود‬
‫الفاعل المختار الذي أرسله‪ ,‬وليس المببراد منهببا كمببا ورد‬
‫فببي الحببديث‪ ,‬فببإن هببذه الوصببايا ليببس فيهببا حجببج علببى‬
‫فرعون وقومه‪ ,‬وأي مناسبة بين هذا وبين إقامة البببراهين‬
‫على فرعون ؟ وما جاءهم هذا الوهم إل من قبل عبد اللببه‬
‫بن سلمة‪ ,‬فإن له بعض ما ينكر‪ ,‬والله أعلببم‪ .‬ولعببل ذينببك‬
‫اليهبوديين إنمبا سبأل عبن العشبر الكلمبات فاشبتبه علبى‬
‫ليات فحصل وهم في ذلببك‪ ,‬واللببه أعلببم‪.‬‬ ‫الرواي بالتسع ا َ‬
‫وقوله‪} :‬فأراد أن يستفزهم من الرض{ أي يخليهم منها‬
‫ويزيلهم عنها‪} ,‬فأغرقناه ومن معه جميعا ً وقلنا مببن بعببده‬
‫لبني إسرائيل اسببكنوا الرض{ وفببي هببذا بشببارة لمحمببد‬

‫‪781‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صلى الله عليببه وسببلم بفتببح مكببة مببع أن السببورة مكيببة‬
‫نزلت قبل الهجرة‪ ,‬وكببذلك فببإن أهببل مكببة همببوا بببإخراج‬
‫الرسول منها‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬وإن كادوا ليستفزونك من‬
‫ليتين‪ ,‬ولهببذا أورث اللببه رسببوله‬ ‫الرض ليخرجوك منها{ ا َ‬
‫مكة فدخلها عنببوة علببى أشببهر القببولين‪ ,‬وقهببر أهلهببا ثببم‬
‫أطلقهم حلما ً وكرمبًا‪ ,‬كمبا أورث اللبه القبوم البذين كبانوا‬
‫يستضعفون من بنببي إسببرائيل مشببارق الرض ومغاربهببا‪,‬‬
‫وأورثهبببم بلد فرعبببون وأمبببوالهم وزروعهبببم وثمبببارهم‬
‫وكنوزهم‪ ,‬كما قال كببذلك وأورثناهببا بنببي إسببرائيل‪ ,‬وقببال‬
‫ههنا }وقلنا من بعده لبنببي إسببرائيل اسببكنوا الرض فببإذا‬
‫لخببرة جئنببا بكببم لفيفببا{ أي جميعكببم أنتببم‬ ‫جبباء وعببد ا َ‬
‫وعدوكم‪ ,‬قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك‪ :‬لفيفببا ً‬
‫أي جميعبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببًا‪.‬‬

‫شببرا ً‬ ‫سبل َْنا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ك إ ِل ّ ُ‬
‫مب َ ّ‬ ‫مببآ أْر َ‬ ‫حقّ ن َبَز َ‬
‫ل وَ َ‬ ‫حقّ أن َْزل َْناهُ وَب ِببال ْ َ‬
‫** وَِبال ْ َ‬
‫ث‬ ‫مك ْب ٍ‬‫ى ُ‬ ‫ب‬‫ذيرا ً * وَقُْرآنا ً فََرقْن َبباهُ ل ِت َْقبَرأ َهُ عَل َببى الن ّبباس عَل َ‬ ‫وَن َ ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫زيل ً‬‫وَن َّزل ْن َببببببببببببببببببببببببببببببباهُ ت َن ْببببببببببببببببببببببببببببببب ِ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن كتابه العزيز وهو القببرآن المجيببد‬
‫أنه بالحق نزل‪ ,‬أي متضمنا ً للحق‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬ولكببن‬
‫الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملئكة يشببهدون{‬
‫أي متضببمنا ً علببم اللببه الببذي أراد أن يطلعكببم عليببه مببن‬
‫أحكامه وأمره ونهيه‪ .‬وقوله }وبالحق نزل{ أي ونزل إليك‬
‫يا محمد محفوظا ً محروسا ً لم يشب بغيره ول زيد فيببه ول‬
‫نقص منه‪ ,‬بل وصل إليك بالحق‪ ,‬فإنه نزل به شديد القوى‬
‫الميببن المكيببن المطبباع فببي المل العلببى‪ .‬وقببوله‪} :‬ومببا‬
‫أرسلناك{ أي يا محمد }إل مبشببرا ً ونببذيرًا{ مبشببرا ً لمببن‬
‫أطاعك من المؤمنين ونذيرا ً لمببن عصبباك مببن الكببافرين‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وقرآنا ً فرقناه{ أمببا قببراءة مببن قببرأ بببالتخفيف‬
‫فمعناه فصلناه من اللوح المحفببوظ إلببى بيببت العببزة مببن‬
‫السماء الدنيا‪ ,‬ثببم نببزل مفرق با ً منجمبا ً علببى الوقببائع إلببى‬
‫رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم فببي ثلث وعشببرين‬

‫‪782‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سنة‪ ,‬قاله عكرمة عن ابن عباس وعببن ابببن عببباس أيض با ً‬
‫أنه قرأ‪ :‬فرقناه بالتشديد‪ ,‬أي أنزلناه آية آية مبينا ً ومفسرًا‪,‬‬
‫ولهذا قال‪} :‬لتقرأه على الناس{ أي لتبلغه الناس وتتلببوه‬
‫ل{ أي‬ ‫عليهببم‪ ,‬أي }علببى مكبث{ أي مهبل }ونزلنباه تنببزي ً‬
‫شبببببببببببببببببببيئا ً بعبببببببببببببببببببد شبببببببببببببببببببيء ‪.‬‬

‫ل آمنوا ْ به أ َو ل َ تؤْمنوا ْ إن ال ّذي ُ‬


‫من قَب ِْلببهِ‬ ‫م ِ‬‫ن أوُتوا ْ ال ْعِل ْ َ‬
‫ِ َ‬ ‫ُ ِ ُ َ ِ ّ‬ ‫** قُ ْ ِ ُ ِ ِ ْ‬
‫ن‬ ‫حا َ‬ ‫سبب ْ َ‬
‫ن ُ‬ ‫جدا ً * وَي َُقول ُببو َ‬ ‫س ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن ِللذ َْقا ِ‬ ‫خّرو َ‬ ‫ى عَل َي ْهِ ْ‬
‫م يَ ِ‬ ‫َ‬
‫ذا ي ُت ْل َ‬ ‫إِ َ‬
‫ن‬ ‫ن ي َب ْك ُببو َ‬
‫ن ِللذ ْقَببا ِ‬ ‫مْفُعول ً * وَي َ ِ‬
‫خ بّرو َ‬ ‫ن وَعْد ُ َرب َّنا ل َ َ‬ ‫كا َ‬ ‫َرب َّنآ ِإن َ‬
‫شببببببببببببببببببببببببببببوعا ً‬ ‫خ ُ‬‫م ُ‬ ‫زيببببببببببببببببببببببببببببد ُهُ ْ‬ ‫وَي َ ِ‬
‫يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم }قببل{ يببا‬
‫محمببد لهببؤلء الكببافرين بمببا جئتهببم بببه مببن هببذا القببرآن‬
‫العظيم }آمنوا به أو ل تؤمنوا{ أي سببواء آمنتببم بببه أم ل‪,‬‬
‫فهو حق فببي نفسببه أنزلببه اللببه ونببوه بببذكره فببي سببالف‬
‫الزمان في كتبببه المنزلببة علببى رسببله‪ ,‬ولهببذا قببال‪} :‬إن‬
‫الذين أوتوا العلم من قبله{ أي من صببالحي أهببل الكتبباب‬
‫الذين تمسكوا بكتببابهم ويقيمببونه ولببم يبببدلوه ول حرفببوه‬
‫}إذا يتلى عليهببم{ هببذا القببرآن }يخببرون للذقببان{ جمببع‬
‫ذقن وهو أسفل الوجه }سجدًا{ أي للببه عببز وجببل شببكرا ً‬
‫على ما أنعم به عليهم من جعله إياهم أهل ً أن أدركوا هببذا‬
‫الرسببول الببذي أنببزل عليببه هببذا الكتبباب‪ ,‬ولهببذا يقولببون‬
‫}سبحان ربنا{ أي تعظيما ً وتوقيرا ً على قدرته التامة وأنببه‬
‫ل يخلببف الميعبباد الببذي وعببدهم علببى ألسببنة النبيبباء‬
‫المتقدمين عن بعثة محمد صببلى اللببه عليببه وسببلم ولهببذا‬
‫قالوا }سبحان ربنا إن كببان وعببد ربنببا لمفعببول{‪ .‬وقببوله‪:‬‬
‫}ويخرون للذقان يبكون{ أي خضوعا ً لله عز وجل وإيمانا ً‬
‫وتصببديقا ً بكتببابه ورسببوله }ويزيببدهم خشببوعًا{ اي إيمانبا ً‬
‫وتسليمًا‪ ,‬كما قال‪} :‬والببذين اهتببدوا زادهببم هببدى وآتبباهم‬
‫تقواهم{‪ .‬وقوله‪} :‬ويخرون{ عطببف صببفة علببى صببفة ل‬
‫عطبببف السبببجود علبببى السبببجود‪ ,‬كمبببا قبببال الشببباعر‪:‬‬
‫إلى الملك القرم وابن الهماموليث الكتيبببة فببي المزدحببم‬

‫‪783‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫(‬

‫** قُل ادعُببوا ْ الل ّبه أ َو ادعُببوا ْ الرحمـب َ‬


‫ه‬‫عوا ْ فَل َب ُ‬ ‫مببا ت َبد ْ ُ‬‫ن أي ّبا ً ّ‬ ‫ّ ْ َ َ‬ ‫َ ِ ْ‬ ‫ِ ْ‬
‫ن‬ ‫ت ب َِها َواب ْت َِغ ب َي ْ َ‬ ‫خافِ ْ‬ ‫ك وَل َ ت ُ َ‬ ‫صل َت ِ َ‬‫جهَْر ب ِ َ‬ ‫ى وَل َ ت َ ْ‬ ‫ْ‬
‫سن َ َ‬‫ح ْ‬
‫مآَء ال ُ‬ ‫س َ‬‫ال ْ‬
‫ن‬ ‫خذ ْ وََلدا ً وَل َببم ي َك ُب ْ‬ ‫م ي َت ّ ِ‬‫ذي ل َ ْ‬ ‫مد ُ ل ِل ّهِ ال ّ ِ‬‫ح ْ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫سِبيل ً * وَقُ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ذ َل ِ َ‬
‫ل وَك َب ّبْرهُ‬ ‫ن البذ ّ ّ‬ ‫مب َ‬‫ي ّ‬ ‫ه وَل ِب ّ‬ ‫ن ل ّب ُ‬ ‫م ي َك ُب ْ‬ ‫ك وَل َ ْ‬ ‫مل ْ ِ‬
‫ك ِفي ال ْ ُ‬ ‫ري ٌ‬‫ش ِ‬ ‫ه َ‬ ‫لّ ُ‬
‫ت َك ِْبيببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببرا ً‬
‫يقول تعالى‪ :‬قل يا محمببد لهببؤلء المشببركين المنكريببن‬
‫صفة الرحمة لله عز وجل‪ ,‬المانعين من تسميته بببالرحمن‬
‫}ادعوا اللبه أو ادعببوا الرحمبن أي ًّامبا تبدعوا فلبه السببماء‬
‫الحسنى{ أي ل فرق بين دعائكم له باسببم اللببه أو باسببم‬
‫الرحمن‪ ,‬فإنه ذو السماء الحسنى‪ ,‬كما قبال تعببالى‪} :‬هبو‬
‫الله الذي ل إله إل هو عالم الغيب والشببهادة هببو الرحمببن‬
‫الرحيم ب إلى أن قال ب له السماء الحسببنى يسبببح لببه مببا‬
‫لية‪ ,‬وقببد روى مكحببول أن رجل ً‬ ‫في السموات والرض{ ا َ‬
‫من المشركين سمع النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم وهببو‬
‫يقول في سجوده‪» :‬يا رحمن يا رحيم« فقببال‪ :‬إنببه يزعببم‬
‫ليببة‪,‬‬ ‫أنه يدعو واحدا ً وهو يببدعو اثنيببن‪ ,‬فببأنزل اللببه هببذه ا َ‬
‫وكبببذا روي عبببن اببببن عبببباس‪ ,‬رواهمبببا اببببن جريبببر‪.‬‬
‫لية قال المام أحمد‪ :‬حدثنا‬ ‫وقوله‪} :‬ول تجهر بصلتك{ ا َ‬
‫هشيم‪ ,‬حدثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عببن ابببن عببباس‬
‫لية ورسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‬ ‫قال‪ :‬نزلت هذه ا َ‬
‫متوارٍ بمكة‪} ,‬ول تجهر بصلتك ول تخافت بها{ قال‪ :‬كببان‬
‫إذا صلى بأصببحابه رفببع صببوته بببالقرآن‪ ,‬فلمببا سببمع ذلببك‬
‫المشركون سبوا القرآن وسبوا مببن أنزلببه ومببن جبباء بببه‪,‬‬
‫قال‪ :‬فقال الله تعالى لنبيه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪} :‬ول‬
‫تجهر بصلتك{ أي بقراءتك فيسببمع المشببركون فيسبببون‬
‫القببرآن }ول تخببافت بهببا{ عببن أصببحابك‪ ,‬فل تسببمعهم‬
‫القرآن حتى يأخذوه عنك }وابتغ بين ذلك سبببيل{ أخرجبباه‬
‫في الصحيحين من حديث أبي بشببر جعفببر بببن إيبباس بببه‪,‬‬

‫‪784‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وكذا رواه الضحاك عن ابن عباس‪ ,‬وزاد‪ :‬فلمببا هبباجر إلببى‬
‫المدينبببببة سبببببقط ذلبببببك يفعبببببل أي ذلبببببك شببببباء‪.‬‬
‫وقال محمد بن إسببحاق‪ :‬حببدثني داود بببن الحصببين عببن‬
‫عكرمة عن ابن عباس قال‪ :‬كبان رسببول اللبه صبلى اللبه‬
‫عليه وسلم إذا جهر بالقرآن وهويصلي تفرقببوا عنببه وأبببوا‬
‫أن يسمعوا منه‪ ,‬وكان الرجل إذا أراد أن يسمع من رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يتلو وهو يصلي استرق‬
‫السمع دونهم فرقا ً منهببم‪ ,‬فببإذا رأى أنهببم قببد عرفببوا أنببه‬
‫يستمع ذهب خشية أذاهم فلم يسببمع‪ ,‬فببإن خفببض صببوته‬
‫صلى اللببه عليببه وسببلم لببم يسببمع الببذين يسببتمعون مببن‬
‫قراءته شببيئًا‪ ,‬فببأنزل اللببه }ول تجهببر بصببلتك{ فيتفرقببوا‬
‫عنك }ول تخافت بها{ فل يسمع من أراد أن يسببمع ممببن‬
‫يسترق ذلك منهم فلعله يرعوي إلى بعض ما يسمع فينتفع‬
‫به‪} ,‬وابتغ بين ذلك سبيل{ وهكببذا قببال عكرمببة والحسببن‬
‫لية في القراءة فببي الصببلة‪,‬‬ ‫البصري وقتادة‪ :‬نزلت هذه ا َ‬
‫وقال شعبة عن الشعث بببن أبببي سببليم عببن السببود بببن‬
‫هلل عن ابببن مسببعود لببم يخببافت بهببا مببن أسببمع أذنيببه‪.‬‬
‫قال ابن جرير‪ :‬حدثنا يعقوب‪ ,‬حدثنا ابن علية عن سلمى‬
‫بن علقمة عن محمد بن سيرين قال‪ :‬نبئت أن أبا بكر كان‬
‫إذا صلى فقرأ خفبض صبوته وأن عمبر كبان يرفبع صبوته‪,‬‬
‫فقيل لبي بكر‪ :‬لم تصنع هذا ؟ قال‪ :‬أناجي ربي عز وجببل‬
‫وقد علم حاجتي‪ ,‬فقيل‪ :‬أحسنت‪ .‬وقيببل لعمببر‪ :‬لببم تصببنع‬
‫هببذا ؟ قببال‪ :‬أطببرد الشببيطان وأوقببظ الوسببنان‪ ,‬قيببل‪:‬‬
‫أحسنت‪ ,‬فلمببا نزلببت }ول تجهببر بصببلتك ول تخببافت بهببا‬
‫وابتغ بين ذلك سبيل{ قيببل لبببي بكببر‪ :‬ارفببع شببيئًا‪ ,‬وقيببل‬
‫لعمر‪ :‬اخفض شيئًا‪ ,‬وقال أشعث بن سوار عن عكرمة عن‬
‫ابن عباس‪ :‬نزلت في الدعاء‪ ,‬وهكببذا روى الثببوري ومالببك‬
‫عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضببي اللببه عنهببا‬
‫أنها نزلت في الدعاء‪ ,‬وكذا قال مجاهببد وسببعيد بببن جبببير‬
‫وأبو عياض ومكحول وعروة بن الزبير‪ .‬وقال الثببوري عببن‬
‫ابن عياش العببامري عببن عبببد اللببه بببن شببداد قببال‪ :‬كببان‬
‫أعرابي من بني تميم إذا سلم النبي صلى الله عليه وسلم‬

‫‪785‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لية }ول‬ ‫قال‪» :‬اللهم ارزقنا إبل ً وولدًا« قال‪ :‬فنزلت هذه ا َ‬
‫تجهببببببببببر بصببببببببببلتك ول تخببببببببببافت بهببببببببببا{‪.‬‬
‫)قول آخببر( قببال ابببن جريببر‪ :‬حببدثنا أبببو السببائب‪ ,‬حببدثنا‬
‫حفص بن غياث عن هشام بن عروة عن أبيه عببن عائشببة‬
‫ليببة فببي التشببهد }ول تجهببر‬ ‫رضي الله عنها‪ :‬نزلت هببذه ا َ‬
‫بصلتك ول تخافت بها{‪ ,‬وبه قبال حفبص عبن أشبعث ببن‬
‫سببببببوار عببببببن محمببببببد بببببببن سببببببيرين مثلببببببه‪.‬‬
‫)قول آخر( قال علي بن أبي طلحة عببن ابببن عببباس فببي‬
‫قببوله }ول تجهببر بصببلتك ول تخببافت بهببا{ قببال‪ :‬ل تصببل‬
‫مراءاة للناس ول تدعها مخافة الناس‪ .‬وقببال الثببوري عببن‬
‫منصور عن الحسن البصري }ول تجهر بصلتك ول تخافت‬
‫بها{ قال‪ :‬ل تحسن علنيتها وتسببيء سببريرتها‪ ,‬وكببذا رواه‬
‫عبد الرزاق عن معمر عن الحسن به‪ ,‬وهشيم عببن عببوف‬
‫عنبببببه ببببببه‪ ,‬وسبببببعيد عبببببن قتبببببادة عنبببببه كبببببذلك‪.‬‬
‫)قول آخر( قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قببوله‪:‬‬
‫}وابتغ بين ذلببك سبببيل{ قببال‪ :‬أهببل الكتبباب يخببافتون ثبم‬
‫يجهر أحدهم بالحرف‪ ,‬فيصيح به ويصيحون هببم بببه وراءه‪,‬‬
‫فنهاه أن يصيح كما يصيح هؤلء‪ ,‬وأن يخببافت كمببا يخببافت‬
‫القوم‪ ,‬ثم كان السبيل الذي بين ذلك الذي سن له جبريببل‬
‫مببببببببببببببببببببببببببببببببن الصببببببببببببببببببببببببببببببببلة‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وقل الحمد لله الذي لم يتخبذ ولببدًا{ لمبا أثبببت‬
‫تعالى لنفسه الكريمببة السببماء الحسببنى نببزه نفسببه عببن‬
‫النقائض فقال‪} :‬وقل الحمد لله الذي لن يتخببذ ولببدا ً ولببم‬
‫يكن له شريك في الملك{ بل هو الله الحد الصببمد الببذي‬
‫لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا ً أحد }ولم يكن لببه ولببي‬
‫من الذل{ أي ليس بذليل فيحتاج إلى أن يكون له ولي أو‬
‫وزير أو مشير‪ ,‬بل هو تعالى خالق الشياء وحده ل شببريك‬
‫له‪ ,‬ومدبرها ومقدرها وحده ل شريك له‪ .‬قال مجاهببد فببي‬
‫قوله‪} :‬ولم يكن ولي من الذل{ لم يحالف أحد ً ولببم يبتببغ‬
‫نصر أحببد }وكبببره تكبببيرًا{ أى عظمببه وأجل ّببه عمببا يقببول‬
‫الظببببببببببالمون المعتببببببببببدون علببببببببببوا ً كبببببببببببيرًا‪.‬‬

‫‪786‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال ابن جرير‪ :‬حدثني يونس‪ ,‬أنبأنببا ابببن وهببب‪ ,‬أخبببرني‬
‫ليببة }وقببل‬ ‫أبو صخر عن القرظي أنه كان يقول في هذه ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬قببال إن اليهببود‬ ‫الحمببد للببه الببذي لببم يتخببذ ولببدًا{ ا َ‬
‫والنصارى يقولون اتخذ الله ولدًا‪ ,‬وقببالت العببرب‪ :‬لبيببك ل‬
‫شببريك لببك إل شببريكا ً هببو لببك تملكببه ومببا ملببك وقببال‬
‫الصابئون والمجوس‪ :‬لول أولياء الله لذل‪ ,‬فأنزل الله هببذه‬
‫لية }وقل الحمد لله الببذي لببم يتخببذ ولببدا ً ولببم يكببن لببه‬ ‫ا َ‬
‫شببريك فببي الملببك ولببم يكببن لببه ولببي مببن الببذل وكبببره‬
‫تكبيرًا{ وقال أيضًا‪ :‬حدثنا بشر‪ ,‬حببدثنا يزيببد‪ ,‬حببدثنا سببعيد‬
‫عن قتادة ذكر لنا أن النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم كببان‬
‫لية‪,‬‬‫لية }الحمد لله الذي لم يتخذ ولدًا{ ا َ‬ ‫يعلم أهله هذه ا َ‬
‫الصغير من أهله والكبببير‪ .‬قلببت وقببد جبباء فببي حببديث أن‬
‫رسول الله صلى اللبه عليبه وسبلم سبمى هبذه ا َ‬
‫ليبة آيبة‬
‫لثار أنهببا مببا قببرئت فببي بيببت فببي ليلببة‬ ‫العز‪ ,‬وفي بعض ا َ‬
‫فيصبببببببيبه سبببببببرق أو آفبببببببة‪ ,‬واللبببببببه أعلبببببببم‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبو يعلى‪ :‬حدثنا بشر بن سيحان البصببري‪,‬‬
‫حدثنا حرب بن ميمون‪ ,‬حدثنا موسببى بببن عبيببدة الزبيببدي‬
‫عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة قال‪ :‬خرجببت‬
‫أنا ورسول الله صلى الله عليه وسببلم ويببده فببي يببدي‪ ,‬أو‬
‫يدي في يده‪ ,‬فأتى على رجل رث الهيئة فقببال‪» :‬أي فلن‬
‫ما بلغ بك ما أرى ؟« قال‪ :‬السقم والضر يببا رسببول اللببه‪,‬‬
‫قال‪» :‬أل أعلمك كلمببات تببذهب عنببك السببقم والضببر ؟«‬
‫قال‪ :‬ل‪ ,‬قال‪ :‬ما يسرني بها أن شهدت معك بدرا ً أو أحبدًا‪,‬‬
‫قال‪ :‬فضحك رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم وقببال‪:‬‬
‫»وهل يدرك أهل بدر وأهل أحد ما يدرك الفقير القببانع ؟«‬
‫قال‪ :‬فقال أبو هريرة‪ :‬يا رسول الله إيبباي فعلمنببي‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫»فقل يببا أبببا هريببرة تببوكلت علببى الحببي الببذي ل يمببوت‪,‬‬
‫الحمد لله الذي لم يتخببذ ولببدًا‪ ,‬ولببم يكببن لببه شببريك فببي‬
‫الملك‪ ,‬ولم يكن له ولي مببن الببذل‪ ,‬وكبببره تكبببيرًا« قببال‪:‬‬
‫فأتى علي رسول الله وقد حسنت حببالي قببال‪ :‬فقببال لببي‬
‫»مهيم« قال‪ :‬قلت يا رسول الله لببم أزل أقببول الكلمببات‬

‫‪787‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫التي علمتني«‪ ,‬إسناده ضببعيف‪ ,‬وفببي متنببه نكببارة‪ ,‬واللببه‬
‫أعلم‪ .‬آخبر تفسبير سبورة سببحان‪ .‬و للبه الحمبد والمنبة‪.‬‬
‫سبببببببببببببببببببببببببببببببببببورة الكهبببببببببببببببببببببببببببببببببببف‬

‫وهبببببببببببببببببببببببببببببببببي مكيبببببببببببببببببببببببببببببببببة‬
‫ليات مببن أولهببا وآخرهببا‬ ‫)ذكر ما ورد في فضلها والعشر ا َ‬
‫وأنهببببببببببببا عصببببببببببببمة مببببببببببببن الببببببببببببدجال(‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬حدثنا شعبة عن‬
‫أبي إسحاق قال‪ :‬سمعت البراء يقببول‪ :‬قببرأ رجببل الكهببف‬
‫وفي الدار دابة‪ ,‬فجعلت تنفر‪ ,‬فنظر فإذا ضبابة أو سببحابة‬
‫قد غشيته‪ ,‬فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسببلم فقببال‪:‬‬
‫»اقببرأ فلن‪ ,‬فإنهبا السبكينة تنببزل عنببد القببرآن أو تنزلبت‬
‫للقرآن« أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة به‪ ,‬وهذا‬
‫الرجل الذي كان يتلوها هو أسيد بن الحضير كما تقدم في‬
‫تفسببير سببورة البقببرة‪ .‬وقببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا يزيببد‪,‬‬
‫أخبرنا هشام بن يحيى عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد‪,‬‬
‫عن معدان بن أبببي طلحببة عببن أبببي الببدرداء‪ ,‬عببن النبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬مببن حفببظ عشببر آيببات مببن‬
‫أول سورة الكهف عصببم مببن الببدجال« رواه مسبلم وأبببو‬
‫داود والنسببائي والترمببذي مببن حببديث قتببادة بببه‪ ,‬ولفببظ‬
‫الترمذي »من حفظ ثلث آيببات مببن أول الكهببف« وقببال‪:‬‬
‫حسبببببببببببببببببببببببببببببببن صبببببببببببببببببببببببببببببببحيح‪.‬‬
‫)طريق أخرى( ب قال المام أحمببد‪ :‬حببدثنا حجبباج‪ ,‬حببدثنا‬
‫شعبة عن قتادة‪ ,‬سمعت سالم بن أبي الجعببد يحببدث عببن‬
‫معدان عن أبي الدرداء‪ ,‬عن النبي صلى الله عليببه وسببلم‬
‫قال‪» :‬من قرأ العشر الواخر من سورة الكهف عصم من‬
‫فتنة الدجال« فيحتمل أن سببالما ً سببمعه مببن ثوبببان ومببن‬
‫أبي الدرداء‪ .‬وقال أحمد‪ :‬حدثنا حسين‪ ,‬حببدثنا ابببن لهيعببة‪,‬‬
‫حدثنا زبان بن فايد عن سهل بن معبباذ بببن أنببس الجهنببي‪,‬‬
‫عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليببه وسببلم أنببه قببال‪:‬‬
‫»من قرأ أول سورة الكهف وآخرهببا‪ ,‬كببانت لببه نببورا ً مببن‬
‫قدمه إلى رأسه‪ ,‬ومن قرأها كلهببا كببانت لببه نببورا ً مببا بيببن‬
‫السببماء والرض« انفببرد بببه أحمببد ولببم يخرجببوه‪ ,‬وروى‬

‫‪788‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره بإسببناد لببه غريببب‬
‫عن خالد بن سعيد بن أبي مريم‪ ,‬عن نافع عببن ابببن عمببر‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬مببن قببرأ‬
‫سورة الكهف في يببوم الجمعببة سببطع لببه نببور مببن تحببت‬
‫قدمه إلى عنان السماء يضيء له يوم القيامة وغفر له مببا‬
‫بين الجمعببتين« وهببذا الحببديث فببي رفعببه نظببر‪ ,‬وأحسببن‬
‫أحببببببببببببببببببببببببببببببواله الوقببببببببببببببببببببببببببببببف‪.‬‬
‫وهكذا روى المام سعيد بن منصور في سننه عن هشيم‬
‫بن بشير عن أبي هاشم عن أبي مجلز عن قيس بن عببباد‬
‫عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنببه قببال‪ :‬مببن قببرأ‬
‫سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينببه وبيببن‬
‫البيت العتيق‪ .‬هكذا وقع موقوف بًا‪ ,‬وكببذا رواه الثببوري عببن‬
‫أبي هاشم به من حديث أبي سببعيد الخببدري وقببد أخرجببه‬
‫الحاكم في مستدركه عببن أبببي بكببر محمببد بببن المؤمببل‪,‬‬
‫حدثنا الفضيل بن محمد الشعراني‪ ,‬حدثنا نعيبم ببن حمباد‪,‬‬
‫حدثنا هشيم‪ ,‬حدثنا أبو هاشم عن أبي مجلز عن قيس بببن‬
‫عباد‪ ,‬عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليببه وسببلم أنببه‬
‫قال‪» :‬من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من‬
‫النور ما بينه وبين الجمعتين« ثم قال‪ :‬هببذا حببديث صببحيح‬
‫السناد‪ ,‬ولم يخرجاه‪ ,‬وهكذا رواه الحافظ أبو بكر البيهقي‬
‫في سننه عن الحاكم‪ ,‬ثم قببال البببيهقي‪ :‬ورواه يحيببى بببن‬
‫كثير عن شعبة عن أبي هاشم بإسناده أن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم قال‪» :‬من قرأ سورة الكهف كما نزلت‪ ,‬كانت‬
‫لببه نببورا ً يببوم القيامببة« وفببي المختببارة للحببافظ الضببياء‬
‫المقدسي من حديث عبد الله بن مصعب عن منظببور بببن‬
‫زيد بن خالد الجهني‪ ,‬عن علي بن الحسببين عببن أبيببه عببن‬
‫علي مرفوعًا‪ :‬من قببرأ سببورة الكهببف يببوم الجمعببة‪ ,‬فهببو‬
‫معصوم إلى ثمانية أيام مبن كبل فتنبة‪ ,‬وإن خبرج البدجال‬
‫عصبببببببببببببببببببببببببببببببببم منبببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬

‫حيبببببببببببم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سبببببببببببم ِ الل ّبببببببببببهِ الّر ْ‬
‫حمـببببببببببب ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫‪789‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫ه‬ ‫جَعببل ّلبب ُ‬ ‫م يَ ْ‬‫ب وَل َ ْ‬ ‫ى عَب ْدِهِ ال ْك َِتا َ‬ ‫ذي أ َن َْز َ َ‬ ‫مد ُ ل ِل ّهِ ال ّ ِ‬ ‫** ال ْ َ‬
‫ل عَل َ‬ ‫ح ْ‬
‫ن‬ ‫مِني َ‬ ‫مببؤْ ِ‬ ‫شَر ال ْ ُ‬ ‫ه وَي ُب َ ّ‬ ‫من ل ّد ُن ْ ُ‬ ‫ديدا ً ّ‬ ‫ش ِ‬ ‫جا * قَّيما ً ل ّي ُن ْذَِر ب َْأسا ً َ‬ ‫عو َ َ‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ن ِفي ِ‬ ‫ماك ِِثي َ‬ ‫سنا ً * ّ‬ ‫ح َ‬ ‫جرا ً َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ن ل َهُ ْ‬ ‫تأ ّ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬‫ن ال ّ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ن ي َعْ َ‬‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫مب ْ‬ ‫م ب ِبهِ ِ‬ ‫ما ل َهُ ب ْ‬ ‫ه وََلدا ً * ّ‬ ‫خذ َ الل ّ ُ‬ ‫ن َقاُلوا ْ ات ّ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫أَبدا ً * وَي ُن ْذَِر ال ّ ِ‬
‫خرج م َ‬
‫ن‬ ‫م ِإن ي َُقول ُببو َ‬ ‫واهِهِ ْ‬ ‫ن أفْ َ‬ ‫ة تَ ْ ُ ُ ِ ْ‬ ‫م ً‬ ‫ت ك َل ِ َ‬‫م ك َب َُر ْ‬ ‫عل ْم ٍ وَل َ ل ََبائ ِهِ ْ‬ ‫ِ‬
‫ذبا ً‬
‫كبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببب ِ‬ ‫إ ِل ّ َ‬
‫قببد تقببدم فببي أول التفسببير أنببه تعببالى يحمببد نفسببه‬
‫المقدسة عند فواتح المور وخواتمها‪ ,‬فإنه المحمببود علببى‬
‫لخرة‪ ,‬ولهذا حمد نفسه‬ ‫كل حال‪ ,‬وله الحمد في الولى وا َ‬
‫علببى إنزالببه كتببابه العزيببز علببى رسببوله الكريببم محمببد‬
‫صلوات الله وسلمه عليه‪ ,‬فإنه أعظببم نعمببة أنعمهببا اللببه‬
‫على أهل الرض إذ أخرجهم به مببن الظلمببات إلببى النببور‬
‫حيث جعله كتابا ً مستقيما ً ل اعوجاج فيه ول زيغ‪ ,‬بل يهببدي‬
‫إلببى صببراط مسببتقيم واضببحا ً بينبا ً جليبا ً نببذيرا ً للكببافرين‪,‬‬
‫بشيرا ً للمؤمنين‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬ولم يجعل له عوجًا{ أي لم‬
‫ل‪ ,‬بببل جعلببه معتببدل ً مسببتقيما ً‬ ‫يجعل فيببه اعوجاج با ً ول مي ً‬
‫ولهذا قال‪} :‬قيمًا{ أي مستقيما }لينبذر بأسبا ً شبديدا ً مببن‬
‫لدنه{ أي لمن خببالفه وكببذبه ولببم يببؤمن بببه ينببذره بأس با ً‬
‫شديدا ً عقوبة عاجلة في الببدنيا وآجلببة فببي الخببرى }مببن‬
‫لدنه{ أي من عند الله الذي ل يعذب عذابه أحد‪ ,‬ول يوثببق‬
‫وثبباقه أحببد }ويبشببر المببؤمنين{ أي بهببذا القببرآن الببذين‬
‫صدقوا إيمانهم بالعمل الصالح }أن لهببم أجببرا ً حسببنًا{ أي‬
‫مثوبة عند الله جميلة }ماكثين فيه{ في ثوابهم عند اللببه‪,‬‬
‫وهو الجنة خالدين فيه }أبدًا{ دائما ً ل زوال له ول انقضاء‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وينذر الببذين قببالوا اتخببذ اللببه ولببدًا{ قببال ابببن‬
‫إسحاق‪ :‬وهم مشركو العرب في قولهم نحن نعبد الملئكة‬
‫وهم بنات الله }مالهم به من علم{ أي بهذا القببول الببذي‬
‫لبببائهم{ أي لسببلفهم }كبببرت‬ ‫افببتروه وائتفكببوه }ول َ‬
‫كلمببة{ نصببب علببى التمييببز تقببديره كبببرت كلمتهببم هببذه‬
‫ة‪ .‬وقيل‪ :‬على التعجب تقديره أعظببم بكلمتهببم كلمببة‪,‬‬ ‫كلم ً‬
‫ل‪ ,‬قبباله بعببض البصببريين‪ ,‬وقببرأ‬ ‫كما تقول‪ :‬أكببرم بزيببد رج ً‬

‫‪790‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ذلك بعض قراء مكة‪ :‬كبرت كلمة‪ ,‬كما يقببال عظببم قولببك‬
‫وكبر شأنك‪ ,‬والمعنى على قراءة الجمهور أظهر‪ ,‬فإن هذا‬
‫تبشيع لمقالتهم واستعظام لفكهببم‪ ,‬ولهببذا قببال‪} :‬كبببرت‬
‫كلمببة تخببرج مببن أفببواههم{ أي ليببس لهببا مسببتند سببوى‬
‫قولهم‪ ,‬ول دليببل لهببم عليهببا إل كببذبهم وافببتراؤهم‪ ,‬ولهببذا‬
‫قال‪} :‬إن يقولون إل كذبا{ وقببد ذكببر محمببد بببن إسببحاق‬
‫سبب نزول هذه السورة الكريمة‪ ,‬فقال‪ :‬حدثني شيخ مببن‬
‫أهل مصر قدم علينا منذ بضع وأربعيببن سببنة عببن عكرمببة‬
‫عبن اببن عبباس قبال‪ :‬بعثبت قريبش النضبر ببن الحبارث‬
‫وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة‪ ,‬فقالوا لهببم‪:‬‬
‫سلوهم عن محمد وصببفوا لهببم صببفته وأخبببروهم بقببوله‪,‬‬
‫فإنهم أهل الكتاب الول وعندهم ما ليس عنببدنا مببن علببم‬
‫النبياء‪ ,‬فخرجا حتى أتيا المدينة فسألوا أحبببار اليهببود عببن‬
‫رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم‪ ,‬ووصببفوا لهببم أمببره‬
‫وبعض قوله‪ ,‬وقال‪ :‬إنكم أهل التوراة وقد جئناكم لتخبرونببا‬
‫عن صاحبنا هذا‪ ,‬قال‪ :‬فقالوا لهم سلوه عببن ثلث نببأمركم‬
‫بهن‪ ,‬فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل‪ ,‬وإل فرجل متقول‬
‫فتروا فيه رأيكم‪ :‬سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الول ما‬
‫كببان مببن أمرهببم‪ ,‬فببإنهم قببد كببان لهببم حببديث عجيببب ؟‬
‫وسلوه عن رجل طواف بلغ مشببارق الرض ومغاربهببا مببا‬
‫كان نبؤه‪ ,‬وسلوه عن الروح ما هببو ؟ فببإن أخبببركم بببذلك‬
‫فهببو نبببي فبباتبعوه‪ ,‬وإن لببم يخبببركم فببإنه رجببل متقببول‬
‫فاصنعوا في أمره ما بدا لكم‪ ,‬فأقبببل النضببر وعقبببة حببتى‬
‫قدما على قريش فقال‪ :‬يا معشر قريش قد جئناكم بفصل‬
‫ما بينكم وبين محمد‪ ,‬قد أمرنا أحبببار يهببود أن نسببأله عببن‬
‫أمور فأخبروهم بها‪ ,‬فجاؤوا رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم فقالوا‪ :‬يا محمد أخبرنا‪ ,‬فسببألوه عمببا أمروهببم بببه‪,‬‬
‫فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬أخبركم غدا‬
‫عما سألتم عنه« ولم يستثن فانصرفوا عنه ومكث رسبول‬
‫الله صلى الله عليه وسببلم خمببس عشببرة(ليلببة ل يحببدث‬
‫الله له في ذلك وحيًا‪ ,‬ول يأتيه جبرائيل عليه السببلم حببتى‬
‫أرجف أهل مكة وقالوا‪ :‬وعدنا محمد غببدًا‪ ,‬واليببوم خمببس‬

‫‪791‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عشرة قد أصبحنا فيها‪ ,‬ل يخبرنا بشببيء عمببا سبألناه عنببه‬
‫وحتى أحببزن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم مكببث‬
‫الوحي عنه وشق عليه ما يتكلببم بببه أهببل مكببة‪ ,‬ثببم جبباءه‬
‫جبرائيل عليه السلم من اللببه عببز وجببل بسببورة أصببحاب‬
‫الكهف‪ ,‬فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم وخبر ما سألوه‬
‫عنه من أمر الفتية والرجل الطواف‪ ,‬وقول الله عببز وجببل‬
‫}ويسببببألونك عببببن الببببروح ؟ قببببل الببببروح{ ا َ‬
‫ليببببة‪.‬‬

‫ذا‬ ‫من ُببوا ْ ب َِهـ ب َ‬


‫م ي ُؤْ ِ‬ ‫م ِإن ل ّب ْ‬
‫ى آث َببارِهِ ْ‬ ‫سب َ َ‬
‫ك عَلب َ‬ ‫خعٌ ن ّْف َ‬‫ك َبا ِ‬ ‫** فَل َعَل ّ َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ة ل َّها ل ِن َب ُْلببوَهُ ْ‬ ‫ض ِزين َ ً‬ ‫َ‬
‫ما عَلى الْر ِ‬ ‫جعَل َْنا َ‬ ‫سفا ً * إ ِّنا َ‬ ‫ثأ َ‬ ‫دي ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ح ِ‬
‫ج بُرزا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ص بِعيدا ً ُ‬ ‫ما عَل َي ْهَببا َ‬‫ن َ‬ ‫عُلو َ‬ ‫جا ِ‬‫مل ً * وَإ ِّنا ل َ َ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫أي ُّهم أ ْ‬
‫يقول تعالى مسليا ً لرسوله صلوات اللببه وسببلمه عليببه‬
‫في حزنه على المشركين لتركهم اليمان وبعدهم عنه كما‬
‫قال تعالى‪} :‬فل تببذهب نفسببك عليهببم حسببرات{ وقببال‪:‬‬
‫}ول تحزن عليهم{ وقال‪} :‬لعلك باخع نفسك أن ل يكونوا‬
‫مؤمنين{ باخع أي مهلك نفسك بحزنك عليهم‪ ,‬ولهذا قال‪:‬‬
‫}فلعلببك ببباخع نفسببك علببى آثببارهم إن لببم يؤمنببوا بهببذا‬
‫الحببديث{ يعنبي القبرآن }أسببفًا{ يقبول‪ :‬ل تهلببك نفسبك‬
‫أسفًا‪ .‬قال قتادة‪ :‬قاتل نفسك غضبا ً وحزن با ً عليهببم‪ ,‬وقببال‬
‫مجاهد‪ :‬جزعًا‪ ,‬والمعنى متقارب‪ ,‬أي ل تأسف عليهببم‪ ,‬بببل‬
‫أبلغهم رسالة الله‪ ,‬فمن اهتدى فلنفسه‪ ,‬ومن ضببل فإنمببا‬
‫يضل عليها‪ ,‬ول تبذهب نفسبك عليهبم حسبرات‪ ,‬ثبم أخببر‬
‫تعالى أنه جعل الدنيا دارا ً فانية مزينببة بزينببة زائلببة‪ ,‬وإنمببا‬
‫جعلها دار اختبار ل دار قببرار‪ ,‬فقببال‪} :‬إنببا جعلنببا مببا علببى‬
‫ل{ قال قتادة عببن‬ ‫الرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عم ً‬
‫أبي نضرة عن أبي سعيد عن رسول الله صلى اللببه عليببه‬
‫وسببلم أنببه قببال‪» :‬إن الببدنيا حلببوة خضببرة‪ ,‬وإن اللببه‬
‫مستخلفكم فيها فناظر ماذا تعملون‪ ,‬فاتقوا الببدنيا‪ ,‬واتقببوا‬
‫النساء‪ ,‬فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء«‪ ,‬ثم‬
‫أخبببر تعببالى بزوالهببا وفنائهببا وفراغهببا وانقضببائها وذهابهببا‬
‫وخرابها‪ ,‬فقببال تعببالى‪} :‬وإنببا لجبباعلون مببا عليهببا صببعيدا ً‬

‫‪792‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جرزًا{ أي وإنا لمصيروها بعد الزينة إلى الخراب والببدمار‪,‬‬
‫فنجعل كل شيء عليها هالكا ً صعيدا ً جرزا ً ل ينبت ول ينتفع‬
‫ببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫كما قال العوفي عن ابن عباس في قببوله تعببالى‪} :‬وإنببا‬
‫لجاعلون ما عليها صعيدا ً جببرزا{ يقببول‪ :‬يهلببك كببل شببيء‬
‫عليها ويبيد‪ .‬وقال مجاهد‪ :‬صعيدا ً جرزا ً بلقعًا‪ ,‬وقال قتببادة‪:‬‬
‫الصعيد الرض التي ليس فيها شببجر ول نبببات‪ ,‬وقببال ابببن‬
‫زيد‪ :‬الصعيد الرض الببتي ليببس فيهببا شببيء‪ ,‬أل تببرى إلببى‬
‫قوله تعالى‪} :‬أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الرض الجببرز‬
‫فنخرج به زرعا ً تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفل يبصرون{‬
‫وقال محمد بن إسحاق‪} :‬وإنا لجبباعلون مببا عليهببا صببعيدا ً‬
‫جرزًا{ يعني الرض وأن ما عليها لفان وبائد‪ ,‬وأن المرجببع‬
‫للبببى اللبببه‪ ,‬فل تبببأس ول يحزنبببك مبببا تسبببمع وتبببرى‪.‬‬

‫** أ َم حسبت أ َ َ‬
‫ن آَيات ِن َببا‬ ‫مب ْ‬‫كباُنوا ْ ِ‬ ‫ف َوالّرِقيم ِ َ‬ ‫ب ال ْك َهْ ِ‬ ‫حا َ‬ ‫ص َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ْ َ ِ ْ َ ّ‬
‫ك‬‫دن َ‬ ‫من ل ّ ُ‬ ‫ف فََقاُلوا ْ َرب َّنآ آت َِنا ِ‬ ‫ة إ َِلى ال ْك َهْ ِ‬ ‫جبا ً * إ ِذ ْ أ ََوى ال ِْفت ْي َ ُ‬ ‫عَ َ‬
‫َ‬ ‫ة وهَيىْء ل َنا م َ‬
‫م‬
‫ذان ِهِ ب ْ‬ ‫ىآ َ‬ ‫ض بَرب َْنا عَ َل ب َ‬ ‫شببدا ً * فَ َ‬ ‫مرَِنا َر َ‬
‫نأ ْ‬ ‫َ ِ ْ‬ ‫م ً َ ّ‬ ‫ح َ‬‫َر ْ‬
‫ن‬ ‫حْزب َي ْب ِ‬ ‫م أيّ ال ِ‬ ‫م ل ِن َعْل َب َ‬
‫م ب َعَث ْن َبباهُ ْ‬‫ددا ً * ث ُب ّ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫سِني َ‬
‫ف ِ‬ ‫ِفي ال ْك َهْ ِ‬
‫مبببببببببببببدا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مبببببببببببببا ل َب ُِثبببببببببببببوا ْ أ َ‬ ‫ى لِ َ‬ ‫صببببببببببببب َ‬ ‫ح َ‬ ‫أ ْ‬
‫هذا إخبار من الله تعالى عن قصة أصحاب الكهف علببى‬
‫سبيل الجمال والختصار‪ ,‬ثم بسطها بعد ذلك فقببال‪} :‬أم‬
‫حسبت{ يعني يا محمد }أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا‬
‫مببن آياتنببا عجبببًا{ أي ليببس أمرهببم عجيبببا ً فببي قببدرتنا‬
‫وسببلطاننا فببإن خلببق السببموات والرض واختلف الليببل‬
‫والنهار وتسخير الشمس والقمر والكواكب وغير ذلك مببن‬
‫ليات العظيمة الدالة على قدرة الله تعالى‪ ,‬وأنه على مببا‬ ‫ا َ‬
‫يشباء قببادر ول يعجبزه شببيء أعجبب مبن أخببار أصبحاب‬
‫الكهف‪ ,‬كما قال ابببن جريببج عببن مجاهببد }أم حسبببت أن‬
‫أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجب بًا{ يقببول‪ :‬قببد‬
‫كببببان مببببن آياتنببببا مببببا هببببو أعجببببب مببببن ذلببببك‪.‬‬

‫‪793‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال العوفي عببن ابببن عببباس }أم حسبببت أن أصببحاب‬
‫الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجببًا{ يقبول‪ :‬البذي آتيتبك‬
‫من العلم والسنة والكتاب أفضل من شأن أصحاب الكهف‬
‫والرقيم‪ ,‬وقال محمد بن إسحاق‪ :‬ما أظهرت مببن حججببي‬
‫على العباد أعجب من شأن أصحاب الكهف والرقيم‪ ,‬وأمببا‬
‫الكهف فهو الغار فببي الجبببل‪ ,‬وهببو الببذي لجببأ إليببه هببؤلء‬
‫الفتية المببذكورون‪ ,‬وأمببا الرقيببم فقببال العببوفي عببن ابببن‬
‫عباس‪ :‬هو واد قريب من أيلة‪ ,‬وكببذا قببال عطيببة العببوفي‬
‫وقتادة‪ .‬وقال الضحاك‪ :‬أما الكهف فهببو غببار فببي الببوادي‪,‬‬
‫والرقيم اسم الوادي‪ ,‬وقال مجاهببد‪ :‬الرقيببم كببان بنيببانهم‪,‬‬
‫ويقبببول بعضبببهم‪ :‬هبببو البببوادي البببذي فيبببه كهفهبببم‪.‬‬
‫وقال عبد الرزاق‪ :‬أخبرنا الثوري عن سماك عن عكرمببة‬
‫عن ابن عباس فببي قببوله الرقيببم‪ :‬كببان يزعببم كعببب أنهببا‬
‫القرية‪ ,‬وقال ابن جريببج عببن ابببن عببباس‪ :‬الرقيببم الجبببل‬
‫الذي فيه الكهف‪ ,‬وقال ابن إسحاق عن عبد اللببه بببن أبببي‬
‫نجيح عن مجاهد عن ابببن عببباس قببال‪ :‬اسببم ذلببك الجبببل‬
‫بنجلوس‪ ,‬وقال ابن جريج‪ :‬أخبرني وهب بن سببليمان عببن‬
‫شببعيب الجبببائي أن اسببم جبببل الكهببف بنجلببوس‪ ,‬واسببم‬
‫الكهف حيزم‪ ,‬والكلب حمببران‪ .‬وقببال عبببد الببرزاق‪ :‬أنبأنببا‬
‫إسرائيل عن سببماك عببن عكرمببة عببن ابببن عببباس قببال‪:‬‬
‫القرآن أعلمه إل حنانا ً والواه والرقيم‪ .‬وقببال ابببن جريببج‪:‬‬
‫أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع عكرمببة يقببول‪ :‬قببال ابببن‬
‫عباس‪ :‬ما أدري ما الرقيم ؟ كتاب أم بنيان‪ .‬وقال علي بن‬
‫أبي طلحة عن ابن عباس‪ :‬الرقيم الكتاب‪ .‬وقال سعيد بببن‬
‫جبير‪ :‬الرقيم لوح من حجببارة كتبببوا فيببه قصببص أصببحاب‬
‫الكهبببببف‪ ,‬ثبببببم وضبببببعوه علبببببى بببببباب الكهبببببف‪.‬‬
‫وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم‪ :‬الرقيم الكتبباب‪ ,‬ثببم‬
‫لية‪ ,‬وهببو اختيببار‬‫قرأ‪ :‬كتاب مرقوم‪ .‬وهذا هو الظاهر من ا َ‬
‫ابن جرير‪ ,‬قال‪ :‬الرقيبم فعيبل بمعنبى مرقبوم‪ ,‬كمبا يقبال‬
‫للمقتول قتيل‪ ,‬وللمجروح جريح‪ ,‬والله أعلببم‪ .‬وقببوله‪} :‬إذ‬
‫أوى الفتية إلى الكهف فقببالوا ربنببا آتنببا مببن لببدنك رحمببة‬
‫وهيء لنا من أمرنا رشدًا{ يخبببر تعببالى عببن أولئك الفتيببة‬

‫‪794‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الذين فروا بببدينهم مببن قببومهم لئل يفتنببوهم عنببه فهربببوا‬
‫منهم فلجأوا إلى غار في جبل ليختفوا عن قومهم‪ ,‬فقببالوا‬
‫حين دخلوا سببائلين مببن اللببه تعببالى رحمتببه ولطفببه بهببم‬
‫}ربنا آتنا من لدنك رحمة{ أي هب لنببا مببن عنببدك رحمببة‬
‫ترحمنا بها وتسترنا عن قومنا }وهيء لنا من أمرنا رشدًا{‬
‫أي وقدر لنا من أمرنا هذا رشدا ً أي اجعببل عاقبتنببا رشببدًا‪,‬‬
‫كما جاء في الحديث »وما قضببيت لنببا مببن قضبباء فاجعببل‬
‫عاقبته رشدًا« وفي المسند من حديث بسر بن أرطاة عن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسبلم أنبه كبان يبدعو »اللهبم‬
‫أحسن عاقبتنا في المببور كلهببا‪ ,‬وأجرنببا مببن خببزي الببدنيا‬
‫لخببببببببببببببببببببببببببببرة«‪.‬‬‫وعببببببببببببببببببببببببببببذاب ا َ‬
‫وقوله‪} :‬فضربنا على آذانهم فببي الكهببف سببنين عببددًا{‬
‫أي ألقينا عليهم النوم حين دخلوا إلى الكهف فناموا سنين‬
‫كثيرة‪} ,‬ثم بعثناهم{ أي من رقدتهم تلببك‪ ,‬وخببرج أحببدهم‬
‫بدراهم معه ليشتري لهم بهببا طعامبا ً يببأكلونه كمببا سببيأتي‬
‫بيببانه وتفصببيله‪ ,‬ولهببذا قببال‪} :‬ثببم بعثنبباهم لنعلببم أي‬
‫الحزبين{ أي المختلفين فيهببم }أحصببى لمببا لبثببوا أمببدًا{‬
‫ن المببد الغايببة‪ ,‬كقببوله‪:‬‬ ‫قيببل‪ :‬عببددًا‪ ,‬وقيببل‪ :‬غايببة‪ ,‬فببإ ّ‬
‫سببببق الجبببواد إذا اسبببتولى علبببى المبببد‬
‫(‬

‫** نحن نُقص عل َي َ َ‬


‫م‬ ‫من ُببوا ْ ب َِرب ّهِب ْ‬ ‫ةآ َ‬ ‫م فِت ْي َب ٌ‬‫حقّ إ ِن ّهُب ْ‬ ‫هم ب ِببال ْ َ‬ ‫ك نب َأ ُ‬ ‫ّ َ ْ‬ ‫َ ْ ُ َ‬
‫موا ْ فََقبباُلوا ْ َرب ّن َببا‬ ‫م إ ِذ ْ َقا ُ‬ ‫ى قُُلوب ِهِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫دى * وََرب َطَنا عَل َ‬ ‫م هُ ً‬ ‫وَزِد َْناهُ ْ‬
‫دون ِهِ ِإلـببها ً ل َّق بد ْ قُل ْن َببا‬ ‫من ُ‬ ‫ض َلن ن ّد ْعُوَا ْ ِ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫ب ال ّ‬ ‫َر ّ‬
‫ْ‬
‫ن‬ ‫ة ل ّوْل َ ي َأُتو َ‬ ‫دون ِهِ آل ِهَ ً‬ ‫من ُ‬ ‫ذوا ْ ِ‬‫خ ْ‬ ‫مَنا ات ّ َ‬ ‫ؤلِء قَوْ ُ‬ ‫ططا ً * َ‬
‫هـ ُ‬ ‫ش َ‬‫ِإذا ً َ‬
‫ذبا ً‬ ‫طان بين فَم َ‬
‫ن افْت ََرىَ عََلى الل ّهِ ك َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫م ّ‬‫م ِ‬ ‫ن أظ ْل َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫سل ْ َ ٍ َ ّ ٍ َ‬ ‫عَل َي ِْهم ب ِ ُ‬
‫ْ‬
‫ف‬ ‫ه فَ بأُووا إ ِل َببى ال ْك َهْ ب ِ‬ ‫ن إ َل ّ الل ّ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ي َعْب ُ ُ‬ ‫م وَ َ‬
‫موهُ ْ‬ ‫* وَإ ِذِ اعْت ََزل ْت ُ ُ‬
‫مْرَفقا ً‬ ‫كم من رحمت ِه ويهيىْء ل َك ُم م َ‬
‫م ّ‬ ‫مرِك ُ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ْ ّ ْ‬ ‫م َرب ّ ُ ّ ّ ْ َ ِ َ ُ َ ّ‬ ‫شْر ل َك ُ ْ‬ ‫ي َن ْ ُ‬
‫من ههنا شرع في بسط القصببة وشببرحها‪ ,‬فببذكر تعببالى‬
‫أنهم فتية وهم الشباب‪ ,‬وهم أقبل للحببق وأهببدى للسبببيل‬
‫من الشيوخ الذين قببد عتببوا وانغمسببوا فببي ديببن الباطببل‪,‬‬

‫‪795‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ولهذا كان أكثر المستجيبين لله تعالى ولرسوله صلى اللببه‬
‫عليه وسلم شبابًا‪ ,‬وأما المشايخ من قريش‪ ,‬فعامتهم بقوا‬
‫على دينهم ولم يسلم منهم إل القليل‪ .‬وهكذا أخبببر تعببالى‬
‫عن أصحاب الكهف أنهم كانوا فتية شبببابًا‪ ,‬وقببال مجاهببد‪:‬‬
‫بلغني أنببه كببان فببي آذان بعضببهم القرطببة يعنببي الحلببق‪,‬‬
‫فألهمهم اللبه رشبدهم وآتباهم تقبواهم‪ ,‬فبآمنوا بربهبم أي‬
‫اعترفوا له بالوحدانية‪ ,‬وشهدوا أنه ل إله إل هو }وزدنبباهم‬
‫ليببة وأمثالهببا غيببر واحببد مببن الئمببة‬ ‫هدى{ استدل بهببذه ا َ‬
‫كالبخاري وغيره ممن ذهببب إلببى زيببادة اليمببان وتفاضببله‬
‫وأنه يزيد وينقص‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬وزدناهم هدى{ كمببا‬
‫قال‪} :‬والذين اهتدوا زادهم هدى وآتبباهم تقببواهم{ وقببال‬
‫}فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا ً وهم يستبشرون{ وقال‪:‬‬
‫ليببات‬‫}ليزدادوا إيمانا ً مببع إيمببانهم{ إلببى غيببر ذلببك مببن ا َ‬
‫الدالة على ذلك‪ .‬وقد ذكر أنهببم كببانوا علببى ديببن المسببيح‬
‫عيسى بن مريم‪ ,‬فالله أعلم‪ ,‬والظاهر أنهم كانوا قبل ملببة‬
‫النصرانية بالكلية‪ ,‬فإنهم لو كانوا على ديببن النصببرانية لمببا‬
‫اعتنى أحبار اليهود بحفظ خبرهم وأمرهببم لمببباينتهم لهببم‪,‬‬
‫وقد تقدم عن ابن عباس أن قريشا ً بعثوا إلى أحبار اليهبود‬
‫بالمدينة يطلبببون منهببم أشببياء يمتحنببون بهببا رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فبعثوا إليهببم أن يسببألوه عببن خبببر‬
‫هؤلء‪ ,‬وعن خبر ذي القرنين‪ ,‬وعن الروح‪ ,‬فدل هببذا علببى‬
‫أن هذا أمر محفوظ فببي كتببب أهببل الكتبباب وأنببه متقببدم‬
‫علببببببببى ديببببببببن النصببببببببرانية‪ ,‬واللببببببببه أعلببببببببم‪.‬‬
‫وقوله }وربطنا علببى قلببوبهم إذ قبباموا فقببالوا ربنببا رب‬
‫السموات والرض{ يقول تعالى‪ :‬وصبرناهم علببى مخالفبة‬
‫قومهم ومدينتهم ومفارقة ما كانوا فيه من العيش الرغيببد‬
‫والسعادة والنعمة‪ ,‬فإنه ذكر غير واحد من المفسرين مببن‬
‫السببلف والخلببف أنهببم كببانوا مببن أبنبباء ملببوك الببروم‬
‫وسادتهم‪ ,‬وأنهم خرجوا يوما ً في بعض أعياد قومهم وكببان‬
‫لهم مجتمببع فببي السببنة يجتمعببون فيببه فببي ظبباهر البلببد‪,‬‬
‫وكانوا يعبدون الصنام والطببواغيت‪ ,‬ويببذبحون لهببا‪ ,‬وكببان‬
‫لهم ملك جبار عنيد يقال له دقيانوس‪ .,‬وكان يببأمر النبباس‬

‫‪796‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بببذلك ويحثهببم عليببه ويببدعوهم إليببه‪ ,‬فلمببا خببرج النبباس‬
‫لمجتمعهم ذلك‪ ,‬وخرج هببؤلء الفتيببة مببع آبببائهم وقببومهم‪,‬‬
‫ونظروا إلى ما يصنع قومهم بعين بصيرتهم‪ ,‬عرفوا أن هذا‬
‫الذي يصنعه قومهم من السببجود لصببنامهم والذبببح لهببا ل‬
‫ينبغي إل الله الببذي خلببق السببموات والرض‪ ,‬فجعببل كببل‬
‫واحد منهم يتخلص من قببومه وينحبباز منهببم ويتبببرز عنهببم‬
‫ناحية‪ ,‬فكان أول مببن جلببس منهببم وحببده أحببدهم‪ ,‬جلببس‬
‫لخبر فجلبس إليهبا عنبده‪ ,‬وجباء‬ ‫تحت ظل شبجرة فجباء ا َ‬
‫لخببر‬ ‫لخر فجلس إليهم‪ ,‬وجاء ا َ‬ ‫لخر فجلس إليهما‪ ,‬وجاء ا َ‬ ‫ا َ‬
‫لخببر‪ ,‬وإنمببا جمعهببم‬ ‫لخر‪ ,‬ول يعببرف واحببد منهببم ا َ‬‫وجاء ا َ‬
‫هنببببباك البببببذي جمبببببع قلبببببوبهم علبببببى اليمبببببان‪.‬‬
‫كما جبباء فببي الحببديث الببذين رواه البخبباري تعليق با ً مببن‬
‫حديث يحيى بن سعيد عن عمرة عببن عائشببة رضببي اللببه‬
‫عنهببا قببالت‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪:‬‬
‫»الرواح جنود مجندة‪ ,‬فما تعارف منهببا ائتلببف ومببا تنبباكر‬
‫منهببا اختلببف« وأخرجببه مسببلم فببي صببحيحه مببن حببديث‬
‫سهيل عن أبي هريبرة عبن رسبول اللبه صبلى اللبه عليبه‬
‫وسلم‪ ,‬والناس يقولون‪ :‬الجنسية علة الضم‪ ,‬والغرض أنببه‬
‫جعل كل أحد منهم يكتم ما هببو عليببه عببن أصببحابه خوف با ً‬
‫منهم‪ ,‬ول يدري أنهم مثله حتى قال أحدهم‪ :‬تعلمون واللببه‬
‫يا قببوم إنببه مببا أخرجكببم مببن قببومكم وأفردكببم عنهببم إل‬
‫شيء‪ ,‬فليظهر كل واحد منكم بأمره‪ ,‬فقببال آخببر‪ :‬أمببا أنببا‬
‫فإني والله رأيت ما قومي عليه فعرفت أنببه باطببل‪ ,‬وإنمببا‬
‫الذي يستحق أن يعبد وحده ول يشرك بببه شببيء هببو اللببه‬
‫لخر‪ :‬وأنببا‬ ‫الذي خلق السموات والرض وما بينهما‪ ,‬وقال ا َ‬
‫لخر كذلك‪ ,‬حتى توافقوا كلهم‬ ‫والله وقع لي كذلك‪ ,‬وقال ا َ‬
‫على كلمببة واحببدة‪ ,‬فصبباروا يببدا ً واحببدة‪ ,‬وإخببوان صببدق‪,‬‬
‫فاتخذوا لهم معبدا ً يعبدون اللبه فيبه‪ ,‬فعبرف بهبم قبومهم‬
‫فوشوا بأمرهم إلى ملكهم فاستحضرهم بين يديه فسألهم‬
‫عن أمرهم وما هم عليه‪ ,‬فأجابوه بالحق ودعوه إلببى اللببه‬
‫عز وجل‪ ,‬ولهذا أخبر تعببالى عنهببم بقببوله‪} :‬وربطنببا علببى‬
‫قلببوبهم إذ قبباموا فقببالوا ربنببا رب السببموات والرض لببن‬

‫‪797‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ندعو من دونه إلهًا{ ولن لنفي التأبيببد أي ل يقببع منببا هببذا‬
‫ل‪ ,‬ولهذا قال عنهببم‪} :‬لقببد‬ ‫أبدًا‪ ,‬لنا لو فعلنا ذلك لكان باط ً‬
‫قلنا إذا ً شططًا{ أي باطل ً وبهتانا ً }هؤلء قومنا اتخذوا من‬
‫دونه آلهة لول يأتون عليهم بسببلطان بيببن{ أي هل أقبباموا‬
‫على صحة ما ذهبوا إليه دليل ً واضحا ً صحيحا ً }فمببن أظلببم‬
‫ممن افترى علببى اللببه كببذبًا{ يقولببون‪ :‬بببل هببم ظببالمون‬
‫كاذبون في قولهم ذلك‪ ,‬فيقال إن ملكهببم لمببا دعببوه إلببى‬
‫اليمان بالله أبى عليهببم وتهببددهم وتوعببدهم‪ ,‬وأمببر بنببزع‬
‫لباسهم عنهم الذي كان عليهم من زينببة قببومهم‪ ,‬وأجلهببم‬
‫لينظروا في أمرهم لعلهم يرجعون عن دينهببم الببذي كببانوا‬
‫عليه‪ ,‬وكان هذا من لطف الله بهم‪ ,‬فإنهم في تلك النظرة‬
‫توصلوا إلى الهرب منه والفرار بدينهم من الفتنة‪ ,‬وهذا هو‬
‫المشروع عند وقوع الفتن في الناس أن يفببر العبببد منهببم‬
‫خوفا ً على دينه‪ ,‬كما جاء فببي الحببديث »يوشببك أن يكببون‬
‫خير مال أحدكم غنما ً يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر‬
‫يفر بدينه من الفتن« ففي هذه الحال تشببرع العزلببة عببن‬
‫النبباس ول تشببرع فيمببا عببداها‪ ,‬لمببا يفببوت بهببا مببن تببرك‬
‫الجماعات والجمع‪ ,‬فلما وقع عزمهم على الذهاب والهرب‬
‫من قومهم‪ ,‬واختار الله تعالى لهم ذلك وأخبر عنهم بببذلك‬
‫في قوله‪} :‬وإذ اعتزلتموهم ومببا يعبببدون إل اللببه{ أي وإذ‬
‫فارقتموهم وخالفتموهم بأديانكم فببي عبببادتهم غيببر اللببه‪,‬‬
‫ففارقوهم أيضا ً بأبدانكم‪} ,‬فأووا إلببى الكهببف ينشببر لكببم‬
‫ربكم من رحمته{ أي يبسط عليكم رحمة يستركم بها من‬
‫قببومكم }ويهيىببء لكببم مببن أمركببم{ الببذي أنتببم فيببه‬
‫هرابا ً إلى‬
‫}مرفقًا{ أي أمرا ً ترتفقون به‪ ,‬فعند ذلك خرجوا ِ‬
‫الكهببف فببأووا إليببه‪ ,‬ففقببدهم قببومهم مببن بيببن أظهرهببم‬
‫وتطلبهم الملك‪ ,‬فيقال أنه لم يظفر بهم وعمى الله عليببه‬
‫خبببرهم كمببا فعببل بنبببّيه محمببد صببلى اللببه عليببه وسببلم‪,‬‬
‫وصاحبه الصديق حين لجآ إلى غار ثبور‪ ,‬وجباء المشبركون‬
‫من قريش في الطلب فلم يهتببدوا إليببه مببع أنهببم يمببرون‬
‫عليه‪ ,‬وعندها قال النبي صلى الله عليببه وسببلم حيببن رأى‬
‫جزع الصديق في قوله‪ :‬يا رسول الله لو أن أحببدهم نظببر‬

‫‪798‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إلى موضع قدميه لبصببرنا‪ ,‬فقببال‪» :‬يببا أبببا بكببر مببا ظنببك‬
‫باثنين الله ثالثهما ؟« وقد قببال تعببالى‪} :‬إل تنصببروه فقببد‬
‫نصره اللهإذ أخرجه الذين كفببروا ثبباني اثنيببن إذ همببا فببي‬
‫الغار إذ يقول لصاحبه ل تحببزن إن اللببه معنببا فببأنزل اللببه‬
‫سكنيته عليه وأيببده بجنببود لببم تروهببا وجعببل كلمببة الببذين‬
‫كفروا السفلى وكلمة الله هي العليبا واللبه عزيبز حكيبم{‬
‫فقصة هذا الغار أشرف وأجل وأعظم وأعجببب مببن قصببة‬
‫أصحاب الكهف‪ ,‬وقد قيل‪ :‬إن قومهم ظفروا بهببم ووقفببوا‬
‫على باب الغار الذي دخلوه‪ ,‬فقالوا‪ :‬ماكنا نريبد منهبم مبن‬
‫العقوبة أكثر مما فعلوا بأنفسهم‪ ,‬فببأمر الملببك بببردم بببابه‬
‫عليهم ليهلكوا مكانهم ففعلوا ذلك‪ ,‬وفي هببذا نظببر‪ ,‬واللببه‬
‫أعلم‪ ,‬فإن الله تعالى قد أخبببر أن الشببمس تببدخل عليهببم‬
‫فببببي الكهببببف بكببببرة وعشببببيًا‪ ,‬كمببببا قببببال تعببببالى‪(:‬‬

‫ت‬‫ذا َ‬ ‫م َ‬ ‫عببن ك َهِْفِهبب ْ‬ ‫ذا ط َل ََعببت ّتببَزاوَُر َ‬ ‫س إِ َ‬


‫م َ‬ ‫** وََتببَرى ال ّ‬
‫شبب ْ‬
‫ة‬
‫ج بو َ ٍ‬ ‫م فِببي فَ ْ‬ ‫ل وَهُب ْ‬ ‫ما ِ‬‫ش َ‬‫ت ال ّ‬ ‫ذا َ‬‫م َ‬ ‫ضه ُ ْ‬‫ذا غََرَبت ت ّْقرِ ُ‬ ‫ن وَإ ِ َ‬ ‫مي ِ‬ ‫ال ْي َ ِ‬
‫ضل ِ ْ‬
‫ل‬ ‫من ي ُ ْ‬ ‫مهْت َدِ وَ َ‬‫ه فَهُوَ ال ْ ُ‬‫من ي َهْدِ الل ّ ُ‬ ‫ت الل ّهِ َ‬‫ن آَيا ِ‬ ‫م ْ‬
‫ك ِ‬ ‫ه ذ َل ِ َ‬‫من ْ ُ‬‫ّ‬
‫شببببببببببدا ً‬ ‫مْر ِ‬ ‫ه وَل ِي ّببببببببببا ً ّ‬
‫جببببببببببد َ ل َبببببببببب ُ‬ ‫فَل َببببببببببن ت َ ِ‬
‫فهذا فيه دليل على أن باب هببذا الكهببف كببان مببن نحببو‬
‫الشببمال‪ ,‬لنببه تعببالى أخبببر أن الشببمس إذا دخلتببه عنببد‬
‫طلوعها تزاور عنه }ذات اليمين{ أي يتقلص الفيء يمنببة‪,‬‬
‫كما قال ابن عباس وسعيد بببن جبببير وقتببادة }تببزاور{ أي‬
‫تميل‪ ,‬وذلك أنها كلما ارتفعت فببي الفببق تقلببص شببعاعها‬
‫بارتفاعها حتى ل يبقى منه شيء عند الزوال في مثل ذلك‬
‫المكان‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬وإذا غربت تقرضببهم ذات الشببمال{‬
‫أي تببدخل إلببى غببارهم مببن شببمال بببابه‪ ,‬وهببو مببن ناحيببة‬
‫المشرق‪ ,‬فدل على صحة ما قلناه‪ ,‬وهذا بيببن لمببن تببأمله‬
‫وكببان لببه علببم بمعرفببة الهيئة وسببير الشببمس والقمببر‬
‫والكواكب‪ ,‬وبيانه أنه لو كان باب الغار مببن ناحيبة الشبرق‬
‫لما دخل إليه منها شيء عند الغروب‪ ,‬ولو كان مببن ناحيببة‬
‫القبلة لما دخله منها شيء عند الطلببوع ول عنببد الغببروب‪,‬‬

‫‪799‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ل‪ ,‬ولو كان من جهببة الغببرب‬ ‫ول تزاور الفيء يمينا ً ول شما ً‬
‫لما دخلته وقت الطلوع بل بعد الزوال‪ ,‬ولم تزل فيببه إلببى‬
‫الغبببببروب‪ ,‬فتعيبببببن مبببببا ذكرنببببباه‪ ,‬وللبببببه الحمبببببد‪.‬‬
‫وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة‪ :‬تقرضهم تببتركهم‪ ,‬وقببد‬
‫أخبر الله تعالى بذلك‪ ,‬وأراد منا فهمه وتدبره‪ ,‬ولببم يخبرنببا‬
‫بمكان هذا الكهف في أي البلد من الرض‪ ,‬إذ ل فائدة لنببا‬
‫فيه ول قصد شرعي‪ ,‬وقد تكلف بعض المفسرين فببذكروا‬
‫ل‪ ,‬فتقدم عن ابن عباس أنه قال‪ :‬هببو قريببب مببن‬ ‫فيه أقوا ً‬
‫أيلة‪ .‬وقال ابن إسحاق‪ :‬هو عند نينوى‪ .‬وقيل‪ :‬ببلد الببروم‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬ببلد البلقاء‪ ,‬والله أعلم بأي بلد الله هببو‪ ,‬ولببو كببان‬
‫لنا فيه مصلحة دينية لرشدنا الله تعالى ورسوله إليه‪ ,‬فقد‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪» :‬ما تركت شببيئا ً يقربكببم إلببى‬
‫الجنة ويباعدكم مببن النببار إل وقببد أعلمتكببم بببه« فأعلمنببا‬
‫تعالى بصفته‪ ,‬ولم يعلمنا بمكانه‪ ,‬فقال‪} :‬وتببرى الشببمس‬
‫إذا طلعت تزاور عن كهفهم{ قال مالك عن زيد بن أسلم‪:‬‬
‫تميل }ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم‬
‫في فجوة منه{ أي في متسع منه داخل ً بحيث ل تصبببيهم‪,‬‬
‫إذ لو أصابتهم لحرقت أبدانهم وثيببابهم‪ ,‬قبباله ابببن عببباس‬
‫}ذلك من آيات الله{ حيث أرشدهم إلى هببذا الغببار الببذي‬
‫جعلهم فيه أحياء والشمس والريح تدخل عليهم فيه لتبقى‬
‫أبدانهم‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬ذلك من آيات الله{‪ ,‬ثم قببال‪:‬‬
‫لية‪ ,‬أي هو الذي أرشد هببؤلء‬ ‫}من يهد الله فهو المهتد{ ا َ‬
‫الفتية إلى الهداية مبن بيببن قببومهم‪ ,‬فبإنه مبن هبداه اللبه‬
‫اهتببببببببدى‪ ,‬ومببببببببن أضببببببببله فل هببببببببادي لببببببببه‪.‬‬

‫** وتحسبه َ‬
‫ت‬ ‫ذا َ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫مي ب ِ‬
‫ت الي َ ِ‬
‫ذا َ‬ ‫م َ‬‫م ُرُقود ٌ وَن َُقل ّب ُهُ ْ‬‫م أي َْقاظا ً وَهُ ْ‬ ‫ََ ْ َ ُُ ْ‬
‫م‬ ‫ت عَل َي ْهِب ْ‬ ‫صيدِ ل َبوِ اط ّل َعْب َ‬ ‫ط ذَِراعَي ْهِ ِبالوَ ِ‬ ‫س ٌ‬ ‫ل وَك َل ْب ُهُ ْ‬
‫م َبا ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ش َ‬
‫عبببببببا ً‬‫م ُر ْ‬ ‫من ُْهبببببب ْ‬‫ت ِ‬ ‫مل ِئ ْ َ‬‫م ِفببببببَرارا ً وَل َ ُ‬ ‫من ُْهبببببب ْ‬‫ت ِ‬ ‫َلببببببوْل ّي ْ َ‬
‫ذكر بعض أهل العلم أنهم لمببا ضببرب اللببه علببى آذانهببم‬
‫بالنوم‪ ,‬لم تنطبق لئل يسرع إليها البلى‪ ,‬فإذا بقيت ظاهرة‬
‫للهواء كان أبقى لها‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬وتحسبهم أيقاظ با ً‬

‫‪800‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وهم رقود{ وقد ذكببر عببن الببذئب أنببه ينببام فيطبببق عين با ً‬
‫ويفتح عينًا‪ ,‬ثم يفتح هذه ويطبق هذه وهو راقد‪ ,‬كمببا قببال‬
‫الشبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببباعر‪:‬‬
‫ينام بإحدى مقلببتيه ويتقيبببأخرى الرزايببا فهبو يقظبان نببائم‬
‫وقببوله‪ :‬تعببالى‪} :‬ونقلبهببم وذات اليميببن ذات الشببمال{‬
‫قال بعض السببلف‪ :‬يقلبببون فببي العببام مرتيببن‪ .‬قببال ابببن‬
‫عباس‪ :‬لو لم يقلبوا لكلتهم الرض‪ .‬قوله }وكلبهم باسببط‬
‫ذراعيه بالوصيد{ قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبببير‬
‫وقتادة‪ :‬الوصيد الفناء‪ ,‬وقببال ابببن عببباس‪ :‬بالببباب‪ .‬وقيببل‪:‬‬
‫بالصعيد وهو التراب‪ ,‬والصحيح أنه بالفناء وهو الباب‪ ,‬ومنه‬
‫قببوله تعببالى‪} :‬إنهببا عليهببم مؤصببدة{ أي مطبقببة مغلقبة‪,‬‬
‫ويقال‪ :‬وصيد وأصيد‪ ,‬ربض كلبهم على الباب كما جرت به‬
‫عادة الكلب‪ ,‬قال ابن جريج‪ :‬يحرس عليهببم الببباب‪ ,‬وهببذا‬
‫من سجيته وطبببيعته حيببث يربببض ببببابهم كببأنه يحرسببهم‪,‬‬
‫وكان جلوسه خارج الباب‪ ,‬لن الملئكبة ل تبدخل بيتبا ً فيببه‬
‫كلب‪ ,‬كما ورد في الصحيح ول صببورة ول جنببب ول كببافر‪,‬‬
‫كمببا ورد بببه الحببديث الحسببن‪ ,‬وشببملت كلبهببم بركتهببم‬
‫فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال‪ ,‬وهببذا فببائدة‬
‫صحبة الخبار‪ ,‬فإنه صار لهذا الكلب ذكر وخبر وشأن‪ .‬وقد‬
‫قيل‪ :‬إنه كان كلب صيد لحدهم‪ ,‬وهو الشبه‪ ,‬وقيل‪ :‬كلببب‬
‫طباخ الملك‪ ,‬وقد كان وافقهم علببى الببدين وصببحبه كلبببه‪,‬‬
‫فببببببببببببببببببببببببببببببببالله أعلببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة همام بن الوليد‬
‫الدمشقي‪ :‬حبدثنا صببدقة بببن عمبر الغسباني‪ ,‬حبدثنا عببباد‬
‫المنقري‪ ,‬سمعت الحسن البصري يقول‪ :‬كان اسببم كبببش‬
‫إبراهيم عليه الصلة والسلم جرير‪ ,‬واسم هدهببد سببليمان‬
‫عليه السلم عنقز‪ ,‬واسم كلببب أصببحاب الكهببف قطميببر‪,‬‬
‫واسم عجل بني إسرائيل الذي عبدوه بهموت‪ ,‬وهبببط آدم‬
‫عليه السلم بالهند‪ ,‬وحواء بجدة‪ ,‬وإبليس بدسببت بيسببان‪,‬‬
‫والحية بأصفهان‪ ,‬وقد تقدم عن شعيب الجبائي أنه سببماه‬
‫حمران‪ ,‬واختلفوا في لببونه علببى أقببوال ل حاصببل لهببا ول‬

‫‪801‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫طائل تحتها ول دليل عليهببا ول حاجببة إليهببا‪ ,‬بببل هببي ممببا‬
‫ينهبببببى عنبببببه‪ ,‬فبببببإن مسبببببتندها رجبببببم ببببببالغيب‪.‬‬
‫وقوله تعببالى‪} :‬لببو اطلعببت عليهببم لبوليت منهببم فببرارا ً‬
‫ولملئت منهم رعببًا{ أي أنببه تعببالى ألقببى عليهببم المهابببة‬
‫بحيث ل يقع نظببر أحببد عليهببم إل هببابهم لمببا ألبسببوا مببن‬
‫المهابة والذعر‪ ,‬لئل يدنو منهم أحد ول تمسهم يببد لمببس‪,‬‬
‫حتى يبلغ الكتاب أجله‪ ,‬وتنقضي رقدتهم البتي شباء تببارك‬
‫وتعالى فيهم‪ ,‬لما له في ذلك من الحكمة والحجببة البالغببة‬
‫والرحمبببببببببببببببببببببببببببة الواسبببببببببببببببببببببببببببعة‪.‬‬

‫م ك َببم‬ ‫من ْهُب ْ‬‫ل ّ‬ ‫ل قَببائ ِ ٌ‬ ‫م قَببا َ‬ ‫سببآَءُلوا ب َي ْن َهُب ْ‬ ‫م ل ِي َت َ َ‬ ‫** وَك َذ َل ِ َ‬
‫ك ب َعَث َْناهُ ْ‬
‫ل َبث ْتم َقاُلوا ْ ل َبث ْنا يوما ً أ َو بعبض يبوم قَبباُلوا ْ ربك ُب َ‬
‫مببا‬ ‫م بِ َ‬‫م أعْل َب ُ‬ ‫َ ّ ْ‬ ‫ْ َْ َ َ ْ ٍ‬ ‫ِ َ َ ْ‬ ‫ِ ُ ْ‬
‫َ‬
‫دين َةِ فَل ْي َن ْظ ُْر أي َّهآ‬ ‫َ‬
‫م ِ‬‫ى ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫هـذِهِ إ ِل َ‬ ‫م َ‬ ‫م ب ِوَرِقِك ُ ْ‬ ‫حد َك ُ ْ‬‫م َفاب ْعَُثوا ْ أ َ‬ ‫ل َب ِث ْت ُ ْ‬
‫ْ‬ ‫أ َْزك َ‬
‫م‬‫كب ْ‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫شبعَِر ّ‬ ‫ف وَل َ ي ُ ْ‬ ‫ه وَل ْي َت َل َط ّ ْ‬‫من ْ ُ‬
‫ق ّ‬ ‫ٍ‬ ‫م ب ِرِْز‬ ‫ى ط ََعاما ً فَل ْي َأت ِك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫أ َحدا ً * إنهم إن يظ ْهروا ْ عَل َيك ُم يرجموك ُ َ‬
‫م فِببي‬ ‫دوك ُ ْ‬ ‫م أوْ ي ُِعي ب ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ َْ ُ ُ‬ ‫ِّ ُ ْ ِ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫حبببببببببببوَا ْ ِإذا ً أَببببببببببببدا ً‬ ‫م وََلبببببببببببن ت ُْفل ِ ُ‬ ‫مل ّت ِِهببببببببببب ْ‬ ‫ِ‬
‫يقببول تعببالى كمببا أرقببدناهم بعثنبباهم صببحيحة أبببدانهم‬
‫وأشعارهم وأبصارهم لم يفقدوا من أحوالهم وهيآتهم شيئا ً‬
‫وذلك بعد ثلثمائة سنة وتسع سنين‪ ,‬ولهببذا تسبباءلوا بينهببم‬
‫}كم لبثتم{ أي كببم رقببدتم ؟ }قببالوا لبثنببا يوم با ً أو بعببض‬
‫يببوم{ لنببه كببان دخببولهم إلببى الكهببف فببي أول نهببار‪,‬‬
‫واستيقاظهم كان في آخر نهببار‪ ,‬ولهببذا اسببتدركوا فقببالوا‪:‬‬
‫}أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بمببا لبثتببم{ أي اللببه أعلببم‬
‫بأمركم‪ ,‬وكأنه حصل لهم نوع تردد في كثرة نومهم‪ ,‬فببالله‬
‫أعلببم‪ ,‬ثببم عببدلوا إلببى الهببم فببي أمرهببم إذ ذاك‪ ,‬وهببو‬
‫احتياجهم إلى الطعام والشراب‪ ,‬فقالوا‪} :‬فببابعثوا أحببدكم‬
‫بورقكم{ أي فضتكم هذه‪ ,‬وذلك أنهم كانوا قد استصببحبوا‬
‫معهم دراهم من منببازلهم لحبباجتهم إليهببا‪ ,‬فتصببدقوا منهببا‬
‫وبقي منها‪ ,‬فلهذا قالوا‪} :‬فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلببى‬
‫المدينببة{ أي مببدينتكم الببتي خرجتببم منهببا‪ ,‬واللببف واللم‬
‫للعهببد }فلينظببر أيهببا أزكببى طعام بًا{ أي أطيببب طعام بًا‪.‬‬

‫‪802‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كقوله‪} :‬ولول فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من‬
‫أحد أبدًا{ وقوله‪} :‬قد أفلح من تزكى{ ومنه الزكبباة الببتي‬
‫تطيب المال وتطهره‪ ,‬وقيل‪ :‬أكثر طعامًا‪ ,‬ومنه زكا الببزرع‬
‫إذا كبببببببببببببببببثر‪ ,‬قبببببببببببببببببال الشببببببببببببببببباعر‪:‬‬
‫قبائلنببا سبببع وأنتببم ثلثةوالسبببع أزكببى مببن ثلث وأطيببب‬
‫والصحيح الول‪ ,‬لن مقصببودهم إنمببا هببو الطيببب الحلل‬
‫ل‪ .‬وقببوله }وليتلطببف{ أي فببي‬ ‫سببواء كببان كببثيرا ً أو قلي ً‬
‫خروجه وذهابه وشرائه وإيببابه‪ ,‬يقولببون‪ :‬وليختببف كببل مببا‬
‫يقدر عليه }ول يشعرن{ أي ول يعلمن }بكم أحدا ً * إنهببم‬
‫إن يظهببروا عليكببم يرجمببوكم{ أي إن علمببوا بمكببانكم‬
‫}يرجمببوكم أو يعيببدوكم فببي ملتهببم{ يعنببون أصببحاب‬
‫دقيببانوس يخببافون منهببم أن يطلعببوا علببى مكببانهم‪ ,‬فل‬
‫يزالون يعذبونهم بأنواع العذاب إلى أن يعيدوهم في ملتهم‬
‫التي هم عليها‪ ,‬أو يموتوا‪ ,‬وإن وافقتموهم على العود فببي‬
‫لخببرة‪ ,‬ولهببذا قببال‪:‬‬ ‫الدين فل فلح لكم في الدنيا ول في ا َ‬
‫}ولببببببببببببببببن تفلحببببببببببببببببوا إذا ً أبببببببببببببببببدًا{‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫** وك َبذ َل ِ َ َ‬


‫ن‬ ‫حبقّ وَأ ّ‬ ‫ن وَعْبد َ الّلبهِ َ‬ ‫مبوَا ْ أ ّ‬ ‫م ل ِي َعْل َ ُ‬‫ك أعْث َْرن َببا عَل َي ْهِب ْ‬ ‫َ‬
‫م فََقاُلوا ْ اب ُْنببوا ْ‬ ‫َ‬ ‫ب ِفيَها إ ِذ ْ ي َت ََناَز ُ‬ ‫َ‬
‫مَرهُ ْ‬‫مأ ْ‬ ‫ن ب َي ْن َهُ ْ‬
‫عو َ‬ ‫ة ل َري ْ َ‬ ‫ساعَ َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫ذي َ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫مرِهِب ْ‬ ‫ىأ ْ‬ ‫ن غَلب ُببوا عَل ب َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫م َقا َ‬ ‫م ب ِهِ ْ‬‫م أعْل َ ُ‬ ‫م ب ُن َْيانا ً ّرب ّهُ ْ‬‫عَل َي ْهِ ْ‬
‫جدا ً‬‫سبببببببببببببببب ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ن عَل َي ِْهبببببببببببببببب ْ‬ ‫خببببببببببببببببذ َ ّ‬ ‫ل َن َت ّ ِ‬
‫يقول تعالى‪} :‬وكذلك أعثرنا عليهم{ أي أطلعنببا عليهببم‬
‫النبباس }ليعلمببوا أن وعببد اللببه حببق وأن السبباعة ل ريببب‬
‫فيها{ ذكر غير واحد من السلف أنه كان قببد حصببل لهببل‬
‫ذلبك الزمبان شبك فبي البعبث وفبي أمبر القيامبة‪ .‬وقبال‬
‫عكرمة‪ :‬كان منهم طائفة قد قالوا تبعببث الجسبباد‪ ,‬فبعببث‬
‫الله أهل الكهف حجة ودللة وآية علببى ذلببك‪ ,‬وذكببروا أنببه‬
‫لما أراد أحدهم الخروج ليذهب إلى المدينة في شراء لهم‬
‫ليأكلوه‪ ,‬تنكر وخرج يمشي في غير الجادة حتى انتهى إلى‬
‫المدينة‪ ,‬وذكروا أن اسمها دقسوس‪ ,‬وهو يظن أنه قريببب‬
‫العهد بها‪ ,‬وكان الناس قد تبدلوا قرنا ً بعببد قببرن وجيل ً بعببد‬

‫‪803‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جيل وأمة بعد أمببة‪ ,‬وتغيببرت البلد ومببن عليهببا‪ ,‬كمببا قببال‬
‫الشبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببباعر‪:‬‬
‫أمببا الببديار فإنهببا كببديارهموأرى رجببال الحببي غيببر رجبباله‬
‫فجعل ل يببرى شببيئا ً مببن معببالم البلببد الببتي يعرفهببا‪ ,‬ول‬
‫يعرف أحدا ً من أهلها‪ :‬ل خواصها ول عوامها‪ ,‬فجعل يتحيببر‬
‫في نفسببه ويقببول‪ :‬لعببل بببي جنونبا ً أو مسبا ً أو أنببا حببالم‪,‬‬
‫ويقول‪ :‬واللببه مببا بببي شببيء مببن ذلببك‪ ,‬وإن عهببدي بهببذه‬
‫البلدة عشية أمببس علببى غيببر هببذه الصببفة‪ .‬ثببم قببال‪ :‬إن‬
‫تعجيل الخروج من ههنا لولى لي‪ ,‬ثم عمد إلى رجل ممن‬
‫يبيع الطعام‪ ,‬فدفع إليه ما معه من النفقة‪ ,‬وسأله أن يبيعه‬
‫بها طعامًا‪ ,‬فلما رآهببا ذلببك الرجببل أنكرهببا وأنكببر ضببربها‪,‬‬
‫فدفعها إلى جاره‪ ,‬وجعلوا يتداولونها بينهم ويقولببون‪ :‬لعببل‬
‫هذا وجد كنزًا‪ ,‬فسألوه عن أمره ومن أين له هذه النفقببة‪,‬‬
‫لعله وجدها من كنز وممببن أنببت ؟ فجعببل يقببول‪ :‬أنببا مببن‬
‫أهل هذه البلدة‪ ,‬وعهدي بها عشية أمس وفيهببا دقيببانوس‪,‬‬
‫فنسبوه إلى الجنون‪ ,‬فحملوه إلى ولي أمرهم فسأله عببن‬
‫شأنه وخبره حتى أخبرهم بأمره‪ ,‬وهو متحير في حاله ومببا‬
‫هو فيه‪ ,‬فلما أعلمهم بذلك قاموا معه إلى الكهببف بب ملببك‬
‫البلد وأهلهبا بب حبتى انتهبى بهبم إلبى الكهبف فقبال لهبم‪:‬‬
‫دعوني حتى أتقدمكم في الدخول لعلم أصببحابي فببدخل‪,‬‬
‫فيقال إنهم ل يدرون كيف ذهب فيببه‪ ,‬وأخفببى اللببه عليهببم‬
‫خبرهم‪ ,‬ويقبال ببل دخلبوا عليهبم ورأوهبم‪ ,‬وسبلم عليهبم‬
‫الملببك واعتنقهببم‪ ,‬وكببان مسببلما ً فيمببا قيببل‪ ,‬واسببمه‬
‫تيدوسيس‪ ,‬ففرحوا به وآنسوه بالكلم‪ ,‬ثم ودعوه وسلموا‬
‫عليه‪ ,‬وعادوا إلى مضاجعهم‪ ,‬وتوفاهم الله عز وجل‪ ,‬فالله‬
‫أعلبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫قال قتادة‪ :‬غزا ابن عباس مع حبيب بن مسببلمة‪ ,‬فمببروا‬
‫بكهف في بلد الروم‪ ,‬فرأوا فيه عظاما ً فقببال قببائل‪ :‬هببذه‬
‫عظام أهل الكهف‪ ,‬فقال ابن عباس‪ :‬لقببد بليببت عظببامهم‬
‫مببن أكببثر مببن ثلثمببائة سببنة‪ ,‬ورواه ابببن جريببر‪ ,‬وقببوله‪:‬‬
‫}وكببذلك أعثرنببا عليهببم{ أي كمببا أرقببدناهم وأيقظنبباهم‬
‫بهيآتهم‪ ,‬أطلعنا عليهم أهل ذلك الزمان }ليعلمببوا أن وعببد‬

‫‪804‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫اللببه حببق وأن السبباعة ل ريببب فيهببا إذ يتنببازعون بينهببم‬
‫أمرهم{ أي في أمر القيامة‪ ,‬فمن مثبت لهببا ومببن منكببر‪,‬‬
‫فجعل اللهظهورهم على أصحاب الكهف حجة لهم وعليهم‬
‫}فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ً ربهم أعلم بهم{ أي سدوا عليهم‬
‫باب كهفهم‪ ,‬وذروهم على حالهم }قال الببذين غلبببوا علببى‬
‫أمرهببم لنتخببذن عليهببم مسببجدًا{ حكببى ابببن جريببر فببي‬
‫القببائلين ذلببك قببولين )أحببدهما( أنهببم المسببلمون منهببم‪.‬‬
‫)والثبباني( أهببل الشببرك منهببم‪ ,‬فببالله أعلببم‪ ,‬والظبباهر أن‬
‫الذين قالوا ذلك هم أصحاب الكلمة والنفوذ‪ ,‬ولكن هل هم‬
‫محمببودون أم ل ؟ فيببه نظببر‪ ,‬لن النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسببلم قببال‪» :‬لعببن اللببه اليهببود والنصببارى اتخببذوا قبببور‬
‫أنبيائهم وصالحيهم مساجد« يحذر ما فعلوا‪ ,‬وقد روينا عن‬
‫أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضببي اللببه عنببه أنببه لمببا‬
‫وجد قبر دانيببال فببي زمببانه بببالعراق‪ ,‬أمببر أن يخفببى عببن‬
‫الناس‪ ,‬وأن تدفن تلك الرقعببة الببتي وجببدوها عنببده‪ ,‬فيهببا‬
‫شبببببببببببيء مبببببببببببن الملحبببببببببببم وغيرهبببببببببببا‪.‬‬

‫م‬‫سه ُ ْ‬
‫سادِ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫س ٌ‬ ‫م َ‬ ‫خ ْ‬
‫ن َ‬ ‫م وَي َُقوُلو َ‬ ‫م ك َل ْب ُهُ ْ‬
‫ة ّراب ِعُهُ ْ‬ ‫ن َثلث َ ٌ‬‫سي َُقوُلو َ‬ ‫** َ‬
‫م ُقل ّرّبي‬ ‫م ك َل ْب ُهُ ْ‬‫من ُهُ ْ‬‫ة وََثا ِ‬ ‫سب ْعَ ٌ‬‫ن َ‬ ‫ب وَي َُقوُلو َ‬ ‫جما ً ِبال ْغَي ْ ِ‬
‫م َر ْ‬ ‫ك َل ْب ُهُ ْ‬
‫َ‬
‫م بَرآءً‬‫م إ ِل ّ ِ‬ ‫مببارِ ِفيهِ ب ْ‬ ‫ل فَل َ ت ُ َ‬ ‫م إ ِل ّ قَِلي ب ٌ‬ ‫ما ي َعْل َ ُ‬
‫مه ُ ب ْ‬ ‫م ب ِعِد ّت ِِهم ّ‬‫أعْل َ ُ‬
‫حبببببببدا ً‬ ‫ظ َببببببباهرا ً ول َ تسبببببببتْفت فيهبببببببم منهببببببب َ‬
‫مأ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ّ ُْ‬ ‫َ ِ ِ ِ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ِ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن اختلف الناس في عدة أصببحاب‬
‫الكهف‪ ,‬فحكى ثلثة أقوال‪ ,‬فدل علببى أنببه ل قببائل برابببع‪,‬‬
‫ولما ضعف القببولين الوليببن بقببوله‪} :‬رجم با ً بببالغيب{ أي‬
‫قول ً بل علم‪ ,‬كمن يرمي إلى مكان ل يعرفه‪ ,‬فببإنه ل يكبباد‬
‫يصيب وإن أصاب فبل قصد‪ .‬ثم حكى الثالث وسكت عليببه‬
‫أو قرره بقوله‪} :‬وثامنهم كلبهم{ فدل علببى صببحته‪ ,‬وأنببه‬
‫هببو الواقببع فببي نفببس المببر‪ .‬وقببوله‪} :‬قببل ربببي أعلببم‬
‫بعدتهم{ إرشاد إلى أن الحسن فببي مثببل هببذا المقببام رد‬
‫العلم إلى الله تعالى‪ ,‬إذ ل احتياج إلببى الخببوض فببي مثببل‬
‫ذلك بل علم‪ ,‬لكن إذا أطلعنا على أمر قلنببا بببه وإل وقفنببا‪.‬‬

‫‪805‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقوله‪} :‬ما يعلمهم إل قليل{ أي من الناس‪ .‬قال قتببادة‪:‬‬
‫قال ابن عباس‪ :‬أنا من القليل الذي استثنى الله عز وجل‪,‬‬
‫كانوا سبعة‪ .‬وكذا روى ابببن جريببر عببن عطبباء الخراسبباني‬
‫عنه أنه كان يقول أنا ممن استثنى اللببه عببز وجببل ويقببول‬
‫عدتهم سبعة‪ ,‬فهذه أسانيد صحيحة إلببى ابببن عببباس أنهببم‬
‫كبببببانوا سببببببعة‪ ,‬وهبببببو موافبببببق لمبببببا قبببببدمناه‪.‬‬
‫وقال محمد بن إسحاق بن يسار عن عبببد اللببه بببن أبببي‬
‫نجيح عن مجاهد قال‪ :‬لقد حدثت أنه كان على بعضهم من‬
‫حداثة سنه وضح الببورق‪ .‬قببال ابببن عببباس‪ :‬فكببانوا كببذلك‬
‫ليلهم ونهارهم فببي عبببادة اللببه يبكببون ويسببتغيثون بببالله‪,‬‬
‫وكانوا ثمانية نفر‪ :‬مكسلمينا وكان أكبرهم وهو الببذي كلببم‬
‫الملك عنهم‪ ,‬ويمليخا ومرطببونس وكسببطونس وبيرونببس‬
‫ودنيموس ويطبونس وقالوش‪ ,‬هكذا وقع في هذه الرواية‪,‬‬
‫ويحتمل أن هذا من كلم ابببن إسببحاق أو مببن بينببه وبينببه‪,‬‬
‫فإن الصحيح عن ابن عباس أنهم كانوا سبعة‪ ,‬وهببو ظبباهر‬
‫ليببة‪ ,‬وقببد تقببدم عببن شببعيب الجبببائي أن اسببم كلبهببم‬ ‫ا َ‬
‫حمران‪ ,‬وفي تسميتهم بهببذه السببماء واسببم كلبهببم نظببر‬
‫في صحته‪ ,‬والله أعلم‪ ,‬فإن غببالب ذلببك متلقببى مببن أهببل‬
‫الكتاب‪ ,‬وقد قال تعالى‪} :‬فل تمار فيهم إل مببراء ظبباهرًا{‬
‫أي سهل ً هينًا‪ ,‬فإن المر فببي معرفببة ذلبك ل يببترتب عليببه‬
‫كبير فببائدة }ول تسبتفت فيهبم منهبم أحببدًا{ أي فببإنهم ل‬
‫علم لهم بببذلك إل مببا يقولببونه مببن تلقبباء أنفسببهم رجمبا ً‬
‫بالغيب‪ ,‬أي من غير استناد إلى كلم معصبوم‪ ,‬وقبد جباءك‬
‫الله يا محمد بالحق الذي ل شك فيببه ول مريببة فيببه‪ ,‬فهببو‬
‫المقدم الحاكم على كل ما تقببدمه مببن الكتببب والقببوال‪.‬‬

‫شببآءَ‬‫ك غَببدا ً * إ ِل ّ َأن ي َ َ‬ ‫ل ذ َل ِب َ‬


‫عب ٌ‬‫يٍء إ ِن ّببي َفا ِ‬‫ش ْ‬ ‫ن لِ َ‬ ‫** وَل َ ت َْقول َ ّ‬
‫َ‬
‫ن َرب ّببي‬‫ى أن ي َهْبدِي َ ِ‬ ‫سب َ‬ ‫ل عَ َ‬ ‫ت وَقُب ْ‬ ‫سببي َ‬
‫ذا ن َ ِ‬‫ك إِ َ‬‫ه َواذ ْك ُببر ّرب ّب َ‬ ‫الل ّب ُ‬
‫شبببببببببببببدا ً‬ ‫ذا َر َ‬‫هـببببببببببببب َ‬ ‫ن َ‬ ‫مببببببببببببب ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫لقْبببببببببببببَر َ‬
‫هذا إرشاد من الله تعالى لرسول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم إلببى الدب فيمببا إذا عببزم علببى شببيء ليفعلببه فببي‬

‫‪806‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المستقبل أن يرد ذلببك إلببى مشببيئة اللببه عببز وجببل‪ ,‬علم‬
‫الغيوب الذي يعلم ما كان وما يكون وما لم يكببن لببو كببان‬
‫كيف يكون‪ ,‬كما ثبت في الصحيحين عن أبببي هريببرة عببن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪» :‬قال سببليمان‬
‫بن داود عليهما السلم‪ :‬لطوفن الليلة على سبعين امببرأة‬
‫ب وفي رواية‪ :‬تسعين امرأة‪ ,‬وفي رواية‪ :‬مائة امرأة ب ب تلببد‬
‫كل امرأة منهن غلما ً يقاتل فببي سبببيل اللببه‪ ,‬فقيببل لببه بب‬
‫وفي رواية قال له الملببك‪ :‬قببل إن شبباء اللببه‪ ,‬فلببم يقببل‪,‬‬
‫فطاف بهم فلم يلد منهن إل امرأة واحببدة نصببف إنسببان‪,‬‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسببلم ب ب والببذي نفسببي‬
‫بيده‪ ,‬لو قال إن شاء الله لم يحنث‪ ,‬وكببان درك با ً لحبباجته«‬
‫وفي رواية »ولقاتلوا في سبيل الله فرسانا ً أجمعين« وقد‬
‫لية في قول‬ ‫تقدم في أول السورة ذكر سبب نزول هذه ا َ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم لما سببئل عببن قصببة أصببحاب‬
‫الكهف غدا ً أجيبكم« فتأخر الوحي خمسة عشر يومًا‪ ,‬وقببد‬
‫ذكرنبباه بطببوله فببي أول السببورة‪ ,‬فببأغنى عببن إعببادته‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬واذكر ربببك إذا نسببيت{ قيببل معنبباه إذا نسببيت‬
‫السببتثناء‪ ,‬عنببد ذكببرك لببه‪ ,‬قبباله أبببو العاليببة والحسببن‬
‫البصري‪ ,‬وقال هشيم عن العمببش عببن مجاهببد عببن ابببن‬
‫عباس في الرجل يحلف قال‪ :‬له أن يستثني ولو إلى سنة‪,‬‬
‫وكان يقول‪} :‬واذكر ربك إذا نسيت{ ذلك‪ ,‬قيل للعمببش‪:‬‬
‫سمعته عن مجاهد ؟ فقال‪ :‬حدثني به ليث بن أبببي سببليم‬
‫يرى ذهب كسائي هببذا‪ ,‬ورواه الطبببراني مببن حببديث أبببي‬
‫معاويببة عببن العمببش بببه‪ .‬ومعنببى قببول ابببن عببباس أنببه‬
‫يستثني ولو بعد سنة‪ ,‬أي إذا نسي أن يقببول فببي حلفببه أو‬
‫في كلمه إن شاء لله وذكر ولو بعد سببنة‪ ,‬فالسببنة لببه أن‬
‫يقول ذلك‪ ,‬ليكون آتيا ً بسنة الستثناء حببتى ولببو كببان بعببد‬
‫الحنث‪ ,‬قاله ابن جرير رحمه اللببه‪ ,‬ونببص علببى ذلببك ل أن‬
‫يكون رافعا ً لحنث اليمين ومسببقطا ً للكفببارة‪ ,‬وهببذا الببذي‬
‫قاله ابن جرير رحمه الله هو الصحيح‪ ,‬وهببو الليببق بحمببل‬
‫كلم ابن عباس عليه‪ ,‬والله أعلم‪ (.‬وقال عكرمة }واذكببر‬
‫ربك إذا نسببيت{ إذا غضبببت وهببذا تفسببير ببباللزم‪ .‬وقببال‬

‫‪807‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الطبراني‪ :‬حدثنا محمد بن الحارث الجبلي‪ ,‬حببدثنا صببفوان‬
‫بن صببالح‪ ,‬حببدثنا الوليببد بببن مسببلم عببن عبببد العزيببز بببن‬
‫حصين‪ ,‬عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عببباس فببي‬
‫ن لشيء إني فاعببل ذلببك غببدا ً إل أن يشبباء‬ ‫قوله }ول تقول ّ‬
‫الله * واذكر ربك إذا نسيت{ أن تقول إن شاء الله‪ ,‬وروى‬
‫الطبراني أيضا ً عن ابن عباس في قوله‪} :‬واذكببر ربببك إذا‬
‫نسيت{ الستثناء فاسببتثن إذا ذكببرت‪ ,‬وقببال‪ :‬هببي خاصببة‬
‫برسول الله صبلى اللبه عليبه وسبلم وليبس لحبد منبا أن‬
‫يستثني إل في صلة من يمينه‪ ,‬ثببم قببال‪ :‬انفببرد بببه الوليببد‬
‫ليببة وجببه آخببر‬‫عن عبد العزيز بن الحصين‪ ,‬ويحتمل فببي ا َ‬
‫وهو أن يكون الله تعالى قد أرشد من نسببي الشببيء فببي‬
‫كلمه إلى ذكر الله تعالى‪ ,‬لن النسيان منشؤه الشببيطان‪,‬‬
‫كمببا قببال فببتى موسببى‪} :‬ومببا أنسببانيه إل الشببيطان أن‬
‫أذكببره{ وذكببر اللببه تعببالى يطببرد الشببيطان فببإذا ذهببب‬
‫الشيطان ذهب النسيان‪ ,‬فببذكر اللبه تعبالى سبببب للببذكر‪,‬‬
‫ولهذا قال‪} :‬واذكر ربك إذا نسيت{ وقوله‪} :‬وقببل عسببى‬
‫أن يهدين ربي لقرب من هبذا رشبدًا{ أي إذا سبئلت عبن‬
‫شيء ل تعلمه‪ ,‬فاسأل الله تعالى فيه‪ ,‬وتوجه إليه فببي أن‬
‫يوفقك للصواب والرشد في ذلك‪ ,‬وقيل في تفسببيره غيببر‬
‫ذلبببببببببببببببببببك‪ ,‬واللبببببببببببببببببببه أعلبببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫ل‬ ‫سعا ً * قُ ِ‬ ‫دوا ْ ت ِ ْ‬


‫دا ُ‬
‫ن َواْز َ‬ ‫مئ َةٍ ِ‬
‫سِني َ‬ ‫ث ِ‬ ‫م َثل َ‬ ‫** وَل َب ُِثوا ْ ِفي ك َهِْفهِ ْ‬
‫َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫صبْر ِببهِ‬ ‫ض أب ْ ِ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬
‫سب َ‬‫ب ال ّ‬ ‫ما ل َب ُِثوا ْ َلب ُ‬
‫ه غَي ْب ُ‬ ‫ه أعْل َ ُ‬
‫م بِ َ‬ ‫ُ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ي وَل ي ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م بهِ‬ ‫حك ِ‬‫ش برِك فِببي ُ‬ ‫مببن وَل ِب ّ‬
‫دون ِهِ ِ‬‫من ُ‬ ‫ما لُهم ّ‬ ‫مع ْ َ‬‫س ِ‬‫وَأ ْ‬
‫حببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببدا ً‬ ‫َ‬
‫أ َ‬
‫هذا خبر من الله تعالى لرسوله صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫بمقدار ما لبث أصحاب الكهببف فببي كهفهببم منببذ أرقببدهم‬
‫إلى أن بعثهم الله وأعببثر عليهببم أهببل ذلببك الزمببان‪ ,‬وأنببه‬
‫كان مقداره ثلثمائة سنة تزيد تسع سببنين بالهلليببة‪ ,‬وهببي‬
‫الثلثمائة سنة بالشمسية‪ ,‬فإن تفاوت ما بين كل مائة سنة‬
‫بالقمريببة إلببى الشمسببية ثلث سببنين‪ ,‬فلهببذا قببال‪ :‬بعببد‬

‫‪808‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ثلثمائة وازدادوا تسعًا‪ .‬وقوله‪} :‬قل الله أعلببم بمببا لبثببوا{‬
‫أي إذا سببئلت عببن لبثهببم وليببس عنببدك علببم فببي ذلببك‬
‫وتوقيف من الله تعالى فل تتقدم فيه بشيء‪ ,‬بل قببل فببي‬
‫مثل هذا }الله أعلم بما لبثوا له غيب السببموات والرض{‬
‫أي ل يعلم ذلك إل هو ومن أطلعه عليببه مببن خلقببه‪ ,‬وهببذا‬
‫الذي قلناه عليه غيببر واحببد مببن علمبباء التفسببير كمجاهببد‬
‫وغيببببببببر واحببببببببد مببببببببن السببببببببلف والخلببببببببف‪.‬‬
‫وقال قتادة في قوله‪} :‬ولبثوا في كهفهم ثلثمائة سنين{‬
‫ده اللببه تعببالى بقببوله‪:‬‬‫لية‪ ,‬هذا قول أهل الكتبباب‪ ,‬وقببد ر ّ‬ ‫ا َ‬
‫}قل اللبه أعلبم بمببا لبثببوا{ قببال‪ :‬وفببي قببراءة عبببد اللبه‬
‫وقالوا‪} :‬ولبثوا{‪ ,‬يعني أنه قباله النباس‪ ,‬وهكبذا قبال كمبا‬
‫قال قتادة مطرف بببن عبببد اللببه‪ ,‬وفببي هببذا الببذي زعمببه‬
‫قتادة نظر‪ ,‬فإن الذي بأيدي أهل الكتاب أنهم لبثوا ثلثمببائة‬
‫سنة من غير تسع‪ ,‬يعنببون بالشمسببية‪ ,‬ولببو كببان اللببه قببد‬
‫حكى قولهم لما قال‪ :‬وازدادوا تسببعًا‪ ,‬والظبباهر مببن ا َ‬
‫ليببة‬
‫إنما هو إخبار من اللببه ل حكايببة عنهببم‪ ,‬وهببذا اختيببار ابببن‬
‫جريببر رحمببه اللببه‪ ,‬وروايببة قتببادة قببراءة ابببن مسببعود‬
‫منقطعة‪ ,‬ثم هي شاذة بالنسبببة إلببى قببراءة الجمهببور‪ ,‬فل‬
‫يحتبببببببببببببج بهبببببببببببببا‪ ,‬واللبببببببببببببه أعلبببببببببببببم‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬أبصر به وأسمع{ أي أنه لبصير بهم سميع لهم‪,‬‬
‫قال ابن جرير‪ :‬وذلك في معنى المبالغة في المببدح‪ ,‬كببأنه‬
‫قيل‪ :‬ما أبصره وأسمعه‪ ,‬وتأويل الكلم ما أبصر اللببه لكببل‬
‫موجود‪ ,‬وأسمعه لكببل مسببموع‪ ,‬ل يخفببى عليببه مببن ذلببك‬
‫شيء‪ .‬ثم روي عن قتادة في قببوله‪} :‬أبصببر بببه وأسببمع{‬
‫فل أحد أبصر من الله ول أسمع‪ .‬وقال ابن زيد }أبصببر بببه‬
‫وأسمع{ يرى أعمالهم ويسمع ذلببك منهببم سببميعا ً بصببيرًا‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ما لهم من دونه من ولي ول يشببرك فببي حكمببه‬
‫أحدًا{ أي أنه تعالى هببو الببذي لببه الخلببق والمببر‪ ,‬الببذي ل‬
‫معقببب لحكمببه‪ ,‬وليبس لبه وزيببر ول نصببير ول شبريك ول‬
‫مشبببببببببببببببببير‪ ,‬تعبببببببببببببببببالى وتقبببببببببببببببببدس‪.‬‬

‫‪809‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ه‬
‫مببات ِ ِ‬‫ل ل ِك َل ِ َ‬ ‫مب َبد ّ َ‬‫ك لَ ُ‬ ‫ب َرب ّب َ‬‫مببن ك ِت َببا ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫ي إ ِل َي ْب َ‬ ‫ح َ‬ ‫مآ أ ُوْ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫** َوات ْ ُ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫مبعَ ال ّب ِ‬ ‫ك َ‬ ‫سب َ‬ ‫صبب ِْر ن َْف َ‬ ‫حببدا ً * َوا ْ‬ ‫مل ْت َ َ‬
‫دون ِبهِ ُ‬ ‫مببن ُ‬ ‫جبد َ ِ‬ ‫وََلن ت َ ِ‬
‫ك‬ ‫ه وَل َ ت َعْد ُ عَي َْنببا َ‬ ‫جه َ ُ‬‫ن وَ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫ري ُ‬
‫ِ‬ ‫ي يُ‬ ‫داةِ َوال ْعَ ِ‬
‫ش ّ‬ ‫ن َرب ُّهم ِبال ْغَ َ‬ ‫عو َ‬ ‫ي َد ْ ُ‬
‫َ‬
‫ه عَببن‬ ‫ن أغَْفل ْن َببا قَل ْب َب ُ‬ ‫حَياةِ الد ّن َْيا وَل َ ت ُط ِعْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫ريد ُ ِزين َ َ‬
‫ِ‬ ‫م تُ‬‫عَن ْهُ ْ‬
‫مببببببُرهُ فُُرطببببببا ً‬ ‫ذك ْرنببببببا واتبببببببع هَببببببواه وك َببببببا َ‬
‫نأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ِ َِ‬
‫يقول تعالى آمرا ً رسببوله صببلى اللببه عليببه وسببلم بتلوة‬
‫كتابه العزيز وإبلغه إلى النباس }ل مببدل لكلمباته{ أي ل‬
‫مغير لها ول محّرف ول مزيل‪ .‬وقوله‪} :‬ولن تجد من دونببه‬
‫ملتحدًا{ عن مجاهد ملتحدا ً قال‪ :‬ملجأ‪ .‬وعببن قتببادة‪ :‬ولي با ً‬
‫ول مولى‪ .‬قال ابن جرير‪ :‬يقول إن أنت يا محمببد لببم تتببل‬
‫ما أوحي إليك من كتاب ربك‪ ,‬فإنه ل ملجببأ لببك مببن اللببه‪,‬‬
‫كما قال تعالى‪} :‬يا أيها الرسببول بلببغ مببا أنببزل إليببك مببن‬
‫ربك وإن لم تفعل فما بلغببت رسببالته واللببه يعصببمك مببن‬
‫الناس{ وقال‪} :‬إن الذي فرض عليك القرآن لببرادك إلببى‬
‫معبباد{ أي سببائلك عمببا فببرض عليببك مببن إبلغ الرسببالة‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬واصبر نفسك مبع البذين يببدعون ربهبم بالغببداة‬
‫والعشي يريدون وجهه{ أي اجلس مع الذين يذكرون اللببه‬
‫ويهللونه ويحمببدونه ويسبببحونه ويكبببرونه ويسببألونه بكببرة‬
‫وعشيًا‪ ,‬من عباد الله سواء كانوا فقراء أو أغنياء‪ ,‬أو أقوياء‬
‫أو ضعفاء‪,‬يقال‪ :‬إنها نزلت في أشراف قريش حين طلبببوا‬
‫من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجلس معهببم‪ ,‬وحببده‪,‬‬
‫ول يجالسببهم بضببعفاء أصببحابه‪ ,‬كبلل وعمببار وصببهيب‬
‫وخباب وابن مسببعود‪ ,‬وليفببرد أولئك بمجلببس علببى حببدة‪,‬‬
‫فنهاه الله عن ذلك فقال‪} :‬ول تطرد الببذين يببدعون ربهببم‬
‫ليببة‪ ,‬وأمببره أن يصبببر نفسببه فببي‬ ‫بالغببداة والعشببي{ ا َ‬
‫الجلوس مع هؤلء‪ ,‬فقال }واصبر نفسك مع الذين يدعون‬
‫لية‪ ,‬وقببال مسببلم فببي صببحيحه‪:‬‬ ‫ربهم بالغداة والعشي{ ا َ‬
‫حدثنا أبو بكر بببن أبببي شببيبة‪ ,‬حببدثنا محمببد بببن عبببد اللببه‬
‫السدي عن إسرائيل عن المقدام بن شريح عن أبيببه عببن‬
‫سعد هو ابن أبي وقاص قال‪ :‬كنا مع النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم ستة نفر فقال المشببركون للنبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪ :‬اطرد هؤلء ل يجترؤون علينا قال‪ :‬وكنت أنببا وابببن‬

‫‪810‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مسعود ورجل من هذيل وبلل‪ ,‬ورجلن نسببيت اسببميهما‪,‬‬
‫فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يشاء‬
‫الله أن يقع‪ ,‬فحدث نفسه‪ ,‬فأنزل الله عز وجل }ول تطرد‬
‫الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه{ انفببرد‬
‫ببببببببببببببإخراجه مسبببببببببببببلم دون البخببببببببببببباري‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا محمد بببن جعفببر‪ ,‬حببدثنا شببعبة‬
‫عن أبي التيباح قبال‪ :‬سبمعت أببا الجعبد يحبدث عبن أببي‬
‫أمامة قال‪ :‬خرج رسول الله صلى الله عليببه وسببلم علببى‬
‫قاص يقص فأمسك‪ ,‬فقببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم »قص‪ ,‬فلن أقعببد غببدوة إلببى أن تشببرق الشببمس‬
‫أحب إلي من أن أعتق أربببع رقبباب«‪ .‬وقببال المببام أحمببد‬
‫أيضًا‪ :‬حدثنا هاشم‪ :‬حدثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسبرة‬
‫قببال‪ :‬سببمعت كببردوس بببن قيببس‪ ,‬وكببان قبباص العامببة‬
‫بالكوفة‪ ,‬يقول‪ :‬أخبرني رجل مببن أصببحاب بببدر أنببه سببمع‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬لن أقعد في مثل هذا‬
‫المجلس أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب« قببال شببعبة‪:‬‬
‫فقلبببببببت أي مجلبببببببس ؟ قبببببببال‪ :‬كبببببببان قاصبببببببًا‪.‬‬
‫وقال أبو داود الطيالسي في مسنده‪ :‬حدثنا محمد‪ ,‬حدثنا‬
‫يزيد بن أبان عن أنس قال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪» :‬لن أجببالس قومبا ً يببذكرون اللببه مببن صببلة‬
‫الغداة إلى طلبوع الشبمس أحبب إلببي ممببا طلعبت عليببه‬
‫الشمس‪ ,‬ولن أذكببر اللببه مببن صببلة العصببر إلببى غببروب‬
‫الشمس أحب إلي من أن أعتق ثمانية من ولد إسببماعيل‪,‬‬
‫دية كل واحد منهم اثنا عشر ألفًا« فحسبببنا ديبباتهم ونحببن‬
‫في مجلس أنبس‪ ,‬فبلغبت سبتة وتسبعين ألفبا ً وههنبا مبن‬
‫يقول أربعة من ولد إسماعيل‪ ,‬والله ما قال إل ثمانية‪ ,‬دية‬
‫كبببببببل واحبببببببد منهبببببببم اثنبببببببا عشبببببببر ألفبببببببًا‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبو بكر البببزار‪ :‬حببدثنا محمببد بببن إسببحاق‬
‫الهوازي‪ ,‬حدثنا أبو أحمد الزبيري‪ ,‬حبدثنا عمبرو ببن ثبابت‬
‫عن علي بن القمر‪ ,‬عن الغر أبي مسلم وهو الكببوفي أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم مببر برجببل يقببرأ سببورة‬
‫الكهف‪ ,‬فلمبا رأى النببي صبلى اللبه عليبه وسبلم سببكت‪,‬‬

‫‪811‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقال النبي صلى الله عليه وسببلم‪» :‬هببذا المجلببس الببذي‬
‫أمرت أن أصبر نفسي معهم«‪ ,‬هكببذا رواه أبببو أحمببد عببن‬
‫عمرو بن ثابت‪ ,‬عن علي بببن القمببر‪ ,‬عببن الغببر مرس ب ً‬
‫ل‪.‬‬
‫وحدثنا يحيى بن المعلى عببن المنصببور‪ ,‬حببدثنا محمببد بببن‬
‫الصلت‪ ,‬حدثنا عمرو بن ثابت عببن علببي بببن القمببر‪ ,‬عببن‬
‫الغر أبي مسلم‪ ,‬عن أبي هريببرة وأبببي سببعيد‪ ,‬قببال‪ :‬جبباء‬
‫ج‪,‬‬‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل يقرأ سورة الح ّ‬
‫أو سورة الكهف‪ ,‬فسكت‪ ,‬فقببال رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪» :‬هذا المجلس الذي أمببرت أن أصبببر نفسببي‬
‫معهببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا محمببد بببن بكببر‪ ,‬حببدثنا ميمببون‬
‫المرئي‪ ,‬حدثنا ميمون بن سياه عن أنس بببن مالببك رضببي‬
‫الله عنه‪ ,‬عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬مببا‬
‫من قوم اجتمعوا يذكرون الله ل يريببدون بببذلك إل وجهببه‪,‬‬
‫إل ناداهم منبباد مببن السببماء‪ :‬أن قومببوا مغفببورا ً لكببم قببد‬
‫بدلت سيئاتكم حسنات« تفرد به أحمد رحمببه اللببه‪ .‬وقببال‬
‫الطبراني‪ :‬حدثنا إسببماعيل بببن الحسببن‪ ,‬حببدثنا أحمببد بببن‬
‫صالح‪ ,‬حدثنا ابن وهب عن أسامة بن زيد‪ ,‬عن أبي حببازم‪,‬‬
‫عن عبد الرحمن بببن سببهل بببن حنيببف قببال‪ :‬نزلببت علببى‬
‫رسول الله صلى الله عليببه وسببلم وهببو فببي بعببض أبيبباته‬
‫}واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغببداة والعشببي{‬
‫لية‪ ,‬فخرج يتلمسهم‪ ,‬فوجببد قوم با ً يببذكرون اللببه تعببالى‪,‬‬ ‫ا َ‬
‫منهم ثائر الرأس وجبباف الجلببد وذو الثببوب الواحببد‪ ,‬فلمببا‬
‫رآهم جلس معهم وقال‪» :‬الحمد الله الذي جعل في أمتي‬
‫من أمرني الله أن أصبر نفسي معهم« عبد الرحمن هببذا‪,‬‬
‫ذكره أبو بكر ابن أبي داود في الصببحابة‪ .‬وأمببا أبببوه فمببن‬
‫سبببببببادات الصبببببببحابة رضبببببببي اللبببببببه عنهبببببببم‪.‬‬
‫وقوله }ول تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا{ قال‬
‫ابن عباس‪ :‬ول تجاوزهم إلى غيرهم‪ ,‬يعنببي تطلببب بببدلهم‬
‫أصحاب الشرف والثروة‪} ,‬ول تطع مببن أغفلنببا قلبببه عببن‬
‫ذكرنا{ أي شغل عببن الببدين وعبببادة ربببه بالببدنيا‪} ,‬وكببان‬
‫أمره فرطًا{ أي أعماله وأفعاله سفه وتفريط وضببياع‪ ,‬ول‬

‫‪812‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تكن مطيعا ً ول محبا ً لطريقته‪ ,‬ول تغبطه بما هو فيببه‪ ,‬كمببا‬
‫قال‪} :‬ولتمدن عينيك إلى ما مّتعنا به أزواجا ً منهببم زهببرة‬
‫الحيبباة الببدنيا لنفتنهببم فيببه ورزق ربببك خيببر وأبقببى{‪.‬‬

‫شببآءَ‬ ‫مببن َ‬ ‫من وَ َ‬ ‫شببآَء فَل ْي ُبؤْ ِ‬ ‫مببن َ‬ ‫م فَ َ‬ ‫مببن ّرب ّك ُب ْ‬ ‫حبقّ ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬‫** وَقُ ِ‬
‫حببا َ‬ ‫َ‬ ‫فَل ْي َك ُْفْر إ ِّنا أ َعْت َد َْنا ِلل ّ‬
‫سبَرادِقَُها وَِإن‬ ‫م ُ‬ ‫ط ب ِهِب ْ‬ ‫ن ن َببارا ً أ َ‬‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬
‫ب‬ ‫شببَرا ُ‬ ‫س ال ّ‬ ‫جوهَ ب ِئ ْ َ‬ ‫وي اْلو ُ‬ ‫ش ِ‬‫ل يَ ْ‬ ‫مه ْ ِ‬‫كال ْ ُ‬‫مآٍء َ‬‫ست َِغيُثوا ْ ي َُغاُثوا ْ ب ِ َ‬‫يَ ْ‬
‫مْرت ََفقبببببببببببببببببببببببببببببا ً‬ ‫ت ُ‬ ‫سبببببببببببببببببببببببببببببآَء ْ‬ ‫وَ َ‬
‫يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم‪ :‬وقببل‬
‫يا محمد للناس هذا الذي جئتكم بببه مببن ربكببم هببو الحببق‬
‫الذي ل مرية فيه ول شك }فمن شاء فليببؤمن ومببن شبباء‬
‫فليكفر{ هذا من باب التهديد والوعيد الشديد‪ ,‬ولهذا قببال‪:‬‬
‫}إنا أعتدنا{ أي أرصدنا }للظالمين{ وهم الكافرون بببالله‬
‫ورسوله وكتابه }نببارا ً أحبباط بهببم سببرادقها{ أي سببورها‪.‬‬
‫قبال المبام أحمبد‪ :‬حبدثنا حسبن ببن موسبى‪ ,‬حبدثنا اببن‬
‫لهيعة‪ ,‬حدثنا دراج عن أبي الهيثم‪ ,‬عن أبي سعيد الخببدري‪,‬‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪» :‬لسببرادق‬
‫النار أربعة جدر‪ ,‬كثافببة كببل جببدار مسببافة أربعيببن سببنة«‬
‫وأخرجه الترمذي في صفة النار‪ ,‬وابن جرير في تفسببيره‪,‬‬
‫مببببببببن حببببببببديث دراج أبببببببببي السببببببببمح بببببببببه‪.‬‬
‫وقال ابن جريج‪ :‬قال ابن عباس‪} :‬أحاط بهم سببرادقها{‬
‫قال‪ :‬حائط من نار‪ .‬قال ابببن جريببر‪ :‬حببدثني الحسببين بببن‬
‫نصر والعباس بن محمد قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم عن عبد الله‬
‫بن أمية‪ ,‬حدثني محمد بن حيي بن يعلى عببن صببفوان بببن‬
‫يعلى‪ ,‬عن يعلى بن أمية قال‪ :‬قال رسول الله صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪» :‬البحر هو جهنم« قال‪ :‬فقيل له كيف ذلببك ؟‬
‫ليببة }نببارا ً أحبباط بهببم‬ ‫ليببة‪ ,‬أو قببرأ هببذه ا َ‬ ‫فتل هببذه ا َ‬
‫سرادقها{ثم قال »والله ل أدخلها أبدا ً أو مببا دمببت حي با ً ل‬
‫تصيبني منهببا قطببرة« وقببوله }وإن يسببتغيثوا يغبباثوا بمبباء‬
‫ليببة‪ ,‬قببال ابببن عببباس‪ :‬المهببل‪:‬‬ ‫كالمهل يشوي الوجببوه{ ا َ‬
‫الماء الغليظ مثل دردي الزيت‪ ,‬وقببال مجاهببد‪ :‬هببو كالببدم‬

‫‪813‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والقيح‪ .‬وقال عكرمة‪ :‬هو الشيء الذي انتهى حببره‪ .‬وقببال‬
‫آخببرون‪ :‬هببو كببل شببيء أذيببب‪ .‬وقببال قتببادة‪ :‬أذاب ابببن‬
‫مسعود شيئا ً من الببذهب فببي أخببدود‪ ,‬فلمببا انمبباع وأزبببد‪,‬‬
‫قال‪ :‬هذا أشبه شيء بالمهل‪ .‬وقببال الضببحاك‪ :‬مبباء جهنببم‬
‫أسود وهي سوداء وأهلها سود‪ ,‬وهذه القوال ليببس شببيء‬
‫لخر‪ ,‬فإن المهل يجمع هببذه الوصبباف الرذيلببة‬ ‫منها ينفي ا َ‬
‫كلها‪ ,‬فهبو أسبود منتبن غليبظ حبار‪ ,‬ولهبذا قبال‪} :‬يشبوي‬
‫الوجوه{ أي مببن حببره‪ ,‬إذا أراد الكببافر أن يشببربه وقربببه‬
‫مبببن وجهبببه شبببواه حبببتى تسبببقط جلبببدة وجهبببه فيبببه‪.‬‬
‫كما جاء فببي الحببديث الببذي رواه المببام أحمببد بإسببناده‬
‫المتقدم في سببرادق النببار عببن أبببي سببعيد الخببدري عببن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪» :‬ماء كالمهل بب‬
‫قال ب كعكر الزيت فببإذا قربببه إليببه سببقطت فببروة وجهببه‬
‫فيه« وهكذا رواه الترمذي في صفة النار مببن جببامعه مببن‬
‫حديث رشدين بن سعد عن عمرو بببن الحببارث‪ ,‬عببن دراج‬
‫به‪ ,‬ثم قال‪ :‬ل نعرفه إل من حديث رشدين‪ ,‬وقد تكلم فيببه‬
‫من قبل حفظه هكببذا‪ ,‬قببال‪ :‬وقببد رواه المببام أحمببد كمببا‬
‫تقدم عن حسن الشيب‪ ,‬عن ابن لهيعة‪ ,‬عببن دراج‪ ,‬واللببه‬
‫أعلبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫وقال عبد الله بن المبارك وبقية بن الوليد‪ :‬عببن صببفوان‬
‫بن عمرو‪ ,‬عن عبد الله بن بسر‪ ,‬عن أبي أمامة‪ ,‬عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم في قوله‪} :‬ويسقى من مبباء صببديد‬
‫يتجرعببه{‪ ,‬قببال‪» :‬يقببرب إليببه فيتكرهببه‪ ,‬فببإذا قببرب منببه‬
‫شوى وجهه ووقعت فروة رأسه‪ ,‬فإذا شربه قطع أمعبباءه‪,‬‬
‫يقببول اللببه تعببالى‪} :‬وإن يسببتغيثوا يغبباثوا بمبباء كالمهببل‬
‫يشوي الوجوه بئس الشراب{‪ .‬وقال سببعيد بببن جبببير‪ :‬إذا‬
‫جاع أهل النار استغاثوا‪ ,‬فأغيثوا بشببجرة الزقببوم فيببأكلون‬
‫منها‪ ,‬فاجتثت جلود وجوههم‪ ,‬فلو أن مارا ً مر بهم يعرفهم‪,‬‬
‫لعببرف جلببود وجببوههم فيهببا‪ ,‬ثببم يصببب عليهببم العطببش‬
‫فيستغيثون‪ ,‬فيغاثون بمبباء كالمهببل وهببو الببذي قببد انتهببى‬
‫حبره‪ ,‬فبإذا أدنبوه مبن أفبواههم اشبتوى مبن حبره لحبوم‬
‫وجوههم التي قد سقطت عنها الجلود‪ ,‬ولهببذا قببال تعببالى‬

‫‪814‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بعد وصفه هذا الشببراب بهببذه الصببفات الذميمببة القبيحببة‬
‫لية‬‫}بئس الشراب{ أي بئس هذا الشراب‪ ,‬كما قال في ا َ‬
‫الخرى }وسقوا ماء حميما ً فقطع أمعاءهم{ وقال تعببالى‪:‬‬
‫}وتسقى من عين آنية{ أي حارة‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬وبيببن‬
‫حميببم آن{ }وسبباءت مرتفق بًا{ أي وسبباءت النببار منببزل ً‬
‫ومقيل ً ومجتمع با ً وموضببعا ً للرتفبباق‪ ,‬كمببا قببال فببي ا َ‬
‫ليببة‬
‫لخببببببرى }إنهببببببا سبببببباءت مسببببببتقرا ً ومقامببببببًا{‪.‬‬‫ا َ‬

‫َ‬
‫ن‬ ‫مب ْ‬ ‫جبَر َ‬ ‫ضببيعُ أ ْ‬ ‫ت إ ِّنا ل َ ن ُ ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫مُلوا ْ ال ّ‬ ‫مُنوا ْ وَعَ ِ‬ ‫نآ َ‬‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬‫** إ ِ ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫حت ِهِب ُ‬‫مببن ت َ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫جب ِ‬‫ن تَ ْ‬‫ت عَبد ْ ٍ‬ ‫جّنا ُ‬ ‫م َ‬ ‫ك ل َهُ ْ‬ ‫مل ً * أوَْلـئ ِ َ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫س َ‬‫ح َ‬ ‫أ ْ‬
‫ن ث َِياب با ً‬ ‫النهار يحل ّون فيها م ب َ‬
‫سببو َ‬ ‫ب وَي َل ْب َ ُ‬ ‫مببن ذ َهَ ب ٍ‬ ‫سبباوَِر ِ‬ ‫نأ َ‬ ‫َْ ُ ُ َ ْ َ ِ َ ِ ْ‬
‫م‬ ‫ك ن ِعْ َ‬‫ن ِفيَها عََلى الَرآئ ِ ِ‬ ‫مت ّك ِِئي َ‬
‫ق ّ‬ ‫ست َب َْر ٍ‬
‫س وَإ ِ ْ‬ ‫سن ْد ُ ٍ‬‫من ُ‬ ‫ضرا ً ّ‬ ‫خ ْ‬‫ُ‬
‫مْرت ََفقببببببببببببببببا ً‬ ‫ت ُ‬ ‫سببببببببببببببببن َ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫ب وَ َ‬ ‫وا ُ‬‫الث ّبببببببببببببببب َ‬
‫لما ذكر تعالى حال الشقياء‪ ,‬ثنى بببذكر السببعداء الببذين‬
‫آمنوا بالله وصدقوا المرسلين فيما جاؤوا ببه‪ ,‬وعملبوا بمبا‬
‫أمروهببم بببه مببن العمببال الصببالحة‪ ,‬فلهببم جنببات عببدن‪,‬‬
‫والعدن‪ :‬القامة‪} ,‬تجري من تحتهم النهار{ أي من تحببت‬
‫غرفهم ومنازلهم‪ ,‬قال فرعون }وهببذه النهببار تجببري مببن‬
‫لية‪} ,‬ويحلون{ أي مببن الحليببة }فيهببامن أسبباور‬ ‫تحتي{ ا َ‬
‫لخر }ولؤلؤا ً ولباسببهم فيهببا‬ ‫من ذهب{ وقال في المكان ا َ‬
‫حرير{ وفصببله ههنببا‪ ,‬فقببال }ويلبسببون ثياب با ً خضببرا ً مببن‬
‫سندس وإستبرق{ فالسندس ثياب رفاع رقاق كالقمصان‬
‫وما جببرى مجراهببا‪ .‬وأمببا السببتبرق فغليببظ الببديباج وفيببه‬
‫بريبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببق‪.‬‬
‫وقبببوله‪} :‬متكئيبببن فيهبببا علبببى الرائك{ التكببباء قيبببل‬
‫الضطجاع‪ ,‬وقيل التربع في الجلببوس وهببو أشبببه بببالمراد‬
‫ههنا‪ ,‬ومنه الحديث الصحيح »أما أنببا فل آكببل متكئًا«‪ ,‬فيببه‬
‫القولن‪ :‬والرائك جمع أريكة‪ ,‬وهي السرير تحت الحجلببة‪,‬‬
‫والحجلة كما يعرفببه النبباس فببي زماننببا هببذا بالباشببخاناة‪,‬‬
‫والله أعلببم‪ .‬قببال عبببد الببرزاق‪ :‬أخبرنببا معمببر عببن قتببادة‬

‫‪815‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}على الرائك{ قال‪ :‬هي الحجال‪ ,‬قال معمر وقال غيببره‪:‬‬
‫السببببببببببببببببببرر فببببببببببببببببببي الحجببببببببببببببببببال‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬نعم الثواب وحسنتت مرتفقًا{ أي نعمت الجنببة‬
‫ثوابا ً علببى أعمببالهم وحسببنت مرتفق بًا‪ ,‬أي حسببنت منببزل ً‬
‫ومقيل ً ومقامًا‪ ,‬كما قال في النار }بئس الشراب وسبباءت‬
‫مرتفقًا{ وهكذا قابل بينهما في سورة الفرقان في قببوله‪:‬‬
‫}إنها ساءت مستقرا ً ومقامًا{‪ ,‬ثم ذكر صببفات المببؤمنين‪,‬‬
‫فقال }أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحيببة‬
‫وسبببلما ً خالبببدين فيهبببا حسبببنت مسبببتقرا ً ومقامبببًا{‪.‬‬

‫ن‬ ‫مب ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫جن ّت َي ْب ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ح بدِهِ َ‬ ‫جعَل ْن َببا ل َ‬ ‫ن َ‬ ‫جلي ْب ِ‬


‫مث َل ً ّر ُ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ب له ُ ب ْ‬ ‫ض برِ ْ‬ ‫** َوا ْ‬
‫ن‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬‫ج‬ ‫ما َزْرعا ً * ك ِل َْتا ال ْ‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫نا‬ ‫جعَل ْ‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ما‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫نا‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫نا‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫أَ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫مببا ن َهَببرا ً *‬ ‫ُ‬
‫خلل َهُ َ‬ ‫جْرن َببا ِ‬ ‫شبْيئا ً وَفَ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْب ُ‬ ‫م ت َظ ْل ِبم ِ ّ‬ ‫ت أك ُل َهَببا وَل َب ْ‬ ‫آت َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مببال ً‬ ‫ك َ‬ ‫من ب َ‬ ‫حاوُِرهُ أَنا أك ْث َُر ِ‬ ‫حب ِهِ وَهُوَ ي ُ َ‬ ‫صا ِ‬ ‫ل لَ َ‬ ‫مٌر فََقا َ‬ ‫ه ثَ َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬ ‫وَأ َعَّز ن ََفرا ً * وَد َ َ‬
‫ن‬‫مببآ أظ ُب ّ‬ ‫ل َ‬ ‫سهِ قَببا َ‬ ‫م ل ّن َْف ِ‬‫ظال ِ ٌ‬ ‫ه وَهُوَ َ‬ ‫جن ّت َ ُ‬‫ل َ‬ ‫خ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َأن ت َِبيد َ َ‬
‫ت‬ ‫ة وَل َِئن ّرِدد ّ‬ ‫مب ً‬ ‫ة َقائ ِ َ‬ ‫سبباعَ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مآ أظ ُب ّ‬ ‫هـذِهِ أَبدا ً * وَ َ‬
‫من َْقَلبببببببا ً‬ ‫من َْهببببببا ُ‬ ‫خْيببببببرا ً ّ‬ ‫ن َ‬ ‫جببببببد َ ّ‬ ‫ى َرّبببببببي ل ِ‬ ‫َ‬
‫إ ِلبببببب َ‬
‫يقببول تعببالى بعببد ذكببره المشببركين المسببتكبرين عببن‬
‫مجالسة الضببعفاء والمسبباكين مببن المسببلمين‪ ,‬وافتخببروا‬
‫عليهم بأموالهم وأحسابهم‪ ,‬فضرب لهم مثل ً برجلين جعببل‬
‫الله لحدهما جنتين‪ ,‬أي بستانتين مببن أعنبباب‪ ,‬محفوفببتين‬
‫بالنخيل‪ ,‬المحدقة في جنباتهما وفي خللهما الزورع‪ ,‬وكببل‬
‫من الشجار والزروع مثمر مقبل في غاية الجببودة‪ ,‬ولهببذا‬
‫قال‪} :‬كلتا الجنتين آتت أكلها{ أي أخرجببت ثمرهببا‪} ,‬ولببم‬
‫تظلببم منببه شببيئًا{ أي ولببم تنقببص منببه شببيئًا‪} ,‬وفجرنببا‬
‫خللهمببا نهببرًا{ أي والنهببار متفرقببة فيهمببا ههنببا وههنببا‪,‬‬
‫}وكان لببه ثمببر{ قيببل‪ :‬المببراد بببه المببال‪ ,‬روي عببن ابببن‬
‫عببباس ومجاهببد وقتببادة‪ .‬وقيببل‪ :‬الثمببار‪ ,‬وهببو أظهببر ههنببا‬
‫ويؤيببده القببراءة الخببرى }وكببان لببه ثمببر{ بضببم الثبباء‬
‫وتسكين الميم‪ ,‬فيكون جمع ثمرة كخشبببة وخشببب‪ .‬وقببرأ‬
‫آخرون ثمببر بفتببح الثبباء والميببم‪ ,‬فقببال أي صبباحب هبباتين‬

‫‪816‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الجنتين لصاحبه وهو يحاوره‪ ,‬أي يجادله‪ ,‬ويخاصببمه يفتخببر‬
‫عليه ويترأس }أنا أكثر منك مال ً وأعز نفرًا{ أي أكثر خدما ً‬
‫وحشما ً وولدًا‪ ,‬قال قتادة‪ :‬تلك واللببه أمنيببة الفبباجر‪ ,‬كببثرة‬
‫المببببببببببببببببببال وعببببببببببببببببببزة النفببببببببببببببببببر‪.‬‬
‫وقببوله‪} :‬ودخببل جنتببه وهببو ظببالم لنفسببه{ أي بكفببره‬
‫وتمرده وتكبره وتجبره وإنكببار المعبباد }قببال مببا أظببن أن‬
‫تبيد هذه أبدًا{ وذلك اغترارا ً منه لما رأى فيها من الببزروع‬
‫والثمار والشجار‪ ,‬والنهار المطردة في جوانبها وأرجائهببا‪,‬‬
‫ظن أنها ل تفنى ول تفببرغ ول تهلببك ول تتلببف‪ ,‬ذلببك لقلببة‬
‫عقله‪ ,‬وضعف يقينه بالله‪ ,‬وإعجابه بالحيبباة الببدنيا وزينتهببا‪,‬‬
‫لخرة‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬وما أظن الساعة قائمببة{ أي‬ ‫وكفره با َ‬
‫كائنة }ولئن رددت إلى ربي لجدن خيرا ً منهببا منقلب بًا{ أي‬
‫ولئن كان معاد ورجعة ومبرد إلببى اللبه ليكبونن لبي هنباك‬
‫أحسن من هذا الحبظ عنبد رببي‪ ,‬ولبول كرامبتي عليبه مبا‬
‫لية الخرى }ولئن رجعت إلببى‬ ‫أعطاني هذا‪ ,‬كما قال في ا َ‬
‫ربي إن لي عنببده للحسببنى{ وقببال }أفرأيببت الببذي كفببر‬
‫لخببرة تببألى‬ ‫بآياتنا وقال لوتين مال ً وولدًا{ أي في الببدار ا َ‬
‫على الله عز وجببل‪ .‬وكببان سبببب نزولهببا فببي العبباص بببن‬
‫وائل‪ ,‬كما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله‪ ,‬وبه الثقببة‬
‫وعليببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببه التكلن‪.‬‬

‫خل ََق ب َ‬ ‫َ‬


‫مببن‬ ‫ك ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ت ِبال ّب ِ‬ ‫حاوُِرهُ أك ََف بْر َ‬ ‫ه وَهُوَ ي ُ َ‬ ‫حب ُ ُ‬
‫صا ِ‬ ‫ه َ‬‫ل لَ ُ‬‫** َقا َ‬
‫ه َرّبي وَل َ‬ ‫ن هُوَ الل ّ ُ‬ ‫جل ً * ل ّك ِ ّ‬ ‫ك َر ُ‬ ‫وا َ‬ ‫س ّ‬‫م َ‬ ‫من ن ّط َْفةٍ ث ُ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ب ثُ ّ‬‫ت َُرا ٍ‬
‫َ‬ ‫أُ ْ‬
‫شببآَء‬ ‫مببا َ‬‫ت َ‬ ‫ك قُل ْب َ‬ ‫جن ّت َب َ‬‫ت َ‬ ‫خل ْب َ‬ ‫ول إ ِذ ْ د َ َ‬ ‫حدا ً * وَل َ ْ‬ ‫ك ب َِرّبي أ َ‬ ‫شرِ ُ‬
‫مببال ً وَوَل َببدا ً *‬ ‫ك َ‬ ‫منب َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ن أ َن َبا ْ أ َقَب ّ‬ ‫ه ل َ قُبوّةَ إ ِل ّ ب ِببالل ّهِ ِإن ت َبَر ِ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫سَبانا ً‬ ‫َ‬
‫ح ْ‬‫ل عَل َي َْها ُ‬ ‫س َ‬ ‫ك وَي ُْر ِ‬ ‫جن ّت ِ َ‬ ‫من َ‬ ‫خْيرا ً ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫ى َرّبي أن ي ُؤْت ِي َ‬ ‫س َ‬ ‫فع َ‬
‫ورا ً‬ ‫َ‬
‫مآؤُهَببا غَب ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ص بب ِ َ‬‫ص بِعيدا ً َزَلق با ً * أوْ ي ُ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫صب ِ َ‬‫مآِء فَت ُ ْ‬ ‫س َ‬‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫ه ط ََلببببببببببببببا ً‬ ‫طيعَ لببببببببببببب ُ‬ ‫َ‬ ‫سبببببببببببببت َ ِ‬ ‫فَلبببببببببببببن ت َ ْ‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عما أجابه به صاحبه المؤمن‪ ,‬واعظببا ً‬
‫له وزاجرا ً عما هو فيه من الكفر بالله والغببترار }أكفببرت‬
‫لية‪ ,‬وهذا إنكار وتعظيم لما وقببع‬ ‫بالذي خلقك من تراب{ ا َ‬

‫‪817‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فيه من جحود ربه الذي خلقببه‪ ,‬وابتببدأ خلببق النسببان مببن‬
‫طين وهو آدم‪ ,‬ثم جعل نسله من سببللة مببن مبباء مهيببن‪,‬‬
‫كمببا قببال تعببالى‪} :‬كيببف تكفببرون بببالله وكنتببم أمواتببا ً‬
‫ليببة‪ ,‬أي كيببف تجحببدون ربكببم ودللتببه عليكببم‬ ‫فأحياكم{ ا َ‬
‫ظاهرة جلية‪ ,‬كل أحد يعلمها من نفسه‪ ,‬فإنه مببا مببن أحببد‬
‫من المخلوقات إل ويعلم أنه كان معدومًا‪ ,‬ثم وجببد وليببس‬
‫وجوده من نفسه ول مستندا ً إلى شببيء مببن المخلوقببات‪,‬‬
‫لنه بمثابته‪ ,‬فعلم إسناد إيجاده إلى خالقه‪ ,‬وهو الله ل إلببه‬
‫إل هو خالق كل شيء‪ ,‬ولهذا قال المؤمن }لكنببا هببو اللببه‬
‫ربببي{ أي لكببن أنببا ل أقببول بمقالتببك بببل أعببترف للببه‬
‫بالوحدانية والربوبية‪} ,‬ول أشرك بربي أحببدًا{ أي بببل هببو‬
‫اللببببببببه المعبببببببببود وحببببببببده ل شببببببببريك لببببببببه‪.‬‬
‫ثم قال‪} :‬ولول إذ دخلت جنتك مببا شبباء اللببه‪ ,‬ل قببوة إل‬
‫بالله إن ترن أنا أقل منك مال ً وولدًا{ هذا تحضببيض وحببث‬
‫على ذلك‪ ,‬أي هل إذ أعجبتبك حيبن دخلتهبا ونظبرت إليهبا‪,‬‬
‫حمدت الله ما أنعم به عليك وأعطاك من المال والولد مببا‬
‫لم يعطه غيرك‪ ,‬وقلت ما شاء الله ل قوة إل بببالله‪ ,‬ولهببذا‬
‫قال بعض السلف‪ :‬من أعجبه شيء مببن حبباله أو مبباله أو‬
‫ولده‪ ,‬فليقل‪ :‬ما شاء الله ل قوة إل بالله‪ ,‬وهذا مأخوذ من‬
‫لية الكريمة‪ .‬وقد روي فيببه حببديث مرفببوع‪ ,‬أخرجببه‬ ‫هذه ا َ‬
‫الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسببنده‪ :‬حببدثنا جببراح بببن‬
‫مخلد‪ ,‬حدثنا عمر بن يونس‪ ,‬حدثنا عيسى بن عون‪ ,‬حببدثنا‬
‫عبد الملك بن زرارة عن أنس رضي اللببه عنببه قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ما أنعم الله على عبد‬
‫نعمة من أهل أو مال أو ولد‪ ,‬فيقول ما شاء الله ل قوة إل‬
‫ليبة‬ ‫بالله‪ ,‬فيرى فيه آفة دون الموت« وكببان يتببأول هبذه ا َ‬
‫}ولول إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله ل قببوة إل بببالله{‬
‫قال الحافظ أبو الفتح الزدي‪ :‬عيسى بببن عببون عببن عبببد‬
‫الملببببك ببببببن زرارة عبببببن أنببببس ل يصببببح حببببديثه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا محمد بببن جعفببر‪ ,‬حببدثنا شببعبة‬
‫وحجاج‪ ,‬حدثني شعبة عن عاصم بن عبيببد اللببه عببن عبيببد‬
‫مولى أبي رهم‪ ,‬عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليببه‬

‫‪818‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسلم أنه قال‪» :‬أل أدلك علببى كنببز مببن كنببوز الجنببة ؟ ل‬
‫قوة إل بالله« تفرد به أحمد‪ .‬وقببد ثبببت فببي الصببحيح عبن‬
‫أبي موسى أن رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪:‬‬
‫»أل أدلك على كنز من كنببوز الجنببة ؟ ل حببول ول قببوة إل‬
‫بالله« وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا بكر بن عيسى‪ ,‬حببدثنا أبببو‬
‫عوانة عن أبي بلج عن عمببرو بببن ميمببون قببال‪ :‬قببال أبببو‬
‫هريرة‪ :‬قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬يا أبببا‬
‫هريرة أل أدلك على كنز من كنوز الجنة تحببت العببرش ؟«‬
‫قال‪ :‬قلت نعم فداك أبي وأمي‪ .‬قال‪» :‬أن تقول ل قوة إل‬
‫بالله« قال أبو بلج‪ :‬وأحسب أنه قال فإن الله يقول أسببلم‬
‫عبدي واستسلم« قال فقلت لعمببرو‪ :‬قببال أبببو بلببج‪ :‬قببال‬
‫عمرو‪ :‬قلت لبي هريرة ل حول ول قوة إل بالله‪ ,‬فقال‪ :‬ل‬
‫إنها في سورة الكهف }ولول إذ دخلت جنتك قلت ما شبباء‬
‫اللبببببببببببببببببه ل قبببببببببببببببببوة إل ببببببببببببببببببالله{‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬فعسى ربي أن يؤتين خيرا ً من جنتببك{ أي فببي‬
‫لخرة }ويرسل عليهببا{ أي علببى جنتببك فببي الببدنيا‬ ‫الدار ا َ‬
‫التي ظننت أنها ل تبيببد ول تفنببى }حسبببانا ً مببن السببماء{‬
‫قال ابن عباس والضحاك وقتادة ومالك عببن الزهببري‪ :‬أي‬
‫عذابا ً من السماء‪ ,‬والظاهر أنبه مطبر عظيبم مزعبج يقلبع‬
‫زرعها وأشجارها‪ ,‬ولهبذا قبال‪} :‬فتصببح صبعيدا ً زلقبًا{ أي‬
‫بلقبا ً تراببا ً أملببس ل يثبببت فيببه قببدم‪ ,‬وقببال ابببن عببباس‪:‬‬
‫كالجرز الذي ل ينبت شيئا ً وقوله‪} :‬أو يصبح ماؤهببا غببورًا{‬
‫أي غائرا ً فببي الرض‪ ,‬وهببو ضببد النببابع الببذي يطلببب وجببه‬
‫الرض‪ ,‬فالغببائر يطلببب أسببفلها‪ ,‬كمببا قببال تعببالى‪} :‬قببل‬
‫أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا ً فمن يتأتيكم بمبباء معيببن{ أي‬
‫جببار وسببائح‪ ,‬وقببال ههنببا‪} :‬أو يصبببح ماؤهببا غببورا ً فلببن‬
‫تستطيع له طلبًا{ والغببور مصببدر بمعنببى غببائر‪ ,‬وهببو أبلببغ‬
‫منبببببببببببببه‪ ,‬كمبببببببببببببا قبببببببببببببال الشببببببببببببباعر‪:‬‬
‫تظببببل جيبببباده نوحببببا ً عليهتقلببببده أعنتهببببا صببببفوفا ً‬
‫بمعنبببببببببببببببببى نائحبببببببببببببببببات عليبببببببببببببببببه‪.‬‬

‫‪819‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مببآ أ َن َْفبقَ ِفيهَببا‬ ‫َ‬
‫ب ك َّفي ْبهِ عَل َببى َ‬ ‫ح ي َُقل ّب ُ‬ ‫صب َ َ‬ ‫مرِهِ فَأ ْ‬ ‫ط ب ِث َ َ‬ ‫حي َ‬ ‫** وَأ ُ ِ‬
‫ك ب َِرب ّببي‬‫شبرِ ْ‬ ‫م أُ ْ‬ ‫ل ي َل َي ْت َن ِببي ل َب ْ‬‫شَها وَي َُقو ُ‬ ‫ى عُُرو ِ‬ ‫خاوِي َ ٌ َ‬
‫ة عَل َ‬ ‫ي َ‬ ‫وَهِ َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫مببا ك َببا َ‬‫ن الل ّبهِ وَ َ‬ ‫دو ِ‬ ‫مببن ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫صُرون َ ُ‬ ‫ة َين ُ‬ ‫ه فِئ َ ٌ‬ ‫كن ل ّ ُ‬ ‫م تَ ُ‬ ‫حدا ً * وَل َ ْ‬ ‫أ َ‬
‫خي ٌْر عُْقبا ً‬
‫وابا ً وَ َ‬
‫خي ٌْر ث َ َ‬‫حقّ هُوَ َ‬ ‫ة ل ِل ّهِ ال ْ َ‬
‫ك ال ْوَل َي َ ُ‬ ‫صرا ً * هَُنال ِ َ‬ ‫من ْت َ ِ‬‫ُ‬
‫يقول تعالى‪} :‬وأحيببط بثمببره{ بببأمواله أو بثمبباره علببى‬
‫لخر‪ ,‬والمقصود أنه وقع بهذا الكافر ما كببان يحببذر‬ ‫القول ا َ‬
‫مما خوفه به المؤمن من إرسال الحسبان على جنته التي‬
‫اغتر بها وأ َل َْهته عن الله عز وجل }فأصبح يقلب كفيه على‬
‫ما أنفق فيها{ وقال قتببادة‪ :‬يصببفق كفيببه متأسببفا ً متلهفبا ً‬
‫على الموال التي أذهبها عليها }ويقول يا ليتني لم أشرك‬
‫بربي أحدا ً * ولببم تكببن لببه فئة{ أي عشببيرة أو ولببد‪ ,‬كمببا‬
‫افتخببر بهببم واسببتعز }ينصببرونه مببن دون اللببه ومببا كببان‬
‫منتصرا ً * هنالك الوليببة للببه الحببق{ اختلببف القببراء ههنببا‬
‫فمنهم من يقف على قوله‪} :‬وما كان منتصرا ً هنالببك{ أي‬
‫في ذلك الموطن الذي حبل ببه عبذاب اللبه‪ ,‬فل منقبذ لبه‬
‫منه‪ ,‬ويبتدىء بقوله‪} :‬الولية لله الحق{ ومنهم مببن يقببف‬
‫على }وما كان منتصرًا{ يبتدىء بقوله‪} :‬هنالك الولية لله‬
‫الحق{ ثم اختلفوا في قراءة الولية‪ ,‬فمنهم من فتح الواو‬
‫من الولية‪ ,‬فيكون المعنى هنالك المببوالة للبه‪ ,‬أي هنالبك‬
‫كببل أحببد مببؤمن أو كببافر يرجببع إلببى اللببه وإلببى مببوالته‬
‫والخضوع لببه إذا وقببع العببذاب‪ ,‬كقببوله‪} :‬فلمببا رأوا بأسببنا‬
‫قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين{ وكقببوله‬
‫إخبارا ً عن فرعون‪} :‬حتى إذا أدركه الغرق قال آمنببت أنببه‬
‫ل إله إل الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا مببن المسببلمين *‬
‫لن وقد عصيت قبل وكنت من المفسببدين{ ومنهببم مببن‬ ‫آ َ‬
‫كسر الواو من الوليببة‪ ,‬أي هنالببك الحكببم للببه الحببق‪ ,‬ثببم‬
‫منهم من رفع الحق على أنه نعت للوليببة‪ ,‬كقببوله تعببالى‪:‬‬
‫}الملك يومئذ الحق للرحمببن وكببان يومبا ً علببى الكببافرين‬
‫عسيرًا{ ومنهم من خفض القاف علببى أنببه نعببت للببه عببز‬
‫لية‪ ,‬ولهذا‬ ‫وجل‪ ,‬كقوله }ثم ردوا إلى الله مولهم الحق{ ا َ‬
‫قال تعالى‪} :‬هو خيببر ثواب بًا{ أي جببزاء }وخيببر عقب بًا{ أي‬

‫‪820‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العمال البتي تكبون للبه عبز وجبل‪ ,‬ثوابهبا خيبر وعاقبتهبا‬
‫حميببببببببببببدة رشببببببببببببيدة كلهببببببببببببا خيببببببببببببر‪.‬‬

‫َ‬
‫ماءِ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫مآٍء أن َْزل َْناهُ ِ‬ ‫حَياةِ الد ّن َْيا ك َ َ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ب ل َُهم ّ‬
‫مث َ َ‬ ‫ضرِ ْ‬ ‫** َوا ْ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫كببا َ‬ ‫ح وَ َ‬ ‫شيما ً ت َذ ُْروهُ الّريا ُ‬ ‫ح هَ ِ‬ ‫صب َ َ‬‫ض فَأ ْ‬ ‫ت الْر ِ‬ ‫ط ب ِهِ ن ََبا ُ‬‫خت َل َ َ‬‫َفا ْ‬
‫ة‬
‫حي َببا ِ‬ ‫ة ال ْ َ‬‫ن ِزين َب ُ‬ ‫ل َوال ْب َن ُببو َ‬ ‫ما ُ‬‫درا ً * ال ْ َ‬ ‫مْقت َ ِ‬ ‫يٍء ّ‬ ‫ل َ‬
‫ش ْ‬ ‫ى كُ ّ‬ ‫َ‬
‫ه عَل َ‬‫الل ّ ُ‬
‫َ‬ ‫واب با ً وَ َ‬
‫مل ً‬ ‫خي ْبٌر أ َ‬ ‫ك ثَ َ‬ ‫عند َ َرب ّب َ‬ ‫خي ٌْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫حا ُ‬ ‫صال ِ َ‬‫ت ال ّ‬ ‫الد ّن َْيا َوال َْباقَِيا ُ‬
‫يقول تعالى‪} :‬واضرب{ يا محمببد للنبباس }مثببل الحيبباة‬
‫الدنيا{ في زوالهببا وفنائهببا وانقضببائها }كمبباء أنزلنبباه مببن‬
‫السماء فاختلط به نبات الرض{ أي مببا فيهببا مببن الحببب‪,‬‬
‫فشب وحسن‪ ,‬وعله الزهر والنور والنضرة‪ ,‬ثببم بعببد هببذا‬
‫كلببه }أصبببح هشببيمًا{ يابسبا ً }تببذروه الريبباح{ أي تفرقببه‬
‫وتطرحه ذات اليمين وذات الشمال‪} ,‬وكان الله على كببل‬
‫شيء مقتددرًا{ أي هو قادر على هذه الحال وهذه الحببال‪,‬‬
‫وكثيرا ً ما يضرب الله مثل الحيبباة الببدنيا بهببذا المثببل‪ ,‬كمبا‬
‫قال تعالى في سورة يونس }إنما مثل الحياة الببدنيا كمبباء‬
‫أنزلنبباه مببن السببماء فبباختلط بببه نبببات الرض ممببا يأكببل‬
‫لية‪ ,‬وقال في الزمر‪} :‬ألببم تببر أن اللببه‬ ‫الناس والنعام{ ا َ‬
‫أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الرض ثم يخرج به‬
‫ليببة‪ ,‬وقببال فببي سببورة الحديببد‬ ‫رزعببا ً مختلفببا ً ألببوانه{ ا َ‬
‫}اعلموا أنما الحياة الدنيا لعببب ولهووزينببة وتفبباخر بينكببم‬
‫وتكبباثر فببي المببوال والولد كمثببل غيببث أعجببب الكفببار‬
‫لية‪ ,‬وفي الحديث الصحيح »الببدنيا خضببرة حلببوة«‬ ‫نباته{ ا َ‬
‫وقوله }المال والبنون زينة الحيبباة الببدنيا{ كقببوله‪} :‬زيببن‬
‫للنبباس حببب الشببهوات مببن النسبباء والبنيببن والقنبباطير‬
‫لية‪ ,‬وقال تعالى‪} :‬إنمببا أمببوالكم‬ ‫المقنطرة من الذهب{ ا َ‬
‫وأولدكم فتنة والله عنببده أجببر عظيببم{ أي القبببال عليببه‬
‫والتفرغ لعبادته خير لكم من اشتغالكم بهم‪ ,‬والجمع لهببم‪,‬‬
‫والشببفقة المفرطببة عليهببم‪ ,‬ولهببذا قببال‪} :‬والباقيببات‬
‫ل{‪.‬‬ ‫الصببببالحات خيببببر عنببببد ربببببك ثوابببببا ً وخيببببر أم ً‬

‫‪821‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال ابن عباس وسعيد بن جبير وغير واحد مببن السببلف‪:‬‬
‫الباقيات الصالحات الصلوات الخمس‪ .‬وقال عطاء بن أبي‬
‫رباح وسعيد بن جبير عن ابن عباس‪ :‬الباقيببات الصببالحات‬
‫سبببحان اللببه‪ ,‬والحمببد للببه‪ ,‬ول إلببه إل اللببه‪ ,‬واللببه أكبببر‪,‬‬
‫وهكذا سئل أمير المؤمنين عثمان بن عفان عببن الباقيببات‬
‫الصالحات ما هببي ؟ فقببال‪ :‬هببي ل إلببه إل اللببه‪ ,‬وسبببحان‬
‫الله‪ ,‬والحمببد للببه‪ ,‬واللببه أكبببر‪,‬ول حببول ول قببوة إل بببالله‬
‫العلي العظيم‪ ,‬رواه المام أحمد‪ ,‬حدثنا أبببو عبببد الرحمببن‬
‫المقري‪ ,‬حدثنا حيوة‪ ,‬حدثنا أبببو عقيببل أنببه سببمع الحببارث‬
‫مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول‪ :‬جلس عثمان‬
‫يوما ً وجلسنا معه‪ ,‬فجاءه المؤذن‪ ,‬فدعا بماء في إناء أظنه‬
‫سيكون فيه مد‪ ,‬فتوضأ ثم قال‪ :‬رأيببت رسببول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم يتوضأ وضوئي هذا‪ ,‬ثم قببال‪» :‬مببن توضببأ‬
‫وضوئي هذا‪ ,‬ثم قام فصلى صلة الظهر غفببر لببه مببا كببان‬
‫بينها وبين الصبح‪ :‬ثم صلى العصر غفببر لببه مببا بينهببا وبيببن‬
‫الظهر‪ ,‬ثم صلى المغرب غفر له ما بينها وبين العصر‪ ,‬ثببم‬
‫صلى العشاء غفر له ما بينها وبين المغرب‪ ,‬ثم لعله يبببيت‬
‫يتمرغ ليلته‪ ,‬ثم إن قام فتوضأ وصلى صلة الصبح غفر لببه‬
‫مببا بينهببا وبيببن صببلة العشبباء‪ ,‬وهببي الحسببنات يببذهبن‬
‫السيئات« قالوا هذه الحسنات‪ ,‬فما الباقيات الصالحات يببا‬
‫عثمان ؟ قال ل إلببه إل اللببه‪ ,‬وسبببحان اللببه‪ ,‬والحمببد للببه‬
‫والله أكبر‪ ,‬ول حول ول قوة إل بالله العلي العظيببم‪ ,‬تفببرد‬
‫ببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫وروى مالك عن عمارة بن عبد الله بن صببياد عببن سببعيد‬
‫بن المسيب قال‪ :‬الباقيات الصالحات‪ :‬سبحان الله والحمد‬
‫لله‪,‬ول إله إل الله‪ ,‬والله أكبر‪ ,‬ول حببول ول قببوة إل بببالله‪,‬‬
‫وقال محمد بن عجلن عن عمارة قال‪ :‬سألني سببعيد بببن‬
‫المسيب عن الباقيات الصالحات‪ ,‬فقلت‪ :‬الصلة والصببيام‪,‬‬
‫فقال لم تصب‪ ,‬فقلببت الزكبباة والحببج‪ ,‬فقببال‪ :‬لببم تصببب‪,‬‬
‫ولكنهببن الكلمببات الخمببس‪ :‬ل إلببه إل اللببه‪ ,‬واللببه أكبببر‪,‬‬
‫وسبحان الله‪ ,‬والحمد لله‪,‬ول حول ول قوة إل بالله‪ .‬وقببال‬
‫ابن جريج‪ :‬أخبرني عبد الله بن عثمان بن خيثببم عببن نببافع‬

‫‪822‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن سرجس أنه أخبره أنببه سببأل ابببن عمببر عببن الباقيببات‬
‫الصالحات‪ .‬قال‪ :‬ل إله إل الله‪ ,‬والله أكبر‪ ,‬وسبببحان اللببه‪,‬‬
‫ول حول ول قوة إل بالله‪ ,‬قال ابن جريج وقببال عطبباء بببن‬
‫أبببببببببببببببي رببببببببببببببباح مثببببببببببببببل ذلببببببببببببببك‪.‬‬
‫وقال مجاهد‪ :‬الباقيات الصالحات‪ :‬سبحان اللببه‪ ,‬والحمببد‬
‫لله‪ ,‬ول إله إل الله‪ ,‬والله أكبر‪ ,‬وقببال عبببد الببرزاق أخبرنببا‬
‫معمبببر عبببن الحسبببن وقتبببادة فبببي قبببوله‪} :‬والباقيبببات‬
‫الصالحات{ قال‪ :‬ل إله إل الله‪ ,‬واللببه أكبببر‪ ,‬والحمببد للببه‪,‬‬
‫وسبحان الله‪ ,‬هببن الباقيببات الصببالحات‪ ,‬قببال ابببن جريببر‪:‬‬
‫وجدت في كتابي عن الحسن بن الصباح البببزار‪ ,‬عبن أبببي‬
‫نصر التمار عببن عبببد العزيببز بببن مسببلم‪ ,‬عببن محمببد بببن‬
‫عجلن سعيد المقبري عن أبيه‪ ,‬عن أبي هريرة قال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬سبحان اللببه‪ ,‬والحمببد‬
‫لله‪ ,‬ول إله إل الله‪ ,‬والله أكبر‪ ,‬هببن الباقيببات الصببالحات«‬
‫قال‪ :‬وحدثني يبونس أخبرنبا اببن وهبب أخبرنبا عمبرو ببن‬
‫الحارث أن دراجا ً أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبببي‬
‫سببعيد أن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪:‬‬
‫»اسببتكثروا مببن الباقيببات الصببالحات« قيببل‪ :‬ومببا هببن يببا‬
‫رسول الله قال»الملة« قيل‪ :‬ومببا هببي يببا رسببول اللببه ؟‬
‫قال »التكبير‪ ,‬والتهليل‪ ,‬والتسبببيح‪ ,‬والحمببد للببه‪ ,‬ول حببول‬
‫ول قوة إل بالله« وهكذا رواه أحمببد مببن حببديث دراج بببه‪.‬‬
‫قال ابن وهب‪ :‬أخبرني أببو صبخر أن عببد اللبه ببن عببد‬
‫الرحمن مولى سببالم بببن عبببد اللببه حببدثه قببال‪ :‬أرسببلني‬
‫سالم إلى محمد بن كعب القرظي في حاجة‪ ,‬فقببال‪ :‬قببل‬
‫له القنببي عنببد زاويببة القبببر‪ ,‬فببإن لببي إليببك حاجببة‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫لخر‪ ,‬ثم قببال سببالم‪ :‬مببا تعببد‬ ‫فالتقيا فسلم أحدهما على ا َ‬
‫الباقيببات الصببالحات ؟ فقببال‪ :‬ل إلببه إل اللببه واللببه أكبببر‪,‬‬
‫وسبحان الله‪ ,‬ول حول ول قوة إل بالله‪ ,‬فقببال لببه سببالم‪:‬‬
‫متى جعلت فيها ل حول ول قوة إل بالله ؟ قببال‪ :‬مببا زلببت‬
‫أجعلها‪ ,‬قال‪ :‬فراجعه مرتين أو ثلثا ً فلم ينزع‪ ,‬قال‪ :‬فأثبت‬
‫؟ قال سالم‪ :‬أجل فأثبت‪ ,‬فإن أبا أيببوب النصبباري حبدثني‬
‫أنه سمع رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم وهببو يقببول‪:‬‬

‫‪823‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫»عرج بي إلى السماء فأريت إبراهيم عليه السلم‪ ,‬فقال‪:‬‬
‫يا جبريل من هذا الذي معك ؟ فقبال‪ :‬محمبد‪ ,‬فرحببب بببي‬
‫وسهل‪ ,‬ثم قال‪ :‬مر أمتك فلتكثر مببن غببراس الجنببة‪ ,‬فببإن‬
‫تربتها طيبببة وأرضببها واسببعة‪ ,‬فقلببت‪ :‬ومببا غببراس الجنببة‬
‫فقبببببببببال‪ :‬ل حبببببببببول ول قبببببببببوة إل ببببببببببالله«‪.‬‬
‫وقال المام أحمببد‪ :‬حببدثنا محمببد بببن يزيببد عببن العببوام‪,‬‬
‫حدثني رجل من النصار من آل النعمببان بببن بشببير‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫خرجعلينا رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم ونحببن فببي‬
‫المسجد بعد صلة العشاء‪ ,‬فرفببع بصببره إلببى السببماء ثببم‬
‫خفض حتى ظننا أنه قد حدث في السماء شيء‪ ,‬ثم قببال‪:‬‬
‫»أما إنببه سببيكون بعببدي أمببراء يكببذبون ويظلمببون‪ ,‬فمببن‬
‫صدقهم بكذبهم ومالهم على ظلمهم‪ ,‬فليس مني ولسببت‬
‫منه‪ ,‬ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يمالئهم علببى ظلمهببم‪,‬‬
‫فهو مني وأنا منه‪ .‬أل وإن سبببحان اللببه‪ ,‬والحمببد للببه‪ ,‬ول‬
‫إلببه إل اللببه‪ ,‬واللببه أكبببر‪ ,‬هببن الباقيببات الصببالحات«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عفان‪ ,‬حدثنا أبان‪ ,‬حببدثنا يحيببى‬
‫بن أبي كثير عن زيد عن أبببي سببلم‪ ,‬عببن مببولى لرسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى اللببه عليببه‬
‫وسلم قال‪» :‬بخ بخ لخمس ما أثقلهن في الميببزان‪ :‬ل إلببه‬
‫إل اللببه واللببه أكبببر‪ ,‬وسبببحان اللببه‪ ,‬والحمببد للببه‪ ,‬والولببد‬
‫الصالح يتوفى فيحتسبه والده ب وقال ب بخ بخ لخمببس مببن‬
‫لقي الله مسببتيقنا ً بهببن دخببل الجنببة‪ :‬يببؤمن بببالله واليببوم‬
‫لخر‪ ,‬وبالجنة والنار‪ ,‬وبالبعث بعببد المببوت‪ ,‬وبالحسبباب«‪.‬‬ ‫ا َ‬
‫وقببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا روح‪ ,‬حببدثنا الوزاعببي عببن‬
‫حسان بن عطية‪ ,‬قال‪ :‬كان شداد بن أوس رضي الله عنه‬
‫في سفر‪ ,‬فنزل منزل ً فقال لغلمببه‪ :‬ائتنببا بالشببفرة نعبببث‬
‫بها‪ ,‬فأنكرت عليه‪ ,‬فقال‪ :‬ما تكلمت بكلمة منذ أسلمت إل‬
‫وأنا أخطمها وأزمها غيببر كلمببتي هببذه‪ ,‬فلتحفظوهببا علببي‬
‫واحفظوا ما أقول لكببم‪ :‬سببمعت رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم يقول‪» :‬إذا كنز الناس الذهب والفضة فاكنزوا‬
‫أنتم هؤلء الكلمات‪ :‬اللهم إنببي أسببألك الثبببات فببي المببر‬
‫والعزيمة على الرشد وأسألك شكر نعمتك وأسألك حسبن‬

‫‪824‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عبادتببك‪ ,‬وأسببألك قلبببا ً سببليمًا‪ ,‬وأسببألك لسببانا ً صببادقًا‪,‬‬
‫وأسألك من خير ما تعلببم‪ ,‬وأعببوذ ببك مببن شببر مببا تعلبم‪,‬‬
‫وأستغفرك لما تعلم‪ ,‬إنك أنت علم الغيوب« ثم رواه أيضا‬
‫النسببببائي مببببن وجببببه آخببببر عببببن شببببداد بنحببببوه‪.‬‬
‫وقال الطبراني‪ :‬حدثنا عبد الله بببن ناجيببة‪ ,‬حببدثنا محمببد‬
‫بن سعد العوفي‪ ,‬حدثني أبببي‪ ,‬حببدثنا عمببي الحسببين عببن‬
‫يونس بن نفيع الجدلي‪ ,‬عن سعد بن جنادة رضي الله عنه‬
‫قال‪ :‬كنت في أول من أتى النبي صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫من أهل الطائف‪ ,‬فخرجت من أهلببي مببن السببراة غببدوة‪,‬‬
‫فأتيت منى عند العصر‪ ,‬فتصاعدت في الجبل‪ :‬ثببم هبطببت‬
‫فأتيت النبي صببلى اللببه عليببه وسببلم‪ ,‬فأسببلمت وعلمنببي‬
‫}قببل هببو اللببه أحببد{ و }إذا زلزلببت{ وعلمنببي هببؤلء‬
‫الكلمات‪ :‬سبحان الله والحمد للببه‪ ,‬ول إلببه إل اللببه‪ ,‬واللببه‬
‫أكبر‪ ,‬وقال‪» :‬هن الباقيات الصالحات« وبهذا السناد »من‬
‫قام من الليل فتوضأ ومضمض فاه‪ ,‬ثم قببال سبببحان اللببه‬
‫مائة مرة‪ ,‬والحمد لله مائة مرة‪ ,‬والله أكبر مائة مببرة‪ ,‬ول‬
‫إلببه إل اللببه مببائة مببرة‪ ,‬غفببرت ذنببوبه إل الببدماء فإنهببا ل‬
‫تبطل« وقال علي بن أبي طلحببة عببن ابببن عببباس قببوله‪:‬‬
‫}والباقيات الصالحات{ قال‪ :‬هي ذكر اللبه قببول ل إلبه إل‬
‫الله‪ ,‬والله أكبر وسبحان الله‪ ,‬والحمببد للببه‪ ,‬وتبببارك اللببه‪,‬‬
‫ولحول ولقوة إل بالله‪ ,‬وأستغفر اللبه‪ ,‬وصببلى اللبه علببى‬
‫رسول الله‪ ,‬والصيام‪ ,‬والصلة‪ ,‬والحج‪ ,‬والصدقة‪ ,‬والعتببق‪,‬‬
‫والجهاد‪ ,‬والصلة‪ ,‬وجميع أعمال الحسببنات وهببن الباقيببات‬
‫الصالحات التي تبقى لهلها في الجنة ما دامت السببموات‬
‫والرض‪ .‬وقال العوفي عن ابن عباس‪ :‬هي الكلم الطيب‪.‬‬
‫وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم‪ :‬هي العمال الصالحة‬
‫كلهببببببا‪ ,‬واختبببببباره ابببببببن جريببببببر رحمببببببه اللببببببه‪.‬‬

‫م‬‫م فََلبب ْ‬ ‫شْرَناهُ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ض َبارَِزةً وَ َ‬ ‫ل وَت ََرى الْر َ‬ ‫سي ُّر ال ْ ِ‬


‫جَبا َ‬ ‫م نُ َ‬ ‫** وَي َوْ َ‬
‫نَغادر منه َ‬
‫مون َببا‬ ‫صبّفا ً ل َّقبد ْ ِ‬
‫جئ ْت ُ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ى َرّبب َ‬ ‫َ‬
‫ضوا ْ عَل َ‬
‫حدا ً * وَعُرِ ُ‬ ‫مأ َ‬ ‫ُ ِْ ِ ُْ ْ‬
‫عدا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مو ْ ِ‬‫م ّ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬‫جع َ َ‬‫م أن ّلن ن ّ ْ‬ ‫مت ُ ْ‬ ‫ل َزعَ ْ‬‫مّرةٍ ب َ ْ‬
‫ل َ‬ ‫م أو ّ َ‬ ‫خل َْقَناك ُ ْ‬
‫ما َ‬ ‫كَ َ‬

‫‪825‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ه‬
‫مببا ِفي ب ِ‬ ‫م ّ‬
‫ن ِ‬ ‫م ْ‬
‫ش بِفِقي َ‬ ‫ن ُ‬‫مي ب َ‬ ‫جرِ ِ‬
‫م ْ‬‫ب فَت َبَرى ال ْ ُ‬ ‫ض بعَ ال ْك ِت َببا ُ‬ ‫* وَوُ ِ‬
‫ص بِغيَرةً وَل َ ك َِبي بَرةً‬
‫ب ل َ ي َُغادُِر َ‬ ‫ذا ال ْك َِتا ِ‬ ‫ن ي َوَي ْل َت ََنا َ‬
‫ما ل َِهـ َ‬ ‫وَي َُقوُلو َ‬
‫حببدا ً‬ ‫ها ووجدوا ْ ما عَمُلوا ْ حاضرا ً ول َ يظ ْل ِبم رب ب َ َ‬ ‫َ‬
‫كأ َ‬ ‫ُ َ ّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫صا َ َ َ َ ُ‬ ‫إ ِل ّ أ ْ‬
‫ح َ‬
‫يخبر تعالى عن أهوال يوم القيامببة ومببا يكببون فيببه مببن‬
‫المور العظام‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬يوم تمور السماء مورا ً *‬
‫وتسير الجبال سيرًا{ أي تذهب مببن أماكنهببا وتببزول‪ ,‬كمببا‬
‫قال تعالى‪} :‬وترى الجبال تحسبها جامببدة وهببي تمببر مببر‬
‫السبببحاب{ وقبببال تعبببالى‪} :‬وتكبببون الجببببال كبببالعهن‬
‫المنفوش{ وقال‪} :‬ويسببألونك عببن الجبببال فقببل ينسببفها‬
‫ربي نسفًا* فيببذرها قاع با ً صفصببفا ً ل تببرى فيهببا عوج با ً ول‬
‫أمتًا{ يببذكر تعببالى أنببه تببذهب الجبببال‪ ,‬وتتسبباوى المهبباد‪,‬‬
‫وتبقى الرض قاعا ً صفصفًا‪ ,‬أي سطحا ً مستويا ً ل عوج فيه‬
‫ول أمتًا‪ ,‬أي ل وادي ول جبببل‪ ,‬ولهببذا قببال تعببالى‪} :‬وتببرى‬
‫الرض بارزة{ أي بادية ظاهرة ليس فيها معلببم لحببد‪ ,‬ول‬
‫مكان يواري أحدًا‪ ,‬بل الخلق كلهم ضاحون لربهم ل تخفى‬
‫عليببه منهببم خافيببة‪ .‬قببال مجاهببد وقتببادة }وتببرى الرض‬
‫مر فيها ول غيابة قال قتادة‪ :‬ل بنبباء ول شببجر‪.‬‬ ‫خ َ‬ ‫بارزة{ ل َ‬
‫وقبببوله‪} :‬وحشبببرناهم فلبببم نغبببادر منهبببم أحبببدا{ وأي‬
‫لخرين‪ ,‬فلم نترك منهم أحببدا ً ل‬ ‫وجمعناهم الولين منهم وا َ‬
‫لخريببن‬ ‫صببغيرا ً ول كبببيرًا‪ ,‬كمببا قببال‪} :‬قببل إن الوليببن وا َ‬
‫لمجموعون إلى ميقببات يببوم معلببوم{ وقببال‪} :‬ذلببك يببوم‬
‫مجموع له الناس وذلك يوم مشهود{‪ .‬وقببوله‪} :‬وعرضببوا‬
‫على ربك صفا{ يحتمل أن يكون المراد أن جميببع الخلئق‬
‫يقومون بين يدي الله صفا ً واحدًا‪ ,‬كما قببال تعببالى‪} :‬يببوم‬
‫يقببوم الببروح والملئكببة صببفا ً ل يتكلمببون إل مببن أذن لببه‬
‫الرحمن وقال صوابًا{ ويحتمل أنهم يقومون صببفوفًا‪ ,‬كمببا‬
‫قال‪} :‬وجاء ربك والملك صفا ً صفًا{ وقوله‪} :‬لقد جئتمونا‬
‫ُفببَرادى كمببا خلقنبباكم أول مببرة{ هببذا تقريببع للمنكريببن‬
‫للمعاد‪ ,‬وتوبيخ لهم على رؤوس الشهاد‪ ,‬ولهذا قال تعببالى‬
‫مخاطبا ً لهم‪} :‬بل زعمتم أن لن نجعل لكم موعدًا{ أي ما‬
‫كبببان ظنكبببم أن هبببذا واقبببع بكبببم‪ ,‬ول أن هبببذا كبببائن‪.‬‬

‫‪826‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقوله‪} :‬ووضببع الكتبباب{ أي كتبباب العمببال الببذي فيببه‬
‫الجليببل والحقيببر‪ ,‬والفتيببل والقطميببر‪ ,‬والصببغير والكبببير‪,‬‬
‫}فترى المجرمين مشببفقين ممببا فيببه{ أي مببن أعمببالهم‬
‫السببيئة وأفعببالهم القبيحببة }ويقولببون يببا ويلتنببا{ أي يببا‬
‫حسرتنا وويلنا على ما فرطنا في أعمارنا }ما لهذا الكتاب‬
‫ل يغببادر صببغيرة ول كبببيرة إل أحصبباها{ أي ل يببترك ذنب با ً‬
‫صغيرا ً ول كبيرا ً ول عمل ً وإن صغر‪ ,‬إل أحصاها‪ ,‬أي ضبطها‬
‫لية قبلهببا‬‫وحفظها‪ .‬وروى الطبراني بإسناده المتقدم في ا َ‬
‫إلى سعد بن جنادة قال‪ :‬لما فرغ رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم من غزوة حنين‪ ,‬نزلنا قفببرا ً مببن الرض ليببس‬
‫فيه شيء‪ ,‬فقال النبي صلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬اجمعببوا‬
‫من وجد عودا ً فليأت به‪ ,‬ومن وجببد حطب با ً أو شببيئا ً فليببأت‬
‫به« قال‪ :‬فمببا كببان إل سبباعة حببتى جعلنبباه ركامبًا‪ ,‬فقببال‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪» :‬أترون هذا ؟ فكببذلك تجمببع‬
‫الذنوب على الرجل منكببم كمببا جمعتببم هببذا‪ ,‬فليتببق اللببه‬
‫رجل ول يببذنب صببغيرة ول كبببيرة‪ ,‬فإنهببا محصبباة عليببه«‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ووجدوا ما عملوا حاضببرًا{ أي مببن خيببر وشببر‪,‬‬
‫كما قال تعالى‪} :‬يوم تجد كل نفببس مببا عملببت مببن خيببر‬
‫لية‪ ,‬وقال تعالى‪} :‬ينبأ النسان يومئذ بمببا قببدم‬ ‫محضرًا{ ا َ‬
‫وأخببر{ وقببال تعببالى‪} :‬يببوم تبلببى السببرائر{ أي تظهببر‬
‫المخبآت والضمائر‪ .‬قال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا أبببو الوليببد‪,‬‬
‫حدثنا شعبة عن ثابت عن أنس عن النبي صلى اللببه عليببه‬
‫وسببلم قببال‪» :‬لكببل غببادر لببواء يببوم القيامببة يعببرف بببه«‬
‫أخرجاه في الصحيحين‪ ,‬وفي لفظ »يرفع لكببل غببادر لببواء‬
‫يوم القيامة عند استه بقدر غدرته‪ ,‬يقببال هببذه غببدرة فلن‬
‫ببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببن فلن«‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ول يظلم ربك أحدًا{ أي فيحكم بين عببباده فببي‬
‫أعمالهم جميعًا‪ ,‬ول يظلم أحدا ً من خلقه بل يعفببو ويصببفح‬
‫ويغفر ويرحم‪ ,‬ويعذب من يشبباء بقببدرته وحكمتببه وعببدله‪,‬‬
‫ويمل النببار مببن الكفببار وأصببحاب المعاصببي‪ ,‬ثببم ينجببي‬
‫أصحاب المعاصي ويخلد فيها الكافرين‪ ,‬وهو الحاكم الببذي‬
‫ل يجور ول يظلم‪ ,‬قببال تعببالى‪} :‬إن اللببه ل يظلببم مثقببال‬

‫‪827‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ذرة وإن تبببك حسبببنة يضببباعفها{ ا َ‬
‫ليبببة‪ ,‬وقبببال }ونضبببع‬
‫الموازين القسط ليوم القيامة فل تظلم نفس شيئا ً بب إلببى‬
‫ليات في هذا كثيرة وقال المام أحمد‪:‬‬ ‫قوله ب حاسبين{ وا َ‬
‫حدثنا يزيد‪ ,‬أخبرنا همام بببن يحيببى عببن القاسببم بببن عبببد‬
‫الواحد المكي‪ ,‬عن عبد الله بن محمد بن عقيل أنببه سببمع‬
‫جابر بن عبد الله يقول‪ :‬بلغني حديث عن رجل سمعه عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فاشببتريت بعيببرا ً ثببم شببددت‬
‫ل‪ ,‬فسرت عليه شهرا ً حببتى قببدمت عليببه الشببام‪,‬‬ ‫عليه رح ً‬
‫فإذا عبد الله بن أنيس‪ ,‬فقلت للبواب‪ :‬قل لببه جببابر علببى‬
‫الباب‪ ,‬فقال‪ :‬ابن عبد الله ؟ قلببت نعببم‪ ,‬فخببرج يطببأ ثببوبه‬
‫فاعتنقني واعتنقته‪ ,‬فقلت‪ :‬حديث بلغني عنك أنك سببمعته‬
‫من رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم فببي القصبباص‪,‬‬
‫فخشيت أن تموت أو أموت قبل أن أسمعه‪ ,‬فقال سمعت‬
‫رسببول اللببه يقببول‪» :‬يحشببر اللببه عببز وجببل النبباس يببوم‬
‫القيامة ب أو قال العباد ب عراة غرل ً بهما« قلت‪ ,‬وما بهما ؟‬
‫قال‪ :‬ليس معهم شيء‪ ,‬ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد‬
‫كما يسمعه من قرب‪ :‬أنا الملك‪ ,‬أنا الديان ل ينبغببي لحببد‬
‫من أهل النار أن يدخل النار وله عند أحد مببن أهببل الجنببة‬
‫حق حتى أقصه منببه‪ ,‬ول ينبغببي لحببد مببن أهببل الجنببة أن‬
‫يدخل الجنة وله عند رجل من أهل النار حببق حببتى أقصببه‬
‫منه حتى اللطمة »قال‪ :‬قلنا كيف وإنما نأتي الله عز وجل‬
‫حفاة عببراة غببرل ً بهمببا ؟ قببال‪» :‬بالحسببنات والسببيئات«‪.‬‬
‫وعن شعبة عن العوام بن مزاحم عببن أبببي عثمببان عببن‬
‫عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صببلى اللببه‬
‫عليه وسببلم قببال‪» :‬إن الجمبباء لتقتببص مببن القرنبباء يببوم‬
‫القيامة« رواه عبد الله بن المام أحمببد‪ ,‬ولببه شببواهد مببن‬
‫وجوه أخر‪ ,‬وقد ذكرناها عند قوله تعالى‪} :‬ونضع الموازين‬
‫القسط ليوم القيامة فل تظلببم نفببس شببيئًا{ وعنببد قببوله‬
‫تعالى‪} :‬إل أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتبباب مببن شببيء‬
‫ثببببببببببببم إلببببببببببببى ربهببببببببببببم يحشببببببببببببرون{‪.‬‬

‫‪828‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫س ك َببا َ‬
‫ن‬ ‫جد ُوَا ْ إ ِل ّ إ ِب ِْلي َ‬ ‫م فَ َ‬
‫س َ‬ ‫دوا ْ ل َد َ َ‬ ‫ج ُ‬‫س ُ‬‫ملئ ِك َةِ ا ْ‬‫ذا قُل َْنا ل ِل ْ َ‬‫** وَإ ِ َ‬
‫ذونه وذ ُريت َ‬ ‫مرِ َرب ّهِ أ َفَت َت ّ ِ‬ ‫من ال ْجن فََفسق عَ َ‬
‫مببن‬ ‫خ ُ َ ُ َ ّ َّ ُ‬
‫ه أوْل َِيآءَ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ ّ‬ ‫ِ َ‬
‫ن َبببببد َل ً‬ ‫مي َ‬
‫ظببببال ِ ِ‬ ‫س ِلل ّ‬‫عببببد ُوّ ب ِئ ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫م لَ ُ‬
‫كبببب ْ‬ ‫هبببب ْ‬ ‫دوِنببببي وَ ُ‬ ‫ُ‬
‫يقببول تعببالى منبه با ً بنببي آدم علببى عببدواة إبليببس لهببم‬
‫ولبيهم من قبلهم‪ ,‬ومقرعا ً لمن اتبعه منهم وخالف خببالقه‬
‫وموله‪ ,‬وهو الذي أنشأه وابتداه وبألطافه رزقه وغذاه‪ ,‬ثم‬
‫بعد هذا كله والى إبليس وعادى اللببه‪ ,‬فقببال تعببالى‪} :‬وإذ‬
‫قلنا للملئكة{ أي لجميع الملئكة كمببا تقببدم تقريببره فببي‬
‫لدم{ أي سببجود تشببريف‬ ‫أول سببورة البقببرة }اسببجدوا َ‬
‫وتكريم وتعظيم‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬وإذ قال ربببك للملئكببة‬
‫إني خالق بشرا ً من صلصال من حمإ مسنون فببإذا سببويته‬
‫ونفخببت فيببه مببن روحببي فقعببوا لببه سبباجدين{‪ .‬وقببوله‪:‬‬
‫}فسجدوا إل إبليس كان من الجن{ أي خانه أصببله‪ ,‬فببإنه‬
‫خلق من مارج من نار‪ ,‬وأصل خلق الملئكة من نببور‪ ,‬كمببا‬
‫ثبت في صحيح مسلم عن عائشببة رضببي اللببه عنهببا‪ ,‬عببن‬
‫رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم أنببه قببال‪» :‬خلقببت‬
‫الملئكة من نور‪ ,‬وخلق إبليس من مببارج مببن نببار‪ ,‬وخلببق‬
‫آدم مما وصف لكم‪ ,‬فعند الحاجة نضح كل وعاء بمببا فيببه‪,‬‬
‫وخانه الطبع عند الحاجة وذلك أنه كان قببد توسببم بأفعببال‬
‫الملئكببة وتشبببه بهببم وتعبببد وتنسببك‪ ,‬فلهببذا دخببل فببي‬
‫خطابهم وعصى بالمخالفة‪ ,‬ونبه تعالى ههنا علببى أنببه مببن‬
‫الجن أي على أنه خلق من نار‪ ,‬كمببا قببال‪} :‬أنببا خيببر منببه‬
‫خلقتني من نار وخلقته من طين{ قبال الحسبن البصببري‪:‬‬
‫ما كان إبليس من الملئكة طرفة عيببن قببط‪ ,‬وإنببه لصببل‬
‫الجببن‪ ,‬كمببا أن آدم عليببه السببلم أصببل البشببر‪ ,‬رواه ابببن‬
‫جريببببببببببببر بإسببببببببببببناد صببببببببببببحيح عنببببببببببببه‪.‬‬
‫وقال الضحاك عن ابن عباس‪ :‬كان إبليس مببن حببي مببن‬
‫أحياء الملئكة يقال لهم الجن‪ ,‬خلقوا من نار السموم مببن‬
‫بين الملئكة‪ ,‬وكان اسمه الحارث‪ ,‬وكان خازنا ً مببن خببزان‬
‫الجنة‪ ,‬وخلقببت الملئكببة مببن نببور غيببر هببذا الحببي‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫وخلقت الجن الذين ذكروا في القرآن من مببارج مببن نببار‪,‬‬
‫وهو لسان النار الذي يكون في طرفهببا إذا التهبببت‪ .‬وقببال‬

‫‪829‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الضحاك أيضا ً عببن ابببن عببباس‪ :‬كببان إبليببس مببن أشببرف‬
‫الملئكة وأكرمهم قبيلة‪ ,‬وكان خازنا ً على الجنان‪ ,‬وكان له‬
‫سلطان السماء الدنيا وسلطان الرض‪ ,‬وكان مما سببولت‬
‫له نفسه من قضاء الله أنه رأى أن لببه بببذلك شببرفا ً علببى‬
‫أهل السماء‪ ,‬فوقع من ذلك في قلبه كبر ل يعلمه إل الله‪,‬‬
‫لدم‬ ‫واستخرج الله ذلببك الكببر منبه حيبن أمبره بالسببجود َ‬
‫}فاسبببببببببتكبر وكبببببببببان مبببببببببن الكبببببببببافرين{‪.‬‬
‫قال ابن عباس قوله‪} :‬كببان مببن الجببن{ أي مببن خببزان‬
‫الجنان‪ ,‬كما يقال للرجببل مكببي ومببدني وبصببري وكببوفي‪.‬‬
‫وقال ابن جريج عن ابن عباس نحو ذلك‪ ,‬وقال سببعيد بببن‬
‫جبير عن ابن عباس‪ ,‬قال‪ :‬هو من خزان الجنة‪ ,‬وكان يببدبر‬
‫أمر السماء الدنيا‪ ,‬رواه ابن جرير من حديث العمش عن‬
‫حبببيب بببن أبببي ثببابت عببن سببعيد بببه‪ .‬وقببال سببعيد بببن‬
‫المسببيب‪ :‬كببان رئيببس ملئكببة سببماء الببدنيا‪ ,‬وقببال ابببن‬
‫إسحاق عن خلد بن عطبباء عببن طبباوس عببن ابببن عببباس‬
‫قال‪ :‬كبان إبليبس قببل أن يركببب المعصبية مببن الملئكببة‬
‫اسمه عزازيل‪ ,‬وكان مببن سببكان الرض‪ ,‬وكببان مببن أشببد‬
‫الملئكة اجتهادا ً وأكببثرهم علمبًا‪ ,‬فببذلك دعبباه إلببى الكبببر‪,‬‬
‫وكبببببببببان مبببببببببن حبببببببببي يسبببببببببمون جنبببببببببًا‪.‬‬
‫وقال ابن جريج عن صالح مولى التوأمة وشريك بن أبببي‬
‫نمببر‪ ,‬أحببدهما أو كلهمببا عببن ابببن عببباس قببال‪ :‬إن مببن‬
‫الملئكة قبيلة من الجن‪ ,‬وكان إبليس منها وكببان يسببوس‬
‫مببا بيببن السببماء والرض‪ ,‬فعصببى‪ ,‬فسببخط اللببه عليببه‬
‫فمسببخه شببيطانا ً رجيمبًا‪ ,‬لعنبه اللبه ممسببوخًا‪ ,‬قببال‪ :‬وإذا‬
‫كببانت خطيئة الرجببل فببي كبببر فل ترجببه‪ ,‬وإذا كببانت فببي‬
‫معصية فارجه‪ ,‬وعن سببعيد بببن جبببير أنببه قببال‪ :‬كببان مببن‬
‫الجنانين الذين يعملون في الجنة‪ ,‬وقد روي فببي هببذا آثببار‬
‫كثيرة عن السلف‪ ,‬وغالبهببا مببن السببرائيليات الببتي تنقببل‬
‫لينظر فيها‪ ,‬والله أعلم بحال كثير منها‪ ,‬ومنها ما قد يقطببع‬
‫بكذبه لمخالفته للحق الذي بأيدينا‪ ,‬وفي القرآن غنيببة عببن‬
‫كل ما عداه من الخبار المتقدمببة لنهببا ل تكبباد تخلببو مببن‬
‫تبديل وزيادة ونقصان‪ ,‬وقد وضع فيها أشياء كببثيرة وليببس‬

‫‪830‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لهببم مببن الحفبباظ المتقنيببن الببذين ينفببون عنهببا تحريببف‬
‫الغببالين وانتحببال المبطليببن‪ ,‬كمببا لهببذه المببة مببن الئمببة‬
‫والعلماء والسادة والتقياء والبررة والنجباء مببن الجهابببذة‬
‫النقاد والحفاظ الجياد الذين دونوا الحديث‪ ,‬وحرروه وبينوا‬
‫صحيحه مببن حسببنه مببن ضببعيفه مببن منكببره‪ ,‬وموضببوعه‬
‫ومبببتروكه ومكبببذوبه‪ ,‬وعرفبببوا الوضببباعين والكبببذابين‬
‫والمجهولين وغير ذلك من أصناف الرجال‪ ,‬كل ذلك صيانة‬
‫للجنبباب النبببوي والمقببام المحمببدي خبباتم الرسببل وسببيد‬
‫البشر صلى الله عليه وسلم أن ينسب إليه كذب أو يحدث‬
‫عنه بما ليس منببه‪ ,‬فرضببي اللببه عنهببم وأرضبباهم‪ ,‬وجعببل‬
‫جنبببببببات الفبببببببردوس مبببببببأواهم وقبببببببد فعبببببببل‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ففسق عن أمر ربه{ أي فخرج عن طاعة الله‪,‬‬
‫فإن الفسق هو الخروج‪ ,‬يقال‪ :‬فسقت الرطبة إذا خرجببت‬
‫من أكمامها‪ ,‬وفسقت الفأرة من جحرهببا إذا خرجببت منببه‬
‫للعيث والفساد‪ ,‬ثم قال تعالى مقرعا ً وموبخ با ً لمببن اتبعببه‬
‫لية‪ ,‬أي بدل ً‬ ‫وأطاعه }أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني{ ا َ‬
‫ل{ وهببذا المقببام‬ ‫عنببي‪ ,‬ولهببذا قببال‪} :‬بئس للظببالمين بببد ً‬
‫كقوله بعد ذكر القيامة وأهوالها ومصير كل مببن الفريقيببن‬
‫السعداء والشقياء في سببورة يببس }وامتببازوا اليببوم أيهببا‬
‫المجرمبببون بببب إلبببى قبببوله بببب أفلبببم تكونبببوا تعقلبببون{‪.‬‬

‫َ‬ ‫مآ أ َ ْ‬
‫م‬ ‫خل ْقَ أن ُْف ِ‬
‫س به ِ ْ‬ ‫ض وَل َ َ‬‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬‫س َ‬‫خل ْقَ ال ّ‬
‫م َ‬‫شَهدت ّهُ ْ‬ ‫** ّ‬
‫ضببببببببدا ً‬ ‫ن عَ ُ‬‫ضببببببببّلي َ‬ ‫خببببببببذ َ ال ْ ُ‬
‫م ِ‬ ‫مت ّ ِ‬
‫ت ُ‬
‫كنبببببببب ُ‬‫مببببببببا ُ‬‫وَ َ‬
‫يقول تعالى‪ :‬هؤلء الذين اتخببذتموهم أوليبباء مببن دونببي‬
‫عبيد أمثالكم ل يملكون شيئًا‪ ,‬ول أشهدتهم خلق السموات‬
‫والرض‪ ,‬ول كببانوا إذ ذاك موجببودين‪ ,‬يقببول تعببالى‪ :‬أنببا‬
‫المسببتقل بخلببق الشببياء كلهببا ومببدبرها ومقببدرها وحببدي‬
‫ليس معي في ذلك شببريك ول وزيببر ول مشببير ول نظيببر‪,‬‬
‫كمببا قببال‪} :‬قببل ادعببوا الببذين زعمتببم مببن دون اللببه ل‬
‫يملكون مثقال ذرة في السموات ول في الرض ومببا لهببم‬
‫فيها من شرك وما له منهم من ظهير* ول تنفببع الشببفاعة‬

‫‪831‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لية‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬ومببا كنببت متخببذ‬ ‫عنده إل لمن أذن له{ ا َ‬
‫المضبببببببلين عضبببببببدًا{ قبببببببال مالبببببببك‪ :‬أعوانبببببببًا‪.‬‬

‫م‬ ‫م فَل َب ْ‬‫م فَبد َعَوْهُ ْ‬ ‫مت ُب ْ‬‫ن َزعَ ْ‬ ‫ي ال ّ ِ‬


‫ذي َ‬ ‫شَر َ‬
‫كآئ ِ َ‬ ‫دوا ْ ُ‬ ‫ل َنا ُ‬‫م ي َُقو ُ‬ ‫** وَي َوْ َ‬
‫َ‬
‫ن الّناَر‬ ‫مو َ‬ ‫جرِ ُ‬ ‫موِْبقا ً * وََرأى ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫جعَل َْنا ب َي ْن َُهم ّ‬ ‫م وَ َ‬‫جيُبوا ْ ل َهُ ْ‬ ‫ست َ ِ‬
‫يَ ْ‬
‫رفا ً‬ ‫َ‬
‫صببب ِ‬‫م ْ‬‫دوا ْ عَن َْهبببا َ‬ ‫جببب ُ‬ ‫هبببا وََلببب ْ‬
‫م يَ ِ‬ ‫واقُِعو َ‬ ‫م َ‬ ‫م ّ‬‫فَظ َّنبببوَا ْ أن ُّهببب ْ‬
‫يقببول تعببالى مخبببرا ً عمببا يخبباطب بببه المشببركين يببوم‬
‫القيامة على رؤوس الشببهاد تقريع با ً لهببم وتوبيخ با ً }نببادوا‬
‫شركائي الذين زعمتم{ أي فببي دار الببدنيا ادعببوهم اليببوم‬
‫ينقذوكم مما أنتم فيه قال تعالى‪} :‬ولقببد جئتمونببا فببرادى‬
‫كما خلقناكم أول مرة وتركتم مببا خولنبباكم وراء ظهببوركم‬
‫وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شببركاء‬
‫لقد تقطع بينكم وضل عنكببم مببا كنتببم تزعمببون{ وقببوله‪:‬‬
‫}فدعوهم فلم يسببتجيبوا لهببم{ كمببا قببال‪} :‬وقيببل ادعببوا‬
‫ليببة‪ ,‬وقببال‪:‬‬ ‫شببركاءكم فببدعوهم فلببم يسببتجيبوا لهببم{ ا َ‬
‫}ومن أضل ممن يدعو من دون الله من ل يسببتجيب لببه{‬
‫ليتين‪ ,‬وقال تعالى‪} :‬واتخذوا من دون الله آلهببة ليكونببوا‬ ‫ا َ‬
‫لهم عزًا* كل سيكفرون بعبببادتهم ويكونببون عليهببم ضببدًا{‬
‫وقوله‪} :‬وجعلنا بينهم موبقًا{ قال ابن عباس وقتادة وغير‬
‫واحد‪ :‬مهلكًا‪ ,‬وقال قتادة‪ :‬ذكر لنا أن عمببر البكببائي حببدث‬
‫عن عبد الله بن عمرو قال‪ :‬هببو واد عميببق فببرق بببه يببوم‬
‫القيامة بين أهل الهدى وأهل الضللة‪ .‬وقال قتببادة‪ :‬موبقبا ً‬
‫واديببببببببببببببببببببا ً فببببببببببببببببببببي جهنببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثني محمد بببن سببنان القببزاز‪ ,‬حببدثنا‬
‫عبد الصمد‪ ,‬حدثنا يزيد بن درهم‪ ,‬سمعت أنببس بببن مالببك‬
‫يقول في قول الله تعالى‪} :‬وجعلنا بينهم موبقًا{ قال‪ :‬واد‬
‫في جهنم مببن قيببح ودم‪ ,‬وقببال الحسببن البصببري‪ :‬موبق با ً‬
‫عداوة‪ ,‬والظاهر من السياق ههنا أنببه المهلببك‪ ,‬ويجببوز أن‬
‫يكون واديا ً في جهنم أو غيره‪ ,‬والمعنى أن الله تعالى بيببن‬
‫أنه ل سبيل لهؤلء المشركين ول وصول لهببم إلببى آلهتهببم‬
‫التي كانوا يزعمون في الدنيا‪ ,‬وأنه يفرق بينهم وبينهببا فببي‬

‫‪832‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لخر‪ ,‬بل بينهمببا‬ ‫لخرة‪ ,‬فل خلص لحد من الفريقين إلى ا َ‬ ‫ا َ‬
‫مهلك وهول عظيم وأمر كبير‪ .‬وأما إن جعببل الضببمير فببي‬
‫قوله بينهم عائدا ً إلى المؤمنين والكببافرين كمببا قببال عبببد‬
‫الله بن عمرو إنه يفرق بين أهل الهدى والضللة بببه‪ ,‬فهببو‬
‫كقوله تعالى‪} :‬ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون{ وقببال‬
‫}يببومئذ يصببدعون{‪ ,‬وقببال تعببالى‪} :‬وامتببازوا اليببوم أيهببا‬
‫المجرمببون{‪ ,‬وقببال تعببالى‪} :‬ويببوم نحشببرهم جميعبا ً ثببم‬
‫نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم ب‬
‫إلبببى قبببوله بببب وضبببل عنهبببم مبببا كبببانوا يفبببترون{‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ورأى المجرمببون النببار فظنببوا أنهببم مواقعوهببا‬
‫ولم يجدوا عنها مصرفًا{ أي أنهببم لمببا عبباينوا جهنببم حيببن‬
‫جيء بها تقاد بسبعين ألف زمببام‪ ,‬مببع كببل زمببام سبببعون‬
‫ألف ملك }فإذا رأى المجرمببون النببار{ تحققببوا ل محالببة‬
‫أنهم مواقعوها‪ ,‬ليكون ذلك من باب تعجيببل الهبم والحبزن‬
‫لهم‪ ,‬فإن توقع العذاب والخببوف منببه قبببل وقببوعه عببذاب‬
‫ناجز‪ .‬وقببوله‪} :‬ولببم يجبدوا عنهببا مصبرفًا{ أي ليبس لهبم‬
‫طريق يعدل بهم عنها ول بببد لهببم منهببا‪ .‬قببال ابببن جريببر‪:‬‬
‫حدثني يونس أخبرنا ابن وهب أخبرني عمببرو بببن الحببارث‬
‫عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد‪ ,‬عببن رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم أنببه قببال‪» :‬إن الكببافر ليببرى جهنببم‬
‫فيظن أنهببا مببواقعته مببن مسببيرة أربعمببائة سببنة«‪ .‬وقببال‬
‫المام أحمد‪ :‬حدثنا حسن‪ ,‬حدثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن‬
‫أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬ينصب الكافر مقدار خمسين ألف‬
‫سنة‪ ,‬كما لببم يعمببل فببي الببدنيا‪ ,‬وإن الكببافر ليببرى جهنببم‬
‫ويظبببن أنهبببا مبببواقعته مبببن مسبببيرة أربعيبببن سبببنة«‪.‬‬

‫ن‬
‫كببا َ‬ ‫ل وَ َ‬
‫مث َ ٍ‬ ‫من ك ُ ّ‬
‫ل َ‬ ‫س ِ‬‫ن ِللّنا ِ‬‫ذا ال ُْقْرآ ِ‬ ‫صّرفَْنا ِفي َ‬
‫هـ َ‬ ‫** وَل ََقد ْ َ‬
‫جببببببببببببد َل ً‬‫يٍء َ‬ ‫ن أ َك ْث َببببببببببببَر َ‬
‫شبببببببببببب ْ‬ ‫سببببببببببببا ُ‬ ‫ال ِن ْ َ‬
‫يقول تعالى‪ :‬ولقد بينا للناس فبي هبذا القبرآن ووضبحنا‬
‫لهم المور وفصلناها كيل يضلوا عببن الحببق ويخرجببوا عببن‬

‫‪833‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫طريق الهدى‪ ,‬ومع هذا البيان وهذا الفرقان النسببان كببثير‬
‫المجادلببة والمخاصببمة المعارضببة للحببق بالباطببل إل مببن‬
‫هدى الله بصره لطريق النجاة‪ .‬قببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا‬
‫أبو اليمان‪ ,‬أخبرنا شعيب عن الزهببري‪ ,‬أخبببرني علببي بببن‬
‫الحسين أن حسين بن علي أخبره أن علي بن أبي طببالب‬
‫أخبببره أن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم طرقببه‬
‫وفاطمة بنببت رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم ليلببة‪,‬‬
‫فقال‪» :‬أل تصليان ؟« فقلت‪ :‬يا رسببول اللببه إنمببا أنفسببنا‬
‫بيد الله‪ ,‬فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا‪ ,‬فانصرف حين قلت ذلببك‬
‫ولم يرجع إلي شيئًا‪ ,‬ثم سبمعته وهببو مبول يضبرب فخببذه‬
‫ل{ أخرجبباه فببي‬ ‫ويقول‪} :‬وكان النسببان أكببثر شببيء جببد ً‬
‫الصببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببحيحين‪.‬‬

‫سبت َغِْفُروا ْ‬ ‫َ‬


‫م ال ْهُبد َىَ وَي َ ْ‬ ‫جآَءهُ ُ‬ ‫من ُوَا ْ إ ِذ ْ َ‬
‫س أن ي ُؤْ ِ‬ ‫نا َ‬ ‫من َعَ ال ّ‬ ‫ما َ‬ ‫** وَ َ‬
‫ب قُب ُل ً *‬ ‫م ال ْعَ ب َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ذا ُ‬ ‫ن أوْ ي َبأت ِي َهُ ُ‬ ‫ة الوِّلي ب َ‬ ‫س بن ّ ُ‬
‫م ُ‬ ‫م إ ِل ّ أن ت َبأت ِي َهُ ْ‬ ‫َرب ّهُ ْ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ل اّلبب ِ‬ ‫جادِ ُ‬
‫ن وَي ُ َ‬‫منذِِري َ‬ ‫ن وَ ُ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫مب َ ّ‬
‫ش‬ ‫ن إ ِل ّ ُ‬ ‫سِلي َ‬ ‫مْر َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬
‫س ُ‬ ‫ما ن ُْر ِ‬ ‫وَ َ‬
‫ما أ ُن ْذُِروا ْ‬ ‫خذ ُوَا ْ آَياِتي وَ َ‬ ‫حقّ َوات ّ َ‬ ‫ضوا ْ ب ِهِ ال ْ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ل ل ِي ُد ْ ِ‬ ‫ك ََفُروا ْ ِبال َْباط ِ ِ‬
‫هببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببُزوا ً‬ ‫ُ‬
‫يخبر تعالى عن تمرد الكفرة في قببديم الزمببان وحببديثه‪,‬‬
‫ليببات‬ ‫وتكذيبهم بالحق البين الظاهر مع ما يشاهدون من ا َ‬
‫والدللت الواضبحات‪ ,‬وأنبه مبا منعهبم مبن اتبباع ذلبك إل‬
‫طلبهم أن يشاهدوا العذاب الذي وعدوا به عيانًا‪ ,‬كما قببال‬
‫أولئك لنبيهم‪} :‬فأسقط علينا كسفا ً مببن السببماء إن كنببت‬
‫من الصادقين{ وآخرون قالوا }ائتنا بعببذاب اللببه إن كنببت‬
‫من الصببادقين{ وقببالت قريببش }اللهببم إن كببان هببذا هببو‬
‫الحق من عندك فأمطر علينا حجارة مببن السببماء أو ائتنببا‬
‫بعذاب أليم{ }وقالوا يا أيهببا الببذي نببزل عليببه الببذكر إنببك‬
‫لمجنون لو ما تأتينا بالملئكة إن كنت من الصادقين{ إلببى‬
‫ليبببببات الدالبببببة علبببببى ذلبببببك‪.‬‬ ‫غيبببببر ذلبببببك مبببببن ا َ‬
‫ثببم قببال }إل أن تببأتيهم سببنة الوليببن{ مببن غشببيانهم‬
‫ل{ أي‬ ‫بالعذاب وأخذهم عن آخرهم‪} ,‬أو يأتيهم العببذاب قب ً‬

‫‪834‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يرونه عيانا ً مواجهة ومقابلة‪ ,‬ثم قال تعببالى‪} :‬ومببا نرسببل‬
‫المرسبببلين إل مبشبببرين ومنبببذرين{ أي قببببل العبببذاب‬
‫مبشرين من صببدقهم وآمببن بهببم‪ ,‬ومنببذرين لمببن كببذبهم‬
‫وخالفهم‪ ,‬ثم أخبببر عببن الكفببار بببأنهم }يجببادلون بالباطببل‬
‫ليدخصوا به الحق{ أي ليضعفوا به الحق الذي جباءتهم ببه‬
‫الرسبل‪ ,‬وليبس ذلبك بحاصبل لهبم‪} ,‬واتخبذوا آيباتي ومبا‬
‫أنذروا هزوًا{ أي اتخذوا الحجج والبراهين وخوارق العادات‬
‫الببتي بعببث بهببا الرسببل ومببا أنببذروهم وخوفببوهم بببه مببن‬
‫العببذاب }هببزوًا{ أي سببخروا منهببم فببي ذلببك وهببو أشببد‬
‫التكبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببذيب‪.‬‬

‫َ‬ ‫** وم َ‬
‫ما‬ ‫ي َ‬‫س َ‬ ‫ض عَن َْها وَن َ ِ‬ ‫ت َرب ّهِ فَأعَْر َ‬ ‫من ذ ُك َّر ِبآِيا ِ‬ ‫م ّ‬‫م ِ‬ ‫ن أظ ْل َ ُ‬ ‫َ َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة أن ي َْفَقهُببوهُ وَفِببي‬ ‫م أك ِن ّب ً‬ ‫ى قُل ُببوب ِهِ ْ‬ ‫َ‬ ‫جعَل َْنا عَل َب‬ ‫داهُ إ ِّنا َ‬ ‫ت يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫قَد ّ َ‬
‫ن ي َهْت َبد ُوَا ْ ِإذا ً أ َب َببدا ً *‬ ‫ى ال ْهُد َىَ فَل َب ْ‬ ‫م وَْقرا ً وَِإن ت َد ْعُهُ ْ َ‬
‫م إ ِل َ‬ ‫ذان ِهِ ْ‬‫آ َ‬
‫ل ل َهُ ُ‬
‫م‬ ‫ج َ‬‫سُبوا ْ ل َعَ ّ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫خذ ُ ُ‬‫ؤا ِ‬‫مةِ ل َوْ ي ُ َ‬ ‫ح َ‬
‫ذو الّر ْ‬ ‫ك ال ْغَُفوُر ُ‬ ‫وََرب ّ َ‬
‫ك‬‫م بوْئ ِل ٍ * وَت ِل ْب َ‬ ‫دون ِبهِ َ‬ ‫مببن ُ‬ ‫دوا ْ ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫عد ٌ ّلن ي َ ِ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫ب َبل ل ُّهم ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫ال ْعَ َ‬
‫عببدا ً‬ ‫َ‬
‫مو ْ ِ‬‫مهْل ِك ِِهببم ّ‬ ‫جعَل َْنببا ل ِ َ‬ ‫مببوا ْ وَ َ‬ ‫مببا ظ َل َ ُ‬ ‫م لَ ّ‬ ‫ال ُْقببَرىَ أهْل َك َْنبباهُ ْ‬
‫يقول تعالى‪ :‬وأي عباد الله أظلم ممببن ذكببر بآيببات اللببه‬
‫فأعرض عنها‪ ,‬أي تناساها وأعرض عنها ولببم يصببغ لهببا ول‬
‫ل‪} ,‬ونسي ما قدمت يببداه{ أي مببن العمببال‬ ‫ألقى إليها با ً‬
‫السيئة والفعببال القبيحببة‪} ,‬إنببا جعلنببا علببى قلببوبهم{ أي‬
‫قلوب هؤلء }أكنة{ أي أغطية وغشاوة }أن يفقهببوه{ أي‬
‫لئل يفهموا هذا القببرآن والبيببان }وفببي آذانهببم وقببرًا{ أي‬
‫صمما ً معنويا ً عن الرشبباد }وإن تببدعهم إلببى الهببدى فلببن‬
‫يهتبببببببببببببببببببببببببببببدوا إذا ً أببببببببببببببببببببببببببببببدًا{‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وربببك الغفببور ذو الرحمببة{ أي ربببك يببا محمببد‬
‫غفور ذو رحمة واسعة }لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهببم‬
‫العذاب{ كما قال‪} :‬ولو يؤاخذ الله الناس بمببا كسبببوا مببا‬
‫ترك على ظهرها من دابة{ وقال‪} :‬وإن ربك لببذو مغفببرة‬
‫ليات في‬ ‫للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب{ وا َ‬
‫هذا كثيرة شتى‪ ,‬ثم أخبر أنبه يحلبم ويسبتر ويغفبر‪ ,‬وربمبا‬

‫‪835‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هدى بعضهم من الغي إلى الرشاد‪ ,‬ومن استمر منهم فلببه‬
‫يوم يشيب فيه الوليد‪ ,‬وتضع كل ذات حمل حملهببا‪ ,‬ولهببذا‬
‫ل{ أي ليببس‬ ‫قال‪} :‬بل لهم موعد لن يجدوا من دونببه مببوئ ً‬
‫لهم عنه محيص ول محيد ول معدل‪ .‬وقوله‪} :‬وتلك القرى‬
‫أهلكناهم لما ظلموا{ أي المم السالفة والقرون الخاليببة‪,‬‬
‫أهلكنبباهم بسبببب كفرهببم وعنببادهم‪} ,‬وجعلنببا لمهلكهببم‬
‫موعدًا{ أي جعلناه إلى مدة معلومة ووقت معين‪ ,‬ل يزيببد‬
‫ول ينقببص‪ ,‬أي وكببذلك أنتببم أيهببا المشببركون احببذروا أن‬
‫يصيبكم ما أصببابهم‪ ,‬فقببد كببذبتم أشببرف رسببول وأعظببم‬
‫نبببي‪ ,‬ولسببتم بببأعز علينببا منهببم‪ ,‬فخببافوا عببذابي ونببذري‪.‬‬

‫م بع َ ال ْ‬ ‫حت ّى أ َب ْل ُ‬ ‫ل موسى ل َِفتاه ل أ َ‬


‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫غ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬
‫ُ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫َ ُ‬ ‫َ** َوَإ ِذ ْ َقا َ ُ َ َ‬
‫مببا‬ ‫حوت َهُ َ‬ ‫سبَيا ُ‬ ‫مببا ن َ ِ‬ ‫مبعَ ب َي ْن ِهِ َ‬ ‫ج َ‬ ‫م ْ‬ ‫مببا ب َل َغَببا َ‬ ‫حُقببا ً * فَل َ ّ‬ ‫ي ُ‬ ‫ض َ‬‫م ِ‬‫أو ْ أ ْ‬
‫ل ل َِفت َبباهُ آت ِن َببا‬ ‫جاوََزا َقا َ‬ ‫ما َ‬ ‫سَربا ً * فَل َ ّ‬ ‫حرِ َ‬ ‫ه ِفي ال ْب َ ْ‬ ‫سِبيل َ ُ‬ ‫خذ َ َ‬‫َفات ّ َ‬
‫ذا نصبببا ً * قَببا َ َ َ‬
‫ت إ ِذ ْ‬ ‫ل أَرأي ْب َ‬ ‫هـب َ َ َ‬ ‫سبَفرَِنا َ‬ ‫مببن َ‬ ‫دآَءَنا ل ََقد ْ ل َِقيَنا ِ‬ ‫غَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه إ ِل ّ‬ ‫سبباِني ُ‬ ‫مببآ أن ْ َ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫حببو َ‬ ‫ت ال ْ ُ‬ ‫سببي ُ‬ ‫خَرةِ فَ بإ ِّني ن َ ِ‬ ‫صب ْ‬‫أوَي َْنآ إ َِلى ال ّ‬
‫ل‬ ‫جببا ً * قَببا َ‬ ‫حبرِ عَ َ‬ ‫ه فِببي ال ْب َ ْ‬ ‫سِبيل َ ُ‬ ‫خذ َ َ‬ ‫ن أ َذ ْك َُرهُ َوات ّ َ‬ ‫نأ ْ‬
‫طا َ‬
‫شي ْ َ ُ‬ ‫ال ّ‬
‫دا عَْبببدا ً‬ ‫جبب َ‬ ‫صصا ً * فَوَ َ‬ ‫ما قَ َ‬ ‫ى آَثارِهِ َ‬ ‫َ‬ ‫ما ك ُّنا ن َب ِْغ َفاْرت َ ّ‬ ‫ذ َل ِ َ‬
‫دا عَل َ‬ ‫ك َ‬
‫عْلمبا ً‬ ‫مببن ل ّبد ُّنا ِ‬ ‫من َبباهُ ِ‬ ‫عندَِنا وَعَل ّ ْ‬ ‫ن ِ‬‫م ْ‬ ‫ة ّ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬ ‫عَبادَِنآ آت َي َْناهُ َر ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫سبب قول موسى لفتاه وهو يوشع بن نببون‪ ,‬هببذا الكلم‬
‫أنه ذكر له أن عبدا ً من عباد الله بمجمع البحرين عنده من‬
‫العلم ما لم يحط به موسببى‪ ,‬فببأحب الرحيببل إليببه‪ ,‬وقببال‬
‫لفتاه ذلك }ل أبرح{ أي ل أزال سائرا ً }حببتى أبلببغ مجمببع‬
‫البحرين{ أي هذا المكان الذي فيبه مجمبع البحريبن‪ ,‬قبال‬
‫الفببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببرزدق‪:‬‬
‫فمببا برحببوا حببتى تهببادت نسبباؤهمببطحاء ذي قارعبببات‬
‫اللطبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببائم‬
‫قببال قتببادة وغيببر واحببد‪ :‬همببا بحببر فببارس ممببا يلببي‬
‫المشرق‪ ,‬وبحر الروم مما يلي المغرب‪ ,‬وقببال محمببد بببن‬
‫كعببب القرظببي‪ :‬مجمببع البحريببن عنببد طنجببة‪ ,‬يعنببي فببي‬
‫أقصى بلد المغرب‪ ,‬فالله أعلم‪ .‬وقوله‪} :‬أو أمضي حقبًا{‬

‫‪836‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أي ولو أني أسير حقبا ً من الزمان‪ .‬قال ابببن جريببر رحمببه‬
‫الله‪ :‬ذكر بعض أهل العلم بكلم العرب أن الحقب في لغة‬
‫قيس سببنة‪ ,‬ثببم روي عببن عبببد اللببه بببن عمببرو أنببه قببال‪:‬‬
‫الحقب ثمانون سنة‪ .‬وقال مجاهد‪ :‬سبببعون خريف بًا‪ .‬وقببال‬
‫علي بببن أبببي طلحببة عببن ابببن عببباس قببوله‪} :‬أو أمضببي‬
‫حقب بًا{ قببال‪ :‬دهببرًا‪ ,‬وقببال قتببادة وابببن زيببد مثببل ذلببك‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما{ وذلببك أنببه‬
‫كان قد أمببر بحمببل حببوت مملببوح معببه‪ ,‬وقيببل لببه‪ :‬مببتى‬
‫فقدت الحوت‪ ,‬فهو ثمة‪ ,‬فسارا حتى بلغا مجمبع البحريبن‪,‬‬
‫وهناك عين يقال لهببا عيببن الحيبباة‪ ,‬فنامببا هنالببك‪ ,‬وأصبباب‬
‫الحوت من رشاش ذلك الماء‪ ,‬فاضطرب وكان في مكتببل‬
‫مع يوشع عليببه السببلم‪ ,‬وطفببر مببن المكتببل إلببى البحببر‪,‬‬
‫فاستيقظ يوشع عليه السببلم وسببقط الحببوت فببي البحببر‬
‫فجعل يسير في الماء والماء له مثل الطاق ل يلتئم بعببده‪,‬‬
‫ولهذا قال تعالى‪} :‬واتخذ سبيله في البحر سربًا{ أي مثبل‬
‫السرب في الرض‪ .‬قال ابن جريج‪ :‬قال ابن عبباس‪ :‬صبار‬
‫أثببره كببأنه حجببر‪ .‬وقببال العببوفي عببن ابببن عببباس‪ :‬جعببل‬
‫الحببوت ل يمببس شببيئا ً مببن البحببر إل يبببس حببتى يكببون‬
‫صخرة‪ .‬وقال محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله‬
‫بن عبد الله عن ابن عباس‪ ,‬عن أبي بن كعببب قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر حديث ذلك‪ :‬ما‬
‫انجاب ماء منذ كان الناس غير مسير مكان الحببوت الببذي‬
‫فيه‪ ,‬فانجاب كالكوة حتى رجع إليه موسى فرأى مسببلكه‪,‬‬
‫فقال‪} :‬ذلك ما كنا نببِغ{ وقببال قتببادة‪ :‬سببرب مببن البحببر‬
‫حتى أفضى إلى البر‪ ,‬ثم سلك فيه فجعل ل يسلك طريقببا ً‬
‫فيببببببببببببه إل صببببببببببببار مبببببببببببباء جامببببببببببببدًا‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬فلما جاوزا{ أي المكان الذي نسيا الحوت فيببه‪,‬‬
‫ونسب النسببيان إليهمببا وإن كبان يوشببع هببو الببذي نسببيه‪,‬‬
‫كقوله تعالى‪} :‬يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان{ وإنما يخرج‬
‫من المالح على أحد القولين‪ ,‬فلما ذهبا عن المكببان الببذي‬
‫نسياه فيه بمرحلة }قال{ موسى }لفتاه آتنببا غببداءنا لقببد‬
‫لقينا من سفرنا هذا{ أي الذي جاوزا فيه المكان }نصبببًا{‬

‫‪837‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يعني تعبا ً }قال أرأيت إذ أوينا إلببى الصببخرة فببإني نسببيت‬
‫الحوت وما أنسانيه إل الشببيطان أن أذكببره{ قببال قتببادة‪:‬‬
‫وقرأ ابن مسعود أن أذكر كه‪ ,‬ولهذا قال }واتخببذ سبببيله{‬
‫أي طريقه }في البحر عجبا ً قال ذلك ما كنا نبببِغ{ أي هببذا‬
‫هو البذي نطلبب }فارتبدا{ أي رجعبا }علبى آثارهمبا{ أي‬
‫طريقهمببا }قصصببًا{ أي يقصببان آثببار مشببيهما ويقفببوان‬
‫أثرهما }فوجدا عبببدا ً مببن عبادنببا آتينبباه رحمببة مببن عنببدنا‬
‫وعلمناه من لدنا علمًا{ وهذا هو الخضر عليه السلم‪ ,‬كمبا‬
‫دلت عليه الحاديث الصحيحة عن رسول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليببببببببببببببببببببببببببببببببه وسببببببببببببببببببببببببببببببببلم‪.‬‬
‫قال البخاري‪ :‬حدثنا الحميدي‪ ,‬حدثنا سفيان‪ ,‬حدثنا عمرو‬
‫بن دينار‪ ,‬أخبرني سعيد بن جبير‪ ,‬قال‪ :‬قلبت لببن عبباس‪:‬‬
‫إن نوفبا ً البكبالي يزعبم أن موسبى صباحب الخضبر عليبه‬
‫السلم‪ ,‬ليس هو موسى صاحب بنببي إسببرائيل‪ .‬قببال ابببن‬
‫عباس‪ :‬كذب عدو الله‪ ,‬حدثنا أبي بن كعب رضي الله عنببه‬
‫أنه سمع رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم يقببول‪» :‬إن‬
‫موسى قام خطيببا ً فببي بنببي إسببرائيل فسببئل‪ :‬أي النبباس‬
‫أعلم ؟ قال‪ :‬أنا‪ ,‬فعتب اللببه عليببه إذ لببم يببرد العلببم إليببه‪,‬‬
‫فأوحى الله إليببه إن لببي عبببدا ً بمجمببع البحريببن هببو أعلببم‬
‫منك‪ .‬قال موسى‪ :‬يا رب وكيف لي به ؟ قال‪ :‬تأخببذ معببك‬
‫حوتا ً فتجعله بمكتل‪ ,‬فحيثما فقدت الحوت فهو ثببم‪ ,‬فأخببذ‬
‫حوتا ً فجعله بمكتل‪ ,‬ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بببن‬
‫نون عليه السبلم‪ ,‬حبتى إذا أتيبا الصبخرة وضبعا رأسبيهما‬
‫فناما‪ ,‬واضطرب الحوت في المكتل‪ ,‬فخببرج منببه فسببقط‬
‫في البحر فاتخذ سبيله في البحر سربا‪ ,‬وأمسك اللببه عببن‬
‫الحوت جرية الماء‪ ,‬فصار عليه مثل الطاق‪ ,‬فلما استيقظ‪,‬‬
‫نسببي صبباحبه أن يخبببره بببالحوت‪ ,‬فانطلقببا بقيببة يومهمببا‬
‫وليلتهما حتى إذا كان من الغببد قببال موسببى لفتبباه‪} :‬آتنببا‬
‫غداءنا لقد لقينا من سفرنا هببذا نصبببا{ ولببم يجببد موسببى‬
‫النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله به‪ ,‬قال له فتاه‪:‬‬
‫}أرأيت إذ أوينببا إلببى الصببخرة فببإني نسببيت الحببوت ومببا‬
‫أنسانيه إل الشببيطان أن أذكببره واتخببذ سبببيله فببي البحببر‬

‫‪838‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عجبا{ قال‪ :‬فكان الحببوت سببربًا‪ ,‬ولموسببى وفتبباه عجب بًا‪,‬‬
‫فقال }ذلك ما كنا نبِغ فارتدا على آثارهمببا قصص بًا{ قببال‪:‬‬
‫فرجعا يقصان أثرهما حتى انتهيا إلى الصببخرة‪ ,‬فببإذا رجببل‬
‫مسجى بثوب‪ ,‬فسببلم عليببه موسببى فقببال الخضببر‪ :‬وأنببى‬
‫بأرضك السببلم‪ .‬فقببال‪ :‬أنببا موسببى‪ .‬فقببال‪ :‬موسببى بنببي‬
‫إسرائيل ؟ قال‪ :‬نعم قال أتيتك لتعلمني مما علمت رشببدا ً‬
‫}قال إنك لن تستطيع معي صبببرًا{ يببا موسببى إنببي علببى‬
‫علم من علم الله علمنيه ل تعلمه أنت وأنت على علم من‬
‫علم الله علمكه الله ل أعلمه‪ .‬فقال موسى }ستجدني إن‬
‫شاء الله صابرا ً ول أعصي لك أمرًا{ قال له الخضر‪} :‬فإن‬
‫اتبعتني فل تسألني عن شيء حتى أحدث لك منببه ذكببرًا{‪.‬‬
‫فانطلقببا يمشببيان علببى سبباحل البحببر فمببرت سببفينة‪,‬‬
‫فكلمببوهم أن يحملببوهم‪ ,‬فعرفببوا الخضببر فحملببوهم بغيببر‬
‫نول‪ ,‬فلما ركبا في السفينة لم يفجببأ إل والخضببر قببد قلببع‬
‫لوحا ً من ألبواح السببفينة بالقببدوم‪ ,‬فقبال لبه موسبى‪ :‬قببد‬
‫حملونا بغير نول‪ ,‬فعمدت إلببى سببفينتهم فخرقتهببا لتغببرق‬
‫أهلها ؟ لقد جئت شيئا ً إمرا ً }قال ألم أقل إنك لن تستطيع‬
‫معي صبرا ً ؟ قال ل تؤاخذني بما نسببيت ول ترهقنببي مببن‬
‫أمري عسرًا{ قببال‪ :‬وقببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم وعلى آله ب فكانت الولى من موسى نسببيانًا‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة‪ ,‬فنقببر فببي البحببر‬
‫نقرة أو نقرتين فقال له الخضببر‪ :‬مببا علمببي وعلمببك فببي‬
‫علم الله إل مثل ما نقص هببذا العصببفور مببن هببذا البحببر‪.‬‬
‫ثم خرجا من السفينة فبينما هما يمشيان علببى السبباحل‬
‫إذ أبصر الخضببر غلمبا ً يلعببب مببع الغلمببان‪ ,‬فأخببذ الخضببر‬
‫رأسه فاقتلعه بيده فقتله‪ ,‬فقال له موسى }أقتلببت نفس با ً‬
‫زكية بغير نفس لقد جئت شيئا ً نكرا ً قال ألم أقل لببك إنببك‬
‫لن تستطيع معببي صبببرًا{ قببال‪ :‬وهببذه أشببد مببن الولببى‪,‬‬
‫}قال إن سألتك عن شيء بعبدها فل تصباحبني قبد بلغبت‬
‫من لدني عذرًا‪ ,‬فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قريببة اسببتطعما‬
‫أهلهببا فببأبوا أن يضببيفوهما فوجببدا فيهببا جببدارا ً يريببد أن‬
‫ل‪ ,‬فقببال الخضببر بيببده }فأقببامه{ فقببال‬ ‫ينقببض{ أي مببائ ً‬

‫‪839‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫موسى‪ :‬قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا }لو شببئت‬
‫لتخذت عليه أجرًا‪ ,‬قببال هببذا فببراق بينببي وبينببك سببأنبئك‬
‫بتأويل ما لم تستطع عليه صبرًا{ فقال رسول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬وددنا أن موسى كان صبببر حببتى يقببص‬
‫الله علينا مببن خبرهمببا« قببال سببعيد بببن جبببير‪ :‬كببان ابببن‬
‫عباس يقرأ }وكان أمامهم ملك يأخببذ كببل سببفينة صببالحة‬
‫غصبًا{ وكان يقرأ }وأمببا الغلم فكببان كببافرا ً وكببان أبببواه‬
‫مببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببؤمنين{‪.‬‬
‫ثم رواه البخاري عن قتيبة عن سببفيان بببن عيينببة فببذكر‬
‫نحببوه‪ ,‬وفيبه‪ :‬فخببرج موسبى ومعبه فتبباه يوشببع ببن نبون‬
‫ومعهما الحوت‪ ,‬حببتى انتهيببا إلببى الصببخرة‪ ,‬فنببزل عنببدها‪,‬‬
‫قال‪ :‬فوضع موسى رأسه فنام‪ ,‬قال سفيان‪ :‬وفببي حببديث‬
‫عن عمر قال‪ :‬وفي أصل الصخرة عين يقال لهببا الحيبباة ل‬
‫يصيب من مائها شيء إل حيببي فأصبباب الحببوت مببن مبباء‬
‫تلك العين‪ ,‬فتحرك وانسل من المكتل فدخل البحببر‪ ,‬فلمببا‬
‫اسببتيقظ قببال موسببى لفتبباه }آتنببا غببداءنا{ قببال‪ :‬وسبباق‬
‫الحببديث‪ ,‬ووقببع عصببفور علببى حببرف السببفينة‪ ,‬فغمببس‬
‫منقاره في البحر‪ ,‬فقال الخضر لموسى‪ :‬ما علمي وعلمك‬
‫وعلببم الخلئق فببي علببم اللببه إل مقببدار مببا غمببس هببذا‬
‫العصبببببببفور منقببببببباره وذكبببببببر تمبببببببامه بنحبببببببوه‪.‬‬
‫وقال البخاري أيض بًا‪ :‬حببدثنا إبراهيببم بببن موسببى‪ ,‬حببدثنا‬
‫هشام بن يوسف أن ابن جريج أخبرهم قال‪ :‬أخبرني يعلى‬
‫بن مسببلم وعمببرو بببن دينببار عببن(سببعيد بببن جبببير‪ ,‬يزيببد‬
‫أحدهما على صاحبه‪ ,‬وغيرهما قد سمعته يحدث عن سعيد‬
‫بن جبير قال‪ :‬إنا لعند ابن عباس في بيته‪ ,‬إذ قال سببلوني‪,‬‬
‫فقلت‪ :‬أي أبببا عببباس جعلنببي اللببه فببداك‪ ,‬بالكوفببة رجببل‬
‫قاص يقال له نوف يزعم أنه ليس بموسى بنببي إسببرائيل‪,‬‬
‫أما عمرو فقال لي قال‪ :‬كذب عدو الله وأمببا يعلببى فقببال‬
‫لي قال ابن عباس‪ :‬حدثني أبي بن كعب قال‪ :‬قال رسببول‬
‫الله صبلى اللبه عليبه وسبلم‪» :‬موسبى رسبول اللبه ذكبر‬
‫الناس يوما ً حتى إذا فاضت العيببون ورقببت القلببوب ولببى‪,‬‬
‫فأدركه رجل فقال‪ :‬أي رسول اللبه هبل فبي الرض أعلبم‬

‫‪840‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫منك ؟ قال‪ :‬ل‪ ,‬فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إلببى اللببه‪,‬‬
‫قيل‪ :‬بلببى‪ ,‬قببال أي رب‪ ,‬وأيببن ؟ قببال‪ :‬بمجمببع البحريببن‪,‬‬
‫قال‪ :‬أي رب اجعل لي علما ً أعلم ذلك به‪ .‬قال لي عمببرو‪:‬‬
‫قال حيث يفارقك الحوت‪ ,‬وقال لي يعلى‪ :‬خببذ حوت با ً ميت با ً‬
‫حيث ينفخ فيه الروح‪ ,‬فأخذ حوتا ً فجعله فببي مكتببل فقببال‬
‫لفتاه‪ :‬ل أكلفك إل أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت‪ ,‬قال‪:‬‬
‫ما كلفببت كبببيرًا‪ ,‬فببذلك قببوله‪} :‬وإذ قببال موسببى لفتبباه{‬
‫يوشع بن نون ليست عند سعيد بن جبير‪ ,‬قال‪ :‬فبينمببا هببو‬
‫فببي ظببل صببخرة فببي مكببان ثريببان إذ يضببرب الحببوت‬
‫وموسببى نببائم‪ ,‬فقببال فتبباه‪ ,‬ل أوقظببه‪ ,‬حببتى إذا اسببتيقظ‬
‫نسي أن يخبببره‪ ,‬ويضببرب الحببوت حببتى دخببل فببي البحببر‬
‫فأمسك الله عنه جرية المبباء حببتى كببأن أثببره فببي حجببر‪,‬‬
‫قال‪ :‬فقال لي عمرو‪ :‬هكذا كأن أثره في حجر‪ ,‬وحلق بين‬
‫إبهاميه واللتين تليهما‪ ,‬قببال‪} :‬لقببد لقينببا مببن سببفرنا هببذا‬
‫نصبًا{ قال‪ :‬وقد قطع الله عنك النصب‪ ,‬ليسببت هببذه عنببد‬
‫سعيد بببن جبببير‪ ,‬أخبببره فرجعببا فوجببدا خضببرا ً قببال‪ :‬قببال‬
‫عثمان بن أبي سليمان‪ :‬علببى طنفسببة خضببراء علببى كبببد‬
‫البحر‪ ,‬قال سعيد بن جبير‪ :‬مسجى بثوب قد جعببل طرفببه‬
‫تحببت رجليببه وطرفببه عنببد رأسببه‪ ,‬فسببلم عليببه موسببى‬
‫فكشف عن وجهه‪ ,‬وقال‪ :‬هل بأرضي من سلم ؟ من أنت‬
‫؟ قال‪ :‬أنا موسى‪ ,‬قال‪ :‬موسى بني إسرائيل ؟ قال‪ :‬نعم‪,‬‬
‫قال‪ :‬فما شأنك ؟ قال‪ :‬جئتك لتعلمني مما علمببت رشببدًا‪,‬‬
‫قال‪ :‬أمببا يكفيببك أن التببوراة بيببديك وأن الببوحي يأتيببك يببا‬
‫موسى‪ ,‬إن لي علما ً ل ينبغي لك أن تعلمه‪ ,‬وإن لك علمببا ً‬
‫ل ينبغببي لببي أن أعلمببه‪ ,‬فأخببذ طببائر بمنقبباره مببن البحببر‬
‫فقال‪ :‬والله ما علمي وعلمك في جنب علببم اللببه إل كمببا‬
‫أخذ هببذا الطببائر بمنقبباره مببن البحببر‪ ,‬حببتى إذا ركبببا فببي‬
‫السفينة وجدا معابر صغارا ً تحمل أهببل هببذا السبباحل إلببى‬
‫لخر‪ ,‬عرفوه فقالوا‪ :‬عبد الله الصالح‪ ,‬قببال‪:‬‬ ‫هذا الساحل ا َ‬
‫فقلنا لسعيد بببن جبببير خضببر‪ ,‬قببال‪ :‬نعببم ل نحملببه بببأجر‪,‬‬
‫فخرقها ووتد فيها وتدًا‪ ,‬قال موسى }أخرقتها لتغرق أهلها‬
‫لقد جئت شيئا ً إمرًا{ قال مجاهد‪ :‬منكرًا‪} ,‬قببال ألببم أقببل‬

‫‪841‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إنك لن تستطيع معي صبرًا{ كانت الولى نسيانًا‪ ,‬والثانيببة‬
‫شرطًا‪ ,‬والثالثة عمببدًا‪} ,‬قببال ل تؤاخببذني بمببا نسببيت‪ ,‬ول‬
‫ترهقني مببن أمببري عسببرًا‪ ,‬فانطلقببا حببتى إذا لقيببا غلمبا ً‬
‫فقتله{‪ ,‬قال يعلى‪ :‬قال سعيد‪ :‬وجد غلمانا ً يلعبببون‪ ,‬فأخببذ‬
‫غلمبا ً كببافرا ً ظريفبا ً فأضببجعه ثببم ذبحببه بالسببكين‪ ,‬فقببال‬
‫أقتلت نفسا ً زكية لم تعمببل الحنببث ؟ وابببن عببباس قرأهببا‬
‫زكية مسلمة كقولك غلما ً زكيًا‪ ,‬فانطلقا فوجدا جدارا ً يريد‬
‫أن ينقببض فأقببامه‪ ,‬قببال سببعيد‪ :‬بيببده هكببذا ودفببع بيببده‬
‫فاستقام‪ ,‬قال‪ :‬لو شئت لتخببذت عليببه أجببرًا‪ ,‬قببال يعلببى‪:‬‬
‫حسبت أن سعيدا ً قال‪ :‬فمسحه بيببده فاسببتقام‪ ,‬قببال‪ :‬لببو‬
‫شئت لتخذت عليه أجرًا‪ ,‬قببال سببعيد‪ :‬أجببرا ً نببأكله‪ ,‬وكببان‬
‫وراءهم ملك‪ ,‬وكببان أمببامهم‪ ,‬قرأهببا ابببن عببباس‪ :‬أمببامهم‬
‫ملك يزعمون‪ ,‬عن غيبر سبعيد‪ ,‬أنبه هبدد ببن ببدد‪ ,‬والغلم‬
‫المقتول اسببمه يزعمببون جيسببور ملببك يأخببذ كببل سببفينة‬
‫غصبببًا‪ ,‬فببأردت إذا هببي مببرت بببه أن يببدعها بعيبهببا‪ ,‬فببإذا‬
‫جاوزوا أصببلحوها فببانتفعوا بهببا‪ ,‬منهببم مببن يقببول سببدوها‬
‫بقارورة‪ ,‬ومنهم من يقول بالقار‪ ,‬كان أبواه مؤمنين‪ ,‬وكان‬
‫هو كافرًا‪ ,‬فخشينا أن يرهقهما طغيان با ً وكفببرا ً أن يحملهمببا‬
‫حبه على أن يتابعاه علببى دينببه‪ ,‬فأردنببا أن يبببدلهما ربهمببا‬
‫خيببرا ً منببه زكبباة‪ ,‬كقببوله‪} :‬أقتلببت نفسبا ً زكيببة{‪ ,‬وقببوله‪:‬‬
‫}وأقرب رحمًا{ همببا بببه أرحببم منهمببا بببالول الببذي قتببل‬
‫خضر‪ ,‬وزعم غير سعيد بن جبببير أنهمببا أبببدل جاريببة‪ ,‬وأمببا‬
‫داود بببن أبببي عاصببم فقببال عببن غيببر واحببد‪ :‬إنهببا جاريببة‪.‬‬
‫قال عبد الرزاق‪ :‬أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن سعيد‬
‫بن جبير‪ ,‬عن ابن عباس قال‪ :‬خطب موسى عليه السببلم‬
‫بني إسرائيل فقال‪ :‬ما أحد أعلم بالله وبأمره منببي‪ ,‬فببأمر‬
‫أن يلقى هذا الرجل فذكر نحو مببا تقببدم بزيببادة ونقصببان‪,‬‬
‫واللببه أعلببم‪ .‬وقببال محمببد بببن إسببحاق عببن الحسببن بببن‬
‫عمارة‪ ,‬عن الحكبم ببن عتيببة عبن سبعيد ببن جببير قبال‪:‬‬
‫جلست عند ابن عباس وعنده نفر من أهل الكتاب‪ ,‬فقببال‬
‫بعضهم‪ :‬يا أبا العباس إن نوفا ً ابن امرأة كعببب يزعببم عببن‬
‫كعب أن موسى النبي الذي طلب العالم إنمببا هببو موسببى‬

‫‪842‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن ميشا‪ ,‬قال سعيد‪ :‬فقال ابن عباس‪ :‬أنوف يقول هذا يببا‬
‫سعيد ؟ فقلت له‪ :‬نعم أنا سمعت نوفبا ً يقببول ذلببك‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫أنببت سببمعته يببا سببعيد ؟ قببال‪ :‬نعببم‪ ,‬قببال‪ :‬كببذب نببوف‪.‬‬
‫ثم قال ابن عباس‪ :‬حدثني أبي بن كعب عن رسول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم أن موسى بني إسرائيل سببأل ربببه‪,‬‬
‫فقببال‪ :‬أي رب إن كببان فببي عبببادك أحببد هببو أعلببم منببي‬
‫فدلني عليه‪ ,‬فقال له‪ :‬نعم في عبادي من هو أعلببم منببك‪,‬‬
‫ثم نعت له مكانه وأذن له في لقيه‪ ,‬فخببرج موسببى ومعببه‬
‫فتاه ومعه حوت مليح‪ ,‬قد قيببل لببه‪ :‬إذا حيببي هببذا الحببوت‬
‫في مكان‪ ,‬فصبباحبك هنالببك وقببد أدركببت حاجتببك‪ ,‬فخببرج‬
‫موسى ومعه فتاه ومعه ذلك الحوت يحملنه‪ ,‬فسببار حببتى‬
‫جهده السير وانتهى إلى الصخرة وإلى ذلببك المبباء‪ ,‬وذلببك‬
‫الماء ماء الحياة‪ ,‬من شرب منه خلد ول يقارنه شيء ميت‬
‫إل حيي‪ ,‬فلما نزل ومس الحوت الماء حيي‪ ,‬فاتخببذ سبببيله‬
‫في البحر سربا‪ ,‬فانطلقا فلمبا جباوزا النقلبة قبال موسبى‬
‫لفتاه‪ :‬آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا‪ ,‬قال الفتى‬
‫وذكر‪ :‬أرأيت إذ أوينا إلببى الصببخرة‪ ,‬فببإني نسببيت الحببوت‬
‫وما أنسانيه إل الشيطان أن أذكره‪ ,‬واتخذ سبيله في البحر‬
‫عجبا‪ ,‬قال ابن عباس فظهر موسى على الصخرة حتى إذا‬
‫انتهيا إليها‪ ,‬فإذا رجل متلفف في كساء له‪ ,‬فسلم موسببى‬
‫عليه فرد عليه السلم‪ ,‬ثم قال له‪ :‬ما جاء بك إن كان لببك‬
‫في قومك لشغل ؟ قال لببه موسببى‪ :‬جئتببك لتعلمنببي ممببا‬
‫علمت رشدًا‪ .‬قال‪ :‬إنببك لببن تسببتطيع معببي صبببرا‪ ,‬وكببان‬
‫رجل ً يعلم علم الغيب‪ ,‬قد علم ذلك‪ ,‬فقببال موسببى‪ :‬بلببى‪.‬‬
‫قال‪} :‬وكيف تصبر على مببا لببم تحببط بببه خبببرًا{ أي إنمببا‬
‫تعرف ظاهر ما ترى من العدل‪ ,‬ولم تحط من علم الغيببب‬
‫بما أعلم }قال ستجدني إن شاء الله صابرا ً ول أعصي لك‬
‫أمببرًا{ وإن رأيببت مببا يخببالفني‪ ,‬قببال‪} :‬فببإن اتبعتنببي فل‬
‫تسألني عببن شببيء{ وإن أنكرتببه }حببتى أحببدث لببك منببه‬
‫ذكرا{ فانطلقا يمشيان على ساحل البحر يتعرضان الناس‬
‫يلتمسان مببن يحملهمببا‪ ,‬حببتى مببرت بهمببا سببفينة جديببدة‬
‫وثيقة لم يمر بهما من السفن شيء أحسن‪ ,‬ول أجمببل ول‬

‫‪843‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أوثق منهببا‪ ,‬فسببأل أهلهببا أن يحملوهمببا فحملوهمببا‪ ,‬فلمببا‬
‫أطمأنببا فيهببا ولجببت بهمببا مببع أهلهببا‪ ,‬أخببرج منقببارا ً لببه‬
‫ومطرقة‪ ,‬ثم عمد إلى ناحيببة فضببرب فيهببا بالمنقببار حببتى‬
‫خرقها‪ ,‬ثم أخذ لوحا ً فطبقه عليها‪ ,‬ثم جلس عليها يرقعهببا‪,‬‬
‫فقال له موسى ورأى أمرا ً أفظع به }أخرقتها لتغرق أهلها‬
‫لقد جئت شيئا ً إمرا ً * قال ألم أقل إنك لن تسببتطيع معببي‬
‫صبرا * قال ل تؤاخببذني بمببا نسببيت{ أي بمببا تركببت مببن‬
‫عهببدك }ول ترهقنببي مببن أمببري عسببرًا{ ثببم خرجببا مببن‬
‫السببفينة‪ ,‬فانطلقببا حببتى إذا أتيببا أهببل قريببة‪ ,‬فببإذا غلمببان‬
‫يلعبون خلفها‪ ,‬فيهم غلم ليس في الغلمببان أظببرف منببه‪,‬‬
‫ول أثرى ول أوضأ منه فأخذه بيده وأخذ حجرا ً فضببرب بببه‬
‫رأسه حتى دمغه فقتله‪ ,‬قال‪ :‬فرأى موسى أمبرا ً فظيعبا ً ل‬
‫صبر عليه‪ ,‬صبي صغير قتله ل ذنب له‪ ,‬قال‪} :‬أقتلت نفسا ً‬
‫زكية{ أي صغيرة }بغير نفس لقد جئت شيئا ً نكببرا ً * قببال‬
‫ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا ً * قببال إن سببألتك‬
‫عن شيء بعدها فل تصاحبني قد بلغبت مبن لبدني عبذرا{‬
‫أي قد أعذرت في شأني }فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قريببة‬
‫استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا ً يريببد‬
‫أن ينقض{ فهدمه ثم قعد يبنيه‪ ,‬فضجر موسببى ممببا يببراه‬
‫يصنع من التكليف وما ليس لببه عليببه صبببر فأقببامه‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫}لو شئت لتخذت عليه أجببرًا{ أي قببد اسببتطعمناهم فلببم‬
‫يطعمونا وضفناهم فلم يضيفونا‪ ,‬ثم قعدت تعمل مببن غيببر‬
‫صنيعة‪ ,‬ولو شئت لعطيببت عليببه أجببرا ً فببي عملببه‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫}هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليببه‬
‫صبرا ً * أما السفينة فكانت لمسبباكين يعملببون فببي البحببر‬
‫فأردت أن أعيبهببا‪ ,‬وكببان وراءهببم ملببك يأخببذ كببل سببفينة‬
‫غصبا{ وفي قراءة ابن كعب }كل سببفينة صببالحة{ وإنمببا‬
‫عبتهببا لرده عنهببا‪ ,‬فسببلمت منببه حيببن رأى العيببب الببذي‬
‫صنعت بها‪} ,‬وأما الغلم فكببان أبببواه مببؤمنين فخشببينا أن‬
‫يرهقهما طغيانا ً وكفرا‪ ,‬فأردنا أن يبدلهما ربهمببا خيببرا ً منببه‬
‫زكاة وأقرب رحما{‪} .‬وأما الجدار فكببان لغلميببن يببتيمين‬
‫في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فببأراد‬

‫‪844‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهمببا رحمببة مببن ربببك‬
‫وما فعلته عن أمري{ أي ما فعلته عن نفسي }ذلك تأويل‬
‫ما لم تسطع عليه صبرا{ فكان ابن عباس يقول‪ :‬مببا كببان‬
‫الكنز إل علمًا‪ ,‬وقال عوفي عن ابن عباس قال‪ :‬لمببا ظهببر‬
‫موسى وقومه على مصر أنزل قومه مصر‪ ,‬فلما استقرت‬
‫بهم الدار أنزل الله أن ذكرهم بأيببام اللببه‪ ,‬فخطببب قببومه‬
‫فذكر ما آتاهم الله من الخير والنعمة‪ ,‬وذكرهببم إذ نجبباهم‬
‫الله من آل فرعون‪ ,‬وذكرهم هلك عدوهم وما اسببتخلفهم‬
‫الله في الرض‪ ,‬وقال‪ :‬كلم الله نبيكم تكليمببا ً واصببطفاني‬
‫ي محبببة منببه‪ ,‬وآتبباكم اللببه مببن كببل مببا‬
‫لنفسه‪ ,‬وأنزل عل ّ‬
‫سألتموه‪ ,‬فنبيكم أفضل أهل الرض وأنتم تقرؤون التوراة‪,‬‬
‫فلم يترك نعمة أنعم الله عليهم إل وعرفهم إياها‪ ,‬فقال له‬
‫رجل من بني إسرائيل‪ :‬هم كذلك يببا نبببي اللببه قببد عرفنببا‬
‫الذي تقول‪ :‬فهل على الرض أحد أعلم منك يا نبي اللببه ؟‬
‫قببال‪ :‬ل‪ .‬فبعببث اللبه جبرائيببل إلببى موسببى عليببه السببلم‬
‫فقال‪ :‬إن الله يقول‪ :‬وما يدريك أين أضببع علمببي‪ ,‬بلبى إن‬
‫لي على شط البحر رجل ً هو أعلم منك‪ .‬قببال ابببن عببباس‪:‬‬
‫هو الخضر‪ ,‬فسأل موسى ربه أن يريببه إيبباه‪ ,‬فببأوحى إليببه‬
‫أن ائت البحر‪ ,‬فإنبك تجبد علبى شبط البحبر حوتبًا‪ ,‬فخبذه‬
‫فادفعه إلى فتبباك ثببم الببزم شبباطىء البحببر‪ ,‬فببإذا نسببيت‬
‫الحوت وهلك منك‪ ,‬فثم تجببد العبببد الصببالح الببذي تطلببب‪.‬‬
‫فلما طال سفر موسى نبي الله ونصب فيه سأل فتاه عن‬
‫الحببوت‪ ,‬فقببال لببه فتبباه وهببو غلمببه }أرأيببت إذ أوينبباإلى‬
‫الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسببانيه إل الشببيطان أن‬
‫أذكره{ لك‪ ,‬قال الفتى‪ :‬لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله‬
‫في البحر سربا ً فأعجب من ذلك‪ ,‬فرجع موسى حتى أتببى‬
‫الصخرة‪ ,‬فوجد الحوت‪ ,‬فجعل الحوت يضببرب فببي البحببر‬
‫ويتبعه موسى‪ ,‬وجعل موسى يقدم عصبباه يفببرج بهببا عنببه‬
‫الماء يتبع الحوت‪ ,‬وجعل الحوت ل يمس شببيئا ً مببن البحببر‬
‫إل يبس عنه المبباء حببتى يكببون صببخرة‪ ,‬فجعببل نبببي اللببه‬
‫يعجب من ذلك حببتى انتهببى بببه الحببوت إلببى جزيببرة مببن‬
‫جزائر البحر فلقي الخضر بها‪ ,‬فسلم عليه فقببال الخضببر‪:‬‬

‫‪845‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وعليببك السببلم‪ ,‬وأنببى يكببون السببلم بهببذه الرض‪ ,‬ومببن‬
‫أنببت ؟ قببال‪ :‬أنببا موسببى‪ ,‬قببال الخضببر‪ :‬صبباحب بنببي‬
‫إسرائيل ؟ قال‪ :‬نعم‪ ,‬فرحب به وقال‪ :‬ما جبباء بببك ؟ قببال‬
‫جئتك }على أن تعلمني مما علمت رشدا ً * قببال إنببك لببن‬
‫تسبببتطيع معبببي صببببرا{ يقبببول‪ :‬ل تطيبببق ذلبببك‪ ,‬قبببال‪:‬‬
‫}ستجدني إن شاء الله صابرا ً ول أعصي لببك أمببرًا{ قببال‪:‬‬
‫فانطلق به‪ ,‬وقال له‪ :‬ل تسببألني عببن شببيء أصببنعه حببتى‬
‫أبين شأنه‪ ,‬فببذلك قببوله‪} :‬حببتى أحببدث لببك منببه ذكببرًا{‪.‬‬
‫وقال الزهري عن عبيد الله بببن عبببد اللببه بببن عتبببة بببن‬
‫مسعود عن ابن عباس أنه تمارى هو والحر بببن قيببس بببن‬
‫حصن الفزاري في صاحب موسى فقال ابببن عببباس‪ :‬هببو‬
‫الخضر‪ ,‬فمر بهما أبي بن كعب فدعاه ابببن عببباس فقببال‪:‬‬
‫إني تماريت أنا وصبباحبي هببذا فببي صبباحب موسببى الببذي‬
‫سأل السبيل إلى لقيه‪ ,‬فهل سمعت رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم يذكر شأنه ؟ قببال‪ :‬إنببي سببمعت رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول »بينا موسى في مل مببن بنببي‬
‫إسببرائيل إذ جبباءه رجببل‪ ,‬فقببال‪ :‬تعلببم مكببان رجببل أعلببم‬
‫منك ؟ قال‪ :‬ل‪ ,‬فأوحى الله إلى موسى‪ ,‬بلى عبدنا خضببر‪,‬‬
‫فسأل موسى السبيل إلى لقيه‪ ,‬فجعل الله له الحوت آية‪,‬‬
‫وقيل له‪ :‬إذا فقدت الحببوت فببارجع فإنببك سببتلقاه‪ ,‬فكببان‬
‫موسى يتبببع أثببر الحببوت فببي البحببر‪ ,‬فقببال فببتى موسببى‬
‫لموسى‪ :‬أرأيت إذ أويناإلى الصخرة‪ ,‬فإني نسيت الحببوت‪,‬‬
‫قال موسى }ذلك ما كنا نبِغ فارتدا على آثارهمببا قصصببا{‬
‫فوجدا عبدنا خضر‪ ,‬فكان مببن شببأنهما مببا قببص اللببه فببي‬
‫كتبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببابه‪.‬‬

‫َ‬ ‫ل أ َت ّب ِعُ َ َ‬
‫ت‬‫مب َ‬ ‫مببا عُل ّ ْ‬ ‫م ّ‬
‫ن ِ‬‫مب ِ‬ ‫ى أن ت ُعَل ّ َ‬ ‫ك عَلب َ‬ ‫ى هَ ْ‬ ‫س َ‬ ‫مو َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ل لَ ُ‬‫** َقا َ‬
‫صبب ُِر‬
‫ف تَ ْ‬ ‫صبْبرا ً * وَك َي ْب َ‬ ‫ي َ‬ ‫مع ِ َ‬ ‫طيعَ َ‬‫ست َ ِ‬‫ك َلن ت َ ْ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬‫شدا ً * َقا َ‬ ‫ُر ْ‬
‫شببآَء الل ّب ُ‬
‫ه‬ ‫ي ِإن َ‬ ‫َ‬ ‫جد ُن ِ‬
‫س بت َ ِ‬
‫ل َ‬ ‫خب ْببرا ً * قَببا َ‬ ‫ط ب ِهِ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫م تُ ِ‬ ‫ما ل َ ْ‬‫ى َ‬ ‫َ‬
‫عَل َ‬
‫سبأ َْلني‬ ‫ن ات ّب َعْت َن ِببي فَل َ ت َ ْ‬ ‫ل فَإ ِ ِ‬ ‫مرا ً * َقا َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫صي ل َ َ‬ ‫َ‬
‫صاِبرا ً وَل َ أعْ ِ‬ ‫َ‬
‫كبببببرا ً‬ ‫ه ذِ ْ‬ ‫ث ل َببببب َ‬ ‫ُ‬ ‫عَبببببن َ‬
‫مْنببببب ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫حبببببدِ َ‬ ‫ىأ ْ‬ ‫حت ّببببب َ‬‫شبببببيٍء َ‬

‫‪846‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يخبر تعالى عن قيل موسى عليببه السببلم لببذلك الرجببل‬
‫العالم وهو الخضر‪ ,‬الذي خصه اللببه بعلببم لببم يطلببع عليببه‬
‫موسى‪ ,‬كما أنه أعطببى موسببى مببن العلببم مببا لببم يعطببه‬
‫الخضر }قال له موسى هل أتبعك{ سؤال تلطبف ل علبى‬
‫وجببه اللببزام والجبببار‪ ,‬وهكببذا ينبغببي أن يكببون سببؤال‬
‫المتعلم من العالم‪ .‬وقوله‪} :‬أتبعك{ أي أصحبك وأرافقببك‬
‫}على أن تعلمن مما علمت رشببدا{ أي ممببا علمببك اللببه‬
‫شيئا ً أسترشد به في أمري مببن علببم نببافع وعمببل صببالح‪,‬‬
‫فعندها }قال{ الخضر لموسببى }إنببك لببن تسببتطيع معببي‬
‫صبرا{ أي إنك ل تقدر على مصاحبتي لما تببرى منببي مببن‬
‫الفعال التي تخالف شريعتك‪ ,‬لني على علم من علم الله‬
‫ما علمكه الله‪ ,‬وأنت على علم مبن علبم اللبه مببا علمنيببه‬
‫الله‪ ,‬فكل منا مكلف بأمور من الله دون صبباحبه‪ ,‬وأنببت ل‬
‫تقدر على صببحبتي }وكيببف تصبببر علببى مببا لببم تحببط بببه‬
‫خبرا{ فأنا أعرف أنك سبتنكر علبي مبا أنبت معبذور فيبه‪,‬‬
‫ولكببن مببا اطلعببت علببى حكمتببه ومصببلحته الباطنببة الببتي‬
‫اطلعت أنا عليها دونك }قببال{ أي موسببى }سببتجدني إن‬
‫شاء الله صابرا{ أي على ما أرى من أمورك }ول أعصببي‬
‫لك أمرًا{ أي ول أخالفببك فببي شببيء فعنببد ذلببك شببارطه‬
‫الخضر عليه السلم }قببال فببإن اتبعتنببي فل تسببألني عببن‬
‫شيء{ أي ابتداًء }حبتى أحبدث لبك منبه ذكبرا{ أي حبتى‬
‫أببببببببببدأك أنبببببببببا ببببببببببه قببببببببببل أن تسبببببببببألني‪.‬‬
‫قال ابن جرير‪ :‬حدثنا حميد بن جبير‪ ,‬حببدثنا يعقببوب عببن‬
‫هارون بن عنببترة عببن أبيببه‪ ,‬عببن ابببن عببباس قببال‪ :‬سببأل‬
‫موسى عليه السلم ربه عز وجل فقال‪ :‬أي رب أي عبادك‬
‫أحب إليك ؟ قال‪ :‬الببذي يببذكرني ول ينسبباني‪ .‬قببال‪ :‬فببأي‬
‫عبادك أقضى ؟ قال‪ :‬الذي يقضي بببالحق ول يتبببع الهببوى‪.‬‬
‫قببال‪ :‬أي رب أي عبببادك أعلبم ؟ قببال‪ :‬الببذي يبتغبي علبم‬
‫الناس إلى علمه عسى أن يصيب كلمة تهديه إلى هدى أو‬
‫ترده عن ردى‪ ,‬قال‪ :‬أي رب هل في أرضك أحد أعلم مني‬
‫؟ قال‪ :‬نعبم قببال‪ :‬فمببن هببو ؟ قبال‪ :‬الخضببر‪ .‬قبال‪ :‬وأيببن‬
‫أطلبه ؟ قببال‪ :‬علببى السبباحل عنببد الصببخرة الببتي ينفلببت‬

‫‪847‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عندها الحوت‪ .‬قال‪ :‬فخرج موسى يطلبه حتى كان ما ذكر‬
‫الله‪ ,‬وانتهى موسى إليه عنببد الصببخرة‪ ,‬فسببلم كببل واحببد‬
‫منهمببا علببى صبباحبه‪ ,‬فقببال لببه موسببى‪ :‬إنببي أحببب أن‬
‫أصحبك‪ ,‬قال‪ :‬إنك لن تطيق صحبتي قال‪ :‬بلى‪ .‬قال‪ :‬فببإن‬
‫صببحبتني }فل تسببألني عببن شببيء حببتى أحببدث لببك منببه‬
‫ذكرًا{ قال‪ :‬فسار به فببي البحببر حببتى انتهببى إلببى مجمببع‬
‫البحرين‪ ,‬وليببس فببي الرض مكببان أكببثر مبباء منببه‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫وبعث الله الخطاف‪ ,‬فجعببل يسببتقي منببه بمنقبباره‪ ,‬فقببال‬
‫لموسى‪ :‬كم ترى هذا الخطاف رزأ من هذا المبباء ؟ قببال‪:‬‬
‫ما أقل ما رزأ‪ .‬قال‪ :‬يا موسببى‪ ,‬فببإن علمببي وعلمببك فببي‬
‫علم الله كقدر ما اسببتقى هببذا الخطبباف مببن هببذا المبباء‪,‬‬
‫وكان موسى قد حدث نفسه أنه ليببس أحببد أعلببم منببه أو‬
‫تكلم به‪ ,‬فمن ثم أمر أن يأتي الخضر‪ ,‬وذكر تمام الحببديث‬
‫في خرق السفينة‪ ,‬وقتل الغلم‪ ,‬وإصلح الجدار‪ ,‬وتفسببيره‬
‫لببببببببببببببببببببببببببببببببببه ذلببببببببببببببببببببببببببببببببببك‪.‬‬

‫ل أَ َ‬
‫خَرقْت ََهببا‬ ‫خَرقََها َقا َ‬ ‫سِفين َةِ َ‬‫ذا َرك َِبا ِفي ال ّ‬ ‫ى إِ َ‬‫َ‬ ‫** َفان ْط َل ََقا َ‬
‫حت ّ‬
‫ك ل َببن‬ ‫م أ َقُ ب ْ‬
‫ل إ ِن ّب َ‬ ‫شيئا ً إمرا ً * َقا َ َ‬
‫ل أل َ ْ‬ ‫ت َ ْ ِ ْ‬ ‫جئ ْ َ‬
‫َ‬
‫ل ِت ُغْرِقَ أهْل ََها ل ََقد ْ ِ‬
‫ت وَل َ‬ ‫سببي ُ‬ ‫خبذ ِْني ب ِ َ‬
‫مببا ن َ ِ‬ ‫ؤا ِ‬‫ل ل َ تُ َ‬ ‫صبْبرا ً * قَببا َ‬ ‫ي َ‬ ‫مع ِ ب َ‬
‫طيعَ َ‬ ‫سبت َ ِ‬
‫تَ ْ‬
‫سببببببببببببرا ً‬ ‫َ‬
‫ري عُ ْ‬ ‫مبببببببببببب ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫مبببببببببببب ْ‬ ‫ت ُْرهِْقن ِببببببببببببي ِ‬
‫يقول تعالى مخبببرا ً عببن موسببى وصبباحبه وهببو الخضببر‪,‬‬
‫أنهما انطلقببا لمببا توافقببا واصببطحبا‪ ,‬واشببترط عليببه أن ل‬
‫يسأله عن شيء أنكره حببتى يكببون هببو الببذي يبتببدئه مببن‬
‫تلقاء نفسه بشرحه وبيانه‪ ,‬فركبا في السفينة‪ ,‬وقببد تقببدم‬
‫في الحديث كيف ركبا في السفينة‪ ,‬وأنهم عرفوا الخضببر‪,‬‬
‫فحملوهما بغير نول‪ ,‬يعني بغير أجرة‪ ,‬تكرمة للخضر‪ ,‬فلما‬
‫استقلت بهم السفينة في البحر ولججت‪ ,‬أي دخلت اللجة‪,‬‬
‫قام الخضر فخرقها‪ ,‬واستخرج لوحا ً من ألواحها ثم رقعها‪,‬‬
‫فلم يملك موسى عليه السلم نفسه أن قال منكببرا ً عليببه‬
‫}أخرقتهببا لتغببرق أهلهببا{ وهببذه اللم لم العاقبببة ل لم‬
‫التعليبببببببببببل‪ ,‬كمبببببببببببا قبببببببببببال الشببببببببببباعر‪:‬‬

‫‪848‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لبببببببببببدوا للمبببببببببببوت وابنبببببببببببوا للخبببببببببببراب‬
‫}لقد جئت شيئا ً إمرًا{ قال مجاهد‪ :‬منكرًا‪ .‬وقببال قتببادة‪:‬‬
‫عجبًا‪ ,‬فعندها قال له الخضر مذكرا ً بما تقدم مببن الشببرط‬
‫}ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا{ يعني وهذا الصببنيع‬
‫فعلته قصدًا‪ ,‬وهو مببن المببور الببتي اشببترطت معببك أن ل‬
‫تنكر علي فيهببا‪ ,‬لنببك لببم تحببط بهببا خبببرا ً ولهببا دخببل هببو‬
‫مصلحة ولم تعلمه أنببت }قببال{ أي موسببى }ل تؤاخببذني‬
‫بما نسيت ول ترهقني من أمري عسرا{ أي ل تضيق علي‬
‫ول تشدد علي‪ ,‬ولهذا تقدم في الحببديث عببن رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه قال‪» :‬كانت الولى من موسببى‬
‫نسببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببيانًا«‪.‬‬

‫ت ن َْفسبا ً‬ ‫لمبا ً فََقتل َبه قَببا َ َ‬


‫ل أقَت َل ْب َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ذا ل َِقي َببا غُ َ‬‫ى إِ َ‬
‫َ‬ ‫** َفان ْط َل ََقا َ‬
‫حت ّ‬
‫ك‬ ‫ل ل ّب َ‬ ‫م أ َقُب ْ‬ ‫كرا ً * قَببا َ َ‬
‫ل أل َب ْ‬ ‫شْيئا ً ن ّ ْ‬‫ت َ‬ ‫جئ ْ َ‬‫س ل َّقد ْ ِ‬ ‫ة ب ِغَي ْرِ ن َْف ٍ‬ ‫َزك ِي ّ ً‬
‫َ‬
‫س بأل ْت ُ َ‬ ‫صْبرا ً * َقا َ‬
‫يٍء‬ ‫شب ْ‬ ‫ك عَببن َ‬ ‫ل ِإن َ‬ ‫ي َ‬ ‫مع ِ َ‬ ‫طيعَ َ‬ ‫ك َلن ت َ ْ‬
‫ست َ ِ‬ ‫إ ِن ّ َ‬
‫ذرا ً‬‫عببب ْ‬‫مبببن ّلبببد ُّني ُ‬ ‫ت ِ‬‫حب ِْني َقبببد ْ ب َل َْغببب َ‬ ‫صبببا ِ‬‫ها فَل َ ت ُ َ‬ ‫ب َْعبببد َ َ‬
‫يقول تعالى‪} :‬فانطلقا{ أي بعد ذلك }حتى إذا لقيا غلما ً‬
‫فقتله{ وقد تقدم أنه كان يلعب مع الغلمان في قرية مببن‬
‫القرى‪ ,‬وأنه عمد إليه من بينهم‪ ,‬وكان أحسببنهم وأجملهببم‬
‫وأضببوأهم فقتلببه‪ ,‬وروي أنببه احببتز رأسببه‪ ,‬وقيببل رضببخه‬
‫بحجر‪ ,‬وفي رواية اقتلعببه بيببده‪ ,‬واللببه أعلببم‪ ,‬فلمببا شبباهد‬
‫موسى عليببه السببلم هببذا‪ ,‬أنكببره أشببد مببن الول‪ ,‬وبببادر‬
‫فقال‪} :‬أقتلت نفسا ً زكية{ أي صغيرة لم تعمل الحنث ول‬
‫عملت إثما ً بعد فقتلته }بغير نفس{ أي بغير مستند لقتلببه‬
‫}لقد جئت شيئا ً نكرًا{ أي ظاهر النكارة } قببال ألببم أقببل‬
‫لك إنك لن تستطيع معي صبببرا{ فأكببد أيضبا ً فببي التببذكار‬
‫بالشرط الول‪ ,‬فلهببذا قببال لبه موسببى‪} :‬إن سبألتك عببن‬
‫شيء بعدها{ أي إن اعترضت عليك بشيء بعد هذه المرة‬
‫ي‬ ‫}فل تصاحبني قد بلغت من لدني عذرًا{ أي أعببذرت إلبب ّ‬
‫مرة بعد مرة‪ ,‬قال ابن جرير‪ :‬حدثنا عبد الله بن أبي زيبباد‪,‬‬
‫حدثنا حجاج بن محمد عن حمزة الزيات عن أبي إسببحاق‪,‬‬

‫‪849‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن سعيد بن جبير عن ابن عباس‪ ,‬عن أبي بن كعب قال‪:‬‬
‫كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر أحدا ً فدعا له بببدأ‬
‫بنفسه‪ ,‬فقال ذات يوم‪» :‬رحمة الله علينا وعلى موسى لو‬
‫لبث مع صاحبه لبصر العجب‪ ,‬ولكنه قال‪ :‬إن سببألتك عببن‬
‫شببيء بعببدها فل تصبباحبني قببد بلغببت مببن لببدني عببذرا«‪.‬‬

‫مآ أ َهْل ََها فَأ َب َوْا ْ َأن‬‫ست َط ْعَ َ‬‫ل قَْري َةٍ ا ْ‬ ‫ذآ أ َت ََيآ أ َهْ َ‬
‫ى إِ َ‬ ‫َ‬ ‫** َفانط َل ََقا َ‬
‫حت ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل لَ ْ‬
‫و‬ ‫ه َقا َ‬ ‫ض فَأَقا َ‬
‫م ُ‬ ‫ريد ُ أن َينَق ّ‬ ‫دارا ً ي ُ ِ‬‫ج َ‬‫دا ِفيَها ِ‬ ‫ج َ‬‫ما فَوَ َ‬ ‫ضي ُّفوهُ َ‬ ‫يُ َ‬
‫جرا ً * قَببا َ‬ ‫َ‬
‫ك‬‫ذا فِ بَراقُ ب َي ْن ِببي وَب َي ْن ِب َ‬ ‫هـ ب َ‬ ‫ل َ‬ ‫ت عَل َي ْهِ أ ْ‬ ‫ت ل َت ّ َ‬
‫خذ ْ َ‬ ‫شئ ْ َ‬
‫ِ‬
‫صببببْبرا ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫طع عّل َْيببببهِ َ‬ ‫سببببت َ ِ‬ ‫م تَ ْ‬‫مببببا َلبببب ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ك ب ِت َأِويبببب ِ‬ ‫سببببأن َب ّئ ُ َ‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عنهما إنهمببا }انطلقببا{ بعببد المرتيببن‬
‫الوليين }حتى إذا أتيا أهل قرية{ روى ابن جرير عن ابببن‬
‫سيرين أنها اليلة‪ ,‬وفي الحديث »حتى إذا أتيببا أهببل قريببة‬
‫لئامًا« أي بخلء }استطعما أهلهافأبوا أن يضيفوهما فوجدا‬
‫فيها جدارا ً يريد أن ينقض{ إسناد الرداة ههنا إلببى الجببدار‬
‫على سبيل الستعارة‪ ,‬فإن الرادة فببي المحببدثات بمعنببى‬
‫الميل‪ ,‬والنقضبباض هببو السببقوط‪ .‬وقببوله‪} :‬فأقببامه{ أي‬
‫فرده إلى حالة الستقامة‪ ,‬وقد تقدم في الحديث أنببه رده‬
‫بيديه ودعمه حتى رد ميله‪ ,‬وهببذا خببارق‪ ,‬فعنببد ذلببك قببال‬
‫موسى له }لو شئت لتخذت عليببه أجببرا{ أي لجببل أنهببم‬
‫لم يضيفونا‪ ,‬كان ينبغي أن ل تعمل لهبم مجانبا ً }قبال هبذا‬
‫فراق بيني وبيك{ أي لنك شببرطت عنببد قتببل الغلم أنببك‬
‫إن سألتني عن شيء بعدها‪ ,‬فل تصاحبني فهو فراق بينببي‬
‫وبينك }سأنبئك بتأويل{ أي بتفسير }ما لببم تسببطع عليببه‬
‫صببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببرا{‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫حرِ فَأَرد ّ‬ ‫ن ِفي ال ْب َ ْ‬
‫مُلو َ‬ ‫ن ي َعْ َ‬‫َ‬ ‫كي‬
‫سا ِ‬ ‫م َ‬
‫ت لِ َ‬ ‫ة فَ َ‬
‫كان َ ْ‬ ‫سِفين َ ُ‬
‫ما ال ّ‬
‫** أ ّ‬
‫صبببا ً‬ ‫خ بذ ُ ك ُب ّ‬ ‫أ َن أ َعيبهببا وك َببان ورآَءهببم مل ب ٌ ْ‬
‫س بِفين َةٍ غَ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ك ي َأ ُ‬ ‫ّ ِ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫ْ ِ ََ َ‬
‫هذا تفسير ما أشكل أمببره علببى موسببى عليببه السببلم‪,‬‬
‫وما كان أنكر ظاهره‪ ,‬وقد أظهر الله الخضر عليه السببلم‬
‫على حكمة باطنة‪ ,‬فقال‪ :‬إن السفينة إنما خرقتهببا لعيبهببا‬

‫‪850‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لنهم كانوا يمرون بها على ملببك مببن الظلمبة }يأخببذ كببل‬
‫سفينة{ صالحة أي جيدة }غصبًا{ فأردت أن أعيبهببا لرده‬
‫عنها لعيبها‪ ,‬فينتفع بها أصحابها المسباكين الببذين لببم يكبن‬
‫لهم شيء ينتفعون به غيرها‪ ,‬وقد قيببل إنهببم أيتببام‪ ,‬وروى‬
‫ابن جريج عن وهب بن سليمان‪ ,‬عببن شببعيب الجبببائي أن‬
‫اسببم الملببك هببدد بببن بببدد‪ ,‬وقببد تقببدم أيض با ً فببي روايببة‬
‫البخاري‪ ,‬وهبو مبذكور فبي التبوراة فبي ذريبة العيبص ببن‬
‫إسحاق وهو من الملببوك المنصببوص عليهببم فببي التببوارة‪,‬‬
‫واللببببببببببببببببببببببببببببببببه أعلببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫َ‬ ‫ن فَ َ‬ ‫** وأ َما ال ْغُل َم فَك َببا َ‬


‫مببا‬‫شببيَنآ أن ي ُْرهَِقهُ َ‬ ‫خ ِ‬ ‫من َي ْ ِ‬‫م بؤ ْ ِ‬
‫واهُ ُ‬ ‫ن أب َب َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ّ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كببباةً‬‫ه َز َ‬‫من ْب ُ‬
‫خي ْببرا ّ‬
‫مببا َ‬
‫ما َرب ّهُ َ‬ ‫ط ُغَْيانا ً وَك ُْفرا * فَأَرد َْنآ أن ي ُب ْدِلهُ َ‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫حمبببببببببببببببببببببببببببببببا ً‬ ‫َ‬
‫ب ُر ْ‬ ‫وَأْقبببببببببببببببببببببببببببببببَر َ‬
‫قد تقدم أن هببذا الغلم كببان اسببمه جيسببور‪ .‬وفببي هببذا‬
‫الحديث عن ابن عباس عن أبي بن كعب‪ ,‬عن النبي صببلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪» :‬الغلم الذي قتله الخضر طبببع يببوم‬
‫طبع كافرًا« رواه ابن جرير مببن حببديث ابببن إسببحاق عببن‬
‫سعيد عن ابن عباس به‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬فكان أبواه مببؤمنين‬
‫فخشينا أن يرهقهما طغيانا ً وكفرا{ أي يحملهما حبه علببى‬
‫متابعته على الكفر‪ ,‬قال قتادة‪ :‬قد فرح به أبواه حين ولببد‪,‬‬
‫وحزنا عليه حين قتل‪ ,‬ولو بقي لكان فيه هلكهما‪ ,‬فليببرض‬
‫امرؤ بقضاء الله‪ ,‬فإن قضاء الله للمؤمن فيمببا يكببره خيببر‬
‫له من قضائه فيما يحببب‪ ,‬وصببح فببي الحببديث »ل يقضببي‬
‫الله لمؤمن قضاء إل كان خيرا ً له« وقال تعالى‪ } :‬وعسى‬
‫أن تكرهوا ً شيئا ً وهو خير لكم{ وقوله }فأردنا أن يبببدلهما‬
‫ربهما خيرا منه زكبباة وأقببرب رحمببا{ أي ولببدا ً أزكببى مببن‬
‫هذا‪ ,‬وهما أرحم به منه‪ ,‬قاله ابن جريج‪ .‬وقببال قتببادة‪ :‬أببّر‬
‫بوالديه‪ ,‬وقد تقدم أنهما بدل جارية‪ .‬وقيل‪ :‬لما قتله الخضر‬
‫كبببانت أمبببه حبببامل ً بغلم مسبببلم‪ ,‬قببباله اببببن جريبببج‪.‬‬

‫‪851‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬
‫دين َبةِ وَك َببا َ‬
‫ن‬ ‫ن فِببي ال ْ َ‬
‫م ِ‬ ‫ِ‬ ‫مي ْب‬
‫ن ي َِتي َ‬‫ِ‬ ‫ن ل ِغُل َ َ‬
‫مي ْب‬ ‫داُر فَ َ‬
‫كا َ‬ ‫ج َ‬‫ما ال ْ ِ‬‫** وَأ ّ‬
‫ك َأن ي َب ْل ُغَببآ‬ ‫صبباِلحا ً فَبأ ََراد َ َرب ّب َ‬ ‫مببا َ‬ ‫ن أُبوهُ َ‬
‫كنز ل ّهمببا وك َببا َ‬
‫َ‬ ‫ه َ ٌ ُ َ َ‬ ‫حت َ ُ‬‫تَ ْ‬
‫ن‬‫ه عَ ب ْ‬ ‫ما فَعَل ْت ُب ُ‬ ‫ك وَ َ‬‫من ّرب ّ َ‬ ‫ة ّ‬‫م ً‬ ‫ح َ‬‫ما َر ْ‬ ‫كنَزهُ َ‬ ‫جا َ‬ ‫خرِ َ‬‫ست َ ْ‬‫ما وَي َ ْ‬‫شد ّهُ َ‬ ‫أَ ُ‬
‫صبببْبرا ً‬ ‫طببببع عّل َْيبببهِ َ‬ ‫س ِ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫مبببا َلببب ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ك ت َأ ِْويببب ُ‬‫ري ذ َِلببب َ‬ ‫مببب ِ‬
‫َ‬
‫أ ْ‬
‫لية دليل على إطلق القرية على المدينة‪ ,‬لنه‬ ‫في هذه ا َ‬
‫قببال أول ً }حببتى إذا أتيببا أهببل قريببة{ وقببال ههنببا }فكببان‬
‫لغلمين يتيمين في المدينة{ كما قال تعالى‪} :‬فكأين مببن‬
‫قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك{ }وقالوا لول‬
‫نزل هذا القرآن علببى رجببل مببن القريببتين عظيببم{ يعنببي‬
‫ليببة أن هببذا الجببدار إنمببا أصببلحته‬ ‫مكة والطائف‪ ,‬ومعنى ا َ‬
‫لنه كان لغلمين يتيمين في المدينة‪ ,‬وكان تحته كنز لهمببا‪.‬‬
‫قال عكرمة وقتادة وغير واحببد‪ :‬وكبان تحتبه مبال مببدفون‬
‫لية‪ ,‬وهببو اختيببار ابببن جريببر‬ ‫لهما‪ ,‬وهو ظاهر السياق من ا َ‬
‫رحمببببببببببببببببببببببببببببببببه اللببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫وقال العوفي عن ابن عباس‪ :‬كان تحته كنببز علببم‪ ,‬وكببذا‬
‫قال سعيد بن جبير‪ ,‬وقال مجاهد‪ :‬صحف فيهببا علببم‪ ,‬وقببد‬
‫ورد في حديث مرفوع ما يقوي ذلك‪ .‬قال الحافظ أبو بكببر‬
‫أحمببد بببن عمببرو بببن عبببد الخببالق البببزار فببي مسببنده‬
‫المشهور‪ :‬حدثنا إبراهيم بن سببعيد الجببوهري‪ ,‬حببدثنا بشببر‬
‫بن المنذر‪ ,‬حدثنا الحارث بن عبد الله اليحصبي عن عياش‬
‫بن عباس الغاني‪ ,‬عن ابن حجيرة عن أبي ذر رفعببه قببال‪:‬‬
‫»إن الكنببز الببذي ذكببره اللببه فببي كتببابه لببوح مببن ذهببب‬
‫مصمت‪ ,‬مكتوب فيه‪ :‬عجبت لمن أيقن بالقببدر لببم نصببب‪,‬‬
‫وعجبت لمن ذكر النار لم ضحك‪ ,‬وعجبت لمن ذكر الموت‬
‫لم غفبل‪ ,‬ل إلبه إل اللبه محمبد رسبول اللبه«‪ .‬وبشبر ببن‬
‫المنذر هذا يقال لببه قاضببي المصيصببة‪ .‬قببال الحببافظ أبببو‬
‫جعفر العقيلي في حديثه وهم‪ ,‬وقد روي في هذا آثار عببن‬
‫السلف‪ ,‬فقال ابببن جريببر فببي تفسببيره‪ :‬حببدثني يعقببوب‪,‬‬
‫حدثنا الحسن بن حبيب بن ندبببة‪ ,‬حببدثنا سببلمة عببن نعيببم‬
‫العنبري وكان من جلساء الحسببن قببال‪ :‬سببمعت الحسببن‬
‫يعني البصري يقول في قوله‪} :‬وكان تحته كنز لهما{ قال‬
‫لوح من ذهب مكتببوب فيببه‪ :‬بسببم اللببه الرحمببن الرحيببم‪,‬‬

‫‪852‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن‪ ,‬وعجبت لمببن يببؤمن‬
‫بالموت كيببف يفببرح‪ ,‬وعجبببت لمببن يعببرف الببدنيا وتقلبهببا‬
‫بأهلها كيف يطمئن إليها‪ ,‬ل إله إل الله محمد رسول اللببه‪.‬‬
‫وحدثني يونس‪ ,‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬أخبببرني عبببد اللببه بببن‬
‫عياش عن عمر مولى غفرة قال‪ :‬إن الكنز الذي قال اللببه‬
‫في السورة التي يذكر فيها الكهف }وكان تحته كنز لهما{‬
‫قال‪ :‬كان لوحا ً من ذهب مصمت‪ ,‬مكتوب فيه‪ :‬بسببم اللببه‬
‫الرحمن الرحيم‪ ,‬عجب لمن عرف النار ثم ضببحك‪ ,‬عجببب‬
‫لمن أيقن بالقدر ثم نصب‪ ,‬عجب لمببن أيقببن بببالموت ثببم‬
‫أمببن‪ ,‬أشببهد أن ل إلببه إل اللببه وأشببهد أن محمببدا ً عبببده‬
‫ورسوله‪ .‬وحدثني أحمد بن حببازم الغفبباري‪ ,‬حببدثتنا هنببادة‬
‫بنت مالك الشيبانية قالت سمعت صاحبي حماد بن الوليببد‬
‫الثقفي يقول‪ :‬سمعت جعفر بن محمد يقول في قول الله‬
‫تعالى‪} :‬وكان تحته كنز لهما{ قال سطران ونصف لم يتم‬
‫الثببالث‪ :‬عجبببت للمببوقن بببالرزق كيببف يتعببب‪ ,‬وعجبببت‬
‫للمؤمن بالحساب كيف يغفببل‪ ,‬وعجبببت للمببؤمن بببالموت‬
‫كيف يفرح‪ .‬وقد قال الله }وإن كان مثقال حبة من خردل‬
‫أتينا بهببا وكفببى بنببا حاسبببين{ قببالت‪ :‬وذكببر أنهمببا حفظببا‬
‫بصلح أبيهما‪ ,‬ولم يذكر منهما صلح‪ ,‬وكببانت بينهمببا وبيببن‬
‫الب الذي حفظا به سبعة آباء‪ ,‬وكببان نسبباجًا‪ ,‬وهببذا الببذي‬
‫ذكره هؤلء الئمة وورد به الحببديث المتقببدم‪ ,‬وإن صببح ل‬
‫ل‪ ,‬لنهم ذكروا أنه كان لوحا ً‬ ‫ينافي قول عكرمة أنه كان ما ً‬
‫من ذهب‪ ,‬وفيه مال جزيل أكثر مببا زادوا أنببه كببان مودعبا ً‬
‫فيببببه علببببم‪ ,‬وهببببو حكببببم ومببببواعظ‪ ,‬واللببببه أعلببببم‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وكان أبوهما صالحًا{ فيه دليل علببى أن الرجببل‬
‫الصالح يحفظ في ذريتببه وتشببمل بركببة عبببادته لهببم فببي‬
‫لخرة بشبفاعته فيهبم‪ ,‬ورفبع درجتهبم إلبى أعلبى‬ ‫الدنيا وا َ‬
‫درجة في الجنببة‪ ,‬لتقببر عينببه بهببم‪ ,‬كمببا جبباء فببي القببرآن‬
‫ووردت به السنة‪ .‬قال سببعيد بببن جبببير عببن ابببن عببباس‪:‬‬
‫حفظا بصلح أبيهما‪ ,‬ولم يذكر لهما صلحًا‪ ,‬وتقدم أنه كببان‬
‫الب السابق‪ ,‬فبالله أعلبم‪ .‬وقبوله‪} :‬فببأراد رببك أن يبلغبا‬
‫أشدهما ويستخرجا كنزهما{ ههنببا أسببند الرادة إلببى اللببه‬

‫‪853‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تعالى‪ ,‬لن بلوغهما الحلم ل يقدر عليه إل الله‪ ,‬وقببال فببي‬
‫الغلم }فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا ً منه زكاة{ وقال في‬
‫السبببببفينة }فبببببأردت أن أعيبهبببببا{ فبببببالله أعلبببببم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬رحمة من ربك وما فعلته عن أمببري{ أي‬
‫هذا الذي فعلته في هذه الحوال الثلثة‪ ,‬إنما هو من رحمة‬
‫اللببه بمببن ذكرنببا مببن أصببحاب السببفينة‪ ,‬ووالببدي الغلم‬
‫وولببدي الرجببل الصببالح‪ ,‬ومببا فعلتببه عببن أمببري أي لكنببي‬
‫أمرت به ووقفت عليه‪ ,‬وفيه دللة لمن قال بنبببوة الخضببر‬
‫عليه السلم مبع مبا تقبدم مبن قبوله‪} :‬فوجببدا عببدا ً مبن‬
‫عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علمًا{ وقال‬
‫ل‪ .‬وقيل‪ :‬بل كان ملك بًا‪ ,‬نقلببه المبباوردي‬ ‫آخرون‪ :‬كان رسو ً‬
‫في تفسيره‪ ,‬وذهب كثيرون إلى أنه لم يكن نبيًا‪ ,‬بببل كببان‬
‫وليبببببببببببببببببببًا‪ ,‬فبببببببببببببببببببالله أعلبببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫وذكر ابن قتيبة فببي المعببارف أن اسببم الخضببر بليببا بببن‬
‫ملكان بن فالغ بن عامر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن‬
‫نوح عليه السلم‪ ,‬قالوا‪ :‬وكبان يكنبى أببا العبباس‪ ,‬ويلقبب‬
‫بالخضر‪ ,‬وكان من أبناء الملوك‪ ,‬ذكره النووي فببي تهببذيب‬
‫لن‪ ,‬ثم إلى‬ ‫السماء‪ ,‬وحكى هو وغيره في كونه باقيا ً إلى ا َ‬
‫يوم القيامببة قببولين‪ ,‬ومببال هببو وابببن الصببلح إلببى بقببائه‪,‬‬
‫وذكروا في ذلك حكايات وآثارا ً عن السلف وغيرهم‪ ,‬وجبباء‬
‫ذكببره فببي بعببض الحبباديث‪ ,‬ول يصببح شببيء مببن ذلببك‪,‬‬
‫وأشهرها حديث التعزية‪ ,‬وإسببناده ضببعيف‪ ,‬ورجببح آخببرون‬
‫من المحدثين وغيرهم خلف ذلك‪ ,‬واحتجوا بقببوله تعببالى‪:‬‬
‫}وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد{ وبقول النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم يوم بدر »اللهم إن تهلك هذه العصببابة ل تعبببد‬
‫في الرض« وبأنه لم ينقل أنه جاء رسول الله صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم ول حضر عنببده ول قاتببل معببه‪ ,‬ولببو كببان حيبا ً‬
‫لكان من أتباع النبي صلى الله عليه وسلم وأصببحابه‪ ,‬لنببه‬
‫عليه السلم كان مبعوثا ً إلى جميع الثقلين‪ :‬الجن والنببس‪,‬‬
‫وقد قال‪» :‬لو كان موسى وعيسى حييببن لمببا وسببعهما إل‬
‫اتباعي« وأخبر قبل موته بقليل أنه ل يبقى ممن هببو علببى‬

‫‪854‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وجه الرض إلى مائة سنة من ليلته تلك عين تطرف‪ ,‬إلببى‬
‫غيبببببببببببببر ذلبببببببببببببك مبببببببببببببن البببببببببببببدلئل‪.‬‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا يحيى بن آدم‪ ,‬حدثنا ابن المبارك‬
‫عن معمر عن همام بن منبه‪ ,‬عن أبي هريببرة رضببي اللببه‬
‫عنه عن النبي صلى اللببه عليببه وسببلم فببي الخضببر قببال‪:‬‬
‫»إنما سمي خضرا ً لنه جلس على فروة بيضبباء‪ ,‬فببإذ هببي‬
‫تهتز من تحته خضراء« ورواه أيضا ً عن عبببد الببرزاق‪ ,‬وقببد‬
‫ثبت أيضا ً في صحيح البخاري عن همام عن أبي هريرة أن‬
‫رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪» :‬إنمببا سببمي‬
‫الخضر لنه جلس علببى فببروة‪ ,‬فببإذا هببي تهببتز مببن تحتببه‬
‫خضببراء« والمببراد بببالفروة ههنببا الحشببيش اليببابس وهببو‬
‫الهشيم من النبات‪ ,‬قاله عبد الزراق‪ .‬وقيل‪ :‬المببراد بببذلك‬
‫وجه الرض‪ .‬وقوله‪} :‬ذلك تأويل مالم تسطع عليه صبببرا{‬
‫أي هذا تفسير ما ضقت به ذرعًا‪ ,‬ولم تصبببر حببتى أخبببرك‬
‫به ابتداء‪ ,‬ولما أن فسره له وبينه ووضحه وأزال المشببكل‬
‫قال }تسطع{ وقبل ذلك كببان الشببكال قويبا ً ثقي ً‬
‫ل‪ ,‬فقببال‬
‫}سأنبئك بتأويل مالم تستطع عليه صببرًا{‪ ,‬فقاببل الثقبل‬
‫بالثقل‪ ,‬والخببف بببالخف‪ ,‬كمببا قببال‪} :‬فمببا اسببطاعوا أن‬
‫يظهروه{ وهو الصعود إلى أعله }وما استطاعوا له نقبًا{‬
‫وهو أشق من ذلك‪ ,‬فقابببل كل ً بمببا يناسبببه لفظبا ً ومعنببى‪,‬‬
‫واللببببببببببببببببببببببببببببببببه أعلببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬فما بال فتى موسى ذكر فببي أول القصببة ثببم‬
‫لم يذكر بعد ذلك ؟ فالجواب أن المقصود بالسياق إنما هو‬
‫قصة موسى مع الخضر وذكر ما كان بينهما‪ ,‬وفتى موسى‬
‫معه تبع‪ ,‬وقد صرح في الحبباديث المتقدمببة فببي الصببحاح‬
‫وغيرهببا أنببه يوشببع بببن نببون‪ ,‬وهببو الببذي كببان يلببي بنببي‬
‫إسرائيل بعد موسى عليه السلم‪ ,‬هذا يدل على ضعف مببا‬
‫أورده ابن جرير في تفسيره حيبث قبال‪ :‬حبدثناابن حميبد‪,‬‬
‫حدثنا سلمة‪ :‬حدثني ابن إسحاق عببن الحسببن بببن عمببارة‬
‫عن أبيه عن عكرمة قال‪ :‬قيل لبن عباس‪ :‬لم نسمع لفتى‬
‫موسى بذكر من حديث‪ ,‬وقد كان معه ؟ قببال ابببن عببباس‬
‫فيما يذكر من حديث الفتى‪ ,‬قال‪ :‬شرب الفتى مببن المبباء‬

‫‪855‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فخلد‪ ,‬فأخببذه العبالم فطبابق ببه سبفينة‪ ,‬ثبم أرسبله فبي‬
‫البحر فإنها لتموج به إلى يوم القيامة‪ ,‬وذلك أنه لم يكن له‬
‫أن يشرب منه فشرب‪ ,‬إسناده ضعيف‪ ,‬والحسن مببتروك‪,‬‬
‫وأبببببببببببببببببببوه غيببببببببببببببببببر معببببببببببببببببببروف‪.‬‬

‫كرا ً‬ ‫ه ذِ ْ‬‫من ْ ُ‬
‫كم ّ‬‫سأ َت ُْلوا ْ عَل َي ْ ُ‬‫ل َ‬‫ن قُ ْ‬ ‫ْ‬
‫عن ِذي الَقْرن َي ْ ِ‬
‫ك َ‬ ‫سأ َُلون َ َ‬ ‫** وَي َ ْ‬
‫س بَببا ً‬
‫يٍء َ‬ ‫شب ْ‬‫ل َ‬ ‫مببن ك ُب ّ‬ ‫ض َوآت َي ْن َبباهُ ِ‬ ‫مك ّن ّببا ل َب ُ‬
‫ه فِببي الْر ِ‬ ‫* إ ِّنا َ‬
‫يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم }ويسببألونك{ يببا‬
‫محمد }عن ذي القرنيببن{ أي عببن خبببره وقببد قببدمنا أنببه‬
‫بعث كفار مكة إلى أهل الكتاب يسألون منهم ما يمتحنون‬
‫به النبي صلى الله عليه وسببلم فقببالوا‪ :‬سببلوه عببن رجببل‬
‫طواف في الرض‪ ,‬وعببن فتيببة ل يببدرى مببا صببنعوا‪ ,‬وعببن‬
‫الروح‪ ,‬فنزلت سببورة الكهببف‪ ,‬وقببد أورد ابببن جريببر ههنببا‬
‫والموي في مغازيه حديثا ً أسنده‪ ,‬وهو ضعيف‪ ,‬عببن عقبببة‬
‫بن عامر أن نفرا ً من اليهببود جبباءوا يسببألون النبببي صببلى‬
‫الله عليه وسلم عن ذي القرنين‪ ,‬فببأخبرهم بمببا جبباءوا لبه‬
‫ابتداء‪ ,‬فكان فيما أخبرهم به أنه كان شابا ً من الروم‪ ,‬وأنه‬
‫بنى السكندرية‪ ,‬وأنه عل به ملك إلببى السببماء وذهببب بببه‬
‫إلى السد‪ ,‬ورأى أقواما ً وجوههم مثببل وجببه الكلب‪ ,‬وفيببه‬
‫طول ونكارة‪ ,‬ورفعه ل يصح‪ ,‬وأكثر ما فيه أنببه مببن أخبببار‬
‫بنبببببببببببببببببببببببببببببببي إسبببببببببببببببببببببببببببببببرائيل‪.‬‬
‫والعجببب أن أبببا زرعببة الببرازي مببع جللببة قببدره‪ ,‬سبباقه‬
‫بتمامه في كتابه دلئل النبوة‪ ,‬وذلك غريب منه‪ ,‬وفيببه مببن‬
‫النكارة أنه من الروم‪ ,‬وإنما الذي كان من الروم السكندر‬
‫الثاني‪ ,‬وهو ابن فيلبس المقدوني الببذي تببؤرخ بببه الببروم‪,‬‬
‫فأما الول فقد ذكر الزرقي وغيره أنببه طبباف بببالبيت مببع‬
‫إبراهيم الخليل عليه السلم أول ما بناه وآمببن بببه واتبعببه‪,‬‬
‫وكان وزيره الخضر عليه السلم‪ ,‬وأما الثاني فهو اسببكندر‬
‫بن فيلبس المقدوني اليوناني‪ ,‬وكان وزيره ارسطاطاليس‬
‫الفيلسوف المشببهور‪ .‬واللبه أعلبم‪ .‬وهببو البذي تبؤرخ مبن‬
‫مملكته ملة الروم‪ ,‬وقد كببان قبببل المسببيح عليببه السببلم‬

‫‪856‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بنحو ثلثمائة سنة‪ ,‬فأما الول المذكور فببي القببرآن‪ ,‬فكببان‬
‫في زمن الخليل‪ ,‬كما ذكره الزرقي وغيره‪ ,‬وأنه طاف مع‬
‫الخليل عليه السلم بالبيت العتيق لمببا بنبباه إبراهيببم عليببه‬
‫السلم‪ ,‬وقرب إلى الله قربانبًا‪ ,‬وقبد ذكرنبا طرفبا ً صبالحا ً‬
‫من أخباره في كتاب البداية والنهاية بما فيببه كفايببة‪ ,‬وللببه‬
‫الحمببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببد‪.‬‬
‫وقال وهب بن منبه‪ :‬كان ملكا‪ ,‬وإنمببا سببمي ذا القرنيببن‬
‫لن صفحتي رأسه كانتا من نحاس‪ ,‬قال‪ :‬وقال بعض أهببل‬
‫الكتاب‪ :‬لنه ملك الروم وفارس‪ .‬وقال بعضببهم‪ :‬كببان فببي‬
‫رأسه شبه القرنين‪ .‬وقال سبفيان الثبوري عبن حببيب ببن‬
‫أبي ثابت عن أبي الطفيل قال‪ :‬سئل علي رضي الله عنببه‬
‫عن ذي القرنين‪ .‬فقال‪ :‬كان عبدا ً ناصحا ً لله‪ ,‬فناصحه‪ ,‬دعا‬
‫قومه إلى الله فضربوه علببى قرنببه‪ ,‬فمببات‪ ,‬فأحيبباه اللببه‪,‬‬
‫فدعا قومه إلى الله فضربوه على قرنه فمات‪ ,‬فسببمي ذا‬
‫القرنين‪ ,‬وكذا رواه شعبة عن القاسم بن أبي بزة عن أبي‬
‫الطفيل سمع عليا ً يقول ذلك‪ .‬ويقال‪ :‬إنه سمي ذا القرنين‬
‫لنه بلغ المشارق والمغارب من حيث يطلع قرن الشمس‬
‫ويغببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببرب‪.‬‬
‫وقببوله‪} :‬إنببا مكنببا لببه فببي الرض{ أي أعطينبباه ملك با ً‬
‫عظيما ً ممكنا ً فيه من جيمع ما يؤتى الملوك مببن التمكيببن‬
‫والجنودوآلت الحرب والحصببارات‪ ,‬ولهببذا ملببك المشببارق‬
‫والمغارب من الرض‪ ,‬ودانت له البلد‪ ,‬وخضعت له ملببوك‬
‫العببباد‪ ,‬وخببدمته المببم مببن العببرب والعجببم‪ ,‬ولهببذا ذكببر‬
‫بعضهم أنه إنما سمي ذا القرنين لنه بلببغ قرنببي الشببمس‬
‫مشرقها ومغربها‪ .‬وقوله‪} :‬وآتيناه مببن كببل شببيء سببببًا{‬
‫قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة والسدي‬
‫وقتادة والضحاك وغيرهم‪ :‬يعني علمبًا‪ .‬وقببال قتببادة أيض با ً‬
‫في قوله }وآتيناه من كل شيء سببًا{ قال‪ :‬منازل الرض‬
‫وأعلمهبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببا‪.‬‬
‫وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فببي قببوله‪} :‬وآتينبباه‬
‫من كل شيء سببًا{ قال‪ :‬تعليم اللسنة‪ ,‬قال‪ :‬كان ل يغزو‬
‫قوما ً إل كلمهم بلسانهم‪ ,‬وقال ابن لهيعة‪ ,‬حدثني سالم بن‬

‫‪857‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫غيلن عن سعيد بن أبي هلل أن معاويببة بببن أبببي سببفيان‬
‫قال لكعب الحبار‪ :‬أنت تقببول‪ :‬إن ذا القرنيببن كببان يربببط‬
‫خيله بالثريا ؟ فقال له كعب‪ :‬إن كنت قلت ذلك فببإن اللببه‬
‫تعالى قال‪} :‬وآتيناه من كل شيء سببًا{ وهذا الذي أنكره‬
‫معاوية رضي الله عنببه علببى كعببب الحبببار هببو الصببواب‪,‬‬
‫والحق مع معاوية في ذلك النكار‪ ,‬فإن معاوية كببان يقببول‬
‫عن كعب‪ :‬إن كنا لنبلو عليه الكببذب‪ ,‬يعنببي فيمببا ينقلببه‪ ,‬ل‬
‫أنه كان يتعمد نقل ما ليس في صحفه‪ ,‬ولكن الشببأن فببي‬
‫صحفه أنها من السببرائيليات الببتي غالبهببا مبببدل مصببحف‬
‫محرف مختلق‪ ,‬ول حاجة لنا مع خببر اللبه تعبالى ورسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم إلببى شببيء منهببا بالكليببة‪ ,‬فببإنه‬
‫دخل منها على الناس شببر كببثير وفسبباد عريببض‪ .‬وتأويببل‬
‫كعب قول الله }وآتيناه من كل شيء سببببًا{ واستشببهاده‬
‫في ذلك على ما يجده في صحفه من أنه كان يربط خيلببه‬
‫بالثريا غير صحيح ول مطببابق‪ ,‬فببإنه ل سبببيل للبشببر إلببى‬
‫شيء من ذلك‪ ,‬ول إلى الترقي في أسباب السموات‪ ,‬وقد‬
‫قال الله في حق بلقيس }وأوتيت من كل شيء{ أنه مما‬
‫يؤتى مثلها من الملوك‪ ,‬وهكذا ذو القرنيببن‪ ,‬يسببر اللببه لببه‬
‫السبببباب‪ ,‬أي الطبببرق والوسبببائل إلبببى فتبببح القببباليم‬
‫والرساتيق والبلد والراضي‪ ,‬وكسر العببداء وكبببت ملببوك‬
‫الرض وإذلل أهل الشرك قببد أوتبي مببن كبل شببيء ممبا‬
‫يحتاج إليه مثله سببا ً والله أعلم‪ .‬وفببي المختببارة للحببافظ‬
‫الضياء المقدسي مببن طريببق قتيبببة عببن أبببي عوانببة عببن‬
‫سماك بن حرب عن حبيب بن حماز قال‪ :‬كنت عنببد علببي‬
‫رضي الله عنببه وسببأله رجببل عببن ذي القرنيببن كيببف بلببغ‬
‫المشرق والمغرب ؟ فقال سبحان الله سخر له السببحاب‬
‫وقببببببدر لببببببه السببببببباب وبسببببببط لببببببه اليببببببد‪.‬‬

‫ها‬ ‫ّ‬ ‫ذا ب َل َ‬


‫َ‬ ‫ً‬ ‫** فَ بأ َ‬
‫ج بد َ َ‬ ‫س وَ َ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ش‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫غ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫غ‬ ‫ب‬ ‫إ‬
‫َ ِ‬ ‫ى‬ ‫ب‬‫ّ‬ ‫ت‬‫ح‬‫َ‬ ‫*‬ ‫ا‬ ‫بب‬
‫َ‬ ‫ب‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫ب‬‫ْ‬ ‫ت‬
‫ن‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫مئ َةٍ وَوَ َ‬
‫ومبا قلن َببا ي َبذا ا َلَقْرن َي ْب ِ‬ ‫ها ق ْ‬ ‫عند َ َ‬ ‫جد َ ِ‬
‫َ‬
‫ح ِ‬
‫ن َ‬ ‫ب ِفي عَي ْ ٍ‬ ‫ت َغُْر ُ‬
‫َ‬
‫مببن‬ ‫مببا َ‬ ‫لأ ّ‬ ‫سببنا ً * َقبا َ‬ ‫ح ْ‬ ‫م ُ‬ ‫خبذ َ ِفيهِب ْ‬ ‫مببآ أن ت َت ّ ِ‬ ‫ب وَإ ِ ّ‬ ‫مآ أن ت ُعَذ ّ َ‬ ‫إِ ّ‬

‫‪858‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ذابا ً ن ّك ْببرا ً *‬
‫ه عَب َ‬ ‫ى َرب ّبهِ فَي ُعَ بذ ّب ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ه ثُ ّ‬
‫م ي َُرد ّ إ ِل َ‬ ‫ف ن ُعَذ ّب ُ ُ‬‫سو ْ َ‬ ‫ظ َل َ َ‬
‫م فَ َ‬
‫َ‬
‫ل لَ ُ‬
‫ه‬ ‫سن َُقو ُ‬ ‫ى وَ َ‬ ‫سن َ َ‬‫ح ْ‬ ‫جَزآًء ال ْ ُ‬‫ه َ‬ ‫صاِلحا ً فَل َ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ن وَعَ ِ‬ ‫م َ‬‫نآ َ‬‫م ْ‬
‫ما َ‬‫وَأ ّ‬
‫سببببببببببببببببببببرا ً‬ ‫مبببببببببببببببببببب َ‬
‫مرِن َببببببببببببببببببببا ي ُ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫قال ابن عببباس }فببأتبع سببببًا{ يعنببي بالسبببب المنببزل‪,‬‬
‫وقال مجاهد }فأتبع سببًا{ منزل ً وطريقا ً ما بيببن المشببرق‬
‫والمغرب‪ ,‬وفي رواية عن مجاهد }سببًا{ قال‪ :‬طريقا ً في‬
‫الرض وقال قتادة‪ :‬أي اتبع منازل الرض ومعالمها‪ ,‬وقببال‬
‫الضحاك }فأتبع سببًا{ أي المنازل‪ ,‬وقال سببعيد بببن جبببير‬
‫في قوله‪} :‬فأتبع سببًا{ قببال‪ :‬علمبًا‪ ,‬وهكببذا قببال عكرمببة‬
‫وعبيد بن يعلى والسدي‪ ,‬وقال مطببر‪ :‬معببالم وآثببار كببانت‬
‫قببببببببببببببببببببببببببببببببببل ذلبببببببببببببببببببببببببببببببببك‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬حتى إذا بلغ مغرب الشمس{ أي فسلك طريقا ً‬
‫حتى وصل إلى أقصى ما يسلك فيه من الرض من ناحيببة‬
‫المغببرب وهببو مغببرب الرض‪ ,‬وأمببا الوصببول إلببى مغببرب‬
‫الشمس من السماء فمتعذر‪ ,‬وما يذكره أصحاب القصببص‬
‫والخبار من أنه سار في الرض مدة‪ ,‬والشمس تغرب من‬
‫ورائه‪ ,‬فشيء ل حقيقة له‪ ,‬وأكثر ذلببك مببن خرافببات أهببل‬
‫الكتاب واختلف زنادقتهم وكذبهم‪ ,‬وقوله‪} :‬وجدها تغببرب‬
‫في عين حمئة{ أي رأى الشمس في منظببره تغببرب فببي‬
‫البحر المحيط‪ ,‬وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله يراهببا‬
‫كأنها تغرب فيه وهي ل تفارق الفلك الرابع الذي هي مثبتة‬
‫فيه ل تفارقه‪ ,‬والحمئة مشتقة على إحدى القراءتيببن مببن‬
‫الحمأة وهو الطين‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬إني خالق بشرا ً مببن‬
‫صلصال من حم بإ ٍ مسببنون{ أي طيببن أملببس‪ ,‬وقببد تقببدم‬
‫بيببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببانه‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثني يونس‪ ,‬أخبرنببا ابببن وهببب‪ ,‬أنبأنببا‬
‫نافع بن أبي نعيم‪ ,‬سمعت عبد الرحمن العرج يقول‪ :‬كان‬
‫ابن عباس يقببول فببي عيببن حمئة ثببم فسببرها ذات حمئة‪,‬‬
‫قال نببافع‪ :‬وسببئل عنهببا كعببب الحبببار‪ ,‬فقببال‪ :‬أنتببم أعلببم‬
‫بالقرآن مني‪ ,‬ولكني أجدها فببي الكتبباب تغيببب فببي طينببة‬
‫سوداء‪ ,‬وكذا روى غيببر واحببد عببن ابببن عببباس‪ ,‬وبببه قببال‬
‫مجاهد وغير واحد‪ .‬وقال أبو داود الطيالسي‪ :‬حدثنا محمببد‬

‫‪859‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن دينار عن سعد بن أوس عببن مصببدع‪ ,‬عببن ابببن عببباس‬
‫عن أبي بن كعب أن النبي صبلى اللبه عليبه وسبلم أقبرأه‬
‫حمئة‪ .‬وقال علي بن أبي طلحبة عبن اببن عبباس‪ :‬وجبدها‬
‫تغرب فببي عيببن حاميبة‪ ,‬يعنبي حبارة‪ ,‬وكبذا قبال الحسببن‬
‫البصببري‪ .‬وقببال ابببن جريببر‪ :‬والصببواب أنهمببا قراءتببان‬
‫مشببهورتان وأيهمببا قببرأ القببارىء فهببو مصببيب‪ ,‬قلببت‪ :‬ول‬
‫منافاة بيببن معنييهمببا إذ قببد تكببون حببارة لمجاورتهببا وهببج‬
‫الشمس عنببد غروبهببا وملقاتهببا الشببعاع بل حببائل‪ ,‬وحمئة‬
‫فببي مبباء وطيببن أسببود‪ ,‬كمببا قببال كعببب الحبببار وغيببره‪.‬‬
‫وقال ابن جرير حدثنا محمد بببن المثنببى حببدثنا يزيببد بببن‬
‫هارون أخبرناالعوام حدثني مولى لعبد الله بن عمببرو عببن‬
‫عبد الله قال نظر رسول الله صلى الله عليبه وسبلم إلبى‬
‫الشمس حين غابت فقال‪» :‬في نار اللبه الحاميبة لبول مبا‬
‫يزعها من أمر الله لحرقت مببا علببى الرض« قلببت ورواه‬
‫المام أحمبد عببن يزيبد بببن هبارون وفبي صببحة رفبع هببذا‬
‫الحببديث نظببر ولعلببه مببن كلم عبببد اللببه بببن عمببرو مببن‬
‫زاملتيه اللتين وجدهما يوم اليرموك والله أعلم‪ ,‬وقال ابن‬
‫أبي حاتم حدثنا حجاج بببن حمببزة حببدثنا محمببد يعنببي ابببن‬
‫بشر حدثنا عمرو بن ميمون أنبأنا ابن حاضر أن ابن عباس‬
‫لية التي في سورة‬ ‫ذكر له أن معاوية بن أبي سفيان قرأ ا َ‬
‫الكهف }تغرب في عين حامية{ قال اببن عبباس لمعاويبة‬
‫ما نقرؤها إل حمئة‪ ,‬فسأل معاوية عبد الله بن عمرو كيف‬
‫تقرؤها ؟ فقببال‪ :‬عبببد اللببه كمببا قرأتهببا‪ ,‬قببال ابببن عببباس‬
‫فقلت لمعاوية في بيتي نبزل القببرآن‪ ,‬فأرسبل إلبى كعبب‬
‫فقال له أين تجد الشمس تغرب فببي التببوراة ؟ فقببال لببه‬
‫كعب سل أهل العربية فإنهم أعلم بها‪ ,‬وأما أنا فببإني أجببد‬
‫الشمس تغرب في التوراة في ماء وطين وأشار بيده إلى‬
‫المغرب قال ابن حاضر‪ :‬لو أني عندك أفببدتك بكلم تببزداد‬
‫فيه بصيرة في حمئة‪ ,‬قال ابن عباس‪ :‬وإذا ً ما هو ؟ قلببت‪:‬‬
‫فيما يؤثر من قول تبع فيما ذكر به ذا القرنيبن فبي تخلقبه‬
‫بببببببببببببببببببالعلم واتببببببببببببببببببباعه إيبببببببببببببببببباه‪:‬‬
‫بلغ المشارق والمغارب يبتغيأسباب أمر من حكيببم مرشببد‬

‫‪860‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فرأى مغيب الشمس عند غروبهافي عين ذي خلببب وثببأط‬
‫حرمبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببد‬
‫فقال ابن عببباس‪ :‬مببا الخلببب ؟ قلببت‪ :‬الطيببن بكلمهببم‪,‬‬
‫قال‪ :‬فما الثأط ؟ قلت‪ :‬الحمأة‪ ,‬قال‪ :‬فما الحرمد ؟ قلت‪:‬‬
‫السود‪ ,‬قال‪ :‬فدعا ابن عباس رجل ً أو غلمبا ً فقببال‪ :‬اكتببب‬
‫ما يقول هذا الرجل وقال سعيد بن جبببير بينببا ابببن عببباس‬
‫يقرأ سورة الكهف فقرأ }وجدها تغببرب فببي عيببن حمئة{‬
‫قال‪ :‬كعب والذي نفس كعب بيده ما سمعت أحدا ً يقرؤهببا‬
‫كما أنزلت فببي التببوراة غيببر اببن عبباس فإنبا نجببدها فبي‬
‫التوراة تغرب في مدرة سوداء‪ ,‬وقال أبو يعلى الموصببلي‪:‬‬
‫حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل حدثنا هشام بن يوسف قال‬
‫في تفسير ابن جريج }ووجد عندها قومًا{ قال مدينببة لهببا‬
‫اثنا عشر ألف باب لول أصوات أهلها لسمع الناس وجببوب‬
‫مببة‬ ‫الشمس حين تجب‪ ,‬وقوله‪} :‬ووجد عندها قوم بًا{ أي أ ّ‬
‫من المم ذكروا أنها كانت أمة عظيمة من بني آدم وقوله‪:‬‬
‫}قلنببا يببا ذا القرنيببن إمببا أن تعببذب وإمببا أن تتخببذ فيهببم‬
‫حسنًا{ معنى هذا أن الله تعالى مكنه منهم وحكمببه فيهببم‬
‫ن‬ ‫وأظفره بهببم وخي ّببره إن شبباء قتببل وسبببى وإن شبباء مب ّ‬
‫أوفدى فعرف عدله وإيمانه فيمببا أبببداه عببدله وبيببانه فببي‬
‫ما من ظلم{ أي استمر على كفره وشببركه بربببه‬ ‫قوله‪} :‬أ ّ‬
‫}فسوف نعببذبه{ قببال قتببادة بالقتببل وقببال السببدي كببان‬
‫يحمي لهم بقر النحاس ويضبعهم فيهبا حبتى يبذوبوا وقبال‬
‫وهب بن منبه كان يسلط الظلمة فتدخل أجوافهم وبيوتهم‬
‫وتغشاهم من جميع جهاتهم والله أعلم‪ ,‬وقببوله‪} :‬ثببم يببرد‬
‫إلى ربه فيعذبه عذابا ً نكرًا{ أي شببديدا ً بليغ با ً وجيع با ً أليم با ً‬
‫وفي هذا إثبات المعاد والجزاء‪ .‬وقبوله‪} :‬وأمبا مبن آمبن{‬
‫أي اتبعنببا علببى مببا نببدعوه إليببه مببن عبببادة اللببه وحببده ل‬
‫لخببرة عنببد‬ ‫شريك له }فله جزاء الحسنى{ أي في الدار ا َ‬
‫الله عز وجل }وسنقول له من أمرنا يسببرًا{ قببال مجاهببد‬
‫معروفببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببًا‪.‬‬

‫‪861‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مط ِْلبعَ ال ّ‬ ‫** ث ُ َ‬
‫ها‬ ‫جبد َ َ‬
‫س وَ َ‬
‫م ِ‬ ‫شب ْ‬ ‫ذا ب ََلبغَ َ‬
‫ى إِ َ‬ ‫سبَببا ً * َ‬
‫حت ّب َ‬ ‫م أت َْببعَ َ‬ ‫ّ‬
‫ك‬ ‫كبذ َل ِ َ‬‫سبْترا ً * َ‬
‫دون ِهَببا ِ‬ ‫مببن ُ‬ ‫م ّ‬ ‫جَعبل ل ُّهب ْ‬ ‫ى قَوْم ٍ ل ّ ْ‬
‫م نَ ْ‬ ‫َ‬
‫ت َط ْل ُعُ عَل َ‬
‫خْببببببببببرا ً‬‫مبببببببببا َلبببببببببد َي ْهِ ُ‬ ‫َ‬
‫حط َْنبببببببببا ب ِ َ‬ ‫وََقبببببببببد ْ أ َ‬
‫يقول تعالى ثم سلك طريقا ً فسار مببن مغببرب الشببمس‬
‫إلى مطلعها وكان كلما مر بأمببة قهرهببم وغلبهببم ودعبباهم‬
‫إلى الله عز وجل فإن أطبباعوه وإل أذلهببم وأرغببم آنببافهم‬
‫واسببتباح أمببوالهم وأمتعتهببم واسببتخدم مببن كببل أمببة مببا‬
‫تستعين به جيوشه على قتال القاليم المتاخمة لهم‪ ,‬وذكر‬
‫في أخبببار بنببي إسببرائيل أنببه عبباش ألفبا ً وتسببعمائة سببنة‬
‫يجبببوب الرض طولهبببا والعبببرض حبببتى بلبببغ المشبببارق‬
‫والمغارب ولما انتهى إلى مطلع الشمس مببن الرض كمببا‬
‫قال تعالى }وجدها تطلع على قببوم{ أي أمببة }لببم نجعببل‬
‫لهم من دونها سترًا{ أي ليس لهم بنبباء يكنهببم ول أشببجار‬
‫تظلهم وتسترهم من حر الشمس‪ ,‬وقببال سبعيد بببن جبببير‬
‫كانوا حمرا ً قصارا ً مساكنهم الغيببران أكببثر معيشببتهم مببن‬
‫السببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببمك‪.‬‬
‫قال أبو داود الطيالسببي‪ :‬حببدثنا سببهل بببن أبببي الصببلت‬
‫سمعت الحسن وسأل عن قول الله تعالى }لم نجعل لهم‬
‫مببن دونهببا سببترًا{ قببال إن أرضببهم ل تحمببل البنبباء فببإذا‬
‫طلعبت الشبمس تغببوروا فبي الميبباه فبإذا غرببت خرجبوا‬
‫يتراعون كما ترعى البهائم قال الحسن هذا حديث سمرة‪,‬‬
‫وقال قتادة ذكر لنا أنهم بأرض ل تنبت لهببم شببيئا ً فهببم إذا‬
‫طلعت الشمس دخلوا في أسراب حتى إذا زالت الشمس‬
‫خرجوا إلى حروفهم ومعايشهم‪ .‬وعن سلمة بن كهيببل أنبه‬
‫قال‪ :‬ليست لهم أكنان إذا طلعت الشمس طلعببت عليهببم‬
‫فلحدهم أذنان يفرش إحداهما ويلبس الخببرى‪ .‬قببال عبببد‬
‫الرزاق‪ :‬أخبرنا معمر عن قتادة في قببوله‪} :‬وجببدها تطلببع‬
‫على قوم لم نجعل لهم من دونها سترًا{ قببال هببم الزنببج‪,‬‬
‫وقال ابن جرير في قببوله‪} :‬وجببدها تطلببع علببى قببوم لببم‬
‫نجعل لهم من دونها سترًا{ قال لم يبنوا فيها بناء قط ولم‬
‫يبن عليهم بناء قط كانوا إذا طلعت الشمس دخلوا أسرابا ً‬
‫لهم حتى تزول الشمس أو دخلوا البحر وذلببك أن أرضببهم‬

‫‪862‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليس فيها جبببل‪ .‬جبباءهم جيببش مببرة فقببال لهببم أهلهببا‪ :‬ل‬
‫تطلعن عليكم الشمس وأنتم بها‪ ,‬قالوا‪ :‬ل نبرح حتى تطلع‬
‫الشمس ما هذه العظام ؟ قالوا‪ :‬هذه جيف جيبش طلعبت‬
‫عليهم الشمس ههنا‪ ...‬فماتوا‪ ,‬قببال‪ :‬فببذهبوا هبباربين فببي‬
‫الرض وقوله‪} :‬كذلك وقببد أحطنببا بمببا لببديه خيببرًا{ قببال‬
‫مجاهد والسدي‪ :‬علما ً أي نحن مطلعون على جميع أحواله‬
‫وأحببوال جيشببه ل يخفببى علينببا منهببا شببيء وإن تفرقببت‬
‫أممهم وتقطعت بهبم الرض فبإنه تعبالى }ل يخفبى عليبه‬
‫شببببببببيء فببببببببي الرض ول فببببببببي السببببببببماء{‪.‬‬

‫** ث ُ َ‬
‫مببن‬ ‫جبد َ ِ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫سبد ّي ْ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ذا ب َل َبغَ ب َي ْب َ‬ ‫ى إِ َ‬ ‫حت ّب َ‬ ‫سبَببا ً * َ‬ ‫م أت ْب َبعَ َ‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ن قَوْل ً * قَببالوا ي َب َ‬ ‫وما ل ّ ي َ َ‬ ‫ً‬ ‫ما قَ ْ‬
‫ذا الَقْرن َي ْب ِ‬ ‫ن ي َْفَقُهو َ‬ ‫دو َ‬‫كا ُ‬
‫ْ‬
‫دون ِهِ َ‬
‫ْ‬
‫ُ‬
‫ك‬ ‫ل ل َب َ‬ ‫جعَب ُ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫ض فَهَب ْ‬ ‫ن فِببي الْر ِ‬ ‫دو َ‬ ‫سب ُ‬ ‫مْف ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫جو َ‬ ‫مأ ُ‬ ‫ج وَ َ‬ ‫جو َ‬ ‫ن ي َأ ُ‬‫إِ ّ‬
‫سد ّا ً * َقا َ‬ ‫َ‬ ‫خْرجا ً عَل َ‬
‫مك ّّني ِفي ِ‬
‫ه‬ ‫ما َ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ب َي ْن ََنا وَب َي ْن َهُ ْ‬ ‫جع َ َ‬ ‫ى أن ت َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫دما ً * آُتوِني‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م َر ْ‬ ‫م وَب َي ْن َهُ ْ‬‫ل ب َي ْن َك ُ ْ‬ ‫جع َ ْ‬ ‫عيُنوِني ب ُِقوّةٍ أ ْ‬ ‫خي ٌْر فَأ ِ‬ ‫َرّبي َ‬
‫ى‬ ‫حّتبب َ‬ ‫خوا ْ َ‬ ‫ل انُف ُ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫ص ُد َفَي ْ ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫ساوَىَ ب َي ْ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ى إِ َ‬ ‫حت ّ َ‬ ‫ديدِ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ُزب ََر ال ْ َ‬
‫ي أفْببببرِغْ عَل َي ْببببهِ قِط ْببببرا ً‬ ‫ل آت ُببببون ِ َ‬ ‫ه ن َببببارا ً قَببببا َ‬ ‫جعَل َبببب ُ‬ ‫إِ َ‬
‫ذا َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن ذي القرنين }ثببم أتبببع سببببًا{ أي‬
‫ثببم سببلك طريق با ً مببن مشببارق الرض حببتى إذا بلببغ بيببن‬
‫السببدين وهمببا جبلن متناوحببان بينهمببا ثغببرة يخببرج منهببا‬
‫يببأجوج ومببأجوج علببى بلد الببترك فيعيثببون فيهببا فسببادا ً‬
‫ويهلكون الحرث والنسل‪ ,‬ويأجوج ومأجوج من سببللة آدم‬
‫عليببه السببلم كمببا ثبببت فببي الصببحيحين »إن اللببه تعببالى‬
‫يقول‪ :‬يا آدم فيقببول لبيببك وسببعديك فيقببول‪ :‬ابعببث بعببث‬
‫النار فيقول‪ :‬وما بعث النار ؟ فيقول من كل ألف تسعمائة‬
‫وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة‪ ,‬فحينئذ يشيب‬
‫مببتين‬ ‫الصغير وتضع كل ذات حمل حملها فقببال إن فيكببم أ ّ‬
‫ما كانتا في شيء إل كثرتاه يببأجوج ومببأجوج« وقببد حكببى‬
‫النووي رحمه الله في شرح مسببلم عببن بعببض النبباس أن‬
‫يببأجوج ومببأجوج خلقببوا مببن منببي خببرج مببن آدم فبباختلط‬
‫بالتراب فخلقوا من ذلك‪ ,‬فعلى هذا يكونون مخلوقين مببن‬

‫‪863‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫آدم وليسوا من حواء وهذا قول غريب جدا ً ل دليل عليه ل‬
‫من عقببل ول مببن نقببل ول يجببوز العتمبباد ههنببا علببى مببا‬
‫يحكيه بعض أهل الكتاب لما عندهم من الحاديث المفتعلة‬
‫واللببببببببببببببببببببببببببببببببه أعلببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫وفي مسند المام أحمد عن سمرة أن رسول الله صببلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪» :‬ولببد نببوح ثلثببة‪ :‬سببام أبببو العببرب‬
‫وحام أبو السودان‪ ,‬ويافث أبو الترك« قببال بعببض العلمبباء‬
‫هؤلء من نسل يافث أبو الترك‪ ,‬وقببال إنمببا سببمي هببؤلء‬
‫تركا ً لنهم تركوا من وراء السد من هببذه الجهببة وإل فهببم‬
‫أقرباء أولئك ولكن كان فببي أولئك بغببي وفسبباد وجببراءة‪,‬‬
‫وقد ذكر ابن جرير ههنببا عببن وهببب بببن منبببه أثببرا ً طببويل ً‬
‫عجيبا ً في سير ذي القرنين وبنائه السد وكيفية ما جرى له‬
‫وفيه طول وغرابة ونكارة في أشكالهم وصفاتهم وطولهم‬
‫وقصر بعضهم وآذانهم وروى ابن أبي حبباتم عببن أبيببه فببي‬
‫ذلك أحاديث غريبة ل تصح أسببانيدها واللببه أعلببم‪ .‬وقببوله‪:‬‬
‫ل{ أي‬ ‫}وجببد مببن دونهمببا قومببا ً ل يكببادون يفقهببون قببو ً‬
‫لستعجام كلمهم وبعدهم عن الناس }قالوا يبباذا القرنيببن‬
‫إن يأجوج ومأجوج مفسببدون فببي الرض فهببل نجعببل لببك‬
‫خرجًا{ قال ابن جريبج عبن عطباء عبن اببن عبباس أجبرا ً‬
‫عظيما ً يعني أنهم أرادوا أن يجمعببوا لهببم مببن بينهببم مببال ً‬
‫يعطونه إياه حتى يجعل بينه وبينهم سدا ً فقال ذو القرنيببن‬
‫بعفة وديانة وصلح وقصد للخير }ما مكني فيه ربي خيببر{‬
‫أي إن الذي أعطاني الله من الملك والتمكين خير لي من‬
‫الذي تجمعونه كما قال سببليمان عليببه السببلم }أتمببدونن‬
‫ليببة وهكببذا قببال ذو‬ ‫بمال فماآتاني الله خير ممببا آتبباكم{ ا َ‬
‫القرنيببن‪ :‬الببذي أنببا فيببه خيببر مببن الببذي تبببذلونه ولكببن‬
‫سبباعدوني بقببوة أي بعملكببم وآلت البنبباء }أجعببل بينكببم‬
‫وبينهم ردما ً آتوني زبر الحديببد{ والزبببر جمببع زبببرة وهببي‬
‫القطعة منه قاله ابن عباس ومجاهد وقتببادة وهببي كاللبنببة‬
‫يقال كل لبنة زنة قنطار بالدمشببقي أو تزيببد عليببه }حببتى‬
‫إذا ساوى بين الصدفين{ أي وضع بعضه علببى بعببض مببن‬
‫الساس حتى إذا حاذى بببه رؤوس الجبليببن طببول ً وعرضبا ً‬

‫‪864‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫واختلفوا في مسبباحة عرضببه وطببوله علببى أقببوال }قببال‬
‫انفخوا{ أي أجج عليه النار حتى صار كله نارا ً }قال آتببوني‬
‫أفببرغ عليببه قطببرًا{ قببال ابببن عببباس ومجاهببد وعكرمببة‬
‫والضحاك وقتادة والسدي هو النحاس زاد بعضهم المببذاب‬
‫ويستشهد بقوله تعالى‪} :‬وأسببلنا لببه عيببن القطببر{ ولهببذا‬
‫يشبه بالبرد المحبر‪ .‬قال ابن جرير‪ :‬حدثنا بشببر عببن يزيببد‬
‫حدثنا سعيد عن قتادة قال‪ :‬ذكر لنا أن رجل ً قال يا رسببول‬
‫الله قد رأيت سد يأجوج ومببأجوج قببال »انعتببه لببي« قببال‬
‫كالبرد المحبر طريقببة سببوداء وطريقببة حمببراء قببال »قببد‬
‫رأيته« هذا حديث مرسل‪ .‬وقد بعببث الخليفببة الواثببق فببي‬
‫دولته أحد أمببرائه وجهببز معببه جيشبا ً سببرية لينظببروا إلببى‬
‫السد ويعاينوه وينعتوه لببه إذا رجعببوا فتوصببلوا مببن هنبباك‬
‫إلى بلد ومن ملك إلى ملك حتى وصببلوا إليببه ورأوا بنبباءه‬
‫من الحديد ومن النحاس وذكروا أنهم رأوا فيه بابا ً عظيمببا ً‬
‫وعليه أقفال عظيمببة ورأوا بقيببة اللبببن والعمببل فببي بببرج‬
‫هناك‪ ,‬وأن عنده حرسا ً من الملوك المتاخمة له وأنه عببال‬
‫منيف شاهق ل يستطاع ول ما حوله من الجبال ثم رجعببوا‬
‫إلى بلدهم وكانت غيبتهم أكثر من سنتين وشاهدوا أهببوال ً‬
‫وعجببببببببائب‪ .‬ثببببببببم قببببببببال اللببببببببه تعببببببببالى‪.‬‬

‫ه ن َْقببا ً *‬ ‫َ‬
‫عوا ْ َلب ُ‬ ‫طا ُ‬‫سبت َ َ‬ ‫مببا ا ْ‬‫طاعُوَا ْ أن ي َظ َْهبُروهُ وَ َ‬ ‫سب َ‬ ‫مبا ا ْ‬‫** فَ َ‬
‫ه د َك ّببآءَ‬‫جعَل َب ُ‬ ‫جببآَء وَعْبد ُ َرب ّببي َ‬ ‫ذا َ‬ ‫من ّرّبي فَبإ ِ َ‬ ‫ة ّ‬‫م ٌ‬‫ح َ‬
‫ذا َر ْ‬ ‫هـ َ‬‫ل َ‬ ‫َقا َ‬
‫ج فِببي‬ ‫مببو ُ‬ ‫مئ ِذٍ ي َ ُ‬‫م ي َبوْ َ‬ ‫حّقبا ً * وَت ََرك ْن َببا ب َعْ َ‬
‫ض به ُ ْ‬ ‫ن وَعْد ُ َرب ّببي َ‬ ‫كا َ‬‫وَ َ‬
‫معبببببا ً‬ ‫ج ْ‬‫م َ‬ ‫معْن َببببباهُ ْ‬ ‫ج َ‬‫صبببببورِ فَ َ‬ ‫خ فِبببببي ال ّ‬ ‫ض وَن ُِفببببب َ‬‫ب َعْببببب ٍ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن يببأجوج ومببأجوج أنهببم مببا قببدروا‬
‫على أن يصعدوا من فوق هذا السد ول قببدروا علببى نقبببه‬
‫من أسفله ولما كان الظهور عليه أسهل من نقبه قابل كل ً‬
‫بمببا يناسبببه فقببال }فمببا اسببطاعوا أن يظهببروه ومببا‬
‫استطاعوا له نقبًا{ وهذا دليل على أنهم لببم يقببدروا علببى‬
‫نقبه ول على شيء منه‪ .‬فأمببا الحببديث الببذي رواه المببام‬
‫أحمد حدثنا روح حببدثنا سببعيد بببن أبببي عروبببة عببن قتببادة‬

‫‪865‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حدثنا أبو رافع عن أبي هريرة عن رسول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم قال‪» :‬إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السببد كببل‬
‫يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الببذي عليهببم‬
‫ارجعوا فستحفرونه غدا ً فيعودون إليه كأشد ما كببان حببتى‬
‫إذا بلغت مدتهم وأراد الله أن يبعثهم علببى النبباس حفببروا‬
‫حببتى إذا كببادوا يببرون شببعاع الشببمس قببال الببذي عليهببم‬
‫ارجعوا فستحفرونه غدا ً إن شاء الله فيعودون إليه كهيئتببه‬
‫حين تركوه فيحفرونببه ويخرجببون علببى النبباس فينشببفون‬
‫الميبباه ويتحصببن النبباس منهببم فببي حصببونهم فيرمببون‬
‫بسهامهم إلى السماء فترجع وعليها كهيئة الببدم فيقولببون‬
‫قهرنا أهل الرض وعلونا أهل السماء فيبعببث اللببه عليهببم‬
‫نغفا ً في رقابهم فيقتلهم بها قببال رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪» :‬والببذي نفببس محمببد بيببده إن دواب الرض‬
‫لتسمن وتشكر شكرا ً من لحومهم ودمائهم« ورواه أحمببد‬
‫أيضا ً عن حسن هو ابن موسى الشببهب عببن سببفيان عببن‬
‫قتادة به وكذا رواه ابن ماجه عن أزهر بن مروان عن عبد‬
‫العلى عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال‪ :‬حدث أبببو‬
‫رافع وأخرجه الترمذي من حديث أبي عوانة عن قتادة ثببم‬
‫قال غريب ل يعرف إل من هذا الوجه وإسببناده جيببد قببوي‬
‫لية يقتضي أنهم لم‬ ‫ولكن متنه في رفعه نكارة لن ظاهر ا َ‬
‫يتمكنببوا مببن ارتقببائه ول مبن نقببه لحكببام بنبائه وصببلبته‬
‫وشدته ولكن هببذا قببد روي عببن كعببب الحبببار أنهببم قبببل‬
‫خروجهم يببأتونه فيلحسببونه حببتى ل يبقببى منببه إل القليببل‬
‫فيقولون غدا ً نفتحه فيأتون مببن الغببد وقببد عبباد كمببا كببان‬
‫فيلحسببونه حببتى ل يبقبى منبه إل القليببل فيقولبون فبذلك‬
‫فيصبحون وهو كما كببان فيلحسببونه ويقولببون غببدا ً نفتحببه‬
‫ويلهمببون أن يقولببوا إن شبباء اللببه فيصبببحون وهببو كمببا‬
‫فارقوه فيفتحونه وهذا متجببه ولعبل أببا هريبرة تلقبباه مببن‬
‫كعب فإنه كان كثيرا ً ما كان يجالسه ويحدثه فحدث به أبببو‬
‫هريرة فتوهم بعض الرواة عنببه أنببه مرفببوع فرفعببه واللببه‬
‫أعلبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫‪866‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ويؤيد ما قلناه من أنهببم لببم يتمكنببوا مببن نقبببه ول نقببب‬
‫شيء منه ومن نكارة هذا المرفوع قول المام أحمد حدثنا‬
‫سفيان عن الزهري عن عروة عن زينب بنت أبببي سببلمى‬
‫عن حبيبة بنت أم حبيبة بنت أبي سفيان عن أمها أم حبيبة‬
‫عن زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليببه وسببلم بب‬
‫قال سفيان أربع نسوة ب قالت‪ :‬استيقظ النبي صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم من نومه وهو محمر وجهه وهو يقول‪» :‬ل إلببه‬
‫إل الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليببوم مببن ردم‬
‫يأجوج ومأجوج مثل هذا« وحل قلت يا رسول اللببه أنهلببك‬
‫وفينا الصالحون ؟ قال‪» :‬نعم إذا كثر الخبث« هببذا حببديث‬
‫صحيح اتفببق البخبباري ومسببلم علببى إخراجببه مببن حببديث‬
‫الزهري ولكن سقط في رواية البخاري ذكر حبيبببة وأثبتهببا‬
‫مسلم وفيه أشياء عزيزة قليلة نادرة الوقببوع فببي صببناعة‬
‫السناد منها رواية الزهري عن عروة وهمببا تابعيببان ومنهببا‬
‫اجتماع أربع نسوة في سنده كلهن يروي بعضهم عن بعض‬
‫ثم كببل منهببن صببحابية ثببم ثنتببان ربيبتببان وثنتببان زوجتببان‬
‫رضبببببببببببببببببببي اللبببببببببببببببببببه عنهبببببببببببببببببببن‪.‬‬
‫قد ُروي نحو هببذا عببن أبببي هريببرة أيض بًا‪ ,‬فقببال البببزار‪:‬‬
‫حدثنا محمد بن مرزوق‪ ,‬حدثنا مؤمل بن إسببماعيل‪ ,‬حببدثنا‬
‫وهيب عن ابن طاوس عن أبيه‪ ,‬عن أبي هريرة عن النبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه قال‪» :‬فتح اليوم من ردم يأجوج‬
‫ومببأموج مثببل هببذا« وعقببد التسببعين‪ ,‬وأخرجببه البخبباري‬
‫ومسلم من حديث وهيب به‪ ,‬وقوله‪} :‬قال هذا رحمة مببن‬
‫ربي{ أي لما بناه ذو القرنين }قال هذا رحمة مببن ربببي{‬
‫أي بالناس حيث جعل بينهببم وبيببن يببأجوج ومببأجوج حببائل ً‬
‫يمنعهم من العيث فببي الرض والفسبباد‪} ,‬فببإذا جبباء وعببد‬
‫ربي{ أي إذا اقترب الوعد الحق }جعلببه دك بًا{ أي سبباواه‬
‫بالرض‪ ,‬تقول العرب‪ :‬ناقة دكاء إذا كببان ظهرهببا مسببتويا ً‬
‫لسنام لها‪ ,‬وقال تعببالى‪} :‬فلمببا تجلببى رب ّببه للجبببل جعلببه‬
‫دكببببببببببببببببببببببباء{ أي مسببببببببببببببببببببببباويا ً للرض‪.‬‬
‫وقال عكرمة في قوله‪} :‬فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء{‬
‫قال‪ :‬طريقا ً كما كان‪} ,‬وكان وعببد ربببي حقبًا{ أي كائنبا ً ل‬

‫‪867‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫محالة‪ .‬وقوله‪} :‬وتركنا بعضهم{ أي الناس يومئذ‪ ,‬أي يببوم‬
‫يببدك هببذا السببد ويخببرج هببؤلء فيموجببون فببي النبباس‬
‫ويفسدون على الناس أموالهم ويتلفون أشببياءهم‪ ,‬وهكببذا‬
‫قال السدي في قوله‪} :‬وتركنبا بعضبهم يبومئذ يمبوج فبي‬
‫بعض{ قال‪ :‬ذاك حيببن يخرجببون علببى النبباس‪ ,‬وهببذا كلببه‬
‫قبل القيامة وبعببد الببدجال‪ ,‬كمببا سببيأتي بيببانه عنببد قببوله‪:‬‬
‫}حببتى إذا فتحببت يببأجوج ومببأجوج وهببم مببن كببل حببدب‬
‫ينسلون * واقترب الوعد الحببق{ ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬وهكببذا قببال ههنببا‬
‫}وتركنا بعضهم يببومئذ يمببوج فببي بعببض{ قببال‪ :‬هببذا أول‬
‫القيامة }ونفخ فببي الصببور{ علببى أثببر ذلببك }فجمعنبباهم‬
‫جمعًا{ وقال آخرون‪ :‬بببل المببراد بقبوله‪} :‬وتركنببا بعضببهم‬
‫يومئذ يموج في بعض{ قبال‪ :‬إذا مباج الجبن والنبس يبوم‬
‫القيامببببببببببة يختلببببببببببط النببببببببببس والجببببببببببن‪.‬‬
‫وروى ابن جرير عن محمد بن حميد عن يعقببوب القمببي‬
‫عن هارون بن عنترة‪ ,‬عن شيخ من بني فببزارة فببي قببوله‬
‫}وتركنا بعضببهم يببومئذ يمببوج فببي بعببض{ قببال‪ :‬إذا مبباج‬
‫النس والجن قال إبليس‪ :‬أنا أعلببم لكببم علببم هببذا المببر‪,‬‬
‫فيظعن إلى المشرق فيجد الملئكة قد قطعوا الرض‪ ,‬ثببم‬
‫يظعببن إلببى المغببرب فيجببد الملئكببة قببد بطنببوا الرض‪,‬‬
‫فيقول‪ :‬ما من محيص‪ ,‬ثم يظعن يمينًاوشمال ً إلببى أقصببى‬
‫الرض فيجببد الملئكببة قببد بطنببوا الرض فيقببول مببا مببن‬
‫محيص‪ ,‬فبينما هببو كببذلك إذ عببرض لببه طريببق كالشببراك‬
‫فأخذ عليه هو وذريته‪ ,‬فبينما هم عليه إذ هجموا على النار‪,‬‬
‫فأخرج الله خازنا ً من خزان النار‪ ,‬فقال‪ :‬يا إبليس ألم تكن‬
‫لك المنزلة عند ربك‪ ,‬ألم تكن في الجنان ؟ فيقول‪ :‬ليببس‬
‫هذا يوم عتاب‪ ,‬لو أن الله فرض علي فريضة لعبببدته فيهببا‬
‫عبادة لم يعبده مثلها أحد من خلقه‪ ,‬فيقول‪ :‬فإن اللببه قببد‬
‫فرض عليك فريضة‪ ,‬فيقول‪ :‬مببا هببي ؟ فيقببول يببأمرك أن‬
‫تببدخل النببار فيتلكببأ عليببه‪ ,‬فيقببول‪ :‬بببه وبببذريته بجنبباحيه‪,‬‬
‫فيقذفهم في النار‪ ,‬فتزفر النار زفرة ل يبقى ملببك مقببرب‬
‫ول نبي مرسل إل جثى لركبتيه‪ ,‬وهكذا رواه ابن أبي حبباتم‬
‫من حديث يعقوب القمي به‪ ,‬ثم رواه مببن وجببه آخببر عببن‬

‫‪868‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يعقوب عن هارون عن عنببترة‪ ,‬عببن أبيببه عبن ابببن عبباس‬
‫}وتركنببا بعضببهم يببومئذ يمببوج فببي بعببض{ قببال‪ :‬النببس‬
‫والجببببببببن يمببببببببوج بعضببببببببهم فببببببببي بعببببببببض‪.‬‬
‫وقال الطبراني‪ :‬حدثنا عبد اللببه بببن محمببد بببن العببباس‬
‫الصفهاني‪ ,‬حدثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات‪ ,‬حببدثنا أبببو‬
‫داود الطيالسي‪ ,‬حدثنا المغيرة بن مسلم عن أبي إسببحاق‬
‫عن وهب بن جابر‪ ,‬عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪» :‬إن يببأجوج ومببأجوج مببن ولببد آدم‪,‬‬
‫ولو أرسلوا لفسدوا علببى النبباس معايشببهم‪ ,‬ولببن يمببوت‬
‫منهم رجل إل ترك من ذريته ألفا ً فصاعدًا‪ ,‬وإن من ورائهم‬
‫ثلث أمم‪ :‬تاويل وتايس ومنسك« هذا حببديث غريببب‪ ,‬بببل‬
‫منكبببببببببببببببببببببببببببببببر ضبببببببببببببببببببببببببببببببعيف‪.‬‬
‫وروى النسائي من حديث شعبة عن النعمببان بببن سببالم‬
‫عن عمرو بن أوس عن أبيه‪ ,‬عن جده أوس بن أبببي أوس‬
‫مرفوعا ً »إن يأجوج ومأجوج لهم نساء يجامعون ما شاءوا‪,‬‬
‫وشجر يلقحون كما شبباءوا‪ ,‬ول يمببوت رجببل إل تببرك مببن‬
‫ذريته ألفا ً فصاعدًا«‪ .‬وقوله‪} :‬ونفخ فببي الصببور{ والصببور‬
‫كما جاء في الحببديث‪ :‬قببرن ينفببخ فيببه‪ ,‬والببذي ينفببخ فيببه‬
‫إسرافيل عليببه السببلم‪ ,‬كمببا تقببدم فببي الحببديث بطببوله‪,‬‬
‫والحاديث فيه كثيرة‪ ,‬وفي الحببديث عببن عطيببة عببن ابببن‬
‫عباس وأبي سعيد مرفوعا ً »كيف أنعم وصاحب القرن قببد‬
‫التقم القرن وحنى جبهتببه واسببتمع مببتى يببؤمر ؟« قببالوا‪:‬‬
‫كيف نقول ؟ قال‪» :‬قولوا حسبنا الله ونعببم الوكيببل علببى‬
‫اللببه توكلنببا«‪ .‬وقببوله‪} :‬فجمعنبباهم جمعببًا{ أي أحضببرنا‬
‫لخريببن لمجموعببون‬ ‫الجميع للحسبباب }قببل إن الوليببن وا َ‬
‫إلى ميقات يببوم معلببوم{ }وحشببرناهم فلببم نغببادر منهببم‬
‫أحببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببدًا{‪.‬‬

‫ن ك َببان َ ْ‬
‫ت‬ ‫ن عَْرض با ً * ال ّب ِ‬
‫ذي َ‬ ‫مئ ِذٍ ل ّل ْك َببافِ ِ‬
‫ري َ‬ ‫م ي َوْ َ‬
‫جهَن ّ َ‬
‫ضَنا َ‬
‫** وَعََر ْ‬
‫معا ً *‬ ‫َ‬
‫سب ْ‬ ‫ن َ‬ ‫طيُعو َ‬ ‫كاُنوا ْ ل َ ي َ ْ‬
‫سبت َ ِ‬ ‫ري وَ َ‬ ‫عن ذِك ْ ِ‬ ‫طآٍء َ‬ ‫م ِفي ِغ َ‬ ‫أعْي ُن ُهُ ْ‬

‫‪869‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ي أ َوْل َِيآءَ إ ِّنآ‬
‫دون ِ َ‬
‫من ُ‬ ‫عَباِدي ِ‬‫ذوا ْ ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ن ك ََفُروَا ْ َأن ي َت ّ ِ‬‫ذي َ‬ ‫ب ال ّ ِ‬
‫س َ‬ ‫أفَ َ‬
‫ح ِ‬
‫َ‬
‫ن ُنبببببببببببُزل ً‬ ‫م ل ِل ْ َ‬ ‫َ‬
‫ري َ‬
‫كبببببببببببافِ ِ‬ ‫جهَّنببببببببببب َ‬ ‫أعَْتبببببببببببد َْنا َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عما يفعلببه بالكفببار يببوم القيامببة أنببه‬
‫يعرض عليهم جهنم‪ ,‬أي يبرزها لهم ويظهرها ليروا ما فيهبا‬
‫من العذاب والنكببال قبببل دخولهببا‪ ,‬ليكببون ذلببك أبلببغ فببي‬
‫م والحببزن لهببم‪ .‬وفببي صببحيح مسببلم عببن ابببن‬ ‫تعجيل اله ّ‬
‫مسعود قبال‪ :‬قببال رسببول اللببه صبلى اللببه عليببه وسبلم‪:‬‬
‫»يؤتى بجهنم تقاد يوم القيامة بسبعين ألف زمام‪ ,‬مع كببل‬
‫زمام سبعون ألببف ملببك« ثببم قببال مخبببرا ً عنهببم }الببذين‬
‫كانت أعينهم في غطبباء عببن ذكببري{ أي تغببافلوا وتعبباموا‬
‫وتصامموا عن قبول الهدى واتباع الحق‪ ,‬كما قببال‪} :‬ومببن‬
‫يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شببيطانا ً فهببو لببه قريببن{‬
‫وقال ههنا‪} :‬وكببانوا ل يسببتطيعون سببمعًا{ أي ل يعقلببون‬
‫عن الله أمره ونهيه‪ ,‬ثم قال‪} :‬أفحسببب الببذين كفببروا أن‬
‫يتخذوا عبادي من دونببي أوليبباء{ أي اعتقببدوا أنهببم يصببلح‬
‫لهم ذلك وينتفعون به }كل سببيكفرون بعبببادتهم ويكونببون‬
‫عليهم ضدًا{ ولهذا أخبر الله تعالى أنه قد أعد لهببم جهنببم‬
‫يبببببببببببببببببببوم القيامبببببببببببببببببببة منبببببببببببببببببببز ً‬
‫ل‪.‬‬

‫خسري َ‬
‫م‬
‫س بعْي ُهُ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫مال ً * ال ّ ِ‬ ‫ن أعْ َ‬ ‫كم ِبال ْ َ ِ َ‬ ‫ل ن ُن َب ّئ ُ ُ‬
‫ل هَ ْ‬ ‫** قُ ْ‬
‫ص بْنعا ً *‬ ‫َ‬
‫ن ُ‬ ‫س بُنو َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫ن أن ّهُ ب ْ‬ ‫س بُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫م يَ ْ‬
‫حي َبباةِ ال بد ّن َْيا وَهُ ب ْ‬ ‫ِفي ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫أ ُوَْلـئ ِ َ‬
‫م‬‫مببال ُهُ ْ‬
‫ت أعْ َ‬ ‫حب ِط َب ْ‬‫م وَل َِقببائ ِهِ فَ َ‬ ‫ت َرب ّهِ ْ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ ِبآَيا ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬
‫مببا‬ ‫م بِ َ‬
‫جهَن ّب ُ‬ ‫م َ‬‫جَزآؤُهُ ب ْ‬ ‫ك َ‬ ‫مةِ وَْزنا ً * ذ َل ِ َ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬
‫م ي َوْ َ‬ ‫م ل َهُ ْ‬‫فَل َ ن ُِقي ُ‬
‫هبببببببُزوا ً‬ ‫سبببببببِلي ُ‬ ‫خبببببببذ ُوَا ْ آَيببببببباِتي وَُر ُ‬ ‫ك ََفبببببببُروا ْ َوات ّ َ‬
‫قال البخاري‪ :‬حدثنا محمببد بببن بشببار‪ ,‬حببدثنا محمببد بببن‬
‫جعفر‪ ,‬حدثنا شعبة عن عمرو عن مصعب قال‪ :‬سألت أبي‬
‫يعني سعد بن أبي وقاص عن قول الله‪} :‬قل هببل ننبببئكم‬
‫ل{ أهببم الحروريببة ؟ قببال‪ :‬ل هببم اليهببود‬ ‫بالخسرين أعمببا ً‬
‫والنصببارى‪ ,‬أمببا اليهببود فكببذبوا محمببدا ً صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪ ,‬وأما النصارى فكفروا بالجنة وقببالو‪ :‬ل طعببام فيهببا‬
‫ول شراب‪ ,‬والحرورية الذين ينقضببون عهببد اللببه مببن بعببد‬

‫‪870‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ميثاقه‪ ,‬فكان سببعد رضببي اللبه عنببه يسببميهم الفاسببقين‪,‬‬
‫وقببال علببي بببن أبببي طببالب والضببحاك وغيببر واحببد‪ :‬هببم‬
‫الحرورية‪ ,‬ومعنى هذا عن علببي رضببي اللببه عنببه أن هببذه‬
‫لية الكريمة تشمل الحرورية كما تشمل اليهود والنصارى‬ ‫ا َ‬
‫وغيرهم‪ ,‬ل أنها نزلت في هؤلء على الخصوص ول هببؤلء‪,‬‬
‫ليببة مكيببة قبببل خطبباب‬ ‫بل هي أعم من هببذا‪ ,‬فببإن هببذه ا َ‬
‫اليهود والنصارى وقبل وجود الخببوارج بالكليببة‪ ,‬وإنمببا هببي‬
‫عامة فببي كببل مببن عبببد اللببه علببى غيببر طريقببة مرضببية‬
‫يحسب أنه مصيب فيها‪ ,‬وأن عمله مقبببول وهببو مخطىببء‬
‫وعملببه مببردود‪ ,‬كمببا قببال تعببالى‪} :‬وجببوه يببومئذ خاشبعة‬
‫عاملة ناصبة تصلى نارا ً حامية{ وقال تعالى‪} :‬وقدمنا إلى‬
‫ما عملوا من عمببل فجعلنبباه هببباء منثببورًا{ وقببال تعببالى‪:‬‬
‫}والذين كفروا أعمبالهم كسبراب بقيعبة يحسببه الظمبآن‬
‫ماء حتى إذا جاءه لم يجده شببيئًا{ وقببال تعببالى فببي هببذه‬
‫لية الكريمة‪} :‬قل هل ننبئكم{ أي نخبببركم }بالخسببرين‬ ‫ا َ‬
‫ل{ ثم فسرهم‪ ,‬فقال }الذين ضل سعيهم في الحيبباة‬ ‫أعما ً‬
‫الدنيا{ أي عملوا أعمال ً باطلة على غير شريعة مشببروعة‬
‫مرضية مقبولة }وهم يحسبون أنهببم يحسببنون صببنعا{ أي‬
‫يعتقببدون أنهببم علببى شببيء وأنهببم مقبولببون محبوبببون‪.‬‬
‫وقببوله }أولئك الببذين كفببروا بآيببات ربهببم ولقببائه{ أي‬
‫جحببدوا آيببات اللببه فببي الببدنيا وبراهينببه الببتي أقببام علببى‬
‫لخببرة }فل نقيببم‬ ‫وحدانيته وصدق رسببله‪ ,‬وكببذبوا بالببدار ا َ‬
‫لهم يوم القيامة وزنًا{ أي ل نثقل موازينهم لنها خالية عن‬
‫الخير‪ .‬قال البخاري‪ :‬حدثنا محمد بن عبد الله‪ ,‬حدثنا سعيد‬
‫بببن أبببي مريببم‪ ,‬أخبرنببا المغيببرة‪ ,‬حببدثني أبببو الزنبباد عببن‬
‫العرج عن أبي هريرة عببن رسببول اللبه صبلى اللبه عليببه‬
‫وسلم أنه قال‪» :‬إنه ليببأتي الرجببل العظيببم السببمين يببوم‬
‫القيامة ل يزن عند الله جناح بعوضة ب وقببال ب ب اقببرءوا إن‬
‫شئتم }فل نقيم لهم يوم القيامة وزنًا{«‪ .‬وعببن يحيببى بببن‬
‫بكير عن مغيرة بن عبببد الرحمببن‪ ,‬عببن أبببي الزنبباد مثلببه‪,‬‬
‫هكذا ذكره عن يحيى بن بكير معلقًا‪ ,‬وقد رواه مسلم عببن‬
‫أبببي بكببر محمببد بببن إسببحاق عببن يحيببى بببن بكيببر بببه‪.‬‬

‫‪871‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حببدثنا أبببو الوليببد‪ ,‬حببدثنا‬
‫عبد الرحمن بن أبي الزناد‪ ,‬عن صالح مولى التوأمببة‪ ,‬عببن‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليببه وسببلم‪» :‬يببؤتى بالرجببل الكببول الشببروب العظيببم‪,‬‬
‫فيببوزن بحبببة فل يزنهببا« قببال وقببرأ }فل نقيببم لهببم يببوم‬
‫القيامة وزنًا{ وكذا رواه ابن جرير عن أبي كريب عن أبببي‬
‫الصلت عن أبي الزناد‪ ,‬عن صالح مولى التوأمببة عببن أبببي‬
‫هريرة مرفوعًا‪ ,‬فذكره بلفظ البخاري سببواء‪ .‬وقببال أحمببد‬
‫بن عمرو بن عبد الخالق البزار‪ :‬حدثنا العباس بببن محمببد‪,‬‬
‫حدثنا عون بن عمارة‪ ,‬حدثنا هشيم بن حسان عببن واصببل‬
‫عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال‪ :‬كنا عنببد رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فأقبل رجل من قريش يخطببر فببي‬
‫حلة له‪ ,‬فلما قام على النبي صلى الله عليببه وسببلم قببال‪:‬‬
‫»يا بريدة هذا ممن ل يقيم الله له يوم القيامببة وزن بًا« ثببم‬
‫قال‪ :‬تفرد به واصل مولى أبي عنبسة‪ ,‬وعببون بببن عمببارة‬
‫وليببببببببس بالحببببببببافظ ولببببببببم يتببببببببابع عليببببببببه‪.‬‬
‫وقد قال ابن جريببر حببدثنا محمببد بببن بشببار‪ ,‬حببدثنا عبببد‬
‫الرحمن‪ ,‬حدثنا سفيان عن العمببش عببن شببمر عببن أبببي‬
‫يحيى‪ ,‬عن كعببب قببال‪ :‬يببؤتى يببوم القيامببة برجببل عظيببم‬
‫طويل‪ ,‬فل يزن عند الله جنباح بعوضبة‪ ,‬اقبرءوا }فل نقيبم‬
‫لهم يوم القيامة وزنًا{‪ .‬وقوله‪} :‬ذلبك جزاؤهببم جهنببم بمببا‬
‫كفببروا{ أي إنمببا جازينبباهم بهببذا الجببزاء بسبببب كفرهببم‬
‫واتخاذهم آيات الله ورسله هزوًا‪ ,‬استهزءوا بهببم وكببذبوهم‬
‫أشببببببببببببببببببببببببببببببد التكببببببببببببببببببببببببببببببذيب‪.‬‬

‫ت‬‫جّنبا ُ‬
‫م َ‬‫ت ل َُهب ْ‬ ‫ت َ‬
‫كبان َ ْ‬ ‫حا ِ‬ ‫مُلبوا ْ ال ّ‬
‫صببال ِ َ‬ ‫من ُببوا ْ وَعَ ِ‬
‫نآ َ‬ ‫ن اّلب ِ‬
‫ذي َ‬ ‫** إ ِ ّ‬
‫حببوَل ً‬‫ن عَن َْهببا ِ‬‫ن ِفيَهببا ل َ ي َب ُْغببو َ‬ ‫دي َ‬ ‫س ُنببُزل ً * َ‬
‫خاِلبب ِ‬ ‫ْ‬
‫الِفببْرد َوْ ِ‬
‫يخبر تعالى عن عباده السببعداء وهببم الببذين آمنببوا بببالله‬
‫ورسوله‪ ,‬وصدقوا المرسلين فيما جاءوا به‪ ,‬أن لهم جنببات‬
‫الفردوس‪ ,‬قال مجاهد‪ :‬الفردوس هببو البسببتان بالروميببة‪.‬‬
‫وقال كعببب والسببدي والضببحاك‪ :‬هببو البسببتان الببذي فيببه‬

‫‪872‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫شجر العناب‪ ,‬وقببال أبببو أمامببة‪ :‬الفببردوس سببرة الجنببة‪,‬‬
‫وقال قتادة‪ :‬الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها‪ ,‬وقد‬
‫روي هذا مرفوعا ً من حديث سعيد بن بشير عن قتادة عن‬
‫الحسببن عببن سببمرة عببن النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫»الفردوس ربوة الجنببة أوسببطها وأحسببنها«‪ .‬وهكببذا رواه‬
‫إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن سمرة مرفوعا ً وروي‬
‫عن قتادة عن أنس بن مالك مرفوعا ً بنحوه روى ذلك كلببه‬
‫ابن جرير رحمببه اللببه‪ ,‬وفببي الصببحيحين »إذا سببألتم اللببه‬
‫الجنة‪ ,‬فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة‪,‬‬
‫ل{ أي ضببيافة‪,‬‬ ‫ومنه تفجر أنهار الجنة«‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬نز ً‬
‫فإن النببزل الضببيافة‪ .‬وقببوله }خالببدين فيهببا{ أي مقيميببن‬
‫ل{ أي‬ ‫ساكنين فيها ل يظعنون عنها أبدا ً }ل يبغون عنها حو ً‬
‫ل يختارون عنها غيرها ول يحبون سواها‪ ,‬كما قال الشاعر‪:‬‬
‫فحلت سويدا القلب ل أنا باغيًاسواها ول عن حبهببا أتحببول‬
‫ل{ تنبيه على رغبتهم فيهببا‬ ‫وفي قوله‪} :‬ل يبغون عنها حو ً‬
‫وحبهم لها‪ ,‬مع أنه قد يتوهم فيمن هببو مقيببم فببي المكببان‬
‫دائما ً أنه قد يسأمه أو يمله‪ ,‬فببأخبر أنهببم مببع هببذا الببدوام‬
‫والخلود السرمدي ل يختارون عن مقامهم ذلك متحول ً ول‬
‫انتقبببببببببال ً ول ظعنبببببببببا ً ول رحلبببببببببة ول ببببببببببد ً‬
‫ل‪.‬‬

‫ل‬ ‫ت َرب ّببي ل َن َِف بد َ ال ْب َ ْ‬


‫ح بُر قَب ْب َ‬ ‫دادا ً ل ّك َل ِ َ‬
‫ما ِ‬ ‫م َ‬
‫حُر ِ‬‫ن ال ْب َ ْ‬‫كا َ‬ ‫** ُقل ل ّوْ َ‬
‫ددا ً‬ ‫َ‬
‫مث ِْلببببهِ َ‬
‫مبببب َ‬ ‫جئ َْنببببا ب ِ ِ‬ ‫ت َرّبببببي وََلببببوْ ِ‬ ‫مببببا ُ‬ ‫أن َتنَفببببد َ ك َل ِ َ‬
‫يقول تعالى‪ :‬قل يا محمد لو كان ماء البحر مدادا ً للقلببم‬
‫الذي يكتب به كلمات الله وحكمه وآياته الدالة عليه‪ ,‬لنفببد‬
‫البحر قبل أن يفرغ كتابة ذلك }ولو جئنا بمثلببه{ أي بمثببل‬
‫البحر آخر‪ ,‬ثم آخر وهلم جرا ً بحور تمببده ويكتببب بهببا‪ ,‬لمببا‬
‫نفدت كلمات الله‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬ولو أن ما في الرض‬
‫ده مببن بعببده سبببعة أبحببر مببا‬ ‫من شجرة أقلم والبحر يم ب ّ‬
‫نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيببم{ وقببال الربيببع بببن‬
‫أنس‪ :‬إن مثل علم العباد كلهم في علم اللببه كقطببرة مببن‬
‫ماء البحوركلها‪ ,‬وقد أنزل اللببه ذلببك }قببل لببو كببان البحببر‬

‫‪873‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مدادا ً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمببات ربببي{‬
‫يقول لو كانت تلك البحببور مببدادا ً لكلمببات اللببه‪ ,‬والشببجر‬
‫كلببه أقلم لنكسببرت القلم‪ ,‬وفنببي مبباء البحببر‪ ,‬وبقيببت‬
‫كلمات الله قائمة ل يفنيها شيء‪ ,‬لن أحببدا ً ل يسببتطيع أن‬
‫يقدر قدره ول يثني عليه كما ينبغي حببتى يكببون هببو الببذي‬
‫يثني نفسه‪ ,‬إن ربنا كمببا يقببول وفببوق مببا نقببول‪ ,‬إن مثببل‬
‫لخرة كحبة مببن خببردل‬ ‫نعيم الدنيا أولها وآخرها في نعيم ا َ‬
‫فبببببببببببببببببببببببببي خلل الرض كلهبببببببببببببببببببببببببا‪.‬‬

‫َ‬ ‫مآ أ َن َا ْ ب َ َ‬
‫ه‬‫م إ َِلـب ٌ‬
‫مببآ إ َِلـبهُك ُ ْ‬ ‫ي أن ّ َ‬ ‫ى إ ِل َب ّ‬ ‫ح َ‬ ‫مث ْل ُك ُب ْ‬
‫م ي ُببو َ‬ ‫شبٌر ّ‬ ‫** قُ ْ‬
‫ل إ ِن ّ َ‬
‫صباِلحا ً وَل َ‬ ‫مل ً َ‬ ‫ل عَ َ‬ ‫مب ْ‬‫جببو ل َِقببآَء َرّببهِ فَل ْي َعْ َ‬ ‫ن ي َْر ُ‬ ‫كبا َ‬ ‫من َ‬ ‫حد ٌ فَ َ‬
‫َوا ِ‬
‫دا‬ ‫َ‬ ‫شببببببببببببرِ ْ‬ ‫يُ ْ‬
‫حبببببببببببب َ‬ ‫ك ب ِعَِببببببببببببباد َةِ َرّبببببببببببببهِ أ َ‬
‫روى الطبراني من طريق هشام بن عمار عن إسماعيل‬
‫بن عياش‪ ,‬عن عمرو بن قيس الكوفي أنببه سببمع معاويببة‬
‫بن أبي سفيان قببال‪ :‬هببذه آخببر آيببة أنزلببت‪ ,‬يقببول تعببالى‬
‫لرسوله محمد صلوات اللببه وسببلمه عليببه }قببل{ لهببؤلء‬
‫المشركين المكذبين برسالتك إليهم }إنما أنا بشر مثلكم{‬
‫فمن زعم أنببي كبباذب فليببأت بمثببل مببا جئت بببه‪ ,‬فببإني ل‬
‫أعلم الغيب فيما أخبرتكم به من الماضي عما سببألتم مببن‬
‫قصة أصحاب الكهف وخبببر ذي القرنيببن ممببا هببو مطببابق‬
‫في نفس المر‪ ,‬ولول ما أطلعني الله عليه‪ ,‬وإنما أخبببركم‬
‫}أنما إلهكم{ الببذي أدعببوكم إلببى عبببادته }إلببه واحببد{ ل‬
‫شريك له }فمن كان يرجببو لقبباء ربببه{ أي ثببوابه وجببزاءه‬
‫الصالح }فليعمل عمل ً صالحًا{ أي ما كببان موافق با ً لشببرع‬
‫الله }ول يشرك بعبادة ربه أحدًا{ وهو الذي يراد بببه وجببه‬
‫الله وحده ل شريك له‪ ,‬وهذان ركنا العمل المتقبببل‪ ,‬ل(بببد‬
‫أن يكون خالصا ً لله صوابا ً على شريعة رسول اللببه صببلى‬
‫اللبببببببببببببببببببه عليبببببببببببببببببببه وسبببببببببببببببببببلم‪.‬‬
‫وقد روى ابن أبي حاتم من حديث معمر عن عبد الكريم‬
‫الجزري عن طاوس قال‪ :‬قببال رجببل يببا رسببول اللبه إنببي‬
‫أقف المواقف أريد وجه الله وأحب أن يرى مببوطني فلببم‬

‫‪874‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يرد عليه رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسبلم شببيئا ً حببتى‬
‫لية }فمن كان يرجو لقبباء ربببه فليعمببل عمل ً‬ ‫نزلت هذه ا َ‬
‫صببالحا ً ول يشببرك بعبببادة ربببه أحببدًا{ وهكببذا أرسببل هببذا‬
‫مجاهد وغير واحد‪ .‬وقال العمش‪ :‬حدثنا حمزة أبو عمببارة‬
‫مولى بني هاشم عن شهر بن حوشب قال‪ :‬جاء رجل إلى‬
‫عبادة بن الصامت فقال‪ :‬أنبئني عمببا أسببألك عنببه‪ .‬أرأيببت‬
‫رجل ً يصلي يبتغي وجه الله ويحب أن يحمد ويصوم يبتغببي‬
‫وجه الله ويحب أن يحمد‪ ,‬ويتصدق يبتغي وجه الله ويحببب‬
‫أن يحمد‪ ,‬ويحج يبتغي وجببه اللببه ويحببب أن يحمببد‪ ,‬فقببال‬
‫عبادة‪ :‬ليس له شيء‪ ,‬إن الله تعالى يقول‪ :‬أنا خير شريك‪,‬‬
‫فمن كان له معي شريك فهببو لببه كلببه ل حاجببة لببي فيببه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا محمد بن عبد اللببه بببن الزبيببر‪,‬‬
‫حدثنا كثير بن زيد عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سببعيد‬
‫الخدري عن أبيه‪ ,‬عن جده قببال‪ :‬كنببا نتنبباوب رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليببه وسببلم‪ ,‬فنبببيت عنببده تكببون لببه حاجببة أو‬
‫يطرقه أمببر مببن الليببل فيبعثنببا‪ ,‬فكببثر المحتسبببون وأهببل‬
‫النوب‪ ,‬فكنا نتحدث فخببرج علينببا رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم فقال‪» :‬ما هبذه النجبوى ؟« قبال‪ :‬فقلنبا‪ :‬تبنبا‬
‫إلى الله أي نبي الله‪ ,‬إنما كنا في ذكر المسيح وفرقنا منه‬
‫فقال أل أخبركم بما هو أخوف عليكم من المسببيح عنببدي‬
‫قال قلنا بلببى‪ ,‬فقببال‪» :‬الشببرك الخفببي أن يقببوم الرجببل‬
‫يصبببببببببببببببببلي لمكبببببببببببببببببان الرجبببببببببببببببببل«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو النضببر‪ ,‬حببدثنا عبببد الحميببد‬
‫يعني ابن بهرام قال‪ :‬قال شهر بن حوشب‪ :‬قال ابن غنببم‪:‬‬
‫لما دخلنا مسجد الجابية أنا وأبو الببدرداء‪ ,‬لقينببا عبببادة بببن‬
‫الصامت فأخذ يميني بشماله‪ ,‬وشمال أبي الدرداء بيمينببه‪,‬‬
‫فخرج يمشي بيننا ونحن نتناجى‪ ,‬واللببه أعلببم بمببا نتنبباجى‬
‫به‪ ,‬فقال عبادة بن الصامت‪ :‬إن طال بكما عمر أحدكما أو‬
‫كليكما لتوشكان أن تريا الرجل من ثبج المسببلمين‪ ,‬يعنببي‬
‫من وسط قراء القرآن على لسان محمد صلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪ ,‬فأعاده وأبدأه وأحل حلله وحرم حرامه ونزله عنببد‬
‫منازله ل يحببور فيكببم إل كمببا يحبور رأس الحمبار الميببت‪.‬‬

‫‪875‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال‪ :‬فبينما نحن كذلك إذ طلع شداد بن أوس رضببي اللببه‬
‫عنه وعوف بن مالك فجلسا إلينا‪ ,‬فقال شببداد‪ :‬إن أخببوف‬
‫ما أخاف عليكم أيها الناس لما سمعت رسول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم يقببول‪» :‬مببن الشببهوة الخفيببة والشببرك«‬
‫فقال عبادة بن الصامت وأبو الدرداء‪ :‬اللهم غفرا ألم يكبن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قببد حببدثنا أن الشببيطان‬
‫قد يئس أن يعبد في جزيرة العببرب‪ .‬أمببا الشببهوة الخفيببة‬
‫فقد عرفناها هي شهوات الدنيا من نسائها وشهواتها‪ ,‬فمببا‬
‫هذا الشرك الذي تخوفنا به يا شداد ؟ فقال شداد‪ :‬أرأيتكم‬
‫لو رأيتم رجل ً يصلي لرجل أو يصوم لرجبل أو يتصبدق لبه‪,‬‬
‫أترون أنببه قببد أشببرك ؟ قببالوا‪ :‬نعببم واللببه إن مببن صببلى‬
‫لرجل أو صام أو تصدق له لقد أشرك‪ ,‬فقببال شببداد فببإني‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪ :‬من صلى‬
‫يببرائي فقببد أشببرك ومببن صببام يببرائي فقببد أشببرك ومببن‬
‫تصدق يرائي فقد أشرك فقال عوف بن مالببك عنببد ذلببك‪:‬‬
‫أفل يعمد إليه إلى ما ابتغى به وجهه من ذلببك العمببل كلببه‬
‫فيصل ما خلص له ويبدع مبا أشبرك ببه فقبال شبداد عنبد‬
‫ذلك‪ :‬فإني سببمعت رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫يقول‪» :‬إن الله يقول‪ :‬أنا خير قسيم لمن أشرك بببي مببن‬
‫أشرك بي شيئًا‪ ,‬فإن عملببه قليلببه وكببثيره لشببريكه الببذي‬
‫أشببببببببببرك بببببببببببه‪ ,‬أنببببببببببا عنببببببببببه غنببببببببببي«‪.‬‬
‫)طريق أخرى لبعضه( قال المام أحمببد‪ :‬حببدثنا زيببد بببن‬
‫الحباب‪ ,‬حدثني عبد الواحد بن زياد‪ ,‬أخبرنا عبادة بن نسي‬
‫عن شداد بن أوس رضي الله عنه أنه بكى‪ ,‬فقيببل لببه‪ :‬مببا‬
‫يبكيك ؟ قال شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم فأبكاني‪ ,‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسببلم‬
‫يقببول‪» :‬أتخببوف علببى أمببتي الشببرك والشببهوة الخفيببة«‬
‫قلت‪ :‬يا رسول الله أتشرك أمتك من بعدك ؟ قال‪» :‬نعببم‬
‫أمببا إنهببم ل يعبببدون شمسبا ً ول قمببرا ً ول حجببرا ً ول وثن بًا‪,‬‬
‫ولكن يراءون بأعمالهم‪ ,‬والشهوة الخفية أن يصبح أحببدهم‬
‫صائما ً فتعرض له شهوة من شهواته فيترك صومه« ورواه‬

‫‪876‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ابن ماجه من حببديث الحسببن بببن ذكببوان عببن عبببادة بببن‬
‫نسي به‪ ,‬وعبادة فيه ضعف‪ ,‬وفي سماعه من شداد نظببر‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال الحافظ أبو بكببر البببزار‪ :‬حدثناالحسببين‬
‫بن علي بن جعفببر الحمببر‪ ,‬حببدثنا علببي بببن ثببابت‪ ,‬حببدثنا‬
‫قيس بن أبي حصين عن أبي صالح عن أبببي هريببرة قببال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسببلم‪» :‬يقببول اللببه يببوم‬
‫القيامة‪ :‬أنا خير شريك من أشرك بي أحدا ً فهو لببه كلببه«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا محمببد بببن جعفببر‪ ,‬حببدثنا شببعبة‪,‬‬
‫سمعت العلء يحدث عن أبيه عببن أبببي هريببرة عببن النبببي‬
‫صلى الله عليه وسلم يرويه عن الله عببز وجببل أنببه قببال‪:‬‬
‫»أنا خير الشركاء فمن عمل عمل ً أشرك فيه غيببري‪ ,‬فأنببا‬
‫بريء منه‪ ,‬وهو للبذي أشبرك« تفبرد ببه مبن هبذا البوجه‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا يونس‪ ,‬حدثنا الليث‬
‫عن يزيد يعني ابن الهاد عن عمرو عن محمود بن لبيببد أن‬
‫رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪» :‬إن أخببوف مببا‬
‫أخاف عليكم الشرك الصغر« قالوا‪ :‬وما الشببرك الصببغر‬
‫يا رسول الله ؟ قال‪» :‬الرياء‪ ,‬يقول اللببه يببوم القيامببة إذا‬
‫جزى الناس بأعمالهم‪ :‬اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون فببي‬
‫الببببدنيا‪ ,‬فببببانظروا هببببل تجببببدون عنببببدهم جببببزاء«‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال المام أحمببد‪ :‬حببدثنا محمببد بببن بكيببر‪,‬‬
‫أخبرنا عبد الحميد يعني ابن جعفر‪ ,‬أخبرني أبببي عببن زيبباد‬
‫بن ميناء عن أبي سعيد بببن أبببي فضببالة النصبباري‪ ,‬وكببان‬
‫من الصحابة‪ ,‬أنه قال‪ :‬سمعت رسول اللهصلى اللببه عليببه‬
‫لخرين ليوم ل ريببب‬ ‫وسلم يقول‪» :‬إذا جمع الله الولين وا َ‬
‫فيه نادى مناد‪ :‬من كان أشرك في عمببل عملببه للببه أحببدا ً‬
‫فليطلب ثوابه من عند غير الله‪ ,‬فإن اللببه أغنببى الشببركاء‬
‫عن الشببرك« وأخرجببه الترمببذي وابببن مبباجه مببن حببديث‬
‫محمببببببببببببد وهببببببببببببو البرسبببببببببببباني بببببببببببببه‪.‬‬
‫)حديث آخببر( قببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا أحمببد بببن عبببد‬
‫الملك‪ ,‬حدثنا بكار‪ ,‬حدثني أبي ب يعني عبد العزيز بببن أبببي‬
‫بكرة ب عن أبي بكرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسببلم‪» :‬مببن سببمع سببمع اللببه بببه‪ ,‬ومببن‬

‫‪877‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫راءى راءى الله بببه« وقببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا معاويببة‪,‬‬
‫حببدثنا شببيبان عببن فببراس عببن عطيببة عببن أبببي سببعيد‬
‫الخدري‪ ,‬عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬من‬
‫يببرائي يببرائي اللببه بببه‪ ,‬ومببن يسببمع يسببمع اللببه بببه«‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال المام أحمد حدثنا يحيى بن سعيد عببن‬
‫شعبة‪ ,‬حدثني عمرو بن مرة قال‪ :‬سببمعت رجل ً فببي بيببت‬
‫أبي عبيدة أنه سمع عبد الله بن عمرو يحدث ابن عمر أنه‬
‫سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬من سببمع‬
‫الناس بعمله سمع الله بببه‪ ,‬سبباء خلقببه وصببغره وحقببره«‬
‫فذرفت عينا عبد الله‪ .‬وقال الحافظ أبو بكر البببزار‪ :‬حببدثنا‬
‫عمرو بن يحيى اليلي‪ ,‬حدثنا الحارث بن غسان‪ ,‬حدثنا أبببو‬
‫عمران الجوني عن أنس رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬تعرض أعمببال بنببي آدم بيببن‬
‫يدي الله عز وجل يوم القيامة في صحف مختمببة‪ ,‬فيقببول‬
‫الله‪ :‬ألقوا هذا واقبلوا هذا‪ ,‬فتقول الملئكببة‪ :‬يببا رب واللببه‬
‫ما رأينا منه إل خيرًا‪ ,‬فيقول‪ :‬إن عمله كان لغير وجهي ول‬
‫أقبل اليوم مببن العمببل إل مببا أريببد بببه وجهببي« ثببم قببال‪:‬‬
‫الحارث بن غسان روى عنه جماعة وهو ثقة بصري‪ ,‬ليببس‬
‫به بأس‪ ,‬وقال ابن وهب‪ :‬حدثني يزيد بن عيباض عبن عبببد‬
‫الرحمببن العببرج‪ ,‬عببن عبببد اللببه بببن قيببس الخزاعببي أن‬
‫رسول الله صلى الله عليببه وسببلم قببال‪» :‬مببن قببام ريبباء‬
‫وسبببمعة‪ ,‬لبببم يبببزل فبببي مقبببت اللبببه حبببتى يجلبببس«‪.‬‬
‫وقال أبو يعلى‪ :‬حدثنا محمد بي أبي بكر‪ ,‬حدثنا محمد بن‬
‫دينار عن إبراهيم الهجري‪ ,‬عن أبي الحوص عن عوف بببن‬
‫مالك عن ابن مسعود رضي اللببه عنببه قببال‪ :‬قببال رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬من أحسن الصلة حيث يببراه‬
‫الناس وأساءها حيث يخلو‪ ,‬فتلك استهانة استهان بهببا ربببه‬
‫عز وجل« وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا أبو عببامر إسببماعيل بببن‬
‫عمرو السكوني‪ ,‬حدثنا هشام بن عمار‪ ,‬حدثنا ابن عيبباش‪,‬‬
‫حدثنا عمرو بن قيس الكنببدي أنببه سببمع معاويببة بببن أبببي‬
‫لية }فمببن كببان يرجببو لقبباء ربببه{ ا َ‬
‫ليببة‪,‬‬ ‫سفيان تل هذه ا َ‬
‫وقال‪ :‬إنها آخر آية نزلت من القرآن وهذا أثر مشكل‪ ,‬فإن‬

‫‪878‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لية آخر سورة الكهببف‪ ,‬والكهببف كلهببا مكيببة‪ ,‬ولعببل‬ ‫هذه ا َ‬
‫معاوية أراد أنه لم ينزل بعدها آية تنسخها ول تغير حكمها‪,‬‬
‫بل هببي مثبتببة محكمببة‪ ,‬فاشببتبه ذلببك علببى بعببض الببرواة‬
‫فببببروى بببببالمعنى علببببى مببببا فهمببببه‪ ,‬واللببببه أعلببببم‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبو بكر البزار‪ :‬حبدثنا محمبد ببن علبي ببن‬
‫الحسن بن شقيق‪ ,‬حدثنا النضر بن شميل‪ ,‬حدثنا أبببو قببرة‬
‫عن سعيد بن المسيب عن عمببر بببن الخطبباب قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‪» :‬مببن قببرأ فببي ليلببة‬
‫}فمن كان يرجو لقاء ربه{ ا َ‬
‫لية‪ ,‬كببان لببه مببن النببور مببن‬
‫عدن أبين إلى مكة حشو ذلك النور الملئكة« غريبب جبدا ً‬
‫آخبببببببببببر تفسبببببببببببير سبببببببببببورة الكهبببببببببببف‪.‬‬
‫سببببببببببببببببببببببببببببببببببببورة مريببببببببببببببببببببببببببببببببببببم‬
‫وهبببببببببببببببببببببببببببببببببي مكيبببببببببببببببببببببببببببببببببة‬
‫وقد روى محمد بن إسحاق فببي السببيرة مببن حببديث أم‬
‫سلمة‪ ,‬وأحمد بن حنبل عن ابن مسعود في قصببة الهجببرة‬
‫إلى أرض الحبشة من مكة أن جعفر بن أبي طالب رضببي‬
‫الله عنه قرأ صدر هذه السورة علببى النجاشببي وأصببحابه‪.‬‬

‫حيبببببببببببم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سبببببببببببم ِ الّلبببببببببببهِ الّر ْ‬
‫حمـببببببببببب ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫ه‬‫ك عَب ْد َهُ َزك َرِّيآ * إ ِذ ْ َنبباد َىَ َرّببب ُ‬ ‫مةِ َرب ّ َ‬ ‫ح َ‬‫ص * ذِك ُْر َر ْ‬ ‫كهيعَ َ‬ ‫** َ‬
‫ل‬ ‫ش بت َعَ َ‬
‫من ّببي َوا ْ‬ ‫م ِ‬‫ن ال ْعَظ ْب ُ‬
‫ب إ ِن ّببي وَهَ ب َ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫خِفي ّبا ً * قَببا َ‬ ‫دآًء َ‬ ‫ن ِب َ‬
‫شبِقي ّا ً * وَإ ِن ّببي ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ت‬ ‫خْفب ُ‬ ‫ب َ‬ ‫ك َر ّ‬ ‫عآئ ِ َ‬‫ن ب ِبد ُ َ‬‫م أك ُب ْ‬‫شْيبا ً وَل َب ْ‬‫س َ‬‫الّرأ ُ‬
‫ال ْموال ِي من ورآِئي وك َببانت ا َ‬
‫مببن‬ ‫ب ل ِببي ِ‬ ‫مَرأت ِببي عَبباِقرا ً فَهَب ْ‬ ‫َ َ ِ ْ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َ ِ‬
‫ضي ّا ً‬
‫ب َر ِ‬ ‫ه َر ّ‬ ‫جعَل ْ ُ‬‫ب َوا ْ‬‫ل ي َعُْقو َ‬ ‫نآ ِ‬ ‫م ْ‬‫ث ِ‬ ‫ك وَل ِي ّا ً * ي َرِث ُِني وَي َرِ ُ‬‫ل ّد ُن ْ َ‬
‫أما الكلم على الحروف المقطعببة فقببد تقببدم فببي أول‬
‫سورة البقببرة‪ ,‬وقببوله }ذكببر رحمببت ربببك{ أي هببذا ذكببر‬
‫رحمة الله بعبده زكريا‪ ,‬وقرأ يحيى بن يعمر }ذكر رحمببت‬
‫ربك عبده زكريا{ وزكريا يمد ويقصر‪ ,‬قراءتان مشببهورتان‬
‫وكان نبيا ً عظيمبا ً مببن أنبيبباء بنببي إسببرائيل‪ ,‬وفببي صببحيح‬
‫البخاري أنه كان نجارا ً يأكل مببن عمببل يببده فببي النجببارة‪.‬‬
‫وقوله }إذ نادى ربه نداء خفيًا{ قال بعض المفسرين‪ :‬إنما‬

‫‪879‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أخفببى دعبباءه لئل ينسببب فببي طلببب الولببد إلببى الرعونببة‬
‫لكبره‪ ,‬حكاه الماوردي وقال آخرون‪ :‬إنما أخفاه لنه أحببب‬
‫لية }إذ نببادى رببه نببداء‬ ‫إلى الله‪ ,‬كما قال قتادة في هذه ا َ‬
‫خفيًا{ إن الله يعلم القلب التقي‪ ,‬ويسمع الصوت الخفببي‪,‬‬
‫وقال بعض السلف‪ :‬قام من الليل عليببه السببلم وقببد نببام‬
‫أصحابه‪ ,‬فجعل يهتف بربه يقول خفية‪ :‬يببا رب‪ ,‬يببا رب‪ ,‬يببا‬
‫رب‪ ,‬فقال الله له‪ :‬لبيك لبيببك لبيببك }قببال رب إنببي وهببن‬
‫العظم مني{ أي ضعفت وخارت القوى }واشتعل الببرأس‬
‫شيبًا{‪ ,‬أي اضطرم المشبيب فبي السبواد‪ ,‬كمبا قببال اببن‬
‫دريببببببببببببببببببد فببببببببببببببببببي مقصببببببببببببببببببورته‪:‬‬
‫أما ترى رأسي حاكى لونهطرة صبببح تحببت أذيببال الببدجى‬
‫واشتعل المبيض في مسودةمثل اشببتعال النببار فببي جمببر‬
‫الغضبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببا‬
‫والمببراد مببن هببذا الخبببار عببن الضببعف والكبببر ودلئلببه‬
‫الظاهرة والباطنة‪ .‬وقوله }ولم أكببن بببدعائك رب شببقيا{‬
‫أي ولم أعهد منك إل الجابة في الدعاء‪ ,‬ولببم تردنببي قببط‬
‫فيما سألتك وقوله }وإني خفت الموالي مببن ورائي{ قببرأ‬
‫الكثرون بنصب الياء من الموالي على أنه مفعببول‪ ,‬وعببن‬
‫الكسببببائي أنببببه سببببكن اليبببباء‪ ,‬كمببببا قببببال الشبببباعر‪:‬‬
‫كأن أيديهن فببي القبباع القرقأيببدي جببوار يتعبباطين الببورق‬
‫لخبببببببببببببببببببببببببببببببر‪:‬‬‫وقبببببببببببببببببببببببببببببببال ا َ‬
‫فببتى لببو يببباري الشببمس ألقببت قناعهبباأو القمببر السباري‬
‫للقببببببببببببببببببببببببببببببى المقالببببببببببببببببببببببببببببببدا‬
‫ومنبببه قبببول أببببي تمبببام حببببيب ببببن أوس الطبببائي‪:‬‬
‫تغاير الشعر منه إذ سهرت لهحتى ظننت قببوافيه سببتقتتل‬
‫وقببال مجاهببد وقتببادة والسببدي‪ :‬أراد بببالموالي العصبببة‪.‬‬
‫وقال أبو صالح‪ :‬الكللة‪ .‬وروي عن أمير المببؤمنين عثمببان‬
‫بن عفان رضي اللبه عنببه أنببه كبان يقرؤهببا }وإنببي خفببت‬
‫الموالي من ورائي{ بتشديد الفبباء بمعنببى قلببت عصببباتي‬
‫من بعدي‪ ,‬وعلى القراءة الولى وجه خوفه أنببه خشببي أن‬
‫يتصرفوا من بعده في الناس تصرفا ً سيئًا‪ ,‬فسأل الله ولدا ً‬
‫يكون نبيا ً من بعده ليسوسهم بنبوته ما يوحي إليه‪ ,‬فأجيب‬

‫‪880‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫في ذلك ل أنبه خشبي مبن وراثتهبم لبه مباله‪ ,‬فبإن النببي‬
‫أعظم منزلة وأجل قدرا ً من أن يشفق على مباله إلبى مبا‬
‫هذا حده‪ ,‬وأن يأنف من وراثة عصباته له ويسأل أن يكببون‬
‫لبببببه ولبببببد ليحبببببوز ميراثبببببه دونهبببببم هبببببذا وجبببببه‪.‬‬
‫)الثاني( أنه لم يذكر أنه كان ذا مال بل كان نجببارا ً يأكببل‬
‫من كسب يديه‪ ,‬ومثل هذا ل يجمع مببال ً ول سببيما النبيبباء‪,‬‬
‫فببببببإنهم كببببببانوا أزهببببببد شببببببيء فببببببي الببببببدنيا‪.‬‬
‫)الثالث( أنه قد ثبببت فببي الصببحيحين مببن غيببر وجببه أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال »ل نورث‪ ,‬ما تركنببا‬
‫فهو صدقة« وفي رواية عند الترمذي بإسناد صحيح »نحببن‬
‫معشر النبيبباء ل نببورث«‪ ,‬وعلببى هببذا فتعيببن حمببل قببوله‬
‫}فهب لي من لدنك وليا ً يرثني{ على ميراث النبوة‪ ,‬ولهذا‬
‫قببال }ويببرث مببن آل يعقببوب{ كقببوله }وورث سببليمان‬
‫داود{ أي في النبوة إذ لو كان فببي المببال لمببا خصببه مببن‬
‫بين إخوته بذلك‪ ,‬ولما كان في الخبار بذلك كبير فائدة‪ ,‬إذ‬
‫من المعلوم المستقر في جميع الشرائع والملل أن الولببد‬
‫يرث أباه‪ ,‬فلول أنها وراثة خاصة لمبا أخببر بهببا‪ ,‬وكبل هبذا‬
‫يقرره ويثبته ما صح في الحديث »نحببن معاشببر النبيبباء ل‬
‫نببببببببورث‪ ,‬مببببببببا تركنببببببببا فهببببببببو صببببببببدقة«‪.‬‬
‫قال مجاهد في قببوله }يرثنببي ويببرث مببن آل يعقببوب {‬
‫كان وراثتبه علمبًا‪ ,‬وكبان زكريبا مبن ذريبة يعقبوب‪ ,‬وقبال‬
‫هشيم‪ :‬أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبببي صببالح فببي‬
‫قوله }يرثني ويرث من آل يعقوب{ قال‪ :‬يكببون نبي با ً كمببا‬
‫كانت آباؤه أنبياء‪ ,‬وقال عبد الرزاق عن معمر عببن قتببادة‪,‬‬
‫عن الحسن يرث نبوته وعلمه‪ ,‬وقال السدي‪ :‬يببرث نبببوتي‬
‫ونبوة آل يعقوب‪ .‬وعن مالك عببن زيببد بببن أسببلم }ويببرث‬
‫من آل يعقوب{ قال نبوتهم‪ .‬وقال جابر بن نوح ويزيد بببن‬
‫هارون كلهما عن إسماعيل بن أبي خالد‪ ,‬عن أبببي صببالح‬
‫في قوله }يرثني ويرث من آل يعقوب{ قال‪ :‬يببرث مببالي‬
‫ويرث من آل يعقوب النبوة‪ ,‬وهببذا اختيببار ابببن جريببر فببي‬
‫تفسبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببيره‪.‬‬

‫‪881‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال عبد الرزاق‪ :‬أخبرنا معمر عن قتادة أن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم قال »يرحم الله زكريا وما كان عليببه مببن‬
‫وراثة ماله‪ ,‬ويرحببم اللببه لوط با ً إن كببان ليببأوي إلببى ركببن‬
‫شديد«‪ .‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا أبو كريب‪ ,‬حببدثنا جببابر بببن‬
‫نوح عن مبارك هببو ابببن فضببالة‪ ,‬عببن الحسببن قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم »رحم اللببه أخببي زكريببا‬
‫ما كان عليه من وراثة ماله حين قال‪ :‬هب لببي مببن لببدنك‬
‫وليببا ً يرثنببي ويببرث مببن آل يعقببوب« وهببذه مرسببلت ل‬
‫تعارض الصحاح‪ ,‬والله أعلم‪ .‬وقببوله }واجعلببه رب رضببيا{‬
‫أي مرضيا ً عندك وعند خلقك‪ ,‬تحبه وتحببه إلى خلقك فببي‬
‫دينببببببببببببببببببببببببببببببببه وخلقببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬

‫مببن‬ ‫جعَببل ل ّب ُ‬
‫ه ِ‬ ‫ى َلب ْ‬
‫م نَ ْ‬ ‫حي َ َ‬
‫ه يَ ْ‬
‫م ُ‬
‫س ُ‬‫ك ب ِغُل َم ٍ ا ْ‬ ‫** ي ََزك َرِّيآ إ ِّنا ن ُب َ ّ‬
‫شُر َ‬
‫مي ّا ً‬
‫سببببببببببببببببببببببببببببببببب ِ‬ ‫ل َ‬‫قَب ْببببببببببببببببببببببببببببببببب ُ‬
‫هذا الكلم يتضمن محذوفا ً وهو أنه أجيببب إلببى مببا سببأل‬
‫في دعائه‪ ,‬فقيل لببه‪} :‬يببا زكريببا إنببا نبشببرك بغلم اسببمه‬
‫يحيى{ كما قال تعالى‪} :‬هنالببك دعببا زكريببا ربببه قببال رب‬
‫هب لي من لدنك ذرية طيبة إنببك سببميع الببدعاء * فنببادته‬
‫الملئكة وهو قائم يصببلي فببي المحببراب أن اللببه يبشببرك‬
‫بيحيى مصدقا ً بكلمة مبن اللبه وسببيدا ً وحصبورا ً ونبيبا ً مبن‬
‫الصالحين{ وقوله }لببم نجعببل لببه مببن قبببل سببميا{ قببال‬
‫قتادة وابن جريج وابن زيببد‪ :‬أي لببم يسببم أحببد قبلببه بهببذا‬
‫السبببببم‪ ,‬واختببببباره اببببببن جريبببببر رحمبببببه اللبببببه‪.‬‬
‫قال مجاهد }لم نجعببل لببه مببن قبببل سببميا{ أي شبببيهًا‪,‬‬
‫وأخذه من معنى قوله }فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلببم‬
‫له سميا{ أي شبيهًا‪ ,‬وقال علي بببن أبببي طلحببة عببن ابببن‬
‫عباس‪ :‬أي لم تلد العواقر قبله مثله‪ ,‬وهببذا دليببل علببى أن‬
‫زكريا عليه السلم كان ل يولببد لببه‪ ,‬وكببذلك امرأتببه كببانت‬
‫عبباقرا ً مببن أول عمرهببا‪ ,‬بخلف إبراهيببم‪ ,‬وسببارة عليهمببا‬
‫السلم‪ ,‬فإنهما إنما تعجبا من البشارة بإسحاق لكبرهمببا ل‬
‫لعقرهما‪ ,‬ولهذا قال }أبشببرتموني علببى أن مسببني الكبببر‬

‫‪882‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فبم تبشرون{ مع أنه كان قد ولد له قبله إسببماعيل بثلث‬
‫عشرة سنة‪ ,‬وقالت امرأته }يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهببذا‬
‫يعلي شيخا ً إن هذا لشيء عجيب * قالوا أتعجبين من أمببر‬
‫اللببه رحمببة اللببه وبركبباته عليكببم أهببل البببيت إنببه حميببد‬
‫مجيبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببد{‪.‬‬

‫عاِقرا ً وََقببد ْ‬ ‫مَرأ َِتي َ‬ ‫تا ْ‬ ‫م وَ َ‬


‫كان َ ِ‬ ‫ن ِلي غُل َ ٌ‬
‫كو ُ‬ ‫ى يَ ُ‬ ‫َ‬
‫ب أن ّ َ‬ ‫ل َر ّ‬‫** َقا َ‬
‫ن‬‫ي هَي ّب ٌ‬ ‫ك هُوَ عَل َب ّ‬ ‫ل َرب ّ َ‬
‫ك َقا َ‬ ‫ل ك َذ َل ِ َ‬‫عت ِي ّا ً * َقا َ‬‫ن ال ْك ِب َرِ ِ‬‫م َ‬
‫ت ِ‬ ‫ب َل َغْ ُ‬
‫شبببببْيئا ً‬‫ك َ‬ ‫م َتببببب ُ‬‫ل وََلببببب ْ‬ ‫مبببببن قَْبببببب ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫خل َْقُتببببب َ‬ ‫وََقبببببد ْ َ‬
‫هذا تعجب من زكريا عليه السببلم حيببن أجيببب إلببى مببا‬
‫سأل وبشر بالولد‪ ,‬ففرح فرحا ً شديدًا‪ ,‬وسأل عن كيفية ما‬
‫يولد له والوجه الذي يأتيه منه الولد‪ ,‬مببع أن امرأتببه كبانت‬
‫عاقرا ً لم تلد من أول عمرها مع كبرها‪ ,‬ومببع أنببه قببد كبببر‬
‫وعتا‪ ,‬أي‪ :‬عسا عظمه ونحل‪ ,‬ولم يبق فيه لقاح ول جماع‪,‬‬
‫والعرب تقول للعود إذا يبس‪ :‬عتا يعتو عتيا ً وعتببوًا‪ ,‬وعسببا‬
‫يعسببو عسببوا ً وعسببيًا‪ ,‬وقببال مجاهببد‪ :‬عتيببا يعنببي نحببول‬
‫العظببم‪ ,‬وقببال ابببن عببباس وغيببره‪ :‬عتيببا‪ ,‬يعنببي الكبببر‪,‬‬
‫والظبببببببباهر أنببببببببه أخببببببببص مببببببببن الكبببببببببر‪.‬‬
‫وقببال ابببن جريببر‪ :‬حببدثنا يعقببوب‪ ,‬حببدثنا هشببيم‪ ,‬أخبرنببا‬
‫حصين عن عكرمة عن ابن عباس قال‪ :‬لقد علمت السببنة‬
‫كلها غير أني ل أدري أكببان رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم يقرأ في الظهر والعصببر أم ل‪ ,‬ول أدري كيببف كببان‬
‫يقرأ هذا الحرف }وقد بلغببت مببن الكبببر عتيببا{ أو عسببيا‪,‬‬
‫سريج بببن النعمببان وأبببو داود عببن‬ ‫ورواه المام أحمد عن ُ‬
‫زياد بن أيببوب كلهمببا عببن هشببيم بببه‪} ,‬قببال{ أي الملببك‬
‫مجيبا ً لزكريا عما استعجب منه }كذلك قال ربك هو علببي‬
‫هين{ أي إيجاد الولد منك ومن زوجتك هذه ل من غيرهببا‪,‬‬
‫}هين{ أي يسير سهل على الله‪ ,‬ثم ذكر له ما هو أعجببب‬
‫مما سأل عنه‪ ,‬فقال }وقد خلقتك من قبل ولم تك شببيئًا{‬
‫كما قال تعالى‪} :‬هل أتى على النسان حين من الدهر لم‬
‫يكببببببببببببببببببن شببببببببببببببببببيئا ً مببببببببببببببببببذكورًا{‪.‬‬

‫‪883‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫ل آيت ب َ َ‬
‫ث‬‫س ث َل َ َ‬ ‫ك أل ّ ت ُك َل ّب َ‬
‫م ال َن ّببا َ‬ ‫ة َقا َ َ ُ‬ ‫ي آي َ ً‬ ‫جَعل ل ِ َ‬ ‫با ْ‬‫ل َر ّ‬ ‫** َقا َ‬
‫ى إ ِل َي ْهِ ْ‬
‫م‬ ‫ب فَأوْ َ‬
‫ح َ‬ ‫حَرا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ِ‬
‫م َ‬
‫مه ِ ِ‬‫ى قَوْ ِ‬ ‫خَر َ َ‬
‫ج عَل َ‬ ‫سوِي ّا ً * فَ َ‬‫ل َ‬ ‫ل ََيا ٍ‬
‫شببببببببببببببببي ّا ً‬ ‫حوا ْ ب ُ ْ‬ ‫َ‬
‫كببببببببببببببببَرةً وَعَ ِ‬ ‫سببببببببببببببببب ّ ُ‬ ‫أن َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن زكريا عليه السلم أنه }قببال رب‬
‫اجعل لي آية{ أي علمببة ودليل ً علببى وجببود مببا وعببدتني‪,‬‬
‫لتسببتقر نفسببي ويطمئن قلبببي بمببا وعببدتني‪ ,‬كمببا قببال‬
‫إبراهيم عليه السلم }رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو‬
‫لية }قال آيتببك{‬ ‫لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي{ ا َ‬
‫أي علمتك }أن ل تكلببم النبباس ثلث ليببال سببويًا{ أي أن‬
‫تحبس لسانك عن الكلم ثلث ليببال‪ ,‬وأنببت صببحيح سببوي‬
‫من غير مرض ول علة‪ ,‬قال ابن عباس ومجاهببد وعكرمببة‬
‫ووهب والسدي وقتادة وغير واحد‪ :‬اعتقل لسانه مببن غيببر‬
‫مرض ول علة‪ .‬قال عبد الرحمن بن زيببد بببن أسببلم‪ :‬كببان‬
‫يقبببرأ ويسببببح ول يسبببتطيع أن يكلبببم قبببومه إل إشبببارة‪.‬‬
‫ل سببويا{ أي‬ ‫وقببال العببوفي عببن ابببن عببباس }ثلث ليببا ٍ‬
‫متتابعات‪ ,‬والقول الول عنه وعن الجمهور أصح‪ ,‬كما قببال‬
‫تعالى في آل عمران }قال رب اجعل لي آية قال آيتك أن‬
‫ل تكلم الناس ثلثة أيام إل رمزا ً واذكببر ربببك كببثيرا ً وسبببح‬
‫بالعشي والبكار{ وقال مالببك عببن زيببد بببن أسببلم }ثلث‬
‫ليال سويا{ من غير خرس‪ ,‬وهذا دليل علببى أنببه لببم يكببن‬
‫يكلم الناس في هذه الليالي الثلث وأيامها }إل رمببزًا{ أي‬
‫ليببة الكريمببة }فخببرج علببى‬ ‫إشارة‪ ,‬ولهذا قال فببي هببذه ا َ‬
‫قومه من المحراب{ أي الذي بشببر فيببه بالولببد }فببأوحى‬
‫إليهم{ أي أشار إشببارة خفيببة سببريعة }أن سبببحوا بكببرة‬
‫وعشيا{ أي موافقة له فيما أمر به في هذه اليببام الثلثببة‬
‫زيادة على أعماله شكرا ً لله علببى مببا أوله‪ .‬قببال مجاهببد‪:‬‬
‫»فأوحى إليهم« أي أشببار وبببه قببال وهببب وقتببادة‪ .‬وقببال‬
‫مجاهد في رواية عنه‪} :‬فأوحى إليهم{ أي كتببب لهببم فببي‬
‫الرض‪ ,‬وكبببببببببببببببذا قبببببببببببببببال السبببببببببببببببدي‪.‬‬

‫‪884‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حَنان با ً‬
‫صبب ِي ّا ً * وَ َ‬ ‫م َ‬ ‫حك ْب َ‬ ‫ب ب ُِقوّةٍ َوآت َي ْن َبباهُ ال ْ ُ‬ ‫خذِ ال ْك َِتا َ‬‫ى ُ‬‫حي َ َ‬‫** ي َي َ ْ‬
‫جب ّببارا ً‬‫م ي َك ُببن َ‬ ‫وال ِبد َي ْهِ وَل َب ْ‬ ‫ن ت َِقي ّا ً * وَب َّرا ً ب ِ َ‬‫كا َ‬‫كاةً وَ َ‬‫من ل ّد ُّنا وََز َ‬ ‫ّ‬
‫حيا ً‬
‫ث َ‬ ‫م ي ُب ْعَ ُ‬
‫ت وَي َوْ َ‬ ‫مو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫م وُل ِد َ وَي َوْ َ‬ ‫َ‬
‫م عَلي ْهِ ي َوْ َ‬ ‫َ‬
‫سل ٌ‬ ‫صي ّا * وَ َ‬‫ً‬ ‫عَ ِ‬

‫وهذا أيضا ً تضببمن محببذوفا ً تقببديره أنببه وجببد هببذا الغلم‬


‫المبشر به وهو يحيى عليه السلم‪ ,‬وأن الله علمه الكتبباب‬
‫وهببو التببوارة الببتي كببانوا يتدارسببونها بينهببم‪ ,‬ويحكببم بهببا‬
‫النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والحبار‪ ,‬وقد‬
‫كان سنه إذ ذاك صغيرا ً فلهببذا نببوه بببذكره وبمببا أنعببم بببه‬
‫عليه وعلى والديه فقال‪} :‬يا يحيى خذ الكتبباب بقببوة{ أي‬
‫تعلم الكتاب بقوة أي بجد وحرص واجتهاد }وآتيناه الحكببم‬
‫صبيًا{ أي الفهم والعلم والجد والعزم والقبال على الخيببر‬
‫والكباب عليه والجتهاد فيه وهببو صببغير حببدث‪ ,‬قببال عبببد‬
‫الله بببن المبببارك‪ :‬قببال معمببر‪ :‬قببال الصبببيان ليحيببى بببن‬
‫زكريا‪ :‬اذهب بنا نلعب‪ ,‬فقال‪ :‬ما للعب خلقت‪ ,‬فلهذا أنببزل‬
‫اللبببببببببببه }وآتينببببببببببباه الحكبببببببببببم صببببببببببببيًا{‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وحنانا ً من لدنًا{ قال علي بببن أبببي طلحببة عببن‬
‫ابن عباس }وحنانا ً مببن لببدنا{ يقببول‪ :‬ورحمببة مببن عنببدنا‪,‬‬
‫وكذا قببال عكرمببة وقتببادة والضببحاك وزاد‪ :‬ل يقببدر عليهببا‬
‫غيرنببا‪ ,‬وزاد قتببادة‪ :‬رحببم اللببه بهببا زكريببا‪ .‬وقببال مجاهببد‪:‬‬
‫}وحنانا ً من لدنا{ وتعطفا ً مببن ربببه عليببه‪ .‬وقببال عكرمببة‪:‬‬
‫}وحنانا ً من لدنا{ قببال‪ :‬محبببة عليببه‪ .‬وقببال ابببن زيببد أمببا‬
‫الحنان فالمحبة‪ ,‬وقال عطاء بببن أبببي رببباح‪} :‬وحنانبا ً مببن‬
‫لدنا{ قال‪ :‬تعظيمبا ً مببن لببدنا‪ ,‬وقببال ابببن جريببج‪ :‬أخبببرني‬
‫عمرو بن دينار أنه سمع عكرمة عن ابن عباس أنه قال‪ :‬ل‬
‫واللببببببببببببه مببببببببببببا أدري مببببببببببببا حنانببببببببببببًا‪.‬‬
‫وقببال ابببن جريببر‪ :‬حببدثنا ابببن حميببد‪ ,‬حببدثنا جريببر عببن‬
‫منصور‪ ,‬سبألت سبعيد ببن جببير عبن قبوله‪} :‬وحنانبا ً مبن‬
‫لدنا{ فقال‪ :‬سألت عنها ابن عباس فلببم يجببد فيهببا شببيئًا‪,‬‬
‫والظاهر من السياق أن قوله وحنانا ً معطببوف علببى قببوله‬
‫}وآتيناه الحكم صبيًا{ أي وآتيناه الحكم وحنان با ً وزكبباة‪ ,‬أي‬
‫وجعلناه ذا حنان وزكاة‪ ,‬فالحنببان هببو المحبببة فببي شببفقة‬

‫‪885‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وميل‪ ,‬كما تقول العرب‪ :‬حنت الناقببة علببى ولببدها وحنببت‬
‫حن ّببة‪,‬‬
‫المرأة على زوجها‪ ,‬ومنه سميت المببرأة حنببة مببن ال َ‬
‫وحن الرجل إلى وطنه‪ ,‬ومنه التعطف والرحمة‪ ,‬كمببا قببال‬
‫الشبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببباعر‪:‬‬
‫ي هبببداك المليكفبببإن لكبببل مقبببام مقبببال‬ ‫تحنبببن علببب ّ‬
‫وفي المسند للمام أحمد عن أنببس رضببي اللببه عنببه أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قببال »يبقببى رجببل فببي‬
‫النار ينادي ألف سنة‪ :‬يا حنان يا منان« وقببد يثنبى‪ ,‬ومنهببم‬
‫من يجعل ما ورد في ذلببك لغببة بببذاتها‪ ,‬كمببا قببال طرفببة‪:‬‬
‫أبا منذر أفنيت فاستبق بعضناحنانيك بعض الشر أهون من‬
‫بعببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببض‬
‫وقوله‪} :‬وزكاة{ معطوف على وحنانًا‪ ,‬فالزكاة الطهببارة‬
‫لثام والببذنوب‪ ,‬وقبال قتببادة‪ :‬الزكبباة العمبل‬ ‫من الدنس وا َ‬
‫الصالح‪ ,‬وقال الضحاك وابن جريج‪ :‬العمل الصالح الزكببي‪.‬‬
‫وقال العوفي عن ابن عباس }وزكاة{ قال‪ :‬بركة‪} ,‬وكببان‬
‫م بببذنب‪ .‬وقببوله }وبببرا ً بوالببديه ولببم‬ ‫تقيًا{ ذا طهر فلم يه ّ‬
‫يكن جبارا ً عصيًا{ لما ذكر تعالى طاعته لربببه‪ ,‬وأنببه خلقببه‬
‫ذا رحمة وزكاة وتقى‪ ,‬عطببف بببذكر طبباعته لوالببديه وبببره‬
‫ل‪ ,‬أمرا ً ونهيًا‪ ,‬ولهذا قال‪:‬‬ ‫بهما‪ ,‬ومجانبته عقوقهما قول ً وفع ً‬
‫}ولم يكن جبارا ً عصيًا{ ثم قال بعد هذه الوصاف الجميلة‬
‫جزاء له على ذلك }وسلم عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم‬
‫يبعث حيًا{أي له المببان فببي هببذه الثلثببة الحببوال‪ .‬وقببال‬
‫سفيان بن عيينة‪ :‬أوحش ما يكون المرء في ثلثة مواطن‪:‬‬
‫يوم يولد فيرى نفسه خارجا ً ممببا كببان فيببه‪ ,‬ويببوم يمببوت‬
‫فيرى قوما ً لم يكن عاينهم‪ ,‬ويوم يبعببث فيبرى نفسبه فببي‬
‫محشببر عظيببم‪ ,‬قببال‪ :‬فببأكرم اللببه فيهببا يحيببى بببن زكريببا‬
‫صه بالسلم عليه‪ ,‬فقال‪} :‬وسلم عليه يببوم ولببد ويببوم‬ ‫فخ ّ‬
‫يموت ويببوم يبعببث حي بًا{ رواه ابببن جريببر عببن أحمببد بببن‬
‫منصبببور المبببروزي عبببن صبببدقة ببببن الفضبببل عنبببه‪.‬‬
‫وقال عبد البرزاق‪ :‬أخبرنببا معمبر عببن قتببادة فبي قبوله‪:‬‬
‫}جبارا ً عصيًا{ قال‪ :‬كببان ابببن المسببيب يببذكر قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم »ما من أحد يلقببى اللببه‬

‫‪886‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يوم القيامة إل ذا ذنب إل يحيى بن زكريا« قال قتببادة‪ :‬مببا‬
‫أذنب ول هم بامرأة‪ ,‬مرسل‪ ,‬وقال محمد بن إسببحاق عببن‬
‫يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب‪ ,‬حدثني ابن العبباص‬
‫أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬كببل بنببي آدم‬
‫يأتي يوم القيامة وله ذنب‪ ,‬إل ما كان من يحيى بببن زكريببا‬
‫بن إسحاق هببذا مببدلس‪ ,‬وقببد عنعببن هببذا الحببديث‪ ,‬فببالله‬
‫أعلم‪ .‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عفان‪ ,‬حدثنا حمباد‪ ,‬أخبرنبا‬
‫علي بن زيد عبن يوسبف ببن مهبران عبن اببن عبباس أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬ما مببن أحببد مببن‬
‫م إل وقد أخطأ أو هم بخطيئة‪ ,‬ليس يحيى بن زكريببا‬ ‫ولد آد َ‬
‫وما ينبغي لحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى« وهذا‬
‫أيضا ً ضعيف‪ ,‬لن علببي بببن زيببد بببن جببدعان لببه منكببرات‬
‫كثيرة‪ ,‬والله أعلم‪ .‬وقال سعيد بن أبببي عروببة عبن قتببادة‬
‫أن الحسن قال‪ :‬إن يحيى وعيسى عليهمببا السببلم التقيببا‪,‬‬
‫فقال له عيسببى‪ :‬اسببتغفر لببي أنببت خيببر منببي‪ ,‬فقببال لببه‬
‫لخر‪ :‬استغفر لي أنت خير مني‪ ,‬فقببال لببه عيسببى‪ :‬أنببت‬ ‫ا َ‬
‫خير مني سلمت على نفسببي‪ ,‬وسببلم اللببه عليببك فعببرف‬
‫واللببببببببببببببببببببببببببببببه فضببببببببببببببببببببببببببببببلهما‪.‬‬

‫كان با ً‬ ‫م َ‬ ‫** واذ ْك ُر فببي ال ْكتبباب مري بم إذ انتب بذ َت م ب َ‬


‫ن أهْل ِهَببا َ‬ ‫َِ ِ َ ْ َ َ ِ ِ ََ َْ ِ ْ‬ ‫ْ ِ‬ ‫َ‬
‫حن َببا‬ ‫َ‬
‫س بلَنآ إ ِلي ْهَببآ ُرو َ‬‫ْ‬ ‫جاب با فَأْر َ‬ ‫ً‬ ‫ح َ‬ ‫دون ِِهم ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ت ِ‬ ‫خذ َ ْ‬ ‫ً‬
‫شْرِقيا * َفات ّ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ك‬ ‫من ب َ‬ ‫ن ِ‬ ‫مـ ب ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ي أعُببوذ ُ ِبالّر ْ‬ ‫ت إ ِن ّب َ‬ ‫سوِي ّا ً * َقال َ ْ‬ ‫شرا ً َ‬ ‫ل ل ََها ب َ َ‬ ‫فَت َ َ‬
‫مث ّ َ‬
‫لم با ً‬ ‫َ‬
‫ك غُ َ‬ ‫ب ل َب ِ‬ ‫ك ل َِهَ ب َ‬ ‫ل َرب ّب ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫مآ أن َا ْ َر ُ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫ت ت َِقي ّا ً * َقا َ‬ ‫كن َ‬ ‫ِإن ُ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ش بٌر وَل َب ْ‬ ‫سِني ب َ َ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫م وَل َ ْ‬ ‫ن ِلي غُل َ ٌ‬ ‫كو ُ‬ ‫ى يَ ُ‬ ‫ت أن ّ َ‬ ‫َزك ِي ّا ً * َقال َ ْ‬
‫ة‬ ‫ه آي َب ً‬ ‫جعَل َب ُ‬‫ن وَل ِن َ ْ‬‫ي هَي ّب ٌ‬ ‫ك هُوَ عَل َ ّ‬ ‫ل َرب ّ َ‬ ‫ك َقا َ‬ ‫ل ك َذ َل ِ َ‬ ‫ك ب َغِي ّا ً * َقا َ‬ ‫أَ ُ‬
‫ضبببببي ّا ً‬ ‫كبببببا َ‬
‫مْق ِ‬ ‫مبببببرا ً ّ‬ ‫نأ ْ‬ ‫َ‬ ‫مّنبببببا وَ َ‬ ‫ة ّ‬ ‫مببببب ً‬ ‫ح َ‬ ‫س وََر ْ‬ ‫للّنبببببا ِ‬
‫ّْ‬
‫لما ذكر تعالى قصة زكريا عليه السلم‪ ,‬وأنببه أوجببد منببه‬
‫فببي حببال كبببره وعقببم زوجتببه ولببدا ً زكيبا ً طبباهرا ً مباركبًا‪,‬‬
‫عطف بذكر قصة مريم في إيجبباده ولببدها عيسببى عليهمببا‬
‫السببلم منهببا مببن غيببر أب‪ ,‬فببإن بيببن القصببتين مناسبببة‬
‫ومشابهة‪ ,‬ولهذا ذكرهما في آل عمران وههنا‪ ,‬وفي سورة‬

‫‪887‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫النبياء يقرن بين القصتين لتقارب ما بينهمببا فببي المعنببى‪,‬‬
‫ليدل عباده على قببدرته وعظمببة سببلطانه‪ ,‬وأنببه علببى مببا‬
‫يشاء قادر‪ ,‬فقال }واذكر في الكتاب مريببم{ وهببي مريببم‬
‫بنت عمران من سللة داود عليه السلم‪ .‬وكانت من بيببت‬
‫طاهر طيب في بني إسرائيل‪ ,‬وقد ذكر اللببه تعببالى قصببة‬
‫ولدة أمها لها في سورة آل عمران‪ ,‬وأنها نببذرتها محببررة‪,‬‬
‫أي تخببدم مسببجد بيببت المقببدس‪ ,‬وكببانوا يتقربببون بببذلك‬
‫}فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا ً حسنًا{ ونشأت في‬
‫بنببي إسببرائيل نشببأة عظيمببة‪ ,‬فكببانت إحببدى العابببدات‬
‫الناسكات المشهورات بالعبادة العظيمة والتبتل والدؤوب‪,‬‬
‫وكانت في كفالة زوج أختهببا زكريببا نبببي بنببي إسببرائيل إذ‬
‫ذاك‪ ,‬وعظيمهم الذي يرجعون إليببه فببي دينهببم‪ ,‬ورأى لهببا‬
‫زكريا من الكرامببات الهائلبة مببا بهببره }كلمببا دخببل عليهببا‬
‫زكريا المحراب وجد عندها رزقا ً قال يا مريم أنى لبك هببذا‬
‫قببالت هببو مببن عنببد اللببه إن اللببه يببرزق مببن يشبباء بغيببر‬
‫حساب{ فذكر أنه كان يجد عندها ثمر الشتاء في الصيف‪,‬‬
‫وثمر الصيف في الشتاء‪ ,‬كمببا تقببدم بيببانه فببي سببورة آل‬
‫عمران‪ ,‬فلما أراد الله تعالى وله الحكمة والحجببة البالغببة‪,‬‬
‫أن يوجبد منهبا عببده ورسبوله عيسبى عليبه السبلم أحبد‬
‫الرسل أولي العزم الخمسبة العظبام }انتببذت مبن أهلهبا‬
‫مكانا ً شببرقيًا{ أي اعببتزلتهم وتنحببت عنهببم‪ ,‬وذهبببت إلببى‬
‫شرق المسببجد المقببدس‪ .‬وقببال السببدي لحيببض أصببابها‪,‬‬
‫وقيببببببببببببببببببببل لغيببببببببببببببببببببر ذلببببببببببببببببببببك‪.‬‬
‫قال أبو كدينة عن قابوس بن أبي ظبيببان عببن أبيببه عببن‬
‫ابن عباس قال‪ :‬إن أهل الكتاب كتببب عليهببم الصببلة إلببى‬
‫البيت والحج إليه‪ ,‬وما صرفهم عنه إل قيل ربك‪} :‬فانتبذت‬
‫من أهلها مكانا ً شرقيًا{ قال‪ :‬خرجت مريم مكانببا ً شببرقيًا‪,‬‬
‫فصببلوا قبببل مطلببع الشببمس‪ ,‬رواه ابببن أبببي حبباتم وابببن‬
‫جرير‪ .‬وقال ابن جريببر أيضبًا‪ :‬حببدثنا إسببحاق بببن شبباهين‪,‬‬
‫حدثنا خالد بن عبد الله عن داود عن عامر‪ ,‬عن ابن عباس‬
‫قببال‪ :‬إنببي لعلببم خلببق اللبه لي شببيء اتخببذت النصببارى‬
‫المشرق قبلة لقول الله تعالى‪} :‬فانتبذت من أهلها مكانببا ً‬

‫‪888‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫شرقيًا{ واتخذوا ميلد عيسببى قبلببة‪ .‬وقببال قتببادة }مكانبا ً‬
‫شرقيًا{ شاسعا ً منتحيًا‪ ,‬وقببال محمببد بببن إسببحاق‪ :‬ذهبببت‬
‫بقلتها لتستقي الماء‪ .‬وقال نوف البكالي‪ :‬اتخذت لها منزل ً‬
‫تتعببببببببببببببد فيبببببببببببببه‪ ,‬فبببببببببببببالله أعلبببببببببببببم‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬فاتخذت من دونهم حجاب بًا{ أي اسببتترت منهببم‬
‫وتببوارت‪ ,‬فأرسببل اللبه تعببالى إليهببا جبريببل عليببه السببلم‬
‫}فتمثل لها بشرا ً سويًا{ أي على صورة إنسان تام كامل‪.‬‬
‫قال مجاهد والضحاك وقتادة وابن جريج ووهببب بببن منبببه‬
‫والسدي في قوله‪} :‬فأرسلنا إليها روحنببا{ يعنببي جبرائيببل‬
‫عليه السلم‪ ,‬وهببذا الببذي قببالوه هببو ظبباهر القببرآن‪ ,‬فببإنه‬
‫لية الخببرى‪} :‬نببزل بببه الببروح الميببن‬ ‫تعالى قد قال في ا َ‬
‫على قلبك لتكون من المنذرين{ وقال أبببو جعفببر الببرازي‬
‫عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب قال‪:‬‬
‫إن روح عيسى عليه السلم مببن جملببة الرواح الببتي أخببذ‬
‫عليها العهد في زمان آدم عليه السببلم‪ ,‬وهببو الببذي تمثببل‬
‫لها بشرا ً سببويًا‪ ,‬أي روح عيسببى‪ ,‬فحملببت الببذي خاطبهببا‪,‬‬
‫وحببل فببي فيهببا‪ ,‬وهببذا فببي غايببة الغراببة والنكببارة وكببأنه‬
‫إسرائيلي }قالت إني أعوذ بالرحمن منببك إن كنببت تقي بًا{‬
‫أي لما تبدى لها الملك في صببورة بشببر وهببي فببي مكببان‬
‫منفرد وبينها وبين قومها حجاب‪ ,‬خافته وظنت أنببه يريببدها‬
‫على نفسها‪ ,‬فقالت‪} :‬إني أعببوذ بببالرحمن منببك إن كنببت‬
‫تقيًا{ أي إن كنببت تخبباف اللببه تببذكيرا ً لببه بببالله وهببذا هببو‬
‫المشروع في الدفع أن يكون بالسهل فالسببهل‪ ,‬فخببوفته‬
‫أول ً بببببببببببببببببببالله عببببببببببببببببببز وجببببببببببببببببببل‪.‬‬
‫قال ابن جرير‪ :‬حببدثني أبببو كريببب‪ ,‬حببدثنا أبببو بكببر عببن‬
‫عاصم قال‪ :‬قال أبببو وائل وذكببر قصببة مريببم‪ ,‬فقببال‪ :‬قببد‬
‫علمت أن التقي ذو نهية حين قالت‪} :‬إني أعببوذ بببالرحمن‬
‫منك إن كنت تقيا ً * قال إنما أنا رسول ربك{ أي فقال لها‬
‫الملك مجيبا ً لها ومزيل ً لما حصل عندها من الخببوف علببى‬
‫نفسها لست مما تظنين ولكني رسول ربك أي بعثني اللببه‬
‫إليك‪ ,‬ويقال إنها لما ذكرت الرحمن انتفببض جبريببل فرق با ً‬
‫وعاد إلى هيئته وقال }إنما أنا رسول ربك ليهب لك غلمبا ً‬

‫‪889‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫زكيًا{ هكذا قرأ أبو عمرو بن العلء أحد مشهوري القببراء‪,‬‬
‫لخرون }لهب لببك غلمبا ً زكيبًا{ وكل القرائتيببن لببه‬ ‫وقرأ ا َ‬
‫وجه حسن ومعنى صحيح‪ ,‬وكببل تسببتلزم الخببرى }قببالت‬
‫أنى يكون لي غلم{ أي فتعجبت مريببم مببن هببذا وقببالت‪:‬‬
‫كيف يكون لي غلم ؟ أي على أي صببفة يوجببد هببذا الغلم‬
‫مني‪ ,‬ولست بببذات زوج‪ ,‬ول يتصببور منببي الفجببور‪ ,‬ولهببذا‬
‫قالت‪} :‬ولم يمسسببني بشببر ولببم أك بغيببا{ والبغببي هببي‬
‫الزانية‪ ,‬ولهذا جاء في الحديث نهي عن مهر البغببي }قببال‬
‫كذلك قال ربك هو علي هين{ أي فقال لهببا الملببك مجيببا ً‬
‫لها عما سألت‪ :‬إن الله قد قال إنه سيوجد منك غلما ً وإن‬
‫لم يكن لك بعل‪ ,‬ول توجد منك فاحشة‪ ,‬فإنه على ما يشاء‬
‫قادر‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬ولنجعله آية للنبباس{ أي دللببة وعلمببة‬
‫للناس على قدرة بارئهم وخالقهم الذي نببوع فببي خلقهببم‪,‬‬
‫فخلق أباهم آدم من غير ذكر ول أنثى وخلق حواء من ذكر‬
‫بل أنثى‪ ,‬وخلق بقية الذرية من ذكر وأنثى إل عيسى‪ ,‬فببإنه‬
‫أوجده من أنثى بل ذكببر‪ ,‬فتمببت القسببمة الرباعيببة الدالببة‬
‫على كمال قببدرته وعظيببم سببلطانه فل إلببه غيببره ول رب‬
‫سببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببواه‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ورحمة منا{ أي ونجعببل هببذا الغلم رحمببة مببن‬
‫الله ونبيا ً من النبياء‪ ,‬يدعو إلى عبادة الله تعالى وتوحيده‪,‬‬
‫ليببة الخببرى‪} :‬إذ قببالت الملئكببة يببا‬ ‫كما قال تعالى فببي ا َ‬
‫مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن‬
‫لخببرة ومببن المقربيببن ويكلببم‬ ‫مريببم وجيه با ً فببي الببدنيا وا َ‬
‫النباس فبي المهبد وكهل ً ومبن الصبالحين{ أي يبدعو إلبى‬
‫عبادة ربه في مهده وكهولته‪ ,‬قببال ابببن أبببي حبباتم‪ :‬حببدثنا‬
‫أبي‪ ,‬حدثنا عبد الرحيم بن إبراهيببم‪ ,‬حببدثنا مببروان‪ ,‬حببدثنا‬
‫العلء بن الحارث الكوفي عن مجاهببد‪ :‬قببال‪ :‬قببالت مريببم‬
‫عليها السلم‪ :‬كنت إذا خلوت حدثني عيسى وكلمنببي وهببو‬
‫في بطني‪ ,‬وإذا كنببت مببع النبباس سبببح فببي بطنببي وكبببر‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وكان أمببرا ً مقضببيًا{ يحتمببل أن هببذا مببن تمببام‬
‫كلم جبريل لمريم‪ ,‬يخبرهببا أن هببذا أمببر مقببدر فببي علببم‬
‫الله(تعالى وقدرته ومشيئته‪ ,‬ويحتمببل أن يكببون مببن خبببر‬

‫‪890‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم وأنه كنببى‬
‫بهذا عن النفخ في فرجها‪ ,‬كما قببال تعببالى‪} :‬ومريببم ابنببة‬
‫عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا{ وقببال‪:‬‬
‫}والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا{ قال محمد‬
‫بن إسحاق‪} :‬وكان أمرا ً مقضيًا{ أي إن الله قد عزم على‬
‫هذا فليس منه بد‪ ,‬واختار هذا أيضا ً ابن جرير في تفسببيره‬
‫ولبببببببببم يحبببببببببك غيبببببببببره‪ ,‬واللبببببببببه أعلبببببببببم‪.‬‬

‫َ‬
‫ض‬‫خببا ُ‬ ‫م َ‬‫جآَءهَببا ال ْ َ‬
‫ص بي ّا ً * فَأ َ‬
‫كان با ً قَ ِ‬
‫م َ‬
‫ت ب ِبهِ َ‬ ‫ه َفان ْت َب َذ َ ْ‬ ‫مل َت ْ ُ‬ ‫** فَ َ‬
‫ح َ‬
‫سببيا ً‬ ‫ت نَ ْ‬ ‫ذا وَ ُ‬
‫كن ب ُ‬ ‫هـ ب َ‬ ‫ت قَب ْب َ‬
‫ل َ‬ ‫ت ي َل َي ْت َِني ِ‬
‫م ّ‬ ‫خل َةِ َقال َ ْ‬ ‫جذ ِْع الن ّ ْ‬ ‫ى ِ‬ ‫َ‬
‫إ ِل َ‬
‫سببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببي ّا ً‬ ‫من ِ‬ ‫ّ‬
‫يقول تعالى مخبرا عن مريم أنها لما قال لها جبريل عببن‬ ‫ً‬
‫الله تعالى مببا قببال‪ ,‬أنهببا استسببلمت لقضبباء اللببه تعببالى‪,‬‬
‫فذكر غير واحد من علماء السلف أن الملك وهو جبرائيببل‬
‫عليه السلم عند ذلك نفخ في جيب درعها‪ ,‬فنزلت النفخبة‬
‫حتى ولجت في الفبرج فحملبت بالولبد ببإذن اللبه تعبالى‪,‬‬
‫فلما حملت به ضاقت ذرعًا‪ ,‬ولم تببدر مبباذا تقببول للنبباس‪,‬‬
‫فإنها تعلم أن الناس ل يصدقونها فيما تخبرهم به‪ ,‬غير أنها‬
‫أفشت سرها وذكرت أمرها لختها امرأة زكريببا‪ ,‬وذلببك أن‬
‫زكريا عليه السلم كان قبد سبأل اللبه الولبد فبأجيب إلبى‬
‫ذلك‪ ,‬فحملت امرأته‪ ,‬فدخلت عليهببا مريببم‪ ,‬فقببامت إليهببا‬
‫فاعتنقتها وقالت‪ :‬أشعرت يا مريم أني حبلى ؟ فقالت لهببا‬
‫مريم‪ :‬وهل علمت أيضا ً أني حبلى‪ ,‬وذكرت لها شبأنها ومبا‬
‫كان مببن خبرهببا‪ ,‬وكببانوا بيببت إيمببان وتصببديق‪ ,‬ثببم كببانت‬
‫امرأة زكريا بعد ذلك إذا واجهت مريم تجد الذي في بطنها‬
‫يسجد للذي في بطن مريم‪ ,‬أي يعظمه ويخضببع لببه‪ ,‬فببإن‬
‫السجود كان في ملتهم عند السلم مشببروعًا‪ ,‬كمببا سببجد‬
‫ليوسف أبواه وإخوته‪ ,‬وكما أمر الله الملئكببة أن يسببجدوا‬
‫لدم عليه السلم‪ ,‬ولكن حرم في ملتنا هذه تكميل ً لتعظيم‬ ‫َ‬
‫جلل البببببببببببببببببببببببببببرب تعبببببببببببببببببببببببببببالى‪.‬‬

‫‪891‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا علي بن الحسببين قببال‪ُ :‬قرىببء‬
‫على الحببارث بببن مسببكين وأنببا أسببمع‪ ,‬قببال أخبرنببا عبببد‬
‫الرحمن بن القاسم قال‪ :‬قال مالك رحمه اللبه‪ :‬بلغنببي أن‬
‫عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا عليهما السلم ابنا خالببة‪,‬‬
‫وكببان حملهمببا جميعببا ً معببًا‪ ,‬فبلغنببي أن أم يحيببى قببالت‬
‫لمريم‪ :‬إني أرى أن ما في بطني يسببجد لمببا فببي بطنببك‪.‬‬
‫قال مالك‪ :‬أرى ذلك لتفضيل عيسى عليه السلم‪ ,‬لن الله‬
‫جعله يحيي الموتى ويبببرىء الكمببه والبببرص‪ ,‬ثببم اختلببف‬
‫المفسرون في مدة حمل عيسى عليه السلم‪ ,‬فالمشهور‬
‫عن الجمهور أنها حملت بببه تسببعة أشببهر‪ .‬وقببال عكرمببة‪:‬‬
‫ثمانية أشهر‪ ,‬قال‪ :‬ولهذا ل يعيش ولد الثمانية أشهر‪ .‬وقال‬
‫ابن جريج‪ :‬أخبرني المغيرة بن عثمان بن عبد الله الثقفي‪,‬‬
‫سمع ابن عباس وسئل عن حمل مريببم قببال‪ :‬لببم يكببن إل‬
‫أن حملت فوضعت‪ ,‬وهذا غريب‪ ,‬وكأنه مببأخوذ مببن ظبباهر‬
‫قوله تعالى‪} :‬فحملته فانتبببذت بببه مكان با ً قصببيا‪ ,‬فأجاءهببا‬
‫المخاض إلببى جببذع النخلببة{ فالفبباء وإن كببانت للتعقيببب‪,‬‬
‫لكن تعقيب كل شيء بحسبه‪ ,‬كقوله تعالى‪} :‬ولقببد خلقنببا‬
‫النسان من سللة من طين ثببم جعلنبباه نطفببة فببي قببرار‬
‫مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضببغة فخلقنببا‬
‫المضبببغة عظامبببا{ فهبببذه الفببباء للتعقيبببب بحسببببها‪.‬‬
‫وقد ثبت في الصحيحين أن بين كل صفتين أربعين يومًا‪,‬‬
‫وقال تعالى‪} :‬ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبببح‬
‫الرض مخضرة{ فالمشهور الظاهر‪ ,‬والله على كل شببيء‬
‫قدير أنها حملت به كما تحمل النساء بأولدهن‪ .‬ولهببذا لمببا‬
‫ظهرت مخايل الحمل عليها‪ ,‬وكان معها في المسجد رجل‬
‫صالح من قراباتهببا يخببدم معهببا البببيت المقببدس يقببال لببه‬
‫يوسف النجار‪ ,‬فلما رأى ثقل بطنها وكبره‪ ,‬أنكر ذلببك مببن‬
‫أمرهببا‪ ,‬ثبم صببرفه مبا يعلببم مببن براءتهببا ونزاهتهبا ودينهببا‬
‫وعبادتها‪ ,‬ثم تأمل ما هي فيببه‪ ,‬فجعببل أمرهببا يجببوس فببي‬
‫فكره ل يستطيع صرفه عن نفسه‪ ,‬فحمل نفسببه علببى أن‬
‫عرض لها في القول فقال‪ :‬يا مريم إني سببائلك عببن أمببر‬
‫فل تعجلي علي‪ .‬قببالت‪ :‬ومببا هببو ؟ قببال‪ :‬هببل يكببون قببط‬

‫‪892‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫شجر من غير حب‪ ,‬وهببل يكببون زرع مببن غيببر بببذر‪ .‬وهببل‬
‫يكون ولد من غير أب ؟ فقببالت‪ :‬نعببم‪ ,‬وفهمببت مببا أشببار‬
‫إليبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫أما قولك‪ :‬هل يكون شجر من غيببر حببب وزرع مببن غيببر‬
‫بذر‪ ,‬فإن الله قد خلق الشجر والزرع أول ما خلقهمببا مببن‬
‫غير حب ول بذر‪ ,‬وهل يكون ولد من غيببر أب ؟ فببإن اللببه‬
‫تعالى قد خلق آدم من غير أب ول أم‪ ,‬فصدقها وسلم لهببا‬
‫حالها‪ ,‬ولما استشعرت مريم مببن قومهببا اتهامهببا بالريبببة‪,‬‬
‫انتبذت منهم مكانا ً قصيًا‪ ,‬أي قاصيا ً منهببم بعيببدا ً عنهببم لئل‬
‫تراهبببببببببببببببببببببببببببببم ول يروهبببببببببببببببببببببببببببببا‪.‬‬
‫قببال محمببد بببن إسببحاق‪ :‬فلمببا حملببت بببه وملت قلتهببا‬
‫ورجعت‪ ,‬استمسك عنها الدم وأصببابها مببا يصببيب الحامببل‬
‫على الولد من الوصب والتوحم وتغيببر اللببون‪ ,‬حببتى فطببر‬
‫لسانها فما دخل على أهل بيت مببا دخببل علببى آل زكريببا‪,‬‬
‫وشبباع الحببديث فببي بنببي إسببرائيل فقببالوا‪ :‬إنمببا صبباحبها‬
‫يوسف ولم يكن معهببا فببي الكنيسببة غيببره‪ ,‬وتببوارت مببن‬
‫الناس واتخذت من دونهم حجابًا‪ ,‬فل يراهببا أحببد ول تببراه‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة{ أي فاضطرها‬
‫وألجأها الطلق إلى جذع النخلة فببي المكببان الببذي تنحببت‬
‫إليه‪ ,‬وقد اختلفوا فيه‪ ,‬فقال السدي‪ :‬كان شرقي محرابهببا‬
‫الذي تصلي فيه من بيت المقدس‪ .‬وقال وهببب بببن منبببه‪:‬‬
‫ذهبت هاربببة‪ ,‬فلمببا كببانت بيببن الشببام وبلد مصببر ضببربها‬
‫الطلق‪ .‬وفي رواية عن وهب‪ :‬كان ذلك على ثمانية أميببال‬
‫من بيت المقببدس فببي قريببة هنبباك يقببال لهببا بيببت لحببم‪,‬‬
‫قلت‪ :‬وقد تقدم في أحاديث السببراء مببن روايببة النسببائي‬
‫عن أنس رضي الله عنببه‪ ,‬والبببيهقي عببن شببداد بببن أوس‬
‫رضي الله عنه أن ذلك ببيت لحم‪ ,‬فا لله أعلببم‪ ,‬وهببذا هببو‬
‫المشهور الذي تلقاه الناس بعضببهم عببن بعببض‪ ,‬ول تشببك‬
‫فيه النصارى أنه ببيت لحم‪ ,‬وقد تلقاه الناس‪ ,‬وقد ورد بببه‬
‫الحبببببببببببببببببببببببببببببديث إن صبببببببببببببببببببببببببببببح‪.‬‬
‫وقوله تعالى إخبارا ً عنها‪} :‬قالت يا ليتني مببت قبببل هببذا‬
‫وكنت نسيا ً منسيًا{ فيه دليل على جواز تمني الموت عنببد‬

‫‪893‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الفتنة‪ ,‬فإنهببا عرفببت أنهببا سببتبتلى وتمتحببن بهببذا المولببود‬
‫الببذي ل يحمببل النبباس أمرهببا فيببه علببى السببداد‪ ,‬ول‬
‫يصدقونها في خبرها‪ ,‬وبعد ما كانت عندهم عابببدة ناسببكة‬
‫تصبح عندهم فيما يظنون عاهرة زانية‪ ,‬فقالت‪} :‬يببا ليتنببي‬
‫مت قبل هذا{ أي قبل هذا الحال‪} ,‬وكنببت نسببيا ً منسببيًا{‬
‫أي لم أخلق ولم أك شيئًا‪ ,‬قاله ابن عباس‪ .‬وقال السببدي‪:‬‬
‫قالت وهي تطلق من الحبل استحياء مببن النبباس‪ :‬يبباليتني‬
‫مت قبل هذا الكرب الذي أنا فيه والحزن بولدتي المولود‬
‫من غير بعببل‪} ,‬وكنببت نسببيا ً منسببيًا{ نسببي فببترك طلبببه‬
‫كخرق الحيض الببتي إذا ألقيببت وطرحببت لببم تطلببب ولببم‬
‫تذكر‪ ,‬وكببذلك كببل شببيء نسببي وتببرك فهببو نسببي‪ .‬وقببال‬
‫قتادة‪} :‬وكنت نسيا ً منسيًا{ أي شيئا ً ل يعرف ول يذكر ول‬
‫يدري من أنا‪ .‬وقال الربيع بن أنس‪} :‬وكنت نسبيا ً منسبيًا{‬
‫هو السقط‪ .‬وقال ابن زيد‪ :‬لم أكن شيئا ً قببط‪ ,‬وقببد قببدمنا‬
‫الحاديث الدالة على النهي عن تمني الموت إل عند الفتنة‬
‫عنبببد قبببوله‪} :‬تبببوفني مسبببلما ً وألحقنبببي بالصبببالحين{‪.‬‬

‫سرِي ّا ً *‬ ‫َ‬
‫ك َ‬ ‫حت َ ِ‬
‫ك تَ ْ‬ ‫جع َ َ‬
‫ل َرب ّ ِ‬ ‫حَزِني قَد ْ َ‬ ‫حت َِهآ أل ّ ت َ ْ‬ ‫من ت َ ْ‬ ‫ها ِ‬ ‫دا َ‬ ‫** فََنا َ‬
‫جن ِي ّا ً * فَك ُِلبي‬ ‫طبا ً َ‬ ‫ك ُر َ‬ ‫ط عَل َي ْ ِ‬‫ساقِ ْ‬ ‫خل َةِ ت ُ َ‬ ‫جذ ِْع الن ّ ْ‬ ‫ك بِ ِ‬‫وَهُّزىَ إ ِل َي ْ ِ‬
‫شربي وقَري عَينا ً فَإما ترين من الب َ َ‬
‫ي إ ِن ّببي‬‫حدا ً فَُقول ِ َ‬ ‫شرِ أ َ‬ ‫ِ ّ ََ ِ ّ ِ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ّ‬ ‫َوا ْ َ ِ‬
‫سبببي ّا ً‬ ‫ُ‬
‫م ِإن ِ‬‫م ال َْيبببوْ َ‬ ‫ن أك َّلببب َ‬ ‫وما ً فََلببب ْ‬ ‫صببب ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مـببب ِ‬ ‫ح َ‬‫ت ِللّر ْ‬ ‫َنبببذ َْر ُ‬
‫قببرأ بعضببهم‪} :‬مببن تحتهببا{ بمعنببى الببذي تحتهببا‪ ,‬وقببرأ‬
‫لخببرون‪} :‬مببن تحتهببا{ علببى أنببه حببرف جببر‪ ,‬واختلببف‬ ‫ا َ‬
‫المفسرون في المراد بذلك من هو ؟ فقال العوفي وغيره‬
‫عن ابن عباس }فناداهببا مببن تحتهببا{ جبريببل‪ ,‬ولببم يتكلببم‬
‫عيسى حتى أتببت بببه قومهببا‪ ,‬وكببذا قببال سببعيد بببن جبببير‬
‫والضحاك وعمرو بن ميمون والسدي وقتببادة‪ :‬إنببه الملببك‬
‫جبرائيببل عليببه الصببلة والسببلم‪ ,‬أي ناداهببا مببن أسببفل‬
‫الوادي‪ .‬وقال مجاهد‪} :‬فناداها من تحتها{ قال‪ :‬عيسى بن‬
‫مريم‪ ,‬وكذا قال عبد الرزاق عببن معمببر عببن قتببادة قببال‪:‬‬
‫قال الحسن‪ :‬هو ابنها‪ ,‬وهو إحدى الروايتين عن سببعيد بببن‬

‫‪894‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جبير أنه ابنها‪ ,‬قال‪ :‬أو لببم تسببمع اللببه يقببول‪} :‬فأشببارت‬
‫إليببه{ واختبباره ابببن زيببد وابببن جريببر فببي تفسببيره‪.‬‬
‫وقببوله‪} :‬أن ل تحزنببي{ أي ناداهببا قببائل ً ل تحزنببي }قببد‬
‫جعل ربك تحتك سريا{ قببال سببفيان الثببوري وشببعبة عببن‬
‫أبي إسحاق عن البراء بببن عببازب }قببد جعببل ربببك تحتببك‬
‫سريا{ قال‪ :‬الجدول‪ ,‬وكذا قال علي بببن أبببي طلحببة عببن‬
‫ابن عباس‪ :‬السري النهر‪ ,‬وبه قال عمرو بببن ميمببون نهببر‬
‫تشرب منببه‪ .‬وقببال مجاهببد‪ :‬هببو النهببر بالسببريانية‪ .‬وقببال‬
‫سببعيد بببن جبببير‪ :‬السببري النهببر الصببغير بالنبطيببة‪ .‬وقببال‬
‫الضببحاك‪ :‬هببو النهببر الصببغير بالسببريانية‪ .‬وقببال إبراهيببم‬
‫النخعي‪ :‬هو النهر الصغير‪ .‬وقال قتببادة‪ :‬هببو الجببدول بلغببة‬
‫أهل الحجاز‪ ,‬وقال وهب بن منبه‪ :‬السري هببو ربيببع المبباء‪.‬‬
‫وقال السبدي‪ :‬هببو النهبر‪ ,‬واختببار هبذا القبول ابببن جريبر‪.‬‬
‫وقد ورد في ذلك حديث مرفوع‪ ,‬فقال الطبببراني‪ :‬حببدثنا‬
‫أبو شعيب الحراني‪ ,‬حدثنا يحيى بن عبد الله البابلي‪ ,‬حدثنا‬
‫أيوب بن نهيك‪ ,‬سمعت عكرمة مببولى ابببن عببباس يقببول‪,‬‬
‫سمعت ابن عمر يقببول‪ :‬سببمعت رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم يقول‪» :‬إن السري الذي قال الله لمريم }قببد‬
‫جعل ربك تحتبك سبريا{ نهبر أخرجبه اللبه لتشبرب منبه«‬
‫وهذا حديث غريب جدا ً من هببذا الببوجه‪ .‬وأيببوب بببن نهيببك‬
‫هذا هو الحبلى‪ ,‬قال فيه أبو حاتم الببرازي‪ :‬ضببعيف‪ .‬وقببال‬
‫أبو زرعة‪ :‬منكر الحديث‪ .‬وقال أبببو الفتببح الزدي‪ :‬مببتروك‬
‫الحببديث‪ .‬وقببال آخببرون المببراد بالسببري عيسببى عليببه‬
‫السلم‪ ,‬وبه قال الحسن والربيع بن أنس ومحمد بن عببباد‬
‫بن جعفبر‪ ,‬وهبو إحبدى الروايبتين عبن قتبادة‪ ,‬وقبول عبببد‬
‫الرحمن بن زيد بن أسلم والقول الول أظهر‪ .‬ولهببذا قببال‬
‫بعده‪} :‬وهزي إليك بجذع النخلببة{ أي وخببذي إليببك بجببذع‬
‫النخلة‪ .‬قيل‪ :‬كانت يابسة‪ ,‬قاله ابن عباس‪ .‬وقيل‪ :‬مثمببرة‪.‬‬
‫قال مجاهد‪ :‬كانت عجوة‪ .‬وقال الثوري عن أبي داود نفيببع‬
‫العمى‪ :‬كانت صرفانة‪ ,‬والظاهر أنها كانت شببجرة‪ ,‬ولكببن‬
‫لم تكن في إبان ثمرها‪ ,‬قاله وهب بببن منبببه‪ ,‬ولهببذا امتببن‬
‫عليها بذلك بأن جعل عندها طعاما ً وشرابا ً فقال‪} :‬تساقط‬

‫‪895‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليك رطبا ً جنبا ً * فكلي واشربي وقببري عين بًا{ أي طيبببي‬
‫نفسًا‪ ,‬ولهذا قال عمببرو بببن ميمببون‪ :‬مببا مببن شببيء خيببر‬
‫ليببة الكريمببة‪.‬‬‫للنفساء من التمببر والرطببب‪ ,‬ثببم تل هببذه ا َ‬
‫وقال ابببن أبببي حبباتم‪ :‬حببدثنا علببي بببن الحسببين‪ ,‬حببدثنا‬
‫شببيبان‪ ,‬حببدثنا مسببرور بببن سببعيد التميمببي‪ ,‬حببدثنا عبببد‬
‫الرحمن بن عمرو الوزاعي عن عروة بن رويم‪ ,‬عن علببي‬
‫بن أبببي طببالب قببال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪» :‬أكرموا عمتكم النخلببة‪ ,‬فإنهببا خلقببت مببن الطيببن‬
‫الذي خلق منه آدم عليه السلم‪ ,‬وليس من الشجر شببيء‬
‫يلقح غيرها« وقال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪:‬‬
‫»أطعموا نساءكم الولد الرطب‪ ,‬فإن لم يكن رطب فتمر‪,‬‬
‫وليس من الشجر شجرة أكرم على الله من شجرة نزلت‬
‫تحتها مريم بنت عمران« هذا حديث منكر جببدا ً ورواه أبببو‬
‫يعلببى عببن شببيبان بببه‪ .‬وقببرأ بعضببهم }تسبباقط{ بتشببديد‬
‫سببقط عليببك‬ ‫السين‪ ,‬وآخرون بتخفيفها‪ .‬وقرأ أبو نهيببك }ت ُ ْ‬
‫رطبببا ً جنيببًا{ وروى أبببو إسببحاق عببن البببراء أنببه قرأهببا‬
‫ط{ أي الجبببببببذع‪ ,‬والكبببببببل متقبببببببارب‪.‬‬ ‫سببببببباقَ ُ‬
‫}ي َ ّ‬
‫وقوله‪} :‬فإما ترين من البشر أحدًا{ أي مهما رأيت مببن‬
‫أحد }فقولي إني نذرت للرحمببن صببوما ً فلببن أكلببم اليببوم‬
‫إنسيًا{ المراد بهذا القول الشارة إليه بذلك‪ ,‬ل أن المببراد‬
‫به القول اللفظي لئل ينافي }فلن أكلم اليوم إنسيًا{ قببال‬
‫أنس بن مالك فببي قببوله‪} :‬إنببي نببذرت للرحمببن صببومًا{‬
‫قال‪ :‬صمتًا‪ ,‬وكذا قال ابن عببباس والضببحاك‪ ,‬وفببي روايببة‬
‫عن أنس‪ :‬صوما ً وصمتًا‪ ,‬وكذا قال قتادة وغيرهما‪ ,‬والمراد‬
‫أنهم كانوا إذا صاموا في شببريعتهم يحببرم عليهببم الطعببام‬
‫والكلم‪ ,‬نص على ذلك السدي وقتادة وعبببد الرحمببن بببن‬
‫زيد‪ .‬وقببال أبببو إسببحاق عببن حارثببة قببال‪ :‬كنببت عنببد ابببن‬
‫لخببر‪,‬‬‫مسببعود‪ ,‬فجبباء رجلن فسببلم أحببدهما ولببم يسببلم ا َ‬
‫فقال‪ :‬ما شأنك ؟ قال أصببحابه‪ :‬حلببف أن ل يكلببم النبباس‬
‫اليببوم‪ ,‬فقببال عبببد اللببه بببن مسببعود‪ :‬كلببم النبباس وسببلم‬
‫عليهببم‪ ,‬فببإن تلبك امببرأة علمببت أن أحببدا ً ل يصبدقها أنهبا‬
‫حملببت مببن غيببر زوج‪ ,‬يعنببي بببذلك مريببم عليهببا السببلم‪,‬‬

‫‪896‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليكون عذرا ً لها إذا سئلت‪ .‬رواه ابن أبي حاتم وابببن جريببر‬
‫رحمها الله‪ .‬وقال عبد الرحمن بببن زيببد‪ :‬لمببا قببال عيسببى‬
‫لمريم‪} :‬ل تحزني{ قالت‪ :‬وكيف ل أحزن وأنببت معببي‪ ,‬ل‬
‫ذات زوج ول مملوكة ؟ أي شيء عببذري عنببد النبباس ؟ يببا‬
‫ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا ً منسيًا‪ ,‬قال لها عيسى‪ :‬أنببا‬
‫أكفيك الكلم }فإمببا تريببن مببن البشببر أحببدا ً فقببولي إنببي‬
‫نذرت للرحمن صوما ً فلن أكلم اليوم إنسيًا{ قال هذا كلببه‬
‫مبببببن كلم عيسبببببى لمبببببه‪ ,‬وكبببببذا قبببببال وهبببببب‪.‬‬

‫شْيئا ً فَرِّيببا ً‬ ‫َ‬


‫ت َ‬ ‫جئ ْ ِ‬ ‫م ل ََقد ْ ِ‬ ‫مْري َ ُ‬ ‫ه َقاُلوا ْ ي َ َ‬ ‫مل ُ ُ‬‫ح ِ‬ ‫مَها ت َ ْ‬ ‫ت ب ِهِ قَوْ َ‬ ‫** فَأت َ ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫كا َ‬ ‫ُ‬
‫ك‬‫مب ِ‬ ‫تأ ّ‬ ‫مببا ك َببان َ ْ‬ ‫سبوٍْء وَ َ‬ ‫مبَرأ َ‬ ‫كا ْ‬ ‫ن أُبو ِ‬ ‫ما َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫هاُرو َ‬ ‫ت َ‬ ‫خ َ‬ ‫* ي َأ ْ‬
‫مهْ بدِ‬ ‫ن فِببي ال ْ َ‬ ‫من ك َببا َ‬ ‫م َ‬ ‫ف ن ُك َل ّ ُ‬ ‫ت إ ِل َي ْهِ َقاُلوا ْ ك َي ْ َ‬ ‫شاَر ْ‬ ‫ب َغِي ّا ً * فَأ َ َ‬
‫جعَل َن ِببي ن َب ِي ّبا ً *‬ ‫ب وَ َ‬ ‫ي ال ْك ِت َببا َ‬ ‫ل إ ِن ّببي عَب ْبد ُ الل ّبهِ آت َببان ِ َ‬ ‫صب ِي ّا ً * َقا َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مببا‬ ‫ص بل َةِ َوالّزك َبباةِ َ‬ ‫صاِني ِبال ّ‬ ‫ت وَأوْ َ‬ ‫كن ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مَباَركا ً أي ْ َ‬ ‫جعَل َِني ُ‬ ‫وَ َ‬
‫ش بِقي ّا ً *‬ ‫جب ّببارا ً َ‬ ‫جعَل ْن ِببي َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫وال ِبد َِتي وَل َب ْ‬ ‫حي ّبا ً * وَب َبّرا ً ب ِ َ‬ ‫ت َ‬ ‫مب ُ‬ ‫دُ ْ‬
‫حي ّبا ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ث َ‬ ‫م أب ْعَب ُ‬ ‫ت وَي َبوْ َ‬ ‫مببو ُ‬ ‫مأ ُ‬ ‫ت وَي َبوْ َ‬ ‫م وُل ِبد ْ ّ‬ ‫ي ي َبوْ َ‬ ‫م عَل َ ّ‬ ‫سل َ ُ‬ ‫َوال ّ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن مريم حين أمرت أن تصوم يومها‬
‫ذلك وأن ل تكلم أحببدا ً مببن البشببر‪ ,‬فإنهببا سببتكفى أمرهببا‬
‫ويقام بحجتها‪ ,‬فسلمت لمببر اللببه عببز وجببل واستسببلمت‬
‫لقضائه‪ ,‬فأخذت ولدها فأتت به قومها تحمله‪ ,‬فلمببا رأوهببا‬
‫كذلك أعظموا أمرها واستنكروه جدًا‪ ,‬و}قالوا يا مريم لقد‬
‫جئت شيئا ً فريببا{‪ ,‬أي أمببرا ً عظيم بًا‪ ,‬قبباله مجاهببد وقتببادة‬
‫والسدي وغير واحد‪ .‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا‬
‫عبببد اللببه بببن أبببي زيبباد‪ ,‬حببدثنا س بّيار‪ ,‬حببدثنا جعفببر بببن‬
‫سليمان‪ ,‬حدثنا أبو عمران الجوني عن نوف البكالي قببال‪:‬‬
‫وخرج قومها في طلبها‪ ,‬قال‪ :‬وكانت مببن أهببل بيببت نبببوة‬
‫وشرف فلم يحسوا منها شببيئًا‪ ,‬فلقببوا راعببي بقببر فقببالوا‪:‬‬
‫رأيت فتاة كذا وكذا نعتها ؟ قال‪ :‬ل ولكني رأيت الليلة من‬
‫بقري مالم أره منها قط‪ ,‬قالوا‪ :‬ومببا رأيببت ؟ قببال‪ :‬رأيتهببا‬
‫الليلببببببببة تسببببببببجد نحببببببببو هببببببببذا الببببببببوادي‪.‬‬

‫‪897‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال عبد الله بن زياد‪ :‬وأحفظ عن سّيار أنببه قببال‪ :‬رأيببت‬
‫نورا ً ساطعا ً فتوجهوا حيث قببال لهببم‪ ,‬فاسببتقبلتهم مريببم‪,‬‬
‫فلما رأتهم قعدت وحملت ابنها فببي حجرهببا فجبباؤوا حببتى‬
‫قاموا عليها }وقالوا يا مريببم لقببد جئت شببيئا ً فريببا{ أمببرا ً‬
‫عظيما ً }يا أخت هارون{ أي يا شبيهة هارون فببي العبببادة‬
‫}ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيًا{ أي أنت مببن‬
‫بيببت طيببب طبباهر معببروف بالصببلح والعبببادة والزهببادة‪,‬‬
‫فكيف صدر هذا منك ؟ قال علي بن أبي طلحة والسببدي‪:‬‬
‫قيل لها‪} :‬يا أخت هارون{ أي أخببي موسببى‪ ,‬وكببانت مببن‬
‫نسله كما يقال للتميمي‪ :‬يببا أخببا تميببم‪ ,‬وللمضببري يببا أخببا‬
‫مضر‪ ,‬وقيببل‪ :‬نسبببت إلببى رجببل صببالح كبان فيهببم اسببمه‬
‫هارون‪ ,‬فكانت تقاس به في الزهادة والعبادة‪ ,‬وحكى ابببن‬
‫جرير عن بعضهم أنهم شبهوها برجل فاجر كان فيهم يقال‬
‫لبببببببببببببببببببببببببببببببببه هبببببببببببببببببببببببببببببببببارون‪.‬‬
‫ورواه ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير‪ ,‬وأغرب من هببذا‬
‫كلببه مببا رواه ابببن أبببي حبباتم‪ :‬حببدثنا علببي بببن الحسببين‬
‫الهجسببتاني‪ ,‬حببدثنا ابببن أبببي مريببم‪ ,‬حببدثنا المفضببل بببن‬
‫فضالة‪ ,‬حدثنا أبو صخر عببن القرظببي فببي قببوله اللببه عببز‬
‫وجل‪} :‬يا أخت هارون{ قال‪ :‬هي أخت هارون لبيه وأمبه‪,‬‬
‫وهي أخت موسى أخببي هببارون الببتي قصببت أثببر موسببى‬
‫}فبصرت به عن جنب وهم ل يشعرون{ وهذا القول خطأ‬
‫محض‪ ,‬فإن الله تعالى قد ذكر في كتابه أنه قفببى بعيسببى‬
‫بعد الرسل‪ ,‬فدل على أنه آخر النبياء بعثًا‪ ,‬وليس بعببده إل‬
‫محمد صلوات الله وسلمه عليهما‪ ,‬ولهذا ثبت فببي صببحيح‬
‫البخاري عن أبي هريرة رضي اللببه عنببه عببن رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسببلم أنببه قببال‪» :‬أنببا أولببى النبباس بببابن‬
‫مريم إل أنه ليس بيني وبينه نبي« ولو كان المر كما زعم‬
‫محمد بببن كعببب القرظببي‪ ,‬لببم يكببن متببأخرا ً عببن الرسببل‬
‫سوى محمد‪ ,‬ولكان قبل سليمان وداود‪ ,‬فإن الله قد ذكببر‬
‫أن داود بعد موسى عليهما السلم في قوله تعببالى‪} :‬ألببم‬
‫تر إلى المل ِ من بنببي إسببرائيل مببن بعببد موسببى إذ قببالوا‬
‫لنبي لهببم ابعببث لنببا ملكبا ً نقاتببل فببي سبببيل اللببه{ وذكببر‬

‫‪898‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لية‪ ,‬والذي جرأ‬ ‫القصة إلى أن قال‪} :‬وقتل داود جالوت{ ا َ‬
‫القرظببي علبى هببذه المقالبة مبا فبي التببوراة بعبد خبروج‬
‫موسى وبني إسرائيل من البحر وإغببراق فرعببون وقببومه‪,‬‬
‫قببال‪ :‬وكببانت مريببم بنببت عمببران أخببت موسببى وهببارون‬
‫النبببيين تضببرب بالببدف هببي والنسبباء معهببا يسبببحن اللببه‬
‫ويشكرنه على مببا أنعببم بببه علببى بنببي إسببرائيل‪ ,‬فاعتقببد‬
‫القرظببي أن هببذه هببي أم عيسببى وهببذه هفببوة وغلطببة‬
‫شديدة‪ ,‬بل هي باسببم هببذه‪ ,‬وقببد كببانوا يسببمون بأسببماء‬
‫أنبيائهم وصالحيهم‪ ,‬كما قال المام أحمد‪ :‬حببدثنا عبببد اللببه‬
‫بن إدريس‪ ,‬سمعت أبي يذكره عن سماك عن علقمببة بببن‬
‫وائل عن المغيرة بن شعبة قال‪ :‬بعثني رسول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم إلى نجران فقالوا‪ :‬أرأيت ما تقببرؤون }يببا‬
‫أخت هببارون{ وموسببى قبببل عيسببى بكببذا وكببذا ؟ قببال‪:‬‬
‫فرجعت فذكرت ذلك لرسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫فقبببال‪» :‬أل أخببببرتهم أنهبببم كبببانوا يتسبببمون بالنبيببباء‬
‫والصببالحين قبلهببم« انفببرد بببإخراجه مسببلم والترمببذي‬
‫والنسائي من حديث عبد اللببه بببن إدريببس عببن أبيببه عببن‬
‫سماك به‪ ,‬وقال الترمذي حسن صحيح غريب ل نعرفببه إل‬
‫من حديث ابن إدريس‪ ,‬وقببال ابببن جريببر‪ :‬حببدثني يعقببوب‬
‫حدثنا ابن علية عن سعيد ببن أببي صبدقة عبن محمبد ببن‬
‫سببيرين قببال أنبببئت أن كعبببا ً قببال إن قببوله‪} :‬يببا أخببت‬
‫هارون{ ليس بهارون أخي موسى قال فقالت لببه عائشببة‬
‫كذبت قال يا أم المؤمنين إن كان النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم قاله فهو أعلم وأخبر وإل فإني أجببد بينهمببا سببتمائة‬
‫سببببنة قببببال فسببببكتت وفببببي هببببذا التاريببببخ نظببببر‪.‬‬
‫وقال ابببن جريببر أيضبًا‪ :‬حببدثنا بشببر‪ ,‬حببدثنا يزيببد‪ ,‬حببدثنا‬
‫لية‪ ,‬قال‪ :‬كببانت‬ ‫سعيد عن قتادة قوله‪} :‬يا أخت هارون{ ا َ‬
‫من أهل بيت يعرفون بالصلح ول يعرفون بالفسبباد‪ ,‬ومببن‬
‫النبباس مببن يعرفببون بالصببلح ويتوالببدون بببه‪ ,‬وآخببرون‬
‫يعرفون بالفساد ويتوالدون به‪ ,‬وكان هارون مصلحا ً محبببا ً‬
‫في عشيرته وليس بهارون أخي موسى ولكنه هارون آخر‪,‬‬
‫قال‪ :‬وذكر لنا أنه شيع جنازته يوم مات أربعون ألفبا ً كلهببم‬

‫‪899‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يسمى هارون من بني إسببرائيل‪ .‬وقببوله‪} :‬فأشببارت إليببه‬
‫قالوا كيف نكلم من كبان فبي المهبد صببيًا{ أي إنهبم لمبا‬
‫استرابوا في أمرها واستنكروا قضيتها وقالوا لها مببا قببالوا‬
‫معرضين بقذفها ورميهببا بالفريببة‪ ,‬وقببد كببانت يومهببا ذلببك‬
‫صائمة صببامتة‪ ,‬فأحببالت الكلم عليببه‪ ,‬وأشببارت لهببم إلببى‬
‫خطابه وكلمه‪ ,‬فقالوا متهكمين بها ظانين أنها تزدري بهببم‬
‫وتلعب بهم }كيف نكلم مببن كبان فببي المهببد صبببيًا{ قببال‬
‫ميمون بن مهران‪} :‬فأشارت إليه{ قالت كلمببوه‪ ,‬فقببالوا‪:‬‬
‫على ما جاءت به من الداهية تأمرنا أن نكلم من كان فببي‬
‫المهببد صبببيًا‪ ,‬وقببال السببدي لمببا »أشببارت إليببه« غضبببوا‬
‫وقالوا‪ :‬لسخريتها بنا حتى تأمرنا أن نكلم هذا الصبي أشببد‬
‫علينا من زناها }قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيًا{‬
‫أي من هو موجود في مهده في حال صباه وصغره‪ ,‬كيببف‬
‫يتكلم ؟ قال‪} :‬إني عبد الله{‪ ,‬أول شيء تكلم به أن نببزه‬
‫جناب ربه تعالى وبرأه عن الولد‪ ,‬وأثبببت لنفسببه العبوديببة‬
‫لربببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫وقبوله‪} :‬آتباني الكتباب وجعلنبي نبيبًا{ تببرئة لمبه ممببا‬
‫نسبت إليه من الفاحشة‪ ,‬قال نوف البكالي‪ :‬لما قالو لمه‬
‫ما قالوا‪ ,‬كان يرتضع ثديه‪ ,‬فنزع الثدي من فمه واتكأ على‬
‫جنبه اليسر وقال }إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ً‬
‫ب إلى قوله ب ما دمت حيًا{ وقال حماد بن سلمة عن ثابت‬
‫البناني‪ :‬رفع أصبعه السبابة فوق منكبه وهو يقببول‪} :‬إنببي‬
‫ليببة‪ ,‬وقببال عكرمببة‪:‬‬ ‫عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيًا{ ا َ‬
‫}آتاني الكتاب{ أي قضى أنه يؤتيني الكتبباب فيمببا قضببى‪,‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا محمد بن المصببفى‪,‬‬
‫حدثنا يحيى بن سعيد هو العطار عن عبد العزيز بن زيبباد‪,‬‬
‫عن أنس بن مالك رضي الله عنببه قببال‪ :‬كببان عيسببى بببن‬
‫مريم قد درس التوارة وأحكمها وهو في بطن أمه‪ ,‬فببذلك‬
‫قوله‪} :‬إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيًا{ يحيى بببن‬
‫سببببببببببعيد العطببببببببببار الحمصببببببببببي مببببببببببتروك‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وجعلني مباركا ً أينما كنت{ قال مجاهد وعمببرو‬
‫بن قيس والثوري‪ :‬وجعلني معلما ً للخير‪ .‬وفببي روايببة عببن‬

‫‪900‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مجاهد‪ :‬نفاعًا‪ .‬وقال ابن جريببر‪ :‬حببدثني سببليمان بببن عبببد‬
‫الجبببار‪ ,‬حببدثنا محمببد بببن يزيببد بببن خنيببس المخزومببي‪,‬‬
‫سمعت وهيب بن الورد مولى بني مخزوم قال‪ :‬لقي عالم‬
‫عالما ً هو فوقه في العلم‪ ,‬فقال له‪ :‬يرحمك الله مببا الببذي‬
‫أعلببن مببن عملببي ؟ قببال‪ :‬المببر بببالمعروف والنهببي عببن‬
‫المنكر‪ ,‬فإنه دين الله الذي بعث به أنبياءه إلى عباده‪ ,‬وقد‬
‫أجمع الفقهاء على قول الله‪} :‬وجعلني مباركا ً أينما كنت{‬
‫وقيببل‪ :‬مببا بركتببه ؟ قببال‪ :‬المببر بببالمعروف والنهببي عببن‬
‫المنكر أينما كان‪ .‬وقوله‪} :‬وأوصبباني بالصببلة والزكبباة مببا‬
‫دمت حيًا{ كقوله تعالى لمحمببد صببلى اللببه عليببه وسببلم‪:‬‬
‫}واعبد ربك حتى يأتيك اليقين{‪ .‬وقببال عبببد الرحمببن بببن‬
‫القاسم عن مالك بن أنس في قببوله } وأوصبباني بالصببلة‬
‫والزكاة ما دمت حيًا{ قال‪ :‬أخبره بما هو كببائن مببن أمببره‬
‫إلبببببببى أن يمبببببببوت‪ ,‬ماأبينهبببببببا لهبببببببل القبببببببدر‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وبرا ً بوالببدتي{ أي وأمرنببي ببببر والببدتي‪ ,‬ذكببره‬
‫بعد طاعة الله ربببه‪ ,‬لن اللببه تعببالى كببثيرا ً مببا يقببرن بيببن‬
‫المر بعبادته وطاعة الوالدين‪ ,‬كمببا قببال تعببالى‪} :‬وقضببى‬
‫ربببك أل تعبببدوا إل إيبباه وبالوالببدين إحسببانًا{ وقببال }أن‬
‫اشكر لي ولوالديك إلي المصير{‪ .‬وقببوله‪} :‬ولببم يجعلنببي‬
‫جبارا ً شقيًا{ أي ولم يجعلني جبببارا ً مسببتكبرا ً عببن عبببادته‬
‫وطاعته وبر والدتي‪ ,‬فأشقى بذلك‪ .‬قببال سببفيان الثببوري‪:‬‬
‫الجبببار الشببقي الببذي يقتببل علببى الغضببب‪ .‬وقببال بعببض‬
‫السلف‪ :‬ل تجد أحدا ً عاقا ً لوالديه إل وجدته جبارا ً شقيًا‪ ,‬ثم‬
‫قرأ‪} :‬وبرا ً بوالدتي ولم يجعلني جبارا ً شقيًا{ قال‪ :‬ول تجد‬
‫سيء الملكة إل وجدته مختال ً فخورًا‪ ,‬ثم قرأ‪} :‬وما ملكت‬
‫أيمببانكم إن اللببه ل يحببب مببن كببان مختببال ً فخببورًا{‪.‬‬
‫قببال قتببادة‪ :‬ذكببر لنببا أن امببرأة رأت ابببن مريببم يحيببي‬
‫الموتى ويبببرىء الكمببه والبببرص فببي آيببات سببلطه اللببه‬
‫عليهن وأذن له فيهن‪ ,‬فقالت‪ :‬طوبى للبطن الذي حملببك‪,‬‬
‫وطوبى للثدي الذي أرضبعت ببه‪ ,‬فقبال نببي اللبه عيسبى‬
‫عليه السلم يجيبها‪ :‬طوبى لمن تل كتاب الله فاتبع ما فيه‪,‬‬
‫ي يببوم ولببدت‬ ‫ولم يكن جبارا ً شقيًا‪ .‬وقوله‪} :‬والسببلم عل ب ّ‬

‫‪901‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ويوم أموت ويوم أبعث حيًا{ إثبات منببه لعبببوديته للببه عببز‬
‫وجل‪ ,‬وأنه مخلوق مببن خلببق اللببه يحيببى ويمببوت ويبعببث‬
‫كسائر الخلئق‪ ,‬ولكن له السلمة في هببذه الحببوال الببتي‬
‫هي أشق ما يكون على العباد‪ ,‬صلوات الله وسلمه عليببه‪.‬‬

‫ن*‬ ‫مت ُبُرو َ‬ ‫ذي ِفيبهِ ي َ ْ‬ ‫حقّ ال ّب ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫م قَوْ َ‬ ‫مْري َ َ‬‫ن َ‬ ‫سى اب ْ ُ‬ ‫عي َ‬ ‫ك ِ‬ ‫** ذ َل ِ َ‬
‫َ‬ ‫ن لل ّهِ َأن ي َت ّ ِ‬
‫مببا‬‫مببرا ً فَإ ِن ّ َ‬ ‫ىأ ْ‬ ‫ضب َ‬ ‫ذا قَ َ‬ ‫ه إِ َ‬‫حان َ ُ‬
‫سب ْ َ‬ ‫من وَل َدٍ ُ‬ ‫خذ َ ِ‬ ‫كا َ‬‫ما َ‬‫َ‬
‫ذا‬‫هـبب َ‬ ‫دوهُ َ‬ ‫م َفاعْب ُ ُ‬ ‫ه َرّبي وََرب ّك ُ ْ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫ن * وَإ ِ ّ‬ ‫كو ُ‬ ‫كن فَي َ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫َ‬
‫لل ُ‬ ‫ي َُقو ُ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ل ل ّل ّ ِ‬‫م فَوْي ْ ٌ‬ ‫من ب َي ْن ِهِ ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫حَزا ُ‬ ‫ف ال ْ‬ ‫خت َل َ َ‬ ‫م * َفا ْ‬ ‫ست َِقي ٌ‬
‫م ْ‬‫ط ّ‬ ‫صَرا ٌ‬
‫ِ‬
‫ظيببببببببم ٍ‬ ‫شببببببببهِدِ َيببببببببوْم ٍ عَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مببببببببن ّ‬ ‫ك ََفببببببببُروا ْ ِ‬
‫يقول تعالى لرسوله محمد صبلوات اللبه وسبلمه عليبه‪:‬‬
‫ذلك الذي قصصناه عليبك مبن خببر عيسبى عليبه السبلم‬
‫}قببول الحببق الببذي فيببه يمببترون{ أي يختلببف المبطلببون‬
‫والمحقون ممن آمن به وكفر به‪ ,‬ولهذا قرأ الكثرون قول‬
‫الحق برفع قول‪ ,‬وقرأ عاصببم وعبببد اللببه بببن عببامر قببول‬
‫الحق‪ ,‬وعن ابن مسعود أنبه قببرأ ذلبك عيسبى بببن مريبم‪,‬‬
‫قال‪ :‬الحق‪ ,‬والرفع أظهر إعرابًا‪ ,‬ويشهد لببه قببوله تعببالى‪:‬‬
‫}الحق من ربك فل تكن من الممترين{ ولمببا ذكببر تعببالى‬
‫أنه خلقه عبدا ً نبيا ً نزه نفسه المقدسة فقال‪} :‬ما كان لله‬
‫أن يتخذ من ولد سبحانه{ أي عما يقببول هببؤلء الجبباهلون‬
‫الظببالمون المعتببدون علببوا ً كبببيرا ً }إذا قضببى أمببرا ً فإنمببا‬
‫يقببول لببه كببن فيكببون{ أي إذا أراد شببيئًا‪ ,‬فإنمببا يببأمر بببه‬
‫فيصير كما يشبباء‪ ,‬كمببا قببال‪} :‬إن مثببل عيسببى عنببد اللببه‬
‫كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق مببن‬
‫ربببببببببببك فل تكببببببببببن مببببببببببن الممببببببببببترين{‪.‬‬
‫وقببوله‪} :‬وإن اللببه ربببي وربكببم فاعبببدوه هببذا صببراط‬
‫مستقيم{ أي ومما أمر به عيسى قومه وهو في مهببده أن‬
‫أخبرهم إذ ذاك أن الله ربه وربهم وأمرهم بعبادته‪ ,‬فقببال‪:‬‬
‫}فاعبدوه هذا صراط مستقيم{ أي هببذا الببذي جئتكببم بببه‬
‫عن الله صراط مستقيم‪ ,‬أي قويم من اتبعه رشببد وهببدي‪,‬‬
‫ومن خالفه ضل وغببوى‪ .‬وقببوله‪} :‬فبباختلف الحببزاب مببن‬

‫‪902‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بينهم{ أي اختلف أقوال أهل الكتاب في عيسى بعد بيببان‬
‫أمره ووضوح حاله‪ ,‬وأنه عبده ورسوله‪ ,‬وكلمته ألقاها إلى‬
‫مريببم وروح منببه‪ ,‬فصببممت طائفببة منهببم‪ ,‬وهببم جمهببور‬
‫اليهود‪ .‬ب عليهم لعائن الله بب علببى أنببه ولببد زنيببة‪ ,‬وقببالوا‪:‬‬
‫كلمه هذا سببحر‪ .‬وقببالت طائفببة أخببرى‪ :‬إنمببا تكلببم اللببه‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل هو ابن الله‪ .‬وقبال آخبرون‪ :‬ثبالث ثلثبة‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل هببو عبببد اللببه ورسببوله‪ ,‬وهببذا هببو قببول‬
‫الحق الذي أرشد الله إليه المببؤمنين‪ ,‬وقببد روي نحببو هببذا‬
‫عن عمرو بن ميمون وابن جريج وقتببادة وغيببر واحببد مببن‬
‫السبببببببببببببببببببببببببببببلف والخلبببببببببببببببببببببببببببببف‪.‬‬
‫قال عبد الرزاق‪ :‬أخبرنا معمر عن قتادة في قوله‪} :‬ذلك‬
‫عيسى ابن مريببم قببول الحببق الببذي فيببه يمببترون{ قببال‪:‬‬
‫اجتمع بنو إسرائيل‪ ,‬فأخرجوا منهم أربعة نفببر‪ ,‬أخببرج كببل‬
‫قوم عالمهم‪ ,‬فامتروا في عيسى حين رفع‪ ,‬فقال بعضهم‪:‬‬
‫هو الله هبط إلى الرض فأحيا من أحيا وأمات مببن أمببات‪,‬‬
‫ثم صعد إلى السماء وهم اليعقوبية‪ ,‬فقال الثلثببة‪ :‬كببذبت‪.‬‬
‫ثم قال اثنان منهم للثالث‪ :‬قل أنت فيه قال‪ :‬هو ابببن اللببه‬
‫وهم النسطورية‪ ,‬فقال الثنان‪ :‬كذبت‪ .‬ثم قال أحد الثنيببن‬
‫لخر‪ :‬قل فيه‪ ,‬فقال‪ :‬هو ثالث ثلثبة‪ :‬اللبه إلبه‪ ,‬وهبو إلبه‪,‬‬ ‫ل َ‬
‫وأمه إله‪ ,‬وهم السببرائيلية ملببوك النصببارى عليهببم لعببائن‬
‫الله‪ .‬قال الرابع‪ :‬كذبت بل هو عبببد اللببه ورسببوله وروحببه‬
‫وكلمته وهم المسلمون‪ .‬فكان لكل رجل منهم أتبباع علبى‬
‫ما قالوا‪ ,‬فاقتتلوا وظهروا على المسلمين‪ ,‬وذلك قول الله‬
‫تعالى‪} :‬ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس{ قببال‬
‫قتادة‪ :‬وهم الذين قال الله‪} :‬فاختلف الحزاب من بينهم{‬
‫قببببببببال اختلفببببببببوا فيببببببببه فصبببببببباروا أحزابببببببببًا‪.‬‬
‫وقد روى ابن أبي حاتم عن ابن عببباس وعببن عببروة بببن‬
‫الزبير وعن بعض أهل العلم قريبا ً من ذلك‪ ,‬وقد ذكببر غيببر‬
‫واحببد مببن علمبباء التاريببخ مببن أهببل الكتبباب وغيرهببم أن‬
‫قسطنطين جمعهم في محفل كبير مببن مجببامعهم الثلثببة‬
‫المشهورة عنببدهم‪ ,‬فكببان جماعببة السبباقفة منهببم ألفيببن‬
‫ومائة وسبعين أسقفًا‪ ,‬فاختلفوا في عيسى ابن مريم عليه‬

‫‪903‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ل‪,‬‬‫السلم اختلفا ً متباينا ً جدًا‪ ,‬فقالت كببل شببرذمة فيببه قببو ً‬
‫فمببائة تقببول فيببه شببيئًا‪ ,‬وسبببعون تقببول فيببه قببول ً آخببر‪,‬‬
‫وخمسون تقول شيئا ً آخر ومائة وستون تقببول شببيئًا‪ ,‬ولببم‬
‫يجتمع على مقالة واحدة أكثر مببن ثلثمببائة‪ ,‬وثمانيببة منهببم‬
‫اتفقوا على قول وصمموا عليه‪ ,‬فمال إليهبم الملبك وكبان‬
‫فيلسوفا ً فقدمهم ونصرهم وطرد من عداهم‪ ,‬فوضعوا لببه‬
‫المانة الكبيرة بل هي الخيانة العظيمة‪ ,‬ووضعوا لببه كتببب‬
‫القوانين وشرعوا له أشياء‪ ,‬وابتدعوا بدعا ً كببثيرة‪ ,‬وحرفببوا‬
‫دين المسيح وغيروه‪ ,‬فابتنى لهم حينئذ الكنائس الكبار في‬
‫مملكته كلهببا‪ ,‬بلد الشببام والجزيببرة والببروم‪ ,‬فكببان مبلببغ‬
‫الكنائس في أيامه ما يقببارب اثنببتي عشببرة ألببف كنيسببة‪,‬‬
‫وبنت أمببه هيلنببة قمامببة علببى المكببان الببذي صببلب فيببه‬
‫المصلوب الذي يزعم اليهود والنصارى أنببه المسببيح‪ ,‬وقببد‬
‫كببببببذبوا بببببببل رفعببببببه اللببببببه إلببببببى السببببببماء‪.‬‬
‫وقوله }فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم{ تهديد‬
‫ووعيد شديد لمن كببذب علببى اللببه وافببترى وزعببم أن لببه‬
‫ولدًا‪ ,‬ولكن أنظرهم تعالى إلى يوم القيامة‪ ,‬وأجلهم حلمببا ً‬
‫وثقة بقدرته عليهم‪ ,‬فإنه الذي ل يعجببل علببى مببن عصبباه‪,‬‬
‫كما جاء في الصحيحين »إن الله ليملببي للظببالم حببتى إذا‬
‫أخذه لم يفلته« ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫}وكذلك أخذ ربك إذا أخببذ القببرى وهببي ظالمببة إن أخببذه‬
‫أليم شديد{‪ .‬وفي الصحيحين أيضا ً عن رسول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم أنه قال‪» :‬ل أحد أصبببر علببى أذى سببمعه‬
‫من الله‪ ,‬إنهم يجعلون له ولدا ً وهو يرزقهم ويعافيهم« وقد‬
‫قال الله تعالى‪} :‬وكأين من قرية أمليت لها وهببي ظالمببة‬
‫ي المصير{ وقال تعببالى‪} :‬ول تحسبببن اللببه‬ ‫ثم أخذتها وإل ّ‬
‫غافل ً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فببي‬
‫البصار{ ولهذا قال ههنا‪} :‬فويل للذين كفروا مببن مشببهد‬
‫يببوم عظيببم{ أي يببوم القيامببة‪ .‬وقببد جبباء فببي الحببديث‬
‫الصحيح المتفق على صحته عن عبادة بن الصامت رضببي‬
‫الله عنه قال‪ :‬قبال رسبول اللبه صبلى اللبه عليبه وسبلم‪:‬‬
‫»من شهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ,‬وأن محمدا ً‬

‫‪904‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عبده ورسوله‪ ,‬وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها‬
‫إلى مريم وروح منه‪ ,‬وأن الجنة حق والنار حق‪ ,‬أدخله الله‬
‫الجنبببببببة علبببببببى مبببببببا كبببببببان مبببببببن العمبببببببل«‪.‬‬

‫م فِببي‬ ‫ن ال ْي َوْ َ‬
‫مو َ‬ ‫م ي َأ ُْتون ََنا َلـك ِن ال ّ‬
‫ظال ِ ُ‬ ‫صْر ي َوْ َ‬
‫َ‬
‫م وَأب ْ ِ‬ ‫معْ ب ِهِ ْ‬‫س ِ‬
‫َ‬
‫** أ ْ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫مبُر وَهُب ْ‬ ‫ي ال ْ‬ ‫ضب َ‬ ‫سَرةِ إ ِذ ْ قُ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫م ي َوْ َ‬‫ن * وَأن ْذِْرهُ ْ‬ ‫مِبي ٍ‬‫ل ّ‬ ‫ضل َ ٍ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫مب ْ‬ ‫ض وَ َ‬‫ث الْر َ‬ ‫ن ن َبرِ ُ‬ ‫حب ُ‬ ‫ن * إ ِن ّببا ن َ ْ‬ ‫من ُببو َ‬ ‫م ل َ ي ُؤْ ِ‬ ‫ِفي غَْفل َبةٍ وَهُب ْ‬
‫ن‬‫جُعبببببببببببببببببو َ‬ ‫عَل َي َْهبببببببببببببببببا وَإ ِل َي َْنبببببببببببببببببا ي ُْر َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن الكفار يوم القيامة‪ :‬إنهم يكونببون‬
‫أسببمع شببيء وأبصببره‪ ,‬كمببا قببال تعببالى‪} :‬ولببو تببرى إذ‬
‫المجرمببون ناكسببوا رءوسببهم عنببد ربهببم ربنببا أبصببرنا‬
‫لية‪ ,‬أي يقولون ذلك حين ل ينفعهببم ول يجببدي‬ ‫وسمعنا{ ا َ‬
‫عنهم شيئًا‪ ,‬ولو كان هذا قبل معاينببة العببذاب لكببان نافع با ً‬
‫لهببم ومنقببذا ً مببن عببذاب اللببه‪ ,‬ولهببذا قببال‪} :‬أسببمع بهببم‬
‫وأبصر{ أي ما أسمعهم وأبصرهم }يوم يأتوننا{ يعني يببوم‬
‫القيامة }لكن الظالمون اليوم{ أي في الدنيا }في ضببلل‬
‫مبببين{ أي ل يسببمعون ول يبصببرون ول يعقلببون‪ ,‬فحيببث‬
‫يطلب منهم الهدى ل يهتببدون ويكونببون مطيعيببن حيببث ل‬
‫ينفعهم ذلك‪ ,‬ثم قال تعالى‪} :‬وأنذرهم يببوم الحسببرة{ أي‬
‫أنذر الخلئق يوم الحسرة }إذ قضي المر{ أي فصل بيببن‬
‫أهل الجنة وأهل النار وصار كل إلى مببا صببار إليببه مخلببدا ً‬
‫فيه‪} ,‬وهم{ أي اليوم }فببي غفلببة{ عمببا أنببذروا بببه يببوم‬
‫الحسرة والندامببة }وهببم ل يؤمنببون{ أي ل يصببدقون بببه‪.‬‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا محمد بن عبيببد‪ ,‬حببدثنا العمببش‬
‫عن أبي صالح عن أبي سعيد قال‪ :‬قال رسول اللببه صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬إذا دخل أهببل الجنببة الجنبة وأهببل النببار‬
‫النار‪ ,‬يجاء بببالموت كببأنه كبببش أملببح فيوقببف بيببن الجنببة‬
‫والنببار‪ ,‬فيقببال‪ :‬يببا أهببل الجنببة هببل تعرفببون هببذا‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫فيشرئبون وينظرون ويقولون‪ :‬نعم هببذا المببوت ب ب قببال ب ب‬
‫فيقال‪ :‬ياأهل النببار هببل تعرفببون هببذا ؟ قببال‪ :‬فيشببرئبون‬
‫وينظرون ويقولون‪ :‬نعم هببذا المببوت بب قببال بب فيببؤمر بببه‬

‫‪905‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فيذبح‪ ,‬قال‪ :‬ويقال يا أهل الجنة خلود ول مببوت‪ ,‬ويببا أهببل‬
‫النار خلود ول موت« ثم قرأ رسول الله صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪} :‬وأنذرهم يوم الحسببرة إذ قضببي المببر وهببم فببي‬
‫غفلة وهم ل يؤمنون{ وأشار بيده ثم قال »أهل الدنيا في‬
‫غفلة الدنيا« هكذا رواه المام أحمد‪ ,‬وقد أخرجه البخبباري‬
‫ومسلم في صحيحيهما من حديث العمببش بببه‪ ,‬ولفظهمببا‬
‫قريب من ذلك‪ .‬وقد روى هذا الحديث الحسن بببن عرفببة‪:‬‬
‫حدثني أسباط بن محمد عن العمش عن أبي صببالح عببن‬
‫أبي هريرة مرفوعا ً مثله‪ ,‬وفي سنن ابن ماجه وغيببره مببن‬
‫حديث محمد بن عمبرو عبن أببي سبلمة عبن أببي هريبرة‬
‫نحببببوه‪ ,‬وهببببو فببببي الصببببحيحين عببببن ابببببن عمببببر‪.‬‬
‫رواه ابن جريج قببال‪ :‬قببال ابببن عببباس فببذكر مببن قبلببه‬
‫نحوه‪ ,‬ورواه أيضا ً عن أبيه أنه سمع عبيد بببن عميببر يقببول‬
‫فببي قصصببه‪ :‬يببؤتى بببالموت كببأنه دابببة فيذبببح والنبباس‬
‫ينظرون‪ ,‬وقال سفيان الثوري عن سلمة بن كهيببل‪ :‬حببدثنا‬
‫أبو الزعراء عن عبد الله هو ابن مسعود في قصة ذكرهببا‪,‬‬
‫قال‪ :‬فليس نفس إل وهي تنظر إلى بيت في الجنة وبيببت‬
‫في النار وهو يوم الحسرة‪ ,‬فيرى أهببل النببار البببيت الببذي‬
‫في الجنة‪ ,‬ويقال لهم لو عملتم‪ ,‬فتأخذهم الحسببرة‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫ويرى أهل الجنة البيت الذي في النار‪ ,‬فيقال لهببم لببول أن‬
‫الله من عليكم‪ .‬وقال السدي عن زياد عن زر بببن حبببيش‬
‫عن ابببن مسببعود فببي قببوله‪} :‬وأنببذرهم يببوم الحسببرة إذ‬
‫قضي المر{ قال‪ :‬إذا دخل أهل الجنببة الجنببة وأهببل النببار‬
‫النار‪ ,‬أتي بالموت في صورة كبش أملح حببتى يوقببف بيببن‬
‫الجنة والنار‪ ,‬ثم ينادي مناد‪ :‬يا أهل الجنة هذا الموت الببذي‬
‫كان يميت الناس في الدنيا‪ ,‬فل يبقى أحد في أهببل علييببن‬
‫ول في أسفل درجة في الجنة إل نظر إليه‪ ,‬ثم ينادي مناد‪:‬‬
‫يا أهل النار هذا الموت الذي كان يميت الناس في الببدنيا‪,‬‬
‫فل يبقى أحد في ضحضاح من نار ول في أسفل درك مببن‬
‫جهنم إل نظر إليه‪ ,‬ثم يذبح بين الجنة والنار‪ ,‬ثم ينببادى‪ :‬يببا‬
‫لبدين‪ ,‬ويا أهل النار هببو الخلببود‬‫أهل الجنة هو الخلود أبد ا َ‬
‫لبدين‪ ,‬فيفرح أهل الجنة فرحة لو كان أحببد ميت با ً مببن‬ ‫أبد ا َ‬

‫‪906‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فرح ماتوا‪ ,‬ويشهق أهل النار شهقة لو كان أحببد ميتبا ً مببن‬
‫شهقة ماتوا‪ ,‬فذلك قوله تعالى‪} :‬وأنذرهم يوم الحسرة إذ‬
‫قضي المر{ يقول إذا ذبح الموت‪ ,‬رواه ابن أبي حاتم في‬
‫تفسبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببيره‪.‬‬
‫وقال علي بببن أبببي طلحببة عببن ابببن عببباس فببي قببوله‪:‬‬
‫}وأنذرهم يوم الحسرة{ من أسببماء يببوم القيامببة عظمببه‬
‫الله وحذره عباده وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فببي‬
‫قوله‪} :‬وأنذرهم يوم الحسرة{ قببال‪ :‬يببوم القيامببة‪ ,‬وقببرأ‬
‫}أن تقول نفببس يببا حسببرتا علببى مببا فرطببت فببي جنببب‬
‫الله{‪ .‬وقببوله‪} :‬إنببا نحببن نببرث الرض ومببن عليهببا وإلينببا‬
‫يرجعون{ يخبر تعالى أنه الخببالق المالببك المتصببرف‪ ,‬وأن‬
‫الخلق كلهم يهلكببون ويبقببى هببو تعببالى وتقببدس‪ ,‬ول أحببد‬
‫يدعي ملكا ً ول تصرفًا‪ ,‬بل هو الوارث لجميع خلقببه الببباقي‬
‫بعدهم الحاكم فيهم‪ ,‬فل تظلم نفس شيئا ً ول جناح بعوضة‬
‫ول مثقال ذرة‪ .‬قال ابببن أبببي حبباتم‪ :‬ذكببر هدبببة بببن خالببد‬
‫القيسي‪ ,‬حدثنا حزم بن أبي حزم القطعي قال‪ :‬كتب عمر‬
‫بن عبد العزيز إلى عبد الحميببد بببن عبببد الرحمببن صبباحب‬
‫الكوفة‪ :‬أما بعد‪ ,‬فإن الله كتببب علببى خلقببه حيببن خلقهببم‬
‫الموت‪ ,‬فجعل مصيرهم إليه‪ ,‬وقال فيمببا أنببزل فببي كتببابه‬
‫الصادق الذي خلقه بعلمه وأشهد ملئكته على حفظه‪ :‬إنببه‬
‫يببببببرث الرض ومببببببن عليهببببببا وإليببببببه يرجعببببببون‪.‬‬

‫ل‬ ‫ديقا ً ن ّب ِي ّا ً * إ ِذ ْ َقا َ‬ ‫ص ّ‬


‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫م إ ِن ّ ُ‬‫هي َ‬ ‫ب إ ِب َْرا ِ‬‫** َواذ ْ َك ُْر ِفي ال ْك َِتا ِ‬
‫ك‬ ‫عن ب َ‬ ‫ص بُر وَل َ ي ُغْن ِببي َ‬ ‫معُ وَل َ ي َب ْ ِ‬ ‫سب َ‬ ‫مببا ل َ ي َ ْ‬ ‫م ت َعْب ُبد ُ َ‬ ‫ت لِ َ‬ ‫ل َِِبيهِ ي َأب َ ِ‬
‫ك َفببات ّب ِعْن ِ َ‬
‫ي‬ ‫م ي َأ ْت ِ َ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫ن ال ْعِل ْم ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫جآَءِني ِ‬ ‫ت إ ِّني قَد ْ َ‬
‫َ‬
‫شْيئا ً * ي َأب َ ِ‬ ‫َ‬
‫شي ْ َ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫أ َهْدِ َ‬
‫ن‬‫طا َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫طا َ‬ ‫ت ل َ ت َعْب ُدِ ال ّ‬ ‫سوِي ّا ً * ي َأب َ ِ‬ ‫صَراطا ً َ‬ ‫ك ِ‬
‫خببا ُ َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ك عَب َ‬ ‫سب َ‬ ‫م ّ‬ ‫ف أن ي َ َ‬ ‫ي أَ َ‬ ‫ت إ ِن ّ َ‬ ‫صي ّا ً * ي َأب َ ِ‬‫ن عَ ِ‬ ‫مـ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ِللّر ْ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫ن وَل ِي ّبببببببا ً‬‫طا ِ‬ ‫شبببببببي ْ َ‬ ‫ن ِلل ّ‬ ‫ن فَت َك ُبببببببو َ‬ ‫مـببببببب ِ‬ ‫ح َ‬‫ن الّر ْ‬ ‫مببببببب َ‬ ‫ّ‬
‫يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسببلم‪} :‬واذكببر‬
‫في الكتاب إبراهيم{ واتل على قومك هؤلء الذين يعبدون‬
‫الصببنام‪(,‬واذكببر لهببم مببا كببان مببن خبببر إبراهيببم خليببل‬

‫‪907‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرحمن‪ .‬الذين هم من ذريته ويدعون أنهم على ملته‪ ,‬وقد‬
‫كان صديقا ً نبيا ً مببع أبيببه‪ ,‬كيببف نهبباه عببن عبببادة الصببنام‪,‬‬
‫فقال‪} :‬يا أبت لم تعبد ما ليسمع ول يبصر ول يغني عنببك‬
‫شيئًا{ أي ل ينفعك ول يدفع عنببك ضببررا ً }يبباأبت إنببي قببد‬
‫جاءني من العلم ما لم يأتك{ يقول‪ :‬وإن كنت مببن صببلبك‬
‫وتراني أصغر منك لني ولدك‪ ,‬فاعلم أني قد أطلعبت مببن‬
‫العلم من الله على ما لم تعلمه أنت‪ ,‬و ل أطلعببت عليببه و‬
‫ل جبباءك }فبباتبعني أهببدك صببراطا ً سببويًا{ أي طريقببا ً‬
‫مستقيما ً موصل ً إلى نيل المطلوب‪ ,‬والنجاة من المرهوب‬
‫}ياأبت ل تعبد الشببيطان{ أي ل تطعببه فببي عبادتببك هببذه‬
‫الصنام‪ ,‬فإنه هو الداعي إلى ذلك والراضي بببه‪ ,‬كمببا قببال‬
‫تعالى‪} :‬ألم أعهد إليكم يببابني آدم أن ل تعبببدوا الشببيطان‬
‫إنه لكم عدو مبين{ وقال‪} :‬إن يدعون مببن دونببه إل إناث با ً‬
‫وإن يبببببببببببببدعون إل شبببببببببببببيطانا ً مريبببببببببببببدًا{‪.‬‬
‫وقوله }إن الشيطان كببان للرحمببن عصببيًا{ أي مخالف با ً‬
‫مستكبرا ً عن طاعة ربببه‪ ,‬فطببرده وأبعببده‪ ,‬فل تتبعببه تصببر‬
‫مثله }ياأبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن{ أي‬
‫على شركك وعصيانك لمببا آمببرك بببه }فتكببون للشببيطان‬
‫ولي بًا{ يعنببي فل يكببون لببك مببولى ول ناصببرا ً ول مغيث با ً إل‬
‫إبليس‪ ,‬وليببس إليببه ول إلببى غيببره مببن المببر شببيء‪ ,‬بببل‬
‫اتباعك له موجب لحاطة العذاب بك‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬تببا‬
‫لله لقد أرسلنا إلى أمببم مببن قبلببك فزيببن لهببم الشببيطان‬
‫أعمبببالهم‪ ,‬فهبببو وليهبببم اليبببوم ولهبببم عبببذاب أليبببم{‪.‬‬

‫َ‬ ‫** قَببا َ َ‬


‫ه‬
‫م َتنت َب ِ‬ ‫م ل َِئن ل ّب ْ‬ ‫هي ُ‬ ‫ن آل ِهَت ِببي َيببإ ِب َْرا ِ‬ ‫ْ‬ ‫ت عَ ب‬‫ب أن ب َ‬ ‫ل أَراِغ ب ٌ‬
‫سبت َغِْفُر ل َب َ‬ ‫َ‬ ‫م عَل َي ْ َ‬ ‫مل ِي ّا ً * َقا َ‬
‫ك‬ ‫سأ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫سل َ ٌ‬‫ل َ‬ ‫جْرِني َ‬ ‫ك َواهْ ُ‬ ‫من ّ َ‬ ‫ج َ‬
‫لْر ُ‬
‫َ‬
‫ن‬‫دو ِ‬ ‫مببن ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫مببا ت َبد ْ ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫حِفي ّا ً * وَأعْت َزِل ُك ُب ْ‬ ‫ن ِبي َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ي إ ِن ّ ُ‬‫َرب ّ َ‬
‫شببِقي ّا ً‬
‫عآِء َرّبببي َ‬ ‫ن ِبببد ُ َ‬ ‫َ‬
‫ى أل ّ أ ُ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫الّلببهِ وَأد ْ ُ‬
‫كببو َ‬ ‫سبب َ‬ ‫عببو َرّبببي عَ َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن جواب أبي إبراهيم لولده إبراهيببم‬
‫فيما دعاه إليه أنه قال‪} :‬أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم‬
‫؟{ يعني إن كنت ل تريببد عبادتهببا ول ترضبباها‪ ,‬فببانته عببن‬

‫‪908‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سبها وشتمها وعيبها‪ ,‬فإنك إن لم تنته عن ذلك اقتصصببت‬
‫منك وشتمتك وسببتك‪ ,‬وهو قوله‪} :‬لرجمنببك{ قبباله ابببن‬
‫عباس والسببدي وابببن جريببج والضببحاك وغيرهببم‪ ,‬وقببوله‪:‬‬
‫}واهجرني مليًا{ قال مجاهببد وعكرمببة وسببعيد بببن جبببير‬
‫ومحمد بن إسحاق‪ :‬يعنببي دهببرًا‪ .‬وقببال الحسببن البصببري‪:‬‬
‫ل‪ .‬وقبال السبدي }واهجرنببي مليبًا{ قبال‪ :‬أببدًا‪.‬‬ ‫زمانا ً طوي ً‬
‫وقببال علببي بببن أبببي طلحببة والعببوفي عببن ابببن عببباس‬
‫}واهجرني مليًا{ قال‪ :‬سويا ً سببالما ً قبببل أن تصببيبك منببي‬
‫عقوبة‪ ,‬وكذا قال الضحاك وقتادة وعطيببة الجببدلي ومالببك‬
‫وغيرهم‪ ,‬واختاره ابببن جريببر‪ ,‬فعنببدما قببال إبراهيببم لبيبه‪:‬‬
‫}سلم عليك{ كما قال تعالى في صببفة المببؤمنين‪} :‬وإذا‬
‫خبباطبهم الجبباهلون قببالوا سببلمًا{ وقببال تعببالى‪} :‬وإذا‬
‫سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم‬
‫سلم عليكم ل نبتغي الجاهلين{ ومعنى قول إبراهيم لبيه‬
‫}سلم عليك{ يعني أما أنا فل ينالك منببي مكببروه ول أذى‬
‫وذلك لحرمة البوة }سأستغفر لك ربببي{ ولكببن سأسببأل‬
‫الله فيك أن يهديك ويغفر ذنبك }إنه كان بببي حفي بًا{ قببال‬
‫ابببن عببباس وغيببره‪ :‬لطيفببًا‪ ,‬أي فببي أن هببداني لعبببادته‬
‫والخلص لبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫وقال قتادة ومجاهد وغيرهما‪} :‬إنه كان بببي حفيببا{ قببال‬
‫عوده الجابة‪ .‬وقال السدي‪ :‬الحفي الذي يهتم بأمره‪ ,‬وقد‬
‫استغفر إبراهيم صلى الله عليه وسببلم لبيببه مببدة طويلببة‬
‫وبعد أن هاجر إلى الشام‪ ,‬وبنى المسجد الحرام‪ ,‬وبعببد أن‬
‫ولد له إسماعيل وإسحاق عليهما السلم في قببوله‪} :‬ربنببا‬
‫اغفر لي ولوالدي وللمببؤمنين يببوم يقببوم الحسبباب{ وقببد‬
‫استغفر المسلمون لقراباتهم وأهليهم من المشركين فببي‬
‫ابتداء السلم‪ ,‬وذلك اقتداء بإبراهيم الخليل في ذلك حببتى‬
‫أنزل الله تعالى‪} :‬قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيببم‬
‫والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا بببرآء منكببم وممببا تعبببدون‬
‫من دون الله ب إلى قوله ب إل قول إبراهيم لبيه لستغفرن‬
‫ليببة‪ ,‬يعنببي إل فببي‬ ‫لك وما أملك لك من الله مببن شببي{ ا َ‬
‫هذا القول‪ ,‬فل تتأسوا به‪ ,‬ثم بيبن تعبالى أن إبراهيبم أقلبع‬

‫‪909‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن ذلك ورجع عنه‪ ,‬فقال تعالى‪} :‬ما كببان للنبببي والببذين‬
‫آمنوا أن يسببتغفروا للمشببركين ب ب إلببى قببوله بب ومببا كببان‬
‫استغفار إبراهيم لبيه إل عن موعدة وعدها إياه فلما تبببين‬
‫له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيببم لواه حليببم{‪ .‬وقببوله‪:‬‬
‫}وأعتزلكم ومببا تببدعون مببن دون اللببه وأدعببو ربببي{‪ .‬أي‬
‫وأعبد ربي وحده لشريك لببه }عسببى أن لأكببون بببدعاء‬
‫ربببي شببقيًا{ وعسببى هببذه موجبببة ل محالببة‪ ,‬فببإنه عليببه‬
‫السلم سيد النبيبباء بعببد محمببد صببلى اللببه عليببه وسببلم‪.‬‬

‫ن الل ّبهِ وَهَب ْن َببا ل َب ُ‬


‫ه‬ ‫دو ِ‬ ‫مببن ُ‬ ‫ن ِ‬
‫دو َ‬ ‫مببا ي َعْب ُب ُ‬ ‫م وَ َ‬‫مببا اعْت ََزل َهُ ب ْ‬
‫** فَل َ ّ‬
‫مت َِنببا‬
‫ح َ‬
‫مببن ّر ْ‬ ‫م ّ‬ ‫جعَل َْنا ن َب ِي ّا ً * وَوَهَب َْنا ل َهْ ْ‬
‫ب وَك ُل ّ َ‬ ‫حاقَ وَي َعُْقو َ‬ ‫س َ‬‫إِ ْ‬
‫ق عَل ِّيببببببببا ً‬ ‫صببببببببد ْ ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫سببببببببا َ‬ ‫م لِ َ‬ ‫جعَل َْنببببببببا ل َُهبببببببب ْ‬ ‫وَ َ‬
‫يقول تعالى‪ :‬فلما اعتزل الخليببل أببباه وقببومه فببي اللببه‪,‬‬
‫أبدله الله من هو خير منهم‪ ,‬ووهببب لببه إسببحاق ويعقببوب‬
‫يعنببي ابنببه وابببن إسببحاق‪ ,‬كمببا قببال فببي ال َ يببة الخببرى‪:‬‬
‫}ويعقببوب نافلببة{ وقببال}ومببن وراء إسببحاق يعقببوب{‬
‫ولخلف أن إسحاق والد يعقببوب‪ ,‬وهببو نببص القببرآن فببي‬
‫سورة البقرة‪} :‬أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب المببوت إذ‬
‫قال لبنيه ما تعبببدون مببن بعببدي ؟ قببالوا نعبببد إلهببك وإلببه‬
‫آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق{ ولهببذا إنمببا ذكببر ههنببا‬
‫إسحاق ويعقوب‪ ,‬أي جعلنا له نسل ً وعقببا ً أنبيبباء أقببر اللببه‬
‫بهم عينه في حياته‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬وكل ً جعلنا نبيًا{ فلببو لببم‬
‫يكن يعقوب عليه السلم قد نبىء فببي حيبباة إبراهيببم لمببا‬
‫اقتصر عليه ولذكر ولده يوسف‪ ,‬فإنه نبببي أيضبا ً كمبا قبال‬
‫رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم فببي الحببديث المتفببق‬
‫على صحته حين سئل عببن خيببر النبباس‪ ,‬فقببال‪» :‬يوسببف‬
‫نبي الله ابن يعقوب نبي اللبه ابببن إسببحاق نببي اللبه ابببن‬
‫لخببر »إن الكريببم ابببن‬ ‫إبراهيم خليل الله«‪ ,‬وفببي اللفببظ ا َ‬
‫الكريم ابببن الكريببم ابببن الكريببم يوسببف بببن يعقببوب بببن‬
‫إسببحاق بببن إبراهيببم«‪ .‬وقببوله }ووهبنببا لهببم مببن رحمتنببا‬
‫وجعلنا لهم لسان صدق عليا{ قال علي بن أبي طلحة عن‬

‫‪910‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ابن عباس‪ :‬يعني الثناء الحسن‪ ,‬وكذا قال السدي ومالببك‬
‫بن أنس‪ ,‬وقال ابن جرير‪ :‬إنما قال عليببا لن جميببع الملببل‬
‫والديان يثنون عليهببم ويمببدحونهم‪ ,‬صببلوات اللبه وسببلمه‬
‫عليهبببببببببببببببببببببببببببببم أجمعيبببببببببببببببببببببببببببببن‪.‬‬

‫سببول ً‬ ‫ن َر ُ‬ ‫كا َ‬ ‫خِلصا ً وَ َ‬ ‫م ْ‬‫ن ُ‬ ‫كا َ‬‫ه َ‬ ‫ى إ ِن ّ ُ‬


‫س َ‬ ‫مو َ‬ ‫ب ُ‬‫** َواذ ْك ُْر ِفي ال ْك َِتا ِ‬
‫جي ّبا ً *‬‫ن وَقَّرب ْن َبباهُ ن َ ِ‬‫مب ِ‬‫ب الط ّببورِ الي ْ َ‬ ‫جببان ِ ِ‬
‫مببن َ‬ ‫ن ّب ِي ّا ً * وََناد َي َْناهُ ِ‬
‫ن ن َب ِّيببببا ً‬
‫هبببباُرو َ‬ ‫خببببباهُ َ‬ ‫مت ِن َبببببآ أ َ َ‬
‫ح َ‬ ‫مبببببن ّر ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫وَوَهَب ْن َبببببا َلبببب ُ‬
‫لما ذكر تعالى إبراهيم الخليل وأثنى عليببه‪ ,‬عطببف بببذكر‬
‫الكليببم‪ ,‬فقببال‪} :‬واذكببر فببي الكتبباب موسببى إنببه كببان‬
‫مخلصًا{ قرأ بعضهم بكسر اللم من الخلص في العبادة‪.‬‬
‫قال الثوري عن عبد العزيز بن رفيع‪ ,‬عن أبببي لبابببة قببال‪:‬‬
‫قال الحواريون‪ :‬يببا روح اللببه أخبرنببا عببن المخلببص للببه ؟‬
‫قببال‪ :‬الببذي يعمببل للببه ل يحببب أن يحمببده النبباس‪ ,‬وقببرأ‬
‫لخرون بفتحها بمعنى أنه كان مصطفى‪ ,‬كما قال تعببالى‪:‬‬ ‫ا َ‬
‫}إني اصطفيتك على النبباس{ }وكببان رسببول ً نبيبًا{ جمببع‬
‫الله له بين الوصفين‪ ,‬فإنه كان من المرسلين الكبار أولي‬
‫العببزم الخمسببة‪ ,‬وهببم‪ :‬نببوح وإبراهيببم وموسببى وعيسببى‬
‫ومحمد صلوات الله عليهم وعلببى سببائر النبيبباء أجمعيببن‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وناديناه من جانب الطور{ أي الجبل }اليمببن{‬
‫من موسى حين ذهب يبتغي مببن تلببك النببار جببذوة فرآهببا‬
‫تلوح‪ ,‬فقصدها فوجدها في جانب الطور اليمببن منببه عنببد‬
‫شاطىء الوادي‪ ,‬فكلمه الله تعالى ونبباداه وقربببه فناجبباه‪.‬‬
‫روى ابن جرير‪ :‬حدثنا ابن بشار‪ ,‬حدثنا يحيى هببو القطببان‪,‬‬
‫حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب‪ ,‬عن سببعيد بببن جبببير‪,‬‬
‫عن ابن عببباس }وقربنبباه نجيببا{ قببال‪ :‬أدنببي حببتى سببمع‬
‫صريف القلم‪ ,‬وهكببذا قببال مجاهببد وأبببو العاليببة وغيرهببم‪:‬‬
‫يعنببون صببريف القلببم بكتابببة التببوارة‪ .‬وقببال السببدي‪:‬‬
‫}وقربنبباه نجي بًا{ قببال‪ :‬أدخببل فببي السببماء فكلببم‪ ,‬وعببن‬
‫مجاهبببببببببببببببببببببببببببببببد نحبببببببببببببببببببببببببببببببوه‪.‬‬

‫‪911‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال عبد الرزاق عن معمر‪ ,‬عن قتادة }وقربنبباه نجيببا{‬
‫قال‪ :‬نجا بصدقه‪ .‬وروى ابن أبي حبباتم‪ :‬حببدثنا عبببد الجبببار‬
‫بن عاصم‪ ,‬حدثنا محمد بن سلمة الحراني عن أبي واصل‪,‬‬
‫عن شهر بن حوشب‪ ,‬عن عمرو بن معد يكرب قببال‪ :‬لمببا‬
‫قرب الله موسبى نجيبا بطبور سبيناء قبال‪ :‬يبا موسبى إذا‬
‫خلقت لك قلب با ً شبباكرا ً ولسببانا ً ذاكببرا ً وزوجببة تعيببن علببى‬
‫الخير‪ ,‬فلم أخزن عنك من الخيببر شببيئًا‪ ,‬ومببن أخببزن عنببه‬
‫هذا فلم أفتح له من الخير شيئًا‪ ,‬وقببوله‪} :‬ووهبنببا لببه مببن‬
‫رحمتنا أخاه هارون نبيًا{ أي وأجبنا سببؤاله وشببفاعته فببي‬
‫ليببة الخببرى }وأخببي‬ ‫أخيه‪ ,‬فجعلنبباه نبيبًا‪ ,‬كمببا قببال فببي ا َ‬
‫هارون هو أفصح مني لسانا ً فأرسببله معببي ردءا ً يصببدقني‬
‫إنببي أخبباف أن يكببذبون{ وقببال‪} :‬قببد أوتيببت سببؤلك يببا‬
‫موسى{ وقببال‪} :‬فأرسببل إلببى هببارون ولهببم علببي ذنببب‬
‫فأخاف أن يقتلون{ ولهذا قال بعض السلف‪ :‬ما شفع أحد‬
‫في أحد شفاعة في الدنيا أعظم من شببفاعة موسببى فببي‬
‫هارون أن يكببون نبيبًا‪ ,‬قببال اللببه تعببالى‪} :‬ووهبنببا لببه مببن‬
‫رحمتنا أخاه هارون نبيًا{ قببال ابببن جريببر‪ :‬حببدثنا يعقببوب‪,‬‬
‫حدثنا ابن علية عن داود عن عكرمة قال‪ :‬قال ابن عببباس‬
‫قوله‪} :‬ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيًا{ قببال‪ :‬كببان‬
‫هارون أكبر من موسى‪ ,‬ولكببن أراد وهببب نبببوته لببه‪ ,‬وقببد‬
‫ذكره ابن أبي حاتم معلقا ً عببن يعقببوب وهببو ابببن إبراهيببم‬
‫دورقي ببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬‫الببببببببببببببببببببببببببببببب ّ‬

‫ن‬ ‫كا َ‬ ‫صادِقَ ال ْوَعْدِ وَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه َ‬


‫كا َ‬ ‫عي َ‬
‫ل إ ِن ّ ُ‬ ‫ما ِ‬‫س َ‬ ‫** َواذ ْك ُْر ِفي ال ْك َِتا ِْ‬
‫ب إِ ْ‬
‫َ‬
‫عنبد َ‬ ‫ن ِ‬‫كباةِ وَك َببا َ‬
‫صبل َةِ َوالّز َ‬‫ه ِبال ّ‬ ‫مُر أهْل َ ُ‬‫ن ي َأ ُ‬ ‫سول ً ن ّب ِي ّا ً * وَ َ‬
‫كا َ‬ ‫َر ُ‬
‫ضببببببببببببببببببببببببببببببببي ّا ً‬ ‫مْر ِ‬
‫َرّبببببببببببببببببببببببببببببببببهِ َ‬
‫هببذا ثنبباء مببن اللببه تعببالى علببى إسببماعيل بببن إبراهيببم‬
‫الخليل عليهماالسلم‪ ,‬وهو والد عببرب الحجبباز كلهببم بببأنه‬
‫كان صادق الوعد‪ .‬قببال ابببن جريببج‪ :‬لببم يعببد ربببه عببدة إل‬
‫أنجزها‪ ,‬يعني ما التزم عبادة قط بنذر إل قببام بهببا ووفاهببا‬
‫حقها‪ .‬وقال اببن جريبر‪ :‬حبدثني يبونس‪ ,‬أنبأنبا اببن وهبب‪,‬‬

‫‪912‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أخبرني عمرو بببن الحببارث أن سببهل بببن عقيببل حببدثه أن‬
‫إسماعيل النبي عليه السلم وعد رجل ً مكانا ً أن يأتيه فيببه‪,‬‬
‫فجاء ونسي الرجل‪ ,‬فظل بببه إسببماعيل وبببات حببتى جبباء‬
‫الرجل من الغد‪ ,‬فقال‪ :‬ما برحت من ههنا ؟ قال‪ :‬ل‪ .‬قال‪:‬‬
‫إني نسيت قال‪ :‬لم أكن أبرح حببتى تببأتيني‪ ,‬فلببذلك }كببان‬
‫صادق الوعد{ وقال سفيان الثوري‪ :‬يلغنببي أنببه أقببام فببي‬
‫ذلك المكان ينتظره حول ً حببتى جبباءه وقببال ابببن شببوذب‪:‬‬
‫بلغنببببببي أنببببببه اتخببببببذ ذلببببببك الموضببببببع مسببببببكنًا‪.‬‬
‫وقد روى أبو داود في سننه‪ ,‬وأبو بكببر محمببد بببن جعفببر‬
‫الخرائطي في كتابه مكببارم الخلق‪ ,‬مببن طريببق إبراهيببم‬
‫بن طهمان عن بديل بن ميسرة عن عبد الكريم يعني ابببن‬
‫عبببد اللببه بببن شببقيق‪ ,‬عببن أبيببه عببن عبببد اللببه بببن أبببي‬
‫الحمساء‪ ,‬قال‪ :‬بايعت رسول الله صلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫قبل أن يبعث‪ ,‬فبقيت له علبي بقيببة‪ ,‬فوعببدته أن آتيببه بهبا‬
‫في مكانه ذلببك‪ ,‬قببال‪ :‬فنسببيت يببومي والغببد‪ ,‬فببأتيته فببي‬
‫اليوم الثالث وهو في مكانه ذلك‪ ,‬فقال لي‪» :‬يا فببتى لقببد‬
‫ي‪ ,‬أنا ههنا منذ ثلث أنتظرك« لفظ الخرائطببي‬ ‫شققت عل ّ‬
‫وساق آثارا ً حسنة في ذلك‪ ,‬ورواه ابن منده أببو عببد اللبه‬
‫فببي كتبباب معرفببة الصببحابة بإسببناده عببن إبراهيببم بببن‬
‫طهمببان‪ ,‬عببن بببديل بببن ميسببرة عببن عبببد الكريببم بببه‪.‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬إنما قيببل لببه‪} :‬صببادق الوعببد{ لنببه قببال‬
‫لبيه‪} :‬ستجدني إن شاء الله من الصابرين{ فصببدق فببي‬
‫ذلك‪ ,‬فصدق الوعد من الصفات الحميدة كما أن خلفه من‬
‫الصفات الذميمة‪ ,‬قال الله تعالى‪} :‬يا أيها الذين آمنوا لببم‬
‫تقولون ما ل تفعلون * كبر مقتا ً عند اللببه أن تقولببوا مببا ل‬
‫تفعلون{ وقال رسول اللبه صبلى اللبه عليبه وسبلم »آيببة‬
‫المنافق ثلث‪ :‬إذا حدث كذب‪ ,‬وإذا وعد أخلف‪ ,‬وإذا أؤتمن‬
‫خان« ولمببا كببانت هببذه صببفات المنببافقين‪ ,‬كببان التلبببس‬
‫بضدها من صفات المؤمنين‪ ,‬ولهذا أثنببى اللببه علببى عبببده‬
‫ورسوله إسماعيل بصدق الوعد‪ ,‬وكذلك كبان رسبول اللبه‬
‫صلى الله عليه وسلم صادق الوعد أيضا ً ل يعد أحببدا ً شببيئا ً‬
‫إل وفى له به‪ ,‬وقد أثنى على أبي العبباص بببن الربيببع زوج‬

‫‪913‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ابنته زينب‪ ,‬فقال‪» :‬حدثني فصدقني‪ ,‬ووعدني فوفى لي«‬
‫ولما توفي النبي صلى الله عليه وسببلم قببال الخليفببة أبببو‬
‫بكر الصديق من كان له عند رسول الله صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم عدة أو دين فليأتني أنجز له‪ ,‬فجاء جابر بن عبد الله‬
‫فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قببال‪» :‬لببو قببد‬
‫جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا« يعني ملببء‬
‫كفيه‪ ,‬فلما جاء مال البحريببن أمببر الصببديق جببابرا ً فغببرف‬
‫بيديه من المال‪ ,‬ثم أمره بعده فببإذا هببو خمسببمائة درهببم‬
‫فأعطبببببببببببببببببباه مثليهببببببببببببببببببا معهببببببببببببببببببا‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وكان رسول ً نبيًا{ فببي هببذا دللببة علببى شببرف‬
‫إسماعيل على أخيه إسحاق‪ ,‬لنه إنما وصف بالنبوة فقط‪,‬‬
‫وإسماعيل وصف بالنبوة والرسالة‪ .‬وقد ثبببت فببي صببحيح‬
‫مسلم أن رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪» :‬إن‬
‫اللببه اصببطفى مببن ولببد إبراهيببم إسببماعيل« وذكببر تمببام‬
‫الحديث‪ ,‬فدل على صحة مببا قلنبباه‪ .‬وقببوله‪} :‬وكببان يببأمر‬
‫أهله بالصلة والزكاة وكان عند ربه مرضيًا{ هذا أيضا ً مببن‬
‫الثناء الجميل والصببفة الحميببدة‪ ,‬والخلببة السببديدة‪ ,‬حيببث‬
‫كان مثابرا ً على طاعة ربه عز وجل‪ ,‬آمبرا ً بهبا لهلبه‪ ,‬كمبا‬
‫قال تعالى لرسوله‪} :‬وأمر أهلك بالصلة واصطبر عليهببا{‬
‫لية‪ ,‬وقال‪} :‬يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ً‬ ‫ا َ‬
‫وقودهببا النبباس والحجببارة عليهببا ملئكببة غلظ شببداد ل‬
‫يعصون الله ما أمرهم ويفعلون مببا يببؤمرون{ أي مروهببم‬
‫ل‪ ,‬فتببأكلهم‬ ‫بالمعروف وانهوهم عن المنكر ول تدعوهم هم ً‬
‫النار يوم القيامة‪ ,‬وقد جاء فببي الحببديث عببن أبببي هريببرة‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسببلم‪» :‬رحببم اللببه‬
‫رجل ً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأتببه‪ ,‬فببإن أبببت نضببح‬
‫في وجهها الماء‪ .‬رحم الله امرأة قامت من الليببل فصببلت‬
‫وأيقظت زوجها‪ ,‬فإن أبى نضحت في وجهه الماء« أخرجه‬
‫أبو داود وابن ماجه‪ .‬وعن أبببي سببعيد وأبببي هريببرة رضببي‬
‫الله عنهما عببن النبببي صببلى اللببه عليببه وسببلم قببال‪» :‬إذا‬
‫استيقظ الرجل من الليببل وأيقببظ امرأتببه فصببليا ركعببتين‪,‬‬

‫‪914‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كتبا مببن الببذاكرين اللببه كببثيرا ً والببذاكرات« رواه أبببو داود‬
‫والنسبببببببائي واببببببببن مبببببببباجه واللفببببببببظ لبببببببه‪.‬‬

‫ديقا ً ن ّب ِّيببا ً *‬
‫صبب ّ‬
‫ن ِ‬
‫كببا َ‬ ‫ه َ‬‫س إ ِّنبب ُ‬
‫ب إ ِد ِْريبب َ‬‫كببْر ِفببي ال ْك َِتببا ِ‬
‫** َواذ ْ ُ‬
‫كانببببببببببببببببببا ً عَل ِّيببببببببببببببببببا ً‬ ‫م َ‬‫وََرفَعَْنبببببببببببببببببباهُ َ‬
‫ذكر إدريس عليه السلم بالثنبباء عليببه بببأنه كببان صببديقا ً‬
‫نبيًا‪ ,‬وأن الله رفعه مكانا ً عليًا‪ ,‬وقد تقدم فببي الصببحيح أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به في ليلببة السببراء‬
‫وهو في السماء الرابعببة‪ .‬وقببد روى ابببن جريببر ههنببا أثببرا ً‬
‫غريبا ً عجيبا ً فقال‪ :‬حدثني يونس بن عبد العلى‪ ,‬أنبأنا ابببن‬
‫وهب‪ ,‬أخبرني جرير بن حازم عبن سبليمان العمببش عببن‬
‫شمر بن عطية عن هلل بن يساف قال‪ :‬سأل ابن عببباس‬
‫كعبا ً وأنا حاضر فقال له‪ :‬ما قول اللببه عببز وجببل لدريببس‬
‫}ورفعناه مكانا ً عليًا{ فقال كعب‪ :‬أمببا إدريببس‪ ,‬فببإن اللببه‬
‫أوحى إليه أني أرفع لك كل يوم مثل عمل جميع بنببي آدم‪,‬‬
‫ل‪ ,‬فأتاه خليل له من الملئكة فقال له‪:‬‬ ‫فأحب أن يزداد عم ً‬
‫إن اللببه أوحببى إلببي كببذا وكببذا‪ ,‬فكلببم لببي ملببك المببوت‬
‫ل‪ ,‬فحمله بين جناحيه حببتى صببعد‬ ‫فليؤخرني حتى أزداد عم ً‬
‫به إلى السماء‪ ,‬فلما كان في السماء الرابعة تلقاهم ملببك‬
‫الموت منحدرًا‪ ,‬فكلم ملببك المببوت فببي الببذي كلمببه فيببه‬
‫إدريس‪ ,‬فقال‪ :‬وأين إدريس ؟ فقببال‪ :‬هببوذا علببى ظهببري‪.‬‬
‫قال ملك المببوت‪ :‬العجببب‪ ,‬بعثببت وقيببل لببي‪ :‬اقبببض روح‬
‫إدريس في السماء الرابعببة‪ ,‬فجعلببت أقببول‪ :‬كيببف أقبببض‬
‫روحه في السماء الرابعة وهو في الرض ؟ فقبببض روحببه‬
‫هناك‪ ,‬فذلك قول الله }ورفعناه مكانا ً عليًا{ هذا من أخبار‬
‫كعب الحبار السرائيليات‪ ,‬وفي بعضه نكارة‪ ,‬والله أعلببم‪.‬‬
‫وقد رواه ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس أنببه‬
‫سأل كعبا ً فذكر نحو ما تقدم‪ ,‬غير أنببه قببال لببذلك الملببك‪:‬‬
‫هل لك أن تسأله‪ ,‬يعني ملك الموت‪ ,‬كم بقببي مببن أجلببي‬
‫لكي أزداد من العمل‪ ,‬وذكر باقيه وفيه‪ :‬أنه لما سأله عمببا‬
‫بقي من أجلي‪ ,‬قال‪ :‬ل أدري حتى أنظببر‪ ,‬فنظببر ثببم قببال‪:‬‬

‫‪915‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إنك تسألني عن رجل ما بقي من عمببره إل طرفببة عيببن‪,‬‬
‫فنظر الملك تحت جناحه فإذا هو قببد قبببض عليببه السببلم‬
‫وهو ل يشعر به‪ ,‬ثم رواه من وجه آخر عن ابببن عببباس أن‬
‫إدريس كان خياطًا‪ ,‬فكببان ل يغببرز إبببرة إل قببال‪ :‬سبببحان‬
‫الله‪ ,‬فكببان يمسببي حيببن يمسببي وليببس فببي الرض أحببد‬
‫أفضببل عمل ً منببه‪ ,‬وذكببر بقيتببه كالببذي قبلببه أو نحببوه‪.‬‬
‫وقال ابن أبببي نجيببح عببن مجاهببد فببي قببوله‪} :‬ورفعنبباه‬
‫مكانا ً عليًا{ قال إدريس رفع ولم يمببت كمببا رفببع عيسببى‪,‬‬
‫وقال سفيان عن منصور عن مجاهد }ورفعناه مكانا ً عليًا{‬
‫قببال‪ :‬السببماء الرابعببة‪ ,‬وقببال العببوفي عببن ابببن عببباس‬
‫}ورفعناه مكانا ً عليبًا{ قببال‪ :‬رفببع إلببى السببماء السادسببة‬
‫فمات بها وهكذا قال الضببحاك بببن مزاحببم وقببال الحسببن‬
‫وغيببره فببي قببوله‪} :‬ورفعنبباه مكان با ً علي بًا{ قببال‪ :‬الجنببة‪.‬‬

‫ك ال ّذي َ‬ ‫** ُأوَلـئ ِ َ‬


‫م‬ ‫من ذ ُّري ّةِ ءاد َ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن الن ّب ِي ّي ْ َ‬ ‫ه عَل َي ِْهم ّ‬
‫م َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ن أن ْعَ َ‬ ‫ِ َ‬
‫ن‬ ‫مب ْ‬ ‫م ّ‬
‫ل وَ ِ‬‫س بَراِئي َ‬
‫م وَإ ِ ْ‬ ‫من ذ ُّري ّةِ إ ِب َْرا ِ‬
‫هي ب َ‬ ‫ح وَ ِ‬ ‫معَ ُنو ٍ‬ ‫مل َْنا َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫وَ ِ‬
‫جدا ً‬ ‫سب ّ‬ ‫خ بّروا ْ ُ‬‫ن َ‬ ‫ى عَل َي ْهِ ْ‬ ‫َ‬ ‫جت َب َي َْنآ إ ِ َ‬
‫مـ ب ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ت الّر ْ‬ ‫م آَيا ُ‬ ‫ذا ت ُت ْل َ‬ ‫هَد َي َْنا َوا ْ‬
‫وَب ُك ِّيبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببا ً‬
‫يقول تعالى‪ :‬هؤلء النبيون بب وليببس المببراد المببذكورين‬
‫في هذه السورة فقببط بببل جنببس النبيبباء عليهببم السببلم‬
‫استطرد من ذكر الشخاص إلببى الجنببس ب ب }الببذين أنعببم‬
‫ليببة‪ ,‬قببال السببدي‬ ‫الله عليهم من النبيين من ذريببة آدم{ ا َ‬
‫وابببن جريببر رحمببه اللببه‪ .‬فالببذي عنببى بببه مببن ذريببة آدم‬
‫إدريس‪ ,‬والذي عنى به من ذرية من حملنا مع نوح إبراهيم‬
‫والببذي عنببى بببه مببن ذريببة إبراهيببم إسببحاق ويعقببوب‬
‫وإسببماعيل‪ ,‬والببذي عنببى بببه مببن ذريببة إسببرائيل موسببى‬
‫وهارون وزكريا ويحيى وعيسى ابن مريم‪ ,‬قال ابن جريببر‪:‬‬
‫ولببذلك فببرق أنسببابهم وإن كببان يجمببع جميعهببم آدم‪ ,‬لن‬
‫فيهم من ليس من ولد من كان مع نوح في السببفينة وهببو‬
‫إدريس‪ ,‬فإنه جد نوح )قلببت( هببذا هببو الظهببر أن إدريببس‬
‫في عمود نسب نببوح عليهمببا السببلم‪ ,‬وقببد قيببل إنببه مببن‬

‫‪916‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أنبياء بني إسرائيل أخذ من حديث السراء‪ ,‬حيث قال فببي‬
‫سلمه على النبي صلى اللببه عليببه وسببلم‪ :‬مرحب با ً بببالنبي‬
‫الصالح والخ الصالح‪ ,‬ولم يقببل والولببد الصببالح‪ ,‬كمببا قببال‬
‫آدم وإبراهيببببببببببببببم عليهمببببببببببببببا السببببببببببببببلم‪.‬‬
‫وروى ابببن أبببي حبباتم‪ :‬حببدثنا يببونس‪ ,‬أنبأنببا ابببن وهببب‪,‬‬
‫أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بببن‬
‫محمد أن إدريس أقببدم مببن نببوح‪ ,‬فبعثببه اللببه إلببى قببومه‬
‫فأمرهم أن يقولوا ل إله إل الله‪ ,‬ويعملوا ما شبباؤوا‪ ,‬فببأبوا‬
‫فأهلكهم الله عز وجل‪ ,‬وممببا يؤيببد أن المببراد بهببذه ا َ‬
‫ليببة‬
‫جنس النبياء أنها كقوله تعالى في سورة النعببام‪} :‬وتلببك‬
‫حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن‬
‫ربك حكيم عليبم * ووهبنبا لبه إسبحاق ويعقبوب كل ً هبدينا‬
‫ونوحا ً هدينا مببن قبببل ومببن ذريتببه داود وسببليمان وأيببوب‬
‫ويوسببف وموسببى وهببارون وكببذلك نجببزي المحسببنين *‬
‫وزكريببا ويحيببى وعيسببى وإليبباس كببل مببن الصببالحين *‬
‫وإسببماعيل واليسببع ويببونس ولوطببا ً وكل ً فضببلنا علببى‬
‫العببالمين * ومببن آبببائهم وذريبباتهم وإخببوانهم واجتبينبباهم‬
‫وهديناهم إلى صراط مستقيم * ب إلى قوله ب أولئك الببذين‬
‫هدى الله فبهداهم اقتده{ وقال سبببحانه وتعببالى‪} :‬منهببم‬
‫من قصصنا عليك ومنهببم مببن لببم نقصببص عليببك{‪ .‬وفببي‬
‫صحيح البخبباري عببن مجاهببد أنببه سببأل ابببن عببباس‪ :‬أفببي‬
‫ليببة‪} :‬أولئك‬ ‫}ص{ سببجدة ؟ فقببال‪ :‬نعببم‪ ,‬ثببم تل هببذه ا َ‬
‫الذين هببدى اللببه فبهببداهم اقتببده{ فنبببيكم ممببن أمببر أن‬
‫يقتدي بهم‪ ,‬قال‪ :‬وهو منهم‪ ,‬يعني داود‪ .‬وقببال اللببه تعببالى‬
‫ليببة الكريمببة‪} :‬إذا تتلببى عليهببم آيببات الرحمببن‬ ‫في هذه ا َ‬
‫خببروا سببجدا ً وبكي بًا{ أي إذا سببمعوا كلم اللببه المتضببمن‬
‫حججه ودلئله وبراهينه‪ ,‬سجدوا لربهببم خضببوعا ً واسببتكانة‬
‫وحمدا ً وشكرا ً على ما هم فيه من النعم العظيمة‪ ,‬والبكي‬
‫جمع باك‪ ,‬فلهذا أجمع العلماء على شببرعية السببجود ههنببا‬
‫اقتببداء بهببم واتباع با ً لمنببوالهم‪ .‬قببال سببفيان الثببوري عببن‬
‫العمش عن إبراهيم عن أبببي معمببر قببال‪ :‬قببرأ عمببر بببن‬
‫الخطاب رضي الله عنه سورة مريببم‪ ,‬فسببجد وقببال‪ :‬هببذا‬

‫‪917‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السجود فأين البكببي ؟ يريببد البكبباء‪ ,‬رواه ابببن أبببي حبباتم‬
‫وابن جرير‪ ,‬وسقط من رواته ذكر أبي معمببر فيمببا رأيببت‪,‬‬
‫فببببببببببببببببببببببببببببببببالله أعلببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬

‫صببل َةَ َوات ّب َُعببوا ْ‬ ‫خْلبب ٌ َ‬


‫عوا ْ ال ّ‬ ‫ضببا ُ‬‫فأ َ‬ ‫م َ‬‫مببن ب َْعببدِهِ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫خَلبب َ‬‫** فَ َ‬
‫ل‬ ‫مب َ‬ ‫ن وَعَ ِ‬ ‫مب َ‬
‫ب َوآ َ‬ ‫من ت َببا َ‬ ‫ن غَي ّا ً * إ ِل ّ َ‬ ‫ف ي َل ُْقو َ‬‫سو ْ َ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫شه َ َ‬
‫شبببْيئا ً‬ ‫ُ‬
‫ن َ‬ ‫مبببو َ‬ ‫ة وَل َ ي ُظ ْل َ ُ‬‫جّنببب َ‬‫ن ال ْ َ‬
‫خُلو َ‬ ‫ك َيبببد ْ ُ‬ ‫صببباِلحا ً فَأوَْلـبببئ ِ َ‬‫َ‬
‫لما ذكر تعالى حزب السعداء وهم النبياء عليهم السلم‪,‬‬
‫ومن اتبعهم من القببائمين بحببدود اللببه وأوامببره‪ ,‬المببؤدين‬
‫فرائض الله التاركين لزواجره‪ ,‬ذكر أنه }خلف من بعببدهم‬
‫خلف{ أي قرون أخر }أضاعوا الصلة{ وإذا أضاعوها فهم‬
‫لما سواها من الواجبات أضيع‪ ,‬لنهببا عمبباد الببدين وقببوامه‬
‫وخير أعمال العباد‪ ,‬وأقبلببوا علببى شببهوات الببدنيا وملذهببا‬
‫ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها‪ ,‬فهؤلء سيلقون غيًا‪ ,‬أي‬
‫خسببارا ً يببوم القيامببة‪ ,‬وقببد اختلفببوا فببي المببراد بإضبباعة‬
‫الصلة ههنا فقال قائلون‪ :‬المراد بإضاعتها تركهببا بالكليببة‪,‬‬
‫قاله محمد بن كعب القرظي وابن زيد بن أسلم والسدي‪,‬‬
‫واختبباره ابببن جريببر ولهببذا ذهببب مببن ذهببب مببن السببلف‬
‫والخلف والئمة كما هو المشهور عن المام أحمببد‪ ,‬وقببول‬
‫عن الشافعي إلى تكفير تارك الصلة للحديث »بيببن العبببد‬
‫لخببر »العهببد الببذي‬ ‫وبين الشرك ترك الصلة«‪ .‬والحديث ا َ‬
‫بيننا وبينهم الصلة‪ ,‬فمن تركها فقد كفر« وليس هذا محل‬
‫بسببببببببببببببببببط هببببببببببببببببببذه المسببببببببببببببببببألة‪.‬‬
‫وقال الوزاعي عن موسى بن سليمان عن القاسببم بببن‬
‫مخيمببرة فببي قببوله‪} :‬فخلببف مببن بعببدهم خلببف أضبباعوا‬
‫الصلة{ قال‪ :‬أي أضبباعوا المببواقيت ولببو كببان تركبا ً كببان‬
‫كفرًا‪ .‬وقال وكيببع عببن المسببعودي عببن القاسببم بببن عبببد‬
‫الرحمن والحسن بن سعد عن ابن مسعود أنه قيل له‪ :‬إن‬
‫الله يكثر ذكر الصلة في القرآن }الذين هبم عبن صبلتهم‬
‫سبباهون{ و}علببى صببلتهم دائمببون{ و}علببى صببلتهم‬
‫يحافظون{ فقال ابن مسعود‪ :‬على مواقيتها‪ .‬قالوا‪ :‬ما كنا‬

‫‪918‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نرى ذلك إل على الترك‪ ,‬قال ذلك الكفر‪ ,‬قال مسروق‪ :‬ل‬
‫يحافظ أحد على الصلوات الخمس فيكتببب مببن الغببافلين‪,‬‬
‫وفي إفراطهن الهلكة‪ ,‬وإفراطهبن إضباعتهن عبن وقتهبن‪,‬‬
‫وقال الوزاعي عببن إبراهيببم بببن يزيببد‪ :‬أن عمببر بببن عبببد‬
‫العزيببز قببرأ‪} :‬فخلببف مببن بعببدهم خلببف أضبباعوا الصببلة‬
‫واتبعوا الشهوات فسوف يلقببون غيبًا{ ثببم قببال‪ :‬لببم تكببن‬
‫إضاعتهم تركها ولكن أضاعوا الوقت‪ ,‬وقال ابن أبببي نجيببح‬
‫عببن مجاهببد }فخلببف مببن بعببدهم خلببف أضبباعوا الصببلة‬
‫واتبعوا الشهوات{ قال‪ :‬عند قيام الساعة وذهاب صببالحي‬
‫أمة محمد صلى الله عليه وسلم ينزو بعضببهم علببى بعببض‬
‫في الزقة‪ ,‬وكذا روى ابن جريج عببن مجاهببد مثلببه‪ ,‬وروى‬
‫جابر الجعفي عن مجاهد وعكرمببة وعطبباء بببن أبببي رببباح‬
‫أنهبببم مبببن هبببذه المبببة‪ ,‬يعنبببون فبببي آخبببر الزمبببان‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثني الحارث‪ ,‬حدثنا الحسن الشببيب‪,‬‬
‫حدثنا شريك عن إبراهيم بن مهبباجر عببن مجاهببد }فخلببف‬
‫من بعدهم خلف أضاعوا الصلة واتبعببوا الشببهوات{ قببال‪:‬‬
‫هم في هذه المببة يببتراكبون تراكببب النعببام والحمببر فببي‬
‫الطرق‪ ,‬ل يخببافون اللببه فببي السببماء‪ ,‬ول يسببتحيون مببن‬
‫الناس في الرض وقال ابببن أبببي حبباتم‪ :‬حببدثنا أحمببد بببن‬
‫سنان الواسطي‪ ,‬حدثنا أبببو عبببد الرحمببن المقببري‪ ,‬حببدثنا‬
‫حيوة‪ ,‬حدثنا بشير بن أبببي عمببرو الخببولني أن الوليببد بببن‬
‫قيس حدثه أنببه سببمع أبببا سببيعد الخببدري يقببول‪ :‬سببمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬يكون خلف بعببد‬
‫سببتين سببنة أضبباعوا الصببلة واتبعببوا الشببهوات‪ ,‬فسببوف‬
‫يلقون غيًا‪ ,‬ثم يكون خلف يقرؤون القرآن ل يعدو تراقيهم‪,‬‬
‫ويقرأ القرآن ثلثة‪ :‬مؤمن‪ ,‬ومنافق وفبباجر« وقببال بشببير‪:‬‬
‫قلت للوليد‪ :‬ما هؤلء الثلثببة ؟ قببال‪ :‬المببؤمن مببؤمن بببه‪,‬‬
‫والمنافق كافر به‪ .‬والفبباجر يأكببل بببه« وهكببذا رواه أحمببد‬
‫عببببببن أبببببببي عبببببببد الرحمببببببن المقببببببري بببببببه‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم أيضًا‪ :‬حدثني أبي‪ ,‬حدثنا إبراهيببم بببن‬
‫موسى‪ ,‬أنبأنا عيسى بن يونس‪ ,‬حدثنا عبيببد اللببه بببن عبببد‬
‫الرحمن بن وهب عن مالببك عببن أبببي الرجببال أن عائشببة‬

‫‪919‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كانت ترسل بالشيء صدقة لهل الصفة‪ ,‬وتقول‪ :‬ل تعطوا‬
‫منه بربريًا‪ ,‬ول بربرية‪ ,‬فإني سمعت رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسبلم يقبول‪» :‬هبم الخلبف البذين قبال اللبه تعبالى‬
‫فيهببم‪ :‬فخلببف مببن بعببدهم خلببف أضبباعوا الصببلة« هببذا‬
‫الحببديث غريببب‪ .‬وقببال أيضببًا‪ :‬حببدثني أبببي‪ ,‬حببدثنا عبببد‬
‫الرحمن بن الضحاك‪ ,‬حدثنا الوليد حببدثنا حريببز عببن شببيخ‬
‫من أهل المدينة أنه سمع محمد بن كعببب القرظببي يقببول‬
‫لية‪ ,‬قببال‪ :‬هببم‬ ‫في قول الله‪} :‬فخلف من بعدهم خلف{ ا َ‬
‫أهببببل الغببببرب يملكببببون وهببببم شببببر مببببن ملببببك‪.‬‬
‫وقال كعب الحبار‪ :‬والله إني لجد صببفة المنببافقين فببي‬
‫صببلوات‪,‬‬ ‫كتاب الله عز وجل‪ :‬شّرابين للقهوات‪ ,‬تّراكيببن لل ّ‬
‫لعّببابين بالكعبببات‪ ,‬رقّببادين عببن العتمببات‪ ,‬مفرطيببن فببي‬
‫الغببدوات‪ ,‬تّراكيببن للجماعببات‪ ,‬قببال‪ :‬ثببم تل هببذه ا َ‬
‫ليببة‬
‫}فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلة واتبعوا الشهوات‬
‫فسببوف يلقببون غيببًا{ وقببال الحسببن البصببري‪ :‬عطلببوا‬
‫المساجد ولزموا الضيعات‪ .‬وقال أبو الشببهب العطبباردي‪:‬‬
‫أوحببى اللببه إلببى داود عليببه السببلم‪ :‬يببا داود حببذر وأنببذر‬
‫أصحابك أكل الشببهوات‪ ,‬فببإن القلببوب المعلقببة بشببهوات‬
‫الدنيا عقولها عني محجوبة‪ ,‬وإن أهون ما أصنع بالعبد مببن‬
‫عبيدي إذا آثر شهوة من شهواته أن أحرمببه مببن طبباعتي‪.‬‬
‫وقببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا زيببد بببن الحببباب‪ ,‬حببدثنا أبببو‬
‫السمح التميمي عن أبي قبيل أنببه سببمع عقبببة بببن عببامر‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إنببي أخبباف‬
‫على أمببتي اثنببتين‪ :‬القببرآن‪ ,‬واللبببن« أمببا اللبببن فيتبعببون‬
‫الريف ويتبعببون الشببهوات ويببتركون الصببلة‪ ,‬أمببا القببرآن‬
‫فيتعلمببه المنببافقون فيجببادلون بببه المببؤمنين‪ ,‬ورواه عببن‬
‫حسن بن موسى عن ابن لهيعة‪ :‬حدثنا أبو قبيل عن عقبببة‬
‫ببببببببببه‪ ,‬مرفوعبببببببببا ً بنحبببببببببوه‪ ,‬تفبببببببببرد ببببببببببه‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬فسوف يلقون غيًا{ قببال علببي بببن أبببي طلحببة‬
‫عن ابن عباس }فسوف يلقببون غي بًا{ أي خسببرانًا‪ ,‬وقببال‬
‫قتببادة‪ :‬شببرًا‪ ,‬وقببال سببفيان الثببوري وشببعبة ومحمببد بببن‬
‫إسحاق عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي عبيدة‪ ,‬عن عبد‬

‫‪920‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله بن مسعود }فسوف يلقون غيًا{ قال‪ :‬واد فببي جهنببم‬
‫بعيد القعر‪ ,‬خبيث الطعم‪ .‬وقال العمش عن زياد عن أبي‬
‫عياض في قوله‪} :‬فسوف يلقون غيًا{ قال‪ :‬واد في جهنم‬
‫من قيح ودم‪ .‬وقببال المببام أبببو جعفببر بببن جريببر‪ :‬حببدثني‬
‫عباس بن أبي طالب‪ ,‬حدثنا محمد بن زياد‪ ,‬حببدثنا شببرقي‬
‫بن قطامي عن لقمان بن عببامر الخزاعببي قببال‪ :‬جئت أبببا‬
‫أمامببة صببدي بببن عجلن الببباهلي‪ ,‬فقلببت‪ :‬حببدثنا حببديثا ً‬
‫سببمعته مببن رسببول اللبه صبلى اللبه عليبه وسببلم‪ ,‬فببدعا‬
‫بطعام‪ ,‬ثم قال قال رسول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪:‬‬
‫»لو أن صخرة زنة عشر أواق قذف بها مببن شببفير جهنببم‬
‫ما بلغت قعرها خمسين خريفًا‪ ,‬ثم تنتهي إلى غببي وآثببام«‬
‫قال‪ :‬قلت ماغي وآثببام ؟ قببال‪ :‬قببال‪» :‬بئران فببي أسببفل‬
‫جهنم يسيل فيهما صديد أهل النار« وهما اللببذان ذكرهمببا‬
‫الله في كتابه }أضاعوا الصلة واتبعببوا الشببهوات فسببوف‬
‫يلقون غيًا{ وقوله في الفرقببان‪} :‬ول يزنببون ومببن يفعببل‬
‫ذلببك يلببق أثامببًا{ هببذا حببديث غريببب ورفعببه منكببر‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬إل مببن تبباب وآمببن وعمببل صببالحًا{ أي إل مببن‬
‫رجع عن ترك الصلوات واتباع الشببهوات‪ ,‬فببإن اللببه يقبببل‬
‫توبته ويحسن عاقبته ويجعله من ورثة جنببة النعيببم‪ ,‬ولهببذا‬
‫قال‪} :‬فأولئك يدخلون الجنة ول يظلمون شيئًا{ وذلك لن‬
‫لخببر »التببائب مببن‬ ‫ب مببا قبلهببا‪ ,‬وفببي الحببديث ا َ‬‫التوبة تج ّ‬
‫الذنب كمن لذنب له« ولهذا ل ينقص هببؤلء التببائبون مببن‬
‫أعمالهم التي عملوها شببيئًا‪ ,‬ول قوبلببوا بمببا عملببوه قبلهببا‬
‫فينقص لهم مما عملوه بعدها‪ ,‬لن ذلك ذهب هببدرا ً وتببرك‬
‫نسيًا‪ ,‬وذهب مجانا ً من كببرم الكريببم وحلببم الحليببم‪ ,‬وهببذا‬
‫السببتثناء ههنببا كقببوله فببي سببورة الفرقببان‪} :‬والببذين ل‬
‫يدعون مع الله إلها ً آخر ول يقتلون النفس التي حرم اللببه‬
‫إل بببالحق ببب إلببى قببوله ببب وكببان اللببه غفببورا ً رحيمببًا{‪.‬‬

‫ن‬‫ه ك َببا َ‬
‫ب إ ِن ّب ُ‬‫عَباد َهُ ب ِببال ْغَي ْ ِ‬
‫ن ِ‬‫مـ ُ‬ ‫ن ال ِّتي وَعَد َ الّر ْ‬
‫ح َ‬ ‫ت عَد ْ ٍ‬ ‫ْ‬
‫جّنا ِ‬
‫** َ‬
‫م رِْزقُُهبب ْ‬
‫م‬ ‫لما ً وَل َهُ ْ‬
‫س َ‬ ‫ن ِفيَها ل َْغوا ً إ ِل ّ َ‬
‫مُعو َ‬ ‫مأت ِي ّا ً * ل ّ ي َ ْ‬
‫س َ‬ ‫وَعْد ُهُ َ‬

‫‪921‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مببن‬ ‫عَبادِن َببا َ‬
‫ن ِ‬‫م ْ‬‫ث ِ‬‫ة ال ِّتي ُنورِ ُ‬
‫جن ّ ُ‬‫ك ال ْ َ‬
‫شي ّا ً * ت ِل ْ َ‬
‫ِفيَها ب ُك َْرةً وَعَ ِ‬
‫ن ت َِقي ّببببببببببببببببببببببببببببببببببا ً‬ ‫ك َببببببببببببببببببببببببببببببببببا َ‬
‫يقول تعالى‪ :‬الجنات الببتي يببدخلها التببائبون مببن ذنببوبهم‬
‫هي جنات عدن‪ ,‬أي إقامة التي وعد الرحمن عببباده بظهببر‬
‫الغيب‪ ,‬أي هي من الغيب الذي يؤمنون به وما رأوه‪ ,‬وذلك‬
‫لشدة إيقانهم وقوة إيمانهم‪ .‬وقوله‪} :‬إنه كا وعببده مأتي بًا{‬
‫تأكيد لحصول ذلك وثبوته واسببتقراره‪ ,‬فببإن اللببه ل يخلببف‬
‫ل{ أي كائن با ً ل‬ ‫الميعاد ول يبدله‪ ,‬كقوله‪} :‬كان وعده مفعببو ً‬
‫محالببة‪ ,‬وقببوله ههنببا‪} :‬مأتيببًا{ أي العببباد صببائرون إليببه‬
‫وسيأتونه‪ ,‬ومنهم من قال }مأتيًا{ بمعنى آتيًا‪ ,‬لن كببل مببا‬
‫أتاك فقد أتيته‪ ,‬كما تقول العرب‪ :‬أتت علي خمسون سنة‪,‬‬
‫وأتيبببت علبببى خمسبببين سبببنة‪ ,‬كلهمبببا بمعنبببى واحبببد‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ل يسمعون فيهببا لغببوًا{ أي هبذه الجنبات ليببس‬
‫فيها كلم ساقط تافه ل معنى له كما قد يوجد فببي الببدنيا‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬إل سلمًا{ استثناء منقطببع كقببوله‪} :‬ل يسببمعون‬
‫فيها لغوا ً ول تأثيما ً إل قيل ً سببلما ً سببلمًا{ وقببوله‪} :‬ولهببم‬
‫رزقهم فيهببا بكببرة وعشببيًا{ أي فببي مثببل وقببت البكببرات‬
‫ووقت العشيات ل أن هناك ليل ً ونهارًا‪ ,‬ولكنهم في أوقببات‬
‫تتعاقب يعرفون مضببيها بأضببواء وأنببوار‪ ,‬كمببا قببال المببام‬
‫أحمد‪ :‬حدثنا عبد الرزاق‪ ,‬حدثنا معمر عن همببام عببن أبببي‬
‫هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسببلم‪» :‬أول‬
‫زمرة تلج الجنة صورهم على صببورة القمببر ليلببة البببدر ل‬
‫يبصببقون فيهببا‪ ,‬ول يتمخطببون فيهببا‪ .‬وليتغوطببون‪ ,‬آنيتهببم‬
‫وة ورشببحهم‬ ‫وأمشاطهم الذهب والفضببة ومجببامرهم الل ب ّ‬
‫المسك ولكل واحد منهببم زوجتببان‪ ,‬يببرى مببخ سبباقها مببن‬
‫وراء اللحببم مببن الحسببن‪ ,‬ل اختلف بينهببم ول تببباغض‪,‬‬
‫قلوبهم على قلب رجل واحد‪ ,‬يسبحون الله بكرة وعشيا«‬
‫أخرجببباه فبببي الصبببحيحين مبببن حبببديث معمبببر ببببه‪.‬‬
‫وقال المام أحمببد‪ :‬حببدثنا يعقببوب‪ ,‬حبدثنا أبببي عببن ابببن‬
‫إسحاق‪ ,‬حدثنا الحارث بن فضيل النصاري عن محمود بن‬
‫لبيد النصاري‪ ,‬عن ابن عباس قال‪ :‬قال رسول الله صببلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬الشهداء على بارق نهر بباب الجنة فببي‬

‫‪922‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قبة خضراء‪ ,‬يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكببرة وعشببيًا«‬
‫تفرد به أحمببد مببن هببذا الببوجه‪ .‬وقببال الضببحاك عببن ابببن‬
‫عباس }ولهببم رزقهببم فيهببا بكببرة وعشببيًا{ قببال‪ :‬مقببادير‬
‫الليبببببببببببببببببببببببببببببببل والنهبببببببببببببببببببببببببببببببار‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا علي بببن سببهم‪ ,‬حببدثنا الوليببد بببن‬
‫مسلم قال‪ :‬سألت زهير بن محمد عببن قببول اللببه تعببالى‪:‬‬
‫}ولهم رزقهم فيها بكرة وعشببيًا{ قببال‪ :‬ليببس فببي الجنببة‬
‫ليل‪ ,‬هم في نور أبدا ً ولهم مقدار الليل والنهببار‪ ,‬ويعرفببون‬
‫مقببدار الليببل بإرخبباء الحجببب وإغلق البببواب‪ ,‬ويعرفببون‬
‫مقدار النهار برفع الحجببب وبفتببح البببواب‪ ,‬وبهببذا السببناد‬
‫عن الوليد بن مسلم عن خليد عن الحسن البصري‪ ,‬وذكببر‬
‫أبواب الجنة فقال‪ :‬أبواب يرى ظاهرها من باطنهببا فتكلببم‬
‫م‪ ,‬انفتحي انغلقببي فتفعببل‪ ,‬وقببال قتببادة فببي‬ ‫وتكلم فَُته ْ‬
‫مه ِ ُ‬
‫قوله‪} :‬ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيًا{ فيها ساعتان بكرة‬
‫وعشي‪ ,‬ليس ثم ليل ول نهار‪ ,‬وإنما هو ضوء ونببور‪ ,‬وقببال‬
‫مجاهد‪ :‬ليس بكرة ول عشببي‪ ,‬ولكببن يؤتببون بببه علببى مببا‬
‫كببببببببببببانوا يشببببببببببببتهون فببببببببببببي الببببببببببببدنيا‪.‬‬
‫وقال الحسن وقتادة وغيرهما‪ :‬كانت العرب النعم فيهببم‬
‫من يتغدى ويتعشى‪ ,‬فنزل القببرآن علببى مببا فببي أنفسببهم‬
‫من النعيم فقال تعالى‪} :‬ولهم رزقهم فيها بكرة وعشببيًا{‬
‫وقال ابن مهدي عن حماد بن زيد عن هشام عببن الحسببن‬
‫}ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيًا{ قببال‪ :‬البكببور يببرد علببى‬
‫العشي‪ ,‬والعشي يرد على البكور‪ ,‬ليببس فيهببا ليببل‪ .‬وقببال‬
‫ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا علبي ببن الحسبين‪ ,‬حبدثنا سبليم ببن‬
‫منصور بن عمار‪ ,‬حدثني أبي حدثني محمد بن زياد قاضببي‬
‫أهل شمشاط عن عبد الله بن حبدير عبن أببي سبلمة ببن‬
‫عبد الرحمن عن أبي هريببرة عببن النبببي صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم قال‪» :‬ما من غداة مببن غببدوات الجنببة وكببل الجنببة‬
‫غدوات‪ ,‬إل أنه يزف إلى ولي الله‪ ,‬فيها زوجببة مببن الحببور‬
‫العين أدناهن التي خلقت من الزعفران« قال أبببو محمببد‪:‬‬
‫هببببببببببببذا حببببببببببببديث غريببببببببببببب منكببببببببببببر‪.‬‬

‫‪923‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقوله‪} :‬تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيببًا{‬
‫أي هذه الجنة التي وصببفنا بهببذه الصببفات العظيمببة‪ ,‬هببي‬
‫التي نورثها عبادنا المتقين‪ ,‬وهم المطيعون للببه عببز وجببل‬
‫في السراء والضراء‪ ,‬والكبباظمون الغيببظ‪ ,‬والعببافون عببن‬
‫الناس‪ ,‬وكما قببال تعببالى فببي أول سببورة المببؤمنين }قببد‬
‫أفلح المؤمنون الذين هم في صببلتهم خاشببعون{ إلببى أن‬
‫قال‪} :‬أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها‬
‫خالببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببدون{‪.‬‬

‫ك ل َه ما بي َ‬ ‫َ‬
‫مببا‬ ‫خل َْفن َببا وَ َ‬‫مببا َ‬ ‫ديَنا وَ َ‬ ‫ن أي ْ ِ‬‫مرِ َرب ّ َ ُ َ َ ْ َ‬ ‫ل إ ِل ّ ب ِأ ْ‬
‫ما ن َت َن َّز ُ‬‫** وَ َ‬
‫ما‬ ‫ض وَ َ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫سي ّا ً * ّر ّ‬ ‫ك نَ ِ‬ ‫ن َرب ّ َ‬ ‫كا َ‬‫ما َ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬‫ب َي ْ َ‬
‫مي ّا ً‬‫سبب ِ‬
‫ه َ‬ ‫م َلبب ُ‬
‫ل ت َعَْلبب ُ‬‫هبب ْ‬ ‫صببط َب ِْر ل ِعَِببباد َت ِهِ َ‬
‫مببا َفاعُْبببد ْهُ َوا ْ‬ ‫ب َي ْن َهُ َ‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا يعلى ووكيع قال‪ :‬حدثنا عمببر بببن‬
‫ذر عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عببباس قببال‪ :‬قببال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسببلم لجبرائيببل‪» :‬مببا يمنعببك‬
‫أن تزورنا أكثر مما تزورنا ؟« قال‪ :‬فنزلت }وما نتنببزل إل‬
‫ليبببببببببة‪.‬‬ ‫ببببببببببأمر رببببببببببك{ إلبببببببببى آخبببببببببر ا َ‬
‫ليببة عببن‬ ‫انفرد بإخراجه البخاري فرواه عند تفسير هذه ا َ‬
‫أبي نعيم عن عمر بببن ذر بببه ورواه ابببن أبببي حبباتم وابببن‬
‫جرير من حديث عمر بن ذر بببه وعنببدهما زيببادة فببي آخببر‬
‫الحديث فكان ذلك الجواب لمحمد صلى الله عليببه وسببلم‬
‫وقال العوفي عنابن عببباس احتبببس جبرائيببل عببن رسببول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم فوجببد رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم من ذلك وحزن فأتاه جبريببل وقببال‪ :‬يببا محمببد‬
‫ليببببببببة‪.‬‬ ‫}ومببببببببا نتنببببببببزل إل بببببببببأمر ربببببببببك{ ا َ‬
‫وقال مجاهد لبث جبرائيببل عببن محمببد صبلى اللبه عليببه‬
‫وسلم اثنتي عشرة ليلة‪ ,‬ويقولون أقببل‪ ,‬فلمببا جبباءه قببال‪:‬‬
‫»يا جبرائيبل لقبد لبثببت علببي حبتى ظببن المشبركون كبل‬
‫لية‪ .‬قببال‪ :‬وهببذه‬ ‫ظن« فنزلت }وما نتنزل إل بأمر ربك{ ا َ‬
‫الية كالتي في الضحى‪ ,‬وكذلك قال الضببحاك بببن مزاحببم‬
‫وقتببادة والسببدي وغيببر واحببد‪ :‬إنهببا نزلببت فببي احتببباس‬

‫‪924‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جبرائيل‪ .‬وقببال الحكبم ببن أببان عببن عكرمبة قببال‪ :‬أبطببأ‬
‫جبرائيل النزول على النبي صلى الله عليه وسلم‪ :‬أربعيببن‬
‫يومًا‪ ,‬ثم نزل‪ ,‬فقال له النبي صلى اللببه عليببه وسببلم »مببا‬
‫نزلت حتى اشتقت إليك« فقال لببه جبريببل‪ :‬بببل أنببا كنببت‬
‫إليك أشوق ولكني مببأمور‪ ,‬فبَأوحى اللببه إلببى جبرائيببل أن‬
‫قل له }وما نتنببزل إل بببأمر ربببك{ ا َ‬
‫ليببة‪ ,‬ورواه ابببن أبببي‬
‫حببببببببباتم رحمبببببببببه اللبببببببببه وهبببببببببو غريبببببببببب‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حببدثنا أحمببد بببن سببنان‪ ,‬حببدثنا أبببو‬
‫معاوية‪ ,‬حدثنا العمش عبن مجاهبد قببال‪ :‬أبطبأت الرسبل‬
‫على النبي صلى الله عليه وسلم‪ ,‬ثم أتاه جبريل فقال لببه‬
‫»ما حبسك يا جبريل ؟« فقبال لبه جبريببل‪ :‬وكيبف نبأتيكم‬
‫وأنتبببم ل تقصبببون أظفببباركم‪ ,‬ول تنقبببون براجمكبببم‪ ,‬ول‬
‫تأخذون شواربكم‪ ,‬ول تسببتاكون‪ .‬ثببم قببرأ }ومببا نتنببزل إل‬
‫لية‪ .‬وقد قببال الطبببراني‪ :‬حببدثنا أبببو‬ ‫بأمر ربك{ إلى آخر ا َ‬
‫عامر النحوي‪ ,‬حببدثنا محمببد بببن إبراهيببم الصببوري‪ ,‬حببدثنا‬
‫سليمان بن عبد الرحمن الدمشببقي‪ ,‬حببدثنا إسببماعيل بببن‬
‫عياش‪ ,‬أخبرني ثعلبة بن مسلم عن أبي كعببب مببولى ابببن‬
‫عباس‪ ,‬عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أن‬
‫جبرائيل أبطأ عليه فذكر لببه ذلببك‪ ,‬فقببال‪ :‬وكيببف وأنتببم ل‬
‫تستنون‪ ,‬ول تقلمون أظفاركم‪ ,‬ول تقصببون شببواربكم‪ ,‬ول‬
‫تنقون براجمكم ؟ وهكذا رواه المام أحمد عن أبي اليمان‬
‫عببن إسببماعيل بببن عيبباش عببن ابببن عببباس بنحببوه‪.‬‬
‫وقال المام احمد‪ :‬حدثنا سيار‪ ,‬حدثنا جعفر بن سببليمان‪,‬‬
‫حدثنا المغيرة بن حبيب عن مالك بن دينببار‪ ,‬حببدثني شببيخ‬
‫من أهل المدينة عن أم سلمة قالت‪ :‬قال لي رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬أصلحي لنببا المجلببس فببإنه ينببزل‬
‫ملك إلى الرض لم ينزل إليها قط« وقببوله‪} :‬لببه مببا بيببن‬
‫أيدينا وما خلفنا{ قيل‪ :‬المراد ما بين أيدينا أمر الدنيا‪ ,‬ومببا‬
‫لخرة‪} ,‬وما بين ذلك{ ما بيببن النفخببتين‪ ,‬هببذا‬ ‫خلفنا أمر ا َ‬
‫قول أبي العالية وعكرمة ومجاهد وسعيد بن جبببير وقتببادة‬
‫في رواية عنهما‪ ,‬والسدي والربيببع بببن أنببس‪ ,‬وقيببل‪} :‬مببا‬
‫لخرة }وما خلفنا{ أي مببا‬ ‫بين أيدينا{ ما يستقبل من أمر ا َ‬

‫‪925‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لخرة‪,‬‬ ‫مضى من الدنيا }وما بين ذلك{ أي ما بين الدنيا وا َ‬
‫ويروى نحوه عن ابن عببباس وسببعيد بببن جبببير والضببحاك‬
‫وقتادة وابن جريج والثوري‪ ,‬واختاره ابن جرير أيضًا‪ ,‬واللببه‬
‫اعلبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬وما كان ربك نسيًا{ قال مجاهد معناه ما نسيك‬
‫لية كقوله‪} :‬والضحى والليل‬ ‫ربك‪ ,‬وقد تقدم عنه أن هذه ا َ‬
‫إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى{‪ .‬وقال ابببن أبببي حبباتم‪:‬‬
‫حدثنا يزيد بببن محمببد بببن عبببد الصببمد الدمشببقي‪ ,‬حببدثنا‬
‫محمد بن عثمان يعني أبببا الجمبباهر‪ ,‬حببدثنا إسببماعيل بببن‬
‫عياش‪ ,‬حدثنا عاصم بن رجاء بن حيوة عببن أبيببه عببن أبببي‬
‫الدرداء يرفعه قال »ما أحل الله في كتابه فهو حلل‪ ,‬ومببا‬
‫حرمه فهو حرام‪ ,‬وما سكت عنه فهببو عافيببة فبباقبلوا مببن‬
‫الله عافيته‪ ,‬فإن الله لم يكببن لينسببى شببيئًا« ثببم تل هببذه‬
‫اليببة }ومببا كببان ربببك نسببيًا{ وقببوله‪} :‬رب السببموات‬
‫والرض وما بينهما{ أي خالق ذلببك ومببدبره والحبباكم فيببه‬
‫والمتصببرف الببذي ل معقببب لحكمببه }فاعبببده واصببطبر‬
‫لعبادته هل تعلم له سميًا{ قال علي بببن أبببي طلحببة عببن‬
‫ابن عببباس‪ :‬هببل تعلببم للببرب مثل ً أو شبببيهًا‪ ,‬وكببذلك قببال‬
‫مجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وابن جريج وغيرهببم‪ .‬وقببال‬
‫عكرمة عن ابن عباس‪ :‬ليس أحببد يسببمى الرحمببن غيببره‬
‫تبببببببببببارك وتعببببببببببالى وتقببببببببببدس اسببببببببببمه‪.‬‬

‫حي ّبا ً * أ َوَل َ‬ ‫ج َ‬ ‫خبَر ُ‬ ‫ف أُ ْ‬‫س بو ْ َ‬ ‫ت لَ َ‬ ‫مب ّ‬ ‫ما ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن أ َإ ِ َ‬ ‫سا ُ‬ ‫ل ال ِن ْ َ‬ ‫** وَي َُقو ُ‬
‫ش بْيئا ً * فَوََرب ّب َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ك َ‬ ‫م ي َب ُ‬‫ل وَل َ ْ‬‫من قَب ْ ُ‬ ‫خل َْقَناهُ ِ‬ ‫ن أّنا َ‬ ‫سا ُ‬ ‫ي َذ ْك ُُر إل ِن ْ َ‬
‫جث ِي ّبا ً *‬ ‫م ِ‬‫جهَن ّب َ‬‫ل َ‬ ‫ح بو ْ َ‬‫م َ‬‫ض بَرن ّهُ ْ‬‫ح ِ‬ ‫م ل َن ُ ْ‬ ‫ن ثُ ّ‬‫طي َ‬ ‫شَيا ِ‬ ‫م َوال ّ‬ ‫ح ُ‬
‫شَرن ّهُ ْ‬ ‫ل َن َ ْ‬
‫عت ِي ّبا ً *‬ ‫ن ِ‬ ‫مـب ِ‬ ‫ح َ‬ ‫شد ّ عَل َببى الّر ْ‬ ‫م أَ َ‬ ‫َ‬
‫شيعَةٍ أي ّهُ ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ل ََننزِعَ ّ‬‫ثُ ّ‬
‫صببببل ِي ّا ً‬ ‫ى ب ِهَببببا ِ‬ ‫ن هُبببب ْ َ َ‬ ‫م ِبال ّبببب ِ‬ ‫ن أعْل َبببب ُ‬
‫ث ُببببم ل َنحبببب َ‬
‫م أوْلبببب َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ َ ْ‬
‫يخبر تعالى عن النسان أنه يتعجب ويستبعد إعببادته بعببد‬
‫موته‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬وإن تعجب فعجب قببولهم أئذا كنببا‬
‫ترابا ً أئنا لفي خلق جديد{ وقببال‪} :‬أو لببم يببر النسببان أنببا‬
‫خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبببين * وضببرب لنببا مثل ً‬

‫‪926‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ونسي خلقببه قببال مببن يحيببي العظببام وهببي رميببم * قببل‬
‫يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلببق عليببم{ وقببال‬
‫ههنا‪} :‬ويقول النسان أئذا مامت لسوف أخرج حيببا ً * أول‬
‫يذكر النسان أنا خلقناه من قبل ولببم يببك يشببئًا{ يسببتدل‬
‫تعالى بالبببداءة علببى العببادة‪ ,‬يعنببي أنببه تعببالى قببد خلببق‬
‫النسان ولم يك شيئًا‪ ,‬أفل يعيده وقد صار شيئًا‪ ,‬كمببا قببال‬
‫تعالى‪} :‬وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهببون عليببه{‬
‫وفي الصحيح »يقول الله تعالى‪ :‬كذبني ابن آدم ولببم يكببن‬
‫له أن يكذبني‪ ,‬وآذاني ابن آدم ولم يكن له أن يؤذيني‪ ,‬أمببا‬
‫تكببذيبه إيبباي فقببوله لببن يعيببدني كمببا بببدأني‪ ,‬وليببس أول‬
‫ي من آخره‪ ,‬وأما أذاه إياي فقوله إن لببي‬ ‫الخلق بأهون عل ّ‬
‫ولدا ً وأناالحد الصمد الذي لم يلد ولم يولببد ولببم يكببن لببه‬
‫كفببببببببببببببببببببببببببببببببوا ً أحببببببببببببببببببببببببببببببببد«‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬فوربك لنحشببرنهم والشببياطين{ أقسببم الببرب‬
‫تبارك وتعالى بنفسه الكريمة أنه ل بد أن يحشرهم جميعبا ً‬
‫وشببياطينهم الببذين كببانوا يعبببدون مببن دون اللببه }ثببم‬
‫لنحضرنهم حول جهنم جثي ًّا{ قال العوفي عن ابن عببباس‪:‬‬
‫يعني قعودا ً كقوله‪} :‬وترى كل أمة جاثيببة{ وقببال السببدي‬
‫فببي قببوله جثي بًا‪ :‬يعنببي قيام بًا‪ ,‬وروي عببن مببرة عببن ابببن‬
‫مسعود مثله‪ .‬وقوله‪} :‬ثم لننزعن مببن كببل شببيعة{ يعنببي‬
‫من كل أمة‪ ,‬قال مجاهد }أيهم أشد علببى الرحمببن عتي بًا{‬
‫قال الثوري عن علي بن القمر عن أبي الحوص عن ابببن‬
‫لخببر حببتى إذا تكبباملت‬ ‫مسعود قال‪ :‬يحبببس الول علببى ا َ‬
‫العدة أتاهم جميعبًا‪ ,‬ثببم بببدأ بالكببابر فالكببابر جرمبًا‪ ,‬وهببو‬
‫قوله‪} :‬ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد علببى الرحمببن‬
‫عتيبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببًا{‪.‬‬
‫وقال قتادة‪} :‬ثم لننزعن من كل شيعة أيهببم أشببد علببى‬
‫الرحمن عتيًا{ قال‪ :‬ثم لننزعن من أهل كببل ديببن قببادتهم‬
‫ورؤساءهم في الشر‪ ,‬وكذا قال ابن جريج وغير واحد مببن‬
‫السلف‪ ,‬وهذا كقوله تعالى‪} :‬حتى إذا اداركوا فيهبا جميعبا ً‬
‫قالت أخراهم لولهم ربنا هؤلء أضلونا فآتهم عذابا ً ضعفا ً‬
‫من النار ب إلى قوله ب ب بمببا كنتببم تكسبببون{ وقببوله‪} :‬ثببم‬

‫‪927‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لنحن أعلم بالذين هببم أولببى بهببا صببليًا{ ثببم ههنببا لعطببف‬
‫الخبر على الخبر‪ ,‬والمراد أنه تعالى أعلم بمن يستحق من‬
‫العببباد أن يصببلى بنببار جهنببم ويخلببد فيهببا‪ ,‬وبمببن يسببتحق‬
‫تضعيف العذاب‪ ,‬كما قال في ا َ‬
‫ليببة المتقدمببة }قببال لكببل‬
‫ضبببببببببببببببعف ولكبببببببببببببببن ل تعملبببببببببببببببون{‪.‬‬

‫م‬ ‫ض بي ّا ً * ث ُب ّ‬‫مْق ِ‬ ‫حْتما ً ّ‬‫ك َ‬ ‫ى َرب ّ َ‬ ‫كا َ َ‬


‫ن عَل َ‬ ‫ها َ‬ ‫م إ ِل ّ َوارِد ُ َ‬‫منك ُ ْ‬ ‫** وَِإن ّ‬
‫جث ِي ّببببا ً‬
‫ن ِفيهَببببا ِ‬ ‫ن ات َّقببببوا ْ وّن َببببذ َُر الظ ّببببال ِ ِ‬
‫مي َ‬ ‫ذي َ‬ ‫جببببي ال ّبببب ِ‬
‫ن ُن َ ّ‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا سليمان بن حببرب‪ ,‬حببدثنا غببالب‬
‫بن سليمان عن كثير بببن زيبباد البرسبباني عببن أبببي سببمية‬
‫قال‪ :‬اختلفنا فببي الببورود فقببال بعضببنا‪ :‬ل يببدخلها مببؤمن‪,‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬يدخلونها جميعًا‪ ,‬ثم ينجي الله الببذين اتقببوا‪,‬‬
‫فلقيت جابر بن عبد الله فقلت له‪ :‬إنا اختلفنا في الببورود‪,‬‬
‫فقال‪ :‬يردونها جميعًا‪ ,‬وقببال سببليمان بببن مببرة‪ :‬يببدخلونها‬
‫جميعًا‪ ,‬وأهوى بأصبعيه إلى أذنيه‪ ,‬وقال‪ :‬صمتا ً إن لم أكببن‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقببول »ل يبقببى‬
‫برول فاجر إل دخلها‪ ,‬فتكون على المؤمن بردا ً وسلما ً كما‬
‫كانت النار على إبراهيم حتى إن للنار ضجيجا ً من بردهببم‪,‬‬
‫ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيًا« غريببب‬
‫ولبببببببببببببببببببببببببببببببم يخرجبببببببببببببببببببببببببببببببوه‪.‬‬
‫وقال الحسن بن عرفببة‪ :‬حببدثنا مببروان بببن معاويببة عببن‬
‫بكار بن أبي مروان عن خالد بببن معببدان قببال‪ :‬قببال أهببل‬
‫الجنة بعبد مبا دخلبوا الجنبة‪ :‬ألبم يعبدنا ربنبا البورود علبى‬
‫النار ؟ قببال‪ :‬قببد مررتببم عليهببا وهببي خامببدة‪ ,‬وقببال عبببد‬
‫الرزاق عن ابن عيينببة عببن إسببماعيل بببن أبببي خالببد عببن‬
‫قيس بن أبي حازم قال‪ :‬كان عبد اللببه بببن رواحببة واضببعا ً‬
‫رأسه في حجر امرأتببه‪ ,‬فبكببى فبكببت امرأتببه‪ ,‬فقببال‪ :‬مببا‬
‫يبكيك ؟ قالت رأيتك تبكي فبكيت‪ ,‬قال‪ :‬إني ذكببرت قببول‬
‫الله عز وجل }وإن منكم إل واردها{ فل أدري أأنجو منهببا‬
‫أم ل ببببببببب وفببببببببي روايببببببببة‪ ,‬وكببببببببان مريضببببببببًا‪.‬‬

‫‪928‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا أبو كريببب‪ ,‬حببدثنا ابببن يمببان عببن‬
‫مالك بن مغول عن أبي إسحاق كببان أبببو ميسببرة إذا أوى‬
‫إلى فراشه قال‪ :‬ياليت أمي لم تلدني‪ ,‬ثم يبكي‪ ,‬فقيل له‪:‬‬
‫ما يبكيك ياأبا ميسرة ؟ قال‪ُ :‬أخبرنا ّأنا واردوها ولببم ُنخب َببر‬
‫أّنا صادرون عنها‪ ,‬وقال عبد الله بن المبارك عببن الحسببن‬
‫البصري قال‪ :‬قال رجل لخيه‪ :‬هل أتبباك أنببك وارد النببار ؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ,‬قال‪ :‬فهل أتاك أنك صادر عنها ؟ قال‪ :‬ل‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫ففيم الضحك ؟ قال‪ :‬فمببا ُرئي ضبباحكا ً حببتى لحببق بببالله‪.‬‬
‫وقببال عبببد الببرزاق أيضبًا‪ :‬أخبرنببا ابببن عيينببة عببن عمببرو‪,‬‬
‫أخبرني من سمع ابن عباس يخاصم نافع بن الزرق فقببال‬
‫ابببن عببباس‪ :‬الببورود الببدخول‪ ,‬فقببال نببافع‪ :‬ل‪ ,‬فقببرأ ابببن‬
‫عباس }إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنببم أنتببم‬
‫لها واردون{ وردوا أم ل‪ ,‬وقال‪} :‬يقدم قومه يوم القيامببة‬
‫فببأوردهم النببار{ أوردهببا أم ل‪ ,‬أمببا أنببا وأنببت فسببندخلها‪.‬‬
‫فانظر هل نخرج منها أم ل ؟ وما أرى اللببه مخرجببك منهببا‬
‫بتكبببببببببببببببببذيبك‪ ,‬فضبببببببببببببببببحك نبببببببببببببببببافع‪.‬‬
‫وروى ابن جريج عن عطاء قال‪ :‬قال أبو راشد الحببروري‬
‫وهو نافع بببن الزرق }ل يسببمعون حسيسببها{ فقببال ابببن‬
‫عباس‪ :‬ويلك‪ ,‬أمجنون أنت ؟ أين قوله‪} :‬يقدم قومه يببوم‬
‫القيامة فأوردهم النببار{ }ونسببوق المجرميببن إلببى جهنببم‬
‫وردًا{ }وإن منكببم إل واردهببا{ واللببه إن كببان دعبباء مببن‬
‫مضى‪ :‬اللهم أخرجنببي مببن النببار سببالمًا‪ ,‬وأدخلنببي الجنببة‬
‫غانمًا‪ .‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثني محمد بببن عبيببد المحبباربي‪,‬‬
‫حدثنا أسباط عن عبد الملببك عببن عبيببد اللببه عببن مجاهببد‬
‫قال‪ :‬كنت عند ابن عباس فأتاه رجببل يقببال لببه أبببو راشببد‬
‫وهو نافع بن الزرق‪ ,‬فقال لببه‪ :‬يبباابن عببباس أرأيببت قببول‬
‫الله‪} :‬وإن منكم إل واردها كان على ربك حتما ً مقضيًا{ ؟‬
‫قال‪ :‬أما أنا وأنت ياأبا راشد فسنردها‪ ,‬فببانظر هببل نصببدر‬
‫عنهبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببا أم ل ؟‬
‫وقال أبو داود الطيالسي‪ :‬قال شعبة‪ :‬أخبببرني عبببد اللببه‬
‫بن السائب عمن سمع ابن عببباس يقرؤهببا }وإن منهببم إل‬
‫واردها{ يعني الكفار‪ ,‬وهكذا روى عمر بببن الوليببد الش بّني‬

‫‪929‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أنه سببمع عكرمببة يقرؤهببا كببذلك }وإن منهببم إل واردهببا{‬
‫قال وهم الظلمة كذلك كنببا نقرؤهببا‪ ,‬رواه ابببن أبببي حبباتم‬
‫وابن جرير‪ ,‬وقبال العببوفي عبن ابببن عبباس‪ :‬قبوله‪} :‬وإن‬
‫منكم إل واردها{ يعني البر والفباجر‪ ,‬أل تسبمع إلبى قبول‬
‫الله لفرعون‪} :‬يقدم قومه يببوم القيامببة فببأوردهم النببار{‬
‫لية‪} ,‬ونسوق المجرمين إلى جهنم وردًا{ فسمى الورود‬ ‫ا َ‬
‫علببببببببى النببببببببار دخببببببببول ً وليببببببببس بصببببببببادر‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الرحمن عن إسببرائيل عببن‬
‫السدي‪ ,‬عن مرة عن عبد الله هو ابن مسعود }وإن منكم‬
‫إل واردها{ قال رسول الله صلى الله عليببه وسببلم‪» :‬يببرد‬
‫الناس كلهم ثم يصدرون عنهبا بأعمبالهم« ورواه الترمبذي‬
‫عن عبد بن حميد عن عبيد الله عن إسرائيل عببن السببدي‬
‫به‪ .‬ورواه من طريق شعبة عن السدي عن مرة عببن ابببن‬
‫مسعود موقوفًا‪ ,‬هكذا وقع هذا الحديث ههنا مرفوعًا‪ .‬وقببد‬
‫رواه أسباط عن السدي عن مرة عن عبد الله بن مسعود‬
‫قال‪ :‬يرد الناس جميعا ً الصببراط‪ ,‬وورودهببم قيببامهم حببول‬
‫النار‪ ,‬ثم يصدرون عن الصراط بأعمالهم‪ ,‬فمنهم مببن يمببر‬
‫مثل البرق‪ ,‬ومنهم من يمببر مثببل الريببح‪ ,‬ومنهببم مببن يمببر‬
‫مثل الطير‪ ,‬ومنهم من يمر كأجود الخيل‪ ,‬ومنهم مببن يمببر‬
‫كأجود البل‪ ,‬ومنهم من يمر كعدو الرجل حببتى إن آخرهببم‬
‫مّرا ً رجل نوره على موضع إبهامي قدميه‪ ,‬يمببر فيتكفببأ بببه‬
‫الصببراط‪ ,‬والصببراط دحببض مزلببة عليببه حسببك كحسببك‬
‫القتاد‪ ,‬حافتاه ملئكة معهم كلليب من نببار يختطفببون بهببا‬
‫النببباس‪ .‬وذكبببر تمبببام الحبببديث رواه اببببن أببببي حببباتم‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا خلد بن أسلم‪ ,‬حدثنا النضر‪ ,‬حدثنا‬
‫إسرائيل‪ ,‬أخبرنا ابو إسحاق عن أبي الحوص عن عبد الله‬
‫قوله‪} :‬وإن منكم إل واردها{ قببال‪ :‬الصببراط علببى جهنببم‬
‫مثل حد السببيف‪ ,‬فتمببر الطبقببة الولببى كببالبرق‪ ,‬والثانيببة‬
‫كالريح‪ ,‬والثالثة كأجود الخيل‪ ,‬والرابعة كأجود البهببائم‪ .‬ثببم‬
‫يمرون والملئكة يقولون‪ :‬اللهم سلم سلم‪ ,‬ولهببذا شببواهد‬
‫في الصحيحين وغيرهما من رواية أنس وأبي سببعيد وأبببي‬
‫هريرة وجابر وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم‪ .‬وقببال‬

‫‪930‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ابن جرير‪ :‬حدثني يعقوب‪ ,‬حدثنا ابببن عليببة عببن الجريببري‬
‫عن أبي السليل عن غنيم بن قيس قال‪ :‬ذكروا ورود النار‪,‬‬
‫فقال كعببب‪ :‬تمسببك النببار النبباس كأنهببا متببن إهالببة حببتى‬
‫يستوي عليها أقدام الخلئق‪ :‬برهببم وفبباجرهم‪ ,‬ثببم يناديهببا‬
‫مناد‪ :‬أن أمسكي أصحابك ودعي أصببحابي‪ ,‬قبال فتخسبف‬
‫بكل ولي لها‪ ,‬وهي أعلم بهببم مببن الرجببل بولببده‪ ,‬ويخببرج‬
‫المؤمنون ندية ثيابهم‪ .‬قال كعب‪ :‬مببا بيببن منكبببي الخببازن‬
‫من خزنتهبا مسبيرة سبنة‪ ,‬مبع كبل واحبد منهبم عمبود ذو‬
‫شعبتين‪ ,‬يدفع به الدفع فيصرع به في النار سبعمائة ألببف‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو معاوية‪ ,‬حدثنا العمش عببن‬
‫أبي سفيان عن جابر‪ ,‬عن أم مبشر عن حفصة قالت‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إني لرجو أن ل يدخل‬
‫النار إن شاء الله أحد شهد بدرا ً والحديبية« قببالت‪ :‬فقلببت‬
‫أليس الله يقول‪} :‬وإن منكم إل واردها{ قببالت‪ :‬فسببمعته‬
‫يقول }ثم ننجي الذين اتقوا ونببذر الظببالمين فيهببا جثي بًا{‪.‬‬
‫وقال أحمد أيضًا‪ :‬حدثنا ابن إدريببس‪ ,‬حببدثنا العمببش عببن‬
‫أبي سفيان عن جابر‪ ,‬عن أم مبشر امرأة زيببد بببن حارثببة‬
‫قالت‪ :‬كان رسول الله صببلى اللببه عليببه وسببلم فببي بيببت‬
‫حفصة فقال‪» :‬ل يدخل النببار أحببد شببهد بببدرا ً والحديبيببة«‬
‫قالت حفصة‪ :‬أليس الله يقببول }وإن منكببم إل واردهببا{ ؟‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪} :‬ثم ننجي الببذين‬
‫ليبة‪ ,‬وفببي الصببحيحين مببن حببديث الزهببري عببن‬ ‫اتقببوا{ ا َ‬
‫سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬ل يموت لحد من المسلمين ثلثة‬
‫مبببببن الولبببببد تمسبببببه النبببببار إل تحلبببببة القسبببببم«‪.‬‬
‫وقال عبد الرزاق قال معمببر أخبببرني الزهببري عببن ابببن‬
‫المسيب عن أبي هريرة أن النبي صلى اللببه عليببه وسببلم‬
‫قال »من مات له ثلثة لم تمسببه النببار إل تحل ّببة القسببم«‬
‫يعني الورود‪ ,‬وقال أبببو داود الطيالسببي حببدثنا زمعببة عببن‬
‫الزهري عببن سببعيد بببن المسببيب عببن أبببي هريببرة قببال‪:‬‬
‫سببمعت رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم يقببول‪» :‬ل‬
‫يمببوت لمسببلم ثلثببة مببن الولببد فتمسببه النببار إل تحلببة‬

‫‪931‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليببة }وإن منكببم إل‬ ‫القسم« قال الزهري كأنه يريد هببذه ا َ‬
‫واردها كببان علببى ربببك حتمببا مقضببيا{‪ .‬وقببال ابببن جريببر‬
‫حدثني عمران بن بكار الكلعي حببدثنا أبببو المغيببرة حببدثنا‬
‫عبد الرحمن بن يزيد بن تميببم حببدثنا إسببماعيل بببن عبيببد‬
‫الله عن أبي صالح عن أبي هريرة قال‪ :‬خرج رسببول اللببه‬
‫صلى الله عليه وسبلم يعببود رجل ً مبن أصبحابه وعببك وأنبا‬
‫معه ثم قال »إن الله تعالى يقول‪ :‬هي ناري أسلطها على‬
‫لخبرة« غريبب‬ ‫عبدي المؤمن لتكون حظه من النببار فببي ا َ‬
‫ولبببببببببم يخرجبببببببببوه مبببببببببن هبببببببببذا البببببببببوجه‪.‬‬
‫وحدثنا أبو كريب‪ ,‬حدثنا ابن يمان عن عثمان بن السببود‬
‫عن مجاهد قال‪ :‬الحمى حظ كل مؤمن من النببار ثببم قببرأ‬
‫}وإن منكم إل واردها{‪ .‬وقال المام أحمد‪ :‬حببدثنا حسببن‪,‬‬
‫حدثنا ابن لهيعة‪ ,‬حدثنا زبان بن فائد عن سهل بن معاذ بن‬
‫أنس الجهني عن أبيببه عببن رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم قال‪» :‬من قرأ قل هو الله أحد حببتى يختمهببا عشببر‬
‫مرات‪ ,‬بنببى اللببه لببه قصببرا ً فببي الجنببة« فقببال عمببر‪ :‬إذا ً‬
‫نستكثر يارسول الله ؟ فقال رسول الله صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم » الله أكثر وأطيب« وقال رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم »من قرأ ألف آية فببي سبببيل اللببه كتببب يببوم‬
‫القيامببة مببع النبببيين والصببديقين والشببهداء والصببالحين‪,‬‬
‫وحسن أولئك رفيقا ً إن شبباء اللببه‪ ,‬ومببن حببرس مببن وراء‬
‫المسلمين في سبيل الله متطوعا ً ل بأجر سببلطان لببم يببر‬
‫النار بعينيه إل تحلة القسم«‪ .‬قببال تعببالى‪} :‬وإن منكببم إل‬
‫واردها{ وإن الذكر في سبببيل اللبه يضبباعف فبوق النفقببة‬
‫بسبببعمائة ضببعف‪ .‬وفببي روايببة بسبببعمائة ألببف ضببعف‪.‬‬
‫وروى أبو داود عن أبي الطاهر عن ابن وهب عببن يحيببى‬
‫بن أيوب‪ ,‬كلهما عن زبان عن سهل عن أبيه عببن رسببول‬
‫الله صلى الله عليببه وسببلم »إن الصببلة والصببيام والببذكر‬
‫يضاعف على النفقببة فببي سبببيل اللببه بسبببعمائة ضببعف«‬
‫وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قببوله‪} :‬وإن منكببم‬
‫إل واردها{ قال‪ :‬هو الممر عليها‪ .‬وقال عبببد الرحمببن بببن‬
‫زيد بن أسلم في قوله‪} :‬وإن منكم إل واردها{ قال‪ :‬ورود‬

‫‪932‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المسببلمين المببرور علببى الجسببر بيببن ظهرانيهببا وورود‬
‫المشركين أن يدخلوها‪ ,‬وقال النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫»الزالون والزالت يومئذ كثير وقببد أحبباط بالجسببر يببومئذ‬
‫سماطان من الملئكة دعاؤهم يا أللببه سببلم سببلم« وقببال‬
‫السدي عن مرة عن ابببن مسببعود فببي قببوله }كببان علببى‬
‫ربك حتما ً مقضيًا{ قال‪ :‬قسما ً واجبًا‪ .‬وقال مجاهد‪ :‬حتمببًا‪,‬‬
‫قببببببال قضبببببباء‪ ,‬وكببببببذا قببببببال ابببببببن جريببببببج‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ثم ننجي الذين اتقوا{ أي إذا مببر الخلئق كلهببم‬
‫على النار وسقط فيها من سقط من الكفار والعصاة ذوي‬
‫المعاصي بحسبهم‪ ,‬نجى الله تعالى المؤمنين المتقين منها‬
‫بحسب أعمالهم‪ ,‬فجوازهم على الصراط وسببرعتهم بقببدر‬
‫أعمالهم التي كانت في الدنيا‪ ,‬ثببم يشببفعون فببي أصببحاب‬
‫الكبائر من المؤمنين‪ ,‬فيشفع الملئكة والنبيون والمؤمنون‬
‫فيخرجون خلقا ً كثيرا ً قببد أكلتهببم النببار إل دارات وجببوههم‬
‫وهي مواضع السجود‪ ,‬وإخراجهم إياهم مببن النببار بحسببب‬
‫ما في قلوبهم من اليمببان‪ ,‬فيخرجببون أول ً مببن كببان فببي‬
‫قلبه مثقال دينار من إيمان‪ ,‬ثم الذي يليه‪ ,‬ثببم الببذي يليببه‪,‬‬
‫ثم الذي يليه‪ ,‬حتى يخرجون من كان في قلبه أدنببى أدنببى‬
‫أدنى مثقال ذرة من إيمان‪ ,‬ثم يخببرج اللببه مببن النببار مببن‬
‫قال يوما ً من الدهر‪ :‬ل إله إل الله وإن لم يعمل خيرا ً قط‪,‬‬
‫ول يبقى في النار إل مببن وجببب عليببه الخلببود كمببا وردت‬
‫بذلك الحاديث الصحيحة عن رسول الله صببلى اللببه عليببه‬
‫وسلم‪ ,‬ولهبذا قبال تعببالى‪} :‬ثبم ننجبي البذين اتقببوا ونبذر‬
‫الظبببببببببببببببببالمين فيهبببببببببببببببببا جثيبببببببببببببببببًا{‪.‬‬

‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ن ك ََفبُروا ْ ل ِل ّب ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ل ال ّب ِ‬‫ت قَببا َ‬ ‫م آَيات َُنا ب ِي ّن َببا ٍ‬‫ى عَل َي ْهِ ْ‬‫َ‬
‫ذا ت ُت ْل َ‬ ‫** وَإ ِ َ‬
‫َ‬
‫م أهْل َك ْن َببا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ن َبدِي ّا ً * وَك َب ْ‬‫س ُ‬‫ح َ‬ ‫مَقاما ً وَأ ْ‬ ‫خي ٌْر ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫ريَقي ْ‬
‫ِ‬ ‫من ُوَا ْ أيّ ال َْف‬ ‫آ َ‬
‫ن أَثاثبببببا ً وَرِْءيبببببا ً‬‫َ‬ ‫َ‬
‫سببببب ُ‬ ‫ح َ‬‫مأ ْ‬ ‫ن هُببببب ْ‬ ‫مبببببن قَبببببْر ٍ‬ ‫م ّ‬ ‫قَب ْل َهُببببب ْ‬
‫يخبر تعالى عن الكفار حين تتلى عليهم آيات الله ظاهرة‬
‫الدللة بينة الحجة واضحة البرهان أنهم يصدون ويعرضون‬
‫عببن ذلببك ويقولببون عببن الببذين آمنببوا مفتخريببن عليهببم‬

‫‪933‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ومحتجين على صحة ما هم عليه من الدين الباطببل بببأنهم‬
‫}خير مقاما ً وأحسن نديًا{ أي أحسببن منببازل وأرفببع دورا ً‬
‫وأحسن نديا ً وهو مجتمع الرجال للحديث أي نبباديهم أعمببر‬
‫وأكثر واردا ً وطارقا ً يعنون فكيف نكون ونحن بهذه المثابببة‬
‫على باطل وأولئك الذين هم مختفببون مسببتترون فببي دار‬
‫الرقم بن أبي الرقم ونحوها مببن الببدور علببى الحببق كمببا‬
‫قال تعالى مخبرا ً عنهم‪} :‬وقال الذين كفببروا للببذين آمنببوا‬
‫لو كان خيرا ً ما سبقونا إليه{ وقال قوم نوح‪} :‬أنببؤمن لببك‬
‫واتبعببك الرذلببون{ وقببال تعببالى‪} :‬وكببذلك فتنببا بعضببهم‬
‫ن الله عليهم مببن بيننببا أليببس اللببه‬ ‫ببعض ليقولوا أهؤلء م ّ‬
‫بأعلم بالشبباكرين{ ولهببذا قببال تعببالى رادا ً علببى شبببهتهم‬
‫}وكم أهلكنا قبلهم من قرن{ أي وكم من أمة وقرن مببن‬
‫المكذبين قد أهلكناهم بكفرهم }هم أحسن أثاثا ً ورئيًا{ أي‬
‫كانوا أحسن من هؤلء أموال ً ومناظر وأشكال ً وأمتعة قببال‬
‫العمش عببن أبببي ظبيببان عببن ابببن عببباس }خيببر مقامبا ً‬
‫وأحسن نديًا{ قال المقام المنزل والندي المجلس والثاث‬
‫المتبباع والببرئي المنظببر‪ ,‬وقببال العببوفي عببن ابببن عببباس‬
‫المقام المسكن والندي المجلببس والنعمببة والبهجببة الببتي‬
‫كانوا فيها وهو كما قال اللببه لقببوم فرعببون حيببن أهلكهببم‬
‫وقص شأنهم في القرآن‪} :‬كببم تركببوا مببن جنببات وعيببون‬
‫وزروع ومقام كريم{ فالمقببام المسببكن والنعيببم‪ ,‬والنببدي‬
‫المجلس والمجمع الذي كانوا يجتمعون فيببه‪ ,‬وقببال تعببالى‬
‫فيما قص على رسوله من أمببر قببوم لببوط‪} :‬وتببأتون فببي‬
‫ناديكم المنكر{ والعببرب تسببمي المجلببس النببادي‪ ,‬وقببال‬
‫قتادة‪ :‬لما رأوا أصحاب محمد صلى الله عليببه وسببلم فببي‬
‫عيشهم خشونة وفيهببم قشببافة فعببرض أهببل الشببرك مببا‬
‫تسمعون }أي الفريقين خيببر مقام با ً وأحسببن نببديًا{ وكببذا‬
‫قال مجاهد والضحاك ومنهم من قال في الثاث هو المال‬
‫ومنهم مببن قببال الثيبباب ومنهببم مببن قببال المتبباع والببرئي‬
‫المنظر كما قاله ابببن عببباس ومجاهببد وغيببر واحببد‪ ,‬وقببال‬
‫الحسن البصري يعني الصور وكذا قال مالك‪} :‬أثاثا ً ورئيًا{‬
‫أكببثر أمببوال ً وأحسببن صببورا ً والكببل متقببارب صببحيح‪.‬‬

‫‪934‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫ى‬
‫حت ّب َ‬ ‫م بد ّا ً َ‬‫ن َ‬‫مـ ُ‬‫ح َ‬ ‫مد ُد ْ ل َ ُ‬
‫ه الّر ْ‬ ‫ضل َل َةِ فَل ْي َ ْ‬
‫ن ِفي ال ّ‬ ‫من َ‬
‫كا َ‬ ‫ل َ‬ ‫** قُ ْ‬
‫إ َ َ‬
‫ن‬‫مو َ‬ ‫سبي َعْل َ ُ‬‫ة فَ َ‬‫سبباعَ َ‬
‫مببا ال ّ‬ ‫ب وَإ ِ ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫ما العَب َ‬‫ن إِ ّ‬
‫دو َ‬ ‫ذا َرأوْا ْ َ‬
‫ما ُيوعَ ُ‬ ‫ِ‬
‫جنببببببدا ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫م َ‬ ‫هببببببوَ َ‬
‫ف ُ‬ ‫ضببببببعَ ُ‬ ‫كانببببببا وَأ ْ‬ ‫شببببببّر ّ‬ ‫ن ُ‬‫مبببببب ْ‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى‪} :‬قل{ يا محمببد لهببؤلء المشببركين بربهببم‬
‫المدعين أنهم على حق وأنكم على باطل‪} :‬من كببان فببي‬
‫الضللة{ أي منببا ومنكببم }فليمببدد لببه الرحمببن مببدًا{ أي‬
‫فأمهله الرحمن فيما هو فيه حتى يلقى ربه وينقضي أجلببه‬
‫}حببتى إذا رأوا مببا يوعببدون إمببا العببذاب{ يصببيبه }وإمببا‬
‫الساعة{ بغتببة تببأتيه }فسببيعلمون{ حينئذ }مببن هببو شببر‬
‫مكانا ً وأضعف جندًا{ في مقابلة ما احتجوا بببه مببن خيريببة‬
‫المقام وحسن الندى‪ .‬قال مجاهد في قببوله‪} :‬فيلمببدد لببه‬
‫الرحمن مدًا{ فليدعه الله في طغيانه‪ ,‬وهكذا قرر ذلك أبو‬
‫جعفر بن جرير رحمه الله وهذه مباهلة للمشببركين الببذين‬
‫يزعمون أنهم على هببدى فيمببا هببم فيببه‪ ,‬كمببا ذكببر تعببالى‬
‫مباهلة اليهود في قوله‪} :‬يببا أيهببا الببذين هببادوا إن زعمتببم‬
‫أنكم أولياء للببه مببن دون النبباس فتمنببوا المببوت إن كنتببم‬
‫صادقين{ أي ادعوا بالموت على المبطل منا أو منكببم إن‬
‫كنتببم تببدعون أنكببم علببى الحببق‪ ,‬فبإنه ل يضببركم الببدعاء‪,‬‬
‫فنكلوا عن ذلك‪ ,‬وقد تقدم تقرير ذلك فببي سببورة البقببرة‬
‫مبسببوطًا‪ ,‬وللببه الحمببد‪ ,‬وكمببا ذكببر تعببالى المباهلببة مببع‬
‫النصارى في سورة آل عمران حيببن صببمموا علببى الكفببر‬
‫واستمروا على الطغيان والغلو في دعواهم أن عيسى ولد‬
‫الله‪ ,‬وقد ذكر الله حججه وبراهينببه علببى عبوديببة عيسببى‪,‬‬
‫وأنه مخلوق كآدم‪ ,‬قال تعالى بعد ذلك‪} :‬فمن حاجك فيببه‬
‫من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم‬
‫ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة‬
‫اللببببه علببببى الكبببباذبين{ فنكلببببوا أيضببببا ً عببببن ذلببببك‪.‬‬

‫خْيببٌر‬ ‫ت َ‬ ‫حا ُ‬‫صال ِ َ‬


‫ت ال ّ‬‫دى َوال َْباقَِيا ُ‬‫دوا ْ هُ ً‬‫ن اهْت َ َ‬
‫ذي َ‬‫ه ال ّ ِ‬
‫زيد ُ الل ّ ُ‬
‫** وَي َ ِ‬
‫مبببببببببَرد ّا ً‬ ‫واببببببببببا ً وَ َ‬
‫خْيبببببببببٌر ّ‬ ‫ك ثَ َ‬ ‫عنبببببببببد َ َرّبببببببببب َ‬ ‫ِ‬

‫‪935‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لما ذكر تعالى إمداد من هبو فبي الضبللة فيمبا هبو فيبه‬
‫وزيادته على ما هو عليه‪ ,‬أخبر بزيادة المهتدين هدى‪ ,‬كمببا‬
‫قال تعالى‪} :‬وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقببول أيكببم‬
‫ليتين‪ .‬وقوله‪} :‬والباقيات الصببالحات{‬ ‫زادته هذه إيمانًا{ ا َ‬
‫قد تقدم تفسيرها والكلم عليها وإيراد الحبباديث المتعلقببة‬
‫بها فببي سببورة الكهببف }خيببر عنببد ربببك ثواببًا{ أي جببزاء‬
‫}وخير مردًا{ أي عاقبة ومببردا ً علببى صبباحبها‪ .‬وقببال عبببد‬
‫الرزاق‪ :‬أخبرنا عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كببثير عببن‬
‫أبي سلمة بن عبد الرحمن قال‪ :‬جلس رسبول اللبه صبلى‬
‫الله عليه وسلم ذات يوم فأخذ عودا ً يابسا ً فحط ورقه‪ ,‬ثم‬
‫قال‪» :‬إن قول ل إله إل الله‪ ,‬واللببه أكبببر‪ ,‬وسبببحان اللببه‪,‬‬
‫والحمد لله‪ ,‬تحط الخطايببا كمببا تحببط ورق هببذه الشببجرة‬
‫الريح‪ ,‬خذهن يا أبا الدرداء قبل أن يحال بينك وبينهن‪ ,‬هببن‬
‫الباقيات الصالحات‪ ,‬وهن من كنوز الجنة« قال أبو سببلمة‪:‬‬
‫فكان أبو الدرداء إذا ذكر هذا الحببديث قببال‪ :‬لهللببن اللببه‪,‬‬
‫ولكبرن الله‪ ,‬ولسبحن الله‪ ,‬حتى إذا رآني الجاهل حسببب‬
‫أني مجنون‪ ,‬وهذا ظاهره أنه مرسل‪ ,‬ولكن قد يكببون مببن‬
‫رواية أبي سلمة عن أبي الدرداء‪ ,‬والله أعلم‪ ,‬وهكببذا وقببع‬
‫في سنن ابن ماجه من حديث أبببي معاويببة عببن عمببر بببن‬
‫راشد عن يحيى عن أبي سببلمة عببن أبببي الببدرداء‪ ,‬فببذكر‬
‫نحبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببوه‪.‬‬

‫مببال ً وَوَل َببدا ً *‬ ‫َ َ‬


‫ن َ‬ ‫ل ُ‬
‫لوت َي َب ّ‬ ‫ذي ك ََفبَر ِبآَيات ِن َببا وَقَببا َ‬ ‫ت ال ّب ِ‬ ‫** أفََرأي ْب َ‬
‫مببا‬ ‫ب َ‬ ‫ن عَْهدا ً * ك َل ّ َ‬
‫سبن َك ْت ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫مـ‬
‫ح َ‬‫عند َ الّر ْ‬ ‫خذ َ ِ‬ ‫ب أ َم ِ ات ّ َ‬ ‫َ‬
‫أط ّل َعَ ال ْغَي ْ َ‬
‫ل وَي َأ ِْتين َببا‬ ‫مببا ي َُقببو ُ‬
‫ه َ‬ ‫م بد ّا ً * وَن َرِث ُب ُ‬ ‫ب َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ن ال ْعَ َ‬‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫مد ّ ل َ ُ‬ ‫ي َُقو ُ‬
‫ل وَن َ ُ‬
‫َفببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببْردا ً‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو معاوية‪ ,‬حدثنا العمش عببن‬
‫مسلم عن مسروق عن خباب بن الرت قببال‪ :‬كنببت رجل ً‬
‫قينا ً وكان لي علببى العبباص ببن وائل ديببن فبأتيته أتقاضباه‬
‫منه‪ ,‬فقال‪ :‬ل والله ل أقضيك حتى تكفر بمحمد‪ ,‬فقلت‪ :‬ل‬
‫والله ل أكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم حتى تموت ثببم‬

‫‪936‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تبعث‪ .‬قال‪ :‬فإني إذا مت ثببم بعثببت جئتنبي ولبي ثببم مببال‬
‫وولد فأعطيتك‪ ,‬فببأنزل اللببه‪} :‬أفرأيببت الببذي كفببر بآياتنببا‬
‫وقال لوتين مال ً وولدا ً ب إلى قوله ب ويأتينببا فببردًا{ أخرجببه‬
‫صاحبا الصحيح وغيرهما مببن غيببر وجببه عببن العمببش بببه‬
‫وفي لفظ البخاري‪ :‬كنببت قينبا ً بمكببة فعملببت للعبباص بببن‬
‫وائل سيفًا‪ ,‬فجئت أتقاضاه فذكر الحديث‪ ,‬وقال‪} :‬أم اتخذ‬
‫عنببببببببد الرحمببببببببن عهببببببببدًا{ قببببببببال‪ :‬موثقببببببببًا‪.‬‬
‫وقال عبد الرزاق‪ :‬أخبرنا الثوري عن العمببش عببن أبببي‬
‫الضحى‪ ,‬عن مسروق قال‪ :‬قال خباب بن الرت‪ :‬كنت قينا ً‬
‫بمكة فكنت أعمل للعبباص بببن وائل‪ ,‬فبباجتمعت لببي عليببه‬
‫دراهم فجئت لتقاضاه‪ ,‬فقببال لببي‪ :‬ل أقضببيك حببتى تكفببر‬
‫بمحمد‪ ,‬فقلت‪ :‬ل أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫فإذا بعثت كان لي مال وولد‪ ,‬فببذكرت ذلببك لرسببول اللببه‬
‫صلى الله عليببه وسببلم فببأنزل اللببه }أفرأيببت الببذي كفببر‬
‫ليات‪ .‬وقال العوفي عن ابن عباس‪ :‬إن رجال ً من‬ ‫بآياتنا{ ا َ‬
‫أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كببانوا يطببالبون‬
‫العاص بن وائل السببهمي بببدين‪ ,‬فببأتوه يتقاضببونه‪ ,‬فقببال‪:‬‬
‫ألستم تزعمون أن في الجنة ذهبا ً وفضة وحريرا ً ومن كببل‬
‫لخرة‪ ,‬فو اللببه‬ ‫الثمرات ؟ قالوا‪ :‬بلى‪ .‬قال‪ :‬فإن موعدكم ا َ‬
‫لوتين مبال ً وولبدًا‪ ,‬ولوتيبن مثبل كتبابكم البذي جئتبم ببه‪,‬‬
‫فضرب الله مثله في القرآن‪ ,‬فقببال }أفرأيببت الببذي كفببر‬
‫بآياتنا ب إلى قوله ب ويأيتنا فردًا{ وهكذا قال مجاهد وقتببادة‬
‫وغيرهم‪ :‬أنها نزلت في العاص بببن وائل‪ .‬وقببوله‪} :‬لوتيببن‬
‫مال ً وولدًا{ قرأ بعضهم بفتح الواو من ولدا‪ ,‬وقببرأ آخببرون‬
‫بضببببببببمها‪ ,‬وهببببببببو بمعنبببببببباه‪ ,‬قببببببببال رؤبببببببببة‪:‬‬
‫الحمببد للببه العزيببز فردًالببم يتخببذ مببن ولببد شببيء ولببدا ً‬
‫وقببببببببببببال الحببببببببببببارث بببببببببببببن حلببببببببببببزة‪:‬‬
‫ولقبببببد رأيبببببت معاشبببببرًاقد ثمبببببروا مبببببال ً وولبببببدا‬
‫وقببببببببببببببببببببببببببببببال الشبببببببببببببببببببببببببببببباعر‪:‬‬
‫فليت فلنا ً كان في بطببن أمهببوليت فلنبا ً كببان ولببد حمببار‬
‫وقيل‪ :‬إن الولد بالضم جمع‪ ,‬والولد بالفتببح مفببرد‪ ,‬وهببي‬
‫لغة قيس‪ ,‬واللببه أعلببم‪} .‬أطلببع الغيببب{ إنكببار علببى هببذا‬

‫‪937‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫القائل }لوتين مال ً وولببدًا{ يعنببي يببوم القيامببة‪ ,‬أي أعلببم‬
‫لخرة حتى تألى وحلف على ذلك }أم اتخذ عنببد‬ ‫ماله في ا َ‬
‫الرحمن عهدًا{ أم له عند الله عهد سيؤتيه ذلك‪ ,‬وقد تقدم‬
‫عند البخاري أنه الموثق‪ .‬وقال الضحاك عببن ابببن عببباس‪:‬‬
‫}أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهببدًا{ قببال‪ :‬ل إلببه إل‬
‫الله فيرجو بها‪ .‬وقال محمببد بببن كعببب القرظببي }إل مببن‬
‫اتخذ عند الرحمن عهدًا{ قال‪ :‬شهادة أن ل إله إل الله‪ ,‬ثم‬
‫قبببببرأ }إل مبببببن اتخبببببذ عنبببببد الرحمبببببن عهبببببدًا{‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬كل{ هي حرف ردع لما قبلها‪ ,‬وتأكيد لما بعببدها‬
‫}سنكتب ما يقول{ أي من طلبه ذلك وحكمه لنفسببه بمببا‬
‫يتمناه وكفره بالله العظيم ‪} ,‬ونمد له مببن العببذاب مببدًا{‬
‫لخببرة علببى قببوله ذلببك وكفببره بببالله فببي‬ ‫أي في الببدار ا َ‬
‫الدنيا‪} ,‬ونرثه مببا يقببول{ أي مببن مببال وولببد نسببلبه منببه‬
‫لخرة مال ً وولببدا ً زيببادة‬
‫عكس ما قال إنه يؤتى في الدار ا َ‬
‫لخرة يسببلب منببه الببذي‬ ‫على الذي له في الدنيا‪ ,‬بل في ا َ‬
‫كان له في الدنيا‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬ويأتينا فردًا{ أي من‬
‫المال والولد‪ .‬قال علي بببن أبببي طلحببة عببن ابببن عببباس‪,‬‬
‫}ونرثببببببببه مببببببببا يقببببببببول{ قببببببببال‪ :‬نرثببببببببه‪.‬‬
‫قال مجاهد‪} :‬ونرثه ما يقول{ ماله وولببده‪ .‬وذلببك الببذي‬
‫قال العاص بن وائل‪ .‬وقال عبببد الببرزاق عببن معمببر‪ ,‬عببن‬
‫قتادة }ونرثه ما يقول{ قال‪ :‬ما عنده‪ .‬وهو قوله‪} :‬لوتين‬
‫مال ً وولدًا{‪ .‬وفي حرف ابن مسعود‪ :‬ونرثه ما عنده وقببال‬
‫قتادة }ويأتينا فردًا{ ل مال له ول ولد‪ .‬وقال عبد الرحمببن‬
‫بن زيد بن أسلم }ونرثه ما يقول{ قال‪ :‬ما جمع من الدنيا‬
‫وما عمل فيها‪ ,‬قال }ويأتينا فردًا{ قال‪ :‬فببردا ً مببن ذلببك ل‬
‫يتبعببببببببببببببببببه قليببببببببببببببببببل ول كببببببببببببببببببثير‪.‬‬

‫عبّزا ً * ك َل ّ‬ ‫م ِ‬ ‫كون ُببوا ْ ل َهُب ْ‬‫ة ل ّي َ ُ‬‫ن الل ّبهِ آل ِهَب ً‬ ‫دو ِ‬‫مببن ُ‬ ‫ذوا ْ ِ‬‫خب ُ‬‫** َوات ّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م ت َبَر أن ّببآ‬ ‫ضبد ّا ً * أل َب ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ن عَل َي ْهِب ْ‬ ‫كون ُببو َ‬ ‫م وَي َ ُ‬
‫ن ب ِعِب َبباد َت ِهِ ْ‬‫سي َك ُْفُرو َ‬‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫جب ْ‬ ‫م أّزا ً * فَل َ ت َعْ َ‬ ‫ن ت َبؤُّزهُ ْ‬ ‫ري َ‬‫ن عَل َببى ال ْك َببافِ ِ‬ ‫طي َ‬ ‫شَيا ِ‬ ‫سل َْنا ال ّ‬ ‫أْر َ‬
‫م عَببببببببببد ّا ً‬ ‫مببببببببببا ن َعُببببببببببد ّ ل َهُبببببببببب ْ‬ ‫م إ ِن ّ َ‬‫عَل َي ْهِبببببببببب ْ‬

‫‪938‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يخبر تعالى عن الكفار المشركين بربهم أنهم اتخذوا من‬
‫للبببة }عبببزًا{ يعبببتزون بهبببا‬ ‫دونبببه آلهبببة لتكبببون تلبببك ا َ‬
‫ويستنصرونها ثم أخبر أنه ليس المر كما زعموا ول يكببون‬
‫مببا طمعببوا فقببال‪} :‬كل سببيكفرون بعبببادتهم{ أي يببوم‬
‫القيامة }ويكونون عليهم ضدًا{ أي بخلف ما ظنببوا فيهببم‬
‫كما قال تعالى‪} :‬ومن أضل ممن يدعو من دون اللببه مببن‬
‫ل يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غببافلون *‬
‫وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين{‬
‫وقرأ أبو نهيك }كل سيكفرون بعبببادتهم{‪ .‬وقببال السببدي‪:‬‬
‫}كل سبببببيكفرون بعببببببادتهم{ أي بعببببببادة الوثبببببان‪.‬‬
‫وقببوله‪} :‬ويكونببون عليهببم ضببدًا{ أي بخلف مببا رجببوا‬
‫منهم‪ .‬وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس }ويكونببون‬
‫عليهببم ضببدًا{ قببال‪ :‬أعوانببًا‪ .‬قببال مجاهببد‪ :‬عونببا ً عليهببم‬
‫تخاصببمهم وتكببذبهم‪ .‬وقببال العببوفي عببن ابببن عببباس‬
‫}ويكونون عليهم ضدًا{‪ ,‬قال‪ :‬قرناء‪ .‬وقببال قتببادة‪ :‬قرنبباء‬
‫في النار يلعن بعضهم بعضًا‪ ,‬ويكفر بعضببهم ببعببض‪ .‬وقببال‬
‫السدي }ويكونون عليهبم ضبدًا{ قببال‪ :‬الخصببماء الشببداء‬
‫في الخصببومة‪ ,‬وقببال الضببحاك }ويكونببون عليهببم ضببدًا{‬
‫قال‪ :‬أعداء‪ .‬وقببال ابببن زيببد‪ :‬الضببد البلء‪ ,‬وقببال عكرمببة‪:‬‬
‫الضببببببببببببببببببببببببببببببد الحسببببببببببببببببببببببببببببببرة‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ألببم تببر أنببا أرسببلنا الشببياطين علببى الكببافرين‬
‫تؤزهم أزًا{ قببال علببي بببن أبببي طلحببة عببن ابببن عببباس‪:‬‬
‫تغويهم إغواءًا‪ ,‬وقال العوفي عنببه‪ :‬تحرضببهم علببى محمببد‬
‫وأصببحابه‪ .‬وقببال مجاهببد‪ :‬تشببليهم إشببلء وقببال قتببادة‪:‬‬
‫تزعجهم إزعاجا ً إلى معاصي اللبه‪ ,‬وقبال سببفيان الثببوري‪:‬‬
‫ل‪ .‬وقببال السببدي‪:‬‬ ‫تغريهببم إغببراءا ً وتسببتعجلهم اسببتعجا ً‬
‫تطغيهم طغيانًا‪ .‬وقال عبببد الرحمببن بببن زيببد‪ :‬هببذا كقببوله‬
‫تعالى‪} :‬ومن يعش عن ذكببر الرحمببن نقيببض لبه شببيطانا ً‬
‫فهو له قريببن{ وقببوله‪} :‬فل تعجببل عليهببم إنمببا نعببد لهببم‬
‫عدًا{ أي ل تعجل يا محمد على هؤلء فببي وقببوع العببذاب‬
‫بهم }إنما نعد لهببم عببدًا{ أي إنمببا نببؤخرهم لجببل معببدود‬
‫مضبوط‪ ,‬وهم صائرون ل محالة إلببى عببذاب اللببه ونكبباله‪.‬‬

‫‪939‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال‪} :‬ول تحسبن الله غافل ً عما يعمل الظالمون{ ا َ‬
‫لية‪,‬‬
‫}فمهل الكافرين أمهلهم رويدًا{ }إنما نملي لهم ليببزدادوا‬
‫إثمًا{ }نمتعهم قليل ً ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ{ }قببل‬
‫تمتعوا فإن مصيركم إلى النببار{ وقببال السببدي‪ :‬إنمببا نعببد‬
‫لهم عدًا‪ :‬السنين والشهور واليام والساعات‪ .‬وقببال علببي‬
‫بن أبي طلحة عن ابن عباس }إنما نعببد لهببم عببدًا{ قببال‪:‬‬
‫نعببببببببببببد أنفاسببببببببببببهم فببببببببببببي الببببببببببببدنيا‪.‬‬

‫سببوقُ‬ ‫ن وَفْببدا ً * وَن َ ُ‬


‫مـ ب ِ‬
‫ح َ‬ ‫ن إ ِل َببى الّر ْ‬ ‫ش بُر ال ْ ُ‬
‫مت ِّقي ب َ‬ ‫ح ُ‬‫م نَ ْ‬
‫** ي َبوْ َ‬
‫ن‬‫مب ِ‬ ‫ة إ ِل ّ َ‬ ‫ن ال ّ‬
‫ش بَفاعَ َ‬ ‫م وِْردا ً * ل ّ ي َ ْ‬
‫مل ِك ُببو َ‬ ‫جهَن ّ َ‬‫ى َ‬ ‫مي َ َ‬
‫ن إ ِل َ‬ ‫جرِ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مـببببببببببببن عَْهببببببببببببدا ً‬ ‫ح َ‬ ‫عنببببببببببببد َ الّر ْ‬ ‫خببببببببببببذ َ ِ‬ ‫ات ّ َ‬
‫ِ‬
‫يخبر تعالى عن أوليائه المتقين الببذين خببافوه فببي الببدار‬
‫الدنيا‪ ,‬واتبعوا رسله وصدقوهم فيما أخبروهم‪ ,‬وأطبباعوهم‬
‫فيما أمروهم به‪ ,‬وانتهوا عما عنه زجروهم‪ ,‬أنببه يحشببرهم‬
‫يوم القيامة وفدا ً إليه‪ ,‬والوفد هم القببادمون ركبان بًا‪ ,‬ومنببه‬
‫الوفود وركوبهم على نجببائب مببن نببور مببن مراكببب الببدار‬
‫لخرة‪ .‬وهم قادمون على خير موفود إليه إلى دار كرامته‬ ‫ا َ‬
‫ورضوانه‪ ,‬وأما المجرمببون المكببذبون للرسببل المخببالفون‬
‫لهم‪ ,‬فإنهم يساقون عنفا ً إلى النار }وردًا{ عطاشببًا‪ ,‬قبباله‬
‫عطاء وابن عباس ومجاهد والحسببن وقتببادة وغيببر واحببد‪,‬‬
‫وههنببا يقببال‪} :‬أي الفريقيببن خيببر مقام با ً وأحسببن نببديًا{‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبو سببعيد الشببج‪ ,‬حببدثنا ابببن‬
‫خالد عن عمرو بن قيس الملئي عببن ابببن مببرزوق }يببوم‬
‫نحشر المتقين إلى الرحمن وفدًا{ قال‪ :‬يسببتقبل المببؤمن‬
‫عند خروجه من قبره أحسببن صببورة رآهببا وأطيبهببا ريح بًا‪,‬‬
‫فيقول‪ :‬من أنت ؟ فيقول أما تعرفنببي ؟ فيقببول‪ :‬ل‪ ,‬إل أن‬
‫الله قد طيببب ريحببك وحسببن وجهببك‪ ,‬فيقببول‪ :‬أنببا عملببك‬
‫الصالح‪ ,‬هكذا كنت في الدنيا حسن العمل طيبببه‪ ,‬فطالمببا‬
‫ركبتك في الدنيا فهلم اركبني فيركبه‪ ,‬فذلك قببوله‪} :‬يببوم‬
‫نحشر المتقين إلى الرحمببن وفببدًا{ وقببال علببي بببن أبببي‬

‫‪940‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫طلحة عن ابن عباس }يوم نحشر المتقيببن إلببى الرحمببن‬
‫وفببببببببببببببببببدًا{ قببببببببببببببببببال‪ :‬ركبانببببببببببببببببببا‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثني ابن المثنى‪ ,‬حدثنا ابن مهدي عن‬
‫شعبة عن إسماعيل عن رجل عن أبي هريرة }يوم نحشر‬
‫المتقين إلى الرحمن وفدًا{ قال‪ :‬علببى البببل‪ .‬وقببال ابببن‬
‫جريج‪ :‬علببى النجببائب‪ .‬وقببال الثببوري‪ :‬علببى البببل النببوق‪.‬‬
‫وقال قتادة }يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدًا{ قال‪:‬‬
‫إلى الجنة‪ .‬وقال عبد الله بن المام أحمد في مسند أبيببه‪:‬‬
‫حدثنا سويد بن سببعيد‪ ,‬أخبرنببا علببي بببن مسببهر عببن عبببد‬
‫الرحمن بن إسببحاق‪ ,‬حبدثنا النعمببان بببن سبعد‪ ,‬قببال‪ :‬كنبا‬
‫ليببة‪} :‬يببوم‬‫جلوسا ً عند علي رضي الله عنببه‪ ,‬فقببرأ هببذه ا َ‬
‫نحشر المتقين إلى الرحمن وفدًا{ قال‪ :‬ل واللببه مببا علببى‬
‫أرجلهم يحشببرون ول يحشببر الوفببد علببى أرجلهببم‪ ,‬ولكببن‬
‫بنببوق لببم يببر الخلئق مثلهببا‪ ,‬عليهببا رحببائل مببن ذهببب‪,‬‬
‫فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة‪ ,‬وهكذا رواه ابببن‬
‫أبي حاتم وابن جرير من حديث عبد الرحمببن بببن إسببحاق‬
‫المدني به‪ .‬وزاد عليها رحائل مببن ذهببب وأزمتهببا الزبرجببد‬
‫والبببببببببببببببببببببببببببببببباقي مثلبببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫وروى ابن أبي حاتم ههنا حديثا ً غريب با ً جببدا ً مرفوع با ً عببن‬
‫علببي‪ ,‬فقببال‪ :‬حببدثنا أبببي‪ ,‬حببدثنا أبببو غسببان مالببك بببن‬
‫إسماعيل النهدي‪ ,‬حدثنا مسلمة بن جعفر البجلي‪ ,‬سمعت‬
‫أبا معاذ البصري قال‪ :‬إن عليا ً كببان ذات يببوم عنببد رسببول‬
‫ليببة }يببوم نحشببر‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فقرأ هببذه ا َ‬
‫المتقيببن إلببى الرحمببن وفببدًا{ فقببال‪ :‬مببا أظببن الوفببد إل‬
‫الركب يا رسول الله ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫»والذي نفسي بيده‪,‬إنهم إذا خرجوا من قبورهم يستقبلون‬
‫أو يؤتون بنوق بيض لها أجنحة وعليها رحال الذهب شببرك‬
‫نعالهم نور يتلل كل خطوة منها مبد البصبر‪ ,‬فينتهبون إلبى‬
‫شببجرة ينبببع مببن أصببلها عينببان‪ ,‬فيشببربون مببن إحببداهما‬
‫فتغسل ما في بطونهم من دنس‪ ,‬ويغتسلون مببن الخببرى‬
‫فل تشببعث أبشببارهم ول أشببعارهم بعببدها أبببدًا‪ ,‬وتجببري‬
‫عليهم نضرة النعيم فينتهببون أو فيببأتون ببباب الجنببة‪ ,‬فببإذا‬

‫‪941‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حلقة من ياقوتببة حمببراء علببى صببفائح الببذهب فيضببربون‬
‫بالحلقة على الصفحة‪ ,‬فيسمع لها طنين يا علي‪ ,‬فيبلغ كل‬
‫حوراء أن زوجها قد أقبل‪ ,‬فتبعث قيمها فيفتح له‪ ,‬فإذا رآه‬
‫خر له بب قببال مسببلمة أراه قببال سبباجدا ً ب ب فيقببول‪ :‬ارفببع‬
‫رأسك فإنما أنا قيمك وكلت بببأمرك‪ ,‬فيتبعببه‪ ,‬ويقفببو أثببره‬
‫فتستخف الحوراء العجلة‪ ,‬فتخرج من خيام الدر واليبباقوت‬
‫حتى تعتنقه‪ ,‬ثم تقول‪ :‬أنت حببي وأنبا حببك‪ ,‬وأنبا الخالبدة‬
‫التي ل أموت‪ ,‬وأنببا الناعمببة الببتي ل أبببأس‪ ,‬وأنببا الراضببية‬
‫التي ل أسخط‪ ,‬وأنا المقيمة التي ل أظعن‪ ,‬فيدخل بيتا ً من‬
‫رأسه إلى سقفه مائة ألف ذراع‪ ,‬بناؤه على جنببدل اللؤلببؤ‬
‫طرائق‪ :‬أحمر وأصفر وأخضر‪ ,‬ليس منهببا طريقببة تشبباكل‬
‫صبباحبتها‪ .‬وفببي البببيت سبببعون سببريرًا‪ ,‬علببى كببل سببرير‬
‫سبعون حشية‪ ,‬على كل حشية سبببعون زوجببة‪ ,‬علببى كببل‬
‫زوجة سبعون حلة‪ ,‬يرى مخ ساقها من وراء الحلل يقضببي‬
‫جماعها في مقدار ليلة من لياليكم هذه‪ ,‬النهار من تحتهم‬
‫تطرد أنهار من مباء غيببر آسبن‪ ,‬قبال‪ :‬صباف ل كبدر فيببه‪,‬‬
‫وأنهار من لبببن لببم يتغيببر طعمببه ولببم يخببرج مببن ضببروع‬
‫الماشببية وأنهببار مببن خمببر لببذة للشبباربين لببم يعتصببرها‬
‫الرجال بأقدامهم‪ ,‬وأنهار من عسل مصفى لببم يخببرج مببن‬
‫بطون النحل فيستحلي الثمار‪ ,‬فببإن شبباء أكببل قائم با ً وإن‬
‫شاء قاعدا ً وإن شاء متكئًا‪ ,‬ثم تل‪} :‬ودانيببة عليهببم ظللهببا‬
‫ل{ فيشتهي الطعام فيأتيه طير أبيض‪,‬‬ ‫وذللت قطوفها تذلي ً‬
‫وربما قال أخضر‪ ,‬فببترفع أجنحتهببا فيأكببل مببن جنوبهببا‪ ,‬أي‬
‫اللوان شاء‪ ,‬ثم يطير فتذهب فيدخل الملك فيقول‪ :‬سلم‬
‫عليكم }تلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملببون{ ولببو‬
‫أن شعرة من شعر الحوراء وقعببت لهببل الرض لضبباءت‬
‫الشمس معها سواد في نور« هكذا وقع في هببذه الروايببة‬
‫مرفوعًا‪ ,‬وقد رويناه في المقدمات مببن كلم علببي رضببي‬
‫اللببه عنببه بنحببوه‪ ,‬وهببو أشبببه بالصببحة‪ ,‬واللببه أعلببم‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ونسوق المجرمين إلى جهنم وردًا{ أي عطاشببا‬
‫}ل يملكون الشفاعة{ أي ليس لهم مببن يشببفع لهببم كمببا‬
‫يشفع المؤمنون بعضببهم لبعببض‪ ,‬كمببا قببال تعببالى مخبببرا ً‬

‫‪942‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عنهم‪} :‬فما لنا مبن شبافعين ول صبديق حميبم{‪ .‬وقبوله‪:‬‬
‫}إل من اتخببذ عنببد الرحمببن عهببدًا{ هببذا اسببتثناء منقطببع‬
‫بمعنى لكن من اتخذ عند الرحمن عهدًا‪ ,‬وهو شببهادة أن ل‬
‫إله إل الله والقيام بحقها‪ .‬قال علي بن أبي طلحة عن ابن‬
‫عببباس }إل مببن اتخببذ عنببد الرحمببن عهببدًا{ قببال‪ :‬العهببد‬
‫شهادة أن ل إله إل الله‪ ,‬ويبرأ إلى الله من الحول والقوة‪,‬‬
‫ول يرجبببببببببببو إل اللبببببببببببه عبببببببببببز وجبببببببببببل‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حبباتم‪ :‬حبدثنا عثمببان بببن خالبد الواسبطي‬
‫حدثنا محمد بن الحسن الواسببطي عببن المسببعودي‪ ,‬عببن‬
‫عون بن عبد الله عببن أبببي فاختببة‪ ,‬عببن السببود بببن يزيببد‬
‫ليببة }إل مببن‬ ‫قال‪ :‬قرأ عبد الله يعني ابببن مسببعود هببذه ا َ‬
‫اتخذ عند الرحمن عهدًا{ ثم قال‪ :‬اتخذوا عنببد اللببه عهببدًا‪,‬‬
‫فإن الله يوم القيامة يقببول‪ :‬مببن كببان لببه عنببد اللببه عهببد‬
‫فليقم‪ ,‬قالوا‪ :‬يا أبا عبد الرحمن فعلمنا‪ .‬قال‪ :‬قولوا‪ :‬اللهببم‬
‫فبباطر السببموات والرض عببالم الغيببب والشببهادة‪ ,‬فببإني‬
‫أعهد إليك في هذه الحياة الببدنيا أن ل تكلنببي إلببى عملببي‬
‫يقربني مببن الشببر ويباعببدني مببن الخيببر‪ ,‬وإنببي ل أثببق إل‬
‫ي يبوم القيامبة‪,‬‬ ‫برحمتك‪ ,‬فاجعل لي عندك عهدا ً تبؤديه إلب ّ‬
‫إنك ل تخلف الميعاد‪ .‬وقال المسعودي‪ :‬فحدثني زكريا عن‬
‫القاسم بن عبد الرحمن‪ ,‬أخبرنا ابن مسببعود وكببان يحلببق‬
‫بهن خائفا ً مستجيرا ً مستغفرا ً راهب با ً راغب با ً إليببك‪ ,‬ثببم رواه‬
‫مببببببن وجببببببه آخببببببر عببببببن المسببببببعودي بنحببببببوه‪.‬‬

‫كاد ُ‬‫شْيئا ً إ ِد ّا ً * ت َ َ‬ ‫م َ‬ ‫جئ ْت ُ ْ‬‫ن وََلدا ً * ل ََقد ْ ِ‬ ‫مـ ُ‬ ‫خذ َ الّر ْ‬


‫ح َ‬ ‫** وََقاُلوا ْ ات ّ َ‬
‫ل هَد ّا ً *‬ ‫جَبا ُ‬ ‫خّر ال ْ ِ‬‫ض وَت َ ِ‬ ‫شقّ الْر ُ‬ ‫ه وََتن َ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ن ِ‬ ‫ت ي َت ََفط ّْر َ‬ ‫ماَوا ُ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫خ بذ َ‬ ‫ن َأن ي َت ّ ِ‬ ‫مـ ب ِ‬
‫ح َ‬‫مببا َينب َغِببي ِللّر ْ‬ ‫ن وَل َببدا ً * وَ َ‬ ‫مـ ِ‬ ‫ح َ‬
‫وا ِللّر ْ‬ ‫أن د َعَ ْ‬
‫َ‬
‫ض إ ِل ّ آت ِبببي‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سببب َ‬‫مبببن فِبببي ال ّ‬ ‫ل َ‬ ‫وَل َبببدا ً * ِإن ك ُببب ّ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫م آِتيبب ِ‬ ‫م عَد ّا ً * وَك ُل ُّهبب ْ‬ ‫م وَعَد ّهُ ْ‬‫صاهُ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ن عَْبدا ً * ل َّقد ْ أ ْ‬ ‫مـ ِ‬ ‫ح َ‬‫الّر ْ‬
‫مبببببببببببببببببببةِ َفبببببببببببببببببببْردا ً‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬ ‫ي َبببببببببببببببببببوْ َ‬
‫لما قرر تعالى في هذه السورة الشريفة عبودية عيسببى‬
‫عليه السلم وذكر خلقه من مريم بل أب‪ ,‬شرع في مقببام‬

‫‪943‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫النكار على من زعم أن له ولدًا‪ ,‬تعالى وتقدس وتنزه عن‬
‫ذلك علوا ً كبيرًا‪ ,‬فقببال‪} :‬وقببالوا اتخببذ الرحمببن ولببدا لقببد‬
‫جئتم{ أي فببي قببولكم هببذا }شببيئا إدًا{ قببال ابببن عببباس‬
‫ومجاهببد وقتببادة ومالببك‪ :‬أي عظيمببًا‪ .‬ويقببال إدا ً بكسببر‬
‫الهمزة وفتحها‪ ,‬ومع مدها أيضا ً ثلث لغات أشهرها الولببى‬
‫وقوله‪} :‬تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الرض وتخببر‬
‫الجبببال هببدا ً أن دعببوا للرحمببن ولببدًا{ أي يكبباد ذلببك عنببد‬
‫سماعهن هذه المقالة من فجببرة بنببي آدم إعظام با ً للببرب‬
‫ل‪ ,‬لنهم مخلوقات ومؤسسات على توحيببده‪ ,‬وأنببه ل‬ ‫وإجل ً‬
‫إله إل هو‪ ,‬وأنه ل شريك له ول نظيببر لببه‪ ,‬ول ولببد لببه‪ ,‬ول‬
‫صببباحبة لبببه‪ ,‬ول كفبببء لبببه‪ ,‬ببببل هبببو الحبببد الصبببمد‪.‬‬
‫وفببببي كببببل شببببيء لببببه آيةتببببدل علببببى أنببببه واحببببد‬
‫قال ابن جريببر‪ :‬حببدثني علببي‪ ,‬حببدثنا عبببد اللببه‪ ,‬حببدثني‬
‫معاويببة عببن علببي‪ ,‬عببن ابببن عببباس فببي قببوله‪} :‬تكبباد‬
‫السموات يتفطرن منه وتنشق الرض وتخر الجبال هببدا ً *‬
‫أن دعببوا للرحمببن ولببدًا{ قببال‪ :‬إن الشببرك فزعببت منببه‬
‫السببموات والرض والجبببال وجميببع الخلئق إل الثقليببن‪,‬‬
‫وكادت أن تزول منه لعظمة الله‪ ,‬وكما ل ينفع مع الشببرك‬
‫إحسببان المشببرك‪ ,‬كببذلك نرجببو أن يغفببر اللببه ذنببوب‬
‫الموحببدين‪ ,‬وقببال رسببول اللببه صببلى اللببه عليببه وسببلم‪:‬‬
‫»لقنوا موتاكم شهادة أن ل إلببه إل اللببه‪ ,‬فمببن قالهببا عنببد‬
‫موته وجبت له الجنة«‪ ,‬فقالوا‪ :‬يا رسول اللببه فمببن قالهببا‬
‫في صحته ؟ قال »تلك أوجب وأوجب«‪ .‬ثبم قبال »والبذي‬
‫نفسي بيده لو جيء بالسموات والرضبين ومبا فيهبن ومبا‬
‫بينهن ومببا تحتهببن‪ ,‬فوضببعن فببي كفبة الميببزان‪ ,‬ووضبعت‬
‫شهادة أن ل إله إل الله في الكفة الخرى لرجحببت بهببن«‬
‫هكذا رواه اببن جريبر‪ ,‬ويشببهد لبه حبديث البطاقبة‪ ,‬واللبه‬
‫أعلبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببم‪.‬‬
‫وقببال الضببحاك‪} :‬تكبباد السببموات يتفطببرن منببه{ أي‬
‫يتشققن فرقا ً من عظمة الله‪ ,‬وقال عبد الرحمن بببن زيببد‬
‫بببن أسببلم‪} :‬وتنشببق الرض{‪ ,‬أي غضبببا ً لببه عببز وجببل‪,‬‬
‫}وتخر الجبال هدًا{‪ ,‬قال ابن عباس‪ :‬هببدمًا‪ ,‬وقببال سببعيد‬

‫‪944‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن جبير‪ :‬هدا ً ينكسر بعضببها علببى بعببض متتابعببات‪ .‬وقببال‬
‫ابببن أبببي حبباتم‪ :‬حببدثنا محمببد بببن عبببد اللببه بببن سببويد‬
‫المقبري‪ ,‬حدثنا سفيان بن عيينة‪ ,‬حدثنا مسببعر عببن عببون‬
‫عن عبد الله قال‪ :‬إن الجبل لينادي الجبل باسمه يببا فلن‪,‬‬
‫هببل مببر بببك اليببوم ذاكببر اللببه عببز وجببل ؟ فيقببول‪ :‬نعببم‬
‫ويستبشر‪ ,‬قال عون‪ :‬لهي للخيببر أسببمع أفيسببمعن الببزور‬
‫والباطببل إذا قيببل ول يسببمعن غيببره‪ ,‬ثببم قببرأ }تكبباد‬
‫السموات يتفطرن منه وتنشق الرض وتخر الجبال هببدا ً *‬
‫أن دعببببببببببببببببوا للرحمببببببببببببببببن ولببببببببببببببببدًا{‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم أيضًا‪ :‬حدثنا المنذر بن شاذان‪ ,‬حببدثنا‬
‫هودة‪ ,‬حدثنا عوف عن غالب بن عجرد‪ ,‬حببدثني رجببل مببن‬
‫أهل الشام في مسجد منى قال‪ :‬بلغنببي أن اللببه لمبباخلق‬
‫الرض وخلببق مببا فيهببا مببن الشببجر لببم يكببن فببي الرض‬
‫شجرة يأتيها بنو آدم إل أصابوا منها منفعة ب أو قال بب كببان‬
‫لهم فيها منفعة‪ ,‬ولم تزل الرض والشجر بذلك حتى تكلببم‬
‫فجرة بني آدم بتلك الكلمة العظيمة قولهم‪ :‬اتخذ الرحمببن‬
‫ولبدًا‪ ,‬فلمبا تكلمبوا بهبا اقشبعرت الرض وشباك الشبجر‪.‬‬
‫وقال كعب الحبار‪ :‬غضبت الملئكة واستعرت جهنببم حيببن‬
‫قببببببببببببببببببببالوا مببببببببببببببببببببا قببببببببببببببببببببالوا‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو معاوية حدثنا العمببش عببن‬
‫سعيد بن جبير عن أبببي عبببد الرحمببن السببلمي عببن أبببي‬
‫موسى رضي الله عنه قال‪ :‬قببال رسببول اللببه صببلى اللببه‬
‫عليه وسلم‪» :‬ل أحد أصبر على أذى سببمعه مببن اللببه إنببه‬
‫يشببرك بببه ويجعببل لببه ولببدا‪ ,‬وهببو يعببافيهم ويببدفع عنهببم‬
‫ويرزقهببم« أخرجبباه فببي الصببحيحين‪ .‬وفببي لفببظ »أنهببم‬
‫يجعلون له ولببدا ً وهببو يرزقهببم ويعببافيهم«‪ .‬وقببوله‪} :‬ومببا‬
‫ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدًا{ أي ل يصلح لببه ول يليببق بببه‬
‫لجللببه وعظمتببه‪ ,‬لنببه ل كفببء لببه مببن خلقببه‪ ,‬لن جميببع‬
‫الخلئق عبيد له‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬إن كببل مببن فببي السببموات‬
‫والرض إل آتي الرحمن عبدا ً * لقد أحصاهم وعدهم عدًا{‬
‫أي قد علم عددهم منذ خلقهم إلببى يببوم القيامببة‪ ,‬ذكرهببم‬
‫وأنثبباهم‪ ,‬صببغيرهم وكبببيرهم‪} ,‬وكلهببم آتيببه يببوم القيامببة‬

‫‪945‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فردًا{ أي ل ناصر له ول مجير إل الله وحده ل شببريك لببه‪,‬‬
‫فيحكم فببي خلقببه بمببا يشبباء وهببو العببادل الببذي ل يظلببم‬
‫مثقبببببببببببببببال ذرة‪ ,‬ول يظلبببببببببببببببم أحبببببببببببببببدًا‪.‬‬

‫م‬‫ل ل َهُببب ُ‬ ‫جع َ ُ‬‫سبببي َ ْ‬


‫ت َ‬ ‫حا ِ‬ ‫صبببال ِ َ‬ ‫مل ُبببوا ْ ال ّ‬ ‫من ُبببوا ْ وَعَ ِ‬ ‫نآ َ‬‫ذي َ‬ ‫ن ال ّببب ِ‬‫** إ ِ ّ‬
‫ن‬ ‫مت ِّقيب َ‬‫شبَر ب ِبهِ ال ْ ُ‬‫ك ل ِت ُب َ ّ‬ ‫سببان ِ َ‬‫سْرَناهُ ب ِل َ َ‬ ‫ما ي َ ّ‬‫ن وُد ّا ً * فَإ ِن ّ َ‬ ‫مـ ُ‬‫ح َ‬ ‫الّر ْ‬
‫َ‬
‫س‬‫ح ّ‬ ‫ل تُ ِ‬‫ن هَ ْ‬ ‫من قَْر ٍ‬ ‫م ّ‬ ‫م أهْل َك َْنا قَب ْل َهُ ْ‬ ‫وما ً ل ّد ّا ً * وَك َ ْ‬ ‫وَت ُن ْذَِر ب ِهِ قَ ْ‬
‫كببببببزا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م رِ ْ‬ ‫معُ ل َُهبببببب ْ‬ ‫سبببببب َ‬ ‫حببببببدٍ أوْ ت َ ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫مبببببب ْ‬ ‫م ّ‬ ‫من ُْهبببببب ْ‬ ‫ِ‬
‫يخبر تعالى أنه يغببرس لعببباده المببؤمنين الببذين يعملببون‬
‫الصببالحات‪ ,‬وهببي العمببال الببتي ترضببي اللببه عببز وجببل‬
‫لمتابعتها الشريعة المحمدية ب يغرس لهم في قلوب عباده‬
‫الصالحين محبة ومودة‪ ,‬وهذا أمر ل بد منه ول محيد عنببه‪,‬‬
‫وقد وردت بذلك الحاديث الصحيحة عن رسول الله صبلى‬
‫الله عليه وسلم من غيببر وجببه‪ .‬قببال المببام أحمببد‪ :‬حببدثنا‬
‫عفان‪ ,‬حدثنا أبو عوانة‪ ,‬حببدثنا سببهيل عببن أبيببه‪ ,‬عببن أبببي‬
‫هريرة‪ ,‬عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬إن اللبه إذا‬
‫أحب عبدا ً دعا جبريل‪ ,‬فقال‪ :‬يببا جبريببل‪ ,‬إنببي أحببب فلن با ً‬
‫فأحبه قال فيحبه جبريل‪ ,‬قال‪ :‬ثم ينادي في أهل السببماء‪:‬‬
‫إن الله يحب فلنا ً فأحبوه‪ ,‬قال‪ :‬فيحبببه أهببل السببماء‪ ,‬ثببم‬
‫يوضع له القبول في الرض‪ ,‬وإن الله إذا أبغض عبببدا ً دعببا‬
‫جبريل فقال‪ :‬يببا جبريببل إنببي أبغببض فلنبا ً فأبغضببه‪ ,‬قببال‪:‬‬
‫فيبغضه جبريل‪ ,‬ثم ينادي في أهل السماء‪ :‬إن الله يبغببض‬
‫فلنا ً فأبغضوه‪ ,‬قال‪ :‬فيبغضه أهببل السببماء‪ ,‬ثببم يوضببع لببه‬
‫البغضبباء فببي الرض«‪ .‬ورواه مسببلم مببن حببديث سببهيل‪,‬‬
‫ورواه أحمد والبخاري من حديث ابن جريج عن موسى بن‬
‫عقبة‪ ,‬عن نافع مولى ابن عمر‪ ,‬عن أبي هريرة رضي اللببه‬
‫عنبببه‪ ,‬عبببن النببببي صبببلى اللبببه عليبببه وسبببلم نحبببوه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا محمد بن بكر‪ ,‬حدثنا ميمون أبو‬
‫محمد المرائي‪ ,‬حدثنا محمد بن عباد المخزومي عن ثوبان‬
‫رضي الله عنه‪ ,‬عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬إن‬
‫العبد ليلتمس مرضاة الله عز وجل‪ ,‬فل يزال كذلك فيقول‬

‫‪946‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله عز وجل لجبريل‪ :‬إن فلنا ً عبدي يلتمس أن يرضببيني‪,‬‬
‫أل وإن رحمتي عليه‪ ,‬فيقول جبريل‪ :‬رحمة الله على فلن‪,‬‬
‫ويقولها حملة العرش‪ ,‬ويقولها من حولهم حتى يقولها أهل‬
‫السببموات السبببع‪ ,‬ثببم يهبببط إلببى الرض« غريببب‪ .‬ولببم‬
‫يخرجببببببببببببوه مببببببببببببن هببببببببببببذا الببببببببببببوجه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا أسود بببن عببامر‪ ,‬حببدثنا شببريك‬
‫عن محمد بن سبعد الواسبطي عبن أببي ظبيبة‪ ,‬عبن أببي‬
‫أمامة قال‪ :‬قال رسول اللبه صبلى اللبه عليبه وسبلم »إن‬
‫المقة من الله ب قال شريك‪ :‬هي المحبببة ب ب والصببيت فببي‬
‫السماء‪ ,‬فإذا أحب الله عبببدا ً قببال لجبريببل عليببه السببلم‪:‬‬
‫إني أحب فلنًا‪ ,‬فينادي جبريل‪ :‬إن ربكم يمق ب يعني يحببب‬
‫ب فلنا ً فأحبوه ب أرى شريكا ً قد قال‪ :‬فتنزل له المحبة فببي‬
‫الرض ب وإذا أبغض عبببدا ً قببال لجبريببل‪ :‬إنببي أبغببض فلنبا ً‬
‫فأبغضببه‪ ,‬قببال‪ :‬فينببادي جبريببل‪ :‬إن ربكببم يبغببض فلنببا ً‬
‫فأبغضببوه بب أرى شببريكا ً قببال ببب‪ :‬فيجببري لببه البغببض فببي‬
‫الرض« غريبببببببببببببب‪ ,‬ولبببببببببببببم يخرجبببببببببببببوه‪.‬‬
‫قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبببي‪ ,‬حببدثنا أبببو داود الحفببري‪,‬‬
‫حدثنا عبد العزيز ب يعني ابن محمد ب وهببو الببدراوردي عببن‬
‫سهيل بن أبي صالح‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن أبي هريرة رضببي اللببه‬
‫عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قببال‪» :‬إذا أحببب اللببه‬
‫عبدا ً نادى جبريل‪ :‬إني قد أحببت فلنا ً فأحبه‪ ,‬فينببادي فببي‬
‫السماء‪ ,‬ثم ينزل له المحبة في أهببل الرض‪ ,‬فببذلك قببول‬
‫الله عز وجل‪} :‬إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل‬
‫لهم الرحمن ودًا{‪ ,‬رواه مسلم والترمذي‪ ,‬كلهما عن عبببد‬
‫الله عن قتيبة‪ ,‬عن الدراوردي به‪ .‬وقببال الترمببذي‪ :‬حسببن‬
‫صبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببحيح‪.‬‬
‫وقال علي بببن أبببي طلحببة عببن ابببن عببباس فببي قببوله‪:‬‬
‫}سيجعل لهم الرحمن ودًا{ قال‪ :‬حبًا‪ ,‬وقال مجاهببد عنببه‪:‬‬
‫}سيجعل لهم الرحمن ودًا{‪ ,‬قال‪ :‬محبببة فببي النبباس فببي‬
‫الدنيا‪ ,‬وقال سعيد بن جبير عنه‪ ,‬يحبهم ويحببهم‪ ,‬يعني إلى‬
‫خلقه المؤمنين‪ ,‬كما قال مجاهد أيضا ً والضببحاك وغيرهببم‪.‬‬
‫وقال العوفي عن ابن عببباس أيضبًا‪ :‬الببود مببن المسببلمين‬

‫‪947‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫في الدنيا والرزق الحسن واللسان الصببادق‪ .‬وقببال قتببادة‬
‫}إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهببم الرحمببن‬
‫ودًا{ إيْ والله في قلوب أهل اليمببان‪ ,‬وذكببر لنببا أن هببرم‬
‫بن حيان كان يقول‪ :‬ما أقبل عبد بقلبه إلببى اللببه إل أقبببل‬
‫الله بقلوب المؤمنين إليه حببتى يرزقببه مببودتهم ورحمتهببم‬
‫وقال قتادة‪ :‬وكان عثمان بن عفان رضي الله عنببه يقببول‪:‬‬
‫ما من عبد يعمل خيرا ً أو شرا ً إل كساه الله عز وجل رداء‬
‫عملبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببه‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم رحمه الله‪ :‬حببدثنا أحمببد بببن سببنان‪,‬‬
‫حدثنا عبد الرحمن بببن مهببدي عببن الربيببع بببن صبببيح عببن‬
‫الحسن البصري رحمه الله قال‪ :‬قال رجل‪ :‬واللببه لعبببدن‬
‫الله عبادة أذكر بها‪ ,‬فكان ل يرى في حين صببلة إل قائم با ً‬
‫يصلي‪ ,‬وكان أول داخل إلى المسجد وآخر خارج‪ ,‬فكببان ل‬
‫يعظم‪ ,‬فمكث بذلك سبعة أشهر‪ ,‬وكان ل يمببر علببى قببوم‬
‫إل قالوا‪ :‬انظببروا إلببى هببذا المببرائي‪ ,‬فأقبببل علببى نفسببه‬
‫فقال‪ :‬ل أراني أذكر إل بشر‪ ,‬لجعلن عملببي كلببه للببه عببز‬
‫وجل‪ ,‬فلم يزد على أن قلبب نيتبه‪ ,‬ولبم يبزد علبى العمبل‬
‫الذي كان يعمله‪ ,‬فكان يمر بعد بالقوم فيقولون‪ :‬رحم الله‬
‫لن‪ ,‬وتل الحسن }إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات‬ ‫فلنا ً ا َ‬
‫سيجعل لهم الرحمببن ودًا{ وقببد روى ابببن جريببر أن هببذه‬
‫لية نزلت في هجرة عبد الرحمن بببن عببوف‪ ,‬وهببو خطببأ‪,‬‬ ‫ا َ‬
‫فإن هذه السورة بكمالها مكية لببم ينببزل منهببا شببيء بعببد‬
‫الهجببببرة‪ ,‬ولببببم يصببببح سببببند ذلببببك‪ ,‬واللببببه أعلببببم‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬فإنما يسرناه{ يعني القببرآن }بلسببانك{ أي يببا‬
‫محمد وهو اللسان العربي المبين الفصيح الكامل }لتبشببر‬
‫بببه المتقيببن{ أي المسببتجيبين للببه‪ ,‬المصببدقين لرسببوله‪,‬‬
‫}وتنبذر ببه قومبا ً لبدًا{ أي عوجبا ً عبن الحبق مبائلين إلبى‬
‫الباطل وقال ابببن أبببي نجيببج عببن مجاهببد }قومبا ً لببدًا{ ل‬
‫يستقيمون وقال الثوري عن إسببماعيل وهببو السببدي عببن‬
‫أبي صالح }وتنذر به قومبا ً لببدًا{ عوجبا ً عببن الحببق‪ ,‬وقببال‬
‫الضحاك‪ :‬اللد الخصم‪ .‬وقال القرظي‪ :‬اللد الكذاب‪ .‬وقال‬
‫الحسن البصري }قوما ً لدًا{ صمًا‪ ,‬وقال غيببره‪ :‬صببم آذان‬

‫‪948‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫القلوب‪ .‬وقال قتادة‪ :‬قوما ً لدا ً يعني قريشا ً وقببال العببوفي‬
‫عن ابن عباس }قوما ً لدًا{ فجارًا‪ ,‬وكذا روى ليث بن أبببي‬
‫سبببببببببببببببببببليم عبببببببببببببببببببن مجاهبببببببببببببببببببد‪.‬‬
‫وقال ابن زيد‪ :‬اللد الظلوم‪ ,‬وقرأ قوله تعالى‪} :‬وهو ألببد‬
‫الخصام{‪ .‬وقوله‪} :‬وكم أهلكنا قبلهم مببن قببرن{ أي مببن‬
‫أمة كفروا بآيات الله وكذبوا رسله }هل ُتحبس منهبم مبن‬
‫أحد أو تسمع لهم ركزًا{ أي هل ترى منهم أحبدا ً أو تسبمع‬
‫لهم ركزًا‪ .‬وقال ابن عباس وأبو العالية وعكرمة والحسببن‬
‫البصري وسعيد بن جبير والضحاك وابن زيد‪ :‬يعنببي صببوتًا‪,‬‬
‫وقال الحسن وقتادة‪ :‬هل ترى عينا ً أو تسمع صوتًا‪ ,‬والركز‬
‫فببببببي أصببببببل اللغببببببة هببببببو الصببببببوت الخفببببببي‪.‬‬
‫قببببببببببببببببببببببببببببببال الشبببببببببببببببببببببببببببببباعر‪:‬‬
‫فتوجسببت ركببز النيببس فراعهبباعن ظهببر غيببب والنيببس‬
‫سبببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببقامها‬
‫آخر تفسير سورة مريببم وللببه الحمببد والمنببة ويتلببوه إن‬
‫شبببباء اللببببه تفسببببير سببببورة طببببه والحمببببد للببببه‪.‬‬

‫‪949‬‬

You might also like