You are on page 1of 1193

‫ملتقى أهل الحديث‬

‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫تفسير القران العظيم‬


‫للمام الحافظ عماد الدين ‪،‬‬
‫أبو الفداء اسماعيل بن كثير‬
‫القرشى الدمشقي‬

‫المتوفى سنة ‪‍ 774‬‬


‫ه‬
‫الجزء الخامس‬
‫من سورة الزمر إلى سورة الناس‬

‫ملتقى أهل الحديث‬


‫ُ‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫سورة الزمر‬
‫وهيييييييييييييييييييييييييييييييييي مكيييييييييييييييييييييييييييييييييية‬
‫قال النسائي حدثنا محميد بين النضير بين مسياور حيدثنا‬
‫حماد عن مروان أبي لبابيية عيين عائشيية رضييي اللييه عنهييا‬

‫‪1‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قالت‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصييوم حييتى‬
‫نقول‪ :‬ما يريد أن يفطر‪ ,‬ويفطر حييتى نقييول‪ :‬مييا يريييد أن‬
‫يصوم‪ ,‬وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ في كل ليليية بنييي‬
‫إسييييييييييييييييييييييييييييرائيل والزميييييييييييييييييييييييييييير‪.‬‬

‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫ك‬ ‫كيم ِ * إ ِّنآ َأنَزل ْن َييآ إ ِل َي ْي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫زيزِ ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ن الل ّهِ ال ْعَ‬ ‫م َ‬ ‫ب ِ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫زي ُ‬ ‫ِ‬ ‫** َتن‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫دي ُ‬ ‫ن * أل َ ل ِل ّهِ اليي ّ‬ ‫دي ِ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫خِلصا ً ل ّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫حقّ َفاعْب ُدِ الل ّ َ‬ ‫ب ِبال ْ َ‬ ‫ال ْك َِتا َ‬
‫َ‬
‫م إ ِل ّ‬ ‫مييا ن َعْب ُيد ُهُ ْ‬ ‫دون ِيهِ أوْل ِي َييآَء َ‬ ‫ميين ُ‬ ‫ذوا ْ ِ‬ ‫خي ُ‬ ‫ن ات ّ َ‬‫ذي َ‬ ‫ص َوال ّي ِ‬ ‫خييال ِ ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ه‬
‫م ِفي ِ‬ ‫ما هُ ْ‬ ‫م ِفي َ‬ ‫م ب َي ْن َهُ ْ‬ ‫حك ُ ُ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ى إِ ّ‬ ‫َ‬ ‫ل ِي َُقّرُبوَنآ إ َِلى الل ّهِ ُزل َْف‬
‫َ‬
‫كي يّفاٌر * ل ّيوْ أَراد َ‬ ‫ب َ‬ ‫ن هُ يوَ ك َيياذِ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ل َ ي َهْ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫خت َل ُِفو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫َ‬
‫و‬
‫ه هُ َ‬ ‫حان َ ُ‬
‫سب ْ َ‬ ‫شآُء ُ‬ ‫ما ي َ َ‬‫خل ُقُ َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ى ِ‬ ‫صطَف َ‬
‫خذ َ وََلدا ً ل ّ ْ َ‬ ‫ه أن ي َت ّ ِ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫حييييييييييييييييييد ُ ال َْقّهيييييييييييييييييياُر‬ ‫وا ِ‬ ‫ه ال ْ َ‬‫الّليييييييييييييييييي ُ‬
‫يخبر تعالى أن تنزيل هذا الكتيياب وهييو القييرآن العظيييم‬
‫من عنده تبارك وتعالى فهييو الحييق الييذي ل مرييية فيييه ول‬
‫شك كما قال عز وجل‪} :‬وإنه لتنزيل رب العالمين * نييزل‬
‫بييه الييروح المييين * علييى قلبييك لتكييون ميين المنييذرين *‬
‫بلسان عربي مبين{ وقييال تبييارك وتعييالى‪} :‬وإنييه لكتيياب‬
‫عزيز * ل يأتيه الباطل من بين يييديه ول ميين خلفييه تنزيييل‬
‫من حكيم حميد{ وقال جل وعل هييا هنييا‪} :‬تنزيييل الكتيياب‬
‫ميين اللييه العزيييز{ أي المنيييع الجنيياب }الحكيييم{ أي فييي‬
‫أقواله وأفعيياله وشييرعه وقييدره }إنييا أنزلنييا إليييك الكتيياب‬
‫بالحق فاعبد الله مخلصا ً له الدين{ أي فاعبد الله وحده ل‬
‫شييريك لييه وادع الخلييق إلييى ذلييك وأعلمهييم أنييه ل تصييلح‬
‫العبادة إل له وحده وأنه ليس له شريك ول عديل ول نديييد‬
‫ولهذا قال تعالى‪} :‬أل لله الدين الخالص{ أي ل يقبل ميين‬
‫العمل إل ما أخلص فيييه العامييل لليه وحييده ل شييريك ليه‪.‬‬
‫وقييال قتييادة فييي قييوله تبييارك وتعييالى‪} :‬أل للييه الييدين‬
‫الخالص{ شهادة أن ل إله إل الله ثم أخييبر عييز وجييل عيين‬
‫عباد الصنام من المشركين أنهم يقولون }مييا نعبييدهم إل‬

‫‪2‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليقربونا إلى الله زلفييى{ أي إنمييا يحملهييم علييى عبييادتهم‬
‫لهم أنهم عمدوا إلى أصنام اتخييذوها علييى صييور الملئكيية‬
‫المقربين في زعمهم فعبدوا تلك الصور تنزيل ً لذلك منزلة‬
‫عبادتهم الملئكة ليشفعوا لهم عند الله تعالى في نصييرهم‬
‫ورزقهم وما ينييوبهم ميين أمييور الييدنيا فأمييا المعيياد فكييانوا‬
‫جاحدين له كافرين به‪ .‬قال قتادة والسدي ومالك عن زيييد‬
‫بيين أسييلم وابيين زيييد‪} :‬إل ليقربونييا إلييى الليه زلفييى{ أي‬
‫ليشفعوا لنا ويقربونا عنده منزلة ولهذا كيانوا يقوليون فيي‬
‫تلبيتهم إذا حجوا في جاهليتهم لبيك ل شريك لك إل شريكا ً‬
‫هو لك تملكه وما ملك‪ .‬وهذه الشييبهة هييي الييتي اعتمييدها‬
‫المشركون قديم الدهر وحديثه وجيياءتهم الرسييل صييلوات‬
‫الله وسلمه عليهم أجمعين برّدهييا والنهييي عنهييا والييدعوة‬
‫ن هييذا شيييء‬ ‫إلى إفراد العبادة لله وحييده ل شييريك لييه وأ ّ‬
‫اخترعه المشركون من عند أنفسهم لم يأذن اللييه فيييه ول‬
‫رضي به بل أبغضه ونهى عنييه }ولقييد بعثنييا فييي كييل أميية‬
‫رسول ً أن اعبدوا اللييه واجتنبييوا الطيياغوت{ }ومييا أرسييلنا‬
‫ميين قبلييك ميين رسييول إل نييوحي إليييه أنييه ل إلييه إل أنييا‬
‫فاعبييدون{ وأخييبر أن الملئكيية الييتي فييي السييموات ميين‬
‫الملئكيية المقربييين وغيرهييم كلهييم عبيييد خاضييعون للييه ل‬
‫يشفعون(عنده إل بإذنه لمن ارتضى وليسوا عنده كالمراء‬
‫عند ملوكهم يشفعون عندهم بغير إذنهم فيما أحبه الملوك‬
‫وأبوه }فل تضربوا لله المثال{ تعالى الله عن ذلييك علييوا ً‬
‫كيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييبيرًا‪.‬‬
‫وقوله عز وجل‪} :‬إن الله يحكم بينهم{ أي يييوم القياميية‬
‫}فيما هم فيييه يختلفييون{ أي سيفصييل بييين الخلئق يييوم‬
‫معادهم ويجزي كل عامل بعمله }ويييوم نحشييرهم جميع يا ً‬
‫ثييم نقييول للملئكيية َأهييؤلء إييياكم كييانوا يعبييدون ؟ قييالوا‬
‫سييبحانك أنييت ولينييا ميين دونهييم بييل كييانوا يعبييدون الجيين‬
‫أكثرهم بهم مؤمنون{ وقوله عز وجل‪} :‬إن اللييه ل يهييدي‬
‫من هو كاذب كفار{ أي ل يرشد إلييى الهداييية ميين قصييده‬
‫الكذب والفتراء على الله تعالى وقلبه كافر بآياته وحججه‬
‫وبراهينه‪ ,‬ثم بين تعييالى أنييه ل ولييد لييه كمييا يزعمييه جهليية‬

‫‪3‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المشركين في الملئكة والمعاندون من اليهييود والنصييارى‬
‫في العزير وعيسى فقال تبارك وتعالى‪} :‬لييو أراد اللييه أن‬
‫يتخذ ولدا ً لصطفى مما يخلق مييا يشيياء{ أي لكييان الميير‬
‫على خلف مييا يزعمييون وهييذا شييرط ل يلييزم وقييوعه ول‬
‫جييوازه بييل هييو محييال وإنمييا قصييد تجهيلهييم فيمييا ادعييوه‬
‫وزعمييوه كمييا قييال عييز وجييل‪} :‬لييو أردنييا أن نتخييذ لهييوا ً‬
‫لتخذناه من لدنا إن كنا فيياعلين{ }قييل إن كييان للرحميين‬
‫ولد فأنا أول العابدين{ كل هذا ميين بيياب الشييرط ويجييوز‬
‫تعلييييق الشيييرط عليييى المسيييتحيل لمقصيييد المتكليييم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬سبحانه هو الله الواحد القهار{ أي تعالى‬
‫وتنزه وتقدس عن أن يكييون لييه ولييد‪ ,‬فييإنه الواحييد الحييد‬
‫الفرد الصمد‪ ,‬الذي كييل شيييء عبييد لييديه فقييير إليييه وهييو‬
‫الغنييي عمييا سييواه الييذي قييد قهيير الشييياء فييدانت وذلييت‬
‫وخضعت تبارك وتعالى عما يقييول الظييالمون والجاحييدون‬
‫علييييييييييييييييييييييييييييييييوا ً كييييييييييييييييييييييييييييييييبيرًا‪.‬‬

‫ل عََلى الن َّهياِر‬ ‫حقّ ي ُك َوُّر الل ّْيي َ‬ ‫ض ِبال ْ َ‬ ‫ت َوالْر َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫خل َقَ ال ّ‬ ‫** َ‬
‫ل‬ ‫كي ي ّ‬‫م يَر ُ‬ ‫س َوال َْق َ‬ ‫م َ‬ ‫شي ْ‬ ‫خي يَر ال ّ‬ ‫س ّ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫وَي ُك َوُّر الّنيَهاَر عَل َييى الل ّي ْي ِ‬
‫َ‬
‫ميين‬ ‫م ّ‬ ‫خل ََقك ُي ْ‬ ‫زيُز ال ْغَّفيياُر * َ‬ ‫ِ‬ ‫مى أل هُوَ ال ْعَ‬ ‫سي ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ّ‬ ‫جي ٍ‬ ‫ري ل َ‬ ‫ج ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫َ‬
‫ن الن ْعَييام ِ‬ ‫مي َ‬ ‫م ّ‬ ‫ل ل َك ُي ْ‬‫جَها وَأنَز َ‬ ‫من َْها َزوْ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫جع َ َ‬ ‫م َ‬ ‫حد َةٍ ث ُ ّ‬ ‫س َوا ِ‬ ‫ن ّْف ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ميين ب َعْ يدِ‬ ‫خْلق يا ً ّ‬ ‫م َ‬ ‫مَهات ِ ُ‬
‫كي ي ْ‬ ‫نأ ّ‬ ‫م ِفي ب ُط ُييو ِ‬ ‫خل ُُقك ُ ْ‬ ‫ج يَ ْ‬ ‫ة أْزَوا ٍ‬ ‫مان ِي َ َ‬ ‫ثَ َ‬
‫ه إ ِل ّ‬‫ك ل إ َِلـ َ‬ ‫مل ْ ُ‬
‫ه ال ْ ُ‬‫م لَ ُ‬ ‫ه َرب ّك ُ ْ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ث ذ َل ِك ُ ُ‬ ‫ت ث َل َ ٍ‬ ‫ما ٍ‬ ‫ق ِفي ظ ُل ُ َ‬ ‫ٍ‬
‫خل ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫صييييييييييييييييييَرُفو َ‬
‫ن‬ ‫ى تُ ْ‬ ‫هييييييييييييييييييوَ َفييييييييييييييييييأن ّ َ‬ ‫ُ‬
‫يخبر تعالى أنه الخييالق لمييا فييي السييموات والرض ومييا‬
‫بين ذلك مين الشيياء وبيأنه مالييك المليك المتصيرف فييه‬
‫يقلب ليله ونهاره }يكور الليييل علييى النهييار ويكييور النهييار‬
‫على الليل{ أي سخرهما يجريان متعيياقبين ل يفييتران كييل‬
‫لخيير طلب يا ً حثيث يا ً كقييوله تبييارك وتعييالى‪:‬‬ ‫منهمييا يطلييب ا َ‬
‫}يغشي الليل النهار يطلبه حثيثًا{ هذا معنى مييا روي عيين‬
‫ابيين عبيياس رضييي اللييه عنهمييا ومجاهييد وقتييادة والسييدي‬
‫وغيرهم‪ .‬وقوله عز وجل‪} :‬وسييخر الشييمس والقميير كييل‬

‫‪4‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يجري لجل مسمى{ أي إلى مدة معلومة عند الله تعييالى‬
‫ثم ينقضييي يييوم القياميية }أل هييو العزيييز الغفييار{ أي مييع‬
‫عزته وعظمته وكبريائه وهو غفار لميين عصيياه ثييم تيياب أو‬
‫أنييييييييييييييييييييييييييييييييياب إلييييييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫وقوله جلييت عظمتييه‪} :‬خلقكييم ميين نفييس واحييدة{ أي‬
‫خلقكيييم ميييع اختلف أجناسيييكم وأصييينافكم وألسييينتكم‬
‫وألوانكم من نفس واحدة وهو آدم عليييه الصييلة والسييلم‬
‫}ثم جعل منها زوجها{ وهييي حييواء عليهييا السييلم كقييوله‬
‫تعالى‪} :‬يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكييم ميين نفييس‬
‫واحدة وخلق منها زوجا وبث منهمييا رجييال ً كييثيرا ً ونسيياء{‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وأنزل لكييم ميين النعييام ثمانييية أزواج{ أي‬
‫خلق لكم من ظهور النعام ثمانييية أزواج وهييي المييذكورة‬
‫في سيورة النعيام‪ ,‬ثمانيية أزواج مين الضيأن اثنيين ومين‬
‫المعز اثنين ومن البل اثنين ومن البقيير اثنييين وقييوله عييز‬
‫وجييل‪} :‬يخلقكييم فييي بطييون أمهيياتكم{ أي قييدركم فييي‬
‫بطون أمهاتكم }خلقا ً ميين بعييد خلييق{ يكييون أحييدكم أول ً‬
‫نطفة ثم يكون علقة ثييم يكييون مضييغة ثييم يخلييق فيكييون‬
‫لحما ً وعظما ً وعصبا ً وعروقا ً وينفخ فيه الروح فيصير خلقيا ً‬
‫آخيييييير }فتبييييييارك اللييييييه أحسيييييين الخييييييالقين{‪.‬‬
‫وقوله جل وعل‪} :‬في ظلمييات ثلث{ يعنييي فييي ظلميية‬
‫الرحم وظلمة المشيمة التي هي كالغشاوة والوقاية علييى‬
‫الولد وظلمة البطن‪ .‬كذا قال ابن عباس رضي الله عنهمييا‬
‫ومجاهد وعكرميية وأبييو مالييك والضييحاك وقتييادة والسييدي‬
‫وابن زيد‪ .‬وقوله جل جللييه‪} :‬ذلكييم اللييه ربكييم{ أي هييذا‬
‫الذي خلق السموات والرض ومييا بينهمييا وخلقكييم وخلييق‬
‫آباءكم هو الرب له الملك والتصرف في جميع ذلك }ل إله‬
‫إل هو{ أي الذي ل تنبغي العبادة إل له وحده ل شييريك لييه‬
‫}فييأنى تصييرفون{ أي فكيييف تعبييدون معييه غيييره ؟ أييين‬
‫ييييييييييييييييييييييييييييذهب بعقيييييييييييييييييييييييييييولكم ؟(‬

‫‪5‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ى ل ِعَِبادِهِ ال ْك ُْف يَر‬ ‫ض َُ‬ ‫م وَل َ ي َْر َ‬ ‫عنك ُ ْ‬ ‫ي َ‬ ‫ه غَن ِ ّ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫** ِإن ت َك ُْفُروا ْ فَإ ِ ّ‬
‫ى‬ ‫خيَرىَ ث ُي ّ َ‬ ‫م وَل َ ت َزُِر َوازَِرةٌ وِْزَر أ ْ‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬ ‫شك ُُروا ْ ي َْر َ‬ ‫وَِإن ت َ ْ‬
‫م إ ِل ي َ‬ ‫ض ُ‬
‫ت‬ ‫ذا ِ‬ ‫م ِبيي َ‬‫ه عَِلييي ٌ‬ ‫ن إ ِن ّ ُ‬‫مُلو َ‬ ‫م ت َعْ َ‬ ‫ما ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫م بِ َ‬‫كي ْ‬ ‫م فَي ُن َب ّئ ُ ُ‬ ‫كي ْ‬ ‫جع ُ ُ‬‫مْر ِ‬ ‫م ّ‬ ‫َرب ّك ُ ْ‬
‫ذا‬ ‫م إِ َ‬ ‫مِنيبا ً إ ِل َي ْهِ ث ُي ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫عا َرب ّ ُ‬‫ضّر د َ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫سا َ‬ ‫لن َ‬‫سا ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫دورِ * وَإ ِ َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ل ل ِّلي ِ‬
‫ه‬ ‫جع َ َ‬‫ل وَ َ‬ ‫من قَب ْ ُ‬ ‫ن ي َد ْعُوَ إ ِل َي ْهِ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ي َ‬ ‫س َ‬ ‫ه نَ ِ‬ ‫من ْ ُ‬‫ة ّ‬ ‫م ً‬‫ه ن ِعْ َ‬ ‫خوّل َ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫مي ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫ك قَِليل ً إ ِن ّي َ‬ ‫مت ّيعْ ب ِك ُْفيرِ َ‬ ‫ل تَ َ‬ ‫سيِبيل ِهِ قُي ْ‬ ‫ل عَيين َ‬ ‫ض ّ‬ ‫دادا ً ل ّي ُ ِ‬ ‫أن َ‬
‫َ‬
‫ب الن ّيييييييييييييييييييييييييييييييارِ‬ ‫حا ِ‬ ‫صييييييييييييييييييييييييييييييي َ‬ ‫أ ْ‬
‫يقول تبارك وتعالى مخبرا ً عن نفسه تبارك وتعييالى أنييه‬
‫الغني عما سواه من المخلوقييات كمييا قييال موسييى عليييه‬
‫الصلة والسلم }إن تكفروا أنتم وميين فييي الرض جميعيا ً‬
‫فإن الله لغني حميد{ وفي صحيح مسلم »يا عبادي لو أن‬
‫أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل‬
‫منكم ما نقص ذلك من ملكي شيييئًا«‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬ول‬
‫يرضى لعباده الكفر{ أي ل يحبه ول يأمر به }وإن تشكروا‬
‫يرضه لكيم{ أي يحبيه لكيم ويزدكيم مين فضيله }ول تيزر‬
‫وازرة وزر أخرى{ أي ل تحمل نفس عين نفيس شييئا ً بيل‬
‫كل مطالب بأمر نفسه }ثم إليى ربكيم مرجعكيم فينيبئكم‬
‫بما كنتم تعملون إنه عليييم بييذات الصييدور{ أي فل تخفييى‬
‫عليييييييييييييييييييييييييييييييييه خافييييييييييييييييييييييييييييييييية‪.‬‬
‫وقوله عز وجل‪} :‬وإذا مس النسان ضر دعييا ربييه منيب يا ً‬
‫إليييه{ أي عنييد الحاجيية يتضييرع ويسييتغيث بييالله وحييده ل‬
‫شريك له كما قال تعالى‪} :‬وإذا مسييكم الضيير فييي البحيير‬
‫ضل من تييدعون إل إييياه فلمييا نجيياكم إلييى الييبر أعرضييتم‬
‫وكان النسان كفورًا{ ولهذا قييال تبييارك وتعييالى‪} :‬ثييم إذا‬
‫خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبييل{ أي فييي‬
‫حال الرفاهية ينسى ذلك الييدعاء والتضييرع كمييا قييال جييل‬
‫جلله‪} :‬وإذا مس النسان الضر دعانييا لجنبييه أو قاعييدا ً أو‬
‫قائما ً فلما كشفنا عنييه ض يّره ميير كييأن لييم يييدعناإلى ضيير‬
‫مسيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه{‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وجعل لله أنييدادا ً ليضييل عيين سييبيله{ أي‬
‫في حال العافية يشرك بالله ويجعل له أنييدادا ً }قييل تمتييع‬
‫بكفرك قليل ً إنييك ميين أصييحاب النييار{ أي قييل لميين هييذه‬

‫‪6‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حييالته وطريقتييه ومسييلكه تمتييع بكفييرك قليل ً وهييو تهديييد‬
‫شديد ووعيد أكيد كقوله تعالى‪} :‬قل تمتعوا فإن مصيركم‬
‫إلى النار{ وقوله تعالى‪} :‬نمتعهم قليل ً ثم نضييطرهم إلييى‬
‫عييييييييييييييييييييييييييييييذاب غليييييييييييييييييييييييييييييييظ{‪.‬‬

‫َ‬
‫ح يذ َُر ال َ ِ‬
‫خ يَرةَ‬ ‫جدا ً وََقآِئم يا ً ي َ ْ‬‫سييا ِ‬‫ل َ‬ ‫ت آَنآَء الل ّي ْي ِ‬‫ن هُوَ َقان ِ ٌ‬ ‫م ْ‬‫** أ ّ‬
‫ن لَ‬‫ذي َ‬ ‫ن َوال ّ ِ‬
‫مو َ‬ ‫ن ي َعْل َ ُ‬ ‫وي ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ِ‬ ‫ست َ‬ ‫ل هَ ْ‬
‫ل يَ ْ‬ ‫ة َرب ّهِ قُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫جوا ْ َر ْ‬
‫ح َ‬ ‫وَي َْر ُ‬
‫ُ‬
‫مييييييييا ي َت َييييييييذ َك ُّر أوْل ُييييييييو الل ْب َييييييييا ِ‬
‫ب‬ ‫ن إ ِن ّ َ‬‫مييييييييو َ‬ ‫ي َعْل َ ُ‬
‫ن هذه صفته كمن أشرك بييالله وجعييل‬ ‫م ْ‬‫يقول عز وجل أ ّ‬
‫له أندادًا‪ ,‬ل يستوون عنييد اللييه كمييا قييال تعييالى‪} :‬ليسييوا‬
‫سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل‬
‫وهم يسجدون{ وقال تبارك وتعالى ههنا‪} :‬أمن هو قييانت‬
‫آناء الليل ساجدا ً وقائمًا{ أي في حال سجوده وفييي حييال‬
‫لية ميين ذهييب إلييى أن القنييوت‬ ‫قيامه ولهذا استدل بهذه ا َ‬
‫هو الخشوع في الصلة وليس هو القيام وحده كمييا ذهييب‬
‫إليه آخرون‪ .‬وقال الثيوري عين فيراس عين الشيعبي عين‬
‫مسروق عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قييال‪ :‬القييانت‬
‫المطيع لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم وقال‬
‫ابن عباس رضي الله عنهما والحسن والسدي وابيين زيييد‪:‬‬
‫آناء الليل جوف الليل‪ .‬وقال الثوري عيين منصييور بلغنييا أن‬
‫ذلك بين المغرب والعشاء‪ ,‬وقال الحسن وقتادة آناء الليل‬
‫لخييرة ويرجييو‬ ‫أوله وأوسطه وآخره‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬يحذر ا َ‬
‫رحميية ربييه{ أي فييي حييال عبييادته خييائف راج ول بييد فييي‬
‫العبادة من هذا وهذا وأن يكون الخوف في مدة الحياة هو‬
‫لخرة ويرجو رحمة ربه{‬ ‫الغالب ولهذا قال تعالى‪} :‬يحذر ا َ‬
‫فإذا كان عند الحتضار فليكن الرجاء هو الغالب عليه كمييا‬
‫قال المام عبد بن حميد في مسنده‪ :‬حدثنا يحيى بيين عبييد‬
‫الحميد حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا ثابت عن أنس رضي‬
‫الله عنه قال‪ :‬دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على‬
‫رجل وهو في الموت فقييال لييه‪» :‬كيييف تجييدك ؟« فقييال‪:‬‬
‫أرجو وأخاف‪ ,‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ل‬

‫‪7‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يجتمعان في قلب عبد فييي مثييل هييذا المييوطن إل أعطيياه‬
‫اللييه عييز وجييل الييذي يرجييو وأمنييه الييذي يخييافه«‪ .‬رواه‬
‫الترمذي والنسائي في اليوم والليلة وابن ماجه من حديث‬
‫سيار بن حاتم عن جعفر بيين سييليمان بييه وقييال الترمييذي‬
‫غريب‪ ,‬وقد رواه بعضهم عين ثيابت عين أنيس عين النيبي‬
‫ل‪.‬‬‫مرسييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ً‬
‫وقال ابن أبي حيياتم‪ :‬حييدثنا عميير بيين شيييبة عيين عبيييدة‬
‫النميري حدثنا أبو خلف بيين عبييد اللييه بيين عيسييى الخييراز‬
‫حدثنا يحيى البكاء أنه سمع ابن عمر رضي الله عنهما يقرأ‬
‫لخييرة‬‫}أمن هييو قييانت آنيياء الليييل سيياجدا ً وقائميا ً يحييذر ا َ‬
‫ويرجو رحمة ربه{ قييال ابيين عميير ذاك عثمييان بيين عفييان‬
‫رضي الله عنه وإنما قال ابن عمر رضي اللييه عنهمييا ذلييك‬
‫لكثرة صلة أمير المؤمنين عثمان رضييي اللييه عنييه بالليييل‬
‫وقراءته حتى إنه ربما قرأ القرآن في ركعة كما روى ذلييك‬
‫أبييو عبيييدة عنييه رضييي اللييه تعييالى عنييه‪ ,‬وقييال الشيياعر‪:‬‬
‫ضييحوا بأشييمط عنييوان السييجود بهيقطييع الليييل تسييبيحا ً‬
‫وقرآنيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييا‬

‫ي الربيع بن نافع حدثنا الهيثييم‬ ‫وقال المام أحمد‪ :‬كتب إل ّ‬


‫بن حميد عن زيد بن واقييد عيين سييليمان بيين موسييى عيين‬
‫كثير بن مرة عن تميم الداري رضي اللييه عنييه قييال‪ :‬قييال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬من قرأ بمائة آية فييي‬
‫ليلة كتب له قنوت ليليية« وكييذا رواه النسييائي فييي اليييوم‬
‫والليلة عن إبراهيم بن يعقوب عيين عبييد اللييه بيين يوسييف‬
‫والربيع بن نافع كلهمييا عيين الهيثييم بيين حميييد بييه‪ .‬وقييوله‬
‫تعالى‪} :‬قل هل يستوي الذين يعلمون والذين ل يعلمون{‬
‫أي هل يستوي هذا والذي قبله ممن جعل لله أندادا ً ليضل‬
‫عن سبيله }إنما يتذكر أولو اللباب{ أي إنما يعلييم الفييرق‬
‫بييين هييذا وهييذا ميين لييه لييب وهييو العقييل‪ ,‬واللييه أعلييم‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سيُنوا ْ فِييي‬ ‫ل يعِباد ال ّذين آمنييوا ْ اتُقييوا ْ ربك ُيم ل ِل ّيذي َ‬
‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ ّ ْ‬ ‫ّ‬ ‫** قُ ْ َ َ ِ ِ َ َ ُ‬
‫هـذه الدنيا حسن ٌ َ‬
‫ن‬‫صيياب ُِرو َ‬‫ما ي ُوَّفى ال ّ‬ ‫ة إ ِن ّ َ‬‫سع َ ٌ‬ ‫ض الل ّهِ َوا ِ‬ ‫ة وَأْر ُ‬ ‫َ ِ ِ َّْ َ َ َ‬
‫خِلصا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫م ْ‬‫ه ُ‬‫ن أعْب ُد َ الل ّ َ‬ ‫تأ ْ‬ ‫مْر ُ‬ ‫يأ ِ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫ب * قُ ْ‬ ‫سا ٍ‬‫ح َ‬‫م ب ِغَي ْرِ ِ‬
‫جَرهُ ْ‬‫أ ْ‬
‫ن‬
‫مي َ‬
‫سييييل ِ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫ن أ َوّ َ‬ ‫كييييو َ‬ ‫ن أَ ُ‬ ‫تل ْ‬ ‫مييييْر ُ‬
‫ُ‬
‫ن * وَأ ِ‬ ‫دي َ‬
‫ه اليييي ّ‬ ‫ّليييي ُ‬
‫يقول تعالى آمرا ً عباده المؤمنين بالستمرار على طاعته‬
‫وتقواه }قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسيينوا‬
‫في هذه الدنيا حسيينة{ أي لميين أحسيين العمييل فييي هييذه‬
‫الدنيا حسنة فييي دنييياهم وأخراهييم‪ ,‬وقييوله‪} :‬وأرض اللييه‬
‫واسييعة{ قييال مجاهييد‪ :‬فهيياجروا فيهييا وجاهييدوا واعييتزلوا‬
‫الوثان‪ ,‬وقال شييريك عيين منصييور عيين عطيياء فييي قييوله‬
‫تبارك وتعالى‪} :‬وأرض الله واسعة{ قييال‪ :‬إذا دعيتييم إلييى‬
‫معصييية فيياهربوا ثييم قييرأ }ألييم تكيين أرض اللييه واسييعة‬
‫فتهيياجروا فيهييا{ وقييوله تعييالى‪} :‬إنمييا يييوفى الصييابرون‬
‫أجرهم بغير حساب{ قيال الوزاعيي لييس ييوزن لهيم ول‬
‫يكال لهم إنما يغرف لهم غرفًا‪ ,‬وقال ابن جريج بلغني أنييه‬
‫ل يحسب عليهم ثيواب عملهيم قيط‪ ,‬ولكين ييزادون عليى‬
‫ذلك‪ ,‬وقال السييدي }إنمييا يييوفى الصييابرون أجرهييم بغييير‬
‫حساب{ يعني في الجنة‪ .‬وقوله‪} :‬قل إني أمرت أن أعبد‬
‫الله مخلصا ً له الدين{ أي إنما أمرت بإخلص العبييادة للييه‬
‫وحده ل شييريك لييه }وأمييرت لن أكييون أول المسييلمين{‬
‫قييال السييدي يعنييي ميين أمتييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪.‬‬

‫ل‬ ‫ظيم ٍ * قُ ِ‬ ‫ب ي َوْم ٍ عَ ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫ت َرّبي عَ َ‬ ‫صي ْ ُ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫ف إِ ْ‬ ‫خا ُ‬ ‫ي أَ َ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫** قُ ْ‬


‫الل ّ َ‬
‫ل‬‫دون ِهِ قُ ْ‬ ‫من ُ‬ ‫م ّ‬‫شئ ْت ُ ْ‬
‫ما ِ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫ه ِديِني * َفاعْب ُ ُ‬ ‫خِلصا ً ل ّ ُ‬ ‫م ْ‬‫ه أعْب ُد ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫مي ِ‬ ‫م الِقَيا َ‬ ‫م َييوْ َ‬ ‫م وَأهِْليهِ ْ‬ ‫سه ُ ْ‬‫سُروَا أنُف َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬‫خا ِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫إِ ّ‬
‫ن‬‫ميي َ‬ ‫ل ّ‬ ‫م ظ َُليي ٌ‬ ‫من فَوْقِهِ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ن * ل َهُ ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مِبي ُ‬ ‫سَرا ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫ك هُوَ ال ْ ُ‬ ‫أ َل َ ذ َل ِ َ‬
‫عب َيياد َهُ ي َعِب َييادِ‬
‫ه ب ِيهِ ِ‬ ‫ف الل ّي ُ‬ ‫خ يو ّ ُ‬ ‫ك يُ َ‬ ‫ل ذ َل ِي َ‬ ‫م ظ ُل َي ٌ‬ ‫حت ِهِ ْ‬
‫من ت َ ْ‬ ‫الّنارِ وَ ِ‬
‫َفييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييات ُّقو ِ‬
‫ن‬
‫يقول تعالى قل يا محمد وأنت رسول اللييه }إنييي أخيياف‬
‫إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم{ وهو يوم القيامة وهييذا‬
‫شرط معناه التعريض بغيره بطريق الولى والحرى }قييل‬

‫‪9‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله أعبد مخلصا ً ليه دينييي فاعبيدوا ميا شيئتم مين دونيه{‬
‫وهذا أيضا ً تهديد وتبّر منهم }قييل إن الخاسييرين{ أي إنمييا‬
‫الخاسرون كل الخسران }الذين خسروا أنفسهم وأهليهييم‬
‫يوم القيامة{ أي تفارقوا فل التقاء لهم أبييدا ً وسييواء ذهييب‬
‫أهلوهم إلى الجنة وقد ذهبوا هييم إلييى النييار أو أن الجميييع‬
‫أسكنوا النار ولكن ل اجتماع لهم ول سييرور }أل ذلييك هييو‬
‫الخسران المبين{ أي هييذا هييو الخسييران المييبين الظيياهر‬
‫الواضح ثم وصف حالهم في النار فقال‪} :‬لهم من فييوقهم‬
‫ظلل من النار ومن تحتهم ظلل{ كما قال عز وجل‪} :‬لهم‬
‫ميين جهنييم مهيياد * وميين فييوقهم غييواش وكييذلك نجييزي‬
‫الظيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييالمين{‪.‬‬
‫وقال تعالى‪} :‬يييوم يغشيياهم العييذاب ميين فييوقهم وميين‬
‫تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتييم تعملييون{ وقييوله جييل‬
‫جلله‪} :‬ذلك يخوف الله به عباده{ أي إنما يقص خبر هييذا‬
‫الكائن ل محالة ليخوف به عبيياده لينزجييروا عيين المحييارم‬
‫والمآثم‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬يا عباد فاتقون{ أي اخشوا بأسي‬
‫وسييييييييييييييطوتي وعييييييييييييييذابي ونقميييييييييييييييتي‪.‬‬

‫غوت َأن يعب يدو َ َ‬


‫ها وَأن َيياب ُوَا ْ إ ِل َييى الل ّيهِ‬ ‫َُْ ُ‬ ‫طا ُ َ‬ ‫جت َن َُبوا ْ ال ّ‬ ‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫** َوال ّ ِ‬
‫ن ال َْقييوْ َ‬
‫ل‬ ‫مُعو َ‬ ‫سييت َ ِ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫عَبييادِ * اّليي ِ‬ ‫شييْر ِ‬ ‫شييَرىَ فَب َ ّ‬ ‫م ال ْب ُ ْ‬‫ل َُهيي ُ‬
‫م أ ُوُْلو‬
‫ك هُ ْ‬‫ه وَأ ُوَْلـئ ِ َ‬ ‫م الل ّ ُ‬‫داهُ ُ‬ ‫ن هَ َ‬
‫ذي َ‬ ‫ه أ ُوَْلـئ ِ َ‬
‫ك ال ّ ِ‬ ‫سن َ ُ‬
‫ح َ‬
‫فَييتبعو َ‬
‫نأ ْ‬ ‫َ ُِّ َ‬
‫ب‬‫الل ْب َيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييا ِ‬

‫قال عبد الرحمن بن زيييد بيين أسييلم عيين أبيييه }والييذين‬


‫اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها{ نزلت في زيد بن عمرو بيين‬
‫نفيل وأبي ذر وسلمان الفارسي رضييي اللييه تعييالى عنهييم‬
‫والصحيح أنهييا شيياملة لهييم ولغيرهييم مميين اجتنييب عبييادة‬
‫الوثان وأناب إلى عبادة الرحميين فهييؤلء هييم الييذين لهييم‬
‫لخرة ثييم قييال عييز وجييل‪:‬‬‫البشرى في الحياة الدنيا وفي ا َ‬
‫}فبشر عباد * الذين يسيتمعون القيول فيتبعيون أحسيينه{‬
‫أي يفهمونه ويعملون بما فيه كقوله تبارك وتعالى لموسى‬

‫‪10‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليه الصلة والسلم حين آتاه التوراة }فخذها بقوة وأميير‬
‫قومك يأخذوا بأحسيينها{‪} .‬أولئك الييذين هييداهم اللييه{ أي‬
‫المتصفون بهذه الصفة هم الييذين هييداهم اللييه فييي الييدنيا‬
‫لخيييرة }وأولئك هيييم أوليييو اللبييياب{ أي ذوو العقيييول‬ ‫وا َ‬
‫الصيييييييييييييحيحة والفطييييييييييييير المسيييييييييييييتقيمة‪.‬‬

‫َ َ‬ ‫ة ال ْعَ َ‬ ‫َ‬
‫من فِييي الن ّيياِر‬ ‫ت ُتنِقذ ُ َ‬ ‫ب أفَأن َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫حقّ عَل َي ْهِ ك َل ِ َ‬
‫م ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫** أفَ َ‬
‫ة‬
‫مب ْن ِي ّ ٌ‬
‫ف ّ‬‫من فَوْقَِها غَُر ٌ‬ ‫ف ّ‬ ‫م غَُر ٌ‬ ‫م ل َهُ ْ‬ ‫ن ات َّقوا ْ َرب ّهُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫َ‬
‫* لـك ِ ِ‬
‫ميعَيياد َ‬ ‫ه ال ْ ِ‬
‫ف الل ّي ُ‬‫خل ِي ُ‬ ‫حت َِها الن ْهَيياُر وَعْيد َ الل ّيهِ ل َ ي ُ ْ‬ ‫من ت َ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫ج ِ‬
‫تَ ْ‬
‫يقول تعالى أفمن كتب الله أنه شقي تقدر تنقذه مما هو‬
‫فيه من الضلل والهلك ؟ أي ل يهييديه أحييد ميين بعييد اللييه‬
‫لنه من يضلل الله فل هادي له ومن يهده فل مضل له‪ .‬ثم‬
‫أخبر عز وجل عن عباده السعداء أن لهم غرفا ً فييي الجنيية‬
‫وهي القصور أي الشاهقة }من فوقها غرف مبنية{ طباق‬
‫فوق طباق مبنيات محكمات مزخرفات عاليات‪ .‬قييال عبييد‬
‫الله بن المام أحمد‪ :‬حدثنا عباد بن يعقوب السييدي حييدثنا‬
‫محمد بن فضيل عن عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمييان‬
‫بن سعد عن علي رضي الله عنه قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬إن في الجنة لغرفيا ً يييرى بطونهييا‬
‫من ظهورها وظهورها من بطونها« فقال أعرابي لمن هي‬
‫يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه وسلم‪» :‬لميين أطيياب‬
‫الكلم وأطعم الطعام وصلى بالليييل والنيياس نيييام« ورواه‬
‫الترمذي من حديث عبد الرحمن بن إسيحاق وقيال حسين‬
‫غريب‪ .‬وقد تكلم بعض أهييل العلييم فيييه ميين قبييل حفظييه‬
‫وقال المام أحمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن يحيى‬
‫بن أبي كثير عن ابن معانق أو أبي معانق عيين أبييي مالييك‬
‫الشعري رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬إن في الجنة لغرفا ً يرى ظاهرها من باطنهييا‬
‫وباطنها من ظاهرها أعدها الله تعالى لمن أطعييم الطعييام‬
‫وألن الكلم وتابع الصيام وصلى والنيياس نيييام« تفييرد بييه‬
‫أحمد من حديث عبد اللييه بيين معييانق الشييعري عيين أبييي‬

‫‪11‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مالك الشعري رضييي اللييه عنييه بييه‪ .‬وقييال المييام أحمييد‪:‬‬
‫حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب بيين عبييد الرحميين عيين‬
‫أبي حازم عن سهل بن سييعد رضييي اللييه عنييه أن رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬إن أهل الجنيية ليييتراءون‬
‫الغرفة في الجنة كما تراءون الكوكب فييي أفييق السييماء«‬
‫قال فحدثت بذلك النعمان بن أبي عياش فقال سمعت أبا‬
‫سعيد الخدري رضي الله عنه يقول‪» :‬كما تراءون الكوكب‬
‫الييذي فييي الفييق الشييرقي أو الغربييي« أخرجيياه فييي‬
‫الصييحيحين ميين حييديث أبييي حييازم وأخرجيياه أيضييا ً فييي‬
‫الصحيحين من حديث مالييك عيين صييفوان بيين سييليم عيين‬
‫عطاء بن يسار عن أبي سعيد رضي اللييه عنييه عيين النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ .‬وقييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا فييزارة‬
‫أخبرني فليح عن هلل بن علي عن عطيياء بيين يسييار عيين‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى اللييه عليييه‬
‫وسييلم قييال‪» :‬إن أهييل الجنيية ليييتراءون فييي الجنيية أهييل‬
‫الغرف كمييا تييراءون الكييوكب الييدري الغييارب فييي الفييق‬
‫الطالع في تفاضل أهل الدرجات ي فقييالوا يييا رسييول اللييه‬
‫أولئك النبيون ؟ فقال صلى الله عليه وسلم‪» :‬بلى والييذي‬
‫نفسييي بيييده أقييوام آمنييوا بييالله وصييدقوا الرسييل« ورراه‬
‫الترمذي عن سويد عن ابن المبييارك عيين فليييح بييه وقييال‬
‫حسن صحيح‪ .‬وقال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا أبييو النضيير وأبييو‬
‫كامل قال حدثنا زهير حدثنا سعد الطائي حدثنا أبو المييدله‬
‫مولى أم المؤمنين رضي الله عنهما أنييه سييمع أبييا هريييرة‬
‫رضي الله عنه يقييول‪ :‬قلنييا يييا رسييول اللييه إنييا إذا رأينيياك‬
‫لخييرة فييإذا فارقنيياك أعجبتنييا‬ ‫رقت قلوبنا وكنا ميين أهييل ا َ‬
‫الدنيا وشممنا النساء والولد قال صلى الله عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»لو أنكم تكونون علييى كييل حييال علييى الحييال الييتي أنتييم‬
‫عليهييا عنييدي لصييافحتكم الملئكيية بييأكفهم ولزارتكييم فييي‬
‫بيوتكم‪ ,‬ولو لم تذنبوا لجاء الله عز وجل بقوم يذنبون كييي‬
‫يغفر لهم« قلنا‪ :‬يا رسول الله حدثنا عن الجنة ما بناؤهييا ؟‬
‫قييال صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬لبنيية ذهييب ولبنيية فضيية‬
‫وملطها المسك الذفر وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وترابهييا‬

‫‪12‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الزعفران من يدخلها ينعيم ول يبيأس ويخلييد ول يمييوت‪ ,‬ل‬
‫تبلى ثييابه ول يفنيى شيبابه‪ ,‬ثلثية ل تيرد دعيوتهم‪ :‬الميام‬
‫العادل والصائم حتى يفطر ودعيوة المظليوم تحميل عليى‬
‫الغمام وتفتييح لهييا أبييواب السييموات ويقييول الييرب تبييارك‬
‫وتعالى وعزتي لنصييرنك ولييو بعييد حييين« وروى الترمييذي‬
‫وابن ماجه بعضه من حديث سعد بن أبييي مجاهييد الطييائي‬
‫وكان ثقة عن أبييي المييدله وكييان ثقيية بييه‪ .‬وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}تجري من تحتها النهار{ أي تسلك النهار من خلل ذلييك‬
‫كما يشاؤون وأين أرادوا }وعد الله{ أي هييذا الييذي ذكرنييا‬
‫وعييد الليه عبيياده المييؤمنين }إن اللييه ل يخلييف الميعيياد{‪.‬‬

‫ه ي َن َيياِبيعَ فِييي‬ ‫سل َك َ ُ‬


‫مآًء فَ َ‬ ‫مآِء َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه َأنَز َ‬
‫ل ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫َ‬
‫م ت ََر أ ّ‬
‫َ‬
‫** أل َ ْ‬
‫َ‬
‫ج َفي يت ََراهُ‬ ‫م ي َِهيييي ُ‬‫ه ث ُي ّ‬ ‫خت َِلف يا ً أل ْي َ‬
‫وان ُ ُ‬ ‫م ْ‬‫ج ب ِهِ َزْرعا ً ّ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫ض ثُ ّ‬ ‫الْر ِ‬
‫ك ل َيذِك َْرىَ ل ُوْل ِييي‬ ‫ن فِييي ذ َل ِي َ‬ ‫طام يا ً إ ِ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ه ُ‬‫جعَل ُي ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫صَفي يّرا ً ث ُي ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ى ن ُييوٍر‬‫سيلم ِ فَهُي ُوَ عَلي َ‬ ‫صد َْرهُ ل ِل ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ح الل ُ‬ ‫شَر َ‬‫من َ‬ ‫ب * أفَ َ‬ ‫اللَبا ِ‬
‫ك فِييي‬ ‫ميين ذِك ْيرِ الل ّيهِ أوَْلـ يئ ِ َ‬ ‫م ّ‬ ‫سي َةِ قُُلوب ُهُ ْ‬ ‫ل ل ّل َْقا ِ‬ ‫من ّرب ّهِ فَوَي ْ ٌ‬ ‫ّ‬
‫ن‬
‫مِبييييييييييييييييييييييييييييييييي ٍ‬ ‫ل ّ‬ ‫ضييييييييييييييييييييييييييييييييل َ ٍ‬ ‫َ‬
‫يخبر تعالى أن أصل الماء من السماء كما قال عز وجل‪:‬‬
‫}وأنزلنا من السييماء ميياء طهييورًا{ فييإذا أنييزل الميياء ميين‬
‫السييماء كميين فييي الرض ثييم يصييرفه تعييالى فييي أجييزاء‬
‫الرض كما يشاء وينبعه عيونا ً ما بين صغار وكبييار بحسييب‬
‫الحاجة إليها ولهذا قال تبارك وتعالى‪} :‬فسلكه ينييابيع فييي‬
‫الرض{ قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا علي بن الحسين حييدثنا‬
‫عمرو بيين علييي حييدثنا أبييو قتيبيية عتبيية بيين اليقظييان عيين‬
‫عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قييوله تعييالى‪:‬‬
‫}ألم تَر أن الله أنزل من السماء ميياء فسييلكه ينييابيع فييي‬
‫الرض{ قال ليييس فييي الرض ميياء إل نييزل ميين السييماء‬
‫ولكن عروق في الرض تغيره فذلك قوله تعالى‪} :‬فسلكه‬
‫ينييابيع فييي الرض{ فميين سييره أن يعييود الملييح عييذبا ً‬
‫فليصعده‪ ,‬وكذا قال سعيد بن جبير وعامر الشعبي أن كييل‬
‫ماء في الرض فأصله من السماء‪ ,‬وقال سييعيد بيين جييبير‬

‫‪13‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أصله من الثلج يعني أن الثلج يتراكم على الجبال فيسييكن‬
‫في قرارها فتنبع العيون من أسافلها‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬ثييم‬
‫يخرج به زرعا ً مختلفا ً ألوانه{ أي ثييم يخييرج بالميياء النيازل‬
‫ميين السييماء والنييابع ميين الرض زرع يا ً مختلف يا ً ألييوانه أي‬
‫أشييكاله وطعييومه وروائحييه ومنييافعه }ثييم يهيييج{ أي بعييد‬
‫نضارته وشبابه يكتهل فتراه مصفرا ً قد خالطه اليبس }ثم‬
‫يجعله حطامًا{ أي ثم يعييود يابس يا ً يتحطييم }إن فييي ذلييك‬
‫لذكرى لولي اللباب{ أي الذين يتييذكرون بهييذا فيعتييبرون‬
‫إلى أن الدنيا هكذا تكيون خضييرة نضيرة حسييناء ثيم تعييود‬
‫عجوزا ً شوهاء والشاب يعود شيخا ً هرما ً كبيرا ً ضعيفا ً وبعيد‬
‫ذلك كله الموت‪ ,‬فالسعيد من كان حيياله بعييده إلييى خييير‪,‬‬
‫وكثيرا ً ما يضرب الله تعالى مثييل الحييياة الييدنيا بمييا ينييزل‬
‫الله من السماء من ماء وينبت به زرعيا ً وثمييارا ً ثييم يكييون‬
‫بعد ذلك حطاما ً كما قال تعالى‪} :‬واضرب لهم مثل الحياة‬
‫الدينا كماء أنزلنيياه ميين السييماء فيياختلط بييه نبييات الرض‬
‫فأصبح هشيما ً تييذروه الرييياح وكييان الليه علييى كييل شيييء‬
‫مقتدرًا{ وقوله تبارك وتعالى‪} :‬أفميين شييرح اللييه صييدره‬
‫للسلم فهو على نور من ربه{ أي هل يسييتوي هييذا وميين‬
‫هو قاسي القلب بعيد من الحق كقوله عز وجييل‪} :‬أو ميين‬
‫كان ميتا ً فأحييناه وجعلنيا ليه نيورا ً يمشييي بيه فييي النياس‬
‫كمن مثله فييي الظلمييات ليييس بخييارج منهييا{ ولهييذا قيال‬
‫تعالى‪} :‬فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله{ أي فل تلييين‬
‫عند ذكره ول تخشع ول تعي ول تفهييم }أولئك فييي ضييلل‬
‫ميييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييبين{‪.‬‬

‫** الل ّه نز َ َ‬
‫شيعِّر‬ ‫ي ت َْق َ‬ ‫مث َييان ِ َ‬‫شيياِبها ً ّ‬ ‫ث ك َِتابيا ً ّ‬
‫مت َ َ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬‫ن ال ْ َ‬‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ُ َّ‬
‫م‬‫م وَقُل ُييوب ُهُ ْ‬ ‫جل ُييود ُهُ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ت َِليي ُ‬‫م ث ُي ّ‬‫ن َرب ّهُ ْ‬‫شو ْ َ‬ ‫خ َ‬‫ن يَ ْ‬‫ذي َ‬ ‫جُلود ُ ال ّ ِ‬
‫ه ُ‬‫من ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫ضل ِ ِ‬
‫من ي ُ ْ‬ ‫شآُء وَ َ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫دي ب ِهِ َ‬ ‫دى الل ّهِ ي َهْ ِ‬ ‫ك هُ َ‬ ‫ى ذِك ْرِ الل ّهِ ذ َل ِ َ‬
‫إ ِل َ‬
‫َ‬
‫هيييييييييييادٍ‬ ‫ن َ‬ ‫مييييييييييي ْ‬ ‫ه ِ‬‫ميييييييييييا ل َييييييييييي ُ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫الل ّييييييييييي ُ‬
‫هذا مدح من الله عز وجل لكتابه القرآن العظيم المنزل‬
‫على رسوله الكريم‪ .‬قال الله تعييالى‪} :‬اللييه نييزل أحسيين‬

‫‪14‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الحديث كتابا ً متشابها ً مثيياني{ قييال مجاهييد يعنييي القييرآن‬
‫لييية والحييرف‬ ‫لية تشبه ا َ‬‫كله متشابه مثاني‪ ,‬وقال قتادة‪ :‬ا َ‬
‫يشبه الحرف وقال الضحاك‪ :‬مثاني ترديد القييول ليفهمييوا‬
‫عن ربهم تبارك وتعالى وقال عكرمة والحسيين‪ :‬ثنييى اللييه‬
‫فيييه القضيياء زاد الحسيين تكييون السييورة فيهييا آييية وفييي‬
‫السورة الخرى آية تشبهها‪ ,‬وقال عبد الرحمن بن زيد بيين‬
‫أسلم‪ :‬مثاني مردد ردد موسى فييي القييرآن وصييالح وهييود‬
‫والنبياء عليهم الصيلة والسيلم فيي أمكنية كيثيرة‪ .‬وقيال‬
‫سعيد بن جبير عن عباس رضييي الليه عنهمييا‪ :‬مثيياني قييال‬
‫القرآن يشبه بعضه بعضيا ً ويييرد بعضيه عليى بعيض‪ ,‬وقيال‬
‫بعض العلماء ويييروى عيين سييفيان بيين عيينيية معنييى قييوله‬
‫ن سييياقات القييرآن تيارة تكيون‬ ‫تعالى‪} :‬متشابها ً مثاني{ أ ّ‬
‫في معنى واحد فهييذان ميين المتشييابه وتييارة تكييون بييذكر‬
‫الشيء وضده كذكر المؤمنين ثم الكافرين وكصييفة الجنيية‬
‫ثم صييفة النييار ومييا أشييبه هييذا فهييذا ميين المثيياني كقييوله‬
‫تعالى‪} :‬إن البرار لفي نعييم * وإن الفجيار لفيي جحييم{‬
‫وكقوله عز وجل‪} :‬كل إن كتاب الفجار لفي سجين ي إلييى‬
‫أن قال ي كل إن كتاب البرار لفي عليين{ }هييذا ذكيير وإن‬
‫للمتقين لحسن مآب ي إلييى أن قييال ي ي هييذا وإن للطيياغين‬
‫لشر مآب{ ونحو هذا من السياقات فهذا كله من المثيياني‬
‫أي في معنيين اثنين وأما إذا كان السياق كلييه فييي معنييى‬
‫واحد يشييبه بعضييه بعضيا ً فهييو المتشييابه وليييس هييذا ميين‬
‫المتشابه المذكور في قوله تعالى‪} :‬منييه آيييات محكمييات‬
‫هن أم الكتاب وأخر متشييابهات{ ذاك معنييى آخيير‪ .‬وقييوله‬
‫تعالى‪} :‬تقشعر منه جلود الييذين يخشييون ربهييم ثييم تلييين‬
‫جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله{ أي هذه صفة البرار‪ ,‬عند‬
‫سماع كلم الجبار‪ ,‬المهيميين العزيييز الغفييار‪ ,‬لمييا يفهمييون‬
‫ميين الوعييد والوعيييد‪ ,‬والتخويييف والتهديييد تقشييعر منييه‬
‫جلودهم من الخشية والخوف }ثم تلين جلييودهم وقلييوبهم‬
‫إلى ذكر الله{ لمييا يرجييون ويؤملييون ميين رحمتييه ولطفييه‬
‫فهم مخالفون لغيرهم من الفجييار ميين وجييوه )أحييدها( أن‬
‫ليات وسماع أولئك نغمات البيييات‬ ‫سماع هؤلء هو تلوة ا َ‬

‫‪15‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من أصوات القينات )الثيياني( أنهييم إذا تليييت عليهييم آيييات‬
‫الرحمن خروا سييجدا ً وبكي يا ً بييأدب وخشييية ورجيياء ومحبيية‬
‫وفهم وعلم كما قال تبارك وتعالى‪} :‬إنما المؤمنون الذين‬
‫إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهييم آييياته زادتهييم‬
‫إيمانا ً وعلى ربهم يتوكلون * اليذين يقيميون الصيلة ومميا‬
‫رزقناهم ينفقون * أولئك هم المؤمنون حق يا ً لهييم درجييات‬
‫عند ربهم ومغفرة ورزق كريم{ وقال تعالى‪} :‬والييذين إذا‬
‫ذكروا بآيات ربهم لم يخييروا عليهييا صييما ً وعميانيًا{ أي لييم‬
‫يكونوا عند سماعها متشاغلين لهين عنها بل مصغين إليها‬
‫فاهمين بصيرين بمعانيها فلهذا إنما يعملون بها ويسييجدون‬
‫عنيييدها عييين بصييييرة ل عييين جهيييل ومتابعييية لغيرهيييم‪.‬‬
‫)الثييالث( أنهييم يلزمييون الدب عنييد سييماعها كمييا كييان‬
‫الصحابة رضي الله عنهم عنييد سييماعهم كلم اللييه تعييالى‬
‫ميين تلوة رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم تقشييعر‬
‫جلودهم ثم تلين مييع قلييوبهم إلييى ذكيير اللييه‪ .‬ولييم يكونييوا‬
‫يتصارخون ول يتكلفييون بمييا ليييس فيهييم بييل عنييدهم ميين‬
‫الثبات والسكون والدب والخشية ما ل يلحقهييم أحييد فييي‬
‫ذلييك ولهييذا فييازوا بالمييدح ميين الييرب العلييى فييي الييدنيا‬
‫لخرة‪ .‬قال عبد الرزاق حدثنا معمر قال تل قتادة رحمييه‬ ‫وا َ‬
‫اللييه }تقشييعر منييه جلييود الييذين يخشييون ربهييم ثييم تلييين‬
‫جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله{ قال هذا نعت أولياء اللييه‪,‬‬
‫نعتهم الله عز وجل بييأن تقشييعر جلييودهم وتبكييي أعينهييم‬
‫وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله ولم ينعتهم بييذهاب عقييولهم‬
‫والغشيييان عليهييم إنمييا هييذا فييي أهييل البييدع‪ ,‬وهييذا ميين‬
‫الشييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييطان‪.‬‬
‫وقال السدي }ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر اللييه{‬
‫أي إلى وعد الله‪ ,‬وقوله‪} :‬ذلك هييدى اللييه يهييدي بييه ميين‬
‫يشاء من عباده{ أي هذه صفة من هييداه اللييه وميين كييان‬
‫على خلف ذلك فهو ممن أضله الله }ومن يضلل الله فما‬
‫ليييييييييييييييييييييه مييييييييييييييييييييين هييييييييييييييييييييياد{‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫ميةِ وَِقي ي َ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬
‫ب ي َيوْ َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫سيوََء ال ْعَي َ‬ ‫جهِهِ ُ‬‫من ي َت ِّقييي ب ِيوَ ْ‬ ‫** أفَ َ‬
‫ميين‬ ‫ن ِ‬ ‫ب ال ّي ِ‬
‫ذي َ َ‬ ‫ن * ك َيذ ّ َ‬ ‫سيُبو َ‬ ‫م ت َك ْ ِ‬ ‫مييا ُ‬
‫كنت ُي ْ‬ ‫ذوقُييوا ْ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ِللظ ّييال ِ ِ‬
‫مي َ َ‬
‫م‬ ‫ذاقَهُ ُ‬‫ن * ف َ يأ َ‬ ‫شيعُُرو َ‬ ‫ث ل َ يَ ْ‬ ‫حي ْي ُ‬‫ن َ‬ ‫مي ْ‬ ‫ب ِ‬‫ذا ُ‬ ‫م ال َْعيي َ‬
‫م فَأَتاهُ ُ‬ ‫قَب ْل ِهِ ْ‬
‫كيياُنوا ْ‬ ‫َ‬
‫خَرةِ أك ْب َُر ل َوْ َ‬ ‫حَياةِ الد ّن َْيا وَل َعَ َ‬
‫ب ال َ ِ‬ ‫ذا ُ‬ ‫خْزيَ ِفي ال ْ َ‬ ‫ه ال ْ ِ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ن‬
‫مييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييو َ‬ ‫ي َعْل َ ُ‬
‫يقييول تعييالى‪} :‬أفميين يتقييي بييوجهه سييوء العييذاب يييوم‬
‫القيامة{ ويفزع فيقال له ولمثاله ميين الظييالمين }ذوقييوا‬
‫ما كنتم تكسبون{ كمن يأتي آمنا ً يوم القيامة كما قال عز‬
‫وجل‪} :‬أفمن يمشي مكبا ً على وجهيه أهييدى أمين يمشيي‬
‫سييويا ً علييى صييراط مسييتقيم ؟{ وقييال جييل وعل‪} :‬يييوم‬
‫يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سييقر{ وقييال‬
‫تبارك وتعالى‪} :‬أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا ً‬
‫لييية بأحييد القسييمين عيين‬ ‫يوم القيامة{ واكتفى في هييذه ا َ‬
‫لخييييييييييييييييير‪ .‬كقيييييييييييييييييول الشييييييييييييييييياعر‪:‬‬ ‫ا َ‬
‫فميييا أدري إذا يمميييت أرضيييًاأريد الخيييير أيهميييا يلينيييي‬
‫يعني الخير أو الشر‪ .‬وقوله جلت عظمته‪} :‬كييذب الييذين‬
‫من قبلهم فأتيياهم العييذاب ميين حيييث ل يشييعرون{ يعنييي‬
‫القرون الماضية المكذبة للرسل أهلكهم الله بذنوبهم ومييا‬
‫كان لهم من الله من واق‪ ,‬وقوله جل وعل‪} :‬فأذاقهم الله‬
‫الخزي في الحياة اليدنيا{ أي بميا أنيزل بهيم ميين العييذاب‬
‫والنكال وتشفي المؤمنين بهييم‪ ,‬فليحييذر المخيياطبون ميين‬
‫ذلك فإنهم قد كذبوا أشرف الرسييل وخيياتم النبييياء صييلى‬
‫الله عليييه وسييلم والييذي أعييده اللييه جييل جللييه لهييم فييي‬
‫لخرة من العذاب الشديد أعظم مما أصييابهم فييي الييدنيا‬ ‫ا َ‬
‫لخييرة أكييبر لييو كييانوا‬ ‫ولهييذا قييال عييز وجييل‪} :‬ولعييذاب ا َ‬
‫يعلمييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييون{‪.‬‬

‫م‬ ‫ل ل ّعَل ّهُ ي ْ‬ ‫مث َ ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذا ال ُْقْرآ ِ‬ ‫هـ َ‬ ‫س ِفي َ‬ ‫ضَرب َْنا ِللّنا ِ‬‫** وَل ََقد ْ َ‬
‫ن*‬ ‫م ي َت ُّقييو َ‬ ‫ج ل ّعَل ّهُ ي ْ‬ ‫ن * قُْرآن يا ً عََرب ِي ّيا ً غَي ْيَر ِذي ِ‬
‫ع يو َ ٍ‬ ‫ي َت َيذ َك ُّرو َ‬
‫س يَلما ً‬ ‫جل ً َ‬ ‫ن وََر ُ‬ ‫سييو َ‬ ‫شاك ِ ُ‬ ‫مت َ َ‬‫كآُء ُ‬ ‫شَر َ‬ ‫جل ً ِفيهِ ُ‬ ‫مث َل ً ّر ُ‬
‫ه َ‬ ‫ب الل ّ ُ‬
‫ضَر َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن*‬ ‫مييو َ‬ ‫م ل َ ي َعْل َ ُ‬ ‫ل أك ْث َُرهُ ْ‬ ‫مد ُ لل ّهِ ب َ ْ‬ ‫ح ْ‬‫مث َل ً ال ْ َ‬
‫ن َ‬
‫ست َوَِيا ِ‬‫ل يَ ْ‬ ‫ل هَ ْ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ل َّر ُ‬

‫‪17‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫م‬ ‫عن يد َ َرب ّك ُي ْ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬
‫م ية ِ ِ‬ ‫م ي َوْ َ‬‫م إ ِن ّك ُ ْ‬
‫ن * ثُ ّ‬‫مي ُّتو َ‬
‫م ّ‬
‫ت وَإ ِن ّهُ ْ‬
‫مي ّ ٌ‬
‫ك َ‬ ‫إ ِن ّ َ‬
‫ن‬‫مو َ‬ ‫صيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ُ‬ ‫خت َ ِ‬
‫تَ ْ‬
‫يقول تعالى‪} :‬ولقد ضربنا للناس فييي هييذه القييرآن ميين‬
‫كييل مثييل{ أي بينييا للنيياس فيييه بضييرب المثييال }لعلهييم‬
‫يتذكرون{ فإن المثل يقرب المعنى إلى الذهان كمييا قييال‬
‫تبارك وتعالى‪} :‬ضرب لكم مثل ً من أنفسكم{ أي تعلمونه‬
‫ميين أنفسييكم‪ ,‬وقييال عييز وجييل‪} :‬وتلييك المثييال نضييربها‬
‫للناس وما يعقلها إل العالمون{ وقييوله جييل وعل‪} :‬قرآن يا ً‬
‫عربيا ً غير ذي عوج{ أي هو قييرآن بلسييان عربييي مييبين ل‬
‫اعوجاج فيييه ول انحييراف ول لبييس بييل هييو بيييان ووضييوح‬
‫وبرهان‪ ,‬وإنما جعله الله تعالى كذلك‪ ,‬وأنزله بذلك }لعلهم‬
‫يتقون{ أي يحذرون ما فيه من الوعيد ويعملييون بمييا فيييه‬
‫من الوعيد‪ .‬ثيم قيال‪} :‬ضيرب الليه مثل ً رجل ً فييه شيركاء‬
‫متشاكسون{ أي يتنازعون في ذلك العبد المشترك بينهييم‬
‫}ورجل ً سلمًا{ أي سالما ً }لرجل{ أي خالصا ً ل يملكه أحد‬
‫غيره }هل يستويان مثل ً ؟{ أي ل يستوي هذا وهذا‪ .‬كذلك‬
‫ل يسييتوي المشييرك الييذي يعبييد آلهيية مييع اللييه والمييؤمن‬
‫المخلص الذي ل يعبد إل الله وحييده ل شييريك لييه ؟ فييأين‬
‫هذا من هذا ؟ قال ابن عباس رضييي اللييه عنهمييا ومجاهييد‬
‫ليية ضيربت مثل ً للمشيرك والمخليص‪,‬‬ ‫وغير واحيد‪ :‬هيذه ا َ‬
‫ولما كان هذا المثل ظاهرا ً بينا ً جليا ً قال‪} :‬الحمد لله{ أي‬
‫علييى إقاميية الحجيية عليهييم }بييل أكييثرهم ل يعلمييون{ أي‬
‫فلهذا يشركون بييالله‪ .‬وقييوله تبييارك وتعييالى‪} :‬إنييك ميييت‬
‫لييات اليتي استشيهد بهيا‬ ‫ليية مين ا َ‬ ‫وإنهم ميتيون{ هيذه ا َ‬
‫الصديق رضي الله عنه عند موت الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم حتى تحقق الناس موته مع قييوله عييز وجييل‪} :‬ومييا‬
‫محمد إل رسول قد خلت من قبلييه الرسييل أفييإن مييات أو‬
‫قتل انقلبتم على أعقابكم وميين ينقلييب علييى عقييبيه فليين‬
‫لية‬ ‫يضر الله شيئا ً وسيجزي الله الشاكرين{ ومعنى هذه ا َ‬
‫أنكم ستنقلون من هذه الييدار ل محاليية وسييتجتمعون عنييد‬
‫لخرة وتختصمون فيما أنتم فيييه فييي‬ ‫الله تعالى في الدار ا َ‬
‫الدنيا من التوحيد والشرك بين يدي الله عز وجل فيفصييل‬

‫‪18‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بينكم ويفتح بالحق وهيو الفتياح العلييم‪ ,‬فينجيي الميؤمنين‬
‫المخلصيييين الموحيييدين‪ .‬ويعيييذب الكيييافرين الجاحيييدين‬
‫لييية وإن كييان سييياقها‬ ‫المشركين المكذبين‪ .‬ثييم إن هييذه ا َ‬
‫في المؤمنين والكافرين وذكر الخصومة بينهييم فييي الييدار‬
‫لخرة فإنها شاملة لكل المتنازعين فييي الييدنيا فييإنه تعيياد‬ ‫ا َ‬
‫لخيييييييرة‪.‬‬‫عليهيييييييم الخصيييييييومة فيييييييي اليييييييدار ا َ‬
‫وقال ابن أبي حاتم رحمه الله‪ :‬حدثنا محمد بن عبد اللييه‬
‫بن يزيد المقري حدثنا سفيان عيين محمييد بيين عمييرو عيين‬
‫أبي حاطب ي يعني يحيى بن عبد الرحمن ي عن ابن الزبييير‬
‫رضي الله عنهما قال لما نزلت }ثم إنكم يوم القيامة عند‬
‫ربكم تختصمون{ قال الزبير رضييي اللييه عنييه‪ :‬يييا رسييول‬
‫الله أتكرر علينا الخصومة ؟ قال صلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»نعم« قال رضي الله عنه‪ :‬إن المر إذا ً لشديد‪ :‬وكذا رواه‬
‫المام أحمد عن سييفيان وعنييده زيييادة‪ ,‬ولمييا نزلييت }ثييم‬
‫لتسألن يومئذ عن النعيم{ قال الزبير رضي اللييه عنييه‪ :‬أي‬
‫رسول الله أي نعيييم نسييأل عنييه وإنمييا نعيمنييا السييودان‪:‬‬
‫التمر والماء‪ ,‬قال صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬أمييا إن ذلييك‬
‫سيكون« وقد روى هذه الزيادة الترمذي وابيين ميياجه ميين‬
‫حديث سفيان به وقال الترمذي‪ :‬حسن وقال أحمييد أيض يًا‪:‬‬
‫حدثنا ابن نمير حدثنا محمد ي يعني ابن عمرو ي عيين يحيييى‬
‫بن عبد الرحمن بن حاطب عن عبييد اللييه بيين الزبييير عيين‬
‫الزبير بين العيوام رضيي الليه عنيه قيال‪ :‬لميا نزليت هيذه‬
‫السورة على رسول الله صلى الله عليه وسلم }إنك ميت‬
‫وإنهم ميتون * ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصيمون{‬
‫قال الزبير رضي الله عنه‪ :‬أي رسول الله أيكرر علينييا مييا‬
‫كان بيننا في الدنيا مع خييواص الييذنوب ؟ قييال صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬نعم ليكررن عليكم حتى يؤدى إلييى كييل ذي‬
‫حق حقييه« قييال الزبييير رضييي اللييه عنييه‪ :‬واللييه إن الميير‬
‫لشديد‪ ,‬ورواه الترمييذي ميين حييديث محمييد بيين عمييرو بييه‬
‫وقال حسن صييحيح وقييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا قتيبيية بيين‬
‫سعيد حدثنا ابن لهيعة عن أبي عياش عن عقبة بيين عييامر‬
‫رضي الله عنييه قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬

‫‪19‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسلم‪» :‬أول الخصمين يوم القيامة جاران« تفرد به أحمد‬
‫وقال المام أحمد أيضًا‪ :‬حدثنا حسن بن موسى حدثنا ابيين‬
‫لهيعة حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد رضي اللييه‬
‫عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬والييذي‬
‫نفسي بيده إنه ليختصم حتى الشاتان فيما انتطحتا« تفييرد‬
‫به أحمد رحمه الله‪ .‬وفي المسند عن أبييي ذر رضييي اللييه‬
‫عنييه أنييه قييال‪ :‬رأى رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫شاتين تنتطحان فقال‪» :‬أتدري فيم تنتطحان يييا أبييا ذر ؟«‬
‫قلت‪ :‬ل قال صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬ولكيين اللييه يييدري‬
‫وسيحكم بينهما« وقال الحافظ أبو بكر(البزار حدثنا سييهل‬
‫بن محمد حدثنا حيان بن أغلب حدثنا أبي حدثنا ثييابت عيين‬
‫أنس رضي الله عن قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليييه‬
‫وسلم »يجاء بالمام الجائر الخائن يوم القياميية فتخاصييمه‬
‫الرعية فيفلحون عليه فيقال له سد ركنا ً من أركان جهنم«‬
‫ثم قال الغلب بن تميم ليس بالحافظ‪ .‬وقال علي بن أبي‬
‫طلحة عن ابن عبيياس رضييي اللييه عنهمييا }ثييم إنكييم يييوم‬
‫القياميية عنييد ربكييم تختصييمون{ يقييول‪ :‬يخاصييم الصييادق‬
‫الكاذب‪ ,‬والمظلوم الظالم‪ ,‬والمهتييدي الضييال‪ ,‬والضييعيف‬
‫المستكبر‪ ,‬وقد روى ابن منده في كتيياب الييروح عيين ابيين‬
‫عبيياس رضييي اللييه عنهمييا أنييه قييال‪ :‬يختصييم النيياس يييوم‬
‫القياميية حييتى تختصييم الييروح مييع الجسييد فتقييول الييروح‬
‫ت أمييرت وأنييت‬ ‫للجسد أنت فعلت ويقول الجسد للروح أن ِ‬
‫ن‬‫سولت فيبعييث اللييه ملك يا ً يفصييل بينهمييا فيقييول لهمييا إ ّ‬
‫لخيير ضييرير دخل بسييتانا ً‬ ‫مثلكما كمثل رجل مقعد بصير وا َ‬
‫فقال المقعد للضرير إنييي أرى ههنييا ثمييارا ً ولكيين ل أصييل‬
‫إليهييا فقييال لييه الضييرير اركبنييي فتناولهييا فركبييه فتناولهييا‬
‫فأيهمييا المعتييدي ؟ فيقييولن كلهمييا فيقييول لهمييا الملييك‬
‫فإنكما قد حكمتما على أنفسكما‪ ,‬يعني أن الجسييد للييروح‬
‫كالمطية وهي راكبه‪ .‬وقال ابن أبي حاتم حدثنا جعفيير بيين‬
‫أحمد بن عوسجة حدثنا ضرار حييدثنا أبييو سييلمة الخزاعييي‬
‫حدثنا منصور بن سلمة حدثنا القمييي ي ي يعنييي يعقييوب بيين‬
‫عبد الله عن جعفر بن المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن‬

‫‪20‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لية وما نعلييم فييي‬ ‫عمر رضي الله عنهما قال‪ :‬نزلت هذه ا َ‬
‫أي شيييء نزلييت }ثييم إنكييم يييوم القياميية عنييد ربكييم‬
‫تختصمون{ قال قلنا من نخاصم ؟ ليييس بيننييا وبييين أهييل‬
‫الكتاب خصومة فمن نخاصم ؟ حييتى وقعييت الفتنيية فقييال‬
‫ابن عمر رضي الله عنهما‪ :‬هذا الذي وعدنا ربنا عييز وجييل‬
‫نختصييم فيييه‪ ,‬ورواه النسييائي عيين محمييد بيين عييامر عيين‬
‫منصور بن سلمة بييه‪ ,‬وقييال أبييو العالييية فييي قييوله تبييارك‬
‫وتعالى‪} :‬ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون{ قال‪:‬‬
‫يعني أهل القبلة‪ ,‬وقال ابن زيد‪ :‬يعني أهل السييلم وأهييل‬
‫الكفر‪ ,‬وقد قدمنا أن الصحيح العموم والله سبحانه وتعالى‬
‫أعليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬

‫** فَم َ‬
‫ق إ ِذ ْ‬ ‫ص يد ْ ِ‬
‫ب ِبال ّ‬ ‫ب عل َييى الل ّيهِ وَك َيذ ّ َ‬ ‫ميين ك َيذ َ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ن أظ ْل َ ُ‬
‫م ِ‬ ‫َ ْ‬
‫َ‬
‫جييآءَ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * َوال ّي ِ‬ ‫ري َ‬ ‫وى ل ّل ْك َييافِ ِ‬ ‫مث ْي ً‬‫م َ‬ ‫جهَن ّي َ‬ ‫س فِييي َ‬ ‫جييآَءهُ أل َي ْي َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ن‬ ‫شييآُءو َ‬ ‫ما ي َ َ‬ ‫ن * ل َُهم ّ‬ ‫مت ُّقو َ‬ ‫م ال ْ ُ‬‫ك هُ ُ‬ ‫صد ّقَ ب ِهِ أوَْلـئ ِ َ‬ ‫ق وَ َ‬ ‫صد ْ ِ‬
‫ِبال ّ‬
‫كيّفر الل ّه عَنهم أ َسييوأ َ‬
‫ُ ُْ ْ ْ َ‬ ‫نَ * ل ِي ُ َ َ‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫جَزآُء ال ْ ُ‬‫ك َ‬ ‫م ذ َل ِ َ‬
‫عند َ َرب ّهِ ْ‬ ‫ِ‬
‫ال ّذي عَمُلوا ْ ويجزيه َ‬
‫ن‬‫مُلييو َ‬‫كياُنوا ْ ي َعْ َ‬
‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫م ب ِأ ْ‬‫جَرهُ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ََ ْ َُِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يقول عز وجل مخاطبا ً المشركين الذين افتروا على الله‬
‫وجعلييوا معييه آلهيية أخييرى وادعييوا أن الملئكيية بنييات اللييه‬
‫وجعلوا لله ولدا ً تعالى عيين قييولهم علييوا ً كييبيرًا‪ ,‬ومييع هييذا‬
‫كذبوا بالحق إذ جاءهم على ألسنة رسل الله صلوات اللييه‬
‫وسلمه عليهم أجمعين ولهذا قال عز وجل‪} :‬فميين أظلييم‬
‫ممن كذب على الله وكذب بالصييدق إذ جيياءه{ أي ل أحييد‬
‫أظلم من هذا لنه جمع بين طرفي الباطل كذب على الله‬
‫وكذب رسول الله قييالوا الباطييل وردوا الحييق ولهييذا قييال‬
‫جلييت عظمتييه متوعييدا ً لهييم‪} :‬أليييس فييي جهنييم مثييوى‬
‫للكافرين ؟{ وهم الجاحدون المكذبون‪ .‬ثم قال جييل وعل‪:‬‬
‫}والييذي جيياء بالصييدق وصييدق بييه{ قييال مجاهييد وقتييادة‬
‫والربيع بن أنس وابن زيد‪ :‬الذي جاء بالصدق هيو الرسيول‬
‫صلى اللييه عليييه وسييلم وقييال السييدي‪ :‬هييو جبريييل عليييه‬
‫السلم }وصدق به{ يعني محمدا ً صلى اللييه عليييه وسييلم‬

‫‪21‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما‬
‫}والييذي جيياء بالصييدق{ قييال‪ :‬ميين جيياء بل إلييه إل اللييه‬
‫}وصدق به{ يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأ‬
‫الربيع بيين أنييس }والييذين جيياءوا بالصييدق{ يعنييي النبييياء‬
‫}وصدقوا به{ يعني التباع‪ .‬وقال ليث بن أبييي سييليم عيين‬
‫مجاهد }والذي جيياء بالصييدق وصييدق بييه{ قييال‪ :‬أصييحاب‬
‫القرآن المؤمنييون يجيئون يييوم القياميية فيقولييون هييذا مييا‬
‫أعطيتمونييا فعملنييا فيييه بمييا أمرتمونييا‪ .‬وهييذا القييول عيين‬
‫مجاهد يشمل كل المؤمنين فإن المييؤمنين يقولييون الحييق‬
‫ويعملون به والرسول صلى الله عليه وسلم أولييى النيياس‬
‫لية على هذا التفسير فإنه جاء بالصدق‬ ‫بالدخول في هذه ا َ‬
‫وصدق المرسلين وآمن بما أنزل إليييه ميين ربييه والؤمنييون‬
‫كل آمن بالله وملئكته وكتبه ورسله‪ .‬وقال عبييد الرحميين‬
‫بن زيد بن أسلم }والذي جيياء بالصييدق{ هييو رسييول اللييه‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم }وصييدق بييه{ قييال المسييلمون‬
‫}أولئك هييم المتقييون{ قييال ابيين عبيياس رضييي اللييه‬
‫عنهما‪:‬اتقوا الشرك }لهم ما يشاؤون عند ربهم{ يعني في‬
‫الجنة مهما طلبوا وجدوا }ذلك جييزاء المحسيينين * ليكفيير‬
‫الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي‬
‫لييية الخييرى‪:‬‬ ‫كييانوا يعملييون{ كمييا قييال عييز وجييل فييي ا َ‬
‫}أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن مييا عملييوا ونتجيياوز عيين‬
‫سيييئاتهم فييي أصييحاب الجنيية وعييد الصييدق الييذي كييانوا‬
‫يوعيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييدون{‪.‬‬

‫َ‬
‫من‬ ‫دون ِهِ وَ َ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬‫ك ِبال ّ ِ‬ ‫خوُّفون َ َ‬ ‫ف عَب ْد َهُ وَي ُ َ‬ ‫كا ٍ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫س الل ّ ُ‬ ‫** أل َي ْ َ‬
‫ميين‬ ‫ه ِ‬ ‫مييا ل َي ُ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫من ي َهْدِ الل ّي ُ‬ ‫هيادٍ * وَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ه ِ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ضيل ِ ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫مي ْ‬ ‫م ّ‬ ‫سيأل ْت َهُ ْ‬ ‫زييزٍ ِذي انت َِقييام ٍ * وَل َِئن َ‬ ‫ِ‬ ‫ه ب ِعَ‬ ‫س الل ّي ُ‬ ‫ل أل َي ْي َ‬ ‫ض ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مييا‬ ‫ل أفََرأي ُْتييم ّ‬ ‫ه ُقيي ْ‬ ‫ن الليي ُ‬ ‫ض لي َُقييول ّ‬ ‫ت َوالْر َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سيي َ‬ ‫خلييقَ ال ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫شَفا ُ‬ ‫كا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ل هُ ّ‬ ‫ضّر هَ ْ‬ ‫ه بِ ُ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ن أَراد َن ِ َ‬ ‫ن الل ّهِ إ ِ ْ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ت َد ْ ُ‬
‫ل‬ ‫مت ِيهِ قُي ْ‬ ‫سي َ‬ ‫م ية ٍ ه َ ي ْ‬ ‫َ َ‬
‫ح َ‬ ‫ت َر ْ‬ ‫كا ُ‬ ‫م ِ‬ ‫م ْ‬
‫ن ُ‬ ‫ل هُ ي ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ضيّرهِ أوْ أَراد َن ِييي ب َِر ْ‬ ‫ُ‬
‫مل ُييوا ْ‬ ‫ل ي ََق يوْم ِ اعْ َ‬ ‫ن * قُ ي ْ‬ ‫مت َوَك ّل ُييو َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬‫كي ُ‬ ‫ه عَل َي ْهِ ي َت َوَ ّ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫سب ِ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫َ‬

‫‪22‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ْ‬
‫ه‬
‫ميين ي َيأِتي ِ‬
‫ن* َ‬ ‫ف ت َعْل َ ُ‬
‫مييو َ‬ ‫ل فَ َ‬
‫س يو ْ َ‬ ‫مي ٌ‬ ‫عا ِ‬‫م إ ِن ّييي َ‬ ‫كان َت ِ ُ‬
‫كي ْ‬ ‫م َ‬
‫ى َ‬ ‫َ‬
‫عَل َ‬
‫م‬
‫مِقيييييي ٌ‬‫ب ّ‬ ‫عييييي َ‬
‫ذا ٌ‬ ‫ل عَل َْييييييهِ َ‬ ‫حييييي ّ‬
‫زييييييهِ وَي َ ِ‬‫خ ِ‬‫ب يُ ْ‬ ‫ذا ٌ‬‫عييييي َ‬
‫َ‬
‫يقول تعيالى‪} :‬أليييس الليه بكياف عبييده{ وقييرأ بعضييهم‬
‫}عباده{ يعني أنييه تعييالى يكفييي ميين عبييده وتوكييل عليييه‬
‫وقال ابن حاتم ههنا‪ :‬حييدثنا أبييو عبيييد اللييه ابيين أخييي ابيين‬
‫وهب حدثنا عمي حدثنا أبو هانىء عن أبي علي عميرو بين‬
‫مالك الجنبي عن فضالة بن عبيد النصاري رضي الله عنه‬
‫أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسيلم يقييول‪» :‬أفلييح‬
‫من هدي إلى السلم وكان عيشه كفافيا ً وقنييع بيه« ورواه‬
‫الترمذي والنسائي من حييديث حيييوة بيين شييريح عيين أبييي‬
‫هييانىء الخييولني بييه وقييال الترمييذي صييحيح }ويخوفونييك‬
‫بالذين من دونه{ يعني المشركين يخوفون الرسول صلى‬
‫اللييه عليييه وسييلم ويتوعييدونه بأصيينامهم وآلهتهييم الييتي‬
‫يدعونها من دون اللييه جهل ً منهييم وضييلل ً ولهييذا قييال عييز‬
‫وجل‪} :‬ومن يضلل الله فما له من هاد* ومن يهد الله فما‬
‫لييه ميين مضييل أليييس اللييه بعزيييز ذي انتقييام ؟{ أي منيييع‬
‫الجناب ل يضام من استند إلى جنابه ولجييأ إلييى بييابه فييإنه‬
‫العزيز الذي ل أعز منه ول أشد انتقام يًامنه مميين كفيير بييه‬
‫وأشييرك وعانييد رسييوله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪ ,‬وقييوله‬
‫تعالى‪} :‬ولئن سألتهم من خلق السموات والرض ليقييولن‬
‫الله{ يعني المشركين كانوا يعترفون بأن الله عز وجل هو‬
‫الخالق للشياء كلها ومييع هييذا يعبييدون معييه غيييره ممييا ل‬
‫يملك لهم ضييرا ً ول نفعيا ً ولهييذا قييال تبييارك تعييالى‪} :‬قييل‬
‫أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني اللييه بضيير هييل‬
‫هن كاشفات ضره ؟ أو أرادني برحمة هل هيين ممسييكات‬
‫رحمته ؟{ أي ل تستطيع شيئا ً مين الميير‪ ,‬وذكير ابيين أبيي‬
‫حاتم ههنا حديث قيس بيين الحجيياج عيين حنييش الصيينعاني‬
‫عن ابن عبيياس رضييي اللييه عنهمييا مرفوعيا ً »احفييظ اللييه‬
‫يحفظك‪ ,‬احفظ الله تجييده تجاهييك‪ ,‬تعيّرف إلييى اللييه فييي‬
‫الرخاء يعرفييك فييي الشييدة‪ ,‬إذا سييألت فاسييأل اللييه‪ ,‬وإذا‬
‫استعنت فاستعن بالله‪ ,‬واعلم أن المية ليو اجتمعيوا عليى‬
‫أن يضروك بشيء لم يكتبه اللييه عليييك لييم يضييروك‪ ,‬ولييو‬

‫‪23‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫اجتمعوا على أن ينفعييوك بشيييء لييم يكتبييه اللييه لييك لييم‬
‫ينفعوك‪ ,‬جفت الصحف ورفعت القلم واعمل لله بالشكر‬
‫في اليقين‪ .‬واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا ً كييثيرًا‪.‬‬
‫وأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر‬
‫ي }عليييه تييوكلت‬ ‫يسرًا« }قل حسبي اللييه{ أي اللييه كيياف ّ‬
‫وعليه فليتوكيل المتوكليون{ كميا قيال هيود علييه الصيلة‬
‫والسلم حين قال قومه }إن نقول إل اعتراك بعض آلهتنييا‬
‫بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مماتشركون‬
‫* من دونه فيكيدوني جميعا ً ثم ل تنظييرون * إنييي تييوكلت‬
‫على الله ربي وربكم ما من دابية إل هييو آخييذ بناصيييتها إن‬
‫ربي على صراط مستقيم{ ‪ .‬وقال ابن أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا‬
‫أحمد بن عصام النصاري حدثنا عبد الله بن بكر السييهمي‬
‫حدثنا محمد بن حاتم عن أبييي المقييدام مييولى آل عثمييان‬
‫عن محمد بن كعب القرظي حدثنا ابن عبيياس رضييي اللييه‬
‫عنهما رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسييلم‬
‫قال‪» :‬من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل علييى اللييه‬
‫تعالى‪ ,‬ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يييد‬
‫الله عز وجل أوثق منه بما في يديه‪ ,‬ومن أحييب أن يكييون‬
‫أكرم الناس فليتق الله عز وجل« ‪ ,‬وقوله تعالى‪} :‬قييل يييا‬
‫قوم اعملوا على مكانتكم{ أي على طريقتكم وهذا تهديييد‬
‫ووعيد }إني عامل{ أي على طريقتي ومنهجييي }فسييوف‬
‫تعلمون{ أي ستعلمون غب ذلك ووباله }من يييأتيه عييذاب‬
‫يخزيه{ أي في الدنيا }ويحل عليه عييذاب مقيييم{ أي دائم‬
‫مستمر ل محيد عنه وذلك يوم القيامية‪ ,‬أعاذنيا الليه منهيا‪.‬‬

‫ى‬
‫ن اهَْتي يد َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫حقّ َفيي َ‬ ‫س ب ِييال ْ َ‬‫ِ‬ ‫ب ِللّنيييا‬ ‫ك ال ْك ِت َييا َ‬ ‫** إ ِّنآ َأنَزل َْنا عَل َي ْي َ‬
‫ت عَل َي ْهِييم‬ ‫َ‬
‫مييآ أني َ‬ ‫ل عَل َي ْهَييا وَ َ‬ ‫ضي ّ‬ ‫مييا ي َ ِ‬ ‫ل َفإن ّ َ‬ ‫ضيي ّ‬ ‫ميين َ‬ ‫س يه ِ و َ َ‬‫فَل ِن َْف ِ‬
‫ت‬ ‫مي ْ‬‫م تَ ُ‬‫موِْتيَها َوال ّت ِييي ل َي ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫حي َ‬ ‫س ِ‬ ‫ه ي َت َوَّفى النُف َ‬ ‫ل * الل ّ ُ‬ ‫كيي ٍ‬‫ب ِوَ ِ‬
‫ل‬‫سي ُ‬ ‫ت وَي ُْر ِ‬ ‫م يو ْ َ‬‫ى عَل َي ْهَييا ال ْ َ‬ ‫ضي َ‬ ‫ك ال ّت ِييي قَ َ‬ ‫سي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫مييَها فَي ُ ْ‬ ‫مَنا ِ‬
‫ِفي َ‬
‫خرى إل َ َ‬
‫ن‬ ‫ت ل َّقوْم ٍ ي َت ََفك ُّرو َ‬ ‫ك ل ََيا ٍ‬ ‫ن ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫مى إ ِ ّ‬ ‫س ّ‬‫م َ‬ ‫ل ّ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ىأ َ‬ ‫ال ُ ْ َ َ ِ َ‬

‫‪24‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقييول تعييالى مخاطب يا ً رسييوله محمييدا ً صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪} :‬إنا أنزلنا عليييك الكتيياب{ يعنييي القييرآن }للنيياس‬
‫بالحق{ أي لجميع الخلق ميين النييس والجيين لتنييذرهم بييه‬
‫}فمن اهتدى فلنفسه{ أي فإنما يعود نفع ذلك إلى نفسييه‬
‫}ومن ضل فإنما يضييل عليهييا{ أي إنمييا يرجييع وبييال ذلييك‬
‫على نفسه }وما أنت عليهم بوكيل{ أي بموكل أن يهتييدوا‬
‫}إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل{ }فإنميا علييك‬
‫البلغ وعلينا الحساب{‪ .‬ثم قال تعييالى مخييبرا ً عيين نفسييه‬
‫الكريمة بأنه المتصرف في الوجود بما يشيياء وأنييه يتييوفى‬
‫النفييس الوفيياة الكييبرى بمييا يرسييل ميين الحفظيية الييذين‬
‫يقبضونها من البدان والوفاة الصغرى عند المنام كما قال‬
‫تبييارك وتعييالى‪} :‬وهييو الييذي يتوفيياكم بالليييل ويعلييم مييا‬
‫جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليييه‬
‫مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملييون * وهييو القيياهر فييوق‬
‫عباده ويرسل عليكم حفظة حيتى إذا جياء أحييدكم المييوت‬
‫توفته رسلنا وهم ل يفرطون{ فذكر الوفاتين الصغرى ثييم‬
‫لية ذكر الكبرى ثم الصغرى ولهذا قييال‬ ‫الكبرى وفي هذه ا َ‬
‫تبارك وتعالى‪} :‬الله يتوفى النفس حين موتهييا والييتي لييم‬
‫تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسييل‬
‫الخرى إلى أجل مسمى{ فيه دللة علييى أنيه تجتمييع فييي‬
‫المل العلى كما ورد بييذلك الحييديث المرفييوع الييذي رواه‬
‫ابيين منييده وغيييره‪ .‬وفييي صييحيحي البخيياري ومسييلم ميين‬
‫حديث عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيييه‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسييلم‪» :‬إذا آوى أحييدكم إلييى فراشييه فلينفضييه‬
‫بداخلة إزاره فإنه ل يدري ما خلفه عليه ثم ليقييل باسييمك‬
‫ربي وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها‬
‫وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفييظ بييه عبييادك الصييالحين«‪.‬‬
‫وقال بعض السلف تقبض أرواح الموات إذا ميياتوا وأرواح‬
‫الحياء إذا ناموا فتتعارف ما شيياء اللييه تعييالى أن تتعييارف‬
‫}فيمسك التي قضى عليهاالموت{ التي قد ماتت ويرسل‬
‫الخرى إلى أجل مسييمى‪ .‬قييال السييدي إلييى بقييية أجلهييا‪,‬‬

‫‪25‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال ابن عباس رضي الله عنهما يمسيك أنفيس الميوات‬
‫ويرسل أنفس الحياء ول يغلط }إن في ذلك َ‬
‫ليييات لقييوم‬
‫يتفكييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييرون{‪.‬‬

‫كييياُنوا ْ ل َ‬ ‫ل أ َوََلييوْ َ‬ ‫ش يَفَعآَء ُقيي ْ‬ ‫ن الل ّيهِ ُ‬ ‫دو ِ‬ ‫ميين ُ‬ ‫ذوا ْ ِ‬ ‫خيي ُ‬ ‫** أ َم ِ ات ّ َ‬
‫ه‬‫ميعيا ً ّلي ُ‬ ‫ج ِ‬‫ة َ‬ ‫شيَفاعَ ُ‬ ‫ن * قُييل ل ِّليهِ ال ّ‬ ‫شْيئا ً وَل َ ي َعِْقل ُييو َ‬ ‫ن َ‬ ‫كو َ‬‫مل ِ ُ‬‫يَ ْ‬
‫ه‬ ‫ذا ذ ُك ِيَر الل ّي ُ‬ ‫ن * وَإ ِ َ‬ ‫جُعو َ‬ ‫م إ ِل َي ْهِ ت ُْر َ‬
‫ض ثُ ّ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫مل ْ ُ‬‫ُ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ذا ذ ُك ِيَر‬
‫خَرةِ وَإ ِ َ‬ ‫ن ب ِييال َ ِ‬ ‫ن ل َ ي ُؤْ ِ‬
‫من ُييو َ‬ ‫ذي َ‬‫ب ال ي ِ‬ ‫ت قُلو ُ‬ ‫مأّز ْ‬ ‫ش َ‬ ‫حد َهُ ا ْ‬ ‫وَ ْ‬
‫ن‬
‫شيييييييُرو َ‬ ‫ست َب ْ ِ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫هييييييي ْ‬ ‫ذا ُ‬ ‫دون ِيييييييهِ إ ِ َ‬ ‫مييييييين ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫اّلييييييي ِ‬
‫يقول تعالى ذاميا ً للمشييركين فييي اتخيياذهم شييفعاء ميين‬
‫دون الله وهم الصيينام والنييداد الييتي اتخييذوها ميين تلقيياء‬
‫أنفسهم بل دليل ول برهان حداهم على ذلك وهي ل تملك‬
‫شيئا ً من المر بل وليس لها عقل تعقل به ول سمع تسمع‬
‫به ول بصر تبصر به بل هييي جمييادات أسييوأ ميين الحيييوان‬
‫بكثير‪ ,‬ثم قال‪ :‬قييل أي يييا محمييد لهييؤلء الزاعمييين أن مييا‬
‫اتخييذوه ميين شييفعاء لهييم عنييد اللييه تعييالى أخييبرهم أن‬
‫الشييفاعة ل تنفييع عنييد اللييه إل لميين ارتضيياه وأذن لييه‬
‫فمرجعها كلها إليه }ميين ذا الييذي يشييفع عنييده إل بييإذنه{‬
‫}له ملك السموات والرض{ أي هو المتصرف في جميييع‬
‫ذلك }ثييم إليييه ترجعييون{ أي يييوم القياميية فيحكييم بينكييم‬
‫بعدله ويجزي كل ً بعمله‪ ,‬ثييم قييال تعييالى ذام يا ً للمشييركين‬
‫أيضيًا‪} :‬وإذا ذكيير الليه وحييده{ أي إذا قييل ل إليه إل الليه‬
‫لخرة{ قيال‬ ‫وحده }اشيمأزت قليوب اليذين ل يؤمنيون بيا َ‬
‫مجاهد اشمأزت انقبضت وقال السدي نفرت وقال قتييادة‬
‫كفرت واستكبرت وقال مالك عن زيد بن أسلم استكبرت‬
‫كما قال تعالى‪} :‬إنهييم كييانوا إذا قيييل لهييم ل إلييه إل اللييه‬
‫يستكبرون{ أي عن المتابعة والنقياد لها فقلوبهم ل تقبييل‬
‫الخير ومن لم يقبل الخير يقبل الشيير ولييذلك قييال تبييارك‬
‫تعالى‪} :‬وإذا ذكر الذين من دونه{ أي من الصنام والنداد‬
‫قال مجاهد }إذا هم يستبشيرون{ أي يفرحيون ويسييرون‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ب‬ ‫م ال ْغَْييي ِ‬ ‫عييال ِ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سيي َ‬ ‫م َفيياط َِر ال ّ‬ ‫ل الل ُّهيي ّ‬ ‫** ُقيي ِ‬
‫كاُنوا ْ ِفيهِ ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫خت َل ُِفييو َ‬ ‫ك ِفي َ‬ ‫عَبادِ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ب َي ْ َ‬‫حك ُ ُ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫شَهاد َةِ أن َ‬ ‫َوال ّ‬
‫َ‬
‫ه‬ ‫مع َ ي ُ‬‫ه َ‬‫مث ْل َي ُ‬
‫ميع يا ً وَ ِ‬ ‫ج ِ‬‫ض َ‬‫ما فِييي الْر ِ‬ ‫موا ْ َ‬ ‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ل ِل ّ ِ‬
‫* وَل َوْ أ ّ‬
‫ن الّليي ِ‬
‫ه‬ ‫م َ‬ ‫م ّ‬ ‫دا ل َهُ ْ‬
‫مةِ وَب َ َ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬‫ب ي َوْ َ‬ ‫ذا ِ‬‫سوَِء ال ْعَ َ‬ ‫من ُ‬ ‫ل َفْت َد َوْا ْ ب ِهِ ِ‬
‫سُبوا ْ‬ ‫كيي َ‬ ‫مييا َ‬ ‫ت َ‬ ‫سيي َّئا ُ‬ ‫م َ‬ ‫دا ل َُهي ْ‬
‫ن * وَب َي َ‬ ‫سيُبو َ‬ ‫حت َ ِ‬ ‫كون ُييوا ْ ي َ ْ‬‫م يَ ُ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫َ‬
‫سييييييت َهْزُِئو َ‬
‫ن‬ ‫كيييييياُنوا ْ ِبييييييهِ ي َ ْ‬ ‫مييييييا َ‬ ‫حيييييياقَ ب ِِهييييييم ّ‬ ‫وَ َ‬
‫يقول تبارك وتعالى بعد ما ذكر عيين المشييركين مييا ذكيير‬
‫من المذمة لهم في حبهم الشييرك ونفرتهييم عيين التوحيييد‬
‫}قيييل اللهيييم فييياطر السيييموات والرض عيييالم الغييييب‬
‫والشهادة{ أي ادع أنت الله وحده ل شريك له الذي خلييق‬
‫السموات والرض وفطرها أي جعلها على غير مثال سييبق‬
‫}عالم الغيب والشهادة{ أي السر والعلنييية }أنييت تحكييم‬
‫بييين عبييادك فيمييا كييانوا فيييه يختلفييون{ أي فييي دنييياهم‬
‫ستفصييل بينهييم يييوم معييادهم ونشييورهم وقيييامهم ميين‬
‫قبورهم‪ .‬قال مسييلم فييي صييحيحه‪ :‬حييدثنا عبييد بيين حميييد‬
‫حدثناعمر بن يونس حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا يحيى بن‬
‫أبي كثير حدثني أبو سلمة بن عبييد الرحميين قييال‪ :‬سييألت‬
‫عائشة رضي الله عنها بأي شيء كييان رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم يفتتيح صيلته إذا قيام مين الليييل ؟ قيالت‬
‫رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسييلم إذا‬
‫قام من الليل افتتيح صيلته »اللهيم رب جبرييل وميكائيييل‬
‫وإسرافيل فاطر السموات والرض عالم الغيب والشييهادة‬
‫أنت تحكييم بييين عبييادك فيمييا كييانوا يختلفييون اهييدني لمييا‬
‫اختلف فيييه ميين الحييق بإذنييك إنييك تهييدي ميين تشيياء إلييى‬
‫صراط مستقيم«‪ .‬وقال المام أحمييد‪ :‬حييدثنا عفييان حييدثنا‬
‫حماد بن سلمة أخبرنا سهيل عن أبي صالح وعبد اللييه بيين‬
‫عثمان بن خثيم عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسييعود‬
‫عن عبد الله بن مسعود رضي اللييه عنييه قييال‪ :‬إن رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسيلم قيال‪» :‬مين قيال اللهيم فياطر‬
‫السموات والرض عالم الغيب والشهادة إنييي أعهييد إليييك‬
‫في هذه الييدنيا أنييي أشييهد أن ل إلييه إل للهييأنت وحييدك ل‬
‫شريك لك وأن محمدا ً عبدك ورسولك فإنك إن تكلني إلى‬

‫‪27‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير‪ ,‬وإني ل أثييق‬
‫إل برحمتك فاجعل لي عندك عهدا ً توفينيه يوم القيامة إنك‬
‫ل تخلف الميعاد‪ ,‬إل قال عز وجييل لملئكتييه يييوم القياميية‪:‬‬
‫إن عبييدي قييد عهييد إلييي عهييدا ً فييأوفوه إييياه فيييدخله اللييه‬
‫الجنة« قال سهيل‪ :‬فأخبرت القاسم بيين عبييد الرحميين أن‬
‫عونا ً أخبر بكذا وكذا فقال‪ :‬مييا فينييا جارييية إل وهييي تقييول‬
‫هذا في خدرها انفرد به المام أحمييد‪ ,‬وقييال المييام أحمييد‬
‫حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثني حيي بيين عبييد اللييه أن‬
‫أبا عبد الرحمن حدثه قال أخييرج لنييا عبييد اللييه بيين عمييرو‬
‫رضي الله عنهما قرطاسا ً وقييال‪ :‬كييان رسييول اللييه صييلى‬
‫اللييه عليييه وسييلم يعلمنييا نقييول‪ :‬اللهييم فيياطر السييموات‬
‫والرض عالم الغيب والشهادة أنت رب كل شيءوإله كييل‬
‫شييء أشيهد أن ل إليه إل أنيت وحيدك ل شيريك ليك وأن‬
‫محمدا ً عبدك ورسولك والملئكة يشهدون‪ ,‬أعييوذ بييك ميين‬
‫الشيطان وشركه‪ ,‬وأعوذ بك من أن أقييترف علييى نفسييي‬
‫إثما ً أو أجره إلى مسلم‪ .‬قال أبو عبد الرحمن رضييي اللييه‬
‫عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمه عبد اللييه‬
‫بن عمرو رضي اللييه عنهمييا أن يقييول ذلييك حييين يريييد أن‬
‫ينييييييييييام‪ ,‬تفييييييييييرد بييييييييييه أحمييييييييييد أيضييييييييييًا‪.‬‬
‫وقال المام أحمد أيضًا‪ :‬حدثنا خلف بن الوليد حدثنا ابيين‬
‫عياش عن محمد بن زياد اللهاني عن أبي راشد الحبراني‬
‫قال‪ :‬أتيت عبد الله بن عمرو رضي الله عنهمييا فقلييت لييه‬
‫حدثنا ما سمعت من رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫فألقى بين يدي صحيفة فقال‪:‬هذا ما كتب لي رسول اللييه‬
‫فنظرت فيها فإذا فيها أن أبا بكر الصديق رضي اللييه عنييه‬
‫قييال‪ :‬يييا رسييول اللييه علمنييي مييا أقييول إذا أصييبحت وإذا‬
‫أمسيت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬يا أبا‬
‫بكيير قييل اللهييم فيياطر السييموات والرض عييالم الغيييب‬
‫والشهادة ل إله إل أنت رب كل شيء ومليكه أعوذ بك من‬
‫شر نفسي وشر الشيطان وشركه أو أقترف على نفسييي‬
‫سوءا ً أو أجره إلى مسلم« ورواه الترمذي عن الحسن بن‬
‫عرفة عن إسماعيل بن عياش به وقال حسن غريييب ميين‬

‫‪28‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هذا الوجه‪ .‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا هاشييم حييدثنا شيييبان‬
‫عن ليث عن مجاهد قال‪ :‬قييال أبييو بكيير الصييديق‪ :‬أمرنييي‬
‫رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم أن أقييول إذا أصييبحت‬
‫وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعي من الليييل‪ :‬اللهييم فيياطر‬
‫السموات والرض إلخ‪ .‬وقوله عييز وجييل‪} :‬ولييو أن للييذين‬
‫ظلموا{ وهييم المشييركون }مييا فييي الرض جميعيا ً ومثلييه‬
‫معييه{ أي ولييو أن جميييع مييا فييي الرض وضييعفه معييه‬
‫}لفتدوا به من سوء العذاب{ أي الذي أوجبه اللييه تعييالى‬
‫لهم يوم القيامة ومع هييذا ل يقبييل منهييم الفييداء ولييو كييان‬
‫لية الخرى‪} :‬وبدا لهم من‬ ‫ملء الرض ذهبا ً كما قال في ا َ‬
‫الله ما لم يكونوا يحتسبون{ أي وظهر لهم ميين اللييه ميين‬
‫العذاب والنكال بهم ما لم يكن في بالهم ول في حسييابهم‬
‫}وبدا لهييم سيييئات مييا كسييبوا{ أي وظهيير لهييم جييزاء مييا‬
‫اكتسبوا في الدار الدنيا من المحارم والمآثم }وحيياق بهييم‬
‫مييا كييانوا بييه يسييتهزئون{ أي وأحيياط بهييم ميين العييذاب‬
‫والنكيييال ميييا كيييانوا يسيييتهزئون بيييه فيييي اليييدار اليييدنيا‪.‬‬

‫من ّييا‬ ‫ة ّ‬ ‫مي ً‬‫خوّل ْن َيياهُ ن ِعْ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫م إِ َ‬‫عان َييا ث ُي ّ‬ ‫ضّر د َ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫سا َ‬ ‫لن َ‬ ‫ِ‬ ‫سا‬ ‫م ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫** فَإ ِ َ‬
‫ة وَلـ يك َ‬ ‫عل ْم ٍ ب َ ْ‬ ‫ه عَل َ‬ ‫ُ‬
‫م لَ‬ ‫ن أك ْث ََرهُ ي ْ‬ ‫ِ ّ‬ ‫ي فِت ْن َي ٌ َ‬ ‫ل هِ ي َ‬ ‫ى ِ‬ ‫َ‬ ‫مآ أوِتيت ُ ُ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫َقا َ‬
‫َ‬
‫مييا‬ ‫م ّ‬ ‫ى عَن ْهُ ي ْ‬ ‫مييآ أغْن َي َ‬ ‫م فَ َ‬ ‫من قَب ْل ِهِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * قَد ْ َقال ََها ال ّ ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ي َعْل َ ُ‬
‫موا ْ‬ ‫َ‬
‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫سُبوا ْ َوال ّ ِ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫ت َ‬ ‫سي َّئا ُ‬‫م َ‬ ‫صاب َهُ ْ‬‫ن * فَأ َ‬ ‫سُبو َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َك ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫زي َ‬ ‫ج ِ‬
‫مع ْ ِ‬
‫م بِ ُ‬ ‫ما هُ ْ‬ ‫سُبوا ْ وَ َ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫ت َ‬ ‫سي َّئا ُ‬‫م َ‬ ‫صيب ُهُ ْ‬ ‫سي ُ ِ‬ ‫هـؤُل َِء َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫س ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ِفي‬ ‫شآُء وَي َْقدُِر إ ِ ّ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ط الّرْزقَ ل ِ َ‬ ‫ه ي َب ْ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫موَا ْ أ ّ‬ ‫م ي َعْل َ ُ‬ ‫أوَل َ ْ‬
‫ن‬
‫من ُييييييييييييو َ‬ ‫ت ل َّقييييييييييييوْم ٍ ي ُؤْ ِ‬ ‫ك ل َي َييييييييييييا ٍ‬ ‫ذ َل ِيييييييييييي َ‬
‫يقول تبارك وتعييالى مخييبرا ً عيين النسييان أنييه فييي حييال‬
‫الضراء يتضرع إلى الله عز وجل وينيب إليييه ويييدعوه وإذا‬
‫خوله نعمة منه بغى وطغى وقال }إنما أوتيته على علييم{‬
‫أي لما يعلم الله تعالى من استحقاقي لييه ولييول أنييي عنييد‬
‫الله خصيص لما خولني هذا‪ ,‬قال قتييادة علييى علييم عنييدي‬
‫على خبر عندي قال اللييه عييز وجييل‪} :‬بييل هييي فتنيية{ أي‬
‫ليس المر كمييا زعييم بييل إنمييا أنعمنييا عليييه بهييذه النعميية‬

‫‪29‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لنختييبره فيمييا أنعمنييا عليييه أيطيييع أم يعصييي مييع علمنييا‬
‫المتقييدم بييذلك فهييي فتنيية أي اختبييار }ولكيين أكييثرهم ل‬
‫يعلمون{ فلهذا يقولون ما يقولون ويدعون ما يدعون }قد‬
‫قالها الذين من قبلهم{ أي قد قال هذه المقالة وزعم هذا‬
‫الزعم وادعى هذه الييدعوى كييثير مميين سييلف ميين المييم‬
‫}فما أغنى عنهم ما كانوا يكسييبون{ أي فمييا صييح قييولهم‬
‫ول منعهم جمعهم وما كانوا يكسبون }فأصابهم سيئات ما‬
‫كسييبوا والييذين ظلمييوا ميين هييؤلء{ أي ميين المخيياطبين‬
‫}سيصيبهم سيئات ما كسبوا{ أي كما أصاب أولئك }ومييا‬
‫هم بمعجزين{ كما قال تبارك وتعييالى مخييبرا ً عيين قييارون‬
‫أنه قييال لييه قييومه }ل تفييرح إن اللييه ل يحييب الفرحييين *‬
‫لخرة ول تنس نصيبك من الدنيا‬ ‫وابتغ فيما آتاك الله الدار ا َ‬
‫وأحسن كما أحسن الله إليك ول تبغ الفساد في الرض إن‬
‫الله ل يحب المفسدين * قال إنما أوتيته على علييم عنييدي‬
‫أو لم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القيرون مين هيو‬
‫أشييد منييه قييوة وأكييثر جمعييا ً ول يسييأل عيين ذنييوبهم‬
‫المجرمون{ وقال تعالى‪} :‬وقالوا نحن أكثر أمييوال ً وأولدا ً‬
‫وما نحن بمعذبين{ وقوله تبييارك وتعييالى‪} :‬أو لييم يعلمييوا‬
‫أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقييدر{ أي يوسييعه علييى‬
‫ليييات لقييوم‬ ‫قييوم ويضيييقه علييى آخرييين }إن فييي ذلييك َ‬
‫يؤمنيييييييييييييييون{ أي لعيييييييييييييييبرا ً وحججيييييييييييييييًا‪.‬‬

‫ل يعِبادي ال ّذين أ َسرُفوا ْ عَل َ َ‬


‫ميين‬ ‫طييوا ْ ِ‬ ‫م ل َ ت َْقن َ ُ‬ ‫سه ِ ْ‬ ‫ى أنُف ِ‬ ‫َ‬ ‫** قُ ْ َ َ ِ َ ِ َ ْ َ‬
‫ه هُيوَ ال ْغَُفييوُر‬ ‫ميعيا ً إ ِن ّي ُ‬ ‫ج ِ‬‫ب َ‬ ‫ه ي َغِْفيُر اليذ ُّنو َ‬ ‫ن الل ّي َ‬ ‫مةِ الل ّيهِ إ ِ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ّر ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل أن‬ ‫ميين قَب ْي ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫موا ْ ل َي ُ‬ ‫س يل ِ ُ‬ ‫م وَأ ْ‬ ‫ى َرب ّك ُي ْ‬ ‫َ‬ ‫م * وَأِنييييب ُوَا ْ إ ِل َي‬ ‫حيي ُ‬ ‫الّر ِ‬
‫ل‬ ‫مييآ ُأن يزِ َ‬ ‫ذاب ث ُم ل َ تنصرون * واتبعي يوا ْ أ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫يأ ْ‬
‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫س‬‫َ‬ ‫ح‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫َ‬
‫م لَ‬ ‫َ‬ ‫م ال ْعَ َ‬ ‫ل أن ي َأت ِي َ ُ‬ ‫َ‬ ‫من ّرب ّ ُ‬ ‫إ ِل َي ْ ُ‬
‫ة وَأنُتيي ْ‬ ‫ب ب َغْت َ ً‬ ‫ذا ُ‬ ‫كي ُ‬ ‫من قَب ْ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫كي ْ‬ ‫كم ّ‬
‫ت فِييي‬ ‫مييا فَّرط َي ُ‬ ‫ى َ‬ ‫َ‬ ‫سَرَتا عَل َي‬ ‫ح ْ‬ ‫س يَ َ‬‫ل ن َْف ٌ‬ ‫ن * َأن ت َُقو َ‬ ‫شعُُرو َ‬ ‫تَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫ن الّليي َ‬ ‫ل ل َوْ أ ّ‬ ‫ن * أوْ ت َُقو َ‬ ‫ري َ‬ ‫خ ِ‬‫سا ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬‫ت لَ ِ‬ ‫كن ُ‬ ‫ب الل ّهِ وَِإن ُ‬ ‫جن ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ب لَ ْ‬
‫و‬ ‫ذا َ‬ ‫ن ت ََرى ال ْعَ َ‬ ‫حي َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ن * أوْ ت َُقو َ‬ ‫مت ِّقي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫كين ُ‬ ‫داِني ل َ ُ‬ ‫هَ َ‬

‫‪30‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ن * ب َل َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫كيرة فَأ َ‬ ‫َ‬
‫جآَءت ْ َ‬
‫ك آَياِتي‬ ‫ى قَد ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ني‬
‫ِ‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫كو‬ ‫ن ِلي َ ّ ً‬ ‫أ ّ‬
‫ن‬
‫ري َ‬
‫كييييافِ ِ‬‫ن ال ْ َ‬‫ميييي َ‬‫ت ِ‬ ‫ت وَ ُ‬
‫كنيييي َ‬ ‫سييييت َك ْب َْر َ‬ ‫ت ب َِهييييا َوا ْ‬ ‫فَ َ‬
‫كييييذ ّب ْ َ‬
‫لييية الكريميية دعييوة لجميييع العصيياة ميين الكفييرة‬ ‫هييذه ا َ‬
‫وغيرهم إلى التوبة والنابة وإخبار بأن اللييه تبييارك وتعييالى‬
‫يغفر الذنوب جميعا ً لمن تاب منها ورجييع عنهييا وإن كييانت‬
‫مهما كانت وإن كييثرت وكييانت مثييل زبييد البحيير‪ ,‬ول يصييح‬
‫حمل هذه على غير توبة لن الشرك ل يغفر لمن لم يتييب‬
‫منه‪ .‬قال البخاري‪ :‬حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشييام‬
‫بن يوسف أن ابن جريج أخبرهم قيال يعليى إن سيعيد بين‬
‫جبير أخبره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن ناسييا ً ميين‬
‫أهل الشرك كانوا قد قتلوا فأكثروا‪ ,‬وزنييوا فييأكثروا‪ ,‬فييأتوا‬
‫محمدا ً صلى الله عليه وسلم فقالوا‪ :‬إن الذي تقول وتدعو‬
‫إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة فنزل }والذين ل‬
‫يدعون مع الله إلها ً آخر ول يقتلون النفس التي حرم اللييه‬
‫إل بالحق ول يزنون{ ونزل }قل يا عبييادي الييذين أسييرفوا‬
‫علييى أنفسييهم ل تقنطييوا ميين رحميية اللييه{ وهكييذا رواه‬
‫مسلم وأبو داود والنسائي من حديث ابن جريج عن يعلييى‬
‫بن مسلم المكي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضييي‬
‫ليية الوليى قيوله تعيالى‪} :‬إل‬ ‫الله عنهما به‪ .‬والمراد من ا َ‬
‫لييية‪ .‬وقييال المييام‬ ‫من تيياب وآميين وعمييل عمل ً صييالحًا{ ا َ‬
‫أحمد حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعيية حييدثنا أبييو قبيييل قييال‪:‬‬
‫سييمعت أبييا عبييد الرحميين المزنييي يقييول‪ :‬سييمعت ثوبييان‬
‫مولى رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم يقييول‪ :‬سييمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬ما أحب أن لييي‬
‫لييية }قييل يييا عبييادي الييذين أسييرفوا‬ ‫الدنيا وما فيها بهذه ا َ‬
‫لية فقييال رجييل يييا رسييول اللييه‬ ‫على أنفسهم{ إلى آخر ا َ‬
‫فمن أشرك ؟ فسكت النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم ثييم‬
‫قال‪» :‬أل ومن أشرك« ثلث مرات تفرد به المييام أحمييد‪.‬‬
‫وقال المام أحمد أيضا ً حدثنا سريج بن النعمان حدثنا نييوح‬
‫بن قيس عن أشعث بن جييابر الحييداني عيين مكحييول عيين‬
‫عمرو بن عنبسة رضي الله عنه قال‪ :‬جاء رجل إلى النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم شيخ كبير يدعم على عصا له فقال‪:‬‬

‫‪31‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يا رسول الله لي غدارت وفجرات فهل يغفر لييي ؟ فقييال‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬ألست تشهد أن ل إله إل اللييه ؟«‬
‫قال‪ :‬بلى وأشهد أنك رسول اللييه فقييال صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬قد غفر لك غييدراتك وفجراتييك« تفييرد بييه أحمييد‪.‬‬
‫وقال المام أحمد حدثنا يزيد بن هارون حييدثنا حميياد بيين‬
‫سلمة عن ثابت عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد‬
‫رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى اللييه عليييه‬
‫وسلم يقرأ‪} :‬إنه عمييل غييير صيالح{ وسييمعته صيلى الليه‬
‫عليه وسلم يقييول‪} :‬قييل يييا عبييادي الييذين أسييرفوا علييى‬
‫أنفسهم ل تقنطوا مين رحمية الليه إن الليه يغفير اليذنوب‬
‫جميعًا{ ول يبالي }إنه هو الغفور الرحيم{ ورواه أبييو داود‬
‫والترمذي من حديث ثابت بيه‪ .‬فهيذه الحيياديث كلهييا دالية‬
‫على أن المراد أنه يغفر جميع ذلك مييع التوبيية ول يقنطيين‬
‫عبد من رحمة الله وإن عظمييت ذنييوبه وكييثرت فييإن بيياب‬
‫الرحمة والتوبة واسع قال الله تعالى‪} :‬ألم يعلموا أن الله‬
‫هو يقبل التوبة عن عباده{ وقال عز وجييل‪} :‬وميين يعمييل‬
‫سوءا ً أو يظلم نفسييه ثييم يسييتغفر اللييه يجييد اللييه غفييورا ً‬
‫رحيمًا{ وقال جل وعل في حق المنافقين‪} :‬إن المنافقين‬
‫في الدرك السييفل ميين النييار وليين تجييد لهييم نصيييرا ً * إل‬
‫الذين تابوا وأصلحوا{ وقال جل جللييه‪} :‬لقييد كفيير الييذين‬
‫قالوا إن الله ثالث ثلثة وما من إلييه إل إلييه واحييد وإن لييم‬
‫ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم{‬
‫ثم قال جلت عظمته‪} :‬أفل يتوبون إلى اللييه ويسييتغفرونه‬
‫والله غفور رحيم{ وقال تبارك وتعييالى‪} :‬إن الييذين فتنييوا‬
‫المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا{ قال الحسيين البصييري‬
‫رحميية اللييه عليييه انظييروا إلييى هييذا الكييرم والجييود قتلييوا‬
‫ليات في هييذا‬ ‫أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة وا َ‬
‫كثيرة جدًا‪ .‬وفي الصحيحين عن أبي سعيد رضي الله عنييه‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسييلم حييديث الييذي قتييل‬
‫تسعا ً وتسعين نفسا ً ثم نييدم وسييأل عابييدا ً ميين عبيياد بنييي‬
‫إسرائيل هل له من توبة‪ ,‬فقال‪ :‬ل فقتله وأكمييل بييه مييائة‬
‫ثم سأل عالما ً من علمائهم هل لييه ميين توبيية فقييال وميين‬

‫‪32‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يحل بينك وبين التوبة‪ .‬ثم أمييره بالييذهاب إلييى قرييية يعبييد‬
‫اللييه فيهييا فقصييدها فأتيياه المييوت فييي أثنيياء الطريييق‬
‫فاختصمت فيه ملئكة الرحمة وملئكة العييذاب فييأمر اللييه‬
‫عز وجل أن يقيسوا ما بين الرضين فإلى أيهما كان أقرب‬
‫فهييو منهييا فوجييدوه أقييرب إلييى الرض الييتي هيياجر إليهييا‬
‫فقبضته ملئكة الرحمة‪ ,‬وذكر أنه نأى بصدره عنييد المييوت‬
‫وأن الله تبارك وتعالى أمر البلدة الخيرة أن تقييترب وأميير‬
‫تلك البلدة أن تتباعد‪ ,‬هذا معنى الحييديث وقييد كتبنيياه فييي‬
‫موضع آخر بلفظيه‪ .‬وقيال عليي بين أبيي طلحية عين ابين‬
‫عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل‪} :‬قل يا عبادي‬
‫الذين أسرفوا على أنفسهم ل تقنطوا ميين رحميية اللييه إن‬
‫الله يغفر الذنوب جميعًا{ إلى آخر ا َ‬
‫لية قال قييد دعييا اللييه‬
‫تعالى إلى مغفرته من زعم أن المسيح هو الله ومن زعييم‬
‫أن المسيح هو ابن الله ومن زعم أن عزيرا ً ابن الله وميين‬
‫زعم أن الله فقير ومن زعم أن يد الله مغلولة ومن زعييم‬
‫أن الله ثالث ثلثة يقول اللييه تعييالى لهييؤلء‪} :‬أفل يتوبييون‬
‫إلى اللييه ويسييتغفرونه واللييه غفييور رحيييم{ ثييم دعييا إلييى‬
‫التوبة من هو أعظم قيول ً مين هيؤلء‪ ,‬مين قيال أنيا ربكيم‬
‫العلى وقال‪} :‬ما علمت لكم ميين إلييه غيييري{ قييال ابيين‬
‫عباس رضي الله تعييالى عنهمييا ميين آيييس عبيياد اللييه ميين‬
‫التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب الله عز وجل‪ ,‬ولكن ل يقدر‬
‫العبد أن يتوب حتى يتوب الله عليييه وروى الطييبراني ميين‬
‫طريق الشعبي عن سنيد بن شكل أنييه قييال سييمعت ابيين‬
‫مسعود يقول إن أعظم آية في كتاب الله }اللييه ل إلييه إل‬
‫هو الحي القيوم{ وإن أجمع آييية فييي القييرآن بخييير وشيير‬
‫}إن الله يأمر بالعدل والحسان{ وإن أكثر آية في القرآن‬
‫فرحا ً في سورة الزمر }قل يا عبادي الذين أسييرفوا علييى‬
‫أنفسهم ل تقنطوا من رحمة الله{ وإن أشد آية في كتيياب‬
‫الله تفويضا ً }ومن يتق الله يجعل له مخرجيا ً ويرزقييه ميين‬
‫حيييث ل يحتسييب{ فقييال لييه مسييروق صييدقت‪ .‬وقييال‬
‫العمش عن أبي سعيد عن أبي الكنود قال ميير عبييد اللييه‬
‫يعني ابن مسعود رضي اللييه عنييه علييى قيياص وهييو يييذكر‬

‫‪33‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الناس فقال يا مذكر لم تقنط الناس من رحمة اللييه ؟ ثييم‬
‫قرأ }قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسييهم ل تقنطييوا‬
‫ميين رحميية اللييه{ رواه ابيين أبييي حيياتم رحمييه اللييه‪.‬‬

‫)ذكيييييييير أحيييييييياديث فيهييييييييا نفييييييييي القنييييييييوط(‬


‫قال المام أحمييد‪ :‬حييدثنا سييريج بيين النعمييان حييدثنا أبييو‬
‫عبيدة عبد المؤمن بن عبيد الله حدثني حسيين السدوسييي‬
‫قال‪ :‬دخلت على أنييس بيين مالييك رضييي الليه تعييالى عنييه‬
‫فقال سمعت رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم يقييول‪:‬‬
‫»والذي نفسي بيده لو أخطأتم حتى تمل خطاياكم ما بييين‬
‫السماء والرض ثم استغفرتم الله تعالى لغفر لكم‪ ,‬والذي‬
‫نفس محمد صلى الله عليه وسلم بيده لو لم تخطئوا لجاء‬
‫الله عز وجييل بقييوم يخطئون ثييم يسييتغفرون اللييه فيغفيير‬
‫لهم« تفرد به أحمد‪ .‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا إسييحاق بيين‬
‫عيسى حدثني الليث حدثني محمد بن قيس قاص عمر بن‬
‫عبد العزيز عن أبي صرمة عن أبي أيوب النصيياري رضييي‬
‫الله عنه أنه قال حين حضرته الوفاة قد كنت كتمت منكييم‬
‫شيئا ً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسييلم يقييول‬
‫»لول أنكم تذنبون لخلق الله عز وجل قوما ً يذنبون فيغفيير‬
‫لهم« هكذا رواه المام أحمد وأخرجه مسلم فييي صييحيحه‬
‫والترمذي جميعا ً عن قتيبة عن الليث بيين سييعد بييه‪ .‬ورواه‬
‫مسلم من وجه آخر به عن محمد بن كعييب القرظييي عيين‬
‫أبي صرمة وهو النصاري صييحابي عيين أبييي أيييوب رضييي‬
‫الله عنهما بييه‪ .‬وقييال المييام أحمييد حييدثنا أحمييد بيين عبييد‬
‫الملك الحراني حدثنا يحيى بن عمرو بن مالك البكري قال‬
‫سمعت أبي يحدث عن أبي الجوزاء عن ابن عباس رضييي‬
‫الله عنهما قال‪ :‬قال رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»كفارة الذنب الندامة« وقال رسول الله صلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬لو لم تذنبوا لجاء الله تعالى بقوم يييذنبون فيغفيير‬
‫لهم« تفرد به أحمد‪ .‬وقال عبد الله بن المام أحمد حدثني‬
‫عبد العلى بن حماد القرشي حدثنا داود بن عبييد الرحميين‬
‫حدثنا أبو عبد الله مسلمة بن عبييد اللييه الييرازي عيين أبييي‬

‫‪34‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عمرو البجلي عن عبد الملك بن سفيان الثقفييي عيين أبييي‬
‫جعفر محمد بن علي عن محمد بن الحنفية عن أبيه علييي‬
‫بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال‪ :‬قال رسول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬إن الله تعالى يحب العبد المفتيين‬
‫التيييييواب« وليييييم يخرجيييييوه مييييين هيييييذا اليييييوجه‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا موسى بن إسماعيل‬
‫حدثنا حماد حدثنا ثابت وحميد عن عبييد اللييه بيين عبيييد بيين‬
‫عمير قال‪ :‬إن إبليييس لعنييه اللييه تعييالى قييال يييا رب إنييك‬
‫أخرجتنييي ميين الجنيية ميين أجييل آدم وإنييي ل أسييتطيعه إل‬
‫بسلطانك قال فييأنت مسييلط‪ ,‬قييال يييا رب زدنييي‪ ,‬قييال ل‬
‫يولد له ولد إل ولد لك مثله‪ ,‬قال يا رب زدنييي قييال أجعييل‬
‫صدورهم مساكن لكم وتجرون منهم مجرى الييدم قييال يييا‬
‫رب زدني قال أجلب عليهم بخيلك ورجلك وشيياركهم فييي‬
‫الموال والولد وعدهم ومييا يعييدهم الشيييطان إل غييرورًا‪,‬‬
‫فقال آدم عليه الصلة والسييلم يييا رب قييد سييلطته علييي‬
‫وإني ل أمتنع إل بك قال تبارك وتعالى ل يولييد لييك ولييد إل‬
‫وكلت به من يحفظه من قرناء السوء‪ ,‬قييال يييا رب زدنييي‬
‫قال الحسنة عشر أو أزيد والسيئة واحدة أو أمحوهييا قييال‬
‫يا رب زدني قال بيياب التوبيية مفتييوح مييا كييان الييروح فييي‬
‫الجسد قال يا رب زدني قال‪} :‬يييا عبييادي الييذين أسييرفوا‬
‫علييى أنفسييهم ل تقنطييوا ميين رحميية اللييه إن اللييه يغفيير‬
‫الذنوب جميعا ً إنه هييو الغفييور الرحيييم{ وقييال محمييد بيين‬
‫إسحاق قال نافع عن عبد الله بيين عميير عيين عميير رضييي‬
‫الله عنهما في حديثه قال وكنا نقول مييا اللييه بقابييل مميين‬
‫افتتن صرفا ً ول عدل ً ول توبة‪ ,‬عرفوا اللييه ثييم رجعييوا إلييى‬
‫الكفر لبلء أصابهم قال وكانوا يقولون ذلك لنفسييهم قييال‬
‫فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينيية أنييزل‬
‫الله تعالى فيهم وفي قولنا وقييولهم لنفسييهم }يييا عبييادي‬
‫الذين أسرفوا على أنفسهم ل تقنطوا ميين رحميية اللييه إن‬
‫الله يغفر الذنوب جميعا ً إنه هييو الغفييور الرحيييم * وأنيبييوا‬
‫إلى ربكم وأسلموا ليه ميين قبييل أن يييأتيكم العييذاب ثييم ل‬
‫تنصرون * واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل‬

‫‪35‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم ل تشعرون{ قال عمر رضييي‬
‫الله عنه فكتبتها بيدي في صحيفة وبعثييت بهييا إلييى هشييام‬
‫بن العاص رضي اللييه عنييه قييال‪ :‬فقييال هشييام لمييا أتتنييي‬
‫جعلت أقرؤها بذي طوى أصعد بها فيه وأصوت ول أفهمهييا‬
‫حتى قلت اللهم أفهمنيها فألقى الله عييز وجييل فييي قلييبي‬
‫أنها إنما نزلت فينا وفيما كنا نقول في أنفسنا ويقييال فينييا‬
‫فرجعت إلى بعيري فجلسييت عليييه فلحقييت برسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم بالمدينة‪ ,‬ثم استحث تبييارك وتعييالى‬
‫عباده إلى المسارعة إلى التوبة فقال‪} :‬وأنيبوا إلى ربكييم‬
‫وأسلموا له{ الخ‪ ,‬أي ارجعوا إلى الله واستسلموا له }من‬
‫قبل أن يأتيكم العذاب ثييم ل تنصييرون{ أي بييادروا بالتوبيية‬
‫والعمل الصالح قبل حلول النقمة }واتبعوا أحسن ما أنزل‬
‫إليكم من ربكم{ وهو القرآن العظيم }من قبل أن يييأتيكم‬
‫العذاب بغتة وأنتم ل تشعرون{ أي من حيث ل تعلمون ول‬
‫تشعرون ثم قال عييز وجييل‪} :‬أن تقييول نفييس يييا حسييرتا‬
‫على ما فرطت في جنييب اللييه{ أي يييوم القياميية يتحسيير‬
‫المجييرم المفييرط فييي التوبيية والنابيية ويييود لييو كييان ميين‬
‫المحسيينين المخلصييين المطيعييين للييه عييز وجييل‪ ,‬وقييوله‬
‫تبارك وتعالى‪} :‬وإن كنت لمن السيياخرين{ أي إنمييا كييان‬
‫عملي في الدنيا عمل ساخر مستهزىء غير موقن مصدق‬
‫}أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقييين * أو تقييول‬
‫حين ترى العذاب لو أن لي كّرة فييأكون ميين المحسيينين{‬
‫أي تود لو أعيدت إلى الدنيا لتحسن العمل‪ .‬قال علييي بيين‬
‫أبي طلحة عن ابن عباس رضييي اللييه تعييالى عنهمييا أخييبر‬
‫اللييه سييبحانه وتعييالى مييا العبيياد قييائلون قبييل أن يقولييوه‬
‫وعملهم قبييل أن يعملييوه‪ .‬وقييال تعييالى‪} :‬ول ينييبئك مثييل‬
‫خبير{ }أن تقول نفييس يييا حسييرتا علييى مييا فرطييت فييي‬
‫جنب الله وإن كنت لمن الساخرين * أو تقول لييو أن اللييه‬
‫هداني لكنت من المتقين * أو تقول حين ترى العييذاب لييو‬
‫أن لي كرة فأكون من المحسنين{ وقد قال المييام أحمييد‬
‫حدثنا أسود حدثنا أبو بكر عن العمش عن أبي صالح عيين‬
‫أبي هريرة رضي الله تعالى عنييه قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه‬

‫‪36‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬كل أهييل النييار يييرى مقعييده ميين‬
‫الجنة فيقول لو أن الله هداني فتكون عليييه حسييرة‪ ,‬قييال‬
‫وكل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقييول لييول أن اللييه‬
‫هداني قال فيكون له الشكر« ورواه النسائي ميين حييديث‬
‫أبي بكر بن عياش به‪ .‬ولما تمنى أهل الجرائم العييود إلييى‬
‫الدنيا وتحسروا على تصديق آيات الله واتباع رسييله وقييال‬
‫الله سبحانه وتعالى‪} :‬بلى قييد جاءتييك آييياتي فكييذبت بهييا‬
‫واستكبرت وكنت من الكافرين{ أي قد جاءتك أيهييا العبييد‬
‫النادم على مييا كييان منييه آييياتي فييي الييدار الييدنيا وقييامت‬
‫حججي عليك فكذبت بها واستكبرت عن اتباعها وكنت من‬
‫الكيييييييييييافرين بهيييييييييييا الجاحيييييييييييدين لهيييييييييييا‪.‬‬

‫جييوهُُهم‬ ‫ن ك َيذ َُبوا ْ عَل َييى الل ّيهِ وُ ُ‬ ‫ذي َ‬‫ميةِ ت َيَرى ال ّي ِ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬ ‫** وَي َيوْ َ‬
‫َ‬
‫جيي الّلي ُ‬
‫ه‬ ‫ن * وَي ُن َ ّ‬
‫ريي َ‬ ‫وى ل ّل ْ ُ‬
‫مت َك َب ّ ِ‬ ‫مْثي ً‬‫م َ‬ ‫جهَن ّ َ‬‫س ِفي َ‬ ‫سوَد ّةٌ أل َي ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫ن‬
‫حَزن ُييو َ‬
‫م يَ ْ‬ ‫َ‬
‫سيوَُء وَل هُي ْ‬ ‫م ال ّ‬ ‫س يه ُ ُ‬
‫م ّ‬ ‫َ‬
‫م ل يَ َ‬ ‫مَفيياَزت ِهِ ْ‬ ‫ْ‬
‫ن ات َّقيوْا ب ِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ال ِ‬
‫يخبر تعالى عن يوم القيامة أنه تسييود فيييه وجييوه وتييبيض‬
‫فيه وجييوه‪ ,‬تسيود وجيوه أهيل الفرقية والختلف‪ ,‬وتييبيض‬
‫وجييوه أهييل السيينة والجماعيية قييال تعييالى ههنييا‪} :‬ويييوم‬
‫القيامة ترى الذين كذبوا علييى اللييه{ أي فييي دعييواهم لييه‬
‫شريكا ً وولييدا ً }وجييوههم مسييودة{ أي بكييذبهم وافييترائهم‬
‫وقوله تعالى‪} :‬أليس فيي جهنيم مثيوى للمتكيبرين ؟{ أي‬
‫أليست جهنم كافييية لهييم سييجنا ً ومييوئل ً لهييم فيهييا الخييزي‬
‫والهييوان بسييبب تكييبرهم وتجييبرهم وإبييائهم عيين النقييياد‬
‫للحق‪ .‬قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابيين‬
‫وهب حدثنا عمي حدثنا عيسى بن أبي عيسى الخياط عيين‬
‫عمرو بن شعيب عيين أبيييه عيين جييده رضييي اللييه عنييه أن‬
‫رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم قييال‪» :‬إن المتكييبرين‬
‫يحشرون يوم القيامة أشباه الذر في صور الناس يعلييوهم‬
‫كل شيء من الصغار حتى يدخلوا سجنا من النييار فييي واد‬
‫يقال له بولس من نار النيييار ويسييقون ميين عصييارة أهييل‬
‫النار ومن طينة الخبال«‪ .‬وقييوله تبييارك وتعييالى‪} :‬وينجييي‬

‫‪37‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله الذين اتقوا بمفازتهم{ أي بما سبق لهم من السييعادة‬
‫والفوز عند الله }ل يمسهم السوء{ أي يييوم القياميية }ول‬
‫هم يحزنون{ أي ول يحزنهم الفزع الكييبر بييل هييم آمنييون‬
‫من كل فييزع مزحزحييون عيين كييل شيير نييائلون كييل خييير‪.‬‬

‫ه‬‫ل * ل ّي ُ‬ ‫كي ي ٌ‬ ‫يٍء وَ ِ‬ ‫شي ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ى كُ ّ‬ ‫َ‬


‫يٍء وَهُوَ عَل َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫كي ّ‬ ‫خال ِقُ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫** الل ّ ُ‬
‫ك‬ ‫ت الل ّهِ أ ُوَْلـئ ِ َ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ ِبيآَيا ِ‬ ‫َ‬ ‫ض َوال ّ ِ‬
‫ذي‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫مَقاِليد ُ ال ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ي أعُْبييد ُ أي َّهييا‬ ‫مُرون ّ َ‬ ‫ل أفَغَْيييَر اللييهِ َتييأ ُ‬ ‫ن * ُقيي ْ‬ ‫سييُرو َ‬ ‫خا ِ‬ ‫م ال َ‬ ‫هيي ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫ن‬ ‫ك ل َئ ِ ْ‬ ‫ميين قَب ْل ِي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك وَإ ِل َييى ال ّي ِ‬ ‫ي إ ِل َي ْ َ‬‫ح َ‬‫ن * وَل ََقد ْ أوْ ِ‬ ‫جاهُِلو َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ه‬ ‫ل الل ّ َ‬ ‫ن * بَ ِ‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كون َ ّ‬ ‫ك وَل َت َ ُ‬ ‫مل ُ َ‬
‫ن عَ َ‬ ‫حب َط َ ّ‬‫ت ل َي َ ْ‬ ‫شَرك ْ َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ن‬
‫ري َ‬ ‫شييييييييييياك ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مييييييييييي َ‬ ‫كييييييييييين ّ‬ ‫َفاعُْبيييييييييييد ْ وَ ُ‬
‫يخييبر تعييالى أنييه خييالق الشييياء كلهييا وربهييا ومليكهييا‬
‫والمتصرف فيها وكل تحت تدبيره وقهره وكلءتييه‪ ,‬وقييوله‬
‫عز وجل‪} :‬لييه مقاليييد السييموات والرض{ قييال مجاهييد‪:‬‬
‫المقاليد هي المفاتيح بالفارسية‪ ,‬وكذا قال قتادة وابن زيد‬
‫وسفيان بن عيينة‪ ,‬وقييال السييدي }لييه مقاليييد السييموات‬
‫والرض{ أي خزائن السموات والرض‪ ,‬والمعنى علييى كل‬
‫القولين أن أزمة المور بيده تبارك وتعالى لييه الملييك ولييه‬
‫الحمد وهييو علييى كييل شيييء قييدير ولهييذا قييال جييل وعل‪:‬‬
‫}والذين كفيروا بآييات الليه{ أي حججيه وبراهينيه }أولئك‬
‫هم الخاسرون{ وقد روى ابن أبي حاتم ههنا حييديثا غريب يا ً‬
‫جدا ً وفي صحته نظر ولكن نحن نذكره كما ذكره فإنه قال‬
‫حدثنا يزيد بن سنان البصري بمصر حدثنا يحيييى بين حمياد‬
‫حدثنا الغلب بن تميييم عيين مخليد بين هيذيل العبييدي عين‬
‫عبدالرحمن المدني عن عبد الله بن عمر عيين عثمييان بيين‬
‫عفان رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليييه‬
‫وسييلم عيين تفسييير قييوله تعييالى‪} :‬لييه مقاليييد السييموات‬
‫والرض{ فقال »ما سألني عنها أحد قبلك يا عثمان« قال‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬تفسيرها ل إله إل الله والله أكييبر‬
‫وسبحان الله وبحمده‪ ,‬أستغفر الله ول قوة إل بالله‪ ,‬الول‬
‫لخر والظاهر والباطن‪ ,‬بيييده الخييير يحيييي ويميييت وهييو‬ ‫وا َ‬

‫‪38‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫على كل شيء قدير‪ .‬من قالها يييا عثمييان إذا أصييبح عشيير‬
‫مرار أعطي خصال ً ستًا‪ :‬أما أولهيين فيحييرس ميين إبليييس‬
‫وجنوده وأما الثانية فيعطى قنطارا ً من الجر‪ ,‬وأما الثالثيية‬
‫فترفع له درجة في الجنة‪ ,‬وأما الرابعة فيتزوج ميين الحييور‬
‫العييين‪ ,‬وأمييا الخامسيية فيحضييره اثنييا عشيير ملك يًا‪ ,‬وأمييا‬
‫السادسة فيعطيى مين الجير كمين قيرأ القيرآن والتيوراة‬
‫والنجيل والزبور‪ ,‬وله مع هذا يا عثمييان ميين الجيير‪ ,‬كميين‬
‫حج وتقبلت حجته واعتمر فتقبلت عمرتييه فييإن مييات ميين‬
‫يومه طبع عليه بطابع الشهداء« ورواه أبو يعلى الموصلي‬
‫من حديث يحيى بن حماد به مثله وهو غريب وفيييه نكييارة‬
‫شديدة والله أعلم‪ .‬وقوله تبارك وتعالى‪} :‬قل أفغييير اللييه‬
‫تأمروني أعبد أيها الجاهلون ؟{ ذكروا في سبب نزولها ما‬
‫رواه ابن أبي حاتم وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما‬
‫أن المشركين من جهلهم دعوا رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم إلى عبادة آلهتهم ويعبييدوا معييه إلهييه فنزلييت }قييل‬
‫أفغير الله تأمروني أعبييد أيهييا الجيياهلون ؟ * ولقييد أوحييي‬
‫إليك وإلى الذين ميين قبلييك لئن أشييركت ليحبطيين عملييك‬
‫ولتكييونن ميين الخاسييرين{ وهييذه كقييوله تعييالى‪} :‬ولييو‬
‫أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون{‪ .‬وقييوله عييز وجييل‪:‬‬
‫}بل الله فاعبد وكن من الشاكرين{ أي أخلص العبادة لله‬
‫وحيييده ل شيييريك ليييه أنيييت ومييين اتبعيييك وصيييدقك‪.‬‬

‫م‬
‫ه ي َيوْ َ‬ ‫ميعييا ً قَب ْ َ‬
‫ضييت ُ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ض َ‬‫حقّ قَد ْرِهِ َوالْر ُ‬ ‫ه َ‬‫ما قَد َُروا ْ الل ّ َ‬
‫** وَ َ‬
‫مييا‬
‫ى عَ ّ‬ ‫َ‬ ‫مط ْوِّيا ٌ‬ ‫ال ِْقَيا َ‬
‫ه وَت َعَييال َ‬ ‫حان َ ُ‬
‫س يب ْ َ‬
‫مين ِهِ ُ‬
‫ت ب ِي َ ِ‬ ‫ت َ‬‫ماَوا ُ‬ ‫س َ‬ ‫مةِ َوال ّ‬
‫ن‬‫كو َ‬ ‫شييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييرِ ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫يقول تبارك وتعالى‪} :‬وما قدروا الله حق قدره{ أي مييا‬
‫قدر المشركون الله حق قدره حين عبدوا معه غيييره وهييو‬
‫العظيم الذي ل أعظم منه القادر على كييل شيييء المالييك‬
‫لكل شيء وكل شيء تحييت قهييره وقييدرته‪ ,‬قيال مجاهييد‪:‬‬
‫نزلت في قريش‪ ,‬وقال السدي‪ :‬ما عظموه حق تعظيمييه‪,‬‬
‫وقال محمد بن كعب‪ :‬لو قدروه حق قدره ما كذبوا‪ ,‬وقيال‬

‫‪39‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما }ومييا‬
‫قدروا الله حق قدره{ هم الكفار الذين لييم يؤمنييوا بقييدرة‬
‫الله عليهم‪ .‬فمن آمن أن الله على كييل شيييء قييدير فقييد‬
‫قدر الله حق قدره‪ ,‬ومن لم يييؤمن بييذلك فلييم يقييدر اللييه‬
‫حق قدره وقييد وردت أحيياديث كييثيرة متعلقيية بهييذه ا َ‬
‫لييية‬
‫الكريمة والطريق فيها وفي أمثالهييا مييذهب السييلف وهييو‬
‫إمراراهييا كمييا جيياءت ميين غييير تكييييف ول تحريييف‪ .‬قييال‬
‫البخاري قوله تعالى‪} :‬وما قدروا اللييه حييق قييدره{ حييدثنا‬
‫آدم حدثنا شيبان عن منصور عن إبراهيم عيين عبيييدة عيين‬
‫عبد الله بن مسعود رضي اللييه عنييه قييال‪ :‬جيياء حييبر ميين‬
‫الحبار إلى رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم فقييال‪ :‬يييا‬
‫محمد إنا نجد الله عز وجييل يجعييل السيموات علييى أصيبع‬
‫والرضين على أصبع‪ ,‬والشجر على أصبع‪ ,‬والميياء والييثرى‬
‫على أصبع‪ ,‬وسائر الخلييق علييى أصييبع فيقييول أنييا الملييك‪,‬‬
‫فضحك رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم حييتى بييدت‬
‫نواجذه تصديقا ً لقول الحبر ثم قرأ رسول الله صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم }ومييا قييدروا اللييه حييق قييدره والرض جميعيا ً‬
‫لية ورواه البخاري أيضا ً في غير هذا‬ ‫قبضته يوم القيامة{ ا َ‬
‫الموضع ميين صييحيحه والمييام أحمييد‪ :‬ومسييلم والترمييذي‬
‫والنسييائي فييي التفسييير ميين سييننهما كلهييم ميين حييديث‬
‫سليمان بن مهران العمش عن إبراهيييم عيين عبيييدة عيين‬
‫ابن مسعود رضي الله عنه بنحوه‪ ,‬وقال المام أحمد حدثنا‬
‫أبو معاوية حدثنا العمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد‬
‫الله رضي الله عنه قال‪ :‬جاء رجل إلييى النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم من أهل الكتاب فقال‪ :‬يا أبا القاسم أبلغييك أن‬
‫اللييه تعييالى يحمييل الخلئق علييى أصييبع والسييموات علييى‬
‫أصبع والرضييين علييى أصييبع والشييجر علييى أصييبع والميياء‬
‫والثرى على أصبع‪ ,‬قييال فضييحك رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم حتى بدت نواجذه قييال وأنييزل اللييه عييز وجييل‬
‫ليية‪ ,‬وهكيذا رواه‬ ‫}وما قدروا الله حق قيدره{ إليى آخير ا َ‬
‫البخاري ومسلم والنسييائي ميين طييرق عيين العمييش بييه‪,‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا حسين بيين حسيين الشييقر حييدثنا‬

‫‪40‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبو كدينة عن عطاء عن أبي الضحى عن ابن عباس رضي‬
‫الله عنهما قال‪ :‬مر يهودي برسييول اللييه صيلى الليه علييه‬
‫وسلم وهو جالس فقال‪ :‬كيييف تقييول يييا أبييا القاسييم يييوم‬
‫يجعييل اللييه سييبحانه وتعييالى السييماء علييى ذه ي ي وأشييار‬
‫بالسبابة ي والرض على ذه والجبال على ذه وسائر الخلييق‬
‫على ذه ي كل ذلك يشير بأصييابعه يي قييال فييأنزل اللييه عييز‬
‫لية وكذا رواه الترمذي‬ ‫وجل }وما قدروا الله حق قدره{ ا َ‬
‫في التفسير عن عبد الله بن عبييد الرحميين الييدارمي عيين‬
‫محمد بن الصييلت أبييي جعفيير عيين أبييي كدينيية يحيييى بيين‬
‫المهلب عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى مسلم بيين‬
‫صبيح به وقال حسن صييحيح غريييب ل نعرفييه إل ميين هييذا‬
‫الوجه‪ .‬ثم قال البخاري‪ :‬حدثنا سعيد بن عفير حدثنا الليييث‬
‫حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسييافر عيين ابيين شييهاب‬
‫عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبييا هريييرة رضييي اللييه‬
‫عنه قال‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫»يقبض الله تعالى الرض ويطوي السماء بيمينه ثم يقييول‬
‫أنا الملك أين ملوك الرض« تفرد به من هذا اليوجه ورواه‬
‫مسلم من وجه آخر‪ .‬وقال البخاري في موضع آخيير حييدثنا‬
‫مقدم بن محمد حدثنا عمي القاسييم بيين يحيييى عيين عبيييد‬
‫الله عن نافع عن ابن عمر رضي اللييه عنهمييا عيين رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قييال‪» :‬إن اللييه تبييارك وتعييالى‬
‫يقبض يوم القيامة الرضين على أصييبع وتكييون السييموات‬
‫بيمينه ثم يقول أنا الملك« تفرد به أيضا ً ميين هييذا السييياق‬
‫وأطول فقال‪ :‬حدثنا عفييان حييدثنا حميياد بيين سييلمة حييدثنا‬
‫إسحاق بن عبييد اللييه بيين أبييي طلحيية عيين عبيييد اللييه بيين‬
‫مقسم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال‪ :‬إن رسول الله‬
‫لية ذات يوم علييى المنييبر‬ ‫صلى الله عليه وسلم قرأ هذه ا َ‬
‫}وما قييدروا اللييه حييق قييدره والرض جميعيا ً قبضييته يييوم‬
‫القيامة والسموات مطويات بيمينييه سييبحانه وتعييالى عمييا‬
‫يشركون{ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هكييذا‬
‫بيده يحركها يقبل بها ويدبر »يمجد الرب نفسه أنييا الجبييار‬
‫أنا المتكبر أنا الملك أنا العزيز أنا الكريم« فرجف برسول‬

‫‪41‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ن به وقييد‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم المنبر حتى قلنا ليخر ّ‬
‫رواه مسلم والنسائي وابن ماجه ميين حييديث عبييد العزيييز‬
‫بن أبي حازم زاد مسلم ويعقوب بن عبد الرحميين كلهمييا‬
‫عن أبي حازم عن عبيد الله بن مقسم عن ابن عمر رضي‬
‫الله عنهما به نحوه‪ .‬ولفظ مسلم عن عبيد الله بن مقسم‬
‫في هذا الحديث أنه نظر إلى عبد الله بن عمر رضي اللييه‬
‫عنهما كيف يحكي النبي صلى الله عليه وسلم قييال‪ :‬يأخييذ‬
‫الله تبارك وتعالى سمواته وأرضيه بيده ويقييول أنييا الملييك‬
‫ويقبض أصابعه ويبسطها أنا الملك حتى نظرت إلى المنبر‬
‫يتحرك من أسفل شيء منه حتى إني لقييول أسيياقط هييو‬
‫برسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪ .‬وقييال الييبزار‪ :‬حييدثنا‬
‫سييليمان بيين سيييف حييدثنا أبييو علييي الحنفييي حييدثنا عبيياد‬
‫المنقري حدثني محمد بن المنكدر قال حدثنا عبد الله بيين‬
‫عمر رضي الله عنهما قال إن رسول الله صلى الله عليييه‬
‫وسلم قرأ هذه ا َ‬
‫لييية علييى المنييبر }ومييا قييدروا اللييه حييق‬
‫قدره ي حتى بلغ ي سييبحانه وتعييالى عمييا يشييركون{ فقييال‬
‫المنبر هكذا فجياء وذهيب ثلث ميرات والليه أعلييم‪ ,‬ورواه‬
‫المام الحافظ أبو القاسم الطبراني مين حيديث عبييد بين‬
‫عمير عيين عبييد اللييه بيين عمييرو رضييي اللييه عنهمييا وقييال‬
‫صييحيح‪ .‬وقييال الطييبراني فييي المعجييم الكييبير حييدثنا عبييد‬
‫الرحمن بن معاوية العتبي حدثنا حيان بن نييافع عيين صييخر‬
‫بن جويرية حدثنا سعيد بيين سييالم القييداح عيين معميير بيين‬
‫الحسن عن بكر بن خنيس عن أبي شيبة عيين عبييد المليك‬
‫بن عمير عن جرير رضي الله عنه قال‪ :‬قييال رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم لنفر من أصحابه رضي اللييه عنهييم‪:‬‬
‫»إني قارىء عليكم آيات من آخر سورة الزمر فميين بكييى‬
‫منكم وجبت له الجنة« فقرأها صلى الله عليه وسييلم ميين‬
‫عند }وما قدروا الله حق قييدره{ إلييى آخيير السييورة فمنييا‬
‫من بكى ومنا من لم يبك فقال الذين لم يبكييوا يييا رسييول‬
‫الله لقد جهدنا أن نبكي فلييم نبييك فقييال صيلى الليه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬إني سأقرؤها عليكم فمن لم يبييك فليتبيياك« هييذا‬
‫حديث غريب جدًا‪ ,‬وأغرب منه ما رواه في المعجم الكييبير‬

‫‪42‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أيضا ً حدثنا هاشم بن زيد حييدثنا محمييد بيين إسييماعيل بيين‬
‫عياش حدثني أبي حدثني ضمضم بن زرعة عن شريح بيين‬
‫عبيد عن أبي مالك الشعري قال‪ :‬قال رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬إن الله تعالى يقييول ثلث خلل غيبتهيين‬
‫عن عبادي لو رآهن رجل ما عمل بسوء أبييدًا‪ :‬لييو كشييفت‬
‫غطائي فرآني حتى استيقن ويعلم كيييف أفعييل بخلقييي إذا‬
‫أتيتهم وقبضت السييموات بيييدي ثييم قبضييت الرضييين ثييم‬
‫قلت أنا الملك من ذا الذي له لملييك دونييي فييأريهم الجنيية‬
‫وما أعددت لهم فيها من كل خير فيستيقنوها وأريهم النييار‬
‫وما أعددت لهم فيها من كل شر فيستيقنوها ولكن عمييدا ً‬
‫غيبت ذلك عنهم لعلم كيف يعملون وقد بينته لهم« وهييذا‬
‫إسناد متقارب وهي نسخة تروى بهييا أحيياديث جميية واللييه‬
‫أعليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬

‫ميين فِييي‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سي َ‬‫من ِفي ال ّ‬ ‫صعِقَ َ‬ ‫صورِ فَ َ‬ ‫خ ِفي ال ّ‬ ‫** وَن ُِف َ‬
‫ُ‬
‫م‬
‫م قِي َييا ٌ‬‫ذا هُي ْ‬ ‫خيَرىَ فَيإ ِ َ‬ ‫خ ِفييهِ أ ْ‬ ‫ه ثُ ّ‬
‫م ن ُِف َ‬ ‫شآَء الل ّ ُ‬ ‫من َ‬ ‫ض إ ِل ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫الْر‬
‫ب‬‫ضييعَ ال ْك َِتييا ُ‬ ‫ض ب ُِنييورِ َرب َّهييا وَوُ ِ‬ ‫ت الْر ُ‬ ‫شييَرقَ ِ‬ ‫ن * وَأ َ ْ‬ ‫ظييُرو َ‬ ‫َين ُ‬
‫م لَ‬ ‫حقّ وَهُي ْ‬ ‫ي ب َي ْن َهُييم ب ِييال ْ َ‬ ‫دآِء وَقُ ِ‬
‫ضي َ‬ ‫ش يه َ َ‬ ‫ن َوال ّ‬ ‫جييييَء ب ِييالن ّب ِي ّي ْ َ‬ ‫وَ ِ‬
‫َ‬
‫مييا‬
‫م بِ َ‬ ‫ت وَهُيوَ أعْل َي ُ‬ ‫مل َي ْ‬ ‫مييا عَ ِ‬‫س ّ‬‫ل ن َْفي ٍ‬ ‫ت ك ُي ّ‬ ‫ن * وَوُفّي َ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫ي ُظ ْل َ ُ‬
‫ي َْفعَُلييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييو َ‬
‫ن‬
‫يقييول تبييارك وتعييالى مخييبرا ً عيين هييول يييوم القياميية‬
‫ليات العظيمة والييزلزل الهائليية فقييوله‬ ‫ومايكون فيه من ا َ‬
‫تعالى‪} :‬ونفخ في الصور فصعق من في السييموات وميين‬
‫في الرض إل من شاء الله{ هذه النفخة هي الثانية وهييي‬
‫نفخيية الصييعق وهييي الييتي يمييوت بهييا الحييياء ميين أهييل‬
‫السموات والرض إل من شاء اللييه كمييا جيياء مصييرحا ً بييه‬
‫مفسييرا ً فييي حييديث الصييور المشييهور ثييم يقبييض أرواح‬
‫الباقين حتى يكون آخيير ميين يمييوت ملييك المييوت وينفييرد‬
‫الحي القيوم الذي كييان أول ً وهييو البيياقي آخييرا ً بالديموميية‬
‫والبقاء ويقول )لمن الملك اليييوم( ثلث مييرات ثييم يجيييب‬
‫نفسه بنفسه فيقول }لله الواحد القهييار{ أنييا الييذي كنييت‬

‫‪43‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وحدي وقد قهييرت كييل شيييء وحكمييت بالفنيياء علييى كييل‬
‫شيء‪ ,‬ثم يحيي أول من يحيي إسييرافيل ويييأمره أن ينفييخ‬
‫بالصور مرة أخرى وهي النفخة الثالثيية نفخيية البعييث قييال‬
‫الله عز وجل‪} :‬ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظييرون{‬
‫أي أحياء بعدما كانوا عظاما ً ورفاتا ً صيياروا أحييياء ينظييرون‬
‫إلى أهوال يوم القيامة‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬فإنما هي زجييرة‬
‫واحدة فإذا هم بالساهرة{‪ .‬وقال عز وجل‪} :‬يوم يييدعوكم‬
‫فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتييم إل قليل{ وقييال جييل‬
‫وعل‪} :‬ومن آياته أن تقيوم السيماء والرض بيأمره ثيم إذا‬
‫دعاكم دعييوة ميين الرض إذا أنتييم تخرجييون{ قييال المييام‬
‫أحمد‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن النعمييان بيين‬
‫سالم قال‪ :‬سمعت يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود‬
‫قال سمعت رجل ً قال لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما‬
‫إنك تقول الساعة تقوم إلى كذا وكذا قال لقييد هممييت أن‬
‫ل أحدثكم شيئا ً إنما قلت سترون بعد قليل أمرا ً عظيما ً ثم‬
‫قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما‪ .‬قال رسول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬يخرج الدجال فييي أمييتي فيمكييث‬
‫فيهييم أربعييين ل أدري أربعييين يومييا ً أو أربعييين شييهرا ً أو‬
‫أربعين عاما ً أو أربعين ليلة فيبعث الليه تعييالى عيسييى بيين‬
‫مريم عليه الصلة والسلم كأنه عروة بن مسيعود الثقفييي‬
‫فيظهر فيهلكه الله تعالى ثم يلبث الناس بعده سنين سبعا ً‬
‫ليس بين اثنين عداوة ثم يرسل الله تعالى ريحا ً باردة من‬
‫قبل الشام فل يبقى أحد في قلبه مثقال ذرة من إيمان إل‬
‫ن أحدهم كان في كبد جبل لدخلت عليه«‬ ‫قبضته حتى لو أ ّ‬
‫قييال سييمعتها ميين رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫»ويبقى شييرار النيياس فييي خفيية الطييير وأحلم السييباع ل‬
‫يعرفييون معروفييا ً ول ينكييرون منكييرا ً قييال فيتمثييل لهييم‬
‫الشيييطان فيقييول أل تسييتجيبون فيييأمرهم بعبييادة الوثييان‬
‫فيعبدونها وهم في ذلك دارة أرزاقهييم حسيين عيشييهم ثييم‬
‫ينفخ في الصور فل يسييمعه أحييد إل أصييغى لييه وأول ميين‬
‫يسمعه رجييل يلييوط حوضييه فيصييعق ثييم ل يبقييى أحييد إل‬
‫صعق‪ ,‬ثم يرسل الله تعالى أو ينزل الله عييز وجييل مطييرا ً‬

‫‪44‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كأنه الطل ي أو الطييل شييك نعمييان ي ي فتنبييت منييه أجسيياد‬
‫الناس ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون‪ ,‬ثييم يقييال‬
‫أيها الناس هلموا إلى ربكييم }وقفييوهم إنهييم مسييؤولون{‬
‫قال ثم يقال أخرجوا بعث النييار قييال فيقييال كييم ؟ فيقييال‬
‫ميين كييل ألييف تسييعمائة وتسييعة وتسييعين فيييومئذٍ تبعييث‬
‫الولدان شيبا ً ويومئذٍ يكشييف عيين سيياق« انفييرد بييإخراجه‬
‫مسييييييييييييييييييلم فييييييييييييييييييي صييييييييييييييييييحيحه‪.‬‬

‫)حييييييديث أبييييييي هريييييييرة رضييييييي اللييييييه عنييييييه(‬


‫وقال البخاري حدثنا عمر بن حفص بن غياث حييدثنا أبييي‬
‫حدثنا العمش قال سمعت أبا صالح قال قال سييمعت أبييا‬
‫هريرة رضي الله تعالى عنه يحدث عيين النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم وقال »ما بين النفختين أربعييون« قييالوا يييا أبييا‬
‫هريرة أربعون يوما ً ؟ قييال رضييي اللييه تعييالى عنييه أبيييت‪,‬‬
‫قالوا أربعون سنة ؟ قال أبيت‪ ,‬قالوا أربعون شهرا ً ؟ قييال‬
‫أبيت ويبلييى كييل شيييء ميين النسييان إل عجييب ذنبييه فيييه‬
‫يركيييييييييييييييييييييييييييييييب الخليييييييييييييييييييييييييييييييق‪.‬‬
‫وقال أبو يعلي‪ :‬حدثنا يحيى بن معييين حييدثنا أبييو اليمييان‬
‫حدثنا إسماعيل بن عياش عن عمر بن محمد عن زيييد بيين‬
‫أسلم عن أبيه عن أبي هريرة رضي اللييه عنييه عيين النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬سييألت جبريييل عليييه الصييلة‬
‫لية }ونفخ في الصور فصعق ميين فييي‬ ‫والسلم عن هذه ا َ‬
‫السموات ومن في الرض إل من شاء الله{ من الذين لم‬
‫يشأ الله تعالى أن يصعقهم ؟ قييال هييم الشييهداء يتقلييدون‬
‫أسيافهم حييول عرشييه تتلقيياهم ملئكيية يييوم القياميية إلييى‬
‫المحشر بنجائب من ياقوت نمارهييا ألييين ميين الحرييير مييد‬
‫خطاها مد أبصار الرجال يسيرون في الجنيية يقولييون عنييد‬
‫طول النزهة انطلقوا بنا إلى ربنا لننظر كيييف يقضييي بييين‬
‫خلقه يضحك إليهم إلهي وإذا ضحك إلى عبييد فييي مييوطن‬
‫فل حساب عليه« رجاله كلهم ثقات إل شيخ إسماعيل بيين‬
‫عياش فإنه غير معروف والله سبحانه وتعالى أعلم‪ .‬وقوله‬
‫تبارك وتعالى‪} :‬وأشيرقت الرض بنييور ربهيا{ أي أضيياءت‬

‫‪45‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يييوم القياميية إذا تجلييى الحييق جييل وعل للخلئق لفصييل‬
‫القضاء }ووضع الكتاب{ قال قتادة كتاب العمال }وجيء‬
‫بالنبيين{ قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يشييهدون‬
‫على المم بأنهم بلغوا رسالت الله إليهم }والشهداء{ أي‬
‫الشهداء من الملئكة الحفظة على أعمال العباد ميين خييير‬
‫وشييير }وقضيييي بينهيييم بيييالحق{ أي بالعيييدل }وهيييم ل‬
‫يظلمون{ قال الله تعالى‪} :‬ونضع الموازين القسط ليييوم‬
‫القيامة فل تظلييم نفييس شيييئا ً وإن كييان مثقييال حبيية ميين‬
‫خردل أتينا بها وكفى بنييا حاسييبين{ وقييال جييل وعل‪} :‬إن‬
‫الله ل يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من‬
‫لدنه أجرا ً عظيمًا{ ولهذا قال عز وجل‪} :‬ووفيت كل نفس‬
‫ما عملت{ أي من خير وشيير }وهييو أعلييم بمييا يفعلييون{‪.‬‬

‫جآُءوهَييا‬ ‫ذا َ‬ ‫ى إِ َ‬ ‫حت ّي َ‬ ‫مييرا ً َ‬ ‫م ُز َ‬ ‫جهَن ّي َ‬‫ى َ‬ ‫َ‬


‫كيَفُروَا ْ إ ِل َ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫سيقَ ال ّ ِ‬
‫ذي‬ ‫** وَ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫منك ُي ْ‬ ‫ل ّ‬ ‫سي ٌ‬ ‫م ُر ُ‬ ‫م ي َيأت ِك ُ ْ‬ ‫خَزن َت ُهَييآ أل َي ْ‬ ‫م َ‬ ‫ل ل َهُ ي ْ‬ ‫واب َُها وَقَييا َ‬ ‫ت أب ْ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫فُت ِ َ‬
‫ذا َقاُلوا ْ‬ ‫هـ َ‬ ‫م َ‬ ‫مك ُ ْ‬
‫م ل َِقيآَء ي َوْ ِ‬ ‫م وَُينذُِرون َك ُ ْ‬ ‫ت َرب ّك ُ ْ‬ ‫م آَيا ِ‬ ‫ن عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫ي َت ُْلو َ‬
‫ل‬ ‫ن * ِقيي َ‬ ‫ري َ‬ ‫ب عَل َييى ال ْك َييافِ ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ة ال ْعَي َ‬ ‫مي ُ‬ ‫ت ك َل ِ َ‬ ‫حّقي ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ى وََلـيك ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ب َل َ‬
‫ن‬
‫ري َ‬ ‫مت َ َ‬
‫كي يب ّ ِ‬ ‫وى ال ْ ُ‬ ‫مث ْي َ‬‫س َ‬‫ن ِفيَها فَب ِئ ْ َ‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫جهَن ّ َ‬ ‫ب َ‬ ‫وا َ‬ ‫خل ُوَا ْ أب ْ َ‬ ‫اد ْ ُ‬
‫يخبر تعالى عن حال الشقياء الكفار كيف يسيياقون إلييى‬
‫النار وإنما يساقون سوقا ً عنيفًا‪ .‬بزجر وتهديييد ووعيييد كمييا‬
‫قييال عييز وجييل‪} :‬يييوم يييدعون إلييى نييار جهنييم دع يًا{ أي‬
‫يدفعون إليها دفعًا‪ ,‬وهذا وهم عطاش ظماء كما قييال جييل‬
‫لية الخرى‪} :‬يوم نحشر المتقين إلييى الرحميين‬ ‫وعل في ا َ‬
‫وفدا ً * ونسوق المجرمين إلى جهنم وردًا{ وهم فييي تلييك‬
‫الحال صييم وبكييم وعمييي منهييم ميين يمشييي علييى وجهييه‬
‫}ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا ً وبكم يا ً وصييما ً‬
‫مأواهم جهنييم كلمييا خبييت زدنيياهم سييعيرًا{ وقييوله تبييارك‬
‫وتعييالى‪} :‬حييتى إذا جاءوهييا فتحييت أبوابهييا{ أي بمجييرد‬
‫وصولهم إليها فتحت لهم أبوابها سريعا ً لتعجل لهم العقوبة‬
‫ثم يقول لهم خزنتها من الزبانييية الييذين هييم غلظ الخلق‬
‫شداد القوى علييى وجييه التقريييع والتوبيييخ والتنكيييل }ألييم‬

‫‪46‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يييأتكم رسييل منكييم ؟{ أي ميين جنسييكم تتمكنييون ميين‬
‫مخاطبتهم والخذ عنهييم }يتلييون عليكييم آيييات ربكييم{ أي‬
‫يقيمون عليكم الحجج والبراهين على صحة ما دعوكم إليه‬
‫}وينذرونكم لقاء يومكم هذا{ أي ويحذرونكم من شر هذا‬
‫اليوم‪ ,‬فيقول الكفار لهم }بلييى{ أي قييد جاءونييا وأنييذرونا‬
‫وأقاموا علينا الحجج والبراهين }ولكن حقت كلمة العذاب‬
‫على الكافرين{ أي ولكن كذبناهم وخالفناهم لما سبق لنيا‬
‫من الشقوة التي كنا نستحقها حيث عدلنا عيين الحييق إلييى‬
‫لييية الخييرى‪:‬‬ ‫الباطل كما قال عز وجل مخبرا ً عنهم فييي ا َ‬
‫}كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير * قالوا‬
‫بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الليه مين شييء إن‬
‫أنتم إل في ضلل كبير * وقالوا لو كنا نسمع أو نعقييل‪ .‬مييا‬
‫كنا في أصحاب السعير{ أي رجعوا على أنفسهم بالملمة‬
‫والندامة }فاعترفوا بذنبهم فسحقا ً لصييحاب السييعير{ أي‬
‫بعيييييييييييييييييييدا ً لهيييييييييييييييييييم وخسيييييييييييييييييييارًا‪.‬‬
‫وقييوله تبييارك وتعييالى ههنييا }قيييل ادخلييوا أبييواب جهنييم‬
‫خالدين فيها{ أي كل من رآهم وعلم حالهم يشييهد عليهييم‬
‫بأنهم مستحقون للعذاب ولهذا لم يسييند هييذا القييول إلييى‬
‫قائل معين بل أطلقه ليدل علييى أن الكييون شيياهد عليهييم‬
‫بأنهم يستحقون ما هم فيه بما حكم العييدل الخييبير عليهييم‬
‫ولهذا قال جييل وعل‪} :‬قيييل ادخلييوا أبييواب جهنييم خالييدين‬
‫فيها{ أي ميياكثين فيهييا ل خييروج لكييم منهييا ول زوال لكييم‬
‫عنها }فبئس مثوى المتكبرين{ أي فييبئس المصييير وبئس‬
‫المقيل لكم بسبب تكبركم فييي الييدنيا وإبييائكم عيين اتبيياع‬
‫الحق فهو الذي صيييركم إلييى مييا أنتييم فيييه فييبئس الحييال‬
‫وبئس الميييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييآل‪.‬‬

‫ى إِ َ‬
‫ذا‬ ‫حت ّي َ‬ ‫مييرا ً َ‬ ‫جن ّيةِ ُز َ‬ ‫م إ ِل َييى ال ّ َ‬ ‫ن ات َّق يوْا ْ َرب ّهُ ي ْ‬ ‫ذي َ‬‫سيييقَ ال ّي ِ‬ ‫** وَ ِ‬
‫م عَل َي ْ ُ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫كيي ْ‬ ‫سيل َ ٌ‬ ‫خَزن َت ُهَييا َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ل َهُي ْ‬‫واب ُهَييا وَقَييا َ‬ ‫ت أب ْ َ‬ ‫حي ْ‬ ‫ها وَفُت ِ َ‬ ‫جآُءو َ‬ ‫َ‬
‫صييد َقََنا‬ ‫ذي َ‬ ‫مد ُ لل ّهِ ال ّ ِ‬ ‫حي ْ‬ ‫ن * وََقياُلوا ْ ال ْ َ‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬ ‫ها َ‬ ‫خُلو َ‬ ‫م َفاد ْ ُ‬ ‫ط ِب ْت ُ ْ‬

‫‪47‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫شآُء فَن ِع ي َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ج يُر‬
‫مأ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ث نَ َ‬‫حي ْ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫جن ّةِ َ‬ ‫م َ‬ ‫وَعْد َهُ وَأوَْرث ََنا الْر َ‬
‫ض ن َت َب َوّأ ِ‬
‫ن‬ ‫ال َْعيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييا ِ‬
‫مِلي َ‬
‫وهذا إخبار عن حيال السيعداء المييؤمنين حيييث يسياقون‬
‫على النجائب وفدا ً إلى الجنة زمرا ً أي جماعة بعد جماعيية‪:‬‬
‫المقربون ثم البرار ثم الذين يلونهم ثم الذين يلييونهم كييل‬
‫طائفة مع من يناسبهم‪ :‬النبياء والصييديقون مييع أشييكالهم‬
‫والشهداء مع أضرابهم‪ ,‬والعلماء مييع أقرانهييم وكييل صيينف‬
‫مييع صيينف كييل زمييرة يناسييب بعضييها بعضييا ً }حييتى إذا‬
‫جاءوها{ أي وصلوا إلى أبواب الجنة بعد مجاوزة الصييراط‬
‫حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار فيياقتص لهييم مظييالم‬
‫كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هييذبوا ونقييوا أذن لهييم فييي‬
‫دخول الجنة وقد ورد فيي حيديث الصيور أن الميؤمنين إذا‬
‫انتهوا إلى أبواب الجنة تشيياوروا فيميين يسييتأذن لهييم فييي‬
‫الدخول فيقصدون آدم ثم نوحا ً ثم إبراهيم ثييم موسييى ثييم‬
‫عيسى ثم محمدا ً صلى الله عليه وسييلم وعليهييم أجمعييين‬
‫كما فعلوا في العرصيات عنيد استشيفاعهم إليى الليه عيز‬
‫وجل أن يأتي لفصل القضيياء ليظهيير شييرف محمييد صييلى‬
‫الله عليه وسلم على سائر البشر في المواطن كلهييا وقييد‬
‫ثبت في صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه قال‪ :‬قييال‬
‫رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬أنييا أول شييفيع فييي‬
‫الجنة« وفي لفظ لمسلم »وأنا أول من يقرع باب الجنة«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا هاشم حدثنا سليمان عن ثييابت‬
‫عن أنس بن مالك رضي الله عنه قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬آتييي بيياب الجنيية يييوم القياميية‬
‫فأستفتح فيقول الخازن من أنت ؟ فأقول محمد ي ي قييال ي ي‬
‫فيقول بك أمرت أن ل افتح لحد قبلك« ورواه مسلم عيين‬
‫عمرو بن محمد الناقد وزهير بيين حييرب كلهمييا عيين أبييي‬
‫النضر هاشم بن القاسم عيين سييليمان وهييو ابيين المغيييرة‬
‫القيسي عن ثييابت عيين أنييس رضييي اللييه عنييه بييه‪ .‬وقييال‬
‫المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همييام بيين‬
‫منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬أول زمرة تلج الجنة صورهم على‬

‫‪48‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صورة القمر ليلة البدر ل يبصقون فيها ول يمتخطون فيهييا‬
‫ول يتغوطييون فيهييا‪ ,‬آنيتهييم وأمشيياطهم الييذهب والفضيية‬
‫ومجييامرهم اللييوة ورشييحهم المسييك ولكييل واحييد منهييم‬
‫زوجتان يرى مخ سيياقهما ميين وراء اللحييم ميين الحسيين ل‬
‫اختلف بينهم ول تباغض قلوبهم على قلب واحد يسييبحون‬
‫الله تعالى بكرة وعشيييا« ورواه البخيياري عيين محمييد بيين‬
‫مقاتل عن ابن المبارك‪ .‬ورواه مسلم عن محمد بيين رافييع‬
‫عن عبد الرزاق كلهما عن معمر بإسناده نحوه وكذا رواه‬
‫أبو الزناد عن العرج عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ .‬وقييال الحييافظ أبييو‬
‫يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا جرير عن عمييارة بيين القعقيياع‬
‫عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي اللييه عنييه قييال‪ :‬قييال‬
‫رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬أول زمييرة يييدخلون‬
‫الجنة على صورة القميير ليليية البييدر والييذين يلييونهم علييى‬
‫ضوء أشد كييوكب دّري فييي السييماء إضيياءة ل يبولييون ول‬
‫يتغوطييون ول يتفلييون ول يمتخطييون أمشيياطهم الييذهب‬
‫والفضيية ورشييحهم المسييك ومجييامرهم اللييوة وأزواجهييم‬
‫الحور العين أخلقهم على خلييق رجييل واحييد علييى صييورة‬
‫أبيهم آدم ستون ذراعا ً فييي السييماء« وأخرجيياه أيضيا ً ميين‬
‫حديث جرييير وقييال الزهييري عيين سييعيد عيين أبييي هريييرة‬
‫رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫»يدخل الجنيية ميين أمييتي زمييرة هييم سييبعون ألفيا ً تضيييء‬
‫وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر« فقام عكاشة بن محصن‬
‫فقييال يييا رسييول اللييه ادع اللييه أن يجعلنييي منهييم فقييال‪:‬‬
‫»اللهم اجعله منهم« ثم قييام رجييل ميين النصييار فقييال يييا‬
‫رسول الله ادع الله تعالى أن يجعلنييي منهييم فقييال صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬سبقك بها عكاشيية« أخرجيياه وقييد روى‬
‫هذا الحديث ي في السبعين ألفا ً يدخلون الجنة بغير حساب‬
‫ي البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهمييا وجييابر‬
‫بن عبد الله وعمران بن حصين وابن مسيعود ورفاعيية بيين‬
‫عرابة الجهني وأم قيييس بنييت محصيين رضييي اللييه عنهييم‬
‫ولهما عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي اللييه تعييالى‬

‫‪49‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عنه أن رسول الله صلى الله عليييه وسييلم قييال »ليييدخلن‬
‫ف آخييذ بعضييهم‬ ‫الجنة من أمتي سبعون ألفا ً أو سبعمائة أل ٍ‬
‫ببعض حييتى يييدخل أولهييم وآخرهييم الجنيية وجييوههم علييى‬
‫صورة القمر ليلة البدر«‪ .‬وقال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا‬
‫إسماعيل بن عياش عن محمد بن زييياد قييال‪ :‬سييمعت أبييا‬
‫أمامة الباهلي رضي الله عنيه يقيول سييمعت رسييول الليه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬وعييدني ربييي عييز وجييل أن‬
‫يدخل الجنة من أمتي سبعون ألف يا ً مييع كييل ألييف سييبعون‬
‫ألفا ً ل حساب عليهم ول عييذاب وثلث حثيييات ميين حثيييات‬
‫ربي عز وجل« وكذا رواه الوليد بن مسلم عن صفوان بن‬
‫عمرو عن سليم بن عامر عن أبي اليمييان عييامر بيين عبييد‬
‫ي عن أبي أمامة ورواه الطبراني عن عتبيية بيين‬ ‫الله بن لح ّ‬
‫عبد السلمي »ثم مع كل ألف سبعين ألف يًا« ويييروى مثلييه‬
‫عن ثوبان وأبييي سييعيد النميياري ولييه شييواهد ميين وجييوه‬
‫كييثيرة‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬حييتى إذا جاءوهييا وفتحييت أبوابهييا‬
‫وقال لهم خزنتها سلم عليكم طبتم فادخلوها خالدين{ لم‬
‫يذكر الجواب ههنا‪ ,‬وتقديره حتى إذا جاءوهييا وكييانت هييذه‬
‫المييور ميين فتييح البييواب لهييم إكرام يا ً وتعظيم يا ً وتلقتهييم‬
‫الملئكيية الخزنيية بالبشييارة والسييلم والثنيياء ل كمييا تلقييى‬
‫الزبانية الكفرة بييالتثريب والتييأنيب فتقييديره إذا كييان هييذا‬
‫سعدوا وطابوا وسروا وفرحوا بقدر كل ما يكون لهييم فيييه‬
‫نعيم‪ ,‬وإذا حذف الجواب ههنا ذهب الذهن كل مذهب فييي‬
‫الرجيياء والمييل‪ ,‬وميين زعييم أن الييواو فييي قييوله تبييارك‬
‫وتعالى‪} :‬وفتحت أبوابها{ واو الثمانية واستدل به على أن‬
‫أبواب الجنة ثمانية فقييد أبعييد النجعيية وأغييرق فييي النييزع‪,‬‬
‫وإنمييا يسييتفاد كييون أبييواب الجنيية ثمانييية ميين الحيياديث‬
‫الصييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييحيحة‪.‬‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حيدثنا عبيد اليرزاق أخبرنيا معمير عين‬
‫الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبييي هريييرة رضييي‬
‫الله عنه قال‪ :‬قيال رسيول الليه صيلى الليه علييه وسيلم‪:‬‬
‫»من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله تعالى دعي من‬
‫أبواب الجنة وللجنة أبواب‪ ,‬فمن كان من أهل الصلة دعي‬

‫‪50‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من باب الصلة‪ ,‬ومن كان من أهل الصدقة دعي من بيياب‬
‫الصدقة‪ ,‬ومن كان من أهل الجهاد دعي من بيياب الجهيياد‪,‬‬
‫ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان« فقال أبو‬
‫بكر رضي الله تعالى عنه يا رسول الله ما علييى أحييد ميين‬
‫ضرورة دعي من أيها دعي فهل يييدعى منهييا كلهييا أحييد يييا‬
‫رسول الله ؟ قال صلى الله عليه وسلم‪» :‬نعم وأرجييو أن‬
‫تكون منهم« رواه البخيياري ومسييلم ميين حييديث الزهييري‬
‫بنحوه وفيهما من حديث أبي حييازم سييلمة بيين دينييار عيين‬
‫سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم قال‪» :‬إن في الجنيية ثمانييية أبييواب بيياب منهييا‬
‫يسمى الريان ل يدخله إل الصائمون« وفي صييحيح مسييلم‬
‫عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬ما منكم من أحد يتوضييأ فيبلييغ أو‬
‫فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن ل إله إل الله وأن محمدا ً‬
‫عبده ورسوله إل فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من‬
‫أيها شاء« وقييال الحسيين بيين عرفيية حييدثنا إسييماعيل بيين‬
‫عياش عن عبد الله بن عبد الرحمن بيين أبييي حسييين عيين‬
‫شهر بيين حوشييب عيين معيياذ رضييي اللييه عنييه قييال‪ :‬قييال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬مفتاح الجنة ل إلييه إل‬
‫الليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه«‪.‬‬

‫ذكر سعة أبواب الجنة ي نسأل الله مين فضيله العظييم أن‬
‫يجعلنييييييييييييييييييييا ميييييييييييييييييييين أهلهييييييييييييييييييييا‬
‫وفي الصحيحين من حديث أبييي زرعيية عيين أبييي هريييرة‬
‫رضي الله عنه في حديث الشفاعة الطويل »فيقييول اللييه‬
‫تعالى يا محمد أدخل مين ل حسياب علييه ميين أمتييك مين‬
‫الباب اليمن وهم شركاء الناس في البواب الخيير والييذي‬
‫نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة‬
‫ما بين عضادتي الباب لكما بين مكة وهجر ي أو هجر ومكة‬
‫ي وفي رواية ي مكة وبصرى« وفي صحيح مسلم عن عتبيية‬
‫بن غزوان أنه خطبهم خطبة فقال فيها ولقد ذكر لنا أن ما‬
‫بين مصييراعين ميين مصيياريع الجنيية مسيييرة أربعييين سيينة‬

‫‪51‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وليأتين عليه يوم وهو كظيييظ ميين الزحييام‪ ,‬وفييي المسييند‬
‫عن حكيم بن معاوية عن أبيه رضي الله عنييه عيين رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم مثله‪ ,‬وقال عبد بن حميد حييدثنا‬
‫الحسن بن موسييى حييدثناابن لهيعيية حييدثنا دراج عيين أبييي‬
‫الهيثم عن أبي سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪» :‬إن مييا بييين مصييراعين فييي الجنيية‬
‫مسيرة أربعين سنة«‪ .‬وقوله تبييارك وتعييالى‪} :‬وقييال لهييم‬
‫خزنتها سلم عليكم طبتم{ أي طابت أعمييالكم وأقييوالكم‬
‫وطاب سعيكم وطاب جزاؤكم كما أمر رسول اللييه صييلى‬
‫اللييه عليييه وسييلم أن ينييادي بييين المسييلمين فييي بعييض‬
‫الغييزوات »إن الجنيية ل يييدخلها إل نفييس مسييلمة يي وفييي‬
‫رواية ي مؤمنة« وقييوله‪} :‬فادخلوهييا خالييدين{ أي ميياكثين‬
‫فيهيا أبيدا ً ل يبغيون عنهيا حيول ً }وقيالوا الحميد لليه اليذي‬
‫صدقنا وعييده{ أي يقيول المؤمنييون إذا عيياينوا فيي الجنيية‬
‫ذلك الثواب الوافر والعطاء والنعيم المقيم والملك الكييبير‬
‫يقولون عند ذلك }الحمد لله الذي صدقنا وعده{ أي الذي‬
‫كان وعدنا على ألسنة رسله الكرام كما دعييوا فييي الييدنيا‬
‫}ربنا وآتنا ما وعدتنا علييى رسييلك ول تخزنييا يييوم القياميية‬
‫إنك ل تخلف الميعاد{ }وقالوا الحمد لله الذي هييدانا لهييذا‬
‫وما كنا لنهتدي لول أن هييدانا اللييه لقييد جيياءت رسييل ربنييا‬
‫بالحق{ }وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنييا‬
‫لغفور شكور * الذي أحلنا دار المقامة من فضله ل يمسيينا‬
‫فيها نصب ول يمسنا فيها لغوب{ وقوله‪} :‬وأورثنييا الرض‬
‫نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العيياملين{‪ .‬قييال أبييو‬
‫العالية وأبو صالح وقتادة والسدي وابن زيد أي أرض الجنة‬
‫لية كقوله تعالى‪} :‬ولقد كتبنا فييي الزبييور ميين بعييد‬ ‫فهذه ا َ‬
‫الييذكر أن الرض يرثهييا عبييادي الصييالحون{ ولهييذا قييالوا‬
‫}نتبوأ من الجنيية حيييث نشيياء{ أي أييين شييئنا حللنييا فنعييم‬
‫الجر أجرنا على عملنا وفي الصحيحين من حديث الزهري‬
‫عن أنس رضي اللييه عنييه فييي قصيية المعييراج قييال النييبي‬
‫صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬أدخلييت الجنيية فييإذا فيهييا جنابييذ‬
‫اللؤليييييييييييييييؤ وإذا ترابهيييييييييييييييا المسيييييييييييييييك«‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال عبد الرحمن بن حميد‪ :‬حدثنا روح بن عبييادة حييدثنا‬
‫حماد بن سلمة عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬إن رسول الله صلى الله عليه وسييلم‬
‫سأل ابن صائد عن تربة الجنة فقال در مكة بيضيياء مسييك‬
‫خالص فقال رسول الله صلى الله عليييه وسييلم »صييدق«‬
‫وكذا رواه مسلم من حديث أبي سلمة عن أبي نضرة عن‬
‫أبي سعيد رضي الله عنه به‪ ,‬ورواه مسلم أيض يا ً عيين أبييي‬
‫بكر بن أبي شيبة عيين أبييي أسييامة عيين الجرييير عيين أبييي‬
‫نضرة عن أبي سعيد رضييي اللييه عنييه قييال إن ابيين صييائد‬
‫سأل رسول الله صلى الله عليييه وسييلم عيين تربيية الجنيية‬
‫فقال‪» :‬در مكة بيضاء مسك خالص«‪ .‬وقال ابن أبي حاتم‬
‫حييدثنا أبييي حييدثنا أبييو غسييان مالييك بيين إسييماعيل حييدثنا‬
‫إسرائيل عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضييمرة عيين علييي‬
‫بن أبي طالب رضي الله عنييه فييي قييوله تعييالى‪} :‬وسيييق‬
‫الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرًا{ قال سيقوا حتى انتهييوا‬
‫إلى باب من أبواب الجنة فوجدوا عندها شجرة يخرج ميين‬
‫تحت ساقها عينييان فعمييدوا إلييى إحييداهما فتطهييروا منهييا‬
‫فجرت عليهم نضرة النعيم فلم تغير أبشيارهم بعيدها أبيدا ً‬
‫ولم تشعث أشعارهم أبدا ً بعدها كأنمييا دهنييوا بالييدهان ثييم‬
‫عمدوا إلى الخرى كأنما أمروا بها فشييربوا منهييا فييأذهبت‬
‫ما كان فييي بطييونهم ميين أذى أو قييذى وتلقتهييم الملئكيية‬
‫على أبواب الجنة }سلم عليكم طبتم فادخلوها خالييدين{‬
‫وتلقييى كييل غلمييان صيياحبهم يطوفييون بييه فعييل الولييدان‬
‫بالحميم جاء من الغيبة أبشر قد أعد الله لك من الكراميية‬
‫كذا وكذا وقد أعد اللييه لييك ميين الكراميية كييذا وكييذا‪ ,‬قييال‬
‫وينطلق غلم ميين غلمييانه إلييى أزواجييه ميين الحييور العييين‬
‫فيقول هذا فلن باسمه في الدنيا فيقلن أنت رأيته فيقييول‬
‫نعم فيستخفهن الفرح حتى تخرج إلى أسكفة البيياب قييال‬
‫فيجيء فإذا هو بنمارق مصفوفة وأكواب موضوعة وزرابي‬
‫مبثوثة‪ ,‬قال ثم ينظر إلى تأسيس بنيانه فإذا هو قد أسييس‬
‫على جندل اللؤلؤ بين أحمر وأخضر وأصييفر وأبيييض وميين‬
‫كل لون ثم يرفع طرفه إلييى سييقفه فلييول أن اللييه تعييالى‬

‫‪53‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قدره له للم أن يذهب ببصره إنيه لمثييل الييبرق ثييم ينظيير‬
‫إلى أزواجه من الحور العييين ثييم يتكىييء علييى أريكيية ميين‬
‫أرائكه ثم يقييول‪} :‬الحمييد للييه الييذي هييدانا لهييذا ومييا كنييا‬
‫لنهتيييييييييييدي ليييييييييييول أن هيييييييييييدانا الليييييييييييه{‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬حدثنا أبي حدثنا أبو غسان مالييك بيين إسييماعيل‬
‫النهدي حدثنا مسلمة بن جعفيير البجلييي قيال‪ :‬سييمعت أبييا‬
‫معاذ البصري يقول إن عليا ً رضي الله عنه كييان ذات يييوم‬
‫عند رسول الله صلى الله عليه وسيلم فقيال النيبي صيلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجييوا ميين‬
‫قبورهم يستقبلون ي أو يؤتييون يي بنييوق لهييا أجنحيية وعليهييا‬
‫رحال الذهب شراك نعالهم نور يتلل كل خطييوة منهييا مييد‬
‫البصر فينتهون إلى شجرة ينبع من أصلها عينان فيشربون‬
‫من إحداهما فتغسل ما في بطونهم من دنييس ويغتسييلون‬
‫من الخرى فل تشعث أبشارهم ول أشييعارهم بعييدها أبييدا ً‬
‫وتجري عليهم نضرة النعيييم فينتهييون ي ي أو فيييأتون ي ي بيياب‬
‫الجنة فإذا حلقة ميين ياقوتيية حمييراء علييى صييفائح الييذهب‬
‫فيضربون بالحلقة على الصفيحة فيسمع لها طنييين بييأعلى‬
‫فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل فتبعث قيمها فيفتح لييه‬
‫فإذا رآه خّر له ي قال مسييلمة أراه قييال سيياجدا ً ي ي فيقييول‬
‫ارفع رأسك فإنما أنييا قيمييك وكلييت بييأمرك فيتبعييه ويقفييو‬
‫أثييره فتسييتخف الحييوراء العجليية فتخييرج ميين خيييام الييدر‬
‫حب ّييك وأنييا‬
‫الياقوت حتى تعتنقه ثييم تقييول أنييت حييبي وأنييا ِ‬
‫الخالييدة الييتي ل أمييوت وأنييا الناعميية الييتي ل أبييأس وأنييا‬
‫الراضية التي ل أسخط وأنا المقيمة التي ل أظعن فيييدخل‬
‫بيتا ً من أسه إلى سقفه مائة ألف ذراع بنيياؤه علييى جنييدل‬
‫اللؤلؤ طييرائق أصييفر وأخضيير وأحميير ليييس فيهييا طريقيية‬
‫تشاكل صاحبتها في البيت سبعون سريرا ً على كييل سييرير‬
‫سبعون حشية على كييل حشييية سييبعون زوجيية علييى كييل‬
‫زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقها من باطن الحلل يقضييي‬
‫جماعها في مقدار ليلة من لياليكم هذه‪ ,‬النهار من تحتهم‬
‫تطرد »أنهار من ماء غير آسن« ي قال صاف ل كدر فيييه يي‬
‫»وأنهار من لبن لم يتغييير طعمييه« يي قييال لييم يخييرج ميين‬

‫‪54‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ضروع الماشية ي »وأنهار من خمرة لذة للشاربين« ي قييال‬
‫لم تعصرها الرجال بأقدامهم ي »وأنهار من عسل مصفى«‬
‫ي قال لم يخرج من بطون النحل‪ ,‬يستجني الثمار فإن شاء‬
‫قائم يا ً وإن شيياء قاعييدا ً وإن شيياء متكئا ً ي ي ثييم تل }ودانييية‬
‫ل{ فيشييتهي الطعييام‬ ‫عليهم ظللهييا وذللييت قطوفهييا تييذلي ً‬
‫فيأتيه طير أبيض قال وربما قال أخضر قال فترفع أجنحتها‬
‫فيأكل من جنوبها أي اللوان شاء ثم يطير فيذهب فيييدخل‬
‫الملك فيقول‪ :‬سلم عليكم تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم‬
‫تعملون ولو أن شعرة من شعر الحوراء وقعت في الرض‬
‫لضاءت الشمس معها سوادا ً في نور« هذا حييديث غريييب‬
‫وكيييييييييييأنه مرسيييييييييييل‪ ,‬والليييييييييييه أعليييييييييييم‪.‬‬

‫مييدِ‬
‫ح ْ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫حو َ‬ ‫سب ّ ُ‬
‫ش يُ َ‬ ‫حو ْ ِ ْ‬ ‫حآّفي َ‬ ‫مل َئ ِك َ َ‬ ‫** وَت ََرى ال ْ َ‬
‫ل العَْر ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫ة َ‬
‫ن‬ ‫مي َ‬‫ب ال ْعَييال َ ِ‬‫م يد ُ ل ِل ّيهِ َر ّ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫ح ْ‬ ‫حقّ وَِقي ي َ‬‫م ِبال ْ َ‬‫ي ب َي ْن َهُ ْ‬‫ض َ‬ ‫م وَقُ ِ‬‫َرب ّهِ ْ‬
‫لما ذكر تعالى حكمه في أهل الجنيية والنييار وأنييه نيّزل كل ً‬
‫في المحل الذي يليق به ويصلح له وهو العييادل فييي ذلييك‬
‫الذي ل يجور‪ ,‬أخبر عن ملئكته أنهييم محييدقون ميين حييول‬
‫العرش المجيد يسبحون بحمد ربهم ويمجييدونه ويعظمييونه‬
‫ويقدسييونه وينزهييونه عيين النقييائص والجييور وقييد فصييل‬
‫القضية وقضي المر وحكم بالعدل ولهييذا قييال عييز وجييل‪:‬‬
‫}وقضي بينهم{ أي بين الخلئق }بالحق{‪ .‬ثم قال }وقيل‬
‫الحمد لله رب العالمين{ أي نطييق الكييون أجمعييه نيياطقه‬
‫وبهيمه لله رب العالمين بالحمد فييي حكمييه وعييدله ولهييذا‬
‫لم يسند القول إلى قائل بل أطلقييه فييدل علييى أن جميييع‬
‫المخلوقات شييهدت لييه بالحمييد قييال قتييادة افتتييح الخلييق‬
‫بالحمييد فييي قييوله‪} :‬الحمييد للييه الييذي خلييق السييموات‬
‫والرض{ واختتم بالحمد في قوله تبارك وتعالى‪} :‬وقضي‬
‫بينهييييم بييييالحق وقيييييل الحمييييد للييييه رب العييييالمين{‪.‬‬

‫** تفسييييييييييييييييير سييييييييييييييييورة غييييييييييييييييافر‬


‫وهيييييييييييييييييييييييييييييييييي مكيييييييييييييييييييييييييييييييييية‬

‫‪55‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قد كره بعض السلف منهم محمييد بيين سيييرين أن يقييال‬
‫الحواميم وإنميا يقيال آل حيم قيال عبيد الليه بين مسيعود‬
‫رضي الله عنييه‪ :‬آل حييم ديبيياج القييرآن وقييال ابيين عبيياس‬
‫رضي الله عنهما‪ :‬إن لكل شيء لبابا ً ولباب القرآن آل حم‬
‫أو قال الحواميم وقييال مسييعر بيين كييدام كييان يقييال لهيين‬
‫العرائس وروى ذلك كله المام العالم أبو عبيد القاسم بن‬
‫سلم رحمه الله تعالى فييي كتيياب فضييائل القييرآن‪ .‬وقييال‬
‫حميييد بيين زنجييويه‪ :‬حييدثنا عبيييد اللييه بيين موسييى حييدثنا‬
‫إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الحوص عيين عبييد اللييه‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬إن مثييل القييرآن كمثييل رجييل انطلييق‬
‫يرتياد لهليه منيزل ً فمير بيأثر غييث فبينميا هيو يسيير فييه‬
‫ويتعجب منه إذ هبط علييى روضييات دمثييات فقييال عجبييت‬
‫من الغيث الول فهيذا أعجيب وأعجيب فقييل ليه إن مثييل‬
‫الغيث الول مثل عظم القرآن‪ ,‬وإن مثل هؤلء الروضييات‬
‫الدمثات مثل آل حم في القرآن أورده البغوي‪ .‬وقييال ابيين‬
‫لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن الجييراح بيين أبييي الجييراح‬
‫حدثه عن ابن عباس رضي اللييه عنهمييا قييال‪ :‬لكييل شيييء‬
‫لباب ولباب القرآن الحواميم وقال ابن مسعود رضي اللييه‬
‫عنه‪ :‬إذا وقعت في آل حم فقد وقعت في روضييات أتييأنق‬
‫فيهن‪ .‬وقال أبو عبيد حدثنا الشجعي حدثنا مسعر هو ابيين‬
‫كدام عمن حدثه أن رجل ً رأى أبا بالدرداء رضي اللييه عنييه‬
‫يبني مسجدا ً فقال له ما هذا ؟ فقال أبنيه من أجل آل حم‬
‫وقد يكون هذا المسجد الذي بناه أبييو الييدرداء رضييي اللييه‬
‫عنه هو المسجد المنسوب إليه داخل قلعيية دمشييق‪ ,‬وقييد‬
‫يكون صيانتها وحفظها ببركته وبركة ما وضع لييه فييإن هييذا‬
‫الكلم يدل على النصر على العداء كما قييال رسييول الليه‬
‫صلى الله عليه وسلم لصييحابه فييي بعييض الغييزوات‪» :‬إن‬
‫بيتييم الليليية فقولييوا حييم ل ينصييرون ييي وفييي رواييية ي ي ل‬
‫تنصرون« وقال الحافظ أبييو بكيير الييبزار حييدثنا أحمييد بيين‬
‫الحكم بيين ظبيييان بيين خلييف المييازني ومحمييد بيين الليييث‬
‫الهمداني قال‪ :‬حدثنا موسى بن مسعود حدثنا عبد الرحمن‬
‫بن أبي بكر المليكي عن زرارة بن مصعب عن أبي سييلمة‬

‫‪56‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬من قرأ آية الكرسي وأول حم المييؤمن‬
‫عصم ذلك اليوم من كل سوء« ثم قال ل نعلمييه يييروى إل‬
‫بهذا السناد ورواه الترمذي من حديث المليكي وقال تكلم‬
‫فييييييه بعيييييض أهيييييل العليييييم مييييين قبيييييل حفظيييييه‪.‬‬

‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫زي يزِ ال ْعَِلي يم ِ * غَييافِ ِ‬


‫ر‬ ‫ن الل ّيهِ ال ْعَ ِ‬ ‫م َ‬‫ب ِ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬
‫زي ُ‬‫م * َتن ِ‬ ‫** حي َ‬
‫و‬ ‫ل ل َ إ َِلـ َ‬
‫ه إ ِل ّ هُ َ‬ ‫ب ِذي الط ّوْ ِ‬ ‫ديدِ ال ْعَِقا ِ‬‫ش ِ‬‫ب َ‬ ‫ب وََقاب ِ ِ‬
‫ل الت ّوْ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ذن ِ‬
‫صييييييييييييييييييييييييييييييييُر‬ ‫م ِ‬ ‫إ ِل َْييييييييييييييييييييييييييييييييهِ ال ْ َ‬
‫أما الكلم على الحروف المقطعيية فقييد تقييدم فييي أول‬
‫سييورة البقييرة بمييا أغنييى عيين إعييادته ههنييا وقييد قيييل إن‬
‫}حم{ اسم من أسماء الله عييز وجييل وأنشييدوا فييي ذلييك‬
‫بيتييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييًا‪:‬‬
‫يييذكرني حييم والرمييح شيياجرفهل تلحييم قبييل التقييدم‬
‫وقد ورد في الحديث الذي رواه أبييو داود والترمييذي ميين‬
‫حديث الثوري عن أبي إسحاق عن المهلب بن أبي صييفرة‬
‫قال‪ :‬حدثني من سمع رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫يقول‪» :‬إن بيتم الليلة فقولوا حم ل ينصرون« وهذا إسييناد‬
‫صحيح‪ ,‬واختار أبو عبيد أن يروى فقولوا حم ل ينصييروا أي‬
‫إن قلتييم ذلييك ل ينصييروا جعلييه جييزاء لقييوله فقولييوا‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬تنزيل الكتاب من الله العزيز العلييم{ أي‬
‫تنزيل هذا الكتاب وهو القرآن ميين الليه ذي العييزة والعليم‬
‫فل يرام جنييابه ول يخفييى عليييه الييذر وإن تكيياثف حجييابه‪.‬‬
‫وقوله‪ .‬عز وجل‪} :‬غافر الذنب وقابل التوب{ أي يغفر مييا‬
‫سلف من الذنب ويقبل التوبيية فييي المسييتقبل لميين تيياب‬
‫إليه وخضع لييديه‪ .‬وقييوله جييل وعل‪} :‬شييديد العقيياب{ أي‬
‫لمن تمرد وطغى وآثر الحياة الييدنيا وعتييا عيين أواميير اللييه‬
‫تعالى وبغى وهذه كقوله‪} :‬نييبىء عبييادي أنييي أنييا الغفييور‬
‫الرحيييم * وأن عييذابي هييو العييذاب الليييم{ يقييرن هييذين‬

‫‪57‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الوصفين كثيرا ً في مواضع متعددة من القرآن ليبقى العبد‬
‫بين الرجاء والخوف‪ ,‬وقوله تعالى‪} :‬ذي الطول{ قال ابن‬
‫عباس رضي الله عنهما يعني السعة والغنييى‪ ,‬وهكييذا قييال‬
‫مجاهد وقتييادة‪ ,‬وقييال يزيييد بيين الصييم ذي الطييول يعنييي‬
‫الخير الكثير‪ .‬وقال عكرمة }ذي الطول{ ذي المن‪ .‬وقييال‬
‫قتادة ذي النعم والفواضييل‪ ,‬والمعنييى أنييه المتفضييل علييى‬
‫عباده المتطول عليهم بما هم فيه من المنة والنعام الييتي‬
‫ل يطيقون القيام بشكر واحدة منها }وإن تعدوا نعمة اللييه‬
‫لية‪ .‬وقوله جلت عظمته‪} :‬ل إله إل هو{ أي‬ ‫ل تحصوها{ ا َ‬
‫ل نظير له في جميع صييفاته فل إلييه غيييره فل إلييه ول رب‬
‫سيواه }إلييه المصيير{ أي المرجيع والميآب فيجيازي كيل‬
‫عامل بعمله } وهو سييريع الحسيياب{ وقييال أبييو بكيير بيين‬
‫عياش‪ :‬سمعت أبا إسحاق السبيعي يقول‪ :‬جاء رجييل إلييى‬
‫عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال‪ :‬يييا أمييير المييؤمنين‬
‫إني قتلت فهل لي مين توبية فقيرأ عمير رضيي الليه عنيه‬
‫}حم * تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم * غافر الييذنب‬
‫وقابل التوب شديد العقاب{ وقال اعمييل ول تيييأس‪ .‬رواه‬
‫ابن أبي حاتم‪ :‬واللفظ له وابن جرير وقال ابيين أبييي حيياتم‬
‫حدثنا أبي حدثنا موسى بن مروان الرقي حدثنا عمر يعنييي‬
‫ابن أيوب حدثنا جعفر بن برقان عن يزيد بن الصييم قييال‪:‬‬
‫كان رجل من أهل الشام ذو بأس وكان يفد إلى عميير بيين‬
‫الخطاب رضي الله عنه ففقده عميير فقييال مييا فعييل فلن‬
‫بن فلن‪ ,‬فقالوا يا أمير المؤمنين تتابع فييي هييذا الشييراب‪.‬‬
‫قال فدعا عمر كاتبه‪ :‬فقال اكتب ميين عميير بيين الخطيياب‬
‫إلى فلن بن فلن سلم عليك فإني أحمد إليك اللييه الييذي‬
‫ل إله إل هو غافر الذنب وقابييل التييوب شييديد العقيياب ذي‬
‫الطول ل إله إل هو إليه المصير‪ .‬ثييم قييال لصييحابه ادعييوا‬
‫الله لخيكيم أن يقبيل بقلبيه ويتيوب الليه علييه‪ ,‬فلميا بليغ‬
‫الرجل كتاب عميير رضييي اللييه عنييه جعييل يقييرؤه ويييردده‬
‫ويقييول‪ :‬غييافر الييذنب وقابييل التييوب شييديد العقيياب‪ ,‬قييد‬
‫حذرني عقوبته ووعدني أن يغفيير لييي‪ .‬ورواه الحييافظ أبييو‬
‫نعيم من حديث جعفيير بيين برقييان وزاد فلييم يييزل يرددهييا‬

‫‪58‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫على نفسه ثم بكى ثم نزع فأحسن النزع‪ ,‬فلمييا بلييغ عميير‬
‫خييبره قييال هكييذا فاصيينعوا إذا رأيتييم أخييا ً لكييم زل زليية‬
‫فسددوه ووثقوه وادعوا الله له أن يتيوب عليييه ول تكونيوا‬
‫أعوانا ً للشيطان عليه‪ .‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا عمر بيين‬
‫شيبة حدثنا حماد بن واقييد حييدثنا أبييو عميير الصييفار حييدثنا‬
‫ثابت البناني قال كنت مع مصييعب بيين الزبييير رضييي اللييه‬
‫عنييه فييي سييواد الكوفيية فييدخلت حائط يا ً أصييلي ركعييتين‬
‫فافتتحت حم المؤمن حتى بلغت ل إله إل هو إليه المصييير‬
‫فإذا رجل خلفي على بغليية شييهباء عليييه مقطعييات يمنييية‬
‫فقال إذا قلت غافر الذنب فقل يا غييافر الييذنب اغفيير لييي‬
‫ذنبي‪ ,‬وإذا قلت وقابل التييوب فقييل يييا قابييل التييوب اقبييل‬
‫توبتي‪ ,‬وإذا قلت شديد العقيياب فقييل يييا شييديد العقيياب ل‬
‫تعاقبني‪ ,‬قييال فيالتفت فليم أر أحيدا ً فخرجييت إلييى البيياب‬
‫فقلت مر بكم رجل عليه مقطعات يمنييية‪ ,‬قييالوا مييا رأينييا‬
‫أحدا ً فكانوا يرون أنه إلييياس‪ ,‬ثييم رواه ميين طريييق أخييرى‬
‫عين ثيابت بنحيوه ولييس فييه ذكير إليياس والليه سيبحانه‬
‫وتعيييييييييييييييييييييييييييييييالى أعليييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬

‫ن ك ََفيُروا ْ فَل َ ي َغْيُرْر َ‬


‫ك‬ ‫ذي َ‬ ‫ت الّليهِ إ ِل ّ ال ّي ِ‬ ‫ي آي َييا ِ‬ ‫ل ف ِي َ‬ ‫جييادِ ُ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫** َ‬
‫ميين‬ ‫ب ِ‬ ‫ح يَزا ُ‬ ‫ح َوال ْ‬ ‫م ُنو ٍ‬ ‫م قَوْ ُ‬ ‫ت قَب ْل َهُ ْ‬ ‫م ِفي ال ْب ِل َدِ * َ‬
‫كيذ ّب َ ْ‬ ‫ت ََقل ّب ُهُ ْ‬
‫ْ‬ ‫كي ّ ُ‬
‫ل‬ ‫جاد َُلوا ِبال َْباط ِ ِ‬‫ذوهُ وَ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫م ل ِي َأ ُ‬‫سول ِهِ ْ‬ ‫مةٍ ب َِر ُ‬ ‫لأ ّ‬
‫َ‬
‫ت ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م وَهَ ّ‬ ‫ب َعْدِهِ ْ‬
‫ك‬‫ب * وَك َيذ َل ِ َ‬ ‫عَقييا ِ‬‫ن ِ‬ ‫ف ك َييا َ‬ ‫م فَك َي ْي َ‬ ‫حقّ فَأ َ‬
‫خذ ْت ُهُ ْ‬ ‫ضوا ْ ب ِهِ ال ْ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ل ِي ُد ْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ب الن ّييارِ‬ ‫حا ُ‬
‫صي َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ن ك ََف يُروَا ْ أن ّهُ ي ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك عَل َييى ال ّي ِ‬ ‫ة َرب ّ َ‬ ‫ت ك َل ِ َ‬
‫م ُ‬ ‫حّق ْ‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى مييا يييدفع ويجييادل فيييه بعييد البيييان وظهييور‬
‫ليييات اللييه‬ ‫البرهييان }إل الييذين كفييروا{ أي الجاحييدون َ‬
‫وحججه وبراهينه }فل يغييررك تقلبهييم فييي البلد{ أي فييي‬
‫أموالها ونعيمهييا وزهرتهييا كمييا قييال جييل وعل‪} :‬ل يغرنييك‬
‫تقلب الذين كفروا في البلد * متاع قليل ثم مأواهم جهنم‬
‫وبئس المهاد{ وقال عز وجل‪} :‬نمتعهم قليل ً ثم نضطرهم‬
‫إلى عذاب غليظ{ ثم قال تعالى مسليا ً لنبيه محمييد صييلى‬
‫الله عليه وسلم في تكذيب ميين كيذبه ميين قييومه بيأن ليه‬

‫‪59‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أسوة فيمن سلف من النبياء عليهم الصلة والسلم فييإنه‬
‫قد كذبهم أممهم وخالفوهم وما آميين بهييم منهييم إل قليييل‬
‫فقال‪} :‬كذبت قبلهم قوم نوح{ وهو أول رسول بعثه اللييه‬
‫ينهى عن عبادة الوثان }والحييزاب ميين بعييدهم{ أي ميين‬
‫كل أمة }وهمت كل أمة برسييولهم ليأخييذوه{ أي حرصييوا‬
‫على قتله بكل ممكن ومنهييم ميين قتييل رسييوله }وجييادلوا‬
‫بالباطل ليدحضوا به الحق{ أي مييا حلييوا بالشييبهة ليييردوا‬
‫الحيييييييييييييييييق الواضيييييييييييييييييح الجليييييييييييييييييي‪.‬‬
‫وقد قال أبو القاسم الطبراني حدثنا علي بن عبد العزيز‬
‫حدثنا عارم أبييو النعمييان حييدثنا معتميير بيين سييليمان قييال‬
‫سمعت أبي يحدث عن حنش عن عكرمة عن ابيين عبيياس‬
‫رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬من‬
‫أعان باطل ً ليدحض به حقا ً فقد برئت منه ذمة اللييه تعييالى‬
‫وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم« وقوله جلت عظمته‪:‬‬
‫}فأخذتهم{ أي أهلكتهم عليى مييا صيينعوا ميين هييذه ا َ‬
‫لثييام‬
‫والذنوب العظييام }فكيييف كييان عقيياب{ أي فكيييف بلغييك‬
‫عذابي لهم ونكالي بهم قد كان شديدا ً موجعا ً مؤلميًا‪ .‬قييال‬
‫قتادة كان شديدا ً والله‪ .‬وقوله جل جلله‪} :‬وكييذلك حقييت‬
‫كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصييحاب النييار{ أي كمييا‬
‫حقت كلمة العذاب على الذين كفروا ميين المييم السييالفة‬
‫كييذلك حقييت علييى المكييذبين ميين هييؤلء الييذين كييذبوك‬
‫وخالفوك يا محمد بطريق الولى والحرى لن ميين كييذبك‬
‫فل وثيييييوق ليييييه بتصيييييديق غييييييرك‪ ,‬والليييييه أعليييييم‪.‬‬

‫م‬ ‫مدِ َرب ِّهيي ْ‬ ‫ح ْ‬‫ن بِ َ‬‫حو َ‬ ‫سب ّ ُ‬


‫ه يُ َ‬ ‫حوْل َ ُ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ش وَ َ‬ ‫ن ال ْعَْر َ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ح ِ‬‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫** ال ّ ِ‬
‫ل‬ ‫كيي ّ‬ ‫ت ُ‬ ‫س يع ْ َ‬‫من ُييوا ْ َرب ّن َييا وَ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ل ِل ّي ِ‬ ‫سيت َغِْفُرو َ‬ ‫ن ب ِيهِ وَي َ ْ‬ ‫مُنو َ‬ ‫وَي ُؤْ ِ‬
‫م‬ ‫ك وَقِهِ ي ْ‬ ‫سِبيل َ َ‬ ‫ن َتاُبوا ْ َوات ّب َُعوا ْ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫عْلما ً َفاغِْفْر ل ِل ّ ِ‬ ‫ة وَ ِ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬‫يٍء ّر ْ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ن ال ّت ِييي وَعَ يد ْت ّهُ ْ‬ ‫ت عَ يد ْ ٍ‬ ‫جّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫خل ْهُ ْ‬ ‫حيم ِ * َرب َّنا وَأد ْ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫عَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫زيييُز‬ ‫ت ال ْعَ ِ‬ ‫ك أن َ‬ ‫م إ ِن ّ َ‬ ‫م وَذ ُّرّيات ِهِ ْ‬ ‫جه ِ ْ‬ ‫م وَأْزَوا ِ‬ ‫ن آَبآئ ِهِ ْ‬‫م ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫صيل َ َ‬ ‫من َ‬ ‫وَ َ‬
‫مئ ِذٍ فََق يد ْ‬ ‫ت ي َيوْ َ‬ ‫سيي َّئا ِ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫ميين ت َي ِ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫سي َّئا ِ‬‫م ال ّ‬ ‫م * وَقِهِ ُ‬ ‫كي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م‬‫ظييييييييي ُ‬ ‫هييييييييوَ ال َْفييييييييوُْز ال ْعَ ِ‬ ‫ك ُ‬ ‫ه وَذ َِليييييييي َ‬ ‫مَتيييييييي ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫َر ِ‬

‫‪60‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يخبر تعالى عن الملئكيية المقربييين ميين حمليية العييرش‬
‫الربعة ومن حوله من الملئكة الكروبيين بييأنهم يسييبحون‬
‫بحمييد ربهييم أي يقرنييون بييين التسييبيح الييدال علييى نفييي‬
‫النقيييائص والتحمييييد المقتضيييي لثبيييات صيييفات الميييدح‬
‫}ويؤمنييون بييه{ أي خاشييعون لييه أذلء بييين يييديه وأنهييم‬
‫}يستغفرون للذين آمنوا{ أي من أهل الرض مميين آمنييوا‬
‫بييالغيب فقيييض اللييه تعييالى ملئكتييه المقربييين أن يييدعوا‬
‫للمؤمنين بظهر الغيب كما ثبت في صحيح مسلم »إذا دعا‬
‫المسلم لخيه بظهر الغيب قال الملك آمين ولييك بمثلييه«‪.‬‬
‫وقد قال المام أحمد حدثنا عبد اللييه بيين محمييد وهييو ابيين‬
‫أبي شبية حدثنا عبدة بن سليمان عيين محمييد بيين إسييحاق‬
‫عن يعقوب بن عتبة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله‬
‫عنهمييا قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»صدق أمية بن أبي الصلت في شيء من شعره« فقييال‪:‬‬
‫زحل وثور تحت رجل يمينهوالنسر للخييرى وليييث مرصييد‬

‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬صدق« فقييال‪:‬‬


‫والشمس تطلع كل آخر ليلةحمراء يصبح لونها يتورد تأبى‬
‫فمييييا تطلييييع لنييييا فييييي رسييييلهاإل معذبيييية وإل تجلييييد‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬صييدق« وهييذا‬
‫إسناد جيد وهو يقتضي أن حملة العرش اليوم أربعيية فييإذا‬
‫كان يوم القيامة كييانوا ثمانييية كمييا قييال تعييالى‪} :‬ويحمييل‬
‫عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية{ وهنا سؤال وهو أن يقال‬
‫لية ودللة هذا الحييديث ؟‬ ‫ما الجمع بين المفهوم من هذه ا َ‬
‫وبين الحديث الذي رواه أبو داود حدثنا محمييد بيين الصييباح‬
‫البزار حدثنا الوليد بن أبي ثور عن سماك عن عبد الله بن‬
‫عميرة عن الحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلييب‬
‫رضي اللييه عنييه قييال‪ :‬كنييت بالبطحيياء فييي عصييابة فيهييم‬
‫رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسيلم فمييرت بهييم سييحابة‬
‫فنظر إليها فقال‪» :‬مييا تسييمون هييذه ؟« قييالوا السييحاب‪,‬‬
‫قييال‪» :‬والمييزن« قييالوا والمييزن قييال‪» :‬والعنييان« قييالوا‬
‫والعنان‪ ,‬قال أبو داود ولم أتقن العنييان جيييدًا‪ ,‬قييال‪» :‬هييل‬

‫‪61‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تدرون بعد ما بين السماء والرض ؟« قالوا ل ندري‪ ,‬قييال‬
‫»بعد ما بينهما إما واحدة أو اثنتان أو ثلث وسييبعون سيينة‬
‫ثم السماء فوقها كذلك حتى عد سييبع سييموات‪ ,‬ثييم فييوق‬
‫السماء السابعة بحر ما بين أسفله وأعله مثل بين سييماء‬
‫إلييى سييماء‪ ,‬ثييم فييوق ذلييك ثمانييية أوعييال بييين أظلفهيين‬
‫وركبهن مثل ما بين السماء إلى سماء ثم علييى ظهييورهن‬
‫العرش بين أسفله وأعله مثل ما بين سماء إلى سماء ثم‬
‫الله تبارك وتعالى فوق ذلك«‪ .‬ثم رواه أبو داود والترمييذي‬
‫وابن ماجه من حديث سماك بن حرب بييه وقييال الترمييذي‬
‫حسن غريب‪ ,‬وهذا يقتضي أن حمليية العييرش ثمانييية كمييا‬
‫قييال شييهر بيين حوشييب رضييي اللييه عنييه‪ :‬حمليية العييرش‬
‫ثمانية‪ :‬أربعة منهم يقولييون سييبحانك اللهييم وبحمييدك لييك‬
‫الحمد على حلمييك بعييد علمييك‪ ,‬وأربعيية يقولييون سييبحانك‬
‫اللهم وبحمدك لك الحمد علييى عفييوك بعييد قييدرتك ولهييذا‬
‫يقولون إذا استغفروا للذين آمنوا }ربنا وسعت كييل شيييء‬
‫رحمة وعلمًا{ أي رحمتك تسع ذنوبهم وخطاييياهم وعلمييك‬
‫محيييط بجميييع أعمييالهم وأقييوالهم وحركيياتهم وسييكناتهم‬
‫}فيياغفر للييذين تييابوا واتبعييوا سييبيلك{ أي فاصييفح عيين‬
‫المسيئين إذا تابوا وأنابوا وأقلعوا عما كانوا فيه واتبعوا مييا‬
‫أمرتهم بييه ميين فعييل الخيييرات وتييرك المنكييرات }وقهييم‬
‫عذاب الجحيييم{ أي وزحزحهييم عيين عييذاب الجحيييم وهييو‬
‫العذاب الموجيع اللييم }ربنيا وأدخلهيم جنيات عيدن اليتي‬
‫وعدتهم وميين صييلح ميين آبييائهم وأزواجهييم وذرييياتهم{ أي‬
‫اجمع بينهم وبينهم لتقر بذلك أعينهم بالجتماع في منييازل‬
‫متجاورة كما قال تبارك وتعالى‪} :‬والييذين آمنييوا واتبعتهييم‬
‫ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتنيياهم ميين عملهييم‬
‫من شيء{ أي ساوينا بين الكل في المنزليية لتقير أعينهييم‬
‫وما نقصنا العيالي حيتى يسياوي اليداني بيل رفعنيا نياقص‬
‫العمل فساويناه بكثير العمل تفضل ً منا ومنة‪ .‬وقال سييعيد‬
‫بن جبير إن المؤمن إذا دخل الجنيية سييأل عيين أبيييه وابنييه‬
‫وأخيه أين هم ؟ فيقال إنهم لم يبلغوا طبقتييك فييي العمييل‬
‫فيقول إني إنما عملت لي ولهم فيلحقون بييه فييي الدرجيية‬

‫‪62‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لية }ربنا وأدخلهم جنات عييدن‬ ‫ثم تل سعيد بن جبير هذه ا َ‬
‫التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك‬
‫أنت العزيز الحكيم{ قال مطرف بن عبد الله بن الشخير‪:‬‬
‫أنصح عباد الله للمؤمنين الملئكة ثييم تل هييذه الييية }ربنييا‬
‫ليية وأغييش عبيياده‬ ‫وأدخلهم جنات عييدن الييتي وعييدتهم{ ا َ‬
‫للمييؤمنين الشييياطين‪ .‬وقييوله تبييارك وتعييالى‪} :‬إنييك أنييت‬
‫العزيز الحكيم{ أي الذي ل يمانع ول يغالب وما شيياء كييان‬
‫وما ليم يشيأ ليم يكين الحكييم فيي أقواليك وأفعاليك مين‬
‫شرعك وقدرك }وقهم السيئات{ أي فعلها أو وبالها مميين‬
‫وقعت منه }وميين تييق السيييئات يييومئذ{ أي يييوم القياميية‬
‫}فقد رحمته{ أي لطفت به ونجيتييه ميين العقوبيية }وذلييك‬
‫هييييييييييييييييييو الفييييييييييييييييييوز العظيييييييييييييييييييم{‪.‬‬

‫َ‬
‫مْقت ِك ُي ْ‬
‫م‬ ‫ميين ّ‬ ‫ت الل ّيهِ أك ْب َيُر ِ‬ ‫مْقي ُ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ ي ُن َيياد َوْ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫** إ ِ ّ‬
‫ن * قَيياُلوا ْ َرب ّن َييآ‬ ‫َ‬
‫ن فَت َك ُْفيُرو َ‬ ‫مييا ِ‬ ‫لي َ‬‫ن إ ِل َييى ا ِ‬ ‫م إ ِذ ْ ت ُيد ْعَوْ َ‬ ‫كي ْ‬‫س ُ‬
‫أ َمتنا اث ْنتين وأ َ‬
‫أنُف َ‬
‫ج‬ ‫رو‬ ‫ُ‬ ‫خ‬
‫ُ‬ ‫ى‬ ‫ل إ ِل َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫ف‬ ‫نا‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫نو‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ذ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫نا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫ع‬ ‫فا‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ث‬ ‫ا‬ ‫نا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ي‬‫ح‬‫ْ‬ ‫ََْ ِ َ‬ ‫َ َّ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫م وَِإن‬ ‫كي يَفْرت ُ ْ‬ ‫ح يد َهُ َ‬ ‫ه وَ ْ‬ ‫ّ‬
‫ي الل ي ُ‬ ‫عي َ‬ ‫ذا د ُ ِ‬ ‫ه إِ َ‬ ‫كم ب ِأن ّ ُ‬ ‫ل * ذ َل ِ ُ‬ ‫سِبي ٍ‬ ‫من َ‬ ‫ّ‬
‫ذي‬ ‫ي ال ْك َِبي يرِ * هُ يوَ ال ّي ِ‬ ‫م لل ّيهِ ال ْعَِلي ي ّ‬ ‫حك ْ ُ‬ ‫مُنوا ْ َفال ْ ُ‬ ‫ك ب ِهِ ت ُؤْ ِ‬ ‫شَر ْ‬ ‫يُ ْ‬
‫ميين‬ ‫ما ي َت َذ َك ُّر إ ِل ّ َ‬ ‫مآِء رِْزقا ً وَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫كم ّ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫م آَيات ِهِ وَي ُن َّز ُ‬ ‫ريك ُ ْ‬ ‫يُ ِ‬
‫ن‬
‫كافُِرو َ‬ ‫ن وَل َوْ ك َرِهَ ال ْ َ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫عوا ْ الل ّ َ‬ ‫ب * َفاد ْ ُ‬ ‫ي ُِني ُ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن الكفار إنهم ينييادون يييوم القياميية‬
‫وهم في غمرات النيران يتلظون وذلك عندما باشروا ميين‬
‫عذاب اللييه تعييالى مييا ل قبييل لحييد بييه فمقتييوا عنييد ذلييك‬
‫أنفسييهم وأبغضييوها غاييية البغييض بسييبب مييا أسييلفوا ميين‬
‫العمييال السيييئة الييتي كييانت سييبب دخييولهم إلييى النييار‬
‫فأخبرتهم الملئكة عند ذلك إخبارا ً عاليا ً نييادوهم نييداء بييأن‬
‫مقت الله تعالى لهم في الييدنيا حييين كييان يعييرض عليهييم‬
‫اليمان فيكفرون أشد من مقتكم أيها المعييذبون أنفسييكم‬
‫اليوم في هذه الحالة‪ .‬قال قتادة في قوله تعالى‪} :‬لمقييت‬
‫اللييه أكييبر ميين مقتكييم أنفسييكم إذ تييدعون إلييى اليمييان‬
‫فتكفرون{ يقييول لمقييت اللييه أهييل الضييللة حييين عييرض‬

‫‪63‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليهم اليمان في الدنيا فتركوه وأبوا أن يقبلوه أكييبر ممييا‬
‫مقتوا أنفسهم حين عاينوا عذاب الله يوم القياميية‪ ,‬وهكييذا‬
‫قال الحسن البصري ومجاهد والسدي وذر بيين عبيييد اللييه‬
‫الهمييداني وعبييد الرحميين بيين زيييد بيين أسييلم وابيين جرييير‬
‫الطبري رحمة اللييه عليهييم أجمعييين‪ .‬وقييوله‪} :‬قييالوا ربنييا‬
‫أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين{ قال الثوري عيين أبييي إسييحاق‬
‫لية‬‫عن أبي الحوص عن ابن مسعود رضي الله عنه هذه ا َ‬
‫كقوله تعالى‪} :‬كيف تكفرون بالله وكنتييم أموات يا ً فأحييياكم‬
‫ثم يميتكم ثم يحييكييم ثييم إليييه ترجعييون{ وكييذا قييال ابيين‬
‫عباس والضحاك وقتادة وأبو مالك وهذا هو الصواب الييذي‬
‫ل شك فيه ول مرية‪ .‬وقييال السييدي أميتييوا فييي الييدنيا ثييم‬
‫أحيييوا فييي قبييورهم فخوطبييوا‪ ,‬ثييم أميتييوا ثييم أحيييوا يييوم‬
‫القيامة‪ ,‬وقال ابن زيد‪ :‬أحيوا حين أخذ عليهم الميثيياق ميين‬
‫صلب آدم عليه السلم ثم خلقهم في الرحييام ثييم أميياتهم‬
‫ثم أحياهم يوم القيامة‪ ,‬وهذان القولن ميين السييدي وابيين‬
‫زيييد ضييعيفان لنييه يلزمهمييا علييى مييا قييال ثلث إحييياءات‬
‫وإماتات‪ ,‬والصحيح قييول ابيين مسييعود وابيين عبيياس وميين‬
‫تابعهما‪ ,‬والمقصود من هذا كله أن الكفار يسألون الرجعيية‬
‫وهم وقوف بين يدي الله عز وجييل فييي عرصييات القياميية‬
‫كمييا قييال عييز وجييل‪} :‬ولييو تييرى إذ المجرمييون ناكسييو‬
‫رؤوسهم عنييد ربهييم ربنييا أبصييرنا وسييمعنا فارجعنييا نعمييل‬
‫صالحا ً إنا موقنون{ فل يجابون ثييم إذا رأوا النييار وعاينوهييا‬
‫ووقفوا عليها ونظروا إلييى مييا فيهييا ميين العييذاب والنكييال‬
‫سألوا الرجعة أشد مما سييألوا أول مييرة فل يجييابون قييال‬
‫الله تعالى‪} :‬ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا ياليتنا نرد‬
‫ول نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين * بل بدا لهم مييا‬
‫كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهييوا عنييه وإنهييم‬
‫سييها وحسيسييها‬ ‫لكيياذبون{ فييإذا دخلييوا النييار وذاقييوا م ّ‬
‫ومقامعها وأغللها كان سؤالهم للرجعة أشد وأعظم }وهم‬
‫يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمييل صييالحا ً غييير الييذي كنييا‬
‫نعمل‪ ,‬أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير‬
‫؟ فذوقوا فما للظالمين من نصير{ }ربنا أخرجنا منها فإن‬

‫‪64‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عدنا فإنا ظالمون * قال اخسؤوا فيها ول تكلمييون{ وفييي‬
‫لية الكريمة تلطفوا في السييؤال وقييدموا بييين يييدي‬ ‫هذه ا َ‬
‫كلمهيم مقدمية وهيي قيولهم }ربنيا أمتنيا اثنيتين وأحييتنيا‬
‫اثنتين{ أي قدرتك عظيمة فإنك أحييتنا بعد مييا كنييا أموات يا ً‬
‫ثم أمتنا ثم أحييتنا فأنت قادر على ما تشيياء‪ ,‬وقييد اعترفنييا‬
‫بذنوبنا وإننا كنا ظالمين لنفسنا في الدار الدنيا }فهل إلى‬
‫خروج من سبيل{ أي فهل أنت مجيبنا إلى أن تعيييدنا إلييى‬
‫الدار الدنيا فإنك قادر على ذلك لنعمل غير الذي كنا نعمل‬
‫فإن عدنا إلى ماكنا فيه فإنا ظالمون‪ ,‬فأجيبوا أن ل سييبيل‬
‫إلى عودكم ومرجعكم إلى الدار الدنيا‪ ,‬ثم علل المنييع ميين‬
‫ذلك بأن سييجاياكم ل تقبييل الحييق ول تقتضيييه بييل تجحييده‬
‫وتنفيه‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬ذلكم بأنه إذا دعييي اللييه وحييده‬
‫كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا{ أي أنتييم هكييذا تكونييون وإن‬
‫رددتم إلى الدار الدنيا كما قال عز وجل‪} :‬ولو ردوا لعادوا‬
‫لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون{ وقييوله جييل وعل‪} :‬فييالحكم‬
‫لله العلي الكبير{ أي هو الحاكم في خلقه العادل الييذي ل‬
‫يجور فيهدي من يشاء ويضل من يشاء ويرحييم ميين يشيياء‬
‫ويعذب من يشاء ل إله إل هو‪ ,‬وقوله جل جلله‪} :‬هو الذي‬
‫يريكم آياته{ أي يظهيير قيدرته لخلقيه بمييا يشياهدونه فييي‬
‫ليييات العظيميية الداليية علييى‬ ‫خلقه العلوي والسفلي ميين ا َ‬
‫كمال خالقها ومبدعها ومنشئها }وينزل لكييم ميين السييماء‬
‫رزقًا{ وهو المطر الذي يخرج به من الزروع والثمار ما هو‬
‫مشيياهد بييالحس ميين اختلف ألييوانه وطعييومه وروائحييه‬
‫وأشكاله وألوانه وهو ماء واحيد فبالقييدرة العظيميية فياوت‬
‫بين هذه الشياء }وما يتذكر{ أي يعتييبر ويتفكيير فييي هييذه‬
‫الشياء ويستدل بها على عظمة خالقها }إل من ينيب{ أي‬
‫من هو بصير منيب إلى الله تبارك وتعالى وقوله عز وجل‪:‬‬
‫}فادعوا الله مخلصين له الدين ولييو كييره الكييافرون{ أي‬
‫فأخلصوا لله وحده العبادة والدعاء وخالفوا المشركين في‬
‫مسلكهم ومذهبهم‪ .‬قال المام أحمد‪ :‬حيدثنا عبيد الليه بين‬
‫نمير حدثنا هشام يعني بن عروة بن الزبير عن أبي الزبييير‬
‫محمد بن مسلم بن مدرس المكي قال‪ :‬كان عبد الله بيين‬

‫‪65‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الزبير يقول في دبر كل صييلة حييين يسييلم ل إلييه إل اللييه‬
‫وحده ل شريك له‪ ,‬لييه الملييك ولييه الحمييد وهييو علييى كييل‬
‫شيء قدير ل حول ول قوة إل بالله ل إله إل اللييه ول نعبييد‬
‫إل إياه له النعمة وله الفضل وله الثنيياء الحسيين‪ ,‬ل إلييه إل‬
‫الله مخلصين له الييدين ولييو كييره الكييافرون‪ ,‬قييال‪ :‬وكييان‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلة‪,‬‬
‫ورواه مسلم وأبو داود والنسائي من طرق عن هشام بيين‬
‫عروة وحجاج بن أبي عثمان وموسى بن عقبة ثلثتهم عن‬
‫أبي الزبير عن عبد الله بن الزبير قييال‪ :‬كييان رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول في دبر كل صييلة‪» :‬ل إلييه إل‬
‫اللييه وحييده ل شييريك لييه« وذكيير تمييامه‪ .‬وقييد ثبييت فييي‬
‫الصحيح عن ابن الزبير رضي اللييه عنهمييا أن رسييول اللييه‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم كييان يقييول عقييب الصييلوات‬
‫المكتوبات‪» :‬ل إله إل الله وحده ل شييريك لييه‪ ,‬لييه الملييك‬
‫وله الحمد وهو على كييل شيييء قييدير ل حييول ول قييوة إل‬
‫بالله‪ ,‬ل إله إل الله‪ ,‬ول نعبد إل إياه‪ ,‬له النعمة وله الفضييل‬
‫وله الثناء الحسن‪ ,‬ل إله إل اللييه مخلصييين لييه الييدين ولييو‬
‫كره الكافرون«‪ .‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حييدثنا الربيييع حييدثنا‬
‫الخصيب بن ناصع حدثنا صالح يعني المري عن هشام بيين‬
‫حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه عيين‬
‫النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم قييال‪» :‬ادعييوا اللييه تبييارك‬
‫وتعالى وأنتم موقنييون بالجابيية واعلمييوا أن اللييه تعييالى ل‬
‫يسيييييييتجيب دعييييييياء مييييييين قليييييييب غافيييييييل له«‪.‬‬

‫ى‬ ‫ي‬ ‫م يرِهِ عَل َ‬ ‫ذو ال ْعرش يل ْقي الروح م ين أ َ‬ ‫ت ُ‬


‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ َ ِ ْ‬ ‫َ ْ ِ ُ ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫** َرِفيعُ الد َّر َ‬
‫ن لَ‬ ‫هم ب َييارُِزو َ‬ ‫م ُ‬
‫ق * ي َوْ َ‬ ‫م الت ّل َ ِ‬ ‫عَبادِهِ ل ُِينذَِر ي َوْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫من ي َ َ‬
‫شآُء ِ‬ ‫َ‬
‫حيدِ‬ ‫وا ِ‬ ‫م ل ِل ّيهِ ال ْ َ‬‫ك ال ْي َيوْ َ‬ ‫مل ْ ُ‬
‫ن ال ْ ُ‬ ‫م ِ‬‫يٌء ل ّ َ‬‫ش ْ‬ ‫م َ‬ ‫من ْهُ ْ‬‫ى عََلى الل ّهِ ِ‬ ‫خَف َ‬‫يَ ْ‬
‫م‬ ‫م ال ْي َيوْ َ‬ ‫ت ل َ ظ ُل ْي َ‬ ‫سب َ ْ‬ ‫كي َ‬‫ما َ‬ ‫س بِ َ‬ ‫ل ن َْف ٍ‬ ‫جَزىَ ك ُ ّ‬ ‫ال َْقّهارِ * ال ْي َوْ َ‬
‫م تُ ْ‬
‫ب‬‫سييييييييييييييييا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ريعُ ال ْ ِ‬ ‫سيييييييييييييييي ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الّليييييييييييييييي َ‬ ‫إِ ّ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن عظمته وكبريائه وارتفيياع عرشييه‬
‫العظيم العالي على جميع مخلوقاته كالسقف لها كما قال‬

‫‪66‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تعالى‪} :‬من الله ذي المعارج تعرج الملئكيية والييروح إليييه‬
‫في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة{ وسيأتي إن شيياء‬
‫الله تعالى بيان أن هذه مسافة ما بين العرش إلييى الرض‬
‫السابعة في قول جماعة من السلف والخلف وهو الرجييح‬
‫إن شاء الله وقد ذكيير غييير واحييد أن العييرش ميين ياقوتيية‬
‫حمراء اتساع ما بين قطريه مسيييرة خمسييين ألييف سيينة‪.‬‬
‫وارتفاعه عن الرض السابعة مسيرة خمسييين ألييف سيينة‬
‫وقد تقدم في حديث الوعال مييا يييدل علييى ارتفيياعه عيين‬
‫السييموات السييبع بشيييء عظيييم‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬يلقييي‬
‫الروح من أمره على من يشاء ميين عبيياده{ كقييوله جلييت‬
‫عظمته‪} :‬ينزل الملئكة بالروح من أمره علييى ميين يشيياء‬
‫من عبيياده أن أنييذروا أنييه ل إلييه إل أنييا فيياتقون{ وكقييوله‬
‫تعالى‪} :‬وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الييروح المييين‬
‫* على قلبك لتكون من المنذرين{ ولهييذا قييال عييز وجييل‪:‬‬
‫}لينيذر ييوم التلق{ قيال عليي بين أبيي طلحية عين ابين‬
‫عباس يوم التلق اسم من أسماء يييوم القياميية حييذر اللييه‬
‫منه عباده‪ ,‬وقال ابين جرييج قيال ابين عبياس رضيي الليه‬
‫عنهما يلتقي فيه آدم وآخر ولده وقال ابن زيد يلتقييي فيييه‬
‫العباد‪ .‬وقال قتادة والسييدي وبلل بيين سييعد وسييفيان بيين‬
‫عيينيية يلتقييي فيييه أهييل السييماء وأهييل الرض والخييالق‬
‫والخلق‪ ,‬وقال ميمون بن مهران يلتقي الظالم والمظلوم‪,‬‬
‫وقد يقال إن يوم التلق يشييمل هيذا كليه ويشيمل أن كييل‬
‫عامل سيلقى ما عمله من خييير وشيير كمييا قيياله آخييرون‪.‬‬
‫وقوله جل جلله‪} :‬يوم هم بييارزون ل يخفييى علييى اللييه‬
‫منهم شيء{ أي ظاهرون بادون كلهم ل شيييء يكنهييم ول‬
‫يظلهم ول يسترهم ولهذا قال‪} :‬يوم هم بييارزون ل يخفييى‬
‫على الله منهم شيء{ أي الجميع في علمه على السييواء‪.‬‬
‫وقوله تبييارك وتعييالى‪} :‬لميين الملييك اليييوم ؟ للييه الواحييد‬
‫القهار{ قد تقدم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه‬
‫تعالى يطوي السموات والرض بيده ثم يقول أنا الملك أنا‬
‫الجبار أنا المتكبر‪ ,‬أين ملوك الرض ؟ أين الجبارون ؟ أين‬
‫المتكبرون ؟ وفي حييديث الصييور أنييه عييز وجييل إذا قبييض‬

‫‪67‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أرواح جميع خلقه فلم يبق سواه وحده ل شريك لييه حينئذ‬
‫يقول لمن الملك اليوم ؟ ثلث مرات ثم يجيب نفسه قائل ً‬
‫}لله الواحد القهار{ أي الذي هو وحده قد قهر كل شيييء‬
‫وغلبه‪ .‬وقد قال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا محمييد بيين غييالب‬
‫الدقاق حدثنا عبيد بن عبيدة حدثنا معتميير عيين أبيييه حييدثنا‬
‫أبو نضرة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬ينادي مناد‬
‫بين يدي الساعة يييا أيهييا النيياس أتتكييم السيياعة فيسييمعها‬
‫الحياء والموات قال وينييزل اللييه عييز وجييل إلييى السييماء‬
‫الدنيا ويقيول‪} :‬لمين المليك الييوم‪ ,‬لليه الواحيد القهيار{‪.‬‬
‫وقوله جلت عظمته‪} :‬اليوم تجزى كل نفس بما كسبت ل‬
‫ظلم اليوم إن الله سريع الحساب{ يخبر تعالى عن عييدله‬
‫في حكمه بين خلقه أنه ل يظلييم مثقييال ذرة ميين خييير ول‬
‫من شر بل يجزي بالحسنة عشر أمثالهييا وبالسيييئة واحييدة‬
‫قال تبارك وتعالى‪} :‬ل ظلم اليوم{ كما ثبييت فييي صييحيح‬
‫مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه عيين رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل أنه قال‪» :‬يا‬
‫عبييادي إنييي حرمييت الظلييم علييى نفسييي وجعلتييه بينكييم‬
‫محرما ً فل تظالموا يي إلييى أن قييال يي يييا عبييادي إنمييا هييي‬
‫أعمالكم أحصيها عليكم ثم أوفيكم إياها‪ ,‬فميين وجييد خيييرا ً‬
‫فليحمد الله تبارك وتعالى‪ ,‬ومن وجد غير ذلييك فل يلييومن‬
‫إل نفسه« وقوله عز وجل‪} :‬إن الله سريع الحسيياب{ أي‬
‫يحاسب الخلئق كلهم كما يحاسب نفسا ً واحييدة كمييا قييال‬
‫جل وعل‪} :‬ما خلقكم ول بعثكم إل كنفس واحييدة{ وقييال‬
‫جيييل جلليييه‪} :‬وميييا أمرنيييا إل واحيييدة كلميييح بالبصييير{‪.‬‬

‫َ‬
‫ن‬ ‫مي َ‬ ‫جرِ ك َيياظ ِ ِ‬ ‫دى ال ْ َ‬
‫حن َييا ِ‬ ‫ب ل َي َ‬‫م ال َزِفَةِ إ ِذِ ال ُْقُلو ُ‬ ‫م ي َوْ َ‬ ‫** وَأنذِْرهُ ْ‬
‫ة‬
‫خآئ َِني َ‬ ‫م َ‬ ‫طياعُ * ي َعَْلي ُ‬ ‫شيِفيع ي ُ َ‬
‫ٍ‬ ‫مييم ٍ وَل َ َ‬ ‫ح ِ‬‫ن َ‬ ‫مي ْ‬‫ن ِ‬ ‫مي َ‬ ‫ظيال ِ ِ‬‫ميا ِلل ّ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫حقّ َوالي ِ‬ ‫ْ‬
‫ضييي ب ِييال َ‬ ‫ه ي َْق ِ‬ ‫ّ‬
‫دوُر * َواللي ُ‬ ‫ص ُ‬‫خِفي ال ّ‬ ‫ما ت ُ ْ‬ ‫ن وَ َ‬‫العْي ُ ِ‬
‫ع‬
‫مي ُ‬ ‫سي ِ‬ ‫ه هُيوَ ال ّ‬ ‫ن الل ّي َ‬ ‫يٍء إ ِ ّ‬ ‫شي ْ‬ ‫ن بِ َ‬
‫ضييو َ‬ ‫دون ِيهِ ل َ ي َْق ُ‬‫ميين ُ‬ ‫ن ِ‬‫عو َ‬ ‫ي َد ْ ُ‬
‫صييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييُر‬ ‫ال ْب َ ِ‬

‫‪68‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لزفة اسم من أسماء يييوم القياميية وسييميت بييذلك‬ ‫يوم ا َ‬
‫لزفيية * ليييس لهييا ميين‬‫لقترابها كما قال تعالى‪} :‬أزفييت ا َ‬
‫دون اللييه كاشييفة{ وقييال عييز وجييل‪} :‬اقييتربت السيياعة‬
‫وانشق القمر{ وقال جل وعل‪} :‬اقترب للناس حسييابهم{‬
‫وقال‪} :‬أتى أميير اللييه فل تسييتعجلوه{ وقييال جييل جللييه‪:‬‬
‫لييية‪ .‬وقييوله‬‫}فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا{ ا َ‬
‫تبارك وتعالى‪} :‬إذ القلوب لييدى الحنيياجر كيياظمين{ قييال‬
‫قتادة وقفت القلوب في الحناجر من الخوف فل تخرج ول‬
‫تعود إلى أماكنها‪ ,‬وكذا قال عكرمة والسييدي وغييير واحييد‪,‬‬
‫ومعنى كاظمين أي ساكتين ل يتكلييم أحييد إل بييإذنه }يييوم‬
‫يقييوم الييروح والملئكيية صييفا ً ل يتكلمييون إل ميين أذن لييه‬
‫الرحمن وقييال صييوابًا{ وقييال ابيين جريييج }كيياظمين{ أي‬
‫باكين‪ .‬وقوله سبحانه وتعالى‪} :‬ما للظالمين من حميم ول‬
‫شفيع يطاع{ أي ليس للذين ظلموا أنفسهم بالشرك بالله‬
‫من قريييب منهييم ينفعهييم ول شييفيع يشييفع فيهييم بييل قييد‬
‫تقطعت بهم السباب من كل خييير‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬يعلييم‬
‫خائنة العين وما تخفي الصدور{ يخبر عز وجل عن علمييه‬
‫التييام المحيييط بجميييع الشييياء جليلهييا وحقيرهييا‪ ,‬صييغيرها‬
‫وكبيرهييا‪ ,‬دقيقهييا ولطيفهييا ليحييذر النيياس علمييه فيهييم‬
‫فيستحيوا من الله تعالى حييق الحييياء ويتقييوه حييق تقييواه‪,‬‬
‫ويراقبوه مراقبة من يعلم أنييه يييراه فييإنه عييز وجييل يعلييم‬
‫العين الخائنة وإن أبدت أمانة ويعلم ما تنطوي عليييه خبايييا‬
‫الصدور من الضمائر والسرائر‪ .‬قال ابن عباس رضي اللييه‬
‫عنهما في قيوله تعيالى‪} :‬يعليم خائنية العيين وميا تخفيي‬
‫الصدور{ هو الرجل يدخل على أهييل الييبيت بيتهييم وفيهييم‬
‫المرأة الحسناء أو تمر به وبهم المرأة الحسناء فإذا غفلوا‬
‫لحظ إليها فإذا فطنوا غض بصييره عنهييا فييإذا غفلييوا لحييظ‬
‫فإذا فطنوا غض‪ ,‬وقد اطلع الله تعالى من قلبه أنييه ود أن‬
‫لو اطلع على فرجها‪ .‬رواه ابن أبي حيياتم‪ ,‬وقييال الضييحاك‬
‫}خائنة العين{ هو الغمز وقول الرجل رأيييت ولييم ييير‪ .‬أو‬
‫لم أر وقد رأى‪ .‬وقال ابن عباس رضي اللييه تعييالى عنهمييا‬
‫يعلم الله تعالى من العين في نظرها هل تريييد الخيانيية أم‬

‫‪69‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ل ؟ وكذا قال مجاهد وقتادة‪ ,‬وقال ابن عباس رضييي اللييه‬
‫عنهما في قوله تعالى‪} :‬وما تخفي الصدور{ يعلم إذا أنت‬
‫قييدرت عليهييا هييل تزنييي بهييا أم ل ؟ وقييال السييدي }ومييا‬
‫تخفيييييييييي الصيييييييييدور{ أي مييييييييين الوسوسييييييييية‪.‬‬
‫وقوله عز وجل‪} :‬والله يقضي بالحق{ أي يحكم بالعدل‪,‬‬
‫قال العمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قييوله‬
‫تعييالى‪} :‬واللييه يقضييي بييالحق{ قييادر علييى أن يجييزي‬
‫بالحسنة الحسنة وبالسيييئة السيييئة }إن اللييه هييو السييميع‬
‫البصير{ وهذا الذي فسر به ابن عباس رضييي اللييه عنهمييا‬
‫لية كقوله تبارك وتعالى‪} :‬ليجزي الذين أساءوا بمييا‬ ‫هذه ا َ‬
‫عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى{ وقييوله جييل وعل‪:‬‬
‫}والييذين يييدعون ميين دونييه{ أي ميين الصيينام والوثييان‬
‫والنيييداد }ل يقضيييون بشييييء{ أي ل يملكيييون شييييئا ً ول‬
‫يحكمون بشيء }إن الله هو السييميع البصييير{ أي سييميع‬
‫لقوال خلقه بصير بهم فيهدي من يشاء ويضل ميين يشيياء‬
‫وهييييييو الحيييييياكم العييييييادل فييييييي جميييييييع ذلييييييك‪.‬‬

‫ض فََينظ ُيُروا ْ ك َي ْي َ‬ ‫سيييروُا ْ فِييي الْر‬ ‫َ‬


‫ة‬‫عاقِب َي ُ‬
‫ن َ‬ ‫ف ك َييا َ‬ ‫ِ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫** أوَل َي ْ‬
‫م قُوّةً َوآث َييارا ً فِييي‬ ‫من ْهُ ْ‬‫شد ّ ِ‬ ‫م أَ َ‬‫كاُنوا ْ هُ ْ‬
‫م َ‬ ‫من قَب ْل ِهِ ْ‬ ‫كاُنوا ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي‬
‫َ‬
‫مين‬ ‫ن الّليهِ ِ‬ ‫مي َ‬‫ن ل َُهيم ّ‬ ‫كيا َ‬ ‫مييا َ‬‫م وَ َ‬ ‫ه ب ِذ ُُنوب ِهِ ْ‬ ‫م الل ّ ُ‬‫خذ َهُ ُ‬ ‫ض فَأ َ‬ ‫الْر ِ‬
‫ت فَك ََفيُروا ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫سيل ُُهم ِبال ْب َي ّن َييا ِ‬ ‫م ُر ُ‬ ‫كياَنت ّتيأِتيهِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ك ب ِأن ّهُ ْ‬‫ق * ذ َل ِ َ‬ ‫َوا َ ٍ‬
‫ب‬‫ديد ُ ال ْعَِقيييييا ِ‬ ‫شييييي ِ‬ ‫ه َقيييييوِيّ َ‬ ‫ه إ ِّنييييي ُ‬ ‫م الّلييييي ُ‬ ‫خيييييذ َهُ ُ‬ ‫فَأ َ‬
‫يقول تعالى‪} :‬أولم يسيروا{ هيؤلء المكيذبون برسيالتك‬
‫يا محمد }في الرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا‬
‫من قبلهم{ أي من المم المكذبة بالنبييياء عليهييم الصييلة‬
‫والسلم ما حل بهم من العييذاب والنكييال مييع أنهييم كييانوا‬
‫أشد ميين هييؤلء قييوة }وآثييارا ً فييي الرض{ أي أثييروا فييي‬
‫الرض من البنايات والمعالم والديارات مييا ل يقييدر هييؤلء‬
‫عليه كما قال عز وجل‪} :‬ولقييد مكنيياهم فيمييا إن مكنيياكم‬
‫فيه{ وقييال تعييالى‪} :‬وأثيياروا الرض وعمروهييا أكييثر ممييا‬
‫عمروهييا{ أي مييع هييذه القييوة العظيميية والبييأس الشييديد‬

‫‪70‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أخذهم الله بذنوبهم وهي كفرهم برسلهم }وما كييان لهييم‬
‫من الله من واق{ أي وما دفع عنهييم عييذاب اللييه أحييد ول‬
‫رده عنهم راد‪ ,‬ول وقاهم واق‪ ,‬ثييم ذكيير عليية أخييذه إييياهم‬
‫وذنييوبهم الييتي ارتكبوهييا واجترموهييا فقييال تعييالى‪} :‬ذلييك‬
‫بيييأنهم كيييانت تيييأتيهم رسيييلهم بالبينيييات{ أي باليييدلئل‬
‫الواضحات والييبراهين القاطعييات }فكفييروا{ أي مييع هييذا‬
‫البيان والبرهان كفروا وجحدوا }فأخذهم اللييه{ تعييالى أي‬
‫أهلكهم ودمر عليهم وللكافرين أمثالهييا }إنييه قييوي شييديد‬
‫العقاب{ أي ذو قوة عظيمة وبطييش شييديد }وهييو شييديد‬
‫العقاب{ أي عقابه أليييم شييديد وجيييع‪ ,‬أعاذنييا اللييه تبييارك‬
‫وتعييييييييييييييييييييييييييييييييالى منييييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬

‫َ‬ ‫سييل ْ َ‬ ‫َ‬


‫ى‬‫ن * إ ِل ي َ‬ ‫مِبييي ٍ‬ ‫ن ّ‬ ‫طا ٍ‬ ‫ى ِبآَيات ِن َييا وَ ُ‬‫سي َ‬ ‫مو َ‬ ‫س يل َْنا ُ‬ ‫** وَل ََق يد ْ أْر َ‬
‫مييا‬ ‫ب * فَل َ ّ‬ ‫ذا ٌ‬‫كي ي ّ‬ ‫حٌر َ‬ ‫سييا ِ‬ ‫ن فََقيياُلوا ْ َ‬ ‫ن وَقَيياُرو َ‬ ‫مييا َ‬ ‫ها َ‬‫ن وَ َ‬ ‫فِْرعَيوْ َ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫مع َ ي ُ‬ ‫من ُييوا ْ َ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫عندَِنا َقاُلوا ْ اقْت ُل ُوَا ْ أب َْنآَء ال ّ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حقّ ِ‬ ‫م ِبال ْ َ‬ ‫جآَءهُ ْ‬ ‫َ‬
‫ل*‬ ‫ض يل َ ٍ‬‫ن إ ِل ّ فِييي َ‬ ‫ري َ‬‫ِ‬ ‫كي يي ْد ُ ال ْك َييافِ‬‫مييا َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫سييآَءهُ ْ‬ ‫حُيوا ْ ن ِ َ‬ ‫س يت َ ْ‬ ‫َوا ْ‬
‫ف َأن‬ ‫خا ُ‬ ‫ي أَ َ‬‫ه إ ِن ّ َ‬‫ى وَل ْي َد ْعُ َرب ّ ُ‬ ‫س َ‬ ‫مو َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ي أ َقْت ُ ْ‬
‫ن ذ َُرون ِ َ‬ ‫ل فِْرعَوْ ُ‬ ‫وََقا َ‬
‫كييي َ َ‬
‫ل‬ ‫سيياد َ * وََقييا َ‬ ‫ض ال َْف َ‬ ‫م أوْ أن ي ُظِهييَر ِفييي الْر ِ‬
‫ْ‬ ‫ل ِدين َ ُ ْ‬ ‫ي َُبييد ّ َ‬
‫ن‬ ‫م ُ‬ ‫مت َك َب ّيرٍ ل ّ ي ُيؤْ ِ‬ ‫ل ُ‬ ‫ميين ك ُي ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ت ب َِرب ّييي وََرب ّ ُ‬
‫كيي ْ‬ ‫ى إ ِّني عُذ ْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫مو َ‬ ‫ُ‬
‫ب يقول تعالى مسليا لنبيه محمد صييلى اللييه‬ ‫ً‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ْ‬
‫ب ِي َوْم ِ ال ِ‬
‫عليه وسلم في تكذيب من كذبه من قومه ومبشرا ً له بأن‬
‫لخرة كمييا جييرى لموسييى‬ ‫العاقبة والنصرة له في الدنيا وا َ‬
‫ليييات‬ ‫بن عمران عليه السييلم فييإن اللييه تعييالى أرسييله با َ‬
‫البينات‪ .‬والدلئل الواضييحات‪ .‬ولهييذا قييال تعييالى‪} :‬بآياتنييا‬
‫وسلطان مييبين{ والسييلطان هييو الحجيية والبرهييان }إلييى‬
‫فرعون{ وهو ملك القبط بالديار المصرية }وهامان{ وهو‬
‫وزيره في مملكته }وقارون{ وكان أكثر الناس في زمييانه‬
‫مييال ً وتجييارة }فقييالوا سيياحر كييذاب{ أي كييذبوه وجعلييوه‬
‫ساحرا ً مجنونا ً مموها ً كذابا ً في أن الله أرسله وهذه كقوله‬
‫تعالى‪} :‬كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إل قالوا‬
‫ساحر أو مجنون * أتواصييوا بييه ؟ بييل هييم قييوم طيياغون{‬

‫‪71‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}فلما جاءهم بالحق من عندنا{ أي بالبرهان القاطع الدال‬
‫على أن الله عييز وجييل أرسييله إليهييم }قييالوا اقتلييوا أبنيياء‬
‫الذين آمنوا معه واستحيوا نسيياءهم{ وهييذا أميير ثييان ميين‬
‫فرعون بقتل ذكور بنييي إسييرائيل‪ .‬أمييا الول فكييان لجييل‬
‫الحتراز من وجود موسييى أو لذلل هييذا الشييعب وتقليييل‬
‫عييددهم أو لمجمييوع المرييين‪ ,‬وأمييا الميير الثيياني فللعليية‬
‫الثانية ولهانة هذا الشعب ولكي يتشيياءموا بموسييى عليييه‬
‫السلم ولهذا قالوا‪} :‬أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعييد مييا‬
‫جئتنا * قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم فييي‬
‫الرض فينظر كيف تعملون{ قال قتادة هذا أمر بعييد أميير‪,‬‬
‫قال الله عز وجل‪} :‬وما كيد الكافرين إل فييي ضييلل{ أي‬
‫وما مكرهم وقصدهم الذي هو تقليييل عييدد بنييي إسييرائيل‬
‫لئل ينصييروا عليهييم إل ذاهييب وهالييك فييي ضييلل }وقييال‬
‫فرعون ذروني أقتل موسى وليييدع ربييه{ وهييذا عييزم ميين‬
‫فرعون لعنيه الليه تعيالى إليى قتيل موسيى علييه الصيلة‬
‫والسلم أي قال لقومه دعوني حتى أقتل لكم هييذا }وليييد‬
‫ع ربه{ أي ل أبييالي بييه‪ ,‬وهييذا فييي غاييية الجحييد والتهجييم‬
‫والعناد‪ ,‬وقوله قبحه الله‪} :‬إني أخيياف أن يبييدل دينكييم أو‬
‫أن يظهيير فييي الرض الفسيياد{ يعنييي موسييى‪ ,‬يخشييى‬
‫فرعون أن يضل موسى الناس ويغير رسومهم وعيياداتهم‪,‬‬
‫وهذا كمييا يقييال فييي المثييل‪ :‬صييار فرعييون مييذكرًا‪ ,‬يعنييي‬
‫واعظا ً يشفق على الناس من موسى عليه السييلم‪ .‬وقييرأ‬
‫الكثرون }أن يبدل دينكم وأن يظهر في الرض الفسيياد{‬
‫لخييرون }أن يبييدل دينكييم أو أن يظهيير فييي الرض‬ ‫وقرأ ا َ‬
‫الفساد{ وقرأ بعضهم }يظهر في الرض الفساد{ بالضييم‬
‫}وقال موسى إني عذت بربييي وربكييم ميين كييل متكييبر ل‬
‫يؤمن بيوم الحساب{ أي لما بلغه قييول فرعييون }ذرونييي‬
‫أقتل موسى{ قال موسييى عليييه السييلم اسييتجرت بييالله‬
‫وعذت به من شره وشر أمثيياله ولهييذا قييال‪} :‬إنييي عييذت‬
‫بربي وربكم{ أيها المخاطبون }ميين كييل متكييبر{ أي عيين‬
‫الحييق مجييرم »ل يييؤمن بييوم الحسياب« ولهيذا جياء فييي‬
‫الحديث عن أبي موسى رضييي اللييه عنييه أن رسييول اللييه‬

‫‪72‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوما ً قال‪» :‬اللهييم إنييا‬
‫نعييوذ بييك ميين شييرورهم ونييدرأ بييك فييي نحييورهم«‪.‬‬

‫ل مؤْمن من آل فرعَون يك ْتم إيمييان َ‬


‫ن‬ ‫ه أت َْقت ُُلييو َ‬ ‫ج ٌ ّ ِ ٌ ّ ْ ِ ِ ْ ْ َ َ ُ ُ ِ َ َ ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫** وََقا َ‬
‫م وَِإن‬ ‫من ّرب ّك ُ ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫م ِبال ْب َي َّنا ِ‬‫جآَءك ُ ْ‬ ‫ه وَقَد ْ َ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ل َرب ّ َ‬‫جل ً َأن ي َُقو َ‬ ‫َر ُ‬
‫ذي‬ ‫ض ال ّي ِ‬ ‫م ب َْعي ُ‬ ‫صياِدقا ً ي ُ ِ‬
‫صيب ْك ُ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ه وَِإن َيي ُ‬ ‫كيذِب ُ ُ‬ ‫كاِذبا ً فَعَل َي ْهِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫يَ ُ‬
‫م‬ ‫ب * ي ََقوم ِ ل َك ُ ُ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ف كَ ّ‬ ‫سرِ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ن هُوَ ُ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫دي َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه ل َ ي َهْ ِ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫ي َعِد ُك ُ ْ‬
‫ظاهرين فييي الرض فَميين ينصيرنا ميين بيأ ْ‬
‫س‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ ِ‬ ‫ْ ِ َ‬ ‫م َ ِ ِ َ ِ‬ ‫ك ال ْي َوْ َ‬‫مل ْ ُ‬‫ال ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫م‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫مآ أهْ ِ‬ ‫مآ أَرىَ وَ َ‬ ‫م إ ِل ّ َ‬ ‫مآ أِريك ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ل فِْرعَوْ ُ‬ ‫جآَءَنا َقا َ‬ ‫الل ّهِ ِإن َ‬
‫شييييييييييييييييييييييييييييادِ‬ ‫ل الّر َ‬ ‫سييييييييييييييييييييييييييييِبي َ‬ ‫إ ِل ّ َ‬
‫المشييهور أن هييذا الرجييل المييؤمن كييان قبطي يا ً ميين آل‬
‫فرعون قال السدي‪ :‬كان ابن عم فرعون ويقال إنه الييذي‬
‫نجا مع موسى عليه الصلة والسييلم‪ ,‬واختيياره ابيين جرييير‬
‫ورد قول ميين ذهييب إلييى أنييه كييان إسييرائيليا ً لن فرعييون‬
‫انفعييل لكلمييه واسييتمعه وكييف عيين قتييل موسييى عليييه‬
‫السلم‪ ,‬ولو كان إسرائيليا ً لوشك أن يعاجل بالعقوبة لنييه‬
‫منهم وقال ابن جريج عن ابن عباس رضي الله عنهمييا ليم‬
‫يؤمن من آل فرعون سييوى هييذا الرجييل وامييرأة فرعييون‬
‫والذي قال‪} :‬يييا موسييى إن المل يييأتمرون بييك ليقتلييوك{‬
‫رواه ابن أبي حاتم وقد كان هذا الرجييل يكتييم إيمييانه عيين‬
‫قومه القبط فلم يظهيير إل هييذا اليييوم حييين قييال فرعييون‬
‫}ذروني أقتل موسى{ فأخذت الرجل غضبة لله عز وجل‪.‬‬
‫وأفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر كما ثبت بذلك‬
‫الحديث‪ ,‬ول أعظييم ميين هييذه الكلميية عنييد فرعييون وهييي‬
‫قوله‪} :‬أتقتلون رجل ً أن يقول ربي الله{ اللهم إل ما رواه‬
‫البخاري في صحيحه حيث قال حييدثنا علييي بيين عبييد اللييه‬
‫حدثنا الوليد بن مسلم حييدثنا الوزاعييي حييدثني يحيييى بيين‬
‫أبي كثير حدثني محمد بن إبراهيم التيمي حدثني عروة بن‬
‫الزبير رضي اللييه تعييالى عنهمييا قييال قلييت لعبييد اللييه بيين‬
‫عمرو بن العاص رضييي اللييه عنهمييا أخييبرني بأشييد شيييء‬
‫صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسييلم قييال‬

‫‪73‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بفنيياء الكعبيية‬
‫إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه فخنقييه خنقيا ً شييديدا ً‬
‫فأقبل أبو بكر رضييي اللييه عنييه فأخييذ بمنكبييه ودفعييه عيين‬
‫النبي صلى الله عليييه وسييلم ثييم قييال‪} :‬أتقتلييون رجل ً أن‬
‫يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم ؟{ انفرد بييه‬
‫البخاري من حديث الوزاعي قال وتابعه محمد بن إسحاق‬
‫عن يحيى بن عروة عن أبيه به‪ .‬وقال ابن أبي حاتم حييدثنا‬
‫هارون بن إسحاق الهمداني حدثنا عبدة عيين هشييام يعنييي‬
‫ابن عروة عن أبيه عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه‬
‫سئل ما أشد ما رأيت قريشا ً بلغوا من رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم ؟ قال مر صلى الله عليه وسلم بهيم ذات‬
‫يوم فقالوا له أنت تنهانا أن نعبييد مييا يعبييد آباؤنييا ؟ فقييال‪:‬‬
‫»أنا ذاك« فقاموا إليه فأخذوا بمجامع ثيابه فرأيت أبا بكيير‬
‫رضي الله عنه محتضنه من ورائه وهو يصيح بأعلى صييوته‬
‫وإن عينيه لتسيلن وهو يقول‪ :‬يييا قييوم }أتقتلييون رجل ً أن‬
‫يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم{ حييتى فييرغ‬
‫لية كلها وهكذا رواه النسائي من حديث عبدة فجعله‬ ‫من ا َ‬
‫من مسند عمرو بن العاص رضي الله عنه‪ ,‬وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}وقد جاءكم بالبينييات ميين ربكييم{ أي كيييف تقتلييون رجل ً‬
‫لكونه يقول ربي الله وقد أقام لكم البرهان على صدق ما‬
‫جاءكم به من الحق ؟ ثم تنزل معهم في المخاطبة فقييال‪:‬‬
‫}وإن يك كاذبا ً فعليه كييذبه وإن يييك صييادقا ً يصييبكم بعييض‬
‫الذي يعدكم{ يعني إذا لم يظهر لكم صييحة مييا جيياءكم بييه‬
‫فمن العقل والييرأي التييام والحييزم أن تييتركوه ونفسييه فل‬
‫تؤذوه فإن يك كاذبيا ً فييإن اللييه سييبحانه وتعييالى سيييجازيه‬
‫لخرة وإن يكن صادقا ً وقد‬ ‫على كذبه بالعقوبة في الدنيا وا َ‬
‫آذيتمييوه يصييبكم بعييض الييذي يعييدكم فييإنه يتوعييدكم إن‬
‫لخرة فمن الجائز عندكم أن‬ ‫خالفتموه بعذاب في الدنيا وا َ‬
‫يكون صادقا ً فينبغي على هذا أن ل تتعرضوا له بل اتركيوه‬
‫وقومه يدعوهم ويتبعونه‪ .‬وهكذا أخبر اللييه عييز وجييل عيين‬
‫موسييى عليييه السييلم أنييه طلييب ميين فرعييون وقييومه‬

‫‪74‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الموادعيية فييي قييوله‪} :‬ولقييد فتنييا قبلهييم قييوم فرعييون‬
‫وجاءهم رسول كريييم * أن أدوا إلييي عبيياد اللييه إنييي لكييم‬
‫رسول أمين * وأن ل تعلوا على الله إنييي آتيكييم بسييلطان‬
‫مبين * وإنييي عييذت بربييي وربكييم أن ترجمييون * وإن لييم‬
‫تؤمنوا لي فاعتزلون{ وهكذا قال رسيول الليه صيلى الليه‬
‫عليه وسلم لقريش أن يتركوه يدعو إلى اللييه تعييالى عبيياد‬
‫الله ول يمسوه بسوء ويصلوا ما بينييه وبينهييم ميين القرابيية‬
‫في ترك أذيته قال الله عييز وجييل‪} :‬قييل ل أسييألكم عليييه‬
‫أجرا ً إل المودة في القربى{ أي أن ل تييؤذوني فيمييا بينييي‬
‫وبينكم من القرابة فل تؤذوني وتتركوا بيني وبييين النيياس‪,‬‬
‫وعلى هذا وقعت الهدنية ييوم الحديبيية وكيان فتحيا ً مبينيًا‪,‬‬
‫وقوله جل وعل‪} :‬إن الله ل يهدي من هو مسرف كذاب{‬
‫أي لو كان هذا الييذي يزعييم أن اللييه تعييالى أرسييله إليكييم‬
‫كاذبا ً كما تزعميون لكيان أميره بينيا ً يظهير لكيل أحيد فيي‬
‫أقيييواله وأفعييياله فكيييانت تكيييون فيييي غايييية الختلف‬
‫والضطراب وهذا نرى أمره سديدا ً ومنهجه مستقيمًا‪ ,‬ولييو‬
‫كان من المسرفين الكذابين لما هداه الله وأرشده إلى ما‬
‫ترون من انتظام أمييره وفعلييه‪ ,‬ثييم قييال المييؤمن محييذرا ً‬
‫قومه زوال نعمة الله عنهييم وحلييول نقميية اللييه بهييم‪} :‬يييا‬
‫قوم لكم الملك اليوم ظيياهرين فييي الرض{ أي قييد أنعييم‬
‫اللييه عليكييم بهييذا الملييك والظهييور فييي الرض بالكلميية‬
‫النافذة والجاه العريييض فراعييوا هييذه النعميية بشييكر اللييه‬
‫تعالى وتصديق رسييوله صييلى اللييه عليييه وسييلم واحييذروا‬
‫نقمة الله إن كذبتم رسوله }فمن ينصرنا من بأس الله إن‬
‫جاءنا{ أي ل تغني عنكيم هيذه الجنيود وهيذه العسياكر ول‬
‫ترد عنا شيئا ً من بأس الليه إن أرادنييا بسيوء قيال فرعييون‬
‫لقييومه رادا ً علييى مييا أشييار بييه هييذا الرجييل الصييالح البييار‬
‫الراشد الذي كان أحق بالملك من فرعييون }مييا أريكييم إل‬
‫ما أرى{ أي ما أقول لكم وأشير عليكم إل ما أراه لنفسي‬
‫وقد كذب فرعون فييإنه كييان يتحقييق صييدق موسييى عليييه‬
‫السلم فيما جاء به من الرسالة }قال لقد علمت ما أنزل‬
‫هؤلء إل رب السموات والرض بصائر{ وقال الله تعييالى‪:‬‬

‫‪75‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}وجحدوا بها واسييتيقنتها أنفسييهم ظلم يا ً وعلييوًا{ فقييوله‪:‬‬
‫}ما أريكم إل ما أرى{ كذب فيه وافترى وخان الله تبييارك‬
‫وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ورعيته فغشهم وما‬
‫نصحهم وكذا قوله‪} :‬ومييا أهييديكم إل سييبيل الرشيياد{ أي‬
‫وما أدعوكم إل إلى طريييق الحييق والصييدق والرشييد وقييد‬
‫كذب أيضا ً في ذلك وإن كييان قييومه قييد أطيياعوه واتبعييوه‬
‫قال الله تبييارك وتعييالى‪} :‬فيياتبعوا أميير فرعييون ومييا أميير‬
‫فرعييون برشيييد{ وقييال جلييت عظمتييه‪} :‬وأضييل فرعييون‬
‫قومه وما هدى{ وفي الحديث »ما ميين إمييام يمييوت يييوم‬
‫يموت وهو غاش لرعيته إل لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها‬
‫ليوجد من مسيرة خمسمائة عام« واللييه سييبحانه وتعييالى‬
‫الموفييييييييييييييييييييييييييييق للصييييييييييييييييييييييييييييواب‪.‬‬

‫ل ي َيوْم ِ‬ ‫مث ْي َ‬ ‫م ّ‬ ‫ف عَل َي ْك ُي ْ‬ ‫خييا ُ‬ ‫ي أَ َ‬ ‫ن ي ََقيوْم ِ إ ِن ّي َ‬ ‫مي َ‬ ‫ل ال ّيذِيَ آ َ‬ ‫** وََقا َ‬


‫الحزاب * مث ْ َ ْ‬
‫ميين‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫مييود َ َواّلي ِ‬ ‫ح وَعَييادٍ وَث َ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ب َقيوْم ِ ن ُييو‬ ‫ل د َأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ َ ِ‬
‫َ‬
‫ف‬ ‫خييا ُ‬ ‫يأ َ‬ ‫ري يد ُ ظ ُْلم يا ً ل ّل ْعِب َييادِ * وَي ََق يوْم ِ إ ِن ّي َ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ما الل ّي ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ب َعْدِهِ ْ‬
‫ن الل ّي ِ‬
‫ه‬ ‫مي َ‬ ‫م ّ‬ ‫مييا ل َك ُي ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ري َ‬ ‫مد ْب ِ ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ت ُوَّلو َ‬ ‫م الت َّنادِ * ي َوْ َ‬ ‫م ي َوْ َ‬ ‫عَل َي ْك ُ ْ‬
‫م‬ ‫كي ْ‬ ‫جآءَ ُ‬ ‫هادٍ * وَل ََقد ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ه ِ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ضل ِ ِ‬‫من ي ُ ْ‬ ‫صم ٍ و َ َ‬ ‫عا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ه‬
‫م بِ ِ‬ ‫كي ْ‬ ‫جآَء ُ‬ ‫ما َ‬ ‫م ّ‬ ‫ك ّ‬ ‫ش ّ‬ ‫م ِفي َ‬ ‫ما زِل ْت ُ ْ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫ل ِبال ْب َي َّنا ِ‬ ‫من قَب ْ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ُيو ُ‬
‫ك‬ ‫سييول ً ك َيذ َل ِ َ‬ ‫ميين ب َعْ يدِهِ َر ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ث الل ّ ُ‬ ‫م َلن ي َب ْعَ َ‬ ‫ك قُل ْت ُ ْ‬ ‫ذا هَل َ َ‬ ‫ى إِ َ‬ ‫حت ّ َ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫ن فِ ي َ‬ ‫ُ‬
‫جييادِلو َ‬ ‫ن يُ َ‬‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ب * ال ي ِ‬ ‫مْرت َييا ٌ‬ ‫ف ّ‬ ‫سرِ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ن هُوَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ل الل ُ‬ ‫ض ّ‬ ‫يُ ِ‬
‫طا َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫عند َ ال ّ ِ‬ ‫عند َ الل ّهِ وَ ِ‬ ‫مْقتا ً ِ‬ ‫م ك َب َُر َ‬ ‫ن أَتاهُ ْ‬ ‫سل ْ َ ٍ‬ ‫ت الل ّهِ ب ِغَي ْرِ ُ‬ ‫آَيا ِ‬
‫جّبييارٍ‬ ‫مت َك َّبييرٍ َ‬ ‫ب ُ‬ ‫ل قَْليي ِ‬ ‫كييي ّ‬ ‫ى ُ‬ ‫ك ي َط َْبييعُ الّليي ُ َ‬
‫ه عَليي َ‬ ‫كييذ َل ِ َ‬ ‫مُنييوا ْ َ‬ ‫آ َ‬
‫هذا إخبار ميين اللييه عييز وجييل عيين هييذا الرجييل الصييالح‬
‫مؤمن آل فرعون أنه حذر قومه بأس الله تعالى في الدنيا‬
‫لخييرة فقييال‪} :‬يييا قييوم إنييي أخيياف عليكييم مثييل يييوم‬ ‫وا َ‬
‫الحييزاب{ أي الييذين كييذبوا رسييل الليه فييي قييديم الييدهر‬
‫كقييوم نييوح وعيياد وثمييود والييذين ميين بعييدهم ميين المييم‬
‫المكذبة كيف حييل بهييم بييأس اللييه ومييا رده عنهييم راد ول‬
‫صده عنهم صيياد }ومييا اللييه يريييد ظلم يا ً للعبيياد{ أي إنمييا‬
‫أهلكهم الله تعييالى بييذنوبهم وتكييذيبهم رسييله ومخييالفتهم‬

‫‪76‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أمره فأنفذ فيهييم قييدره ثييم قييال‪} :‬ويييا قييوم إنييي أخيياف‬
‫عليكم يوم التناد{ يعني يييوم القياميية وسييمي بييذلك‪ ,‬قييال‬
‫بعضهم لما جيياء فييي حييديث الصييور أن الرض إذا زلزلييت‬
‫وانشقت من قطر إلى قطر وماجت وارتجت فنظر الناس‬
‫إلى ذلك ذهبوا هاربين ينادي بعضييهم بعض يا ً وقييال آخييرون‬
‫منهم الضحاك بل ذلك إذا جيء بجنهم ذهب النيياس هراب يا ً‬
‫منهم فتتلقاهم الملئكة فتردهم إلييى مقييام المحشيير وهييو‬
‫قوله تعالى‪} :‬والملك علييى أرجائهييا{ وقييوله‪} :‬يييا معشيير‬
‫الجن والنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات‬
‫والرض فانفذوا ل تنفذون إل بسلطان{ وقد روي عن ابن‬
‫عباس رضي الله عنه والحسن والضحاك أنهم قييرأوا يييوم‬
‫التناد بتشديد الدال من ند البعير إذا شرد وذهب وقيل لن‬
‫الميزان عنده ملك إذا وزن عمل العبد فرجح نادى بييأعلى‬
‫صوته أل قد سييعد فلن بيين فلن سييعادة ل يشييقى بعييدها‬
‫أبدًا‪ ,‬وإن خف عمله نادى أل قد شقي فلن بن فلن وقال‬
‫قتادة‪ :‬ينادي كيل قيوم بأعميالهم‪ ,‬ينيادي أهيل الجنية أهيل‬
‫الجنة وأهل النار أهل النار‪ ,‬وقيل سمي بذلك لمناداة أهييل‬
‫الجنة أهل النار }أن قييد وجييدنا مييا وعييدنا ربنييا حقيا ً فهييل‬
‫وجدتم ما وعد ربكم حقا ً ؟ قالوا نعم{ ومنياداة أهيل النيار‬
‫أهل الجنة }أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم اللييه‬
‫قالوا إن الله حرمهما علييى الكييافرين{ ولمنيياداة أصييحاب‬
‫العراف أهل الجنة وأهل النار كما هو مييذكور فييي سييورة‬
‫العراف‪ ,‬واختار البغوي وغيره أنيه سيمي بيذلك لمجميوع‬
‫ذلك وهو قول حسن جيد‪ ,‬والله أعلم وقوله تعييالى‪} :‬يييوم‬
‫تولون مدبرين{ أي ذاهبين هيياربين }كل ل وزر إلييى بييرك‬
‫يومئذ المستقر{ ولهذا قال عز وجل‪} :‬مييا لكييم ميين اللييه‬
‫ميين عاصييم{ أي ل مييانع يمنعكييم ميين بييأس اللييه وعييذابه‬
‫}ومن يضلل الله فما له من هياد{ أي مين أضيله الليه فل‬
‫هادي له غيره‪ .‬وقوله تبارك وتعالى‪} :‬ولقد جاءكم يوسف‬
‫من قبل بالبينات{ يعني أهل مصيير وقييد بعييث اللييه فيهييم‬
‫رسول ً من قبل موسى عليه الصلة والسلم وهييو يوسييف‬
‫عليه الصلة والسلم كان عزيز أهييل مصيير وكييان رسييول ً‬

‫‪77‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يييدعو إلييى اللييه تعييالى أمتييه بالقسييط فمييا أطيياعوه تلييك‬
‫الطاعيية إل بمجييرد الييوزارة والجيياه الييدنيوي ولهييذا قييال‬
‫تعالى‪} :‬فما زلتم في شك مما جيياءكم بييه حييتى إذا هلييك‬
‫ل{ أي يئسييتم فقلتييم‬ ‫قلتم لن يبعث اللييه ميين بعييده رسييو ً‬
‫ل{ وذلك لكفرهييم‬ ‫طامعين‪} :‬لن يبعث الله من بعده رسو ً‬
‫وتكذيبهم }كذلك يضل الله مين هيو مسيرف مرتياب{ أي‬
‫كحالكم هذا يكون حال من يضله الله لسرافه في أفعيياله‬
‫وارتياب قلبه‪ ,‬ثم قال عز وجل‪} :‬الذين يجادلون في آيات‬
‫الله بغير سلطان أتاهم{ أي الذين يدفعون الحق بالباطييل‬
‫ويجادلون بالحجج بغير دليل وحجة معهييم مين الليه تعيالى‬
‫فإن الله عز وجل يمقت على ذلك أشد المقت ولهذا قييال‬
‫تعييالى‪} :‬كييبر مقتييا ً عنييد اللييه وعنييد الييذين آمنييوا{ أي‬
‫والمؤمنون أيضا ً يبغضون من تكون هييذه صييفته فييإن ميين‬
‫كانت هذه صفته يطبع الله على قلبه فل يعييرف بعييد ذلييك‬
‫معروفا ً ول ينكر منكرا ً ولهذا قال تبييارك وتعييالى‪} :‬كييذلك‬
‫يطبع اللييه علييى كييل قلييب متكييبر{ أي علييى اتبيياع الحييق‬
‫}جبييار{ وروى ابيين أبييي حيياتم عيين عكرميية وحكييي عيين‬
‫الشييعبي أنهمييا قييال‪ :‬ل يكييون النسييان جبييارا ً حييتى يقتييل‬
‫نفسين وقييال أبييو عمييران الجييوني وقتييادة‪ :‬آييية الجبييابرة‬
‫القتييييييل بغييييييير حييييييق‪ ,‬واللييييييه تعييييييالى أعلييييييم‪.‬‬

‫ل فَرعَون يهامان ابن ِلي صرحا ً ل ّعيل ّ َ‬


‫ب‬‫سَبا َ‬ ‫ي أب ْل ُغُ ال ْ‬
‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫** َوََقا َ ْ ْ ُ َ َ َ َُ ْ ِ‬
‫ى وَإ ِن ّييي لظ ُن ّي ُ‬
‫ه‬ ‫سي َ‬‫مو َ‬ ‫ى إ َِلـهِ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ت فَأطل ِعَ إ ِل َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫ب ال ّ‬ ‫سَبا َ‬‫* أ ْ‬
‫ل‬‫س يِبي ِ‬ ‫ن ال ّ‬
‫ص يد ّ عَ ي ِ‬‫مل ِهِ وَ ُ‬‫سوَُء عَ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن ل ِِفْرعَوْ َ‬ ‫ك ُزي ّ َ‬‫كيذ َل ِ َ‬‫كاِذبا ً وَ َ‬‫َ‬
‫ن إ ِل ّ ِفييييييييي ت ََبييييييييا ٍ‬
‫ب‬ ‫عييييييييوْ َ‬ ‫كيييييييييي ْد ُ فِْر َ‬ ‫مييييييييا َ‬ ‫وَ َ‬
‫يقول تعالى مخبرًاعن فرعييون وعتييوه وتمييرده وافييترائه‬
‫في تكذيبه موسى عليه الصييلة والسييلم أنييه أميير وزيييره‬
‫هامييان أن يبنييي لييه صييرحا ً وهييو القصيير العييالي المنيييف‬
‫لجيير المضييروب ميين الطييين‬ ‫الشاهق وكييان اتخيياذه ميين ا َ‬
‫المشوي كما قال تعالى‪} :‬فأوقد لي يا هامان على الطين‬
‫فاجعييل لييي صييرحًا{ ولهييذا قييال إبراهيييم النخعييي كييانوا‬

‫‪78‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لجر وأن يجعلييوه فييي قبييورهم رواه ابيين‬‫يكرهون البناء با َ‬
‫أبي حاتم‪ ,‬وقوله }لعلي أبلغ السباب أسييباب السييموات{‬
‫إلخ قال سعيد بن جبير وأبو صالح أبواب السييموات وقيييل‬
‫طييرق السييموات }فييأطلع إلييى إلييه موسييى وإنييي لظنييه‬
‫كاذبًا{ وهييذا ميين كفييره وتمييرده أنييه كييذب موسييى عليييه‬
‫الصلة والسلم في أن الله عز وجل أرسله إليه قال اللييه‬
‫تعييالى‪} :‬وكييذلك زييين لفرعييون سييوء عملييه وصييد عيين‬
‫السبيل{ أي بصنيعه هذا الذي أراد أن يوهم به الرعية أنييه‬
‫يعمل شيئا ً يتوصيل بيه إليى تكيذيب موسيى علييه الصيلة‬
‫والسلم ولهذا قال تعالى‪} :‬وما كيد فرعون إل في تباب{‬
‫قيييال ابييين عبييياس ومجاهيييد يعنيييي إل فيييي خسيييار‪.‬‬

‫شيييادِ *‬ ‫ل الّر َ‬ ‫سِبيي َ‬ ‫م َ‬ ‫كي ْ‬ ‫ن أ َهْدِ ُ‬ ‫ن ي ََقوْم ِ ات ّب ُِعو ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل ال ّذِيَ آ َ‬‫** وََقا َ‬
‫داُر‬‫ي َ‬ ‫خ يَرةَ هِي َ‬ ‫ن ال َ ِ‬‫مت َيياعٌ وَإ ِ ّ‬ ‫حي َيياةُ ال يد ّن َْيا َ‬ ‫هـيذِهِ ال ْ َ‬ ‫مييا َ‬
‫ي ََقوْم ِ إ ِن ّ َ‬
‫ل‬ ‫مييي َ‬ ‫ن عَ ِ‬ ‫مث ْل ََها وَ َ‬
‫م ْ‬ ‫جَزىَ إ ِل ّ ِ‬ ‫ة فَل َ ي ُ ْ‬ ‫سيي ّئ َ ً‬ ‫ل َ‬ ‫مي َ‬ ‫ن عَ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ال َْقيَرارِ * َ‬
‫م‬
‫ة‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫جن ّي َ‬ ‫خُلو َ‬ ‫ن فَأ ُوَْلـئ ِ َ‬
‫ك ي َد ْ ُ‬ ‫م ٌ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫ى وَهُوَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ث‬‫ْ‬ ‫ن‬ ‫كير أ َو أ ُ‬
‫من ذ َ َ ٍ ْ‬ ‫صاِلحا ً ّ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫سيييييييييييا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ِفيَهيييييييييييا ب ِغَْييييييييييييرِ ِ‬ ‫ي ُْرَزُقيييييييييييو َ‬
‫يقول المؤمن لقومه ممن تمرد وطغى وآثر الحياة الدنيا‬
‫ونسي الجبار العلى فقال لهم‪} :‬يا قييوم اتبعييوني أهييدكم‬
‫سييبيل الرشيياد{ ل كمييا كييذب فرعييون فييي قييوله‪} :‬ومييا‬
‫أهديكم إل سبيل الرشاد{ ثم زهدهم فييي الييدنيا الييتي قييد‬
‫لخرى وصييدتهم عيين التصييديق برسييول الليه‬ ‫آثروها على ا َ‬
‫موسى عليه الصيلة والسيلم فقييال‪} :‬ييا قيوم إنميا هيذه‬
‫الحياة الدنيا متاع{ أي قليلة زائلة فانية عن قريييب تييذهب‬
‫لخرة هي دار القييرار{ أي الييدار الييتي ل‬ ‫وتضمحل }وإن ا َ‬
‫زوال لها ول انتقال منها ول ظعن عنها إلى غيرهييا بييل إمييا‬
‫نعيم وإما جحيم ولهذا قال جلت عظمته‪} :‬من عمل سيئة‬
‫فل يجزى إل مثلها{ أي واحدة مثلها }وميين عمييل صييالحا ً‬
‫من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون‬
‫فيها بغير حساب{ أي ل يتقييدر بجييزاء بييل يييثيبه اللييه عييز‬

‫‪79‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وجل ثوابا ً كثيرا ً ل انقضاء له ول نفاد والله تعييالى الموفييق‬
‫للصيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييواب‪.‬‬

‫ي إ َِلى الّنارِ *‬ ‫عون َن ِ َ‬‫جاةِ وَت َد ْ ُ‬ ‫م إ َِلى الن ّ َ‬ ‫كي ْ‬ ‫عو ُ‬ ‫ي أ َد ْ ُ‬ ‫ما ل ِ َ‬ ‫** وَي ََقوْم ِ َ‬
‫م وَأ َن َيا ْ‬ ‫عْلي ٌ‬ ‫س ِلي ِبيهِ ِ‬ ‫ما ل َي ْ َ‬ ‫ك ب ِهِ َ‬‫شرِ َ‬ ‫كيُفَر ِبالل ّهِ وَأ ُ ْ‬ ‫عون َِني ل ْ‬ ‫ت َد ْ ُ‬
‫َ‬ ‫أ َد ْ ُ‬
‫ي إ ِل َي ْي ِ‬
‫ه‬ ‫عون َن ِ َ‬ ‫مييا ت َيد ْ ُ‬ ‫م أن ّ َ‬ ‫ج يَر َ‬ ‫زيزِ ال ْغَّفييارِ * ل َ َ‬ ‫ِ‬ ‫م إ َِلى ال ْعَ‬ ‫عوك ُ ْ‬
‫َ‬
‫مَرد َّنآ إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ن َ‬ ‫خَرةِ وَأ ّ‬ ‫ه د َعْوَةٌ ِفي الد ّن َْيا وَل َ ِفي ال َ ِ‬ ‫س لَ ُ‬ ‫ل َي ْ َ‬
‫ل‬ ‫مييآ أ َقُييو ُ‬ ‫ن َ‬ ‫سيت َذ ْك ُُرو َ‬ ‫ب الّنارِ * فَ َ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬
‫وأ َن ال ْمسرفين هُ َ‬
‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ ِ ِ َ‬ ‫َ ّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫صيٌر ِبال ْعَِبادِ * َفوَقاهُ‬ ‫ه بَ ِ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫مرِيَ إ َِلى الل ّهِ إ ِ ّ‬ ‫ضأ ْ‬ ‫م وَأفَوّ ُ‬ ‫كي ْ‬ ‫لَ ُ‬
‫ب*‬ ‫ذا ِ‬ ‫س يوَُء ال ْعَ ي َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ل فِْرعَيوْ َ‬ ‫حاقَ ِبآ ِ‬ ‫كيُروا ْ وَ َ‬ ‫م َ‬ ‫ما َ‬ ‫ت َ‬ ‫سي َّئا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ة‬‫سيياعَ ُ‬ ‫م ال ّ‬ ‫م ت َُقييو ُ‬ ‫ش يي ّا ً وَي َيوْ َ‬ ‫ن عَل َي ْهَييا غُيد ُوّا ً وَعَ ِ‬ ‫ضييو َ‬ ‫الن ّيياُر ي ُعَْر ُ‬
‫ب‬ ‫شييييييييييد ّ ال ْعَيييييييييي َ‬ ‫نأ َ‬ ‫َ‬ ‫خل ُييييييييييوَا ْ آ َ‬ ‫أ َد ْ ِ‬
‫ذا ِ‬ ‫ل فِْرعَييييييييييوْ َ‬
‫يقول لهم المييؤمن مييا بييالي أدعييوكم إلييى النجيياة وهييي‬
‫عبادة الله وحده ل شريك له وتصييديق رسييوله اللييه الييذي‬
‫بعثه }وتدعونني إلى النار * تدعونني لكفر بييالله وأشييرك‬
‫به ما ليييس لييي بييه علييم{ أي علييى جهييل بل دليييل }وأنييا‬
‫أدعوكم إلييى العزيييز الغفييار{ أي هييو فييي عزتييه وكبريييائه‬
‫يغفر ذنب من تاب إليه }ل جرم أنما تدعونني إليه{ يقول‬
‫حقا ً ؟ قال السدي وابن جرير معنى قوله }ل جرم{ حقييًا‪.‬‬
‫وقال الضحاك }ل جرم{ ل كذب وقال علي بن أبي طلحة‬
‫عن ابن عباس }ل جرم{ يقييول‪ :‬بلييى إن الييذي تييدعونني‬
‫إليه من الصنام والنداد }ليس له دعوة في الدنيا ول في‬
‫لخرة{ قال مجاهد‪ :‬الوثن ليييس لييه شيييء‪ ,‬وقييال قتييادة‬ ‫ا َ‬
‫يعني الوثن ل ينفع ول يضر‪ ,‬وقال السدي‪ :‬ل يجيب داعيييه‬
‫لخييرة‪ ,‬وهييذا كقييوله تبييارك وتعييالى‪:‬‬ ‫ل في الدنيا ول في ا َ‬
‫}ومن أضل ممن يدعو من دون اللييه ميين ل يسييتجيب لييه‬
‫إلى يوم القيامة وهم عن دعييائهم غييافلون ؟ * وإذا حشيير‬
‫النيياس كييانوا لهييم أعييداء وكييانوا بعبييادتهم كييافرين{ }إن‬
‫تدعوهم ل يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكييم{‬
‫لخرة فيجازي‬ ‫وقوله‪} :‬وأن مردنا إلى الله{ أي في الدار ا َ‬
‫كل ً بعمله ولهذا قال‪} :‬وأن المسرفين هم أصحاب النييار{‬

‫‪80‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أي خالدين فيها بإسرافهم وهييو شييركهم بييالله عييز وجييل‪:‬‬
‫}فستذكرون ما أقول لكم{ أي سوف تعلمييون صييدق مييا‬
‫أمرتكم به ونهيتكم عنه ونصحتكم ووضحت لكم وتتذكرونه‬
‫وتندمون حيث ل ينفع الندم }وأفوض أمري إلى اللييه{ أي‬
‫وأتوكل على الله وأستعينه وأقاطعكم وأباعدكم }إن اللييه‬
‫بصير بالعباد{ أي هو بصير بهم تعالى وتقدس فيهدي ميين‬
‫يستحق الهداية ويضييل ميين يسييتحق الضييلل ولييه الحجيية‬
‫البالغة والحكمة التامة والقدر النافذ‪ .‬وقوله تبارك وتعالى‪:‬‬
‫لخييرة‪,‬‬ ‫}فوقاه الله سيييئات مييا مكييروا{ أي فييي الييدنيا وا َ‬
‫وأما في الدنيا فنجاه الله تعالى مييع موسييى عليييه الصييلة‬
‫لخرة فبالجنة }وحاق بآل فرعون سوء‬ ‫والسلم وأما في ا َ‬
‫العذاب{ وهو الغرق في اليم ثم النقلة منه إلييى الجحيييم‪,‬‬
‫فإن أرواحهم تعرض على النييار صييباحا ً ومسيياء إلييى قيييام‬
‫الساعة فإذا كان يوم القيامة اجتمعت أرواحهم وأجسادهم‬
‫فييي النييار ولهييذا قييال‪} :‬ويييوم تقييوم السيياعة أدخلييوا آل‬
‫ل‪ ,‬وهييذه‬ ‫فرعون أشد العذاب{ أي أشده ألما ً وأعظمه نكا ً‬
‫لييية أصييل كييبير فييي اسييتدلل أهييل السيينة علييى عييذاب‬ ‫ا َ‬
‫البرزخ في القبور وهي قوله تعالى‪} :‬النار يعرضون عليهييا‬
‫غييييييييييييييييييييييييييييييدوا ً وعشيييييييييييييييييييييييييييييييًا{‪.‬‬
‫لية مكييية وقييد‬ ‫ولكن هنا سؤال وهو أنه ل شك أن هذه ا َ‬
‫استدلوا بها على عذاب القبر في البرزخ وقييد قييال المييام‬
‫أحمد حدثنا هاشم هو ابن القاسم أبو النضر حدثنا إسييحاق‬
‫بن سعيد هو ابن عمرو بن سعيد بن العيياص حييدثنا سييعيد‬
‫يعني أباه عيين عائشية رضييي اللييه عنهييا أن يهودييية كييانت‬
‫تخدمها فل تصنع عائشة رضييي اللييه عنهييا إليهييا شيييئا ً ميين‬
‫المعروف إل قالت لهييا اليهودييية وقيياك اللييه عييذاب القييبر‬
‫قالت رضي الله عنها‪ :‬فدخل رسول الله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم علي فقلت‪ :‬يا رسول الله هل للقبر عذاب قبل يوم‬
‫القياميية ؟ قييال صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬ل‪ ,‬ميين زعييم‬
‫ذلييك ؟« قييالت هييذه اليهودييية ل أصيينع إليهييا شيييئا ً ميين‬
‫المعروف إل قالت وقاك الله عذاب القبر قال صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬كذبت يهود وهم علييى الليه أكييذب ل عيذاب‬

‫‪81‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫دون يوم القياميية« ثييم مكييث بعييد ذلييك مييا شيياء اللييه أن‬
‫يمكث فخرج ذات يوم نصف النهار مشتمل ً بثييوبه محمييرة‬
‫عيناه وهو ينادي بأعلى صوته »القبر كقطع الليل المظلم‪,‬‬
‫أيها الناس لو تعلمون ما أعلم بكيتم كثيرا ً وضييحكتم قلي ً‬
‫ل‪,‬‬
‫أيها الناس اسييتعيذوا بييالله ميين عييذاب القييبر فييإن عييذاب‬
‫القبر حق« وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم‬
‫ولم يخرجيياه وروى أحمييد حييدثنا يزيييد حييدثنا سييفيان عيين‬
‫الزهييري عيين عييروة عيين عائشيية رضييي الليه عنهييا قييالت‬
‫سألتها امرأة يهودية فأعطتها فقييالت لهييا وقيياك اللييه ميين‬
‫عذاب القبر فأنكرت عائشة رضي لله عنها ذلك فلما رأت‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قالت له فقال صلى الله عليه‬
‫وسييلم »ل« قييالت عائشيية رضييي اللييه عنهييا ثييم قييال لنييا‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم بعييد ذلييك »وإنييه أوحييي‬
‫إلي أنكم تفتنون في قبوركم« وهذا أيضا ً علييى شييرطهما‪.‬‬
‫لية مكية وفيها دللة‬ ‫فيقال فما الجمع بين هذا وبين كون ا َ‬
‫لية دلييت علييى عييرض‬ ‫على عذاب البرزخ ؟ والجواب أن ا َ‬
‫الرواح على النار غدوا ً وعشيا ً في البزرخ وليس فيها دللة‬
‫على اتصال تألمها بأجسادها في القبور إذ قييد يكييون ذلييك‬
‫مختصا ً بالروح فأما حصول ذلك للجسد في البرزخ وتييألمه‬
‫بسببه فلييم يييدل عليييه إل السيينة فييي الحيياديث المرضييية‬
‫لية إنما دلت على عييذاب‬ ‫لتي ذكرها‪ .‬وقد يقال إن هذه ا َ‬
‫ا َ‬
‫الكفار في البرزخ ول يلزم من ذلك أن يعذب المؤمن فييي‬
‫قبره بذنب‪ .‬وممييا يييدل علييى ذلييك مييا رواه المييام أحمييد‬
‫حدثنا عثمان بن عمر حدثنا يونس عن الزهري عيين عييروة‬
‫عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليييه‬
‫وسلم دخل عليها وعنييدها امييراة ميين اليهييود وهييي تقييول‬
‫أشعرت أنكييم تفتنييون فييي قبييوركم‪ ,‬فارتيياع رسييول اللييه‬
‫صلى الليه علييه وسيلم وقيال‪» :‬إنميا يفتين يهيود« قيالت‬
‫عائشة رضي الله عنها فلبثنيا ليييالي ثيم قييال رسيول الليه‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬أل إنكييم تفتنييون فييي القبييور«‬
‫وقالت عائشة رضي الله عنها فكان رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسييلم بعييد يسييتعيذ ميين عييذاب القييبر‪ ,‬وهكييذا رواه‬

‫‪82‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مسلم عن هارون بن سعيد وحرملة كلهما عن ابن وهييب‬
‫عييين ييييونس بييين يزييييد اليليييي عييين الزهيييري بيييه‪.‬‬
‫لييية دلييت علييى عييذاب الرواح فييي‬ ‫وقد يقييال إن هييذه ا َ‬
‫البرزخ ول يلزم من ذلك أن يتصل في الجساد في قبورها‬
‫فلما أوحي إلييى النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم فييي ذلييك‬
‫بخصوصه استعاذ منييه واللييه سييبحانه وتعييالى أعلييم‪ .‬وقييد‬
‫روى البخيياري ميين حييديث شييعبة عيين أشييعث ابيين أبييي‬
‫الشعثاء عن أبيه عن مسروق عن عائشة رضي الله عنهييا‬
‫أن يهودية دخلت عليها فقالت نعوذ بالله من عييذاب القييبر‬
‫فسألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم عن عذاب القبر فقال صلى الله عليه وسلم‪» :‬نعييم‬
‫عذاب القبر حق« قالت عائشة رضي الله عنها‪ :‬فما رأيت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلى صلة إل تعييوذ‬
‫من عذاب القبر‪ .‬فهذا يدل على أنه بادر صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم إلى تصيديق اليهودييية فييي هيذا الخيبر وقييرر عليييه‪,‬‬
‫وفي الخبار المتقدمة أنييه أنكيير ذلييك حييتى جيياءه الييوحي‬
‫فلعلهما قضيتان والله سبحانه أعلم وأحاديث عذاب القييبر‬
‫كثيرة جدا ً وقال قتادة فييي قييوله تعييالى‪} :‬غييدوا ً وعشيييًا{‬
‫صباحا ً ومساء ما بقيت الدنيا يقال لهم يا آل فرعييون هييذه‬
‫منازلكم توبيخا ً ونقمة وصغارا ً لهم‪ ,‬وقال ابن زيد هم فيهييا‬
‫اليوم يغدى بهم ويراح إلى أن تقييوم السيياعة‪ .‬وقييال‪ :‬ابيين‬
‫أبي حاتم حدثنا أبو سعيد حدثنا المحاربي حييدثنا ليييث عيين‬
‫عبد الرحمن بن ثروان عن هذيل عن عبد الله بن مسييعود‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬إن أرواح الشهداء في أجييواف طيييور‬
‫خضر تسرح بهم في الجنة حيث شاؤوا‪ ,‬وإن أرواح ولييدان‬
‫المييؤمنين فييي أجييواف عصييافير تسييرح فييي الجنيية حيييث‬
‫شاءت فتأوي إلى قناديل معلقيية فييي العييرش‪ ,‬وإن أرواح‬
‫آل فرعون في أجواف طيور سود تغدو على جهنم وتييروح‬
‫عليها فذلك عرضها‪ ,‬وقد رواه الثوري عن أبييي قيييس عيين‬
‫الهييذيل بيين شييرحبيل ميين كلمييه فييي أرواح آل فرعييون‬
‫وكذلك قال السدي‪ .‬وفي حديث السييراء ميين رواييية أبييي‬
‫هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنييه عيين‬

‫‪83‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيه »ثم انطلق بيي‬
‫إلى خلق كثير من خلق الله رجال كييل رجييل منهييم بطنييه‬
‫مثل البيت الضخم مصفدون علييى سييابلة آل فرعييون وآل‬
‫فرعون يعرضييون علييى النييار غييدوا ً وعشيييا ً }ويييوم تقييوم‬
‫السيياعة أدخلييوا آل فرعييون أشييد العييذاب{ وآل فرعييون‬
‫كالبل المسييومة يخبطييون الحجييارة والشييجر ول يعقلييون‬
‫وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حييدثنا زيييد بيين‬
‫أخرم حدثنا عامر بن مدرك الحارثي حدثنا عتبة ي يعني ابن‬
‫يقظان ي عن قيس بن مسلم عن طارق عيين شييهاب عيين‬
‫ابن مسعود رضيي الليه عنيه عين النيبي صيلى الليه علييه‬
‫وسلم قال‪» :‬ما أحسن محسن من مسلم أو كافر إل أثابه‬
‫الله تعالى« قال قلنا يا رسول الله ما إثابة اللييه الكييافر ؟‬
‫فقال‪» :‬إن كان قد وصل رحما ً أو تصدق بصييدقة أو عمييل‬
‫حسيينة أثييابه اللييه تبييارك وتعييالى المييال والولييد والصييحة‬
‫لخرة ؟ قال صييلى اللييه‬ ‫وأشباه ذلك« قلنا فما إثابته في ا َ‬
‫عليييه وسييلم‪» :‬عييذابا ً دون العييذاب« وقييرأ }أدخلييوا آل‬
‫فرعون أشد العذاب{ ورواه البزار في مسنده عن زيد بن‬
‫أخرم ثم قال‪ :‬ل نعلم له إسنادا ً غير هذا‪ .‬وقال ابيين جرييير‬
‫حدثنا عبد الكرييم بين أبيي عميير حيدثنا حمياد بين محميد‬
‫الفزاري البلخي قال سمعت الوزاعي وسأله رجل فقييال‪:‬‬
‫رحمك الله رأينا طيورا ً تخرج من البحر تأخذ ناحية الغييرب‬
‫بيضا ً فوجا ً فوجا ً ل يعلم عددها إل الله عز وجييل فييإذا كييان‬
‫العشي رجع مثلها سودا ً قال وفطنتم إلى ذلك ؟ قال نعم‪,‬‬
‫قييال إن ذلييك الطييير فييي حواصييلها أرواح آل فرعييون‬
‫يعرضون على النار غدوا وعشيا ً فترجع إلييى وكورهييا وقييد‬
‫احترقت أرياشها وصييارت سييودا ً فينبييت عليهييا ميين الليييل‬
‫ريش أبيض ويتناثر السود ثم تغدو على النار غدوا ً وعشيييا ً‬
‫ثم ترجع إلى وكورها‪ ,‬فذلك دأبهم في الدنيا فإذا كان يييوم‬
‫القيامة قال الله تعالى‪} :‬أدخلوا آل فرعون أشد العذاب{‬
‫قال وكانوا يقولون إنهم ستمائة ألف مقاتل‪ ,‬وقييال المييام‬
‫أحمد حدثنا إسحاق حدثنا مالييك عيين نييافع عيين ابيين عميير‬
‫رضي الله عنهما قال‪ :‬قال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬

‫‪84‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسلم‪» :‬إن أحدكم إذا مييات عييرض عليييه مقعييده بالغييداة‬
‫والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة‪ ,‬وإن كييان‬
‫من أهل النار فميين أهييل النييار فيقييال هييذا مقعييدك حييتى‬
‫يبعثييك اللييه عييز وجييل إليييه يييوم القياميية« أخرجيياه فييي‬
‫الصييييييييحيحين ميييييييين حييييييييديث مالييييييييك بييييييييه‪.‬‬

‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ضيييعََفاُء ل ِل ّييي ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ن فِيييي الّنييييارِ فَي َُقيييو ُ‬ ‫جو َ‬ ‫حيييآ ّ‬ ‫** وَإ ِذ ْ ي َت َ َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ميي َ‬ ‫صيييبا ً ّ‬ ‫ن عَّنا ن َ ِ‬ ‫مغُْنو َ‬‫ل أنُتم ّ‬ ‫م ت ََبعا ً فَهَ ْ‬ ‫كيب َُروَا ْ إ ِّنا ك ُّنا ل َك ُ ْ‬ ‫ست َ ْ‬‫ا ْ‬
‫م‬ ‫حك َي َ‬ ‫ه قَيد ْ َ‬ ‫ن الّلي َ‬ ‫ل ِفيَهآ إ ِ ّ‬ ‫ست َك ْب َُروَا ْ إ ِّنا ك ُ ّ‬‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫الّنارِ * َقا َ‬
‫م‬ ‫عوا ْ َرب ّك ُ ْ‬ ‫م اد ْ ُ‬‫جهَن ّ َ‬ ‫خَزن َةِ َ‬ ‫ن ِفي الّنارِ ل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ذي‬‫ل ال ّ ِ‬‫ن ال ْعَِبادِ * وََقا َ‬ ‫ب َي ْ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ك ت َيأِتيك ُ ْ‬ ‫م ت َي ُ‬‫ب * قَييال ُوَا ْ أوَل َي ْ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ن ال ْعَي َ‬ ‫مي َ‬ ‫وميا ً ّ‬ ‫ف عَن ّييا ي َ ْ‬ ‫خّفي ْ‬ ‫يُ َ‬
‫ن‬ ‫ري َ‬ ‫كافِ ِ‬‫عاُء ال ْ َ‬ ‫ما د ُ َ‬ ‫عوا ْ وَ َ‬‫ى َقاُلوا ْ َفاد ْ ُ‬ ‫ُ ْ َ‬
‫ت َقالوا ب َل َ‬ ‫م ِبال ْب َي َّنا ِ‬ ‫سل ُك ُ ْ‬ ‫ُر ُ‬
‫ل‬‫ضيييييييييييييييييييييييييييييييل َ ٍ‬ ‫إ ِل ّ ِفيييييييييييييييييييييييييييييييي َ‬

‫يخبر تعالى عيين تحيياج أهييل النييار فييي النييار وتخاصييمهم‬


‫وفرعون وقومه من جملتهم فيقول الضييعفاء وهييم التبيياع‬
‫للذين استكبروا وهم القادة والسادة والكبراء }إنا كنا لكم‬
‫تبعًا{ أي أطعناكم فيما دعوتمونا إليه في الدنيا من الكفيير‬
‫والضلل }فهل أنتم مغنون عنا نصيبا ً من النار{ أي قسطا ً‬
‫تتحملونه عنا }قال الييذين اسييتكبروا إنييا كييل فيهييا{ أي ل‬
‫نتحمل عنكم شيئا ً كفى بنا ما عندنا وما حملنا من العييذاب‬
‫والنكال }إن اللييه قييد حكييم بييين العبيياد{ أي فقسييم بيننييا‬
‫العذاب بقدر ما يستحقه كل منييا كمييا قييال تعييالى‪} :‬قييال‬
‫لكل ضعف ولكن ل تعملون * وقال الذين في النار لخزنيية‬
‫جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما ً من العذاب{ لما علمييوا‬
‫أن الله عز وجل ل يستجيب منهم ول يستمع لييدعائهم بييل‬
‫قد قال‪} :‬اخسئوا فيها ول تكلمييون{ سييألوا الخزنيية وهييم‬
‫كالسجانين لهل النار أن يدعوا لهم الله تعييالى أن يخفييف‬
‫عن الكييافرين ولييو يوميا ً واحييدا ً ميين العييذاب فقييالت لهييم‬
‫الخزنة رادين عليهم }أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينييات ؟{‬
‫أي أو مييا قييامت عليكييم الحجييج فييي الييدنيا علييى ألسيينة‬

‫‪85‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرسل }قالوا بلى قالوا فادعوا{ أي أنتم لنفسكم فنحيين‬
‫ل ندعو لكم ول نسمع منكم ول نود خلصكم ونحيين منكييم‬
‫براء ثم نخبركم أنه سواء دعوتم أو ليم تييدعوا ل يسيتجاب‬
‫لكم ول يخفف عنكم ولهذا قالوا‪} :‬وما دعيياء الكييافرين إل‬
‫فييي ضييلل{ أي إل فييي ذهيياب ول يتقبييل ول يسييتجاب‪.‬‬

‫م‬ ‫حي َيياةِ ال يد ّن َْيا وَي َيوْ َ‬ ‫من ُييوا ْ فِييي ال ْ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫سل ََنا َوال ّ ِ‬ ‫صُر ُر ُ‬ ‫** إ ِّنا ل ََنن ُ‬
‫م‬ ‫م وَل َهُي ُ‬ ‫معْيذَِرت ُهُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مي َ‬ ‫م ل َ َينَفيعُ الظ ّييال ِ ِ‬ ‫ش يَهاد ُ * ي َيوْ َ‬ ‫م ال ْ‬ ‫ي َُقييو ُ‬
‫سى ال ْهُد َىَ وَأ َوَْرث َْنييا‬ ‫مو َ‬ ‫دارِ * وَل ََقد ْ آت َي َْنا ُ‬ ‫سوَُء ال ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ة وَل َهُ ْ‬‫ال ْل ّعْن َ ُ‬
‫ب*‬ ‫دى وَذِك ْيَرىَ ل ُوْل ِييي الل ْب َييا ِ‬ ‫ب * هُ ي ً‬ ‫ل ال ْك ِت َييا َ‬ ‫س يَراِئي َ‬ ‫ي إِ ْ‬ ‫ب َن ِي َ‬
‫ك‬ ‫مدِ َرب ّي َ‬ ‫ح ْ‬
‫ح بِ َ‬ ‫سب ّ ْ‬‫ك وَ َ‬ ‫ذنب ِ َ‬ ‫ست َغِْفيْر ل ِ َ‬ ‫حقّ َوا ْ‬ ‫ن وَعْد َ الل ّهِ َ‬ ‫صب ِْر إ ِ ّ‬ ‫َفا ْ‬
‫ت الل ّيهِ ب ِغَي ْي ِ‬
‫ر‬ ‫ي آَيا ِ‬ ‫ن فِ َ‬ ‫جادُِلو َ‬ ‫ن يُ َ‬‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫كارِ * إ ِ ّ‬ ‫ي َوال ِب ْ َ‬
‫طا َ‬
‫ش ّ‬ ‫ِبال ْعَ ِ‬
‫ه‬
‫ميييا هُييم ب ِب َييال ِِغي ِ‬ ‫م إ ِل ّ ك ِب ْيٌر ّ‬ ‫دورِهِ ْ‬ ‫صي ُ‬ ‫م ِإن فِييي ُ‬ ‫ن أت َيياهُ ْ‬ ‫سل ْ َ ٍ‬ ‫ُ‬
‫صييييييُر‬ ‫ميعُ ال ْب َ ِ‬ ‫سييييي ِ‬ ‫هيييييوَ ال ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫سيييييت َعِذ ْ ِبيييييالل ّهِ إ ِّنيييييي ُ‬ ‫َفا ْ‬
‫قد أورد أبو جعفر بن جرير رحمه الله تعييالى عنييد قييوله‬
‫تعالى‪} :‬إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا فييي الحييياة الييدنيا{‬
‫سييؤال ً فقييال قييد علييم أن بعييض النبييياء عليهييم الصييلة‬
‫والسلم قتله قومه بالكلية كيحيى وزكرييا وشيعياء ومنهيم‬
‫من خرج من بين أظهرهم إما مهاجرا ً كإبراهيم‪ ,‬وإميا إليى‬
‫السماء كعيسى فأين النصرة في الدنيا ثم أجاب عن ذلييك‬
‫بجوابين )أحدهما( أن يكون الخبر خييرج عام يا ً والمييراد بييه‬
‫البعض قال وهذا سائغ في اللغة )الثاني( أن يكون المييراد‬
‫بالنصيير والنتصييار لهييم مميين آذاهييم وسييواء كييان ذلييك‬
‫بحضرتهم أو في غيبهم أو بعد موتهم كما فعل بقتلة يحيى‬
‫وزكريييا وشييعياء سييلط عليهييم ميين أعييدائهم ميين أهييانهم‬
‫وسفك دماءهم وقد ذكر أن النمرود أخذه الله تعييالى أخييذ‬
‫عزيز مقتدر‪ ,‬وأما الذين راموا صلب المسيح عليه السييلم‬
‫ميين اليهييود فسييلط اللييه تعييالى عليهييم الييروم فأهييانوهم‬
‫وأذلوهم وأظهرهم الله تعالى عليهم ثم قبل يييوم القياميية‬
‫سينزل عيسى بن مريم عليه الصلة والسلم إماما ً عييادل ً‬
‫وحكما ً مقسطا ً فيقتل المسيح الدجال وجنوده ميين اليهييود‬

‫‪86‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ويقتل الخنزير ويكسر الصليب‪ ,‬ويضع الجزييية فل يقبييل إل‬
‫السلم وهذه نصرة عظيميية وهييذه سيينة اللييه تعييالى فييي‬
‫خلقه في قديم الدهر وحييديثه أنيه ينصيير عبيياده المييؤمنين‬
‫في الدنيا ويقر أعينهم ممن آذاهييم ففييي صييحيح البخيياري‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم أنه قال‪» :‬يقول الله تبارك وتعالى ميين عييادى‬
‫لخيير‪» :‬إنييي‬ ‫لي وليا ً فقد بارزني بالحرب« وفي الحييديث ا َ‬
‫لثأر لوليائي كما يثأر الليث بالحرب« ولهذا أهلك الله عييز‬
‫وجل قوم نوح وعيياد وثمييود وأصييحاب الييرس وقيوم ليوط‬
‫وأهييل مييدين وأشييباههم وأضييرابهم مميين كييذب الرسييل‬
‫وخالف الحق‪ .‬وأنجى الله تعالى من بينهم المييؤمنين فلييم‬
‫يهلك منهم أحدا ً وعذب الكافرين فلييم يفلييت منهييم أحييدًا‪,‬‬
‫قال السدي لم يبعث الله عز وجل رسييول ً قييط إلييى قييوم‬
‫فيقتلونه أو قوما ً من المؤمنين يدعون إلى الحق فيقتلييون‬
‫فيذهب ذلك القرن حتى يبعث الله تبارك وتعالى لهم ميين‬
‫ينصرهم فيطلب بدمائهم ممن فعيل ذليك بهيم فيي اليدنيا‬
‫قال فكييانت النبييياء والمؤمنييون يقتلييون فييي الييدنيا وهييم‬
‫منصورون فيها‪ .‬وهكذا نصيير الليه نييبيه محمييدا ً صيلى الليه‬
‫عليه وسلم وأصحابه على من خالفه وناوأه وكذبه وعيياداه‬
‫فجعييل كلمتييه هييي العليييا ودينييه هييو الظيياهر علييى سييائر‬
‫الديان‪ ,‬وأمره بالهجرة من بين ظهراني قومه إلى المدينة‬
‫النبوية وجعيل ليه فيهيا أنصيارا ً وأعوانيًا‪ ,‬ثيم منحييه أكتيياف‬
‫المشييركين يييوم بييدر فنصييره عليهييم وخييذلهم لييه وقتييل‬
‫صناديديهم‪ ,‬وأسر سراتهم فاستاقهم مقرنين في الصفاد‪,‬‬
‫ن عليهم بأخذه الفداء منهم ثم بعييد مييدة قريبيية فتييح‬ ‫ثم م ّ‬
‫عليه مكة فقرت عينييه ببلييده وهييو البلييد المحييرم الحييرام‬
‫المشرف المعظم فأنفذه الله تعالى به مما كان فيييه ميين‬
‫الكفر والشرك وفتح له اليميين ودانييت لييه جزيييرة العييرب‬
‫بكاملها ودخل الناس في دين الله أفواجًا‪ ,‬ثييم قبضييه اللييه‬
‫تعالى إليه لما له عنده من الكراميية العظيميية فأقييام اللييه‬
‫تبارك وتعالى أصحابه خلفاء بعده فبلغوا عنه دين الله عييز‬
‫وجل ودعوا عباد الليه تعييالى إليى الليه جييل وعل‪ ,‬وفتحيوا‬

‫‪87‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫البلد والرساتيق والقاليم والمدائن والقرى والقلوب حتى‬
‫انتشرت الدعوة المحمدية فييي مشييارق الرض ومغاربهييا‪.‬‬
‫ثييم ل يييزال هييذا الييدين قائميا ً منصييورا ً ظيياهرا ً إلييى قيييام‬
‫الساعة ولهذا قال تعالى‪} :‬إنا لننصر رسيلنا والييذين آمنيوا‬
‫في الحييياة الييدنيا ويييوم يقييوم الشييهاد{ أي يييوم القياميية‬
‫تكون النصرة أعظم وأكييبر وأجييل‪ ,‬قييال مجاهييد‪ :‬الشييهاد‬
‫الملئكة‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬يوم ل ينفع الظالمين معييذرتهم{‬
‫بدل من قوله‪} :‬ويوم يقييوم الشييهاد{ وقييرأ آخييرون يييوم‬
‫بالرفع كأنه فسره بييه }ويييوم يقييوم الشييهاد يييوم ل ينفييع‬
‫الظالمين{ وهم(المشركون }معذرتهم{ أي ل يقبل منهييم‬
‫عييذر ول فدييية }ولهييم اللعنيية{ أي البعيياد والطييرد ميين‬
‫الرحمة }ولهم سوء الدار{ وهي النييار قيياله السييدي بئس‬
‫المنزل والمقيل‪ ,‬وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عبيياس‬
‫رضي اللييه عنهمييا }ولهييم سييوء الييدار{ أي سييوء العاقبيية‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ولقد آتينا موسى الهدى{ وهو ما بعثه اللييه‬
‫عييز وجييل بييه ميين الهييدى والنييور }وأورثنييا بنييي إسييرائيل‬
‫الكتيياب{ أي جعلنييا لهييم العاقبيية وأورثنيياهم بلد فرعييون‬
‫وأمواله وحواصله وأرضه بما صبروا على طاعة الله تبارك‬
‫وتعالى واتباع رسوله موسى عليييه الصييلة والسييلم وفييي‬
‫الكتاب الييذي أورثييوه وهييو التيوارة }هيدى وذكييرى لوليي‬
‫اللباب{ وهي العقول الصحيحة السليمة‪ .‬وقوله عز وجل‪:‬‬
‫}فاصبر{ أي يا محمد }إن وعد الله حق{ أي وعدناك أنييا‬
‫سنعلي كلمتك ونجعييل العاقبيية لييك ولميين اتبعييك واللييه ل‬
‫يخلف الميعاد وهذا الذي أخبرناك به حييق ل مرييية فيييه ول‬
‫شك وقوله تبارك وتعالى‪} :‬واسييتغفر لييذنبك{ هييذا تهييييج‬
‫للمة على الستغفار }وسبح بحمد ربك بالعشي{ أي فييي‬
‫أواخر النهييار وأوائل الليييل }والبكييار{ وهييي أوائل النهييار‬
‫وأواخر الليل‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬إن الذين يجادلون في آيييات‬
‫اللييه بغييير سييلطان أتيياهم{ أي يييدفعون الحييق بالباطييل‬
‫ويردون الحجييج الصييحيحة بالشييبه الفاسييدة بل برهييان ول‬
‫حجة من الله }إن في صدورهم إل كبر ما هم ببالغيه{ أي‬
‫ما في صييدورهم إل كييبر علييى اتبيياع الحييق واحتقييار لميين‬

‫‪88‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جيياءهم بييه وليييس مييا يرومييونه ميين إخميياد الحييق وإعلء‬
‫الباطييل بحاصييل لهييم بييل الحييق هييو المرفييوع وقييولهم‬
‫وقصدهم هو الموضوع }فاستعذ بالله{ أي من حييال مثييل‬
‫هؤلء }إنه هييو السييميع البصييير{ أو مين شير مثيل هييؤلء‬
‫المجادلين في آيييات اللييه بغييير سييلطان هييذا تفسييير ابيين‬
‫جريييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييير‪.‬‬
‫لييية فييي اليهييود }إن‬ ‫وقال كعب وأبو العالية نزلت هذه ا َ‬
‫الذين يجادلون في آيييات اللهبغييير سييلطان أتيياهم إن فييي‬
‫صدورهم إل كبر ما هم ببالغيه{ قال أبو العالية وذلك أنهم‬
‫ادعوا أن الدجال منهم وأنهم يملكون به الرض فقال اللييه‬
‫تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم آمرا ً له أن يسييتعيذ ميين‬
‫فتنة الدجال ولهذا قال عز وجيل‪} :‬فاسيتعذ بيالله إنيه هيو‬
‫السميع البصير{ وهذا قول غريب وفيييه تعسييف بعيييد وإن‬
‫كييان قييد رواه ابيين أبييي حيياتم فييي كتييابه‪ ,‬واللييه سييبحانه‬
‫وتعيييييييييييييييييييييييييييييييالى أعليييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬

‫ن‬‫س وََلـييك ِ ّ‬ ‫ق الّنا ِ‬ ‫خل ِ‬


‫ن َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ت َوالْرض أ َ ْ‬
‫كيب َُر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫خل ْقُ ال ّ‬
‫** ل َ َ‬
‫ِ‬
‫صيييُر‬ ‫ى َوال ْب َ ِ‬‫م َ‬ ‫عيي َ‬
‫وي ال ْ‬ ‫سيت َ ِ‬
‫مييا ي َ ْ‬ ‫ن * وَ َ‬ ‫مييو َ‬ ‫س ل َ ي َعْل َ ُ‬‫كيث ََر الّنا ِ‬ ‫أَ ْ‬
‫مييا‬‫يُء قَِليي يل ً ّ‬ ‫سي َ‬‫م ِ‬ ‫ت وَل َ ال ْ ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫صييال ِ َ‬‫مل ُييوا ْ ال ّ‬ ‫من ُييوا ْ وَعَ ِ‬
‫نآ َ‬‫ذي َ‬ ‫َوال ّي ِ‬
‫ن أ َك ْث َيَر‬ ‫ب ِفيهَييا وََلـيك ِ ّ‬ ‫ة ل ّ َري ْي َ‬ ‫ة ل َت َِييي ٌ‬
‫سيياعَ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن * إِ ّ‬ ‫ت َت َيذ َك ُّرو َ‬
‫ن‬‫مُنييييييييييييييييييييييييييييو َ‬ ‫س ل َ ي ُؤْ ِ‬ ‫الّنييييييييييييييييييييييييييييا ِ‬
‫يقول تعالى منبها ً على أنه يعيد الخلئق يوم القياميية وأن‬
‫ذلك سهل عليه يسير لييديه بييأنه خلييق السييموات والرض‬
‫وخلقهما أكبر من خلق الناس بدأة وإعادة فمن قدر علييى‬
‫ذلك فهو قادر على ما دونه بطريييق الولييى والحييرى كمييا‬
‫قال تعييالى‪} :‬أو لييم يييروا أن اللييه الييذي خلييق السييموات‬
‫والرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى‬
‫إنه على كل شيء قدير{ وقييال ههنييا‪} :‬لخلييق السييموات‬
‫والرض أكييبر ميين خلييق النيياس ولكيين أكييثر النيياس ل‬
‫يعلمون{ فلهذا ل يتدبرون هييذه الحجيية ول يتأملونهييا كمييا‬
‫كييان كييثير ميين العييرب يعييترفون بييأن اللييه تعييالى خلييق‬

‫‪89‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السموات والرض وينكرون المعاد استبعادا ً وكفرا ً وعنييادا ً‬
‫وقد اعترفوا بما هو أولى مما أنكروا ثم قال تعالى‪} :‬ومييا‬
‫يستوي العمى والبصير والذين آمنييوا وعملييوا الصييالحات‬
‫ول المسيء قليل ً ما تتذكرون{ أي كما ل يسييتوي العمييى‬
‫الذي ل يبصر شيئا ً والبصير الذي يرى ما انتهى إليه بصره‪,‬‬
‫بل بينهما فرق عظيم كييذلك ل يسييتوي المؤمنييون البييرار‬
‫والكفرة الفجار }قليل ً ما تتذكرون{ أي ما أقييل مييا يتييذكر‬
‫لتييية{ أي‬ ‫كثير من النيياس ثييم قييال تعييالى‪} :‬إن السيياعة َ‬
‫لكائنة وواقعة }ل ريب فيها ولكن أكثر الناس ل يؤمنييون{‬
‫أي ل يصدقون بها بل يكذبون بوجودها‪ .‬قال ابن أبي حاتم‬
‫حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم حدثنا أشهب حدثنا‬
‫مالك عن شيخ قديم من أهييل اليميين قييدم ميين ثييم قييال‪:‬‬
‫سمعت أن الساعة إذا دنت اشتد البلء على الناس واشتد‬
‫حيييييييييييير الشييييييييييييمس‪ ,‬واللييييييييييييه أعلييييييييييييم‪.‬‬

‫عون ِ َ‬
‫سييت َك ْب ُِرو َ‬
‫ن‬ ‫ن يَ ْ‬‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬
‫م إِ ّ‬ ‫ج ْ‬ ‫ست َ ِ‬
‫يأ ْ‬ ‫َ‬ ‫م اد ْ ُ‬ ‫ل َرب ّ ُ‬
‫كي ْ‬ ‫** وََقا َ‬
‫ن‬‫رييييييي َ‬ ‫خ ِ‬‫دا ِ‬
‫م َ‬ ‫جهَّنيييييي َ‬‫ن َ‬ ‫خُلو َ‬ ‫سييييييي َد ْ ُ‬ ‫عَبيييييياد َِتي َ‬ ‫ن ِ‬‫عيييييي ْ‬
‫َ‬
‫هذا من فضله تبارك وتعالى وكرمه أنه ندب عبيياده إلييى‬
‫دعائه وتكفل لهم بالجابة كما كان سفيان الثييوري يقييول‪:‬‬
‫يا من أحب عباده إليه ميين سييأله فييأكثر سييؤاله‪ ,‬ويييا ميين‬
‫أبغض عباده إليه من لم يسأله وليس أحد كذلك غيييرك يييا‬
‫رب‪ .‬رواه ابن أبي حاتم وفي هذا المعنييى يقييول الشيياعر‪:‬‬
‫ي آدم حييين يسييأل يغضييب‬ ‫الله يغضب إن تركت سؤالهوب ُن َ ّ‬
‫وقال قتادة‪ :‬قال كعب الحبار أعطيت هذه المة ثلثا ً لم‬
‫تعطهن أمة قبلها ول نبي‪ :‬كان إذا أرسل الله نبييا ً قيال ليه‬
‫أنت شاهد على أمتك وجعلتكم شهداء على الناس‪ ,‬وكييان‬
‫يقال له ليس عليك في الدين من حرج وقال لهييذه الميية‪:‬‬
‫}وما جعل عليكم فيي الييدين مين حيرج{ وكييان يقييال ليه‬
‫ادعني أستجب لييك وقييال لهييذه الميية }ادعييوني أسييتجب‬
‫لكم{ رواه ابن أبي حاتم‪ .‬وقال المام الحييافظ أبييو يعلييى‬
‫أحمد بن علي بن المثنى الموصلي في مسنده‪ :‬حدثنا أبييو‬

‫‪90‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إبراهيييم الترجميياني حييدثنا صييالح المييّري قييال‪ :‬سييمعت‬
‫الحسن يحدث عن أنييس بيين مالييك رضييي اللييه عنييه عيين‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربييه عييز وجييل‬
‫قال‪» :‬أربع خصال واحدة منهن لييي وواحييدة لييك وواحييدة‬
‫بيني وبينك وواحدة فيما بينك وبين عبادي‪ ,‬فأمييا الييتي لييي‬
‫فتعبدني ل تشرك بي شيئا ً وأما التي لك علي فمييا عملييت‬
‫من خير جزيتك بييه وأمييا الييتي بينييي وبينييك فمنييك الييدعاء‬
‫وعلي الجابة وأما التي بينك وبين عبييادي فييارض لهييم مييا‬
‫ترضى لنفسييك«‪ .‬وقييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا أبييو معاوييية‬
‫حدثنا العمش عن ذر عن يسيع الكندي عيين النعمييان بيين‬
‫بشير رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪» :‬إن الدعاء هو العبادة« ثم قرأ }ادعيوني أسيتجب‬
‫لكم إن الييذين يسييتكبرون عيين عبييادتي سيييدخلون جهنييم‬
‫داخرين{ وهكذا رواه أصحاب السيينن الترمييذي والنسييائي‬
‫وابن ماجه وابن أبي حيياتم وابيين جرييير كلهييم ميين حييديث‬
‫العمش به‪ .‬وقال الترمذي‪ :‬حسن صييحيح ورواه أبييو داود‬
‫والترمذي والنسائي وابن جرير أيضا ً من حديث شعبة عيين‬
‫المنصور والعمش كلهما عن ذر به‪ ,‬وكذا رواه ابن يونس‬
‫عن أسيد بين عاصيم بيين مهييران حيدثنا النعمييان بيين عبييد‬
‫السلم حدثنا سفيان الثوري عن منصور عن ذر بييه‪ ,‬ورواه‬
‫ابن حبان والحيياكم فييي صييحيحيهما وقييال الحيياكم صييحيح‬
‫السناد‪ .‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا وكيييع أبييو مليييح المييدني‬
‫شيخ من أهل المدينة سييمعه عيين أبييي صييالح وقييال مييرة‬
‫سمعت أبا صالح يحدث عن أبييي هريييرة رضييي اللييه عنييه‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬من لم يييدع‬
‫الله عز وجل غضب عليه« تفييرد بييه أحمييد وهييذا إسييناد ل‬
‫بأس به‪ ,‬وقال المام أحمد أيض يًا‪ :‬حييدثنا مييروان الفييزاري‬
‫حدثنا صبيح أبو المليح سمعت أبييا صييالح يحييدث عيين أبييي‬
‫هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسييلم‪» :‬ميين‬
‫ل يسأله يغضب عليه« قال ابن معين أبو المليح هذا اسمه‬
‫صبيح كذا قيده بالضم عبد الغني بن سعيد وأما أبييو صييالح‬
‫هذا فهييو الخييوزي سييكن شييعب الخييوز‪ ,‬قيياله الييبزار فييي‬

‫‪91‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مسنده‪ ,‬وكذا وقع في روايته أبو المليح الفارسي عن أبييي‬
‫صالح الخوزي عن أبي هريرة رضييي الليه عنييه قييال‪ :‬قييال‬
‫رسول الله صلى الله علييه وسيلم‪» :‬ميين ليم يسيأل الليه‬
‫يغضب عليه« وقال أبو محمييد الحسيين بيين عبييد الرحميين‬
‫الرامهرمزي‪ :‬حدثنا همام حدثنا إبراهيم عن الحسن حييدثنا‬
‫نائل بن نجيح حدثني عائذ بن حبيب عن محمييد بيين سييعيد‬
‫قال‪ :‬لما مات محمد بن مسلمة النصاري وجدنا في ذؤابة‬
‫سيفه كتابا ً باسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسييلم يقييول‪» :‬إن لربكييم فييي بقييية أيييام‬
‫دهركم نفحات فتعرضوا لييه لعييل دعييوة أن توافييق رحميية‬
‫فيسعد بها صاحبها سعادة ل يخسر بعدها أبدًا«‪ .‬وقوله عز‬
‫وجل‪} :‬إن الذين يستكبرون عن عبادتي{ أي عيين دعييائي‬
‫وتوحيدي سيدخلون جهنييم داخرييين أي صيياغرين حقيرييين‬
‫كما قييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا يحيييى بيين سييعيد عيين ابيين‬
‫عجلن حدثني عمرو بيين شيعيب عيين أبييه عيين جييده عيين‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬يحشر المتكييبرون يييوم‬
‫القيامة أمثال الذر في صور الناس يعلوهم كل شيييء ميين‬
‫الصييغار حييتى يييدخلوا سييجنا ً فييي جهنييم يقييال لييه بييولس‬
‫تعلوهم نار النيار يسقون من طينيية الخبييال عصييارة أهييل‬
‫النار«‪ .‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا علي بن الحسييين حييدثنا‬
‫أبو بكر بن محمد بن يزييد بين خنيييس قيال‪ :‬سيمعت أبيي‬
‫يحدث عن وهيب بن الورد حدثني رجل قييال‪ :‬كنييت أسييير‬
‫ذات يوم في أرض الروم فسييمعت هاتفيا ً ميين فييوق رأس‬
‫الجبل وهو يقول‪ :‬يا رب عجبييت لميين عرفييك كيييف يرجييو‬
‫أحدا ً غيرك يا رب عجبت لمن عرفك كيف يطلب حييوائجه‬
‫إلى أحد غيرك‪ .‬قال ثم ذهبت ثييم جيياءت الطاميية الكييبرى‬
‫قال ثم عاد الثانية فقال يا رب عجبييت لميين عرفييك كيييف‬
‫يتعرض لشيء من سخطك يرضي غيرك قال وهيب وهذه‬
‫الطامة الكبرى‪ ,‬قال فناديته أجني أنت أم إنسي ؟ قال بل‬
‫إنسيييي اشيييغل نفسيييك بميييا يعنييييك عميييا ل يعنييييك‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صيرا ً‬ ‫مب ْ ِ‬ ‫سك ُُنوا ْ ِفيهِ َوالن َّهياَر ُ‬ ‫ل ل ِت َ ْ‬ ‫م الل ّي ْ َ‬ ‫ل ل َك ُ ُ‬ ‫جع َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫** الل ّ ُ‬
‫س لَ‬ ‫كي يث ََر الن ّييا ِ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫س وََلـ يك ِ ّ‬ ‫ل عَلييى الن ّييا ِ‬
‫ضي ٍ َ‬ ‫ذو فَ ْ‬ ‫ه ل َي ُ‬ ‫ن الل ّي َ‬ ‫إِ ّ‬
‫ه إ ِل ّ‬ ‫يٍء ل ّ إ َِلـيي َ‬ ‫شيي ْ‬ ‫ل َ‬ ‫كي ّ‬ ‫خال ِقُ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه َرّبيك ُ ْ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫كي ُ‬ ‫ن * ذ َل ِ ُ‬ ‫شك ُُرو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫َ‬
‫ت الل ّي ِ‬
‫ه‬ ‫ن ك َيياُنوا ْ ِبآي َييا ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ال ّي ِ‬ ‫ك ي ُؤْفَي ُ‬ ‫ن * ك َذ َل ِ َ‬ ‫كو َ‬ ‫ى ت ُؤْفَ ُ‬ ‫هُوَ فَأن ّ َ‬
‫مآَء‬ ‫سيي َ‬ ‫ض َقيييَرارا ً َوال ّ‬ ‫م الْر َ‬ ‫كي ُ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫جَعي َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫ن * الل ّ ُ‬ ‫دو َ‬ ‫ح ُ‬‫ج َ‬ ‫يَ ْ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫ن الط ّي ّب َييا ِ‬ ‫مي َ‬ ‫م ّ‬ ‫كي ي ْ‬ ‫م وََرَزقَ ُ‬ ‫كي ي ْ‬ ‫صوََر ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫م فَأ ْ‬ ‫كي ْ‬ ‫صوَّر ُ‬ ‫ب َِنيآًء وَ َ‬
‫ي لَ‬ ‫حي ّ‬ ‫ن * هُوَ ال ْ َ‬ ‫مي َ‬ ‫ب ال َْعال َ ِ‬ ‫ه َر ّ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫م فََتيَباَر َ‬ ‫كي ْ‬ ‫ه َرب ّ ُ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ذ َل ِك ُ ُ‬
‫ب‬ ‫مد ُ لّليهِ َر ّ‬ ‫حيي ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫دي َ‬ ‫ه الي ّ‬ ‫ن َلي ُ‬ ‫صيي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عوهُ ُ‬ ‫هيوَ َفيياد ْ ُ‬ ‫ه إ ِل ّ ُ‬ ‫إ َِلـ َ‬
‫ن‬
‫مي َ‬ ‫ال َْعيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييال َ ِ‬
‫يقول تعالى ممتنا ً على خلقييه بمييا جعييل لهييم ميين الليييل‬
‫الذي يسكنون فيه يسييتريحون ميين حركييات ترددهييم فييي‬
‫المعايش بالنهار وجعل النهار مبصييرا ً أي مضيييئا َ ليتصييرفوا‬
‫فيه بالسفار وقطع القطار والتمكين ميين الصييناعات }إن‬
‫الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس ل يشييكرون{‬
‫أي ل يقومون بشكر نعم الله عليهييم‪ ,‬ثييم قييال عييز وجييل‪:‬‬
‫}ذلكم الله ربكم خالق كل شيء ل إلييه إل هييو{ أي الييذي‬
‫فعل هذه الشياء هو الله الواحد الحد خالق الشياء الييذي‬
‫ل إلييه غيييره ول رب سييواه }فييأنى تؤفكييون{ أي فكيييف‬
‫تعبدون من الصنام التي ل تخلييق شيييئا ً بييل هييي مخلوقيية‬
‫منحوتيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييية‪.‬‬
‫وقوله عز وجل‪} :‬كيذلك يؤفيك اليذين كيانوا بآييات الليه‬
‫يجحدون{ أي كما ضل بعبادة غير الليه كيذلك أفيك اليذين‬
‫ميين قبلهييم فعبييدوا غيييره بل دليييل ول برهييان بييل بمجييرد‬
‫الجهل والهوى‪ .‬وجحييدوا حجييج اللييه وآييياته وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}اللييه الييذي جعييل لكييم الرض قييرارًا{ أي جعلهييا لكييم‬
‫مسييتقرا ً بسيياطا ً مهييادا ً تعيشييون عليهييا وتتصييرفون فيهييا‬
‫وتمشييون فييي مناكبهييا وأرسيياها بالجبييال لئل تميييد بكييم‬
‫}والسييماء بنيياء{ أي سييقفا ً للعييالم محفوظ يا ً }وصييوركم‬
‫فأحسيين صييوركم{ أي فخلقكييم فييي أحسيين الشييكال‬
‫ومنحكم أكمل الصييور فييي أحسيين تقييويم }ورزقكييم ميين‬
‫الطيبات{ أي من المآكل والمشارب في الييدنيا فيذكر أنيه‬
‫خالق الدار والسكان والرزاق فهو الخالق الرازق كما قال‬

‫‪93‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تعالى في سورة البقرة‪} :‬يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي‬
‫خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون * الذي جعييل لكييم‬
‫الرض فراشا ً والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فييأخرج‬
‫به ميين الثمييرات رزقيا ً لكييم فل تجعلييوا اللييه أنييدادا ً وأنتييم‬
‫تعلمون{‪ .‬وقال تعالى ههنا بعد خلق هذه الشياء‪} :‬ذلكييم‬
‫الله ربكم فتبارك الله رب العالمين{ أي فتعييالى وتقييدس‬
‫وتنزه رب العالمين كلهم ثم قال تعالى‪} :‬هو الحييي ل إلييه‬
‫إل هو{ أي هو الحي أزل ً وأبدا ً لم يزل ول يزال وهييو الول‬
‫لخر والظاهر والباطن }ل إله إل هو{ أي ل نظير له ول‬ ‫وا َ‬
‫عديل }فادعوه مخلصين له الدين{ أي موحدين له مقرين‬
‫بأنه ل إله إل هو الحمد لله رب العالمين‪ .‬قال ابيين جرييير‪:‬‬
‫كان جماعة من أهل العلم يأمرون من قال ل إلييه إل اللييه‬
‫لييية‪ .‬ثييم‬‫أن يتبعها بالحمييد للييه رب العييالمين عمل ً بهييذه ا َ‬
‫روي عن محمد بن علي بن الحسيين بيين شييقيق عيين أبيييه‬
‫عن الحسين بن واقد عن العمييش عيين مجاهييد عيين ابيين‬
‫عباس قال‪ :‬من قال ل إله إل الله فليقل على أثرها الحمد‬
‫لله رب العالمين وذلك قوله تعالى‪} :‬فادعوه مخلصين لييه‬
‫الدين الحمد لله رب العييالمين{ وقييال أبييو أسييامة وغيييره‬
‫عن إسماعيل بن أبي خالييد عيين سييعيد بيين جييبير قييال إذا‬
‫قرأت }فادعو الله مخلصين له الدين{ فقل ل إله إل اللييه‬
‫وقل على أثرها الحمد لله رب العالمين ثم قييرأ }فييادعوه‬
‫مخلصين له الدين الحمد لله رب العييالمين{‪ .‬قييال المييام‬
‫أحمد‪ :‬حدثنا ابن نمير حييدثنا هشييام يعنييي ابيين عييروة بيين‬
‫الزبير عن أبي الزبير محمد بن مسلم بن بدر المكي قييال‬
‫كان عبد الله بن الزبير يقول في دبر كل صلة حين يسلم‬
‫ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ,‬له الملك وله الحمد وهييو‬
‫على كل شيء قدير ل حول ول قوة إل بالله‪ ,‬ل إله إل الله‬
‫ول نعبد إل إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن‪ ,‬ل‬
‫إله إل الله مخلصييين لييه الييدين ولييو كييره الكييافرون قييال‬
‫وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل بهن دبيير كييل‬
‫صييلة ورواه مسييلم وأبييو داود والنسييائي ميين طييرق عيين‬
‫هشام بن عروة وحجاج بن أبي عثمان وموسى بيين عقبيية‬

‫‪94‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ثلثتهم عن أبي الزبير عن عبد الله بيين الزبييير قييال‪ :‬كييان‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دبر كل صييلة‬
‫»ل إليييه إل الليييه وحيييده ل شيييريك ليييه« وذكييير تميييامه‪.‬‬

‫ل إني نهيت أ َ َ‬
‫مييا‬ ‫ن الّلييهِ ل َ ّ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ت َد ْ ُ‬‫ذي َ‬ ‫ن أعْب ُد َ ال ّ ِ‬ ‫** قُ ْ ِ ّ ُ ِ ُ ْ‬
‫جآَءن ِي ال ْبينات من ربي وأ ُمرت أ َ ُ‬
‫ن*‬ ‫مي َ‬ ‫ب ال َْعييال َ ِ‬ ‫م ل َِر ّ‬ ‫سل ِ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫َ ِ ْ ُ ْ‬ ‫َ ََّ ُ ِ ّ ّ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ن عَل ََق يةٍ ث ُي ّ‬ ‫مي ْ‬ ‫م ِ‬ ‫من ن ّط َْفةٍ ث ُ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ب ثُ ّ‬ ‫من ت َُرا ٍ‬ ‫م ّ‬ ‫خل ََقك ُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫هُوَ ال ّ ِ‬
‫شيُيوخا ً‬ ‫كيييوُنوا ْ ُ‬ ‫م ل ِت َ ُ‬‫م ث ُي ّ‬ ‫كيي ْ‬ ‫شد ّ ُ‬ ‫م ل َِتييب ْل ُغُوَا ْ أ َ ُ‬‫م ط ِْفل ً ث ُي ّ‬ ‫جك ُي ْ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫مى وَل َعَّلي يك ُ ْ‬ ‫سي ّ‬ ‫م َ‬ ‫جل ً ّ‬ ‫ل وَل ِت َب ْل ُغُ يوَا ْ أ َ‬ ‫من قَب ْ ُ‬ ‫ى ِ‬‫َ‬ ‫من ي ُت َوَفّ‬ ‫م ّ‬ ‫منك ُ ْ‬‫وَ ِ‬
‫َ‬
‫مييا‬ ‫مييرا ً فَإ ِن ّ َ‬‫ىأ ْ‬ ‫ضي َ‬ ‫ذا قَ َ‬ ‫ت ف َ يإ ِ َ‬ ‫مي ُ‬ ‫حِييي وَي ُ ِ‬ ‫ذي ي ُ ْ‬ ‫ن * هُوَ ال ّ ِ‬ ‫ت َعِْقُلو َ‬
‫ن‬
‫كيييييييييييييو ُ‬ ‫كييييييييييييين في َ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ل َلييييييييييييي ُ‬ ‫ي َُقيييييييييييييو ُ‬
‫يقول تبارك وتعالى قل يييا محمييد لهييؤلء المشييركين إن‬
‫الله عز وجل ينهى أن يعبد أحد سواه من الصنام والنييداد‬
‫والوثان وقد بين تبارك وتعالى أنه ل يستحق العبييادة أحييد‬
‫سواه في قوله جلت عظمته‪} :‬هو الذي خلقكم من تراب‬
‫ثم من نطفة ثم من علقيية ثييم يخرجكييم طفل ً ثييم لتبلغييوا‬
‫أشدكم ثم لتكونوا شيوخًا{ أي هو الذي يقلبكييم فييي هييذه‬
‫الطييوار كلهييا وحييده ل شييريك لييه وعيين أمييره وتييدبيره‬
‫وتقديره يكون ذلك }ومنكم من يتوفى من قبييل{ أي ميين‬
‫قبل أن يوجييد ويخييرج إلييى هييذا العييالم بييل تسييقطه أمييه‬
‫سييقطا ً ومنهييم ميين يتييوفى صييغيرا ً وشييابا ً وكهل ً قبييل‬
‫الشيخوخة كقوله تعالى‪} :‬لنبين لكم ونقر في الرحام مييا‬
‫نشاء إلى أجل مسمى{ وقيال عيز وجيل ههنيا‪} :‬ولتبلغيوا‬
‫أجل ً مسمى ولعلكييم تعقلييون{ قييال ابيين جريييج تتييذكرون‬
‫البعث ثم قال تعييالى‪} :‬هييو الييذي يحيييي ويميييت{ أي هييو‬
‫المتفرد بذلك ل يقدر على ذلييك أحييد سييواه }فييإذا قضييى‬
‫أمرا ً فإنما يقول له كن فيكون{ أي ل يخالف ول يمانع بييل‬
‫ميييييييييييييا شييييييييييييياء كيييييييييييييان ل محالييييييييييييية‪.‬‬

‫ّ َ‬ ‫َ‬
‫صيَرُفو َ‬
‫ن‬ ‫ى يُ ْ‬ ‫ت اللهِ أن ّي َ‬ ‫ي آَيا ِ‬ ‫ن فِ َ‬ ‫جادُِلو َ‬ ‫ن يُ َ‬
‫ذي َ‬ ‫م ت ََر إ َِلى ال ّ ِ‬
‫** أل َ ْ‬
‫َ‬
‫ف‬ ‫س يل ََنا فَ َ‬
‫س يو ْ َ‬ ‫س يل َْنا ب ِيهِ ُر ُ‬
‫مييآ أْر َ‬‫ب وَب ِ َ‬ ‫ن ك َذ ُّبوا ْ ِبال ْ ِ‬
‫كي يَتا ِ‬ ‫* ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫‪95‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬
‫ن*‬ ‫حُبو َ‬ ‫سي َ‬ ‫ل يُ ْ‬ ‫سي ُ‬ ‫سل َ ِ‬ ‫م وال ّ‬ ‫ي أعْن َيياقِهِ ْ‬ ‫ل فِ َ‬ ‫ن * إ ِذِ الغْل َ ُ‬ ‫مو َ‬ ‫ي َعْل َ ُ‬
‫ل ل َه ي َ‬
‫مييا‬‫ن َ‬ ‫م أي ْي َ‬ ‫م ِقي َ ُ ْ‬ ‫ن * ثُ ّ‬ ‫جُرو َ‬ ‫س َ‬‫م ِفي الّنارِ ي ُ ْ‬ ‫ميم ِ ث ُ ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫ِفي ال ْ َ‬
‫ضييّلوا ْ عَن ّييا ب َييل ل ّي ْ‬
‫م‬ ‫ن الل ّيهِ َقييياُلوا ْ َ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ن* ِ‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫ن*‬ ‫ري َ‬ ‫ه ال ْك َييافِ ِ‬ ‫ل الل ّي ُ‬ ‫ضي ّ‬ ‫ك يُ ِ‬ ‫ش يْيئا ً ك َيذ َل ِ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ميين قَب ْي ُ‬ ‫عوا ْ ِ‬ ‫ن ن ّد ْ ُ‬ ‫ن َك ُ ْ‬
‫م‬‫كنت ُي ْ‬‫مييا ُ‬ ‫حيقّ وَب ِ َ‬ ‫ض ب ِغَي ْيرِ ال ْ َ‬‫ن ِفي الْر ِ‬ ‫حو َ‬ ‫م ت َْفَر ُ‬ ‫كنت ُ ْ‬‫ما ُ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ذ َل ِك ُ ْ‬
‫َ‬
‫وى‬ ‫مث ْي َ‬‫س َ‬ ‫ن ِفيَهييا فَب ِئ ْ َ‬ ‫دي َ‬‫خال ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫جهَن ّ َ‬‫ب َ‬ ‫وا َ‬ ‫خل ُوَا ْ أب ْ َ‬
‫ن * اد ْ ُ‬ ‫حو َ‬ ‫مَر ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫ن‬‫ريييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي َ‬ ‫مت َك َب ّ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫يقول تعالى أل تعجب يا محمد من هؤلء المكذبين بآيات‬
‫الله ويجادلون في الحييق بالباطييل كيييف تصييرف عقييولهم‬
‫عن الهدى إلى الضلل }الذين كذبوا بالكتاب وبمييا أرسييلنا‬
‫به رسلنا{ أي من الهدى والبيان }فسييوف يعلمييون{ هييذا‬
‫تهديد شديد‪ ,‬ووعيد أكيد‪ ,‬من الرب جل جلليه لهيؤلء كميا‬
‫قال تعالى‪} :‬ويل يومئذ للمكذبين{ وقوله عييز وجييل‪} :‬إذ‬
‫الغلل في أعناقهم والسلسل{ أي متصلة بالغلل بأيدي‬
‫الزبانية يسحبونهم على وجوههم تارة إلييى الحميييم وتييارة‬
‫إلى الجحيم ولهذا قال تعالى‪} :‬يسحبون‪ ,‬في الحميييم ثييم‬
‫في النار يسجرون{ كما قال تبارك وتعييالى‪} :‬هييذه جهنييم‬
‫التي يكذب بها المجرمون‪ ,‬يطوفون بينها وبين حميييم آن{‬
‫وقييال تعييالى بعييد ذكيير أكلهييم الزقييوم وشييربهم الحميييم‪:‬‬
‫}وأصييحاب الشييمال مييا أصييحاب الشييمال * فييي سييموم‬
‫وحميم * وظل ميين يحمييوم * ل بييارد ول كريييم يي إلييى أن‬
‫قال ي ثم إنكم أيها الضالون المكذبون * لكلون من شييجر‬
‫من زقوم * فمالئون منها البطييون * فشيياربون عليييه ميين‬
‫الحميم * فشاربون شرب الهيم * هذا نزلهم يييوم الييدين{‬
‫وقال عز وجل‪} :‬إن شجرة الزقوم طعام الثيييم‪ ,‬كالمهييل‬
‫يغلي في البطون كغلي الحميم‪ ,‬خذوه فاعتلوه إلى سييواء‬
‫الجحيم‪ ,‬ثم صبوا فوق رأسه من عييذاب الحميييم‪ ,‬ذق إنييك‬
‫أنت العزيز الكريم‪ ,‬إن هذا ما كنتم به تمييترون{ أي يقييال‬
‫لهم ذلك على وجييه التقريييع والتوبيييخ والتحقييير والتصييغير‬
‫والتهكم والستهزاء بهم‪ ,‬قال ابن أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا علييي‬
‫بن الحسين حدثنا أحمد بن منيييع حييدثنا منصييور بيين عمييار‬
‫حدثنا بشير بن طلحة الخزامييي عيين خالييد بيين دريييك عيين‬

‫‪96‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يعلى بن منبه رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪ :‬ينشىء الله عز وجل سحابة لهل النار سوداء‬
‫مظلمة ويقال يا أهل النار أي شيييء تطلبييون ؟ فيييذكرون‬
‫بها سحاب الدنيا فيقولون نسأل بارد الشييراب فتمطرهييم‬
‫أغلل ً تزيد في أغللهم وسلسل تزيد في سلسلهم وجمرا ً‬
‫يلهب النار عليهم« هذا حديث غريب‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬ثييم‬
‫قيل لهم أينما كنتم تشركون من دون الله ؟{ أي قيل لهم‬
‫أييين الصيينام الييتي كنتييم تعبييدونها ميين دون اللييه هييل‬
‫ينصرونكم اليوم }قالوا ضلوا عنا{ أي ذهبييوا فلييم ينفعونييا‬
‫}بل لم نكيين نييدعو ميين قبييل شيييئًا{ أي جحييدوا عبييادتهم‬
‫كقوله جلت عظمته‪} :‬ثم لم تكن فتنتهم إل أن قالوا والله‬
‫ربنا ما كنا مشركين{ ولهذا قال عز وجييل‪} :‬كييذلك يضييل‬
‫الله الكييافرين{‪ .‬وقييوله‪} :‬ذلكييم بمييا كنتييم تفرحييون فييي‬
‫الرض بغييير الحييق وبمييا كنتييم تمرحييون{ أي تقييول لهييم‬
‫الملئكة هذا الذي أنتم فيه جزاء على فرحكييم فييي الييدنيا‬
‫بغير حق ومرحكم وأشركم وبطركم }ادخلوا أبواب جهنييم‬
‫خالدين فيها فبئس مثييوى المتكييبرين{ أي فييبئس المنييزل‬
‫والمقيل الذي فيه الهوان والعييذاب الشييديد لميين اسييتكبر‬
‫عيين آيييات اللييه واتبيياع دلئلييه وحججييه‪ ,‬واللييه أعلييم‪.‬‬

‫م‬‫ذي ن َعِ يد ُهُ ْ‬ ‫ض ال ّ ِ‬ ‫ك ب َعْ َ‬ ‫ما ن ُرِي َن ّ َ‬‫حقّ َفيإ ِ ّ‬ ‫ن وَعْد َ الل ّهِ َ‬ ‫صب ِْر إ ِ ّ‬‫** َفا ْ‬
‫َ‬ ‫أ َوْ ن َت َوَفّي َن ّ َ‬
‫ك‬ ‫ميين قَب ْل ِي َ‬ ‫سيل ً ّ‬ ‫سل َْنا ُر ُ‬ ‫ن * وَل ََقد ْ أْر َ‬ ‫جُعو َ‬ ‫ك فَإ ِل َي َْنا ي ُْر َ‬
‫مييا‬‫ك وَ َ‬ ‫ص عَل َي ْي َ‬ ‫صي ْ‬ ‫م ن َْق ُ‬ ‫من ل ّ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ك وَ ِ‬ ‫صَنا عَل َي ْ َ‬ ‫ص ْ‬ ‫من قَ َ‬ ‫من ُْهم ّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ميُر الل ّي ِ‬
‫ه‬ ‫جيييآَء أ ْ‬ ‫ذا َ‬‫ن الل ّهِ فَإ ِ َ‬ ‫ي ِبآي َةٍ إ ِل ّ ب ِإ ِذ ْ ِ‬ ‫ل أن ي َأت ِ َ‬ ‫سو ٍ‬ ‫ن ل َِر ُ‬ ‫كا َ‬‫َ‬
‫مب ْط ُِلييييييو َ‬
‫ن‬ ‫ك ال ْ ُ‬ ‫سييييييَر هَُناِليييييي َ‬ ‫خ ِ‬ ‫حق ّ و َ َ‬ ‫ي ِبييييييال ْ َ‬ ‫ضيييييي َ‬ ‫قُ ِ‬
‫يقول تعالى آمرا ً رسوله صلى الليه علييه وسيلم بالصيبر‬
‫على تكذيب من كذبه من قومه فإن الله تعالى سينجز لك‬
‫ما وعدك من النصر والظفر على قومك وجعل العاقبة لك‬
‫لخييرة }فإمييا نرينييك بعييض الييذي‬ ‫ولمن اتبعك في الدنيا وا َ‬
‫نعدهم{ أي في الييدنيا وكييذلك وقييع فييإن اللييه تعييالى أقيير‬
‫أعينهم من كبرائهم وعظمائهم أبيدوا في يوم بدر ثم فتييح‬

‫‪97‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله عليه مكة وسائر جزيرة العرب في حييياته صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم وقوله عز وجل‪} :‬أو نتوفينك فإلينا يرجعييون{‬
‫لخييرة‪ ,‬ثييم قييال تعيالى‬ ‫أي فنذيقهم العذاب الشييديد فييي ا َ‬
‫مسليا ً له‪} :‬ولقد أرسلنا رسل ً من قبلك منهم من قصصيينا‬
‫عليك{ كمييا قييال جييل وعل فييي سييورة النسيياء سييواء أي‬
‫منهم من أوحينا إليك خبرهم وقصصييهم مييع قييومهم كيييف‬
‫كذبوهم ثم كانت للرسل العاقبة والنصرة }ومنهم من لييم‬
‫نقصص عليك{ وهم أكثر ممن ذكر بأضعاف أضييعاف كمييا‬
‫تقييدم التنييبيه علييى ذليك فييي سييورة النسيياء وللييه الحمييد‬
‫والمنة‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬وما كيان لرسيول أن ييأتي بآييية إل‬
‫بإذن الله{ أي ولم يكن لواحد من الرسيل أن يييأتي قيومه‬
‫بخارق للعادات إل أن يأذن الله لييه فييي ذلييك فيييدل علييى‬
‫صدقه فيما جاءهم به }فييإذا جيياء أميير اللييه{ وهييو عييذابه‬
‫ونكييياله المحييييط بالمكيييذبين }قضيييي بيييالحق{ فينجيييي‬
‫المؤمنين‪ ,‬ويهلك الكافرين ولهذا قال عييز وجييل‪} :‬وخسيير‬
‫هناليييييييييييييييييييييييييييك المبطليييييييييييييييييييييييييييون{‪.‬‬

‫ْ‬
‫ن‬‫من ْهَييا ت َيأك ُُلو َ‬ ‫من َْها وَ ِ‬‫كيُبوا ْ ِ‬‫م ل ِت َْر َ‬‫م الن َْعا َ‬ ‫ل ل َك ُ ُ‬‫جع َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬‫** الل ّ ُ‬
‫م‬ ‫دورِك ُ ْ‬ ‫صي ُ‬
‫يي ُ‬ ‫ة فِي‬
‫جي ً‬ ‫حا َ‬ ‫من َييافِعُ وَل َِتييب ْل ُُغوا ْ عَل َي ْهَييا َ‬ ‫م ِفيَها َ‬ ‫* وَل َك ُ ْ‬
‫َ‬
‫ت الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫م آَيات ِهِ فَأيّ آَيا ِ‬ ‫ريك ُ ْ‬‫ن * وَي ُ ِ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ح َ‬ ‫ك تُ ْ‬ ‫وَعَل َي َْها وَعََلى ال ُْفل ْ ِ‬
‫ن‬
‫كييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييُرو َ‬ ‫ُتن ِ‬
‫يقول تعالى ممتنا ً على عباده بما خليق لهيم مين النعيام‬
‫وهي البييل والبقيير والغنييم فمنهييا ركييوبهم ومنهييا يييأكلون‪,‬‬
‫فالبل تركييب وتؤكييل وتحلييب ويحمييل عليهييا الثقييال فييي‬
‫السييفار والرحييال إلييى البلد النائييية‪ ,‬والقطييار الشاسييعة‬
‫والبقر تؤكل ويشرب لبنهييا وتحييرث عليهييا الرض‪ ,‬والغنييم‬
‫تؤكييل ويشييرب لبنهييا والجميييع تجييز أصييوافها وأشييعارها‬
‫وأوبارها فيتخذ منهييا الثيياث والثييياب والمتعيية كمييا فصييل‬
‫وبين في أماكن تقدم ذكرهييا فييي سييورة النعييام وسييورة‬
‫النحل وغير ذلك ولذا قييال عييز وجييل ههنييا }لييتركبوا منهييا‬
‫ومنها تأكلون * ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليهييا حاجيية فيي‬

‫‪98‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملييون{ وقييوله جييل وعل‪:‬‬
‫لفيياق وفييي‬ ‫}ويريكييم آييياته{ أي حججييه وبراهينييه فييي ا َ‬
‫أنفسكم }فييأي آيييات اللييه تنكييرون{ أي ل تقييدرون علييى‬
‫إنكييييار شيييييء ميييين آييييياته إل أن تعانييييدوا وتكييييابروا‪.‬‬

‫ض فََينظ ُيُروا ْ ك َي ْي َ‬ ‫سيييُروا ْ فِييي الْر‬ ‫َ‬


‫ة‬ ‫عاقِب َي ُ‬‫ن َ‬ ‫ف ك َييا َ‬ ‫ِ‬ ‫م يَ ِ‬‫** أفَل َي ْ‬
‫ش يد ّ قُ يوّةً َوآث َييارا ً فِييي‬ ‫م وَأ َ َ‬ ‫من ْهُ ي ْ‬ ‫كيث ََر ِ‬ ‫كان ُوَا ْ أ َ ْ‬
‫م َ‬ ‫من قَب ْل ِهِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫الرض فَمآ أ َ‬
‫م‬ ‫جييآءَت ْهُ ْ‬
‫مييا َ‬ ‫ن * فَل َ ّ‬ ‫س يُبو َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َك ْ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ى عَن ُْهم ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫غ‬ ‫ْ ِ َ‬
‫مييا‬ ‫حاقَ ب ِِهم ّ‬ ‫ن ال ْعِل ْم ِ وَ َ‬ ‫مَْ‬ ‫م ّ‬ ‫عند َهُ ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫حوا ْ ب ِ َ‬ ‫ت فَرِ ُ‬ ‫سل ُُهم ِبال ْب َي َّنا ِ‬ ‫ُر ُ‬
‫َ‬
‫من ّييا ب ِييالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سيَنا قَييال ُوَا ْ آ َ‬ ‫مييا َرأوْا ْ ب َأ َ‬ ‫ن * فَل َ ّ‬ ‫سيت َهْزُِئو َ‬ ‫ك َيياُنوا ْ ب ِيهِ ي َ ْ‬
‫م‬ ‫ك َينَفعُهُي ْ‬ ‫م ي َي ُ‬ ‫ن * فَل َي ْ‬ ‫كي َ‬ ‫شيرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مييا ك ُن ّييا ب ِيهِ ُ‬ ‫كييَفْرَنا ب ِ َ‬ ‫حد َهُ وَ َ‬ ‫وَ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫عب َييادِ ِ‬ ‫ت فِييي ِ‬ ‫خل َي ْ‬ ‫ة الل ّهِ ال ِّتي قَد ْ َ‬ ‫سن ّ َ‬ ‫سَنا ُ‬ ‫ما َرأوْا ْ ب َأ َ‬ ‫م لَ ّ‬‫مان ُهُ ْ‬ ‫ِإي َ‬
‫ن‬‫كييييييييييييييييافُِرو َ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫سييييييييييييييييَر هَُناِليييييييييييييييي َ‬ ‫خ ِ‬ ‫وَ َ‬
‫يخبر تعالى عن المم المكذبة بالرسل فييي قييديم الييدهر‬
‫وماذا حل بهم من العذاب الشييديد مييع شييدة قييواهم ومييا‬
‫آثروه في الرض وجمعييوه ميين المييوال فمييا أغنييى عنهييم‬
‫ذلك شيئا ً ول رد عنهم ذرة من بأس الله وذلييك لنهييم لمييا‬
‫جاءتهم الرسييل بالبينييات‪ ,‬والحجييج القاطعييات‪ ,‬والييبراهين‬
‫الدامغات‪ ,‬لم يلتفتوا إليهم ول أقبلوا عليهم واسييتغنوا بمييا‬
‫عندهم من العلم في زعمهم عما جاءتهم به الرسييل قييال‬
‫مجاهد‪ :‬قالوا نحن أعلم منهم لن نبعث وليين نعييذب وقييال‬
‫السدي‪ :‬فرحوا بما عندهم من العلم بجهالتهم فأتاهم ميين‬
‫بأس الله تعالى ما ل قبل لهم به }وحاق بهييم{ أي أحيياط‬
‫بهييم }مييا كييانوا بييه يسييتهزئون{ أي يكييذبون ويسييتبعدون‬
‫وقوعه }فلميا رأوا بأسينا{ أي عياينوا وقيوع العيذاب بهيم‬
‫}قالواآمنا بالله وحييده وكفرنييا بمييا كنييا بييه مشييركين{ أي‬
‫وحدوا الله عز وجل وكفروا بالطاغوت ولكن حيث ل تقال‬
‫العثرات ول تنفييع المعييذرة وهييذا كمييا قييال فرعييون حييين‬
‫أدركيه الغيرق‪} :‬آمنيت أنيه ل إليه إل الييذي آمنييت بيه بنيو‬
‫إسرائيل وأنييا ميين المسيلمين{ قيال الليه تبييارك وتعيالى‪:‬‬
‫لن وقد عصيت قبييل وكنييت ميين المفسييدين{ أي فلييم‬ ‫}آ َ‬

‫‪99‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقبل الله منه لنه قد استجاب لنبيه موسييى عليييه الصييلة‬
‫والسلم دعاءه حين قال‪} :‬واشدد على قلوبهم فل يؤمنوا‬
‫حتى يروا العذاب الليم{ وهكذا قال تعالى ههنا‪} :‬فلم يك‬
‫ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت فييي‬
‫عباده{ أي هذا حكم الله في جميع ميين تيياب عنييد معاينيية‬
‫العذاب أنه ل يقبل ولهذا جاء في الحديث »إن الله تعييالى‬
‫يقبل توبة العبد مالم يغرغر« أي فإذا غرغر وبلغت الييروح‬
‫الحنجرة وعاين الملييك فل توبيية حينئذ ولهييذا قييال تعييالى‪:‬‬
‫}وخسر هنالك الكافرون{ آخر سييورة غييافر وللييه الحمييد‬
‫والمنييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييية‪.‬‬

‫سيييييييييييييييييييييييييييييييييييورة فصيييييييييييييييييييييييييييييييييييلت‬
‫حييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييم ِ الّليييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييي ِ‬ ‫وهيييييي مكيييييية ب ِ ْ‬

‫ت‬ ‫ص يل َ ْ‬‫ب فُ َ ّ‬ ‫حي يم ِ * ك ِت َييا ٌ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫مـ ي ِ‬‫ح َ‬


‫ن الّر ْ‬ ‫مي َ‬‫ل ّ‬ ‫زي ٌ‬ ‫م * َتن ِ‬ ‫** حي َ‬
‫ض‬‫ذيرا ً فَ يأعَْر َ‬ ‫شيييرا ً وَن َي ِ‬ ‫ن * بَ ِ‬ ‫مييو َ‬ ‫ه قُْرآنا ً عََرب ِي ّا ً ل َّقوْم ٍ ي َعْل َ ُ‬ ‫آَيات ُ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مييا‬ ‫م ّ‬ ‫ي أك ِن ّيةٍ ِ‬ ‫ن * وَقَيياُلوا ْ قُُلوب ُن َييا فِ ي َ‬ ‫مُعو َ‬ ‫م ل َ يَ ْ‬
‫سي َ‬ ‫م فَهُ ْ‬‫أك ْث َُرهُ ْ‬
‫ل‬ ‫ميي ْ‬ ‫ب َفاعْ َ‬ ‫جا ٌ‬
‫ح َ‬ ‫ك ِ‬ ‫من ب َي ْن َِنا وَب َي ْن ِ َ‬ ‫عوَنا إ ِل َي ْهِ وَِفي آذان َِنا وَقٌْر وَ ِ‬ ‫ت َد ْ ُ‬
‫مُلو َ‬
‫ن‬ ‫عيييييييييييييييييييييييييييييييا ِ‬ ‫إ ِن َّنيييييييييييييييييييييييييييييييا َ‬
‫يقول تعالى‪} :‬حم تنزيييل ميين الرحميين الرحيييم{ يعنييي‬
‫القرآن منزل من الرحمن الرحيم كقوله‪} :‬قييل نزلييه روح‬
‫القييدس ميين ربييك بييالحق{ وقييوله‪} :‬وإنييه لتنزيييل رب‬
‫العالمين * نزل به الروح المين * على قلبييك لتكييون ميين‬
‫المنذرين{ وقوله تبارك وتعالى‪} :‬كتاب فصلت آييياته{ أي‬
‫بينت معانيه وأحكمت أحكامه }قرآنا ً عربيًا{ أي فييي حييال‬
‫كييونه قرآنيا ً عربييا ً بينيا ً واضييحا ً فمعييانيه مفصييلة وألفيياظه‬
‫واضحة غير مشكلة كقوله تعالى‪} :‬كتاب أحكمت آياته ثييم‬
‫فصلت من لدن حكيم خبير{ أي هو معجز من حيث لفظه‬
‫ومعناه }ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفييه تنزيييل‬
‫من حكيم حميد{ وقوله تعالى‪} :‬لقييوم يعلمييون{ أي إنمييا‬
‫يعرف هذا البيييان والوضييوح العلميياء الراسييخون }بشيييرا ً‬

‫‪100‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ونييذيرًا{ أي تييارة يبشيير المييؤمنين وتييارة ينييذر الكييافرين‬
‫}فأعرض أكثرهم فهم ل يسمعون{ أي أكثر قريييش فهييم‬
‫ل يفهمون منه شيئا ً مع بيانه ووضوحه }وقالوا قلوبنييا فييي‬
‫أكنة{ أي في غلف مغطاة }مما تييدعونا إليييه وفييي آذاننييا‬
‫وقر{ أي صمم عما جئتنا به }ومن بيننا وبينك حجاب{ فل‬
‫يصل إلينييا شيييء ممييا تقييوله }فاعمييل إننييا عيياملون{ أي‬
‫اعمل أنت على طريقتك ونحيين علييى طريقتنييا ل نتابعييك‪,‬‬
‫قال المام العالم عبد بن حميد فييي مسيينده‪ :‬حييدثني ابيين‬
‫أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر عن الجلح عن الزيييال بيين‬
‫حرملة السدي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قييال‪:‬‬
‫اجتمعييت قريييش يوم يا ً فقييالوا انظييروا أعلمكييم بالسييحر‬
‫والكهانة والشعر فليأت هييذا الرجييل الييذي فييرق جماعتنييا‬
‫وشتت أمرنا وعاب ديننا فليكلمييه ولننظيير ميياذا يييرد عليييه‬
‫فقالوا ما نعلم أحدا ً غير عتبة بن ربيعة‪ ,‬فقالوا أنييت يييا أبييا‬
‫الوليد فأتاه عتبة فقال‪ :‬يا محمد أنيت خيير أم عبيد الليه ؟‬
‫فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنييت خييير‬
‫أم عبييد المطلييب‪ ,‬فسييكت رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم فقال إن كنت تزعم أن هؤلء خير منك فقييد عبييدوا‬
‫ت وإن كنييت تزعييم أنييك خييير منهييم فتكلييم‬ ‫عب ْ َ‬ ‫ا َ‬
‫للهة التي ِ‬
‫حتى نسمع قولك‪ ,‬إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم علييى‬
‫قومك منييك‪ ,‬فرقييت جماعتنييا وشييتت أمرنييا‪ ,‬وعبييت ديننييا‬
‫وفضحتنا في العرب‪ ,‬حتى لقد طار فيهييم أن فييي قريييش‬
‫ساحرا ً وأن في قريش كاهنا ً والله ما ننتظر إل مثل صيحة‬
‫الحبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيييوف حييتى نتفييانى‪,‬‬
‫أيها الرجل إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لييك حييتى تكييون‬
‫أغنى قريييش رجل ً واحييدًا‪ ,‬وإن كييان بييك البيياءة فيياختر أي‬
‫نساء قريش شييئت فلنزوجييك عشييرًا‪ ,‬فقييال رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬فرغت« قال نعييم‪ ,‬فقييال رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪} :‬بسم اللييه الرحميين الرحيييم‪,‬‬
‫حم تنزيل من الرحمن الرحيم ي حتى بلييغ يي فييإن أعرضييوا‬
‫فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود{ فقال عتبيية‬
‫حسبك حسبك ما عندك غير هذا‪ ,‬فقال رسول اللييه صييلى‬

‫‪101‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله عليه وسلم »ل« فرجع إلى قريش فقالوا ما وراءك ؟‬
‫قال ما تركت شيئا ً أرى أنكم تكلمون بييه إل كلمتييه‪ ,‬قييالوا‬
‫فهل أجابك ؟ قال ل والذي نصبها بنية ما فهمت شيئا ً ممييا‬
‫قاله غير أنه أنذركم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود‪ ,‬قييالوا‬
‫ويلك يكلمييك الرجييل بالعربييية ل تييدري مييا قييال ؟ قييال ل‬
‫والله ما فهمت شيئا ً مما قال غييير ذكيير الصيياعقة‪ .‬وهكييذا‬
‫رواه الحافظ أيو يعلى الموصلي في مسنده عن أبي بكيير‬
‫بن أبي شيبة بإسناده مثله سواه‪ ,‬وقد سيياقه البغييوي فييي‬
‫تفسيره بسنده عن محمد بن فضيل عن الجلييح وهييو ابيين‬
‫عبد الله الكندي الكييوفي وقييد ضييعف بعييض الشيييء عيين‬
‫الزيال بن حرملة عن جابر بن عبييد اللييه رضييي اللييه عنييه‬
‫فذكر الحييديث إلييى قييوله‪} :‬فييإن أعرضييوا فقييل أنييذرتكم‬
‫صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود{ فأمسيك عتبيية عليى فييه‬
‫وناشده بالرحم ورجيع إليى أهليه وليم يخيرج إليى قرييش‬
‫واحتبس عنهم‪ ,‬فقال أبو جهل يا معشيير قريييش واللييه مييا‬
‫نرى عتبة إل قد صبأ إلى محمد وأعجبه طعامه وما ذاك إل‬
‫من حاجة أصابته فانطلقوا بنا إليه فانطلقوا إليه فقال أبييو‬
‫جهل‪ :‬يا عتبية ميا حبسيك عنيا إل أنيك صيبأت إليى محميد‬
‫وأعجبك طعامه فإن كانت بك حاجة جمعنا لك من أموالنييا‬
‫ما يغنييك عين طعيام محميد‪ ,‬فغضيب عتبية وأقسيم أن ل‬
‫يكلم محمدا ً أبييدا ً وقييال واللييه لقييد علمتييم أنييي ميين أكييثر‬
‫قريش مال ً ولكني أتيتييه وقصصييت عليييه القصيية فأجييابني‬
‫بشيء والله ما هو بشعر ول كهانة ول سحر وقرأ السييورة‬
‫إلى قوله تعالى‪} :‬فإن أعرضوا فقل أنذركم صيياعقة مثييل‬
‫صاعقة عاد وثمود{ فأمسييكت بفيييه وناشييدته بييالرحم أن‬
‫يكييف وقييد علمتييم أن محمييدا ً إذا قييال شيييئا ً لييم يكييذب‬
‫فخشيت أن ينزل بكييم العييذاب‪ ,‬وهييذا السييياق أشييبه ميين‬
‫سياق البزار وأبي يعلى والله تعالى أعلييم‪ ,‬وقييد أورد هييذه‬
‫القصة المام محمد بن إسحاق بن يسار في كتاب السيرة‬
‫على خلف هذا النمييط فقييال حييدثني يزيييد بيين زييياد عيين‬
‫محمد بن كعب القرظي قييال‪ :‬حييدثت أن عتبيية بيين ربيعيية‬
‫وكان سيدا ً قال يوما ً وهو جالس في نادي قريش ورسييول‬

‫‪102‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسييجد وحييده‪ :‬يييا‬
‫معشر قريش أل أقوم إلى محمييد فييأكلمه وأعييرض عليييه‬
‫أمورا ً لعله أن يقبل بعضها فنعطيه أيها شيياء ويكييف عنييا ؟‬
‫وذلك حييين أسييلم حمييزة رضييي اللييه عنييه ورأوا أصييحاب‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيدون ويكثرون‪ ,‬فقالوا‬
‫بلى يا أبا الوليد فقييم إلييه فكلمييه‪ ,‬فقييام إلييه عتبية حييتى‬
‫جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‪ :‬يا ابيين‬
‫طة فييي العشيييرة‬ ‫أخييي إنييك منييا حيييث علمييت ميين السييل َ‬
‫والمكان في النسب‪ ,‬وإنك قييد أتيييت قومييك بييأمر عظيييم‬
‫فرقت به جماعتهم وسفهت به أحلمهم وعبت بييه آلهتهييم‬
‫ودينهم وكفييرت بييه ميين مضييى ميين آبييائهم فاسييمع منييي‬
‫أعرض عليك أمورا ً تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضا‪ .‬قييال‪:‬‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬قل يا أبا الوليييد‬
‫أسمع« قال يا ابن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به من‬
‫هذا المر مال ً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا ما ً‬
‫ل‪,‬‬
‫وإن كنت تريد به شرفا ً سودناك علينا حتى ل نقطييع أمييرا ً‬
‫دونك وإن كنت تريد به ملكا ً ملكناك علينييا‪ ,‬وإن كييان هييذا‬
‫الذي يأتيك رئيا ً تراه ل تستطيع رده عن نفسك طلبنييا لييك‬
‫الطباء وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه فييإنه ربمييا غلييب‬
‫التابع على الرجل حتى يداوى منه أو كما قال له‪ ,‬حتى إذا‬
‫فرغ عتبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسييتمع منييه‬
‫قال‪» :‬أفرغت يا أبا الوليييد ؟« قييال نعييم‪ .‬قييال »فاسييتمع‬
‫مني« قال أفعل‪ .‬قال‪} :‬بسم اللييه الرحميين الرحيييم‪ ,‬حييم‬
‫تنزيل من الرحمن الرحيم‪ ,‬كتاب فصلت آياته قرآنا ً عربيييا ً‬
‫لقييوم يعلمييون بشيييرا ً ونييذيرا ً فييأعرض أكييثرهم فهييم ل‬
‫يسمعون{ ثم مضى رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫فيها وهو يقرؤها عليه‪ .‬فلما سمع عتبة أنصييت لهييا وألقييى‬
‫يديه خلف ظهره معتمدا ً عليهما يسييتمع منييه حييتى انتهييى‬
‫رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم إلييى السييجدة منهييا‬
‫فسجد ثم قال »قد سمعت يا أبا الوليد مييا سييمعت فييأنت‬
‫وذاك« فقام عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض نحلييف‬
‫بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب بييه فلمييا‬

‫‪103‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جلس إليهم قالوا ما وراءك يا أبييا الوليييد قييال ورائي أنييي‬
‫سييمعت قييول ً واللييه مييا سييمعت مثلييه قييط واللييه مييا هييو‬
‫بالسحر ول بالشعر ول بالكهانة‪ ,‬يا معشر قريش أطيعوني‬
‫واجعلوها لي خّلوا بين الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه فو‬
‫الله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ‪ ,‬فإن تصبه العرب فقييد‬
‫كفيتموه بغيركييم وإن يظهيير علييى العييرب فملكييه ملككييم‬
‫وعزه عزكم وكنتم أسعد الناس به‪ .‬قالوا سحرك واللييه يييا‬
‫أبا الوليد بلسانه‪ ,‬قال هذا رأيي فيه فاصنعوا ما بييدا لكييم‪.‬‬
‫وهيييذا السيييياق أشيييبه مييين اليييذي قبليييه‪ ,‬والليييه أعليييم‪.‬‬

‫َ‬ ‫مآ أ َن َا ْ ب َ َ‬
‫م إ َِلـي ٌ‬
‫ه‬ ‫مييآ إ َِلـيهُك ُ ْ‬ ‫ى إ ِل َي ّ‬
‫ي أن ّ َ‬ ‫ح َ‬ ‫م ي ُييو َ‬‫مث ْل ُك ُي ْ‬
‫شيٌر ّ‬ ‫** قُ ْ‬
‫ل إ ِن ّ َ‬
‫ن*‬ ‫كي َ‬‫شييرِ ِ‬ ‫ل ل ّل ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫سييت َغِْفُروهُ وَوَْييي ٌ‬ ‫موَا ْ إ ِل َْيييهِ َوا ْ‬‫سييت َِقي ُ‬ ‫حييد ٌ َفا ْ‬ ‫َوا ِ‬
‫ن‬
‫ن * إِ ّ‬ ‫م ك َييافُِرو َ‬ ‫خَرةِ هُي ْ‬ ‫ن الّزك َيياةَ وَهُي ْ‬
‫م ب ِييال َ ِ‬ ‫ن ل َ ي ُؤْت ُييو َ‬ ‫ال ّي ِ‬
‫ذي َ‬
‫ال ّذين آمنوا ْ وعَمُلوا ْ الصال ِحات ل َه َ‬
‫ن يقول‬ ‫مُنو ٍ‬ ‫م ْ‬‫جٌر غَي ُْر َ‬‫مأ ْ‬ ‫ّ َ ِ ُ ْ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ َ َ ُ‬
‫تعالى‪} :‬قل{ يا محمد لهؤلء المكذبين المشييركين }إنمييا‬
‫أنا بشر مثلكم يوحى إلييي أنمييا إلهكييم إلييه واحييد{ ل كمييا‬
‫تعبدونه من الصنام والنداد والرباب المتفرقين إنميا الليه‬
‫إله واحد }فاستقيموا إليييه{ أي أخلصييوا لييه العبييادة علييى‬
‫منوال ما أمركم به على ألسنة الرسل }واسييتغفروه{ أي‬
‫لسالف الذنوب }وويل للمشييركين{ أي دمييار لهييم وهلك‬
‫عليهم }الذين ل يؤتون الزكاة{ قال علي بيين أبييي طلحيية‬
‫عن ابن عباس يعنيي اليذين ل يشيهدون أن ل إليه إل الليه‬
‫وكذا قال عكرمة وهذا كقوله تبارك وتعالى‪} :‬قد أفلح من‬
‫زكاها‪ ,‬وقد خاب من دساها{ وكقوله جلت عظمتييه‪} :‬قييد‬
‫أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصييلى{ وقييوله عييز وجيل‪:‬‬
‫}فقييل هييل لييك إلييى أن تزكييى ؟{ والمييراد بالزكيياة ههنييا‬
‫طهارة النفس من الخلق الرذيلة ومن أهييم ذلييك طهييارة‬
‫النفس من الشرك‪ ,‬وزكاة المال إنمييا سييميت زكيياة لنهييا‬
‫تطهره من الحرام وتكون سببا ً لزيادته وبركته وكثرة نفعه‬
‫وتوفيقا ً إلى استعماله في الطاعات‪ ,‬وقال السدي }وويييل‬
‫للمشييركين الييذين ل يؤتييون الزكيياة{ أي يييؤدون الزكيياة‪,‬‬

‫‪104‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال معاوية بن قرة ليس هم من أهل الزكاة وقال قتادة‬
‫يمنعييون زكيياة أمييوالهم وهييذا هييو الظيياهر عنييد كييثير ميين‬
‫المفسرين واختاره ابن جرير وفيه نظر لن إيجاب الزكيياة‬
‫إنما كان في السنة الثانية من الهجرة إلى المدينة على ما‬
‫لية مكية اللهم إل أن يقييال ل يبعييد‬ ‫ذكره غير واحد وهذه ا َ‬
‫أن يكون أصل الصدقة والزكاة وكان مأمورا ً به في ابتييداء‬
‫البعثة كقوله تبارك وتعالى‪} :‬وآتوا حقه يوم حصاده{ فأما‬
‫الزكاة ذات النصب والمقييادير فإنمييا بييين أمرهييا بالمدينيية‬
‫ويكون هذا جمعا ً بين القييولين كمييا أن أصييل الصييلة كييان‬
‫واجبا ً قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فييي ابتييداء البعثيية‬
‫فلما كان ليلة السراء قبييل الهجييرة بسيينة ونصييف فييرض‬
‫الله تعالى على رسوله صلى اللييه عليييه وسييلم الصييلوات‬
‫الخمس وفصل شروطها وأركانها وما يتعلق بهيا بعيد ذليك‬
‫شيئا ً فشيئا ً والله أعلم‪ .‬ثم قال جل جللييه بعييد ذلييك‪} :‬إن‬
‫الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنييون{ قييال‬
‫مجاهييد وغيييره‪ :‬غييير مقطييوع ول مجبييوب كقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}ماكثين فيها أبدًا{ وكقوله عز وجل‪} :‬عطاء غير مجذوذ{‬
‫وقال السدي غير ممنون عليهم وقد رد عليه هذا التفسييير‬
‫بعض الئمة فإن المنة لله تبارك وتعالى علييى أهييل الجنيية‬
‫قال الله تبارك وتعالى‪} :‬بل اللييه يميين عليكييم أن هييداكم‬
‫لليمان{ وقال أهل الجنة فميين اللييه علينييا ووقانييا عييذاب‬
‫السموم‪ ,‬وقال رسول الله صلى الله عليه وسييلم‪» :‬إل إن‬
‫يتغميييييييدني الليييييييه برحمييييييية منيييييييه وفضيييييييل«‪.‬‬

‫ن‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ي‬‫خل َ‬
‫َ‬ ‫ذي‬ ‫ي‬‫ن ِبال ّ‬ ‫رو‬ ‫ي‬ ‫ف‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫ت‬‫م لَ‬ ‫ي‬‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫إ‬‫ل أَ‬ ‫** قُ ي ْ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬
‫وتجعُلييون َليي َ‬
‫ل ِفيَهييا‬ ‫جَعيي َ‬ ‫ن * وَ َ‬ ‫مي َ‬‫ب ال َْعييال َ ِ‬ ‫ك َر ّ‬ ‫دادا ً ذ َِليي َ‬ ‫ه أنيي َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫من فَوْقَِها وََباَر َ‬
‫ي أْرب َعَ يةِ‬ ‫وات ََها فِ َ‬ ‫ك ِفيَها وَقَد َّر ِفيَهآ أقْ َ‬ ‫ي ِ‬ ‫س َ‬ ‫َرَوا ِ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫خييا ٌ‬ ‫ي دُ َ‬ ‫مآِء وَهِ َ‬ ‫س َ‬ ‫ست َوَىَ إ َِلى ال ّ‬ ‫ما ْ‬ ‫ن * ثُ ّ‬ ‫سآئ ِِلي َ‬ ‫وآًء ّلل ّ‬ ‫س َ‬ ‫أّيام ٍ َ‬
‫ن*‬ ‫طييآئ ِِعي َ‬ ‫وعا ً أ َوْ ك َْرها ً َقال ََتآ أ َت َي َْنييا َ‬ ‫ض ائ ْت َِيا ط َ ْ‬ ‫ل ل ََها وَِللْر‬ ‫فََقا َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫مآءٍ‬ ‫سيي َ‬ ‫ل َ‬ ‫ى ِفي ُ‬
‫كيي ّ‬ ‫ح َ‬‫ن وَأوْ َ‬ ‫مي ْ ِ‬
‫ت ِفي ي َوْ َ‬ ‫ماَوا ٍ‬ ‫س َ‬ ‫سب ْعَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ضاهُ ّ‬ ‫فََق َ‬

‫‪105‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ديُر‬ ‫حْفظيا ً ذ َل ِي َ‬ ‫َ‬
‫ك ت َْق ي ِ‬ ‫ح وَ ِ‬
‫صيياِبي َ‬
‫م َ‬ ‫مآَء اليد ّن َْيا ب ِ َ‬
‫سي َ‬
‫ها وََزي ّن ّييا ال ّ‬
‫مَر َ‬ ‫أ ْ‬
‫ْ‬ ‫ال ْعَ ِ‬
‫زيييييييييييييييييييييييييييييييزِ العَِليييييييييييييييييييييييييييييييم ِ‬
‫هذا إنكار من الله تعالى على المشييركين الييذين عبييدوا‬
‫معييه غيييره وهييو الخييالق لكييل شيييء القيياهر لكييل شيييء‬
‫المقتدر على كل شيء فقال‪} :‬قل أئنكم لتكفرون بالييذي‬
‫خلق الرض فييي يييومين وتجعلييون لييه أنييدادًا{ أي نظييراء‬
‫وأمثييال ً تعبييدونها معييه }ذلييك رب العييالمين{ أي الخييالق‬
‫للشياء هو رب العالمين كلهم‪ .‬وهذا المكييان فيييه تفصيييل‬
‫لقوله تعييالى‪} :‬خلييق السييموات والرض فييي سييتة أيييام{‬
‫ففصل ههنا ما يختص بالرض مميا اختيص بالسيماء فيذكر‬
‫أنييه خلييق الرض أول ً لنهييا كالسيياس والصييل أن يبييدأ‬
‫بالساس ثم بعده بالسقف كما قال عز وجل‪} :‬هييو الييذي‬
‫خلق لكم ما فييي الرض جميع يا ً ثييم اسييتوى إلييى السييماء‬
‫لييية فأمييا قييوله تعييالى‪} :‬أأنتييم‬ ‫فسواهن سبع سييموات{ ا َ‬
‫أشييد خلقييا ً أم السييماء بناهييا * رفييع سييمكها فسييواها *‬
‫وأغطش ليلها وأخرج ضحاها * والرض بعد ذلييك دحاهييا *‬
‫أخرج منها ماءها ومرعاها * والجبال أرساها * متاع يا ً لكييم‬
‫لية أن دحي الرض كييان بعييد خلييق‬ ‫ولنعامكم{ ففي هذ ا َ‬
‫السماء‪ ,‬فأما خلق الرض فقبل خلق السماء بالنص وبهييذا‬
‫أجاب ابن عباس رضي الله عنه فيما ذكييره البخيياري عنييد‬
‫لية من صحيحه فإنه قال‪ :‬وقال المنهال عيين‬ ‫تفسير هذه ا َ‬
‫سعيد بن جييبير قييال‪ :‬قييال رجيل لبين عبياس رضييي الليه‬
‫عنهما إني لجد في القرآن أشياء تختلف علي‪ ,‬قييال‪} :‬فل‬
‫أنساب بينهم يومئذ ول يتساءلون{ }وأقبييل بعضييهم علييى‬
‫بعض يتساءلون{ }ول يكتمون الله حديثًا{ }والله ربنا مييا‬
‫لييية وقييال تعييالى‪:‬‬ ‫كنا مشييركين{ فقييد كتمييوا فييي هييذه ا َ‬
‫}أأنتم أشد خلقا ً أم السماء بناها ي إلى قوله ي والرض بعد‬
‫ذلك دحاها{ فذكر خلق السماء قبل الرض ثم قال تعالى‪:‬‬
‫}قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الرض في يييومين يي إليى‬
‫قوله ي طائعين{ فييذكر فييي هييذه خلييق الرض قبييل خلييق‬
‫السماء قال‪} :‬وكان الله غفورا ً رحيم يًا{ }عزيييزا ً حكيم يًا{‬
‫}سميعا ً بصيرًا{ فكأنه كييان ثييم مضييى فقييال ابيين عبيياس‬

‫‪106‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رضي الله عنهما }فل أنساب بينهم يييومئذ ول يتسيياءلون{‬
‫في النفخة الولى‪ ,‬ثم نفخ فييي الصييور }فصييعق ميين فييي‬
‫السموات ومن فييي الرض إلمين شياء الليه{ فل أنسياب‬
‫بينهم عند ذلييك ول يتسيياءلون بينهييم فييي النفخيية الخييرى‬
‫}وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون{ وأما قييوله‪} :‬واللييه‬
‫ربنا ما كنا مشركين{ }ول يكتمون الله حييديثًا{ فييإن اللييه‬
‫تعالى يغفر لهل الخلص ذنوبهم فيقول المشركون تعالوا‬
‫نقييول لييم نكيين مشييركين فيختييم علييى أفييواههم فتنطييق‬
‫أيييديهم فعنييد ذلييك يعييرف أن اللييه تعييالى ل يكتييم حييديثًا‪,‬‬
‫لية‪ ,‬وخلق الرض فييي يييومين‬ ‫وعنده }يود الذين كفروا{ ا َ‬
‫ثم خلق السييماء ثييم اسييتوى إلييى السييماء فسييواهن فييي‬
‫يومين آخرين ثم دحى الرض ودحيها أن أخرج منهييا الميياء‬
‫لكييام ومييا‬‫والمرعييى وخلييق الجبييال والرمييال والجميياد وا َ‬
‫بينهما في يومين آخرين فذلك قوله تعييالى دحاهييا وقييوله‪:‬‬
‫}خلييق الرض فييي يييومين{ فخلييق الرض ومييا فيهييا ميين‬
‫شيء في أربعة أيام وخلق السموات فييي يييومين }وكييان‬
‫الله غفورا ً رحيمًا{ سمى نفسه بيذلك وذليك قيوله أي ليم‬
‫يزل كذلك فإن الله تعالى لم يرد شيئا ً إل أصاب بييه الييذي‬
‫أراد فل يختلفن عليك القييرآن فييإن كل ً ميين عنييد اللييه عييز‬
‫وجل‪ .‬قال البخاري حدثنيه يوسف بن عدي حدثنا عبيد الله‬
‫بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن المنهال هو ابن عمرو‬
‫بالحديث‪ .‬وقييوله‪} :‬خلييق الرض فييي يييومين{ يعنييي يييوم‬
‫الحد ويوم الثنين }وجعل فيها رواسي من فوقهييا وبييارك‬
‫فيها{ أي جعلها مباركة قابلة للخير والبذر والغراس وقييدر‬
‫فيها أقواتها وهو ما تحتاج أهلها إليه ميين الرزاق والميياكن‬
‫التي تزرع وتغرس يعنييي يييوم الثلثيياء والربعيياء فهمييا مييع‬
‫اليومين السابقين أربعة ولهذا قال‪} :‬في أربعة أيام سييواء‬
‫للسائلين{ أي لمن أراد السييؤال عيين ذلييك ليعلمييه وقييال‬
‫عكرمة ومجاهد في قوله عز وجل‪} :‬وقدر فيهييا أقواتهييا{‬
‫جعل في كل أرض ما ل يصييلح فييي غيرهييا ومنييه العصييب‬
‫باليمن والسييابوري بسييابور والطيالسية بيالري وقييال ابيين‬
‫عباس وقتادة والسدي في قوله تعالى‪} :‬سواء للسائلين{‬

‫‪107‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أي لمن أراد السؤال عن ذلك وقال ابن زيييد معنيياه وقييدر‬
‫فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسييائلين أي علييى وفييق‬
‫مراده من له حاجة إلى رزق أو حاجة فإن الله تعالى قييدر‬
‫له ما هو محتاج إليه وهييذا القييول يشييبه مييا ذكييروه فييي‬
‫قوله تعالى‪} :‬وآتاكم ميين كييل مييا سييألتموه{ واللييه أعلييم‬
‫وقييوله تبييارك وتعييالى‪} :‬ثييم اسييتوى إلييى السييماء وهييي‬
‫دخان{ وهو بخار الماء المتصاعد منه حييين خلقييت الرض‬
‫}فقال لها وللرض ائتيا طوعا ً أو كرهًا{ أي استجيبا لمري‬
‫وانفعل لفعلي طائعتين أو مكرهتين قال الثييوري عيين ابيين‬
‫جريج عن سليمان بن موسى عن مجاهد عيين ابيين عبيياس‬
‫في قوله تعالى‪} :‬فقال لها وللرض ائتيا طوعييا ً أو كره يًا{‬
‫قال‪ :‬قال الله تبارك وتعييالى للسييموات أطلعييي شمسييي‬
‫وقمييري والنجييوم وقييال للرض شييققي أنهييارك وأخرجييي‬
‫ثمارك }قالتا أتينا طائعين{ واختاره ابن جرير رحمييه اللييه‬
‫قالتا أتينا طائعين أي بل نسييتجيب لييك مطيعييين بمييا فينييا‬
‫مما تريد خلقه من الملئكة والجن والنس جميعا ً مطيعين‬
‫لك‪ ,‬حكاه ابن جرييير عيين بعييض أهييل العربييية قييال وقيييل‬
‫تنزيل ً لهن معاملة ميين يعقييل بكلمهمييا وقيييل إن المتكلييم‬
‫من الرض بذلك هو مكان الكعبة ومن السماء ما يسييامته‬
‫منها والله أعلم وقال الحسيين البصييري لوأبيييا عليييه أمييره‬
‫عليييه لعييذبهما عييذابا ً يجييدان ألمييه رواه ابيين أبييي حيياتم‬
‫}فقضيياهن سييبع سييموات فييي يييومين{ أي ففييرغ ميين‬
‫تسويتهن سبع سموات فييي يييومين أي آخرييين وهمييا يييوم‬
‫الخميس ويوم الجمعة }وأوحى في كل سماء أمرهييا{ أي‬
‫ورتب مقررا ً في كل سماء ما تحتاج إليه من الملئكة ومييا‬
‫فيها من الشياء التي ل يعلمها إل هو }وزينا السماء الييدنيا‬
‫بمصييابيح{ وهييي الكييواكب المنيييرة المشييرقة علييى أهييل‬
‫الرض }وحفظًا{ أي حرسا ً من الشياطين أن تستمع إلييى‬
‫المل العلى }ذلك تقدير العزيز العليييم{ أي العزيييز الييذي‬
‫قييد عييز كييل شيييء فغلبييه وقهييره العليييم بجميييع حركييات‬
‫المخلوقييات وسييكناتهم قييال ابيين جرييير حييدثنا هنيياد بيين‬
‫السري حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي سعيد البقال عيين‬

‫‪108‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عكرمة عن ابن عباس قال هناد‪ :‬قرأت سييائر الحييديث أن‬
‫اليهود أتت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عيين خلييق‬
‫السموات والرض فقال صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬خلييق‬
‫الله تعالى الرض يوم الحييد ويييوم الثنييين وخلييق الجبييال‬
‫يوم الثلثاء وما فيهن من منافع وخلق يوم الربعاء الشجر‬
‫والميياء والمييدائن والعمييران فهييذه أربعيية }قييل أئنكييم‬
‫لتكفرون بالذي خلق الرض في يومين وتجعلون له أنييدادا ً‬
‫ذلك رب العالمين * وجعل فيها رواسي من فوقهييا وبييارك‬
‫فيها وقدر فيها أقواتهيا فيي أربعية أييام سيواء للسيائلين{‬
‫لمن سأله قال وخلييق يييوم الخميييس السييماء وخلييق يييوم‬
‫الجمعيية النجييوم والشييمس والقميير والملئكيية إلييى ثلث‬
‫لفة على كييل شيييء‬ ‫ساعات بقيت منه وفي الثانية ألقى ا َ‬
‫مما ينتفع به الناس وفي الثالثيية آدم وأسييكنه الجنيية وأميير‬
‫إبليس بالسجود له وأخرجه منها في آخر ساعة« ثم قالت‬
‫اليهود ثم ماذا يا محمد قييال »ثييم اسييتوى علييى العييرش«‬
‫قالوا قد أصبت لو أتممت‪ ,‬قالوا ثم استراح‪ ,‬فغضب النبي‬
‫صلى الله عليه وسييلم غضييبا ً شييديدا ً فنييزل }ولقييد خلقنييا‬
‫السموات والرض وما بينهما في ستة أيام وما مسيينا ميين‬
‫لغوب * فاصبر على ما يقولون{ هذا الحييديث فيييه غرابيية‬
‫فأما حديث ابن جريج عن إسماعيل بن أمية عن أيوب بيين‬
‫خالد عن عبد الله بن رافع عن أبي هريرة رضي الله عنييه‬
‫قال أخذ رسول الله صلى الليه علييه وسيلم بييدي فقيال‪:‬‬
‫»خلق الله التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الحد‬
‫وخلييق الشييجر يييوم الثنييين وخلييق المكييروه يييوم الثلثيياء‬
‫وخلق النور يوم الربعاء وبث فيهييا الييدواب يييوم الخميييس‬
‫وخلق آدم بعد العصر يييوم الجمعيية آخيير الخلييق فييي آخيير‬
‫سيياعة ميين سيياعات يييوم الجمعيية فيمييا بييين العصيير إلييى‬
‫الليل« فقد رواه مسلم والنسائي في كتابيهما من حييديث‬
‫ابن جريج به وهو من غرائب الصحيح وقييد عللييه البخيياري‬
‫في التاريخ فقال رواه بعضهم عن أبي هريييرة رضييي اللييه‬
‫عنييييييه عيييييين كعييييييب الحبييييييار وهييييييو الصييييييح‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫** فَإن أ َعْرضوا ْ فَُق ْ َ‬
‫عَقةِ عَييادٍ‬ ‫صييا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْي َ‬ ‫ة ّ‬ ‫عَق ً‬ ‫صييا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل أنيذ َْرت ُك ُ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م أل ّ‬ ‫خل ِْفهِ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م وَ ِ‬ ‫ديهِ ْ‬ ‫ن أي ْ ِ‬ ‫من ب َي ْ ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫س ُ‬ ‫م الّر ُ‬ ‫جآَءت ْهُ ُ‬ ‫مود َ * إ ِذ ْ َ‬ ‫وَث َ ُ‬
‫مييآ‬ ‫ة فَإ ِن ّييا ب ِ َ‬ ‫مل َئ ِك َي ً‬ ‫ل َ‬ ‫شييآَء َرب ّن َييا لنيَز َ‬ ‫ه قَيياُلوا ْ ل َيوْ َ‬ ‫ت َعْب ُد ُوَا ْ إ ِل ّ الل ّ َ‬
‫ر‬ ‫ست َك ْب َُروا ْ‬ ‫َ‬ ‫كافرون * فَأ َ‬ ‫م ب ِهِ َ‬ ‫سل ْ‬ ‫أُ‬
‫ض ب ِغَي ِْ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫فا‬ ‫ٌ‬ ‫د‬ ‫عا‬‫َ‬ ‫ما‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن أَ َ‬
‫ذي‬ ‫ه ال ي ِ‬ ‫ن الل ّي َ‬ ‫م ي َيَروْا ْ أ ّ‬ ‫من ّييا قُيوّةً أوَل َي ْ‬ ‫شيد ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حقّ وََقاُلوا ْ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن*‬ ‫دو َ‬ ‫حيي ُ‬ ‫ج َ‬ ‫كيياُنوا ْ ِبآَيات َِنييا ي َ ْ‬ ‫م ُقييوّةً وَ َ‬ ‫من ُْهيي ْ‬ ‫شييد ّ ِ‬ ‫هييوَ أ َ َ‬ ‫م ُ‬ ‫خل ََقُهيي ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ذيَقهُ ْ‬ ‫ت ل ّن ُي ِ‬ ‫سييا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ي أي ّييام ٍ ن ّ ِ‬ ‫صييرا ً فِ ي َ‬ ‫صْر َ‬ ‫م ِريحا ً َ‬ ‫سل َْنا عَل َي ْهِ ْ‬ ‫فَأْر َ‬
‫َ‬ ‫حَياةِ الد ّن َْيا وَل َعَ َ‬
‫م‬‫هيي ْ‬ ‫خَزىَ وَ ُ‬ ‫خَرةِ أ ْ‬ ‫ب ال َ ِ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ي ِفي ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫خْز‬ ‫ب ال ْ ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫عَ َ‬
‫ى عَل َييى‬ ‫َ‬
‫مي َ‬ ‫حّبوا ْ ال ْعَ َ‬ ‫س يت َ َ‬ ‫م َفا ْ‬ ‫مود ُ فَهَد َي َْناهُ ْ‬ ‫ما ث َ ُ‬ ‫ن * وَأ ّ‬ ‫صُرو َ‬ ‫َ‬ ‫ل َ ُين‬
‫َ‬
‫ن*‬ ‫سُبو َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َك ْ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ب ال ُْهو ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ة ال ْعَ َ‬ ‫عَق ُ‬ ‫صا ِ‬ ‫م َ‬ ‫خذ َت ْهُ ْ‬ ‫ال ْهُد َىَ فَأ َ‬
‫من ُييييييييوا ْ وَك َيييييييياُنوا ْ يت ُّقييييييييو َ‬
‫ن‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫جي ْن َييييييييا ال ّيييييييي ِ‬ ‫وَن َ ّ‬
‫يقول تعالى قل يا محمد لهؤلء المشركين المكذبين بمييا‬
‫جئتهم به من الحق إن أعرضتم عمييا جئتكييم بييه ميين عنييد‬
‫الله تعالى فإني أنذركم حلول نقميية اللييه بكييم كمييا حلييت‬
‫بالمم الماضين من المكييذبين بالمرسييلين }صيياعقة مثييل‬
‫صاعقة عاد وثمود{ أي ومن شاكلهما ممن فعل كفعلهمييا‬
‫}إذ ْ جاءتهم الرسل من بين أييديهم ومين خلفهيم{ كقيوله‬
‫تعالى‪} :‬واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالحقاف وقييد خلييت‬
‫النذر من بين يديه ومن خلفييه{ أي فييي القييرى المجيياورة‬
‫لبلدهم بعث الله إليهم الرسل يأمرون بعبادة الله وحده ل‬
‫شريك له ومبشرين ومنذرين‪ ,‬ورأوا ما أحييل اللييه بأعييدائه‬
‫من النقم‪ ,‬وما ألبس أولياءه من النعم‪ ,‬ومع هذا مييا آمنييوا‬
‫ول صدقوا بل كذبوا وجحدوا وقالوا‪} :‬لو شيياء ربنييا لنييزل‬
‫ملئكة{ أي لو أرسل الله رسيل ً لكيانوا ملئكيية ميين عنييده‬
‫}فإنا بمييا أرسييلتم بييه{ أي أيهييا البشيير }كييافرون{ أي ل‬
‫نتبعكييم وأنتييم بشيير مثلنييا قييال اللييه تعييالى‪} :‬فأمييا عيياد‬
‫فاستكبروا في الرض بغير الحق{ أي بغوا وعتييوا وعصييوا‬
‫}وقييالوا ميين أشييد منييا قييوة ؟{ أي منييوا بشييدة تركيبهييم‬
‫وقواهم واعتقدوا أنهم يمتنعيون بهيا مين بيأس الليه }أليم‬
‫يرواأن الله الييذي خلقهييم هييو أشييد منهييم قييوة{ أي أفمييا‬
‫يتفكرون فيمن يبارزون بالعداوة فإنه العظيييم الييذي خلييق‬

‫‪110‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الشياء وركب فيها قواهيا الحاملية لهييا وأن بطشيه شيديد‬
‫كما قال عز وجل‪} :‬والسماء بنيناها بأيد وإنييا لموسييعون{‬
‫فبارزوا الجبار بالعداوة وجحدوا بآياته وعصوا رسله فلهييذا‬
‫قال‪} :‬فأرسلنا عليهم ريحا ً صرصييرًا{ قييال بعضييهم وهييي‬
‫شديدة الهبوب‪ ,‬وقيل الباردة‪ .‬وقيل هييي الييتي لهييا صييوت‬
‫والحق أنها متصفة بجميع ذلييك فإنهييا كييانت ريح يا ً شييديدة‬
‫قوية لتكون عقوبتهم من جنس ما اغييتروا بييه ميين قييواهم‬
‫وكييانت بيياردة شييديدة الييبرد جييدا ً كقييوله تعييالى‪} :‬بريييح‬
‫صرصر عاتية{ أي باردة شديدة وكانت ذات صوت مزعج‪,‬‬
‫ومنه سمي النهر المشييهور ببلد المشييرق صرصييرا ً لقييوة‬
‫صييوت جريييه‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬فييي أيييام نحسييات{ أي‬
‫متتابعات }سبع ليال وثمانية أيام حسومًا{ وكقييوله‪} :‬فييي‬
‫يوم نحييس مسييتمر{ أي ابتييدأوا العييذاب فييي يييوم نحييس‬
‫عليهم واستمر بهم هذا النحس }سييبع ليييال وثمانييية أيييام‬
‫حسومًا{ حتى أبادهم عن آخرهم واتصل بهم خييزي الييدنيا‬
‫لخرة ولهييذا قييال‪} :‬لنييذيقهم عييذاب الخييزي فييي‬ ‫بعذاب ا َ‬
‫لخييرة أخييزى{ أي أشييد خزييا ً لهييم‬ ‫الحياة الدنيا ولعييذاب ا َ‬
‫لخييرة كمييا لييم ينصييروا فييي‬ ‫}وهم ل ينصييرون{ أي فييي ا َ‬
‫الدنيا وما كان لهم من الله من واق يقيهييم العييذاب ويييدرأ‬
‫عنهم النكال‪ ,‬وقوله عز وجل‪} :‬وأما ثمود فهديناهم{ قييال‬
‫ابن عباس رضي الله عنهما وأبو العالية وسييعيد بيين جييبير‬
‫وقتادة والسدي وابن زيد‪ :‬بينا لهم‪ ,‬وقال الثوري دعونيياهم‬
‫}فاستحبوا العمى علييى الهييدى{ أي بصييرناهم وبينييا لهييم‬
‫ووضحنا لهم الحق على لسييان نييبيهم صييالح عليييه الصييلة‬
‫والسلم فخالفوه وكذبوه وعقييروا ناقيية اللييه تعييالى الييتي‬
‫جعلها آييية وعلميية علييى صييدق نييبيهم }فأخييذتهم صيياعقة‬
‫العذاب الهون{ أي بعييث اللييه عليهييم صيييحة ورجفيية وذل ً‬
‫وهوانا ً وعذابا ً ونكال ً }بما كانوا يكسبون{ أي من التكييذيب‬
‫والجحود }ونجينا الذين آمنييوا{ أي ميين بييين أظهرهييم لييم‬
‫يمسهم سوء ول نالهم من ذلك ضرر بل نجاهم الله تعالى‬
‫مع نييبيهم صييالح عليييه الصييلة والسييلم بتقييواهم للييه عييز‬
‫وجيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييل‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫** ويوم يح َ َ‬
‫ى‬ ‫حت ّي َ‬ ‫ن* َ‬ ‫م ُيوَزعُييو َ‬ ‫دآُء الل ّهِ إ َِلى الّنارِ فَهُ ْ‬ ‫شُر أعْ َ‬ ‫ََ ْ َ ُ ْ‬
‫جُلود ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫م وَ ُ‬ ‫صاُرهُ ْ‬ ‫م وَأب ْ َ‬ ‫معُهُ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫شهِد َ عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫جآُءو َ‬ ‫ما َ‬ ‫ذا َ‬ ‫إِ َ‬
‫م عَل َي ْن َييا قَييال ُوَا ْ‬ ‫شيِهدت ّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫م ل ِي َ‬ ‫جل ُييودِهِ ْ‬ ‫ن * وََقاُلوا ْ ل ِ ُ‬ ‫مُلو َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َعْ َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫ميّر ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫م أ َوّ َ‬ ‫كي ْ‬ ‫خل ََق ُ‬‫يٍء وَهُيوَ َ‬ ‫شي ْ‬ ‫ل َ‬ ‫كي ّ‬ ‫ذي َأنط َقَ ُ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫أنط ََقَنا الل ّ ُ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ش يهَد َ عَل َي ْك ُي ْ‬ ‫ن َأن ي َ ْ‬ ‫س يت َت ُِرو َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫كنت ُي ْ‬‫مييا ُ‬ ‫ن * وَ َ‬ ‫جعُييو َ‬ ‫وَإ ِل َي ْيهِ ت ُْر َ‬
‫سمعك ُم ول َ أ َبصارك ُم ول َ جُلودك ُم وَلـكن ظ َننتي َ‬
‫ه لَ‬ ‫ن الل ّي َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫ْ َ ُ ْ َ ُ ُ ْ َ ِ‬ ‫َ ْ ُ ْ َ‬
‫م‬ ‫ذي ظَننُتم ب َِرب ّك ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫م ال ِ‬ ‫َ‬
‫م ظن ّك ُ ُ‬ ‫ن * وَذ َل ِك ُ ْ‬ ‫ملو َ‬ ‫ُ‬ ‫ما ت َعْ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ً‬
‫م ك َِثيرا ّ‬ ‫ي َعْل َ ُ‬
‫صيب ُِروا ْ َفالن ّيياُر‬ ‫ُ‬ ‫أ َرداك ُيم فَأ َ‬
‫ن * فَيِإن ي َ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫ري‬ ‫ي‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫خا‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ص‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬
‫ن‬
‫معْت َِبيييي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫مييي َ‬ ‫هيييم ّ‬ ‫ميييا ُ‬ ‫سيييت َعْت ُِبوا ْ فَ َ‬ ‫م وَِإن ي َ ْ‬ ‫وى ل ُّهييي ْ‬ ‫مْثييي ً‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى‪} :‬ويييوم يحشيير أعييداء اللييه إلييى النييار فهييم‬
‫يوزعون{ أي اذكر لهؤلء المشييركين يييوم يحشييرون إلييى‬
‫النار يوزعون أي تجمع الزبانية أولهم على آخرهم كما قال‬
‫تبارك وتعالى‪} :‬ونسييوق المجرمييين إلييى جهنييم وردًا{ أي‬
‫عطاشًا‪ .‬وقوله عز وجل‪} :‬حتى إذا ما جاءوها{ أي وقفييوا‬
‫عليها }شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كييانوا‬
‫يعملون{ أي بأعمالهم ممييا قييدموه وأخييروه ل يكتييم منييه‬
‫حييرف }وقييالوا لجلييودهم لييم شييهدتم علينييا{ أي لمييوا‬
‫أعضاءهم وجلودهم حين شهدوا عليهم فعند ذلييك أجييابتهم‬
‫العضاء }قالوا أنطقنا اللييه الييذي َأنطييق كييل شيييء وهييو‬
‫خلقكييم أول مييرة{ أي فهييو ل يخييالف ول يمييانع وإليييه‬
‫ترجعون‪ .‬قال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا محمد بيين عبييد‬
‫الرحيم حدثنا علي بن قادم حدثنا شريك عن عبيد المكتب‬
‫عن الشعبي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ضييحك‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وابتسييم فقييال‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬أل تسييألوني عيين أي شيييء‬
‫ضحكت ؟« قالوا يا رسول الليه مين أي شييء ضيحكت ؟‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪» :‬عجبت من مجادلة العبد ربييه‬
‫يوم القيامة يقول أي ربي أليييس وعييدتني أن ل تظلمنييي‪,‬‬
‫قال بلى فيقول فإني ل أقبل علي شيياهدا ً إل ميين نفسييي‬
‫فيقييول اللييه تبييارك وتعييالى أوليييس كفييى بييي شييهيدا ً‬

‫‪112‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وبالملئكة الكرام الكاتبين ي قال ي فيردد هذا الكلم مييرارا ً‬
‫ي قال ي فيختم علييى فيييه وتتكلييم أركييانه بمييا كييان يعمييل‪,‬‬
‫فيقول بعدا ً لكن وسحقًا‪ ,‬عنكن كنت أجادل« ثييم رواه هييو‬
‫وابن أبي حاتم من حديث أبي عامر السييدي عيين الثييوري‬
‫عن عبيد المكتب عن فضيل بيين عمييرو عيين الشييعبي ثييم‬
‫قال ل نعلم رواه عن أنس رضييي اللييه عنييه غييير الشييعبي‬
‫وقد أخرجه مسلم والنسائي جميعا ً عن أبيي بكير بين أبيي‬
‫النضر عن عبيد الله بن عبد الرحمن الشجعي عن الثوري‬
‫به‪ .‬ثم قال النسييائي ل أعلييم أحييدا ً رواه عيين الثييوري غييير‬
‫الشجعي وليس كما قال كما رأيت والله أعلم‪ .‬وقال ابيين‬
‫أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييي حييدثنا أحمييد بيين إبراهيييم حييدثنا‬
‫إسماعيل بن علية عن يونس بن عبيد عن حميييد بيين هلل‬
‫قييال‪ :‬قييال أبييو بييردة‪ :‬قييال أبييو موسييى‪ :‬ويييدعى الكييافر‬
‫والمنييافق للحسيياب فيعييرض عليييه ربييه عييز وجييل عملييه‬
‫ي هذا الملك ما‬ ‫فيجحد ويقول أي رب وعزتك لقد كتب عل ّ‬
‫لم أعمل فيقول له الملك أما عملت كذا في يوم كذا فييي‬
‫مكان كذا ؟ فيقول ل وعزتك أي رب ما عملتييه قييال فييإذا‬
‫فعل ذلك ختم على فيه‪ ,‬قييال الشييعري رضييي اللييه عنييه‪:‬‬
‫فييإني لحسييب أول مييا ينطييق منييه فخييذه اليمنييى‪ .‬وقييال‬
‫الحافظ أبو يعلى حدثنا زهير حدثنا حسيين عيين ابيين لهيعيية‬
‫قال دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عنييه عيين‬
‫النبي صلى الله عليه وسيلم قيال‪» :‬إذا كيان ييوم القياميية‬
‫عرف الكافر بعمله فجحد وخاصييم فيقييول هييؤلء جيرانييك‬
‫يشييهدون عليييك فيقييول كييذبوا فيقييول أهلييك وعشيييرتك‬
‫فيقول كييذبوا فيقييول احلفييوا فيحلفييون ثييم يصييمتهم اللييه‬
‫تعالى وتشهد عليهم ألسيينتهم وييدخلهم النييار« وقييال ابين‬
‫أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي حييدثنا أحمييد بيين إبراهيييم حييدثنا عبييد‬
‫الصمد بن عبد الوارث قال‪ :‬سمعت أبي يقول حدثنا علييي‬
‫بن زيد عن مسلم بن صبيح أبي الضييحى عيين ابيين عبيياس‬
‫رضي الله عنهما أنه قال لبن الزرق إن يوم القيامة يأتي‬
‫على الناس منه حين ل ينطقون ول يعتذرون ول يتكلمييون‬
‫حتى يؤذن لهم ثم يؤذن لهييم فيختصييمون فيجحييد الجاحييد‬

‫‪113‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بشركه بالله تعالى فيحلفون له كما يحلفييون لكييم فيبعييث‬
‫اللييه تعييالى عليهييم حييين يجحييدون شييهداء ميين أنفسييهم‬
‫جلودهم وأبصارهم وأيديهم ويختم على أفواههم ثييم يفتييح‬
‫لهم الفواه فتخاصم الجوارح فتقول‪} :‬أنطقنييا اللييه الييذي‬
‫أنطق كل شيييء وهييو خلقكييم أول مييرة وإليييه ترجعييون{‬
‫فتقر اللسنة بعد الجحود‪ .‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حييدثنا أبييي‬
‫حدثنا عبدة بن سليمان حدثنا ابن المبييارك حييدثنا صييفوان‬
‫بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير الحضرمي‪ ,‬عيين رافييع‬
‫أبي الحسن قال وصف رجل ً جحد قال فيشيير الليه تعيالى‬
‫إلييى لسييانه فيربييو فييي فمييه حييتى يمله فل يسييتطيع أن‬
‫لرابييه كلهييا تكلمييي واشييهدي عليييه‬‫ينطق بكلمة ثم يقول َ‬
‫فيشهد عليه سمعه وبصييره وجلييده وفرجييه ويييداه ورجله‬
‫صنعنا عملنا فعلنا‪ .‬وقد تقدم أحاديث كثيرة وآثار عند قوله‬
‫تعالى في سورة يس }اليوم نختم على أفييواههم وتكلمنييا‬
‫أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسيبون{ بميا أغنيى عين‬
‫إعادته ههنا‪ .‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حييدثنا أبييي حييدثنا سييويد‬
‫بن سعيد حدثنا يحيى بن سليم الطائفي عن ابن خثيم عن‬
‫أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال‪ :‬لما‬
‫رجعت إلى رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم مهيياجرة‬
‫البحييير قيييال »أل تحيييدثون بأعييياجيب ميييا رأيتيييم بيييأرض‬
‫الحبشة ؟« فقال فتية منهم‪ :‬بلى يا رسول الله بينما نحيين‬
‫جلوس إذ مرت علينا عجييوز ميين عجييائز رهييابينهم تحمييل‬
‫على رأسها قلة من ماء فمرت بفتى منهييم فجعييل إحييدى‬
‫يديه بين كتفيها ثم دفعها فخرت علييى ركبتيهييا فانكسييرت‬
‫قلتها فلما ارتفعت التفتت إليه فقالت سوف تعلم يييا غييدر‬
‫لخرييين وتكلمييت‬ ‫إذا وضع الله الكرسييي وجمييع الولييين وا َ‬
‫اليييدي والرجييل بمييا كييانوا يكسييبون فسييوف تعلييم كيييف‬
‫أمري وأمرك عنده غدا ً ؟ قال يقول رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪» :‬صدقت صييدقت كيييف يقييدس اللييه قوم يا ً ل‬
‫يؤخذ لضعيفهم من شديدهم« هذا حديث غريييب ميين هييذا‬
‫الييوجه ورواه ابيين أبييي الييدنيا فييي كتيياب الهييوال حييدثنا‬
‫إسحاق بن إبراهيم حدثنا يحيى بن سليم به وقوله تعييالى‪:‬‬

‫‪114‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ول أبصاركم‬
‫ول جلودكم{ أي تقول لهم العضاء والجلود حين يلومونها‬
‫علييى الشييهادة عليهييم مييا كنتييم تكتمييون منييا الييذي كنتييم‬
‫تفعلييونه بييل كنتييم تجيياهرون اللييه بييالكفر والمعاصييي ول‬
‫تبالون منه في زعمكم لنكييم كنتييم ل تعتقييدون أنييه يعلييم‬
‫جميع أفعالكم ولهذا قال تعالى‪} :‬ولكن ظننتييم أن اللييه ل‬
‫يعلم كثيرا ً مما تعلمون * وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكييم‬
‫أرداكييم{ أي هييذا الظيين الفاسييد وهييو اعتقييادكم أن اللييه‬
‫تعالى ل يعلم كثيرا ً مما تعملون هو الذي أتلفكييم وأرداكييم‬
‫عنييد ربكييم }فأصييبحتم ميين الخاسييرين{ أي فييي مواقييف‬
‫القيامة خسرتم أنفسكم وأهليكم‪ .‬قال المام أحمييد حييدثنا‬
‫أبو معاوية حدثنا العمش عن عمارة عن عبد الرحمن بيين‬
‫يزيد عيين عبييد اللييه رضييي اللييه عنييه قيال‪ :‬كنييت مسييتترا ً‬
‫بأستار الكعبة فجاء ثلثة نفر قرشييي وختنيياه ثقفيييان ي ي أو‬
‫ثقفي وختناه قرشيان يي كييثير شييحم بطييونهم‪ ,‬قليييل فقييه‬
‫قلوبهم فتكلموا بكلم لم أسمعه‪ ,‬فقال أحدهم‪ :‬أتييرون أن‬
‫الله يسمع كلمنا هذا‪ ,‬فقييال ا َ‬
‫لخيير‪ :‬إنييا إذا رفعنييا أصييواتنا‬
‫لخر‪ :‬إن سمع منه‬ ‫سمعه وإذا لم نرفعه لم يسمعه فقال ا َ‬
‫شيئا ً سمعه كله ي قال ي فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه‬
‫وسلم فأنزل الله عز وجل }وما كنتم تسييتترون أن يشييهد‬
‫عليكم سمعكم ول أبصاركم ول جلودكم ي إلى قوله ي ي ميين‬
‫الخاسرين{ وهكذا رواه الترمذي عن هناد عن أبي معاوية‬
‫بإسناده نحوه‪ ,‬وأخرجه أحمد ومسلم والترمذي أيضييا ً ميين‬
‫حديث سفيان الثوري عن العمش عن عميارة بين عميير‬
‫عن وهب بن ربيعة عن عبد الله بن مسعود بنحوه‪ ,‬ورواه‬
‫البخاري ومسلم أيضا ً ميين حييديث السييفيانين كلهمييا عيين‬
‫منصور عن مجاهد عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة عن‬
‫ابن مسعود رضي الله عنه بييه وقييال عبييد الييرزاق‪ :‬حييدثنا‬
‫معمر عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صييلى‬
‫اللييه عليييه وسييلم فييي قييوله تعييالى‪} :‬أن يشييهد عليكييم‬
‫سمعكم ول أبصيياركم ول جلييودكم{ قييال‪» :‬إنكييم تييدعون‬
‫يوم القيامة مفدما ً على أفواهكم بالفدام فأول شيء يبين‬

‫‪115‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن أحدكم فخذه وكفه« قال معمر‪ :‬وتل الحسن }وذلكييم‬
‫ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكييم{ ثيم قييال‪ :‬قييال رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬قال الله تعالى أنا مييع عبييدي‬
‫عند ظنه بي وأنا معه إذا دعاني« ثييم افييتر الحسيين ينظيير‬
‫في هذا فقييال‪ :‬أل إنمييا عمييل النيياس علييى قييدر ظنييونهم‬
‫بربهم فأما المؤمن فأحسن الظيين بربييه فأحسيين العمييل‪,‬‬
‫وأما الكافر والمنافق فأساءا الظن بالله فأساءا العمل ثم‬
‫قال‪ :‬قييال اللييه تبييارك وتعييالى‪} :‬ومييا كنتييم تسييتترون أن‬
‫يشهد عليكم سمعكم ول أبصياركم يي إلييى قيوله يي وذلكييم‬
‫ظنكييم الييذي ظننتييم بربكييم أرداكييم{ ا َ‬
‫لييية‪ .‬وقييال المييام‬
‫أحمد‪ :‬حدثنا النضر بن إسماعيل القاص وهييو أبييو المغيييرة‬
‫حدثنا ابن أبي ليلى عن أبي الزبييير عيين جييابر رضييي اللييه‬
‫عنه قال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬ل‬
‫يموتن أحد منكم إل وهو يحسن بالله الظن فإن قوم يا ً قييد‬
‫أرداهم سوء ظنهم بالله فقال الله تعالى‪} :‬وذلكييم ظنكييم‬
‫الييذي ظننتييم بربكييم أرداكييم فأصييبحتم ميين الخاسييرين{‬
‫وقوله تعالى‪} :‬فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا‬
‫فمييا هييم ميين المعتييبين{ أي سييواء عليهييم صييبروا أم لييم‬
‫يصبروا هم في النار ل محيد لهم عنها ول خروج لهم منها‪,‬‬
‫وإن طلبوا ان يستعتبوا ويبدوا أعذارهم فما لهم أعييذار ول‬
‫تقال لهم عييثرات‪ .‬قييال ابيين جرييير‪ :‬ومعنييى قييوله تعييالى‪:‬‬
‫}وإن يستعتبوا{ أي يسألوا الرجعة إلييى الييدنيا فل جييواب‬
‫لهم قال وهذا كقوله تعالى إخبارا ً عنهم‪} :‬قالوا ربنا غلبت‬
‫علينا شقوتنا وكنا قوما ً ضالين * ربنا أخرجنا منها فإن عدنا‬
‫فإنيييا ظيييالمون * قيييال اخسيييئوا فيهيييا ول تكلميييون{‪.‬‬

‫** وقَيضنا ل َهم قُرنآَء فَزينوا ْ ل َهم ما بي َ‬


‫م‬ ‫خل َْفهُ ْ‬‫ما َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ديهِ ْ‬ ‫ن أي ْ ِ‬ ‫ّ َْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُّ‬ ‫َ ّ ْ َ ُ ْ َ َ‬
‫ُ‬
‫ن‬ ‫جي ّ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫مي َ‬ ‫م ّ‬ ‫من قَب ْل ِهِ ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫مم ٍ قَد ْ َ‬ ‫يأ َ‬ ‫ل فِ َ‬ ‫م ال َْقوْ ُ‬‫حقّ عَل َي ْهِ ُ‬ ‫وَ َ‬
‫ن ك ََف يُروا ْ ل َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ي ِ‬ ‫ن * وَقَييا َ‬ ‫ري َ‬ ‫سي ِ‬‫خا ِ‬ ‫م ك َيياُنوا ْ َ‬‫س إ ِن ّهُ ي ْ‬
‫َوال ِن ْي ِ‬
‫ن‬ ‫ذيَق ّ‬‫ن * فَل َن ُي ِ‬ ‫م ت َغْل ُِبو َ‬ ‫ن َوال ْغَوْا ْ ِفيهِ ل َعَل ّك ُ ْ‬ ‫ذا ال ُْقْرآ ِ‬‫مُعوا ْ ل َِهـ َ‬‫س َ‬‫تَ ْ‬
‫ذي ك َيياُنوا ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سيوَأ ال ّي ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫جزِي َن ّهُي ْ‬ ‫ديدا ً وَل َن َ ْ‬ ‫شي ِ‬ ‫ذابا ً َ‬‫ن ك ََفيُروا ْ عَي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬

‫‪116‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬
‫خل ْيدِ‬ ‫داُر ال ُ‬‫م ِفيهَييا َ‬ ‫دآِء الل ّهِ الّناُر ل َهُ ي ْ‬‫جَزآُء أعْ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ن * ذ َل ِ َ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ي َعْ َ‬
‫ن ك ََفيُروا ْ َرب ّن َييآ‬‫ذي َ‬ ‫دون * وَقَييال ال ّي ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ج َ‬‫كاُنوا ِبآيات َِنا ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫جَزآًء ب ِ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مَنا‬ ‫دا ِ‬ ‫ت أْقيي َ‬‫ح َ‬ ‫ما ت َ ْ‬‫جعَل ْهُ َ‬‫س نَ ْ‬
‫لن ِ‬ ‫ن َوا ِ‬ ‫ج ّ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫م َ‬‫ضل َّنا ِ‬ ‫نأ َ‬ ‫ّ‬
‫أرَِنا اللذ َي ْ ِ‬
‫ن‬
‫سيييييييييييييييييَفِلي َ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫مييييييييييييييييي َ‬ ‫كوَنيييييييييييييييييا ِ‬ ‫ل ِي َ ُ‬
‫يييذكر تعييالى أنييه هييو الييذي أضييل المشييركين وأن ذلييك‬
‫بمشيئته وكونه وقدرته وهو الحكيم في أفعيياله بمييا قيييض‬
‫لهم من القرناء من شياطين النس والجيين }فزينييوا لهييم‬
‫ما بين أيديهم وما خلفهم{ أي حسيينوا لهييم أعمييالهم فييي‬
‫الماضي وبالنسييبة إلييى المسييتقبل فلييم يييروا أنفسييهم إل‬
‫محسنين كما قال تعالى‪} :‬ومن يعييش عيين ذكيير الرحميين‬
‫نقيض له شيطانا ً فهييو لييه قرييين * وإنهييم ليصييدونهم عيين‬
‫السبيل ويحسبون أنهم مهتييدون{‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬وحييق‬
‫عليهم القول{ أي كلمة العييذاب كمييا حييق علييى أمييم قييد‬
‫خلت ميين قبلهييم ممين فعييل كفعلهييم مين الجين والنييس‬
‫}إنهم كانوا خاسرين{ أي استووا هم وإياهم فييي الخسييار‬
‫والدمار‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬وقال الذين كفروا ل تسمعوا لهذا‬
‫القرآن{ أي تواصوا فيمييا بينهييم أن ل يطيعييوا للقييرآن ول‬
‫ينقادوا لوامره }والغوا فيه{ أي إذا تلي ل تسمعوا له كما‬
‫قال مجاهد والغوا فيييه يعنييي بالمكيياء والصييفير والتخليييط‬
‫في المنطق على رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم إذا‬
‫قرأ القرآن قريش تفعله‪ ,‬وقال الضييحاك عيين ابيين عبيياس‬
‫}والغوا فيييه{ عيبييوه‪ ,‬وقييال قتييادة‪ :‬اجحييدوا بييه وأنكييروه‬
‫وعادوه}لعلكم تغلبون{ هذا حال هؤلء الجهلة من الكفييار‬
‫ومن سييلك مسييلكهم عنييد سييماع القييرآن وقييد أميير اللييه‬
‫سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بخلف ذلك فقييال تعييالى‪:‬‬
‫}وإذا قرييييء القيييرآن فاسيييتمعوا ليييه وأنصيييتوا لعلكيييم‬
‫ترحمون{ ثم قال عز وجل منتصرا ً للقرآن ومنتقم يا ً مميين‬
‫عاداه ميين أهييل الكفييران }فلنييذيقن الييذين كفييروا عييذابا ً‬
‫شييديدًا{ أي فييي مقابليية مييا اعتمييدوه فييي القييرآن وعنييد‬
‫سماعهم }ولنجرينهم أسوأ الذي كانوا يعملييون{ أي بشيير‬
‫أعمالهم وسيء أفعالهم }ذلك جزاء أعداء الليه النييار لهيم‬
‫فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون * وقال الذين‬

‫‪117‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كفروا ربنا أرنا اللذين أضييلنا ميين الجيين والنيس نجعلهميا‬
‫تحت أقدامنا ليكونا ميين السييفلين{ قييال سييفيان الثييوري‬
‫عن سلمة بن كهيل عن مالك بيين الحصييين الفييزاري عيين‬
‫أبيه عن علي رضي اللييه عنييه فييي قييوله تعييالى‪} :‬اللييذين‬
‫أضلنا{ قال إبليس وابن آدم الذي قتل أخاه‪ .‬وهكييذا روى‬
‫العوفي عن علي رضي الله عنه مثل ذلك‪ .‬وقال السييدي‬
‫عن علي رضي اللييه عنييه فييإبليس يييدعو بييه كييل صيياحب‬
‫شرك وابن آدم يدعو به كل صاحب كبيرة فإبليس الداعي‬
‫إلى كل شر من شرك فمادونه وابيين آدم الول كمييا ثبييت‬
‫في الحديث »ما قتلت نفس ظلما ً إل كييان علييى ابيين آدم‬
‫الول كفل من دمها لنه أول ميين سيين القتييل«‪ .‬وقييولهم‪:‬‬
‫}نجعلهما تحت أقدامنا{ أي أسفل منا في العييذاب ليكونييا‬
‫أشد عذابا ً منا ولهذا قالوا }ليكونا من السييفلين{ أي فييي‬
‫الدرك السفل من النار كما تقدم في العراف في سييؤال‬
‫التباع من الله تعييالى أن يعييذب قييادتهم أضييعاف عييذابهم‬
‫}قييال لكييل ضييعف ولكيين ل تعلمييون{ أي أنييه تعييالى قييد‬
‫أعطى كل ً منهم ما يستحقه من العييذاب والنكييال بحسييب‬
‫عمله وإفساده كما قال تعالى }الذين كفييروا وصييدوا عيين‬
‫سييبيل اللييه زدنيياهم عييذابا ً فييوق العييذاب بمييا كييانوا‬
‫يفسييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييدون{‪.‬‬

‫م‬ ‫ل عَل َي ْهِ ي ُ‬


‫موا ْ ت َت َن َيّز ُ‬ ‫س يت ََقا ُ‬
‫ما ْ‬ ‫ه ث ُي ّ‬‫ن قَيياُلوا ْ َرب ّن َييا الل ّي ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫** إ ِ ّ‬
‫جن ّيةِ ال ّت ِييي ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫كنت ُي ْ‬ ‫ش يُروا ْ ِبال ْ َ‬‫حَزُنوا ْ وَأب ْ ِ‬ ‫خاُفوا ْ وَل َ ت َ ْ‬ ‫ة أل ّ ت َ َ‬ ‫مل َئ ِك َ ُ‬‫ال ْ َ‬
‫توعَدون * نح َ‬
‫ة‬
‫خيَر ِ‬ ‫حي َيياةِ اليد ّن َْيا وَفِييي ال َ ِ‬ ‫م فِييي ال ْ َ‬ ‫ن أوْل َِيآؤُك ُ ْ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ن * ن ُُزل ً‬ ‫عو َ‬‫ما ت َد ّ ُ‬ ‫م ِفيَها َ‬ ‫م وَل َك ُ ْ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ي أنُف ُ‬ ‫شت َهِ َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫م ِفيَها َ‬ ‫وَل َك ُ ْ‬
‫حييييييييييييييييييييم ٍ‬ ‫ن غَُفيييييييييييييييييييورٍ ّر ِ‬ ‫مييييييييييييييييييي ْ‬ ‫ّ‬
‫يقول تعالى‪} :‬إن الذين قالوا ربنا الله ثم اسييتقاموا{ أي‬
‫أخلصوا العمل لله وعملوا بطاعة الله تعالى على ما شرع‬
‫الله لهم قال الحافظ أبو يعلييى الموصييلي‪ :‬حييدثنا الجييراح‬
‫حدثنا سلم بن قتيبة أبو قتيبة الشييعيري حييدثنا سييهيل بيين‬
‫أبي حزم حدثنا ثابت عن أنس بيين مالييك رضييي اللييه عنييه‬

‫‪118‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال‪ :‬قرأ علينا رسييول الليه صيلى الليه علييه وسيلم هيذه‬
‫لية‪} :‬إن الذين قالوا ربنا اللييه ثييم اسييتقاموا{ قييد قالهييا‬ ‫ا َ‬
‫ناس ثم كفر أكثرهم فمن قالها حتى يمييوت فقييد اسييتقام‬
‫عليها‪ ,‬وكذا رواه النسائي في تفسيره والبزار وابيين جرييير‬
‫عن عمرو بن علي الفلس عن سييلم بيين قتيبيية بييه‪ .‬وكييذا‬
‫رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن الفلس بييه‪ .‬ثييم قييال ابيين‬
‫جرير‪ :‬حدثنا ابن بشار حييدثنا عبييد الرحميين حييدثنا سييفيان‬
‫عن أبي إسحاق عن عامر بن سعد عن سييعيد بيين نمييران‬
‫قال‪ :‬قرأت عند أبييي بكيير الصييديق رضييي اللييه عنييه هييذه‬
‫لية‪} :‬إن الذين قالوا ربنييا اللييه ثييم اسييتقاموا{ قييال هييم‬ ‫ا َ‬
‫الذين لم يشركوا بالله شيئا ً ثم روى من حديث السود بن‬
‫هلل قال‪ :‬قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه ما تقولييون‬
‫لية‪} :‬إن الذين قييالوا ربنييا اللييه ثييم اسييتقاموا{‬ ‫في هذه ا َ‬
‫قال فقالوا‪} :‬ربنا الله ثم استقاموا{ من ذنب فقييال‪ :‬لقييد‬
‫حملتموه على غير المحمل قييالوا ربنييا اللييه ثييم اسييتقاموا‬
‫فلييم يلتفتييوا إلييى إليه غيييره‪ .‬وكييذا قييال مجاهييد وعكرميية‬
‫والسدي وغير واحد وقال ابن أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييو عبييد‬
‫ي عيين الحكييم‬ ‫الله الظهراني أخبرنا حفص بن عميير العييدل ّ‬
‫بن أبان عن عكرمة قال سئل ابن عباس رضي الله عنهما‬
‫أي آية في كتاب الله تبييارك وتعييالى أرخييص ؟ قييال قييوله‬
‫تعالى‪} :‬إن الييذين قييالوا ربنييا اللييه ثييم اسييتقاموا{ علييى‬
‫شهادة أن ل إله إل الله‪ .‬وقال الزهري‪ :‬تل عمر رضي الله‬
‫لية علييى المنييبر ثييم قييال اسييتقاموا واللييه للييه‬ ‫عنه هذه ا َ‬
‫بطييييييياعته وليييييييم يروغيييييييوا روغيييييييان الثعيييييييالب‪.‬‬
‫وقال علي بين أبيي طلحية عين ابين عبياس رضيي الليه‬
‫عنهما }قالوا ربنا الله ثييم اسييتقاموا{ علييى أداء فرائضييه‪,‬‬
‫وكذا قال قتادة‪ :‬قال وكان الحسن يقيول اللهيم أنيت ربنيا‬
‫فارزقنييا السييتقامة‪ ,‬وقييال أبييو العالييية }ثييم اسييتقاموا{‬
‫أخلصييييييييييييوا لييييييييييييه الييييييييييييدين والعمييييييييييييل‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا هشيييم حييدثنا يعلييى بيين عطيياء‬
‫عن عبد الله بن سفيان الثقفي عن أبيييه أن رجل ً قييال‪ :‬يييا‬
‫رسول الله مرنييي بييأمر فييي السييلم ل أسييأل عنييه أحييدا ً‬

‫‪119‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بعدك قال صلى الليه علييه وسيلم‪» :‬قيل آمنيت بيالله ثيم‬
‫اسييتقم« قلييت فمييا أتقييي ؟ فأومييأ إلييى لسييانه‪ .‬ورواه‬
‫النسائي من حديث شعبة عن يعلى بن عطاء به‪ .‬ثييم قييال‬
‫أحمييد‪ :‬حييدثنا يزيييد بيين هييارون أخبرنييا إبراهيييم بيين سييعد‬
‫حدثني ابن شهاب عن محمد بيين عبييد الرحميين بيين ميياعز‬
‫الغامدي عن سفيان بيين عبيد الليه الثقفييي قيال‪ :‬قلييت ييا‬
‫رسول الله حدثني بأمر أعتصم بييه قييال صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم »قل ربي الله ثم استقم« قلت‪ :‬يا رسييول اللييه مييا‬
‫أكثر ما تخيياف علييي ؟ فأخييذ رسييول اللييه بطييرف لسييان‬
‫نفسه ثم قال‪» :‬هذا« وهكذا رواه الترمذي وابن ماجه من‬
‫حييديث الزهييري بييه وقييال الترمييذي حسيين صييحيح‪ .‬وقييد‬
‫أخرجه مسلم في صحيحه والنسائي من حديث هشام بيين‬
‫عروة عن أبيه عن سفيان بن عبد الله الثقفي قييال‪ :‬قلييت‬
‫يا رسول الله قل لي في السلم قول ً ل أسأل عنييه أحييدا ً‬
‫بعدك قال صلى الليه علييه وسيلم‪» :‬قيل آمنيت بيالله ثيم‬
‫استقم« وذكر تمام الحديث‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬تتنزل عليهييم‬
‫الملئكة{ قال مجاهد والسدي وزيد بن أسلم وابنه‪ :‬يعنييي‬
‫عند المييوت قييائلين }أن ل تخييافوا{ قييال مجاهدوعكرميية‬
‫لخييرة }ول‬ ‫وزيد بن أسلم أي مما تقدمون عليه من أميير ا َ‬
‫تحزنوا{ على ما خلفتموه من أميير الييدنيا ميين ولييد وأهييل‬
‫ومال أو دين فإنا نخلفكم فيه }وأبشروا بالجنة التي كنتييم‬
‫توعدون{ فيبشرونهم بذهاب الشر وحصييول الخييير‪ :‬وهييذا‬
‫كمييا جيياء فييي حييديث الييبراء رضييي اللييه عنييه قييال‪» :‬إن‬
‫الملئكة تقول لروح المؤمن اخرجييي أيتهييا الييروح الطيبيية‬
‫في الجسد الطيب كنت تعمرينه اخرجي إلى روح وريحان‬
‫ورب غير غضييبان« وقيييل إن الملئكيية تتنييزل عليهييم يييوم‬
‫خروجهم ميين قبييورهم حكيياه ابيين جرييير عيين ابيين عبيياس‬
‫والسدي‪ .‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبو زرعيية حييدثنا عبييد‬
‫السلم بن مطهر حدثنا جعفيير بيين سييليمان قييال سييمعت‬
‫ثابتا ً قرأ سورة حم السجدة حتى بلغ }إن الذين قالوا ربنييا‬
‫الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملئكة{ فوقف فقال بلغنا‬
‫أن العبد المؤمن حين يبعثه اللييه تعييالى ميين قييبره يتلقيياه‬

‫‪120‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الملكان اللذان كانا معييه فييي الييدنيا فيقييولن ل تخييف ول‬
‫تحزن }وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون{ قييال فيضييمن‬
‫من الله تعالى خوفه ويقر عينه فما عظيمة يخشى النيياس‬
‫يوم القيامة إل هي للمؤمن قرة عين لما هداه الله تبييارك‬
‫وتعالى ولما كان يعمييل فييي الييدنيا وقييال زيييد بيين أسييلم‪:‬‬
‫يبشرونه عند موته وفي قبره وحين يبعييث‪ .‬رواه ابيين أبييي‬
‫حاتم وهذا القول يجمع القوال كلها وهو حسيين جييدا ً وهييو‬
‫الواقع‪ .‬وقوله تبارك وتعالى‪} :‬نحيين أولييياؤكم فييي الحييياة‬
‫لخييرة{ أي تقييول الملئكيية للمييؤمنين عنييد‬ ‫الييدنيا وفييي ا َ‬
‫الحتضييار نحيين كنييا أولييياءكم فييي الحييياة الييدنيا نسييددكم‬
‫ونوفقكم ونحفظكم ونوفقكم ونحفظكم بأمر الله وكييذلك‬
‫لخرة نؤنس منكم الوحشيية فييي القبييور‬ ‫نكون معكم في ا َ‬
‫وعند النفخيية فييي الصييور ونييؤمنكم يييوم البعييث والنشييور‬
‫ونجاوز بكم الصراط المستقيم ونوصلكم إلى جنات النعيم‬
‫}ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم{ أي في الجنة ميين جميييع‬
‫ما تختارون مما تشييتهيه النفييوس وتقربييه العيييون }ولكييم‬
‫فيها ما تدعون{ أي مهما طلبتم وجدتم وحضر بين أيديكم‬
‫كما اخترتم }نزل ً من غفور رحيم{ أي ضيافة وعطياء مين‬
‫غفور لذنوبكم رحيم بكم رؤوف حيييث غفيير وسييتر ورحييم‬
‫ولطف‪ .‬وقد ذكر ابن أبي حيياتم ههنييا حييديث سييوق الجنيية‬
‫عند قوله تعالى‪} :‬ولكم فيهييا مييا تشييتهي أنفسييكم ولكييم‬
‫فيها ما تدعون نزل ً ميين غفييور رحيييم{ فقييال‪ :‬حييدثنا أبييي‬
‫حدثنا هشام بن عمار حدثنا عبد الحميد بن حبيب بيين أبييي‬
‫العشرين أبي(سييعيد حييدثنا الوزاعييي حييدثني حسييان بيين‬
‫عطية عن سعيد بن المسيب أنه لقي أبا هريرة رضي الله‬
‫عنه فقال أبو هريرة رضي الله عنييه أسييأل اللييه أن يجمييع‬
‫بيني وبينك في سوق الجنة فقال سييعيد‪ :‬أو فيهييا سييوق ؟‬
‫فقال‪ :‬نعم أخبرني رسييول اللييه أن أهييل الجنيية إذا دخلييوا‬
‫فيها ونزلوا بفضل أعمييالهم فيييؤذن لهييم فييي مقييدار يييوم‬
‫الجمعة من أيام الدنيا فيزورون الله عز وجييل ويييبرز لهييم‬
‫عرشه ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة ويوضع لهم‬
‫منابر من نور ومنابر من لؤلييؤ ومنييابر ميين ييياقوت ومنييابر‬

‫‪121‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من زبرجييد ومنييابر ميين ذهييب ومنييابر ميين فضيية ويجلييس‬
‫أدناهم وما فيهم دنيء علييى كثبييان المسييك والكييافور مييا‬
‫يرون أصحاب الكراسييي بأفضييل منهييم مجلسيًا‪ .‬قييال أبييو‬
‫هريرة رضي الله عنه قلت يا رسول الله وهييل نييرى ربنييا‪,‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪» :‬نعم‪ ,‬هييل تمييارون فييي رؤييية‬
‫الشمس والقمر ليلة البدر« قلنا ل ‪ ,‬قال صلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬فكذلك ل تمارون في رؤية ربكم تعالى ول يبقييى‬
‫في ذلك المجلس أحد إل حاضره الله محاضييرة حييتى إنييه‬
‫ليقول للرجل منهم يا فلن بن فلن أتذكر يوم عملت كييذا‬
‫وكذا يذكره غدراته فييي الييدنيا ي ي أي رب أفلييم تغفيير لييي‪,‬‬
‫فيقول بلى‪ ,‬فبسعة مغفرتي بلغت منزلتك هييذه ي ي قييال ي ي‬
‫فبينما هم على ذلك غشيتهم سحابة من فوقهم فييأمطرت‬
‫عليهم طيبا ً لم يجدوا مثل ريحه شيئا ً قط ي قال ي ثم يقول‬
‫ربنا عز وجييل قومييوا إلييى مييا أعييددت لكييم ميين الكراميية‬
‫وخذوا مااشتهيتم‪ ,‬قال فنأتي سوقا ً قد حفت بييه الملئكيية‪,‬‬
‫لذان ولييم‬ ‫فيها ما لم تنظر العيون إلى مثلييه ولييم تسييمع ا َ‬
‫يخطر على القلوب قال فيحمل لنا ما اشييتهينا ليييس يبيياع‬
‫فيه شيء ول يشترى وفي ذلك السوق يلقييى أهييل الجنيية‬
‫بعضييهم بعض يًا‪ .‬قييال فيقبييل الرجييل ذو المنزليية الرفيعيية‬
‫فيلقى من هو دونه‪ .‬وما فيهم دنيء فيروعه ما يييرى عليييه‬
‫من اللباس فما ينقضي آخر حديثه حتى يتمثل عليه أحسن‬
‫منه وذلك لنه ل ينبغي لحد أن يحزن فيها ثم ننصرف إلى‬
‫منازلنا فيتلقانا أزواجنا فيقلن مرحبا ً وأهل ً بحبيبنا لقد جئت‬
‫وإن بيك ميين الجمييال والطيييب أفضيل ممييا فارقتنييا عليييه‬
‫فيقول إنا جالسنا اليوم ربنا الجبييار تبييارك وتعييالى وبحقنييا‬
‫أن ننقلب بمثل ما انقلبنا به« وقد رواه الترمذي في صفة‬
‫الجنة من جامعه عن محمد بن إسييماعيل عيين هشييام بيين‬
‫عمار ورواه ابن ماجة عن هشام بن عمار به نحوه ثم قال‬
‫الترمذي هذا حييديث غريييب ل نعرفييه إل ميين هييذا الييوجه‪,‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا ابن أبي عدي عن حميد عن أنس‬
‫رضي الله عنييه قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء‬

‫‪122‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله كره الله لقاءه« قلنا يا رسول الله‪ :‬كلنا نكره المييوت‬
‫قال صلى الله عليه وسييلم‪» :‬ليييس ذلييك كراهييية المييوت‬
‫ولكن المؤمن إذا حضر جاءه البشير من اللييه تعييالى بمييا‬
‫هو صائر إليه فليس شيء أحب إليه من أن يكون قد لقي‬
‫الله تعييالى فييأحب اللييه لقيياءه يي قييال يي وإن الفيياجر يي أو‬
‫الكافر ي إذا حضر جاءه بما هو صائر إليه ميين الشيير أو مييا‬
‫يلقى من الشر فكره لقاء اللييه فكييره اللييه لقيياءه« وهييذا‬
‫حديث صحيح وقد ورد في الصييحيح ميين غييير هييذا الييوجه‪.‬‬

‫صاِلحا ً وََقا َ‬ ‫** وم َ‬


‫ل‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫عآ إ َِلى الل ّهِ وَعَ ِ‬ ‫من د َ َ‬ ‫م ّ‬‫ن قَوْل ً ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ة اد ْفَ ْ‬
‫ع‬ ‫سي ّئ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ة وَل ال ّ‬ ‫سن َ ُ‬
‫ح َ‬ ‫ْ‬
‫وي ال َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫َ‬
‫ن * وَل ت َ ْ‬ ‫مي َ‬‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ُ‬ ‫م َ‬‫إ ِن ِّني ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫ه وَل ِي ّ‬ ‫داوَةٌ ك َيأن ّ ُ‬ ‫ه ع َي َ‬ ‫ك وَب َي ْن َي ُ‬‫ذي ب َي ْن َي َ‬ ‫ذا ال ّ ِ‬‫ن فَإ ِ َ‬‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ِبال ِّتي هِ َ‬
‫ظ‬ ‫حي ّ‬ ‫ذو َ‬ ‫ما ي ُل َّقاهَييآ إ ِل ّ ُ‬ ‫صب َُروا ْ وَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬‫ها إ ِل ّ ال ّ ِ‬ ‫ما ي ُل َّقا َ‬ ‫م * وَ َ‬ ‫مي ٌ‬
‫ح ِ‬
‫َ‬
‫ست َعِذ ْ ِبالل ّهِ إ ِّنيي ُ‬
‫ه‬ ‫ن ن َْزغٌ َفا ْ‬ ‫طا ِ‬‫شي ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ما َينَزغَن ّ َ‬ ‫ظيم ٍ * وَإ ِ ّ‬ ‫عَ ِ‬
‫ميعُ ال ْعَِلييييييييييييييييييي ُ‬
‫م‬ ‫سيييييييييييييييييي ِ‬ ‫هييييييييييييييييييوَ ال ّ‬ ‫ُ‬
‫يقول عز وجل‪} :‬ومن أحسن قول ً ممن دعييا إلييى اللييه{‬
‫أي دعييا عبيياد اللييه إليييه }وعمييل صييالحا ً وقييال إننييي ميين‬
‫المسييلمين{ أي هييو فييي نفسييه مهتييد بمييا يقييوله فنفعييه‬
‫لنفسه ولغيره لزم ومتعد وليييس هييو ميين الييذين يييأمرون‬
‫بالمعروف ول يأتونه وينهون عن المنكر ويأتونه بييل يييأتمر‬
‫بييالخير ويييترك الشيير ويييدعو الخلييق إلييى الخييالق تبييارك‬
‫وتعالى وهذه عامة في كل من دعييا إلييى الخييير وهييو فييي‬
‫نفسه مهتييد ورسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم أولييى‬
‫الناس بذلك كميا قيال محميد بين سييرين والسيدي وعبيد‬
‫الرحمن بيين زيييد بيين أسييلم‪ ,‬وقيييل المييراد بهييا المؤذنييون‬
‫الصلحاء كما ثبييت فييي صييحيح مسييلم »المؤذنييون أطييول‬
‫الناس أعناقا ً يوم القيامة« وفي السيينن مرفوع يا ً »المييام‬
‫ضيييامن والميييؤذن ميييؤتمن فأرشيييد الليييه الئمييية وغفييير‬
‫للمؤذنين« وقال ابن أبييي حيياتم حييدثنا علييي بيين الحسييين‬
‫حدثنا محمد بن الهروي حدثنا غسان قاضي هراة وقال أبو‬
‫زرعة‪ :‬حدثنا إبراهيم بن طهمان عن مطر عن الحسن عن‬

‫‪123‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سعد بن أبييي وقيياص رضييي اللييه عنييه أنييه قييال‪» :‬سييهام‬
‫المؤذنين عند الله تعالى يوم القياميية كسييهام المجاهييدين‬
‫لذان والقامة كالمتشحط في سبيل الله تعييالى‬ ‫وهو بين ا َ‬
‫في دمه« قال‪ :‬وقال ابن مسعود رضي الله عنه لييو كنييت‬
‫مؤذنا ً ما باليت أن ل أحج ول أعتمر ول أجاهد قييال‪ :‬وقييال‬
‫عمر بن الخطاب رضي اللييه عنييه‪ :‬لييو كنييت مؤذنيا ً لكمييل‬
‫أمري وما باليت أن ل أنتصب لقيام الليل ول لصيام النهييار‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسييلم يقييول‪» :‬اللهييم‬
‫اغفر للمؤذنين« ثلثًا‪ ,‬قيال‪ :‬فقلييت يييا رسييول اللييه تركتنييا‬
‫ونحن نجتلد علييى الذان بالسيييوف قييال صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬كل يا عمر إنه سيأتي على الناس زمييان يييتركون‬
‫الذان على ضعافهم وتلك لحوم حرمها الله عز وجل على‬
‫النار لحوم المؤذنين« قال وقالت عائشة رضي اللييه عنهييا‬
‫لييية }وميين أحسيين قييول ً مميين دعييا إلييى اللييه‬
‫ولهم هذه ا َ‬
‫وعمييل صييالحا ً وقييال إننييي ميين المسييلمين{ قييالت‪ :‬فهييو‬
‫المؤذن إذا قال حي على الصلة فقد دعا إلى اللييه وهكييذا‬
‫قال ابن عمر رضي الليه عنهمييا وعكرمية إنهييا نزلييت فيي‬
‫المؤذنين وقد ذكر البغوي عن أبييي أماميية البيياهلي رضييي‬
‫الله عنه أنه قال في قوله عييز وجييل وعمييل صييالحا ً يعنييي‬
‫صلة ركعتين بين الذان والقامة‪ .‬ثييم أورد البغييوي حييديث‬
‫عبد الله بن المغفل رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬بين كل أذانين ي صلة ي ي ثييم قييال‬
‫في الثالثة ي لمن شاء« وقييد أخرجييه الجماعيية فييي كتبهييم‬
‫من حديث عبد الله بن بريدة عنه وحديث الثوري عن زيييد‬
‫العمي عن أبي إياس معاوية بن قرة عن أنييس بيين مالييك‬
‫رضي الله عنه قال قال الثوري‪ :‬ل أراه إل قييد رفعييه إلييى‬
‫النبي صيلى الليه علييه وسيلم »اليدعاء ل ييرد بيين الذان‬
‫والقامة« ورواه أبو داود والترمييذي والنسييائي فييي اليييوم‬
‫والليلة كلهم من حييديث الثييوري بييه وقييال الترمييذي‪ :‬هييذا‬
‫حديث حسيين‪ ,‬ورواه النسييائي أيضيا ً ميين حييديث سييليمان‬
‫لية عامة في‬ ‫التيمي عن قتادة عن أنس به‪ .‬والصحيح أن ا َ‬
‫لييية فييإنه لييم‬‫المؤذنين وفي غيرهم فأما حال نزول هييذه ا َ‬

‫‪124‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يكن الذان مشروعا ً بالكلية لنها مكييية والذان إنمييا شييرع‬
‫بالمدينيية بعييد الهجييرة حييين أريييه عبييد اللييه بيين عبييد ربييه‬
‫النصاري رضي الله عنه فييي منييامه فقصييه علييى رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم فأمره أن يلقيه على بلل رضي‬
‫اللييه عنييه فييإنه أنييدى صييوتا ً كمييا هييو مقييرر فييي موضييعه‬
‫فالصحيح إذن أنها عامة كما قال عبييد الييرزاق عيين معميير‬
‫لية }وميين أحسيين قييول ً‬ ‫عن الحسن البصري أنه تل هذه ا َ‬
‫مميين دعييا إلييى اللييه وعمييل صييالحا ً وقييال إننييي ميين‬
‫المسلمين{ فقال هذا حبيب الله هذا ولي الله هذا صييفوة‬
‫الله هذا خيرة الله هذا أحب أهييل الرض إلييى اللييه أجيياب‬
‫الله في دعوته ودعا الناس إلى مييا أجيياب اللييه فيييه ميين‬
‫دعوته وعمل صالحا ً في إجابته وقال إنني ميين المسييلمين‬
‫هذا خليفيية اللييه‪ ,‬وقييوله تعييالى‪} :‬ول تسييتوي الحسيينة ول‬
‫السيئة{ أي فرق عظيم بين هذه وهذه }ادفييع بييالتي هييي‬
‫أحسن{ أي من أساء إليك فادفعه عنك بالحسان إليه كما‬
‫قال عمر رضي الله عنه‪ :‬ما عاقبت من عصييى اللييه فيييك‬
‫بمثييييييييييييل أن تطيييييييييييييع اللييييييييييييه فيييييييييييييه‪.‬‬
‫وقوله عز وجل‪} :‬فإذا الذي بينك وبينه عداوة كييأنه ولييي‬
‫حميم{ وهو الصديق إذا أحسنت إلى من أساء إليك قييادته‬
‫تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك ومحبتك والحنو عليك حتى‬
‫يصير كأنه ولييي لييك حميييم أي قريييب إليييك ميين الشييفقة‬
‫عليك والحسان إليك‪ ,‬ثم قال عييز وجييل‪} :‬ومييا يلقاهييا إل‬
‫الذين صبروا{ أي وما يقبل هذه الوصية ويعمل بها إل من‬
‫صبر على ذلك فإنه يشق على النفوس }وما يلقاهييا إل ذو‬
‫حظ عظيم{ أي ذو نصيب وافيير ميين السييعادة فييي الييدنيا‬
‫لخرة‪ ,‬قال علييي بيين أبييي طلحيية عيين ابيين عبيياس فييي‬ ‫وا َ‬
‫لية‪ :‬أمر الله المؤمنين بالصييبر عنييد الغضييب‬ ‫تفسير هذه ا َ‬
‫والحلم عند الجهل والعفيو عنييد السياءة فييإذا فعليوا ذليك‬
‫عصمهم الله من الشيطان وخضع لهم عييدوهم كييأنه ولييي‬
‫حميم‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬وإمييا ينزغنييك ميين الشيييطان نييزغ‬
‫فاستعذ بالله{ أي أن شيطان النس ربما ينخدع بالحسان‬
‫إليه فأما شيطان الجيين فييإنه ل حيليية فيييه إذا وسييوس إل‬

‫‪125‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الستعاذة بخالقة الذي سلطه عليييك فييإذا اسييتعذت بييالله‬
‫والتجأت إليه كفه عنك ورد كيييده‪ ,‬وقييد كييان رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم إذا قام إلييى الصييلة يقييول‪» :‬أعييوذ‬
‫بييالله السييميع العليييم ميين الشيييطان الرجيييم ميين همييزه‬
‫ونفخه ونفثه«‪ ,‬وقد قدمنا أن هذا المقام ل نظييير لييه فييي‬
‫القرآن إل في سورة العراف عند قوله تعالى‪} :‬خذ العفو‬
‫وأمر بالعرف وأعرض عيين الجيياهلين * وإمييا ينزغنييك ميين‬
‫الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم{ وفييي سييورة‬
‫المؤمنين عند قوله‪} :‬ادفع بالتي هي أحسن السيييئة نحيين‬
‫أعلييم بمييا يصييفون * وقييل رب أعييوذ بييك ميين همييزات‬
‫الشييييييياطين * وأعييييييوذ بييييييك رب أن يحضييييييرون{‪.‬‬

‫دوا ْ‬‫ج ُ‬ ‫سي ُ‬ ‫ميُر ل َ ت َ ْ‬ ‫س َوال َْق َ‬ ‫م ُ‬ ‫شي ْ‬ ‫ل َوالن َّهياُر َوال ّ‬ ‫ن آَيات ِهِ الل ّي ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫** وَ ِ‬
‫م إ ِّياهُ‬ ‫كنت ُ ْ‬‫ن ِإن ُ‬ ‫خل ََقهُ ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫دوا ْ ل ِل ّهِ ال ّ ِ‬
‫ج ُ‬‫س ُ‬ ‫مرِ َوا ْ‬ ‫س وَل َ ل ِل َْق َ‬ ‫م ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ِلل ّ‬
‫ن ل َي ُ‬
‫ه‬ ‫حو َ‬ ‫سيب ّ ُ‬‫ك يُ َ‬ ‫عنيد َ َرب ّي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫سيت َك ْب َُروا ْ َفال ّي ِ‬ ‫نا ْ‬ ‫ن * فَإ ِ ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ت َعْب ُ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ك ت َيَرى‬ ‫ن آي َييات ِهِ أن ّي َ‬ ‫مي ْ‬ ‫ن * وَ ِ‬ ‫مو َ‬ ‫س يأ ُ‬‫م ل َ يَ ْ‬ ‫ل َوالن ّهَييارِ وَهُي ْ‬ ‫ِبالل ّي ْي ِ‬
‫ة ف َ يإ َ َ‬
‫ن‬‫ت إِ ّ‬ ‫ت وََرب َي ْ‬ ‫مييآَء اهْت َيّز ْ‬ ‫ذآ أنَزل ْن َييا عَل َي ْهَييا ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫شعَ ً‬ ‫خا ِ‬‫ض َ‬ ‫الْر َ‬
‫ميوْت َى إ ِن ّي ُ َ‬ ‫َ‬
‫ديٌر‬ ‫يٍء قَي ِ‬ ‫شي ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ى ك ُي ّ‬ ‫ه عَلي َ‬ ‫َ‬ ‫ى ال ْ َ‬ ‫حي ِ‬ ‫م ْ‬‫حَياهَييا ل َ ُ‬ ‫ال ّيذِيَ أ ْ‬
‫يقول تعالى منبها ً خلقه على قدرته وأنه الذي ل نظير له‬
‫على ما يشاء قيادر }ومين آيياته اللييل والنهيار والشيمس‬
‫والقمر{ أي أنه خلق الليل بظلمييه والنهييار بضيييائه وهمييا‬
‫متعاقبان ل يفترقان‪ ,‬والشييمس نورهييا وإشييراقها والقميير‬
‫وضييياءه وتقييدير منييازله فييي فلكييه واختلف سيييره فييي‬
‫سمائه ليعرف باختلف سيره وسير الشمس مقادير الليل‬
‫والنهار والجمع والشهور والعوام‪ ,‬ويتييبين حلييول الحقييوق‬
‫وأوقات العبادات والمعاملت‪ .‬ثم لما كان الشمس والقمر‬
‫أحسن الجرام المشاهدة في العالم العلوي والسفلي نبييه‬
‫تعالى على أنهما مخلوقان عبدان ميين عبيييده تحييت قهييره‬
‫وتسخيره فقال‪} :‬ل تسجدوا للشمس ول للقمر واسجدوا‬
‫لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون{ أي ول تشييركوا بييه‬
‫فما تنفعكم عبادتكم له مع عبادتكم لغيره فإنه ل يغفيير أن‬

‫‪126‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يشرك به ولهذا قال تعالى‪} :‬فإن استكبروا{أي عن إفراد‬
‫العبادة له وأبييوا إل أن يشييركوا معييه غيييره }فالييذين عنييد‬
‫ربك{ يعني الملئكة }يسبحون لييه بالليييل والنهييار وهييم ل‬
‫يسأمون{ كقوله عز وجل‪} :‬فإن يكفر بها هؤلء فقد وكلنا‬
‫بها قوما ً ليسييوا بهييا بكييافرين{‪ .‬وقييال الحييافظ أبييو يعلييى‬
‫حدثنا سفيان يعني ابن وكيع حدثنا أبي عن ابيين أبييي ليلييى‬
‫عن أبييي الزبييير عيين جييابر رضييي اللييه عنهمييا قييال‪ :‬قييال‬
‫رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬ل تسييبوا الليييل ول‬
‫النهار ول الشمس ول القمر ول الرياح فإنها ترسل رحميية‬
‫لقوم وعذابا ً لقوم«‪ .‬وقوله‪} :‬ومن آياته{ أي علييى قييدرته‬
‫على إعادة الموتى }أنك ترى الرض خاشييعة{ أي هامييدة‬
‫ل نبات فيها بل هي ميتة }فإذا أنزلنيا عليهيا المياء اهيتزت‬
‫وربت{ أي أخرجت من جميع ألييوان الييزروع والثمييار }إن‬
‫الذي أحياها لمحيي المييوتى إنييه علييى كييل شيييء قييدير{‪.‬‬

‫من ي ُل ْ‬ ‫خَفون عَل َينآ أ َ‬ ‫ن ي ُل ْ ِ‬


‫ى‬
‫َ‬ ‫قيي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫َْ‬ ‫ي آَيات َِنا ل َ ي َ ْ ْ َ‬ ‫ن فِ ْ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫** إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫شئ ْت ُ ْ‬
‫ما ِ‬ ‫مُلوا ْ َ‬ ‫مةِ اعْ َ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬‫منا ً ي َوْ َ‬‫يآ ِ‬ ‫من ي َأت ِ َ‬ ‫خي ٌْر أم ّ‬ ‫ِفي الّنارِ َ‬
‫م‬ ‫جآءَهُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ ِبالذ ّك ْرِ ل َ ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬‫صيٌر * إ ِ ّ‬ ‫ن بَ ِ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ما ت َعْ َ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫إ ِن ّ ُ‬
‫ْ‬
‫زيٌز * ل ّ ي َأِتيهِ ال َْباط ِ ُ‬
‫ن‬ ‫مي ْ‬ ‫ن َييد َي ْهِ وَل َ ِ‬ ‫مين ب َْيي ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ب عَ ِ‬ ‫ه ل َك َِتا ٌ‬ ‫وَإ ِن ّ ُ‬
‫ل‬ ‫ما َقييد ْ ِقي ي َ‬ ‫ك إ ِل ّ َ‬ ‫ل لَ َ‬ ‫ما ي َُقا ُ‬ ‫ميدٍ * ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫كيم ٍ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ّ‬‫زي ٌ‬ ‫ِ‬ ‫خل ِْفهِ َتن‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫مغِْف يَرةَ وَ ُ‬ ‫ك ل َي ُ‬‫ن َرب ّي َ‬ ‫من قَب ْل ِي َ‬
‫ب أِلي يم ٍ‬ ‫عَقييا ٍ‬ ‫ذو ِ‬ ‫ذو َ‬ ‫ك إِ ّ‬ ‫ل ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ِللّر ُ‬
‫قوله تبارك وتعالى‪} :‬إن الذين يلحدون فييي آياتنييا{قييال‬
‫ابن عباس‪ :‬اللحاد وضع الكلم على غييير مواضييعه‪ .‬وقييال‬
‫قتادة وغيره هو الكفر والعناد‪ ,‬وقوله عز وجل‪} :‬ل يخفون‬
‫علينا{ فيه تهديد شديد ووعيد أكيد أي إنه تعالى عالم بمن‬
‫يلحييد فييي آييياته وأسييمائه وصييفاته وسيييجزيه علييى ذلييك‬
‫بالعقوبة والنكال ولهذا قال تعالى‪} :‬أفمن يلقى فييي النييار‬
‫خير أم من يأتي آمنا ً يوم القيامة ؟{ أي أيستوي هذا وهذا‬
‫؟ ل يستويان‪ .‬ثم قال عز وجل تهديدا ً للكفرة‪} :‬اعملوا ما‬
‫شئتم{ قال مجاهد والضحاك وعطاء الخراساني }اعملييوا‬
‫ما شئتم{ وعيد أي من خير أو شر إنه عييالم بكييم وبصييير‬

‫‪127‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بأعمالكم ولهذا قال‪} :‬إنه بما تعملون بصير{ ثم قال جييل‬
‫جلله‪} :‬إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم{ قال الضييحاك‬
‫والسدي وقتادة وهو القرآن }وإنه لكتاب عزيز{ أي منيييع‬
‫الجناب ل يرام أن يأتي أحد بمثله }ل يأتيه الباطل من بين‬
‫يديه ول من خلفه{ أي ليس للبطلن إليه سبيل لنه منزل‬
‫من رب العالمين ولهذا قال‪} :‬تنزيل من حكيم حميييد{ أي‬
‫حكيم فييي أقييواله وأفعيياله حميييد بمعنييى محمييود أي فييي‬
‫جميييع مييا يييأمر بييه وينهييى عنييه الجميييع محمييودة عييواقبه‬
‫وغاياته‪ .‬ثم قال عز وجييل‪} :‬ميا يقيال ليك إل مييا قييد قييل‬
‫للرسل من قبلك{ قال قتادة والسدي وغيرهما مييا يقييال‬
‫لك من التكذيب إل كما قد قيييل للرسييل ميين قبلييك فكمييا‬
‫كذبت كذبوا وكما صبروا على أذى قومهم لهم فاصبر أنت‬
‫على أذى قومك لك‪ .‬وهذا اختيار ابن جرير ولييم يحييك هييو‬
‫ول ابيين أبييي حيياتم غيييره وقييوله تعييالى‪} :‬إن ربييك لييذو‬
‫مغفرة{ أي لميين تيياب إليييه }وذو عقيياب أليييم{ أي لميين‬
‫استمر على كفره وطغيانه وعناده وشقاقه ومخالفته‪ ,‬قال‬
‫ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي حدثنا موسى بن إسماعيل حييدثنا‬
‫حماد عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيييب قييال نزلييت‬
‫لية }إن ربك لذو مغفييرة{ قييال رسييول اللييه صييلى‬ ‫هذه ا َ‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬لييول عفييو اللييه وتجيياوزه مييا هنييأ أحييدا ً‬
‫العييييش‪ ,‬وليييول وعييييده وعقيييابه لتكيييل كيييل أحيييد«‪.‬‬

‫**‬
‫ي‬‫مي ّ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه َءاعْ َ‬ ‫ت آي َييات ُ ُ‬ ‫صل َ ْ‬‫مي ّا ً ل َّقاُلوا ْ ل َوْل َ فُ ّ‬ ‫ج ِ‬‫جعَل َْناهُ قُْرآنا ً أعْ َ‬ ‫وَل َوْ َ‬
‫ن‬ ‫مُنييو َ‬ ‫ن ل َ ي ُؤْ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫شَفآٌء َوال ّ ِ‬ ‫دى وَ ِ‬ ‫مُنوا ْ هُ ً‬ ‫نآ َ‬ ‫ل هُوَ ل ِل ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ي قُ ْ‬ ‫وَعََرب ِ ّ‬
‫ن‬ ‫مك َييا ٍ‬ ‫ميين ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫ك ي َُناد َوْ َ‬‫مى أ ُوَْلـئ ِ َ‬ ‫م عَ ً‬ ‫م وَقٌْر وَهُوَ عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ذان ِهِ ْ‬‫يآ َ‬ ‫فِ َ‬
‫ة‬
‫مي ٌ‬ ‫ف ِفييهِ وَل َيوْل َ ك َل ِ َ‬ ‫ب َفا ْ‬
‫خت ُل ِ َ‬ ‫سى ال ْك َِتا َ‬ ‫مو َ‬ ‫ب َِعيدٍ * وَل ََقد ْ آت َي َْنا ُ‬
‫ب‬‫ريي ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫من ْي ُ‬
‫ك ّ‬ ‫ش ّ‬ ‫م ل َِفي َ‬ ‫م وَإ ِن ّهُ ْ‬ ‫ي ب َي ْن َهُ ْ‬‫ض َ‬ ‫ك ل َُق ِ‬ ‫من ّرب ّ َ‬ ‫ت ِ‬ ‫سب ََق ْ‬‫َ‬
‫لما ذكر تعيالى القيرآن وفصياحته وبلغتيه وإحكيامه فيي‬
‫لفظه ومعناه ومع هذا لم يؤمن به المشركون نبه على أن‬
‫كفرهم به كفر عناد وتعنت كما قال عز وجل‪} :‬ولو نزلناه‬

‫‪128‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫على بعض العجمين فقرأه عليهم مييا كييانوا بييه مييؤمنين{‬
‫وكذلك لو أنزل القرآن كله بلغة العجييم لقييالوا علييى وجييه‬
‫التعنت والعناد }لييول فصييلت آييياته أأعجمييي وعربييي{ أي‬
‫لقالوا هل أنزل مفصل ً بلغية العيرب ولنكيروا ذلييك فقيالوا‬
‫أعجمي وعربي أي كيف ينزل كلم أعجمي على مخيياطب‬
‫عربي ل يفهمه ؟ هكذا روي هذا المعنييى عيين ابيين عبيياس‬
‫ومجاهييد وعكرميية وسييعيد بيين جييبير والسييدي وغيرهييم ؟‬
‫وقيل المراد بقولهم لول فصلت آياته أأعجمييي وعربييي أي‬
‫هل أنزل بعضها بييالعجمي وبعضييها بييالعربي ؟ هييذا قييول‬
‫الحسن البصري وكان يقرؤها كذلك بل استفهام في قييوله‬
‫أعجمي وهو رواية عن سييعيد بيين جييبير وهييو فييي التعنييت‬
‫والعناد أبلغ ثم قال عز وجل‪} :‬قل هييو للييذين آمنييوا هييدى‬
‫وشفاء{ أي قل يا محمد هذا القييرآن لميين آميين بييه هييدى‬
‫لقلبييه وشييفاء لمييا فييي الصييدور ميين الشييكوك والريييب‬
‫}والذين ل يؤمنون في آذانهم وقر{ أي ل يفهمون ما فيييه‬
‫}وهو عليهم عمى{ أي ل يهتدون إلى مييا فيييه ميين البيييان‬
‫كما قال سبحانه وتعالى‪} :‬وننزل من القرآن ما هو شييفاء‬
‫ورحمة للمييؤمنين ول يزيييد الظييالمين إل خسييارا{ }أولئك‬
‫ينادون من مكان بعيد{ قال مجاهد يعني بعيد من قلييوبهم‬
‫قال ابن جرير معناه كأن من يخاطبهم يناديهم ميين مكييان‬
‫بعيد ل يفهمون ما يقول‪ ,‬وقلت وهذا كقوله تعالى‪} :‬ومثل‬
‫الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما ل يسمع إل دعيياء ونييداء‬
‫صم بكم عمي فهم ل يعقلون{ وقال الضحاك ينادون يييوم‬
‫القياميية بأشيينع أسييمائهم‪ .‬وقييال السييدي كييان عميير بيين‬
‫الخطاب رضي الله عنه‪ :‬جالسا ً عند رجل ميين المسييلمين‬
‫يقضي إذ قال‪ :‬يا لبيكاه فقال له عمر رضي اللييه عنييه لييم‬
‫تلبي‪ ,‬هل رأيت أحدا ً أو دعاك أحد ؟ فقال دعاني داع ميين‬
‫وراء البحر فقال عمر رضييي اللييه عنييه أولئك ينييادون ميين‬
‫مكييان بعيييد رواه ابيين أبييي حيياتم‪ .‬وقييوله تبييارك وتعييالى‪:‬‬
‫}ولقدآتينا موسى الكتاب فيياختلف فيييه{ أي كييذب وأوذي‬
‫}فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسييل{ }ولييو ل كلميية‬
‫سبقت من ربك إلى أجل مسييمى{ بتييأخير الحسيياب إلييى‬

‫‪129‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يوم المعاد }لقضي بينهم{ أي لعجل لهم العذاب بييل لهييم‬
‫موعد لن يجدوا ميين دونييه مييوئل ً }وإنهييم لفييي شييك منييه‬
‫مريب{ أي وما كان تكذيبهم له عن بصيرة منهم لما قالوا‬
‫بل كانوا شاكين فيما قالوه غير محققين لشيء كانوا فيه‪,‬‬
‫هكيييذا وجهيييه ابييين جريييير وهيييو محتميييل‪ ,‬والليييه أعليييم‪.‬‬

‫ل صاِلحا ً فَل ِنْفسه ومي َ‬


‫ك‬ ‫مييا َرب ّي َ‬ ‫سييآَء فَعَل َي ْهَييا وَ َ‬ ‫نأ َ‬ ‫َ ِ ِ َ َ ْ‬ ‫م َ َ‬ ‫ن عَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫** ّ‬
‫ميين‬ ‫ج ِ‬ ‫خ يُر ُ‬ ‫مييا ت َ ْ‬‫سيياعَةِ وَ َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫عل ْي ُ‬‫ب ِظ َل ّم ٍ ل ّل ْعَِبي يدِ * إ ِل َي ْيهِ ي ُيَرد ّ ِ‬
‫لم ُ‬ ‫ث َمرات م َ‬
‫ه‬
‫مي ِ‬ ‫ض يعُ إ ِل ّ ب ِعِل ْ ِ‬ ‫ى وَل َ ت َ َ‬‫ن أن ْث َ َ‬‫م ُ ِ ْ‬ ‫ح ِ‬‫ما ت َ ْ‬ ‫مَها وَ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ن أك ْ َ‬ ‫َ َ ٍ ّ ْ‬
‫ش يِهيدٍ *‬ ‫ميين َ‬ ‫كآِئي َقال ُوَا ْ آذ َّنا َ‬ ‫شَر َ‬ ‫ن ُ‬ ‫َ‬
‫مّنا ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫ك َ‬ ‫م أي ْ َ‬ ‫م ي َُناِديهِ ْ‬ ‫وَي َوْ َ‬
‫ميين‬ ‫م ّ‬ ‫مييا ل َهُ ي ْ‬ ‫ل وَظ َن ّييوا ْ َ‬ ‫من قَب ْي ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َد ْ ُ‬‫ما َ‬ ‫ل عَن ُْهم ّ‬ ‫ض ّ‬ ‫وَ َ‬
‫ص‬
‫حيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫ّ‬
‫يقول تعالى‪} :‬من عمل صالحا ً فلنفسييه{ اي إنمييا يعييود‬
‫نفع ذلك على نفسه }وميين أسيياء فعليهييا{ أي إنمييا يرجييع‬
‫وبال ذلك عليه }وما ربك بظلم للعبيد{ أي ل يعاقب أحدا ً‬
‫إل بذنبه ول يعذب أحدا ً إل بعد قيام الحجيية عليييه وإرسييال‬
‫م السيياعة{‬ ‫الرسول إليه ثم قال جل وعل‪} :‬إليييه يييرد علي ُ‬
‫أي ل يعلم ذلك أحد سواه كما قال محمد صلى اللييه عليييه‬
‫وسلم وهو سيد البشر لجبريل عليه الصلة والسييلم وهييو‬
‫من سادات الملئكة حييين سييأله عيين السيياعة فقييال »مييا‬
‫المسؤول عنها بأعلم من السيائل« وكمييا قيال عييز وجيل‪:‬‬
‫}إلى ربك منتهاها{ وقال جل جلله‪} :‬ل يجليهييا لوقتهييا إل‬
‫هو{ قييوله تبييارك وتعييالى‪} :‬ومييا تخييرج ميين ثمييرات ميين‬
‫أكمامها وما تحمل من أنثى ول تضع إل بعلمه{ أي الجميع‬
‫بعلمه ليعزب عيين علمييه مثقييال ذرة فييي الرض ول فييي‬
‫السماء وقد قال سبحانه وتعالى‪} :‬وما تسييقط ميين ورقيية‬
‫إل يعلمها{ وقال جلت عظمته‪} :‬يعلم ما تحمل كييل أنييثى‬
‫وما تغيض الرحام وما تييزداد وكييل شيييء عنييده بمقييدار{‬
‫وقال تعالى‪} :‬وما يعمر من معميير ول ينقييص عمييره ميين‬
‫عمره إل في كتاب إن ذلك على اللييه يسييير{ وقييوله جييل‬
‫وعل‪} :‬ويييوم ينيياديهم أييين شييركائي ؟{ أي يييوم القياميية‬

‫‪130‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ينادي الله المشركين علييى رؤوس الخلئق أييين شييركائي‬
‫الذين عبدتموهم معي }قالوا آذناك{ أي أعلمناك }ما منييا‬
‫من شهيد{ أي ليس أحد منا يشهد اليوم أن معييك شييريكا ً‬
‫}وضل عنهم ما كييانوا يييدعون ميين قبييل{ أي ذهبييوا فلييم‬
‫ينفعيييوهم }وظنيييوا ميييا لهيييم مييين محييييص{ أي وظييين‬
‫المشركون يوم القيامة وهذا بمعنى اليقين }مييا لهييم ميين‬
‫محيص{ أي ل محيد لهيم عين عيذاب الليه كقيوله تعيالى‪:‬‬
‫}ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوهييا ولييم يجييدوا‬
‫عنهييييييييييييييييييييييييييييييا مصييييييييييييييييييييييييييييييرفًا{‪.‬‬

‫َ‬
‫شييّر‬ ‫ه ال ّ‬ ‫سيي ُ‬ ‫م ّ‬ ‫خْيييرِ وَِإن ّ‬ ‫عييآِء ال ْ َ‬ ‫ميين د ُ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫سييا ُ‬ ‫م ال ِن ْ َ‬ ‫سييأ ُ‬ ‫** ل ّ ي َ ْ‬
‫ط * ول َئ ِ َ‬ ‫س قَُنيو ٌ‬
‫ضيّرآءَ‬‫مين ب َْعيدِ َ‬ ‫مّنيا ِ‬ ‫ة ّ‬ ‫مي ً‬ ‫ن أذ َقَْنياهُ َر ْ‬
‫ح َ‬ ‫َ ْ‬ ‫فَي َُئو ٌ‬
‫ة وَل َِئن‬ ‫َ‬
‫مي ً‬ ‫ة َقآئ ِ َ‬ ‫سيياعَ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مييآ أظ ُي ّ‬ ‫ذا ل ِييي وَ َ‬ ‫هـ ي َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ل َي َُقييول َ ّ‬ ‫س يت ْ ُ‬
‫م ّ‬ ‫َ‬
‫ن ك ََفُروا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ى فَل َن ُن َب ّئ َ ّ‬ ‫سن َ‬‫ح ْ‬ ‫عند َهُ ل َل ْ ُ‬ ‫ن ِلي ِ‬ ‫ي إِ ّ‬‫ى َرب ّ َ‬ ‫ت إ ِل َ‬ ‫جع ْ ُ‬ ‫ّر ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مَنيا عََليى‬ ‫ذآ أن ْعَ ْ‬ ‫ظ * وَإ ِ َ‬ ‫ب غَِليي ٍ‬ ‫ذا ٍ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ذيَقن ّهُ ْ‬ ‫مُلوا ْ وَل َن ُ ِ‬ ‫ما عَ ِ‬ ‫بِ َ‬
‫ذو د ُعَييآءٍ‬ ‫شيّر فَي ُ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫جييان ِب ِهِ وَإ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سي ُ‬‫م ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫ض وَن َيأى ب ِ َ‬ ‫ن أعَْر َ‬ ‫سا ِ‬ ‫لن َ‬ ‫ا ِ‬
‫ض‬
‫ريييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ٍ‬ ‫عَ ِ‬
‫يقول تعالى ل يمل النسيان مين دعياء ربيه بيالخير وهيو‬
‫المال وصحة الجسم وغير ذلك فإن مسه الشر وهو البلء‬
‫أو الفقر }فيئوس قنوط{ أي يقع في ذهنه أنه ل يتهيييأ لييه‬
‫بعد هذا خير }ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضييراء مسييته‬
‫ليقولن هذا لي{ أي إذا أصابه خير ورزق بعد ما كان فييي‬
‫شدة ليقولن هذا لي إنييي كنييت أسييتحقه عنييد ربييي }ومييا‬
‫أظن الساعة قائمة{ أي يكفر بقيام الساعة أي لجييل أنييه‬
‫خول نعمة يبطر ويفخيير ويكفيير كمييا قييال تعييالى‪} :‬كل إن‬
‫النسييان ليطغييى * أن رآه اسييتغنى{ }ولئن رجعييت إلييى‬
‫ربييي إن لييي عنييده للحسيينى{ أي ولئن كييان ثييم معيياد‬
‫فليحسنن إلي ربي كما أحسن إلي في هذه الييدار‪ ,‬يتمنييى‬
‫على الله عز وجل مع إسيياءته العمييل وعييدم اليقييين قييال‬
‫اللييه تبييارك وتعييالى‪} :‬فلننييبئن الييذين كفييروا بمييا عملييوا‬
‫ولنذيقنهم من عذاب غليييظ{ يتهييدد تعييالى ميين كييان هييذا‬

‫‪131‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عملييه واعتقيياده بالعقيياب والنكييال ثييم قييال تعييالى‪} :‬وإذا‬
‫أنعمنا على النسان أعرض ونأى بجييانبه{ أي أعييرض عيين‬
‫الطاعة واستكبر عن النقياد لوامر الله عييز وجييل كقييوله‬
‫جل جلله‪} :‬فتولى بركنه{ }وإذا مسه الشر{ أي الشييدة‬
‫}فذو دعاء عريض{ أي يطيل المسألة في الشيء الواحد‬
‫فالكلم العريض ما طال لفظه وقل معناه والوجيز عكسه‬
‫وهو ما قل ودل وقد قال تعالى‪} :‬وإذا مس النسان الضر‬
‫دعانا لجنبه أو قاعدا ً أو قائما ً فلمييا كشييفنا عنييه ضييره ميير‬
‫كيييييأن ليييييم ييييييدعنا إليييييى ضييييير مسيييييه{ ا َ‬
‫ليييييية‪.‬‬

‫ل‬ ‫ضي ّ‬ ‫عند الل ّه ث ُم ك ََفرتم به مي َ‬ ‫م ِإن َ‬ ‫** قُ ْ َ َ‬


‫نأ َ‬ ‫ْ ُ ْ ِ ِ َ ْ‬ ‫ِ ّ‬ ‫ن ِ ِ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ل أَرأي ْت ُ ْ‬
‫ي‬‫ق وَِفيي َ‬ ‫م آَيات َِنا ِفي ال ََفا َ ِ‬ ‫ريهِ ْ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫سن ُ‬‫ق ب َِعيدٍ * َ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫شَقا‬ ‫ن هُوَ ِفي ِ‬ ‫م ْ‬‫م ّ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫ى‬ ‫ك أن ّ ُ َ‬ ‫م ي َك ْ ِ‬
‫ف ب َِرب ّ َ‬ ‫حقّ أوَل َ ْ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫ن ل َهُ ْ‬
‫ه عَل َ‬ ‫شهيد * أ َل َ إنهم في مرية من ل َّقآِء ربه َ‬
‫م أن ّ ُ‬ ‫ى ي َت َب َي ّ َ‬
‫َ‬ ‫حت ّ‬ ‫م َ‬‫سه ِ ْ‬
‫أنُف ِ‬
‫م أل َ إ ِّنيي ُ‬
‫ه‬ ‫َ ِّ ْ‬ ‫ِ ْ َ ٍ ّ‬ ‫ِّ ُ ْ ِ‬ ‫يٍء َ ِ ٌ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫كُ ّ‬
‫حيييييييييييييييييييي ُ‬
‫ط‬ ‫م ِ‬ ‫يٍء ّ‬ ‫شييييييييييييييييييي ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ب ِك ُييييييييييييييييييي ّ‬
‫يقول تعالى‪} :‬قل{ يا محمد لهؤلء المشركين المكذبين‬
‫بالقرآن }أرأيتم إن كان{ هذا القرآن }ميين عنييد اللييه ثييم‬
‫كفرتم به ؟{ أي كيف ترون حالكم عند الييذي أنزلييه علييى‬
‫رسوله ؟ ولهذا قال عز وجل‪} :‬ميين أضييل مميين هييو فييي‬
‫شييقاق بعيييد ؟{ أي فييي كفيير و عنيياد ومشيياقة للحييق و‬
‫مسلك بعيد من الهدى ثم قال جل جلله‪} :‬سيينريهم آياتنييا‬
‫لفاق وفي أنفسهم{ أي سنظهر لهم دللتنا وحججنييا‬ ‫في ا َ‬
‫على كون القرآن حقا ً منزل من عند الله على رسول اللييه‬
‫لفيياق{ ميين‬ ‫صلى الله عليه وسلم بدلئل خارجييية }فييي ا َ‬
‫الفتوحات وظهور السلم على القاليم وسائر الديان قال‬
‫مجاهد والحسن والسدي‪ :‬ودلئل في أنفسهم قالوا‪ :‬وقعة‬
‫بدر وفتح مكة ونحو ذلك من الوقائع التي حلت بهييم نصيير‬
‫الله فيها محمدا ً صلى الله عليه وسلم وصحبه وخذل فيهييا‬
‫الباطييل وحزبييه ويحتمييل أن يكييون المييراد ميين ذلييك مييا‬
‫النسييان مركييب منييه وفيييه وعليييه ميين المييواد والخلط‬
‫والهيئات العجيبة كما هو مبسوط في علم التشريح الييدال‬

‫‪132‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫على حكمة الصانع تبيارك وتعيالى وكييذلك ميا هيو مجبييول‬
‫عليه من الخلق المتباينة من حسن وقبح وغير ذلييك ومييا‬
‫هو متصرف فيه تحت القدار الييتي ل يقييدر بحييوله وقييوته‬
‫وحيله وحذره أن يجوزها ول يتعداها كمييا أنشييده ابيين أبييي‬
‫الدنيا في كتييابه التفكيير والعتبييار عيين شيييخه أبييي جعفيير‬
‫القرشيييييييي حييييييييث قيييييييال وأحسييييييين المقيييييييال‪:‬‬
‫وإذا نظرت تريد معتبرافانظر إليك ففيك معتبرأنت الييذي‬
‫تمسي وتصبح فيالدنيا وكل أموره عبرأنت المصييرف كييان‬
‫فييي صييغرثم اسييتقل بشخصييك الكييبرأنت الييذي تنعيياه‬
‫خلقتهينعاه منه الشييعر والبشييرأنت الييذي تعطييي وتسييلب‬
‫لينجيه من أن يسلب الحذرأنت الذي ل شيء منه لهوأحق‬
‫منييييييييييييييييييييه بميييييييييييييييييييياله القييييييييييييييييييييدر‬
‫وقوله تعالى‪} :‬حييتى يتييبين لهييم أنييه الحييق أو لييم يكييف‬
‫بربك أنه على كل شيء شهيد{ أي كفى بالله شهيدا ً على‬
‫أفعال عباده وأقييوالهم وهييو يشييهد أن محمييدا ً صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم صادق فيما أخبر به عنه كما قال‪} :‬لكيين اللييه‬
‫لية‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬أل‬ ‫يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه{ ا َ‬
‫إنهم في مرييية ميين لقيياء ربهييم{ أي فييي شييك ميين قيييام‬
‫الساعة ولهذا ل يتفكرون فيه ول يعملييون لييه ول يحييذرون‬
‫منه بل هو عندهم هدر ل يعبييأون بييه وهييو كييائن ل محاليية‬
‫وواقع ل ريب فيييه قيال ابيين أبييي اليدنيا‪ :‬حيدثنا أحميد بيين‬
‫إبراهيم حدثنا خلف بيين تميييم حييدثنا عبييد اللييه بيين محمييد‬
‫حدثنا سعيد النصاري قال‪ :‬إن عمر بن عبد العزيييز رضييي‬
‫الله عنه صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليييه ثييم قييال‪ :‬أمييا‬
‫بعد أيها الناس فإني لم أجمعكم لمر أحدثه فيكييم‪ ,‬ولكيين‬
‫فكرت في هذا المر الذي أنتييم إليييه صييائرون فعلمييت أن‬
‫المصدق بهذا المر أحمييق والمكييذب بييه هالييك‪ ,‬ثييم نييزل‪.‬‬
‫ومعنى قوله رضي الله عنه إن المصدق به أحمق أي لنييه‬
‫ل يعمل له عمل مثله ول يحذر منييه ول يخييالف ميين هييوله‬
‫وهو ذلك مصدق به موقن بوقيوعه وهيو ميع ذليك يتميادى‬
‫في لعبه وغفلته وشهواته وذنوبه فهو أحمق بهييذا العتبييار‬
‫والحمق فييي اللغيية ضييعيف العقييل‪ ,‬وقييوله والمكييذب بييه‬

‫‪133‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هالك هذا واضح‪ ,‬والله أعلم‪ .‬ثم قال تعالى مقررا ً أنه على‬
‫كل شيء قدير وبكل شييء محيييط وإقاميية السيياعة لييديه‬
‫يسييير سييهل عليييه تبييارك وتعييالى‪} :‬أل إنييه بكييل شيييء‬
‫محيييط{ أي المخلوقييات كلهييا تحييت قهييره وفييي قبضييته‬
‫وتحت طي علمه وهو المتصرف فيها كلها بحكمه فما شاء‬
‫كييييان ومييييا لييييم يشييييأ لييييم يكيييين ل إلييييه إل هييييو‪.‬‬

‫سييييييييييييييييييييييييييييييييييورة الشييييييييييييييييييييييييييييييييييورى‬
‫حييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييم ِ الّليييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييي ِ‬ ‫وهيييييي مكيييييية ب ِ ْ‬

‫ميين‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك وَإ ِل َييى ال ّي ِ‬ ‫ي إ ِل َي ْي َ‬


‫ح َ‬ ‫ك ي ُييو ِ‬ ‫سقَ * ك َيذ َل ِ َ‬ ‫م * عَ َ‬ ‫** حي َ‬
‫مييا فِييي‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫ما ِفي ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫م * لَ ُ‬ ‫كي ُ‬‫ح ِ‬ ‫زيُز ال ْ َ‬ ‫ه ال ْعَ ِ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫قَب ْل ِ َ‬
‫ميين‬ ‫ن ِ‬ ‫ت ي َت ََفط ّْر َ‬ ‫ماَوا ُ‬ ‫س َ‬ ‫كاد ُ ال ّ‬ ‫م * تَ َ‬ ‫ظي ُ‬‫ي العَ ِ‬ ‫ض وَهُوَ ال ْعَل ِ ّ‬ ‫الْر ِ‬
‫ميين‬ ‫ن لِ َ‬ ‫سيت َغِْفُرو َ‬ ‫م وَي َ ْ‬ ‫ميدِ َرب ّهِي ْ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن بِ َ‬
‫حو َ‬ ‫سب ّ ُ‬‫ة يُ َ‬ ‫مل َئ ِك َ ُ‬ ‫ن َوال ْ َ‬ ‫فَوْقِهِ ّ‬
‫ذوا ْ‬ ‫َ‬
‫خي ُ‬ ‫ن ات ّ َ‬‫ذي َ‬ ‫م * َوال ّ ِ‬ ‫حي ُ‬ ‫ه هُوَ ال ْغَُفوُر الّر ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ض أل َ إ ِ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِفي الْر‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬
‫كي ي ٍ‬‫ت عَل َي ْهِييم ب ِوَ ِ‬ ‫مآ أن ي َ‬ ‫م وَ َ‬‫ظ عَل َي ْهِ ْ‬ ‫حِفي ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫دون ِهِ أوْل َِيآَء الل ّ ُ‬ ‫من ُ‬ ‫ِ‬
‫قد تقدم الكلم على الحروف المقطعيية‪ .‬وقييد روى ابيين‬
‫جرير ههنا أثرا ً غريبا ً عجيبا ً منكرا ً فقال‪ :‬أخبرنييا أحمييد بيين‬
‫زهييير حييدثنا عبييد الوهيياب بيين نجييدة الحييوطي حييدثنا أبييو‬
‫المغيرة عبد القدوس بن الحجيياج عيين أرطييأة بيين المنييذر‬
‫قال‪ :‬جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهمييا فقييال لييه‬
‫وعنده حذيفة بن اليمان رضييي اللييه تعييالى عنييه‪ :‬أخييبرني‬
‫عن تفسير قول الله تعالى‪} :‬حم‪ ,‬عسق{ قال فأطرق ثم‬
‫أعرض عنه ثم كرر مقالته فأعرض عنه فلييم يجبييه بشيييء‬
‫وكره مقالته‪ ,‬ثم كررها الثالثة فلم يحر إليه شيئا ً فقال لييه‬
‫حذيفة رضي الله عنه‪ :‬أنا أنبئك بها قييد عرفييت لييم كرههييا‬
‫ونزلت في رجل من أهل بيته يقييال لييه عبييد اللييه أو عبييد‬
‫الله ينزل على نهر من أنهار المشرق تبنييى علييه مييدينتان‬
‫يشق النهر بينهما شييقا ً فييإذا أذن اللييه تبييارك وتعييالى فييي‬
‫زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ومدتهم بعث اللييه عييز وجييل‬
‫على إحداها نارا ً ليل ً فتصبح سوداء مظلميية وقييد احييترقت‬
‫كأنها لم تكن مكانها وتصبح صاحبتها متعجبة كيف أفلتت ؟‬

‫‪134‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فما هو إل بياض يومها ذلك حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد‬
‫منهم ثم يخسف الله بها وهم جميع يا ً فييذلك قييوله تعييالى‪:‬‬
‫}حم‪ ,‬عسق{ يعني عزيمة من اللييه تعييالى وفتنيية وقضيياء‬
‫حم عين يعني عدل ً منه سين‪ :‬يعني سيكون ق‪ :‬يعني واقع‬
‫بهاتين المدينتين وأغيرب منييه مييا رواه الحييافظ أبييو يعلييى‬
‫الموصلي في الجزء الثاني ميين مسييند ابيين عبيياس رضييي‬
‫الله عنه عن أبي ذر رضي الله عنه عن النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم في ذلك ولكين إسيناده ضيعيف جيدا ً ومنقطيع‬
‫فإنه قال‪ :‬حدثنا أبو طالب عبد الجبار بن عاصم حييدثنا أبييو‬
‫عبد الله الحسن بين يحييى الخشيني الدمشييقي عين أبيي‬
‫معاوية قال‪ :‬صعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه المنييبر‬
‫فقال‪ :‬أيها الناس هل سمع منكم أحييد رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم يفسر }حييم‪ ,‬عسييق{ فييوثب ابيين عبيياس‬
‫رضي الله عنه فقال أنا‪ ,‬قييال حييم اسييم ميين أسييماء اللييه‬
‫تعالى‪ ,‬قال فعين ؟ قال عيياين المولييون عييذاب يييوم بييدر‪,‬‬
‫قييال فسييين ؟ قييال سيييعلم الييذين ظلمييوا أي منقلييب‬
‫ينقلبون‪ ,‬قال فقاف ؟ فسكت فقام أبو ذر ففسر كما قال‬
‫ابن عباس رضي الله عنهما وقال قاف قارعة من السماء‬
‫تغشى الناس‪ .‬وقوله عز وجل‪} :‬كذلك يوحي إليييك‪ ,‬وإلييى‬
‫الذين من قبلك الله العزيييز الحكيييم{ أي كمييا أنييزل إليييك‬
‫هييذا القييرآن كييذلك أنييزل الكتييب والصييحف علييى النبييياء‬
‫قبلييك‪ .‬وقييوله تعييالى‪ } :‬اللييه العزيييز{ أي فييي انتقييامه‬
‫}الحكيييييييييييم{ فييييييييييي أقييييييييييواله وأفعيييييييييياله‪.‬‬
‫قال المام مالك رحمه الله عن هشام بن عروة عن أبيه‬
‫عن عائشة رضي الله عنها قييالت‪ :‬إن الحييارث بيين هشييام‬
‫سأل رسول الله صلى الله عليه وسييلم فقييال‪ :‬يييا رسييول‬
‫صلى الله عليه وسلم كيف يأتييك اليوحي ؟ فقيال رسيول‬
‫الله صلى الله عليه وسييلم‪» :‬أحيان يا ً يييأتيني مثييل صلصييلة‬
‫الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت مييا قييال‪,‬‬
‫وأحيانا ً يأتيني الملك رجل ً فيكلمني فأعي ما يقول« قييالت‬
‫عائشة رضي الله عنها فلقد رأيته ينزل عليييه الييوحي فييي‬
‫اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه صلى الله عليييه‬

‫‪135‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسييلم ليتفصييد عرقييًا‪ .‬أخرجيياه فييي الصييحيحين ولفظييه‬
‫للبخاري‪ .‬وقد رواه الطبراني عن عبد الله بن المام أحمد‬
‫عن أبيه عن عامر بن صالح عن هشام بن عروة عيين أبيييه‬
‫عن عائشة رضي اللييه عنهييا عيين الحييارث بيين هشييام أنييه‬
‫سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيييف ينييزل عليييك‬
‫الوحي ؟ فقال صلى الله عليه وسلم‪» :‬في مثييل صلصييلة‬
‫الجرس فيفصم عني وقد وعيت مييا قييال ي ي وقييال ي ي وهييو‬
‫أشييده علييي يي قييال يي وأحيانيا ً يييأتيني الملييك فيتمثييل لييي‬
‫فيكلمني فأعي ما يقول«‪ .‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا قتيبيية‬
‫حدثنا ابن لهيعة عن يزيييد بيين أبييي حييبيب عيين عمييرو بيين‬
‫الوليد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال‪ :‬سألت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلييت‪ :‬يييا رسييول اللييه‬
‫هل تحس بيالوحي ؟ فقييال رسيول الليه صيلى الليه علييه‬
‫وسلم‪» :‬أسمع صلصل ثم أسكت عند ذلك فما ميين مييرة‬
‫يوحى إلي إل ظننت أن نفسي تقبض« تفرد به أحمد‪ ,‬وقد‬
‫ذكرنا كيفية إتيان الوحي إلى رسول الله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم في أول شرح البخاري بما أغنى عيين إعييادته ههنيياو‬
‫للييه الحمييد والمنيية‪ .‬وقييوله تبييارك وتعييالى‪} :‬لييه مييا فييي‬
‫السموات وما في الرض{ أي الجميع عبيييد لييه وملييك لييه‬
‫تحت قهره وتصريفه }وهو العلي العظيم{ كقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}الكبير المتعال{ }وهو العليي الكييبير{ وا َ‬
‫ليييات فييي هييذا‬
‫كثيرة‪ .‬وقييوله عييز وجييل‪} :‬تكيياد السييموات يتفطييرن ميين‬
‫فوقهن{ وقييال ابيين عبيياس رضييي اللييه عنهمييا والضييحاك‬
‫وقتييادة والسييدي وكعييب الحبييار أي فرقييا ً ميين العظميية‬
‫}والملئكة يسييبحون بحمييد ربهييم ويسييتغفرون لميين فييي‬
‫الرض{ كقوله جل وعل‪} :‬الييذين يحملييون العييرش وميين‬
‫حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للييذين‬
‫آمنوا ربنا وسييعت كييل شيييء رحميية وعلميًا{ وقييوله جييل‬
‫جلله‪} :‬أل إن الله هو الغفور الرحيم{ إعلم بذلك وتنييويه‬
‫بييه‪ ,‬وقييوله سييبحانه وتعييالى‪} :‬والييذين اتخييذوا ميين دونييه‬
‫أولياء{ يعني المشركين }اللييه حفيييظ عليهييم{ أي شييهيد‬
‫على أعمالهم يحصيها ويعييدها عييدًا‪ ,‬وسيييجزيهم بهييا أوفيير‬

‫‪136‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الجزاء }وما أنت عليهم بوكيل{ أي إنمييا أنييت نييذير واللييه‬
‫عليييييييييييييى كيييييييييييييل شييييييييييييييء وكييييييييييييييل‪.‬‬

‫ُ‬ ‫** وك َذ َل ِ َ َ‬
‫ن‬‫مي ْ‬ ‫م ال ُْق يَرىَ وَ َ‬ ‫ك قُْرآن يا ً عََرب ِي ّيا ً ل ُّتن يذَِر أ ّ‬‫حي َْنآ إ ِل َي ْ َ‬
‫ك أو ْ َ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫ري ٌ‬ ‫ريقٌ ِفي ال ْ َ‬
‫جن ّةِ وَفَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب ِفيهِ فَ‬ ‫مِع ل َ َري ْ َ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫ج ْ‬ ‫حوْل ََها وَُتنذَِر ي َوْ َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫كن‬ ‫حيد َةً وََلـي ِ‬ ‫ة َوا ِ‬ ‫مي ً‬
‫مأ ّ‬ ‫جعَل َهُي ْ‬ ‫ه لَ َ‬
‫شييآَء الل ّي ُ‬‫سِعيرِ * وَل َوْ َ‬ ‫ِفي ال ّ‬
‫ي وَل َ‬ ‫من وَل ِ ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ما ل َهُ ْ‬‫ن َ‬‫مو َ‬ ‫ظال ِ ُ‬ ‫مت ِهِ َوال ّ‬ ‫ح َ‬
‫شآُء ِفي َر ْ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫خ ُ‬‫ي ُد ْ ِ‬
‫صييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييرٍ‬ ‫نَ ِ‬
‫يقول تعالى وكما أوحينا إلى النبياء قبلك }أوحينييا إليييك‬
‫قرآنا ً عربيًا{ أي واضحا ً جليا ً بينا ً }لتنييذر أم القييرى{ وهييي‬
‫مكيية }وميين حولهييا{ أي ميين سييائر البلد شييرقا ً وغرب يًا‪,‬‬
‫وسميت مكة أم القرى لنها أشرف من سييائر البلد لدليية‬
‫كثيرة مذكورة في مواضعها‪ ,‬ومن أوجز ذلك وأدله ما قال‬
‫المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو اليمان حييدثنا شييعيب عيين الزهييري‬
‫حدثنا أبو سلمة بيين عبييد الرحميين قييال‪ :‬إن عبييد اللييه بيين‬
‫عدي بن الحمييراء الزهييري أخييبره أنييه سييمع رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليييه وسييلم يقييول وهييو واقييف بييالحزورة فييي‬
‫سوق مكة »والله إنييك لخييير أرض الليه وأحييب أرض اللييه‬
‫إلى الله ولول أني أخرجت منك مييا خرجييت« هكيذا روايية‬
‫الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث الزهري به وقال‬
‫الترمييذي حسيين صييحيح‪ .‬وقييوله عييز وجييل‪} :‬وتنييذر يييوم‬
‫لخرييين فييي‬ ‫الجمع{ وهو يوم القيامة يجمع الله الولين وا َ‬
‫صعيد واحد وقوله تعالى‪} :‬ل ريييب فيييه{ أي ل شييك فييي‬
‫وقوعه وأنه كائن ل محالة‪ ,‬وقييوله جييل وعل‪} :‬فرييق فييي‬
‫الجنة وفريق في السعير{ كقييوله تعييالى‪} :‬يييوم يجمعكييم‬
‫ليوم الجمع ذلك يوم التغييابن{ أي يغبيين أهييل الجنيية أهييل‬
‫لييية لميين خيياف‬ ‫النار‪ ,‬وكقييوله عييز وجييل‪} :‬إن فييي ذلييك َ‬
‫لخييرة ذلييك يييوم مجمييوع لييه النيياس وذلييك يييوم‬ ‫عييذاب ا َ‬
‫مشهود * وما نؤخره إل لجل معييدود * يييوم يييأت ل تكلييم‬
‫نفس إل بإذنه فمنهييم شييقي وسييعيد{ قييال المييام أحمييد‬
‫حييدثنا هاشييم بيين القاسييم حييدثنا ليييث حييدثني أبييو قبيييل‬

‫‪137‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المعافري عن شييفي الصييبحي عيين عبييد اللييه بيين عمييرو‬
‫رضي الله عنهما قال‪ :‬خرج علينا رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم وفييي يييده كتابييان فقييال‪» :‬أتييدرون مييا هييذان‬
‫الكتابان ؟« قلنا ل إل أن تخبرنا يا رسول الله‪ .‬قييال صييلى‬
‫الله عليييه وسييلم للييذي فييي يمينييه‪» :‬هييذا كتيياب ميين رب‬
‫العالمين بأسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبييائلهم ي ي ثييم‬
‫أجمل على آخرهم ي ل يزاد فيهم ول ينقص منهم أبدا ً ي ثييم‬
‫قال صلى الله عليه وسلم للييذي فييي يسيياره‪ :‬هييذا كتيياب‬
‫أهل النار بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على‬
‫آخرهم ل يزاد فيهم ول ينقص منهم(أبييدًا« فقييال أصييحاب‬
‫رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم فلي شيييء نعمييل إن‬
‫كان هذا المر قد فرغ منه قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم »سددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختييم لييه بعمييل‬
‫أهل الجنة وإن عمل أي عمل‪ ,‬وإن صاحب النار يختييم لييه‬
‫بعمل أهل النار وإن عمل أي عمييل« ثييم قييال صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم بيده فقبضها ثم قال »فرغ ربكم عز وجل من‬
‫العباد ي ثم قال باليمنى فنبذ بها فقال فريييق فييي الجنيية ي ي‬
‫ونبذ باليسييرى وقييال يي فريييق فييي السييعير« وهكييذا رواه‬
‫الترمذي والنسائي جميعا ً عن قتيبيية عيين الليييث بيين سييعد‬
‫وبكر بن مضر كلهما عن أبي قبيييل عيين شييفي بيين مييانع‬
‫الصبحي عن عبد اللييه بيين عمييرو رضييي اللييه عنهمييا بييه‪,‬‬
‫وقال الترمذي حسيين صييحيح غريييب وسيياقه البغييوي فييي‬
‫تفسيره من طريق بشر بن بكر عن سعيد بن عثمان عيين‬
‫أبي الزاهرية عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عيين‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم فذكره بنحييوه وعنييده زيييادات‬
‫منها ي ثم قال‪ :‬فريق في الجنة وفريق فييي السييعير عييدل‬
‫من الله عز وجل ي ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه عيين عبييد‬
‫الله بن صالح كاتب الليث عن الليث بييه ورواه ابيين جرييير‬
‫عن يونس عن ابن وهب عن عمرو بيين الحييارث عيين أبييي‬
‫قبيل عن شفي عن رجل من الصييحابة رضييي اللييه عنهييم‬
‫فيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييذكره‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ثم روي عن يونس عن ابن وهب عن عمرو بيين الحييارث‬
‫وحيوة بن شريح عن يحيييى بيين أبييي أسيييد أن أبييا فييراس‬
‫حدثه أنه سمع عبد الله بن عمرو رضي اللييه عنهمييا قييال‪:‬‬
‫إن الله تعالى يقول‪ :‬إن اللييه تعييالى لمييا خلييق آدم نفضييه‬
‫نفض المزود وأخرج منيه كيل ذريتيه فخيرج أمثيال النغيف‬
‫فقبضهم قبضتين ثييم قييال شييقي وسييعيد ثييم ألقاهمييا ثييم‬
‫قبضهما فقال فريق في الجنة وفريييق فييي السييعير وهييذا‬
‫الموقييوف أشييبه بالصييواب واللييه سييبحانه وتعييالى أعلييم‪.‬‬
‫وقال المام أحمد حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد يعنييي ابيين‬
‫سلمة أخبرنا الحريري عن أبييي نضييرة قييال‪ :‬إن رجل ً ميين‬
‫أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له أبو عبييد اللييه‬
‫دخل عليه أصحابه يعني يزورونه فوجدوه يبكي‪ ,‬فقالوا لييه‬
‫ما يبكيك ؟ ألم يقل لك رسول الله صلى الله عليه وسييلم‬
‫خذ من شيياربك ثييم أفييره حييتى تلقيياني‪ ,‬قييال بلييى ولكيين‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬إن اللييه‬
‫تعالى قبض بيمينه قبضة وأخييرى باليييد الخييرى قييال هييذه‬
‫لهذه وهذه لهذه ول أبالي« فل أدري في أي القبضييتين أنييا‬
‫وأحاديث القدر في الصحاح والسنن والمسانيد كثيرة جييدا ً‬
‫منهييا حييديث علييي وابيين مسييعود وعائشيية وجماعيية جميية‬
‫رضي الله عنهم أجمعين‪ .‬وقوله تبارك وتعالى‪} :‬ولو شيياء‬
‫الله لجعلهييم أميية واحييدة{ أي إمييا علييى الهداييية أو علييى‬
‫الضللة ولكنه تعييالى فيياوت بينهييم فهييدى ميين يشيياء إلييى‬
‫الحق وأضل من يشيياء عنييه ولييه الحكميية والحجيية البالغية‬
‫ولهذا قال عز وجل‪} :‬ولكن يدخل ميين يشيياء فييي رحمتييه‬
‫والظيييييالمون ميييييا لهيييييم مييييين وليييييي ول نصيييييير{‪.‬‬
‫وقال ابن جرير حدثني يونس أخبرنا ابيين وهييب أخييبرني‬
‫عمرو بن الحارس عن أبي سويد أنه حدثه عن ابن حجيرة‬
‫أنيه بلغيه أن موسيى علييه الصييلة والسييلم قيال‪ :‬ييا رب‬
‫خلقك الذين خلقتهم جعلت منهم فريقا ً في الجنيية وفريقيا ً‬
‫في النار لو ما أدخلتهم كلهم الجنة فقال يييا موسييى ارفييع‬
‫درعك فرفع قال قد رفعت قال ارفع فرفع فلم يترك شيئا ً‬

‫‪139‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال يا رب قد رفعت قال ارفع قال قد رفعت إل ما ل خير‬
‫فيه قال كذلك أدخل خلقي كلهم الجنة إل ما ل خييير فيييه‪.‬‬

‫َ‬ ‫** أ َم ِ ات ّ َ‬
‫حِييييي‬ ‫ي وَهُيوَ ي ُ ْ‬ ‫ه هُيوَ ال ْيوَل ِ ّ‬ ‫دون ِهِ أوْل َِيآَء َفالل ّ ُ‬ ‫من ُ‬ ‫ذوا ْ ِ‬ ‫خ ُ‬
‫ميين‬ ‫م ِفيييهِ ِ‬ ‫خت َل َْفت ُ ْ‬
‫ما ا ْ‬ ‫ديٌر * وَ َ‬ ‫يٍء قَ ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ى كُ ّ‬ ‫َ‬
‫ى وَهُوَ عَل َ‬ ‫موْت َ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ت وَإ ِل َي ْي ِ‬
‫ه‬ ‫ه َرّبي عَل َي ْيهِ ت َيوَك ّل ْ ُ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه إ َِلى الل ّهِ ذ َل ِك ُ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫حك ْ ُ‬ ‫يٍء فَ ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫أُ‬
‫م‬ ‫سييك ُ ْ‬ ‫ن أنُف ِ‬ ‫ميي ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫جع َ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫وال‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫ِ‬ ‫وا‬‫َ‬ ‫ما‬‫َ‬ ‫س‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ط‬ ‫َ‬
‫فا‬ ‫*‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ني‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يءٌ‬ ‫ْ‬ ‫شيي‬ ‫َ‬ ‫ن الن َْعام ِ أْزواجا ً ي َذ َْرؤُك ُ ْ ِ ِ ْ َ ِ ِ ِ‬
‫ه‬ ‫ليي‬ ‫ْ‬ ‫ث‬‫م‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫س‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫في‬ ‫م‬ ‫م َ‬ ‫أْزَواجا ً وَ ِ‬
‫ض‬
‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سيي َ‬‫مَقاِليييد ُ ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫صيييُر * َليي ُ‬ ‫ميعُ ال ْب َ ِ‬ ‫سيي ِ‬ ‫هييوَ ال ّ‬ ‫وَ ُ‬
‫م‬
‫يٍء عَِليي ٌ‬ ‫شي ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ب ِك ُي ّ‬ ‫شييآُء وَي َْقيدُِر إ ِن ّي ُ‬ ‫ميين ي َ َ‬ ‫ط اليّرْزقَ ل ِ َ‬ ‫سي ُ‬ ‫ي َب ْ ُ‬
‫يقول تعالى منكرا ً علييى المشييركين فييي اتخيياذهم آلهية‬
‫من دون الله ومخبرا ً أنه هييو الييولي الحييق الييذي ل تنبغييي‬
‫العبادة إل له وحده فإنه هو القادر على إحياء الموتى وهييو‬
‫على كل شيء قدير‪ ,‬ثم قال عز وجل‪} :‬وما اختلفتم فيييه‬
‫من شيء فحكمه إلييى اللييه{ أي مهمييا اختلفتييم فيييه ميين‬
‫المور وهذا عام في جميع الشياء }فحكمه إلى اللييه{ أي‬
‫هو الحاكم فيه بكتابه وسيينة نييبيه صييلى اللييه عليييه وسيلم‬
‫كقوله جل وعل‪} :‬فإن تنازعتم في شيء فردوه إليى الليه‬
‫والرسول{ }ذلكم الله ربيي{ أي الحيياكم فييي كييل شييء‬
‫}عليه تييوكلت وإليييه أنيييب{ أي أرجييع فييي جميييع المييور‪,‬‬
‫وقوله جل جلله‪} :‬فاطر السموات والرض{ أي خالقهمييا‬
‫ومييا بينهمييا }جعييل لكييم ميين أنفسييكم أزواج يًا{ أي ميين‬
‫جنسكم وشكلكم منة عليكييم وتفض يل ً جعييل ميين جنسييكم‬
‫ذكييرا ً وأنييثى }وميين النعييام أزواجيًا{ أي وخلييق لكييم ميين‬
‫النعام ثمانية أزواج‪ .‬وقوله تبارك وتعالى‪} :‬يذرؤكم فيييه{‬
‫أي يخلقكم فيه أي فيي ذليك الخليق عليى هيذه الصيفة ل‬
‫يزال يذرؤكم فيه ذكورا ً وإناثا ً خلقا ً من بعد خلق وجيل ً بعيد‬
‫جيل ونسل ً بعد نسييل ميين النيياس والنعييام وقييال البغييوي‬
‫يذرؤكم فيه أي في الرحم وقيل في البطن وقيل في هييذا‬
‫الوجه من الخلقة‪ .‬قال مجاهد نسيل ً ميين النيياس والنعييام‪,‬‬
‫وقيل في بمعنى الباء أي يذرؤكم به }ليس كمثله شيييء{‬

‫‪140‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أي ليس كخالق الزواج كلها شيء لنه الفرد الصمد الييذي‬
‫ل نظير لييه }وهييو السييميع البصييير{‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬لييه‬
‫مقاليد السموات والرض{ تقدم تفسيره في سورة الزمر‬
‫وحاصل ذلك أنه المتصرف الحاكم فيهمييا }يبسي ُ‬
‫ط الييرزق‬
‫لمن يشاء ويقدر{ أي يوسع على من يشيياء ويضيييق علييى‬
‫ميين يشيياء ولييه الحكميية والعييدل التييام }إنييه بكييل شيييء‬
‫علييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم{‪.‬‬

‫َ‬
‫حي ْن َييآ‬ ‫ى ب ِيهِ ُنوح يا ً َوال ّيذِيَ أوْ َ‬ ‫َ‬ ‫صي‬‫ما وَ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫دي‬
‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬‫كم ّ‬ ‫شَرعَ ل َ ُ‬ ‫** َ‬
‫مييوا ْ‬ ‫عيس يى أ َ َ‬ ‫إ ِل َي ْ َ‬
‫ن أِقي ُ‬ ‫ى وَ ِ َ َ ْ‬ ‫سي َ‬ ‫مو َ‬ ‫م وَ ُ‬ ‫هي ي َ‬‫صي َْنا ب ِيهِ إ ِب َْرا ِ‬
‫ما وَ ّ‬ ‫ك وَ َ‬
‫م إ ِل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫عوهُ ْ‬ ‫ما ت َد ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كي َ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن وَل َ ت َت ََفّرُقوا ْ ِفيهِ ك َب َُر عََلى ال ْ ُ‬ ‫دي َ‬ ‫ال ّ‬
‫مييا‬ ‫ب * وَ َ‬ ‫ميين ي ُِنيي ُ‬ ‫شييآُء وَي َهْيدِيَ إ ِل َي ْيهِ َ‬ ‫ميين ي َ َ‬ ‫ي إ ِل َي ْهِ َ‬‫جت َب ِ َ‬
‫ه يَ ْ‬‫الل ّ ُ‬
‫ة‬‫مي ٌ‬ ‫م وََليوْل َ ك َل ِ َ‬ ‫م ب َْغييا ً ب َي ْن َُهي ْ‬‫م ال ْعِل ْ ُ‬‫جآَءهُ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫من ب َعْدِ َ‬ ‫ت ََفّرقُوَا ْ إ ِل ّ ِ‬
‫ك إل َ َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّي ِ‬ ‫م وَإ ِ ّ‬ ‫ي ب ِي ْن َهُي ْ‬ ‫ض َ‬ ‫مى ل ُّق ِ‬ ‫س ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ّ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ىأ َ‬ ‫من ّرب ّ َ ِ َ‬ ‫ت ِ‬ ‫سب ََق ْ‬ ‫َ‬
‫م ل َِفييي َ‬ ‫ُ‬
‫ب‬ ‫رييي ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫مْنيي ُ‬ ‫ك ّ‬ ‫شيي ّ‬ ‫ميين ب َْعييدِهِ ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫أورُِثييوا ْ ال ْك َِتييا َ‬
‫يقول تعالى لهذه المة‪} :‬شرع لكم من الدين مييا وصييى‬
‫به نوحا ً واليذي أوحينيا إلييك{ فيذكر أول الرسيل بعيد آدم‬
‫عليه السلم وهو نوح عليه السييلم وآخرهييم محمييد صييلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ .‬ثم ذكر من بييين ذلييك ميين أولييي العييزم‬
‫لييية‬ ‫وهييم إبراهيييم وموسييى وعيسييى بيين مريييم وهييذه ا َ‬
‫انتظمت ذكر الخمسة كمييا اشييتملت آييية الحييزاب عليهييم‬
‫في قوله تبارك وتعالى‪} :‬وإذ أخييذنا ميين النييبيين ميثيياقهم‬
‫لية‬ ‫ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم{ ا َ‬
‫والدين الذي جاءت به الرسل كلهم هو عبادة الله وحده ل‬
‫شريك له كما قال عز وجل‪} :‬وما أرسلنا ميين قبلييك ميين‬
‫رسول إل نييوحي إليييه أنييه ل إلييه إل أنييا فاعبييدون{‪ .‬وفييي‬
‫الحديث »نحن معشر النبييياء أولد علت ديننييا واحييد« أي‬
‫القدر المشترك بينهم هو عبييادة اللييه وحييده ل شييريك لييه‬
‫وإن اختلفت شرائعهم ومناهجهم كقوله جل جلله‪} :‬لكييل‬
‫جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا{ ولهذا قييال تعييالى ههنييا‪} :‬أن‬
‫أقيموا الدين ول تتفرقوا فيه{ أي وصى الله تعييالى جميييع‬

‫‪141‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫النبياء عليهم الصلة والسلم بالئتلف والجماعة‪ .‬ونهيياهم‬
‫عيين الفييتراق والختلف‪ ,‬وقييوله عييز وجييل‪} :‬كييبر علييى‬
‫المشركين ما تدعوهم إليييه{ أي شييق عليهييم وأنكييروا مييا‬
‫تدعوهم إليه يا محمييد ميين التوحيييد‪ .‬ثييم قييال جييل جللييه‪:‬‬
‫}الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه ميين ينيييب{ أي هييو‬
‫الذي يقدر الهداية لمن يستحقها ويكتب الضللة علييى ميين‬
‫آثرها على طريق الرشد‪ ,‬ولهذا قال تبارك وتعالى ‪} :‬ومييا‬
‫اختلفييوا إل ميين بعييد مييا جيياءهم العلييم{ أي إنمييا كييان‬
‫مخالفتهم للحق بعد بلوغه إليهم وقيام الحجيية عليهييم ومييا‬
‫حملهم على ذلك إل البغي والعناد والمشييقة ثييم قييال عييز‬
‫وجل‪} :‬ولول كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسييمى{ أي‬
‫لول الكلمة السابقة من الليه تعيالى بإنظيار العبياد بإقامية‬
‫حسابهم إلى يوم المعاد لعجل عليهييم العقوبيية فييي الييدنيا‬
‫سريعًا‪ .‬وقوله جلت عظمتييه‪} :‬وإن الييذين ُأورثييوا الكتيياب‬
‫من بعدهم{ يعني الجيل المتأخر بعد القرن الول المكذب‬
‫للحق }لفي شك منه مريييب{ أي ليسييوا علييى يقييين ميين‬
‫لبييائهم وأسيلفهم بل‬ ‫أمرهم وإيمانهم وإنمييا هيم مقلييدون َ‬
‫دليل ول برهان وهم في حيييرة ميين أمرهييم وشييك مريييب‬
‫وشيييييييييييييييييييييييييييييييقاق بعييييييييييييييييييييييييييييييييد‪.‬‬

‫َ‬ ‫ك َفادعُ واستقم ك َ ُ‬


‫ل‬‫م وَقُ ي ْ‬ ‫وآَءهُ ْ‬ ‫ت وَل َ ت َت ّب ِعْ أهْ ي َ‬ ‫مْر َ‬ ‫مآ أ ِ‬‫ْ َ ْ َِ ْ َ‬ ‫** فَل ِذ َل ِ َ‬
‫ُ‬ ‫مآ َأنَز َ‬
‫م الل ّي ُ‬
‫ه‬ ‫ل ب َي ْن َك ُي ُ‬ ‫ت لعْيدِ َ‬ ‫ميْر ُ‬ ‫ب وَأ ِ‬ ‫من ك ِت َييا ٍ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ت بِ َ‬ ‫من ُ‬‫آ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ة ب َي ْن َن َييا وَب َي ْن َك ُي ُ‬‫جي َ‬
‫ح ّ‬‫م لَ ُ‬ ‫مال ُك ُ ْ‬
‫م أعْ َ‬ ‫مال َُنا وَل َك ُ ْ‬ ‫م ل ََنآ أعْ َ‬‫َرب َّنا وََرب ّك ُ ْ‬
‫صيييييييييُر‬ ‫م ِ‬ ‫مييييييييعُ ب َي ْن ََنييييييييا وَإ ِل َْيييييييييهِ ال ْ َ‬ ‫ج َ‬
‫ه يَ ْ‬‫الّليييييييي ُ‬
‫لية الكريمة على عشر كلمات مستقلت‬ ‫اشتملت هذه ا َ‬
‫كل منها منفصلة عن التي قبلهييا حكييم برأسييها‪ ,‬قييالوا‪ :‬ول‬
‫نظير لها سوى آييية الكرسييي‪ ,‬فإنهييا أيضيا ً عشييرة فصييول‬
‫كهذه‪ .‬وقوله‪} :‬فلذلك فادع{ أي فللذي َأوحينييا إليييك ميين‬
‫الييدين الييذي وصييينا بييه جميييع المرسييلين قبلييك‪ ,‬أصييحاب‬
‫الشرائع الكبار المتبعة كأولي العزم وغيرهم فييادع النيياس‬
‫إليه‪ .‬وقوله عز وجل‪} :‬واستقم كمييا أمييرت{ أي واسييتقم‬

‫‪142‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أنت ومن اتبعك على عبادة الله تعالى كما أمركم الله عييز‬
‫وجل‪ ,‬وقوله تعالى‪} :‬ول تتبع أهواءهم{ يعنييي المشييركين‬
‫فيمييا اختلفييوا فيييه وكييذبوه وافييتروه ميين عبييادة الوثييان‪.‬‬
‫وقوله جل وعل‪} :‬وقل آمنت بما أنزل اللييه ميين كتيياب{‬
‫أي صدقت بجميع الكتب المنزلة من السماء علييى النبييياء‬
‫ل نفرق بين أحد منهم‪ .‬وقوله‪} :‬وأمرت لعدل بينكم{ أي‬
‫في الحكم كما أمرني اللييه‪ ,‬وقييوله جلييت عظمتييه‪} :‬اللييه‬
‫ربنا وربكم{ أي هو المعبود ل إله غيييره فنحيين نقيير بييذلك‬
‫اختيارا ً وأنتم وإن لم تفعلوه اختيييارا ً فلييه يسييجد ميين فييي‬
‫العالمين طوعا ً واختيارًا‪ .‬وقوله تبارك وتعالى‪} :‬لنا أعمالنا‬
‫ولكم أعمييالكم{ أي نحيين بييرآء منكييم‪ ,‬كمييا قييال سييبحانه‬
‫وتعالى‪} :‬وإن كذبوك فقل لي عملييي ولكييم عملكييم أنتييم‬
‫بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملييون{ وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}ل حجة بيننا وبينكييم{ قييال مجاهييد‪ :‬أي ل خصييومة‪ .‬قييال‬
‫السدي‪ :‬وذلك قبل نزول آية السيف‪ ,‬وهذا متجه لن هييذه‬
‫لية مكية‪ ,‬وآييية السيييف بعييد الهجييرة‪ .‬وقييوله عييز وجييل‪:‬‬ ‫ا َ‬
‫}الله يجمع بيننا{ أي يوم القيامة‪ ,‬كقوله‪} :‬قل يجمع بيننييا‬
‫ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهييو الفتيياح العليييم{ وقييوله جييل‬
‫وعل‪} :‬وإليه المصير{ أي المرجع والمآب يييوم الحسيياب‪.‬‬

‫م‬ ‫جت ُهُ ْ‬


‫ح ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫ب لَ ُ‬ ‫جي َ‬ ‫ست ُ ِ‬‫ما ا َ‬ ‫من ب َعْدِ َ‬ ‫ن ِفي الل ّهِ ِ‬ ‫جو َ‬ ‫حآ ّ‬ ‫ن يُ َ‬‫ذي َ‬‫** َوال ّ ِ‬
‫ه‬‫ديد ٌ * الل ّ ُ‬ ‫ش ِ‬‫ب َ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م عَ َ‬ ‫ب وَل َهُ ْ‬ ‫ض ٌ‬ ‫م غَ َ‬ ‫م وَعَل َي ْهِ ْ‬ ‫عند َ َرب ّهِ ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫ض ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫دا ِ‬ ‫َ‬
‫ك ل َعَ ّ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫ساعَ َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ما ي ُد ِْري َ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ميَزا َ‬ ‫حقّ َوال ْ ِ‬ ‫ب ِبال ْ َ‬ ‫ل ال ْك َِتا َ‬ ‫ال ّذِيَ أنَز َ‬
‫من ُييوا ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ب ِهَييا َوال ّي ِ‬ ‫من ُييو َ‬ ‫ن ل َ ي ُؤْ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ب َِها ال ّ ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫ست َعْ ِ‬ ‫ب * يَ ْ‬ ‫ري ٌ‬ ‫قَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ميياُرو َ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّي ِ‬ ‫حيقّ أل َ إ ِ ّ‬ ‫ن أن ّهَييا ال ْ َ‬ ‫مييو َ‬ ‫من َْها وَي َعْل َ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫فُقو َ‬ ‫ش ِ‬‫م ْ‬‫ُ‬
‫ل ب َِعييييييييييدٍ‬ ‫ضيييييييييل َ َ‬ ‫سييييييييياعَةِ ل َِفيييييييييي َ‬ ‫فَيييييييييي ال ّ‬
‫يقول تعالى متوعدا ً الذين يصييدون عيين سييبيل اللييه ميين‬
‫آمن به‪} :‬والذين يحاجون في اللييه ميين بعييد مييا اسييتجيب‬
‫لييه{ أي يجييادلون المييؤمنين المسييتجيبين للييه ولرسييوله‬
‫ليصدوهم عما سلكوه من طريق الهدى }حجتهييم داحضيية‬
‫عند ربهم{ أي باطلة عند الله }وعليهييم غضييب{ أي منييه‬

‫‪143‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}ولهم عذاب شييديد{ أي يييوم القياميية‪ ,‬قييال ابيين عبيياس‬
‫رضي الله عنه ومجاهد‪ :‬جادلوا المؤمنين بعد ما اسييتجابوا‬
‫للييه ولرسييوله ليصييدوهم عيين الهييدى وطمعييوا أن تعييود‬
‫الجاهلية‪ ,‬وقال قتادة‪ :‬هييم اليهييود والنصييارى قييالوا‪ :‬ديننييا‬
‫خير من دينكم ونبينا قبل نييبيكم ونحيين خييير منكييم وأولييى‬
‫بالله منكم‪ ,‬وقد كذبوا في ذلك‪ .‬ثم قال تعالى‪} :‬الله الذي‬
‫أنزل الكتاب بالحق{ يعني الكتب المنزلة من عنييده علييى‬
‫أنبيائه }والميييزان{ وهييو العييدل والنصيياف‪ ,‬قيياله مجاهييد‬
‫وقتادة‪ ,‬وهذه كقوله تعالى‪} :‬لقييد أرسييلنا رسييلنا بالبينييات‬
‫وأنزلنا معهيم الكتياب والميييزان ليقيوم النياس بالقسيط{‬
‫وقوله‪} :‬والسماء رفعها ووضييع الميييزان * أل تطغييوا فييي‬
‫الميزان * وأقيموا الوزن بالقسط ول تخسييروا الميييزان{‪.‬‬
‫وقوله تبارك وتعالى‪} :‬وما يدريك لعييل السيياعة قريييب{‬
‫فيه ترغيب فيها وترهيب منها وتزهيد في الدنيا‪ ,‬وقوله عز‬
‫وجل‪} :‬يستعجل بهييا الييذين ل يؤمنييون بهييا{ أي‪ :‬يقولييون‬
‫متى هذا الوعد إن كنتم صادقين‪ ,‬وإنما يقولون ذلك تكذيبا ً‬
‫واستبعادا ً وكفرا ً وعنادا ً }والذين آمنوا مشفقون منها{ أي‬
‫خائفون وجلييون ميين وقوعهييا }ويعلمييون أنهييا الحييق{ أي‬
‫كائنة ل محالة‪ ,‬فهم مستعدون لها عاملون من أجلها‪ .‬وقييد‬
‫روي من طرق تبلغ درجة التييواتر فييي الصييحاح والحسييان‬
‫والسيينن والمسييانيد‪ ,‬وفييي بعييض ألفيياظه أن رجل ً سييأل‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوت جهوري وهو فييي‬
‫بعض أسفاره‪ ,‬فناداه فقال‪ :‬يا محمد‪ ,‬فقال له رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم نحوا ً من صوته‪» :‬هاؤم«‪ ,‬فقال لييه‪:‬‬
‫متى الساعة ؟ فقال رسول الله صيلى الليه علييه وسيلم‪:‬‬
‫»ويحك إنهيا كائنية فميا أعيددت لهيا ؟« فقيال‪ :‬حيب الليه‬
‫ورسوله‪ ,‬فقييال صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬أنييت مييع ميين‬
‫أحببت«‪ ,‬فقوله في الحديث »المرء مييع ميين أحييب« هييذا‬
‫متواتر ل محالة‪ ,‬والغرض أنه لم يجبيه عين وقيت السياعة‬
‫بييل أمييره بالسييتعداد لهييا‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬أل إن الييذين‬
‫يمارون في الساعة{ أي يجادلون فييي وجودهييا ويييدفعون‬
‫وقوعها }لفي ضلل بعيييد{ أي فييي جهييل بييين‪ ,‬لن الييذي‬

‫‪144‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫خلق السموات والرض قادر علييى إحييياء المييوتى بطريييق‬
‫الولى والحرى‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬وهييو الييذي يبييدأ الخلييق‬
‫ثيييييييييم يعييييييييييده وهيييييييييو أهيييييييييون علييييييييييه{‪.‬‬

‫زيييُز *‬ ‫شآُء وَهُوَ ال َْقوِيّ ال ْعَ ِ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ف ب ِعَِبادِهِ ي َْرُزقُ َ‬ ‫طي ٌ‬ ‫ه لَ ِ‬ ‫** الل ّ ُ‬
‫ريد ُ‬‫ن ي ُ َِ‬ ‫كا َ‬ ‫من َ‬ ‫حْرث ِهِ وَ َ‬ ‫ه ِفي َ‬ ‫خَرةِ ن َزِد ْ ل َ ُ‬ ‫ث ال َ ِ‬ ‫حْر َ‬ ‫ريد ُ َ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫من َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ب* أ ْ‬ ‫صييي ٍ‬ ‫ميين ن ّ ِ‬ ‫خَرةِ ِ‬ ‫َ‬
‫ه ِفي ال ِ‬ ‫َ‬
‫ما ل ُ‬ ‫من َْها وَ َ‬ ‫ث الد ّن َْيا ن ُؤْت ِهِ ِ‬ ‫حْر َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ه وَلوْل َ‬ ‫م ي َأَذن ب ِهِ الل ُ‬ ‫ما ل ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫دي‬
‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫م ّ‬ ‫عوا لهُ ْ‬ ‫شَر ُ‬ ‫كاُء َ‬ ‫شَر َ‬ ‫م ُ‬ ‫ل َهُ ْ‬
‫َ‬
‫م*‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م عَ َ‬ ‫ن ل َهُ ْ‬‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫م وَإ ِ ّ‬ ‫ي ب َي ْن َهُ ْ‬‫ض َ‬ ‫ل ل َُق ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ة ال َْف ْ‬ ‫ك َل ِ َ‬
‫م ُ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫م َواّليي ِ‬ ‫سُبوا ْ وَهُوَ َواقِعٌ ب ِهِ ْ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫شِفِقي َ‬ ‫م ْ‬‫ن ُ‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫ت ََرى ال ّ‬
‫مييا‬ ‫م ّ‬ ‫ت ل َهُ ي ْ‬ ‫جن ّييا ِ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫ضييا ِ‬ ‫ت فِييي َروْ َ‬ ‫حا ِ‬ ‫صييال ِ َ‬ ‫مل ُييوا ْ ال ّ‬ ‫من ُييوا ْ وَعَ ِ‬ ‫آ َ‬
‫ل ال ْك َِبيييييُر‬ ‫ضيييي ُ‬ ‫ك هُييييوَ ال َْف ْ‬ ‫م ذ َل ِيييي َ‬ ‫عنييييد َ َرب ّهِيييي ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫شييييآُءو َ‬ ‫يَ َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن لطفه بخلقه في رزقه إياهم عيين‬
‫آخرهم ل ينسى أحدا ً منهم‪ ,‬سواء في رزقه البر والفيياجر‪,‬‬
‫كقوله عز وجل‪} :‬وما ميين دابية فييي الرض إل علييى الليه‬
‫رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل فييي كتيياب مييبين{‬
‫ولها نظائر كثيرة‪ ,‬وقوله جل وعل‪} :‬يرزق من يشيياء{ أي‬
‫يوسع على من يشاء }وهييو القييوي العزيييز{ أي ل يعجييزه‬
‫لخييرة{ أي‬ ‫شيء ثم قال عز وجل‪} :‬من كان يريد حرث ا َ‬
‫لخرة }نزد له في حرثه{ أي نقويه ونعينه على مييا‬ ‫عمل ا َ‬
‫هو بصدده ونكثر نماءه ونجزيه بالحسنة عشر أمثالها إلييى‬
‫سبعمائة ضعف إلى ما يشاء الله }ومين كيان يريييد حييرث‬
‫لخييرة ميين نصيييب{ أي وميين‬ ‫الدنيا نؤته منها وما له في ا َ‬
‫كان إنما سعيه ليحصل له شيء من الدنيا وليييس لييه إلييى‬
‫لخرة والييدنيا إن شيياء‬ ‫لخرة هم البتة بالكلية حرمه الله ا َ‬ ‫ا َ‬
‫أعطاه منها وإن لم يشأ لم يحصل ل هييذه ول هييذه‪ ,‬وفيياز‬
‫لخييرة‪,‬‬ ‫الساعي بهذه النية بالصفقة الخاسرة في الييدنيا وا َ‬
‫لية الييتي فييي‬ ‫لية ههنا مقيدة با َ‬ ‫والدليل على هذا أن هذه ا َ‬
‫سبحان وهي قوله تبارك وتعالى‪} :‬من كان يريييد العاجليية‬
‫عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد‪ ,‬ثم جعلنا له جهنم يصلها‬
‫لخرة وسعى لها سعيها وهييو‬ ‫مذموما ً مدحورا ً * ومن أراد ا َ‬

‫‪145‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا ً * كل ً نمد هؤلء وهؤلء‬
‫من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا ً * انظيير كيييف‬
‫لخييرة أكييبر درجييات وأكييبر‬ ‫فضييلنا بعضييهم علييى بعييض ول َ‬
‫ل{‪.‬‬‫تفضيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ً‬
‫وقال الثوري عن مغيييرة عيين أبييي العالييية عيين أبييي بيين‬
‫كعب رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليييه‬
‫وسلم‪» :‬بشر هذه المة بالسناء والرفعة والنصر والتمكين‬
‫لخرة للدنيا لم يكن لييه‬ ‫في الرض فمن عمل منهم عمل ا َ‬
‫لخرة من نصيب« وقوله جل وعل‪} :‬أم لهييم شييركاء‬ ‫في ا َ‬
‫شرعوا لهم ميين الييدين مييا لييم يييأذن بييه اللييه{ أي هييم ل‬
‫يتبعون ما شرع الله لك من الدين القييويم بييل يتبعييون مييا‬
‫شرع لهييم شييياطينهم ميين الجيين والنييس ميين تحريييم مييا‬
‫حرمييوا عليهييم ميين البحيييرة والسييائبة والوصيييلة والحييام‪,‬‬
‫وتحليييل أكييل الميتيية والييدم والقمييار إلييى نحييو ذلييك ميين‬
‫الضللت والجهالة الباطلة الييتي كييانوا قييد اخترعوهييا فييي‬
‫جييياهليتهم مييين التحلييييل والتحرييييم والعبيييادات الباطلييية‬
‫والقوال الفاسدة وقد ثبييت فييي الصيحيح أن رسيول الليه‬
‫صلى الله عليه وسييلم قييال‪» :‬رأيييت عمييرو بيين لحييي بيين‬
‫قمعة يجر قصبه في النار« لنه أول من سيييب السييوائب‪,‬‬
‫وكان هذا الرجل أحد ملوك خزاعة وهو أول من فعل هذه‬
‫الشياء وهو الذي حمل قريشا ً علييى عبييادة الصيينام لعنييه‬
‫الله وقبحه ولهذا قال تعالى‪} :‬ولول كلمة الفصييل لقضييي‬
‫بينهم{ أي لعوجلوا بالعقوبة لول ما تقدم من النظييار إلييى‬
‫يوم المعاد }وإن الظييالمين لهييم عييذاب أليييم{ أي شييديد‬
‫موجييييييييييع فييييييييييي جهنييييييييييم وبئس المصييييييييييير‪.‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬ترى الظييالمين مشييفقين ممييا كسييبوا{‬
‫أي فييي عرصييات القياميية }وهييو واقييع بهييم{ أي الييذي‬
‫يخافون منه واقع بهم ل محاليية هييذا حييالهم يييوم معييادهم‬
‫وهييم فييي هييذا الخييوف والوجييل }والييذين آمنييوا وعملييوا‬
‫الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم{‬
‫فأين هذا من هذا ؟ أي أين من هو في العرصات في الذل‬
‫والهييوان والخييوف المحقييق عليييه بظلمييه مميين هييو فييي‬

‫‪146‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫روضات الجنات فيما يشاء ميين مآكييل ومشييارب وملبييس‬
‫ومساكن ومناظر ومناكييح وملذ ممييا ل عييين رأت ول أذن‬
‫سمعت ول خطر على قلب بشر‪ .‬قال الحسن بيين عرفيية‪:‬‬
‫لبار‪ ,‬حدثنا محمييد بيين سييعد‬‫حدثنا عمرو بن عبد الرحمن ا َ‬
‫النصاري عن أبي طيبة قييال إن الشييرب ميين أهييل الجنيية‬
‫لتظلهم السحابة فتقول ما أمطركم ؟ قال فمييا يييدعو داع‬
‫من القوم بشيء إل أمطرتهم حتى إن القائل منهم ليقول‬
‫أمطرينا كواعب أترابًا‪ .‬ورواه ابين جريير عين الحسين بين‬
‫عرفة به‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬ذلك هو الفضييل الكييبير{ أي‬
‫الفوز العظيييم والنعميية التاميية السييابغة الشيياملة العاميية‪.‬‬

‫مُلييوا ْ‬ ‫مُنييوا ْ وَعَ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫عَبيياد َهُ اّليي ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫شييُر الّليي ُ‬ ‫ذي ي ُب َ ّ‬ ‫ك اّليي ِ‬ ‫** ذ َِليي َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ى‬‫موَد ّةَ ِفي الُقْرَبيي َ‬ ‫جرا ً إ ِل ّ ال ْ َ‬ ‫م عَل َي ْهِ أ ْ‬ ‫سأل ُك ُ ْ‬ ‫ت ُقل ل ّ أ ْ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫ال ّ‬
‫كوٌر‬ ‫شيي ُ‬ ‫ه غَُفوٌر َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫سنا ً إ ِ ّ‬‫ح ْ‬ ‫ه ِفيَها ُ‬ ‫ة ن ّزِد ْ ل َ ُ‬ ‫سن َ ً‬‫ح َ‬ ‫ف َ‬ ‫من ي َْقت َرِ ْ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫خت ِي ْ‬‫ه يَ ْ‬ ‫شيإ ِ الل ّي ُ‬ ‫ذبا ً َفيِإن ي َ َ‬ ‫ن افْت ََرىَ عََلى الل ّيهِ ك َي ِ‬ ‫م ي َُقوُلو َ‬ ‫* أ ْ‬
‫م‬ ‫ه عَِلي ٌ‬ ‫حقّ ب ِك َل ِ َ‬
‫مات ِهِ إ ِن ّ ُ‬ ‫حق ّ ا ل ْ َ‬ ‫ل وَي ُ ِ‬‫ه ال َْباط ِ َ‬ ‫ح الل ّ ُ‬ ‫م ُ‬
‫ك وَي َ ْ‬‫ى قَل ْب ِ َ‬ ‫َ‬
‫عَل َ‬
‫دورِ‬‫صيييييييييييييييييييييييييييييي ُ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ِبيييييييييييييييييييييييييييييي َ‬
‫يقول تعالى لما ذكر روضات الجنات‪ ,‬لعباده الذين آمنييوا‬
‫وعملوا الصالحات }ذلييك الييذي يبشيير اللييه عبيياده الييذين‬
‫آمنييوا وعملييوا الصييالحات{ أي هييذا حاصييل لهييم كييائن ل‬
‫محالة ببشارة الله تعالى لهم به‪ .‬وقوله عز وجل‪} :‬قييل ل‬
‫أسألكم عليه أجرا ً إل المودة في القربى{ أي قل يا محمد‬
‫لهؤلء المشركين ميين كفييار قريييش ل أسييألكم علييى هييذا‬
‫البلغ والنصح لكم مييا ل تعطييونيه وإنمييا أطلييب منكييم أن‬
‫تكفييوا شييركم عنييي وتييذروني أبلييغ رسييالت ربييي إن لييم‬
‫تنصروني فل تؤذوني بما بينييي وبينكييم ميين القرابيية‪ .‬قييال‬
‫البخاري‪ :‬حدثنا محمد بن بشييار‪ ,‬حييدثنا محمييد بيين جعفيير‪,‬‬
‫حيدثنا شيعبة عين عبيد المليك بين ميسيرة قيال‪ :‬سيمعت‬
‫طاوسا ً يحدث عن ابن عباس رضي الله عنهمييا أنييه سييئل‬
‫عن قوله تعالى إل المييودة فييي القربييى فقييال سييعيد بيين‬
‫جبير‪ :‬قربى آل محمد فقال ابن عبيياس‪ :‬عجلييت إن النييبي‬

‫‪147‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إل كان لييه‬
‫فيهييم قرابيية فقييال إل أن ل تصييلوا مييا بينييي وبينكييم ميين‬
‫القرابة‪ ,‬انفرد به البخيياري‪ ,‬ورواه المييام أحمييد بيين يحيييى‬
‫القطان عن شعبة به‪ ,‬وهكذا روى عامر الشعبي والضحاك‬
‫وعلي بن أبي طلحة والعييوفي ويوسييف بيين مهييران وغييير‬
‫واحد عن ابيين عبيياس رضييي اللييه عنهمييا مثلييه‪ ,‬وبييه قييال‬
‫مجاهد وعكرمة وقتادة والسدي وأبو مالك وعبييد الرحميين‬
‫بييييييييين زييييييييييد بييييييييين أسيييييييييلم وغيرهيييييييييم‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبييو القاسييم الطييبراني‪ :‬حييدثنا هاشييم بيين‬
‫القاسم بن زيد الطبراني وجعفر القلنسي قال‪ :‬حدثنا آدم‬
‫بن أبي إياس‪ ,‬حدثنا شريك عن خصيف عن سعيد بن جبير‬
‫عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬قال لهم رسول الله‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬ل أسييألكم عليييه أجييرا ً إل أن‬
‫تودوني في نفسي لقرابتي منكم وتحفظييوا القرابيية الييتي‬
‫بيني وبينكم« وروى المام أحمد عيين حسيين بيين موسييى‪,‬‬
‫حدثنا قزعة يعني ابن سويد بيين أبييي حيياتم عيين أبيييه عيين‬
‫مسلم بن إبراهيم عن قزعة بن سويد عن ابيين نجيييح عيين‬
‫مجاهد عن ابن عباس رضييي اللييه عنهمييا أن النييبي صييلى‬
‫الله عليييه وسييلم قييال‪» :‬ل أسييألكم علييى مييا آتيتكييم ميين‬
‫البينات والهييدى أجييرا ً إل أن تييوادوا اللييه وأن تقربييوا إليييه‬
‫بطاعته« وهكذا روى قتادة عن الحسن البصري مثله وهذا‬
‫كأنه تفسير بقول ثان كأنه يقول إل المودة في القربى أي‬
‫إل أن تعملوا بالطاعة التي تقربكم عند الله زلفييى‪ .‬وقييول‬
‫ثالث وهو ما حكاه البخيياري وغيييره رواييية عيين سييعيد بيين‬
‫جبير ما معناه أنه قال معنى ذلك أن تييودوني فييي قرابييتي‬
‫أي تحسييييييييييييييينوا إليهيييييييييييييييم وتيييييييييييييييبروهم‪.‬‬
‫وقال السدي عن أبي الديلم قييال‪ :‬لمييا جيييء بعلييي بيين‬
‫الحسين رضي الله عنه أسيرا ً فأقيم على درج دمشق قام‬
‫رجييل ميين أهييل الشييام فقييال الحمييد للييه الييذي قتلكييم‬
‫واستأصلكم وقطع قرن الفتنة فقال له علي بيين الحسييين‬
‫رضي الله عنه‪ :‬أقرأت القرآن ؟ قال‪ :‬نعييم‪ ,‬قييال‪ :‬أقييرأت‬
‫آل حم ؟ قال‪ :‬قرأت القرآن ولييم أقييرأ آل حييم‪ ,‬قييال‪ :‬مييا‬

‫‪148‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قرأت }قل ل أسألكم عليه أجرا ً إل الميودة فيي القربيى{‬
‫قييال‪ :‬وإنكييم لنتييم هييم ؟ قييال‪ :‬نعييم‪ ,‬وقييال أبييو إسييحق‬
‫السبيعي‪ :‬سألت عمرو بن شعيب عن قوله تبارك وتعالى‪:‬‬
‫}قل ل أسألكم عليه أجرا ً إل المودة في القربييى{ فقييال‪:‬‬
‫قربى النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم رواهمييا ابيين جرييير‪.‬‬
‫ثم قييال ابيين جرييير‪ :‬حييدثنا أبييو كريييب‪ ,‬حييدثنا مالييك بيين‬
‫إسماعيل‪ ,‬حدثنا عبد السلم‪ ,‬حدثني يزيد بن أبي زياد عن‬
‫مقسييم عيين ابيين عبيياس رضييي اللييه عنهمييا‪ ,‬قييال‪ :‬قييالت‬
‫النصار‪ :‬فعلنا وفعلنا وكأنهم فخييروا‪ ,‬فقيال ابيين عبياس أو‬
‫العباس رضي الله عنهما ي شك عبد السلم ي ي لنييا الفضييل‬
‫عليكم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيياهم‬
‫في مجالسهم فقال‪» :‬يا معشر النصييار ألييم تكونييوا أذليية‬
‫فأعزكم الله بي ؟« قالوا بلى يييا رسييول اللييه قييال صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬ألم تكونوا ضييلل ً فهييداكم اللييه بييي ؟«‬
‫قالوا‪ :‬بلى يا رسول الله‪ ,‬قال‪» :‬أفل تجيبوني ؟« قالوا‪ :‬ما‬
‫نقول يا رسول الله ؟ قال‪» :‬أل تقولون ألم يخرجك قومك‬
‫فآويناك أولم يكذبوك فصدقناك أولم يخييذلوك فنصييرناك«‬
‫قال‪ :‬فما زال صلى الله عليه وسلم يقول حتى جثوا علييى‬
‫الركييب‪ ,‬وقييالوا‪ :‬أموالنييا فييي أيييدينا للييه ولرسييوله‪ ,‬قييال‪:‬‬
‫فنزلت }قل ل أسألكم عليه أجرا ً إل المودة في القربييى{‬
‫وهكييذا رواه ابيين أبييي حيياتم عيين علييي بيين الحسييين عيين‬
‫عبدالمؤمن بن علي‪ ,‬عن عبييد السييلم عيين يزيييد بيين أبييي‬
‫زييياد وهييو ضييعيف بإسييناده مثلييه أو قريبييا ً منييه‪ .‬وفييي‬
‫الصحيحين في قسم غنائم حنين قريييب ميين هييذا السييياق‬
‫لييية‪ ,‬وذكيير نزولهييا فييي‬‫ولكن ليس فيه ذكيير نييزول هييذه ا َ‬
‫المدينة فيه نظر لن السورة مكية وليس يظهر بييين هييذه‬
‫ا َ‬
‫ليييييية وهيييييذا السيييييياق مناسيييييبة‪ ,‬والليييييه أعليييييم‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا علي بن الحسين‪ ,‬حدثنا رجييل‬
‫سماه‪ ,‬حدثنا حسين الشقر عن قيييس عيين العميش عين‬
‫سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي اللييه عنييه‪ ,‬قييال‪ :‬لمييا‬
‫لية }قل ل أسألكم عليه أجرا ً إل المييودة فييي‬ ‫نزلت هذه ا َ‬
‫القربى{ قالوا‪ :‬يا رسول الله‪ ,‬من هييؤلء الييذين أميير اللييه‬

‫‪149‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بمودتهم ؟ قال‪» :‬فاطمة وولدها رضي الله عنهمييا« وهييذا‬
‫إسناد ضعيف فيه مبهم ل يعرف عن شيخ شيعي مخييترق‬
‫وهو حسين الشقر ول يقبل خبره في هييذا المحييل‪ ,‬وذكيير‬
‫لية في المدينة بعيد فإنهييا مكييية ولييم يكيين إذ ذاك‬ ‫نزول ا َ‬
‫لفاطمة رضي الله عنها أولد بالكلية فإنها لم تتزوج بعلييي‬
‫رضي الله عنه إل بعد بدر من السيينة الثانييية ميين الهجييرة‬
‫لية بما فسرها به حبر المة وترجمان‬ ‫والحق تفسير هذه ا َ‬
‫القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كما رواه عنييه‬
‫البخياري ول ننكير الوصياة بأهيل اليبيت والمير بالحسيان‬
‫إليهم واحترامهم وإكرامهم‪ ,‬فإنهم ميين ذرييية طيياهرة ميين‬
‫أشرف بيت وجد على وجه الرض فخرا ً وحسبا ً ونسبًا‪ ,‬ول‬
‫سيما إذا كانوا متبعين للسيينة النبوييية الصييحيحة الواضييحة‬
‫الجلية‪ ,‬كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه وعلييي وأهييل‬
‫ذريتييييييييه رضييييييييي اللييييييييه عنهييييييييم أجمعييييييييين‪.‬‬
‫وقد ثبت في الصييحيح أن رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم قال في خطبته بغدير خم‪» :‬إني تارك فيكم الثقلين‬
‫كتيياب اللييه وعييترتي‪ ,‬وإنهمييا لييم يفترقييا حييتى يييردا علييي‬
‫الحوض« وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا يزيد بن هييارون أخبرنييا‬
‫إسماعيل بن أبي خالد عن يزيد بن أبي زياد‪ ,‬عن عبد الله‬
‫بن الحارث عن العباس بن عبد المطلب رضييي اللييه عنييه‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول الله إن قريشا ً إذا لقي بعضهم بعض يا ً‬
‫لقوهم ببشر حسن‪ ,‬وإذا لقونا لقونا بوجوه ل نعرفها‪ ,‬قال‪:‬‬
‫فغضب النبي صلى الله عليييه وسييلم غضييبا ً شييديدا ً وقييال‬
‫»والذي نفسي بيييده ل يييدخل قلييب الرجييل اليمييان حييتى‬
‫يحبكيييييييييييييييييم لليييييييييييييييييه ورسيييييييييييييييييوله«‪.‬‬
‫ثم قال أحمد‪ :‬حدثنا جرير عن يزيد بن أبي زياد‪ ,‬عن عبد‬
‫الله بن الحارث بن عبييد المطلييب بيين ربيعيية‪ ,‬قييال‪ :‬دخييل‬
‫العباس رضي الله عنه على رسول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم فقال‪ :‬إنا لنخييرج فنييرى قريشيا ً تحييدث‪ ,‬فييإذا رأونييا‬
‫سكتوا‪ ,‬فغضب رسول الله ودر عرق بييين عينيييه ثييم قييال‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬والله ل يدخل قلب امرىء مسلم‬
‫إيمان حتى يحبكم لله ولقرابييتي«‪ ,‬وقييال البخيياري‪ :‬حييدثنا‬

‫‪150‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عبد الله بن عبد الوهيياب‪ ,‬حييدثنا خالييد‪ ,‬حييدثنا شييعبة عيين‬
‫واقد قال‪ :‬سمعت أبي يحييدث عيين ابيين عميير رضييي اللييه‬
‫عنهما عن أبي بكر ي هو الصديق يي رضييي اللييه عنييه قييال‪:‬‬
‫ارقبوا محمدا ً صلى الله عليه وسلم فييي أهييل بيتييه‪ .‬وفييي‬
‫الصحيح أن الصديق رضي الله عنه قال لعلييي رضييي اللييه‬
‫عنه‪ :‬والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسييلم أحييب‬
‫إلي أن أصل من قرابتي‪ ,‬وقال عمر بن الخطاب للعبيياس‬
‫رضي الله عنهما والله لسييلمك يييوم أسييلمت كييان أحييب‬
‫إلي من إسلم الخطاب لو أسلم‪ ,‬لن إسلمك كييان أحييب‬
‫إلييى رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم ميين إسييلم‬
‫الخطاب‪ .‬فحال الشيخين رضييي اللييه عنهمييا هييو الييواجب‬
‫على كل أحد أن يكون كذلك‪ ,‬ولهذا كانا أفضييل المييؤمنين‬
‫بعييد النييبيين والمرسييلين رضييي اللييه عنهمييا وعيين سييائر‬
‫الصييييييييييييييييييييييييييييحابة أجمعييييييييييييييييييييييييييييين‪.‬‬
‫وقييال المييام أحمييد رحمييه اللييه‪ :‬حييدثنا إسييماعيل بيين‬
‫إبراهيم عن أبي حيان التيمي‪ ,‬حدثني يزيد بن حيييان قييال‪:‬‬
‫انطلقت أنا وحصين بن ميسرة وعمر بن مسيلم إلييى زيييد‬
‫بن أرقم رضي الله عنه‪ ,‬فلما جلسنا إليه قال حصين‪ :‬لقد‬
‫لقيت يا زيد خيرا ً كثيرًا‪ ,‬رأيت رسول الله صلى اللييه عليييه‬
‫وسلم وسييمعت حييديثه وغييزوت معييه وصييليت معييه‪ ,‬لقييد‬
‫رأيت يا زيد خيرا ً كثيرًا‪ ,‬حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فقييال‪ :‬يييا ابيين أخييي لقييد كييبر‬
‫سني وقييدم عهييدي ونسيييت بعييض الييذي كنييت أعييي ميين‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فما حدثتكم فاقبلوه وما‬
‫ل فل تكلفونيه‪ ,‬ثم قال رضي الله عنييه‪ :‬قييام رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم يوما ً خطيبا ً فينا بماء يدعى خما ً بين‬
‫مكة والمدينة‪ ,‬فحمد الله تعالى وأثنى عليه وذكيير ووعييظ‪,‬‬
‫ثم قال صلى الله عليه وسلم‪» :‬أما بعد‪ ,‬أيهييا النيياس إنمييا‬
‫أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فييأجيب‪ ,‬وإنييي تييارك‬
‫فيكم الثقلين أولهما كتاب اللييه تعييالى فيييه الهييدى والنييور‬
‫فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به« فحث على كتيياب اللييه‬
‫ورغب فيييه وقييال صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬وأهييل بيييتي‬

‫‪151‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أذكركم في أهل بيتي‪ ,‬أذكركم الله في أهل بيييتي« فقييال‬
‫له حصين‪ :‬ومن أهل بيته يا زيد ؟ ألييس نسياؤه مين أهيل‬
‫بيته ؟ قال‪ :‬إن نساءه لسن من أهل بيته ولكيين أهييل بيتييه‬
‫من حرم عليه الصدقة بعده‪ ,‬قال‪ :‬ومن هم ؟ قال‪ :‬هم آل‬
‫علي وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس رضي اللييه عنهييم‪,‬‬
‫قال‪ :‬أكل هؤلء حرم عليييه الصييدقة ؟ قييال‪ :‬نعييم‪ ,‬وهكييذا‬
‫رواه مسييلم والنسييائي ميين طييرق يزيييد بيين حّيييان بييه‪.‬‬
‫وقال أبو عيسى الترمذي‪ :‬حدثنا علي بن المنذر الكوفي‪,‬‬
‫حدثنا محمد بن فضيل‪ ,‬حدثنا العمش عن عطية عن أبييي‬
‫سعيد والعمش عن حبيب بن أبي ثابت‪ ,‬عن زيد بن أرقم‬
‫رضي الله عنه‪ ,‬قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬إنييي تييارك فيكييم ميا إن تمسيكتم بيه لين تضيلوا‬
‫لخيير‪ :‬كتيياب اللييه حبييل ممييدود‬ ‫بعدي‪ :‬أحدهما أعظم من ا َ‬
‫لخر عترة أهل بيتي ولن يفترقا‬ ‫من السماء إلى الرض‪ ,‬وا َ‬
‫حتى يردا علي الحييوض فييانظروا كيييف تخلفييوني فيهمييا«‬
‫تفرد بروايتييه ثييم قييال‪ :‬هييذا حييديث حسيين غريييب‪ .‬وقييال‬
‫الترمذي أيضًا‪ :‬حدثنا نصر بن عبد الرحمن الكييوفي‪ ,‬حيدثنا‬
‫زيد بن الحسن عن جعفر بن محمد بن الحسيين عيين أبيييه‬
‫عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال‪ :‬رأيت رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة وهييو علييى‬
‫ناقته القصواء يخطب‪ ,‬فسمعته يقول‪» :‬ياأيها النيياس إنييي‬
‫تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب اللييه وعييترتي‬
‫أهل بيتي« تفرد به الترمذي أيض يًا‪ ,‬وقييال‪ :‬حسيين غريييب‪,‬‬
‫وفي الباب عن أبي ذر وأبي سعيد وزيد بن أرقييم وحذيفيية‬
‫بييييييييين أسييييييييييد رضيييييييييي الليييييييييه عنهيييييييييم‪.‬‬
‫ثييم قييال الترمييذي أيضييًا‪ :‬حييدثنا أبييو داود سييليمان بيين‬
‫الشعث‪ ,‬حدثنا يحيى بن معين‪ ,‬حييدثنا هشييام بيين يوسييف‬
‫عن عبد الله بن سليمان النوفلي‪ ,‬عن محمد بن علييي بيين‬
‫عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده عبد اللييه بيين عبيياس‬
‫رضي الله عنهم‪ ,‬قال‪ :‬قال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬أحبوا الله تعالى لما يغذوكم من نعمييه‪ ,‬وأحبييوني‬
‫بحب الله وأحبوا أهل بيتي بحبي« ثم قييال‪ :‬حسيين غريييب‬

‫‪152‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إنما نعرفه من هذا الوجه‪ ,‬وقييد أوردنييا أحيياديث أخيير عنييد‬
‫قوله تعالى‪} :‬إنما يريد اللييه ليييذهب عنكييم الرجييس أهييل‬
‫البيت ويطهركم تطهيرًا{ بما أغنى عن إعادتها ههنا‪ ,‬و لله‬
‫الحمد والمنة‪ .‬وقال الحييافظ أبييو يعلييى‪ :‬حييدثنا سييويد بيين‬
‫سعيد‪ ,‬حدثنا مفضل بيين عبييد اللييه عيين أبييي إسييحاق عيين‬
‫حنش‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا ذر رضي الله عنه وهو آخذ بحلقيية‬
‫الباب يقول‪ :‬يا أيها الناس من عرفني فقييد عرفنييي‪ ,‬وميين‬
‫أنكرني فأنا أبو ذر سييمعت رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم يقول‪» :‬إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نييوح‬
‫عليه الصلة والسييلم ميين دخلهييا نجييا‪ ,‬وميين تخلييف عنهييا‬
‫هلييييييييك« هييييييييذا بهييييييييذا السييييييييناد ضييييييييعيف‪.‬‬
‫وقوله عز وجل‪} :‬ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنًا{‬
‫أي ومن يعمل حسنة نزد لييه فيهييا حسيينا ً أي أجييرا ً وثوابيًا‪,‬‬
‫كقوله تعالى‪} :‬إن الله ل يظلم مثقال ذرة وإن تك حسيينة‬
‫يضيياعفها ويييؤت ميين لييدنه َأجييرا ً عظيم يًا{‪ ,‬وقييال بعييض‬
‫السلف‪ :‬إن من ثواب الحسنة الحسنة بعييدها‪ ,‬وميين جييزاء‬
‫السيييئة السيييئة بعييدها‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬إن اللييه غفييور‬
‫شكور{ أي يغفر الكيثير مين السييئات ويكيثر القلييل مين‬
‫الحسنات‪ ,‬فيسييتر ويغفيير ويضيياعف فيشييكر‪ ,‬وقييوله جييل‬
‫وعل‪} :‬أم يقولون افييترى علييى اللييه كييذبا ً فييإن يشييأ اللييه‬
‫يختم على قلبك{ أي لو افتريت عليه كذبا ً كما يزعم هؤلء‬
‫الجاهلون }يختم على قلبك{ أي يطبع على قلبك ويسلبك‬
‫ما كان آتاك من القييرآن‪ ,‬كقييوله جييل جللييه‪} :‬ولييو تقييول‬
‫علينا بعض القاويل لخذنا منه بيياليمين * ثييم لقطعنييا منييه‬
‫الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين{ أي ل نتقمنا منه‬
‫أشد النتقييام‪ ,‬ومييا قييدر أحييد ميين النيياس أن يحجييز عنييه‪.‬‬
‫وقوله جلت عظمته‪} :‬ويمح الله الباطل{ ليس معطوفا ً‬
‫على قوله }يختم{ فيكون مجزوميا ً بييل هييو مرفييوع علييى‬
‫البتداء‪ .‬قاله ابن جرير‪ ,‬قال‪ :‬وحذفت من كتابته الواو فييي‬
‫رسييم مصييحف المييام‪ ,‬كمييا حييذفت فييي قييوله‪} :‬سييندع‬
‫الزبانييية{ وقييوله تعييالى‪} :‬ويييدع النسييان بالشيير دعيياءه‬
‫بالخير{‪ .‬وقوله عز وجل }ويحق الحق بكلماته{ معطييوف‬

‫‪153‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫على }ويمح الله الباطل ويحييق الحييق{ أي يحققييه ويثبتييه‬
‫ويبينه ويوضحه بكلماته‪ ,‬أي بحججييه وبراهينييه }إنييه عليييم‬
‫بييذات الصييدور{ أي بمييا تكنييه الضييمائر وتنطييوي عليييه‬
‫السيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييرائر‪.‬‬

‫ت‬ ‫س يي َّئا ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫ْ‬ ‫ذي ي َْقب َ ُ‬ ‫** وَهُوَ ال ّ ِ‬


‫عَبادِهِ وَي َعُْفييوا عَي ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫ل الت ّوْب َ َ‬
‫مُلييوا ْ‬ ‫مُنييوا ْ وَعَ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ب اّليي ِ‬
‫ذي َ‬ ‫جي ُ‬ ‫سييت َ ِ‬ ‫ن * وَي َ ْ‬ ‫مييا ت َْفعَُلييو َ‬ ‫م َ‬ ‫وَي َعَْليي ُ‬
‫ب‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م عَي َ‬ ‫ن ل َهُ ي ْ‬‫ض يل ِهِ َوال ْك َييافُِرو َ‬ ‫ميين فَ ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫زي يد ُ ُ‬ ‫ت وَي َ ِ‬‫حا ِ‬ ‫صييال ِ َ‬
‫ال ّ‬
‫ض‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ط الل ّي ُ‬ ‫سي َ‬ ‫ديد ٌ * وَل َوْ ب َ َ‬ ‫َ‬
‫ه اليّرْزقَ ل ِعِب َييادِهِ لب َغَيوْا فِييي الْر ِ‬ ‫ش ِ‬
‫و‬
‫صيييٌر * وَهُي َ‬ ‫خِبييُر ب َ ِ‬‫ه ب ِعِب َييادِهِ َ‬ ‫شآُء إ ِن ّي ُ‬ ‫ما ي َ َ‬ ‫ل ب َِقد َرٍ ّ‬ ‫كن ي ُن َّز ُ‬ ‫وََلـ ِ‬
‫و‬
‫ه وَهُ ي َ‬ ‫مت َي ُ‬‫ح َ‬
‫ش يُر َر ْ‬ ‫مييا قَن َط ُييوا ْ وََين ُ‬ ‫من ب َعْدِ َ‬ ‫ث ِ‬ ‫ل ال ْغَي ْ َ‬ ‫ذي ي ُن َّز ُ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ميييييييييييييييييييييييييييييييد ُ‬ ‫ح ِ‬‫ي ال ْ َ‬ ‫اْلييييييييييييييييييييييييييييييوَل ِ ّ‬
‫يقول تعالى ممتنا ً على عباده بقبول توبتهم إليه إذا تييابوا‬
‫ورجعوا إليه أنه من كرمه وحلمه أن يعفو ويصييفح ويسييتر‬
‫ويغفر‪ ,‬وكقييوله عييز وجييل‪} :‬وميين يعمييل سييوءا ً أو يظلييم‬
‫نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفييورا ً رحيم يًا{ وقييد ثبييت‬
‫في صحيح مسلم رحمة الله عليه‪ ,‬حيث قال‪ :‬حدثنا محمد‬
‫بن الصباح وزهير بن حييرب قييال‪ :‬حييدثنا عميير بيين يييونس‪,‬‬
‫حدثنا عكرميية بيين عمييار‪ ,‬حييدثنا إسييحاق بيين أبييي طلحيية‪,‬‬
‫حدثني أنس بن مالك‪ ,‬وهو عمه رضي الله عنه‪ .‬قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬لله تعالى أشييد فرحيا ً‬
‫بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كانت راحلته بييأرض‬
‫فلة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فييأتى‬
‫شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته‪ ,‬فبينما هييو‬
‫كذلك إذا هو بها قائمة عنده‪ ,‬فأخذ بخطامهيا ثيم قيال مين‬
‫شدة الفرح‪ :‬اللهم أنت عبدي وأنا ربك ي أخطييأ ميين شييدة‬
‫الفرح«‪ .‬وقد ثبت أيضا ً في الصحيح من رواية عبد الله بن‬
‫مسييييييييعود رضييييييييي اللييييييييه عنييييييييه نحييييييييوه‪.‬‬
‫وقال عبييد الييرزاق عيين معميير‪ ,‬عيين الزهييري فييي قييوله‬
‫تعالى‪} :‬وهو الذي يقبل التوبة عن عبيياده{ إن أبييا هريييرة‬
‫رضي الله عنييه قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬

‫‪154‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسلم‪» :‬لله أشد فرحا ً بتوبة عبده من أحدكم يجييد ضييالته‬
‫في المكان يخاف أن يقتله فيه العطش« وقال همييام بيين‬
‫الحارث‪ :‬سئل ابيين مسييعود رضييي اللييه عنييه عيين الرجييل‬
‫يفجر بالمرأة ثم يتزوجها ؟ قال‪ :‬ل بييأس بييه‪ ,‬وقييرأ }وهييو‬
‫لييية‪ ,‬رواه ابيين جرييير وابيين‬ ‫الذي يقبل التوبة عن عباده{ ا َ‬
‫أبي حاتم من حديث شريح القاضي عن إبراهيم بن مهاجر‬
‫عن إبراهيم النخعي‪ ,‬عن همام فييذكره‪ ,‬وقييوله عييز وجييل‪:‬‬
‫}ويعفو عيين السيييئات{ أي يقبييل التوبيية فييي المسييتقبل‪,‬‬
‫ويعفو عن السيئات في الماضي }ويعلم مييا تفعلييون{ أي‬
‫هو عالم بجميع ما فعلتم وصيينعتم وقلتييم ومييع هييذا يتييوب‬
‫علييييييييييييييى ميييييييييييييين تيييييييييييييياب إليييييييييييييييه‪.‬‬
‫وقيييوله تعيييالى‪} :‬ويسيييتجيب اليييذين آمنيييوا وعمليييوا‬
‫الصالحات{ قال السدي‪ :‬يعني يسييتجيب لهييم‪ ,‬وكييذا قييال‬
‫ابن جرير‪ :‬معناه يستجيب لهم الدعاء لنفسهم ولصحابهم‬
‫وإخوانهم‪ ,‬وحكاه عن بعض النحاة‪ ,‬وأنه جعلها كقييوله عييز‬
‫وجل‪} :‬فاستجاب لهم ربهم{ ثم روى هو وابن أبييي حيياتم‬
‫من حديث العمش عن شقيق بن سلمة‪ ,‬عيين سييلمة بيين‬
‫سبرة(قال‪ :‬خطبنا معاذ رضي الله عنه بالشام‪ ,‬فقال‪ :‬أنتم‬
‫المؤمنون وأنتم أهل الجنة‪ ,‬والله إني لرجو أن يدخل اللييه‬
‫تعالى من تسييبون ميين فييارس والييروم الجنيية وذلييك بييأن‬
‫أحييدكم إذا عميل ليه يي يعنيي أحيدهم عمل ً قييال‪ :‬أحسيينت‬
‫رحمك الله‪ ,‬أحسنت بارك الله فيييك ثييم قييرأ }ويسييتجيب‬
‫الييذين آمنييوا وعملييوا الصييالحات ويزيييدهم ميين فضييله{‪.‬‬
‫وحكى ابن جرير عن بعض أهل العربية أنييه جعييل قييوله‪:‬‬
‫}الذين يستمعون القول{ أي هم الذين يسييتجيبون للحييق‬
‫ويتبعييونه كقييوله تبييارك وتعييالى‪} :‬إنمييا يسييتجيب الييذين‬
‫يسييمعون‪ ,‬والمييوتى يبعثهييم اللييه{ والمعنييى الول أظهيير‬
‫لقوله تعالى‪} :‬ويزيدهم من فضله{ أي يستجيب دعيياءهم‬
‫فييوق ذلييك‪ .‬ولهييذا قييال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا علييي بيين‬
‫الحسين‪ ,‬حييدثنا محمييد بيين المصييفى‪ ,‬حييدثنا بقييية‪ ,‬حييدثنا‬
‫إسماعيل بن عبد الله الكندي‪ ,‬حدثنا العمش عيين شييقيق‬
‫عن عبد الله رضي الله عنه قال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى‬

‫‪155‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله عليه وسلم في قوله تعييالى‪} :‬ويزيييدهم ميين فضييله{‬
‫قييال »الشييفاعة لميين وجبييت لييه النييار مميين صيينع إليهييم‬
‫معروف يا ً فييي الييدنيا« وقييال قتييادة عيين إبراهيييم النخعييي‬
‫اللخمييي فييي قييوله عييز وجييل‪} :‬ويسييتجيب الييذين آمنييوا‬
‫وعملوا الصالحات{ قال‪ :‬يشفعون في إخوانهم }ويزيدهم‬
‫من فضله{ قال‪ :‬يشفعون في إخوان إخوانهم‪ .‬وقوله عييز‬
‫وجل }والكافرون لهم عذاب شييديد{ لمييا ذكيير المييؤمنين‬
‫ومالهم من الثواب الجزيييل ذكيير الكييافرين ومييالهم عنييده‬
‫يييوم القياميية ميين العييذاب الشييديد الموجييع المييؤلم يييوم‬
‫معيييييييييييييييييييييييييييادهم وحسيييييييييييييييييييييييييييابهم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ولوبسييط اللييه الييرزق لعبيياده لبغييوا فييي‬
‫الرض{ أي لو أعطاهم فوق حاجتهم من الييرزق لحملهييم‬
‫ذلك على البغي والطغيان من بعضييهم علييى بعييض أشييرا ً‬
‫وبطييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييرًا‪.‬‬
‫وقييال قتييادة‪ :‬كييان يقييال خييير العيييش مييا ل يلهيييك ول‬
‫يطغيك‪ ,‬وذكر قتييادة »إنمييا أخيياف عليكييم مييا يخييرج اللييه‬
‫تعالى ميين زهييرة الحييياة الييدنيا« وسييؤال السييائل‪ :‬أيييأتي‬
‫الخير بالشر ؟ الحييديث‪ .‬وقييوله عييز وجييل‪} :‬ولكيين ينييزل‬
‫بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير{ أي ولكن يرزقهم من‬
‫الرزق ما يختاره مما فيه صلحهم وهو أعلم بييذلك فيغنييي‬
‫من يستحق الغنى ويفقر من يستحق الفقر كمييا جيياء فييي‬
‫الحديث المروي »إن من عبييادي ميين ل يصييلحه إل الغنييى‬
‫ولييو أفقرتييه لفسييدت عليييه دينييه وإن ميين عبييادي ميين ل‬
‫يصييلحه إل الفقيير ولييو أغنيتييه لفسييدت عليييه دينييه«‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬وهييو الييذي ينييزل الغيييث ميين بعييد مييا‬
‫قنطوا{ أي من بعد إياس الناس ميين نييزول المطيير ينزلييه‬
‫عليهم في وقت حاجتهم وفقرهييم إليييه كقييوله عييز وجييل‪:‬‬
‫}وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم ميين قبلييه لمبلسييين{‬
‫وقوله جل جللييه‪} :‬وينشيير رحمتييه{ أي يعييم بهييا الوجييود‬
‫على أهل ذلك القطر وتلك الناحية‪ .‬قال قتادة‪ :‬ذكر لنييا أن‬
‫رجل ً قييال لعميير بيين الخطيياب رضييي اللييه عنييه‪ :‬يييا أمييير‬
‫المؤمنين قحط المطر وقنط الناس‪ .‬فقال عمر رضي الله‬

‫‪156‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عنه‪ :‬مطرتم ثم قرأ }وهو الذي ينزل الغيييث ميين بعييد مييا‬
‫قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد{ أي هو المتصرف‬
‫لخلقييه بمييا ينفعهييم فييي دنييياهم وأخراهييم وهييو المحمييود‬
‫العاقبيييييية فييييييي جميييييييع مييييييا يقييييييدره ويفعلييييييه‪.‬‬

‫مين‬ ‫ميا ِ‬ ‫ث ِفيهِ َ‬ ‫ما َبي ّ‬ ‫ض وَ َ‬‫ِ‬ ‫ت َوالْر‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫خل ْقُ ال ّ‬ ‫ن آَيات ِهِ َ‬ ‫م ْ‬‫** وَ ِ‬
‫َ‬ ‫دآب ّةٍ وَهُوَ عَل َ‬
‫ميين‬ ‫م ّ‬ ‫صيياب َك ُ ْ‬
‫مييآ أ َ‬ ‫ديٌر * وَ َ‬ ‫شآُء قَ ِ‬ ‫ذا ي َ َ‬ ‫م إِ َ‬ ‫معِهِ ْ‬ ‫ج ْ‬‫ى َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫م‬‫مييآ أنت ُي ْ‬ ‫م وَي َعُْفييوا عَيين ك َِثييرٍ * وَ َ‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫ت أي ْ ِ‬ ‫سب َ ْ‬‫ما ك َ َ‬ ‫صيب َةٍ فَب ِ َ‬‫م ِ‬ ‫ّ‬
‫ي وَل َ‬ ‫ميين وَل ِي ّ‬ ‫ن الل ّيهِ ِ‬‫دو ِ‬
‫من ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ما ل َك ُ ْ‬ ‫ض وَ َ‬ ‫ن ِفي الْر ِ‬ ‫زي َ‬ ‫ج ِ‬‫مع ْ ِ‬
‫بِ ُ‬
‫صييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييرٍ‬ ‫نَ ِ‬
‫يقول تعالى‪} :‬ومن آياته{ الداليية علييى عظمتييه وقييدرته‬
‫العظيمة وسلطانه القيياهر }خلييق السييموات والرض ومييا‬
‫بييث فيهمييا{ أي ذرأ فيهمييا فييي السييموات والرض }ميين‬
‫دابيية{ وهييذا يشييمل الملئكيية والنييس والجيين وسييائر‬
‫الحيوانيييات عليييى اختلف أشيييكالهم وأليييوانهم ولغييياتهم‬
‫وطبيياعهم وأجناسييهم وأنييواعهم وقييد فرقهييم فييي أرجيياء‬
‫أقطييار السييموات والرض }وهييو{ مييع هييذا كلييه }علييى‬
‫جمعهييم إذا يشيياء قييدير{ أي يييوم القياميية يجمييع الولييين‬
‫لخرين وسائرالخلئق في صعيد واحد يسييمعهم الييداعي‬ ‫وا َ‬
‫وينفييذهم البصيير فيحكييم فيهييم بحكمييه العييدل الحييق‪.‬‬
‫وقوله عز وجل‪} :‬وما أصابكم مين مصيييبة فبميا كسييبت‬
‫أيديكم{ أي مهما أصابكم أيها الناس من المصييائب فإنمييا‬
‫هي عن سيئات تقدمت لكييم }ويعفييو عيين كييثير{ أي ميين‬
‫السيئات فل يجازيكم عليها بل يعفو عنها }ولو يؤاخذ اللييه‬
‫الناس بما كسبوا ما تييرك علييى ظهرهييا ميين دابيية{ وفييي‬
‫الحديث الصحيح »والذي نفسي بيييده مييا يصيييب المييؤمن‬
‫من نصب ول وصب ول هم ول حزن إل كفر اللييه عنييه بهييا‬
‫من خطاياه حتى الشوكة يشاكها«‪ .‬وقال ابن جرير‪ :‬حييدثنا‬
‫يعقوب بن إبراهيييم‪ ,‬حييدثنا ابيين علييية‪ ,‬حييدثنا أيييوب قييال‪:‬‬
‫قرأت في كتاب أبي قلبة قال نزلت }فمن يعمييل مثقييال‬
‫ذرة خيرا ً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا ً يره{ وأبو بكر‬

‫‪157‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رضي الله عنه يأكل فأمسك وقال‪ :‬يا رسول الله إني أرى‬
‫ما عملت مين خييير وشيير‪ ,‬فقيال‪» :‬أرأييت ميا رأييت ممييا‬
‫تكره‪ ,‬فهو من مثاقيل ذر الشر وتدخر مثاقيل الخييير حييتى‬
‫تعطاه يوم القياميية« وقييال‪ :‬قييال أبييو إدريييس‪ :‬فييإني أرى‬
‫مصداقها في كتاب الله تعالى‪} :‬وما أصييابكم ميين مصيييبة‬
‫فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير{ ثم رواه من وجه آخر‬
‫عن أبي قلبة عن أنس رضي الله عنه قييال والول أصييح‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي حييدثنا محمييد بيين عيسييى‬
‫بن الطباع‪ ,‬حدثنا مروان بن معاوية الفزاري‪ ,‬حدثنا الزهيير‬
‫بن راشد الكاهلي عن الخضر بن القواس البجلي عن أبييي‬
‫سخيلة عن علي رضي الله عنه قييال‪ :‬أل أخييبركم بأفضييل‬
‫آية في كتاب الله عز وجل‪ ,‬وحدثنا بييه رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليييه وسييلم‪ ,‬قييال‪» :‬ومييا أصييابكم ميين مصيييبة فبمييا‬
‫كسبت أيديكم ويعفو عن كثير‪ ,‬وسأفسرها لك يا علي‪ :‬مييا‬
‫أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلء في الدنيا فبما كسييبت‬
‫أيديكم والله تعالى أحلم ميين أن يثنييي عليييه العقوبيية فييي‬
‫لخرة وما عفا الله عنه في الدنيا فالله تعييالى أكييرم ميين‬ ‫ا َ‬
‫أن يعود بعد عفوه« وكذا رواه المام أحمد عن مروان بيين‬
‫معاوية وعبدة عن أبي سخيلة قال‪ :‬قال علييي رضييي اللييه‬
‫عنييييييييييييه فييييييييييييذكر نحييييييييييييوه مرفوعييييييييييييًا‪.‬‬
‫ثم روى ابن أبي حاتم نحوه من وجه آخر موقوفا ً فقييال‪:‬‬
‫حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا منصور بن أبي مزاحم‪ ,‬حييدثنا أبييو سييعيد‬
‫بن أبي الوضياح عيين أبيي الحسين عين أبيي جحيفية قيال‬
‫دخلت على علي بن أبي طالب رضي اللييه عنييه فقييال‪ :‬أل‬
‫أحدثكم بحديث ينبغي لكل مؤمن أن يعيه ؟ قال‪ :‬فسييألناه‬
‫لييية }ومييا أصييابكم ميين مصيييبة فبمييا كسييبت‬ ‫فتل هييذه ا َ‬
‫أيديكم ويعفو عن كثير{ قال ما عاقب الله تعييالى بييه فييي‬
‫الدنيا فالله أحلم من أن يثني عليييه بالعقوبيية ييوم القيامية‬
‫وما عفا الله عنه في الدنيا فالله أكرم من أن يعييود عفييوه‬
‫يوم القيامة‪ .‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا يعلى بن عبيد‪ ,‬حدثنا‬
‫طلحة يعني ابن يحيى عن أبي بردة عيين معاوييية هييو ابيين‬
‫أبي سفيان رضي الله عنه قال‪ :‬سمعت رسول الله صييلى‬

‫‪158‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله عليه وسلم يقول‪» :‬ما من شيء يصيب المييؤمن فييي‬
‫جسده يؤذيه إل كفر الله تعالى عنه به من سيئاته{ وقييال‬
‫المام أحمد أيضًا‪ :‬حدثنا حسيين عيين زائدة عيين ليييث عيين‬
‫مجاهد عن عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬قال رسول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له‬
‫ميييا يكفرهيييا ابتله الليييه تعيييالى بيييالحزن ليكفرهيييا«‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حييدثنا عمييرو بيين عبييد اللييه الودي‪,‬‬
‫حدثنا أبو أسامة عن إسماعيل بن مسلم عن الحسيين هييو‬
‫البصري قال في قوله تبارك وتعييالى‪} :‬ومييا أصييابكم ميين‬
‫مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير{ قال لما نزلت‬
‫قال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسيلم »والييذي نفييس‬
‫محمد بيده ما مين خيدش عيود ول اختلج عيرق ول عيثرة‬
‫قدم إل بذنب وما يعفو الله عنه أكثر«‪ .‬وقال أيض يًا‪ :‬حييدثنا‬
‫أبي‪ ,‬حدثنا عمر بن عليي‪ ,‬حيدثنا هشييم عين منصيور عيين‬
‫الحسن عن عمران بن حصين رضي الله عنييه قييال‪ :‬دخييل‬
‫عليه بعض أصحابه وقد كييان ابتلييي فييي جسييده فقييال لييه‬
‫بعضهم إنا لنبأس لك لما نييرى فيييك‪ ,‬قييال فل تبييتئس بمييا‬
‫ترى فإن ما ترى بذنب وما يعفو الله عنه أكثر ثييم تل هييذه‬
‫لية }وما أصابكم من مصيبة فبما كسييبت أيييديكم ويعفييو‬ ‫ا َ‬
‫عيييييييييييييييييييييييييييييييين كييييييييييييييييييييييييييييييييثير{‪.‬‬
‫وحدثنا أبي‪ ,‬حدثنا يحيى بن الحميد الحماني‪ ,‬حدثنا جرييير‬
‫عن أبي البلد قال‪ :‬قلت للعلء بن بدر }وميا أصيابكم مين‬
‫مصيبة فبما كسبت أيديكم{ وقد ذهب بصييري وأنييا غلم ؟‬
‫قال فبذنوب والديك‪ .‬وحدثنا أبييي‪ ,‬حييدثنا علييي بيين محمييد‬
‫الطنافسي‪ ,‬حدثنا وكيع عن عبد العزيييز بين أبيي داود عين‬
‫الضحاك قال‪ :‬مييا نعلييم أحييدا ً حفييظ القييرآن ثييم نسيييه إل‬
‫بذنب ثييم قييرأ الضييحاك }ومييا أصييابكم ميين مصيييبة فبمييا‬
‫كسبت أيديكم ويعفو عن كييثير{ ثييم يقييول الضييحاك‪ :‬وأي‬
‫مصييييييييبة أعظيييييييم مييييييين نسييييييييان القيييييييرآن‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ْ‬
‫ن‬‫سييك ِ ِ‬‫شأ ي ُ ْ‬‫كالعْل َم ِ * ِإن ي َ َ‬ ‫حرِ َ‬ ‫وارِ ِفي ال ْب َ ْ‬ ‫ج َ‬‫ن آَيات ِهِ ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫** وَ ِ‬
‫ت ل ّك ُي ّ‬
‫ل‬ ‫ك ل َي َييا ٍ‬‫ن ِفي ذ َل ِي َ‬‫ى ظ َهْرِهِ إ ِ ّ‬ ‫َ‬
‫ن َر ََواك ِد َ عَل َ‬ ‫ح فَي َظ ْل َل ْ َ‬ ‫الّري َ‬
‫عين ك َِثييرٍ *‬ ‫ف َ‬‫سيُبوا وَي َعْي ُ‬ ‫ميا ك َ َ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫كورٍ * أوْ ُييوب ِْقهُ ّ‬ ‫ش ُ‬ ‫صّبارٍ َ‬ ‫َ‬
‫ص‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫حي ي ٍ‬ ‫م ِ‬‫ميين ّ‬ ‫م ّ‬ ‫مييا لهُ ي ْ‬
‫ي آَيات ِن َييا َ‬ ‫ن فِ ي َ‬ ‫جييادِلو َ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ي ِ‬ ‫وَي َعْل ي َ‬
‫يقييول تعييالى وميين آييياته الداليية علييى قييدرته البيياهرة‬
‫وسلطانه تسخيره البحير لتجيري فييه الفليك بيأمره وهيي‬
‫الجييواري فييي البحيير كييالعلم أي كالجبييال‪ ,‬قيياله مجاهييد‬
‫والحسن والسدي والضحاك‪ :‬أي هذه فييي البحيير كالجبييال‬
‫في البر }إن يشأ يسكن الريح{ أي التي تسير فييي البحيير‬
‫بالسفن لو شاء لسكنها حييتى ل تحييرك السييفن بييل تبقييى‬
‫راكدة ل تجيء ول تذهب بل واقفيية علييى ظهييره أي علييى‬
‫ليات لكل صبار{ أي في الشدائد‬ ‫وجه الماء }إن في ذلك َ‬
‫}شكور{ أي إن في تسخيره البحر وإجييرائه الهييوى بقييدر‬
‫ما يحتاجون إليه لسيرهم لدللت على نعمييه تعييالى علييى‬
‫خلقه لكل صبار أي في الشدائد شكور في الرخاء‪ .‬وقييوله‬
‫عييز وجييل }أو يييوبقهن بمييا كسييبوا{ أي ولييو شيياء لهلييك‬
‫السييفن وغرقهييا بييذنوب أهلهييا الييذين هييم راكبييون فيهييا‬
‫}ويعييف عيين كييثير{ أي ميين ذنييوبهم ولييو آخييذهم بجميييع‬
‫ذنييييييوبهم لهلييييييك كييييييل ميييييين ركييييييب البحيييييير‪.‬‬
‫وقييال بعييض علميياء التفسييير معنييى قييوله تعييالى‪} :‬أو‬
‫يوبقهن بما كسبوا{ أي لو شاء لرسل الريييح قوييية عاتييية‬
‫فأخذت السفن وأحالتها عيين سيييرها المسييتقيم فصييرفتها‬
‫ذات اليمين أو ذات الشمال آبقة ل تسير علييى طريييق ول‬
‫إلى جهة مقصد‪ ,‬وهذا القول يتضمن هلكهييا وهييو مناسييب‬
‫للول وهو أنه تعالى لو شاء لسكن الريح فوقفت أو لقواه‬
‫فشردت وأبقييت وهلكييت‪ ,‬ولكيين ميين لطفييه ورحمتييه أنييه‬
‫يرسله بحسب الحاجة كما يرسل المطر بقدر الكفاية ولييو‬
‫أنزلييه كييثيرا ً جييدا ً لهييدم البنيييان أو قليل ً لمييا أنبييت الييزرع‬
‫والثمار حتى إنه يرسل إلى مثل بلد مصر سيحا ً من أرض‬
‫أخرى غيرها لنهم ل يحتاجون إلى مطر ولييو أنييزل عليهييم‬
‫لهييدم بنيييانهم وأسييقط جييدرانهم‪ ,‬وقييوله تعييالى‪} :‬ويعلييم‬

‫‪160‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الذين يجادلون في آياتنا ما لهم ميين محيييص{ أي ل محيييد‬
‫لهيييم عييين بأسييينا ونقمتنيييا فيييإنهم مقهيييورون بقيييدرتنا‪.‬‬

‫ُ‬
‫عنيد َ الل ّي ِ‬
‫ه‬ ‫مييا ِ‬ ‫حَياةِ الد ّن َْيا وَ َ‬ ‫مَتاعُ ال ْ َ‬ ‫يٍء فَ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫من َ‬ ‫م ّ‬ ‫مآ أوِتيت ُ ْ‬ ‫** فَ َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬‫ن * َوال ّي ِ‬ ‫م ي َت َوَك ّل ُييو َ‬‫ى َرب ّهِي ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫من ُييوا وَعَلي َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ى ل ِل ّي ِ‬
‫خي ٌْر وَأب َْق َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م ي َغِْفييُرو َ‬ ‫ضُبوا ْ هُ ْ‬ ‫ما غَ ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫ش وَإ ِ َ‬ ‫ح َ‬ ‫وا ِ‬‫ن ك ََبائ َِر ال ِث ْم ِ َوال َْف َ‬ ‫جت َن ُِبو َ‬
‫يَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ى‬
‫شييوَر َ‬ ‫م ُ‬ ‫مُرهُ ْ‬ ‫صل َةَ وَأ ْ‬ ‫موا ْ ال ّ‬ ‫م وَأَقا ُ‬ ‫جاُبوا ْ ل َِرب ّهِ ْ‬ ‫ست َ َ‬‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬‫* َوال ّ ِ‬
‫بينهم ومما رزقْناهُم ينفُقون * وال ّيذين إ َ َ‬
‫ي‬‫م ال ْب َغْ ي ُ‬‫صيياب َهُ ُ‬‫ذآ أ َ‬ ‫َ ِ َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ََُْ ْ َ ِ ّ َ َ َ ْ ُ ِ‬
‫ن‬
‫صيييييييييييييييييييييييييييييييُرو َ‬ ‫م َينت َ ِ‬ ‫هييييييييييييييييييييييييييييييي ْ‬ ‫ُ‬
‫يقول تعالى محقرا ً لشأن الحياة الدنيا وزينتهييا ومييا فيهييا‬
‫من الزهرة والنعيم الفاني بقوله تعالى‪} :‬فميا أوتيتيم مين‬
‫شيء فمتاع الحياة الييدنيا{ أي مهمييا حصييلتم وجمعتييم فل‬
‫تغتروا به فإنما هو متاع الحياة الدنيا وهييي دار دنيئة فانييية‬
‫زائلة ل محالة }وما عند الله خير وأبقى{ أي وثييواب اللييه‬
‫تعالى خير من الدنيا وهو باق سييرمدي فل تقييدموا الفيياني‬
‫على الباقي ولهذا قييال تعييالى‪} :‬للييذين آمنييوا{ أي للييذين‬
‫صبروا على ترك الملذ في الدنيا }وعلى ربهم يتوكلييون{‬
‫أي ليعينهيييم عليييى الصيييبر فيييي أداء الواجبيييات وتيييرك‬
‫المحرمييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييات‪.‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬والذين يجتنبون كبائر الثم والفواحش{‬
‫وقييد قييدمنا الكلم علييى الثييم والفييواحش فييي سييورة‬
‫العييراف }وإذا مييا غضييبوا هييو يغفييرون{ أي سييجيتهم‬
‫تقتضي الصفح والعفو عن الناس ليييس سييجيتهم النتقييام‬
‫من الناس‪ .‬وقد ثبت فييي الصييحيح أن رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم ما انتقم لنفسه قط إل أن تنتهك حرمييات‬
‫الله وفي حديث آخر كان يقول لحدنا عند المعتبة‪» :‬ما له‬
‫تربت جبينه« وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حييدثنا أبييي‪ ,‬حييدثنا ابيين‬
‫أبي عمر‪ ,‬حدثنا سفيان عن زائدة عن منصور عن إبراهيييم‬
‫قال‪ :‬كان المؤمنون يكرهون أن يستذلوا وكانوا إذا قييدروا‬
‫عفيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييوا‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقوله عز وجييل‪} :‬والييذين اسييتجابوا لربهييم{ أي اتبغييوا‬
‫رسله وأطيياعوا أمييره واجتنبييوا زجييره }وأقيياموا الصييلة{‬
‫وهي أعظم العبادات لله عز جل }وأمرهم شورى بينهييم{‬
‫أي ل يبرمون أمرا ً حتى يتشاوروا فيييه ليتسيياعدوا بييآرائهم‬
‫فييي مثييل الحييروب ومييا جييرى مجراهييا كمييا قييال تبييارك‬
‫لية ولهذا كان صلى اللييه‬ ‫وتعالى‪} :‬وشاورهم في المر{ ا َ‬
‫عليه وسلم يشاورهم في الحييروب ونحوهيا ليطيييب بييذلك‬
‫قلوبهم وهكذا لما حضرت عميير بيين الخطيياب رضييي اللييه‬
‫عنه الوفاة حين طعن جعل المر بعييده شييورى فييي سييتة‬
‫نفيير وهييم عثمييان وعلييي وطلحيية والزبييير وسييعد وعبييد‬
‫الرحمن بن عوف رضي الله عنهييم فيياجتمع رأي الصييحابة‬
‫كلهم رضي الله عنهم على تقديم عثمان عليهم رضي الله‬
‫عنهم }ومما رزقناهم ينفقون{ وذلك بالحسان إلى خلييق‬
‫الليييييييه القيييييييرب إليهيييييييم منهيييييييم فيييييييالقرب‪.‬‬
‫وقييوله عييز وجييل‪} :‬والييذين إذا أصييابهم البغييي هييم‬
‫ينتصرون{ أي فيهم قوة النتصييار مميين ظلمهييم واعتييدى‬
‫عليهييم ليسييوا بالعيياجزين ول الذلييين بييل يقييدرون علييى‬
‫النتقام ممن بغى عليهم وإن كانوا مع هذا إذا قدروا عفييوا‬
‫كما قال يوسف عليه الصلة والسييلم لخييوته‪} :‬ل تييثريب‬
‫عليكم اليوم يغفر الله لكييم{ مييع قييدرته علييى مؤاخييذتهم‬
‫ومقابلتهم على صنيعهم إليه وكما عفا رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم عن أولئك النفيير الثمييانين الييذين قصييدوه‬
‫ن‬
‫عام الحديبية ونزلوا من جبل التنعيم فلما قدر عليهييم م ي ّ‬
‫عليهم مع قدرته علييى النتقييام وكييذلك عفييوه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم عن غوث بن الحارث الذي أراد الفتك به حييين‬
‫اخترط سيفه وهو نائم فاستيقظ صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫وهو في يده مصلتا ً فانتهره فوضعه من يده وأخييذ رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم السيف في يييده ودعييا أصييحابه‬
‫ثم أعلمهم بما كان من أمره و أمر هذا الرجل وعفييا عنييه‬
‫وكذلك عفا صلى الله عليييه وسييلم عيين لبيييد بيين العصييم‬
‫الذي سحره عليه السلم ومع هذا لم يعرض لييه ول عيياتبه‬
‫مع قدرته عليه وكذلك عفوه صلى اللييه عليييه وسييلم عيين‬

‫‪162‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المييرأة اليهودييية ييي وهييي زينييب أخييت مرحييب اليهييودي‬
‫الخيييبري الييذي قتلييه محمييود بيين مسييلمة يي الييتي سييمت‬
‫الذراع يوم خيبر ي فأخبره الذراع بييذلك فييدعاها فيياعترفت‬
‫فقال صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬مييا حملييك علييى ذلييك ؟«‬
‫قييالت‪ :‬أردت إن كنييت نبييا ً لييم يضييرك وإن لييم تكيين نبييا ً‬
‫استرحنا منك فأطلقهييا عليييه الصييلة والسييلم ولكيين لمييا‬
‫مييات منييه بشيير بيين الييبراء رضييي اللييه عنييه قتلهييا بييه‪,‬‬
‫لثار في هذا كثيرة جدًا‪ ,‬والله سبحانه وتعالى‬ ‫والحاديث وا َ‬
‫أعليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬

‫جُرهُ عََلييى‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ح َفييأ ْ‬ ‫صل َ َ‬ ‫ن عََفا وَأ ْ‬ ‫مث ْل َُها فَ َ‬
‫م ْ‬ ‫ة ّ‬ ‫سي ّئ َ ٌ‬
‫سي ّئ َةٍ َ‬ ‫جَزآُء َ‬ ‫** وَ َ‬
‫ه‬
‫مي ِ‬ ‫ص يَر ب َعْ يد َ ظ ُل ْ ِ‬ ‫ن انت َ َ‬ ‫مي ِ‬ ‫ن * وَل َ َ‬ ‫مي َ‬ ‫ب الظ ّييال ِ ِ‬ ‫حي ّ‬ ‫ه ل َ يُ ِ‬ ‫الل ّيهِ إ ِن ّي ُ‬
‫ن‬ ‫ذي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫يى‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫يا‬‫ي‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫*‬ ‫ل‬ ‫بي‬ ‫سي‬ ‫من‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ما‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ئ‬ ‫َ‬
‫لـ‬ ‫و‬ ‫فَأ ُ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫م‬ ‫َ‬
‫حقّ أوْلـيئ ِك لهُي ْ‬ ‫ض ب ِغَي ْرِ ال َ‬ ‫ن ِفي الْر ِ‬ ‫س وَي َب ُْغو َ‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫مو َ‬ ‫ي َظ ْل ِ ُ‬
‫َ‬
‫مييورِ‬ ‫ن عَْزم ِ ال ُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك لَ ِ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫صب ََر وَغََفَر إ ِ ّ‬ ‫من َ‬ ‫م * وَل َ َ‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫عَ َ‬
‫قوله تبارك وتعالى‪} :‬وجزاء سيييئة سيييئة مثلهييا{ كقييوله‬
‫تعالى‪} :‬فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل مييا اعتييدى‬
‫عليكم{ وكقوله‪} :‬وإن عاقبتم فعيياقبوا بمثييل مييا عييوقبتم‬
‫لية‪ ,‬فشرع العدل وهو القصاص ونييدب إلييى الفضييل‬ ‫به{ ا َ‬
‫وهو العفو كقوله جل وعل‪} :‬والجروح قصاص فمن تصدق‬
‫به فهو كفارة لييه{ ولهييذا قييال ههنييا‪} :‬فميين عفييا وأصييلح‬
‫فأجره على الله{ أي ل يضيع ذلك عند الله كما صييح ذلييك‬
‫في الحديث »وما زاد الله تعالى عبدا ً بعفو إل عزًا« وقوله‬
‫تعيييالى‪} :‬إنيييه ل يحيييب الظيييالمين{ أي المعتيييدين وهيييو‬
‫المبتييييييييييييييييييييييييييييدىء بالسيييييييييييييييييييييييييييييئة‪.‬‬
‫ثم قال جل وعل‪} :‬ولمن انتصيير بعييد ظلمييه فييأولئك مييا‬
‫عليهم من سبيل{ أي ليس عليهم جناح في النتصار ممن‬
‫ظلمهم‪ .‬قال ابن جرير‪ :‬حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيييع‪,‬‬
‫حدثنا معاذ بن معاذ‪ ,‬حدثنا ابن عون قال‪ :‬كنت أسييأل عيين‬
‫النتصار في قوله تعالى‪} :‬ولمن انتصر بعد ظلمه فييأولئك‬
‫ما عليهم من سبيل{ فحدثني علي بن زيد بن جدعان عن‬

‫‪163‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أم محمد امرأة أبيه قال ابن عون‪ :‬زعموا أنها كانت تدخل‬
‫على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها‪ ,‬قالت‪ :‬قييالت أم‬
‫المؤمنين رضي الله عنها‪ :‬دخييل علينييا رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم وعندنا زينب بنت جحش رضي الله عنهييا‪,‬‬
‫فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيينع بيييده شيييئا ً فلييم‬
‫يفطن لها‪ ,‬فقلت بيده حتى فطنتييه لهييا فأمسييك‪ ,‬وأقبلييت‬
‫زينب رضي الله عنها تقحم لعائشة رضي الله عنها فنهاها‪,‬‬
‫فأبت أن تنتهي‪ ,‬فقال لعائشة رضييي اللييه عنهييا »سييبيها«‬
‫فسبتها فغلبتها‪ ,‬وانطلقت زينب رضي الله عنها فأتت عليا ً‬
‫رضي الله عنييه فقييالت إن عائشيية تقييع بكييم وتفعييل بكييم‬
‫فجاءت فاطميية رضييي اللييه عنهييا فقييال صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم لها »إنها حبة أبيك ورب الكعبة« فانصرفت‪ ,‬وقالت‬
‫لعلي رضي الله عنه‪ :‬إني قلت له صلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫كذا وكذا‪ ,‬فقال لي كذا وكذا‪ ,‬قال‪ :‬وجاء علييي إلييى النييبي‬
‫صلى الله عليييه وسييلم وكلمييه فييي ذلييك‪ ,‬هكييذا أورد هييذا‬
‫السييياق‪ ,‬وعلييي بيين زيييد بيين جييدعان‪ ,‬يييأتي فييي رواييياته‬
‫بالمنكرات غالب يًا‪ ,‬وهييذا فيييه نكييارة‪ ,‬والصييحيح خلف هييذا‬
‫السياق‪ ,‬كما رواه النسائي وابن ماجه من حديث خالد بيين‬
‫سلمة الفأفاء‪ ,‬عن عبد الله البهي عن عروة‪ ,‬قييال‪ :‬قييالت‬
‫عائشة رضي الله عنها‪ ,‬ما علمت حتى دخلت علييي زينييب‬
‫بغير إذن وهي غضبى‪ ,‬ثم قييالت لرسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪ :‬حسبك إذا قلبت لك ابنة أبي بكر درعهييا‪ ,‬ثييم‬
‫أقبلت علي فأعرضت عنهييا‪ ,‬حييتى قييال النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم »دونك فانتصري« فييأقبلت عليهييا حييتى رأيييت‬
‫ريقها قد يبس في فمها ما ترد علييي شيييئًا‪ ,‬فرأيييت النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم يتهلل وجهييه‪ ,‬وهييذا لفييظ النسييائي‪.‬‬
‫وقال البزار‪ :‬حدثنا يوسف بن موسى‪ ,‬حدثنا أبييو غسييان‪,‬‬
‫حدثنا أبو الحوص عن أبي حمزة عن إبراهيم عيين السييود‬
‫عن عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬قال رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬من دعا على ميين ظلمييه فقييد انتصيير«‬
‫ورواه الترمذي من حديث أبييي الحييوص عيين أبييي حمييزة‬
‫واسمه ميمون‪ ,‬ثم قال‪ :‬ل نعرفه إل من حديثه‪ ,‬وقد تكلييم‬

‫‪164‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فيه من قبل حفظه‪ .‬وقوله عز وجييل‪} :‬إنمييا السييبيل{ أي‬
‫إنما الحرج والعنت }على الذين يظلمييون النيياس ويبغييون‬
‫في الرض بغير الحق{ أي يبدءون الناس بالظلم‪ ,‬كما جاء‬
‫في الحديث الصحيح »المستبان ما قال فعلى البييادىء مييا‬
‫لم يعتييد المظلييوم« }أولئك لهييم عييذاب أليييم{ أي شييديد‬
‫موجييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييع‪.‬‬
‫قال أبو بكر بن أبييي شيييبة‪ :‬حييدثنا الحسيين بيين موسييى‪,‬‬
‫حييدثنا سييعيد بيين زيييد أخييو حميياد بيين زيييد‪ ,‬حييدثنا عثمييان‬
‫الشحام‪ ,‬حدثنا محمد بن واسع قال‪ :‬قدمت مكة فإذا على‬
‫الخندق منظرة‪ ,‬فأخذت حاجتي فييانطلق بييي إلييى مييروان‬
‫بن المهلب‪ ,‬وهو أمير على البصرة فقال ما حاجتك يييا أبييا‬
‫عبد الله ؟ قلت‪ :‬حاجتي إن استطعت أن تكييون كمييا كييان‬
‫أخو بني عدي‪ ,‬قال‪ :‬ومن أخو بني عييدي ؟ قييال العلء بيين‬
‫زياد‪ :‬استعمل صديقا ً له مرة على عمل‪ ,‬فكتييب إليييه‪ :‬أمييا‬
‫بعد‪ ,‬فإن استطعت أن ل تبيت إل وظهرك خفيف‪ ,‬وبطنييك‬
‫خميص‪ ,‬وكفك نقية من دماء المسييلمين وأمييوالهم‪ ,‬فإنييك‬
‫إذا فعلت ذلك‪ ,‬لم يكن عليييك سييبيل }إنمييا السييبيل علييى‬
‫اليذين يظلميون النياس‪ ,‬ويبغيون فيي الرض بغيير الحيق‪,‬‬
‫أولئك لهم عذاب أليم{ فقال مروان‪ :‬صدق واللييه ونصييح‪,‬‬
‫ثييم قييال‪ :‬مييا حاجتييك يييا أبييا عبييد اللييه‪ ,‬قلييت‪ :‬حيياجتي أن‬
‫تلحقني بأهلي‪ ,‬قال‪ :‬نعم‪ ,‬رواه ابن أبي حاتم‪ ,‬ثييم إن اللييه‬
‫تعالى‪ ,‬لما ذم الظلم وأهله وشرع القصاص‪ ,‬قال نادبا ً إلى‬
‫العفو والصفح‪} :‬ولمن صبر وغفر{‪ ,‬أي صييبر علييى الذى‪,‬‬
‫وستر السيئة }إن ذلك لمن عزم المور{ قييال سييعيد بيين‬
‫جبير‪ :‬يعني لمن حق المييور الييتي أميير الليه بهيا‪ ,‬أي لميين‬
‫المييور المشييكورة‪ ,‬والفعييال الحميييدة الييتي عليهييا ثييواب‬
‫جزيييييييييييييييييييل‪ ,‬وثنيييييييييييييييييياء جميييييييييييييييييييل‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا عمران بيين موسييى‬
‫الطرسوسي‪ ,‬حييدثنا مصييمد بيين يزيييد خييادم الفضيييل بيين‬
‫عياض قال‪ :‬سييمعت الفضيييل بيين عييياض يقييول‪ :‬إذا أتيياك‬
‫ل‪ ,‬فقل‪ :‬ياأخي اعف عنييه فييإن العفييو‬ ‫رجل يشكو إليك رج ً‬
‫أقرب للتقييوى‪ ,‬فييإن قييال‪ :‬ل يحتمييل قلييبي العفييو‪ ,‬ولكيين‬

‫‪165‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أنتصر كما أمرني الله عز وجل‪ ,‬فقل له‪ :‬إن كنييت تحسيين‬
‫أن تنتصر وإل فارجع إلى باب العفو‪ ,‬فإنه باب واسع‪ ,‬فييإنه‬
‫من عفا وأصلح فأجره على الله‪ ,‬وصاحب العفو ينام علييى‬
‫فراشيييه باللييييل‪ ,‬وصييياحب النتصيييار يقليييب الميييور‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا يحيى يعني ابن سعيد القطييان‪,‬‬
‫عن ابن عجلن‪ ,‬حدثنا سعيد عيين أبييي هريييرة رضييي اللييه‬
‫عنه قال‪ :‬إن رجل ً شييتم أبييا بكيير رضييي اللييه عنييه والنييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم جالس‪ ,‬فجعل النبي صلى الله عليه‬
‫وسييلم يعجييب ويتبسييم‪ ,‬فلمييا أكييثر رد عليييه بعييض قييوله‪,‬‬
‫فغضب النبي وقام‪ ,‬فلحقه أبو بكر رضي الله عنييه فقييال‪:‬‬
‫يا رسول الله إنه كان يشتمني وأنييت جييالس‪ ,‬فلمييا رددت‬
‫عليه بعض قوله غضبت وقمت‪ ,‬قال‪» :‬إنه كان معك ملييك‬
‫يرد عنك‪ ,‬فلما رددت عليه بعض قوله حضر الشيطان فلم‬
‫أكن لقعد مع الشيطان ي ثم قال ي يا أبييا بكيير‪ :‬ثلث كلهيين‬
‫حق‪ :‬ما من عبد ظلم بمظلمة فيغضي عنها الله‪ ,‬إل أعييزه‬
‫الله تعالى بها ونصره‪ ,‬وما فتح رجل باب عطييية يريييد بهييا‬
‫صلة إل زاده الله بها كثرة‪ ,‬وما فتح رجل باب مسألة يريد‬
‫بها كثرة‪ ,‬إل زاده الله عز وجل بها قلة وكذا رواه أبييو داود‬
‫عن عبد العلى بن حماد عن سفيان بن عيينة قيال‪ :‬ورواه‬
‫صفوان بن عيسى كلهما عن محمد بن عجلن‪ ,‬ورواه من‬
‫طريق الليث عن سعيد المقبري عن بشير بن المحرر عن‬
‫ل‪ ,‬وهذا الحديث في غاية الحسن‬ ‫سعيد بن المسيب مرس ً‬
‫فييي المعنييى‪ ,‬وهييو مناسييب للصييديق رضييي اللييه عنييه‪.‬‬

‫ميين ب َعْيدِهِ وَت َيَرى‬ ‫ي ّ‬ ‫ميين وَل ِي ّ‬ ‫ه ِ‬ ‫مييا ل َي ُ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫ل الل ّي ُ‬ ‫ض يل ِ ِ‬


‫ميين ي ُ ْ‬ ‫** وَ َ‬
‫ل‬ ‫سييِبي ٍ‬‫من َ‬ ‫مَرد ّ ّ‬ ‫ى َ‬ ‫ن هَ ْ َ‬
‫ل إ ِل َ‬ ‫ب ي َُقوُلو َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ما َرأ َوُا ْ ال ْعَ َ‬ ‫ن لَ ّ‬ ‫مي َ‬ ‫ال ّ‬
‫ظال ِ ِ‬
‫ميين‬ ‫ن ِ‬ ‫ل َينظ ُيُرو َ‬ ‫ن الذ ّ ّ‬ ‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫شِعي َ‬ ‫خا ِ‬ ‫ن عَل َي َْها َ‬ ‫ضو َ‬ ‫م ي ُعَْر ُ‬ ‫* وَت ََراهُ ْ‬
‫سُروَا ْ‬ ‫خ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬ ‫خا ِ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫من ُوَا ْ إ ِ ّ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ل ال ّ ِ‬ ‫ي وََقا َ‬ ‫خِف ّ‬ ‫ف َ‬ ‫ط َْر ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ذا ٍ‬‫ن فِييي عَ ي َ‬ ‫مي َ‬ ‫ن الظ ّييال ِ ِ‬ ‫م ة ِ أل َ إ ِ ّ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬ ‫م ي َوْ َ‬ ‫م وَأهِْليهِ ْ‬ ‫سه ُ ْ‬‫أنُف َ‬
‫كان ل َهم م َ‬
‫ن الل ّي ِ‬
‫ه‬ ‫دو ِ‬‫ميين ُ‬ ‫ص يُرون َُهم ّ‬ ‫ن أوْل َِيآَء َين ُ‬ ‫ما َ َ ُ ّ ْ‬ ‫مِقيم ٍ * وَ َ‬ ‫ّ‬
‫ل‬
‫سيييييِبي ٍ‬‫مييييين َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ميييييا َلييييي ُ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫ل الّلييييي ُ‬ ‫ضيييييل ِ ِ‬ ‫مييييين ي ُ ْ‬ ‫وَ َ‬

‫‪166‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن نفسه الكريمة أنه مييا يشيياء كييان‬
‫ول راد له‪ ,‬وما لم يشأ لم يكن فل موجد له‪ ,‬وأنه من هداه‬
‫فل مضل له‪ ,‬ومن يضلل الله فل هادي لييه‪ ,‬كمييا قييال عييز‬
‫وجل‪} :‬ومن يضلل فلن تجد له وليا ً مرشدًا{ ثم قييال عييز‬
‫وجل مخبرا ً عن الظييالمين وهييم المشييركون بييالله‪} :‬لمييا‬
‫رأوا العييذاب{ أي يييوم القياميية تمنييوا الرجعيية إلييى الييدنيا‬
‫}يقولون هل إليى مييرد مين سييبيل{ كميا قيال جيل وعل‪:‬‬
‫}ولوترى إذ وقفوا على النار‪ ,‬فقالوا‪ :‬ياليتنا نرد ول نكييذب‬
‫بآيات ربنا ونكون ميين المييؤمنين * بييل بييدا لهييم مييا كييانوا‬
‫يخفييون ميين قبييل ولييو ردوا لعييادوا لمييا نهييوا عنييه وإنهييم‬
‫لكاذبون{‪ .‬وقوله عز وجل‪} :‬وتراهم يعرضون عليهييا{ أي‬
‫على النار }خاشعين من الذل{ أي الذي قد اعييتراهم بمييا‬
‫أسييلفوا ميين عصيييان اللييه تعييالى }ينظييرون ميين طييرف‬
‫خفي{ قال مجاهد‪ :‬يعني ذليل أي ينظرون إليهييا مسييارقة‬
‫خوفا ً منها والذي يحذرون منه واقع بهم ل محالة‪ ,‬ومييا هييو‬
‫أعظم مما فييي نفوسييهم‪ ,‬أجارنييا اللييه ميين ذلييك‪} .‬وقييال‬
‫الذين آمنوا{ أي يقولون يوم القيامة }إن الخاسييرين{ أي‬
‫الخسييار الكييبر }الييذين خسييروا أنفسييهم وأهليهييم يييوم‬
‫القيامة{ أي ذهب بهم إلييى النييار فعييدموا لييذتهم فييي دار‬
‫البييد وخسييروا أنفسييهم‪ ,‬وفييرق بينهييم وبييين أحبييابهم‬
‫وأصييييحابهم وأهيييياليهم وقرابيييياتهم فخسييييروهم }أل إن‬
‫الظييالمين فييي عييذاب مقيييم{ أي دائم سييرمدي أبييدي ل‬
‫خروج لهم منها ول محيد لهييم عنهييا‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬ومييا‬
‫كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله{ أي ينقييذونهم‬
‫مما هم فيه من العذاب والنكال }ومن يضلل الله فمييا لييه‬
‫ميييييييييين سييييييييييبيل{ أي ليييييييييييس لييييييييييه خلص‪.‬‬

‫ْ‬ ‫** استجيبوا ْ ل ِربك ُم من قَب َ‬


‫ن‬
‫مي َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ميَرد ّ ل َي ُ‬ ‫م لّ َ‬ ‫ي ي َيوْ ٌ‬
‫ل أن ي َيأت ِ َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫َ ّ ْ ّ‬ ‫ْ َ ِ ُ‬
‫ن‬‫كي يرٍ * فَ يإ ِ ْ‬ ‫ميين ن ّ ِ‬ ‫مييا ل َك ُي ْ‬
‫م ّ‬ ‫مئ ِذٍ وَ َ‬ ‫مل ْ َ‬
‫ج يأ ٍ ي َيوْ َ‬ ‫من ّ‬ ‫م ّ‬‫ما ل َك ُ ْ‬
‫الل ّهِ َ‬
‫ك إ ِل ّ ال ْب َل َغُ وَإ ِّنآ‬‫ن عَل َي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حِفيظا ً إ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ك عَل َي ْهِ ْ‬ ‫سل َْنا َ‬
‫مآ أْر َ‬‫ضوا ْ فَ َ‬ ‫أعَْر ُ‬

‫‪167‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مييا‬ ‫س يي ّئ َ ٌ‬
‫ة بِ َ‬ ‫م َ‬
‫صب ْهُ ْ‬
‫ح ب َِها وَِإن ت ُ ِ‬ ‫ة فَرِ َ‬
‫م ً‬‫ح َ‬
‫مّنا َر ْ‬
‫ن ِ‬‫سا َ‬ ‫لن َ‬
‫ِ‬ ‫ذآ أ َذ َقَْنا ا‬
‫إِ َ‬
‫ن ك َُفيييييييوٌر‬ ‫َ‬
‫سيييييييا َ‬ ‫لن َ‬‫نا ِ‬ ‫م َفيييييييإ ِ ّ‬ ‫ديهِ ْ‬
‫ت أْيييييييي ِ‬ ‫م ْ‬‫َقيييييييد ّ َ‬
‫لما ذكر تعالى مييا يكييون فييي يييوم القياميية ميين الهييوال‬
‫والمور العظييام الهائليية‪ ,‬حييذر منييه وأميير بالسييتعداد لييه‪,‬‬
‫فقال‪} :‬استجيبوا لربكم من قبل أن ييأتي يييوم ل مييرد ليه‬
‫من الله{ أي إذا أمر بكونه فإنه كلمح البصر يكون‪ ,‬وليس‬
‫له دافع ول مانع‪ .‬وقوله عز وجل‪} :‬ما لكم من ملجأ يومئذٍ‬
‫وما لكم من نكير{ أي ليس لكم حصن تتحصيينون فيييه ول‬
‫مكان يستركم وتتنكرون فيييه فتغيبييون عيين بصييره تبييارك‬
‫وتعالى‪ ,‬بل هو محيط بكم بعلمه وبصره وقدرته‪ ,‬فل ملجيأ‬
‫منه إل إليه }يقول النسان يومئذ أين المفر * كل ل وزر *‬
‫إلى ربك يومئذ المستقر{ وقوله تعييالى‪} :‬فيإن أعرضييوا{‬
‫يعني المشركين }فما أرسلناك عليهم حفيظ يًا{ أي لسييت‬
‫عليهم بمسيييطر‪ ,‬وقييال عييز وجييل‪} :‬ليييس عليييك هييداهم‬
‫ولكن الله يهدي ميين يشيياء{ وقييال تعييالى‪} :‬فإنمييا عليييك‬
‫البلغ وعلينا الحساب{ وقال جل وعل ههنا‪} :‬إن عليك إل‬
‫البلغ{ أي إنمييا كلفنيياك أن تبلغهييم رسييالة اللييه إليهييم‪.‬‬
‫ثم قال تبارك وتعالى‪} :‬وإنا إذا أذقنا النسان منييا رحميية‬
‫فييرح بهييا{ أي إذا أصييابه رخيياء ونعميية فييرح بييذلك }وإن‬
‫تصبهم{ يعني الناس }سيئة{ أي جدب وبلء وشدة }فإن‬
‫النسان كفور{ أي يجحد ما تقدم من النعييم ول يعييرف إل‬
‫الساعة الراهنة‪ ,‬فإن أصابته نعمة أشر وبطر‪ ,‬وإن أصييابته‬
‫محنة يئس وقنط‪ ,‬كما قال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم للنساء‪» :‬يييا معشيير النسيياء تصييدقن فييإني رأيتكيين‬
‫أكثر أهل النار« فقالت امرأة‪ :‬ولم يا رسول اللييه ؟ فقييال‬
‫صلى الله عليه وسييلم‪» :‬لنكيين تكييثرن الشييكاية وتكفييرن‬
‫العشير‪ ,‬لو أحسنت إلى إحييداهن الييدهر ثييم تركييت يوم يًا‪,‬‬
‫قالت‪ :‬ما رأيت منك خيرا ً قط« وهذا حال أكثر النسيياء‪ ,‬إل‬
‫من هداه الله تعالى وألهمه رشده‪ ,‬وكان من الييذين آمنييوا‬
‫وعملوا الصييالحات‪ ,‬فييالمؤمن كمييا قييال صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬إن أصابته سراء شكر فكان خيرا ً له‪ ,‬وإن أصابته‬
‫ضراء صبر فكان خيرا ً له‪ ,‬وليس ذليك لحييد إل للمييؤمن«‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫ميين‬ ‫ب لِ َ‬ ‫شييآُء ي َهَ ي ُ‬‫ما ي َ َ‬ ‫خل ُقُ َ‬ ‫ض يَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ت َوالْر‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬


‫ك ال ّ‬ ‫مل ْ ُ‬ ‫** ل ِل ّهِ ُ‬
‫م ذ ُك َْران يا ً‬ ‫َ‬
‫جه ُ ي ْ‬‫كوَر * أوْ ي َُزوّ ُ‬ ‫شييآُء ال يذ ّ ُ‬‫من ي َ َ‬ ‫ب لِ َ‬ ‫شآُء إ َِناثا ً وَي َهَ ُ‬ ‫يَ َ‬
‫ديٌر‬‫م َقييي ِ‬ ‫ه عَِليييي ٌ‬ ‫شيييآُء عَِقيميييا ً إ ِّنييي ُ‬ ‫مييين ي َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫جَعييي ُ‬ ‫وَإ َِناثيييا ً وَي َ ْ‬
‫يخييبر تعييالى أنييه خييالق السييموات والرض ومالكهمييا‬
‫والمتصرف فيهما‪ ,‬وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لييم يكيين‪,‬‬
‫وأنه يعطي من يشاء ويمنع من يشاء‪ ,‬ول مانع لما أعطييى‬
‫ول معطي لما منع‪ ,‬وأنه يخلق ما يشاء }يهيب لميين يشياء‬
‫إناثًا{ أي يرزقه البنات فقييط‪ .‬قييال البغييوي‪ :‬ومنهييم لييوط‬
‫عليييه الصييلة والسييلم‪} .‬ويهييب لميين يشيياء الييذكور{ أي‬
‫يرزقه البنين فقط‪ ,‬قييال البغييوي‪ :‬كييإبراهيم الخليييل عليييه‬
‫الصييلة والسييلم لييم يولييد لييه أنييثى }أو يزوجهييم ذكران يا ً‬
‫وإناثًا{ أي يعطي لمن يشيياء ميين النيياس الزوجييين الييذكر‬
‫والنثى أي هذا وهذا‪ ,‬قال البغوي‪ :‬كمحمد صلى الله عليييه‬
‫وسييلم }ويجعييل ميين يشيياء عقيميًا{ أي ل يولييد لييه‪ .‬قييال‬
‫البغييوي‪ :‬كيحيييى وعيسييى عليهمييا السييلم‪ ,‬فجعييل النيياس‬
‫أربعة أقسام‪ :‬منهم من يعطيه البنات‪ ,‬ومنهييم ميين يعطيييه‬
‫البنين‪ ,‬ومنهم من يعطيه من النوعين ذكورا ً وإناثًا‪ ,‬ومنهييم‬
‫من يمنعه هذا وهذا فيجعله عقيما ً ل نسل لييه ول ولييد لييه‪.‬‬
‫}إنه عليم{ أي بمن يستحق كل قسم ميين هييذه القسييام‬
‫}قدير{ أي على من يشاء ميين تفيياوت النيياس فييي ذلييك‪,‬‬
‫وهذا المقام شبيه بقوله تبارك وتعييالى عيين عيسييى عليييه‬
‫الصييلة والسييلم }ولنجعلييه آييية للنيياس{ أي دلليية علييى‬
‫قدرته تعالى وتقدس حيث خلق الخلق على أربعة أقسام‪,‬‬
‫فآدم عليه الصلة والسلم مخلوق ميين تييراب ل ميين ذكيير‬
‫وأنثى‪ ,‬وحييواء عليهييا السييلم مخلوقيية ميين ذكيير بل انييثى‪,‬‬
‫وسائر الخلق سوى عيسى عليه السييلم ميين ذكيير وأنييثى‪,‬‬
‫وعيسى عليه السلم من أنثى بل ذكر‪ ,‬فتمت الدللة بخلق‬
‫عيسى بن مريم عليهما الصلة والسلم‪ .‬ولهذا قال تعالى‪:‬‬
‫لبيياء والمقييام‬ ‫}ولنجعله آييية للنيياس{ فهييذا المقييام فييي ا َ‬

‫‪169‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الول في البناء وكل منهما أربعة أقسام‪ ,‬فسبحان العليييم‬
‫القيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييدير‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ميين وََرآءِ‬ ‫حي يا ً أوْ ِ‬ ‫ه إ ِل ّ وَ ْ‬ ‫ه الل ّي ُ‬ ‫مي ُ‬‫ش يرٍ أن ي ُك َل ّ َ‬ ‫ن ل ِب َ َ‬ ‫مييا ك َييا َ‬ ‫** وَ َ‬
‫مييا ي َ َ‬ ‫سول ً فَي ُييو ِ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫ه عَل ِي ّ‬
‫شييآُء إ ِن ّي ُ‬ ‫ي ب ِيإ ِذ ْن ِهِ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ب أوْ ي ُْر ِ‬ ‫جا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت َتييد ِْري‬ ‫كن َ‬ ‫ما ُ‬ ‫مرَِنا َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬‫ك ُروحا ً ّ‬ ‫حي َْنآ إ ِل َي ْ َ‬‫ك أو ْ َ‬ ‫م * وَك َذ َل ِ َ‬ ‫كي ٌ‬
‫ح ِ‬ ‫َ‬
‫ميين‬ ‫دي ب ِيهِ َ‬ ‫جعَل ْن َيياهُ ن ُييورا ً ن ّهْي ِ‬ ‫كن َ‬ ‫ن وََلـي ِ‬ ‫مييا ُ‬ ‫لي َ‬ ‫ب وَل َ ا ِ‬ ‫ما ال ْك َِتا ُ‬ ‫َ‬
‫س يت َِقيم ٍ *‬ ‫م ْ‬ ‫ط ّ‬ ‫ص يَرا ٍ‬ ‫ى ِ‬ ‫َ‬
‫ك لت َهْ يدِيَ إ ِل ي‬ ‫َ‬ ‫عَبادِن َييا وَإ ِن ّي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫مي ْ‬ ‫شييآُء ِ‬ ‫نّ َ‬
‫َ‬
‫ض أ َل َ‬ ‫مييا فِييي الْر ِ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ما ِفي ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ذي ل َ ُ‬ ‫ط الل ّهِ ال ّ ِ‬ ‫صَرا ِ‬ ‫ِ‬
‫ميييييييييييييوُر‬ ‫صييييييييييييييُر ال ُ ُ‬ ‫إ َِليييييييييييييى الل ّيييييييييييييهِ ت َ ِ‬
‫هذه مقامات الوحي بالنسبة إلى جنييات اللييه عييز وجييل‪,‬‬
‫وهو أنه تبارك وتعالى تارة يقذف في روع النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم شيئا ً ل يتمارى فيه أنه من الله عز وجييل‪ ,‬كمييا‬
‫جاء في صحيح ابن حبان عن رسول الله صلى اللييه عليييه‬
‫وسلم أنه قال‪» :‬إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا ً‬
‫لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها‪ ,‬فاتقوا الله وأجملوا‬
‫في الطلب«‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬أو من وراء حجاب{ كما كلم‬
‫موسى عليه الصلة والسلم‪ ,‬فإنه سأل الرؤية بعد التكليم‬
‫فحجيييييييييييييييييييييييييييييييب عنهيييييييييييييييييييييييييييييييا‪.‬‬
‫وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسييلم قييال‬
‫لجابر بن عبد الله رضي الله عنهما‪» :‬ما كلم الله أحدا ً إل‬
‫ميين وراء حجيياب وإنييه كلييم أبيياك كفاح يًا« كييذا جيياء فييي‬
‫الحديث‪ ,‬وكان قييد قتييل يييوم أحييد‪ ,‬ولكيين هييذا فييي عييالم‬
‫لية إنما هي في الدار الييدنيا‪ .‬وقييوله عييز وجييل‪:‬‬ ‫البرزخ‪ ,‬وا َ‬
‫}أو يرسل رسول ً فيوحي بإذنه ما يشاء{ كما ينزل جبريل‬
‫عليه الصييلة والسييلم وغيييره ميين الملئكيية علييى النبييياء‬
‫ي حكيم{ فهييو علييي عليييم‬ ‫عليهم الصلة والسلم }إنه عل ّ‬
‫خبير حكيم‪ .‬وقوله عز وجل‪} :‬وكييذلك أوحينييا إليييك روح يا ً‬
‫من أمرنا{ يعني القييرآن }مييا كنييت تييدري مييا الكتيياب ول‬
‫اليمان{ أي على التفصيييل الييذي شييرع لييك فييي القييرآن‬
‫}ولكن جعلناه{ أي القرآن }نورا ً نهدي به ميين نشيياء ميين‬

‫‪170‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عبادنا{ كقوله تعالى‪} :‬قل هو للييذين آمنييوا هييدى وشييفاء‬
‫لييية‪.‬‬‫والذين ل يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى{ ا َ‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وإنك{ أي يا محمد }لتهييدي إلييى صييراط‬
‫مستقيم{ وهييو الخلييق القييويم‪ ,‬ثييم فسييره بقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}صراط الله{ أي وشرعه الذي أمر به الله }الذي لييه مييا‬
‫فييي السييموات ومييا فييي الرض{ أي ربهمييا ومالكهمييا‬
‫والمتصرف فيهما والحاكم الذي ل معقب لحكمه }أل إلييى‬
‫الله تصير المور{ أي ترجع المييور فيفصييلها ويحكييم فيهييا‬
‫سبحانه وتعييالى عمييا يقييول الظييالمون والجاحييدون علييوا ً‬
‫كيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييبيرًا‪.‬‬

‫سيييييييييييييييييييييييييييييييييورة الزخيييييييييييييييييييييييييييييييييرف‬
‫وهيييييييييييييييييييييييييييييييييي مكيييييييييييييييييييييييييييييييييية‬
‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫م‬ ‫جعَل َْناهُ قُْرآنا ً عََرب ِي ّا ً ل ّعَل ّك ُي ْ‬ ‫ن * إ ِّنا َ‬ ‫مِبي ُ ِ‬‫ب ال ْ ُ‬‫م * َوال ْك َِتا ِ‬ ‫** حي َ‬
‫م*‬ ‫كييي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫ي َ‬ ‫ب َلييد َي َْنا ل َعَِليي ّ‬ ‫م ال ْك َِتييا ِ‬ ‫يأ ّ‬ ‫ه ِفيي َ‬ ‫ن * وَإ ِّنيي ُ‬ ‫ت َعِْقُلييو َ‬
‫ن*‬ ‫سيرِِفي َ‬ ‫م ْ‬‫وميا ً ّ‬ ‫م ْقَ ْ‬ ‫صيْفحا ً َأن ُ‬
‫كنت ُي ْ‬ ‫م اليذ ّك َْر َ‬ ‫عنك ُي ُ‬‫ب َ‬ ‫ضرِ ُ‬ ‫أفَن َ ْ‬
‫َ‬
‫وك َ َ‬
‫ي إ ِل ّ‬ ‫ن ن ِّبيي ّ‬ ‫م ْ‬‫ما ي َأِتيِهم ّ‬ ‫ن * وَ َ‬ ‫ي ِفي َ الوِّلي َ‬ ‫من ن ّب ِ ّ‬ ‫سل َْنا ِ‬
‫م أْر َ‬ ‫َ ْ‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن * فَأهْلكن َييآ أ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ى‬‫ضي َ‬ ‫م َ‬ ‫من ْهُييم ب َطشيا وَ َ‬ ‫شيد ّ ِ‬ ‫ست َهْزُِئو َ‬‫كاُنوا ب ِهِ ي َ ْ‬
‫ن‬‫ل الوِّليييييييييييييييييييييييييييييييي َ‬ ‫مَثييييييييييييييييييييييييييييييي ُ‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى‪} :‬حم والكتيياب الميبين{ أي اليبين الواضيح‬
‫الجلي المعاني واللفاظ‪ ,‬لنه نزل بلغية العيرب اليتي هيي‬
‫أفصح اللغات للتخاطب بين الناس‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬إنا‬
‫جعلناه{ أي نزلناه }قرآنا ً عربيًا{ أي بلغة العييرب فصيييحا ً‬
‫واضحا ً }لعلكم تتقون{ أي تفهمييونه وتتييدبرونه‪ ,‬كمييا قييال‬
‫عز وجل‪} :‬بلسان عربي مبين{‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬وإنه فييي‬
‫أم الكتاب لدينا لعلي حكيم{ بين شرفه فييي المل العلييى‬
‫ليشييرفه ويعظمييه ويطيعييه أهييل الرض‪ ,‬فقييال تعييالى‪:‬‬
‫}وإنه{ أي القرآن }في أم الكتاب{ أي الليوح المحفييوظ‪,‬‬

‫‪171‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قاله ابيين عبيياس رضييي اللييه عنهمييا ومجاهييد }لييدينا{ أي‬
‫عندنا‪ ,‬قيياله قتييادة وغيييره }لعلييي{ أي ذو مكانيية وشييرف‬
‫وفضل قاله قتادة }حكيييم{ أي محكييم بريييء ميين اللبييس‬
‫والزيغ‪ .‬وهذا كله تنبيه على شرفه وفضله‪ ,‬كما قال تبييارك‬
‫وتعالى‪} :‬إنه لقرآن كريم * في كتيياب مكنييون * ل يمسييه‬
‫إل المطهرون * تنزيييل ميين رب العييالمين{ وقييال تعييالى‪:‬‬
‫}كل إنها تذكرة * فمن شاء ذكره * في صييحف مكرميية *‬
‫مرفوعيية مطهييرة * بأيييدي سييفرة * كييرام بييررة{ ولهييذا‬
‫استنبط العلميياء رضييي اللييه عنهييم ميين هيياتين(ا َ‬
‫ليييتين أن‬
‫المحدث ليمس المصحف كمييا ورد بييه الحييديث ِإن صييح‪,‬‬
‫لن الملئكة يعظمون المصاحف المشييتملة علييى القييرآن‬
‫في المل العلى‪ ,‬فأهييل الرض بييذلك أولييى وأحييرى‪ ,‬لنييه‬
‫نزل عليهم‪ ,‬وخطابه متوجه إليهييم‪ ,‬فهييم أحييق أن يقييابلوه‬
‫بالكرام والتعظيم‪ ,‬والنقياد له بييالقبول والتسييليم‪ ,‬لقييوله‬
‫تعيييالى‪} :‬وإنيييه فيييي أم الكتييياب ليييدينا لعليييي حكييييم{‪.‬‬
‫وقوله عز وجل‪} :‬أفنضرب عنكم الذكر صييفحا ً أن كنتييم‬
‫قوما ً مسرفين ؟{ اختلييف المفسييرون فييي معناهييا فقيييل‬
‫معناها أتحسبون أن نصفح عنكم فل نعذبكم ولم تفعلوا ما‬
‫أمرتم به‪ ,‬قاله ابن عباس رضي اللييه عنهمييا وأبييو الصييالح‬
‫ومجاهد والسدي واختاره ابن جرير‪ ,‬وقال قتادة في قييوله‬
‫تعالى‪} :‬أفنضرب عنكم الذكر صفحا ً ؟{ والله لييو أن هييذا‬
‫القرآن رفع حين ردته أوائل هذه المة لهلكوا‪ ,‬ولكيين اللييه‬
‫تعالى عيياد بعييائدته ورحمتييه فكييرره عليهييم ودعيياه إليهييم‬
‫عشرين سنة أو ما شاء الله من ذلك‪ ,‬وقول قتادة لطيييف‬
‫المعنى جدًا‪ ,‬وحاصله أنه يقول في معنيياه إنييه تعييالى ميين‬
‫لطفه ورحمتييه بخلقييه ل يييترك دعيياءهم إلييى الخييير وإلييى‬
‫الذكر الحكيم وهو القرآن‪ ,‬وإن كييانوا مسييرفين معرضييين‬
‫عنه بل أمر به ليهتدي به من قييدر هييدايته‪ ,‬وتقييوم الحجيية‬
‫علييييييييييييى ميييييييييييين كتييييييييييييب شييييييييييييقاوته‪.‬‬
‫ثم قال جل وعل مسليا ً لنبيه صلى الله عليه وسييلم فييي‬
‫تكذيب من كذبه من قومه وآمرا ً له بالصبر عليهيم‪} :‬وكيم‬
‫أرسلنا من نبي في الولييين{ أي فييي شيييع الولييين }ومييا‬

‫‪172‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يييأتيهم ميين نييبي إل كييانوا بييه يسييتهزئون{ أي يكييذبونه‬
‫ويسخرون به‪ .‬وقوله تبارك وتعالى‪} :‬فأهلكنييا أشييد منهييم‬
‫بطشيًا{ أي فأهلكنييا المكييذبين بالرسييل‪ ,‬وقييد كييانوا أشييد‬
‫بطشا ً من هؤلء المكذبين لك يا محمد‪ ,‬كقييوله عييز وجييل‪:‬‬
‫}أفلم يسيروا في الرض فينظروا كيف كان عاقبيية اليذين‬
‫ليييات فييي ذلييك‬ ‫من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قييوة{ وا َ‬
‫كثيرة جدًا‪ .‬وقوله جل جلله‪} :‬ومضى مثل الولييين{ قييال‬
‫مجاهييد‪ :‬سيينتهم‪ .‬وقييال قتييادة‪ :‬عقييوبتهم‪ .‬وقييال غيرهمييا‪:‬‬
‫عبرتهم‪ ,‬أي جعلناهم عبرة لمن بعييدهم ميين المكييذبين أن‬
‫يصيبهم ما أصابهم‪ ,‬كقوله تعالى فييي آخيير هييذه السييورة‪:‬‬
‫لخرييين{ وكقييوله جلييت عظمتييه‪:‬‬ ‫}فجعلناهم سلفا ً ومثل ً ل َ‬
‫}سنة الله التي قييد خلييت فييي عبيياده{ وقييال عييز وجييل‪:‬‬
‫ل{‪.‬‬‫}وليييييييين تجييييييييد لسيييييييينة اللييييييييه تبييييييييدي ً‬

‫َ‬
‫ن‬‫ض ل َي َُقييول ُ ّ‬ ‫ت َوالْر َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سيي َ‬ ‫خَلييقَ ال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ميي ْ‬ ‫م ّ‬ ‫سييأل ْت َهُ ْ‬ ‫** وَل َِئن َ‬
‫مهْييدا ً‬ ‫ض َ‬ ‫م الْر َ‬ ‫ل ل َك ُي ُ‬ ‫جع َ ي َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م * ال ّي ِ‬ ‫زي يُز ال ْعَِلي ي ُ‬ ‫ن ال ْعَ ِ‬ ‫خل ََقهُ ي ّ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫مي َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ذي ن َيّز َ‬ ‫ن * َوال ّي ِ‬ ‫دو َ‬ ‫م ت َهْت َي ُ‬ ‫سيب ُل ً ل ّعَل ّك ُي ْ‬ ‫م ِفيَها ُ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬ ‫جع َ َ‬ ‫وَ َ‬
‫ن*‬ ‫جييو َ‬ ‫خَر ُ‬ ‫ك تُ ْ‬ ‫مْيتيا ً ك َيذ َل ِ َ‬ ‫شْرَنا ب ِهِ ب َل ْيد َةً ّ‬ ‫مآًء ب َِقد َرٍ فََأن َ‬ ‫مآِء َ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫مييا‬ ‫ك َوالن َْعام ِ َ‬ ‫ن ال ُْفل ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ّ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬ ‫جع َ َ‬‫ج ك ُل َّها وَ َ‬ ‫خل َقَ الْزَوا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫َوال ّ ِ‬
‫ذا‬ ‫م إِ َ‬ ‫كيي ْ‬‫ة َرب ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫م ت َذ ْك ُُروا ْ ن ِعْ َ‬ ‫ى ظ ُُهورِهِ ث ُ ّ‬ ‫ست َ ُ ْ َ‬
‫ووا عَل َ‬ ‫ن * ل ِت َ ْ‬ ‫ت َْرك َُبو َ‬
‫مييا ك ُن ّييا‬ ‫ذا وَ َ‬ ‫هـ َ‬ ‫خَر ل ََنا َ‬ ‫س ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬‫م عَل َي ْهِ وَت َُقوُلوا ْ ُ‬ ‫ست َوَي ْت ُ ْ‬ ‫ا ْ‬
‫ن‬
‫منَقل ُِبيييييو َ‬ ‫ى َرب َّنيييييا ل َ ُ‬ ‫َ‬
‫ن * وَإ ِّنيييييآ إ ِلييييي َ‬ ‫مْقرِِنيييييي َ‬ ‫ه ُ‬ ‫َلييييي ُ‬
‫يقول تعييالى‪ :‬ولئن سييألت يييا محمييد هييؤلء المشييركين‬
‫بالله‪ ,‬العابدين معه غيره }من خلييق السييموات والرض ؟‬
‫ليقولن خلقهيين العزييز العلييم{ أي ليعييترفن بيأن الخييالق‬
‫لذلك هو الله وحده ل شريك له‪ ,‬وهم مع هذا يعبدون معه‬
‫غيره من الصنام والنداد‪ ,‬ثم قال تعالى‪} :‬الذي جعل لكم‬
‫الرض مهييدًا{ أي فراشييا ً قييرارا ً ثابتيية تسيييرون عليهييا‬
‫وتقومون وتنامون وتنصرفون‪ ,‬مع أنها مخلوقيية علييى تيييار‬
‫الميياء‪ ,‬لكنييه أرسيياها بالجبييال لئل تميييد هكييذا ول هكييذا‬
‫ل{ أي طرقيا ً بييين الجبييال والودييية‬ ‫}وجعل لكم فيهييا سييب ً‬

‫‪173‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}لعلكم تهتدون{ أي في سيركم من بلد إلييى بلييد‪ ,‬وقطيير‬
‫إلى قطر‪} ,‬والذي نزل من السماء ماء بقدر{ أي بحسييب‬
‫الكفاية لزروعكم وثماركم وشربكم لنفسييكم ولنعييامكم‪.‬‬
‫وقوله تبارك وتعالى‪} :‬فأنشرنا به بلييدة ميت يًا{ أي أرض يا ً‬
‫ميتة‪ ,‬فلما جاءها الماء اهتزت وربت وأنبتت ميين كييل زوج‬
‫بهيج‪ ,‬ثم نبه تعالى بإحياء الرض على إحياء الجسيياد يييوم‬
‫المعاد بعد موتها‪ ,‬فقال‪} :‬كييذلك تخرجييون{ ثييم قييال عييز‬
‫وجل‪} :‬والذي خلق الزواج كلها{ أي مما تنبت الرض من‬
‫سائر الصناف من نبات وزروع وثمار وأزاهير وغييير ذلييك‪.‬‬
‫ومن الحيوانات علييى اختلف أجناسييها وأصيينافها }وجعييل‬
‫لكم ميين الفلييك{ أي السييفن }والنعييام مييا تركبييون{ أي‬
‫ذللها لكم وسخرها ويسرها لكلكم لحومها وشربكم ألبانها‬
‫وركوبكم ظهورها‪ ,‬ولهييذا قييال جييل وعل‪} :‬لتسييتووا علييى‬
‫ظهوره{ أي لتستووا متمكنين مرتفعييين }علييى ظهييوره{‬
‫أي على ظهور هذا الجنس }ثييم تييذكروا نعميية ربكييم{ أي‬
‫فيما سخر لكم }إذا استويتم عليه وتقولييوا سييبحان الييذي‬
‫سخر لنييا هييذا ومييا كنييا لييه مقرنييين{ أي مقيياومين‪ ,‬ولييول‬
‫تسخير الله لنا هذا ما قدرنا عليه‪ .‬قال ابيين عبيياس رضييي‬
‫اللييه عنهمييا وقتييادة والسييدي وابيين زيييد‪ :‬مقرنييين‪ ,‬أي‬
‫مطيقين‪} ,‬وإنا إلى ربنا لمنقلبون{ أي لصائرون إليييه بعييد‬
‫مماتنا وإليه سيرنا الكبر‪ ,‬وهذا من باب التنبيه بسير الدنيا‬
‫علييى سييير ا َ‬
‫لخييرة‪ ,‬كمييا نبييه بييالزاد الييدنيوي علييى الييزاد‬
‫الخييروي فييي قييوله تعييالى‪} :‬وتييزودوا فييإن خييير الييزاد‬
‫التقوى{ وباللباس الدنيوي على الخروي في قوله تعالى‪:‬‬
‫}وريشيييييييا ً ولبييييييياس التقيييييييوى ذليييييييك خيييييييير{‪.‬‬

‫ذكييييير الحييييياديث اليييييواردة عنيييييد ركيييييوب الدابييييية‬


‫)حديث أمير المؤمنين علي بن أبييي طييالب( رضييي اللييه‬
‫عنه‪ .‬قال المام‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬حدثنا شريك بن عبد الله عن‬
‫أبي إسحاق‪ ,‬عن علي بن ربيعة قال‪ :‬رأيت عليا ً رضي الله‬
‫عنه أتى بدابة‪ ,‬فلما وضع رجلييه فييي الركيياب قييال‪ :‬باسييم‬
‫الله‪ ,‬فلما استوى عليها قييال‪ :‬الحمييد للييه }سييبحان الييذي‬

‫‪174‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين * وإنا إلى ربنا لمنقلبون{‬
‫ثم حمد الله تعالى ثلثا ً وكبر ثلثًا‪ ,‬ثم قال‪ :‬سبحانك ل إلييه‬
‫إل أنت قد ظلمت نفسي فاغفر لي ثم ضحك‪ ,‬فقلييت لييه‪:‬‬
‫مم ضحكت يييا أمييير المييؤمنين ؟ فقييال رضييي اللييه عنييه‪:‬‬
‫رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل مثلما فعلييت‬
‫ثم ضحك‪ ,‬فقلت‪ :‬مم ضحكت يا رسول الله ؟ فقال صلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬يعجب الرب تبارك وتعالى من عبده إذا‬
‫قال رب اغفر لي‪ ,‬ويقول علم عبدي أنييه ل يغفيير الييذنوب‬
‫غيييري« وهكييذا رواه أبييو داود والترمييذي والنسييائي ميين‬
‫حديث أبي الحوص‪ ,‬زاد النسائي ومنصور عن أبي إسحاق‬
‫السبيعي عن علي بيين ربيعيية السييدي الوالييبي بييه‪ .‬وقييال‬
‫الترمذي‪ :‬حسن صحيح‪ ,‬وقد قال عبد الرحميين بيين مهييدي‬
‫عن شعبة‪:‬قلت لبي إسحاق السبيعي‪ :‬ممن سييمعت هييذا‬
‫الحديث ؟ قال‪ :‬من يونس بيين خبيياب‪ ,‬فلقيييت يييونس بيين‬
‫خباب فقلت‪ :‬ممن سمعته ؟ فقال‪ :‬من رجييل سييمعه ميين‬
‫علي بن ربيعة‪ ,‬ورواه بعضهم عيين يييونس بيين خبيياب عيين‬
‫شقيق بن عقبة السدي عن علييي بيين ربيعيية الوالييبي بييه‪.‬‬
‫)حديث عبد الله بن عباس( رضي الله عنهما‪ .‬قال المام‬
‫أحمد‪ :‬حدثنا أبو المغيرة »حدثنا أبو بكر بن عبييد اللييه عيين‬
‫علي بن أبي طلحة عين عبييد الليه بين عبياس رضييي الليه‬
‫عنهما‪ ,‬قال‪ :‬إن رسول الله صلى الله عليييه وسييلم أردفييه‬
‫على دابته‪ ,‬فلما استوى عليها كبر رسول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم ثلثا ً وحمد ثلثًا‪ ,‬وهلل واحدة‪ ,‬ثم استلقى عليه‬
‫وضحك‪ ,‬ثم أقبل عليه فقال »ما من امرىء مسلم يركييب‬
‫فيصنع كما صنعت‪ ,‬إل أقبل الله عييز وجييل عليييه‪ ,‬فضييحك‬
‫إليييييه كمييييا ضييييحكت إليييييك« تفييييرد بييييه أحمييييد‪.‬‬
‫)حديث عبد الله بن عمر( رضي الله عنهما‪ .‬قييال المييام‬
‫أحمد‪ :‬حدثنا أبو كامييل‪ ,‬حييدثنا حميياد بيين سييلمة عيين أبييي‬
‫الزبير عن علي بن عبد الله البارقي عن عبد الله بن عمير‬
‫رضي الله عنهما قال‪ :‬إن النبي صلى الله عليه وسلم كان‬
‫إذا ركب راحلته كبر ثلثا ً ثم قال »سبحان اليذي سيخر لنيا‬
‫هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون ي ثم يقول ييي‬

‫‪175‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫اللهم إنييي أسييألك فييي سييفري هييذا الييبر والتقييوى‪ ,‬وميين‬
‫العمل ما ترضى‪ ,‬اللهم هون علينا السفر واطو لنا البعيييد‪,‬‬
‫اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الهل‪ ,‬اللهييم‬
‫اصحبنا في سفرنا واخلفنيا فيي أهلنيا«‪ .‬وكيان صيلى الليه‬
‫عليه وسلم إذا رجع إلى أهله قال‪» :‬آيبون تائبون إن شيياء‬
‫الله عابدون لربنا حامدون« وهكذا رواه مسييلم وأبييو داود‬
‫والنسائي من حديث ابن جريج‪ ,‬والترمذي من حديث حماد‬
‫بييييين سيييييلمة‪ ,‬كلهميييييا عييييين أبيييييي الزبيييييير بيييييه‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا محمييد بيين عبيييد‬
‫حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهييم عين عميرو‬
‫بن الحكم بن ثوبان عيين أبييي لس الخزاعييي قييال‪ :‬حملنييا‬
‫رسيول الليه صيلى الليه علييه وسيلم عليى إبيل مين إبيل‬
‫الصدقة إلى الحج‪ ,‬فقلنا‪ :‬يا رسول الله ما نرى أن تحملنييا‬
‫هذه‪ ,‬فقال صلى الله عليه وسييلم‪» :‬مييا ميين بعييير إل فييي‬
‫ذروته شيطان‪ ,‬فاذكروا اسم الله عليهيا إذا ركبتموهيا كميا‬
‫آمركم‪ ,‬ثم امتهنوها لنفسكم فإنما يحمل الله عييز وجييل«‬
‫أبييييو لس اسييييمه محمييييد بيييين السييييود بيييين خلييييف‪.‬‬
‫)حديث آخر( في معناه ي قال أحمد‪ :‬حدثنا عتاب‪ ,‬أخبرنييا‬
‫عبد الله‪ ,‬وعلي بيين إسييحاق‪ ,‬أخبرنييا عبييد اللييه يعنييي ابيين‬
‫المبارك‪ ,‬أخبرنا أسامة بن زيد‪ ,‬أخييبرني محمييد بيين حمييزة‬
‫أنه سمع أباه يقول‪ :‬سمعت رسول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم يقول‪» :‬على ظهر كل بعير شيطان فييإذا ركبتموهييا‬
‫فسييموا اللييه عييز وجييل ثييم ل تقصييروا عيين حاجيياتكم«‪.‬‬

‫ن*‬ ‫مِبي ي ٌ‬‫ن ل َك َُفييوٌر ّ‬ ‫سييا َ‬ ‫ن الن َ‬ ‫جْزًءا إ ِ ّ‬ ‫عَبادِهِ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫جعَُلوا ْ ل َ ُ‬ ‫** وَ َ‬
‫َ‬ ‫أ َم ِ ات ّ َ‬
‫شيَر‬ ‫ذا ب ُ ّ‬‫ن * وَإ ِ َ‬ ‫كم ب ِييال ْب َِني َ‬ ‫صيَفا ُ‬ ‫ت وَأ ْ‬ ‫خل ُيقُ ب َن َييا ٍ‬ ‫مييا ي َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫خيذ َ ِ‬
‫َ‬
‫س يوَد ّا ً وَهُ ي َ‬
‫و‬ ‫م ْ‬
‫ه ُ‬ ‫جه ُ ي ُ‬‫ل وَ ْ‬ ‫مث َل ً ظ َي ّ‬
‫ن َ‬ ‫مـ ي ِ‬ ‫ح َ‬‫ب ِللّر ْ‬ ‫ضَر َ‬ ‫ما َ‬
‫ك َظيم * أ َومن ين ّ ُ‬
‫هم ب ِ َ‬ ‫حد ُ ُ‬‫أ َ‬
‫ن‬‫مِبي ٍ‬‫صام ِ غَي ُْر ُ‬ ‫خ َ‬ ‫حل ْي َةِ وَهُوَ ِفي ال ْ ِ‬ ‫شأ ِفي ال ْ ِ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫ِ ٌ‬
‫دوا ْ‬ ‫َ‬
‫ن إ َِناث يا ً أ َ‬
‫ش يه ِ ُ‬ ‫مـ ي ِ‬ ‫ح َ‬ ‫عَباد ُ الّر ْ‬‫م ِ‬ ‫ن هُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ذي‬‫ة ال ّ ِ‬ ‫مل َئ ِك َ َ‬ ‫جعَُلوا ْ ال ْ َ‬ ‫* وَ َ‬
‫ن * وَقَيياُلوا ْ ل َيوْ َ‬ ‫َ‬
‫شييآءَ‬ ‫س يأُلو َ‬‫م وَي ُ ْ‬ ‫ش يَهاد َت ُهُ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫س يت ُك ْت َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫خل َْقهُ ي ْ‬ ‫َ‬

‫‪176‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫م إ ِل ّ‬ ‫عل ْيم ٍ إ ِ ْ‬
‫ن هُ ي ْ‬ ‫ن ِ‬
‫مي ْ‬ ‫مييا ل َهُييم ب ِيذ َل ِ َ‬
‫ك ِ‬ ‫م ّ‬
‫ما عَب َيد َْناهُ ْ‬
‫ن َ‬
‫مـ ُ‬
‫ح َ‬‫الّر ْ‬
‫ن‬
‫صييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييو َ‬ ‫خُر ُ‬‫يَ ْ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن المشركين فيمييا افييتروه وكييذبوه‬
‫في جعلهم بعض النعام لطواغيتهم وبعضها لله تعالى‪ ,‬كما‬
‫ذكر الله عز وجل عنهم في سورة النعام في قوله تبييارك‬
‫وتعالى‪} :‬وجعلوا لله مما ذرأ من الحييرث والنعييام نصيييبا ً‬
‫فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشييركائهم‬
‫فل يصل إلى الله وما كان للييه فهييو يصييل إلييى شييركائهم‬
‫ساء ما يحكمون{ وكييذلك جعلييوا لييه فييي قسييمي البنييات‬
‫والبنين أخسهما وأردأهمييا وهييو البنييات‪ ,‬كمييا قييال تعييالى‪:‬‬
‫}ألكم الذكر وله النييثى * تلييك إذا ً قسييمة ضيييزى{ وقييال‬
‫جل وعل ههنا‪} :‬وجعلوا لييه ميين عبيياده جييزءا ً إن النسييان‬
‫لكفور مبين{ ثم قال جل وعل‪} :‬أم اتخذ مما يخلق بنييات‬
‫وأصفاكم بالبنين ؟{ وهذا إنكار عليهم غاية النكار‪ .‬ثم ذكر‬
‫تمام النكار‪ ,‬فقال جلييت عظمتييه }وإذا بشيير أحييدهم بمييا‬
‫ضرب للرحمن مثل ً ظل وجهه مسودا ً وهو كظيييم{ أي إذا‬
‫بشر أحد هؤلء بما جعلوه لله من البنييات يييأنف ميين ذلييك‬
‫غاية النفة‪ ,‬وتعلوه كآبة من سوء ما بشر به‪ ,‬ويتوارى ميين‬
‫القوم من خجله ميين ذلييك‪ ,‬يقييول تبييارك وتعييالى‪ :‬فكيييف‬
‫تأنفون من ذلييك وتنسييبونه إلييى اللييه عييز وجييل‪ ,‬ثييم قييال‬
‫سبحانه وتعالى‪} :‬أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام‬
‫غير مبين{ أي المرأة ناقصة يكمييل نقصييها بلبييس الحلييي‬
‫منييذ تكييون طفليية وإذا خاصييمت فل عبييارة لهييا‪ ,‬بييل هييي‬
‫عيياجزة عيييية أوميين يكيون هكييذا ينسيب إليى جنياب الليه‬
‫العظيييم‪ ,‬فييالنثى ناقصيية الظيياهر والبيياطن فييي الصييورة‬
‫والمعنى‪ ,‬فيكمل نقص ظاهرها وصورتها بلبس الحلي ومييا‬
‫في معناه ليجبر ما فيها من نقص كما قييال بعييض شييعراء‬
‫العيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييرب‪:‬‬
‫وما الحلي إل زينة من نقيصةيتمم ميين حسيين إذا الحسيين‬
‫قصيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييرا‬
‫وأما إذا كان الجمال موفرًاكحسنك لم يحتج إلى أن يييزورا‬

‫‪177‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وأما نقص معناها فإنها ضعيفة عاجزة عن النتصييار عنييد‬
‫النتصار ل عبارة لها ول همة‪ ,‬كما قال بعييض العييرب وقييد‬
‫بشر ببنت‪ :‬ما هي بنعم الولد نصرها بكيياء‪ ,‬وبرهييا سييرقة‪,‬‬
‫وقوله تبارك وتعييالى‪} :‬وجعلييوا الملئكيية الييذين هييم عبيياد‬
‫الرحمن إناثًا{ أي اعتقدوا فيهم ذلك‪ ,‬فأنكر عليهييم تعييالى‬
‫قولهم ذلييك فقييال‪َ} :‬أشييهدوا خلقهييم{ أي شيياهدوه وقييد‬
‫خلقهيييم الليييه إناثيييا ً }سيييتكتب شيييهادتهم{ أي بيييذلك‬
‫}ويسألون{ عن ذلك يوم القيامة وهذا تهديد شديد ووعيد‬
‫أكيد }وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم{ أي لو أراد الله‬
‫لحال بيننا وبين عبادة هذه الصيينام الييتي هييي علييى صييور‬
‫الملئكة التي هي بنات الله‪ ,‬فييإنه عييالم بييذلك وهييو يقرنييا‬
‫عليييييه‪ ,‬فجمعييييوا بييييين أنييييواع كييييثيرة ميييين الخطييييأ‪:‬‬
‫)أحدها( جعلهم لله تعالى ولدًا‪ ,‬تعالى وتقدس وتنزه عيين‬
‫ذلييييييييييييييييييييك علييييييييييييييييييييوا ً كييييييييييييييييييييبيرًا‪.‬‬
‫)الثاني( دعواهم أنه اصطفى البنات على البنين فجعلييوا‬
‫الملئكييييية اليييييذين هيييييم عبييييياد الرحمييييين إناثيييييًا‪.‬‬
‫)الثالث( عبادتهم لهم مع ذلك كله بل دليل ول برهييان ول‬
‫لراء والهييواء والتقليييد‬ ‫إذن من الله عز وجل‪ ,‬بل بمجييرد ا َ‬
‫لبيياء والخبييط فييي الجاهلييية الجهلء‪.‬‬ ‫للسلف والكييبراء وا َ‬
‫)الرابع( احتجاجهم بتقديرهم على ذلك قدرًا‪ ,‬وقد جهلييوا‬
‫في هذا الحتجيياج جهل ً كييبيرًا‪ ,‬فييإنه تعييالى قييد أنكيير ذلييك‬
‫عليهم أشد النكار فييإنه منييذ بعييث الرسييل وأنييزل الكتييب‬
‫يأمر بعبادته وحده ل شريك له‪ ,‬وينهى عن عبادة ما سييواه‬
‫قال تعالى‪} :‬ولقد بعثنا في كل أمة رسول ً أن اعبدوا اللييه‬
‫واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم ميين حقييت‬
‫عليه الضللة فسيروا في الرض فانظروا كيف كان عاقبيية‬
‫المكذبين{ وقال عز وجل‪} :‬واسأل من أرسلنا ميين قبلييك‬
‫من رسلنا أجعلنا ميين دون الرحميين آلهيية يعبييدون{ وقييال‬
‫لية بعد أن ذكر حجتهم هذه‪} :‬مييا لهييم‬ ‫جل وعل في هذه ا َ‬
‫بذلك من علم{ أي بصحة ما قالوه واحتجوا به }إن هم إل‬
‫يخرصون{ أي يكذبون ويتقولون‪ .‬وقال مجاهييد فييي قييوله‬

‫‪178‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تعالى‪}:‬ما لهم بذلك من علم إن هم إل يخرصييون{ يعنييي‬
‫ميييا يعلميييون قيييدرة الليييه تبيييارك وتعيييالى عليييى ذليييك‪.‬‬

‫َ‬
‫ل‬‫ن * ب َي ْ‬ ‫كو َ‬ ‫سي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ست َ ْ‬‫م ْ‬ ‫من قَب ْل ِهِ فَهُييم ب ِيهِ ُ‬ ‫م ك َِتابا ً ّ‬ ‫م آت َي َْناهُ ْ‬ ‫** أ ْ‬
‫َ‬ ‫َقال ُوا ْ إنا وجدنآ آبآَءنا عَل َ ُ‬
‫ن*‬ ‫دو َ‬ ‫مهْت َي ُ‬
‫هم ّ‬ ‫ى آث َييارِ ِ‬ ‫مةٍ وَإ ِّنا عَل َ‬ ‫ىأ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ِّ َ َ َْ َ َ‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫ذيرٍ إ ِل ّ قَييا َ‬ ‫ميين ن ّي ِ‬ ‫ك فِييي قَْري َيةٍ ّ‬ ‫ميين قَب ْل ِي َ‬ ‫سل َْنا ِ‬ ‫مآ أْر َ‬ ‫ك َ‬ ‫وَك َذ َل ِ َ‬
‫َ‬ ‫هآ إنا وجدنآ آبآَءنا عَل َ ُ‬
‫ن‬ ‫دو َ‬ ‫مْقت َ ُ‬ ‫هم ّ‬ ‫ى آَثارِ ِ‬ ‫مةٍ وَإ ِّنا عَل َ‬ ‫ىأ ّ‬ ‫َ‬ ‫مت َْرُفو َ ِ ّ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م َقالوَا إ ِّنييا‬ ‫م عَلي ْهِ آَبآَءك ُ ْ‬ ‫جدت ّ ْ‬
‫ما وَ َ‬ ‫م ّ‬ ‫م ب ِأهْد َىَ ِ‬ ‫جئ ْت ُك ُ ْ‬
‫ل أوَلوْ ِ‬ ‫* قُ ْ‬
‫م َفانظ ُْر ك َي ْي َ‬ ‫ُ‬
‫ف ك َييا َ‬
‫ن‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫ن * َفانت ََق ْ‬ ‫كافُِرو َ‬ ‫م ب ِهِ َ‬ ‫سل ْت ُ ْ‬ ‫مآ أْر ِ‬ ‫بِ َ‬
‫مك َيييييييييييييييييييييييييييييذ ِّبي َ‬
‫ن‬ ‫ة ال ْ ُ‬ ‫عاقِب َييييييييييييييييييييييييييييي ُ‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى منكرا ً على المشركين في عبادتهم غير اللييه‬
‫بل برهان ول دليل ول حجة }أم آتيناهم كتابا ً من قبله{ أي‬
‫من قبل شركهم }فهم به مستمسكون{ أي فيما هم فيييه‬
‫ليييس الميير كييذلك‪ ,‬كقييوله عييز وجييل‪} :‬أم أنزلنييا عليهييم‬
‫سلطانا ً فهو يتكلييم بمييا كييانوا بييه يشييركون{ أي لييم يكيين‬
‫ذلك‪ .‬ثم قال تعالى‪} :‬بل قالوا إنا وجييدنا آباءنييا علييى أميية‬
‫وإنا على آثارهم مهتدون{ أي ليس لهم مسييتند فيمييا هييم‬
‫لبيياء والجييداد بييأنهم كييانوا‬ ‫فيه من الشرك سييوى تقليييد ا َ‬
‫علييى اميية‪ ,‬والمييراد بهييا الييدين ههنييا‪ .‬وفييي قييوله تبييارك‬
‫وتعالى‪} :‬إن هذه أمتكم أمة واحدة{ وقولهم‪} :‬وإنا علييى‬
‫آثارهم{ أي وراءهم }مهتدون{ دعوى منهم بل دليييل‪ .‬ثييم‬
‫بين جل وعل أن مقالة هييؤلء قييد سييبقهم إليهييا أشييباههم‬
‫ونظراؤهم من المم السييالفة المكذبيية للرسييل‪ ,‬تشييابهت‬
‫قلوبهم فقالوا مثييل مقييالتهم }كييذلك مييا أتييى الييذين ميين‬
‫قبلهم من رسول إل قالوا ساحر أو مجنييون * َأتواصييوا بييه‬
‫بل هم قوم طاغون{ وهكذا قال ههنا‪} :‬وكذلك ما أرسييلنا‬
‫من قبلك في قرية ميين نييذير إل قييال مترفوهييا إنييا وجييدنا‬
‫آباءنا على أمة وإنييا علييى آثييارهم مقتييدون{ ثييم قييال عييز‬
‫وجل‪} :‬قل{ أي يا محمد لهؤلء المشركين }أو لو جئتكييم‬
‫بأهدى مما وجدتم عليه آبيياءكم قييالوا إنييا بمييا أرسييلتم بييه‬
‫كافرون{ أي لو علموا وتيقنوا صحة ما جئتم به لما انقادوا‬

‫‪179‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لذلك لسوء قصييدهم ومكييابرتهم للحييق وأهلييه‪ .‬قييال اللييه‬
‫تعالى‪} :‬فانتقمنا منهم{ أي من المم المكذبة بييأنواع ميين‬
‫العذاب كما فصييله تبييارك وتعييالى فييي قصصييهم }فييانظر‬
‫كيف كان عاقبة المكذبين{ أي كيف بييادوا وهلكييوا وكيييف‬
‫نجييييييييييييييييييى اللييييييييييييييييييه المييييييييييييييييييؤمنين‪.‬‬

‫ن*‬ ‫دو َ‬ ‫مييا ت َعْب ُي ُ‬ ‫م ّ‬ ‫مهِ إ ِن ِّني ب َيَرآٌء ّ‬ ‫م لِبيهِ وَقَوْ ِ‬ ‫هي ُ‬ ‫ل إ ِب َْرا ِ‬ ‫** وَإ ِذ ْ َقا َ‬
‫ة فِييي‬ ‫ة َباقِي َي ً‬ ‫مي ً‬ ‫جعَل ََها ك َل ِ َ‬ ‫ن * وَ َ‬ ‫دي ِ‬ ‫سي َهْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ذي فَط ََرِني فَإ ِن ّ ُ‬ ‫إ ِل ّ ال ّ ِ‬
‫ى‬ ‫حت ّي َ‬ ‫م َ‬ ‫هـيؤُل َِء َوآب َييآَءهُ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫مت ّعْي ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ن * ب َي ْ‬ ‫جعُييو َ‬ ‫م ي َْر ِ‬ ‫عَِقب ِهِ ل َعَل ّهُ ْ‬
‫حيقّ قَيياُلوا ْ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫جييآَءهُ ُ‬ ‫مييا َ‬ ‫ن * وَل َ ّ‬ ‫مِبيي ٌ‬ ‫ل ّ‬ ‫سييو ٌ‬ ‫حقّ وََر ُ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫جآَءهُ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ذا ال ُْقيْرآ ُ‬ ‫هـي َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن * وََقاُلوا ْ ل َوْل َ ن ُّز َ‬ ‫كافُِرو َ‬ ‫حٌر وَإ ِّنا ب ِهِ َ‬ ‫س ْ‬ ‫ذا ِ‬ ‫هـ َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ة َرب ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫م َ ْ‬ ‫َ‬
‫ح َ‬‫ن َر ْ‬ ‫مو َ‬ ‫س ُ‬ ‫م ي َْق ِ‬ ‫ظيم ٍ * أهُ ْ‬ ‫ن عَ ِ‬ ‫ن الَقْري َت َي ْ ِ‬ ‫ل ّ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ى َر ُ‬ ‫عَل َ‬
‫حي َيياةِ ال يد ّن َْيا وََرفَعْن َييا‬ ‫م فِييي ال ْ َ‬ ‫ش يت َهُ ْ‬ ‫مِعي َ‬ ‫م ّ‬ ‫مَنا ب َي ْن َهُ ي ْ‬ ‫سي ْ‬ ‫ن قَ َ‬ ‫حي ُ‬ ‫نَ ْ‬
‫خرِي ّا ً‬ ‫سي ْ‬ ‫ض يُهم ب َْعض يا ً ُ‬ ‫خ يذ َ ب َعْ ُ‬ ‫ت ل ّي َت ّ ِ‬ ‫جييا ٍ‬ ‫ض د ََر َ‬ ‫م فَوْقَ ب َعْ ي‬ ‫ضه ُ ْ‬ ‫ب َعْ َ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫س‬ ‫ن الن ّييا ُ‬ ‫ن * وَل َيوْل َ أن ي َك ُييو َ‬ ‫معُييو َ‬ ‫ج َ‬ ‫مييا ي َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫خي ٌْر ّ‬ ‫ك َ‬ ‫ة َرب ّ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وََر ْ‬
‫أُ‬
‫ميين‬ ‫سييُقفا ً ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ن ل ِب ُُيوت ِهِ ْ‬ ‫مـ‬‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫ر‬‫ّ‬ ‫بال‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫ف‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫من‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫نا‬‫َ‬ ‫جعَل ْ‬ ‫َ‬ ‫حد َةً ل ّ‬ ‫ِ‬ ‫وا‬
‫َ‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫م‬
‫ّ‬
‫سيُررا ً‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫واب‬ ‫ب‬‫فضة ومعييارج عَل َيهييا يظ ْهيرون * ول ِب ِيييوت ِهم أ َ‬
‫َ ُ‬ ‫َ ُُ ِ ْ ْ َ‬ ‫َْ َ َ ُ َ‬ ‫ِ ّ ٍ َ َ َ ِ َ‬
‫ة‬
‫حي َييا ِ‬ ‫مت َيياعُ ال ْ َ‬ ‫مييا َ‬ ‫ك لَ ّ‬‫ل ذ َل ِي َ‬ ‫خُرفيا ً وَِإن ك ُي ّ‬ ‫ن * وَُز ْ‬ ‫عَل َي ْهَييا ي َت ّك ُِئو َ‬
‫ن‬
‫مت ِّقييييييييي َ‬ ‫ك ل ِل ْ ُ‬ ‫عنييييييييد َ َرب ّيييييييي َ‬ ‫خييييييييَرةُ ِ‬ ‫الييييييييد ّن َْيا َوال َ ِ‬
‫يقييول تعييالى مخييبرا ً عيين عبييده ورسييوله وخليلييه إمييام‬
‫الحنفاء ووالد من بعث بعده من النبياء الذي تنتسييب إليييه‬
‫قريش في نسبها ومذهبها أنييه تييبرأ ميين أبيييه وقييومه فييي‬
‫عبادتهم الوثان‪ ,‬فقال‪} :‬إنني براء مما تعبدون * إل الييذي‬
‫فطرني فإنه سيهدين * وجعلها كلمة باقية في عقبييه{ أي‬
‫هذه الكلمة وهي عبادة الله وحده ل شييريك لييه وخلييع مييا‬
‫سواه من الوثان‪ ,‬وهي ل إله إل الله أي جعلها دائميية فييي‬
‫ذريته يقتدي به فيها من هداه الله تعالى من ذرية إبراهيييم‬
‫علييييه الصيييلة والسيييلم }لعلهيييم يرجعيييون{ أي إليهيييا‪.‬‬
‫قال عكرمة ومجاهد والضحاك وقتادة والسييدي وغيرهييم‬
‫في قوله عز وجل‪} :‬وجعلها كلمة باقية في عقبييه{ يعنييي‬
‫ل إله إل الله ل يزال فييي ذريتييه ميين يقولهييا‪ ,‬وروي نحييوه‬

‫‪180‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن ابن عباس رضيي الليه عنهمييا‪ .‬وقيال ابيين زييد‪ :‬كلمية‬
‫السلم وهو يرجع إلى ما قاله الجماعة‪ ,‬ثم قال جل وعل‪:‬‬
‫}بييل متعييت هييؤلء{ يعنييي المشييركين }وآبيياءهم{ أي‬
‫فتطاول عليهم العميير فييي ضييللهم }حييتى جيياءهم الحييق‬
‫ورسول مبين{ أي بييين الرسييالة والنييذارة }ولمييا جيياءهم‬
‫الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون{ أي كابروه وعاندوه‬
‫ودفعوا بالصدور والييراح كفييرا ً وحسييدا ً وبغييًا}وقييالوا{ أي‬
‫كالمعترضين على الذي أنزلييه تعييالى وتقييدس }لييول نييزل‬
‫هذا القرآن على رجل ميين القريييتين عظيييم{ أي هل كييان‬
‫إنزال هذا القرآن على رجل عظيم كييبير فييي أعينهييم ميين‬
‫القريتين ؟ يعنون مكة والطائف‪ ,‬قيياله ابيين عبيياس رضييي‬
‫الله عنهمييا وعكرميية ومحمييد بيين كعييب القرظييي وقتييادة‬
‫والسدي وابن زيد‪ ,‬وقد ذكر غييير واحييد منهييم أنهييم أرادوا‬
‫بذلك الوليد بن المغيرة وعروة بن مسييعود الثقفييي وقييال‬
‫مالك عن زيد بن أسلم والضحاك والسييدي‪ :‬يعنييون الولييد‬
‫بيين المغيييرة ومسيعود بيين عمييرو الثقفييي‪ .‬وعيين مجاهييد‪:‬‬
‫يعنون عمير بن عمرو بن مسعود الثقفي وعنه أيض يا ً أنهييم‬
‫يعنون عتبة بن ربيعة‪ .‬وعن ابن عباس رضييي اللييه عنهمييا‪:‬‬
‫جبارا ً من جبييابرة قريييش‪ ,‬وعنييه رضييي اللييه عنهمييا أنهييم‬
‫يعنييون الوليييد بيين المغيييرة وحييبيب بيين عمييرو بيين عمييير‬
‫الثقفي‪ ,‬وعن مجاهد‪ :‬يعنون عتبة بن ربيعة بمكة وابن عبد‬
‫ياليييل بالطييائف‪ .‬وقييال السييدي‪ :‬عنييوا بييذلك الوليييد بيين‬
‫المغيرة وكنانة بن عميرو بين عميير الثقفيي‪ ,‬والظياهر أن‬
‫مرادهم رجل كبير من أي البلييدتين كييان قييال اللييه تبييارك‬
‫وتعييالى رادا ً عليهييم فييي هييذا العييتراض }أهييم يقسييمون‬
‫رحمة ربك ؟{ أي ليس المر مردودا ً إليهم‪ .‬بييل إلييى اللييه‬
‫عز وجل‪ ,‬والله أعلم حيث يجعل رسالته‪ ,‬فإنه ل ينزلها إل‬
‫على أزكى الخلق قلبا ً ونفس يًا‪ .‬وأشييرفهم بيت يًا‪ ,‬وأطهرهييم‬
‫أصيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫ثم قال عييز وجييل مبينيا ً أنييه قييد فيياوت بييين خلقييه فيمييا‬
‫أعطاهم من الموال والرزاق والعقول والفهوم وغير ذلك‬
‫من القوى الظاهرة والباطنة‪ ,‬فقال‪} :‬نحيين قسييمنا بينهييم‬

‫‪181‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لييية‪ .‬وقييوله جلييت عظمتييه‪:‬‬ ‫معيشتهم في الحياة الييدنيا{ ا َ‬
‫}ليتخذ بعضهم بعضا ً سخريًا{ قيل معنيياه ليسييخر بعضييهم‬
‫بعضا ً في العمال لحتياج هييذا إلييى هييذا‪ ,‬وهييذا إلييى هييذا‪,‬‬
‫قاله السدي وغيره‪ .‬وقال قتادة والضحاك ليملييك بعضييهم‬
‫بعضا ً وهو راجع إلييى الول‪ :‬ثييم قييال عييز وجييل‪} :‬ورحميية‬
‫ربك خير مما يجمعون{ أي رحمة الله بخلقه خير لهم مما‬
‫بأيديهم من الموال ومتاع الحياة الييدنيا‪ ,‬ثييم قييال سييبحانه‬
‫وتعالى‪} :‬ولول أن يكون النيياس أميية واحييدة{ أي لييول أن‬
‫يعتقد كثير من الناس الجهلة أن إعطاءنا المال دليل علييى‬
‫محبتنا لمن أعطيناه فيجتمعوا على الكفر لجل المال هييذا‬
‫معنى قول ابن عباس والحسن وقتييادة والسييدي وغيرهييم‬
‫}لجعلنييا لميين يكفيير بييالرحمن لييبيوتهم سييقفا ً ميين فضيية‬
‫ومعييارج{ أي سييللم ودرج يا ً ميين فضيية قيياله ابيين عبيياس‬
‫ومجاهييد وقتييادة والسييدي وابيين زيييد وغيرهييم }عليهييا‬
‫يظهييرون{ أي يصييعدون ولييبيوتهم أبواب يا ً أي أغلق يا ً علييى‬
‫أبوابهم }وسررا ً عليها يتكئون{ أي جميع ذلك يكون فضيية‬
‫}وزخرفًا{ أي وذهب يًا‪ ,‬قيياله ابيين عبيياس وقتييادة والسييدي‬
‫وابييييييييييييييييييييييييييييييييين زييييييييييييييييييييييييييييييييييد‪.‬‬
‫ثم قال تبارك وتعالى‪} :‬وإن كييل ذلييك لمييا متيياع الحييياة‬
‫الدنيا{ أي إنما ذلك من الدنيا الفانية الزائلة الحقييرة عنيد‬
‫الله تعالى‪ ,‬أي يعجييل لهييم بحسييناتهم الييتي يعملونهييا فييي‬
‫لخرة‪ ,‬وليس لهم عنييد اللييه‬ ‫الدنيا مآكل ومشارب ليوافوا ا َ‬
‫تبييارك وتعييالى حسيينة يجزيهييم بهييا كمييا ورد بييه الحييديث‬
‫الصحيح‪ .‬وورد في حديث آخر »لو أن الدنيا تزن عنييد الليه‬
‫جنيياح بعوضية ميا سيقى منهييا كيافرا ً شييربة مياء« أسيينده‬
‫البغوي من رواية زكريييا بيين منظييور عيين أبييي حييازم عيين‬
‫سهل بن سعد رضي الله عنه عن النييبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم فذكره‪ .‬ورواه الطبراني من طريق زمعة بن صييالح‬
‫عن أبي حازم عن سهل بيين سييعد عيين النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم »لو عدلت الييدنيا عنييد اللييه جنيياح بعوضيية مييا‬
‫أعطييى كييافرا ً منهييا شيييئًا« ثييم قييال سييبحانه وتعييالى‪:‬‬
‫لخييرة عنييد ربييك للمتقييين{ أي هييي لهييم خاصيية ل‬ ‫}وا َ‬

‫‪182‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يشيياركهم فيهييا أحييد غيرهييم‪ ,‬ولهييذا لمييا قييال عميير بيين‬
‫الخطاب رضييي اللييه عنييه لرسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم حين صعد إليه في تلك المشربة لما آلى صلى اللييه‬
‫عليه وسلم ميين نسييائه فييرآه علييى رمييال حصييير قييد أثيير‬
‫بجنبه‪ ,‬فابتدرت عيناه بالبكيياء وقييال‪ :‬يييا رسييول اللييه هييذا‬
‫كسرى وقيصر فيما هما فيه‪ ,‬وأنت صفوة الله ميين خلقييه‪,‬‬
‫وكان رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم متكئا ً فجلييس‬
‫ي شاك أنت يا ابن الخطاب ؟« ثم قال صلى‬ ‫وقال‪» :‬أو ف ّ‬
‫اللييه عليييه وسييلم أولئك قييوم عجلييت لهييم طيبيياتهم فييي‬
‫حياتهم الدنيا« وفي رواية »أما ترضى أن تكون لهم الييدنيا‬
‫لخرة«‪ .‬وفييي الصييحيحين أيضيا ً وغيرهمييا أن رسييول‬ ‫ولنا ا َ‬
‫الليه صيلى الليه علييه وسيلم قييال‪» :‬ل تشييربوا فييي آنييية‬
‫الذهب والفضة‪ ,‬ول تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا‬
‫لخييرة« وإنمييا خييولهم اللييه تعييالى فييي الييدنيا‬ ‫ولنييا فييي ا َ‬
‫لحقارتهم كما روى الترمذي وابيين ميياجه ميين طريييق أبييي‬
‫حازم عن سهل بن سعد قال‪ :‬قال رسول الله صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم »لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة مييا‬
‫سقى منها كافرا ً شيربة مياء أبيدًا« قيال الترميذي‪ :‬حسين‬
‫صيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييحيح‪.‬‬

‫ه‬ ‫طانا ً فَهُوَ َليي ُ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ض لَ ُ‬ ‫ن ن َُقي ّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫مـ‬‫ح َ‬ ‫عن ذِك ْرِ الّر ْ‬ ‫ش َ‬ ‫من ي َعْ ُ‬ ‫** وَ َ‬
‫ن أ َن ّهُييم‬ ‫سيُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫ل وَي َ ْ‬ ‫سيِبي ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م عَي ِ‬ ‫دون َهُ ْ‬ ‫صي ّ‬ ‫م ل َي َ ُ‬ ‫ن * وَإ ِن ّهُي ْ‬ ‫ريي ٌ‬ ‫قَ ِ‬
‫ك ب ُعْ يد َ‬ ‫ت ب َي ْن ِييي وَب َي ْن َي َ‬ ‫ل ي َل َي ْي َ‬ ‫جآَءن َييا قَييا َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ى إِ َ‬ ‫حت ّي َ‬ ‫ن* َ‬ ‫دو َ‬ ‫مهْت َي ُ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن فَب ِئ ْ َ‬ ‫ْ‬
‫م‬ ‫مت ُي ْ‬‫م إذ ظل ْ‬
‫كون * أ َفَ يَأنت تس يمع ِ الص يم أوَ‬
‫م الي َيوْ َ‬ ‫ن * وَلن َينَفعَك ُ‬ ‫ري ُ‬ ‫س الَق ِ‬ ‫شرِقَي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال َ‬
‫َ‬
‫ّ ّ ْ‬ ‫َ ُ ْ ِ ُ‬ ‫ش يت َرِ ُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ُ‬ ‫ذا ِ‬ ‫م فِييي ال ْعَي َ‬ ‫أن ّك ُي ْ‬
‫ك‬ ‫ن ب ِي َ‬ ‫ما ن َيذ ْهَب َ ّ‬ ‫ن * فَإ ِ ّ‬ ‫مِبي ٍ‬ ‫ل ّ‬ ‫ضل َ ٍ‬ ‫ن ِفي َ‬ ‫كا َ‬ ‫من َ‬ ‫ي وَ َ‬ ‫م َ‬ ‫دي ال ْعُ ْ‬ ‫ت َهْ ِ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫م فَإ ِّنا عَل َي ِْهيي ْ‬ ‫ذي وَعَد َْناهُ ْ‬ ‫ك ال ّ ِ‬ ‫ن * أوْ ن ُرِي َن ّ َ‬ ‫مو َ‬ ‫منت َِق ُ‬‫من ُْهم ّ‬ ‫فَإ ِّنا ِ‬
‫ك عَل َ‬ ‫ك إ ِن ّ َ‬ ‫ي إ ِل َي ْ َ‬ ‫ُ‬
‫ك ِبال ّذِيَ أو ِ‬ ‫س ْ‬
‫ط‬‫صَرا ٍ‬ ‫ى ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫م ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ن * َفا ْ‬ ‫مْقت َدُِرو َ‬ ‫ّ‬
‫ن*‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫مي َ‬ ‫ّ‬
‫ه ل يذِك ٌْر ل ي َ‬ ‫َ‬
‫س يألو َ‬ ‫ف تُ ْ‬ ‫س يو ْ َ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫ك وَل َِقوْ ِ‬ ‫س يت َِقيم ٍ * وَإ ِن ّي ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫دو ِ‬‫ميين ُ‬ ‫جعَل ْن َييا ِ‬ ‫س يل َِنآ أ َ‬ ‫ميين ّر ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫من قَب ْل ِي َ‬ ‫سل َْنا ِ‬ ‫ن أْر َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سأ ْ‬ ‫َوا ْ‬
‫ن‬
‫دو َ‬ ‫ة ي ُعْب َييييييييييييييييي ُ‬ ‫ن آل َِهييييييييييييييييي ً‬ ‫مـييييييييييييييييي ِ‬ ‫ح َ‬ ‫الّر ْ‬

‫‪183‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول تعالى‪} :‬ومن يعش{ أي يتعامى ويتغافييل ويعييرض‬
‫}عن ذكيير الرحميين{ والعشييا فييي العييين ضييعف بصييرها‪,‬‬
‫والمراد ههنا عشييا البصيييرة }نقيييض لييه شيييطانا ً فهييو لييه‬
‫قرين{ كقوله تعالى‪} :‬ومن يشاقق الرسول ميين بعييد مييا‬
‫لييية‪ ,‬وكقييوله‪} :‬فلمييا زاغييوا أزاغ اللييه‬ ‫تييبين لييه الهييدى{ ا َ‬
‫قلوبهم{ وكقوله جل جللييه‪} :‬وقيضيينا لهييم قرنيياء فزينييوا‬
‫لييية‪ ,‬ولهييذا قييال تبييارك‬‫لهم ما بين أيديهم ومييا خلفهييم{ ا َ‬
‫وتعالى ههنييا‪} :‬وإنهييم ليصييدونهم عيين السييبيل ويحسييبون‬
‫أنهم مهتدون * حتى إذا جاءنا{ أي هييذا الييذي تغافييل عيين‬
‫الهدى نقيييض لييه ميين الشييياطين ميين يضييله ويهييديه إلييى‬
‫صراط الجحيم‪ .‬فإذا وافى الله عز وجل يوم القيامة يتبرم‬
‫بالشيطان الذي وكل بييه }قييال يييا ليييت بينييي وبينييك بعييد‬
‫المشرقين فبئس القرين{ وقرأ بعضهم }حتى إذا جاءانا{‬
‫يعني القرين والمقارن‪ .‬قال عبد الرزاق‪ :‬أخبرنا معمر عن‬
‫سعيد الجريري قال‪ :‬بلغنا أن الكافر إذا بعث من قبره يوم‬
‫القيامة سفع بيده شيطان فلم يفارقه حتى يصيرهما اللييه‬
‫تبارك وتعالى إلى النار‪ ,‬فذلك حييين يقييول }يييا ليييت بينييي‬
‫وبينك بعد المشرقين فبئس القرين{ والمراد بالمشييرقين‬
‫هاهنا هو ما بين المشرق والمغييرب وإنمييا اسييتعمل هاهنييا‬
‫تغليبا ً كما يقييال‪ :‬القمييران والعمييران والبييوان‪ ,‬قيياله ابيين‬
‫جريييييييييييييييييييييييييييييييير وغييييييييييييييييييييييييييييييييره‪.‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتييم أنكييم فييي‬
‫العذاب مشتركون{ أي ل يغني عنكم اجتماعكم في النييار‬
‫واشييتراككم فييي العييذاب الليييم‪ .‬وقييوله جلييت عظمتييه‪:‬‬
‫}أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان فييي ضييلل‬
‫مبين{ أي ليس ذلك إليك إنمييا عليييك البلغ وليييس عليييك‬
‫هداهم‪ ,‬ولكن الله يهدي من يشاء ويضييل ميين يشيياء وهييو‬
‫الحكم العدل في ذلك ثم قال تعالى‪} :‬فإما نذهبن بك فإنا‬
‫منهم منتقمييون{ أي ل بييد أن ننتقييم منهييم ونعيياقبهم ولييو‬
‫ذهبيييت أنيييت }أو نرينيييك اليييذي وعيييدناهم فإنيييا عليهيييم‬
‫مقتييدرون{ أي نحيين قييادرون علييى هييذا وعلييى هييذا ولييم‬
‫يقبض الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسييلم حييتى أقيير‬

‫‪184‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عينه من أعدائه وحكمه في نواصيهم‪ ,‬وملكييه مييا تضييمنته‬
‫صياصيهم! هيذا معنيى قييول السييدي واختيياره ابين جريير‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا ابن عبييد العلييى‪ ,‬حييدثنا ابيين ثييور‬
‫عيين معميير قييال‪ :‬تل قتييادة }فإمييا نييذهبن بييك فإنييا منهييم‬
‫منتقمييون{ فقييال‪ :‬ذهييب النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫وبقيت النقمة‪ ,‬ولن يري الله تبارك وتعالى نبيه صلى اللييه‬
‫عليه وسلم في أمته شيئا ً يكرهييه حييتى مضييى‪ ,‬ولييم يكيين‬
‫نبي قط إل وقد رأى العقوبة في أمته إل نبيكم صلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪ .‬قال‪ :‬وذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليييه‬
‫وسييلم أري مييا يصيييب أمتييه ميين بعييده فمييا رئي ضيياحكا ً‬
‫منبسطا ً حتى قبضه الله عز وجل‪ ,‬وذكر مين روايية سيعيد‬
‫بن أبي عروبة عن قتييادة نحييوه‪ ,‬ثييم روى ابيين جرييير عيين‬
‫الحسيين نحييو ذلييك أيض يًا‪ ,‬وفييي الحييديث »النجييوم أمنيية‬
‫للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد‪ ,‬وأنييا أمنيية‬
‫لصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون« ثم قال عز‬
‫وجل }فاستمسييك بالييذي أوحييي إليييك إنييك علييى صييراط‬
‫مستقيم{ أي خييذ بييالقرآن المنييزل علييى قلبييك‪ ,‬فييإنه هييو‬
‫الحق وما يهدي إليه هو الحق المفضييي إلييى صييراط اللييه‬
‫المسييتقيم الموصييل إلييى جنييات النعيييم والخييير الييدائم‬
‫المقييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬
‫ثم قال جل جلله‪} :‬وإنه لذكر لك ولقومك{ قيييل معنيياه‬
‫لشرف لك ولقومك‪ ,‬قييال ابيين عبيياس رضييي اللييه عنهمييا‬
‫ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد‪ ,‬واختاره ابن جرير ولييم‬
‫يحك سواه وأورد البغوي ههنا حديث الزهييري عيين محمييد‬
‫بيين جييبير بيين مطعيم عيين معاويية رضيي الليه عنييه قييال‪:‬‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬إن هييذا‬
‫المر في قريش ل ينازعهم فيييه أحييد إل أكبييه اللييه تعييالى‬
‫على وجهيه ميا أقياموا اليدين« رواه البخياري ومعنياه أنيه‬
‫شرف لهم من حيث إنه أنزل بلغتهم‪ ,‬فهم أفهم الناس لييه‬
‫فينبغييي أن يكونييوا أقييوم النيياس بييه وأعملهييم بمقتضيياه‪,‬‬
‫وهكذا كان خيارهم وصفوتهم من الخلص ميين المهيياجرين‬
‫السابقين الولين ومن شابههم وتابعهم‪ ,‬وقيل معناه }وإنه‬

‫‪185‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لذكر لك ولقومك{ أي لتييذكير لييك ولقومييك‪ ,‬وتخصيصييهم‬
‫بالذكر ل ينفييي ميين سييواهم‪ ,‬كقييوله تعييالى‪} :‬لقييد أنزلنييا‬
‫إليكييم كتابييا ً فيييه ذكركييم أفل تعقلييون{ وكقييوله تبييارك‬
‫وتعالى‪} :‬وأنذر عشيييرتك القربييين{ }وسييوف تسييألون{‬
‫أي عن هذا القرآن‪ ,‬وكيف كنتم في العمل بييه والسييتجابة‬
‫ليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫وقوله سبحانه وتعالى‪} :‬واسييأل ميين أرسييلنا ميين قبلييك‬
‫من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون{ أي جميع‬
‫الرسل دعوا إلى مييا دعييوت النيياس إليييه ميين عبييادة اللييه‬
‫وحييده ل شييريك لييه‪ ,‬ونهييوا عيين عبييادة الصيينام والنييداد‪,‬‬
‫كقوله جلت عظمته‪} :‬ولقد بعثنا فييي كييل أميية رسييول ً أن‬
‫اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت{ قال مجاهد في قراءة عبد‬
‫الله بن مسعود رضي الله عنه‪ :‬واسأل الذين أرسلنا إليهم‬
‫قبلك من رسلنا‪ .‬وهكييذا حكيياه قتييادة والضييحاك والسييدي‬
‫عن ابن مسعود رضي الله عنه‪ ,‬وهذا كأنه تفسير ل تلوة‪,‬‬
‫والله أعلم‪ .‬وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم‪ :‬واسييألهم‬
‫ليلة السراء‪ ,‬فإن النبيياء عليهيم الصيلة والسيلم جمعيوا‬
‫ليييييه‪ ,‬واختيييييار ابييييين جريييييير الول‪ ,‬والليييييه أعليييييم‪.‬‬

‫مل َئ ِهِ فََقا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ل إ ِّني‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ى فِْرعَوْ َ‬ ‫ى ِبآَيات َِنآ إ ِل َ‬ ‫س َ‬ ‫مو َ‬ ‫سل َْنا ُ‬ ‫** وَل ََقد ْ أْر َ‬
‫من ْهَييا‬
‫ذا هُييم ّ‬ ‫هم ِبآَيات ِن َييآ إ ِ َ‬ ‫جييآَء ُ‬ ‫مييا َ‬ ‫ن * فَل َ ّ‬ ‫مي َ‬ ‫ب ال ْعَييال َ ِ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫سو ُ‬ ‫َر ُ‬
‫خت ِهَييا‬‫ن أُ ْ‬‫مي ْ‬‫ي أك ْب َيُر ِ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫ن آي َيةٍ إ ِل ّ هِي‬ ‫ْ‬ ‫مي‬
‫مييا ن ُرِي ِهِييم ّ‬ ‫ن * وَ َ‬ ‫كو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ض َ‬ ‫يَ ْ‬
‫َ‬
‫حُر‬‫سييا ِ‬ ‫ن * وََقاُلوا ْ ي َأي َّهييا ال ّ‬ ‫جُعو َ‬ ‫م ي َْر ِ‬ ‫ب ل َعَل ّهُ ْ‬ ‫ذا ِ‬ ‫هم ِبال ْعَ َ‬ ‫خذ َْنا ُ‬‫وَأ َ َ‬
‫شيْفَنا‬ ‫مييا ك َ َ‬‫ن * فَل َ ّ‬ ‫دو َ‬ ‫مهْت َي ُ‬‫ك إ ِن ّن َييا ل َ ُ‬ ‫عنيد َ َ‬ ‫ما عَهِد َ ِ‬ ‫ك بِ َ‬ ‫اد ْعُ ل ََنا َرب ّ َ‬
‫م َينك ُُثييييييييييو َ‬
‫ن‬ ‫هيييييييييي ْ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ب إِ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫م ال َْعيييييييييي َ‬ ‫عَن ُْهيييييييييي ُ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عبده ورسييوله موسييى عليييه السييلم‬
‫أنه ابتعثه إلى فرعون وملئه من المراء والييوزراء والقييادة‬
‫والتباع والرعايا من القبييط وبنييي إسييرائيل يييدعوهم إلييى‬
‫عبادة الله وحده ل شريك له‪ ,‬وينهاهم عن عبادة ما سواه‪,‬‬
‫وأنه بعث معه آيات عظاما ً كيده وعصاه‪ ,‬وما أرسييل معييه‬
‫من الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم‪ ,‬ومن نقص‬

‫‪186‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الزروع والنفس والثمرات‪ ,‬ومييع هييذا كلييه اسييتكبروا عيين‬
‫اتباعها والنقياد لها‪ ,‬وكذبوها وسخروا منها وضحكوا مميين‬
‫جاءهم بها}وما تأتيهم من آية إل هي أكبر من أختها{ ومييع‬
‫هذا ما رجعوا عن غيهم وضللهم‪ ,‬وجهلهم وخبييالهم وكلمييا‬
‫ليييات يضييرعون إلييى موسييى عليييه‬ ‫جاءتهم آية من هييذه ا َ‬
‫الصلة والسلم ويتلطفون له في العبارة بقولهم‪} :‬يا أيهييا‬
‫الساحر{ أي العالم‪ ,‬قاله ابن جرير‪ ,‬وكييان علميياء زمييانهم‬
‫هم السحرة‪ .‬ولم يكن السحر في زمانهم مذموما ً عنييدهم‬
‫فليس هذا منهييم علييى سييبيل النتقيياص منهييم لن الحييال‬
‫حال ضرورة منهم إليه ل تناسييب ذلييك‪ ,‬وإنمييا هييو تعظيييم‬
‫في زعمهم‪ ,‬ففي كل مرة يعدون موسى عليه السييلم إن‬
‫كشف عنهم هذا أن يؤمنوا به ويرسلوا معه بنييي إسييرائيل‬
‫وفي كل مرة ينكثون ما عاهدوا عليه‪ ,‬وهييذا كقييوله تبييارك‬
‫وتعييالى‪} :‬فأرسييلنا عليهييم الطوفييان والجييراد والقمييل‬
‫والضفادع والدم آيييات مفصييلت فاسييتكبروا وكييانوا قوميا ً‬
‫مجرمين * ولما وقع عليهم الرجز قيال يييا موسيى ادع لنيا‬
‫ربك بما عهد عنييدك لئن كشييفت عنييا الرجييز لنييؤمنن لييك‬
‫ولنرسلن معك بني إسرائيل * فلمييا كشييفنا عنهييم الرجييز‬
‫إليييييى أجيييييل هيييييم بيييييالغوه إذا هيييييم ينكثيييييون{‪.‬‬

‫مل ْي ُ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫س ل ِييي ُ‬ ‫ل ي ََقيوْم ِ أل َي ْي َ‬ ‫مهِ قَييا َ‬ ‫ن فِييي قَيوْ ِ‬ ‫** وََناد َىَ فِْرعَوْ ُ‬
‫م أ ََنييآ‬ ‫َ‬
‫ن* أ ْ‬ ‫صُرو َ‬
‫هـذه النهار تجري من تحت ِ َ‬
‫ي أفَل َ ت ُب ْ ِ‬ ‫ِ َ ْ َ‬ ‫َْ ُ َ ْ ِ‬ ‫صَر وَ َ ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ن * فَل َيوْل َ أل ِْقي َ‬
‫ي‬ ‫ن وَل َ ي َك َيياد ُ ي ُِبيي ُ‬ ‫مِهي ٌ‬ ‫ذي هُوَ َ‬ ‫ذا ال ّ ِ‬‫هـ َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ٌْر ّ‬‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫مْقت َرِِني ي َ‬
‫ة ُ‬‫مل َئ ِك َي ُ‬‫ه ال ْ َ‬ ‫مع َ ي ُ‬ ‫جييآَء َ‬ ‫ب أو ْ َ‬ ‫ميين َذ َهَ ي ٍ‬ ‫سوَِرةٌ ّ‬ ‫عَل َي ْهِ أ ْ‬
‫مآ‬ ‫ن * فَل َ ّ‬ ‫سِقي َ‬‫وما ً َفا ِ‬ ‫كاُنوا ْ قَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عوهُ إ ِن ّهُ ْ‬ ‫ه فَأ َ‬
‫طا ُ‬ ‫م ُ‬‫ف قَوْ َ‬ ‫خ ّ‬ ‫َفا ْ‬
‫ست َ َ‬
‫َ‬
‫آس يُفونا انتَقمنييا منه يم فَأغْرقْنيياهُ َ‬
‫م‬‫جعَل ْن َيياهُ ْ‬ ‫ن * فَ َ‬ ‫مِعي ي َ‬ ‫ج َ‬‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ْ َ ِ ُْ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫رييييييييييييييييييييييييييي َ‬ ‫خ ِ‬ ‫مث َل ً ل ّل َ ِ‬ ‫سييييييييييييييييييييييييييَلفا ً وَ َ‬ ‫َ‬

‫يقول تعالى مخبرا ً عيين فرعييون وتمييرده وعتييوه وكفييره‬


‫وعناده‪ ,‬أنه جمع قومه فنادى فيهم متبجحا ً مفتخييرا ً بملييك‬
‫مصر وتصرفه فيهييا}أليييس لييي ملييك مصيير وهييذه النهييار‬

‫‪187‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تجري من تحتي{ قال قتادة‪ :‬قد كانت لهييم جنييات وأنهييار‬
‫ماء }أفل تبصرون{ أي أفل ترون ما أنا فيييه ميين العظميية‬
‫والملك‪ ,‬يعني موسى وأتباعه فقييراء ضييعفاء وهييذا كقييوله‬
‫تعالى‪}:‬فحشر فنادى * فقييال أنييا ربكييم العلييى * فأخييذه‬
‫لخيييييييييييرة والوليييييييييييى{‪.‬‬ ‫الليييييييييييه نكيييييييييييال ا َ‬
‫وقييوله‪} :‬أم أنييا خييير ميين هييذا الييذي هييو مهييين{ قييال‬
‫السدي‪ :‬يقول بل أنا خير من هذا الذي هييو مهييين‪ ,‬وهكييذا‬
‫قال بعض نحاة البصرة‪ :‬إن أم ههنا بمعنى بل‪ ,‬ويؤيييد هييذا‬
‫ما حكاه الفراء عن بعض القراء أنييه قرأهييا }أمييا أنييا خييير‬
‫من هذا الذي هو مهين{ قال ابن جرير‪ :‬ولييو صييحت هييذه‬
‫القراءة لكان معناها صحيحا ً واضييحًا‪ ,‬ولكنهييا خلف قييراءة‬
‫المصار فإنهم قرأوا }أم أنا خير من هذا الذي هو مهييين{‬
‫علييى السييتفهام )قلييت( وعلييى كييل تقييدير فإنمييا يعنييي‬
‫فرعون لعنه الله بذلك أنه خير ميين موسييى عليييه الصييلة‬
‫والسلم‪ ,‬وقد كذب في قوله هذا كذبا ً بينا ً واضييحًا( فعليييه‬
‫لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة‪ .‬ويعنييي بقييوله مهييين‬
‫كما قال سفيان حقير‪ ,‬وقال قتادة والسدي‪ :‬يعني ضعيف‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬يعني ل ملك له ول سلطان ول مييال }ول‬
‫يكاد يبين{ يعني ل يكاد يفصح عن كلمه فهو عيييي حصيير‪.‬‬
‫قال السدي }ل يكاد يبين{ أي ل يكاد يفهييم‪ .‬وقييال قتييادة‬
‫والسدي وابن جرير‪ :‬يعنييي عيييي اللسييان‪ ,‬وقييال سييفيان‪:‬‬
‫يعني في لسانه شيء من الجمرة حييين وضييعها فييي فمييه‬
‫وهييو صييغير‪ ,‬وهييذا الييذي قيياله فرعييون لعنييه اللييه كييذب‬
‫واختلق‪ ,‬وإنما حمله على هذا الكفر والعناد وهو ينظر إلى‬
‫موسى عليه الصلة والسلم بعين كافرة شقية‪ ,‬وقييد كييان‬
‫موسى عليييه السييلم ميين الجلليية والعظميية والبهيياء فييي‬
‫صييييييييييورة يبهيييييييييير أبصييييييييييار ذوي اللبيييييييييياب‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬مهين{ كذب‪ .‬بل هو المهين الحقير خلقة وخلقا ً‬
‫ودينًا‪ ,‬وموسى هو الشريف الصادق البار الراشييد‪ .‬وقييوله‪:‬‬
‫}ول يكيياد يييبين{ افييتراء أيضيا ً فييإنه وإن كييان قييد أصيياب‬
‫لسانه في حال صغره شيء من جهيية تلييك الجمييرة‪ ,‬فقييد‬
‫سأل الله عز وجل أن يحل عقدة من لسانه ليفقهوا قوله‪,‬‬

‫‪188‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقد استجاب الله تبارك وتعالى لييه ذلييك فييي قييوله‪} :‬قييد‬
‫أوتيت سؤلك يا موسى{ وبتقدير أن يكون قد بقييي شيييء‬
‫لم يسأل إزالتييه‪ ,‬كميا قيياله الحسيين البصييري وإنمييا سييأل‬
‫زوال مييا يحصييل معييه البلغ والفهييام‪ ,‬فالشييياء الخلقييية‬
‫التي ليسييت مين فعييل العبيد ل يعيياب بهييا ول ييذم عليهييا‪,‬‬
‫وفرعون وإن كان يفهم وله عقل‪ ,‬فهييو يييدري هييذا‪ ,‬وإنمييا‬
‫أراد الترويج على رعيته فييإنهم كييانوا جهليية أغبييياء وهكييذا‬
‫قوله‪} :‬فلول ألقي عليه أسورة من ذهب{ وهي ما يجعييل‬
‫فييي اليييدي ميين الحلييي‪ .‬قييال ابيين عبيياس رضييي اللييه‬
‫عنهماوقتادة وغير واحد }أو جاء معييه الملئكيية مقييترنين{‬
‫أي يكنفونه خدمة له ويشهدون بتصديقه‪ ,‬نظر إلى الشكل‬
‫الظاهر ولم يفهم السر المعنوي الذي هو أظهر ممييا نظيير‬
‫إليه لو كييان يفهييم‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‪} :‬فاسييتخف قييومه‬
‫فأطيياعوه{ أي اسييتخف عقييولهم فييدعاهم إلييى الضييللة‬
‫فاستجابوا له }إنهم كانوا قوما ً فاسقين{ قال الله تعييالى‪:‬‬
‫}فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين{ قال علي‬
‫بن أبي طلحة عن ابن عباس رضييي اللييه عنهمييا‪ :‬آسييفونا‬
‫أسخطونا‪ ,‬وقال الضحاك عنه‪ :‬أغضييبونا‪ ,‬وهكييذا قييال ابيين‬
‫عباس أيضا ً ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ومحمييد بيين‬
‫كعب القرظي وقتادة والسييدي وغيرهييم ميين المفسييرين‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا عبيد الله بيين أخييي‬
‫ابن وهب‪ ,‬حييدثنا عمييي‪ ,‬حييدثنا ابيين لهيعيية عيين عقبيية بيين‬
‫مسلم التجيييبي عيين عقبيية بيين عييامر رضييي اللييه عنييه أن‬
‫رسول الله صلى الله عليييه وسييلم قييال‪» :‬إذا رأيييت اللييه‬
‫تبييارك وتعييالى يعطييي العبييد مييا يشيياء وهييو مقيييم علييى‬
‫معاصيه‪ ,‬فإنما ذلك اسييتدراج منييه لييه« ثييم تل صييلى اللييه‬
‫عليييه وسييلم‪} :‬فلمييا آسييفونا انتقمنييا منهييم فأغرقنيياهم‬
‫أجمعييين{ وحييدثنا أبييي‪ ,‬حييدثنا يحيييى بيين عبييد الحميييد‬
‫الحماني‪ ,‬حدثنا قيس بن الربيع عن قيس بيين مسييلم عيين‬
‫طارق بن شهاب قال‪ :‬كنت عند عبد الله رضي اللييه عنييه‪,‬‬
‫فذكر عنييده مييوت الفجييأة‪ ,‬فقييال‪ :‬تخفيييف علييى المييؤمن‬
‫وحسرة على الكافر‪ ,‬ثم قرأ رضي الله عنه }فلما آسفونا‬

‫‪189‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫انتقمنيا منهيم فأغرقنياهم أجمعيين{ وقيال عمير بين عبيد‬
‫العزيز رضي الله عنه‪ :‬وجدت النقمة مع الغفلة يعني قوله‬
‫تبييارك وتعييالى‪} :‬فلمييا آسييفونا انتقمنييا منهييم فأغرقنيياهم‬
‫أجمعين{ وقوله سبحانه وتعالى‪} :‬فجعلنيياهم سييلفا ً ومثل ً‬
‫لخرين{ قال أبو مجلز‪ :‬سييلفا ً لمثييل ميين عمييل بعملهييم‪.‬‬ ‫ل َ‬
‫وقييال هييو ومجاهييد‪ :‬ومثل ً أي عييبرة لميين بعييدهم‪ ,‬واللييه‬
‫سبحانه وتعالى الموفق للصواب‪ ,‬وإليييه المرجييع والمييآب‪.‬‬

‫ن*‬ ‫دو َ‬ ‫صي ّ‬ ‫ه يَ ِ‬ ‫من ْي ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫مي َ‬‫ذا قَوْ ُ‬ ‫مث َل ً إ ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫مْري َي َ‬ ‫ن َ‬ ‫ب اب ْي ُ‬ ‫ض يرِ َ‬ ‫ما ُ‬ ‫** وَل َ ّ‬
‫جد َل َ ب َ ْ‬ ‫ضَرُبوهُ ل َ َ‬ ‫َ‬ ‫وََقال ُوَا ْ َأآل ِهَت َُنا َ‬
‫م‬ ‫م قَوْ ٌ‬ ‫ل هُ ْ‬ ‫ك إ ِل ّ َ‬ ‫ما َ‬ ‫م هُوَ َ‬ ‫خي ٌْر أ ْ‬
‫َ‬
‫ي‬ ‫مث َل ً ل ّب َن ِي َ‬ ‫جعَل ْن َيياهُ َ‬ ‫من َييا عَل َي ْيهِ وَ َ‬ ‫ن هُوَ إ ِل ّ عَب ْد ٌ أن ْعَ ْ‬ ‫ن * إِ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫ص ُ‬‫خ ِ‬ ‫َ‬
‫ض‬ ‫ة فِييي الْر ِ‬ ‫مل َئ ِك َي ً‬ ‫م ّ‬ ‫منك ُي ْ‬ ‫جعَل ْن َييا ِ‬ ‫شييآُء ل َ َ‬ ‫ل * وَل َيوْ ن َ َ‬ ‫س يَراِئي َ‬ ‫إِ ْ‬
‫ذا‬ ‫هـيي َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ب َِها َوات ّب ُِعييو ِ‬ ‫مت َُر ّ‬ ‫ساعَةِ فَل َ ت َ ْ‬ ‫م ّلل ّ‬ ‫ه ل َعِل ْ ٌ‬ ‫ن * وَإ ِن ّ ُ‬ ‫خل ُُفو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫م عَيد ُّو‬ ‫ه ل َك ُي ْ‬ ‫ن إ ِن ّي ُ‬ ‫طا ُ‬ ‫شيي ْ َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫صيد ّن ّك ُ ُ‬ ‫م * وَل َ ي َ ُ‬ ‫سيت َِقي ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ّ‬ ‫صَرا ٌ‬ ‫ِ‬
‫ة‬
‫مي ِ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫جئ ْت ُك ُييم ِبال ْ ِ‬ ‫ل قَد ْ ِ‬ ‫ت َقا َ‬ ‫ى ِبال ْب َي َّنا ِ‬ ‫َ‬ ‫س‬
‫عي َ‬ ‫جآَء ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ن * وَل َ ّ‬ ‫مِبي ٌ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫طيعُييو ِ‬ ‫ه وَأ ِ‬ ‫ن ِفيهِ َفات ُّقوا الل ي َ‬ ‫خت َل ُِفو َ‬ ‫ذي ت َ ْ‬ ‫ض ال ِ‬ ‫ن لكم ب َعْ َ‬ ‫وَل ُب َي ّ َ‬
‫م*‬ ‫س يت َِقي ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ّ‬ ‫صَرا ٌ‬ ‫ذا ِ‬ ‫هـ َ‬ ‫دوهُ َ‬ ‫م َفاعْب ُ ُ‬ ‫ه هُوَ َرّبي وََرب ّك ُ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫* إِ ّ‬
‫ب‬ ‫ذا ِ‬ ‫عيي َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫موا ْ ِ‬ ‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ل ّل ّ ِ‬ ‫م فَوَي ْ ٌ‬ ‫من ب َي ْن ِهِ ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫حَزا ُ‬ ‫ف ال ْ‬ ‫خت َل َ َ‬ ‫َفا ْ‬
‫َ‬
‫ي َييييييييييييييييييييييييييييييييييوْم ٍ أِليييييييييييييييييييييييييييييييييييم ٍ‬
‫يقييول تعييالى مخييبرا ً عيين تعنييت قريييش فييي كفرهييم‬
‫وتعمدهم العناد والجدل‪} :‬ولما ضييرب ابيين مريييم مثل ً إذا‬
‫قومك منه يصدون{ قال غير واحد عن ابين عبياس رضيي‬
‫الله عنهما ومجاهد وعكرمة والسدي والضحاك‪ :‬يضحكون‬
‫أي أعجبوا بذلك‪ ,‬وقال قتادة‪ :‬يجزعون ويضييحكون‪ .‬وقييال‬
‫إبراهيم النخعي‪ :‬يعرضون‪ ,‬وكان السبب في ذلك ما ذكره‬
‫محمد بن إسحاق في السيرة حييث قيال‪ :‬وجليس رسيول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فيما بلغني‪ ,‬يوما ً مع الوليد بيين‬
‫المغيرة في المسجد‪ ,‬فجاء النضر بن الحارث حتى جلييس‬
‫معهم‪ ,‬وفي المجلس غير واحد من رجييال قريييش‪ ,‬فتكلييم‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فعييرض لييه النضيير بيين‬
‫الحارث فكلمه رسول الليه صيلى الليه علييه وسيلم حييتى‬

‫‪190‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أفحمه‪ ,‬ثم تل عليه}إنكم وما تعبدون من دون الله حصييب‬
‫ليييييييييييات‪.‬‬‫جهنييييييييييم أنتييييييييييم لهييييييييييا واردون{ ا َ‬
‫ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عبد الله‬
‫بن الزبعرى التميمي حتى جلس‪ ,‬فقال الوليد بن المغيييرة‬
‫له‪ :‬والله ما قام النضر بن الحارث لبن عبد المطليب وميا‬
‫قعد‪ ,‬وقد زعم محمد أنا وما نعبييد ميين آلهتنييا هييذه حصييب‬
‫جهنييم‪ ,‬فقييال عبييد اللييه الزبعييرى‪ :‬أمييا واللييه لييو وجييدته‬
‫لخصمته‪ ,‬سلوا محمدا ً أكل ما يعبد من دون الله في جهنم‬
‫مع من عبده‪ ,‬فنحيين نعبييد الملئكيية واليهييود تعبييد عزيييرًا‪,‬‬
‫والنصارى تعبد المسيييح عيسييى بيين مريييم فعجييب الوليييد‬
‫وميين كييان معييه فييي المجلييس ميين قييول عبييد اللييه بيين‬
‫الزبعرى‪ ,‬ورأوا أنه قد احتج وخاصم‪ ,‬فييذكر ذلييك لرسييوله‬
‫الله صلى الله عليه وسلم فقال‪» :‬كل ميين أحييب أن يعبييد‬
‫ميين دون اللييه فهييو مييع ميين عبييده‪ ,‬فييإنهم إنمييا يعبييدون‬
‫الشيطان ومن أمرهم بعبادته« فأنزل الله عز وجييل‪} :‬إن‬
‫الذين سبقت لهم منييا الحسيينى أولئك عنهييا مبعييدون{ أي‬
‫عيسى وعزير ومن عبد معهما من الحبار والرهبان‪ ,‬الذين‬
‫مضوا على طاعة الله عز وجل‪ ,‬فاتخذهم من بعييدهم ميين‬
‫أهل الضللة أربابا ً من دون الله‪ ,‬ونزل فيما يذكر من أنهم‬
‫يعبدون الملئكة وأنهم بنييات اللييه }وقييالوا اتخييذ الرحميين‬
‫ليييات ونييزل فيمييا يييذكر‬ ‫ولدا ً سبحانه بل عباد مكرمون{ ا َ‬
‫من أمر عيسى عليه الصلة والسلم‪ ,‬وأنييه يعبييد ميين دون‬
‫الله‪ ,‬وعجب الوليد ومن حضر من حجته وخصومته }ولمييا‬
‫ضرب ابن مريم مثل ً إذا قومك منه يصييدون{ أي يصييدون‬
‫أمرك بذلك من قوله‪ .‬ثم ذكر عيسى عليه الصلة والسلم‬
‫فقييال‪} :‬إن هييو إل عبييد أنعمنييا عليييه وجعلنيياه مثل ً لبنييي‬
‫إسييرائيل * ولونشيياء لجعلنييا منكييم ملئكيية فييي الرض‬
‫يخلفون * وإنه لعلم للساعة{ أي ما وضع علييى يييديه ميين‬
‫ليات من إحياء المييوتى وإبييراء السييقام فكفييى بييه دليل ً‬ ‫ا َ‬
‫على علييم السيياعة يقييول‪} :‬فل تمييترن بهييا واتبعييون هييذا‬
‫صييييييييييييييييييييييييييييراط مسييييييييييييييييييييييييييييتقيم{‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وذكر ابن جرير من رواية العوفي عن ابن عبيياس رضييي‬
‫الله عنهما قوله‪} :‬ولمييا ضييرب ابيين مريييم مثل ً إذا قومييك‬
‫منه يصدون{ قال‪ :‬يعني قريشًا‪ ,‬لما قيل لهم‪} :‬إنكم ومييا‬
‫تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتييم لهييا واردون{ إلييى‬
‫ليات‪ .‬فقالت له قريش‪ :‬فما ابن مريم ؟ قييال »ذاك‬ ‫آخر ا َ‬
‫عبد الله ورسوله« فقالوا‪ :‬والله ما يريد هييذا إل أن نتخييذه‬
‫ربا ً كما اتخذت النصارى عيسى بن مريييم ربيًا‪ ,‬فقييال اللييه‬
‫عز وجل‪} :‬ما ضربوه لك إل جدل ً بل هم قوم خصييمون{‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا هاشم بن القاسم‪ ,‬حدثنا شيبان‬
‫عن عاصم بن أبي النجود‪ ,‬عن أبي رزين‪ ,‬عيين أبييي يحيييى‬
‫مولى ابن عقيل النصاري‪ ,‬قييال‪ :‬قييال ابيين عبيياس رضييي‬
‫الله عنهما‪ :‬لقد علمت آية من القرآن ما سألني عنها رجل‬
‫قييط‪ ,‬ول أدري أعلمهييا النيياس فلييم يسييألوا عنهييا أو لييم‬
‫يفطنوا لها فيسألوا عنها‪ .‬ثم طفق يحدثنا‪ ,‬فلما قام تلومنا‬
‫أن ل نكون سألناه عنها‪ ,‬فقلت‪ :‬أنا لهييا إذا راح غييدًا‪ ,‬فلمييا‬
‫راح الغد قلييت‪ :‬يييا ابيين عبيياس ذكييرت أمييس أن آييية ميين‬
‫القرآن لم يسألك عنها رجل قط‪ ,‬فل تدري أعلمهيا النيياس‬
‫أم لم يفطنوا لها‪ ,‬فقلت‪ :‬أخبرني عنها وعن اللتييي قييرأت‬
‫قبلهيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييا‪.‬‬
‫قال رضي الله عنه‪ :‬نعم إن رسول الله صلى اللييه عليييه‬
‫وسلم قال لقريش »يا معشر قريش إنييه ليييس أحييد يعبييد‬
‫من دون الله فيه خييير« وقييد علمييت قريييش أن النصييارى‬
‫تعبد عيسى بن مريم عليهما الصييلة والسييلم‪ ,‬ومييا تقييول‬
‫في محمد صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فقالوا‪ :‬يا محمييد ألسييت‬
‫تزعم أن عيسى عليه الصلة والسلم كان نبيا ً وعبييدا ً ميين‬
‫عباد الله صالحًا‪ ,‬فإن كنت صادقا ً كان آلهتهم كما يقولون‪.‬‬
‫قال‪ :‬فأنزل الله عز وجل‪} :‬ولما ضرب ابن مريييم مثل ً إذا‬
‫قومك منه يصدون{ قلت‪ :‬مييا يصييدون ؟ قييال‪ :‬يضييحكون‬
‫}وإنه لعلم للساعة{ قييال‪ :‬هييو خييروج عيسييى بيين مريييم‬
‫عليه الصلة والسييلم قبييل يييوم القياميية‪ .‬وقييال ابيين أبييي‬
‫حاتم‪ :‬حدثنا محمد بن يعقوب الدمشقي‪ ,‬حدثنا آدم‪ ,‬حييدثنا‬
‫شيبان عن عاصم بين أبيي النجييود عين أبيي أحميد مييولى‬

‫‪192‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫النصار عن ابن عباس رضي الله عنهما‪ ,‬قال‪ :‬قال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬يييا معشيير قريييش إنييه ليييس‬
‫أحد يعبد من دون الله فيه خير« فقالوا لييه‪ :‬ألسييت تزعييم‬
‫أن عيسى كان نبيا ً وعبدا ً من عبيياد اللييه صييالحا ً فقييد كييان‬
‫يعبد من دون الله ؟ فأنزل اللييه عييز وجييل‪} :‬ولمييا ضييرب‬
‫ابن مريم مثل ً إذا قومك منه يصييدون{ وقييال مجاهييد فييي‬
‫قوله تعالى‪} :‬ولما ضييرب ابيين مريييم مثل ً إذا قومييك منييه‬
‫يصدون{ قالت قريش إنما يريد محمد أن نعبده كمييا عبييد‬
‫قوم عيسى عيسيى علييه السيلم‪ .‬ونحيو هيذا قيال قتيادة‬
‫وقوله‪} :‬وقالوا أآلهتنييا خييير أم هييو{ قييال قتييادة‪ :‬يقولييون‬
‫آلهتنا خير منه وقال قتادة‪ :‬قرأ ابن مسعود رضي الله عنه‬
‫وقالوا أآلهتنا خير أم هذا‪ ,‬يعنييون محميدا ً صيلى الليه عليييه‬
‫وسييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييلم‪.‬‬
‫ل{ أي مراء‪,‬‬ ‫وقوله تبارك وتعالى‪} :‬ما ضربوه لك إل جد ً‬
‫لية‪ ,‬لنها لمييا ل يعقييل‪ ,‬وهييي‬ ‫وهم يعلمون أنه بوارد على ا َ‬
‫قييوله تعييالى‪} :‬إنكييم ومييا تعبييدون ميين دون اللييه حصييب‬
‫جهنم{ ثم هي خطيياب لقريييش‪ ,‬وهييم إنمييا كييانوا يعبييدون‬
‫الصنام والنداد‪ ,‬ولم يكونوا يعبدون المسيح حتى يوردوه‪,‬‬
‫فتعين أن مقالتهم إنما كانت جييدل ً منهييم ليسييوا يعتقييدون‬
‫صحتها وقد قال المام أحمد رحمه الله تعالى‪ :‬حييدثنا ابيين‬
‫نمير‪ ,‬حدثنا حجاج بن دينار عن أبي غالب عيين أبييي أماميية‬
‫رضي الله عنييه قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسييلم‪» :‬مييا ضييل قييوم بعييد هييدى كييانوا عليييه إل أورثييوا‬
‫الجدل« ثم تل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه ا َ‬
‫لية‬
‫}ما ضربوه لك إل جدل ً بل هم قييوم خصييمون{ وقييد رواه‬
‫الترمذي وابن ماجة وابن جرير من حديث حجاج بن دينييار‬
‫به‪ ,‬ثم قال الترمذي‪ :‬حسن صحيح ل نعرفه إل ميين حييديثه‬
‫كذا قال وقد روي من وجه آخر عن أبي أمامة رضييي اللييه‬
‫عنه بزيادة‪ ,‬فقال ابن أبي حيياتم‪ :‬حييدثنا حميييد بيين عييياش‬
‫الرملي‪ ,‬حدثنا مؤمل‪ ,‬حدثنا حماد‪ ,‬أخبرنا ابن مخزوم عيين‬
‫القاسم أبي عبد الرحمن الشيامي عين أبيي أمامية رضيي‬
‫الله عنه‪ ,‬قال حماد‪ :‬ل أدري رفعه أم ل ؟ قال‪ :‬مييا ضييلت‬

‫‪193‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أمة بعييد نبيهييا إل كييان أول ضييللها التكييذيب بالقييدر‪ ,‬ومييا‬
‫ضلت أمة بعد نبيها إل أعطوا الجدل‪ ,‬ثم قرأ }مييا ضييربوه‬
‫لييييييك إل جييييييدل ً بييييييل هييييييم قييييييوم خصييييييمون{‪.‬‬
‫وقال ابن جرير أيضًا‪ :‬حدثنا أبو كريييب‪ ,‬حييدثنا أحمييد بيين‬
‫عبد الرحمن عن عبادة بن عباد عن جعفر عن القاسم عن‬
‫أبي أمامة رضي الله عنه قال‪ :‬إن رسول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم خرج على الناس وهم يتنييازعون فييي القييرآن‪,‬‬
‫فغضب غضبا ً شديدا ً حتى كأنما صب على وجهه الخل‪ ,‬ثييم‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪» :‬ل تضييربوا كتيياب اللييه بعضييه‬
‫ببعض فإنه ما ضل قوم قط إل أوتوا الجدل« ثيم تل صيلى‬
‫الله عليه وسييلم }مييا ضييربوه لييك إل جييدل ً بييل هييم قييوم‬
‫خصييمون{ وقييوله تعييالى‪} :‬إن هييو إل عبييد أنعمنييا عليييه{‬
‫يعني عيسى عليه الصلة والسلم‪ .‬ما هو إل عبد من عبيياد‬
‫الله عز وجل أنعم الله عليه بييالنبوة والرسييالة‪} .‬وجعلنيياه‬
‫مثل ً لبني إسرائيل{ أي دللة وحجيية وبرهان يا ً علييى قييدرتنا‬
‫على ما نشاء‪ ,‬وقوله عز وجل‪} :‬ولو نشاء لجعلنييا منكييم{‬
‫أي بييدلكم }ملئكيية فييي الرض يخلفييون{ قييال السييدي‪:‬‬
‫يخلفونكم فيها‪ ,‬وقال ابن عباس رضي الله عنهما وقتييادة‪:‬‬
‫يخلف بعضهم بعضا ً كما يخلف بعضكم بعضًا‪ ,‬وهييذا القييول‬
‫يسيييتلزم الول‪ ,‬قيييال مجاهيييد‪ :‬يعميييرون الرض بيييدلكم‪.‬‬
‫وقييوله سييبحانه وتعييالى‪} :‬وإنييه لعلييم للسيياعة{ تقييدم‬
‫تفسير ابن إسحاق أن المراد من ذلك ما بعث بييه عيسييى‬
‫عليه الصييلة والسييلم‪ ,‬ميين إحييياء المييوتى وإبييراء الكمييه‬
‫والبرص وغير ذلك من السقام‪ ,‬وفي هذا نظر وأبعد منييه‬
‫ما حكاه قتادة عن الحسن البصييري وسييعيد بيين جييبير‪ ,‬أن‬
‫الضمير في وأنه عائد على القرآن‪ ,‬بل الصييحيح أنييه عييائد‬
‫على عيسى عليه الصلة والسلم فإن السياق فييي ذكييره‪,‬‬
‫ثم المراد بذلك نزوله قبل يييوم القياميية‪ ,‬كمييا قييال تبييارك‬
‫وتعالى‪} :‬وإن من أهل الكتاب إل ليؤمنن بييه قبييل مييوته{‬
‫أي قبييل مييوت عيسييى عليييه الصييلة والسييلم }ثييم يييوم‬
‫القيامة يكون عليهم شييهيدًا{ ويؤيييد هييذا المعنييى القييراءة‬
‫الخرى }وإنه لعلم للساعة{ أي أمارة ودليل علييى وقييوع‬

‫‪194‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الساعة‪ .‬قال مجاهد }وإنه لعلم للساعة{ أي آية للسيياعة‬
‫خروج عيسى بن مريييم عليييه السييلم قبييل يييوم القياميية‪,‬‬
‫وهكذا روي عن أبي هريرة وابن عباس وأبي العالية وأبييي‬
‫مالك وعكرمة والحسن وقتييادة والضييحاك وغيرهييم‪ ,‬وقييد‬
‫تواترت الحاديث عن رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫أنه أخبر بنزول عيسى عليه السلم قبل يوم القيامة إماما ً‬
‫عيييييييييييييييييادل ً وحكميييييييييييييييييا ً مقسيييييييييييييييييطًا‪.‬‬
‫وقوله تعييالى‪} :‬فل تمييترن بهييا{ أي ل تشييكوا فيهييا أنهييا‬
‫واقعيية وكائنيية ل محاليية }واتبعييون{ أي فيمييا أخييبركم بييه‬
‫}هذا صراط مسييتقيم * ول يصييدنكم الشيييطان{ أي عيين‬
‫اتباع الحق }إنه لكم عدو مبين * ولما جاء عيسى بالبينات‬
‫قال قد جئتكم بالحكميية{ أي بييالنبوة }ولبييين لكييم بعييض‬
‫الذي تختلفون فيه{ قال ابن جرير يعني من المور الدينية‬
‫ل الدنيوية‪ ,‬وهذا الذي قيياله حسيين جيييد ثييم رد قييول ميين‬
‫زعييم أن بعييض ههنييا بمعنييى كييل‪ ,‬واستشييهد بقييول لبيييد‬
‫الشيييييييييييييييييياعر حيييييييييييييييييييث قييييييييييييييييييال‪:‬‬
‫نزال أمكنة إذا لم أرضهاأو يعتلق بعييض النفييوس حمامهييا‬
‫وأولوه على أنه أراد جميع النفوس‪ .‬قال ابيين جرييير إنمييا‬
‫أراد نفسييه فقييط‪ ,‬وعييبر بييالبعض عنهييا‪ ,‬وهييذا الييذي قيياله‬
‫محتمل‪ .‬وقوله عز وجل‪} :‬فاتقوا الله{ أي فيما أمركم به‬
‫}وأطيعييون{ فيمييا جئتكييم بييه }إن اللييه هييو ربييي وربكييم‬
‫فاعبدوه هذا صراط مستقيم{ أي أنا وأنتم عبيد له فقييراء‬
‫مشتركون فييي عبييادته وحييده ل شييريك لييه }هييذا صييراط‬
‫مستقيم{ أي هذا الذي جئتكم به هييو الصييراط المسييتقيم‬
‫وهو عبادة الرب جل وعل وحده‪ .‬وقييوله سييبحانه وتعييالى‪:‬‬
‫}فاختلف الحزاب من بينهم{ أي اختلفت الفيرق وصياروا‬
‫شيعا ً فيه‪ ,‬منهم من يقر بأنه عبد الله ورسوله وهييو الحييق‬
‫ومنهم من يدعي أنه ولد الله‪ ,‬ومنهم من يقييول إنييه اللييه‪.‬‬
‫تعالى الله عن قولهم علوا ً كبيرا ً ولهذا قال تعالى‪} :‬فويييل‬
‫للييييييذين ظلمييييييوا ميييييين عييييييذاب يييييييوم أليييييييم{‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫م ل َ يَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ل ينظ ُرون إل ّ الساعَ َ َ‬
‫ن‬‫شعُُرو َ‬ ‫ة وَهُ ْ‬ ‫م ب َغْت َ ً‬‫ة أن ت َأت ِي َهُ ْ‬ ‫ّ‬ ‫** هَ ْ َ ُ َ ِ‬
‫ن * ي َعَِبييادِ ل َ‬ ‫مت ِّقي َ‬ ‫ض عَد ُوّ إ ِل ّ ال ْ ُ‬ ‫م َ ل ِب َعْ ٍ‬ ‫ضه ُ ْ‬ ‫مئ ِذٍ ب َعْ ُ‬ ‫خل ُّء ي َوْ َ‬ ‫* ال ِ‬
‫من ُييوا ْ ِبآَيات ِن َييا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * ال ّي ِ‬ ‫حَزُنو َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫م وَل َ أنت ُ ْ‬ ‫م ال ْي َوْ َ‬ ‫ف عَل َي ْك ُ ُ‬ ‫خو ْ ٌ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫حَبييُرو َ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫جك ُ ْ‬ ‫م وَأْزَوا ُ‬ ‫ة أنت ُ ْ‬ ‫جن ّ َ‬‫خُلوا ْ ال ْ َ‬ ‫ن * اد ْ ُ‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫كاُنوا ْ ُ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫ش يت َِهي ِ‬ ‫مييا ت َ ْ‬ ‫ب وَِفيَها َ‬ ‫وا ٍ‬ ‫ب وَأك ْ َ‬ ‫من ذ َهَ ٍ‬ ‫ف ّ‬ ‫حا ٍ‬ ‫ص َ‬‫م بِ ِ‬ ‫ف عَل َي ْهِ ْ‬ ‫طا ُ‬ ‫يُ َ‬
‫َ‬
‫ة ال ّت ِ َ‬
‫ي‬ ‫جن ّ ُ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫ن * وَت ِل ْ َ‬ ‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫م ِفيَها َ‬ ‫ن وَأنت ُ ْ‬ ‫س وَت َل َذ ّ العْي ُ ُ‬ ‫الن ُْف ُ‬
‫ُ‬
‫من ْهَييا‬‫ة ك َِثي يَرةٌ ّ‬ ‫م ِفيَها َفاك ِهَ ٌ‬ ‫ن * ل َك ُ ْ‬ ‫مُلو َ‬ ‫م ت َعْ َ‬ ‫كنت ُ ْ‬‫ما ُ‬ ‫ها ب ِ َ‬ ‫مو َ‬ ‫أورِث ْت ُ ُ‬
‫ْ‬
‫ت َيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييأك ُُلو َ‬
‫ن‬
‫يقييول تعييالى‪ :‬هييل ينتظيير هييؤلء المشييركون المكييذبون‬
‫للرسل }إل الساعة أن تأتيهم بغتة وهييم ل يشييعرون{ أي‬
‫فإنها كائنيية ل محاليية وواقعيية‪ ,‬وهييؤلء غييافلون عنهييا غييير‬
‫مسييتعدين فييإذا جيياءت إنمييا تجيييء وهييم ل يشييعرون بهييا‬
‫فحينئذ يندمون كل الندم حيث ل ينفعهييم ول يييدفع عنهييم‪,‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬الخلء يييومئذ بعضييهم لبعييض عييدو إل‬
‫المتقين{ أي كل صداقة وصييحابة لغييير الليه فإنهيا تنقليب‬
‫يوم القيامة عييداوة‪ ,‬إل مييا كييان للييه عييز وجييل فييإنه دائم‬
‫بييدوامه‪ ,‬وهييذا كمييا قييال إبراهيييم عليييه الصييلة والسييلم‬
‫لقومه‪} :‬إنما اتخذتم من دون الله أوثانا ً مييودة بينكييم فييي‬
‫الحياة الدنيا ثم يوم القياميية يكفيير بعضييكم ببعييض ويلعيين‬
‫بعضييكم بعضييا ً ومييأواكم النييار ومييالكم ميين ناصييرين{‪.‬‬
‫وقال عبد الرزاق‪ :‬أخبرنا إسرائيل عن أبييي إسييحاق عيين‬
‫الحارث عن علي رضي اللييه عنييه }الخلء يييومئذ بعضييهم‬
‫لبعييض عييدو إل المتقييين{ قييال‪ :‬خليلن مؤمنييان وخليلن‬
‫كافران‪ ,‬فتوفي أحد المؤمنين وبشر بالجنيية‪ ,‬فييذكر خليلييه‬
‫فقال‪ :‬اللهم إن فلنا ً خليلي كان يييأمرني بطاعتيك وطاعية‬
‫رسولك ويأمرني بالخير وينهاني عيين الشيير‪ ,‬وينييبئني أنييي‬
‫ملقيك‪ ,‬اللهم فل تضييله بعييدي حييتى تريييه مثلمييا أريتنييي‪,‬‬
‫وترضى عنه كما رضيت عني‪ ,‬فيقال لييه اذهييب فلييو تعلييم‬
‫ماله عندي لضييحكت كييثيرا ً وبكيييت قليل ً قييال‪ :‬ثييم يمييوت‬
‫ن أحييدكما علييى صيياحبه‬ ‫لخر فتجتمع أرواحهما فيقال‪ :‬ليث ِ‬ ‫ا َ‬
‫فيقول كل واحد منهما لصيياحبه‪ :‬نعييم الخ ونعييم الصيياحب‬
‫ونعم الخليل‪ .‬وإذا مييات أحييد الكييافرين وبشيير بالنييار ذكيير‬

‫‪196‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫خليله فيقول‪ :‬اللهم إن خليلي فلنا ً كان يأمرني بمعصيييتك‬
‫ومعصييية رسييولك‪ .‬ويييأمرني بالشيير وينهيياني عيين الخييير‪,‬‬
‫ويخبرني أني غير ملقيك‪ .‬اللهم فل تهده بعدي حييتى تريييه‬
‫مثل ما أريتني وتسييخط عليييه كمييا سييخطت علييي‪ .‬قييال‪:‬‬
‫ن كييل‬ ‫لخر فيجمع بين أرواحهما فيقال‪ :‬ليث ِ‬ ‫فيموت الكافر ا َ‬
‫واحد منكما على صاحبه فيقول كل واحد منهمييا لصيياحبه‪:‬‬
‫بئس الخ وبئس الصيياحب وبئس الخليييل! رواه ابيين أبييي‬
‫حاتم‪ ,‬وقال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهييد وقتييادة‪:‬‬
‫صييارت كييل خليية عييداوة يييوم القياميية إل المتقييين‪ ,‬وروى‬
‫الحافظ ابن عساكر في ترجمة هشام بن أحمد عن هشام‬
‫بن عبد الله بن كثير‪ ,‬حدثنا أبييو جعفيير محمييد بيين الخضيير‬
‫بالرقة عن معافي‪ ,‬حدثنا حكيم بن نافع عن العمييش عيين‬
‫أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬لو أن رجلين تحابييا فييي اللييه‬
‫لخر بالمغرب لجمع الله تعالى بينهمييا‬ ‫أحدهما بالمشرق وا َ‬
‫ي«‪.‬‬ ‫يييييوم القياميييية يقييييول هييييذا الييييذي أحببتييييه فيييي ّ‬
‫وقوله تبارك وتعالى‪} :‬يا عبيياد ل خييوف عليكييم ول أنتييم‬
‫تحزنون{ ثم بشييرهم فقييال‪} :‬الييذين آمنييوا بآياتنييا وكييانوا‬
‫مسلمين{ أي آمنت قلوبهم وبواطنهم وانقادت لشرع الله‬
‫جوارحهم وظواهرهم‪ ,‬قال المعتمر بن سليمان عيين أبيييه‪:‬‬
‫إذا كان يوم القيامة فإن الناس حين يبعثييون ل يبقييى أحييد‬
‫منهم إل فزع فينادي مناد }يا عباد ل خييوف عليكييم اليييوم‬
‫ول أنتييم تحزنييون{ فيرجوهييا النيياس كلهييم‪ ,‬قييال‪ :‬فيتبعهييا‬
‫}الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين{ قال‪ :‬فييييأس النيياس‬
‫منها غير المؤمنين‪} .‬ادخلوا الجنة{ أي يقييال لهييم ادخلييوا‬
‫الجنيية }أنتييم وأزواجكييم{ أي نظراؤكييم }تحييبرون{ أي‬
‫تتنعمون وتسعدون وقد تقدم في سييورة الييروم‪} .‬يطيياف‬
‫عليهييم بصييحاف ميين ذهييب{ أي زبييادي آنييية الطعييام‬
‫}وأكواب{ وهي آنية الشراب أي من ذهب ل خراطيم لهييا‬
‫ول عرى }وفيها ما تشتهي النفس{ وقرأ بعضهم تشييتهيه‬
‫النفس }وتلذ العين{ أي طيييب الطعييام والريييح وحسيين‬
‫المنظر‪ .‬قال عبد الرزاق‪ :‬أخبرنا معمر‪ ,‬أخبرني إسييماعيل‬

‫‪197‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن أبي سعيد قال‪ :‬إن عكرمة مولى ابن عباس رضي الله‬
‫عنهما أخبره أن رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم قييال‪:‬‬
‫»إن أدنى أهل الجنة منزلة وأسفلهم درجة لرجل ل يدخل‬
‫الجنة بعده أحد‪ ,‬يفسح له في بصره مسيرة مائة عام في‬
‫قصور من ذهب وخيام من لؤلؤ ليس فيها موضييع شييبر إل‬
‫معمور يغدى عليه ويراح بسبعين ألف صييحفة ميين ذهييب‪,‬‬
‫ليس فيها صييحفة إل فيهييا لييون ليييس فييي الخييرى مثلييه‪,‬‬
‫شهوته في آخرها كشهوته في أولهييا‪ ,‬ولييو نييزل بييه جميييع‬
‫أهل الرض لوسع عليهم ممييا أعطييي ل ينقييص ذلييك ممييا‬
‫أوتيييييييييييييييييييييييييييييييي شييييييييييييييييييييييييييييييييئًا«‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا علي بن الحسييين بيين الجنيييد‪,‬‬
‫حدثنا عمرو بن سواد السرحي‪ ,‬حدثني عبد الله بين وهييب‬
‫عن ابن لهيعة عن عقيل بيين خالييد عيين الحسيين عيين أبييي‬
‫هريرة رضي الله عنه أن أبا أمامة رضييي اللييه عنييه حييدث‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حييدثهم وذكيير الجنيية‬
‫فقال‪» :‬والذي نفس محمد بيييده‪ ,‬ليأخييذن أحييدكم اللقميية‬
‫فيجعلها في فيه‪ ,‬ثم يخطر على بيياله طعييام آخيير فيتحييول‬
‫الطعام الذي في فيه على الذي اشتهى« ثييم قييرأ رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم }وفيها ما تشتهيه النفس وتلييذ‬
‫العييين وأنتييم فيهييا خالييدون{ وقييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا‬
‫حسن هو ابن موسى حدثنا سكين بن عبييد العزيييز‪ ,‬حييدثنا‬
‫الشعث الضرير عيين شييهر بيين حوشييب عيين أبييي هريييرة‬
‫رضي الله عنييه قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬إن أدنى أهل الجنة منزلة ميين لييه لسييبع درجييات‬
‫وهو على السادسة وفوقه السابعة‪ ,‬وإن له ثلثمييائة خييادم‬
‫ويغدى عليه ويراح كل يوم بثلثمائة صحفة ي ي ول أعلمييه إل‬
‫قال من ذهب في كل صحفة لون ليس في الخييرى‪ ,‬وإنييه‬
‫ليلذ أوله كما يلذ آخره‪ ,‬ومن الشربة ثلثمائة إناء فييي كييل‬
‫لخر‪ ,‬وإنه ليلذ أوله كما يلذ آخره‪ ,‬وإنه‬ ‫إناء لون ليس في ا َ‬
‫ليقول يا رب لو أذنت لي لطعمت أهل الجنة وسقيتهم لم‬
‫ينقص مما عندي شيء‪ ,‬وإن لييه ميين الحييور العييين لثنييين‬
‫وسبعين زوجة سوى أزواجه من الدنيا‪ ,‬وإن الواحدة منهن‬

‫‪198‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لتأخذ مقعدها قدر ميل من الرض« وقوله تعالى‪} :‬وأنتييم‬
‫فيها{ أي فييي الجنيية }خالييدون{ أي ل تخرجييون منهييا ول‬
‫ل‪.‬‬‫تبغيييييييييييييييييييون عنهيييييييييييييييييييا حيييييييييييييييييييو ً‬
‫ثم قيل لهم على وجه التفضييل والمتنييان }وتلييك الجنيية‬
‫التي أورثتموها بما كنتييم تعملييون{ أي أعمييالكم الصييالحة‬
‫كانت سببا ً لشمول رحمة الله إييياكم‪ ,‬فييإنه ل يييدخل أحييدا ً‬
‫عمله الجنة‪ ,‬ولكيين برحميية اللييه وفضييله‪ ,‬وإنمييا الييدرجات‬
‫ينال تفاوتها بحسب العمال الصالحات قال ابن أبي حاتم‪:‬‬
‫حدثنا الفضل بن شاذان المقري‪ ,‬حدثنا يوسف بن يعقييوب‬
‫يعني الصفار‪ ,‬حدثنا أبو بكر بن عييياش عيين العمييش عيين‬
‫أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬كل أهل النار يرى منزله ميين‬
‫الجنة‪ ,‬فيكون له حسرة فيقول }لو أن الله هييداني لكنييت‬
‫من المتقين{ وكل أهل الجنة يرى منزله من النار فيقييول‬
‫}وما كنا لنهتدي لييول أن هييدانا اللييه{ فيكييون لييه شييكرًا«‬
‫قال‪ :‬وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مييا ميين أحييد‬
‫إل وله منزل في الجنيية ومنييزل فييي النييار‪ ,‬فالكييافر يييرث‬
‫المؤمن منزله من النار‪ .‬والمؤمن يرث الكافر منزلييه ميين‬
‫الجنة‪ .‬وذلك قوله تعالى }وتلك الجنة التي أورثتموهييا بمييا‬
‫كنتم تعملون{ وقوله تعالى‪} :‬لكم فيها فاكهة كييثيرة{ أي‬
‫من جميع النواع }منها تأكلون{ أي مهما اخترتم وأردتييم‪.‬‬
‫ولما ذكر الطعام والشراب ذكر بعده الفاكهة لتتييم النعميية‬
‫والغبطييييييييييية‪ ,‬والليييييييييييه تعيييييييييييالى أعليييييييييييم‪.‬‬

‫م‬ ‫ن * ل َ ي َُفت ُّر عَن ْهُ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬


‫م َ‬ ‫جهَن ّ َ‬ ‫ب َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ن ِفي عَ َ‬ ‫مي َ‬ ‫جرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫** إ ِ ّ‬
‫م‬‫كن ك َيياُنوا ْ هُ ي ُ‬ ‫م وََلـ ي ِ‬ ‫مَنيياهُ ْ‬ ‫مييا ظ َل َ ْ‬ ‫ن * وَ َ‬ ‫سييو َ‬ ‫مب ْل ِ ُ‬‫م ِفي يهِ ُ‬ ‫وَهُ ي ْ‬
‫م‬‫ل إ ِن ّك ُي ْ‬‫ك قَييا َ‬ ‫ض عَل َي ْن َييا َرب ّي َ‬ ‫ِ‬ ‫ك ل ِي َْقي‬‫ماِلي ُ‬ ‫ن * وََنياد َوْا ْ ي َ َ‬ ‫مي َ‬ ‫الظ ّييال ِ ِ‬
‫كم بال ْحق وَلـك َ‬
‫ن‬ ‫هو َ‬ ‫كارِ ُ‬‫حقّ َ‬ ‫م ل ِل ْ َ‬ ‫ن أك ْث ََرك ُ ْ‬ ‫جئ َْنا ُ ِ َ ّ َ ِ ّ‬ ‫ن * ل ََقد ْ ِ‬ ‫ماك ُِثو َ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ع‬
‫م ُ‬ ‫سيي َ‬‫ن أّنا ل َ ن َ ْ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫م يَ ْ‬‫ن* أ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫مب ْرِ ُ‬ ‫مرا فَإ ِّنا ُ‬ ‫موَا أ ْ‬ ‫م أب َْر ُ‬ ‫* أ ْ‬
‫م ي َك ْت ُُبييييو َ‬
‫ن‬ ‫سييييل َُنا َلييييد َي ْهِ ْ‬ ‫ى وَُر ُ‬ ‫َ‬
‫هم ب َليييي َ‬ ‫وا ُ‬ ‫جيييي َ‬ ‫م وَن َ ْ‬ ‫سييييّرهُ ْ‬ ‫ِ‬

‫‪199‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لما ذكر تعالى حال السعداء ثنييى بييذكر الشييقياء فقييال‪:‬‬
‫}إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون * ل يفتر عنهييم{‬
‫أي ساعة واحدة }وهم فيه مبسلون{ أي آيسون من كييل‬
‫خييير‪} .‬ومييا ظلمنيياهم ولكيين كييانوا هييم الظييالمين{ أي‬
‫بأعمالهم السيئة بعد قيام الحجة عليهم‪ .‬وإرسييال الرسييل‬
‫إليهم‪ ,‬فكذبوا وعصوا فجوزوا بذلك جزاء وفاق يا ً ومييا ربييك‬
‫بظلم للعبييد‪} .‬ونيادوا ييا ماليك{ وهيو خيازن النيار‪ .‬قيال‬
‫البخاري‪ :‬حدثنا حجاج بن منهال حدثنا سفيان بن عيينة عن‬
‫عمرو بن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه رضييي اللييه‬
‫عنه قال‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسييلم يقييرأ‬
‫على المنبر }ونادوا يا مالك ليقض علينا ربييك{ أي يقبييض‬
‫أرواحنا فيريحنا مما نحن فيه فييإنهم كمييا قييال تعييالى‪} :‬ل‬
‫يقضى عليهم فيموتوا ول يخفف عنهم من عييذابها{ وقييال‬
‫عز وجل‪} :‬ويتجنبها الشقى * الذي يصلى النار الكييبرى *‬
‫ثم ل يموت فيها ول يحيا{ فلمييا سييألوا أن يموتييوا أجييابهم‬
‫مالك }قال إنكم ميياكثون{ قييال ابيين عبيياس‪ :‬مكييث ألييف‬
‫سنة ثم قال‪ :‬إنكم ماكثون رواه ابن أبي حاتم أي ل خروج‬
‫لكم منها ول محيد لكم عنها ثم ذكر سبب شييقوتهم‪ ,‬وهييو‬
‫مخالفتهم للحق ومعاندتهم له فقال‪} :‬لقد جئناكم بالحق{‬
‫أي بيناه لكييم ووضييحناه وفسييرناه }ولكيين أكييثركم للحييق‬
‫كارهون{ أي ولكن كانت سجاياكم ل تقبله ول تقبل عليييه‪,‬‬
‫وإنمييا تنقيياد للباطييل وتعظمييه‪ ,‬وتصييد عيين الحييق وتأبيياه‬
‫وتبغض أهله‪ ,‬فعودوا على أنفسكم بالملمة‪ .‬واندموا حيث‬
‫ل تنفعكم الندامة‪ ,‬ثم قال تبارك وتعالى‪} :‬أم أبرموا أمييرا ً‬
‫فإنا مبرمون{ قال مجاهد‪ :‬أرادوا كيد شر‪ ,‬فكدناهم وهييذا‬
‫الذي قاله مجاهد كما قال تعالى‪} :‬ومكييروا مكييرا ً ومكرنييا‬
‫مكييرا ً وهييم ل يشييعرون{ وذلييك لن المشييركين كييانوا‬
‫يتحيلييون فييي رد الحييق بالباطييل بحيييل ومكيير يسييلكونه‪,‬‬
‫فكادهم الله تعالى ورد وبال ذلك عليهم‪ ,‬ولهييذا قييال‪} :‬أم‬
‫يحسييبون أنييا ل نسييمع سييرهم ونجييواهم{ أي سييرهم‬
‫وعلنيتهم }بلى ورسلنا لديهم يكتبون{ أي نحيين نعلييم مييا‬
‫هم عليه والملئكة أيضا ً يكتبون أعمالهم صغيرها وكبيرهييا‪.‬‬

‫‪200‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫ن‬ ‫حا َ‬ ‫س يب ْ َ‬ ‫ن* ُ‬ ‫دي َ‬ ‫ل ال َْعاب ِي ِ‬ ‫ن وَل َد ٌ فَأ َن َا ْ أ َوّ ُ‬ ‫مـ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ِللّر ْ‬ ‫كا َ‬‫ل ِإن َ‬ ‫** قُ ْ‬
‫ن*‬ ‫صيييُفو َ‬ ‫ميييا ي َ ِ‬ ‫ش عَ ّ‬ ‫ت َوالْرض َر ّ ْ‬
‫ب الَعيييْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سييي َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫َر ّ‬
‫ن*‬ ‫دو َ‬ ‫ذي ُيوعَ ُ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫مه ُ ُ‬ ‫ى ي ُل َُقوا ْ ي َوْ َ‬ ‫حت ّ َ‬ ‫ضوا ْ وَي َل ْعَُبوا ْ َ‬ ‫خو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫فَذ َْرهُ ْ‬
‫م‬ ‫كيي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ه وَهُيوَ ال ْ َ‬ ‫ض إ َِلـي ٌ‬ ‫ه وَفِييي الْر ِ‬ ‫سمآِء إ َِلـ ٌ‬ ‫ذي ِفي ال ّ‬ ‫وَهُوَ ال ّ ِ‬
‫مييا‬ ‫ض وَ َ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سي َ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫مل ْي ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ذي َلي ُ‬ ‫ك ال ّي ِ‬ ‫م * وَت َب َيياَر َ‬ ‫ال ْعَِلي ُ‬
‫ك‬ ‫مل ِي ُ‬ ‫ن * وَل َ ي َ ْ‬ ‫جعُييو َ‬ ‫سيياعَةِ وَإ ِل َي ْيهِ ت ُْر َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫عل ْي ُ‬‫عن يد َهُ ِ‬ ‫مييا وَ ِ‬ ‫ب َي ْن َهُ َ‬
‫م‬ ‫حقّ وَهُي ْ‬ ‫شيهِد َ ب ِييال ْ َ‬ ‫من َ‬ ‫ة إ ِل ّ َ‬ ‫شَفاعَ َ‬ ‫دون ِهِ ال ّ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ي َد ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ذي‬‫ال ّ ِ‬
‫ى‬ ‫ن‬ ‫يعل َمييون * ول َئن سيأ َل ْتهم مين خل ََقهيم ل َيُقييول ُن الل ّيه فَيأ َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ َُ ّ ْ َ ُ ْ َ‬ ‫َ ِ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ‬
‫ح‬ ‫صَف ْ‬ ‫ن * َفا ْ‬ ‫مُنو َ‬ ‫م ل ّ ي ُؤْ ِ‬ ‫هـؤُل َِء قَوْ ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫ب إِ ّ‬ ‫ن * وَِقيل ِهِ ي ََر ّ‬ ‫كو َ‬ ‫ي ُؤْفَ ُ‬
‫ن‬
‫ميييييييو َ‬ ‫ف ي َعْل َ ُ‬ ‫سيييييييوْ َ‬ ‫م فَ َ‬ ‫سيييييييل َ ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫م وَُقييييييي ْ‬ ‫عَن ُْهييييييي ْ‬
‫يقول تعالى‪} :‬قل{ يا محمد }إن كان للرحمن ولييد فأنييا‬
‫أول العابدين{ أي لو فرض هييذا لعبييدته علييى ذلييك‪ ,‬لنييي‬
‫عبد من عبيده مطيييع لجميييع مييا يييأمرني بييه ليييس عنييدي‬
‫استكبار ول إباء عيين عبييادته‪ ,‬فلييو فييرض هييذا لكييان هييذا‪,‬‬
‫ولكن هذا ممتنييع فييي حقييه تعييالى والشييرط ل يلييزم منييه‬
‫الوقوع ول الجواز أيضا ً كما قال عييز وجييل‪} :‬لييو أراد اللييه‬
‫أن يتخذ ولدا ً لصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هييوالله‬
‫الواحد القهار{ وقال بعييض المفسييرين فييي قييوله تعييالى‪:‬‬
‫لنفييين‪ ,‬ومنهييم سييفيان الثييوري‬ ‫}فأنا أول العابييدين{ أي ا َ‬
‫والبخاري‪ ,‬حكاه فقال ويقال أول العابييدين الجاحييدين ميين‬
‫عَِبد يعَْبد‪ ,‬وذكر ابن جرير لهذا القول من الشواهد ما رواه‬
‫عن يونس بن عبد العلى عن ابن وهب‪ ,‬حدثني ابيين أبييي‬
‫ذئب عن أبي قسيط عن بعجة بيين زييد الجهنييي أن اميرأة‬
‫منهم دخلت على زوجها وهو رجل منهم أيضًا‪ ,‬فولييدت لييه‬
‫في ستة أشهر فذكر ذلك زوجها لعثمان بيين عفييان رضييي‬
‫الله عنه‪ ,‬فأمر بها أن ترجييم‪ ,‬فييدخل عليييه علييي بيين أبييي‬
‫طالب رضي الله عنه فقال‪ :‬إن الله تعالى يقول في كتابه‬
‫}وحمله وفصاله ثلثون شهرًا{ وقال عز وجل‪} :‬وفصيياله‬
‫في عامين{ قال‪ :‬فو الله ما عبد عثمييان رضييي اللييه عنييه‬

‫‪201‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أن بعييث إليهييا تييرد‪ ,‬قييال يييونس‪ :‬قييال ابيين وهييب‪ :‬عبييد‬
‫اسييييييييييييييييتنكف‪ .‬وقييييييييييييييييال الشيييييييييييييييياعر‪:‬‬
‫ة متى ما يشيأ ذو اليود يصيرم خليلهويعبييد علييه ل محالية‬
‫ظالميييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييا‬
‫وهذا القول فيه نظر لنه كيف يلتئم مع الشييرط فيكييون‬
‫تقديره إن كان هذا فأنا ممتنع منه ؟ هذا فيه نظر فليتأمل‬
‫ن ليست شييرطا ً وإنمييا هييي نافييية‪,‬‬ ‫اللهم إل أن يقال‪ :‬أن إ ْ‬
‫كما قال علي بن أبي طلحة‪ ,‬عين ابيين عبياس رضيي الليه‬
‫عنهما في قوله تعالى‪} :‬قل إن كان للرحمن ولد{ يقييول‪:‬‬
‫لم يكن للرحمن ولد‪ ,‬فأنا أول الشاهدين‪ .‬وقال قتادة هييي‬
‫كلميية ميين كلم العييرب }إن كييان للرحميين ولييد فأنييا أول‬
‫العابدين{ أي إن ذلك لم يكن فل ينبغي‪ ,‬وقييال أبييو صييخر‬
‫}قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين{ أي فأنييا أول‬
‫من عبده بأن ل ولد له‪ ,‬وأول ميين وحييده‪ ,‬وكييذا قييال عبييد‬
‫الرحميين بيين زيييد بيين أسييلم‪ ,‬وقييال مجاهييد }فأنييا أول‬
‫العابييدين{ أي أول ميين عبييده ووحييده وكييذبكم‪ ,‬وقييال‬
‫لنفييين وهمييا لغتييان رجييل‬ ‫البخاري }فأنييا أول العابييدين{ ا َ‬
‫عابد وعبد‪ ,‬والول أقرب على أنه شرط وجزاء ولكيين هييو‬
‫ممتنع‪ ,‬وقال السدي }قل إن كان للرحميين ولييد فأنييا أول‬
‫العابدين{ يقول ‪ :‬لو كان له ولد كنت أول ميين عبييده بييأن‬
‫له ولدا ً ولكن ل ولد له‪ ,‬وهو اختيار ابن جرير ورد قول من‬
‫ن نافييية‪ .‬ولهييذا قييال تعيييالى‪} :‬سييبحان رب‬ ‫زعيييم أن إ ْ‬
‫السيموات والرض رب العيرش عمييا يصييفون{ أي تعييالى‬
‫وتقدس وتنزه خالق الشياء عن أن يكون له ولد فإنه فرد‬
‫أحيييد صيييمد‪ ,‬ل نظيييير ليييه ول كفيييء ليييه فل وليييد ليييه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬فذرهم يخوضوا{ أي في جهلهم وضللهم‬
‫}ويلعبوا{ في دنياهم }حتى يلقوا يومهم الذي يوعييدون{‬
‫وهو يوم القيامة أي فسوف يعلمون كيف يكون مصيييرهم‬
‫ومآلهم وحالهم في ذلك اليوم قوله تبارك وتعييالى‪} :‬وهييو‬
‫الذي في السماء إله وفي الرض إله{ أي هو إله من فييي‬
‫السماء وإله من في الرض يعبده أهلهييا وكلهييم خاضييعون‬
‫لييية كقييوله‬‫له أذلء بين يديه }وهو الحكيم العليم{ وهذه ا َ‬

‫‪202‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سبحانه وتعييالى‪} :‬وهييو اللييه فييي السييموات وفييي الرض‬
‫يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسييبون{ أي هييو المييدعو‬
‫اللييه فييي السييموات والرض }وتبييارك الييذي لييه ملييك‬
‫السييموات والرض ومييا بينهمييا{ أي هييو خالقهييا ومالكهييا‪,‬‬
‫والمتصرف فيها بل مدافعة ول ممانعيية‪ ,‬فسييبحانه وتعييالى‬
‫عيين الولييد وتبييارك‪ ,‬أي اسييتقر لييه السييلمة ميين العيييوب‬
‫والنقائص‪ ,‬لنه الرب العلي العظيم المالييك للشييياء الييذي‬
‫بيده أزمة المور نقضا ً وإبرامًا‪} .‬وعنده علم السيياعة{ أي‬
‫ل يجليها لوقتها إل هييو }وإليييه ترجعييون{ أي فيجييازي كل ً‬
‫بعمله إن خيرا ً فخير وإن شرا ً فشر‪ .‬ثم قييال تعييالى‪} :‬ول‬
‫يملك الذين يدعون ميين دونييه{ أي ميين الصيينام والوثييان‬
‫}الشييفاعة{ أي ل يقييدرون علييى الشييفاعة لهييم }إل ميين‬
‫شهد بالحق وهم يعلمون{ هييذا اسييتثناء منقطييع‪ .‬أي لكيين‬
‫من شهد بيالحق عليى بصييرة وعليم‪ ,‬فيإنه تنفيع شيفاعته‬
‫عنييده بييإذنه لييه‪ .‬ثييم قييال عييز وجييل‪} :‬ولئن سييألتهم ميين‬
‫خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون{ أي ولئن سييألت هييؤلء‬
‫المشركين بالله العابدين معه غيره }ميين خلقهييم ليقييولن‬
‫الله{ أي هم يعترفون أنه الخالق للشياء جميعها وحييده ل‬
‫شريك له في ذلك‪ ,‬ومع هييذا يعبييدون معييه غيييره مميين ل‬
‫يملك شيئا ً ول يقدر على شيء‪ ,‬فهييم فييي ذلييك فييي غاييية‬
‫الجهل والسفاهة وسخافة العقل‪ .‬ولهذا قال تعالى‪} :‬فأنى‬
‫يؤفكيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييون{‪.‬‬
‫وقيييوله جيييل وعل‪} :‬وقيليييه ييييا رب إن هيييؤلء قيييوم ل‬
‫يؤمنون{ أي وقال محمد صلى الله عليه وسييلم‪ ,‬قيلييه أي‬
‫شكا إلى ربه شكواه من قومه الذين كييذبوه فقييال يييا رب‬
‫إن هييؤلء قييوم ل يؤمنييون‪ ,‬كمييا أخييبر تعييالى فييي ا َ‬
‫لييية‬
‫الخييرى‪} :‬وقييال الرسييول يييا رب إن قييومي اتخييذوا هييذا‬
‫القرآن مهجورًا{ وهذا الذي قلنيياه هييو قييول ابيين مسييعود‬
‫رضي الله عنه ومجاهيد وقتييادة‪ ,‬وعلييه فسيير ابيين جرييير‪,‬‬
‫قال البخاري‪ :‬وقرأ عبد الله يعني ابن مسييعود رضييي الليه‬
‫عنييه }وقييال الرسييول يييا رب{ وقييال مجاهييد فييي قييوله‪:‬‬
‫}وقيله يا رب إن هؤلء ل يؤمنون{ قال يؤثر الله عز وجل‬

‫‪203‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قول محمد صلى الله عليه وسلم‪ .‬وقييال قتيادة‪ :‬هيو قيول‬
‫نبيكم صلى الليه علييه وسيلم يشييكو قييومه إليى ربيه عيز‬
‫وجل‪ .‬ثم حكى ابن جرير في قوله تعالى‪} :‬وقيله يييا رب{‬
‫قراءتييين إحييداهما النصييب‪ ,‬ولهييا توجيهييان‪ :‬أحييدهما أنييه‬
‫معطييوف علييى قييوله تبييارك وتعييالى‪} :‬نسييمع سييرهم‬
‫ونجييواهم{ والثيياني أن يقييدر فعييل وقييال قيلييه‪ ,‬والثانييية‬
‫الخفض وقيله عطفا ً على قييوله‪} :‬وعنييده علييم السيياعة{‬
‫وتقديره وعلم قيلييه‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬فاصييفح عنهييم{ أي‬
‫المشيييركين }وقيييل سيييلم{ أي ل تجييياوبهم بمثيييل ميييا‬
‫يخاطبونك بييه ميين الكلم السيييء‪ ,‬ولكيين تييألفهم واصييفح‬
‫عنهم فعل ً وقول ً }فسوف يعلمييون{ هييذا تهديييد ميين اللييه‬
‫ل بهم بأسه الذي ل يييرد وأعلييى دينييه‬ ‫تعالى لهم‪ ,‬ولهذا أح ّ‬
‫وكلمته‪ ,‬وشرع بعد ذلك الجهاد والجلد حييتى دخييل النيياس‬
‫فييي دييين اللييه أفواج يًا‪ ,‬وانتشيير السييلم فييي المشييارق‬
‫والمغييارب واللييه أعلييم‪ .‬آخيير تفسييير سييورة الزخييرف‪.‬‬

‫سورة الدخان‬
‫وهي مكية‬
‫قال الترمييذي‪ :‬حييدثنا سييفيان بيين وكيييع‪ ,‬حييدثنا زيييد بيين‬
‫الحباب عن عمر بن أبي خثعم عن يحيى بن أبي كثير‪ ,‬عن‬
‫أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬من قرأ حم الدخان في ليليية‬
‫أصبح يستغفر لييه سييبعون ألييف مليك« ثييم قييال غريييب ل‬
‫نعرفه إل من هذا الوجه‪ ,‬وعمر بن أبي خثعم يضييعف قييال‬
‫البخاري منكر الحديث‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬حدثنا نصر بن عبد الرحمن الكييوفي‪ ,‬حييدثنا زيييد‬
‫بن الحباب عن هشام أبي المقدام عيين الحسيين عيين أبييي‬
‫هريرة رضي الله عنه قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬من قرأ حم الدخان فييي ليليية الجمعيية غفيير‬
‫له« ثم قال غريب ل نعرفه إل من هذا الوجه‪ ,‬وهشام أبييو‬
‫المقدام يضعف‪ ,‬والحسن لم يسمع من أبي هريرة رضييي‬
‫الله عنه‪ ,‬كذا قال أيوب ويونس بيين عبيييد وعلييي بيين زيييد‬

‫‪204‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رحمة الله عليهم أجمعين‪ ,‬وفييي مسييند الييبزار ميين رواييية‬
‫أبي الطفيل عامر بن واثلة عن زيد بيين حارثيية أن رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قال لبن صياد‪» :‬إني قد خبييأت‬
‫خبأ فما هو ؟« وخبأ له رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‬
‫سورة الدخان فقال‪ :‬هو الدخ‪ .‬فقال‪» :‬اخسأ ما شيياء اللييه‬
‫كان« ثم انصرف‪.‬‬
‫حيم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سم ِ الل ّهِ الّر ْ‬
‫حمـ ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫َ‬
‫مَباَرك َةٍ إ ِّنا‬‫ن * إ ِّنآ أنَزل َْناهُ ِفي ل َي ْل َةٍ ّ‬ ‫ِ‬ ‫مِبي‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫م * َوال ْك َِتا ِ‬ ‫** ح َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫عن ْيدَِنآ‬ ‫ن ِ‬ ‫مي ْ‬ ‫مرا ً ّ‬ ‫كيم ٍ * أ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫مرٍ َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ن * ِفيَها ي ُْفَرقُ ك ُ ّ‬ ‫منذِِري َ‬ ‫ك ُّنا ُ‬
‫م*‬ ‫ميعُ ال ْعَِلييي ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ه هُوَ ال ّ‬ ‫ك إ ِن ّ ُ‬ ‫من ّرب ّ َ‬ ‫ة ّ‬‫م ً‬ ‫ح َ‬ ‫ن * َر ْ‬ ‫سِلي َ‬ ‫مْر ِ‬ ‫إ ِّنا ك ُّنا ُ‬
‫ن * لَ‬ ‫مييوقِِني َ‬ ‫كنت ُييم ّ‬ ‫مييآ ِإن ُ‬ ‫ما ب َي ْن َهُ َ‬ ‫ض وَ َ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫ب ال ّ‬ ‫َر ّ‬
‫ن‬‫م الوِّلي َ‬ ‫ب آَبآئ ِك ُ ُ‬ ‫م وََر ّ‬ ‫ت َرب ّك ُ ْ‬ ‫مي ُ‬ ‫حِييي وَي ُ ِ‬ ‫ه إ ِل ّ هُوَ ي ُ ْ‬‫إ َِلـ َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن القرآن العظيم أنه أنزله في ليلة‬
‫مباركة‪ ,‬وهي ليلة القدر كما قييال عييز وجييل‪} :‬إنييا أنزلنيياه‬
‫في ليلة القدر{ وكييان ذلييك فييي شييهر رمضييان كمييا قييال‬
‫تبارك وتعالى‪} :‬شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن{ وقد‬
‫ذكرنا في الحاديث الواردة فييي سييورة البقييرة بمييا أغنييى‬
‫عن إعادته‪ ,‬ومن قال‪ :‬إنها ليليية النصييف ميين شييعبان كمييا‬
‫روي عن عكرمة فقد أبعد النجعة‪ ,‬فييإن نييص القييرآن أنهييا‬
‫في رمضان‪ ,‬والحديث الذي رواه عبد الله بيين صييالح عيين‬
‫الليث عن عقيل عن الزهري‪ ,‬أخبرني عثمان بن محمد بن‬
‫المغيرة بن الخنس قال‪ :‬إن رسول الله صييلى اللييه عليييه‬
‫لجال من شييعبان إلييى شييعبان حييتى‬ ‫وسلم قال‪» :‬تقطع ا َ‬
‫إن الرجل لينكح ويولد له وقد أخرج اسييمه فييي المييوتى«‬
‫فهو حديث مرسل ومثله ل يعارض به النصوص‪ .‬وقوله عز‬
‫وجل‪} :‬إنا كنا منذرين{ أي معلمييين مييا ينفعهييم ويضييرهم‬
‫شرعا ً لتقوم حجة الله على عباده‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬فيها يفرق كل أمر حكيييم{ أي فييي ليليية القييدر‬
‫من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة‪ ,‬وما يكون فيهييا‬
‫لجال والرزاق ومييا يكييون فيهييا إلييى آخرهييا‪ .‬وهكييذا‬ ‫من ا َ‬

‫‪205‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫روي عن ابن عميير ومجاهييد وأبييي مالييك والضييحاك وغييير‬
‫واحد من السلف وقوله جييل وعل‪} :‬حكيييم{ أي محكييم ل‬
‫يبدل ول يغير‪ ,‬ولهذا قال جل جلله‪} :‬أمرا ً من عنييدنا{ أي‬
‫جميع ما يكون ويقدره الله تعالى وما يوحيه فبأمره وإذنييه‬
‫وعلمه }إنا كنا مرسلين{ أي إلى الناس رسول ً يتلو عليهم‬
‫آيات الله مبينات فإن الحاجة كانت ماسة إليه‪ ,‬ولهذا قييال‬
‫تعييالى‪} :‬رحميية ميين ربييك إنييه هييو السييميع العليييم * رب‬
‫السموات والرض وما بينهما{ أي الذي أنييزل القييرآن هييو‬
‫رب السموات والرض وخالقها ومالكها وما فيها }إن كنتم‬
‫موقنين{ أي إن كنتم متحققين ثم قال تعييالى‪} :‬ل إلييه إل‬
‫هو يحيي ويميت ربكييم ورب آبييائكم الولييين{ وهييذه ا َ‬
‫لييية‬
‫كقوله تعالى‪} :‬قل يا أيها النيياس إنييي رسييول اللييه إليكييم‬
‫جميعا ً الذي له ملك السموات والرض ل إله إل هييو يحيييي‬
‫ويميت{ ا َ‬
‫لية‪.‬‬

‫ْ‬
‫مآءُ‬ ‫سي َ‬ ‫م ت َيأِتي ال ّ‬ ‫ب ي َيوْ َ‬ ‫ن * فَيياْرت َِق ْ‬ ‫ك ي َل ْعَُبو َ‬‫ش ّ‬ ‫م ِفي َ‬ ‫ل هُ ْ‬ ‫** ب َ ْ‬
‫م * ّرب ّن َييا‬ ‫َ‬ ‫ذا عَي َ‬ ‫هـي َ‬ ‫ن * ي َغْ َ‬
‫ب أِليي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫س َ‬‫شييى الن ّييا َ‬ ‫ٍ‬ ‫مِبيي‬‫ن ّ‬ ‫خا ٍ‬ ‫ب ِيد ُ َ‬
‫َ‬
‫م ال يذ ّك َْرىَ وَقَ يد ْ‬ ‫ى ل َهُ ي ُ‬‫ن * أن ّي َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫ب إ ِّنا ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫ف عَّنا ال ْعَ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫اك ْ ِ‬
‫ن*‬ ‫جُنو ٌ‬‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫معَل ّ ٌ‬
‫ه وََقاُلوا ْ ُ‬ ‫م ت َوَل ّوْا ْ عَن ْ ُ‬ ‫ن * ثُ ّ‬ ‫مِبي ٌ‬‫ل ّ‬ ‫سو ٌ‬ ‫م َر ُ‬ ‫جآَءهُ ْ‬ ‫َ‬
‫ش‬‫طيي ُ‬ ‫م ن َب ْ ِ‬‫ن * َيييوْ َ‬ ‫دو َ‬ ‫عييآئ ِ ُ‬ ‫م َ‬‫كيي ْ‬ ‫ب قَِليل ً إ ِن ّ ُ‬ ‫ذا ِ‬ ‫شييُفو ال َْعيي َ‬ ‫كا ِ‬ ‫إ ِّنييا َ‬
‫ن‬
‫مو َ‬ ‫ة ال ْك ُب َْرىَ إ ِّنا ُ‬
‫منت َِق ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ال ْب َط ْ َ‬
‫يقول تعالى‪ :‬بل هؤلء المشركون في شييك يلعبييون أي‬
‫قد جاءهم الحييق اليقييين وهييم يشييكون فيييه ويمييترون ول‬
‫يصييدقون بييه‪ ,‬ثييم قييال عييز وجييل متوعييدا ً لهييم ومهييددًا‪:‬‬
‫}فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين{ قال سليمان بن‬
‫مهران العمش عن أبي الضييحى مسييلم بيين صييبيح‪ ,‬عيين‬
‫مسروق قال‪ :‬دخلنا المسييجد‪ ,‬يعنييي مسييجد الكوفيية عنييد‬
‫أبواب كندة‪ ,‬فييإذا رجييل يقييص علييى أصييحابه }يييوم تييأتي‬
‫السماء بدخان مبين{ تدرون ما ذلك الدخان ؟ ذلك دخييان‬
‫يييأتي يييوم القياميية فيأخييذ بأسييماع المنييافقين وأبصييارهم‬
‫ويأخذ المؤمنين منه شبه الزكام‪ ,‬قال‪ :‬فأتينا ابيين مسييعود‬

‫‪206‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رضي الله عنه‪ ,‬فييذكرنا لييه ذلييك وكييان مضييطجعًا‪ ,‬ففييزع‬
‫فقعد وقال‪ :‬إن الله عز وجل قال لنبيكم صييلى اللييه عليييه‬
‫وسييلم‪} :‬قييل مييا أسييألكم عليييه ميين أجيير ومييا أنييا ميين‬
‫المتكلفين{ إن من العلم أن يقول الرجل لما ل يعلم اللييه‬
‫أعلييم سييأحدثكم عيين ذلييك‪ ,‬إن قريش يا ً لمييا أبطييأت عيين‬
‫السلم واستعصت على رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫دعا عليهييم بسيينين كسييني يوسييف‪ ,‬فأصييابهم ميين الجهييد‬
‫والجييوع حييتى أكلييوا العظييام والميتيية‪ ,‬وجعلييوا يرفعييون‬
‫أبصارهم إلييى السييماء فل يييرون إل الييدخان‪ ,‬وفييي رواييية‬
‫فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينهييا كهيئة‬
‫الدخان من الجهد‪.‬‬
‫قال الله تعالى‪} :‬فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مييبين‬
‫يغشى الناس هذا عذاب أليم{ فأتى رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم فقيل يا رسول الله استسق الله لمضيير فإنهييا‬
‫قد هلكت‪ ,‬فاستسقى صلى الله عليه وسييلم لهييم فسييقوا‬
‫فنزلت }إنا كاشفو العذاب قليل ً إنكم عييائدون{ قييال ابيين‬
‫مسييعود رضييي اللييه عنييه‪ :‬فيكشييف عنهييم العييذاب يييوم‬
‫القيامة فلما أصابهم الرفاهية عادوا إلى حالهم فأنزل الله‬
‫عز وجل‪} :‬يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون{ قال‬
‫يعني يوم بدر قال ابن مسعود رضي الله عنه‪ :‬فقد مضييى‬
‫خمسة‪ :‬الدخان والروم والقميير والبطشيية واللييزام‪ ,‬وهييذا‬
‫الحييديث مخييرج فييي الصييحيحين ورواه المييام أحمييد فييي‬
‫مسنده‪ ,‬وهو عند الترمذي والنسائي في تفسيريهما‪ ,‬وعند‬
‫ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق متعييددة عيين العمييش‬
‫لية‬‫به‪ ,‬وقد وافق ابن مسعود رضي الله عنه على تفسير ا َ‬
‫بهذا‪ ,‬وأن الدخان مضى‪ :‬جماعة من السلف كمجاهد وأبي‬
‫العالية وإبراهيم النخعي والضييحاك وعطييية العييوفي‪ ,‬وهييو‬
‫اختيار ابن جرير‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا جعفر بيين مسييافر‪,‬‬
‫حييدثنا يحيييى بيين حسييان‪ ,‬حييدثنا ابيين لهيعيية‪ ,‬حييدثنا عبييد‬
‫الرحمن العرج في قوله عييز وجييل‪} :‬يييوم تييأتي السييماء‬
‫بدخان مبين{ قال‪ :‬كان يوم فتح مكة وهييذا القييول غريييب‬

‫‪207‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جدا ً بل منكر‪ .‬وقال آخرون لم يمض الييدخان بعييد بييل هييو‬
‫من أمارات السيياعة كمييا تقييدم ميين حييديث أبييي سييريحة‬
‫حذيفة بن أسيد الغفيياري رضييي اللييه عنييه‪ ,‬قييال‪ :‬أشييرف‬
‫علينا رسول الله صلى الله عليه وسيلم مين عرفية ونحين‬
‫نتذاكر السيياعة فقييال صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬ل تقييوم‬
‫الساعة حتى تروا عشر آيات‪ :‬طلوع الشمس من مغربهيا‪,‬‬
‫والدخان والدابة وخروج يأجوج ومأجوج وخروج عيسى بن‬
‫مريم والدجال وثلثة خسوف‪ :‬خسف بالمشييرق‪ ,‬وخسييف‬
‫بالمغرب‪ ,‬وخسف بجزيييرة العييرب‪ ,‬ونييار تخييرج ميين قعيير‬
‫عدن تسوق الناس ي أو تحشر الناس ي تييبيت معهييم حيييث‬
‫باتوا‪ ,‬وتقيل معهم حيث قالوا«‪ .‬تفرد بإخراجه مسييلم فييي‬
‫صحيحه‪ ,‬وفي الصحيحين أن رسول الله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم قال لبن صياد‪» :‬إني خبأت لك خبأ« قال‪ :‬هو الدخ‪,‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم »اخسأ فلن تعدو قدرك« قييال‪:‬‬
‫وخبأ له رسول الله صلى الله عليه وسلم‪} :‬فييارتقب يييوم‬
‫تييأتي السييماء بييدخان مييبين{ وهييذا فيييه إشييعار بييأنه ميين‬
‫المنتظر المرتقب‪ ,‬وابن صياد كاشف على طريقة الكهييان‬
‫بلسان الجان‪ ,‬وهم يقرطمون العبارة‪ ,‬ولهذا قال هو الدخ‪,‬‬
‫يعني الدخان‪ ,‬فعندها عرف رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم مادته وأنها شيطانية فقال صلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»اخسأ فلن تعدو قدرك«‪.‬‬
‫ثم قال ابن جرير‪ :‬وحدثني عصييام بيين رواد بيين الجييراح‪,‬‬
‫حدثنا أبييي‪ ,‬حييدثنا سييفيان بيين أبييي سييعيد الثييوري‪ ,‬حييدثنا‬
‫منصور بن المعتمر عيين ربعييي بيين حييراش قييال‪ :‬سييمعت‬
‫حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقييول‪ :‬قييال رسييول اللييه‬
‫ليييات الييدجال ونييزول‬ ‫صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬إن أول ا َ‬
‫عيسى بن مريم عليهما الصلة والسييلم‪ ,‬ونييار تخييرج ميين‬
‫قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر تقيييل معهييم إذا‬
‫قالوا‪ ,‬والدخان ي قال حذيفة رضي الله عنه يا رسول اللييه‬
‫وما الدخان ؟ فتل رسول الله صلى الله عليه وسييلم هييذه‬
‫لية }فارتقب يييوم تييأتي السييماء بييدخان مييبين * يغشييى‬ ‫ا َ‬
‫الناس هذا عذاب أليم{ ي يمل ما بييين المشييرق والمغييرب‬

‫‪208‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يمكث أربعين يوما ً وليلة‪ ,‬أمييا المييؤمن فيصيييبه منييه كهيئة‬
‫الزكمة‪ ,‬وأما الكافر فيكييون بمنزليية السييكران يخييرج ميين‬
‫منخريه وأذنيه ودبره«‪ .‬قال ابن جرير‪ :‬لو صح هذا الحديث‬
‫لكان فاصل ً وإنما لم أشهد له بالصحة لن محمد بن خلييف‬
‫العسقلني حدثني أنييه سييأل روادا ً عيين هييذا الحييديث هييل‬
‫سمعه من سفيان ؟ فقال له‪ :‬ل ‪ ,‬قال فقلت‪ :‬أقرأته عليه‬
‫؟ قال‪:‬ل ‪ ,‬قال فقلت‪ :‬أقرىء عليه وأنت حاضر فأقر بييه ؟‬
‫فقال‪ :‬ل ‪ ,‬فقلت له‪ :‬فمن أين جئت به ؟ فقال‪ :‬جاءني بييه‬
‫قوم فعرضوه علي وقالوا لي اسمعه منا‪ ,‬فقرءوه علي ثم‬
‫ذهبوا به فحدثوا به عني أو كما قال وقييد أجيياد ابيين جرييير‬
‫في هذا الحديث ههنا‪ ,‬فإنه موضوع بهذا السند‪ ,‬وقييد أكييثر‬
‫ابن جرير من سياقه في أميياكن ميين هييذا التفسييير‪ ,‬وفيييه‬
‫منكرات كثيرة جدًا‪ ,‬ول سيما في أول سورة بني إسرائيل‬
‫في ذكر المسجد القصى‪ ,‬والله أعلم‪.‬‬
‫وقال ابن جرير أيضًا‪ :‬حدثنا محمد بن عوف‪ ,‬حدثنا محمد‬
‫بن إسماعيل بن عياش‪ ,‬حدثني أبييي‪ ,‬حييدثني ضمضييم بيين‬
‫زرعة عن شريح بن عبيد عن أبييي مالييك الشييعري رضييي‬
‫الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إن‬
‫ربكم أنذركم ثلثًا‪ :‬الدخان يأخذ المييؤمن كالزكميية‪ ,‬ويأخييذ‬
‫الكافر فينتفخ حييتى يخييرج ميين كييل مسييمع منييه‪ ,‬والثانييية‬
‫الدابة والثالثة الييدجال«‪ .‬ورواه الطييبراني عيين هاشييم بيين‬
‫يزيد عن محمد بن إسييماعيل بيين عييياش بييه وهييذا إسييناد‬
‫جيد‪ .‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبو زرعة‪ ,‬حييدثنا صييفوان‪,‬‬
‫حييدثنا الوليييد‪ ,‬حييدثنا خليييل عيين الحسيين عيين أبييي سييعيد‬
‫الخدري رضي الله عنه‪ ,‬أن رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم قال‪» :‬يهيج الدخان بالنيياس‪ ,‬فأمييا المييؤمن فيأخييذه‬
‫الزكمة‪ ,‬وأما الكافر فينفخه حييتى يخييرج ميين كييل مسييمع‬
‫منه«‪ .‬ورواه سعيد بن أبي عروبة عن قتييادة عيين الحسيين‬
‫عن أبييي سييعيد الخييدري رضييي اللييه عنييه موقوفيًا‪ ,‬وروى‬
‫سعيد بن عوف عن الحسن مثله‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا عبد الله بن صالح بن مسييلم‪,‬‬
‫حدثنا إسرائيل عيين أبييي إسييحاق عيين الحييارث عيين علييي‬

‫‪209‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رضييي اللييه عنييه قييال‪ :‬لييم تمييض آييية الييدخان بعييد‪ ,‬يأخييذ‬
‫المؤمن كهيئة الزكام وتنفخ الكييافر حييتى ينفييذ وروى ابيين‬
‫جرييير ميين حييديث الوليييد بيين جميييع عيين عبييد الملييك بيين‬
‫المغيرة‪ ,‬عين عبيد الرحمين بين البيلمياني عين ابين عمير‬
‫رضي الله عنهما قال‪ :‬يخرج الدخان فيأخييذ المييؤمن كهيئة‬
‫الزكييام‪ ,‬ويييدخل مسييامع الكييافر والمنييافق حييتى يكييون‬
‫كالرأس الحنيذ أي المشوي علييى الرضييف‪ ,‬ثييم قييال ابيين‬
‫جرير‪ :‬حدثني يعقوب‪ ,‬حدثنا ابن علية عن ابيين جريييج عيين‬
‫عبد الله بن أبي مليكة قال‪ :‬غدوت على ابن عباس رضييي‬
‫الله عنهما ذات يوم فقال‪ :‬ما نمييت الليلية حييتى أصيبحت‪.‬‬
‫م ؟ قال‪ :‬قالوا طلع الكييوكب ذو الييذنب‪ ,‬فخشيييت‬ ‫قلت‪ :‬ل ِ َ‬
‫أن يكون الدخان قد طرق فما نمت حتى أصبحت‪ .‬وهكييذا‬
‫رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن ابن أبي عمر عيين سييفيان‬
‫عن عبد الله بن أبي يزيد‪ ,‬عن عبد الله بن أبي مليكة عيين‬
‫ابن عباس رضي الله عنهمييا فييذكره‪ ,‬وهييذا إسييناد صييحيح‬
‫إلى ابيين عبيياس رضييي اللييه عنهمييا حييبر الميية وترجمييان‬
‫القرآن‪ ,‬وهكييذا قييول ميين وافقييه ميين الصييحابة والتييابعين‬
‫رضييي اللييه عنهييم أجمعييين مييع الحيياديث المرفوعيية ميين‬
‫الصحاح والحسان وغيرهما التي أوردوهييا ممييا فيييه مقنييع‪,‬‬
‫ليات المنتظرة مع أنه‬ ‫ودللة ظاهرة على أن الدخان من ا َ‬
‫ظاهر القرآن‪ ,‬قال الله تبارك وتعالى‪} :‬فارتقب يوم تييأتي‬
‫السماء بدخان مبين{ أي بين واضح يراه كل أحييد‪ ,‬وعلييى‬
‫ما فسر به ابن مسعود رضي الله عنه إنما هو خيييال رأوه‬
‫في أعينهم من شدة الجوع والجهييد‪ ,‬وهكييذا قييوله تعييالى‪:‬‬
‫}يغشييى النيياس{ أي يتغشيياهم ويعمهييم‪ ,‬ولييو كييان أمييرا ً‬
‫خياليا ً يخص أهل مكة المشييركين لمييا قيييل فيييه }يغشييى‬
‫الناس{‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬هييذا عييذاب أليييم{ أي يقييال لهييم ذلييك‬
‫تقريعا ً وتوبيخا ً كقوله عز وجل‪} :‬يوم يدعون إلى نار جهنم‬
‫دعا ً هذه النار الييتي كنتييم بهييا تكييذبون{ أو يقييول بعضييهم‬
‫لبعييض ذلييك‪ .‬وقييوله سييبحانه وتعييالى‪} :‬ربنييا اكشييف عنييا‬
‫العذاب إنا مؤمنون{ أي يقول الكافرون إذا عيياينوا عييذاب‬

‫‪210‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫اللييه وعقييابه سييائلين رفعييه وكشييفه عنهييم كقييوله جلييت‬
‫عظمته }ولو ترى إذ وقفوا على النار فقييالوا يييا ليتنييا نييرد‬
‫ول نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين{ وكذا قوله جييل‬
‫وعل‪} :‬وأنييذر النيياس يييوم يييأتيهم العييذاب فيقييول الييذين‬
‫ظلمييوا ربنييا أخرنييا إلييى أجييل قريييب نجييب دعوتييك ونتبييع‬
‫الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكييم ميين زوال{‪.‬‬
‫وهكذا قال جل وعل ههنا‪} :‬أنى لهم الييذكرى وقييد جيياءهم‬
‫رسول مبين * ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون{‪ .‬يقييول‪:‬‬
‫كيف لهم بالتذكر وقد أرسييلنا إليهييم رسييول ً بييين الرسييالة‬
‫والنذارة‪ ,‬ومع هذا تولوا عنه وما وافقوه بل كييذبوه وقييالوا‬
‫معلم مجنييون‪ ,‬وهييذا كقييوله جلييت عظمتييه‪} :‬يييوم يتييذكر‬
‫لية وكقييوله عييز وجييل‪} :‬ولييو‬ ‫النسان وأنى له الذكرى{ ا َ‬
‫ترى إذ فزعوا فل فوت وأخذوا من مكان قريييب * وقييالوا‬
‫آمنيا بيه وأنيى لهيم التنياوش مين مكيان بعييد{ إليى آخير‬
‫السورة‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬إنا كاشييفو العييذاب قليل ً إنكييم عييائدون{‬
‫يحتمل معنيين‪) :‬أحدهما( أنه يقول تعالى ولو كشفنا عنكم‬
‫العذاب ورجعناكم إلى الدار الدنيا‪ ,‬لعدتم إلى ما كنتم فيييه‬
‫من الكفر والتكذيب كقوله تعالى‪} :‬ولو رحمناهم وكشييفنا‬
‫ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون{ وكقوله جلت‬
‫عظمته‪} :‬ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون{‪ .‬و‬
‫)الثاني( أن يكون المراد إنا مؤخرو العذاب عنكم قليل ً بعد‬
‫انعقاد أسبابه ووصوله إليكم‪ .‬وأنتم مسييتمرون فيمييا أنتييم‬
‫فيه من الطغيان والضلل‪ ,‬ول يلزم من الكشف عنهييم أن‬
‫يكون باشرهم كقييوله تعييالى‪} :‬إل قييوم يييونس لمييا آمنييوا‬
‫كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلييى‬
‫حين{‪ .‬ولم يكن العذاب باشرهم واتصل بهم بييل كييان قييد‬
‫انعقد سببه عليهم‪ ,‬ول يلزم أيضا ً أن يكونوا قد أقلعوا عيين‬
‫كفرهم ثم عادوا إليه‪ ,‬قال الله تعييالى إخبييارا ً عيين شييعيب‬
‫عليه السيلم أنيه قيال لقييومه حيين قيالوا‪} :‬لنخرجنيك يييا‬
‫شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعييودن فييي ملتنييا‬
‫قال أو لو كنا كارهين * قد افترينا على الله كييذبا ً إن عييدنا‬

‫‪211‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها{ وشعيب عليه السلم لم‬
‫يكن قط على ملتهم وطريقتهم‪ ,‬وقال قتادة‪ :‬إنكم عائدون‬
‫إلى عذاب الله‪.‬‬
‫وقييوله عييز وجييل‪} :‬يييوم نبطييش البطشيية الكييبرى إنييا‬
‫منتقمون{ فسر ذلك ابن مسعود رضي الله عنه بيوم بدر‪,‬‬
‫وهذا قول جماعة ممن وافق ابن مسعود رضي اللييه عنييه‬
‫على تفسيره الدخان بما تقدم‪ ,‬وروي أيضا ً عن ابن عباس‬
‫رضي الله عنهما من رواية العوفي عنه وعن أبي بن كعب‬
‫رضي الله عنه‪ ,‬وهو محتمل‪ ,‬والظاهر أن ذلك يوم القيامة‬
‫وإن كان يوم بدر يوم بطشة أيضا ً قال ابن جرييير‪ :‬حييدثني‬
‫ابن علية‪ ,‬حدثنا خالد الحذاء عيين عكرميية قييال‪ :‬قييال ابيين‬
‫عباس رضي الله عنهما قال ابن مسعود رضي اللييه عنييه‪:‬‬
‫البطشة الكبرى يوم بدر وأنا أقول هي يوم القيامية‪ ,‬وهيذا‬
‫إسناد صحيح عنه وبه يقول الحسن البصري وعكرميية فييي‬
‫أصح الروايتين عنه‪ ,‬واللهأعلم‪.‬‬

‫م*‬ ‫ري ي ٌ‬ ‫ل كَ ِ‬ ‫سييو ٌ‬ ‫م َر ُ‬ ‫جييآَءهُ ْ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫م فِْرعَوْ َ‬ ‫م قَوْ َ‬ ‫** وَل ََقد ْ فَت َّنا قَب ْل َهُ ْ‬
‫ن * وََأن ل ّ ت َعُْلوا ْ‬ ‫مي ٌ‬
‫عباد الل ّه إني ل َك ُم رسو ٌ َ‬
‫لأ ِ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫ِ ِّ‬ ‫ي ِ َ َ‬ ‫ن أد ّوَا ْ إ ِل َ ّ‬
‫أَ َ‬
‫ْ‬
‫ت ب َِرب ّييي‬ ‫ن * وَإ ِن ّييي عُيذ ْ ُ‬ ‫س يل ْ َ‬ ‫ي آِتيك ُ ْ‬ ‫عََلى الل ّهِ إ ِن ّ َ‬
‫مِبيي ٍ‬ ‫ن ّ‬ ‫طا ٍ‬ ‫م بِ ُ‬
‫وربك ُي َ‬
‫ن*‬ ‫من ُييوا ْ ل َ ِييي فَيياعْت َزُِلو ِ‬ ‫م ت ُؤْ ِ‬ ‫ن * وَِإن ل ّي ْ‬ ‫مييو ِ‬ ‫ج ُ‬
‫م أن ت َْر ُ‬ ‫ََ ّ ْ‬
‫َ‬
‫سيرِ ب ِعِب َيياِدي لي ْل ً‬ ‫َ‬
‫ن * فَأ ْ‬ ‫مييو َ‬ ‫جرِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫هـيؤُل َِء قَيوْ ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫هأ ّ‬ ‫عا َرب ّ ُ‬ ‫فَد َ َ‬
‫ن*‬ ‫مغَْرقُييو َ‬ ‫جنيد ٌ ّ‬ ‫م ُ‬ ‫حيَر َرهْييوا ً إ ِن ّهُي ْ‬ ‫ك ال ْب َ ْ‬ ‫ن * َوات ُْر ِ‬ ‫مت ّب َُعو َ‬ ‫كم ّ‬ ‫إ ِن ّ ُ‬
‫ري يم ٍ *‬ ‫مَقييام ٍ ك َ ِ‬ ‫ن * وَُزُروٍع وَ َ‬ ‫ت وَعُي ُييو ٍ‬ ‫جن ّييا ٍ‬ ‫ميين َ‬ ‫م ت ََرك ُييوا ْ ِ‬ ‫ك َي ْ‬
‫ن*‬ ‫رييي َ‬ ‫خ ِ‬ ‫وما ً آ َ‬ ‫ها قَ ْ‬ ‫ك وَأ َوَْرث َْنا َ‬ ‫ن * ك َذ َل ِ َ‬ ‫كاُنوا ْ ِفيَها َفاك ِِهي َ‬ ‫مة ٍ َ‬ ‫وَن َعْ َ‬
‫ن*‬ ‫ريي َ‬ ‫منظ َ ِ‬ ‫مييا ك َيياُنوا ْ ُ‬ ‫ض وَ َ‬ ‫مآُء َوالْر ُ‬ ‫سي َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫ت عَل َي ْهِي ُ‬ ‫مييا ب َك َي ْ‬ ‫فَ َ‬
‫ن‬‫من فِْرعَوْ َ‬ ‫ن* ِ‬ ‫مِهي ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ذا ِ‬‫ن ال ْعَ َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ِ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ي إِ ْ‬ ‫جي َْنا ب َن ِ َ‬ ‫وَل ََقد ْ ن َ ّ‬
‫م عَل َيى ِ ْ‬ ‫ن * وَل ََقدِ ا ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫عاِليا ً ّ‬ ‫ه َ‬
‫ع ل يم ٍ‬ ‫َ‬ ‫خت َْرَناهُ ْ‬ ‫سرِِفي َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫إ ِن ّ ُ‬
‫ن‬ ‫مِبي ٌ‬ ‫ما ِفيهِ ب َل ٌَء ّ‬ ‫ت َ‬ ‫ن ال ََيا ِ‬ ‫م َ‬ ‫هم ّ‬ ‫ن * َوآت َي َْنا ُ‬ ‫مي َ‬ ‫عََلى ال َْعال َ ِ‬
‫يقول تعالى‪ :‬ولقييد اختبرنييا قبييل هييؤلء المشييركين قييوم‬
‫فرعون وهم قبييط مصيير }وجيياءهم رسييول كريييم{ يعنييي‬
‫ي عبيياد‬ ‫موسى كليمييه عليييه الصييلة والسييلم }أن أدوا إلي ّ‬

‫‪212‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله{ كقوله عز وجل‪} :‬أن أرسل معنييا بنييي إسييرائيل ول‬
‫تعذبهم قد جئناك بآييية ميين ربييك والسييلم علييى ميين اتبييع‬
‫الهدى{‪ .‬وقييوله جييل وعل‪} :‬إنييي لكييم رسييول أمييين{ أي‬
‫مأمون علييى مييا أبلغكمييوه‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬وأن ل تعلييوا‬
‫على الله{ أي ل تستكبروا عن اتباع آياته والنقياد لحججييه‬
‫واليمان ببراهينه كقوله عز وجييل‪} :‬إن الييذين يسييتكبرون‬
‫عيين عبييادتي سيييدخلون جهنييم داخرييين{ }إنييي آتيكييم‬
‫بسلطان مبين{ أي بحجة ظاهرة واضحة وهي مييا أرسييله‬
‫ليات البينات والدلة القاطعات‪} .‬وإنيي‬ ‫الله تعالى به من ا َ‬
‫عذت بربي وربكم أن ترجمييون{ قييال ابيين عبيياس رضييي‬
‫الله عنهما وأبو صييالح‪ :‬هييو الرجييم باللسييان وهييو الشييتم‪.‬‬
‫وقال قتادة‪ :‬الرجم بالحجارة أي أعوذ بييالله الييذي خلقنييي‬
‫وخلقكم من أن تصلوا إلي بسوء ميين قييول أو فعييل }وإن‬
‫لم تؤمنوا لي فاعتزلون{ أي فل تتعرضوا لي ودعوا الميير‬
‫بيني وبينكم مسالمة إلى أن يقضي الله بيننييا‪ .‬فلمييا طييال‬
‫مقامه صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم وأقام حجج الله‬
‫تعالى عليهم‪ .‬كل ذلك وما زادهم ذلك إل كفرا ً وعنادًا‪ ,‬دعا‬
‫ربه عليهييم دعييوة نفييذت فيهييم كمييا قييال تبييارك وتعييالى‪:‬‬
‫}وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعييون ومله زينيية وأمييوال ً‬
‫في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس علييى‬
‫أموالهم واشدد على قلوبهم فل يؤمنوا حتى يييروا العييذاب‬
‫الليم * قال قد أجيبييت دعوتكمييا فاسييتقيما{ وهكييذا قييال‬
‫ههنا‪} :‬فدعا ربه أن هؤلء قوم مجرمون{ فعند ذلك أمييره‬
‫الله تعالى أن يخرج ببني إسرائيل ميين بييين أظهرهييم ميين‬
‫غييير أميير فرعييون ومشيياورته واسييتئذانه ولهييذا قييال جييل‬
‫جلله‪} :‬فأسر بعبادي ليل ً إنكم متبعون{ كما قييال تعييالى‪:‬‬
‫}ولقد أوحينا إلييى موسييى أن أسيير بعبييادي فاضييرب لهييم‬
‫طريقا ً في البحر يبسا ً ل تخاف دركًاول تخشى{‪.‬‬
‫وقوله عييز وجييل ههنييا‪} :‬واتييرك البحيير رهييوا ً إنهييم جنييد‬
‫مغرقون{ وذلك أن موسى عليه الصلة والسلم لما جاوز‬
‫هو وبنييو إسييرائيل البحيير‪ ,‬أراد موسييى أن يضييربه بعصيياه‬
‫حتى يعود كما كان‪ ,‬ليصييير حييائل ً بينهييم وبييين فرعييون فل‬

‫‪213‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يصل إليهم‪ ,‬فأمره الله تعالى أن يتركه علييى حيياله سيياكنا ً‬
‫وبشره بييأنهم جنييد مغرقييون فيييه وأنييه ل يخيياف درك يا ً ول‬
‫يخشى‪ ,‬وقال ابن عباس رضي الله عنهما }واتييرك البحيير‬
‫رهوًا{ كهيئته وامضييه‪ ,‬وقييال مجاهييد‪ :‬رهييوا ً طريق يا ً يبس يا ً‬
‫كهيئته‪ .‬يقول‪ :‬ل تييأمره يرجييع اتركييه حييتى يرجييع آخرهييم‪,‬‬
‫وكذا قال عكرمة والربيع بن أنس والضحاك وقتييادة وابيين‬
‫زيد‪ ,‬وكعب الحبار وسماك بن حرب وغييير واحييد ثييم قييال‬
‫تعالى‪} :‬كم تركييوا مين جنييات{ وهيي البسيياتين }وعييون‬
‫لبييار }ومقييام كريييم{ وهييي‬ ‫وزروع{ والمراد بها النهار وا َ‬
‫المساكن النيقة والماكن الحسيينة‪ ,‬وقييال مجاهييد وسييعيد‬
‫بن جبير }ومقام كريم{ المنابر‪ ,‬وقال ابن لهيعة عن وهب‬
‫بن عبد الله المعافري عن عبد الله بن عمييرو رضييي اللييه‬
‫تعالى عنهما قال‪ :‬نيل مصر سيد النهار سييخر الليه تعيالى‬
‫له كل نهر بين المشرق والمغرب وذلله له‪ ,‬فإذا أراد اللييه‬
‫عز وجل أن يجري نيل مصر أمر كل نهر أن يمده فأمييدته‬
‫النهار بمائها‪ ,‬وفجر الله تبييارك وتعييالى لييه الرض عيون يًا‪,‬‬
‫فإذا انتهى جريييه إلييى مييا أراد اللييه جييل وعل أوحييى اللييه‬
‫تعالى إلى كل ماء أن يرجع إلى عنصره‪ ,‬وقييال فييي قييول‬
‫اللييه تعييالى‪} :‬فأخرجنيياهم ميين جنييات وعيييون * وزروع‬
‫ومقييام ٍ كريييم * ونعميية كييانوا فيهييا فيياكهين{ قييال‪ :‬كييانت‬
‫الجنان بحافتي نهر النيل من أوله إلى آخييره فييي الشييقين‬
‫جميعًا‪ ,‬ما بين أسوان إلى رشيد‪ ,‬وكان له تسع خلج‪ :‬خليج‬
‫السكندرية‪ ,‬وخليج دمياط‪ ,‬وخليج سردوس‪ ,‬وخليج منييف‪,‬‬
‫وخليج الفيوم‪ ,‬وخليج المنهى متصلة ل ينقطع منهييا شيييء‬
‫عن شيء وزرع ما بين الجبلييين كلييه ميين أول مصيير إلييى‬
‫آخر ما يبلغه الميياء‪ ,‬وكييانت جميييع أرض مصيير تييروى ميين‬
‫ستة عشر ذراعا ً لما قدروا ودبروا من قناطرها وجسييورها‬
‫وخلجها‪.‬‬
‫}ونعمة كيانوا فيهييا فيياكهين{ أي عيشيية كييانوا يتفكهييون‬
‫فيها فيأكلون مييا شيياؤوا ويلبسييون مييا أحبييوا مييع المييوال‬
‫والجاهييات والحكييم فييي البلد‪ ,‬فسييلبوا ذلييك جميعييه فييي‬
‫صييبيحة واحييدة وفيارقوا الييدنيا وصياروا إليى جهنيم وبئس‬

‫‪214‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المصير‪ ,‬واسييتولى علييى البلد المصييرية وتلييك الحواصييل‬
‫الفرعونية والممالك القبطية بنو إسرائيل كما قييال تبييارك‬
‫وتعالى‪} :‬كذلك وأورثناها بني إسرائيل{‪ .‬وقييال فييي هييذه‬
‫لييية الخييرى }وأورثنييا القييوم الييذين كييانوا يستضييعفون‬ ‫ا َ‬
‫مشارق الرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربييك‬
‫الحسنى على بني إسييرائيل بمييا صييبروا‪ ,‬ودمرنييا مييا كييان‬
‫يصنع فرعون وقومه‪ ,‬وما كانوا يعرشون{‪.‬‬
‫وقال عز وجل ههنا‪} :‬كذلك وأورثناها قوما ً آخرين{ وهم‬
‫بنو إسرائيل كما تقدم‪ .‬وقوله سبحانه وتعالى‪} :‬فما بكييت‬
‫عليهم السماء والرض{ أي لييم تكيين لهييم أعمييال صييالحة‬
‫تصعد في أبواب السماء فتبكي على فقدهم‪ ,‬ول لهم فييي‬
‫الرض بقاع عبدوا الله تعالى فيها فقدتهم‪ ,‬فلهذا استحقوا‬
‫أن ل ينظييروا ول يييؤخروا لكفرهييم وإجرامهييم وعتييوهم‬
‫وعنادهم‪ .‬قال الحافظ أبييو يعلييى الموصييلي فييي مسيينده‪:‬‬
‫حدثنا أحمد بن إسحاق البصري‪ ,‬حدثنا مكييي بيين إبراهيييم‪,‬‬
‫حدثنا موسى بن عبيدة‪ ,‬حدثني يزيد الرقاشي حدثني أنس‬
‫بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الليه علييه وسيلم‬
‫قال‪» :‬ما من عبد إل وله فييي السييماء بابييان‪ :‬بيياب يخييرج‬
‫منه رزقه‪ ,‬وباب يدخل منه عمله وكلمه‪ ,‬فإذا مات فقييداه‬
‫لييية }فمييا بكييت عليهييم السييماء‬ ‫وبكيا عليييه«‪ .‬وتل هييذه ا َ‬
‫والرض{ وذكر أنهم لييم يكونييوا عملييوا علييى الرض عمل ً‬
‫صييالحا ً يبكييي عليهييم‪ ,‬ولييم يصييعد لهييم إلييى السييماء ميين‬
‫كلمهم ول من عملهم كلم طيب ول عمل صالح فتفقدهم‬
‫فتبكي عليهم‪ ,‬ورواه ابن أبي حاتم من حديث موسييى بيين‬
‫عبيدة وهييو الربييذي‪ ,‬وقييال ابيين جرييير‪ :‬حييدثني يحيييى بيين‬
‫طلحة‪ ,‬حدثني عيسى بن يونس عن صفوان بن عمرو عن‬
‫شريح بن عبيد الحضرمي قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪» :‬إن السلم بدأ غريبا ً وسيعود غريبا ً كما بييدأ‪.‬‬
‫أل ل غربة على مؤمن‪ ,‬ما مات مؤمن في غربة غابت عنه‬
‫فيها بواكيه إل بكت عليه السماء والرض« ثم قرأ رسييول‬
‫الله صييلى اللييه عليييه وسييلم }فمييا بكييت عليهييم السييماء‬
‫والرض{ ثم قال‪» :‬إنهما ل يبكيان على الكافر«‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حييدثنا أحمييد بيين عصييام‪ ,‬حييدثنا أبييو‬
‫أحمد يعني الزبيري‪ ,‬حدثنا العلء بن صالح عن المنهال بن‬
‫عمرو عن عباد بن عبد الله قيال‪ :‬سيأل رجييل علييا ً رضييي‬
‫الله عنه هل تبكي السماء والرض على أحييد ؟ فقييال لييه‪:‬‬
‫لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحييد ميين قبلييك‪ ,‬إنييه‬
‫ليس من عبد إل له مصلى في الرض ومصييعد عملييه ميين‬
‫السماء‪ .‬وإن آل فرعييون لييم يكيين لهييم عمييل صييالح فييي‬
‫الرض ول عمل يصعد في السماء ثم قرأ علي رضي اللييه‬
‫عنه }فما بكت عليهم السماء والرض وما كانوا منظرين{‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا أبو كريب ‪ ,‬حدثنا طلق بن غنام عن‬
‫زائدة عن منصور عن منهال عن سعيد بن جبير قال‪ :‬أتييى‬
‫ابن عباس رضي الليه عنهميا رجيل فقيال‪ :‬ييا أبيا العبياس‬
‫أرأيت قول الله تعالى‪} :‬فما بكت عليهم السييماء والرض‬
‫ومييا كييانوا منظرييين{ فهييل تبكييي السييماء والرض علييى‬
‫أحد ؟ قال رضي الله عنه‪ :‬نعم إنه ليس أحييد ميين الخلئق‬
‫إل وله باب في السماء منه ينزل رزقه وفيه يصعد عملييه‪,‬‬
‫فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء الذي كان يصييعد‬
‫فيه عمله وينزل منه رزقه ففقييده بكييى عليييه‪ ,‬وإذا فقييده‬
‫مصله من الرض التي كييان يصييلي فيهييا ويييذكر اللييه عييز‬
‫وجل فيها بكت عليه‪ ,‬وإن قوم فرعون لييم تكيين لهييم فييي‬
‫الرض آثار صالحة ولم يكن يصعد إلى الله عز وجل منهييم‬
‫خير‪ ,‬فلم تبك عليهم السماء والرض‪ ,‬وروى العييوفي عيين‬
‫ابن عباس رضي الله عنهما نحو هذا‪.‬‬
‫وقال سفيان الثوري عن أبي يحيييى القتييات عيين مجاهييد‬
‫عن ابن عباس رضييي اللييه عنهمييا قييال‪ :‬كيان يقييال تبكييي‬
‫الرض علييى المييؤمن أربعييين صييباحًا‪ ,‬وكييذا قييال مجاهييد‬
‫وسعيد بن جبير وغير واحد‪ ,‬وقال مجاهييد أيض يًا‪ :‬مييا مييات‬
‫مؤمن إل بكت عليه السماء والرض أربعييين صييباحًا‪ ,‬قييال‬
‫فقلييت لييه‪ :‬أتبكييي الرض ؟ فقييال‪ :‬أتعجييب ومييا للرض ل‬
‫تبكييي علييى عبييد كييان يعمرهييا بييالركوع والسييجود ؟ ومييا‬
‫للسماء ل تبكي على عبد كان لتكبيره وتسبيحه فيهييا دوي‬
‫كدوي النحل ؟ وقال قتادة‪ :‬كانوا أهون على الله عز وجييل‬

‫‪216‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من أن تبكي عليهم السماء والرض‪ .‬وقال ابن أبي حيياتم‪:‬‬
‫حدثنا علي بيين الحسييين‪ ,‬حييدثنا عبييد السييلم بيين عاصييم‪,‬‬
‫حدثنا إسحاق بن إسماعيل‪ ,‬حدثنا المستورد بن سابق عن‬
‫عبيد المكتب عن إبراهيم قال‪ :‬ما بكت السماء منذ كييانت‬
‫الدنيا إل على اثنييين‪ ,‬قلييت لعبيييد‪َ :‬أليييس السييماء والرض‬
‫تبكي على المؤمن ؟ قال‪ :‬ذاك مقامه حيث يصييعد عملييه‪.‬‬
‫قال‪ :‬وتدري ما بكاء السماء! قلت‪ :‬ل ‪ .‬قال‪ :‬تحمر وتصييير‬
‫وردة كالدهان‪ ,‬إن يحيى بن زكريييا عليييه الصييلة والسييلم‬
‫لما قتل احمرت السييماء وقطييرت دم يا ً وإن الحسييين بيين‬
‫علي رضي الله عنهما لما قتل احمرت السماء‪.‬‬
‫وحدثنا علي بيين الحسييين‪ ,‬حييدثنا أبييو غسييان محمييد بيين‬
‫عمرو زنيج‪ ,‬حدثنا جرير عن يزيد بيين أبييي زييياد قييال‪ :‬لمييا‬
‫قتل الحسين بيين علييي رضييي اللييه عنهمييا احمييرت آفيياق‬
‫السماء أربعة أشهر‪ ,‬قال يزيد‪ :‬واحمرارها بكاؤهييا‪ ,‬وهكييذا‬
‫قال السدي في الكبير‪ ,‬وقال عطاء الخراساني‪ :‬بكاؤها أن‬
‫تحمر أطرافها وذكروا أيضا ً في مقتل الحسين رضييي اللييه‬
‫عنه أنه ما قلب حجر يومئذ إل وجد تحتييه دم عييبيط‪ ,‬وأنييه‬
‫كسفت الشمس واحمر الفق وسقطت حجارة‪ ,‬وفي كييل‬
‫من ذلك نظر‪ ,‬والظيياهر أنييه ميين سييخف الشيييعة وكييذبهم‬
‫ليعظموا المر ول شك أنه عظيم‪ ,‬ولكن لم يقع هذا الييذي‬
‫اختلقوه وكذبوه وقد وقع ما هو أعظم ميين قتييل الحسييين‬
‫رضي الله عنه ولم يقع شيء مما ذكروه‪ ,‬فييإنه قتييل أبييوه‬
‫علييي بيين أبييي طييالب رضييي اللييه عنييه وهييو أفضييل منييه‬
‫بالجماع‪ ,‬ولم يقع شيء من ذلك‪ ,‬وعثمان بن عفان رضي‬
‫الله عنه قتل محصورا ً مظلوما ً ولم يكن شيييء ميين ذلييك‪.‬‬
‫وعمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل في المحييراب فييي‬
‫صلة الصبح‪ ,‬وكييأن المسييلمين لييم تطرقهييم مصيييبة قبييل‬
‫ذلك ولم يكن شيء من ذلك‪ .‬وهذا رسول الله صييلى اللييه‬
‫لخرة‪ ,‬يوم مييات‬ ‫عليه وسلم‪ ,‬وهو سيد البشر في الدنيا وا َ‬
‫لم يكن شيء مما ذكروه‪ .‬ويييوم مييات إبراهيييم بيين النييبي‬
‫صلى اللييه عليييه وسييلم خسييفت الشييمس فقييال النيياس‪:‬‬
‫خسفت لموت إبراهيم! فصلى بهم رسول الله صلى اللييه‬

‫‪217‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليييه وسييلم صييلة الكسييوف وخطبهييم وبييين لهييم أن‬
‫الشمس والقمر ل ينخسفان لموت أحد ول لحياته‪.‬‬
‫وقيوله تبيارك وتعيالى‪} :‬ولقييد نجينيا بنييي إسييرائيل مين‬
‫العييذاب المهييين * ميين فرعييون إنييه كييان عاليييا ً ميين‬
‫المسرفين{ يمتن عليهم تعييالى بييذلك حيييث أنقييذهم ممييا‬
‫كانوا فيه من إهانة فرعون وإذلله لهييم‪ ,‬وتسييخيره إييياهم‬
‫في العمال المهينة الشاقة‪ .‬وقوله تعييالى‪} :‬ميين فرعييون‬
‫إنه كان عاليًا{ أي مستكبرا ً جبارا ً عنيدا ً كقييوله عييز وجييل‪:‬‬
‫}إن فرعيييون عل فيييي الرض{ وقيييوله جليييت عظمتيييه‬
‫}فاسييتكبروا وكييانوا قومييا ً عييالين{ ميين المسييرفين أي‬
‫مسرف في أمره سخيف الرأي علييى نفسييه‪ .‬وقييوله جييل‬
‫جلله‪} :‬ولقد اخترنيياهم علييى علييم علييى العييالمين{ قييال‬
‫مجاهد }اخترناهم على علم على العالمين{ على من هييم‬
‫بين ظهريه‪ .‬وقال قتادة‪ :‬اختيروا على أهييل زمييانهم ذلييك‪,‬‬
‫وكان يقال‪ :‬إن لكل زمان عالمًا‪ ,‬وهذا كقوله تعالى‪} :‬قال‬
‫يا موسى إني اصطفيتك على الناس{ أي أهل زمانه ذلييك‬
‫كقوله عز وجل لمريييم عليهييا السييلم‪} :‬واصييطفاك علييى‬
‫نساء العالمين{ أي في زمنها فإن خديجة رضي الله عنهييا‬
‫إما أفضل منها أو مساوية لها في الفضل‪ ,‬وكذا آسية بنييت‬
‫مزاحم امرأة فرعون‪ ,‬وفضل عائشة رضي الله عنها على‬
‫النساء كفضل الثريد على سائر الطعام‪ .‬وقوله جل جلله‪:‬‬
‫ليييات{ أي الحجييج والييبراهين وخييوارق‬ ‫}وآتينيياهم ميين ا َ‬
‫العادات }ما فيه بلء مييبين{ أي اختبييار ظيياهر جلييي لميين‬
‫اهتدى به‪.‬‬

‫ن‬‫ح ُ‬ ‫ما ن َ ْ‬
‫ى وَ َ‬ ‫موْت َت َُنا ال ُوْل َ‬
‫ي إ ِل ّ َ‬
‫ن هِ َ‬ ‫ن * إِ ْ‬ ‫هـؤُل َِء ل َي َُقوُلو َ‬ ‫ن َ‬ ‫** إ ِ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫م‬
‫خي ْيٌر أ ْ‬ ‫م َ‬‫ن * أه ُ ي ْ‬ ‫صييادِِقي َ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬‫ن * فَأُتوا ْ ِبآَبآئ َِنا ِإن ُ‬ ‫ري َ‬‫ش ِ‬ ‫من َ‬ ‫بِ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬‫مي َ‬ ‫جرِ ِ‬‫م ْ‬‫كاُنوا ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫م أهْل َك َْناهُ ْ‬
‫م إ ِن ّهُ ْ‬ ‫من قَب ْل ِهِ ْ‬‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬‫م ت ُب ٍّع َوال ّ ِ‬‫قَوْ ُ‬
‫يقول تعالى منكرا ً على المشركين فييي إنكييارهم البعييث‬
‫والمعيياد وأنييه مييا ثييم إل هييذه الحييياة الييدنيا ول حييياة بعييد‬
‫الممييات ول بعييث ول نشييور‪ ,‬ويحتجييون بآبييائهم الماضييين‬

‫‪218‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الذين ذهبوا فلم يرجعوا فإن كان البعث حقا ً }فأتوا بآياتنييا‬
‫إن كنتم صادقين{ وهذه حجة باطليية وشييبه فاسييدة‪ ,‬فييإن‬
‫المعاد إنمييا هييو يييوم القياميية ل فييي الييدار الييدنيا بييل بعييد‬
‫انقضائها وذهابها وفراغها‪ ,‬يعيد الله العالمين خلق يا ً جديييدًا‪,‬‬
‫ويجعل الظالمين لنار جهنييم وقييودًا‪ ,‬يييوم تكونييون شييهداء‬
‫على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا‪ ,‬ثم قييال تعييالى‬
‫متهددا ً لهم ومتوعدا ً ومنذرا ً لهم بأسه الذي ل يرد كما حل‬
‫بأشباههم ونظرائهم من المشركين المنكرين للبعث كقوم‬
‫تبع‪ ,‬وهم سبأ‪ ,‬حيث أهلكهم الله عز وجييل وخييرب بلدهييم‬
‫وشردهم في البلد وفرقهم شذر مذر‪ ,‬كما تقدم ذلك فييي‬
‫سورة سبأ وهي مصدرة بإنكار المشركين للمعاد‪ ,‬وكييذلك‬
‫ههنا شبههم بأولئك وقد كانوا عرب يا ً ميين قحطييان‪ ,‬كمييا أن‬
‫هؤلء عرب من عدنان‪ ,‬وقد كييانت حمييير وهييم سييبأ كلمييا‬
‫ملك فيهم رجل سموه تبعًا‪ ,‬كما يقييال كسييرى لميين ملييك‬
‫الفرس‪ ,‬وقيصر لمن ملك الروم‪ ,‬وفرعون لمن ملك مصر‬
‫كافرًا‪ ,‬والنجاشي لمن ملك الحبشة وغييير ذلييك ميين أعلم‬
‫الجناس‪.‬‬
‫ولكن اتفق أن بعض تبابعتهم خرج من اليمن وسييار فييي‬
‫البلد حتى وصل إلى سمرقند واشتد ملكه وعظم سلطانه‬
‫وجيشه‪ ,‬واتسعت مملكته وبلده وكثرت رعاياه وهو الييذي‬
‫مصر الحيرة‪ ,‬فاتفق أنه مر بالمدينة النبوية وذلك في أيام‬
‫الجاهلية‪ ,‬فأراد قتال أهلها فمانعوه وقاتلوه بالنهار‪ ,‬وجعلوا‬
‫يقرونه بالليل فاستحيا منهم وكف عنهم‪ ,‬واستصحب معييه‬
‫حبرين من أحبار يهود كانا قد نصحاه وأخبراه أنه ل سييبيل‬
‫له علييى هييذه البلييدة‪ ,‬فإنهييا مهيياجر نييبي يكييون فييي آخيير‬
‫الزمان‪ ,‬فرجع عنهييا وأخييذهما معييه إلييى بلد اليميين‪ ,‬فلمييا‬
‫اجتاز بمكة أراد هدم الكعبة فنهياه عن ذلك أيضا ً وأخييبراه‬
‫بعظمة هييذا الييبيت‪ ,‬وأنييه ميين بنيياء إبراهيييم الخليييل عليييه‬
‫الصلة والسلم‪ ,‬وأنه سيكون ليه شيأن عظيييم علييى يييدي‬
‫ذلك النبي المبعوث في آخر الزمان‪ ,‬فعظمهييا وطيياف بهييا‬
‫وكساها الملء والوصائل والحبر‪ ,‬ثم كر راجعا ً إلييى اليميين‬
‫ودعا أهلها إلى التهود معه‪ ,‬وكان إذ ذاك دين موسى عليييه‬

‫‪219‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الصييلة والسييلم فيييه ميين يكييون ميين الهداييية قبييل بعثيية‬
‫المسيييح عليييه الصييلة والسييلم‪ ,‬فتهييود معييه عاميية أهييل‬
‫اليمن‪ ,‬وقد ذكر القصة بطولها المييام محمييد بيين إسييحاق‬
‫في كتابه السيرة‪ ,‬وقد ترجمييه الحييافظ ابيين عسيياكر فييي‬
‫تاريخه ترجميية حافليية أورد فيهييا أشييياء كييثيرة ممييا ذكرنييا‬
‫وممييا لييم نييذكر‪ .‬وذكيير أنييه ملييك دمشييق وأنييه كييان إذا‬
‫استعرض الخيل صفت له من دمشق إلى اليمن‪ .‬ثم ساق‬
‫من طريق عبد الرزاق عن معمر عيين ابيين أبييي ذئب عيين‬
‫المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنييه عيين النييبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪» :‬مييا أدري الحييدود طهييارة لهلهيياأم‬
‫ل ؟ ول أدري تبع لعينا ً كان أم ل ؟ ول أدري ذو القرنين نبيا ً‬
‫كييان أم ملكيا ً ؟« وقييال غيييره »عزييير أكييان نبييا ً أم ل ؟«‬
‫وهكذا رواه ابن أبي حاتم عن محمد بيين حميياد الظهرانييي‬
‫عن عبد الرزاق قال الدارقطني‪ :‬تفرد به عبد الييرزاق‪ ,‬ثييم‬
‫روى ابن عساكر من طريق محمد بن كريب عن أبيه عيين‬
‫ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعيا ً »عزييير ل أدري أنبييا ً‬
‫أم ل ؟ ول أدري ألعين تبييع أم ل ؟« ثييم أورد مييا جيياء فييي‬
‫النهي عن سيبه ولعنتيه كميا سييأتي إن شياء الليه تعيالى‪.‬‬
‫وكأنه والله أعلم كان كييافرا ً ثييم أسييلم وتييابع دييين الكليييم‬
‫على يدي من كان من أحبار اليهود في ذلك الزمييان علييى‬
‫الحق قبل بعثة المسيح عليه السلم‪ ,‬وحج البيت في زمن‬
‫الجرهميين وكسيياه الملء والوصييائل ميين الحرييير والحييبر‬
‫ونحر عنده ستة آلف بدنة وعظمه وأكرمييه‪ .‬ثييم عيياد إلييى‬
‫اليمن‪.‬‬
‫وقد ساق قصته بطولها الحافظ ابن عسيياكر ميين طييرق‬
‫متعددة مطولة مبسوطة عن أبي بن كعب‪ ,‬وعبد اللييه بيين‬
‫سلم وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم‪ ,‬وكعب الحبييار‬
‫وإليه المرجع في ذلك كله‪ ,‬وإلى عبد الله بن سييلم أيضييا ً‬
‫وهو أثبت وأكبر وأعلم‪ .‬وكييذا روى قصييته وهييب بيين منبييه‬
‫ومحمد بن إسحاق في السيرة كما هو مشهور فيهييا‪ .‬وقييد‬
‫اختلييط علييى الحييافظ ابيين عسيياكر فييي بعييض السييياقات‬
‫ترجمة تبع هذا بترجمة آخر متأخر عنه بييدهر طويييل‪ ,‬فييإن‬

‫‪220‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تبعا ً هذا المشار إليه في القرآن أسلم قومه على يديه‪ ,‬ثم‬
‫لما توفي عادوا بعده إلى عبادة النيران والصنام فعيياقبهم‬
‫الله تعالى كما ذكره في سورة سبأ‪ ,‬وقييد بسييطنا قصييتهم‬
‫هنالك ولله الحمد والمنة‪ ,‬وقال سعيد بن جييبير‪ :‬كسييا تبييع‬
‫الكعبيية وكييان سييعيد ينهييى عيين سييبه‪ ,‬وتبييع هييذا هييو تبييع‬
‫الوسط‪ ,‬واسمه أسعد أبو كريييب بيين ملكيكييرب اليميياني‪,‬‬
‫ذكروا أنه ملك على قييومه ثلثمييائة سيينة وسييتا ً وعشييرين‬
‫سنة‪ ,‬ولم يكن فييي حميير أطيول مييدة منييه‪ ,‬وتيوفي قبييل‬
‫مبعييث رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم بنحييو ميين‬
‫سبعمائة سنة‪ .‬وذكروا أنه لما ذكيير ليه الحييبران مين يهييود‬
‫المدينة أن هذه البلدة مهاجر نبي في آخيير الزمييان اسييمه‬
‫أحمد‪ ,‬قال في ذلك شييعرا ً واسييتودعه عنييد أهييل المدينيية‪,‬‬
‫فكيانوا يتوارثيونه ويروونيه خلفيا ً عين سيلف‪ ,‬وكيان ممين‬
‫يحفظه أبو أيوب خالد بن زيد الذي نزل رسول الله صييلى‬
‫الله عليه وسلم في داره وهو‪:‬‬
‫شهدت على أحمد أنهرسول من الله باري النسييمفلو مييد‬
‫عمري إلى عمرهلكنت وزيرا ً له وابن عموجاهدت بالسيف‬
‫أعداءهوفرجت عن صدره كل غم‬
‫وذكر ابن ابي الدنيا أنييه حفيير قييبر بصيينعاء فييي السييلم‬
‫فوجدوا فيه امرأتين صحيحتين‪ ,‬وعنييد رؤوسييهما لييوح ميين‬
‫فضة مكتوب فيه بالذهب‪ :‬هييذا قييبر حيييي وتميييس‪ ,‬وروي‬
‫حيي وتماضر ابنتي تبع‪ ,‬ماتتييا وهمييا تشييهدان أن ل إلييه إل‬
‫الله ول تشييركان بييه شيييئًا‪ ,‬وعلييى ذلييك مييات الصييالحون‬
‫قبلهما‪ .‬وقد ذكرنا في سورة سييبأ شييعرا ً فييي ذلييك أيض يًا‪.‬‬
‫ت‬‫ت َنعي َ‬‫قال قتادة‪ :‬ذكر لنا أن كعبا ً كان يقول فييي تبييع ن ُعِي َ‬
‫الرجييل الصييالح‪ :‬ذم اللييه تعييالى قييومه ولييم يييذمه‪ .‬قييال‪:‬‬
‫وكانت عائشة رضي الله عنها تقول‪ :‬ل تسبوا تبعا ً فإنه قييد‬
‫كان رجل ً صالحًا‪ .‬وقال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييو زرعيية‪,‬‬
‫حدثنا صفوان‪ ,‬حدثنا الوليد‪ ,‬حدثنا عبد الله بيين لهيعيية عيين‬
‫أبي زرعة ي يعني عمرو بن جابر الحضرمي‪ ,‬قال‪ :‬سييمعت‬
‫سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه يقول‪ :‬قال رسول‬

‫‪221‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ل تسييبوا تبع يا ً فييإنه قييد كييان‬
‫أسلم«‪.‬‬
‫ورواه المام أحمد في مسنده عن حسن بن موسى عن‬
‫ابن لهيعة به وقال الطبراني‪ :‬حدثنا أحمد بيين علييي البييار‪,‬‬
‫حدثنا أحمييد بيين محمييد بيين أبييي(بييرزة‪ ,‬حييدثنا مؤمييل بيين‬
‫إسماعيل‪ ,‬حدثنا سفيان عن سماك بن حرب عيين عكرميية‬
‫عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليييه‬
‫وسلم قييال‪» :‬ل تسييبوا تبعيا ً فييإنه قييد أسييلم« وقييال عبييد‬
‫الرزاق أيضًا‪ :‬أخبرنا معمر عن ابن أبي ذئب عن المقييبري‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫الله عليييه وسييلم‪» :‬مييا أدري تبييع نبييا ً كييان أم غييير نييبي«‬
‫وتقدم بهذا السند من رواية ابن أبي حاتم كمييا أورده ابيين‬
‫عساكر »ل أدري تبع كان لعين يا ً أم ل « فييالله أعلييم ورواه‬
‫ابن عساكر من طريق زكريا بن يحيى البدي عيين عكرميية‬
‫عن ابن عباس موقوفًا‪ .‬وقال عبد الرزاق‪ :‬أخبرنييا عمييران‬
‫أبو الهذيل‪ ,‬أخبرني تميم بن عبد الرحمن قال‪ :‬قال عطيياء‬
‫بن أبي رباح ل تسبوا تبعا ً فإن رسول الله صلى الله عليييه‬
‫وسلم نهى عن سبه‪ ,‬والله تعالى أعلم‪.‬‬

‫مييا‬‫ن* َ‬ ‫مييا ل َ ِ‬
‫عِبي ي َ‬ ‫ما ب َي ْن َهُ َ‬‫ض وَ َ‬ ‫ت َوالْر َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫خل َْقَنا ال ّ‬ ‫ما َ‬ ‫** وَ َ‬
‫َ‬
‫م‬‫ن ي َيوْ َ‬‫ن * إِ ّ‬ ‫مييو َ‬ ‫م ل َ ي َعْل َ ُ‬ ‫ن أك ْث ََرهُي ْ‬ ‫حقّ وََلـيك ِ ّ‬ ‫مآ إ ِل ّ ب ِييال ْ َ‬‫خل َْقَناهُ َ‬ ‫َ‬
‫م يوًْلى‬ ‫َ‬
‫م يوًْلى عَيين ّ‬ ‫م ل َ ي ُغِْني َ‬ ‫ن * ي َوْ َ‬ ‫مِعي َ‬ ‫ج َ‬‫مأ ْ‬ ‫ميَقات ُهُ ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ص ِ‬‫ال َْف ْ‬
‫ه هُيوَ ال ْعَ ِ‬
‫زي يُز‬ ‫ه إ ِن ّي ُ‬ ‫م الل ّي ُ‬ ‫حي َ‬ ‫من ّر ِ‬ ‫ن * إ ِل ّ َ‬ ‫صُرو َ‬ ‫م ُين َ‬ ‫شْيئا ً وَل َ هُ ْ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫حي ُ‬ ‫الّر ِ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن عدله وتنزيهييه نفسيه عيين اللعيب‬
‫والعبييث والباطييل كقييوله جييل وعل‪} :‬ومييا خلقنييا السييماء‬
‫والرض وميا بينهميا بياطل ً ذليك ظين اليذين كفيروا فوييل‬
‫للييذين كفييروا ميين النييار{ وقييال تعييالى‪} :‬أفحسييبتم أنمييا‬
‫خلقناكم عبثا ً وأنكم إلينا ل ترجعون ؟* فتعالى الله الملييك‬
‫الحق ل إله إل هو رب العييرش الكريييم{ ثييم قييال تعييالى‪:‬‬
‫}إن يييوم الفصييل ميقيياتهم أجمعييين{ وهييو يييوم القياميية‬

‫‪222‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يفصييل اللييه تعييالى فيييه بييين الخلئق‪ ,‬فيعييذب الكييافرين‬
‫ويثيب المؤمنين‪ .‬وقوله عز وجل‪} :‬ميقاتهم أجمعييين{ أي‬
‫يجمعهم كلهييم أولهيم وآخرهييم }يييوم ل يغنييي مييولى عيين‬
‫مييولى شيييئًا{ أي ل ينفييع قريييب قريبييا ً كقييوله سييبحانه‬
‫وتعالى‪} :‬فإذا نفخ في الصور فل أنساب بينهييم يييومئذ ول‬
‫يتساءلون{ وكقوله جلت عظمته‪} :‬ول يسأل حميم حميما ً‬
‫يبصرونهم{ أي ل يسأل أخا ً له عن حاله وهييو يييراه عيان يًا‪.‬‬
‫وقوله جل وعل‪} :‬ول هييم ينصييرون{ أي ل ينصيير القريييب‬
‫قريبه ول يأتيه نصره مين خيارج‪ ,‬ثيم قيال‪} :‬إل مين رحيم‬
‫الله{ أي ل ينفع يومئذ إل رحمة الله عز وجل بخلقه }إنييه‬
‫هو العزيز الرحيم{ أي هو عزيز ذو رحمة واسعة‪.‬‬

‫ل ي َغِْلي ِفييي‬ ‫مه ْ ِ‬‫كال ْ ُ‬


‫م الِثيم ِ * َ‬ ‫جَرةَ الّزّقوم ِ * ط ََعا ُ‬ ‫ش َ‬‫ن َ‬ ‫** إ ِ ّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫ن * ك َغَل ْي‬ ‫ال ْب ُط ُييو ِ‬
‫وآءِ‬‫سي َ‬
‫ى َ‬ ‫ذوهُ فَيياعْت ِلوهُ إ ِل ي َ‬ ‫خي ُ‬‫مي يم ِ * ُ‬
‫ْ‬
‫ح ِ‬ ‫ِ‬
‫مييم ِ * ذ ُ ْ‬
‫ق‬ ‫ح ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ن ع َي َ‬
‫مي ْ‬‫سهِ ِ‬‫صّبوا ْ فَوْقَ َرأ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫حيم ِ * ث ُ ّ‬ ‫ج ِ‬‫ال ْ َ‬
‫إن َ َ‬
‫ن‬
‫مت َُرو َ‬ ‫م ب ِهِ ت َ ْ‬ ‫ما ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫ذا َ‬‫هـ َ‬
‫ن َ‬ ‫م * إِ ّ‬ ‫ري ُ‬ ‫زيُز ال ْك َ ِ‬ ‫ت ال ْعَ ِ‬ ‫ك أن َ‬ ‫ِّ‬
‫يقول تعالى مخييبرا عمييا يعييذب بييه الكييافرين الجاحييدين‬ ‫ً‬
‫للقائه‪} :‬إن شجرة الزقييوم طعييام الثيييم{ الثيييم أي فييي‬
‫قوله وفعله‪ ,‬وهو الكافر‪ ,‬وذكر غير واحد أنه أبو جهييل‪ ,‬ول‬
‫لية‪ ,‬ولكن ليست خاصة به‪ .‬قال‬ ‫شك في دخوله في هذه ا َ‬
‫ابن جرير‪ :‬حدثنا محمد بن بشار‪ ,‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬حدثنا‬
‫سفيان عن العمش عن إبراهيم عن همام بن الحارث أن‬
‫أبا الييدرداء كييان يقرىييء رجل ً }إن شييجرة الزقييوم طعييام‬
‫الثيم{ فقال‪ :‬طعام اليتيم‪ ,‬فقال أبييو الييدرداء رضييي اللييه‬
‫عنه‪ :‬قييل إن شييجرة الزقييوم طعييام الفيياجر أي ليييس لييه‬
‫طعام من غيرها‪ ,‬قال مجاهد‪ :‬ولووقعت قطييرة منهييا فييي‬
‫الرض لفسدت علييى أهييل الرض معيشييتهم‪ ,‬وقييد تقييدم‬
‫نحييوه مرفوع يًا‪ ,‬وقييوله‪} :‬كالمهييل{ قييالوا‪ :‬كعكيير الزيييت‬
‫}يغلييي فييي البطييون كغلييي الحميييم{ أي ميين حرارتهييا‬
‫ورداءتها‪ ,‬وقوله‪} :‬خذوه{ أي الكافر‪ ,‬وقيد ورد أنيه تعيالى‬
‫إذا قال للزبانية خذوه ابتدره سييبعون ألف يا ً منهييم‪ ,‬وقييوله‪:‬‬

‫‪223‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}فيياعتلوه{ أي سييوقوه سييحبا ً ودفعييا ً فييي ظهييره‪ ,‬قييال‬
‫مجاهييد }خييذوه فيياعتلوه{ أي خييذوه فييادفعوه‪ ,‬وقييال‬
‫الفرزدق‪:‬‬
‫ليس الكرام بناحليك أباهمحتى ترد إلى عطية تعتل‬
‫}إلى سواء الجحيم{ أي وسطها }ثم صبوا فييوق رأسييه‬
‫من عذاب الحميم{ كقييوله عييز وجييل‪} :‬يصييب ميين فييوق‬
‫رؤوسهم الحميم يصهر به ما في بطييونهم والجلييود{ وقييد‬
‫تقدم أن الملك يضربه بمقمعة من حديد‪ ,‬فتفتح دماغه ثييم‬
‫يصب الحميم على رأسه فينزل في بدنه‪ ,‬فيسلت مييا فييي‬
‫بطنه من أمعائه حتى تمرق من كعبيه‪ ,‬أعاذنييا اللييه تعييالى‬
‫من ذلك‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬ذق إنك أنت العزيز الكريييم{ أي‬
‫قولوا له ذلك على وجه التهكييم والتوبيييخ‪ ,‬وقييال الضييحاك‬
‫عيين ابيين عبيياس رضييي اللييه عنهمييا‪ :‬أي لسييت بعزيييز ول‬
‫كريم‪ .‬وقييد قييال المييوي فييي مغييازيه‪ :‬حييدثنا أسييباط بيين‬
‫محمد‪ ,‬حدثنا أبو بكر الهذلي عن عكرمة قال‪ :‬لقي رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم أبا جهل لعنييه اللييه فقييال‪» :‬إن‬
‫الله تعالى أمرني أن أقول لك‪ ,‬أولى لك فييأولى ثييم أولييى‬
‫لك فأولى« قال‪ :‬فنزع ثوبه من يده وقال‪ :‬ما تستطيع لي‬
‫أنت ول صاحبك من شيييء‪ ,‬ولقييد علمييت أنييي أمنييع أهييل‬
‫البطحاء وأنا العزيز الكريم‪ ,‬قال فقتله الله يوم بدر وأذلييه‬
‫وعيييره بكلمتييه وأنييزل‪} :‬ذق إنييك أنييت العزيييز الكريييم{‪.‬‬
‫وقوله عز وجييل‪} :‬إن هييذا مييا كنتييم بييه تمييترون{ كقييوله‬
‫تعالى‪} :‬يوم يدعون إلى نار جهنم دعا ً هذه النار التي كنتم‬
‫بها تكذبون * أفسحر هذا أم أنتم ل تبصيرون{ ولهيذا قيال‬
‫تعالى ههنا‪} :‬إن هذا ما كنتم به تمترون{‪.‬‬

‫َ‬
‫ن*‬ ‫ت وَعُي ُييو ٍ‬ ‫جن ّييا ٍ‬‫ن * فِييي َ‬ ‫ميي ٍ‬ ‫مَقييام ٍ أ ِ‬ ‫ن فِييي َ‬ ‫مت ِّقيي َ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫** إ ِ ّ‬
‫ن * ك َيييذ َل ِ َ‬
‫ك‬ ‫مت ََقييياب ِِلي َ‬‫ق ّ‬
‫سيييت َب َْر ٍ‬‫س وَإ ِ ْ‬ ‫سيييند ُ ٍ‬ ‫مييين ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫سيييو َ‬ ‫ي َل ْب َ ُ‬
‫ن * لَ‬ ‫مِني َ‬‫ل َفاك ِهَةٍ آ ِ‬ ‫ن ِفيَها ِبك ّ‬ ‫عو َ‬ ‫ن * ي َد ْ ُ‬ ‫عي ٍ‬ ‫حورٍ ِ‬ ‫هم ب ِ ُ‬ ‫جَنا ُ‬‫وََزوّ ْ‬
‫ب‬‫ذا َ‬ ‫م عَ ي َ‬ ‫ى وَوَقَيياهُ ْ‬ ‫ةا ُ َ‬ ‫ت إ ِل ّ ال ْ َ‬ ‫ن ِفيهَييا ال ْ َ‬ ‫ذوُقو َ‬ ‫ي َي ُ‬
‫لول ي َ‬ ‫موْت َي َ‬ ‫م يو ْ َ‬

‫‪224‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مييا‬‫م * فَإ ِن ّ َ‬ ‫ك هُوَ ال َْف يوُْز ال ْعَ ِ‬
‫ظي ي ُ‬ ‫ك ذ َل ِ َ‬
‫من ّرب ّ َ‬ ‫ضل ً ّ‬ ‫حيم ِ * فَ ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ج ِ‬
‫ن‬
‫مْرت َِقُبو َ‬ ‫م ّ‬ ‫ن * َفاْرت َِق ْ‬
‫ب إ ِن ّهُ ْ‬ ‫ك ل َعَل ّهُ ْ‬
‫م ي َت َذ َك ُّرو َ‬ ‫سان ِ َ‬
‫سْرَناهُ ب ِل ِ َ‬‫يَ ّ‬
‫لما ذكر تعالى حال الشقياء عطف بذكر السعداء ولهييذا‬
‫سمي القييرآن مثيياني‪ ,‬فقييال‪} :‬إن المتقييين{ أي للييه فييي‬
‫لخييرة وهييو الجنيية‪ ,‬قييد‬ ‫الدنيا }في مقام أمييين{ أي فييي ا َ‬
‫أمنوا فيها من الموت والخروج‪ ,‬ومن كل هم وحزن وجزع‬
‫لفييات‬ ‫وتعييب ونصييب وميين الشيييطان وكيييده وسييائر ا َ‬
‫والمصائب }في جنات وعيون{ وهذا في مقابلة مييا أولئك‬
‫فيه ميين شييجرة الزقييوم وشييرب الحميييم‪ ,‬وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}يلبسييون ميين سييندس{ وهييو رفيييع الحرييير كالقمصييان‬
‫ونحوهييا }وإسييتبرق{ وهييو مييا فيييه بريييق ولمعييان وذلييك‬
‫كالريش وما يلبس علييى أعييالي القميياش }متقييابلين{ أي‬
‫على السرر ل يجلس أحد منهم وظهره إلى غيييره‪ .‬وقييوله‬
‫تعالى‪} :‬كذلك وزوجناهم بحور عين{ أي هييذا العطيياء مييع‬
‫ما قد منحناهم من الزوجات الحسان الحور العييين اللتييي‬
‫}لييم يطمثهيين إنييس قبلهييم ول جييان{ }كييأنهن الييياقوت‬
‫والمرجان{ }هل جزاء الحسان إل الحسان ؟{ قال ابيين‬
‫أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا نوح بن حبيب‪ ,‬حدثنا نصيير بيين‬
‫مزاحم العطار‪ .‬حدثنا عمر بن سييعد عيين رجييل عيين أنييس‬
‫رضي الله عنه رفعه نيوح قيال‪ :‬ليو أن حيوراء بزقيت فيي‬
‫بحر لجي لعذب ذلك الماء لعذوبة ريقها‪.‬‬
‫وقوله عز وجل‪} :‬يييدعون فيهييا بكييل فاكهيية آمنييين{ أي‬
‫مهما طلبوا من أنواع الثمار أحضيير لهييم وهييم آمنييون ميين‬
‫انقطاعه وامتناعه بل يحضر إليهم كلما أرادوا‪ .‬وقييوله‪} :‬ل‬
‫يذوقون فيها الموت إل الموتة الولى{ هييذا اسييتثناء يؤكييد‬
‫النفي فإنه استثناء منقطع‪ ,‬ومعنيياه أنهييم ل يييذوقون فيهييا‬
‫الموت أبدا ً كما ثبت في الصحيحين أن رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم قييال‪» :‬يييؤتى بييالموت فييي صييورة كبييش‬
‫أملح فيوقف بين الجنة والنييار ثييم يذبييح ثييم يقييال يييا أهييل‬
‫الجنة خلود فل موت ويا أهل النييار خلييود فل مييوت« وقييد‬
‫تقدم الحييديث فييي سييورة مريييم عليهييا الصييلة والسييلم‪.‬‬
‫وقال عبد الرزاق‪ :‬حدثنا سفيان الثوري عيين أبييي إسييحاق‬

‫‪225‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن أبي مسلم الغر عن أبييي سييعيد وأبييي هريييرة رضييي‬
‫الله عنهما قال‪ :‬قال رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»يقال لهل الجنة إن لكم أن تصحوا فل تسقموا أبدًا‪ ,‬وإن‬
‫لكييم أن تعيشييوا فل تموتييوا أبييدًا‪ ,‬وإن لكييم أن تنعمييوا فل‬
‫تبأسييوا أبييدًا‪ ,‬وإن لكييم أن تشييبوا فل تهرمييوا أبييدًا« رواه‬
‫مسلم عن إسحاق بن راهويه وعبد بن حميد‪ ,‬كلهمييا عيين‬
‫عبييد الييرزاق بييه هكييذا يقييول أبييو إسييحاق‪ ,‬وأهييل العييراق‬
‫يقولون أبو مسلم الغر‪ ,‬وأهييل المدينيية يقولييون أبييو عبييد‬
‫الله الغر‪ .‬وقال أبو بكر بن أبيي داود السجسييتاني‪ :‬حيدثنا‬
‫أحمد بن حفييص عيين أبيييه عيين إبراهيييم بيين طهمييان عيين‬
‫الحجاج هو ابن حجاج عن عبادة عن عبييد الليه بين عميرو‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬من اتقى الله دخل الجنة ينعم فيهييا ول‬
‫يبأس ويحيا فيها فل يموت‪ ,‬ل تبلى ثيابه‪ ,‬ول يفنى شبابه«‪.‬‬
‫وقال أبو القاسم الطبراني‪ :‬حدثنا أحمد بن يحيى‪ ,‬حييدثنا‬
‫عمرو بن محمد الناقد‪ ,‬حدثنا سليم بيين عبييد اللييه الرقييي‪,‬‬
‫حدثنا مصعب بن إبراهيم‪ ,‬حدثنا عمران بن الربيع الكييوفي‬
‫عن يحيى بن سعيد النصاري عن محمد بيين المنكييدر عيين‬
‫جابر رضي الله عنه قال‪ :‬سئل نبي اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪ :‬أينام أهل الجنة ؟ فقييال صييلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»النوم أخو الموت وأهل الجنة ل ينامون« وهكذا رواه أبييو‬
‫بكر بن مردويه في تفسيره‪ ,‬حدثنا أحمييد بيين القاسييم بيين‬
‫صدقة المصري‪ ,‬حدثنا المقدام بن داود‪ ,‬حدثنا عبد الله بن‬
‫المغيرة‪ ,‬حدثنا سفيان الثوري عن محمد بن المنكييدر عيين‬
‫جابر بن عبد الله رضي اللييه عنييه قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬النوم أخو المييوت وأهييل الجنيية ل‬
‫ينامون«‪ ,‬وقال أبو بكر البزار في مسيينده‪ :‬حييدثنا الفضييل‬
‫بن يعقوب ‪ ,‬حدثنا محمد بن يوسف الفريابي عيين سييفيان‬
‫عن محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنه قييال‪ :‬قيييل‬
‫يا رسول الله‪ :‬هل ينام أهل الجنة ؟ قال صييلى اللييه عليييه‬
‫وسييلم‪» :‬ل ‪ ,‬النييوم أخييو المييوت‪ ,‬ثييم قييال‪ :‬ل نعلييم أحييدا ً‬
‫أسنده عن ابن المنكدر عن جابر رضي الله عنه إل الثوري‬

‫‪226‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ول عن الثوري إل الفريابي‪ ,‬هكييذا قييال‪ ,‬وقييد تقييدم خلف‬
‫ذلك‪ ,‬والله أعلم‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬ووقيياهم عييذاب الجحيييم{ أي مييع هييذا‬
‫النعيييم العظيييم المقيييم قييد وقيياهم وسييلمهم ونجيياهم‬
‫وزحزحهم عن العذاب الليم في دركات الجحيييم‪ ,‬فحصييل‬
‫لهم المطلوب ونجاهم من المرهوب ولهذا قال عز وجييل‪:‬‬
‫}فضل ً من ربك ذلك هو الفوز العظيم{ أي إنما كييان هييذا‬
‫بفضله عليهم وإحسانه إليهم كمييا ثبييت فييي الصييحيح عيين‬
‫رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم أنييه قييال‪» :‬اعملييوا‬
‫وسددوا وقاربوا واعلموا أن أحدا ً لن يدخله عملييه الجنيية«‬
‫قالوا‪ :‬ول أنت يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫»ول أنا إل أن يتغمدني الله برحميية منييه وفضييل«‪ ,‬وقييوله‬
‫تعالى‪} :‬فإنما يسرناه بلسييانك لعلهييم يتييذكرون{ أي إنمييا‬
‫يسرنا هييذا القييرآن الييذي أنزلنيياه سييهل ً واضييحا ً بينيا ً جلييا ً‬
‫بلسانك الذي هو أفصييح اللغييات وأجلهييا وأعلهييا }لعلهييم‬
‫يتذكرون{ أي يتفهمون ويعلمون‪.‬‬
‫ثم لما كان مع هذا الوضوح والبيان من الناس ميين كفيير‬
‫وخالف وعاند قييال اللييه تعييالى لرسييوله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم مسليا ً له وواعييدا ً لييه بالنصيير‪ ,‬ومتوعييدا ً لميين كييذبه‬
‫بالعطب والهلك‪} :‬فارتقب{ أي انتظر }إنهييم مرتقبييون{‬
‫أي فسيعملون لمن تكون النصييرة والظفيير وعلييو الكلميية‬
‫لخرة‪ ,‬فإنها لك يا محمد ولخوانك من النبيين‬ ‫في الدنيا وا َ‬
‫والمرسلين ومن اتبعكييم ميين المييؤمنين كميا قيال تعيالى‪:‬‬
‫لييية‪ .‬وقييال تعييالى‪} :‬إنييا‬ ‫}كتب الله لغلبن أنا ورسييلي{ ا َ‬
‫لننصر رسلنا والذين آمنييوا فييي الحييياة الييدنيا ويييوم يقييوم‬
‫الشهاد * يوم ل ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم‬
‫سوء الدار{‪.‬‬

‫سورة الجاثية‬
‫وهيييييييييييييييييييييييييييييييييي مكيييييييييييييييييييييييييييييييييية‬
‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬
‫‪227‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫ن ِفييي‬ ‫كيم ِ * إ ِ ّ‬ ‫ح ِ‬‫زيزِ ال ْ َ‬ ‫ن الل ّهِ ال ْعَ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ب ِ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫زي ُ‬‫م * َتن ِ‬ ‫** ح َ‬
‫مييا‬ ‫م وَ َ‬ ‫خل ِْقك ُي ْ‬ ‫ن * وَفِييي َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ت ل ّل ْ ُ‬
‫م يؤ ْ ِ‬ ‫ض ل ََيا ٍ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫ل َوالن َّهيياِر‬ ‫ف الل ّي ْ ِ‬‫خت ِل َ ِ‬‫ن * َوا ْ‬
‫َ‬
‫ت ل َّقوْم ٍ ُيوقُِنو َ‬ ‫دآب ّةٍ آَيا ٌ‬ ‫من َ‬ ‫ث ِ‬ ‫ي َب ُ ّ‬
‫ض ب َعْ يد َ‬
‫حي َييا ب ِيهِ الْر َ‬ ‫ق فَأ ْ‬ ‫ميين ّرْز ٍ‬ ‫مآِء ّ‬ ‫س َ‬‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫مآ أ َن ََز َ‬ ‫وَ َ‬
‫ت ل َّقييييوْم ٍ ي َعِْقُلييييو َ‬
‫ن‬ ‫ح آَيييييا ٌ‬ ‫ف الّرَيييييا ِ‬ ‫ري ِ‬ ‫صيييي ِ‬ ‫موْت َِهييييا وَت َ ْ‬ ‫َ‬
‫يرشد تعالى خلقه إلى التفكر في آلئه ونعمييه‪ ,‬وقييدرته‬
‫العظيمة التي خلق بها السييموات والرض‪ ,‬ومييا فيهييا ميين‬
‫المخلوقييات المختلفيية والجنيياس‪ ,‬والنييواع ميين الملئكيية‬
‫والجيين والنييس والييدواب والطيييور والوحييوش والسييباع‬
‫والحشرات‪ ,‬وما في البحر من الصناف المتنوعة واختلف‬
‫الليل والنهار في تعاقبهما دائبييين ل يفييتران‪ ,‬هييذا بظلمييه‬
‫وهذا بضيائه‪ ,‬وما أنزل الله تبارك وتعالى من السحاب من‬
‫المطر في وقت الحاجة إليه‪ ,‬وسماه رزقا ً لن بييه يحصييل‬
‫الييرزق }فأحيييا بييه الرض بعييد موتهييا{ أي بعييد مييا كييانت‬
‫هامدة ل نبات فيها ول شيء‪ .‬وقوله عز وجل‪} :‬وتصييريف‬
‫الرياح{ أي جنوبا ً وشمال ً ودبورا ً وصبًا‪ ,‬برية وبحرية‪ ,‬ليلييية‬
‫ونهارية‪ .‬ومنها ما هو للمطر‪ ,‬ومنها ما هو للقاح‪ ,‬ومنها مييا‬
‫هو غذاء للرواح ومنها ما هو عقيم ل ينتج ‪ ,‬وقيال سيبحانه‬
‫ليات للمييؤمنين{ ثييم يوقنييون ثييم يعقلييون‬ ‫ل‪َ } :‬‬ ‫وتعالى‪ :‬أو ً‬
‫وهو ترق من حال شريف إلى ما هو أشيرف منيه وأعلييى‪,‬‬
‫ليات شبيهة بآية البقرة وهي قوله تعالى‪} :‬إن فيي‬ ‫وهذه ا َ‬
‫خلييق السييموات والرض واختلف الليييل والنهييار والفلييك‬
‫التي تجري في البحر بما ينفع الناس‪ ,‬وما أنييزل اللييه ميين‬
‫السماء من ماء فأحيا به الرض بعد موتها‪ ,‬وبث فيهييا ميين‬
‫كل دابة‪ ,‬وتصريف الرياح والسحاب المسخر بييين السييماء‬
‫ليات لقوم يعقلون{ وقد أورد ابن أبي حاتم ههنييا‬ ‫والرض َ‬
‫عن وهب بن منبه أثرا ً طويل ً غريبا ً في خلق النسييان ميين‬
‫الخلط الربعيييييييييييييية‪ ,‬واللييييييييييييييه أعلييييييييييييييم‪.‬‬

‫‪228‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬
‫ث ب َعْد َ الّليي ِ‬
‫ه‬ ‫دي ٍ‬ ‫ح ِ‬ ‫حقّ فَب ِأيّ َ‬ ‫ك ِبال ْ َ‬‫ها عَل َي ْ َ‬ ‫ت الل ّهِ ن َت ُْلو َ‬ ‫ك آَيا ُ‬ ‫** ت َل ْ َ‬
‫َ‬ ‫ل ل ّك ُ ّ َ‬
‫ت الل ّي ِ‬
‫ه‬ ‫معُ آي َييا ِ‬ ‫سي َ‬ ‫ك أِثيم ٍ * ي َ ْ‬ ‫ل أّفا ٍ‬ ‫ن * وَي ْ ٌ‬ ‫مُنو َ‬ ‫َوآَيات ِهِ ي ُؤْ ِ‬
‫َ‬
‫شيْرهُ‬ ‫معَْها فَب َ ّ‬ ‫سي َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫سيت َك ِْبرا ً ك َيأن ل ّي ْ‬ ‫م ْ‬ ‫صيّر ُ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫ى عَل َْييهِ ث ُي ّ‬ ‫َ‬ ‫ت ُت ْل َي‬
‫ك‬‫ها هُُزوا ً أ ُوَْلـئ ِ َ‬ ‫خذ َ َ‬ ‫شْيئا ً ات ّ َ‬ ‫ن آَيات َِنا َ‬ ‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫ذا عَل ِ َ‬ ‫ب أ َِليم ٍ * وَإ ِ َ‬ ‫ذا ٍ‬ ‫ب ِعَ َ‬
‫مييا‬ ‫م وَل َ ي ُغْن ِييي عَن ْهُييم ّ‬ ‫جهَن ّي ُ‬ ‫م َ‬ ‫من وََرآئ ِهِ ْ‬ ‫ن* ّ‬ ‫مِهي ٌ‬ ‫ب ّ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م عَ َ‬ ‫ل َهُ ْ‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫ذا ٌ‬ ‫عيي َ‬ ‫م َ‬ ‫ن الل ّهِ أوْل َِيآَء وَل َهُ ْ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ذوا ْ ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ما ات ّ َ‬ ‫شْيئا ً وَل َ َ‬ ‫سُبوا ْ َ‬ ‫كَ َ‬
‫ب‬ ‫ذا ٌ‬ ‫عيي َ‬
‫م َ‬ ‫م ل َُهيي ْ‬ ‫ت َرب ّهِ ْ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ ِبآَيا ِ‬ ‫ذي َ‬‫دى َوال ّ ِ‬ ‫ذا هُ ً‬ ‫هـ َ‬ ‫م* َ‬ ‫ظي ٌ‬ ‫عَ ِ‬
‫م‬ ‫َ‬
‫جييييييييييييييييييييزٍ أِلييييييييييييييييييييي ٌ‬ ‫ميييييييييييييييييييين ّر ْ‬ ‫ّ‬
‫يقول تعالى‪} :‬تلك آيات الله{ يعني القرآن بما فيه ميين‬
‫الحجج والبينات }نتلوها عليك بيالحق{ أي متضييمنة الحيق‬
‫من الحق‪ ,‬فإذا كانوا ل يؤمنون بهييا ول ينقييادون لهييا فبييأي‬
‫حديث بعد الله وآياته يؤمنون ؟ ثم قال تعالى‪} :‬ويل لكييل‬
‫أفاك أثيم{ أي أفاك في قوله كذاب حلف مهين أثيم فييي‬
‫فعله وقلبه كافر بآيات الله ولهذا قال‪} :‬يسمع آيييات اللييه‬
‫تتلييى عليييه{ أي تقييرأ عليييه }ثييم يصيير{ أي علييى كفييره‬
‫وجحوده استكبارا ً وعنادا ً }كأن لييم يسييمعها{ أي كييأنه مييا‬
‫سمعها }فبشره بعذاب أليم{ أي فأخبره أن لييه عنييد الليه‬
‫تعالى يوم القيامة عذابا ً أليما ً موجعا ً }وإذا علم ميين آياتنييا‬
‫شيئا ً اتخذها هزوًا{ أي إذا حفظ شيئا ً من القييرآن كفيير بييه‬
‫واتخذه سخريا ً وهزوا ً }أولئك لهم عييذاب مهييين{ أي فييي‬
‫مقابلة ما استهان بالقرآن واستهزأ به‪ ,‬ولهييذا روى مسييلم‬
‫في صحيحه عن ابيين عميير رضييي اللييه عنهمييا قييال‪ :‬نهييى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بييالقرآن إلييى‬
‫أرض العييدو مخافيية أن ينيياله العييدو‪ ,‬ثييم فسيير العييذاب‬
‫الحاصل له يوم معاده فقال‪} :‬من ورائهم جهنييم{ أي كييل‬
‫من اتصف بذلك سيصيرون إلييى جهنييم يييوم القياميية }ول‬
‫يغنييي عنهييم مييا كسييبوا شيييئًا{ أي ل تنفعهييم أمييوالهم ول‬
‫أولدهم }ول ما اتخذوا من دون الله أولييياء{ أي ول تغنييي‬
‫للهة التي عبدوها من دون الله شيئا ً }ولهم عييذاب‬ ‫عنهم ا َ‬
‫عظيم{ ثم قال تبارك وتعالى‪} :‬هذا هدى{ يعنييي القييرآن‬
‫}والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم{ وهو‬
‫المييييؤلم الموجييييع‪ .‬واللييييه سييييبحانه وتعييييالى أعلييييم‪.‬‬

‫‪229‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫َ‬ ‫جيرِيَ ال ُْفل ْي ُ‬


‫مرِهِ‬ ‫ك ِفييهِ ب ِيأ ْ‬ ‫حيَر ل ِت َ ْ‬ ‫م ال ْب َ ْ‬ ‫خَر ل َك ُي ُ‬‫س ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬‫** الل ّ ُ‬
‫ما ِفييي‬ ‫م ّ‬ ‫خَر ل َك ُ ْ‬ ‫س ّ‬‫ن * وَ َ‬ ‫شك ُُرو َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ضل ِهِ وَل َعَل ّك ُ ْ‬
‫من فَ ْ‬ ‫وَل ِت َب ْت َُغوا ْ ِ‬
‫ت‬ ‫ك ل َي َييا ٍ‬ ‫ن فِييي ذ َل ِي َ‬ ‫ه إِ ّ‬
‫من ْي ُ‬‫ميعا ً ّ‬ ‫ج ِ‬‫ض َ‬ ‫ما ِفي الْر ِ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫ال ّ‬
‫ن‬‫جييو َ‬ ‫ن ل َ ي َْر ُ‬ ‫ذي َ‬‫مُنوا ْ ي َغِْفُروا ْ ل ِل ّي ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * ُقل ل ّل ّ ِ‬ ‫ل َّقوْم ٍ ي َت ََفك ُّرو َ‬
‫َ‬
‫ل‬‫مي َ‬ ‫ن عَ ِ‬ ‫مي ْ‬ ‫ن* َ‬ ‫سيُبو َ‬ ‫مييا ك َيياُنوا ْ ي َك ْ ِ‬ ‫وميا ً ب ِ َ‬ ‫جيزِيَ قَ ْ‬ ‫م الل ّيهِ ل ِي َ ْ‬ ‫أّيا َ‬
‫سآَء فَعَل َي َْها ُثي ّ َ‬ ‫صاِلحا ً فَل ِنْفسه وم َ‬
‫ن‬
‫جعُييو َ‬ ‫م ت ُْر َ‬ ‫ى َرب ّك ُي ْ‬ ‫م إ ِلي َ‬ ‫نأ َ‬ ‫َ ِ ِ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫يذكر تعالى نعمه على عبيده فيما سخر لهييم ميين البحيير‬
‫}لتجري الفلك{ وهي السفن فيه بأمره تعييالى‪ .‬فييإنه هييو‬
‫الييذي أميير البحيير بحملهييا }ولتبتغييوا ميين فضييله{ أي فييي‬
‫المتاجر والمكاسب }ولعلكم تشكرون{ أي علييى حصييول‬
‫المنافع المجلوبة من القاليم النائية القصية‪ ,‬ثييم قييال عييز‬
‫وجل‪} :‬وسخر لكم ما في السموات وما فييي الرض{ أي‬
‫من الكواكب والجبال والبحار والنهار‪ ,‬وجميع مييا تنتفعييون‬
‫به أي الجميييع ميين فضييله وإحسييانه وامتنييانه ولهييذا قييال‪:‬‬
‫}جميعا ً منه{ أي من عنده وحده ل شييريك لييه فييي ذلييك‪,‬‬
‫كما قال تبارك وتعالى‪} :‬وما بكم من نعمة فميين اللييه ثييم‬
‫إذا مسييكم الضيير فييإليه تجييأرون{ وروى ابيين جرييير ميين‬
‫طريق العيوفي عين ابين عبياس رضيي الليه عنهمييا قييوله‬
‫تعالى‪} :‬وسييخر لكييم مييا فييي السييموات ومييا فييي الرض‬
‫جميعا ً منه{ كل شيء هو من الله‪ .‬وذلك السم فييه اسيم‬
‫من أسمائه‪ ,‬فذلك جميعا ً منه ول ينييازعه فيييه المنييازعون‪,‬‬
‫واستيقن أنه كذلك‪ .‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبييي حييدثنا‬
‫محمد بن خلف العسييقلني‪ ,‬حييدثنا الفريييابي عيين سييفيان‬
‫عن العمش عن المنهال بن عمرو عيين أبييي أراكيية قييال‪:‬‬
‫سأل رجل عبد الله بن عمرو رضي الله عنهمييا قييال‪ :‬مييم‬
‫خلق الخلق ؟ قال‪ :‬من النور والنار والظلمة والثرى‪ .‬قال‪:‬‬
‫وائت ابن عباس رضي الله عنهما فاسأله‪ ,‬فأتاه فقييال لييه‬
‫مثل ذلك‪ ,‬فقال‪ :‬ارجييع إليييه فسييله ممييا خلييق ذلييك كلييه‪.‬‬
‫فرجع إليه فسأله فتل }وسخر لكم ما في السييموات ومييا‬

‫‪230‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫في الرض جميعا ً منه{ هذا أثر غريب وفيه نكارة }إن في‬
‫ذليييييييييييك َ‬
‫لييييييييييييات لقيييييييييييوم يتفكيييييييييييرون{‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬قل للذين آمنوا يغفييروا للييذين ل يرجييون‬
‫أيام الله{ أي ليصفحوا عنهم ويتحملييوا الذى منهييم وكييان‬
‫هييذا فييي ابتييداء السييلم‪ ,‬أمييروا أن يصييبروا علييى أذى‬
‫المشركين وأهل الكتاب ليكون ذلك كالتأليف لهم‪ ,‬ثم لمييا‬
‫أصروا علييى العنيياد شييرع اللييه للمييؤمنين الجلد والجهيياد‪.‬‬
‫هكذا روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وقتييادة‪ ,‬وقييال‬
‫مجاهد‪} :‬ل يرجون أيام الله{ ل ينييالون نعييم اللييه تعييالى‪,‬‬
‫وقوله تبارك وتعالى‪} :‬ليجزي قوم يا ً بمييا كييانوا يكسييبون{‬
‫أي إذا صفحوا عنهم في الدنيا فإن الله عز وجل مجييازيهم‬
‫لخرة‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬من عمل‬ ‫بأعمالكم السيئة في ا َ‬
‫صالحا ً فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إليى ربكيم ترجعيون{‬
‫أي تعودون إليييه يييوم القياميية فتعرضييون بأعمييالكم عليييه‬
‫فيجزيكييم خيرهييا وشييرها‪ ,‬واللييه سييبحانه وتعييالى أعلييم‪.‬‬

‫م َوالن ُّبييوّةَ‬ ‫كيي َ‬‫ح ْ‬‫ب َوال ْ ُ‬ ‫ل ال ْك َِتييا َ‬ ‫سييَراِئي َ‬ ‫ي إِ ْ‬ ‫** وَل ََقييد ْ آت َي َْنييا ب َِنيي َ‬
‫ن*‬ ‫م عََلييى ال َْعيياَلمي َ‬ ‫ضييل َْناهُ ْ‬ ‫ت وَفَ ّ‬ ‫ن الط ّي َّبييا ِ‬ ‫ميي َ‬ ‫م ّ‬ ‫وََرَزقَْنيياهُ ْ‬
‫م‬ ‫جييآَءهُ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫من ب َعْدِ َ‬ ‫خت َل َُفوَا ْ إ ِل ّ ِ‬‫ما ا ْ‬‫مرِ فَ َ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫م َ‬ ‫ت ّ‬ ‫هم ب َي َّنا ٍ‬ ‫َوآت َي َْنا ُ‬
‫مييا‬ ‫ميةِ ِفي َ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬ ‫م ي َيوْ َ‬ ‫ضييي ب ِي ْن َهُي ْ‬ ‫ك ي َْق ِ‬ ‫ن َرب ّي َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫م ب َْغيا ً ب َي ْن َهُ ْ‬‫ال ْعِل ْ ُ‬
‫ر‬
‫مي ِ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫مي َ‬ ‫ريعَةٍ ّ‬ ‫شي ِ‬ ‫ى َ‬ ‫جعَل َْنا َ َ‬ ‫ن * ثُ ّ‬ ‫كاُنوا ْ ِفيهِ ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ك عَل ي َ‬ ‫م َ‬ ‫خت َل ُِفو َ‬
‫َ‬
‫م ل َيين ي ُغْن ُييوا ْ‬ ‫ن * إ ِن ّهُي ْ‬ ‫مييو َ‬ ‫ن ل َ ي َعْل َ ُ‬‫ذي َ‬ ‫وآَء ال ّي ِ‬ ‫َفات ّب ِعَْها وَل َ ت َت ّب ِعْ أهْ َ‬
‫ظال ِمين بعضه َ‬
‫ه‬‫ض َوالل ّ ُ‬‫م أوْل َِيآُء ب َعْ ٍ‬ ‫ن ال ّ ِ َ َ ْ ُ ُ ْ‬ ‫شْيئا ً وَإ ِ ّ‬ ‫ن الل ّهِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫عن َ‬ ‫َ‬
‫مي ً ّ‬ ‫هـ َ‬ ‫ي ال ْ ُ‬
‫ة لَقيوْم ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫دى وََر ْ‬ ‫س وَهُي ً‬ ‫صييائ ُِر ِللن ّييا ِ‬ ‫ذا ب َ َ‬ ‫ن* َ‬ ‫مت ِّقي َ‬ ‫وَل ِ ّ‬
‫ن‬‫ُيوقُِنييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييو َ‬
‫يذكر تعالى ما أنعييم بييه علييى بنييي إسييرائيل ميين إنييزال‬
‫الكتب عليهم وإرسال الرسل إليهييم وجعلييه الملييك فيهييم‪,‬‬
‫ولهذا قال تبارك وتعالى‪} :‬ولقد آتينا بني إسرائيل الكتيياب‬
‫والحكم والنبوة ورزقناهم ميين الطيبييات{ أي ميين المآكييل‬
‫والمشارب }وفضيلناهم عليى العييالمين{ أي فيي زميانهم‬
‫}وآتينيياهم بينييات ميين الميير{ أي حجج يا ً وبراهييين وأدليية‬

‫‪231‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قاطعات‪ ,‬فقامت عليهم الحجج ثم اختلفييوا بعييد ذلييك ميين‬
‫بعد قيام الحجة‪ ,‬وإنما كان ذلييك بغييا ً منهييم علييى بعضييهم‬
‫بعضا ً }إن ربك{ يا محمد }يقضي بينهم يوم القيامة فيمييا‬
‫كانوا فيه يختلفون{ أي سيفصل بينهم بحكمه العدل‪ ,‬وهذا‬
‫فيييه تحييذير لهييذه الميية أن تسييلك مسييلكهم وأن تقصييد‬
‫منهجهم‪ ,‬ولهذا قال جل وعل‪} :‬ثييم جعلنيياك علييى شييريعة‬
‫من المر فاتبعها{ أي اتبع ما أوحي إليك من ربك ل إله إل‬
‫هو وأعرض عن المشييركين‪ ,‬وقييال جييل جللييه ههنييا‪} :‬ول‬
‫تتبع أهواء الذين ل يعلمون * إنهم لن يغنوا عنك ميين اللييه‬
‫شيئا ً وإن الظالمين بعضهم أولياء بعييض{ أي وميياذا تغنييي‬
‫عنهم ول يتهم لبعضهم بعضا ً فإنهم ل يزييدونهم إل خسيارا ً‬
‫ودمارا ً وهلكا ً }والله ولي المتقين{ وهييو تعييالى يخرجهييم‬
‫من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولييياؤهم الطيياغوت‬
‫يخرجونهم من النييور إلييى الظلمييات‪ ,‬ثييم قييال عييز وجييل‪:‬‬
‫}هذا بصائر للناس{ يعني القييرآن }وهييدى ورحميية لقييوم‬
‫يوقنييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييون{‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬‫كال ّي ِ‬‫م َ‬ ‫جعَل َهُ ي ْ‬ ‫ت أن ن ّ ْ‬ ‫سيي َّئا ِ‬ ‫حوا ْ ال ّ‬ ‫جت ََر ُ‬ ‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب ال ّ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م َ‬‫** أ ْ‬
‫مييا‬ ‫سييآَء َ‬ ‫م َ‬ ‫مييات ُهُ ْ‬ ‫م َ‬‫م وَ َ‬ ‫حي َيياهُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫وآًء ّ‬ ‫س َ‬ ‫ت َ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬‫مُلوا ْ ال ّ‬ ‫مُنوا ْ وَعَ ِ‬ ‫آ َ‬
‫ى‬
‫جييَز َ‬ ‫حقّ وَل ِت ُ ْ‬ ‫ض ِبال ْ َ‬ ‫ت َوالْر َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫خل َقَ الل ّ ُ‬ ‫ن * وَ َ‬ ‫مو َ‬ ‫حك ُ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫خييذ َ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ن * أفََرأي ْ َ‬ ‫مو َ‬ ‫م ل َ ي ُظ ْل َ ُ‬ ‫ت وَهُ ْ‬ ‫سب َ ْ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫س بِ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ل ن َْف‬‫كُ ّ‬
‫َ‬
‫معِهِ وَقَل ِْبييهِ‬ ‫سيي ْ‬‫ى َ‬ ‫َ‬
‫م عَل َ‬ ‫عل ْم ٍ وَ َ‬
‫خت َ َ‬ ‫ى ِ‬ ‫َ‬
‫ه عَل َ‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫ضل ّ ُ‬ ‫واهُ وَأ َ‬ ‫ه هَ َ‬ ‫إ َِلـهَ ُ‬
‫ميين ب َعْ يدِ الل ّيهِ أ َفَل َ‬ ‫ديهِ ِ‬ ‫ميين ي َهْ ي ِ‬ ‫شاوَةً فَ َ‬ ‫صرِهِ ِغ َ‬ ‫ى بَ َ‬ ‫جع َ َ َ‬
‫ل عَل َ‬ ‫وَ َ‬
‫َتيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييذ َك ُّرو َ‬
‫ن‬
‫يقول تعالى‪} :‬ل يستوي المؤمنون والكافرون{ كما قال‬
‫عييز وجييل‪} :‬ل يسييتوي أصييحاب النييار وأصييحاب الجنيية‬
‫أصحاب الجنة هييم الفييائزون{ وقييال تبييارك وتعييالى‪} :‬أم‬
‫حسب الذين اجترحوا السيئات{ أي عملوها وكسبوها }أن‬
‫نجعلهم كالييذين آمنييوا وعملييوا الصييالحات سييواء محييياهم‬
‫لخرة }ساء مييا‬ ‫ومماتهم ؟{ أي نساويهم بهم في الدنيا وا َ‬
‫يحكمون{ أي سيياء مييا ظنييوا بنييا وبعييدلنا أن نسيياوي بييين‬

‫‪232‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لخييرة وفييي هييذه الييدار‪ .‬قييال‬ ‫البرار والفجار فييي الييدار ا َ‬
‫الحافظ أبو يعلى‪ :‬حدثنا مؤمل بن إهيياب‪ ,‬حييدثنا بكييير بيين‬
‫عثمان التنوخي‪ ,‬حدثنا الوضين بن عطاء عن يزيد بن مرثد‬
‫الباجي عن أبي ذر رضي الله عنه قال‪ :‬إن الله تعالى بنى‬
‫دينه على أربعة أركان‪ ,‬فمن صبر عليهيين ولييم يعمييل بهيين‬
‫لقي الله من الفاسييقين‪ ,‬قيييل‪ :‬ومييا هيين يييا أبييا ذر ؟ قييال‬
‫يسلم حلل الله لله وحرام الله لله وأميير اللييه للييه ونهييي‬
‫اللييييييييه للييييييييه ل يييييييييؤتمن عليهيييييييين إل اللييييييييه‪.‬‬
‫قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم »كما أنه ل يجتنى‬
‫من الشوك العنب كيذلك ل ينييال الفجيار منيازل البييرار«‪.‬‬
‫هذا حيديث غرييب مين هيذا اليوجه‪ ,‬وقيد ذكير محميد بين‬
‫إسحاق في كتاب السيرة أنهم وجدوا حجرا ً بمكة في أس‬
‫الكعبة مكتوب عليه‪ :‬تعملون السيئات وترجييون الحسيينات‬
‫أجل كما يجنى من الشوك العنب‪ .‬وقد روى الطبراني من‬
‫حديث شعبة عين عمييرو بين مييرة عيين أبييي الضييحى عيين‬
‫مسروق أن تميما ً الداري قام ليلة حييتى أصييبح يييردد هييذه‬
‫لييية }أم حسييب الييذين اجييترحوا السيييئات أن نجعلهييم‬ ‫ا َ‬
‫كالذين آمنوا وعملوا الصالحات{ ولهذا قال تعالى‪} :‬سيياء‬
‫مييا يحكمييون{ وقييال عييز وجييل‪} :‬وخلييق اللييه السييموات‬
‫والرض بالحق{ أي بالعدل }ولتجزى كل نفس بما كسبت‬
‫وهييييييييييييييييييييييييييييم ل يظلمييييييييييييييييييييييييييييون{‪.‬‬
‫ثم قال جل وعل‪} :‬أفرأيت من اتخذ إلهه هواه{ أي إنمييا‬
‫يأتمر بهواه‪ ,‬فما رآه حسنا ً فعله وما رآه قبيحا ً تركه‪ ,‬وهييذا‬
‫قد يستدل به على المعتزلة في قولهم بالتحسين والتقبيح‬
‫العقليين‪ ,‬وعن مالك فيما روي عنه ميين التفسييير ل يهييوي‬
‫شيئا ً إل عبده‪ ,‬وقييوله‪} :‬وأضييله اللييه علييى علييم{ يحتمييل‬
‫لخيير‬ ‫قولين‪ :‬أحدهما وأضله الله لعلمه أنه يستحق ذلك‪ ,‬وا َ‬
‫وأضله الله بعد بلوغ العلم إليه وقيام الحجة عليه‪ .‬والثيياني‬
‫يستلزم الول ول ينعكس }وختم على سمعه وقلبه وجعل‬
‫على بصره غشاوة{ أي فل يسمع ما ينفعه ول يعييي شيييئا ً‬
‫يهتدي به ول يرى حجة يستضييء بهيا‪ .‬ولهيذا قيال تعيالى‪:‬‬
‫}فمن يهديه ميين بعييد اللييه أفل تييذكرون{ كقييوله تعييالى‪:‬‬

‫‪233‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}ميين يضييلل اللييه فل هييادي لييه ويييذرهم فييي طغيييانهم‬
‫يعمهيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييون{‪.‬‬

‫ما ي ُهْل ِك َُنآ إ ِل ّ‬ ‫حَيا وَ َ‬ ‫ت وَن َ ْ‬ ‫مو ُ‬ ‫حَيات َُنا الد ّن َْيا ن َ ُ‬ ‫ي إ ِل ّ َ‬ ‫ما هِ َ‬ ‫** وََقاُلوا ْ َ‬
‫ذا‬ ‫ن * وَإ ِ َ‬ ‫م إ ِل ّ ي َظ ُن ّييو َ‬ ‫هي ْ‬‫ن ُ‬ ‫عْليم ٍ إ ِ ْ‬ ‫ن ِ‬‫مي ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫م ِبيذ َل ِ َ‬ ‫ما ل َهُي ْ‬ ‫الد ّهُْر وَ َ‬
‫م إ ِل ّ أن قَيياُلوا ْ ائ ْت ُييوا ْ‬ ‫َ‬
‫جت َهُ ي ْ‬‫ح ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫ما ك َييا َ‬ ‫ت ّ‬ ‫م آَيات َُنا ب َي َّنا ٍ‬ ‫ى عَل َي ْهِ ْ‬ ‫َ‬
‫ت ُت ْل َ‬
‫م‬ ‫م ث ُي ّ‬ ‫ميت ُك ُي ْ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫م ث ُي ّ‬ ‫حِييك ُ ْ‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ن * قُ ِ‬ ‫صادِِقي َ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬‫ِبآَبآئ َِنآ ِإن ُ‬
‫س لَ‬ ‫يا‬ ‫ي‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ث‬‫ْ‬ ‫ك‬‫يجمعك ُم إل َى يوم ال ْقيامة ل َ ريب فيه وَلـكن أ َ‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ِ ِ َ ِ ّ‬ ‫َ ْ َ ُ ْ ِ َ َ ْ ِ ِ َ َ ِ‬
‫ن‬
‫مييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييو َ‬ ‫ي َعْل َ ُ‬
‫يخبر تعالى عن قول الدهرية ميين الكفييار وميين وافقهييم‬
‫من مشركي العرب في إنكار المعيياد }وقييالوا مييا هييي إل‬
‫حياتنا الدنيا نموت ونحيا{ أي ما ثم إل هييذه الييدار‪ ,‬يمييوت‬
‫قوم ويعيش آخرون‪ ,‬وما ثم معيياد ول قياميية‪ ,‬وهييذا يقييوله‬
‫مشييركو العييرب المنكييرون المعيياد‪ ,‬وتقييوله الفلسييفة‬
‫اللهيييون منهييم‪ ,‬وهييم ينكييرون البييداءة والرجعيية‪ ,‬وتقييوله‬
‫الفلسفة الدهرية الدرية المنكرون للصانع‪ ,‬المعتقدون أن‬
‫في كل ستة وثلثين ألف سنة يعود كل شيء إلى ما كييان‬
‫عليه‪ ,‬وزعموا أن هذا قد تكييرر مييرات ل تتنيياهى‪ ,‬فكييابروا‬
‫المعقييول وكييذبوا المنقييول ولهييذا قييالوا }ومييا يهلكنييا إل‬
‫الدهر{ قال الله تعالى‪} :‬وما لهم بذلك ميين علييم إن هييم‬
‫إل يظنييون{ أي يتوهمييون ويتخيلييون فأمييا الحييديث الييذي‬
‫أخرجييه صيياحبا الصييحيح وأبييو داود والنسييائي ميين رواييية‬
‫سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيييب عيين‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪» :‬يقول تعالى يييؤذيني ابيين آدم‪ ,‬يسييب الييدهر‬
‫وأنا الدهر‪ ,‬بيدي المر أقلب ليله ونهاره« وفييي رواييية »ل‬
‫تسبوا الدهر فإن اللييه هييو الييدهر« وقييد أورده ابيين جرييير‬
‫بسياق غريب جدا ً فقال‪ :‬حدثنا أبو كريب‪ ,‬حدثنا سفيان بن‬
‫عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبييي هريييرة‬
‫رضي الله عنييه عيين النييبي صيلى الليه علييه وسيلم قييال‪:‬‬
‫»كان أهل الجاهلية يقولون إنمييا يهلكنييا الليييل والنهيياروهو‬

‫‪234‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الذي يهلكنييا يميتنييا ويحيينييا فقييال اللييه تعييالى فييي كتييابه‪:‬‬
‫}وقالوا ما هي إل حياتنا الدنيا نموت ونحيييا ومييا يهلكنييا إل‬
‫الدهر{ ويسبون الدهر فقال اللييه عييز وجييل‪ :‬يييؤذيني ابيين‬
‫آدم‪ ,‬يسييب الييدهر وأنييا الييدهر‪ ,‬بيييدي الميير أقلييب الليييل‬
‫والنهار‪ ,‬وكذا رواه ابن أبي حاتم عن أحمد بن منصور عيين‬
‫شريح بن النعمان عن ابن عيينة مثله‪ .‬ثم روى عن يييونس‬
‫عن ابن وهب عن الزهري عن أبي سلمة عن أبييي هريييرة‬
‫رضي الله عنييه قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم »قال الله تعالى‪ :‬يسب ابيين آدم الييدهر وأنييا الييدهر‬
‫بيدي الليل والنهار« وأخرجه صاحبا الصحيح والنسائي من‬
‫حديث يونس بن يزيييد بييه‪ .‬وقييال محمييد بيين إسييحاق عيين‬
‫العلء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضييي اللييه‬
‫عنه أن رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪ :‬قييال »يقييول‬
‫الله تعالى‪ :‬استقرضت عبدي فلم يعطني وسييبني عبييدي‪,‬‬
‫يقييول وادهييراه وأنييا الييدهر« قييال الشييافعي وأبييو عبيييدة‬
‫وغيرهما من الئمة في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم‬
‫»ل تسبوا الدهر فإن اللييه هييو الييدهر« كييانت العييرب فييي‬
‫جاهليتهم إذا أصييابهم شييدة أو بلء أو نكبيية قييالوا يييا خيبيية‬
‫الدهر‪ ,‬فينسبون تلك الفعال إلييى الييدهر ويسييبونه‪ ,‬وإنمييا‬
‫فاعلها هو الله تعالى فكأنهم إنما سبوا الله عز وجل‪ ,‬لنييه‬
‫فاعل ذلك في الحقيقة‪ ,‬فلهذا نهى عيين سييب الييدهر بهييذا‬
‫العتبار‪ ,‬لن الله تعالى هو الييدهر الييذي يعنييونه ويسييندون‬
‫إليه تلك الفعال‪ ,‬هذا أحسيين مييا قيييل فييي تفسيييره وهييو‬
‫المراد‪ ,‬والله أعلم‪ ,‬وقد غلط ابن حزم ومن نحا نحوه ميين‬
‫الظاهرية في عدهم الدهر من السماء الحسنى أخذا ً ميين‬
‫هيييييييييييييييييييييييييييييييذا الحيييييييييييييييييييييييييييييييديث‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬وإذا تتلييى عليهييم آياتنييا بينييات{ أي إذا‬
‫استدل عليهم وبين لهم الحق‪ ,‬وأن الله تعييالى قييادر علييى‬
‫إعادة البدان بعد فنائها وتفرقهييا }مييا كييان حجتهييم إل أن‬
‫قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين{ أي أحيوهم إن كان مييا‬
‫تقولييونه حق يًا‪ .‬قييال اللييه تعييالى‪} :‬قييل اللييه يحييكييم ثييم‬
‫يميتكم{ أي كما تشاهدون ذلك يخرجكييم ميين العييدم إلييى‬

‫‪235‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الوجود }كيييف تكفييرون بييالله وكنتييم أموات يا ً فأحييياكم ثييم‬
‫يميتكم ثم يحييكم ؟{ أي الذي قدر على البداءة قادر على‬
‫العادة بطريق الولى والحرى }وهو الذي يبدأ الخلق ثييم‬
‫يعيده وهو أهون عليه{ }ثم يجمعكم إلييى يييوم القياميية ل‬
‫ريب فيه{ أي إنما يجمعكم إلى يوم القيامة ل يعيدكم في‬
‫الدنيا حتى تقولوا }ائتوا بآبائنييا إن كنتييم صييادقين{ }يييوم‬
‫يجمعكييم ليييوم الجمييع{ }لي يييوم أجلييت ليييوم الفصييل{‬
‫}وما نؤخره إل لجل معدود{ وقال ههنا }ثم يجمعكم إلى‬
‫يييوم القياميية ل ريييب فيييه{ أي ل شييك فيييه }ولكيين أكييثر‬
‫الناس ل يعلمون{ أي فلهييذا ينكييرون المعيياد ويسييتبعدون‬
‫قيام الجساد قال الليه تعييالى‪} :‬إنهيم يرونيه بعيييدا ً ونيراه‬
‫قريبًا{ أي يرون وقوعه بعيدا ً والمؤمنون يرون ذلك سييهل ً‬
‫قريبيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييًا‪.‬‬

‫مئ ِذٍ‬ ‫ة ي َوْ َ‬ ‫سَاع ُ‬ ‫م ال ّ‬ ‫م ت َُقو ُ‬ ‫ض وَي َوْ َ‬ ‫ت َوالْر ُ ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫مل ْ ُ‬
‫** وَل ِل ّهِ ُ‬
‫ى‬‫ميةٍ ت ُيد ْعَ َ‬ ‫لأ ّ‬ ‫ة ك ُي ّ‬
‫جاث ِي َي ً‬‫م ية ٍ َ‬ ‫لأ ّ‬ ‫ن * وَت ََرىَ ك ُ ّ‬ ‫مب ْط ُِلو َ‬ ‫سُر ال ْ ُ‬ ‫خ َ‬‫يَ ْ‬
‫ذا ك َِتاب ُن َييا‬ ‫هـ ي َ‬ ‫ن* َ‬ ‫مل ُييو َ‬ ‫م ت َعْ َ‬‫كنت ُي ْ‬‫مييا ُ‬ ‫ن َ‬‫ج يَزوْ َ‬ ‫م تُ ْ‬‫ى ك َِتاب َِها ال ْي َوْ َ‬ ‫َ‬
‫إ ِل َ‬
‫مل ُييو َ‬
‫ن‬ ‫م ت َعْ َ‬ ‫مييا ُ‬
‫كنت ُي ْ‬ ‫خ َ‬ ‫سي ُ‬ ‫سَتن ِ‬ ‫ن ك ُن ّييا ن َ ْ‬ ‫َينط ِقُ عَل َي ْك ُييم ب ِييال ْ َ‬
‫حق ّ إ ِ ّ‬
‫يخبر تعالى أنه مالك السييموات والرض والحيياكم فيهمييا‬
‫لخييرة‪ ,‬ولهييذا قييال عييز وجييل‪} :‬ويييوم تقييوم‬ ‫في الييدنيا وا َ‬
‫السيياعة{ أي يييوم القياميية }يخسيير المبطلييون{ وهييم‬
‫ليييات‬ ‫الكافرون بالله الجاحدون بما أنزله على رسله من ا َ‬
‫البينييييييييييييييات والييييييييييييييدلئل الواضييييييييييييييحات‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬قدم سفيان الثوري المدينيية فسييمع‬
‫المعافري يتكلم ببعض ما يضحك به النيياس‪ ,‬فقييال لييه‪ :‬يييا‬
‫شيخ أما علمت أن لله تعالى يوما ً يخسر فيه المبطلييون ؟‬
‫قال‪ :‬فمييا زالييت تعييرف فييي المعييافري حييتى لحييق بييالله‬
‫تعالى‪ ,‬ذكره ابن أبي حاتم ثم قال تعالى‪} :‬وترى كل أميية‬
‫جاثية{ أي على ركبها من الشدة والعظمة‪ ,‬ويقال إن هييذا‬
‫إذا جيييء بجهنييم فإنهييا تزفيير زفييرة‪ ,‬ل يبقييى أحييد إل جثييا‬
‫لركبتيه‪ ,‬حتى إبراهيم الخليل عليه الصلة والسلم ويقول‪:‬‬

‫‪236‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نفسي نفسي نفسي! ل أسألك اليوم إل نفسي‪ .‬وحتى إن‬
‫عيسى عليه الصلة والسلم ليقول‪ :‬ل أسألك إل نفسييي ل‬
‫أسيألك مرييم اليتي وليدتني! قيال مجاهيد وكعيب الحبيار‬
‫والحسن البصري }كل أمة جاثية{ أي على الركب‪ .‬وقييال‬
‫عكرمة‪ :‬جاثية متميزة علييى ناحيتهييا وليييس علييى الركييب‪,‬‬
‫والول أولى‪ .‬قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا محمد بن عبد اللييه‬
‫بن يزيد المقرى‪ ,‬حدثنا سفيان بيين عيينيية عيين عمييرو عيين‬
‫عبد الله بن باباه أن رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫قييال‪» :‬كييأني أراكييم جيياثين بييالكوم دون جهنييم« وقييال‬
‫إسماعيل بن أبي رافع المدني عيين محمييد بيين كعييب عيين‬
‫أبي هريرة رضي اللييه عنييه‪ ,‬مرفوعيا ً فييي حييديث الصييور‪:‬‬
‫فيتميز الناس وتجثو المم‪ ,‬وهي الييتي يقييول اللييه تعييالى‪:‬‬
‫}وترى كل أمة جاثية كل أمةٍ تدعى إلى كتابها{ وهذا فيييه‬
‫جميييييع بيييييين القيييييولين ول منافييييياة‪ ,‬والليييييه أعليييييم‪.‬‬
‫وقوله عز وجل‪} :‬كل أمة تدعى إلى كتابها{ يعني كتيياب‬
‫أعمالها كقوله جل جلله‪} :‬ووضع الكتيياب وجيييء بييالنبيين‬
‫والشهداء{ ولهذا قال سبحانه وتعالى‪} :‬اليوم تجييزون مييا‬
‫كنتم تعملون{ أي تجازون بأعمالكم خيرها وشييرها كقييوله‬
‫عز وجل‪} :‬ينبأ النسان يومئذ بما قدم وأخر * بل النسان‬
‫على نفسه بصيرة * ولوألقى معاذيره{ ولهييذا قييال جلييت‬
‫عظمته‪} :‬هذا كتابنا ينطييق عليكييم بييالحق{ أي يستحضيير‬
‫جميع أعمالكم من غير زيادة ول نقص كقييوله جييل جللييه‪:‬‬
‫}ووضييع الكتيياب فييترى المجرمييين مشييفقين ممييا فيييه‪,‬‬
‫ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب ل يغادر صغيرة ول كييبيرة‬
‫إل أحصاها‪ ,‬ووجدوا ما عملوا حاضرا ً ول يظلم ربك أحييدًا{‬
‫وقوله عز وجل‪} :‬إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون{ أي إنا‬
‫كنييا نييأمر الحفظيية أن تكتييب أعمييالكم عليكييم‪ .‬قييال ابيين‬
‫عباس رضييي اللييه عنهمييا وغيييره‪ :‬تكتييب الملئكيية أعمييال‬
‫العباد ثم تصعد بهييا إلييى السييماء‪ ,‬فيقييابلون الملئكيية فييي‬
‫ديوان العمال على ما بأيدي الكتبة‪ ,‬مما قد أبرز لهم ميين‬
‫اللوح المحفوظ في كل ليلة قدر‪ ,‬مما كتبه الله في القدم‬

‫‪237‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫على العباد قبل أن يخلقهم فل يزيد حرفا ً ول ينقص حرفييا ً‬
‫ثيييم قيييرأ }إنيييا كنيييا نستنسيييخ ميييا كنتيييم تعمليييون{‪.‬‬
‫َ‬
‫م ِفييي‬ ‫م َرب ّهُ ْ‬ ‫خل ُهُ ْ‬ ‫ت فَي ُد ْ ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫مُلوا ْ ال ّ‬ ‫مُنوا ْ وَعَ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ما ال ّ ِ‬ ‫** فَأ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ن ك ََفيُروَا ْ أفَل َي ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫مييا ال ّي ِ‬ ‫ن * وَأ ّ‬ ‫مِبيي ُ‬ ‫ك هُوَ ال َْفيوُْز ال ْ ُ‬ ‫مت ِهِ ذ َل ِ َ‬ ‫ح َ‬ ‫َر ْ‬
‫ن*‬ ‫ميي َ‬ ‫جرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وميا ً ّ‬ ‫م قَ ْ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫م وَ ُ‬ ‫ست َك ْب َْرت ُ ْ‬ ‫م َفا ْ‬ ‫ى عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ن آَياِتي ت ُت ْل َ‬ ‫ت َك ُ ْ‬
‫مييا‬ ‫ب ِفيهَييا قُل ْت ُييم ّ‬ ‫ة ل َ َري ْ َ‬ ‫ساعَ ُ‬ ‫حقّ َوال ّ‬ ‫ن وعْد َ الل ّهِ َ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫ذا ِقي َ‬ ‫وَإ ِ َ‬
‫ن*‬ ‫سيت َي ِْقِني َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫حي ُ‬ ‫مييا ن َ ْ‬ ‫ن إ ِل ّ ظ َن ّيا ً وَ َ‬ ‫ة ِإن ن ّظ ُ ّ‬ ‫ساعَ ُ‬ ‫ما ال ّ‬ ‫ن َد ِْري َ‬
‫كيياُنوا ْ ِبيي ِ‬
‫ه‬ ‫مييا َ‬ ‫حيياقَ ب ِِهييم ّ‬ ‫مُلييوا ْ وَ َ‬ ‫مييا عَ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫سييي َّئا ُ‬ ‫م َ‬ ‫دا ل َُهيي ْ‬ ‫وََبيي َ‬
‫م‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫م ل َِقييآَء َيييوْ ِ‬ ‫سيت ُ ْ‬ ‫ما ن َ ِ‬ ‫م كَ َ‬ ‫ساك ُ ْ‬ ‫م َنن َ‬ ‫ل ال ْي َوْ َ‬ ‫ن * وَِقي َ‬ ‫ست َهْزُِئو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫م‬ ‫ن * ذ َل ِك ُييم ب ِيأن ّك ُ ُ‬ ‫ري َ‬ ‫صي ِ‬ ‫ميين ّنا ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ما ل َك ُي ْ‬ ‫م الّناُر وَ َ‬ ‫مأَواك ُ ُ‬ ‫ذا وَ َ‬ ‫هـ َ‬ ‫َ‬
‫م لَ‬ ‫حي َيياةُ اليد ّن َْيا َفيال ْي َوْ َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫كي ُ‬ ‫هيُزوا ً وَغَّرت ْ ُ‬ ‫ت الّليهِ ُ‬ ‫م آي َييا ِ‬ ‫خذ ْت ُ ْ‬ ‫ات ّ َ‬
‫ب‬ ‫مييد ُ َر ّ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن * فَل ِّلييهِ ال ْ َ‬ ‫سييت َعَت َُبو َ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫هيي ْ‬ ‫من َْهييا وَل َ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫جييو َ‬ ‫خَر ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫ه ال ْك ِب ْرِي َييآءُ فِييي‬ ‫ن * وَل َي ُ‬ ‫مي َ‬ ‫ب ال َْعال َ ِ‬ ‫ض َر ّ‬ ‫ب الْر ِ‬ ‫ت وََر ّ‬ ‫ماوَ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫م‬
‫كيييييييي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫زييييييييُز ال ْ َ‬ ‫هيييييييوَ ال ْعِ ِ‬ ‫ض وَ ُ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سييييييي َ‬ ‫ال ّ‬
‫يخبر تعييالى عيين حكمييه فييي خلقييه يييوم القياميية فقييال‬
‫تعالى ‪} :‬فأما الذين آمنوا وعملييوا الصييالحات{ أي آمنييت‬
‫قلوبهم وعملت جوارحهم العمال الصالحة وهي الخالصيية‬
‫الموافقة للشرع }فيدخلهم ربهم في رحمته{ وهي الجنيية‬
‫كمييا ثبييت فييي الصييحيح أن اللييه تعييالى قييال للجنيية‪ :‬أنييت‬
‫رحمتي أرحم بك من أشاء }ذلك الفوز المبين{ أي الييبين‬
‫الواضح‪ .‬ثم قال تعالى‪} :‬وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي‬
‫تتلييى عليكييم فاسييتكبرتم ؟{ أي يقييال لهييم ذلييك تقريع يا ً‬
‫وتوبيخًا‪ ,‬أما قرئت عليكم آيات الله تعالى فاستكبرتم عيين‬
‫اتباعها‪ ,‬وأعرضتم عن سماعها‪ ,‬وكنتم قوما ً مجرمييين فييي‬
‫أفعالكم مع ما اشتملت عليه قلوبكم من التكذيب ؟ }وِإذا‬
‫قيل ِإن وعد الله حق والساعة ل ريييب فيهييا{ أي ِإذا قييال‬
‫لكم المؤمنون ذلييك }قلتييم مييا نييدري مييا السيياعة{ أي ل‬
‫نعرفها }ِإن نظن ِإل ظنًا{ أي ِإن نتوهم وقوعها ِإل توهمييا ً‬
‫أي مرجوحييا ً ولهييذا قييال‪} :‬ومييا نحيين بمسييتيقنين{ أي‬
‫بمتحققين‪ .‬قال الله تعالى‪} :‬وبدا لهم سيئات مييا عملييوا{‬
‫أي وظهر لهم عقوبيية أعمييالهم السيييئة }وحيياق بهييم{ أي‬

‫‪238‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أحيياط بهييم }مييا كييانوا بييه يسييتهزئون{ أي ميين العييذاب‬
‫والنكييال }وقيييل اليييوم ننسيياكم{ أي نعيياملكم معامليية‬
‫الناسي لكم في نار جهنم }كما نسيتم لقاء يييومكم هييذا{‬
‫أي فلم تعملوا له لنكم لم تصدقوا به }ومأواكم النار ومييا‬
‫لكم من ناصرين{‪ .‬وقد ثبت فييي الصييحيح أن اللييه تعييالى‬
‫يقول لبعض العبيد يوم القيامة‪» :‬ألم أزوجك ؟ ألم أكرمك‬
‫؟ ألييم أسييخر لييك الخيييل والبييل وأذرك تييرأس وتربييع ؟‬
‫فيقول‪ :‬بلى يارب‪ .‬فيقول أفظننت أنييك ملقييي ؟ فيقييول‪:‬‬
‫ل‪ .‬فيقييول اللييه تعييالى‪ :‬فيياليوم أنسيياك كمييا نسيييتني«‪.‬‬
‫قال الله تعالى‪} :‬ذلكم بأنكم اتخييذتم آيييات اللييه هييزوًا{‬
‫أي ِإنمييا جازينيياكم هييذا الجييزاء لنكييم اتخييذتم حجييج اللييه‬
‫عليكم سخريا ً تسخرون وتسييتهزؤن بهييا }وغرتكييم الحييياة‬
‫اليييدنيا{ أي خيييدعتكم فاطميييأننتم ِإليهيييا فأصيييبحتم مييين‬
‫الخاسرين‪ ,‬ولهذا قال عز وجل‪} :‬فاليوم ل يخرجون منها{‬
‫أي من النار }ول هم يستعتبون{ أي ل يطلب منهم العتبى‬
‫بل يعذبون بغير حساب ول عتيياب كمييا تييدخل طائفيية ميين‬
‫المؤمنين الجنة بغير عذاب ول حساب ثم لمييا ذكيير تعييالى‬
‫حكمه في المؤمنين والكييافرين‪ ,‬قييال‪} :‬فللييه الحمييد رب‬
‫السموات ورب الرض{ أي المالك لهما وما فيهما‪ ,‬ولهييذا‬
‫قال }رب العالمين{ ثم قال جل وعل‪} :‬وله الكبرياء فييي‬
‫السموات والرض{ قال مجاهييد‪ :‬يعنييي السييلطان أي هييو‬
‫العظيم الممجد الذي كل شيء خاضع لديه فقير ِإليه‪ .‬وقد‬
‫ورد فييي الحييديث الصييحيح »يقييول اللييه تعييالى‪ :‬العظميية‬
‫ِإزاري‪ ,‬والكبرياء ردائي فمن نازعني واحدا ً منهميا أسييكنته‬
‫ناري« ورواه مسلم من حديث العمش عن أبييي ِإسييحاق‬
‫عن الغر أبي مسلم‪ ,‬عن أبي هريييرة وأبييي سييعيد رضييي‬
‫الله عنهما‪ ,‬عن رسول الله صلى الله عليه وسييلم بنحييوه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وهو العزيييز{ أي الييذي ل يغيالب ول يمييانع‬
‫}الحكيييم{ فييي أقييواله وأفعيياله وشييرعه وقييدره تعييالى‬
‫وتقدس ل ِإله ِإل هو‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫سورة الحقاف‬
‫وهيييييييييييييييييييييييييييييييييي مكيييييييييييييييييييييييييييييييييية‬
‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫مييا‬ ‫كي يم ِ * َ‬ ‫ح ِ‬ ‫زي يزِ ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ن الل ّيهِ ال ْعَ‬ ‫مي َ‬ ‫ب ِ‬ ‫ل ال ْك ِت َييا ِ‬‫زي ُ‬ ‫ِ‬ ‫م * َتن‬ ‫** حي َ‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫جيي ٍ‬ ‫حقّ وَأ َ‬ ‫مييآ إ ِل ّ ِبييال ْ َ‬ ‫مييا ب َي ْن َهُ َ‬ ‫ض وَ َ‬ ‫ت َوالْر َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سيي َ‬ ‫خل َْقَنييا ال ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫م‬‫ل أَرأي ْت ُي ْ‬ ‫ن * قُ ي ْ‬ ‫ضييو َ‬ ‫معْرِ ُ‬ ‫مآ أنذُِروا ْ ُ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ عَ ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫مى َوال ّ ِ‬ ‫س ً‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫مييا َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ضأ ْ‬ ‫ن الْر ِ‬ ‫مي َ‬ ‫خلُقييوا ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن اللهِ أُروِني َ‬ ‫دو ِ‬‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ما ت َد ْ ُ‬ ‫ّ‬
‫ذآ أوَ‬
‫هـ ي َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ميين قَب ْي ِ‬ ‫ب ّ‬ ‫ت ائ ُْتوِني ب ِك َِتا ٍ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫ك ِفي ال ّ‬ ‫شْر ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫ل َهُ ْ‬
‫كنتم صادقين * وم َ‬ ‫َ‬
‫عو‬ ‫ميين ي َيد ْ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ل ِ‬ ‫ضي ّ‬ ‫نأ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫عل ْم ٍ ِإن ُ ُ ْ َ ِ ِ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫أَثاَرةٍ ّ‬
‫عيين‬ ‫م َ‬ ‫مةِ وَهُ ْ‬ ‫ى ي َوْم ِ ال ِْقَيا َ‬ ‫َ‬
‫ه إ ِل َ‬
‫ب لَ ُ‬ ‫جي ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫من ل ّ ي َ ْ‬ ‫ن الل ّهِ َ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ِ‬
‫كاُنوا ْ‬ ‫َ‬
‫دآًء وَ َ‬ ‫م أعْ َ‬ ‫كاُنوا ْ ل َهُ ْ‬ ‫س َ‬ ‫شَر الّنا ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ن * وَإ ِ َ‬ ‫غافُِلو َ‬ ‫م َ‬ ‫عآئ ِهِ ْ‬ ‫دُ َ‬
‫ن‬
‫ري َ‬ ‫كييييييييييييييييييييييييييييافِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ب ِعَِبيييييييييييييييييييييييييييياد َت ِهِ ْ‬
‫يخبر تعالى أنه أنزل الكتاب على عبده ورسييوله محمييد‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ,‬صلوات اللييه عليييه دائميا ً ِإلييى يييوم‬
‫الدين‪ ,‬ووصف نفسه بييالعزة الييتي ل تييرام‪ ,‬والحكميية فييي‬
‫القوال والفعال‪ ,‬ثييم قييال تعييالى‪} :‬مييا خلقنييا السييموات‬
‫والرض ومييا بينهمييا إل بييالحق{ أي ل علييى وجييه العبييث‬
‫والباطل }وأجل مسمى{ أي وِإلى مدة معينة مضييروبة ل‬
‫تزيد ول تنقص‪ ,‬وقوله تعالى‪} :‬والذين كفييروا عمييا أنييذروا‬
‫معرضون{ أي ل هون عما يراد بهم‪ ,‬وقد أنزل الله تعييالى‬
‫ل‪ ,‬وهم معرضييون عيين ذلييك‬ ‫ِإليهم كتابا ً وأرسل ِإليهم رسو ً‬
‫كله أي وسيعلمون غب ذلييك‪ .‬ثييم قييال تعييالى‪} :‬قييل{ أي‬
‫لهؤلء المشركين العابدين مع الله غيره }أرأيتم ما تدعون‬
‫من دون الله أروني ماذا خلقوا من الرض{ أي أرشييدوني‬
‫إلييى المكييان الييذي اسييتقلوا بخلقييه ميين الرض }أم لهييم‬
‫شرك في السموات ؟{ أي ول شرك لهم فييي السييموات‬
‫لرض وميييا يملكيييون مييين قطميييير‪ ,‬إن المليييك‬ ‫ول فيييي ا َ‬
‫والتصرف كله إل لله عز وجل‪ ,‬فكيف تعبييدون معييه غيييره‬
‫وتشركون به ؟ من أرشدكم إلى هذا ؟ من دعيياكم إليييه ؟‬
‫أهييو أمركييم بييه ؟ أم هييو شيييء اقييترحتموه ميين عنييد‬

‫‪240‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أنفسكم ؟ ولهذا قال‪} :‬ائتوني بكتيياب ميين قبييل هييذا{ أي‬
‫هاتوا كتابا ً من كتب الله المنزلة على النبياء عليهم الصلة‬
‫والسلم يأمركم بعبادة هذه الصنام }أو أثييارة ميين علييم{‬
‫ن على هذا المسلك الذي سييلكتموه }إن كنتييم‬ ‫أي دليل بي ٍ‬
‫صيادقين{ أي ل دلييل لكييم ل نقلييا ً ول عقلييا ً عليى ذليك‪,‬‬
‫ولهييذا قييرأ آخييرون‪ :‬أو أثيرة ميين علييم أي أو علييم صيحيح‬
‫تؤثرونه عن أحد ممن قبلكم‪ ,‬كما قييال مجاهييد فييي قييوله‬
‫تعييالى‪} :‬أو أثييارة ميين علييم{ أو أحييد يييأثر علمييًا‪ ,‬وقييال‬
‫العوفي عيين ابيين عبيياس رضييي اللييه عنهمييا‪ :‬أو بينيية ميين‬
‫المر‪ .‬وقييال المييام أحمييد حييدثنا يحيييى عيين سييفيان عيين‬
‫صفوان بن سليم‪ ,‬عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن‬
‫عباس رضي الله عنهما‪ ,‬قال سفيان‪ :‬ل أعلم إل عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ,‬أو أثرة من علم‪ ,‬قال‪ :‬الخط‪ .‬وقال‬
‫أبييو بكيير بيين عييياش‪ :‬أو بقييية ميين علييم‪ .‬وقييال الحسيين‬
‫البصييري‪ :‬أو أثييارة شيييء يسييتخرجه فيييثيره‪ .‬وقييال ابيين‬
‫عباس رضي الله عنهما ومجاهد وأبو بكر بن عياش أيضييًا‪:‬‬
‫أو أثارة من علم يعني الخييط‪ .‬وقييال قتييادة‪ :‬أو أثييارة ميين‬
‫علم خاصيية ميين علييم وكييل هييذه القييوال متقاربيية‪ .‬وهييي‬
‫راجعة إلييى مييا قلنيياه وهييو اختيييار ابيين جرييير رحمييه اللييه‬
‫وأكرمييييييييييييييييه وأحسيييييييييييييييين مثييييييييييييييييواه‪.‬‬
‫وقوله تبارك وتعالى‪} :‬ومن أضييل مميين يييدعو ميين دون‬
‫الله من ل يستجيب له إلى يوم القيامة وهييم عيين دعييائهم‬
‫غافلون ؟{ أي ل أضل ممن يييدعو ميين دون اللييه أصيينامًا‪,‬‬
‫ويطلب ما ل تستطيعه إلى يوم القيامة‪ ,‬وهي غافليية عمييا‬
‫يقييول ل تسيمع ول تبصيير ول تبطييش‪ ,‬لنهيا جميياد حجييارة‬
‫صم‪ ,‬وقوله تبارك وتعالى‪} :‬وإذا حشيير النيياس كييانوا لهييم‬
‫أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين{ كقوله عز وجل‪} :‬واتخييذوا‬
‫ميين دون اللييه آلهيية ليكونييوا لهييم عييزًا* كل سيييكفرون‬
‫بعبادتهم ويكونون عليهم ضدًا{ أي سيييخونونهم أحييوج مييا‬
‫يكونون إليهم‪ .‬وقال الخليل عليه الصييلة والسييلم‪} :‬إنمييا‬
‫اتخذتم من دون الله أوثانا ً مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم‬

‫‪241‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يييوم القياميية يكفيير بعضييكم ببعييض ويلعيين بعضييكم بعضيا ً‬
‫ومييييييأواكم النييييييار ومييييييالكم ميييييين ناصييييييرين{‪.‬‬

‫ما‬ ‫حق ّ ل َ ّ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ ل ِل ْ َ‬ ‫ذي َ‬‫ل ال ّ ِ‬ ‫ت َقا َ‬ ‫م آَيات َُنا ب َي َّنا ٍ‬‫ى عَل َي ْهِ ْ‬ ‫َ‬
‫ذا ت ُت ْل َ‬ ‫** وَإ ِ َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ل إِ ِ‬ ‫ن افَْتييَراهُ ُقيي ْ‬ ‫م ي َُقوُلييو َ‬ ‫ن* أ ْ‬ ‫مِبييي ٌ‬ ‫حٌر ّ‬ ‫سيي ْ‬ ‫ذا ِ‬ ‫هـيي َ‬ ‫م َ‬ ‫جييآَءهُ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ضو َ‬ ‫ما ت ُِفي ُ‬ ‫شْيئا ً هُوَ أعْل َ ُ‬
‫م بِ َ‬ ‫ن الل ّهِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِلي ِ‬ ‫كو َ‬ ‫مل ِ ُ‬
‫ه فَل َ ت َ ْ‬ ‫افْت ََري ْت ُ ُ‬
‫م * قُ ي ْ‬
‫ل‬ ‫حي ُ‬ ‫م وَهُوَ ال ْغَُفوُر الّر ِ‬ ‫شِهيدا ً ب َي ِْني وَب َي ْن َك ُ ْ‬ ‫ى ب ِهِ َ‬ ‫َ‬ ‫ِفيهِ ك ََف‬
‫َ‬
‫ن‬‫م إِ ْ‬ ‫ل ِبي وَل َ ب ِك ُ ْ‬ ‫ما ي ُْفعَ ُ‬ ‫مآ أد ِْري َ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫م َ‬ ‫دعا ً ّ‬ ‫ت بِ ْ‬ ‫كن ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫مِبيييي ٌ‬ ‫ذيٌر ّ‬ ‫ميييآ أَنيييا ْ إ ِل ّ َنييي ِ‬ ‫ي وَ َ‬ ‫ى إ َِلييي ّ‬ ‫ح َ‬‫ميييا ُييييو َ‬ ‫أت ِّبيييعُ إ ِل ّ َ‬
‫يقييول عييز وجييل مخييبرا ً عيين المشييركين فييي كفرهييم‬
‫وعنادهم‪ :‬أنهم ِإذا تتلى عليهم آيات الله بينات أي في حال‬
‫بيانها ووضييوحها وجلئهييا يقولييون }هييذا سييحر مييبين{ أي‬
‫سحر واضح وقد كذبوا وافتروا وضلوا وكفروا }أم يقولون‬
‫افتراه{ يعنون محمدا ً صلى الله عليه وسلم قال اللييه عييز‬
‫وجل‪} :‬قل ِإن افتريته فل تملكون لي من اللييه شيييئًا{ أي‬
‫لو كذبت عليه وزعمت أنه أرسلني وليس كييذلك لعيياقبني‬
‫أشد العقوبة‪ ,‬ولييم يقييدر أحييد ميين أهييل الرض ل أنتييم ول‬
‫غيركم‪ ,‬أن يجيرني منه‪ ,‬كقوله تبييارك وتعييالى‪} :‬قييل ِإنييي‬
‫لن يجيرني من الله أحييد ولين أجييد مين دونيه ملتحيدًا* ِإل‬
‫بلغا ً من الله ورسالته{ وقييال تعييالى‪} :‬ولييو تقييول علينييا‬
‫بعييض القاويييل * لخييذنا منييه بيياليمين * ثييم لقطعنييا منييه‬
‫الوتين * فميا منكيم مين أحيد عنيه حياجزين{ ولهيذا قيال‬
‫سبحانه وتعالى ههنا‪} :‬قل ِإن افتريته فل تملكون لي ميين‬
‫الله شيئا ً هو أعلم بما تفيضون فيه كفييى بييه شييهيدا ً بينييي‬
‫وبينكيييم{ هيييذا تهدييييد ووعييييد أكييييد وترهييييب شيييديد‪.‬‬
‫وقوله عز وجل وعل‪} :‬وهو الغفور الرحيم{ ترغيب لهييم‬
‫ِإلى التوبة والنابة أي ومع هذا كله ِإن رجعتييم وتبتييم تيياب‬
‫لية كقوله عز وجل‬ ‫عليكم وعفا عنكم وغفر ورحم‪ ,‬وهذه ا َ‬
‫في سورة الفرقان‪} :‬وقالوا أساطير الولين اكتتبهييا فهييي‬
‫تملى عليه بكرة وأصيل ً * قل أنزله الذي يعلييم السيير فييي‬
‫السموات والرض ِإنه كييان غفييورا ً رحيم يًا{ وقييوله تبييارك‬

‫‪242‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وتعالى‪} :‬قل ما كنت بدعا ً ميين الرسييل{ أي لسييت بييأول‬
‫رسول طرق العالم بل جاءت الرسييل ميين قبلييي فمييا أنييا‬
‫بالمر الذي ل نظير له حتى تستنكروني وتستبعدوا بعثييتي‬
‫ِإليكم فِإنه قد أرسل الله جل وعل قبلي جميع النبياء ِإلييى‬
‫المم‪ ,‬قال ابن عباس رضييي الليه عنهميا ومجاهييد وقتيادة‬
‫}قل ما كنت بدعا ً من الرسل{ ما أنييا بييأول رسييول‪ ,‬ولييم‬
‫يحيييك ابييين جريييير ول ابييين أبيييي حييياتم غيييير ذليييك‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وما أدري ما يفعل بي ول بكم{ قال علي‬
‫بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي اللييه عنهمييا فييي هييذه‬
‫لية‪ :‬نزل بعدها }ليغفر لك الله مييا تقييدم ميين ذنبييك ومييا‬ ‫ا َ‬
‫تأخر{ وهكذا قال عكرمة والحسن وقتادة‪ِ :‬إنهييا منسييوخة‬
‫بقوله تعالى‪} :‬ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر{‬
‫لية قال رجل من المسييلمين‪ :‬هييذا‬ ‫قالوا‪ :‬ولما نزلت هذه ا َ‬
‫قد بين الله تعالى‪ ,‬ماهو فاعل بك يا رسول الله‪ ,‬فمييا هييو‬
‫فاعيييل بنيييا ؟ فيييأنزل الليييه تعيييالى‪} :‬لييييدخل الميييؤمنين‬
‫والمؤمنات جنييات تجييري ميين تحتهييا النهييار{ هكييذا قييال‪,‬‬
‫والذي هو ثابت في الصحيح أن المييؤمنين قييالوا‪ :‬هنيئا ً لييك‬
‫يارسول الله فما لنييا ؟ فييأنزل اللييه سييبحانه وتعييالى هييذه‬
‫لية‪ ,‬وقال الضحاك }وما أدري ما يفعل بي ول بكييم{ أي‬ ‫ا َ‬
‫ما أدري بماذا أومر وبماذا أنهى بعد هييذا ؟ وقييال أبييو بكيير‬
‫الهذلي عن الحسن البصري في قوله تعالى‪} :‬وماأدري ما‬
‫لخييرة فمعيياذ اللييه وقييد‬ ‫يفعل بي ول بكم{ قال‪ :‬أما فييي ا َ‬
‫علم أنه في الجنة‪ ,‬ولكن قال‪ :‬لأدري ما يفعل بي ول بكم‬
‫فييي الييدنيا‪ ,‬أخييرج كمييا أخرجييت النبييياء عليهييم الصييلة‬
‫والسلم من قبلي ؟ أم أقتل كما قتلت النبياء من قبلي ؟‬
‫ول أدري أيخسف بكم أو ترمون بالحجييارة ؟ وهييذا القييول‬
‫هو الذي عول عليه ابن جرير وأنه ل يجييوز غيييره ول شييك‬
‫أن هذا هو اللئق به صلى الله عليه وسييلم‪ ,‬ف يِإنه بالنسييبة‬
‫لخرة جازم أنه يصير ِإلى الجنة هو ومن اتبعييه‪ ,‬وأمييا‬ ‫ِإلى ا َ‬
‫في الدنيا فلم يدر ما كان يؤول ِإليه أمييره وأميير مشييركي‬
‫قرييييش ِإليييى مييياذا‪ ,‬أيؤمنيييون أم يكفيييرون فيعيييذبون‬
‫فيستأصيييييييييييييييييييييييييلون بكفرهيييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬

‫‪243‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فأمييا الحييديث الييذي رواه المييام أحمييد‪ ,‬حييدثنا يعقييوب‪,‬‬
‫حدثنا أبي عن ابن شهاب عن خارجة بن زيد بن ثابت عيين‬
‫أم العلء‪ ,‬وهي امرأة ميين نسييائهم أخييبرته وكييانت بييايعت‬
‫رسول الله صلى الله عليييه وسييلم قييالت‪ :‬طييار لهييم فييي‬
‫السكنى حييين اقييترعت النصييار علييى سييكنى المهيياجرين‬
‫عثمان بن مظعون رضي الله عنه فاشتكى عثمييان رضييي‬
‫الله عنه عندنا فمرضناه‪ ,‬حتى ِإذا توفي أدرجناه في أثوابه‬
‫فدخل علينييا رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم فقلييت‬
‫رحمة الله عليك أبا السييائب شييهادتي عليييك لقييد أكرمييك‬
‫الله عز وجل فقال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»وما يدريك أن الله تعييالى أكرمييه« فقلييت‪ :‬ل أدري بييأبي‬
‫أنت وأمي‪ ,‬فقال رسول الله صلى الله عليييه وسييلم »أمييا‬
‫هو فقد جاءه اليقين من ربه وِإني لرجو لييه الخييير‪ ,‬واللييه‬
‫ما أدري وأنا رسول الله صلى الله عليييه وسييلم مييا يفعييل‬
‫بييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي«‪.‬‬
‫قالت‪ :‬والله ل أزكي أحدا ً بعده أبدا ً وأحزنني ذلك فنمييت‬
‫فرأيت لعثمييان رضييي اللييه عنييه عين يا ً تجييري‪ ,‬فجئت ِإلييى‬
‫رسول الله صلى الله عليييه وسييلم فييأخبرته بييذلك‪ ,‬فقييال‬
‫رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬ذاك عملييه« فقييد‬
‫انفرد بِإخراجه البخيياري دون مسييلم‪ ,‬وفييي لفييظ لييه »مييا‬
‫أدري وأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يفعييل بييه«‬
‫وهذا أشبه أن يكون هو المحفييوظ بييدليل قولهييا فييأحزنني‬
‫ذلك‪ ,‬وفييي هييذا وأمثيياله دلليية علييى أنييه ل يقطييع لمعييين‬
‫بالجنة ِإل الذي نص الشارع على تعيينهييم كالعشييرة وابيين‬
‫سلم والغميصاء وبلل وسراقة‪ ,‬وعبد الليه بين عميرو بيين‬
‫حرام والد جابر‪ ,‬والقراء السبعين الذين قتلوا ببئر معونيية‪,‬‬
‫وزيد بن حارثة وجعفر وابن رواحة وما أشبه هييؤلء رضييي‬
‫الله عنهم‪ ,‬وقوله }ِإن أتبع ِإل ما أوحي إلي{ أي ِإنما أتبييع‬
‫ما ينزله الله علي من الوحي }وما أنا ِإل نييذير مييبين{ أي‬
‫بين النذارة أمري ظاهر لكل ذي لب وعقييل‪ ,‬واللييه أعلييم‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫** قُ ْ َ َ‬
‫شاهِد ٌ‬ ‫شهِد َ َ‬ ‫م ب ِهِ وَ َ‬ ‫عندِ الل ّهِ وَك ََفْرت ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫م ِإن َ‬ ‫ل أَرأي ْت ُ ْ‬
‫ه لَ‬ ‫ن الل ّي َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫سيت َك ْب َْرت ُ ْ‬ ‫ن َوا ْ‬ ‫م َ‬ ‫مث ْل ِيهِ فَييآ َ‬ ‫ى ِ‬ ‫سَراِئي َ َ‬
‫ل عَل َ‬ ‫ي إِ ْ‬ ‫من ب َن ِ َ‬ ‫ّ‬
‫وَ‬ ‫ْ‬
‫مُنوا ل ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ن كَفُروا ل ِل ِ‬ ‫َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ل ال ِ‬ ‫ن * وََقا َ‬ ‫مي َ‬ ‫ّ‬
‫م الظال ِ ِ‬ ‫دي الَقوْ َ‬‫ْ‬ ‫ي َهْ ِ‬
‫ذآ‬ ‫هـيي َ‬ ‫ن َ‬ ‫سي َُقوُلو َ‬ ‫دوا ْ ب ِهِ فَ َ‬ ‫م ي َهْت َ ُ‬ ‫سب َُقوَنآ إ ِل َي ْهِ وَإ ِذ ْ ل َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫خْيرا ً ّ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫هـي َ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫مي ً‬ ‫ح َ‬‫ماميا ً وََر ْ‬ ‫ى إِ َ‬ ‫س َ‬ ‫مو َ‬ ‫ب ُ‬ ‫من قَب ْل ِهِ ك َِتا ُ‬ ‫م * وَ ِ‬ ‫دي ٌ‬ ‫ك قَ ِ‬ ‫إ ِفْ ٌ‬
‫ى‬
‫شيَر َ‬ ‫مييوا ْ وَب ُ ْ‬ ‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫سييانا ً عََرب ِي ّيا ً ل ُّينيذَِر ال ّي ِ‬ ‫صيد ّقٌ ل ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ب ّ‬ ‫ك ِت َييا ٌ‬
‫موا ْ فَل َ‬ ‫س يت ََقا ُ‬ ‫ما ْ‬ ‫ه ث ُي ّ‬‫ن قَيياُلوا ْ َرب ّن َييا الل ّي ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ن * إِ ّ‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِل ْ ُ‬
‫ف عَل َيه يم ول َ هُ يم يحزنييون * أ ُوَلـ يئ ِ َ َ‬
‫ة‬
‫جن ّي ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫حا ُ‬ ‫صي َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ِْ ْ َ‬ ‫خ يو ْ ٌ‬ ‫َ‬
‫مل ُييييييو َ‬
‫ن‬ ‫مييييييا ك َيييييياُنوا ْ ي َعْ َ‬ ‫جييييييَزآًء ب ِ َ‬ ‫ن ِفيهَييييييا َ‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِيييييي ِ‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى‪} :‬قل{ يا محمد لهؤلء المشركين الكافرين‬
‫بييالقرآن }أرأيتييم ِإن كييان{ هييذا القييرآن }ميين عنييد اللييه‬
‫وكفرتم به{ أي ما ظنكم أن الله صانع بكييم ِإن كييان هييذا‬
‫الكتاب الييذي جئتكييم بييه قييد أنييزل علييي لبلغكمييوه‪ ,‬وقييد‬
‫كفرتم به وكذبتموه‪} .‬وشهد شاهد من بني ِإسرائيل علييى‬
‫مثله{ أي وقد شييهدت بصييدقه وصييحته الكتييب المتقدميية‬
‫المنزلة على النبياء عليهم الصلة والسلم قبلييي‪ ,‬بشييرت‬
‫به وأخبرت بمثل ما أخبر هذا القرآن به‪ .‬وقوله عييز وجييل‪:‬‬
‫}فيآمن{ أي هيذا اليذي شيهد بصيدقه مين بنيي ِإسيرائيل‬
‫لمعرفته بحقيقتييه }واسييتكبرتم{ أنتييم عيين اتبيياعه‪ ,‬وقييال‬
‫مسييروق‪ :‬فييآمن هييذا الشيياهد بنييبيه وكتييابه وكفرتييم أنتييم‬
‫بنبيكم وكتابكم }ِإن الله ل يهدي القييوم الظييالمين{ وهييذا‬
‫الشاهد اسم جنس يعم عبد الله بن سلم رضي اللييه عنييه‬
‫لية مكية نزلت قبل ِإسلم عبد اللييه بيين‬ ‫وغيره‪ ,‬فِإن هذه ا َ‬
‫سلم رضي الله عنييه‪ ,‬وهييذا كقييوله تبييارك وتعييالى‪} :‬وِإذا‬
‫يتلى عليهم قالوا آمنا به ِإنه الحق من ربنا ِإنا كنا من قبلييه‬
‫مسلمين{ وقال‪ِ} :‬إن الذين أوتوا العلم من قبله ِإذا يتلييى‬
‫عليهم يخرون للذقان سجدا ً ويقولون سبحان ربنا ِإن كان‬
‫ل{ قال مسروق والشعبي‪ :‬ليس بعبد اللييه‬ ‫وعد ربنا لمفعو ً‬
‫لية مكية‪ ,‬وِإسلم عبد الله بن سلم رضييي‬ ‫بن سلم هذه ا َ‬
‫الله عنه كان بالمدينيية‪ .‬رواه عنهمييا ابيين جرييير وابيين أبييي‬
‫حاتم واختاره ابن جرير‪ .‬وقال مالك عيين أبييي النضيير عيين‬
‫عامر بن سعد عن أبيه قال‪ :‬ما سمعت رسول اللييه صييلى‬

‫‪245‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله عليه وسلم يقول لحد يمشييي علييى وجييه الرض ِإنييه‬
‫من أهل الجنة‪ِ ,‬إل لعبد الله بن سلم رضي الله عنه‪ ,‬قال‪:‬‬
‫وفيه نزلت }وشهد شاهد من بنييي ِإسييرائيل علييى مثلييه{‬
‫رواه البخاري ومسلم والنسائي من حديث مالك به‪ ,‬وكييذا‬
‫قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد والضحاك وقتادة‬
‫وعكرمة ويوسف بن عبد الله بن سييلم وهلل بيين يسيياف‬
‫والسدي والثوري ومالك بن أنييس‪ ,‬وابيين زيييد أنهييم كلهييم‬
‫قيييييييالوا‪ِ :‬إنيييييييه عبيييييييد الليييييييه بييييييين سيييييييلم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وقال الذين كفييروا للييذين آمنييوا لييو كييان‬
‫خيرا ً ما سبقونا ِإليه{ أي قالوا عن المييؤمنين بييالقرآن لييو‬
‫كان القرآن خيرا ً ما سبقنا هؤلء ِإليه‪ ,‬يعنييون بلل ً وعمييارا ً‬
‫وصهيبا ً وخبابا ً رضي الله عنهم‪ ,‬وأشييباههم وأضيرابهم مين‬
‫المستضييعفين والعبيييد والميياء‪ ,‬ومييا ذاك إل لنهييم عنييد‬
‫أنفسهم يعتقدون أن لهم عند الله وجاهة ولييه بهييم عناييية‪.‬‬
‫وقد غلطوا في ذلك غلطا ً فاحشا ً وأخطييأوا خطييأ بينيا ً كمييا‬
‫قال تبارك وتعالى‪} :‬وكييذلك فتنييا بعضييهم ببعييض ليقولييوا‬
‫أهؤلء من الله عليهم من بيننا{ أي يتعجبون كيييف اهتييدى‬
‫هؤلء دوننا ولهذا قالوا‪} :‬لو كييان خيييرا ً مييا سييبقونا ِإليييه{‬
‫وأما أهل السنة والجماعة‪ ,‬فيقولون‪ :‬في كل فعييل وقييول‬
‫لم يثبت عن الصحابة رضي الله عنهييم هييو بدعيية لنييه لييو‬
‫كان خيرا ً لسبقونا ِإليه‪ ,‬لنهم لم يتركوا خصلة مين خصيال‬
‫الخييييييييييييير ِإل وقييييييييييييد بييييييييييييادروا ِإليهييييييييييييا‪.‬‬
‫وقيييوله تعيييالى‪} :‬وِإذ ليييم يهتيييدوا بيييه{ أي بيييالقرآن‬
‫}فسيقولون هذا ِإفك قديم{ أي كذب قديم أي مأثور عيين‬
‫الناس القدمين فينتقصون القرآن وأهله‪ ,‬وهييذا هييو الكييبر‬
‫الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬بطير الحيق‬
‫وغمييط النيياس« ‪ .‬ثييم قييال تعييالى‪} :‬وميين قبلييه كتيياب‬
‫موسى{ وهو التوراة }ِإماميا ً ورحميية وهييذا كتيياب{ يعنييي‬
‫القرآن }مصدق{ أي لما قبله من الكتييب }لسييانا ً عربييًا{‬
‫أي فصيييحا ً بينييا ً واضييحا ً }لينييذر الييذين ظلمييوا وبشييرى‬
‫للمحسنين{ أي مشتمل على النذارة للكييافرين والبشييارة‬
‫للمييؤمنين‪ ,‬وقييوله تعييالى‪} :‬فل خييوف عليهييم{ أي فيمييا‬

‫‪246‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يسييتقبلون }ول هييم يحزنييون{ علييى مييا خلفهييم }أولئك‬
‫أصحاب الجنة خالدين فيهييا جييزاء بمييا كييانوا يعملييون{ أي‬
‫العمال سبب لنيل الرحميية لهييم وسييبوغها عليهييم‪ ,‬واللييه‬
‫أعليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬

‫ه ك ُْرهييا ً‬ ‫** ووصييينا النسييان بواِلييديه إحسييانا ً حمل َتيي ُ‬


‫ميي ُ‬‫هأ ّ‬ ‫َ َ ْ ُ‬ ‫َْ ِ ِ ْ َ‬ ‫ِ َ َ ِ َ‬ ‫َ َ ّ َْ‬
‫ذا ب َل َيغَ‬‫ى إِ َ‬‫حت ّي َ‬ ‫شيْهرا ً َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ث َل َث ُييو َ‬ ‫صييال ُ ُ‬ ‫ه وَفِ َ‬ ‫مل ُ ُ‬
‫ح ْ‬ ‫ه ك ُْرها ً وَ َ‬ ‫ضعَت ْ ُ‬‫وَوَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَ ُ‬
‫ك‬ ‫مَتيي َ‬‫ن أشك َُر ن ِعْ َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ب أوْزِعْن ِ َ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫ة َقا َ‬ ‫سن َ ً‬‫ن َ‬ ‫شد ّهُ وَب َل َغَ أْرب َِعي َ‬
‫ال ّت ِي أ َنعمت عَل َي وعَل َى واِليدي وأ َ َ‬
‫ضياهُ‬ ‫صياِلحا ً ت َْر َ‬ ‫ل َ‬ ‫مي َ‬ ‫ن أعْ َ‬ ‫َ َ َ ّ َ ْ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ َْ ْ َ‬
‫َ‬
‫ن*‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ك وَإ ِّني ِ‬ ‫ت إ ِل َي ْ َ‬ ‫ي إ ِّني ت ُب ْ ُ‬ ‫ح ِلي ِفي ذ ُّري ّت ِ َ‬ ‫صل ِ ْ‬
‫وَأ ْ‬
‫ل عَنه َ‬ ‫أ ُوَْلـئ ِ َ‬
‫جيياوَُز عَيين‬ ‫مل ُييوا ْ وَن َت َ َ‬ ‫مييا عَ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫سي َ‬ ‫ح َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ن ن َت ََقب ّ ُ ْ ُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬
‫ذي ك َيياُنوا ْ‬ ‫َ‬
‫ق ال ّ ي ِ‬ ‫ص يد ْ ِ‬‫جن ّيةِ وَعْ يد َ ال ّ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫حا ِ‬ ‫صي َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫م فِ ي َ‬ ‫س يي َّئات ِهِ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫دو َ‬ ‫عييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ُ‬ ‫ُيو َ‬
‫لييية الولييى التوحيييد لييه وِإخلص‬ ‫لمييا ذكيير تعييالى فييي ا َ‬
‫العبادة والستقامة ِإليه‪ ,‬عطف بالوصية بالوالدين كمييا هييو‬
‫مقييرون فييي غييير مييا آييية ميين القييرآن كقييوله عييز وجييل‪:‬‬
‫}وقضى ربك أل تعبدوا ِإل ِإياه وبالوالدين ِإحسانًا{ وقييوله‬
‫جل جلله‪} :‬أن اشكر لي ولوالديك ِإلي المصير{ ِإلى غير‬
‫ليييات الكييثيرة‪ .‬وقييال عييز وجييل ههنييا }ووصييينا‬ ‫ذلك من ا َ‬
‫النسييان بوالييديه ِإحسييانًا{ أي أمرنيياه بالحسييان ِإليهمييا‬
‫والحنييو عليهمييا وقييال أبييو داود الطيالسييي حييدثنا شييعبة‪,‬‬
‫أخبرني سماك بن حرب قييال‪ :‬سيمعت مصيعب بين سييعد‬
‫يحدث عن سعد رضي الله عنه قال‪ :‬قالت أم سعد لسعد‪:‬‬
‫أليييس قيد أميير الليه بطاعية الوالييدين فل آكيل طعاميا ً ول‬
‫أشرب شرابا ً حتى تكفر بالله تعالى‪ ,‬فامتنعت من الطعام‬
‫والشراب حتى جعلييوا يفتحييون فاهييا بالعصييا ونزلييت هييذه‬
‫لية‪ .‬ورواه مسلم‬ ‫لية }ووصينا النسان بوالديه ِإحسانًا{ ا َ‬ ‫ا َ‬
‫وأهل السنن ِإل ابن ماجه من حديث شعبة بِإسييناده نحييوه‬
‫وأطول منييه }حملتييه أمييه كرهيًا{ أي قاسييت بسييببه فييي‬
‫حمله مشقة وتعبا ً من وحام وغثيان وثقل وكرب‪ِ ,‬إلى غير‬
‫ذلك مما تنال الحوامييل ميين التعييب والمشييقة‪} ,‬ووضييعته‬

‫‪247‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كرهييًا{ أي بمشييقة أيضييا ً ميين الطلييق وشييدته }وحملييه‬
‫وفصيييييييييييييييياله ثلثييييييييييييييييون شييييييييييييييييهرًا{‪.‬‬
‫لية مع الييتي فييي‬ ‫وقد استدل علي رضي الله عنه بهذه ا َ‬
‫لقمييان }وفصيياله فييي عييامين{ وقييوله تبييارك وتعييالى‪:‬‬
‫}والوالدات يرضعن أولدهن حييولين كيياملين لميين أراد أن‬
‫يتم الرضاعة{ على أن أقل مدة الحمل سييتة أشييهر وهييو‬
‫استنباط قوي وصحيح‪ ,‬ووافقه عليه عثمييان وجماعيية ميين‬
‫الصحابة رضي الله عنهم‪ .‬قال محمد بن ِإسحاق بن يسييار‬
‫عن يزيد بن عبيد الله بن قسيط عن معميير بيين عبييد اللييه‬
‫الجهني قال‪ :‬تزوج رجل منا امرأة ميين جهينيية فولييدت لييه‬
‫لتمام ستة أشهر‪ ,‬فانطلق زوجها إلييى عثمييان رضييي اللييه‬
‫عنه‪ ,‬فذكر ذلك له‪ ,‬فبعث إليها‪ ,‬فلما قييامت لتلبييس ثيابهييا‬
‫بكت أختها فقالت‪ :‬وما يبكيك ؟ فوالله ما التبس بييي أحييد‬
‫ميين خلييق اللييه تعييالى غيييره قييط‪ ,‬فيقضييي اللييه سييبحانه‬
‫وتعالى في ما شاء‪ ,‬فلما أتى بها عثمييان رضييي اللييه عنييه‬
‫أمر برجمها فبلغ ذلك عليا ً رضي الله عنه‪ :‬فأتاه فقييال لييه‬
‫ما تصنع‪ ,‬قال‪ :‬ولدت تماما ً لستة أشهر‪ ,‬وهل يكييون ذلييك‪,‬‬
‫فقال له علي رضي الله عنه‪ :‬أما تقرأ القرآن‪ :‬قال‪ :‬بلييى‪.‬‬
‫قال‪ :‬أما سمعت اللييه عييز وجييل يقييول }وحملييه وفصيياله‬
‫ثلثون شهرًا{ وقال }حولين كاملين{ فلييم نجييده بقييي إل‬
‫ستة أشهر قال‪ :‬فقييال عثمييان رضييي اللييه عنييه واللييه مييا‬
‫ي بييالمرأة فوجييدوها قييد فييرغ منهييا قييال‪:‬‬ ‫فطنت بهذا‪ ,‬عل ّ‬
‫فقال معمر‪ :‬فوالله ما الغراب بالغراب ول البيضة بالبيضة‬
‫بأشبه منه بأبيه‪ ,‬فلما رآه أبييوه قييال‪ :‬ابنييي واللييه ل أشييك‬
‫فيه‪ .‬قال‪ :‬وابتله الله تعالى بهييذه القرحيية بييوجهه ا َ‬
‫لكليية‪,‬‬
‫فمازالت تأكله حتى مات‪ ,‬رواه ابن أبي حاتم‪ ,‬وقد أوردناه‬
‫من وجه آخر عند قييوله عييز وجييل‪} :‬فأنييا أول العابييدين{‪.‬‬
‫وقال ابيين أبييي حيياتم حييدثنا أبييي‪ ,‬حييدثنا فييروة بيين أبييي‬
‫المغراء‪ ,‬حدثنا علي بن مسهر عن داود بيين أبييي هنييد عيين‬
‫عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما‪ :‬قال‪ :‬إذا وضييعت‬
‫المييرأة لتسييعة أشييهر كفيياه ميين الرضيياع أحييد وعشييرين‬
‫شهرًا‪ ,‬وإذا وضعته لسبعة أشييهر كفيياه ميين الرضيياع ثلثيية‬

‫‪248‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وعشرون شهرًا‪ ,‬وإذا وضعته لستة أشهر فحييولين كيياملين‬
‫لن الله تعالى يقول }وحمله وفصاله ثلثييون شييهرا ً حييتى‬
‫إذا بلييغ أشييده{ أي قييوي وشييب وارتجييل‪} .‬وبلييغ أربعييين‬
‫سنة{ أي تناهى عقله وكمل فهمييه وحلمييه‪ .‬ويقييال إنييه ل‬
‫يتغير غالبا ً عما يكون عليه ابن الربعين‪ ,‬قال أبييو بكيير بيين‬
‫عياش عن العمش عيين القاسييم بين عبيد الرحميين قيال‪:‬‬
‫قلت لمسروق‪ :‬متى يؤخذ الرجل بذنوبه ؟ قييال إذا بلغييت‬
‫الربعيييييييييييييييييين فخيييييييييييييييييذ حيييييييييييييييييذرك‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبو يعلييى الموصييلي‪ :‬حييدثنا أبييو عبييد اللييه‬
‫القواريري‪ ,‬حدثنا عييروة بيين قيييس الزدي‪ ,‬وكييان قييد بلييغ‬
‫مائة سنة‪ ,‬حدثنا أبو الحسن السلولي عمر بن أوس قييال‪:‬‬
‫قال محمد بن عمرو بن عثمان عن عثمان رضي الله عنه‪,‬‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم قيال‪» :‬العبيد المسيلم إذا‬
‫بلغ أربعين سنة خفف الله تعالى حسابه‪ ,‬وإذا بلغ السييتين‬
‫سنة رزقه الله تعييالى النابيية إليييه‪ ,‬وإذا بلييغ سييبعين سيينة‬
‫أحبه أهل السيماء وإذا بليغ ثميانين سينة ثبيت الليه تعيالى‬
‫حسناته ومحا سيئاته‪ ,‬وإذا بلغ تسعين سنة غفر الله له مييا‬
‫تقدم من ذنبه وما تأخر‪ ,‬وشفعه الله تعالى في أهييل بيتييه‪,‬‬
‫وكتب في السماء أسير الله في أرضه« وقد روي هذا من‬
‫غير وجه‪ ,‬وهو في مسند المام أحمييد‪ ,‬وقييد قييال الحجيياج‬
‫بن عبد الله الحكمي أحد أمراء بني أمية بدمشييق‪ ,‬تركييت‬
‫المعاصي والذنوب أربعين سنة حياء من الناس‪ ,‬ثم تركتها‬
‫حييياًء ميين اللييه عييز وجييل‪ ,‬ومييا أحسيين قييول الشيياعر‪:‬‬
‫صبا ما صبا حتى عل الشيب رأسهفلما عله قييال للباطييل‪:‬‬
‫ابعييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييد!‬
‫}قال رب أوزعني{ أي ألهمني }أن أشكر نعمتييك الييتي‬
‫أنعمت علي وعلى والييديّ وأن أعمييل صييالحا ً ترضيياه{ أي‬
‫في المستقبل }وأصلح لي في ذريتي{ أي نسلي وعقييبي‬
‫}إني تبت إليك وإنييي ميين المسييلمين{ وهييذا فيييه إرشيياد‬
‫لمن بلغ الربعين أن يجدد التوبة والنابة إلى الله عز وجل‬
‫ويعزم عليها‪ ,‬وقد روى أبو داود في سننه عن ابن مسييعود‬
‫رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسييلم كييان‬

‫‪249‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يعلمهييم أن يقولييوا فييي التشييهد »اللهييم ألييف بييين قلوبنييا‬
‫وأصلح ذات بيننا‪ ,‬واهدنا سبل السلم ونجنا ميين الظلمييات‬
‫إلى النور وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطيين‪ ,‬وبييارك‬
‫لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنييا وأزواجنييا وذرياتنييا‪ ,‬وتييب‬
‫علينا إنك أنت التييواب الرحيييم‪ ,‬واجعلنييا شيياكرين لنعمتييك‬
‫مثنين بها عليك قابليها وأتممها علينا« قال الله عييز وجييل‪:‬‬
‫}أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن مييا عملييوا ونتجيياوز عيين‬
‫سيييئاتهم فييي أصييحاب الجنيية{ أي هييؤلء المتصييفون بمييا‬
‫ذكرنا‪ ,‬التائبون إلى الله تعالى المنيبون إليه‪ ,‬المستدركون‬
‫ما فات بالتوبة والستغفار‪ ,‬هم الذين نتقبل عنهييم أحسيين‬
‫ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم فيغفر لهم الكثير من الزلل‬
‫ونتقبييييييييل منهييييييييم اليسييييييييير ميييييييين العمييييييييل‪.‬‬
‫}في أصحاب الجنة{ أي هم فيي جملية أصيحاب الجنية‪,‬‬
‫وهذا حكمهم عند الله كما وعد الله عز وجل من تاب إليييه‬
‫وأنيياب‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‪} :‬وعييد الصييدق الييذي كييانوا‬
‫يوعدون{ قال ابن جرير حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬حييدثنا‬
‫المعتمر بن سليمان عن الحكم بيين أبييان عيين الغطريييف‪,‬‬
‫عن جابر بن زيد عن ابيين عبيياس رضييي اللييه عنهمييا‪ ,‬عيين‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬عن الروح المين عليييه‬
‫الصييلة والسييلم قييال‪» :‬يييؤتى بحسيينات العبييد وسيييئاته‬
‫فيقتص بعضها ببعض‪ ,‬فإن بقيت حسنة وسع الله تعالى له‬
‫في الجنة« قييال‪ :‬فييدخلت علييى يييزداد فحييدث بمثييل هييذا‬
‫قال‪ :‬قلت فإن ذهبت الحسنة ؟ قال }أولئك الييذين نتقبييل‬
‫عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيييئاتهم فييي أصييحاب‬
‫الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعييدون{ وهكييذا رواه ابيين‬
‫أبي حاتم عن أبيه عن محمد بن عبد العلى الصنعاني عن‬
‫المعتمر بن سليمان بإسناده مثله وزاد عن الروح المييين‪.‬‬
‫قال‪ :‬قال الرب جل جلله‪ :‬يؤتى بحسيينات العبييد وسيييئاته‬
‫فييذكره‪ ,‬وهييو حييديث غريييب وإسييناده جيييد ول بييأس بييه‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا سليمان بيين معبييد‪,‬‬
‫حدثنا عمرو بن عاصم الكلئي‪ ,‬حدثنا أبييو عوانيية عيين أبييي‬
‫بشر جعفر بن أبي وحشية عن ابي وحشية عن يوسف بن‬

‫‪250‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سعد‪ ,‬عن محمد بن حيياطب قييال‪ :‬ونييزل فييي داري حيييث‬
‫ظهر علي رضي الله عنه على أهل البصرة فقال له يومًا‪:‬‬
‫لقد شهدت أمير المييؤمنين علييا ً رضييي اللييه عنييه‪ ,‬وعنييده‬
‫عمار وصعصعة والشتر ومحمد بيين أبييي بكيير رضييي اللييه‬
‫عنهم‪ ,‬فذكروا عثمان رضييي اللييه عنييه فنييالوا منييه‪ ,‬فكييان‬
‫علي رضي الله عنييه علييى السييرير ومعييه عييود فييي يييده‪,‬‬
‫فقال قائل منهم‪ :‬إن عنييدكم ميين يفصييل بينكييم‪ ,‬فسييألوه‬
‫فقال علي رضي الله عنه‪ :‬كان عثمان رضي الله عنه ميين‬
‫الذين قال الله تعالى‪} :‬أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما‬
‫عملييوا ونتجيياوز عيين سيييئاتهم فييي أصييحاب الجنيية وعييد‬
‫الصدق الذي كانوا يوعدون{ قال‪ :‬والله عثمييان وأصييحاب‬
‫عثمان رضي الله عنهييم‪ ,‬قالهييا ثلث يًا‪ .‬قييال يوسييف فقلييت‬
‫لمحمد بن حاطب‪ :‬آلله لسمعت هذا عن علي رضييي اللييه‬
‫عنه ؟ قال‪ :‬آلله لسمعت هذا عيين علييي رضييي اللييه عنييه‪.‬‬

‫ج وَقَيد ْ‬ ‫خ يَر َ‬ ‫ن أُ ْ‬ ‫ف ل ّك ُمييآ أ َتعِيدان ِن ِ َ‬


‫يأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫وال ِيد َي ْهِ أ ُ ّ‬ ‫ل لِ َ‬ ‫ذي َقا َ‬ ‫** َوال ّ ِ‬
‫ن‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫مي ْ‬ ‫كآ ِ‬ ‫ه وَي ْل َي َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫سَتغث َِيا ِ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫من قَب ِْلي وَهُ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ت ال ُْقُرو ُ‬ ‫خل َ ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ن * أوَْلـييئ ِ َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫طيُر الوِّلي َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ذآ إ ِل ّ أ َ‬ ‫هـ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ل َ‬ ‫حقّ فَي َُقو ُ‬ ‫وَعْد َ الل ّهِ َ‬
‫ُ‬
‫ن‬ ‫مي َ‬ ‫م ّ‬ ‫ميين قَب ْل ِهِ ي ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫مم ٍ قَد ْ َ‬ ‫يأ َ‬ ‫ل فِ َ‬ ‫م ال َْقوْ ُ‬ ‫حقّ عَل َي ْهِ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫مييا‬ ‫م ّ‬ ‫ت ّ‬ ‫جييا ٌ‬ ‫ل د ََر َ‬ ‫ن * وَل ِك ُي ّ‬ ‫ري َ‬ ‫سي ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫م ك َيياُنوا ْ َ‬ ‫س إ ِن ّهُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫لن‬
‫ِ‬ ‫ن َوا‬ ‫ج ّ‬‫ال ْ ِ‬
‫عَمُلوا ْ ول ِيوفّيه َ‬
‫ض‬ ‫م ي ُعْ يَر ُ‬ ‫ن * وَي َيوْ َ‬ ‫مو َ‬ ‫م ل َ ي ُظ ْل َ ُ‬ ‫م وَهُ ْ‬ ‫مال َهُ ْ‬ ‫م أعْ َ‬ ‫َ ُ َ َُ ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫م اليد ّن َْيا‬ ‫حي َييات ِك ُ ُ‬ ‫م فِييي َ‬ ‫م ط َي َّبات ِك ُ ْ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ عََلى الّنارِ أذ ْهَب ْت ُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫م‬ ‫كنت ُي ْ‬ ‫مييا ُ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ب ال ْهُييو ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن عَي َ‬ ‫ج يَزوْ َ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫م ب ِهَييا فَييال ْي َوْ َ‬ ‫مت َعْت ُ ْ‬‫س يت َ ْ‬ ‫َوا ْ‬
‫ن‬
‫سيُقو َ‬ ‫م ت َْف ُ‬ ‫كنُتي ْ‬ ‫ميا ُ‬ ‫حيقّ وَب ِ َ‬ ‫ض ب ِغَي ْيرِ ال ْ َ‬ ‫ن فِييي الْر ِ‬ ‫سيت َك ْب ُِرو َ‬ ‫تَ ْ‬
‫لمييا ذكيير تعييالى حييال الييداعين للوالييدين البييارين بهمييا‬
‫ومالهم عنده من الفييوز‪ ,‬والنجيياة‪ ,‬عطييف بحييال الشييقياء‬
‫العاقين للوالدين فقال‪} :‬والييذي قييال لوالييديه أف لكمييا{‬
‫وهذا عام في كل من قال هذا‪ ,‬ومن زعم أنهييا نزلييت فييي‬
‫عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما فقييوله ضييعيف‪,‬‬
‫لن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهمييا أسييلم بعييد‬
‫ذلك‪ ,‬وحسن إسييلمه وكييان ميين خيييار أهييل زمييانه‪ ,‬وروى‬

‫‪251‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العوفي عن ابن عباس رضي اللييه عنهمييا أنهييا نزلييت فييي‬
‫ابن لبي بكر الصديق رضي اللييه عنهمييا وفييي صييحة هييذا‬
‫نظر‪ ,‬والله تعالى أعلم‪ .‬وقال ابن جريج عن مجاهد‪ :‬نزلت‬
‫في عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما قاله ابيين جريييج‬
‫وقال آخرون عبد الرحمن بن أبي بكر رضييي اللييه عنهمييا‪,‬‬
‫وهذا أيضا ً قول السدي‪ ,‬وإنما هذا عيام فيي كيل مين عيق‬
‫والديه وكذب بيالحق‪ ,‬فقيال لواليديه }أف لكميا{ عقهميا‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا علي بن الحسين‪ ,‬حدثنا محمد‬
‫بن العلء‪ ,‬حدثنا يحيى بن أبي زائدة‪ ,‬عن إسماعيل بن أبي‬
‫خالييد‪ ,‬أخييبرني عبييد اللييه بيين المييديني‪ ,‬قييال‪ :‬إنييي لفييي‬
‫المسجد حين خطب مروان فقال‪ :‬إن الله تعييالى قييد أرى‬
‫أمير الميؤمنين فيي يزييد رأييا ً حسينًا‪ ,‬وأن يسيتخلفه فقيد‬
‫اسييتخلف أبييو بكيير عميير رضييي اللييه عنهمييا‪ ,‬فقييال عبييد‬
‫الرحمن بن أبي بكر رضي اللييه عنهمييا‪ :‬أهرقلييية ؟ إن أبييا‬
‫بكر رضي الله عنه والله ما جعلها فييي أحييد ميين ولييده ول‬
‫أحد من أهل بيتييه‪ ,‬ول جعلهييا معاويية فييي وليده إل رحمية‬
‫وكرامة لولده‪ ,‬فقال مروان‪ :‬ألست الذي قال لوالييديه أف‬
‫لكما ؟ فقال عبييد الرحميين رضييي اللييه عنييه‪ :‬ألسييت ابيين‬
‫اللعييين الييذين لعيين رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫أباك ؟ قال وسييمعتهما عائشيية رضييي اللييه عنهييا فقييالت‪:‬‬
‫يامروان أنت القائل لعبد الرحمن رضي الله عنه كذا وكذا‬
‫؟ كذبت ما فيه نزلت ولكن نزلت في فلن ابيين فلن‪ ,‬ثييم‬
‫انتحب مروان ثم نزل عن المنبر‪ ,‬حتى أتى بيياب حجرتهييا‪,‬‬
‫فجعل يكلمها حتى انصرف‪ ,‬وقد رواه البخاري بإسناد آخيير‬
‫ولفظ آخر فقال‪ :‬حدثنا موسييى بيين إسييماعيل‪ ,‬حييدثنا أبييو‬
‫عوانة عيين أبييي بشيير عيين يوسييف بيين ماهييك قييال‪ :‬كييان‬
‫مروان علييى الحجيياز‪ ,‬اسييتعمله معاوييية بيين أبييي سييفيان‪,‬‬
‫رضي الله عنهما‪ ,‬فخطييب وجعييل يييذكر يزيييد بيين معاوييية‬
‫لكي يبايع له بعد أبيه فقال له عبييد الرحميين بيين أبييي بكيير‬
‫رضي الله عنهما شيئًا‪ ,‬فقال‪ :‬خييذوه‪ ,‬فييدخل بيييت عائشيية‬
‫رضي الله عنها فلم يقييدروا عليييه‪ ,‬فقييال مييروان‪ :‬إن هييذا‬
‫الذي أنزل فيه }والذي قال لوالديه أف لكما أتعييدانني أن‬

‫‪252‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أخرج وقد خلت القرون من قبلي{ فقييالت عائشيية رضييي‬
‫الله عنها من وراء الحجاب‪ :‬مييا أنييزل الليه عيز وجييل فينييا‬
‫شييييئا ً مييين القيييرآن إل أن الليييه تعيييالى أنيييزل عيييذري‪.‬‬
‫)طريق أخرى( قال النسائي‪ :‬حييدثنا علييي بيين الحسييين‪,‬‬
‫حدثنا أمية بن خالد‪ ,‬حدثنا شعبة عن محمد بن زييياد قييال‪:‬‬
‫لما بايع معاوية رضي الله عنه لبنه‪ ,‬قال مروان‪ :‬سنة أبي‬
‫بكر وعمر رضي الله عنهما‪ .‬فقيال عبيد الرحمين بين أبيي‬
‫بكر رضي الله عنهما‪ :‬سنة هرقل وقيصيير‪ .‬فقييال مييروان‪:‬‬
‫هذا الذي أنزل الله تعييالى فيييه }والييذي قييال لوالييديه أف‬
‫لية‪ .‬فبلييغ ذلييك عائشيية رضييي اللييه عنهييا فقييالت‪:‬‬ ‫لكما{ ا َ‬
‫كذب مروان والله ما هو بييه‪ ,‬ولييو شييئت أن أسييمي الييذي‬
‫أنزلت فيه لسييميته‪ ,‬ولكيين رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم لعن أبا مروان ومروان في صييلبه فمييروان فضييض‬
‫مييييييييييييييييييييين لعنييييييييييييييييييييية الليييييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫وقييوله‪} :‬أتعييدانني أن أخييرج{ أي أبعييث }وقييد خلييت‬
‫القرون من قبلي{ أي قد مضى النيياس فلييم يرجييع منهييم‬
‫مخبر }وهما يستغيثان الله{ أي يسألن الله فيه أن يهديه‬
‫ويقولن لولدهما }ويلك آمن إن وعد الله حييق فيقييول مييا‬
‫هذا إل أساطير الولين{ قييال اللييه تعييالى‪} :‬أولئك الييذين‬
‫حق عليهم القول في أمم قد خلت ميين قبلهييم ميين الجيين‬
‫والنس إنهم كانوا خاسرين{ أي دخلوا في زمرة أشباههم‬
‫وأضرابهم‪ ,‬من الكافرين الخاسرين أنفسهم وأهليهييم يييوم‬
‫القيامة‪ .‬وقوله‪} :‬أولئك{ بعد قييوله‪} :‬والييذي قييال{ دليييل‬
‫على ما ذكرناه من أنييه جنييس يعييم كييل ميين كييان كييذلك‪.‬‬
‫وقال الحسيين وقتييادة‪ :‬هييو الكييافر الفيياجر العيياق لوالييديه‬
‫المكذب بالبعث‪ .‬وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة‬
‫سهل بن داود من طريق هشام بن عمار‪ ,‬حدثنا حميياد بيين‬
‫عبد الرحمن‪ ,‬حدثنا خالد بن الزبرقييان الحلييبي عيين سيليم‬
‫بن حبيب عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه‪ ,‬عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬أربعة لعنهم اللييه تعييالى ميين‬
‫فوق عرشه‪ ,‬وأمنيت عليهييم الملئكية‪ :‬مضيل المسياكين«‬
‫قال خالد الييذي يهييوي بيييده إلييى المسييكين فيقييول‪ :‬هلييم‬

‫‪253‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أعطيك‪ ,‬فإذا جاءه قال‪ :‬ليس معييي شيييء »والييذي يقييول‬
‫للماعون ابن وليس بين يييديه شيييء‪ ,‬والرجييل يسييأل عيين‬
‫دار القوم فيييدلونه علييى غيرهييا‪ ,‬والييذي يضييرب الوالييدين‬
‫حيييييييييييتى يسيييييييييييتغيثا« غرييييييييييييب جيييييييييييدًا‪.‬‬
‫وقوله تبارك وتعييالى‪} :‬ولكييل درجييات ممييا عملييوا{ أي‬
‫لكييل عييذاب بحسييب عملييه }وليييوفيهم أعمييالهم وهييم ل‬
‫يظلمون{ أي ل يظلمهم مثقال ذرة فما دونهييا‪ .‬قييال عبييد‬
‫الرحمن بيين زيييد بيين أسييلم‪ ,‬درجييات النييار تييذهب سييفال ً‬
‫ودرجات الجنة تذهب علوًا‪ ,‬وقوله عز وجل‪} :‬ويوم يعرض‬
‫الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم فييي حييياتكم الييدنيا‬
‫واستمتعتم بها{ أي يقال لهييم ذلييك تقريع يا ً وتوبيخ يًا‪ ,‬وقييد‬
‫تورع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنييه عيين‬
‫كثير من طيبات المآكل والمشييارب‪ .‬وتنييزه عنهييا ويقييول‪:‬‬
‫إني أخاف أن أكون كالذين قال الله لهييم وبخهمييوقرعهم‪:‬‬
‫}أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها{ وقييال‬
‫أبو مجلز‪ :‬ليفقييدن أقييوام حسيينات كييانت لهييم فييي الييدنيا‬
‫فيقال لهم }أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا{ وقوله عيز‬
‫وجل‪} :‬فاليوم تجزون عذاب الهون بمييا كنتييم تسييتكبرون‬
‫في الرض بغير الحق وبما كنتييم تفسييقون{ فجييوزوا ميين‬
‫جنس عملهم فكما متعييوا أنفسييهم واسييتكبروا عيين اتبيياع‬
‫الحييق وتعيياطوا الفسييق والمعاصييي‪ ,‬جييازاهم اللييه تبييارك‬
‫للم الموجعة‬ ‫وتعالى بعذاب الهون‪ ,‬وهو الهانة والخزي وا َ‬
‫والحسييرات المتتابعيية والمنييازل فييي الييدركات المفظعيية‪,‬‬
‫أجارنييييا اللييييه سييييبحانه وتعييييالى ميييين ذلييييك كلييييه‪.‬‬

‫َ‬ ‫** َواذ ْك ُْر أ َ َ‬


‫ت الّنييذ ُُر‬ ‫خَليي ِ‬ ‫ف وَقَد ْ َ‬ ‫حَقا ِ‬ ‫ه ِبال ْ‬ ‫م ُ‬ ‫عادٍ إ ِذ ْ أنذ ََر قَوْ َ‬ ‫خا َ‬
‫ف‬ ‫خييا ُ‬ ‫ي أَ َ‬ ‫ه إ ِن ّي َ‬
‫َ‬
‫خل ِْفيهِ أل ّ ت َعْب ُيد ُوَا ْ إ ِل ّ الل ّي َ‬ ‫ن َ‬ ‫مي ْ‬ ‫ن ي َيد َي ْهِ وَ ِ‬ ‫ميين ب َي ْي ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن آل ِهَت ِن َييا‬‫جئ ْت ََنا ل ِت َأفِك َن َييا عَي ْ‬ ‫ظيم ٍ * َقال ُوَا ْ أ ِ‬ ‫ب ي َوْم ٍ عَ ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫م عَ َ‬ ‫عَل َي ْك ُ ْ‬
‫ْ‬
‫م‬ ‫مييا ال ْعِل ْي ُ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫ن * قَييا َ‬ ‫صييادِِقي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مي َ‬‫ت ِ‬ ‫كن َ‬ ‫ما ت َعِد َُنآ ِإن ُ‬ ‫فَأت َِنا ب ِ َ‬
‫وم يا ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫م قَ ْ‬ ‫ي أَراك ُي ْ‬ ‫ت ب ِيهِ وََلـ يك ِن ّ َ‬ ‫س يل ْ ُ‬ ‫مييآ أْر ِ‬ ‫م ّ‬ ‫عن يد َ الل ّيهِ وَأب َل ّغُك ُي ْ‬ ‫ِ‬
‫م قَيياُلوا ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫هـ ي َ‬ ‫ل أوْدِي َت ِهِ ي ْ‬ ‫ست َْقب ِ َ‬‫م ْ‬ ‫عاِرضا ً ّ‬ ‫ما َرأوْهُ َ‬ ‫ن * فَل َ ّ‬ ‫جهَُلو َ‬ ‫تَ ْ‬

‫‪254‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ب‬ ‫ذا ٌ‬‫ح ِفيهَييا عَي َ‬ ‫جل ُْتم ب ِيهِ ِري ي ٌ‬ ‫س يت َعْ َ‬‫ما ا ْ‬ ‫ل هُوَ َ‬ ‫مط ُِرَنا ب َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ض ّ‬
‫عارِ ٌ‬ ‫َ‬
‫حوا ْ ل َ ي ُيَرىَ إ ِل ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫مُر ك ُي ّ‬ ‫َ‬
‫صيب َ ُ‬‫مرِ َرب ّهَييا فَأ ْ‬ ‫يءٍ ب ِيأ ْ‬‫شي ْ‬ ‫ل َ‬ ‫م * ت ُيد َ ّ‬ ‫أِليي ٌ‬
‫ن‬
‫ميييييي َ‬‫جرِ ِ‬ ‫م ْ‬‫م ال ْ ُ‬ ‫زي ال َْقيييييوْ َ‬ ‫جييييي ِ‬ ‫ك نَ ْ‬‫كيييييذ َل ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫سييييياك ِن ُهُ ْ‬‫م َ‬ ‫َ‬
‫يقيول تعييالى مسيليا لنييبيه صيلى الليه عليييه وسيلم فيي‬ ‫ً‬
‫تكذيب من كذب من قييومه }واذكيير أخييا عيياد{ وهييو هييود‬
‫عليه الصلة والسلم‪ ,‬بعثه الله عز وجل إلييى عيياد الولييى‬
‫وكييانوا يسييكنون الحقيياف‪ ,‬جمييع حقييف وهييو الجبييل ميين‬
‫الرمييل‪ ,‬قيياله ابيين زيييد‪ ,‬وقييال عكرميية‪ :‬الحقيياف الجبييل‬
‫والغار‪ ,‬وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه‪ :‬الحقاف‬
‫واد بحضييرموت يييدعى برهييوت تلقييى فيييه أرواح الكفييار‪,‬‬
‫وقال قتادة‪ :‬ذكر لنا أن عادا ً كييانوا حييا ً بيياليمن أهييل رمييل‬
‫مشرفين على البحر بأرض يقال الشحر‪ ,‬قييال ابيين ميياجه‪:‬‬
‫باب إذا دعا فليبدأ بنفسه‪ .‬حدثنا الحسين بن علييي الخلل‪,‬‬
‫حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا زيد بن الحباب‪ ,‬حييدثنا سييفيان‪ ,‬عيين أبييي‬
‫إسحاق عن سعيد بيين جييبير عيين ابيين عبيياس رضييي اللييه‬
‫عنهمييا قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫»يرحمنا الله وأخا عاد« وقوله تعييالى‪} :‬وقييد خلييت النييذر‬
‫من بين يديه ومن خلفه{ يعني وقد أرسل الله تعالى إلييى‬
‫من حول بلدهم في القرى مرسلين ومنييذرين كقييوله عييز‬
‫وجل‪} :‬فجعلناها نكال ً لما بين يييديها ومييا خلفهييا{ وكقييوله‬
‫جييل وعل‪} :‬فييإن أعرضييوا فقييل أنييذرتكم صيياعقة مثييل‬
‫صاعقة عاد وثمود إذ جاءتهم الرسل من بين أيييديهم وميين‬
‫خلفهم أل تعبييدوا إل اللييه إنييي أخيياف عليكييم عييذاب يييوم‬
‫عظيم{ أي قال لهم هود ذلك فأجابه قومه قائلين }أجئتنييا‬
‫لتأفكنا عن آلهتنا ؟{ أي لتصدنا عن آلهتنا }فأتنا بما تعييدنا‬
‫إن كنت من الصييادقين{ اسييتعجلوا عييذاب اللييه وعقييوبته‬
‫استبعادا ً منهم وقوعه كقوله جلت عظمتييه }يسييتعجل بهييا‬
‫الذين ل يؤمنون بها{ }قال إنما العلم عنييد اللييه{ أي اللييه‬
‫أعلم بكم إن كنتييم مسييتحقين لتعجيييل العييذاب فسيييفعل‬
‫ذلك بكم وأما أنا فمن شأني أنييي أبلغكييم مييا أرسييلت بييه‬
‫}ولكني أراكم قوما ً تجهلون{ أي ل تعقلييون ول تفهمييون‪.‬‬

‫‪255‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال الله تعالى‪} :‬فلما رأواه عارضيا ً مسييتقبل أوديتهييم{‬
‫أي لما رأوا العذاب مستقبلهم‪ ,‬اعتقدوا أنه عارض ممطر‪,‬‬
‫ففرحوا واستبشروا به وقد كييانوا ممحلييين محتيياجين إلييى‬
‫المطر‪ .‬قال الله تعالى‪} :‬بل هو ما استعجلتم به ريح فيهييا‬
‫عذاب أليم{ أي هو العذاب الذي قلتم فْأتنييا بمييا تعييدنا إن‬
‫كنت من الصادقين }تدمر{ أي تخرب }كييل شيييء{ ميين‬
‫بلدهم مما من شأنه الخراب }بييأمر ربهييا{ أي بييإذن اللييه‬
‫لها في ذلك كقوله سيبحانه وتعيالى‪} :‬ميا تيذر مين شييء‬
‫أتت عليه إل جعلتييه كييالرميم{ أي كالشيييء البييالي ولهييذا‬
‫قال عييز وجييل‪} :‬فأصييبحوا ل يييرى إل مسيياكنهم{ أي قييد‬
‫بادوا كلهم عن آخرهم ولم تبق لهييم باقييية }كييذلك نجييزي‬
‫القييوم المجرمييين{ أي هييذا حكمنييا فيميين كييذب رسييلنا‬
‫وخالف أمرنا‪ .‬وقد ورد حديث في قصتهم وهو غريب جييدا ً‬
‫من غرائب الحديث وأفراده‪ .‬قال المام أحمد‪ :‬حييدثنا زيييد‬
‫بن الحباب‪ ,‬حدثني أبو المنذر سييلم بيين سييليمان النحييوي‬
‫قييال‪ :‬حييدثنا عاصييم بيين أبييي النجييود عيين أبييي وائل عيين‬
‫الحارث البكري قال‪ :‬خرجت أشييكو العلء بيين الحضييرمي‬
‫إلى رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪ ,‬فمييررت بالربييذة‬
‫فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها فقالت لي‪ :‬يا عبد الله‬
‫إن لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجيية‪ ,‬فهييل‬
‫أنت مبلغي إليه ؟ قال فحملتهييا فييأتيت بهييا المدينيية‪ ,‬فييإذا‬
‫المسجد غيياص بييأهله‪ ,‬وإذا راييية سييوداء تخفييق‪ ,‬وإذا بلل‬
‫رضي الله عنه‪ ,‬متقلدا ً السيف بين يدي رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم فقلت‪ :‬مييا شييأن النيياس ؟ قييالوا يريييد أن‬
‫يبعث عمرو بن العاص رضي الله عنه وجها ً قال‪ :‬فجلست‬
‫فدخل منزله‪ ,‬أو قييال رحلييه‪ ,‬فاسييتأذنت عليييه فييأذن لييي‪,‬‬
‫فدخلت فسلمت‪ ,‬فقال صلى الله عليه وسلم‪» :‬هييل كييان‬
‫بينكم وبين تميم شيييء ؟« قلييت‪ :‬نعييم وكييان لنييا الييدائرة‬
‫عليهم‪ ,‬ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها‪ ,‬فسييألتني‬
‫أن أحملها إليك فهاهي بالباب‪ ,‬فأذن لها فدخلت فقلت‪ :‬يييا‬
‫رسيول الليه إن رأييت أن تجعيل بيننيا وبيين تمييم حياجزا ً‬
‫فاجعييل الييدهناء فحميييت العجييوز واسييتوفزت وقييالت‪ :‬يييا‬

‫‪256‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رسول الله فإلى أييين يضييطر مضييطرك ؟ قييال‪ :‬قلييت إن‬
‫مثلي ما قال الول معزى حملييت حتفهييا‪ ,‬حملييت هييذه ول‬
‫أشعر أنها كانت لي خصمًا‪ ,‬أعوذ بييالله ورسييوله أن أكييون‬
‫كوافد عاد‪ ,‬قال »ومييا وافييد عيياد ؟« وهييو أعلييم بالحييديث‬
‫منه‪ ,‬ولكن يستطعمه‪ ,‬قلت‪ :‬إن عادا ً قحطوا فبعثييوا وفييدا ً‬
‫لهم يقال له قيل‪ ,‬فمر بمعاوية بن بكر فأقام عنييده شييهرا ً‬
‫يسقيه الخمر وتغنيه جاريتان يقييال لهمييا الجرادتييان‪ ,‬فلمييا‬
‫مضى الشهر خرج إلى جبال مهرة‪ ,‬فقال‪ :‬اللهم إنك تعلييم‬
‫أني لم أجىء إلى مريييض فييأداويه ول إلييى أسييير أفيياديه‪,‬‬
‫اللهم اسق عادا ً ما كنت تسقيه‪ ,‬فمرت به سييحابات سييود‬
‫فنودي منها اختر‪ .‬فأومأ إلييى سييحابة منهييا سييوداء فنييودي‬
‫منها‪ ,‬خذها رمادا ً رمددًا‪ ,‬ل تبقى من عاد أحدًا‪ ,‬قييال‪ :‬فلمييا‬
‫بلغني أنه أرسل عليهم من الريييح إل قييدر مييا يجييري فييي‬
‫خيياتمي هييذا حييتى هلكييوا قييال أبييو وائل‪ :‬وصييدق وكييانت‬
‫المرأة والرجل إذا بعثوا وافييدا ً لهييم قييالوا‪ :‬ل تكيين كوافييد‬
‫عاد‪ .‬ورواه الترمذي والنسائي وابن ميياجه كمييا تقييدم فييي‬
‫سيييييييييييييييييييييييييييييورة العيييييييييييييييييييييييييييييراف‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا هارون بن معروف‪ ,‬أخبرنييا ابيين‬
‫وهب‪ ,‬أخبرنا عمرو أن أبا النضيير حييدثه عيين سييليمان بيين‬
‫يسار عن عائشية رضييي الليه عنهييا أنهييا قييالت‪ :‬مييا رأيييت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعا ً ضيياحكا ً حييتى‬
‫رأيت منه لهوته ِإنما كان يبتسم وقالت‪ :‬كييان رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم ِإذا رأى غيما ً أو ريحا ً عرف ذلك في‬
‫وجهه‪ ,‬قالت‪ :‬يا رسول الله ِإن الناس ِإذا رأوا الغيم فرحوا‬
‫رجيياء أن يكييون فيييه المطيير وأراك ِإذا رأيتييه عرفييت فييي‬
‫وجهك الكراهية‪ ,‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسييلم‪:‬‬
‫»يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب قييد عييذب قييوم‬
‫بالريح‪ ,‬وقد رأى قوم العذاب وقالوا هذا عارض ممطرنييا«‬
‫وأخرجيييييييياه ميييييييين حييييييييديث ابيييييييين وهييييييييب‪.‬‬
‫)طريق أخرى( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الرحمن عيين‬
‫سفيان عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشيية رضييي‬
‫الله عنها قالت‪ِ :‬إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان‬

‫‪257‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ِإذا رأى ناشئا ً في أفق من آفيياق السييماء تييرك عملييه وِإن‬
‫كان في صلته ثم يقول‪» :‬اللهم ِإني أعوذ بك من شيير مييا‬
‫فيه« فِإن كشفه الله تعالى حمد الله عز وجل‪ ,‬وِإن أمطر‬
‫قييييييييييييال‪» :‬اللهييييييييييييم صيييييييييييييبا ً نافعييييييييييييًا«‪.‬‬
‫)طريق أخرى( قال مسييلم فييي صييحيحه‪ :‬حييدثناأبو بكيير‬
‫الطاهر‪ ,‬أخبرنا ابن وهب قال‪ :‬سييمعت ابيين جريييج يحييدثنا‬
‫عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة رضي الله عنها قييالت‪:‬‬
‫كان رسول الله صلى الله عليه وسييلم ِإذا عصييفت الريييح‬
‫قال‪» :‬اللهم ِإني أسييألك خيرهييا وخييير مييا فيهييا وخييير مييا‬
‫أرسلت به‪ ,‬وأعوذ بك من شييرها وشيير مييا فيهييا وشيير مييا‬
‫أرسلت به« قالت‪ :‬وِإذا تخبلت السييماء تغييير لييونه وخييرج‬
‫ودخل وأقبل وأدبر‪ ,‬فِإذا أمطرت سري عنه‪ ,‬فعرفت ذلييك‬
‫عائشة رضي الله عنها‪ ,‬فسألته فقييال رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬لعله يا عائشة كما قال قوم عاد }فلمييا‬
‫رأوه عارضا ً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا{«‬
‫وقد ذكرنا قصة هلك قوم عاد في سييورة العييراف وهييود‬
‫بمييا أغنييى عيين ِإعييادته هنييا‪ ,‬وللييه تعييالى الحمييد والمنيية‪.‬‬
‫وقال الطبراني‪ :‬حدثنا عبدان بن أحمد‪ ,‬حييدثنا ِإسييماعيل‬
‫بن زكريا الكوفي‪ ,‬حدثنا أبو مالك بيين مسييلم الملئي عيين‬
‫مجاهد وسعيد بن جبير عن ابن عبيياس رضييي اللييه عنهمييا‬
‫قال‪ :‬قال رسول الليه صيلى الليه علييه وسيلم‪» :‬مييا فتييح‬
‫على عاد ميين الريييح ِإل مثييل موضييع الخيياتم‪ ,‬ثييم أرسييلت‬
‫عليهم البدو ِإلى الحضر‪ ,‬فلما رآها أهل الحضر قييالوا هييذا‬
‫عارض ممطرنا مستقبل أوديتهم‪ ,‬وكان أهل البوادي فيهييا‪,‬‬
‫فألقى أهل البادية على أهل الحاضرة حتى هلكوا ي قييال يي‬
‫عتت على خزانها حييتى خرجييت ميين خلل البييواب‪ ,‬واللييه‬
‫سيييييييييييييييييبحانه وتعيييييييييييييييييالى أعليييييييييييييييييم‪.‬‬

‫معا ً‬‫سي ْ‬
‫م َ‬ ‫جعَل ْن َييا ل َهُ ي ْ‬‫م ِفي يهِ وَ َ‬ ‫مك ّّناك ُ ْ‬‫مآ ِإن ّ‬ ‫م ِفي َ‬‫مك َّناهُ ْ‬ ‫** وَل ََقد ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م وَل َ‬
‫صيياُرهُ ْ‬‫م وَل َ أب ْ َ‬ ‫معُهُ ْ‬
‫سي ْ‬ ‫م َ‬ ‫ى عَن ْهُي ْ‬ ‫مآ أغْن َ َ‬ ‫صارا ً وَأفْئ ِد َةً فَ َ‬ ‫وَأب ْ َ‬
‫َ‬
‫ما‬
‫حاقَ ِبه ّ‬ ‫ت الل ّهِ وَ َ‬ ‫ن ِبآَيا ِ‬‫دو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫كاُنوا ْ ي َ ْ‬
‫ج َ‬ ‫يٍء إ ِذ ْ َ‬‫ش ْ‬ ‫من َ‬ ‫م ّ‬‫أفْئ ِد َت ُهُ ْ‬

‫‪258‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬
‫ن ال ُْق يَر َ‬
‫ى‬ ‫مي َ‬ ‫م ّ‬ ‫ح يوْل َك ُ ْ‬
‫مييا َ‬ ‫ن * وَل ََقد ْ أهْل َك َْنا َ‬ ‫ست َهْزُِئو َ‬ ‫كاُنوا ْ ب ِهِ ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬‫م ال ّي ِ‬ ‫ص يَرهُ ُ‬‫ن * فَل َيوْل َ ن َ َ‬ ‫جعُييو َ‬ ‫ت ل َعَل ّهُ ي ْ‬
‫م ي َْر ِ‬ ‫ص يّرفَْنا ال َي َييا ِ‬ ‫وَ َ‬
‫ك‬ ‫ضيّلوا ْ عَن ْهُي ْ‬
‫م وَذ َل ِي َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن الل ّيهِ قُْرَبانيا ً آل ِهَي َ‬
‫ة ب َي ْ‬ ‫دو ِ‬ ‫ميين ُ‬ ‫ذوا ْ ِ‬ ‫خ ُ‬‫ات ّ َ‬
‫مييييييييييييا ك َيييييييييييياُنوا ْ ي َْفت َييييييييييييُرو َ‬
‫ن‬ ‫م وَ َ‬ ‫إ ِفْك ُهُيييييييييييي ْ‬
‫يقول تعالى‪ :‬ولقد مكنييا المييم السييالفة فييي الييدنيا ميين‬
‫الموال والولد‪ ,‬وأعطينيياهم منهييا مييالم نعطكييم مثلييه ول‬
‫قريبا ً منه‪} ,‬وجعلنا لهم سييمعا ً وأبصييارا ً وأفئدة فمييا أغنييى‬
‫عنهم سمعهم ول أبصارهم ول أفئدتهم من شيييء ِإذ كييانوا‬
‫يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يسييتهزئون{ أي‬
‫وأحيياط بهييم العييذاب‪ ,‬والنكييال الييذي كييانوا يكييذبون بييه‬
‫ويسييتبعدون وقييوعه‪ ,‬أي فاحييذروا أيهييا المخيياطبون أن‬
‫تكونوا مثلهم فيصيبكم مثل مييا أصييابهم ميين العييذاب فييي‬
‫لخييييييييييييييييييييييييييييييرة‪.‬‬ ‫الييييييييييييييييييييييييييييييدنيا وا َ‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى{ يعنييي‬
‫أهل مكة‪ ,‬وقد أهلك الله المم المكذبة بالرسل مما حولها‬
‫كعيياد‪ ,‬وكييانوا بالحقيياف بحضييرموت عنييد اليميين‪ ,‬وثمييود‬
‫وكانت منازلهم بينهم وبين الشام‪ ,‬وكذلك سييبأ وهييم أهييل‬
‫اليمن‪ ,‬ومدين وكييانت فييي طريقهييم وممرهييم ِإلييى غييزة‪,‬‬
‫وكذلك بحيرة قوم لوط كانوا يمرون بها أيضًا‪ ,‬وقييوله عييز‬
‫ليييات{ أي بيناهييا وأوضييحناها }لعلهييم‬ ‫وجييل‪} :‬وصييرفنا ا َ‬
‫يرجعون * فلول نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربان يا ً‬
‫آلهة{ أي فهل نصروهم عند احتييياجهم ِإليهييم‪} .‬بييل ضييلوا‬
‫عنهم{ أي بل ذهبوا عنهييم أحييوج مييا كييانوا ِإليهييم }وذلييك‬
‫ِإفكهم{ أي‪ :‬كييذبهم }ومييا كييانوا يفييترون{ أي وافييتراؤهم‬
‫في اتخاذهم ِإياهم آلهة وقد خييابوا وخسييروا فييي عبييادتهم‬
‫لهيييييييا واعتميييييييادهم عليهيييييييا‪ ,‬والليييييييه أعليييييييم‪.‬‬

‫مييا‬‫ن فَل َ ّ‬‫ن ال ُْق يْرآ َ‬‫مُعو َ‬ ‫ست َ ِ‬


‫ن يَ ْ‬‫ج ّ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫ك ن ََفرا ً ّ‬
‫م َ‬ ‫صَرفَْنآ إ ِل َي ْ َ‬ ‫** وَإ ِذ ْ َ‬
‫ض َ ّ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫من يذِِري َ‬ ‫مِهم ّ‬ ‫ى ق َ يو ْ ِ‬‫ي وَل ُوْا إ ِل َ‬ ‫ما قُ ِ‬‫صُتوا ْ فَل َ ّ‬‫ضُروهُ َقال ُوَا ْ أن ِ‬ ‫ح َ‬‫َ‬
‫ى‬
‫سي َ‬ ‫مو َ‬ ‫ميين ب َعْيدِ ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫معَْنا ك َِتابيا ً أنيزِ َ‬‫سي ِ‬ ‫من َييآ إ ِن ّييا َ‬ ‫* قَيياُلوا ْ ي ََقوْ َ‬
‫ست َِقيم ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ق ّ‬
‫ري ٍ‬ ‫ى طَ ِ‬ ‫َ‬
‫حقّ وَإ ِل َ‬ ‫ن ي َد َي ْهِ ي َهْدِيَ إ َِلى ال ْ َ‬ ‫دقا ً ل ّ َ‬
‫ما ب َي ْ َ‬ ‫ص ّ‬‫م َ‬ ‫ُ‬

‫‪259‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬
‫م‬‫من ذ ُُنوب ِك ُ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫مُنوا ْ ب ِهِ ي َغِْفْر ل َك ُ ْ‬‫ي الل ّهِ َوآ ِ‬‫ع َ‬ ‫جيُبوا ْ َ‬
‫دا ِ‬ ‫مَنآ أ ِ‬‫* ي ََقوْ َ‬
‫َ‬
‫ي الل ّهِ فَل َْييي َ‬
‫س‬ ‫ع َ‬ ‫دا ِ‬‫ب َ‬ ‫ج ْ‬‫من ل ّ ي ُ ِ‬ ‫ب أِليم ٍ * وَ َ‬ ‫ذا ٍ‬ ‫ن عَ َ‬‫م ْ‬‫م ّ‬‫جْرك ُ ْ‬ ‫وَي ُ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫دون ِيهِ أوْل ِي َييآُء أوَْلـيئ ِ َ‬
‫ك فِييي‬ ‫ميين ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫س لَ ُ‬
‫ض وَل َي ْ َ‬ ‫جزٍ ِفي الْر َ‬ ‫مع ْ ِ‬‫بِ ُ‬
‫ن‬
‫مِبييييييييييييييييييييييييييييييييي ٍ‬ ‫ل ّ‬ ‫ضييييييييييييييييييييييييييييييييل َ ٍ‬ ‫َ‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حييدثنا سييفيان‪ ,‬حييدثنا عمييرو‪ ,‬سييمعت‬
‫عكرميية عيين الزبييير‪} ,‬وِإذ صييرفنا ِإليييك نفييرا ً ميين الجيين‬
‫يستمعون القرآن{ قال‪ :‬بنخليية‪ ,‬ورسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫لخييرة }كييادوا يكونييون عليييه‬ ‫عليه وسلم يصييلي العشيياء ا َ‬
‫لبدًا{ قال سفيان‪ :‬ألبد بعضييهم علييى بعييض كاللبييد بعضييه‬
‫على بعض‪ ,‬تفرد به أحمد‪ ,‬وسيييأتي ميين رواييية ابيين جرييير‬
‫عن عكرمة‪ ,‬عن ابن عباس أنهم سبعة ميين جيين نصيييبين‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عفان‪ ,‬حدثنا أبو عوانة )ح( وقييال‬
‫المام الشهير الحيافظ أبيو بكير اليبيهقي فيي كتيابه دلئل‬
‫النبوة‪ :‬أخبرنا أبو الحسيين عليي بين أحمييد عبيدان‪ ,‬أخبرنييا‬
‫أحمد بن عبيييد الصييفار‪ ,‬حييدثنا ِإسييماعيل القاضييي أخبرنييا‬
‫مسدد حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عيين سييعيد بيين جييبير‬
‫عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬ما قييرأ رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم على الجن ول رآهم‪ ,‬انطلق رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين‬
‫ِإلييى سييوق عكيياظ وقييد حيييل بييين الشييياطين وبييين خييبر‬
‫السماء‪ ,‬وأرسلت عليهم الشهب فرجعت الشييياطين ِإلييى‬
‫قومهم فقالوا مالكم‪ ,‬فقالوا حيل بيننا وبين خييبر السييماء‪,‬‬
‫فانطلقوا يضربون مشارق الرض ومغاربها يبتغون ما هييذا‬
‫الييييييذي حييييييال بينهييييييم وبييييييين خييييييبر السييييييماء‪.‬‬
‫فانصييرف أولئك النفيير الييذين توجهييوا نحييو تهاميية ِإلييى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وهييو بنخليية عامييدا ً ِإلييى‬
‫سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلة الفجر‪ ,‬فلما سمعوا‬
‫القرآن استمعوا لييه فقييالوا‪ :‬هييذا واللييه الييذي حييال بينكييم‬
‫وبين خبر السماء‪ ,‬فهناك حين رجعوا ِإلييى قييومهم }قييالوا‬
‫ِإنا سييمعنا قرآنيا ً عجبيا ً يهييدي ِإلييى الرشييد فآمنييا بييه وليين‬
‫نشرك بربنا أحدا{ وأنزل الله على نييبيه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم }قل أوحي ِإلي أنه اسييتمع نفيير ميين الجيين{ وِإنمييا‬

‫‪260‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أوحي إليه قييول الجيين رواه البخيياري عيين مسييدد بنحييوه‪,‬‬
‫وأخرجه مسلم عن شيبان بن فييروخ عيين أبييي عوانيية بييه‪,‬‬
‫ورواه الترمييذي والنسييائي فييي التفسييير ميين حييديث أبييي‬
‫عوانة‪ ,‬وقال المييام أحمييد أيضيًا‪ :‬حييدثنا أبييو أحمييد‪ ,‬حييدثنا‬
‫إسرائيل عن أبي إسييحاق عيين سييعيد بيين جييبير عيين ابيين‬
‫عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬كان الجن يستمعون الييوحي‬
‫فيسمعون الكلمة فيزيدون فيها عشرًا‪ ,‬فيكون مييا سييمعوا‬
‫ل‪ ,‬وكانت النجوم ل يرمى بها قبل ذلييك‪,‬‬ ‫حقا ً وما زادوا باط ً‬
‫فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحدهم ل‬
‫يأتي مقعده إل رمي بشهاب يحرق ما أصاب‪ ,‬فشكوا ذلك‬
‫إلى إبليس فقال‪ :‬ما هذا إل من أمر قد حدث‪ ,‬فبث جنوده‬
‫فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بييين جبلييي نخليية‪,‬‬
‫فأتوه فأخبروه فقال‪ :‬هذا الحديث الذي حدث فييي الرض‪,‬‬
‫ورواه الترمذي والنسائي في كتابي التفسير ميين سييننيهما‬
‫من حيديث إسييرائيل بيه‪ ,‬وقيال الترميذي‪ :‬حسيين صييحيح‪,‬‬
‫وهكذا رواه ايوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي‬
‫الله عنهما‪ ,‬وكذا رواه العوفي عن ابن عبيياس رضييي اللييه‬
‫عنهما أيضا ً بمثل هذا السياق بطوله‪ ,‬وهكذا قييال الحسيين‬
‫البصري إنه صلى الله عليه وسلم ما شييعر بييأمرهم حييتى‬
‫أنزل الله تعالى عليه بخبرهم‪ ,‬وذكر محمد بن إسحاق عن‬
‫يزيد بن رومان عن محمد بن كعب القرظييي قصيية خييروج‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ودعائه إياهم إلى‬
‫الله عز وجييل وإبييائهم عليييه‪ ,‬فييذكر القصيية بطولهييا وأورد‬
‫ذلك الدعاء الحسن »اللهم إليك أشكو ضعف قييوتي وقليية‬
‫حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمييين أنييت أرحييم‬
‫الراحمين وأنييت رب المستضييعفين‪ ,‬وأنيت ربييي إلييى ميين‬
‫تكلني ؟ إلى عدو يتجهمنييي أم إلييى صييديق قريييب ملكتييه‬
‫أمييري‪ ,‬إن لييم يكيين بييك غضييب علييي فل أبييالي غييير أن‬
‫عافيتك أوسييع لييي‪ ,‬أعييوذ بنييور وجهييك الييذي أشييرقت لييه‬
‫لخييرة أن ينييزل بييي‬ ‫الظلمييات وصييلح عليييه أميير الييدنيا وا َ‬
‫غضبك أو يحل بي سخطك‪ ,‬وليك العتييبى حييتى ترضييى ول‬
‫حيييييييييييييييييول ول قيييييييييييييييييوة إل بيييييييييييييييييك«‪.‬‬

‫‪261‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال‪ :‬فلما انصرف عنهم بات بنخلة فقرأ تلك الليليية ميين‬
‫القرآن فاسييتمعه الجيين ميين أهييل نصيييبين‪ ,‬وهييذا صييحيح‪,‬‬
‫ولكن قوله إن الجن كان استماعهم تلك الليليية فيييه نظيير‪,‬‬
‫فإن الجن كان استماعهم في ابتداء اليحاء كمييا دل عليييه‬
‫حديث ابن عباس رضي الله عنهماالمذكور‪ ,‬وخروجه صلى‬
‫الله عليه وسلم إلى الطائف كان بعييد مييوت عمييه‪ ,‬وذلييك‬
‫قبل الهجرة بسنة أو سنتين كما قرره ابن إسحاق وغيييره‪,‬‬
‫والله أعلم‪ ,‬وقال أبو بكر بن أبيي شييبة‪ :‬حيدثنا أبيو أحميد‬
‫الزبيري‪ ,‬حدثنا سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله بيين‬
‫مسعود رضي الله عنه قال‪ :‬هبطوا على النبي صلى اللييه‬
‫عليه وسلم وهو يقرأ القرآن ببطن النخلة }فلمييا حضييروه‬
‫قييالوا َأنصيتوا{ قيال صيه‪ ,‬وكيانوا تسييعة وأحييدهم زوبعية‪,‬‬
‫فأنزل الله عييز وجييل‪} :‬وإذ ْ صييرفنا إليييك نفييرا ً ميين الجيين‬
‫يستمعون القرآن فلما حضروه قييالوا أنصييتوا فلمييا قضييي‬
‫ولوا إلى قومهم منذرين ي إلييى يي ضييلل مييبين{ فهييذا مييع‬
‫الول من رواية ابن عباس رضي اللييه عنهمييا يقتضييي أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشعر بحضورهم في‬
‫هذه المرة‪ ,‬وإنما استمعوا قراءته ثم رجعيوا إليى قييومهم‪,‬‬
‫ثم بعد ذلك وفدوا إليه أرسال ً قوميا ً بعييد قييوم وفوجيا ً بعييد‬
‫فوج‪ ,‬كما ستأتي بييذلك الخبييار فييي موضييعها وا َ‬
‫لثييار ممييا‬
‫سييييينوردها إن شييييياء الليييييه تعيييييالى وبيييييه الثقييييية‪.‬‬
‫فأما ما رواه البخاري ومسلم جميعا ً عن أبي قدامة عبيد‬
‫الله بن سعيد السرخسي‪ ,‬عن أبي أسامة حماد بن أسامة‬
‫عن مسعر بن كييدام‪ ,‬عيين معيين بيين عبييد الرحميين‪ ,‬قييال‪:‬‬
‫سمعت أبي يقول‪ :‬سألت مسييروقا ً ميين آذن النييبي صييلى‬
‫الله عليييه وسييلم ليليية اسييتمعوا القييرآن ؟ فقييال‪ :‬حييدثني‬
‫أبوك يعنييي ابيين مسييعود رضييي اللييه عنييه أنييه آذنتييه بهييم‬
‫شجرة‪ ,‬فيحتمل أن يكون هييذا فييي المييرة الولييى ويكييون‬
‫إثبات يا ً مقييدما ً علييى نفييي ابيين عبيياس رضييي اللييه عنهمييا‪,‬‬
‫ويحتمل أن يكون في المرة الولى‪ ,‬ولكن لييم يشييعر بهييم‬
‫حييال اسييتماعهم حييتى آذنتييه بهييم الشييجرة أي أعلمتييه‬

‫‪262‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫باجتماعهم‪ ,‬والله أعلم‪ ,‬ويحتمل أن يكييون هييذا فييي بعييض‬
‫الميييييييييرات المتيييييييييأخرات‪ ,‬والليييييييييه أعليييييييييم‪.‬‬
‫قال الحافظ البيهقي‪ :‬وهذا الذي حكاه ابن عباس رضييي‬
‫الله عنهما إنما هو أول ما سمعت الجن قراءة رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ,‬وعلمت حاله‪ ,‬وفي ذلك الوقت لييم‬
‫يقرأ عليهم ولم يرهم‪ ,‬ثم بعد ذلك أتاه داعييي الجيين فقييرأ‬
‫عليهم القرآن ودعاهم إلى اللييه عييز وجييل كمييا رواه عبييد‬
‫الليييييييه بييييييين مسيييييييعود رضيييييييي الليييييييه عنيييييييه‪.‬‬

‫)ذكيييييييييييير الروايييييييييييييات عنييييييييييييه بييييييييييييذلك(‬


‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا ِإسماعيل بن إبراهيم‪ ,‬حدثنا داود‬
‫عن الشعبي وابن أبي زائدة‪ ,‬أخبرنا داود عن الشعبي عيين‬
‫علقمة قال‪ :‬قلت لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه‪ :‬هل‬
‫صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجيين منكييم‬
‫أحد ؟ فقال‪ :‬مييا صييحبه منييا أحييد ولكنييا فقييدناه ذات ليليية‬
‫بمكة فقلنا اغتيل ؟ استطير ؟ ما فعل ؟ قييال‪ :‬فبتنييا بشيير‬
‫ليلة بات بها قوم‪ ,‬فلما كان في وجه الصبح ي أو قال ي في‬
‫السحر إذا نحن به يجيء من قبل حراء‪ ,‬فقلنييا‪ :‬يييا رسييول‬
‫الله‪ ,‬فذكروا له الذي كانوا فيييه فقييال‪» :‬إنييه أتيياني داعييي‬
‫الجن فأتيتهم فقرأت عليهم« قال‪ :‬فانطلق فأرانييا آثييارهم‬
‫وآثار نيرانهم قال‪ :‬قال الشعبي‪ :‬سألوه الزاد‪ ,‬قييال عييامر‪:‬‬
‫سألوه بمكة وكانوا من جيين الجزيييرة فقييال‪» :‬كييل عظييم‬
‫ذكر اسم الله عليه أن يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحمًا‪,‬‬
‫وكل بعرة أو روثة علف لدوابكم ي قال ي فل تستنجوا بهمييا‬
‫فإنهما زاد إخييوانكم ميين الجيين« وهكييذا رواه مسييلم فييي‬
‫صحيحه عن علي بن حجر عن إسماعيل بن علية به نحوه‪.‬‬
‫وقال مسلم أيضًا‪ :‬حدثنا محمييد بيين المثنييى‪ ,‬حييدثنا عبييد‬
‫العلى‪ ,‬حدثنا داود وهو ابن أبي هند عن عامر قال‪ :‬سألت‬
‫علقمة‪ :‬هل كيان ابين مسيعود رضييي الليه عنيه شيهد ميع‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ؟ قييال فقييال‬
‫علقمة‪ :‬أنا سألت ابن مسعود رضي الله عنه فقلييت‪ :‬هييل‬
‫شهد أحد منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليليية‬

‫‪263‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الجن ؟ قال‪ :‬ل ولكنا كنا مع رسول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم ذات ليلة ففقدناه‪ ,‬فالتمسناه في الودية والشييعاب‬
‫فقيل استطير ؟ اغتيييل ؟ قييال‪ :‬فبتنييا بشيير ليليية بييات بهييا‬
‫قوم‪ ,‬فلما أصبحنا إذ هو جاء من قبل حراء‪ ,‬قال‪ :‬فقلنا‪ :‬يييا‬
‫رسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجييدك‪ ,‬فبتنييا بشيير ليليية‬
‫بات بها قوم‪ ,‬فقييال‪» :‬أتيياني داعييي الجيين فييذهبت معهييم‬
‫فقرأت عليهم القرآن«‪ .‬قييال‪ :‬فييانطلق بنييا فأرانييا آثييارهم‬
‫وآثار نيرانهم‪ ,‬وسألوه الزاد فقال‪» :‬كييل عظييم ذكيير اسيم‬
‫الله عليه يقع في أيديكم أوفر مايكون لحمًا‪ ,‬وكل بعيرة أو‬
‫روثة علف لييدوابكم« قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسييلم‪» :‬فل تسييتنجوا بهمييا فإنهمييا طعييام إخييوانكم«‪.‬‬
‫)طريق أخرى( عن ابن مسعود رضي الله عنه‪ .‬قييال أبييو‬
‫جعفر بن جرير‪ :‬حييدثني أحمييد بيين عبييد الرحميين‪ ,‬حييدثني‬
‫عمي‪ ,‬حدثني يونس عن الزهري عيين عبيييد اللييه بيين عبييد‬
‫الله قال‪ :‬إن عبد الله بيين مسييعود رضييي اللييه عنييه قييال‪:‬‬
‫سمعت رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم يقييول‪» :‬بييت‬
‫الليلييييية أقيييييرأ عليييييى الجييييين واقفيييييا ً بيييييالحجون«‪.‬‬
‫)طريق أخرى( فيها أنه كيان معيه ليلية الجيين‪ .‬قييال ابين‬
‫جرير رحمه الله‪ :‬حدثني أحمد بن عبد الرحمن بيين وهييب‪,‬‬
‫حدثنا عمي عبد الليه بين وهيب‪ ,‬أخيبرني ييونس عين ابين‬
‫شهاب عن أبي عثمان بن سنة الخزاعي‪ ,‬وكييان ميين أهييل‬
‫الشام قال‪ :‬إن عبد الله بن مسعود رضي اللييه عنييه قييال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحابه وهو بمكة‪:‬‬
‫»من أحب منكم أن يحضر أمر الجن الليلة فليفعييل« فلييم‬
‫يحضر منهم أحد غيري‪ ,‬قال‪ :‬فانطلقنا حتى إذا كنييا بييأعلى‬
‫ط لي برجلييه خط يا ً ثييم أمرنييي أن أجلييس فيييه ثييم‬ ‫مكة خ ّ‬
‫انطلق حتى قييام‪ ,‬فافتتييح القييرآن فغشيييته أسييودة كييثيرة‬
‫حييالت بينييي وبينييه حييتى مييا أسييمع صييوته‪ ,‬ثييم طفقييوا‬
‫يتقطعون مثييل قطييع السييحاب‪ ,‬ذاهييبين حييتى بقييي منهييم‬
‫رهط‪ ,‬ففرغ رسول الله‪ ,‬فأعطاهم عظما ً وروثيًا‪ ,‬ثييم نهييى‬
‫أن يستطيب أحييد بييروث أو عظييم‪ .‬ورواه ابيين جرييير عيين‬

‫‪264‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن أبي زرعة وهيب بين‬
‫راشيييييد عييييين ييييييونس بييييين يزييييييد اليليييييي بيييييه‪.‬‬
‫ورواه البيهقي في الدلئل من حديث عبد الله بيين صيالح‬
‫كاتب الليث عن يونس به‪ ,‬وقييد روى إسييحاق بيين راهييويه‬
‫عن جرير عن قابوس بين أبيي ظبييان عيين أبيييه عيين ابيين‬
‫مسعود رضي الله عنه‪ ,‬فذكر نحو ما تقدم ورواه الحييافظ‬
‫أبييو نعيييم ميين طريييق موسييى بيين عبيييدة عيين سييعيد بيين‬
‫الحارث عن أبي المعلى عن ابن مسعود رضي اللييه عنييه‪,‬‬
‫فيييييييييييييييييييذكر نحيييييييييييييييييييوه أيضيييييييييييييييييييًا‪.‬‬
‫)طريق أخرى( قال أبو نعيم‪ :‬حدثنا أبو مالك‪ ,‬حييدثنا عبيد‬
‫الله بن أحمييد بيين حنبييل‪ ,‬حييدثني أبييي قييال‪ :‬حييدثنا عفييان‬
‫وعكرمة قيال‪ :‬حيدثنا معتميير قيال‪ :‬قييال أبيي‪ :‬حييدثني أبيو‬
‫تميمة عيين عمييرو‪ ,‬ولعلييه قييد يكييون قييال البكييالي يحييدثه‬
‫عميرو عين عبيد الليه بين مسيعود رضيي الليه عنيه قيال‪:‬‬
‫استتبعني رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقنا حتى‬
‫أتينا مكان كذا وكذا‪ ,‬فخط لي خطا ً فقال‪» :‬كن بييين ظهيير‬
‫هذه ل تخرج منها فإنك إن خرجت هلكت« فييذكر الحييديث‬
‫بطيييييييييييوله وفييييييييييييه غرابييييييييييية شيييييييييييديدة‪.‬‬
‫)طريق أخرى( قال ابن جرييير‪ :‬حييدثنا ابيين عبييد العلييى‪,‬‬
‫حدثنا ابن ثور عن معمر عن يحيى بن أبي كثير‪ ,‬عيين عبييد‬
‫الله بن عمرو بن غيلن الثقفي أنه قال لبن مسعود رضي‬
‫الله عنه‪ :‬حدثت أنك كنت مع رسول الله صلى اللييه عليييه‬
‫وسلم ليلة وفد الجن‪ .‬قال‪ :‬أجل‪ ,‬قال‪ :‬فكيف كان ؟ فذكر‬
‫الحديث وذكر أن النبي صلى الله عليييه وسييلم خييط عليييه‬
‫خطا ً وقال‪» :‬ل تبرح منها« فييذكر مثييل العجاجيية السييوداء‬
‫فغشيت رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪ ,‬فييذعر ثلث‬
‫مرات حتى كان قريبا ً من الصييبح أتيياني النييبي صييلى اللييه‬
‫عليييه وسييلم فقييال‪» :‬أنمييت ؟« فقلييت‪ :‬ل واللييه‪ ,‬ولقييد‬
‫هممت مرارا ً أن أستغيث بالنيياس حييتى سييمعتك تقرعهييم‬
‫بعصاك تقول »اجلسوا« فقال صلى الله عليه وسلم‪» :‬لو‬
‫خرجت لم آمن أن يتخطفك بعضهم« ثييم قييال صيلى الليه‬
‫عليه وسلم »هل رأيت شيييئا ً ؟« قلييت‪ :‬نعييم رأيييت رجييال ً‬

‫‪265‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سودا ً مستشعرين ثيابا ً بيضا ً قال صلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»أولئك جيين نصيييبين سييألوني المتيياع ي ي والمتيياع الييزاد ي ي‬
‫فمتعتهم بكل عظم حائل أو بعرة أو روثة فقلت يا رسييول‬
‫الله وما يغني ذلك عنهم ؟ فقييال رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪ :‬إنهم ل يجييدون عظميا ً إل وجييدوا علييه لحميه‬
‫يييوم أكييل‪ .‬ول روث يا ً إل وجييدوا فيهييا حبهييا يييوم أكلييت‪ ,‬فل‬
‫يستنقين أحد منكم إذا خرج من الخلء بعظم ول بعييرة ول‬
‫روثيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييية«‪.‬‬
‫)طريق أخرى( قال الحافظ أبو بكر البيهقي‪ :‬أخبرنييا أبييو‬
‫عبد الرحمن السملي وأبو نصر بن قتييادة قييال أخبرنييا أبييو‬
‫محمد بن يحيى بن منصور القاضييي‪ ,‬حييدثنا أبييو عبييد اللييه‬
‫محمد بن إبراهيم البوشنجي‪ ,‬حدثنا روح بن صييلح‪ ,‬حييدثنا‬
‫موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عبد الله بن مسييعود‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬استتبعني رسول الله صلى الله عليييه‬
‫وسلم فقال‪» :‬إن نفرا ً من الجن خمسة عشيير بنييي إخييوة‬
‫وبني عم يأتوني الليلة أقرأ عليهم القرآن« فانطلقت معييه‬
‫إلى المكان الذي أراد فخط لي خطا ً وأجلسني فيييه وقييال‬
‫لي »لتخرج من هذا« فبت فيييه حييتى أتيياني رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسييلم مييع السييحر فييي يييده عظييم حييائل‬
‫وروثيية وحميية فقييال‪» :‬إذا ذهبييت إلييى الخلء فل تسييتنج‬
‫بشيء من هؤلء« قال‪ :‬فلما أصبحت قلييت لعلميين حيييث‬
‫كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذهبت فرأيت‬
‫موضييييييييييييع مييييييييييييبرك سييييييييييييتين بعيييييييييييييرًا‪.‬‬
‫)طريق أخرى( قال البيهقي‪ :‬أخبرنا أبو عبد الله الحافظ‪,‬‬
‫أخبرنا أبو العباس الصم‪ ,‬حدثنا العباس بن محمد الدوري‪,‬‬
‫حدثنا عثمييان بيين عميير عيين الشييمر بيين الريييان عيين أبييي‬
‫الجوزاء عن عبد اللييه بيين مسييعود رضييي اللييه عنييه قييال‪:‬‬
‫انطلقت مع رسول الله صلى الله عليه وسييلم ليليية الجيين‬
‫حييتى أتييى الحجييون‪ ,‬فخييط لييي خطييا ً ثييم تقييدم إليهييم‪,‬‬
‫فازدحموا عليه فقال سيد لهم يقال له وردان‪ :‬أنا أرحلهييم‬
‫عنيييك‪ .‬فقيييال‪ :‬إنيييي لييين يجيرنيييي مييين الليييه أحيييد‪.‬‬

‫‪266‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫)طريق أخييرى( قييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا عبييد الييرزاق‪,‬‬
‫حدثنا سفيان بن أبي فزارة العبسي‪ ,‬حدثنا أبو زيييد مييولى‬
‫عمرو بن حريث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‪ :‬لمييا‬
‫كانت ليلة الجن قييال لييي النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»أمعك ماء ؟« قلت‪ :‬ليس معي ماء ولكن معي ِإداوة فيها‬
‫نبيذ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪» :‬تمرة طيبيية وميياء‬
‫طهور« رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث زيييد‬
‫بيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫)طريييق أخييرى( قييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا يحيييى بيين‬
‫إسحاق‪ ,‬أخبرنا ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج عن حنييش‬
‫الصنعاني عن ابن عباس عن عبد الله بيين مسييعود رضييي‬
‫الله عنهم قال‪ :‬إنه كان مع رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم ليلة الجن فقال رسول الله صلى الله عليه وسييلم‪:‬‬
‫»يا عبد الله أمعك ماء ؟« قال‪ :‬معي نبيذ فييي إداوة‪ .‬قييال‬
‫ي« فتوضأ‪ .‬فقال النييبي‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬اصبب عل ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬ياعبد الله شراب وطهييور« تفييرد‬
‫به أحمد من هذا الوجه‪ ,‬وقد أورده الدارقطني من طريييق‬
‫آخييييير عييييين ابييييين مسيييييعود رضيييييي الليييييه عنيييييه‪.‬‬
‫)طريق أخييرى( قييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا عبييد الييرزاق‪,‬‬
‫أخبرني أبي عن ميناء عن عبد اللييه رضييي اللييه عنييه قييال‬
‫كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة وفد الجن‪,‬‬
‫فلما انصرف تنفس فقلت‪ :‬ما شأنك ؟ قييال‪» :‬نعيييت إلييي‬
‫نفسي ياابن مسعود« هكييذا رأيتييه فييي المسييند مختصييرًا‪,‬‬
‫وقد رواه الحافظ أبو نعيم فييي كتييابه دلئل النبييوة فقييال‪:‬‬
‫حييدثنا سييليمان بيين أحمييد بيين أيييوب‪ ,‬حييدثنا إسييحاق بيين‬
‫إبراهيم‪ ,‬وحدثنا أبو بكر بن مالك حدثنا عبد الله بيين أحمييد‬
‫بن حنبل‪ ,‬حدثنا أبي قال‪ :‬حدثنا عبد الرزاق عيين أبيييه عيين‬
‫ميناء عن ابن مسعود قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسييلم‪» :‬نعيييت إلييي نفسييي ييياابن مسييعود« قلييت‪:‬‬
‫استخلف‪ .‬قال‪» :‬من ؟« قلت‪ :‬أبا بكير‪ .‬قيال‪ :‬فسيكت ثيم‬
‫مضى ساعة فتنفس فقلت‪ :‬ما شأنك بأبي أنييت وأمييي يييا‬
‫رسول الله ؟ قال‪» :‬نعيييت إلييي نفسييي يييا ابيين مسييعود«‬

‫‪267‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قلت‪ :‬استخلف‪ .‬قال‪» :‬من ؟« قلت‪ :‬عمر‪ .‬فسكت سيياعة‬
‫ثم مضى ثم تنفس فقلت ؟ ما شأنك ؟ قال‪» :‬نعيييت إلييي‬
‫نفسييي« قلييت‪ :‬فاسييتخلف قييال صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫»من ؟« قلت‪ :‬علي بن أبي طالب رضييي اللييه عنييه‪ .‬قييال‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬أمييا والييذي نفسييي بيييده لئن‬
‫أطاعوه ليدخلن الجنة أجمعين أكتعين« وهو حديث غريييب‬
‫جييدا ً وأحييرى بييه أن ل يكييون محفوظييًا‪ ,‬وبتقييدير صييحته‬
‫فالظيياهر أن هييذا بعييد وفييودهم إليييه بالمدينيية علييى مييا‬
‫سنورده إن شاء الله تعالى‪ ,‬فإن في ذلك الوقت كان فييي‬
‫آخر المر لما فتحت مكة ودخل الناس والجييان أيض يا ً فييي‬
‫دين الله أفواجا ً نزلت سورة }إذا جاء نصر اللييه والفتييح *‬
‫ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا ً * فسييبح بحمييد‬
‫ربك واستغفره إنه كان توابًا{ وهييي السييورة الييتي نعيييت‬
‫نفسه الكريمة فيها إليه كمييا نييص علييى ذلييك ابيين عبيياس‬
‫رضي الله عنهما‪ ,‬ووافقه عمر بن الخطاب رضي الله عنه‬
‫عليه‪ ,‬وقد ورد في ذلك حديث سنورده إن شاء الله تعالى‬
‫عند تفسيرها‪ ,‬واللييه أعلييم وقييد رواه أبييو نعيييم أيضيا ً عيين‬
‫الطبري عن محمد بن عبد الله الحضييرمي عيين علييي بيين‬
‫الحسين بن أبي بردة‪ ,‬عن يحيى بن سعيد السييلمي‪ ,‬عيين‬
‫حييرب بيين صييبيح عيين سييعيد بيين سييلمة عيين أبييي مييرة‬
‫الصنعاني‪ ,‬عن أبي عبد الله الجدلي عن ابن مسعود رضي‬
‫الله عنه فذكره وذكر فيه قصيية السييتخلف‪ ,‬وهييذا إسييناد‬
‫غرييييييييييييييييييب وسيييييييييييييييييياق عجييييييييييييييييييب‪.‬‬
‫)طريق أخرى( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو سييعيد‪ ,‬حييدثنا‬
‫حماد بن سلمة عن علي بن زيد عيين أبييي رافييع عيين ابيين‬
‫مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسيلم خييط حييوله‪,‬‬
‫فكان أحييدهم مثييل سيواد النخيل وقييال‪» :‬ل تييبرح مكانييك‬
‫فأقرئهم كتاب الله« فلما رأى المرعى قال‪ :‬كييأنهم هييؤلء‬
‫وقال النبي صلى الله عليه وسلم »أمعك ماء ؟« قلت‪ :‬ل‪.‬‬
‫قييييال‪» :‬أمعييييك نبيييييذ ؟« قلييييت‪ :‬نعييييم فتوضييييأ بييييه‪.‬‬
‫)طريق أخرى مرسلة( قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبو عبييد‬
‫الله الظهراني‪ ,‬أخبرنا حفص بن عمر العدني‪ ,‬حدثنا الحكم‬

‫‪268‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن أبان عن عكرمة فييي قييوله تعييالى‪} :‬وإذ صييرفنا إليييك‬
‫نفرا ً من الجن{ قال هم اثنا عشر ألفا ً جيياؤوا ميين جزيييرة‬
‫الموصل‪ ,‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم لبيين مسييعود‬
‫رضي الله عنه‪» :‬أنظرني حييتى آتيييك« وخييط عليييه خط يا ً‬
‫وقال »ل تبرح حتى آتيك« فلما خشيهم ابن مسعود رضي‬
‫الله عنه كاد أن يذهب‪ ,‬فذكر قول رسول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم فلييم يييبرح‪ ,‬فقييال لييه النييبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسيييلم‪» :‬ليييو ذهبيييت ميييا التقينيييا إليييى ييييوم القيامييية«‪.‬‬
‫)طريق أخرى مرسلة أيضًا(‪ :‬قال سعيد بيين أبييي عروبيية‬
‫عن قتادة قوله تعالى‪} :‬وإذ صرفنا إليييك نفييرا ً ميين الجيين‬
‫يستمعون القرآن{ قييال‪ :‬ذكيير لنييا أنهييم صييرفوا إليييه ميين‬
‫نينوى وأن نبي اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم قييال‪» :‬إنييي‬
‫أمرت أن أقرأ على الجن فييأيكم يتبعنييي ؟« فييأطرقوا ثييم‬
‫استتبعهم فييأطرقوا ثييم اسييتتبعهم الثالثية فقييال رجييل‪ :‬يييا‬
‫رسول الله إن ذاك لذو ندبيية‪ ,‬فييأتبعه ابيين مسييعود رضييي‬
‫الله عنه أخيو هيذيل‪ ,‬قيال فيدخل النيبي صيلى الليه علييه‬
‫وسلم شعبا ً يقال لييه شييعب الحجييون وخييط عليييه‪ ,‬وخييط‬
‫على ابن مسعود رضي الله عنه خطيا ً ليثبتييه بييذلك‪ ,‬قييال‪:‬‬
‫فجعلييت أهييال وأرى أمثييال النسييور تمشييي فييي دفوفهييا‬
‫وسمعت لغطا ً شديدا ً حتى خفت على نبي الله صلى اللييه‬
‫عليه وسلم ثم تل القرآن فلما رجع رسول الله صلى اللييه‬
‫عليه وسلم قلت يا رسول الله ما اللغييط الييذي سييمعت ؟‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪» :‬اختصييموا فييي قتيييل فقضييي‬
‫بينهيييم بيييالحق« رواه ابييين جريييير وابييين أبيييي حييياتم‪.‬‬
‫فهذه الطرق كلها تدل على أنه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫ذهب إلى الجن قصدا ً فتل عليهم القرآن ودعاهم إلى اللييه‬
‫عييز وجييل وشييرع اللييه تعييالى لهييم علييى لسييانه ميياهم‬
‫محتاجون إليه في ذلييك الييوقت وقييد يحتمييل أن أول مييرة‬
‫سمعوه يقرأ القرآن لم يشعر بهيم‪ ,‬كميا قييال ابين عبياس‬
‫رضي الله عنهما‪ .‬ثم بعيد ذليك وفييدوا إليييه كميا رواه ابين‬
‫مسعود رضي الله عنه‪ ,‬وأما ابن مسعود رضييي اللييه عنييه‬
‫فإنه لم يكن مع رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم حييال‬

‫‪269‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مخاطبته للجن ودعائه إييياهم‪ ,‬وإنمييا كييان بعيييدا ً منييه ولييم‬
‫يخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم أحد سواه ومييع هييذا‬
‫لم يشهد حال المخاطبة‪ ,‬هذه طريقة البيهقي‪ ,‬وقد يحتمل‬
‫أن يكون أول مرة خرج إليهم لم يكن معه صلى الله عليه‬
‫وسلم ابن مسعود رضي الله عنه ول غيره‪ ,‬كما هو ظيياهر‬
‫لميام أحميد‪ ,‬وهيي عنيد‬ ‫سياق الرواية الولى من طرييق ا ِ‬
‫مسلم‪ ,‬ثم بعد ذلك خرج معه ليلة أخرى‪ ,‬والله أعلم‪ ,‬كمييا‬
‫روى ابين أبيي حياتم فيي تفسيير »قيل أوحيي ِإليي« مين‬
‫حديث ابن جريج قال‪ :‬قال عبد العزيز بن عمر‪ :‬أمييا الجيين‬
‫الذي لقوه بنخلة فجن نينوى‪ ,‬وأما الجن الذين لقوه بمكيية‬
‫فجن نصيبين‪ ,‬وتأوله البيهقي على أنه يقول فبتنا بشر ليلة‬
‫بات بها قوم على غير ابن مسعود رضي الله عنه ممن لم‬
‫يعلييم بخروجييه صييلى اللييه عليييه وسييلم إلييى الجيين‪ ,‬وهييو‬
‫محتمييييييييل علييييييييى بعييييييييد‪ ,‬واللييييييييه أعلييييييييم‪.‬‬
‫وقد قال الحييافظ أبييو بكيير الييبيهقي‪ :,‬أخبرنييا أبييو عمييرو‬
‫محمد بن عبد اللييه الديييب‪ ,‬حييدثنا أبييو بكيير السييماعيلي‪,‬‬
‫أخبرنا الحسن بن سفيان‪ ,‬حييدثنا سييويد بيين سييعيد‪ ,‬حييدثنا‬
‫عمرو بن يحيى عن جده سعيد بيين عمييرو قييال‪ :‬كييان أبييو‬
‫هريرة رضي الله عنيه يتبيع رسيول الليه صيلى الليه علييه‬
‫وسلم بأداوة لوضوئه وحاجته‪ ,‬فأدركه يوما ً فقال »من هذا‬
‫؟« قال‪ :‬أنا أبو هريرة‪ .‬قال صلى الله عليه وسلم‪» :‬ائتني‬
‫بأحجار أستنج بها ول تأتني بعظييم ول روثيية فييأتيته بأحجييار‬
‫في ثوبي فوضعتها إلييى جنبييه حييتى إذا فييرغ وقييام اتبعتييه‬
‫فقلت‪ :‬يا رسول الله ما بال العظم والروثيية ؟ قييال صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬أتاني وفد جن نصيييبين فسييألوني الييزاد‬
‫فدعوت اللييه تعييالى لهييم أن ل يمييروا بروثيية ول عظييم إل‬
‫وجدوه طعامًا« أخرجه البخاري في صييحيحه عيين موسييى‬
‫بن إسماعيل عن عمرو بن يحيى بإسناده قريبا ً منه‪ ,‬فهييذا‬
‫يدل على ما تقدم على أنهم وفدوا عليه بعد ذلك وسيينذكر‬
‫إن شييياء الليييه تعيييالى ميييا ييييدل عليييى تكيييرار ذليييك‪.‬‬
‫وقد روى ابن عباس غير ما روى عنه أول ً من وجه جديد‪,‬‬
‫فقييال ابيين جرييير‪ :‬حييدثنا أبييو كريييب‪ ,‬حييدثنا عبييد الحميييد‬

‫‪270‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الحماني‪ ,‬حييدثنا النضيير بيين عربييي عيين عكرميية عيين ابيين‬
‫عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى‪} :‬وإذ صرفنا إليك‬
‫لييية‪ .‬قييال‪ :‬كييانوا سييبعة نفيير ميين أهييل‬‫نفرا ً من الجيين{ ا َ‬
‫نصيبين‪ ,‬فجعلهم رسول الله رسل ً إلى قومهم‪ .‬فهييذا يييدل‬
‫على أنه روى القصتين‪ .‬وقال ابن أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا علييي‬
‫بن الحسين‪ ,‬حدثنا سويد بن عبد العزيز‪ ,‬حدثنا رجل سماه‬
‫عن ابيين جريييج عيين مجاهييد }وإذ صييرفنا إليييك نفييرا ً ميين‬
‫لية‪ ,‬قال كانوا سييبعة نفيير ثلثيية ميين أهييل حييران‬ ‫الجن{ ا َ‬
‫وأربعة من أهل نصيييبين‪ ,‬وكييانت أسييماؤهم حيييي وحسييي‬
‫ومنسى وساصيير وناصيير والردوبيييان والحتييم‪ ,‬وذكيير أبييو‬
‫حمزة الثمالي أن هذا الحي من الجيين كييان يقييال لييه بنييو‬
‫الشيصان وكانوا أكييثر الجيين عييددا ً وأشييرفهم نسييبًا‪ ,‬وهييم‬
‫كييييييييييييانوا عاميييييييييييية جنييييييييييييود إبليييييييييييييس‪.‬‬
‫وقال سفيان الثوري عن عاصم عن ذر عيين بيين مسييعود‬
‫رضي الله عنه كانوا تسعة أحدهم زوبعة‪ ,‬أتييوه ميين أصييل‬
‫نخلة‪ ,‬وتقدم عنهم أنهم كييانوا خمسيية عشيير‪ ,‬وفييي رواييية‬
‫أنهم كانوا على ستين راحلة‪ ,‬وتقدم عنه أن اسييم سيييدهم‬
‫وردان‪ ,‬وقيل‪ :‬كانوا ثلثمائة‪ ,‬وتقدم عن عكرمة علييى أنهييم‬
‫كانوا اثني عشر ألفًا‪ ,‬فلعل هذا الختلف دليل على تكييرار‬
‫وفادتهم عليه صلى الله عليه وسلم‪ ,‬ومما يدل علييى ذلييك‬
‫ما قاله البخيياري فييي صييحيحه‪ :‬حييدثنا يحيييى بيين سييليمان‬
‫حدثني ابن وهييب‪ ,‬حييدثني عميير هييو ابيين محمييد قييال‪ :‬إن‬
‫سالما ً حدثه عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضييي اللييه‬
‫عنهما قال‪ :‬ما سمعت عمر رضي الله عنييه يقييول لشيييء‬
‫قط إنييي لظنييه هكييذا إل كييان كمييا يظيين بينمييا عميير بيين‬
‫الخطاب رضييي اللييه عنييه جييالس إذ ميير بييه رجييل جميييل‬
‫فقال‪ :‬لقد أخطأ ظني أو أن هذا على دينه في الجاهلية أو‬
‫لقد كان كاهنهم‪ ,‬علي بالرجل‪ ,‬فدعي لييه‪ ,‬فقييال لييه ذلييك‬
‫فقال‪ :‬ما رأيت كاليوم استقبل به رجل مسلم قييال‪ :‬فييإني‬
‫أعزم عليك إل ما أخبرتني قال‪ :‬كنت كاهنهم في الجاهلييية‬
‫قال‪ :‬فما أعجب ما جاءتك به جنيتك‪ ,‬قال‪ :‬بينمييا أنييا يوم يا ً‬
‫فيييي السيييوق جييياءتني أعيييرف فيهيييا الفيييزع فقيييالت‪:‬‬

‫‪271‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أليييم تييير الجييين وِإبلسهاويأسيييها مييين بعيييد إنكاسيييها‬
‫ولحوقهييييييييا بييييييييالقلص وأحلسييييييييها‬
‫قال عمر رضي الله عنه‪ :‬صدق بينما أنا نائم عند آلهتهييم‬
‫إذ جيياء رجييل بعجييل فييذبحه فصييرخ بييه صييارخ لييم أسييمع‬
‫صارخا ً قط أشد صوتا ً منه يقول‪ :‬ياجليح‪ ,‬أميير نجيييج رجييل‬
‫فصيح‪ ,‬يقول ل إله إل اللييه قييال‪ :‬فييوثب القييوم فقلييت‪ :‬ل‬
‫أبرح حتى أعلم ميياوراء هييذا‪ ,‬ثييم نييادى ياجليييح أميير نجيييح‬
‫رجل فصيح يقول ل إله إل الله‪ ,‬فقمت فما نشبنا أن قيييل‬
‫هذا نبي‪ .‬هذا سياق البخاري‪ ,‬وقد رواه البيهقي من حديث‬
‫ابن وهب بنحوه‪ ,‬ثييم قييال وظيياهر هييذه الرواييية يييوهم أن‬
‫عميير رضييي اللييه عنييه بنفسييه سييمع الصييارخ يصييرخ ميين‬
‫العجل الذي ذبح‪ ,‬وكذلك هو صريح في رواية ضييعيفة عيين‬
‫عمر رضي الله عنه‪ ,‬وسييائر الروايييات تييدل علييى أن هييذا‬
‫الكاهن هو الييذي أخييبر بييذلك عيين رؤيتييه وسييماعه‪ ,‬واللييه‬
‫أعلم‪ ,‬وهذا الذي قاله البيهقي هو المتجه وهذا الرجييل هييو‬
‫سواد بن قارب‪ ,‬وقد ذكرت هذا مستقصى في سيرة عمر‬
‫رضي الله عنه فمن أراده فليأخييذه ميين ثييم‪ ,‬وللييه الحمييد‬
‫والمنة‪ (.‬وقال البيهقي‪ :‬حديث سواد بن قارب‪ ,‬ويشبه أن‬
‫يكون هذا هو الكاهن اليذي ليم ييذكر اسيمه فيي الحيديث‬
‫الصحيح‪ ,‬أخبرنا أبو القاسم الحسن بيين محمييد بيين حييبيب‬
‫المفسر من أصل سماعه‪ ,‬أخبرنا أبو عبد اللييه محمييد بيين‬
‫عبد الله الصبهاني قراءة عليه‪ ,‬حدثنا أبو جعفر أحمييد بيين‬
‫موسى الحمار الكوفي بالكوفة‪ ,‬حييدثنا زييياد بيين يزيييد بيين‬
‫بادويه‪ ,‬حدثنا أبو بكيير القصييري حييدثنا محمييد بيين النييواس‬
‫الكوفي‪ ,‬حدثنا أبو بكر بيين عييياش عيين أبييي إسييحاق عيين‬
‫البراء رضي الله عنه قال‪ :‬بينما عمر بيين الخطيياب رضييي‬
‫الله عنه يخطب الناس على منبر رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم إذ قال‪ :‬أيها الناس أفيكييم سييواد بيين قييارب ؟‬
‫قال‪ :‬فلم يجبه أحد تلك السنة‪ .‬فلما كانت السيينة المقبليية‬
‫قال‪ :‬أيها الناس أفيكم سواد بن قييارب ؟ قييال‪ :‬فقلييت يييا‬
‫أمير المؤمنين وما سواد بن قارب ؟ قييال فقييال لييه عميير‬
‫رضي الله عنه‪ :‬إن سواد بن قارب كان بدء إسييلمه شيييئا ً‬

‫‪272‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عجيبًا‪ ,‬قال فبينما نحن كذلك إذ طلع سواد بن قارب قال‪:‬‬
‫فقال له عمر رضي الله عنه‪ :‬يا سواد حدثنا ببدء إسييلمك‬
‫كيف كان ؟ قال سواد رضي اللييه عنييه‪ :‬فييإني كنييت نييازل ً‬
‫بالهند وكان لي رئي من الجيين‪ ,‬قييال فبينمييا أنييا ذات ليليية‬
‫نائم إذ جاءني في منامي ذلك‪ ,‬قال قم فييافهم واعقييل إن‬
‫كنت تعقل‪ ,‬قد بعث رسول من لييؤي بيين غييالب ثييم أنشييأ‬
‫يقيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييول‪:‬‬
‫عجبت للجن وتحساسهاوشدها العيس بأحلسهاتهوي إلى‬
‫مكة تبغي الهدىما خير الجن كأنجاسهافانهض إلى الصييفوة‬
‫مييييييين هاشمواسيييييييم بعينييييييييك إليييييييى راسيييييييها‬
‫قال‪ :‬ثم أنبهني فأفزعني وقييال يييا سييواد بيين قييارب‪ ,‬إن‬
‫الله عز وجل بعث نبيا ً فانهض إليه تهتد وترشد‪ ,‬فلما كييان‬
‫مييين الليلييية الثانيييية أتييياني فيييأنبهني ثيييم أنشيييأ يقيييول‪:‬‬
‫عجبييت للجيين وتطلبهاوشييدها العيييس بأقتابهيياتهوي إلييى‬
‫مكة تبغي الهدىليس قداماها كأذنابهافييانهض إلييى الصييفوة‬
‫مييييييين هاشمواسيييييييم بعينييييييييك إليييييييى قابهيييييييا‬
‫فلمييا كييان فييي الليليية الثالثيية أتيياني فييأنبهني ثييم قييال‪:‬‬
‫عجبت للجن وتخبارهاوشييدها العيييس بأكوارهيياتهوي إلييى‬
‫مكيية تبغييي الهييدىليس ذوو الشيير كأخيارهافييانهض إلييى‬
‫الصييييفوة ميييين هاشييييمما مؤمنييييو الجيييين ككفارهييييا‬
‫قال‪ :‬فلما سمعته تكرر ليلة بعد ليلة وقع في قلبي حييب‬
‫السلم من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شيياء‬
‫الله‪ ,‬قال فانطلقت إلى رحلي فشددته على راحلييتي فمييا‬
‫حللت تسعة ول عقدت أخرى حتى أتيت رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم فإذا هو بالمدينة يعني مكة‪ ,‬والناس عليييه‬
‫كعرف الفرس‪ ,‬فلما رآني النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫قال‪» :‬مرحبا ً بك يا سواد بن قارب قد علمنا ما جيياء بييك«‬
‫قال‪ :‬قلت يا رسول الله قد قلت شعرا ً فاسمعه مني قييال‬
‫صيييلى الليييه علييييه وسيييلم‪» :‬قيييل ييييا سيييواد« فقليييت‪:‬‬
‫أتاني رئي بعد ليل وهجعةولم يييك فيميا قيد بليوت بكيياذب‬
‫ثلث ليال قوله كل ليلة‪:‬أتاك رسييول ميين لييؤي بيين غييالب‬

‫‪273‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فشمرت عن ساقي الزار ووسطتبي الدعلب الوجناء بين‬
‫السباسييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييب‬
‫فأشهد أن الله ل رب غيرهوأنييك مييأمون علييى كييل غييائب‬
‫وأنك أدنييى المرسييلين شييفاعةإلى اللييه يييا ابيين الكرمييين‬
‫الطييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييايب‬
‫فمرنا بما يأتيك يييا خييير مرسييلوإن كييان فيمييا جيياء شيييب‬
‫الييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييذوائب‬
‫وكن لي شفيعا ً يوم ل ذو شفاعةسييواك بمغيين عيين سييواد‬
‫بيييييييييييييييييييييييييييييييييين قييييييييييييييييييييييييييييييييييارب‬
‫قال‪ :‬فضحك النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم حييتى بييدت‬
‫نواجذه وقال لي‪» :‬أفلحت يا سواد« فقال عمر رضي الله‬
‫لن ؟ فقال‪ :‬منييذ قييرأت القييرآن لييم‬ ‫عنه‪ :‬هل يأتيك رئيك ا َ‬
‫يأتني ونعم العييوض كتيياب اللييه عييز وجييل ميين الجيين‪ .‬ثييم‬
‫أسنده البهيقي من وجهين آخرين‪ .‬ومما يدل على وفادتهم‬
‫إليييه صييلى اللييه عليييه وسييلم بعييدما هيياجر إلييى المدينيية‬
‫الحييديث الييذي رواه الحييافظ أبييو نعيييم فييي كتيياب دلئل‬
‫النبوة‪ ,‬حييدثنا سييليمان بيين أحمييد حييدثنا محمييد بيين عبييدة‬
‫المصيصي‪ ,‬حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع حدثنا معاوية بيين‬
‫سلم عن زيد بن أسلم أنه سمع أبا سييلم يقييول‪ :‬حييدثني‬
‫من حدثه عمرو بن غيلن الثقفي قال‪ :‬أتيت عبييد الليه بيين‬
‫مسعود رضي الله عنييه فقلييت لييه‪ :‬حييدثت أنييك كنييت مييع‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسييلم ليليية وفييد الجيين‪ .‬قييال‪:‬‬
‫أجل‪ ,‬قلت‪ :‬حدثني كيف كان شأنه! فقال إن أهييل الصييفة‬
‫أخذ كل رجل منهم رجل يعشيه‪ ,‬وتركت فلم يأخذني أحييد‬
‫منهم‪ ,‬فمر بي رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم فقييال‪:‬‬
‫»من هذا ؟« فقلت‪ :‬أنا ابن مسعود‪ ,‬فقال صلى الله عليه‬
‫وسلم‪» :‬ما أخذك أحد يعشيك ؟« فقلييت‪ :‬ل ‪ ,‬قييال صييلى‬
‫اللييه عليييه وسييلم‪» :‬فييانطلق لعلييي أجييد لييك شيييئًا«‪.‬‬
‫قال‪ :‬فانطلقنا حييتى أتييى رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم حجيرة أم سيلمة رضيي الليه عنهييا‪ ,‬فيتركني قائميا ً‬
‫ودخل إلى أهله ثم خرجت الجارية فقالت‪ :‬يا ابن مسعود‪,‬‬
‫إن رسول الله صلى الله عليه وسيلم لييم يجيد ليك عشياء‬

‫‪274‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فارجع إلى مضجعك‪ ,‬قال فرجعت إلييى المسيجد فجمعييت‬
‫حصباء المسجد فتوسييدته والتففييت بثييوبي‪ ,‬فليم ألبييث إل‬
‫قليل ً حييتى جيياءت الجارييية فقييالت‪ :‬أجييب رسييول اللييه‪.‬‬
‫فاتبعتها وأنييا أرجييو العشيياء حييتى إذا بلغييت مقييامي خييرج‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وفييي يييده عسيييب ميين‬
‫نخل فعرض به على صدري فقال صلى الله عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»انطلق أنت معييي حيييث انطلقييت« قلييت‪ :‬مييا شيياء اللييه‬
‫فأعادها علي ثلث مييرات‪ .‬كييل ذلييك أقييول مييا شيياء اللييه‬
‫فانطلق‪ ,‬وانطلقت معه حتى أتينا بقيع الغرقد فخط صييلى‬
‫الله عليه وسلم بعصيياه خط يا ً ثييم قييال‪» :‬اجلييس فيهييا ول‬
‫تبرح حتى آتيك« ثم انطلييق يمشييي وأنييا أنظيير إليييه خلل‬
‫النخل‪ ,‬حتى إذا كان من حيث ل أراه ثارت قبلييه العجاجيية‬
‫السوداء ففرقت فقلت‪ :‬ألحق برسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم فإني أظن أن هوازن مكروا برسول الله صلى اللييه‬
‫عليه وسلم ليقتلوه‪ ,‬فأسعى إلى البيوت فأستغيث الناس‪,‬‬
‫فذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسييلم أوصيياني أن‬
‫ل أبرح مكاني الذي أنا فيييه‪ ,‬فسييمعت رسييول اللييه صييلى‬
‫اللييه عليييه وسييلم يقرعهييم بعصيياه ويقييول‪» :‬اجلسييوا«‬
‫فجلسوا حتى كاد ينشييق عمييود الصييبح ثييم ثيياروا وذهبييوا‪,‬‬
‫فأتاني رسول الله فقال‪» :‬أنمت بعدي ؟« فقلت‪ :‬ل ولقييد‬
‫فزعييت الفزعيية الولييى حييتى رأيييت أن آتييي الييبيوت‪,‬‬
‫فأستغيث النيياس حييتى سييمعتك تقرعهييم بعصيياك‪ ,‬وكنييت‬
‫أظنها هوازن مكروا برسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫ليقتلوه‪ ,‬فقال »لو أنك خرجت من هذه الحلقيية مييا أمنييت‬
‫عليك أن يختطفك بعضهم‪ ,‬فهل رأيت من شيء منهم ؟«‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬رأيت رجال ً سودا ً مستشعرين بثياب بيض‪ ,‬فقييال‬
‫رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬أولئك وفييد جيين‬
‫نصيبين أتوني فسألوني الزاد والمتاع فمتعتهم بكيل عظييم‬
‫حائل أو روثة أو بعرة« قلت‪ :‬فما يغني عنهم ذلييك ؟ قييال‬
‫صلى الله عليه وسييلم »إنهييم ل يجييدون عظميا ً إل وجييدوا‬
‫عليه لحمه الذي كان عليييه يييوم أكييل‪ ,‬ول روثيية إل وجييدوا‬
‫فيها حبها الذي كان فيها يوم أكلت فل يسييتنق أحييد منكييم‬

‫‪275‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بعظم ول بعرة« وهذا إسناد غريب جييدا ً ولكيين فيييه رجييل‬
‫مبهم لم يسم‪ ,‬والله تعييالى أعلييم‪ .‬وقييد روى الحييافظ أبييو‬
‫نعيم من حديث بقية بن الوليد‪ :‬حدثني نمير بن زيد القنبر‪.‬‬
‫حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا قحافة بن ربيعة‪ ,‬حدثني الزبير بن العوام‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬صلى بنا رسول الله صلى اللييه عليييه‬
‫وسلم صلة الصبح في مسجد المدينة فلما انصرف قييال‪:‬‬
‫»أيكم يتبعني إلى وفد الجن الليلة ؟« فأسكت القوم ثلثًا‪,‬‬
‫فمر بي فأخذ بيدي فجعلت أمشي معه حييتى حبسييت عنييا‬
‫جبال المدينة كلهييا‪ ,‬وأفضييينا إلييى أرض بييراز فييإذا برجييال‬
‫طوال كأنهم الرماح مستشعرين بثيابهم من بييين أرجلهييم‪,‬‬
‫فلما رأيتهم غشيتني رعدة شديدة ثم ذكر نحو حديث ابيين‬
‫مسييعود المتقييدم‪ ,‬وهييذا حييديث غريييب‪ ,‬واللييه أعلييم‪.‬‬
‫ومما يتعلق بوفود الجن ما رواه الحافظ أبو نعيم‪ :‬حييدثنا‬
‫أبو محمد بن حبان‪ ,‬حدثنا أبو الطيب أحمد بن روح‪ ,‬حييدثنا‬
‫يعقييوب الييدورقي‪ ,‬حييدثنا الوليييد بيين بكييير الييتيمي‪ ,‬حييدثنا‬
‫حصين بن عمر‪ ,‬أخبرني عبيد المكتييب عيين إبراهيييم قييال‪:‬‬
‫خرج نفر من أصحاب عبد الله يريدون الحج حتى إذا كانوا‬
‫في بعض الطريق إذا هم بحية تنثني على الطريييق أبيييض‪,‬‬
‫ينفح منه ريح المسك فقلت لصحابي‪ :‬امضوا فلست ببارح‬
‫حتى أنظر إلى ما يصير إليييه أميير هييذه الحييية‪ .‬قييال‪ :‬فمييا‬
‫لبثت أن ماتت فعمدت إلى خرقة بيضاء فلففتهييا فيهييا ثييم‬
‫نحيتهييا عيين الطريييق‪ ,‬فييدفنتها وأدركييت أصييحابي فييي‬
‫المتعشى‪ .‬قال‪ :‬فوالله إنا لقعود إذ أقبييل أربييع نسيوة مين‬
‫قبل المغرب فقالت واحدة منهن‪ :‬أيكم دفيين عمييرًا‪ .‬قلنييا‪:‬‬
‫ومن عمرو‪ ,‬قييالت‪ :‬أيكييم دفيين الحييية ؟ قييال فقلييت‪ :‬أنييا‪.‬‬
‫قالت‪ :‬أما والله لقد دفنت صييواما ً قوام يًا‪ ,‬يييأمر بمييا أنييزل‬
‫الله تعالى‪ ,‬ولقد آمن بنبيكم وسمع صفته من السماء قبل‬
‫أن يبعث بأربعمائة عام‪ .‬قال الرجل‪ :‬فحمدنا الله تعالى ثم‬
‫قضينا حجتنا ثم مررت بعمر بن الخطاب رضييي اللييه عنييه‬
‫بالمدينة‪ ,‬فأنبأته بأمر الحية فقال‪ :‬صدقت سمعت رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬لقييد آميين بييي قبييل أن‬
‫أبعث بأربعمائة سنة« وهذا حديث غريب جدًا‪ ,‬والله أعلم‪.‬‬

‫‪276‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال أبو نعييم‪ ,‬وقييد روى الثييوري عيين أبييي إسيحاق عيين‬
‫الشعبي عن رجل من ثقيييف بنحييوه‪ ,‬وروى عبييد اللييه بيين‬
‫أحمد والظهراني عن صفوان بن المعطل‪ :‬هييو الييذي نييزل‬
‫ودفن تلك الحية ميين بيين الصيحابة وأنهيم قيالوا إنيه آخيير‬
‫التسعة موتا ً الذين أتوا رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‬
‫يستمعون القرآن‪ ,‬وروى أبييو نعيييم ميين حييديث الليييث بيين‬
‫سعد عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عيين عمييه‪,‬‬
‫عن معاذ بن عبيد الله بيين معميير قييال‪ :‬كنييت جالسيا ً عنييد‬
‫عثمان بن عفان رضي الله عنه‪ ,‬فجاء رجل فقال‪ :‬يا أمييير‬
‫المؤمنين إني كنت بفلة من الرض‪ ,‬فذكر أنه رأى ثعبانين‬
‫اقتتل ثم قتل أحدهما الخيير‪ ,‬قييال‪ :‬فييذهبت إلييى المعييترك‬
‫فوجدت حييات كيثيرة مقتولية‪ ,‬وإذ ينفيح مين بعضيها رييح‬
‫المسك‪ ,‬فجعلت أشمها واحيدة واحييدة حييتى وجييدت ذليك‬
‫من حية صفراء رقيقة‪ ,‬فلففتها في عمامتي ودفنتها‪ ,‬فبينييا‬
‫أنا أمشي إذ ناداني مناد‪ :‬يييا عبييد اللييه لقييد هييديت‪ ,‬هييذان‬
‫حيان من الجن بنو شعيبان وبنييو قيييس التقييوا فكييان ميين‬
‫القتلى ما رأيت‪ ,‬واستشهد الييذي دفنتييه وكييان ميين الييذين‬
‫سمعوا الوحي من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫فقال عثمان لذلك الرجل إن كنت صادقا ً فقد رأيت عجب يًا‪,‬‬
‫وإن كنت كاذبا ً فعليك كييذبك‪ .‬وقييوله تبييارك وتعييالى‪} :‬وإذ‬
‫صييرفنا إليييك نفييرا ً ميين الجيين{ أي طائفيية ميين الجيين‬
‫}يسييتمعون القييرآن فلمييا حضييروه قييالوا أنصييتوا{ أي‬
‫اسيييييييييييييييتمعوا وهيييييييييييييييذا أدب منهيييييييييييييييم‪.‬‬
‫وقد قال الحافظ البيهقي‪ :‬حدثنا المام أبو الطيب سييهل‬
‫بن محمد بن سليمان‪ ,‬أخبرنا أبو الحسيين محمييد بيين عبييد‬
‫الله الدقاق‪ ,‬حييدثنا محمييد بيين إبراهيييم البوشيينجي‪ ,‬حييدثنا‬
‫هشام بن عمار الدمشييقي‪ ,‬حييدثنا الوليييد بيين مسييلم عيين‬
‫زهير بن محمد عن محمد بن المنكدر عيين جييابر بيين عبييد‬
‫الله رضي الله عنهما قال‪ :‬قرأ رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم سورة الرحمن حتى ختمها ثيم قيال‪ :‬ميا ليي أراكيم‬
‫سكوتا ً ؟ للجن كانوا أحسيين منكييم ردًا‪ ,‬مييا قييرأت عليهييم‬
‫لية من مرة }فبأي آلء ربكما تكذبان{ إل قيالوا‪ :‬ول‬ ‫هذه ا َ‬

‫‪277‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بشيء من آلئك ونعمك ربنييا نكييذب فلييك الحمييد«‪ .‬ورواه‬
‫الترمذي في التفسيير عين أبيي مسيلم عبيد الرحمين بين‬
‫واقد عن الوليد بن مسلم به قال‪ :‬خرج رسول الله صييلى‬
‫الله عليه وسلم على أصحابه‪ ,‬فقرأ عليهم سورة الرحميين‬
‫فذكره ثم قييال الترمييذي‪ :‬غريييب ل نعرفييه إل ميين حييديث‬
‫الوليد عن زهير بن محمد به مثله‪ .‬وقوله عز وجل‪} :‬فلما‬
‫قضييي{ أي فييرغ كقييوله تعييالى‪} :‬فييإذا قضيييت الصييلة{‬
‫}فقضيياهن سييبع سييموات فييي يييومين{ }فييإذا قضيييتم‬
‫مناسككم{ }ولييوا إليى قيومهم منيذرين{ أي رجعييوا إلييى‬
‫قومهم فأنذروهم ما سمعوه ميين رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم كقوله جل وعل‪} :‬ليتفقهوا في الدين ولينذروا‬
‫قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون{ وقد استدل بهييذه‬
‫لية على أنه في الجن نذر وليس فيهم رسل‪ ,‬ول شك أن‬ ‫ا َ‬
‫الجن لم يبعث الله منهم رسول ً لقوله تعالى‪} :‬وما أرسلنا‬
‫قبلك إل رجال ً نوحي إليهييم ميين أهييل القييرى{‪ .‬وقييال عيز‬
‫وجل‪} :‬وما أرسلنا قبلك من المرسييلين إل إنهييم ليييأكلون‬
‫الطعام ويمشون في السواق{‪ .‬وقال عن إبراهيم الخليل‬
‫عليه الصلة والسلم }وجعلنا في ذريته النبييوة والكتيياب{‬
‫فكل نبي بعثه الله تعالى بعد إبراهيم فمن ذريته وسييللته‪.‬‬
‫فأما قوله تبارك وتعالى فييي النعييام‪} :‬يييا معشيير الجيين‬
‫والنييس ألييم يييأتكم رسييل منكييم{ فييالمراد هنييا مجمييوع‬
‫الجنسين فيصدق على أحدهما وهو النس كقوله‪} :‬يخييرج‬
‫منهما اللؤلؤ والمرجان{ أي أحييدهما ثييم إنييه تعييالى فسيير‬
‫إنذار الجن لقومهم فقال مخبرا ً عنهم‪} :‬قالوا يا قومنييا إنييا‬
‫سمعنا كتابا ً أنزل من بعد موسى{ ولم يذكروا عيسى لن‬
‫عيسييى عليييه السييلم أنييزل عليييه النجيييل فيييه مييواعظ‬
‫وترقيقات وقليل من التحليل والتحريم‪ ,‬وهو فييي الحقيقيية‬
‫كالمتمم لشريعة التوراة فالعمدة هو التوراة‪ ,‬فلهييذا قييالوا‬
‫أنزل من بعد موسييى‪ ,‬وهكييذا قييال ورقيية بيين نوفييل حييين‬
‫أخبره النبي صلى اللييه عليييه وسييلم بقصيية نييزول جبريييل‬
‫عليه الصلة والسلم أول مرة فقال‪ :‬بخ بخ! هذا الناموس‬
‫الذي كان يأتي موسى يا ليتني أكون فيه جييذعًا‪} .‬مصييدقا ً‬

‫‪278‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لما بين يديه{ أي في الكتييب المنزليية علييى النبييياء قبلييه‪,‬‬
‫وقوله‪} :‬يهدي إلى الحق{ أي في العتقاد والخبار }وإلى‬
‫طريق مستقيم{ في العمال فيإن القيرآن مشيتمل عليى‬
‫شيئين خبر وطلب‪ ,‬فخبره صييدق وطلبييه عييدل‪ ,‬كمييا قييال‬
‫ل{‪.‬‬ ‫تعيييييالى‪} :‬وتميييييت كلمييييية ربيييييك صيييييدقا ً وعيييييد ً‬
‫وقال سبحانه وتعالى‪} :‬هو الذي أرسييل رسييوله بالهييدى‬
‫ودين الحق{ فالهييدى هييو العلييم النييافع‪ ,‬ودييين الحييق هييو‬
‫العمل الصالح‪ ,‬وهكذا قالت الجن }يهدي إلى الحق{ فييي‬
‫العتقادات }وإلى طريق مستقيم{ أي في العمليييات }يييا‬
‫قومنا أجيبوا داعي الله{ فيه دللة على أنييه تعييالى أرسييل‬
‫محمدا ً صلى الله عليه وسلم إلى الثقلييين الجيين والنييس‪,‬‬
‫حيث دعاهم إلى الله تعالى وقرأ عليهم السورة التي فيها‬
‫خطاب الفريقين وتكليفهم ووعيدهم وهي سورة الرحميين‬
‫ولهذا قال‪} :‬أجيبوا داعي الله وآمنييوا بييه{ وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}يغفر لكم من ذنوبكم{ قيل إن من ههنا زائدة وفيه نظر‬
‫لن زيادتها في الثبات قليل‪ ,‬وقيل إنها على بابها للتبعيض‬
‫}ويجركم من عذاب أليم{ أي ويقيكم ميين عييذابه الليييم‪,‬‬
‫لية من ذهب من العلماء إلى أن الجيين‬ ‫وقد استدل بهذه ا َ‬
‫المؤمنين ل يدخلون الجنة‪ ,‬وإنما جزاء صالحيهم أن يجاروا‬
‫من عذاب النييار يييوم القياميية‪ ,‬ولهييذا قييالوا هييذا فييي هييذا‬
‫المقام وهو مقام تبجح ومبالغة‪ ,‬فلو كان لهييم جييزاء علييى‬
‫اليمان أعلى من هذا لوشك أن يييذكروه‪ .‬وقييال ابيين أبييي‬
‫حاتم‪ :‬حييدثنا أبيي قيال‪ :‬حيدثت عيين جرييير عيين ليييث عين‬
‫مجاهد عن ابيين عبيياس رضييي اللييه عنهمييا قييال‪ :‬ل يييدخل‬
‫مؤمنو الجن الجنة لنهم من ذرية إبليييس‪ ,‬ول تييدخل ذرييية‬
‫إبليس الجنة‪ ,‬والحق أن مؤمنيهم كمؤمني النس يييدخلون‬
‫الجنة كما هييو مييذهب جماعيية ميين السييلف‪ ,‬وقييد اسييتدل‬
‫بعضهم لهذا بقوله عز وجل‪} :‬لم يطمثهن إنس قبلهييم ول‬
‫جان{ وفي هذا الستدلل نظيير‪ ,‬وأحسيين منييه قييوله جييل‬
‫وعل‪} :‬ولمين خياف مقيام ربيه جنتيان * فبيأي آلء ربكميا‬
‫تكذبان{ فقد امتن تعييالى علييى الثقلييين بييأن جعييل جييزاء‬
‫لييية بالشييكر‬ ‫محسيينهم الجنيية‪ ,‬وقييد قييابلت الجيين هييذه ا َ‬

‫‪279‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫القولي أبلغ من النس فقييالوا‪ :‬ول بشيييء ميين آلئك ربنييا‬
‫نكذب فلك الحمد‪ ,‬فلم يكن تعييالى ليمتيين عليهييم جييزاء ل‬
‫يحصل لهم‪ ,‬وأيضا ً فإنه إذا كان يجازي كافرهم بالنار وهييو‬
‫مقام عدل فلن يجازي مؤمنهم بالجنيية وهييو مقييام فضييل‬
‫بطريق الولى والحرى‪ .‬ومما يدل أيض يا ً علييى ذلييك قييوله‬
‫تعييالى‪} :‬إن الييذين آمنييوا وعملييوا الصييالحات كييانت لهييم‬
‫ليييات‪.‬‬‫ل{ ومييا أشييبه ذلييك ميين ا َ‬‫جنييات الفييردوس نييز ً‬
‫وقد أفردت هذه المسألة في جزء على حدة ولله الحمد‬
‫والمنة‪ ,‬وهذه الجنة ل يزال فيها فضل ينشىء اللييه تعييالى‬
‫لها خلقا ً أفل يسكنها من آمن به وعمل صالحًا‪ ,‬وما ذكروه‬
‫ههنا من الجزاء على اليمان من تكفييير الييذنوب والجييارة‬
‫من العذاب الليم هو يستلزم دخول الجنة‪ ,‬لنه ليييس فييي‬
‫لخرة إل الجنة والنار‪ ,‬فمن أجير من النييار دخييل الجنيية ل‬ ‫ا َ‬
‫محالة‪ ,‬ولم يرد معنا نص صريح ول ظاهر عيين الشييرع أن‬
‫مؤمني الجن ل يدخلون الجنة‪ ,‬وإن أجيروا ميين النييار‪ ,‬ولييو‬
‫صح لقلنا به‪ ,‬والله أعلم‪ .‬وهذا نوح عليييه الصييلة والسييلم‬
‫يقول لقومه‪} :‬يغفر لكم من ذنوبكم ويييؤخركم إلييى أجييل‬
‫مسييمى{ ول خلف أن مييؤمني قييومه فييي الجنيية فكييذلك‬
‫هؤلء‪ .‬وقد حكي فيهم أقوال غريبيية‪ .‬فعيين عميير بيين عبييد‬
‫العزيز رضي الله عنه أنهم ل يدخلون بحبوحة الجنة‪ ,‬وإنما‬
‫يكونون في ربضها وحولها وفي أرجائها‪ ,‬وميين النيياس ميين‬
‫زعييم أنهييم فييي الجنيية يراهييم بنييو آدم ول يييرون بنييي آدم‬
‫بعكس ما كانوا عليه في الدار الدنيا‪ .‬ومن الناس من قال‪:‬‬
‫ل يأكلون فيي الجنيية ول يشيربون وإنميا يلهمييون التسييبيح‬
‫والتحميد والتقديس عوضا ً عن الطعام والشراب كالملئكة‬
‫لنهم من جنسهم‪ ,‬وكل هيذه القيوال فيهيا نظير ول دلييل‬
‫عليها‪ ,‬ثييم قييال مخييبرا ً عنهييم }وميين ل يجييب داعييي اللييه‬
‫فليس بمعجز فييي الرض{ أي بييل قييدرة اللييه شيياملة لييه‬
‫ومحيطة به }وليس من دونييه أولييياء{ أي ل يجيرهييم منييه‬
‫أحد }أولئك في ضلل مبين{ وهييذا مقييام تهديييد وترهيييب‬
‫فدعوا قومهم بالترغيب والييترهيب‪ ,‬ولهييذا نجييع فييي كييثير‬

‫‪280‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫منهم وجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفييودا ً‬
‫كميييا تقيييدم بييييانه‪ ,‬ولليييه الحميييد والمنييية والليييه أعليييم‪.‬‬

‫** أ َول َم يروا ْ أ َ‬


‫م‬ ‫ض وَل َي ْ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫وال‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫ِ‬ ‫وا‬‫َ‬ ‫ما‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫س‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ق‬‫ي‬ ‫خل َ‬‫َ‬ ‫ذي‬ ‫ِ‬ ‫ي‬‫ه ال ّ‬ ‫َ‬ ‫ن الل ّ‬‫ّ‬ ‫َ ْ ََ ْ‬
‫م يوْت َى ب َل َيى إ ِن ّي ُ َ‬ ‫َ‬
‫ى‬ ‫ه عَل ي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫حِيي َ‬ ‫ى أن ي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ن ب َِقادِرٍ عَل َ‬ ‫خل ِْقهِ ّ‬‫ي بِ َ‬ ‫ي َعْ َ‬
‫ْ َ‬ ‫ض ال ّي ِ‬
‫ى الن ّيياِر‬ ‫ن ك ََفيُروا عَلي َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ي ُعْيَر ُ‬ ‫ديٌر * وَي َيوْ َ‬ ‫يٍء قَ ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫كُ ّ‬
‫َ‬
‫مييا‬ ‫ب بِ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ذوُقوا ْ ال ْعَي َ‬ ‫ل فَ ُ‬ ‫ى وََرب َّنا َقا َ‬ ‫َ‬
‫حقّ َقاُلوا ْ ب َل َ‬ ‫ذا ِبال ْ َ‬‫هـ َ‬ ‫س َ‬ ‫أل َي ْ َ‬
‫ُ‬
‫ل‬ ‫سيي ِ‬‫ن الّر ُ‬ ‫ميي َ‬ ‫صب ََر أوُْلوا ْ ال ْعَْزم ِ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫صب ِْر ك َ َ‬ ‫ن * َفا َ ْ‬ ‫م ت َك ُْفُرو َ‬ ‫كنت ُ ْ‬‫ُ‬
‫م ي َل ْب َُثييوَا ْ إ ِل ّ‬‫ن لَ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ُيوعَ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ي ََروْ َ‬ ‫م ي َوْ َ‬ ‫م ك َأن ّهُ ْ‬‫جل ل ّهُ ْ‬ ‫ست َعْ ِ‬ ‫وَل َ ت َ ْ‬
‫ن‬
‫سييُقو َ‬ ‫م ال َْفا ِ‬ ‫ك إ ِل ّ ال َْقييوْ ُ‬ ‫ل ي ُهَْليي ُ‬ ‫ميين ن َّهييارٍ ب َل َغٌ فََهيي ْ‬ ‫ة ّ‬ ‫سيياعَ ً‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى‪ :‬أولم ير هؤلء المنكرون للبعث يوم القياميية‬
‫المستبعدون لقيييام الجسيياد يييوم المعيياد }أن اللييه الييذي‬
‫خلق السموات والرض ولم يعي بخلقهن{ أي ولم يكرثييه‬
‫خلقهم بل قال لها كوني فكانت بل ممانعة ول مخالفة بييل‬
‫طائعيية مجيبيية وجلية‪ ,‬أفليييس ذليك بقييادر علييى أن يحيييي‬
‫لييية الخييرى‪} :‬لخلييق‬ ‫الموتى ؟ كما قييال عييز وجييل فييي ا َ‬
‫السموات والرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر النيياس‬
‫ل يعلمون{ ولهذا قال تعالى‪} :‬بلييى إنييه علييى كييل شيييء‬
‫قدير{‪ .‬ثم قال جيل جلليه مهيددا ً ومتوعيدا ً لمين كفير بيه‬
‫}ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليييس هييذا بييالحق{‬
‫أي يقال لهم أما هذا حق أفسحر هذا أم أنتم ل تبصرون ؟‬
‫}قييالوا بلييى وربنييا{ أي ل يسييعهم إل العييتراف }وقييال‬
‫فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون{ ثم قييال تبييارك وتعييالى‬
‫آمرا ً رسوله صلى الله عليه وسلم بالصبر على تكذيب من‬
‫كذبه من قومه‪} :‬فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل{‬
‫أي على تكذيب قومهم لهم‪ .‬وقد اختلفوا في تعييداد أولييي‬
‫العزم على أقوال وأشهرها أنهييم نييوح وإبراهيييم وموسييى‬
‫وعيسى وخاتم النبياء محمد صلى اللييه عليييه وسييلم‪ ,‬قييد‬
‫نص الله تعالى على أسمائهم ميين بييين النبييياء فييي آيييتين‬
‫ميين سييورتي الحييزاب والشييورى‪ ,‬وقييد يحتمييل أن يكييون‬

‫‪281‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المراد بأولي العزم جميع الرسل فتكون }من{ فيي قيوله‬
‫مييييين الرسيييييل لبييييييان الجنيييييس‪ ,‬والليييييه أعليييييم‪.‬‬
‫وقييد قييال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا محمييد بيين الحجيياج‬
‫الحضرمي‪ ,‬حدثنا السري بن حيان‪ ,‬حييدثنا عبيياد بيين عبيياد‪,‬‬
‫حدثنا مجالد بيين سييعيد عيين الشييعبي عيين مسييروق قييال‪:‬‬
‫قالت عائشة رضي الله عنها‪ :‬ظل رسول الليه صيلى الليه‬
‫عليه وسلم صائما ً ثم طواه ثم ظييل صييائما ً ثييم طييواه ثييم‬
‫ظل صائما ً ثم قال‪» :‬يا عائشة إن الييدنيا ل تنبغييي لمحمييد‬
‫لل محمد‪ ,‬يا عائشة إن الله تعالى لم يرض من أولييي‬ ‫ول َ‬
‫العزم من الرسل إل بالصبر على مكروههييا والصييبر علييى‬
‫محبوبها‪ ,‬ثم لم يرض مني إل أن يكلفني ما كلفهييم فقييال‪:‬‬
‫}فاصبر كما صبر أولييو العييزم ميين الرسييل{ وإنييي واللييه‬
‫لصبرن كما صبروا جهدي ول قوة إل بييالله }ول تسييتعجل‬
‫لهم{ أي ل تستعجل لهم حلول العقوبة بهم كقييوله تبييارك‬
‫وتعالى‪} :‬فذرني والمكيذبين أوليي النعمية ومهلهيم قلي ً‬
‫ل{‬
‫وكقوله تعالى‪} :‬فمهل الكافرين أمهلهييم رويييدًا{ }كييأنهم‬
‫يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إل ساعة من نهار{ كقييوله‬
‫جييل وعل‪} :‬كييأنهم يييوم يرونهييا لييم يلبثييوا إل عشييية أو‬
‫ضحاها{ وكقوله عز وجل‪} :‬ويوم يحشرهم كأن لم يلبثييوا‬
‫ليية‪ .‬وقيوله جيل‬ ‫إل ساعة مين النهيار يتعيارفون بينهيم{ ا َ‬
‫وعل‪} :‬بلغ{‪ .‬قال ابن جرييير يحتمييل معنيييين‪ :‬أحييدهما أن‬
‫لخر أن يكون تقديره هذا‬ ‫يكون تقديره‪ ,‬وذلك لبث بلغ‪ ,‬وا َ‬
‫القيييرآن بلغ‪ .‬وقيييوله تعيييالى‪} :‬فهيييل يهليييك إل القيييوم‬
‫الفاسقون{ أي ل يهلك على الله إل هالك‪ ,‬وهذا من عيدله‬
‫عز وجل أنه ل يعذب إل من يستحق العذاب‪ ,‬والله أعلم‪.‬‬

‫سورة محمد‬
‫حي َيييييييييييم ِ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫حمـييييييييييي َِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬ ‫بِ ْ‬
‫م*‬ ‫مييال َهُ ْ‬ ‫ل أعْ َ‬ ‫ضي ّ‬ ‫ل الل ّيهِ أ َ‬ ‫سيِبي ِ‬‫دوا ْ عَيين َ‬ ‫ص ّ‬‫ن ك ََفُروا ْ وَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫** ال ّ ِ‬
‫مدٍ‬‫ح ّ‬ ‫م َ‬
‫ى ُ‬ ‫ما ن ُّز َ َ‬ ‫مُنوا ْ ب ِ َ‬ ‫مُلوا ْ ال ّ‬ ‫مُنوا ْ وَعَ ِ‬ ‫َوال ّ ِ‬
‫ل عَل َ‬ ‫َ‬
‫ت َوآ َ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬
‫م*‬ ‫ح ب َييال َهُ ْ‬‫ص يل َ َ‬‫م وَأ ْ‬ ‫سيي َّئات ِهِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫م ك َّف يَر عَن ْهُ ي ْ‬ ‫من ّرب ّهِ ْ‬ ‫حقّ ِ‬ ‫وَهُوَ ال ْ َ‬

‫‪282‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مُنوا ْ ات ّب َُعوا ْ‬ ‫ّ‬ ‫ل وأ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ك بأ َ‬
‫نآ َ‬‫َ‬ ‫ذي‬
‫ِ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ط‬‫با‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫عو‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ب‬‫ّ‬ ‫ت‬‫ا‬ ‫ا‬ ‫رو‬
‫ُ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ك‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ذي‬
‫ِ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫ذ َل ِ َ ِ‬
‫َ‬
‫مَثييال َهُ ْ‬
‫م‬ ‫سأ ْ‬ ‫ه ِللّنييا ِ‬‫ب الّليي ُ‬‫ضييرِ ُ‬ ‫ك يَ ْ‬ ‫كييذ َل ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ميين ّرب ِّهيي ْ‬ ‫حييقّ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫يقول تعالى‪} :‬الذين كفروا{ أي بآيييات اللييه }وصييدوا{‬
‫غيرهم }عن سبيل الله أضل أعمالهم{ أي أبطلها وأذهبها‬
‫ولم يجعل لها ثوابا ً ول جزاء كقوله تعالى‪} :‬وقدمنا إلى ما‬
‫عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورًا{ ثييم قييال جييل وعل‪:‬‬
‫}والييذين آمنييوا وعملييوا الصييالحات{ أي آمنييت قلييوبهم‬
‫وسييرائرهم وانقييادت لشييرع اللييه جييوارحهم وبييواطنهم‬
‫وظواهرهم }وآمنوا بما نييزل علييى محمييد{ عطييف خياص‬
‫على عام وهو دليل على أنه شرط في صحة اليمييان بعييد‬
‫بعثته صلى الله عليه وسلم‪ .‬وقوله تبييارك وتعييالى‪} :‬وهييو‬
‫الحق من ربهم{ جمليية معترضيية حسيينة ولهييذا قييال جييل‬
‫جلله‪} :‬كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم{ قال ابن عبيياس‬
‫رضي الله عنهما‪ :‬أي أمرهم‪ .‬وقال مجاهد‪ :‬شييأنهم‪ .‬وقييال‬
‫قتادة وابن زيد‪ :‬حالهم والكل متقارب‪ .‬وقد جاء في حديث‬
‫تشميت العاطس »يهديكم الله ويصلح بالكم« ثم قال عييز‬
‫وجل‪} :‬ذلييك بييأن الييذين كفييروا اتبعييوا الباطييل{ أي إنمييا‬
‫أبطلنا أعمال الكفار‪ .‬وتجاوزنا عن سيئات البرار‪ ,‬وأصلحنا‬
‫شؤونهم لن الذين كفروا اتبعوا الباطل أي اختاروا الباطل‬
‫على الحق }وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهييم كييذلك‬
‫يضرب الله للناس أمثالهم{ أي يييبين لهييم مييآل أعمييالهم‪,‬‬
‫وما يصيرون إليه في معادهم‪ ,‬والله سبحانه وتعالى أعلم‪.‬‬

‫ذآ‬ ‫ى إِ َ‬ ‫حّتيي َ‬ ‫ب َ‬ ‫ب الّرَقييا ِ‬ ‫ضييْر َ‬ ‫ن ك ََفييُروا ْ فَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م اّليي ِ‬ ‫ذا ل َِقيُتيي ُ‬ ‫** َفييإ ِ َ‬
‫ع‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أَ‬
‫ض َ‬ ‫ى تَ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ء‬ ‫دآ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ما‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫نا‬
‫ّ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ما‬‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ثا‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ا‬ ‫دو‬
‫ّ‬ ‫ش‬ ‫ف‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫مو‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫خن‬ ‫َ‬ ‫ث‬
‫كن‬ ‫َ‬
‫م وَلـ ي ِ‬ ‫من ْهُ ي ْ‬ ‫ص يَر ِ‬ ‫ه لن ْت َ َ‬‫َ‬ ‫ّ‬
‫شييآُء الل ي ُ‬ ‫ك وَل َوْ ي َ َ‬ ‫ها ذ َل ِ َ‬ ‫ب أ َوَْزاَر َ‬ ‫حْر ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ل‬ ‫ضي ّ‬ ‫ل الل ّهِ فََلن ي ُ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ن قُت ُِلوا ْ ِفي َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ض َوال ّ ِ‬ ‫م ب ِب َعْ ٍ‬ ‫ضك ُ ْ‬ ‫ل ّي َب ْل ُوَ ب َعْ َ‬
‫َ‬
‫ة‬‫جّنيي َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫خل ُهُ ُ‬ ‫م * وَُيييد ْ ِ‬ ‫ح َبييال َهُ ْ‬ ‫صييل ِ ُ‬ ‫م وَي ُ ْ‬ ‫ديهِ ْ‬ ‫سييي َهْ ِ‬ ‫م* َ‬ ‫مييال َهُ ْ‬ ‫أعْ َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫صيْرك ُ ْ‬ ‫ه َين ُ‬ ‫صيُروا ْ الل ّي َ‬ ‫من ُيوَا ْ ِإن َتن ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م * ي َأي َّها ال ّي ِ‬ ‫عَّرفََها ل َهُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ضيي ّ‬ ‫م وَأ َ‬ ‫ن ك ََفييُروا ْ فَت َْعسييا ً ل ُّهيي ْ‬ ‫َ‬ ‫ذي‬ ‫م * َواّليي ِ‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫دا َ‬ ‫ت أْقيي َ‬ ‫وَي ُث َّبيي ْ‬
‫ل الل ّه فَأ َحب َ َ‬ ‫مآ َأنَز َ‬ ‫أ َعمال َهم * ذ َل َ َ‬
‫م‬ ‫مييال َهُ ْ‬ ‫ط أعْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫هوا ْ َ‬ ‫م ك َرِ ُ‬ ‫ك ب ِأن ّهُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ َ ُ ْ‬

‫‪283‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول تعييالى مرشييدا ً للمييؤمنين إلييى مييا يعتمييدونه فييي‬
‫حروبهم مع المشركين }فإذا لقيتم الييذين كفييروا فضييرب‬
‫الرقاب{ أي إذا واجهتموهم فاحصدوهم حصييدا ً بالسيييوف‬
‫}حيييتى إذا أثخنتميييوهم{ أي أهلكتميييوهم قتل ً }فشيييدوا‬
‫الوثاق{ السارى الذين تأسييرونهم‪ ,‬ثييم أنتييم بعييد انقضيياء‬
‫الحرب وانفصال المعركة مخيرون فييي أمرهييم‪ ,‬إن شييئتم‬
‫مننتيييم عليهيييم فيييأطلقتم أسييياراهم مجانيييًا‪ ,‬وإن شيييئتم‬
‫فيياديتموهم بمييال تأخييذونه منهييم وتشييارطونهم عليييه‪,‬‬
‫لييية نزلييت بعييد وقعيية بييدر‪ ,‬فييإن اللييه‬ ‫والظيياهر أن هييذه ا َ‬
‫سييبحانه وتعييالى عيياتب المييؤمنين علييى السييتكثار ميين‬
‫السارى يومئذ‪ ,‬ليأخذوا منهم الفييداء والتقليييل ميين القتييل‬
‫يومئذ فقال‪} :‬ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخيين‬
‫لخييرة واللييه‬‫في الرض تريدون عرض الدنيا واللييه يريييد ا َ‬
‫عزيز حكيم * لول كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم‬
‫عذاب عظيم{ ثم قد ادعييى بعييض العلميياء أن هييذه ا َ‬
‫لييية‬
‫المخيرة بين مفاداة السيير والمين علييه منسيوخة بقيوله‬
‫تعييالى‪} :‬فييإذا انسييلخ الشييهر الحييرم فيياقتلوا المشييركين‬
‫لييية‪ ,‬رواه العييوفي عيين ابيين عبيياس‬ ‫حيييث وجييدتموهم{ ا َ‬
‫رضي الله عنهما‪ .‬وقيياله قتييادة والضييحاك والسييدي وابيين‬
‫لخرون وهم الكثرون‪ :‬ليست بمنسييوخة‪ ,‬ثييم‬ ‫جريج وقال ا َ‬
‫قال بعضييهم‪ :‬إنمييا المييام مخييير بييين الميين علييى السييير‬
‫ومفاداته فقط‪ ,‬ول يجوز له قتله‪ .‬وقال آخرون منهييم‪ :‬بييل‬
‫له أن يقتله إن شاء لحييديث قتييل النييبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط من أسييارى‬
‫بدر‪ .‬وقال ثمامة بيين أثييال لرسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم حين قال له‪» :‬ما عندك يا ثمامة ؟« فقال إن تقتييل‬
‫تقتل ذا دم‪ ,‬وإن تمنن تمنين عليى شياكر‪ ,‬وإن كنيت ترييد‬
‫المال فاسأل تعط منه ما شئت‪ .‬وزاد الشافعي رحمة الله‬
‫عليه فقال‪ :‬المام مخير بين قتله أو المن عليه أو مفيياداته‬
‫أو استرقاقه أيضًا‪ ,‬وهذه المسألة محررة في علم الفييروع‬
‫وقد دللنا على ذلك في كتابنا الحكام ولله سبحانه وتعالى‬
‫الحمييييييييييييييييييييييييييييييد والمنيييييييييييييييييييييييييييييية‪.‬‬

‫‪284‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقييوله عييز وجييل‪} :‬حييتى تضييع الحييرب أوزارهييا{ قييال‬
‫مجاهد‪ :‬حتى ينزل عيسى بن مريم عليه الصلة والسييلم‪,‬‬
‫وكأنه أخذه ميين قييوله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬ل تييزال‬
‫طائفة من أمتي ظاهرين على الحييق حييتى يقاتييل آخرهييم‬
‫الدجال«‪ .‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا الحكم بن نييافع‪ ,‬حييدثنا‬
‫إسماعيل بن عياش عن إبراهيم بن سييليمان‪ ,‬عيين الوليييد‬
‫بن عبييد الرحميين الجرشييي عيين جييبير بيين نفييير قييال‪ :‬إن‬
‫سلمة بن نفيل أخبرهم أنه أتى رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم فقال إني سيييبت الخيييل وألقيييت السييلح ووضييعت‬
‫الحرب أوزارها وقلت‪ :‬ل قتال‪ ,‬فقال له النييبي صييلى اللييه‬
‫لن جاء القتييال ل تييزال طائفيية ميين أمييتي‬ ‫عليه وسلم‪» :‬ا َ‬
‫ظيياهرين علييى النيياس يزيييغ اللييه تعييالى قلييوب أقييوام‪,‬‬
‫فيقاتلونهم ويرزقهم الله منهم حييتى يييأتي أميير اللييه وهييم‬
‫على ذلك‪ ,‬أل إن عقد دار المؤمنين بالشام والخيل معقييود‬
‫في نواصيها الخير إلى يوم القيامة« وهكييذا رواه النسييائي‬
‫ميين طريقييين عيين جييبير بيين نفييير عيين سييلمة بيين نفيييل‬
‫السيييييييييييييييييييييييييييييييكوني بيييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫وقال أبو القاسم البغييوي‪ :‬حييدثنا داود بيين رشيييد‪ ,‬حييدثنا‬
‫الوليد بن مسلم عن محمد بن مهاجر‪ ,‬عن الوليد بيين عبييد‬
‫الرحميين الجرشييي عيين جييبير بيين نفييير عيين النييواس بيين‬
‫سمعان رضي الله عنه قييال‪ :‬لمييا فتييح علييى رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسييلم فتييح قييالوا يييا رسييول اللييه سيييبت‬
‫الخيل ووضعت السلح ووضييعت الحييرب أوزارهييا قييالوا ل‬
‫لن جيياء القتييال‪ ,‬ول يييزال اللييه تعييالى‬ ‫قتال قال‪» :‬كذبوا ا َ‬
‫يرفع قلوب قوم يقاتلونهم فيرزقهم منهم حييتى يييأتي أميير‬
‫الله‪ ,‬وهم على ذلك وعقر دار المسلمين بالشام«‪ .‬وهكييذا‬
‫رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي عيين داود بيين رشيييد بييه‪,‬‬
‫والمحفوظ أنه من رواية سلمة بن نفيل كمييا تقييدم‪ ,‬وهييذا‬
‫يقوي القول بعدم النسخ كأنه شرع هذا الحكم في الحرب‬
‫إلى أن ل يبقى حييرب‪ .‬وقييال قتييادة }حييتى تضييع الحييرب‬
‫أوزارهييا{ حييتى ل يبقييى شييرك‪ ,‬وهييذا كقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين لله{‪ .‬ثييم قييال‬

‫‪285‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بعضيهم‪ :‬حيتى تضيع الحيرب أوزارهيا أي أوزار المحياربين‬
‫وهم المشركون بأن يتوبوا إلى الله عز وجل‪ ,‬وقيييل أوزار‬
‫أهلها بأن يبذلوا الوسع في طاعة اللييه تعييالى‪ .‬وقييوله عييز‬
‫وجل‪} :‬ذلك ولو يشيياء اللييه ل نتصيير منهييم{ أي هييذا ولييو‬
‫شاء الله ل نتقم ميين الكييافرين بعقوبيية ونكييال ميين عنييده‬
‫}ولكن ليبلو بعضكم ببعض{ أي ولكن شييرع لكييم الجهيياد‬
‫وقتال العداء ليختبركم‪ ,‬ويبلييو أخبيياركم كمييا ذكيير حكمتييه‬
‫في شرعية الجهيياد فييي سييورتي آل عمييران وبييراءة فييي‬
‫قوله تعالى‪} :‬أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولمييا يعلييم اللييه‬
‫الييييييذين جاهييييييدوا منكييييييم ويعلييييييم الصييييييابرين{‪.‬‬
‫وقال تبارك وتعالى في سورة براءة‪} :‬قيياتلوهم يعييذبهم‬
‫الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صييدور قييوم‬
‫مؤمنين * ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشيياء‬
‫والله عليم حكيم{ ثم لما كان ميين شيأن القتييال أن يقتييل‬
‫كثير من المؤمنين قال‪} :‬والذين قتلوا في سبيل الله فلن‬
‫يضل أعمالهم{ أي لن يذهبها بل يكثرها وينميها ويضاعفها‬
‫‪ .‬ومنهم من يجري عليه عمله طول برزخه‪ ,‬كما ورد بذلك‬
‫الحديث الذي رواه المام أحمييد فييي مسيينده حيييث قييال‪:‬‬
‫حدثنا زيد بن يحيى الدمشقي‪ ,‬حدثنا ابيين ثوبييان عيين أبيييه‬
‫عن مكحول عن كثير بن مرة عن قيس الجييذامي يي رجييل‬
‫كانت له صحبة ي قال‪ :‬قييال رسييول الليه صيلى الليه عليييه‬
‫وسلم »يعطى الشهيد ست خصال‪ :‬عنييد أول قطييرة ميين‬
‫دمه تكفر عنه كل خطيئة‪ ,‬ويرى مقعده من الجنة‪ ,‬ويييزوج‬
‫من الحور العين‪ ,‬ويييأمن ميين الفييزع الكييبر‪ ,‬وميين عييذاب‬
‫القبر‪ ,‬ويحلى حليية اليمييان« تفييرد بييه أحمييد رحمييه اللييه‪.‬‬
‫)حديث آخر( قييال أحمييد أيضيًا‪ :‬حييدثنا الحكييم بيين نييافع‪,‬‬
‫حدثني إسماعيل بن عياش عن بحير بن سييعيد عيين خالييد‬
‫بن معدان عن المقدام بن معد يكرب الكنييدي رضييي اللييه‬
‫عنه قال‪ :‬قال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬إن‬
‫للشهيد عند الله ست خصال‪ :‬أن يغفر لييه فييي أول دفقيية‬
‫من دمه‪ ,‬ويرى مقعييده ميين الجنيية‪ ,‬ويحلييى حليية اليمييان‪,‬‬
‫ويزوج الحور العين ويجييار ميين عييذاب القييبر‪ ,‬ويييأمن ميين‬

‫‪286‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الفزع الكبر‪ ,‬ويوضع على رأسه تيياج الوقييار مرصييع بالييدر‬
‫والياقوت‪ ,‬الياقوتة منييه خييير ميين الييدنيا ومييا فيهييا ويييزوج‬
‫اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين‪ ,‬ويشفع في سييبعين‬
‫إنسانا ً من أقاربه«‪ .‬وقييد أخرجييه الترمييذي وصييححه وابيين‬
‫ماجة‪ .‬وفي صحيح مسلم عن عبييد اللييه بيين عمييرو رضييي‬
‫الله عنهما عن أبي قتادة رضي اللييه عنييه أن رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬يغفيير للشييهيد كييل شيييء إل‬
‫دين« وروي من حديث جماعة من الصييحابة رضييي اللييه‬ ‫ال ّ‬
‫عنهم‪ ,‬وقال أبو الدرداء رضي الله عنه‪ :‬قييال رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسيلم‪» :‬يشيفع الشيهيد فيي سيبعين مين‬
‫أهل بيتييه« ورواه أبييو داود والحيياديث فييي فضييل الشييهيد‬
‫كيييييييييييييييييييييييييييييييييثيرة جيييييييييييييييييييييييييييييييييدًا‪.‬‬
‫وقوله تبارك وتعالى‪} :‬سيهديهم{ أي إلييى الجنيية كقييوله‬
‫تعالى‪} :‬إن الذين آمنوا وعملييوا الصييالحات يهييديهم ربهييم‬
‫بإيمانهم تجري من تحتهم النهار في جنات النعيم{‪ .‬وقوله‬
‫عز وجل }ويصيلح بييالهم{ أي أمرهييم وحييالهم }ويييدخلهم‬
‫الجنيية عرفهييا لهييم{ أي عرفهييم بهييا وهييداهم إليهييا‪ .‬قييال‬
‫مجاهد‪ :‬يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومسيياكنهم‪ ,‬وحيييث قسييم‬
‫اللييه لهييم منهييا ل يخطئون كييأنهم سيياكنوها منييذ خلقييوا ل‬
‫يستدلون عليها أحدًا‪ ,‬وروى مالك عن ابيين زيييد بيين أسييلم‬
‫نحو هذا‪ ,‬وقال محمد بن كعب‪ :‬يعرفون بيييوتهم إذا دخلييوا‬
‫الجنة كما تعرفون بيوتكم إذا انصرفتم من الجمعيية‪ .‬وقييال‬
‫مقاتل بن حيان‪ :‬بلغنييا أن الملييك الييذي كييان وكييل بحفييظ‬
‫عمله في الدنيا يمشي بين يديه في الجنة ويتبعه ابيين آدم‬
‫حتى يأتي أقصى منزل هو لييه فيعرفييه كييل شيييء أعطيياه‬
‫الله تعالى في الجنة‪ ,‬فيإذا انتهيى إليى أقصيى منزلييه فيي‬
‫الجنة دخل إلى منزله وأزواجه وانصرف الملك عنه‪ ,‬ذكره‬
‫ابن أبي حاتم رحمه الله‪ .‬وقد ورد الحديث الصييحيح بييذلك‬
‫أيضا ً رواه البخيياري ميين حييديث قتييادة عيين أبييي المتوكييل‬
‫الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي اللييه عنييه أن رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬إذا خلص المؤمنون ميين‬
‫النار حبسوا بقنطرة بييين الجنيية والنييار‪ ,‬يتقاضييون مظييالم‬

‫‪287‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كانت بينهم في الدنيا‪ ,‬حتى إذا هذبوا ونقييوا أذن لهييم فييي‬
‫دخول الجنة‪ ,‬والييذي نفسييي بيييده إن أحييدهم بمنزلييه فييي‬
‫الجنييية أهيييدى منيييه بمنزليييه اليييذي كيييان فيييي اليييدنيا‪.‬‬
‫ثييم قييال تعييالى‪} :‬يييا أيهييا الييذين آمنييوا إن تنصييروا اللييه‬
‫ينصركم ويثبت أقدامكم{ كقوله عز وجل‪} :‬ولينصرن الله‬
‫من ينصييره{ فييإن الجييزاء ميين جنييس العمييل ولهييذا قييال‬
‫تعالى‪} :‬ويثبت أقدامكم{ كما جاء في الحييديث »ميين بلييغ‬
‫ذا سلطان حاجة من ل يستطيع إبلغهييا‪ ,‬ثبييت اللييه تعييالى‬
‫قدميه على الصراط يوم القيامة« ثم قال تبييارك وتعييالى‪:‬‬
‫}والييذين كفييروا فتعسييا ً لهييم{ عكييس تثييبيت القييدام‬
‫للمؤمنين الناصرين للييه تعييالى ورسييوله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪ ,‬وقد ثبت الحديث عن رسول الله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم أنه قال‪» :‬تعييس عبييد الييدينار‪ ,‬تعييس عبييد الييدرهم‪,‬‬
‫تعس عبد القطيفة‪ ,‬تعس وانتكس وإذا شيك فل انتقش!«‬
‫أي فل شييفاه اللييه عييز وجييل‪ .‬وقييوله سييبحانه وتعييالى‪:‬‬
‫}وأضل أعمالهم{ أي أحبطها وأبطلها‪ ,‬ولهذا قييال‪} :‬ذلييك‬
‫بييأنهم كرهييوا مييا أنييزل اللييه{ أي ل يريييدونه ول يحبييونه‬
‫}فيييييييييييييييييييييييييييأحبط أعميييييييييييييييييييييييييييالهم{‪.‬‬

‫ة‬‫عاقِب َي ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ف ك َييا َ‬ ‫ض فََينظ ُيُروا ْ ك َي ْي َ‬ ‫ر‬


‫ْ‬ ‫ال‬ ‫يي‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫سيييُروا ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ي‬ ‫** أ َفَل َ‬
‫كافرين أ َ‬ ‫ِ‬
‫ك‬‫مَثال َُها * ذ َل ِ َ‬ ‫ِ ِ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ه عَل َي ْ ِ ْ َ ِ‬
‫ل‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫مَر الل ّ ُ‬ ‫م دَ ّ‬ ‫من قَب ْل ِهِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫بأ َن الل ّه موَلى ال ّذين آمنيوا ْ وأ َ‬
‫م*‬ ‫ى ل َُهي ْ‬‫َ‬
‫ميوْل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬
‫ِ َ‬ ‫ري‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫كيا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ َ ُ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ِ ّ‬
‫ري‬ ‫ج ْي ِ‬
‫ت تَ ْ‬ ‫جن ّييا ٍ‬ ‫ت َ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫ّ‬ ‫مُلوا ْ ال‬ ‫مُنوا ْ وَعَ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫َ‬ ‫ذي‬‫ل ال ّ ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ه ي ُد ْ ِ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫إِ ّ‬
‫ْ‬
‫ل‬ ‫كيي ُ‬ ‫ما ت َأ ُ‬
‫ن كَ َ‬ ‫ن وَي َأك ُُلو َ‬ ‫مت ُّعو َ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ ي َت َ َ‬ ‫َ‬ ‫ذي‬‫حت َِها الن َْهاُر َوال ّ ِ‬ ‫من ت َ ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫شييد ّ ُقييوّةً‬ ‫يأ َ‬ ‫من قَْري َةٍ هِ َ‬ ‫م * وَك َأّين ّ‬ ‫وى ل ّهُ ْ‬ ‫مث ْ ً‬
‫م َوالّناُر َ‬ ‫الن َْعا ُ‬
‫خرجتيي َ َ‬ ‫َ‬
‫صييَر ل َُهيي ْ‬
‫م‬ ‫م فَل َ َنا ِ‬ ‫ك أهْل َك َْنيياهُ ْ‬ ‫يأ ْ َ َ ْ‬ ‫ك ال ِّتيي َ‬ ‫ميين قَْري َِتيي َ‬ ‫ّ‬
‫يقييول تعييالى‪} :‬أفلييم يسيييروا{ يعنييي المشييركين بييالله‬
‫المكذبين لرسوله }في الرض فينظروا كيييف كييان عاقبيية‬
‫الذين من قبلهم دميير اللييه عليهييم{ أي عيياقبهم بتكييذيبهم‬
‫وكفرهم‪ ,‬أي ونجى المؤمنين من بين أظهرهم‪ ,‬ولهذا قييال‬
‫تعييالى‪} :‬وللكييافرين أمثالهيا{‪ .‬ثييم قيال‪} :‬ذليك بيأن الليه‬

‫‪288‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مولى الذين آمنوا وأن الكافرين ل مولى لهيم{ ولهيذا لميا‬
‫قال أبو سفيان صخر بن حرب رئيس المشركين يوم أحد‪,‬‬
‫حين سأل عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبييي بكيير‬
‫وعمر رضي الله عنهما فلم يجييب وقييال‪ :‬أمييا هييؤلء فقييد‬
‫هلكوا‪ ,‬وأجابه عمر بيين الخطيياب رضييي اللييه عنييه فقييال‪:‬‬
‫كذبت يا عدو الله بل أبقىالله تعالى لييك مييا يسييوءك‪ ,‬وإن‬
‫الييذين عييددت لحييياء‪ ,‬فقييال أبييو سييفيان يييوم بيييوم بييدر‪,‬‬
‫والحرب سجال‪ ,‬أما إنكم ستجدون مثلة لم آمير بهيا‪ ,‬وليم‬
‫أنه عنها‪ ,‬ثم ذهييب يرتجييز ويقييول‪ :‬اعييل هبييل اعييل هبييل‪.‬‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬أل تجيبييوه ؟«‬
‫فقالوا‪ :‬يا رسول الله وما نقول قال صلى الله عليه وسلم‬
‫قولوا‪» :‬الله أعلى وأجل« ثم قال أبو سييفيان‪ :‬لنييا العييزى‬
‫ول عيييزى لكيييم‪ ,‬فقيييال صيييلى الليييه علييييه وسيييلم‪» :‬أل‬
‫تجيبوه ؟« قالوا‪ :‬وما نقول يا رسييول اللييه ؟ قييال‪ :‬قولييوا‪:‬‬
‫»الليييييييييييه مولنيييييييييييا ول ميييييييييييولى لكيييييييييييم«‪.‬‬
‫ثم قييال سييبحانه وتعييالى‪} :‬إن اللييه يييدخل الييذين آمنييوا‬
‫وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها النهيار{ أي ييوم‬
‫القياميية }والييذين كفييروا يتمتعييون ويييأكلون كمييا تاكييل‬
‫النعام{ أي في دنياهم يتمتعيون بهييا وييأكلون منهييا كأكيل‬
‫النعام خضما وقضما‪ ,‬وليس لهم همة إل في ذلييك‪ ,‬ولهييذا‬
‫ى واحييد‪ ,‬والكييافر‬ ‫مع ً‬‫ثبت في الصحيح »المؤمن يأكل في ِ‬
‫يأكل في سبعة أمعاء« ثم قال تعالى‪} :‬والنار مثوى لهم{‬
‫أي يوم جزائهم‪ ,‬وقوله عز وجل‪} :‬وكييأين ميين قرييية هييي‬
‫أشد قوة من قريتك التي أخرجتك{ يعني مكة }أهلكنيياهم‬
‫فل ناصر لهم{ وهذا تهديد شييديد ووعيييد أكيييد لهييل مكيية‬
‫في تكذيبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬وهو سيييد‬
‫الرسل وخاتم النبياء‪ ,‬فإذا كييان اللييه عييز وجييل قييد أهلييك‬
‫المم الذين كذبوا الرسل قبلييه بسييببهم‪ ,‬وقييد كييانوا أشييد‬
‫قوة من هؤلء فمياذا ظين هيؤلء أن يفعيل الليه بهيم فيي‬
‫الدنيا والخرى ؟ فييإن رفييع عيين كييثير منهييم العقوبيية فييي‬
‫الدنيا لبركة وجود الرسول نبي الرحمة فإن العييذاب يييوفر‬

‫‪289‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫على الكافرين به في معادهم }يضيياعف لهييم العييذاب مييا‬
‫كييييانوا يسييييتطيعون السييييمع ومييييا كييييانوا يبصييييرون{‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬ميين قريتييك الييتي أخرجتييك{ أي الييذين‬
‫أخرجوك من بين أظهرهم‪ .‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬ذكيير أبييي‬
‫عن محمد بن عبد العلى عيين المعتميير بيين سييليمان عيين‬
‫أبيه عن حنش‪ ,‬عيين عكرميية عيين ابيين عبيياس رضييي الليه‬
‫عنهما‪ ,‬أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج ميين مكيية‬
‫إلى الغار أتاه قال فالتفت إلى مكة وقال‪» :‬أنت أحب بلد‬
‫اللييه إلييى اللييه‪ ,‬وأنييت أحييب بلد اللييه إلييي‪ ,‬ولييول أن‬
‫المشركين أخرجوني لم أخرج منك« فأعييدى العييداء ميين‬
‫عدا على الله تعالى في حرمه‪ ,‬أو قتل غير قاتله‪ ,‬أو قتييل‬
‫بدحول الجاهلية‪ ,‬فأنزل الله تعييالى علييى نييبيه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم }وكأين من قريية هيي أشيد قيوة مين قريتيك‬
‫الييييييتي أخرجتييييييك أهلكنيييييياهم فل ناصيييييير لهييييييم{‪.‬‬

‫** أ َ‬
‫ه‬
‫مل ِي ِ‬‫س يوَُء عَ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن ل َي ُ‬ ‫من ُزي ّ َ‬ ‫من ّرب ّهِ ك َ َ‬ ‫ى ب َي ّن َةٍ ّ‬ ‫َ‬
‫ن عَل َ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫كا‬ ‫من‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬
‫ن ِفيهَييآ‬ ‫َ‬ ‫يو‬ ‫ي‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ت‬‫م‬ ‫ْ‬
‫ُ ِ َ ُ ّ‬‫ل‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫عي‬ ‫و‬ ‫تيي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫َ ّ ِ ِ‬ ‫ة‬ ‫ني‬‫ج‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ث‬‫م‬‫ّ‬ ‫*‬ ‫م‬
‫واَءهُ ْ‬ ‫هي َ‬ ‫َوات ّب َعُوَا ْ أ َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫مي ُ‬‫م ي َت َغَي ّيْر ط َعْ ُ‬ ‫ن ل ّي ْ‬ ‫ّ‬
‫مي َين لب َي ٍ‬ ‫ن وَأن ْهَيياٌر ّ‬ ‫س ٍ‬ ‫مآٍء غَي ْرِ آ ِ‬ ‫من ّ‬ ‫أن َْهاٌر ّ‬
‫ص يّفى‬ ‫مرٍ ل ّذ ّةٍ ّلل ّ‬ ‫َ‬
‫م َ‬ ‫ل ّ‬ ‫سي ٍ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫مي ْ‬ ‫ن وَأن ْهَيياٌر ّ‬ ‫شييارِِبي َ‬ ‫خ ْ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫وَأن َْهاٌر ّ‬
‫و‬
‫ن هُ ي َ‬ ‫مي ْ‬ ‫م كَ َ‬ ‫ميين ّرب ّهِي ْ‬ ‫مغِْفيَرةٌ ّ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ميَرا ِ‬ ‫ل الث ّ َ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫م ِفيَها ِ‬ ‫وَل َهُ ْ‬
‫َ‬ ‫ميمييا ً فََق ّ‬
‫م‬
‫مَعييآَءهُ ْ‬ ‫طييعَ أ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫مييآًء َ‬ ‫سييُقوا ْ َ‬ ‫خاِلييد ٌ ِفييي الّنييارِ وَ ُ‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى‪} :‬أفمن كان علييى بينيية ميين ربييه{ أي علييى‬
‫بصيرة ويقين من أمر الله ودينه بما أنييزل فييي كتييابه ميين‬
‫الهييدى والعلييم‪ ,‬وبمييا جبلييه اللييه عليييه ميين الفطييرة‬
‫المستقيمة‪} ,‬كمن زين له سوء عملييه واتبعييوا أهييواءهم{‬
‫أي ليس هذا كهذا‪ ,‬كقوله تعالى‪} :‬أفميين يعلييم أنمييا أنييزل‬
‫إليك من ربك الحق كمن هو أعمى ؟{ وكقوله تعييالى‪} :‬ل‬
‫يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنيية‪ ,‬أصييحاب الجنيية هييم‬
‫الفييائزون{ ثييم قييال عييز وجييل }مثييل الجنيية الييتي وعييد‬
‫المتقون{ قال عكرمة }مثل الجنة{ أي نعتها }فيها أنهييار‬
‫من ماء غييير آسيين{ قييال ابيين عبيياس رضييي اللييه عنهمييا‬

‫‪290‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والحسن وقتادة‪ :‬يعني غير متغير‪ .‬وقييال قتييادة والضييحاك‬
‫وعطاء الخراساني‪ :‬غير منتن‪ ,‬والعرب تقول‪ :‬أسيين الميياء‬
‫إذ تغير ريحه‪ ,‬وفي حييديث مرفييوع أورده ابيين أبييي حيياتم‪:‬‬
‫غير آسن يعني الصافي الذي ل كدر فيييه‪ .‬وقييال ابيين أبييي‬
‫حاتم‪ :‬حدثنا أبو سعيد الشج‪ ,‬حدثنا وكيع عن العمش عن‬
‫عبد الله بن مرة‪ ,‬عن مسروق قال‪ :‬قال عبييد اللييه رضييي‬
‫الله عنه‪ :‬أنهار الجنة تفجر من جبل من مسك }وأنهار من‬
‫لبن لم يتغييير طعمييه{ أي بييل فييي غاييية البييياض والحلوة‬
‫والدسومة‪ ,‬وفييي حييديث مرفييوع »لييم يخييرج ميين ضييروع‬
‫الماشية« }وأنهييار ميين خميير لييذة للشيياربين{ أي ليسييت‬
‫كريهة الطعم والرائحة كخمر الدنيا حسنة المنظر والطعم‬
‫والرائحة والفعل }ل فيهييا غييول ول هييم عنهيياينزفون{ }ل‬
‫يصدعون عنها ول ينزفون{ }بيضاء لذة للشيياربين{ وفييي‬
‫حديث مرفوع »لم يعصرها الرجال بأقدامهم« }وأنهار من‬
‫عسل مصفى{ أي وهو فييي غاييية الصييفاء وحسيين اللييون‬
‫والطعم والريح‪ .‬وفي حديث مرفوع »لم يخرج من بطييون‬
‫النحييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييل«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا زيد بن هارون‪ ,‬أخبرنا الجريييري‬
‫عن حكيم بن معاوية عن أبيه‪ ,‬قييال‪ :‬سييمعت رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬في الجنة بحيير اللبيين وبحيير‬
‫الماء وبحر العسل وبحيير الخميير‪ ,‬ثييم تشييقق النهييار منهييا‬
‫بعد« ورواه الترمذي في صفة الجنة عن محمد بيين بشييار‬
‫عن يزيد بن هارون‪ ,‬عيين سييعيد بيين أبييي إييياس الجريييري‬
‫وقال‪ :‬حسن صحيح‪ .‬وقال أبو بكر بن مردويه‪ :‬حدثنا أحمد‬
‫بن محمد بن عاصم‪ ,‬حدثنا عبد الله بن محمد بن النعمان‪,‬‬
‫حدثنا مسلم بن إبراهيم‪ ,‬حدثنا الحارث بن عبيد أبو قداميية‬
‫اليادي‪ ,‬حدثنا أبو عمران الجوني عن أبي بكر بن عبد الله‬
‫بن قيس عن أبيه قال‪ :‬قال رسول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬هذه النهار تشخب من جنة عييدن فييي جوبيية ثييم‬
‫تصدع بعد أنهارًا« وفييي الصييحيح »إذا سييألتم اللييه تعييالى‬
‫فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة‪ ,‬وأعلى الجنيية ومنييه‬
‫تفجيييير أنهييييار الجنيييية وفييييوقه عييييرش الرحميييين«‪.‬‬

‫‪291‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال الحافظ أبو القاسم الطييبراني‪ :‬حييدثنا مصييعب بيين‬
‫حمزة الزبيري وعبد الله بن الصييفر السييكري قييال‪ :‬حييدثنا‬
‫إبراهيييم بيين المنييذر الخزامييي‪ ,‬حييدثنا عبييد الرحميين بيين‬
‫المغيرة‪ ,‬حيدثني عبييد الرحميين بين عيياش عين دلهيم بيين‬
‫السود قال دلهم‪ ,‬وحدثنيه أيضا ً أبي السود عن عاصم بن‬
‫لقيط قال‪ :‬إن لقيط بن عامر خرج وافدا ً إلى رسييول الليه‬
‫صلى الله عليه وسلم قلت‪ :‬يا رسول الله فعلم نطلع من‬
‫الجنة ؟ قال صلى الليه عليييه وسيلم‪» :‬عليى أنهييار عسييل‬
‫مصفى‪ ,‬وأنهار خمر ما بها من صداع ول ندامة‪ ,‬وأنهار من‬
‫لبن لم يتغير طعمه‪ ,‬وماء غير آسن‪ ,‬وفاكهة لعمر إلهك ما‬
‫تعلمون وخير من مثله‪ ,‬وأزواج مطهرة« قلييت‪ :‬يييا رسييول‬
‫اللييه أولنييا فيهييا زوجييات مصييلحات ؟ قييال »الصييالحات‬
‫للصالحين تلذونهن مثل لذاتكم في الييدنيا ويلييذونكم‪ ,‬غييير‬
‫أن ل توالد« وقال أبييو بكيير عبييد الليه بيين محمييد بيين أبييي‬
‫الدنيا‪ :‬حدثنا يعقوب بن عبيدة عن يزيد بن هارون‪ ,‬أخبرني‬
‫الجريري عن معاوية بن قرة عن أبيه عن أنييس بيين مالييك‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬لعلكم تظنيون أن أنهيار الجنية تجيري‬
‫في ُأخدود في الرض والله إنها لتجري سائحة علييى وجييه‬
‫الرض‪ ,‬حافاتها قباب اللؤلؤ وطينهييا المسييك الذفيير‪ ,‬وقييد‬
‫رواه أبو بكر بن مردويه من حديث مهييدي بيين حكيييم عيين‬
‫يزييييييييييد بييييييييين هيييييييييارون بيييييييييه مرفوعيييييييييًا‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ولهم فيها من كل الثمييرات{ كقييوله عييز‬
‫وجييل‪} :‬يييدعون فيهييا بكييل فاكهيية آمنييين{ وقييوله تبييارك‬
‫وتعالى‪} :‬فيهما مين كيل فاكهية زوجييان{ وقيوله سيبحانه‬
‫وتعالى‪} :‬ومغفييرة ميين ربهييم{ أي مييع ذلييك كلييه‪ .‬وقييوله‬
‫سبحانه وتعالى‪} :‬كمن هو خالد في النار{ أي هؤلء الذين‬
‫ذكرنا منزلتهم من الجنة كمن هو خالييد فييي النييار ؟ ليييس‬
‫هؤلء كهؤلء‪ ,‬وليس من هو فييي الييدرجات كميين هييو فييي‬
‫الييدركات }وسييقوا ميياء حميم يًا{ أي حييارا ً شييديد الحيير ل‬
‫يستطاع }فقطع أمعاءهم{ أي قطع ما فييي بطييونهم ميين‬
‫المعييياء والحشييياء يييي عيييياذا ً بيييالله تعيييالى مييين ذليييك‪.‬‬

‫‪292‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫ك َقاُلوا ْ‬ ‫عندِ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫جوا ْ ِ‬ ‫خَر ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫ى إِ َ‬ ‫حت ّ‬‫ك َ‬ ‫معُ إ ِل َي ْ َ‬ ‫ست َ ِ‬


‫من ي َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫** وَ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ه‬‫ن ط َب َيعَ الل ّي ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ال ّي ِ‬ ‫ل آِنفيا ً أوَْلـيئ ِ َ‬ ‫ذا قَييا َ‬ ‫ما َ‬ ‫م َ‬ ‫ن أوُتوا ْ ال ْعِل ْ َ‬ ‫ذي َ‬‫ل ِل ّ ِ‬
‫دى‬ ‫م هُ ً‬ ‫ن اهْت َد َوْا ْ َزاد َهُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ذي‬ ‫م * َوال ّ ِ‬ ‫وآَءهُ ْ‬ ‫َ‬ ‫م َوات ّب َعُوَا ْ أ َهْ‬ ‫ى قُُلوب ِهِ ْ‬ ‫َ‬
‫عَل َ‬
‫ْ‬ ‫ل ينظ ُرون إل ّ الساعَ َ َ‬
‫ة‬
‫م ب َغَْتيي ً‬ ‫ة أن ت َأت ِي َهُ ْ‬ ‫ّ‬ ‫م * فَهَ َ ْ َ ُ َ ِ‬ ‫واهُ ْ‬ ‫م ت َُق َ‬ ‫َوآَتاهُ ْ‬
‫م‬ ‫م * َفيياعْل َ ْ‬ ‫م ذِك َْراهُ ْ‬ ‫جآَءت ْهُ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫م إِ َ‬ ‫ى ل َهُ ْ‬ ‫شَراطَها فَأن ّ َ‬
‫ُ‬ ‫جآَء أ َ ْ‬ ‫فََقد ْ َ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫من َييا ِ‬ ‫ن َوال ْ ُ‬ ‫مِني َ‬ ‫م يؤ ْ ِ‬ ‫ك وَل ِل ْ ُ‬ ‫ذنب ِ َ‬ ‫ست َغِْفْر ل ِي َ‬ ‫ه َوا ْ‬ ‫ه ِإل الل ّ ُ‬ ‫ه ل َ إ َِلـ َ‬ ‫أن ّ ُ‬
‫واك ُ ْ‬
‫م‬ ‫مْثيييييييييي َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫كيييييييييي ْ‬ ‫مت ََقل ّب َ ُ‬‫م ُ‬ ‫ه ي َعَْليييييييييي ُ‬ ‫َوالّليييييييييي ُ‬
‫يقييول تعييالى مخييبرا ً عيين المنييافقين فييي بلدتهييم وقليية‬
‫فهمهم‪ ,‬حيث كانوا يجلسون إلييى رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم ويستمعون كلمه فل يفهمييون منييه شيييئا ً فييإذا‬
‫خرجوا من عنده }قالوا للذين أوتوا العلييم{ ميين الصييحابة‬
‫رضي الله عنهم }ماذا قال آنف يًا{ أي السيياعة‪ .‬ل يعقلييون‬
‫ما قال ول يكييترثون لييه‪ .‬قييال اللييه تعييالى‪} :‬أولئك الييذين‬
‫طبييع اللييه علييى قلييوبهم واتبعييوا أهييواءهم{ أي فل فهييم‬
‫صحيح ول قصد صحيح‪ .‬ثم قال عز وجل‪} :‬والييذين اهتييدوا‬
‫زادهم هدى{ أي والذين قصدوا الهداية وفقهم الله تعييالى‬
‫لهييا فهييداهم إليهييا وثبتهييم عليهييا وزادهييم منهييا }وآتيياهم‬
‫تقييواهم{ أي ألهمهييم رشييدهم‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬فهييل‬
‫ينظرون إل الساعة أن تأتيهم بغتة{ أي وهم غافلون عنهييا‬
‫}فقد جيياء أشييراطها{ أي أمييارات اقترابهييا كقييوله تبييارك‬
‫لزفة{ وكقوله‬ ‫وتعالى‪} :‬هذا نذير من النذر الولى أزفت ا َ‬
‫جلت عظمته‪} :‬اقييتربت السيياعة وانشييق القميير{ وقييوله‬
‫سبحانه وتعالى‪} :‬أتى أمر الله فل تستعجلوه{ وقوله جييل‬
‫وعل‪} :‬اقترب للناس حسابهم وهم في غفليية معرضييون{‬
‫فبعثيية رسييول الليه صيلى الليه عليييه وسييلم ميين أشييراط‬
‫الساعة‪ ,‬لنه خاتم الرسل الذي أكمل الله تعالى به الييدين‬
‫وأقييييييييام بييييييييه الحجيييييييية علييييييييى العييييييييالمين‪.‬‬
‫وقييد أخييبر صييلى اللييه عليييه وسييلم بأمييارات السيياعة‬
‫وأشراطها وأبان عن ذلك وأوضحه بما لم يؤته نييبي قبلييه‪,‬‬
‫كما هو مبسوط في موضعه‪ .‬وقال الحسن البصري‪ :‬بعثيية‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة وهو كمييا‬

‫‪293‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال ولهذا جاء في أسمائه صلى الله عليه وسلم أنييه نييبي‬
‫التوبة ونبي الملحمة‪ ,‬والحاشر الييذي يحشيير النيياس علييى‬
‫قيييييدميه‪ ,‬والعييييياقب اليييييذي لييييييس بعيييييده نيييييبي‪.‬‬
‫وقال البخاري‪ :‬حدثنا أحمد بن المقدام‪ ,‬حدثنا فضيل بيين‬
‫سليمان‪ ,‬حدثنا أبو حازم‪ ,‬حدثنا سهل بن سعد رضييي اللييه‬
‫عنه قال‪ :‬رأيت رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم قييال‬
‫بأصبعيه هكذا بالوسطى والتي تليهييا »بعثييت أنييا والسيياعة‬
‫كهاتين« ثم قال تعالى‪} :‬فأنى لهييم إذا جيياءتهم ذكراهييم{‬
‫أي فكيف للكييافرين بالتييذكر إذا جيياءتهم القياميية حيييث ل‬
‫ينفعهم ذلك كقوله تعالى‪} :‬يومئذ يتذكر النسان وأنييى لييه‬
‫الذكرى{‪} .‬وقالوا آمنا به وأنيى لهييم التنياوش مين مكيان‬
‫بعيد{‪ .‬وقوله عز وجل‪} :‬فاعلم أنييه ل إلييه إل اللييه{ هييذا‬
‫إخبار بأنه ل إله إل اللييه ول يتييأتى كييونه آمييرا ً بعلييم ذلييك‪,‬‬
‫ولهييذا عطييف عليييه قييوله عييز وجييل‪} :‬واسييتغفر لييذنبك‬
‫وللمييؤمنين وللمؤمنييات{ وفييي الصييحيح‪ :‬أن رسييول اللييه‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم كييان يقييول‪» :‬اللهييم اغفيير لييي‬
‫خطيئتي وجهلي وإسرافي فييي أمييري ومييا أنييت أعلييم بييه‬
‫مني‪ ,‬اللهم اغفر لي هزلي وجييدي وخطئي وعمييدي وكييل‬
‫ذلك عندي«‪ .‬وفي الصحيح أنه كان يقول في آخيير الصييلة‬
‫»اللهم اغفر لي ما قدمت ومييا أخييرت ومييا أسييررت ومييا‬
‫أعلنت وما أسرفت‪ ,‬وما أنت أعلم بييه منييي أنييت إلهييي ل‬
‫إله إل أنت« وفي الصحيح أنييه قييال‪» :‬ياَأيهييا النيياس توبييوا‬
‫إلى ربكم فإني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من‬
‫سييييييييييييييييييييييييييييييبعين مييييييييييييييييييييييييييييييرة«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا محمد بيين جعفيير‪ ,‬حييدثنا شييعبة‬
‫عن عاصم الحييول قييال‪ :‬سييمعت عبييد اللييه بيين سييرجس‬
‫قال‪ :‬أتيت رسول الله صلى الله عليه وسييلم فييأكلت ميين‬
‫طعامه فقلت غفر الله لك يا رسول الله فقال صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬ولك« فقلت أستغفر لك‪ .‬فقال رسول اللييه‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬نعييم ولكييم« وقييرأ }واسييتغفر‬
‫لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات{ ثم نظرت إلى بعييض كتفييه‬
‫اليمن ي أو كتفه اليسر شعبة الذي شك ي ي فييإذا هييو كهيئة‬

‫‪294‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الجمييع عليييه الثآليييل‪ ,‬ورواه مسييلم والترمييذي والنسييائي‬
‫وابن جرير وابن أبي حاتم من طييرق عيين عاصييم الحييول‬
‫لخر الذي رواه أبو يعلييى‪ :‬حييدثنا محمييد‬ ‫به‪ ,‬وفي الحديث ا َ‬
‫بن عون‪ ,‬حدثنا عثمان بن مطر‪ ,‬حدثنا عبد الغفور عن أبي‬
‫نصيرة عن أبي رجاء عن أبي بكر الصديق رضي الله عنييه‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪» :‬عليكم بل‬
‫إله إل الله والستغفار‪ ,‬فييأكثروا منهمييا فييإن إبليييس قييال‪:‬‬
‫إنمييا أهلكييت النيياس بالييذنوب وأهلكييوني بل إلييه إل اللييه‬
‫والسييتغفار‪ ,‬فلمييا رأيييت ذلييك أهلكتهييم بييالهواء‪ ,‬فهييم‬
‫يحسبون أنهم مهتدون« وفي الثر المييروي »قييال إبليييس‬
‫وعزتييك وجللييك ل أزال أغييويهم مييا دامييت أرواحهييم فييي‬
‫أجسادهم‪ .‬فقال اللييه عييز وجييل‪ :‬وعزتييي وجللييي ل أزال‬
‫أغفر لهم ما استغفروني« والحاديث في فضل السييتغفار‬
‫كثيرة جدًا‪ .‬وقييوله تبييارك وتعييالى‪} :‬واللييه يعلييم متقلبكييم‬
‫ومثواكم{ أي يعلم تصرفكم في نهيياركم ومسييتقركم فييي‬
‫ليلكم كقوله تبيارك وتعيالى‪} :‬وهييو اليذي يتوفيياكم بالليييل‬
‫ويعلم ما جرحتم بالنهار{ وقوله سبحانه وتعالى‪} :‬وما من‬
‫دابيية فييي الرض إل علييى اللييه رزقهييا ويعلييم مسييتقرها‬
‫ومستودعها كل في كتاب مبين{ وهييذا القييول ذهييب إليييه‬
‫ابن جريج وهو اختيار ابن جرييير‪ ,‬وعيين ابيين عبيياس رضييي‬
‫لخييرة‪ ,‬وقييال‬ ‫الله عنهما متقلبكم في الدنيا ومثواكم فييي ا َ‬
‫السدي متقلبكم في الييدنيا ومثييواكم فييي قبييوركم‪ ,‬والول‬
‫أولييييييييييييى وأظهيييييييييييير‪ ,‬واللييييييييييييه أعلييييييييييييم‪.‬‬

‫ل ال ّذين آمنوا ْ ل َول َ نزل َت سورةٌ فَإ َ ُ‬


‫سييوَرةٌ‬ ‫ت ُ‬ ‫ذآ أنزِل َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ ُّ ْ ُ َ‬ ‫ِ َ َ ُ‬ ‫** وَي َُقو ُ‬
‫ة وذ ُكر فيها ال ْقتا ُ َ‬
‫ض‬‫ميَر ٌ‬ ‫م ّ‬ ‫ن فِييي قُل ُييوب ِهِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ذي‬‫ت ال ّي ِ‬ ‫ل َرأي ْ َ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ‬ ‫م ٌ َ َِ ِ‬ ‫حك َ َ‬‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫م*‬ ‫ى ل َهُ ْ‬ ‫َ‬
‫ت فَأوْل َ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ي عَل َي ْهِ ِ‬ ‫ش ّ‬‫مغ ْ ِ‬ ‫ك ن َظ ََر ال ْ َ‬ ‫ن إ ِل َي ْ َ‬‫َينظ ُُرو َ‬
‫ن‬ ‫كا َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫صد َُقوا ْ الل ّ َ‬ ‫مُر فَل َوْ َ‬ ‫م ال ْ‬ ‫ذا عََز َ‬ ‫ف فَإ ِ َ‬ ‫معُْرو ٌ‬ ‫ل ّ‬ ‫ة وَقَوْ ٌ‬ ‫طاعَ ٌ‬‫َ‬
‫دوا ْ‬ ‫ل عَسيتم إن تول ّيتم َ‬
‫ض‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫س‬‫ِ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫أن‬ ‫َ ُْ ْ ِ َ َ ُْ ْ‬ ‫م * فَهَ ْ‬ ‫خْيرا ً ل ّهُ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫م * أ َوَْلـيئ ِ َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫مه ُ ْ‬ ‫صي ّ‬‫ه فَأ َ‬ ‫م الل ّي ُ‬ ‫ن ل َعَن َهُي ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ال ّي ِ‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫حا َ‬‫وَت َُقط ّعُوَا ْ أْر َ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صيييييييييييييييييييييييييييياَرهُ ْ‬ ‫ى أب ْ َ‬ ‫ميييييييييييييييييييييييييييي َ‬ ‫وَأعْ َ‬

‫‪295‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول تعييالى مخييبرا ً عيين المييؤمنين أنهييم تمنييوا شييرعية‬
‫الجهاد‪ ,‬فلما فرضه الله عز وجل وأمر بييه نكييل عنييه كييثير‬
‫من الناس كقوله تبارك وتعالى‪} :‬ألم تر إلييى الييذين قيييل‬
‫لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصييلة وآتييوا الزكيياة فلمييا كتييب‬
‫عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناش كخشييية اللييه‬
‫أو أشد خشية وقالوا‪ :‬ربنا لم كتبت علينا القتال لول أخرتنا‬
‫لخييرة خييير لميين‬ ‫إلى أجل قريب ؟ قل متاع الدنيا قليل وا َ‬
‫اتقى ول تظلمون فييتيل{ وقييال عييز وجييل ههنييا‪} :‬ويقييول‬
‫الذين آمنوا لييو ل نزلييت سييورة{ أي مشييتملة علييى حكييم‬
‫القتال ولهذا قال‪} :‬فإذا أنزلت سورة محكميية وذكيير فيهييا‬
‫القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظييرون إليييك نظيير‬
‫المغشييي عليييه ميين المييوت{ أي ميين فزعهييم ورعبهييم‬
‫وجبنهم من لقاء العداء‪ ,‬ثم قال مشجعا ً لهم }فأولى لهم‬
‫طاعة وقول معروف{ أي وكييان الولييى بهييم أن يسييمعوا‬
‫ويطيعوا أي في الحالة الراهنة }فإذا عزم الميير{ أي جييد‬
‫الحال‪ ,‬وحضر القتييال }فلييو صييدقوا الليه{ أي خلصييوا لييه‬
‫النييييييييييييية }لكييييييييييييان خيييييييييييييرا ً لهييييييييييييم{‪.‬‬
‫وقوله سبحانه وتعالى‪} :‬فهل عسيتم إن توليتم{ أي عن‬
‫الجهيياد ونكلتييم عنييه }أن تفسييدوا فييي الرض وتقطعييوا‬
‫أرحامكم ؟{ أي تعييودوا إلييى مييا كنتييم فيييه ميين الجاهلييية‬
‫الجهلء تسييفكون الييدماء وتقطعييون الرحييام‪ ,‬ولهييذا قييال‬
‫تعيييالى‪} :‬أولئك اليييذين لعنهيييم الليييه فأصيييمهم وأعميييى‬
‫أبصارهم{ وهذا نهي عن الفساد في الرض عمومًا‪ ,‬وعن‬
‫قطع الرحام خصوصًا‪ ,‬بل وقييد أميير اللييه تعييالى بالصييلح‬
‫في الرض وصلة الرحام‪ ,‬وهو الحسان إلى القارب فييي‬
‫المقييال والفعييال وبييذل المييوال‪ ,‬وقييد وردت الحيياديث‬
‫الصحاح والحسان بذلك عن رسول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم من طرق عديدة ووجوه كثيرة‪ ,‬قال البخاري‪ :‬حدثنا‬
‫خالد بن مخلد‪ ,‬حدثنا سليمان‪ ,‬حدثني معاوية بن أبي مزرد‬
‫عن سعيد بن يسار عن أبييي هريييرة رضييي اللييه عنييه عيين‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬خلق الله تعالى الخلييق‬
‫فلما فرغ منه قامت الرحم فأخييذت بحقييوي الرحميين عييز‬

‫‪296‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وجل فقال مه‪ ,‬فقالت هذا مقام العييائذ بييك ميين القطيعيية‬
‫فقال تعالى‪ :‬أل ترضين أن أصيل مين وصيلك وأقطيع مين‬
‫قطعك ؟ قالت‪ :‬بلييى‪ ,‬قييال‪ :‬فييذاك لييك« قييال أبييو هريييرة‬
‫رضي الله عنه‪ :‬اقرءوا إن شئتم }فهل عسيييتم إن تييوليتم‬
‫أن تفسييدوا فييي الرض وتقطعييوا أرحييامكم{ ثييم رواه‬
‫البخاري من طريقين آخرين عن معاوية بن أبييي مييزرد بيه‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسييلم‪» :‬اقييرءوا إن‬
‫شييئتم }فهييل عسيييتم إن تييوليتم أن تفسييدوا فييي الرض‬
‫وتقطعوا أرحامكم{‪ .‬ورواه مسلم من حييديث معاوييية بيين‬
‫أبيييييييييييييييييييييي ميييييييييييييييييييييزرد بيييييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا إسماعيل بن علية‪ ,‬حدثنا عيينيية‬
‫بن عبد الرحمن بن جوشن عن أبيييه عيين أبييي بكيير رضييي‬
‫الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬مييا‬
‫من ذنب أحرى أن يعجل الله تعالى عقوبته في الييدنيا مييع‬
‫لخرة من البغييي وقطيعيية الرحييم«‪.‬‬ ‫ما يدخر لصاحبه في ا َ‬
‫ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حييديث إسييماعيل‬
‫هو ابن علية به‪ ,‬وقال الترمذي‪ :‬هذا حديث صييحيح‪ .‬وقييال‬
‫المام أحمد‪ :‬حدثنا محمد بن بكر‪ ,‬حدثنا ميمون أبو محمييد‬
‫المرئي‪ ,‬حدثنا محمد بن عباد المخزومي عن ثوبان رضييي‬
‫الله عنه رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم قييال‪» :‬ميين‬
‫سره النسأ في الجل والزيادة في الرزق فليصل رحمه«‪.‬‬
‫تفرد به أحمد وله شاهد في الصييحيح‪ .‬وقييال أحمييد أيض يًا‪:‬‬
‫حدثنا يزيد بن هارون‪ ,‬حدثنا حجاج بن أرطأة عن عمرو بن‬
‫شعيب عن أبيه عن جده قال‪ :‬جاء رجل إلييى رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسييلم فقييال يييا رسييول اللييه إن لييي ذوي‬
‫أرحييام‪ ,‬أصييل ويقطعييون‪ ,‬وأعفييو ويظلمييون‪ ,‬وأحسيين‬
‫ويسيئون أفأكافئهم ؟ قال صلى الله عليه وسلم‪» :‬ل‪ ,‬إذن‬
‫تتركون جميعا ً ولكن جد بالفضييل وصييلهم‪ ,‬فييإنه ليين يييزال‬
‫معك ظهير من الله عز وجل ما كنت على ذلك« تفييرد بييه‬
‫أحميييد مييين هيييذا اليييوجه وليييه شييياهد مييين وجيييه آخييير‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا يعلى‪ ,‬حييدثنا فطيير عيين مجاهييد‬
‫عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال‪ :‬قييال رسييول‬

‫‪297‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬إن الرحييم معلقيية بييالعرش‬
‫وليس الواصل بالمكافىء ولكن الواصل الييذي إذا قطعييت‬
‫رحمه وصلها« رواه البخاري‪ .‬وقال أحمد‪ :‬حدثنا بهز‪ ,‬حدثنا‬
‫حماد بن سلمة‪ ,‬أخبرنا قتادة عن أبي ثماميية الثقفييي عيين‬
‫عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال‪ :‬قال رسول اللييه‬
‫صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬توضييع الرحييم يييوم القياميية لهييا‬
‫حجنة كحجنة المغزل تكلم بلسان طلق ذلق‪ ,‬فتقطييع ميين‬
‫قطعهييا وتصييل ميين وصييلها« وقييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا‬
‫سفيان‪ ,‬حدثنا عمرو عيين أبييي قييابوس عيين عبييد اللييه بيين‬
‫عمرو رضي اللييه عنهمييا يبلييغ بييه النييبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم قال‪» :‬الراحمييون يرحمهييم الرحميين‪ ,‬ارحمييوا أهييل‬
‫الرض يرحمكم أهل السماء‪ ,‬والرحم شجنة ميين الرحميين‬
‫من وصلها وصلته وميين قطعهييا بتتييه« وقييد رواه أبييو داود‬
‫والترمذي من حديث سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينييار‬
‫به‪ ,‬وهذا هو الذي يروى بتسلسل الولييية وقييال الترمييذي‪:‬‬
‫حسييييييييييييييييييييييييييييييين صيييييييييييييييييييييييييييييييحيح‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا يزيييد بيين هييارون حييدثنا هشييام‬
‫الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن عبد الله‬
‫بن قارظ‪ ,‬أن أباه حدثه أنه دخييل علييى عبييد الرحميين بيين‬
‫عوف رضي الله عنه وهو مريييض فقييال لييه عبييد الرحميين‬
‫رضي الله عنه‪ ,‬وصلت رحمك إن رسيول الليه صيلى الليه‬
‫عليه وسلم قال‪» :‬قال الله عز وجل‪ :‬أنييا الرحميين خلقييت‬
‫الرحم وشققت لها اسمها من اسمي‪ ,‬فميين يصييلها أصييله‬
‫ومن يقطعها أقطعه فأبته ي أو قال ي من بتها أبته« تفرد به‬
‫أحمد من هذا الوجه‪ ,‬ورواه أحمد أيضا ً من حديث الزهييري‬
‫عن أبييي سييلمة عيين الييرداد يي أو أبييي الييرداد يي عيين عبييد‬
‫الرحمن بن عوف به‪ ,‬ورواه أبو داود والترمذي ميين رواييية‬
‫أبييي سييلمة عيين أبيييه‪ ,‬والحيياديث فييي هييذا كييثيرة جييدًا‪.‬‬
‫وقال الطبراني‪ :‬حدثنا علي بن عبد العزيز‪ ,‬حيدثنا محميد‬
‫بن عمار الموصلي‪ ,‬حدثنا عيسى بيين يييونس عيين الحجيياج‬
‫بن الفرافصة‪ ,‬عن أبي عميير البصييري عيين سييليمان قييال‪:‬‬
‫قال رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬الرواح جنييود‬

‫‪298‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختليف« وبيه‬
‫قال رسول الله صلى الله عليييه وسييلم »إذا ظهيير القييول‬
‫وخزن العمل وائتلفت اللسنة وتباغضييت القلييوب‪ ,‬وقطييع‬
‫كل ذي رحم رحمه فعند ذلك لعنهم الله وأصييمهم وأعمييى‬
‫أبصييارهم« والحيياديث فييي هييذا كييثيرة‪ ,‬واللييه أعلييم‪.‬‬

‫َ‬ ‫ن أَ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ب أقَْفال َُهآ * إ ِ ّ‬ ‫ى قُُلو ٍ‬ ‫م عَل َ‬ ‫ن ال ُْقْرآ َ‬ ‫** أفَل َ ي َت َد َب ُّرو َ‬
‫ش يي ْ َ‬ ‫ارتدوا ْ عَل َ َ‬
‫ن‬‫طا ُ‬ ‫دى ال ّ‬ ‫م ال ْهُ ي َ‬ ‫ن ل َهُ ُ‬
‫ما َت َب َي ّ َ‬‫من ب َعْدِ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ى أد َْبارِهِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ّ‬
‫َ‬
‫مييا‬ ‫هييوا ْ َ‬ ‫ن ك َرِ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫م َقاُلوا ْ ل ِل ّ ِ‬ ‫ك ب ِأن ّهُ ْ‬ ‫م * ذ َل ِ َ‬ ‫ى ل َهُ ْ‬ ‫م وَأ ْ َ‬
‫مل َ‬ ‫ل ل َهُ ْ‬ ‫سو ّ َ‬ ‫َ‬
‫م*‬ ‫سَراَرهُ ْ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫ه ي َعْل َ ُ‬ ‫مرِ َوالل ّ ُ‬ ‫ض ال ْ‬ ‫ِ‬ ‫م ِفي ب َعْ‬ ‫طيعُك ُ ْ‬ ‫سن ُ ِ‬‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ن َّز َ‬
‫َ‬
‫م*‬ ‫م وَأد َْبياَرهُ ْ‬ ‫جييوهَهُ ْ‬ ‫ن وُ ُ‬‫ضيرُِبو َ‬ ‫ة يَ ْ‬ ‫كي ُ‬ ‫مل َئ ِ َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ذا ت َوَفّت ْهُ ُ‬ ‫ف إِ َ‬ ‫فَك َي ْ َ‬
‫حب َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذ َل َ َ‬
‫ط‬ ‫ه ف َ يأ ْ‬ ‫وان َ ُ‬
‫ضي َ‬ ‫ه وَك َرِهُييوا ْ رِ ْ‬ ‫ط الل ّي َ‬ ‫خ َ‬ ‫س َ‬ ‫مآ أ ْ‬ ‫م ات ّب َُعوا ْ َ‬ ‫ك ب ِأن ّهُ ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ميييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييال َهُ ْ‬
‫م‬ ‫أعْ َ‬
‫يقييول تعييالى آمييرا ً بتييدبر القييرآن وتفهمييه وناهيييا ً عيين‬
‫العراض عنه فقال‪} :‬أفل يتدبرون القرآن أم على قلييوب‬
‫أقفالها{ أي بل على قلوب أقفالها‪ ,‬فهي مطبقة ل يخلييص‬
‫إليها شيء من معانيه‪ ,‬قال ابن جرير‪ :‬حييدثنا بشيير‪ ,‬حييدثنا‬
‫حماد بن زيد‪ ,‬حدثنا هشام بن عروة عيين أبيييه رضييي اللييه‬
‫عنه قال‪ :‬تل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومييا ً }أفل‬
‫يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ؟{ فقال شاب من‬
‫أهل اليمن‪ :‬بل عليها أقفالها حتى يكون الله تعالى يفتحهييا‬
‫أو يفرجها‪ ,‬فما زال الشاب في نفس عمر رضي الله عنييه‬
‫حتى ولي فاستعان به‪ .‬ثم قال تعييالى‪} :‬إن الييذين ارتييدوا‬
‫على أدبيارهم ميين بعييد مييا تييبين لهيم الهييدى{ أي فيارقوا‬
‫اليمان ورجعوا إلى الكفر }من بعييد مييا تييبين لهييم الهييدى‬
‫الشيطان سول لهم{ أي زين لهييم ذليك وحسيينه }وأملييى‬
‫لهم{ أي غرهم وخدعهم }ذلك بأنهم قييالوا للييذين كرهييوا‬
‫ما نزل اللييه سيينطيعكم فييي بعييض الميير{ أي مييا لييؤوهم‬
‫وناصحوهم في الباطن على الباطل وهذا شأن المنييافقين‬
‫يظهييرون خلف مييا يبطنييون‪ .‬ولهييذا قييال اللييه عييز وجييل‪:‬‬
‫}والله يعلم إسرارهم{ أي ما يسييرون ومييا يخفييون‪ ,‬اللييه‬

‫‪299‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مطلع عليه وعالم به كقوله تبارك وتعييالى‪} :‬واللييه يكتييب‬
‫مييييييييييييييييييييييييييييييييا يييييييييييييييييييييييييييييييييبيتون{‪.‬‬
‫ثييم قييال تعييالى‪} :‬فكيييف إذا تييوفتهم الملئكيية يضييربون‬
‫وجوههم وأدبارهم{ أي كيييف حييالهم إذا جيياءتهم الملئكيية‬
‫لقبييييض أرواحهييييم وتعاصييييت الرواح فييييي أجسييييادهم‬
‫واستخرجتها الملئكة بالعنف والقهيير والضييرب‪ ,‬كمييا قييال‬
‫سبحانه وتعالى‪} :‬ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملئكيية‬
‫لية‪ .‬وقال تعالى‪} :‬ولو ترى‬ ‫يضربون وجوههم وأدبارهم{ ا َ‬
‫إذ الظييالمون فييي غمييرات المييوت والملئكيية باسييطو‬
‫أيييديهم{ أي بالضييرب }أخرجييوا أنفسييكم اليييوم تجييزون‬
‫عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غييير الحييق وكنتييم‬
‫عن آياته تستكبرون{ ولهذا قال ههنا‪} :‬ذلييك بييأنهم اتبعييوا‬
‫مييا أسييخط اللييه وكرهييوا رضييوانه فييأحبط أعمييالهم{‪.‬‬

‫ج الل ّي ُ‬
‫ه‬ ‫خ يرِ َ‬‫ض َأن ل ّيين ي ُ ْ‬ ‫م يَر ٌ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ِفي قُُلوب ِهِ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب ال ّ ِ‬ ‫س َ‬‫ح ِ‬ ‫م َ‬
‫َ‬
‫** أ ْ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ماهُ ْ‬ ‫سييي َ‬‫م فَل َعََرفْت َُهييم ب ِ ِ‬
‫شييآُء لَري َْنيياك َهُ ْ‬ ‫م * وََلييوْ ن َ َ‬ ‫ضييَغان َهُ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫ول َتعرفَنهييم فييي ل َحيين ال َْقييول والّلييه يعَليي َ‬
‫م*‬ ‫مييال َك ُ ْ‬
‫م أعْ َ‬ ‫ُ َْ ُ‬ ‫ْ ِ َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫َ َْ ِ ُّ ْ ِ‬
‫ن وَن َب ْل ُي َ‬
‫و‬ ‫ري َ‬‫صيياب ِ ِ‬‫م َوال ّ‬‫منك ُي ْ‬
‫ن ِ‬ ‫دي َ‬‫جاهِي ِ‬ ‫م َ‬‫م ال ْ ُ‬
‫ى ن َعْل َي َ‬ ‫حت ّ َ‬
‫م َ‬ ‫وَل َن َب ْل ُوَن ّك ُ ْ‬
‫م‬‫خَبييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييياَرك ُ ْ‬ ‫أَ ْ‬
‫يقول تعالى‪} :‬أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن ليين‬
‫يخرج اللييه أضييغانهم ؟{ أي أيعتقييد المنييافقون أن اللييه ل‬
‫يكشييف أمرهييم لعبيياده المييؤمنين‪ ,‬بييل سيوضييح أمرهييم‬
‫ويجليه حتى يفهمهم ذوو البصائر‪ ,‬وقد أنزل الله تعالى في‬
‫ذلك سورة براءة فبين فيها فضائحهم‪ ,‬ومييا يعتمييدونه ميين‬
‫الفعال الدالة على نفاقهم‪ ,‬ولهذا كانت تسيمى الفاضيحة‪.‬‬
‫والضغان‪ :‬جمع ضغن وهييو مييا فييي النفييوس ميين الحسييد‬
‫والحقد للسييلم وأهلييه والقييائمين بنصييره‪ .‬وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}ولو نشاء لريناكم فلعرفتهم بسيماهم{ يقييول عييز وجييل‬
‫ولييو نشيياء يييا محمييد لرينيياك أشخاصييهم فعرفتهييم عيانيًا‪,‬‬
‫ولكن لم يفعل تعالى ذلك في جميع المنافقين سييترا ً منييه‬
‫علييى خلقييه‪ ,‬وحمل ً للمييور علييى ظيياهر السييلمة وردا ً‬

‫‪300‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫للسرائر إلييى عالمهييا }ولتعرفنهييم فييي لحيين القييول{ أي‬
‫فيما يبدو من كلمهم الدال على مقاصدهم يفهم المتكلييم‬
‫من أي الحزبين هو بمعاني كلمه وفحواه‪ ,‬وهو المراد من‬
‫لحن القول كما قال أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي‬
‫الله عنه‪ :‬ما أسر أحد سريرة إل أبداها الله على صييفحات‬
‫وجهيييييييييييييييييه وفلتيييييييييييييييييات لسيييييييييييييييييانه‪.‬‬
‫وفي الحديث »ما أسر أحد سريرة إل كساه اللييه تعييالى‬
‫جلبابهييا إن خيييرا ً فخييير وإن شييرا ً فشيير« وقييد ذكرنييا مييا‬
‫يستدل به على نفيياق الرجييل وتكلمنييا علييى نفيياق العمييل‬
‫والعتقاد فييي أول شييرح البخيياري بمييا أغنييى عيين إعييادته‬
‫ههنا‪ ,‬وقد ورد في الحديث تعيييين جماعيية ميين المنييافقين‪.‬‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا وكيع‪ ,‬حدثنا سفيان عن سلمة عن‬
‫عياض بن عياض عن أبيه عن أبي مسعود عقبة بن عمييرو‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬خطبنا رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم خطبة فحمد الله تعالى وأثنييى عليييه ثييم قييال‪» :‬إن‬
‫منكم منافقين فمن سميت فليقم ي ثم قال ي قييم يييا فلن‪,‬‬
‫قم يا فلن قم يا فلن ي حتى سمى ستة وثلثييين رجل ً ثييم‬
‫قال ي إن فيكم أو منكم ي منافقين فاتقوا اللييه« قييال فميير‬
‫عمر رضي الله عنه برجل ممن سمى مقنع قد كان يعرفه‬
‫فقال‪ :‬مالك ؟ فحدثه بما قال رسول الله صلى اللييه عليييه‬
‫وسييلم فقييال‪ :‬بعييدا ً لييك سييائر اليييوم‪ .‬وقييوله عييز وجييل‪:‬‬
‫}ولنبلونكم{ أي لنختبرنكم بالوامر والنواهي }حتى نعلييم‬
‫المجاهدين منكم والصابرين ونبلييو أخبيياركم{ وليييس فييي‬
‫تقدم علم الله تعالى بمييا هييو كييائن أنييه سيييكون شييك ول‬
‫ريب‪ ,‬فالمراد حتى نعلم وقييوعه ولهييذا يقييول ابيين عبيياس‬
‫رضييي اللييه عنهمييا فييي مثييل هييذا‪ :‬إل لنعلييم أي لنييرى‪.‬‬

‫ل‬ ‫سو َ‬ ‫شآّقوا ْ الّر ُ‬ ‫ل الل ّهِ وَ َ‬ ‫سِبي ِ‬‫عن َ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ وَ َ‬
‫ص ّ‬ ‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬‫** إ ِ ّ‬
‫حب ِ ُ‬
‫ط‬ ‫شييْيئا ً وَ َ‬
‫سييي ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ضّروا ْ الل ّ َ‬ ‫م ال ْهُد َىَ َلن ي َ ُ‬ ‫ن ل َهُ ُ‬ ‫ما ت َب َي َّ َ‬‫من ب َعْدِ َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫سييو َ‬ ‫طيُعوا ْ الّر ُ‬ ‫ه وَأ ِ‬ ‫طيُعوا ْ الل ّ َ‬‫من ُوَا ْ أ ِ‬‫نآ َ‬ ‫م * ي َأي َّها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫مال َهُ ْ‬‫أعْ َ‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫سيِبي ِ‬ ‫دوا ْ عَيين َ‬ ‫صي ّ‬‫ن ك ََفُروا ْ وَ َ‬ ‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬
‫م * إِ ّ‬ ‫مال َك ُ ْ‬‫وَل َ ت ُب ْط ِل ُوَا ْ أعْ َ‬

‫‪301‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫م * فَل َ ت َهن ُييوا ْ‬ ‫ه ل َهُ ي ْ‬ ‫م ك ُّفاٌر فَل َيين ي َغِْف يَر الل ّي ُ‬ ‫ماُتوا ْ وَهُ ْ‬
‫م َ‬‫الل ّهِ ث ُ ّ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫م وَل َيين ي َت َِرك ُي ْ‬
‫معَك ُي ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن َوالل ّ ُ‬‫م العْل َوْ َ‬ ‫سل ْم ِ وَأنت ُ ُ‬
‫وَت َد ْعُوَا ْ إ َِلى ال ّ‬
‫َ‬
‫م‬‫ميييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييال َك ُ ْ‬ ‫أعْ َ‬
‫يخييبر تعييالى عميين كفيير وصييد عيين سييبيل اللييه وخييالف‬
‫الرسول وشاقه‪ ,‬وارتد عن اليمييان ميين بعييد مييا تييبين لييه‬
‫الهدى أنه لن يضر الله شيئًا‪ ,‬وإنما يضيير نفسييه ويخسييرها‬
‫يوم معادها‪ ,‬وسيحبط الله عمله فل يثيبه علييى سييالف مييا‬
‫تقدم من عمله الذي عقبه بردته مثقال بعوضية ميين خييير‪,‬‬
‫بييل يحبطييه ويمحقييه بالكلييية كمييا أن الحسيينات يييذهبن‬
‫السيئات‪ .‬وقد قيال الميام أحميد بين نصير الميروزي فيي‬
‫كتاب الصلة‪ :‬حدثنا أبو قدامة‪ ,‬حدثنا وكيع‪ ,‬حدثنا أبو جعفر‬
‫الرازي عيين الربيييع بيين أنييس عيين أبييي العالييية قييال كييان‬
‫أصحاب رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم يييرون أنييه ل‬
‫يضر مع »ل إله إل الله ذنب« كما ل ينفع مع الشرك عمل‬
‫فنزليييت }أطيعيييوا الليييه وأطيعيييوا الرسيييول ول تبطليييوا‬
‫أعمالكم{ فخافوا أن يبطييل الييذنب العمييل‪ ,‬ثييم روي عيين‬
‫طريق عبد الله بن المبارك أخبرني بكير بن معييروف عيين‬
‫مقاتل بن حيان عن نافع عن ابن عميير رضييي اللييه عنهمييا‬
‫قال‪ :‬كنا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫نرى أنه ليس شيء من الحسيينات إل مقبييول حييتى نزلييت‬
‫}أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ول تبطلوا أعمالكم{ فقلنا‪:‬‬
‫مييا هييذا الييذي يبطييل أعمالنييا ؟ فقلنييا‪ :‬الكبييائر الموجبييات‬
‫والفواحش حيتى نيزل قيوله تعيالى‪} :‬إن الليه ل يغفير أن‬
‫يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء{ فلما نزلت كففنا‬
‫عيين القييول فييي ذلييك فكنييا نخيياف علييى ميين أصيياب‬
‫الكبييييييائروالفواحش ونرجييييييو لمييييين لييييييم يصيييييبها‪.‬‬
‫ثم أمر تبارك وتعييالى عبيياده المييؤمنين بطيياعته وطاعيية‬
‫لخيرة ونهياهم عين‬ ‫رسوله التي هي سعادتهم في الدنيا وا َ‬
‫الرتداد الذي هو مبطل للعمال‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‪} :‬ول‬
‫تبطلوا أعمالكم{ أي بالردة‪ ,‬ولهذا قال بعدها‪} :‬إن الييذين‬
‫كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر‬
‫الله لهييم{ كقييوله سييبحانه وتعييالى‪} :‬إن اللييه ل يغفيير أن‬

‫‪302‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليية‪ .‬ثيم قيال‬ ‫يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمين يشياء{ ا َ‬
‫جل وعل لعباده المؤمنين‪} :‬فل تهنوا{ أي ل تضييعفوا عيين‬
‫العييداء }وتييدعوا إلييى السييلم{ أي المهادنيية والمسييالمة‬
‫ووضع القتال بينكم وبين الكفييار فييي حييال قييوتكم وكييثرة‬
‫عييددكم وعييددكم‪ ..,‬ولهييذا قييال‪} :‬فل تهنييوا وتييدعوا إلييى‬
‫السلم وأنتم العلون{ أي في حال علوكم علييى عييدوكم‪..‬‬
‫فأما إذا كان الكفار فيهم قييوة وكييثرة بالنسييبة إلييى جميييع‬
‫المسلمين‪ ,‬ورأى المام في المهادنة‪ ,‬والمعاهييدة مصييلحة‬
‫فله أن يفعل ذلك‪ ,‬كما فعل رسول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم حين صده كفار قريش عن مكة ودعوه إلى الصلح‪,‬‬
‫ووضع الحرب بينهم وبينه عشر سنين فأجابهم صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم إلى ذلك‪ .‬وقوله جلت عظمته‪} :‬والله معكم{‬
‫فيه بشارة عظيميية بالنصيير والظفيير علييى العييداء }وليين‬
‫يتركم أعمالكم{ أي ولن يحبطها ويبطلهييا ويسييلبكم إياهييا‬
‫بييل يييوفيكم ثوابهييا ول ينقصييكم منهييا شيييئا ً واللييه أعلييم‪.‬‬

‫م‬ ‫من ُييوا ْ وَت َت ُّقييوا ْ ي ُيؤْت ِك ُ ْ‬ ‫ب وَل َهْيوٌ وَِإن ت ُؤْ ِ‬ ‫حَياةُ الد ّن َْيا ل َعِ ٌ‬ ‫ما ال ْ َ‬ ‫** إ ِن ّ َ‬
‫َ‬ ‫أ ُجورك ُم ول َ يس يأ َل ْك ُ َ‬
‫م‬ ‫حِفك ُي ْ‬ ‫ها فَي ُ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫س يأل ْك ُ ُ‬‫م * ِإن ي َ ْ‬ ‫وال َك ُ ْ‬‫مي َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ ْ َ َ ْ‬
‫ن ل ُِتنِفُقييوا ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خُلوا ْ وَي ُ ْ‬
‫هـ يؤُل َِء ت ُيد ْعَوْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ها أنت ُ ْ‬ ‫م* َ‬ ‫ضَغان َك ُ ْ‬ ‫جأ ْ‬ ‫خرِ ْ‬ ‫ت َب ْ َ‬
‫عن‬ ‫ل َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ما ي َب ْ َ‬‫ل فَإ ِن ّ َ‬ ‫خ ْ‬‫من ي َب ْ َ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫من ي َب ْ َ‬ ‫كم ّ‬ ‫ل الل ّهِ فَ ِ‬
‫من ُ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ِفي َ‬
‫وميا ً‬ ‫َ‬
‫ل قَ ْ‬ ‫سيت َب ْدِ ْ‬ ‫م ال ُْفَقَرآُء وَِإن ت َت َوَل ّوْا ْ ي َ ْ‬ ‫ي وَأنت ُ ُ‬ ‫ه ال ْغَن ِ ّ‬‫سهِ َوالل ّ ُ‬ ‫ن ّْف ِ‬
‫مث َيييييييييييال َ ُ‬ ‫َ‬
‫كم‬ ‫كون ُيييييييييييوَا ْ أ ْ‬ ‫م ل َ يَ ُ‬ ‫م ث ُييييييييييي ّ‬ ‫غَي َْرك ُييييييييييي ْ‬
‫يقييول تعييالى تحقيييرا ً لميير الييدنيا وتهوينيا ً لشييأنها }إنمييا‬
‫الحياة الدنيا لعب ولهو{ أي حاصلها ذلك إل مييا كييان منهييا‬
‫لله عز وجل‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬وإن تؤمنوا وتتقوا يييؤتكم‬
‫أجوركم ول يسألكم أموالكم{ أي هو غني عنكم ل يطلييب‬
‫منكييم شيييئا ً وإنمييا فييرض عليكييم الصييدقات ميين المييوال‬
‫مواساة لخوانكم الفقراء‪ ,‬ليعود نفييع ذلييك عليكييم ويرجييع‬
‫ثوابه إليكم‪ ,‬ثم قال جل جللييه‪} :‬إن يسييألكموها فيحفكييم‬
‫تبخلييوا{ أي يحرجكييم تبخلييوا }ويخييرج أضييغانكم{ قييال‬
‫قتادة‪ :‬قد علم الله تعييالى أن فييي إخييراج المييوال إخييراج‬

‫‪303‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الضغان‪ .‬وصدق قتادة فإن المييال محبييوب ول يصييرف إل‬
‫فيما هو أحب إلى الشخص منه‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬هييا أنتييم‬
‫هؤلء تدعون لتنفقوا في سبيل اللييه فمنكييم ميين يبخييل{‬
‫أي ل يجيب إلى ذلك }ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسييه{‬
‫أي إنما نقص نفسه من الجر وإنما يعود وبييال ذلييك عليييه‬
‫}والله الغني{ أي عن كل ما سواه وكل شيء فقييير إليييه‬
‫دائمًا‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬وأنتم الفقراء{ أي بالييذات إليييه‪,‬‬
‫فوصييفه بييالغني وصييف لزم لييه‪ ,‬ووصييف الخلييق بييالفقر‬
‫وصييييييييييف لزم لهييييييييييم ل ينفكييييييييييون عنييييييييييه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وإن تتولوا{ أي عن طاعته واتباع شييرعه‬
‫}يستبدل قوميا ً غيركييم ثييم ل يكونييوا أمثييالكم{ أي ولكيين‬
‫يكونون سامعين مطيعين له ولوامره‪ .‬وقال ابن أبي حاتم‬
‫وابن جرير‪ :‬حدثنا يونس بن عبد العلى‪ ,‬حدثنا ابيين وهييب‪,‬‬
‫أخبرني مسلم بن خالد عن العلء بن عبد الرحمن عن أبيه‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬إن رسول اللييه صييلى‬
‫لييية }وإن تتولييوا يسييتبدل قوميا ً‬ ‫الله عليه وسلم تل هذه ا َ‬
‫غيركم ثم ل يكونيوا أمثيالكم{ قيالوا‪ :‬ييا رسيول الليه مين‬
‫هؤلء الذين إن تولينييا اسييتبدل بنييا ثييم ل يكونييوا أمثالنييا ؟‬
‫قال‪ :‬فضرب بيده على كتف سلمان الفارسي رضييي اللييه‬
‫عنه ثم قال »هذا وقومه ولو كان الدين عند الثريا لتنيياوله‬
‫رجال من الفرس« تفرد به مسلم بن خالد الزنجي‪ ,‬ورواه‬
‫عنه غيير واحيد‪ ,‬وقيد تكليم فييه بعيض الئمية رحمية الليه‬
‫عليهييييييييييييييييييم‪ ,‬واللييييييييييييييييييه أعلييييييييييييييييييم‪.‬‬
‫آخر تفسير سورة القتال ولله الحمد والمنة‪.‬‬

‫سورة الفتح‬
‫وهييييييييييييييييييييييييييييييييي مدنييييييييييييييييييييييييييييييييية‬
‫قال المام أحمد حدثنا وكيع حدثنا شعبة عن معاوييية بيين‬
‫قرة قال سمعت عبد الله بن مغفل يقول قرأ رسول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم عام الفتح في مسيره سيورة الفتيح‬
‫على راحلتييه فرجييع فيهييا قييال معاوييية لييول أنييي أكييره أن‬

‫‪304‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يجتمع الناس علينييا لحكيييت قراءتييه‪ ,‬أخرجيياه ميين حييديث‬
‫شييييييييييييييييييييييييييييييييييعبة بييييييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬

‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫ميين‬ ‫م ِ‬ ‫مييا ت ََق يد ّ َ‬


‫ه َ‬ ‫ك الل ّ ُ‬‫مِبينا ً * ل ّي َغِْفَر ل َ َ‬ ‫ك فَْتحا ً ّ‬ ‫حَنا ل َ َ‬ ‫** إ ِّنا فَت َ ْ‬
‫سييت َِقيما ً‬ ‫َ‬
‫صَراطا ً ّ‬
‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫ه عَل َي ْ َ‬
‫ك وَي َهْدِي َ َ‬ ‫مت َ ُ‬
‫م ن ِعْ َ‬
‫خَر وَي ُت ِ ّ‬ ‫ما ت َأ ّ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫ذنب ِ َ‬
‫َ‬
‫زيييييييييييزا ً‬ ‫صييييييييييرا ً عَ ِ‬ ‫ه نَ ْ‬‫ك الّليييييييييي ُ‬ ‫صييييييييييَر َ‬ ‫* وََين ُ‬
‫نزلت هذه السورة الكريمة لما رجع رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ,‬من الحديبييية فييي ذي القعييدة ميين سيينة‬
‫ست من الهجرة‪ ,‬حين صده المشركون عن الوصول إلييى‬
‫المسجد الحرام فيقضي عمرته فيه‪ ,‬وحالوا بينه وبين ذلك‬
‫ثم مالوا إلى المصالحة والمهادنة‪ ,‬وأن يرجع عامه هذا ثييم‬
‫يأتي من قابل‪ ,‬فأجابهم إلى ذلك علييى تكييره ميين جماعيية‬
‫من الصحابة‪ ,‬منهم عمر بن الخطاب رضي اللييه عنييه كمييا‬
‫سيأتي تفصيله في موضييعه ميين تفسييير هييذه السييورة إن‬
‫شاء الله تعالى‪ ,‬فلما نحر هديه حيييث أحصيير ورجييع أنييزل‬
‫الله عز وجل هذه السورة من أمره وأمرهم‪ ,‬وجعييل ذلييك‬
‫الصلح فتحا ً باعتبار ما فيه من المصلحة وما آل المر إليه‪,‬‬
‫كما روى ابن مسعود رضي الله عنه وغيره أنه قال‪ :‬إنكييم‬
‫تعدون الفتح فتييح مكيية ونحيين نعييد الفتييح صييلح الحديبييية‪,‬‬
‫وقال العمش عن أبي سفيان عن جييابر رضييي اللييه عنييه‬
‫قال‪ :‬ما كنييا نعييد(الفتييح إل يييوم الحديبيية‪ ,‬وقييال البخيياري‪:‬‬
‫حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عيين أبييي إسييحاق‬
‫عن البراء رضي الله عنه قال‪ :‬تعدون أنتم الفتح فتح مكيية‬
‫وقد كان فتح مكة فتحًا‪ ,‬ونحيين نعييد الفتييح بيعيية الرضييوان‬
‫يوم الحديبية‪ ,‬كنا مع رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫أربع عشرة مائة‪ .‬والحديبية بئر فنزحناهييا فلييم نييترك فيهييا‬
‫قطرة‪ ,‬فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسييلم فأتانييا‬
‫فجلس علييى شييفيرها ثييم دعييا بإنيياء ميين ميياء فتوضييأ ثييم‬

‫‪305‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تمضمض ودعا ثم صبه فيهييا فتركناهييا غييير بعيييد‪ ,‬ثييم إنهييا‬
‫أصييييييييدرتنا مييييييييا شييييييييئنا نحيييييييين وركائبنييييييييا‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو نوح‪ ,‬حييدثنا ماليك بين أنييس‬
‫عن زيد بن أسلم عن أبيه عيين عميير بيين الخطيياب رضييي‬
‫الله عنه قال‪ :‬كنا مع رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫في سفر قال‪ :‬فسييألته عيين شيييء ثلث مييرات فلييم يييرد‬
‫ي‪ ,‬قال فقلت في نفسي‪ :‬ثكلتك أمك يييا ابيين الخطيياب‬ ‫عل ّ‬
‫ألححت كررت على رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫ثلث مرات فلم يرد عليك ؟ قال‪ :‬فركبت راحلتي فحركت‬
‫ي شيء‪ ,‬قال‪ :‬فإذا‬ ‫بعيري فتقدمت مخافة أن يكون نزل ف ّ‬
‫ي‬
‫أنا بمناد يا عميير‪ ,‬قييال‪ :‬فرجعييت وأنييا أظين أنيه نييزل في ّ‬
‫شيء قال‪ :‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم »نييزل علييي‬
‫البارحة سورة هي أحب إلي من الدنيا وما فيها }إنا فتحنييا‬
‫لك فتحا ً مبينًا* ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر{‬
‫ورواه البخاري والترمذي والنسائي ميين طييرق عيين مالييك‬
‫رحمه الله‪ ,‬وقال علي بن المديني هييذا إسييناد مييدني جيييد‬
‫لم نجده إل عندهم‪ ,‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الييرزاق‪,‬‬
‫حدثنا معمر عن قتادة عن أنس بن مالك رضييي اللييه عنييه‬
‫قال‪ :‬نزلت على النبي صلى الله عليه وسييلم }ليغفيير لييك‬
‫الله ما تقدم من ذنبك ومييا تييأخر{ مرجعييه ميين الحديبييية‪.‬‬
‫قال النبي صلى الله عليه وسلم‪» :‬لقد أنزلت علييي الليليية‬
‫آية أحب إلي ممييا علييى الرض« ثييم قرأهييا عليهييم النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فقالوا‪ :‬هنيئا ً مريئا ً يا نييبي اللييه لقييد‬
‫بين الله عز وجل ما يفعل بييك فميياذا يفعييل بنييا ؟ فنزلييت‬
‫عليه صلى الله عليه وسلم }ليدخل المؤمنين والمؤمنييات‬
‫جنات تجري من تحتها النهار ي حتى بلييغ ي ي فييوزا ً عظيم يًا{‬
‫أخرجيييياه فييييي الصييييحيحين ميييين رواييييية قتييييادة بييييه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا إسحاق بن عيسى‪ ,‬حدثنا مجمع‬
‫بن يعقوب قال‪ :‬سمعت أبي يحدث عن عمه عبد الرحميين‬
‫بن يزيد النصاري‪ ,‬عين عمييه مجميع بيين حارثية النصياري‬
‫رضي الله عنه‪ ,‬وكان أحد القراء الذين قرأوا القرآن قييال‪:‬‬
‫شييهدنا الحديبييية فلمييا انصييرفنا عنهييا إذا النيياس ينفييرون‬

‫‪306‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الباعر فقيال النياس بعضيهم لبعيض‪ :‬ميا للنياس ؟ قيالوا‪:‬‬
‫أوحي إلي رسول الله صلى الله عليه وسييلم فخرجنييا مييع‬
‫الناس نوجف فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم علييى‬
‫راحلته عند كراع الغميم‪ ,‬فاجتمع الناس عليه فقرأ عليهييم‬
‫}إنا فتحنا لك فتحا ً مبينا{ قال‪ :‬فقال‪ :‬رجييل ميين أصييحاب‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أي رسييول اللييه أو فتييح‬
‫هو ؟ قال صلى الله عليه وسلم‪» :‬إي والذي نفس محمييد‬
‫بيده إنه لفتح« فقسمت خيبر على أهل الحديبية لم يدخل‬
‫معهم فيها أحد إل من شهد الحديبية فقسمها رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم ثمانية عشيير سييهمًا‪ .‬وكييان الجيييش‬
‫ألفييا ً وخمسييمائة منهييم ثلثمييائة فييارس أعطييى الفييارس‬
‫سهمين وأعطى الراجل سهما ً ورواه أبو داود فييي الجهيياد‬
‫عيين محمييد بيين عيسييى عيين مجمييع بيين يعقييوب بييه‪.‬‬
‫وقال ابن جرير حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيييع‪ ,‬حييدثنا‬
‫أبييو بحيير‪ ,‬حييدثنا شييعبة‪ ,‬حييدثنا جييامع بيين شييداد عيين‬
‫عبدالرحمن بيين أبييي علقمية قييال‪ :‬سييمعت عبيد الليه بيين‬
‫مسعود رضييي اللييه عنييه يقييول‪ :‬لمييا أقبلنييا ميين الحديبييية‬
‫عرسيينا فنمنييا فلييم نسييتيقظ إل والشييمس قييد طلعييت‪,‬‬
‫فاستيقظنا ورسول الله صلى الله عليه وسييلم نييائم قييال‪:‬‬
‫فقلنا أيقظوه فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسييلم‬
‫فقال‪» :‬افعلوا ما كنتم تفعلييون وكييذلك يفعييل ميين نييام أو‬
‫نسي« قال‪ :‬وفقدنا ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫فطلبناها فوجدناها قد تعلييق خطامهيا بشييجرة‪ ,‬فييأتيته بهييا‬
‫فركبها فبينا نحن نسير إذ أتاه الوحي قييال‪ :‬وكييان إذا أتيياه‬
‫الوحي اشتد عليه‪ ,‬فلما سري عنه أخبرنييا أنييه أنييزل عليييه‬
‫}إنييا فتحنييا لييك فتح يا ً مبين يًا{ وقييد رواه أحمييد وأبييو داود‬
‫والنسائي من غييير وجييه عيين جييامع بيين شييداد بييه‪ .‬وقييال‬
‫المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬حدثنا سفيان عن زياد بن‬
‫علقة قال‪ :‬سمعت المغيرة بين شيعبة يقيول‪ :‬كيان النيبي‬
‫صلى الله عليه وسلم يصييلي حييتى تييرم قييدماه فقيييل لييه‬
‫أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقييال‬

‫‪307‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صلى الله عليه وسلم »أفل أكون عبدا ً شكورا ً ؟« أخرجاه‬
‫وبقيييية الجماعييية إل أبيييا داود مييين حيييديث زيييياد بيييه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا هارون بن معييروف‪ ,‬حييدثنا ابيين‬
‫وهب‪ ,‬حدثني أبو صخر عن ابن قسيط عن ابن عييروة بيين‬
‫الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬كان رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسيلم إذا صيلى قيام حيتى تتفطيير رجله‪,‬‬
‫فقالت له عائشة رضي الله عنها‪ :‬يا رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم أتصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقييدم لييك ميين‬
‫ذنبك وما تأخر ؟ فقال صلى الله عليه وسلم‪» :‬يييا عائشيية‬
‫أفل أكون عبدا ً شكورًا«‪ .‬أخرجه مسيلم فييي الصيحيح ميين‬
‫رواية عبد الله بن وهب به‪ .‬وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي‬
‫بن الحسين حدثنا عبد اللييه بيين عييوف الخييراز وكييان ثقيية‬
‫بمكة حدثنا محمد بن بشيير حييدثنا مسييعر عيين قتييادة عيين‬
‫أنس قال قام رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم حييتى‬
‫تورمت قدماه ي أو قال ساقاه ي فقييل ليه ألييس قيد غفير‬
‫الله لك ما تقدم من ذنبييك ومييا تييأخر ؟ قييال‪» :‬أفل أكييون‬
‫عبدا ً شكورًا« غريب من هذا الوجه فقوله‪} :‬إنا فتحنييا لييك‬
‫فتحا ً مبينًا{ أي بينا ً وظاهرا ً والمراد به صلح الحديبية‪ ,‬فإنه‬
‫حصل بسييببه خييير جزيييل‪ ,‬وآميين النيياس واجتمييع بعضييهم‬
‫ببعيض‪ ,‬وتكليم الميؤمن ميع الكيافر وانتشير العليم النيافع‬
‫واليميييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييان‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ليغفر ليك الليه ميا تقيدم مين ذنبيك وميا‬
‫تأخر{ هذا من خصائصييه صييلى اللييه عليييه وسييلم الييتي ل‬
‫يشاركه فيها غيره‪ ,‬وليييس فييي حييديث صييحيح فييي ثييواب‬
‫العمال لغيره غفر له ما تقدم من ذنبييه ومييا تييأخر‪ ,‬وهييذا‬
‫فيه تشريف عظيم لرسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪,‬‬
‫وهو صلى الله عليه وسلم في جميع أموره علييى الطاعيية‬
‫والبر والستقامة التي لم ينلها بشر سييواه ل ميين الولييين‬
‫لخرين‪ ,‬وهو صلى الله عليه وسييلم أكمييل البشيير‬ ‫ول من ا َ‬
‫لخرة‪ ,‬ولما كان أطييوع‬ ‫على الطلق وسيدهم في الدنيا وا َ‬
‫خلق الله تعالى لله وأشدهم تعظيما ً لوامره ونواهيه قييال‬
‫حين بركت بييه الناقيية‪» :‬حبسييها حييابس الفيييل« ثييم قييال‬

‫‪308‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صلى الله عليه وسييلم‪» :‬والييذي نفسييي بيييده ل يسييألوني‬
‫اليوم شيئا ً يعظمون به حرمات الله إل أجبتهم إليها« فلمييا‬
‫أطاع الله في ذلك وأجاب إلى الصلح قال الله تعييالى لييه‪:‬‬
‫}إنا فتحنا لك فتحا ً مبينيا ً * ليغفيير ليك الليه مييا تقييدم ميين‬
‫لخييرة‬‫ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليييك{ أي فييي الييدنيا وا َ‬
‫}ويهديك صراطا ً مستقيمًا{ أي بما يشرعه لك من الشرع‬
‫العظيم والدين القييويم }وينصيرك الليه نصييرا ً عزيييزًا{ أي‬
‫بسبب خضوعك لمر الله عز وجل يرفعييك اللييه وينصييرك‬
‫على أعدائك كما جاء في الحديث الصييحيح »ومييا زاد اللييه‬
‫عبدا ً بعفو إل عزًا‪ .‬وما تواضع أحد للييه عييز وجييل إل رفعييه‬
‫الله تعالى« وعن عمر بيين الخطيياب رضييي اللييه عنييه أنييه‬
‫قال‪ :‬ما عاقبت أحدا ً عصى الله تعالى فيك بمثل أن تطيييع‬
‫اللييييييييييييه تبيييييييييييييارك وتعيييييييييييييالى فييييييييييييييه‪.‬‬

‫داد ُوَا ْ‬ ‫ن ل ِي َيْز َ‬ ‫مِني َ‬ ‫م يؤ ْ ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ة فِييي قُل ُييو ِ‬ ‫كين َ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫** هُوَ ال ّذِيَ َأنَز َ‬
‫ه‬‫ن الّليي ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ت َوالْرض وَ َ‬
‫ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫جُنود ُ ال ّ‬ ‫م وَل ِل ّهِ ُ‬ ‫مان ِهِ ْ‬ ‫معَ ِإي َ‬ ‫مانا ً ّ‬ ‫ِإي َ‬
‫ري‬ ‫جيي ِ‬
‫ت تَ ْ‬ ‫جّنييا ٍ‬ ‫ت َ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن َوال ْ ُ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫خ َ‬ ‫كيما ً * ل ّي ُد ْ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫عَِليما ً َ‬
‫ن‬ ‫م وَك َييا َ‬ ‫سيي َّئات ِهِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِفيَها وَي ُك َّفَر عَن ْهُي ْ‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬‫حت َِها الن َْهاُر َ‬ ‫من ت َ ْ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫من َيييافِِقي َ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ظيميييا ً * وَي ُعَيييذ ّ َ‬ ‫وزا ً عَ ِ‬ ‫عنيييد َ الل ّيييهِ فَييي ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫ذ َل ِييي َ‬
‫ن‬ ‫ن ب ِييالل ّهِ ظ َي ّ‬ ‫ت الظ ّييآّني َ‬ ‫كا ِ‬ ‫شيرِ َ‬ ‫م ْ‬‫ن َوال ْ ُ‬ ‫كي َ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت َوال ْ ُ‬ ‫مَنافَِقا ِ‬ ‫َوال ْ ُ‬
‫م‬ ‫م وَل َعَن َهُي ْ‬ ‫ه عَل َي ْهِي ْ‬ ‫ب الل ّي ُ‬ ‫ضي َ‬ ‫سيوِْء وَغَ ِ‬ ‫دآئ َِرةُ ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫سيوِْء عَل َي ْهِي ْ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سي َ‬ ‫جُنيود ُ ال ّ‬ ‫صييرا ً * وَل ِّليهِ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ت َ‬ ‫سآَء ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫جهَن ّ َ‬‫م َ‬ ‫وَأعَد ّ ل َهُ ْ‬
‫كيميييييييييا ً‬ ‫ح ِ‬ ‫زييييييييييزا ً َ‬ ‫ه عَ ِ‬ ‫ن الّلييييييييي ُ‬ ‫كيييييييييا َ‬ ‫َوالْرض وَ َ‬
‫ِ‬
‫يقييول تعييالى‪} :‬هييو الييذي أنييزل السييكينة{ أي جعييل‬
‫الطمأنينة‪ ,‬قال ابن عباس رضي الله عنهما وعنه‪ :‬الرحمة‬
‫وقال قتادة‪ :‬الوقار فييي قلييوب المييؤمنين‪ ,‬وهييم الصييحابة‬
‫رضييي اللييه عنهييم‪ ,‬يييوم الحديبييية الييذين اسييتجابوا للييه‬
‫ولرسييوله وانقييادوا لحكييم اللييه ورسييوله‪ ,‬فلمييا اطمييأنت‬
‫قلوبهم بييذلك واسييتقرت زادهييم إيمانيا ً مييع إيمييانهم‪ ,‬وقييد‬
‫استدل بها البخاري وغيره من الئمة على تفاضييل اليميان‬
‫فييي القلييوب‪ ,‬ثييم ذكيير تعييالى أنييه لييو شيياء ل نتصيير ميين‬

‫‪309‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الكافرين فقال سييبحانه وتعييالى‪} :‬وللييه جنييود السييموات‬
‫والرض{ أي وليييو أرسيييل عليهيييم ملكيييا ً واحيييدا ً لبييياد‬
‫خضييراءهم‪ ,‬ولكنييه تعييالى شييرع لعبيياده المييؤمنين الجهيياد‬
‫والقتييال‪ ,‬لمييا لييه فييي ذلييك ميين الحكميية البالغيية والحجيية‬
‫القاطعيية والييبراهين الدامغيية‪ ,‬ولهييذا قييال جلييت عظمتييه‪:‬‬
‫}وكيييييييييييان الليييييييييييه عليميييييييييييا ً حكيميييييييييييًا{‪.‬‬
‫ثم قال عز وجل‪} :‬ليييدخل المييؤمنين والمؤمنييات جنييات‬
‫تجري من تحتها النهار خالدين فيها{ قد تقدم حديث أنس‬
‫رضي الله عنه حين قالوا‪ :‬هنيئا ً لك يا رسول الله‪ ,‬هذا لييك‬
‫فما لنا ؟ فأنزل الله تعالى‪} :‬ليدخل المؤمنين والمؤمنييات‬
‫جنات تجري من تحتها النهار خالييدين فيهييا{ أي مييا كييثين‬
‫فيها أبدا ً }ويكفر عنهم سيئاتهم{ أي خطاياهم وذنوبهم فل‬
‫يعيياقبهم عليهييا‪ ,‬بييل يعفييو ويصييفح ويغفيير ويسييتر ويرحييم‬
‫ويشكر }وكان ذلك عنييد اللييه فييوزا ً عظيميًا{ كقييوله جييل‬
‫وعل‪} :‬فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز{ ا َ‬
‫لييية‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ويعذب المنافقين والمنافقات والمشييركين‬
‫والمشركات الظانين بالله ظيين السيوء{ أي يتهميون الليه‬
‫تعالى في حكمه ويظنون بالرسول صلى الله عليه وسييلم‬
‫وأصحابه رضي الله عنهم أن يقتلوا ويذهبوا بالكلية‪ ,‬ولهييذا‬
‫قييال تعييالى‪} :‬عليهييم دائرة السييوء وغضييب اللييه عليهييم‬
‫ولعنهم{ أي أبعدهم من رحمته }وأعد لهم جهنم وسيياءت‬
‫مصيرًا{ ثم قال عز وجل مؤكدا ً لقدرته على النتقييام ميين‬
‫العداء أعداء السلم ومن الكفرة والمنافقين }ولله جنود‬
‫السييييموات والرض وكييييان اللييييه عزيييييزا ً حكيمييييًا{‪.‬‬

‫َ‬
‫مُنيوا ْ ِبيالل ّهِ‬ ‫ذيرا ً * ل ّت ُؤْ ِ‬ ‫شيرا ً وََني ِ‬ ‫هدا ً وَ ُ‬
‫مب َ ّ‬ ‫شيا ِ‬ ‫ك َ‬ ‫سيل َْنا َ‬ ‫** إ ِّنيآ أْر َ‬
‫َ‬ ‫حوهُ ب ُ ْ‬
‫صيييل ً * إ ِ ّ‬
‫ن‬ ‫كيَرةً وَأ ِ‬ ‫سول ِهِ وَت ُعَّزُروهُ وَت ُيوَقُّروهُ وَت ُ َ‬
‫سيب ّ ُ‬ ‫وََر ُ‬
‫َ‬
‫ميين‬ ‫م فَ َ‬ ‫ديهِ ْ‬ ‫ه ي َد ُ الل ّهِ فَوْقَ أي ْي ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ما ي َُباي ُِعو َ‬
‫ك إ ِن ّ َ‬ ‫ن ي َُباي ُِعون َ َ‬‫ذي َ‬‫ال ّ ِ‬
‫ث عَل َى نْفسه وم ين أ َ‬
‫عاهَ يد َ عَل َي ْي ِ‬
‫ه‬ ‫مييا َ‬ ‫ى بِ َ‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ف‬‫ْ‬ ‫و‬ ‫َ َ ِ ِ َ َ ْ‬ ‫ما َينك ُ ُ‬ ‫ث فَإ ِن ّ َ‬‫ن ّك َ َ‬
‫ظيميييييييييييا ً‬ ‫َ‬
‫جيييييييييييرا ً عَ ِ‬ ‫سيييييييييييي ُؤِْتيهِ أ ْ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫الّلييييييييييي َ‬

‫‪310‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول تعالى لنبيه محمييد صييلى اللييه عليييه وسييلم‪} :‬إنييا‬
‫أرسلناك شاهدًا{ أي على الخلق }ومبشرًا{ أي للمؤمنين‬
‫}ونييذيرًا{ أي للكييافرين وقييد تقييدم تفسيييرها فييي سييورة‬
‫الحزاب‪} .‬لتؤمنييوا بييا للييه ورسييوله وتعييزروه{ قييال ابيين‬
‫عباس رضي الله عنهما وغير واحد‪ :‬تعظمييوه }وتييوقروه{‬
‫من التوقير وهو الحترام والجلل والعظام }وتسييبحوه{‬
‫ل{ أي أول النهار وآخره‪ .‬ثم‬ ‫أي تسبحون الله }بكرة وأصي ً‬
‫قال عز وجل لرسوله صلى الله عليييه وسييلم تشييريفا ً لييه‬
‫وتعظيما ً وتكريمًا‪} :‬إن الذين يبايعونك إنما يبييايعون اللييه{‬
‫كقوله جل وعل‪} :‬من يطع الرسول فقد أطاع اللييه{ }يييد‬
‫الله فييوق أيييديهم{ أي هييو حاضيير معهييم يسييمع أقييوالهم‬
‫ويرى مكانهم ويعلم ضمائرهم وظواهرهم فهييو تعييالى هييو‬
‫المبايع بواسطة رسول الله صلى الله عليه وسييلم كقييوله‬
‫تعالى‪} :‬إن الله اشترى من المييؤمنين أنفسييهم وأمييوالهم‬
‫بأن لهم الجنة يقاتلون فيي سيبيل الليه فيقتليون ويقتليون‬
‫وعدا ً عليه حقا ً في التوراة والنجيل والقرآن‪ ,‬وميين أوفييى‬
‫بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بابعتم به وذلك هو‬
‫الفيييييييييييييييييييييييييييييوز العظييييييييييييييييييييييييييييييم{‪.‬‬
‫وقد قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا علييي بيين الحسييين‪ ,‬حييدثنا‬
‫الفضل بن يحيى النباري‪ :‬حدثنا علي بن بكييار عيين محمييد‬
‫بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريييرة رضييي اللييه عنييه‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬ميين سييل‬
‫سيفه في سبيل الله فقييد بييايع اللييه« وحييدثنا أبييي‪ ,‬حييدثنا‬
‫يحيى بن المغيرة‪ ,‬أخبرنا جرير عن عبد الله بن عثمان بين‬
‫خثيم عن سعيد بن جبير‪ ,‬عن ابن عباس رضي الله عنهمييا‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم فييي الحجيير‬
‫»والله ليبعثنه الله عز وجل يوم القياميية لييه عينييان ينظيير‬
‫بهما ولسان ينطق به ويشهد على من استلمه بالحق فمن‬
‫استلمه فقد بايع الله تعالى« ثم قرأ رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم }إن الذين يبايعونك إنما يبايعون اللييه يييد اللييه‬
‫فوق أيديهم{ ولهذا قال تعييالى ههنييا‪} :‬فميين نكييث فإنمييا‬
‫ينكث على نفسه{ أي إنما يعود وبييال ذلييك علييى النيياكث‬

‫‪311‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والله غني عنه }ومن أوفى بما عاهد عليييه اللييه فسيييؤتيه‬
‫أجييرا ً عظيمييًا{ أي ثوابييا ً جييزي ً‬
‫ل‪ .‬وهييذه البيعيية هييي بيعيية‬
‫الرضييوان وكييانت تحييت شييجرة سييمر بالحديبييية‪ ,‬وكييان‬
‫الصحابة رضي الله عنهم الذين بييايعوا رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم يومئذ قيل ألفا ً وثلثمائة‪ ,‬وقيل وأربعمييائة‪,‬‬
‫وقييييييييييل وخمسيييييييييمائة‪ ,‬والوسيييييييييط أصيييييييييح‪,‬‬

‫ذكيييييييير الحيييييييياديث الييييييييواردة فييييييييي ذلييييييييك‬


‫قال البخاري‪ :‬حدثنا قتيبة‪ ,‬حدثنا سفيان عيين عمييرو عيين‬
‫جابر رضي الله عنه قال‪ :‬كنا يوم الحديبية ألفييا ً وأربعمييائة‬
‫ورواه مسلم من حييديث سييفيان بيين عيينيية بييه‪ ,‬وأخرجيياه‬
‫أيضا ً من حديث العمش عن سالم بن أبي الجعد عن أبي‬
‫جابر رضي الله عنه قال‪ :‬كنا يومئذ ألفا ً وأربعمائة‪ ,‬ووضييع‬
‫يده في ذلك الماء فجعل الماء ينبع من بييين أصييابعه حييتى‬
‫رووا كلهم‪ ,‬وهذا مختصر من سييياق آخيير حييين ذكيير قصيية‬
‫عطشهم يوم الحديبية‪ ,‬وأن رسول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم أعطاهم سهما ً من كنانته فوضعوه في بئر الحديبية‪,‬‬
‫فجاشت بالماء حتى كفتهم فقيل لجييابر رضييي اللييه عنييه‪:‬‬
‫كم كنتم يومئذ ؟ قال‪ :‬كنا ألفا ً وأربعمائة ولو كنا مائة ألييف‬
‫لكفانا‪ ,‬وفي رواية في الصحيحين عن جابر رضي الله عنه‬
‫أنهييييييييم كييييييييانوا خمييييييييس عشييييييييرة مييييييييائة‪.‬‬
‫وروى البخيياري ميين حييديث قتييادة قلييت لسييعيد بيين‬
‫المسيب‪ :‬كم كييان الييذين شييهدوا بيعيية الرضييوان ؟ قييال‪:‬‬
‫خمس عشرة مائة‪ ,‬قلت فإن جابر بن عبد الله رضي الليه‬
‫عنهما قال كانوا أربع عشرة مائة قييال رحمييه اللييه‪ :‬وهييم‪,‬‬
‫هو حدثني أنهم كانوا خمييس عشييرة مييائة‪ ,‬قييال الييبيهقي‪:‬‬
‫هذه الرواية تدل على أنه كييان فييي القييديم يقييول خمييس‬
‫عشرة مائة ثم ذكر الوهم فقال أربييع عشييرة مييائة‪ ,‬وروى‬
‫العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهمييا أنهييم كييانوا ألف يا ً‬
‫وخمسمائة وخمسة وعشرين‪ ,‬والمشهور الييذي رواه غييير‬
‫واحد عنه أربع عشرة مائة‪ ,‬وهييذا هييو الييذي رواه الييبيهقي‬
‫عن الحاكم عن الصم عن العباس الدوري عين يحييى بيين‬

‫‪312‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫معين عن شبابة بن سوار عن شعبة عن قتادة عيين سييعيد‬
‫بن المسيب عن أبيه قال‪ :‬كنا مع رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم تحت الشجرة ألفا ً وأربعمائة‪ ,‬وكذلك هو الييذي‬
‫في رواية سلمة بن الكوع ومعقييل بيين يسييار والييبراء بيين‬
‫عازب رضي الله عنهم‪ ,‬وبه يقول غير واحييد ميين أصييحاب‬
‫المغازي والسير‪ ,‬وقييد أخييرج صيياحبا الصييحيح ميين حييديث‬
‫شعبة عن عمرو بن مرة قال‪ :‬سيمعت عبييد الليه بين أبيي‬
‫أوفى رضي الله عنييه يقييول‪ :‬كييان أصييحاب الشييجرة ألفيا ً‬
‫وأربعمييائة وكييانت أسييلم يييومئذ ثميين المهيياجرين‪ .‬وروى‬
‫محمد بن إسحاق في السيرة عن الزهري عيين عييروة بيين‬
‫الزبير عن المسور بن مخرميية ومييروان بيين الحكييم أنهمييا‬
‫حدثاه قال‪ :‬خرج رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم عييام‬
‫ل‪ ,‬وساق معييه الهييدي‬ ‫الحديبية يريد زيارة البيت ل يريد قتا ً‬
‫سبعين بدنة‪ ,‬وكييان النيياس سييبعمائة رجييل كييل بدنيية عيين‬
‫عشرة نفر‪ ,‬وكان جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فيمييا‬
‫بلغني عنه يقول‪ :‬كنا أصحاب الحديبية أربييع عشييرة مييائة‪,‬‬
‫كذا قال ابن إسحاق وهو معدود من أوهامه فإن المحفوظ‬
‫في الصحيحين أنهم كانوا بضع عشرة مائة‪ ,‬كما سيأتي إن‬
‫شيييييييييييييييييييياء اللييييييييييييييييييييه تعييييييييييييييييييييالى‪.‬‬

‫ذكيييييييير سييييييييبب هييييييييذه البيعيييييييية العظيميييييييية‬


‫قال محمد بن إسييحاق بيين يسييار فييي السيييرة‪ :‬ثييم دعييا‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضييي‬
‫الله عنه ليبعثه إلى مكة‪ ,‬ليبلغ عنه أشراف قريش ما جيياء‬
‫له فقال‪ :‬يا رسول اللييه إنييي أخيياف قريش يا ً علييى نفسييي‬
‫وليس بمكة ميين بنييي عييدي بيين كعييب ميين يمنعنييي‪ ,‬وقييد‬
‫عرفت قريش عداوتي إياها وغلظييي عليهييا‪ ,‬ولكنييي أدلييك‬
‫على رجل أعز بها مني عثمان بن عفان رضييي اللييه عنييه‪,‬‬
‫نبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت‬
‫لحرب‪ ,‬وأنه إنما جاء زائرا ً لهييذا الييبيت ومعظم يا ً لحرمتييه‪.‬‬
‫فخرج عثمان رضي اللييه عنييه إلييى مكيية‪ ,‬فلقيييه أبييان بيين‬
‫سعيد بن العاص حين دخل مكة أو قبل أن يدخلها‪ ,‬فحمله‬

‫‪313‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بين يديه ثم أجاره حتى بلغ رسالة رسول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪ ,‬فانطلق عثمان رضي الله عنيه حيتى أتييى أبيا‬
‫سفيان وعظماء قريش‪ ,‬فبلغهم عن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم ما أرسله به‪ ,‬فقييالوا لعثمييان رضييي اللييه عنييه‬
‫حين فرغ من رسالة رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫إليهم‪ :‬إن شئت أن تطوف بالبيت فطف‪ .‬فقييال‪ :‬مييا كنييت‬
‫لفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪.‬‬
‫واحتبسته قريش عندها‪ ,‬فبلغ رسول الله صلى اللييه عليييه‬
‫وسلم والمسلمين أن عثمان رضي الله عنه قد قتل‪ ,‬قييال‬
‫ابن اسحاق‪ :‬فحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال حين بلغه أن عثمييان قييد قتييل‪:‬‬
‫»ل نيييييييييييبرح حيييييييييييتى ننييييييييييياجز القيييييييييييوم«‪.‬‬
‫ودعييا رسييول اللييه النيياس إلييى البيعيية‪ ,‬فكييانت بيعيية‬
‫الرضييوان تحييت الشييجرة‪ ,‬فكييان النيياس يقوليون‪ :‬بيايعهم‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت‪ ,‬وكان جابر‬
‫بن عبد الله رضي الله عنهما يقول‪ :‬إن رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم لم يبايعهم على الموت ولكن بايعنييا علييى‬
‫أن ل نفر‪ ,‬فبايع النيياس ولييم يتخلييف أحييد ميين المسييلمين‬
‫حضرها إل الجيد بيين قييس أخيو بنيي سيلمة‪ ,‬فكيان جييابر‬
‫رضي الله عنه يقول‪ :‬والله لكأني أنظيير إليييه لصييقا ً بييإبط‬
‫ناقته قد صبأ إليها يستتر بها ميين النيياس‪ ,‬ثييم أتييى رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم أن الذي كييان ميين أميير عثمييان‬
‫رضي الله عنه باطل‪ ,‬وذكر ابن لهيعة عن أبي السود عن‬
‫عروة بن الزبير رضي الله عنهما قريبا ً ميين هييذا السييياق‪,‬‬
‫وزاد في سياقه أن قريشا ً بعثوا وعندهم عثمان رضي الله‬
‫عنه‪ ,‬سهيل بن عمرو‪ ,‬وحويطب بن عبد العزى‪ ,‬ومكرز بن‬
‫حفص إلى رسول الله صلى الله عليه وسييلم‪ ,‬فبينمييا هييم‬
‫عنيييدهم إذ وقيييع كلم بيييين بعيييض المسيييلمين وبعيييض‬
‫المشييركين‪ ,‬وترامييوا بالنبييل والحجييارة وصيياح الفريقييان‬
‫كلهما‪ ,‬وارتهن كل من الفريقين ميين عنييده ميين الرسييل‪,‬‬
‫ونادى منادي رسييول الليه صيلى الليه علييه وسييلم‪ :‬أل إن‬
‫روح القدس قد نييزل علييى رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬

‫‪314‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسلم وأمر بالبيعة‪ ,‬فاخرجوا على اسم الله تعالى فبايعوا‪,‬‬
‫فسار المسلمون إلى رسول الله صيلى الليه علييه وسيلم‬
‫وهو تحت الشجرة فبايعوه على أن ل يفروا أبييدًا‪ .‬فييأرعب‬
‫ذلك المشركين وأرسلوا من كان عندهم ميين المسييلمين‪,‬‬
‫ودعييييييييييوا إلييييييييييى الموادعيييييييييية والصييييييييييلح‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبو بكر البيهقي‪ :‬أخبرنا علي بن أحمييد بيين‬
‫عبدان‪ ,‬أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار‪ ,‬حييدثنا هشيام‪ ,‬حييدثنا‬
‫الحسن بن بشر‪ ,‬حدثنا الحكم بيين عبييد الملييك عيين قتييادة‬
‫عن أنس بن مالك رضي الله عنييه قييال‪ :‬لمييا أميير رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ببيعة الرضوان كان عثمييان بيين‬
‫عفان رضي الله عنه رسول رسول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم إلى أهل مكة‪ ,‬فبايع الناس فقال رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬اللهم إن عثمان في حاجيية اللييه تعييالى‬
‫وحاجة رسوله« فضرب بإحدى يديه على الخرى‪ ,‬فكييانت‬
‫يد رسول الله صلى الله عليييه وسييلم لعثمييان رضييي اللييه‬
‫عنه خيرا ً من أيديهم لنفسهم‪ .‬قال ابن هشام حدثني ميين‬
‫أثق به عمن حدثه بإسناد له عن أبي مليكة عن ابيين عميير‬
‫رضي الله عنهما قال‪ :‬بييايع رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم لعثمان رضي الله عنه‪ ,‬فضييرب بإحييدى يييديه علييى‬
‫الخرى‪ ,‬وقال عبد الملك بن هشييام النحييوي‪ :‬فييذكر وكيييع‬
‫عن إسماعيل بن أبي خالد‪ ,‬عن الشعبي قال‪ :‬إن أول من‬
‫بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعيية الرضييوان أبييو‬
‫سنان السدي‪ ,‬وقال أبو بكر عبد الله بن الزبير الحميييدي‪:‬‬
‫حدثنا سفيان‪ ,‬حدثنا ابن أبي خالد عيين الشييعبي قييال‪ :‬لمييا‬
‫دعا رسول الله صلى الله عليه وسييلم النيياس إلييى البيعيية‬
‫كان أول من انتهى إليه أبو سيينان السييدي فقييال‪ :‬ابسييط‬
‫يدك أبايعك‪ .‬فقيال النيبي صيلى الليه علييه وسيلم‪» :‬علم‬
‫تبايعني ؟ فقال أبو سنان رضييي اللييه عنييه‪ :‬علييى مييا فييي‬
‫نفسييك‪ ,‬هييذا أبييو سيينان وهييب السييدي رضييي اللييه عنييه‪.‬‬
‫وقال البخاري‪ :‬حدثنا شجاع بن الوليد أنه سمع النضر بن‬
‫محمد يقول‪ :‬حدثنا صخر عن نافع رضي الله عنه قييال‪ :‬إن‬
‫الناس يتحدثون أن ابن عمر رضي الله عنهمييا أسييلم قبييل‬

‫‪315‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عمر وليس كذلك‪ ,‬ولكن عمر رضي الله عنه يوم الحديبية‬
‫أرسل عبد الله إلى فرس له عنييد رجييل ميين النصييار‪ ,‬أن‬
‫يأتي به‪ ,‬ليقاتل عليه ورسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫يبايع عند الشجرة‪ ,‬وعمر رضي اللييه عنييه ل يييدري بييذلك‪,‬‬
‫فبايعه عبد الله رضي الله عنه‪ ,‬ثم ذهب إلى الفرس فجاء‬
‫به إلى عمر رضي الله عنه‪ ,‬وعمر رضي الله عنه يسييتلئم‬
‫للقتال‪ ,‬فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبييايع‬
‫تحت الشجرة‪ ,‬فانطلق فذهب معه حتى بايع رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم وهييي الييتي يتحييدث النيياس أن ابيين‬
‫عمر أسلم قبل عمر رضي الله عنهما‪ .‬ثييم قييال البخيياري‪,‬‬
‫وقال هشام بن عمار‪ :‬حدثنا الوليد بن مسلم‪ ,‬حييدثنا عميير‬
‫بن محمد العمري‪ ,‬أخبرني نافع عن ابن عميير رضييي اللييه‬
‫عنهما قال‪ :‬إن الناس كانوا مع رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم قد تفرقوا في ظلل الشجر‪ ,‬فإذا النيياس محييدقون‬
‫بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال يعني عميير رضييي اللييه‬
‫عنه‪ :‬يا عبد الله انظر ما شأن الناس قييد أحييدقوا برسييول‬
‫الله صلى الله عليييه وسييلم‪ ,‬فوجييدهم يبييايعون فبييايع‪ ,‬ثييم‬
‫رجع إلى عمر رضي الله عنييه‪ ,‬فخييرج فبييايع‪ ,‬وقييد أسيينده‬
‫البيهقي عن أبي عمرو الديب عيين أبييي بكيير السييماعيلي‬
‫عيين الحسيين بيين سييفيان‪ ,‬عيين دحيييم‪ ,‬حييدثني الوليييد بيين‬
‫مسلم فذكره‪ ,‬وقال الليث عن أبي الزبير عن جابر رضييي‬
‫الله عنه‪ ,‬قال‪ :‬كنا يوم الحديبييية ألف يا ً وأربعمييائة فبايعنيياه‪,‬‬
‫وعمر رضي الله عنه آخذ بيده تحت الشجرة وهي سييمرة‬
‫وقال‪ :‬با يعنياه عليى أن ل نفير وليم نبيايعه عليى الميوت‪.‬‬
‫رواه مسيييييييييييلم عييييييييييين قتيبييييييييييية عنيييييييييييه‪.‬‬
‫وروى مسلم عن يحيى بن يحيى عن يزيد بن زريييع عيين‬
‫خالد عن الحكم بن عبد الله العرج‪ ,‬عن معقل بيين يسييار‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬لقد رأيتني يوم الشجرة والنبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم يبايع الناس‪ ,‬وأنا رافع غصنا ً ميين أغصييانها‬
‫عن رأسه‪ ,‬ونحن أربع عشرة مائة‪ ,‬قال‪ :‬ولم نبييايعه علييى‬
‫الموت ولكن بايعناه على أن ل نفر‪ .‬وقال البخاري‪ :‬حييدثنا‬
‫المكي بن إبراهيم عن يزيد بن أبييي عبيييد عيين سييلمة بيين‬

‫‪316‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الكوع رضي الله عنه قال‪ :‬بايعت رسول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم تحت الشجرة‪ .‬قال يزيد‪ :‬قلت يييا أبييا مسييلمة‬
‫على أي شيء كنتم تبايعون يييومئذ ؟ قييال‪ :‬علييى المييوت‪.‬‬
‫وقال البخاري أيضًا‪ :‬حدثنا أبو عاصم! حدثنا يزيييد بيين أبييي‬
‫عبيد عن سلمة رضي الله عنييه قييال‪ :‬بييايعت رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية‪ ,‬ثم تنحيت فقال صلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬يا سلمة أل تبايع ؟« قلييت‪ :‬قييد بييايعت‪,‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪» :‬أقبل فبايع«‪ .‬فدنوت فبايعته‪,‬‬
‫قلت‪ :‬علم بايعته يا سلمة ؟ قال‪ :‬علييى المييوت‪ .‬وأخرجييه‬
‫مسلم من وجه آخيير عيين يزيييد بيين أبييي عبيييد‪ ,‬وكييذا روى‬
‫البخيياري عيين عبيياد بيين تميييم أنهييم بييايعوه علييى المييوت‪.‬‬
‫وقال البيهقي‪ :‬أخبرنا أبو عبييد اللييه الحييافظ‪ ,‬أخبرنييا أبييو‬
‫الفضل بن إبراهيم‪ ,‬حدثنا أحمد بن سييلمة‪ ,‬حييدثنا إسييحاق‬
‫بن إبراهيم‪ ,‬حدثنا أبو عامر العقدي‪ ,‬حدثنا عبد الملييك بيين‬
‫عمرو‪ ,‬حييدثنا عكرميية بيين عمييار اليمييامي عيين إييياس بيين‬
‫سلمة عن أبيه سلمة بن الكوع رضي الله عنه قال‪ :‬قدمنا‬
‫الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحيين أربييع‬
‫عشرة مائة‪ ,‬وعليها خمسون شاة ل ترويها‪ ,‬فقعييد رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم على جباها يعنييي الركييي‪ ,‬فإمييا‬
‫دعا وإما بصق فيها فجاشت فسقينا واستقينا‪ .‬قال‪ :‬ثم إن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا إلى البيعة في أصل‬
‫الشجرة‪ ,‬فبايعته أول الناس ثم بايع وبايع حتى إذا كان في‬
‫وسييط النيياس قييال صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬بييايعني يييا‬
‫سلمة« قال‪ :‬فقلييت يييا رسييول للييه‪ :‬قييد بايعتييك فييي أول‬
‫الناس قال صلى الله عليه وسييلم‪» :‬وأيض يًا« قييال ورآنييي‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عزل ً فأعطاني حجفة أو‬
‫درقة‪ ,‬ثم بايع حتى إذا كان في آخر الناس‪ ,‬قال صلى الله‬
‫عليه وسلم‪» :‬أل تبايع يا سييلمة ؟« قييال‪ :‬قلييت يييا رسييول‬
‫الله قد بايعتك في أول الناس وأوسطهم‪ ,‬قال صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬وأيضًا« فبييايعته الثالثيية‪ ,‬فقييال رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬يا سييلمة أييين حجفتييك أو درقتييك‬
‫التي أعطيتك ؟« قال‪ :‬قلت يييا رسييول اللييه لقينييي عييامر‬

‫‪317‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عزل ً فأعطيتها إياه فضيحك رسيول الليه صيلى الليه علييه‬
‫وسلم ثم قال‪» :‬إنك كالذي قال الول اللهييم ابغنييي حبيب يا ً‬
‫هيييييييييو أحيييييييييب إليييييييييي مييييييييين نفسيييييييييي«‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم إن المشركين من أهل مكة راسلونا في الصييلح‬
‫حتى مشى بعضنا في بعض فاصطلحنا‪ .‬قال‪ :‬وكنت خادما ً‬
‫سييه‬ ‫لطلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أسقي فرسييه وأح ّ‬
‫وآكل من طعامه‪ ,‬وتركت أهلي ومييالي مهيياجرا ً إلييى اللييه‬
‫ورسوله‪ ,‬فلما اصطلحنا نحيين وأهييل مكيية واختلييط بعضيينا‬
‫سحت شوكها‪ ,‬ثم اضطجعت في‬ ‫في بعض أتيت شجرة فك َ َ‬
‫أصلها في ظلهييا‪ ,‬فأتيياني أربعيية ميين مشييركي أهييل مكيية‪,‬‬
‫فجعلوا يقعييون فييي رسييول اللييه صيلى الليه عليييه وسيلم‬
‫فأبغضييتهم وتحييولت إلييى شييجرة أخييرى فعلقييوا سييلحهم‬
‫واضييطجعوا‪ ,‬فبينمييا هييم كييذلك إذ نييادى منيياد ميين أسييفل‬
‫الوادي‪ :‬يا للمهاجرين قتييل ابيين ُزنيييم! فيياخترطت سيييفي‬
‫فشددت على أولئك الربعة‪ ,‬وهم رقود‪ ,‬فأخييذت سييلحهم‬
‫وجعلته ضغثا ً في يدي ثم قلييت‪ :‬والييذي كييرم وجييه محمييد‬
‫صلى الله عليه وسلم ل يرفع أحد منكم رأسييه إل ضييربت‬
‫الذي فيه عيناه! قال‪ :‬ثم جئت بهييم أسييوقهم إلييى رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قال‪ :‬وجيياء عمييي عييامر برجييل‬
‫من العبلت يقييال ليه مكيرز ميين المشييركين يقييوده حيتى‬
‫وقفنا بهم على رسيول الليه صيلى الليه علييه وسيلم فييي‬
‫سبعين من المشركين‪ ,‬فنظر إليهم رسول الله صلى اللييه‬
‫عليه وسلم وقال‪» :‬دعوهم يكن لهييم بييدء الفجييور وثنيياه«‬
‫فعفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسييلم وأنييزل اللييه‬
‫عز وجل‪} :‬وهو الييذي كييف أيييديهم عنكييم وأيييديكم عنهييم‬
‫لية‪ ,‬وهكييذا رواه‬ ‫ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم{ ا َ‬
‫مسلم عن إسحاق بن إبراهيم بن راهويه بسيينده نحييوه أو‬
‫قريبيييييييييييييييييييييييييييييييييا ً منيييييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫وثبت في الصحيحين من حديث أبييي عوانيية عيين طييارق‬
‫عن سعيد بن المسيب قال‪ :‬كييان أبييي مميين بييايع رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم تحت الشييجرة‪ ,‬قييال‪ :‬فانطلقنييا‬
‫من قابل حاجين فخفي علينا مكانها‪ ,‬فإن كان تييبينت لكييم‬

‫‪318‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فأنتم أعلم‪ ,‬وقال أبو بكر الحميدي‪ :‬حييدثنا سييفيان‪ ,‬حييدثنا‬
‫أبو الزبير‪ ,‬حدثنا جابر رضي الله عنه قال‪ ,‬لما دعا رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم الناس إلييى البيعيية وجييدنا رجل ً‬
‫منا يقال له الجد بن قيس مختييبئا ً تحييت إبييط بعيييره‪ ,‬رواه‬
‫مسلم من حييديث ابيين جريييج عيين ابيين الزبييير بييه‪ .‬وقييال‬
‫الحميدي أيضًا‪ :‬حدثنا سفيان عيين عمييرو أنييه سييمع جييابرا ً‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬كنا يوم الحديبية ألفا ً وأربعمائة فقييال‬
‫لنا رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬أنتييم خييير أهييل‬
‫الرض اليوم« قال جابر رضييي اللييه عنييه‪ :‬لييو كنييت أبصيير‬
‫لريتكم موضع الشييجرة‪ ,‬قييال سييفيان إنهييم اختلفييوا فييي‬
‫موضعها أخرجاه من حديث سييفيان‪ ,‬وقييال المييام أحمييد‪:‬‬
‫حدثنا يونس حدثنا الليث عن أبي الزبييير عيين جييابر رضييي‬
‫الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسييلم أنييه قييال‪:‬‬
‫»ل ييييدخل النيييار أحيييد ممييين بيييايع تحيييت الشيييجرة«‪.‬‬
‫وقال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا محمييد بيين هييارون الفلس‬
‫المخرمي‪ ,‬حدثنا سعيد بن عمرو الشعثي حدثنا محمد بيين‬
‫ثابت العبدي عن خداش بيين عييياش عيين أبييي الزبييير عيين‬
‫جابر رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليييه‬
‫وسييلم‪» :‬يييدخل ميين بييايع تحييت الشييجرة كلهييم الجنيية إل‬
‫صاحب الجمل الحمر« قال‪ :‬فانطلقنا نبتدره فإذا رجل قد‬
‫أضل بعيره فقلنا تعال فبييايع‪ .‬فقييال‪ :‬أصيييب بعيييري أحييب‬
‫إلي من أن أبايع وقال عبد الله بن أحمد‪ :‬حدثنا عبيييد اللييه‬
‫بن معاذ‪ ,‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا قرة عن أبييي الزبييير عيين جييابر‬
‫رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسييلم أنييه قييال‪:‬‬
‫»من يصعد الثنية ثنية المرار فإنه يحط عنييه مييا حييط عيين‬
‫بني إسرائيل« فكان أول من صعد خيييل بنييي الخييزرج ثييم‬
‫تبييادر النيياس بعييد‪ ,‬فقييال النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»كلكم مغفور له إل صاحب الجمل الحميير« فقلنييا‪ :‬تعييال‬
‫يستغفر لك رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪ .‬فقييال‪:‬‬
‫واللييه لن أجييد ضييالتي أحييب إلييي ميين أن يسييتغفر لييي‬
‫صاحبكم‪ ,‬فإذا هو رجل ينشد ضالة‪ ,‬رواه مسلم عيين عبيييد‬
‫الليييييييييييييييييييييييييييييييييييه بيييييييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬

‫‪319‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال ابن جريج‪ :‬أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا ً رضييي‬
‫الله عنه يقول‪ :‬أخبرتني أم مبشر أنها سمعت رسول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول عند حفصة رضييي اللييه عنهييا‪:‬‬
‫»ل يدخل النار إن شاء الله تعييالى ميين أصييحاب الشييجرة‬
‫الييذين بييايعوا تحتهييا أحييد« قييالت‪ :‬بلييى يييا رسييول اللييه‪,‬‬
‫فانتهرها فقييالت حفصيية رضييي اللييه عنهييا }وإن منكييم إل‬
‫واردها{ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪ :‬قييد قييال اللييه‬
‫تعالى‪} :‬ثم ننجي الذين اتقوا ونييذر الظييالمين فيهييا جثييًا{‬
‫رواه مسلم‪ ,‬وفيه أيضا ً عن قتيبة عن الليث عن أبي الزبير‬
‫عن جابر رضي الله عنه قييال‪ :‬إن عبييدا ً لحيياطب بيين أبييي‬
‫بلتعيية جيياء يشييكو حاطبيا ً فقييال‪ :‬يييا رسييول اللييه ليييدخلن‬
‫حاطب النار فقييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»كذبت ل يدخلها فإنه قد شهد بدرا ً والحديبية« ولهذا قييال‬
‫تعالى في الثناء عليهم‪} :‬إن الذين يبايعونييك إنمييا يبييايعون‬
‫الله‪ ,‬يد اللييه فييوق أيييديهم فميين نكييث فإنمييا ينكييث علييى‬
‫نفسييه وميين أوفييى بمييا عاهييد عليييه اللييه فسيييؤتيه َأجييرا ً‬
‫لية الخرى‪} :‬لقييد رضييي‬ ‫عظيمًا{ كما قال عز وجل في ا َ‬
‫الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم مييا فييي‬
‫قلييوبهم فييأنزل السييكينة عليهييم وأثييابهم فتحييا ً قريبييًا{‪.‬‬

‫وال ُن َييا‬ ‫َ‬


‫ش يغَل َت َْنآ أ ْ‬
‫م َ‬ ‫ب َ‬ ‫ن العْيَرا ِ‬ ‫م َي َ‬‫ن ِ‬ ‫خل ُّفييو َ‬ ‫م َ‬ ‫ك ال ْ ُ‬ ‫ل ل َي َ‬ ‫س يي َُقو ُ‬ ‫** َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫س ِفي قُل ُييوب ِهِ ْ‬ ‫ما ل َي ْ َ‬ ‫م ّ‬ ‫سن َت ِهِ ْ‬‫ن ب ِأل ْ ِ‬‫ست َغِْفْر ل ََنا ي َُقوُلو َ‬ ‫وَأهُْلوَنا َفا ْ‬
‫َ َ‬ ‫شيئا ً إ َ‬
‫ضّرا ً أوْ أَراد َ‬ ‫م َ‬ ‫ن أَراد َ ب ِك ُ ْ‬ ‫ن الل ّهِ َ ْ ِ ْ‬ ‫م َ‬‫م ّ‬ ‫ك ل َك ُ ْ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫قُ ْ‬
‫َ‬
‫م أن‬ ‫ل ظ َن َن ْت ُي ْ‬ ‫خِبيييرا ً * ب َي ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ما ت َعْ َ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫كا َ‬‫ل َ‬ ‫م ن َْفعا ً ب َ ْ‬ ‫ب ِك ُ ْ‬
‫ل وال ْمؤْمنون إل َى أ َهِْليه َ‬
‫ك‬ ‫ن ذ َل ِي َ‬ ‫م أَبدا ً وَُزي ّي َ‬ ‫ِ ْ‬ ‫سو ُ َ ُ ِ ُ َ ِ َ‬ ‫ب الّر ُ‬ ‫ّلن َينَقل ِ َ‬
‫ميين‬ ‫وم يا ً ب ُييورا ً * وَ َ‬ ‫م قَ ْ‬ ‫كنت ُ ْ‬‫سوِْء وَ ُ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ظَ ّ‬ ‫م وَظ ََننت ُ ْ‬ ‫ِفي قُُلوب ِك ُ ْ‬
‫سِعيرا ً * وَل ِل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ن َ‬ ‫ري َ‬ ‫سول ِهِ فَإ ِّنآ أ َعْت َد َْنا ل ِل ْ َ‬
‫كافِ ِ‬ ‫من ِبالل ّهِ وََر ُ‬ ‫م ي ُؤْ ِ‬ ‫لّ ْ‬
‫شييآءُ‬ ‫ميين ي َ َ‬ ‫ب َ‬ ‫شآُء وَي ُعَذ ّ ُ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ض ي َغِْفُر ل ِ َ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماوَ ِ‬ ‫س َ‬‫ك ال ّ‬ ‫مل ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫حيمييييييييييييا ً‬ ‫ً‬
‫ه غَُفييييييييييييورا ّر ِ‬ ‫ن الليييييييييييي ُ‬ ‫ّ‬ ‫كييييييييييييا َ‬ ‫وَ َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً رسييوله صييلى اللييه عليييه وسييلم بمييا‬
‫يعتذر به المخلفون من العراب الذين اختاروا المقام فييي‬

‫‪320‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أهليهم وشغلهم وتركوا المسير مع رسول الله صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم فاعتيذروا بشيغلهم ليذلك وسيألوا أن يسيتغفر‬
‫لهم الرسول صلى الله عليييه وسييلم وذلييك قييول منهييم ل‬
‫على سبيل العتقاد بل على وجه التقية والمصانعة‪ ,‬ولهييذا‬
‫قال تعالى‪} :‬يقولون بألسنتهم ميا لييس فيي قليوبهم قيل‬
‫فمن يملك لكييم ميين الليه شيييئا ً إن أراد بكيم ضيرا ً أو أراد‬
‫بكييم نفعيًا{ أي ل يقييدر أحييد أن يييرد مييا أراده اللييه فيكييم‬
‫تعييالى وتقييدس‪ ,‬وهييو العليييم بسييرائركم وإن صييانعتمونا‬
‫ونافقتمونا‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬بل كييان اللييه بمييا تعملييون‬
‫خبيرًا{ ثم قال تعالى‪} :‬بل ظننتم أن لن ينقلييب الرسييول‬
‫والمؤمنون إلى أهليهم أبدًا{ أي لييم يكيين تخلفكييم تخلييف‬
‫معذور ول عاص بل تخلف نفاق }بل ظننتم أن لن ينقلييب‬
‫الرسول والمؤمنون إلييى أهليهييم أبييدًا{ أي اعتقييدتم أنهييم‬
‫يقتلون وتستأصل شييأفتهم‪ ,‬وتسييتباد خضييراؤهم ول يرجييع‬
‫منهم مخبر }وظننتم ظن السييوء‪ ,‬وكنتييم قوم يا ً بييورًا{ أي‬
‫هلكى‪ ,‬قاله ابن عبيياس رضييي اللييه عنهمييا ومجاهييد وغييير‬
‫واحد‪ ,‬وقال قتادة‪ :‬فاسدين‪ ,‬وقيل هي لغة عمان‪ .‬ثم قييال‬
‫تعالى‪} :‬ومن لم يؤمن بالله ورسوله{ أي من لييم يخلييص‬
‫العمل في الظاهر والباطن لليه فيإن الليه تعييالى سييعذبه‬
‫في السعير‪ ,‬وإن أظهر للناس مييا يعتقييدون خلف مييا هييو‬
‫عليه في نفس المر‪ .‬ثييم بييين تعييالى أنييه الحيياكم المالييك‬
‫المتصرف في أهل السييموات والرض }يغفيير لميين يشياء‬
‫ويعذب من يشاء وكان الله غفييورا ً رحيم يًا{ أي لميين تيياب‬
‫إليييييييييييييه وأنيييييييييييياب وخضييييييييييييع لييييييييييييديه‪.‬‬

‫ْ‬ ‫ذا انط َل َْقت ُي ْ َ‬


‫ها‬‫ذو َ‬ ‫خي ُ‬ ‫م ل ِت َأ ُ‬‫مغَييان ِ َ‬
‫ى َ‬ ‫م إ ِلي َ‬ ‫ن إِ َ‬‫خل ُّفييو َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬‫سيي َُقو ُ‬ ‫** َ‬
‫م الل ّيهِ قُييل ل ّيين ت َت ّب ُِعون َييا‬ ‫َ‬
‫ن أن ي ُب َيد ُّلوا ْ ك َل َ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ري ُ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫ذ َُروَنا ن َت ّب ِعْك ُ ْ‬
‫كاُنوا ْ‬ ‫ل َ‬ ‫دون ََنا ب َ ْ‬ ‫س ُ‬‫ح ُ‬ ‫ن بَ ْ‬
‫ل تَ ْ‬ ‫سي َُقوُلو َ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫من قَب ْ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫م َقا َ‬ ‫ك َذ َل ِك ُ ْ‬
‫ن إ ِل ّ قَِليل ً‬ ‫ل َ ي َْفَقُهييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييو َ‬
‫يقييول تعييالى مخييبرا ً عيين العييراب الييذين تخلفييوا عيين‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمييرة الحديبييية‪ ,‬إذ‬

‫‪321‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ذهب النبي صلى اللييه عليييه وسييلم وأصييحابه رضييي اللييه‬
‫عنهم إلى خيبر يفتحونها أنهييم يسييألون أن يخرجييوا معهييم‬
‫إلييى المغنييم‪ ,‬وقييد تخلفييوا عيين وقييت محاربيية العييداء‬
‫ومجالدتهم ومصابرتهم‪ ,‬فأمر الله تعالى رسوله صلى الله‬
‫عليه وسلم أن ل يأذن لهم في ذلك معاقبة لهم من جنس‬
‫ذنبهم فإن الله تعالى قد وعد أهيل الحديبيية بمغيانم خييبر‬
‫وحدهم‪ ,‬ل يشاركهم فيها غيرهم من العييراب المتخلفييين‪,‬‬
‫فل يقييع غييير ذلييك شييرعا ً ول قييدرا ً ولهييذا قييال تعييالى‪:‬‬
‫}يريدون أن يبدلوا كلم الله{ قال مجاهد وقتييادة وجويييبر‬
‫وهو الوعد الذي وعد به أهل الحديبية واختاره ابيين جرييير‪.‬‬
‫وقال ابن زيد هو قوله تعالى‪} :‬فإن رجعك الله إلى طائفة‬
‫منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبييدا ً وليين‬
‫تقاتلوا معي عدوا ً إنكم رضيتم بييالعقود أول مييرة فاقعييدوا‬
‫مع الخالفين{ وهذا الذي قاله ابن زيد فيه نظيير‪ ,‬لن هييذه‬
‫لية التي في براءة نزلت في غييزوة تبييوك وهييي متييأخرة‬ ‫ا َ‬
‫عن عمرة الحديبية‪ ,‬وقال ابيين جريييج }يريييدون أن يبييدلوا‬
‫كلم الله{ يعني بتثبيطهم المسلمين عن الجهاد }قييل ليين‬
‫تتبعونييا كييذلكم قييال اللييه ميين قبييل{ أي وعييد اللييه أهييل‬
‫الحديبييية قبييل سييؤالكم الخييروج معهييم }فسيييقولون بييل‬
‫تحسييدوننا{ أي أن نشييرككم فييي المغييانم }بييل كييانوا ل‬
‫ل{ أي ليس المر كما زعموا ولكيين ل فهييم‬ ‫يفقهون إل قلي ً‬
‫لهيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬

‫ى قَيوْم ٍ أ ُوْل ِييي‬ ‫سيت ُد ْعَوْ َ َ‬


‫ن إ ِلي َ‬ ‫ب َ‬ ‫ن العْيَرا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫خل ِّفي َ‬ ‫** ُقل ل ّل ْ ُ‬
‫م َ‬
‫شديد تَقات ُِلونه َ‬ ‫بأ ْ‬
‫ه‬‫م الل ّي ُ‬ ‫طيعُييوا ْ ي ُيؤْت ِك ُ ُ‬ ‫ن فَِإن ت ُ ِ‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م أو ْ ي ُ ْ‬ ‫َُ ْ‬ ‫س َ ِ ٍ ُ‬ ‫ََ ٍ‬
‫ذابا ً‬ ‫م عَي َ‬ ‫ل ي ُعَيذ ّب ْك ُ ْ‬ ‫ميين قَب ْي ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ما ت َوَل ّي ْت ُ ْ‬‫سنا ً وَِإن ت َت َوَل ّوْا ْ ك َ َ‬ ‫ح َ‬ ‫جرا ً َ‬‫أ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ج وَل َ‬ ‫حييَر ٌ‬ ‫ج َ‬ ‫ج وَل َ عَلى العَْر ِ‬ ‫حَر ٌ‬ ‫ى َ‬ ‫م َ‬ ‫س عََلى العْ َ‬ ‫أِليما ً * ل ّي ْ َ‬
‫ت‬ ‫جن ّييا ٍ‬‫ه َ‬ ‫خل ْ ُ‬‫ه ي ُيد ْ ِ‬‫سييول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫من ي ُط ِِع الل ّي َ‬ ‫ج وَ َ‬ ‫حَر ٌ‬ ‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫ري‬
‫ِ‬ ‫عََلى ال ْ َ‬
‫م‬
‫ذابا ً أ َِليميا ً‬ ‫ه عَي َ‬ ‫ل ي ُعَيذ ّب ْ ُ‬ ‫ميين ي َت َيوَ ّ‬ ‫حت ِهَييا الن ْهَيياُر وَ َ‬ ‫ميين ت َ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫جي ِ‬
‫تَ ْ‬
‫اختلف المفسرون في هؤلء القوم اليذين ييدعون إليهيم‬
‫الييذين هييم أولييو بييأس شييديد علييى أقييوال )أحييدها( أنهييم‬

‫‪322‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هوازن‪ ,‬رواه شعبة عن أبي بشيير عيين سييعيد بيين جييبير أو‬
‫عكرمة أو جميعًا‪ ,‬ورواه هشيم عن أبييي بشيير عنهمييا وبييه‬
‫يقول قتادة في رواية عنه )الثاني( ثقيييف‪ ,‬قيياله الضييحاك‪.‬‬
‫)الثالث( بنو حنيفة‪ ,‬قاله جويييبر ورواه محمييد بيين إسييحاق‬
‫عن الزهري وروي مثله عن سعيد وعكرميية‪) .‬الرابييع( هييم‬
‫أهل فييارس‪ ,‬رواه علييي بيين أبييي طلحيية عيين ابيين عبيياس‬
‫رضي الله عنهما‪ ,‬وبه يقول عطيياء ومجاهييد وعكرميية فييي‬
‫إحدى الروايات عنه‪ .‬وقال كعب الحبار‪ :‬هم الييروم‪ ,‬وعيين‬
‫ابيين أبييي ليلييى وعطيياء والحسيين وقتييادة‪ :‬وهييم فييارس‬
‫والروم‪ ,‬وعن مجاهد‪ :‬هييم أهييل الوثييان‪ ,‬وعنييه أيضيًا‪ :‬هييم‬
‫رجال أولو بأس شديد‪ ,‬ولييم يعييين فرقيية‪ ,‬وبييه يقييول ابيين‬
‫جريج وهو اختيار ابن جرير‪ .‬وقييال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا‬
‫الشييج‪ ,‬حييدثنا عبييد الرحميين بيين إسييحاق القييواريري عيين‬
‫معمر عن الزهري في قوله تعالى‪} :‬سييتدعون إلييى قييوم‬
‫أوليييي بيييأس شيييديد{ قيييال‪ :‬ليييم ييييأت أولئك بعيييد‪.‬‬
‫وحدثنا أبي‪ ,‬حدثنا ابن أبي عمر‪ ,‬حيدثنا سيفيان عين ابين‬
‫أبي خالد عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه في قييوله‬
‫تعالى‪} :‬ستدعون إلى قوم أولي بييأس شييديد{ قييال‪ :‬هييم‬
‫البارزون قال وحدثنا سفيان عيين الزهييري عيين سييعيد بيين‬
‫المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنييه عيين النييبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪» :‬ل تقوم الساعة حتى تقيياتلوا قوميا ً‬
‫صييغار العييين ذلييف النييوف‪ ,‬كييأن وجييوههم المجييان‬
‫المطرقة«(قال سفيان‪ :‬هم الييترك‪ ,‬قييال ابيين أبييي عميير‪:‬‬
‫وجدت في مكان آخر‪ ,‬حدثنا ابن أبي خالد عيين أبيييه قييال‪:‬‬
‫نزل علينا أبو هريرة رضي اللييه عنييه ففسيير قييول رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬تقاتلوا قوما ً نعييالهم الشييعر«‬
‫قال‪ :‬هم البارزون يعني الكراد‪ ,‬وقوله تعالى‪} :‬تقيياتلونهم‬
‫أو يسلمون{ يعني شرع لكم جهييادهم وقتييالهم‪ ,‬فل يييزال‬
‫ذلييك مسييتمرا ً عليهييم‪ ,‬ولكييم النصييرة عليهييم أو يسييلمون‬
‫فييييييدخلون فيييييي دينكيييييم بل قتيييييال بيييييل باختييييييار‪.‬‬
‫ثم قال عز وجل‪} :‬فإن تطيعييوا{ أي تسييتجيبوا وتنفييروا‬
‫في الجهاد وتؤدوا الذي عليكم فيه }يؤتكم الله أجرا ً حسنا ً‬

‫‪323‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وإن تتولوا كما توليتم من قبل{ يعني زمن الحديبية حيييث‬
‫دعيتييم فتخلفتييم }يعييذبكم عييذابا ً أليميًا{‪ .‬ثييم ذكيير تعييالى‬
‫العييذار فييي تييرك الجهيياد فمنهييا لزم كييالعمى والعييرج‬
‫المستمر‪ ,‬وعارض كالمرض الييذي يطييرأ أيام يا ً ثييم يييزول‪,‬‬
‫فهو في حال مرضييه ملحييق بييذوي العييذار اللزميية حييتى‬
‫يبرأ‪ .‬ثم قال تبارك وتعالى مرغبا ً في الجهيياد وطاعيية اللييه‬
‫ورسوله‪} :‬ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري ميين‬
‫تحتها النهار ومن يتول{ أي ينكل عن الجهاد ويقبييل علييى‬
‫المعيياش }يعييذبه عييذابا ً أليم يًا{ فييي الييدنيا بالمذليية وفييي‬
‫ا َ‬
‫لخييييييييرة بالنييييييييار‪ ,‬واللييييييييه تعييييييييالى أعلييييييييم‪.‬‬

‫ة‬
‫جَر ِ‬ ‫ش َ‬‫ت ال ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ك تَ ْ‬ ‫ن إ ِذ ْ ي َُباي ُِعون َ َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ه عَ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫** ل َّقد ْ َر ِ‬
‫م فَْتحيا ً‬ ‫َ‬
‫م وَأث َيياب َهُ ْ‬ ‫ة عَل َي ْهِي ْ‬‫كين َ َ‬‫سي ِ‬
‫ل ال ّ‬ ‫م َفأنَز َ‬ ‫ما ِفي قُُلوب ِهِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫فَعَل ِ َ‬
‫كيميا ً‬ ‫ْ‬
‫ح ِ‬‫زيييزا ً َ‬ ‫ه عَ ِ‬ ‫ذون ََها وَك َييان الل ّي ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫م ك َِثيَرةً ي َأ ُ‬ ‫ريبا ً * وَ َ‬
‫مَغان ِ َ‬ ‫قَ ِ‬
‫يخبر تعالى عن رضاه عن المؤمنين الذين بييايعوا رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة‪ ,‬وقييد تقييدم ذكيير‬
‫عييدتهم وأنهييم كييانوا ألفيا ً وأربعمييائة‪ ,‬وأن الشييجرة كييانت‬
‫سمرة بأرض الحديبية‪ ,‬قال البخاري‪ :‬حدثنا محمود‪ ,‬حييدثنا‬
‫عبيد الله عن إسرائيل عن طارق أن عبييد الرحميين رضييي‬
‫الله عنه قال‪ :‬انطلقت حاجا ً فمررت بقوم يصلون فقلييت‪:‬‬
‫ما هذا المسجد ؟ قالوا هذه الشجرة حيث بايع رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسييلم بيعيية الرضييوان‪ ,‬فييأتيت سييعيد بيين‬
‫المسيب فأخبرته فقال سعيد‪ :‬حدثني أبي أنييه كييان فيميين‬
‫بايع رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم تحييت الشييجرة‪,‬‬
‫قال‪ :‬فلميا خرجنييا ميين العييام المقبييل نسيييناها فليم نقييدر‬
‫عليها‪ ,‬فقييال سييعيد‪ :‬إن أصييحاب محمييد صييلى اللييه عليييه‬
‫وسيييلم ليييم يعلموهيييا وعلمتموهيييا أنتيييم‪ ,‬فيييأنتم أعليييم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬فعلييم مييا فييي قلييوبهم{ أي ميين الصييدق‬
‫والوفييياء والسيييمع والطاعييية }فيييأنزل السيييكينة{ وهيييي‬
‫الطمأنينة }عليهم وأثابهم فتحا ً قريبًا{ وهو ما أجييرى اللييه‬
‫عز وجل على أيديهم من الصلح بينهم وبين أعييدائهم‪ ,‬ومييا‬

‫‪324‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حصل بذلك من الخير العام المستمر المتصيل بفتييح خييبر‬
‫وفتح مكة‪ ,‬ثم سائر البلد والقاليم عليهم وما حصييل لهييم‬
‫من العز والنصر والرفعة فييي الييدنيا وا َ‬
‫لخييرة‪ ,‬ولهييذا قييال‬
‫تعالى‪} :‬ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا ً حكيمييًا{‪.‬‬
‫قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أحمد بن محمييد بيين يحيييى بيين‬
‫سعيد القطان‪ ,‬حدثنا عبيد الله بن موسييى أخبرنييا موسييى‬
‫يعني ابن عبيدة‪ ,‬حدثني إييياس بيين سييلمة عيين أبيييه قييال‪:‬‬
‫بينما نحن قائلون إذ نادى منييادي رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪ :‬أيها الناس‪ ,‬البيعيية البيعيية نييزل روح القييدس‪,‬‬
‫قال‪ :‬فثرنا إلى رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم وهييو‬
‫تحت شجرة سمرة فبايعناه‪ ,‬فذلك قول الله تعالى‪} :‬لقييد‬
‫رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة{ قييال‪:‬‬
‫فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان رضي اللييه‬
‫عنه بإحييدى يييديه علييى الخييرى فقييال النيياس‪ :‬هنيئا ً لبيين‬
‫عفان يطوف بالبيت ونحن ههنا فقييال رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬لو مكث كذا وكذا سنة مييا طيياف حييتى‬
‫أطيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييوف«‪.‬‬

‫ْ‬
‫هـيذِهِ‬ ‫م َ‬ ‫ل ل َك ُي ْ‬ ‫جي َ‬ ‫ذون ََها فَعَ ّ‬ ‫خي ُ‬ ‫م ك َِثييَرةً ت َأ ُ‬ ‫مغَييان ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫** وَعَد َك ُ ُ‬
‫م‬ ‫ن وَي َهْيدِي َك ُ ْ‬ ‫مِني َ‬ ‫م يؤ ْ ِ‬ ‫ة ل ّل ْ ُ‬
‫ن آي َي ً‬‫م وَل ِت َك ُييو َ‬ ‫س عَن ْك ُي ْ‬ ‫ِ‬ ‫ف أ َي ْدِيَ الّنا‬ ‫وَك َ ّ‬
‫َ‬ ‫ست َِقيما ً * وَأ ُ ْ‬
‫ه‬‫ط الل ّي ُ‬ ‫حا َ‬ ‫م ت َْقدُِروا ْ عَل َي َْها قَد ْ أ َ‬ ‫خَرىَ ل َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫صَراطا ً ّ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّي ِ‬ ‫ديرا ً * وَل َيوْ قَييات َل َك ُ ُ‬ ‫يٍء قَي ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ى كُ ّ‬ ‫ن الل ّ ُ َ‬
‫ه عَل َ‬ ‫كا َ‬‫ب َِها وَ َ‬
‫ة الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سن ّ َ‬‫صيرا ً * ُ‬ ‫ن وَل ِي ّا ً وَل َ ن َ ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫م ل َ يَ ِ‬ ‫كَفُروا ْ ل َوَل ّوُا ْ الد َْباَر ث ُ ّ‬
‫ديل ً * وَهُي َ‬
‫و‬ ‫سين ّةِ الل ّيهِ ت َب ْي ِ‬ ‫جد َ ل ِ ُ‬ ‫ل وََلن ت َ ِ‬ ‫من قَب ْ ُ‬ ‫ت ِ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ال ِّتي قَد ْ َ‬
‫م عَن ُْهم ب ِب َط ْ‬ ‫عنك ُم وأ َ‬ ‫ف أَ‬
‫ميين ب َعْ يدِ‬ ‫ة ِ‬ ‫مك ّ َ‬‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ذي ك َ ّ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫صيييرا ً‬ ‫ن بَ ِ‬ ‫مُلييو َ‬ ‫مييا ت َعْ َ‬ ‫ه بِ َ‬‫ن الّليي ُ‬ ‫كييا َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫م عَل َي ِْهيي ْ‬ ‫كيي ْ‬ ‫ن أ َظ َْفَر ُ‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬
‫قال مجاهد في قوله تعالى‪} :‬وعدكم الليه مغييانم كييثيرة‬
‫تأخذونها{ هي جميع المغانم إلى اليوم }فعجل لكم هذه{‬
‫يعني فتح خيبر‪ ,‬وروى العوفي عن ابن عبيياس رضييي اللييه‬
‫عنهما }فعجل لكم هذه{ يعني صلح الحديبية }وكف أيدي‬
‫النيياس عنكييم{ أي لييم ينلكييم سييوء ممييا كييان أعييداؤكم‬

‫‪325‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أضمروه لكييم ميين المحاربيية والقتييال‪ ,‬وكييذلك كييف أيييدي‬
‫الناس عنكم الذين خلفتموهم وراء ظهييوركم عيين عيييالكم‬
‫وحريمكم }ولتكون آية للمؤمنين{ أي يعتبرون بذلك‪ ,‬فإن‬
‫الله تعالى حافظهم وناصرهم على سائر العييداء مييع قليية‬
‫عددهم‪ ,‬وليعلموا بصنيع الله هذا بهييم إنييه العييالم بعييواقب‬
‫المييور‪ ,‬وإن الخيييرة فيمييا يختيياره لعبيياده المييؤمنين وإن‬
‫كرهوه في الظاهر كما قال عز وجل }وعسى أن تكرهييوا‬
‫شيييئا ً وهييو خييير لكييم{ }ويهييديكم صييراطا ً مسييتقيمًا{ أي‬
‫بسييبب انقيييادكم لمييره واتبيياعكم طيياعته‪ ,‬ومييوافقتكم‬
‫رسييييييييوله صييييييييلى اللييييييييه عليييييييييه وسييييييييلم‪.‬‬
‫وقوله تبارك وتعالى‪} :‬وأخرى لم تقدروا عليها قد أحيياط‬
‫الله بها وكان الله على كل شيء قديرًا{ أي وغنيمة أخرى‬
‫وفتحا ً آخر معينا ً لم تكونوا تقدرون عليها‪ ,‬قييد يسييرها اللييه‬
‫عليكم وأحاط بها لكم‪ ,‬فإنه تعالى يرزق عباده المتقين لييه‬
‫من حيث ل يحتسبون‪ ,‬وقييد اختلييف المفسييرون فييي هييذه‬
‫الغنيمة ما المراد بها فقال العوفي عن ابيين عبيياس رضييي‬
‫الله عنهما هي خيبر‪ ,‬وهذا على قييوله عييز وجييل‪} :‬فعجييل‬
‫لكم هذه{ إنها صلح الحديبية‪ ,‬وقاله الضحاك وابن إسحاق‬
‫وعبد الرحمن بن زيد بيين أسييلم‪ ,‬وقييال قتييادة‪ :‬هييي مكيية‬
‫واختاره ابن جرير‪ ,‬وقال ابن أبي ليلى والحسيين البصييري‪:‬‬
‫هي فارس والروم‪ ,‬وقال مجاهد‪ :‬هي كل فتح وغنيمة إلييى‬
‫يوم القيامة‪ .‬وقال أبو داود الطيالسييي‪ :‬حييدثنا شييعبة عيين‬
‫سماك الحنفي عن ابن عباس رضي الله عنهمييا }وأخييرى‬
‫لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها{ قال‪ :‬هذه الفتوح الييتي‬
‫تفتييييييييييييييييييييح إلييييييييييييييييييييى اليييييييييييييييييييييوم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الدبييار ثييم‬
‫ل يجدون وليا ً ول نصيرًا{ يقييول عييز وجييل مبشييرا ً لعبيياده‬
‫المؤمنين‪ ,‬بأنه لو ناجزهم المشييركون لنصيير اللييه رسييوله‬
‫وعباده المؤمنين عليهم‪ ,‬ول نهزم جيش الكفر فارا ً مييدبرا ً‬
‫ل يجيدون ولييا ً ول نصييرًا‪ ,‬لنهيم محياربون لليه ولرسيوله‬
‫ولحزبه المؤمنين‪ .‬ثم قال تبارك وتعالى‪} :‬سنة اللييه الييتي‬
‫ل{ أي هذه سيينة‬ ‫قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبدي ً‬

‫‪326‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله وعادته في خلقه‪ ,‬ما تقابل الكفر واليمان في موطن‬
‫إل نصر الله اليمان على الكفر فرفع الحق ووضع الباطل‪,‬‬
‫كما فعل تعالى يوم بييدر بأوليييائه المييؤمنين نصييرهم علييى‬
‫أعدائه من المشركين مييع قليية عييدد المسييلمين وعييددهم‬
‫وكيييييييييييييييثرة المشيييييييييييييييركين وعيييييييييييييييددهم‪.‬‬
‫وقوله سبحانه وتعييالى‪} :‬وهيو الييذي كييف أيييديهم عنكييم‬
‫وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان‬
‫الله بما تعملون بصيرًا{ هذا امتنان ميين اللييه علييى عبيياده‬
‫المؤمنين حين كف أيدي المشركين عنهم فلم يصل إليهييم‬
‫منهم سييوء‪ ,‬وكييف أيييدي المييؤمنين عيين المشييركين فلييم‬
‫يقاتلوهم عند المسجد الحرام‪ ,‬بل صان كل ً ميين الفريقييين‬
‫وأوجد بينهم صييلحا ً فيييه خييير للمييؤمنين وعاقبيية لهييم فييي‬
‫لخرة‪ ,‬وقييد تقييدم فييي حييديث سييلمة بيين الكييوع‬ ‫الدنيا وا َ‬
‫رضييي اللييه عنييه حييين جيياؤوا بييأولئك السييبعين السييارى‪,‬‬
‫فأوقفوهم بين ييدي رسيول الليه صيلى الليه علييه وسيلم‬
‫فنظيير إليهييم فقييال‪» :‬أرسييلوهم يكيين لهييم بييدء الفجييور‬
‫وثناه«‪ .‬قال وفي ذلك أنييزل اللييه عييز وجييل‪} :‬وهييو الييذي‬
‫لية‪ .‬وقال المام أحمد‪:‬‬ ‫كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم{ ا َ‬
‫حدثنا يزيد بن هارون‪ ,‬حدثنا حماد عن ثابت عيين أنييس بيين‬
‫مالك رضي الله عنه قال‪ :‬لما كان يوم الحديبية هبط على‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسييلم وأصييحابه ثمييانون رجل ً‬
‫من أهل مكة بالسلح‪ ,‬من قبل جبل التنعيم‪ ,‬يريدون غييرة‬
‫رسول الله صلى الله عليييه وسييلم فييدعا عليهييم فأخييذوا‪.‬‬
‫لية‪} :‬وهو الييذي كييف‬ ‫قال عفان‪ :‬فعفا عنهم ونزلت هذه ا َ‬
‫أيييديهم عنكييم وأيييديكم عنهييم ببطيين مكيية ميين بعييد أن‬
‫أظفركييم عليهييم{ ورواه مسييلم وأبييو داود فييي سييننه‬
‫والترمذي والنسائي في التفسير من سييننيهما ميين طييرق‬
‫عيييييييييين حميييييييييياد بيييييييييين سييييييييييلمة بييييييييييه‪.‬‬
‫وقال أحمد أيضًا‪ :‬حدثنا زيد بين الحبياب‪ ,‬حيدثنا الحسيين‬
‫بيين واقييد‪ ,‬حييدثنا ثييابت البنيياني عيين عبييد اللييه بيين مغفييل‬
‫المزني رضي الله عنه قال‪ :‬كنا مع رسول الله صلى اللييه‬
‫عليه وسلم في أصل الشجرة التي قال تعالى في القرآن‪,‬‬

‫‪327‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وكان يقع من أغصان تلك الشجرة على ظهر رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم وعلييي بيين أبييي طييالب رضييي اللييه‬
‫عنه‪ .‬وسهيل بن عمرو بين يديه فقييال رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنييه‪» :‬اكتييب بسييم اللييه‬
‫الرحميين الرحيييم« فأخييذ سييهيل بيييده وقييال‪ :‬مييا نعييرف‬
‫الرحمن الرحيم‪ ,‬اكتب في قضيتنا ما نعرف فقال‪» :‬اكتييب‬
‫باسمك اللهم ي وكتب ي هذا ما صييالح عليييه محمييد رسييول‬
‫الله أهل مكة« فأمسك سهيل بن عمرو بيييده وقييال‪ :‬لقييد‬
‫ظلمناك إن كنت رسوله اكتب في قضيتنا ما نعرف فقييال‬
‫اكتب هذا ما صالح عليه محمد بيين عبييد اللييه »فبينييا نحيين‬
‫كذلك إذ خرج علينا ثلثون شابا ً عليهم السلح‪ ,‬فثاروا فييي‬
‫وجوهنا فدعا عليهم رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪,‬‬
‫فأخذ الله تعالى بأسماعهم فقمنييا إليهييم فأخييذناهم فقييال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسييلم‪» :‬هييل جئتييم فييي عهييد‬
‫أحد ؟ أو هل جعل لكم أحييدا ً أمان يا ً ؟« فقييالوا‪ :‬ل ‪ ,‬فخلييى‬
‫سبيلهم فأنزل الله تعالى‪} :‬وهو الذي كييف أيييديهم عنكييم‬
‫وأيديكم عنهم ببطيين مكيية ميين بعييد أن أظفركيم عليهيم{‬
‫لييية رواه النسييائي ميين حييديث حسييين بيين واقييد بييه‪.‬‬ ‫ا َ‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا ابن حميد‪ ,‬حييدثنا يعقييوب القمييي‪,‬‬
‫حدثنا جعفر عن ابن أبزى قال‪ :‬لما خرج النبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم بالهدي وانتهى إلى ذي الحليفيية قييال لييه عميير‬
‫رضي الله عنه‪ :‬يا نبي اللييه‪ ,‬تييدخل علييى قييوم لييك حييرب‬
‫بغير سلح ول كراع ؟ قال‪ :‬فبعث صلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫إلى المدينة فلم يدع فيها كراعا ً ول سلحا ً إل حملييه‪ ,‬فلمييا‬
‫دنا من مكة منعوه أن يدخل فسار حتى أتييى منييى‪ ,‬فنييزل‬
‫بمنى فأتاه عينه أن عكرمة بن أبي جهييل قييد خييرج عليييك‬
‫في خمسمائة‪ ,‬فقال لخالد بن الوليد رضي الله عنييه‪» :‬يييا‬
‫خالد هذا ابن عمك قد أتاك في الخيل« فقال خالييد رضييي‬
‫الله عنه‪ :‬أنييا سيييف اللييه وسيييف رسييوله‪ ,‬فيييومئذ سييمي‬
‫سيف الله‪ ,‬فقال‪ :‬يا رسول الله ابعثني أييين شييئت‪ ,‬فبعثييه‬
‫على خيل فلقي عكرمة في الشييعب فهزمييه حييتى أدخلييه‬
‫حيطان مكة‪ ,‬ثم عاد في الثانية فهزمه حتى أدخله حيطان‬

‫‪328‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مكة‪ ,‬ثم عاد في الثالثة فهزمه حتى أدخلييه حيطييان مكيية‪,‬‬
‫فأنزل الله تعالى‪} :‬وهو الذي كف أيييديهم عنكييم وأيييديكم‬
‫عنهم ببطن مكة ي إلييى قييوله تعييالى يي عييذابا ً أليميًا{ قييال‬
‫فكف الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم عنهم ميين‬
‫بعد أن أظفره عليهم لبقايا من المسلمين كانوا بقييوا فيهييا‬
‫كراهية أن تطأهم الخيييل‪ ,‬ورواه ابيين أبييي حيياتم عيين ابيين‬
‫أبزى بنحوه‪ ,‬وهذا السياق فيه نظر فإنه ل يجيوز أن يكيون‬
‫عام الحديبية‪ ,‬لن خالدا ً رضي الله عنه لم يكن أسييلم بييل‬
‫قد كان طليعة للمشركين يومئذ‪ ,‬كمييا ثبييت فييي الصييحيح‪,‬‬
‫ول يجوز أن يكون في عمرة القضاء لنهم قاضوه على أن‬
‫يأتي في العام القابل فيعتمر‪ ,‬ويقيم بمكة ثلثة أيام‪ ,‬ولمييا‬
‫قدم صييلى اللييه عليييه وسييلم لييم يمييانعوه ول حيياربوه ول‬
‫قيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييياتلوه‪.‬‬
‫فإذا قيييل‪ :‬فيكييون يييوم الفتييح ؟ فييالجواب‪ :‬ول يجييوز أن‬
‫يكون يوم الفتح لنه لم يسق عام الفتيح هيديًا‪ ,‬وإنميا جياء‬
‫محاربا ً مقاتل ً في جيش عرمرم‪ ,‬فهييذا السييياق فيييه خلييل‬
‫وقد وقع فيه شيء فليتأمل والله أعلم‪ .‬وقال ابن إسحاق‪:‬‬
‫حدثني من ل أتهم عن عكرمة مولى ابن عباس رضي الله‬
‫عنه قال‪ :‬إن قريشا ً بعثوا أربعييين رجل ً منهييم أو خمسييين‪,‬‬
‫وأمروهم أن يطيفوا بعسكررسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم ليصيبوا من أصحابه أحدا ً فأخييذوا أخييذًا‪ ,‬فييأتي بهييم‬
‫رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم فعفييا عنهييم وخلييى‬
‫سبيلهم‪ ,‬وقد كانوا رموا إلى عسكر رسول الله صلى اللييه‬
‫عليه وسلم بالحجارة والنبل‪ .‬قال ابن إسحاق‪ :‬وفييي ذلييك‬
‫أنزل الله تعالى‪} :‬وهو اليذي كيف أييديهم عنكيم وأييديكم‬
‫لية‪ .‬وقال قتييادة‪ :‬ذكيير لنييا أن رجل ً يقييال ليه ابيين‬ ‫عنهم{ ا َ‬
‫زنيم اطلع علييى الثنييية ميين الحديبييية‪ ,‬فرميياه المشييركون‬
‫بسهم فقتلوه‪ ,‬فبعث رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫خيل ً فأتوه باثني عشر فارسا ً من الكفار فقال لهييم‪» :‬هييل‬
‫لكييم علييي عهييد ؟ هييل لكييم علييي ذميية ؟« قييالوا‪ :‬ل ‪,‬‬
‫فأرسلهم وأنزل اللييه تعييالى فييي ذلييك‪} :‬وهييو الييذي كييف‬
‫أييييييييديهم عنكيييييييم وأييييييييديكم عنهيييييييم{ ا َ‬
‫ليييييييية‪.‬‬

‫‪329‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫حَرام ِ َوال ْهَيد ْ َ‬


‫ي‬ ‫جدِ ال ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م عَ ِ‬ ‫دوك ُ ْ‬ ‫ص ّ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ وَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫** هُ ُ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫مَنييا ٌ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫سآٌء ّ‬ ‫ن وَن ِ َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ل ّ‬ ‫جا ٌ‬ ‫ه وَل َوْل َ رِ َ‬ ‫حل ّ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫كوفا ً أن ي َب ْل ُغَ َ‬ ‫مع ْ ُ‬‫َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ع ل يم ٍ‬ ‫معَيّرةٌ ب ِغَْييرِ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫من ُْهي ْ‬ ‫م ّ‬ ‫صيَبك ْ‬ ‫م فَت ُ ِ‬ ‫م أن ت َطُئوهُ ْ‬ ‫موهُ ْ‬ ‫م ت َعْل ُ‬ ‫لّ ْ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫شييآُء َليوْ ت ََزي ّل ُييوا ْ ل ََعيذ ّب َْنا ال ّي ِ‬ ‫مين ي َ َ‬ ‫مت ِهِ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ه ِفي َر ْ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ل ّي ُد ْ ِ‬
‫خ َ‬
‫ن ك ََف يُروا ْ فِييي‬ ‫َ‬
‫ذي َ‬ ‫ل ال ّي ِ‬ ‫جع َ ي َ‬ ‫ذابا ً أِليم يا ً * إ ِذ ْ َ‬ ‫م عَ ي َ‬ ‫من ْهُ ي ْ‬ ‫ك ََف يُروا ْ ِ‬
‫ى‬‫ه َعَلي َ‬
‫كين َت َ ُ َ‬ ‫سي ِ‬‫ه َ‬ ‫ل الل ّي ُ‬ ‫جاهِل ِي ّيةِ فَيَأنَز َ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫مي ّي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ة َ‬ ‫مي ّ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫قُُلوب ِهِ ُ‬
‫َ‬
‫ق‬
‫حي ّ‬ ‫كان ُوَا ْ أ َ‬‫ة الت ّْقوَىَ وَ َ‬ ‫م َ‬ ‫م ك َل ِ َ‬ ‫مه ُ ْ‬ ‫ن وَأل َْز َ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫سول ِهِ وَعََلى ال ْ ُ‬ ‫َر ُ‬
‫يٍء عَِليمييييا ً‬ ‫شيييي ْ‬ ‫ل َ‬ ‫كيييي ّ‬ ‫ه بِ ُ‬ ‫ن الّليييي ُ‬ ‫كييييا َ‬ ‫ب َِهييييا وَأ َهْل ََهييييا وَ َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن الكفار من مشييركي العييرب ميين‬
‫قريش‪ ,‬ومن ما لهم على نصرتهم على رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم }هم الييذين كفييروا{ أي هييم الكفييار دون‬
‫غيرهم }وصدوكم عن المسجد الحرام{ أي أنتم أحييق بييه‬
‫وأنتييم أهلييه فييي نفييس الميير }والهييدي معكوف يا ً أن يبلييغ‬
‫محله{ أي صدوا الهدي أن يصل وهذا من بغيهم وعنادهم‪,‬‬
‫وكان الهدي سبعين بدنة كما سيأتي إن شيياء اللييه تعييالى‪,‬‬
‫وقوله عز وجل‪} :‬ولول رجييال مؤمنييون ونسياء مؤمنييات{‬
‫أي بين أظهرهم ممن يكتم إيمانه ويخفيه منهم خيفة على‬
‫أنفسهم ميين قييومهم‪ ,‬لكنييا سييلطناكم عليهييم فقتلتمييوهم‬
‫وأبييدتم خضييراءهم ولكيين بييين أفنييائهم ميين المييؤمنين‬
‫والمؤمنييات أقييوام ل تعرفييونهم حاليية القتييل‪ ,‬ولهييذا قييال‬
‫تعالى‪} :‬لم تعلموهم أن تطؤوهم فتصيبكم منهييم معييرة{‬
‫أي إثم وغرامة }بغيير عليم لييدخل الليه فييي رحمتييه مين‬
‫يشيياء{ أي يييؤخر عقييوبتهم ليخلييص ميين بييين أظهرهييم‬
‫المؤمنين‪ ,‬وليرجع كثير منهم إلى السلم‪ ,‬ثييم قييال تبييارك‬
‫وتعالى‪} :‬لييو تزيلييوا{ أي لييو تميييز الكفييار ميين المييؤمنين‬
‫الذين بين أظهرهم }لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا ً أليمًا{‬
‫أي لسيييييلطناكم عليهيييييم فلقتلتميييييوهم قتل ً ذريعيييييًا‪.‬‬
‫قال الحافظ أبو القاسم الطبراني‪ :‬حدثنا أبو الزنباع روح‬
‫بن الفرج‪ ,‬حدثنا عبد الرحمن بن أبي عبيياد المكييي‪ ,‬حييدثنا‬
‫عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد مولى بني هاشم‪ ,‬حيدثنا‬

‫‪330‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حجر بن خلف قييال‪ :‬سييمعت عبييد اللييه بيين عييوف يقييول‪:‬‬
‫سمعت جنيد بن سبع يقول‪ :‬قاتلت رسول الله صييلى اللييه‬
‫عليييه وسييلم أول النهييار كييافرًا‪ ,‬وقيياتلت معييه آخيير النهييار‬
‫مسييلمًا‪ ,‬وفينييا نزلييت }ولييول رجييال مؤمنييون ونسيياء‬
‫مؤمنات{ قال‪ :‬كنا تسعة نفر سييبعة رجييال وامرأتييين‪ ,‬ثييم‬
‫رواه من طريق أخرى عن محمد بن عباد المكي به‪ ,‬وقال‬
‫فيه عن أبي جمعة جنيييد بيين سييبع فييذكره‪ ,‬والصييواب أبييو‬
‫جعفر حبيب بن سييباع‪ ,‬ورواه ابيين أبييي حيياتم ميين حييديث‬
‫حجر بن خلف به‪ :‬قال‪ :‬كنا ثلثة رجال وتسع نسوة‪ ,‬وفينييا‬
‫نزلت }ولول رجال مؤمنون ونسيياء مؤمنييات{ وقييال ابيين‬
‫أبييي حيياتم‪ ,‬حييدثنا علييي بيين الحسييين‪ ,‬حييدثنا محمييد بيين‬
‫إسماعيل البخاري‪ .‬حدثنا عبد الله بن عثمان بن جبلة عيين‬
‫أبي حمزة عن عطاء عن سعيد بن جييبير عيين ابيين عبيياس‬
‫رضي الله عنهما في قوله تعالى‪} :‬لو تزيلوا لعييذبنا الييذين‬
‫كفييروا منهييم عييذابا ً أليم يًا{ يقييول لييو تزيييل الكفييار ميين‬
‫الميييؤمنين لعيييذبهم الليييه عيييذابا ً أليميييا ً بقتلهيييم إيييياهم‪.‬‬
‫وقييوله عييز وجييل‪} :‬إذ جعييل الييذين كفييروا فييي قلييوبهم‬
‫الحمية حمية الجاهلية{ وذلك حين أبوا أن يكتبوا بسم الله‬
‫الرحمن الرحيم‪ ,‬وأبوا أن يكتبوا هذا ما قاضى عليه محمييد‬
‫رسييول اللييه }فييأنزل اللييه سييكينته علييى رسييوله وعلييى‬
‫المؤمنين وألزمهم كلميية التقييوى{ وهييي قييول »ل إلييه إل‬
‫الله« كما قال ابن جرير وعبد الله بن المام أحمييد‪ .‬حييدثنا‬
‫الحسيين بيين قزعيية أبييو علييي البصييري حييدثنا سييفيان بيين‬
‫حبيب‪ ,‬حدثنا شعبة عن ثور عيين أبيييه عيين الطفيييل‪ ,‬يعنييي‬
‫ابن أبي بن كعب عن أبيه رضي الله عنه‪ ,‬أنه سمع رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬وألزمهم كلمة التقوى«‬
‫قال »ل إله إل الله« وكذا رواه الترمذي عيين الحسيين بيين‬
‫قزعة‪ ,‬وقال غريييب ل نعرفييه إل ميين حييديثه‪ ,‬وسييألت أبييا‬
‫زرعة عنه فلم يعرفه إل ميين هييذا الييوجه‪ ,‬وقييال ابيين أبييي‬
‫حاتم‪ :‬حدثنا أحمد بن منصور الرمادي‪ ,‬حدثنا عبد اللييه بيين‬
‫صالح‪ ,‬حدثني الليث‪ ,‬حدثني عبد الرحمن بن خالد عن ابن‬
‫شهاب عن سعيد بن المسيب أن أبا هريرة رضي الله عنه‬

‫‪331‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قييال‪» :‬أمييرت‬
‫أن أقاتل الناس حتى يقولوا ل إله إل الله‪ ,‬فمن قال ل إله‬
‫إل الله فقد عصم مني ماله ونفسه إل بحقه وحسابه على‬
‫الله عز وجل« وأنزل اللييه فييي كتييابه وذكيير قوم يا ً فقييال‪:‬‬
‫}إنهم كانوا إذا قيل لهم ل إله إل اللييه يسييتكبرون{ وقييال‬
‫الله جل ثناؤه‪} :‬وألزمهييم كلميية التقييوى وكييانوا أحييق بهييا‬
‫وأهلها{ وهي ل إله إل الله محمد رسول اللييه‪ ,‬فاسييتكبروا‬
‫عنهييا‪ ,‬واسييتكبر عنهييا المشييركون يييوم الحديبييية فكيياتبهم‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية المدة‪ ,‬وكييذا‬
‫رواه بهييذه الزيييادات ابيين جرييير ميين حييديث الزهييري‪,‬‬
‫والظيياهر أنهييا مدرجيية ميين كلم الزهييري واللييه أعلييم‪.‬‬
‫وقال مجاهد‪ :‬كلمة التقوى الخلص‪ ,‬وقال عطاء بن أبي‬
‫رباح هي »ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ,‬له الملييك ولييه‬
‫الحمد‪ ,‬وهو على كل شيء قدير« وقييال يييونس بيين بكييير‬
‫عيين ابيين إسييحاق عيين الزهييري عيين عييروة عيين المسييور‬
‫}وألزمهييم كلميية التقييوى{ قييال »ل إلييه إل اللييه وحييده ل‬
‫شريك له« وقال الثوري عن سلمة بن كهيل عن عباية بن‬
‫ربعي عن علي رضي الله عنه }وألزمهييم كلميية التقييوى{‬
‫قال‪» :‬ل إله إل الله والله اكبر{ وكذا قال ابن عمر رضييي‬
‫الله عنهما‪ ,‬وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي‬
‫الله عنهما قيوله تعيالى‪} :‬وألزمهيم كلمية التقيوى{ قيال‪:‬‬
‫يقول شهادة أن ل إله إل الله وهي رأس كل تقوى‪ ,‬وقييال‬
‫سعيد بن جبير }وألزمهم كلميية التقييوى{ قييال »ل إلييه إل‬
‫الله والجهاد في سبيله« وقال عطياء الخراسياني هيي »ل‬
‫إله إل الله محمد رسول الله{ وقال عبد الله بن المبييارك‬
‫عن معميير عيين الزهييري }وألزمهييم كلميية التقييوى{ قييال‬
‫»بسم الله الرحمن الرحيم«‪ .‬وقال قتادة }وألزمهم كلميية‬
‫التقوى{ قال »ل إله إل الله« }وكييانوا أحييق بهييا وأهلهييا{‬
‫كان المسلمون أحييق بهييا وكييانوا أهلهييا }وكييان الليه بكييل‬
‫شيييء عليم يًا{ أي هييو عليييم بميين يسييتحق الخييير مميين‬
‫يستحق الشر‪ ,‬وقد قال النسائي‪ :‬حدثنا إبراهيم بن سيعيد‪,‬‬
‫حدثنا شبابة بن سييوار عيين أبييي رزييين عيين عبييد اللييه بيين‬

‫‪332‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العلء بن نوير عن بشر بن عبد الله عن أبييي إدريييس عيين‬
‫أبي بن كعب رضي الله عنه أنه كان يقرأ }إذ جعل الييذين‬
‫كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية{ ولو حميتم كمييا‬
‫موا لفسد المسجد الحرام‪ ,‬فبلييغ ذلييك عميير رضييي اللييه‬ ‫ح َ‬
‫َ‬
‫عنه فييأغلظ لييه فقييال إنييك لتعلييم أنييي كنييت أدخييل علييى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعلمني مما علمه اللييه‬
‫تعالى‪ ,‬فقال عمر رضي اللييه عنييه‪ :‬بييل أنييت رجييل عنييدك‬
‫علم وقرآن‪ ,‬فاقرأ وعلم مما علمك اللييه تعييالى ورسييوله‪.‬‬

‫وهييذا ذكيير الحيياديث الييواردة فييي قصيية الحديبييية وقصيية‬


‫الصيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييلح‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا يزيد بن هارون‪ .‬أخبرنا محمد بن‬
‫إسحاق بن يسار عن الزهري عيين عييروة بيين الزبييير‪ ,‬عيين‬
‫المسور بن مخرمة ومروان بن الحكييم رضييي اللييه عنهمييا‬
‫قال‪ :‬خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبييية‬
‫ل‪ ,‬وساق معييه الهييدي سييبعين‬ ‫يريد زيارة البيت ل يريد قتا ً‬
‫بدنة‪ ,‬وكان الناس سييبعمائة رجييل‪ ,‬فكييانت كييل بدنيية عيين‬
‫عشرة‪ ,‬وخرج رسول الله صلى الله عليه وسييلم حييتى إذا‬
‫كان بعسفان لقيه بشر بن سفيان الكعبي فقال‪ :‬يا رسول‬
‫الله هذه قريش‪ ,‬قد سمعت بمسيرك فخرجت معها العوذ‬
‫المطافيل‪ ,‬قد لبست جلود النمور يعاهدون الله تعييالى أن‬
‫ل تدخلها عليهم عنوة أبدًا‪ ,‬وهذا خالد بن الوليد في خيلهييم‬
‫قد قدموه إلى كراع الغميم‪ ,‬فقال رسول الليه صيلى الليه‬
‫عليه وسييلم‪» :‬يييا ويييح قريييش! قييد أكلتهييم الحييرب‪ ,‬ميياذا‬
‫عليهم لو خلوا بيني وبين سائر الناس ؟ فإن أصابوني كان‬
‫الذي أرادوا‪ ,‬وإن أظهرني الله تعييالى دخلييوا فييي السييلم‬
‫وهم وافرون‪ ,‬وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة‪ ,‬فماذا تظيين‬
‫قريييش فييوالله ل أزال أجاهييدهم علييى الييذي بعثنييي اللييه‬
‫تعييالى بييه حييتى يظهرنييي اللييه عييز وجييل أو تنفييرد هييذه‬
‫السالفة« ثم أمر الناس فسلكوا ذات اليمييين بييين ظهييري‬
‫الحمض على طريق تخرجه على ثنية المرار والحديبية من‬
‫أسفل مكة‪ ,‬قال فسلك بالجيش تلك الطريييق‪ ,‬فلمييا رأت‬

‫‪333‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫خيل قريش قترة الجيش قد خالفوا عن طريقهم‪ ,‬ركضييوا‬
‫راجعين إلى قريش‪ ,‬فخرج رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم حتى إذا سلك ثنية المرار بركت ناقته فقييال النيياس‬
‫خلت‪ ,‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ما خلت‬
‫وما ذلك لها بخلق‪ ,‬ولكن حبسها حييابس الفيييل عيين مكيية‪,‬‬
‫والله ل تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألوني فيها صلة‬
‫الرحيييييييييييييييم إل أعطيتهيييييييييييييييم إياهيييييييييييييييا«‪.‬‬
‫ثم قال صلى الله عليه وسلم للناس‪» :‬انزلوا« قالوا‪ :‬يييا‬
‫رسول الله ما بالوادي من ماء ينزل علييه النياس‪ ,‬فيأخرج‬
‫رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم سييهما ً ميين كنييانته‬
‫فأعطاه رجل ً من أصحابه‪ ,‬فنزل في قليب من تلك القلييب‬
‫فغرزه فيه‪ ,‬فجاش بالماء حتى ضرب النياس عنيه بعطين‪.‬‬
‫فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بديل بن‬
‫ورقاء في رجال من خزاعة‪ ,‬فقيال لهيم كقيوله لبشير بين‬
‫سفيان‪ ,‬فرجعوا إلى قريش فقالوا‪ :‬يا معشر قريش إنكييم‬
‫تعجلون على محمد صلى الله عليه وسلم‪ ,‬إن محمييدا ً لييم‬
‫يييْأت لقتييال إنمييا جيياء زائرا ً لهييذا الييبيت معظمييا ً لحقييه‪,‬‬
‫فاتهموهم‪ .‬قال محمد بيين إسييحاق‪ :‬قييال الزهييري وكييانت‬
‫خزاعة في عيبة رسول الله صلى الله تعيالى عليييه وعليى‬
‫آله وسلم‪ ,‬مشركها ومسلمها ل يخفون علييى رسييول اللييه‬
‫صلى الله تعالى عليه وعلى آلييه وسييلم شيييئا ً كييان بمكيية‪,‬‬
‫فقالوا‪ :‬وإن كان إنما جاء لذلك فوالله ل يدخلها أبييدا ً علينييا‬
‫عنوة‪ ,‬ول يتحدث بذلك العييرب‪ ,‬ثييم بعثييوا إليييه مكييرز بيين‬
‫حفص أحد بني عامر بن لؤي‪ ,‬فلما رآه رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪» :‬هذا رجل غييادر« فلمييا انتهييى إلييى‬
‫رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسييلم‪ ,‬كلمييه‬
‫رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلييى آلييه وسييلم بنحييو‬
‫مما تكلم مع أصحابه‪ ,‬ثم رجييع إلييى قريييش فييأخبرهم بمييا‬
‫قال له رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم فبعثييوا إليييه‬
‫الحليس بن علقمة الكنيياني‪ ,‬وهييو يييومئذ سيييد الحييابيش‪,‬‬
‫فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬هذا من‬
‫قوم يتألهون فابعثوا الهدي« فلما رأى الهدي يسيييل عليييه‬

‫‪334‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من عرض الوادي فييي قلئده قييد أكييل أوبيياره ميين طييول‬
‫الحبس عن محله‪ ,‬رجع ولم يصل إلييى رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم إعظاما ً لما رأى فقال‪ :‬يييا معشيير قريييش‬
‫لقد رأيت ما ل يحل صد الهدي في قلئده قد أكييل أوبيياره‬
‫من طييول الحبييس علييى محلييه‪ ,‬قييالوا‪ :‬اجلييس إنمييا أنييت‬
‫أعرابييييييييييييييييييي ل علييييييييييييييييييم لييييييييييييييييييك‪.‬‬
‫فبعثوا إليه عروة بيين مسييعود الثقفييي فقييال‪ :‬يييا معشيير‬
‫قريش إني قد رأيت ما يلقى منكم من تبعثون إلى محمييد‬
‫إذا جاءكم من التعنيييف وسييوء اللفييظ‪ ,‬وقييد عرفتييم أنكييم‬
‫والييد وأنييا ولييد‪ ,‬وقييد سييمعت بالييذي نييابكم فجمعييت ميين‬
‫أطاعني من قومي ثم جئت حتى آسيتكم بنفسييي‪ .‬قييالوا‪:‬‬
‫صدقت ما أنت عندنا بمتهم‪ .‬فخرج حتى أتييى رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم فجلس بييين يييديه فقييال‪ :‬يييا محمييد‬
‫جمعت أوباش الناس ثم جئت بهييم لبيضييتك لنقضييها‪ ,‬إنهييا‬
‫قريش قد خرجت معها العوذ المطافيل‪ ,‬قييد لبسييوا جلييود‬
‫النمور يعاهدون الله تعالى أن ل تدخلها عليهم عنييوة أبييدًا‪,‬‬
‫وايم الله لكأني بهؤلء قد انكشفوا عنك غدًا‪ ,‬قال وأبو بكر‬
‫رضي الله عنه قاعد خلييف رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم فقال‪ :‬امصص بظر اللت أنحن ننكشف عنه ؟ قييال‬
‫من هذا يا محمد ؟ قال صلى الله عليه وسيلم‪» :‬هييذا ابين‬
‫أبيي قحافية »قيال‪ :‬أميا والليه ليو ل ييد كيانت ليك عنيدي‬
‫لكافأتك بها‪ ,‬ولكن هذه بهييا‪ ,‬ثييم تنيياول لحييية رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم والمغيرة بن شعبة رضييي اللييه عنييه‬
‫واقييف علييى رأس رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫بالحديد‪ ,‬قال‪ :‬فقرع يده ثييم قييال أمسييك يييدك عيين لحييية‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسييلم قبييل واللييه أن ل تصييل‬
‫إليك قال ويحك ما أفظك وأغلظييك! فتبسييم رسييول اللييه‬
‫قال‪ :‬من هذا يا محمد ؟ قال صلى الله عليه وسلم‪» :‬هييذا‬
‫ابن أخيك المغيرة بيين شييعبة« قييال‪ :‬أغييدر‪ ,‬وهييل غسييلت‬
‫سوأتك إلبالمس ؟ قال‪ :‬فكلمييه رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم بمثل ما كلم به أصحابه‪ ,‬وأخبره بييأنه لييم يييأت‬
‫يريد حربًا‪ .‬قال فقام من عند رسول الله صلى اللييه عليييه‬

‫‪335‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسلم‪ ,‬وقد رأى ما يصنع بييه أصييحابه ل يتوضييأ وضييوءا ً إل‬
‫ابتدروه‪ ,‬ول يبصق بصاقا ً إل ابتدروه‪ ,‬ول يسقط من شعره‬
‫شيء إل أخذوه‪ ,‬فرجع إلى قريش فقال‪ :‬يا معشر قريييش‬
‫إني جئت كسرى في ملكييه وجئت قيصيير والنجاشييي فييي‬
‫ملكهما‪ ,‬والله ما رأيت ملكيا ً قييط مثييل محمييد صييلى اللييه‬
‫عليه وسييلم فييي أصييحابه‪ ,‬ولقييد رأيييت قوميا ً ل يسييلمونه‬
‫لشيييييييييييييء أبييييييييييييدا ً فييييييييييييروا رأيكييييييييييييم‪.‬‬
‫قال‪ :‬وقد كان رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم قبييل‬
‫ذلك بعث خراش بن أمية الخزاعي إلى مكة‪ ,‬وحمله علييى‬
‫جمل له يقال له الثعلب‪ ,‬فلما دخل مكة عقرت به قريييش‬
‫وأرادوا قتل خراش‪ ,‬فمنعتهم الحابيش حييتى أتييى رسييول‬
‫الله صلى الله عليييه وسييلم‪ ,‬فييدعا عميير رضييي اللييه عنييه‬
‫ليبعثه إلى مكة فقال‪ :‬يا رسييول اللييه إنييي أخيياف قريش يا ً‬
‫على نفسي وليس بها ميين بنييي عييدي أحييد يمنعنييي‪ .‬وقييد‬
‫عرفت قريش عداوتي إياها وغلظييتي عليهييا‪ ,‬ولكيين أدلييك‬
‫على رجل هو أعز مني بهيا عثميان بين عفيان رضيي الليه‬
‫عنه‪ .‬قال‪ :‬فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فبعثه‬
‫يخبرهم أنه لم يأت لحرب أحد‪ ,‬وإنما جاء زائرا ً لهذا البيت‬
‫معظما ً لحرمته‪ ,‬فخرج عثمان رضييي اللييه عنييه حييتى أتييى‬
‫مكة‪ ,‬فلقيه أبان بيين سييعيد بيين العيياص‪ ,‬فنييزل عيين دابتييه‬
‫وحملييه بييين يييديه أردفييه خلفييه وأجيياره حييتى بلييغ رسييالة‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فييانطلق عثمييان رضييي‬
‫الله عنه حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش‪ ,‬فبلغهم عيين‬
‫رسول الله صلى الله عليييه وسييلم مييا أرسييله بييه‪ ,‬فقييالوا‬
‫لعثمان رضي الله عنه‪ :‬إن شئت أن تطوف بالبيت فطييف‬
‫به‪ ,‬فقال‪ :‬ما كنت لفعل حتى يطوف به رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ .‬قال‪ :‬واحتبسته قريش عندها قييال‪ :‬وبلييغ‬
‫رسول الله صلى الله عليييه وسيلم أن عثمييان رضييي اللييه‬
‫عنيييييييييييييييييييييه قيييييييييييييييييييييد قتيييييييييييييييييييييل‪.‬‬
‫قال محمد‪ :‬فحدثني الزهري أن قريشا ً بعثييوا سييهيل بيين‬
‫عمرو وقالوا‪ :‬ائت محمدا ً فصالحه ول تليين فييي صييلحه إل‬
‫أن يرجع عنا عامه هذا‪ ,‬فوالله ل تحدث العرب أنييه دخلهييا‬

‫‪336‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫علينا عنوة أبدًا‪ ,‬فأتاه سييهيل بيين عمييرو فلمييا رآه رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسييلم قييال‪» :‬قييد أراد القييوم الصييلح‬
‫حين بعثوا هذا الرجل«‪ .‬فلما انتهى إلى رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ,‬تكلما وأطال الكلم وتراجعييا حييتى جييرى‬
‫بينهما الصلح‪ ,‬فلما التأم المر ولييم يبييق إل الكتيياب‪ ,‬وثييب‬
‫عمر بن الخطاب رضي الله عنه‪ ,‬فأتى أبا بكر رضييي اللييه‬
‫عنييه فقييال‪ :‬يييا أبييا بكيير أوليييس برسييول اللييه ؟ أولسيينا‬
‫بالمسلمين ؟ أوليسوا بالمشركين ؟ قال‪ :‬بلى‪ .‬قال‪ :‬فعلم‬
‫نعطي الدنية في ديننا ؟ فقال أبو بكر رضي اللييه عنييه‪ :‬يييا‬
‫عمر الزم غرزه حيث كيان فييإني أشييهد أنيه رسييول الليه‪.‬‬
‫فقال عمر رضي الله عنه‪ :‬وأنا أشهد‪ ,‬ثم أتى رسييول اللييه‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم فقييال‪ :‬يييا رسييول اللييه أولسيينا‬
‫بالمسلمين ؟ أوليسوا بالمشركين ؟ قال صيلى الليه علييه‬
‫وسلم »بلى« قال‪ :‬فعلم نعطي الدنية فييي ديننييا ؟ فقييال‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬أنا عبد اللييه ورسييوله ليين أخييالف‬
‫أمره ولن يضيعني« ثم قال عمر رضي الله عنه‪ :‬مييا زلييت‬
‫أصوم وأصلي وأتصييدق وأعتييق ميين الييذي صيينعت مخافيية‬
‫كلمي الذي تكلمت به يومئذ‪ ,‬حتى رجوت أن يكون خيييرًا‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علييي بيين‬
‫أبي طالب رضي الله عنه فقال‪ :‬اكتب »بسم الله الرحمن‬
‫الرحيم« فقال سهيل‪ :‬ل أعرف هذا‪ ,‬ولكن اكتب‪ :‬باسييمك‬
‫اللهم‪ .‬فقال رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬اكتييب‬
‫باسمك اللهم‪ .‬هذا ما صالح عليه محمد رسول الله{ فقال‬
‫له سهيل بن عمرو‪ :‬لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلييك‪,‬‬
‫ولكن اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد اللييه وسييهيل‬
‫بن عمرو على وضع الحرب عشر سنين‪ ,‬يأمن فيها الناس‬
‫ويكف بعضهم عن بعض‪ ,‬علييى أنييه ميين أتييى رسييول اللييه‬
‫صلى اللييه عليييه وسييلم ميين أصييحابه بغييير إذن وليييه رده‬
‫عليه‪ ,‬ومن أتى قريشا ً مميين مييع رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم لم يردوه عليه وأن بيننا عيبة مكفوفيية وأنييه ل‬
‫أسلل ول أغلل‪ .‬وكان في شييرطهم حييين كتبييوا الكتيياب‪:‬‬
‫أنه من أحب أن يدخل فييي عقييد محمييد صييلى اللييه عليييه‬

‫‪337‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسلم وعهده دخل فيييه‪ ,‬وميين أحييب أن يييدخل فييي عقييد‬
‫قريش وعهدهم دخل فيه‪ ,‬فتييواثبت خزاعيية فقييالوا‪ ,‬نحيين‬
‫فييي عقييد رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم وعهييده‪,‬‬
‫وتواثبت بنو بكر فقالوا‪ :‬نحن فييي عقييد قريييش وعهييدهم‪,‬‬
‫وأنك ترجع عنا عامنا هذا فل تدخل علينا مكة‪ ,‬وأنه إذا كان‬
‫عام قابل خرجنا عنك فتدخلها بأصحابك وأقمييت بهييا ثلثيًا‪,‬‬
‫معك سلح الراكب ل تيدخلها بغيير السييوف فيي القيرب‪.‬‬
‫فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتييب الكتيياب إذ‬
‫جاءه أبو جندل بن سهيل بن عمرو في الحديد قييد انفلييت‬
‫إلى رسول الليه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪ ,‬قييال وقييد كيان‬
‫أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجييوا وهييم ل‬
‫يشكون في الفتح لرؤيا رآها رسول الله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪ ,‬فلما رأوا ما رأوا من الصييلح والرجييوع ومييا تحمييل‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسه‪ ,‬دخل الناس‬
‫من ذلك أمر عظيم حتى كادوا أن يهلكوا‪ .‬فلما رأى سهيل‬
‫أبا جندل قام إليه فضرب وجهه قال‪ :‬يييا محمييد قييد لجييت‬
‫القضية بيني وبينييك قبييل أن يأتيييك هييذا‪ .‬قييال »صييدقت«‬
‫فقام إليه فأخذ بتلبيبه قال وصرخ أبو جندل بأعلى صوته‪:‬‬
‫يا معشر المسلمين أتردونني إلى أهييل الشييرك فيفتنييوني‬
‫في دينييي ؟ قييال فييزاد النيياس شييرا ً إلييى مييا بهييم‪ .‬فقييال‬
‫رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم »يييا أبييا جنييدل اصييبر‬
‫واحتسييب فييإن اللييه تعييالى جاعييل لييك ولميين معييك ميين‬
‫المستضعفين فرجا ً ومخرجًا‪ .‬إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم‬
‫صلحًا‪ ,‬فأعطيناهم على ذلك وأعطونا عليه عهييدا ً وإنييا ليين‬
‫نغدر بهم«‪ .‬قال‪ :‬فوثب إليه عمر بن الخطيياب رضييي اللييه‬
‫عنه‪ ,‬فجعل يمشي مع أبي جندل‪ ,‬ويقول اصييبر أبييا جنييدل‬
‫فإنمييا هييم المشييركون وإنمييا دم أحييدهم دم كلييب‪ ,‬قييال‪:‬‬
‫ويييدني قييائم السيييف منييه‪ ,‬قييال يقييول‪ :‬رجييوت أن يأخييذ‬
‫السيف فيضرب بيه أبياه‪ .‬قيال‪ :‬فضين الرجيل بيأبيه‪ ,‬قيال‬
‫ونفذت القضية‪ ,‬فلما فرغا من الكتاب‪ ,‬وكان رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم يصلي في الحرم وهو مضطرب في‬
‫الحل‪ ,‬قال‪ :‬فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‪:‬‬

‫‪338‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫»يا أيها الناس انحروا واحلقوا{ قال‪ :‬فما قام أحد‪ ,‬قال ثم‬
‫عاد صلى الله عليه وسلم بمثلها‪ ,‬فما قيام رجييل‪ ,‬ثيم عيياد‬
‫صلى الله عليه وسلم بمثلها فما قام رجل‪ ,‬فرجييع رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسييلم فييدخل علييى أم سييلمة رضييي‬
‫الله عنها فقال »يا أم سلمة ما شأن الناس ؟« قييالت‪ :‬يييا‬
‫رسول الله قد دخلهم مييا رأييت‪ ,‬فل تكلميين منهييم إنسيانا ً‬
‫واعمد إلى هديك حيث كان فانحره واحلق‪ ,‬فلو قد فعلييت‬
‫ذلك فعل الناس ذلك‪ ,‬فخرج رسول الله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم ل يكلم أحدا ً حيتى إذا أتيى هييديه فنحييره ثييم جليس‬
‫فحلق‪ ,‬قال‪ :‬فقام الناس ينحرون ويحلقون‪ ,‬حييتى إذا كييان‬
‫بين مكة والمدينة في وسط الطريق نزلت سييورة الفتييح‪,‬‬
‫هكذا ساقه أحمد من هذا الييوجه‪ ,‬وهكييذا رواه يييونس بيين‬
‫بكير وزياد البكائي عن أبي إسييحاق بنحييوه وفيييه إغييراب‪.‬‬
‫وقد رواه أيضا ً عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري به‬
‫نحوه‪ ,‬وخالفه في أشياء‪ ,‬وقد رواه البخاري رحمه الله في‬
‫صحيحه فساقه سياقة حسنة مطولة بزيادات جيدة‪ ,‬فقال‬
‫في كتاب الشروط من صحيحه‪ :‬حدثنا عبد الله بن محمد‪,‬‬
‫حدثنا عبد الييرزاق‪ ,‬عيين معميير‪ ,‬أخييبرني الزهييري أخييبرني‬
‫عييروة بيين الزبييير عيين المسييور بيين مخرميية ومييروان بيين‬
‫الحكم‪ ,‬يصدق كل واحد منهم حييديث صيياحبه‪ ,‬قييال‪ :‬خييرج‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية فييي بضييع‬
‫عشرة مائة من أصحابه‪ ,‬فلما أتى ذا الحليفيية قلييد الهييدي‬
‫وأشعره وأحرم منها بعمييرة‪ ,‬وبعييث عين يا ً لييه ميين خزاعيية‬
‫وسار‪ ,‬حتى إذا كان بغدير الشيطاط أتياه عينيه فقيال‪ :‬إن‬
‫قريشا ً قد جمعوا لك جموع يا ً وقييد جمعييوا لييك الحييابيش‪,‬‬
‫وهم مقاتلوك وصادوك ومييانعوك‪ .‬فقييال صيلى الليه علييه‬
‫وسلم‪» :‬أشيروا أيها النيياس علييي‪ ,‬أتييرون أن نميييل علييى‬
‫عيييالهم وذراري هييؤلء الييذين يريييدون أن يصييدونا عيين‬
‫البيت ؟« وفي لفظ‪» :‬أترون أن نميل علييى ذراري هييؤلء‬
‫الذين أعانوهم‪ ,‬فإن يأتونييا كييان اللييه قييد قطييع عنق يا ً ميين‬
‫المشييركين‪ ,‬وإل تركنيياهم محزونييين«‪ ,‬وفييي لفييظ »فييإن‬
‫قعدوا قعدوا موتورين مجهودين محرونين‪ ,‬وإن نجييوا يكيين‬

‫‪339‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عنقا ً قطعها الله عز وجييل‪ .‬أم تييرون أن نييؤم الييبيت فميين‬
‫صييييييييييييييييييدنا عنييييييييييييييييييه قاتلنيييييييييييييييييياه«‪.‬‬
‫فقال أبو بكر رضييي اللييه عنييه‪ :‬يييا رسييول اللييه خرجييت‬
‫عامدا ً لهذا البيت‪ ,‬ل تريييد قتييل أحييد ول حرب يًا‪ ,‬فتييوجه لييه‬
‫فمن صدنا عنه قاتلناه‪ ,‬وفي لفييظ‪ :‬فقييال أبييو بكيير رضييي‬
‫الله عنه‪ :‬الله ورسوله علم إنما جئنا معتمرين ولييم نجىييء‬
‫لقتال أحد‪ ,‬ولكن من حال بيننا وبين الييبيت قاتلنيياه‪ ,‬فقييال‬
‫النبي صلى الله عليه وسييلم‪» :‬فروحييوا إذن« وفييي لفييظ‬
‫»فامضوا علييى اسييم اللييه تعييالى« حييتى إذا كييانوا ببعييض‬
‫الطريق قال النبي صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬إن خالييد بيين‬
‫الوليد في خيل لقريش طليعة فخييذوا ذات اليمييين فييوالله‬
‫ما شيعر بهيم خالييد حييتى إذا هيم بقيترة الجيييش فييانطلق‬
‫يركض نذيرا ً لقريش‪ ,‬وسار النبي صيلى الليه علييه وسيلم‬
‫حييتى إذا كييان بالثنييية الييتي يهبييط عليهييم منهييا بركييت بييه‬
‫راحلتييه‪ ,‬فقييال النيياس‪ :‬جييل حييل فييألحت‪ ,‬فقييالوا‪ :‬خلت‬
‫القصييواء خلت القصييواء‪ .‬فقييال النييبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬ما خلت القصواء وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها‬
‫حابس الفيل‪ ,‬ثم قال صلى الله عليه وسلم‪ :‬والذي نفسي‬
‫بيده ل يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله تعالى إل‬
‫أعطيتهم إياها«‪ .‬ثم زجرها فوثبت فعدل عنهييم حييتى نييزل‬
‫بأقصييى الحديبييية علييى ثمييد قليييل الميياء يتبرضييه النيياس‬
‫تبرضًا‪ ,‬فلم يلبث الناس حتى نزحوه‪ ,‬وشييكي إلييى رسييول‬
‫الله العطش‪ ,‬فانتزع صييلى اللييه عليييه وسييلم ميين كنييانته‬
‫سهما ً ثم أمرهم أن يجعلوه فيه فوالله ما زال يجيش لهييم‬
‫بييييييييييييالري حييييييييييييتى صييييييييييييدروا عنييييييييييييه‪.‬‬
‫فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفيير‬
‫من قومه من خزاعة‪ ,‬وكانوا عيبة نصح رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم من أهل تهامة‪ ,‬فقال‪ :‬إني تركت كعب بن‬
‫لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية‪ ,‬معهم العوذ‬
‫المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت‪ .‬فقييال النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬إنا لييم نجىييء لقتييال أحييد‪ ,‬ولكيين‬
‫جئنا معتمرين‪ ,‬وإن قريش يا ً قييد نهكتهييم الحييرب‪ ,‬فأضييرت‬

‫‪340‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بهم‪ ,‬فإن شاؤوا ماددتهم مدة ويخلييوا بينييي وبييين النيياس‪,‬‬
‫فإن أظهر‪ ,‬فإن شاءوا أن يييدخلوا فيمييا دخييل فيييه النيياس‬
‫مييه‪ ,‬وإن هييم أبييوا فوالييذي نفسييي بيييده‬‫فعلوا وإل فقييد ج ّ‬
‫لقاتلنهم على أمري هييذا حييتى تنفييرد سييالفتي أو لينفييذن‬
‫الله أمره«‪ .‬قال بديل‪ :‬سأبلغهم مييا تقييول‪ .‬فييانطلق حييتى‬
‫أتى قريشا ً فقال‪ :‬إنا قد جئنا من عند هذا الرجل وسمعناه‬
‫ل‪ ,‬فييإن شييئتم أن نعرضييه عليكييم فعلنييا‪ ,‬فقييال‬ ‫يقييول قييو ً‬
‫سفهاؤهم‪ :‬ل حاجة لنييا أن تخبرنييا عنييه بشيييء‪ .‬وقييال ذوو‬
‫الرأي منهم‪ :‬هات ما سمعته يقول‪ .‬قال‪ :‬سمعته يقول كذا‬
‫وكذا‪ ,‬فحدثهم بما قاله رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‬
‫فقام عروة بن مسييعود فقييال‪ :‬أي قييوم ألسييتم بالوالييد ؟‬
‫قالوا‪ :‬بلى‪ ,‬قال‪ :‬أولست بالولد ؟ قالوا‪ :‬بلييى‪ ,‬قييال‪ :‬فهييل‬
‫تتهمونني ؟ قالوا‪ :‬ل‪ ,‬قال‪ :‬ألستم تعلمييون أنييي اسييتنفرت‬
‫أهل عكاظ‪ ,‬فلما بلحوا علييي(جئتكييم بييأهلي وولييدي وميين‬
‫أطاعني ؟ قالوا‪ :‬بلييى‪ .‬قييال‪ :‬فيإن هييذا قيد عيرض عليكيم‬
‫خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته‪ .‬قالوا‪ :‬ائته‪ ,‬فأتيياه فجعييل‬
‫يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقييال النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم له نحوا ً من قوله لبديل بن ورقاء‪ ,‬فقال عروة‬
‫عند ذلك‪ :‬أي محمد‪ ,‬أرأيت إن استأصلت أمر قومييك‪ ,‬هييل‬
‫سييمعت بأحييد ميين العييرب اجتيياح أصييله قبلييك ؟ وإن تييك‬
‫الخرى فيإني والليه لرى وجوهيًا‪ ,‬وإنيي لرى أشييوابا ً مين‬
‫الناس خليقا ً أن يفروا ويدعوك‪ ,‬فقييال لييه أبييو بكيير رضييي‬
‫الله عنه‪ :‬امصص بظر اللت أنحن نفر وندعه ؟ قييال‪ :‬ميين‬
‫ذا ؟ قالوا أبو بكر‪ .‬قال‪ :‬أمييا والييذي نفسييي بيييده لييول يييد‬
‫كانت لك عندي لم أجزك بهييا لجبتييك‪ .‬قييال‪ :‬وجعييل يكلييم‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم فكلما كلمه أخذ بلحيتييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ,‬والمغيرة بن شعبة رضي الله عنييه قييائم‬
‫على رأس النبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‪ ,‬ومعييه السيييف‬
‫وعليه المغفر‪ ,‬وكلما أهييوى عييروة بيييده إلييى لحييية النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ضرب يده بنعل السيف وقال‪ :‬أخيير‬
‫يدك عن لحية رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪ .‬فرفييع‬
‫عروة رأسه وقال‪ :‬ميين هييذا ؟ قييال‪ :‬المغيييرة بيين شييعبة‪.‬‬

‫‪341‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال‪ :‬أي غدر ألست أسعى في غدرتك ؟ وكان المغيرة بن‬
‫شعبة رضي الله عنه صييحب قوم يا ً فييي الجاهلييية فقتلهييم‬
‫وأخذ أموالهم‪ ,‬ثم جاء فأسلم‪ ,‬فقال النبي صلى الله عليييه‬
‫وسلم‪» :‬أما السلم فأقبل‪ ,‬وأما المييال فلسييت منييه فييي‬
‫شيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييء«‪.‬‬
‫ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم بعينيه قال‪ :‬فوالله ما تنخم رسييول الليه صيلى الليه‬
‫عليه وسلم نخامة إل وقعت في كف رجل منهم فدلك بهييا‬
‫وجهه وجلده‪ ,‬وإذا أمرهم ابتييدروا أمييره‪ ,‬وإذا توضييأ كييادوا‬
‫يقتتلون على وضوئه‪ ,‬وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما‬
‫يحدون النظر إليه تعظيما ً له صلى الله عليه وسلم فرجييع‬
‫عروة إلى أصحابه‪ .‬فقال‪ :‬أي قوم! والله لقد وفدت علييى‬
‫الملوك ووفدت على كسرى وقيصر والنجاشييي‪ ,‬واللييه إن‬
‫رأيت ملكا ً قط يعظمه أصحابه مييا يعظييم أصييحاب محمييد‬
‫محمدًا‪ ,‬واللييه إن تنخييم نخاميية إل وقعييت فييي كييف رجييل‬
‫منهم فدلك بها وجهييه وجلييده‪ ,‬وإذا أمرهييم ابتييدروا أمييره‪,‬‬
‫وإذا توضأ كادوا يقتتلييون علييى وضييوئه وإذا تكلييم خفضييوا‬
‫أصواتهم عنده‪ ,‬وما يحدون النظر إليه تعظيما ً له‪ ,‬وإنه قييد‬
‫عيييييييرض عليكيييييييم خطييييييية رشيييييييد فاقبلوهيييييييا‪.‬‬
‫فقال رجل منهم من بني كنانة‪ :‬دعوني آته‪ .‬فقالوا‪ :‬ائته‪.‬‬
‫فلما أشرف على النبي صلى اللييه عليييه وسييلم وأصييحابه‬
‫رضي الله عنهم‪ ,‬قال النبي صلى الله علييه وسيلم‪» :‬هييذا‬
‫فلن وهو من قوم يعظمون البييدن فابعثوهييا لييه«‪ .‬فبعثييت‬
‫واستقبله الناس يلبون‪ .‬فلما رأى ذلك قييال‪ :‬سييبحان اللييه‬
‫مييا ينبغييي لهييؤلء أن يصييدوا عيين الييبيت‪ ,‬فلمييا رجييع إلييى‬
‫أصحابه قال‪ :‬رأيت البدن قد قلدت وأشعرت فمييا أرى أن‬
‫يصدوا عن اليبيت‪ .‬فقييام رجييل منهييم يقيال ليه مكييرز بيين‬
‫حفص‪ ,‬فقال‪ :‬دعوني آته‪ .‬فقالوا‪ :‬ائته‪ .‬فلما أشرف عليهم‬
‫قال النبي صلى الله عليه وسلم‪» :‬هييذا مكييرز وهييو رجييل‬
‫فاجر« فجعل يكلم النبي صلى اللييه عليييه وسييلم ‪ ,‬فبينمييا‬
‫هو يكلمه إذ جاء سهيل بيين عمييرو‪ ,‬وقييال معميير‪ :‬أخييبرني‬
‫أيوب عن عكرمة أنه قال‪ :‬لما جاء سهيل بيين عمييرو قييال‬

‫‪342‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪» :‬قد سهل لكم ميين أمركييم«‬
‫قال معمر قال الزهري في حديثه فجاء سييهيل بيين عمييرو‬
‫فقال‪ :‬هات اكتب بيننا وبينك كتابًا‪ .‬فدعا النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم بعلي رضي الله عنه وقال‪» :‬اكتيب بسيم الليه‬
‫الرحمن الرحيييم« فقييال سييهيل بيين عمييرو‪ :‬أمييا الرحميين‬
‫فوالله ما أدري ما هو‪ ,‬ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت‬
‫تكتييب‪ .‬فقييال المسييلمون‪ :‬واللييه ل نكتبهييا إل باسييم اللييه‬
‫الرحمن الرحيم‪ .‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم »اكتب‬
‫باسمك اللهم ي ثم قال ي هذا ما قاضى عليه محمد رسييول‬
‫الله« فقال سهيل‪ :‬والله لو كنا نعلم أنييك رسييول اللييه مييا‬
‫صددناك عن البيت ول قاتلناك‪ ,‬ولكن اكتب محمد بن عبييد‬
‫الله‪ .‬فقال له النبي صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬واللييه إنييي‬
‫لرسول الله وإن كذبتموني‪ ,‬اكتييب محمييد بيين عبييد اللييه«‬
‫قييال الزهييري‪ :‬وذلييك لقييوله‪» :‬واللييه ل يسييألوني خطيية‬
‫يعظمون فيها حرمات الله تعالى إل أعطيتهم إياها« فقييال‬
‫له النبي صلى الله عليه وسلم‪ :‬على أن تخلييوا بيننييا وبييين‬
‫البيت فنطوف به‪ .‬فقال سهيل‪ :‬والله ل تتحدث العرب أنييا‬
‫أخذنا ضغطة ولكن ذلك مين العيام المقبيل‪ ,‬فكتيب فقيال‬
‫سهيل‪ :‬وعلى أن ل يأتيك منا رجل وإن كان على دينييك إل‬
‫رددته إلينا فقال المسلمون‪ :‬سييبحان اللييه كيييف يييرد إلييى‬
‫المشييييييييييركين وقييييييييييد جيييييييييياء مسييييييييييلما ً ؟‪.‬‬
‫فبينما هم كذلك إذ جاء أبو جنييدل بيين سييهيل بيين عمييرو‬
‫يرسف في قيوده قييد خييرج ميين أسييفل مكيية حييتى رمييى‬
‫بنفسه بين أظهر المسلمين فقييال سييهيل‪ :‬هييذا يييا محمييد‬
‫أول من أقاضيك عليه أن ترده إلي‪ .‬فقال صلى الله عليييه‬
‫وسييلم‪» :‬إنييا لييم نقييض الكتيياب بعييد« قييال‪ :‬فييوالله إذا ً ل‬
‫أصالحك علييى شيييء أبييدًا‪ ,‬فقييال النييبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬فأجزه لي« قال‪ :‬ما أنا بمجيز ذلك لك قال »بلى‬
‫فافعل« قال‪ :‬ما أنا بفاعل‪ .‬قال مكرز‪ :‬بلى قد أجزناه لك‪.‬‬
‫قال أبو جندل‪ :‬أي معشر المسييلمين أرد إلييى المشييركين‬
‫وقد جئت مسلمًا‪ ,‬أل ترون ما قد لقيت ؟ وكان قييد عييذب‬
‫عذابا ً شديدا ً في الله عز وجل‪ .‬قال عمر رضي اللييه عنييه‪:‬‬

‫‪343‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسييلم فقلييت ألسييت نييبي‬
‫الله حقا ً ؟ قال صلى الله عليه وسلم‪» :‬بلى« قلت‪ :‬ألسنا‬
‫على الحق وعدونا علييى الباطييل ؟ قييال صييلى اللييه عليييه‬
‫م نعطي الدنية فييي ديننييا إذا ً ؟ قييال‬‫وسلم »بلى« قلت فل ِ َ‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬إني رسييول اللييه ولسييت أعصيييه‬
‫وهو ناصري« قلت‪ :‬أولست كنت تحدثنا أنا سيينأتي الييبيت‬
‫ونطوف به ؟ قال صلى الله عليه وسلم‪» :‬بلييى أفأخبرتييك‬
‫أنا نأتيه العام ؟«‪ .‬قلت‪ :‬ل ‪ .‬قال صلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫فإنك آتيه ومطوف به‪ .‬قال‪ :‬فأتيت أبا بكر فقلييت أبييا بكيير‬
‫أليس هذا نبي الله حق يا ً ؟ قييال‪ :‬بلييى‪ .‬قلييت‪ :‬ألسيينا علييى‬
‫الحق وعدونا على الباطل ؟ قال‪ :‬بلى‪ .‬قلت‪ :‬فلييم نعطييي‬
‫الدنية فييي ديننييا إذا ً ؟ قييال‪ :‬أيهييا الرجييل إنييه رسييول اللييه‬
‫وليس يعصي ربه‪ ,‬وهو ناصره فاستمسييك بغييرزه‪ ,‬فييوالله‬
‫إنه على الحق‪ .‬قلت‪ :‬أوليس كان يحدثنا أنا سيينأتي الييبيت‬
‫ونطوف به ؟ قال بلى‪ ,‬أفأخبرك أنك تأتيه العام ؟ قلت‪ :‬ل‬
‫‪ .‬قييييييييال‪ :‬فإنييييييييك تييييييييأتيه وتطييييييييوف بييييييييه‪.‬‬
‫قال الزهري قال عميير رضييي اللييه عنييه‪ :‬فعملييت لييذلك‬
‫ل‪ .‬قال فلما فرغ من قضية الكتاب قييال رسييول اللييه‬ ‫أعما ً‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم لصييحابه‪» :‬قومييوا فييانحروا ثييم‬
‫احلقوا« قال‪ :‬فوالله ما قام منهم رجييل حييتى قييال صييلى‬
‫الله عليه وسلم ذلك ثلث مرات‪ ,‬فلما لم يقم منهييم أحييد‬
‫دخل صلى اللييه عليييه وسييلم علييى أم سييلمة رضييي اللييه‬
‫عنها‪ ,‬فذكر لها مييا لقييي ميين النيياس‪ ,‬قييالت لييه أم سييلمة‬
‫رضي الله عنها‪ :‬يا نبي الله أتحب ذلك ؟ اخرج ثم ل تكلييم‬
‫أحدا ً منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتييدعو حالقييك فيحلقييك‪,‬‬
‫فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فلييم يكليم أحييدا ً‬
‫منهم حتى فعل ذلك‪ ,‬نحر بدنه ودعا حييالقه فحلقييه‪ .‬فلمييا‬
‫رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا ً حتى كاد‬
‫بعضهم يقتل بعضا ً غمًا‪ ,‬ثييم جيياءه نسييوة مؤمنييات فييأنزل‬
‫الله عز وجل‪} :‬يا أيهييا الييذين آمنييوا إذا جيياءكم المؤمنييات‬
‫مهاجرات ي حتى بلغ ي بعصم الكوافر{ فطلق عميير رضييي‬

‫‪344‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫اللييه عنييه يييومئذ امرأتييين كانتييا لييه فييي الشييرك‪ ,‬فييتزوج‬
‫إحداهما معاوية بن أبي سفيان‪ ,‬والخرى صفوان بن أمية‪.‬‬
‫ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينيية فجيياءه‬
‫أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم‪ ,‬فأرسلوا فييي طلبييه‬
‫رجلين فقالوا‪ :‬العهد الذي جعلت لنا‪ ,‬فدفعه إلييى الرجلييين‬
‫فخرجا به حتى إذا بلغا ذا الحليفة فنزلوا يييأكلون ميين تميير‬
‫لهم‪ ,‬فقال أبو بصير لحد الرجلين‪ :‬والله إني لرى سيييفك‬
‫لخر فقال‪ :‬أجل والله إنه لجيد‪,‬‬ ‫هذا يا فلن جيدًا‪ ,‬فاستله ا َ‬
‫لقد جربت منه ثم جربت‪ .‬فقال أبو بصير‪ :‬أرني أنظر إليييه‬
‫لخر حتى أتيى المدينيية‪,‬‬ ‫فأمكنه منه فضربه حتى برد وفر ا َ‬
‫فدخل المسجد يعدو فقييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم حين رآه »لقد رأى هذا ذعرًا« فلما انتهى إلى النبي‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم قييال‪ :‬قتييل واللييه صيياحبي وإنييي‬
‫لمقتول‪ .‬فجاء أبو بصييير فقييال‪ :‬يييا رسييول اللييه قييد واللييه‬
‫أوفى الله ذمتك‪ ,‬قد رددتني إليهييم ثييم نجيياني الليه تعييالى‬
‫منهم‪ .‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪» :‬ويل أمه مسعر‬
‫حييييييييييرب لييييييييييو كييييييييييان معييييييييييه أحييييييييييد«‪.‬‬
‫فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم‪ ,‬فخرج حييتى أتييى‬
‫سيف البحر قال وتفلت منهم أبو جندل بن سييهيل‪ ,‬فلحييق‬
‫بأبي بصير‪ ,‬فجعل ل يخرج من قريش رجييل قييد أسييلم إل‬
‫لحق بأبي بصير‪ ,‬جتى اجتمعييت منهييم عصييابة‪ ,‬فييوالله مييا‬
‫يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إل اعترضوا لهييا‪,‬‬
‫فقتلوهم وأخذوا أموالهم‪ .‬فأرسلت قريش إلى النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم تناشييده اللييه والرحييم لمييا أرسييل إليهييم‪,‬‬
‫فمن أتاه منهم فهو آميين فأرسييل النييبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم إليهم وأنزل الله عز وجل‪} :‬وهو الذي كييف أيييديهم‬
‫عنكم وأيديكم عنهييم ببطيين مكيية{ يي حييتى بلييغ يي }حمييية‬
‫الجاهلية{ وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنييه رسييول اللييه‪,‬‬
‫ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم‪ ,‬وحييالوا بينهييم وبييين‬
‫البيت‪ .‬هكذا ساقه البخاري ههنا‪ ,‬وقد أخرجه في التفسييير‬
‫وفي عمرة الحديبية وفي الحج وغير ذلك من حديث معمر‬
‫وسفيان بن عيينة‪ ,‬كلهما عن الزهري به‪ .‬ووقع في بعييض‬

‫‪345‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الماكن عن الزهري عن عروة عن مييروان والمسييور عيين‬
‫رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وهييذا‬
‫أشبه والله أعلم‪ ,‬ولم يسقه أبسط من ههنييا‪ ,‬وبينييه وبييين‬
‫سياق ابن إسحاق تباين في مواضع‪ ,‬وهنيياك فييوائد ينبغييي‬
‫إضافتها إلى ما هنا‪ ,‬ولذلك سقنا تلك الرواييية وهييذه واللييه‬
‫المستعان وعليه التكلن ول حول ول قوة إل بييالله العزيييز‬
‫الحكيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬
‫وقييال البخيياري فييي التفسييير‪ :‬حييدثنا أحمييد بيين إسييحاق‬
‫السلمي‪ ,‬حييدثنا يعلييى‪ ,‬حييدثنا عبييد العزيييز بيين سييياه عيين‬
‫حبيب بن أبي ثابت قال‪ :‬أتيت أبييا وائل أسييأله‪ ,‬فقييال كنييا‬
‫بصفين‪ ,‬فقال رجل‪ :‬ألم تر إلى الييذين يييدعون إلييى كتيياب‬
‫الله‪ ,‬فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه‪ :‬نعم‪ ,‬فقييال‬
‫سهل بن حنيف‪ :‬اتهموا أنفسكم فلقد رأيتنييا يييوم الحديبييية‬
‫يعني الصلح الذي كان بين النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫والمشركين‪ ,‬ولو نرى قتال ً لقاتلنا‪ ,‬فجاء عميير رضييي اللييه‬
‫عنه فقال‪ :‬ألسنا على الحييق وهييم علييى الباطييل ؟ أليييس‬
‫قتلنا في الجنة وقتلهم في النار ؟ فقال‪ :‬بلى‪ .‬قال‪ :‬ففيم‬
‫نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا ؟ فقييال‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬يا ابن الخطاب إنييي رسييول اللييه‬
‫ولن يضيعني الله أبدًا« فرجع متغيظا ً فلم يصبر حييتى جيياء‬
‫أبا بكر رضي الله عنه فقال‪ :‬يا أبا بكيير ألسيينا علييى الحييق‬
‫وهم على الباطل ؟ فقال‪ :‬يا ابن الخطاب إنه رسول اللييه‬
‫وليين يضيييعه اللييه أبييدًا‪ ,‬فنزلييت سييورة الفتييح‪ .‬وقييد رواه‬
‫البخاري أيضا ً في مواضع أخر ومسلم والنسائي من طرق‬
‫أخر عن أبي وائل سفيان بن سلمة عين سيهل بين حنييف‬
‫به‪ ,‬وفي بعض ألفاظه‪ :‬يا أيهيا النيياس اتهمييوا اليرأي فلقييد‬
‫رأيتني يوم أبي جندل‪ ,‬ولو أقدر على أن أرد علييى رسييول‬
‫الله صييلى اللييه عليييه وسييلم أمييره لرددتييه‪ ,‬وفييي رواييية‪:‬‬
‫فنزلت سيورة الفتيح فيدعا رسيول الليه صيلى الليه علييه‬
‫وسلم عمير بين الخطياب رضيي الليه عنيه فقرأهيا علييه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عفان حدثنا حماد عن ثابت عن‬
‫أنس رضي الله عنه قال‪ :‬إن قريشا ً صييالحوا النييبي صييلى‬

‫‪346‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله عليه وسلم وفيهم سهيل بن عمرو‪ ,‬فقال النبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنييه‪» :‬اكتييب بسييم اللييه‬
‫الرحميين الرحيييم« فقييال سييهيل‪ :‬ل نييدري مييا بسييم اللييه‬
‫الرحمن الرحيييم‪ ,‬ولكيين اكتييب مييا نعييرف باسييمك اللهييم‪.‬‬
‫فقال صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬اكتييب ميين محمييد رسييول‬
‫الله« قال‪ :‬لو نعلم أنك رسول الله لتبعناك‪ ,‬ولكيين اكتييب‬
‫اسمك واسم أبيك‪ ,‬فقيال النيبي صيلى الليه علييه وسييلم‪:‬‬
‫»اكتب من محمد بيين عبييد اللييه« واشييترطوا علييى النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أن من جيياء منكييم ل نييرده عليكييم‪,‬‬
‫وميين جيياءكم منييا رددتميوه علينييا‪ ,‬فقيال‪ :‬ييا رسييول الليه‬
‫أنكتب هذا ؟ قال صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬نعييم إنييه ميين‬
‫ذهب منا إليهم فأبعده الله« رواه مسلم من حييديث حميياد‬
‫بييييييييييييييييييييين سيييييييييييييييييييييلمة بيييييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫وقال أحمييد أيض يًا‪ ,‬حييدثنا عبييد الرحميين بيين مهييدي عيين‬
‫عكرمة بن عمييار قييال حييدثني سييماك عيين عبييد اللييه بيين‬
‫عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬لما خرجت الحرورية اعتزلوا‬
‫فقلت لهييم إن رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم يييوم‬
‫الحديبية صالح المشركين‪ ,‬فقييال لعلييي رضييي اللييه عنييه‪:‬‬
‫»اكتب يا علي هذا ما صالح عليه محمد رسول الله« قالوا‬
‫لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك فقال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬امح يا علي اللهم إنك تعلم أني رسولك‬
‫امح يا علي واكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد اللييه«‬
‫والله لرسول الله خير من علي وقد محا نفسه ولييم يكيين‬
‫محوه ذلك يمحوه من النبوة أخرجت من هذه ؟ قالوا نعم‬
‫ورواه أبو داود من حديث عكرمة بن عمار اليمامي بنحييوه‬
‫وروى المام أحمد عن يحيى بن آدم عين زهيير بين حيرب‬
‫عن محمد بن عبدالرحمن بن أبييي ليلييى عيين الحكييم عيين‬
‫مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬نحيير رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية سبعين بدنيية فيهييا‬
‫جمل لبي جهل فلما صدت عن البيت حنت كما تحن إلييى‬
‫أولدهيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييا‪.‬‬

‫‪347‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫جد َ‬ ‫سي ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫خل ُ ّ‬‫حقّ ل َت َيد ْ ُ‬ ‫ه الّرؤْي َييا ب ِييال ْ َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫ه َر ُ‬ ‫صد َقَ الل ّ ُ‬ ‫** ل َّقد ْ َ‬
‫ن لَ‬ ‫ري َ‬ ‫صي ِ‬ ‫مَق ّ‬‫م وَ ُ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ن ُرُءو َ‬ ‫حل ِّقي َ‬ ‫م َ‬‫ن ُ‬ ‫مِني َ‬ ‫هآ ِ‬ ‫شآَء الل ّ ُ‬ ‫م ِإن َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫حَرا َ‬
‫ريبا ً‬ ‫ك فَْتحا ً قَ ِ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫جع َ َ‬ ‫موا ْ فَ َ‬‫م ت َعْل َ ُ‬‫ما ل َ ْ‬ ‫م َ‬‫ن فَعَل ِ َ‬‫خاُفو َ‬ ‫تَ َ‬
‫حقّ ل ِي ُظ ْهَِرهُ عََلى‬ ‫َ‬
‫ن ال ْ َ‬
‫ه ِبالهُد َىَ وَِدي ِ‬
‫سول َ ُ ْ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫س َ‬ ‫* هُوَ ال ّذِيَ أْر َ‬
‫شييييييييهيدا ً‬ ‫ى ِبييييييييالل ّهِ َ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ن ك ُلييييييييهِ وَك ََفيييييييي َ‬ ‫دي ِ‬‫اليييييييي ّ‬
‫كان رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم قييد رأى فييي‬
‫المنام أنه دخل مكة وطاف بييالبيت فييأخبر أصييحابه بييذلك‬
‫وهو بالمدينة فلما ساروا عييام الحديبييية لييم يشييك جماعيية‬
‫منهم أن هذه الرؤيا تتفسر هذا العام فلما وقع ما وقع من‬
‫قضية الصلح ورجعوا عامهم ذلك على أن يعودوا من قابل‬
‫وقع في نفس بعض الصحابة رضييي اللييه عنهييم ميين ذلييك‬
‫شيء‪ ,‬حتى سأل عمر بن الخطيياب رضييي اللييه عنييه فييي‬
‫ذلك فقال له فيما قال أفلم تكن تخبرنا أنييا سيينأتي الييبيت‬
‫ونطوف به ؟ قال‪» :‬بلى أفأخبرتك أنك تأتيه عامك هذا ؟«‬
‫قال ل ‪ ,‬قال النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬فإنييك آتيييه‬
‫ومطوف به« وبهذا أجاب الصييديق رضييي اللييه عنييه أيضيا ً‬
‫حذو القذة بالقذة ولهذا قال تبييارك وتعييالى‪} :‬لقييد صييدق‬
‫الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شيياء‬
‫الله{ هذا لتحقيق الخبر وتوكيده وليس هذا ميين السييتثناء‬
‫فييي شيييء‪ .‬وقييوله عييز وجييل‪} :‬آمنييين{ أي فييي حييال‬
‫دخييولكم‪ .‬وقييوله‪} :‬محلقييين رؤوسييكم ومقصييرين{ حييال‬
‫مقييدرة لنهييم فييي حييال دخييولهم لييم يكونييوا محلقييين‬
‫ومقصرين وإنما كان هذا في ثاني الحال‪ .‬كييان منهييم ميين‬
‫حلق رأسه ومنهم ميين قصييره‪ ,‬وثبييت فييي الصييحيحين أن‬
‫رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم قييال‪» :‬رحييم اللييه‬
‫المحلقين« قالوا والمقصرين يا رسول اللييه ؟ قييال صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬رحم الله المحلقين« قالوا والمقصييرين‬
‫يا رسول الله ؟ قال صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬رحييم اللييه‬
‫المحلقين« قالوا والمقصرين يا رسول اللييه ؟ قييال صييلى‬
‫الله عليه وسييلم‪» :‬والمقصييرين« فييي الثالثيية أو الرابعيية‪.‬‬
‫وقييوله سييبحانه وتعييالى‪} :‬ل تخييافون{ حييال مؤكييدة فييي‬

‫‪348‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المعنى فأثبت لهم المن حال الدخول ونفى عنهم الخييوف‬
‫حال استقرارهم في البلد ل يخييافون ميين أحييد وهييذا كييان‬
‫في عمرة القضاء فييي ذي القعييدة سيينة سييبع فييإن النييبي‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم لمييا رجييع ميين الحديبييية فييي ذي‬
‫القعدة رجع إلييى المدينيية‪ .‬فأقييام بهييا ذا الحجيية والمحييرم‬
‫وخرج في صفر إلى خيبر‪ ,‬ففتحها الله عليييه بعضييها عنييوة‬
‫وبعضها صلحًا‪ ,‬وهييي إقليييم عظيييم كييثير النخييل والييزروع‪,‬‬
‫فاستخدم من فيها من اليهود عليها على الشطر وقسييمها‬
‫بين أهل الحديبييية وحييدهم‪ ,‬ولييم يشييهدها أحييد غيرهييم إل‬
‫الذين قدموا من الحبشة جعفر بن أبييي طييالب وأصييحابه‪,‬‬
‫وأبو موسى الشعري وأصحابه رضي الله عنهم‪ ,‬ولم يغب‬
‫منهم أحد‪ ,‬قال ابن زيد‪ :‬إل أبا دجانيية سييماك بيين خرشيية‪,‬‬
‫كمييا هييو مقييرر فييي موضييعه ثييم رجييع إلييى المدينيية‪.‬‬
‫فلما كان في ذي القعدة من سنة سبع خييرج صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم إلى مكة معتمييرا ً هييو وأهييل الحديبييية‪ ,‬فييأحرم‬
‫من ذي الحليفة وساق معه الهدي‪ ,‬قيل‪ :‬كان سييتين بدنيية‪,‬‬
‫فلبى وسار أصحابه يلبون‪ .‬فلما كان صلى الله عليه وسلم‬
‫قريبا ً من ميير الظهييران بعييث محمييد بيين مسييلمة بالخيييل‬
‫والسلح أمامه‪ .‬فلما رآه المشييركون رعبييوا رعبيا ً شييديدًا‪,‬‬
‫وظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزوهم‪ ,‬وأنييه‬
‫قد نكث العهد الذي بينهييم وبينييه ميين وضييع القتييال عشيير‬
‫سنين‪ ,‬فذهبوا فأخبروا أهل مكيية‪ ,‬فلمييا جيياء رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم فنزل بمر الظهران حيث ينظر إلييى‬
‫أنصاب الحرم‪ ,‬بعث السلح ميين القسييي والنبييل والرميياح‬
‫إلى بطن يأجج وسار إلى مكة بالسيوف مغمدة في قربها‬
‫كما شارطهم عليييه‪ .‬فلمييا كييان فييي أثنيياء الطريييق بعثييت‬
‫قريش مكرز بن حفص فقال‪ :‬يا محمد ما عرفنيياك تنقييض‬
‫العهد‪ ,‬فقال صيلى اللييه عليييه وسيلم‪» :‬ومييا ذاك ؟« قييال‬
‫»دخلت علينا بالسلح والقسي والرماح‪ .‬فقال صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬لم يكن ذلك وقد بعثنا به إلى يأجج«‪ .‬فقال‪:‬‬
‫بهذا عرفناك بييالبر والوفيياء‪ ,‬وخرجييت رؤوس الكفييار ميين‬
‫مكة لئل ينظروا إلى رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬

‫‪349‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وإلى أصحابه رضي الله عنهم غيظا ً وحنقًا‪ .‬وأما بقية أهييل‬
‫مكة من الرجال والنساء والوليدان‪ ,‬فجلسيوا فيي الطيرق‬
‫وعلى البيوت ينظرون إلى رسول اللييه وأصييحابه‪ ,‬فييدخلها‬
‫عليه الصلة والسلم وبين يديه أصحابه يلبون‪ ,‬والهدي قييد‬
‫بعثه إلى ذي طوى وهيو راكيب نياقته القصيواء اليتي كيان‬
‫راكبها يوم الحديبية‪ ,‬وعبد اللييه بيين رواحيية النصيياري آخييذ‬
‫بزمييييام ناقيييية رسييييول اللييييه يقودهييييا وهييييو يقييييول‪:‬‬
‫باسييم الييذي ل دييين إل دينهباسييم الييذي محمييد رسييوله‬
‫خلوا بنييي الكفييار عيين سييبيلهاليوم نضييربكم علييى تييأويله‬
‫كميا ضيربناكم عليى تنزيلهضيربا ً يزييل الهيام عين مقيليه‬
‫وييذهل الخلييل عيين خليلهقيد أنييزل الرحميين فييي تنزيلييه‬
‫في صحف تتلى على رسييولهبأن خييير القتييل فييي سييبيله‬
‫يييييييييييييا رب إنييييييييييييي مييييييييييييؤمن بقيلييييييييييييه‬
‫فهذا مجموع من روايات متفرقة‪ .‬قال يييونس بيين بكييير‬
‫عن محمد بن إسحاق‪ :‬حدثني عبد اللييه بيين أبييي بكيير بيين‬
‫حزم قال‪ :‬لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة‬
‫في عمرة القضاء دخلها وعبد الله بيين رواحيية رضييي اللييه‬
‫عنه آخذ بخطام ناقته صلى الله عليييه وسييلم وهييو يقييول‪:‬‬
‫خلييوا بنييي الكفييار عيين سييبيلهإني شييهيد أنييه رسييوله‬
‫خلييوا فكييل الخييير فييي رسييولهيا رب إنييي مييؤمن بقيلييه‬
‫نحيين قتلنيياكم علييى تأويلهكمييا قتلنيياكم علييى تنزيلييه‬
‫ضييربا ً يزيييل الهييام عيين مقيلهويييذهل الخليييل عيين خليلييه‬
‫وقال عبد الرزاق‪ :‬حدثنا معمر عن الزهري عن أنس بيين‬
‫مالك رضي الله عنه‪ ,‬قال‪ :‬لما دخل رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم مكة في عمييرة القضيياء مشييى عبييد اللييه بيين‬
‫رواحة رضي الله عنه بين يديه وفييي رواييية‪ :‬وابيين رواحيية‬
‫آخيييييذ بغيييييرزه وهيييييو رضيييييي الليييييه عنيييييه يقيييييول‪:‬‬
‫خلوا بني الكفار عن سييبيلهقد نييزل الرحميين فييي تنزيلييه‬
‫بييأن خييير القتييل فييي سييبيلهيا رب إنييي مييؤمن بقيلييه‬
‫نحيين قتلنيياكم علييى تأويلهكمييا قتلنيياكم علييى تنزيلييه‬
‫اليوم نضربكم علييى تأويلهضييربا ً يزيييل الهييام عيين مقيلييه‬
‫ويييييييييييييذهل الخليييييييييييييل عيييييييييييين خليلييييييييييييه‬

‫‪350‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا محمييد بيين الصييباح‪ ,‬حييدثنا‬
‫إسماعيل يعني ابن زكريا عن عبد الله‪ ,‬يعنييي ابيين عثمييان‬
‫عن أبي الطفيل عن ابن عباس رضي الله عنهما‪ ,‬قال‪ :‬إن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم لمييا نييزل ميير الظهييران‬
‫في عمرته بلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‬
‫أن قريشا ً تقول ما يتباعثون من العجف‪ ,‬فقال أصحابه لييو‬
‫انتحرنا من ظهرنييا فأكلنييا ميين لحمييه وحسييونا ميين مرقييه‬
‫أصبحنا غدا ً حين ندخل على القوم وبنا جمامة‪ .‬قال صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪ :‬ل تفعلوا ولكن اجمعوا لي ميين أزوادكييم‪,‬‬
‫فجمعوا له وبسطوا النطاع فأكلوا حييتى تركييوا وحثييا كييل‬
‫واحد منهم في جرابه‪ ,‬ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسيلم حيتى دخيل المسيجد وقعيدت قرييش نحيو الحجير‬
‫فاضطبع صلى الله عليه وسييلم بييردائه ثييم قييال »ل يييرى‬
‫القوم فيكم غميزة« فاستلم الركن ثم رمل حتى إذا تغيب‬
‫بالركن اليماني مشى إلى الركن السود‪ ,‬فقييالت قريييش‪:‬‬
‫ما ترضون بالمشي أما إنكم لتنقزون نقييز الظبيياء‪ ,‬ففعييل‬
‫ذلك ثلثة أشواط فكانت سنة‪ .‬قال أبو الطفيل‪ :‬فييأخبرني‬
‫ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسييييييلم فعييييييل ذلييييييك فييييييي حجيييييية الييييييوداع‪:‬‬
‫وقال أحمد أيضًا‪ :‬حدثنا يونس بن محمد‪ ,‬حدثنا حماد بيين‬
‫زيد‪ ,‬حدثنا أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عبيياس رضييي‬
‫الله عنهما قال‪ :‬قدم رسول الليه صيلى الليه عليييه وسيلم‬
‫وأصحابه مكة وقد وهنتهم حمى يثرب ولقييوا منهييا سييوءًا‪,‬‬
‫فقال المشركون‪ :‬إنه يقدم عليكم قوم قييد وهنتهييم حمييى‬
‫يثرب‪ ,‬ولقوا منها شرا ً وجلس المشركون من الناحية التي‬
‫تلي الحجر‪ ,‬فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ما‬
‫قالوا‪ ,‬فأمر رسول الله صلى الله عليه وسييلم أصييحابه أن‬
‫يرملوا الشييواط الثلثيية ليييرى المشييركون جلييدهم‪ ,‬قييال‪:‬‬
‫فرملوا ثلثة أشواط‪ ,‬وأمرهم أن يمشوا بين الركنين حيث‬
‫ل يراهييم المشييركون‪ ,‬ولييم يمنييع النييبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم أن يرملييوا الشيواط كلهييا إل البقيياء عليهيم‪ .‬فقييال‬
‫المشركون‪ :‬أهؤلء الييذين زعمتييم أن الحمييى قييد وهنتهييم‬

‫‪351‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هؤلء أجلد من كذا وكذا أخرجاه في الصحيحين من حديث‬
‫حمييييييييييييييياد بييييييييييييييين زييييييييييييييييد بيييييييييييييييه‪.‬‬
‫وفي لفظ‪ :‬قدم النبي صلى اللييه عليييه وسييلم وأصييحابه‬
‫رضي الله عنهم صبيحة رابعة يعني من ذي القعدة‪ ,‬فقييال‬
‫المشركون إنه يقدم عليكم وفد قييد وهنتهييم حمييى يييثرب‬
‫فأمرهم النبي صلى الله عليه وسييلم أن يرملييوا الشييواط‬
‫الثلثة‪ ,‬ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الشييواط كلهييا إل‬
‫البقاء عليهم‪ .‬قال البخاري‪ :‬وزاد ابن سييلمة‪ .‬يعنييي حميياد‬
‫بن سلمة‪ ,‬عن أيوب عن سعيد بن جييبير عيين ابيين عبيياس‬
‫رضي الله عنهمييا قييال‪ :‬لمييا قييدم النييبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم لعامه الذي استأمن قال ارملييوا‪ ,‬ليييري المشييركين‬
‫قوتهم والمشركون من قبل قعيقعان‪ ,‬وحدثنا محمد‪ ,‬حدثنا‬
‫سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينيار عين عطياء عين ابين‬
‫عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬إنما سعى النييبي صييلى اللييه‬
‫عليييه وسيلم بيالبيت وبالصييفا والميروة ليييرى المشيركون‬
‫قوته‪ .‬ورواه في مواضع أخر ومسلم والنسائي ميين طييرق‬
‫عن سفيان بن عيينه به‪ .‬وقال أيضًا‪ :‬حييدثنا علييي بيين عبييد‬
‫الله‪ ,‬حدثنا سفيان حدثنا إسماعيل بن أبي خالد أنييه سييمع‬
‫ابن أبي أوفى يقول‪ :‬لما اعتمر رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم سييترناه ميين غلمييان المشييركين ومنهييم‪ ,‬أن يييؤذوا‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬انفرد بييه البخيياري دون‬
‫مسلم‪ ,‬وقال البخاري أيضًا‪ :‬حدثنا محمد بيين رافييع‪ ,‬حييدثنا‬
‫سريج بن النعمان‪ ,‬حدثنا فليح وحدثني محمد بن الحسييين‬
‫بن إبراهيم‪ ,‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا فليح بيين سييليمان عيين نييافع‬
‫عن ابن عمر رضي الله عنهما قال‪ :‬إن رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم خرج معتمرًا‪ ,‬فحال كفار قريش بينه وبين‬
‫البيت‪ ,‬فنحر هديه وحلق رأسييه بالحديبييية وقاضيياهم علييى‬
‫أن يعتمر العام المقبل‪ ,‬ول يحمل سلحا ً عليهم إل سيييوفا ً‬
‫ول يقيم بها إل ما أحبوا‪ .‬فاعتمر صلى الله عليه وسلم من‬
‫العام المقبل فدخلها كما كان صالحهم‪ ,‬فلمييا أن أقييام بهييا‬
‫ثلثا ً أمروه أن يخرج فخرج صييلى اللييه عليييه وسييلم‪ ,‬وهييو‬
‫فييييييييييييي صييييييييييييحيح مسييييييييييييلم أيضييييييييييييًا‪.‬‬

‫‪352‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال البخيياري أيضيًا‪ :‬حييدثنا عبيييد اللييه بيين موسييى عيين‬
‫إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء رضي الليه عنييه قييال‪:‬‬
‫اعتمر النبي صلى الله عليه وسييلم فييي ذي القعييدة فييأبى‬
‫أهل مكة أن ييدعوه ييدخل مكية‪ ,‬حييتى قاضيياهم عليى أن‬
‫يقيموا بها ثلثيية أيييام‪ ,‬فلمييا كتبييوا الكتيياب كتبييوا‪ :‬هييذا مييا‬
‫قاضانا عليه محمد رسول الله‪ ,‬قالوا‪ :‬ل نقر بهذا ولو نعلم‬
‫أنك رسول الله ما منعناك شيئًا‪ ,‬ولكن أنت محمد بن عبييد‬
‫الله‪ .‬قال صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬أنييا رسييول اللييه وأنييا‬
‫محمد بن عبد الله« ثم قال صلى الله عليييه وسييلم لعلييي‬
‫بن أبي طالب رضي اللييه عنييه‪» :‬امييح رسييول اللييه« قييال‬
‫رضي الله عنه‪ :‬ل والله ل أمحوك أبدًا‪ ,‬فأخييذ رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم الكتاب وليس يحسيين يكتييب فكتييب‬
‫»هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد اللييه أن ل يييدخل مكيية‬
‫بالسلح إل بالسيف في القييراب‪ ,‬وأن ل يخييرج ميين أهلهييا‬
‫بأحد أراد أن يتبعه‪ ,‬وأن ل يمنع ميين أصييحابه أحييدا ً إن أراد‬
‫أن يقييييييييييييييييييييييييييييييييم بهيييييييييييييييييييييييييييييييا«‪.‬‬
‫فلما دخلها ومضى الجل أتوا عليا ً فقييالوا‪ :‬قييل لصيياحبك‬
‫اخرج عنا فقد مضى الجل‪ ,‬فخرج النبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم فتبعته ابنة حمزة رضي الله عنه تنادي يا عم يا عم‪,‬‬
‫فتناولها علي رضي اللييه عنييه فأخييذ بيييدها وقييال لفاطميية‬
‫رضي الله عنها‪ :‬دونك ابنة عمييك فحملتهييا‪ ,‬فاختصييم فيهييا‬
‫علي وزيد وجعفر رضي الله عنهم فقال علييي رضييي اللييه‬
‫عنه‪ :‬أنا أخذتها وهي ابنية عمييي‪ .‬وقيال جعفيير رضييي الليه‬
‫عنه‪ :‬ابنة عمي وخالتها تحتي‪ ,‬وقال زيييد رضييي اللييه عنييه‪:‬‬
‫ابنة أخي‪ ,‬فقضى بها النبي صلى الله عليه وسييلم لخالتهييا‬
‫وقال‪» :‬الخالة بمنزلة الم« وقال لعلييي رضييي اللييه عنييه‪:‬‬
‫»أنييت منييي وأنييا منييك« وقييال لجعفيير رضييي اللييه عنييه‬
‫»أشبهت خلقي وخلقي وقال صلى الله عليه وسييلم لزيييد‬
‫رضي الله عنه‪» :‬أنت أخونا ومولنا« قال علي رضي اللييه‬
‫عنه‪ :‬أل تتزوج ابنة حمزة رضي الله عنه ؟ قال صلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬إنها ابنة أخي ميين الرضيياعة« تفييرد بييه ميين‬
‫هيييييييييييييييييييييييييييييييييذا اليييييييييييييييييييييييييييييييييوجه‪.‬‬

‫‪353‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬فعلم ما لم تعلموا فجعييل ميين دون ذلييك‬
‫فتحا ً قريبًا{ أي فعلم الله عز وجل من الخيرة والمصييلحة‬
‫في صرفكم عن مكة ودخولكم إليهييا عييامكم ذلييك مييا لييم‬
‫تعلموا أنتم }فجعل من دون ذلك{ أي قبل دخولكم الييذي‬
‫وعدتم به في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم فتحا ً قريبًا‪,‬‬
‫وهو الصلح الذي كان بينكم وبين أعدائكم من المشييركين‪,‬‬
‫ثم قال تبارك وتعييالى مبشييرا ً للمييؤمنين بنصييرة الرسييول‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم علييى عييدوه‪ ,‬وعلييى سييائر أهييل‬
‫الرض‪} :‬هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودييين الحييق{ أي‬
‫بالعلم النافع والعمل الصالح‪ ,‬فإن الشييريعة تشييتمل علييى‬
‫شيييئين‪ :‬علييم وعمييل‪ ,‬فييالعلم الشييرعي صييحيح‪ ,‬والعمييل‬
‫الشرعي مقبول‪ ,‬فإخباراتها حق وإنشاءاتها عدل }ليظهره‬
‫على الدين كله{ أي علييى أهييل جميييع الديييان ميين سييائر‬
‫الرض من عرب وعجم ومليين ومشييركين }وكفييى بييالله‬
‫شهيدًا{ أي أنه رسوله وهو ناصره‪ ,‬والله سييبحانه وتعييالى‬
‫أعليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬

‫دآُء عَل َييى ال ْك ُّفيياِر‬ ‫ل الل ّيه وال ّيذين معي َ‬ ‫سييو ُ‬
‫شي ّ‬ ‫هأ ِ‬ ‫ِ َ ِ َ َ َ ُ‬ ‫ميد ٌ ّر ُ‬ ‫ح ّ‬
‫م َ‬‫** ّ‬
‫ن الل ّيهِ‬ ‫مي َ‬‫ضيل ً ّ‬ ‫ن فَ ْ‬ ‫جدا ً ي َب ْت َغُييو َ‬ ‫سي ّ‬ ‫كعيا ً ُ‬ ‫م ُر ّ‬ ‫م ت ََراهُي ْ‬ ‫مآُء ب َي ْن َهُي ْ‬ ‫ح َ‬‫ُر َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫مث َل ُهُ ْ‬‫ك َ‬ ‫جودِ ذ َل ِ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ن أث َرِ ال ّ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫م ّ‬ ‫جوهِهِ ْ‬ ‫م ِفي وُ ُ‬ ‫ماهُ ْ‬ ‫وانا ً ِ‬
‫سي َ‬ ‫ض َ‬‫وَرِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫شيط ْأهُ فَييآَزَرهُ‬ ‫ج َ‬ ‫خَر َ‬ ‫ل ك ََزْرٍع أ ْ‬ ‫جي ِ‬ ‫لن ِ‬‫م ِفي ا ِ‬ ‫مث َل ُهُ ْ‬
‫ِفي الت ّوَْراةِ وَ َ‬
‫م‬ ‫ظ ب ِِهي ُ‬ ‫ب اليّزّراعَ ل ِي َِغيي َ‬ ‫جي ُ‬ ‫سوقِهِ ي ُعْ ِ‬ ‫ى ُ‬ ‫َ‬ ‫ظ َفا ْ‬ ‫ست َغْل َ َ‬ ‫َفا ْ‬
‫ست َوَىَ عَل َ‬
‫من ْهُييم‬ ‫ت ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫مل ُييوا ْ ال ّ‬
‫صييال ِ َ‬ ‫من ُييوا ْ وَعَ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّي ِ‬
‫ال ْك ُّفيياَر وَعَيد َ الل ّي ُ‬
‫ظيميييييييييييييييييا ً‬ ‫َ‬
‫جيييييييييييييييييرا ً عَ ِ‬ ‫مغِْفيييييييييييييييييَرةً وَأ ْ‬ ‫ّ‬
‫يخبر تعالى عن محمد صلى الله عليه وسلم أنه رسييوله‬
‫حقا ً بل شك ول ريب فقييال‪} :‬محمييد رسييول اللييه{ وهييذا‬
‫مبتدأ وخبر‪ ,‬وهو مشتمل على كل وصف جميييل‪ ,‬ثييم ثنييى‬
‫بالثناء على أصحابه رضي الله عنهم فقال‪} :‬والييذين معييه‬
‫أشداء علييى الكفييار رحميياء بينهييم{ كمييا قييال عييز وجييل‪:‬‬
‫}فسييوف يييأتي اللييه بقييوم يحبهييم ويحبييونه أذليية علييى‬
‫المؤمنين أعزة على الكافرين{ وهذه صييفة المييؤمنين أن‬

‫‪354‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يكون أحدهم شديدا ً عنيفا ً على الكفار‪ ,‬رحيما ً برا ً بالخيييار‪,‬‬
‫غضوبا ً عبوسا ً في وجه الكييافر ضيحوكا ً بشوشيا ً فييي وجيه‬
‫أخيه المؤمن كما قال تعالى‪} :‬يا أيهييا الييذين آمنييوا قيياتلوا‬
‫الذي يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة{ وقال النييبي‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬مثييل المييؤمنين فييي تييوادهم‬
‫وتراحمهييم كمثييل الجسييد الواحييد‪ ,‬إذا اشييتكى منييه عضييو‬
‫تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر«‪ .‬وقال صلى الله‬
‫عليه وسلم‪» :‬المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا«‪.‬‬
‫وشبك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه‪ ,‬كل الحديثين في‬
‫الصيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييحيح‪.‬‬
‫وقوله سبحانه وتعالى‪} :‬تراهم ركعا ً سجدا ً يبتغون فضل ً‬
‫من الله ورضيوانًا{ وصيفهم بكييثرة العمييل وكييثرة الصيلة‬
‫وهي خير العمال‪ ,‬ووصفهم بالخلص فيها للييه عييز وجييل‬
‫والحتسيياب عنييد اللييه تعييالى جزيييل الثييواب‪ ,‬وهييو الجنيية‬
‫المشتملة علييى فضييل اللييه عييز وجييل وهييو سييعة الييرزق‬
‫عليهم ورضاه تعالى عنهم‪ ,‬وهو أكييبر ميين الول كمييا قييال‬
‫جل وعل‪} :‬ورضيوان مين الليه أكييبر{ وقييوله جييل جلليه‪:‬‬
‫}سيماهم في وجوههم من أثيير السييجود{ قييال علييي بيين‬
‫أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما‪ :‬سيييماهم فييي‬
‫وجوههم يعني السمت الحسن‪ .‬وقال مجاهد وغييير واحييد‪:‬‬
‫يعني الخشوع والتواضع‪ .‬وقال ابن أبي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييي‪,‬‬
‫حدثنا علي بن محمييد الطنافسييي‪ ,‬حييدثنا حسييين الجعفييي‬
‫عن زائدة عن منصور عن مجاهد }سيماهم فييي وجييوههم‬
‫من أثر السجود{ قييال‪ :‬الخشييوع‪ .‬قلييت‪ :‬مييا كنييت أراه إل‬
‫هذا الثر في الوجه‪ ,‬فقال‪ :‬ربميا كيان بيين عينيي مين هيو‬
‫أقسى قلبيا ً ميين فرعييون‪ .‬وقييال السييدي‪ :‬الصييلة تحسيين‬
‫وجوههم‪ ,‬وقال بعييض السييلف‪ :‬ميين كييثرت صييلته بالليييل‬
‫حسن وجهه بالنهار‪ ,‬وقد أسنده ابن ماجه فييي سييننه عيين‬
‫إسماعيل بن محمد الطلحييي عيين ثييابت بيين موسييى عيين‬
‫شريك‪ ,‬عن العمش عن أبي سفيان عن جابر رضي اللييه‬
‫عنه قال‪ :‬قال رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬ميين‬
‫كثرت صلته بالليييل حسيين وجهييه بالنهييار« والصييحيح أنييه‬

‫‪355‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫موقوف‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬إن للحسنة نورا ً في القلب وضييياء‬
‫في الوجه وسييعة فييي الييرزق ومحبيية فييي قلييوب النيياس‪.‬‬
‫وقال أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه‪ :‬ما أسر أحييد‬
‫سريرة إل أبداها الله تعالى على صييفحات وجهييه وفلتييات‬
‫لسانه‪ ,‬والغرض أن الشيء الكامن في النفس يظهر على‬
‫صفحات الوجه‪ ,‬فالمؤمن إذا كييانت سييريرته صييحيحة مييع‬
‫الله تعالى أصلح الله عز وجييل ظيياهره للنيياس‪ ,‬كمييا روي‬
‫عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قييال‪ :‬ميين أصييلح‬
‫سييريرته أصييلح اللييه تعييالى علنيتييه‪ .‬وقييال أبييو القاسييم‬
‫الطبراني‪ :‬حدثنا محمود بن محمد المييروزي‪ ,‬حييدثنا حامييد‬
‫بن آدم المروزي‪ ,‬حدثنا الفضل بن موسى عن محمييد بيين‬
‫عبيد الله العرزمي عن سيلمة بيين كهييل‪ ,‬عيين جنيدب بين‬
‫سفيان البجلي رضي الله عنه قال‪ :‬قال النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬ما أسر أحييد سييريرة إل ألبسييه اللييه تعييالى‬
‫رداءها‪ ,‬إن خيرا ً فخير وإن شرا ً فشر« العرزمييي مييتروك‪.‬‬
‫وقال المام أحمييد‪ :‬حييدثنا حسيين بيين موسييى‪ ,‬حييدثنا ابيين‬
‫لهيعة‪ ,‬حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد رضي الله‬
‫عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنييه قييال‪» :‬لييو‬
‫أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لهييا بيياب ول كييوة‬
‫لخييييييرج عملييييييه للنيييييياس كائنييييييا ً مييييييا كييييييان«‪.‬‬
‫وقييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا حسيين‪ ,‬حييدثنا زهييير‪ ,‬حييدثنا‬
‫قابوس بن أبي ظبيان أن أباه حدثه عن ابن عبيياس رضييي‬
‫الله عنهما‪ ,‬عن النييبي صييلى اللييه عليييه وسيلم قييال‪» :‬إن‬
‫الهدي الصالح والسمت الصالح والقتصاد جزء من خمسة‬
‫وعشرين جزءا ً من النبوة« ورواه أبو داود عن عبد الله بن‬
‫محمد النفيلي عن زهير بييه‪ ,‬فالصييحابة رضييي اللييه عنهييم‬
‫خلصييت نييياتهم وحسيينت أعمييالهم فكييل ميين نظيير إليهييم‬
‫أعجبوه في سمتهم وهديهم‪ .‬وقال مالك رضيي الليه عنيه‪:‬‬
‫بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة رضي الله عنهييم‬
‫الييذين فتحييوا الشييام يقولييون‪ :‬واللييه لهييؤلء خييير ميين‬
‫الحواريين فيما بلغنا‪ ,‬وصييدقوا فييي ذلييك فييإن هييذه الميية‬
‫معظمة في الكتب المتقدمة‪ ,‬وأعظمها وأفضييلها أصييحاب‬

‫‪356‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪ ,‬وقييد نييوه اللييه تبييارك‬
‫وتعالى بييذكرهم فييي الكتييب المنزليية والخبييار المتداوليية‪,‬‬
‫ولهذا قال سبحانه وتعالى ههنا‪} :‬ذلك مثلهم في التوراة{‬
‫ثم قال }و مثلهييم فييي النجيييل كييزرع أخييرج شييطأه{ أي‬
‫فراخه }فييآزره{ أي شييده }فاسييتغلظ{ أي شييب وطييال‬
‫}فاستوى على سوقه يعجب الزراع{ أي فكذلك أصييحاب‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسييلم آزروه وأيييدوه ونصييروه‬
‫فهييم معييه كالشييطء مييع الييزرع }ليغيييظ بهييم الكفييار{‪.‬‬
‫لية انتزع المام مالك رحمية الليه علييه‪ ,‬فيي‬ ‫ومن هذه ا َ‬
‫رواية عنه‪ ,‬بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة رضي‬
‫الله عنهم قال‪ :‬لنهم يغيظونهم ومن غاظ الصحابة رضييي‬
‫لية‪ ,‬ووافقه طائفة من العلميياء‬ ‫الله عنهم فهو كافر لهذه ا َ‬
‫رضي الله عنهم على ذلك‪ ,‬والحاديث في فضييل الصييحابة‬
‫رضي الله عنهم والنهي عن التعرض لهم بمسيياءة كييثيرة‪,‬‬
‫ويكفيهم ثنيياء اللييه عليهييم ورضيياه عنهييم‪ :‬ثييم قييال تبييارك‬
‫وتعالى‪} :‬وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصييالحات منهييم{‬
‫ميين هييذه لبيييان الجنييس }مغفييرة{ أي لييذنوبهم }وأجييرا ً‬
‫عظيم يًا{ أي ثواب يا ً جييزيل ً ورزق يا ً كريم يًا‪ .‬ووعييد اللييه حييق‬
‫وصدق ل يخلف ول يبيدل‪ ,‬وكيل مين اقتفيى أثير الصيحابة‬
‫رضي الله عنهم فهو في حكمهييم‪ ,‬ولهييم الفضييل والسييبق‬
‫والكمال الذي ل يلحقهم فيه أحييد ميين هييذه الميية‪ ,‬رضييي‬
‫الله عنهم وأرضاهم وجعل جنات الفيردوس ميأواهم‪ ,‬وقيد‬
‫فعل‪ .‬قال مسلم في صحيحه‪ :‬حدثنا يحيى بن يحيى‪ ,‬حدثنا‬
‫أبو معاوية عن العمش عيين أبييي صييالح عيين أبييي هريييرة‬
‫رضي الله عنييه قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسييلم »ل تسييبوا أصييحابي فوالييذي نفسييي بيييده لييو أن‬
‫أحييدكم أنفييق مثييل أحييد ذهبييا ً مييا أدرك مييد أحييدهم ول‬
‫نصيفه«‪ .‬آخر تفسير سورة الفتح ولله الحمد والمنة‪.‬‬

‫سورة الحجرات‬
‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫‪357‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سول ِهِ َوات ُّقوا ْ‬ ‫** يأ َ‬
‫ي الل ّهِ وََر ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬‫َ َ‬‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫مو‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫د‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫نو‬
‫ُ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫آ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ذي‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫مُنيوا ْ ل َ ت َْرفَُعيوَا ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م * ي َأي َّهيا اّلي ِ‬ ‫ميعٌ عَِليي ٌ‬ ‫سي ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الّلي َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫الل ّ َ‬
‫َ‬
‫ر‬
‫جه ْ ي ِ‬ ‫ل كَ َ‬ ‫ه ب ِييال َْقوْ ِ‬‫جهَ يُروا ْ ل َي ُ‬ ‫ي وَل َ ت َ ْ‬ ‫ت الن ّب ِي ّ‬ ‫صو ْ ِ‬ ‫م فَوْقَ َ‬ ‫وات َك ُ ْ‬ ‫ص َ‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬ ‫بعضك ُم ل ِبعض َأن تحب َ َ‬
‫ن‬ ‫ن * إِ ّ‬ ‫ش يعُُرو َ‬ ‫م ل َ تَ ْ‬ ‫م وَأنت ُي ْ‬ ‫مال ُك ُ ْ‬ ‫ط أعْ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َْ ِ ْ َْ ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ك ال ّي ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ل الل ّيهِ أوَْلـيئ ِ َ‬ ‫سييو ِ‬ ‫عنيد َ َر ُ‬ ‫م ِ‬ ‫وات َهُ ْ‬ ‫صي َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ضييو َ‬ ‫ن ي َغُ ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّي ِ‬
‫َ‬
‫م‬
‫ظي ي ٌ‬‫ج يٌر عَ ِ‬ ‫مغِْف يَرةٌ وَأ ْ‬ ‫م ِللت ّْق يوَىَ ل َهُييم ّ‬ ‫ه قُل ُييوب َهُ ْ‬ ‫ن الل ّي ُ‬ ‫حي َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ا ْ‬
‫هذه آيييات أدب الليه تعيالى بهييا عبيياده المييؤمنين‪ ,‬فيمييا‬
‫يعاملون به الرسول صلى اللييه عليييه وسييلم ميين التييوقير‬
‫والحترام والتبجيل والعظام‪ ,‬فقال تبارك وتعالى‪} :‬يا أيها‬
‫الييذين آمنييوا ل تقييدموا بييين يييدي اللييه ورسييوله{ أي ل‬
‫تسارعوا في الشياء بين يديه أي قبله‪ ,‬بل كونييوا تبع يا ً لييه‬
‫فييي جميييع المييور حييتى يييدخل فييي عمييوم هييذا الدب‬
‫الشرعي حديث معاذ رضي الله عنه حيييث قييال لييه النييبي‬
‫م تحكم ؟«‬ ‫صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن‪» :‬ب َ‬
‫قال‪ :‬بكتاب الله تعالى‪ ,‬قال صلى الله عليه وسلم‪» :‬فييإن‬
‫لم تجد ؟« قال‪ :‬بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪,‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪» :‬فإن لم تجييد ؟« قييال رضييي‬
‫الله عنه‪ :‬أجتهد رأيي‪ ,‬فضرب فييي صييدره وقييال »الحمييد‬
‫لله الذي وفق رسول رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫لما يرضي رسول الله صلى الله عليه وسييلم«‪ .‬وقييد رواه‬
‫أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه فالغرض منه أنه أخر‬
‫رأيه ونظره واجتهيياده إلييى مييا بعييد الكتيياب والسيينة‪ ,‬ولييو‬
‫قدمه قبل البحث عنهما لكان من بيياب التقييديم بييين يييدي‬
‫الليييييييييييييييييييييييييييييييه ورسيييييييييييييييييييييييييييييييوله‪.‬‬
‫قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما‬
‫»ل تقدموا بين يدي الله ورسوله{ ل تقولوا خلف الكتيياب‬
‫والسيينة‪ ,‬وقييال العييوفي عنييه‪ :‬نهييى أن يتكلمييوا بييين يييدي‬
‫كلمه‪ ,‬وقال مجاهد‪ :‬ل تفتاتوا على رسول الله صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم بشيء حتى يقضييي اللييه تعييالى علييى لسييانه‪,‬‬
‫وقييال الضييحاك‪ :‬ل تقضييوا أمييرا ً دون اللييه ورسييوله ميين‬
‫شرائع دينكم‪ ,‬وقالسفيان الثوري }ل تقدموا بين يدي الله‬
‫ورسييوله{ بقييول ول فعييل‪ ,‬وقييال الحسيين البصييري }ل‬

‫‪358‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تقدموا بين يدي الله ورسوله{ قال‪ :‬ل تدعوا قبييل المييام‪,‬‬
‫وقال قتادة‪ :‬ذكر لنا أن ناسا ً كانوا يقولون لو أنزل في كذا‬
‫وكيذا‪ ,‬ليو صينع كيذا‪ ,‬فكيره الليه تعيالى ذليك وتقيدم فييه‬
‫}واتقوا الله{ أي فيمييا أمركييم بييه }إن اللييه سييميع{ أي‬
‫لقيييييييييييييييوالكم }علييييييييييييييييم{ بنيييييييييييييييياتكم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬يييا أيهييا الييذين آمنييوا ل ترفعييوا أصييواتكم‬
‫فييوق صييوت النييبي{ هييذا أدب ثييان أدب اللييه تعييالى بييه‬
‫المؤمنين أن ل يرفعوا أصواتهم بين يدي النبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم فوق صوته‪ ,‬وقد روي أنها نزلت في الشيييخين‬
‫أبي بكر وعمر رضييي اللييه عنهمييا‪ .‬وقييال البخيياري‪ :‬حييدثنا‬
‫بسرة بن صفوان اللخمي‪ ,‬حدثنا نييافع بيين عميير عيين أبييي‬
‫مليكة‪ ,‬قال‪ :‬كاد الخيران أن يهلكييا أبييو بكيير وعميير رضييي‬
‫الله عنهمييا‪ ,‬رفعييا أصييواتهما عنييد النييبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم حييين قييدم عليييه ركييب بنييي تميييم‪ ,‬فأشييار أحييدهما‬
‫بالقرع بن حابس رضي الله عنه أخي بني مجاشع‪ ,‬وأشار‬
‫لخر برجل آخر‪ ,‬قال نافع‪ :‬ل أحفظ اسمه‪ ,‬فقال أبو بكيير‬ ‫ا َ‬
‫لعمر رضي الله عنهما‪ ,‬ما أردت إل خلفي‪ ,‬قال‪ :‬ما أردت‬
‫خلفك‪ ,‬فارتفعت أصواتهما في ذلك فأنزل الله تعالى‪} :‬يا‬
‫أيها الذين آمنوا ل ترفعوا أصواتكم فييوق صييوت النييبي ول‬
‫تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبيط أعميالكم‬
‫وأنتم ل تشعرون{ قال ابن الزبير رضييي اللييه عنهمييا فمييا‬
‫كان عمر رضي الله عنه يسمع رسول الله صلى الله عليه‬
‫لية حتى يسييتفهمه‪ ,‬وليم يييذكر ذليك عيين‬ ‫وسلم بعد هذه ا َ‬
‫أبيه يعني أبا بكر رضي اللييه عنييه‪ .‬انفييرد بييه دون مسييلم‪.‬‬
‫ثم قال البخاري‪ :‬حدثنا حسن بن محمد‪ ,‬حدثنا حجاج عن‬
‫ابن جريج‪ ,‬حدثني ابن أبي ملكية أن عبييد اللييه بيين الزبييير‬
‫رضي الله عنهما أخبره أنه قدم ركب من بني تميييم علييى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر رضي الله عنييه‪:‬‬
‫أمر القعقاع بن معبد‪ ,‬وقال عمر رضي الله عنه‪ :‬بييل أميير‬
‫القرع بن حابس‪ ,‬فقال أبو بكر رضي الله عنييه‪ :‬مييا أردت‬
‫إل خلفي‪ ,‬فقال عمر رضييي اللييه عنييه‪ :‬مييا أردت خلفييك‪,‬‬
‫فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما فنزلت فييي ذلييك }يييا أيهييا‬

‫‪359‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الذين آمنوا ل تقدموا بين يدي الله ورسوله{ حتى انقضت‬
‫لية }ولو أنهم صييبروا حييتى تخييرج إليهييم{ ا َ‬
‫لييية‪ .‬وهكييذا‬ ‫ا َ‬
‫رواه ههنا منفردا ً به أيضا ً وقال الحافظ أبو بكر البزار فييي‬
‫مسنده‪ :‬حدثنا الفضل بن سهل‪ ,‬حدثنا إسحاق بن منصييور‪,‬‬
‫حدثنا حصين بن عمر عن مخارق عيين طييارق بيين شييهاب‬
‫عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال‪ :‬لمييا نزلييت هييذه‬
‫لية }يا أيها الذين آمنوا ل ترفعييوا أصييواتكم فييوق صييوت‬ ‫ا َ‬
‫النييبي{ قلييت‪ :‬يييا رسييول اللييه واللييه ل أكلمييك إل كييأخي‬
‫السرار‪ .‬حصين بين عمير‪ ,‬هيذا وإن كيان ضيعيفا ً لكين قيد‬
‫رويناه ميين حييديث عبييد الرحميين بيين عييوف وأبييي هريييرة‬
‫رضي الله عنهما بنحو ذلك‪ ,‬واللييه أعلييم‪ .‬وقييال البخيياري‪:‬‬
‫حدثنا علي بن عبد الله‪ ,‬حدثنا أزهر بن سييعد‪ ,‬أخبرنييا ابيين‬
‫عون‪ ,‬أنبأني موسى بن أنس عن أنس بن مالك رضي الله‬
‫عنه‪ ,‬أن النبي صلى الله عليه وسلم افتقد ثابت بن قيييس‬
‫رضي الله عنه فقال رجييل‪ :‬يييا رسييول اللييه أنييا أعلييم لييك‬
‫علمه‪ ,‬فأتاه فوجده في بيتييه منكسيا ً رأسيه فقييال لييه‪ :‬مييا‬
‫شأنك ؟ فقال‪ :‬شر كييان يرفييع صييوته فييوق صييوت النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فقد حبط عمله فهو من أهييل النييار‪,‬‬
‫فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنييه قييال‬
‫لخييرة ببشييارة‬ ‫كذا وكذا‪ ,‬قال موسى‪ :‬فرجع إليييه المييرة ا َ‬
‫عظيمة فقال‪» :‬اذهب إليه فقل لييه إنييك لسييت ميين أهييل‬
‫النار ولكن ميين أهييل الجنيية« تفييرد بييه البخيياري ميين هييذا‬
‫الييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييوجه‪.‬‬
‫وقييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا هاشييم‪ ,‬حييدثنا سييليمان بيين‬
‫المغيرة عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قييال‪:‬‬
‫لية }يا أيها الذين آمنوا ل ترفعوا أصواتكم‬ ‫لما نزلت هذه ا َ‬
‫فوق صوت النبي ي إلى قوله ي ي وأنتييم ل تشييعرون{ وكييان‬
‫ثابت بن قيس بن الشماس رفيع الصوت فقال‪ :‬أنييا الييذي‬
‫كنت أرفع صوتي على رسول الله صلى الله عليه وسييلم‪,‬‬
‫أنا من أهل النار حبط عملي وجلس في أهله حزينا ً ففقده‬
‫رسول الله صلى الله عليييه وسييلم فييانطلق بعييض القييوم‬
‫إليه فقالوا له‪ :‬تفقدك رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‬

‫‪360‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ما لك ؟ قال‪ :‬أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم وأجهر له بالقول حبط عملي أنا من أهييل‬
‫النار‪ ,‬فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه بما قييال‪,‬‬
‫فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪» :‬ل ‪ ,‬بييل هييو ميين أهييل‬
‫الجنة« قال أنس رضي الله عنييه‪ :‬فكنييا نييراه يمشييي بييين‬
‫أظهرنا ونحين نعليم أنيه مين أهيل الجنية‪ ,‬فلميا كيان ييوم‬
‫اليمامة كان فينا بعض النكشاف فجاء ثابت بن قيييس بيين‬
‫شماس‪ ,‬وقييد تحنيط ولبييس كفنيه فقييال‪ :‬بئسيما تعييودون‬
‫أقرانكييييم فقيييياتلهم حييييتى قتييييل رضييييي اللييييه عنييييه‪.‬‬
‫وقال مسلم‪ :‬حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‪ ,‬حييدثنا الحسيين‬
‫بن موسى‪ ,‬حدثنا حماد بن سييلمة عيين ثييابت البنيياني عيين‬
‫لية }يا‬‫أنس بن مالك رضي الله عنه قال‪ :‬لما نزلت هذه ا َ‬
‫أيها الذين آمنوا ل ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي{ إلى‬
‫لية‪ ,‬جلس ثابت رضي الله عنه في بيته قال‪ :‬أنا مين‬ ‫آخر ا َ‬
‫أهل النار‪ ,‬واحتبس عن النبي صلى الله عليه وسلم فقييال‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن معاذ‪» :‬يا أبييا عمييرو‬
‫ما شأن ثابت َأشتكى ؟« فقال سعد رضي اللييه عنييه‪ :‬إنييه‬
‫لجاري وما علمت له بشكوى‪ .‬قال‪ :‬فأتاه سعد رضي اللييه‬
‫عنه فذكر له قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‬
‫لية ولقد علمتم أني من‬ ‫ثابت رضي الله عنه‪ :‬أنزلت هذه ا َ‬
‫أرفعكم صوتا ً على رسول الله صلى الله عليه وسييلم فأنييا‬
‫من أهل النار‪ ,‬فذكر ذلك سعد رضي الله عنه للنبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»بل هو من أهييل الجنيية« ثييم رواه مسييلم عيين أحمييد بيين‬
‫سعيد الدرامي عن حيان بن هلل عن سليمان بن المغيرة‬
‫به‪ ,‬قال ولم يذكر سييعد بيين معيياذ رضييي الليه عنييه‪ ,‬وعيين‬
‫قطن بن بشير عن جعفر بن سليمان عن ثابت عيين أنييس‬
‫رضي الله عنه بنحوه‪ ,‬وقال ليس فيه ذكر سييعد بيين معيياذ‬
‫رضي الله عنه‪ .‬حدثني هدبة بن عبد العلى السدي‪ ,‬حدثنا‬
‫المعتمر بن سليمان‪ ,‬سمعت أبي يذكر عن ثابت عن أنس‬
‫لييية فيياقتص الحييديث‬ ‫رضي الله عنه قال‪ :‬لما نزلت هذه ا َ‬
‫ولم يذكر سعد بن معاذ رضييي اللييه عنييه وزاد‪ :‬فكنييا نييراه‬

‫‪361‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يمشي بين أظهرنييا رجييل ميين أهييل الجنيية‪ .‬فهييذه الطييرق‬
‫الثلث معللة لرواية حماد بن سلمة فيما تفرد به من ذكيير‬
‫سعد بن معاذ رضي الله عنه‪ ,‬والصحيح أن حال نزول هذه‬
‫لية لم يكن سعد بن معاذ رضي اللييه عنييه موجييودًا‪ ,‬لنييه‬ ‫ا َ‬
‫كان قد مييات بعييد بنييي قريظيية بأيييام قلئل سيينة خمييس‪,‬‬
‫ليات نزلت في وفد بني تميم‪ ,‬والوفود إنما تواتروا‬ ‫وهذه ا َ‬
‫فييييي سيييينة تسييييع ميييين الهجييييرة‪ ,‬واللييييه أعلييييم‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا أبو كريب‪ ,‬حدثنا زيد بيين الحبيياب‪,‬‬
‫حدثنا أبو ثابت بن ثابت بن قيس بن شماس‪ ,‬حدثني عمي‬
‫إسماعيل بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس عن أبيه‬
‫لييية }ل ترفعييوا‬ ‫رضييي اللييه عنييه قييال‪ :‬لمييا نزلييت هييذه ا َ‬
‫أصواتكم فوق صوت النبي ول تجهييروا لييه بييالقول{ قييال‪:‬‬
‫قعد ثابت بن قييس رضيي الليه عنيه فيي الطرييق يبكيي‪,‬‬
‫قال‪ :‬فمر به عاصم بن عدي ميين بنييي العجلن فقييال‪ :‬مييا‬
‫لييية أتخييوف أن تكييون نزلييت‬ ‫يبكيك يا ثابت ؟ قال‪ :‬هييذه ا َ‬
‫ي وأنا صيت رفيع الصوت‪ .‬قال‪ :‬فمضى عاصم بن عييدي‬ ‫ف ّ‬
‫رضي الله عنه إلى رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم ‪,‬‬
‫قال‪ :‬وغلبه البكاء فأتى امرأته جميلة ابنة عبد الله بن أبي‬
‫ابن سلول‪ ,‬فقال لها‪ :‬إذا دخلت بيت فرسي فشييدي علييى‬
‫الضبة بمسييمار‪ ,‬فضييربته بمسييمار حييتى إذا خييرج عطفييه‬
‫وقال‪ :‬ل أخرج حتى يتوفياني الليه تعييالى‪ ,‬أو يرضييى عنييي‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬قال وأتى عاصم رضييي‬
‫الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسييلم فييأخبره خييبره‬
‫فقال‪» :‬اذهب فادعه لي« فجاء عاصم رضي الله عنه إلى‬
‫المكييان فلييم يجييده‪ ,‬فجيياء إلييى أهلييه‪ ,‬فوجييده فييي بيييت‬
‫الفرس فقال له‪ :‬إن رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫يدعوك‪ ,‬فقال‪ :‬اكسر الضبة‪ ,‬قال‪ :‬فخرجا فأتيا النبي صلى‬
‫الله عليه وسييلم فقييال لييه رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬ما يبكيك يا ثابت ؟« فقييال رضييي اللييه عنييه‪ :‬أنييا‬
‫ي }ل ترفعييوا‬ ‫صيت وأتخوف أن تكون هذه ا َ‬
‫لييية نزلييت في ّ‬
‫أصواتكم فوق صوت النبي ول تجهروا لييه بييالقول{ فقييال‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪» :‬أما ترضى أن تعيش حميييدا ً‬

‫‪362‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وتقتل شهيدا ً وتدخل الجنة ؟« فقال‪ :‬رضيت ببشييرى اللييه‬
‫تعالى ورسوله ‪ ,‬ول أرفييع صييوتي أبييدًاعلى صييوت رسييول‬
‫الليييييييييه صيييييييييلى الليييييييييه علييييييييييه وسيييييييييلم‪.‬‬
‫قال‪ :‬وأنزل الله تعالى‪} :‬إن الذين يغضون أصواتهم عنييد‬
‫لية‪:‬‬‫رسول الله ُأولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى{ ا َ‬
‫وقد ذكر هذه القصة غير واحييد ميين التييابعين كييذلك‪ ,‬فقييد‬
‫نهى الله عز وجل عن رفع الصوات بحضرة رسييول اللييه‪,‬‬
‫وقد روينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضيي الليه‬
‫عنه أنه سمع صوت رجلين فييي مسييجد النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم قد ارتفعت أصواتهما‪ ,‬فجاء فقال‪ :‬أتدريان أين‬
‫أنتما ؟ ثم قال‪ :‬من أين أنتمييا ؟ قييال‪ :‬ميين أهييل الطييائف‪,‬‬
‫فقال‪ :‬لو كنتما من أهييل المدينيية لوجعتكمييا ضييربًا‪ .‬وقييال‬
‫العلماء‪ :‬يكييره رفييع الصييوت عنييد قييبره صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم كما كان يكره في حياته عليه الصلة والسلم‪ ,‬لنييه‬
‫محترم حيا ً وفي قبره صلى الله عليه وسلم دائمًا‪ ,‬ثم نهى‬
‫عن الجهر لييه بييالقول كمييا يجهيير الرجييل لمخيياطبه مميين‬
‫عداه‪ ,‬بل يخاطب بسكينة ووقار وتعظيم‪ ,‬ولهذا قال تبارك‬
‫وتعالى‪} :‬ول تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض{ كمييا‬
‫قال تعالى‪} :‬ل تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضييكم‬
‫بعضيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييًا{‪.‬‬
‫وقوله عز وجل‪} :‬أن تحبط أعمالكم وأنتم ل تشييعرون{‬
‫أي إنما نهيناكم عن رفع الصوت عنييده‪ ,‬خشييية أن يغضييب‬
‫من ذلك فيغضييب اللييه تعييالى لغضييبه‪ ,‬فيحبييط عمييل ميين‬
‫أغضبه وهو ل يييدري كمييا جيياء فييي الصييحيح‪» :‬إن الرجييل‬
‫ليتكلم بالكلمة ميين رضييوان اللييه تعييالى ل يلقييي لهييا بييال ً‬
‫يكتب له بها الجنة‪ ,‬وإن الرجل ليتكلم بالكلمة ميين سييخط‬
‫الله تعالى ل يلقي لها بال ً يهوي بها في النار أبعييد مييا بييين‬
‫السماء والرض« ثم ندب الله تعالى إلييى خفييض الصييوت‬
‫عنده وحث على ذلك‪ ,‬وأرشد إليه‪ ,‬ورغب فيه فقييال‪} :‬إن‬
‫الييذين يغضييون أصييواتهم عنييد رسييول اللييه أولئك الييذين‬
‫امتحن الله قلوبهم للتقيوى{ أي أخلصييها لهيا وجعلهيا أهل ً‬
‫ومحل ً }لهم مغفرة وأجر عظيم{ وقييد قييال المييام أحمييد‬

‫‪363‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫في كتاب الزهد‪ :‬حدثنا عبييد الرحميين‪ ,‬حييدثنا سييفيان عيين‬
‫منصور عن مجاهد قال‪ :‬كتب إلى عمر‪ :‬يا أمير المييؤمنين‪,‬‬
‫رجل ل يشتهي المعصييية‪ ,‬ول يعمييل بهييا أفضييل‪ ,‬أم رجييل‬
‫يشتهي المعصية ول يعمل بها فكتب عمر رضي الله عنييه‪:‬‬
‫إن الذين يشتهون المعصية ول يعملون بهييا }أولئك الييذين‬
‫امتحن الليه قلييوبهم للتقييوى لهييم مغفييرة وأجيير عظيييم{‪.‬‬

‫َ‬
‫ن‬‫م ل َ ي َعِْقُلو َ‬ ‫ت أك ْث َُرهُ ْ‬ ‫جَرا ِ‬ ‫من وََرآِء ال ْ ُ‬
‫ح ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫دون َ َ‬
‫ن ي َُنا ُ‬
‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬‫** إ َ ّ‬
‫َ‬
‫م َوالل ّي ُ‬
‫ه‬ ‫خْيرا ً ل ّهُ ي ْ‬
‫ن َ‬ ‫م لَ َ‬
‫كا َ‬ ‫ج إ ِل َي ْهِ ْ‬
‫خُر َ‬
‫ى تَ ْ‬ ‫صب َُروا ْ َ‬
‫حت ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫* وَل َوْ أن ّهُ ْ‬
‫م‬
‫حييييييييييييييييييييييييييييييييي ٌ‬ ‫غَُفييييييييييييييييييييييييييييييييوٌر ّر ِ‬
‫ثييم إنييه تبييارك وتعييالى ذم الييذين ينييادونه ميين وراء‬
‫الحجرات وهي بيييوت نسييائه‪ ,‬كمييا يصيينع أجلف العييراب‬
‫فقال‪} :‬أكثرهم ل يعقلون{ ثم أرشد تعالى إلى الدب في‬
‫ذلك فقال عز وجل‪} :‬ولو أنهم صييبروا حييتى تخييرج إليهييم‬
‫لكان خيرا ً لهم{ أي لكان لهم في ذلك الخيرة والمصييلحة‬
‫لخرة‪ .‬ثم قال جل ثناؤه داعيا ً لهم إلى التوبيية‬ ‫في الدنيا وا َ‬
‫والنابيية }واللييه غفييور رحيييم{ وقييد ذكيير أنهييا نزلييت فييي‬
‫القرع بن حابس التميمي رضي الله عنه فيمييا أورده غييير‬
‫واحد‪ .‬قال المام أحمد‪ :‬حدثنا عفان‪ ,‬حييدثنا وهيييب‪ ,‬حييدثنا‬
‫موسى بن عقبيية عيين أبييي سييلمة بيين عبييد الرحميين عيين‬
‫القرع بن حابس رضي اللييه عنييه‪ ,‬أنييه نييادى رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات فقال‪ :‬يييا محمييد‬
‫يا محمد‪ ,‬وفي رواية‪ :‬يا رسول الله‪ ,‬فلييم يجبييه فقييال‪ :‬يييا‬
‫رسول الله إن حمدي لزين‪ ,‬وإن ذمي لشين‪ ,‬فقال صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬ذاك الله عز وجييل« وقييال ابيين جرييير‪:‬‬
‫حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث المروزي‪ ,‬حدثنا الفضل‬
‫بن موسى عن الحسين بيين واقييد‪ ,‬عيين أبييي إسييحاق عيين‬
‫البراء في قييوله تبييارك وتعييالى‪} :‬إن الييذين ينادونييك ميين‬
‫وراء الحجرات{ قال‪ :‬جاء رجل إلى رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم فقال‪ :‬يا محمد‪ ,‬إن حمدي زييين وذمييي شييين‪,‬‬

‫‪364‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقال صلى الله عليه وسلم‪» :‬ذاك الله عز وجييل« وهكييذا‬
‫ل‪.‬‬‫ذكييييييره الحسيييييين البصييييييري وقتييييييادة مرسيييييي ً‬
‫وقال سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة قييال‪ :‬كييان‬
‫بشر بن غالب ولبيد بن عطارد أو بشيير بيين عطييارد ولبيييد‬
‫بن غالب‪ ,‬وهما عند الحجاج جالسان‪ ,‬فقال بشر بن غالب‬
‫للبيد بن عطارد‪ :‬نزلت فييي قومييك بنييي تميييم }إن الييذين‬
‫ينادونك من وراء الحجرات{ قال‪ :‬فذكرت ذلك لسعيد بيين‬
‫لية أجابه }يمنون عليك‬ ‫جبير‪ ,‬فقال‪ :‬أما إنه لو علم بآخر ا َ‬
‫أن أسلموا{ قالوا‪ :‬أسلمنا ولم يقاتلك بنو أسد‪ ,‬وقال ابيين‬
‫أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا عمرو بن علي البيياهلي‪ .‬حييدثنا‬
‫المعتمر بن سليمان قييال‪ :‬سييمعت داود الطفيياوي يحييدث‬
‫عن أبي مسلم البجلي عن زيد بن أرقييم رضييي اللييه عنييه‬
‫قال‪ :‬اجتمع أناس من العرب فقالوا‪ :‬انطلقوا بنا إلييى هييذا‬
‫الرجل فإن يك نبيا ً فنحن أسعد النيياس بييه‪ ,‬وإن يييك ملكيا ً‬
‫نعش بجناحه‪ .‬قال‪ :‬فييأتيت رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم فأخبرته بما قالوا فجيياؤوا إلييى حجييرة النييبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم فجعلوا ينادونه وهو في حجرته‪ :‬يييا محمييد‬
‫يا محمد‪ ,‬فأنزل الله تعالى‪} :‬إن الييذين ينادونييك ميين وراء‬
‫الحجرات أكثرهم ل يعقلون{ قال‪ :‬فأخذ رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم بأذني‪ ,‬فمييدها فجعييل يقييول »لقييد صييدق‬
‫الله تعالى قولك يا زيييد‪ ,‬لقييد صييدق اللييه قولييك يييا زيييد«‬
‫ورواه ابن جرير عن الحسن بن عرفيية‪ ,‬عيين المعتميير بيين‬
‫سييييييييييييييييييييييييييييييييليمان بييييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬

‫سييقُ ب ِن ََبييإ ٍ فَت َب َي ُّنييوَا ْ َأن‬ ‫َ‬


‫م َفا ِ‬ ‫جييآَءك ُ ْ‬‫مُنييوَا ْ ِإن َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫** ي َأي َّهييا اّليي ِ‬
‫ن*‬ ‫مي َ‬ ‫م ن َييادِ ِ‬ ‫مييا فَعَل ْت ُي ْ‬ ‫ى َ‬ ‫صيب ِ ُ ْ َ‬
‫حوا عَلي َ‬ ‫جَهال َيةٍ فَت ُ ْ‬ ‫ما ب ِ َ‬ ‫صيبُبوا ْ قَوْ َ‬ ‫تُ ِ‬
‫َ‬
‫ن‬‫مي َ‬‫م فِييي ك َِثي يرٍ ّ‬ ‫طيعُك ُي ْ‬ ‫ل الل ّيهِ ل َيوْ ي ُ ِ‬ ‫سو َ‬ ‫م َر ُ‬ ‫ن ِفيك ُ ْ‬ ‫موَا ْ أ ّ‬ ‫َوآعْل َ ُ‬
‫ه فِييي‬ ‫ن وََزي ّن َي ُ‬ ‫مييا َ‬ ‫لي َ‬‫ما ِ‬ ‫ب إ ِل َي ْك ُي ُ‬
‫حب ّي َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّي َ‬‫م وََلـيك ِ ّ‬ ‫مرِ ل َعَن ِت ّي ْ‬ ‫ال ْ‬
‫ن أوَْلـئ ِ َ‬‫ُ‬
‫م‬
‫هيي ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫صَيا َ‬ ‫سوقَ َوال ْعِ ْ‬ ‫م ال ْك ُْفَر َوال ُْف ُ‬ ‫م وَك َّرهَ إ ِل َي ْك ُ ُ‬ ‫قُُلوب ِك ُ ْ‬
‫م‬
‫كيي ٌ‬‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه عَِليي ٌ‬ ‫ة َوالّلي ُ‬ ‫مي ً‬ ‫ن الّليهِ وَن ِعْ َ‬ ‫مي َ‬ ‫ضيل ً ّ‬ ‫ن * فَ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫شي ُ‬ ‫الّرا ِ‬

‫‪365‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يأمر تعييالى بييالتثبت فييي خييبر الفاسييق ليحتيياط لييه لئل‬
‫يحكييم بقييوله‪ ,‬فيكييون فييي نفييس الميير كاذب يا ً أو مخطئًا‪,‬‬
‫فيكون الحاكم بقوله قد اقتفى وراءه‪ ,‬وقيد نهييى الليه عيز‬
‫وجل عن اتباع سبيل المفسدين‪ ,‬ومن هاهنا امتنع طييوائف‬
‫من العلماء من قبول رواية مجهول الحال لحتمال فسييقه‬
‫في نفس المر‪ ,‬وقبلها آخرون لنا إنما أمرنا بييالتثبت عنييد‬
‫خيبر الفاسيق‪ ,‬وهيذا لييس بمحقيق الفسيق لنيه مجهيول‬
‫الحال‪ ,‬وقد قررنا هذه المسألة في كتاب العلم من شييرح‬
‫البخاري وللييه تعييالى الحمييد والمنيية‪ ,‬وقييد ذكيير كييثير ميين‬
‫لية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبييي‬ ‫المفسرين أن هذه ا َ‬
‫معيط‪ ,‬حين بعثه رسول الله صلى الله عليييه وسييلم علييى‬
‫صدقات بني المصطلق‪ ,‬وقييد روي ذلييك ميين طييرق وميين‬
‫أحسنها ما رواه المام أحمد في مسيينده ميين رواييية ملييك‬
‫بني المصطلق‪ ,‬وهو الحارث بن ضرار والييد جويرييية بنييت‬
‫الحارث أم المؤمنين رضي الله عنهييا‪ .‬قييال المييام أحمييد‪:‬‬
‫حدثنا محمد بن سابق‪ ,‬حدثنا عيسى بن دينار‪ ,‬حدثني أبييي‬
‫أنه سمع الحارث بن ضرار الخزاعي رضي الله عنه يقول‪:‬‬
‫قدمت على رسول الله فدعاني إلى السلم فييدخلت فيييه‬
‫وأقررت به‪ .‬ودعيياني إلييى الزكيياة فييأقررت بهييا وقلييت يييا‬
‫رسول الله أرجع إليهم فأدعوهم إلى السلم وأداء الزكيياة‬
‫فمن استجاب لي جمعت زكيياته‪ .‬وترسييل إلييي يييا رسييول‬
‫الله رسول ً إبان كذا وكذا ليأتيييك بمييا جمعييت ميين الزكيياة‪.‬‬
‫فلما جمع الحارث الزكاة ممن اسييتجاب لييه وبلييغ البييان‬
‫الذي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليييه‬
‫احتبس عليه الرسول لم يأته وظن الحارث أنييه قييد حييدث‬
‫فيه سخطة من الله تعالى ورسوله‪ ,‬فدعا بسروات قييومه‬
‫فقال لهم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان وقييت‬
‫لي وقتا ً يرسييل إلييي رسييوله ليقبييض مييا كييان عنييدي ميين‬
‫الزكيياة وليييس ميين رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫الخلف‪ ,‬ول أرى حبس رسوله إل من سخطة‪ ,‬فانطلقوا بنا‬
‫نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬وبعث رسول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبييض‬

‫‪366‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ما كان عنده مما جمييع ميين الزكيياة‪ ,‬فلمييا أن سييار الوليييد‬
‫حتى بلغ بعض الطريييق فييرق أي خيياف‪ ,‬فرجيع حييتى أتيى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسييول اللييه إن‬
‫الحارث قد منعني الزكاة وأراد قتلي‪ ,‬فغضب رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم وبعث البعث إلى الحارث رضي الله‬
‫عنه وأتى الحارث بأصحابه حتى إذا استقبل البعث وفصييل‬
‫عيين المدينيية لقيهييم الحييارث فقييالوا‪ :‬هييذا الحييارث‪ ,‬فلمييا‬
‫غشيهم قال لهم‪ :‬إلى من بعثتم ؟ قالوا‪ :‬إليك‪ .‬قال‪ :‬ولم ؟‬
‫قالوا‪ :‬إن رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم بعييث إليييك‬
‫الوليد بن عقبة فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتلييه‪ .‬قييال‬
‫رضي الله عنه‪ :‬ل والذي بعث محمدا ً بالحق مييا رأيتييه بتيية‬
‫ول أتيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييياني‪.‬‬
‫فلما دخل الحارث على رسول الله قال‪» :‬منعت الزكيياة‬
‫وأردت قتل رسييولي ؟« قييال‪ :‬ل والييذي بعثييك بييالحق مييا‬
‫رأيته ول أتاني وما أقبلت إل حين احتبس علي رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ,‬خشيت أن يكون كانت سخطة الله‬
‫تعالى ورسوله‪ .‬قال فنزلت الحجرات }يا أيها الذين آمنييوا‬
‫إن جاءكم فاسق بنبأ ي إلى قوله ي حكيم{ ورواه ابيين أبييي‬
‫حاتم عن المنذر بن شاذان التمار عن محمد بن سابق به‪.‬‬
‫ورواه الطبراني من حديث محمد بن سييابق بييه‪ ,‬غييير أنييه‬
‫سماه الحارث بن سرار والصواب أنييه الحييارث بيين ضييرار‬
‫كما تقدم‪ .‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا أبو كريييب‪ ,‬حييدثنا جعفيير‬
‫بن عون عن موسى بن عبيدة عن ثابت مييولى أم سييلمة‪,‬‬
‫عن أم سلمة رضييي اللييه عنهييا قييالت‪ :‬بعييث رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم رجل ً فييي صييدقات بنييي المصييطلق‬
‫بعييد الوقيعيية فسييمع بييذلك القييوم فتلقييوه يعظمييون أميير‬
‫رسول اللييه قييالت فحييدثه الشيييطان أنهييم يريييدون قتلييه‪,‬‬
‫قالت فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسييلم فقييال‪:‬‬
‫إن بني المصطلق قد منعييوني صييدقاتهم‪ .‬فغضييب رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون‪ ,‬قالت فبلغ القييوم‬
‫رجوعه‪ ,‬فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فصفوا له‬
‫حييين صييلى الظهيير‪ ,‬فقييالوا‪ :‬نعييوذ بييالله ميين سييخط اللييه‬

‫‪367‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسخط رسييوله‪ ,‬بعثييت إلينييا رجل ً مصييدقا ً فسييررنا بييذلك‬
‫وقرت به أعيننا‪ ,‬ثم إنه رجع من بعض الطريق فخشينا أن‬
‫يكون ذلك غضبا ً من الله تعييالى وميين رسييوله صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪ ,‬فلم يزالوا يكلمونه حتى جاء بلل رضييي اللييه‬
‫عنه فأذن بصلة العصر قالت ونزلت }يا أيها الييذين آمنييوا‬
‫إن جيياءكم فاسييق بنبييأ فتييبينوا أن تصيييبوا قومييا ً بجهاليية‬
‫فتصيييييييبحوا عليييييييى ميييييييا فعلتيييييييم نيييييييادمين{‪.‬‬
‫وروى ابن جرير أيضا ً من طريق العوفي عن ابن عبيياس‬
‫لية قال‪ :‬كان رسول الله صلى‬ ‫رضي الله عنهما في هذه ا َ‬
‫الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة بيين أبييي معيييط إلييى‬
‫بني المصطلق ليأخييذ منهييم الصييدقات‪ ,‬وإنهييم لمييا أتيياهم‬
‫الخبر فرحوا وخرجوا يتلقون رسول رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ,‬وإنه لما حدث الوليد أنهم خرجوا يتلقونه رجع‬
‫الوليد إلى رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪ ,‬فقييال‪ :‬يييا‬
‫رسول الله إن بني المصطلق قد منعوا الصييدقة‪ ,‬فغضييب‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلييك غضييبا ً شييديدًا‪,‬‬
‫فبينا هو يحدث نفسه أن يغزوهم إذ أتاه الوفييد فقييالوا‪ :‬يييا‬
‫رسول الله‪ ,‬إنا حدثنا أن رسولك رجع من نصف الطريييق‪,‬‬
‫وإنا خشينا أن ما رده كتاب جاء منك لغضب غضبته علينييا‪,‬‬
‫وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله‪ ,‬وإن النبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم استغشهم وهييم بهييم‪ ,‬فييأنزل اللييه تبييارك‬
‫وتعالى عذرهم في الكتاب فقال‪} :‬يا أيها الييذين آمنييوا إن‬
‫جيييياءكم فاسييييق بنبييييأ فتييييبينوا{ إلييييى آخيييير ا َ‬
‫لييييية‪.‬‬
‫وقال مجاهد وقتادة‪ :‬أرسل رسول الله صيلى الليه علييه‬
‫وسييلم الوليييد بيين عقبيية إلييى بنييي المصييطلق ليصييدقهم‪,‬‬
‫فتلقوه بالصدقة فرجع فقال إن بني المصطلق قد جمعت‬
‫لييك لتقاتلييك‪ ,‬زاد قتييادة‪ :‬وإنهييم قييد ارتييدوا عيين السييلم‪.‬‬
‫فبعث رسول الله صلى الله عليه وسييلم خالييد بيين الوليييد‬
‫رضي الله عنه إليهم‪ ,‬وأمره أن يتثبت ول يعجييل‪ ,‬فييانطلق‬
‫حتى أتاهم ليل ً فبعث عيونه فلما جاؤوا أخبروا خالدا ً رضي‬
‫اللييه عنييه أنهييم مستمسييكون بالسييلم‪ ,‬وسييمعوا أذانهييم‬
‫وصلتهم‪ ,‬فلما أصبحوا أتاهم خالد رضييي اللييه عنييه فييرأى‬

‫‪368‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الذي يعجبه فرجع إلى رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫فأخبره الخبر فييأنزل اللييه تعييالى هييذه ا َ‬
‫لييية‪ .‬قييال قتييادة‪:‬‬
‫فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول »التثبث من‬
‫الليه والعجلية مين الشييطان« وكيذا ذكير غيير واحيد مين‬
‫السلف منهم ابن أبي ليلييى ويزيييد بيين رومييان والضييحاك‪,‬‬
‫لييية أنهييا أنزلييت فييي‬‫ومقاتل بن حيان‪ ,‬وغيرهم في هذه ا َ‬
‫الولييييييييييد بييييييييين عقبييييييييية‪ ,‬والليييييييييه أعليييييييييم‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬واعلمييوا أن فيكييم رسييول اللييه { أي‬
‫اعلمييوا أن بييين أظهركييم رسييول اللييه فعظمييوه ووقييروه‬
‫وتأدبوا معه وانقادوا لمره‪ ,‬فإنه أعلم بمصالحكم وأشييفق‬
‫عليكم منكم‪ ,‬ورأيه فيكم أتم من رأيكم لنفسكم كما قال‬
‫تبارك وتعالى‪} :‬النبي أولى بييالمؤمنين ميين أنفسييهم{ ثييم‬
‫بييين أن رأيهييم سييخيف بالنسييبة إلييى مراعيياة مصييالحهم‬
‫فقال‪} :‬لييو يطيعكييم فييي كييثير ميين الميير لعنتييم{ أي لييو‬
‫أطيياعكم فييي جميييع مييا تختييارونه لدى ذلييك إلييى عنتكييم‬
‫وحرجكييم‪ ,‬كمييا قييال سييبحانه وتعييالى‪} :‬ولييو اتبييع الحييق‬
‫أهواءهم لفسدت السموات والرض ومن فيهن بل أتيناهم‬
‫بذكرهم فهييم عيين ذكرهييم معرضييون{ وقييوله عييز وجييل‪:‬‬
‫}ولكن الله حبب إليكييم اليمييان وزينييه فييي قلييوبكم{ أي‬
‫حببيييييه إليييييى نفوسيييييكم وحسييييينه فيييييي قليييييوبكم‪.‬‬
‫قال المام أحمييد‪ :‬حييدثنا بهييز حييدثنا علييي بيين مسييعدة‪,‬‬
‫حدثنا قتادة عن أنس رضي الله عنه قال‪ :‬كان رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬السلم علنية واليمان في‬
‫القلب ي قال ثييم يشييير بيييده إلييى صييدره ثلث مييرات ثييم‬
‫يقول ي التقيوى ههنيا التقيوى ههنيا« }وكيره إليكيم الكفير‬
‫والفسوق والعصيان{ أي وبغييض إليكييم الكفيير والفسييوق‬
‫وهي الذنوب الكبار والعصيان‪ ,‬وهي جميع المعاصي وهييذا‬
‫تدرييييج لكميييال النعمييية‪ ,‬وقيييوله تعيييالى‪} :‬أولئك هيييم‬
‫الراشييدون{ أي المتصييفون بهييذه الصييفة هييم الراشييدون‬
‫الييييييييذين قييييييييد آتيييييييياهم اللييييييييه رشييييييييدهم‪.‬‬
‫قال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا مييروان بيين معاوييية الفييزاري‪,‬‬
‫حدثنا عبد الواحد بن أيمن المكي عن أبي رفاعيية الزرقييي‬

‫‪369‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن أبيه قييال‪ :‬لماكييان يييوم أحييد وانكفييأ المشييركون قييال‬
‫رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬اسييتووا حييتى أثنييي‬
‫على ربي عز وجل« فصاروا خلفه صفوفا ً فقال صلى الله‬
‫عليه وسلم‪» :‬اللهم لييك الحمييد كلييه‪ ,‬اللهييم ل قييابض لمييا‬
‫بسطت ول باسط لما قبضت‪ ,‬ول هادي لميين أضييللت‪ ,‬ول‬
‫مضييل لميين هييديت‪ ,‬ول معطييي لمييا منعييت ول مييانع لمييا‬
‫أعطيت‪ ,‬ول مقرب لما باعدت‪ ,‬ول مباعد لما قربت‪ .‬اللهم‬
‫ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضييلك ورزقييك‪ ,‬اللهييم‬
‫إني أسألك النعيم المقيم الييذي ل يحييول ول يييزول‪ .‬اللهييم‬
‫إني أسألك النعيم يوم العيلة والميين يييوم الخييوف‪ .‬اللهييم‬
‫إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا ومن شر ما منعتنا‪ .‬اللهييم‬
‫حبييب إلينييا اليمييان وزينييه فييي قلوبنييا وكييره إلينييا الكفيير‬
‫والفسوق والعصيان واجعلنييا ميين الراشييدين‪ .‬اللهييم توفنييا‬
‫مسلمين وأحينا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايييا ول‬
‫مفتييونين‪ ,‬اللهييم قاتييل الكفييرة الييذين يكييذبون رسييلك‬
‫ويصدون عن سبيلك واجعل عليهم رجزك وعييذابك‪ ,‬اللهييم‬
‫قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب إله الحق« ورواه النسائي‬
‫في اليوم والليلة عن زياد بن أيوب عن مروان بن معاوييية‬
‫عن عبد الواحد ابن أيمن عن عبيد بن رفاعة عن أبيييه بييه‪.‬‬
‫وفي الحديث المرفوع‪» :‬من سرته حسنته وساءته سيييئته‬
‫فهو مؤمن« ثييم قييال‪} :‬فض يل ً ميين اللييه ونعميية{ أي هييذا‬
‫العطاء الذي منحكموه هو فضييل منييه عليكييم ونعميية ميين‬
‫لدنه }والله عليم حكيم{ أي عليييم بميين يسييتحق الهداييية‬
‫ممن يستحق الغواية حكيييم فييي أقييواله وأفعيياله وشييرعه‬
‫وقييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييدرته‪.‬‬

‫َ‬
‫ما فَيِإن‬ ‫حوا ْ ب َي ْن َهُ َ‬ ‫ن اقْت َت َُلوا ْ فَأ ْ‬
‫صل ِ ُ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫طآئ َِفَتا ِ‬‫** وَِإن َ‬
‫ي يءَ‬ ‫ى ت َِف َ‬ ‫حت ّي َ َ‬ ‫خَرىَ فََقات ُِلوا ْ ال ِّتي ت َب ْغِييي َ‬ ‫ى ال ُ ْ‬‫َ‬
‫ما عَل َ‬ ‫داهُ َ‬ ‫ح َ‬‫ت إِ ْ‬ ‫ب َغَ ْ‬
‫سييط ُوَا ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل وَأقْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ما ِبال ْعَد ْ‬‫حوا ْ ب َي ْن َهُ َ‬‫صل ِ ُ‬‫ْ‬ ‫ت فَأ‬‫مرِ الل ّهِ فَِإن َفآَء ْ‬ ‫ىأ ْ‬ ‫َ‬
‫إ ِل َ‬
‫حوا ْ‬ ‫َ‬
‫خوَةٌ فَأ ْ‬
‫صل ِ ُ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ما ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن * إ ِن ّ َ‬ ‫طي َ‬ ‫س ِ‬ ‫مْق ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫إِ ّ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ميييييو َ‬ ‫ح ُ‬
‫م ت ُْر َ‬ ‫ه ل َعَل ّك ُييييي ْ‬ ‫م َوات ُّقيييييوا ْ الل ّييييي َ‬ ‫خيييييوَي ْك ُ ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫ب َي ْييييي َ‬

‫‪370‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول تعالى آمرا ً بالصلح بين الفئتييين البيياغين بعضييهم‬
‫على بعض‪} :‬وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلييوا فأصييلحوا‬
‫بينهمييا{ فسييماهم مييؤمنين مييع القتتييال‪ ,‬وبهييذا اسييتدل‬
‫البخاري وغيره على أنييه ل يخييرج عيين اليمييان بالمعصييية‬
‫وإن عظمييت‪ ,‬ل كمييا يقييوله الخييوارج وميين تييابعهم ميين‬
‫المعتزلة ونحوهم‪ ,‬وهكييذا ثبييت فييي صييحيح البخيياري ميين‬
‫حديث الحسن عن أبي بكر رضي الله عنه قال‪ :‬إن رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم خطب يومًا‪ ,‬ومعه علييى المنييبر‬
‫الحسن بن علي رضي الله عنهما‪ ,‬فجعل ينظر إليييه مييرة‪,‬‬
‫وإلى الناس أخرى ويقول‪» :‬إن ابني هذا سيييد ولعييل اللييه‬
‫تعالى أن يصلح به بين فئتين عظيمييتين ميين المسييلمين«‪.‬‬
‫فكان كما قال صلى الله عليه وسلم‪ ,‬أصييلح اللييه بييه بييين‬
‫أهل الشام وأهل العراق بعد الحروب الطويلة‪ ,‬والواقعات‬
‫المهولة‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬فإن بغت إحييداهما علييى الخييرى‬
‫فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله{ أي حتى ترجع‬
‫إلى أمر الله« ورسوله‪ ,‬وتسمع للحيق وتطيعيه‪ ,‬كميا ثبيت‬
‫في الصحيح عيين أنييس رضييي اللييه عنييه‪ ,‬أن رسييول اللييه‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم قييال‪» :‬انصيير أخيياك ظالمييا ً أو‬
‫مظلومًا« قلت‪ :‬يا رسول الله‪ ,‬هذا نصرته مظلومًا‪ ,‬فكيف‬
‫أنصره ظالما ً ؟ قال صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬تمنعييه ميين‬
‫الظليييييييييييم فيييييييييييذاك نصيييييييييييرك إيييييييييييياه«‪.‬‬
‫وقييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا عييارم‪ ,‬حييدثنا معتميير قييال‪:‬‬
‫سمعت أبي يحييدث أن أنس يا ً رضييي اللييه عنييه قييال‪ :‬قيييل‬
‫للنبي صلى الله عليه وسلم‪ ,‬لو أتيييت عبييد اللييه بيين أبييي‪,‬‬
‫فانطلق إليه النبي صلى الله عليييه وسييلم‪ ,‬وركييب حمييارا ً‬
‫وانطلييق المسييلمون يمشييون‪ ,‬وهييي أرض سييبخة‪ ,‬فلمييا‬
‫انطلق النبي صلى الله عليه وسلم إليه قال‪» :‬إليييك عنييي‬
‫فوالله لقد آذاني ريح حمييارك« فقييال رجييل ميين النصييار‪:‬‬
‫والله لحمار رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب ريحا ً‬
‫منك‪ .‬قال‪ :‬فغضب لعبد الله رجال من قومه‪ ,‬فغضب لكل‬
‫واحييد منهميا أصيحابه‪ ,‬قيال‪ :‬فكيان بينهيم ضييرب بالجريييد‬
‫واليدي والنعال‪ ,‬فبلغنا أنه أنزلت فيهم }وإن طائفتان من‬

‫‪371‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المييؤمنين اقتتلييوا فأصييلحوا بينهمييا{ ورواه البخيياري فييي‬
‫الصلح عن مسدد ومسلم في المغازي عن محمد بن عبييد‬
‫العلى كلهما عن المعتمر بن سليمان عن أبيه بييه نحييوه‪.‬‬
‫وذكر سعيد بن جبير أن الوس والخزرج كان بينهما قتال‬
‫لية فأمر بالصلح‬ ‫بالسعف والنعال‪ ,‬فأنزل الله تعالى هذه ا َ‬
‫بينهمييا‪ ,‬وقييال السييدي‪ :‬كييان رجييل ميين النصييار يقييال لييه‬
‫عمران ‪ ,‬كانت له امرأة تدعى أم زيييد‪ ,‬وإن المييرأة أرادت‬
‫أن تزور أهلها‪ ,‬فحبسها زوجها وجعلها في علية له ل يدخل‬
‫عليها أحد من أهلها‪ .‬وإن المييرأة بعثييت إلييى أهلهييا‪ ,‬فجيياء‬
‫قومها وأنزلوها لينطلقوا بهييا‪ ,‬وإن الرجييل كييان قييد خييرج‪,‬‬
‫فاستعان أهل الرجل‪ ,‬فجاء بنو عمييه ليحولييوا بييين المييرأة‬
‫وبين أهلها‪ ,‬فتدافعوا واجتلدوا بالنعال فنزلييت فيهييم ا َ‬
‫لييية‪,‬‬
‫فبعث إليهم رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم وأصييلح‬
‫بينهم وفاؤوا إلى أمر الله تعالى‪ .‬وقوله عييز وجييل‪} :‬فييإن‬
‫فاءت فأصييلحوا بينهمييا بالعييدل وأقسييطوا إن اللييه يحييب‬
‫المقسطين{ أي اعدلوا بينهمييا فيمييا كييان أصيياب بعضييهم‬
‫لبعض بالقسط وهو العدل }إن اللييه يحييب المقسييطين{‪.‬‬
‫قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبو زرعة‪ ,‬حدثنا محمد بن أبييي‬
‫بكر المقدمي‪ ,‬حدثنا عبد العلى عيين معميير عيين الزهييري‬
‫عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمييرو رضييي اللييه‬
‫عنهما قال‪ :‬إن رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم قييال‪:‬‬
‫»إن المقسطين في الدنيا على منابر من لؤلييؤ بييين أيييدي‬
‫الرحمن عز وجل بما أقسطوا في الييدنيا« ورواه النسييائي‬
‫عن محمد بن المثنى عن عبدالعلى به‪ .‬وهذا إسناده جيييد‬
‫قوي رجاله على شرط الصحيح‪ ,‬وحدثنا محمد بن عبد الله‬
‫بن يزيد‪ ,‬حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بيين دينييار‪ ,‬عيين‬
‫عمرو بن أوس عن عبد الله بن عمييرو رضييي اللييه عنهمييا‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم قييال‪» :‬المقسييطون عنييد‬
‫الله تعالى يييوم القياميية علييى منييابر مين نيور عليى يمييين‬
‫العرش‪ ,‬الييذين يعييدلون فييي حكمهييم وأهيياليهم وميياولوا«‬
‫ورواه مسلم والنسائي من حييديث سييفيان بيين عيينيية بييه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬إنما المؤمنون إخوة{ أي الجميع إخوة فييي‬

‫‪372‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الييدين‪ ,‬كمييا قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»المسلم أخو المسلم ل يظلمه ول يسلمه« وفي الصحيح‬
‫»والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيييه« وفييي‬
‫الصحيح أيضا ً »إذا دعا المسييلم لخيييه بظهيير الغيييب قييال‬
‫الملك آمين ولك مثله« والحيياديث فييي هييذا كييثيرة‪ ,‬وفييي‬
‫الصحيح »مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصييلهم‬
‫كمثل الجسد الواحد‪ ,‬إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر‬
‫الجسد بييالحمى والسييهر« وفييي الصييحيح أيضيا ً »المييؤمن‬
‫للمؤمن كالبنيان يشييد بعضييه بعضيًا« وشييبك بييين أصييابعه‬
‫صيييييييييييييلى الليييييييييييييه علييييييييييييييه وسيييييييييييييلم‪.‬‬
‫وقال أحمد‪ :‬حييدثنا أحمييد بيين الحجيياج‪ ,‬حييدثنا عبييد اللييه‪,‬‬
‫أخبرنا مصعب بين ثيابت حيدثني أبيو حيازم قيال‪ :‬سيمعت‬
‫سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه يحدث عن رسول‬
‫الله صلى الله عليييه وسييلم قييال‪» :‬إن المييؤمن ميين أهييل‬
‫اليمان بمنزليية الييرأس ميين الجسييد‪ ,‬يييألم المييؤمن لهييل‬
‫اليمان كما يألم الجسد فييي الييرأس« تفييرد بييه أحمييد ول‬
‫بأس بإسناده‪ ,‬وقوله تعالى‪} :‬فأصلحوا بين أخويكم{ يعني‬
‫الفئتين المقتتلتين }واتقييوا اللييه{ أي فييي جميييع أمييوركم‬
‫}لعلكم ترحمون{ وهذا تحقيق منييه تعييالى للرحميية لميين‬
‫اتقييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييياه‪.‬‬

‫ى َأن‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ين‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫يو‬‫ي‬ ‫ن‬‫م‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫ذي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫يا‬
‫ي‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫** يأ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬
‫ّ‬
‫خي ْييرا ً‬ ‫ن َ‬ ‫ى أن ي َك ُي ّ‬ ‫م وَل َ ن ِ َ‬ ‫خْيرا ً ّ‬ ‫كوُنوا ْ َ‬ ‫يَ ُ‬
‫س َ‬ ‫سآٍء عَ َ‬ ‫من ن ّ َ‬ ‫سآٌء ّ‬
‫َ‬
‫من ْهُ ْ‬
‫م‬ ‫سيي ُ‬
‫س ال ْ‬ ‫ب ب ِئ ْ َ‬ ‫م وَل َ ت ََناب َُزوا ْ ُِبالل َْقييا ِ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫مُزوَا ْ أنُف َ‬ ‫ن وَل َ ت َل ْ ِ‬ ‫من ْهُ ّ‬ ‫ّ‬
‫ن‬‫مو َ‬ ‫ّ‬
‫م الظييال ِ ُ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫َ‬
‫ب فَأوْلـئ ِ َ‬ ‫م ي َت ُ ْ‬
‫من ل ْ‬‫ّ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫لي َ‬‫سوقُ ب َعْد َ ا َ‬ ‫الُف ُ‬‫ْ‬
‫ينهييى تعييالى عيين السييخرية بالنيياس وهييو احتقييارهم‬
‫والستهزاء بهم‪ ,‬كما ثبييت فييي الصييحيح عيين رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه قال‪» :‬الكبر بطر الحييق وغمييص‬
‫النيياس ي ي ويييروى ي ي وغمييط النيياس« والمييراد ميين ذلييك‬
‫احتقييارهم واستصييغارهم‪ ,‬وهييذا حييرام فييإنه قييد يكييون‬
‫المحتقيير أعظييم قييدرا ً عنييد اللييه تعييالى‪ ,‬وأحييب إليييه ميين‬

‫‪373‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الساخر منه المحتقر له‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬يا أيهييا الييذين‬
‫آمنوا ل يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيييرا ً منهييم‪,‬‬
‫ول نساء من نساء عسى أن يكن خيرا ً منهن{ فنص علييى‬
‫نهي الرجال‪ ,‬وعطف نهي النسيياء‪ .‬وقييوله تبييارك وتعييالى‪:‬‬
‫}ول تلمزوا أنفسكم{ أي ل تلمزوا الناس‪ .‬والهماز اللميياز‬
‫من الرجال مذموم ملعييون كمييا قييال تعييالى‪} :‬ويييل لكييل‬
‫همزة لمزة{ والهمز بالفعل واللمز بالقول‪ ,‬كمييا قييال عييز‬
‫وجل‪} :‬هميياز مشيياء بنميييم{ أي يحتقيير النيياس ويهمزهييم‬
‫طاغيا ً عليهم ويمشي بينهم بالنميمة وهي اللمييز بالمقييال‪,‬‬
‫ولهييذا قييال ههنييا‪} :‬ول تلمييزوا أنفسييكم{ كمييا قييال‪} :‬ول‬
‫تقتليييييوا أنفسيييييكم{ أي ل يقتيييييل بعضيييييكم بعضيييييًا‪.‬‬
‫قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقتييادة ومقاتييل‬
‫بن حيان }ول تلمزوا أنفسكم{ أي ل يطعن بعضييكم علييى‬
‫بعض‪ ,‬وقوله تعييالى‪} :‬ول تنييابزوا باللقيياب{ أي ل تييداعوا‬
‫باللقاب‪ ,‬وهي التي يسوء الشخص سييماعها‪ .‬قييال المييام‬
‫أحمييد‪ :‬حييدثنا إسييماعيل‪ ,‬حييدثنا داود بيين أبييي هنييد عيين‬
‫الشعبي قال‪ :‬حييدثني أبييو جييبيرة بيين الضييحاك‪ ,‬قييال فينييا‬
‫نزلت في بنييي سييلمة }ول تنييابزوا باللقيياب{ قييال‪ :‬قييدم‬
‫رسول الله صيلى الليه علييه وسيلم المدينيية‪ ,‬ولييس فينييا‬
‫رجل إل وله اسييمان أو ثلثيية‪ ,‬فكييان إذا دعييا واحييدا ً منهيم‬
‫باسم من تلك السماء‪ ,‬قالوا‪ :‬يييا رسييول الليه إنيه يغضييب‬
‫من هذا‪ ,‬فنزلت }ول تنابزوا باللقاب{ ورواه أبو داود عيين‬
‫موسى بن إسماعيل عن وهيب عيين داود بييه‪ .‬وقييوله جييل‬
‫وعل‪} :‬بئس السم الفسوق بعد اليمان{ أي بئس الصييفة‬
‫والسييم الفسييوق‪ .‬وهييو التنييابز باللقيياب كمييا كييان أهييل‬
‫الجاهلية يتناعتون بعد مييا دخلتييم فييي السييلم وعقلتمييوه‬
‫}ومن لم يتييب{ أي ميين هييذا }فييأولئك هييم الظييالمون{‪.‬‬

‫َ‬
‫ض الظ ّ ّ‬
‫ن‬ ‫ن ب َعْ َ‬‫ن إِ ّ‬‫ن الظ ّ ّ‬ ‫م َ‬ ‫جت َن ُِبوا ْ ك َِثيرا ً ّ‬
‫مُنوا ْ ا ْ‬
‫نآ َ‬ ‫** ي َأي َّها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫م َأن‬‫حييد ُك ُ ْ‬
‫َ‬
‫بأ َ‬ ‫حيي ّ‬ ‫كم ب َْعضا ً أ َي ُ ِ‬ ‫سوا ْ وَل َ ي َغَْتب ب ّعْ ُ‬
‫ض ُ‬ ‫س ُ‬‫ج ّ‬ ‫م وَل َ ت َ َ‬ ‫إ ِث ْ ٌ‬

‫‪374‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ل ل َحم أ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يأ ْ‬
‫وا ٌ‬‫ّ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ال‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫يو‬
‫ي‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫وا‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫مو‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫يت‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫خي‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫َ‬
‫م‬
‫حيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ٌ‬ ‫ّر ِ‬
‫يقول تعالى ناهيا ً عباده المؤمنين عن كييثير ميين الظيين‪,‬‬
‫وهو التهميية والتخييون للهييل والقييارب والنيياس فييي غييير‬
‫محله لن بعض ذلك يكون إثما ً محضًا‪ ,‬فليتجنب كييثير منييه‬
‫احتياطا ً وروينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضييي‬
‫اللييه عنييه أنييه قييال‪ :‬ول تظنيين بكلميية خرجييت ميين أخيييك‬
‫ل‪ .‬وقال أبييو‬ ‫المؤمن إل خيرًا‪ ,‬وأنت تجد لها في الخير محم ً‬
‫عبييد اللييه بيين ماجيية‪ :‬حييدثنا أبييو القاسييم بيين أبييي ضييمرة‬
‫نصربن محمد بن سليمان الحمصي‪ ,‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا عبييد‬
‫الله بن أبي قيس النضري‪ ,‬حدثنا عبد الله بن عميير رضييي‬
‫الله عنهما قال‪ :‬رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطييوف‬
‫بالكعبة ويقييول‪» :‬مييا أطيبييك وأطيييب ريحييك مييا أعظمييك‬
‫وأعظم حرمتك‪ ,‬والذي نفس محمد بيييده لحرميية المييؤمن‬
‫أعظم عند الله تعالى حرمة منك‪ ,‬ماله ودمه وأن يظن بييه‬
‫إل خيرًا« تفرد به ابن ماجة ميين هييذا الييوجه‪ ,‬وقييال مالييك‬
‫عن أبي الزناد عن العرج عن أبي هريرة رضي اللييه عنييه‬
‫قيال‪ :‬قيال رسيول الليه صيلى الليه علييه وسيلم‪» :‬إيياكم‬
‫والظييين فيييإن الظييين أكيييذب الحيييديث‪ ,‬ول تجسسيييوا‬
‫ولتحسسيييوا ول تنافسيييوا ولتحاسيييدوا‪ ,‬ول تباغضيييوا ول‬
‫تدابروا‪ ,‬وكونوا عباد الله إخوان يًا« رواه البخيياري عيين عبييد‬
‫الله بن يوسف ومسلم عن يحيى بن يحيى وأبييو داود عيين‬
‫العتيييييييييييييبي عييييييييييييين ماليييييييييييييك بيييييييييييييه‪.‬‬
‫وقال سفيان بن عيينة عن الزهري عن أنس رضييي اللييه‬
‫عنه قال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬ل‬
‫تقاطعوا ول تدابروا ول تباغضوا ول تحاسدوا‪ ,‬وكونييوا عبيياد‬
‫الله إخوانًا‪ ,‬ول يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلثة أيام«‬
‫رواه مسييلم والترمييذي وصييححه ميين حييديث سييفيان بيين‬
‫عيينيية بييه‪ .‬وقييال الطييبراني‪ :‬حييدثنا محمييد بيين عبييد اللييه‬
‫القرمطي العدوي‪ ,‬حييدثنا بكيير بيين عبييد الوهيياب المييدني‪,‬‬
‫حدثنا إسماعيل بن قيس النصاري‪ ,‬حييدثني عبييد الرحميين‬
‫بن محمد بن أبي الرجال عيين أبيييه‪ ,‬عيين جييده حارثيية بيين‬

‫‪375‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫النعمان رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬ثلث لزمات لمتي‪ :‬الطيرة والحسد وسييوء‬
‫الظن« فقال الرجل‪ :‬وما يذهبهن يا رسول الله مميين هيين‬
‫فيه ؟ قال صلى الله عليه وسييلم‪» :‬إذا حسييدت فاسييتغفر‬
‫الله‪ ,‬وإذا ظننت فل تحقق‪ ,‬وإذا تطيرت فامض« وقال أبييو‬
‫داود‪ :‬حدثنا أبو بكر بن أبي شيييبة‪ ,‬حييدثنا أبييو معاوييية عيين‬
‫ي ابيين مسيعود‬ ‫ُ‬
‫العمش عن زيد رضي الليه عنييه قييال‪ :‬أت ِي َ‬
‫رضي الله عنييه برجييل فقيييل لييه‪ :‬هييذا فلن تقطيير لحيتييه‬
‫خمرًا‪ ,‬فقال عبد الله رضي الله‪ :‬قييد نهينييا عيين التجسييس‬
‫ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به‪ .‬سماه ابن أبي حاتم فييي‬
‫روايته الوليد بن عقبة بن أبي معيط‪ .‬وقييال المييام أحمييد‪:‬‬
‫حدثنا هاشم‪ ,‬حدثنا ليث عن إبراهيم بيين نشيييط الخييولني‬
‫عن كعب بن علقمة عن أبي الهيثم عن دخين كاتب عقبيية‬
‫قال‪ :‬قلت لعقبة‪ :‬إن لنييا جيرانيا ً يشييربون الخميير وأنييا داع‬
‫لهييم الشييرط فيأخييذونهم‪ .‬قييال‪ :‬ل تفعييل ولكيين عظهييم‬
‫وتهددهم‪ ,‬قال‪ :‬ففعل فلم ينتهوا‪ .‬قال‪ :‬فجاءه دخين فقال‪:‬‬
‫إني قد نهيتهم فلم ينتهوا وإني داع لهم الشرط فتأخذهم ‪,‬‬
‫فقال له عقبة‪ :‬ويحك ل تفعل ؟ فإني سمعت رسييول الليه‬
‫يقول‪» :‬من ستر عورة مؤمن فكأنما اسييتحيا مييوؤدة ميين‬
‫قبرهييا« ورواه أبييو داود والنسييائي ميين حييديث الليييث بيين‬
‫سعد به نحوه‪ ,‬وقال سفيان الثوري عن ثور عن راشد بيين‬
‫سعد عن معاوية رضي الله عنه قال‪ :‬سمعت رسيول الليه‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم يقييول‪» :‬إنييك إن اتبعييت عييورات‬
‫الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم« فقييال أبييو الييدرداء‬
‫رضي الله عنه كلمة سمعها معاوييية رضييي اللييه عنييه ميين‬
‫رسول(الله صلى الله عليه وسييلم نفعييه اللييه تعييالى بهييا‪,‬‬
‫ورواه أبيييو داود منفيييردا ً بيييه مييين حيييديث الثيييوري بيييه‪.‬‬
‫وقال أبو داود أيضًا‪ :‬حدثنا سييعيد بيين عمييرو الحضييرمي‪,‬‬
‫حدثنا إسماعيل بن عياش‪ ,‬حييدثنا ضمضييم بيين زرعيية عيين‬
‫شريح بن عبيد عن جبير بن نفير وكييثير بيين مييرة‪ ,‬وعمييرو‬
‫بن السود والمقدام بن معد يكرب وأبي أمامة رضي اللييه‬
‫عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬إن المير إذا‬

‫‪376‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ابتغييى الريبيية فييي النيياس أفسييدهم« }ول تجسسييوا{ أي‬
‫على بعضكم بعضا ً والتجسس غالبا ً يطلق في الشيير ومنييه‬
‫الجاسوس‪ .‬وأما التحسس فيكون غالبا ً في الخير كما قال‬
‫عييز وجييل إخبييارا ً عيين يعقييوب أنييه قييال }يييا بنييي اذهبييوا‬
‫فتحسسوا مين يوسيف وأخييه ول تيأسيوا مين روح الليه{‬
‫وقد يستعمل كل منهما في الشر كما ثبت في الصحيح أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسييلم قييال‪» :‬ل تجسسييوا ول‬
‫تحسسوا ول تباغضوا ول تدابروا‪ ,‬وكونوا عباد الله إخوان يًا«‬
‫وقال الوزاعي‪ :‬التجسس البحث عن الشيء‪ .‬والتحسييس‬
‫الستماع إلى حديث القوم وهم له كارهون أو يتسمع على‬
‫أبييوابهم‪ ,‬والتييدابر‪ :‬الصييرم‪ ,‬رواه ابيين أبييي حيياتم عنييه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ول يغتب بعضييكم بعض يًا{ فيييه نهييي عيين‬
‫الغيبة‪ ,‬وقد فسرها الشييارع كمييا جيياء فييي الحييديث الييذي‬
‫رواه أبو داود‪ :‬حدثنا القعنبي‪ ,‬حدثنا عبد العزيز بيين محمييد‬
‫عن العلء عن أبيه عن أبي هريرة قال‪ :‬قيل يا رسول الله‬
‫ما الغيبة ؟ قال صلى الله عليه وسلم‪» :‬ذكرك أخيياك بمييا‬
‫يكره« قيل‪ :‬أفرأيييت إن كييان فييي أخييي مييا أقييول ؟ قييال‬
‫صلى الله عليه وسلم إن كان فيييه مييا تقييول فقييد اغتبتييه‪,‬‬
‫وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتييه« ورواه الترمييذي عيين‬
‫قتيبة عن الدراوردي به وقييال‪ :‬حسيين صييحيح‪ .‬ورواه ابيين‬
‫جرير عن بندار عن غندر عن شعبة عن العلء‪ .‬وهكذا قال‬
‫ابن عمر رضي الله عنهما ومسروق وقتييادة وأبييو إسييحاق‬
‫ومعاوية بن قرة‪ .‬وقال أبو داود‪ :‬حدثنا مسدد‪ ,‬حدثنا يحيييى‬
‫عن سفيان‪ ,‬حدثني علي بن القمر عيين أبييي حذيفيية عيين‬
‫عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬قلت للنبي صلى اللييه عليييه‬
‫وسلم حسبك من صفية كذا وكذا‪ .‬قال غير مسييدد‪ :‬تعنييي‬
‫قصيرة‪ ,‬فقال صلى الله عليه وسلم‪» :‬لقد قلت كلميية لييو‬
‫مزجت بماء البحر لمزجته« قالت‪ :‬وحكيت له إنسانا ً فقال‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬ما أحييب أنييي حكيييت إنسييانا ً وإن‬
‫لي كذا وكذا« ورواه الترمييذي ميين حييديث يحيييى القطييان‬
‫وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع ثلثتهم عن سفيان الثييوري‪,‬‬
‫عن علي بيين القميير عيين أبييي حذيفيية سييلمة بيين صييهيب‬

‫‪377‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرحييبي عيين عائشيية رضييي اللييه عنهييا بييه وقييال‪ :‬حسيين‬
‫صيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييحيح‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثني ابيين أبييي الشييوارب‪ ,‬حييدثنا عبييد‬
‫الواحد بن زياد‪ ,‬حدثنا سليمان الشيباني‪ ,‬حدثنا حسيان بين‬
‫المخارق أن امرأة دخلت علييى عائشيية رضييي اللييه عنهييا‪,‬‬
‫فلما قامت لتخرج أشارت عائشة رضييي اللييه عنهييا بيييدها‬
‫إلى النبي صييلى اللييه عليييه وسيلم أي إنهييا قصيييرة فقييال‬
‫النبي صيلى الليه علييه وسيلم »اغتبتهييا« والغيبيية محرمية‬
‫بالجماع‪ ,‬ول يستثنى من ذلك إل من رجحت مصلحته‪ ,‬كما‬
‫فييي الجييرح والتعييديل والنصيييحة كقييوله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪ ,‬لما استأذن عليه ذلك الرجييل الفيياجر‪» :‬ائذنييوا لييه‬
‫بئس أخييو العشيييرة!« وكقييوله صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫لفاطمة بنت قيس رضي اللييه عنهييا‪ ,‬وقييد خطبهييا معاوييية‬
‫وأبو الجهم‪» :‬أما معاوية فصعلوك‪ ,‬وأما أبو الجهم فل يضع‬
‫عصاه عن عاتقه« وكذا ما جييرى مجييرى ذلييك‪ ,‬ثييم بقيتهييا‬
‫على الترحيم الشديد‪ ,‬وقد ورد فيهييا الزجيير الكيييد‪ ,‬ولهييذا‬
‫شبهها تبارك وتعالى بأكل اللحم من النسييان الميييت كمييا‬
‫قال عز وجييل‪} :‬أيحييب أحييدكم أن يأكييل لحييم أخيييه ميتيا ً‬
‫فكرهتمييوه{ أي كمييا تكرهييون هييذا طبعييا ً فيياكرهوه ذاك‬
‫شرعًا‪ ,‬فإن عقوبته أشد من هذا‪ ,‬وهييذا ميين التنفييير عنهييا‬
‫والتحذير منها كما قال صلى الله عليييه وسييلم فييي العييائد‬
‫في هبته‪» :‬كالكلب يقيء ثم يرجييع فييي قيئه« وقييد قييال‪:‬‬
‫»ليييس لنييا مثييل السييوء« وثبييت فييي الصييحاح والحسييان‬
‫والمسانيد من غير وجه أنه صلى الله عليه وسلم قال في‬
‫خطبة الوداع‪» :‬إن دميياءكم وأمييوالكم وأعراضييكم عليكييم‬
‫حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا«‪.‬‬
‫وقييال أبييو داود‪ :‬حييدثنا واصييل بيين عبييد العلييى ‪ ,‬حييدثنا‬
‫أسباط بن محمد عن هشام بن سييعد عيين زيييد بيين أسييلم‬
‫عن أبي صالح عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬كل المسلم علييى المسييلم حييرام ميياله‬
‫وعرضه ودمه‪ ,‬حسييب امرىييء ميين الشيير أن يحقيير أخيياه‬
‫المسلم« ورواه الترمذي عن عبيد بيين أسييباط بيين محمييد‬

‫‪378‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن أبيه به وقال‪ :‬حسيين غريييب‪ .‬وحييدثنا عثمييان بيين أبييي‬
‫شيبة‪ :‬حدثنا السود بن عامر‪ ,‬حدثنا أبو بكر بن عياش عن‬
‫العمش عن سعيد بن عبد الله بن جريييج عيين أبييي بييرزة‬
‫السلمي قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسييلم »يييا‬
‫معشر من آمن بلسييانه ولييم يييدخل اليمييان فييي قلبييه‪ ,‬ل‬
‫تغتييابوا المسييلمين ول تتبعييوا عييوراتهم‪ ,‬فييإنه ميين يتبييع‬
‫عوراتهم يتبع الله عورته‪ ,‬ومن يتبع الله عورته يفضحه في‬
‫بيته« تفيرد بيه أبيو داود وقييد روي ميين حييديث اليبراء بين‬
‫عازب‪ .‬فقال الحافظ أبو يعلى في مسنده‪ :‬حدثنا إبراهيييم‬
‫بن دينار‪ ,‬حدثنا مصييعب بيين سييلم عيين حمييزة بيين حييبيب‬
‫الزيات‪ ,‬عن أبي إسحاق السييبيعي عيين الييبراء بيين عييازب‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬خطبنا رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسييلم حييتى أسييمع العواتييق فييي بيوتهييا يي أو قييال يي فييي‬
‫خييدورها‪ ,‬فقييال‪ :‬يييا معشيير ميين آميين بلسييانه‪ ,‬ل تغتييابوا‬
‫المسلمين ول تتبعوا عوراتهم‪ ,‬فييإنه ميين يتبييع عييورة أخيييه‬
‫يتبع الله عورته‪ ,‬ومن يتبع الله عييورته يفضييحه فييي جييوف‬
‫بيتيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه«‪.‬‬
‫)طريق أخرى( عيين ابيين عميير‪ .‬قيال أبييو بكيير أحميد بيين‬
‫إبراهيم السماعيلي‪ :‬حدثنا عبد الله بن ناجية‪ ,‬حدثنا يحييى‬
‫بن أكثم‪ ,‬حدثنا الفضل بن موسى الشيييباني عيين الحسييين‬
‫بن واقد عن أوفى بن دلهييم عيين نييافع عيين ابيين عميير أن‬
‫رسول الله صلى الله عليييه وسييلم قييال‪» :‬يييا معشيير ميين‬
‫آميين بلسييانه ولييم يفييض اليمييان إلييى قلبييه‪ ,‬ل تغتييابوا‬
‫المسييلمين ول تتبعييوا عييوراتهم‪ ,‬فييإنه ميين يتبييع عييورات‬
‫المسلمين يتبع الله عورته‪ ,‬ومن يتبع اللييه عييورته يفضييحه‬
‫ولو فييي جييوف رحلييه« قييال‪ :‬ونظيير ابيين عميير يوميا ً إلييى‬
‫الكعبة فقال‪ :‬ما أعظمك وأعظم حرمتك وللمؤمن أعظييم‬
‫حرمة عند الله منك‪ .‬قال أبو داود‪ :‬حدثنا حيوة بن شييريح‪,‬‬
‫حدثنا قتيبيية عيين ابيين ثوبييان عيين أبيييه عيين محكييول‪ ,‬عيين‬
‫وقاص بن ربيعة عن المستورد أنييه حييدثه أن النييبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪» :‬من أكييل برجييل مسييلم أكليية فييإن‬
‫الله يطعمه مثلها في جهنم‪ ,‬ومن كسا ثوب يا ً برجييل مسييلم‬

‫‪379‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فإن الله يكسوه مثله في جهنييم‪ ,‬وميين قييام برجييل مقييام‬
‫سمعة ورياء فإن الله تعالى يقوم بييه مقييام سييمعة ورييياء‬
‫يوم القيامة« تفرد به أبو داود‪ .‬وحيدثنا ابين مصيفى حيدثنا‬
‫بقية وأبو المغيرة‪ ,‬حدثنا صفوان‪ ,‬حييدثني راشييد بيين سييعد‬
‫وعبد الرحميين بيين جييبير عيين أنييس بيين مالييك قييال‪ :‬قييال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬لما عييرج بييي مييررت‬
‫بقوم لهم أظفار من نحاس يخشمون وجوههم وصدورهم‪,‬‬
‫قلت‪ :‬مين هيؤلء ييا جبرييل ؟ قيال‪ :‬هيؤلء اليذين ييأكلون‬
‫لحوم النيياس ويقعييون فييي أعراضييهم« تفييرد بييه أبييو داود‬
‫وهكذا رواه المام أحمد عن أبي المغيرة عبد القدوس بن‬
‫الحجيييييييييييييييييياج الشييييييييييييييييييامي بييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبييي‪ ,‬حييدثنا أحمييد بيين عبييدة‪,‬‬
‫أخبرنا أبو عبد الصمد عبد العزيز بن عبييد الصييمد العمييي‪,‬‬
‫أخبرنا أبو هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال‪ :‬قلنييا‬
‫يا رسول الله حدثنا ما رأيت ليليية أسييري بييك ؟ قييال‪ :‬ثييم‬
‫انطلق بي إلى خلييق ميين خلييق اللييه كييثير‪ ,‬رجييال ونسيياء‬
‫موكييل بهييم رجييال يعمييدون إلييى عييرض جنييب أحييدهم‪,‬‬
‫فيجييذون منييه الجييذة مثييل النعييل ثييم يضييعونها فييي فييي‬
‫أحدهم‪ .‬فيقال له كل كما أكلت وهو يجد من أكلييه المييوت‬
‫يا محمد لو يجد الموت وهو يكره عليه‪ ,‬فقلت‪ :‬يا جبرائيييل‬
‫ميين هييؤلء ؟ قييال‪ :‬هييؤلء الهمييازون واللمييازون أصييحاب‬
‫النميمة‪ ,‬فيقييال‪ :‬أيحييب أحييدكم أن يأكييل لحييم أخيييه ميتيا ً‬
‫فكرهتمييوه وهييو يكييره علييى أكييل لحمييه‪ ,‬هكييذا أورد هييذا‬
‫الحديث وقد سقناه بطوله في أول تفسير سورة سييبحان‬
‫ولله الحمد والمنة‪ ,‬وقال أبو داود الطيالسي في مسيينده‪:‬‬
‫حدثنا الربيع عن يزيد عن أنس أن رسول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم أميير النيياس أن يصييوموايوما ً ول يفطييرن أحييد‬
‫حتى آذن له‪ ,‬فصام الناس‪ ,‬فلما أمسوا جعل الرجل يجيء‬
‫إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقييول ظلليت منييذ‬
‫اليوم صائما ً فيائذن ليي فيأفطر فيأذن ليه ويجييء الرجيل‬
‫فيقول ذلك‪ ,‬فيأذن له حتى جاء رجل فقال‪ :‬يا رسول اللييه‬
‫إن امرأتين من أهلك ظلتا منذ اليوم صائمتين‪ ,‬فائذن لهما‬

‫‪380‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فليفطرا‪ ,‬فأعرض عنه ثم أعاد‪ ,‬فقييال رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬ما صامتا‪ ,‬وكيييف صييام ميين ظييل يأكييل‬
‫من لحوم النيياس ؟ اذهييب فمرهمييا إن كانتييا صييائمتين أن‬
‫يستقيئا« ففعلتا‪ ,‬فقيياءت كييل واحييدة منهمييا علقيية‪ ,‬فييأتى‬
‫النبي صلى الله عليييه وسييلم فييأخبره‪ ,‬فقييال رسييول اللييه‬
‫صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬لييو ماتتييا وهمييا فيهمييا لكلتهمييا‬
‫النييار« إسييناد ضييعيف ومتيين غريييب‪ .‬وقييد رواه الحييافظ‬
‫الييييييبيهقي ميييييين حييييييديث يزيييييييد بيييييين هييييييارون‪.‬‬
‫حييدثنا سييليمان الييتيمي قييال‪ :‬سييمعت رجل ً يحييدث فييي‬
‫مجلس أبي عثمان النهييدي عيين عبيييد مييولى رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم أن امرأتين صامتا على عهد رسييول‬
‫الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪ ,‬وأن رجل ً أتييى رسييول اللييه‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم فقييال‪ :‬يييا رسييول اللييه إن ههنييا‬
‫امرأتين صامتا وإنهما كادتا تموتان من العطش‪ ,‬أراه قييال‬
‫بالهاجرة‪ ,‬فأعرض عنه أوسكت عنييه‪ ,‬فقييال‪ :‬يييا نييبي اللييه‬
‫إنهماوالله قد ماتتا أو كادتا تموتان‪ ,‬فقال‪ :‬ادعهما‪ .‬فجاءتييا‬
‫قال‪ :‬فجيء بقدح أو عس‪ ,‬فقييال لحييداهما قيئي‪ .‬فقيياءت‬
‫من قيح ودم وصييديد حييتى قيياءت نصييف القييدح‪ ,‬ثييم قييال‬
‫للخرى ‪ :‬قيئي‪ ,‬فقياءت قيحيا ً ودميا ً وصيديدا ً ولحميا ً ودميا ً‬
‫عبيطا ً وغيره حتى ملت القدح‪ ,‬ثم قال‪» :‬إن هاتين صامتا‬
‫عما أحييل اللييه تعييالى لهمييا وأفطرتييا علييى مييا حييرم اللييه‬
‫عليهما‪ ,‬جلست إحداهما إلى الخرى فجعلتا تييأكلن لحييوم‬
‫الناس«‪ .‬وهكذا رواه المام أحمد عن يزيد بن هارون وابن‬
‫أبي عدي‪ ,‬كلهما عن سليمان بن طرخان التيمي به مثلييه‬
‫أو نحييوه‪ ,‬ثييم رواه أيضييا ً ميين حييديث مسييدد عيين يحيييى‬
‫القطان عن عثمان بن غياث‪ .‬حدثني رجل أظنه في حلقيية‬
‫أبي عثمان عن سعد مولى رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪ ,‬أنهم أمروا بصيييام‪ ,‬فجيياء رجييل فييي نصييف النهييار‬
‫فقال‪ :‬يا رسول الله فلنة وفلنة قد بلغتييا الجهييد فييأعرض‬
‫عنه مرتين أو ثلثا ً ثم قال »ادعهما« فجيياء بعييس أو قييدح‬
‫فقال لحداهما‪ :‬قيئي‪ .‬فقيياءت لحم يا ً ودم يا ً عبيط يا ً وقيح يًا‪,‬‬
‫وقال للخرى مثل ذلك ثم قال‪ :‬إن هاتين صامتا عما أحييل‬

‫‪381‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله لهما وأفطرتا على ما حرم الله عليهما‪ .‬أتت إحييداهما‬
‫للخييرى فلييم تييزال تييأكلن لحييوم النيياس حييتى امتلت‬
‫أجوافهما قيحًا‪ .‬قال البيهقي‪ :‬كييذا قييال عيين سييعد‪ ,‬والول‬
‫وهييييييييييييييييييييو عبيييييييييييييييييييييد أصييييييييييييييييييييح‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبيو يعليى‪ :‬حيدثنا عميرو بين الضيحاك بين‬
‫مخلد‪ ,‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا أبي أبو عاصم‪ ,‬حييدثنا ابيين جريييج‪,‬‬
‫ن ميياعزا ً جيياء‬
‫م لبي هريييرة أ ّ‬ ‫أخبرني أبو الزبير عن ابن ع ّ‬
‫إلى رسول الله صلى الله عليييه وسييلم فقييال‪ :‬يييا رسييول‬
‫الله إني قد زنيت‪ ,‬فأعرض عنه حتى قالها أربعًا‪ ,‬فلما كان‬
‫في الخامسة قال‪ :‬وتدري ما الزنا ؟ قال‪ :‬نعم أتيييت منهييا‬
‫ل‪ .‬قال‪ :‬مييا تريييد إلييى‬ ‫حراما ً ما يأتي الرجل من امرأته حل ً‬
‫قول هذا ؟ قال‪ :‬أريد أن تطهرني‪ .‬قال‪ :‬فقال رسول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬أدخلت ذلك منك في ذلك منها كما‬
‫يغيب الميل في المكحلة والرشا في البئر ؟ قيال‪ :‬نعيم يييا‬
‫رسول الله قال‪ :‬فأمر برجمه‪ ,‬فرجم‪ ,‬فسمع النييبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم رجلين يقول أحدهما لصاحبه‪ :‬ألم تر إلييى‬
‫هذا الذي ستر الله عليه‪ ,‬فلم تدعه نفسه حتى رجم رجييم‬
‫الكلب ؟ ثم سار النبي صييلى اللييه عليييه وسييلم حييتى ميير‬
‫بجيفة حمار فقال‪» :‬أين فلن وفلن ؟ انزل فكل من جيفة‬
‫هذا الحمار« قال‪ :‬غفر الله لك يا رسول اللييه وهييل يؤكييل‬
‫هذا ؟ قال صلى الله عليه وسلم‪» :‬فما نلتمييا ميين أخيكمييا‬
‫لن لفييي أنهييار‬ ‫آنفا ً أشد أكل ً منه‪ ,‬والذي نفسي بيييده إنييه ا َ‬
‫الجنييييييية ينغميييييييس فيهيييييييا« إسيييييييناد صيييييييحيح‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبدالصمد‪ ,‬حييدثني أبييي‪ .‬حييدثنا‬
‫واصل مييولى ابيين عيينيية‪ ,‬حييدثني خالييد بيين عرفطيية عيين‬
‫طلحة بن نافع عن جابر بن عبد الله رضي الله عنييه قييال‪:‬‬
‫كنا مع النبي صلى الله عليييه وسييلم فييارتفعت ريييح جيفيية‬
‫منتنة‪ .‬فقال رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬أتييدرون‬
‫مييا هييذه الريييح ؟ هييذه ريييح الييذين يغتييابون النيياس«‪.‬‬
‫)طريق أخرى( قال عبييد بيين حميييد فييي مسيينده‪ :‬حييدثنا‬
‫إبراهيم بن الشعث‪ ,‬حدثنا الفضيل بن عياض عن سليمان‬
‫عن أبي سفيان وهو طلحة بن نافع عن جابر بن عبييد اللييه‬

‫‪382‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رضي الله عنهما قال‪ :‬كنا مع النبي صلى الله عليه وسييلم‬
‫في سفر فهاجت ريح منتنة‪ ,‬فقال النيبي صيلى الليه عليييه‬
‫وسيييلم‪» :‬إن نفيييرا ً مييين المنيييافقين اغتيييابوا ناسيييا ً مييين‬
‫المسلمين فلذلك بعثت هذه الريييح« وربمييا قييال »فلييذلك‬
‫هاجت هذه الريح« وقال السدي في قوله تعالى‪} :‬أيحييب‬
‫أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا{ زعم أن سلمان الفارسيي‬
‫رضي الله عنه كان مع رجلييين ميين أصييحاب النييبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم في سفر يخدمهما ويخف لهما وينييال ميين‬
‫طعامهما‪ ,‬وأن سلمان رضي الله عنه لما سار الناس ذات‬
‫يوم‪ ,‬وبقي سلمان رضي الله عنييه نائم يا ً لييم يسيير معهييم‪,‬‬
‫فجعل صاحباه يكلمانه فلم يجداه‪ ,‬فضربا الخباء فقال‪ :‬مييا‬
‫يريد سيلمان أو هيذا العبيد شيييئا ً غييير هييذا أن يجييء إلييى‬
‫طعام مقدور وخباء مضييروب‪ ,‬فلمييا جيياء سييلمان أرسييله‬
‫إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلييب لهمييا إدام يًا‪,‬‬
‫فانطلق فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه قدح‬
‫له فقال‪ :‬يا رسول الله بعثنييي أصييحابي لتييؤدمهم إن كييان‬
‫عندك‪ .‬قال صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬مييا يصيينع أصييحابك‬
‫بييالدم ؟ قييد ائتييدموا« فرجييع سييلمان رضييي اللييه عنييه‬
‫يخبرهما بقول رسول الله صلى الله عليه وسييلم فانطلقييا‬
‫حتى أتيا رسول الله فقال‪ :‬والييذي بعثييك بييالحق مييا أصييبنا‬
‫طعاما ً منذ نزلنا‪ .‬قال رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»إنكما قد ائتدمتما بسلمان بقولكما« قال‪ :‬ونزلت }أيحب‬
‫أحيييدكم أن يأكيييل لحيييم أخييييه ميتيييًا{ أنيييه كيييان نائميييًا‪.‬‬
‫وروى الحافظ الضياء المقدسي فييي كتييابه المختييار ميين‬
‫طريق حّبان بن هلل عن حماد بن سلمة عيين ثييابت‪ ,‬عيين‬
‫أنس بن مالك رضي الله عنيه‪ ,‬قيال‪ :‬كيانت العيرب تخيدم‬
‫بعضها بعضا ً في السفار‪ ,‬وكان مع أبي بكيير وعميير رضييي‬
‫الله عنهما‪ ,‬رجل يخدمهما فناما فاستيقظا ولم يهيء لهمييا‬
‫طعاما ً فقال‪ :‬إن هذا لنؤوم فأيقظاه‪ ,‬فقال له‪ :‬ائت رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم فقل له إن أبا بكر وعمر رضييي‬
‫الله عنهما يقرئانك السلم ويسييتأدمانك فقييال صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬إنهما قد ائتدما« فجاءا فقال يا رسييول اللييه‬

‫‪383‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بأي شيء ائتدمنا ؟ فقال صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬بلحييم‬
‫أخيكما‪ ,‬والذي نفسي بيده إني لرى لحمييه بييين ثناياكمييا«‬
‫فقال رضي الله عنهما‪ :‬استغفر لنا يييا رسييول اللييه‪ ,‬فقييال‬
‫ميَراهُ فليسييتغفر لكمييا« وقييال‬ ‫صييلى اللييه عليييه وسييلم » ُ‬
‫الحافظ أبو يعلى‪ :‬حدثنا الحكم بن موسى‪ ,‬حدثنا محمد بن‬
‫مسلم عن محمد بن إسحاق‪ ,‬عن عمه موسييى بيين يسييار‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬من أكل من لحم أخيه في الييدنيا قييرب‬
‫لخرة فيقال له كله ميتا ً كما أكلته حيا ً‬ ‫الله إليه لحمه في ا َ‬
‫يييي قيييال يييي فييييأكله ويكليييح ويصييييح« غرييييب جيييدًا‪.‬‬
‫وقوله عز وجل‪} :‬واتقوا الله{ أي فيما أمركم به ونهاكم‬
‫عنه فراقبوه في ذلك واخشوا منه }إن الله تواب رحيييم{‬
‫أي تواب على من تاب إليه رحيم لميين رجييع إليييه واعتمييد‬
‫عليه‪ .‬قال الجمهور مين العلميياء‪ :‬طريييق المغتيياب للنيياس‬
‫في توبته أن يقلع عن ذلك ويعزم علييى أن ل يعييود‪ ,‬وهييل‬
‫يشترط الندم على ما فييات ؟ فيييه نييزاع‪ ,‬وأن يتحلييل ميين‬
‫الذي اغتابه‪ .‬وقال آخييرون‪ :‬ل يشييترط أن يتحللييه فييإنه إذا‬
‫أعلمه بذلك ربما تأذى أشد مما إذا لم يعلم بمييا كييان منييه‬
‫فطريقه إذا ً أن يثني عليه بما فيه في المجالس التي كييان‬
‫يذمه فيها‪ ,‬وأن يرد عنه الغيبة بحسبه وطاقته‪ ,‬لتكون تلييك‬
‫بتلك كما قال المام أحمد‪ ,‬حدثنا أحمد بن الحجيياج‪ ,‬حييدثنا‬
‫عبد الله‪ ,‬أخبرنا يحيى بن أيوب عن عبد الليه بيين سيليمان‬
‫أن إسماعيل بن يحيى المعافري أخبره أن سهل بن معيياذ‬
‫بن أنس الجهني أخبره عن أبيه رضي الله عنه عيين النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬من حمى مؤمنيا ً ميين منييافق‬
‫يغتابه‪ ,‬بعث الله تعالى إليه ملكا ً يحمي لحمه ييوم القيامية‬
‫من نار جهنم‪ ,‬ومن رمى مؤمنيا ً بشيييء يريييد سييبه حبسييه‬
‫الله تعالى على جسر جهنم حييتى يخييرج ممييا قييال« وكييذا‬
‫رواه أبو داود من حييديث عبيد الليه وهييو ابين المبييارك بيه‬
‫بنحوه‪ .‬وقييال أبييو داود أيضيًا‪ :‬حييدثنا إسييحاق بيين الصييباح‪,‬‬
‫حدثنا ابن أبي مريم‪ ,‬أخبرنا الليث‪ ,‬حدثني يحيى بن سييليم‬
‫أنه سمع إسماعيل بن بشير يقول‪ :‬سمعت جييابر بيين عبييد‬

‫‪384‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫اللييه وأبييا طلحيية بيين سييهل النصيياري رضييي اللييه عنهمييا‬
‫يقولن قال رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬مييا ميين‬
‫امرىء يخذل امراءا ً مسلما ً في موضع تنتهييك فيييه حرمتييه‬
‫وينتقص فيه من عرضه‪ ,‬إل خذله الله تعييالى فييي مييواطن‬
‫يحب فيها نصرته‪ ,‬وما من امرىء ينصر امرءا ً مسييلما ً فييي‬
‫موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهييك فيييه ميين حرمتييه إل‬
‫نصره عز وجل في مواطن يحب فيها نصرته« تفرد به أبو‬
‫داود‪.‬‬

‫شُعوبا ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫م ُ‬ ‫جعَل َْناك ُ ْ‬
‫ى وَ َ‬ ‫من ذ َك َرٍ وَأ َن ْث َ َ‬‫كم ّ‬ ‫خل َْقَنا ُ‬
‫س إ ِّنا َ‬
‫** ي َأي َّها الّنا ُ‬
‫ل ل ِتعارفُوا ْ إ َ‬
‫م‬ ‫ن الل ّي َ‬
‫ه عَِلي ي ٌ‬ ‫م إِ ّ‬‫عند َ الل ّهِ أت َْقاك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫مك ُ ْ‬
‫ن أك َْر َ‬‫وَقََبآئ ِ َ َ َ َ َ ِ ّ‬
‫خ ِبيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييٌر‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً للناس أنه خلقهم ميين نفييس واحييدة‬
‫وجعل منها زوجها‪ ,‬وهما آدم وحواء‪ ,‬وجعلهم شييعوبا ً وهييي‬
‫أعييم ميين القبييائل‪ ,‬وبعييد القبييائل مراتييب أخيير كالفصييائل‬
‫والعشييائر والعمييائر والفخيياذ وغييير ذلييك‪ ,‬وقيييل‪ :‬المييراد‬
‫بالشعوب بطون العجم‪ ,‬وبالقبائل بطييون العييرب‪ ,‬كمييا أن‬
‫السباط بطون بني إسرائيل‪ ,‬وقد لخصت هذه في مقدمة‬
‫مفردة جمعتها من كتاب النباه لبييي عميير بيين عبييد الييبر‪,‬‬
‫وميين كتيياب )القصييد والمييم فييي معرفيية أنسيياب العييرب‬
‫والعجم( فجميع الناس في الشرف بالنسييبة الطينييية إلييى‬
‫آدم وحواء عليهما السلم سواء‪ ,‬وإنمييا يتفاضييلون بييالمور‬
‫الدينية وهي طاعة الله تعالى ومتابعيية رسييوله صيلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪ ,‬ولهذا قال تعالى بعد النهي عن الغيبة واحتقار‬
‫بعض الناس بعضًا‪ ,‬منبها ً على تسياويهم فيي البشيرية }ييا‬
‫أيها الناس إنا خلقناكم ميين ذكيير وأنييثى وجعلنيياكم شييعوبا ً‬
‫وقبائل لتعارفوا{ أي ليحصل التعارف بينهم كل يرجع إلييى‬
‫قبيلته‪ ,‬وقال مجاهد في قييوله عييز وجيل }لتعيارفوا{ كمييا‬
‫يقال فلن بن فلن من كذا وكذا أي قبيلة كذا وكذا‪ ,‬وقييال‬
‫سفيان الثوري‪ :‬كانت حمير ينتسبون إلى مخاليفها‪ ,‬وكانت‬
‫عرب الحجاز ينتسبون إلى قبائلهييا‪ ,‬وقييد قييال أبييو عيسييى‬

‫‪385‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الترمييذي‪ :‬حييدثنا أحمييد بيين محمييد‪ ,‬حييدثنا عبييد اللييه بيين‬
‫المبارك عن عبد الملك بن عيسى الثقفي‪ ,‬عن يزيد مولى‬
‫المنبعث عن أبي هريرة رضي الله عنييه عيين النييبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪» :‬تعلموا من أنسابكم ما تصييلون بييه‬
‫أرحامكم‪ ,‬فإن صييلة الرحييم محبيية فييي الهييل مييثراة فييي‬
‫المال منسأة في الثر« ثم قال غريب ل نعرفه إل من هذا‬
‫الييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييوجه‪.‬‬
‫وقوله تعييالى‪} :‬إن أكرمكييم عنييد الليه أتقيياكم{ أي إنمييا‬
‫تتفاضييلون عنييد اللييه تعييالى بييالتقوى ل بالحسيياب‪ ,‬وقييد‬
‫وردت الحاديث بييذلك عيين رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪ .‬قال البخاري‪ :‬حدثنا محمد بيين سييلم‪ ,‬حييدثنا عبييدة‬
‫عن عبيد الله عن سعيد بن أبي سعيد رضي الله عنه عيين‬
‫أبي هريرة قال‪ :‬سئل رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫أي الناس أكرم ؟ قال‪» :‬أكرمهم عند الله أتقياهم« قييالوا‪:‬‬
‫ليس عن هذا نسألك‪ .‬قييال‪» :‬فييأكرم النيياس يوسييف نييبي‬
‫الله‪ ,‬ابن نبي الله‪ ,‬ابن نييبي اللييه ابيين خليييل اللييه« قييالوا‪:‬‬
‫ليييس عيين هييذا نسييألك‪ .‬قييال‪» :‬فعيين معييادن العييرب‬
‫تسألوني« ؟ قييالوا‪ :‬نعييم‪ .‬قييال‪» :‬فخييياركم فييي الجاهلييية‬
‫خياركم في السلم إذا فقهوا« وقد رواه البخاري في غير‬
‫موضع من طرق عين عبيدة بين سيليمان‪ ,‬ورواه النسيائي‬
‫في التفسير من حديث عبيد الله وهييو ابيين عميير العمييري‬
‫بيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال مسلم رحمه الله‪ :‬حدثنا عمرو الناقييد‪,‬‬
‫حدثنا كثير بن هشام‪ ,‬حدثنا جعفر بن برقان عيين يزيييد بيين‬
‫الصم عن أبي هريرة رضي اللييه عنييه قييال‪ :‬قييال رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إن الله ل ينظر إلى صييوركم‬
‫وأموالكم ولكن ينظر إلى قلييوبكم وأعمييالكم« ورواه ابيين‬
‫ميياجه عيين أحمييد بيين سيينان عيين كييثير بيين هشييام بييه‪.‬‬
‫)حديث آخر( وقال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا وكيييع عيين أبييي‬
‫هلل عن بكر عن أبي ذر رضي اللييه عنييه قييال‪ :‬إن النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال لييه‪» :‬انظيير فإنييك لسييت بخييير‬

‫‪386‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من أحمر ول أسييود إل أن تفضييله بتقييوى اللييه« تفييرد بييه‬
‫أحميييييييييييييييييييد رحميييييييييييييييييييه لليييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫)حديث آخر( وقال الحافظ أبو القاسم الطييبراني‪ :‬حييدثنا‬
‫أبو عبيدة عبد الوارث بن إبراهيييم العسييكري‪ ,‬حييدثنا عبييد‬
‫الرحمن بن عمرو بن جبلة‪ ,‬حدثنا عبيد بن حنييين الطييائي‪,‬‬
‫سمعت محمد بن حبيب بن خييراش العصييري يحييدث عيين‬
‫أبيه رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم يقول‪» :‬المسلمون إخوة ل فضل لحد على أحييد إل‬
‫بييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييالتقوى«‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال أبو بكر البزار في مسنده‪ :‬حدثنا أحمييد‬
‫بن يحيى الكوفي‪ ,‬حدثنا الحسن بن الحسين‪ ,‬حييدثنا قيييس‬
‫يعني ابن الربيع عن شبيب بن غرقدة‪ ,‬عن المسييتظل بيين‬
‫حصين عن حذيفة رضي الله عنه قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه‬
‫صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬كلكييم بنييو آدم وآدم خلييق ميين‬
‫تراب‪ ,‬ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم أو ليكونن أهون على‬
‫الله تعالى من الجعلن«‪ .‬ثم قال ل نعرفييه عيين حذيفيية إل‬
‫ميييييييييييييييييييين هييييييييييييييييييييذا الييييييييييييييييييييوجه‪.‬‬
‫)حييديث آخيير( قييال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا الربيييع بيين‬
‫سليمان‪ ,‬حدثنا أسييد بيين موسييى‪ ,‬حييدثنا يحيييى بيين زكريييا‬
‫القطان‪ ,‬حدثنا موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن‬
‫ابن عمر رضي الله عنهما قال‪ :‬طيياف رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقته القصييواء يسييتلم‬
‫الركان بمحجن في يده‪ ,‬فما وجد لها مناخا ً فييي المسييجد‬
‫حتى نزل صلى الله عليه وسلم على أيدي الرجال‪ ,‬فخييرج‬
‫بها إلى بطن المسيل فيأنيخت‪ ,‬ثييم إن رسييول الليه صيلى‬
‫الله عليه وسلم خطبهييم علييى راحلتييه فحمييد اللييه تعييالى‬
‫وأثنى عليه بما هو له أهل ثم قال‪» :‬يا أيها الناس إن اللييه‬
‫تعييالى قيد أذهيب عنكيم عيبيية الجاهليية وتعظمهيا بآبائهيا‪,‬‬
‫فالناس رجلن‪ :‬رجل بر تقي كريم على الله تعالى‪ ,‬ورجل‬
‫فاجر شقي هين على الله تعالى‪ ,‬إن الله عز وجييل يقييول‪:‬‬
‫}يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا ً‬
‫وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن اللييه عليييم‬

‫‪387‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫خبير{ ي ثم قال صلى الله عليه وسلم ي أقييول قييولي هييذا‬
‫وأستغفر الله لي ولكم« هكذا رواه عبد بن حميد عن أبييي‬
‫عاصييم الضييحاك عيين مخلييد عيين موسييى بيين عبيييدة بييه‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا يحيى بيين إسييحاق‪,‬‬
‫حدثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عيين علييي بيين ربيياح‪,‬‬
‫عن عقبة بن عامر رضي الله عنهما قييال إن رسييول اللييه‬
‫صلى اللييه عليييه وسييلم قييال‪» :‬إن أنسييابكم هييذه ليسييت‬
‫بمسبة على أحد‪ ,‬كلكم بنيو آدم طيف الصياع ليم يمليؤوه‪,‬‬
‫ليس لحد على أحد فضل إل بدين وتقوى‪ ,‬وكفييى بالرجييل‬
‫أن يكييون بييذيا ً بخيل ً فاحش يًا«‪ .‬وقييد رواه ابيين جرييير عيين‬
‫يونس عن ابن وهب عيين ابيين لهيعيية بييه ولفظييه »النيياس‬
‫لدم وحواء طف الصاع لم يملؤوه‪ ,‬إن الله ل يسألكم عيين‬ ‫َ‬
‫أحسابكم ول عن أنسابكم يييوم القياميية‪ ,‬إن أكرمكييم عنييد‬
‫الله أتقاكم«‪ .‬وليس هو في شيء من الكتييب السييتة ميين‬
‫هيييييييييييييييييييييييييييييييييذا اليييييييييييييييييييييييييييييييييوجه‪.‬‬
‫)حديث آخيير( قييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا أحمييد بيين عبييد‬
‫الملك‪ ,‬حدثنا شريك عن سماك عن عبييد اللييه بيين عميييرة‬
‫زوج درة بنت أبي لهب‪ ,‬عن ذرة بنت أبي لهب رضي اللييه‬
‫عنها قالت‪ :‬قام رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو‬
‫على المنبر فقال‪ :‬يييا رسييول اللييه أي النيياس خييير ؟ قييال‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬خير الناس أقرأهييم وأتقيياهم للييه‬
‫عييز وجييل‪ ,‬وآمرهييم بييالمعروف وأنهيياهم عيين المنكيير‬
‫وأوصيييييييييييييييييييييييييييلهم للرحيييييييييييييييييييييييييييم«‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا حسيين‪ ,‬حييدثنا ابيين‬
‫لهيعة‪ ,‬حدثنا أبو السود عن القاسم بن محمد عن عائشيية‬
‫رضي الله عنها قالت‪ :‬ما أعجييب رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم شيء من الدنيا ول أعجبه أحد قط إل ذو تقى‪,‬‬
‫تفييييييييييييييييييييرد بييييييييييييييييييييه أحمييييييييييييييييييييد‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬إن الله عليم خبير{ أي عليييم بكييم خييبير‬
‫بأموركم‪ ,‬فيهدي من يشاء ويضل ميين يشيياء‪ ,‬ويرحييم ميين‬
‫يشاء ويعذب من يشاء‪ ,‬ويفضل من يشاء على من يشيياء‪,‬‬
‫وهو الحكيم العليم الخبير في ذلك كله‪ ,‬وقد اسييتدل بهييذه‬

‫‪388‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لحيياديث الشييريفة ميين ذهييب ميين‬ ‫لييية الكريميية وهييذه ا َ‬ ‫ا َ‬
‫العلماء إلى أن الكفاءة في النكاح ل تشييترط ول يشييترط‬
‫سوى الدين لقوله تعالى‪} :‬إن أكرمكم عند اللييه أتقيياكم{‬
‫لخرون إلى أدلية مييذكورة فييي كتييب الفقييه‪ ,‬وقييد‬ ‫وذهب ا َ‬
‫ذكرنا طرفيا ً ميين ذلييك فييي )كتيياب الحكييام( وللييه الحمييد‬
‫والمنة‪ ,‬وقد روى الطييبراني عيين عبييد الرحميين أنييه سييمع‬
‫رجل ً من بني هاشم يقول‪ :‬أنييا أولييى النيياس برسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم فقال غيره‪ :‬أنا أولييى بييه منييك ولييي‬
‫منيييييييييييييييييييييييييييييييييه نسيييييييييييييييييييييييييييييييييبة‪.‬‬

‫َ‬
‫مَنا‬ ‫س يل َ ْ‬ ‫كن ُقول ُيوَا ْ أ ْ‬ ‫مُنوا ْ وََلـ ِ‬ ‫م ت ُؤْ ِ‬ ‫مّنا ُقل ل ّ ْ‬ ‫بآ َ‬ ‫ت العَْرا ُ‬ ‫** َقال َ ِ‬
‫ه لَ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫طيُعوا ْ الل ّ َ‬ ‫م وَِإن ت ُ ِ‬ ‫ن ِفي قُُلوب ِك ُ ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫لي َ‬ ‫لا َِ‬ ‫خ ِ‬ ‫ما ي َد ْ ُ‬ ‫وَل َ ّ‬
‫مييا‬ ‫م * إ ِن ّ َ‬ ‫حي ي ٌ‬ ‫ه غَُفييوٌر ّر ِ‬ ‫ن الل ّي َ‬ ‫ش يْيئا ً إ ِ ّ‬ ‫م َ‬ ‫مييال ِك ُ ْ‬ ‫ن أعْ َ‬ ‫مي ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ي َل ِت ْك ُي ْ‬
‫دوا ْ‬ ‫جاهَ ُ‬ ‫م ي َْرَتاُبوا ْ وَ َ‬ ‫م لَ ْ‬ ‫سول ِهِ ث ُ ّ‬ ‫مُنوا ْ ِبالل ّهِ وََر ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ل الل ّهِ أ ُوَْلـئ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫صييادُِقو َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫سِبي ِ‬‫م ِفي َ‬ ‫سه ِ ْ‬ ‫م وَأنُف ِ‬ ‫وال ِهِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ب ِأ ْ‬
‫قُ ْ َ‬
‫مييا‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ما ِفي ال ّ‬ ‫م َ‬‫ه ي َعْل َ ُ‬ ‫م َوالل ّ ُ‬ ‫دين ِك ُ ْ‬ ‫ه بِ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ل أت ُعَل ّ ُ‬
‫ش ييٍء عَِلي يم * يمنييون عَل َي ي َ َ‬
‫ن‬‫كأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ّ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ل َ ْ‬ ‫ه ب ِك ُي ّ‬ ‫ض َوالل ّي ُ‬ ‫ِ‬ ‫فِييي الْر‬
‫كيي َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫مأ ْ‬ ‫ن عَل َي ْ ُ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ه يَ ُ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫م بَ ِ‬ ‫مك ُ ْ‬‫سل َ َ‬ ‫ي إِ ْ‬‫مّنوا ْ عَل َ ّ‬ ‫موا ْ ُقل ل ّ ت َ ُ‬ ‫سل َ ُ‬ ‫أ ْ‬
‫ب‬ ‫م غَي ْي َ‬ ‫ه ي َعْل َي ُ‬ ‫ن الل ّي َ‬ ‫ن * إِ ّ‬ ‫صييادِِقي َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ك ُن ْت ُي ْ‬ ‫ن إِ ُ‬ ‫مييا ِ‬‫لي َ‬ ‫م لِ ِ‬ ‫هَييداك ُ ْ‬
‫مل ُيييييو َ‬
‫ن‬ ‫ميييييا ت َعْ َ‬ ‫صييييييٌر ب ِ َ‬ ‫ه بَ ِ‬ ‫ض َوالل ّييييي ُ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سييييي َ‬ ‫ال ّ‬
‫يقول تعالى منكرا ً على العراب الذين أول ما دخلوا في‬
‫السلم ادعوا لنفسهم مقام اليمان ولييم يتمكيين اليمييان‬
‫في قلوبهم بعد‪} :‬قالت العراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكيين‬
‫قولوا أسلمنا ولما يدخل اليمان في قلوبكم{ وقد استفيد‬
‫لية الكريمة أن اليمان أخص ميين السييلم كمييا‬ ‫من هذه ا َ‬
‫هو مذهب أهل السنة والجماعة‪ ,‬ويدل عليه حديث جبريييل‬
‫عليييه الصييلة والسييلم حييين سييأل عيين السييلم ثييم عيين‬
‫اليمان ثم عن الحسان‪ ,‬فترقى من العم إلى الخص ثييم‬
‫للخص منه‪ .‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الييرزاق‪ ,‬أخبرنييا‬
‫معمر عن الزهري عن عامر بن سعد بن أبييي وقيياص عيين‬
‫أبيه رضي الله عنهما قال‪ :‬أعطى رسول اللييه صييلى اللييه‬

‫‪389‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليه وسلم رجال ً ولم يعط رجل ً منهييم شيييئًا‪ ,‬فقييال سييعد‬
‫رضي الله تعالى عنه‪ :‬يا رسول الله أعطيييت فلن يا ً وفلن يا ً‬
‫ولم تعط فلنا ً شيئًا‪ ,‬وهو مييؤمن‪ ,‬فقييال النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪ :‬أو مسلم ؟ حتى أعادها سعد رضي اللييه عنييه‬
‫ثلثا ً والنبي صلى الله عليه وسييلم يقييول‪ :‬أو مسييلم ؟ ثييم‬
‫قال النبي صلى الله عليه وسلم‪» :‬إني لعطي رجال ً وأدع‬
‫من هو أحب إلي منهم‪ ,‬فلم أعطه شيييئا ً مخافيية أن يكبييوا‬
‫فييي النييار علييى وجييوههم« أخرجيياه فييي الصييحيحين ميين‬
‫حديث الزهري به‪ ,‬فقد فرق النبي صلى الله عليييه وسييلم‬
‫بين المؤمن والمسلم‪ ,‬فييدل علييى أن اليمييان أخييص ميين‬
‫السلم‪ ,‬وقد قررنا ذلك بأدلته في أول شرح كتاب اليمان‬
‫من صحيح البخاري ولله الحمد والمنة‪ .‬ودل ذلك علييى أن‬
‫ذاك الرجل كان مسلما ً ليس منافقا ً لنه تركه من العطاء‪,‬‬
‫ووكله إلى ما هو فيه من السلم‪ ,‬فدل هذا على أن هؤلء‬
‫لية ليسييوا بمنييافقين وإنمييا‬ ‫العراب المذكورين في هذه ا َ‬
‫هم مسلمون لييم يسييتحكم اليمييان فييي قلييوبهم‪ ,‬فييادعوا‬
‫لنفسهم مقاما ً أعلييى ممييا وصييلوا إليييه فييأدبوا فييي ذليك‪,‬‬
‫وهذا معنى قول ابيين عبيياس رضييي اللييه عنهمييا وإبراهيييم‬
‫النخعييي وقتييادة واختيياره ابيين جرييير‪ .‬وإنمييا قلنييا هييذا لن‬
‫البخاري رحمييه اللييه ذهييب إلييى أن هييؤلء كييانوا منييافقين‬
‫يظهييييييييييرون اليمييييييييييان وليسييييييييييوا كييييييييييذلك‪.‬‬
‫وقد روي عن سعيد بن جبير ومجاهد وابن زيد أنهم قالوا‬
‫فييي قييوله تبييارك وتعييالى‪} :‬ولكيين قولييوا أسييلمنا{ أي‬
‫استسلمنا خوف القتل والسيبي‪ .‬قيال مجاهيد‪ :‬نزليت فيي‬
‫بني أسد بن خزيمة‪ .‬وقال قتييادة‪ :‬نزلييت فييي قييوم امتنييوا‬
‫بإيمانهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬والصحيح‬
‫الول أنهم قوم ادعوا لنفسهم مقام اليمان‪ ,‬ولييم يحصييل‬
‫لهم بعد فأدبوا وأعلموا أن ذلك لييم يصييلوا إليييه بعييد‪ ,‬ولييو‬
‫كانوا منافقين لعنفييوا وفضييحوا كمييا ذكيير المنييافقون فييي‬
‫سورة براءة‪ ,‬وإنما قيل لهؤلء تأديبًا‪} :‬قل لم تؤمنوا ولكن‬
‫قولييوا أسييلمنا ولمييا يييدخل اليمييان فييي قلييوبكم{ أي لييم‬
‫تصييلوا إلييى حقيقيية اليمييان بعييد‪ .‬ثييم قييال تعييالى‪} :‬وإن‬

‫‪390‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تطيعوا الله ورسييوله ل يلتكييم ميين أعمييالكم شيييئًا{ أي ل‬
‫ينقصكم من أجوركم شيئا ً كقوله عز وجييل‪} :‬ومييا ألتنيياهم‬
‫ميين عملهييم ميين شيييء{ وقييوله تعييالى‪} :‬إن اللييه غفييور‬
‫رحيييم{ أي لميين تيياب إليييه وأنيياب‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬إنمييا‬
‫المؤمنون{ أي إنما المؤمنون الكمييل }الييذين آمنييوا بييالله‬
‫ورسوله ثم لم يرتابوا{ أي لم يشكوا ول تزلزلوا بيل ثبتيوا‬
‫على حال واحدة هي التصديق المحض }وجاهدوا بأموالهم‬
‫وأنفسييهم فييي سييبيل اللييه{ أي وبييذلوا مهجهييم ونفييائس‬
‫أموالهم في طاعة الله ورضوانه }أولئك هييم الصييادقون{‬
‫أي في قولهم إذا قالوا إنهم مؤمنييون‪ ,‬ل كبعييض العييراب‬
‫اليييذين لييييس لهيييم مييين اليميييان إل الكلمييية الظييياهرة‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا يحيى بن غيلن‪ ,‬حدثنا رشييدين‪,‬‬
‫حدثنا عمرو بن الحارث عن أبي السييمح عيين أبييي الهيثييم‬
‫عن أبي سعيد رضي الله عنييه قييال‪ :‬إن النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم قال‪» :‬المؤمنون في الدنيا علييى ثلثيية أجييزاء‪:‬‬
‫الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهيدوا بيأموالهم‬
‫وأنفسهم في سبيل الله‪ ,‬والذي يأمنه الناس على أموالهم‬
‫وأنفسييهم‪ ,‬والييذي إذا أشييرف علييى طمييع تركييه للييه عييز‬
‫وجل« وقوله سبحانه وتعالى‪} :‬قل أتعلمون الله بييدينكم{‬
‫أي أتخييبرونه بمييا فييي ضييمائركم }واللييه يعلييم مييا فييي‬
‫السموات وما في الرض{ أي ل يخفييى عليييه مثقييال ذرة‬
‫فييي الرض ول فييي السيماء ول أصيغر مين ذليك ول أكيبر‬
‫}والله بكل شيء عليم{ ثم قال تعالى‪} :‬يمنون عليك أن‬
‫أسلموا قل ل تمنوا علي إسلمكم{ يعني العييراب الييذين‬
‫يمنون بإسلمهم ومتابعتهم ونصرتهم على الرسييول صييلى‬
‫الله عليه وسلم يقول الله تعالى ردا ً عليهم‪} :‬قل ل تمنييوا‬
‫علي إسلمكم{ فإن نفع ذلك إنما يعود عليكم وللييه المنيية‬
‫عليكم فيه }بييل اللييه يميين عليكييم أن هييداكم لليمييان إن‬
‫كنتم صادقين{ أي في دعواكم ذلك كما قال النييبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم للنصار يوم حنين‪» :‬يا معشر النصار ألييم‬
‫أجدكم ضلل ً فهداكم الليه بيي ؟ وكنتييم متفرقييين فيألفكم‬

‫‪391‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله بي ؟ وكنتم عالة فأغناكم الله بي ؟« كلما قييال شيييئا ً‬
‫قييييييييييييالوا‪ :‬اللييييييييييييه ورسييييييييييييوله أميييييييييييين‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبو بكيير الييبزار‪ :‬حييدثنا إبراهيييم بيين سييعيد‬
‫الجوهري‪ ,‬حدثنا يحيى بيين سييعيد المييوي عيين محمييد بيين‬
‫قيس عن أبي عون‪ ,‬عن سعيد بيين جييبير عيين ابيين عبيياس‬
‫رضي الله عنهما قال‪ :‬جيياءت بنييو أسييد إلييى رسييول اللييه‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم فقييالوا‪ :‬يييا رسييول اللييه أسييلمنا‬
‫وقاتلتك العرب ولم نقاتلك‪ .‬فقال رسول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪ :‬إن فقههييم قليييل وإن الشيييطان ينطييق علييى‬
‫لية }يمنون عليك أن أسلموا قل ل‬ ‫ألسنتهم‪ .‬ونزلت هذه ا َ‬
‫تمنوا علي إسلمكم بل الله يمن عليكم أن هداكم لليمان‬
‫إن كنتم صييادقين{ ثييم قييال‪ :‬ل نعلمييه يييروى إل ميين هييذا‬
‫الوجه‪ ,‬ول نعلم روى أبو عييون محمييد بيين عبيييد اللييه عيين‬
‫سعيد بن جبير غييير هييذا الحييديث ثييم كييرر الخبييار بعلمييه‬
‫بجميع الكائنييات وبصييره بأعمييال المخلوقييات فقييال‪} :‬إن‬
‫الله يعلم غيب السموات والرض والله بصير بما تعلمون{‬
‫آخيير تفسييير سييورة الحجييرات‪ ,‬وللييه الحمييد والمنيية وبييه‬
‫التوفيق والعصمة‪.‬‬

‫سورة ق‬
‫هذه السييورة هييي أول الحييزب المفصييل علييى الصييحيح‬
‫وقيل من الحجرات‪ .‬وأما ما يقوله العوام إنه من )عم( فل‬
‫أصييل لييه ولييم يقلييه أحييد ميين العلميياء رضييي اللييه عنهييم‬
‫المعتبرين فيما نعلم‪ .‬والدليل علييى أن هييذه السييورة هييي‬
‫أول المفصييل مييا رواه أبييو داود فييي سييننه بيياب تحزيييب‬
‫القرآن ثم قال‪ :‬حدثنا مسدد‪ ,‬حدثنا قران بن تمييام‪ ,‬حييدثنا‬
‫عبييد اللييه بيين سييعيد أبييو سييعيد الشييج‪ ,‬حييدثنا أبييو خالييد‪,‬‬
‫سييليمان بيين حي ّييان‪ ,‬وهييذا لفظييه عيين عبييد اللييه بيين عبييد‬
‫الرحمن بن يعلى عن عثمان بيين عبييد اللييه بيين أوس عيين‬
‫جده‪ ,‬قال عبد الله بن سعيد‪ :‬حدثنيه أوس بيين حذيفيية ثييم‬
‫اتفقا قال‪ :‬قدمنا على رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‬

‫‪392‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫في وفييد ثقيييف‪ ,‬قييال فنزلييت الحلف علييى المغيييرة بيين‬
‫شعبة رضي اللييه عنييه‪ ,‬وأنييزل الرسييول صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم بني مالك في قبة له‪ ,‬قال مسدد‪ :‬وكان فييي الوفييد‬
‫الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليييه وسييلم ميين‬
‫ثقيف‪ ,‬قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ليلة‬
‫يأتينا بعد العشاء يحدثنا‪ ,‬قال أبو سعيد‪ ,‬قائما ً علييى رجليييه‬
‫حتى يراوح بين رجليه من طول القيام‪ ,‬فأكثر ما يحدثنا به‬
‫صلى الله عليه وسلم ما لقي من قومه قريييش ثييم يقييول‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬ل سييواء وكنييا مستضييعفين‬
‫مستذلين ي قال مسدد بمكيية يي فلمييا خرجنييا إلييى المدينيية‬
‫كييانت الحييرب سييجال ً بيننييا وبينهييم نييدال عليهييم ويييدالون‬
‫علينا« فلما كانت ليلة أبطأ عنا صلى الله عليه وسلم عيين‬
‫الوقت الذي كان يأتينا فيه‪ ,‬فقلنا‪ :‬لقد أبطأت علينا الليليية‪,‬‬
‫قال صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬إنييه طييرأ علييي حزبييي ميين‬
‫القرآن فكرهت أن أجيء حتى أتمييه«‪ .‬قييال أوس‪ :‬سييألت‬
‫أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسييلم كيييف يحزبييون‬
‫القرآن ؟ فقالوا‪ :‬ثلث وخمس وسبع وتسع وإحدى عشرة‬
‫وثلث عشييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييرة‪.‬‬
‫وحزب المفصل وحده‪ ,‬ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بيين‬
‫أبي شيبة عن أبي خالد الحمر به‪ ,‬ورواه المام أحمد عيين‬
‫عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله بيين عبييد الرحميين هييو‬
‫ابن يعلييى الطييائفي بييه‪ .‬إذا عليم هييذا فييإذا عييددت ثمانييا ً‬
‫وأربعين سورة فالتي بعدهن سورة ق‪ .‬بيانه ثلث‪ :‬البقييرة‬
‫وآل عمران والنساء‪ .‬وخمس‪ :‬المائدة والنعييام والعييراف‬
‫والنفييال وبييراءة‪ .‬وسييبع‪ :‬يييونس وهييود ويوسييف والرعييد‬
‫وإبراهيم والحجر والنحل‪ .‬وتسع‪ :‬سبحان والكهييف ومريييم‬
‫وطه والنبياء والحج والمؤمنون والنور والفرقييان‪ .‬وإحييدى‬
‫عشييرة‪ :‬الشييعراء والنمييل والقصييص والعنكبييوت والييروم‬
‫ولقمان والم السجدة والحزاب وسبأ وفاطر ويس‪ .‬وثلث‬
‫عشرة‪ :‬الصافات وص والزمر وغافر وحييم السييجدة وحييم‬
‫عسييق والزخييرف والييدخان والجاثييية والحقيياق والقتييال‬
‫والفتح والحجرات‪ .‬ثم بعد ذلك الحزب المفصل كمييا قيياله‬

‫‪393‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الصحابة رضي الله عنهم‪ .‬فتعين أن أولييه سييورة ق‪ .‬وهييو‬
‫الذي قلنا ولله الحمد والمنة‪ .‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد‬
‫الرحمن بن مهدي‪ ,‬حدثنا مالك عن ضمرة بيين سييعيد عيين‬
‫عبيد الله بن عبد الله أن عمر بن الخطاب سييأل أبييا واقييد‬
‫الليثي‪ :‬ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فييي‬
‫العيد ؟ قال‪ :‬بقاف واقييتربت‪ ,‬ورواه مسيلم وأهييل السيينن‬
‫الربعة من حديث مالك به‪ .‬وفي رواية لمسييلم عيين فليييح‬
‫عن ضمرة عن عبيد الله عن أبي واقد قال‪ :‬سييألني عميير‬
‫رضييييييييييييي اللييييييييييييه عنييييييييييييه‪ ,‬فييييييييييييذكره‪.‬‬
‫)حديث آخر( وقال أحمد‪ :‬حدثنا يعقوب‪ ,‬حييدثنا أبييي عيين‬
‫ابن إسحاق‪ ,‬حدثني عبد الله بيين محمييد بيين أبييي بكيير بيين‬
‫عمرو بن حزم عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحميين بيين‬
‫سعد بن زرارة‪ ,‬عن أم هشام بنت حارثة قالت‪ :‬لقييد كييان‬
‫تنورنا وتنور النبي صلى الله عليه وسييلم واحييدا ً سيينتين أو‬
‫سنة وبعييض سيينة‪ ,‬ومييا أخييذت }ق والقييرآن المجيييد{ إل‬
‫على رسول الله‪ ,‬وكان يقرؤها كل يوم جمعة على المنييبر‬
‫إذا خطب الناس‪ ,‬رواه مسلم من حديث ابن إسييحاق بييه‪.‬‬
‫وقال أبو داود‪ :‬حدثنا محميد بين جعفير‪ ,‬حييدثنا شيعبة عيين‬
‫حبيب عن عبد الله بن محمد بن معن عن ابنة الحارث بن‬
‫النعمان قالت ما حفظت ق إل من في رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم يخطب بها كل جمعة‪ .‬قالت‪ :‬وكان تنورنييا‬
‫وتنور رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدًا‪ ,‬وكييذا رواه‬
‫مسلم والنسائي وابن ماجه من حديث شعبة بييه‪ ,‬والقصييد‬
‫أن رسييول الليه صيلى الليه عليييه وسييلم كيان يقييرأ بهييذه‬
‫السورة في المجامع الكبار كالعيد والجمع لشتمالها علييى‬
‫ابتداء الخلق‪ ,‬والبعث والنشور والمعاد والقيام والحسيياب‪,‬‬
‫والجنة والنار والثواب والعقاب والترغيب والترهيب‪ ,‬واللييه‬
‫أعليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬

‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫‪394‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬
‫م‬ ‫من ْهُ ي ْ‬‫من يذٌِر ّ‬ ‫م ّ‬ ‫جآَءهُ ْ‬ ‫جب ُوَا ْ أن َ‬ ‫ل عَ ِ‬‫جيدِ * ب َ ْ‬ ‫م ِ‬‫ن ال ْ َ‬‫** قَ َوال ُْقْرآ ِ‬
‫مت ْن َييا وَك ُن ّييا ت َُراب يا ً‬‫ذا ِ‬‫ب * أ َإ ِ َ‬ ‫جي ي ٌ‬‫يٌء عَ ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫هـ َ‬ ‫ن َ‬ ‫كافُِرو َ‬‫ل ال ْ َ‬‫فََقا َ‬
‫عن يد ََنا‬‫م وَ ِ‬ ‫من ْهُ ي ْ‬
‫ض ِ‬ ‫ص الْر َ‬ ‫ما َتنُق ي ُ‬ ‫مَنا َ‬ ‫جعُ ب َِعيد ٌ * قَد ْ عَل ِ ْ‬ ‫ك َر ْ‬‫ذ َل ِ َ‬
‫َ‬
‫ر‬
‫مي ٍ‬ ‫يأ ْ‬ ‫م فِ ي َ‬ ‫م فَهُ ي ْ‬ ‫جآَءهُ ْ‬ ‫ما َ‬‫حقّ ل َ ّ‬‫ل ك َذ ُّبوا ْ ِبال ْ َ‬ ‫ظ * بَ ْ‬ ‫حِفي ٌ‬ ‫ب َ‬ ‫ك َِتا ٌ‬
‫ج‬‫ريييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫ّ‬
‫}ق{‪ :‬حييرف ميين حييروف الهجيياء المييذكورة فييي أوائل‬
‫السور كقوله تعالى‪} :‬ص ي ون ي والم يي وحييم يي وطييس{‬
‫ونحو ذلك‪ ,‬قاله مجاهد وغيره وقد أسلفنا الكلم عليها في‬
‫أول سورة البقييرة بمييا أغنيى عيين إعييادته‪ ,‬وقييد روي عين‬
‫بعض السييلف أنهييم قييالوا‪ :‬ق جبييل محيييط بجميييع الرض‬
‫يقال له جبل قاف‪ ,‬وكأن هييذا‪ ,‬واللييه أعلييم‪ ,‬ميين خرافييات‬
‫بني إسرائيل التي أخذها عنهم بعض النيياس لمييا رأى ميين‬
‫جواز الرواية عنهم مما ل يصدق ول يكذب‪,‬وعندي أن هييذا‬
‫وأمثاله وأشباهه من اختلق بعييض زنييادقتهم‪ ,‬يلبسييون بييه‬
‫على الناس أمر دينهم‪ ,‬كما افترى في هذه المة مع جللة‬
‫قدر علمائها وحفاظها وأئمتها أحاديث عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم وما بالعهد من قدم فكيف بأمة بنييي إسييرائيل‬
‫مييع طييول المييدى وقليية الحفيياظ النقيياد فيهييم وشييربهم‬
‫الخمور‪ ,‬وتحريف علمائهم الكلم عن مواضعه وتبديل كتب‬
‫الله وآياته‪ ,‬وإنمييا أبياح الشييارع الروايية عنهيم فيي قيوله‪:‬‬
‫»وحييدثوا عيين بنييي إسييرائيل ول حييرج« فيمييا قييد يجييوزه‬
‫العقييل‪ ,‬فأمييا فيمييا تحيلييه العقييول ويحكييم فيييه بييالبطلن‬
‫ويغلب على الظنون كذبه فليييس ميين هييذا القبيييل‪ ,‬واللييه‬
‫أعليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬
‫وقد أكثر كثير من السلف من المفسييرين‪ ,‬وكييذا طائفيية‬
‫كثيرة من الخلف من الحكاية عن كتييب أهييل الكتيياب فييي‬
‫تفسيييير القيييرآن المجييييد‪ ,‬ولييييس بهيييم احتيييياج إليييى‬
‫أخبارهم‪,‬ولله الحمد والمنة‪ ,‬حتى أن المام أبا محمييد عبييد‬
‫الرحمن بن أبي حاتم الرازي‪ ,‬رحمة الله عليييه‪ ,‬أورد ههنييا‬
‫أثرا ً غريبا ً ل يصح سنده عن ابن عباس رضييي اللييه عنهمييا‬
‫فقال‪ :‬حدثنا أبييي قييال‪ :‬حييدثت عيين محمييد بيين إسييماعيل‬
‫المخزومي‪ ,‬حدثنا ليث بن أبي سليم عن مجاهييد عيين ابيين‬

‫‪395‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬خلق الله تبارك وتعييالى ميين‬
‫وراء هذه الرض بحرا ً محيطا ً بها‪ ,‬ثم خلييق ميين وراء ذلييك‬
‫البحر جبل ً يقال له قاف‪ ,‬سماء الييدنيا مرفوعيية عليييه‪ ,‬ثييم‬
‫خلق الله تعالى من وراء ذلك الجبل أرضا ً مثل تلك الرض‬
‫سبع مرات‪ ,‬ثم خلق من وراء ذلييك بحييرا ً محيطيا ً بهييا‪ ,‬ثييم‬
‫خلييق ميين وراء ذلييك جبل ً يقييال لييه قيياف السييماء الثانييية‬
‫مرفوعة عليه‪ ,‬حتى عد سبع أرضين وسييبعة أبحيير وسييبعة‬
‫أجبل وسبع سموات‪ ,‬قال وذلك في قوله تعالى‪} :‬والبحيير‬
‫يمده من بعده سبعة أبحر{ فإسناده هذا الثر فيه انقطاع‪,‬‬
‫والذي رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي اللييه‬
‫عنهما في قوله عز وجل }ق{ هو اسييم ميين أسييماء اللييه‬
‫عز وجل والذي ثبييت عيين مجاهيد أنيه حييرف ميين حيروف‬
‫الهجاء كقوله تعالى‪} :‬ص ي ن ي حم ي طس ي ي الييم{ ونحييو‬
‫ذلك‪ ,‬فهذه تبعد ما تقدم عن ابن عباس رضي الله عنهمييا‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬المراد قضي المر والله‪ ,‬وأن قوله جل ثنيياؤه }ق{‬
‫قال‪ :‬دلت على المحذوف من بقية الكلمة كقول الشيياعر‪:‬‬
‫قلييييييييت لهييييييييا قفييييييييي فقييييييييالت ق‬
‫وفي هذا التفسير نظر لن الحذف في الكلم يكون إنمييا‬
‫يكون إذا دل دليل عليه‪ ,‬ومن أين يفهم هذا ميين ذكيير هييذا‬
‫الحييرف ؟ وقييوله تعييالى‪} :‬والقييرآن المجيييد{ أي الكريييم‬
‫العظيم الذي }ل يأتيه الباطل من بين يييديه ول ميين خلفييه‬
‫تنزيل من حكيم حميييد{ واختلفييوا فييي جييواب القسيم مييا‬
‫هو ؟ فحكى ابن جرير عن بعض النحيياة أنييه قييوله تعييالى‪:‬‬
‫}قد علمنا ما تنقييص الرض منهييم وعنييدنا كتيياب حفيييظ{‬
‫وفي هذا نظر بل الجواب هو مضمون الكلم بعد القسييم‪,‬‬
‫وهو إثبات النبوة وإثبات المعاد وتقريره وتحقيقه‪ ,‬وإن لييم‬
‫يكن القسم يلتقي لفظًا‪ ,‬وهذا كثير في أقسام القرآن كما‬
‫تقدم في قوله‪} :‬ص والقرآن ذي الذكر بييل الييذين كفييروا‬
‫في عزة وشقاق{ وهكذا قال ههنييا‪} :‬ق والقييرآن المجيييد‬
‫بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء‬
‫عجيب{ أي تعجبوا من إرسال رسييول إليهييم ميين البشيير‪,‬‬
‫كقوله جل جلله‪} :‬أكان للناس عجبا ً أن أوحينا إلييى رجييل‬

‫‪396‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫منهم أن أنييذر النيياس{ أي وليييس هييذا بعجيييب فييإن اللييه‬
‫يصيييييطفي مييييين الملئكييييية رسيييييل ً ومييييين النييييياس‪.‬‬
‫ثم قال عييز وجييل مخييبرا ً عنهييم فييي تعجبهييم أيضيا ً ميين‬
‫المعاد واستبعادهم لوقوعه }أئذا متنا وكنا ترابا ً ذلييك رجييع‬
‫بعيد{ أي يقولون أئذا متنييا وبلينييا وتقطعييت الوصييال منييا‬
‫وصرنا ترابًا‪ ,‬كيف يمكن الرجوع بعد ذلك إلييى هييذه البنييية‬
‫والتركيب ؟ }ذلك رجع بعيييد{ أي بعيييد الوقييوع‪ .‬والمعنييى‬
‫أنهم يعتقدون استحالته وعدم إمكانه‪ .‬قال الله تعييالى ردا ً‬
‫عليهم‪} :‬قد علمنا ما تنقص الرض منهم{ أي ما تأكل من‬
‫أجسادهم في البلى نعلم ذلك ول يخفى علينا أين تفرقييت‬
‫البييدان وأييين ذهبييت وإلييى أييين صييارت }وعنييدنا كتيياب‬
‫حفيظ{ أي حافظ لذلك فالعلم شامل والكتيياب أيضيا ً فيييه‬
‫كل الشياء مضبوطة‪ .‬قال العوفي عن ابيين عبيياس رضييي‬
‫الله عنهما في قوله تعالى‪} :‬قييد علمنييا مييا تنقييص الرض‬
‫منهم{ أي مييا تأكييل ميين لحييومهم وأبشييارهم‪ ,‬وعظييامهم‬
‫وأشعارهم‪ ,‬وكذا قال مجاهد وقتادة والضحاك وغيرهم‪ ,‬ثم‬
‫بين تبارك وتعالى سبب كفرهم وعنييادهم واسييتبعادهم مييا‬
‫ليس ببعيد فقال‪} :‬بل كذبوا بالحق لمييا جيياءهم فهييم فييي‬
‫أمر مريج{ أي وهذا حال كل ميين خييرج عيين الحييق مهمييا‬
‫قال بعد ذلك فهو باطييل‪ ,‬والمريييج‪ :‬المختلييف المضييطرب‬
‫الملتبس المنكيير خللييه كقييوله تعييالى‪} :‬إنكييم لفييي قييول‬
‫مختلييييييييف يؤفييييييييك عنييييييييه ميييييييين أفييييييييك{‪.‬‬

‫َ‬
‫ف ب َن َي َْناهَييا وََزي ّّناهَييا‬‫م ك َي ْي َ‬ ‫مآِء فَ يوْقَهُ ْ‬ ‫س َ‬ ‫م َينظ ُُروَا ْ إ َِلى ال ّ‬ ‫** أفَل َ ْ‬
‫وما ل َها من فُروج * والرض مددنا َ َ‬
‫ي‬ ‫سي َ‬ ‫ها وَأل َْقي َْنا ِفيهَييا َرَوا ِ‬ ‫َ ْ َ َ َ َْ‬ ‫ُ ٍ‬ ‫َ َ َ ِ‬
‫صَرةً وَذِك ْيَرىَ ل ِك ُي ّ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ل عَب ْيدٍ‬ ‫ج * ت َب ْ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ج ب َِهي‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ل َزو‬ ‫وَأنب َت َْنا ِفيَها ِ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫مَباَركيا ً فَأنب َت ْن َييا ب ِيهِ َ‬
‫جن ّييا ٍ‬ ‫مييآًء ّ‬ ‫مآِء َ‬ ‫سي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ب * وَن َّزل َْنا ِ‬ ‫مِني ٍ‬ ‫ّ‬
‫ضيييد ٌ * ّرْزق يا ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت لَها طل يعٌ ن ّ ِ‬ ‫ّ‬ ‫سَقا ٍ‬ ‫ل َبا ِ‬ ‫خ َ‬ ‫صيدِ * َوالن ّ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ْ‬
‫ب ال َ‬ ‫ح ّ‬‫وَ َ‬
‫ك ال ْ ُ‬ ‫مْيتييييا ً َ‬ ‫َ‬
‫ج‬
‫خييييُرو ُ‬ ‫كييييذ َل ِ َ‬ ‫حي َي َْنييييا ِبييييهِ ب َْلييييد َةً ّ‬ ‫ل ّل ْعَِبييييادِ وَأ ْ‬
‫يقول تعالى منبها ً للعباد على قدرته العظيمة التي أظهر‬
‫بها ما هو أعظييم ممييا تعجبييوا مسييتبعدين لوقييوعه }أفلييم‬

‫‪397‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ينظييروا إلييى السييماء فييوقهم كيييف بنيناهييا وزيناهييا{ أي‬
‫بالمصابيح }وما لها ميين فييروج{ قييال مجاهييد‪ :‬يعنييي ميين‬
‫شقوق‪ ,‬وقال غيره‪ :‬فتوق‪ ,‬وقال غيييره‪ :‬صييدوع‪ ,‬والمعنييى‬
‫متقارب كقوله تبارك وتعالى‪} :‬الذي خلييق سييبع سييموات‬
‫طباقا ً ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فييارجع البصيير‬
‫هل ترى من فطور * ثم ارجع البصيير كرتييين ينقلييب إليييك‬
‫البصر خاسئا ً وهو حسييير{ أي كليييل عيين أن يييرى عيبيا ً أو‬
‫نقصيييًا‪ .‬وقيييوله تبيييارك وتعيييالى‪} :‬والرض ميييددناها{ أي‬
‫وسعناها وفرشناها }وألقينييا فيهييا رواسييي{ وهييي الجبييال‬
‫لئل تميد بأهلهييا وتضييطرب‪ ,‬فإنهييا مقييرة علييى تيييار الميياء‬
‫المحيط بها من جميع جوانبها }وأنبتنييا فيهييا ميين كييل زوج‬
‫بهيج{ أي من جميع الزروع والثمار والنبات والنواع }ومن‬
‫كل شيء خلقنا زوجين لعلكييم تييذكرون{ وقييوله بهيييج أي‬
‫حسيين المنظيير }تبصييرة وذكييرى لكييل عبييد منيييب{ أي‬
‫ومشاهدة خلق السموات والرض وما جعل الله فيهما من‬
‫ليات العظيمة تبصرة ودللة وذكرى لكييل عبييد منيييب أي‬ ‫ا َ‬
‫خاضيييع خيييائف وجيييل رجييياع إليييى الليييه عيييز وجيييل‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ونزلنا من السماء ماء مبارك يًا{ أي نافع يا ً‬
‫}فأنبتنا به جنات{ أي حدائق من بساتين ونحوهييا }وحييب‬
‫الحصيد{ وهو اليزرع اليذي ييراد لحبيه وادخياره }والنخيل‬
‫باسقات{ أي طوال ً شاهقات‪ ,‬قال ابن عبيياس رضيي الليه‬
‫عنهما ومجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والسدي وغيرهم‪:‬‬
‫الباسقات الطييوال }لهييا طلييع نضيييد{ أي منضييود }رزق يا ً‬
‫للعباد{ أي للخلق }وأحيينا به بلدة ميتا{ وهي الرض التي‬
‫كانت هامدة‪ ,‬فلما نزل الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل‬
‫زوج بهيج من أزاهير وغييير ذلييك‪ ,‬ممييا يحييار الطييرف فييي‬
‫حسنها‪ ,‬وذلييك بعييد مييا كييانت ل نبييات بهييا فأصييبحت تهييتز‬
‫خضراء‪ ,‬فهذا مثال للبعث بعد الموت والهلك‪ ,‬كذلك يحيي‬
‫اللييه المييوتى وهييذا المشيياهد ميين عظيييم قييدرته بييالحس‬
‫أعظييم ممييا أنكييره الجاحييدون للبعييث‪ ,‬كقييوله عييز وجييل‪:‬‬
‫}لخلق السموات والرض أكبر ميين خلييق النيياس{ وقييوله‬
‫تعالى‪} :‬أولم يروا أن الله الييذي خلييق السييموات والرض‬

‫‪398‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بل إنه علييى‬
‫كل شيء قدير{ وقال سبحانه وتعييالى‪} :‬وميين آييياته أنييك‬
‫ترى الرض خاشعة فإذا أنزلنا عليهييا الميياء اهييتزت وربييت‬
‫إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قييدير{‪.‬‬

‫َ‬
‫عيياد ٌ‬ ‫مييود ُ * وَ َ‬ ‫س وَث َ ُ‬‫ب الّر ّ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬
‫ح وَأ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫م ُنو‬ ‫م قَوْ ُ‬ ‫ت قَب ْل َهُ ْ‬‫** ك َذ ّب َ ْ‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫م ت ّب ّيٍع ك ُي ّ‬
‫ب الي ْك َيةِ وَقَيوْ ُ‬ ‫حا ُ‬ ‫صي َ‬ ‫ط * وَأ ْ‬ ‫ن ُلو ٍ‬ ‫وا ُ‬ ‫خ َ‬ ‫ن وَإ ِ ْ‬‫وَفِْرعَوْ ُ‬
‫َ‬
‫عيدِ * أفَعَِيين َييا ب ِييال ْ َ ْ‬
‫م‬ ‫ل هُ ي ْ‬ ‫ل ب َي ْ‬ ‫ق الوّ ِ‬ ‫خل ِ‬ ‫حقّ وَ ِ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ب الّر ُ‬ ‫ك َذ ّ َ‬
‫ديييييييييييدٍ‬ ‫ج ِ‬
‫ق َ‬ ‫ن َ ْ‬ ‫َ‬
‫خلييييييييي ٍ‬ ‫مييييييييي ْ‬ ‫س ّ‬‫فِييييييييييي لْبييييييييي ٍ‬
‫يقول تعيالى مهيددا ً لكفيار قرييش‪ ,‬بميا أحليه بأشيباههم‬
‫ونظرائهيم وأمثيالهم مين المكيذبين قبلهيم‪ ,‬مين النقميات‬
‫والعذاب الليم في الدنيا كقوم نوح وما عذبهم الله تعييالى‬
‫به من الغرق العام لجميييع أهييل الرض وأصييحاب الييرس‪,‬‬
‫وقد تقييدمت قصييتهم فييي سييورة الفرقييان }وثمييود وعيياد‬
‫وفرعون وإخوان لوط{ وهم أمته الييذين بعييث إليهييم ميين‬
‫أهل سدوم ومعاملتها من الغور‪ ,‬وكيف خسف الله تعييالى‬
‫بهم الرض‪ ,‬وأحييال أرضييهم بحيييرة منتنيية خبيثيية بكفرهييم‬
‫وطغيانهم ومخالفتهم الحق‪} .‬وأصحاب اليكة{ وهم قييوم‬
‫شعيب عليه الصلة والسييلم }وقييوم تبييع{ وهييو اليميياني‪,‬‬
‫وقد ذكرنا من شأنه في سورة الدخان ما أغنى عن إعادته‬
‫ههنيييييييييييا‪ ,‬ولليييييييييييه الحميييييييييييد والشيييييييييييكر‪.‬‬
‫}كييل كييذب الرسييل{ أي كييل ميين هييذه المييم وهييؤلء‬
‫القرون كذب رسييولهم‪ ,‬وميين كييذب رسييول ً فكأنمييا كييذب‬
‫جمييييع الرسيييل كقيييوله جيييل وعل‪} :‬كيييذبت قيييوم نيييوح‬
‫المرسلين{ وإنما جاءهم رسول واحد فهم في نفس المر‬
‫لو جاءهم جميع الرسل كييذبوهم }فحييق وعيييد{ أي فحييق‬
‫عليهم ما أوعدهم الله تعييالى علييى التكييذيب ميين العييذاب‬
‫والنكال‪ ,‬فليحذر المخاطبون أن يصيبهم ما أصييابهم فييإنهم‬
‫قد كذبوا رسولهم كما كذبوا أولئك‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬أفعيينا‬
‫بالخلق الول{ أي أفعجزنا ابتداء الخلق حتى هم في شك‬
‫من العادة }بل هم في لبس ميين خلييق جديييد{ والمعنييى‬

‫‪399‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أن ابتداء الخلق لم يعجزنا والعادة أسييهل منييه كمييا قييال‬
‫عز وجل‪} :‬وهييو اليذي يبيدأ الخلييق ثيم يعيييده وهييو أهيون‬
‫عليه{ وقال الله جل جلله‪} :‬وضرب لنا مثل ً ونسي خلقييه‬
‫قييال ميين يحيييي العظييام وهييي رميييم * قييل يحييهييا الييذي‬
‫أنشاها أول ميرة وهيو بكيل خليق علييم{ وقيد تقيدم فيي‬
‫الصييحيح »يقييول اللييه تعييالى يييؤذيني ابيين آدم يقييول ليين‬
‫يعيييدني كمييا بييدأني وليييس أول الخلييق بييأهون علييي ميين‬
‫إعيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييادته«‪.‬‬

‫ن‬‫حي ُ‬ ‫ه وَن َ ْ‬ ‫سي ُ‬ ‫س ب ِهِ ن َْف ُ‬‫سو ِ ُ‬ ‫ما ت ُوَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن وَن َعْل َ ُ‬‫سا َ‬ ‫لن َ‬ ‫خل َْقَنا ا ِ‬ ‫** وَل ََقد ْ َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫عي ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مت َل َّقَييا ِ‬
‫ل ال ْوَِرييدِ * إ ِذ ْ ي َت َل َّقييى ال ْ ُ‬ ‫حب ْي ِ‬
‫ن َ‬ ‫مي ْ‬ ‫ب إ ِل َْييهِ ِ‬ ‫أقْيَر ُ‬
‫ل إ ِل ّ ل َيد َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ميين قَ يوْ ٍ‬ ‫ظ ِ‬ ‫ما ي َل ِْف ي ُ‬ ‫ل قَِعيد ٌ * ّ‬ ‫ما ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن وَعَ ِ‬ ‫مي ِ‬ ‫ال ْي َ ِ‬
‫ت‬ ‫كن ي َ‬ ‫مييا ُ‬ ‫ك َ‬ ‫حقّ ذ َل ِي َ‬ ‫ت ِبال ْ َ‬ ‫مو ْ ِ‬‫سك َْرةُ ال ْ َ‬ ‫ت َ‬ ‫جاَء ْ‬ ‫ب عَِتيد ٌ * وَ َ‬ ‫َرِقي ٌ‬
‫ت‬ ‫جييآَء ْ‬ ‫عي يدِ * وَ َ‬ ‫م ال ْوَ ِ‬ ‫ك ي َيوْ َ‬‫صورِ ذ َل ِ َ‬ ‫خ ِفي ال ّ‬ ‫حيد ُ * وَن ُِف َ‬ ‫ه تَ ِ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫مي ْ‬ ‫ت فِييي غَْفل َيةٍ ّ‬ ‫كني َ‬ ‫شِهيد ٌ * ل َّقيد ْ ُ‬ ‫سآئ ِقٌ وَ َ‬ ‫معََها َ‬ ‫س ّ‬ ‫ل ن َْف ٍ‬ ‫كُ ّ‬
‫دييييد ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫ك ال ْي َيييوْ َ‬‫صيييُر َ‬ ‫ك فَب َ َ‬ ‫ك ِغط َيييآَء َ‬ ‫عنييي َ‬ ‫شيييْفَنا َ‬ ‫ذا فَك َ َ‬ ‫هـييي َ‬ ‫َ‬
‫يخبر تعالى عن قدرته على النسييان بييأنه خييالقه وعلمييه‬
‫محيط بجميع أموره‪ ,‬حتى إنه تعالى يعلم مييا توسييوس بييه‬
‫نفوس بني آدم من الخير والشر‪ .‬وقييد ثبييت فييي الصييحيح‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسييلم أنييه قييال »إن اللييه‬
‫تعالى تجاوز لميتي ميا حيدثت بيه أنفسيها ميا ليم تقيل أو‬
‫تعمييل« وقييوله عييز وجييل‪} :‬ونحيين أقييرب إليييه ميين حبييل‬
‫الوريد{ يعني ملئكته تعالى أقرب إلى النسييان ميين حبييل‬
‫وريده إليه‪ ,‬ومن تأوله على العلم فإنما فر لئل يلزم حلول‬
‫أو اتحاد وهما منفيان بالجماع‪ ,‬تعالى الله وتقدس‪ ,‬ولكيين‬
‫اللفظ ل يقتضيه فإنه لم يقل‪ :‬وأنييا أقييرب إليييه ميين حبييل‬
‫الوريد وإنما قال‪} :‬ونحن أقرب إليه من حبل الوريد{ كما‬
‫قييال فييي المحتضيير }ونحيين أقييرب إليييه منكييم ولكيين ل‬
‫تبصرون{ يعني ملئكته وكما قال تبارك وتعالى‪} :‬إنا نحن‬
‫نزلنا الذكر وإنا له لحافظون{ فالملئكة نزلت بالذكر وهييو‬
‫القرآن بإذن الله عييز وجييل‪ ,‬وكييذلك الملئكيية أقييرب إلييى‬

‫‪400‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫النسان من حبل وريده إليه بإقدار الله جل وعل لهم على‬
‫ذلك‪ .‬فللملييك لميية ميين النسييان كمييا أن للشيييطان لميية‪,‬‬
‫وكذلك الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم‪ ,‬كما أخبر‬
‫بذلك الصادق المصدوق ولهذا قال تعالى ههنا‪} :‬إذ يتلقييى‬
‫المتلقيان{ يعنييي الملكييين الييذين يكتبييان عمييل النسييان‪.‬‬
‫}عن اليمين وعن الشمال قعيد{ أي مترصد }ما يلفظ{‬
‫أي ابيين آدم }ميين قييول{ أي مييا يتكلييم بكلميية }إل لييديه‬
‫رقيب عتيد{ أي إل ولهييا ميين يرقبهييا معييد لييذلك يكتبهييا ل‬
‫يييترك كلميية ول حركيية كمييا قييال تعييالى‪} :‬وإن عليكييم‬
‫لحييافظين * كرام يا ً كيياتبين * يعلمييون مييا تفعلييون{ وقييد‬
‫اختلف العلماء هل يكتب الملك كل شيء من الكلم‪ .‬وهيو‬
‫قول الحسن وقتادة‪ ,‬أو إنما يكتب مييا فيييه ثييواب وعقيياب‬
‫كما هو قول ابن عباس رضييي اللييه عنهمييا‪ ,‬فعلييى قييولين‬
‫لية الول لعموم قوله تبارك وتعييالى‪} :‬مييا يلفييظ‬ ‫وظاهر ا َ‬
‫من قول إل لييديه رقيييب عتيييد{‪ .‬وقييد قييال المييام أحمييد‪:‬‬
‫حدثنا أبو معاوية‪ ,‬حدثنا محمد بن عمرو بن علقميية الليييثي‬
‫عن أبيه عيين جييده علقميية عيين بلل بيين الحييارث المزنييي‬
‫رضي الله عنييه قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله عييز‬
‫وجل له بها رضييوانه إلييى يييوم يلقيياه‪ ,‬وإن الرجييل ليتكلييم‬
‫بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظيين أن تبلييغ مييا بلغييت‪,‬‬
‫يكتب الله تعالى عليه بها سخطه إلييى يييوم يلقيياه« فكييان‬
‫علقميية يقييول‪ :‬كييم ميين كلم قييد منعنيييه حييديث بلل بيين‬
‫الحارث‪ ,‬ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه ميين حييديث‬
‫محمد بن عمييرو بييه‪ ,‬وقييال الترمييذي‪ :‬حسيين صييحيح ولييه‬
‫شيييييييييييييييييياهد فييييييييييييييييييي الصييييييييييييييييييحيح‪.‬‬
‫وقال الحنف بن قيس‪ :‬صاحب اليمين يكتب الخييير وهييو‬
‫أمير على صاحب الشمال فإن أصاب العبد خطيئة قال له‬
‫أمسك‪ ,‬فإن استغفر اللييه تعييالى نهيياه أن يكتبهييا وإن أبييى‬
‫كتبها‪ ,‬رواه ابن أبي حاتم‪ ,‬وقال الحسن البصري وتل هييذه‬
‫لية }عن اليمين وعن الشمال قعيد{ يا ابن آدم بسييطت‬ ‫ا َ‬

‫‪401‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لك صحيفة ووكل بك ملكان كريمييان أحييدهما عيين يمينييك‬
‫لخيير عيين شييمالك‪ ,‬فأمييا الييذي عيين يمينييك فيحفييظ‬ ‫وا َ‬
‫حسناتك‪ ,‬وأما الذي عن يسارك فيحفظ سيييئاتك‪ ,‬فاعمييل‬
‫مييا شييئت أقلييل أو أكييثر حييتى إذا مييت طييويت صييحيفتك‬
‫وجعلت في عنقك معك في قبرك حتى يخرج يوم القياميية‬
‫فعند ذلك يقول تعالى‪} :‬وكل إنسان ألزمنيياه طييائره فييي‬
‫عنقه ونخرج له يييوم القياميية كتابيا ً يلقيياه منشييورا ً * اقييرأ‬
‫كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيييبًا{ ثييم يقييول‪ :‬عييدل‬
‫والليييييه فييييييك مييييين جعليييييك حسييييييب نفسيييييك‪.‬‬
‫وقال علي بين أبيي طلحية عين ابين عبياس رضيي الليه‬
‫عنهما }ما يلفظ من قول إل لديه رقيب عتيد{ قال‪ :‬يكتب‬
‫كل ما تكلم به من خير أو شر حتى أنه ليكتب قوله أكلييت‬
‫شييربت ذهبييت جئت رأيييت‪ ,‬حييتى إذا كييان يييوم الخميييس‬
‫عرض قوله وعمله فأقر منه ما كان فيه ميين خييير أو شيير‬
‫وألقي سائره‪ ,‬وذلك قييوله تعييالى‪} :‬يمحييو اللييه مييا يشيياء‬
‫ويثبت وعنده أم الكتاب{ وذكر عن المام أحمييد أنييه كييان‬
‫يئن في مرضه فبلغه عن طاوس أنه قال يكتب الملك كل‬
‫شيء حتى النين فليم يئن أحمييد حيتى مييات رحمييه الليه‪.‬‬
‫وقوله تبارك وتعالى‪} :‬وجاءت سكرة الموت بييالحق ذلييك‬
‫ما كنت منه تحيد{ يقول عز وجييل‪ :‬وجيياءت أيهييا النسييان‬
‫سكرة الموت بالحق أي كشفت لك عن اليقين الذي كنت‬
‫تمتري فيه }ذلك ما كنت منه تحيد{ أي هذا هو الذي كنت‬
‫تفر منه قد جاءك فل محيد ول مناص ول فكاك ول خلص‪,‬‬
‫وقد اختلف المفسرون في المخيياطب بقييوله‪} :‬وجيياءت‬
‫سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد{ فالصحيح أن‬
‫المخاطب بذلك النسان من حيث هو‪ ,‬وقيل الكافر‪ ,‬وقيل‬
‫غير ذلك‪ ,‬وقال أبو بكر بن أبي الييدنيا‪ :‬حييدثنا إبراهيييم بيين‬
‫زياد سبلن‪ ,‬أخبرنا عباد بن عباد عن محمد بيين عمييرو بيين‬
‫علقمة عيين أبيييه‪ ,‬عيين جييده علقميية بيين وقيياص قييال‪ :‬إن‬
‫عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬حضرت أبي رضي الله عنييه‬
‫وهو يموت‪ ,‬وأنا جالسة عند رأسه فأخذته غشية‪ ,‬فتمثلييت‬
‫بيييييييييييييييييييبيت مييييييييييييييييييين الشيييييييييييييييييييعر‪:‬‬

‫‪402‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مييين ل ييييزال دمعيييه مقنعًافيييإنه ل بيييد ميييرة ميييدفوق‬
‫قالت‪ :‬فرفع رضي الله عنه رأسييه فقييال‪ :‬يييا بنييية ليييس‬
‫كييذلك ولكيين كمييا قييال تعييالى‪} :‬وجيياءت سييكرة المييوت‬
‫بالحق ذلك ما كنت منه تحيييد{ وحييدثنا خلييف بيين هشييام‪,‬‬
‫حدثنا أبو شهاب الخياط عن إسماعيل بيين أبييي خالييد عيين‬
‫البهي قال‪ :‬لما أن ثقييل أبييو بكيير رضييي اللييه عنييه جيياءت‬
‫عائشيييية رضييييي اللييييه عنهييييا فتمثلييييت بهييييذا الييييبيت‪:‬‬
‫لعمرك ما يغني الثراء عن الفتىإذا حشرجت يوم يا ً وضيياق‬
‫بهيييييييييييييييييييييييييييييييييا الصيييييييييييييييييييييييييييييييييدر‬
‫فكشف عن وجهه وقال رضييي اللييه عنييه‪ :‬ليييس كييذلك‪,‬‬
‫ولكن قولي }وجاءت سكرة الموت بييالحق ذليك ميا كنيت‬
‫منه تحيد{ وقد أوردت لهذا الثر طرقيا ً كييثيرة فييي سيييرة‬
‫الصديق رضي الليه عنييه عنييد ذكيير وفيياته‪ ,‬وقييد ثبييت فييي‬
‫الصحيح عن النبي صلى الله علييه وسيلم أنيه لميا تغشياه‬
‫الموت جعل يمسح العرق عن وجهه ويقول‪» :‬سبحان الله‬
‫إن للمييوت لسييكرات« وفييي قييوله‪} :‬ذلييك مييا كنييت منييه‬
‫تحيد{ قولن‪) :‬أحدهما( أن ما ههنا موصولة أي الذي كنت‬
‫منه تحيد بمعنييى تبتعييد وتتنيياءى وتفيير قييد حييل بييك ونييزل‬
‫بساحتك )والقول الثيياني( أن نافييية بمعنييى ذلييك مييا كنييت‬
‫تقدر على الفرار منه ول الحيد عنه وقد قال الطبراني في‬
‫المعجم الكبير‪ :‬حدثنا مؤمل بن علي الصائغ المكي‪ ,‬حييدثنا‬
‫حفص عن ابن عمر الحدي‪ ,‬حدثنا معاذ بن محمييد الهييذلي‬
‫عن يونس بن عبيييد عيين الحسيين عيين سييمرة قييال‪ :‬قييال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسييلم‪» :‬مثييل الييذي يفيير ميين‬
‫الموت مثل الثعلب تطلبه الرض بدين‪ ,‬فجاء يسعى حييتى‬
‫إذا أعيى وأسهد دخييل حجييره وقييالت لييه الرض يييا ثعلييب‬
‫ديني‪ ,‬فخرج وله حصاص فلييم يييزل كييذلك حييتى تقطعييت‬
‫عنقه ومات« ومضمون هييذا المثييل كمييا ل انفكيياك لييه ول‬
‫محيد عن الرض‪ ,‬كذلك النسان ل محيد لييه عيين المييوت‪.‬‬
‫وقييوله تبييارك وتعييالى‪} :‬ونفييخ فييي الصييور ذلييك يييوم‬
‫الوعيد{ قييد تقييدم الكلم علييى حييديث النفييخ فييي الصييور‬
‫والفزع والصعق والبعث‪ ,‬وذلك يوم القيامة‪ .‬وفي الحييديث‬

‫‪403‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أن رسول الله صلى الله عليييه وسييلم قييال‪» :‬كيييف أنعييم‬
‫وصاحب القرن قد التقم القييرن وحنييى جبهتييه وانتظيير أن‬
‫يؤذن له« قالوا‪ :‬يا رسول اللييه كيييف نقييول ؟ قييال صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬قولوا حسبنا الله ونعييم الوكيييل« فقييال‬
‫القوم‪ :‬حسبنا الله ونعم الوكيل }وجاءت كييل نفييس معهييا‬
‫سائق وشهيد{ أي ملك يسوقه إلى المحشر وملك يشييهد‬
‫لية الكريمة‪ ,‬وهو اختيار‬ ‫عليه بأعماله هذا هو الظاهر من ا َ‬
‫ابن جرير ثم روي من حديث إسماعيل بن أبييي خالييد عيين‬
‫يحيى بن رافع مولى لثقيف قال‪ :‬سمعت عثمان بن عفان‬
‫لية }وجاءت كييل نفييس‬ ‫رضي الله عنه يخطب فقرأ هذه ا َ‬
‫معها سائق وشهيد{ فقال سائق يسوقها إلييى اللييه تعييالى‬
‫وشاهد يشهد عليها بما عملت‪ ,‬وكييذا قييال مجاهييد وقتييادة‬
‫وابن زيد‪ .‬وقال مطرف عن أبي جعفر مييولى أشييجع عيين‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه قييال‪ :‬السييائق الملييك والشييهيد‬
‫العمل‪ ,‬وكذلك قال الضحاك والسدي‪ ,‬وقييال العييوفي عيين‬
‫ابن عباس رضي الله عنهما‪ :‬السائق من الملئكة والشهيد‬
‫النسان نفسه‪ ,‬يشهد على نفسه‪ ,‬وبييه قييال الضييحاك بيين‬
‫مزاحيييييييييييييييييييييييييييييييم أيضيييييييييييييييييييييييييييييييًا‪.‬‬
‫وحكى ابن جرير ثلثة أقييوال فييي المييراد بهييذا الخطيياب‬
‫في قوله تعالى‪} :‬لقد كنييت فييي غفليية ميين هييذا فكشييفنا‬
‫عنك غطيياءك فبصييرك اليييوم حديييد{ )أحييدها( أن المييراد‬
‫بذلك الكافر‪ ,‬رواه علييي بيين أبييي طلحية عيين ابيين عبيياس‬
‫رضي الله عنهما‪ ,‬وبه يقول الضحاك بن مزاحم وصالح بن‬
‫كيسان‪).‬والثاني( أن المراد بذلك كل أحييد ميين بيير وفيياجر‬
‫لخرة بالنسبة إلى الييدنيا كاليقظيية‪ ,‬والييدنيا كالمنييام‪,‬‬ ‫لن ا َ‬
‫وهذا اختيار ابن جرير‪ ,‬ونقله عن حسين بن عبييد اللييه بيين‬
‫عبيييد اللييه عيين عبييد اللييه بيين عبيياس رضييي اللييه عنهمييا‪.‬‬
‫)والثالث( أن المخاطب بذلك النبي صلى الله عليه وسييلم‬
‫وبه يقول زيد بن أسلم وابنه‪ ,‬والمعنى علييى قولهمييا‪ :‬لقييد‬
‫كنييت فييي غفليية ميين هييذا القييرآن قبييل أن يييوحى إليييك‪,‬‬
‫فكشفنا عنك غطاءك بييإنزاله إليييك فبصييرك اليييوم حديييد‪,‬‬
‫والظاهر من السياق خلف هذا بل الخطيياب مييع النسييان‬

‫‪404‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من حيث هو‪ ,‬والمراد بقوله تعالى‪} :‬لقد كنييت فييي غفليية‬
‫من هيذا{ يعنيي مين هيذا الييوم }فكشيفنا عنيك غطياءك‬
‫فبصرك اليوم حديد{ أي قييوي لن كييل أحييد يييوم القياميية‬
‫يكييون مستبصييرا ً حييتى الكفييار فييي الييدنيا‪ ,‬يكونييون يييوم‬
‫القيامة على السييتقامة‪ ,‬لكيين ل ينفعهييم ذلييك‪ ,‬قييال اللييه‬
‫تعالى‪َ} :‬أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننييا{‪ .‬وقييال عييز وجييل‪:‬‬
‫}ولييو تييرى إذ المجرمييون ناكسييو رؤوسييهم عنييد ربهييم‬
‫ربناأبصرنا وسييمعنا فارجعنييا نعمييل صييالحا ً إنييا موقنييون{‪.‬‬

‫َ‬
‫ل‬ ‫م ك ُي ّ‬ ‫جهَن ّي َ‬ ‫ما ل َد َيّ عَِتييد ٌ * أل ِْقي َييا فِييي َ‬ ‫ذا َ‬ ‫هـ َ‬
‫ه َ‬ ‫رين ُ ُ‬ ‫ل قَ ِ‬‫** وََقا َ‬
‫معَ الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ل َ‬ ‫جع َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب * ال ّ ِ‬ ‫ري ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫معْت َدٍ ّ‬
‫خي ْرِ ُ‬ ‫مّناٍع ل ّل ْ َ‬‫ك َّفارٍ عَِنيدٍ * ّ‬
‫مييآ‬ ‫ه َرب َّنا َ‬ ‫رين ُ ُ‬
‫لق ِ‬ ‫ديدِ * َقا َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ذا ِ‬ ‫خَر فَأ َل ِْقَياهُ ِفي ال ْعَ َ‬ ‫إ َِلـها ً آ َ‬
‫َ‬
‫موا ْ ل َد َ ّ‬
‫ي‬ ‫ص ُ‬ ‫خت َ ِ‬ ‫ل ل َ تَ ْ‬ ‫ل ب َِعيدٍ * َقا َ‬ ‫ضل َ ٍ‬‫ن ِفي َ‬ ‫كن َ‬
‫كا َ‬ ‫ه وََلـ ِ‬ ‫أط ْغَي ْت ُ ُ‬
‫مييآ أ َن َيا ْ‬‫ل ل َيد َيّ وَ َ‬ ‫ل ال َْقيوْ ُ‬‫ما ي ُب َد ّ ُ‬
‫عيدِ * َ‬ ‫كم ِبال ْوَ ِ‬ ‫ت إ ِل َي ْ ُ‬ ‫م ُ‬‫وَقَد ْ قَد ّ ْ‬
‫ب ِظ َل ّم ٍ ل ّل ْعَِبييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييدِ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن المللك الموكل بعمل ابن آدم إنه‬
‫يشهد عليه يوم القيامة بمييا فعييل ويقييول‪} :‬هييذا مييا لييدي‬
‫عتيييد{ أي معتمييد محضيير بل زيييادة ول نقصييان‪ .‬وقييال‬
‫مجاهييد‪ :‬هييذا كلم الملييك السييائق‪ ,‬يقييول ابيين آدم الييذي‬
‫وكلتني به قد أحضرته وقد اختار ابن جرير أنه يعم السائق‬
‫والشهيد‪ ,‬وله اتجاه وقوة‪ ,‬فعند ذلك يحكم الله تعالى فييي‬
‫الخليقة بالعدل فيقول‪} :‬ألقيا في جهنم كييل كفييار عنيييد{‬
‫وقد اختلف النحاة في قييوله‪} :‬ألقيييا{ فقييال بعضييهم هييي‬
‫لغة لبعض العرب يخاطبون المفرد بالتثنييية كمييا روي عيين‬
‫الحجاج أنه كان يقول يا حرسي اضربا عنقييه‪ ,‬وممييا أنشييد‬
‫ابيييييين جرييييييير علييييييى هييييييذه قييييييول الشيييييياعر‪:‬‬
‫فإن تزجراني يا ابن عفان َأنزجروإن تتركاني أحم عرضييا ً‬
‫ممنعيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييا‬
‫وقيل‪ :‬بل هي نون التأكيد سهلت إلى اللف‪ ,‬وهييذا بعيييد‬
‫لن هذا إنما يكون في الوقف‪ ,‬والظاهر أنهييا مخاطبيية مييع‬
‫السائق والشهيد‪ ,‬فالسائق أحضره إلى عرصيية الحسيياب‪,‬‬

‫‪405‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فلما أدى الشهيد عليه أمرهما الله تعالى بإلقييائه فييي نييار‬
‫جهنم‪ ,‬وبئس المصير }ألقيا في جهنم كل كفار عنيييد{ أي‬
‫كثير الكفر والتكذيب بالحق عنيد معاند للحق‪ ,‬معارض لييه‬
‫بالباطل مع علمه بذلك }مناع للخير{ أي ل يؤدي ما عليييه‬
‫من الحقييوق ول بيير فيييه ول صييلة ول صييدقة }معتييد{ أي‬
‫فيما ينفقه ويصرفه يتجاوز فيه الحييد‪ .‬وقييال قتييادة‪ :‬معتييد‬
‫في منطقه وسيره وأمييره }مريييب{ أي شيياك فييي أمييره‬
‫مريب لمن نظر في أمره }الذي جعل مع الله إله يا ً آخيير{‬
‫أي أشييرك بييالله فعبييد معييه غيييره }فألقييياه فييي العييذاب‬
‫الشديد{ وقد تقدم في الحييديث أن عنق يا ً ميين النييار يييبرز‬
‫للخلئق فينادي بصوت يسمع الخلئق‪ :‬إنييي وكلييت بثلثيية‪:‬‬
‫بكل جبار عنيد‪ ,‬ومن جعل مع الله إلها ً آخر‪ ,‬وبالمصييورين‪,‬‬
‫ثم تنطوي عليهم‪ ,‬قال المام أحمد‪ :‬حدثنا معاوية هييو ابيين‬
‫هشام‪ ,‬حدثنا شيبان عن فراس عن عطية عن أبييي سييعيد‬
‫الخدري رضي الله عنه عن النبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫أنه قال‪» :‬يخرج عنق من النار يتكلييم يقييول وكلييت اليييوم‬
‫بثلثة‪ :‬بكل جبار عنيد‪ ,‬ومن جعل مع الله إله يا ً آخيير‪ ,‬وميين‬
‫قتل نفسا ً بغير نفس فتنطوي عليهم فتقذفهم في غمرات‬
‫جهنيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم{‪.‬‬
‫}قال قرينه{ قال ابن عباس رضي الله عنهمييا ومجاهييد‬
‫وقتيادة وغيرهيم‪ :‬هيو الشييطان اليذي وكيل بيه }ربنيا ميا‬
‫أطغيته{ أي يقول عيين النسييان الييذي قييد أوفييى القياميية‬
‫كافرا ً يتبرأ منه شيطانه فيقول‪} :‬ربنا مييا أطغيتييه{ أي مييا‬
‫أضللته }ولكن كان في ضلل بعيد{ أي بييل كييان هييو فييي‬
‫نفسه ضال ً قابل ً للباطل معاندا ً للحييق‪ ,‬كمييا أخييبر سييبحانه‬
‫لية الخرى في قوله‪} :‬وقييال الشيييطان لمييا‬ ‫وتعالى في ا َ‬
‫قضي المر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم‬
‫وما كان لي عليكم من سلطان إل أن دعييوتكم فاسييتجبتم‬
‫لي فل تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم ول أنتييم‬
‫بمصييرخي إنييي كفييرت بمييا أشييركتمون ميين قبييل إن‬
‫الظالمين لهم عذاب أليم{ وقوله تبارك وتعييالى‪} :‬قييال ل‬
‫تختصموا لدي{ يقول الرب عز وجل للنسي وقرينييه ميين‬

‫‪406‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الجن‪ ,‬وذلك أنهما يختصمان بين يدي الحق تعالى‪ ,‬فيقييول‬
‫النسي يا رب هذا أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني‪ ,‬ويقول‬
‫الشيطان‪} :‬ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلل بعيييد{ أي‬
‫عن منهج الحق‪ ,‬فيقول الرب عز وجل لهما‪} :‬ل تختصموا‬
‫لييدي{ أي عنييدي }وقييد قييدمت إليكييم بالوعيييد{ أي قييد‬
‫أعذرت إليكم على ألسنة الرسل‪ ,‬وأنزلت الكتييب وقييامت‬
‫عليكم الحجج والبينات والبراهين }ما يبييدل القييول لييدي{‬
‫قال مجاهد‪ :‬يعني قد قضيت ما أنا قيياض }ومييا أنييا بظلم‬
‫للعبيد{ أي لست أعييذب أحييدا ً إل بييذنبه بعييد قيييام الحجيية‬
‫عليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬

‫زي يدٍ *‬ ‫م ِ‬ ‫ميين ّ‬ ‫ل ِ‬ ‫ل هَ ي ْ‬ ‫ت وَت َُقييو ُ‬ ‫مَتل ِ‬ ‫لا ْ‬ ‫م هَ ي ِ‬‫جهَن ّ َ‬ ‫ل لِ َ‬ ‫م ن َُقو ُ‬ ‫** ي َوْ َ‬
‫ُ‬
‫ن ل ِك ُي ّ‬
‫ل‬ ‫دو َ‬‫مييا ُتوعَي ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫هـ َ‬ ‫ن غَي َْر ب َِعيدٍ * َ‬ ‫مت ِّقي َ‬‫ة ل ِل ْ ُ‬
‫جن ّ ُ‬‫ت ال ْ َ‬‫وَأْزل َِف ِ‬
‫َ‬
‫ب‬‫جييآَء ب َِقل ْي ٍ‬
‫ب وَ َ‬ ‫ن ب ِييال ْغَي ْ ِ‬ ‫مـ ي َ‬‫ح َ‬ ‫ي الّر ْ‬‫شي َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ظ* ّ‬ ‫حِفي ٍ‬ ‫ب َ‬ ‫أّوا ٍ‬
‫مييا‬ ‫خُلييودِ * ل َُهييم ّ‬ ‫م ال ُ ُ‬ ‫ك َيييوْ ُ‬ ‫سييل َم ٍ ذ َِليي َ‬
‫هييا ب ِ َ‬ ‫خُلو َ‬ ‫ب * اد ْ ُ‬ ‫مِنييي ٍ‬ ‫ّ‬
‫زيييييييييييييد ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫َ‬
‫ن ِفيهَييييييييييييا وَلييييييييييييد َي َْنا َ‬ ‫شييييييييييييآُءو َ‬ ‫يَ َ‬
‫يخبر تعالى أنه يقول لجهنم يييوم القياميية‪ :‬هييل امتلت ؟‬
‫وذلك أنيه تبيارك وعيدها أن سييملؤها مين الجنية والنياس‬
‫أجمعييين‪ ,‬فهييو سييبحانه وتعييالى يييأمر بميين يييأمر بيه إليهييا‬
‫ويلقييى وهييي تقييول‪ :‬هييل ميين مزيييد أي هييل بقييي شيييء‬
‫لييية وعليييه تييدل‬ ‫تزيدوني ؟ هذا هييو الظيياهر فييي سييياق ا َ‬
‫لييية‪ :‬حييدثنا عبييد‬ ‫الحاديث‪ .‬قال البخاري عند تفسير هذه ا َ‬
‫الله بن أبي السود‪ ,‬حدثني حرمي بن عمارة‪ ,‬حدثنا شعبة‬
‫عن قتادة عن أنس بن مالييك رضييي اللييه عنييه عيين النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬يلقيى فيي النيار وتقيول هيل‬
‫من مزيد ؟« حتى يضييع قييدمه قتقييول‪ :‬قييط قييط« وقييال‬
‫المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الوهاب عن سعيد عيين قتييادة عيين‬
‫أنس رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليييه‬
‫وسلم‪» :‬ل تزال جهنم يلقى فيها وتقول هييل ميين مزيييد ؟‬
‫حتى يضع رب العزة قدمه فيها فينزوي بعضيها إلييى بعيض‬
‫وتقول‪ :‬قط قط وعزتك وكرمك‪ ,‬ول يزال في الجنة فضل‬

‫‪407‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حتى ينشىء الله لها خلقا ً آخر فيسييكنهم اللييه تعييالى فييي‬
‫فضول الجنة« ثيم رواه مسيلم مين حييديث قتييادة بنحيوه‪,‬‬
‫ورواه أبييان العطييار وسييليمان الييتيمي عيين قتييادة بنحييوه‪.‬‬
‫)حييديث آخيير( قييال البخيياري‪ :‬حييدثنا محمييد بيين موسييى‬
‫القطان‪ ,‬حدثنا أبو سفيان الحميييري سييعيد بيين يحيييى بيين‬
‫مهدي‪ ,‬حدثنا عوف عن محمد عن أبي هريييرة رضييي اللييه‬
‫عنه‪ ,‬رفعه وأكثر ما كان يوقفه أبو سفيان‪» :‬يقييال لجهنييم‬
‫هييل امتلت‪ ,‬وتقييول هييل ميين مزيييد فيضييع الييرب تبييارك‬
‫وتعييالى قييدمه عليهييا فتقييول قييط قييط« ورواه أبييو أيييوب‬
‫وهشيييام بييين حسيييان عييين محميييد بييين سييييرين بيييه‪.‬‬
‫)طريق أخرى( قال البخاري‪ :‬وحدثنا عبد الله بن محمييد‪,‬‬
‫حدثنا عبد الرزاق‪ ,‬أخبرنا معمر عيين همييام بيين منبييه‪ ,‬عيين‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪» :‬تحيياجت الجنيية والنييار فقييالت النييار أوثييرت‬
‫بالمتكبرين والمتجبرين‪ ,‬وقالت الجنة‪ :‬ميالي ل ييدخلني إل‬
‫ضعفاء الناس وسقطهم‪ .‬قيال الليه عيز وجييل للجنية أنيت‬
‫رحمتي أرحم بك من أشاء ميين عبييادي ‪ ,‬وقييال للنييار إنمييا‬
‫أنت عذابي أعذب بك من أشاء ميين عبييادي ولكييل واحييدة‬
‫منكما ملؤها‪ ,‬فأما النار فل تمتلىء حييتى يضييع رجلييه فيهييا‬
‫فتقول قط قط فهنالك تمتلىء وينزوي بعضييها إلييى بعييض‬
‫ول يظلم الله عز وجل من خلقه أحدًا‪ ,‬وأما الجنة فإن الله‬
‫عييييييز وجييييييل ينشييييييىء لهييييييا خلقييييييا ً آخيييييير«‪.‬‬
‫)حديث آخر( قال مسلم في صحيحه‪ .‬حييدثنا عثمييان بيين‬
‫أبي شيبة‪ ,‬حدثنا جرير عن العمييش عيين أبييي صييالح عيين‬
‫أبي سعيد رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى اللييه‬
‫ي‬
‫عليييه وسييلم‪» :‬احتجييت الجنيية والنييار فقييالت النييار‪ :‬ف ي ّ‬
‫ي ضيعفاء النيياس‬ ‫الجبارون والمتكييبرون‪ ,‬وقيالت الجنيية في ّ‬
‫ومساكينهم فقضى بينهما فقييال للجنيية إنمييا أنييت رحمييتي‬
‫أرحم بك من أشاء من عبادي‪ ,‬وقال للنار إنما أنت عذابي‬
‫أعذب بك من أشاء من عبادي ولكل واحدة منكما ملؤها«‬
‫انفرد به مسلم دون البخاري من هذا الوجه والله سييبحانه‬
‫وتعالى أعلم‪ .‬وقد رواه المام أحمد من طريق أخرى عيين‬

‫‪408‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبي سعيد رضي الله عنه بأبسط من هييذا السييياق فقييال‪:‬‬
‫حدثنا حسن وروح قال‪ :‬حدثنا حماد بيين سييلمة عيين عطيياء‬
‫بن السائب‪ ,‬عن عبيد الله بن عتبة عن أبي سعيد الخدري‬
‫رضي الله عنه‪ :‬أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫»افتخرت الجنة والنار فقالت النار يا رب يدخلني الجبابرة‬
‫والمتكييبرون والملييوك والشييراف‪ ,‬وقييالت الجنيية أي رب‬
‫يدخلني الضعفاء والفقراء والمساكين فيقييول اللييه تبييارك‬
‫وتعالى للنار أنت عذابي أصيب بك من أشاء‪ ,‬وقييال للجنيية‬
‫أنت رحمتي وسعت كل شيء ولكل واحييدة منكمييا ملؤهييا‬
‫فيلقى في النار أهلها فتقول هييل ميين مزيييد‪ ,‬قييال ويلقييى‬
‫فيها وتقول هل ميين مزيييد‪ ,‬ويلقييى فيهييا وتقييول هييل ميين‬
‫مزيد‪ ,‬حييتى يأتيهييا عييز وجييل فيضييع قييدمه عليهييا فتنييزوي‬
‫وتقول قدني قدني‪ ,‬وأما الجنة فيبقى فيها ما شيياء تعييالى‬
‫أن يبقى فينشىء الله سبحانه وتعالى لها خلقا ً ما يشيياء«‪.‬‬
‫)حديث آخر( وقال الحافظ أبو يعلى في مسنده‪ :‬حييدثني‬
‫عقبة بن مكرم‪ ,‬حدثنا يونس‪ ,‬حدثنا عبد الغفار بن القاسم‬
‫عن عدي بن ثابت‪ ,‬عن زر بن حبيش‪ ,‬عيين أبييي بيين كعييب‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬إن رسول الله صلى الله عليه وسييلم‬
‫قال‪» :‬يعرفنييي اللييه تعييالى نفسييه يييوم القياميية‪ ,‬فأسييجد‬
‫سجدة يرضى بها عني ثم أمدحه مدحة يرضييى بهييا عنييي‪,‬‬
‫ثييم يييؤذن لييي فييي الكلم‪ ,‬ثييم تميير أمييتي علييى الصييراط‬
‫مضروب بين ظهراني جهنم‪ ,‬فيمرون أسيرع مين الطيرف‬
‫والسهم وأسرع من أجود الخيل‪ ,‬حتى يخييرج الرجييل منهييا‬
‫يحبو وهي العمال‪ ,‬وجهنم تسأل المزيييد حييتى يضييع فيهييا‬
‫قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول‪ :‬قط قط وأنييا علييى‬
‫الحوض« قيل‪ :‬وما الحوض يا رسييول اللييه ؟ قييال رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬والذي نفسي بيده إن شرابه‬
‫أبيييض ميين اللبيين وأحلييى ميين العسييل‪ ,‬وأبييرد ميين الثلييج‪.‬‬
‫وأطيب ريحا ً من المسك‪ ,‬وآنيته أكييثر ميين عييدد النجييوم ل‬
‫يشرب منه إنسييان فيظمييأ أبييدا ً ول يصييرف فيييروى أبييدًا«‬
‫وهييييييذا القييييييول هييييييو اختيييييييار ابيييييين جرييييييير‪.‬‬

‫‪409‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقد قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبو سعيد الشج‪ ,‬حدثنا أبييو‬
‫يحيى الحمييامي عيين نصيير الجييزار عيين عكرميية عيين ابيين‬
‫عباس رضي اللييه عنهمييا }يييوم نقييول لجهنييم هييل امتلت‬
‫وتقول هل من مزيد{ قال‪ :‬ما امتلت قال تقول وهل ميين‬
‫مكان يزاد في‪ ,‬وكييذا رواه الحيياكم بيين أبييان عيين عكرميية‬
‫}وتقول هل من مزيد{ وهل في مدخل واحد قييد امتلت‪.‬‬
‫قال الوليد بن مسلم عيين يزيييد بيين أبييي مريييم أنييه سييمع‬
‫مجاهييدا ً يقييول‪ :‬ل يييزال يقييذف فيهييا حييتى تقييول امتلت‬
‫فتقول‪ :‬هل من مزيد‪ ,‬وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسييلم‬
‫نحو هذا فعند هؤلء أن قوله تعالى‪} :‬هل امتلت{ إنما هو‬
‫بعدما يضع عليهاقدمه فتنزوي وتقول حينئذ هييل بقييي فييي‬
‫مزيد يسع شيئا ً ؟ قال العوفي عن ابن عبيياس رضييي الليه‬
‫عنهما‪ :‬وذلك حين ل يبقييى فيهييا موضييع يسييع إبييرة‪ ,‬واللييه‬
‫أعليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وأزلفت الجنة للمتقييين غييير بعيييد{ قييال‬
‫قتادة وأبو مالك والسدي }وأزلفييت{ أدنيييت وقربييت ميين‬
‫المتقين }غير بعيد{ وذلك يوم القيامة‪ ,‬وليييس ببعيييد لنييه‬
‫واقع ل محالة وكل ما هو آت قريب }هذا ما توعدون لكل‬
‫أواب{ أي راجع تائب مقلع }حفيظ{ أي يحفييظ العهييد فل‬
‫ينقضه ول ينكثييه‪ ,‬وقييال عبيييد بيين عمييرو‪ :‬الواب الحفيييظ‬
‫الذي ل يجلس مجلسا ً فيقوم حتى يستغفر الله عييز وجييل‬
‫}من خشي الرحمن بالغيب{ أي من خاف الله في سييره‬
‫حيث ل يراه أحد إل الله عز وجل كقوله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬ورجييل ذكيير اللييه تعييالى خالييًا‪ ,‬ففاضييت عينيياه«‬
‫}وجاء بقلب منيب{ أي ولقي الله عز وجييل يييوم القياميية‬
‫بقلب منيب سليم إليه خاضييع لييديه }ادخلوهييا{ أي الجنيية‬
‫}بسلم{ قال قتييادة سييلموا ميين عييذاب اللييه عييز وجييل‪,‬‬
‫وسلم عليهم ملئكة الله‪ ,‬وقييوله سييبحانه وتعييالى‪} :‬ذلييك‬
‫يوم الخلود{ أي يخليدون فيي الجنية فل يموتييون أبييدًا‪ ,‬ول‬
‫ل‪ ,‬وقييوله جلييت عظمتييه‪:‬‬ ‫يظعنون أبدا ً ول يبغون عنهييا حييو ً‬
‫}لهم ما يشاءون فيهييا{ أي مهمييا اختيياروا وجييدوا ميين أي‬
‫أصناف الملذ طلبوا أحضر لهم‪ .‬قال ابن أبي حاتم‪ :‬حييدثنا‬

‫‪410‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبو زرعة‪ ,‬حدثنا عمر بن عثمان‪ ,‬حدثنا بقية عن يحيييى بيين‬
‫سعيد عن خالد بن معييدان عيين كييثير بيين مييرة قييال‪ :‬ميين‬
‫المزيد أن تمر السحابة بأهل الجنة فتقييول‪ :‬ميياذا تريييدون‬
‫فأمطره لكم ؟ فل يدعون بشيء إل أمطرتهم‪ ,‬قال كييثير‪:‬‬
‫لئن أشييهدني اللييه تعييالى ذلييك لقييولن أمطرينييا جييواري‬
‫مزينييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييات‪.‬‬
‫وفي الحديث عن ابن مسعود رضييي اللييه عنييه قييال‪ :‬إن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له‪» :‬إنييك لتشييتهي‬
‫الطير في الجنيية فيخيير بييين يييديك مشييويًا« وقييال المييام‬
‫أحمد‪ :‬حدثنا عليي بين عبيد الليه‪ ,‬حيدثنا معياذ بين هشيام‪,‬‬
‫حدثني أبي عن عامر الحول عن أبي بكر الصييديق رضييي‬
‫الله عنه عن أبي سعيد الخدري رضيي الليه عنيه قيال‪ :‬إن‬
‫رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم قييال‪» :‬إذا اشييتهى‬
‫المؤمن الوليد فيي الجنية كيان حمليه ووضيعه وسينه فيي‬
‫ساعة واحدة« ورواه الترمذي وابن ميياجه عيين بنييدار عيين‬
‫معاذ بن هشام به‪ .‬وقال الترمذي حسن غريييب وزاد‪ :‬كمييا‬
‫اشتهى‪ ,‬وقوله تعييالى‪} :‬ولييدينا مزيييد{ كقييوله عييز وجييل‪:‬‬
‫}للذين أحسنوا الحسنى وزيييادة{ وقييد تقييدم فييي صييحيح‬
‫مسلم عن صهيب بن سنان الرومي أنها النظيير إلييى وجييه‬
‫الله الكريم‪ .‬وقد روى البزار وابيين أبييي حيياتم ميين حييديث‬
‫شريك القاضي عن عثمييان بيين عمييير أبييي اليقظييان عيين‬
‫أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله عز وجييل‪} :‬ولييدينا‬
‫مزيد{ قال‪ :‬يظهر لهم الرب عز وجل في كل جمعة‪ ,‬وقييد‬
‫رواه المييام أبييو عبييد اللييه الشييافعي مرفوع يا ً فقييال فييي‬
‫مسيينده‪ :‬أخبرنييا إبراهيييم بيين محمييد‪ ,‬حييدثني موسييى بيين‬
‫عبيدة‪ ,‬حدثني أبو الزهر معاوية بن إسحاق بن طلحة عيين‬
‫عبد الله بن عمير أنه سمع أنس بن مالك رضي اللييه عنييه‬
‫يقول‪ :‬أتى جبرائيل عليه الصلة والسلم بمرآة بيضاء فيها‬
‫نكتة إلى رسول الله فقييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬ما هذه ؟« فقال‪ :‬هذه الجمعيية فضييلت بهييا أنييت‬
‫وأمتك‪ ,‬فالناس لكم فيها تبع اليهود والنصييارى ولكييم فيهييا‬

‫‪411‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫خير‪ ,‬ولكم فيها ساعة ل يوافقها مؤمن‪ ,‬يييدعو اللييه تعييالى‬
‫فيهييا بخييير إل اسييتجيب لييه وهييو عنييدنا يييوم المزيييد‪.‬‬
‫قال النبي صلى الله عليه وسييلم‪» :‬يييا جبريييل ومييا يييوم‬
‫المزيد ؟« قال عليه السلم‪ :‬إن ربك تبييارك وتعييالى اتخييذ‬
‫في الفردوس واديا ً أفيح فيه كثب المسك‪ ,‬فيإذا كيان يييوم‬
‫الجمعة أنزل الله تعالى ما شاء من ملئكته‪ ,‬وحيوله منييابر‬
‫من نور عليها مقاعد النبيين‪ ,‬وحفت تلك المنابر من ذهييب‬
‫مكلليية بالييياقوت والزبرجييد عليهييا الشييهداء والصييديقون‪,‬‬
‫فجلسوا مين ورائهيم عليى تليك الكثيب‪ ,‬فيقيول الليه عيز‬
‫وجييل‪ :‬أنييا ربكييم قييد صييدقتكم وعييدي فسييلوني أعطكييم‪,‬‬
‫فيقولون‪ :‬ربنا نسألك رضوانك‪ ,‬فيقول‪ :‬قييد رضيييت عنكييم‬
‫ولكم علي ما تمنيتم ولدي مزيد‪ .‬فهم يحبون يوم الجمعيية‬
‫لما يعطيهم فيه ربهم تبارك وتعالى من الخير‪ ,‬وهييو اليييوم‬
‫الذي استوى فيه ربكم على العرش وفيييه خلييق آدم وفيييه‬
‫تقوم الساعة‪ .‬هكذا أورده المام الشافعي رحمه الله فييي‬
‫كتاب الجمعة من الم‪ ,‬وله طرق عن أنس بن مالك رضي‬
‫اللييه عنييه‪ ,‬وقييد أورد ابيين جرييير هييذا الحييديث ميين رواييية‬
‫عثمان بن عمير عن أنس رضي الله عنه بأبسط من هييذا‪,‬‬
‫وذكر ههنا أثرًا(مطول ً عن أنس بن مالك رضييي اللييه عنييه‬
‫موقوفيييييييييييا ً وفييييييييييييه غيييييييييييرائب كيييييييييييثيرة‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا حسن حيدثنا ابين لهيعية‪ ,‬حيدثنا‬
‫دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد رضي اللييه عنييه‪ ,‬عيين‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسييلم قييال‪» :‬إن الرجييل فييي‬
‫الجنة ليتكىء في الجنة سبعين سيينة قبييل أن يتحييول‪ ,‬ثييم‬
‫تأتيه امرأة تضييرب علييى منكبييه فينظيير وجهييه فييي خييدها‬
‫أصفى من المرآة‪ ,‬وإن أدنى لؤليؤة عليهيا تضييء مييا بييين‬
‫المشرق والمغرب فتسلم عليه فيرد السلم فيسييألها ميين‬
‫أنت ؟ فتقول أنا من المزيد وإنه ليكون عليها سبعون حلة‬
‫أدناها مثل النعمان من طوبى فينفذها بصره حتى يرى مخ‬
‫سيياقها ميين وراء ذلييك‪ ,‬وإن عليهييا ميين التيجييان إن أدنييى‬
‫لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب« وهكذا رواه‬
‫عبد الله بن وهيب عين عميرو بيين الحيارث عيين دراج بيه‪.‬‬

‫‪412‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫طشا ً فَن َّقُبوا ْ‬ ‫من ُْهم ب َ ْ‬ ‫شد ّ ِ‬ ‫م أَ َ‬ ‫ن هُ ْ‬ ‫من قَْر ٍ‬ ‫م ّ‬


‫** وك َ َ‬
‫م أهْل َك َْنا قَب ْل َهُ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫من كييا َ‬ ‫ْ‬
‫ك لذِكَرىَ ل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ن ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫ص * إِ ّ‬ ‫ِفي ال ْب ِل َدِ هَ ْ‬
‫حي ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫من ّ‬ ‫ل ِ‬
‫َ َ‬
‫خل َْقَنييا‬ ‫شييِهيد ٌ * وَل ََقييد ْ َ‬ ‫هييوَ َ‬ ‫مع َ و َ ُ‬
‫سيي ْ‬ ‫ب أوْ أل َْقييى ال ّ‬ ‫ه قَْليي ٌ‬ ‫َليي ُ‬
‫ميين‬ ‫َ‬
‫سَنا ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ما َ‬ ‫ست ّةِ أّيام ٍ وَ َ‬ ‫ما ِفي ِ‬ ‫ما ب َي ْن َهُ َ‬‫ض وَ َ‬ ‫ت َوالْر َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬
‫ال ّ‬
‫ل‬ ‫ك قَْبي َ‬ ‫ميدِ َرّبي َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ح بِ َ‬ ‫سيب ّ ْ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ميا ي َُقوُليو َ‬ ‫ى َ‬ ‫َ‬
‫صب ِْر عَل َ‬‫ب * َفا ْ‬ ‫ل ُّغو ٍ‬
‫ه وَأ َد َْباَر‬‫ح ُ‬ ‫ل فَ َ‬
‫سب ّ ْ‬ ‫ن الل ّي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ب * وَ ِ‬ ‫ل ال ْغُُرو ِ‬ ‫س وَقَب ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ط ُُلوِع ال ّ‬
‫جودِ‬ ‫سييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ُ‬ ‫ال ّ‬
‫يقول تعالى‪ :‬وكم أهلكنا قبل هؤلء المكذبين }من قييرن‬
‫هم أشد منهييم بطش يًا{ أي كييانوا أكييثر منهييم وأشييد قييوة‬
‫وأثاروا الرض وعمروهاأكثر مما عمروها ولهذا قال تعييالى‬
‫ههنا‪} :‬فنقبوا في البلد هل من محيص{ قال ابيين عبيياس‬
‫رضي الله عنهما‪ :‬أثروا فيهييا‪ .‬وقييال مجاهييد }فنقبييوا فييي‬
‫البلد{ ضربوا في الرض وقال قتييادة‪ :‬فسيياروا فييي البلد‬
‫أي ساروا فيها يبتغون الرزاق والمتيياجر والمكاسييب أكييثر‬
‫مما طفتم بها‪ ,‬ويقال لمن طوف في البلد نقب فيها‪ ,‬قال‬
‫اميييييييييييييييييييييييييييييييرؤ القييييييييييييييييييييييييييييييييس‪:‬‬
‫لفيياق حييتى رضيييت ميين الغنيميية بالييياب‬ ‫لقد نقبت فييي ا َ‬
‫وقوله تعالى‪} :‬هل من محيص{ أي هييل ميين مفيير كييان‬
‫لهم من قضيياء اللييه وقييدره وهييل نفعهييم مييا جمعييوه ورد‬
‫عنهم عذاب الله إذ جاءهم لما كذبوا الرسل فأنتم أيضييا ً ل‬
‫مفر لكم ول محيد ول مناص ول محيص‪ .‬وقوله عز وجييل‪:‬‬
‫}إن في ذلك لذكرى{ أي لعبرة }لمن كان لييه قلييب{ أي‬
‫لب يعيي بيه وقيال مجاهيد‪ :‬عقيل }أو ألقيى السيمع وهيو‬
‫شهيد{ أي استمع الكلم فوعاه وتعقله بعقله وتفهمه بلبه‪,‬‬
‫وقال مجاهد‪} :‬أو ألقى السمع{ يعني ل يحدث نفسه فييي‬
‫هذا بقلب‪ ,‬وقال الضحاك‪ :‬العرب تقول ألقى فلن سييمعه‬
‫إذا استمع بأذنيه‪ ,‬وهو شاهد بقلب غير غائب‪ ,‬وهكييذا قييال‬
‫الثوري وغير واحد‪ .‬وقوله سييبحانه وتعييالى‪} :‬ولقييد خلقنييا‬
‫السموات والرض وما بينهما في ستة أيام وما مسيينا ميين‬
‫لغييوب{ فيييه تقرييير للمعيياد لن ميين قييدر علييى خلييق‬

‫‪413‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السموات والرض ولم يعي بخلقهن قييادر علييى أن يحيييي‬
‫الموتى بطريق الولى والحرى‪ ,‬وقال قتادة‪ :‬قالت اليهييود‬
‫ي عليهم لعائن الله ي خلق الله السموات والرض في سييتة‬
‫أيام ثم استراح في اليوم السابع وهييو يييوم السييبت‪ ,‬وهييم‬
‫يسمونه يوم الراحة فأنزل الله تعالى تكذيبهم فيمييا قييالوه‬
‫وتأولوه }وما مسنا من لغوب{ أي من إعييياء ول تعييب ول‬
‫لييية الخييرى‪} :‬أولييم‬ ‫نصب‪ ,‬كما قال تبييارك وتعييالى فييي ا َ‬
‫يييروا أن اللييه الييذي خلييق السييموات والرض ولييم يعييي‬
‫بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بل إنه على كل شيء‬
‫قدير{ وكما قال عز وجل‪} :‬لخلق السموات والرض أكبر‬
‫ميين خلييق النيياس{ وقييال تعييالى‪} :‬أأنتييم أشييد خلق يا ً أم‬
‫السييييييييييييييييييييييييييييماء بناهييييييييييييييييييييييييييييا ؟{‪.‬‬
‫وقييوله عييز وجييل‪} :‬فاصييبر علييى مييا يقولييون{ يعنييي‬
‫المكذبين اصبر عليهم واهجرهم هجرا ً جميل ً }وسبح بحمد‬
‫ربك قبل طلوع الشمس وقبييل الغييروب{ وكييانت الصييلة‬
‫المفروضة قبل السييراء ثنييتين قبييل طلييوع الشييمس فييي‬
‫وقت الفجر وقبل الغروب في وقت العصيير‪ ,‬وقيييام الليييل‬
‫كان واجبا ً على النبي صلى الليه علييه وسييلم وعليى أمتييه‬
‫حول ً ثم نسخ في حق المة وجوبه ثم بعد ذلييك نسييخ الليه‬
‫تعالى ذلك كله ليلة السراء بخمس صلوات‪ ,‬ولكيين منهيين‬
‫صييلة الصييبح والعصيير فهمييا قبييل طلييوع الشييمس وقبييل‬
‫الغييروب‪ .‬وقييد قييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا وكيييع‪ ,‬حييدثنا‬
‫إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عيين جرييير‬
‫بن عبد الله رضي الله عنهما قال‪ :‬كنا جلوس يا ً عنييد النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليليية البييدر فقييال‪:‬‬
‫»أما إنكم ستعرضون على ربكييم فييترونه كمييا تييرون هييذا‬
‫القمر ل تضييامون فيييه‪ ,‬فييإن اسييتطعتم أن ل تغلبييوا علييى‬
‫صلة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فييافعلوا« ثييم قييرأ‬
‫}وسبح بحمد ربك قبييل طلييوع الشييمس وقبييل الغييروب{‬
‫ورواه البخييياري ومسيييلم وبقيييية الجماعييية مييين حيييديث‬
‫إسيييييييييييييييييييييييييييييييماعيل بيييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬

‫‪414‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ومن الليل فسبحه{ أي فصل له كقييوله‪:‬‬
‫}ومن اللييل فتهجيد بيه نافلية ليك عسيى أن يبعثيك ربيك‬
‫مقاما ً محمودًا{ }وأدبار السجود{ قال ابن أبي نجيييح عيين‬
‫مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما‪ :‬هييو التسييبيح بعييد‬
‫الصلة‪ .‬ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيحين عيين أبييي هريييرة‬
‫رضي الله عنه أنه قال‪ :‬جاء فقراء المهيياجرين فقييالوا‪ :‬يييا‬
‫رسول اللييه ذهييب أهييل الييدثور بالييدرجات العلييى والنعيييم‬
‫المقيم‪ ,‬فقال النبي صلى الله عليه وسييلم‪» :‬ومييا ذاك ؟«‬
‫قيييالوا‪ :‬يصيييلون كميييا نصيييلي‪ ,‬ويصيييومون كميييا نصيييوم‪,‬‬
‫ويتصدقون ول نتصدق‪ ,‬ويعتقون ول نعتق‪ .‬قال صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬أفل أعلمكم شيييئا ً إذا فعلتمييوه سييبقتم ميين‬
‫بعدكم ول يكون أحييد أفضييل منكييم إل ميين فعييل مثييل مييا‬
‫فعلتم ؟ تسبحون وتحمدون وتكبرون دبيير كييل صييلة ثلثيا ً‬
‫وثلثين« قال‪ :‬فقييالوا يييا رسييول اللييه سييمع إخواننييا أهييل‬
‫المييوال بمييا فعلنييا ففعلييوا مثلييه‪ .‬فقييال صيلى الليه علييه‬
‫وسلم‪» :‬ذلك فضل الله يؤتيه ميين يشيياء« والقييول الثيياني‬
‫أن المراد بقوله تعالى‪} :‬وأدبييار السييجود{ همييا الركعتييان‬
‫بعد المغرب وروي ذلك عن عمر وعلي وابنه الحسن وابن‬
‫عباس وأبي هريرة وأبي أمامة رضي الله عنهم وبه يقييول‬
‫مجاهييد وعكرميية والشييعبي والنخعييي والحسيين وقتييادة‬
‫وغيرهيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬
‫قال المام أحمد حدثنا وكيع وعبييد الرحميين عيين سييفيان‬
‫عن أبي إسحاق‪ ,‬عن عاصم بيين ضييمرة عيين علييي رضييي‬
‫الله عنه قييال‪ :‬كيان رسييول الليه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫يصييلي علييى أثيير كييل صييلة مكتوبيية ركعييتين إل الفجيير‬
‫والعصر‪ ,‬وقال عبد الرحمن دبر كل صييلة‪ .‬ورواه أبييو داود‬
‫والنسييائي ميين حييديث سييفيان الثييوري بييه‪ ,‬زاد النسييائي‬
‫ومطرف عن أبي إسحاق به‪ .‬وقال ابن أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا‬
‫هارون بن إسحاق الهمداني‪ ,‬حدثنا ابن فضيل عن رشدين‬
‫بن كريب عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهمييا قييال‪:‬‬
‫بت ليلة عند رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪ ,‬فصييلى‬
‫ركعتين خفيفتين اللتين قبل الفجر‪ ,‬ثييم خييرج إلييى الصييلة‬

‫‪415‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقييال يييا ابيين عبيياس »ركعييتين قبييل صييلة الفجيير إدبييار‬
‫النجييوم‪ ,‬وركعييتين بعييد المغييرب إدبييار السييجود« ورواه‬
‫الترمذي عن أبي هشام الرفاعي عن محمد بن فضيل به‪.‬‬
‫وقييال‪ :‬غريييب ل نعرفييه إل مين هيذا اليوجه‪ .‬وحيديث ابين‬
‫عباس رضي الله عنهما‪ ,‬وأنه بات في بيت خييالته ميمونيية‬
‫رضي الله عنها‪ ,‬وصلى تلييك الليليية مييع النييبي صييلى اللييه‬
‫عليييه وسييلم ثلث عشييرة ركعيية ثييابت فييي الصييحيحين‬
‫وغيرهما‪ .‬فأما هذه الزيييادة فغريبيية ل تعييرف إل ميين هييذا‬
‫الوجه ورشييدين بيين كريييب ضييعيف‪ ,‬ولعلييه ميين كلم ابيين‬
‫عبيياس رضييي اللييه عنهمييا موقوفييا ً عليييه‪ ,‬واللييه أعلييم‪.‬‬

‫م‬ ‫ب * َيييوْ َ‬ ‫ن قَ ِ‬
‫رييي ٍ‬ ‫كييا ٍ‬ ‫م َ‬‫ميين ّ‬ ‫مَنييادِ ِ‬ ‫م ي َُنييادِ ال ْ ُ‬ ‫معْ َيييوْ َ‬ ‫سييت َ ِ‬ ‫** َوا ْ‬
‫ن‬
‫حي ُ‬ ‫ج * إ ِن ّييا ن َ ْ‬ ‫خيُرو ِ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ك ي َيوْ ُ‬ ‫حقّ ذ َل ِي َ‬ ‫ة ب ِييال ْ َ‬
‫ح َ‬ ‫صيي ْ َ‬‫ن ال ّ‬ ‫مُعو َ‬ ‫سي َ‬‫يَ ْ‬
‫م‬‫ض عَن ْهُ ي ْ‬ ‫ش يّققُ الْر ُ‬ ‫م تَ َ‬ ‫صيييُر * ي َيوْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ت وَإ ِل َي َْنا ال ْ َ‬ ‫مي ُ‬‫حِييي وَن ُ ِ‬ ‫نُ ْ‬
‫َ‬
‫مآ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ما ي َُقوُلو َ‬ ‫ن أعْل َ ُ‬
‫م بِ َ‬ ‫ح ُ‬‫سيٌر * ن ّ ْ‬ ‫شٌر عَل َي َْنا ي َ ِ‬ ‫ح ْ‬‫ك َ‬ ‫سَراعا ً ذ َل ِ َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫عيييدِ‬ ‫ف وَ ِ‬ ‫خييا ُ‬ ‫ميين ي َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫جّبييارٍ َفييذ َك ّْر ِبييال ُْقْرآ ِ‬ ‫م بِ َ‬‫ت عَل َي ِْهيي ْ‬‫أنيي َ‬
‫يقول تعالى‪} :‬واستمع{ يا محمد }يييوم ينيياد المنيياد ميين‬
‫مكان قريييب{ قييال قتييادة‪ :‬قييال كعييب الحبييار يييأمر اللييه‬
‫تعييالى ملكيا ً أن ينييادي علييى صييخرة بيييت المقييدس أيتهييا‬
‫العظام البالية والوصال المتقطعة‪ ,‬إن الله تعالى يييأمركن‬
‫أن تجتمعن لفصل القضاء }يوم يسمعون الصيحة بالحق{‬
‫يعنييي النفخيية فييي الصييور الييتي تييأتي بييالحق الييذي كييان‬
‫أكثرهم فيه يمترون }ذلك يوم الخروج{ أي ميين الجييداث‬
‫}إنا نحن نحيي ونميت وإلينيا المصيير{ أي هيو اليذي يبيدأ‬
‫الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وإليه مصير الخلئق كلهم‪,‬‬
‫فيجازي كل ّ بعمله إن خييرا ً فخيير وإن شيرا ً فشير‪ .‬وقيوله‬
‫تعالى‪} :‬يوم تشقق الرض عنهم سييراعًا{ وذلييك أن اللييه‬
‫عز وجل ينزل مطرا ً من السماء ينبت بييه أجسيياد الخلئق‬
‫كلها في قبورها‪ ,‬كما ينبت الحب فييي الييثرى بالميياء‪ ,‬فييإذا‬
‫تكيياملت الجسيياد أميير اللييه تعييالى إسييرافيل فينفييخ فييي‬
‫الصور وقد أودعت الرواح في ثقب في الصييور فييإذا نفييخ‬

‫‪416‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إسرافيل فيه خرجت الرواح تتوهج بييين السييماء والرض‪,‬‬
‫فيقول الله عز وجل‪ :‬وعزتي وجللي لترجعن كل روح إلى‬
‫الجسد الذي كانت تعمييره فييترجع كييل روح إلييى جسييدها‪,‬‬
‫فتدب فيه كما يدب السم في اللديغ وتنشق الرض عنهييم‬
‫فيقومون إلى موقف الحساب سييراعا ً مبييادرين إلييى أميير‬
‫الله عز وجل }مهطعين إلييى الييداع يقييول الكييافرون هييذا‬
‫يوم عسر{ وقال تعالى‪} :‬يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده‬
‫ل{ وفي صحيح مسييلم عيين أنييس‬ ‫وتظنون إن لبثتم إل قلي ً‬
‫رضي الله عنييه قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬أنا أول من تنشق عنه الرض«‪ ,‬وقوله عز وجييل‪:‬‬
‫}ذلييك حشيير علينييا يسييير{ أي تلييك إعييادة سييهلة علينييا‪,‬‬
‫يسيرة لدينا كمييا قييال جييل جللييه‪} :‬ومييا أمرنييا إل واحييدة‬
‫كلمييييييييييييييييييييييييييييييح بالبصيييييييييييييييييييييييييييييير{‪.‬‬
‫وقال سبحانه وتعالى‪} :‬ما خلقكييم ول بعثكييم إل كنفييس‬
‫واحدة إن الله سميع بصير{ وقوله جل وعل‪} :‬نحن أعلييم‬
‫بمييا يقولييون{ أي نحيين علمنييا محيييط بمييا يقييول لييك‬
‫المشركون من التكيذيب فل يهولنييك ذليك كقييوله‪} :‬ولقييد‬
‫نعلم أنك يضيق صدرك بمييا يقولييون * فسييبح بحمييد ربييك‬
‫وكن ميين السياجدين * واعبييد ربيك حيتى يأتييك اليقيين{‪.‬‬
‫وقوله تبارك وتعالى‪} :‬وما أنت عليهم بجبييار{ أي ولسييت‬
‫بالذي تجبر هؤلء على الهدى‪ ,‬وليييس ذلييك مميياكلفت بييه‪.‬‬
‫وقال مجاهد وقتادة والضحاك }وما أنت عليهم بجبار{ أي‬
‫ل تتجبر عليهييم‪ ,‬والقييول الول أولييى‪ ,‬ولييو أراد مييا قييالوه‬
‫لقال‪ :‬ول تكن جبارا ً عليهم‪ ,‬وإنما قال‪} :‬ومييا أنييت عليهييم‬
‫بجبار{ بمعنى وما أنت بمجييبرهم علييى اليمييان إنمييا أنييت‬
‫مبلغ‪ ,‬وقال الفراء‪ :‬سمعت العييرب تقييول جييبر فلن فلنيا ً‬
‫على كذا أجبره‪ ,‬ثم قييال عييز وجييل‪} :‬فييذكر بييالقرآن ميين‬
‫يخيياف وعيييد{ أي بلييغ أنييت رسييالة ربييك فإنمايتييذكر ميين‬
‫يخاف الله ووعيييده ويرجييو وعييده‪ ,‬كقييوله تعييالى‪} :‬فإنمييا‬
‫عليك البلغ وعلينا الحسيياب{ وقييوله جييل جللييه‪} :‬فييذكر‬
‫إنما أنت مييذكر * لسيت عليهييم بمصيييطر{ }ليييس عليييك‬
‫هداهم ولكن اللييه يهييدي ميين يشيياء{ }إنييك ل تهييدي ميين‬

‫‪417‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أحببت ولكن الله يهدي من يشاء{ ولهذا قال تعالى ههنييا‪:‬‬
‫}وما أنت عليهم بجبار فييذكر بييالقرآن ميين يخيياف وعيييد{‬
‫كان قتادة يقول‪ :‬اللهم اجعلنا ممن يخيياف وعيييدك ويرجييو‬
‫موعيييييييييييييييييودك يابيييييييييييييييييار ييييييييييييييييييارحيم‪.‬‬
‫آخر تفسير سورة ق والحمد لله وحده وحسبنا اللييه ونعييم‬
‫الوكيل‪.‬‬

‫سورة الذاريات‬
‫حييييييييييييم ِ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬ ‫بِ ْ‬
‫سرا ً‬ ‫ت يُ ْ‬ ‫جارَِيا ِ‬ ‫ت وِْقرا ً * َفال ْ َ‬ ‫مل َ ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫ت ذ َْروا ً * َفال ْ َ‬ ‫ذارَِيا ِ‬ ‫** َوال ّ‬
‫َ‬
‫ن‬‫دي َ‬ ‫ن الي ّ‬ ‫صادِقٌ * وَإ ِ ّ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ُتوعَ ُ‬ ‫مرا ً * إ ِن ّ َ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫مَق ّ‬ ‫* َفال ْ ُ‬
‫ف*‬ ‫خت َل ِي ٍ‬ ‫م ْ‬‫ل ّ‬ ‫م ل َِفي قَوْ ٍ‬ ‫ك * إ ِن ّك ُ ْ‬ ‫حب ُ ِ‬ ‫ت ال ْ ُ‬‫ذا ِ‬ ‫مآِء َ‬ ‫س َ‬‫واقِعٌ * َوال ّ‬ ‫لَ َ‬
‫م فِييي‬ ‫ن هُ ي ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * ال ّي ِ‬ ‫صييو َ‬ ‫خّرا ُ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ك * قُت ِ َ‬ ‫ن أ ُفِ َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ه َ‬ ‫ك عَن ْ ُ‬ ‫ي ُؤْفَ ُ‬
‫م عَل َييى‬ ‫هون * يسأ َُلون أ َ‬
‫هي ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ن * ي َوْ َ‬ ‫ِ‬ ‫دي‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫يا‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫سا ُ َ‬ ‫مَرةٍ َ‬ ‫غَ ْ‬
‫ن‬ ‫جُلو َ‬ ‫ست َعْ ِ‬‫م ب ِهِ ت َ ْ‬ ‫ذي ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫ذا ال ّ ِ‬ ‫هـ َ‬ ‫م َ‬ ‫ذوُقوا ْ فِت ْن َت َك ُ ْ‬ ‫ن* ُ‬ ‫الّنارِ ي ُْفت َُنو َ‬
‫قال شعبة بن الحجاج عن سماك عن خالد بيين عرعييرة‬
‫أنه سمع عليا ً رضي الله عنه‪ ,‬وشعبة أيضا ً عن القاسم بن‬
‫أبي بزة عن أبي الطفيل أنه سيمع علييا ً رضييي الليه عنيه‪,‬‬
‫وثبت أيضا ً من غير وجه عن أمير المؤمنين علييي بيين أبييي‬
‫طالب رضي اللييه عنييه‪ ,‬أنييه صييعد منييبر الكوفيية فقييال‪ :‬ل‬
‫تسألوني عن آية في كتاب الله تعييالى‪ ,‬ول عيين سيينة عيين‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم إل أنبييأتكم بييذلك‪ ,‬فقييام‬
‫إليه ابن الكواء‪ ,‬فقال‪ :‬يا أمييير المييؤمنين مييا معنييى قييوله‬
‫تعالى‪} :‬والذاريات ذروًا{ قال علي رضي الله عنه‪ ,‬الريح‪,‬‬
‫قال‪} :‬فالحاملت وقرًا{ قال رضييي اللييه عنييه‪ :‬السييحاب‪,‬‬
‫قال‪} :‬فالجاريات يسرًا{ قييال رضييي اللييه عنييه‪ :‬السييفن‪,‬‬
‫قال‪} :‬فالمقسمات أمرًا{ قال رضيي الليه عنييه الملئكية‪.‬‬
‫وقد روي في ذلك حديث مرفوع‪ ,‬فقال الحافظ أبييو بكيير‬
‫البزار‪ :‬حدثنا إبراهيم بيين هييانىء‪ ,‬حييدثنا سييعيد بيين سييلم‬
‫العطار‪ ,‬حدثنا أبو بكر بن أبي سبرة عن يحيييى بيين سييعيد‬
‫عن سعيد بن المسيب‪ ,‬قال‪ :‬جاء صبيغ التميمي إلى عميير‬
‫بن الخطيياب رضييي اللييه عنييه فقييال‪ :‬يييا أمييير المييؤمنين‪,‬‬

‫‪418‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فأخبرني عن الذاريات ذروًا‪ ,‬فقييال رضييي اللييه عنييه‪ :‬هييي‬
‫الرياح‪ ,‬ولييول أنييي سييمعت رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم يقول ماقلته‪ .‬قال‪ :‬فأخبرني عن المقسييمات أمييرًا‪,‬‬
‫قال رضي الله عنه هي الملئكة‪ ,‬ولول أني سمعت رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يقييوله ميياقلته‪ ,‬قييال‪ :‬فييأخبرني‬
‫عن الجاريات يسرًا‪ ,‬قييال رضييي اللييه عنييه‪ :‬هييي السييفن‪,‬‬
‫ولول أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقييوله‬
‫ماقلته‪ .‬ثم أمر بضربه فضرب مائة وجعل في بيييت‪ ,‬فلمييا‬
‫برأ دعا به فضربه مائة أخرى وحمله على قتب وكتب إليى‬
‫أبي موسى الشييعري رضييي اللييه عنييه‪ :‬امنييع النيياس ميين‬
‫مجالسته‪ ,‬فلم يزل كذلك حتى أتى أبا موسى رضييي اللييه‬
‫عنه‪ ,‬فحلف باليمان المغلظة ما يجد في نفسه ممييا كييان‬
‫يجد شيئًا‪ ,‬فكتب في ذلك إلى عمر رضي الله عنه‪ ,‬فكتييب‬
‫عميير‪ :‬مييا إخيياله إل قييد صييدق فخييل بينييه وبييين مجالسيية‬
‫الناس‪ .‬قال أبو بكر البزار‪ :‬فأبو بكر بيين أبييي سييبرة لييين‪,‬‬
‫وسعيد بن سلم ليس من أصييحاب الحييديث‪ .‬قلييت‪ :‬فهييذا‬
‫الحديث ضعيف رفعه وأقييرب مييا فيييه أنييه موقييوف علييى‬
‫عمر رضي الله عنه‪ ,‬فإن قصة صبيغ بيين عسييل مشييهورة‬
‫مع عمر رضي الله عنه‪ ,‬وإنما ضربه لنه ظهر له من أمره‬
‫فيما يسأل تعنتا ً وعنادًا‪ ,‬والله أعلم‪ .‬وقد ذكر الحيافظ ابين‬
‫عسيياكر هييذه القصيية فييي ترجميية صييبيغ مطوليية‪ ,‬وهكييذا‬
‫فسرها ابن عباس وابن عميير رضييي اللييه عنهييم‪ ,‬ومجاهييد‬
‫وسعيد بن جبير والحسن وقتادة والسدي وغير واحد‪ ,‬ولييم‬
‫يحك ابن جرييير وابيين أبييي حيياتم غييير ذلييك‪ ,‬وقييد قيييل إن‬
‫المييراد بالييذاريات الريييح كمييا تقييدم‪,‬وبالحيياملت وقييرا ً‬
‫السحاب كما تقدم‪ ,‬لنهييا تحمييل الميياء كمييا قييال زيييد بيين‬
‫عمييييييييييييييييييييرو بيييييييييييييييييييين نفيييييييييييييييييييييل‪:‬‬
‫وأسلمت نفسي لميين أسييلمتله المييزن تحمييل عييذبا ً زلل‬
‫فأما الجاريات يسرا ً فالمشهور عن الجمهييور كمييا تقييدم‬
‫ل‪ ,‬وقييال‬‫أنها السفن‪ ,‬تجري ميسييرة فييي الميياء جرييا ً سييه ً‬
‫بعضهم‪ :‬هي النجوم تجري يسرا ً فييي أفلكهييا ليكييون ذلييك‬
‫ترقيا ً من الدنى إلى العلى إلى ما هو أعلى منه‪ ,‬فالرييياح‬

‫‪419‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فوقها السحاب‪ ,‬والنجوم فييوق كييذلك‪ ,‬والمقسييمات أمييرا ً‬
‫الملئكة فوق ذلك تنييزل بييأوامر اللييه الشييرعية والكونييية‪,‬‬
‫وهذا قسم من الله عز وجل على وقوع المعاد‪ ,‬ولهذا قال‬
‫تعييالى‪} :‬إنمييا توعييدون لصييادق{ أي لخييبر صييدق }وإن‬
‫الييدين{ وهييو الحسيياب }لواقييع{ أي لكييائن ل محاليية‪.‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬والسماء ذات الحبك{ قييال ابيين عبيياس‬
‫رضي الله عنهما‪ :‬ذات الجمال والبهاء والحسن والستواء‪,‬‬
‫وكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وأبو ماليك وأبييو‬
‫صالح والسدي وقتادة وعطييية العييوفي والربيييع بيين أنييس‬
‫وغيرهم‪ .‬وقال الضحاك والمنهال بن عمرو وغيرهمييا مثييل‬
‫تجعد الماء والرمل والزرع‪ ,‬إذا ضربته الريح فينسج بعضييه‬
‫بعضا ً طرائق طرائق‪ ,‬فذلك الحبك‪ .‬قال ابن جرير‪ :‬حدثني‬
‫يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬حدثنا ابن علية‪ ,‬حدثنا أيييوب عيين أبييي‬
‫قلبة عن رجل من أصحاب النبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنييه قييال‪» :‬إن ميين‬
‫ورائكم الكذاب المضل‪ ,‬وإن رأسه من ورائه حبييك حبييك«‬
‫يعني بالحبك الجعودة‪ :‬وعن أبي صالح‪ :‬ذات الحبك الشدة‬
‫وقال خصيف‪ :‬ذات الحبك ذات الصفاقة‪ .‬وقال الحسن بن‬
‫أبي الحسن البصري‪ :‬ذات الحبييك حبكييت بييالنجوم‪ ,‬وقييال‬
‫قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بيين أبييي طلحيية‬
‫عن عمرو البكالي عن عبد الله بن عمر رضي الليه عنهميا‬
‫}والسماء ذات الحبك{ يعني السماء السابعة‪ ,‬وكأنه والله‬
‫أعلم أراد بذلك السماء التي فيهييا الكييواكب الثابتيية‪ ,‬وهييي‬
‫عند كثير من علماء الهيئة فييي الفلييك الثييامن الييذي فييوق‬
‫السييييييييييييييييييابع‪ ,‬واللييييييييييييييييييه أعلييييييييييييييييييم‪.‬‬
‫وكل هذه القوال ترجييع إلييى شيييء واحييد وهييو الحسيين‬
‫والبهاء كما قال ابن عباس رضييي اللييه عنهمييا‪ ,‬فإنهييا ميين‬
‫حسيينها مرتفعيية شييفافة صييفيقة شييديدة البنيياء متسييعة‬
‫الرجاء أنيقة البهيياء‪ ,‬مكلليية بييالنجوم الثييوابت والسيييارات‬
‫موشييحة بالشييمس والقميير والكييواكب الزهييرات وقييوله‬
‫تعالى‪} :‬إنكم لفي قول مختلف{ أي إنكم أيها المشركون‬
‫المكذبون للرسل لفي قول مختلف مضطرب ل يلييتئم ول‬

‫‪420‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يجتمع‪ ,‬وقال قتادة‪ :‬إنكم لفي قول مختلف ما بين مصيدق‬
‫بالقرآن ومكذب به‪} .‬يؤفك عنك من أفك{ أي إنمييا يييروج‬
‫على من هو ضال في نفسه‪ ,‬لنه قول باطل إنما ينقاد لييه‬
‫ويضل بسببه‪ ,‬ويؤفك عنه من هو مأفوك ضال غمر لفهييم‬
‫له كما قال تعالى‪} :‬فإنكم وما تعبدون ماأنتم عليه بفاتنين‬
‫* إل من هو صال الجحيييم{ قييال ابيين عبيياس رضييي اللييه‬
‫عنهما والسدي }يؤفك عنه من أفك{ يضل عنه من ضييل‪.‬‬
‫وقال مجاهد }يؤفك عنه من أفك{ يييؤفن عنييه ميين أفيين‪,‬‬
‫وقال الحسن البصري‪ :‬يصرف عن هذا القييرآن ميين كييذب‬
‫بييه‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬قتييل الخراصييون{ قييال مجاهييد‪:‬‬
‫الكذابون‪ ,‬قال‪ :‬وهي مثل التي في عبييس }قتييل النسييان‬
‫ماأكفره{ والخراصون الذين يقولون ل نبعث ول يوقنييون‪.‬‬
‫وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهمييا‬
‫}قتل الخراصون{ أي لعين المرتيابون‪ .‬وهكيذا كيان معياذ‬
‫رضي الله عنه يقول في خطبتييه‪ .‬هلييك المرتييابون‪ .‬وقييال‬
‫قتييادة‪ :‬الخراصييون أهييل الغييرة والظنييون‪ .‬وقييوله تبييارك‬
‫وتعالى‪} :‬الذين هم في غمرة سيياهون{ قييال ابيين عبيياس‬
‫رضي الله عنهما وغير واحييد فييي الكفيير والشييك غييافلون‬
‫لهون }يسألون أيان يوم الدين{ وإنما يقولون هذا تكذيبا ً‬
‫وعنادا ً وشكا ً واستبعادًا‪ ,‬قال الله تعييالى‪} :‬يييوم هييم علييى‬
‫النار يفتنون{ قال ابن عباس ومجاهد والحسن وغير واحد‬
‫يفتنون يعذبون‪ .‬قال مجاهد كما يفتن الييذهب علييى النييار‪,‬‬
‫وقييال جماعيية آخييرون كمجاهييد أيض يا ً وعكرميية وإبراهيييم‬
‫النخعي وزيد بن أسلم وسفيان الثييوري‪ :‬يفتنييون يحرقييون‬
‫}ذوقييوا فتنتكييم{ قييال مجاهييد‪ :‬حريقكييم‪ ,‬وقييال غيييره‪:‬‬
‫عذابكم }هذا الذي كنتم به تستعجلون{ أي يقال لهم ذلك‬
‫تقريعييييا ً وتوبيخييييا ً وتحقيييييرا ً وتصييييغيرًا‪ ,‬واللييييه أعلييييم‪.‬‬

‫م‬‫م َرب ّهُ ي ْ‬ ‫مآ آت َيياهُ ْ‬‫ن َ‬ ‫ذي َ‬


‫خ ِ‬ ‫ن* آ ِ‬ ‫ت وَعُُيو ٍ‬ ‫جّنا ٍ‬
‫ن ِفي َ‬ ‫مت ِّقي َ‬‫ن ال ْ ُ‬‫** إ ِ ّ‬
‫مييا‬
‫ل َ‬ ‫ميين الل ّي ْي ِ‬ ‫ن * ك َيياُنوا ْ قَِليل ً ّ‬ ‫سِني َ‬‫ح ِ‬‫م ْ‬
‫ك ُ‬ ‫كاُنوا ْ قَب ْ َ‬
‫ل ذ َل ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫إ ِن ّهُ ْ‬
‫ق‬ ‫َ‬
‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫وال ِهِ ْ‬
‫م َ‬
‫يأ ْ‬ ‫ن * وَفِ َ‬ ‫ست َغِْفُرو َ‬
‫م يَ ْ‬‫حارِ هُ ْ‬‫س َ‬‫ن * وَِبال ْ‬ ‫جُعو َ‬ ‫ي َهْ َ‬

‫‪421‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ي‬
‫ن * وَِفيي َ‬ ‫موقِِني َ‬ ‫ت ل ّل ْ ُ‬‫ض آَيا ٌ‬ ‫حُروم ِ * وَِفي الْر ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َوال ْ َ‬ ‫ّلل ّ‬
‫سآئ ِ ِ‬
‫َأنُفسك ُ َ‬
‫ن‬‫دو َ‬
‫ما ُتوعَ ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫مآِء رِْزقُك ُ ْ‬ ‫س َ‬‫ن * وَِفي ال ّ‬ ‫صُرو َ‬‫م أفَل َ ت ُب ْ ِ‬ ‫ِ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م َتنط ُِقييو َ‬ ‫مآ أن ّك ُ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ َ‬
‫حق ّ ّ‬‫ه لَ َ‬
‫ض إ ِن ّ ُ‬
‫مآِء َوالْر ِ‬
‫س َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫* فَوََر ّ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن المتقين لله عييز وجييل أنهييم يييوم‬
‫معييادهم يكونييون فييي جنييات وعيييون بخلف مييا أولئك‬
‫الشقياء فيه من العذاب والنكال والحريق والغلل‪ .‬وقوله‬
‫تعالى‪} :‬آخذين ما آتاهم ربهم{ قال ابن جرير‪ :‬أي عاملين‬
‫بمييا آتيياهم اللييه ميين الفييرائض }إنهييم كييانوا قبييل ذلييك‬
‫محسيينين{ أي قبييل أن يفييرض عليهييم الفييرائض كييانوا‬
‫محسنين في العمال أيضًا‪ ,‬ثم روي عن ابيين حميييد حييدثنا‬
‫مهران عن سفيان عن أبي عمر عن مسييلم البطييين‪ ,‬عيين‬
‫ابن عباس رضييي اللييه عنهمييا فييي قييوله تعييالى‪} :‬آخييذين‬
‫ماآتاهم ربهم{ قال‪ :‬من الفرائض }إنهييم كييانوا قبييل ذلييك‬
‫محسنين{ قبل الفرائض يعملون‪ ,‬وهذا السناد ضييعيف ول‬
‫يصييييح عيييين ابيييين عبيييياس رضييييي اللييييه عنهمييييا‪.‬‬
‫وقد رواه عثمان بن أبي شيبة عن معاوية بن هشام عيين‬
‫سفيان‪ ,‬عن أبي عمر البزار عن مسلم البطين عن سييعيد‬
‫بن جبير‪ ,‬عن ابن عباس رضي الله عنهما فييذكره‪ ,‬والييذي‬
‫فسر به ابن جرير فيه نظر‪ ,‬لن قوله تبارك وتعالى آخذين‬
‫حال ميين قييوله فييي جنييات وعيييون‪ ,‬فييالمتقون فييي حييال‬
‫كونهم في الجنات والعيون آخذين ماآتيياهم ربهييم‪ ,‬أي ميين‬
‫النعيم والسرور والغبطة‪ ,‬وقييوله عييز وجييل‪} :‬إنهييم كييانوا‬
‫قبل ذلييك{ أي فييي الييدار الييدنيا }محسيينين{ كقييوله جييل‬
‫جلله‪} :‬كلوا واشربوا هنيئا ً بما أسلفتم في اليام الخالية{‬
‫ثم إنه تعالى بييين إحسييانهم فييي العمييل فقييال جييل وعل‪:‬‬
‫}كانوا قليل ً من الليل ما يهجعون{ اختلف المفسرون في‬
‫ذلك على قولين‪) :‬أحدهما( أن }مييا{ نافييية تقييديره كييانوا‬
‫قليل ً من الليييل ل يهجعييونه‪ ,‬قييال ابيين عبيياس رضييي اللييه‬
‫عنهما‪ :‬لم تكن تمضييي عليهييم ليليية إل يأخييذون منهييا ولييو‬
‫شيئًا‪ ,‬وقال قتادة عن مطييرف بيين عبييد اللييه‪ :‬قييل ليليية ل‬
‫تأتي عليهم إل يصلون فيها لله عز وجل‪ ,‬إما من أولها وإما‬
‫من أوسييطها‪ .‬وقييال مجاهييد‪ :‬قييل مييا يرقييدون ليليية حييتى‬

‫‪422‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الصباح ل يتهجدون‪ ,‬وكذا قال قتادة‪ ,‬وقال أنس بيين مالييك‬
‫رضي الله عنه وأبييو العالييية‪ :‬كييانوا يصييلون بييين المغييرب‬
‫والعشاء‪ .‬وقال أبو جعفر الباقر كانوا ل ينامون حتى يصلوا‬
‫العتمة‪) ,‬والقول الثاني( أن }مييا{ مصييدرية تقييديره كييانوا‬
‫قليل ً ميين الليييل هجييوعهم ونييومهم‪ ,‬واختيياره ابيين جرييير‪.‬‬
‫وقييال الحسيين البصييري }كييانوا قليل ً ميين الليييل مييا‬
‫يهجعون{ كابدوا قيام الليل فل ينامون من الليييل إل أقلييه‪,‬‬
‫ونشطوا فمدوا إلى السحر حييتى كييان السييتغفار بسييحر‪,‬‬
‫وقال قتادة‪ :‬قال الحنف بن قيس }كييانوا قليل ً ميين الليييل‬
‫ما يهجعون{ كانوا ل ينامون إل قليل ً ثم يقول‪ :‬لسييت ميين‬
‫لية‪ .‬وقال الحسيين البصييري‪ :‬كييان الحنييف بيين‬ ‫أهل هذه ا َ‬
‫قيس يقول عرضت عملي على عمل أهل الجنة‪ ,‬فإذا قوم‬
‫قد باينونا بونا ً بعيدًا‪ ,‬إذا قوم ل نبلغ أعمالهم كانوا قليل ً من‬
‫الليل ما يهجعون‪ ,‬وعرضت عملي علييى عمييل أهييل النييار‪,‬‬
‫فإذا قوم ل خير فيهم مكيذبون بكتيياب الليه وبرسيل الليه‪,‬‬
‫مكذبون بالبعث بعد الموت‪ ,‬فقد وجدت من خيرنييا منزليية‬
‫قوما ً خلطوا عمل ً صالحا ً وآخر سيئًا‪ .‬وقال عبد الرحمن بن‬
‫زيد بن أسلم‪ :‬قال رجل من بني تميم لبي‪ :‬يييا أبييا أسييامة‬
‫صفة ل أجدها فينا ذكر الله تعالى قوما ً فقال‪} :‬كانوا قليل ً‬
‫من الليل مييا يهجعييون{ ونحيين والليه قليل ً ميين الليييل مييا‬
‫نقوم‪ ,‬فقال له أبي رضي الله عنييه‪ :‬طييوبى لميين رقييد إذا‬
‫نعس واتقى الله إذا اسييتيقظ‪ .‬وقييال عبييد اللييه بيين سييلم‬
‫رضي الله عنه‪ :‬لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫المدينة انجفل الناس إليه‪ ,‬فكنت فيمن انجفل‪ ,‬فلما رأيت‬
‫وجهه صلى الله عليه وسلم عرفت أن وجهييه ليييس بييوجه‬
‫رجل كذاب‪ ,‬فكان أول ما سمعته صلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫يقول‪» :‬يا أيهييا النيياس أطعمييوا الطعييام‪ ,‬وصييلوا الرحييام‪,‬‬
‫وأفشوا السلم‪ ,‬وصلوا بالليل والناس نيييام تييدخلوا الجنيية‬
‫بسييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييلم«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا حسيين بيين موسييى‪ ,‬حييدثنا ابيين‬
‫لهيعة حدثني حيييي بيين عبييد اللييه عيين أبييي عبييد الرحميين‬
‫الحبلي عن عبد الله بن عمير رضيي الليه عنهميا قيال‪ :‬إن‬

‫‪423‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رسول الله صلى اللييه عليييه وسيلم قيال‪» :‬إن فييي الجنيية‬
‫غرفا ً يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها« فقييال‬
‫أبو موسى الشعري رضي الله عنه‪ :‬لميين هييي يييا رسييول‬
‫اللييه ؟ قييال صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬لميين ألن الكلم‪,‬‬
‫وأطعم الطعام‪ ,‬وبات لله قائما ً والناس نيام« وقال معميير‬
‫في قوله تعالى‪} :‬كانوا قليل ً من الليل مييا يهجعييون{ كييان‬
‫الزهري والحسن يقولن كانوا كثيرا ً من الليل مييا يصييلون‪,‬‬
‫وقال ابن عباس رضي الله عنهما وإبراهيم النخعي }كانوا‬
‫قليل ً من الليل مييا يهجعييون{ مييا ينييامون‪ .‬وقييال الضييحاك‬
‫ل{ ثم ابتدأ فقييال‪:‬‬ ‫}إنهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قلي ً‬
‫}من الليل ما يهجعون وبالسييحار هييم يسييتغفرون{ وهييذا‬
‫القييييييييييييول فيييييييييييييه بعييييييييييييد وتعسييييييييييييف‪.‬‬
‫وقييوله عييز وجييل‪} :‬وبالسييحار هييم يسييتغفرون{ قييال‬
‫مجاهييد وغييير واحييد‪ :‬يصييلون وقييال آخييرون‪ :‬قياموا الليييل‬
‫وأخروا الستغفار إليى السيحار كميا قيال تبيارك وتعيالى‪:‬‬
‫}والمستغفرين بالسحار{ فإن كان السييتغفار فييي صييلة‬
‫فهو أحسن‪ .‬وقد ثبت في الصحاح وغيرها عن جماعة ميين‬
‫الصحابة رضي الله عنهم‪ ,‬عن رسول الله صلى الله عليييه‬
‫وسلم أنه قال‪» :‬إن الله تعالى ينزل كيل ليلية إليى سيماء‬
‫الدنيا حين يبقى ثلث الليل الخير‪ ,‬فيقييول هييل ميين تييائب‬
‫فأتوب عليه‪ ,‬هل من مستغفر فيأغفر ليه‪ ,‬هيل مين سيائل‬
‫فيعطييى سييؤله ؟ حييتى يطلييع الفجيير« وقييال كييثير ميين‬
‫المفسرين في قوله تعالى إخبارا ً عن يعقوب أنه قال لبنيه‬
‫}سييوف أسييتغفر لكييم ربييي{ قييالوا أخرهييم إلييى وقييت‬
‫السيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييحر‪.‬‬
‫وقييوله تبييارك وتعييالى‪} :‬وفييي أمييوالهم حييق للسييائل‬
‫والمحييروم{ لمييا وصييفهم بالصييلة ثنييى بوصييفهم بالزكيياة‬
‫والبر والصلة فقال‪} :‬وفي أموالهم حق{ أي جزء مقسوم‬
‫قد أفرزوه للسائل والمحروم‪ .‬أما السائل فمعييروف وهييو‬
‫الذي يبتدىء بالسيؤال‪ ,‬وليه حيق كميا قيال الميام أحميد‪:‬‬
‫حدثنا وكيع وعبد الرحمن قال‪ :‬حدثنا سييفيان عيين مصييعب‬
‫بيين محمييد عيين يعلييى بيين أبييي يحيييى‪ ,‬عيين فاطميية بنييت‬

‫‪424‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الحسين عن أبيها الحسين بن علي رضي الله عنهما قييال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬للسائل حييق وإن‬
‫جاء على فرس« ورواه أبو داود من حديث سفيان الثوري‬
‫به‪ .‬ثم أسنده من وجه آخر عن علي بن أبي طالب رضييي‬
‫الله عنه‪ ,‬وروي ميين حييديث الهرميياس بيين زييياد مرفوعيًا‪,‬‬
‫وأما المحروم فقال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهييد‪:‬‬
‫هو المحارف الذي ليييس لييه فييي السييلم سييهم‪ ,‬يعنييى ل‬
‫سهم له في بيييت المييال ول كسييب لييه ول حرفيية يتقييوت‬
‫منها‪ ,‬وقييالت أم المييؤمنين عائشيية رضييي اللييه عنهييا‪ :‬هييو‬
‫المحارف الذي ل يكاد يتيسر له مكسييبه‪ ,‬وقييال الضييحاك‪:‬‬
‫هو الذي ل يكون له مييال إل ذهيب‪ ,‬قضيى الليه تعييالى ليه‬
‫ذلك‪ .‬وقييال أبييو قلبيية‪ :‬جيياء سيييل باليماميية فييذهب بمييال‬
‫رجيل‪ ,‬فقيال رجيل مين الصيحابة رضيي الليه عنهيم‪ :‬هيذا‬
‫المحروم وقال ابن عباس رضي الله عنهمييا أيض يا ً وسييعيد‬
‫بن المسيب وإبراهيم النخعي ونافع مولى ابن عمر رضييي‬
‫الله عنهما وعطاء بن أبي رباح‪ :‬المحروم المحارف‪ .‬وقال‬
‫قتييادة والزهييري‪ :‬المحييروم الييذي ل يسييأل النيياس شيييئًا‪.‬‬
‫قال الزهري وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫»ليس المسكين بالطواف الييذي تييرده اللقميية واللقمتييان‬
‫والتمرة والتمرتان‪ ,‬ولكن المسكين الذي ل يجد غنى يغنيه‬
‫ول يفطن لييه فيتصييدق عليييه« وهييذا الحييديث قييد أسيينده‬
‫الشيخان في صحيحيهما مين وجيه آخيير‪ .‬وقيال سيعيد بين‬
‫جبير‪ :‬هو الذي يجيء وقد قسم المغنم فيرضخ لييه‪ .‬وقييال‬
‫محمد بن إسحاق‪ :‬حدثني بعض أصحابنا قال‪ :‬كنا مع عميير‬
‫بن عبد العزيز رضي الله عنه في طريق مكة‪ ,‬فجاء كلب‪,‬‬
‫فانتزع عمر رضييي اللييه عنييه كتييف شيياة فرمييى بهييا إليييه‬
‫وقال‪ :‬يقولون إنييه المحييروم‪ ,‬وقييال الشييعبي‪ :‬أعييياني أن‬
‫أعلم ما المحروم‪ ,‬واختار ابن جرييير أن المحييروم الييذي ل‬
‫مال له بأي سبب كان وقد ذهب ماله‪ ,‬سواء كييان ل يقييدر‬
‫على الكسييب أو قييد هلييك ميياله أو نحييوه بآفيية أو نحوهييا‪.‬‬
‫وقال الثوري عن قيس بن مسلم عن الحسيين بيين محمييد‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬إن رسول الله صلى الله عليه وسييلم‬

‫‪425‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بعييث سييرية فغنمييوا‪ ,‬فجيياءه قييوم لييم يشييهدوا الغنيميية‪,‬‬
‫لية }وفي أموالهم حق للسييائل والمحييروم{‬ ‫فنزلت هذه ا َ‬
‫وهذا يقتضي أن هذه مدنييية وليييس كييذلك بييل هييي مكييية‬
‫شاملة لما بعييدها‪ ,‬وقييوله عييز وجييل‪} :‬وفييي الرض آيييات‬
‫ليات الدالة علييى عظميية خالقهييا‬ ‫للموقنين{ أي فيها من ا َ‬
‫وقييدرته البيياهرة ممييا قييد ذرأ فيهييا ميين صيينوف النبييات‬
‫والحيوانييات والمهيياد والجبييال والقفييار والنهييار والبحييار‪,‬‬
‫واختلف ألسيينة النيياس وألييوانهم ومييا جبلييوا عليييه ميين‬
‫الرادات والقييوى‪ ,‬ومييا بينهييم ميين التفيياوت فييي العقييول‬
‫والفهوم والحركات والسعادة والشقاوة‪ ,‬وما في تركيبهييم‬
‫من الحكم في وضع كل عضو ميين أعضييائهم فييي المحييل‬
‫الذي هو محتيياج إليييه فيييه‪ ,‬ولهييذا قييال عييز وجييل‪} :‬وفييي‬
‫أنفسكم أفل تبصرون{ قييال قتييادة‪ :‬ميين تفكيير فييي خلييق‬
‫نفسييه عييرف أنييه إنمييا خلييق ولينييت مفاصييله للعبييادة‪.‬‬
‫ثم قييال تعييالى‪} :‬وفييي السييماء رزقكييم{ يعنييى المطيير‬
‫}وما توعدون{ يعني الجنة‪ ,‬قيياله ابيين عبيياس رضييي اللييه‬
‫عنهمييا ومجاهييد وغييير واحييد‪ .‬وقييال سييفيان الثييوري‪ :‬قييرأ‬
‫لييية }وفييي السييماء رزقكييم ومييا‬ ‫واصييل الحييدب هييذه ا َ‬
‫توعدون{ فقال‪ :‬أل إني أرى رزقي في السماء وأنا أطلبييه‬
‫في الرض ؟ فدخل خربة فمكث ثلثا ل يصيب شيئًا‪ ,‬فلمييا‬
‫أن كان اليوم الثالث إذا هو بدوخلة من رطب‪ ,‬وكان له أخ‬
‫أحسن نية منه‪ ,‬دخل معه فصارتا دوخلتين‪ ,‬فلم يزل ذلييك‬
‫دأبهما حييتى فييرق بينهمييا المييوت وقييوله تعييالى‪} :‬فييورب‬
‫السماء والرض إنه لحق مثل مييا أنكييم تنطقييون{ يقسييم‬
‫تعالى بنفسه الكريمة أن ما وعييدهم بييه ميين أميير القياميية‬
‫والبعث والجزاء كائن ل محالة‪ ,‬وهو حق ل مرييية فيييه‪ ,‬فل‬
‫تشكوا فيه كما ل تشكوا في نطقكم حين تنطقييون‪ ,‬وكييان‬
‫معاذ رضي الله عنه إذا حدث بالشيييء يقييول لصيياحبه‪ :‬إن‬
‫هذا لحق كما أنك ههنا‪ ,‬قال مسدد عن ابن أبي عدي عيين‬
‫عوف عن الحسيين البصييري قييال‪ :‬بلغنييي أن رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬قاتل الله أقواما ً أقسييم لهييم‬

‫‪426‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ربهم ثم لم يصدقوا« ورواه ابن جرير عن بنييدار عيين ابيين‬
‫أبييي عييدي عيين عييوف عيين الحسيين فييذكره مرسيي ً‬
‫ل‪.‬‬

‫خل ُييوا ْ‬ ‫ن * إ ِذ ْ د َ َ‬ ‫مي ي َ‬ ‫مك َْر ِ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫هي ي َ‬‫ف إ ِب َْرا ِ‬ ‫ضي ْ ِ‬‫ث َ‬ ‫دي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ل أ ََتا َ‬
‫** هَ ْ‬
‫َ‬ ‫منك َيُرو َ‬ ‫سل َ ٌ‬ ‫لما ً َقا َ‬ ‫س َ‬ ‫عَل َي ْهِ فََقاُلوا ْ َ‬
‫ى‬ ‫راغَ إ ِل ي َ‬ ‫ن * فَ ي َْ‬ ‫م ّ‬ ‫م ق َ يو ْ ٌ‬ ‫ل َ‬
‫أ َهْل ِه فَجآَء بعِجل سمين * فََقربه إل َيه يم قَييا َ َ‬
‫ن*‬ ‫ل أل َ ت َيأك ُُلو َ‬ ‫ّ َ ُ ِ ِْ ْ‬ ‫ِ ْ ٍ َ ِ ٍ‬ ‫ِ َ‬
‫ش يُروهُ ب ِغُل َم ٍ عََلي يم ٍ *‬ ‫َ‬
‫ف وَب َ ّ‬ ‫خي ْ‬ ‫ة َقاُلوا ْ ل َ ت َ َ‬ ‫خيَف ً‬ ‫م ِ‬ ‫من ْهُ ْ‬
‫س ِ‬ ‫ج َ‬ ‫فَأوْ َ‬
‫فَأ َقْبل َت ا َ‬
‫جييوٌز‬ ‫ت عَ ُ‬ ‫جهَهَييا وَقَييال َ ْ‬ ‫ت وَ ْ‬ ‫ص يك ّ ْ‬ ‫صيّرةٍ فَ َ‬ ‫ه فِييي َ‬ ‫مَرأت ُي ُ‬ ‫َ ِ ْ‬
‫م ال ْعَِلي ي ُ‬
‫م‬ ‫كي ي ُ‬
‫ح ِ‬ ‫ه ه ُ يو َ ا ل ْ َ‬ ‫ك إ ِن ّي ُ‬ ‫ل َرب ّي ِ‬ ‫ك قَييا َ‬ ‫م * قَيياُلوا ْ ك َيذ َل ِ ِ‬ ‫عَِقي ٌ‬
‫هذه القصة قيد تقيدمت فييي سييورة هييود والحجير أيضيا ً‬
‫فقوله‪} :‬هل أتيياك حييديث ضيييف إبراهيييم المكرمييين{ أي‬
‫الذين أرصد لهم الكرامة‪ ,‬وقد ذهب المام أحمييد وطائفيية‬
‫من العلماء إلى وجوب الضيافة للنزيل‪ ,‬وقد وردت السيينة‬
‫بذلك كما هو ظاهر التنزيل‪ .‬وقوله تعييالى‪} :‬قييالوا سييلما ً‬
‫قال سلم{ الرفع أقوى وأثبت من النصييب‪ ,‬فييرده أفضييل‬
‫من التسليم ولهذا قال تعييالى‪} :‬وإذا حييتييم بتحييية فحيييوا‬
‫بأحسن منهييا أو ردوهييا{ فالخليييل اختييار الفضييل‪ ,‬وقييوله‬
‫تعالى‪} :‬قييوم منكييرون{ وذلييك أن الملئكيية وهييم جبريييل‬
‫وميكائيل وإسرافيل قدموا عليه في صورة شييبان حسييان‬
‫عليهم مهابة عظيمة ولهذا قييال‪} :‬قييوم منكييرون{ وقييوله‬
‫عز وجل‪} :‬فراغ إلى أهلييه{ أي انسييل خفييية فييي سييرعة‬
‫لييية‬ ‫}فجيياء بعجييل سييمين{ أي ميين خيييار ميياله‪ ,‬وفييي ا َ‬
‫الخرى‪} :‬فما لبث أن جاء بعجل حنيييذ{ أي مشييوي علييى‬
‫الرضيييف }فقربيييه إليهيييم{ أي أدنييياه منهيييم }قيييال أل‬
‫لييية‬‫تأكلون ؟{ تلطف في العبارة وعرض حسيين‪ ,‬وهييذه ا َ‬
‫انتظمييت آداب الضيييافة فييإنه جيياء بطعييام ميين حيييث ل‬
‫يشييعرون بسييرعة‪ ,‬ولييم يمتيين عليهييم أول ً فقييال‪ :‬نييأتيكم‬
‫بطعام بل جاء به بسرعة وخفاء‪ ,‬وأتى بأفضل ما وجد من‬
‫ماله‪ ,‬وهو عجل فتي سمين مشوي‪ ,‬فقربه إليهم لم يضعه‬
‫وقال اقتربوا‪ ,‬بل وضعه بين أيديهم ولم يأمرهم أمرا ً يشق‬
‫على سامعه بصيييغة الجييزم بييل قييال‪} :‬أل تييأكلون{ علييى‬

‫‪427‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سبيل العرض والتلطف‪ ,‬كما يقول القائل اليييوم إن رأيييت‬
‫أن تتفضييييييييل وتحسيييييييين وتتصييييييييدق فافعييييييييل‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬فأوجس منهم خيفة{ هذا محال على مييا‬
‫تقدم في القصة في السورة الخييرى وهييي قييوله تعييالى‪:‬‬
‫}فلما رأى أيديهم ل تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفيية‬
‫قالوا‪ :‬ل تخف إنييا أرسييلنا إلييى قييوم لييوط وامرأتييه قائميية‬
‫فضحكت{ أي استبشرت بهلكهم لتمردهم وعتييوهم علييى‬
‫الله تعالى‪ ,‬فعند ذلك بشرتها الملئكة بإسييحاق وميين وراء‬
‫إسحاق يعقوب }قالت يا ويلتا أألد وأنا عجييوز وهييذا بعلييي‬
‫شيخا ً ؟ إن هذا لشيء عجيب * قالوا أتعجبين من أمر الله‬
‫؟ رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنييه حميييد مجيييد{‬
‫ولهييذا قييال اللييه سييبحانه وتعييالى ههنييا‪} :‬وبشييروه بغلم‬
‫عليم{ فالبشارة له هي بشارة لها‪ .‬لن الولد منهمييا فكييل‬
‫منهما بشر به‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬فأقبلت امرأته فييي صييرة{‬
‫أي في صرخة عظيمة ورنة‪ ,‬قاله ابيين عبيياس رضييي اللييه‬
‫عنهما ومجاهييد وعكرميية وأبييو صييالح والضييحاك وزيييد بيين‬
‫أسلم والثوري والسدي وهي قولهييا }يييا ويلتييا{ }فصييكت‬
‫وجهها{ أي ضربت بيييدها علييى جبينهييا قيياله مجاهييد وابيين‬
‫سابط‪ ,‬وقييال ابيين عبيياس رضييي اللييه عنهمييا‪ :‬لطمييت أي‬
‫تعجبا ً كما تتعجب النساء من المر الغريب }وقالت عجييوز‬
‫عقيم{ أي كيف ألد وأنا عجوز وقد كنييت فييي حييال الصييبا‬
‫عقيما ً ل أحبل ؟ }قالوا كييذلك قييال ربييك إنييه هييو الحكيييم‬
‫العليم{ أي عليم بما تسييتحقون ميين الكراميية حكيييم فييي‬
‫أقييييييييييييييييييييييييييييييواله وأفعيييييييييييييييييييييييييييييياله‪.‬‬

‫ى‬ ‫َ‬ ‫ن * َقال ُوَا ْ إ ِّنآ أ ُْر ِ ْ‬ ‫سُلو َ‬


‫خط ْبك ُ َ‬
‫م أي َّها ال ْ ُ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫** َقا َ‬
‫سلَنآ إ ِل َ‬ ‫مْر َ‬ ‫ما َ ُ ْ‬
‫ن*‬ ‫طييي ٍ‬‫ميين ِ‬ ‫جيياَرةً ّ‬ ‫ح َ‬ ‫م ِ‬ ‫ل عَل َي ِْهيي ْ‬ ‫سيي َ‬‫ن * ل ِن ُْر ِ‬ ‫مييي َ‬ ‫جرِ ِ‬‫م ْ‬ ‫َقييوْم ٍ ّ‬
‫َ‬
‫ن‬‫مي َ‬ ‫ن ِفيَها ِ‬ ‫كا َ‬ ‫من َ‬ ‫جَنا َ‬ ‫خَر ْ‬ ‫ن * فَأ ْ‬ ‫سرِِفي َ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ل ِل ْ ُ‬
‫عند َ َرب ّ َ‬ ‫ة ِ‬ ‫م ً‬‫سو ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫ن*‬ ‫مي َ‬‫س يل ِ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ُ‬ ‫مي َ‬ ‫ت ّ‬ ‫جيد َْنا ِفيهَييا غَي ْيَر ب َي ْي ٍ‬ ‫ما وَ َ‬ ‫ن * فَ َ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ْ‬
‫ال ُ‬
‫م‬
‫ب الِليييي َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن ال َْعييي َ‬ ‫خييياُفو َ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ة ل ّّلييي ِ‬‫وَت ََرك َْنيييا ِفيَهيييآ آَيييي ً‬

‫‪428‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال الله تعالى مخبرا ً عن إبراهيم عليه الصلة والسييلم‪:‬‬
‫}فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في‬
‫قييوم لييوط * إن إبراهيييم لحليييم أواه منيييب * يييا إبراهيييم‬
‫أعرض عن هذا إنه قد جاء أميير ربييك وإنهييم(آتيهييم عييذاب‬
‫غييير مييردود{ وقييال ههنييا‪} :‬قييال فمييا خطبكييم أيهييا‬
‫المرسلون{ أي ما شأنكم وفييم جئتيم }قيالوا إنييا أرسيلنا‬
‫إلييى قييوم مجرمييين{ يعنييون قييوم لييوط }لنرسييل عليهييم‬
‫حجيييارة مييين طيييين مسيييومة{ أي معلمييية }عنيييد ربيييك‬
‫للمسرفين{ أي مكتتبيية عنييده بأسييمائهم كييل حجيير عليييه‬
‫اسم صاحبه‪ ,‬فقال في سييورة العنكبييوت‪} :‬قييال إن فيهييا‬
‫لوطًا‪ ,‬قالوا‪ :‬نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهلييه إل امرأتييه‬
‫كانت من الغابرين{ وقال تعالى ههنا‪} :‬فأخرجنا من كييان‬
‫فيها من المؤمنين{ وهم لوط وأهل بيتييه إل امرأتييه }فمييا‬
‫وجدنا فيها غير بيت من المسلمين{ احتج بهذه ميين ذهييب‬
‫إلييى رأي المعتزليية مميين ل يفييرق بييين مسييمى اليمييان‬
‫والسلم‪ ,‬لنه أطلق عليهييم المييؤمنين والمسييلمين‪ ,‬وهييذا‬
‫الستدلل ضعيف لن هؤلء كانوا قوما ً مؤمنين‪ ,‬وعندنا أن‬
‫كييل مييؤمن مسييلم ول ينعكييس فيياتفق السييمان ههنييا‬
‫لخصوصييية الحييال‪ ,‬ول يلييزم ذلييك فييي كييل حييال‪ ,‬وقييوله‬
‫تعالى‪} :‬وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الليييم{ أي‬
‫جعلناها عبرة لما أنزلنا بهم من العييذاب والنكييال وحجييارة‬
‫السجيل‪ ,‬وجعلنا محلتهييم بحيييرة منتنيية خبيثيية‪ ,‬ففييي ذلييك‬
‫عيييبرة للميييؤمنين }اليييذين يخيييافون العيييذاب اللييييم{‬

‫ن*‬ ‫بييي‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫طا‬‫سييل ْ َ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ى‬ ‫سل َْناهُ إ ِل َ‬ ‫ر‬ ‫** وفي موسى إذ ْ أ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ َ ِ‬ ‫َ ِ‬
‫َ‬ ‫ى ب ُِرك ْن ِهِ وََقا َ‬ ‫فَت َوَل ّ‬
‫جن ُييود َهُ‬ ‫خ يذ َْناهُ وَ ُ‬ ‫ن * فَأ َ‬ ‫جن ُييو ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫حٌر أوْ َ‬ ‫سييا ِ‬‫ل َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫م‬‫س يل َْنا عَل َي ْهِ ي ُ‬ ‫عادٍ إ ِذ ْ أْر َ‬ ‫م * وَِفي َ‬ ‫مِلي ٌ‬ ‫م وَهُوَ ُ‬ ‫م ِفي ال ْي َ ّ‬ ‫فَن َب َذ َْناهُ ْ‬
‫َ‬
‫جعَل َت ْي ُ‬
‫ه‬ ‫ت عَل َي ْيهِ إ ِل ّ َ‬ ‫يٍء أت َي ْ‬ ‫شي ْ‬ ‫ميين َ‬ ‫مييا ت َيذ َُر ِ‬ ‫م* َ‬ ‫ح ال ْعَِقيي َ‬ ‫الّري َ‬
‫ن*‬ ‫حي ي ٍ‬ ‫ى ِ‬ ‫حت ّي َ‬‫مت ّعُييوا ْ َ‬ ‫م تَ َ‬ ‫ل ل َهُي ْ‬ ‫مييود َ إ ِذ ْ ِقيي َ‬ ‫ميم ِ * وَفِييي ث َ ُ‬ ‫كالّر ِ‬ ‫َ‬
‫م َين ُ‬ ‫َ‬ ‫فَعتوا ْ عَ َ‬
‫ن*‬ ‫ظيُرو َ‬ ‫ة وَهُي ْ‬ ‫عَق ُ‬ ‫صيا ِ‬ ‫م ال ّ‬ ‫خيذ َت ْهُ ُ‬‫م فَأ َ‬ ‫ميرِ َرب ِّهي ْ‬ ‫نأ ْ‬‫ْ‬ ‫ََ ْ‬

‫‪429‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ح‬ ‫ن * وَقَ يوْ َ‬
‫م ن ُييو ٍ‬ ‫ري َ‬‫ص ِ‬
‫منت َ ِ‬‫كاُنوا ْ ُ‬
‫ما َ‬‫من قَِيام ٍ وَ َ‬ ‫عوا ْ ِ‬
‫طا ُ‬‫ست َ َ‬ ‫فَ َ‬
‫ما ا ْ‬
‫ن‬
‫سييييييِقي َ‬ ‫ومييييييا ً َفا ِ‬‫كيييييياُنوا ْ قَ ْ‬
‫م َ‬ ‫ل إ ِن ُّهيييييي ْ‬‫ميييييين قَْبيييييي ُ‬‫ّ‬
‫يقييول تعييالى‪} :‬وفييي موسييى إذ أرسييلناه إلييى فرعييون‬
‫بسييلطان مييبين{ أي بييدليل بيياهر وحجيية قاطعيية }فتييولى‬
‫بركنه{ أي فأعرض فرعون عما جاءه به موسى من الحق‬
‫المبين استكبارا ً وعنادًا‪ .‬وقال مجاهد‪ :‬تعزز بأصحابه‪ ,‬وقال‬
‫قتادة‪ :‬غلب عدو الله على قومه‪ ,‬وقال ابيين زيييد }فتييولى‬
‫بركنه{ أي بجموعه التي معه ثم قرأ }لو أن لي بكم قييوة‬
‫أو آوي إلييى ركيين شييديد{ والمعنييى الول قييوي كقييوله‬
‫تعالى‪} :‬ثاني عطفه ليضيل عين سيبيل الليه{ أي معيرض‬
‫عن الحق مستكبر }وقيال سياحر أو مجنيون{ أي ل يخليو‬
‫أمرك فيما جئتني به من أن تكون سيياحرا ً أو مجنون يا ً قييال‬
‫الله تعالى‪} :‬فأخذناه وجنوده فنبذناهم{ أي ألقيناهم }في‬
‫اليم{ وهو البحر }وهو مليم{ أي وهييو ملييوم كييافر جاحييد‬
‫فيييييييييييييييييييييييييييييييياجر معانييييييييييييييييييييييييييييييييد‪.‬‬
‫ثيم قيال عيز وجيل }وفيي عياد إذ أرسيلنا عليهيم الرييح‬
‫العقيييم{ أي المفسييدة الييتي ل تنتييج شيييئا ً قيياله الضييحاك‬
‫وقتادة وغيرهما ولهذا قال تعالى‪} :‬ما تذر من شيء أتييت‬
‫عليييه{ أي ممييا تفسييده الريييح }إل جعلتييه كييالرميم{ أي‬
‫كالشيء الهالك البالي‪ ,‬وقد قال ابن أبي حاتم‪ :‬حييدثنا أبييو‬
‫عبيد الله ابن أخي ابيين وهيب‪ ,‬حيدثنا عمييي عبيد الليه بيين‬
‫وهب‪ ,‬حدثني عبد الله يعني ابن عييياش الغسيياني‪ ,‬حييدثني‬
‫عبييد اللييه بيين سييليمان عيين دراج عيين عيسييى بيين هلل‬
‫الصدفي عن عبد الله بن عمييرو رضييي اللييه عنهمييا قييال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬الريييح مسييخرة‬
‫من الثانية ي يعني من الرض الثانية ي‪ ,‬فلما أراد الله تعالى‬
‫أن يهلك عادا ً أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحا تهلييك‬
‫عادا ً قال أي رب أرسل عليهييم الريييح قييدر منخيير الثييور ؟‬
‫قال له الجبار تبارك وتعالى ل إذا ً تطفأ الرض ومن عليهييا‬
‫ولكن أرسل عليهم بقييدر خيياتم فهييي الييتي قييال اللييه عييز‬
‫وجل في كتابه‪} :‬ما تييذر ميين شيييء أتييت عليييه إل جعلتييه‬
‫كييالرميم{ هييذا الحييديث رفعييه منكيير والقييرب أن يكييون‬

‫‪430‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫موقوفا ً على عبد اللييه بيين عمييرو رضييي اللييه عنهمييا ميين‬
‫زاملتيه الليتين أصيابهما ييوم اليرميوك‪ ,‬والليه أعليم‪ .‬قيال‬
‫سعيد بن المسيييب وغيييره فييي قييوله تعييالى‪} :‬إذ أرسييلنا‬
‫عليهم الريح العقيم{ قالوا‪ :‬هييي الجنييوب‪ .‬وقييد ثبييت فييي‬
‫الصحيح من رواية شعبة عن الحكم عيين مجاهييد عيين ابيين‬
‫عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬قال رسول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور« }وفييي‬
‫ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين{ قال ابن جرييير‪ :‬يعنييي‬
‫إلى وقت فنيياء آجييالكم‪ .‬والظيياهر أن هييذه كقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}وأمييا ثمييود فهييديناهم فاسييتحبوا العمييى علييى الهييدى‬
‫فأخذتهم صاعقة العذاب الهون{ وهكذا قال ههنييا‪} :‬وفييي‬
‫ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حييتى حييين فعتييوا عيين أميير ربهييم‬
‫فأخييذتهم الصيياعقة وهييم ينظييرون{ وذلييك أنهييم انتظييروا‬
‫العذاب ثلثة أيام فجاءهم في صييبيحة اليييوم الرابييع بكييرة‬
‫النهار }فما استطاعوا من قيام{ أي من هييرب ول نهييوض‬
‫}وما كانوا منتصرين{ أي ل يقدرون على أن ينتصروا مما‬
‫هييم فيييه‪ .‬وقييوله عييز وجييل‪} :‬وقييوم نييوح ميين قبييل{ أي‬
‫وأهلكنييا قييوم نييوح ميين قبييل هييؤلء }إنهييم كييانوا قومييا ً‬
‫فاسقين{ وكل هييذه القصييص قييد تقييدمت مبسييوطة فييي‬
‫أميييياكن كييييثيرة ميييين سييييور متعييييددة‪ ,‬واللييييه أعلييييم‪.‬‬

‫ها‬ ‫ض فََر ْ‬ ‫َ‬ ‫** والسمآَء بنيناها بأ َ‬


‫شَنا َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ر‬ ‫وال‬ ‫*‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫عو‬‫ُ‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫مو‬‫ُ‬ ‫ل‬ ‫نا‬
‫ّ‬ ‫إ‬
‫َِ‬ ‫و‬ ‫ٍ‬ ‫د‬‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َََْ َ ِ‬ ‫َ ّ َ‬
‫م‬ ‫ن ل َعَل ّك ُي ْ‬ ‫خل َْقن َييا َزوْ َ‬
‫جي ْي ِ‬ ‫يٍء َ‬ ‫شي ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ميين ك ُي ّ‬ ‫ن * وَ ِ‬ ‫دو َ‬‫ماهِ ُ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫فَن ِعْ َ‬
‫ن * وَل َ‬ ‫مِبي ي ٌ‬‫ذيٌر ّ‬‫ه ن َي ِ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫م ّ‬‫ن * فَِفّروَا ْ إ َِلى الل ّهِ إ ِّني ل َك ُ ْ‬ ‫ت َذ َك ُّرو َ‬
‫ن‬
‫مِبي ي ٌ‬ ‫ذيٌر ّ‬ ‫ه ن َي ِ‬
‫من ْي ُ‬
‫م ّ‬ ‫خ يَر إ ِن ّييي ل َك ُي ْ‬ ‫م يعَ الل ّيهِ إ َِلـييها ً آ َ‬‫جعَل ُييوا ْ َ‬‫تَ ْ‬
‫يقول تعالى منبهيا ً علييى خلييق العييالم العلييوي والسييفلي‬
‫}والسييماء بنيناهييا{ أي جعلناهييا سييقفا ً محفوظييا رفيعييا ً‬
‫}بأيد{ أي بقوة‪ ,‬قاله ابن عباس ومجاهد وقتيادة والثيوري‬
‫وغييير واحييد }وإنييا لموسييعون{ أي قييد وسييعنا أرجاءهييا‬
‫فرفعناهييا بغييير عمييد حييتى اسييتقلت كمييا هييي }والرض‬
‫فرشيييناها{ أي جعلناهيييا فراشيييا ً للمخلوقيييات }فنعيييم‬

‫‪431‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الماهييدون{ أي وجعلناهييا مهييدا ً لهلهييا }وميين كييل شيييء‬
‫خلقنا زوجييين{ أي جميييع المخلوقييات أزواج سييماء وأرض‬
‫وليييل ونهييار‪ ,‬وشييمس وقميير وبيير وبحيير وضييياء وظلم‪,‬‬
‫وإيمان وكفر ومييوت وحييياة وشييقاء وسييعادة وجنيية ونييار‪,‬‬
‫حييتى الحيوانييات والنباتييات‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‪} :‬لعلكييم‬
‫تذكرون{ أي لتعلموا أن الخالق واحد ل شريك له }ففروا‬
‫إلى الله{ أي الجأوا إليه واعتمدوا في أموركم عليه }إنييي‬
‫لكم منه نذير مبين * ول تجعلوا مع اللييه إله يا ً آخيير{ أي ل‬
‫تشيييركوا بيييه شييييئا ً }إنيييي لكيييم منيييه نيييذير ميييبين{‪.‬‬

‫ل إ ِل ّ قَيياُلوا ْ‬ ‫َ‬
‫سييو ٍ‬ ‫ميين ّر ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ميين قَب ْل ِهِي ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫مآ أت َييى ال ّي ِ‬ ‫ك َ‬ ‫** ك َذ َل ِ َ‬
‫م ط َييا ُ‬ ‫صيوْا ْ ب ِيهِ ب َي ْ‬ ‫َ‬ ‫سا ِ َ‬
‫ن*‬ ‫غو َ‬ ‫م ق َ يو ْ ٌ‬ ‫ل هُ ي ْ‬ ‫وا َ‬ ‫ن * أت َ َ‬ ‫جن ُييو ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫حٌر أوْ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن اليذ ّك َْرىَ َتنَفي ُ‬
‫ع‬ ‫مل ُييوم ٍ * وَذ َك ّيْر فَيإ ِ ّ‬ ‫ت بِ َ‬ ‫مييآ أني َ‬ ‫م فَ َ‬ ‫ل عَن ْهُ ْ‬ ‫فَت َوَ ّ‬
‫مييآ‬ ‫ن* َ‬ ‫دو ِ‬ ‫س إ ِل ّ ل ِي َعْب ُي ُ‬ ‫لني َ‬ ‫ن َ َوا ِ‬ ‫جي ّ‬ ‫ت ال ْ ِ‬ ‫خل َْقي ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ن * وَ َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫و‬
‫ه هُ ي َ‬ ‫ن الل ّي َ‬ ‫ن * إِ ّ‬ ‫مييو ِ‬ ‫مآ أِري يد ُ أن ي ُط ْعِ ُ‬ ‫ق وَ َ‬ ‫من ّرْز ٍ‬ ‫من ُْهم ّ‬ ‫أِريد ُ ِ‬
‫ل‬ ‫مييوا ْ ذ َُنوبيا ً ّ‬
‫مث ْي َ‬ ‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ل ِل ّي ِ‬ ‫ن * ف َ يإ ِ ّ‬ ‫مِتي ُ‬ ‫ذو ال ُْقوّةِ ال ْ َ‬ ‫الّرّزاقُ ُ‬
‫َ‬
‫ميين‬ ‫ن ك ََفيُروا ْ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ل ّل ّي ِ‬‫ن * فَوَي ْ ٌ‬ ‫جُلو ِ‬ ‫ست َعْ ِ‬ ‫م فَل َ ي َ ْ‬ ‫حاب ِهِ ْ‬ ‫ص َ‬
‫بأ ْ‬ ‫ذ َُنو ِ‬
‫ن‬
‫دو َ‬ ‫عييييييييييييييييي ُ‬ ‫ذي ُيو َ‬ ‫م اّلييييييييييييييييي ِ‬ ‫مه ِ ُ‬‫َييييييييييييييييييوْ ِ‬
‫يقول تعالى مسليا ً لنبيه صلى الله عليه وسلم وكما قييال‬
‫لك هييؤلء المشييركون قييال المكييذبون الولييون لرسييلهم‪:‬‬
‫}كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إل قالوا ساحٌر‬
‫أو مجنون{ قال الله عز وجل‪} :‬أتواصوا به ؟{ أي أوصييى‬
‫بعضهم بعضا ً بهذه المقالة }بل هم قوم طاغون{ أي لكن‬
‫هم قوم طغاة تشابهت قلوبهم‪ ,‬فقال متييأخرهم كمييا قييال‬
‫متقدمهم‪ .‬قييال اللييه تعييالى‪} :‬فتييول عنهييم{ أي فييأعرض‬
‫عنهم يامحمد }فما أنت بملييوم{ يعنييي فمييا نلومييك علييى‬
‫ذلك }وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين{ أي إنما تنتفع بهيا‬
‫القلوب المؤمنة‪ ,‬ثم قال جييل جللييه‪} :‬ومييا خلقييت الجيين‬
‫لمرهم بعبييادتي ل ل‬ ‫والنس إل ليعبدون{ أي إنما خلقتهم َ‬
‫حتياجي إليهم‪ .‬وقال علي بن أبي طلحيية عيين ابيين عبيياس‬
‫}إل ليعبدون{ أي إل ليقروا بعبادتي طوعا ً أو كره يًا‪ .‬وهييذا‬

‫‪432‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫اختيار ابن جرير وقال ابن جريج‪ :‬إل ليعرفون‪ ,‬وقال الربيع‬
‫بن أنس }إل ليعبدون{ أي إل للعبادة‪ ,‬وقال السييدي‪ :‬ميين‬
‫العبادة ما ينفع ومنها ما ل ينفييع }ولئن سييألتهم ميين خلييق‬
‫السموات والرض ليقولن الله{ هييذا منهييم عبييادة وليييس‬
‫ينفعهيييم ميييع الشيييرك‪ ,‬وقيييال الضيييحاك‪ :‬الميييراد بيييذلك‬
‫المؤمنيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييون‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬مييا أريييد منهييم ميين رزق ومييا أريييد أن‬
‫يطعمييون * إن اللييه هييو الييرزاق ذو القييوة المييتين{ قييال‬
‫المام أحمد‪ :‬حدثنا يحيى بيين آدم وأبييو سييعيد قييال‪ :‬حييدثنا‬
‫إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بيين يزيييد‪ ,‬عيين‬
‫عبد الله بن مسعود رضي الله عنييه قييال‪ :‬أقرأنييي رسييول‬
‫الله صلى اللييه عليييه وسييلم }إنييي لنييا الييرزاق ذو القييوة‬
‫المتين{ ورواه أبييو داود والترمييذي والنسييائي ميين حييديث‬
‫إسرائيل‪ ,‬وقال الترمذي‪ :‬حسن صييحيح‪ .‬ومعنييى ا َ‬
‫لييية أنييه‬
‫تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده ل شريك لييه فميين‬
‫أطاعه جازاه أتم الجزاء‪ ,‬ومن عصاه عييذبه أشييد العييذاب‪.‬‬
‫وأخبر أنه غير محتاج إليهم بل هم الفقراء إليه فييي جميييع‬
‫أحوالهم‪ .‬فهو خالقهم ورازقهم‪ .‬قييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا‬
‫محمد بن عبد الله‪ ,‬حييدثنا عمييران ي ي يعنييي ابيين زائدة بيين‬
‫نشيط عن أبيه عيين أبييي خالييد يي هييو الوالييبي يي عيين أبييي‬
‫هريرة رضي الله عنه قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم قال الله تعالى ي »ياابن آدم تفرغ لعبادتي أمل‬
‫صدرك غنى وأسد فقيرك‪ ,‬وإل تفعيل ملت صيدرك شيغل ً‬
‫ولم أسد فقرك« ورواه الترمذي وابيين ميياجه ميين حييديث‬
‫عميييران بييين زائدة‪ ,‬وقيييال الترميييذي‪ :‬حسييين غرييييب‪.‬‬
‫وقييد روى المييام أحمييد عيين وكيييع وأبييي معاوييية عيين‬
‫العمش عن سلم بن شرحبيل‪ :‬سمعت حبة وسواء ابنييي‬
‫خالد يقولن‪ :‬أتينا رسول الله صلى الله عليييه وسييلم وهييو‬
‫يعمييل عمل ً أو يبنييي بنيياء‪ ,‬قييال أبييو معاوييية‪ :‬يصييلح شيييئًا‪,‬‬
‫فأعناه عليه فلما فرغ دعا لنا وقال‪» :‬ل تيأسا ميين الييرزق‬
‫ما تهزهزت رؤوسكما فإن النسان تلده أمييه أحميير ليييس‬
‫عليه قشرة ثم يعطيه الله ويرزقييه«‪ .‬وقييد ورد فييي بعييض‬

‫‪433‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الكتب اللهية‪ :‬يقول الله تعالى‪ :‬ابيين آدم خلقتييك لعبييادتي‬
‫فل تلعب‪ ,‬وتكفلت برزقك فل تتعب فاطلبني تجييدني فييإن‬
‫وجدتني وجدت كل شيء وإن فتك فاتك كييل شيييء‪ ,‬وأنييا‬
‫أحييب إليييك ميين كييل شييء‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬فييإن للييذين‬
‫ظلموا ذنوبًا{ أي نصيبا ً من العذاب }مثل ذنوب أصييحابهم‬
‫فل يستعجلون{ أي فل يستعجلون ذلك فإنه واقع ل محالة‬
‫}فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون{ يعنييي يييوم‬
‫القيامة‪ .‬آخر تفسير سورة الذاريات ولله الحمد والمنة‪.‬‬

‫سورة الطور‬
‫قال مالك عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن‬
‫أبيييه‪ :‬سييمعت النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم يقييرأ فييي‬
‫المغرب بالطور‪ ,‬فما سمعت أحدا ً أحسن صييوتا ً أو قييراءة‬
‫منه‪ ,‬أخرجاه من طريق مالك‪ .‬وقال البخيياري‪ :‬حييدثنا عبييد‬
‫الله بن يوسف‪ ,‬أخبرنا مالك عن محمييد بيين عبييد الرحميين‬
‫بن نوفل عيين عييروة عيين زينييب بنييت أبييي سييلمة عيين أم‬
‫سلمة قالت‪ :‬شييكوت إلييى رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم أني أشتكي فقال‪» :‬طوفي ميين وراء النيياس وأنييت‬
‫راكبة« فطفت ورسول الله يصلي إلى جنييب الييبيت يقييرأ‬
‫بييييييييييييييييالطور وكتيييييييييييييييياب مسييييييييييييييييطور‬

‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫شيييورٍ *‬ ‫من ْ ُ‬‫طورٍ * فِيييي َرقّ ّ‬ ‫سييي ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ّ‬ ‫** َوالط ّيييورِ * وَك ِت َيييا ٍ‬
‫جوِر‬ ‫س ُ‬ ‫م ْ‬ ‫حرِ ال ْ َ‬ ‫مْرُفوِع * َوال ْب َ ْ‬ ‫ف ال ْ َ‬ ‫سْق ِ‬ ‫مورِ * َوال ّ‬ ‫معْ ُ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫َوال ْب َي ْ ِ‬
‫مييوُر‬ ‫م تَ ُ‬ ‫دافِ يٍع * ي َيوْ َ‬ ‫ميين َ‬ ‫ه ِ‬‫ما ل َي ُ‬ ‫واقِعٌ * ّ‬ ‫ك لَ َ‬ ‫ب َرب ّ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫* إِ ّ‬
‫مئ ِذٍ‬
‫ل َيييوْ َ‬ ‫سييْيرا ً * فَوَْييي ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫جَبييا ُ‬ ‫سيييُر ال ْ ِ‬ ‫ورا ً * وَت َ ِ‬ ‫ميي ْ‬ ‫مآُء َ‬ ‫سيي َ‬ ‫ال ّ‬
‫ن‬‫عو َ‬ ‫م ي ُيد َ ّ‬ ‫ن * ي َيوْ َ‬ ‫ض ي َل ْعَب ُييو َ‬‫خ يو ْ ٍ‬ ‫م ِفي َ‬ ‫ن هُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * ال ّ ِ‬ ‫مك َذ ِّبي َ‬ ‫ل ّل ْ ُ‬
‫ن*‬ ‫كنت ُييم ب ِهَييا ت ُك َيذ ُّبو َ‬ ‫هـذِهِ الّناُر ال ّت ِييي ُ‬ ‫عا * َ‬ ‫م دَ ّ‬ ‫جهَن ّ َ‬ ‫ى َنارِ َ‬ ‫َ‬
‫إ ِل َ‬
‫صييب ُِروَا ْ أ َوْ ل َ‬ ‫ها َفا ْ‬ ‫صييل َوْ َ‬‫ن* ا ْ‬ ‫صُرو َ‬ ‫م ل َ ت ُب ْ ِ‬
‫ذا أ َ َ‬
‫م أنت ُ ْ‬ ‫هـ َ ْ‬ ‫حٌر َ‬ ‫س ْ‬‫أفَ ِ‬
‫َ‬
‫مُلييو َ‬
‫ن‬ ‫م ت َعْ َ‬ ‫كنُتيي ْ‬ ‫مييا ُ‬ ‫ن َ‬ ‫جييَزوْ َ‬ ‫مييا ت ُ ْ‬ ‫م إ ِن ّ َ‬ ‫كيي ْ‬ ‫وآٌء عَل َي ْ ُ‬ ‫سيي َ‬ ‫صييب ُِروا ْ َ‬ ‫تَ ْ‬
‫‪434‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقسم تعالى بمخلوقاته الدالة على قييدرته العظيميية أن‬
‫عذابه واقع بأعييدائه‪ ,‬وأنييه ل دافيع ليه عنهيم‪ ,‬فييالطور هييو‬
‫الجبل الذي يكون فيه أشييجار مثييل الييذي كلييم اللييه عليييه‬
‫موسى وأرسييل منييه عيسييى‪ ,‬ومييا لييم يكيين فيييه شييجر ل‬
‫يسمى طورا ً إنما يقال له جبييل }وكتيياب مسيطور{ قيييل‪:‬‬
‫هو اللوح المحفوظ‪ ,‬وقيل‪ :‬الكتب المنزليية المكتوبيية الييتي‬
‫تقرأ على النيياس جهييارا ً ولهييذا قييال‪} :‬فييي رق منشييور *‬
‫والييبيت المعمييور{ ثبييت فييي الصييحيحين أن رسييول اللييه‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم قييال فييي حييديث السييراء بعييد‬
‫مجاوزته إلى السماء السييابعة‪» :‬ثييم رفييع بييي إلييى الييبيت‬
‫المعمور‪ ,‬وإذا هو يدخله كل يييوم سييبعون ألف يا ً ل يعييودون‬
‫إليه آخر ما عليهم« يعني يتعبدون فيييه ويطوفييون بييه كمييا‬
‫يطوف أهل الرض بكعبتهم‪ ,‬كذلك ذاك البيت المعمور هو‬
‫كعبة أهل السماء السابعة‪ ,‬ولهذا وجد إبراهيم الخليل عليه‬
‫الصلة والسلم مسندا ً ظهييره إلييى الييبيت المعمييور‪ ,‬لنييه‬
‫باني الكعبة الرضية‪ ,‬والجزاء من جنس العمل‪ ,‬وهو بحيال‬
‫الكعبة‪ ,‬وفي كل سماء بيت يتعبد فيه أهلهييا ويصييلون إليييه‬
‫والذي في السماء الدنيا يقال له بيت العييزة‪ ,‬واللييه أعلييم‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حييدثنا هشييام بيين عمييار‪,‬‬
‫حدثنا الوليد بن مسلم‪ ,‬حدثنا روح بيين جنيياح عيين الزهييري‬
‫عن سعيد بن المسيب عن أبييي هريييرة عيين النييبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪» :‬في السماء السابعة بيت يقييال لييه‬
‫المعمور بحيال الكعبة‪ ,‬وفي السماء الرابعة نهيير يقييال لييه‬
‫الحيوان يدخله جبريل كل يوم فينغمس فيه انغماسيية‪ ,‬ثييم‬
‫يخرج فينتفييض انتفاضيية‪ ,‬يخيير عنييه سييبعون ألييف قطييرة‪,‬‬
‫يخلق الله ميين كييل قطييرة ملكيا ً يييؤمرون أن يييأتوا الييبيت‬
‫المعمور‪ ,‬فيصلوا فيييه فيفعلييون ثييم يخرجييون فل يعييودون‬
‫إليه أبدًا‪ ,‬ويييولى عليهييم أحييدهم يييؤمر أن يقييف بهييم ميين‬
‫السماء موقفا ً يسبحون الله فيه إلييى أن تقييوم السيياعة‪«,‬‬
‫هذا حديث غريب جييدًا‪ ,‬تفييرد بيه روح بيين جنيياح هييذا وهييو‬
‫القرشي الموي ميولهم أبيو سيعد الدمشيقي‪ ,‬وقيد أنكير‬
‫عليه هذا الحديث جماعة ميين الحفيياظ‪ ,‬منهييم الجوزجيياني‬

‫‪435‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والعقيلي والحاكم أبو عبد الله النيسييابوري وغيرهييم‪ ,‬قييال‬
‫الحاكم‪ :‬ل أصل ليه ميين حييديث أبييي هريييرة ول سييعيد ول‬
‫الزهري‪ .‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا هناد بن السري‪ ,‬حدثنا أبييو‬
‫الحوص عن سماك بن حييرب عيين خالييد بيين عرعييرة‪ ,‬أن‬
‫رجل ً قال لعلي‪ :‬ما البيت المعمور ؟ قال‪ :‬بيت في السماء‬
‫يقال له الضراح‪ ,‬وهو بحيال الكعبة من فوقها‪ ,‬حرمته فييي‬
‫السماء كحرميية الييبيت فييي الرض‪ ,‬يصييلي فيييه كييل يييوم‬
‫سبعون ألفا ً من الملئكة ثم ل يعودون فيه أبدًا‪ ,‬وكذا رواه‬
‫شعبة وسفيان الثوري عن سماك‪ ,‬وعندهما أن ابن الكواء‬
‫هو السائل عن ذلك ثم رواه ابن جرير عن أبي كريب عيين‬
‫طلق بن غنام‪ ,‬عن زائدة عن عاصم عيين علييي بيين ربيعيية‬
‫قال‪ :‬سأل ابن الكواء عليا ً عن البيت المعمور قال‪ :‬مسجد‬
‫في السماء يقال له الضراح‪ ,‬يدخله كل يوم سييبعون ألفييا ً‬
‫من الملئكة ثم ل يعودون فيه أبدًا‪ .‬ورواه من حييديث أبييي‬
‫الطفيل عن علي بمثله وقال العوفي عن ابن عبيياس‪ :‬هييو‬
‫بيت حذاء العييرش تعمييره الملئكيية‪ ,‬يصييلي فيييه كييل يييوم‬
‫سبعون ألفا ً من الملئكيية ثييم ل يعييودون إليييه‪ .‬وكييذا قييال‬
‫عكرمييييية ومجاهيييييد وغيييييير واحيييييد مييييين السيييييلف‪.‬‬
‫وقال قتادة والربيع بن أنس والسدي‪ :‬ذكر لنا أن رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قال يوما ً لصحابه‪» :‬هل تدرون‬
‫ما البيت المعمور ؟ قالوا‪ :‬الله ورسوله أعلم‪ .‬قال‪» :‬فييإنه‬
‫مسجد في السماء بحيال الكعبة لو خر لخر عليهييا‪ ,‬يصييلي‬
‫فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجييوا منييه لييم يعييودوا‬
‫آخر مييا عليهييم« وزعييم الضييحاك أنييه يعمييره طائفيية ميين‬
‫الملئكة يقال لهم الجيين ميين قبيليية إبليييس‪ ,‬فييالله أعلييم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬والسقف المرفييوع{ قييال سييفيان الثييوري‬
‫وشعبة وأبو الحوص عن سماك عن خالد بن عرعيرة عين‬
‫علي }والسقف المرفوع{ يعني السماء‪ .‬قال سييفيان ثييم‬
‫تل }وجعلنييا السييماء سييقفا ً محفوظييا ً وهييم عيين آياتهييا‬
‫معرضون{ وكذا قال مجاهد وقتادة والسييدي وابيين جريييج‬
‫وابن زيد واختاره ابن جرييير‪ :‬وقييال الربيييع بيين أنييس‪ :‬هييو‬

‫‪436‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العرش‪ ,‬يعني أنه سقف لجميع المخلوقات‪ ,‬وله اتجاه وهو‬
‫مييييييراد مييييييع غيييييييره كمييييييا قيييييياله الجمهييييييور‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬والبحر المسجور{ قال الربيع بيين أنييس‪:‬‬
‫هو الماء الذي تحت العرش الذي ينزل اللييه منييه المطيير‪,‬‬
‫الييذي تحيييا بييه الجسيياد فييي قبورهييا يييوم معادهييا‪ ,‬وقييال‬
‫الجمهور‪ :‬هو هذا البحر‪ ,‬واختلف في معنى قوله المسجور‬
‫فقال بعضهم‪ :‬المراد أنييه يوقييد يييوم القياميية نييارا ً كقييوله‪:‬‬
‫}وإذا البحييار سييجرت{ أي أضييرمت فتصييير نييارا ً تتأجييج‬
‫محيطة بأهل الموقف‪ .‬ورواه سعيد بن المسيب عن علييي‬
‫بن أبي طالب‪ .‬وروي عن ابن عباس وبه يقييول سييعيد بيين‬
‫جبير ومجاهد وعبد الله بن عبيد بن عمير وغيرهييم‪ .‬وقييال‬
‫العلء بن بدر‪ :‬إنما سمي البحيير المسييجور لنييه ل يشييرب‬
‫منه ماء ول يسقى به زرع وكذلك البحار يوم القيامة‪ .‬كييذا‬
‫رواه عنه ابن أبييي حيياتم‪ .‬وعيين سييعيد بيين جييبير }والبحيير‬
‫المسييجور{ يعنييي المرسييل‪ ,‬وقييال قتييادة‪ :‬المسييجور‬
‫المملوء‪ ,‬اختاره ابن جرير ووجهه بأنه ليييس موقييدا ً اليييوم‬
‫فهييييييو مملييييييوء‪ .‬وقيييييييل‪ :‬المييييييراد بييييييه الفييييييارغ‪.‬‬
‫قال الصمعي عن أبييي عمييرو بيين العلء عيين ذي الرميية‬
‫عن ابن عباس في قوله تعالى‪} :‬والبحر المسجور{ قييال‪:‬‬
‫الفارغ خرجت أمة تستسقي فرجعت فقالت‪ :‬إن الحييوض‬
‫مسييجور يعنييي فارغييًا‪ .‬رواه ابيين مردويييه فييي مسييانيد‬
‫الشعراء‪ .‬وقيل‪ :‬المراد بالمسجور الممنوع المكفوف عيين‬
‫الرض لئل يغمرها فيغرق أهلها قاله علي بيين أبييي طلحيية‬
‫عيين ابيين عبيياس وبييه يقييول السييدي وغيييره‪ ,‬وعليييه يييدل‬
‫الحديث الذي رواه المام أحمد‪ ,‬رحمه اللييه‪ ,‬فييي مسيينده‬
‫فإنه قييال‪ :‬حييدثنا يزيييد‪ ,‬حييدثنا العييوام‪ ,‬حييدثني شيييخ كييان‬
‫مرابطا ً بالسيياحل قييال‪ :‬لقيييت أبييا صييالح مييولى عميير بيين‬
‫الخطاب فقال‪ :‬حدثنا عمر بن الخطيياب عيين رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليييه وسييلم قييال‪» :‬ليييس ميين ليليية إل والبحيير‬
‫يشرف فيها ثلث مييرات‪ ,‬يسييتأذن اللييه تعييالى أن ينفضييخ‬
‫عليهييييييييم‪ ,‬فيكفييييييييه اللييييييييه عييييييييز وجييييييييل«‪.‬‬

‫‪437‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال الحافظ أبييو بكيير السييماعيلي‪ :‬حييدثنا الحسيين بيين‬
‫سفيان عن إسحاق بن راهويه عن يزيد‪ ,‬وهو ابيين هييارون‪,‬‬
‫عن العوام بن حوشب‪ ,‬حدثني شيخ مرابط قييال‪ :‬خرجييت‬
‫ليلة لمحرسي لم يخرج أحييد ميين الحييرس غيييري‪ ,‬فييأتيت‬
‫الميناء فصعدت فجعل يخيل إلي أن البحر يشييرف يحيياذي‬
‫رؤوس الجبال‪ ,‬فعل ذلك مرارا ً وأنا مسييتيقظ‪ ,‬فلقيييت أبييا‬
‫صالح فقال‪ :‬حدثنا عمر بن الخطاب أن رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪» :‬ما من ليلة إل والبحر يشييرف ثلث‬
‫مرات يستأذن الله تعالى أن ينفضخ عليهم‪ ,‬فيكفه الله عز‬
‫وجيييييييل« فييييييييه رجيييييييل مبهيييييييم ليييييييم يسيييييييم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬إن عذاب ربك لواقع{ هييذا هييو المقسييم‬
‫لييية الخييرى‪} :‬مييا‬ ‫عليه أي لواقع بالكافرين كما قال في ا َ‬
‫له من دافع{ أي ليس له دافييع يييدفعه عنهييم إذا أراد اللييه‬
‫بهم ذلك‪ .‬قال الحافظ أبو بكر بن أبي الييدنيا‪ :‬حييدثنا أبييي‪,‬‬
‫حدثنا موسى بن داود عن صالح المري عن جعفر بيين زيييد‬
‫العبدي قال‪ :‬خرج عمر يعس في المدينيية ذات ليليية‪ ,‬فميير‬
‫بييدار رجييل ميين المسييلمين فييوافقه قائميا ً يصييلي فوقييف‬
‫يستمع قراءته فقرأ }والطور يي حييتى إذا بلييغ يي إن عييذاب‬
‫ربك لواقع * مييا ليه مين دافيع{ قيال‪ :‬قسيم ورب الكعبية‬
‫حق‪ ,‬فنزل عن حماره واستند إلى حييائط فمكييث ملييا ً ثييم‬
‫رجع إلى منزله‪ ,‬فمكث شهرا ً يعييوده النيياس ل يييدرون مييا‬
‫مرضه رضي الله عنه وقال المييام أبييو عبيييد فييي فضييائل‬
‫القرآن‪ :‬حدثنا محمد بن صالح‪ ,‬حدثنا هشام بن حسان عن‬
‫الحسن أن عمر قرأ }إن عذاب ربك لواقييع * مييا لييه ميين‬
‫دافع{ فربا لها ربوة عيد منها عشرين يومًا‪ .‬وقوله تعييالى‪:‬‬
‫}يوم تمور السماء مورًا{ قال ابن عباس وقتييادة‪ :‬تتحييرك‬
‫تحريكًا‪ .‬وعن ابن عباس‪ :‬هو تشققها‪ .‬وقال مجاهييد‪ :‬تييدور‬
‫دورا ً وقال الضحاك‪ :‬استدارتها وتحركهييا لميير اللييه ومييوج‬
‫بعضها في بعض‪ .‬وهذا اختيار ابين جريير أنيه التحيرك فيي‬
‫استدارة‪ .‬قال‪ :‬وأنشد أبييو عبيييدة معميير بيين المثنييى بيييت‬
‫العشيييييييييييييييييييييييييييييى فقيييييييييييييييييييييييييييييال‪:‬‬
‫كأن مشيتها من بيت جارتهامور السحابة ل ريث ول عجل‬

‫‪438‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}وتسييير الجبييال سيييرًا{ أي تييذهب فتصييير هبيياء منبث يا ً‬
‫وتنسف نسفا ً }فويل يومئذ للمكذبين{ أي ويل لهييم ذلييك‬
‫اليوم من عذاب الله ونكاله بهم وعقابه لهييم }الييذين هييم‬
‫في خوض يلعبون{ أي هم في الدنيا يخوضون في الباطل‬
‫ويتخييذون دينهييم هييزوا ً ولعبيا ً }يييوم يييدعون{ أي يييدفعون‬
‫ويساقون }إلى نييار جهنييم دعييا{ وقييال مجاهييد والشييعبي‬
‫ومحمد بن كعب والضحاك والسدي والثوري‪ :‬يدفعون فيها‬
‫دفعا ً }هذه النيار اليتي كنتيم بهيا تكيذبون{ أي تقيول لهيم‬
‫الزبانييية ذلييك تقريعييا ً وتوبيخييا ً }أفسييحر هييذا أم أنتييم ل‬
‫تبصرون * اصييلوها{ أي ادخلوهييا دخييول ميين تغمييره ميين‬
‫جميييع جهيياته }فاصييبروا أو ل تصييبروا سييواء عليكييم{ أي‬
‫سواء صبرتم على عذابها ونكالهييا أم لييم تصييبروا ل محيييد‬
‫لكييم عنهييا ول خلص لكييم منهييا }وإنمييا تجييوزن مييا كنتييم‬
‫تعملييون{ أي ول يظلييم اللييه أحييدا ً بييل يجييازي كل ً بعملييه‪.‬‬

‫م‬
‫م َرب ُّهيي ْ‬ ‫مآ آَتاهُ ْ‬ ‫ت وَن َِعيم ٍ * َفاك ِِهي َ‬
‫ن بِ َ‬ ‫جّنا ٍ‬‫ن ِفي َ‬ ‫مت ِّقي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫** إ ِ ّ‬
‫ش يَرُبوا ْ هَِنيئ َا ً ب ِ َ‬
‫مييا‬ ‫حي يم ِ * ك ُل ُييوا ْ َوا ْ‬ ‫ب ال ْ َ‬
‫ج ِ‬ ‫م ع َي َ‬
‫ذا َ‬ ‫م َرب ّهُ ي ْ‬ ‫وَوََقاهُ ْ‬
‫هم‬ ‫جن َييا ُ‬ ‫ص يُفوفَةٍ وََزوّ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫س يُررٍ ّ‬ ‫ى ُ‬ ‫مت ّك ِِئي ي َ َ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ُ‬
‫ن عَل ي َ‬ ‫ن* ُ‬ ‫م ت َعْ َ‬‫كنت ُ ْ‬
‫ن‬‫عيييييييييييييييييييييييييييييييييي ٍ‬ ‫حيييييييييييييييييييييييييييييييييورٍ ِ‬ ‫بِ ُ‬
‫أخبر الله تعالى عيين حييال السييعداء فقييال }إن المتقييين‬
‫في جنات ونعيم{ وذلك بضييد مييا أولئك فيييه ميين العييذاب‬
‫والنكال }فاكهين بما آتاهم ربهم{ أي يتفكهون بمييا آتيياهم‬
‫الله ميين النعيييم ميين أصييناف الملذ ميين مآكييل ومشييارب‬
‫وملبييس ومسيياكن ومراكييب وغييير ذلييك }ووقيياهم ربهييم‬
‫عذاب الجحيييم{ أي وقييد نجيياهم ميين عييذاب النييار‪ ,‬وتلييك‬
‫نعمة مستقلة بذاتها على حييدتها مييع مييا أضيييف إليهييا ميين‬
‫دخول الجنة التي فيها من السرور ما ل عييين رأت ول أذن‬
‫سمعت ول خطر علييى قلييب بشيير‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬كلييوا‬
‫واشييربوا هنيئا ً بمييا كنتييم تعملييون{ كقييوله تعييالى‪} :‬كلييوا‬
‫واشربوا هنيئا ً بما أسلفتم في اليام الخالية{ أي هذا بذاك‬
‫تفضل ً منه وإحسييانًا‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬متكئييين علييى سييرر‬

‫‪439‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مصفوفة{ قال الثوري عيين حصييين عيين مجاهييد عيين ابيين‬
‫عباس السرر في الحجال‪ ,‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪,‬‬
‫حدثنا أبو اليمان‪ ,‬حدثنا صفوان بن عمرو أنه سييمع الهيثييم‬
‫بن مالك الطائي يقول‪ :‬إن رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم قال‪» :‬إن الرجل ليتكىء المتكأ مقدار أربعين سيينة‬
‫ما يتحييول عنييه ول يملييه‪ ,‬يييأتيه مييا اشييتهت نفسييه ولييذت‬
‫عينه«‪ .‬وحدثنا أبي‪ ,‬أخبرنا هدبة بن خالد عن سييليمان بيين‬
‫المغيرة عن ثابت قال‪ :‬بلغنا أن الرجل ليتكىء فييي الجنيية‬
‫سبعين سنة عنده من أزواجه وخدمه‪ ,‬وما أعطاه الله ميين‬
‫الكرامة والنعيم‪ ,‬فإذا حانت منه نظييرة فييإذا أزواج لييه لييم‬
‫يكن رآهن قبل ذلك‪ ,‬فيقلن قد آن ليك أن تجعيل لنيا منيك‬
‫نصيبًا‪ ,‬ومعنيى }مصيفوفه{ أي وجيوه بعضيهم إليى بعيض‬
‫كقوله }على سرر متقابلين{ }وزوجناهم بحور عييين{ أي‬
‫وجعلنا لهم قرينات صالحات وزوجييات حسييانا ً ميين الحييور‬
‫العين‪ ,‬وقال مجاهييد }وزوجنيياهم{ أنكحنيياهم بحييور عييين‪,‬‬
‫وقد تقدم وصفهن في غير موضييع بمييا أغنييى عيين إعييادته‬
‫ههنييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييا‪.‬‬

‫** وال ّذين آمنوا ْ واتبعتهم ذ ُريتهم بإيما َ‬


‫م‬ ‫م ذ ُّري ّت َهُ ْ‬‫حْقَنا ب ِهِ ْ‬ ‫ن أل ْ َ‬ ‫َ ََّ ُْ ْ ّ ُُّ ِِ َ ٍ‬ ‫َ ِ َ َ ُ‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫سي َ‬ ‫ميا ك َ َ‬ ‫رىيٍء ب ِ َ‬ ‫م ِ‬ ‫لا ْ‬ ‫كي ّ‬ ‫يٍء ُ‬ ‫شي ْ‬ ‫من َ‬ ‫مل ِِهم ّ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫مآ أل َت َْناهُ ْ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬
‫ن*‬ ‫شيييت َُهو َ‬ ‫ميييا ي َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫حيييم ٍ ّ‬ ‫هم ب َِفاك ِهَيييةٍ وَل َ ْ‬ ‫ميييد َد َْنا ُ‬ ‫ن * وَأ ْ‬ ‫هيييي ٌ‬ ‫َر َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫م‬‫ف عَل َي ِْهي ْ‬ ‫طو ُ‬ ‫م * وَي َ ُ‬ ‫ن ِفيَها ك َأسا ً ل ّ ل َغْوٌ ِفيَها وَل َ ت َأِثي ٌ‬ ‫عو َ‬ ‫ي َت ََناَز ُ‬
‫ضه ُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض‬ ‫ى ب َعْ ٍ‬ ‫م عَل َ‬ ‫ل ب َعْ ُ‬ ‫ن * وَأقْب َ َ‬ ‫مك ُْنو ٌ‬ ‫م ل ُؤْل ُؤٌ ّ‬ ‫م ك َأن ّهُ ْ‬ ‫ن ل ّهُ ْ‬‫ما ٌ‬ ‫ِغل ْ َ‬
‫َ‬ ‫ن * َقال ُوَا ْ إ ِّنا ك ُّنا قَب ْ ُ‬
‫ن‬ ‫مي ّ‬ ‫ن * فَ َ‬ ‫ش يِفِقي َ‬ ‫م ْ‬ ‫ي أهْل َِنا ُ‬ ‫ل فِ َ‬ ‫سآَءُلو َ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫عوهُ‬ ‫ل ن َيد ْ ُ‬ ‫من قَب ْي ُ‬ ‫موم ِ * إ ِّنا ك ُّنا ِ‬ ‫س ُ‬‫ب ال ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫ه عَل َي َْنا وَوََقاَنا عَ َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫م‬
‫حييييييييييييييي ُ‬ ‫هييييييييييييييوَ ال ْب َييييييييييييييّر الّر ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫إ ِن ّيييييييييييييي ُ‬
‫يخبر تعييالى عيين فضييله وكرمييه وامتنييانه ولطفييه بخلقيه‬
‫وإحسييانه‪ ,‬أن المييؤمنين إذا اتبعتهييم ذرييياتهم فييي اليمييان‬
‫يلحقهم بآبائهم في المنزليية‪ ,‬وإن لييم يبلغييوا عملهييم لتقيير‬
‫لباء بالبناء عندهم في منازلهم‪ ,‬فيجمع بينهم علييى‬ ‫أعين ا َ‬
‫أحسن الوجوه بأن يرفع الناقص العمل بكامل العمييل‪ ,‬ول‬

‫‪440‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ينقص ذلك من عملييه ومنزلتييه للتسيياوي بينييه وبييين ذاك‪,‬‬
‫ولهذا قال‪} :‬ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من‬
‫شيء{ قال الثوري عن عمر بن مرة عن سيعيد بين جيبير‬
‫عن ابيين عبيياس قييال‪ :‬إن اللييه ليرفييع ذرييية المييؤمن فييي‬
‫درجته وإن كانوا دونه في العمل لتقر بهييم عينييه‪ ,‬ثييم قييرأ‬
‫}والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنييا بهييم ذريتهييم‬
‫وما ألتناهم من عملهم من شيء{ ورواه ابن جرييير وابيين‬
‫أبي حاتم من حييديث سييفيان الثييوري بييه‪ ,‬وكييذا رواه ابيين‬
‫جرير من حديث شعبة عن عمرو بن مرة به‪ ,‬ورواه البزار‬
‫عن سهل بن بحر عن الحسن بن حماد الوراق‪ ,‬عن قيييس‬
‫بن الربيع عن عمرو بن مييرة عيين سيعيد عين ابين عبياس‬
‫مرفوعًا‪ ,‬فذكره ثم قال وقد رواه الثييوري عيين عمييرو بيين‬
‫مرة عن سعيد عيين ابيين عبيياس موقوفيًا‪ ,‬وقييال ابيين أبييي‬
‫حاتم‪ :‬حدثنا العباس بن الوليد بن يزيييد الييبيروتي‪ ,‬أخييبرني‬
‫محمد بن شعيب‪ ,‬أخبرني شيبان‪ ,‬أخبرني ليث عيين حييبيب‬
‫بن أبي ثابت السدي عن سعيد بن جييبير عيين ابيين عبيياس‬
‫في قوله تعالى‪} :‬والييذين آمنييوا واتبعتهييم ذريتهييم بإيمييان‬
‫ألحقنا بهم ذريتهم{ قال‪ :‬هم ذرية المييؤمن يموتييون علييى‬
‫اليمان‪ ,‬فإن كانت منازل آبائهم أرفع من منييازلهم ألحقييوا‬
‫بآبائهم‪ ,‬ولم ينقصوا من أعمالهم التي عملوها شيئًا‪ .‬وقييال‬
‫الحافظ الطبراني‪ :‬حدثنا الحسييين بيين إسييحاق التسييتري‪,‬‬
‫حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن غزوان‪ ,‬حدثنا شريك عيين‬
‫سالم الفطس عن سعيد بن جبير عن ابيين عبيياس‪ ,‬أظنييه‬
‫عن النبي صلى الله علييه وسيلم قيال‪» :‬إذا دخيل الرجييل‬
‫الجنة سأل عن أبويه وزوجته وولده‪ ,‬فيقال إنهم لم يبلغييوا‬
‫درجتييك‪ ,‬فيقييول‪ :‬يييا رب قييد عملييت لييي ولهييم فيييؤمر‬
‫بإلحاقهم به{ وقييرأ ابيين عبيياس }والييذين آمنييوا واتبعتهييم‬
‫ذريتهيييييييييييييييييم بإيميييييييييييييييييان{ ا َ‬
‫ليييييييييييييييييية‪.‬‬
‫لية يقول‪ :‬والذين‬ ‫وقال العوفي عن ابن عباس في هذه ا َ‬
‫أدرك ذريتهم اليمييان فعملييوا بطيياعتي ألحقتهييم بإيمييانهم‬
‫إلى الجنة‪ ,‬وأولدهم الصغار تلحييق بهييم‪ ,‬وهييذا راجييع إلييى‬
‫التفسير الول‪ ,‬فإن ذليك مفسير أصيرح مين هييذا‪ ,‬وهكييذا‬

‫‪441‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول الشعبي وسعيد بن جبير وإبراهيم وقتادة وأبو صييالح‬
‫والربيع بن أنس والضحاك وابن زيد‪ ,‬وهو اختيار ابن جرييير‬
‫وقد قال عبد الله بن المام أحمد‪ :‬حييدثنا عثمييان بيين أبييي‬
‫شيبة‪ ,‬حدثنا محمد بن فضيل عيين محمييد بيين عثمييان عيين‬
‫زاذان عن علي قال‪ :‬سألت خديجة النبي صلى اللييه عليييه‬
‫وسلم عن ولدين ماتا لها في الجاهلية فقييال رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬هما في النار« فلما رأى الكراهية‬
‫في وجهها قال‪» :‬لو رأيت مكانهما لبغضييتهما« قييالت‪ :‬يييا‬
‫رسول الله فولدي منك ؟ قال‪» :‬في الجنة« قال‪ :‬ثم قييال‬
‫رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬إن المييؤمنين‬
‫وأولدهم في الجنة‪ ,‬وإن المشركين وأولدهييم فييي النييار«‬
‫ثم قرأ رسول الله صلى الله عليييه وسييلم }والييذين آمنييوا‬
‫ليية‪ ,‬هيذا فضيله تعيالى عليى‬ ‫واتبعتهيم ذريتهيم بإيميان{ ا َ‬
‫لباء ببركية دعياء‬ ‫لباء وأما فضله على ا َ‬ ‫البناء ببركة عمل ا َ‬
‫البناء فقد قال المام أحمد‪ :‬حدثنا يزيييد‪ ,‬حييدثنا حميياد بيين‬
‫سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبييي صييالح عيين أبييي‬
‫هريرة رضي الله عنه قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسييلم‪» :‬إن اللييه ليرفييع الدرجيية للعبييد الصييالح فييي‬
‫الجنة فيقييول‪ :‬يييا رب أنييى لييي هييذه ؟ فيقييول‪ :‬باسييتغفار‬
‫ولدك لك« إسناده صييحيح ولييم يخرجييوه ميين هييذا الييوجه‬
‫ولكن له شياهد فيي صيحيح مسيلم عين أبيي هرييرة عين‬
‫رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم »إذا مييات ابيين آدم‬
‫انقطع عمله إل من ثلث‪ :‬صدقة جارية‪ ,‬أو علم ينتفييع بييه‪,‬‬
‫أو ولييييييييييييد صييييييييييييالح يييييييييييييدعو لييييييييييييه«‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬كل امرىء بما كسييب رهييين{ لمييا أخييبر‬
‫عن مقام الفضل وهو رفع درجة الذرية إلييى منزليية ا َ‬
‫لبيياء‬
‫من غير عمل يقتضي ذلك‪ ,‬أخبر عن مقام العدل وهو أنييه‬
‫ل يؤاخذ أحدا ً بذنب أحييد فقييال تعييالى‪} :‬كييل امرىييء بمييا‬
‫كسب رهين{ أي مرتهن بعمله ل يحمل عليييه ذنييب غيييره‬
‫من الناس‪ ,‬سواء كييان أبيا ً أو ابنيا ً كمييا قييال تعييالى‪} :‬كييل‬
‫نفييس بمييا كسييبت رهينيية إل أصييحاب اليمييين فييي جنييات‬
‫يتسيياءلون عيين المجرمييين{ وقييوله‪} :‬وأمييددناهم بفاكهيية‬

‫‪442‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ولحم ممييا يشييتهون{ أي وألحقنيياهم بفواكيية ولحييوم ميين‬
‫أنواع شتى مما يستطاب ويشتهى‪ .‬وقوله‪} :‬يتنازعون فيها‬
‫كأسييًا{ أي يتعيياطون فيهييا كأسييا ً أي ميين الخميير‪ ,‬قيياله‬
‫الضحاك }ل لغو فيها ول تأثيم{ أي ل يتكلمون فيهييا بكلم‬
‫لغ أي هذيان ول إثم أي فحش كما يتكلم به الشربة ميين‬
‫أهل الدنيا‪ ,‬قال ابن عباس‪ :‬اللغو الباطل والتأثيم الكييذب‪,‬‬
‫وقال مجاهييد‪ :‬ل يسييتبون ول يؤثمييون‪ .‬وقييال قتييادة‪ :‬كييان‬
‫لخييرة عيين‬ ‫ذلك في الدنيا مع الشيطان فنييزه اللييه خميير ا َ‬
‫قاذورات خمر الدنيا وأذاها‪ ,‬كما تقييدم فنفييى عنهييا صييداع‬
‫الرأس ووجع البطن وإزاليية العقييل بالكلييية‪ ,‬وأخييبر أنهييا ل‬
‫تحملهم على الكلم السيء الفارغ عن الفييائدة المتضييمن‬
‫هييذيانا ً وفحش يًا‪ ,‬وأخييبر بحسيين منظرهييا وطيييب طعمهييا‬
‫ومخبرها فقال‪} :‬بيضاء لييذة للشيياربين * ل فيهييا غييول ول‬
‫هم عنها ينزفون{ وقال‪} :‬ل يصييدعون عنهييا ول ينزفييون{‬
‫وقال ههنيا }يتنيازعون فيهيا كأسيا ً ل لغيو فيهيا ول تيأثيم{‬
‫وقوله تعييالى‪} :‬ويطييوف عليهييم غلمييان لهييم كييأنهم لؤلييؤ‬
‫مكنون{ إخبار عيين خييدمهم وحشييمهم فييي الجنيية‪ ,‬كييأنهم‬
‫اللؤلؤ الرطب المكنييون فييي حسيينهم وبهييائهم ونظييافتهم‬
‫وحسن ملبسهم‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬ويطوف عليهم ولييدان‬
‫مخلييدون * بييأكواب وأبيياريق وكييأس ميين معييين{ وقييوله‬
‫تعالى‪} :‬وأقبل بعضهم عليى بعيض يتسياءلون{ أي أقبليوا‬
‫يتحادثون ويتساءلون عيين أعمييالهم وأحييوالهم فييي الييدنيا‪,‬‬
‫وهذا كما يتحدث أهل الشراب على شرابهم إذا أخذ فيهييم‬
‫الشراب بما كان من أمرهم }قالوا إنا كنا قبييل فييي أهلنييا‬
‫مشفقين{ أي كنا في الدار الدنيا ونحن بين أهلنييا خييائفين‬
‫من ربنييا مشييفقين ميين عييذابه وعقييابه }فميين الليه علينييا‬
‫ووقانييا عييذاب السييموم{ أي فتصييدق علينييا وأجارنييا ممييا‬
‫نخاف }إنا كنا من قبل ندعوه{ أي نتضرع إليه فاسييتجاب‬
‫لنييييا وأعطانييييا سييييؤالنا }إنييييه هييييو الييييبر الرحيييييم{‪.‬‬
‫وقد ورد في هييذا المقييام حييديث رواه الحييافظ أبييو بكيير‬
‫البزار في مسنده فقيال‪ :‬حيدثنا سيلمة بين شيبيب‪ ,‬حيدثنا‬
‫سعيد بن دينار‪ ,‬حدثنا الربيييع بيين صييبيح عيين الحسيين عيين‬

‫‪443‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أنس قال‪ :‬قال رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬إذا‬
‫دخل أهل الجنة الجنة اشتاقوا إلى الخوان‪ ,‬فيجيء سييرير‬
‫هذا حتى يحاذي سرير هذا فيتحدثان‪ ,‬فيتكىء هذا ويتكىييء‬
‫هذا فيتحدثان بما كان في الدنيا‪ ,‬فيقول أحييدهما لصيياحبه‪:‬‬
‫يا فلن تدري أي يوم غفر الله لنا ؟ يوم كنا في موضع كذا‬
‫وكذا فدعونا الله عز وجييل فغفيير لنييا« ثييم قييال الييبزار‪ :‬ل‬
‫نعرفييه يييروى إل بهييذا السييناد‪ .‬قلييت‪ :‬وسييعيد بيين دينييار‬
‫الدمشقي ؟ قال أبو حاتم‪ :‬هو مجهول وشيييخه الربيييع بيين‬
‫صبيح‪ ,‬وقد تكلم فيه غير واحد من جهة حفظه وهييو رجييل‬
‫صالح ثقة في نفسه‪ .‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا عمرو بيين‬
‫عبد الله الودي‪ ,‬حدثنا وكيع عن العمش عن أبي الضييحى‬
‫لييية }فميين اللييه‬‫عن مسروق عن عائشة أنها قرأت هذه ا َ‬
‫علينا ووقانا عذاب السموم * إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو‬
‫البر الرحيم{ فقالت‪ :‬اللهم من علينا وقنا عذاب السييموم‬
‫إنك أنت البر الرحيم‪ .‬قيييل للعمييش فييي الصييلة ؟ قييال‪:‬‬
‫نعيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ن* أ ْ‬ ‫جن ُييو ٍ‬
‫م ْ‬‫ن وَل َ َ‬ ‫ك ب ِك َيياهِ ٍ‬‫ميةِ َرب ّي َ‬ ‫ت ب ِن ِعْ َ‬ ‫مييآ أني َ‬ ‫** فَيذ َك ّْر فَ َ‬
‫صوا ْ َفييإ ِّني‬ ‫ل ت ََرب ّ ُ‬‫ن * قُ ْ‬ ‫مُنو ِ‬‫ب ال ْ َ‬ ‫ص ب ِهِ َري ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫عٌر ن ّت ََرب ّ‬‫شا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ي َُقوُلو َ‬
‫م‬ ‫معك ُم من ال ْمتربصين * أ َم تأ ْمرهُم أ َحل َمهم بهـيي َ َ‬
‫م هُ ي ْ‬‫ذآ أ ْ‬ ‫ْ َ ُ ُ ْ ْ ُ ُ ْ َِ‬ ‫ُ ََ ّ ِ َ‬ ‫َ َ ْ ّ َ‬
‫ْ‬
‫ن * فَل ْي َيأُتوا ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬
‫ه َبل ل ّ ي ُؤْ ِ‬
‫من ُييو َ‬ ‫ن ت ََقوّل ُ‬‫م ي َُقولو َ‬ ‫ن* أ ْ‬ ‫غو َ‬ ‫طا ُ‬ ‫قَوْ ٌ‬
‫ن‬‫صييييييييييادِِقي َ‬ ‫كيييييييييياُنوا ْ َ‬ ‫مث ِْلييييييييييهِ ِإن َ‬ ‫ث ّ‬ ‫دي ٍ‬ ‫حيييييييييي ِ‬ ‫بِ َ‬
‫يقول تعالى آمرا ً رسوله صلى الله عليه وسلم بييأن يبلييغ‬
‫رسالته إلى عباده‪ ,‬وأن يذكرهم بمييا أنييزل اللييه عليييه‪ ,‬ثييم‬
‫نفى عنه ما يرميه به أهل البهتان والفجور فقييال‪} :‬فييذكر‬
‫فما أنت بنعمة ربك بكيياهن ول مجنييون{ أي لسييت بحمييد‬
‫الله بكاهن كما تقوله الجهلة ميين كفييار قريييش‪ ,‬والكيياهن‬
‫الييذي يييأتيه الييرئي ميين الجييان بالكلميية يتلقاهييا ميين خييبر‬
‫السماء }ول مجنون{ وهييو الييذي يتخبطييه الشيييطان ميين‬
‫المييس‪ .‬ثييم قييال تعييالى منكييرا ً عليهييم فييي قييولهم فييي‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم }أم يقولون شاعر نييتربص‬

‫‪444‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫به ريييب المنييون ؟{ أي قييوارع الييدهر‪ ,‬والمنييون المييوت‪,‬‬
‫يقولون ننتظره ونصبر عليه حييتى يييأتيه المييوت فنسييتريح‬
‫منه ومن شأنه‪ ,‬قال الله تعالى‪} :‬قل تربصوا فإني معكييم‬
‫مييين المتربصيييين{ أي انتظيييروا فيييإني منتظييير معكيييم‪,‬‬
‫لخرة‪.‬‬ ‫وستعلمون لمن تكون العاقبة والنصرة في الدنيا وا َ‬
‫قال محمد بن إسحاق عيين عبييد اللييه بيين أبييي نجيييح عيين‬
‫مجاهد عن ابن عباس رضييي اللييه عنهمييا‪ :‬أن قريش يا ً لمييا‬
‫اجتمعوا في دار النييدوة فييي أميير النييبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم قال قائل منهييم‪ :‬احتبسييوه فييي وثيياق وتربصييوا بييه‬
‫ريييب المنييون حييتى يهلييك كمييا هلييك ميين كييان قبلييه ميين‬
‫الشعراء زهير والنابغة إنما هو كأحدهم‪ ,‬فأنزل الله تعييالى‬
‫ذلك من قولهم }أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنييون‬
‫؟{‪.‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬أم تأمرهم أحلمهييم بهييذا{ أي عقييولهم‬
‫تأمرهم بهذا الذي يقولونه فيك من القاويل الباطليية الييتي‬
‫يعلمييون فييي أنفسييهم أنهييا كييذب وزور }أم هييم قييوم‬
‫طاغون{ أي ولكن هم قوم طاغون ضلل معانيدون‪ ,‬فهييذا‬
‫هو الذي يحملهم على ما قالوه فيييك ‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬أم‬
‫يقولون تقوله ؟{ أي اختلقه وافتراه من عند نفسه يعنون‬
‫القرآن‪ ,‬قال الله تعالى‪} :‬بل ل يؤمنييون{ أي كفرهييم هييو‬
‫الذي يحملهم على هذه المقالة }فليييأتوا بحييديث مثلييه إن‬
‫كانوا صييادقين{ أي إن كييانوا صييادقين فييي قييولهم تقييوله‬
‫وافتراه‪ ,‬فليأتوا بمثل ما جيياء بييه محمييد صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم من هذا القرآن‪ ,‬فإنهم لو اجتمعوا هييم وجميييع أهييل‬
‫الرض من الجن والنس ما جاءوا بمثلييه‪ ,‬ول بعشيير سييور‬
‫ميييييييين مثلييييييييه‪ ,‬ول بسييييييييورة ميييييييين مثلييييييييه‪.‬‬

‫خل َُقييوا ْ‬ ‫َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫م َ‬ ‫ن* أ ْ‬ ‫خييال ُِقو َ‬ ‫م هُ ُ‬ ‫يٍء أ ْ‬‫ش ْ‬ ‫ن غَي ْرِ َ‬
‫م ْ‬‫خل ُِقوا ْ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫** أ ْ‬
‫ن َرب ّ َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ُ‬ ‫خَزآئ ِ‬ ‫م َ‬ ‫عند َهُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ن* أ ْ‬ ‫ض َبل ل ّ ُيوقُِنو َ‬ ‫ت َوالْر َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ن ِفي يهِ فَل ْي َيأ ِ‬ ‫مُعو َ‬ ‫ست َ ِ‬
‫م يَ ْ‬ ‫سل ّ ٌ‬‫م ُ‬ ‫م ل َهُ ْ‬‫ن* أ ْ‬ ‫سي ْط ُِرو َ‬‫م َ‬ ‫م ال ْ ُ‬
‫م هُ ُ‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬
‫ن*‬ ‫م ال ْب َن ُييو َ‬ ‫ت وَل َك ُي ُ‬‫ه ال ْب َن َييا ُ‬‫م لَ ُ‬‫ن* أ ْ‬ ‫مِبي ٍ‬
‫ن ّ‬ ‫سل ْ َ‬
‫طا ٍ‬ ‫معُُهم ب ِ ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬

‫‪445‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬ ‫أ َم تس يأ َل ُه َ‬
‫م‬
‫عن يد َهُ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ن* أ ْ‬ ‫مث َْقل ُييو َ‬‫مغْ يَرم ٍ ّ‬‫ميين ّ‬ ‫جييرا ً فَهُييم ّ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ْ َ ْ ُ ْ‬
‫َ‬
‫م‬‫ن ك ََفيُروا ْ هُي ُ‬ ‫ذي َ‬‫ن ك َي ْييدا ً َفال ّي ِ‬
‫دو َ‬
‫ري ُ‬‫م يُ ِ‬
‫ن* أ ْ‬ ‫م ي َك ْت ُُبو َ‬‫ب فَهُ ْ‬‫ال ْغَي ْ ُ‬
‫َ‬
‫مييا‬ ‫ن الّلييهِ عَ ّ‬‫حا َ‬‫سييب ْ َ‬‫ه غَْيييُر الّلييهِ ُ‬ ‫م إ َِلـيي ٌ‬ ‫م ل َُهيي ْ‬
‫ن* أ ْ‬ ‫دو َ‬‫كييي ُ‬
‫م ِ‬‫ال ْ َ‬
‫ن‬‫كو َ‬ ‫شييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييرِ ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫هذا المقام فييي إثبييات الربوبييية وتوحيييد اللوهييية فقييال‬
‫تعالى‪} :‬أم خلقوا من غير شيء ؟ أم هييم الخييالقون{ أي‬
‫أوجدوا من غير موجد ؟ أم هم أوجدوا أنفسهم‪ ,‬أي ل هييذا‬
‫ول هذا بل الله هو الذي خلقهم وأنشأهم بعد أن لم يكونوا‬
‫شيئا ً مذكورًا‪ ,‬قال البخاري‪ :‬حدثنا الحميدي‪ ,‬حدثنا سييفيان‬
‫قال‪ :‬حدثني عن الزهري عن محمد بيين جييبير بيين مطعييم‬
‫عن أبيه قال‪ :‬سمعت النبي صييلى اللييه عليييه وسييلم يقييرأ‬
‫لية }أم خلقوا من غير‬ ‫في المغرب بالطور فلما بلغ هذه ا َ‬
‫شيء أم هم الخالقون * أم خلقوا السموات والرض ؟ بل‬
‫ل يوقنيييييون * أم عنيييييدهم خيييييزائن ربيييييك ؟ أم هيييييم‬
‫المصيطرون ؟{ كاد قلبي أن يطير‪ ,‬وهذا الحييديث مخييرج‬
‫في الصحيحين من طرق عن الزهري به‪ .‬وجبير بن مطعم‬
‫كان قد قدم على النبي صلى الله عليه وسييلم بعييد وقعيية‬
‫بدر في فداء السارى‪ ,‬وكان إذ ذاك مشركًا‪ ,‬فكان سماعه‬
‫لييية ميين هييذه السييورة ميين جمليية مييا حملييه علييى‬ ‫هييذه ا َ‬
‫الدخول في السلم بعد ذلك‪ .‬ثم قييال تعييالى‪} :‬أم خلقييوا‬
‫السيييموات والرض ؟ بيييل ل يوقنيييون{ أي أهيييم خلقيييوا‬
‫السموات والرض ؟ وهذا إنكار عليهم في شييركهم بييالله‪,‬‬
‫وهم يعلمون أنه الخالق وحييده ل شييريك لييه‪ ,‬ولكيين عييدم‬
‫إيقانهم هو الييذي يحملهييم علييى ذلييك }أم عنييدهم خييزائن‬
‫ربك أم هم المصيطرون ؟{ أي أهم يتصرفون في الملييك‬
‫وبييييدهم مفاتييييح الخيييزائن }أم هيييم المصييييطرون{ أي‬
‫المحاسبون للخلئق‪ ,‬ليس المر كذلك بييل اللييه عييز وجييل‬
‫هيييييو الماليييييك المتصيييييرف الفعيييييال لميييييا يرييييييد‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬أم لهم سلم يسييتمعون فيييه{ أي مرقيياة‬
‫إلى المل العلى }فليييأت مسييتمعهم بسيلطان ميبين{ أي‬
‫فليأت الذي يستمع لهم بحجة ظاهرة علييى صييحة مييا هييم‬
‫فيه من الفعال والمقال‪ ,‬أي وليس لهييم سييبيل إلييى ذلييك‬

‫‪446‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فليسوا على شيء وليس لهم دليل‪ ,‬ثم قال منكرا ً عليهييم‬
‫فيمييا نسييبوه إليييه ميين البنييات وجعلهييم الملئكيية إناثييًا‪,‬‬
‫واختيارهم لنفسهم الييذكور علييى النيياث‪ ,‬بحيييث إذا بشيير‬
‫أحدهم بالنثى ظييل وجهييه مسييودا ً وهييو كظيييم‪ ,‬هييذا وقييد‬
‫جعلوا الملئكة بنات الله وعبدوهم مع الله فقييال‪} :‬أم لييه‬
‫البنات ولكم البنون{ وهذا تهديييد شييديد ووعيييد أكيييد }أم‬
‫تسألهم أجرا ً ؟{ أي أجييرة إبلغييك إييياهم رسييالة اللييه‪ ,‬أي‬
‫لست تسألهم على ذلك شيئا ً }فهم ميين مغييرم مثقلييون{‬
‫أي فهييم ميين أدنييى شيييء يتييبرمون منييه ويثقلهييم ويشييق‬
‫عليهم }أم عنييدهم الغيييب فهييم يكتبييون{ أي ليييس الميير‬
‫كذلك فإنه ل يعلم أحد من أهل السييموات والرض الغيييب‬
‫إل الله }أم يريدون كيدًا‪ .‬فالييذين كفييروا هييم المكيييدون{‬
‫يقول تعالى‪ :‬أم يريد هؤلء بقولهم هذا في الرسييول وفييي‬
‫الدين غرور الناس وكيد الرسول وأصييحابه‪ ,‬فكيييدهم إنمييا‬
‫يرجع وباله على أنفسهم فالذين كفروا هم المكيييدون }أم‬
‫لهم إله غير الله سبحان الله عمييا يشييركون{ وهييذا إنكييار‬
‫شديد على المشركين فييي عبييادتهم الصيينام والنييداد مييع‬
‫اللييه‪ ,‬ثييم نييزه نفسييه الكريميية عمييا يقولييون ويفييترون‬
‫ويشيييركون فقيييال‪} :‬سيييبحان الليييه عميييا يشيييركون{‪.‬‬

‫ب‬ ‫حا ٌ‬ ‫سيياِقطا ً ي َُقول ُييوا ْ َ‬


‫سي َ‬ ‫مآِء َ‬ ‫سي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مي َ‬ ‫سييفا ً ّ‬ ‫** وَِإن ي َيَروْا ْ ك ِ ْ‬
‫ن*‬ ‫صييعَُقو َ‬ ‫ذي ِفيهِ ي ُ ْ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫مه ُ ُ‬ ‫ى ي ُل َُقوا ْ ي َوْ َ‬ ‫حت ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫م * فَذ َْرهُ ْ‬ ‫كو ٌ‬ ‫مْر ُ‬ ‫ّ‬
‫ن‬
‫ن * وَإ ِ ّ‬ ‫ص يُرو َ‬ ‫م ُين َ‬ ‫ش يْيئا ً وَل َ هُ ي ْ‬ ‫م َ‬ ‫م ك َي ْيد ُهُ ْ‬ ‫م ل َ ي ُغْن ِييي عَن ْهُ ي ْ‬ ‫ي َوْ َ‬
‫َ‬
‫ن*‬ ‫مييو َ‬ ‫م ل َ ي َعْل َ ُ‬ ‫ن أك ْث ََرهُ ي ْ‬ ‫ك وََلـ يك ِ ّ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬‫دو َ‬ ‫ذابا ً ُ‬‫موا ْ عَ َ‬ ‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ل ِل ّ ِ‬
‫ذي‬
‫ك فَإن َ َ‬
‫م‬‫ن ت َُقو ُ‬ ‫حي َ‬ ‫ك ِ‬ ‫مدِ َرب ّ َ‬‫ح ْ‬ ‫ح بِ َ‬ ‫سب ّ ْ‬ ‫ك ب ِأعْي ُن َِنا وَ َ‬ ‫حك ْم ِ َرب ّ َ ِ ّ‬ ‫صب ِْر ل ِ ُ‬‫َوا ْ‬
‫جييييييوم ِ‬ ‫ه وَإ ِد َْبيييييياَر الن ّ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫سييييييب ّ ْ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫ن الل ّْييييييي ِ‬ ‫ميييييي َ‬ ‫* وَ ِ‬
‫يقييول تعييالى مخييبرا ً عيين المشييركين بالعنيياد والمكييابرة‬
‫للمحسييوس }وإن يييروا كسييفا ً ميين السييماء سيياقطًا{ أي‬
‫عليهم يعذبون به لما صدقوا‪ ,‬ولما أيقنوا بل يقولييون‪ :‬هييذا‬
‫سييحاب مركييوم‪ ,‬أي مييتراكم‪ ,‬وهييذا كقييوله تعييالى‪} :‬ولييو‬
‫فتحنا عليهم بابا ً من السماء فظلوا فيييه يعرجيون * لقيالوا‬

‫‪447‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون{‪ .‬وقال اللييه‬
‫تعالى }فذرهم{ أي دعهم يا محمييد }حييتى يلقييوا يييومهم‬
‫الذي فيه يصعقون{ وذلك يوم القيامة }يوم ل يغني عنهم‬
‫كيييدهم شيييئًا{ أي ل ينفعهييم كيييدهم ول مكرهييم الييذي‬
‫استعملوه في الدنيا‪ ,‬ل يجزي عنهم يوم القيامة شيئا ً }ول‬
‫هم ينصرون{‪ .‬ثم قال تعييالى‪} :‬وإن للييذين ظلمييوا عييذابا ً‬
‫دون ذلك{ أي قبيل ذليك فيي اليدار اليدنيا كقيوله تعيالى‪:‬‬
‫}ولنذيقنهم من العذاب الدنى دون العييذاب الكييبر لعلهييم‬
‫يرجعون{ ولهذا قال تعييالى‪} :‬ولكيين أكييثرهم ل يعلمييون{‬
‫أي نعييذبهم فييي الييدنيا ونبتليهييم فيهييا بالمصييائب لعلهييم‬
‫يرجعون وينيبون فل يفهمييون مييا يييراد بهييم‪ ,‬بييل إذا جلييى‬
‫عنهم مما كانوا فيه‪ ,‬عادوا إلى أسييوأ مييا كييانوا عليييه كمييا‬
‫جاء في بعض الحيياديث »إن المنييافق إذا مييرض وعييوفي‬
‫مثله في ذلك كمثل البعير‪ ,‬ل يدري فيمييا عقلييوه ول فيمييا‬
‫أرسلوه« وفي الثر اللهي‪ :‬كم أعصيك ول تعاقبني ؟ قال‬
‫الله تعالى‪ :‬يا عبدي كييم أعاقبييك وأنييت ل تييدري ؟ وقييوله‬
‫تعالى‪} :‬واصبر لحكم ربك فإنييك بأعيننييا{ أي اصييبر علييى‬
‫أذاهييم ول تبييالهم فإنييك بمييرأى منييا وتحييت كلءتنييا واللييه‬
‫يعصمك من الناس‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬وسبح بحمد ربك حييين‬
‫تقييوم{ قييال الضييحاك‪ :‬أي إلييى الصييلة‪ .‬سييبحانك اللهييم‬
‫وبحمييدك وتبييارك اسييمك‪ ,‬وتعييالى جييدك‪ ,‬ول إلييه غيييرك‪.‬‬
‫وقد روي مثله عن الربيع بن أنس وعبد الرحمن بن زيييد‬
‫بن أسلم وغيرهما‪ ,‬وروى مسلم في صحيحه عن عمر أنييه‬
‫كييان يقييول‪ :‬هييذا فييي ابتييداء الصييلة‪ ,‬ورواه أحمييد وأهييل‬
‫السنن عن أبي سعيد وغيره‪ ,‬عن النييبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم أنه كان يقول ذلك‪ .‬وقال أبو الجوزاء }وسبح بحمييد‬
‫ربك حين تقوم{ أي من نومك من فراشييك‪ ,‬واختيياره ابيين‬
‫جرير ويتأيد هذا القوم بما رواه المام أحمد‪ ,‬حييدثنا الوليييد‬
‫بن مسلم‪ ,‬حدثنا الوزعي‪ ,‬حدثنا عمير بن هييانىء‪ ,‬حييدثني‬
‫جنادة بن أبي أمية‪ .‬حدثنا عبادة بين الصيامت عين رسيول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬من تعاّر من الليل فقييال‬
‫ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ,‬له الملك وله الحمد‪ ,‬وهو‬

‫‪448‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫على كل شيء قدير‪ ,‬سبحان اللييه والحمييد للييه ول إلييه إل‬
‫الله والله أكييبر ول حييول ول قييوة إل بييالله‪ .‬ثييم قييال‪ ,‬رب‬
‫اغفر لي ي أو قال ثم دعا ي استجيب له‪ ,‬فإن عييزم فتوضييأ‬
‫ثم صلى قبلت صلته« وأخرجه البخاري في صحيحه وأهل‬
‫السنن من حديث الوليد بن مسلم به‪ .‬وقال ابن أبي نجيح‬
‫عن مجاهد }وسبح بحمد ربك حين تقوم{ قييال‪ :‬ميين كييل‬
‫مجلس وقال الثوري عن أبييي إسييحاق عيين أبييي الحييوص‬
‫}وسبح بحمييد ربييك حييين تقييوم{ قييال إذا أراد الرجييل أن‬
‫يقيييوم مييين مجلسيييه قيييال‪ :‬سيييبحانك اللهيييم وبحميييدك‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا أبو النضيير إسييحاق‬
‫بن إبراهيم الدمشقي‪ ,‬حييدثنا محمييد بيين شييعيب‪ ,‬أخييبرني‬
‫طلحة بن عمرو الحضرمي عيين عطيياء بيين أبييي ربيياح أنييه‬
‫حدثه عن قول الله تعالى‪} :‬وسبح بحمد ربك حين تقييوم{‬
‫يقول حين تقوم من كل مجلس إن كنييت أحسيينت ازددت‬
‫خيرًا‪ ,‬وإن كنت غير ذلك كان هذا كفارة له‪ ,‬وقد قال عبييد‬
‫الرزاق في جامعه‪ :‬أخبرنا معمر عن عبد الكريم الجييزري‪,‬‬
‫عن أبي عثمان الفقير‪ ,‬أن جبريييل علييم النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم إذا قام من مجلسه أن يقول‪ :‬سييبحانك اللهييم‬
‫وبحمدك‪ ,‬أشهد أن ل إله إل أنت‪ ,‬أستغفرك وأتييوب إليييك‪,‬‬
‫قييال معميير‪ :‬وسييمعت غيييره يقييول هييذا القييول كفييارة‬
‫المجييالس وهييذا مرسييل‪ ,‬وقييد وردت مسييندة ميين طييرق‬
‫يقوي بعضها بعضا ً بذلك‪ ,‬فمن ذلك حديث ابيين جريييج عيين‬
‫سهيل بن أبي صالح‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن أبي هريرة‪ ,‬عيين النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه قييال‪» :‬مين جليس فيي مجليس‬
‫فكثر فيه لغطه‪ ,‬فقال قبل أن يقوم من مجلسه‪ :‬سبحانك‬
‫اللهم وبحمدك‪ ,‬أشهد أن ل إله إل أنييت أسييتغفرك وأتييوب‬
‫إليك‪ ,‬إل غفيير اللييه لييه مييا كييان فييي مجلسييه ذلييك« رواه‬
‫الترمييذي‪ ,‬وهييذا لفظييه والنسييائي فييي اليييوم والليليية ميين‬
‫حديث ابن جريج‪ ,‬وقال الترمذي‪ :‬حسيين صييحيح‪ ,‬وأخرجييه‬
‫الحاكم في مستدركه‪ ,‬وقال إسناده على شرط مسلم‪ ,‬إل‬
‫أن البخيياري عللييه‪ ,‬قلييت‪ :‬عللييه المييام أحمييد والبخيياري‬
‫ومسييلم وأبييو حيياتم وأبييو زرعيية والييدارقطني وغيرهييم‪,‬‬

‫‪449‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ونسبوا الوهم فيه إلى ابن جريج‪ ,‬على أن أبا داود قد رواه‬
‫في سننه من طريق غير ابن جريج إلى أبي هريييرة رضييي‬
‫الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه‪ ,‬ورواه أبو‬
‫داود‪ ,‬واللفظ له والنسييائي والحيياكم فييي المسييتدرك ميين‬
‫طريق الحجاج بن دينار عن هاشم‪ ,‬عيين أبييي العالييية عيين‬
‫أبي برزة السلمي‪ ,‬قال‪ :‬كان رسول الله صلى اللييه عليييه‬
‫وسلم يقول بآخر عمييره‪ :‬إذا أراد أن يقييوم ميين المجلييس‬
‫»سييبحانك اللهييم وبحمييدك‪ ,‬أشييهد أن ل إلييه إل أنييت‪,‬‬
‫أستغفرك وأتوب إليك«‪ .‬فقال رجل‪ :‬يا رسييول اللييه‪ ,‬إنييك‬
‫لتقول قول ً ما كنت تقوله فيما مضييى‪ ,‬قييال‪» :‬كفييارة لمييا‬
‫يكون في المجليس« وقيد روي مرسيل ً عين أبيي العاليية‪,‬‬
‫فييييييييييييييييييييييييييييييييالله أعلييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬
‫وهكذا رواه النسائي والحاكم من حديث الربيع بين أنيس‬
‫عن أبي العالية عن رافع بن خديييج عيين النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم مثله سييواء‪ ,‬وروي مرس يل ً أيض يا ً فييالله أعلييم‪,‬‬
‫وكييذا رواه أبييو داود عيين عبييد اللييه بيين عمييرو أنييه قييال‪:‬‬
‫»كلمات ل يتكلم بهن أحييد فييي مجلسييه عنييد قيييامه ثلث‬
‫مييرات إل كفيير بهيين عنييه‪ ,‬ول يقييولهن فييي مجلييس خييير‬
‫ومجلس ذكر‪ ,‬إل ختم له بهن كما يختم بالخيياتم‪ :‬سييبحانك‬
‫اللهم وبحمييدك‪ ,‬ل إلييه إل أنييت‪ ,‬أسييتغفرك وأتييوب إليييك«‬
‫وأخرجه الحاكم من حديث أم المؤمنين عائشيية وصييححه‪,‬‬
‫ومن رواية جبير بن مطعم‪ ,‬ورواه أبو بكر السماعيلي عن‬
‫أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كلهم عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ,‬وقد أفردت لذلك جزءا ً على حدة بذكر طرقه‬
‫وألفيياظه وعللييه‪ ,‬ومييا يتعلييق بييه وللييه الحمييد والمنيية‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ومن الليييل فسييبحه{ أي اذكييره واعبييده‬
‫بالتلوة والصلة في الليل كمييا قييال تعييالى‪} :‬وميين الليييل‬
‫فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاميا ً محمييودًا{‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وإدبار النجوم{ قيد تقيدم فيي حيديث ابين‬
‫عباس‪ ,‬أنهما الركعتان اللتييان قبيييل صييلة الفجيير‪ ,‬فإنهمييا‬
‫مشروعتان عند إدبار النجوم أي عند جنوحها للغيبوبة‪ .‬وقد‬
‫روى ابن سيلن عن أبي هريييرة مرفوع يا ً »ل تييدعوها وإن‬

‫‪450‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫طردتكم الخيل« يعني ركعتي الفجر‪ ,‬رواه أبييو داود‪ .‬وميين‬
‫هييذا الحييديث حكييي عيين بعييض أصييحاب أحمييد القييول‬
‫بوجوبهما‪ ,‬وهو ضعيف لحديث »خمس صلوات فييي اليييوم‬
‫والليلة« قال‪ :‬هل علي غيرها قال‪» :‬ل إل أن تطوع« وقييد‬
‫ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قييالت‪ :‬لييم‬
‫يكن رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم علييى شيييء ميين‬
‫النوافل أشد تعاهدا ً منه علييى ركعييتي الفجيير‪ ,‬وفييي لفييظ‬
‫لمسييلم »ركعتييا الفجيير خييير ميين الييدنيا ومييا فيهييا«‪.‬‬
‫آخر تفسير سورة الطور ولله الحمد والمنة‪.‬‬
‫سورة النجم‬
‫قال البخاري‪ :‬حدثنا نصر بن علييي‪ ,‬أخييبرني أبييو أحمييد يي‬
‫يعنييي الزبيييدي يي حييدثنا إسييرائيل عيين أبييي إسييحاق‪ ,‬عيين‬
‫السود بن يزيد عن عبد الله قال‪ :‬أول سورة أنزلييت فيهييا‬
‫سجدة »والنجم« قال‪ :‬فسجد النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫وسجد من خلفه‪ ,‬إل رجل ً رأيته أخذ كفا ً من تييراب فسييجد‬
‫عليه‪ ,‬فرأيته بعد ذلك قتل كافرا ً وهو أمية بن خلييف‪ ,‬وقييد‬
‫رواه البخاري أيضا ً في مواضع ومسلم وأبو داود والنسائي‬
‫من طرق عن أبي إسحاق به‪ ,‬وقوله في الممتنع إنه أمييية‬
‫بن خلف في هذه الرواية مشكل‪ ,‬فييإنه قييد جيياء ميين غييير‬
‫هييييييذه الطريييييييق أنييييييه عتبيييييية بيييييين ربيعيييييية‪.‬‬

‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫مييا غَيوَىَ * وَ َ‬
‫مييا‬ ‫م وَ َ‬ ‫حب ُك ُ ْ‬
‫صييا ِ‬
‫ل َ‬ ‫ض ّ‬‫ما َ‬‫ذا هَوَىَ * َ‬ ‫جم ِ إ ِ َ‬
‫** َوالن ّ ْ‬
‫ى‬
‫ح َ‬ ‫ي ُيييييو َ‬ ‫هييييوَ إ ِل ّ وَ ْ‬
‫حيييي ٌ‬ ‫ن ُ‬‫ن ال َْهييييوَىَ * إ ِ ْ‬
‫عيييي ِ‬ ‫طييييقُ َ‬ ‫َين ِ‬
‫قال الشعبي وغيره‪ :‬الخالق يقسم بما شاء ميين خلقييه‪,‬‬
‫والمخلوق ل ينبغي له أن يقسم إل بالخالق‪ ,‬رواه ابن أبييي‬
‫حاتم‪ :‬واختلف المفسرون فييي معنييى قييوله‪} :‬والنجييم إذا‬
‫هوى{ فقال ابن أبي نجيح عن مجاهد‪ :‬يعني بالنجم الثريييا‬
‫إذا سقط مع الفجر‪ ,‬وكذا روي عيين ابيين عبيياس وسييفيان‬
‫الثوري واختيياره ابيين جرييير‪ ,‬وزعييم السييدي أنهييا الزهييرة‪,‬‬
‫وقال الضحاك }والنجم إذا هوى{ إذا رمييي بييه الشييياطين‬

‫‪451‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وهذا القول له اتجاه‪ .‬وروى العمش عن مجاهييدفي قييوله‬
‫تعالى‪} :‬والنجم إذا هييوى{ يعنييي القييرآن إذا نييزل‪ ,‬وهييذه‬
‫لييية كقييوله تعييالى‪} :‬فل أقسييم بمواقييع النجييوم * وإنييه‬ ‫ا َ‬
‫لقسم لو تعلمون عظيم * إنييه لقييرآن كريييم * فييي كتيياب‬
‫مكنيييون * ل يمسيييه إل المطهيييرون * تنزييييل مييين رب‬
‫العالمين{ وقوله تعالى‪} :‬ما ضل صاحبكم وما غوى{ هذا‬
‫هو المقسم عليه‪ ,‬وهو الشهادة للرسول صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم بأنه راشد تابع للحق ليس بضال‪ ,‬وهو الجاهل الذي‬
‫يسلك علييى غييير طريييق بغييير علييم‪ ,‬والغيياوي هييو العييالم‬
‫بالحق‪ ,‬العادل عنييه قصييدا ً إلييى غيييره‪ ,‬فنييزه اللييه رسييوله‬
‫وشييرعه‪ ,‬عيين مشييابهة أهيل الضييلل كالنصيارى وطيرائق‬
‫اليهود‪ .‬وهي علم الشيء وكتمانه‪ ,‬والعمل بخلفه‪ ,‬بيل هيو‬
‫صلة الله وسلمه عليه وما بعثييه بييه ميين الشييرع العظيييم‬
‫في غاية الستقامة والعتدال والسداد‪ ,‬ولهذا قييال تعييالى‪:‬‬
‫}ومييا ينطييق عيين الهييوى{ أي مييا يقييول قييول ً عيين هييوى‬
‫وغرض }إن هو إل وحي يوحى{ أي إنما يقول مييا أميير بييه‬
‫يبلغه إلى الناس كامل ً موفورا ً ميين غييير زيييادة ول نقصييان‬
‫كما رواه المام أحمد‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬حدثنا جرير بيين عثمييان‬
‫عن عبد الرحميين بيين ميسييرة عيين أبييي أماميية أنييه سييمع‬
‫ن الجنيية‬‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقييول‪» :‬ليييدخل ّ‬
‫بشفاعة رجل ليس بنبي مثل الحيين ي أو مثل أحد الحيييين‬
‫ي ربيعة ومضر« فقال رجل‪ :‬يا رسول الله أو ما ربيعة ميين‬
‫مضيييييير ؟ قييييييال‪» :‬إنمييييييا أقييييييول مييييييا أقييييييول«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا يحيى بن سعيد عيين عبيييد اللييه‬
‫بن الخنس‪ ,‬أخبرنا الوليييد بيين عبييد اللييه عيين يوسييف بيين‬
‫ماهك عن عبد الله بن عمرو قال‪ :‬كنيت أكتيب كيل شييء‬
‫أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه‪,‬‬
‫فنهتني قريش فقالوا‪ :‬إنك تكتييب كييل شيييء تسييمعه ميين‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬ورسول الله صلى اللييه‬
‫عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب‪ .‬فأمسكت عن الكتاب‬
‫فذكرت ذلك لرسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم فقييال‪:‬‬
‫»اكتب فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إل الحق« ورواه‬

‫‪452‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبو داود عن مسدد وأبي بكر بيين أبييي شيييبة‪ ,‬كلهمييا عيين‬
‫يحيى بن سعيد القطان به‪ .‬وقال الحافظ أبييو بكيير الييبزار‪:‬‬
‫حدثنا أحمد بن منصور‪ ,‬حدثنا عبييد اللييه بيين صييالح‪ ,‬حييدثنا‬
‫الليث عن ابن عجلن عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن‬
‫أبي هريرة عن النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم قييال‪» :‬مييا‬
‫أخبرتكم أنه من عند الله فهو الذي ل شك فيه« ثييم قييال‪:‬‬
‫ل نعلمه يروى إل بهذا السييناد وقييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا‬
‫يونس‪ ,‬حدثنا ليث عن محمد بن سعيد بن أبي سييعيد عيين‬
‫أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫»ل أقول إل حقا ً قال بعض أصحابه‪ :‬فإنك تداعبنا يا رسول‬
‫الليييييييه ؟ قيييييييال‪» :‬إنيييييييي ل أقيييييييول إل حقيييييييًا«‪.‬‬

‫ق‬ ‫سيت َوَىَ * وَهُ َيوَ َب ِييال ُفُ ِ‬ ‫مّرةٍ َفا ْ‬ ‫ذو ِ‬ ‫ديد ُ ال ُْقوَىَ * ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫ه َ‬ ‫** عَل ّ َ‬
‫م ُ‬
‫ب قَوْ َ‬ ‫ن قَييا َ‬ ‫ى * فَ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ى*‬ ‫ن أوْ أد ْن َي َ َ‬ ‫س يي ْ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫م د ََنا فَت َد َل َ َ‬ ‫ى * ثُ ّ‬ ‫ال َعْل َ‬
‫مييا َرأىَ *‬ ‫ؤاد ُ َ‬ ‫ب ال ُْفي َ‬ ‫مييا ك َيذ َ َ‬ ‫ى* َ‬ ‫َ‬ ‫حي‬‫مآ أوْ َ‬ ‫ى عَب ْدِهِ َ‬ ‫َ‬
‫حى إ ِل َ‬
‫َفَأوْ َ َ‬
‫ُ‬ ‫مييا ي َيَرىَ * وَل ََقيد ْ َرآهُ ن َْزل َي ً‬ ‫ه عَل َ‬
‫عنيد َ‬ ‫خيَرىَ * ِ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫ى َ‬ ‫َ‬ ‫ماُرون َ ُ‬ ‫أفَت ُ َ‬
‫ْ‬
‫سييد َْرةَ‬ ‫ى ال ّ‬ ‫ش َ‬ ‫مأوَىَ * إ ِذ ْ ي َغْ َ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫جن ّ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫عند َ َ‬ ‫ى* ِ‬ ‫َ‬ ‫منت َهَ‬ ‫سد َْرةِ ال ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫ن آي َييا ِ‬ ‫ى * ل ََقد ْ َرأىَ ِ‬
‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ما طغَ َ‬ ‫صُر وَ َ‬ ‫ما َزاغَ ال ْب َ َ‬ ‫ى* َ‬ ‫ش َ‬ ‫ما ي َغْ َ‬ ‫َ‬
‫َرب ّييييييييييييييييييييييييييييييييهِ ال ْك ُب ْييييييييييييييييييييييييييييييييَرىَ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن عبده ورسوله محمد صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم أنه علمييه الييذي جيياء بييه إلييى النيياس }شييديد‬
‫القوى{ وهو جبريل عليه الصلة والسلم‪ ,‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫}إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العييرش مكييين‬
‫* مطاع ثم أمين{ وقال ههنا }ذو مرة{ أي ذو قوة‪ ,‬قيياله‬
‫مجاهد والحسن وابيين زيييد‪ .‬وقييال ابيين عبيياس‪ :‬ذو منظيير‬
‫حسن‪ ,‬وقال قتادة‪ :‬ذو خلق طويل حسن‪ .‬ول منافيياة بييين‬
‫القولين فإنه عليه السلم ذو منظر حسيين وقييوة شييديدة‪.‬‬
‫وقد ورد في الحديث الصحيح ميين رواييية ابيين عميير وأبييي‬
‫هريييرة أن النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم قييال‪» :‬ل تحييل‬
‫الصييدقة لغنييي ول لييذي مييرة سييوي« وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}فاسييتوى{ يعنييي جبريييل عليييه السييلم‪ ,‬قيياله الحسيين‬

‫‪453‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ومجاهد وقتادة والربيييع بيين أنييس }وهييو بيالفق العلييى{‬
‫يعني جبريل استوى في الفق العلى‪ ,‬قاله عكرميية وغييير‬
‫واحد‪ .‬قال عكرمة‪ :‬والفق العلى الذي يأتي منييه الصييبح‪.‬‬
‫وقال مجاهد هو مطليع الشيمس‪ .‬وقيال قتيادة‪ :‬هيو اليذي‬
‫ييييأتي منيييه النهيييار‪ ,‬وكيييذا قيييال ابييين زييييد وغيرهيييم‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبو زرعة‪ ,‬حييدثنا مصييرف بيين‬
‫عمرو اليامي أبو القاسم‪ ,‬حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن‬
‫طلحة بن مصرف‪ ,‬حدثني أبي عيين الوليييد هييو ابيين قيييس‬
‫عن إسحاق بن أبي الكهتلة‪ ,‬أظنه ذكره عن عبييد اللييه بيين‬
‫مسعود‪ ,‬أن رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم لييم ييير‬
‫جبريل في صورته إل مرتين‪ :‬أما واحدة فإنه سأله أن يراه‬
‫في صورته فسد الفق‪ .‬وأما الثانية فييإنه كييان معييه حيييث‬
‫صعد فذلك قييوله‪} :‬وهييو بييالفق العلييى{ وقييد قييال ابيين‬
‫جرييير ههنييا قييول ً لييم أره لغيييره‪ ,‬ول حكيياه هييو عيين أحييد‬
‫وحاصله أنه ذهب إلى أن المعنى فاستوى أي هذا الشييديد‬
‫القوي ذو المرة هو ومحمد صلى الله عليه وسييلم بييالفق‬
‫العلييى‪ ,‬أي اسييتويا جميعييا ً بييالفق العلييى وذلييك ليليية‬
‫السراء‪ ,‬كذا قال ولم يييوافقه أحييد علييى ذلييك‪ ,‬ثييم شييرع‬
‫يوجه ما قاله من حيث العربية فقال وهو كقوله‪} :‬أئذا كنا‬
‫لباء على المكنى في كنا ميين غييير‬ ‫ترابا ً وآباؤنا{ فعطف با َ‬
‫إظهار نحن فكذلك قوله فاستوى وهو‪ ,‬قييال وذكيير الفييراء‬
‫عييييييييين بعيييييييييض العيييييييييرب أنيييييييييه أنشيييييييييده‪:‬‬
‫ألم تر أن النبع يصلب عودهول يستوي والخروع المتقصف‬
‫وهذا الذي قاله من جهة العربية متجه‪ ,‬ولكن ل يسيياعده‬
‫المعنى على ذلك‪ ,‬فإن هذه الرؤية لجبريييل لييم تكيين ليليية‬
‫السراء بل قبلها‪ ,‬ورسول الله صلى الله عليه وسييلم فييي‬
‫الرض‪ ,‬فهبييط عليييه جبريييل عليييه السييلم وتييدلى إليييه‬
‫فاقترب منه وهو على الصورة التي خلقييه اللييه عليهييا‪ ,‬ليه‬
‫سييتمائة جنيياح ثييم رآه بعييد ذلييك نزليية أخييرى عنييد سييدرة‬
‫المنتهى يعني ليلة السراء‪ ,‬وكانت هذه الرؤية الولى فييي‬
‫أوائل البعثة بعييدما جيياءه جبريييل عليييه السييلم أول مييرة‪,‬‬
‫فأوحى الله إليه صدر سييورة اقييرأ‪ ,‬ثييم فييتر الييوحي فييترة‬

‫‪454‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ذهب النبي صلى الله عليه وسلم فيها مييرارا ً ليييتردى ميين‬
‫رؤوس الجبال‪ .‬فكلما هم بذلك ناداه جبريل من الهواء‪ ,‬يييا‬
‫محمد أنت رسييول اللييه حقيا ً وأنييا جبريييل‪ ,‬فيسييكن لييذلك‬
‫جأشه وتقر عينه‪ ,‬وكلما طال عليه المر عيياد لمثلهييا حييتى‬
‫تبدى له جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالبطح‬
‫في صورته التي خلقه الله عليها‪ ,‬له ستمائة جناح قد سييد‬
‫عظم خلقه الفق‪ ,‬فاقترب منه وأوحى إليه عيين اللييه عييز‬
‫وجل ما أمره بييه‪ ,‬فعييرف عنييد ذلييك عظميية الملييك الييذي‬
‫جاءه بالرسالة وجللة قدره وعلو مكانته عند خييالقه الييذي‬
‫بعثيييييييييييييييييييييييييييييييييه إلييييييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫فأمييا الحييديث الييذي رواه الحييافظ أبييو بكيير الييبزار فييي‬
‫مسنده حيث قال‪ :‬حدثنا سلمة بن شبيب‪ ,‬حدثنا سعيد بيين‬
‫منصور‪ ,‬حدثنا الحارث بن عبيد عيين أبييي عمييران الجييوني‬
‫عن أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسول الله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬بينا أنا قاعد إذ جاء جبريل عليه السلم فوكز بين‬
‫كتفي‪ ,‬فقمت إلى شجرة فيهييا كييوكري الطييير فقعييد فييي‬
‫لخر‪ .‬فسمت وارتفعييت حييتى سييدت‬ ‫أحدهما وقعدت في ا َ‬
‫الخافقين‪ ,‬وأنا أقلب طرفي‪ ,‬ولو شيئت أن أميس السيماء‬
‫لمسست‪ ,‬فالتفت إلي جبريل كأنه جلس لطىييء فعرفييت‬
‫فضل علمه بالله علي‪ .‬وفتح لي بيياب ميين أبييواب السييماء‬
‫ورأيييت النييور العظييم‪ ,‬وإذا دون الحجيياب رفرفيية الييدر‬
‫والياقوت‪ .‬وأوحي إلي مييا شيياء اللييه أن يييوحي« ثييم قييال‬
‫البزار‪» :‬ل يرويه إل الحارث بن عبيد‪ ,‬وكان رجل ً مشييهورا ً‬
‫مييييييييييييييييييين أهيييييييييييييييييييل البصيييييييييييييييييييرة‪.‬‬
‫)قلت( الحارث بن عبيد هذا هو أبو قدامة اليييادي أخييرج‬
‫له مسلم في صحيحه إل أن ابن معين ضعفه‪ ,‬وقال‪ :‬ليس‬
‫هو بشيء‪ ,‬وقال المام أحمييد‪ :‬مضييطرب الحييديث‪ .‬وقييال‬
‫أبو حيياتم الييرازي‪ :‬يكتييب حييديثه ول يحتييج بييه‪ .‬وقييال ابيين‬
‫حيان‪ :‬كييثر وهمييه فل يجييوز الحتجيياج بييه إذا انفييرد‪ ,‬فهييذا‬
‫الحديث من غرائب رواياته‪ ,‬فإن فيه نكارة وغرابيية ألفيياظ‬
‫وسياقا ً عجيبا ً ولعله منام‪ ,‬والله أعلم‪ .‬وقال المييام أحمييد‪:‬‬
‫حدثنا حجاج‪ ,‬حدثنا شريك عن عاصييم عيين أبييي وائل عيين‬

‫‪455‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عبد الله أنه قال‪ :‬رأى رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫جبريل في صورته وله ستمائة جنيياح‪ ,‬كييل جنيياح منهييا قييد‬
‫سد الفق‪ ,‬يسقط من جناحه من التهاويل والدر والياقوت‬
‫ما الله به عليم‪ .‬انفرد به أحمد‪ .‬وقال أحمييد‪ :‬حييدثنا يحيييى‬
‫بن آدم‪ ,‬حدثنا أبو بكر بن عياش عن إدريس بن منبييه عيين‬
‫وهب بن منبه عن ابن عباس قال‪ :‬سأل النيبي صيلى الليه‬
‫عليه وسلم جبريل أن يراه فييي صييورته فقييال‪ :‬ادع ربييك‪,‬‬
‫فدعا ربه عز وجل فطليع علييه سيواد مين قبيل المشيرق‬
‫فجعل يرتفع وينتشر‪ ,‬فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫صعق فأتاه فنعشيه ومسيح الييبزاق عين شيدقه‪ ,‬تفيرد بيه‬
‫أحميييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييد‪.‬‬
‫وقد رواه ابن عساكر في ترجمة عتبة بن أبي لهييب ميين‬
‫طريق محمد بن إسحاق عن عثمان بيين عييروة بيين الزبييير‬
‫عن أبيه عن هبار بن السود قال‪ :‬كان أبو لهب وابنه عتبيية‬
‫قد تجهزا إلى الشييام فتجهييزت معهمييا‪ ,‬فقييال ابنييه عتبيية‪:‬‬
‫لذينه في ربه سبحانه وتعييالى‪,‬‬ ‫والله لنطلقن إلى محمد و َ‬
‫فانطلق حتى أتى النبي صلى اللييه عليييه وسييلم فقييال‪ :‬يييا‬
‫محمد هو يكفر بالذي دنى فتييدلى فكييان قيياب قوسييين أو‬
‫أدنى‪ ,‬فقال النبي صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬اللهييم سييلط‬
‫عليه كلبا ً ميين كلبييك« ثييم انصييرف عنييه فرجييع إلييى أبيييه‬
‫فقال‪ :‬يا بني ما قلت له‪ ,‬فذكر له ما قاله‪ ,‬فقال‪ :‬فما قال‬
‫لك ؟ قال‪ :‬قال‪» :‬اللهم سلط عليه كلبا ً من كلبك« قييال‪:‬‬
‫يييا بنييي واللييه مييا آميين عليييك دعيياءه‪ ,‬فسييرنا حييتى نزلنييا‬
‫الشييراة وهييي مأسييدة ونزلنييا إلييى صييومعة راهييب فقييال‬
‫الراهييب‪ :‬يييا معشيير العييرب‪ ,‬مييا أنزلكييم هييذه البلد فإنهييا‬
‫يسرح السد فيها كما تسييرح الغنييم‪ .‬فقييال لنييا أبييو لهييب‪:‬‬
‫إنكم قدعرفتم كبر سني وحقي‪ ,‬وإن هذا الرجييل قييد دعييا‬
‫على ابني دعوة‪ ,‬والله مييا آمنهييا عليييه‪ ,‬فيياجمعوا متيياعكم‬
‫إلى هذه الصومعة وافرشوا لبني عليها ثم افرشوا حولها‪,‬‬
‫ففعلنا فجاء السد فشييم وجوهنييا فلمييا لييم يجييد مييا يريييد‬
‫تقبض فوثب وثبة فإذا هييو فييوق المتيياع‪ ,‬فشييم وجهييه ثييم‬

‫‪456‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ة ففسخ رأسه فقال أبو لهب‪ :‬قد عرفت أنييه ل‬ ‫هزمه هزم ً‬
‫ينفلييييييييييييت عيييييييييييين دعييييييييييييوة محمييييييييييييد‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬فكان قاب قوسين أو أدنى{ أي فيياقترب‬
‫جبريل إلى محمد لما هبط عليه إلى الرض حتى كان بينييه‬
‫وبييين محمييد صييلى اللييه عليييه وسييلم قيياب قوسييين‪ ,‬أي‬
‫بقدرهما إذا مدا‪ ,‬قاله مجاهد وقتيادة وقيد قييل إن الميراد‬
‫بذلك بعد ما بين وتر القوس إلى كبدها‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬أو‬
‫أدنى{ قد تقدم أن هذه الصيغة تستعمل في اللغة لثبييات‬
‫المخبر عنه ونفي ما زاد عليه كقييوله تعييالى‪} :‬ثييم قسييت‬
‫قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة{ أي ما‬
‫هي بألين من الحجارة‪ ,‬بل هييي مثلهييا أو تزيييد عليهييا فييي‬
‫الشدة والقسوة وكذا قوله‪} :‬يخشون الناس كخشية اللييه‬
‫أو أشييد خشييية{ وقييوله‪} :‬وأرسييلناه إلييى مييائة ألييف أو‬
‫يزيدون{ أي ليسوا أقل منها بل هييم مييائة ألييف حقيقيية أو‬
‫يزيدون عليها‪ .‬فهذا تحقيق للمخبر به ل شك ول تردد فييإن‬
‫لييية }فكييان قيياب قوسييين أو‬ ‫هذا ممتنع وهكذا ههنا هذه ا َ‬
‫أدنى{ وهذا الذي قلناه من أن هذا المقترب الييداني الييذي‬
‫صار بينه وبين محمد صلى الله تعالى عليه وسلم إنما هييو‬
‫جبريل عليه السلم‪ ,‬وهو قول أم المييؤمنين عائشيية وابيين‬
‫مسعود وأبي ذر وأبي هريرة‪ ,‬كما سيينورد أحيياديثهم قريبيا ً‬
‫إن شيييييييييييييييييياء اللييييييييييييييييييه تعييييييييييييييييييالى‪.‬‬
‫وروى مسلم في صحيحه عن ابن عبيياس أنييه قييال‪ :‬رأى‬
‫محمد ربه بفؤاده مرتين فجعل هييذه إحييداهما‪ ,‬وجيياء فييي‬
‫حديث شريك بن أبي نمر عن أنييس فييي حييديث السييراء‪:‬‬
‫ثم دنا الجبار رب العزة فتدلى‪ ,‬ولهذا قييد تكلييم كييثير ميين‬
‫النيياس فييي متيين هييذه الرواييية وذكييروا أشييياء فيهييا ميين‬
‫الغرابة‪ ,‬فييإن صييح فهييو محمييول علييى وقييت آخيير وقصيية‬
‫لييية فييإن هييذه كييانت ورسييول‬ ‫أخرى‪ ,‬ل أنها تفسير لهذه ا َ‬
‫الله صلى اللييه عليييه وسييلم فييي الرض ل ليليية السييراء‪,‬‬
‫ولهييذا قييال بعييده‪} :‬ولقييد رآه نزليية أخييرى عنييد سييدرة‬
‫المنتهييى{ فهييذه هييي ليليية السييراء والولييى كييانت فييي‬
‫الرض‪.‬‬

‫‪457‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقد قال ابن جرير‪ :‬حدثنا محمد بن عبد الملييك بيين أبييي‬
‫الشييوارب‪ ,‬حييدثنا عبييد الواحييد بيين زييياد‪ ,‬حييدثنا سييليمان‬
‫الشيباني‪ ,‬حييدثنا زر بيين حييبيش قييال‪ :‬قييال عبييد اللييه بيين‬
‫لية }فكان قاب قوسين أو أدنى{ قييال‪:‬‬ ‫مسعود في هذه ا َ‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬رأيت جبريييل لييه‬
‫سييييييييييييييييييييييييييييييتمائة جنيييييييييييييييييييييييييييييياح«‪.‬‬
‫وقال ابن وهب‪ :‬حدثنا ابن لهيعيية عيين أبييي السييود عيين‬
‫عروة عن عائشة رضي اللييه عنهييا قييالت‪ :‬كييان أول شييأن‬
‫رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم أنييه رأى فييي منييامه‬
‫جبريييل بأجييياد‪ ,‬ثييم إنييه خييرج ليقضييي حيياجته فصييرخ بييه‬
‫جبريل‪ :‬يا محمد يا محمد! فنظر رسول الله يمينا ً وشييمال ً‬
‫فلم ير أحدا ً ثلثًا‪ ,‬ثم رفع بصره فإذا هو ثاني إحدى رجليييه‬
‫مييع الخييرى علييى أفييق السييماء فقييال يييا محمييد جبريييل‬
‫يسكنه‪ .‬فهرب النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخل فييي‬
‫الناس‪ ,‬فنظر فلم ير شيئًا‪ ,‬ثم خييرج ميين النيياس ثييم نظيير‬
‫فرآه فدخل في الناس فلم ير شيئًا‪ ,‬ثم خرج فنظر فييرآه‪,‬‬
‫فذلك قول الله عز وجل }والنجم إذا هوى ي إلى قوله ي ثم‬
‫دنييا فتييدلى{ يعنييي جبريييل إلييى محمييد عليهمييا الصييلة‬
‫والسلم }فكان قاب قوسين أو أدنييى{ ويقولييون‪ :‬القيياب‬
‫نصف أصبع‪ ,‬وقال بعضهم‪ :‬ذراعين كييان بينهمييا‪ ,‬رواه ابيين‬
‫جرير وابن أبي حاتم من حديث ابن وهب به وفييي حييديث‬
‫الزهييري عيين أبييي سييلمة عيين جييابر شيياهدا ً لهييذا‪ .‬وروى‬
‫البخاري عن طلق بن غنام عن زائدة عن الشيييباني قييال‪:‬‬
‫سييألت زرا ً عيين قييوله‪} :‬فكييان قيياب قوسييين أو أدنييى *‬
‫فأوحى * إلى عبده مييا أوحييى{ قييال‪ :‬حييدثنا عبييد اللييه أن‬
‫محمدا ً صلى الله عليه وسلم رأى جبريل له ستمائة جناح‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثني ابن بزيع البغدادي‪ ,‬حدثنا إسحاق‬
‫بيين منصييور‪ ,‬حييدثنا إسييرائيل عيين أبييي إسييحاق عيين عبييد‬
‫الرحمن بن يزيد عن عبد الله }ما كييذب الفييؤاد مييا رأى{‬
‫قال‪ :‬رأى رسول الله صلى الله عليه وسييلم جبريييل عليييه‬
‫حلتييا رفييرف قييد مل مييا بييين السييماء والرض‪ ,‬فعلييى مييا‬
‫ذكرناه يكون قوله‪} :‬فأوحى إلى عبده مييا أوحييى{ معنيياه‬

‫‪458‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فأوحى جبريل إلى عبد اللييه محمييد مييا أوحييى‪ ,‬أو فييأوحى‬
‫اللييه إلييى عبييده محمييد مييا أوحييى بواسييطة جبريييل‪ ,‬وكل‬
‫المعنيين صحيح‪ .‬وقد ذكر عن سعيد بيين جييبير فييي قييوله‪:‬‬
‫}فأوحى إلى عبده ما أوحى{ قال‪ :‬أوحييى اللييه إليييه}ألييم‬
‫يجدك يتيما ً ي ورفعنا لك ذكرك{ وقييال غيييره‪ :‬أوحييى اللييه‬
‫إليه أن الجنيية محرميية علييى النبييياء حييتى تييدخلها‪ ,‬وعلييى‬
‫المييييييييييييم حييييييييييييتى تييييييييييييدخلها أمتييييييييييييك‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ما كذب الفؤاد ما رأى * أفتمييارونه علييى‬
‫ما يرى{ قال مسلم‪ :‬حدثنا أبو سعيد الشج‪ ,‬حييدثنا وكيييع‪,‬‬
‫حدثنا العمش عن زياد بن حصين عن أبي العالية عن ابن‬
‫عباس }ما كذب الفؤاد ما رأى{ }ولقد رآه نزليية أخييرى{‬
‫قال‪ :‬رآه بفؤاده مرتين‪ ,‬وكذا رواه سماك عن عكرمة عن‬
‫ابن عباس مثله‪ ,‬وكذا قال أبوصالح والسدي وغيرهما‪ :‬إنييه‬
‫رآه بفؤاده مرتين‪ ,‬وقد خييالفه ابيين مسييعود وغيييره‪ .‬وفييي‬
‫رواية عنه أنه أطلق الرؤييية وهييي محموليية علييى المقيييدة‬
‫بالفؤاد‪ ,‬ومن روى عنه بالبصر فقد أغرب فإنه ل يصح فيي‬
‫ذلك شيء عن الصحابة رضي اللييه عنهييم‪ ,‬وقييول البغييوي‬
‫في تفسيره وذهب جماعيية إلييى أنييه رآه بعينييه وهييو قييول‬
‫أنيييس والحسييين وعكرمييية فييييه نظييير والليييه أعليييم‪.‬‬
‫وقال الترمذي‪ :‬حدثنا محمد بيين عمييرو بيين المنهييال بيين‬
‫صفوان‪ ,‬حدثنا يحيى بن كثير العنبري عن سلمة بن جعفيير‬
‫عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عبيياس قييال‪ :‬رأى‬
‫محمد ربه‪ ,‬قلت‪ :‬أليس الله يقول‪} :‬ل تدركه البصار وهييو‬
‫يدرك البصار{ قال‪ :‬ويحك ذاك إذا تجلى بنييوره الييذي هييو‬
‫نوره‪ ,‬وقد رأى ربه مرتين‪ .‬ثم قييال‪ :‬حسيين غريييب‪ .‬وقييال‬
‫أيضًا‪ :‬حدثنا ابن أبي عمر‪ ,‬حييدثنا سييفيان عيين مجالييد عيين‬
‫الشعبي قييال‪ :‬لقييي ابيين عبيياس كعبيا ً بعرفيية فسييأله عيين‬
‫شيء فكبر حتى جاوبته الجبال‪ ,‬فقال ابن عبيياس‪ :‬إنييا بنييو‬
‫هاشم‪ ,‬فقال كعب‪ :‬إن الله قسم رؤيته وكلمه بين محمييد‬
‫وموسى‪ ,‬فكلم موسى مرتييين ورآه محمييد مرتييين‪ ,‬وقييال‬
‫مسروق‪ :‬دخلت على عائشة فقلت‪ :‬هل رأى محمييد ربييه‪,‬‬
‫ف له شييعري فقلييت‪ :‬رويييدًا‪,‬‬ ‫فقالت‪ :‬لقد تكلمت بشيء ق ّ‬

‫‪459‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ثم قرأت }لقد رأى من آيات ربييه الكييبرى{ فقييالت‪ :‬أييين‬
‫يذهب بك إنما هو جبريل‪ ,‬من أخبرك أن محمييدا ً رأى ربييه‬
‫أو كتم شيئا ً مما أمر به أو يعلييم الخمييس الييتي قييال اللييه‬
‫تعالى‪} :‬إن الله عنده علييم السيياعة وينييزل الغيييث{ فقييد‬
‫أعظم على الله الفرييية ولكنييه رأى جبريييل‪ ,‬لييم يييره فييي‬
‫صورته إل مرتيين‪ :‬ميرة عنيد سيدرة المنتهيى‪ ,‬وميرة فيي‬
‫أجيييييياد وليييييه سيييييتمائة جنييييياح قيييييد سيييييد الفيييييق‪.‬‬
‫وقال النسائي‪ :‬حدثنا إسحاق بن إبراهيم‪ ,‬حدثنا معاذ بيين‬
‫هشام‪ ,‬حدثني أبي عن قتادة عن عكرمة عيين ابيين عبيياس‬
‫قال‪ :‬أتعجبيون أن تكيون الخلية لبراهييم والكلم لموسيى‬
‫والرؤييية لمحمييد عليهييم الصييلة والسييلم ؟ وفييي صييحيح‬
‫مسلم عن أبي ذر قال‪ :‬سألت رسول الله صلى الله عليه‬
‫وآله وسلم‪ :‬هل رأيت ربك ؟ فقال‪» :‬نور أنييى أراه« وفيي‬
‫رواية »رأيت نورًا« وقال ابن أبي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييو سيعيد‬
‫الشج‪ ,‬حدثنا أبو خالد عن موسى بن عبيدة عن محمد بيين‬
‫كعب قال‪ :‬قالوا‪ :‬يا رسول الله رأيت ربك ؟ قييال‪» :‬رأيتييه‬
‫بفؤادي مرتين« ثم قرأ }ما كييذب الفييؤاد مييا رأى{ ورواه‬
‫ابن جرير عن ابن حميد عن مهران عن موسى بن عبيييدة‬
‫عن محمد بن كعب عن بعييض أصييحاب النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم قال‪ :‬قلنا يا رسول الله هل رأيت ربك ؟ قييال‪:‬‬
‫»لييم أره بعينييي ورأيتييه بفييؤادي مرتييين« ثييم تل }ثييم دنييا‬
‫فتيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييدلى{‪.‬‬
‫ثم قال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬وحييدثنا الحسيين بيين محمييد بيين‬
‫الصباح‪ ,‬حدثنا محمد بن عبد الله النصيياري‪ ,‬أخييبرني عبياد‬
‫بن منصور قال‪ :‬سألت عكرمة عن قوله‪} :‬ما كذب الفؤاد‬
‫ما رأى{ فقال عكرمة‪ :‬تريد أن أخبرك أنييه قييد رآه‪ ,‬قلييت‬
‫نعم‪ ,‬قال‪ :‬قد رآه ثم قد رآه‪ ,‬قييال‪ :‬فسييألت عنييه الحسيين‬
‫فقال‪ :‬قد رأى جلله وعظمته ورداءه‪ ,‬وحييدثنا أبييي‪ ,‬حييدثنا‬
‫محمد بن مجاهد‪ ,‬حدثنا أبو عامر العقدي‪ ,‬أخبرنا أبو خلييدة‬
‫عن أبي العالية قال‪ :‬سييئل رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪ :‬هل رأيييت ربييك ؟ قييال‪» :‬رأيييت نهييرا ً ورأيييت وراء‬
‫النهر حجابًا‪ ,‬ورأيت وراء الحجاب نورا ً لم أر غيييره« وذلييك‬

‫‪460‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫غريب جدًا‪ ,‬فأما الحييديث الييذي رواه الميام أحمييد‪ :‬حييدثنا‬
‫أسود بيين عييامر‪ ,‬حييدثنا حميياد بيين سيلمة عيين قتييادة عيين‬
‫عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬قال رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬رأيت ربييي عييز وجييل« فييإنه‬
‫حييديث إسييناده علييى شييرط الصييحيح‪ ,‬لكنييه مختصيير ميين‬
‫حييديث المنييام كمييا رواه المييام أحمييد أيض يًا‪ :‬حييدثنا عبييد‬
‫الرزاق‪ ,‬حدثنا معمير عين أييوب عين أبيي قلبية عين ابين‬
‫عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قييال‪» :‬أتيياني‬
‫ربي الليلة في أحسن صورة ي أحسييبه يعنييي فييي النييوم يي‬
‫فقال‪ :‬يا محمد أتدري فيم يختصم المل العلى‪ ,‬قال‪ :‬قلت‬
‫ل‪ ,‬فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثييديي ي ي أو‬
‫قال نحري ي فعلمت ما في السموات وما فييي الرض‪ .‬ثييم‬
‫قال‪ :‬يا محمد‪ ,‬هل تدري فيم يختصييم المل العلييى‪ ,‬قييال‪:‬‬
‫قلت نعم‪ ,‬يختصمون في الكفارات والييدرجات‪ ,‬قييال‪ :‬ومييا‬
‫الكفارات ؟ قال‪ :‬قلت المكث في المساجد بعد الصلوات‪,‬‬
‫والمشي على القدام إلى الجماعات‪ ,‬وإبلغ الوضييوء فييي‬
‫المكاره‪ ,‬من فعل ذلك عاش بخير ومات بخير‪ ,‬وكييان ميين‬
‫خطيئته كيوم ولدته أمه‪ ,‬وقييال‪ :‬قييل يييا محمييد إذا صييليت‬
‫اللهم إني أسييألك فعييل الخيييرات وتييرك المنكييرات وحييب‬
‫المساكين‪ ,‬وإذا أردت بعبادك فتنيية أن تقبضييني إليييك غييير‬
‫مفتييون قييال‪ :‬والييدرجات بييذل الطعييام وإفشيياء السييلم‪,‬‬
‫والصلة بالليل والناس نيام« وقد تقدم في آخر سورة ص‬
‫عيييييييييييييييييييين معيييييييييييييييييييياذ نحييييييييييييييييييييوه‪.‬‬
‫وقد رواه ابن جرير من وجه آخر عيين ابيين عبيياس وفيييه‬
‫سياق آخر وزيادة غريبة فقييال‪ :‬حييدثني أحمييد بيين عيسييى‬
‫التميمي‪ ,‬حدثني سليمان بن عمر بيين سيييار‪ ,‬حييدثني أبييي‬
‫عن سعيد بن زربي عن عمر بن سليمان‪ ,‬عن عطيياء عيين‬
‫ابن عباس قال‪ :‬قال النبي صلى الله عليه وسلم‪» :‬رأيييت‬
‫ربي في أحسن صورة فقال لي‪ :‬يا محمد هييل تييدري فيييم‬
‫يختصييم المل العلييى ؟ فقلييت ل يييارب‪ ,‬فوضييع يييده بييين‬
‫كتفي فوجدت بردها بين ثديي‪ ,‬فعلمت ما فييي السييموات‬
‫والرض فقلييت يييا رب فييي الييدرجات والكفييارات‪ ,‬ونقييل‬

‫‪461‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫القدام إلى الجماعات‪ ,‬وانتظار الصلة بعد الصلة‪ ,‬فقلييت‬
‫يا رب إنك اتخييذت إبراهيييم خليل ً وكلمييت موسييى تكليم يا ً‬
‫وفعلت وفعلت فقال ألييم أشييرح لييك صييدرك ؟ ألييم أضييع‬
‫عنك وزرك ؟ ألم أفعل بك ألم أفعييل بييك ؟ قييال فأفضييى‬
‫إلي بأشياء لم يؤذن لييي أن أحييدثكموها قييال فييذاك قييوله‬
‫في كتابه‪} :‬ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسييين أو أدنييى *‬
‫فأوحى إلى عبييده مييا أوحييى * مييا كييذب الفييؤاد مييا رأى{‬
‫فجعييل نييور بصييري فييي فييؤادي فنظييرت إليييه بفييؤادي«‬
‫إسناده ضعيف وقد ذكر الحافظ ابن عسيياكر بسيينده إلييى‬
‫هبار بن السود رضي الله عنه أن عتبة بن أبييي لهييب لمييا‬
‫خرج في تجارة إليى الشيام قيال لهيل مكية اعلميوا أنيي‬
‫كافر بالذي دنا فتدلى‪ ,‬فبلغ قوله رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم فقال‪ :‬سلط اللييه عليييه كلب يا ً ميين كلبييه‪ .‬قييال‬
‫هبار‪ :‬فكنت معهم فنزلنا بييأرض كييثيرة السييد‪ ,‬قييال فلقييد‬
‫رأيت السد جاء فجعل يشييم رؤوس القييوم واحييدا ً واحييدا ً‬
‫حتى تخطى إلى عتبة فاقتطع رأسه من بينهم‪ .‬وذكيير ابيين‬
‫إسحاق وغيره فييي السيييرة أن ذلييك كييان بييأرض الزرقيياء‬
‫وقيييل بالسييراة‪ ,‬وأنييه خييالف ليلييتئذ‪ ,‬وأنهييم جعلييوه بينهييم‬
‫وناموا من حوله فجاء السد فجعل يزأر ثم تخطيياهم إليييه‬
‫فضييييييييييييغم رأسييييييييييييه لعنييييييييييييه اللييييييييييييه‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬ولقييد رآه نزليية أخييرى * عنييد سييدرة‬
‫المنتهى * عندها جنة المأوى{ هذه هي المرة الثانية الييتي‬
‫رأى رسول الله صلى الله عليه وسييلم فيهييا جبريييل علييى‬
‫صورته التي خلقه اللييه عليهييا وكييانت ليليية السييراء‪ .‬وقييد‬
‫قدمنا الحاديث الواردة في السراء بطرقها وألفاظها فييي‬
‫أول سورة سبحان بما أغنى عيين إعييادته ههنييا‪ ,‬وتقييدم أن‬
‫ابن عباس رضي الله عنهما كان يثبت الرؤية ليلة السييراء‬
‫لية‪ ,‬وتابعه جماعة من السييلف والخلييف‪,‬‬ ‫ويستشهد بهذه ا َ‬
‫وقييد خييالفه جماعييات ميين الصييحابة رضييي اللييه عنهييم‬
‫والتابعين وغيرهم‪ ,‬وقييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا حسيين بيين‬
‫موسى‪ ,‬حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بيين بهدليية عنييزر‬
‫لية }ولقييد رآه نزليية‬ ‫بن حبيش عن ابن مسعود في هذه ا َ‬

‫‪462‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أخرى * عند سدرة المنتهى{ قال‪ :‬قال رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم »رأيت جبريل وله ستمائة جناح ينتثر منييه‬
‫ريش التهاويل من الدر والياقوت« وهذا إسناد جيييد قييوي‪,‬‬
‫وقال أحمد أيضًا‪ :‬حدثنا يحييى بين آدم‪ ,‬حيدثنا شيريك عين‬
‫جامع بن أبي راشد عن أبي وائل عن عبد اللييه قييال‪ :‬رأى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل في صييورته ولييه‬
‫ستمائة جناح‪ ,‬كل جناح منها قييد سييد الفييق‪ ,‬يسييقط ميين‬
‫جناحه من التهاويل من الدر والييياقوت مييا اللييه بييه أعلييم‪.‬‬
‫إسييييييييييييييييييناده حسيييييييييييييييييين أيضييييييييييييييييييًا‪.‬‬
‫وقال المام أحمد أيضًا‪ :‬حييدثنا زيييد بيين الحبيياب‪ ,‬حييدثني‬
‫حسين‪ ,‬حدثني عاصم بن بهدلة قييال‪ ,‬سييمعت شييقيق بيين‬
‫سلمة يقول‪ :‬سمعت ابن مسعود يقييول قييال رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬رأيت جبريل على سدرة المنتهييى‬
‫وله ستمائة جناح« سييألت عاصييما ً عيين الجنحيية فييأبى أن‬
‫يخبرني‪ ,‬قال فييأخبرني بعييض أصييحابه أن الجنيياح مييا بييين‬
‫المشرق والمغرب‪ ,‬وهذا أيض يا ً إسييناد جيييد‪ .‬وقييال أحمييد‪:‬‬
‫حدثنا زيد بن الحباب‪ ,‬حدثنا حسين‪ ,‬حدثنا عاصم بن بهدلة‬
‫حدثني شقيق بن سلمة قال‪ :‬سييمعت ابيين مسييعود يقييول‬
‫قال رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬أتيياني جبريييل‬
‫عليه السلم في خضر معلق به الدر« إسييناده جيييد أيض يًا‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا يحيى عن إسماعيل‪ ,‬حدثنا عييامر‬
‫قال‪ :‬أتى مسروق عائشة فقييال يييا أم المييؤمنين هييل رأى‬
‫محمييد صييلى اللييه عليييه وسييلم ربييه عييز وجييل ؟ قييالت‪:‬‬
‫ف شعري لما قلت‪ ,‬أين أنييت ميين ثلث‬ ‫سبحان الله لقد ق ّ‬
‫من حدثكهن فقد كذب‪ :‬من حدثك أن محمدا ً رأى ربه فقد‬
‫كذب ثم قييرأت }ل تييدركه البصييار وهييو يييدرك البصييار{‬
‫}ومييا كييان لبشيير أن يكلمييه اللييه إل وحيييا ً أو ميين وراء‬
‫حجاب{ ومن أخبرك أنه يعلم مييا فييي غييد فقييد كييذب ثييم‬
‫قرأت }إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلييم مييا‬
‫لية‪ .‬ومن أخييبرك أن محمييدا ً قييد كتييم فقييد‬ ‫في الرحام{ ا َ‬
‫كذب‪ ,‬ثم قرأت }يا أيها الرسييول بلييغ مييا أنييزل إليييك ميين‬
‫ربييييك{ ولكنييييه رأى جبريييييل فييييي صييييورته مرتييييين‪.‬‬

‫‪463‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال المام أحمد أيضًا‪ :‬حدثنا محمد بيين أبييي عييدي عيين‬
‫داود عن الشييعبي عيين مسييروق قييال‪ :‬كنييت عنييد عائشيية‬
‫فقلت‪ :‬أليس الله يقول‪} :‬ولقد رآه بالفق المبين{ }ولقد‬
‫رآه نزلة أخرى{ فقالت‪ :‬أنا أول هذه المة سييألت رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم عنها فقال‪» :‬إنما ذاك جبريييل«‬
‫لم يره في صورته التي خلق عليها إل مرتين‪ ,‬رآه منهبط يا ً‬
‫من السماء إلى الرض سادا ً عظم خلقيه ميا بيين السيماء‬
‫والرض‪ ,‬أخرجاه في الصحيحين ميين حييديث الشييعبي بييه‪.‬‬
‫)روايية أبييي ذر( قيال الميام أحمييد‪ :‬حييدثنا عفييان حييدثنا‬
‫همام‪ :‬حدثنا قتادة عن عبد الله بن شقيق قال‪ :‬قلت لبييي‬
‫ذر لو رأيت رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم لسييألته‪.‬‬
‫قال‪ :‬وما كنت تسأله ؟ قال‪ :‬كنت أسأله هل رأى ربييه عييز‬
‫وجل ؟ فقال‪ :‬إني قد سألته فقييال‪» :‬قييد رأيتييه نييورا ً أنييى‬
‫أراه« هكذا وقع في رواية المام أحمد وقد أخرجه مسييلم‬
‫من طريقين بلفظين فقال‪ :‬حدثنا أبو بكر بيين أبييي شيييبة‪,‬‬
‫حدثنا وكيع عن يزيد بن إبراهيم عن قتادة عن عبد الله بن‬
‫شقيق عن أبي ذر قال‪ :‬سألت رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم هييل رأيييت ربييك ؟ فقييال‪» :‬نييور أنييى أراه«‪ .‬وقييال‬
‫حدثنا محمد بن بشار‪ ,‬حدثنا معيياذ بيين هشييام‪ ,‬حييدثنا أبييي‬
‫عن قتادة عن عبد الله بن شقيق قييال قلييت لبييي ذر‪ :‬لييو‬
‫رأيت رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم لسييألته‪ .‬فقييال‪:‬‬
‫عن أي شيء تسأله ؟ قال‪ :‬كنت أسأله هل رأيييت ربييك ؟‬
‫قييال أبييو ذر‪ :‬قييد سييألته فقييال »رأيييت نييورًا« وقييد حكييى‬
‫الخلل في علله أن المام أحمييد سييئل عيين هييذا الحييديث‬
‫فقييييال‪ :‬مييييازلت منكييييرا ً لييييه ومييييا أدري مييييا وجهييييه‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حييدثنا أبييي‪ ,‬حييدثنا عمييرو بيين عييون‬
‫الواسييطي‪ ,‬أخبرنييا هشيييم عيين منصييور عيين الحكييم عيين‬
‫إبراهيم عن أبيه عن أبي ذر قال‪ :‬رآه بقلبه ولم يره بعينه‪,‬‬
‫وحاول ابن خزيمة أن يييدعي انقطيياعه بييين عبييد اللييه بيين‬
‫شقيق وبين أبي ذر‪ ,‬وأما ابن الجوزي فتييأوله علييى أن أبييا‬
‫ذر لعليه سيأل رسيول الليه صيلى الليه علييه وسيلم قبيل‬
‫السراء فأجابه بما أجابه به‪ ,‬ولو سأله بعد السراء لجييابه‬

‫‪464‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بالثبات‪ ,‬وهذا ضعيف جدًا‪ ,‬فإن عائشة أم المؤمنين رضي‬
‫الله عنها قد سألت عن ذلك بعييد السييراء ولييم يثبييت لهييا‬
‫الرؤية‪ ,‬ومن قال إنييه خاطبهييا علييى قييدر عقلهييا أو حيياول‬
‫تخطئتها فيما ذهبت إليه كابن خزيمية فيي كتياب التوحيييد‪,‬‬
‫فييإنه هييو المخطىييء واللييه أعلييم‪ .‬وقييال النسييائي‪ :‬حييدثنا‬
‫يعقوب بن إبراهيم حدثنا هشييام عيين منصييور عيين الحكييم‬
‫عن يزيد بيين شييريك عيين أبييي ذر قييال‪ :‬رأى رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم ربه بقلبه ولم يره ببصره‪ .‬وقد ثبييت‬
‫في صحيح مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن علييي بيين‬
‫مسهر‪ ,‬عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبييي‬
‫رباح عن أبي هريرة رضييي اللييه عنييه أنييه قييال فييي قييوله‬
‫تعييالى‪} :‬ولقييد رآه نزليية أخييرى{ قييال رأى جبريييل عليييه‬
‫السيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييلم‪.‬‬
‫وقال مجاهد في قييوله‪} :‬ولقييد رآه نزليية أخييرى{ قييال‪:‬‬
‫رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل فييي صييورته‬
‫مرتين‪ ,‬وكذا قال قتادة والربيع بن أنييس وغيرهييم‪ .‬وقييوله‬
‫تعييالى‪} :‬إذ يغشييى السييدرة مييا يغشييى{ قييد تقييدم فييي‬
‫أحاديث السراء أنه غشيتها الملئكة مثل الغربان وغشيييها‬
‫نور الرب وغشيتها ألوان ما أدري مييا هييي ؟ وقييال المييام‬
‫أحمد‪ :‬حدثنا مالك بن مغول‪ ,‬حييدثنا الزبييير بيين عييدي عيين‬
‫طلحة عن مرة عن عبييد الليه هييو ابيين مسييعود قييال‪ :‬لميا‬
‫أسري برسول الله صلى الله عليه وسييلم انتهييى بييه إلييى‬
‫سدرة المنتهى وهي في السماء السييابعة إليهييا ينتهييي مييا‬
‫يعرج به من الرض‪ ,‬فيقبض منها وإليها ينتهي ما يهبييط بيه‬
‫من فوقها فيقبض منهييا }إذ يغشييى السييدرة مييا يغشييى{‬
‫قال فراش من ذهب‪ ,‬قال‪ :‬وأعطي رسول الله صلى الله‬
‫عليييه وسييلم ثلثييًا‪ :‬أعطييي الصييلوات الخمييس‪ ,‬وأعطييي‬
‫خواتيم سورة البقرة‪ ,‬وغفر لمن ل يشرك بالله شيييئا ً ميين‬
‫أمته المقحمات‪ .‬انفرد به مسلم‪ .‬وقال أبييو جعفيير الييرازي‬
‫عن الربيع عن أبي العالية عن أبي هريرة أو غيييره يي شيك‬
‫أبو جعفر ي قال‪ :‬لما أسري برسول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسييلم انتهييى إلييى السييدرة‪ ,‬فقيييل لييه إن هييذه السييدرة‪,‬‬

‫‪465‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فغشيها نور الخلق وغشيتها الملئكيية مثييل الغربييان حييين‬
‫يقعن على الشجر‪ ,‬وقال فكلمه عند ذليك فقيال ليه سيل‪.‬‬
‫وقال ابن أبي نجيييح عيين مجاهييد }إذ يغشييى السييدرة مييا‬
‫يغشى{ قال كان أغصان السدرة لؤليؤا ً وياقوتيا ً وزبرجيدًا‪,‬‬
‫فرآها النبي صلى الله عليه وسلم ورأى ربييه بقلبييه‪ ,‬وقييال‬
‫ابن زيد قيل‪ :‬يا رسول اللييه أي شيييء رأيييت يغشييى تلييك‬
‫السدرة ؟ قال‪» :‬رأيت يغشاها فراش ميين ذهييب‪ ,‬ورأيييت‬
‫على كل ورقة من ورقها ملكا ً قائما ً يسبح الله عز وجل«‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ما زاغ البصر وما طغى{ قال ابن عباس‬
‫رضي الله عنهما‪ :‬ما ذهب يمينا ً ول شمال ً }وما طغى{ ما‬
‫جاوز ما أمر به‪ ,‬وهذه صفة عظيمة فييي الثبييات والطاعيية‬
‫فإنه ما فعل إل ما أمر به ول سييأل فييوق مييا أعطييي‪ ,‬ومييا‬
‫أحسييييييييييييين ميييييييييييييا قيييييييييييييال النييييييييييييياظم‪:‬‬
‫رأى جنة المأوى وما فوقها ولورأى غيره ما قييد رآه لتاهييا‬
‫وقوله تعالى‪} :‬لقد رأى من آيات ربييه الكييبرى{ كقييوله‪:‬‬
‫}لنريك من آياتنا الكبرى{ أي الدالة على قدرتنا وعظمتنا‪,‬‬
‫ليتين استدل من ذهب من أهل السنة أن الرؤييية‬ ‫وبهاتين ا َ‬
‫تلك الليليية لييم تقييع لنييه قييال‪} :‬لقييد رأى ميين آيييات ربييه‬
‫الكبرى{ ولو كان رأى ربه لخبر بذلك ولقال ذلك للنيياس‪,‬‬
‫وقد تقدم تقرير ذلك في سورة سبحان‪ .‬وقييد قييال المييام‬
‫أحمد‪ :‬حدثنا أبو النضر‪ ,‬حدثنا محمد بن طلحية عيين الوليييد‬
‫بن قيس عن إسحاق بن أبي الكهتلة قال محمد أظنه عيين‬
‫ابن مسعود أنه قال‪ :‬إن محمدا ً لم ير جبريييل فييي صييورته‬
‫إل مرتين‪ :‬أما مرة فإنه سأله أن يريه نفسييه فييي صييورته‬
‫فأراه صورته فسد الفق‪ ,‬وأما الخرى فإنه صعد معه حين‬
‫صعد به‪ ,‬وقوله‪} :‬وهو بييالفق العلييى * ثييم دنييا فتييدلى *‬
‫فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحييى{‬
‫س جبريل ربه عز وجل عيياد فييي صييورته وسييجد‪,‬‬ ‫ح ّ‬‫فلما أ َ‬
‫فقوله‪} :‬ولقييد رآه نزليية أخييرى * عنييد سييدرة المنتهييى *‬
‫عندها جنة المأوى * إذ يغشى السدرة ما يغشى * مييا زاغ‬
‫البصر وما طغى * لقد رأى من آيات ربييه الكييبرى{ قييال‪:‬‬
‫خلق جبريل عليه السلم‪ ,‬وهكذا رواه أحمييد وهييو غريييب‪.‬‬

‫‪466‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬
‫م‬ ‫خ يَرىَ * أل َك ُي ُ‬ ‫ة ال ُ ْ‬ ‫مَناةَ الّثال ِث َ َ‬ ‫ت َوال ْعُّزىَ * وَ َ‬ ‫م الل ّ َ‬ ‫** أفََرأي ْت ُ ُ‬
‫ي إ ِل ّ‬ ‫ن هِي َ‬ ‫ضيييَزىَ * إ ِ ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫م ٌ‬ ‫سي َ‬ ‫ك ِإذا ً قِ ْ‬ ‫ى * ت ِل ْي َ‬ ‫َ‬ ‫ه ال ُن ْث َ‬ ‫الذ ّك َُر وَل َ ُ‬
‫ميين‬ ‫ه ب ِهَييا ِ‬ ‫ل الل ّي ُ‬ ‫مييآ أ َن َيَز َ‬ ‫كم ّ‬ ‫م َوآب َييآؤُ ُ‬ ‫أ َس يمآٌء س يميتمو َ َ‬
‫هآ أنت ُي ْ‬ ‫َ ّ ُْ ُ‬ ‫ْ َ‬
‫س وَل ََق يد ْ‬ ‫وى النُف ي ُ‬ ‫مييا ت َهْ ي َ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ن إ ِل ّ الظ ّي ّ‬ ‫ن ِإن ي َت ّب ِعُييو َ‬ ‫طا ٍ‬ ‫س يل ْ َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ى * فَل ِل ّي ِ‬
‫ه‬ ‫من ّي َ‬ ‫مييا ت َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫سييا ِ‬ ‫لن َ‬ ‫م لِ ِ‬ ‫م ال ْهُيد َىَ * أ ْ‬ ‫من ّرب ّهِ ُ‬ ‫هم ّ‬ ‫جآَء ُ‬ ‫َ‬
‫ت ل َ ت ُغْن ِييي‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سي َ‬ ‫ك فِييي ال ّ‬ ‫مل َي ٍ‬ ‫من ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ى * وَك َ ْ‬ ‫َ‬
‫لول َ‬
‫خَرةُ وا ُ‬ ‫ال َ ِ‬
‫َ‬ ‫ن الل ّ‬ ‫َ‬ ‫شيئا ً إل ّ من بعد َأن يأ ْ‬
‫ى‬ ‫َ‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ء‬ ‫شآ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫من‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫َْ ِ‬ ‫م َ ْ ِ ِ‬ ‫شَفاعَت ُهُ ْ‬ ‫َ‬
‫يقييول تعييالى مقرع يا ً للمشييركين فييي عبييادتهم الصيينام‬
‫والنداد والوثييان‪ ,‬واتخيياذهم الييبيوت لهييا مضيياهاة للكعبيية‬
‫التي بناها خليل الرحمن عليه السييلم }أفرأيتييم اللت ؟{‬
‫وكانت اللت صخرة بيضاء منقوشة وعليها بيت بالطييائف‪,‬‬
‫له أستار وسدنة وحييوله فنيياء معظييم عنييد أهييل الطييائف‪,‬‬
‫وهم ثقيف ومن تابعها‪ ,‬يفتخرون بها على من عييداهم ميين‬
‫أحياء العرب بعد قريش‪ ,‬قال ابن جرير‪ :‬وكانوا قد اشتقوا‬
‫اسمها من اسم الله فقالوا اللت‪ ,‬يعنون مؤنثة منه‪ ,‬تعالى‬
‫الله عن قولهم علوا ً كبيرًا‪ ,‬وحكي عن ابن عباس ومجاهييد‬
‫والربيع بن أنس أنهم قيرأوا اللت بتشيديد التياء وفسيروه‬
‫بأنه كان رجل ً يلييت للحجيييج فييي الجاهليية السييويق‪ ,‬فلمييا‬
‫مييات عكفييوا علييى قييبره فعبييدوه‪ .‬وقييال البخيياري‪ :‬حييدثنا‬
‫مسييلم هييو ابيين إبراهيييم‪ ,‬حييدثنا أبييو الشييهب‪ ,‬حييدثنا أبييو‬
‫الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‪} :‬اللت‬
‫والعييزى{ قييال‪ :‬كييان اللت رجل ً يلييت السييويق سييويق‬
‫الحجاج‪ ,‬قال ابن جرير‪ :‬وكيذا العيزى مين العزييز‪ ,‬وكيانت‬
‫شجرة عليها بناء وأستار بنخلة‪ ,‬وهي بيين مكية والطيائف‪,‬‬
‫وكانت قريش يعظمونها كما قال أبو سفيان يوم أحييد‪ :‬لنييا‬
‫العزى ول عزى لكم‪ ,‬فقال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسييييلم‪» :‬قولييييوا اللييييه مولنييييا ول مييييولى لكييييم«‪.‬‬
‫وروى البخاري من حييديث الزهييري عيين حميييد بيين عبييد‬
‫الرحمن عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬من حلف فقييال فييي حلفييه واللت والعييزى‬

‫‪467‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ل أقييامرك‬ ‫فليقييل ل إلييه إل اللييه‪ ,‬وميين قييال لصيياحبه تعييا َ‬
‫فليتصدق« فهذا محمول على من سييبق لسييانه فييي ذلييك‬
‫كما كانت ألسنتهم قد اعتادته في زمن الجاهلية‪ ,‬كما قييال‬
‫النسائي‪ :‬أخبرنا أحمد بيين بكييار‪ ,‬وعبييد الحميييد بيين محمييد‬
‫قال‪ :‬حدثنا مخلد‪ ,‬حدثنا يونس عن أبيه‪ ,‬حدثني مصعب بن‬
‫سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال‪ :‬حلفت بيياللت والعييزى‪,‬‬
‫فقييال لييي أصييحابي‪ :‬بئس مييا قلييت! قلييت هجييرًا‪ .‬فييأتيت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذليك ليه فقييال‪:‬‬
‫»قل ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ,‬له الملك وله الحمد‬
‫وهو على كل شيء قدير‪ ,‬وانفث عن شمالك ثلث يًا‪ ,‬وتعييوذ‬
‫بالله من الشيطان الرجيم ثم ل تعييد«‪ .‬وأمييا منيياة فكييانت‬
‫بالمشييلل عنييد قديييد بييين مكيية والمدينيية‪ ,‬وكييانت خزاعيية‬
‫والوس والخييزرج فييي جاهليتهييا يعظمونهييا ويهلييون منهييا‬
‫للحج إلى الكعبة‪ .‬وروى البخاري عيين عائشيية نحييوه‪ ,‬وقييد‬
‫كان بجزيرة العرب وغيرها طواغيت أخيير تعظمهييا العييرب‬
‫كتعظيم الكعبة‪ .‬غير هذه الثلثة التي نص عليها فييي كتييابه‬
‫العزيز‪ ,‬وإنمييا أفييرد هييذه بالييذكر لنهييا أشييهر ميين غيرهييا‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق في السيرة‪ :‬وقد كييانت العييرب اتخييذت‬
‫مع الكعبة طواغيت وهي بيييوت تعظمهييا كتعظيييم الكعبيية‪.‬‬
‫لها سدنة وحجاب وتهدى لها كمييا يهييدى للكعبيية‪ ,‬وتطييوف‬
‫بها كطوافها بها‪ ,‬وتنحر عندها‪ ,‬وهييي تعييرف فضييل الكعبيية‬
‫عليها لنها كانت قد عرفت أنها بيت إبراهيم عليييه السييلم‬
‫ومسجده‪ :‬فكانت لقريش ولبني كنانة العزى بنخلة‪ ,‬وكييان‬
‫سدنتها وحجابها بني شيبان من سليم‪ ,‬حلفاء بنييي هاشييم‪,‬‬
‫قلت‪ :‬بعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن‬
‫الولييييييييييييد فهيييييييييييدمها وجعيييييييييييل يقيييييييييييول‪:‬‬
‫يييا عييزى كفرانييك ل سييبحانكإني رأيييت اللييه قييد أهانييك‬
‫وقال النسائي‪ :‬أخبرنا علي بن المنذر‪ ,‬أخبرنا ابن فضيل‪,‬‬
‫حدثنا الوليييد بيين جميييع عيين أبييي الطفيييل قييال‪ :‬لمييا فتييح‬
‫رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم مكيية بعييث خالييد بيين‬
‫الوليد إلى نخلة‪ ,‬وكانت بها العزى فأتاها خالد وكانت على‬
‫ثلث سمرات‪ ,‬فقطع السييمرات وهييدم الييبيت الييذي كييان‬

‫‪468‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليها‪ ,‬ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فييأخبره فقييال‪:‬‬
‫»ارجع فإنك ليم تصينع شييئًا« فرجيع خاليد‪ ,‬فلميا أبصيرته‬
‫السدنة وهم حجبتها أمعنييوا فييي الحيييل وهييم يقولييون‪ :‬يييا‬
‫عييزى‪ ,‬يييا عييزى‪ ,‬فأتاهييا خالييد فييإذا امييرأة عريانيية ناشييرة‬
‫شعرها تحثو التراب على رأسييها‪ ,‬فغمسييها بالسيييف حييتى‬
‫قتلها‪ ,‬ثم رجييع إلييى رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫فييييييييييأخبره فقييييييييييال »تلييييييييييك العييييييييييزى!«‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وكييانت اللت لثقيييف بالطييائف‪ ,‬وكييان‬
‫سدنتها وحجابها بني معتب‪ .‬قلت‪ :‬وقد بعييث إليهييا رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة‪ ,‬وأبييا سييفيان‬
‫صخر بن حرب‪ ,‬فهدماها وجعل مكانهييا مسييجدا ً بالطييائف‪.‬‬
‫قال ابن إسييحاق‪ :‬كييانت منيياة للوس والخييزرج وميين دان‬
‫بييدينهم ميين أهييل يييثرب علييى سيياحل البحيير ميين ناحييية‬
‫المشلل بقديد‪ ,‬فبعث رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫إليها أبا سفيان صخر بن حييرب فهييدمها‪ ,‬ويقييال علييي بيين‬
‫أبي طالب قال‪ :‬وكانت ذو الخلصة لدوس وخثعم وبجيليية‪,‬‬
‫ومن كان ببلدهم من العرب بتبالة‪ .‬قلت‪ :‬وكيان يقيال لهيا‬
‫الكعبة اليمانية‪ ,‬وللكعبة التي بمكة الكعبة الشامية‪ ,‬فبعييث‬
‫إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم جرير بيين عبييد اللييه‬
‫البجلي فهدمه‪ ,‬قال‪ :‬وكانت فَْلس لطيء ومن يليهييا بجبييل‬
‫طيء من سلمى وأجا‪ ,‬قال ابن هشام‪ :‬فحدثني بعض أهل‬
‫العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليه علييي‬
‫بن أبي طالب فهييدمه‪ ,‬واصييطفى منييه سيييفين‪ :‬الرسييوب‬
‫ذم‪ ,‬فنفله إياهما رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‬ ‫والمخ ْ‬
‫فهما سيفا علييي‪ .‬قييال ابيين إسييحاق‪ :‬وكييان لحمييير وأهييل‬
‫اليمن بيت بصنعاء يقال له ريام‪ ,‬وذكيير أنييه كييان بييه كلييب‬
‫أسود وأن الحبرين اللذين ذهبا مييع تبييع اسييتخرجاه وقتله‬
‫وهدما البيت‪ .‬قييال ابيين إسييحاق‪ :‬وكييانت رضيياء بيتيا ً لبنييي‬
‫ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم‪ ,‬ولهييا يقييول‬
‫المستوغر بن ربيعة بن كعييب بيين سييعد حييين هييدمها فييي‬
‫السييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييلم‪:‬‬
‫ولقد شددت على رضاء شيدةقتركتها قفيرا ً بقياع أسيمحا‬

‫‪469‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال ابيين هشيام‪ :‬إنيه عيياش ثلثمييائة وثلثييين سيينة وهييو‬
‫القيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييائل‪:‬‬
‫ولقد سئمت من الحياة وطولهاوعمرت من عييدد السيينين‬
‫مئينامائة حدتها بعدها مائتان ليوعمرت ميين عييدد الشييهور‬
‫سنيناهل ما بقييي إل كمييا قييد فاتنييايوم يميير وليليية تحييدونا‬
‫وقال ابن إسحاق‪ :‬وكان ذو الكعبييات لبكيير وتغلييب ابنييي‬
‫وائل وإياد بسنداد‪ ,‬وله يقول أعشى بيين قيييس بيين ثعلبيية‪:‬‬
‫بين الخورنق والسدير وبارقوالبيت ذو الكعبات من سنداد‬
‫ولهذا قال تعالى‪} :‬أفرأيتم اللت والعييزى ومنيياة الثالثيية‬
‫الخرى ؟{ ثم قال تعالى‪} :‬ألكم الذكر وله النييثى ؟{ أي‬
‫أتجعلون له ولدا ً وتجعلون ولده أنثى‪ ,‬وتختييارون لنفسييكم‬
‫الذكور‪ ,‬فلو اقتسمتم أنتم ومخلييوق مثلكييم هييذه القسييمة‬
‫لكانت }قسمة ضيزى{ أي جورا ً باطلة‪ ,‬فكيف تقاسييمون‬
‫ربكم هذه القسمة التي لو كانت بين مخلوقين كانت جورا ً‬
‫وسفهًا‪ ,‬وقال تعالى منكرا ً عليهييم فيمييا ابتييدعوه وأحييدثوه‬
‫من الكذب والفتراء والكفر من عبادة الصيينام وتسييميتها‬
‫آلهة‪} :‬إن هي إل أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم{ أي ميين‬
‫تلقاء أنفسكم }ما أنييزل اللييه بهييا ميين سييلطان{ أي ميين‬
‫حجة }إن يتبعون إل الظن ومييا تهييوى النفييس{ أي ليييس‬
‫لهييم مسييتند إل حسيين ظنهييم بآبييائهم الييذين سييلكوا هييذا‬
‫المسلك الباطل قبلهييم‪ ,‬وإل حييظ نفوسييهم فييي رياسييتهم‬
‫وتعظيم آبائهم القدمين‪} .‬ولقد جاءهم من ربهم الهييدى{‬
‫أي ولقد أرسل الله إليهييم الرسييل بييالحق المنييير والحجيية‬
‫القاطعة‪ ,‬ومع هذا ما اتبعوا ما جاءوهم بييه ول انقييادوا لييه‪.‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬أم للنسان ما تمنى{ أي ليس كييل ميين‬
‫تمنييى خيييرا ً حصييل لييه }ليييس بأمييانيكم ول أميياني أهييل‬
‫الكتاب{ ما كل من زعم أنه مهتد يكون كما قييال‪ ,‬ول كييل‬
‫من ود شيئا ً يحصل له‪ .‬قييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا إسييحاق‬
‫حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيييه عيين أبييي‬
‫هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬إذا‬
‫تمنى أحدكم فلينظر ما يتمنى‪ ,‬فإنه ل يدري مييا يكتييب لييه‬
‫لخرة والولييى{‬ ‫من أمنيته« تفرد به أحمد‪ .‬وقوله‪} :‬فلله ا َ‬

‫‪470‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لخرة والمتصرف فييي‬ ‫أي إنما المر كله لله مالك الدنيا وا َ‬
‫لخرة‪ ,‬فهو الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن‪.‬‬ ‫الدنيا وا َ‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬وكييم ميين ملييك فييي السييموات ل تغنييي‬
‫شييفاعتهم شيييئا ً إل ميين بعييد أن يييأذن اللييه لميين يشيياء‬
‫ويرضى{ كقوله‪} :‬من ذا الذي يشفع عنده إل بإذنه{ }ول‬
‫تنفع الشفاعة عنده إل لمن أذن له{ فإذا كان هذا في حق‬
‫الملئكة المقربين‪ ,‬فكيف ترجييون أيهييا الجيياهلون شييفاعة‬
‫هييذه الصيينام والنييداد عنييد اللييه‪ ,‬وهييو تعييالى لييم يشييرع‬
‫عبادتها ول أذن فيها‪ ,‬بل قد نهى عنهييا علييى ألسيينة جميييع‬
‫رسييييله وأنييييزل بييييالنهي عيييين ذلييييك جميييييع كتبييييه ؟(‬

‫ة‬
‫مي َ َ‬ ‫سي ِ‬‫ة تَ ْ‬ ‫مل َئ ِك َي َ‬‫ن ال ْ َ‬
‫مو َ‬ ‫سي ّ‬ ‫خَرةِ ل َي ُ َ‬
‫ن ِبال َ ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ن ل َ ي ُؤْ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬‫** إ ِ ّ‬
‫ن‬ ‫ن وَإ ِ ّ‬ ‫ن إ ِل ّ الظ ّي ّ‬ ‫عل ْيم ٍ ِإن ي َت ّب ِعُييو َ‬
‫َ‬
‫ن ِ‬ ‫ْ‬ ‫ما ل َهُييم ب ِيهِ ِ‬
‫مي‬ ‫ى * وَ َ‬ ‫َ‬ ‫ال ُن ْث َ‬
‫ى‬ ‫ّ‬ ‫شيْيئا ً * فَيأعْرِ ْ‬ ‫حقّ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ن ل َ ي ُغِْني ِ‬ ‫الظ ّ ّ‬
‫ميين ت َيوَل َ‬ ‫ض عَيين ّ‬ ‫م َ‬
‫ن‬ ‫مي َ‬ ‫م ّ‬ ‫مب ْل َغُُهي ْ‬‫ك َ‬ ‫حَيياةَ اليد ّن َْيا * ذ َِلي َ‬ ‫م ُييرِد ْ إ ِل ّ ال ْ َ‬ ‫عن ذِك ْرَِنا وََلي ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م ِ‬ ‫م بِ َ‬ ‫سِبيل ِهِ وَهُوَ أعْل َ ُ‬ ‫عن َ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬‫من َ‬ ‫م بِ َ‬‫ك هُوَ أعْل َ ُ‬ ‫ن َرب ّ َ‬ ‫ال ْعِل ْم ِ إ ِ ّ‬
‫اهْت َييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييد َىَ‬
‫يقييول تعييالى منكييرا ً علييى المشييركين فييي تسييميتهم‬
‫الملئكة تسمية النثى‪ ,‬وجعلهم لها أنهييا بنييات اللييه تعييالى‬
‫الله عن ذلك كما قال تعالى‪} :‬وجعلوا الملئكة اليذين هيم‬
‫عبيياد الرحميين إناثييا ً أشييهدوا خلقهييم سييتكتب شييهادتهم‬
‫ويسألون{ ولهذا قال تعالى‪} :‬وما لهم بييه ميين علييم{ أي‬
‫دق ما قالوه‪ ,‬بل هييو كييذب وزور‬ ‫ص ّ‬ ‫ليس لهم علم صحيح ي ُ َ‬
‫وافييتراء وكفيير شيينيع‪}.‬إن يتبعييون إل الظيين وإن الظيين ل‬
‫يغني من الحق شيئًا{ أي ل يجدي شيئا ً ول يقوم أبدا ً مقام‬
‫الحق‪ ,‬وقد ثبت فييي الصييحيح أن رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليييه وسييلم قييال‪» :‬إييياكم والظيين فييإن الظيين أكييذب‬
‫الحيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييديث«‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬فييأعرض عميين تييولى عيين ذكرنييا{ أي‬
‫أعرض عن الذي أعرض عن الحق واهجره‪ .‬وقوله‪} :‬ولييم‬
‫يرد إل الحياة الدنيا{ أي وإنما أكثر همه ومبلغ علمه الدنيا‪,‬‬

‫‪471‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فذاك هو غاية ما ل خييير فيييه‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‪} :‬ذلييك‬
‫مبلغهم من العلم{ أي طلب الدنيا والسعي لها هو غاية ما‬
‫وصلوا إليه‪ .‬وقد روى المام أحمد عن أم المؤمنين عائشة‬
‫رضي الله عنها قالت‪ :‬قيال رسيول الليه صيلى الليه علييه‬
‫وسلم‪» :‬الدنيا دار من ل دار له‪ ,‬ومال من ل مال له‪ ,‬ولهييا‬
‫يجمع من ل عقل له« وفي الدعاء المأثور »اللهم ل تجعل‬
‫الدنيا أكبر همنا‪ ,‬ول مبلغ عملنا« وقييوله تعييالى‪} :‬إن ربييك‬
‫هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلييم بميين اهتييدى{ أي‬
‫هو الخالق لجميع المخلوقات والعالم بمصالح عباده‪ ,‬وهييو‬
‫الذي يهدي من يشيياء ويضييل ميين يشيياء‪ ,‬وذلييك كلييه عيين‬
‫قدرته وعلمه وحكمته وهو العادل الذي ل يجور أبدا ً ل فييي‬
‫شيييييييييييييييييرعه ول فيييييييييييييييييي قيييييييييييييييييدره‪.‬‬

‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ج يزِيَ ال ّي ِ‬ ‫ض ل ِي َ ْ‬‫مييا فِ َييي الْر ِ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ما ِفي ال ّ‬ ‫** وَل ِل ّهِ َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫سَنى * ال ّ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫سُنوا ْ ِبال ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫جزِيَ ال ّ ِ‬ ‫مُلوا ْ وَي ِ ْ‬ ‫ما عَ ِ‬ ‫ساُءوا ْ ب ِ َ‬ ‫أ َ‬
‫ع‬
‫سي ُ‬ ‫ك َوا ِ‬ ‫ن َرب ّي َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫مي َ‬ ‫ش إ ِل ّ الل ّ َ‬
‫ح َ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن ك ََبائ َِر ال ِث ْيم ِ َوال َْف ي َ‬ ‫جت َن ُِبو َ‬‫يَ ْ‬
‫شأك ُم من الرض وإذ ْ َأنت َ‬ ‫م إ ِذ ْ َأن َ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫جن ّي ٌ‬ ‫مأ ِ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ْ َ ِ َِ‬ ‫ْ ّ َ‬ ‫م ب ِك ُ ْ‬ ‫مغِْفَرةِ هُوَ أعْل َ ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫طو ُ‬
‫ى‬
‫ن ات َّق ي َ‬ ‫م ِ‬
‫م بِ َ‬ ‫م هُوَ أعْل َ ُ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫م فَل َ ت َُزك ّوَا ْ أنُف َ‬ ‫مَهات ِك ُ ْ‬ ‫نأ ّ‬‫ِفي ب ُ ُ ِ‬
‫يخبر تعالى أنه مالك السموات والرض‪ ,‬وأنه الغني عمييا‬
‫سييواه الحيياكم فييي خلقييه بالعييدل وخلييق الخلييق بييالحق‬
‫}ليجزي الذين أساءوا بمييا عملييوا ويجييزي الييذين أحسيينوا‬
‫بالحسنى{ أي يجازي كل ً بعمله إن خيييرا ً فخييير وإن شييرا ً‬
‫فشر‪ ,‬ثم فسر المحسنين بأنهم الذين يجتنبون كبائر الثييم‬
‫والفييواحش‪ ,‬أي ل يتعيياطون المحرمييات الكبييائر وإن وقييع‬
‫منهم بعض الصغائر فإنه يغفر لهم ويستر عليهم كمييا قييال‬
‫لية الخرى }إن تجتنبييوا كبييائر مييا تنهييون عنيه نكفير‬ ‫في ا َ‬
‫عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخل ً كريمًا{ وقال ههنا‪} :‬الذين‬
‫يجتنبون كبائر الثييم والفييواحش إل اللمييم{ وهييذا اسييتثناء‬
‫منقطع‪ ,‬لن اللمم من صغائر الذنوب ومحقرات العمييال‪.‬‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الرزاق‪ ,‬حدثنا معمر عيين ابيين‬
‫طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال‪ :‬ما رأيت شيييئا ً أشييبه‬

‫‪472‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قال‪» :‬إن الله تعالى كتب علييى ابيين آدم حظييه ميين الزنييا‬
‫أدرك ذلك ل محالة فزنا العين النظر‪ ,‬وزنا اللسان النطق‪,‬‬
‫والنفس تتمنييى وتشييتهي والفييرج يصييدق ذليك أو يكييذبه«‬
‫أخرجيياه فييي الصييحيحين ميين حييديث عبييد الييرزاق بييه‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا محمد بن عبد العلى‪ ,‬أخبرنا ابيين‬
‫ثور‪ ,‬حدثنا معمر عين العميش عين أبيي الضيحى أن ابين‬
‫مسعود قال‪ :‬زنيا العينييين النظير‪ ,‬وزنييا الشييفتين التقبييل‪,‬‬
‫وزنا اليدين البطش‪ ,‬وزنا الرجلين المشييي‪ ,‬ويصييدق ذلييك‬
‫الفييرج أو يكييذبه‪ ,‬فييإن تقييدم بفرجييه كييان زاني يا ً وإل فهييو‬
‫اللمم‪ ,‬وكذا قال مسروق والشعبي‪ .‬وقال عبد الرحمن بن‬
‫نافع الذي يقال لييه‪ :‬ابيين لبابيية الطييائفي قييال‪ :‬سييألت أبييا‬
‫هريرة عن قول اللييه‪} :‬إل اللمييم{ قييال‪ :‬القبليية والغمييزة‬
‫والنظرة والمباشرة‪ ,‬فإذا مس الختان الختييان فقييد وجييب‬
‫الغسل‪ ,‬وهو الزنييا‪ .‬وقييال علييي بيين أبييي طلحيية عيين ابيين‬
‫عباس }إل اللمم{ إل ما سلف وكذا قييال زيييد بيين أسييلم‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا ابن المثنى‪ ,‬حدثنا محمد بن جعفيير‪,‬‬
‫لية‪:‬‬‫حدثنا شعبة عن منصور عن مجاهد أنه قال في هذه ا َ‬
‫}إل اللمم{ قال‪ :‬الذي يلم بالذنب ثم يدعه‪ ,‬قال الشاعر‪:‬‬
‫إن تغفيير اللهيييم تغفيير جمييياوأي عبييد لييك ميييا ألمييا ؟‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا ابن حميد‪ ,‬حدثنا جرير عن منصور‬
‫عن مجاهد في قول الله تعالى‪} :‬إل اللمم{ قييال‪ :‬الرجييل‬
‫يلييم بالييذنب ثييم ينييزع عنييه‪ .‬قييال‪ :‬وكييان أهييل الجاهلييية‬
‫يطوفييييييييييون بييييييييييالبيت وهييييييييييم يقولييييييييييون‪:‬‬
‫إن تغفيير اللهيييم تغفيير جمييياوأي عبييد لييك ميييا ألمييا ؟‬
‫وقييد رواه ابيين جرييير وغيييره مرفوع يا ً قييال ابيين جرييير‪:‬‬
‫حدثني سليمان بن عبييد الجبييار‪ ,‬حييدثنا أبييو عاصييم‪ ,‬حييدثنا‬
‫زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار عيين عطيياء عيين ابيين‬
‫عباس }الذين يجتنبون كبائر الثييم والفييواحش إل اللمييم{‬
‫قال‪ :‬هو الرجل الذي يلم بالفاحشة ثم يتييوب وقييال‪ :‬قييال‬
‫رسييييييول اللييييييه صييييييلى اللييييييه عليييييييه وسييييييلم‪:‬‬
‫إن تغفيير اللهيييم تغفيير جمييياوأي عبييد لييك ميييا ألمييا ؟‬

‫‪473‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وهكذا رواه الترمذي عن أحمييد بيين عثمييان أبييي عثمييان‬
‫البصري عن أبي عاصم النبيل ثم قال‪ :‬هذا حييديث صييحيح‬
‫حسن غريب ل نعرفييه إل ميين حييديث زكريييا بيين إسييحاق‪,‬‬
‫وكذا قال البزار‪ :‬ل نعلمه يروى متصل ً إل من هييذا الييوجه‪,‬‬
‫وسياقه ابين أبيي حياتم والبغيوي مين حيديث أبيي عاصيم‬
‫النبيل‪ ,‬وإنما ذكره البغوي في تفسير سيورة تنزييل‪ ,‬وفييي‬
‫صحته مرفوعا ً نظر‪ .‬ثم قال ابن جرييير‪ :‬حييدثنا محمييد بيين‬
‫عبد الله بن بزيغ‪ ,‬حدثنا يزيد بين زريييع‪ ,‬حييدثنا ييونس عيين‬
‫الحسن عن أبي هريييرة رضييي اللييه عنييه أراه رفعييه فييي‪:‬‬
‫}الذين يجتنبون كبييائر الثييم والفييواحش إل اللمييم{ قييال‪:‬‬
‫اللمم من الزنا ثم يتوب ول يعود‪ .‬واللمم من السييرقة ثييم‬
‫يتوب ول يعود‪ ,‬واللمم من شرب الخمر ثم يتوب ول يعود‪,‬‬
‫قال‪ :‬فذلك اللمام‪ ,‬وحدثنا ابن بشار‪ ,‬حدثنا ابن أبي عييدي‬
‫عن عوف عن الحسن في قييوله تعييالى‪} :‬الييذين يجتنبييون‬
‫كبائر الثم والفواحش إل اللمم{ قال‪ :‬اللمم ميين الزنييا أو‬
‫السيييييرقة أو شيييييرب الخمييييير ثيييييم ل يعيييييود إلييييييه‪.‬‬
‫وحييدثني يعقييوب‪ ,‬حييدثنا ابيين عليية عيين أبييي رجيياء عيين‬
‫الحسيين فييي قييول اللييه‪} :‬الييذين يجتنبييون كبييائر الثييم‬
‫والفواحش إل اللمم{ قال‪ :‬كان أصحاب رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم يقولون‪ :‬هو الرجل يصيب اللمة من الزنييا‬
‫واللمة من شرب الخمر فيجتنبها ويتيوب منهيا‪ .‬وقيال ابين‬
‫جرير عن عطاء عن ابن عباس }إل اللمييم{ يلييم بهييا فييي‬
‫الحين قلت‪ :‬الزنا ؟ قال‪ :‬الزنا ثم يتوب‪ .‬وقييال ابيين جرييير‬
‫أيضًا‪ :‬حدثنا أبو كريييب‪ ,‬حييدثنا ابيين عيينيية عيين عمييرو عيين‬
‫عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه قال‪ :‬اللمم‪ ,‬الذي يلم‬
‫المرة‪ .‬وقال السييدي‪ :‬قييال أبييو صييالح سييئلت عيين اللمييم‬
‫فقلت‪ :‬هو الرجل يصيب الذنب ثم يتييوب‪ ,‬وأخييبرت بييذلك‬
‫ابيين عبيياس فقييال‪ :‬لقييد أعانييك عليهييا ملييك كريييم‪ ,‬حكيياه‬
‫البغوي وروى ابن جرير من طريييق المثنييى بيين الصييباح ي ي‬
‫وهو ضعيف ي عن عمرو بن شعيب أن عبد الله بيين عمييرو‬
‫قال‪ :‬اللمم ما دون الشرك‪ ,‬وقال سفيان الثوري عن جابر‬
‫الجعفي عن عطاء عن ابن الزبير }إل اللمم{ قال‪ :‬ما بين‬

‫‪474‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لخييرة‪ ,‬وكييذا رواه شييعبة عيين‬ ‫الحدين حد الييدنيا وعييذاب ا َ‬
‫الحكم عن ابن عباس مثله سواء‪ .‬وقال العييوفي عيين ابيين‬
‫عباس في قوله‪} :‬إل اللمم{ كل شيييء بييين الحييدين حييد‬
‫لخرة‪ ,‬تكفره الصلوات فهييو اللمييم‪ ,‬وهييو دون‬ ‫الدنيا وحد ا َ‬
‫كل موجب‪ ,‬فأما حد الدنيا فكل حد فرض الله عقوبته في‬
‫لخرة فكل شيء ختمييه اللييه بالنييار وأخيير‬ ‫الدنيا‪ ,‬وأما حد ا َ‬
‫لخرة‪ .‬وكذا قييال عكرميية وقتييادة والضييحاك‪.‬‬ ‫عقوبته إلى ا َ‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬إن ربييك واسييع المغفييرة{ أي رحمتييه‬
‫وسعت كل شيء ومغفرته تسييع الييذنوب كلهييا لميين تيياب‬
‫منها كقوله تعييالى‪} :‬قييل يييا عبييادي الييذين أسييرفوا علييى‬
‫أنفسهم ل تقنطوا مين رحمية الليه إن الليه يغفير اليذنوب‬
‫جميعا ً إنه هو الغفيور الرحييم{ وقيوله تعيالى‪} :‬هيو أعليم‬
‫بكييم إذ أنشييأكم ميين الرض{ أي هييو بصييير بكييم عليييم‬
‫بأحوالكم وأفعالكم وأقييوالكم الييتي ستصييدر عنكييم‪ ,‬وتقييع‬
‫منكم حين أنشيأ أبياكم مين الرض‪ ,‬واسييتخرج ذريتييه مين‬
‫صلبه أمثال الذر ثم قسمهم فريقين‪ :‬فريقا ً للجنية وفريقيا ً‬
‫للسعير‪ .‬وكذا قوله‪} :‬وإذ أنتم أجنة فييي بطييون أمهيياتكم{‬
‫قد كتب الملك الذي يوكل به رزقه وأجلييه وعملييه وشييقي‬
‫أم سييعيد ؟ قييال مكحييول‪ :‬كنييا أجنيية فييي بطييون أمهاتنييا‬
‫فسقط منا من سييقط‪ ,‬وكنييا فيميين بقييي ثييم كنييا مراضييع‬
‫فهلك منا من هلك‪ ,‬وكنا فيمن بقي ثم صييرنا يفعيية فهلييك‬
‫منا من هلك‪ ,‬وكنا فيمن بقي ثم صرنا شبابا ً فهلك منا ميين‬
‫هلك‪ ,‬وكنا فيمن بقي ثم صرنا شيوخا ً ل أبالييك فميياذا بعييد‬
‫هيييييذا ننتظييييير ؟ رواه ابييييين أبيييييي حييييياتم عنيييييه‪.‬‬
‫وقيييوله تعيييالى‪} :‬فل تزكيييوا أنفسيييكم{ أي تميييدحوها‬
‫وتشكروها وتمنوا بأعمالكم }هييو أعلييم بميين اتقييى{ كمييا‬
‫قال تعالى‪} :‬ألم تر إلى الييذين يزكييون أنفسييهم بييل اللييه‬
‫ل{‪ .‬وقييال مسييلم فييي‬ ‫يزكييي ميين يشيياء ول يظلمييون فييتي ً‬
‫صحيحه‪ :‬حييدثنا عمييرو الناقييد‪ ,‬حييدثنا هاشييم بيين القاسييم‪,‬‬
‫حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن محمييد بيين عمييرو‬
‫بن عطاء قال‪ :‬سميت ابنتي برة فقالت لي زينب بنت أبي‬
‫سلمة‪ :‬إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هييذا‬

‫‪475‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السم وسميت بيرة‪ ,‬فقيال رسيول الليه صيلى الليه علييه‬
‫وسلم‪» :‬ل تزكوا أنفسكم إن الله أعلم بأهل الييبر منكييم«‬
‫م نسميها ؟ قال‪» :‬سموها زينب« وقد ثبت أيضييا ً‬ ‫فقالوا‪ :‬ب َ‬
‫فييي الحييديث الييذي رواه المييام أحمييد حيييث قييال‪ :‬حييدثنا‬
‫عفان‪ ,‬حدثنا وهيب‪ ,‬حدثنا خالد الحييذاء عيين عبييد الرحميين‬
‫بن أبي بكرة عيين أبيييه قييال‪ :‬مييدح رجييل رجل ً عنييد النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فقال رسول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬ويليك قطعيت عنيق صياحبك يي ميرارا ً يي إذا كيان‬
‫أحدكم مادحا ً صاحبه ل محاليية فليقييل أحسييب فلنيا ً واللييه‬
‫حسيبه ول أزكي على الله أحدًا‪ ,‬أحسبه كذا وكييذا إن كييان‬
‫يعلم ذلك« ثم رواه عن غندر عن شعبة عيين خالييد الحييذاء‬
‫به‪ ,‬وكذا رواه البخاري ومسلم وأبييو داود وابيين ميياجه ميين‬
‫طيييييييييرق عييييييييين خاليييييييييد الحيييييييييذاء بيييييييييه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا وكيع وعبد الرحمن قال‪ :‬أخبرنييا‬
‫سفيان عن منصييور عيين إبراهيييم عيين همييام بيين الحييارث‬
‫قال‪ :‬جاء رجل إلى عثمييان فييأثنى عليييه فييي وجهييه قييال‪:‬‬
‫فجعل المقداد بن السود يحثو في وجهييه الييتراب ويقييول‪:‬‬
‫أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقينا المييداحين‬
‫أن نحثو في وجوههم التراب‪ .‬ورواه مسلم وأبو داوود من‬
‫حييييييييديث الثييييييييوري عيييييييين منصييييييييور بييييييييه‪.‬‬

‫عن يد َهُ‬‫ى قَِليل ً وَأ َك ْيد َىَ * أ َ ِ‬ ‫َ َ‬


‫ى * َ وَأعْط ي ْ َ‬
‫ّ‬
‫ذي ت َيوَل َ‬ ‫ت ال ّ ِ‬
‫َ َ‬
‫** أفََرأي ْ َ‬
‫ى*‬ ‫س ََ‬‫مو َ‬ ‫ف ُ‬
‫ح ِ‬ ‫ص ُ‬‫ما ِفي ُ‬ ‫م لَ ْ‬
‫م ي ُن َب ّأ ب ِ َ‬ ‫ب فَهُوَ ي ََرىَ * أ ْ‬ ‫م ال ْغَي ْ ِ‬‫عل ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫خيَرىَ * وَأن‬ ‫ى * أل ّ ت َيزُِر َوازَِرةٌ وِْزَر أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ذي وَفّي‬ ‫م ال ّي ِ‬ ‫هيي َ‬ ‫وَإ ِب َْرا ِ‬
‫َ‬
‫م‬‫ف ي َُرىَ * ُثيي ّ‬ ‫سو ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫سعْي َ ُ‬‫ن َ‬ ‫ى * وَأ ّ‬ ‫سعَ َ‬‫ما َ‬ ‫ن إ ِل ّ َ‬‫سا ِ‬ ‫لن َ‬ ‫س لِ ِ‬‫ل ّي ْ َ‬
‫ى‬‫جيييييييييييييييييَزآَء الوَْفييييييييييييييييي َ‬ ‫جيييييييييييييييييَزاهُ ال ْ َ‬ ‫يُ ْ‬
‫يقول تعالى ذاما ً لمن تولى عن طاعيية اللييه‪} :‬فل صييدق‬
‫ول صلى ولكن كذب وتولى{ }وأعطى قليل ً وأكدى{ قييال‬
‫ابن عباس‪ :‬أطاع قليل ً ثم قطعه‪ ,‬وكذا قال مجاهد وسييعيد‬
‫بن جبير وعكرمة وقتادة وغير واحد‪ .‬قال عكرمية وسيعيد‪:‬‬
‫كمثييل القييوم إذا كييانوا يحفييرون بئرًا‪ ,‬فيجييدون فييي أثنيياء‬

‫‪476‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الحفر صييخرة تمنعهييم ميين تمييام العمييل فيقولييون أكييدينا‬
‫وييييييييييييييييييييييييييييييتركون العميييييييييييييييييييييييييييييل‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬أعنده علم الغيب فهييو يييرى ؟{ أي أعنييد‬
‫هذا الذي قد أمسك يييده خشييية النفيياق وقطييع معروفييه‪,‬‬
‫أعنده علم الغيب أنه سينفد ما في يييده حييتى قييد أمسييك‬
‫عن معروفه فهو يرى ذلك عيانا ً ؟ أي ليييس الميير كييذلك‪.‬‬
‫وإنما أمسك عن الصييدقة والمعييروف والييبر والصييلة بخل ً‬
‫ش‬‫وشحا ً وهلعًا‪ ,‬ولهذا جاء في الحديث »أنفق بلل ً ول تخيي َ‬
‫ل« وقد قال الله تعييالى }ومييا أنفقتييم‬ ‫من ذي العرش إقل ً‬
‫ميييين شيييييء فهييييو يخلفييييه وهييييو خييييير الرازقييييين{‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬أم لييم ينبييأ بمييا فييي صييحف موسييى *‬
‫وإبراهيم الذي وفى ؟{ قال سعيد بيين جييبير والثييوري‪ :‬أي‬
‫بلغ جميع ما أمر به‪ ,‬وقال ابن عباس }وفى{ للييه بييالبلغ‪,‬‬
‫وقال سييعيد بيين جييبير }وفييى{ مييا أميير بييه‪ ,‬وقييال قتييادة‬
‫}وفى{ طاعة الله وأدى رسالته إلى خلقه وهذا القول هو‬
‫اختيار ابن جرير‪ ,‬وهو يشمل الذي قبلييه ويشييهد لييه قييوله‬
‫تعالى‪} :‬وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمييات فييأتمهن قييال إنييي‬
‫جاعلك للناس إمام يًا{ فقييام بجميييع الواميير وتييرك جميييع‬
‫النواهي وبلغ الرسالة على التمام والكمال‪ ,‬فاستحق بهييذا‬
‫أن يكون للناس إماما ً يقتدى به في جميع أحييواله وأقييواله‬
‫وأفعاله‪ .‬قال اللييه تعييالى‪} :‬ثييم أوحينييا إليييك أن اتبييع مليية‬
‫إبراهيم حنيفا ً وما كييان ميين المشييركين{ وقييال ابيين أبييي‬
‫حاتم‪ :‬حدثنا محمد بن عوف الحمصي‪ ,‬حدثنا آدم بيين أبييي‬
‫إياس العسقلني‪ ,‬حدثنا حماد بن سلمة‪ ,‬حييدثنا جعفيير بيين‬
‫الزبير عن القاسم عيين أبييي أماميية قييال‪ :‬تل رسييول اللييه‬
‫لييية }وإبراهيييم الييذي وفييى{‬ ‫صلى الله عليه وسلم هذه ا َ‬
‫قال »أتدري ما وفى ؟{ قليت‪ :‬الليه ورسييوله أعلييم‪ .‬قييال‬
‫»وفى عمل يومه بأربع ركعات من أول النهار« ورواه ابيين‬
‫جريييير مييين حيييديث جعفييير بييين الزبيييير وهيييو ضيييعيف‪.‬‬
‫وقال الترمذي في جامعه‪ :‬حييدثنا أبييو جعفيير السييمناني‪,‬‬
‫حدثنا أبو مسهر‪ ,‬حدثنا إسماعيل بن عياش عن يحيييى بيين‬
‫سعد عن خالد بيين معييدان عيين جييبير بيين نفييير‪ ,‬عيين أبييي‬

‫‪477‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الدرداء وأبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن‬
‫الله عز وجل أنه قال‪» :‬ابن آدم اركع لي أربع ركعات ميين‬
‫أول النهار أكفك آخره{ قيال ابيين أبيي حياتم رحميه الليه‪:‬‬
‫وحييدثنا أبييي‪ ,‬حييدثنا الربيييع بيين سييليمان‪ ,‬حييدثنا أسييد بيين‬
‫موسى‪ ,‬حدثنا ابن لهيعة‪ ,‬حدثنا زبان بن فائد عن سهل بن‬
‫معاذ بن أنس عن أبيه عيين رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫م سمى اللييه تعييالى إبراهيييم‬ ‫وسلم أنه قال‪»:‬أل أخبركم ل َ‬
‫خليله الذي وفييى ؟ إنييه كييان يقييول كلمييا أصييبح وأمسييى‪:‬‬
‫}فسبحان الله حين تمسون وحييين تصييبحون{ حييتى ختييم‬
‫ا َ‬
‫لييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييية‪.‬‬
‫ورواه ابن جرير عن أبي كريب عن رشدين بن سعد عن‬
‫زبان به‪ ,‬ثم شرع تعالى ييبين ميا كيان أوحياه فيي صيحف‬
‫إبراهيم وموسى فقال‪} :‬أن ل تييزر وازرة وزر أخييرى{ أي‬
‫كل نفس ظلمت نفسها بكفر أو شيء ميين الييذنوب فإنمييا‬
‫عليها وزرها ل يحمله عنها أحد كما قال‪} :‬وإن تييدع مثقليية‬
‫إلى حملها ل يحمل منه شيييء ولييو كييان ذا قربييى{ }وأن‬
‫ليس للنسييان إل مييا سييعى{ أي كمييا ل يحمييل عليييه وزر‬
‫غيره‪ ,‬كذلك ل يحصل من الجر إل ما كسييب هييو لنفسييه‪,‬‬
‫لية الكريمة استنبط الشافعي رحمه الله وميين‬ ‫ومن هذه ا َ‬
‫اتبعه‪ ,‬أن القراءة ل يصل إهييداء ثوابهييا إلييى المييوتى‪ ,‬لنييه‬
‫ليس من عملهم ول كسبهم ولهييذا ليم ينيدب إلييه رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم أمته ول حثهم عليه ول أرشدهم‬
‫إليه بنص ول إيماء‪ ,‬ولم ينقل ذلك عيين أحييد ميين الصييحابة‬
‫رضييي اللييه عنهييم‪ ,‬ولييو كييان خيييرا ً لسييبقونا إليييه‪ ,‬وبيياب‬
‫القربات يقتصر فيه على النصوص ول يتصرف فيييه بييأنواع‬
‫لراء‪ ,‬فأما الدعاء والصيدقة فيذاك مجميع عليى‬ ‫القيسة وا َ‬
‫وصيييييولهما ومنصيييييوص مييييين الشيييييارع عليهميييييا‪.‬‬
‫وأما الحييديث الييذي رواه مسييلم فييي صييحيحه عيين أبييي‬
‫هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬إذا‬
‫مات النسان انقطييع عملييه إل ميين ثلث‪ :‬ميين ولييد صييالح‬
‫يدعو له‪ ,‬أو صدقة جارية من بعده‪ ,‬أو علم ينتفع به« فهذه‬
‫الثلثة في الحقيقة هي من سعيه وكده وعملييه‪ ,‬كمييا جيياء‬

‫‪478‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫في الحديث »إن أطيييب مييا أكييل الرجييل ميين كسييبه وإن‬
‫ولده من كسبه« والصدقة الجارية كالوقف ونحوه هي من‬
‫آثار عمله ووقفه‪ ,‬وقد قال تعالى‪} :‬إنا نحن نحيي المييوتى‬
‫لية‪ .‬والعلم الييذي نشييره فييي‬ ‫ونكتب ما قدموا وآثارهم{ ا َ‬
‫الناس فاقتدى به الناس بعده هو أيضا ً من سييعيه وعملييه‪,‬‬
‫وثبت في الصحيح »من دعا إلى هدى كييان لييه ميين الجيير‬
‫مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا«‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وأن سيعيه سييوف ييرى{ أي يييوم القياميية‬
‫كقوله تعالى‪} :‬وقل اعملوا فسيرى الله عملكييم ورسييوله‬
‫والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشييهادة فينييبئكم‬
‫بما كنتييم تعملييون{ أي فيخييبركم بييه ويجزيكييم عليييه أتييم‬
‫الجزاء إن خيرا ً فخير وإن شييرا ً فشيير‪ ,‬وهكييذا قييال ههنييا‪:‬‬
‫}ثييييييم يجييييييزاه الجييييييزاء الوفييييييى{ أي الوفيييييير‪.‬‬

‫َ‬ ‫ك ال ْمنتهى * وأ َنه هُو أ َضح َ َ‬ ‫** وَأ َ ّ َ‬


‫ه‬
‫ى * وَأن ّ ُ‬ ‫ك وَأب ْك َ َ‬ ‫َ ّ ُ َ ْ َ‬ ‫َُ َ َ َ‬ ‫ى َرب ّ َ‬ ‫ن إ ِل ََ‬ ‫هُو أ َ‬
‫ميين‬ ‫ى* ِ‬ ‫َ‬ ‫ث‬‫لن‬‫ُ‬ ‫وا‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ّ‬ ‫ذ‬‫ال‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫ج‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫و‬ ‫ز‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫خل َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫أ‬‫َ‬ ‫و‬ ‫*‬ ‫يا‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫أ‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َِ‬ ‫َ‬
‫و‬
‫ه هُ ي َ‬ ‫خيَرىَ * وَأن ّي ُ‬ ‫شيأةَ ال ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ن عَلي ْيهِ الن ّ ْ‬ ‫ى * وَأ ّ‬ ‫من َي‬
‫ذا ت ُ ْ‬ ‫ن ّطَفةٍ إ ِ َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫ك عَييادا ً‬ ‫ه أ َهْل َي َ‬ ‫َ‬
‫ش يعَْرىَ * وَأن ّي ُ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ه هُوَ َر ّ‬
‫َ‬
‫ى * وَأن ّ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ى وَأقْن َ‬ ‫َ‬ ‫أغْن َ‬
‫َ‬
‫كاُنوا ْ‬ ‫م َ‬‫ل إ ِن ّهُ ْ‬ ‫من قَب ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫م ُنو ٍ‬ ‫ى * وَقَوْ َ‬ ‫َ‬ ‫مآ أ َب َْق‬ ‫مود َ فَ َ‬ ‫ى * وَث َ ُ‬ ‫َ‬
‫لول َ‬ ‫ا ُ‬
‫ى‬ ‫ش َ‬ ‫ما غَ ّ‬ ‫ها َ‬ ‫شا َ‬ ‫ة أ َهْوَىَ * فَغَ ّ‬ ‫مؤْت َِفك َ َ‬ ‫ى * َوال ْ ُ‬ ‫م أ َظ ْل َ َ َ ْ‬
‫م وَأطغَ َ‬ ‫هُ ْ‬
‫ماَرىَ يقييول تعييالى‪} :‬وأن إلييى ربييك‬ ‫* فَب ِأيّ آلِء َرب ّ َ‬ ‫َ‬
‫ك ت َت َ َ‬
‫المنتهى{ أي المعاد يوم القيامة‪ .‬قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا‬
‫أبي‪ ,‬حدثنا سويد بن سعيد‪ ,‬حدثنا مسلم بن خالد عن عبييد‬
‫الرحمن بن سابط عن عمرو بن ميمون الودي قييال‪ :‬قييام‬
‫فينا معاذ بن جبل فقال‪ :‬يا بني أود إني رسول رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم إليكم‪ ,‬تعلمون أن المعيياد إلييى اللييه‬
‫إلى الجنيية أو النييار‪ ,‬وذكيير البغييوي ميين رواييية أبييي جعفيير‬
‫الرازي عن الربيع بن أنس عن أبييي العالييية عيين أبييي بيين‬
‫كعب عن النبي صلى اللييه عليييه وسييلم فييي قييوله‪} :‬وأن‬
‫إلى ربك المنتهى{ قال‪ :‬ل فكرة في الرب‪ .‬قييال البغييوي‪:‬‬
‫وهذا مثل ما روي عن أبيي هرييرة مرفوعيا ً »تفكيروا فيي‬

‫‪479‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الخلق ول تفكروا في الخييالق فييإنه ل تحيييط بييه الفكييرة«‬
‫وكذا أورده وليس بمحفوظ بهذا اللفييظ‪ ,‬وإنمييا الييذي فييي‬
‫الصحيح »يأتي الشيطان أحدكم فيقول‪ :‬من خلق كذا ميين‬
‫خلق كذا ؟ حتى يقول‪ :‬من خلق ربييك ؟ فييإذا بلييغ أحييدكم‬
‫لخيير الييذي فييي‬‫ذلك فليستعذ بالله ولينته« وفي الحديث ا َ‬
‫السنن »تفكروا فييي مخلوقييات اللييه ول تفكييروا فييي ذات‬
‫الله تعالى فإن الله خلق ملك يا ً مييا بييين شييحمة أذنييه إلييى‬
‫عاتقه مسيرة ثلثمائة سيينة« أو كمييا قييال‪ :‬وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}وأنه هييو أضييحك وأبكييى{ أي خلييق فييي عبيياده الضييحك‬
‫والبكاء وسببهما وهما مختلفييان }وأنييه هييو أمييات وأحيييا{‬
‫كقوله‪} :‬الذي خلق الموت والحياة{ }وأنه خلق الزوجييين‬
‫الذكر والنثى * ميين نطفيية إذا تمنييى{ كقييوله‪} :‬أيحسييب‬
‫النسان أن يترك سدى ؟ * ألم يك نطفة من مني يمنييى!‬
‫* ثم كان علقة فخلق فسوى * فجعل منه الزوجين الييذكر‬
‫والنيثى * أليييس ذليك بقييادر عليى أن يحيييي المييوتى ؟{‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وأن عليه النشأة الخيرى{ أي كمييا خليق‬
‫البداءة هو قادر علييى العييادة وهييي النشييأة الخييرى يييوم‬
‫القياميية }وأنييه هييو أغنييى وأقنييى{ أي ملييك عبيياده المييال‬
‫وجعله لهم قنية مقيما ً عندهم ل يحتاجون إلى بيعييه‪ ,‬فهييذا‬
‫تمييام النعميية عليهييم‪ ,‬وعلييى هييذا يييدور كلم كييثير ميين‬
‫المفسرين‪ ,‬منهم أبييو صييالح وابيين جرييير وغيرهمييا‪ ,‬وعيين‬
‫ول }وأقنييى{ أخييدم‪ ,‬وكييذا قييال قتييادة‪,‬‬ ‫مجاهد }أغنى{ م ّ‬
‫وقال ابن عباس ومجاهد أيضا ً }أغنييى{ أعطييى }وأقنييى{‬
‫رضى‪ .‬وقيل‪ :‬معناه أغنى نفسه وأفقر الخلئق إليييه‪ ,‬قيياله‬
‫الحضرمي بن لحييق‪ ,‬وقيييل‪ :‬أغنييى ميين شيياء ميين خلقييه‪,‬‬
‫وأقنى أي أفقر من شاء منهم‪ ,‬قال ابن زيد‪ ,‬حكاهمييا ابيين‬
‫جرير وهما بعيدان من حيث اللفظ‪ .‬وقوله‪} :‬وأنه هييو رب‬
‫الشييعرى{ قييال ابيين عبيياس ومجاهييد وقتييادة وابيين زيييد‬
‫وغيرهم‪ :‬هو هذا النجم الوقاد الذي يقال له مرزم الجوزاء‬
‫كانت طائفة من العرب يعبدونه }وأنه أهلك عادا ً الولييى{‬
‫وهم قوم هود ويقال لهم عاد بن إرم بن سام بن نوح كمييا‬
‫قال تعالى‪} :‬ألم تر كيف فعل ربييك بعيياد إرم ذات العميياد‬

‫‪480‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫التي لم يخلق مثلها في البلد ؟{ فكانوا ميين أشييد النيياس‬
‫وأقواهم وأعتاهم على الله تعالى وعلى رسييوله فييأهلكهم‬
‫الله }بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانييية‬
‫أييييييييييييييييام حسيييييييييييييييومًا{ أي متتابعييييييييييييييية‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وثمود فمييا أبقييى{ أي دمرهييم فلييم يبييق‬
‫منهم أحدا ً }وقوم نوح من قبل{ أي من قبل هؤلء }إنهم‬
‫كانوا هم أظلم وأطغييى{ أي أشييد تمييردا ً ميين الييذين ميين‬
‫بعدهم }والمؤتفكة أهوى{ يعني مدائن لوط قلبهييا عليهييم‬
‫فجعل عاليها سافلها‪ ,‬وأمطيير عليهييم حجييارة ميين سييجيل‬
‫منضود‪ ,‬ولهذا قال‪ :‬فغشاها ما غشييى يعنييي ميين الحجييارة‬
‫التي أرسلها عليهم }وأمطرنييا عليهييم مطييرا ً فسيياء مطيير‬
‫المنذرين{ قال قتادة‪ ,‬كييان فييي مييدائن لييوط أربعيية آلف‬
‫ألف إنسان‪ ,‬فانضرم عليهم الييوادي شيييئا ً فشيييئا ً ميين نييار‬
‫ونفط وقطران كفم التون‪ .‬ورواه ابن أبي حاتم عيين أبيييه‬
‫عن محمد بن وهب بن عطية عيين الوليييد بيين مسييلم عيين‬
‫خليد عنه به‪ ,‬وهو غريب جدا ً }فبييأي آلء ربييك تتمييارى ؟{‬
‫أي ففي أي نعم اللييه عليييك أيهييا النسييان تمييتري ؟ قيياله‬
‫قتادة وقال ابن جريج }فبأي آلء ربك تتمارى ؟{ يا محمد‬
‫والول أوليييييييى‪ ,‬وهيييييييو اختييييييييار ابييييييين جريييييييير‪.‬‬

‫س ل ََهييا‬ ‫َ‬
‫ة * ل َي ْ َ‬ ‫ت ال َزِفَ ُ‬ ‫ى * أزِفَ ِ‬ ‫َ‬
‫ن الن ّذ ُرِ ال ُوْل َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ذيٌر ّ‬ ‫هـ َ‬
‫ذا ن َ ِ‬ ‫** َ‬
‫ن*‬ ‫جب ُييو َ‬ ‫ث ت َعْ َ‬‫دي ِ‬ ‫حي ِ‬ ‫ذا ال ْ َ‬
‫هـي َ‬‫ن َ‬ ‫مي ْ‬‫ة * أفَ ِ‬ ‫شيَف ٌ‬ ‫كا ِ‬‫ن الل ّيهِ َ‬ ‫دو ِ‬ ‫ميين ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫دوا ْ ل ِل ّي ِ‬
‫ه‬ ‫ج ُ‬‫سي ُ‬ ‫ن * َفا ْ‬ ‫دو َ‬ ‫م ُ‬
‫سييا ِ‬‫م َ‬ ‫ن * وَأنت ُي ْ‬ ‫كو َ‬ ‫ن وَل َ ت َب ْ ُ‬‫كو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ض َ‬‫وَت َ ْ‬
‫دوا ْ‬‫َواعْب ُيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ُ‬
‫}هذا نذير{ يعني محمدا ً صييلى اللييه عليييه وسييلم }ميين‬
‫النذر الولى{ أي من جنسهم أرسل كما أرسلوا كمييا قييال‬
‫لزفيية{‬ ‫تعالى‪} :‬قل ما كنت بدعا ميين الرسييل{ }أزفييت ا َ‬
‫أي اقتربت القريبة وهي القيامة }ليس لهييا ميين دون اللييه‬
‫كاشفة{ أي ل يدفعها إذا ً من دون الله أحد ول يطلع علييى‬
‫علمها سواه‪ ,‬والنييذير الحييذر لمييا يعيياين ميين الشيير الييذي‬
‫يخشى وقوعه فيمن أنذرهم كما قال‪} :‬إني نذير لكم بييين‬

‫‪481‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يدي عذاب شديد{ وفي الحديث‪» :‬أنا النذير العريييان« أي‬
‫الذي أعجله شدة ما عاين من الشيير عيين أن يلبييس عليييه‬
‫شيئًا‪ ,‬بل بادر إلى إنذار قييومه قبييل ذلييك فجيياءهم عريان يا ً‬
‫لزفية{ أي اقيتربت‬ ‫مسرعًا‪ ,‬وهو مناسب لقوله‪} :‬أزفيت ا َ‬
‫القريبة يعني يوم القيامة‪ .‬كما قال في أول السييورة الييتي‬
‫بعدها‪} :‬اقتربت الساعة{ وقال المام أحمد‪ :‬حييدثنا أنييس‬
‫بن عياض‪ ,‬حدثني أبو حاتم ل أعلم إل عن سهل بيين سييعد‬
‫قيال‪ :‬قيال رسيول الليه صيلى الليه علييه وسيلم‪» :‬إيياكم‬
‫ومحقرات الذنوب‪ ,‬فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم‬
‫نزلوا ببطن واد‪ ,‬فجاء ذا بعود وجاء ذا بعييود حييتى أنضييجوا‬
‫خييبزتهم‪ ,‬وإن محقييرات الييذنوب مييتى يؤخييذ بهييا صيياحبها‬
‫تهلكه« وقال أبو حازم‪ :‬قال رسول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم قال أبو نضرة‪ :‬ل أعلم إل عن سهل بن سييعد قييال‪:‬‬
‫»مثلي ومثل الساعة كهاتين« وفرق بين أصبعيه الوسطى‬
‫والتي تلي البهام ثييم قييال‪» :‬مثلييي ومثييل السيياعة كمثييل‬
‫فرسي رهان« ثم قال‪» :‬مثلي ومثل الساعة كمثييل رجييل‬
‫بعثه قومه طليعة‪ ,‬فلما خشييي أن يسييبق ألح بثييوبه أتيتييم‬
‫أتيتم« ثم يقول رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬أنييا‬
‫ذلك« وله شواهد من وجوه أخر من صييحاح وحسييان‪ .‬ثييم‬
‫قال تعالى منكرا ً على المشركين فييي اسييتماعهم القييرآن‬
‫وإعراضهم عنه وتلهيهم }تعجبون{ من أن يكييون صييحيحا ً‬
‫}وتضحكون{ منه استهزاء وسخرية }ول تبكون{ أي كمييا‬
‫يفعييل الموقنييون بييه كمييا أخييبر عنهييم }ويخييرون للذقييان‬
‫يبكيييييييييييييييون ويزييييييييييييييييدهم خشيييييييييييييييوعًا{‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وأنتم سامدون{ قال سفيان الثوري عيين‬
‫أبيه عن ابن عباس قال‪ :‬الغناء هي يمانييية أسييمد لنييا غيين‬
‫لنييا‪ ,‬وكييذا قييال عكرميية‪ ,‬وفييي رواييية عيين ابيين عبيياس‬
‫}سامدون{ معرضون‪ ,‬وكذا قال مجاهييد وعكرميية‪ ,‬وقييال‬
‫الحسن غافلون‪ ,‬وهو رواية عن أمييير المييؤمنين علييي بيين‬
‫أبي طالب‪ ,‬وفي روايية عين ابين عبياس تسيتكبرون‪ ,‬وبيه‬
‫يقول السييدي‪ ,‬ثييم قييال تعييالى آمييرا ً لعبيياده بالسييجود لييه‬
‫والعبادة المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسييلم والتوحيييد‬

‫‪482‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والخلص }فاسيييجدوا لليييه واعبيييدوا{ أي فاخضيييعوا ليييه‬
‫وأخلصوا ووحدوه‪ .‬قال البخيياري‪ :‬حييدثنا أبييو معميير‪ ,‬حييدثنا‬
‫عبد الوارث‪ ,‬حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قييال‪:‬‬
‫سجد النييبي صيلى الليه علييه وسييلم بييالنجم وسييجد معييه‬
‫المسييلمون والمشييركون والجيين والنييس‪ .‬انفييرد بييه دون‬
‫مسلم‪ ,‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا إبراهيم بيين خالييد‪ ,‬حييدثنا‬
‫رباح عن معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بيين خالييد عيين‬
‫جعفر بن المطلب بن أبي وداعة عن أبيه قال‪ :‬قرأ رسول‬
‫الله صييلى اللييه عليييه وسييلم بمكيية سييورة النجييم فسييجد‬
‫وسجد من عنده فرفعت رأسي فأبيت أن أسجد‪ ,‬ولم يكن‬
‫أسلم يومئذ المطلب فكان بعد ذلك ل يسمع أحدا ً يقرؤهييا‬
‫إل سيجد معيه‪ .‬وقيد رواه النسيائي فيي الصيلة عين عبيد‬
‫المليييك بييين عبيييد الحمييييد عييين أحميييد بييين حنبيييل بيييه‪.‬‬
‫آخر تفسير سورة النجم‪.‬‬

‫سورة الرحمن‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا عفييان‪ ,‬حييدثنا حميياد عيين عاصييم‬
‫عن زر أن رجل ً قال‪ :‬كيف تعرف هذا الحرف من ماء غييير‬
‫آسن أو آسن ؟ فقال‪ :‬كييل القييرآن قييد قييرأت‪ .‬قييال‪ :‬إنييي‬
‫لقرأ المفصل في ركعة واحدة‪ ,‬فقال‪ :‬أهذا كهذا الشعر ل‬
‫أبالك ؟ قد علمت‪ .‬قييرائن النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫التي كان يقرن قرينتين قرينتين مين أول المفصيل‪ ,‬وكيان‬
‫أول مفصييل ابيين مسييعود }الرحميين{ وقييال أبييو عيسييى‬
‫الترمييذي‪ :‬حييدثنا عبييد الرحميين بيين واقييد وأبييو مسييلم‬
‫السعدي‪ ,‬حدثنا الوليد بن مسلم عن زهير بن محمييد‪ ,‬عيين‬
‫محمد بن المنكدر عن جابر قال‪ :‬خرج رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم على أصحابه فقرأ عليهم سييورة الرحميين‬
‫من أولها إلييى آخرهييا فسييكتوا فقييال‪» :‬لقييد قرأتهييا علييى‬
‫الجن ليلة الجن فكانوا أحسيين مييردودا ً منكييم‪ ,‬كنييت كلمييا‬
‫أتيت على قوله‪} :‬فبأي آلء ربكما تكذبان{ قالوا ل بشيء‬
‫من نعمك ربنا نكييذب فلييك الحمييد« ثييم قييال هييذا حييديث‬

‫‪483‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫غريب ل نعرفه إل من حديث الوليد بيين مسيلم عيين زهييير‬
‫بن محمد‪,‬ثم حكي عن المام أحمد أنه كان ل يعرفه‪ ,‬ينكر‬
‫رواية أهل الشام عن زهير بن محمد هييذا‪ ,‬ورواه الحييافظ‬
‫أبو بكر البزار عن عمرو بن مالك عيين الوليييد بيين مسييلم‪,‬‬
‫وعن عبد الله بن أحمد بن شبويه عن هشييام بيين عمييارة‪,‬‬
‫كلهما عن الوليد بن مسلم به ثم قال‪ :‬ل نعرفيه ييروى إل‬
‫من هذا الوجه‪ .‬وقال أبو جعفر بن جرير‪ :‬حدثنا محمييد بيين‬
‫عباد بن موسى وعمرو بن مالك البصري قال‪ :‬حدثنا يحيى‬
‫بن سليم عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عميير أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قييرأ سييورة الرحميين أو‬
‫قرئت عنده فقال‪» :‬ما لي أسمع الجن أحسن جوابا ً لربهييا‬
‫منكم ؟« قالوا‪ :‬وما ذاك يا رسول الله ؟ قييال‪» :‬مييا أتيييت‬
‫على قول الله تعالى‪} :‬فبأي آلء ربكما تكذبان{ إل قييالت‬
‫الجن ل بشيء من نعم ربنا نكذب« ورواه الحييافظ الييبزار‬
‫عن عمرو بن مالك به‪ ,‬ثم قال‪ :‬ل نعلمه يروى عيين النييبي‬
‫صلى الله عليييه وسييلم إل ميين هييذا الييوجه بهييذا السييناد‪.‬‬

‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫ه‬ ‫مي ُ‬ ‫ن * عَل ّ َ‬ ‫سييا َ‬‫لن َ‬ ‫خل َيقَ ا ِ‬ ‫ن* َ‬ ‫م ال ُْق يْرآ َ‬ ‫ن * عَل ّي َ‬ ‫مـ ي ُ‬‫ح َ‬ ‫** الّر ْ‬
‫جُر‬ ‫شي َ‬ ‫م َوال ّ‬ ‫جي ُ‬‫ن * َوالن ّ ْ‬ ‫س يَبا ٍ‬ ‫ح ْ‬ ‫س َوال َْق َ‬
‫م يُر ب ِ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫شي ْ‬ ‫ن * ال ّ‬ ‫الب َي َييا َ‬
‫ن * أ َل ّ ت َط ْغَيوْا ْ‬ ‫مي يَزا َ‬ ‫ض يع َ ا ل ْ ِ‬
‫مآَء َرفَعَهَييا وَوَ َ‬ ‫س َ‬‫ن * َوال ّ‬ ‫دا ِ‬ ‫ج َ‬‫س ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫سييُروا ْ‬ ‫َ‬
‫خ ِ‬ ‫ط وَل َ ت ُ ْ‬ ‫سيي ِ‬ ‫ن ِبال ِْق ْ‬ ‫مييوا ْ اْلييوَْز َ‬ ‫ن * وَأِقي ُ‬ ‫ميييَزا ِ‬ ‫ِفييي ال ْ ِ‬
‫ل‬‫خي ُ‬ ‫ة َوالن ّ ْ‬ ‫ضيعََها ِللن َييام ِ * ِفيهَييا َفاك ِهَي ٌ‬ ‫ض وَ َ‬ ‫َ‬ ‫ن * َوالْر‬ ‫ميَزا َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫ن * فَب ِيأ َيّ آلءِ‬ ‫حييا ُ‬ ‫ف َوالّري ْ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ذو ال ْعَ ْ‬ ‫ب ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫مام ِ * َوال ْ َ‬ ‫ت الك ْ َ‬ ‫ذا ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫كييييييييييييييييييييييييييييييذ َّبا ِ‬ ‫مييييييييييييييييييييييييييييييا ت ُ َ‬ ‫َرب ّك ُ َ‬
‫يخبر تعالى عن فضييله ورحمتييه بخلقييه أنييه أنييزل علييى‬
‫عباده القرآن‪ ,‬ويسر حفظه وفهمه على من رحمييه فقييال‬
‫تعالى‪} :‬الرحمن علم القرآن خلق النسان علميه البييان{‬
‫قال الحسن‪ :‬يعني النطق‪ ,‬وقال الضحاك وقتادة وغيرهما‪:‬‬
‫يعني الخير والشر‪ ,‬وقول الحسن ههنا أحسيين وأقييوى لن‬

‫‪484‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السياق في تعليمه تعالى القييرآن‪ ,‬وهييو أداء تلوتييه‪ ,‬وإنمييا‬
‫يكييون ذليك بتيسييير النطيق عليى الخليق وتسييهيل خيروج‬
‫الحروف من مواضعها من الحلق واللسان والشفتين على‬
‫اختلف مخارجهيييا وأنواعهيييا‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬الشييمس‬
‫والقمر بحسبان{ أي يجريييان متعيياقبين بحسيياب مقنيين ل‬
‫يختلييف ول يضييطرب }ل الشييمس ينبغييي لهييا أن تييدرك‬
‫القمر ول الليييل سييابق النهييار وكييل فييي فلييك يسييبحون{‬
‫وقال تعالى‪} :‬فالق الصباح وجعل الليل سييكنا ً والشييمس‬
‫والقميييير حسييييبانا ً ذلييييك تقييييدير العزيييييز العليييييم{‪.‬‬
‫وعن عكرمة أنيه قيال‪ :‬ليو جعيل الليه نيور جمييع أبصيار‬
‫النس والجن والدواب والطير في عينييي عبييد‪ ,‬ثيم كشيف‬
‫حجابا ً واحدا ً من سبعين حجابا ً دون الشمس‪ ,‬لما اسييتطاع‬
‫أن ينظر إليها‪ .‬ونور الشمس جزء ميين سييبعين جييزءا ً ميين‬
‫نور الكرسي‪ ,‬ونور الكرسي جزء من سبعين جزءا ً من نور‬
‫العيرش‪ ,‬ونيور العيرش جيزء مين سيبعين جيزءا ً مين نيور‬
‫الستر‪ .‬فانظر ماذا أعطى الله عبده من النييور فييي عينيييه‬
‫وقت النظيير إلييى وجييه ربييه الكريييم عيانيًا‪ ,‬رواه ابيين أبييي‬
‫حاتم‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬والنجم والشجر يسجدان{ قال ابيين‬
‫جرير‪ :‬اختلييف المفسييرون فييي معنييى قييوله والنجييم بعييد‬
‫إجماعهم على أن الشجر ما قام على سيياق‪ ,‬فييروى علييي‬
‫بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬النجم‬
‫ما انبسط على وجه الرض يعنييي ميين النبييات‪ ,‬وكييذا قييال‬
‫سعيد بن جبير والسدي وسفيان الثوري‪ ,‬وقد اختيياره ابيين‬
‫جرير رحمه الليه تعيالى‪ .‬وقيال مجاهيد‪ :‬النجيم اليذي فيي‬
‫السماء‪ .‬وكذا قال الحسن وقتادة‪ ,‬وهذا القول هو الظهيير‬
‫والله أعلم لقوله تعالى‪} :‬ألم تَر أن الله يسجد له من في‬
‫السييموات وميين فييي الرض والشييمس والقميير والنجييوم‬
‫والجبييال والشييجر والييدواب وكييثير ميين النيياس{ ا َ‬
‫لييية‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬والسييماء رفعهييا ووضييع الميييزان{ يعنييي‬
‫العدل كما قال تعالى‪} :‬لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنييا‬
‫معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط{ وهكذا قال‬
‫ههنا‪} :‬أل تطغوا في الميزان{ أي خلق السموات والرض‬

‫‪485‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بالحق والعدل لتكون الشياء كلهييا بييالحق والعييدل‪ .‬ولهييذا‬
‫قيييال تعيييالى‪} :‬وأقيميييوا اليييوزن بالقسيييط ول تخسيييروا‬
‫الميزان{ أي ل تبخسوا الييوزن بييل زنييوا بييالحق والقسييط‬
‫كما قال تعييالى‪} :‬وزنييوا بالقسييطاس المسييتقيم{ وقييوله‬
‫تعالى‪} :‬والرض وضعها للنام{ أي كما رفع السماء وضييع‬
‫الرض ومهييدها وأرسيياها بالجبييال الراسيييات الشييامخات‪,‬‬
‫لتستقر لما على وجهها من النييام وهييم الخلئق المختلفيية‬
‫أنواعهم وأشكالهم وألوانهم وألسنتهم في سييائر أقطارهييا‬
‫وأرجائهيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييا‪.‬‬
‫قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابيين زيييد‪ :‬النييام الخلييق‬
‫}فيهييا فاكهيية{ أي مختلفيية اللييوان والطعييوم والييروائح‬
‫}والنخل ذات الكمام{ أفرده بالذكر لشرفه ونفعه رطبييا ً‬
‫ويابسًا‪ ,‬والكمام قال ابن جريج عن ابن عباس‪ :‬هي أوعية‬
‫الطلع وهكذا قال غييير واحييد ميين المفسييرين‪ ,‬وهييو الييذي‬
‫يطلع فيه القنو ثم ينشق عيين العنقييود‪ ,‬فيكييون بسييرا ً ثييم‬
‫رطبا ً ثم ينضج ويتنيياهى نفعييه واسييتواؤه‪ .‬وقييال ابيين أبييي‬
‫حاتم‪ :‬ذكر عن عمرو بن علي الصيرفي‪ ,‬حييدثنا أبيو قتيبية‪,‬‬
‫حدثنا يونس بن الحارث عن الشعبي قال‪ :‬كتب قيصر إلى‬
‫عميير بيين الخطيياب‪ :‬أخييبرك أن رسييلي أتتنييي ميين قبلييك‬
‫فزعمت أن قبلكم شجرة ليست بخليقة لشيء من الخير‪,‬‬
‫تخرج مثل آذان الحمير ثم تشقق مثييل اللؤليؤ‪ ,‬ثيم تخضيير‬
‫فتكون مثل الزمرد الخضيير‪ ,‬ثييم تحميير فتكييون كالييياقوت‬
‫الحمر‪ ,‬ثم تينع فتنضج فتكييون كييأطيب فييالوذج أكييل‪ ,‬ثييم‬
‫تيبس فتكييون عصييمة للمقيييم وزادا ً للمسييافر‪ ,‬فييإن تكيين‬
‫رسلي صدقتني فل أرى هذه الشجرة إل من شجر الجنيية‪,‬‬
‫فكتب إليه عميير بيين الخطيياب‪ :‬ميين عبييد اللييه عميير أمييير‬
‫المؤمنين إلى قيصر ملك الييروم‪ ,‬إن رسييلك قييد صييدقوك‬
‫هذه الشجرة عندنا‪ ,‬وهي الشييجرة الييتي أنبتهييا اللييه علييى‬
‫مريم حين نفست بعيسى ابنها‪ ,‬فاتق الله ول تتخذ عيسييى‬
‫إلها ً من دون اللييه }إن مثييل عيسييى عنييد اللييه كمثييل آدم‬
‫خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون * الحق من ربك فل‬

‫‪486‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تكن من الممترين{ وقيل‪ :‬الكمام رفاتها وهو الليف الذي‬
‫عليييى عنيييق النخلييية‪ ,‬وهيييو قيييول الحسييين وقتيييادة‪.‬‬
‫}والحب ذو العصف والريحان{ قال علي بن أبي طلحيية‬
‫عن ابن عباس }والحب ذو العصييف{ يعنييي التبيين‪ .‬وقييال‬
‫العوفي عن ابن عباس‪ :‬العصف ورق الزرع الخضر الييذي‬
‫قطع رؤوسيه‪ ,‬فهييو يسييمى العصييف إذا يبييس‪ ,‬وكييذا قيال‬
‫قتادة والضحاك وأبو مالك عصفه تبنييه‪ .‬وقييال ابيين عبيياس‬
‫ومجاهد وغير واحد‪ :‬والريحان يعني الورق‪ .‬وقال الحسيين‪:‬‬
‫هو ريحانكم هذا‪ ,‬وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس‪:‬‬
‫والريحان خضر الزرع‪ ,‬ومعنى هذا ي والله أعلم ي أن الحب‬
‫كالقمح والشعير ونحوهما له في حال نباته عصف‪ ,‬وهو ما‬
‫على السنبلة‪ ,‬وريحان وهييو الييورق الملتييف علييى سيياقها‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬العصف اليورق أول ميا ينبيت اليزرع بقل ً والريحيان‬
‫الورق يعني إذا أدجن وانعقد فيه الحب‪ ,‬كما قييال زيييد بيين‬
‫عميييييرو بييييين نفييييييل فيييييي قصييييييدته المشيييييهورة‪:‬‬
‫وقول له من ينبت الحب في الثرىفيصبح منه البقييل يهييتز‬
‫رابياويخرج منه حبه في رؤوسهففي ذاك آيييات لميين كييان‬
‫واعيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييا‬
‫للء‬‫وقوله تعالى‪} :‬فبأي آلء ربكميا تكيذبان{ أي فبيأي ا َ‬
‫يا معشر الثقلين من النس والجن تكذبان ؟ قيياله مجاهييد‬
‫وغير واحد‪ ,‬ويييدل عليييه السييياق بعييده‪ ,‬أي النعييم ظيياهرة‬
‫عليكييم وأنتييم مغمييورون بهييا ل تسييتطيعون إنكارهييا ول‬
‫جحودها‪ ,‬فنحن نقول كما قالت الجن المؤمنون به‪ :‬اللهييم‬
‫ول بشيء من آلئك ربنييا نكييذب‪ ,‬فلييك الحمييد‪ .‬وكييان ابيين‬
‫عباس يقول لبأيها يا رب أي ل نكييذب بشيييء منهييا‪ ,‬قييال‬
‫المام أحمد‪ :‬حدثنا يحيى بن إسحاق‪ ,‬حدثنا ابن لهيعة عيين‬
‫أبي السود عن عييروة عين أسيماء بنييت أبييي بكيير قيالت‪:‬‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهييو يقييرأ وهييو‬
‫يصلي نحو الركن قبييل أن يصييدع بمييا يييؤمر والمشييركون‬
‫يسييييييييتمعون }فبييييييييأي آلء ربكمييييييييا تكييييييييذبان{‪.‬‬

‫‪487‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ميين‬ ‫ن ِ‬ ‫جآ ّ‬ ‫خل َقَ ال ْ َ‬ ‫خارِ * وَ َ‬ ‫كال َْف ّ‬ ‫ل َ‬ ‫صا ٍ‬ ‫صل ْ َ‬ ‫من َ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫لن َ‬ ‫ِ‬ ‫خل َقَ ا‬ ‫** َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫شيرِقَي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ن * َر ّ‬ ‫ما ت ُك َذ َّبا ِ‬ ‫من ّنارٍ * فَب ِأيّ آلءِ َرب ّك ُ َ‬ ‫ج ّ‬ ‫مارِ ٍ‬ ‫ّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن‬‫حَري ْ ِ‬ ‫ج الب َ ْ‬ ‫مَر َ‬ ‫ن* َ‬ ‫ما ت ُكذ ّ ََبا ِ‬‫ن * فَب ِأيّ آلِء َرب ّك َ‬ ‫مغْرِب َي ْ ِ‬ ‫ب ال َ‬ ‫وََر ّ‬
‫ن‬ ‫ما ت ِك َذ َّبا ِ‬ ‫ن * فَب ِأيّ آلِء َرب ّك ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫خ ل ّ ي َب ْغَِيا‬ ‫ما ب َْرَز ٌ‬ ‫ن * ب َي ْن َهُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ي َل ْت َِقَيا‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ما ت َُك َذ َّبا ِ‬ ‫ن * فَب ِأيّ آل َِء َرب ّك ُ َ‬ ‫جا ُ‬ ‫مْر َ‬ ‫ما اّللؤْل ُؤُ َوال َ‬ ‫من ْهُ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫خُر ُ‬ ‫* يَ ْ‬
‫ح يرِ ك َييالعْل َم ِ * فَب ِيأيّ آلِء‬ ‫ت ِفي ال ْب َ ْ‬ ‫شَئا ُ‬ ‫من َ‬ ‫وارِ ال ْ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫* وَل َ ُ‬
‫كييييييييييييييييييييييييييييييذ َّبا ِ‬
‫ن‬ ‫مييييييييييييييييييييييييييييييا ت ُ َ‬ ‫َرب ّك ُ َ‬
‫يذكر تعالى خلقه النسان من صلصييال كالفخييار‪ ,‬وخلقييه‬
‫الجان من مارج من نار‪ ,‬وهو طرف لهبهييا‪ ,‬قيياله الضييحاك‬
‫عن ابن عباس‪ ,‬وبه يقول عكرمة ومجاهد والحسيين وابيين‬
‫زيد‪ ,‬وقال العوفي عن ابن عباس‪ :‬من مارج ميين نييار ميين‬
‫لهب النار من أحسنها‪ ,‬وقال علي بن أبي طلحة عيين ابيين‬
‫عباس‪ :‬من مارج من نييار ميين خييالص النييار‪ ,‬وكييذلك قييال‬
‫عكرمة ومجاهد والضييحاك وغيرهييم‪ .‬وقييال المييام أحمييد‪:‬‬
‫حدثنا عبد الرزاق‪ ,‬حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عيين‬
‫عائشة‪ ,‬قالت‪ :‬قال رسييول الليه صيلى الليه عليييه وسيلم‪:‬‬
‫»خلقت الملئكة من نور‪ ,‬وخلق الجان من مارج ميين نييار‪,‬‬
‫وخلق آدم مما وصف لكم« ورواه مسييلم عيين محمييد بيين‬
‫رافييع وعبييد بيين حميييد‪ ,‬كلهمييا عيين عبييد الييرزاق بييه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬فبأي آلء ربكما تكذبان ؟{ تقدم تفسيره‬
‫}رب المشرقين ورب المغربين{ يعنييي مشييرقي الصيييف‬
‫لية الخييرى‪:‬‬ ‫والشتاء ومغربي الصيف والشتاء‪ ,‬وقال في ا َ‬
‫}فل أقسييم بييرب المشييارق والمغييارب{ وذلييك بيياختلف‬
‫مطالع الشمس وتنقلهييا فييي كييل يييوم وبروزهييا منييه إلييى‬
‫لية الخرى‪} :‬رب المشرق والمغرب ل‬ ‫الناس‪ .‬وقال في ا َ‬
‫ل{ وهذا المراد منه جنس المشييارق‬ ‫إله إل هو فاتخذه وكي ً‬
‫والمغارب‪ ,‬ولما كان في اختلف هذه المشارق والمغييارب‬
‫مصالح للخلق من الجن والنييس قييال‪} :‬فبييأي آلء ربكمييا‬
‫تكذبان ؟{ وقوله تعالى‪} :‬مرج البحرين يلتقيان{ قال ابن‬
‫عباس‪ :‬أي أرسلهما‪ .‬وقوله‪} :‬يلتقيان{ قييال ابيين زيييد‪ :‬أي‬
‫منعهمييا أن يلتقيييا بمييا جعييل بينهمييا ميين الييبرزخ الحيياجز‬
‫الفاصيل بينهميا‪ ,‬والمييراد بقيوله البحريين‪ :‬المليح والحلييو‪,‬‬

‫‪488‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فالحلو هذه النهار السارحة بين الناس‪ ,‬وقد قييدمنا الكلم‬
‫على ذلك في سورة الفرقان عند قوله تعالى‪} :‬وهو الذي‬
‫مرج البحرين هذا عذاب فرات وهييذا ملييح أجيياج * وجعييل‬
‫بينهما برزخا ً وحجرا ً محجورًا{ وقد اختار ابن جرير ههنا أن‬
‫المراد بالبحرين‪ :‬بحيير السييماء وبحيير الرض‪ ,‬وهييو مييروي‬
‫عن مجاهد وسعيد بن جبير وعطية وابيين أبييزى‪ ,‬قييال ابيين‬
‫جرير‪ :‬لن اللؤلييؤ يتولييد ميين ميياء السييماء وأصييداف بحيير‬
‫الرض وهذا وإن كييان هكييذا لكيين ليييس المييراد بييذلك مييا‬
‫ذهب إليه‪ ,‬فييإنه ل يسيياعده اللفييظ فييإنه تعييالى قييد قييال‪:‬‬
‫}بينهمييا بييرزخ ل يبغيييان{ أي وجعييل بينهمييا برزخ يًا‪ ,‬وهييو‬
‫الحاجز من الرض لئل يبغي هذا على هذا‪ ,‬وهذا على هذا‪,‬‬
‫لخر ويزيله عن صييفته الييتي هييي‬ ‫فيفسد كل واحد منهما ا َ‬
‫مقصودة منه‪ ,‬وما بييين السييماء والرض ل يسييمى برزخ يا ً‬
‫وحجيييييييييييييييييييييييييييييرا ً محجيييييييييييييييييييييييييييييورًا‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬يخرج منهمييا اللؤلييؤ والمرجييان{ أي ميين‬
‫مجموعهما‪ ,‬فييإذا وجييد ذلييك ميين أحييدهما كفييى كمييا قييال‬
‫تعالى‪}:‬يا معشر الجن والنس ألم يأتكم رسييل منكييم ؟{‬
‫والرسل إنما كانوا في النس خاصة دون الجيين وقييد صييح‬
‫هذا الطلق‪ .‬واللؤلييؤ معييروف‪ ,‬وأمييا المرجييان فقيييل هييو‬
‫صغار اللؤلييؤ‪ ,‬قيياله مجاهييد وقتييادة وأبييو رزييين والضييحاك‬
‫وروي عن علي‪ ,‬وقيل كباره وجيده‪ ,‬حكاه ابيين جرييير عيين‬
‫بعض السلف ورواه ابن أبيي حياتم عين الربييع بين أنيس‪,‬‬
‫وحكاه السدي عمن حدثه عن ابن عباس‪ ,‬وروي مثله عيين‬
‫علي ومجاهد أيضا ً ومييرة الهمييداني‪ ,‬وقيييل‪ :‬هييو نييوع ميين‬
‫الجواهر أحميير اللييون‪ ,‬قييال السييدي عيين أبييي مالييك عيين‬
‫مسروق عن عبد الله قال‪ :‬المرجان الخييرز الحميير‪ ,‬قييال‬
‫السدي‪ :‬وهو الكسييد بالفارسييية‪ ,‬وأمييا قييوله‪} :‬وميين كييل‬
‫تأكلون لحما ً طريا ً وتسييتخرجون حلييية تلبسييونها{ فيياللحم‬
‫من كل من الجاج والعذب والحلييية إنمييا هييي ميين المالييح‬
‫دون العذب‪ .‬قال ابن عباس‪ :‬ما سقطت قييط قطييرة ميين‬
‫السماء في البحر فوقعت في صدفة إل صار منهييا اللؤلييؤ‪,‬‬

‫‪489‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وكذا قال عكرمة‪ ,‬وزاد‪ :‬فإذا لم تقع في صييدفة نبتييت بهييا‬
‫عنييبرة‪ ,‬وروي ميين غييير وجييه عيين ابيين عبيياس نحييوه‪.‬‬
‫وقد قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أحمد بن سنان‪ ,‬حدثنا عبييد‬
‫الرحمن بن مهدي‪ ,‬حدثنا سييفيان عيين العمييش عيين عبييد‬
‫الله بن عبد الله‪ ,‬عن سعيد بن جبير عن ابن عبيياس قييال‪:‬‬
‫إذا أمطرت السماء فتحت الصداف في البحر أفواهها فما‬
‫وقع فيها‪ ,‬يعني من قطر فهو اللؤلؤ‪ .‬إسناده صييحيح‪ ,‬ولمييا‬
‫كان اتخاذ هذه الحلييية نعمية علييى أهيل الرض‪ ,‬امتين بهيا‬
‫عليهيييييم فقيييييال‪} :‬فبيييييأي آلء ربكميييييا تكيييييذبان{‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وله الجوار المنشآت{ يعني السفن اليتي‬
‫تجري }في البحر{ قال مجاهد‪ :‬ما رفع قلعه ميين السييفن‬
‫فهي منشآت وما لييم يرفييع قلعييه فليييس بمنشييآت‪ ,‬وقييال‬
‫قتادة‪ :‬المنشآت يعني المخلوقات‪ ,‬وقال غيييره‪ ,‬المنشييآت‬
‫بكسر الشين يعني البادئات }كييالعلم{ أي كالجبييال فييي‬
‫كبرها وما فيها من المتاجر والمكاسب المنقولة من قطيير‬
‫إلى قطر وإقليم إليى إقلييم‪ ,‬مميا فييه صيلح النياس فيي‬
‫جلب ما يحتاجون إليه من سائر أنواع البضائع‪ ,‬ولهذا قييال‪:‬‬
‫}فبأي آلء ربكما تكذبان{ وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪,‬‬
‫حدثنا موسى بن إسماعيل‪ ,‬حدثنا حماد بيين سييلمة‪ ,‬حييدثنا‬
‫العرار بن سويد عن عميرة بن سعد قال‪ :‬كنييت مييع علييي‬
‫بن أبي طالب رضي اللييه عنييه علييى شيياطىء الفييرات إذ‬
‫أقبلت سفينة مرفوع شراعها فبسط علي يييديه ثييم قييال‪:‬‬
‫يقول الله عييز وجييل‪} :‬ولييه الجييوار المنشييآت فييي البحيير‬
‫كالعلم{ والذي أنشأها تجري في بحوره ما قتلت عثمييان‬
‫ول ميييييييييييييييييالت عليييييييييييييييييى قتليييييييييييييييييه‪.‬‬

‫جل َ ِ‬
‫ل‬ ‫ذو ال ْ َ‬
‫ك ُ‬ ‫ه َرّبيي َ‬ ‫جيي ُ‬
‫ى وَ ْ‬
‫َ‬ ‫ن * وَي َب َْقيي‬ ‫ٍ‬ ‫ن عَل َي َْهييا َفييا‬
‫ْ‬ ‫ميي‬
‫ل َ‬ ‫** ُ‬
‫كيي ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ميين فِييي‬ ‫ه َ‬‫س يأل ُ ُ‬‫ن * يَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫مييا ت ُك َيذ َّبا‬ ‫َوال ِك ْيَرام ِ * فَب ِيأيّ آلِء َرب ّك ُ َ‬
‫ن * فَب ِيأ َيّ آلءِ‬ ‫ل ييوم هيو فييي َ ْ‬
‫ش يأ ٍ‬ ‫ض ك ُي ّ َ ْ ٍ ُ َ ِ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬‫سي َ‬ ‫ال ّ‬
‫ن‬‫كييييييييييييييييييييييييييييييذ َّبا ِ‬ ‫مييييييييييييييييييييييييييييييا ت ُ َ‬ ‫َرب ّك ُ َ‬

‫‪490‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يخييبر تعييالى أن جميييع أهييل الرض سيييذهبون ويموتييون‬
‫أجمعون‪ ,‬وكذلك أهل السماوات إل من شاء الله ول يبقى‬
‫أحييد سييوى وجهييه الكريييم‪ ,‬فييإن الييرب تعييالى وتقييدس ل‬
‫يموت بل هو الحي الذي ل يموت أبدًا‪ ,‬قال قتادة‪ :‬أنبأ بمييا‬
‫خلق ثم أنبأ أن ذلك كله فان‪ .‬وفي الدعاء المأثور‪ :‬يا حييي‬
‫يا قيوم يا بديع السموات والرض يا ذا الجلل والكييرام‪ ,‬ل‬
‫إله إل أنت برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كله‪ ,‬ول تكلنييا‬
‫إلى أنفسنا طرفيية عييين‪ ,‬ول إلييى أحييد ميين خلقيك‪ .‬وقييال‬
‫الشعبي‪ :‬إذا قرأت }كل من عليها فان{ فل تسييكت حييتى‬
‫لييية‬‫تقرأ }ويبقى وجييه ربييك ذو الجلل والكييرام{ وهييذه ا َ‬
‫كقوله تعالى‪} :‬كل شيء هالك إل وجهه{ وقد نعت تعييالى‬
‫لية بأنه ذو الجلل والكرام أي هييو‬ ‫وجهه الكريم في هذه ا َ‬
‫أهييل أن يجييل فل يعصييى‪ ,‬وأن يطيياع فل يخييالف كقييوله‬
‫تعييالى‪}:‬واصييبر نفسييك مييع الييذين يييدعون ربهييم بالغييداة‬
‫والعشي يريدون وجهه{ وكقوله إخبييارا ً عيين المتصييدقين‪:‬‬
‫}إنما نطعمكييم لييوجه اللييه{ قييال ابيين عبيياس‪ :‬ذو الجلل‬
‫والكييرام ذو العظميية والكبرييياء‪ ,‬ولمييا أخييبر تعييالى عيين‬
‫تساوي أهل الرض كلهم في الوفاة‪ ,‬وأنهم سيصيرون إلى‬
‫لخييرة فيحكييم فيهييم ذو الجلل والكييرام بحكمييه‬ ‫الييدار ا َ‬
‫العييدل قييال‪} :‬فبييأي آلء ربكمييا تكييذبان{‪ ,‬وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}يسأله من في السموات والرض كل يوم هو في شييأن{‬
‫وهذا إخبار عن غناه عما سييواه وافتقييار الخلئق إليييه فييي‬
‫لنات وأنهم يسألونه بلسان حالهم وقالهم وأنه كييل‬ ‫جميع ا َ‬
‫يوم هو في شأن‪ ,‬قال العمش عن مجاهد عيين عبيييد بيين‬
‫عمير }كل يوم هو في شييأن{ قييال ميين شييأنه أن يجيييب‬
‫ل‪ ,‬أو يفييك عاني يا ً أو يشييفي سييقيمًا‪.‬‬
‫داعي يا ً أو يعطييي سييائ ً‬
‫وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد قال‪ :‬كل يييوم هييو يجيييب‬
‫داعييا ً ويكشيف كربيا ً ويجييب مضيطرا ً ويغفير ذنبيًا‪ ,‬وقييال‬
‫قتادة‪ :‬ل يستغني عنه أهييل السييموات والرض يحيييي حييا ً‬
‫ويميت ميتًا‪ ,‬ويربي صغيرا ً ويفك أسيرا ً وهو منتهى حاجات‬
‫الصييالحين وصييريخهم ومنتهييى شييكواهم‪ .‬وقييال ابيين أبييي‬
‫حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا أبو اليمان الحمصييي‪ ,‬حييدثنا جرييير‬

‫‪491‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن عثمان عن سويد بن جبلة هو الفييزاري قييال‪ :‬إن ربكييم‬
‫كل يوم هو في شأن فيعتق رقابًا‪ ,‬ويعطييي رغاب يًا‪ ,‬ويقحييم‬
‫عقابيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييًا‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثني عبييد اللييه بيين محمييد بيين عمييرو‬
‫الغزي‪ ,‬حدثني إبراهيييم بيين محمييد بيين يوسييف الفريييابي‪,‬‬
‫حدثني عمرو بن بكر السكسكي‪ ,‬حدثنا الحارث بيين عبييدة‬
‫بن رباح الغساني عن أبيييه‪ ,‬عيين منيييب بيين عبييد اللييه بيين‬
‫منيب الزدي عن أبيه قال‪ :‬تل رسول الله صلى الله عليييه‬
‫لية }كل يوم هو في شأن{ فقلنا‪ :‬يييا رسييول‬ ‫وسلم هذه ا َ‬
‫الله وما ذاك الشأن ؟ قال‪» :‬أن يغفيير ذنبيًا‪ ,‬ويفيرج كربيًا‪,‬‬
‫ويرفع قوما ً ويضع آخرين«‪ ..‬وقييال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا‬
‫أبي‪ ,‬حدثنا هشام بن عمار وسليمان بيين أحمييد الواسييطي‬
‫قال‪ :‬حدثنا الييوزير بيين صييبيح الثقفييي أبييو روح الدمشييقي‬
‫والسييياق لهشييام قييال‪ :‬سييمعت يييونس بيين ميسييرة بيين‬
‫حليس‪ ,‬يحدث عن أم الدرداء عن أبي الييدرداء عيين النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬قال الله عز وجل‪} :‬كل يييوم‬
‫هو في شأن{ ي قال ي من شأنه أن يغفر ذنبًا‪ ,‬ويفرج كربًا‪,‬‬
‫ويرفع قوميا ً ويضييع آخرييين«‪ .‬وقييد رواه ابيين عسيياكر ميين‬
‫طرق متعددة عن هشام بن عمار به‪ ,‬ثم ساقه من حييديث‬
‫أبي همام الولييد بيين شييجاع عيين الييوزير بيين صييبيح قيال‪:‬‬
‫»ودلنا عليه الوليد بن مسييلم عيين مطييرف عيين الشييعبي‬
‫عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي صلى اللييه عليييه‬
‫وسلم فذكره قييال‪ :‬والصييحيح الول‪ ,‬يعنييي إسييناده الول‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وقد روي موقوفا ً كما علقه البخاري بصيغة الجييزم‬
‫فجعله ميين كلم أبييي الييدرداء فييالله أعلييم‪ .‬وقييال الييبزار‪:‬‬
‫حدثنا محمد بن المثنى‪ ,‬حييدثنا محمييد بيين الحييارث‪ ,‬حييدثنا‬
‫محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عن ابن عميير‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم‪ :‬كييل يييوم هييو فييي شييأن‬
‫قال »يغفر ذنبًا‪ ,‬ويكشف كربًا« ثم قال ابن جرير‪ :‬وحييدثنا‬
‫أبو كريب‪ ,‬حييدثنا عبيييد اللييه بيين موسييى عيين أبييي حمييزة‬
‫الثمالي عن سعيد بن جبير‪ ,‬عن ابن عبيياس إن اللييه خلييق‬
‫لوحا ً محفوظا ً من درة بيضيياء دفتيياه ياقوتيية حمييراء قلمييه‬

‫‪492‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نور‪ ,‬وكتابه نور‪ ,‬وعرضه ما بين السماء والرض ينظر فيييه‬
‫كل يوم ثلثمائة وستين نظرة‪ ,‬يخلق في كل نظرة ويحيييي‬
‫ويميييييييت ويعييييييز ويييييييذل ويفعييييييل مييييييا يشيييييياء‪.‬‬

‫ن*‬ ‫با‬ ‫ّ‬ ‫ذ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫يا‬‫ي‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ء‬ ‫آل‬ ‫ي‬‫** سنْفرغُ ل َك ُم أ َيها الث َّقل َن * فَب يأ َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ْ َّ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ن أقْط َيياِر‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ذوا ْ ِ‬
‫مي‬ ‫م أن َتنُف ي ُ‬ ‫ست َط َعْت ُ ْ‬ ‫نا ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سإ‬
‫ِ‬ ‫لن‬
‫ِ‬ ‫ن َوا‬ ‫ّ‬ ‫شَر ال ْ ِ‬
‫ج‬ ‫مع ْ َ‬
‫يَ َ‬
‫َ‬ ‫سل ْ َ‬ ‫ذوا ْ ل َ َتنُف ُ‬
‫ن * فَِبيأ ّ‬
‫ي‬ ‫طا ٍ‬ ‫ن إ ِل ّ ب ِ ُ‬ ‫ذو َ‬ ‫ض َفانُف ُ‬
‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬
‫ال ّ‬
‫س‬
‫حا ٌ‬ ‫من ّنارٍ وَن ُ َ‬ ‫ظ ّ‬ ‫وا ٌ‬ ‫ما ُ‬
‫ش َ‬ ‫ل عَل َي ْك ُ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ن * ي ُْر َ‬ ‫ما ت ُك َذ َّبا ِ‬ ‫آلِء َرب ّك ُ َ‬
‫َ‬
‫ن قييال علييي بيين‬ ‫مييا ت ُك َيذ َّبا ِ‬ ‫ن * فَب ِأيّ آلِء َرب ّك ُ َ‬ ‫صَرا ِ‬ ‫فَل َ َتنت َ ِ‬
‫أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى‪} :‬سيينفرغ لكييم‬
‫أيها الثقلن{ قال‪ :‬وعيد من الله تعالى للعباد وليس بييالله‬
‫شغل وهيو فيارغ‪ ,‬وكيذا قيال الضيحاك‪ :‬هيذا وعييد‪ ,‬وقيال‬
‫قتييادة‪ :‬قييد دنييا ميين اللييه فييراغ لخلقييه‪ ,‬وقييال ابيين جريييج‬
‫}سييينفرغ لكيييم{ أي سنقضيييي لكيييم‪ ,‬وقيييال البخييياري‪:‬‬
‫سنحاسبكم ل يشغله شيء عن شيء‪ ,‬وهييو معييروف فييي‬
‫كلم العييرب‪ ,‬يقييال لتفرغيين لييك ومييا بييه شييغل‪ ,‬يقييول‪:‬‬
‫لخذنك على غرتك‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬أيهييا الثقلن{ الثقلن‪:‬‬ ‫َ‬
‫النس والجن كما جاء في الصحيح‪» :‬ويسمعها كييل شيييء‬
‫إل الثقلين« وفي رواية »إل النس والجيين«‪ .‬وفييي حييديث‬
‫الصيييور »الثقلن النيييس والجييين« }فبيييأي آلء ربكميييا‬
‫تكذبان{‪ .‬ثييم قييال تعييالى‪} :‬يييا معشيير الجيين والنييس إن‬
‫استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والرض فانفييذوا‬
‫ل تنفذون إل بسييلطان{ أي ل تسييتطيعون هرب يا ً ميين أميير‬
‫الله وقدره بل هو محيييط بكييم‪ ,‬ل تقييدرون علييى التخلييص‬
‫من حكمه ول النفوذ عن حكمه فيكم‪ ,‬أينمييا ذهبتييم أحيييط‬
‫بكم‪ ,‬وهذا فييي مقييام الحشيير‪ ,‬الملئكيية محدقيية بييالخلئق‬
‫سبع صفوف من كل جانب فل يقدر أحد على الذهاب }إل‬
‫بسييلطان{ أي إل بييأمر اللييه }يقييول النسييان يييومئذ أييين‬
‫المفييييير كل ل وزر إليييييى ربيييييك ييييييومئذ المسيييييتقر{‪.‬‬
‫وقال تعالى‪} :‬والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلهييا‬
‫وترهقهم ذلة ما لهم ميين الليه ميين عاصييم كأنمييا أغشيييت‬

‫‪493‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وجوههم قطعا ً من الليل مظلميا ً أولئك أصييحاب النييار هييم‬
‫فيها خالدون{ ولهذا قال تعييالى‪} :‬يرسييل عليكمييا شييواظ‬
‫من نار ونحاس فل تنتصران{ قال علي بن أبي طلحة عن‬
‫ابن عباس الشواظ‪ :‬هو لهب النار‪ ,‬وقييال سييعيد بيين جييبير‬
‫عن ابن عباس‪ :‬الشواظ الدخان‪ ,‬وقال مجاهد‪ :‬هو اللهييب‬
‫الخضر المنقطع‪ ,‬وقال أبو صالح‪ :‬الشواظ هو اللهب الذي‬
‫فوق النار ودون الدخان‪ .‬وقال الضحاك }شواظ من نييار{‬
‫سيل من نار‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬ونحاس{ قال علي بيين أبييي‬
‫طلحة عن ابن عباس }ونحاس{ دخيان النيار‪ ,‬وروي مثليه‬
‫عن أبي صالح وسييعيد بيين جييبير وأبييي سيينان‪ .‬وقييال ابيين‬
‫جرييير‪ :‬والعييرب تسييمي الييدخان نحاسييًا‪ ,‬بضييم النييون‬
‫وكسرها‪ ,‬والقراء مجمعة على الضم‪ ,‬ومن النحاس بمعنى‬
‫الييييييييييييدخان قييييييييييييول نابغيييييييييييية جعييييييييييييدة‪:‬‬
‫يضيء كضوء سراج السليييط لم يجعل اللييه فيييه نحاس يا ً‬
‫يعني دخانا ً هكذا قييال‪ ,‬وقييد روى الطييبراني ميين طريييق‬
‫جويبر عن الضحاك أن نييافع بيين الزرق سييأل ابيين عبيياس‬
‫عن الشواظ فقال‪ :‬هو اللهب الذي ل دخييان معييه‪ ,‬فسييأله‬
‫شاهدا ً على ذلك من اللغيية‪ ,‬فأنشييده قييول أمييية بيين أبييي‬
‫الصييييييييييييييييييلت فييييييييييييييييييي حسييييييييييييييييييان‪:‬‬
‫أل من مبلغ حسان عنيمغلغلة تدب إلى عكاظأليس أبييوك‬
‫فينا كان قينًالييدى القينييات فس يل ً فييي الحفاظيماني يا ً يظييل‬
‫يشيييييييد كيرًاوينفيييييييخ دائبيييييييا ً لهيييييييب الشيييييييواظ‬
‫قال‪ :‬صدقت فمييا النحيياس ؟ قييال‪ :‬هييو الييدخان الييذي ل‬
‫لهب له‪ ,‬قال‪ :‬فهل تعرفه العرب ؟ قال‪ :‬نعم‪ ,‬أما سييمعت‬
‫نابغييييييييييييية بنيييييييييييييي ذبييييييييييييييان يقيييييييييييييول‪:‬‬
‫يضيء كضوء سراج السليييط لم يجعل اللييه فيييه نحاس يا ً‬
‫وقييال مجاهييد‪ :‬النحيياس الصييفر يييذاب فيصييب علييى‬
‫رؤوسهم‪ ,‬وكذا قال قتادة‪ ,‬وقال الضييحاك‪ :‬ونحيياس سيييل‬
‫من نحاس‪ ,‬والمعنى على كل قول لو ذهبتييم هيياربين يييوم‬
‫القيامة لردتكم الملئكة والزبانية بإرسال اللهب من النار‪,‬‬
‫والنحيياس المييذاب عليكييم لييترجعوا‪ ,‬ولهييذا قييال‪} :‬فل‬
‫تنتصييييييييران فبييييييييأي آلء ربكمييييييييا تكييييييييذبان ؟{‪.‬‬

‫‪494‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫ن * فَب ِأ َيّ آلءِ‬ ‫ها ِ‬ ‫كالد ّ َ‬ ‫ت وَْرد َةً َ‬ ‫مآُء فَ َ‬


‫كان َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫شّق ِ‬ ‫ذا ان َ‬ ‫** فَإ ِ َ‬
‫َ‬
‫ن*‬ ‫جييآ ّ‬ ‫س وَل َ َ‬ ‫ذنب ِهِ ِإن ٌ‬ ‫عن َ‬ ‫ل َ‬ ‫سأ ُ‬ ‫مئ ِذٍ ل ّ ي ُ ْ‬ ‫ن * فَي َوْ َ‬ ‫ما ت ُك َذ َّبا ِ‬ ‫َرب ّك ُ َ‬
‫َ‬
‫م‬
‫ماهُ ْ‬ ‫سييي َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫مييو َ‬ ‫جرِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ال ْ ُ‬ ‫ن * ي ُعْيَر ُ‬ ‫ِ‬ ‫مييا ت ُك َيذ َّبا‬
‫فَب ِيأيّ آلِء َرب ّك ُ َ‬
‫ن*‬ ‫با‬ ‫ّ‬ ‫ذ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫يا‬‫ي‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ء‬ ‫آل‬ ‫ي‬ ‫فَيؤْخيذ ُ بالنواصييي والقْيدام * فَبيأ َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ ّ‬ ‫َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ ّ َ ِ‬ ‫ُ َ‬
‫ن ب َي ْن َهَييا‬ ‫طوفُييو َ‬ ‫ن * يَ ُ‬ ‫مييو َ‬ ‫جرِ ُ‬ ‫م ْ‬‫ب ب ِهَييا ال ْ ُ‬ ‫م ال ِّتي ي ُك َيذ ّ ُ‬ ‫جهَن ّ ُ‬
‫هـذِهِ َ‬ ‫َ‬
‫ميييييا ت ُ َ‬ ‫َ‬
‫كيييييذ َّبا ِ‬
‫ن‬ ‫ن * فَِبيييييأيّ آلِء َرب ّك ُ َ‬ ‫مييييييم ٍ آ ٍ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬ ‫وَب َْيييييي َ‬
‫يقول تعالى‪} :‬فإذا انشييقت السييماء{ يييوم القياميية كمييا‬
‫ليات الواردة في‬ ‫ليات مع ما شاكلها من ا َ‬ ‫دلت عليه هذه ا َ‬
‫معناهييا كقييوله تعييالى‪} :‬وانشييقت السييماء فهييي يييومئذ‬
‫واهييية{ وقييوله‪} :‬ويييوم تشييقق السييماء بالغمييام ونييزل‬
‫الملئكة تنزيل{ وقوله‪} :‬إذا السماء انشقت وأذنييت لربهييا‬
‫وحقت{ وقوله تعالى‪} :‬فكانت وردة كالدهان{ أي تييذوب‬
‫كما يذوب الدردي والفضة في السبك‪ ,‬وتتلون كمييا تتلييون‬
‫الصباغ الييتي يييدهن بهييا‪ ,‬فتييارة حمييراء وصييفراء وزرقيياء‬
‫وخضراء‪ ,‬وذلك من شدة المر وهول يوم القيامة العظيم‪.‬‬
‫وقد قال المام أحمد‪ :‬حدثنا أحمد بيين عبييد الملييك‪ ,‬حييدثنا‬
‫عبييد الرحميين بيين أبييي الصييهباء‪ ,‬حييدثنا نييافع أبييو غييالب‬
‫الباهلي‪ ,‬حدثنا أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسول اللييه صييلى‬
‫الليه عليييه وسييلم‪» :‬يبعييث النيياس يييوم القياميية والسييماء‬
‫تطش عليهم« قييال الجييوهري‪ :‬الطييش المطيير الضييعيف‪,‬‬
‫وقال الضحاك عيين ابيين عبيياس فييي قييوله تعييالى‪} :‬وردة‬
‫كالدهان{ قال‪ :‬هييو الديييم الحميير‪ ,‬وقييال أبييو كدينيية عيين‬
‫قابوس عن أبيه عن ابن عبيياس }فكييانت وردة كالييدهان{‬
‫كالفرس الورد‪ ,‬وقال العوفي عن ابن عباس‪ :‬تغييير لونهييا‪,‬‬
‫وقال أبو صالح‪ :‬كالبرذون الورد‪ ,‬ثييم كييانت بعييد كالييدهان‪,‬‬
‫وحكى البغوي وغيره أن الفرس الييورد تكييون فييي الربيييع‬
‫صفراء‪ ,‬وفي الشتاء حمراء‪ ,‬فإذا اشييتد الييبرد تغييير لونهييا‪,‬‬
‫وقال الحسن البصري‪ :‬تكون ألوانًا‪ .‬وقييال السييدي‪ :‬تكييون‬
‫كلون البغلة الوردة‪ ,‬وتكون كالمهل كدردي الزيييت‪ ,‬وقييال‬
‫مجاهيييد }كاليييدهان{ كيييألوان اليييدهان‪ ,‬وقيييال عطييياء‬

‫‪495‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الخراساني‪ :‬كلون دهن الورد فييي الصييفرة‪ ,‬وقييال قتييادة‪:‬‬
‫هي اليوم خضراء ويومئذ لونها إلى الحمرة يوم ذي ألوان‪.‬‬
‫وقال أبو الجييوزاء‪ :‬فييي صييفاء الييدهن‪ .‬وقييال ابيين جريييج‪:‬‬
‫تصير السماء كالدهن الذائب وذلك حين يصيبها حر جهنييم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬فيومئذ ل يسأل عن ذنبه إنس ول جييان{‬
‫وهذه كقوله تعالى‪} :‬هييذا يييوم ل ينطقييون ول يييؤذن لهييم‬
‫فيعتذرون{ فهذا في حال وثم في حال يسأل الخلئق عن‬
‫جميييع أعمييالهم‪ ,‬وقييال اللييه تعييالى‪} :‬فوربييك لنسييألنهم‬
‫أجمعين عما كانوا يعملون{ ولهذا قال قتييادة‪} :‬فيييومئذ ل‬
‫يسأل عن ذنبه إنس ول جان{ قال‪ :‬قيد كيانت مسيألة ثيم‬
‫ختم على أفواه القوم وتكلمت أيديهم وأرجلهم بمييا كييانوا‬
‫يعملييون‪ ,‬قييال علييي بيين أبييي طلحيية عيين ابيين عبيياس‪ :‬ل‬
‫يسألهم هل عملتم كذا وكذا‪ ,‬لنه أعلم بذلك منهيم‪ ,‬ولكين‬
‫يقول‪ :‬لم عملتم كذا وكذا ؟ فهذا قول ثيان‪ .‬وقيال مجاهيد‬
‫لية‪ :‬ل تسأل الملئكة عن المجرمين بل يعرفون‬ ‫في هذه ا َ‬
‫بسيماهم‪ ,‬وهذا قول ثالث‪ ,‬وكأن هذا بعدما يؤمر بهم إلييى‬
‫النار فذلك الوقت ل يسألون عن ذنوبهم بل يقييادون إليهييا‬
‫ويلقيييون فيهيييا كميييا قيييال تعيييالى‪} :‬يعيييرف المجرميييون‬
‫بسيييماهم{ أي بعلمييات تظهيير عليهييم‪ .‬وقييال الحسيين‬
‫وقتادة‪ :‬يعرفونهم باسوداد الوجيوه وزرقية العييون‪ .‬قليت‪:‬‬
‫وهييذا كمييا يعييرف المؤمنييون بييالغرة والتحجيييل ميين آثييار‬
‫الوضييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييوء‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬فيؤخييذ بالنواصييي والقييدام{ أي يجمييع‬
‫الزبانية ناصيته مع قدميه ويلقونه فييي النييار كييذلك‪ ,‬وقييال‬
‫العمش عن ابن عبيياس‪ :‬يؤخييذ بناصيييته وقييدميه فيكسيير‬
‫كما يكسر الحطب في التنور‪ ,‬وقال الضييحاك‪ :‬يجمييع بييين‬
‫ناصيته وقدميه في سلسلة من وراء ظهره‪ ,‬وقال السدي‪:‬‬
‫يجميع بيين ناصيية الكيافر وقيدميه فيتربط ناصييته بقيدمه‬
‫ويفتل ظهره‪ .‬وقال ابن أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييي حييدثنا أبييو‬
‫توبة الربيع بن نافع‪ ,‬حدثنا معاوية بن سلم عيين أخيييه زيييد‬
‫بيين سييلم أنيه سيمع أبييا سييلم يعنييي جييده‪ ,‬أخيبرني عبييد‬
‫الرحمن‪ ,‬حدثني رجل من كندة قال‪ :‬أتيت عائشة فييدخلت‬

‫‪496‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليها وبيني وبينها حجاب فقلت‪ :‬حدثك رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم أنه يأتي عليييه سيياعة ل يملييك فيهييا لحييد‬
‫شفاعة ؟ قالت‪ :‬نعم لقييد سييألته عيين هييذا وأنييا وهييو فييي‬
‫شعار واحد قال‪» :‬نعم حين يوضع الصييراط ل أملييك لحييد‬
‫فيها شفاعة حتى أعلم أين يسلك بي‪ ,‬ويييوم تييبيض وجييوه‬
‫وتسود وجوه حتى أنظر ماذا يفعل بي ي ي أو قييال يييوحى ي ي‬
‫وعند الجسر حين يستحد ويسييتحر« فقييالت‪ :‬ومييا يسييتحد‬
‫وما يستحر ؟ قال يستحد حتى يكون مثل شفرة السيييف‪,‬‬
‫ويستحر حتى يكون مثل الجمرة‪ ,‬فأما المييؤمن فيجييوزه ل‬
‫يضره‪ ,‬وأما المنافق فيتعلق حتى إذا بلغ أوسييطه خيير ميين‬
‫قدميه فيهوي بيديه إلى قييدميه يي قييالت‪ :‬فهييل رأيييت ميين‬
‫يسعى حافيا ً فتأخذه شوكة حييتى تكيياد تنفييذ قييدميه‪ ,‬فييإنه‬
‫كييذلك يهييوي بيييده ورأسييه إلييى قييدميه فتضييربه الزبانييية‬
‫بخطاف في ناصيته وقدمه‪ ,‬فتقذفه في جهنم فيهوي فيهييا‬
‫مقدار خمسين عاما ً ي قلت‪ :‬ما ثقل الرجل ؟ قييالت‪ :‬ثقييل‬
‫عشر خلقات سمان فيييومئذ يعييرف المجرمييون بسيييماهم‬
‫فيؤخذ بالنواصي والقدام«‪ .‬هذا حديث غريييب جييدًا‪ ,‬وفيييه‬
‫ألفاظ منكر رفعها‪ ,‬وفييي السييناد ميين لييم يسييم ومثلييه ل‬
‫يحتيييييييييييييج بيييييييييييييه‪ ,‬والليييييييييييييه أعليييييييييييييم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬هذه جهنم الييتي يكييذب بهييا المجرمييون{‬
‫أي هذه النار التي كنتم تكييذبون بوجودهييا‪ ,‬هيياهي حاضييرة‬
‫تشاهدونها عيانًا‪ ,‬يقال لهم ذلييك تقريعيا ً وتوبيخيا ً وتصييغيرا ً‬
‫وتحقيرًا‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬يطوفييون بينهييا وبييين حميييم آن{‬
‫أي تارة يعذبون في الجحيييم وتييارة يسييقون ميين الحميييم‪,‬‬
‫وهو الشراب الييذي هييو كالنحيياس المييذاب يقطييع المعيياء‬
‫والحشاء‪ ,‬وهييذه كقييوله تعييالى‪} :‬إذ الغلل فييي أعنيياقهم‬
‫والسلسل يسحبون في الحميم ثم في النييار يسييجرون{‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬آن{ أي حار قد بلغ الغاية في الحييرارة ل‬
‫يسييتطاع ميين شييدة ذلييك‪ ,‬قييال ابيين عبيياس فييي قييوله‪:‬‬
‫}يطوفون بينها وبين حميم آن{ أي قد انتهى غليييه واشييتد‬
‫حره‪ ,‬وكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك والحسن‬
‫والثوري والسدي وقال قتادة‪ :‬قد آن طبخه منذ خلق اللييه‬

‫‪497‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السموات والرض‪ ,‬وقال محمد بن كعييب القرظييي‪ :‬يؤخييذ‬
‫العبد فيحرك بناصيته في ذلك الحميم حييتى يييذوب اللحييم‬
‫ويبقى العظم والعينان في الرأس وهي كييالتي يقييول الليه‬
‫لن‬‫تعالى‪} :‬في الحميم ثم في النار يسجرون{ والحميم ا َ‬
‫يعني الحار‪ ,‬وعن القرظييي رواييية أخييرى }حميييم آن{ أي‬
‫حاضر وهو قول ابن زيد أيضيًا‪ ,‬والحاضيير ل ينييافي ميياروي‬
‫عن القرظي أول ً أنه الحار كقوله تعالى‪} :‬تسقى من عين‬
‫آنية{ أي حييارة شييديدة الحيير ل تسيتطاع‪ ,‬وكقيوله‪} :‬غييير‬
‫ناظرين إناه{ يعني استواءه ونضجه فقييوله‪} :‬حميييم آن{‬
‫أي حميم حار جدًا‪ .‬ولمييا كييان معاقبيية العصيياة المجرمييين‬
‫وتنعيم المتقين من فضله ورحمته وعييدله ولطفييه بخلقييه‪,‬‬
‫وكان إنذاره لهم عن عذابه وبأسه مما يزجرهييم عمييا هييم‬
‫فيه من الشرك والمعاصييي وغييير ذلييك قييال ممتن يا ً بييذلك‬
‫عليييييى بريتيييييه }فبيييييأي آلء ربكميييييا تكيييييذبان ؟{‪.‬‬

‫ما ت ُ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫كييذ َّبا ِ‬ ‫ن * فَب ِأيّ آلِء َرب ّك ُ َ‬ ‫جن َّتا ِ‬‫م َرب ّهِ َ‬ ‫مَقا َ‬
‫ف َ‬
‫خا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫** وَل ِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫مييا عَي ْن َييا ِ‬ ‫ن * ِفيهِ َ‬ ‫ما ت ُك َيذ َّبا ِ‬ ‫ن * فَب ِأيّ آلِء َرب ّك ُ َ‬ ‫* ذ ََواَتآ أفَْنا ٍَ‬
‫ل َفاك َِهييةٍ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫ما ِ‬
‫ن * ِفيهِ َ‬ ‫ما ت ُك َذ َّبا ِ‬ ‫ن * فَب ِأيّ آلِء َرب ّك ُ َ‬ ‫جرَِيا ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ميييييييييا ت ُك َيييييييييذ َّبا ِ‬ ‫ن * فَب ِيييييييييأيّ آلِء َرب ّك ُ َ‬ ‫جيييييييييا ِ‬ ‫َزوْ َ‬
‫لييية‬ ‫قال ابن شييوذب وعطيياء الخراسيياني‪ :‬نزلييت هييذه ا َ‬
‫}ولمن خاف مقييام ربييه جنتييان{ فييي أبييي بكيير الصييديق‪,‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبيي حيدثنا محميد بين مصيفي‪,‬‬
‫حدثنا بقية عن أبي بكر بن أبي مريم عن عطية بيين قيييس‬
‫في قوله تعالى‪} :‬ولمن خاف مقام ربه جنتان{ نزلت في‬
‫الذي قال‪ :‬أحرقوني بالنار لعّلي أضل الله قال تيياب يومييا ً‬
‫وليلة‪ ,‬بعد أن تكلييم بهييذا فقبييل اللييه منييه وأدخلييه الجنيية‪,‬‬
‫لية عامة كما قيياله ابيين عبيياس وغيييره‬ ‫والصحيح أن هذه ا َ‬
‫يقول الله تعالى‪} :‬ولمن خاف مقام ربيه{ بييين ييدي الليه‬
‫عز وجل يوم القيامة }ونهى النفس عن الهوى{ ولم يطغ‬
‫لخييرة خييير وأبقييى فييأدى‬ ‫ول آثر الحياة الييدنيا‪ ,‬وعلييم أن ا َ‬
‫فرائض الله واجتنب محارمه‪ ,‬فلييه يييوم القياميية عنييد ربييه‬

‫‪498‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جنتان‪ ,‬كما قال البخاري رحمه الله‪ :‬حدثنا عبد الله بن أبي‬
‫السود‪ ,‬حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي‪ ,‬حدثنا أبييو‬
‫عمران الجوني عن أبي بكر بن عبيد الليه بين قييس‪ ,‬عين‬
‫أبيه أن رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم قييال‪» :‬جنتييان‬
‫من فضة آنيتهما وما فيهما‪ ,‬وجنتان من ذهييب آنيتهمييا ومييا‬
‫فيهما‪ ,‬وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم عييز وجييل‬
‫إل رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن« وأخرجييه بقييية‬
‫الجماعة إل أبا داود من حديث عبد العزيز به‪ ,‬وقييال حميياد‬
‫بن سلمة عن ثابت عن أبي بكر بن أبي موسييى عيين أبيييه‬
‫قال حماد‪ :‬ل أعلمه إل قد رفعه في قييوله تعييالى‪} :‬ولميين‬
‫خاف مقام ربه جنتان{ وفي قوله‪} :‬ومن دونهما جنتييان{‬
‫جنتييان ميين ذهييب للمقربييين وجنتييان ميين ورق لصييحاب‬
‫اليميييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييين‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا زكريا بن يحيى بن أبييان المقييري‪,‬‬
‫حدثنا ابن أبي مريم‪ ,‬أخبرنا محمد بن جعفر عن محمد بيين‬
‫أبي حرملة عن عطيياء بيين يسييار أخييبرني أبييو الييدرداء أن‬
‫رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم قييرأ يوميا ً هييذه ا َ‬
‫لييية‬
‫}ولميين خيياف مقييام ربييه جنتييان{ فقلييت‪ :‬وإن زنييى وإن‬
‫سرق ؟ فقال‪} :‬ولمن خاف مقام ربه جنتان{ فقلت‪ :‬وإن‬
‫زنى وإن سرق فقييال‪} :‬ولميين خيياف مقييام ربييه جنتييان{‬
‫فقلت‪ :‬وإن زنى وإن سرق يا رسييول اللييه ؟ فقييال‪» :‬وإن‬
‫رغم أنف أبي الدرداء« ورواه النسائي ميين حييديث محمييد‬
‫بن أبي حرمليية بييه‪ ,‬ورواه النسييائي أيضيا ً عيين مؤمييل بيين‬
‫هشام عن إسماعيل عن الجريري‪ ,‬عن موسى عن محمييد‬
‫بن سعد بن أبييي وقيياص عيين أبييي الييدرداء بييه‪ ,‬وقييد روي‬
‫موقوفًاعلى أبي الدرداء‪ ,‬وروي عنه أنه قال‪ :‬إن من خاف‬
‫لية عامة في النييس‬ ‫مقام ربه لم يزن ولم يسرق‪ .‬وهذه ا َ‬
‫والجن‪ ,‬فهي من أدل دليل علييى أن الجيين يييدخلون الجنيية‬
‫إذا آمنوا واتقوا‪ ,‬ولهذا امتن الله تعالى علييى الثقلييين بهييذا‬
‫الجزاء فقال‪} :‬ولمن خاف مقييام ربييه جنتييان * فبييأي آلء‬
‫ربكمييا تكييذبان{ ثييم نعييت هيياتين الجنييتين فقييال‪} :‬ذواتييا‬
‫أفنييان{ أي أغصييان نضييرة حسيينة تحمييل ميين كييل ثمييرة‬

‫‪499‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نضيجة فائقة }فبأي آلء ربكما تكذبان ؟{ هكذا قال عطاء‬
‫الخراسيياني وجماعيية أن الفنييان أغصييان الشييجر يمييس‬
‫بعضها بعضًا‪ ,‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حييدثنا عمييرو‬
‫بيين علييي‪ ,‬حييدثنا مسييلم بيين قتيبيية‪ ,‬حييدثنا عبييد اللييه بيين‬
‫النعمان‪ ,‬سمعت عكرمة يقول‪} :‬ذواتا أفنان{ يقول‪ :‬ظييل‬
‫الغصييان علييى الحيطييان‪ ,‬ألييم تسييمع قييول الشيياعر‪:‬‬
‫ما هاج شوقك من هديل حمامةتدعو على فنيين الغصييون‬
‫حماماتدعو أبا فرخين صادف طاويًاذا مخلبين من الصييقور‬
‫قطاميييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييا‬
‫وحكى البغوي عن مجاهد وعكرميية والضييحاك والكلييبي‪,‬‬
‫أنه الغصن المستقيم‪ ,‬قال‪ :‬وحدثنا أبو سعيد الشج‪ ,‬حييدثنا‬
‫عبد السلم بن حرب‪ ,‬حدثنا عطاء بن السائب‪ ,‬عن سييعيد‬
‫بن جبير عن ابن عبيياس‪ :‬ذواتييا أفنييان ذواتييا ألييوان‪ ,‬قييال‪:‬‬
‫وروي عيين سييعيد بيين جييبير والحسيين والسييدي وخصيييف‬
‫والنضر بن عربي وابن سنان مثل ذلك‪ ,‬ومعنى هذا القييول‬
‫أن فيهما فنونا ً من الملذ‪ ,‬واختاره ابن جرير‪ ,‬وقال عطاء‪:‬‬
‫كل غصن يجمع فنونا ً من الفاكهة‪ ,‬وقييال الربيييع بيين أنييس‬
‫}ذواتا أفنان{ واسعتا الفنان وكل هذه القوال صحيحة ول‬
‫منافاة بينها‪ ,‬والله أعلييم‪ ,‬وقييال قتييادة‪ :‬ذواتييا أفنييان يعنييي‬
‫بسعتها وفضلها ومزيتها على ما سييواها‪ ,‬وقييال محمييد بيين‬
‫إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عيين أبيييه‬
‫عن أسماء بنت أبي بكر قالت‪ :‬سمعت رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم وذكر سدرة المنتهى‪ ,‬فقييال‪» :‬يسييير فييي‬
‫ظل الفنن منها الراكب مائة سنة ي ي أو قييال يسييتظل فييي‬
‫ظل الفنن منهييا مييائة راكييب يي فيهييا فييراش الييذهب كييأن‬
‫ثمرها القلل«‪ .‬ورواه الترمذي من حديث يونس بيين بكييير‬
‫بيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫وقال حماد بن سلمة عيين ثييابت عيين أبييي بكيير بيين أبييي‬
‫موسى عن أبيه‪ ,‬قيال حميياد‪ :‬ول أعلميه إل قييد رفعيه فيي‬
‫قوله‪} :‬ولمن خاف مقام ربه جنتان{ وفييي قييوله‪} :‬وميين‬
‫دونهما جنتان{ قال‪ :‬جنتان ميين ذهييب للمقربييين‪ ,‬وجنتييان‬
‫ميين ورق لصييحاب اليمييين‪} .‬فيهمييا عينييان تجريييان{ أي‬

‫‪500‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تسرحان لسقي تلك الشجار والغصان فتثميير ميين جميييع‬
‫اللوان }فبأيء آلء ربكما تكذبان{ قال الحسن البصييري‪:‬‬
‫إحداهمايقال لها تسنيم‪ ,‬والخرى السلسبيل‪ .‬وقال عطية‪:‬‬
‫إحييداهما ميين ميياء غييير آسيين‪ ,‬والخييرى ميين خميير لييذة‬
‫للشاربين‪ ,‬ولهييذا قييال بعييد هييذا‪} :‬فيهمييا ميين كييل فاكهيية‬
‫زوجان{ أي من جميع أنواع الثمار مما يعلمون وخييير ممييا‬
‫يعلمون‪ ,‬ومما ل عين رأت ول أذن سمعت ول خطيير علييى‬
‫قلب بشر }فبييأي آلء ربكمييا تكييذبان{‪ .‬قييال إبراهيييم بيين‬
‫الحكم بن أبان عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس‪ ,‬ما في‬
‫الدنيا ثمرة حلوة ول مرة إل وهي في الجنة حتى الحنظل‪,‬‬
‫لخييرة إل‬ ‫وقييال ابيين عبيياس‪ :‬ليييس فييي الييدنيا ممييا فييي ا َ‬
‫السماء يعنييي أن بييين ذلييك بونيا ً عظيميا ً وفرقيا ً بينيا ً فييي‬
‫التفاضيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييل‪.‬‬

‫ن‬
‫جن ّت َْييي ِ‬‫جَنى ال ْ َ‬ ‫ق وَ َ‬ ‫ست َب َْر ٍ‬ ‫ن إِ ْ‬‫م ْ‬ ‫ن عََلى فُُرش ب َ َ‬
‫طآئ ِن َُها ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مت ّك ِِئي َ‬ ‫** ُ‬
‫َ‬
‫ف‬ ‫ت الط ّيْر ِ‬ ‫ص يَرا ُ‬ ‫ن َقا ِ‬ ‫ن * ِفيهِ َ ّ‬ ‫ما ت ُك َذ َّبا ِ‬ ‫ن * فَب ِأيّ آلِء َرب ّك ُ َ‬ ‫دا ٍ‬‫َ‬
‫ن‬‫ما ت ُك َذ َّبا ِ‬ ‫ن * فَب ِأيّ آلِء َرب ّك ُ َ‬ ‫جآ ّ‬ ‫م وَل َ َ‬ ‫َ‬
‫س قَب ْلهُ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ن ِإن‬‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫مث ْه‬ ‫ْ‬
‫م ي َط ِ‬ ‫لَ ْ‬
‫َ‬ ‫* ك َأ َن ّه‬
‫ن*‬ ‫مييا ت ُك َيذ َّبا ِ‬ ‫ن * فَب ِأيّ آلِء َرب ّك ُ َ‬ ‫جا ُ‬ ‫مْر َ‬‫ت َوال ْ َ‬ ‫ن ال َْياُقو ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ما ت ُك َذ َّبا ِ‬
‫ن‬ ‫ن * فَب ِأيّ آلِء َرب ّك ُ َ‬ ‫سا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ن إ ِل ّ ال ِ ْ‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬
‫جَزآُء ال ِ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫هَ ْ‬
‫يقول تعالى‪} :‬متكئين{ يعني أهل الجنة‪ ,‬والمراد بالتكاء‬
‫ههنا الضطجاع ويقال‪ :‬الجلوس على صفة الييتربيع }علييى‬
‫فرش بطائنها من إستبرق{ وهو ما غلظ من الديباج‪ ,‬قاله‬
‫عكرمة والضحاك وقتييادة وقييال أبييو عمييران الجييوني‪ ,‬هييو‬
‫الديباج المزين بالذهب‪ ,‬فنبه على شرف الظهارة بشييرف‬
‫البطانة‪ ,‬فهذا من التنييبيه بييالدنى علييى العلييى‪ .‬قييال أبييو‬
‫إسحاق عن هبيرة بن مريم عن عبد الله بن مسعود قييال‪:‬‬
‫هذه البطائن‪ ,‬فكيف ليو رأيتيم الظيواهر‪ .‬وقيال ماليك بين‬
‫دينييار‪ :‬بطائنهييا ميين إسييتبرق وظواهرهييا ميين نييور‪ ,‬وقييال‬
‫سفيان الثوري أو شريك‪ :‬بطائنها من إسييتبرق وظواهرهييا‬
‫ميين نييور جامييد‪ ,‬وقييال القاسييم بيين محمييد‪ :‬بطائنهييا ميين‬
‫إستبرق وظواهرها من الرحمة‪ ,‬وقال ابن شوذب عن أبي‬

‫‪501‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عبد الله الشامي‪ :‬ذكر الله البطييائن ولييم يييذكر الظييواهر‪,‬‬
‫وعلى الظواهر المحابس ول يعلييم مييا تحييت المحييابس إل‬
‫الله تعالى‪ ,‬ذكر ذلك كله المام ابن أبي حاتم رحمييه اللييه‪,‬‬
‫}وجنى الجنتين دان{ أي ثمرهما قريب إليهم متى شيياءوا‬
‫تناولوه على أي صييفة كييانوا‪ ,‬كمييا قييال تعييالى‪} :‬قطوفهييا‬
‫دانية{ وقال }ودانية عليهم ظللها وذللت قطوفها تييذليل{‬
‫أي ل تمتنع ممن تناولها بل تنحط إليه من أغصانها }فبييأي‬
‫آلء ربكما تكذبان ؟{ ولما ذكر الفرش وعظمتها قال بعييد‬
‫ذلييك }فيهيين{ أي فييي الفييرش }قاصييرات الطييرف{ أي‬
‫غضيضييات عيين غييير أزواجهيين فل يرييين شيييئا ً فييي الجنيية‬
‫أحسيين ميين أزواجهيين‪ ,‬قيياله ابيين عبيياس وقتييادة وعطيياء‬
‫الخراساني وابين زييد‪ ,‬وقيد ورد أن الواحيدة منهين تقيول‬
‫لبعلها‪ :‬والله ما أرى في الجنة شيئا ً أحسيين منييك‪ .‬ول فييي‬
‫الجنة شيئا ً أحب إلييي منييك فالحمييد للييه الييذي جعلييك لييي‬
‫وجعلنيييييييييييييييييييييييييييييييي ليييييييييييييييييييييييييييييييك‪.‬‬
‫}لم يطمثهين إنيس قبلهيم ول جيان{ أي بيل هين أبكيار‬
‫عرب أتييراب لييم يطييأهن أحييد قبييل أزواجهيين ميين النييس‬
‫والجن‪ ,‬وهذه أيضا ً من الدليية علييى دخييول مييؤمني الجيين‬
‫الجنة‪ ,‬وقال أرطاة بن المنذر‪ :‬سئل ضمرة بن حييبيب هييل‬
‫يدخل الجيين الجنيية ؟ قييال‪ :‬نعييم وينكحييون‪ ,‬للجيين جنيييات‬
‫وللنس إنسيات‪ ,‬وذلك قوله‪} :‬لم يطمثهن إنس قبلهم ول‬
‫جان * فبأي آلء ربكما تكذبان{‪ .‬ثم قال ينعتهيين للخطيياب‬
‫}كأنهن الياقوت والمرجان{ قييال مجاهييد والحسيين وابيين‬
‫زيد وغيرهم‪ :‬في صفاء الياقوت وبياض المرجييان‪ ,‬فجعلييوا‬
‫المرجان ههنا اللؤلؤ‪ .‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي حييدثنا‬
‫محمد بيين حيياتم‪ ,‬حييدثنا عبيييدة بيين حميييد عيين عطيياء بيين‬
‫السائب عن عمرو بن ميمييون الودي‪ ,‬عيين عبييد اللييه بيين‬
‫مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬إن المييرأة‬
‫من نساء أهل الجنة ليرى بياض سيياقيها ميين وراء سييبعين‬
‫حلة من حرير حتى يرى مخهييا« وذلييك قييول اللييه تعييالى‪:‬‬
‫}كأنهن الياقوت والمرجان{ فأما الييياقوت فييإنه حجيير لييو‬
‫أدخلت فيه سلكا ثم استصييفيته لرأيتييه ميين ورائه‪ ,‬وهكييذا‬

‫‪502‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رواه الترمذي من حديث عبيدة بيين حميييد وأبييي الحييوص‬
‫عن عطاء بن السييائب بييه‪ ,‬ورواه موقوف يا ً ثييم قييال‪ :‬وهييو‬
‫أصييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييح‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عفان‪ ,‬حدثنا حميياد بيين سييلمة‪,‬‬
‫أخبرنا يونس عن محمد بن سيييرين عيين أبييي هريييرة عيين‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬للرجل من أهييل الجنيية‬
‫زوجتان من الحور العييين علييى كييل واحييدة سييبعون حليية‪,‬‬
‫يرى مخ ساقها من وراء الثياب« تفرد به المام أحمد ميين‬
‫هذا الوجه‪ .‬وقد روى مسلم حديث إسماعيل بن علية عيين‬
‫أيوب عن محمد بن سيرين قال‪ :‬إما تفاخروا وإما تذاكروا‪,‬‬
‫الرجال أكثر في الجنة أم النساء ؟ فقال أبو هريرة‪ :‬أولييم‬
‫يقل أبو القاسم صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬إن أول زمييرة‬
‫تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر والتي تليهييا علييى‬
‫ضوء كوكب دري في السماء‪ ,‬لكل امرىييء منهييم زوجتييان‬
‫اثنتان يرى مييخ سييوقهما ميين وراء اللحييم ومييا فييي الجنيية‬
‫أعزب« وهذا الحديث مخييرج فييي الصييحيحين ميين حييديث‬
‫همام بن منبه وأبي زرعة عن أبي هريرة رضييي اللييه عنييه‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو النضر‪ ,‬حدثنا محمد بن طلحة‬
‫عن حميد عن أنس‪ ,‬أن رسول الله صلى الله عليه وسييلم‬
‫قال‪» :‬لغدوة في سبيل الله أو روحة خييير مين اليدنيا ومييا‬
‫فيها‪ ,‬ولقاب قوس أحدكم أو موضع قيده ي يعني سوطه ييي‬
‫من الجنة خير من الدنيا وما فيها‪ ,‬ولو اطلعييت امييرأة ميين‬
‫نساء أهل الجنة إلى الرض لملت ما بينهما ريحيا ً ولطيياب‬
‫ما بينهما‪ ,‬ولنصيفها على رأسها خير من الييدنيا ومييا فيهييا«‬
‫ورواه البخاري من حديث أبي إسحاق عن حميد عن أنييس‬
‫بنحييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييوه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬هييل جييزاء الحسييان إل الحسييان{ أي ل‬
‫لخييرة‪,‬‬‫لمن أحسن العمل في الدنيا إل الحسان إليه في ا َ‬
‫كما قال تعالى‪} :‬للذين أحسيينوا الحسيينى وزيييادة{ وقييال‬
‫البغييوي‪ ,‬حييدثنا أبييو سييعيد الشييريحي‪ ,‬حييدثنا أبييو إسييحاق‬
‫الثعلييبي‪ ,‬أخييبرني ابيين فنجييويه‪ ,‬حييدثنا ابيين شيييبة‪ ,‬حييدثنا‬
‫إسحاق بن إبراهيم بن بهييرام‪ ,‬حييدثنا الحجيياج بيين يوسييف‬

‫‪503‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المكتب‪ ,‬حدثنا بشر بن الحسين عن الزبير بيين عييدي عيين‬
‫أنس بن مالك قال‪ :‬قرأ رسول الله صلى الله عليه وسييلم‬
‫}هل جزاء الحسان إل الحسان{ وقيال »هيل تيدرون ميا‬
‫قال ربكم ؟« قالوا‪ :‬الله ورسوله أعلم‪ .‬قييال »يقييول هييل‬
‫جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إل الجنيية« ولمييا كييان فييي‬
‫الذي ذكر نعم عظيمة ل يقاومهييا عمييل بييل مجييرد تفضييل‬
‫وامتنان قال بعد ذلييك كلييه }فبييأي آلء ربكمييا تكييذبان ؟{‬
‫ومما يتعلق بقوله تعالى‪} :‬ولمن خاف مقام ربييه جنتييان{‬
‫ما رواه الترمذي والبغوي من حديث أبي النضر هاشم بيين‬
‫القاسم عن أبي عقيل الثقفييي‪ ,‬عيين أبييي فييروة يزيييد بيين‬
‫سنان الرهاوي عن بكير بن فيروز عيين أبييي هريييرة قييال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ميين خيياف أدلييج‪,‬‬
‫ومن أدلج بلغ المنزل أل إن سلعة الله غالية‪ ,‬أل إن سييلعة‬
‫اللييه الجنيية« ثييم قييال الترمييذي‪ :‬غريييب ل نعرفييه إل ميين‬
‫حديث أبي النضر وروى البغوي من حديث علييي بيين حجيير‬
‫عن إسماعيل بن جعفر عن محمد بن أبييي حرمليية مييولى‬
‫حويطب بن عبد العييزى‪ ,‬عيين عطيياء بيين يسييار‪ ,‬عيين أبييي‬
‫الدرداء أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسييلم يقييص‬
‫على المنبر وهو يقول‪} :‬ولميين خيياف مقييام ربييه جنتييان{‬
‫فقلت‪ :‬وإن زنى وإن سرق يا رسول الله ؟ فقييال رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم }ولمن خاف مقام ربه جنتييان{‬
‫فقلت الثانية‪ :‬وإن زنييى وإن سييرق يييا رسييول اللييه فقييال‬
‫}ولمن خاف مقام ربييه جنتييان{ فقلييت الثالثيية‪ :‬وإن زنييى‬
‫وإن سييرق يارسييول اللييه ؟ فقييال »وإن رغييم أنييف أبييي‬
‫الييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييدرداء«‪.‬‬

‫مييا ت ُ َ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫كييذ َّبا ِ‬ ‫ن * فَِبييأيّ آلِء َرب ّك ُ َ‬ ‫جن َّتييا ِ‬ ‫مييا َ‬ ‫دون ِهِ َ‬
‫ميين ُ‬ ‫** وَ ِ‬
‫مييا ت ُ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫مييا عَي َْنييا ِ‬ ‫ن * ِفيهِ َ‬ ‫كييذ َّبا ِ‬ ‫ن * فَِبييأيّ آلِء َرب ّك ُ َ‬ ‫مَتا ِ‬
‫هآ ّ‬ ‫مييد ْ َ‬‫ُ‬
‫َ‬
‫خيي ٌ‬
‫ل‬ ‫ة وَن َ ْ‬ ‫ما َفاك ِهَ ٌ‬ ‫ن * ِفيهِ َ‬ ‫ما ت ُك َذ َّبا ِ‬ ‫ن * فَب ِأيّ آلِء َرب ّك ُ َ‬
‫َ‬ ‫خَتا ِ‬ ‫ضا َ‬ ‫نَ ّ‬
‫ن‬‫سييا ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫ت ِ‬ ‫خي ْيَرا ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫ن * ِفيهِ ّ‬ ‫ما ت ُك َذ َّبا ِ‬ ‫ن * فَب ِأيّ آلِء َرب ّك ُ َ‬ ‫ما ٌ‬
‫َ‬
‫وَُر ّ‬
‫خَيام ِ *‬ ‫ت ِفي ال ْ ِ‬ ‫صوَرا ٌ‬ ‫مْق ُ‬ ‫حوٌر ّ‬ ‫ن* ُ‬ ‫ما ت ُك َذ َّبا ِ‬‫* فَب ِأيّ آلِء َرب ّك ُ َ‬

‫‪504‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فَبأ َ‬
‫ن‬ ‫جآ ّ‬ ‫م وَل َ َ‬‫س قَب ْل َهُ ْ‬
‫ن ِإن ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫ْ‬ ‫ث‬‫م‬‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ط‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫*‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫با‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ذ‬‫َ‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ما‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬‫ّ‬ ‫ب‬‫ر‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ء‬ ‫آل‬ ‫ي‬
‫ِ ّ‬
‫مت ّك ِِئي ي َ َ‬ ‫َ‬
‫ر‬
‫ضي ٍ‬ ‫خ ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫ى َرفْ يَر ٍ‬ ‫ن عَل ي َ‬ ‫ن* ُ‬ ‫ما ت ُك َ َذ َّبا ِ‬ ‫* فَب ِأيّ آلِء َرب ّك ُ َ‬
‫م‬‫سي ُ‬ ‫كا ْ‬ ‫ن * ت َب َيياَر َ‬ ‫ما ت ُك َذ َّبا ِ‬ ‫ن * فَب ِأيّ آلِء َرب ّك ُ َ‬ ‫سا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫وَعَب َْقرِيّ ِ‬
‫كيييييييييييييييييييييييَرام ِ‬ ‫ل َوال ِ ْ‬ ‫جل َ ِ‬ ‫ك ِذي ال ْ َ‬ ‫َرب ّييييييييييييييييييييييي َ‬
‫هاتان الجنتان دون اللتين قبلهما فييي المرتبيية والفضيييلة‬
‫والمنزلة بنييص القييرآن‪ ,‬قييال اللييه تعييالى‪} :‬وميين دونهمييا‬
‫جنتان{ وقد تقدم في الحييديث‪ :‬جنتييان ميين ذهييب آنيتهمييا‬
‫وما فيهما وجنتان من فضة آنيتهمييا ومييا فيهمييا‪ ,‬فالوليييان‬
‫للمقربين والخرييان لصيحاب اليميين وقيال أبيو موسيى‪:‬‬
‫جنتييان ميين ذهييب للمقربييين وجنتييان ميين فضيية لصييحاب‬
‫اليمين وقال ابن عباس }ومن دونهما جنتان{ من دونهمييا‬
‫في الدرج‪ ,‬وقال ابن زيد‪ :‬من دونهما في الفضل‪ .‬والدليل‬
‫على شرف الوليييين علييى الخريييين وجييوه‪) :‬أحييدها( أنييه‬
‫نعت الوليين قبل هيياتين والتقييدم يييدل علييى العتنيياء ثييم‬
‫قال‪} :‬ومن دونهما جنتان{ وهذا ظاهر في شرف التقييدم‬
‫وعلييوه علييى الثيياني وقييال هنيياك }ذواتييا أفنييان{ وهييي‬
‫الغصان أو الفنون في الملذ‪ ,‬وقال ههنا }مييدهامتان{ أي‬
‫سوداوان من شدة الري من الميياء قييال ابيين عبيياس فييي‬
‫قوله }مدهامتان{ قد اسودتا من الخضرة من شدة الييري‬
‫من الماء‪ ,‬وقال ابن أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييو سييعيد الشييج‪,‬‬
‫حدثنا ابن فضيل‪ ,‬حدثنا عطاء بن السييائب عيين سييعيد بيين‬
‫جبير عن ابن عباس }مدهامتان{ قييال‪ :‬خضييراوان‪ .‬وروي‬
‫عن أبي أيوب النصاري وعبد الله بن الزبير وعبد الله بيين‬
‫أبي أوفى وعكرمة وسييعيد بيين جييبير ومجاهييد فييي إحييدى‬
‫الروايات وعطاء وعطية العوفي والحسن البصري‪ ,‬ويحيى‬
‫بن رافع وسفيان الثوري نحو ذلك‪ ,‬وقال محمييد بيين كعييب‬
‫}ميييدهامتان{ ممتلئتيييان مييين الخضيييرة‪ ,‬وقيييال قتيييادة‪:‬‬
‫خضراوان من الري ناعمتان ول شك في نضييارة الغصييان‬
‫علييييى الشييييجار المشييييتبكة بعضييييها فييييي بعييييض‪.‬‬
‫وقيييال هنييياك }فيهميييا عينيييان تجرييييان{ وقيييال ههنيييا‬
‫}نضاختان{ قال علي بن أبي طلحة عيين ابيين عبيياس‪ ,‬أي‬
‫فياضييتان والجييري أقييوى ميين النضييخ‪ ,‬وقييال الضييحاك‬

‫‪505‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}نضاختان{ أي ممتلئتان ول تنقطعان وقال هناك }فيهمييا‬
‫من كل فاكهة زوجان{ وقييال ههنييا }فيهمييا فاكهيية ونخييل‬
‫ورمان{ ول شك أن الولى أعم وأكثر في الفراد والتنويع‬
‫على فاكهة‪ ,‬وهي نكرة فييي سييياق الثبييات ل تعييم‪ ,‬ولهييذا‬
‫فسر قوله‪} :‬ونخل ورمان{ من باب عطف الخيياص علييى‬
‫العام كما قرره البخاري وغيره‪ ,‬وإنما أفرد النخل والرمان‬
‫بالذكر لشرفهما على غيرهما‪ ,‬قال عبييد بيين حميييد‪ :‬حييدثنا‬
‫يحيى بن عبد الحميد‪ ,‬حدثنا حصين بن عمر‪ ,‬حدثنا مخييارق‬
‫عن طارق بن شييهاب عيين عميير بيين الخطيياب قييال‪ :‬جيياء‬
‫أناس من اليهود إلى رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫فقالوا‪ :‬يا محمد أفي الجنة فاكهة ؟ قال‪» :‬نعم فيها فاكهة‬
‫ونخل ورمان« قالوا‪ :‬أفيييأكلون كمييا يييأكلون فييي الييدنيا ؟‬
‫قال »نعم وأضعاف« قالوا‪ :‬فيقضييون الحييوائج ؟ قييال »ل‬
‫ولكنهم يعرقون ويرشحون فيييذهب اللييه مييا فييي بطييونهم‬
‫من أذى« وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا الفضل بن‬
‫دكين‪ ,‬حدثنا سفيان عن حماد عن سعيد بن جبير عن ابيين‬
‫عباس قال‪ :‬نخل الجنة سييعفها كسييوة لهييل الجنيية‪ ,‬منهييا‬
‫مقطعاتهم ومنها حللهم وكريها ذهب أحمر وجذوعها زمرد‬
‫أخضر‪ ,‬وثمرها أحلى من العسل وألين من الزبد وليس له‬
‫عجم‪ ,‬وحدثنا أبي‪ ,‬حدثنا موسى بن إسماعيل‪ ,‬حدثنا حميياد‬
‫هو ابن سلمة عن أبي هارون عن أبييي سييعيد الخييدري أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬نظرت إلى الجنة‬
‫فييييإذا الرمانيييية ميييين رمانهييييا كييييالبعير المقتييييب«‪.‬‬
‫ثم قييال‪} :‬فيهيين خيييرات حسييان{ قيييل المييراد خيييرات‬
‫كثيرة حسنة في الجنيية قيياله قتييادة‪ ,‬وقيييل‪ :‬خيييرات جمييع‬
‫خيرة وهي المرأة الصالحة الحسنة الخلق الحسنة الييوجه‪,‬‬
‫قاله الجمهور‪ ,‬وروي مرفوعا ً عن أم سلمة‪ ,‬وفي الحييديث‬
‫لخر الذي سنورده في سورة الواقعة إن شاء الله تعييالى‬ ‫ا َ‬
‫أن الحور العين يغنين‪ :‬نحن الخيرات الحسان خلقنا لزواج‬
‫كييرام‪ ,‬ولهييذا قييرأ بعضييهم }فيهيين خيييرات{ بالتشييديد‬
‫}حسييان * فبييأي آلء ربكمييا تكييذبان{ ثييم قييال‪} :‬حييور‬
‫مقصييورات فييي الخيييام{ وهنيياك قييال‪} :‬فيهيين قاصييرات‬

‫‪506‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الطييرف{ ول شييك أن الييتي قييد قصييرت طرفهييا بنفسييها‬
‫أفضل ممن قصرت وإن كان الجميييع مخييدرات‪ ,‬قييال ابيين‬
‫أبي حاتم‪ :‬حدثنا عمرو بن عبد الله الودي‪ ,‬حدثنا وكيع بيين‬
‫سفيان عن جابر عن القاسم بن أبي بزة عيين أبييي عبيييدة‬
‫عن مسروق عن عبد الله بن مسعود قال‪ :‬إن لكل مسلم‬
‫خيرة ولكل خيرة خيمة‪ ,‬ولكل خيميية أربعيية أبييواب يييدخل‬
‫عليه كل يوم تحفة وكرامة وهدييية‪ ,‬لييم تكيين قبييل ذلييك ل‬
‫مرحييات ول طمحييات ول بخييرات ول ذفييرات‪ ,‬حييور عييين‬
‫كيأنهن بييض مكنييون‪ ,‬وقيوله تعيالى‪} :‬فييي الخييام{ قيال‬
‫البخاري‪ :‬حدثنا محمد بن المثنى‪ ,‬حدثنا عبد العزيز بن عبد‬
‫الصمد‪ ,‬حدثنا أبو عمران الجوني عن أبي بكر بن عبد الله‬
‫بن قيس عن أبيه أن رسول الليه صيلى الليه علييه وسيلم‬
‫قييال‪» :‬إن فييي الجنيية خيميية ميين لؤلييؤة مجوفيية عرضييها‬
‫لخريين‬ ‫سيتون ميل ً فيي كيل زاويية منهيا أهيل ميا ييرون ا َ‬
‫يطييوف عليهييم المؤمنييون« ورواه أيض يا ً ميين حييديث أبييي‬
‫ل‪ ,‬وأخرجييه مسييلم ميين حييديث‬ ‫عمران به وقال ثلثييون مي ً‬
‫أبي عمران به ولفظه »إن للمؤمنين في الجنة لخيمة ميين‬
‫ل‪ ,‬للمؤمن فيها أهل‬ ‫لؤلؤة واحدة مجوفة‪ ,‬طولها ستون مي ً‬
‫يطيييوف عليهيييم الميييؤمن فل ييييرى بعضيييهم بعضيييًا«‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا الحسن بن أبي الربيييع‪ ,‬حييدثنا‬
‫عبييد الييرزاق‪ ,‬أخبرنييا معميير عيين قتييادة‪ ,‬أخييبرني خليييد‬
‫العصري عن أبي الدرداء قال‪ :‬الخيمة لؤلييؤة واحييدة فيهييا‬
‫سبعون بابا ً ميين در‪ ,‬وحييدثنا أبييي‪ ,‬حييدثنا عيسييى بيين أبييي‬
‫فاطمة‪ ,‬حدثنا جرير عن هشام عن محمد بن المثنييى عيين‬
‫ابن عباس في قوله تعالى‪} ,‬حور مقصورات في الخيييام{‬
‫قال‪ :‬خيييام اللؤلييؤ‪ ,‬وفييي الجنيية خيميية واحييدة ميين لؤلييؤة‬
‫واحدة أربعة فراسخ في أربعة فراسييخ عليهييا أربعيية آلف‬
‫مصراع من ذهب‪ ,‬وقال عبد الله بن وهييب‪ :‬أخبرنييا عمييرو‬
‫أن دراجا ً أبا السمح حدثه عن أبي الهيثييم عيين أبييي سييعيد‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم قييال‪» :‬أدنييى أهييل الجنيية‬
‫منزلة الذي له ثمانون ألف خادم‪ ,‬واثنتان وسبعون زوجيية‪,‬‬
‫وتنصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت كمييا بييين الجابييية‬

‫‪507‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وصنعاء« ورواه الترمذي من حديث عمرو بن الحارث بييه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬لم يطمثهن إنس قبلهم ول جان{ قد تقدم‬
‫مثله سواء إل أنييه زاد فييي وصييف الوائل بقييوله‪} :‬كييأنهن‬
‫الييييياقوت والمرجييييان * فبييييأي آلء ربكمييييا تكييييذبان{‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬متكئييين علييى رفييرف خضيير وعبقييري‬
‫حسان{ قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس‪ :‬الرفييرف‬
‫المحييابس‪ ,‬وكييذا قييال مجاهييد وعكرميية والحسيين وقتييادة‬
‫والضحاك وغيرهم‪ :‬هييي المحييابس‪ ,‬وقييال العلء بيين بييدر‪:‬‬
‫الرفييوف علييى السييرير كهيئة المحييابس المتييدلي‪ .‬وقييال‬
‫عاصييم الجحييدري }متكئييين علييى رفييرف خضيير{ يعنييي‬
‫الوسائد وهو قول الحسن البصري في رواييية عنييه‪ ,‬وقييال‬
‫أبو داود الطيالسي عن شعبة عن أبي بشر عن سيعيد بيين‬
‫جبير في قوله تعالى‪} :‬متكئين على رفرف خضيير{ قييال‪:‬‬
‫الرفرف رياض الجنة‪ ,‬وقييوله تعييالى‪} :‬وعبقييري حسييان{‬
‫قييال ابيين عبيياس وقتييادة والضييحاك والسييدي‪ :‬العبقييري‬
‫الزرابي‪ ,‬وقال سعيد بيين جييبير هييي عتيياق الزرابييي يعنييي‬
‫جيادها‪ ,‬وقييال مجاهييد‪ :‬العبقييري الييديباج‪ ,‬وسييئل الحسيين‬
‫البصري عن قوله تعالى‪} :‬وعبقييري حسييان{ فقييال‪ :‬هييي‬
‫بسط أهل الجنة ل أبا لكم فاطلبوها‪ ,‬وعن الحسيين رواييية‬
‫أنها المرافق‪ ,‬وقال زيد بن أسلم‪ :‬العبقييري أحميير وأصييفر‬
‫وأخضر‪ ,‬وسئل العلء بن زيد عن العبقييري فقييال‪ :‬البسييط‬
‫أسييفل ميين ذلييك‪ .‬وقييال أبييو حييزرة يعقييوب بيين مجاهييد‪:‬‬
‫العبقري ميين ثييياب أهييل الجنيية ل يعرفييه أحييد‪ ,‬وقييال أبييو‬
‫العالية‪ :‬العبقري الطنافس المخمليية إلييى الرقيية مييا هييي‪,‬‬
‫وقال القيسي‪ :‬كل ثوب موشى عند العرب عبقري‪ ,‬وقييال‬
‫أبو عبيدة‪ :‬هو منسوب إلى أرض يعمل بها الوشييي‪ ,‬وقييال‬
‫الخليل بن أحمد‪ :‬كل شيء نفيس من الرجييال وغييير ذلييك‬
‫يسمى عند العرب عبقري يًا‪ ,‬ومنييه قييول النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم في عمر »فلم أَر عبقريا ً يفري فريييه« وعلييى‬
‫كل تقدير فصفة مرافق أهل الجنتين الوليين أرفع وأعلييى‬
‫من هذه الصفة فإنه قد قال هناك‪} :‬متكئييين علييى فييرش‬
‫بطائنها من إستبرق{ فنعت بطييائن فرشييهم وسييكت عيين‬

‫‪508‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ظهائرهييا اكتفيياء بمييا مييدح بييه البطييائن بطريييق الولييى‬
‫والحرى وتمام الخاتمة أنييه قييال بعييد الصييفات المتقدميية‬
‫}هييل جييزاء الحسييان إل الحسييان ؟{ فوصييف أهلهييا‬
‫بالحسان‪ ,‬وهو أعلى المراتب والنهايييات كمييا فييي حييديث‬
‫جبريل لما سأل عن السلم ثم اليمان ثم الحسان‪ ,‬فهذه‬
‫وجييوه عديييدة فييي تفضيييل الجنييتين الوليييين علييى هيياتين‬
‫الخريين‪ ,‬ونسأل الله الكريم الوهاب أن يجعلنييا ميين أهييل‬
‫الوليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييين‪.‬‬
‫ثم قال‪} :‬تبارك اسم ربك ذي الجلل والكييرام{ أي هييو‬
‫أهييل أن يجييل فل يعصييى‪ ,‬وأن يكييرم فيعبييد‪ ,‬ويشييكر فل‬
‫يكفر‪ ,‬وأن يذكر فل ينسى‪ ,‬وقال ابيين عبيياس }ذي الجلل‬
‫والكرام{ ذي العظمة والكبرياء‪ .‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا‬
‫موسى بن داود‪ ,‬حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن‬
‫عمير بن هانىء عن أبييي العيذراء عين أبيي اليدرداء قيال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬أجلييوا الليه يغفيير‬
‫لخيير »إن ميين إجلل اللييه إكييرام ذي‬ ‫لكم« وفي الحديث ا َ‬
‫الشيييبة المسييلم‪ ,‬وذي السييلطان‪ ,‬وحامييل القييرآن غييير‬
‫المغالي فيه ول الجييافي عنييه« وقييال الحييافظ أبييو يعلييى‪:‬‬
‫حدثنا أبو يوسف الحربي حدثنا مؤمل بن إسماعيل‪ ,‬حييدثنا‬
‫حماد‪ ,‬حدثنا حميد الطويل عن أنس أن رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪» :‬ألظوا بيا ذا الجلل والكرام« وكذا‬
‫رواه الترمييذي عيين محمييود بيين غيلن عيين مؤمييل بيين‬
‫إسماعيل عن حماد بن سلمة بييه‪ ,‬ثييم قييال غلييط المؤمييل‬
‫فيه وهو غريب وليس بمحفوظ‪ ,‬وإنما يروى هذا عن حماد‬
‫بن سلمة عن حميد عن الحسن عن النبي صلى الله عليييه‬
‫وسييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييلم‪.‬‬
‫وقد قال المام أحمد‪ :‬حدثنا إبراهيم بيين إسييحاق‪ ,‬حييدثنا‬
‫عبد الله بن المبارك عن يحيى بن حسييان المقدسييي عيين‬
‫ربيعة بن عامر قال‪ :‬سمعت رسول الله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسيييلم يقيييول‪» :‬ألظيييوا بيييذي الجلل والكيييرام« ورواه‬
‫النسييائي ميين حييديث عبييد اللييه بيين المبييارك بييه‪ ,‬وقييال‬
‫الجييوهري ألييظ فلن بفلن إذا لزمييه‪ ,‬وقييول ابيين مسييعود‬

‫‪509‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ألظو بياذا الجلل والكرام أي الزموا‪ ,‬يقييال‪ :‬اللظيياظ هييو‬
‫لخر‪ ,‬والله أعلم‪ ,‬وهييو‬‫اللحاح‪) .‬قلت( وكلهما قريب من ا َ‬
‫المداومة واللزوم واللحاح‪ .‬وفييي صييحيح مسييلم والسيينن‬
‫الربعة من حديث عبد الله بن الحارث عن عائشيية قييالت‪:‬‬
‫كان رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم إذا سييلم ل يقعييد‬
‫يعني بعد الصلة إل بقدر مييا يقييول‪» :‬اللهييم أنييت السييلم‬
‫ومنييييك السييييلم تبيييياركت يييييا ذا الجلل والكييييرام«‪.‬‬
‫آخر تفسير سورة الرحمن ولله الحمد والمنة‪.‬‬

‫سورة الواقعة‬
‫قال أبو إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس قال‪ :‬قال أبو‬
‫بكر‪ :‬يارسول الله قد شبت‪ ,‬قال »شيييبتني هييود والواقعيية‬
‫والمرسلت وعييم يتسيياءلون وإذا الشييمس كييورت« رواه‬
‫الترمذي وقال‪ :‬حسن غريب قال الحافظ ابن عساكر فييي‬
‫ترجمة عبد الله بن مسعود بسنده إلى عمرو بن الربيع بن‬
‫طارق المصري‪ :‬حدثنا السري بن يحيى الشيباني عن أبي‬
‫شجاع عن أبي ظبية قال‪ :‬مييرض عبييد اللييه مرضييه الييذي‬
‫توفي فيه‪ ,‬فعاده عثمان بن عفان فقال‪ :‬ماتشتكي ؟ قال‪:‬‬
‫ذنوبي‪ .‬قال‪ :‬فما تشتهي ؟ قال‪ :‬رحمة ربي‪ .‬قييال‪ :‬أل آميير‬
‫لك بطييبيب ؟ قييال‪ :‬الطييبيب أمرضييني‪ .‬قييال‪ :‬أل آميير لييك‬
‫بعطاء ؟ قال‪ :‬ل حاجة لي فيييه ؟ قييال‪ :‬يكييون لبناتييك ميين‬
‫بعدك‪ .‬قال‪ :‬أتخشى على بناتي الفقر ؟ إنيي أميرت بنياتي‬
‫يقرأن كل ليلة سورة الواقعيية‪ ,‬إنييي سييمعت رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬من قرأ سورة الواقعيية كييل‬
‫ليلة لم تصبه فاقة أبدًا« ثم قييال ابيين عسيياكر‪ :‬كييذا قييال‪,‬‬
‫والصواب عيين شييجاع كمييا رواه عبييد اللييه بيين وهييب عيين‬
‫السري‪ .‬وقال عبد الله بن وهب‪ :‬أخبرني السري بن يحيى‬
‫أن شجاعا ً حدثه عن أبي ظبية عن عبييد اللييه بيين مسييعود‬
‫قال‪ :‬سمعت رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم يقييول‪:‬‬
‫»من قرأ سورة الواقعيية كييل ليليية لييم تصييبه فاقيية أبييدًا«‬
‫فكان أبو ظبية ل يدعها‪ ,‬وكذا رواه أبو يعلييى عيين إسييحاق‬

‫‪510‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن إبراهيم عن محمد بن منيب عن السري بن يحيى عيين‬
‫شييييجاع عيييين أبييييي ظبييييية عيييين ابييين مسييييعود بيييه‪.‬‬
‫ثم رواه أبييو يعلييى عيين إسييحاق بيين أبييي إسييرائيل عيين‬
‫محمد بن منيب العدني عيين السييري بيين يحيييى عيين أبييي‬
‫ظبية عيين ابيين مسييعود أن رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم قال »من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لييم تصييبه‬
‫فاقة أبدًا« لم يذكر في مسنده شييجاعا ً قييال‪ :‬وقييد أمييرت‬
‫بناتي أن يقرأنها كل ليلة‪ .‬وقد رواه ابن عساكر أيض يا ً ميين‬
‫حديث حجاج بن نصير وعثمان بن اليمان عن السييري بيين‬
‫يحيى عن شجاع عن أبييي فاطميية قييال‪ :‬مييرض عبييد اللييه‬
‫فأتاه عثمان بن عفان يعوده‪ ,‬فذكر الحييديث بطييوله‪ ,‬قييال‬
‫عثمان بن اليمان‪ :‬كان أبو فاطمة هذا مولى لعلي بن أبييي‬
‫طييالب‪ .‬وقييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا عبييد الييرزاق‪ ,‬حييدثنا‬
‫إسرائيل ويحيى بن آدم‪ ,‬حييدثنا إسييرائيل عيين سييماك بيين‬
‫حرب أنه سمع جابر بيين سييمرة يقييول‪ :‬كييان رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم يصلي الصلوات كنحييو ميين صييلتكم‬
‫التي تصلون اليوم‪ ,‬ولكنه كان يخفف‪ ,‬وكانت صلته أخييف‬
‫من صلتكم‪ ,‬وكان يقييرأ فييي الفجيير الواقعيية ونحوهييا ميين‬
‫السيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييور‪.‬‬

‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫ة‬
‫ضي ٌ‬ ‫خافِ َ‬ ‫ة* َ‬ ‫كاذِب َي ٌ‬‫س ل ِوَقْعَت ِهَييا َ‬ ‫ة * ل َي ْي َ‬ ‫واقِعَ ي ُ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫ذا وَقَعَ ِ‬ ‫** إ ِ َ‬
‫سيا ً *‬ ‫ل بَ ّ‬ ‫جَبيا ُ‬ ‫ت ال ْ ِ‬ ‫سي ِ‬ ‫جيا ً * وَب ُ ّ‬ ‫ض َر ّ‬ ‫ت الْر ُ‬ ‫جي ِ‬ ‫ذا ُر ّ‬ ‫ة * إِ َ‬ ‫ّرافَِعي ٌ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫حا ُ‬‫صيي َ‬‫ة * فَأ َ ْ‬ ‫م أْزَواجييا ً ث َل ََثيي ً‬ ‫كنُتيي ْ‬‫منب َّثييا ً * وَ ُ‬ ‫ت هََبييآًء ّ‬ ‫كييان َ ْ‬ ‫فَ َ‬
‫َ‬ ‫ال ْميمن ية مييآ أ َ‬
‫مييآ‬‫مة ِ َ‬‫ش يأ َ‬ ‫ب ال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫حا ُ‬ ‫صي َ‬ ‫من َيةِ * وَأ ْ‬ ‫ب ال ْ َ‬
‫مي ْ َ‬ ‫حا ُ‬ ‫صي َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ َ ِ َ‬
‫ُ‬
‫ن * أوَْلـييئ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫سيياب ُِقو َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫سيياب ُِقو َ‬‫مةِ * َوال ّ‬ ‫شييأ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ َ‬‫حا ُ‬ ‫صيي َ‬ ‫أ ْ‬
‫ت الن ِّعيييييييييييم ِ‬ ‫جّنييييييييييا ِ‬ ‫ن * ِفييييييييييي َ‬ ‫مَقّرُبييييييييييو َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫الواقعة من أسييماء يييوم القياميية سييميت بييذلك لتحقييق‬
‫كونها ووجودها كما قال تعالى‪} :‬فيومئذ وقعييت الواقعيية{‬
‫قوله تعالى‪} :‬ليس لوقعتها كاذبيية{ أي ليييس لوقوعهييا إذا‬

‫‪511‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أراد الله كونها صارف يصرفها ول دافع يييدفعها كمييا قييال‪:‬‬
‫}استجيبوا لربكم ميين قبييل أن يييأتي يييوم ل مييرد لييه ميين‬
‫الله{ وقال }سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين ليس لييه‬
‫دافع{ وقال تعالى }ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله‬
‫الملك يوم ينفخ فييي الصييور عييالم الغيييب والشييهادة وهييو‬
‫الحكيم الخبير{‪ .‬ومعنى }كاذبة{ كما قال محمد بن كعييب‬
‫لبد أن تكون‪ ,‬وقال قتادة‪ :‬ليس فيها مثنوية ول ارتييداد ول‬
‫رجعة قال ابن جرير‪ :‬والكاذبيية مصييدر كالعاقبيية والعافييية‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬خافضيية رافعية{ أي تخفيض أقواميا ً إلييى‬
‫أسفل سافلين إلى الجحيم‪ ,‬وإن كييانوا فييي الييدنيا أعييزاء‪,‬‬
‫وترفع آخرين إليى أعليى علييين إليى النعييم المقييم‪ ,‬وإن‬
‫كانوا في الدنيا وضعاء‪ ,‬هكذا قال الحسن وقتادة وغيرهما‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي حدثنا يزيد بن عبد الرحميين‬
‫بن مصعب المعني‪ ,‬حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسييي‬
‫عن أبيه عن سماك عن عكرمة عن ابين عبياس }خافضية‬
‫رافعة{ تخفييض أقواميا ً وترفييع آخرييين‪ ,,‬وقييال عبيييد اللييه‬
‫العتكي عن عثمان بن سراقة ابن خالة عمر بيين الخطيياب‬
‫}خافضة رافعة{ قيال‪ :‬السياعة خفضيت أعيداء الليه إليى‬
‫النار ورفعت أولياء الله إلى الجنة‪ .‬وقال محمد بيين كعييب‪:‬‬
‫تخفض رجال ً كانوا في الدنيا مرتفعين‪ ,‬وترفع رجييال ً كييانوا‬
‫في الدنيا مخفوضين‪ ,‬وقييال السييدي‪ :‬خفضييت المتكييبرين‬
‫ورفعييت المتواضييعين‪ ,‬وقييال العييوفي عيين ابيين عبيياس‬
‫}خافضة رافعة{ أسمعت القريب والبعيد‪ ,‬وقييال عكرميية‪:‬‬
‫خفضت فأسمعت الدنى‪ ,‬ورفعت فأسمعت القصى‪ ,‬وكذا‬
‫قيييييييييييييييييال الضيييييييييييييييييحاك وقتيييييييييييييييييادة‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬إذا رجت الرض رجًا{ أي حركت تحريك يا ً‬
‫فيياهتزت واضييطربت بطولهييا وعرضييها‪ ,‬ولهييذا قييال ابيين‬
‫عباس ومجاهد وقتادة وغير واحييد فييي قييوله تعييالى‪} :‬إذا‬
‫ل‪ ,‬وقييال الربيييع بيين‬ ‫رجييت الرض رج يًا{ أي زلزلييت زلييزا ً‬
‫أنس‪ :‬ترج بما فيهييا كييرج الغربييال بمييا فيييه‪ ,‬وهييذا كقييوله‬
‫تعالى‪} :‬إذا زلزلت الرض زلزالها{ وقال تعالى‪} :‬يييا أيهييا‬
‫الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم{‪ .‬وقييوله‬

‫‪512‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تعييالى‪} :‬وبسييت الجبييال بسيًا{ أي فتتييت فتيًا‪ ,‬قيياله ابيين‬
‫عباس ومجاهد وعكرمة وقتييادة وغيرهييم‪ ,‬وقييال ابيين زيييد‬
‫ل{‪.‬‬ ‫صييارت الجبييال كمييا قييال اللييه تعييالى‪} :‬كثيبييا ً مهي ً‬
‫وقوله تعالى‪} :‬فكانت هباء منبثًا{ قال أبييو إسييحاق عيين‬
‫الحارث عن علي رضي الله عنه‪ :‬هباء منبث يا ً كرهييج الغبييار‬
‫يسطع ثم يذهب فل يبقى منه شيييء‪ ,‬وقييال العييوفي عيين‬
‫ابن عباس في قوله }فكانت هباء منبثًا{ الهباء الذي يطير‬
‫من النار إذا اضطرمت يطير منه الشرر فإذا وقع لم يكيين‬
‫شيئًا‪ ,‬وقال عكرمة‪ :‬المنبث الييذي قييد ذرتييه الريييح وبثتييه‪.‬‬
‫وقييال قتييادة }هبيياء منبث يًا{ كيييبيس الشييجر الييذي تييذروه‬
‫لية كأخواتها الدالة علييى زوال الجبييال عيين‬ ‫الرياح‪ .‬وهذه ا َ‬
‫أماكنها يوم القيامة وذهابها وتسييرها ونسييفها وصيييرورتها‬
‫كييييييييييييييييييييييييييييالعهن المنفييييييييييييييييييييييييييييوش‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وكنتييم أزواجيا ً ثلثيية{ أي ينقسييم النيياس‬
‫يوم القيامة إلى ثلثة أصناف‪ :‬قوم عن يمين العرش‪ .‬وهم‬
‫الذين خرجوا من شق آدم اليمن‪ ,‬ويؤتون كتبهم بأيمييانهم‬
‫ويؤخذ بهم ذات اليمين‪ ,‬وقال السيدي‪ :‬وهيم جمهيور أهيل‬
‫الجنة‪ ,‬وآخرون عن يسار العرش وهم الييذين خرجييوا ميين‬
‫شق آدم اليسر ويؤتون كتبهم بشييمالهم ويؤخييذ بهييم ذات‬
‫الشمال وهم عامة أهل النار ي عياذا ً بييالله ميين صيينيعهم ي ي‬
‫وطائفة سابقون بين يديه عز وجييل‪ ,‬وهييم أخييص وأحظييى‬
‫وأقييرب ميين أصييحاب اليمييين الييذين هييم سييادتهم‪ ,‬فيهييم‬
‫الرسل والنبياء والصديقون والشهداء‪ ,‬وهم أقل عددا ً مين‬
‫أصحاب اليمين‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬فأصييحاب الميمنيية مييا‬
‫أصحاب الميمنة * وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة‬
‫* والسابقون السابقون{ وهكذا قسمهم إلى هييذه النييواع‬
‫الثلثة في آخر السورة وقييت احتضييارهم‪ ,‬وهكييذا ذكرهييم‬
‫في قوله تعالى‪} :‬ثم أورثنييا الكتيياب الييذين اصييطفينا ميين‬
‫عبادنا فمنهم ظالم لنفسييه ومنهييم مقتصييد ومنهييم سييابق‬
‫لية‪ .‬وذلييك علييى أحييد القييولين فييي‬ ‫بالخيرات بإذن الله{ ا َ‬
‫الظالم لنفسه كما تقيدم بييانه‪ ,‬قيال سيفيان الثيوري عين‬
‫جابر الجعفي عن مجاهد عن ابن عباس في قوله‪} :‬وكنتم‬

‫‪513‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أزواجا ً ثلثة{ قال‪ :‬هي التي في سورة الملئكة }ثم أورثنا‬
‫الكتاب الذين اصييطفينا ميين عبادنييا فمنهييم ظييالم لنفسييه‬
‫ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات{‪ .‬وقييال ابيين جريييج‬
‫عن ابن عباس‪ :‬هييذه الزواج الثلثيية هييم المييذكورون فييي‬
‫آخر السورة وفي سورة الملئكيية‪ ,‬وقييال يزيييد الرقاشييي‪:‬‬
‫سألت ابن عباس عن قوله‪} :‬وكنتييم أزواج يا ً ثلثيية{ قييال‪:‬‬
‫أصنافا ً ثلثة‪ .‬وقال مجاهد }وكنتم أزواجا ً ثلثة{ يعني فرقا ً‬
‫ثلثة‪ .‬وقال ميمون بن مهييران‪ :‬أفواج يا ً ثلثيية‪ ,‬وقييال عبيييد‬
‫الله العتكي عيين عثمييان بيين سييراقة ابيين خاليية عميير بيين‬
‫الخطاب }وكنتم أزواجا ً ثلثة{ اثنان في الجنة وواحييد فييي‬
‫النار‪ .‬وقال ابن أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييي‪ ,‬حييدثنا محمييد بيين‬
‫الصباح‪ ,‬حدثنا الوليد بن أبي ثور عن سييماك عيين النعمييان‬
‫بن بشير قال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫}وإذا النفوس زوجت{ قال‪ :‬الضرباء‪ ,‬كييل رجييل ميين كييل‬
‫قييوم كييانوا يعملييون عمليه‪ ,‬وذلييك بييأن الليه تعييالى يقييول‬
‫}وكنتييم أزواجييا ً ثلثيية * فأصييحاب الميمنيية مييا أصييحاب‬
‫الميمنييية وأصيييحاب المشيييأمة ميييا أصيييحاب المشيييأمة‬
‫والسيييييابقون السيييييابقون{ قيييييال‪ :‬هيييييم الضيييييرباء‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا محمد بن عبد الله بيين المثنييى‪,‬‬
‫حدثنا البراء الغنوي‪ ,‬حدثنا الحسن عيين معيياذ بيين جبييل أن‬
‫لية }وأصييحاب‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم تل هذه ا َ‬
‫اليمين ما أصحاب اليمين ‪ ..‬وأصحاب الشمال ما أصييحاب‬
‫الشييمال{ فقبييض بيييده قبضييتين فقييال‪» :‬هييذه للجنيية ول‬
‫أبالي وهذه للنار ول أبالي« وقال المام أحمد أيضًا‪ :‬حييدثنا‬
‫حسن‪ :‬حدثنا ابن لهيعة‪ ,‬حدثنا خالييد بيين أبييي عمييران عيين‬
‫القاسم بن محمد عن عائشة عن رسييول الليه صيلى الليه‬
‫عليه وسلم أنه قال‪» :‬أتدرون من السابقون إلى ظل الله‬
‫يوم القيامة ؟ قالوا‪ :‬الله ورسوله أعلم‪ .‬قييال‪» :‬الييذين إذا‬
‫أعطييوا الحييق قبلييوه وإذا سييئلوه بييذلوه وحكمييوا للنيياس‬
‫كحكمهييم لنفسييهم« وقييال محمييد بيين كعييب وأبييو حييرزة‬
‫ويعقوب بن مجاهد }والسييابقون السييابقون{ هييم النبييياء‬
‫عليهم السلم‪ .‬وقال السدي‪ :‬هم أهييل عليييين‪ ,‬وقييال ابيين‬

‫‪514‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبييي نجيييح عيين مجاهييد عيين ابيين عبيياس }والسييابقون‬
‫السابقون{ قال‪ :‬يوشع بن نون‪ ,‬سبق إلى موسى ومؤمن‬
‫آل يس‪ ,‬سبق إلى عيسى وعلي بن أبي طالب سبق إلييى‬
‫محمد رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪ .‬رواه ابيين أبييي‬
‫حيياتم عيين محمييد بيين هييارون الفلس عيين عبييد اللييه بيين‬
‫إسييماعيل المييدائني الييبزار‪ ,‬عيين شييعيب بيين الضييحاك‬
‫المدائني عن سييفيان بيين عيينيية عيين ابيين أبييي نجيييح بييه‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم وذكر عن محمد بن أبي حماد‪ :‬حييدثنا‬
‫مهران عن خارجة عن قرة عن ابن سيييرين }والسييابقون‬
‫السابقون{ الذين صلوا إلى القبلتين ورواه ابن جريير مين‬
‫حييديث خارجيية بييه‪ .‬وقييال الحسيين وقتييادة }والسييابقون‬
‫السابقون{ أي من كل أمة‪ ,‬وقال الوزاعي عن عثمان بن‬
‫لية }والسابقون السابقون أولئك‬ ‫أبي سودة أنه قرأ هذه ا َ‬
‫المقربون{ ثم قييال‪ :‬أولهييم رواح يا ً إلييى المسييجد وأولهييم‬
‫خروجا ً في سبيل الله‪ ,‬وهييذه القييوال كلهييا صييحيحة فييإن‬
‫المراد بالسابقين هم المبييادرون إلييى فعييل الخيييرات كمييا‬
‫أمروا‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬وسارعوا إلييى مغفييرة ميين ربكييم‬
‫وجنة عرضها السموات والرض{ وقييال تعييالى‪} :‬سييابقوا‬
‫إلييى مغفييرة ميين ربكييم وجنيية عرضييها كعييرض السييماء‬
‫والرض{ وقال فمن سييابق فييي هييذه الييدنيا وسييبق إلييى‬
‫لخييرة ميين السييابقين إلييى الكراميية‪ ,‬فييإن‬ ‫الخير كان في ا َ‬
‫الجزاء ميين جنييس العمييل‪ ,‬وكمييا تييدين تييدان‪ ,‬ولهييذا قيال‬
‫تعالى‪} :‬أولئك المقربون‪ ,‬في جنييات النعيييم{‪ .‬وقييال ابيين‬
‫أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييي‪ :‬حييدثنا يحيييى بيين زكريييا الفييزاري‬
‫الرازي‪ ,‬حدثنا خارجة بن مصعب عيين زيييد بيين أسييلم عيين‬
‫عطيياء بيين يسييار‪ ,‬عيين عبييد اللييه بيين عمييرو قييال‪ :‬قييالت‬
‫الملئكيية يييا رب جعلييت لبنييي آدم الييدنيا فهييم يييأكلون‬
‫لخييرة‪ ,‬فقييال‪ :‬ل أفعييل‪,‬‬ ‫ويشربون ويتزوجون فاجعيل لنييا ا َ‬
‫فراجعوا ثلثا ً فقال‪ :‬ل أجعل من خلقت بيدي كمن قلت له‬
‫كن فيكون‪ .‬ثم قرأ عبد الله }والسابقون السييابقون أولئك‬
‫المقربون في جنيات النعييم{ وقيد روى هيذا الثير الميام‬
‫عثمان بن سعيد الييدارمي فييي كتييابه الييرد علييى الجهمييية‬

‫‪515‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ولفظه‪ :‬فقال الله عيز وجيل‪ :‬لين أجعيل صيالح ذريية مين‬
‫خلقييييت بيييييدي كميييين قلييييت لييييه كيييين فيكييييون‪.‬‬

‫سيُرٍر‬ ‫ى ُ‬ ‫َ‬ ‫ن ال َ ِ‬ ‫ن * وَقَِليي ٌ‬ ‫** ث ُل ّ ٌ‬


‫ن * عَلي َ‬ ‫ريي َ‬ ‫خ ِ‬ ‫مي َ‬ ‫ل ّ‬ ‫ن الوِّليي َ‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬
‫ن‬ ‫دا ٌ‬ ‫م وِل ْ َ‬ ‫ف عَل َي ْهِ ْ‬ ‫طو ُ‬ ‫ن * يَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ن عَل َي َْها ُ‬
‫مت ََقاب ِِلي‬ ‫مت ّك ِ َِئي َ‬‫ضون َةٍ * ّ‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫ّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن * لّ‬ ‫مِعييي ٍ‬ ‫ميين ّ‬ ‫س ّ‬ ‫كييأ ٍ‬ ‫ب وَأَبيياِريقَ وَ َ‬ ‫وا ٍ‬ ‫ن * ِبييأك ْ َ‬ ‫دو َ‬ ‫خّليي ُ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫ن*‬ ‫خّيييُرو َ‬ ‫مييا ي َت َ َ‬ ‫م ّ‬‫ن * وََفاك َِهييةٍ ّ‬ ‫َ‬
‫ن عَن َْهييا وَل ُينزُِفييو َ‬ ‫عو َ‬ ‫صييد ّ ُ‬ ‫يُ َ‬
‫َ‬
‫ل الل ّؤْل ُي ِ‬
‫ؤ‬ ‫مث َييا ِ‬ ‫ن * ك َأ ْ‬ ‫عيي ٌ‬ ‫حييوٌر ِ‬ ‫ن * وَ ُ‬ ‫شيت َُهو َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫م ّ‬‫حم ِ ط َي ْرٍ ّ‬ ‫وَل َ ْ‬
‫ن ِفيهَييا‬ ‫مُعو َ‬ ‫سي َ‬ ‫ن * ل َ يَ ْ‬ ‫مل ُييو َ‬ ‫مييا ك َيياُنوا ْ ي َعْ َ‬ ‫جيَزآًء ب ِ َ‬ ‫ن* َ‬ ‫ِ‬ ‫مك ُْنو‬ ‫ال ْ َ‬
‫لما ً‬ ‫ْ‬
‫سييييييي َ‬ ‫لما ً َ‬ ‫سييييييي َ‬ ‫ل َْغيييييييوا ً وَل َ ت َأِثيميييييييا ً * إ ِل ّ ِقيل ً َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن هييؤلء السييابقين المقربييين أنهييم‬
‫لخرين‪ ,‬وقد اختلفوا‬ ‫ثلة أي جماعة من الولين وقليل من ا َ‬
‫لخرين فقييل‪ :‬الميراد بيالولين‬ ‫في المراد بقوله الولين وا َ‬
‫لخرين هييذه الميية‪ ,‬وهييذا رواييية عيين‬ ‫المييم الماضييية وبييا َ‬
‫مجاهد والحسن البصري‪ ,‬رواها عنهما ابن أبي حاتم‪ :‬وهييو‬
‫اختيار ابن جرير واستأنس بقوله صلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫لخرون السابقون يوم القيامة« ولم يحك غيره ول‬ ‫»نحن ا َ‬
‫عزاه إلييى أحييد‪ ,‬وممييا يسييتأنس بييه لهييذا القييول مييا رواه‬
‫المام أبو محمد بن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا محمد بيين‬
‫عيسييى بيين الطبيياع‪ ,‬حييدثنا شييريك عيين محمييد بيين عبييد‬
‫الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال‪ :‬لما نزلت }ثليية ميين‬
‫لخرين{ شق ذلك على أصحاب النييبي‬ ‫الولين وقليل من ا َ‬
‫صلى الله عليه وسلم فنزلت }ثلة ميين الولييين وثليية ميين‬
‫لخرين{ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪» :‬إنييي لرجييو‬ ‫ا َ‬
‫أن تكونوا ربع أهل الجنة ثلث أهل الجنيية‪ ,‬بييل أنتييم نصييف‬
‫أهييل الجنيية أو شييطر أهييل الجنيية وتقاسييمونهم النصييف‬
‫الثاني« ورواه المام أحمد عن أسود بن عامر عن شييريك‬
‫عن محمد بياع الملء عيين أبيييه عيين أبييي هريييرة فييذكره‪.‬‬
‫وقد روي من حديث جابر نحييو هييذا‪ ,‬ورواه الحييافظ ابيين‬
‫عساكر من طريق هشام بن عمييارة‪ ,‬حييدثنا عبييد ربييه بيين‬
‫صالح عن عروة بن رويم عن جابر بن عبد الله عيين النييبي‬

‫‪516‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬لما نزلت »إذا وقعت الواقعة« ذكر‬
‫لخرييين« قييال عميير‪ :‬يييا‬ ‫فيها »ثلة من الولين وقليل من ا َ‬
‫رسول الله ثلة من الولين وقليل منا ؟ قال‪ :‬فأمسك آخيير‬
‫لخرييين{‬ ‫السورة سنة ثم نزل }ثلة من الولين وثلة ميين ا َ‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬يييا عميير تعييال‬
‫فاسييمع مييا قييد أنييزل اللييه }ثليية ميين الولييين وثليية ميين‬
‫لخرييين{ أل وإن ميين آدم إلييي ثليية وأمييتي ثليية‪ ,‬وليين‬ ‫ا َ‬
‫نستكمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان من رعاة البل ممن‬
‫شهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له« هكذا أورده فييي‬
‫ترجمة عروة بين روييم إسينادا ً ومتنيًا‪ ,‬ولكين فيي إسيناده‬
‫نظر‪ ,‬وقد وردت طييرق كييثيرة متعييددة بقييوله صييلى اللييه‬
‫عليييه وسييلم‪» :‬إنييي لرجييو أن تكونييوا ربييع أهييل الجنيية«‬
‫الحديث بتمامه وهو مفييرد فييي صييفة الجنيية‪ ,‬وللييه الحمييد‬
‫والمنة‪ .‬وهذا الذي اختاره ابن جرير ههنا فيه نظيير بييل هييو‬
‫قول ضعيف‪ ,‬لن هذه المة هي خير المييم بنييص القييرآن‪,‬‬
‫فيبعد أن يكون المقربون في غيرها أكثر منها‪ ,‬اللهم إل أن‬
‫يقابل مجموع المم بهذه المة‪ ,‬والظاهر أن المقربين ميين‬
‫هؤلء أكثر من سائر المم والله أعلم‪ .‬فالقول الثيياني فييي‬
‫هذا المقام هو الراجح‪ ,‬وهو أن يكون المراد بقوله تعييالى‪:‬‬
‫}ثلة من الولين{ أي ميين صييدر هييذه الميية }وقليييل ميين‬
‫لخريييييييييييين{ أي مييييييييييين هيييييييييييذه المييييييييييية‪.‬‬‫ا َ‬
‫قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا الحسن بن محمد بيين الصييباح‪,‬‬
‫حييدثنا عفييان‪ ,‬حيدثنا عبييد الليه بين بكير المزنييي‪ ,‬سيمعت‬
‫لييية }والسييابقون السييابقون *‬ ‫الحسيين أتييى علييى هييذه ا َ‬
‫أولئك المقربون{ فقال‪ :‬أما السابقون فقييد مضييوا ولكيين‬
‫اللهم اجعلنا من أصحاب اليمين‪ .‬ثم قال‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا‬
‫أبييو الوليييد‪ ,‬حييدثنا السييري بيين يحيييى قييال‪ :‬قييرأ الحسيين‬
‫}والسييابقون السييابقون * أولئك المقربييون فييي جنييات‬
‫النعيم * ثلة من الولين{ قال ثليية مميين مضييى ميين هييذه‬
‫المة‪ ,‬وحدثنا أبي حدثنا عبد العزيز بيين المغيييرة المنقييري‬
‫لية‬‫حدثنا أبو هلل عن محمد بن سيرين أنه قال في هذه ا َ‬
‫لخرين{ قال‪ :‬كانوا يقولون‬ ‫}ثلة من الولين * وقليل من ا َ‬

‫‪517‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أو يرجييون أن يكونييوا كلهييم ميين هييذه الميية‪ ,‬فهييذا قييول‬
‫الحسن وابن سيرين أن الجميع ميين هييذه الميية‪ ,‬ول شييك‬
‫لييية‬‫أن أول كل أميية خييير ميين آخرهييا‪ ,‬فيحتمييل أن تعييم ا َ‬
‫جميييع المييم كييل أمية بحسييبها‪ ,‬ولهييذا ثبيت فيي الصييحاح‬
‫وغيرها من غير وجه أن رسول الله صلى الله عليه وسييلم‬
‫قييال‪» :‬خييير القييرون قرنييي ثييم الييذين يلييونهم ثييم الييذين‬
‫يلونهم« الحديث بتمامه‪ .‬فأمييا الحييديث الييذي رواه المييام‬
‫أحمد‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬حدثنا زياد أبو عمر عن الحسيين‬
‫عن عمار بن ياسر قال‪ :‬قال رسول الله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسييلم‪» :‬مثييل أمييتي مثييل المطيير ل يييدرى أولييه خييير أم‬
‫آخره« فهذا الحديث‪ ,‬بعد الحكم بصييحة إسييناده‪ ,‬محمييول‬
‫على أن الدين كما هو محتاج إلى أول المة في إبلغه إلى‬
‫من بعدهم‪ ,‬كذلك هو محتاج إلى القائمين به فييي أواخرهييا‬
‫وتثبيت النيياس علييى السيينة وروايتهييا وإظهارهييا‪ ,‬والفضييل‬
‫للمتقدم وكذلك الزرع هو محتاج إلييى المطيير الول وإلييى‬
‫المطر الثاني‪ ,‬ولكن العمييدة الكييبرى علييى الول واحتييياج‬
‫الزرع إليه آكد‪ ,‬فييإنه لييوله مييا نبييت فييي الرض ول تعلييق‬
‫أساسه فيها ولهذا قال عليه السلم »ل تييزال طائفيية ميين‬
‫أمتي ظاهرين على الحييق ل يضييرهم ميين خييذلهم ول ميين‬
‫خالفهم إلى قيام الساعة« وفي لفظ »حتى يأتي أمر الله‬
‫تعالى وهيم كيذلك« والغيرض أن هيذه المية أشيرف مين‬
‫سائر المم‪ ,‬والمقربون فيها أكثر من غيرها وأعلى منزليية‬
‫لشرف دينها وعظم نبيها‪ ,‬ولهذا ثبت بييالتواتر عيين رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسييلم‪ ,‬أنييه أخييبر أن فييي هييذه الميية‬
‫سبعين ألفا ً يدخلون الجنة بغير حساب وفي لفظ »مع كل‬
‫ألف سبعون ألفا ً ي وفي آخر ي مع كل واحييد سييبعون ألف يًا‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبييو القاسييم الطييبراني‪ :‬حييدثنا هشييام بيين‬
‫يزيد الطبراني‪ ,‬حدثنا محمد هو ابن إسماعيل بيين عييياش‪,‬‬
‫حدثني أبي‪ ,‬حدثني ضمضم يعني ابن زرعة عن شريح هييو‬
‫ابن عبيد‪ ,‬عن أبي مالك قال‪ :‬قال رسول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬أما والييذي نفسييي بيييده ليبعثيين منكييم يييوم‬
‫القيامة مثل الليل السود زمرة جميعهييا يحيطييون الرض‪,‬‬

‫‪518‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تقول الملئكة لما جاء مع محمييد صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫أكثر مما جاء مع النبياء عليهم السييلم« وحسيين أن يييذكر‬
‫ههنييا عنييد قييوله تعييالى‪} :‬ثليية ميين الولييين وقليييل ميين‬
‫لخرين{ الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البيهقي فييي‬ ‫ا َ‬
‫دلئل النبوة حيث قال‪ :‬أخبرنا أبو نصيير بيين قتييادة‪ ,‬أخبرنييا‬
‫أبو عمرو بن مطر‪ ,‬أخبرنا جعفر بن محمد بن المسييتفاض‬
‫الفريابي‪ ,‬حدثني أبو وهب الوليد بن عبد الملييك بيين عبيييد‬
‫الله بن مسرح الحراني‪ ,‬حدثنا سليمان بن عطاء القرشي‬
‫الحراني عن مسلمة بن عبد الله الجهنييي‪ ,‬عيين عمييه أبييي‬
‫مشجعة بن ربعي عن ابي زمييل الجهنييي رضييي اللييه عنييه‬
‫قال‪ :‬كان رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم إذا صييلى‬
‫الصبح يقول وهو ثان رجليه »سبحان الله وبحمده أستغفر‬
‫الله إن الله كان توابًا« سييبعين مييرة ثييم يقييول‪» :‬سييبعين‬
‫بسبعمائة ل خير لمن كانت ذنوبه في يوم واحييد أكييثر ميين‬
‫سبعمائة« ثم يقول ذلك مرتين ثم يستقبل الناس بييوجهه‪.‬‬
‫وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبه الرؤيييا ثييم‬
‫يقول »هل رأى أحد منكم شيئا ً ؟« قال ابييو زمييل‪ :‬فقلييت‬
‫أنا يا رسول الله‪ ,‬فقال »خير تلقاه‪ ,‬وشر توقاه‪ ,‬وخير لنا‪,‬‬
‫وشر على أعدائنا الحمد لله رب العالمين اقصص رؤياك«‬
‫فقلت‪ :‬رأيت جميع الناس على طريق رحييب سييهل لحييب‬
‫والناس على الجادة منطلقين‪ ,‬فبينما هم كييذلك إذ أشييفى‬
‫ذلك الطريق على مييرج لييم تيير عينييي مثلييه‪ ,‬يييرف رفيفيا ً‬
‫يقطر ماؤه فيه من أنواع الكل‪ ,‬قال وكأني بالرعلة الولييى‬
‫حييين أشييفوا علييى المييرج كييبروا ثييم أكبييوا رواحلهييم فييي‬
‫ل‪ ,‬قييال فكييأني أنظيير‬‫الطريق‪ ,‬فلم يظلموه يمينا ً ول شييما ً‬
‫إليهم منطلقين‪ ,‬ثم جاءت الرعلة الثانية‪ ,‬وهييم أكييثر منهيم‬
‫أضعافا ً فلما أشفوا على المرج كييبروا ثييم أكبييوا رواحلهييم‬
‫لخذ الضييغث‪ ,‬ومضييوا‬ ‫في الطريق‪ ,‬فمنهم المرتع ومنهم ا َ‬
‫على ذلك‪ ,‬قال ثم قيدم عظيم النيياس‪ ,‬فلميا أشييفوا عليى‬
‫المرج كبروا وقالوا هييذا خييير المنييزل‪ ,‬كييأني أنظيير إليهييم‬
‫ل‪ ,‬فلما رأيت ذلك لزمت الطريق حييتى‬ ‫يميلون يمينا ً وشما ً‬
‫آتي أقصى المرج‪ ,‬فإذا أنا بك يا رسول الله على منبر فيه‬

‫‪519‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سبع درجات وأنت في أعلها درجة‪ ,‬وإذا عن يمينييك رجييل‬
‫آدم شثل أقنى إذا هو تكلييم يسييمو فيقييرع الرجييال طييو ً‬
‫ل‪,‬‬
‫وإذا عن يسارك رجييل ربييع بيياز كييثير خيلن الييوجه‪ ,‬كأنمييا‬
‫حمم شعره بالميياء إذا هييو تكلييم أصييغيتم إكراميا ً لييه‪ ,‬وإذا‬
‫أمام ذلك رجل شيخ أشبه النيياس بييك خلقيا ً ووجهيا ً كلكييم‬
‫تأمونه تريدونه وإذا أمييام ذلييك ناقيية عجفيياء شييارف‪ ,‬وإذا‬
‫أنيييييييت ييييييييا رسيييييييول الليييييييه كأنيييييييك تبعثهيييييييا‪.‬‬
‫قال‪ :‬فامتقع لييون رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫ساعة ثم سري عنه‪ ,‬وقييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬أما ما رأيت من الطريق السهل الرحب اللحييب‪,‬‬
‫فذاك ما حملتكم عليه من الهدى وأنتم عليه‪ ,‬وأمييا المييرج‬
‫الذي رأيت فالدنيا وغدارة عيشها‪ ,‬مضيت أنا وأصحابي لم‬
‫نتعلق منها بشيء ولم تتعلق منا ولم نردها ولم تردنييا‪ ,‬ثييم‬
‫جيياءت الرعلية الثانييية ميين بعييدنا وهييم أكيثر منييا أضييعافًا‪,‬‬
‫لخذ الضغث ونجييوا علييى ذلييك‪ ,‬ثييم‬ ‫فمنهم المرتع ومنهم ا َ‬
‫جاء عظم الناس فمالوا في المرج يمينا ً وشييمال ً فإنييا للييه‬
‫وإنا إليه راجعون‪ .‬وأما أنت فمضيت على طريقيية صيالحة‪,‬‬
‫فلن تزال عليها حتى تلقاني‪ ,‬وأما المنبر الييذي رأيييت فيييه‬
‫سبع درجات وأنا في أعلها درجة فالدنيا سبعة آلف سنة‪,‬‬
‫أنا في آخرها ألفًا‪ ,‬وأمييا الرجييل الييذي رأيييت علييى يمينييي‬
‫لدم الشثل فييذلك موسييى عليييه السييلم‪ ,‬إذا تكلييم يعلييو‬ ‫ا َ‬
‫الرجال بفضل كلم الله إياه‪ ,‬والذي رأيت عن يساري الباز‬
‫الربعة الكثير خيلن الوجه كأنما حمم شعره بالماء‪ ,‬فييذلك‬
‫عيسى بن مريم نكرمه لكرام الله إياه‪ ,‬وأما الشيخ الييذي‬
‫رأيت أشبه الناس بي خلقا ً ووجها ً فذاك أبونا إبراهيم كلنييا‬
‫نؤمه ونقتدي به‪ ,‬وأمييا الناقيية الييتي رأيييت ورأيتنييي أبعثهييا‬
‫فهي الساعة علينا تقوم ل نييبي بعييدي ول أميية بعييد أمييتي‬
‫»قال‪ :‬فما سأل رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم عيين‬
‫رؤيييا بعييد هييذا إل أن يجيييء الرجييل فيحييدثه بهييا متبرع يًا‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬على سرر موضونة{ قال ابن عباس‪ :‬أي‬
‫مرموليية بالييذهب يعنييي منسييوجة بييه‪ ,‬وكييذا قييال مجاهييد‬
‫وعكرمة وسعيد بن جبير وزيد بن أسلم وقتييادة والضييحاك‬

‫‪520‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وغيييره‪ ,‬وقييال السييدي‪ :‬مرموليية بالييذهب واللؤلييؤ‪ ,‬وقييال‬
‫عكرمة‪ :‬مشبكة بالدر والييياقوت‪ ,‬وقييال ابيين جرييير‪ :‬ومنييه‬
‫يسمى وضين الناقة الذي تحت بطنها‪ ,‬وهييو فعيييل بمعنييى‬
‫مفعول لنه مضفور‪ ,‬وكييذلك السييرر فييي الجنيية مضييفورة‬
‫بالييييييييييييييييييييييييييييذهب وال َ‬
‫للىييييييييييييييييييييييييييييء‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬متكئين عليها متقابلين{ أي وجوه بعضهم‬
‫إلييى بعييض ليييس أحييد وراء أحييد }يطييوف عليهييم ولييدان‬
‫مخلدون{ أي مخلدون على صفة واحدة ل يتكييبرون عنهييا‬
‫ول يشيييبون ول يتغيييرون }بييأكواب وأبيياريق وكييأس ميين‬
‫معين{ أما الكواب فهي الكيزان الييتي ل خراطيييم لهييا ول‬
‫آذان‪ ,‬والباريق التي جمعت الوصفين والكؤوس الهنابييات‪,‬‬
‫والجميع من خمر من عين جارية معين‪ ,‬ليييس ميين أوعييية‬
‫تنقطع وتفرغ بييل ميين عيييون سييارحة‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬ل‬
‫يصييدعون عنهييا ول ينزفييون{ أي ل تصييدع رؤوسييهم ول‬
‫تنزف عقولهم‪ ,‬بل هي ثابتيية مييع الشييدة المطربيية واللييذة‬
‫الحاصلة‪ ,‬وروى الضييحاك عيين ابيين عبيياس أنييه قييال‪ :‬فييي‬
‫الخمر أربع خصييال‪ :‬السييكر‪ ,‬والصييداع‪ ,‬والقيييء‪ ,‬والبييول‪,‬‬
‫فذكر الله تعالى خميير الجنيية ونزههييا عيين هييذه الخصييال‪.‬‬
‫وقال مجاهييد وعكرميية وسييعيد بيين جييبير وعطييية وقتييادة‬
‫والسدي }ل يصدعون عنها{ يقول ليس لهييم فيهييا صييداع‬
‫رأس وقيييالوا فيييي قيييوله‪} :‬ول ينزفيييون{ أي ل تيييذهب‬
‫بعقيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييولهم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وفاكهة مما يتخيييرون * ولحييم طييير ممييا‬
‫يشتهون{ أي ويطوفون عليهم بمييا يتخيييرون ميين الثمييار‪,‬‬
‫لية دليل على جواز أكل الفاكهة على صييفة التخييير‬ ‫وهذه ا َ‬
‫لها‪ ,‬ويدل على ذلك حديث عكراش بيين ذؤيييب الييذي رواه‬
‫الحافظ أبو يعلى الموصلي رحمه الله في مسيينده‪ ,‬حييدثنا‬
‫العباس بن الوليد الترسي‪ ,‬حدثنا العلء بن الفضل بن عبد‬
‫الملك بن أبي سوية‪ ,‬حدثنا عبيد الله بن عكراش عن أبيييه‬
‫عكراش بن ذؤيب قال‪ :‬بعثني مرة فييي صييدقات أمييوالهم‬
‫إلى رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪ ,‬فقييدمت المدينيية‬
‫فإذا هو جالس بين المهاجرين والنصار وقدمت عليه بإبييل‬

‫‪521‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كأنها عروق الرطى قال »من الرجييل ؟« قلييت‪ :‬عكييراش‬
‫بن ذؤيب‪ ,‬قال »ارفع في النسب« فانتسبت له إلييى مييرة‬
‫بن عبيد وهذه صدقة مرة بيين عبيييد‪ ,‬فتبسييم رسييول اللييه‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم وقييال‪» :‬هييذه إبييل قييومي هييذه‬
‫صدقات قومي« ثم أمر بها أن توسم بميسم إبل الصييدقة‬
‫وتضم إليها‪ ,‬ثم أخذ بيييدي فانطلقنييا إلييى منييزل أم سييلمة‬
‫فقال‪» :‬هل مين طعيام ؟« فأتينيا بجفنية كالقصيعة كيثيرة‬
‫الثريد والوذر‪ ,‬فجعل يأكل منها فييأقبلت أخبييط بيييدي فييي‬
‫جوانبها فقبض رسيول الليه صيلى الليه علييه وسيلم بييده‬
‫اليسرى علييى يييدي اليمنييى فقييال‪ :‬يييا عكييراش‪ ,‬كييل ميين‬
‫موضع واحد فإنه طعام واحد‪ .‬ثم أتينييا بطبييق فيييه تميير أو‬
‫رطب شك عبيد الله رطبا ً كان أوتمييرًا‪ ,‬فجعلييت آكييل ميين‬
‫بين يدي وجالت يد رسول الله صلى الله عليه وسيلم فييي‬
‫الطبق وقال‪ :‬يا عكراش‪ ,‬كل ميين حيييث شييئت فييإنه غييير‬
‫لون واحد‪ .‬ثم أتينا بماء فغسل رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يده ومسح ببلل كفيه وجهه وذراعيه ورأسه ثلثا ً ثم‬
‫قييال‪» :‬يييا عكييراش هييذا الوضييوء ممييا غيييرت النييار«‪.‬‬
‫وهكذا رواه الترمذي مطول ً وابن ماجه جميعا ً عن محمييد‬
‫بيين بشييار عيين أبييي الهييذيل العلء بيين الفضييل بييه‪ ,‬وقييال‬
‫الترمييذي‪ :‬غريييب ل نعرفييه إل ميين حييديثه‪ .‬وقييال المييام‬
‫أحمد‪ :‬حدثنا بهز بن أسد وعفان‪ ,‬وقال الحييافظ أبييو يعلييى‬
‫حدثنا شيبان‪ ,‬قالوا حدثنا سليمان بن المغيرة‪ ,‬حدثنا ثييابت‬
‫قال‪ :‬قال أنس كان رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫تعجبه الرؤيا‪ ,‬فربما رأى الرجل الرؤييا فسيأل عنييه إذا ليم‬
‫يكن يعرفه‪ ,‬فإذا أثنيى علييه معيروف كيان أعجيب لرؤيياه‬
‫إليه‪ ,‬فأتته أمرأة فقالت‪ :‬يا رسول الله رأيييت كييأني أتيييت‬
‫فييأخرجت ميين المدينيية فييأدخلت الجنيية‪ ,‬فسييمعت وجبيية‬
‫انتحبت لها الجنة‪ ,‬فنظييرت فييإذا فلن بيين فلن وفلن بيين‬
‫ل‪ ,‬كان النبي صييلى اللييه عليييه‬ ‫فلن فسمت اثني عشر رج ً‬
‫وسلم قد بعث سرية قبييل ذليك فجيييء بهيم عليهيم ثيياب‬
‫طلس تشخب أوداجهم‪ ,‬فقيل اذهبوا بهم إلييى نهيير البيييدخ‬
‫أو البيذخ‪ ,‬قال فغمسوا فيه فخرجوا ووجوههم كالقمر ليلة‬

‫‪522‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫البدر‪ ,‬فأتوا بصفحة من ذهب فيها بسر‪ ,‬فأكلوا من بسييره‬
‫ما شاءوا فما يقلبونها من وجييه إل أكلييوا ميين الفاكهيية مييا‬
‫أرادوا‪ ,‬وأكلت معهم فأتى البشير من تلك السييرية‪ ,‬فقييال‬
‫ما كان من رؤيا كييذا وكييذا فأصيييب فلن وفلن حييتى عييد‬
‫ل‪ ,‬فدعا رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‬ ‫اثني عشر رج ً‬
‫المرأة‪ ,‬فقال قصي رؤياك‪ ,‬فقصتها وجعلت تقييول فجيييء‬
‫بفلن وفلن كما قال‪ .‬هذا لفظ أبييي يعلييى‪ ,‬قييال الحييافظ‬
‫الضيييييييياء‪ :‬وهيييييييذا عليييييييى شيييييييرط مسيييييييلم‪.‬‬
‫وقييال الحييافظ أبييو القاسييم الطييبراني‪ :‬حييدثنا معيياذ بيين‬
‫المثنى‪ ,‬حدثنا علي بن المديني‪ ,‬حدثنا ريحان بن سعيد عن‬
‫عباد بن منصور عن أيوب عن أبي قلبة عيين أبييي أسييماء‪,‬‬
‫عن ثوبان قال‪ :‬قال رسول الليه صيلى الليه علييه وسييلم‪:‬‬
‫»إن الرجل إذا نزع ثمرة في الجنة عادت مكانهييا أخييرى«‬
‫وقوله تعالى‪}:‬ولحم طير مما يشتهون{ قال المام أحمد‪:‬‬
‫حدثنا سيار بن حاتم‪ ,‬حييدثنا جعفيير بيين سييليمان الضييبعي‪,‬‬
‫حدثنا ثابت عن أنس قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم »إن طييير الجنيية كأمثييال البخييت يرعييى فييي شييجر‬
‫الجنة« فقال أبو بكر‪ :‬يا رسول الله إن هذه لطييير ناعميية‪,‬‬
‫فقال »آكلها أنعم منها ي قالها ثلثا ً ي وإني لرجييو أن تكييون‬
‫ممن يأكل منها« انفييرد بييه أحمييد ميين هييذا الييوجه‪ .‬وروى‬
‫الحافظ أبو عبد الله المقدسي في كتابه صييفة الجنيية ميين‬
‫حديث إسماعيل بن علييي الخطمييي عيين أحمييد بيين علييي‬
‫الحيوطي عن عبد الجبار بن عاصم عن عبد الله بن زييياد‪,‬‬
‫عن زرعة عن نافع عن ابن عمر قييال‪ :‬ذكييرت عنييد النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم طوبى فقال رسول الله صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬يا أبا بكر هل بلغك ما طوبى ؟« قييال‪ :‬اللييه‬
‫ورسوله أعلم‪ .‬قيال »طييوبى شيجرة فيي الجنية مييا يعليم‬
‫طولها إل الله كأمثال البخت« فقال أبو بكر‪ :‬يا رسول الله‬
‫إن هناك لطيرا ً ناعما ً ؟ قال »أنعييم منييه ميين يييأكله وأنييت‬
‫منهم إن شاء الله تعالى« وقييال قتييادة فييي قييوله تعييالى‪:‬‬
‫}ولحم طير مما يشتهون{ وذكر لنييا أن أبييا بكيير قييال‪ :‬يييا‬
‫رسول الله إني أرى طيرهييا ناعميية كأهلهييا نيياعمون‪ ,‬قييال‬

‫‪523‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫»من يأكلها والله ياأبا بكر أنعم منهييا وإنهييا لمثييال البخييت‬
‫وإنييي لحتسييب علييى اللييه أن تأكييل منهييا يييا أبييا بكيير«‪.‬‬
‫وقال أبو بكر بن أبي الدنيا‪ :‬حييدثني مجاهييد بين موسيى‪,‬‬
‫حدثنا معن بن عيسى‪ ,‬حدثني ابيين أخييي ابيين شييهاب عيين‬
‫أبيه عن أنس بن مالييك أن رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم سئل عن الكوثر فقال‪» :‬نهر أعطانيه ربي عز وجل‬
‫في الجنة أشد بياضا ً من اللبيين وأحلييى ميين العسييل‪ ,‬فيييه‬
‫طيييور أعناقهييا يعنييي كأعنيياق الجييزر« فقييال عميير‪ :‬إنهييا‬
‫لناعمة‪ ,‬قال رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬آكلهييا‬
‫أنعم منها« وكييذا رواه الترمييذي عيين عبييد بيين حميييد عيين‬
‫القعنبي عن محمد بن عبد الله بن مسلم بيين شييهاب عيين‬
‫أبيه عن أنس‪ ,‬وقال حسين‪ .‬وقيال ابيين أبييي حياتم‪ :‬حييدثنا‬
‫أبي‪ ,‬حدثنا علي بن محمد الطنافسييي‪ ,‬حييدثنا أبييو معاوييية‬
‫عن عبيد الله بن الوليد الرصافي عن عطييية العييوفي عيين‬
‫أبي سعيد الخدري قال‪ :‬قال رسول الله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم »إن في الجنة لطيرا ً فيه سبعون ألف ريشيية فيقييع‬
‫على صحفة الرجل من أهل الجنيية فينتفييض‪ ,‬فيخييرج ميين‬
‫كل ريشيية يعنييي لونيا ً أبيييض ميين اللبيين وألييين ميين الزبييد‬
‫وأعذب من الشهد‪ ,‬ليس منها لون يشبه صاحبه ثم يطير«‬
‫هذا حديث غريب جدا ً والرصافي وشيخه ضعيفان‪ ,‬ثم قال‬
‫ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا عبد الله بيين صييالح كيياتب‬
‫الليث‪ ,‬حدثني الليث‪ ,‬حدثنا خالد بيين يزيييد عيين سييعيد بيين‬
‫أبي هلل عن أبييي حييازم عيين عطيياء عيين كعييب قييال‪ :‬إن‬
‫طائر الجنة أمثال البخت يأكل من ثمييرات الجنيية ويشييرب‬
‫من أنهار الجنة‪ ,‬فيصطففن له فإذا اشتهى منها شيييئا ً أتييى‬
‫حتى يقع بين يديه‪ ,‬فيأكل من خارجه وداخله ثم يطييير لييم‬
‫ينقيص منيه شييء‪ ,‬صيحيح إليى كعيب وقيال الحسين بين‬
‫عرفة‪ :‬حدثنا خلف بن خليفة عيين حميييد العييرج عيين عبييد‬
‫الله بن الحارث عن عبد الليه بيين مسييعود قييال‪ :‬قييال ليي‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إنك لتنظر إلى الطييير‬
‫فيييي الجنييية فتشيييتهيه فيخييير بيييين ييييديك مشيييويًا«‪.‬‬

‫‪524‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنييون{ قييرأ‬
‫بعضهم بالرفع وتقديره ولهم فيها حور عين! وقراءة الجيير‬
‫تحتمل معنيين‪ :‬أحدهما أن يكون العراب على التباع بمييا‬
‫قبله كقوله تعالى‪} :‬يطوف عليهم ولدان مخلدون بييأكواب‬
‫وأباريق‪ ,‬وكأس من معين * ل يصييدعون عنهييا ول ينزفييون‬
‫وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عييين{‬
‫كما قال تعييالى‪} :‬وامسييحوا برؤوسييكم وأرجلكييم{ وكمييا‬
‫قييال تعييالى‪} :‬عيياليهم ثييياب سييندس خضيير وإسييتبرق{‬
‫والحتمييال الثيياني أن يكييون ممييا يطييوف بييه الولييدان‬
‫المخلييدون عليهييم الحييور العييين‪ ,‬ولكيين يكييون ذلييك فييي‬
‫القصور ل بين بعضهم بعضًا‪ ,‬بل في الخيام يطوف عليهييم‬
‫الخدام بالحور العين‪ ,‬والله أعلم‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬كأمثييال‬
‫اللؤلييؤ المكنييون{ أي كييأنهن اللؤلييؤ الرطييب فييي بياضييه‬
‫وصييفائه كمييا تقييدم فييي سييورة الصييافات }كييأنهن بيييض‬
‫مكنون{ وقييد تقييدم فييي سييورة الرحميين وصييفهن أيض يًا‪,‬‬
‫ولهييذا قييال‪} :‬جييزاء بمييا كييانوا يعملييون{ أي هييذا الييذي‬
‫أتحفناهم بييه مجييازاة لهييم علييى مييا أحسيينوا ميين العمييل‪.‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬ل يسمعون فيهييا لغييوا ً ول تأثيميا ً إل قيل ً‬
‫سلما ً سلمًا{ أي ل يسمعون في الجنة كلما ً لغيا ً أي عبثا ً‬
‫خاليا ً من المعنى أو مشتمل ً علييى معنييى حقييير أو ضييعيف‬
‫كمييا قييال }ل تسييمع فيهييا لغييية{ أي كلميية ل غييية }ول‬
‫تأثيمًا{ أي ول كلما ً فيه قبح }إل قيل سلما ً سلمًا{ أي إل‬
‫التسليم منهم بعضهم على بعض كما قال تعالى‪} :‬تحيتهم‬
‫فيهييا سييلم{ وكلمهييم أيضييا ً سييالم ميين اللغييو والثييم‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫سييد ٍْر‬ ‫ن * ِفييي ِ‬ ‫مييي ِ‬ ‫ب ال ْي َ ِ‬ ‫حا ُ‬‫صيي َ‬ ‫مييآ أ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مييي ِ‬ ‫ب ال ْي َ ِ‬
‫حا ُ‬
‫صيي َ‬ ‫** وَأ ْ‬
‫ميييآءٍ‬ ‫دودٍ * وَ َ‬ ‫مييي ُ‬‫م ْ‬‫ل ّ‬ ‫ضيييودٍ * وَظ ِييي ّ‬ ‫من ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫َْ‬
‫ضيييودٍ * وَطلييي ٍ‬ ‫خ ُ‬ ‫م ْ‬
‫ّ‬
‫مُنوعَيةٍ *‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫مْقطوعَيةٍ وَل َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ب * وََفاك ِهَيةٍ كِثييَرةٍ * ل َ‬ ‫ُ‬
‫سيكو ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫كارا ً‬ ‫َ‬
‫ن أب ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫جعَلَناهُ ّ‬ ‫شآًء * فَ َ‬ ‫ن ِإن َ‬ ‫شأَناهُ ّ‬ ‫مْرُفوعَةٍ * إ ِّنآ أن َ‬ ‫ش ّ‬ ‫ٍ‬ ‫وَفُُر‬
‫ن * ث ُل ّي ٌ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫ن الوِّلي ي َ‬ ‫مي َ‬ ‫ة ّ‬ ‫ميي ِ‬ ‫ب ال ْي َ ِ‬ ‫حا ِ‬‫صي َ‬ ‫* عُُربيا ً أت َْرابيا ً * ل َِ ْ‬
‫ن‬
‫ريييييييييييييييييييي َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ن ال َ ِ‬ ‫مييييييييييييييييييي َ‬ ‫ة ّ‬ ‫وَث ُل ّييييييييييييييييييي ٌ‬

‫‪525‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لما ذكر تعييالى مييآل السييابقين وهييم المقربييون‪ ,‬عطييف‬
‫عليهم بذكر أصحاب اليمين وهم البرار‪ ,‬كما قييال ميمييون‬
‫بن مهران أصحاب اليمييين منزلتهييم دون المقربييين فقييال‬
‫}وأصييحاب اليمييين مييا أصييحاب اليمييين{ أي أي شيييء‬
‫أصحاب اليمين وما حييالهم وكيييف مييآلهم‪ .‬ثييم فسيير ذلييك‬
‫فقال تعالى‪} :‬في سدر مخضود{ قال ابن عباس وعكرمة‬
‫ومجاهييد وابيين الحييوص وقسييامة بيين زهييير والسييفر بيين‬
‫قيس‪ ,‬والحسن وقتادة وعبد الله بيين كييثير والسييدي وأبييو‬
‫حزرة وغيرهم‪ :‬هو الذي ل شوك فيه‪ ,‬وعن ابن عباس‪ :‬هو‬
‫الموقر بالثمر‪ ,‬وهو رواية عن عكرمة ومجاهد‪ ,‬وكييذا قييال‬
‫قتييادة أيض يًا‪ :‬كنييا نحييدث أنييه المييوقر الييذي ل شييوك بييه‪,‬‬
‫والظاهر أن المراد هذا وهذا‪ ,‬فإن سدر الدنيا كثير الشوك‬
‫لخرة على العكس من هذا ل شوك فيه‬ ‫قليل الثمر‪ ,‬وفي ا َ‬
‫وفيه الثمر الكثير الذي قد أثقل أصييله‪ ,‬كمييا قييال الحييافظ‬
‫جاد‪ ,‬حدثنا محمد بن محمد هييو‬ ‫أبو بكر أحمد بن سلمان الن ّ‬
‫البغوي‪ ,‬حييدثني حمييزة بيين العبيياس‪ ,‬حييدثنا عبييد اللييه بيين‬
‫عثمان حييدثنا عبييد اللييه بيين المبييارك‪ ,‬أخبرنييا صييفوان بيين‬
‫عمرو عن سليم بن عامر قال‪ :‬كان أصييحاب رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقولييون‪ :‬إن اللييه لينفعنييا بييالعراب‬
‫ومسائلهم‪ ,‬قال‪ :‬أقبل أعرابي يوما ً فقييال‪ :‬يييا رسيول الليه‬
‫ذكر الله في الجنيية شييجرة تييؤذي صيياحبها‪ ,‬فقييال رسييول‬
‫الله‪» :‬وما هي ؟« قال السدر فإن له شوكا ً مؤذي يًا‪ .‬فقييال‬
‫رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬أليييس اللييه تعييالى‬
‫يقول }في سدر مخضود{ خضد الله شوكه فجعييل مكييان‬
‫كل شوكة ثمرة‪ ,‬فإنها لتنبت ثمرا ً تفتييق الثمييرة منهييا عيين‬
‫اثنين وسيبعين لونيا ً مين طعيام‪ ,‬ميا فيهيا مين ليون يشيبه‬
‫ا َ‬
‫لخييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييير«‪.‬‬
‫)طريق آخر( قال أبو بكر بن أبي داود‪ :‬حدثنا محمييد بيين‬
‫المصييفى‪ ,‬حييدثنا محمييد بيين المبييارك‪ ,‬حييدثني يحيييى بيين‬
‫حمزة‪ ,‬حدثني ثور بن يزيييد‪ ,‬حييدثني حييبيب بيين عبيييد عيين‬
‫عتبة بن عبد السلمي قال‪ :‬كنييت جالس يا ً مييع رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬فجاء أعرابي فقال‪ :‬يا رسييول اللييه‬

‫‪526‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أسمعك تذكر في الجنة شجرة ل أعلم شجرا ً أكييثر شييوكا ً‬
‫منها‪ ,‬يعني الطلح‪ ,‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫»إن الله يجعل مكان كل شييوكة منهييا ثمييرة مثييل خصييوة‬
‫التيس الملبود‪ ,‬فيها سبعون لونا ً من الطعام ل يشييبه لييون‬
‫لخر« وقوله }وطلح منضود{ الطلح شجر عظييام يكييون‬ ‫ا َ‬
‫بأرض الحجاز من شجر العضاه واحدته طلحة‪ ,‬وهيو شيجر‬
‫كيييثير الشيييوك‪ ,‬وأنشيييد ابييين جريييير لبعيييض الحيييداة‪:‬‬
‫بشييييرها دليلهييييا وقالغييييدا ً ترييييين الطلييييح والجبييييال‬
‫وقيال مجاهيد }منضيود{ أي ميتراكم الثمير ييذكر بيذلك‬
‫ج وظلله من طلح وسييدر‬ ‫قريشا ً لنهم كانوا يعجبون من و ّ‬
‫وقال السدي‪ :‬منضود مصفود‪ .‬قال ابن عباس‪ :‬يشبه طلح‬
‫الدنيا‪ ,‬ولكين ليه ثمير أحليى مين العسيل‪ ,‬قيال الجيوهري‬
‫والطلح لغة في الطلع قلت‪ :‬وقد روى ابن أبييي حياتم مين‬
‫حديث الحسن بن سعد عن شيخ من همدان قال‪ :‬سمعت‬
‫علي يا ً يقييول هييذا الحييرف فييي طلييح منضييود‪ ,‬قييال‪ :‬طلييع‬
‫منضود‪ ,‬فعلى هذا يكون ميين صييفة السيدر‪ ,‬فكييأنه وصيفه‬
‫بأنه مخضود‪ ,‬وهو الذي ل شوك له‪ ,‬وأن طلعه منضود وهو‬
‫كثرة ثمره‪ ,‬والله أعلم‪ .‬وقييال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييو‬
‫سعيد الشج‪ ,‬حدثنا أبو معاوية عن إدريس عيين جعفيير بيين‬
‫إياس عن أبي نضرة عن أبي سعيد }وطلح منضود{ قييال‬
‫الموز‪ ,‬قال وروي عن ابن(عبيياس وأبييي هريييرة والحسيين‬
‫وعكرمة وقسامة بن زهير وقتادة وأبييي حييزرة مثييل ذلييك‬
‫وبه‪ ,‬قال مجاهد وابن زيد‪ :‬وزاد فقال‪ :‬أهل اليمن يسيمون‬
‫المييوز الطلييح‪ ,‬ولييم يحييك ابيين جرييير غييير هييذا القييول‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وظل ممدود{ قال البخاري‪ :‬حييدثنا علييي‬
‫بن عبد الله‪ ,‬حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن العييرج عيين‬
‫أبي هريرة‪ ,‬يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قييال‪» :‬إن‬
‫في الجنيية شييجرة يسييير الراكييب فييي ظلهييا مييائة عييام ل‬
‫يقطعها‪ ,‬اقرأوا إن شئتم }وظل ممدود{ ورواه مسلم من‬
‫حديث العرج به‪ .‬وقال المام أحمد‪ :‬حييدثنا سييريج‪ ,‬حييدثنا‬
‫فليح عن هلل بن علي‪ ,‬عن عبد الرحميين بيين أبييي عمييرة‬
‫عن أبي هريرة‪ ,‬قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬

‫‪527‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسلم‪» :‬إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة‬
‫عام‪ ,‬اقرءوا إن شئتم }وظييل ممييدود{ وكييذا رواه مسيلم‬
‫من حديث العرج به‪ .‬وكذا رواه البخيياري عيين محمييد بيين‬
‫سنان عن فليح به‪ ,‬وكذا رواه عبد الرزاق عيين معميير عيين‬
‫همام بن منبه عن أبي هريرة‪ ,‬وكذا رواه حماد بيين سييلمة‬
‫عن محمد بن زياد عن أبي هريييرة والليييث بيين سييعد عيين‬
‫سعيد المقبري‪ ,‬عن أبيه عن أبي هريرة‪ :‬وعوف عيين ابيين‬
‫سييييييييييرين‪ ,‬عييييييييين أبيييييييييي هرييييييييييرة بيييييييييه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا محمد بيين جعفيير وحجيياج قييال‪:‬‬
‫حدثنا شعبة‪ ,‬سمعت أبييا الضييحاك يحييدث أبييا هريييرة عيين‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪» :‬إن في الجنيية‬
‫شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين ي أو مائة ي سنة هي‬
‫شييجرة الخلييد«‪ .‬وقييال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أحمييد ابيين‬
‫سنان‪ ,‬حدثنا يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو بيين أبييي‬
‫سلمة عن أبي هريرة‪ ,‬عيين رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم قال‪» :‬في الجنة شييجرة يسييير الراكييب فييي ظلهييا‬
‫مائة عام ما يقطعها‪ ,‬واقييرءوا إن شييئتم }وظييل ممييدود{‬
‫إسناد جيد ولم يخرجوه‪ ,‬وهكييذا رواه ابيين جرييير عيين أبييي‬
‫كريب عن عبدة وعبد الرحيم والبخاري‪ ,‬كلهم عيين محمييد‬
‫بن عمرو به‪ ,‬وقد رواه الترمذي من حييديث عبييد الرحميين‬
‫بيييييييييييييييييييين سييييييييييييييييييييليمان بييييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا ابيين حميييد‪ ,‬حييدثنا مهييران‪ ,‬حييدثنا‬
‫إسماعيل بن أبي خالد عن زييياد مييولى بنييي مخييزوم عيين‬
‫أبي هريرة قال‪ :‬إن في الجنة لشجرة يسييير الراكييب فييي‬
‫ظلها مائة عام اقرءوا إن شئتم }وظل ممدود{ فبلغ ذلييك‬
‫كعبييا ً فقييال‪ :‬صييدق والييذي أنييزل التييوراة علييى موسييى‬
‫والفرقان على محمد‪ ,‬لو أن رجل ً ركب حقة أو جذعيية ثييم‬
‫دار بأعلى تلك الشجرة مييا بلغهييا حييتى يسييقط هرم يًا‪ ,‬إن‬
‫الله غرسها بيده ونفخ فيهييا ميين روحييه‪ ,‬وإن أفنانهييا لميين‬
‫وراء سور الجنة وما في الجنة نهر إل وهو يخرج من أصل‬
‫تلك الشجرة‪ .‬وقييال الحييافظ أبييو يعلييى الموصييلي‪ :‬حييدثنا‬
‫محمد بن منهال الضرير‪ :‬حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد بن‬

‫‪528‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبي عروبة عن قتادة عن أنس عن النبي صلى اللييه عليييه‬
‫وسلم في قول الله تعييالى‪} :‬وظييل ممييدود{ قييال‪» :‬فييي‬
‫الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ل يقطعها«‬
‫وكذا رواه البخاري عن روح بن عبد المؤمن عن يزيييد بيين‬
‫زريع‪ ,‬وكذا رواه أبو داود الطيالسي عيين عمييران بيين داود‬
‫القطان عيين قتييادة بييه‪ ,‬وكييذا رواه معميير وأبييو هلل عيين‬
‫قتادة به‪ ,‬وقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد‬
‫وسهل بن سعد عن رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫قال‪» :‬إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجييواد المضييمر‬
‫السييريع مييائة عييام مييا يقطعهييا« فهييذا حييديث ثييابت عيين‬
‫رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪ ,‬بييل متييواتر مقطييوع‬
‫بصييحته عنييد أئميية الحييديث النقيياد‪ ,‬لتعييدد طرقييه وقييوة‬
‫أسيييييييييييييييييانيده وثقييييييييييييييييية رجييييييييييييييييياله‪.‬‬
‫وقد قال المام أبو جعفيير بيين جرييير‪ :‬حييدثنا أبييو كريييب‪,‬‬
‫حدثنا أبو بكر‪ ,‬حدثنا أبو حصييين قييال‪ :‬كنييا علييى بيياب فييي‬
‫موضع ومعنا أبو صالح وشقيق يعنييي الضييبي‪ ,‬فحييدث أبييو‬
‫صالح قال‪ :‬حدثني أبو هريرة قييال‪ :‬إن فييي الجنيية شييجرة‬
‫يسيير الراكيب فيي ظلهيا سيبعين عاميًا‪ ,‬قيال أبيو صيالح‪:‬‬
‫أتكذب أبا هريرة ؟ قال‪ :‬ما أكذب أبا هريرة ولكني أكييذبك‬
‫أنت‪ ,‬فشق ذلك على القراء يومئذ‪ .‬قلت‪ :‬فقد أبطييل ميين‬
‫يكذب بهذا الحديث مع ثبوته وصييحته ورفعييه إلييى رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم وقال الترمذي‪ :‬حدثنا أبو سييعيد‬
‫الشج‪ ,‬حدثنا زياد بن الحسن بن الفرات القييزاز عيين أبيييه‬
‫عن جده عن أبي حازم عن أبي هريرة قييال‪ :‬قييال رسييول‬
‫الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬مييا فييي الجنيية شييجرة إل‬
‫ساقها من ذهب« ثم قال‪ :‬حسيين غريييب‪ .‬وقييال ابيين أبييي‬
‫حاتم‪ :‬حدثنا الحسن بن أبي الربيع‪ ,‬حدثنا أبو عامر العقدي‬
‫عن زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرميية عيين‬
‫ابن عباس قال‪ :‬الظييل الممييدود شييجرة فييي الجنيية علييى‬
‫ساق ظلها قدر ما يسييير الراكييب فييي كييل نواحيهييا‪ ,‬مييائة‬
‫عام‪ ,‬قال‪ :‬فيخرج إليها أهييل الجنيية أهييل الغييرف وغيرهييم‬
‫فيتحدثون فيي ظلهيا‪ ,‬قيال‪ :‬فيشيتهي بعضيهم وييذكر لهيو‬

‫‪529‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الدنيا فيرسل الله ريحا ً من الجنيية‪ ,‬فتحييرك تلييك الشييجرة‬
‫بكل لهو في الدنيا‪ .‬هذا أثر غريب إسناده جيد قوي حسن‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حياتم‪ :‬حيدثنا أبيو سيعيد الشيج‪ ,‬حيدثنا ابين‬
‫يمان حدثنا سفيان‪ ,‬حدثنا أبو إسحاق عن عمرو بن ميمون‬
‫في قوله تعالى‪} :‬وظل ممدود{ قال سييبعون ألييف سيينة‪,‬‬
‫وكذا رواه ابن جرير عن بندار عن ابن مهدي عيين سييفيان‬
‫مثله‪ ,‬ثم قال ابن جرير‪ :‬حدثنا ابن حميد‪ ,‬حدثنا مهران عن‬
‫سفيان عن أبييي إسييحاق عيين عمييرو بيين ميمييون }وظييل‬
‫مميييييييدود{ قيييييييال‪ :‬خمسيييييييمائة أليييييييف سييييييينة‪.‬‬
‫وقييال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييي حييدثنا أبييو الوليييد‬
‫الطيالسي‪ ,‬حدثنا حصين بن نييافع عيين الحسيين فييي قييول‬
‫الله تعالى‪} :‬وظل ممدود{ قال‪ :‬في الجنة شييجرة يسييير‬
‫الراكب في ظلها مائة سيينة ل يقطعهييا‪ ,‬وقييال عييوف عيين‬
‫الحسن‪ :‬بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قييال‪:‬‬
‫»إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ل‬
‫يقطعها« رواه ابن جرير وقال شبيب عن عكرمة عن ابيين‬
‫عباس‪ :‬في الجنة شجر ل يحمل يستظل به‪ ,‬رواه ابن أبي‬
‫حاتم‪ ,‬وقال الضحاك والسدي وأبو حزرة في قوله تعييالى‪:‬‬
‫}وظل ممدود{ ل ينقطع‪ ,‬ليس فيها شييمس ول حيير مثييل‬
‫قبل طلوع الفجر‪ ,‬وقال ابن مسيعود‪ :‬الجنية سجسيج كميا‬
‫ليييات‬‫بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس‪ ,‬وقد تقييدمت ا َ‬
‫ل{ وقييوله‪} :‬أكلهييا دائم‬ ‫كقوله تعالى‪} :‬ونييدخلهم ظل ً ظلي ً‬
‫وظلها{ وقوله‪} :‬فييي ظلل وعيييون{ إلييى غييير ذلييك ميين‬
‫ليات وقوله تعالى‪} :‬وماء مسكوب{ قال الثوري‪ :‬يجييري‬ ‫ا َ‬
‫في غير أخدود‪ ,‬وقد تقدم الكلم عند تفسير قييوله تعييالى‪:‬‬
‫لية‪ .‬بما أغنى عن إعييادته‬ ‫}فيها أنهار من ماء غير آسن{ ا َ‬
‫ههنييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييا‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وفاكهة كييثيرة ل مقطوعيية ول ممنوعيية{‬
‫أي وعندهم من الفواكه الكثيرة المتنوعة في اللوان ممييا‬
‫ل عين رأت ول أذن سمعت ول خطر على قلب بشر‪ ,‬كما‬
‫قال تعالى‪} :‬كلما رزقوا منهييا ميين ثمييرة رزقيا ً قييالوا هييذا‬
‫الذي رزقنا من قبل وأتوا بييه متشييابهًا{ أي يشييبه الشييكل‬

‫‪530‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الشكل ولكن الطعم غير الطعم‪ ,‬وفي الصحيحين في ذكر‬
‫سدرة المنتهى‪» :‬فإذا ورقها كآذان الفيلة ونبقها مثل قلل‬
‫هجر«‪ .‬وفيهما أيضا ً من حديث مالك عيين زيييد عيين عطيياء‬
‫بن يسار عن ابن عبيياس قييال‪ :‬خسييفت الشييمس فصييلى‬
‫رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم والنيياس معييه فييذكر‬
‫الصلة‪ ,‬وفيه قالوا‪ :‬يا رسول الله رأيناك تناولت شيئا ً فييي‬
‫مقامك هذا ثم رأيناك تكعكعيت‪ ,‬قيال‪» :‬إنيي رأييت الجنية‬
‫فتناولت منهييا عنقييودًا‪ ,‬ولييو أخييذته لكلتييم منييه مييا بقيييت‬
‫الدنيا«‪ ,‬وقال الحافظ أبو يعلييى‪ :‬حييدثنا أبييو خيثميية‪ ,‬حييدثنا‬
‫عبد الله بن جعفر‪ ,‬حدثنا عبيد الله‪ ,‬حدثنا ابيين عقيييل عيين‬
‫جابر قال‪ :‬بينا نحن في صلة الظهر إذ تقييدم رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم فتقدمنا معه‪ ,‬ثم تناول شيئا ً ليأخييذه‬
‫ثم تأخر‪ ,‬فلما قضى الصلة قال أبي بن كعييب‪ :‬يييا رسييول‬
‫الله صنعت اليوم في الصلة شيئا ً مييا كنييت تصيينعه‪ ,‬قييال‪:‬‬
‫»إنه عرضت علي الجنة ومييا فيهييا ميين الزهييرة والنضيرة‪,‬‬
‫لتيكم به فحيل بينييي وبينييه‪,‬‬ ‫فتناولت منها قطفا ً من عنب َ‬
‫ولو أتيتكم به لكل منه من بين السييماء والرض ل ينقييص‬
‫منه« وروى مسلم من حديث أبي الزبير عن جييابر نحييوه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا علي بن بحر‪ ,‬حييدثنا هشيام بيين‬
‫يوسف‪ ,‬أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عامر بيين‬
‫زيد البكالي أنه سمع عتبيية بيين عبييد السييلمي يقييول‪ :‬جيياء‬
‫أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فسأله عن‬
‫الحوض وذكر الجنة ثم قال العرابي‪ :‬فيها فاكهيية ؟ قييال‪:‬‬
‫»نعم وفيها شييجرة تييدعى طييوبى« ‪ .‬قييال‪ :‬فييذكر شيييئا ً ل‬
‫أدري ما هو‪ ,‬قال‪ :‬أي شجر أرضنا تشييبه ؟ قييال‪» :‬ليسييت‬
‫تشبه شيئا ً من شييجر أرضييك ؟« فقييال النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم أتيت الشام ؟ قييال‪ :‬ل ‪ .‬قييال‪» :‬تشييبه شييجرة‬
‫بالشام تدعى الجييوزة تنبييت علييى سيياق واحييدة وينفييرش‬
‫أعلها«‪ .‬قال‪ :‬مييا عظييم العنقييود ؟ قييال‪» :‬مسيييرة شييهر‬
‫للغراب البقع ل يفتر«‪ .‬قال‪ :‬ما عظم أصيلها ؟ قيال‪» :‬ليو‬
‫ارتحلت جذعيية ميين إبييل أهلييك مييا أحيياطت بأصييلها حييتى‬
‫تنكسر ترقوتها هرمًا« قال‪ :‬فيها عنب ؟ قال‪» :‬نعم« قال‪:‬‬

‫‪531‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فما عظم الحبة ؟ قال‪» :‬هل ذبح أبوك تيسا ً من غنمه قط‬
‫عظيما ً ؟« قال‪ :‬نعيم‪ ,‬قيال‪» :‬فسيلخ إهيابه فأعطياه أميك‬
‫فقال اتخذي لنا منه دلوا ً ؟« قال‪ :‬نعم‪ .‬قال العرابي‪ :‬فإن‬
‫تلييك الحبيية لتشييبعني وأهييل بيييتي ؟ قييال‪» :‬نعييم وعاميية‬
‫عشيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييرتك«‪.‬‬
‫وقيوله تعيالى‪} :‬ل مقطوعيية ول ممنوعية{ أي ل تنقطييع‬
‫شتاء ول صيييفا ً بيل أكلهييا دائم مسييتمر أبيدًا‪ ,‬مهمييا طلبييوا‬
‫وجدوا ل يمتنع عليهم بقييدرة اللييه شيييء‪ ,‬وقييال قتييادة‪ :‬ل‬
‫يمنعهم من تناولها عود ول شوك ول بعييد‪ ,‬وقييد تقييدم فييي‬
‫الحديث إذا تناول الرجل الثمرة عادت مكانها أخرى وقوله‬
‫تعالى‪} :‬وفييرش مرفوعيية{ أي عالييية وطيئة ناعميية قييال‬
‫النسائي وأبييو عيسييى الترمييذي‪ :‬حييدثنا أبييو كريييب‪ ,‬حييدثنا‬
‫رشدين بن سعد عن عمر بن الحارث عيين دراج عيين أبييي‬
‫الهيثم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم فييي‬
‫قوله تعالى‪} :‬وفرش مرفوعة{ قال‪» :‬ارتفاعها كمييا بييين‬
‫السماء والرض ومسيرة ما بينهما خمسمائة عام ثم قييال‬
‫الترمذي‪ :‬هذا الحديث حسن غريب ل نعرفه إل من حديث‬
‫رشدين بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬وقال بعض أهل العلم‪ :‬معنييى هييذا‬
‫الحديث ارتفاع الفرش في الدرجات وبعدما بين الدرجتين‬
‫كما بين السماء والرض‪ ,‬هكذا قييال إنييه ل يعييرف هييذا إل‬
‫من رواية رشدين بن سييعد‪ ,‬وهييو المصييري وهييو ضييعيف‪,‬‬
‫هكذا رواه أبو جعفر بن جرير عن أبي كريب عيين رشييدين‬
‫بيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫ثم رواه هو وابن أبي حيياتم كلهميا عين ييونس بيين عبيد‬
‫العلى‪ ,‬عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث فذكره‪ ,‬وكييذا‬
‫رواه ابن أبي حاتم أيضا ً عن نعيم بن حماد عن ابن وهييب‪,‬‬
‫وأخرجه الضياء في صفة الجنة من حديث حرملة عن ابيين‬
‫وهب به مثله‪ ,‬ورواه المام أحمد عيين حسيين بيين موسييى‬
‫عن ابن لهيعة‪ ,‬حييدثنا دراج فييذكره‪ .‬وقييال ابيين أبييي حيياتم‬
‫أيضًا‪ :‬حدثنا أبو سعيد الشج‪ ,‬حدثنا أبو معاوييية جويييبر عيين‬
‫أبييي سييهل يعنييي كييثير بيين زييياد عيين الحسيين }وفييرش‬
‫مرفوعيية{ قييال‪ :‬ارتفيياع فييراش الرجييل ميين أهييل الجنيية‬

‫‪532‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مسيرة ثمانين سنة‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬إنا أنشأناهن إنشيياءً *‬
‫فجعلناهن أبكارا ً * عربا ً أتراب يا ً * لصييحاب اليمييين{ جييرى‬
‫الضمير على غير مذكور‪ .‬ولكن لما دل السييياق وهييو ذكيير‬
‫الفرش على النساء اللتي يضاجعن فيها اكتفى بذلك عيين‬
‫ذكرهن وعيياد الضييمير عليهيين كمييا فييي قييوله تعييالى‪} :‬إذ‬
‫عرض عليه بالعشي الصييافنات الجييياد فقييال إنييي أحببييت‬
‫حب الخير عيين ذكيير ربييي حييتى تييوارت بالحجيياب{ يعنييي‬
‫الشييمس علييى المشييهور ميين قييول المفسييرين‪ ,‬وقييال‬
‫الخفش في قوله تعالى‪} :‬إنا أنشييأناهن{ أضييمرهن ولييم‬
‫يذكرن قبل ذلك‪ ,‬وقال أبو عبيدة‪ :‬ذكرن في قييوله تعييالى‪:‬‬
‫}وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنييون{ فقييوله تعييالى‪} :‬إنييا‬
‫أنشييأناهن{ أي أعييدناهن فييي النشييأة الخييرى بعييدما كيين‬
‫ن أبكارا ً عربا ً أي بعد الثيوبة عدن أبكارا ً‬
‫عجائز رمصًا‪ ,‬صر َ‬
‫عربا ً متحببات إلى أزواجهن بالحلوة والظرافيية والملحيية‪.‬‬
‫وقال بعضهم عربيا ً أي غنجييات‪ ,‬قييال موسيى بين عبيييدة‬
‫الربذي عن يزيد الرقاشي عن أنس بيين مالييك قييال‪ :‬قييال‬
‫رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬إنييا أنشييأناهن قييال‬
‫نساء عجائز كن في الييدنيا عمش يا ً رمص يًا« رواه الترمييذي‬
‫وابيين جرييير وابيين أبييي حيياتم ثييم قييال الترمييذي‪ :‬غريييب‪,‬‬
‫وموسى ويزيد ضعيفان‪ ,‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا محمييد‬
‫بن عوف الحمصي‪ ,‬حدثنا آدم يعني ابن أبي إييياس‪ ,‬حييدثنا‬
‫شيبان بن جابر عن يزيد بن مرة عن سلمة بن يزيد قييال‪:‬‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فييي قييوله‬
‫تعالى‪} :‬إنا أنشأناهن إنشاء{ يعني الييثيب والبكييار اللتييي‬
‫كن في الييدنيا‪ .‬وقييال عبييد بيين حميييد‪ :‬حييدثنا مصييعب بيين‬
‫مقدام‪ ,‬حدثنا المبارك بن فضييالة عيين الحسيين قيال‪ :‬أتيت‬
‫عجوز فقالت يييا رسييول اللييه ادع اللييه تعييالى أن يييدخلني‬
‫الجنة فقال‪» :‬يا أم فلن إن الجنة ل تدخلها عجييوز« قييال‪:‬‬
‫فولت تبكي‪ .‬قال‪» :‬أخبروها أنها ل تدخلها وهي عجيوز‪ ,‬إن‬
‫الله تعالى يقول }إّنا أنشأناهن إنشاًء فجعلناهن أبكارًا{«‪.‬‬
‫وهكذا رواه الترمذي في الشييمائل عيين عبييد بيين حميييد‪.‬‬
‫وقييال أبييو القاسييم الطييبراني‪ :‬حييدثنا بكيير بيين سييهل‬

‫‪533‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الييدمياطي‪ ,‬حييدثنا عمييرو بيين هاشييم الييبيروتي‪ ,‬أخبرنييا‬
‫سليمان بن أبي كريمة عن هشام بن حسان عيين الحسيين‬
‫عن أمه عن أم سلمة قالت‪ :‬قلت يا رسييول اللييه أخييبرني‬
‫عن قول الله تعالى‪} :‬حور عين{ قال‪» :‬حييور بيييض عييين‬
‫ضخام العيون شفر الحوراء بمنزليية جنيياح النسيير« قلييت‪:‬‬
‫أخبرني عن قوله تعالى‪} :‬كأمثال اللؤلييؤ المكنييون{ قييال‪:‬‬
‫»صفاؤهن صفاء الدر الذي في الصداف الذي لييم تمسييه‬
‫اليدي« قلت‪ :‬أخبرني عن قوله‪} :‬فيهن خيييرات حسييان{‬
‫قال »خيرات الخلق حسان الوجوه« قلييت‪ :‬أخييبرني عيين‬
‫قوله }كأنهن بيييض مكنييون{ قييال‪» :‬رقتهيين كرقيية الجلييد‬
‫الييذي رأيييت فييي داخييل البيضيية ممييا يلييي القشيير وهييو‬
‫الغرقىء« قلت‪ :‬يا رسول الله أخييبرني عيين قييوله }عربيا ً‬
‫أترابًا{ قال »هن اللواتي قبضيين فييي الييدار الييدنيا عجييائز‬
‫رمصا ً شمصًا‪ ,‬خلقهن الله بعد الكبر فجعلهن عذارى عرب يا ً‬
‫متعشقات محببات أترابا ً على ميلد واحد« قلت‪ :‬يا رسول‬
‫الله نساء الدنيا أفضل أم الحور العين ؟ قييال‪» :‬بييل نسيياء‬
‫الييدنيا أفضييل ميين الحييور العييين كفضييل الظهييارة علييى‬
‫البطانة« قلت‪ :‬يا رسول الله وبم ذاك ؟ قييال‪» :‬بصييلتهن‬
‫وصيامهن وعبادتهن الليه عيز وجيل‪ .‬ألبيس الليه وجيوههن‬
‫النور وأجسادهن الحرير‪ .‬بيض اللوان خضر الثييياب صييفر‬
‫الحلييي مجييامرهن الييدر وأمشيياطهن الييذهب‪ ,‬يقليين نحيين‬
‫الخالدات فل نموت أبييدا ً ونحيين الناعمييات فل نبييأس أبييدًا‪,‬‬
‫ونحيين المقيمييات فل نظعيين أبييدا ً أل ونحيين الراضيييات فل‬
‫نسخط أبدًا‪ ,‬طوبى لمن كنا له وكان لنا« قلت‪ :‬يييا رسييول‬
‫الله المرأة منا تتزوج زوجين والثلثيية والربعيية ثييم تمييوت‬
‫فتدخل الجنة ويدخلون معها‪ ,‬من يكون زوجها ؟ قال‪» :‬يييا‬
‫أم سلمة إنها تخير فتختار أحسنهم خلقًا‪ ,‬فتقول يا رب إن‬
‫هذا كان أحسن خلقيا ً معييي فزوجنيييه‪ ,‬يييا أم سييلمة ذهييب‬
‫لخيييييييرة«‪.‬‬ ‫حسييييييين الخليييييييق بخيييييييير اليييييييدنيا وا َ‬
‫وفيي حيديث الصيور الطوييل المشيهور أن رسيول الليه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ,‬يشفع للمييؤمنين كلهييم فييي دخييول‬
‫الجنة‪ ,‬فيقول الله تعالى قد شفعتك وأذنت لهييم بييدخولها‪,‬‬

‫‪534‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فكان رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم يقييول‪» :‬والييذي‬
‫بعثنييي بييالحق مييا أنتييم فييي الييدنيا بييأعرف بييأزواجكم‬
‫ومساكنكم من أهل الجنيية بييأزواجهم ومسيياكنهم‪ ,‬فيييدخل‬
‫الرجل منهم على ثنتين وسبعين زوجة ممييا ينشييىء اللييه‪,‬‬
‫وثنتين من ولد آدم لهما فضل على من أنشأ الله بعبادتهما‬
‫في الدنيا‪ ,‬يدخل الولى منهما في غرفة ميين ياقوتيية علييى‬
‫سرير ميين ذهييب مكلييل بيياللؤلؤ عليييه سييبعون زوجيا ً ميين‬
‫سندس وإستبرق‪ ,‬وإنه ليضع يده بين كتفيها ثم ينظر إلييى‬
‫يده من صدرها من وراء ثيابها وجلدها ولحمها‪ ,‬وإنه لينظر‬
‫إلى مخ ساقها كما ينظير أحييدكم إليى السيلك فييي قصيبة‬
‫الياقوت كبده لها مرآة‪ ,‬يعني وكبدها له مييرآة‪ ,‬فبينمييا هييو‬
‫عندها ل يملها ول تمله ول يأتيها من مرة إل وجدها عذراء‪,‬‬
‫ما يفيتر ذكييره ول يشييتكي قبلهيا إل أنيه ل منييي ول منيية‪,‬‬
‫فبينما هو كذلك إذ نودي إنا قد عرفنا أنك ل تمل ول تمييل‪,‬‬
‫إل أن لك أزواجا ً غيرها فيخرج فيأتيهن واحدة واحدة‪ ,‬كلما‬
‫جاء واحدة قالت‪ :‬والله ما في الجنة شيييء أحسيين منييك‪,‬‬
‫وما في الجنة شيء أحب إلي منييك« وقييال عبييد اللييه بيين‬
‫وهب‪ :‬أخبرني عمرو بن الحارث عن دراج عن ابن حجيرة‬
‫عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسييلم أنييه‬
‫قال له‪ :‬أنطأ في الجنة ؟ قال »نعييم‪ ,‬والييذي نفسييي بيييده‬
‫دحمييا ً دحمييًا‪ ,‬فييإذا قييام عنهييا رجعييت مطهييرة بكييرًا«‪.‬‬
‫وقال الطبراني‪ :‬حدثنا إبراهيم بن جابر الفقيه البغييدادي‪,‬‬
‫حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي الواسطي حدثنا معلى‬
‫بيين عبييد الرحميين الواسييطي‪ ,‬حييدثنا شييريك عيين عاصييم‬
‫الحول عن أبي المتوكل عن أبي سعيد قال‪ :‬قييال رسييول‬
‫الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬إن أهييل الجنيية إذا جييامعوا‬
‫نساءهم عدن أبكييارًا« وقييال أبييو داود الطيالسييي‪ :‬أخبرنييا‬
‫عمران عن قتادة عن أنس قيال‪ :‬قيال رسيول الليه صيلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكييذا‬
‫في النسيياء‪ ,‬قلييت‪ :‬يييا رسييول اللييه ويطيييق ذلييك ؟ قييال‪:‬‬
‫يعطى قييوة مييائة« ورواه الترمييذي ميين حييديث أبييي داود‬
‫وقييال‪ :‬صييحيح غريييب‪ .‬وروى أبييو القاسييم الطييبراني ميين‬

‫‪535‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حديث حسين بن علي الجعفي عيين زائدة عين هشييام بيين‬
‫حسان‪ ,‬عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال‪ :‬قيل يييا‬
‫رسول الله هل نصل إلييى نسييائنا فييي الجنيية ؟ قييال‪» :‬إن‬
‫الرجل ليصل في اليوم إلى مائة عذراء« قال الحافظ أبييو‬
‫عبييد اللييه المقدسييي‪ :‬هييذا الحييديث عنييدي علييى شييرط‬
‫الصييييييييييييييييييحيح واللييييييييييييييييييه أعلييييييييييييييييييم‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬عربًا{ قال سعيد بن جبير عن ابن عباس‪ :‬يعني‬
‫متجببات إلى أزواجهيين‪ ,‬ألييم تيير إلييى الناقيية الضييبعة هييي‬
‫كذلك‪ ,‬وقال الضحاك عيين ابيين عبيياس‪ :‬العييرب العواشييق‬
‫لزواجهن وأزواجهن لهن عاشقون‪ ,‬وكذا قال عبد الله بيين‬
‫سرجس ومجاهد وعكرمة وأبو العالية ويحيى بن أبي كييثير‬
‫وعطية والحسن وقتادة والضحاك وغيرهم‪ ,‬وقال ثييور بيين‬
‫يزيد عن عكرمة قال‪ :‬سئل ابن عباس عن قوله‪} :‬عربييًا{‬
‫قال‪ :‬هي الملقيية لزوجهييا‪ .‬وقييال شييعبة عيين سييماك عيين‬
‫عكرمة‪ :‬هي الغنجة‪ .‬وقال الجلح بن عبد الله عن عكرمة‪:‬‬
‫هي الشكلة‪ ,‬وقال صالح بن حّيان عن عبد الله بيين بريييدة‬
‫في قوله‪} :‬عربًا{ قال‪ :‬الشكلة بلغيية أهييل مكيية والغنجيية‬
‫بلغة أهل المدينة‪ ,‬وقال تميم بن حذلم‪ :‬هي حسن التبعل‪.‬‬
‫وقال زيد بن أسلم وابنييه عبييد الرحميين‪ :‬العييرب حسيينات‬
‫الكلم وقييال ابيين أبييي حيياتم ذكيير عيين سييهل بيين عثمييان‬
‫العسكري‪ ,‬حدثنا أبو علي عن جعفيير بيين محمييد عيين أبيييه‬
‫عن جده قال‪ :‬قال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»عربيييييييا ً يييييييي قيييييييال يييييييي كلمهييييييين عربيييييييي«‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬أترابًا{ قال الضحاك عن ابن عباس‪ :‬يعنييي فييي‬
‫سيين واحييدة ثلث وثلثييين سيينة‪ ,‬وقييال مجاهييد‪ :‬التييراب‬
‫المستويات‪ ,‬وفي رواية عنه المثال‪ ,‬وقال عطييية القييران‬
‫وقال السدي }أترابًا{ أي في الخلق المتواخيييات بينهيين‪,‬‬
‫ليس بينهن تبيياغض ول تحاسييد‪ ,‬يعنييي ل كمييا كيين ضييرائر‬
‫متعاديات‪ .‬وقال ابن أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييو سييعيد الشييج‪,‬‬
‫حدثنا أبو أسييامة عيين عبييد اللييه بيين الكهييف عيين الحسيين‬
‫ومحمد }عربيا ً أترابيًا{ قييال‪ :‬المسييتويات السيينان يييأتلفن‬
‫جميعا ً ويلعبن جميعًا‪ ,‬وقد روى أبييو عيسييى الترمييذي عيين‬

‫‪536‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أحمد بن منيع عن أبي معاوية عن عبد الرحمن بن إسحاق‬
‫عن النعمان بن سعد عن علي رضي الله عنييه قييال‪ :‬قييال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إن في الجنة لمجتمعا ً‬
‫للحور العين يرفعن أصواتا ً لم تسمع الخلئق بمثلها ي قييال‬
‫ي يقلن نحن الخالدات فل نبيد‪ ,‬ونحيين الناعمييات فل نبييأس‬
‫ونحن الراضيات فل نسخط طوبى لمن كان لنا وكنييا لييه«‬
‫ثيييييييييم قيييييييييال‪ :‬هيييييييييذا حيييييييييديث غرييييييييييب‪.‬‬
‫وقييال الحييافظ أبييو يعلييى‪ :‬أخبرنييا أبييو خيثميية‪ ,‬حييدثنا‬
‫إسماعيل بن عمر‪ ,‬حدثنا ابن أبي ذئب عن فلن عبييد اللييه‬
‫بن رافع عن بعض ولد أنس بن مالك عن أنس أن رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬إن الحييور العييين ليغنييين‬
‫في الجنة يقلن نحيين خيييرات حسييان خبئنييا لزواج كييرام«‬
‫قلت‪ :‬إسماعيل بن عمر هذا هو أبو المنذر الواسطي أحييد‬
‫الثقات الثبات‪ .‬وقد روى هذا الحديث المام عبييد الرحيييم‬
‫بن إبراهيم الملقب بدحيم عن ابن أبي فديك‪ ,‬عن ابن أبي‬
‫ذئب عن عون بن الخطاب بن عبد الله بن رافييع عيين ابيين‬
‫لنس عن أنس قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسييلم‪» :‬إن الحييور العييين يغنييين فييي الجنيية نحيين الحييور‬
‫الحسييان خلقنييا لزواج كييرام« وقييوله تعييالى‪} :‬لصييحاب‬
‫اليمييين{ أي خلقيين لصييحاب اليمييين أو ادخييرن لصييحاب‬
‫اليمييين أو زوجيين لصييحاب اليمييين‪ ,‬والظهيير أنييه متعلييق‬
‫بقوله }إنا أنشأناهن إنشيياًء فجعلنيياهن أبكييارا ً عربيا ً أترابيا ً‬
‫لصييحاب اليمييين{ فتقييديره أنشييأناهن لصييحاب اليمييين‪,‬‬
‫وهيييييييييييييذا تيييييييييييييوجيه ابييييييييييييين جريييييييييييييير‪.‬‬
‫وروي عن أبي سليمان الداراني رحمه الله تعييالى قييال‪:‬‬
‫صليت ليلة ثم جلست أدعييو وكييان الييبرد شييديدا ً فجعلييت‬
‫أدعو بيد واحدة‪ ,‬فأخذتني عيني فنمت فرأيت حوراء لم ير‬
‫مثلها وهي تقول‪ :‬يا أبا سليمان أتدعو بيد واحدة وأنا أغذى‬
‫لك في النعيم منذ خمسمائة سنة‪ .‬قلت‪ :‬ويحتمل أن يكون‬
‫قييوله‪} :‬لصييحاب اليمييين{ متعلقيا ً بمييا قبلييه وهييو قييوله‪:‬‬
‫}أترابا ً لصحاب اليمين{ أي فييي أسيينانهم‪ ,‬كمييا جيياء فييي‬
‫الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث جرييير عيين‬

‫‪537‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬أول زمييرة يييدخلون‬
‫الجنة على صورة القمر ليليية البييدر‪ ,‬والييذين يلييونهم علييى‬
‫ضوء أشد كوكب دري فييي السييماء إضيياءة‪ ,‬ل يبولييون ول‬
‫يتغوطييون ول يتفلييون ول يتمخطييون‪ ,‬أمشيياطهم الييذهب‬
‫ورشييحهم المسييك ومجييامرهم اللييوة‪ ,‬وأزواجهييم الحييور‬
‫العين‪ ,‬أخلقهم على خلق رجييل واحييد علييى صييورة أبيهييم‬
‫آدم ستون ذراعا ً في السماء« وقييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا‬
‫يزيييد بيين هييارون وعفييان قييال‪ :‬حييدثنا حميياد بيين سييلمة‪.‬‬
‫وروى الطبراني واللفظ له من حييديث حميياد بيين سييلمة‬
‫عن علي بن زيد بن جدعان عن سييعيد بيين المسيييب عيين‬
‫أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»يدخل أهل الجنة الجنة جردا ً مييردا ً بيض يا ً جعييادا ً مكحلييين‬
‫أبناء ثلث وثلثين‪ ,‬وهم على خلييق آدم سييتون ذراع يا ً فييي‬
‫عرض سبعة أذرع«‪ .‬وروى الترمذي ميين حييديث أبييي داود‬
‫الطيالسي عن عمران القطيان عين قتييادة عين شيهر بين‬
‫حوشب عن عبد الرحمن بن غنييم عيين معيياذ بيين جبييل أن‬
‫رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬يييدخل أهييل الجنيية‬
‫الجنة جردا ً مردا ً مكحلين بني ثلث وثلثين سنة« ثم قييال‪:‬‬
‫حسن غريب‪ .‬وقال ابن وهب‪ :‬أخبرنا عمرو بن الحارث أن‬
‫دراجا ً أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد قييال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬ميين مييات ميين‬
‫أهل الجنة من صغير أو كبير يردون بني ثلث وثلثييين فييي‬
‫الجنيية ل يزيييدون عليهييا أبييدا ً وكييذلك أهييل النييار« ورواه‬
‫الترمذي عن سويد بن نصر عن ابن المبارك عيين رشييدين‬
‫بييييين سيييييعد عييييين عميييييرو بييييين الحيييييارث بيييييه‪.‬‬
‫وقال أبو بكر بن أبي الييدنيا‪ :‬حييدثنا القاسييم بيين هاشييم‪,‬‬
‫حدثنا صفوان بن صالح‪ ,‬حدثنا رواد بن الجراح العسقلني‪,‬‬
‫حدثنا الوزاعي عن هارون بن ذئاب عيين أنييس قييال‪ :‬قييال‬
‫رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬يييدخل أهييل الجنيية‬
‫الجنة علييى طييول آدم سييتين ذراع يا ً بييذراع الملييك! علييى‬
‫حسيين يوسييف‪ ,‬وعلييى ميلد عيسييى ثلث وثلثييين سيينة‪,‬‬

‫‪538‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وعلى لسان محمد جرد مرد مكحلون« وقال أبيو بكير بين‬
‫أبي داود‪ :‬حدثنا محمود بن خالد وعبيياس بيين الوليييد قييال‪:‬‬
‫حدثنا عمر عن الوزاعي عن هارون بن ثابت عن أنس بن‬
‫مالك قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسييلم »يبعييث‬
‫أهل الجنة على صورة آدم في ميلد عيسييى ثلث وثلثييين‬
‫جردا ً مردا ً مكحلين‪ .‬ثم يذهب بهم إلى شييجرة فييي الجنيية‬
‫فيكسون منهيا ل تبليى ثييابهم ول يفنيى شيبابهم«‪ .‬وقيوله‬
‫لخرين{ أي جماعة من‬ ‫تعالى‪} :‬ثلة من الولين وثلة من ا َ‬
‫لخرييييييييييين‪.‬‬ ‫الولييييييييييين وجماعيييييييييية ميييييييييين ا َ‬
‫وقال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا المنييذر بيين شيياذان‪ ,‬حييدثنا‬
‫محمد بيين بكييار‪ ,‬حييدثنا سييعيد بيين بشييير عيين قتييادة عيين‬
‫الحسن عن عمران بن حصين عن عبيد الليه بين مسيعود‪,‬‬
‫قال وكان بعضهم يأخذ عيين بعييض قييال‪ :‬أكرينييا ذات ليليية‬
‫عند رسول الليه صيلى الليه علييه وسييلم ثييم غييدونا عليييه‬
‫فقال‪» :‬عرضت علي النبيياء وأتباعهيا بأممهيا فيمير علييي‬
‫النبي والنبي في العصابة! والنبي في الثلثة والنبي وليس‬
‫لية }أليس منكم رجل رشيييد{‬ ‫معه أحد ي وتل قتادة هذه ا َ‬
‫قال‪ :‬حتى مر علي موسى بن عمران في كبكبة ميين بنييي‬
‫إسرائيل قال‪ :‬قلت ربي من هذا ؟ قال‪ :‬هذا أخوك موسى‬
‫بن عمران ومن تبعه ميين بنييي إسييرائيل! قييال‪ :‬قلييت رب‬
‫فأين أمتي ؟ قال‪ :‬انظر عن يمينك في الضراب قييال فييإذا‬
‫وجوه الرجال قال‪ :‬قال أرضيت ؟ قال‪ :‬قلييت‪ :‬قييد رضيييت‬
‫رب‪ .‬قال‪ :‬انظر إلى الفق عن يسارك فإذا وجوه الرجييال‬
‫قال‪ :‬أرضيت ؟ قلت‪ :‬قد رضيت رب‪ .‬قال‪ :‬فإن مييع هييؤلء‬
‫سييبعين ألف يا ً يييدخلون الجنيية بغييير حسيياب«‪ .‬قييال وأنشييأ‬
‫عكاشة بن محصن من بني أسييد قييال سييعيد وكييان بييدريا ً‬
‫قال‪ :‬يا نييبي اللييه ادع اللييه أن يجعلنييي منهييم قييال‪ :‬فقييال‬
‫»اللهم اجعله منهم« قال أنشأ رجل آخر قال‪ :‬يا نبي اللييه‬
‫ادع الله أن يجعلنييي منهييم فقييال‪» :‬سييبقك بهييا عكاشيية«‬
‫قال‪ :‬فقييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬فييإن‬
‫اسييتطعتم فييداكم أبييي وأمييي أن تكونييوا ميين أصييحاب‬
‫السبعين فافعلوا‪ ,‬وإل فكونييوا ميين أصييحاب الضييراب‪ ,‬وإل‬

‫‪539‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فكونوا من أصحاب الفق‪ ,‬فإني قد رأيت أناسيا ً كييثيرا ً قييد‬
‫شبوا حوله ي ثم قييال يي إنييي لرجييو أن تكونييوا ربييع أهييل‬ ‫تأ ّ‬
‫الجنة« فكبرنا ثم قال‪» :‬إنييي لرجييو أن تكونييوا ثلييث أهييل‬
‫الجنة« قال‪ :‬فكبرنا قال‪» :‬إني لرجو أن تكونوا نصف أهل‬
‫الجنة« قال فكبرنا‪ ,‬قال ثم تل رسول الله صلى الله عليييه‬
‫لخرين{ قييال‪:‬‬ ‫لية }ثلة من الولين وثلة من ا َ‬ ‫وسلم هذه ا َ‬
‫فقلنا بيننا‪ :‬من هييؤلء السييبعون ألف يا ً ؟ فقلنييا‪ :‬هييم الييذين‬
‫ولدوا في السلم ولم يشييركوا‪ .‬قييال‪ :‬فبلغييه ذلييك فقييال‪:‬‬
‫»بل هم الذين ل يكتوون ول يسترقون ول يتطيرون وعلى‬
‫ربهم يتوكلون« وكذا رواه ابن جرير ميين طريقييين آخرييين‬
‫عن قتادة به نحوه‪ ,‬وهذا الحديث له طرق كثيرة ميين غييير‬
‫هذا الوجه في الصحاح وغيرها‪ ,‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا ابن‬
‫حميد‪ ,‬حدثنا مهران‪ ,‬حدثنا سفيان عن أبان بن أبي عييياش‬
‫عن سعيد بن جبير عن ابن عباس }ثلة من الولين * وثلة‬
‫لخرييين{ قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬ ‫ميين ا َ‬
‫وسييييييييلم‪» :‬همييييييييا جميعييييييييا ً ميييييييين أمييييييييتي«‪.‬‬

‫ب ال ّ‬ ‫َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫َ‬
‫موم ٍ‬ ‫سي ُ‬ ‫ل * ِفيي َ‬ ‫ما ِ‬ ‫شي َ‬ ‫حا ُ‬ ‫صي َ‬ ‫مآ أ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ش َ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬‫** وَأ ْ‬
‫م‬ ‫ري يم ٍ * إ ِن ّهُ ي ْ‬ ‫مييوم ٍ * ل ّ ب َييارِدٍ وَل َ ك َ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ميين ي َ ْ‬ ‫ل ّ‬ ‫ميم ٍ * وَظ ِ ّ‬ ‫ح ِ‬‫وَ َ‬
‫ث‬ ‫حن ي ِ‬ ‫ن عَل َييى ال ْ ِ‬ ‫صيّرو َ‬ ‫ن * وَك َيياُنوا ْ ي ُ ِ‬ ‫مت َْرِفيي َ‬ ‫ك ُ‬ ‫ل ذ َل ِي َ‬ ‫كاُنوا ْ قَب ْي َ‬ ‫َ‬
‫ظاميا ً أ َإ ِّنيا‬ ‫ع َ‬ ‫مت َْنا وَك ُّنيا ت َُرابيا ً وَ ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ن أ َإ ِ َ‬ ‫كاُنوا ْ ي ُِقوُلو َ‬ ‫ظيم ِ * وَ َ‬ ‫ال ْعَ ِ‬
‫َ‬
‫ن‬‫رييي َ‬ ‫خ َِ‬ ‫ن َوال َ ِ‬ ‫ن الوِّلييي َ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫ن * قُ ْ‬ ‫ن * أوَ آَبآؤَُنا الوُّلو َ‬ ‫مب ُْعوُثو َ‬ ‫لَ َ‬
‫م أي ّهَييا‬ ‫م إ ِن ّك ُي ْ‬ ‫معْل ُييوم ٍ * ث ُي ّ‬ ‫ت ي َيوْم ٍ ّ‬ ‫ميَقييا ِ‬ ‫ى ِ‬ ‫عو َ َ‬
‫ن إ ِلي َ‬ ‫مو ُ‬ ‫ج ُ‬‫م ْ‬ ‫* لَ َ‬
‫ميين َزقّييوم ٍ *‬ ‫جرٍ ّ‬ ‫شيي َ‬ ‫ميين َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن * ل َك ِل ُييو َ‬ ‫مك َيذ ُّبو َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ضييآّلو َ‬ ‫ال ّ‬
‫مييم ِ *‬ ‫ح ِ‬‫ن ال ْ َ‬‫مي َ‬ ‫ن عَل َي ْيهِ ِ‬ ‫شييارُِبو َ‬ ‫ن * فَ َ‬ ‫من ْهَييا ال ْب ُط ُييو َ‬ ‫ن ِ‬ ‫مال ُِئو َ‬ ‫فَ َ‬
‫ن‬
‫دي ِ‬ ‫م الييي ّ‬ ‫م ي َيييوْ َ‬ ‫ذا ن ُُزل ُهُييي ْ‬ ‫هـييي َ‬‫ب ال ِْهييييم ِ * َ‬ ‫شيييْر َ‬ ‫ن ُ‬ ‫شيييارُِبو َ‬ ‫فَ َ‬
‫لما ذكر تعالى حال أصحاب اليمييين عطيف عليهييم بييذكر‬
‫أصحاب الشمال فقييال‪} :‬وأصييحاب الشييمال مييا أصييحاب‬
‫الشييمال{ أي أيّ شيييء هييم فيييه أصييحاب الشييمال ؟ ثييم‬
‫فسيير ذلييك فقييال‪} :‬فييي سييموم{ وهييو الهييواء الحييار‬
‫}وحميم{ وهو الماء الحار }وظل من يحمييوم{ قييال ابيين‬

‫‪540‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عباس‪ :‬ظل الدخان‪ ,‬وكذا قال مجاهد وعكرمة وأبو صييالح‬
‫وقتادة والسدي وغيرهييم‪ ,‬وهييذه كقييوله تعييالى‪}:‬انطلقييوا‬
‫إلى ما كنتم به تكذبون * انطلقوا إلى ظل ذي ثلث شعب‬
‫ل ظليل ول يغني من اللهب * إنهييا ترمييي بشييرر كالقصيير‬
‫كأنه جمالة صفر * ويل يومئذ للمكذبين{ ولهذا قال ههنييا‪:‬‬
‫}وظييل ميين يحمييوم{ وهييو الييدخان السييود }ل بييارد ول‬
‫كريم{ أي ليس طيب الهبوب ول حسن المنظر كمييا قييال‬
‫الحسيين وقتييادة }ول كريييم{ أي ول كريييم المنظيير‪ ,‬قييال‬
‫الضيييحاك‪ :‬كيييل شيييراب لييييس بعيييذب فلييييس بكرييييم‪.‬‬
‫وقال ابين جرييير‪ :‬العيرب تتبييع هييذه اللفظية فييي النفيي‬
‫فيقولون‪ :‬هذا الطعام ليييس بطيييب ول كريييم‪ ,‬هييذا اللحييم‬
‫ليييس بسييمين ول كريييم‪ .‬وهييذه الييدار ليسييت بنظيفيية ول‬
‫كريمة‪ .‬وكذا رواه ابن جرير من طريقين آخرين عن قتادة‬
‫به نحوه‪ ,‬ثم ذكيير تعييالى اسييتحقاقهم لييذلك فقييال تعييالى‪:‬‬
‫}إنهم كانوا قبل ذلك مترفين{ أي كييانوا فييي الييدار الييدنيا‬
‫منعمين مقبلين على لذات أنفسهم ل يلوون ما جاءتهم به‬
‫الرسييل }وكييانوا يصييرون{ أي يقيمييون ول ينييوون توبيية‬
‫}على الحنث العظيييم{ وهييو الكفيير بييالله وجعييل الوثييان‬
‫والنييداد أربابييا ً ميين دون اللييه‪ .‬قييال ابيين عبيياس الحنييث‬
‫العظيم‪ :‬الشييرك‪ .‬وكييذا قييال مجاهييد وعكرميية والضييحاك‬
‫وقتييادة والسييدي وغيرهييم‪ .‬وقييال الشييعبي‪ :‬هييو اليمييين‬
‫الغموس }وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا تراب يا ً وعظام يا ً أئنييا‬
‫لمبعوثون أو آباؤنييا الولييون ؟{ يعنييي أنهييم يقولييون ذلييك‬
‫مكذبين به مستبعدين لوقوعه‪ ,‬قال اللييه تعييالى‪} :‬قييل إن‬
‫لخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلييوم{ أي‬ ‫الولين وا َ‬
‫لخرييين ميين بنييي آدم‬ ‫أخييبرهم يييا محمييد أن الولييين وا َ‬
‫سيجمعون إلى عرصات القيامة ل يغادر منهييم أحييدًا‪ ,‬كمييا‬
‫قال تعالى‪} :‬ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود‬
‫* وما نؤخره إل لجل معدود * يوم يييأت ل تكلييم نفييس إل‬
‫بإذنه فمنهم شقي وسعيد{ ولهذا قال ههنا‪} :‬لمجموعييون‬
‫إلى ميقات يوم معلوم{ أي هييو مييوقت بييوقت محييدود‪ ,‬ل‬
‫يتقيييييييييدم ول يتيييييييييأخر ول يزييييييييييد ول ينقيييييييييص‪.‬‬

‫‪541‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لكلون من شجر من‬ ‫}ثم إنكم أيها الضالون المكذبون * َ‬
‫زقييوم * فمييالئون منهييا البطييون{ وذلييك أنهييم يقبضييون‬
‫ويسجرون حتى يأكلوا من شجر الزقوم حييتى يملوا منهييا‬
‫بطونهم‪} ,‬فشاربون عليه من الحميم * فشيياربون شييرب‬
‫الهيم{ وهي البل العطاش‪ ,‬واحدها أهيييم والنييثى هيميياء‪,‬‬
‫ويقال‪ :‬هائم وهائمة‪ ,‬قال ابن عباس ومجاهييد وسييعيد بيين‬
‫جبير وعكرمة‪ :‬الهيم‪ ,‬البل العطاش الظماء‪ ,‬وعن عكرمة‬
‫أنه قال‪ :‬الهيم البل المراض تمص الميياء مص يا ً ول تييروى‪.‬‬
‫وقال السدي‪ :‬الهيييم داء يأخييذ البييل فل تييروى أبييدا ً حييتى‬
‫تموت‪ ,‬فكذلك أهل جهنم ل يروون من الحميم أبدًا‪ .‬وعيين‬
‫خالد بن معدان أنه كان يكره أن يشرب شرب الهيييم غبيية‬
‫واحدة من غير أن يتنفس ثلثًا‪ ,‬ثم قال تعالى‪} :‬هذا نزلهم‬
‫يوم الدين{ أي هذا الذي وصييفنا هييو ضيييافتهم عنييد ربهييم‬
‫يوم حسييابهم‪ ,‬كمييا قييال تعييالى فييي حييق المييؤمنين‪} :‬إن‬
‫الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنييات الفييردوس‬
‫نييييييييييييييييز ً‬
‫ل{ أي ضيييييييييييييييييافة وكراميييييييييييييييية‪.‬‬

‫َ َ‬
‫ن*‬ ‫من ُييو َ‬ ‫مييا ت ُ ْ‬‫م ّ‬ ‫ن * أفََرأي ْت ُي ْ‬ ‫صيد ُّقو َ‬ ‫م فَل َيوْل َ ت ُ َ‬ ‫خل َْقَناك ُ ْ‬
‫ن َ‬ ‫ح ُ‬ ‫** ن َ ْ‬
‫ن ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫م‬‫ن َقييد ّْرَنا ب َي ْن َك ُي ُ‬ ‫حيي ُ‬ ‫ن * نَ ْ‬ ‫خييال ُِقو َ‬ ‫حيي ُ‬ ‫ه أم ن َ ْ‬ ‫خل ُُقييون َ ُ‬‫م تَ ْ‬ ‫أأنُتيي ْ‬
‫ال ْم يوت ومييا نح ين بمس يبوقين * عَل َيى َأن نب يد َ َ‬
‫م‬ ‫مث َييال َك ُ ْ‬
‫لأ ْ‬ ‫َّ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ ْ ُ ِ َ ْ ُ ِ َ‬
‫شيأةَ ا ُ َ‬ ‫َ‬
‫ى‬‫لولي َ‬ ‫م الن ّ ْ‬ ‫مت ُي ُ‬ ‫ن * وَل ََقد ْ عَل ِ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫ما ل َ ت َعْل َ ُ‬ ‫م ِفي َ‬ ‫شئ َك ُ ْ‬‫وَُنن ِ‬
‫فََلييييييييييييييييييييييييييييييوْل َ َتييييييييييييييييييييييييييييييذ َك ُّرو َ‬
‫ن‬
‫يقول تعالى مقررا ً للمعاد‪ ,‬ورادا ً على المكييذبين بييه ميين‬
‫أهل الزيغ‪ ,‬واللحاد من الذين قييالوا }أئذا متنييا وكنييا ترابيا ً‬
‫وعظاما ً أئنا لمبعوثون ؟{ وقولهم ذلييك صييدر منهييم علييى‬
‫وجه التكذيب والستبعاد‪ .‬فقييال تعييالى‪} :‬نحيين خلقنيياكم{‬
‫أي نحن ابتدأنا خلقكييم بعييد أن لييم تكونييوا شيييئا ً مييذكورًا‪,‬‬
‫أفليس الذي قدر على البداءة بقادر على العييادة بطريييق‬
‫الولى والحرى ؟ ولهيذا قيال‪} :‬فليول تصيدقون{ أي فهل‬
‫تصدقون بالبعث! ثم قال مستدل ً عليهم بقييوله‪} :‬أفرأيتييم‬
‫ما تمنون ؟ أأنتم تخلقييونه أم نحيين الخييالقون ؟{ أي أنتييم‬

‫‪542‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تقرونه في الرحام وتخلقونه فيها أم الله الخييالق لييذلك ؟‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬نحيين قييدرنا بينكييم المييوت{ أي صييرفناه‬
‫بينكم‪ ,‬وقال الضحاك‪ :‬ساوى فيه بين أهل السماء والرض‬
‫}وما نحن بمسبوقين{ أي ومييا نحيين بعيياجزين }علييى أن‬
‫نبييييدل أمثييييالكم{ أي نغييييير خلقكييييم يييييوم القياميييية‪.‬‬
‫}وننشئكم فيما ل تعلمون{ أي ميين الصييفات والحييوال‪.‬‬
‫ثييم قييال تعييالى‪} :‬ولقييد علمتييم النشييأة الولييى فلييول‬
‫تذكرون{ أي قد علمتم أن الله أنشأكم بعد أن لييم تكونييوا‬
‫شيييئا ً مييذكورًا‪ ,‬فخلقكييم وجعييل لكييم السييمع والبصييار‬
‫والفئدة‪ ,‬فهل تتذكرون وتعرفون أن الذي قييدر علييى هييذه‬
‫النشييأة وهييي البييداءة‪ ,‬قييادر علييى النشييأة الخييرى وهييي‬
‫العادة بطريق الولى والحييرى‪ ,‬كمييا قييال تعييالى‪} :‬وهييو‬
‫الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليييه{ وقييال تعييالى‪:‬‬
‫}أول يذكر النسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيييئًا{ }أو‬
‫لم ير النسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مييبين *‬
‫وضرب لنا مثل ً ونسي خلقه قال من يحيييي العظييام وهييي‬
‫رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مييرة وهييو بكييل خلييق‬
‫عليم{ وقال تعالى‪} :‬أيحسب النسان أن يترك سدى ألييم‬
‫يك نطفة من مني يمنى ؟ ثم كييان علقيية فخلييق فسييوى‪.‬‬
‫فجعل منه الزوجين الذكر والنثى أليس ذلييك بقييادر علييى‬
‫أن يحيييييييييييييييييييييييييييي المييييييييييييييييييييييييييوتى ؟{‪.‬‬

‫عون َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬
‫ن‬‫ن الّزارِعُييو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫هأ ْ‬ ‫م ت َْزَر ُ َ ُ‬ ‫ن * أأنت ُ ْ‬ ‫حُرُثو َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫** أفََرأي ُْتم ّ‬
‫ن‬‫مو َ‬ ‫مغَْر ُ‬‫ن * إ ِّنا ل َ ُ‬ ‫م ت ََفك ُّهو َ‬ ‫طاما ً فَظ َل ْت ُ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫جعَل َْناهُ ُ‬ ‫شآُء ل َ َ‬ ‫* ل َوْ ن َ َ‬
‫َ َ‬
‫ن*‬ ‫ش يَرُبو َ‬ ‫ذي ت َ ْ‬ ‫مييآَء ال ّي ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ن * أفََرأي ْت ُي ُ‬ ‫مو َ‬ ‫حُرو ُ‬ ‫م ْ‬‫ن َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫* بَ ْ‬
‫ن * ل َيوْ ن َ َ‬ ‫أ ََأنتم َأنزل ْتموه من ال ْميز َ‬
‫شييآءُ‬ ‫منزِل ُييو َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫حي ُ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ُ ْ ِ‬ ‫ُ ْ َ ُ ُ ُ ِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن*‬ ‫م الّناَر ال ِّتي ُتوُرو َ‬ ‫ن * أفََرأي ْت ُ ُ‬ ‫شك ُُرو َ‬ ‫جاجا ً فَل َوْل َ ت َ ْ‬ ‫جعَل َْناهُ أ َ‬ ‫َ‬
‫جعَل َْناهَييا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن َ‬ ‫حي ُ‬ ‫ن * نَ ْ‬ ‫ش يُئو َ‬ ‫من ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫ح ُ‬ ‫م نَ ْ‬‫جَرت ََهآ أ ْ‬ ‫ش َ‬ ‫م َ‬ ‫شأت ُ ْ‬ ‫م أن َ‬ ‫أأنت ُ ْ‬
‫ظي يم ِ‬ ‫ك ال ْعَ ِ‬ ‫س يم ِ َرب ّي َ‬ ‫ح ِبا ْ‬ ‫س يب ّ ْ‬ ‫ن * فَ َ‬ ‫وي َ‬ ‫مْق ي ِ‬ ‫مَتاع يا ً ل ّل ْ ُ‬ ‫ت َيذ ْك َِرةً وَ َ‬
‫يقول تعالى‪} :‬أفرأيتم ما تحرثييون ؟{ وهييو شييق الرض‬
‫وإثارتها والبييذر فيهييا }أأنتييم تزرعييونه ؟{ أي تنبتييونه فييي‬

‫‪543‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرض }أم نحيين الزارعييون{ أي بييل نحيين الييذين نقييره‬
‫قراره وننبته في الرض‪ .‬قال ابن جرير‪ :‬وقد حدثني أحمييد‬
‫بن الوليد القرشي‪ ,‬حدثنا مسلم بن أبي مسييلم الجرمييي‪,‬‬
‫حدثنا مخلد بن الحسين عيين هشييام عيين محمييد عيين أبييي‬
‫هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬ل‬
‫تقولن زرعت ولكن قل حرثت« قال أبو هريرة‪ :‬ألم تسمع‬
‫إلى قوله تعالى‪} :‬أفرأيتيم ميا تحرثيون أأنتيم تزرعيونه أم‬
‫نحن الزارعون ؟{ ورواه البزار عن محمد بن عبد الرحيييم‬
‫عن مسلم الجرمي به‪ ,‬وقال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييي‪,‬‬
‫حدثنا موسى بن إسماعيل‪ ,‬حدثنا حماد عن عطاء عن أبي‬
‫عبد الرحمن‪ :‬ل تقولوا زرعنا ولكن قولوا حرثنا وروي عيين‬
‫حجر المييدري أنييه كييان إذا قييرأ }أأنتييم تزرعييونه أم نحيين‬
‫الزارعييييون{ وأمثالهييييا يقييييول‪ :‬بييييل أنييييت يييييا رب‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬لو نشاء لجعلناه حطامًا{ أي نحن أنبتنيياه‬
‫بلطفنا ورحمتنييا وأبقينيياه لكييم رحمية بكييم بييل ولييو نشيياء‬
‫لجعلنيياه حطام يا ً أي ليبسييناه قبييل اسييتوائه واستحصيياده‬
‫}فظلتم تفكهون{ ثم فسر ذلك بقييوله‪} :‬إنييا لمغرمييون *‬
‫بل نحن محرومون{ أي لو جعلناه حطاما ً لظللتم تفكهييون‬
‫في المقالة تنوعون كلمكم فتقولون تارة إنا لمغرمون أي‬
‫لملقون‪ ,‬وقال مجاهد وعكرمة‪ :‬إنا لموقع بنا‪ .‬وقال قتادة‪:‬‬
‫معذبون وتارة يقولون بل نحيين محرومييون‪ .‬وقييال مجاهييد‬
‫أيضًا‪ :‬إنا لمغرمون ملقون للشيير أي بييل نحيين محييارفون‪,‬‬
‫قاله قتيادة‪ ,‬أي ل يثبيت لنيا ميال ول ينتييج لنيا ربيح‪ ,‬وقيال‬
‫مجاهد‪ :‬بل نحن محرومون أي محدودون يعني ل حظ لنييا‪,‬‬
‫وقييال ابيين عبيياس ومجاهييد }فظلتييم تفكهييون{ تعجبييون‪.‬‬
‫وقال مجاهد أيضًا‪ :‬فظلتم تفكهون تفجعون وتحزنون على‬
‫ما فاتكم من زرعكم‪ ,‬وهذا يرجع إلى الول‪ ,‬وهيو التعجيب‬
‫من السبب الذي من أجله أصيبوا في مالهم‪ ,‬وهييذا اختيييار‬
‫ابن جرير‪ .‬وقال عكرمة‪ :‬فظلتم تفكهييون تلومييون‪ ,‬وقييال‬
‫الحسن وقتادة والسدي‪ :‬فظلتم تفكهون تنييدمون‪ ,‬ومعنيياه‬
‫إما على ما أنفقتم أو على ما أسييلفتم ميين الييذنوب‪ ,‬قييال‬

‫‪544‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الكسائي‪ :‬تفكه من الضداد‪ ,‬تقول العرب تفكهييت بمعنييى‬
‫تنعمييييييييييت‪ ,‬وتفكهييييييييييت بمعنييييييييييى حزنييييييييييت‪.‬‬
‫ثم قال تعييالى‪} :‬أفرأيتييم الميياء الييذي تشييربون * أأنتييم‬
‫أنزلتموه ميين المييزن{ يعنييي السييحاب‪ ,‬قيياله ابيين عبيياس‬
‫ومجاهد وغير واحد }أم نحيين المنزلييون{ يقييول بييل نحيين‬
‫المنزلون }لو نشاء جعلناه أجاجًا{ أي زعافا ً مييرا ً ل يصييلح‬
‫لشرب ول زرع }فلول تشكرون{ أي فهل تشيكرون نعميية‬
‫الله عليكم في إنزاله المطر عليكم عذبا ً زلل ً }لكييم(منييه‬
‫شراب ومنه شييجر فيييه تسيييمون * ينبييت لكييم بييه الييزرع‬
‫والزيتون والنخيل والعناب ومن كل الثمرات إن في ذلييك‬
‫لية لقوم يتفكرون{ ‪ .‬وقييال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييي‪,‬‬ ‫َ‬
‫حدثنا عثمان بن سعيد بن مرة‪ ,‬حييدثنا فضيييل بيين مييرزوق‬
‫عن جابر عن أبي جعفر عن النبي صلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫أنه كان إذا شرب الماء قال‪» :‬الحمد لله الذي سقانا عذبا ً‬
‫فراتا ً برحمته‪ ,‬ولم يجعلييه ملحيا ً أجاجيا ً بييذنوبنا« ثييم قييال‪:‬‬
‫}أفرأيتييم النييار الييتي تييورون{ أي تقييدحون ميين الزنيياد‬
‫وتستخرجونها من أصلها }أأنتييم أنشييأتم شييجرتها أم نحيين‬
‫المنشييئون{ أي بييل نحيين الييذين جعلناهييا مودعيية فييي‬
‫موضعها‪ .‬وللعرب شجرتان )إحييداهما( المييرخ‪) ,‬والخييرى(‬
‫لخر‬ ‫العفار‪ ,‬إذا أخذ منهما غصنان أخضران فحك أحدهما با َ‬
‫تنييييييييياثر مييييييييين بينهميييييييييا شيييييييييرر النيييييييييار‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬نحن جعلناها تذكرة{ قال مجاهد وقتادة‪:‬‬
‫أي تذكر النار الكبرى‪ ,‬قال قتادة‪ :‬ذكر لنييا أن رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليييه وسييلم قييال‪» :‬يييا قييوم نيياركم هييذه الييتي‬
‫توقدون جزء من سبعين جييزءا ً ميين نييار جهنييم« قييالوا‪ :‬يييا‬
‫رسول الله إن كانت لكافية‪ .‬قال‪» :‬إنها قد ضييربت بالميياء‬
‫ضربتين ي أو مرتين ي حتى يستنفع بها بنو آدم ويدنوا منها«‬
‫وهذا الذي أرسله قتادة قد رواه المام أحمد فييي مسيينده‬
‫فقال‪ :‬حدثنا سفيان عن أبي الزنياد عين العيرج عيين أبييي‬
‫هريرة عن النبي صلى الله عليه وسييلم قييال‪» :‬إن نيياركم‬
‫هذه جزء من سبعين جزءا ً من نار جهنييم وضييربت بييالبحر‬
‫مرتين‪ ,‬ولول ذلك ما جعل اللييه فيهييا منفعيية لحييد« وقييال‬

‫‪545‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المام مالك عن أبي الزناد عن العرج عن أبي هريييرة أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬نار بني آدم الييتي‬
‫يوقدون جزء من سبعين جزءا ً من نييار جهنييم« فقييالوا‪ :‬يييا‬
‫رسول الله إن كانت لكافية‪ ,‬فقال‪» :‬إنها قد فضلت عليهييا‬
‫بتسييعة وسييتين جييزءًا« رواه البخيياري ميين حييديث مالييك‬
‫ومسلم من حديث أبي الزناد ورواه مسلم من حديث عبد‬
‫الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة به وفييي لفييظ‬
‫»والذي نفسي بيده لقد فضلت عليها بتسعة وستين جزءا ً‬
‫كلهن مثل حرها« وقد قال أبييو القاسييم الطييبراني‪ :‬حييدثنا‬
‫أحمد بن عمرو الخلل‪ ,‬حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي‪,‬‬
‫حدثنا معن بن عيسى الفزار عن مالك عن عمه أبي سهل‬
‫عن أبيه عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم »أتدرون ما مثل ناركم هييذه ميين نييار جهنييم ؟‬
‫لهي أشييد سييوادا ً ميين نيياركم هييذه بسييبعين ضييعفًا« قييال‬
‫الضياء المقدسييي وقييد رواه أبييو مصييعب عيين مالييك ولييم‬
‫يرفعيييييه وهيييييو عنيييييدي عليييييى شيييييرط الصيييييحيح‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ومتاعا ً للمقوين{ قال ابن عباس ومجاهد‬
‫وقتييادة والضييحاك والنضيير بيين عربييي‪ :‬يعنييي بييالمقوين‬
‫المسافرين‪ ,‬واختاره ابن جرير وقال‪ :‬ومنييه قييولهم أقييوت‬
‫الييدار إذا رحييل أهلهييا‪ ,‬وقييال غيييره‪ :‬القييي والقييواء القفيير‬
‫الخالي البعيد من العمران‪ .‬وقال عبد الرحمن بن زيييد بيين‬
‫أسلم‪ :‬المقوي ههنا الجائع‪ ,‬وقال ليث بن أبييي سييليم عيين‬
‫مجاهد‪ :‬ومتاعا ً للمقوين‪ ,‬للحاضر والمسافر لكييل طعييام ل‬
‫يصلحه إل النار‪ ,‬وكذا روى سفيان عن جييابر الجعفييي عيين‬
‫مجاهد‪ ,‬وقال ابن أبي نجيح عيين مجاهييد‪ :‬قييوله‪ :‬للمقييوين‬
‫يعنييي المسييتمتعين ميين النيياس أجمعييين‪ ,‬وكييذا ذكيير عيين‬
‫عكرمة‪ ,‬وهذا التفسير أعم من غيره‪ ,‬فإن الحاضر والبادي‬
‫من غني وفقير الجميع محتاجون إليهييا للطبييخ والصييطلء‬
‫والضاءة وغير ذلك من المنافع‪ ,‬ثم من لطف اللييه تعييالى‬
‫أن أودعهييا فييي الحجييار وخييالص الحديييد بحيييث يتمكيين‬
‫المسافر من حمل ذلك في متاعه وبين ثيييابه‪ ,‬فييإذا احتيياج‬
‫إلى ذلك في منزله أخرج زنده وأورى وأوقيد نياره فأطبيخ‬

‫‪546‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بها واصطلى بها واشتوى‪ ,‬واستأنس بها وانتفييع بهييا سييائر‬
‫النتفاعات‪ ,‬لهذا أفرد المسافرين وإن كان ذلك عام يا ً فييي‬
‫حق الناس كلهم! وقد يسييتدل لييه بمييا رواه المييام أحمييد‬
‫وأبو داود من حديث أبي خييداش حبييان بيين زيييد الشييرعي‬
‫الشامي عن رجل من المهاجرين من قرن أن رسول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬المسلمون شركاء في ثلثيية‪:‬‬
‫النار والكل والماء« وروى ابن ماجه بإسناد جيييد عيين أبييي‬
‫هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ثلث‬
‫ل يمنعن‪ :‬الماء والكل والنار« وله ميين حييديث ابيين عبيياس‬
‫مرفوعا ً مثل هذا زيادة وثمنه حرام‪ ,‬ولكن في إسناده عبد‬
‫اللييه بيين خييراش بيين حوشييب وهييو ضييعيف‪ ,‬واللييه أعلييم‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬فسييبح باسييم ربييك العظيييم{ أي الييذي‬
‫بقدرته خلق هذه الشياء المختلفة المتضادة‪ :‬الماء الييزلل‬
‫العذب البارد ولو شاء لجعله ملحا ً أجاجا ً كالبحار المغرقيية‪,‬‬
‫وخلق النار المحرقيية وجعييل ذلييك مصييلحة للعبيياد‪ ,‬وجعييل‬
‫هذه منفعة لهم في معاش دنياهم وزجرا ً لهم فييي المعياد‪.‬‬

‫ُ‬
‫ن‬‫مييو َ‬ ‫م ل ّيوْ ت َعْل َ ُ‬‫سي ٌ‬ ‫ه ل ََق َ‬ ‫جييوم ِ * وَإ ِن ّي ُ‬ ‫واقِ يِع الن ّ ُ‬ ‫م َ‬
‫م بِ َ‬‫س ُ‬ ‫** فَل َ أقْ ِ‬
‫ه‬
‫سيي ُ‬‫م ّ‬ ‫ن * ل ّ يَ َ‬ ‫مك ُْنو ٍ‬ ‫ب ّ‬ ‫م * ِفي ك َِتا ٍ‬ ‫ري ٌ‬‫ِ‬ ‫ن كَ‬ ‫ه ل َُقْرآ ٌ‬‫م * إ ِن ّ ُ‬ ‫ظي ٌ‬ ‫عَ ِ‬
‫َ‬
‫ذا‬‫ن * أفَب َِهـييي َ‬ ‫مي َ‬ ‫ب ال ْعَيييال َ ِ‬ ‫مييين ّر ّ‬ ‫ل ّ‬ ‫زيييي ٌ‬‫ِ‬ ‫ن * َتن‬ ‫مط َهّيييُرو َ‬ ‫إ ِل ّ ال ْ ُ‬
‫ال ْحديث َأنتم مدهنون * وتجعل ُييون رزقَك ُي َ‬
‫م ت ُك َيذ ُّبو َ‬
‫ن‬ ‫م أن ّك ُي ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ِْ‬ ‫ََ ْ َ‬ ‫َ ِ ِ ُ ْ ّ ْ ُِ َ‬
‫قال جويبر عن الضحاك‪ :‬إن الله تعالى ل يقسييم بشيييء‬
‫من خلقه ولكنه استفتاح يسييتفتح بييه كلمييه‪ ,‬وهييذا القييول‬
‫ضعيف‪ ,‬والذي عليه الجمهور أنه قسم من الله يقسم بمييا‬
‫شاء من خلقه‪ ,‬وهييو دليييل علييى عظمتييه‪ ,‬ثييم قييال بعييض‬
‫المفسرين‪ :‬ل ههنا زائدة وتقديره أقسييم بمواقييع النجييوم‪,‬‬
‫ورواه ابن جرير عن سييعيد بيين جييبير ويكييون جييوابه }إنيه‬
‫لقرآن كريم{ وقال آخييرون‪ :‬ليسييت ل زائدة ل معنييى لهييا‬
‫بل يؤتى بها في أول القسم إذا كان مقسما ً به على منفي‬
‫كقول عائشة رضي الله عنها‪ .‬ل والله ما مست يد رسول‬

‫‪547‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط‪ ,‬وهكذا ههنا تقدير‬
‫الكلم‪ :‬ل أقسم بمواقع النجييوم‪ ,‬ليييس الميير كمييا زعمتييم‬
‫في القرآن أنه سحر أوكهانة بل هو قرآن كريم‪ .‬وقال ابن‬
‫جرير وقال بعض أهل العربية‪ :‬معنييى قييوله‪} :‬فل أقسييم{‬
‫فليس المر كما تقولون ثم استأنف القسم بعد ذلك فقيل‬
‫أقسم واختلفوا في معنى قوله‪} :‬بمواقييع النجييوم{ فقييال‬
‫حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عيين ابيين عبيياس‪ :‬يعنييي‬
‫نجوم القرآن فإنه نزل جملة ليلة القدر من السماء العليييا‬
‫إلى السماء الدنيا‪ ,‬ثم نزل مفرقا ً في السنين بعد‪ .‬ثم قييرأ‬
‫لية‪ ,‬وقال الضحاك عن ابن عبيياس‪ :‬نييزل‬ ‫ابن عباس هذه ا َ‬
‫القييرآن جمليية ميين عنييد اللييه ميين اللييوح المحفييوظ إلييى‬
‫السييفرة الكييرام الكيياتبين فييي السييماء الييدنيا‪ ,‬فنجمتييه‬
‫السفرة على جبريييل عشييرين ليليية‪ ,‬ونجمييه جبريييل علييى‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم عشرين سنة فهو قوله‪} :‬فل‬
‫أقسم بمواقع النجوم{ نجيوم القييرآن‪ ,‬وكييذا قيال عكرميية‬
‫ومجاهد والسدي وأبو حييزرة‪ ,‬وقييال مجاهييد أيضيًا‪ :‬مواقييع‬
‫النجيييوم فيييي السيييماء ويقيييال مطالعهيييا ومشيييارقها‪.‬‬
‫وكذا قال الحسن وقتييادة وهييو اختيييار ابيين جرييير‪ ,‬وعيين‬
‫قتييادة‪ :‬مواقعهييا منازلهييا‪ ,‬وعيين الحسيين أيضيًا‪ :‬أن المييراد‬
‫بييذلك انتثارهييا يييوم القياميية‪ .‬وقييال الضييحاك }فل أقسييم‬
‫بمواقع النجوم{ يعني بذلك النواء التي كان أهل الجاهلييية‬
‫إذا أمطروا قيالوا‪ :‬مطرنيا بنيوء كيذا وكيذا‪ .‬وقيوله‪} :‬وإنيه‬
‫لقسييم لييو تعلمييون عظيييم{ أي وإن هييذا القسييم الييذي‬
‫أقسمت به لقسييم عظيييم‪ ,‬لييو تعلمييون عظمتييه لعظمتييم‬
‫المقسم به عليه }إنييه لقييرآن كريييم{ أي إن هييذا القييرآن‬
‫الذي نزل على محمد لكتاب عظيم }فييي كتيياب مكنييون{‬
‫أي معظم‪ ,‬في كتيياب معظييم محفييوظ مييوقر‪ .‬وقييال ابيين‬
‫جرير حييدثني إسييماعيل بيين موسييى‪ :‬أخبرنييا شييريك عيين‬
‫حكيم هو ابن جبير عن سعيد بن جبير عن ابيين عبيياس }ل‬
‫يمسه إل المطهييرون{ قييال‪ :‬الكتيياب الييذي فييي السييماء‪.‬‬
‫وقال العوفي عن ابيين عبيياس }ل يمسييه إل المطهييرون{‬
‫يعني الملئكة‪ ,‬وكذا قال أنس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن‬

‫‪548‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جبير والضييحاك وأبييو الشييعثاء جييابر بيين زيييد‪ ,‬وأبييو نهيييك‬
‫والسييدي وعبييد الرحميين بيين زيييد بيين أسييلم وغيرهييم‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا ابن عبد العلييى‪ ,‬حييدثنا ابيين ثييور‪,‬‬
‫حدثنامعمر عن قتييادة }ل يمسييه إل المطهييرون{ قييال‪ :‬ل‬
‫يمسه عند الله إل المطهرون‪ ,‬فأما في الدنيا فييإنه يمسييه‬
‫المجييوس النجييس‪ ,‬والمنييافق الرجييس‪ ,‬وقيال‪ :‬وهييي فييي‬
‫قراءة ابيين مسييعود‪ :‬مييا يمسييه إل المطهييرون‪ ,‬وقييال أبييو‬
‫العالية }ل يمسه إل المطهرون{ ليس أنتم‪ ,‬أنتم أصييحاب‬
‫الذنوب‪ ,‬وقال ابن زيد‪ :‬زعمت كفار قريش أن هذا القرآن‬
‫تنزلت به الشييياطين‪ ,‬فييأخبر اللييه تعييالى أنييه ل يمسييه إل‬
‫المطهرون كما قال تعالى‪} :‬وما تنزلت به الشياطين ومييا‬
‫ينبغي لهم وما يستطيعون إنهييم عيين السييمع لمعزولييون{‬
‫وهذا القول قول جيد‪ ,‬وهو ل يخرج عن القوال التي قبله‪,‬‬
‫وقال الفراء‪ :‬ل يجد طعمه ونفعييه إل ميين آميين بييه‪ .‬وقييال‬
‫آخرون }ل يمسه إل المطهرون{ أي من الجنابة والحييدث‬
‫لييية خييبر ومعناهييا الطلييب‪ ,‬قييالوا‪ :‬والمييراد‬‫قالوا‪ :‬ولفييظ ا َ‬
‫بالقرآن ههنا المصحف‪ ,‬كما روى مسلم عن ابيين عميير أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسييافر بييالقرآن‬
‫إلى أرض العدو مخافة أن يناله العييدو واحتجييوا فييي ذلييك‬
‫بما رواه المام مالك في موطئه عن عبد الله بن أبي بكيير‬
‫بن محمد بن عمرو بيين حييزم أن فييي الكتيياب الييذي كتبييه‬
‫رسول الله صلى الله عليييه وسييلم لعمييرو بيين حييزم أن ل‬
‫يمييييييييييييييييس القييييييييييييييييرآن إل طيييييييييييييييياهر‪.‬‬
‫وروى أبو داود في المراسيل مين حييديث الزهييري قييال‪:‬‬
‫قرأت في صحيفة عند أبي بكر بيين محمييد بيين عمييرو بيين‬
‫حزم أن رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم قييال‪» :‬ول‬
‫يمييس القييرآن إل طيياهر« وهييذه وجييادة جيييدة قييد قرأهييا‬
‫الزهري وغيره‪ ,‬ومثييل هييذا ينبغييي الخييذ بييه‪ ,‬وقييد أسيينده‬
‫الدارقطني عن عمرو بن حزم وعبد الله بن عمر وعثمييان‬
‫بن أبي العاص وفي إسناد كييل منهمييا نظيير‪ ,‬واللييه أعلييم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬تنزيل من رب العييالمين{ أي هييذا القييرآن‬
‫منزل من الله رب العييالمين وليييس هييو كمييا يقولييون إنييه‬

‫‪549‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سحر أو كهانة أو شعر‪ ,‬بييل هييو الحييق الييذي ل مرييية فيييه‬
‫وليس وراءه حق نافع‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬أفبهذا الحديث أنتم‬
‫مدهنون{ قال العوفي عن ابيين عبيياس‪ :‬أي مكييذبون غييير‬
‫مصدقين‪ ,‬وكذا قال الضحاك وأبييو حييزرة والسييدي‪ ,‬وقييال‬
‫مجاهد }مدهنون{ أي تريييدون أن تمييالئوهم فيييه وتركنييوا‬
‫إليهم }وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون{ قال بعضهم‪ :‬معنى‬
‫وتجعلون رزقكم بمعنى شكركم أنكم تكذبون أي تكييذبون‬
‫بدل الشكر‪ ,‬وقد روي عن علي وابن عبيياس أنهمييا قرآهييا‬
‫}وتجعلون شكركم أنكم تكذبون{ كما سيييأتي وقييال ابيين‬
‫جرير‪ :‬وقد ذكر عن الهيثم بن عدي أن من لغة أزدشيينوءة‬
‫مييييييييا رزق فلن بمعنييييييييى مييييييييا شييييييييكر فلن‪.‬‬
‫وقييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا حسييين بيين محمييد‪ ,‬حييدثنا‬
‫إسرائيل عن عبد العلى عن أبي عبد الرحميين عيين علييي‬
‫رضي الله عنييه قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬وتجعلون رزقكم يقييول‪ :‬شييكركم أنكييم تكييذبون‪,‬‬
‫وتقولون مطرنا بنوء كذا وكذا بنجم كذا وكذا« وهكذا رواه‬
‫ابن أبي حاتم عن أبيه عن مخول بن إبراهيم النهدي‪ ,‬وابن‬
‫جرير عن محمد بن المثنى عن عبيد الله بن موسى‪ ,‬وعن‬
‫يعقوب بن إبراهيم عن يحييى بين أبيي بكيير‪ ,‬ثلثتهيم عين‬
‫إسرائيل به مرفوعيًا‪ ,‬وكييذا رواه الترمييذي عيين أحمييد بيين‬
‫منيع عن حسين بن محمد وهو المروزي به‪ ,‬وقال‪ :‬حسيين‬
‫غريييب‪ ,‬وقييد رواه سييفيان الثييوري عيين عبييد العلييى ولييم‬
‫يرفعه‪ .‬وقييال ابيين جرييير‪ :‬حييدثنا محمييد بيين بشييار‪ ,‬حييدثنا‬
‫محمد بن جعفر‪ ,‬حدثنا شعبة عن أبي بشر عيين سييعيد بين‬
‫جبير عن ابن عبيياس‪ ,‬قييال‪ :‬مييا مطيير قييوم قييط إل أصييبح‬
‫بعضهم كافرا ً يقولييون مطرنييا بنييوء كييذا وكييذا‪ .‬وقييرأ ابيين‬
‫عبيياس }وتجعلييون شييكركم أنكييم تكييذبون{ وهييذا إسييناد‬
‫صحيح إلى ابن عباس‪ .‬وقال مالك في الموطأ عيين صييالح‬
‫بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بيين مسييعود‬
‫عن زيد بن خالد الجهني أنيه قيال‪ :‬صيلى بنيا رسيول الليه‬
‫صلى الله عليه وسلم صلة الصبح بالحديبية في أثر سماء‬
‫كانت في الليل‪ ,‬فلمييا انصييرف أقبييل علييى النيياس فقييال‪:‬‬

‫‪550‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫»هل تدرون ماذا قال ربكم« قييالوا‪ :‬اللييه ورسييوله أعلييم‪,‬‬
‫قال‪» :‬قال أصبح من عبادي مؤمن بييي وكييافر‪ ,‬فأمييا ميين‬
‫قال مطرنا بفضييل اللييه ورحمتييه فييذلك مييؤمن بييي كييافر‬
‫بالكوكب‪ ,‬وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكييذا فييذلك كييافر‬
‫بي ومؤمن بالكواكب« أخرجاه فييي الصييحيحين وأبييو داود‬
‫والنسيييييائي‪ ,‬كلهيييييم مييييين حيييييديث ماليييييك بيييييه‪.‬‬
‫وقال مسلم‪ :‬حدثنا محمد بن سلمة المرادي وعمرو بيين‬
‫سواد‪ ,‬حدثنا عبد الله بن وهب عن عمييرو بيين الحييارث أن‬
‫أبا يونس حدثه عن أبي هريرة عن رسول الله صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم أنه قال‪» :‬ما أنزل الله من السماء ميين بركيية‬
‫إل أصييبح فريييق ميين النيياس بهييا كييافرين‪ ,‬ينييزل الغيييث‬
‫فيقولييون بكييوكب كييذا وكييذا« انفييرد بييه مسييلم ميين هييذا‬
‫الوجه‪ .‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثني يونس‪ ,‬أخبرنا سييفيان عيين‬
‫محمييد بيين إسييحاق عيين محمييد بيين إبراهيييم بيين الحييارث‬
‫التيمي عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم قييال‪» :‬إن اللييه ليصييبح القييوم بالنعميية أو‬
‫يمسيهم بها فيصبح بها قوم كافرين‪ ,‬يقولييون مطرنييا بنييوء‬
‫كذا وكييذا«‪ ,‬قييال محمييد‪ :‬هييو ابيين إبراهيييم‪ ,‬فييذكرت هييذا‬
‫الحديث لسعيد بن المسيب فقال‪ :‬ونحيين قييد سييمعنا ميين‬
‫أبي هريرة‪ ,‬وقد أخبرني من شهد عمر بن الخطاب رضييي‬
‫الله عنه وهو يستسقي‪ ,‬فلما استسقى التفت إلى العباس‬
‫فقال‪ :‬يييا عبيياس يييا عييم رسييول اللييه كييم أبقييى ميين نييوء‬
‫الثريا ؟ فقال‪ :‬العلماء يزعمون أنها تعترض في الفق بعييد‬
‫سقوطها سبعًا‪ ,‬قال‪ :‬فما مضت سابعة حتى مطروا‪ ,‬وهذا‬
‫محمول على السؤال عيين الييوقت الييذي أجييرى اللييه فيييه‬
‫العادة بإنزال المطيير‪ ,‬ل أن ذلييك النييوء مييؤثر بنفسييه فييي‬
‫نزول المطر‪ ,‬فإن هذا هو المنهي عن اعتقاده‪ ,‬وقييد تقييدم‬
‫شيء من هذه الحاديث عند قوله تعييالى‪} :‬مييا يفتييح اللييه‬
‫للنييييييياس مييييييين رحمييييييية فل ممسيييييييك لهيييييييا{‪.‬‬
‫وقييال ابيين جرييير‪ :‬حييدثني يييونس‪ ,‬أخبرنييا سييفيان عيين‬
‫إسماعيل بن أمييية فيمييا أحسييبه أو غيييره أن رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم سييمع رجل ً ومطييروا يقييول‪ :‬مطرنييا‬

‫‪551‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ببعض عثانين السد‪ ,‬فقال‪» :‬كذبت بل هو رزق اللييه« ثييم‬
‫قال ابن جرير‪ :‬حدثني أبو صالح الصراري‪ ,‬حدثنا أبيو جيابر‬
‫محمد بن عبد الملك الزدي‪ ,‬حدثنا جعفيير بيين الزبييير عيين‬
‫القاسم‪ ,‬عن أبي أمامة عن النبي صلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫قال‪» :‬ما مطر قوم من ليلة إل أصبح قييوم بهييا كييافرين يي‬
‫ثم قال ي }وتجعلييون رزقكييم أنكييم تكييذبون{ يقييول قييائل‬
‫مطرنييا بنجييم كييذا وكييذا«‪ .‬وفييي حييديث عيين أبييي سييعيد‬
‫مرفوعًا‪» :‬لو قحط الناس سبع سيينين ثييم أمطييروا لقييالوا‬
‫مطرنا بنييوء المجييدع«‪ .‬وقييال مجاهييد }وتجعلييون رزقكييم‬
‫أنكم تكذبون{ قال‪ :‬قولهم فييي النييواء مطرنييا بنييوء كييذا‪,‬‬
‫وبنوء كذا‪ ,‬يقول‪ :‬قولوا هو من عند الله وهو رزقه‪ ,‬وهكييذا‬
‫قال الضحاك وغير واحد‪ ,‬وقال قتييادة‪ :‬أمييا الحسيين فكييان‬
‫يقول بئس ما أخذ قوم لنفسهم لم يرزقوا من كتاب اللييه‬
‫إل التكذيب‪ ,‬فمعنى قول الحسن هذا وتجعلون حظكم من‬
‫كتيياب اللييه أنكييم تكييذبون بييه ولهييذا قييال قبلييه‪} :‬أفبهييذا‬
‫الحديث أنتم مدهنون * وتجعلون رزقكييم أنكييم تكييذبون{‪.‬‬

‫حين َئ ِذٍ َتن ُ‬ ‫َ‬


‫ن*‬ ‫ظييُرو َ‬ ‫م ِ‬ ‫م * وَأنُتيي ْ‬ ‫حل ُْقييو َ‬
‫ت ال ْ ُ‬ ‫ذا ب َل ََغيي ِ‬ ‫** فََلييوْل َ إ ِ َ‬
‫ن * فَل َوْل َ ِإن ُ‬ ‫ونح َ‬
‫م‬
‫كنت ُي ْ‬ ‫صُرو َ‬ ‫كن ل ّ ت ُب ْ ِ‬‫م وََلـ ِ‬ ‫منك ُ ْ‬‫ب إ ِل َي ْهِ ِ‬ ‫ن أقَْر ُ‬ ‫ََ ْ ُ‬
‫ن‬‫صيييييادِِقي َ‬
‫م َ‬ ‫جُعون ََهيييييآ ِإن ُ‬
‫كنُتييييي ْ‬ ‫ن * ت َْر ِ‬ ‫ديِني َ‬ ‫مييييي ِ‬ ‫غَْييييييَر َ‬
‫يقول تعالى‪} :‬فلول إذا بلغت{ أي الروح }الحلقوم{ أي‬
‫الحلق وذلك حين الحتضار‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬كل إذا بلغت‬
‫التراقي وقيل من راق‪ .‬وظن أنه الفراق‪ :‬والتفييت السيياق‬
‫بالساق‪ ,‬إلى ربك يومئذ المساق{ ولهذا قال ههنا‪} :‬وأنتم‬
‫حينئذ تنظرون{ أي إلى المحتضر وما يكابده من سييكرات‬
‫الموت }ونحن أقرب إلييه منكيم{ أي بملئكتنيا }ولكين ل‬
‫لييية‬‫تبصرون{ أي ولكن ل ترونهم‪ ,‬كمييا قييال تعييالى فييي ا َ‬
‫الخرى‪} :‬وهو القاهر فوق عبيياده ويرسييل عليكييم حفظيية‬
‫حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم ل يفرطون *‬
‫ثم ردوا إلى الله مولهم الحييق أل لييه الحكييم وهييو أسييرع‬
‫الحاسييبين{ وقييوله تعييالى‪} :‬فلييول إن كنتييم غييير مييدينين‬

‫‪552‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ترجعونها{ معناه فهل ترجعون هذه النفس التي قد بلغييت‬
‫الحلقوم إلى مكانها الول ومقرها من الجسد إن كنتم غير‬
‫مييدينين‪ .‬قييال ابيين عبيياس‪ :‬يعنييي محاسييبين‪ ,‬وروي عيين‬
‫مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك والسييدي وأبييي‬
‫حييييييييييييييييييييييييييييييييزرة مثلييييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫وقال سعيد ين جبير والحسيين البصييري }فلييول إن كنتييم‬
‫غير مدينين{ غير مصدقين أنكم تدانون وتبعثييون وتجييزون‬
‫فييردوا هييذه النفييس‪ ,‬وعيين مجاهييد }غييير مييدينين{ غييير‬
‫موقنين‪ .‬وقال ميمون بن مهران‪ :‬غييير معييذبين مقهييورين‪.‬‬

‫َ‬
‫ت‬ ‫جن ّييا ُ‬‫ن وَ َ‬ ‫حييا ٌ‬ ‫ح وََري ْ َ‬ ‫ن * فَ يَروْ ٌ‬ ‫مَقّرِبي ي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫مي َ‬ ‫ن ِ‬
‫كا َ‬ ‫مآ ِإن َ‬ ‫** فَأ ّ‬
‫م لّ َ‬ ‫ب ال ْ‬ ‫كان من أ َ‬ ‫َ‬ ‫نِعيم * وأ َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫سل َ ٌ‬‫ن * فَ َ‬ ‫ِ‬ ‫مي‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫حا‬
‫َ‬ ‫ص‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫إن‬‫ِ‬ ‫مآ‬‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ََ ٍ‬
‫َ‬
‫ن*‬ ‫ضييآّلي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مك َيذ ِّبي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫مي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫مآ ِإن ك َييا َ‬ ‫ن * وَأ ّ‬ ‫مي ِ‬ ‫ب ال ْي َ ِ‬‫حا ِ‬ ‫ص َ‬
‫أ ْ‬
‫ق‬
‫حي ّ‬ ‫ذا ل َهُ يوَ َ‬ ‫هـ ي َ‬ ‫ن َ‬ ‫حي يم ٍ * إ ِ ّ‬ ‫ج ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ص يل ِي َ ُ‬‫مي يم ٍ * وَت َ ْ‬ ‫ح ِ‬‫ن َ‬ ‫مي ْ‬
‫ل ّ‬ ‫فَن ُُز ٌ‬
‫ظييييييييم ِ‬ ‫ك ال ْعَ ِ‬ ‫سيييييييم ِ َرب ّييييييي َ‬ ‫ح ِبا ْ‬ ‫سيييييييب ّ ْ‬ ‫ن * فَ َ‬ ‫الي َِقيييييييي ِ‬
‫ْ‬
‫هذه الحوال الثلثة هي أحييوال النيياس عنييد احتضييارهم‪,‬‬
‫إمييا أن يكييون ميين المقربييين أو يكييون مميين دونهييم ميين‬
‫أصييحاب اليمييين‪ ,‬وإمييا أن يكييون ميين المكييذبين بييالحق‬
‫الضالين عن الهدى الجاهلين بأمر الله‪ ,‬ولهذا قييال تعييالى‪:‬‬
‫}فأما إن كان{ أي المحتضر }من المقربين{ وهم الييذين‬
‫فعليييوا الواجبيييات والمسيييتحبات‪ ,‬وتركيييوا المحرميييات‬
‫والمكروهات وبعض المباحات }فروح وريحان وجنة نعيم{‬
‫أي فلهم روح وريحان وتبشرهم الملئكة بذلك عند الموت‬
‫كما تقدم في حديث البراء أن ملئكة الرحمة تقييول‪ :‬أيتهييا‬
‫الروح الطيبة في الجسد الطيييب كنييت تعمرينييه‪ ,‬اخرجييي‬
‫إلى روح وريحييان ورب غييير غضييبان‪ .‬قييال علييي بيين أبييي‬
‫طلحة عن ابن عباس }فروح{ يقول راحة وريحييان يقييول‬
‫مستراحة‪ ,‬وكذا قال مجاهد‪ :‬إن الييروح السييتراحة‪ ,‬وقييال‬
‫أبييو حييزرة‪ :‬الراحيية ميين الييدنيا‪ ,‬وقييال سييعيد بيين جييبير‬
‫والسدي‪ :‬الروح الفرح‪ ,‬وعن مجاهد }فروح وريحان{ جنة‬
‫ورخيياء وقييال قتييادة‪ :‬فييروح فرحميية‪ ,‬وقييال ابيين عبيياس‬

‫‪553‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ومجاهد وسعيد بن جبير‪ ,‬وريحان ورزق‪ ,‬وكل هذه القوال‬
‫متقاربة صحيحة‪ ,‬فإن من مات مقربا ً حصل له جميع ذلييك‬
‫من الرحمة والراحة والستراحة‪ ,‬والفرح والسرور والرزق‬
‫الحسن‪} ,‬وجنة نعيم{ وقال أبو العالية‪ :‬ل يفارق أحد ميين‬
‫المقربين حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيقبض روحه‬
‫فيه‪ .‬وقال محمد بن كعب‪ :‬ل يموت أحد ميين النيياس حييتى‬
‫يعلم ميين أهييل الجنيية هييو أم ميين أهييل النييار‪ ,‬وقييد قييدمنا‬
‫أحاديث الحتضييار عنييد قييوله تعييالى فييي سييورة إبراهيييم‪:‬‬
‫}يثبت اللييه الييذين آمنييوا بييالقول الثييابت{ ولييوكتبت ههنييا‬
‫لكان حسنًا‪ ,‬من جملتهييا حييديث تميييم الييداري عيين النييبي‬
‫صلى الله عليييه وسييلم يقييول‪» :‬يقييول اللييه تعييالى لملييك‬
‫الموت انطلق إلى فلن فائتني به فإنه قد جربته بالسييراء‬
‫والضييراء فوجييدته حيييث أحييب‪ ,‬ائتنييي فلريحييه ي ي قييال ي ي‬
‫فينطلق إليه مليك الميوت ومعيه خمسييمائة مين الملئكية‬
‫معهم أكفان وحنوط من الجنة‪ ,‬ومعهييم ضييبائر الريحييان يي‬
‫أصل الريحانة واحد ي وفي رأسها عشرون لونيا ً لكييل لييون‬
‫منها ريح سوى ريييح صيياحبه‪ ,‬ومعهييم الحرييير البيييض فيييه‬
‫المسك« وذكر تمام الحديث بطوله كما تقييدم وقييد وردت‬
‫أحيييييييييييياديث تتعلييييييييييييق بهييييييييييييذه ا َ‬
‫لييييييييييييية‪.‬‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا يونس بن محمييد‪ ,‬حييدثنا هييارون‬
‫عن بديل بن ميسرة‪ ,‬عن عبد الله بن شقيق‪ ,‬عن عائشيية‬
‫أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ }فروح‬
‫وريحييان{ برفييع الييراء‪ ,‬وكييذا رواه أبييو داود والترمييذي‬
‫والنسائي من حديث هارون‪ ,‬وهو ابن موسييى العييور بييه‪,‬‬
‫وقال الترمذي‪ :‬ل نعرفه إل من حديثه‪ ,‬وهذه القييراءة هييي‬
‫قييراءة يعقييوب وحييده وخييالفه البيياقون فقييرءوا }فييروح‬
‫وريحيييييييييييييييييان{ بفتيييييييييييييييييح اليييييييييييييييييراء‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا حسن‪ ,‬حدثنا ابن لهيعيية‪ ,‬حييدثنا‬
‫أبو السود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل أنييه سييمع درة‬
‫بنت معاذ تحدث عن أم هييانىء‪ ,‬أنهييا سييألت رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬أنتزاور إذا متنا ويرى بعضنا بعضا ً ؟‬
‫فقال رسول الله صلى الليه علييه وسيلم‪» :‬يكيون النسيم‬

‫‪554‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫طيرا ً يعلق بالشجر حتى إذا كان يييوم القياميية دخلييت كييل‬
‫نفس في جسدها«‪ .‬هذا الحديث فيه بشييارة لكييل مييؤمن‪,‬‬
‫ومعنى يعلق يأكل‪ ,‬ويشهد له بالصحة أيضا ً ما رواه المييام‬
‫أحمد عن المام محمد بيين إدريييس الشييافعي عيين المييام‬
‫مالك بن أنس عن الزهري‪ ,‬عن عبد الرحمن بن كعب بيين‬
‫مالك عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قييال‪:‬‬
‫»إنما نسمة المييؤمن طييائر يعلييق فييي شييجر الجنيية حييتى‬
‫يرجعه الله إلى جسييده يييوم يبعثييه«‪ .‬وهييذا إسييناد عظيييم‬
‫ومتيييييييييييييييييييييييييييييييين قييييييييييييييييييييييييييييييييويم‪.‬‬
‫وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قييال‪:‬‬
‫»إن أرواح الشهداء في حواصل طيييور خضيير تسييرح فييي‬
‫رياض الجنة حيييث شيياءت‪ ,‬ثييم تييأوي إلييى قناديييل معلقيية‬
‫بالعرش« الحديث‪ .‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عفييان‪ ,‬حييدثنا‬
‫همام ‪ ,‬حدثنا عطاء بن السائب قال‪ :‬كان أول يوم عرفييت‬
‫فيه عبد الرحمن بن أبي ليلى رأيييت شيييخا ً أبيييض الييرأس‬
‫واللحية على حمار‪ ,‬وهو يتبع جنازة فسمعته يقول‪ :‬حدثني‬
‫فلن بن فلن سمع رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫يقول‪» :‬من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه‪ ,‬ومن كره لقاء‬
‫الله كره الله لقاءه« قال‪ :‬فأكب القوم يبكون‪ ,‬فقال‪» :‬ما‬
‫يبكيكييم ؟« فقييالوا‪ :‬إنييا نكييره المييوت‪ ,‬قييال‪» :‬ليييس ذاك‬
‫ولكنييه إذا احتضيير }فأمييا إن كيان ميين المقربييين * فييروح‬
‫وريحان وجنة نعيم{ فإذا بشر بييذلك أحييب لقيياء اللييه عييز‬
‫وجييل‪ ,‬واللييه عييز وجييل للقييائه أحييب }وأمييا إن كييان ميين‬
‫المكذبين الضالين فنزل من حميييم وتصييلية جحيييم{ فييإذا‬
‫بشر بذلك كره لقاء الله والله تعالى للقييائه أكييره«‪ ,‬هكييذا‬
‫رواه المام أحمد‪ ,‬وفي الصييحيح عيين عائشيية رضييي اللييه‬
‫عنهييييييييييييييييييا شيييييييييييييييييياهد لمعنيييييييييييييييييياه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وأمييا إن كييان ميين أصييحاب اليمييين{ أي‬
‫وأما إذا كان المحتضر من أصحاب اليمين }فسلم لك من‬
‫أصحاب اليمين{ أي تبشرهم الملئكة بذلك تقول لحدهم‪:‬‬
‫سلم لييك أي ل بييأس عليييك أنييت إلييى سييلمة‪ ,‬أنييت ميين‬
‫أصحاب اليمين‪ ,‬وقال قتادة وابيين زيييد‪ :‬سييلم ميين عييذاب‬

‫‪555‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله وسلمت عليه ملئكة اللييه‪ ,‬كمييا قييال عكرميية‪ :‬تسييلم‬
‫عليه الملئكة وتخبره أنه من أصحاب اليمين‪ ,‬وهييذا معنييى‬
‫حسن‪ ,‬ويكون ذلك كقول الله تعالى‪} :‬إن الذين قالوا ربنا‬
‫اللييه ثييم اسييتقاموا تتنييزل عليهييم الملئكيية أل تخييافوا ول‬
‫تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم‬
‫لخييرة ولكييم فيهييا مييا تشييتهي‬ ‫فييي الحييياة الييدنيا وفييي ا َ‬
‫أنفسكم ولكم فيهيا ميا تيدعون * نيزل ً مين غفيور رحييم{‬
‫وقييال البخيياري }فسييلم لييك{ أي مسييلم لييك أنييك ميين‬
‫أصحاب اليمين‪ ,‬وألغيت أن وبقي معناهييا كمييا تقييول أنييت‬
‫مصدق مسافر عن قليل إذا كان قد قال إني مسييافر عيين‬
‫قليل‪ ,‬وقد يكون كالدعاء له كقولك سقيا ً لك ميين الرجييال‬
‫إن رفعت السلم‪ ,‬فهو من الدعاء‪ ,‬وقييد حكيياه ابيين جرييير‬
‫هكييذا عيين بعييض أهييل العربييية ومييال إليييه واللييه أعلييم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل‬
‫من حميم وتصلية جحيم{ أي وأما إن كييان المحتضيير ميين‬
‫المكذبين بالحق الضالين عن الهدى }فنييزل{ أي فضيييافة‬
‫}من حميم{ وهو المذاب الذي يصهر به مييا فييي بطييونهم‬
‫والجلود }وتصلية جحيييم{ أي وتقرييير لييه فييي النييار الييتي‬
‫تغمره من جميع جهاته‪ .‬ثم قال تعالى‪} :‬إن هييذا لهييو حييق‬
‫اليقين{ أي إن هذا الخبر لهو حق اليقين الذي ل مرية فيه‬
‫ول محيد لحد عنه }فسبح باسم ربك العظيم{ قال المام‬
‫أحمد‪ :‬حييدثنا أبييو عبييد الرحميين‪ ,‬حييدثنا موسييى بيين أيييوب‬
‫الغييافقي‪ ,‬حييدثني إييياس بيين عييامر عيين عقبيية بيين عييامر‬
‫الجهني قال‪ :‬لما نزلت على رسول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم }فسبح باسم ربييك العظيييم{ قييال‪» :‬اجعلوهييا فييي‬
‫ركييوعكم« ولمييا نزلييت }سييبح اسييم ربييك العلييى{ قييال‬
‫رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬اجعلوهييا فييي‬
‫سجودكم« وكذا رواه أبو داود وابن ماجه من حييديث عبييد‬
‫الله بن المبارك عن موسى بن أيييوب بييه‪ ,‬وقييال روح بيين‬
‫عبادة‪ :‬حدثنا حجاج الصواف عن أبي الزبير عن جابر قال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬من قال سييبحان‬
‫الله العظيم وبحمده غرسيت ليه نخلية فيي الجنيية« هكييذا‬

‫‪556‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رواه الترمذي من حديث روح‪ ,‬ورواه هييو والنسييائي أيض يا ً‬
‫من حديث حماد بن سلمة‪ ,‬من حديث أبي الزبير عن جابر‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم به‪ ,‬وقال الترمذي‪ :‬حسن‬
‫غريب ل نعرفه إل من حديث أبييي الزبييير‪ ,‬وقييال البخيياري‬
‫في آخر كتابه‪ :‬حدثنا أحمييد بيين أشييكاب حييدثنا محمييد بيين‬
‫فضيل‪ ,‬حدثنا عمارة بن القعقاع عن أبييي زرعيية عيين أبييي‬
‫هريييرة قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»كلمتييان خفيفتييان علييى اللسييان ثقيلتييان فييي الميييزان‬
‫حبيبتان إلى الرحمن‪ :‬سييبحان اللييه وبحمييده سييبحان اللييه‬
‫العظيم« ورواه بقية الجماعة إل أبا داود من حديث محمد‬
‫بن فضيل بإسناده مثله‪ ,‬آخر تفسير سورة الواقعيية و للييه‬
‫الحمد والمنة‪.‬‬

‫سورة الحديد‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا يزيد بن عبد ربه‪ ,‬حدثنا بقييية بيين‬
‫الوليد‪ ,‬حدثني بجير بن سعد عن خالد بن معدان عيين ابيين‬
‫أبي بلل عن عرباض بن سارية أنه حدثهم أن رسول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم كان يقرأ المسييبحات قبييل أن يرقييد‬
‫وقال‪» :‬إن فيهن آية أفضل من ألف آييية‪ ,‬وهكييذا رواه أبييو‬
‫داود والترمذي والنسائي ميين طييرق عيين بقييية بييه‪ .‬وقييال‬
‫الترمييذي‪ :‬حسيين غريييب‪ .‬ورواه النسييائي عيين ابيين أبييي‬
‫السرح عن ابن وهب عن معاوية بن صييالح عيين بجييير بيين‬
‫سعد‪ ,‬عن خالد بن معدان قال‪ :‬كان رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم فذكره مرسل‪ ,‬ولم يذكر عبد الله بن أبي بلل‬
‫لية المشييار إليهييا فييي الحييديث‬ ‫ول العرباض بن سارية‪ ,‬وا َ‬
‫لخير والظياهر‬ ‫هي والله أعلم قيوله تعيالى‪} :‬هيو الول وا َ‬
‫والباطن وهو بكل شيء عليم{ كما سيأتي بيييانه قريب يا ً إن‬
‫شاء الله تعالى‪ ,‬وبه الثقة وعليه التكلن‪ ,‬وهو حسبنا ونعم‬
‫الوكيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييل‪..‬‬

‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫‪557‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫م‬ ‫كيي ُ‬ ‫ح ِ‬‫زيُز ال ْ َ‬‫ض وَهُوَ ال ْعَ ِ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫ما ِفي ال ّ‬ ‫ح لل ّهِ َ‬ ‫سب ّ َ‬
‫** َ‬
‫ل‬ ‫ى كُ ّ‬ ‫َ‬ ‫مل ْ ُ‬ ‫* لَ ُ‬
‫ت وَهُوَ عَل َ‬ ‫مي ُ‬‫حِييي وَي ُ ِ‬
‫ض يُ ْ‬
‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬
‫س َ‬
‫ك ال ّ‬ ‫ه ُ‬
‫ل‬ ‫ن وَهُوَ ب ِك ُ ّ‬ ‫ظاهُِر َوال َْباط ِ ُ‬ ‫خُر َوال ّ‬‫ل َوال َ ِ‬‫ديٌر * هُوَ الوّ ُ‬ ‫يٍء قَ ِ‬ ‫ش ْ‬‫َ‬
‫م‬
‫يٍء عَِلييييييييييييييييييييييييييييييييي ٌ‬ ‫شيييييييييييييييييييييييييييييييي ْ‬ ‫َ‬
‫يخبر تعيالى أنيه يسيبح ليه ميا فيي السيموات وميا فيي‬
‫لييية‬ ‫الرض أي ميين الحيوانييات والنباتييات‪ ,‬كمييا قييال فييي ا َ‬
‫الخرى‪} :‬تسبح له السييموات السييبع والرض وميين فيهيين‬
‫وإن من شيء إل يسبح بحمده ولكن ل تفقهون تسييبيحهم‬
‫إنه كان حليما ً غفييورًا{ وقييوله تعييالى‪} :‬وهييو العزيييز{ أي‬
‫الذي قد خضع له كل شيء }الحكيييم{ فييي خلقييه وأمييره‬
‫وشرعه }له ملك السموات والرض يحيي ويميت{ أي هو‬
‫المالك المتصرف في خلقييه فيحيييي ويميييت ويعطييي ميين‬
‫يشاء ما يشاء }وهو على كل شيء قدير{ أي ما شاء كان‬
‫لخيير‬ ‫وما لييم يشييأ لييم يكيين‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬هييو الول وا َ‬
‫لية هي المشار إليها في حديث‬ ‫والظاهر والباطن{ وهذه ا َ‬
‫عرباض بن سارية أنها أفضل من ألف آية‪ ,‬وقال أبييو داود‪:‬‬
‫حدثنا عباس بن عبد العظيم‪ ,‬حدثنا النضر بن محمد‪ ,‬حدثنا‬
‫عكرمة ي يعني ابن عمار ي حدثنا أبو زميل قال‪ :‬سألت ابن‬
‫عباس فقلت‪ :‬ما شيء أجده في صدري ؟ قال‪ :‬مييا هييو ؟‬
‫قلت‪ :‬والله ل أتكلم به‪ .‬قال‪ :‬فقال لي‪ :‬أشيء من شييك ؟‬
‫قال وضحك‪ ,‬قال‪ :‬ما نجا من ذلك أحييد‪ ,‬قييال‪ :‬حييتى أنييزل‬
‫الله تعالى‪} :‬فإن كنت في شيك ممييا أنزلنييا إليييك فاسيأل‬
‫الذين يقييرءون الكتيياب ميين قبلييك لقييد جيياءك الحييق ميين‬
‫لية‪ ,‬قال‪ :‬وقال لي‪ :‬إذا وجييدت فييي نفسييك شيييئا ً‬ ‫ربك{ ا َ‬
‫لخر والظاهر والباطن وهو بكييل شيييء‬ ‫فقل }هو الول وا َ‬
‫لييية‬ ‫عليم{ وقييد اختلفييت عبييارات المفسييرين فييي هييذه ا َ‬
‫ل‪.‬‬ ‫وأقييييوالهم علييييى نحييييو ميييين بضييييعة عشيييير قييييو ً‬
‫وقال البخاري‪ :‬قال يحيى‪ :‬الظاهر على كل شيييء علم يا ً‬
‫والبيياطن علييى كييل شيييٍء علم يًا‪ .‬وقييال شيييخنا الحييافظ‬
‫المزي‪ :‬يحيى هذا هييو ابيين زييياد الفييراء‪ ,‬لييه كتيياب سييماه‬

‫‪558‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫معاني القرآن‪ ,‬وقد ورد في ذلييك أحيياديث‪ ,‬فميين ذلييك مييا‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا خلف بن الوليد‪ ,‬حدثنا ابيين عييياش‬
‫عن سيهيل بيين أبييي صيالح عيين أبيييه عيين أبييي هريييرة أن‬
‫رسول الله صلى الله علييه وسيلم كيان ييدعو عنيد النيوم‬
‫»اللهم رب السموات السييبع ورب العييرش العظيييم‪ ,‬ربنييا‬
‫ورب كل شيء‪ ,‬منزل التييوراة والنجيييل والفرقييان‪ ,‬فييالق‬
‫الحب والنوى ل إله إل أنت أعوذ بييك ميين شيير كييل شيييء‬
‫أنت آخييذ بناصيييته‪ ,‬أنييت الول فليييس قبلييك شيييء وأنييت‬
‫لخير فلييس بعيدك شييء‪ ,‬وأنيت الظياهر فلييس فوقيك‬ ‫ا َ‬
‫شيء‪ ,‬وأنت الباطن ليس دونك شيييء‪ .‬اقييض عنييا الييدين‪,‬‬
‫وأغننا من الفقر« ورواه مسلم في صحيحه‪ :‬حدثني زهييير‬
‫بن حرب‪ ,‬حدثنا جرير عن سهل قال‪ :‬كان أبو صالح يأمرنا‬
‫إذا أراد أحدنا أن ينام أن يضطجع علييى شييقه اليميين‪ ,‬ثييم‬
‫يقييول‪ :‬اللهييم رب السييموات ورب الرض ورب العييرش‬
‫العظيم‪ ,‬ربنا ورب كل شيء فالق الحييب والنييوى‪ ,‬ومنييزل‬
‫التوراة والنجيل والفرقان‪ ,‬أعوذ بك من شر كييل ذي شيير‬
‫أنت آخييذ بناصيييته‪ ,‬اللهييم أنييت الول فليييس قبلييك شيييء‬
‫لخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقييك‬ ‫وأنت ا َ‬
‫شيء‪ ,‬وأنت الباطن فليس دونك شيء‪ ,‬اقض عنييا الييدين‪,‬‬
‫واغننا من الفقر‪ ,‬وكان يييروي ذلييك عيين أبييي هريييرة عيين‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ,‬وقد روى الحييافظ أبييو يعلييى‬
‫الموصلي في مسنده عيين عائشيية أم المييؤمنين نحييو هييذا‬
‫فقييال‪ :‬حييدثنا عقبيية‪ ,‬حييدثنا يييونس‪ ,‬حييدثنا السييري بيين‬
‫إسماعيل عن الشعبي عن مسروق عن عائشة أنها قالت‪:‬‬
‫كييان رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم يييأمر بفراشييه‬
‫فيفييرش لييه مسييتقبل القبليية‪ ,‬فييإذا أوى إليييه توسييد كفييه‬
‫اليمنى ثم همس ما ييدرى ميا يقيول‪ ,‬فيإذا كيان فيي آخير‬
‫الليل رفع صوته فقال‪» :‬اللهم رب السموات السييبع ورب‬
‫العرش العظيم‪ ,‬إله كييل شيييء ومنييزل التييوراة والنجيييل‬
‫والفرقان‪ ,‬فالق الحب والنوى‪ .‬أعوذ بك من شر كل شيء‬
‫أنت آخذ بناصيته‪ .‬اللهم أنت الول الذي ليس قبلك شيء‪,‬‬
‫لخر الذي ليس بعدك شيييء وأنييت الظيياهر فليييس‬ ‫وأنت ا َ‬

‫‪559‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فوقك شيء‪ ,‬وأنت الباطن فليس دونك شيييء‪ ,‬اقيض عنييا‬
‫الدين وأغننا من الفقر« السري بن إسماعيل هذا هييو ابيين‬
‫عييييم الشييييعبي وهييييو ضييييعيف جييييدا ً واللييييه أعلييييم‪.‬‬
‫وقال أبو عيسى الترمذي عند تفسييير هييذه ا َ‬
‫لييية‪ :‬حييدثنا‬
‫عبد بن حميد وغير واحد المعنى واحد قييالوا حييدثنا يييونس‬
‫بن محمد‪ ,‬حدثنا شيبان بن عبييد الرحميين عيين قتييادة قييال‬
‫حدث الحسن عن أبي هريرة قييال‪ :‬بينمييا نييبي اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسييلم جييالس وأصييحابه إذ أتييى عليهييم سييحاب‬
‫فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬هل تدرون ما هييذا ؟‬
‫قالوا‪ :‬اللييه ورسييوله أعلييم‪ .‬قييال‪ :‬هييذا العنييان هييذه روايييا‬
‫الرض تسوقه إلى قوم ل يشكرونه ول يييدعونه‪ .‬ثييم قييال‪:‬‬
‫هل تدرون ما فوقكم ؟ قيالوا‪ :‬الليه ورسييوله أعليم‪ .‬قيال‪:‬‬
‫فإنها الرفيع سقف محفوظ وموج مكفوف‪ .‬ثييم قييال‪ :‬هييل‬
‫تدرون كم بينكم وبينها ؟ قالوا‪ :‬الله ورسييوله أعلييم‪ .‬قييال‪:‬‬
‫بينكم وبينها خمسمائة سنة‪ .‬ثم قال‪ :‬هل تييدرون مييا فييوق‬
‫ذلك ؟ قالوا‪ :‬اللييه ورسييوله أعلييم‪ .‬قييال‪ :‬فييإن فييوق ذلييك‬
‫سماء بعد ما بينهما مسيرة خمسمائة سنة ي حتى عد سبع‬
‫سماوات ي ما بين كل سماءين كما بين السماء والرض ثم‬
‫قال‪ :‬هل تدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا‪ :‬الله ورسييوله أعلييم‬
‫قال‪ :‬فإن فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء مثل بعد ما‬
‫بين السييماءين‪ ,‬ثيم قييال‪ :‬هييل تييدرون مييا الييذي تحتكييم ؟‬
‫قالوا‪ :‬الله ورسوله أعلم‪ .‬قال فإنها الرض‪ .‬ثييم قييال‪ :‬هييل‬
‫تدرون ما الذي تحت ذلك‪ .‬قالوا‪ :‬الله ورسوله أعلم‪ .‬قيال‪:‬‬
‫فإن تحتها أرضا ً أخرى بينهما مسيرة خمسمائة سنة ي حتى‬
‫عد سبع أرضين ي بين كل أرضين مسيرة خمسييمائة سيينة‪,‬‬
‫ثم قال‪ :‬والذي نفس محمد بيده لييو أنكييم دليتييم حبل ً إلييى‬
‫لخيير‬ ‫الرض السفلى لهبط على الله ثم قرأ‪} :‬هو الول وا َ‬
‫والظيييياهر والبيييياطن وهييييو بكييييل شيييييء عليييييم{‪.‬‬
‫ثم قييال الترمييذي‪ :‬هييذا حييديث غريييب ميين هييذا الييوجه‪,‬‬
‫ويروى عن أيوب ويونس يعنييي ابيين عبيييد وعلييي بيين زيييد‬
‫وقالوا‪ :‬لم يسمع الحسيين ميين أبييي هريييرة‪ .‬وفسيير بعييض‬
‫أهل العلم هذا الحديث فقالوا‪ :‬إنمييا هبيط عليى علييم الليه‬

‫‪560‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقدرته وسلطانه‪ ,‬وعلم اللييه وقييدرته وسييلطانه فييي كييل‬
‫مكان وهو على العرش كما وصف في كتابه‪ ,‬انتهى كلمه‪.‬‬
‫وقد روى المام أحمد هذا الحديث عن سريج عيين الحكييم‬
‫بن عبد الملك عن قتادة عن الحسن عن أبييي هريييرة عيين‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فذكره وعنييده وبعييد مييا بييين‬
‫الرضين مسيييرة سييبعمائة عييام وقييال‪ :‬لييو دليتييم أحييدكم‬
‫بحبل إلى الرض السفلى السابعة لهبط على الله ثم قييرأ‬
‫لخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم{‬ ‫}هو الول وا َ‬
‫ورواه ابن أبي حاتم والبزار من حديث أبي جعفيير الييرازي‬
‫عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة فذكر الحييديث ولييم‬
‫يذكر ابن أبي حاتم آخره‪ ,‬وهو قوله لو دليتييم بحبييل وإنمييا‬
‫قييال حييتى عييد سييبع أرضييين بييين كييل أرضييين مسيييرة‬
‫لخر والظاهر والبيياطن‬ ‫خمسمائة عام‪ ,‬ثم تل }هو الول وا َ‬
‫وهو بكل شيء عليم{‪ .‬وقال البزار‪ :‬لييم يييروه عيين النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم إل أبو هريرة‪ ,‬ورواه ابن جرييير عيين‬
‫بشر عن يزيييد عيين سييعيد عيين قتييادة }هييو الول وا َ‬
‫لخيير‬
‫والظاهر والباطن{‪ .‬وذكر لنا أن نبي الله صلى اللييه عليييه‬
‫وسلم بينما هو جالس فيي أصيحابه إذ مير عليهيم سيحاب‬
‫فقال‪ :‬هييل تييدرون مييا هييذا ؟ وذكيير الحييديث مثييل سييياق‬
‫الترمذي سواء‪ ,‬إل أنه مرسل من هييذا الييوجه‪ ,‬ولعييل هييذا‬
‫هو المحفوظ واللييه أعلييم‪ .‬وقييد روي ميين حييديث أبييي ذر‬
‫الغفاري رضي الله عنه وأرضاه‪ ,‬رواه الييبزار فييي مسيينده‬
‫والبيهقي في كتاب السماء والصفات‪ ,‬ولكين فيي إسييناده‬
‫نظر وفي متنه غرابة ونكارة‪ ,‬والله سبحانه وتعالى أعلييم‪.‬‬
‫وقال ابن جرير عند قوله تعالى‪} :‬ومن الرض مثلهيين{‪:‬‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬حدثنا ابن ثور عن معمر عيين قتييادة‬
‫قال‪ :‬التقى أربعة من الملئكة بين السييماء والرض فقييال‬
‫بعضهم لبعض‪ :‬من أين جئت ؟ قال أحدهم‪ :‬أرسييلني ربييي‬
‫م‪ .‬قييال ا َ‬
‫لخيير‪:‬‬ ‫عز وجييل ميين السييماء السييابعة وتركتييه ث َي ّ‬
‫م‪ .‬قال‬ ‫أرسلني ربي عز وجل من الرض السابعة وتركته ث َ ّ‬
‫لخيير‪:‬‬‫م‪ .‬قييال ا َ‬ ‫لخر‪ :‬أرسلني ربي من المشرق وتركته ث َي ّ‬ ‫ا َ‬
‫م‪ .‬وهييذا حييديث غريييب‬ ‫أرسلني ربي من المغرب وتركته ث َ ّ‬

‫‪561‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جدًا‪ ,‬وقد يكون الحديث الول موقوفا ً على قتادة كما روي‬
‫ههنيييييييييا مييييييييين قيييييييييوله‪ ,‬والليييييييييه أعليييييييييم‪.‬‬

‫َ‬
‫م‬‫س يت ّةِ أي ّييام ٍ ث ُي ّ‬ ‫ض فِييي ِ‬ ‫ت َوالْر َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سي َ‬ ‫خل َيقَ ال ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫** هُوَ ال ّ ِ‬
‫ج‬ ‫خ يُر ُ‬ ‫مييا ي َ ْ‬ ‫ض وَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ج فِييي الْر‬ ‫مييا ي َل ِي ُ‬ ‫م َ‬ ‫ش ي َعْل َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ست َوَىَ عََلى ال ْعَْر‬ ‫ا ْ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫م أي ْي َ‬ ‫معَك ُي ْ‬ ‫ج ِفيَها وَهُ يوَ َ‬ ‫ما ي َعُْر ُ‬ ‫مآِء وَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ما َينزِ ُ‬ ‫من َْها وَ َ‬
‫ِ‬
‫ت‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سي َ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫مل ْي ُ‬ ‫ه ُ‬‫صيييٌر * ل ّي ُ‬ ‫ن بَ ِ‬ ‫مل ُييو َ‬ ‫مييا ت َعْ َ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫م َوالل ّي ُ‬ ‫ما ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ل فِييي الن ّهَيياِر‬ ‫ّ‬
‫ج اللي ْي َ‬‫ْ‬ ‫مييوُر * ُيوِلي ُ‬ ‫جعُ ال ُ ُ‬ ‫ّ‬
‫ض وَإ ِلى اللهِ ت ُْر َ‬‫َ‬
‫َوالْر ِ‬
‫دورِ‬
‫صيي ُ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ذا ِ‬ ‫م ِبيي َ‬ ‫هييوَ عَِلييي ٌ‬ ‫ل وَ ُ‬ ‫ج الن َّهيياَر ِفييي ال ْل ّْييي ِ‬ ‫وَُيوِليي ُ‬
‫يخبر تعالى عن خلقه السموات والرض وما بينهما فييي‬
‫سييتة أيييام‪ ,‬ثييم أخييبر تعييالى باسييتوائه علييى العييرش بعييد‬
‫لييية وأشييباهها فييي‬ ‫خلقهن‪ ,‬وقد تقييدم الكلم علييى هييذه ا َ‬
‫سورة العراف بما أغنى عن إعيادته ههنييا‪ .‬وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}يعلم ما يلج في الرض{ أي يعلم عدد ما يدخل فيها ميين‬
‫حب وقطر }وما يخرج منها{ ميين نبييات وزرع وثمييار(كمييا‬
‫قال تعالى‪} :‬وعنده مفاتح الغيب ل يعلمها إل هو ويعلم ما‬
‫في البر والبحر وما تسييقط ميين ورقيية إل يعلمهييا ول حبيية‬
‫فييي ظلمييات الرض ول رطييب ول يييابس إل فييي كتيياب‬
‫مبين{ وقييوله تعييالى‪} :‬ومييا ينييزل ميين السييماء{ أي ميين‬
‫المطار‪ .‬والثلوج والييبرد والقييدار‪ .‬والحكييام مييع الملئكيية‬
‫الكرام‪ .‬وقيد تقيدم فيي سيورة البقيرة أنيه ميا ينيزل مين‬
‫قطرة من السماء إل ومعها ملك يقررها في المكان الذي‬
‫يأمر لله به حيث يشيياء اللييه تعييالى‪ .‬وقييوله تعييالى‪} ,‬ومييا‬
‫يعييرج فيهييا{ أي ميين الملئكيية والعمييال كمييا جيياء فييي‬
‫الصحيح »يرفع إليه عمل الليييل قبيل النهييار وعميل النهييار‬
‫قبل الليل«‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬وهو معكييم أينمييا كنتييم واللييه‬
‫بما تعملون بصير{ أي رقيب عليكم شيهيد عليى أعميالكم‬
‫حيث كنتم وأين كنتييم بييرا ً أو بحييرًا‪ ,‬فييي ليييل أو نهييار فييي‬
‫البيوت أو القفار‪ ,‬الجميع فييي علمييه علييى السييواء وتحييت‬
‫بصره وسمعه فيسمع كلمكم ويرى مكانكم‪ ,‬ويعلم سركم‬
‫ونجييواكم كمييا قييال تعييالى‪} :‬أل إنهييم يثنييون صييدورهم‬

‫‪562‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليستخفوا منه أل حين يستغشون ثيابهم يعلييم مييا يسييرون‬
‫وميييييا يعلنيييييون إنيييييه علييييييم بيييييذات الصيييييدور{‪.‬‬
‫وقال تعالى‪} :‬سواء منكم من أسر القول ومن جهيير بييه‬
‫ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار{ فل إله غيييره ول‬
‫رب سواه‪ ,‬وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم قال لجبريل لما سأله عن الحسان‪» :‬أن تعبييد‬
‫اللييه كأنييك تييراه فييإن لييم تكيين تييراه فييإنه يييراك« وروى‬
‫الحافظ أبو بكر السماعيلي من حديث نصر بن خزيمة بن‬
‫جنادة بن محفوظ بن علقميية‪ :‬حييدثني أبييي عيين نصيير بيين‬
‫علقمة عن أخيه عن عبد الرحمن بن عائذ قال‪ :‬قال عمر‪:‬‬
‫جاء رجل إلى النبي صلى الله عليييه وسييلم فقييال زودنييي‬
‫حكمة أعيش بها فقال‪» :‬استح الله كما تسييتحي رجل ً ميين‬
‫صالحي عشيرتك ل يفارقك« هذا حديث غريب‪ ,‬وروى أبييو‬
‫نعيم ميين حييديث عبييد اللييه بيين علوييية العييامري مرفوع يا ً‬
‫»ثلث من فعلهن فقد طعييم اليمييان إن عبييد اللييه وحييده‬
‫وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه في كل عام‪ ,‬ولييم يعييط‬
‫شرط اللئيميية ول المريضيية‪ ,‬ولكيين‬ ‫الهرمة ول الدرنة ول ال ّ‬
‫من أوسط أموالكم وزكى نفسه« وقال رجييل‪ :‬يييا رسييول‬
‫الله ما تزكية الميرء نفسيه ؟ فقيال‪» :‬يعلييم أن الليه معيه‬
‫حيث كان«‪ .‬وقال نعيم بن حماد رحمه الله‪ :‬حييدثنا عثمييان‬
‫بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي عن محمد بن مهيياجر‬
‫عن عروة بن رويم‪ ,‬عن عبد الرحمن بين غنيم عين عبيادة‬
‫بن الصامت قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»إن أفضل اليمييان أن تعلييم أن اللييه معييك حيثمييا كنييت«‬
‫غريب‪ ,‬وكان المام أحمد رحمييه اللييه تعييالى ينشييد هييذين‬
‫البييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييتين‪:‬‬
‫إذا مييا خلييوت الييدهر يوميًافل تقلخلييوت ولكيين قييل علييي‬
‫رقيبول تحسييبن اللييه يغفييل سيياعةول أن مييا تخفييي عليييه‬
‫يغيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييب‬
‫وقوله تعييالى‪} :‬لييه ملييك السييموات والرض وإلييى اللييه‬
‫لخرة كما قال تعالى‪:‬‬ ‫ترجع المور{ أي هو المالك للدنيا وا َ‬
‫لخرة والولى{ وهييو المحمييود علييى ذلييك كمييا‬ ‫}وإن لنا ل َ‬

‫‪563‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال تعالى‪} :‬وهو الله ل إله إل هو لييه الحمييد فييي الولييى‬
‫لخرة{ وقال تعالى‪} :‬الحمد لله لييه مييا فييي السييموات‬ ‫وا َ‬
‫لخييرة وهييو الحكيييم‬ ‫ومييا فييي الرض ولييه الحمييد فييي ا َ‬
‫الخييبير{‪ ,‬فجميييع مييا فييي السييموات والرض ملييك لييه‪,‬‬
‫وأهلهما عبيد أرقاء أذلء بين يديه كما قال تعالى‪} :‬إن كل‬
‫ميين فييي السييموات والرض إل آت الرحميين عبييدا ً لقييد‬
‫أحصاهم وعدهم عدا ً وكلهم آتيه يوم القيامة فييردًا{ ولهييذا‬
‫قييال‪} :‬وإلييى اللييه ترجييع المييور{ أي إليييه المرجييع يييوم‬
‫القيامة فيحكم في خلقييه بمييا يشيياء وهييو العييادل الييذي ل‬
‫يجور ول يظلم مثقال ذرة بل إن يكن عمل أحدهم حسيينة‬
‫واحدة يضاعفها إلى عشرة أمثالها }ويؤت من لييدنه أجييرا ً‬
‫عظيمًا{ وكما قال تعالى‪} :‬ونضع الموازين القسييط ليييوم‬
‫القيامة فل تظلييم نفييس شيييئا ً وإن كييان مثقييال حبيية ميين‬
‫خردل أتينا بها وكفى بنيا حاسيبين{ وقيوله تعيالى‪} :‬يولييج‬
‫الليل في النهار ويولج النهار في الليل{ أي هو المتصييرف‬
‫فييي الخلييق يقلييب الليييل والنهييار ويقييدرهما بحكمتييه كمييا‬
‫يشاء‪ ,‬فتارة يطيول اللييل ويقصير النهيار وتيارة بيالعكس‪,‬‬
‫وتارة يتركهما معتدلين‪ ,‬وتارة يكون الفصل شتاًء ثم ربيعا ً‬
‫ثم قيظا ً ثم خريفًا‪ ,‬وكل ذلك بحكمته وتقييديره لمييا يريييده‬
‫بخلقه }وهو عليم بذات الصييدور{ أي يعلييم السييرائر وإن‬
‫دقييييييييييييييييييييييييييييت وإن خفيييييييييييييييييييييييييييييت‪.‬‬

‫َ‬
‫ن ِفيهِ‬ ‫خل َِفي َ‬‫ست َ ْ‬ ‫م ْ‬‫كم ّ‬ ‫جعَل َ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫م ّ‬ ‫فُقوا ْ ِ‬ ‫سول ِهِ وَأن ِ‬ ‫مُنوا ْ ِبالل ّهِ وََر ُ‬ ‫** آ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م لَ‬ ‫مييا ل َك ُي ْ‬ ‫جيٌر ك َِبييٌر * وَ َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫م وَأنَفُقوا ْ ل َهُي ْ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫مُنوا ْ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫َفال ّ ِ‬
‫خ يذ َ‬ ‫م وَقَ يد ْ أ َ َ‬ ‫من ُييوا ْ ب َِرب ّك ُي ْ‬‫م ل ِت ُؤْ ِ‬ ‫عوك ُ ْ‬ ‫ل ي َد ْ ُ‬ ‫سو ُ‬ ‫ن ِبالل ّهِ َوالّر ُ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ت ُؤْ ِ‬
‫ى عَب ْيدِهِ‬ ‫ذي ي ُن َيّز ُ َ‬ ‫ن * هُ يوَ ال ّي ِ‬ ‫م يؤ ْ ِ‬ ‫م ِإن ُ‬ ‫ميَثاقَك ُ ْ‬
‫ل عَل ي َ‬ ‫مِني َ‬ ‫م ّ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫م‬‫ه ب ِك ُ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ت إ َِلى الّنورِ وَإ ِ ّ‬ ‫ما ِ‬ ‫ن الظ ّل ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫م ّ‬ ‫جك ُ ْ‬ ‫خرِ َ‬ ‫ت ل ّي ُ ْ‬ ‫ت ب َي َّنا ٍ‬ ‫آَيا ٍ‬
‫َ‬
‫ل الل ّيهِ وَل ِل ّيهِ‬ ‫س يِبي ِ‬ ‫فُقوا ْ فِييي َ‬ ‫م أل ّ ُتن ِ‬ ‫ما ل َك ُ ْ‬ ‫م * وَ َ‬ ‫حي ٌ‬ ‫ف ّر ِ‬ ‫ل ََرُءو ٌ‬
‫كم مي َ‬
‫ميين‬ ‫ن أنَفيقَ ِ‬ ‫من ُ ّ ْ‬ ‫وي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ل َ يَ ْ‬
‫ست َ‬ ‫ِ‬ ‫ت َوالْر‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫ث ال ّ‬ ‫ميَرا ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫من‬ ‫ن أنَفُقوا ْ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬ ‫ج ً‬‫م د ََر َ‬ ‫ك أعْظ َ ُ‬ ‫ل أوَْلـئ ِ َ‬ ‫ح وََقات َ َ‬ ‫قَب ْ ِ ْ‬
‫ل الَفت ْ ِ‬
‫خِبييٌر‬ ‫ن َ‬ ‫مل ُييو َ‬ ‫ما ت َعْ َ‬ ‫ه بِ َ‬‫ى َوالل ّ ُ‬ ‫سن َ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫ب َعْد ُ وََقات َُلوا ْ وَك ُل ّ وَعَد َ الل ّ ُ‬

‫‪564‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ه‬‫ه وَل َي ُ‬
‫ه ل َي ُ‬
‫عَف ُ‬ ‫سنا ً فَي ُ َ‬
‫ضييا ِ‬ ‫ه قَْرضا ً َ‬
‫ح َ‬ ‫ض الل ّ َ‬ ‫ذا ال ّ ِ‬
‫ذي ي ُْقرِ ُ‬ ‫من َ‬
‫* ّ‬
‫َ‬
‫م‬
‫ريييييييييييييييييييييييييييييييييي ٌ‬ ‫جيييييييييييييييييييييييييييييييييٌر ك َ ِ‬
‫أ ْ‬
‫أمر تبييارك وتعييالى باليمييان بييه وبرسييوله علييى الييوجه‬
‫الكمل‪ ,‬والدوام والثبات على ذلك والستمرار‪ ,‬وحث على‬
‫النفاق مما جعلكم مستخلفين فيه أي مما هو معكم علييى‬
‫سبيل العارية‪ ,‬فإنه قد كان في أيدي ميين قبلكييم ثييم صييار‬
‫إليكم‪ ,‬فأرشد الله تعالى إلى استعمال ما اسييتخلفتم فيييه‬
‫ميين المييال فييي طيياعته‪ ,‬فييإن تفعلييوا وإل حاسييبكم عليييه‬
‫وعيياقبكم لييترككم الواجبييات فيييه‪ ,‬وقييوله تعييالى‪} :‬ممييا‬
‫جعلكم مستخلفين فيه{ فيه إشارة إلى أنه سيكون مخلفا ً‬
‫عنك‪ ,‬فلعل وارثك أن يطيع الله فيه فيكون أسعد بما أنعم‬
‫الله به عليك منك‪ ,‬أو يعصي الله فيييه فتكييون قييد سييعيت‬
‫في معاونته على الثم والعدوان‪ .‬قال المام أحمييد‪ :‬حييدثنا‬
‫محمد بن جعفر‪ ,‬حدثنا شييعبة‪ ,‬سييمعت قتييادة يحييدث عيين‬
‫مطرف يعني ابيين عبييد اللييه بيين الشييخير عيين أبيييه قييال‪:‬‬
‫انتهيت إلى رسول الله صلى اللييه عليييه وآليه وسييلم وهييو‬
‫يقول‪» :‬ألهاكم التكاثر‪ ,‬يقول ابن آدم مالي مالي وهل ليك‬
‫من مالك إل ماأكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصييدقت‬
‫فأمضيت ؟« ورواه مسلم من حديث شعبة به وزاد‪» :‬وما‬
‫سيييييييوى ذليييييييك فيييييييذاهب وتييييييياركه للنييييييياس«‪.‬‬
‫وقيوله تعيالى‪} :‬فاليذين آمنيوا منكيم وأنفقيوا لهيم أجير‬
‫كبير{ ترغيب في اليميان والنفياق فيي الطاعية ثيم قيال‬
‫تعالى‪} :‬ومالكم ل تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا‬
‫بربكم ؟{ أي وأي شيء يمنعكم من اليمان والرسول بين‬
‫أظهركم يدعوكم إلى ذلييك ويييبين لكييم الحجييج والييبراهين‬
‫على صحة ما جاءكم به‪ ,‬وقد روينا في الحديث من طييرق‬
‫فييي أوائل شييرح كتيياب اليمييان ميين صييحيح البخيياري أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما ً لصييحابه‪» :‬أي‬
‫المؤمنين أعجب إليكم إيمانا ً ؟ قالوا‪ :‬الملئكيية‪ .‬قييال‪ :‬ومييا‬
‫لهييم ل يؤمنييون وهييم عنييد ربهييم ؟ قييالوا‪ :‬فالنبييياء‪ .‬قييال‪:‬‬
‫ومالهم ل يؤمنييون والييوحي ينييزل عليهييم ؟ قييالوا‪ :‬فنحيين‪.‬‬
‫قال‪ :‬ومالكم ل تؤمنون وأنا بين أظهركييم ؟ ولكيين أعجييب‬

‫‪565‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المؤمنين إيمانا ً قوم يجيئون بعدكم يجدون صحفا ً يؤمنييون‬
‫بما فيها« وقد ذكرنا طرفا ً من هذه الرواية في أول سورة‬
‫البقييرة عنييد قييوله تعييالى‪} :‬الييذين يؤمنييون بييالغيب{‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬وقييد أخييذ ميثيياقكم{ كمييا قييال تعييالى‪:‬‬
‫}واذكروا نعمة اللييه عليكييم وميثيياقه الييذي واثقكييم بييه إذ‬
‫قلتم سمعنا وأطعنا{ ويعني بذلك بيعة الرسول صلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪ ,‬وزعم ابن جرير أن المراد بذلك الميثاق الذي‬
‫أخذ عليهم في صلب آدم وهو مذهب مجاهد فييالله أعلييم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬هو الذي ينزل على عبده آيات بينييات{ أي‬
‫حججيييا ً واضيييحات ودلئل بييياهرات وبراهيييين قاطعيييات‬
‫}ليخرجكييم ميين الظلمييات إلييى النييور{ أي ميين ظلمييات‬
‫لراء المتضييادة إلييى نييور الهييدى واليقييين‬ ‫الجهل والكفر وا َ‬
‫واليميان }وإن الليه بكيم ليرؤوف رحييم{ أي فيي إنزاليه‬
‫الكتب وإرساله الرسل لهداية الناس وإزاحة العلل وإزاليية‬
‫الشبه‪ ,‬ولما أمرهم أول ً باليمان والنفيياق ثييم حثهييم علييى‬
‫اليمان وبين أنه قد أزال عنهييم مييوانعه حثهييم أيضيا ً علييى‬
‫النفاق فقال‪} :‬ومييالكم أل تنفقييوا فييي سييبيل اللييه و لليه‬
‫ميراث السموات والرض ؟{ أي أنفقييوا ول تخشييوا فقييرا ً‬
‫وإقلل ً فإن الذي أنفقتم فييي سييبيله هييو مالييك السييموات‬
‫والرض وبيييده مقاليييدهما وعنييده خزائنهمييا‪ ,‬وهييو مالييك‬
‫العرش بما حوى‪ ,‬وهو القائل }وما أنفقتم من شيييء فهييو‬
‫يخلفيييييييييييه وهيييييييييييو خيييييييييييير الرازقيييييييييييين{‪.‬‬
‫وقال‪} :‬ما عندكم ينفد وما عنييد اللييه بيياق{ فميين توكييل‬
‫ل‪ ,‬وعلييم أن‬ ‫على الله أنفق ولم يخش من ذي العرش إقل ً‬
‫الله سيخلفه عليه‪ ,‬وقييوله تعييالى‪} :‬ل يسييتوي منكييم ميين‬
‫أنفق من قبل الفتح وقاتييل{ أي ل يسييتوي هييذا وميين لييم‬
‫يفعل كفعله‪ ,‬وذلك أن قبل فتييح مكيية كييان الحييال شييديدا ً‬
‫فلم يكن يؤمن حينئذ إل الصديقون‪ ,‬وأمييا بعييد الفتييح فييإنه‬
‫ظهر السلم ظهورا ً عظيما ً ودخييل النيياس فييي دييين اللييه‬
‫أفواجًا‪ .‬ولهذا قال تعالى‪} :‬أولئك أعظم درجية ميين الييذين‬
‫أنفقوا من بعد وقاتلوا وكل ً وعد الله الحسيينى{ والجمهييور‬
‫على أن المراد بالفتح ههنا فتح مكة‪ ,‬وعن الشعبي وغيييره‬

‫‪566‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أن المراد بالفتح ههنييا صييلح الحديبييية‪ ,‬وقييد يسييتدل لهييذا‬
‫القول بما قال المام أحمد‪ :‬حدثنا أحمييد بيين عبييد الملييك‪,‬‬
‫حدثنا زهير‪ ,‬حدثنا حميد الطويل عن أنس قييال‪ :‬كييان بييين‬
‫خالد بن الوليد وبين عبييد الرحميين بيين عييوف كلم‪ ,‬فقييال‬
‫خالد لعبد الرحمن‪ :‬تستطيلون علينييا بأيييام سييبقتمونا بهييا‪,‬‬
‫فبلغنا أن ذلك ذكر للنييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم فقييال‪:‬‬
‫»دعوا لي أصحابي‪ ,‬فوالذي نفسي بيييده لييو أنفقتييم مثييل‬
‫أحد أو مثل الجبال ذهبييا مييا بلغتييم أعمييالهم« ومعلييوم أن‬
‫إسلم خالد بن الوليد المواجه بهذا الخطاب كان بين صلح‬
‫الحديبية وفتح مكة‪ ,‬وكانت هذه المشاجرة بينهما في بنييي‬
‫جذيمة الذين بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫خالد بن الوليد بعد الفتييح‪ ,‬فجعلييوا يقولييون‪ :‬صييبأنا صييبأنا‪,‬‬
‫فلم يحسنوا أن يقولوا أسييلمنا‪ ,‬فييأمر خالييد بقتلهييم وقتييل‬
‫من أسر منهم‪ ,‬فخالفه عبد الرحمن بن عييوف وعبييد اللييه‬
‫بن عمر وغيرهمييا‪ ,‬فاختصييم خالييد وعبييد الرحميين بسييبب‬
‫ذلك‪ ,‬والذي في الصحيح عن رسول الله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم أنه قال‪» :‬ل تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لييو‬
‫أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ً ما بلغ مد أحييدهم ول نصيييفه«‪.‬‬
‫وروى ابن جرير وابن أبي حيياتم ميين حييديث ابيين وهييب‪,‬‬
‫أخبرنا هشام بن سعد عن زيييد بيين أسييلم عيين عطيياء بيين‬
‫يسار عن أبي سعيد الخدري أنه قييال‪ :‬خرجنييا مييع رسييول‬
‫الله صيلى الليه علييه وسيلم عيام الحديبيية‪ ,‬حيتى إذا كنيا‬
‫بعسفان قال رسول الله صلى الله عليه وسييلم‪» :‬يوشييك‬
‫أن يأتي قوم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم« فقلنا من هم‬
‫يارسول الله أقريش ؟ قال‪» :‬ل ولكن أهل اليمن هم أرق‬
‫أفئدة وألين قلوبًا« فقلنييا‪ :‬أهييم خييير منييا يارسييول اللييه ؟‬
‫قال‪» :‬لو كان لحدهم جبل من ذهب فأنفقه مييا أدرك مييد‬
‫أحدكم ول نصيفه أل إن هذا فضل ما بيننا وبين النيياس }ل‬
‫يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظييم‬
‫درجة ميين الييذين أنفقييوا ميين بعييد وقيياتلوا وكل ً وعييد اللييه‬
‫الحسنى والله بما تعملون خبير{ وهذا الحديث غريب بهذا‬
‫السياق والذي في الصحيحين من رواية جماعة عن عطيياء‬

‫‪567‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن يسار عن أبي سعيد ذكر الخييوارج‪» :‬تحقييرون صييلتكم‬
‫مع صلتهم وصيامكم مع صيامهم يمرقون من الييدين كمييا‬
‫يمرق السهم من الرمية«‪ .‬الحديث‪ ,‬ولكن روى ابن جرييير‬
‫هييذا الحييديث ميين وجييه آخيير فقييال‪ :‬حييدثني ابيين الييبرقي‬
‫حدثني ابن أبي مريم‪ ,‬أخبرنا محمد بن جعفر‪ ,‬أخبرني زيييد‬
‫بن أسلم عن أبي سعيد التمار عن أبي سييعيد الخييدري أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قييال‪» :‬يوشييك أن يييأتي‬
‫قييوم تحقييرون أعمييالكم مييع أعمييالهم« قلنييا‪ :‬ميين هييم يييا‬
‫رسول الله ؟ قريش ؟ قال‪» :‬ل ولكيين أهييل اليميين لنهييم‬
‫أرق أفئدة وألين قلوبًا« وأشار بيده إلى اليمن فقال‪» :‬هم‬
‫أهل اليمن أل إن اليمييان يمييان والحكميية يمانييية« فقلنييا‪:‬‬
‫يارسول الله هم خير منا ؟ قال‪» :‬والذي نفسييي بيييده لييو‬
‫كييان لحييدهم جبييل ميين ذهييب ينفقييه مييا أدى مييد أحييدكم‬
‫ولنصيفه« ثم جمع أصابعه ومد خنصره وقال‪» :‬أل إن هذا‬
‫فضل ما بيننا وبين الناس }ل يستوي منكم من أنفييق ميين‬
‫قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا ميين‬
‫بعييد وقيياتلوا وكل ً وعييد اللييه الحسيينى واللييه بمييا تعملييون‬
‫خبير{«‪ .‬فهذا السياق ليس فيه ذكيير الحديبييية‪ ,‬فييإن كييان‬
‫ذلك محفوظا ً كما تقدم فيحتمل أنه أنزل قبل الفتح إخبارا ً‬
‫عما بعده كما في قوله تعييالى فييي سييورة المزمييل وهييي‬
‫مكية من أوائل ما نزل }وآخرون يقاتلون في سبيل الله{‬
‫لية‪ .‬فهي بشارة بمييا يسييتقبل وهكييذا هييذه واللييه أعلييم‪.‬‬ ‫ا َ‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وكل ً وعد الله الحسنى{ يعنييي المنفقييين‬
‫قبل الفتح وبعده‪ ,‬كلهم لهم ثواب على ما عملوا‪ ,‬وإن كان‬
‫بينهييم تفيياوت فييي تفاضييل الجييزاء كمييا قييال تعييالى‪} :‬ل‬
‫يسييتوي القاعييدون ميين المييؤمنين غييير أولييي الضييرر‬
‫والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل اللييه‬
‫المجاهدين بأموالهم وأنفسهم علييى القاعييدين درجيية وكل ً‬
‫وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهييدين علييى القاعييدين‬
‫أجرا ً عظيمًا{ وهكذا الحديث الذي في الصييحيح »المييؤمن‬
‫القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف‪ ,‬وفي كل‬
‫لخر بمييدح الول دون‬ ‫خير« وإنما نبه بهذا لئل يهدر جانب ا َ‬

‫‪568‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لخر والثناء‬ ‫لخر‪ ,‬فيتوهم متوهم ذمه‪ ,‬فلهذا عطف بمدح ا َ‬ ‫ا َ‬
‫عليه مع تفضيل الول عليه‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬واللييه بمييا‬
‫تعملون خبير{ أي فلخبرته فاوت بين ثواب من أنفييق ميين‬
‫قبل الفتح وقاتييل وميين فعييل ذلييك بعييد ذلييك ومييا ذاك إل‬
‫لعلمه بقصد الول وإخلصه التام وإنفاقه في حييال الجهييد‬
‫والقلة والضيق‪ ,‬وفي الحديث »سبق درهم مائة ألف« ول‬
‫شك عند أهل اليمان أن الصديق أبا بكر رضييي اللييه عنييه‬
‫لية‪ ,‬فإنه سيد من عمل بها ميين‬ ‫له الحظ الوفر من هذه ا َ‬
‫سائر أمم النبياء‪ ,‬فإنه أنفق ماله كله ابتغاء وجه اللييه عييز‬
‫وجيييل‪ ,‬وليييم يكييين لحيييد عنيييده نعمييية يجزييييه بهيييا‪.‬‬
‫وقد قيال أبيو محميد الحسيين بين مسيعود البغيوي عنيد‬
‫ليية‪ :‬أخبرنيا أحمييد بين إبراهييم الشييريحي‪,‬‬ ‫تفسييير هييذه ا َ‬
‫أخبرنا أبو إسحاق أحمييد بيين محمييد بيين إبراهيييم الثعلييبي‪,‬‬
‫أخبرنيا عبيد الليه بين حاميد بين محميد‪ ,‬أخبرنيا أحميد بين‬
‫إسحاق بن أيوب‪ ,‬أخبرنا محمد بن يونس‪ ,‬حدثنا العلء بيين‬
‫عمرو الشيباني‪ ,‬حدثنا أبو إسحاق الفزاري‪ ,‬حييدثنا سييفيان‬
‫بن سعيد عن آدم بن علي عن ابن عمرو قييال‪ :‬كنييت عنييد‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر الصديق وعليييه‬
‫عباءة قد خلها في صدره بخلل‪ ,‬فنزل جبريل فقال‪ :‬مالي‬
‫أرى أبا بكر عليه عباءة قد خلها في صدره بخلل ؟ فقال‪:‬‬
‫»أنفق ماله علي قبل الفتح« قال‪ :‬فييإن اللييه يقييول‪ :‬اقييرأ‬
‫عليه السلم وقل له أراض أنت عنييي فييي فقييرك هييذا أم‬
‫ساخط ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬يييا أبييا‬
‫بكر إن الله يقرأ عليك السلم ويقول لك‪ :‬أراض أنت عني‬
‫في فقرك هذا أم سيياخط ؟« فقييال أبييو بكيير رضييي اللييه‬
‫عنه‪ :‬أسخط على ربي عز وجل ؟ إني عن ربي راض‪ .‬هذا‬
‫الحديث ضعيف السناد من هذا الوجه والله أعلييم‪ .‬وقييوله‬
‫تعالى‪» :‬من ذا الذي يقرض الله قرضا ً حسيينًا{ قييال عميير‬
‫بن الخطاب‪ :‬هو النفاق في سبيل الله‪ ,‬وقيل‪ :‬هييو النفقيية‬
‫على العيال‪ ,‬والصحيح أنه أعم من ذلييك‪ ,‬فكييل ميين أنفييق‬
‫في سييبيل اللييه بنييية خالصيية‪ ,‬وعزيميية صييادقة دخييل فييي‬
‫لية‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬ميين ذا الييذي يقييرض‬ ‫عموم هذه ا َ‬

‫‪569‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لييية الخييرى‪} :‬أضييعافا ً‬ ‫الله قرضا ً حسنًا{ كما قييال فييي ا َ‬
‫كثيرة وله أجر كريييم{ أي جييزاء جميييل ورزق بيياهر‪ ,‬وهييو‬
‫الجنيييييييييييييييييية يييييييييييييييييييوم القياميييييييييييييييييية‪.‬‬
‫قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا الحسن بن عرفة‪ ,‬حييدثنا خلييف‬
‫بن خليفة عن حميد العرج عن عبد الله بيين الحييارث عيين‬
‫ليية }مين ذا‬ ‫عبد الله بن مسيعود قيال‪ :‬لميا نزليت هيذه ا َ‬
‫الييذي يقييرض الليه قرضيا ً حسيينا ً فيضيياعفه ليه{ قيال أبييو‬
‫الدحييداح النصيياري‪ :‬يييا رسييول اللييه‪ ,‬وإن اللييه ليريييد منييا‬
‫القييرض ؟ قييال‪» :‬نعييم ياأبييا الدحييداح« قييال‪ :‬أرنييي يييدك‬
‫يارسول الله‪ .‬قال‪ :‬فنيياوله يييده‪ .‬قييال‪ :‬فييإني قييد أقرضييت‬
‫ربي حائطي‪ ,‬وله حيائط فييه سيتمائة نخلية‪ ,‬وأم الدحيداح‬
‫فيه وعيالها‪ .‬قال‪ :‬فجاء أبو الدحداح فناداها ياأم الدحييداح‪.‬‬
‫قالت‪ :‬لبيك‪ ,‬قال‪ :‬اخرجييي فقييد أقرضييته ربييي عييز وجييل‪,‬‬
‫وفي رواية أنها قالت له‪ :‬ربح بيعك يا أبا الدحييداح‪ .‬ونقلييت‬
‫منييه متاعهييا وصييبيانها وإن رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم قال‪» :‬كم من عذق رداح في الجنة لبي الدحييداح«‬
‫وفييي لفييظ »رب نخليية مييدلة عروقهييا در وييياقوت لبييي‬
‫الدحيييييييييييييييييداح فيييييييييييييييييي الجنييييييييييييييييية«‪.‬‬

‫ن‬‫هم ب َي ْي َ‬ ‫ى ن ُييوُر ُ‬ ‫س يع َ َ‬ ‫ت يَ ْ‬ ‫من َييا ِ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن َوال ْ ُ‬ ‫مِني َ‬ ‫م يؤ ْ ِ‬ ‫م ت َيَرى ال ْ ُ‬ ‫** ي َيوْ َ‬
‫حت ِهَييا‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬
‫ميين ت َ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ج‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ت‬‫ٌ‬ ‫يا‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ج‬‫َ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ك‬ ‫را‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫هم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬‫ما‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫دي‬‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬
‫م ي َُقييولُ‬ ‫م * ي َيوْ َ‬ ‫ظي ي ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ن ِفيَها ذ َل ِك هُ يوَ الَف يوُْز العَ ِ‬ ‫َ‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬ ‫الن َْهاُر َ‬
‫ميين‬ ‫س ِ‬ ‫من ُييوا ْ انظ ُُرون َييا ن َْقت َب ِي ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ت ل ِل ّي ِ‬ ‫مَنافَِقا ُ‬ ‫ن َوال ْ ُ‬ ‫مَنافُِقو َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ب ب َي ْن َهُييم‬ ‫ض يرِ َ‬ ‫سييوا ْ ن ُييورا ً فَ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫م َفال ْت َ ِ‬ ‫جُعوا ْ وََرآَءك ُ ْ‬ ‫ل اْر ِ‬ ‫م ِقي َ‬ ‫ّنورِك ُ ْ‬
‫ب‬ ‫ذا ُ‬ ‫من قِب َل ِهِ ال ْعَ ي َ‬ ‫ظاهُِرهُ ِ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ه ِفيهِ الّر ْ‬ ‫ب َباط ِن ُ ُ‬ ‫ه َبا ٌ‬ ‫سورٍ ل ّ ُ‬ ‫بِ ُ‬
‫* ينييادونه َ‬
‫م‬‫م فََتنت ُي ْ‬ ‫ى وََلـ يك ِن ّك ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫م قَيياُلوا ْ ب َل َي‬ ‫معَك ُي ْ‬ ‫م ن َك ُيين ّ‬ ‫م أل َي ْ‬ ‫َُ ُ َُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م يُر‬ ‫جييآءَ أ ْ‬ ‫ى َ‬ ‫حت ّي َ‬ ‫ي َ‬ ‫مان ِ ّ‬ ‫م ال َ‬ ‫م َوغّرت ْك ُ ُ‬ ‫م َواْرت َب ْت ُ ْ‬ ‫صت ُ ْ‬ ‫م وَت ََرب ّ ْ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫أنُف َ‬
‫ة وَل َ‬ ‫م فِد َْييي ٌ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫خذ ُ ِ‬ ‫م ل َ ي ُؤْ َ‬ ‫كم ِبالل ّهِ ال ْغَُروُر * َفال ْي َوْ َ‬ ‫الل ّهِ وَغَّر ُ‬
‫من ال ّذين ك ََفروا ْ ْ‬
‫صيييُر‬ ‫م ِ‬ ‫س ال ْ َ‬ ‫م وَب ِئ ْ َ‬ ‫م يوْل َك ُ ْ‬ ‫ي َ‬ ‫م الّناُر هِ َ‬ ‫مأَواك ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن المييؤمنين المتصييدقين أنهييم يييوم‬
‫القيامة يسعى نورهم بييين أيييديهم فييي عرصييات القياميية‪,‬‬

‫‪570‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بحسب أعمالهم كما قال عبد الله بيين مسييعود فييي قييوله‬
‫تعييالى‪} :‬يسييعى نييورهم بييين أيييديهم{ قييال‪ :‬علييى قييدر‬
‫أعمالهم يمرون على الصراط‪ ,‬منهم من نوره مثل الجبل‪,‬‬
‫ومنهم من نوره مثل النخلة ومنهم من نييوره مثييل الرجييل‬
‫القائم‪ ,‬وأدناهم نورا ً من نوره في إبهامه يّتقد ميرة ويطفييأ‬
‫مرة‪ ,‬ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير‪ ,‬وقال قتادة‪ :‬ذكر لنا‬
‫أن نييبي اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم كييان يقييول »ميين‬
‫المؤمنين ميين يضيييء نييوره ميين المدينيية إلييى عييدن أبييين‬
‫وصنعاء فدون ذلك حتى أن من المؤمنين من يضيء نييوره‬
‫موضييع قييدميه« وقييال سييفيان الثييوري عيين حصييين‪ ,‬عيين‬
‫مجاهد‪ ,‬عن جنادة بن أبي أمية قييال‪ :‬إنكييم مكتوبييون عنييد‬
‫الله بأسمائكم وسيييماكم وحللكييم ونجييواكم ومجالسييكم‪,‬‬
‫فإذا كان يوم القيامة‪ ,‬قيل‪ :‬يافلن هذا نورك‪ ,‬يافلن ل نور‬
‫ليييييك‪ ,‬وقيييييرأ }يسيييييعى نيييييورهم بيييييين أييييييديهم{‪.‬‬
‫وقال الضحاك‪ :‬ليس أحييد إل يعطييى نييورا ً يييوم القياميية‪,‬‬
‫فإذا انتهوا إلى الصراط طفىء نييور المنييافقين‪ ,‬فلمييا رأى‬
‫ذلك المؤمنون أشفقوا أن يطفييأ نييورهم كمييا طفىييء نييور‬
‫المنييافقين فقييالوا‪ :‬ربنييا أتمييم لنييا نورنييا‪ ,‬وقييال الحسيين‪:‬‬
‫}يسعى نورهم بين أيديهم{ يعني على الصراط وقييد قييال‬
‫ابن أبي حاتم رحمه الله‪ :‬حدثنا أبو عبيد الله بن أخييي ابيين‬
‫وهب‪ ,‬أخبرنا عمي عن يزيد بن أبي حبيب عيين سييعيد بيين‬
‫مسعود أنه سمع عبد الرحمن بن جبير يحدث‪ ,‬أنه سمع أبا‬
‫الدرداء وأبا ذر يخبران عن النبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫قال‪» :‬أنا أول من يؤذن لييه يييوم القياميية بالسييجود‪ ,‬وأول‬
‫من يؤذن له برفع رأسه‪ ,‬فأنظر من بين يدي وميين خلفييي‬
‫وعن يميني وعن شمالي فيأعرف أميتي مين بيين الميم«‬
‫فقال له رجل‪ :‬يانبي الله كيف تعرف أمتك من بين المييم‬
‫ما بين نوح إلى أمتك ؟ فقال‪ :‬أعرفهم محجلييون ميين أثيير‬
‫الوضوء ول يكون لحد من المم غيرهم‪ ,‬وأعرفهييم يؤتييون‬
‫كتبهم بأيمانهم‪ ,‬وأعرفهم بسيماهم في وجوههم‪ ,‬وأعرفهم‬
‫بنيييييييييييورهم يسيييييييييييعى بيييييييييييين أييييييييييييديهم«‪.‬‬

‫‪571‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقوله }وبأيمييانهم{ قييال الضييحاك أي وبأيمييانهم كتبهييم‬
‫كما قال‪} :‬فميين أوتييي كتييابه بيمينييه{ وقييوله‪} :‬بشييراكم‬
‫اليييوم جنييات تجييري ميين تحتهييا النهييار{ أي قييال لهييم‪:‬‬
‫بشراكم اليوم جنات أي لكييم البشييارة بجنييات تجييري ميين‬
‫تحتها النهار }خالدين فيها{ أي ماكثين فيها أبدا ً }ذلك هييو‬
‫الفوز العظيم{ وقوله‪} :‬يوم يقول المنافقون والمنافقييات‬
‫للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نييوركم{ وهييذا إخبييار منييه‬
‫تعالى عما يقييع يييوم القياميية فييي العرصييات ميين الهييوال‬
‫المزعجة والزلزل العظيمة‪ ,‬والمور الفظيعة‪ ,‬وأنه ل ينجو‬
‫يومئذ إل من آمن با لله ورسوله وعمييل بمييا أميير اللييه بييه‬
‫وترك ما عنه زجر‪ .‬قيال ابين أبيي حياتم‪ :‬حيدثنا عبيدة بين‬
‫سليمان‪ ,‬حييدثنا ابيين المبييارك‪ ,‬حييدثنا صييفوان بيين عمييرو‪,‬‬
‫حدثني سليم بن عامر قال‪ :‬خرجنا علييى جنييازة فييي بيياب‬
‫دمشق ومعنا أبو أمامة الباهلي‪ ,‬فلما صييلى علييى الجنييازة‬
‫وأخيذوا فيي دفنهيا قيال أبيو أمامية أيهيا النياس إنكيم قيد‬
‫أصييبحتم وأمسيييتم فييي منييزل تقتسييمون فيييه الحسيينات‬
‫والسيئات‪ ,‬وتوشكون أن تظعنوا منه إلى منييزل آخيير وهييو‬
‫هذا ي يشير إلى القبر ي بيت الوحييدة وبيييت الظلميية وبيييت‬
‫الدود وبيت الضيق إل ما وسع الله‪ ,‬ثييم تنتقلييون منييه إلييى‬
‫مواطن يوم القيامة‪ ,‬فإنكم في بعض تلك المييواطن حييتى‬
‫يغشى الناس أمر من الله‪ ,‬فتبيض وجوه وتسود وجوه‪ ,‬ثم‬
‫تنتقلون منه إلى منزل آخر فيغشى الناس ظلمة شييديدة‪,‬‬
‫ثييم يقسييم النييور فيعطييى المييؤمن نييورًا‪ ,‬ويييترك الكييافر‬
‫والمنافق فل يعطيان شيئًا‪ ,‬وهييو المثييل الييذي ضييربه اللييه‬
‫تعالى في كتابه فقال‪} :‬أو كظلمات في بحر لجي يغشيياه‬
‫موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فييوق‬
‫بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها وميين لييم يجعييل اللييه لييه‬
‫نورا ً فما له من نور{ فل يستضيء الكييافر والمنييافق بنييور‬
‫المؤمن كمييا ل يستضيييء العمييى ببصيير البصييير‪ ,‬ويقييول‬
‫المنافقون والمنافقات للذين آمنوا }انظرونييا نقتبييس ميين‬
‫نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسييوا نييورًا{ وهييي خدعيية‬
‫الله التي يخدع بها المنافقين حيث قييال‪} :‬يخييادعون اللييه‬

‫‪572‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وهو خادعهم{ فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النيور‬
‫فل يجييدون شيييئًا‪ ,‬فينصييرفون إليهييم وقييد ضييرب بينهييم‬
‫}بسييور لييه بيياب بيياطنه فيييه الرحميية وظيياهره ميين قبلييه‬
‫العيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييذاب{‬
‫يقول سليم بيين عييامر‪ :‬فمييا يييزال المنييافق مغييترا ً حييتى‬
‫يقسم النور ويميز الله بييين المنييافق والمييؤمن‪ ,‬ثييم قييال‪:‬‬
‫حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا يحيى بن عثمان‪ ,‬حدثنا ابن حيييوة‪ ,‬حييدثنا‬
‫أرطاة بن المنذر‪ ,‬حدثنا يوسف بن الحجاج عن أبي أماميية‬
‫قال‪ :‬يبعث الله ظلمة يوم القيامة فما من مؤمن ول كافر‬
‫يييرى كفييه حييتى يبعييث اللييه بييالنور إلييى المييؤمنين بقييدر‬
‫أعمالهم فيتبعهم المنافقون فيقولون }انظرونا نقتبس من‬
‫نوركم{ وقال العوفي والضحاك وغيرهما عن ابن عبيياس‪:‬‬
‫بينمييا النيياس فييي ظلميية إذ بعييث اللييه نييورًا‪ ,‬فلمييا رأى‬
‫المؤمنون النور توجهوا نحييوه‪ ,‬وكييان النييور دليل ً ميين اللييه‬
‫إلييى الجنيية‪ ,‬فلمييا رأى المنييافقون المييؤمنين قييد انطلقييوا‬
‫اتبعوهم فأظلم الله على المنافقين فقالوا حينئذ }انظرونا‬
‫نقتبييس ميين نييوركم{ فإنييا كنييا معكييم فييي الييدنيا قييال‬
‫المؤمنون }ارجعوا وراءكم{ من حيث جئتييم ميين الظلميية‬
‫فالتمسوا هنالك النور‪ .‬وقال أبو القاسم الطييبراني‪ :‬حييدثنا‬
‫الحسن بن عرفة بن علوية القطان‪ ,‬حييدثنا إسييماعيل بيين‬
‫عيسى العطار‪ ,‬حدثنا إسحاق بن بشيير بيين حذيفيية‪ ,‬حييدثنا‬
‫ابن جريج عن ابن أبي مليكة عيين ابيين عبيياس قييال‪ :‬قييال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إن اللييه تعييالى يييدعو‬
‫الناس يوم القيامة بأسمائهم سترا ً منه علييى عبيياده‪ ,‬وأمييا‬
‫عند الصراط فإن الله تعالى يعطي كل مييؤمن نييورا ً وكييل‬
‫منافق نورًا‪ ,‬فييإذا اسييتووا علييى الصييراط سييلب اللييه نييور‬
‫المنافقين والمنافقات‪ ,‬فقييال المنييافقون انظرونييا نقتبييس‬
‫من نوركم وقال المؤمنون ربنا أتمم لنا نورنا فل يذكر عند‬
‫ذليييييييييييييييييييك أحيييييييييييييييييييد أحييييييييييييييييييييدًا«‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬فضرب بينهم بسيور ليه بياب بياطنه فييه‬
‫الرحمة وظاهره من قبله العذاب{ قييال الحسيين وقتييادة‪:‬‬
‫هو حائط بين الجنة والنار‪ ,‬وقال عبد الرحمن بيين زيييد بيين‬

‫‪573‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أسلم هو الذي قال الله تعالى‪} :‬وبينهمييا حجيياب{ وهكييذا‬
‫روي عيين مجاهييد رحمييه اللييه وغييير واحييد وهييو الصييحيح‬
‫}باطنه فيه الرحمة ي أي الجنيية ومييا فيهييا يي وظياهره مين‬
‫قبله العذاب{ أي النار قاله قتادة وابن زيد وغيرهما‪ ,‬قييال‬
‫ابن جرير وقد قيل إن ذلك السور سور بيت المقدس عند‬
‫وادي جهنم‪ .‬ثم قال‪ :‬حدثنا ابن الييبرقي‪ ,‬حييدثنا عمييرو بيين‬
‫أبي سلمة عن سعيد بن عطية بن قيس عيين أبييي العييوام‬
‫مؤذن بيييت المقييدس قييال‪ :‬سييمعت عبييد اللييه بيين عمييرو‬
‫يقول‪ :‬إن السور الييذي ذكييره اللييه فييي القييرآن }فضييرب‬
‫بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظيياهره ميين قبلييه‬
‫العذاب{ وهو السييور الشييرقي بيياطنه المسييجد ومييا يليييه‬
‫وظيياهره وادي جهنييم‪ .‬ثييم روي عيين عبييادة بيين الصييامت‬
‫وكعب الحبار وعلي بن الحسين زين العابييدين نحييو ذلييك‪,‬‬
‫وهذا محمول منهم على أنهم أرادوا بهييذا تقريييب المعنييى‬
‫ومثييال ً لييذلك‪ ,‬ل أن هييذا هييو الييذي أريييد ميين القييرآن هييذا‬
‫الجييدار المعييين نفسييه ونفييس المسييجد‪ ,‬ومييا وراءه ميين‬
‫الوادي المعروف بوادي جهنم‪ ,‬فيإن الجنية فيي السيموات‬
‫في أعلى عليين والنار في الدركات أسفل سافلين‪ ,‬وقول‬
‫كعب الحبار إن الباب المذكور في القرآن هو باب الرحمة‬
‫الذي هو أحد أبواب المسجد فهذا من إسرائيلياته وترهاته‪,‬‬
‫وإنما المراد بذلك السور يضرب يوم القياميية ليحجييز بييين‬
‫المؤمنين والمنافقين فإذا انتهى إليه المؤمنون دخلوه ميين‬
‫بابه‪ ,‬فإذا استكملوا دخولهم أغلق الباب وبقييي المنييافقون‬
‫من ورائه فييي الحيييرة والظلميية والعييذاب كميا كيانوا فييي‬
‫الييييدار الييييدنيا فييييي كفيييير وجهييييل وشييييك وحيييييرة‪.‬‬
‫}ينيييادونهم أليييم نكييين معكيييم{ أي ينيييادي المنيييافقون‬
‫المييؤمنين أمييا كنييا معكييم فييي الييدار الييدنيا نشييهد معكييم‬
‫الجمعات ونصلي معكم الجماعات‪ ,‬ونقف معكم بعرفييات‪,‬‬
‫ونحضر معكم الغييزوات ونييؤدي معكييم سييائر الواجبييات ؟‬
‫}قالوا بلى{ أي فأجاب المؤمنون المنافقين قييائلين‪ :‬بلييى‬
‫قد كنتم معنا }ولكنكييم فتنتييم أنفسييكم وتربصييتم وارتبتييم‬
‫وغرتكم الماني{ قال بعييض السييلف‪ :‬أي فتنتييم أنفسييكم‬

‫‪574‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫باللذات والمعاصي والشهوات وتربصتم أي أخرتييم التوبيية‬
‫من وقت إلى وقت‪ .‬وقال قتادة‪} :‬تربصتم{ بالحق وأهلييه‬
‫}وارتبتم{ أي بالبعث بعد المييوت }وغرتكييم الميياني{ أي‬
‫قلتم سيغفر لنا وقيل غرتكم الدنيا }حتى جيياء أميير اللييه{‬
‫أي مازلتم فييي هييذا حييتى جيياءكم المييوت }وغركييم بييالله‬
‫الغرور{ أي الشيطان قال قتييادة‪ :‬كييانوا علييى خدعيية ميين‬
‫الشيطان والله مازالوا عليها حتى قذفهم اللييه فييي النييار‪:‬‬
‫ومعنى هذا الكلم من المؤمنين للمنافقين أنكم كنتم معنييا‬
‫أي بأبدان ل نية لها ول قلوب معها‪ ,‬وإنما كنتييم فييي حيييرة‬
‫ل‪ ,‬قييال‬‫وشك فكنتم تراؤون الناس ول تذكرون الليه إل قلي ً‬
‫مجاهييد‪ :‬كييان المنييافقون مييع المييؤمنين أحييياء ينيياكحونهم‬
‫ويغشونهم ويعاشرونهم‪ ,‬وكانوا معهم أمواتا ً ويعطون النور‬
‫جميعا ً يوم القيامة‪ ,‬ويطفأ النييور ميين المنييافقين إذا بلغييوا‬
‫السيييييييييييييييور ويمييييييييييييييياز بينهيييييييييييييييم حينئذ‪.‬‬
‫وهذا القول من المؤمنين ل ينافي قولهم الذي أخبر الله‬
‫تعالى به عنهييم حيييث يقييول‪ ,‬وهييو أصييدق القييائلين }كييل‬
‫نفس بما كسييبت رهينيية إل أصييحاب اليمييين * فييي جنييات‬
‫يتساءلون * عن المجرمين * ما سلككم في سقر * قييالوا‬
‫لم نك من المصييلين * ولييم نييك نطعييم المسييكين * وكنييا‬
‫نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانييا‬
‫اليقييين{ فهييذا إنمييا خييرج منهييم علييى وجييه التقريييع لهييم‬
‫والتوبيخ‪ .‬ثم قال تعالى‪} :‬فما تنفعهم شفاعة الشييافعين{‬
‫كما قال ههنا }فاليوم ل يؤخذ منكييم فدييية ول ميين الييذين‬
‫كفروا{ أي لوجاء أحدكم اليييوم بملييء الرض ذهب يا ً ومثلييه‬
‫معه ليفتدي به من عذاب الله ما قبل منه‪ .‬وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}مأواكم النار{ أي هي مصيييركم وإليهييا منقلبكييم‪ ,‬وقييوله‬
‫تعالى‪} :‬هي مولكم{ أي هييي أولييى بكييم ميين كييل منييزل‬
‫عليييييييى كفركيييييييم وارتييييييييابكم وبئس المصيييييييير‪.‬‬

‫** أ َل َم يأ ْ‬
‫م ل ِيذِك ْرِ الّليهِ وَ َ‬
‫ميا‬ ‫شيعَ قُُليوب ُهُ ْ‬‫خ َ‬ ‫من ُوَا ْ َأن ت َ ْ‬‫نآ َ‬ ‫َ‬ ‫ذي‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫ْ َ ِ‬
‫ُ‬
‫ميين قَب ْي ُ‬
‫ل‬ ‫ب ِ‬ ‫ن أوت ُييوا ْ ال ْك ِت َييا َ‬
‫ذي َ‬‫كال ّي ِ‬
‫كون ُييوا ْ َ‬‫حقّ وَل َ ي َ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬
‫ل ِ‬ ‫ن ََز َ‬

‫‪575‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ن*‬ ‫س يُقو َ‬ ‫م َفا ِ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫م وَك َِثيٌر ّ‬ ‫ت قُُلوب ُهُ ْ‬‫س ْ‬‫مد ُ فََق َ‬‫م ال َ‬ ‫ل عَل َي ْهِ ُ‬‫طا َ‬‫فَ َ‬
‫َ‬
‫ت‬‫م ال ََيييا ِ‬‫موْت َِها قَد ْ ب َي ّّنا ل َك ُ ُ‬
‫ض ب َعْد َ َ‬‫حِييي الْر َ‬ ‫ه يُ ْ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫موَا ْ أ ّ‬‫اعْل َ ُ‬
‫م ت َعِْقل ُييييييييييييييييييييييييييييييو َ‬
‫ن‬ ‫ل َعَل ّك ُيييييييييييييييييييييييييييييي ْ‬
‫يقول تعالى‪ :‬أمييا آن للمييؤمنين أن تخشييع قلييوبهم لييذكر‬
‫الله‪ ,‬أي تلين عند الذكر والموعظة وسماع القرآن فتفهمه‬
‫وتنقاد له وتسمع له وتطيعه‪ .‬قال عبييد اللييه بيين المبييارك‪:‬‬
‫حدثنا صالح المري عن قتادة عن ابن عباس أنييه قييال‪ :‬إن‬
‫اللييه اسييتبطأ قلييوب المييؤمنين فعيياتبهم علييى رأس ثلث‬
‫عشرة من نزول القرآن فقال‪} :‬ألم يييأن للييذين آمنييوا أن‬
‫لييية‪ ,‬رواه ابيين أبييي حيياتم عيين‬ ‫تخشع قلوبهم لذكر الله{ ا َ‬
‫الحسن بن محمد بن الصباح عن حسين المروزي عن ابن‬
‫المبارك به‪ .‬ثييم قييال هييو ومسييلم‪ :‬حييدثنا يييونس بيين عبييد‬
‫العلى‪ ,‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬أخبرني عمييرو بيين الحييارث عيين‬
‫سعيد بن أبي هلل‪ ,‬يعني الليثي‪ ,‬عن عييون بيين عبييد اللييه‬
‫عن أبيه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‪ :‬ما كييان بييين‬
‫لييية }ألييم يييأن للييذين‬ ‫إسلمنا وبين أن عاتبنييا اللييه بهييذه ا َ‬
‫لييية‪ ,‬إل أربييع سيينين‪,‬‬ ‫آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر اللييه{ ا َ‬
‫كذا رواه مسلم في آخيير الكتيياب‪ ,‬وأخرجييه النسييائي عنييد‬
‫لية عن هارون بن سعيد اليلي عن ابن وهب‬ ‫تفسير هذه ا َ‬
‫به‪ .‬وقد رواه ابيين ميياجه ميين حييديث موسييى بيين يعقييوب‬
‫الزمعي عن أبي حازم عن عامر بيين عبييد اللييه بيين الزبييير‬
‫عن أبيه مثلييه‪ ,‬فجعلييه ميين مسييند ابيين الزبييير‪ ,‬لكيين رواه‬
‫البزار في مسنده من طريق موسى بن يعقييوب عيين أبييي‬
‫حازم عن عامر عن ابن الزبيير عين ابين مسيعود فيذكره‪.‬‬
‫وقال سفيان الثوري عن المسعودي عيين القاسييم قييال‪:‬‬
‫ل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملة فقالوا‪:‬‬ ‫م ّ‬
‫حدثنا يارسول الله‪ ,‬فأنزل الله تعالى‪} :‬نحن نقييص عليييك‬
‫أحسن القصص{ قال‪ :‬ثم ملوا ملة فقالوا‪ :‬حدثنا يارسييول‬
‫الله فأنزل الله تعالى }الله نزل أحسن الحديث{ ثم ملييوا‬
‫ملة فقالوا‪ :‬حدثنا يارسول الله‪ ,‬فييأنزل اللييه تعييالى‪} :‬ألييم‬
‫يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله{ وقييال قتييادة‬
‫}ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله{ ذكر لنا‬

‫‪576‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أن شداد بن أوس كان يروي عن رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم قال‪» :‬إن أول ما يرفع من النيياس الخشييوع«‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ول يكونوا كالييذين أوتييوا الكتيياب ميين قبييل‬
‫فطييال عليهييم المييد فقسييت قلييوبهم{ نهييى اللييه تعييالى‬
‫المؤمنين أن يتشبهوا بالذين حملوا الكتاب من قبلهييم ميين‬
‫اليهود والنصارى‪ ,‬لما تطاول عليهم المد بدلوا كتيياب اللييه‬
‫الذي بأيديهم واشتروا به ثمنا ً قليل ً ونبذوه وراء ظهييورهم‪,‬‬
‫لراء المختلفيية والقييوال المؤتفكيية‪ ,‬وقلييدوا‬ ‫وأقبلوا على ا َ‬
‫الرجال في دين الله واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابيا ً ميين‬
‫دون الله‪ ,‬فعنييد ذلييك قسييت قلييوبهم فل يقبلييون موعظيية‬
‫ولتلين قلوبهم بوعد ول وعيد }وكثير منهم فاسييقون{ أي‬
‫في العمال فقلييوبهم فاسيدة وأعمييالهم باطلية كميا قييال‬
‫تعييالى‪} :‬فبمييا نقضييهم ميثيياقهم لعنيياهم وجعلنييا قلييوبهم‬
‫قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا ً مما ذكييروا‬
‫به{ أي فسدت قلوبهم فقست وصار من سجيتهم تحريف‬
‫الكلييم عيين مواضييعه وتركييوا العمييال الييتي أمييروا بهييا‪,‬‬
‫وارتكبوا ما نهوا عنه‪ ,‬ولهذا نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا‬
‫بهيييم فيييي شييييء مييين الميييور الصيييلية والفرعيييية‪.‬‬
‫وقد قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي حدثنا هشام بن عمار‪,‬‬
‫حدثنا شهاب بن خراش‪ ,‬حدثنا حجاج بن دينار عن منصييور‬
‫بن المعتمر عن الربيع بن عميلة الفزاري قال‪ :‬حييدثنا عبييد‬
‫الله بن مسعود حديثا ً ما سمعت أعجب إلي منييه إل شيييئا ً‬
‫من كتاب الله أو شيئا ً قاله النبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫قال‪» :‬إن بنييي إسييرائيل لمييا طييال عليهييم المييد فقسييت‬
‫قلوبهم اخترعوا كتابا ً ميين عنييد أنفسييهم اسييتهوته قلييوبهم‬
‫واسييتحلته ألسيينتهم واسييتلذته‪ ,‬وكييان الحييق يحييول بينهييم‬
‫وبين كثير من شهواتهم فقييالوا تعييالوا نييدع بنييي إسييرائيل‬
‫إلى كتابنا هذا‪ ,‬فمن تابعنا عليه تركناه ومن كره أن يتابعنيا‬
‫قتلنيياه‪ ,‬ففعلييوا ذلييك وكييان فيهييم رجييل فقيييه‪ ,‬فلمييا رأى‬
‫مايصنعون عمد إلى ما يعرف ميين كتيياب اللييه فكتبييه فييي‬
‫شيء لطيف ثم أدرجييه‪ ,‬فجعلييه فييي قييرن ثييم علييق ذلييك‬
‫القرن في عنقه‪ ,‬فلما أكثروا القتل قال بعضهم لبعض‪ :‬يييا‬

‫‪577‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هؤلء إنكم أفشيتم القتل في بنييي إسييرائيل فييادعوا فلنيا ً‬
‫فاعرضوا عليييه كتييابكم‪ ,‬فييإنه إن تبعكييم فسيييتابعكم بقييية‬
‫الناس وإن أبى فاقتلوه‪ ,‬فييدعوا فلن يا ً ذلييك الفقيييه قييالوا‪:‬‬
‫أتؤمن بما في كتابنا هذا‪ ,‬قال‪ :‬ومييا فيييه ؟ اعرضييوه علييي‬
‫فعرضوه عليه إلى آخره‪ ,‬ثم قالوا‪ :‬أتييؤمن بمييا فييي كتابنييا‬
‫هذا ؟ قال‪ :‬نعم آمنت بما في هذا وأشار بيده إلييى القييرن‬
‫فتركوه فلمييا مييات فتشييوه فوجييدوه معلقيا ً ذلييك القييرن‪,‬‬
‫فوجدوا فيه ما يعرف من كتاب الله فقال بعضييهم لبعييض‪:‬‬
‫ييياهؤلء مييا كنييا نسييمع هييذا أصييابه فتنيية‪ ,‬فييافترقت بنييو‬
‫إسييرائيل علييى اثنييتين وسييبعين مليية‪ ,‬وخييير مللهييم مليية‬
‫أصحاب ذي القرن« قال ابن مسعود‪ :‬وإنكييم أوشييك بكييم‬
‫إن بقيتم أو بقي من بقي منكم أن تروا أمييورا ً تنكرونهييا ل‬
‫تستطيعون لها غيرًا‪ ,‬فبحسب المييرء منكييم أن يعلييم اللييه‬
‫ميييييييييين قلبييييييييييه أنييييييييييه لهييييييييييا كيييييييييياره‪.‬‬
‫وروى أبو جعفر الطبري حييدثنا ابيين حميييد‪ ,‬حييدثنا جرييير‬
‫عن مغيرة عن أبي معشر عن إبراهيم قال‪ :‬جيياء عييتريس‬
‫بن عرقوب إلى ابن مسعود فقال‪ :‬ياأبا عبد الله هلك ميين‬
‫لم يأمر بالمعروف وينه عن المنكر‪ ,‬فقال عبد اللييه‪ .‬هلييك‬
‫من لم يعرف قلبه معروفا ً ولم ينكر قلبييه منكييرًا‪ .‬إن بنييي‬
‫إسرائيل لما طال عليهييم المييد وقسييت قلييوبهم اخييترعوا‬
‫كتابا ً من بين أيديهم وأرجلهم اسييتهوته قلييوبهم واسييتحلته‬
‫ألسنتهم‪ ,‬وقالوا نعرض بنييي إسييرائيل علييى هييذا الكتيياب‪,‬‬
‫فمن آمن به تركناه‪ ,‬ومن كفر به قتلناه‪ ,‬قال فجعل رجييل‬
‫منهم كتاب الله في قرن ثم جعل القرن بين ثندوتيه‪ ,‬فلما‬
‫قيل له أتؤمن بهذا ؟ قال آمنت به ويومىء إلى القرن بين‬
‫ثندوتيه‪ ,‬ومالي ل أؤمن بهييذا الكتيياب ؟ فميين خييير مللهييم‬
‫اليييييييييييييوم مليييييييييييية صيييييييييييياحب القييييييييييييرن‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬اعلموا أن الله يحيي الرض بعد موتها قد‬
‫ليات لعلكم تعقلييون{ فيييه إشييارة إلييى أن اللييه‬ ‫بينا لكم ا َ‬
‫تعالى يلين القلوب بعد قسوتها ويهدي الحيارى بعد ضلتها‪,‬‬
‫ويفييرج الكييروب بعييد شييدتها‪ ,‬فكمييا يحيييي الرض الميتيية‬
‫المجدبيية الهامييدة بييالغيث الهتييان الوابييل‪ ,‬كييذلك يهييدي‬

‫‪578‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫القلييوب القاسييية بييبراهين القييرآن والييدلئل‪ ,‬ويولييج إليهييا‬
‫النور بعد أن كانت مقفلة ل يصل إليها الواصييل‪ ,‬فسييبحان‬
‫الهادي لميين يشيياء بعييد الضييلل‪ ,‬والمضييل لميين أراد بعييد‬
‫الكمال‪ ,‬الذي هو لما يشاء فعال‪ ,‬وهو الحكيم العييدل فييي‬
‫جميييييع الفعييييال‪ ,‬اللطيييييف الخييييبير الكييييبير المتعييييال‪.‬‬

‫سيينا ً‬ ‫َ‬
‫ح َ‬ ‫ه قَْرض يا ً َ‬ ‫ضوا ْ الل ّ َ‬ ‫ت وَأقَْر ُ‬ ‫صد َّقا ِ‬ ‫م ّ‬‫ن َوال ْ ُ‬ ‫صد ِّقي َ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫** إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫سييل ِ ِ‬‫مُنوا ْ ِبالل ّهِ وَُر ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫م * َوال ّ ِ‬ ‫ري ٌ‬
‫ِ‬ ‫جٌر ك َ‬‫مأ ْ‬ ‫م وَل َهُ ْ‬ ‫ف ل َهُ ْ‬ ‫ضاعَ ُ‬ ‫يُ َ‬
‫م‬ ‫عنيد ربهيم ل َهي َ‬ ‫ن َوال ّ‬ ‫أ ُوَْلـئ ِ َ‬
‫هي ْ‬‫جُر ُ‬ ‫مأ ْ‬ ‫دآُء ِ َ َ ّ ِ ْ ُ ْ‬ ‫شيهَ َ‬ ‫ديُقو َ‬ ‫صي ّ‬‫م ال ّ‬ ‫هي ُ‬ ‫ك ُ‬
‫كييذ ّبوا ْ بآيات ِنييآ أ ُوَلـييئ ِ َ َ‬
‫ب‬ ‫حا ُ‬‫صيي َ‬‫كأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ن ك ََفييُروا ْ وَ َ ُ ِ َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م َواّليي ِ‬ ‫وَُنييوُرهُ ْ‬
‫حيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم ِ‬ ‫ج ِ‬‫ال ْ َ‬
‫يخييبر تعييالى عمييا يييثيب بييه المصييدقين والمصييدقات‬
‫بأموالهم على أهل الحاجية والفقير والمسيكنة }وأقرضيوا‬
‫الله قرضا ً حسنًا{ أي دفعييوه بنييية خالصيية ابتغيياء مرضيياة‬
‫الله ل يريدون جزاًء ممن أعطوه ول شكورًا‪ ,‬ولهييذا قييال‪:‬‬
‫}يضاعف لهم{ أي يقابل لهم الحسنة بعشر أمثالها‪ ,‬ويزاد‬
‫على ذلك إلى سييبعمائة ضييعف‪ ,‬وفييوق ذلييك }ولهييم أجيير‬
‫كريم{ أي ثواب جزيل حسن ومرجع صييالح ومييآب كريييم‪.‬‬
‫وقيييوله تعيييالى‪} :‬واليييذين آمنيييوا بيييالله ورسيييله أولئك‬
‫همالصديقون{ هذا تمييام لجمليية وصييف المييؤمنين بييا للييه‬
‫ورسله بأنهم صديقون‪ ,‬قال العوفي عيين ابيين عبيياس فييي‬
‫قييوله تعييالى‪} :‬والييذين آمنييوا بييا للييه ورسييله أولئك هييم‬
‫الصييديقون{ هييذه مفصييولة }والشييهداء عنييد ربهييم لهييم‬
‫أجرهيييم ونيييورهم{ وقيييال أبيييو الضيييحى }أولئك هيييم‬
‫الصييديقون{ ثييم اسييتأنف الكلم فقييال‪} :‬والشييهداء عنييد‬
‫ربهم{ وهكذا قال مسييروق والضييحاك ومقاتييل بيين حيييان‬
‫وغيرهيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬
‫وقال العمش عن أبي الضييحى عيين مسييروق عيين عبييد‬
‫الله بن مسعود في قييوله تعييالى‪} ,‬أولئك هييم الصييديقون‬
‫والشييهداء عنييد ربهييم{ قييال‪ :‬هييم ثلثيية أصييناف‪ :‬يعنييي‬
‫المصدقين والصديقين والشهداء‪ ,‬كما قييال تعييالى‪} :‬وميين‬

‫‪579‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يطع الله ورسوله فأولئك مع الذين أنعييم اللييه عليهييم ميين‬
‫النييبيين والصييديقين والشييهداء والصييالحين{ ففييرق بييين‬
‫الصديقين والشهداء فدل عليى أنهميا صينفان ول شيك أن‬
‫الصديق أعلى مقاما ً من الشهيد‪ ,‬كما رواه المام مالك بن‬
‫أنس رحمه الله في كتابه الموطأ عيين صييفوان بيين سييليم‬
‫عن عطاء بن يسار‪ ,‬عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬إن أهل الجنة ليتراءون أهييل‬
‫الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر فييي‬
‫الفق مين المشيرق أو المغيرب لتفاضيل ميابينهم« قيال‪:‬‬
‫يارسول الله تلك منازل النبياء ل يبلغها غيرهم قال »بلييى‬
‫والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصييدقوا المرسييلين«‬
‫اتفق البخاري ومسلم على إخراجه من حييديث مالييك بييه‪,‬‬
‫وقال آخييرون‪ :‬بييل المييراد ميين قييوله تعييالى‪} :‬أولئك هييم‬
‫الصديقون والشهداء عند ربهم{ فييأخبر عيين المييؤمنين بييا‬
‫لله ورسله بأنهم صديقون وشهداء‪ ,‬حكيياه ابيين جرييير عيين‬
‫مجاهد‪ ,‬ثم قيال ابين جريير‪ :‬حيدثني صيالح بين حيرب أبيو‬
‫معمر‪ ,‬حدثنا إسماعيل بن يحيى‪ ,‬حدثنا ابن عجلن عن زيد‬
‫بن أسلم عن البراء بن عييازب قييال سييمعت رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬مؤمنو أمتي شييهداء« قييال‪:‬‬
‫لية }والذين آمنوا‬ ‫ثم تل النبي صلى الله عليه وسلم هذه ا َ‬
‫بالله ورسله أولئك هم الصييديقون والشييهداء عنييد ربهييم{‬
‫هذا حديث غريب‪ .‬وقال أبو إسحاق عن عمرو بيين ميمييون‬
‫في قوله تعالى‪} :‬والذين آمنييوا بييا للييه ورسييله أولئك هييم‬
‫الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم{ قييال‪:‬‬
‫يجيئون يييييييييوم القياميييييييية معييييييييا ً كالصييييييييبعين‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬والشييهداء عنييد ربهييم{ أي فييي جنييات‬
‫النعيم كما جيياء فييي الصييحيحين »إن أرواح الشييهداء فييي‬
‫حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تييأوي‬
‫إلى تلك القناديل فاطلع عليهم ربييك اطلعيية فقييال‪ :‬ميياذا‬
‫تريدون ؟! فقالوا‪ :‬نحب أن تردنا إلى الييدار الييدنيا فنقاتييل‬
‫فيك فنقتل كما قتلنا أول مرة‪ ,‬فقال‪ :‬إني قد قضيت أنهييم‬
‫إليها ل يرجعون«‪ .‬وقوله تعييالى‪} :‬لهييم أجرهييم ونييورهم{‬

‫‪580‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أي لهم عند الله أجر جزيل ونور عظيم يسعى بين أيييديهم‬
‫وهم في ذلك يتفاوتون بحسب مييا كييانوا فييي الييدار الييدنيا‬
‫من العمال كما قال المام أحمد‪ ,‬حدثنا يحيى بن إسحاق‪,‬‬
‫حييدثنا ابيين لهيعيية‪ ,‬عيين عطيياء بيين دينييار عيين أبييي يزيييد‬
‫الخولني قال‪ :‬سمعت فضالة بن عبيد يقول‪ :‬سمعت عمر‬
‫بن الخطاب يقول‪ :‬سمعت رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم يقول‪» :‬الشييهداء أربعيية رجييل مييؤمن جيييد اليمييان‬
‫لقي العدو فصدق الله فقتل فذاك الذي ينظر الناس إليييه‬
‫هكذا« ورفييع رأسييه حييتى سييقطت قلنسييوة رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم وقلنسوة عمر »والثاني مؤمن لقييي‬
‫العدو فكأنما يضرب ظهره بشوك الطلح جاءه سهم غرب‬
‫فقتله فذاك في الدرجة الثانية‪ ,‬والثالث رجل مؤمن خلييط‬
‫عمل ً صالحا ً وآخر سيئا ً لقي العدو فصييدق اللييه حييتى قتييل‬
‫فذاك في الدرجة الثالثة‪ ,‬والرابع رجل مؤمن أسرف علييى‬
‫نفسه إسرافا ً كثيرا ً لقي العدو فصدق الله حتى قتل فذاك‬
‫في الدرجة الرابعة« وهكذا رواه علي بن المديني عن أبي‬
‫داود الطيالسي عن ابن المبارك عن ابن لهيعة‪ ,‬وقال هييذا‬
‫إسناد مصري صالح‪ ,‬ورواه الترمذي من حديث ابن لهيعيية‬
‫وقال‪ :‬حسن غريب‪ ,‬وقوله تعالى‪} :‬والذين كفييروا وكييذبوا‬
‫بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم{ لمييا ذكيير السييعداء ومييآلهم‬
‫عطيييييييف بيييييييذكر الشيييييييقياء وبيييييييين حيييييييالهم‪.‬‬

‫ب وَل َهْوٌ وَِزين َ ٌ‬ ‫َ‬


‫م‬ ‫خٌر ب َي ْن َك ُي ْ‬
‫ة وَت ََفا ُ‬ ‫حَياةُ الد ّن َْيا ل َعِ ٌ‬ ‫ما ال ْ َ‬ ‫موَا ْ أن ّ َ‬‫** اعْل َ ُ‬
‫َ‬
‫ه‬‫ب ال ْك ُّفاَر ن ََبييات ُ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ث أعْ َ‬ ‫ل غَي ْ ٍ‬ ‫مث َ ِ‬‫ل َوالوْل َدِ ك َ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬‫كاث ٌُر ِفي ال ْ‬ ‫وَت َ َ‬
‫ب‬ ‫ذا ٌ‬‫عيي َ‬ ‫خَرةِ َ‬ ‫طاما ً وَِفي ال َ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ُ‬ ‫كو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫صَفّرا ً ث ُ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ج فَت ََراهُ ُ‬ ‫م ي َِهي ُ‬ ‫ثُ ّ‬
‫مَتيياعُ‬ ‫حَياةُ الد ّن َْيآ إ ِل ّ َ‬ ‫ما ال ْ َ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫وا ٌ‬ ‫ن الل ّهِ وَرِ ْ‬
‫ض َ‬ ‫م َ‬‫مغِْفَرةٌ ّ‬ ‫ديد ٌ وَ َ‬ ‫ش ِ‬‫َ‬
‫ضيَها‬ ‫جن ّيةٍ عَْر ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ميين ّرب ّك ُي ْ‬ ‫مغِْفيَرةٍ ّ‬ ‫ى َ‬ ‫َ‬ ‫سيياب ُِقوَا ْ إ ِل َي‬ ‫ال ْغُيُرورِ * َ‬
‫ه‬
‫س يل ِ ِ‬ ‫من ُييوا ْ ب ِييالل ّهِ وَُر ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ت ل ِل ّي ِ‬ ‫عد ّ ْ‬ ‫ض أُ ِ‬ ‫مآِء َوالْر ِ‬ ‫س َ‬ ‫ض ال ّ‬ ‫كعَْر ِ‬
‫َ‬
‫ظي يم ِ‬‫ل ال ْعَ ِ‬ ‫ضي ِ‬ ‫ذو ال َْف ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫شآُء َوالل ّي ُ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ل الل ّهِ ي ُؤِْتيهِ َ‬ ‫ض ُ‬‫ك فَ ْ‬ ‫ذ َل ِ َ‬
‫يقول تعالى موهنا ً أمر الحياة الييدنيا ومحقييرا ً لهييا‪} :‬إنمييا‬
‫الحياة الدنيا لعب ولهييو وزينيية وتفيياخر بينكييم وتكيياثر فييي‬

‫‪581‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الموال والولد{ أي إنما حاصل أمرها عند أهلها هذا‪ ,‬كما‬
‫قال تعالى‪} :‬زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين‬
‫والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة‬
‫والنعام والحرث‪ ,‬ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن‬
‫المآب{ ثم ضرب تعالى مثل الحياة الدنيا فييي أنهييا زهييرة‬
‫فانية و نعمة زائلة فقال‪} :‬كمثل غيث{ وهو المطر الييذي‬
‫يأتي بعد قنوط الناس كما قال تعييالى‪} :‬وهييو الييذي ينييزل‬
‫الغييييييييييث مييييييييين بعيييييييييد ميييييييييا قنطيييييييييوا{‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬أعجييب الكفييار نبيياته{ أي يعجييب الييزراع‬
‫نبات ذلك الزرع الذي نبييت بييالغيث‪ ,‬وكمييا يعجييب الييزراع‬
‫ذلك كذلك تعجب الحياة الدنيا الكفار‪ ,‬فإنهم أحرص شيييء‬
‫عليها وأميل الناس إليها }ثم يهيج فتراه مصفرا ً ثييم يكييون‬
‫حطامًا{ أي يهيج ذلك الييزرع فييتراه مصييفرا ً بعييد مييا كييان‬
‫خضرا ً نضرًا‪ ,‬ثم يكون بعد ذلك كله حطاما ً أي يصير يبسييا ً‬
‫متحطمًا‪ ,‬هكذا الحياة الدنيا تكون أول شابة ثم تكتهييل ثييم‬
‫تكون عجوزا ً شوهاء‪ ,‬والنسان يكون كذلك في أول عمره‬
‫وعنفوان شبابه غضا ً طريا ً لين العطاف‪ ,‬بهي المنظر‪ ,‬ثم‬
‫إنه يشرع في الكهولة فتتغير طباعه ويفقد بعض قواه‪ ,‬ثم‬
‫يكييبر فيصييير شيييخا ً كييبيرا ً ضييعيف القييوى‪ ,‬قليييل الحركيية‬
‫يعجزه الشيء اليسير كما قال تعالى‪ } :‬الله الذي خلقكم‬
‫من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثييم جعييل ميين بعييد‬
‫قوة ضعفا ً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير{ ولمييا‬
‫كان هذا المثل دال ً على زوال الدنيا وانقضييائها وفراغهييا ل‬
‫لخرة كائنة ل محالة‪ ,‬حذر من أمرهييا ورغييب‬ ‫محالة‪ ,‬وأن ا َ‬
‫لخييرة عييذاب شييديد‬ ‫فيما فيها ميين الخييير فقييال‪} :‬وفييي ا َ‬
‫ومغفرة ميين اللييه ورضييوان * ومييا الحييياة الييدنيا إل متيياع‬
‫لتييية القريبيية إل إمييا هييذا‬‫لخييرة ا َ‬
‫الغرور{ أي وليس في ا َ‬
‫وإما هذا‪ :‬إما عذاب شديد‪ ,‬وإما مغفرة من الله ورضييوان‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وما الحياة الدنيا إل متاع الغرور{ أي هي‬
‫ن غاّر لمن ركن إليه‪ ,‬فييإنه يغييتر بهيا وتعجبييه حييتى‬ ‫متاع فا ٍ‬
‫يعتقد أنه ل دار سواها ول معاد وراءها‪ ,‬وهي حقيرة قليليية‬
‫لخرة‪ .‬قييال ابيين جرييير‪ :‬حييدثنا علييي بيين‬ ‫بالنسبة إلى دار ا َ‬

‫‪582‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حرب الموصلي‪ ,‬حدثنا المحاربي‪ ,‬حدثنا محمييد بيين عمييرو‬
‫عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صيلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬موضع سوط في الجنة خير ميين الييدنيا‬
‫وما فيهيا‪ ,‬اقيرءوا }وميا الحيياة اليدنيا إل متياع الغيرور{«‬
‫وهذا الحديث ثابت في الصحيح بييدون هييذه الزيييادة واللييه‬
‫أعلم‪ .‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا ابن نمير ووكيع كلهما عن‬
‫العمش عن شقيق عن عبد الليه قيال‪ :‬قيال رسيول الليه‬
‫صلى الليه علييه وسيلم‪» :‬للجنيية أقييرب إليى أحييدكم ميين‬
‫شراك نعله والنار مثل ذلك« انفرد بإخراجه البخيياري فييي‬
‫الرقاق ميين حييديث الثييوري عيين العمييش بييه‪ .‬ففييي هييذا‬
‫الحديث دليل على اقتراب الخير والشر من النسييان‪ ,‬وإذا‬
‫كان المر كذلك فلهذا حثه الله تعالى علييى المبييادرة إلييى‬
‫الخيرات من فعل الطاعات وترك المحرمييات الييتي تكفيير‬
‫عنه الذنوب والزلت وتحصل له الثييواب والييدرجات فقييال‬
‫تعييالى‪} :‬سييابقوا إلييى مغفييرة ميين ربكييم وجنيية عرضييها‬
‫كعرض السماء والرض{ والمييراد جنييس السييماء والرض‬
‫لية الخييرى‪} :‬وسيارعوا إلييى مغفييرة‬ ‫كما قال تعالى في ا َ‬
‫مييين ربكيييم وجنييية عرضيييها السيييموات والرض أعيييدت‬
‫للمتقين{ وقال ههنا‪} :‬أعييدت للييذين آمنييوا بييالله ورسييله‬
‫ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضييل العظيييم{‬
‫أي هذا الذي أهلهم اللييه لييه هييو ميين فضييله ومنييه عليهييم‬
‫وإحسييانه إليهييم‪ ,‬كمييا قييدمناه فييي الصييحيح أن فقييراء‬
‫المهاجرين قالوا‪ :‬يارسول الله ذهييب أهييل الييدثور بييالجور‬
‫بالدرجات العلى والنعيم المقيم قال »ومييا ذاك ؟« قييالوا‪:‬‬
‫يصلون كما نصلي‪ ,‬ويصومون كمييا نصييوم‪ ,‬ويتصييدقون ول‬
‫نتصدق‪ ,‬ويعتقون ول نعتق‪ .‬قال‪» :‬أفل أدلكييم علييى شيييء‬
‫إذا فعلتموه سبقتم من بعدكم ول يكون أحد أفضييل منكييم‬
‫إل من صنع مثل ما صينعتم تسيبحون وتكيبرون وتحميدون‬
‫دبر كل صلة ثلثيا ً وثلثييين« قييال‪ :‬فرجعييوا فقييالوا‪ :‬سييمع‬
‫إخواننا أهل الموال مافعلنا ففعلوا مثله‪ ,‬فقال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬ذلك فضل الله يؤتيه من يشيياء«‪.‬‬

‫‪583‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م إ ِل ّ‬‫س يك ُ ْ‬ ‫ي أنُف ِ‬ ‫ض وَل َ فِ ي َ‬ ‫صيييب َةٍ فِ َييي الْر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫من ّ‬ ‫ب ِ‬ ‫صا َ‬ ‫مآ أ َ‬ ‫** َ‬
‫َ‬
‫سيييٌر *‬ ‫ك عَل َييى الّليهِ ي َ ِ‬ ‫ن ذ َل ِي َ‬ ‫ل أن ن ّب َْرأهَييآ إ ِ ّ‬ ‫من قَب ْي ِ‬ ‫ب ّ‬ ‫ِفي ك َِتا ْ ٍ‬
‫ه لَ‬ ‫م َوالل ّي ُ‬ ‫مييآ آت َيياك ُ ْ‬ ‫حييوا ْ ب ِ َ‬ ‫م وَل َ ت َْفَر ُ‬ ‫ما َفات َك ُ ْ‬ ‫ى َ‬‫َ‬
‫سوْا ْ عَل َ‬ ‫ل ّك َي ْل َ ت َأ َ‬
‫ْ‬
‫س‬‫ن الن ّييا َ‬ ‫مُرو َ‬ ‫ن وَي َيأ ُ‬ ‫خل ُييو َ‬ ‫ن ي َب ْ َ‬‫ذي َ‬‫خورٍ * ال ّي ِ‬ ‫ل فَ ُ‬ ‫خَتا ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫ب كُ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫يُ ِ‬
‫مييييد ُ‬‫ح ِ‬ ‫ي ال ْ َ‬‫هيييوَ ال ْغَِنييي ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن الل ّييي َ‬ ‫ل فَيييإ ِ ّ‬ ‫مييين ي َت َيييوَ ّ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫خييي ِ‬ ‫ِبال ْب ُ ْ‬
‫يخبر تعالى عين قيدره السيابق فيي خلقيه قبيل أن ييبرأ‬
‫البرية فقال‪} :‬ما أصيياب ميين مصيييبة فييي الرض ول فييي‬
‫لفاق وفي أنفسكم }إل في كتاب ميين‬ ‫أنفسكم{ أي في ا َ‬
‫قبييل أن نبرأهييا{ أي ميين قبييل أن نخلييق الخليقيية ونييبرأ‬
‫النسييمة‪ .‬وقييال بعضييهم‪ :‬ميين قبييل أن نبرأهييا عييائد علييى‬
‫النفوس‪ ,‬وقيل‪ :‬عائد على المصيبة‪ ,‬والحسن عييوده علييى‬
‫الخليقة والبرية لدللية الكلم عليهيا كمييا قيال ابيين جرييير‪:‬‬
‫حييدثني يعقييوب‪ ,‬حييدثني ابيين علييية عيين منصييور بيين عبييد‬
‫الرحمن قال‪ :‬كنت جالسا ً مع الحسن فقال رجل سله عن‬
‫قوله تعالى‪} :‬مييا أصيياب ميين مصيييبة فييي الرض ول فييي‬
‫أنفسكم إل في كتاب ميين قبييل أن نبرأهييا{ فسييألته عنهييا‬
‫فقال‪ :‬سبحان الله ومن يشك في هيذا ؟ كيل مصييبة بيين‬
‫السماء والرض ففي كتاب الله من قبل أن يييبرأ النسييمة‪.‬‬
‫وقال قتادة‪ :‬ما أصاب ميين مصيييبة فييي الرض قييال‪ :‬هييي‬
‫السنون يعني الجدب }ول فييي أنفسييكم{ يقييول‪ :‬الوجيياع‬
‫والمراض‪ ,‬قال‪ :‬وبلغنا أنه ليس أحد يصيبه خدش عييود ول‬
‫نكبة قدم ولخلجان عرق إل بذنب‪ ,‬وما يعفوالله عنه أكثر‪.‬‬
‫لية الكريمة العظيمة من أدل دليل على القدرييية‬ ‫وهذه ا َ‬
‫نفاة العلم السابق ي قبحهم الله ي وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا‬
‫أبو عبد الرحمن‪ ,‬حدثنا حيوة وابيين لهيعيية قييال‪ :‬حييدثنا أبييو‬
‫هانىء الخولني أنه سمع أبا عبييد الرحميين الحبلييي يقييول‪:‬‬
‫سيمعت عبيد الليه بين عميرو بين العياص يقيول‪ :‬سيمعت‬
‫رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم يقييول‪» :‬قييدر اللييه‬
‫المقادير قبل أن يخلق السييموات والرض بخمسييين ألييف‬
‫سنة«‪ .‬ورواه مسلم في صحيحه من حديث عبييد اللييه بيين‬
‫وهب وحيوة بن شييريح ونييافع بيين زيييد وثلثتهييم عيين أبييي‬

‫‪584‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هييانىء بييه‪ ,‬وزاد ابيين وهييب »وكييان عرشييه علييى الميياء«‬
‫ورواه الترمييذي وقيال حسين صيحيح‪ .‬وقييوله تعيالى‪} :‬إن‬
‫ذلك علييى اللييه يسييير{ أي إن علمييه تعييالى الشييياء قبييل‬
‫كونها وكتابته لها طبق ما يوجد في حينها سهل علييى اللييه‬
‫عز وجل‪ ,‬لنه يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لييو كييان‬
‫كييييييييييييييييييييف كيييييييييييييييييييان يكيييييييييييييييييييون‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬لكيل تأسييوا علييى مييا فيياتكم ول تفرحييوا‬
‫بماآتاكم{ أي أعلمناكم بتقدم علمنا وسبق كتابتنا للشييياء‬
‫قبل كونها‪ ,‬وتقديرنا الكائنات قبل وجودها‪ ,‬لتعلمييوا أن مييا‬
‫أصابكم لم يكن ليخطئكم وما أخطأكم لم يكيين ليصيييبكم‪,‬‬
‫فل تأسوا على مييا فيياتكم لنييه لييو قييدر شيييء لكييان }ول‬
‫تفرحوا بما آتاكم{ أي جاءكم‪ ,‬وتفسير آتيياكم أي أعطيياكم‬
‫وكلهما متلزم أي ل تفخروا على الناس بما أنعم اللييه بييه‬
‫عليكم‪ ,‬فإن ذلك ليس بسعيكم ول كييدكم‪ ,‬وإنمييا هييو عيين‬
‫قدر الليه ورزقيه لكيم فل تتخيذوا نعيم الليه أشيرا ً وبطيرا ً‬
‫تفخرون بها على الناس‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬والله ل يحييب‬
‫كل مختال فخور{ أي مختال فيي نفسيه متكيبر فخيور أي‬
‫على غيره‪ .‬وقال عكرمة‪ :‬ليس أحييد إل هييو يفييرح ويحييزن‬
‫ولكن اجعلوا الفرح شكرا ً والحزن صبرًا‪ .‬ثييم قييال تعييالى‪:‬‬
‫}الييذين يبخلييون ويييأمرون النيياس بالبخييل{ أي يفعلييون‬
‫المنكر ويحضون الناس عليييه }وميين يتييول{ أي عيين أميير‬
‫الله وطاعته }فإن الله هو الغني الحميد{ كما قال موسى‬
‫عليه السلم }إن تكفروا أنتم ومن في الرض جميعا ً فييإن‬
‫الليييييييييييييييييييه لغنيييييييييييييييييييي حمييييييييييييييييييييد{‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫م ال ْك َِتييا َ‬ ‫معَُهيي ُ‬‫ت وَأنَزل َْنييا َ‬ ‫سييل ََنا ِبال ْب َي َّنييا ِ‬ ‫سييل َْنا ُر ُ‬
‫** ل ََقييد ْ أْر َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫س‬
‫دييد َ ِفييهِ ب َيأ ٌ‬ ‫ح ِ‬‫ط وَأنْزل ْن َييا ال ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫س ِبال ِْق ْ‬ ‫م الّنا ُ‬ ‫ن ل ِي َُقو َ‬ ‫ميَزا َ‬‫َوال ْ ِ‬
‫ب‬ ‫ه ِبال ْغَي ْ ِ‬
‫سل َ ُ‬‫صُرهُ وَُر ُ‬ ‫من َين ُ‬ ‫ه َ‬‫م الل ّ ُ‬ ‫س وَل ِي َعْل َ َ‬ ‫مَنافِعُ ِللّنا ِ‬ ‫ديد ٌ وَ َ‬‫ش ِ‬‫َ‬
‫زيييييييييييييييييييٌز‬ ‫ه َقييييييييييييييييييوِيّ عَ ِ‬ ‫ن الّليييييييييييييييييي َ‬ ‫إِ ّ‬
‫يقيييول تعيييالى‪} :‬لقيييد أرسيييلنا رسيييلنا بالبينيييات{ أي‬
‫بيييالمعجزات‪ ,‬والحجيييج البييياهرات‪ ,‬واليييدلئل القاطعيييات‬

‫‪585‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}وأنزلنا معهم الكتاب{ وهييو النقييل الصييدق }والميييزان{‬
‫وهو العدل‪ ,‬قاله مجاهد وقتادة وغيرهما‪ ,‬وهو الحييق الييذي‬
‫لراء‬ ‫تشييهد بييه العقييول الصييحيحة المسييتقيمة المخالفيية ل َ‬
‫السقيمة كما قال تعالى‪} :‬أفمن كان علييى بينيية ميين ربييه‬
‫ويتلوه شاهد منه{ وقال تعالى‪} :‬فطييرة اللييه الييتي فطيير‬
‫النيياس عليهييا{ وقييال تعييالى‪} :‬والسييماء رفعهييا ووضييع‬
‫لييية‪} :‬ليقييوم النيياس‬ ‫الميييزان{ ولهييذا قييال فييي هييذه ا َ‬
‫بالقسط{ أي بالحق والعدل وهو اتباع الرسل فيما أخبروا‬
‫به وطاعتهم فيما أمروا به‪ ,‬فإن الذي جاءوا بييه هييو الحييق‬
‫الذي ليس وراءه حق كما قال‪} :‬وتمت كلمة ربييك صييدقا ً‬
‫ل{ أي صدقا ً في الخبار وعدل ً في الواميير والنييواهي‪,‬‬ ‫وعد ً‬
‫ولهذا يقول المؤمنون إذا تبييوأوا غييرف الجنييات‪ ,‬والمنييازل‬
‫العاليات‪ ,‬والسييرر المصييفوفات }الحمييد للييه الييذي هييدانا‬
‫لهذا‪ ,‬وما كنا لنهتدي لول أن هدانا اللييه لقييد جيياءت رسييل‬
‫ربنيييييييييييييييييييييييييييييييا بيييييييييييييييييييييييييييييييالحق{‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬وأنزلنييا الحديييد فيييه بييأس شييديد{ أي‬
‫وجعلنا الحديييد رادعيا ً لميين أبييى الحييق وعانييده بعييد قيييام‬
‫الحجة عليه‪ ,‬ولهذا أقام رسول الله صلى الله عليه وسييلم‬
‫بمكيية بعييد النبييوة ثلث عشييرة سيينة تييوحى إليييه السييور‬
‫المكية‪ ,‬وكلها جدال مع المشركين وبيان وإيضيياح للتوحيييد‬
‫وبينات ودللت‪ ,‬فلما قامت الحجة على من خالف‪ ,‬شييرع‬
‫الله الهجييرة وأمرهييم بالقتييال بالسيييوف وضييرب الرقيياب‬
‫والهام لمن خييالف القييرآن وكييذب بييه وعانييده‪ ,‬وقييد روى‬
‫المام أحمد وأبو داود من حديث عبد الرحمن بن ثابت بن‬
‫ثوبان عن حسييان بيين عطييية عيين أبييي المنيييب الجرشييي‬
‫الشامي عن ابن عمر قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬بعثت بالسيف بين يدي السيياعة حييتى يعبييد‬
‫الله وحده ل شريك له‪ ,‬وجعيل رزقيي تحيت ظيل رمحيي‪,‬‬
‫وجعل الذلة والصغار عليى مين خيالف أميري ومين تشيبه‬
‫بقوم فهو منهم« ولهييذا قييال تعييالى‪} :‬فيييه بييأس شييديد{‬
‫يعنييي السييلح كالسيييوف والحييراب والسيينان والنصييال‬
‫والييدروع ونحوهييا }ومنييافع للنيياس{ أي فييي معايشييهم‬

‫‪586‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كالسكة والفأس والقييدوم والمنشييار والزميييل والمجرفيية‬
‫للت التي يسييتعان بهييا فييي الحراثيية والحياكيية والطبييخ‬ ‫وا َ‬
‫والخبز‪ ,‬وما ل قوام للناس بدونه وغير ذلك‪ .‬قال علباء بيين‬
‫أحمد عن عكرمة عن ابن عباس قال‪ :‬ثلثيية أشييياء نزلييت‬
‫مييع آدم‪ :‬السييندان والكلبتييان والميقعيية يعنييي المطرقيية‪,‬‬
‫ورواه ابن جرير وابن أبييي حيياتم‪ ,‬وقييوله تعييالى‪} :‬وليعلييم‬
‫الله من ينصره ورسييله بييالغيب{ أي ميين نيتييه فييي حمييل‬
‫السلح نصرة الله ورسوله }إن الله قييوي عزيييز{ أي هييو‬
‫قييوي عزيييز ينصيير ميين نصييره ميين غييير احتييياج منييه إلييى‬
‫النييياس‪ ,‬وإنميييا شيييرع الجهييياد ليبليييو بعضيييكم ببعيييض‪.‬‬

‫َ‬
‫مييا الن ّب ُيوّةَ‬ ‫جعَل َْنا فِييي ذ ُّري ّت ِهِ َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫هي َ‬ ‫سل َْنا ُنوحا ً وَإ ِب َْرا ِ‬ ‫** وَل ََقد ْ أْر َ‬
‫م قَّفي ْن َييا‬ ‫ن * ث ُي ّ‬ ‫سيُقو َ‬ ‫م َفا ِ‬ ‫من ْهُي ْ‬ ‫مهْت َيدٍ وَك َِثييٌر ّ‬ ‫م ّ‬ ‫من ْهُ ْ‬‫ب فَ ِ‬ ‫َوال ْك َِتا َ‬
‫م َوآت َي ْن َيياهُ‬ ‫مْري َي َ‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫سييى اب ْي‬ ‫س يل َِنا وَقَّفي ْن َييا ب ِِعي َ‬ ‫هم ب ُِر ُ‬ ‫ى آث َييارِ ِ‬ ‫َ‬ ‫عَل َي‬
‫ة‬‫مي ً‬ ‫ح َ‬ ‫ة وََر ْ‬ ‫ن ات ّب َعُييوهُ َرأ ْفَ ي ً‬ ‫ذي َ‬ ‫ب ال ّي ِ‬ ‫جعَل ْن َييا فِييي قُل ُييو ِ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫جي ي َ‬ ‫لن ِ‬‫ا ِ‬
‫ن الل ّي ِ‬
‫ه‬ ‫وا ِ‬ ‫ضي َ‬ ‫م إ ِل ّ اب ْت ِغَييآَء رِ ْ‬ ‫ها عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ما ك َت َب َْنا َ‬ ‫ها َ‬ ‫عو َ‬ ‫ة ابت َد َ ُ‬ ‫وََرهَْبان ِي ّ ً‬
‫عايت ِهييا َفآتينييا ال ّيذين آمنييوا ْ منهي َ‬
‫م‬ ‫جَرهُي ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ِ ُْ ْ‬ ‫ِ َ َ ُ‬ ‫ََْ‬ ‫حقّ رِ َ َ َ‬ ‫ها َ‬ ‫ما َرعَوْ َ‬ ‫فَ َ‬
‫ن‬‫سيييييييييييييييييُقو َ‬ ‫م َفا ِ‬ ‫من ُْهييييييييييييييييي ْ‬ ‫وَك َِثييييييييييييييييييٌر ّ‬
‫يخبر تعالى أنه منذ بعييث نوحيا ً عليييه السييلم لييم يرسييل‬
‫بعييده رسييول ً ولنبييا ً إل ميين ذريتييه وكييذلك إبراهيييم عليييه‬
‫السلم خليل الرحمن‪ ,‬لم ينزل من السماء كتابا ً ول أرسل‬
‫رسول ً ول أوحى إلى بشر من بعييده إل وهييو ميين سييللته‪,‬‬
‫لية الخرى‪} :‬وجعلنا في ذريته النبوة‬ ‫كما قال تعالى في ا َ‬
‫والكتاب{ حتى كان آخر أنبياء بنييي إسييرائيل عيسييى ابيين‬
‫مريم الذي بشر ميين بعييده بمحمييد صييلوات اللييه وسييلمه‬
‫عليهما‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬ثم قفينا علييى آثييارهم برسييلنا‬
‫وقفينا بعيسييى ابيين مريييم وآتينيياه النجيييل{ وهييو الكتيياب‬
‫الذي أوحاه الله إليه }وجعلنييا فييي قلييوب الييذين اتبعييوه{‬
‫وهم الحواريون }رأفة{ أي رقة وهي الخشييية }ورحميية{‬
‫بييالخلق‪ .‬وقييوله‪} :‬ورهبانييية ابتييدعوها{ أي ابتييدعها أميية‬

‫‪587‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫النصارى }ما كتبناها عليهم{ أي ما شرعناها لهم وإنما هم‬
‫التزموهيييييييييييا مييييييييييين تلقييييييييييياء أنفسيييييييييييهم‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬إل ابتغيياء رضييوان اللييه{ فيييه قييولن‬
‫)أحدهما( أنهم قصدوا بذلك رضوان اللييه‪ ,‬قيياله سييعيد بيين‬
‫جبير وقتادة‪) .‬وا َ‬
‫لخيير( يي مييا كتبنييا عليهييم ذليك إنمييا كتبنييا‬
‫عليهم ابتغاء رضوان الله‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬فما رعوهييا حييق‬
‫رعايتها{ أي فما قاموا بما الييتزموا حييق القيييام‪ ,‬وهييذا ذم‬
‫لهم من وجهين )أحدهما( ي البتداع في دين الله مالم يأمر‬
‫به الله و )الثاني( ي في عدم قيامهم بماالتزموا مما زعموا‬
‫أنه قربة يقربهم إلى اللييه عييز وجييل‪ .‬وقييد قييال ابيين أبييي‬
‫حاتم‪ :‬حدثنا إسييحاق بيين أبييي حمييزة أبييو يعقييوب الييرازي‬
‫حدثنا السري بن عبيد ربيه‪ ,‬حييدثنا بكييير بين معيروف عين‬
‫مقاتل بن حيان عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبييد اللييه‬
‫بن مسعود‪ ,‬عن أبيه عن جده ابن مسييعود قيال‪ :‬قييال لييي‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ياابن مسعود« قلييت‪:‬‬
‫لبيك يارسول اللييه‪ .‬قييال‪» :‬هييل علمييت أن بنييي إسييرائيل‬
‫افترقوا على ثنتين وسبعين فرقة ؟ لييم ينييج منهييا إل ثلث‬
‫فرق‪ ,‬قامت بين الملوك والجبابرة بعد عيسييى ابيين مريييم‬
‫عليه السلم‪ ,‬فدعت إلى دين الله ودين عيسى ابن مريم‪,‬‬
‫فقاتلت الجبابرة فقتلت فصبرت ونجت‪ ,‬ثم قييامت طائفيية‬
‫أخييرى لييم تكيين لهييا قييوة بالقتييال‪ ,‬فقييامت بييين الملييوك‬
‫والجبابرة فدعوا إلييى دييين اللييه ودييين عيسييى ابيين مريييم‬
‫فقتلييت وقطعييت بالمناشييير وحرقييت بييالنيران فصييبرت‬
‫ونجت‪ ,‬ثم قامت طائفة أخرى لييم يكيين لهييا قييوة بالقتييال‬
‫ولييم تطييق القيييام بالقسييط‪ ,‬فلحقييت بالجبييال فتعبييدت‬
‫وترهبت وهم الذين ذكر الله تعالى‪} :‬ورهبانية ابتدعوها ما‬
‫كتبناهييييييييييييييييييييييييييييا عليهييييييييييييييييييييييييييييم{«‪.‬‬
‫وقد رواه ابن جرير بلفظ آخر من طريييق أخييرى فقييال‪:‬‬
‫حدثنا يحيى بن أبي طالب‪ ,‬حييدثنا داود بيين المحييبر‪ ,‬حييدثنا‬
‫الصعق بن حزن‪ ,‬حدثنا عقيييل الجعييدي عيين أبييي إسييحاق‬
‫الهمداني عن سويد بيين غفلية عيين عبييد الليه بيين مسيعود‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬اختلف ميين‬

‫‪588‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كان قبلنا على ثلث وسبعين فرقة نجييا منهييم ثلث وهلييك‬
‫سائرهم« وذكر نحو ما تقييدم وفيييه »}فآتينييا الييذين آمنييوا‬
‫منهم أجرهم{ هم الذين آمنوا بي وصدقوني }وكثير منهم‬
‫فاسقون{ وهم الذين كييذبوني وخييالفوني« ول يقييدح فييي‬
‫هذه المتابعة لحال داود بيين المحييبر فييإنه أحييد الوضيياعين‬
‫للحديث‪ ,‬ولكن قد أسنده أبو يعلى عيين شيييبان بيين فييروخ‬
‫عن الصعق بن حزن به مثل ذلك‪ ,‬فقوي الحديث من هييذا‬
‫الييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييوجه‪.‬‬
‫وقال ابن جرير وأبو عبد الرحميين النسييائي واللفييظ لييه‪:‬‬
‫أخبرنا الحسين بن حريث‪ ,‬حدثنا الفضييل بيين موسييى عيين‬
‫سفيان بن سعيد عن عطيياء بيين السييائب‪ ,‬عيين سييعيد بيين‬
‫جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬كان ملوك بعييد‬
‫عيسى عليه السلم بييدلت التييوراة والنجيييل فكييان منهييم‬
‫مؤمنون يقرأون التوراة والنجيل‪ ,‬فقيل لمليوكهم مييا نجييد‬
‫شيئا ً أشد من شتم يشتموناه هؤلء إنهم يقرأون }ومن لم‬
‫ليات مييع‬ ‫يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون{ هذه ا َ‬
‫ما يعيبوننا به من أعمالنييا فييي قراءتهييم فيادعهم فليقيرأوا‬
‫كما نقييرأ وليؤمنييوا كمييا آمنييا‪ ,‬فييدعاهم فجمعهييم وعييرض‬
‫عليهم القتل أو يتركوا قراءة التوراة والنجيل إل مييا بييدلوا‬
‫منها‪ ,‬فقالوا‪ :‬ما تريدون إلييى ذلييك دعونييا‪ ,‬فقييالت طائفيية‬
‫منهم‪ :‬ابنوا لنا أسطوانة ثم ارفعونا إليها ثم أعطونييا شيييئا ً‬
‫نرفع به طعامنا وشييرابنا فل نييرد عليكييم‪ ,‬وقييالت طائفيية‪:‬‬
‫دعونييا نسيييح فييي الرض ونهيييم ونشييرب كمييا يشييرب‬
‫الوحش‪ ,‬فإن قدرتم علينييا فييي أرضييكم فاقتلونييا‪ ,‬وقييالت‬
‫لبييار ونحييرث‬ ‫طائفة‪ :‬ابنوا لنا دورا ً فييي الفيييافي ونحتفيير ا َ‬
‫البقول فل نرد عليكم ولنمر بكم‪ ,‬وليس أحد ميين القبييائل‬
‫إل لييه حميييم فيهييم‪ ,‬ففعلييوا ذلييك‪ ,‬فييأنزل اللييه تعييالى‪:‬‬
‫}ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إل ابتغاء رضوان اللييه‬
‫فمييييييييييييا رعوهييييييييييييا حييييييييييييق رعايتهييييييييييييا{‪.‬‬
‫لخرون قالوا‪ :‬نتعبد كمييا تعبييد فلن ونسيييح كمييا سيياح‬ ‫وا َ‬
‫فلن ونتخذ دورا ً كما اتخذ فلن‪ ,‬وهم على شركهم ل علييم‬
‫لهم بإيمان الذين اقتدوا بهم‪ ,‬فلما بعث اللييه النييبي صييلى‬

‫‪589‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله عليه وسلم ولم يبق إل القليل انحط منهييم رجيل مين‬
‫صومعته‪ ,‬وجاء سائح من سياحته‪ ,‬وصاحب الدير من ديره‬
‫فآمنوا به وصدقوه فقال الله عز وجل‪} :‬ياأيها الذين آمنوا‬
‫اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته{ أجرين‬
‫بإيمانهم بعيسى ابن مرييم وتصييديقهم بيالتوراة والنجيييل‪,‬‬
‫وبإيمانهم بمحمد صلى الليه علييه وسيلم وتصييديقهم قيال‬
‫}ويجعل لكم نييورا ً تمشييون بييه{ القييرآن واتبيياعهم النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪} :‬لئل يعلم أهل الكتاب{ الذين‬
‫يتشبهون بكم }أن ل يقدرون على شيييء ميين فضييل اللييه‬
‫وأن الفضييل بيييد اللييه يييؤتيه ميين يشيياء واللييه ذو الفضييل‬
‫العظيم{ هذا السياق فيييه غرابيية‪ ,‬وسيييأتي تفسييير هيياتين‬
‫ا َ‬
‫ليييييييتين علييييييى غييييييير هييييييذا‪ ,‬واللييييييه أعلييييييم‪.‬‬
‫وقييال الحييافظ أبييو يعلييى الموصييلي‪ :‬حييدثنا أحمييد بيين‬
‫عيسى‪ ,‬حدثنا عبد الله بيين وهييب‪ ,‬حييدثني سييعيد بيين عبييد‬
‫الرحمن بن أبي العمياء أن سهل بن أبي أماميية حييدثه أنييه‬
‫دخل هو وأبوه على أنس بن مالك بالمدينة زمان عمر بيين‬
‫عبد العزيز وهو أمير‪ ,‬وهو يصلي صلة خفيفة كأنهييا صييلة‬
‫المسافر أو قريبا ً منها‪ ,‬فلما سلم قال‪ :‬يرحمك الله أرأيت‬
‫هذه الصلة المكتوبة أم شيء تنفلته ؟ قال‪ :‬إنها المكتوبيية‬
‫وإنها صلة رسول الله صلى الله عليه وسييلم مييا أخطييأت‬
‫إل شيئا ً سهوت عنه‪ ,‬إن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫كان يقول‪» :‬ل تشددوا على أنفسكم فيشييدد اللييه عليكييم‬
‫فإن قوما ً شددوا على أنفسييهم فشييدد اللييه عليهييم فتلييك‬
‫بقاياهم في الصوامع والديارات رهبانية ابتدعوها ما كتبناها‬
‫عليهم« ثم غدوا من الغييد فقييالوا‪ :‬نركييب فننظيير ونعتييبر‪,‬‬
‫قال‪ :‬نعم فركبوا جميعا ً فإذا هم بييديار قفيير قييد بيياد أهلهييا‬
‫وانقرضوا وفنوا خاوية على عروشها‪ ,‬فقالوا‪ :‬أتعرف هييذه‬
‫الديار ؟ قال‪ :‬مييا أعرفنييي بهييا وبأهلهييا هييؤلء أهييل الييديار‬
‫أهلكهم البغي والحسد‪ ,‬إن الحسد يطفىء نييور الحسيينات‬
‫والبغي يصدق ذلك أو يكذبه‪ ,‬والعييين تزنييي والكييف تزنييي‬
‫والقدم والجسد واللسييان والفييرج يصييدق ذلييك أو يكييذبه‪.‬‬

‫‪590‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حيدثنا يعمير‪ ,‬حييدثنا عبيد الليه أخبرنييا‬
‫سفيان عن زيد العمي عن أبي إياس‪ ,‬عن أنس بيين مالييك‬
‫أن النبي صلى الله عليه وسلم قييال‪» :‬لكييل نييبي رهبانييية‬
‫ورهبانية هذه المة الجهاد في سبيل الله عز وجل« ورواه‬
‫الحافظ أبو يعلى عن عبد الله بيين محمييد بيين أسييماء عيين‬
‫عبد الله بن المبارك به ولفظه »لكل أمة رهبانية ورهبانية‬
‫هذه المة الجهياد فيي سيبيل الليه«‪ .‬وقيال الميام أحميد‪:‬‬
‫حدثنا حسين ي هيو ابين محمييد يي حيدثنا ابين عييياش يعنييي‬
‫إسييماعيل عيين الحجيياج بيين مييروان الكلعييي وعقيييل بيين‬
‫مدرك السلمي‪ ,‬عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنييه أن‬
‫رجل ً جاءه فقال‪ :‬أوصني‪ ,‬فقال‪ :‬سييألت عمييا سييألت عنييه‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبلك أوصيك بتقوى‬
‫اللييه فييإنه رأس كييل شيييء وعليييك بالجهيياد فييإنه رهبانييية‬
‫السلم‪ ,‬وعليك بذكر الله وتلوة القرآن فييإنه روحييك فييي‬
‫السماء وذكرك في الرض‪ .‬تفييرد بييه أحمييد‪ ,‬واللييه أعلييم‪.‬‬

‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫م ك ِْفل َ‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫ؤ‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫سو‬‫ُ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫مُنوا ْ‬‫ِ‬ ‫وآ‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫مُنوا ْ ات ُّقوا ْ الل ّ‬ ‫َ‬ ‫آ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ذي‬
‫ِ‬ ‫** ي َأ َي َّها ال ّ‬
‫ِ‬
‫ه‬‫م َوالل ّي ُ‬ ‫ن ب ِهِ وَي َغِْف يْر ل َك ُي ْ‬ ‫شو َ‬ ‫م ُ‬ ‫م ُنورا ً ت َ ْ‬ ‫جَعل ل ّك ُ ْ‬ ‫مت ِهِ وَي َ ْ‬ ‫ح َ‬‫من ّر ْ‬ ‫ِ‬
‫ب أل ّ ي َْقدُِرو َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يءٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ى َ‬ ‫ن عَل َ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫م أه ْ ُ‬ ‫م * ل ّئ َل ّ ي َعْل َ َ‬ ‫حي ٌ‬ ‫غَُفوٌر ّر ِ‬
‫َ‬
‫ه‬ ‫شيآُء َوالّلي ُ‬ ‫مين ي َ َ‬ ‫ل ب ِي َدِ الل ّهِ ي ُيؤِْتيهِ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ن ال َْف ْ‬ ‫ل الل ّهِ وَأ ّ‬ ‫ض ِ‬ ‫من فَ ْ‬ ‫ّ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ظييييييييييييييييييييييييييييم ِ‬ ‫ل الع َ ِ‬ ‫ضييييييييييييييييييييييييييي ِ‬ ‫ذو الَف ْ‬
‫قد تقدم في رواية النسائي عن ابن عباس أنه حمل هذه‬
‫لية على مؤمني أهل الكتاب وأنهم يؤتون أجرهم مرتييين‬ ‫ا َ‬
‫لية التي في القصص وكما فييي حييديث الشييعبي‬ ‫كما في ا َ‬
‫عن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى الشعري قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسييلم‪» :‬ثلثيية يؤتييون أجرهييم‬
‫مرتين‪ :‬رجل من أهييل الكتيياب آميين بنييبيه وآميين بييي فلييه‬
‫أجييران‪ ,‬وعبييد مملييوك أدى حييق اللييه وحييق مييواليه فلييه‬
‫أجران‪ ,‬ورجل أدب أمته فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها‬
‫فله أجران« أخرجيياه فييي الصييحيحين ووافييق ابيين عبيياس‬
‫على هذا التفسير الضحاك وعتبة بن أبييي حكيييم وغيرهمييا‬

‫‪591‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وهو اختيار ابن جرير وقال سعيد بن جبير‪ :‬لما افتخر أهييل‬
‫الكتاب بأنهم يؤتون أجرهم مرتين أنييزل اللييه تعييالى عليييه‬
‫لية في حق هذه المة‪} :‬ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله‬ ‫هذه ا َ‬
‫وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين{ أي ضييعفين }ميين رحمتييه{‬
‫وزادهم }ويجعل لكم نورا ً تمشون به{ يعني هييدى يتبصيير‬
‫بييه ميين العمييى والجهاليية ويغفيير لكييم‪ ,‬ففضييلهم بييالنور‬
‫والمغفييييييييييرة رواه ابيييييييييين جرييييييييييير عنييييييييييه‪.‬‬
‫لية كقوله تعالى‪} :‬ياأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله‬ ‫وهذه ا َ‬
‫يجعل لكم فرقانا ً ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفيير لكييم واللييه‬
‫ذو الفضل العظيم{ وقال سعيد بن عبد العزيز‪ :‬سأل عمر‬
‫ض يّعفت‬ ‫بن الخطاب حبرا ً من أحبار اليهود كييم أفضييل مييا ُ‬
‫لكم حسيينة ؟ قييال كفييل ثلثمييائة وخمسييين حسيينة‪ ,‬قييال‬
‫فحمد الله عمر على أنه أعطانا كفلين‪ ,‬ثم ذكر سعيد قول‬
‫الله عز وجل‪} :‬يييؤتكم كفلييين ميين رحمتييه{ قييال سييعيد‪:‬‬
‫والكفلن في الجمعة مثل ذلك‪ ,‬رواه ابن جرير‪ .‬ومما يؤيد‬
‫هذا القول مييارواه المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا إسييماعيل‪ ,‬حييدثنا‬
‫أيوب عن نافع عن ابن عمر قال‪ :‬قال رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬مثلكييم ومثييل اليهييود والنصييارى كمثييل‬
‫رجل استعمل عمال ً فقال من يعمل لي من صييلة الصييبح‬
‫إلى نصف النهار على قيراط قيراط ؟ أل فعملييت اليهييود‪,‬‬
‫ثم قال من يعمل لي من صلة الظهيير إلييى صييلة العصيير‬
‫على قيراط قيراط ؟ أل فعملييت النصييارى‪ ,‬ثييم قييال ميين‬
‫يعمل لييي ميين صييلة العصيير إلييى غييروب الشييمس علييى‬
‫قيراطييين قيراطييين ؟ أل فييأنتم الييذين عملتييم‪ ,‬فغضييب‬
‫النصارى واليهود وقالوا نحن أكثر عمل ً وأقييل عطيياًء قييال‪:‬‬
‫هل ظلمتكم من أجركم شيئا ً ؟ قييالوا‪ :‬ل‪ ,‬قييال‪ :‬فإنمييا هييو‬
‫فضييييييييييييلي أوتيييييييييييييه ميييييييييييين أشيييييييييييياء«‪.‬‬
‫قال أحمد وحدثناه مؤمل عن سفيان عيين عبييد اللييه بيين‬
‫دينار عن ابن عمر نحييو حييديث نييافع عنييه انفييرد بييإخراجه‬
‫البخاري فرواه عن سليمان بن حرب عن حميياد عيين نييافع‬
‫به‪ ,‬وعن قتيبة عن الليث عن نافع بمثلييه‪ ,‬وقييال البخيياري‪:‬‬
‫حدثني محمد بن العلء حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبييي‬

‫‪592‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بردة عن أبي موسى عيين النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫قييال‪» :‬مثييل المسييلمين واليهييود والنصييارى كمثييل رجييل‬
‫استعمل قوما ً يعملون له عمل ً يوما ً إلييى الليييل علييى أجيير‬
‫معلوم فعملوا إليى نصيف النهيار فقيالوا ل حاجية لنيا فيي‬
‫أجرك الذي شيرطت لنيا وميا عملنيا باطيل‪ ,‬فقيال لهيم ل‬
‫تفعلييوا أكملييوا بقييية عملكييم وخييذوا أجركييم كييام ً‬
‫ل‪ ,‬فييأبوا‬
‫وتركوا واستأجر آخرين بعدهم فقييال أكملييوا بقييية يييومكم‬
‫ولكم الذي شرطت لهم من الجر‪ ,‬فعملييوا حييتى إذا كييان‬
‫حين صلوا العصر قالوا ما عملنييا باطييل ولييك الجيير الييذي‬
‫جعلت لنا فيه‪ .‬فقال أكملوا بقييية عملكييم فإنمييا بقييي ميين‬
‫النهار شيء يسير فأبوا‪ .‬فاستأجر قوما ً أن يعملوا له بقييية‬
‫يييومهم فعملييوا لييه بقييية يييومهم حييتى غييابت الشييمس‪,‬‬
‫فاستكملوا أجرة الفريقين كليهما فييذلك مثلهييم ومثييل مييا‬
‫قبلوا من هذا النور« انفرد به البخاري ولهييذا قييال تعييالى‪:‬‬
‫}لئل يعلم أهل الكتاب أل يقدرون علييى شيييء ميين فضييل‬
‫الله{ أي ليتحققوا أنهم ل يقدرون على رد ما أعطيياه اللييه‬
‫ول إعطيياء مييامنع اللييه }وأن الفضييل بيييد اللييه يييؤتيه ميين‬
‫يشيييييييياء{ }واللييييييييه ذو الفضييييييييل العظيييييييييم{‪.‬‬
‫قال ابن جرير }لئل يعلييم أهييل الكتيياب{ أي ليعلييم وقييد‬
‫ذكر عن ابن مسعود أنه قرأها لكي يعلم وكييذا حط ّييان بيين‬
‫عبد الله وسعيد بن جبير‪ .‬قال ابن جرير‪ :‬لن العرب تجعل‬
‫ل صلة فييي كييل كلم دخييل فييي أوليه أو آخييره جحييد غييير‬
‫مصييرح فالسييابق كقييوله‪} :‬مييا منعييك أل تسييجد{ }ومييا‬
‫يشعركم أنها إذا جيياءت ل يؤمنييون{ بييالله }وحييرام علييى‬
‫قرية أهلكناها أنهم ل يرجعون{‪ .‬آخر تفسير سورة الحديد‬
‫و لله الحمد والمنة‪.‬‬

‫سورة المجادلة‬
‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫‪593‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ي‬
‫شيت َك ِ َ‬‫جهَييا وَت َ ْ‬‫ك فِييي َزوْ ِ‬ ‫جادِل ُي َ‬
‫ل ال ّت ِييي ت ُ َ‬‫ه قَوْ َ‬‫معَ الل ّ ُ‬ ‫** قَد ْ َ‬
‫س ِ‬
‫صيييٌر‬ ‫ميعٌ ب َ ِ‬‫سي ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّي َ‬
‫كمييآ إ ِ ّ‬ ‫حاوَُر ُ‬‫مع ُ ت َ َ‬
‫سي َ‬ ‫إ ِل َييى الل ّيهِ َوالل ّي ُ‬
‫ه يَ ْ‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو معاوية‪ ,‬حييدثنا العمييش عيين‬
‫تميم بن سلمة عن عييروة عيين عائشيية قييالت الحمييد للييه‬
‫الذي وسع سمعه الصوات‪ ,‬لقد جاءت المجادلة إلى النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم تكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع‬
‫ما تقوله‪ ,‬فأنزل الله عز وجل }قد سييمع اللييه قييول الييتي‬
‫لييية‪ ,‬وهكييذا رواه البخيياري‬ ‫تجادلك في زوجها{ إلى آخيير ا َ‬
‫في كتاب التوحيد تعليقا ً فقال‪ ,‬وقييال العمييش عيين تميييم‬
‫بن سلمة عن عروة عن عائشة فييذكره وأخرجيه النسيائي‬
‫وابن ماجه وابن أبي حاتم وابن جرييير ميين غييير وجييه عيين‬
‫العمش به‪ .‬وفي رواية لبن أبي حاتم عيين العمييش عيين‬
‫تميم بن سلمة عن عروة عيين عائشيية أنهييا قييالت‪ :‬تبييارك‬
‫الذي أوعى سمعه كل شيء‪ ,‬إني لسمع كلم خوليية بنييت‬
‫ثعلبة ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجهيا إليى رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬وهي تقول يا رسول الليه أكييل‬
‫مالي وأفنى شبابي ونثرت لييه بطنييي حييتى إذا كييبر سييني‬
‫وانقطع ولدي ظاهر مني‪ ,‬اللهييم إنييي أشييكو إليييك‪ ,‬قييالت‬
‫لية }قد سمع الله قول‬ ‫فما برحت حتى نزل جبريل بهذه ا َ‬
‫اليييييييييييتي تجادليييييييييييك فيييييييييييي زوجهيييييييييييا{‪.‬‬
‫قالت‪ :‬وزوجها أوس بن الصامت‪ ,‬وقييال ابيين لهيعيية عيين‬
‫أبي السود عن عروة هو أوس بيين الصييامت‪ :‬وكييان أوس‬
‫امرءا ً به لمم‪ ,‬فكان إذا أخذه لممه واشتد بييه يظيياهر ميين‬
‫امرأته‪ ,‬وإذا ذهب لم يقل شيييئا ً فييأتت رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليييه وسييلم تسييتفتيه فييي ذلييك وتشييتكي إلييى اللييه‪,‬‬
‫فأنزل الله }قد سمع الله قول الييتي تجادلييك فييي زوجهييا‬
‫لية‪ .‬وهكذا روى هشام بن عروة عيين‬ ‫وتشتكي إلى الله{ ا َ‬
‫أبيه أن رجل ً كان به لمم فذكر مثله‪ ,‬وقال ابن أبييي حيياتم‪:‬‬
‫حدثنا أبي‪ :‬حدثنا موسى بيين إسييماعيل أبييو سييلمة‪ ,‬حييدثنا‬
‫جرير يعني ابن حازم قال‪ :‬سييمعت أبييا يزيييد يحييدث قييال‪:‬‬
‫لقيت امرأة عمر يقال لها‪ :‬خولة بنت ثعلبة‪ ,‬وهو يسير مع‬
‫الناس فاستوقفته فوقف لها ودنا منها وأصغى إليها رأسييه‬

‫‪594‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ووضع يديه على منكبيها حييتى قضييت حاجتهييا وانصييرفت‪,‬‬
‫فقال له رجل‪ :‬ييياأمير المييؤمنين حبسييت رجييالت قريييش‬
‫على هذه العجوز‪ ,‬قال ويحك وتدري ميين هييذه ؟ قييال‪ :‬ل‪.‬‬
‫قال هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سييموات‪,‬‬
‫هذه خولة بنت ثعلبة‪ ,‬والله لو لم تنصرف عني إلييى الليييل‬
‫ما انصرفت عنها حتى تقضييي حاجتهييا إل أن تحضيير صييلة‬
‫فأصليها ثم أرجع إليها حتى تقضي حاجتها‪ .‬هذا منقطع بين‬
‫أبي يزيد وعمر بن الخطاب وقد روي من غير هذا الييوجه‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم أيضًا‪ :‬حدثنا المنذر بيين شيياذان‪ ,‬حييدثنا‬
‫يعلى‪ ,‬حدثنا زكريا عن عامر قال‪ :‬المرأة التي جادلت فييي‬
‫زوجها خولة بنت الصامت وأمها معاذة التي أنزل الله فيها‬
‫}ول تكرهوا فتياتكم على البغيياء ِإن أردن تحصيينًا{ صييوابه‬
‫خوليييييييييية امييييييييييرأة أوس بيييييييييين الصييييييييييامت‪.‬‬

‫ظاهرون منك ُم من نسآئ ِهم مييا هُ ي ُ‬


‫ن‬ ‫م إِ ْ‬ ‫مهَييات ِهِ ْ‬‫نأ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن يُ َ ِ ُ َ ِ ْ ّ ّ َ ِ ْ ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫** ال ّ ِ‬
‫ُ‬
‫ل‬ ‫ن ال َْقييوْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫كرا ً ّ‬ ‫من َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ل َي َُقوُلو َ‬ ‫م وَإ ِن ّهُ ْ‬ ‫م إ ِل ّ الل ِّئي وَل َد ْن َهُ ْ‬ ‫مَهات ُهُ ْ‬ ‫أ ّ‬
‫ميين‬ ‫ن ِ‬ ‫ظيياهُِرو َ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ل َعَُفييوّ غَُفييوٌر * َواّليي ِ‬ ‫ن الّليي َ‬ ‫وَُزورا ً وَإ ِ ّ‬
‫ل َأن‬ ‫ميين قَب ْي ِ‬ ‫رييُر َرقَب َيةٍ ّ‬ ‫مييا قَيياُلوا ْ فَت َ ْ‬
‫ح ِ‬ ‫ن لِ َ‬ ‫دو َ‬ ‫م ي َُعو ُ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫سآئ ِهِ ْ‬ ‫نّ َ‬
‫ميين‬ ‫خِبييٌر * فَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مل ُييو َ‬ ‫ما ت َعْ َ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫ن ب ِهِ َوالل ّ ُ‬ ‫ظو َ‬ ‫م ُتوعَ ُ‬ ‫سا ذ َل ِك ُ ْ‬ ‫مآ ّ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫َ‬
‫ميين‬ ‫سييا فَ َ‬ ‫مآ ّ‬ ‫ل أن ي َت َ َ‬ ‫من قَب ْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫مت ََتاب ِعَي ْ ِ‬‫ن ُ‬ ‫شهَْري ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫صَيا ُ‬ ‫جد ْ فَ ِ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫لّ ْ‬
‫من ُييوا ْ ب ِييالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ك ل ِت ُؤْ ِ‬ ‫كينا ً ذ َل ِي َ‬ ‫سي ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫س يّتي َ‬ ‫م ِ‬ ‫س يت َط ِعْ فَإ ِط ْعَييا ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ل ّي ْ‬
‫َ‬
‫م‬
‫ب أِليييي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ن عَييي َ‬ ‫ري َ‬ ‫دود ُ الل ّيييهِ وَل ِل ْك َيييافِ ِ‬ ‫حييي ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫سيييول ِهِ وَت ِل ْييي َ‬ ‫وََر ُ‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا سعد بن إبراهيم ويعقييوب قييال‪:‬‬
‫حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا محمد بن إسحاق‪ ,‬حدثني معمر بيين عبييد‬
‫الله بن حنظلة عن يوسيف بيين عبيد الليه بين سييلم‪ ,‬عيين‬
‫ي والله وفي أوس بيين الصييامت‬ ‫خويلة بنت ثعلبة قالت‪ :‬ف ّ‬
‫أنزل الله صدر سورة المجادلة‪ ,‬قييالت‪ :‬كنييت عنييده وكييان‬
‫شيييخا ً كييبيرا ً قييد سيياء خلقييه‪ ,‬قييالت‪ :‬فييدخل علييي يوم يا ً‬
‫ي كظهير أميي‪.‬‬ ‫فراجعته بشييء‪ ,‬فغضيب فقيال‪ :‬أنيت علي ّ‬
‫قالت‪ :‬ثم خرج فجلس فيي نيادي قيومه سياعة‪ ,‬ثيم دخيل‬
‫علي فإذا هو يريدني عن نفسييي قييالت‪ :‬قلييت كل‪ ,‬والييذي‬

‫‪595‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نفس خويلة بيده ل تخلص ِإلي‪ ,‬وقد قلت مييا قلييت‪ ,‬حييتى‬
‫يحكم الله ورسوله فينا بحكمه‪ ,‬قالت‪ :‬فييواثبني‪ ,‬فييامتنعت‬
‫منه فغلبته بما تغلب بييه المييرأة الشيييخ الضييعيف فييألقيته‬
‫عني‪ ,‬قالت‪ :‬ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاسييتعرت منهييا‬
‫ثيابًا‪ ,‬ثم خرجت حتى جئت إلى رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم فجلست بين يديه‪ ,‬فذكرت له مالقيت منه وجعلييت‬
‫أشكو إليه ماألقى من سوء خلقييه‪ ,‬قييالت‪ :‬فجعييل رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬ياخويلة ابن عمك شيخ‬
‫كيييييييييييييبير فييييييييييييياتقي الليييييييييييييه فييييييييييييييه«‪.‬‬
‫( قالت‪ :‬فو الله ما برحت حتى نزل فييي قييرآن‪ ,‬فتغشييى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشاه ثم سري‬
‫عنه فقال لي‪» :‬يا خويلة قد أنزل الله فيك وفييي صيياحبك‬
‫قرآنا ً ي ثم قرأ علي }قد سمع الله قول التي تجادلييك فييي‬
‫زوجها وتشتكي إلى اللييه واللييه يسييمع تحاوركمييا إن اللييه‬
‫سميع بصير ي إلى قوله تعالى ي ي وللكييافرين عييذاب أليييم{‬
‫قالت‪ :‬فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم »مريييه‬
‫فليعتق رقبة« قالت‪ :‬فقلييت يييا رسييول اللييه مييا عنييده مييا‬
‫يعتق‪ ,‬قال »فليصم شهرين متتابعين« قالت‪ :‬فقلت واللييه‬
‫إنه لشيييخ كييبير مييا بييه ميين صيييام قييال »فليطعييم سييتين‬
‫مسكينا ً وسقا ً من تمر« قالت‪ :‬فقلت والله يا رسييول اللييه‬
‫ما ذاك عنده‪ ,‬قالت‪ :‬فقييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫ق ميين تميير« قييالت‪ :‬فقلييت يييا‬ ‫وسييلم »فإنييا سيينعينه بعَيَر ٍ‬
‫ق آخيير قييال »قييد أصييبت‬ ‫رسييول اللييه وأنييا سييأعينه بعَ يَر ٍ‬
‫وأحسنت فاذهبي فتصدقي به عنه ثم استوصي بابن عمك‬
‫خييييييييييييييييييرًا« قيييييييييييييييييالت‪ :‬ففعليييييييييييييييييت‪.‬‬
‫ورواه أبو داود في كتاب الطلق من سننه ميين طريقييين‬
‫عن محمد بن إسحاق بن يسار به‪ ,‬وعنده خولة بنت ثعلبيية‬
‫ويقال فيها خولة بنت مالك بيين ثعلبيية‪ ,‬وقييد تصييغر فيقييال‬
‫خويلة‪ ,‬ول منافاة بين هذه القوال فالمر فيها قريب والله‬
‫أعلم‪ .‬هذا هو الصحيح في سبب نزول هذه السييورة‪ ,‬فأمييا‬
‫حديث سلمة بن صخر فليس فيه أنه كانت سييبب النييزول‬
‫ولكن أمر بما أنزل الله فييي هييذه السييورة‪ ,‬ميين العتييق أو‬

‫‪596‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الصيام أو الطعام‪ ,‬كما قال المام أحمييد‪ :‬حييدثنا يزيييد بين‬
‫هارون‪ ,‬أخبرنا محمد بن إسحاق عن محمد بيين عمييرو بيين‬
‫عطاء عن سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر النصاري‬
‫قال‪ :‬كنت امرأ ً قد أوتيت ميين جميياع النسيياء مييا لييم يييؤت‬
‫غيري‪ ,‬فلما دخل رمضان ظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ‬
‫رمضان فرقا ً من أن أصيييب فييي ليلييتي شيييئا ً فأتتييابع فييي‬
‫ذلك إلى أن يدركني النهار وأنا ل أقدر أن أنزع‪ ,‬فبينما هي‬
‫تخدمني من الليل إذ تكشف لي منها شيء فوثبت عليهييا‪,‬‬
‫فلما أصبحت غدوت على قومي فييأخبرتهم خييبري وقلييت‪:‬‬
‫انطلقوا معي إلى النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم فييأخبره‬
‫بأمري‪ ,‬فقالوا‪ :‬ل والله ل نفعيل نتخيوف أن ينيزل فينيا‪ ,‬أو‬
‫يقول فينا رسول الله صلى الله عليه وسييلم مقاليية يبقييى‬
‫علينييا عارهييا‪ ,‬ولكيين اذهييب أنييت‪ ,‬فاصيينع مييا بييدا لييك‪.‬‬
‫قال‪ :‬فخرجت حتى أتيت النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫فأخبرته خبري فقال لييي »أنييت بييذاك« فقلييت‪ :‬أنييا بييذاك‬
‫فقال »أنت بذاك« فقلت أنا بذاك قال »أنت بذاك« قلييت‬
‫نعم‪ ,‬ها أنا ذا فأمض في حكم الله عز وجل فإني صابر له‬
‫قييال »أعتييق رقبيية« قييال‪ :‬فضييربت صييفحة رقبييتي بيييدي‬
‫وقلت‪ :‬ل والذي بعثك بالحق ما أصبحت أملك غيرها‪ ,‬قييال‬
‫»فصييم شييهرين متتييابعين« قلييت‪ :‬يييا رسييول اللييه وهييل‬
‫أصابني ما أصابني إل في الصيام قال »فتصييدق« فقلييت‪:‬‬
‫شى ما لنا عشاء‪,‬‬ ‫والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وح َ‬
‫قييال »اذهييب إلييى صيياحب صييدقة بنييي رزيييق فقييل لييه‬
‫فليدفعها إليك فييأطعم عنييك منهييا وسييقا ً ميين تميير سييتين‬
‫مسييكينا ً ثيم اسييتعن بسيائره عليييك وعلييى عياليك« قيال‪:‬‬
‫فرجعت إلى قومي فقلت‪ :‬وجييدت عنييدكم الضيييق وسييوء‬
‫الرأي‪ ,‬ووجدت عند رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫ي‬
‫السييعة والبركيية قييد أميير لييي بصييدقتكم فادفعوهييا إليي ّ‬
‫ي‪ ,‬وهكذا رواه أبييو داود وابيين ميياجه واختصييره‬ ‫فدفعوها إل ّ‬
‫الترمذي وحسنه‪ ,‬وظاهر السياق أن هذه القصة كانت بعد‬
‫قصة أوس بن الصامت وزوجته خويلة بنت ثعلبة‪ ,‬كمييا دل‬
‫عليييييييه سييييييياق تلييييييك وهييييييذه بعييييييد التأمييييييل‪.‬‬

‫‪597‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال خصيف عن مجاهد عن ابن عبيياس‪ :‬أول ميين ظيياهر‬
‫من امرأتييه أوس بيين الصييامت أخييو عبييادة بيين الصييامت‪,‬‬
‫وامرأته خولة بنت ثعلبة بن مالك فلما ظاهر منها خشيييت‬
‫أن يكون ذلك طلقًا‪ ,‬فأتت رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم فقالت‪ :‬يا رسول الله ‪ ,‬إن أوس يا ً ظيياهر منييي‪ ,‬وإنييا‬
‫إن افترقنا هلكنا وقد نييثرت بطنييي منييه وقييدمت صييحبته‪,‬‬
‫وهي تشكو ذلك وتبكييي ولييم يكيين جيياء فييي ذلييك شيييء‪,‬‬
‫فأنزل الله تعالى‪} :‬قد سمع الله قييول الييتي تجادلييك فييي‬
‫زوجها وتشتكي إلى الله ي إلييى قييوله تعييالى يي وللكييافرين‬
‫عذاب أليم{ فدعاه رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫فقال‪» :‬أتقدر على رقبة تعتقها« قال‪ :‬ل واللييه يييا رسييول‬
‫الله ما أقدر عليها‪ .‬قال‪ :‬فجمع له رسول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم حتى أعتق عنه ثم راجع أهله‪ ,‬رواه ابيين جرييير‬
‫ولهذا ذهب ابن عباس والكثرون إلى ما قلناه والله أعلم‪.‬‬
‫فقوله تعالى‪} :‬الذين يظاهرون منكم من نسييائهم{ أصييل‬
‫الظهييار مشييتق ميين الظهيير‪ ,‬وذلييك أن الجاهلييية كييانوا إذا‬
‫ظاهر أحدهم من امرأته قال لها‪ :‬أنت علي كظهر أمي ثم‬
‫في الشرع كيان الظهيار فيي سيائر العضياء قياسيا ً عليى‬
‫الظهر‪ ,‬وكيان الظهيار عنيد الجاهليية طلقيا ً فيأرخص الليه‬
‫لهذه المة وجعل فيه كفارة ولم يجعلييه طلق يا ً كمييا كييانوا‬
‫يعتمدونه في جاهليتهم‪ ,‬هكذا قال غير واحد ميين السييلف‪.‬‬
‫قال ابن جرييير‪ :‬حييدثنا أبييو كريييب‪ ,‬حييدثنا عبيييد اللييه بيين‬
‫موسى عن أبي حمزة عن عكرمة عيين ابيين عبيياس قييال‪:‬‬
‫كان الرجل إذا قال لمرأته في الجاهلية أنت علييي كظهيير‬
‫أمي حرمت عليه فكان أول من ظاهر في السييلم أوس‪,‬‬
‫وكان تحته ابنة عم له يقال لها خويلة بنييت ثعلبيية‪ ,‬فظيياهر‬
‫منها فأسقط في يديه‪ ,‬وقال ما أراك إل قييد حرمييت علييي‬
‫وقالت له مثل ذلك‪ ,‬قال‪ :‬فانطلقي إلى رسول الله صييلى‬
‫الله عليه وسلم فأتت رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫فوجدت عنده ماشطة تمشط رأسه فقال‪» :‬يا خويلة« مييا‬
‫أمرنا في أمرك بشيء‪ ,‬فأنزل الله على رسوله فقال‪» :‬يا‬
‫خويلة أبشري« قالت‪ :‬خيرا ً ي فقرأ عليهييا }قييد سييمع اللييه‬

‫‪598‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قول الييتي تجادلييك فييي زوجهييا وتشييتكي إلييى اللييه واللييه‬
‫يسمع تحاوركما ي إلى قوله تعالى ي والذين يظيياهرون ميين‬
‫نسائهم ثم يعودون لمييا قييالوا فتحرييير رقبيية ميين قبييل أن‬
‫يتماسا{ قالت‪ :‬وأي رقبة لنا والله ما يجد رقبة غيري قيال‬
‫}فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين{ قالت‪ :‬والله لييول‬
‫أنه يشرب في اليوم ثلث مرات لذهب بصره قال‪} :‬فمن‬
‫لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا{ قالت‪ :‬من أين ما هييي‬
‫إل أكلة إلي مثلها‪ ,‬قال‪ :‬فدعا بشييطر وسييق ثلثييين صيياعا ً‬
‫والوسييق سييتون صيياعا ً فقييال‪ :‬ليطعييم سييتين مسييكينا ً‬
‫وليراجعك وهذا إسناد قوي وسياق غريييب‪ ,‬وقييد روي عيين‬
‫أبيييييييييييييي العاليييييييييييييية نحيييييييييييييو هيييييييييييييذا‪.‬‬
‫وقييال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا محمييد بيين عبييد الرحميين‬
‫الهروي‪ ,‬حدثنا علي بن العاصم عن داود بن أبي هنييد عيين‬
‫أبي العالية قال‪ :‬كييانت خوليية بنييت دليييج تحييت رجييل ميين‬
‫النصار‪ ,‬وكييان ضييرير البصيير فقيييرا ً سيييء الخلييق‪ ,‬وكييان‬
‫طلق أهل الجاهلية إذا أراد رجييل أن يطلييق امرأتييه قييال‪:‬‬
‫أنت علي كظهر أمي‪ ,‬وكان لها منه عيل أو عيلن فنازعته‬
‫يوما ً في شيء فقييال‪ :‬أنييت علييي كظهيير أمييي‪ ,‬فيياحتملت‬
‫عليها ثيابها حتى دخلت على النبي صلى الله عليييه وسييلم‬
‫وهو في بيت عائشة‪ ,‬وعائشة تغسل شق رأسييه فقييدمت‬
‫عليه ومعها عيلها‪ ,‬فقالت‪ :‬يا رسول الله إن زوجييي ضييرير‬
‫البصر فقير ل شيء لييه سيييء الخلييق‪ ,‬وإنييي نييازعته فييي‬
‫شيء‪ ,‬فغضب فقال‪ :‬أنت علييي كظهيير أمييي وليم ييرد بيه‬
‫الطلق‪ ,‬ولي منه عيل أو عيلن فقال‪» :‬ما أعلمييك إل قييد‬
‫حرمييييييييييييييييييييييييييييييت عليييييييييييييييييييييييييييييييه«‪.‬‬
‫فقالت‪ :‬أشكو إلى الله ما نزل بييي أنييا وصييبيتي‪ ,‬قييالت‪:‬‬
‫لخيير‪ ,‬فييدارت معهييا‬ ‫ودارت عائشة فغسييلت شييق رأسيه ا َ‬
‫فقالت‪ :‬يا رسيول الليه زوجيي ضيرير البصير فقييير سييء‬
‫الخلق وإن لي منه عيل أو عيلن وإني نييازعته فييي شيييء‬
‫فغضب وقال‪ :‬أنت علي كظهر أميي وليم ييرد بيه الطلق‪,‬‬
‫قالت‪ :‬فرفع إلي رأسه وقال‪» :‬مييا أعلمييك إل قييد حرمييت‬
‫عليه« فقالت‪ :‬أشكو إلى الله ما نزل بي أنا وصبيتي قال‪:‬‬

‫‪599‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ورأت عائشيية وجييه النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم تغييير‪,‬‬
‫فقالت لها‪ :‬وراءك فتنحت‪ ,‬فمكث رسول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم في غشيانه ذلييك مييا شيياء اللييه‪ ,‬فلمييا انقطييع‬
‫الوحي قال‪ :‬يا عائشة أين المرأة فدعتها‪ ,‬فقال لها رسول‬
‫اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬اذهييبي فييأتيني بزوجييك«‬
‫فانطلقت تسعى‪ ,‬فجيياءت بييه فييإذا هييو كمييا قييالت ضييرير‬
‫البصيييييييييييير فقييييييييييييير سيييييييييييييء الخلييييييييييييق‪.‬‬
‫فقييال النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬أسييتعيذ بييالله‬
‫السميع العليم }بسم الله الرحمن الرحيم * قد سمع اللييه‬
‫قييول الييتي تجادلييك فييي زوجهييا ي ي إلييى قييوله ي ي والييذين‬
‫يظاهرون من نسائهم ثم يعييودون لمييا قييالوا{ قييال النييبي‬
‫صلى الله عليه وسييلم‪» :‬أتجييد رقبيية تعتقهييا ميين قبييل أن‬
‫تمسييها« قييال ل‪ ,‬قييال‪» :‬أفل تسييتطيع أن تصييوم شييهرين‬
‫متتييابعين ؟« قييال‪ :‬والييذي بعثييك بييالحق إنييي إذا لييم آكييل‬
‫المرتين والثلث يكاد يعشو بصييري‪ .‬قييال‪» :‬أفتسييتطيع أن‬
‫تطعييم سييتين مسييكينا ً ؟« قييال‪ :‬ل‪ ,‬إل أن تعيننييي‪ .‬قييال‪:‬‬
‫فأعانه رسول الله صلى الله عليييه وسييلم فقييال‪» :‬أطعييم‬
‫ستين مسكينًا« قييال‪ :‬وحييول اللييه الطلق فجعلييه ظهييارًا‪,‬‬
‫ورواه ابن جرير عن ابن المثنى عن عبد العلييى عيين داود‬
‫سمعت أبا العالية فييذكر نحييوه بأخصيير ميين هييذا السييياق‪,‬‬
‫وقييال سييعيد بيين جييبير‪ :‬كييان اليلء والظهييار ميين طلق‬
‫الجاهلية‪ ,‬فوقت الله اليلء أربعة أشهر وجعل في الظهييار‬
‫الكفارة‪ ,‬رواه ابن أبييي حيياتم بنحييوه‪ ,‬وقييد اسييتدل المييام‬
‫لييية بقييوله منكييم‬‫مالك على أن الكافر ل يدخل في هذه ا َ‬
‫فالخطاب للمؤمنين‪ ,‬وأجاب الجمهور بأن هذا خرج مخييرج‬
‫الغالب فل مفهوم له‪ ,‬واستدل الجمهور عليه بقوله‪} :‬ميين‬
‫نسائهم{ على أن المة ل ظهييار منهييا ول تييدخل فييي هييذا‬
‫الخطييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييياب‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬مييا هيين أمهيياتهم إن أمهيياتهم إل اللئي‬
‫ولدنهم{ أي ل تصير المرأة بقول الرجل أنت علييي كييأمي‬
‫أو مثل أمي أو كظهر أمي ومييا أشييبه ذلييك‪ ,‬ل تصييير أمييه‬
‫بييذلك إنمييا أمييه الييتي ولييدته‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‪} :‬وإنهييم‬

‫‪600‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليقولون منكرا ً من القول وزورًا{ أي كلميا ً فاحشيا ً بيياطل ً‬
‫}وإن اللييه لعفييو غفييور{ أي عمييا كييان منكييم فييي حييال‬
‫الجاهلية‪ ,‬وهكذا أيضا ً عما خييرج ميين سييبق اللسييان‪ ,‬ولييم‬
‫يقصد إليه المتكلم‪ ,‬كما رواه أبو داود أن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم سمع رجل ً يقول لمرأته يييا أخييتي‪ ,‬فقييال‪:‬‬
‫»أختك هي ؟« فهذا إنكار‪ ,‬ولكن لم يحرمهييا عليييه بمجييرد‬
‫ذلك لنه لم يقصده ولو قصده لحرمت عليييه لنييه ل فييرق‬
‫على الصحيح بين الم وبين غيرها من سائر المحييارم ميين‬
‫أخييييييت وعميييييية وخاليييييية ومييييييا أشييييييبه ذلييييييك‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعييودون‬
‫لما قالوا{ اختلف السلف والئمة في المراد بقوله تعالى‪:‬‬
‫}ثم يعودون لما قالوا{ فقال بعض النيياس‪ :‬العييود هييو أن‬
‫يعود إلى لفظ الظهييار فيكييرره‪ ,‬وهييذا القييول باطييل وهييو‬
‫اختيار ابن حزم وقول داود وحكاه أبو عميير بيين عبييد الييبر‬
‫عن بكير بن الشج والفراء وفرقة من أهييل الكلم‪ ,‬وقييال‬
‫الشافعي‪ :‬هو أن يمسكها بعد المظيياهرة زمان يا ً يمكنييه أن‬
‫يطلق فيه فل يطلق‪ ,‬وقال أحمييد بيين حنبييل‪ :‬هييو أن يعييود‬
‫إلى الجماع أو يعييزم عليييه فل تحييل لييه حييتى يكفيير بهييذه‬
‫الكفارة‪ ,‬وقييد حكييي عيين مالييك أنييه العييزم علييى الجميياع‬
‫والمساك‪ ,‬وعنه أنه الجماع‪ ,‬وقال أبو حنيفة‪ :‬هو أن يعييود‬
‫إلى الظهار بعد تحريمه ورفع ما كان عليييه أميير الجاهلييية‪,‬‬
‫فمتى ظاهر الرجل من امرأته فقد حرمها تحريما ً ل يرفعه‬
‫إل الكفارة‪ ,‬وإليه ذهب أصحابه والليث بن سعد وقال ابيين‬
‫لهيعة‪ :‬حدثني عطاء عن سعيد بن جبير }ثييم يعييودون لمييا‬
‫قالوا{ يعني يريدون أن يعودوا في الجميياع الييذي حرمييوه‬
‫علييييييييييييييييييييييييييييييى أنفسييييييييييييييييييييييييييييييهم‪.‬‬
‫وقال الحسن البصري‪ :‬يعني الغشيان في الفرج وكان ل‬
‫يرى بأسا ً أن يغشى فيما دون الفرج قبل أن يكفيير‪ ,‬وقييال‬
‫علي بن أبي طلحة عن ابن عباس‪} :‬من قبل أن يتماسا{‬
‫والمس النكاح‪ ,‬وكذا قال عطاء والزهري وقتييادة ومقاتييل‬
‫بن حيان‪ ,‬وقال الزهري‪ :‬ليس له أن يقبلها ول يمسها حتى‬
‫يكفر‪ .‬وقد روى أهل السنن ميين حييديث عكرميية عيين ابيين‬

‫‪601‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عبيياس أن رجل ً قييال‪ :‬يييا رسييول اللييه‪ ,‬إنييي ظيياهرت ميين‬
‫امرأتي فوقعت عليهييا قبييل أن أكفيير‪ .‬فقييال‪» :‬مييا حملييك‬
‫على ذلك يرحمييك اللييه« قييال‪ :‬رأيييت خلخالهييا فييي ضييوء‬
‫القمر‪ .‬قيال‪» :‬فل تقربهيا حيتى تفعيل ميا أميرك الليه عيز‬
‫وجل«‪ ,‬وقال الترمييذي‪ :‬حسيين غريييب صييحيح‪ ,‬ورواه أبييو‬
‫ل‪ ,‬قييال النسييائي‪:‬‬ ‫داود والنسائي من حديث عكرمة مرس ي ً‬
‫وهييييييييييييييييييو أولييييييييييييييييييى بالصييييييييييييييييييواب‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬فتحرير رقبة{ أي فإعتاق رقبة كاملة من‬
‫قبل أن يتماسا‪ ,‬فههنا الرقبة مطلقة غييير مقيييدة باليمييان‬
‫وفي كفارة القتل مقيدة باليمان‪ ,‬فحمل الشييافعي رحمييه‬
‫الله ما أطلق ههنا على ما قيد هناك لتحاد المييوجب وهييو‬
‫عتق الرقبة‪ ,‬واعتضد في ذلك بما رواه عيين مالييك بسيينده‬
‫عن معاوية بن الحكم السلمي في قصة الجارية السييوداء‪,‬‬
‫وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬أعتقها فإنهييا‬
‫مؤمنة« وقد رواه أحمد في مسنده ومسلم فييي صييحيحه‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبو بكيير الييبزار‪ :‬حييدثنا يوسييف بيين موسييى‪,‬‬
‫حدثنا عبد الله بن نمير عن إسماعيل بن يسار عيين عمييرو‬
‫بن دينار عن طاوس عن ابن عباس‪ ,‬قال‪ :‬أتى رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم رجل فقال إني ظاهرت من امرأتي‬
‫ثم وقعت عليها قبل أن أكفر‪ ,‬فقال رسول الله صلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬ألم يقل اللييه تعييالى ميين قبييل أن يتماسييا«‬
‫قال‪ :‬أعجبتني‪ ,‬قال‪» :‬أمسك حتى تكفر« ثم قييال الييبزار‪:‬‬
‫ل يروى عن ابن عباس بأحسن ميين هييذا‪ ,‬وإسييماعيل بيين‬
‫مسلم تكلم فيه وروى عنه جماعة كثيرة ميين أهييل العلييم‪,‬‬
‫وفييييه مييين الفقيييه أنيييه ليييم ييييأمره إل بكفيييارة واحيييدة‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬ذلكييم توعظييون بييه{ أي تزجييرون بييه‬
‫}والله بمييا تعملييون خييبير{ أي خييبير بمييا يصييلحكم عليييم‬
‫بأحوالكم‪ ,‬وقوله تعييالى‪} :‬فميين لييم يجييد فصيييام شييهرين‬
‫متتابعين ميين قبييل أن يتماسييا فميين لييم يسييتطع فإطعييام‬
‫لمييرة بهييذا علييى‬‫ستين مسكينًا{ قييد تقييدمت الحيياديث ا َ‬
‫الترتيب كما ثبييت فييي الصييحيحين فييي قصيية الييذي جييامع‬
‫امرأتييه فييي رمضييان }ذلييك لتؤمنييوا بييالله ورسييوله{ أي‬

‫‪602‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫شرعنا هيذا لهيذا‪ .‬وقيوله تعيالى‪} :‬وتليك حيدود الليه{ أي‬
‫محارمه فل تنتهكوهييا‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬وللكييافرين عييذاب‬
‫أليييم{ أي الييذين لييم يؤمنييوا ول الييتزموا بأحكييام هييذه‬
‫الشريعة‪ ,‬ل تعتقدوا أنهم ناجون من البلء كل ليييس الميير‬
‫كما زعموا بييل لهييم عييذاب أليييم أي فييي الييدنيا وا َ‬
‫لخييرة‪.‬‬

‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ت ال ّي ِ‬ ‫مييا ك ُب ِي َ‬ ‫ه ك ُب ِت ُييوا ْ ك َ َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫دو َ‬ ‫حآ ّ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬ ‫** إ ِ ّ‬
‫ت وَل ِل ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫مِهيي ٌ‬ ‫ب ّ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫كافِ‬ ‫ت ب َي َّنا ٍ‬ ‫م وَقَد ْ أنَزل َْنآ آَيا ٍ‬ ‫من قَب ْل ِهِ ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫صيياهُ الل ّي ُ‬
‫ه‬ ‫ح َ‬ ‫مل ُيوَا ْ أ ْ‬ ‫مييا عَ ِ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ميعيا ً فَي ُن َب ّئ ُهُي ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّي ُ‬ ‫م ي َب ْعَث ُهُي ُ‬
‫ي َوْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ه ي َعَْليي ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م ت ََر أ ّ‬ ‫شِهيد ٌ * أل َ ْ‬ ‫يٍء َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ى كُ ّ‬ ‫سوهُ َوالل ّ ُ َ‬
‫ه عَل َ‬ ‫وَن َ ُ‬
‫جوَىَ ث َل َث َي ٍ‬
‫ة‬ ‫من ن ّ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫ض َ‬
‫َ‬ ‫ما ِفي الْر ِ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫ما ِفي ال ّ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫من ذ َل ِ َ‬ ‫ى ِ‬ ‫م وَل َ أد ْن َ َ‬ ‫سه ُ ْ‬ ‫سادِ ُ‬ ‫سةٍ إ ِل ّ هُوَ َ‬ ‫م َ‬ ‫خ ْ‬ ‫م وَل َ َ‬ ‫إ ِل ّ هُوَ َراب ِعُهُ ْ‬
‫ول َ أ َك ْث َر إل ّ هُو معه َ‬
‫م‬ ‫مُلوا ْ َيييوْ َ‬ ‫ما عَ ِ‬ ‫م ي ُن َب ّئ ُُهم ب ِ َ‬ ‫كاُنوا ْ ث ُ ّ‬ ‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫م أي ْ َ‬ ‫َ َ َ ُ ْ‬ ‫َ ِ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫يٍء عَِليييييييي ٌ‬ ‫شييييييي ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ب ِكييييييي ّ‬ ‫ُ‬ ‫ن اللييييييي َ‬ ‫ّ‬ ‫ميييييييةِ إ ِ ّ‬ ‫ْ‬
‫الِقَيا َ‬
‫يخبر تعالى عمن شياقوا الليه ورسيوله وعانيدوا شيرعه‬
‫}كبتييوا كمييا كبييت الييذين ميين قبلهييم{ أي أهينييوا ولعنييوا‬
‫وأخزوا كما فعل بميين أشييبههم مميين قبلهييم }وقييد أنزلنييا‬
‫آيات بينات{ أي واضييحات ل يعانييدها ول يخالفهييا إل كييافر‬
‫فاجر مكابر }وللكافرين عذاب مهين{ أي فييي مقابليية مييا‬
‫استكبروا عن اتباع شرع الله والنقياد له والخضييوع لييديه‪.‬‬
‫ثم قييال تعييالى‪} :‬يييوم يبعثهييم اللييه جميعيًا{ وذلييك يييوم‬
‫لخرييين فييي صييعيد واحييد‬ ‫القياميية يجمييع اللييه الولييين وا َ‬
‫}فينبئهم بما عملوا{ أي فيخبرهم بالذي صيينعوا ميين خييير‬
‫وشر }أحصاه الله ونسوه{ أي ضبطه الله وحفظه عليهييم‬
‫وهم قييد نسييوا مييا كييانوا عملييوا }واللييه علييى كييل شيييء‬
‫شهيد{ أي ل يغيب عنه شيء ول يخفييى ول ينسييى شيييئًا‪,‬‬
‫ثم قال تعالى مخييبرا ً عيين إحاطيية علمييه بخلقييه واطلعييه‬
‫عليهم وسماعه كلمهم‪ ,‬ورؤيته مكيانهم حييث كيانوا وأيين‬
‫كانوا فقال تعالى‪} :‬ألم تر أن الله يعلم ما فييي السييموات‬
‫وما في الرض ما يكون من نجوى ثلثة{ أي من سر ثلثة‬
‫}إل هو رابعهم ول خمسة إل هو سادسييهم‪ ,‬ول أدنييى ميين‬

‫‪603‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ذلك ول أكثر إل هو معهييم أينمييا كييانوا{ أي مطلييع عليهييم‬
‫يسمع كلمهييم وسييرهم ونجييواهم ورسييله أيض يا ً مييع ذلييك‬
‫تكتب ما يتناجون به مع علم الله به وسمعه له‪ ,‬كمييا قييال‬
‫تعالى‪} :‬ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله‬
‫علم الغيييوب{ وقييال تعييالى‪} :‬أم يحسييبون أنييا ل نسييمع‬
‫سرهم ونجواهم ؟ بلى ورسلنا لديهم يكتبون{ ولهذا حكى‬
‫لييية معييية علمييه‬ ‫غير واحد الجماع على أن المراد بهييذه ا َ‬
‫تعالى ول شك في إرادة ذلك‪ ,‬ولكن سمعه أيضا ً مع علمييه‬
‫بهم محيط بهم وبصييره نافييذ فيهييم فهييو سييبحانه وتعييالى‬
‫مطلع على خلقه ل يغيب عنه من أمورهم شيء‪ ,‬ثييم قييال‬
‫تعالى }ثييم ينييبئهم بمييا عملييوا يييوم القياميية إن اللييه بكييل‬
‫لييية بييالعلم‬‫شيييء عليييم{ وقييال المييام أحمييد‪ :‬افتتييح ا َ‬
‫واختتمهيييييييييييييييييييييييييييييا بيييييييييييييييييييييييييييييالعلم‪.‬‬

‫ما ن ُُهييوا ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬


‫ن لِ َ‬‫دو َ‬ ‫م ي َُعو ُ‬ ‫جوَىَ ث ُ ّ‬ ‫ن الن ّ ْ‬ ‫ن ن ُُهوا عَ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ت ََر إ َِلى ال ّ ِ‬ ‫** أل َ ْ‬
‫ذا‬ ‫ل وَإ ِ َ‬‫سييو ِ‬ ‫صييي َةِ الّر ُ‬ ‫مع ْ ِ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ن ِبييال ِث ْم ِ َوال ُْعييد َْوا ِ‬ ‫جو ْ َ‬ ‫ه وَي َت ََنييا َ‬ ‫عَْنيي ُ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫س يه ِ ْ‬ ‫ي أنُف ِ‬ ‫ن فِ ي َ‬ ‫ه وَي َُقول ُييو َ‬ ‫ك ب ِهِ الل ّ ُ‬ ‫حي ّ َ‬ ‫م يُ َ‬‫ما ل َ ْ‬ ‫ك بِ َ‬ ‫حي ّوْ َ‬ ‫ك َ‬ ‫جآُءو َ‬ ‫َ‬
‫س‬ ‫صيل َوْن ََها فَب ِئ ْ َ‬‫م يَ ْ‬ ‫جهَن ّي ُ‬ ‫م َ‬ ‫سيب ُهُ ْ‬ ‫ح ْ‬ ‫ل َ‬ ‫مييا ن َُقييو ُ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫ل َوْل َ ي ُعَذ ّب َُنا الل ّي ُ‬
‫َ‬
‫م فَل َ ت َت َن َييا َ ْ‬ ‫من ُوَا ْ إ ِ َ‬ ‫صيُر * ي َأي َّها ال ّ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫جوْا ب ِييال ِث ْم ِ‬ ‫جي ْت ُ ْ‬‫ذا ت َن َييا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ِ‬
‫جوْا ْ ب ِييال ْب ِّر َوالت ّْق يوَىَ َوات ُّقييوا ْ‬ ‫ل وَت ََنا َ‬ ‫سو ِ‬ ‫صي َةِ الّر ُ‬ ‫مع ْ ِ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫َوال ْعُد َْوا ِ‬
‫ن‬ ‫طا ِ‬ ‫شيي ْ َ‬
‫ن ال ّ‬ ‫مي َ‬ ‫جيوَىَ ِ‬ ‫مييا الن ّ ْ‬ ‫ن * إ ِن ّ َ‬ ‫شيُرو َ‬ ‫ح َ‬ ‫ه ال ّيذِيَ إ ِل َي ْيهِ ت ُ ْ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ن الل ّهِ وَعََلى‬ ‫شْيئا ً إ ِل ّ ب ِإ ِذ ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ضآّرهِ ْ‬ ‫س بِ َ‬ ‫مُنوا ْ وَل َي ْ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫حُز َ‬ ‫ل ِي َ ْ‬
‫ن‬
‫مُنييييييييييييييييو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫ل ال ْ ُ‬ ‫كيييييييييييييييي ِ‬ ‫الّلييييييييييييييييهِ فَل ْي َت َوَ ّ‬
‫قال ابن أبي نجيح عن مجاهد }ألم تر إلييى الييذين نهييوا‬
‫عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنييه{ قييال اليهييود‪ ,‬وكييذا‬
‫قال مقاتل بن حيان وزاد‪ :‬كان بين النبي صلى اللييه عليييه‬
‫وسلم وبين اليهود موادعة‪ ,‬وكانوا إذا مر بهيم الرجيل ميين‬
‫أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جلسوا يتناجون بينهم‬
‫حييتى يظيين المييؤمن أنهييم يتنيياجون بقتلييه أو بمييا يكييره‬
‫المييؤمن‪ ,‬فييإذا رأى المييؤمن ذلييك خشيييهم فييترك طريقييه‬
‫عليهم‪ ,‬فنهاهم النبي صلى الله عليييه وسييلم عيين النجييوى‬

‫‪604‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فلم ينتهوا وعادوا إلى النجوى‪ ,‬فأنزل الله تعالى‪} :‬ألم تيير‬
‫إلى الذين نهوا عيين النجييوى ثييم يعييودون لمييا نهييوا عنييه{‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا إبراهيييم بيين المنييذر‬
‫الحزامي حدثني سفيان بن حمزة عيين كييثير بيين زيييد عيين‬
‫ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري‪ ,‬عن أبيييه عيين‬
‫جده قال‪ :‬كنا نتناوب رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫نبيت عنده يطرقه من الليل أمر وتبدو له حاجة فلما كانت‬
‫ذات ليلية كييثر أهييل النييوب والمحتسييبون حيتى كنيا أنديية‬
‫نتحدث‪ ,‬فخرج علينا رسييول اللييه صيلى اللييه عليييه وسيلم‬
‫فقال‪» :‬ما هذه النجوى ؟ ألم تنهوا عيين النجييوى ؟« قلنييا‪:‬‬
‫تبنا إلى الله يا رسول الله‪ ,‬إنا كنا في ذكيير المسيييح فرقيا ً‬
‫منييه‪ .‬فقييال‪» :‬أل أخييبركم بمييا هييو أخييوف عليكييم عنييدي‬
‫منه ؟« قلنا‪ :‬بلى يا رسول الله! قال‪» :‬الشرك الخفيي أن‬
‫يقوم الرجل يعمل لمكان رجل« هييذا إسييناد غريييب وفيييه‬
‫بعييييييييييييييييييييييييييييييض الضييييييييييييييييييييييييييييييعفاء‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬ويتنيياجون بييالثم والعييدوان ومعصييية‬
‫الرسول{ أي يتحدثون فيما بينهم }بالثم{ وهو ما يختييص‬
‫بهم }والعييدوان{ وهييو مييا يتعلييق بغيرهييم‪ ,‬ومنييه معصييية‬
‫الرسييول ومخييالفته يصييرون عليهييا ويتواصييون بهييا وقييوله‬
‫تعالى‪} :‬وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله{ قال ابيين‬
‫أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبييو سييعيد الشييج‪ ,‬حييدثنا ابيين نمييير عيين‬
‫العمش عن مسروق عن عائشة قالت‪ :‬دخل على رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يهود فقالوا السام عليييك ييا أبيا‬
‫القاسم فقالت عائشة‪ :‬وعليكم السام قالت‪ :‬فقال رسول‬
‫الله صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬يييا عائشيية إن اللييه ل يحييب‬
‫الفحش ول التفحش« قلييت‪ :‬أل تسييمعهم يقولييون السييام‬
‫عليك ؟ فقال رسول الله صييلى اللييه عليييه وسيلم »أو مييا‬
‫سمعت أقول وعليكم« فييأنزل اللييه تعييالى‪} :‬وإذا جيياءوك‬
‫حيوك بما لم يحيك به الله{ وفي رواية فييي الصييحيح أنهييا‬
‫قالت لهم‪ :‬عليكم السام والذام واللعنة‪ ,‬وأن رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليييه وسييلم قييال »إنييه يسييتجاب لنييا فيهييم ول‬
‫يسييييييييييييييييييتجاب لهييييييييييييييييييم فينييييييييييييييييييا«‪.‬‬

‫‪605‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا بشر‪ ,‬حدثنا يزيد‪ ,‬حدثنا سعيد عيين‬
‫قتادة عن أنس بن مالك أن رسول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم بينما هو جالس مع أصييحابه إذ أتييى عليهييم يهييودي‪,‬‬
‫فسلم عليهم فردوا عليه فقال نبي اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم »هل تدرون ما قال ؟« قالوا سييلم يييا رسييول اللييه‬
‫قييال »بييل قييال سييام عليكييم« أي تسييامون دينكييم‪ .‬قييال‬
‫رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم »ردوه« فييردوه عليييه‬
‫فقال نبي الله »أقلييت سييام عليكييم ؟« قييال‪ :‬نعييم فقييال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسييلم »إذا سييلم عليكييم أحييد‬
‫من أهل الكتاب فقولوا عليك« أي عليك مييا قلييت‪ ,‬وأصييل‬
‫حديث أنس مخرج في الصحيح وهذا الحديث في الصييحيح‬
‫عيييييييييييييييييين عائشيييييييييييييييييية بنحييييييييييييييييييوه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ويقولون في أنفسهم لول يعذبنا الله بمييا‬
‫نقول{ أي يفعلون هييذا ويقولييون مييا يحرفييون ميين الكلم‬
‫وإيهام السلم وإنما هو شتم في الباطن‪ ,‬ومع هذا يقولون‬
‫في أنفسهم لو كان هذا نبيا ً لعذبنا الله بمييا نقييول لييه فييي‬
‫الباطن لن الله يعلم مييا نسييره‪ ,‬فلييو كييان هييذا نبي يا ً حق يا ً‬
‫لوشييك أن يعاجلنييا اللييه بالعقوبيية فييي الييدنيا فقييال اللييه‬
‫تعييالى‪} :‬حسييبهم جهنييم{ أي جهنييم كفييايتهم فييي الييدار‬
‫لخييرة }يصييلونها فييبئس المصييير{‪ ,‬وقييال المييام أحمييد‪:‬‬ ‫ا َ‬
‫حدثنا عبد الصمد‪ ,‬حدثنا حماد عن عطاء بيين السييائب عيين‬
‫أبيه عن عبد الله بن عمر‪ ,‬أن اليهود كانوا يقولون لرسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم سييام عليكييم‪ ,‬ثييم يقولييون فييي‬
‫لية }وإذا‬ ‫أنفسهم لول يعذبنا الله بما نقول ؟ فنزلت هذه ا َ‬
‫جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولييون فييي أنفسييهم‬
‫لول يعذبنا الله بمييا نقييول حسييبهم جهنييم يصييلونها فييبئس‬
‫المصيييييييير{ إسيييييييناد حسييييييين وليييييييم يخرجيييييييوه‪.‬‬
‫وقال العوفي عن ابن عباس }وإذا جاءوك حيوك بما لييم‬
‫يحيك به الله{ قال‪ :‬كان المنافقون يقولييون لرسييول اللييه‬
‫صلى اللييه عليييه وسييلم إذا حيييوه سييام عليييك‪ ,‬قييال اللييه‬
‫تعالى‪} :‬حسبهم جهنم يصلونها فييبئس المصييير{ ثييم قييال‬
‫الله تعالى مؤدبا ً عباده المؤمنين أن ل يكونوا مثل الكفييرة‬

‫‪606‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والمنييافقين }يييا أيهييا الييذين آمنييوا إذا تنيياجيتم فل تتنيياجوا‬
‫بييالثم والعييدوان ومعصييية الرسييول{ أي كمييا يتنيياجى بييه‬
‫الجهلة من كفرة أهل الكتاب وميين مييالهم علييى ضييللهم‬
‫من المنافقين }وتناجوا بييالبر والتقييوى واتقييوا اللييه الييذي‬
‫إليييه تحشييرون{ أي فيخييبركم بجميييع أعمييالكم وأقييوالكم‬
‫التي قد أحصاها عليكم وسيجزيكم بها‪ ,‬قال المييام أحمييد‪:‬‬
‫حدثنا بهز وعفان قال‪ :‬أخبرنا همام عن قتادة عن صييفوان‬
‫بن محرز قال‪ :‬كنت آخذا ً بيد ابن عمر إذ عييرض لييه رجييل‬
‫فقال كيف سييمعت رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫يقول في النجوى يوم القيامة ؟ قال سييمعت رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬إن الله يدني المؤمن فيضع‬
‫عليه كنفه ويستره من النيياس ويقييرره بييذنوبه ويقييول لييه‬
‫أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ أتعييرف ذنييب كييذا ؟‬
‫حتى إذا قرره بذنوبه ورأى فييي نفسييه أنييه قييد هلييك قييال‬
‫فإني قد سترتها عليك في الدنيا‪ ,‬وأنا أغفرها لك اليوم ثييم‬
‫يعطييى كتيياب حسييناته‪ ,‬وأمييا الكفييار والمنييافقون فيقييول‬
‫الشهاد هؤلء الذين كذبوا علييى ربهييم أل لعنيية اللييه علييى‬
‫الظييالمين« أخرجيياه فييي الصييحيحين ميين حييديث قتييادة‪.‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬إنما النجوى من الشيطان ليحزن الييذين‬
‫آمنوا وليس بضارهم شيئا ً إل بإذن الله وعلى الله فليتوكل‬
‫المؤمنون{ أي إنما النجييوى وهييي المسييارة حيييث يتييوهم‬
‫مؤمن بها سوءا ً }من الشيطان ليحزن الذين آمنوا{ يعنييي‬
‫إنما يصدر هذا من المتناجين عن تسويل الشيطان وتزيينه‬
‫}ليحزن الذين آمنوا{ أي ليسوءهم وليييس ذلييك بضييارهم‬
‫س من ذلك شيئا ً فليستعذ بييالله‬ ‫شيئا ً إل بإذن الله ومن أح ّ‬
‫وليتوكييل علييى اللييه فييإنه ل يضييره شيييء بييإذن اللييه‪.‬‬
‫وقد وردت السنة بالنهي عيين التنيياجي حيييث يكييون فييي‬
‫ذلك تأذ على مؤمن‪ ,‬كمييا قييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا وكيييع‬
‫وأبو معاوية قال‪ :‬حدثنا العمييش عيين أبييي وائل عيين عبييد‬
‫الله بن مسعود قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم »إذا كنتم ثلثة فل يتناجى اثنان دون الثالث إل بإذنه‬

‫‪607‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فإن ذلك يحزنه« انفييرد بييإخراجه مسييلم عيين أبييي الربيييع‬
‫وأبييي كامييل‪ ,‬كلهمييا عيين حميياد بيين زيييد عيين أيييوب بييه‪.‬‬

‫س‬ ‫ل‬ ‫يا‬‫ي‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫حوا ْ فِييي ال ْ‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ي‬‫ُ‬ ‫ك‬‫ل لَ‬ ‫َ‬ ‫قي‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫إ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫نو‬ ‫م‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫ذي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ها‬ ‫ي‬‫** يأ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ش يُزوا ْ ي َْرفَ يِع‬ ‫شُزوا ْ َفان ُ‬ ‫ل ان ُ‬ ‫ذا ِقي َ‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬
‫م وَإ ِ َ‬ ‫ح الل ّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫حوا ْ ي َْف َ‬
‫س‬ ‫س ُ‬ ‫َفافْ َ‬
‫الل ّه ال ّذين آمنوا ْ منك ُم وال ّذي ُ‬
‫ما‬‫ه بِ َ‬ ‫ت َوالل ّ ُ‬ ‫جا ٍ‬‫م د ََر َ‬‫ن أوُتوا ْ ال ْعِل ْ َ‬ ‫ِ ْ َ ِ َ‬ ‫ُ ِ َ َ ُ‬
‫خِبييييييييييييييييييييييييييييييييٌر‬ ‫ن َ‬ ‫مل ُيييييييييييييييييييييييييييييييو َ‬ ‫ت َعْ َ‬
‫يقول تعالى مؤدبا ً عباده المؤمنين وآمرا ً لهم أن يحسيين‬
‫بعضهم إلى بعض في المجالس }يييا أيهييا الييذين آمنييوا إذا‬
‫قيل لكم تفسحوا في المجالس{ وقرىء }في المجلس{‬
‫}فافسحوا يفسح الله لكم{ وذلييك أن الجييزاء ميين جنييس‬
‫العمييل كمييا جيياء فييي الحييديث الصييحيح‪» :‬ميين بنييى للييه‬
‫لخيير‪:‬‬ ‫مسجدا ً بنى الله له بيتا ً في الجنيية« وفييي الحييديث ا َ‬
‫لخييرة‬ ‫»ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الييدنيا وا َ‬
‫والله في عون العبد ما كان العبد في عييون أخيييه« ولهييذا‬
‫أشباه كثيرة‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‪} :‬فافسييحوا يفسييح اللييه‬
‫لييية فييي مجييالس الييذكر‪,‬‬ ‫لكم{ قال قتييادة‪ :‬نزلييت هييذه ا َ‬
‫وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبل ً ضنوا بمجالسهم عند‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فييأمرهم اللييه تعييالى أن‬
‫يفسيييييييييييييييييح بعضيييييييييييييييييهم لبعيييييييييييييييييض‪.‬‬
‫لييية يييوم الجمعيية‪,‬‬ ‫وقال مقاتل بن حيييان‪ :‬أنزلييت هييذه ا َ‬
‫وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ فييي الصييفة‬
‫وفي المكان ضيق‪ ,‬وكان يكرم أهييل بييدر ميين المهيياجرين‬
‫والنصييار فجيياء نيياس ميين أهييل بييدر وقييد سييبقوه إلييى‬
‫المجالس‪ ,‬فقاموا حيال رسول الله صلى الله عليه وسييلم‬
‫فقالوا السلم عليك أيها النبي ورحمية الليه وبركياته‪ ,‬فيرد‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم عليهم‪ ,‬ثم سلموا على القييوم‬
‫بعد ذلك فردوا عليهم‪ ,‬فقاموا علييى أرجلهييم ينتظييرون أن‬
‫يوسع لهم‪ ,‬فعرف النبي صلى الله عليه وسلم ما يحملهييم‬
‫على القيام فلم يفسح لهم‪ ,‬فشق ذلك علييى النييبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم فقال لمن حوله من المهيياجرين والنصييار‬

‫‪608‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من غير أهل بدر‪» :‬قم يييا فلن وأنييت يييا فلن« فلييم يييزل‬
‫يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام بين يديه من المهاجرين‬
‫والنصار أهل بدر‪ ,‬فشق ذلك على من أقيييم ميين مجلسييه‬
‫وعرف النبي صلى الله عليه وسلم الكراهة في وجييوههم‪,‬‬
‫فقال المنافقون ألسيتم تزعميون أن صياحبكم هيذا يعيدل‬
‫بين الناس ؟ والله ما رأيناه قد عدل على هييؤلء إن قوم يا ً‬
‫أخذوا مجالسهم وأحبوا القرب من نبيهم فأقامهم وأجلس‬
‫من أبطأ عنه‪ ,‬فبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسييلم‬
‫قال‪» :‬رحم الله رجل ً يفسح لخيه« فجعلييوا يقومييون بعييد‬
‫ذلك سراعا ً فيفسح القوم لخوانهم ونزلت هذه ا َ‬
‫لييية يييوم‬
‫الجمعييييييييييية‪ .‬رواه ابييييييييييين أبيييييييييييي حييييييييييياتم‪.‬‬
‫وقد قال المام أحمد والشافعي حدثنا سفيان عن أيييوب‬
‫عن نافع عن ابيين عميير أن رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم قال‪» :‬ل يقيم الرجل الرجل ميين مجلسييه فيجلييس‬
‫فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا« وأخرجاه في الصحيحين من‬
‫حديث نافع به‪ .‬وقال الشافعي‪ :‬أخبرنا عبد المجيد عن ابن‬
‫جريج قال‪ :‬قال سليمان بن موسى عن جابر بن عبد اللييه‬
‫أن رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم قييال‪» :‬ل يقيميين‬
‫أحدكم أخاه يوم الجمعة ولكن ليقل افسحوا« على شرط‬
‫السنن ولم يخرجوه وقال المام أحمد‪ :‬حييدثنا عبييد الملييك‬
‫بن عمرو‪ ,‬حدثنا فليح عن أيوب عن عبد الرحمن بيين أبييي‬
‫صعصعة عن يعقوب بن أبي يعقوب عيين أبييي هريييرة عيين‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬ل يقيم الرجييل الرجييل‬
‫من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن افسحوا يفسح الله لكم«‬
‫ورواه أيضييا ً عيين سييريج بيين يييونس ويييونس بيين محمييد‬
‫المؤدب عن فليح به ولفظه‪» :‬ل يقوم الرجل للرجييل ميين‬
‫مجلسه ولكن افسحوا يفسح اللييه لكييم« تفييرد بييه أحمييد‪.‬‬
‫وقد اختلف الفقهاء في جواز القيام للوارد إذا جيياء علييى‬
‫أقوال‪ :‬فمنهم من رخص في ذلك محتجا ً بحييديث »قومييوا‬
‫إلى سيدكم« ومنهم من منع من ذلك محتجا ً بحديث »ميين‬
‫أحب أن يتمثل له الرجال قياما ً فليتبوأ مقعيده مين النيار«‬
‫ومنهييم ميين فصييل فقييال يجييوز عنييد القييدوم ميين سييفر‬

‫‪609‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وللحاكم في محييل وليتييه‪ ,‬كمييا دل عليييه قصيية سييعد بيين‬
‫معاذ‪ ,‬فإنه لما استقدمه النبي حاكما ً في بني قريظة فيرآه‬
‫مقبل ً قال للمسيلمين »قومييوا إلييى سيييدكم« ومييا ذاك إل‬
‫ليكون أنفذ لحكمه والله أعلم‪ .‬فأما اتخاذه ديدنا ً فييإنه ميين‬
‫شعار العجم‪ ,‬وقد جاء في السنن أنه لم يكن شخص أحب‬
‫إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكييان إذا جيياء‬
‫ل يقوميييون ليييه لميييا يعلميييون مييين كراهتيييه ليييذلك‪.‬‬
‫وفي الحديث المروي في السيينن أن رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسييلم كييان يجلييس حيييث انتهييى بييه المجلييس‪,‬‬
‫ولكيين حيييث يجلييس يكييون صييدر ذلييك المجلييس فكييان‬
‫الصحابة رضيي الليه عنهيم يجلسيون منيه عليى مراتبهيم‪,‬‬
‫فالصديق رضي اللييه عنييه يجلسييه عيين يمينييه وعميير عيين‬
‫يساره‪ ,‬وبيين ييديه غالبيا ً عثميان وعليي لنهميا كانيا ممين‬
‫يكتب الوحي‪ ,‬وكان يأمرهمييا بييذلك كمييا رواه مسييلم ميين‬
‫حديث العمش عن عمارة بن عمير عيين أبييي معميير عيين‬
‫أبي مسعود أن رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم كييان‬
‫يقول‪» :‬ليليني منكم أولو الحلم والنهى ثم الذين يلونهم‪,‬‬
‫ثم الذي يلونهم« وما ذاك إل ليعقلوا عنه ما يقوله صلوات‬
‫الله وسلمه عليه‪ ,‬ولهذا أمر أولئك النفيير بالقيييام ليجلييس‬
‫الييذين وردوا ميين أهييل بييدر‪ ,‬إمييا لتقصييير أولئك فييي حييق‬
‫البدريين أو ليأخذ البدريون ميين العلييم نصيييبهم‪ ,‬كمييا أخييذ‬
‫أولئك قبلهم أو تعليما ً بتقديم الفاضييل إلييى المييام‪ .‬وقييال‬
‫المام أحمد‪ :‬حدثنا وكيع عن العمش عن عمارة بن عمير‬
‫التيمي عن أبي معمر عن أبي مسعود قييال‪ :‬كييان رسييول‬
‫اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم يمسييح مناكبنييا فييي الصييلة‬
‫ويقول‪» :‬استووا ول تختلفوا فتختلف قلوبكم‪ ,‬ليليني منكم‬
‫أولو الحلم والنهى ثم الذين يلييونهم‪ ,‬ثييم الييذين يلييونهم«‬
‫قييال أبييو مسييعود‪ :‬فييأنتم اليييوم أشييد اختلف يًا‪ ,‬وكييذا رواه‬
‫مسلم وأهل السنن إل الترمذي ميين طييرق عيين العمييش‬
‫به‪ ,‬وإذا كييان هييذا أمييره لهييم فييي الصييلة أن يليييه العقلء‬
‫منهم والعلميياء فبطريييق الولييى أن يكييون ذلييك فييي غييير‬
‫الصيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييلة‪.‬‬

‫‪610‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وروى أبييو داود ميين حييديث معاوييية بيين صييالح عيين أبييي‬
‫الزاهرية عن كثير بن مرة عن عبد الله بن عمر أن رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬أقيموا الصفوف وحيياذوا‬
‫بين المناكب وسدوا الخلل ولينوا بأيدي إخوانكم ول تييذروا‬
‫فرجات للشياطين ومن وصل صفا ً وصله الله‪ ,‬ومن قطييع‬
‫صفا ً قطعه الله« ولهذا كان أبي بن كعب سيييد القييراء إذا‬
‫انتهى إلى الصييف الول انييتزع منييه رجل ً يكييون ميين أفنيياد‬
‫النيياس‪ ,‬ويييدخل هييو فييي الصييف المتقييدم ويحتييج بهييذا‬
‫الحديث‪» :‬ليليني منكم أولو الحلم والنهى« وأما عبد الله‬
‫بن عمر فكان ل يجلس في المكان الذي يقوم لييه صيياحبه‬
‫عنييه عمل ً بمقتضييى مييا تقييدم ميين روايتييه الحييديث الييذي‬
‫أوردناه‪ ,‬ولنقتصر على هذا المقدار من النمييوذج المتعلييق‬
‫لية‪ ,‬وإل فبسطه يحتاج إلى غير هذا الموضييع‪ .‬وفييي‬ ‫بهذه ا َ‬
‫الحديث الصحيح‪ :‬بينا رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫جالس إذ أقبل ثلثة نفيير‪ ,‬فأمييا أحييدهم فوجييد فرجيية فييي‬
‫لخر فجلس وراء النيياس‪ ,‬وأدبيير‬ ‫الحلقة فدخل فيها‪ ,‬وأما ا َ‬
‫الثالث ذاهبا ً فقال رسول الله صلى الله عليه وسييلم‪» :‬أل‬
‫أنبئكم بخبر الثلثة‪ ,‬أما الول فييآوى إلييى اللييه فييآواه اللييه‪,‬‬
‫وأمييا الثيياني فاسييتحيا فاسييتحيا اللييه منييه‪ ,‬وأمييا الثييالث‬
‫فيييييييييييأعرض فيييييييييييأعرض الليييييييييييه عنيييييييييييه«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عتاب بن زياد أخبرنا عبييد اللييه‪,‬‬
‫أخبرنا أسامة بن زيد عن عمرو بن شييعيب عيين أبيييه عيين‬
‫عبد الله بن عمرو أن رسول الله صيلى الليه عليييه وسيلم‬
‫قال‪» :‬ل يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إل بإذنهما« ورواه‬
‫أبو داود والترمذي من حييديث أسييامة بيين زيييد الليييثي بييه‬
‫وحسيينه الترمييذي وقييد روي عيين ابيين عبيياس والحسيين‬
‫البصري وغيرهما أنهم قييالوا فييي قييوله تعييالى‪} :‬إذا قيييل‬
‫لكم تفسحوا في المجييالس فافسييحوا يفسييح اللييه لكييم{‬
‫يعني في مجالس الحرب قالوا‪ :‬ومعنى قييوله‪} :‬وإذا قيييل‬
‫انشزوا فانشييزوا{ أي انهضيوا للقتييال‪ .‬وقيال قتييادة }وإذا‬
‫قيل انشزوا فانشزوا{أي إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا وقال‬
‫مقاتل إذا دعيتييم إلييى الصييلة فييارتفعوا إليهييا‪ .‬وقييال عبييد‬

‫‪611‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرحمن بن زيد بن أسلم كانوا إذا كانوا عنييد النييبي صييلى‬
‫الله عليه وسييلم فييي بيتييه فييأرادوا النصييراف‪ ,‬أحييب كييل‬
‫منهم أن يكون هو آخرهم خروجا ً من عنييده‪ ,‬فربمييا يشييق‬
‫ذلك عليه‪ ,‬عليه السلم وقد تكون له الحاجة فييأمروا أنهييم‬
‫إذا أمروا بالنصراف أن ينصرفوا كقوله تعالى‪} :‬وإن قيييل‬
‫لكيييييييييييييييييم ارجعيييييييييييييييييوا فييييييييييييييييارجعوا{‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتييوا‬
‫العلم درجات والله بما تعملون خبير{ أي ل تعتقدوا أنه إذا‬
‫أفسح أحد منكم لخيه إذا أقبل أو إذا أمر بالخروج فخييرج‪,‬‬
‫أن يكون ذلك نقصا ً في حقه بل هو رفعة ورتبة عنييد اللييه‪,‬‬
‫والله تعييالى ل يضيييع ذلييك لييه‪ ,‬بييل يجزيييه بهييا فييي الييدنيا‬
‫لخرة فإن من تواضع لمر اللييه رفييع اللييه قييدره ونشيير‬ ‫وا َ‬
‫ذكره‪ ,‬ولهذا قيال تعيالى‪} :‬يرفيع الليه اليذين آمنيوا منكيم‬
‫والذين أوتوا العلم درجييات واللييه بمييا تعملييون خييبير{ أي‬
‫خييييبير بميييين يسييييتحق ذلييييك وبميييين ل يسييييتحقه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو كامل حييدثنا إبراهيييم حييدثنا‬
‫ابن شهاب عن أبي الطفيل عييامر بيين واثليية أن نييافع بيين‬
‫عبد الحارث لقي عمر بن الخطيياب بعسييفان‪ ,‬وكيان عميير‬
‫استعمله على مكة‪ ,‬فقال لييه عميير‪ :‬ميين اسييتخلفت علييى‬
‫أهل الوادي ؟ قال‪ :‬استخلفت عليهم ابن أبييزى رجييل ميين‬
‫موالينا‪ ,‬فقال عمر‪ :‬اسييتخلفت عليهييم مييولى ؟ فقييال‪ :‬يييا‬
‫أمييير المييؤمنين إنييه قييارىء لكتيياب اللييه عييالم بييالفرائض‬
‫ض‪ ,‬فقال عمر رضي الله عنه‪ :‬أما إن نبيكم صييلى اللييه‬ ‫قا ٍ‬
‫عليه وسلم قييد قييال‪» :‬إن اللييه يرفييع بهييذا الكتيياب قوميا ً‬
‫ويضع به آخرين« وهكييذا رواه مسييلم ميين غييير وجييه عيين‬
‫الزهري بيه‪ ,‬وروي ميين غيير وجيه عين عمير بنحييوه‪ ,‬وقييد‬
‫ذكرت فضل العلم وأهله وما ورد في ذلييك ميين الحيياديث‬
‫مستقصاة في شرح كتاب العلم من صحيح البخاري‪ ,‬وللييه‬
‫الحمييييييييييييييييييييييييييييييد والمنيييييييييييييييييييييييييييييية‪.‬‬

‫‪612‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ي‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫مو‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫سو‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ي‬‫ج‬ ‫نا‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫إ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫نو‬ ‫م‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫ذي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ها‬ ‫ي‬‫** يأ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫دوا ْ فَيإ ِ ّ‬ ‫جي ُ‬ ‫م تَ ِ‬ ‫م وَأط ْهَيُر فَيِإن ل ّي ْ‬ ‫خي ٌْر ل ّك ُ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ة ذ َل ِ َ‬ ‫صد َقَ ً‬ ‫م َ‬ ‫واك ُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫نَ ْ‬
‫موا ْ ب َي ْي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫واك ُ ْ‬ ‫جي َ‬ ‫ن ي َيد َيْ ن َ ْ‬ ‫َ‬ ‫م أن ت َُقد ّ ُ‬ ‫شَفْقت ُ ْ‬ ‫م * أأ ْ‬ ‫حي ٌ‬ ‫ه غَُفوٌر ّر ِ‬ ‫الل ّ َ‬
‫َ‬
‫ص يل َةَ‬ ‫موا ْ ال ّ‬ ‫م فَ يأِقي ُ‬ ‫ه عَل َي ْك ُي ْ‬ ‫ب الل ّي ُ‬ ‫م ت َْفعَُلوا ْ وََتا َ‬ ‫ت فَإ ِذ ْ ل َ ْ‬ ‫صد ََقا ٍ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫مُلييو َ‬ ‫ما ت َعْ َ‬ ‫خِبيٌر ب ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َوالل ّ ُ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫طيُعوا ْ الل ّ َ‬ ‫كاةَ وَأ ِ‬ ‫َوآُتوا ْ الّز َ‬
‫يقييول تعييالى آمييرا ً عبيياده المييؤمنين إذا أراد أحييدهم أن‬
‫يناجي رسول الله صلى الله عليه وسييلم أي يسيياّره فيمييا‬
‫بينه وبينه‪ ,‬أن يقدم بين يدي ذلييك صييدقة تطهييره وتزكيييه‬
‫وتؤهله لن يصلح لهذا المقييام‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‪} :‬ذلييك‬
‫خير لكم وأطهر{ ثم قال تعالى‪} :‬فإن لييم تجييدوا{ أي إل‬
‫من عجزعن ذلك لفقره }فإن الله غفور رحيم{ فمييا أميير‬
‫بها إل من قدر عليها‪ .‬ثم قال تعالى‪} :‬أأشفقتم أن تقدموا‬
‫بين يدي نجواكم صييدقات{ أي أخفتييم ميين اسييتمرار هييذا‬
‫الحكم عليكم مين وجيوب الصيدقة قبيل مناجياة الرسيول‬
‫}فإذ لم تفعلوا وتيياب اللييه عليكييم فييأقيموا الصييلة وآتييوا‬
‫الزكاة وأطيعييوا اللييه ورسييوله واللييه خييبير بمييا تعملييون{‬
‫لييية‬ ‫فنسخ وجوب ذلك عنهم‪ ,‬وقد قيل إنه لم يعمل بهذه ا َ‬
‫قبل نسخها سوى علي بيين أبييي طييالب رضييي اللييه عنييه‪.‬‬
‫قال ابن أبي نجيييح عيين مجاهييد قييال‪ :‬نهييوا عيين مناجيياة‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم حييتى يتصييدقوا فلييم ينيياجه إل‬
‫علي بن أبي طالب قدم دينارا ً صدقة تصدق به‪ ,‬ثييم نيياجى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فسأله عن عشيير خصييال ثييم‬
‫أنزلت الرخصة‪ ,‬وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهييد قييال‬
‫علي رضي الله عنه‪ :‬آية في كتاب الله عز وجل لم يعمييل‬
‫بهاأحد قبلي ول يعمييل بهييا أحييد(بعييدي‪ ,‬كييان عنييدي دينييار‬
‫فصرفته بعشرة دراهم‪ ,‬فكنت إذا ناجيت رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم تصدقت بدرهم‪ ,‬فنسخت ولييم يعمييل بهييا‬
‫لييية‪} :‬يييا‬ ‫أحد قبلي ول يعمل بها أحد بعييدي‪ ,‬ثييم تل هييذه ا َ‬
‫أيهييا الييذين آمنييوا إذا نيياجيتم الرسييول فقييدموا بييين يييدي‬
‫لية‪ .‬وقال ابن جرييير‪ :‬حييدثنا ابيين حميييد‪,‬‬ ‫نجواكم صدقة{ ا َ‬
‫حدثنا مهران عن سفيان عن عثمان بن المغيرة عن سالم‬
‫بن أبي الجعييد عيين علييي بيين علقميية النميياري عيين علييي‬

‫‪613‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬قال النبي صلى الله عليه وسلم‪» :‬ما‬
‫ترى‪ ,‬دينار ؟« قال‪ :‬ل يطيقون‪ .‬قال »نصف دينييار« قييال‪:‬‬
‫ل يطيقون‪ .‬قال »ما ترى« ؟ قال‪ :‬شعيرة‪ .‬فقال له النييبي‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم »إنييك لزهيييد« قييال‪ :‬فنزلييت‬
‫}أأشييفقتم أن تقييدموا بييين يييدي نجييواكم صييدقات{ قييال‬
‫عليييييي‪ :‬فيييييبي خفيييييف الليييييه عييييين هيييييذه المييييية‪.‬‬
‫ورواه الترمذي عن سفيان بن وكيييع عيين يحيييى بيين آدم‬
‫عن عبيد الله الشجعي‪ ,‬عن سفيان الثوري عن عثمان بن‬
‫المغيرة الثقفي عن سييالم بيين أبييي الجعييد عيين علييي بيين‬
‫علقمة النماري عن علي بن أبي طييالب رضييي اللييه عنييه‬
‫قال‪ :‬لما نزلت }ييا أيهيا اليذين آمنيوا إذا نياجيتم الرسيول‬
‫فقدموا بين يدي نجواكم صدقة{ إلى آخرها قال لي النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬ما ترى‪ ,‬دينار« قلت‪ :‬ل يطيقييونه‬
‫وذكره بتمامه مثله‪ ,‬ثم قال‪ :‬هذا حديث حسن غريييب إنمييا‬
‫نعرفه من هذا الوجه‪,‬ثم قال‪ :‬ومعنى قييوله شييعيرة يعنييي‬
‫وزن شعيرة من ذهب‪ ,‬ورواه أبو يعلييى عيين أبييي بكيير بيين‬
‫أبي شيبة عن يحيى بيين آدم بييه‪ .‬وقييال العييوفي عيين ابيين‬
‫عباس في قوله تعييالى‪} :‬يييا أيهييا الييذين آمنييوا إذا نيياجيتم‬
‫الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ي إلى ي فييإن اللييه‬
‫غفور رحيم{‪ .‬كان المسلمون يقييدمون بييين يييدي النجييوى‬
‫صدقة فلما نزلت الزكيياة نسييخ هييذا وقييال علييي بيين أبييي‬
‫طلحة عن ابن عباس قييوله‪} :‬فقييدموا بييين يييدي نجييواكم‬
‫صدقة{ وذلك أن المسلمين أكثروا المسائل علييى رسييول‬
‫اللهصلى الله عليه وسلم حتى شقوا عليه‪ ,‬فييأراد اللييه أن‬
‫يخفف عن نبيه عليه السلم‪ ,‬فلما قال ذلك جبن كثير ميين‬
‫المسييلمين وكفييوا عيين المسييألة‪ ,‬فييأنزل اللييه بعييد هييذا‬
‫}أأشفقتم أن تقدموا بيين يييدي نجييواكم صيدقات فييإذ ليم‬
‫تفعلوا وتيياب اللييه عليكييم فييأقيموا الصييلة وآتييوا الزكيياة{‬
‫فوسييييييييع اللييييييييه عليهييييييييم ولييييييييم يضيييييييييق‪.‬‬
‫وقييال عكرميية والحسيين البصييري فييي قييوله تعييالى‪:‬‬
‫}فقدموا بييين يييدي نجييواكم صييدقة{ نسييختها ا َ‬
‫لييية الييتي‬
‫بعدها }أأشفقتم أن تقييدموا بييين يييدي نجييواكم صييدقات{‬

‫‪614‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إلى آخرها‪ .‬وقال سعيد بن أبي عروبة عيين قتييادة ومقاتييل‬
‫بن حيان‪ :‬سأل الناس رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫حتى أحفييوه بالمسييألة ففطمهييم اللييه بهييذه ا َ‬
‫لييية‪ ,‬فكييان‬
‫الرجل منهم إذا كانت له الحاجة إلى نبي اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم فل يستطيع أن يقضيييها حييتى يقييدم بييين يييديه‬
‫صدقة‪,‬فاشتد ذلك عليهم‪ ,‬فييأنزل اللييه الرخصيية بعييد ذلييك‬
‫}فييييإن لييييم تجييييدوا فييييإن اللييييه غفييييور رحيييييم{‪.‬‬
‫وقال معمر عن قتادة }إذا ناجيتم الرسول فقييدموا بييين‬
‫يدي نجواكم صدقة{ إنها منسوخة ما كانت إل سيياعة ميين‬
‫نهار‪ .‬وهكذا روى عبد الرزاق‪ :‬أخبرنا معمر عن أيييوب عيين‬
‫مجاهد قال علي ‪ :‬ما عمل بهيا أحيد غييري حيتى نسيخت‪,‬‬
‫وأحسيييييييبه قيييييييال‪ :‬وميييييييا كيييييييانت إل سييييييياعة‪.‬‬

‫َ‬
‫مييا هُييم‬ ‫ه عَل َي ْهِييم ّ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫وما ً غَ ِ‬ ‫ن ت َوَل ّوْا ْ قَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ت ََر إ َِلى ال ّ ِ‬ ‫** أل َ ْ‬
‫عييد ّ‬ ‫ن * أَ َ‬ ‫مو َ‬ ‫م ي َعْل َ ُ‬ ‫ب وَهُ ْ‬ ‫ن عََلى ال ْك َذِ ِ‬ ‫حل ُِفو َ‬ ‫م وَي َ ْ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫م وَل َ ِ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ّ‬
‫خذ ْوَا ْ‬ ‫ن * ات ّ َ‬ ‫ملو َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ما كاُنوا ي َعْ َ‬ ‫َ‬ ‫سآَء َ‬ ‫م َ‬ ‫ً‬
‫ديدا إ ِن ّهُ ْ‬ ‫ش ِ‬ ‫ذابا َ‬ ‫ً‬ ‫م عَ َ‬ ‫َ‬
‫ه له ُ ْ‬ ‫الل ُ‬‫ّ‬
‫َ‬
‫ن*‬ ‫مِهي ي ٌ‬ ‫ب ّ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م عَ ي َ‬ ‫ل الل ّيهِ فَل َهُ ي ْ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫عن َ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ة فَ َ‬ ‫جن ّ ً‬
‫م ُ‬ ‫مان َهُ ْ‬ ‫أي ْ َ‬
‫ك‬ ‫ش يْيئا ً أ ُوَْلـ يئ ِ َ‬ ‫ن الل ّيهِ َ‬ ‫م َ‬ ‫م ّ‬
‫َ‬
‫م وَل َ أوْل َد ُهُ ْ‬ ‫وال ُهُ ْ‬ ‫م َ‬
‫ّلن تغْن ِي عَنه َ‬
‫مأ ْ‬ ‫ُ َ ُْ ْ‬
‫ميعيا ً‬ ‫َ‬
‫ج ِ‬ ‫م الل ّيهِ َ‬ ‫م ي َب ْعَث ُهُي ُ‬ ‫ن * ي َيوْ َ‬ ‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫م ِفيَها َ‬ ‫ب الّنارِ هُ ْ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬ ‫أ ْ‬
‫يءٍ‬ ‫شيي ْ‬ ‫ى َ‬ ‫ن أ َن ّهُ ْ َ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫ه كَ َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫فَي َ ْ‬
‫م عَليي ََ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫م وَي َ ْ‬ ‫حل ُِفو َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫حل ُِفو َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ساهُ ْ‬ ‫ن فَأن َ‬ ‫طا ُ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫حوَذ َ عَل َي ْهِ ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ن* ا ْ‬ ‫كاذُِبو َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫م هُ ُ‬ ‫أل َ إ ِن ّهُ ْ‬
‫شي ْ َ‬ ‫طا َ‬ ‫ذِك َْر الل ّهِ أ ُوَْلـئ ِ َ‬
‫م‬ ‫ن هُ ُ‬ ‫طا ِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫حْز َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن أل َ إ ِ ّ‬ ‫شي ْ َ ِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫حْز ُ‬ ‫ك ِ‬
‫ن‬
‫سييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييُرو َ‬ ‫خا ِ‬ ‫ال َ‬
‫يقول اللييه تعييالى منكييرا ً علييى المنييافقين فييي مييوالتهم‬
‫الكفار في الباطن‪ .‬وهم في نفييس الميير ل معهييم ول مييع‬
‫المؤمنين كما قال تعالى‪} :‬مذبذبين بين ذلك ل إلى هييؤلء‬
‫ل{ وقييال‬ ‫ول إلى هؤلء ومن يضلل الله فلن تجييد لييه سييبي ً‬
‫ههنا‪} :‬ألم تر إلى الذين تولوا قوم يا ً غضييب اللييه عليهييم{‬
‫يعني اليهود الذين كان المنافقون يمالئونهم ويوالونهم في‬
‫الباطن ثم قال تعالى‪} :‬ما هم منكم ول منهييم{ أي هييؤلء‬
‫المنافقون ليسوا في الحقيقة منكم أيها المؤمنون‪ ,‬ول من‬

‫‪615‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الذين يوالونهم وهييم اليهييود‪ ,‬ثييم قييال تعييالى‪} :‬ويحلفييون‬
‫على الكذب وهم يعلمون{ يعني المنافقين يحلفييون علييى‬
‫الكييذب‪ ,‬وهييم عييالمون بييأنهم كيياذبون فيمييا حلفييوا وهييي‬
‫اليمين الغموس‪ ,‬ول سيما فيي مثيل حيالهم اللعيين عيياذا ً‬
‫بالله منه‪ ,‬فإنهم كانوا إذا لقوا الذين آمنوا قييالوا آمنييا‪ ,‬وإذا‬
‫جاؤوا الرسول حلفوا له بالله إنهم مؤمنون‪ ,‬وهم في ذلك‬
‫يعلمون أنهييم يكييذبون فيمييا حلفييوا بييه‪ ,‬لنهييم ل يعتقييدون‬
‫صدق ما قالوه وإن كان فييي نفييس الميير مطابق يًا‪ ,‬ولهييذا‬
‫شيييهد الليييه بكيييذبهم فيييي أيميييانهم وشيييهادتهم ليييذلك‪.‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬أعد الله لهم عذابا ً شديدا ً إنهم سيياء مييا‬
‫كانوا يعملون{ أي أرصد الله لهم على هذا الصنيع العذاب‬
‫الليييم علييى أعمييالهم السيييئة وهييي مييوالة الكييافرين‬
‫ونصحهم ومعاداة المؤمنين‪ ,‬وغشييهم‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‪:‬‬
‫}اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سييبيل اللييه{ أي أظهييروا‬
‫اليمان وأبطنوا الكفر واتقوا باليمان الكاذبة‪ ,‬فظيين كييثير‬
‫ممن ل يعرف حقيقة أمرهم صدقهم فيياغتر بهييم‪ ,‬فحصييل‬
‫بهييذا صييد عيين سييبيل اللييه لبعييض النيياس }فلهييم عييذاب‬
‫مهين{ أي في مقابلة ما امتهنييوا ميين الحلييف باسييم اللييه‬
‫العظيم في اليمان الكاذبة الخانثة‪ ,‬ثييم قييال تعييالى‪} :‬ليين‬
‫تغني عنهم أمييوالهم ول أولدهييم ميين اللييه شيييئًا{ أي ليين‬
‫يدفع ذلك عنهم بأسا ً إذا جاءهم }أولئك أصحاب النييار هييم‬
‫فيها خالدون{ ثم قال تعالى‪} :‬يوم يبعثهم الله جميعًا{ أي‬
‫يحشرهم يوم القياميية عيين آخرهييم فل يغييادر منهييم أحييدا ً‬
‫}فيحلفييون لييه كمييا يحلفييون لكييم ويحسييبون أنهييم علييى‬
‫شيء{ أي يحلفون باالله عز وجل أنهم كانوا علييى الهييدى‬
‫والستقامة كما كانوا يحلفييون للنيياس فييي الييدنيا لن ميين‬
‫عاش على شيييء مييات عليييه وبعييث عليييه‪ ,‬ويعتقييدون أن‬
‫ذلك ينفعهم عند الله كما كان ينفعهم عند الناس فيجييرون‬
‫عليهم الحكام الظاهرة ولهذا قال‪} :‬ويحسبون أنهم علييى‬
‫شييييييء{ أي حلفهيييييم بيييييذلك لربهيييييم عيييييز وجيييييل‪.‬‬
‫ثييم قييال تعييالى‪ :‬منكييرا ً عليهييم حسييبانهم }أل إنهييم هييم‬
‫الكاذبون{ فأكد الخبر عنهم بالكذب‪ .‬وقال ابن أبي حيياتم‪:‬‬

‫‪616‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا ابيين نفيييل‪ ,‬حييدثنا زهييير عيين سييماك بيين‬
‫حرب‪ ,‬حييدثني سييعيد بيين جييبير‪ ,‬أن ابيين عبيياس حييدثه أن‬
‫النبي صلى اللييه عليييه وسييلم كييان فييي ظييل حجييرة ميين‬
‫حجره وعنده نفر من المسلمين قد كاد يقلص عنهم الظل‬
‫قال‪» :‬إنه سيأتيكم إنسان ينظر بعيني شيطان فيإذا أتياكم‬
‫فل تكلموه« فجاء رجل أزرق فييدعاه رسييول اللييه فكلمييه‬
‫فقييال‪» :‬علم تشييتمني أنييت وفلن وفلن« نفيير دعيياهم‬
‫بأسييمائهم‪ ,‬قييال فييانطلق الرجييل فييدعاهم فحلفييوا لييه‬
‫واعتذروا إليه‪ ,‬قال فأنزل الله عز وجل }فيحلفون له كمييا‬
‫يحلفييون لكييم ويحسييبون أنهييم علييى شيييء أل إنهييم هييم‬
‫الكيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييياذبون{‪.‬‬
‫وهكذا رواه المام أحمييد ميين طريقييين عيين سييماك بييه‪,‬‬
‫ورواه ابن جرير عن محمد بن المثنى عن غندر عن شييعبة‬
‫عن سماك بييه نحييوه‪ ,‬وأخرجييه أيض يا ً ميين حييديث سييفيان‬
‫الثوري عن سماك بنحوه إسناد جيد ولييم يخرجييوه‪ ,‬وحييال‬
‫هؤلء كما أخبر الله تعالى عن المشركين حيث يقول‪} :‬ثم‬
‫لم تكن فتنتهم إل أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين انظر‬
‫كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون{ ثم‬
‫قال تعالى‪} :‬استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله{‬
‫أي استحوذ على قلوبهم الشيطان حتى أنساهم أن يذكروا‬
‫الله عز وجل‪ ,‬وكذلك يصنع بمن استحوذ عليه‪ ,‬ولهذا قييال‬
‫أبييو داود‪ :‬حييدثنا أحمييد بيين يييونس‪ ,‬حييدثنا زائدة‪ ,‬حييدثنا‬
‫السائب بن حبيش عن معدان بن أبي طلحة اليعمري‪ ,‬عن‬
‫أبي الييدرداء قييال‪ :‬سيمعت رسيول الليه صيلى الليه علييه‬
‫وسلم يقول‪» :‬ما من ثلثة في قرية ول بدو ل تقييام فيهييم‬
‫الصلة إل قد استحوذ عليهييم الشيييطان فعليييك بالجماعيية‬
‫فإنمييا يأكييل الييذئب القاصييية« قييال زائدة‪ :‬قييال السييائب‪:‬‬
‫يعني الصلة في الجماعة‪ .‬ثييم قييال تعييالى‪} :‬أولئك حييزب‬
‫الشيطان{ يعني الذين استحوذ عليهم الشيطان فأنسيياهم‬
‫ذكيير اللييه ثييم قييال تعييالى‪} :‬أل إن حييزب الشيييطان هييم‬
‫الخاسييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييرون{‪.‬‬

‫‪617‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫ن*‬ ‫ك فِييي الذ َّليي َ‬ ‫ه أ ُوَْلـيئ ِ َ‬ ‫سييول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ن الل ّي َ‬ ‫دو َ‬ ‫حآ ّ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫** إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫جيد ُ‬ ‫زييٌز * ل ّ ت َ ِ‬ ‫ه قَيوِيّ عَ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ي إِ ّ‬ ‫سل ِ َ‬‫ن أن َا ْ وَُر ُ‬ ‫ه لغْل ِب َ ّ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫ك َت َ َ‬
‫ه‬ ‫حييآد ّ الّلي َ‬ ‫ن َ‬ ‫مي ْ‬ ‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫وآ ّ‬‫خيرِ ُيي َ‬ ‫ن ب ِييالل ّهِ َوال ْي َيوْم ِ ال َ ِ‬ ‫من ُييو َ‬ ‫وميا ً ي ُؤْ ِ‬ ‫قَ ْ‬
‫خييوانهم أوَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م أو ْ إ ِ ْ َ َ ُ ْ ْ‬ ‫م أوْ أب َْنييآَءهُ ْ‬ ‫كييان ُوَا ْ آَبييآَءهُ ْ‬ ‫ه وََلييوْ َ‬ ‫سييول َ ُ‬ ‫وََر ُ‬
‫َ‬ ‫م أ ُوَْلـئ ِ َ‬
‫ح‬ ‫م ب ِيُرو ٍ‬ ‫ن وَأي ّيد َهُ ْ‬ ‫مييا َ‬ ‫لي َ‬
‫ما ِ‬ ‫ب ِفي قُل ُييوب ِهِ ُ‬ ‫ك ك َت َ َ‬ ‫شيَرت َهُ ْ‬ ‫عَ ِ‬
‫ن ِفيهَييا‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِي ِ‬ ‫حت ِهَييا الن ْهَيياُر َ‬ ‫من ت َ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬
‫ت تَ ْ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫خل ُهُ ْ‬ ‫ه وَي ُد ْ ِ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ب‬ ‫حْز َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ب اللهِ أل َ إ ِ ّ‬ ‫حْز ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫ه أوْلـئ ِ َ‬ ‫ضوا عَن ْ ُ‬ ‫م وََر ُ‬ ‫ه عَن ْهُ ْ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫ض َ‬ ‫َر ِ‬
‫ن‬
‫حييييييييييييييييييو َ‬ ‫مْفل ِ ُ‬‫م ال ْ ُ‬ ‫هيييييييييييييييييي ُ‬ ‫الّلييييييييييييييييييهِ ُ‬
‫يقيول تعيالى مخيبرا ً عين الكفيار المعانيدين المحيادينلله‬
‫ورسوله‪ ,‬يعني الييذين هييم فييي حييد والشييرع فييي حييد‪ ,‬أي‬
‫مجانبون للحق مشيياقون ليه هييم فييي ناحييية والهييدى فييي‬
‫ناحييية }أولئك فييي الذلييين{ أي فييي الشييقياء المبعييدين‬
‫لخرة‪} .‬كتب‬ ‫المطرودين عن الصواب الذلين في الدنيا وا َ‬
‫لله لغلبن أنا ورسلي{ أي قد حكم وكتب في كتييابه الول‬
‫وقدره الذي ل يخالف ول يمانع ول يبدل‪ ,‬بييأن النصييرة لييه‬
‫لخييرة }وأن‬ ‫ولكتابه ورسله وعباده المؤمنين في الييدنيا وا َ‬
‫العاقبيية للمتقييين{ كمييا قييال تعييالى‪} :‬إنييا لننصيير رسييلنا‬
‫والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الشهاد * يييوم ل‬
‫ينفع الظالمين معذرتهم ولهييم اللعنيية ولهييم سييوء الييدار{‬
‫وقال ههنا‪} :‬كتب اللييه لغلبيين أنييا ورسييلي إن اللييه قييوي‬
‫عزيز{ أي كتب القوي العزيييز أنييه الغييالب لعييدائه‪ ,‬وهييذا‬
‫قدر محكم وأمر مبرم أن العاقبة والنصرة للمييؤمنين فييي‬
‫لخرة ثم قال تعييالى‪} :‬ل تجييد قوم يًايؤمنون بييالله‬ ‫الدنيا وا َ‬
‫دون ميين حيياد ّ اللييه ورسييوله ولييو كييانوا‬ ‫لخيير يييوا ّ‬ ‫واليييوم ا َ‬
‫آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيييرتهم{ أي ل يييواّدون‬
‫دين ولو كانوا من القربين كما قال تعالى‪} :‬ل يتخييذ‬ ‫المحا ّ‬
‫المؤمنون الكافرين أولياء من دون المييؤمنين وميين يفعييل‬
‫ذلك فلييس ميين الليه فييي شييء إل أن تتقيوا منهيم تقيياة‬
‫ليييييييييييية‪.‬‬ ‫ويحيييييييييييذركم الليييييييييييه نفسيييييييييييه{ ا َ‬
‫وقال الله تعالى‪} :‬قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم‬
‫وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشييون‬

‫‪618‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكييم ميين اللييه ورسييوله‬
‫وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يييأتي اللييه بييأمره واللييه ل‬
‫يهدي القوم الفاسقين{ وقيد قيال سيعيد بين عبيد العزييز‬
‫لية }ل تجد قوما ً يؤمنون بالله واليوم‬ ‫وغيره‪ :‬أنزلت هذه ا َ‬
‫لخر{ إلى آخرها في أبي عبيدة عييامر بيين عبييد اللييه بيين‬ ‫ا َ‬
‫الجييراح حييين قتييل أبيياه يييوم بييدر‪ ,‬ولهييذا قييال عميير بيين‬
‫الخطاب رضي الله عنه حين جعل المر شورى بعييده فييي‬
‫أولئك الستة رضي اللييه عنهييم‪ :‬ولييو كييان أبييو عبيييدة حييا ً‬
‫لستخلفته‪ .‬وقيل فييي قييوله تعييالى‪} :‬ولييو كييانوا آبيياءهم{‬
‫نزلت في أبي عبيدة قتل أباه يوم بييدر }أو أبنيياءهم{ فييي‬
‫الصديق هم يومئذ بقتل ابنييه عبييد الرحميين }أو إخييوانهم{‬
‫في مصعب بن عمير‪ ,‬قتل أخاه عبيد بن عمييير يييومئذ }أو‬
‫عشيرتهم{ في عمر قتل قريبا ً له يومئذ أيضًا‪ ,‬وفي حمزة‬
‫وعلي وعبيدة بن الحارث قتلييوا عتبيية وشيييبة والوليييد بيين‬
‫عتبيييييييييييية يييييييييييييومئذ‪ ,‬فييييييييييييالله أعلييييييييييييم‪.‬‬
‫قلييت‪ :‬وميين هييذا القبيييل حييين استشييار رسييول اللييه‬
‫المسلمين فييي أسييارى بييدر‪ ,‬فأشييار الصييديق بييأن يفييادوا‬
‫فيكييون مييا يؤخييذ منهييم قييوة للمسييلمين‪ ,‬وهييم بنييو العييم‬
‫والعشيرة‪ ,‬ولعل الله تعالى أن يهديهم‪ ,‬وقال عمر‪ :‬ل رأى‬
‫ما أرى‪ ,‬يا رسول الله هل تمكنني ميين فلن قريييب لعميير‬
‫فأقتله‪ ,‬وتمكن عليا ً من عقيل وتمكن فلنا ً من فلن ليعلييم‬
‫اللييه أنييه ليسييت فييي قلوبنييا مييوادة للمشييركين القصيية‬
‫بكمالها‪ .‬وقوله تعييالى‪} :‬أولئك كتيب فييي قليوبهم اليمييان‬
‫وأيدهم بروح منه{ أي من اتصف بأنه ل يواد من حاد اللييه‬
‫ورسوله ولو كان أباه أو أخاه‪ ,‬فهييذا مميين كتييب اللييه فييي‬
‫قلبه اليمان أي كتب له السعادة وقررها فييي قلبييه وزييين‬
‫اليمييان فييي بصيييرته‪ .‬قييال السييدي‪} :‬كتييب فييي قلييوبهم‬
‫اليمييان{ جعييل فييي قلييوبهم اليمييان‪ .‬وقييال ابيين عبيياس‬
‫}وأييييييييييدهم بيييييييييروح منيييييييييه{ أي قيييييييييواهم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ويدخلهم جنات تجييري ميين تحتهييا النهييار‬
‫خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه{ كييل هييذا تقييدم‬
‫تفسيره غير مرة‪ ,‬وفي قوله تعييالى‪ } :‬رضييي اللييه عنهييم‬

‫‪619‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ورضوا عنه{ سر بديع وهو أنه لما سخطوا علييى القييرائب‬
‫والعشييائر فييي اللييه تعييالى عوضييهم اللييه بالرضييا عنهييم‬
‫وأرضيياهم عنييه بمييا أعطيياهم ميين النعيييم المقيييم والفييوز‬
‫العظيم والفضل العميم‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬أولئك حييزب اللييه‬
‫أل إن حزب الله هم المفلحون{ أي هييؤلء حييزب اللييه أي‬
‫عباد الله وأهل كرامتيه‪ .‬وقيوله تعيالى‪} :‬ألإن حيزب الليه‬
‫هم المفلحون{ تنييويه بفلحهييم وسييعادتهم ونصييرتهم فييي‬
‫لخرة في مقابلة ما ذكيير عيين أولئك بييأنهم حييزب‬ ‫الدنيا وا َ‬
‫الشييييطان ثيييم قيييال‪} :‬أل إن حيييزب الشييييطان هيييم‬
‫الخاسييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييرون{‪.‬‬
‫وقييد قييال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا هييارون بيين حميييد‬
‫الواسطي‪ ,‬حدثنا الفضل بن عنبسة عيين رجييل قييد سييماه‬
‫فقال‪ :‬هو عبد الحميد بن سليمان ي انقطع من كتابي ي عن‬
‫الذيال بن عباد قال‪ :‬كتب أبو حازم العييرج إلييى الزهييري‪:‬‬
‫اعلم أن الجاه جاهان جياه يجرييه الليه تعيالى عليى أييدي‬
‫أوليائه لوليائه‪ ,‬وأنهم الخامل ذكرهييم الخفييية شخوصييهم‪,‬‬
‫ولقد جاءت صفتهم على لسان رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم »إن الله يحييب الخفييياء التقييياء البرييياء الييذين إذا‬
‫غابوا لم يفتقدوا‪ ,‬وإذا حضروا لم يييدعوا‪ ,‬قلييوبهم مصييابيح‬
‫الهدى يخرجون من كل فتنة سوداء مظلمة« فهؤلءأولييياء‬
‫الله تعالى الذين قال الله‪} :‬أولئك حزب الله أل إن حييزب‬
‫الله هم المفلحون{ وقال نعيم بن حماد‪ :‬حدثنا محمييد بيين‬
‫ثور عن يونس عن الحسن قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬اللهم ل تجعل لفاجر ول لفاسييق عنييدي‬
‫يدا ً ول نعمة فإني وجدت فيما أوحيتييه إلييي }ل تجييد قوميا ً‬
‫دون من حاد ّ اللييه ورسييوله{‬ ‫لخر يوا ّ‬‫يؤمنون بالله واليوم ا َ‬
‫قال سفيان‪ :‬يرون أنها نزلت فيمن يخالط السييلطان رواه‬
‫أبو أحمييد العسييكري‪ .‬آخيير تفسييير سييورة المجادليية وللييه‬
‫الحمد والمنة‪.‬‬

‫‪620‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سورة الحشر‬
‫وكييييان ابيييين عبيييياس يقييييول‪ :‬سييييورة بنييييي النضييييير‬
‫قال سعيد بن المنصور‪ :‬حدثنا هشيم عن أبييي بشيير عيين‬
‫سعيد بن جبير قال‪ :‬قلت لبن عباس سورة الحشر‪ ,‬قييال‪:‬‬
‫أنزلت في بني النضير‪ ,‬ورواه البخيياري ومسييلم ميين وجييه‬
‫آخر عن هشيم به‪ ,‬ورواه البخاري ميين حييديث أبييي عوانيية‬
‫عن أبي بشر عن سعيد بن جبير‪ :‬قييال قلييت لبيين عبيياس‬
‫سيييييورة الحشييييير ؟ قيييييال سيييييورة بنيييييي النضيييييير‪.‬‬

‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫زيييُز‬ ‫ض وَهُوَ ال ْعَ ِ‬ ‫ما ِفي الْر َ ِ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ما ِفي ال ّ‬


‫َ‬
‫ح ل ِل ّهِ َ‬ ‫سب ّ َ‬ ‫** َ‬
‫من‬ ‫ب ِ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ن أه ْ ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ك ََفُروا ْ ِ‬ ‫ذي َ‬‫ج ال ّ ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫م * هُوَ ال ّذِيَ أ ْ‬ ‫كي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫م َأن ي َ ْ‬
‫م‬ ‫جييوا ْ وَظ َن ّيوَا ْ أن ّهُي ْ‬ ‫خُر ُ‬ ‫مييا ظ ََننت ُي ْ‬ ‫شيرِ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫م لوّ ِ‬ ‫دِي َييارِهِ ْ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ث ل َي ْ‬ ‫حي ْي ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ْ‬ ‫مي‬ ‫ه ِ‬ ‫م الل ّي ُ‬ ‫ن الل ّيهِ فَأت َيياهُ ُ‬ ‫َ‬ ‫مي‬‫صييون ُُهم ّ‬ ‫ُ‬ ‫ح‬
‫م ُ‬ ‫مييان ِعَت ُهُ ْ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ديهِ ْ‬‫م ب ِأي ْ ِ‬ ‫ن ب ُُيوت َهُ ْ‬ ‫خرُِبو َ‬ ‫ب يُ ْ‬ ‫م الّرعْ َ‬ ‫ف ِفي قُُلوب ِهِ ُ‬ ‫سُبوا ْ وَقَذ َ َ‬ ‫حت َ ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫صارِ * وََلييوْل َ أن ك ََتيي َ‬ ‫ن َفاعْت َب ُِروا ْ ي َأوِْلي الب ْ َ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫دي ال ْ ُ‬ ‫وَأي ْ ِ‬
‫ة‬
‫خ يَر ِ‬ ‫م فِييي ال َ ِ‬ ‫م فِييي ال يد ّن َْيا وَل َهُ ي ْ‬ ‫جل ََء ل َعَيذ ّب َهُ ْ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ ي ُ‬ ‫الل ّي ُ‬
‫ذاب النار * ذ َل َ َ‬
‫ق‬
‫شييآ ّ‬ ‫ميين ي ُ َ‬ ‫ه وَ َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫شآّقوا ْ الل ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ك ب ِأن ّهُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫عَ َ ُ‬
‫ميين ّلين َيةٍ أ َْو‬ ‫م ّ‬ ‫مييا قَط َعْت ُي ْ‬ ‫ب* َ‬ ‫ديد ُ ال ْعَِقييا ِ‬ ‫شي ِ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّي َ‬ ‫ه ف َ يإ ِ ّ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ة عَل َ ُ‬
‫ن‬ ‫سِقي َ‬ ‫خزِيَ ال َْفا ِ‬ ‫ن الل ّهِ وَل ِي ُ ْ‬ ‫صول َِها فَب ِإ ِذ ْ ِ‬ ‫ىأ ُ‬ ‫َ‬ ‫م ً‬‫ها َقآئ ِ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ت ََرك ْت ُ ُ‬
‫يخبر تعالى أن جميع ما في السييموات ومييا فييي الرض‬
‫من شيء يسبح له ويمجده ويقدسييه ويصييلي لييه ويوحييده‬
‫كقوله تعالى‪} :‬تسيبح ليه السيموات السيبع والرض ومين‬
‫فيهيين وإن مين شييء إل يسيبح بحمييده ولكين ل تفقهيون‬
‫تسبيحهم{ وقوله تعالى‪} :‬وهو العزيييز{ أي منيييع الجنيياب‬
‫}الحكيم{ في قدره وشييرعه‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬هييو الييذي‬
‫أخييرج الييذين كفييروا ميين أهييل الكتيياب{ يعنييي يهييود بنييي‬
‫النضير‪ .‬قاله ابن عباس ومجاهد والزهري وغير واحد‪ :‬كان‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة هييادنهم‬
‫وأعطيياهم عهييدا ً وذميية علييى أن ل يقيياتلهم ول يقيياتلوه‪,‬‬
‫فنقضوا العهد الذي كان بينهم وبينه فأحل اللييه بهييم بأسييه‬

‫‪621‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الييذي ل مييرد لييه‪ ,‬وأنييزل عليهييم قضيياءه الييذي ل يصييد‪,‬‬
‫فييأجلهم النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم وأخرجهييم ميين‬
‫حصونهم الحصينة التي ما طمع فيها المسلمون وظنوا هم‬
‫أنها ما نعتهم من بأس الله‪ ,‬فما أغنى عنهم من الله شيييئا ً‬
‫وجاءهم من الله ما لم يكن ببالهم‪ ,‬وسيييرهم رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم وأجلهم ميين المدينيية‪ ,‬فكييان منهييم‬
‫طائفة ذهبوا إلى أذرعات ميين أعييالي الشييام‪ ,‬وهييي أرض‬
‫المحشر والمنشر‪ ,‬ومنهم طائفة ذهبوا إلى خيبر‪ ,‬وكان قد‬
‫أنزلهم منها على أن لهم ما حملت إبلهم‪ ,‬فكييانوا يخربييون‬
‫مييا فييي بيييوتهم ميين المنقييولت الييتي ل يمكيين أن تحمييل‬
‫معهم‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬يخربون بيييوتهم بأيييديهم وأيييدي‬
‫المؤمنين فاعتبروا يا أولي البصار{ أي تفكروا في عاقبيية‬
‫من خالف أمر الله وخالف رسوله وكذب كتابه كييف يحيل‬
‫به من بأسه المخزي له في الدنيا مييع مييا يييدخره لييه فييي‬
‫ا َ‬
‫لخييييييييييييرة ميييييييييييين العييييييييييييذاب الليييييييييييييم‪.‬‬
‫قال أبو داود‪ :‬حدثنا محمييد بيين داود سييفيان‪ ,‬حييدثنا عبييد‬
‫الرزاق‪ ,‬أخبرنا معمر عين الزهيري عين عبيد الرحمين بيين‬
‫كعب بن مالك‪ ,‬عن رجييل ميين أصييحاب النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم أن كفار قريش كتبوا إلى ابن أبييي وميين كييان‬
‫معه يعبد الوثان من الوس‪ ,‬والخزرج‪ ,‬ورسول الله صييلى‬
‫الله عليه وسلم يومئذ بالمدينة قبل وقعة بدر‪ :‬إنكم آويتييم‬
‫صاحبنا وإنا نقسم بالله لنقيياتلنه أو لنخرجنكييم أو لنسيييرن‬
‫إليكم بأجمعنا حتى نقتل مقاتلتكم ونسييبي نسيياءكم‪ ,‬فلمييا‬
‫بلغ ذلك عبد الله بن أبي ومن كان معه من عبييدة الوثييان‬
‫أجمعوا لقتال النبي صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فلمييا بلييغ ذلييك‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم لقيهم فقال‪» :‬لقييد بلييغ وعيييد‬
‫قريش منكم المبالغ ما كانت تكيييدكم بييأكثر ممييا تريييد أن‬
‫تكيدوا به أنفسكم يريدون أن يقيياتلوا أبنيياءكم وإخييوانكم«‬
‫فلما سمعوا ذلك من النبي تفرقوا‪ ,‬فبلغ ذلك كفار قريييش‬
‫فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلييى اليهييود‪ :‬إنكييم أهييل‬
‫الحلقة والحصون وإنكم لتقاتلن مع صاحبنا أو لنفعلن كييذا‬
‫وكييذا‪ ,‬ول يحييول بيننييا وبييين خييدم نسييائكم شيييء وهييو‬

‫‪622‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الخلخل‪ ,‬فلما بلييغ كتييابهم النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫أيقنت بنو النضير بالغدر‪ ,‬فأرسييلوا إلييى النييبي صييلى اللييه‬
‫عليييه وسييلم‪ :‬اخييرج إلينييا فييي ثلثييين رجل ً ميين أصييحابك‬
‫وليخييرج منييا ثلثييون حييبرا ً حييتى نلتقييي بمكييان النصييف‪,‬‬
‫وليسييمعوا منييك فييإن صييدقوك وآمنييوا بييك آمنييا بييك‪.‬‬
‫فلما كان الغد غدا عليهييم رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسييلم بالكتييائب فحصييرهم فقييال لهييم‪» :‬إنكييم واللييه ل‬
‫تؤمنون عندي إل بعهييد تعاهييدونني عليييه فييأبوا أن يعطييوه‬
‫عهدا ً فقاتلهم يييومهم ذلييك‪ ,‬ثييم غييدا ميين الغييد علييى بنييي‬
‫قريظيية بالكتييائب وتييرك بنييي النضييير ودعيياهم إلييى أن‬
‫يعاهدوه فعاهدوه‪ ,‬فانصرف عنهم وغييدا إلييى بنييي النضييير‬
‫بالكتييائب فقيياتلهم حييتى نزلييوا علييى الجلء‪ ,‬فجلييت بنييو‬
‫النضير واحتملوا ما أقلت البل من أمتعتهم وأبواب بيوتهم‬
‫وخشبها‪ ,‬وكان نخل بني النضييير لرسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم خاصة أعطاه الله إياها وخصه بها فقال تعالى‪:‬‬
‫}وما أفاء الله على رسوله منهييم فمييا أوجفتييم عليييه ميين‬
‫خيل ول ركاب{ يقول بغير قتال‪ ,‬فأعطى النبي صلى اللييه‬
‫عليه وسلم أكثرها للمهاجرين قسييمها بينهييم وقسييم منهييا‬
‫لرجلييين ميين النصييار‪ ,‬وكانييا ذوي حاجيية ولييم يقسييم ميين‬
‫النصار غيرهما‪ ,‬وبقي منها صدقة رسول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم التي في أيييدي بنييي فاطميية‪ ,‬ولنييذكر ملخييص‬
‫غزوة بني النضير علييى وجيه الختصيار وبيالله المسييتعان‪.‬‬
‫وكان سبب ذلك فيما ذكره أصحاب المغازي والسير أنييه‬
‫لما قتل أصحاب بئر معونة من أصحاب رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم وكانوا سبعين وأفلت منهم عمرو بن أمية‬
‫الضمري‪ ,‬فلما كان في أثناء الطريييق راجعيا ً إلييى المدينيية‬
‫قتل رجلين من بني عامر‪ ,‬وكان معهمييا عهييد ميين رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم وأمان لم يعلم به عمييرو‪ ,‬فلمييا‬
‫رجع أخبر رسييول الليه صيلى الليه عليييه وسييلم فقييال ليه‬
‫رسول الله صيلى الليه علييه وسيلم‪» :‬لقييد قتليت رجليين‬
‫لدينهما« وكان بين بني النضير وبنييي عييامر حلييف وعهييد‪,‬‬
‫فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلييى بنييي النضييير‬

‫‪623‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليسييتعينهم فييي دييية ذينييك الرجلييين‪ ,‬وكييانت منييازل بنييي‬
‫النضيييير ظييياهر المدينييية عليييى أمييييال منهيييا شيييرقيها‪.‬‬
‫وقال محمد بن إسحاق بن يسار في كتييابه السيييرة‪ :‬ثييم‬
‫خرج رسول الله صلى الله عليه وسييلم إلييى بنييي النضييير‬
‫يستعينهم فييي دييية ذينييك القييتيلين ميين بنييي عييامر الييذين‬
‫قتلهما عمرو بن أمية الضمري للجييوار الييذي كييان رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم عقد لهما فيما حدثني يزيييد بيين‬
‫رومان‪ ,‬وكان بين بني النضير وبني عامر عقد وحلف‪ ,‬فلما‬
‫أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دييية‬
‫ذينك القتيلين قييالوا‪ :‬نعييم يييا أبييا القاسييم نعينييك علييى مييا‬
‫أحببت مما استعنت بنا عليه‪ ,‬ثم خل بعضهم ببعض فقالوا‪:‬‬
‫إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه ي ورسييول اللييه‬
‫صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى جنب جدار من‬
‫بيوتهم يي فمين رجيل يعليو عليى هيذا اليبيت فيلقيي علييه‬
‫صخرة فيريحنا منه ؟ فانتدب لذلك عمييرو بيين جحييش بيين‬
‫كعب أحدهم فقال أنا لذلك فصعد ليلقي عليه صخرة كمييا‬
‫قال ورسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسيلم فييي نفيير ميين‬
‫أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعلي رضي اللييه عنهييم فييأتى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم الخييبر ميين السييماء بمييا‬
‫أراد القييييوم فقييييام وخييييرج راجعييييا ً إلييييى المدينيييية‪.‬‬
‫فلما استلبث النبي صلى الله عليه وسلم أصيحابه قياموا‬
‫فييي طلبييه فلقييوا رجل ً مقبل ً ميين المدينيية‪ ,‬فسييألوه عنييه‪,‬‬
‫فقال رأيته داخل ً المدينة‪ ,‬فأقبل أصحاب رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم حتى انتهوا إليه‪ ,‬فأخبرهم الخبر بما كييانت‬
‫يهود أرادت من الغدر به‪ ,‬وأمر رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم بالتهيؤ لحربهم والمسير إليهم‪ ,‬ثييم سييار حييتى نييزل‬
‫بهم فتحصنوا منه في الحصييون‪ ,‬فيأمر رسيول الليه صيلى‬
‫الله عليه وسلم بقطع النخل والتحريق فيها‪ ,‬فنادوه أن يييا‬
‫محمد قد كنت تنهى عن الفسيياد فييي الرض وتعيبييه علييى‬
‫من يصنعه‪ ,‬فما بال قطع النخل وتحريقها ؟ وقد كان رهط‬
‫من بني عوف بيين الخييزرج منهييم عبييد اللييه بيين أبييي ابيين‬
‫سلول ووديعة ومالك بن أبييي قوقييل وسييويد وداعييس قييد‬

‫‪624‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بعثوا إلى بني النضير أن اثبتوا وتمنعوا‪ ,‬فإنييا ليين نسييلمكم‬
‫إن قييوتلتم قاتلنييا معكييم‪ ,‬وإن خرجتييم خرجنييا معكييم‪,‬‬
‫فتربصوا ذلك ميين نصييرهم فلييم يفعلييوا فقييذف اللييه فييي‬
‫قلوبهم الرعب‪ ,‬فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسييلم‬
‫أن يجليهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت البييل‬
‫من أموالهم إل الحلقة ففعييل‪ ,‬فيياحتملوا ميين أمييوالهم مييا‬
‫استقلت به البل‪ ,‬فكان الرجل منهم يهدم بيته عن إيجاف‬
‫بابه فيضعه على ظهيير بعيييره فينطلييق بييه‪ ,‬فخرجييوا إلييى‬
‫خيبر ومنهم من سار إلييى الشيام وخلييوا المييوال لرسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فكانت لرسول الله صلى اللييه‬
‫عليييه وسييلم خاصيية يضييعها حيييث يشيياء‪ ,‬فقسييمها علييى‬
‫المهاجرين الولين دون النصييار إل سييهل بيين حنيييف وأبييا‬
‫دجانة ي سماك بن خرشة ي ذكييرا فقييرا ً فأعطاهمييا رسييول‬
‫الله صييلى الليه عليييه وسييلم‪ ,‬قييال‪ :‬ولييم يسييلم ميين بنييي‬
‫النضير إل رجلن‪ :‬يامين بن عمرو بن كعب عم عمييرو بيين‬
‫جحاش وأبو سعد بن وهب أسلما على أموالهما فأحرزاها‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وقد حدثني بعض آل يييامين أن رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قال ليامين‪» :‬ألم تيَر مييا لقيييت‬
‫من ابن عمك وما هييم بييه ميين شييأني« فجعييل يييامين بيين‬
‫عمرو لرجل جعل ً على أن يقتل عمييرو بيين جحيياش فقتلييه‬
‫فيما يزعمون‪ .‬قال ابيين إسييحاق‪ :‬ونييزل فييي بنييي النضييير‬
‫سورة الحشر بأسرها وهكذا روى يونس بن بكير عن ابيين‬
‫إسحاق بنحو مييا تقييدم‪ ,‬فقييوله تعييالى‪} :‬هييو الييذي أخييرج‬
‫الذين كفروا مين أهيل الكتياب{ يعنيي بنيي النضيير }مين‬
‫ديارهم لول الحشيير{‪ .‬قييال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييي‪,‬‬
‫حدثنا ابيين أبييي عميير‪ ,‬حييدثنا سييفيان عيين أبييي سييعد عيين‬
‫عكرميية عيين ابيين عبيياس قييال‪ :‬ميين شييك فييي أن أرض‬
‫المحشر ههنا يعنييي الشييام فليقييرأ هييذه ا َ‬
‫لييية }هييو الييذي‬
‫أخييرج الييذين كفييروا ميين أهييل الكتيياب ميين ديييارهم لول‬
‫الحشيير{ قييال لهييم رسييول الليه صيلى الليه علييه وسييلم‬
‫»اخرجوا« قالوا‪ :‬إلى أييين ؟ قييال‪» :‬إلييى أرض المحشيير«‬
‫وحدثنا أبو سعيد الشج‪ ,‬حدثنا أبو أسييامة عيين عييوف عيين‬

‫‪625‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الحسن قال‪ :‬لما أجلى رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‬
‫بني النضير قال‪» :‬هذا أول الحشر وأنا عليى الثيير« ورواه‬
‫ابن جرير عن بنييدار عيين ابيين أبييي عييدي عيين عييوف عيين‬
‫الحسيييييييييييييييييييييييييييييييين بييييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬مييا ظننتييم أن يخرجييوا{ أي فييي مييدة‬
‫حصاركم لهم وقصرها وكانت ستة أيام مع شدة حصييونهم‬
‫ومنعتها‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬وظنوا أنهم مانعتهم حصييونهم‬
‫من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا{ أي جاءهم من‬
‫أمر الله ما لم يكن لهم في بال كما قال تعييالى فييي ا َ‬
‫لييية‬
‫الخرى‪} :‬قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيييانهم ميين‬
‫القواعد فخر عليهم السييقف ميين فييوقهم وأتيياهم العييذاب‬
‫ميييييييييييييييين حيييييييييييييييييث ل يشييييييييييييييييعرون{‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وقذف في قلييوبهم الرعييب{ أي الخييوف‬
‫والهلع والجزع وكيييف ل يحصييل لهييم ذلييك وقييد حاصييرهم‬
‫الذي نصيير بييالرعب مسيييرة شييهر صييلوات اللييه وسييلمه‬
‫عليه‪ .‬وقوله‪} :‬يخربون بيوتهم بأيييديهم وأيييدي المييؤمنين{‬
‫قييد تقييدم تفسييير ابيين إسييحاق لييذلك‪ ,‬وهييو نقييض مييا‬
‫استحسنوه ميين سييقوفهم وأبييوابهم وتحملهييا علييى البييل‪,‬‬
‫وكذلك قال عروة بيين الزبييير وعبييد الرحميين بيين زيييد بيين‬
‫أسلم وغير واحد‪ ,‬وقال مقاتل بن حيان كييان رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقاتلهم فإذا ظهيير علييى درب أو دار‬
‫هدم حيطانها ليتسع المكان للقتال‪ ,‬وكان اليهييود إذا علييوا‬
‫مكانييا ً أو غلبييوا علييى درب أو دار نقبييوا ميين أدبارهييا ثييم‬
‫حصنوها ودربوها‪ ,‬يقييول اللييه تعييالى‪} :‬فيياعتبروا يييا أولييي‬
‫البصار{‪ .‬وقوله‪} :‬ولول أن كتب الله عليهم الجلء لعذبهم‬
‫في الدنيا{ أي ليول أن كتيب الليه عليهيم هيذا الجلء وهيو‬
‫النفي من ديارهم وأموالهم لكان لهم عند الله عذاب آخيير‬
‫من القتل والسبي ونحييو ذلييك‪ ,‬قيياله الزهييري عيين عييروة‬
‫والسدي وابن زيد لن الله قد كتييب عليهييم أنييه سيييعذبهم‬
‫لخيرة مين‬ ‫في اليدار اليدنيا ميع ميا أعيد لهيم فيي اليدار ا َ‬
‫العيييييييييييييذاب فيييييييييييييي نيييييييييييييار جهنيييييييييييييم‪.‬‬

‫‪626‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا عبد اللييه بيين صييالح‬
‫كاتب الليث‪ ,‬حدثني الليث عن عقيل عن ابن شهاب قييال‪:‬‬
‫أخبرني عروة بن الزبير قال‪ :‬ثم كانت وقعة بنييي النضييير‪,‬‬
‫وهم طائفة من اليهود علييى رأس سييتة أشييهر ميين وقعيية‬
‫بدر‪ ,‬وكان منزلهم بناحية ميين المدينيية فحاصييرهم رسييول‬
‫الله صلى الله عليييه وسييلم حييتى نزلييوا علييى الجلء‪ ,‬وأن‬
‫لهم ما أقلت البل من المييوال والمتعيية إل الحلقيية وهييي‬
‫السلح‪ ,‬فأجلهم رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم قبييل‬
‫الشام‪ ,‬قال‪ :‬والجلء كتب عليهم في آي من التوراة وكانوا‬
‫من سبط لم يصبهم الجلء قبييل مييا سييلط عليهييم رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله فيهم }سبح للييه مييا‬
‫فييي السييموات ومييا فييي الرض ي ي إلييى قييوله ي ي وليخييزي‬
‫الفاسقين{ وقال عكرمة‪ :‬الجلء القتييل‪ ,‬وفييي رواييية عنييه‬
‫الفناء‪ ,‬وقييال قتييادة‪ :‬الجلء خييروج النيياس ميين البلييد إلييى‬
‫البلد‪ .‬وقال الضحاك‪ :‬أجلهم إلى الشام وأعطى كل ثلثيية‬
‫بعييييييييييييييييرا ً وسيييييييييييييييقاء‪ ,‬فهيييييييييييييييذا الجلء‪.‬‬
‫وقد قال الحافظ أبو بكر الييبيهقي‪ :‬أخبرنييا أبييو عبييد اللييه‬
‫الحافظ‪ ,‬أخبرنا أحمد بن كامل القاضي‪ ,‬حييدثنا محمييد بيين‬
‫سعيد العوفي حدثني أبي عن عمي‪ ,‬حدثنا أبي عيين جييدي‬
‫عن ابن عباس‪ ,‬قال‪ :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم قييد‬
‫حاصرهم حتى بلغ منهم كل مبلغ‪ ,‬فييأعطوه مييا أراد منهييم‬
‫فصالحهم على أن يحقن لهييم دميياءهم وأن يخرجهييم ميين‬
‫أرضهم ومن ديارهم وأوطانهم‪ ,‬وأن يسيرهم إلى أذرعييات‬
‫الشييام‪ ,‬وجعييل لكييل ثلثيية منهييم بعيييرا ً وسييقاء‪ ,‬والجلء‬
‫إخراجهم ميين أرضييهم إلييى أرض أخييرى‪ .‬وروي أيضيا ً ميين‬
‫حديث يعقوب بن محمد الزهييري عيين إبراهيييم بيين جعفيير‬
‫عن محمود بن محمد بن مسلمة عن أبيه عيين جييده‪ ,‬عيين‬
‫محمد بن مسلمة أن رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫بعثه إلى بني النضييير وأمييره أن يييؤجلهم فييي الجلء ثلثيية‬
‫أييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييام‪.‬‬
‫لخييرة عييذاب النييار{ أي حتييم‬ ‫وقوله تعالى‪} :‬ولهم في ا َ‬
‫لزم ل بد لهم منه‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬ذلك بأنهم شيياقوا اللييه‬

‫‪627‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ورسوله{ أي إنما فعل الله بهم ذلك وسلط عليهم رسوله‬
‫وعباده المؤمنين‪ ,‬لنهم خالفوا اللييه ورسييوله وكييذبوا بمييا‬
‫أنزل الله على رسله المتقدمين في البشارة بمحمد صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ,‬وهم يعرفون ذلك كما يعرفييون أبنيياءهم‪.‬‬
‫ثم قال‪} :‬ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب{‪ .‬وقوله‬
‫تعييالى‪} :‬مييا قطعتييم ميين لينيية أو تركتموهييا قائميية علييى‬
‫أصولها فبييإذن اللييه وليخييزي الفاسييقين{ اللييين نييوع ميين‬
‫التمر وهيو جييد قيال أبيو عبييدة‪ :‬وهيو ميا خيالف العجييوة‬
‫والبرني من التمر‪ ,‬وقييال كييثيرون ميين المفسييرين‪ :‬اللينيية‬
‫ألوان التمر سوى العجوة‪ .‬قال ابن جرير‪ :‬هو جميع النخييل‬
‫ونقله عن مجاهد وهو البويرة أيضًا‪ ,‬وذلك أن رسييول اللييه‬
‫صلى الله علييه وسييلم لميا حاصييرهم أمير بقطييع نخيلهيم‬
‫إهانيية لهييم وإرهاب يا ً وإرعاب يا ً لقلييوبهم‪ ,‬فييروى محمييد بيين‬
‫إسحاق عن يزيد بن رومان وقتادة ومقاتل بن حيييان أنهييم‬
‫قالوا‪ :‬فبعث بنو النضير يقولييون لرسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم إنك تنهى عيين الفسيياد فمييا بالييك تييأمر بقطييع‬
‫لية الكريمة أي ما قطعتم من‬ ‫الشجار ؟ فأنزل الله هذه ا َ‬
‫لينة وما تركتم من الشجار فالجميع بإذنه ومشيئته وقدره‬
‫ورضاه وفيه نكاييية بالعييدو وخييزي لهييم‪ ,‬وإرغييام لنييوفهم‪.‬‬
‫وقييال مجاهييد‪ :‬نهييى بعييض المهيياجرين بعضيا ً عيين قطييع‬
‫النخل‪ ,‬وقالوا‪ :‬إنما هي مغييانم المسييلمين‪ ,‬فنييزل القييرآن‬
‫بتصديق من نهى عن قطعه وتحليل من قطعه ميين الثييم‪,‬‬
‫وإنما قطعه وتركه بإذنه‪ ,‬وقد روي نحو هذا مرفوعًا‪ ,‬فقال‬
‫النسائي‪ :‬أخبرنا الحسن بن محمد عن عفان‪ ,‬حدثنا حفص‬
‫بن غياث‪ ,‬حدثنا حبيب بن أبي عمرة عيين سييعيد بيين جييبير‬
‫عن ابن عباس في قوله‪} :‬ما قطعتم من لينة أو تركتموها‬
‫قائمة على أصولها فبإذن الله وليخييزي الفاسييقين{ قييال‪:‬‬
‫يستنزلونهم من حصونهم وأمروا بقطع النخييل فحيياك فييي‬
‫صدورهم‪ ,‬فقييال المسييلمون‪ :‬قطعنييا بعض يا ً وتركنييا بعض يا ً‬
‫فلنسألن رسول الله صلى الله عليه وسييلم هييل لنييا فيمييا‬
‫قطعنا من أجر ؟ وهل علينا فيما تركنييا ميين وزر ؟ فييأنزل‬
‫الله }ما قطعتم من لينيية{ وقييال الحييافظ أبييو يعلييى فييي‬

‫‪628‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مسنده‪ :‬حدثنا سفيان بن وكيع‪ ,‬حدثنا حفص عن ابن جريج‬
‫عن سليمان بن موسى عيين جييابر وعيين أبييي الزبييير عيين‬
‫جابر‪ ,‬قال‪ :‬رخص لهم في قطييع النخييل ثييم شييدد عليهييم‪,‬‬
‫فأتوا النبي صلى الله عليييه وسييلم فقييالوا يييا رسييول اللييه‬
‫علينا إثم فيما قطعنا أو علينا وزر فيما تركنييا‪ ,‬فييأنزل اللييه‬
‫عز وجل }ما قطعتييم ميين لينيية أو تركتموهييا قائميية علييى‬
‫أصييييييييييييييييييولها فبييييييييييييييييييإذن اللييييييييييييييييييه{‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬حدثنا سفيان عيين‬
‫موسى بن عقبة عن نافع عيين ابين عميير‪ ,‬أن رسييول الليه‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم قطييع نخييل بنييي النضييير وحييرق‪,‬‬
‫وأخرجه صاحبا الصحيح من رواية موسى بن عقبة بنحييوه‪,‬‬
‫ولفظ البخاري من طريق عبد الرزاق عن ابين جرييج عين‬
‫موسى بن عقبة عيين نييافع عيين ابيين عميير‪ ,‬قييال‪ :‬حيياربت‬
‫النضير وقريظيية فييأجلى بنييي النضييير وأقيير قريظيية وميين‬
‫عليهييم حييتى حييارب قريظيية‪ ,‬فقتييل ميين رجييالهم وسييبى‬
‫وقسييم نسيياءهم وأولدهييم وأمييوالهم بييين المسييلمين إل‬
‫بعضييهم لحقييوا بييالنبي صييلى اللييه عليييه وسييلم فييأمنهم‬
‫وأسلموا وأجلى يهود المدينة كلهم بني قينقاع‪ ,‬وهم رهييط‬
‫عبد الله بن سلم ويهود بنييي حارثيية وكييل يهييود بالمدينيية‪,‬‬
‫ولهما أيضا ً عن قتيبة عن الليث بن سعد عن نافع عن ابيين‬
‫عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرق نخل بنييي‬
‫النضير‪ ,‬وقطع وهي البويرة‪ ,‬فأنزل الله عز وجل فيه }مييا‬
‫قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله‬
‫وليخييييييييييييييييييييييييييزي الفاسييييييييييييييييييييييييييقين{‪.‬‬
‫وللبخاري رحمه الله من رواييية جويرييية بيين أسييماء عيين‬
‫نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم حرق نخل بني النضير‪ ,‬ولها يقول حسييان‬
‫بيييييييييين ثييييييييييابت رضييييييييييي اللييييييييييه عنييييييييييه‪:‬‬
‫وهييان علييى سييراة بنييي لؤيحريييق بييالبويرة مسييتطير‬

‫فأجيييييابه أبيييييو سيييييفيان بييييين الحيييييارث يقيييييول‪:‬‬

‫‪629‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أدام الله ذلك من صنيعوحرق في نواحيهييا السعيرسييتعلم‬
‫أينيييييييا منهيييييييا بنزهيييييييوتعلم أي أرضيييييييينا نضيييييييير‬
‫وكذا رواه البخاري ولم يذكره ابن إسحاق‪ ,‬وقييال محمييد‬
‫بن إسحاق وقال كعب بيين مالييك يييذكر إجلء بنييي النضييير‬
‫وقتييييييييييييييييييل ابيييييييييييييييييين الشييييييييييييييييييرف‪:‬‬
‫لقيييد خزييييت بغيييدرتها الحبوركيييذاك اليييدهر ذو صيييرف‬
‫يدوروذلك أنهم كفروا بربعظيم أمييره أميير كبيروقييد أوتييوا‬
‫معا ً فهما ً وعلمًاوجاءهمو ميين اللييه النذيرنييذير صييادق أدى‬
‫كتابًاوآيات مبينة تنيرفقالوا ما أتيت بأمر صدقوأنت بمنكيير‬
‫منييا جييديرفقال بلييى لقييد أديييت حقًايصييدقني بييه الفهييم‬
‫الخييبيرفمن يتبعييه يهييد لكييل رشييدومن يكفيير بييه يجييز‬
‫الكفورفلمييا أشييربوا غييدرا ً وكفرًاوجييد بهييم عيين الحييق‬
‫النفييورأرى اللييه النييبي بييرأي صييدقوكان اللييه يحكييم ل‬
‫يجورفأيده وسلطه عليهموكيان نصييره نعيم النصييرفغودر‬
‫منهمو كعب صريعًافذلت بعد مصرعه النضيييرعلى الكفييين‬
‫لإلى‬‫ثم وقد علتهبأيدينا مشهرة ذكوربأمر محمد إذ دس لي ً‬
‫كعب أخا كعب يسيرفما كره فأنزله بمكرومحمود أخو ثقة‬
‫جسييورفتلك بنييو النضييير بييدار سييوءأبادهمو بمييا اجييترموا‬
‫المبير غداة أتاهمو في الزحف رهوا ً رسول الله وهييو بهييم‬
‫بصييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييير‬
‫وغسييان الحميياة مييوازروهعلى العييداء وهييو لهييم وزييير‬
‫فقال السيلم ويحكمييو فصيدواوخالف أمرهييم كييذب وزور‬
‫للكيييل ثلثييية منهيييم بعيييير‬ ‫فيييذاقوا غيييب أمرهميييو وبا ً‬
‫وأجليييوا عاميييدين لقينقييياعوغودر منهميييو نخيييل ودور‬
‫قال‪ :‬وكان مما قيل من الشعار فييي بنييي النضييير قييول‬
‫ابن القيم العبسي‪ ,‬ويقال‪ :‬قالها قيس بن بحر بن طريييف‪,‬‬
‫قيييييييييييال ابييييييييييين هشيييييييييييام الشيييييييييييجعي‪:‬‬
‫أهلييي فييداء لمييرى غييير هالكييأجلى اليهييود بالحسييى‬
‫المزنميقيلون في جمر العضاه وبدلواأهيضب عودا ً بالودي‬
‫المكممفإن يك ظني صييادقا ً بمحمييديروا خيلييه بييين الصييل‬
‫ويرمرميؤم بها عمرو بيين بهثيية إنهمعييدو ومييا حييي صييديق‬
‫كمجرمعليهيين أبطييال مسيياعير فييي الييوغىيهزون أطييراف‬

‫‪630‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الوشيج المقوموكل رقيق الشفرتين مهندتورث من أزمان‬
‫عاد وجرهمفمن مبلغ عني قريشا ً رسييالةفهل بعييدهم فييي‬
‫المجد من متكرمبأن أخاكم فاعلمن محمداتليد الندى بييين‬
‫الحجون وزمزمفدينوا له بالحق تحسم أموركموتسموا من‬
‫الدنيا إلى كل معظمنبي تلقته من اللييه رحمييةول تسييألوه‬
‫أمر غيييب مرجمفقييد كييان فييي بييدر لعمييري عييبرةلكم يييا‬
‫قريش والقليب الملممغداة أتى في الخزرجية عامدًاإليكم‬
‫مطيعيييا ً للعظييييم المكرممعانيييا ً بيييروح القيييدس ينكيييي‬
‫عدوهرسول ً من الرحميين حق يا ً بمعلمرسييول ً ميين الرحميين‬
‫يتلو كتابهفلما أنار الحق لم يتلعثمأرى أمره يزداد فيي كيل‬
‫موطنعلييييييييوا ً لميييييييير حمييييييييه اللييييييييه محكييييييييم‬
‫وقد أورد ابن إسحاق رحمه الله ههنا أشعارا ً كييثيرة فيهييا‬
‫آداب ومييواعظ وحكييم وتفاصيييل للقصيية‪ ,‬تركنييا باقيهييا‬
‫اختصارا ً واكتفاء بما ذكرناه‪ ,‬ولله الحمد والمنيية‪ .‬قييال ابيين‬
‫إسحاق‪ :‬كانت وقعة بني النضير بعييد وقعيية أحييد وبعييد بئر‬
‫معونة‪ ,‬وحكى البخاري عن الزهري عيين عييروة أنييه قييال‪:‬‬
‫كيييانت وقعييية بنيييي النضيييير بعيييد بيييدر بسيييتة أشيييهر‪.‬‬

‫َ‬ ‫مآ أ ََفآَء الل ّ ُ َ‬


‫ن‬ ‫مي ْ‬ ‫م عَل َي ْيهِ ِ‬ ‫جْفت ُي ْ‬ ‫مآ أوْ َ‬ ‫م فَ َ‬ ‫من ْهُ ْ‬‫سول ِهِ ِ‬ ‫ى َر ُ‬ ‫ه عَل َ‬ ‫** وَ َ‬
‫شييآُء‬ ‫ميين ي َ َ‬ ‫ى َ‬ ‫سيل َ ُ َ‬ ‫سيل ّ ُ‬ ‫ن الّلي َ‬ ‫ب وََلـك ِ ّ‬ ‫ل وَل َ رِ َ‬
‫ه عَلي َ‬ ‫ط ُر ُ‬
‫َ‬
‫ه يُ َ‬ ‫كا ٍ‬ ‫خي ْ ٍ‬‫َ‬
‫ن‬ ‫مي ْ‬‫سول ِهِ ِ‬ ‫ى َر ُ‬ ‫مآ أَفآءَ الل ّ ُ َ‬ ‫يٍء قَ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ى كُ ّ‬ ‫َوالل ّ ُ َ‬
‫ه عَل َ‬ ‫ديٌر * ّ‬ ‫ش ْ‬ ‫ه عَل َ‬
‫ى‬ ‫م َ‬ ‫ى َوال ْي ََتييا َ‬ ‫ذي الُقْرَبيي َ‬
‫ْ‬ ‫ل وَِليي ِ‬ ‫سييو ِ‬ ‫ل ال ُْقييَرىَ فَل ِّلييهِ وَِللّر ُ‬ ‫هيي ِ‬ ‫أَ ْ‬
‫ن الغْن ِي َييآءِ‬ ‫ة ب َي ْي َ‬‫دول َي ً‬ ‫ن ُ‬ ‫ي ل َ ي َك ُييو َ‬ ‫ل ك َي ْ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن َواب ْ ِ‬ ‫كي ِ‬
‫سا ِ‬ ‫م َ‬ ‫َوال ْ َ‬
‫ه فَييانت َُهوا ْ‬ ‫م عَن ْي ُ‬ ‫مييا ن َهَيياك ُ ْ‬ ‫ذوهُ وَ َ‬ ‫خي ُ‬‫ل فَ ُ‬ ‫سو ُ‬ ‫م الّر ُ‬ ‫مآ آَتاك ُ ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫ب‬‫ديد ُ ال ْعَِقيييييييا ِ‬ ‫شييييييي ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الّلييييييي َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫َوات ُّقيييييييوا ْ الّلييييييي َ‬
‫يقول تعالى مبينا ً ما الفيء وما صفته وما حكمه‪ ,‬فالفيء‬
‫كل مال أخذ من الكفار من غير قتال ول إيجيياف خيييل ول‬
‫ركيياب‪ ,‬كييأموال بنييي النضييير هييذه فإنهييا ممييا لييم يوجييف‬
‫المسلمون عليه بخيييل ول ركيياب‪ ,‬أي لييم يقيياتلوا العييداء‬
‫فيها بالمبارزة والمصاولة بل نزل أولئك من الرعب الييذي‬
‫ألقى الله في قلوبهم من هيبة رسول الله صلى الله عليه‬

‫‪631‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسلم‪ ,‬فأفاءه على رسوله‪ ,‬ولهذا تصرف فيييه كمييا يشيياء‬
‫فرده على المسلمين في وجوه البر والمصالح التي ذكرها‬
‫ليات فقال تعالى‪} :‬وما أفيياء اللييه‬ ‫الله عز وجل في هذه ا َ‬
‫على رسوله منهم{ أي من بني النضير }فما أوجفتم عليه‬
‫من خيل ول ركاب{ يعني البل }ولكن الله يسييلط رسييله‬
‫على من يشاء والله على كل شيء قدير{ أي هو قييدير ل‬
‫يغييييالب ول يمييييانع بييييل هييييو القيييياهر لكييييل شيييييء‪.‬‬
‫ثم قييال تعييالى‪} :‬مييا أفيياء اللييه علييى رسييوله ميين أهييل‬
‫القرى{ أي جميع البلدان التي تفتييح هكييذا فحكمهييا حكييم‬
‫أموال بنييي النضييير ولهييذا قييال تعييالى‪} :‬فللييه وللرسييول‬
‫ولذي القربييى واليتييامى والمسيياكين وابيين السييبيل{ إلييى‬
‫آخرها والتي بعدها فهذه مصارف أموال الفيييء ووجييوهه‪.‬‬
‫قال المام أحمييد‪ :‬حييدثنا سييفيان عيين عمييرو ومعميير عيين‬
‫الزهري عن مالك بن أوس بين الحييدثان عين عميير رضييي‬
‫الله عنه قال‪ :‬كانت أموال بني النضير مما أفاء اللييه علييى‬
‫رسوله مما لو يوجييف المسييلمون عليييه بخيييل ول ركيياب‪,‬‬
‫فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسييلم خالصيية‪ ,‬فكييان‬
‫ينفق على أهله منها نفقة سيينته‪ ,‬وقييال مييرة قييوت سيينته‬
‫وما بقي جعله فييي الكييراع والسييلح فييي سييبيل اللييه عييز‬
‫وجييل‪ ,‬هكييذا أخرجييه أحمييد ههنييا مختصييرًا‪ ,‬وقييد أخرجييه‬
‫الجماعة في كتبهم إل ابن ميياجه ميين حييديث سييفيان عيين‬
‫ل‪.‬‬‫عمييرو بيين دينييار عيين الزهييري بييه‪ ,‬وقييد روينيياه مطييو ً‬
‫وقال أبو داود رحمه الله‪ :‬حدثنا الحسن بن علي ومحمييد‬
‫بن يحيى بن فارس المعنى واحد قال‪ :‬حدثنا بشر بن عميير‬
‫الزهراني حدثني مالك بن أنس عن ابن شهاب عيين مالييك‬
‫ي عمر بن الخطاب رضي الله عنه‬ ‫بن أوس قال‪ :‬أرسل إل ّ‬
‫حين تعالى النهار فجئته فوجدته جالسا ً على سرير مفضيا ً‬
‫إلى رماله فقال حين دخلت عليه‪ :‬يا مالك إنه قد دف أهل‬
‫أبيات من قومك وقد أمييرت فيهييم بشيييء فاقسييم فيهييم‪,‬‬
‫قلت لو أمرت غيري بذلك فقال خذه‪ ,‬فجاءه يرفا فقال يا‬
‫أمير المؤمنين هل لك في عثمان بن عفان وعبد الرحميين‬

‫‪632‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن عوف والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقيياص ؟ قييال‪:‬‬
‫نعيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬
‫فأذن لهم فدخلوا ثم جاءه يرفا فقال‪ :‬يا أمييير المييؤمنين‬
‫هل لك في العباس وعلي ؟ قال‪ :‬نعم‪ ,‬فييأذن لهمييا فييدخل‬
‫فقال العباس‪ :‬يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا يعنييي‬
‫عليًا‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬أجييل يييا أمييير المييؤمنين اقييض بينهمييا‬
‫وأرحهما‪ ,‬قال مالك بن أوس‪ :‬خيل إلي أنهمييا قييدما أولئك‬
‫النفر لذلك‪ ,‬فقال عمر رضي الله عنه اتئدا ثم أقبييل علييى‬
‫أولئك الرهط فقال‪ :‬أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء‬
‫والرض هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسييلم‬
‫قال‪» :‬ل نورث ما تركنا صدقة« قالوا‪ :‬نعم‪ .‬ثم أقبل علييى‬
‫علييي والعبيياس فقييال‪ :‬أنشييدكما بييالله الييذي بييإذنه تقييوم‬
‫السماء والرض هل تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪» :‬ل نورث ما تركنا صدقة« فقال‪ :‬نعيم‪ .‬فقيال‪:‬‬
‫إن الله خص رسوله بخاصة لم يخص بها أحدا ً ميين النيياس‬
‫فقال تعالى‪} :‬وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم‬
‫عليه من خيل ول ركاب ولكن الله يسلط رسله علييى ميين‬
‫يشاء والله على كل شيء قيدير{ فكيان الليه تعيالى أفياء‬
‫على رسوله أموال بني النضير فوالله ما استأثر بها عليكم‬
‫ول أحرزها دونكم‪ ,‬فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫يأخذ منها نفقة سنة أو نفقته ونفقة أهله سنة‪ ,‬ويجعييل مييا‬
‫بقيييييييييييييييييييي أسيييييييييييييييييييوة الميييييييييييييييييييال‪.‬‬
‫ثم أقبل على أولئك الرهط فقييال‪ :‬أنشييدكم بييالله الييذي‬
‫بإذنه تقوم السماء والرض هل تعلمون ذلك ؟ قالوا‪ :‬نعييم‪.‬‬
‫ثم أقبل على علي والعبيياس فقييال‪ :‬أنشييدكم بييالله الييذي‬
‫بإذنه تقوم السماء والرض هل تعلمان ذلييك ؟ قييال‪ :‬نعييم‪.‬‬
‫فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر‪:‬‬
‫أنا ولي رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪ ,‬فجئت أنييت‬
‫وهذا إلييى أبييي بكيير تطلييب أنييت ميراثييك ميين ابيين أخيييك‬
‫ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها‪ ,‬فقال أبييو بكيير رضييي‬
‫الله عنييه‪ :‬قييال رسييول الليه صييلى الليه عليييه وسييلم‪» :‬ل‬
‫نورث ما تركنا صدقة« والله يعلييم إنييه لصييادق بييار راشييد‬

‫‪633‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تابع للحق فوليها أبو بكر‪ ,‬فلما توفي قلت أنا ولييي رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم وولي أبي بكر فوليتهييا مييا شياء‬
‫الله أن أليها‪ ,‬فجئت أنت وهذا وأنتما جميع وأمركمييا واحييد‬
‫فسألتمانيها‪ ,‬فقلت إن شئتما فأنا أدفعهييا إليكمييا علييى أن‬
‫عليكما عهد الله أن تلياها بالييذي كييان رسييول اللييه صييلى‬
‫اللييه عليييه وسييلم يليهييا‪ ,‬فأخييذتماها منييي علييى ذلييك ثييم‬
‫جئتماني لقضي بينكما بغييير ذلييك واللييه ل أقضييي بينكمييا‬
‫بغير ذلك حتى تقييوم السيياعة فييإن عجزتمييا عنهييا فرداهييا‬
‫إليييييي‪ ,‬أخرجيييييوه مييييين حيييييديث الزهيييييري بيييييه‪.‬‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا عارم وعفان قييال‪ :‬أخبرنييا معميير‬
‫سمعت أبي يقول‪ :‬حدثنا أنس بن مالييك عيين رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪ :‬إن الرجل كان يجعييل لييه ميين‬
‫ماله النخلت أو كما شاء اللييه حييتى فتحييت عليييه قريظيية‬
‫والنضير قال فجعل يرد بعد ذلك‪ ,‬قال وإن أهلييي أمرونييي‬
‫أن آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله الذي كان أهله‬
‫أعطوه أو بعضه‪ ,‬وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم قييد‬
‫أعطاه أم أيمن أو كما شاء الله قال‪ ,‬فسألت النبي صييلى‬
‫اللييه عليييه وسييلم فأعطييانيهن‪ ,‬فجيياءت أم أيميين فجعلييت‬
‫الثوب في عنقي وجعلت تقول كل والله الذي ل إله إل هو‬
‫ل يعطيكهن وقد أعطانيهن‪ ,‬أو كما قالت فقييال نييبي اللييه‪:‬‬
‫»لك كذا وكذا« قال وتقول كل والله قال ويقول »لك كييذا‬
‫وكذا« قال وتقول كل والله‪ ,‬قال‪» :‬ويقول لك كييذا وكييذا«‬
‫قال حتى أعطاها حسبت أنييه قييال عشييرة أمثيياله أو قييال‬
‫قريبا ً من عشرة أمثاله‪ ,‬أو كما قال رواه البخاري ومسييلم‬
‫من طرق عن معتمر به‪ ,‬وهييذه المصييارف المييذكورة فييي‬
‫لية هي المصارف المذكورة في خمس الغنيمة‪ ,‬وقد‬ ‫هذه ا َ‬
‫قدمنا الكلم عليها في سورة النفال بما أغنى عن إعييادته‬
‫ههنيييييييييييييييييييا ولليييييييييييييييييييه الحميييييييييييييييييييد‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬كيل يكون دوليية بييين الغنييياء منكييم{ أي‬
‫جعلنا هذه المصارف لمال الفيء كيل يبقييى مأكليية يتغلييب‬
‫لراء‪ ,‬ول‬‫عليها الغنياء ويتصرفون فيها بمحض الشهوات وا َ‬
‫يصرفون منه شيئا ً إلى الفقراء‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬وما آتيياكم‬

‫‪634‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فييانتهوا{ أي مهمييا أمركييم‬
‫به فافعلوه ومهما نهاكم عنه فاجتنبوه‪ ,‬فإنه إنما يأمر بخير‬
‫وإنما ينهى عن شر‪ .‬قال ابن أبيي حياتم‪ :‬حيدثنا يحييى بين‬
‫أبي طالب‪ ,‬حدثنا عبد الوهاب‪ ,‬حدثنا سعيد عن قتادة عيين‬
‫الحسن العوفي عن يحيى بن الجييزار عيين مسييروق قييال‪:‬‬
‫جاءت امرأة إلى ابن مسعود قالت‪ :‬بلغني أنك تنهييى عيين‬
‫الواشمة والواصلة‪ ,‬أشيء وجدته في كتاب اللييه تعييالى أو‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قييال‪ :‬بلييى شيييء‬
‫وجدته في كتاب الله وعيين رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪ .‬قالت‪ :‬والله لقد تصفحت ما بييين دفييتي المصييحف‬
‫فما وجدت فيه الذي تقول‪ .‬قييال‪ :‬فمييا وجييدت فيييه }ومييا‬
‫آتاكم الرسول فخذوه ومييا نهيياكم عنييه فييانتهوا{ ؟ قييالت‪:‬‬
‫بلى‪ .‬قال‪ :‬فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫ينهى عن الواصلة والواشمة والنامصة‪ ,‬قييالت‪ :‬فلعليه فييي‬
‫بعض أهلك‪ ,‬قال فييادخلي فييانظري‪ ,‬فييدخلت فنظييرت ثييم‬
‫خرجت قالت‪ :‬ما رأيت بأسًا‪ ,‬فقال لها‪ :‬أما حفظت وصييية‬
‫العبد الصالح }وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهيياكم عنييه{‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬حدثنا سفيان عيين‬
‫منصور عن علقمة عن عبد الله هو ابن مسعود قال‪ :‬لعيين‬
‫الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصييات والمتفلجييات‬
‫للحسن‪ ,‬المغيرات خلق الله عز وجل‪ ,‬قال فبلغ امرأة من‬
‫بني أسييد فييي الييبيت يقييال لهييا أم يعقييوب‪ ,‬فجيياءت إليييه‬
‫فقالت بلغني أنك قلت كيت وكيت‪ ,‬قال ما لي ل ألعن من‬
‫لعن رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم وفييي كتيياب اللييه‬
‫تعالى‪ ,‬فقالت إني لقرأ ما بين لوحيه فما وجدته‪,‬فقال إن‬
‫كنت قرأت ِهِ فقييد وجييدت ِهِ أمييا قييرأت }ومييا آتيياكم الرسييول‬
‫فخذوه وما نهيياكم عنييه فييانتهوا{ قييالت‪ :‬بلييى‪ .‬قييال‪ :‬فييإن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسييلم نهييى عنييه‪ .‬قييالت‪ :‬إنييي‬
‫لظن أهلك يفعلونه‪ ,‬قال‪ :‬اذهبي فانظري فذهبت فلييم تيير‬
‫من حاجتها شيئًا‪ ,‬فجاءت فقالت‪ :‬ما رأيت شييئًا‪ ,‬قييال‪ :‬لييو‬
‫كان كذا لما تجامعنا‪ .‬أخرجاه فييي الصييحيحين ميين حييديث‬
‫سفيان الثوري‪ ,‬وقد ثبييت فييي الصييحيحين أيضيا ً عيين أبييي‬

‫‪635‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هريرة أن رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم قييال‪» :‬إذا‬
‫أمرتكم بأمر فييائتوا منييه مييا اسييتطعتم‪ ,‬ومييا نهيتكييم عنييه‬
‫فاجتنبوه« وقال النسائي‪ :‬أخبرنييا أحمييد بيين سييعيد‪ ,‬حييدثنا‬
‫يزيد‪ ,‬حدثنا منصور بن حيان عن سعيد بن جبير«‪ ,‬عن ابن‬
‫عمرو ابن عباس أنهما شهدا على رسول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم أنه نهى عن الدباء والحنتم والنقير والمزفييت‪,‬‬
‫ثييم تل رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم }ومييا آتيياكم‬
‫الرسول فخذوه ومييا نهيياكم عنييه فييانتهوا{ وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}واتقوا الله إن الله شديد العقاب{ أي اتقوه فييي امتثييال‬
‫أوامييره وتييرك زواجييره فييإنه شييديد العقيياب لميين عصيياه‬
‫وخييالف أمييره وأبيياه وارتكييب مييا عنييه زجييره ونهيياه‪.‬‬

‫َ‬ ‫ن أُ ْ‬
‫م‬ ‫وال ِهِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫م وَأ ْ‬ ‫من دَِيارِهِ ْ‬ ‫جوا ْ ِ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ري َ‬‫ج ِ‬‫مَها ِ‬ ‫** ل ِل ُْفَقَرآِء ال ْ ُ‬
‫ه‬‫سييول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ن الل ّي َ‬ ‫ص يُرو َ‬ ‫وانا ً وََين ُ‬ ‫ضي َ‬ ‫ن الل ّيهِ وَرِ ْ‬ ‫مي َ‬ ‫ضل ً ّ‬ ‫ن فَ ْ‬ ‫ي َب ْت َُغو َ‬
‫ميين‬ ‫ن ِ‬ ‫مييا َ‬ ‫لي َ‬ ‫داَر َوا ِ‬ ‫ن ت َب َوُّءوا ال ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * َوال ّ ِ‬ ‫صادُِقو َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫أ ُوَْلـئ ِ َ‬
‫م‬ ‫دورِهِ ْ‬ ‫صي ُ‬ ‫ن فِييي ُ‬ ‫دو َ‬‫جي ُ‬ ‫م وَل َ ي َ ِ‬ ‫جَر إ ِل َي ْهِي ْ‬ ‫ن هَييا َ‬ ‫مي ْ‬ ‫ن َ‬ ‫حّبو َ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫قَب ْل ِهِ ْ‬
‫َ‬ ‫مييآ ُأوت ُييوا ْ وَي ُيؤْث ُِرو َ َ‬
‫م‬ ‫ن ب ِهِي ْ‬ ‫م وَل َيوْ ك َييا َ‬ ‫س يه ِ ْ‬
‫ى أنُف ِ‬ ‫ن عَلي َُ‬ ‫م ّ‬ ‫ة ّ‬ ‫جي ً‬ ‫حا َ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫حييو َ‬ ‫مْفل ِ ُ‬ ‫م ال ْ ُ‬‫ك هُ ي ُ‬ ‫س يهِ فَأوَْلـ يئ ِ َ‬ ‫ح ن َْف ِ‬ ‫شي ّ‬ ‫من ُيوقَ ُ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫ص ٌ‬
‫صا َ‬ ‫خ َ‬ ‫َ‬
‫وان ِن َييا‬ ‫خ َ‬ ‫ن َرب ّن َييا اغِْفيْر ل َن َييا وَل ِ ْ‬ ‫م ي َُقول ُييو َ‬ ‫من ب َعْدِهِ ْ‬ ‫جآُءوا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫َوال ّ ِ‬
‫مُنوا ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ِفي قُُلوب َِنا ِغل ّ ل ّل ّ ِ‬ ‫جع َ ْ‬ ‫ن وَل َ ت َ ْ‬ ‫ما ِ‬‫لي َ‬‫سب َُقوَنا ِبا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫م‬‫حيييييييييييييييييي ٌ‬ ‫ف ّر ِ‬ ‫ك َرُءو ٌ‬ ‫َرب َّنيييييييييييييييييآ إ ِّنييييييييييييييييي َ‬
‫يقول تعالى مبينا ً حال الفقراء المستحقين لمال الفيييء‬
‫أنهم }الذين أخرجوا من ديييارهم وأمييوالهم يبتغييون فضيل ً‬
‫من الله ورضوانًا{ أي خرجوا من ديارهم وخييالفوا قييومهم‬
‫ابتغيياء مرضيياة اللييه ورضييوانه }وينصييرون اللييه ورسييوله‬
‫أولئك هييم الصييادقون{ أي هييؤلء الييذين صييدقوا قييولهم‬
‫بفعلهييم وهييؤلء هييم سييادات المهيياجرين‪ .‬ثييم قييال تعييالى‬
‫مادحا ً للنصييار ومبينيا ً فضييلهم وشييرفهم وكرمهييم‪ ,‬وعييدم‬
‫حسدهم وإيثارهم مع الحاجة فقال تعالى‪} :‬والذين تبييوءوا‬
‫الدار واليمان من قبلهم{ أي سكنوا دار الهجرة مين قبيل‬
‫المهياجرين وآمنيوا قبيل كيثير منهيم‪ .‬قيال عمير‪ :‬وأوصيي‬

‫‪636‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الخليفة بعدي بالمهيياجرين الولييين أن يعييرف لهييم حقهييم‬
‫ويحفظ لهم كرامتهم‪ ,‬وأوصيه بالنصار خيرا ً الييذين تبييوءوا‬
‫الدار واليمان من قبل‪ ,‬أن يقبل ميين محسيينهم وأن يعفييو‬
‫عيييييين مسيييييييئهم رواه البخيييييياري ههنييييييا أيضييييييًا‪.‬‬
‫قوله تعالى‪} :‬يحبون من هيياجر إليهييم{ أي ميين كرمهييم‬
‫وشرف أنفسهم يحبييون المهيياجرين ويواسييونهم بييأموالهم‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا يزيد حدثنا حميييد عيين أنييس قييال‪:‬‬
‫قال المهاجرون يا رسول اللييه مييا رأينييا مثييل قييوم قييدمنا‬
‫عليهم أحسن مواساة في قليل ول أحسن بيذل ً فيي كيثير‪,‬‬
‫لقد كفونا المؤنة وأشركونا في المهنأ حتى لقد خشييينا أن‬
‫يذهبوا بالجر كله‪ .‬قال »ل ما أثنيتييم عليهييم ودعييوتم اللييه‬
‫لهييييم« لييييم أره فييييي الكتييييب ميييين هييييذا الييييوجه‪.‬‬
‫وقال البخاري‪ :‬حدثنا عبد اللييه بيين محمييد حييدثنا سييفيان‬
‫عن يحيى بن سعيد سمع أنس بن مالييك حييين خييرج معييه‬
‫إلى الوليد قال دعا النبي صلى الله عليه وسلم النصار أن‬
‫يقطييع لهييم البحرييين‪ .‬قييالوا ل إل أن تقطييع لخواننييا ميين‬
‫المهاجرين مثلها قال »إما ل فاصييبروا حييتى تلقييوني فييإنه‬
‫سيصيبكم أثرة« تفرد به البخيياري ميين هييذا الييوجه‪ .‬وقييال‬
‫البخاري‪ :‬حدثنا الحكم بيين نييافع أخبرنييا شييعيب حييدثنا أبييو‬
‫الزناد عيين العييرج عيين أبييي هريييرة قييال‪ :‬قييالت النصييار‬
‫اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل‪ ,‬قييال‪ :‬ل‪ .‬فقييالوا‪ :‬أتكفوننييا‬
‫المؤنة ونشرككم في الثمرة‪ .‬قالوا‪ :‬سمعنا وأطعنييا‪ .‬تفييرد‬
‫به دون مسلم }ول يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا{‬
‫أي ول يجدون في أنفسهم حسدا ً للمهاجرين فيما فضييلهم‬
‫الله به من المنزلة والشرف والتقديم في الييذكر والرتبيية‪.‬‬
‫قال الحسن البصري }ول يجدون في صييدورهم حاجيية{‬
‫يعني الحسد }مما أوتييوا{ قييال قتييادة يعنييي فيمييا أعطييى‬
‫إخوانهم‪ .‬وكذا قييال ابين زييد ومميا يسييتدل بيه علييى هيذا‬
‫المعنى ما رواه المام أحمد حيث قال‪ :‬حدثنا عبييد الييرزاق‬
‫حدثنا معمر عن الزهري عيين أنييس قييال‪ :‬كنييا جلوسيا ً مييع‬
‫رسول الله صلى الله عليييه وسييلم فقييال‪» :‬يطلييع عليكييم‬
‫لن رجل من أهل الجنة« فطلع رجل من النصييار تنطييف‬ ‫ا َ‬

‫‪637‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لحيته من وضوئه قد علق نعليه بيييده الشييمال‪ ,‬فلمييا كييان‬
‫الغد قال رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم مثييل ذلييك‪,‬‬
‫فطلع ذلك الرجل مثل المرة الولى‪ ,‬فلما كان فييي اليييوم‬
‫الثالث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل مقييالته‬
‫أيضًا‪ ,‬فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الولييى‪ ,‬فلمييا قييام‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بيين عمييرو‬
‫بن العاص فقال‪ :‬إني ل حيت أبي فأقسييمت أنييي ل أدخييل‬
‫عليه ثلثًا‪ ,‬فإن رأيت أن تؤويني إليك حييتى تمضييي فعلييت‬
‫قييييييييييييييييييييييييييييييييال »نعييييييييييييييييييييييييييييييييم«‪.‬‬
‫قال أنييس‪ :‬فكييان عبييد اللييه يحييدث أنييه بييات معييه تلييك‬
‫الليالي الثلث فلم يره يقوم ميين الليييل شيييئا ً غييير أنييه إذا‬
‫تعار تقلب على فراشه ذكر الله وكييبر حييتى يقييوم لصييلة‬
‫الفجر قال عبد الله‪ :‬غير أنييي ليم أسييمعه يقيول إل خيييرًا‪,‬‬
‫فلما مضت الليالي الثلث وكدت أن أحتقر عمله‪ ,‬قلييت يييا‬
‫عبد الله لم يكن بيني وبين أبييي غضييب ول هجييرة‪ ,‬ولكيين‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقييول لييك ثلث‬
‫لن رجل من أهييل الجنيية« فطلعييت‬ ‫مرات »يطلع عليكم ا َ‬
‫أنت الثلث المرات‪ ,‬فأردت أن آوي إليك لنظر مييا عملييك‬
‫فأقتدي به‪ ,‬فلم أرك تعمل كبير عمل‪ ,‬فما الذي بلغ بك ما‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسييلم قييال‪ :‬ميياهو إل مييا‬
‫رأيت‪ ,‬فلما وليت دعاني فقال‪ :‬ما هو إل ما رأيت غير أنييي‬
‫ل أجد في نفسي لحد من المسلمين غشا ً ول أحسد أحدا ً‬
‫على خير أعطاه الله إياه‪ .‬قال عبد الله‪ :‬فهذه التي بلغييت‬
‫بك وهي التي ل تطاق‪ ,‬ورواه النسائي فييي اليييوم والليليية‬
‫عن سويد بن نصر عن ابن المبارك عيين معميير بييه‪ ,‬وهييذا‬
‫إسييناد صييحيح علييى شييرط الصييحيحين لكيين رواه عقيييل‬
‫وغيييره عيين الزهييري عيين رجييل عيين أنييس‪ ,‬فييالله أعلييم‪.‬‬
‫وقال عبد الرحمن بن زيييد بيين أسييلم فييي قييوله تعييالى‪:‬‬
‫}ول يجدون في صييدورهم حاجيية ممييا أوتييوا{ يعنييي ممييا‬
‫أوتوا المهاجرين‪ ,‬قال وتكلم في أموال بني النضييير بعييض‬
‫من تكلم في النصار فعاتبهم الله في ذلييك فقييال تعييالى‪:‬‬
‫}وما أفاء الله على رسوله منهييم فمييا أوجفتييم عليييه ميين‬

‫‪638‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫خيل ول ركاب ولكيين الليه يسيلط رسيله علييى ميين يشياء‬
‫والله على كل شيء قدير{ قال‪ :‬وقال رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬إن إخوانكم قييد تركييوا المييوال والولد‬
‫وخرجوا إليكم« فقالوا أموالنا بيننييا قطييائع‪ ,‬فقييال رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬أو غير ذلك« قالوا‪ :‬ومييا ذاك‬
‫يييا رسييول اللييه ؟ قييال‪» :‬هييم قييوم ل يعرفييون العمييل‬
‫فتكفونهم وتقاسمونهم الثمر« فقالوا‪ :‬نعم يا رسول اللييه‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬ويييؤثرون علييى أنفسييهم ولييو كييان بهييم‬
‫خصاصة{ يعني حاجيية أي يقييدمون المحاويييج علييى حاجيية‬
‫أنفسهم ويبدءون بالناس قبلهييم فييي حييال احتييياجهم إلييى‬
‫ذلييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييك‪.‬‬
‫وقد ثبت في الصحيح عن رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم أنه قال‪» :‬أفضل الصدقة جهد المقل« وهذا المقام‬
‫أعلييى ميين حييال الييذين وصييف اللييه تعييالى‪} :‬ويطعمييون‬
‫الطعام على حبه{ وقوله }وآتيى الميال عليى حبيه{ فيإن‬
‫هؤلء تصدقوا وهم يحبون ما تصدقوا به‪ ,‬وقد ل يكون لهم‬
‫حاجة إليه ول ضرورة به‪ ,‬وهؤلء آثييروا علييى أنفسييهم مييع‬
‫خصاصييتهم وحيياجتهم إلييى مييا أنفقييوه‪ ,‬وميين هييذا المقييام‬
‫تصييدق الصييديق رضييي اللييه عنييه بجميييع ميياله‪ ,‬فقييال لييه‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬مييا أبقيييت لهلييك ؟«‬
‫فقال رضي الله عنييه‪ :‬أبقيييت لهييم اللييه ورسييوله‪ ,‬وهكييذا‬
‫الماء الذي عييرض علييى عكرميية وأصييحابه يييوم اليرمييوك‬
‫فكل منهم يأمر بدفعه إلى صاحبه‪ ,‬وهو جريح مثقل أحييوج‬
‫لخر إلى الثالث فما وصل إلييى‬ ‫ما يكون إلى الماء‪ ,‬فرده ا َ‬
‫الثالث حتى ماتوا عن آخرهم ولم يشربه أحد منهم رضييي‬
‫اللييييييييييييييييييه عنهييييييييييييييييييم وأرضيييييييييييييييييياهم‪.‬‬
‫وقال البخاري‪ :‬حدثنا يعقوب بن إبراهيم بيين كييثير حييدثنا‬
‫أبييو أسييامة حييدثنا فضيييل بيين غييزوان حييدثنا أبييو حييازم‬
‫الشجعي عن أبييي هريييرة قييال‪ :‬أتييى رجييل لرسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أصييابني الجهييد‪,‬‬
‫فأرسل إلى نسييائه فلييم يجييد عنييدهن شيييئًا‪ ,‬فقييال النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬أل رجل يضيف هذه الليليية رحمييه‬

‫‪639‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله« فقام رجل ميين النصييار فقييال‪ :‬أنييا يييا رسييول اللييه‪,‬‬
‫فذهب إلى أهلييه فقييال لمرأتييه‪ :‬هييذا ضيييف رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم ل تييدخريه شيييئًا‪ ,‬فقييالت‪ :‬واللييه مييا‬
‫عنييدي إل قييوت الصييبية‪ .‬قييال‪ :‬فييإذا أراد الصييبية العشيياء‬
‫فنوميهم‪ ,‬وتعالي فأطفيء السراج ونطوي بطوننييا الليليية‪,‬‬
‫ففعلت ثم غدا الرجل على رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم فقال‪» :‬لقد عجب الله عز وجل يي أو ضييحك يي ميين‬
‫فلن وفلنة« وأنزل الله تعالى‪} :‬ويييؤثرون علييى أنفسييهم‬
‫ولو كان بهم خصاصة{ وكذا رواه البخاري في موضع آخيير‬
‫ومسلم والترمييذي والنسييائي ميين طييرق عيين فضيييل بيين‬
‫غييزوان وفييي رواييية لمسييلم تسييمية هييذا النصيياري بييأبي‬
‫طلحييييييييييييية رضيييييييييييييي الليييييييييييييه عنيييييييييييييه‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬وميين يييوق شييح نفسييه فييأولئك هييم‬
‫المفلحون{ أي ميين سييلم ميين الشييح فقييد أفلييح وأنجييح‪.‬‬
‫قال أحمد‪ :‬حدثنا عبد الرزاق أخبرنا داود بن قيس الفراء‬
‫عن عبيد الله بن مقسم‪ ,‬عن جابر بن عبد الله أن رسييول‬
‫الليه صيلى الليه علييه وسيلم قيال‪» :‬إيياكم والظليم فيإن‬
‫الظلم ظلمات يوم القيامة‪ ,‬واتقوا الشح فإن الشييح أهلييك‬
‫من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دميياءهم واسييتحلوا‬
‫محارمهم« انفرد بإخراجه مسلم فرواه عيين القعنييبي عين‬
‫داود بييييييييييييييييييين قييييييييييييييييييييس بيييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫وقال العمش وشعبة عن عمرو بن مييرة عيين عبييد الليه‬
‫بن الحارث عن زهير بن القمر عيين عبييد اللييه بيين عمييرو‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم »اتقوا الظلييم‬
‫فإن الظلم ظلمات يوم القيامة‪ ,‬واتقوا الفحش فييإن اللييه‬
‫ل يحب الفحش ول التفحش‪ ,‬وإياكم والشح فإنه أهلك من‬
‫كييان قبلكييم‪ ,‬أمرهييم بييالظلم فظلمييوا‪ ,‬وأمرهييم بييالفجور‬
‫ففجييروا‪ ,‬وأمرهييم بالقطيعيية فقطعييوا« ورواه أحمييد وأبييو‬
‫داود ميين طريييق شييعبة والنسييائي ميين طريييق العمييش‪,‬‬
‫كلهما عن عمرو بن مرة بييه‪ ,‬وقييال الليييث عيين يزيييد بيين‬
‫الهاد عن سهيل بن أبي صالح عيين صييفوان بيين أبييي يزيييد‬
‫عن القعقاع بن الجلح عن أبييي هريييرة أنييه سييمع رسييول‬

‫‪640‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله صييلى الليه عليييه وسييلم يقييول‪» :‬ل يجتمييع غبييار فييي‬
‫سبيل الله ودخان جهنييم فييي جييوف عبييد أبييدًا‪ ,‬ول يجتمييع‬
‫الشح واليمان في قلب عبد أبدًا« وقييال ابيين أبييي حيياتم‪:‬‬
‫حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا عبدة بن سييليمان‪ ,‬أخبرنييا ابيين المبييارك‪,‬‬
‫حدثنا المسعودي عن جامع بن شداد عن السود بيين هلل‬
‫قال‪ :‬جاء رجل إلى عبد الله فقال‪ :‬يا أبا عبد الرحمن إنييي‬
‫أخاف أن أكون قد هلكت‪ ,‬فقال له عبييد اللييه‪ :‬ومييا ذاك ؟‬
‫قال‪ :‬سمعت الله يقول }ومن يوق شح نفسه فأولئك هييم‬
‫المفلحون{ وأنا رجييل شييحيح ل أكيياد أن أخييرج ميين يييدي‬
‫شيئًا‪ ,‬فقال عبد الله‪ :‬ليس ذلك بالشح الذي ذكره الله في‬
‫القرآن‪ ,‬إنما الشح الذي ذكر الله في القرآن أن تأكل مال‬
‫أخيييك ظلمييًا‪ ,‬ولكيين ذاك البخييل وبئس الشيييء البخييل‪.‬‬
‫وقال سفيان الثوري عيين طييارق بيين عبييد الرحميين عيين‬
‫سعيد بن جبير عن أبي الهياج السدي قييال‪ :‬كنييت أطييوف‬
‫بالبيت فرأيت رجل ً يقول‪ :‬اللهم قنييي شييح نفسييي ل يزيييد‬
‫على ذلك‪ ,‬فقلت له‪ ,‬فقال‪ :‬إني إذا وقيت شح نفسييي لييم‬
‫أسرق ولم أزن ولم أفعييل‪ ,‬وإذا الرجييل عبييد الرحميين بيين‬
‫عوف رضي الله عنه‪ .‬رواه ابيين جرييير‪ .‬وقييال ابيين جرييير‪:‬‬
‫حدثني محمد بن إسحاق‪ ,‬حدثنا سليمان بن عبييد الرحميين‬
‫الدمشقي‪ ,‬حدثنا إسييماعيل بيين عييياش‪ ,‬حييدثنا مجمييع بيين‬
‫جارية النصاري عن عمييه يزيييد بيين جارييية عيين أنييس بيين‬
‫مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قييال‪» :‬برىييء‬
‫ميين الشييح ميين أدى الزكيياة وقييرى الضيييف وأعطييى فييي‬
‫النائبيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييية«‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬والذين جيياءوا ميين بعييدهم يقولييون‪ :‬ربنييا‬
‫اغفر لنا ولخواننييا الييذين سييبقونا باليمييان ول تجعييل فييي‬
‫قلوبنا غل ً للذين آمنوا ربنييا إنييك رءوف رحيييم{ هييؤلء هييم‬
‫القسم الثالث ممن يستحق فقراؤهم من مال الفيء وهم‬
‫المهاجرون ثم النصار ثم التابعون لهم بإحسييان كمييا قييال‬
‫فييي آييية بييراءة }والسييابقون الولييون ميين المهيياجرين‬
‫والنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضييوا‬
‫لثارهم الحسنة‬ ‫عنه{ فالتابعون لهم بإحسان هم المتبعون َ‬

‫‪641‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وأوصافهم الجميلة الداعون لهم في السر والعلنية‪ ,‬ولهذا‬
‫لييية الكريميية }والييذين جيياءوا ميين‬ ‫قال تعالى‪ :‬فييي هييذه ا َ‬
‫بعدهم يقولون{ أي قائلين }ربنا اغفر لنييا ولخواننييا الييذي‬
‫ل{ أي بغضا ً وحسدا ً‬ ‫سبقونا باليمان ول تجعل في قلوبنا غ ً‬
‫}للييذين آمنييوا ربنييا إنييك رءوف رحيييم{ ومييا أحسيين مييا‬
‫لييية الكريميية أن‬‫استنبط المام مالك رحمه الله من هذه ا َ‬
‫الرافضي الذي يسب الصحابة ليييس لييه فييي مييال الفيييء‬
‫نصيب‪ ,‬لعدم اتصافه بما مييدح اللييه بييه هييؤلء فييي قييولهم‬
‫}ربنا اغفر لنا ولخواننا الييذين سييبقونا باليمييان ول تجعييل‬
‫فييي قلوبنييا غل ً للييذين آمنييوا ربنييا إنييك رءوف رحيييم{‪.‬‬
‫وقيال ابيين أبيي حياتم‪ :‬حييدثنا موسيى بين عبيد الرحمين‬
‫المسروقي‪ ,‬حدثنا محمييد بيين بشيير‪ ,‬حييدثنا إسييماعيل بيين‬
‫إبراهيم بن مهاجر عن أبيه عن عائشيية أنهييا قييالت‪ :‬أمييروا‬
‫لييية }والييذين‬‫أن يستغفروا لهم فسبوهم ثم قييرأت هييذه ا َ‬
‫جاءوا من بعييدهم يقولييون ربنييا اغفيير لنييا ولخواننييا الييذين‬
‫لية‪ .‬وقال إسماعيل بن عليية عين عبيد‬ ‫سبقونا باليمان{ ا َ‬
‫الملك بن عمير عيين مسييروق عيين عائشيية قييالت‪ :‬أمرتييم‬
‫بالسييتغفار لصييحاب محمييد صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫فسببتموهم‪ .‬سمعت نبيكم صلى الله عليييه وسييلم يقييول‪:‬‬
‫»ل تذهب هذه المة حتى يلعن آخرها أولها« رواه البغوي‪,‬‬
‫وقال أبو داود‪ :‬حدثنا مسدد حدثنا إسييماعيل بيين إبراهيييم‪,‬‬
‫حدثنا أيوب عن الزهري قال‪ :‬قييال عميير رضييي اللييه عنييه‬
‫}وما أفاء الله على رسوله منهييم فمييا أوجفتييم عليييه ميين‬
‫خيل ول ركاب{ قال الزهري‪ :‬قال عمر رضييي اللييه عنييه‪:‬‬
‫هذه لرسول لله صلى الله عليه وسلم خاصة وقرى عربية‬
‫فدك وكذا مما أفاء الله على رسوله من أهل القرى‪ ,‬فلله‬
‫وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل‬
‫ي وللفقراء المهاجرين الذي أخرجوا من ديارهم وأموالهم ي‬
‫والذين تبوءوا الدار واليمان من قبلهم ي والذين جاؤوا من‬
‫لييية النيياس فلييم يبييق أحييد ميين‬ ‫بعدهم فاسييتوعبت هييذه ا َ‬
‫المسلمين إل له فيها حق‪ .‬قال أيوب ي ي أو قييال ح ي ّ‬
‫ظ ي ي إل‬

‫‪642‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بعض من تملكون ميين أرقييائكم‪ .‬كييذا رواه أبييو داود وفيييه‬
‫انقطيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييياع‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬حدثنا أبو ثور عن‬
‫معمر عن أيوب عن عكرمة بن خالد عيين مالييك بيين أوس‬
‫بن الحدثان قال‪ :‬قرأ عمر بيين الخطيياب }إنمييا الصييدقات‬
‫للفقراء والمساكين ي حتى بلغ ي عليم حكيم{ ثم قال‪ :‬هذه‬
‫لهؤلء‪ ,‬ثم قرأ }واعلموا أنما غنمتييم ميين شيييء فييأن للييه‬
‫لييية‪ .‬ثييم قييال‪ :‬هييذه‬ ‫خمسييه وللرسييول ولييذي القربييى{ ا َ‬
‫لهؤلء‪ ,‬ثم قرأ }ما أفاء الله على رسوله من أهييل القييرى‬
‫فلله وللرسول ولذي القربى ي حتى بلغ ي للفقراء ي والذين‬
‫تبؤوا الدار واليمان من قبلهم ي والذين جاءوا من بعدهم{‬
‫ثم قال‪ :‬استوعبت هذه المسلمين عامة وليس أحد إل لييه‬
‫فيها حق ثم قال‪ :‬لئن عشييت ليييأتين الراعييي وهييو بسييرو‬
‫حميييييير نصييييييبه فيهيييييا لييييم يعيييييرق فيهيييييا جيييييبينه‪.‬‬

‫ن ك ََفييُروا ْ‬ ‫َ‬
‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫وان ِهِ ُ‬ ‫خ َ‬ ‫ن لِ ْ‬ ‫ن َنافَُقوا ْ ي َُقوُلو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ت ََر إ َِلى ال ّ ِ‬ ‫** أل َ ْ‬
‫ع‬
‫طيي ُ‬ ‫م وَل َ ن ُ ِ‬ ‫معَك ُي ْ‬ ‫ن َ‬ ‫جي ّ‬ ‫خُر َ‬ ‫م ل َن َ ْ‬ ‫جت ُي ْ‬ ‫خرِ ْ‬ ‫ن أُ ْ‬ ‫ب ل َئ ِ ْ‬ ‫ل ال ْك ِت َييا ِ‬ ‫ن أه ْ ي ِ‬
‫مي َ‬
‫ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫شيهَد ُ إ ِن ُّهي ْ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫م َوالل ّي ُ‬ ‫صيَرن ّك ُ ْ‬ ‫م ل ََنن ُ‬ ‫حدا ً أب َييدا ً وَِإن قُييوت ِل ْت ُ ْ‬ ‫مأ َ‬ ‫فيك ُ ْ‬
‫م وَل َِئن ُقوت ِل ُييوا ْ ل َ‬ ‫معَهُي ْ‬ ‫ن َ‬ ‫جييو َ‬ ‫خُر ُ‬ ‫جوا ْ ل َ ي َ ْ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫ن أُ ْ‬ ‫ن * ل َئ ِ ْ‬ ‫كاذُِبو َ‬ ‫لَ َ‬
‫ن*‬ ‫ص يُرو َ‬ ‫م ل َ َ ُين َ‬ ‫ن الد ْب َيياَر ث ُي ّ‬ ‫م ل َي ُيوَل ّ ّ‬ ‫ص يُروهُ ْ‬ ‫م وَل َِئن ن ّ َ‬ ‫صُرون َهُ ْ‬ ‫َين ُ‬
‫م لّ‬ ‫ن الل ّهِ ذ َل ِي َ‬ ‫َ‬
‫م ق َ يو ْ ٌ‬ ‫ك ب ِيأن ّهُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫م ّ‬ ‫دورِهِ ْ‬ ‫ص ُ‬ ‫ة ِفي ُ‬ ‫شد ّ َرهْب َ ً‬ ‫مأ َ‬ ‫لنت ُ ْ‬
‫َ‬
‫مين‬ ‫صين َةٍ أوْ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫ميعا ً إ ِل ّ ِفي قًُرى ّ‬ ‫ج ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن * ل َ ي َُقات ُِلون َك ُ ْ‬ ‫ي َْفَقُهو َ‬
‫ْ‬
‫م‬ ‫ميع يا ً وَقُل ُييوب ُهُ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫م َ‬ ‫س يب ُهُ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ديد ٌ ت َ ْ‬ ‫شي ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ب َي ْن َهُ ي ْ‬ ‫س يه ُ ْ‬ ‫جد ُرٍ ب َأ ُ‬ ‫وََرآِء ُ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ميين قَب ْل ِهِ ي ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫مث َ ِ‬ ‫ن * كَ َ‬ ‫م ل ّ ي َعِْقُلو َ‬ ‫م قَوْ ٌ‬ ‫ك ب ِأن ّهُ ْ‬ ‫ى ذ َل ِ َ‬ ‫شت ّ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫مَثيي ِ‬ ‫م * كَ َ‬ ‫ب أِلييي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫عيي َ‬ ‫م َ‬ ‫م وَل َُهيي ْ‬ ‫هيي ْ‬ ‫مرِ ِ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ذاُقييوا ْ وََبييا َ‬ ‫ريبييا ً َ‬ ‫قَ ِ‬
‫ل إ ِن ّييي ب َرِيَيءٌ‬ ‫ما ك ََفيَر قَييا َ‬ ‫ن اك ُْفْر فَل َ ّ‬ ‫سا ِ‬ ‫لن َ‬ ‫ِ‬ ‫ل لِ‬ ‫ن إ ِذ ْ َقا َ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مييا‬ ‫مييآ أن ّهُ َ‬ ‫عاقِب َت َهُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ن * فَ َ‬ ‫مي َ‬ ‫ب ال َْعال َ ِ‬ ‫ه َر ّ‬ ‫ف الل ّ َ‬ ‫خا ُ‬ ‫يأ َ‬ ‫ك إ ِن ّ َ‬ ‫من َ‬ ‫ّ‬
‫ن‬
‫مي َ‬ ‫ّ‬
‫جيييَزآُء الظيييال ِ ِ‬ ‫َ‬
‫ن ِفيَهيييا وَذ َِليييك َ‬ ‫دي َ‬ ‫خاِلييي ِ‬ ‫ِفيييي الّنيييارِ َ‬
‫يخبر تعالى عن المنييافقين كعبييد اللييه بيين أبييي وأضييرابه‬
‫حييين بعثييوا إلييى يهييود بنييي النضييير يعييدونهم النصيير ميين‬
‫أنفسهم فقال تعالى‪} :‬ألم تر إلييى الييذين نييافقوا يقولييون‬

‫‪643‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لخييوانهم الييذين كفييروا ميين أهييل الكتيياب‪ :‬لئن أخرجتييم‬
‫لنخرجيين معكييم ول نطيييع فيكييم أحييدا ً أبييدا ً وإن قييوتلتم‬
‫لننصركم{ قال الله تعالى‪} :‬والله يشييهد إنهييم لكيياذبون{‬
‫أي لكاذبون فيما وعدوهم بييه إمييا لنهييم قييالوا لهييم قييو ً‬
‫ل‪,‬‬
‫ومن نيتهم أن ل يفوا لهم به‪ ,‬وإما لنهم ل يقع منهم الييذي‬
‫قالوه‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬ولئن قوتلوا ل ينصرونهم{ أي ل‬
‫يقاتلون معهم }ولئن نصروهم{ أي قيياتلوا معهييم }ليييولن‬
‫الدبييار ثييم ل ينصييرون{ وهييذه بشييارة مسييتقلة بنفسييها‪,‬‬
‫كقوله تعالى‪} :‬لنتم أشد رهبة في صدورهم من الله{ أي‬
‫يخافون منكم أكثر من خوفهم من اللييه }إذا فريييق منهييم‬
‫يخشون الناس كخشييية اللييه أو أشييد خشييية{ ولهييذا قييال‬
‫تعالى }ذلك بيأنهم قيوم ل يفقهيون{ ثيم قيال تعيالى‪} :‬ل‬
‫يقاتلونكم جميعا ً إل في قييرى محصيينة أو ميين وراء جييدر{‬
‫يعني أنهيم مين جبنهيم وهلعهيم ل يقيدرون عليى مواجهية‬
‫جيش السلم بالمبارزة والمقاتلة بييل إمييا فييي حصييون أو‬
‫من وراء جدر محاصرين فيقيياتلون للييدفع عنهييم ضييرورة‪.‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬بأسهم بينهم شيديد{ أي عيداوتهم فيمييا‬
‫بينهييم شييديدة‪ ,‬كمييا قييال تعييالى‪} :‬ويييذيق بعضييكم بييأس‬
‫بعض{ ولهذا قال تعالى‪} :‬تحسبهم جميعا ً وقلوبهم شتى{‬
‫أي تراهم مجتمعين فتحسبهم مؤتلفين وهم مختلفون غاية‬
‫الختلف‪ ,‬قيييال إبراهييييم النخعيييي‪ :‬يعنيييي أهيييل الكتييياب‬
‫والمنافقين }ذلك بأنهم قوم ل يعقلييون{ ثييم قييال تعييالى‪:‬‬
‫}كمثل الذين من قبلهييم قريبيا ً ذاقييوا وبييال أمرهييم ولهييم‬
‫عذاب أليم{ قال مجاهد والسدي ومقاتل بن حييان‪ :‬يعنيي‬
‫كمثل ما أصاب كفار قريش يييوم بييدر‪,‬وقييال ابيين عبيياس‪:‬‬
‫كمثل الذين من قبلهم يعني يهود بنييي قينقيياع‪ ,‬وكييذا قييال‬
‫قتادة ومحمد بن إسحاق‪ ,‬وهذا القول أشبه بالصواب فييإن‬
‫يهود بني قينقاع كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد‬
‫أجلهيييييييييييييييييييم قبيييييييييييييييييييل هيييييييييييييييييييذا‪.‬‬
‫وقوله تعييالى‪} :‬كمثييل الشيييطان إذ قييال للنسييان اكفيير‬
‫فلما كفر قال إني بريء منك{ يعني مثل هؤلء اليهود في‬
‫اغييترارهم بالييذين وعييدوهم النصيير ميين المنييافقين وقييول‬

‫‪644‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المنييافقين لهييم لئن قييوتلتم لننصييرنكم‪ ,‬ثييم لمييا حقييت‬
‫الحقائق وجد بهم الحصار والقتال‪ ,‬تخلوا عنهم وأسلموهم‬
‫للهلكة‪ ,‬مثالهم في هذا كمثل الشيطان إذ سول للنسان ي‬
‫والعياذ بالله ي الكفر‪ ,‬فإذا دخييل فيمييا سييول لييه تييبرأ منييه‬
‫وتنصل وقال }إني أخياف الليه رب العيالمين{‪ .‬وقيد ذكير‬
‫بعضهم ههنا قصة لبعض عباد بنييي إسييرائيل هييي كالمثييال‬
‫لهذا المثل‪ ,‬ل أنها المرادة وحدها بالمثل‪ ,‬بل هي منييه مييع‬
‫غيرها من الوقائع المشاكلة لهييا‪ ,‬فقييال ابيين جرييير‪ :‬حييدثنا‬
‫خلد بن أسلم أخبرنا النضر بن شييميل أخبرنييا شييعبة عيين‬
‫أبي إسحاق سمعت عبد الله بن نهيك قييال‪ :‬سييمعت علييا ً‬
‫رضييي اللييه عنييه يقييول إن راهب يا ً تعبييد سييتين سيينة‪ ,‬وإن‬
‫الشيطان أراده فأعياه فعمد إلى امرأة فأجنها‪ ,‬ولها إخييوة‬
‫فقال لخوتها عليكم بهذا القس فيداويها‪ ,‬قال فجيياؤوا بهييا‬
‫إليه فداواها وكانت عنده‪ ,‬فبينما هو يوما ً عندها إذ أعجبتييه‬
‫فأتاهييا فحملييت‪ ,‬فعمييد إليهييا فقتلهييا فجيياء إخوتهييا‪ ,‬فقييال‬
‫الشيطان للراهب‪ :‬أنا صاحبك إنك أعييتني أنا صيينعت هييذا‬
‫بك فأطعني أنجك ممييا صيينعت بييك‪ ,‬فاسييجد لييي سييجدة‪,‬‬
‫فسجد له فلما سجد له قال إنييي بريييء منييك إنييي أخيياف‬
‫الله رب العالمين‪ ,‬فذلك قوله‪} :‬كمثييل الشيييطان إذ قييال‬
‫للنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني إخاف الله‬
‫رب العييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييالمين{‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حييدثني يحيييى بيين إبراهيييم المسييعودي‬
‫حدثنا أبي عن أبيه عن جده عن العمش عن عمييارة عيين‬
‫عبد الرحمن بن يزيد عن عبد اللييه بيين مسييعود فييي هييذه‬
‫لية }كمثل الشيطان إذ قال للنسان اكفر فلما كفر قال‬ ‫ا َ‬
‫إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين{ قييال‪ :‬كييانت‬
‫امرأة ترعى الغنييم وكييان لهييا أربعيية إخييوة‪ ,‬وكييانت تييأوي‬
‫بالليل إلى صومعة راهب‪ ,‬قييال فنييزل الراهييب ففجيير بهييا‬
‫فحملت‪ ,‬فأتاه الشيطان فقال لييه اقتلهييا ثييم ادفنهييا فإنييك‬
‫رجل مصييدق يسييمع قولييك‪ ,‬فقتلهييا ثييم دفنهييا قييال فييأتى‬
‫الشيطان إخوتها في المنام‪ ,‬فقال لهم إن الراهب صاحب‬
‫الصومعة فجر بييأختكم‪ ,‬فلمييا أحبلهييا قتلهييا ثييم دفنهييا فييي‬

‫‪645‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مكان كذا وكذا‪ ,‬فلما أصبحوا قال رجييل منهييم‪ :‬واللييه لقييد‬
‫رأيت البارحة رؤيا ما أدري أقصها عليكم أم أترك ؟ قالوا‪:‬‬
‫لبل قصها علينا‪ .‬قال فقصها فقال ا َ‬
‫لخيير‪ :‬وأنييا واللييه لقييد‬
‫لخر‪ :‬وأنا والله لقد رأيييت ذلييك‪ ,‬قييالوا‪:‬‬ ‫رأيت ذلك‪ ,‬فقال ا َ‬
‫فوالله ما هذا إل لشيء قييال فييانطلقوا فاسييتعدوا ملكهييم‬
‫على ذلك الراهب‪ ,‬فييأتوه فييأنزلوه ثييم انطلقييوا بييه فلقيييه‬
‫الشيطان‪ ,‬فقال إني أنا الذي أوقعتك في هذا وليين ينجيييك‬
‫منه غيري‪ ,‬فاسجد لي سجدة واحدة وأنجيك ممييا أوقعتييك‬
‫فيه‪ ,‬قال فسجد له‪ ,‬فلما أتييوا بييه ملكهييم تييبرأ منييه وأخييذ‬
‫فقتل‪ .‬وكذا روي عن ابن عباس وطاوس ومقاتل بن حيان‬
‫نحو ذلك‪ ,‬واشتهر عند كثير من النيياس أن هييذا العابييد هييو‬
‫برضيضييييييييييييييييييا فييييييييييييييييييالله أعلييييييييييييييييييم‪.‬‬
‫وهذه القصيية مخالفيية لقصيية جريييج العابييد فييإن جريج يا ً‬
‫اتهمته امرأة بغي بنفسها‪ ,‬وادعت أن حملهييا منييه ورفعيت‬
‫أمرها إلى ولي المر فأمر به فأنزل من صومعته وخربييت‬
‫صومعته وهو يقول ما لكم مييا لكييم ؟ قييالوا يييا عييدو اللييه‬
‫فعلت بهذه المرأة كذا وكذا‪ ,‬فقال جريج اصييبروا ثييم أخييذ‬
‫ابنها وهو صغير جدًا‪ ,‬ثم قال يا غلم ميين أبييوك‪ .‬قييال أبييي‬
‫الراعي وكانت قد أمكنته ميين نفسييها فحملييت منييه‪ ,‬فلمييا‬
‫رأى بنو إسرائيل ذلك عظموه كلهييم تعظيميا ً بليغيا ً وقييالوا‬
‫نعيد صومعتك من ذهب‪ ,‬قال لبل أعيدوها من طييين كمييا‬
‫كييانت‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬فكييان عاقبتهمييا أنهمييا فييي النييار‬
‫لميير بييالكفر والفاعييل لييه‬ ‫خالدين فيها{ أي فكان عاقبيية ا َ‬
‫ومصيييرهما إلييى نييار جهنييم خالييدين فيهييا }وذلييك جييزاء‬
‫الظييييييييييالمين{ أي جييييييييييزاء كييييييييييل ظييييييييييالم‪.‬‬

‫َ‬
‫ت ل ِغَ يدٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ما قَد ّ َ‬‫س ّ‬ ‫ه وَل َْتنظ ُْر ن َْف ٌ‬ ‫مُنوا ْ ات ُّقوا ْ الل ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫** ي َأي َّها ال ّ ِ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫كاّليي ِ‬‫كوُنييوا ْ َ‬ ‫ن * وَل َ ت َ ُ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ما ت َعْ َ‬ ‫خِبيٌر ب ِ َ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫َوات ُّقوا ْ الل ّ َ‬
‫م ُأوَلـ يئ ِ َ‬ ‫نسوا ْ الل ّه فََأنساهُ َ‬
‫ن * لَ‬ ‫س يُقو َ‬ ‫م ال َْفا ِ‬ ‫ك هُ ي ُ‬ ‫س يه ُ ْ‬ ‫م أنُف َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫جن ّيةِ هُي ُ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫حا ُ‬ ‫صي َ‬ ‫جن ّيةِ أ ْ‬‫ب ال ْ َ‬ ‫حا ُ‬ ‫صي َ‬ ‫ب الّنارِ وَأ ْ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬‫ست َوِيَ أ ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن‬‫ال َْفييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييآئ ُِزو َ‬

‫‪646‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬حدثنا شعبة عن‬
‫عون بن أبي جحيفة عن المنذر بن جرير عن أبيه قال‪ :‬كنا‬
‫عند رسول الله صلى الله عليييه وسييلم فييي صييدر النهييار‪,‬‬
‫قييال‪ :‬فجيياءه قييوم حفيياة عييراة محتييابي النمييار أو العبيياء‬
‫متقلدي السيوف‪ ,‬عييامتهم ميين مضيير بلكلهييم ميين مضيير‪,‬‬
‫فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهييم‬
‫من الفاقة‪ ,‬قال‪ :‬فدخل ثم خييرج‪ ,‬فييأمر بلل ً فييأذن وأقييام‬
‫الصلة فصلى ثم خطب فقال‪» :‬يا أيها الناس اتقييوا ربكييم‬
‫لييية وقييرأ ا َ‬
‫لييية‬ ‫الذي خلقكم من نفس واحدة ي إلى آخيير ا َ‬
‫التي في الحشر }ولتنظر نفييس مييا قييدمت لغييد{ تصييدق‬
‫رجل من ديناره من درهمه ميين ثييوبه ميين صيياع بييره ميين‬
‫صاع تمره ي حتى قال ي ولو بشق تمرة« قال‪ :‬فجاء رجييل‬
‫من النصار بصرة كادت كفه تعجز عنها‪ ,‬بل قد عجزت‪,‬ثم‬
‫تتابع الناس حييتى رأيييت كييومين ميين طعييام وثييياب‪ ,‬حييتى‬
‫رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل وجهييه كييأنه‬
‫مذهبة‪ ,‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬من سن‬
‫في السلم سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده‬
‫ميين غييير أن ينقييص ميين أجييورهم شييء‪ ,‬ومين سين فييي‬
‫السلم سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من‬
‫غير أن ينقص من أوزارهم شيء« انفييرد بييإخراجه مسييلم‬
‫من حديث شييعبة بإسييناده مثلييه‪ ,‬فقييوله تعييالى‪} :‬يييا أيهييا‬
‫الذين آمنوا اتقوا الله{ أمر بتقواه وهو يشمل فعل مييا بييه‬
‫أميييييييييير وتييييييييييرك مييييييييييا عنييييييييييه زجيييييييييير‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ولتنظر نفس ما قدمت لغد{ أي حاسييبوا‬
‫أنفسكم قبل أن تحاسبوا‪ ,‬وانظروا ماذا ادخرتييم لنفسييكم‬
‫من العمال الصالحة ليوم معادكم وعرضييكم علييى ربكييم‬
‫}واتقوا الله{ تأكيد ثان }إن اللييه خييبير بمييا تعملييون{ أي‬
‫اعلموا أنه عالم بجميع أعمالكم وأحوالكم‪ ,‬ل تخفييى عليييه‬
‫منكم خافية ول يغيب من أمييوركم جليييل ول حقييير وقييوله‬
‫تعالى‪} :‬ول تكونوا كالذين نسوا اللييه فأنسيياهم أنفسييهم{‬
‫أي ل تنسييوا ذكيير اللييه تعييالى‪ :‬فينسيييكم العمييل لمصييالح‬
‫أنفسكم التي تنفعكم في معادكم‪ ,‬فإن الجزاء ميين جنييس‬

‫‪647‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العمييل‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‪} :‬أولئك هييم الفاسييقون{ أي‬
‫الخارجون عن طاعة الله الهالكون يوم القيامة الخاسرون‬
‫يوم معادهم‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬يا أيها الذين آمنوا ل تلهكييم‬
‫أموالكم ول أولدكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلييك فييأولئك‬
‫هييييييييييييييييييييييييييييم الخاسييييييييييييييييييييييييييييرون{‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني‪ :‬حدثنا أحمد بن عبييد‬
‫الوهاب بن نجدة الحوطي‪ ,‬حدثنا المغيرة‪ ,‬حدثنا جرير بيين‬
‫عثمان عن نعيم بن نمحة قال‪ :‬كيان فيي خطبية أبييي بكير‬
‫الصديق رضي الله عنه‪ :‬أما تعلمون أنكم تغدون وتروحون‬
‫لجل معلوم‪ ,‬فمن استطاع أن يقضي الجل وهو في عمل‬
‫الله عز وجل فليفعل‪ ,‬ولن تنالوا ذلييك إل بييالله عييز وجييل‪,‬‬
‫إن قوما ً جعلوا آجالهم لغيرهييم فنهيياكم اللييه عييز وجييل أن‬
‫تكونوا أمثييالهم }ول تكونييوا كالييذين نسييوا اللييه فأنسيياهم‬
‫أنفسهم{ أين من تعرفون من إخوانكم ؟ قيدموا عليى ميا‬
‫قدموا في أيام سييلفهم وخلييوا بالشييقوة والسييعادة‪ ,‬وأييين‬
‫الجبارون الولون الذي بنوا المدائن وحصنوها بييالحوائط ؟‬
‫لبييار‪ ,‬هييذا كتيياب اللييه ل تفنييى‬‫قد صاروا تحييت الصييخر وا َ‬
‫عجائبه فاستضيييئوا منييه ليييوم ظلميية‪ ,‬واستضيييئوا بسيينائه‬
‫وبيانه‪ ,‬إن الله تعالى أثنييى علييى زكريييا وأهييل بيتييه فقييال‬
‫تعالى‪} :‬إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويييدعوننا رغب يا ً‬
‫ورهبا ً وكانوا لنا خاشعين{ ل خير في قول ل يراد بييه وجييه‬
‫الله ول خييير فييي مييال ل ينفييق فييي سييبيل اللييه‪ ,‬ول خييير‬
‫فيمن يغلب جهله حلمييه‪ ,‬ول خييير فيميين يخيياف فييي اللييه‬
‫لومة لئم‪ .‬هذا إسناد جيد ورجاله كلهم ثقات‪ ,‬وشيخ جريز‬
‫بن عثمان وهو نعيم بيين نمحيية ل أعرفييه بنفييي ول إثبييات‪,‬‬
‫غير أن أبييا داود السجسييتاني قييد حكييم بييأن شيييوخ حرييير‬
‫كلهم ثقات‪ ,‬وقد روي لهذه الخطبة شواهد من وجوه أخيير‬
‫واللييييييييييييييييييييييييييييييييه أعلييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ل يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنيية{‬
‫أي ل يسييتوي هييؤلء وهييؤلء فييي حكييم اللييه تعييالى يييوم‬
‫القياميية‪ ,‬كمييا قييال تعييالى‪} :‬أم حسييب الييذين اجييترحوا‬
‫السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءً‬

‫‪648‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫محياهم ومماتهم ساء مييا يحكمييون{ وقييال تعييالى‪} :‬ومييا‬
‫يستوي العمى والبصير والذين آمنييوا وعملييوا الصييالحات‬
‫ول المسيء قليل ً ما تتييذكرون{ وقييال تعييالى‪} :‬أم نجعييل‬
‫الذين آمنوا وعملوا الصييالحات كالمفسييدين فييي الرض ؟‬
‫أم نجعل المتقين كالفجار{‪ .‬في آيات أخر دالت علييى أن‬
‫الله تعالى يكرم البرار ويهييين الفجييار‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‬
‫ههنيييا‪} :‬أصيييحاب الجنييية هيييم الفيييائزون{ أي النييياجون‬
‫المسيييييلمون ميييييين عيييييذاب الليييييه عييييييز وجيييييل‪.‬‬

‫دعا ً‬ ‫َ‬ ‫** ل َوْ َأنَزل َْنا َ‬


‫صي ّ‬ ‫شييعا ً ّ‬
‫مت َ َ‬ ‫خا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل ل َّرأي ْت َ ُ‬ ‫جب َ ٍ‬ ‫ى َ‬ ‫ذا ال ُْقْرآ َ َ‬
‫ن عَل َ‬ ‫هـ َ‬
‫م‬ ‫س ل َعَل ُّهيي ْ‬‫ضييرِب َُها ِللّنييا ِ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫مَثييا ُ‬ ‫ك ال ْ‬ ‫شييي َةِ الّلييهِ وَت ِْليي َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ميي ْ‬ ‫ّ‬
‫ب‬ ‫ْ‬
‫م الغَي ْي ِ‬ ‫عييال ِ ُ‬‫هييوَ َ‬ ‫ه إ ِل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ذي ل َ إ ِلـيي َ‬ ‫ّ‬
‫ه اليي ِ‬ ‫ّ‬
‫ن * هُ يوَ الل ي ُ‬ ‫كييُرو َ‬ ‫ي َت ََف ّ‬
‫ه إ ِل ّ‬ ‫ذي ل َ إ َِلـيي َ‬ ‫ه اّليي ِ‬ ‫م * هُوَ الل ّ ُ‬ ‫حي ُ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫مـ ُ‬ ‫ح َ‬‫شَهاد َةِ هُوَ الّر ْ‬ ‫َوال ّ‬
‫جّبيياُر‬ ‫زيُز ال ْ َ‬ ‫ن ال ْعَ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫مهَي ْ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫م ال ْ ُ‬ ‫سل َ ُ‬ ‫س ال ّ‬ ‫دو ُ‬ ‫ك ال ُْق ّ‬ ‫مل ِ ُ‬‫هُوَ ال ْ َ‬
‫ق‬
‫خييال ِ ُ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫ن * هُيوَ الل ّي ُ‬ ‫كو َ‬ ‫شيرِ ُ‬ ‫مييا ي ُ ْ‬ ‫ن الل ّيهِ عَ ّ‬ ‫حا َ‬ ‫سيب ْ َ‬‫مت َك َب ّيُر ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مييا فِييي‬ ‫ه َ‬ ‫ح ل َي ُ‬ ‫س يب ّ ُ‬‫ى يُ َ‬ ‫س ين َ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫مآُء ال ْ ُ‬ ‫سي َ‬ ‫ه ال ْ‬ ‫صوُّر ل َي ُ‬ ‫م َ‬ ‫ال َْباِرىُء ال ْ ُ‬
‫م‬
‫كيييييييي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫زييييييييُز ال ْ َ‬ ‫هيييييييوَ ال ْعَ ِ‬ ‫ض وَ ُ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سييييييي َ‬ ‫ال ّ‬
‫يقول تعالى معظما ً لمر القرآن ومبينا ً علييو قييدره‪ ,‬وأنييه‬
‫ينبغي أن تخشع له القلوب وتتصدع عند سماعه‪ ,‬لمييا فيييه‬
‫من الوعد الحق والوعيد الكيد }لو أنزلنا هذا القرآن على‬
‫جبل لرأيته خاشعا ً متصدعا ً من خشية الله{ أي فييإذا كييان‬
‫الجبل في غلظته وقساوته لو فهم هييذا القييرآن فتييدبر مييا‬
‫فيه لخشع وتصدع من خوف الله عييز وجييل‪ ,‬فكيييف يليييق‬
‫بكم يا أيها البشر أن ل تلين قلوبكم وتخشييع وتتصييدع ميين‬
‫خشية الله‪ ,‬وقد فهمتم عن الله أمره وتدبرتم كتابه‪ ,‬ولهذا‬
‫قال تعالى‪} :‬وتلك المثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون{‬
‫قال العوفي عن ابن عباس فييي قييوله تعييالى‪} :‬لييو أنزلنييا‬
‫هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا ً متصدعًا{ إلييى آخرهييا‬
‫يقول لو أنييي أنزلييت هييذا القييرآن علييى جبييل حملتييه إييياه‬
‫لتصدع وخشع من ثقله ومن خشية الله‪ ,‬فأمر الله النيياس‬
‫إذا نييزل عليهييم القييرآن أن يأخييذوه بالخشييية الشييديدة‬

‫‪649‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والتخشع‪ ,‬ثم قال تعييالى‪} :‬وتلييك المثييال نضييربها للنيياس‬
‫لعلهيييم يتفكيييرون{ وكيييذا قيييال قتيييادة وابييين جريييير‪.‬‬
‫وقد ثبت في الحديث المتواتر أن رسول الله صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم لما عمل له المنبر‪ ,‬وقد كان يوم الخطبة يقف‬
‫إلى جانب جذع من جذوع المسجد‪ ,‬فلما وضع المنييبر أول‬
‫ما وضع وجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليخطييب فجيياوز‬
‫الجذع إلى نحو المنبر‪ ,‬فعنييد ذلييك حيين الجييذع وجعييل يئن‬
‫كما يئن الصبي الذي يسييكت لمييا كييان يسييمع ميين الييذكر‬
‫والييوحي عنييده‪ ,‬ففييي بعييض روايييات هييذا الحييديث قييال‬
‫الحسن البصري بعد إيراده‪ :‬فييأنتم أحييق أن تشييتاقوا إلييى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجييذع وهكييذا هييذه‬
‫لية الكريمة إذا كانت الجبال الصم لييو سييمعت كلم اللييه‬ ‫ا َ‬
‫وفهمته لخشعت وتصدعت من خشيييته‪ ,‬فكيييف بكييم وقييد‬
‫سمعتم وفهمتم ؟ وقد قال تعالى‪} :‬ولو أن قرآنييا سيييرت‬
‫به الجبال أو قطعت به الرض أو كليم بيه الميوتى{ ا َ‬
‫ليية‪.‬‬
‫وقد تقدم أن معنى ذلك أي لكان هييذا القييرآن‪ ,‬وقييد قييال‬
‫تعالى‪} :‬وإن من الحجارة لما يتفجر منه النهييار وإن منهييا‬
‫لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشييية‬
‫الليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه{‪.‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬هو الله الذي ل إله إل هييو عييالم الغيييب‬
‫والشهادة هو الرحمن الرحيم{ أخبر تعالى أنه الذي ل إلييه‬
‫إل هو فل رب غيره ول إله للوجود سواه‪ ,‬وكل ما يعبد من‬
‫دونه فباطل‪ ,‬وأنه عييالم الغييب والشيهادة أي يعليم جميييع‬
‫الكائنات المشاهدات لنييا والغائبييات عنييا‪ ,‬فل يخفييى عليييه‬
‫شيء في الرض ول في السماء من جليل وحقيير وصيغير‬
‫وكبير حتى الذر في الظلمات‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬هو الرحمن‬
‫الرحيم{ قد تقدم الكلم على ذلك فييي أول التفسييير بمييا‬
‫أغنى عن إعييادته ههنييا‪ ,‬والمييراد أنييه ذو الرحميية الواسييعة‬
‫لخييرة‬‫الشاملة لجميييع المخلوقييات‪ ,‬فهييو رحميين الييدنيا وا َ‬
‫ورحيمهما‪ ,‬وقد قال تعالى‪} :‬ورحمتي وسعت كل شيييء{‬
‫وقييال تعييالى‪} :‬كتييب ربكييم علييى نفسييه الرحميية{ وقييال‬
‫تعالى‪} :‬قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خييير‬

‫‪650‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مما يجمعون{ ثم قال تعالى‪} :‬هو الله الذي ل إلييه إل هييو‬
‫الملييك{ أي المالييك لجميييع الشييياء المتصييرف فيهييا بل‬
‫ممانعة ول مدافعة‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬القييدوس{ قييال وهييب‬
‫بن منبه أي الطاهر‪ .‬وقال مجاهد وقتادة أي المبارك وقال‬
‫ابن جريج تقدسه الملئكة الكرام }السلم{ أي من جميييع‬
‫العيييوب والنقييائص لكميياله فييي ذاتييه وصييفاته وأفعيياله‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬المؤمن{ قال الضحاك عيين ابيين عبيياس‪:‬‬
‫أي أمن خلقه من أن يظلمهم‪ .‬وقال قتادة‪ :‬أمن بقوله أنييه‬
‫حق‪ .‬وقال ابن زيد‪ :‬صدق عباده المؤمنين في إيمانهم بييه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬المهيمن{ قال ابن عباس وغييير واحييد‪ :‬أي‬
‫الشيياهد علييى خلقييه بأعمييالهم بمعنييى هييو رقيييب عليهييم‬
‫كقوله }والليه عليى كيل شييء شيهيد{ وقيوله }ثيم الليه‬
‫شهيد على ما يفعلون{ وقوله }أفمن هيو قيائم عليى كيل‬
‫لية‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬العزيز{ أي الييذي‬ ‫نفس بما كسبت{ ا َ‬
‫قد عيز كيل شييء فقهيره وغليب الشيياء فل ينيال جنيابه‬
‫لعزتييه وعظمتييه وجييبروته وكبريييائه‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‪:‬‬
‫}الجبار المتكبر{ أي الذي ل تليق الجبرية إل له ول التكبر‬
‫إل لعظمتييه‪ ,‬كمييا تقييدم فييي الصييحيح »العظميية إزاري‬
‫والكبرياء رادئي فمن نازعني واحيدا ً منهميا عيذبته« وقيال‬
‫قتادة‪ :‬الجبار الذي جبر خلقييه علييى مييا يشيياء‪ .‬وقييال ابيين‬
‫جرير‪ :‬الجبار المصلح أمور خلقه المتصرف فيهم بمييا فيييه‬
‫صلحهم‪ .‬وقال قتادة‪ :‬المتكبر يعني عن كل سوء ثييم قييال‬
‫تعالى‪} :‬سبحان الله عما يشييركون{ وقييوله تعييالى‪} :‬هييو‬
‫الله الخالق البارىء المصييور{ الخلييق التقييدير والييبرء هييو‬
‫الفري‪ ,‬وهو التنفيذ وإبييراز مييا قييدره وقييرره إلييى الوجييود‬
‫وليس كل من قدر شيئا ً ورتبه يقدر علييى تنفيييذه وإيجيياده‬
‫سيييوى الليييه عيييز وجيييل‪ .‬قيييال الشييياعر يميييدح آخييير‪:‬‬
‫ولنت تفري ما خلقت وبعييض القيوم يخليق ثيم ل يفيري‬
‫أي أنت تنفذ ما خلقت أي قييدرت‪ ,‬بخلف غيييرك فييإنه ل‬
‫يستطيع ما يريد‪ ,‬فييالخلق التقييدير والفييري التنفيييذ‪ ,‬ومنييه‬
‫يقال قدر الجلد ثم فرى أي قطع على ما قدره بحسب ما‬
‫يريده‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬الخالق البارىء المصييور{ أي الييذي‬

‫‪651‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إذا أراد شيئا ً قال له كن فيكييون علييى الصييفة الييتي يريييد‪,‬‬
‫والصورة التي يختار كقوله تعالى‪} :‬في أي صورة ما شيياء‬
‫ركبك{ ولهذا قال المصور أي الذي ينفييذ مييا يريييد إيجيياده‬
‫علييييييييييييى الصييييييييييييفة الييييييييييييتي يريييييييييييييدها‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬لييه السييماء الحسيينى{ قييد تقييدم الكلم‬
‫على ذلك في سورة العراف‪ .‬ونذكر الحديث المروي في‬
‫الصحيحين عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليييه‬
‫وسلم »إن لله تعالى تسعة وتسعين اسمًا‪ ,‬مائة إل واحدًا‪,‬‬
‫من أحصاها دخل الجنة وهو وتر يحب الوتر« وتقدم سياق‬
‫الترمذي وابيين ميياجه لييه عيين أبييي هريييرة أيضيا ً وزاد بعييد‬
‫قوله‪» :‬وهو وتر يحب الوتر«‪ .‬واللفظ للترمذي‪» :‬هو اللييه‬
‫الييذي ل إلييه إل هييو الرحميين‪ ,‬الرحيييم‪ ,‬الملييك‪ ,‬القييدوس‪,‬‬
‫السييلم‪ ,‬المييؤمن‪ ,‬المهيميين‪ ,‬العزيييز‪ ,‬الجبييار‪ ,‬المتكييبر‪,‬‬
‫الخالق‪ ,‬البارىء‪ ,‬المصور‪ ,‬الغفار‪ ,‬القهار‪ ,‬الوهاب‪ ,‬الرزاق‪,‬‬
‫الفتاح‪ ,‬العليم‪ ,‬القابض الباسط‪ ,‬الخافض‪ ,‬الرافييع‪ ,‬المعييز‪,‬‬
‫المذل‪ ,‬السميع‪ ,‬البصير‪ ,‬الحكم‪ ,‬العدل‪ ,‬اللطيييف‪ ,‬الخييبير‪,‬‬
‫الحليم‪ ,‬العظيم‪ ,‬الغفور‪ ,‬الشكور‪ ,‬العلي‪ ,‬الكبير‪ ,‬الحفيييظ‪,‬‬
‫المقيييت‪ ,‬الحسيييب‪ ,‬الجليييل‪ ,‬الكريييم‪ ,‬الرقيييب‪ ,‬المجيييب‪,‬‬
‫الواسع‪ ,‬الحكيم‪ ,‬الودود‪ ,‬المجيد‪ ,‬الباعث‪ ,‬الشييهيد‪ ,‬الحييق‪,‬‬
‫الوكييييل‪ ,‬القيييوي‪ ,‬الميييتين‪ ,‬اليييولي‪ ,‬الحمييييد‪ ,‬المحصيييي‪,‬‬
‫المبدىء‪ ,‬المعيد‪ ,‬المحيي‪ ,‬المميت‪ ,‬الحي‪ ,‬القيوم‪ ,‬الواجد‪,‬‬
‫الماجد‪ ,‬الواحد‪ ,‬الصمد‪ ,‬القادر‪ ,‬المقتدر‪ ,‬المقدم‪ ,‬المييؤخر‪,‬‬
‫لخيير‪ ,‬الظيياهر‪ ,‬البيياطن‪ ,‬الييوالي‪ ,‬المتعييالي‪ ,‬الييبر‪,‬‬ ‫الول‪ ,‬ا َ‬
‫التواب‪ ,‬المنتقم‪ ,‬العفو‪ ,‬الرؤوف‪ ,‬مالييك الملييك‪ ,‬ذو الجلل‬
‫والكييرام‪ ,‬المقسييط الجييامع‪ ,‬الغنييي‪ ,‬المغنييي‪ ,‬المعطييي‪,‬‬
‫المييانع‪ ,‬الضييار‪ ,‬النييافع‪ ,‬النييور‪ ,‬الهييادي‪ ,‬البييديع‪ ,‬البيياقي‪,‬‬
‫الييوارث‪ ,‬الرشيييد‪ ,‬الصييبور«‪ .‬وسييياق ابيين ميياجه بزيييادة‬
‫ونقصان وتقديم وتأخير وقد قييدمنا ذليك مبسييوطا ً مطييول ً‬
‫بطرقييييه وألفيييياظه بمييييا أغنييييى عيييين إعييييادته ههنييييا‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬يسييبح لييه مييا فييي السييموات والرض{‬
‫كقوله تعالى‪} :‬تسيبح ليه السيموات السيبع والرض ومين‬
‫فيهيين وإن مين شييء إل يسيبح بحمييده ولكين ل تفقهيون‬

‫‪652‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تسييبيحهم إنييه كييان حليميا ً غفييورًا{ وقييوله تعييالى‪} :‬وهييو‬
‫العزيز{ أي فل يرام جنابه }الحكيم{ في شييرعه وقييدره‪,‬‬
‫وقد قال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو أحمد الزبيري حييدثنا خالييد‬
‫يعني ابن طهمان أبيو العلء الخفيياف حيدثنا نيافع بيين أبيي‬
‫نافع‪ ,‬عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسييلم‬
‫قال‪» :‬من قال حين يصبح ثلث مرات أعوذ بالله السييميع‬
‫العليم من الشيطان الرجيم‪ ,‬ثم قييرأ ثلث آيييات ميين آخيير‬
‫سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصييلون عليييه‬
‫حتى يمسي‪ ,‬وإن مات في ذلك اليوم مييات شييهيدًا‪ ,‬وميين‬
‫قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة« ورواه الترمييذي عيين‬
‫محمود بن غيلن عن أبي أحمد الزبيري به‪ .‬وقال غريب ل‬
‫نعرفه إل من هذا الوجه‪ .‬آخر تفسير سورة الحشيير‪ ,‬وللييه‬
‫الحمد والمنة‪.‬‬

‫سورة الممتحنة‬
‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬
‫ذوا ْ عَدوي وعَدوك ُ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م أوْل َِيآَء ت ُل ُْقييو َ‬ ‫َ ُ ّ ْ‬ ‫ُ ّ‬ ‫خ ُ‬ ‫مُنوا ْ ل َ ت َت ّ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫** ي َأي َّها ال ّ ِ‬
‫ن‬ ‫جييو َ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫ح يق ّ ي ُ ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مي َ‬ ‫م ّ‬ ‫جييآَءك ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫موَد ّةِ وَقَد ْ ك ََفُروا ْ ب ِ َ‬ ‫م ِبال ْ َ‬ ‫إ ِل َي ْهِ ْ‬
‫ل وإييياك ُ َ‬
‫م‬ ‫جت ُي ْ‬ ‫خَر ْ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُي ْ‬ ‫م ِإن ُ‬ ‫من ُييوا ْ ب ِييالل ّهِ َرب ّك ُي ْ‬ ‫م أن ت ُؤْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫سييو َ َ ِ ّ‬ ‫الّر ُ‬
‫ة‬
‫موَد ّ ِ‬ ‫م ب ِييال ْ َ‬ ‫ن إ ِل َي ْهِي ْ‬‫سيّرو َ‬ ‫ضاِتي ت ُ ِ‬ ‫مْر َ‬ ‫سِبيِلي َواب ْت َِغآَء َ‬ ‫جَهادا ً ِفي َ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫م فََقيد ْ‬ ‫منك ُي ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ميين ي َْفعَلي ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫مييآ أعْلنت ُي ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫خَفي ْت ُ ْ‬ ‫مآ أ ْ‬ ‫م بِ َ‬ ‫وَأن َا أعْل ُ‬
‫دآءً‬ ‫عيي َ‬ ‫م أَ ْ‬ ‫كيي ْ‬ ‫كوُنييوا ْ ل َ ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ل * ِإن ي َث َْقُفييوك ُ ْ‬ ‫سييِبي ِ‬ ‫وآَء ال ّ‬ ‫سيي َ‬ ‫ل َ‬ ‫ضيي ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫دوا ْ ل َوْ ت َك ُْفُرو َ‬ ‫سوَِء وَوَ ّ‬ ‫م ِبال ّ‬ ‫م وَأل ْ ِ‬
‫سن َت َهُ ْ‬ ‫م أي ْدِي َهُ ْ‬ ‫سط ُوَا ْ إ ِل َي ْك ُ ْ‬ ‫وَي َب ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫صي ُ‬ ‫ميةِ ي َْف ِ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬ ‫م ي َيوْ َ‬ ‫م وَل َ أوْل َد ُك ُي ْ‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫حييا ُ‬ ‫م أْر َ‬ ‫* َلن َتنَفعَك ُي ْ‬
‫صيييييييييٌر‬ ‫ن بَ ِ‬ ‫مُلييييييييو َ‬ ‫مييييييييا ت َعْ َ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫م َوالّليييييييي ُ‬ ‫كيييييييي ْ‬ ‫ب َي ْن َ ُ‬
‫كييان سييبب نييزول صييدر هييذه السييورة الكريميية قصيية‬
‫حاطب بن أبي بلتعة‪ ,‬وذلك أن حاطبيا ً هييذا كييان رجل ً ميين‬
‫المهاجرين‪ ,‬وكان من أهل بدر أيضًا‪ ,‬وكييان لييه بمكيية أولد‬
‫ومال ولم يكن من قريش أنفسهم‪ ,‬بل كان حليفا ً لعثمان‪,‬‬
‫فلما عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على فتح مكة‬

‫‪653‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لما نقض أهلها العهد‪ ,‬فأمر النبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫المسييلمين بييالتجهيز لغزوهييم وقييال »اللهييم عييم عليهييم‬
‫خبرنا« فعمد حاطب هذا فكتب كتابا ً وبعثه مع قريش إلييى‬
‫أهل مكة‪ ,‬يعلمهم بما عزم عليييه رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم من غزوهم‪ ,‬ليتخذ بذلك عندهم يدا ً فأطلع الله‬
‫تعييالى علييى ذلييك رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫استجابة لدعائه‪ ,‬فبعث في أثر المرأة فأخذ الكتيياب منهييا‪,‬‬
‫وهيييذا بيييين فيييي هيييذا الحيييديث المتفيييق عليييى صيييحته‪.‬‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا سفيان عن عمه‪ ,‬أخبرني حسيين‬
‫بن محمد بن علي‪ ,‬أخبرني عبد اللييه بيين أبييي رافييع وقييال‬
‫مرة إن عبيد الله بن أبي رافع أخبره أنه سمع عليا ً رضييي‬
‫الله عنه يقول‪ :‬بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا‬
‫والزبير والمقداد فقال »انطلقييوا حييتى تييأتوا روضيية خيياخ‬
‫فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها‪ ,‬فانطلقنا تعادي بنييا‬
‫خيلنا حتى أتينا الروضة‪ ,‬فإذا نحيين بالظعينيية قلنييا أخرجييي‬
‫الكتاب‪ ,‬قالت‪ :‬مييا معييي كتيياب‪ ,‬قلنييا لتخرجيين الكتيياب أو‬
‫لتلقين الثياب‪ ,‬قال‪ :‬فأخرجت الكتاب من عقاصها‪ ,‬فأخييذنا‬
‫الكتاب فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه‬
‫من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشييركين بمكيية‪,‬‬
‫يخبرهم ببعض أمر رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪,‬‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم »يا حاطب ما هذا‬
‫؟« قال‪ :‬ل تعجل علي إني كنت امرأ ً ملصييقا ً فييي قريييش‬
‫ولم أكن من أنفسهم‪ ,‬وكان من معك من المهاجرين لهييم‬
‫قرابات يحمون أهليهم بمكة‪ ,‬فييأحببت إذ فيياتني ذلييك ميين‬
‫النسب فيهم‪ ,‬أن أتخذ فيهم يدا ً يحمييون بهييا قرابييتي‪ ,‬ومييا‬
‫فعلت ذلك كفرا ً ول ارتدادا ً عن ديني ول رضيا ً بييالكفر بعييد‬
‫السلم‪ ,‬فقال رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬إنييه‬
‫صيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييدقكم«‪.‬‬
‫فقييال عميير‪ :‬دعنييي أضييرب عنييق هييذا المنييافق‪ ,‬فقييال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إنه قد شهد بدرا ً ومييا‬
‫يدريك لعل الله اطلع إلييى أهييل بييدر‪ ,‬فقييال‪» :‬اعملييوا مييا‬
‫شئتم فقد غفييرت لكييم« وهكييذا أخرجييه الجماعيية إل ابيين‬

‫‪654‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ماجه من غير وجه عن سفيان بن عيينة به‪ ,‬وزاد البخيياري‬
‫في كتاب المغييازي‪ :‬فييأنزل اللييه السييورة }يييا أيهييا الييذين‬
‫آمنوا ل تتخذوا عييدوي وعييدوكم أولييياء{ وقييال فييي كتيياب‬
‫التفسير‪ :‬قال عمرو ونزلييت فيييه }يييا أيهييا الييذين آمنييوا ل‬
‫ليية فيي‬ ‫تتخييذوا عييدوي وعيدوكم أولييياء{ وقييال ل أدري ا َ‬
‫الحديث أو قال عمرو‪ .‬قال البخاري قييال علييي يعنييي ابيين‬
‫المديني قيل لسييفيان فييي هييذا نزلييت }ل تتخييذوا عييدوي‬
‫وعدوكم أولييياء{ فقييال سييفيان‪ :‬هييذا فييي حييديث النيياس‬
‫حفظته ميين عمييرو‪ ,‬مييا تركييت منييه حرف يا ً ول أدري أحييدا ً‬
‫حفظيييييييييييييييييييييييييييييييه غييييييييييييييييييييييييييييييييري‪.‬‬
‫وقد أخرجاه في الصحيحين من حييديث حصييين بيين عبييد‬
‫الرحميين عيين سييعد بيين عبيييدة‪ ,‬عيين أبييي عبييد الرحميين‬
‫السلمي عن علي قال‪ :‬بعثني رسول الله صلى الله عليييه‬
‫وسلم وأبا مرثد والزبييير بيين العييوام وكلنييا فييارس‪ ,‬وقييال‬
‫انطلقييوا حييتى تييأتوا روضيية خيياخ فييإن بهييا امييرأة ميين‬
‫المشييركين معهييا كتيياب ميين حيياطب بيين أبييي بلتعيية إلييى‬
‫المشييركين‪ ,‬فأدركناهييا تسييير علييى بعييير لهييا حيييث قييال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا‪ :‬الكتاب ؟ فقالت‪:‬‬
‫ما معي كتاب‪ ,‬فأنخناها فالتمسنا فلييم نيير كتابيًا‪ ,‬فقلنييا مييا‬
‫كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم لتخرجن الكتاب أو‬
‫لنجردنك فلما رأت الجد أهوت إلى حجزتها وهي محتجييزة‬
‫بكساء فأخرجته‪ ,‬فانطلقنا بها إلى رسول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليييه وسييلم فقييال عميير‪ :‬يييا رسييول اللييه قييد خييان اللييه‬
‫ورسوله والمييؤمنين فييدعني فلضييرب عنقييه فقييال النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬ما حملك على ما صنعت ؟« قييال‬
‫حاطب‪ :‬واللييه مييا بييي إل أن أكييون مؤمن يا ً بييالله ورسييوله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ,‬أردت أن تكون ليي عنيد القييوم ييد‬
‫يدفع الله بها عن أهلي ومالي وليس أحد ميين أصييحابك إل‬
‫له هناك من عشيرته من يدفع اللييه بييه عيين أهلييه وميياله‪,‬‬
‫فقييييييال‪» :‬صييييييدق ل تقولييييييوا لييييييه إل خيييييييرًا«‪.‬‬
‫فقال عمر‪ :‬إنه قد خان الله ورسوله والمييؤمنين فييدعني‬
‫فلضرب عنقه‪ ,‬فقال‪» :‬أليس ميين أهييل بييدر ؟ يي فقييال يي‬

‫‪655‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لعل الله قد اطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقييد‬
‫وجبت لكم الجنة ي أو قد غفرت لكم ي« فدمعت عينا عميير‬
‫وقال‪ :‬الله ورسوله أعلم‪ ,‬هذا لفظ البخاري فييي المغييازي‬
‫في غزوة بدر‪ ,‬وقد روي من وجه آخر عن علييي قييال ابيين‬
‫أبي حاتم‪ :‬حدثنا علي بن الحسن الهسنجاني‪ ,‬حييدثنا عبيييد‬
‫بن يعيييش‪ ,‬حييدثنا إسييحاق بيين سييليمان الييرازي عيين أبييي‬
‫سنان هو سعيد بن سنان عن عمرو بن مرة الجملييي عيين‬
‫أبي البحتري الطائي‪ ,‬عن الحارث عن علي قال‪ :‬لمييا أراد‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي مكة أسر إلييى أنيياس‬
‫من أصحابه أنه يريييد مكيية منهييم حيياطب بيين أبييي بلتعيية‪,‬‬
‫وأفشى في الناس أنه يريد خيبر‪ ,‬قال‪ :‬فكتب حيياطب بيين‬
‫أبي بلتعة إلى أهل مكة أن رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم يريدكم‪ ,‬فأخبر رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪,‬‬
‫قال فبعثني رسول الله صلى الله عليييه وسييلم وأبيا مرثييد‬
‫وليس منا رجل إل وعنده فرس فقال‪» :‬ائتوا روضيية خيياخ‬
‫فييإنكم سييتلقون بهييا امييرأة معهييا كتيياب فخييذوه منهييا«‪.‬‬
‫فانطلقنا حييتى رأيناهييا بالمكييان الييذي ذكيير رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم فقلنييا لهيا هيات الكتيياب فقييالت مييا‬
‫معييي كتيياب‪ ,‬فوضييعنا متاعهييا وفتشييناها فلييم نجييده فييي‬
‫متاعها‪ ,‬فقال أبو مرثد لعلييه أن ل يكييون معهييا‪ ,‬فقلييت مييا‬
‫كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم ول كذبنا فقلنا لهييا‬
‫لتخرجنييه أو لنعرينييك‪ .‬فقييالت أمييا تتقييون اللييه! ألسييتم‬
‫مسلمين! فقلنا لتخرجنه أو لنعرينك‪ .‬قال عمرو بيين مييرة‪.‬‬
‫فأخرجته من حجزتها‪ .‬وقال حبيب بن أبييي ثييابت‪ :‬أخرجتييه‬
‫من قبلها‪ ,‬فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فييإذا‬
‫الكتاب من حيياطب بيين أبييي بلتعيية‪ ,‬فقييام عميير فقييال يييا‬
‫رسول الله خان الله ورسوله فائذن لييي فلضييرب عنقييه‪,‬‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬أليس قييد شييهد‬
‫بدرا ً ؟ قالوا‪ :‬بلى‪ ,‬وقال عمر‪ :‬بلى ولكنه قد نكييث وظيياهر‬
‫أعداءك عليك‪ ,‬فقال رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»فلعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شييئتم إنييي‬
‫بما تعملون بصير« ففاضت عينا عمر وقال‪ :‬الله ورسييوله‬

‫‪656‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أعلييم فأرسييل رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم إلييى‬
‫حاطب فقال‪» :‬يا حاطب مييا حملييك علييى مييا صيينعت ؟«‬
‫فقال‪ :‬يا رسول الله إني كنييت امييرأ ً ملصييقا ً فييي قريييش‪,‬‬
‫وكان لي بها مال وأهل ولم يكن من أصحابك أحييد إل ولييه‬
‫بمكة من يمنع أهله وميياله‪ ,‬فكتبييت بييذلك إليهييم واللييه يييا‬
‫رسول الله إني لمؤمن بالله ورسوله‪ ,‬فقييال رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬صدق حاطب فل تقولييوا لحيياطب‬
‫إل خيرًا« قال حبيب بن أبي ثابت‪ :‬فأنزل الله تعييالى‪} :‬يييا‬
‫أيها الذين آمنييوا ل تتخييذوا عييدوي وعييدوكم أولييياء تلقييون‬
‫لية‪ .‬وهكذا رواه ابن جرير عن ابن حميييد‬ ‫إليهم بالمودة{ ا َ‬
‫عن مهران‪ ,‬عن أبي سنان سعيد بن سنان بإسييناده مثلييه‪.‬‬
‫وقد ذكر ذلك أصحاب المغاري والسير فقييال محمييد بيين‬
‫إسحاق بن يسار في السيرة‪ :‬حدثني محمد بن جعفيير بيين‬
‫الزبير عن عروة بن الزبير وغيييره ميين علمائنييا قييال‪ :‬لمييا‬
‫أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسير إلى مكيية‪,‬‬
‫كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابا ً إلى قريش يخبرهم بالييذي‬
‫أجمع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المر في‬
‫السير إليهم ثم أعطاه امرأة‪ ,‬زعم محمييد بيين جعفيير أنهييا‬
‫من مزينة‪ ,‬وزعم غيره أنها سارة مولة لبني عبد المطلب‬
‫وجعل لها جعل ً على أن تبلغه لقريش‪ ,‬فجعلته فييي رأسييها‬
‫ثم فتلت عليه قرونها‪ ,‬ثييم خرجييت بييه‪ ,‬وأتييى رسييول الليه‬
‫صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما صينع حيياطب‪,‬‬
‫فبعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام فقال‪» :‬أدركا‬
‫امرأة قد كتب معها حاطب كتابا ً إلى قريييش يحييذرهم مييا‬
‫قيييييييييد أجمعنيييييييييا ليييييييييه مييييييييين أمرهيييييييييم«‪.‬‬
‫فخرجا حييتى أدركاهييا بالحليفيية‪ ,‬حليفيية بنييي أبييي أحمييد‪,‬‬
‫فاستنزلها بالحليفة فالتمسا فييي رحلهييا فلييم يجييدا شيييئًا‪,‬‬
‫فقال لها علي بن أبي طالب‪ :‬إنييي أحلييف بييالله مييا كييذب‬
‫رسييول اللييه ومييا كييذبنا‪ ,‬ولتخرجيين لنييا هييذا الكتيياب أو‬
‫لنكشفنك‪ .‬فلمييا رأت الجييد منييه قييالت‪ :‬أعييرض‪ ,‬فييأعرض‬
‫فحلت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب منها فدفعته إليه‪,‬‬
‫فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسييلم‪ ,‬فييدعا رسييول‬

‫‪657‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله صلى الله عليه وسييلم حاطبيا ً فقييال‪» :‬يييا حيياطب مييا‬
‫حملك على هييذا ؟ فقييال‪ :‬يييا رسييول اللييه أمييا واللييه إنييي‬
‫لمؤمن بالله وبرسوله ما غيرت ول بدلت ولكني كنت امرأ ً‬
‫ليس لي في القوم من أهييل ول عشيييرة‪ ,‬وكييان لييي بييين‬
‫أظهرهييم ولييد وأهييل فصييانعتهم عليهييم‪ ,‬فقييال عميير بيين‬
‫الخطاب‪ :‬يا رسول الله دعني فلضرب عنقه فييإن الرجييل‬
‫قد نافق‪ ,‬فقال رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬ومييا‬
‫يدريك يا عمر ؟ لعل الله قد اطلع إلييى أصييحاب بييدر يييوم‬
‫بيييدر فقيييال »اعمليييوا ميييا شيييئتم فقيييد غفيييرت لكيييم«‪.‬‬

‫فأنزل الله عز وجل فييي حيياطب }ياأيهييا الييذين آمنييوا ل‬


‫تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهييم بييالمودة يي إلييى‬
‫قوله ي قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معييه‬
‫إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون ميين دون اللييه‬
‫كفرنا بكم وبدا بيننييا وبينكييم العييداوة والبغضيياء أبييدا ً حييتى‬
‫تؤمنوا بييالله وحييده{ إلييى آخيير القصيية‪ ,‬وروى معميير عيين‬
‫الزهري عن عروة نحو ذلك‪ ,‬وهكذا ذكر مقاتييل بيين حيييان‬
‫ليات نزلت في حاطب بيين أبييي بلتعيية أنييه بعييث‬ ‫أن هذه ا َ‬
‫سارة مولة بني هاشم‪ ,‬وأنه أعطاهييا عشييرة دراهييم‪ ,‬وأن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث في أثرها عمر بيين‬
‫الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي اللييه عنهمييا فأدركاهييا‬
‫بالجحفة وذكر تمام القصة كنحو مييا تقييدم‪ ,‬وعيين السييدي‬
‫قريبا ً منه‪ ,‬وهكذا قييال العييوفي عيين ابيين عبيياس ومجاهييد‬
‫ليات نزلت في حاطب بن أبي‬ ‫وقتادة وغير واحد أن هذه ا َ‬
‫بلتعييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييية‪.‬‬
‫فقييوله تعييالى‪} :‬يييا أيهييا الييذين آمنييوا ل تتخييذوا عييدوي‬
‫وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جيياءكم‬
‫من الحق{ يعني المشركين والكفار الييذين هييم محيياربون‬
‫للييه ولرسييوله وللمييؤمنين الييذين شييرع اللييه عييداوتهم‬
‫ومصارمتهم ونهى أن يتخييذوا أولييياء وأصييدقاء وأخلء كمييا‬
‫قال تعالى‪} :‬يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا اليهود والنصييارى‬
‫أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكييم فييإنه منهييم{‬

‫‪658‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد وقال تعالى‪} :‬يييا أيهييا الييذين‬
‫آمنوا ل تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هيزوا ً ولعبيا ً مين اليذين‬
‫أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتييم‬
‫مييؤمنين{ وقييال تعييالى‪} :‬يييا أيهييا الييذين آمنييوا ل تتخييذوا‬
‫الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا للييه‬
‫عليكم سلطانا ً مبينا ً ؟{ وقال تعييالى‪} :‬ل يتخييذ المؤمنييون‬
‫الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليييس‬
‫من الله في شيء إل أن تتقوا منهييم تقيياة ويحييذركم اللييه‬
‫نفسه{ ولهذا قبل رسول الله صلى الله عليه وسييلم عييذر‬
‫حاطب‪ ,‬لما ذكر أنه إنما فعل ذلك مصانعة لقريييش لجييل‬
‫ميييييا كيييييان ليييييه عنيييييدهم مييييين الميييييوال والولد‪.‬‬
‫ويييذكر ههنييا الحييديث الييذي رواه المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا‬
‫مصعب بن سلم‪ ,‬حدثنا الجلح عن قييس بين أبييي مسيلم‬
‫عن ربعييي بيين حييراش سييمعت حذيفيية يقييول‪ :‬ضييرب لنييا‬
‫رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم أمثييال ً واحييدا ً وثلثيية‬
‫وخمسة وسبعة وتسعة وأحد عشر‪ ,‬قال فضييرب لنييا منهييا‬
‫مثل ً وتييرك سييائرها قييال‪» :‬إن قومييا ً كييانوا أهييل ضييعف‬
‫ومسكنة قاتلهم أهل تجبر وعداء فأظهر الله أهل الضييعف‬
‫عليهييم فعمييدوا إلييى عييدوهم فاسييتعملوهم وسييلطوهم‪,‬‬
‫فأسييخطوا الليه عليهييم إلييى يييوم يلقييونه« وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}يخرجون الرسول وإياكم{ هذا مع مييا قبلييه ميين التهييييج‬
‫علييى عييداوتهم وعييدم مييوالتهم لنهييم أخرجييوا الرسييول‬
‫وأصحابه من بين أظهرهم كراهة لما هم عليه من التوحيد‬
‫وإخلص العبادة لله وحده‪ ,‬ولهذا قيال تعيالى‪} :‬أن تؤمنيوا‬
‫بالله ربكم{ أي لم يكن لكم عندهم ذنب إل إيمانكم بييالله‬
‫رب العالمين كقوله تعالى‪} :‬وما نقموا منهم إل أن يؤمنوا‬
‫بالله العزيز الحميد{ وكقوله تعالى‪} :‬الييذين أخرجييوا ميين‬
‫ديييييارهم بغييييير حييييق إل أن يقولييييوا ربنييييا اللييييه{‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬إن كنتم خرجتم جهادا ً في سبيلي وابتغاء‬
‫مرضاتي{ أي إن كنتم كذلك فل تتخذوهم أولياء‪ ,‬إن كنتييم‬
‫خرجتم مجاهدين في سييبيلي بيياغين لمرضيياتي عنكييم‪ ,‬فل‬
‫توالييوا أعييدائي وأعييداءكم وقييد أخرجييوكم ميين دييياركم‬

‫‪659‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وأمييوالكم حنق يا ً عليكييم وسييخطا ً لييدينكم‪ .‬وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتييم{‬
‫أي تفعلون ذلك وأنا العالم بالسرائر والضييمائر والظييواهر‬
‫}ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السييبيل * إن يثقفييوكم‬
‫يكونييوا لكييم أعييداء ويبسييطوا إليكييم أيييديهم وألسيينتهم‬
‫بالسيوء{ أي ليو قييدروا عليكييم لميا اتقييوا فيكييم مين أذى‬
‫ينييالونكم بييه بالمقييال والفعييال }وودوا لييو تكفييرون{ أي‬
‫ويحرصون على أن ل تنالوا خيرا ً فهم عداوتهم لكم كامنيية‬
‫وظيياهرة فكيييف توالييون مثييل هييؤلء ؟ وهييذا تهييييج علييى‬
‫عييييييييييييييييييييييييييييييداوتهم أيضييييييييييييييييييييييييييييييًا‪.‬‬
‫وقوله تعييالى‪} :‬ليين تنفعكييم أرحييامكم ول أولدكييم يييوم‬
‫القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير{ أي قراباتكم‬
‫ل تنفعكم عند الله إذا أراد الله بكم سوءًا‪ ,‬ونفعهم ل يصل‬
‫إليكم إذا أرضيتموهم بما يسييخط اللييه‪ ,‬وميين وافييق أهلييه‬
‫على الكفر ليرضيييهم فقييد خيياب وخسيير وضييل عملييه ول‬
‫ينفعه عند الله قرابته من أحد‪ ,‬ولو كان قريبا ً إلى نبي من‬
‫النبياء‪ .‬قال المام أحمد‪ :‬حييدثنا عفييان‪ ,‬حييدثنا حميياد عيين‬
‫ثابت عن أنس أن رجل ً قال‪ :‬يا رسول الله أين أبي ؟ قييال‬
‫»في النار« فلمييا قفييى دعيياه فقييال »إن أبييي وأبيياك فييي‬
‫النار« ورواه مسلم وأبو داود من حديث حميياد بيين سييلمة‬
‫بيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬

‫كانت ل َك ُ ُ‬
‫ه إ ِذ ْ‬ ‫مع َ ي ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م َوال ّي ِ‬ ‫هي َ‬ ‫ي إ ِب َْرا ِ‬ ‫ة فِ َ‬ ‫سن َ ٌ‬‫ح َ‬ ‫سوَةٌ َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫** قَد ْ َ َ ْ‬
‫ن الل ّيهِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ميين ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ت َعْب ُي ُ‬ ‫م ّ‬ ‫م وَ ِ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫م إ ِّنا ب َُرءآؤا ْ ّ‬ ‫مه ِ ْ‬ ‫َقاُلوا ْ ل َِقوْ ِ‬
‫ى‬ ‫ي‬‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ضييآُء أ َب َييدا ً‬ ‫داوَةُ َوال ْب َغْ َ‬ ‫م ال ْعَي َ‬ ‫دا ب َي ْن َن َييا وَب َي ْن َك ُي ُ‬ ‫م وَب َ َ‬ ‫ك ََفْرَنا ب ِك ُ ْ‬
‫َ‬
‫مآ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫ست َغِْفَر ّ‬ ‫م لِبيهِ ل ْ‬ ‫هي َ‬ ‫ل إ ِب َْرا ِ‬ ‫حد َهُ إ ِل ّ قَوْ َ‬ ‫مُنوا ْ ِبالل ّهِ وَ ْ‬ ‫ت ُؤْ ِ‬
‫َ‬ ‫ك ت َوَك ّل ْن َييا وَإ ِل َي ْي َ‬ ‫يٍء ّرب َّنا عَل َي ْي َ‬ ‫َ‬
‫ك أن َب ْن َييا‬ ‫ش ْ‬ ‫من َ‬ ‫ن الل ّهِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ك لَ َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫أ ْ‬
‫ن ك ََفُروا ْ َواغِْفْر ل َن َييا‬ ‫ذي َ‬ ‫ة ل ّل ّ ِ‬
‫جعَل َْنا فِت ْن َ ً‬ ‫صيُر * َرب َّنا ل َ ت َ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫وَإ ِل َي ْ َ‬
‫كان ل َك ُيم فيه ي ُ‬ ‫ربنآ إن َ َ‬
‫س يوَةٌ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ْ ِ ِ ْ‬ ‫م * ل ََقد ْ َ َ‬ ‫كي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫زيُز ال ْ َ‬ ‫ت ال ْعَ ِ‬ ‫ك أن َ‬ ‫َ َّ ِّ‬
‫ن‬ ‫ل ف َ يإ ِ ّ‬ ‫ميين ي َت َيوَ ّ‬ ‫خ يَر وَ َ‬ ‫م ال َ ِ‬ ‫ه َوال ْي َيوْ َ‬ ‫جو الل ّ َ‬ ‫ن ي َْر ُ‬ ‫كا َ‬ ‫من َ‬ ‫ة لّ َ‬‫سن َ ٌ‬
‫ح َ‬ ‫َ‬
‫مييييييييييييييد ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫هيييييييييييييوَ ال ْغَن ِييييييييييييي ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫الل ّييييييييييييي َ‬

‫‪660‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول تعالى لعبيياده المييؤمنين الييذين أمرهييم بمصييارمة‬
‫الكافرين وعداوتهم ومجانبتهم والتبري منهييم‪} :‬قييد كييانت‬
‫لكم أسوة حسنة فييي إبراهيييم والييذين معييه{ أي وأتبيياعه‬
‫الذين آمنييوا معييه }إذ قييالوا لقييومهم إنييا بييرآء منكييم{ أي‬
‫تبرأنا منكم }ومما تعبدون من دون اللييه كفرنييا بكييم{ أي‬
‫بدينكم وطريقكيم }وبيدا بيننيا وبينكيم‪ ,‬العيداوة والبغضياء‬
‫أبدًا{ يعني وقد شرعت العييداوة والبغضيياء ميين ا َ‬
‫لن بيننييا‬
‫وبينكييم‪ ,‬مييادمتم علييى كفركييم فنحيين أبييدا ً نتييبرأ منكييم‬
‫ونبغضكم }حتى تؤمنوا بييالله وحييده{ أي إلييى أن توحييدوا‬
‫الله فتعبدوه وحده ل شريك له وتخلعييوا مييا تعبييدون معييه‬
‫من الوثان والنداد‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬إل قول إبراهيييم لبيييه‬
‫لستغفرن لك{ أي لكم في إبراهيم وقييومه أسييوة حسيينة‬
‫تتأسون بها إل في استغفار إبراهيم لبيييه‪ ,‬فييإنه إنمييا كييان‬
‫عن موعدة وعدها إياه‪ ,‬فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه‪,‬‬
‫لبائهم الييذين ميياتوا‬ ‫وذلك أن بعض المؤمنين كانوا يدعون َ‬
‫على الشرك ويستغفرون لهييم ويقولييون إن إبراهيييم كييان‬
‫يستغفر لبيه‪ ,‬فأنزل الله عز وجل }ما كان للنييبي والييذين‬
‫آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولييي قربييى ميين‬
‫بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم * وما كييان اسييتغفار‬
‫إبراهيم لبيه إل عن موعدة وعدها إياه‪ ,‬فلما تييبين لييه أنييه‬
‫عييييدو للييييه تييييبرأ منييييه إن إبراهيييييم لواه حليييييم{‪.‬‬
‫لية‪} :‬قد كانت لكم أسييوة حسيينة‬ ‫وقال تعالى في هذه ا َ‬
‫في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم‪ :‬إنا برآء منكييم ي ي‬
‫إلى قوله ي إل قول إبراهيم لبيه لستغفرن لك ومييا أملييك‬
‫لك من الله من شيء{ أي ليس لكم فييي ذلييك أسييوة أي‬
‫في الستغفار للمشركين هكذا قييال ابيين عبيياس ومجاهييد‬
‫وقتيييادة ومقاتيييل بييين حييييان والضيييحاك وغيييير واحيييد‪.‬‬
‫ثم قال تعالى مخبرا ً عن قول إبراهيم والذين معييه حييين‬
‫فارقوا قومهم وتبرءوا منهييم‪ ,‬فلجييأوا إلييى اللييه وتضييرعوا‬
‫إليه فقالوا }ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنييا وإليييك المصييير{‬
‫أي توكلنييا عليييك فييي جميييع المييور وسييلمنا أمورنييا إليييك‬
‫لخييرة‬ ‫وفوضناها إليك وإليك المصير أي المعاد في الييدار ا َ‬

‫‪661‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}ربنا ل تجعلنا فتنة للذين كفييروا{ قييال مجاهييد‪ :‬معنيياه ل‬
‫تعذبنا بأيديهم ول بعذاب من عندك فيقولوا‪ :‬لو كان هييؤلء‬
‫على حق ما أصابهم هذا‪ ,‬وكذا قال الضحاك‪ ,‬وقال قتييادة‪:‬‬
‫ل تظهرهم علينييا فيفتنونييا بييذلك يييرون أنهييم إنمييا ظهييروا‬
‫علينا لحق هم عليه‪ ,‬واختاره ابن جرير‪ ,‬وقال علي بن أبي‬
‫طلحيية عيين ابيين عبيياس‪ :‬ل تسييلطهم علينييا فيفتنونييا‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬واغفر لنا ربنا إنك أنييت العزيييز الحكيييم{‬
‫أي واستر ذنوبنا عن غيرك واعييف عنهييا فيمييا بيننييا وبينييك‬
‫}إنييك أنييت العزيييز{ أي الييذي ل يضييام ميين لذ بجنابييك‬
‫}الحكيم{ في أقوالك وأفعالك وشرعك وقييدرك ثييم قييال‬
‫تعالى‪} :‬لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لميين كييان يرجييو‬
‫لخر{ وهذا تأكيد لما تقدم ومسييتثنى منييه مييا‬ ‫الله واليوم ا َ‬
‫تقدم أيضا ً لن هذه السوة المثبتة ههنا هي الولى بعينهييا‪,‬‬
‫لخيير{ تهييييج‬ ‫وقوله تعالى‪} :‬لمن كان يرجو اللييه واليييوم ا َ‬
‫إلى ذلك لكل مؤمن بالله والمعيياد‪ ,‬وقييوله تعييالى‪} :‬وميين‬
‫يتول{ أي عما أمر الله به }فإن الله هييو الغنييي الحميييد{‬
‫كقوله تعالى‪} :‬إن تكفروا أنتم ومن في الرض جميعا ً فإن‬
‫الليه لغنييي حميييد{ وقيال علييي بيين أبييي طلحيية عيين ابيين‬
‫عباس‪ :‬الغني الذي قد كمل في غناه وهو الله‪ ,‬هذه صفته‬
‫ل تنبغي إل له ليس له كفء ولييس كمثليه شييء سيبحان‬
‫الله الواحد القهييار الحميييد المسييتحمد إلييى خلقييه أي هييو‬
‫المحمييود فييي جميييع أقييواله وأفعيياله ل إلييه غيييره ول رب‬
‫سييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييواه‪.‬‬

‫** عَسى الل ّ َ‬


‫من ْهُييم‬ ‫ن عَيياد َي ُْتم ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّي ِ‬ ‫م وَب َي ْي َ‬ ‫ل ب َي ْن َك ُي ْ‬‫جع َ َ‬ ‫ه أن ي َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ه عَي َ ِ‬ ‫م الل ّي ُ‬‫م * ل ّ ي َن ْهَيياك ُ ُ‬ ‫حي ي ٌ‬ ‫ه غَُفوٌر ّر ِ‬ ‫ديٌر َوالل ّ ُ‬ ‫ه قَ ِ‬ ‫موَد ّةً َوالل ّ ُ‬ ‫ّ‬
‫م أن‬ ‫من دَِيارِك ُ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫جوك ُ ْ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫ن وَل َ ْ‬ ‫دي ِ‬‫م ِفي ال ّ‬ ‫م ي َُقات ُِلوك ُ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ذي َ‬‫ال ّ ِ‬
‫مييا‬ ‫ن * إ ِن ّ َ‬ ‫طي َ‬ ‫سيي ِ‬ ‫مْق ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫سط ُوَا ْ إ ِل َي ْهِ ْ‬ ‫م وَت ُْق ِ‬ ‫ت َب َّروهُ ْ‬
‫َ‬
‫ميين‬ ‫كم ّ‬ ‫جييو ُ‬‫خَر ُ‬ ‫ن وَأ ْ‬ ‫دي ِ‬ ‫م ِفي ال ي ّ‬ ‫ن َقات َُلوك ُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه عَ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ي َن َْهاك ُ ُ‬
‫خراجك ُي َ‬
‫ميين ي َت َيوَل ّهُ ْ‬
‫م‬ ‫م وَ َ‬ ‫م أن ت َوَل ّيوْهُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ى إِ ْ َ ِ‬ ‫ْ َ‬
‫م وَظاهَُروا عَل َ‬
‫َ‬ ‫دَِيارِك ُ ْ‬
‫ن‬‫مو َ‬ ‫ظييييييييييييييييال ِ ُ‬ ‫م ال ّ‬ ‫هيييييييييييييييي ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫فَأ ُوَْلـييييييييييييييييئ ِ َ‬

‫‪662‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقييول تعييالى لعبيياده المييؤمنين بعييد أن أمرهييم بعييداوة‬
‫الكافرين }عسى الله أن يجعل بينكم وبين الييذين عيياديتم‬
‫منهم مودة{ أي محبة بعد البغضة ومودة بعد النفرة وألفة‬
‫بعد الفرقة }والله قدير{ أي على ما يشاء من الجمع بييين‬
‫الشياء المتنافرة والمتباينة والمختلفة فيؤلف بين القلوب‬
‫بعد العداوة والقساوة فتصييبح مجتمعيية متفقيية‪ ,‬كمييا قييال‬
‫تعالى ممتنا ً على النصييار }واذكييروا نعميية اللييه عليكييم إذ‬
‫كنتم أعييداء فييألف بييين قلييوبكم فأصييبحتم بنعمتييه إخوان يا ً‬
‫لية‪ .‬وكذا‬ ‫وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها{ ا َ‬
‫قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم‪» :‬ألم أجييدكم ضييلل ً‬
‫فهداكم الله بي وكنتم متفرقين فألفكم الله بيي ؟« وقيال‬
‫الله تعالى‪} :‬هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألييف بييين‬
‫قلييوبهم لييو أنفقييت مييا فييي الرض جميعيا ً مييا ألفييت بييين‬
‫قلييوبهم ولكيين اللييه ألييف بينهييم إنييه عزيييز حكيييم{ وفييي‬
‫الحديث »أحبب حبيبك هونا ً مييا فعسييى أن يكييون بغيضييك‬
‫يوما ً ما‪ ,‬وأبغض بغيضك هونا ً مييا فعسييى أن يكييون حبيبييك‬
‫يومييييييييييييا ً مييييييييييييا« وقييييييييييييال الشيييييييييييياعر‪:‬‬
‫وقييد يجمييع اللييه الشييتيتين بعييدمايظنان كييل الظيين أن ل‬
‫تلقيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييا‬
‫وقوله تعالى‪} :‬واللييه غفييور رحيييم{ أي يغفيير للكييافرين‬
‫كفرهم إذا تابوا منه وأنابوا إلييى ربهييم وأسييلموا لييه‪ ,‬وهييو‬
‫الغفييور الرحيييم بكييل ميين تيياب إليييه ميين أي ذنييب كييان‪.‬‬
‫ليية نزليت فيي أبيي‬ ‫وقد قال مقاتل بن حيان‪ :‬إن هيذه ا َ‬
‫سفيان صخر بن حرب‪ ,‬فإن رسول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم تزوج ابنته‪ ,‬فكانت هذه مودة مييا بينييه وبينييه‪ ,‬وفييي‬
‫هذا الذي قاله مقاتل نظيير‪ ,‬فييإن رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم تزوج بأم حبيبة بنت أبييي سييفيان قبييل الفتييح‪,‬‬
‫وأبو سفيان إنما أسلم ليلة الفتييح بل خلف‪ ,‬وأحسيين ميين‬
‫هذا ما رواه ابن أبي حاتم حيث(قال‪ :‬قرى على محمد بيين‬
‫عزيز‪ ,‬حدثني سلمة‪ ,‬حدثني عقيل‪ ,‬حدثني ابن شييهاب أن‬
‫رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم اسييتعمل أبييا سييفيان‬
‫صخر بن حرب على بعض اليمن‪ ,‬فلما قبييض رسييول اللييه‬

‫‪663‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صلى الله عليه وسلم أقبل فلقي ذا الخمار مرتدا ً فقيياتله‪,‬‬
‫فكان أول من قاتل في الردة وجاهد عن الدين‪ ,‬قييال ابيين‬
‫شهاب‪ :‬وهو ممن أنزل اللييه فيييه }عسييى اللييه أن يجعييل‬
‫لييية‪ .‬وفييي صييحيح‬ ‫بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة{ ا َ‬
‫مسلم عن ابن عباس أن أبا سفيان قييال‪ :‬يييا رسييول اللييه‬
‫ثلث أعطنيهن قال‪» :‬نعم« قال‪ :‬تأمرني أقاتل الكفار كما‬
‫كنت أقاتل المسلمين‪ ,‬قال‪» :‬نعم« قييال‪ :‬ومعاوييية تجعلييه‬
‫كاتبا ً بين يديك‪ ,‬قال‪» :‬نعم« قال‪ :‬وعنييدي أحسيين العييرب‬
‫وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها ي الحديث ي وقد‬
‫تقييييييييييييييييييييييييييييدم الكلم عليييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬لينهاكم الله عن الذين لم يقيياتلوكم فييي‬
‫الييدين ولييم يخرجييوكم ميين دييياركم{ أي يعيياونوا علييى‬
‫إخراجكم أي ل ينهاكم عن الحسان إلييى الكفييرة الييذين ل‬
‫يقاتلونكم في الدين كالنساء والضعفة منهم }أن تبروهم{‬
‫أي تحسنوا إليهم }وتقسطوا إليهييم{ أي تعييدلوا }إن اللييه‬
‫يحب المقسطين{ قييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا أبييو معاوييية‬
‫حدثنا هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عيين أسييماء‬
‫بنت أبي بكر رضي الله عنهمييا قييالت‪ :‬قييدمت أمييي وهييي‬
‫مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا‪ ,‬فأتيت النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم فقلييت يييا رسييول اللييه إن أمييي قييدمت وهييي‬
‫راغبة أفأصلها ؟ قال‪» :‬نعييم صيلي أمييك« أخرجيياه‪ .‬وقيال‬
‫المام أحمد‪ :‬حييدثنا عييارم‪ ,‬حييدثنا عبييد اللييه بيين المبييارك‪,‬‬
‫حدثنا مصعب بن ثابت‪ ,‬حدثنا عامر بن عبد الله بن الزبييير‬
‫عن أبيه قال‪ :‬قدمت قتيلة على ابنتها أسماء بنت أبي بكيير‬
‫بهدايا صناب وأقط وسمن وهي مشركة‪ ,‬فأبت أسييماء أن‬
‫تقبل هديتها وأن تدخلها بيتها‪ .‬فسألت عائشة النييبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ,‬فأنزل اللييه تعييالى‪} :‬ل ينهيياكم اللييه عيين‬
‫لييية‪ .‬فأمرهييا أن‬ ‫الذين لم يقاتلوكم في الدين{ إلى آخيير ا َ‬
‫تقبييييييييييل هييييييييييديتها وأن تييييييييييدخلها بيتهييييييييييا‪.‬‬
‫وهكذا رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث مصييعب‬
‫بن ثابت به‪ ,‬وفي رواية لحمد ولبن جرير قتيلة بنييت عبييد‬
‫العزى بن عبد أسعد من بنييي مالييك بيين حسييل‪ ,‬وزاد ابيين‬

‫‪664‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبي حاتم في المدة التي كانت بييين قريييش ورسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ .‬وقال ضأبو بكر أحمد بن عمرو بيين‬
‫عبد الخالق البزار‪ :‬حدثنا عبد الله بن شبيب حدثنا أبو بكيير‬
‫بن أبي شيبة حدثناأبو قتادة العدوي عن ابن أخي الزهييري‬
‫عن الزهري عن عييروة عيين عائشيية وأسييماء أنهمييا قالتييا‪:‬‬
‫قدمت علينا أمنا المدينة وهييي مشييركة فييي الهدنيية الييتي‬
‫كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبييين قريييش‬
‫فقلنا يا رسييول اللييه إن أمنييا قييدمت علينييا المدينيية وهييي‬
‫راغبة أفنصييلها ؟ قييال‪» :‬نعييم فصييلها ؟« ثييم قييال‪ :‬وهييذا‬
‫الحديث ل نعلمه يروى عن الزهري عن عروة عن عائشيية‬
‫إل مييييييييييييييييييين هيييييييييييييييييييذا اليييييييييييييييييييوجه‪.‬‬
‫)قلت(‪ :‬وهو منكيير بهييذا السييياق لن أم عائشيية هييي أم‬
‫رومان وكانت مسلمة مهاجرة وأم أسماء غيرهييا كمييا هييو‬
‫مصرح باسمها في هذه الحيياديث المتقدميية واللييه أعلييم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬إن الله يحب المقسطين{ قد تقدم تفسير‬
‫ذليييك فيييي سيييورة الحجيييرات وأورد الحيييديث الصيييحيح‬
‫»المقسطون على منابر من نور عن يمين العرش‪ ,‬الييذين‬
‫يعيييييدلون فيييييي حكمهيييييم وأهييييياليهم وميييييا وليييييوا«‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬إنما ينهاكم الله عن الييذين قيياتلوكم فييي‬
‫الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا علييى إخراجكييم أن‬
‫تولوهم{ أي إنما ينهاكم عن موالة هؤلء الييذين ناصييبوكم‬
‫بالعييداوة فقيياتلوكم وأخرجييوكم وعيياونوا علييى إخراجكييم‬
‫ينهاكم الله عز وجل عن موالتهم ويأمركم بمعياداتهم‪ ,‬ثيم‬
‫أكد الوعيد على موالتهم فقال‪} :‬ومن يتولهم فأولئك هييم‬
‫الظالمون{ كقوله تعالى‪} :‬ييا أيهييا اليذين آمنييوا ل تتخيذوا‬
‫اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولييياء بعييض وميين يتييولهم‬
‫منكييم فييإنه منهييم إن اللييه ل يهييدي القييوم الظييالمين{‪.‬‬

‫َ‬
‫ت‬ ‫جَرا ٍ‬ ‫مَهييا ِ‬ ‫ت ُ‬ ‫مَنييا ُ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫م ال ْ ُ‬‫جييآَءك ُ ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫مُنييوا ْ إ ِ َ‬‫نآ َ‬ ‫** ي َأي َّهييا اّليي ِ‬
‫ذي َ‬
‫حنوهُن الل ّ َ‬
‫ت‬‫من َييا ٍ‬‫مؤ ْ ِ‬
‫ن ُ‬ ‫مييوهُ ّ‬‫مت ُ ُ‬
‫ن عَل ِ ْ‬ ‫ن ف َ يإ ِ ْ‬‫مييان ِهِ ّ‬ ‫ه أعْل َ ُ‬
‫م ب ِِإي َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫مت َ ِ ُ‬ ‫َفا ْ‬
‫حل ّييو َ‬
‫ن‬ ‫م وَل َ هُي ْ‬
‫م يَ ِ‬ ‫ل ل ّهُي ْ‬ ‫حي ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن إ َِلى ال ْك ُّفييارِ ل َ هُي ّ‬ ‫جُعوهُ ّ‬‫فَل َ ت َْر ِ‬

‫‪665‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هم مييآ َأنَفُقييوا ْ ول َ جنيياح عَل َيك ُي َ‬
‫ذآ‬ ‫ن إِ َ‬
‫حييوَهُ ّ‬ ‫م أن َتنك ِ ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫ن َوآُتو ُ ّ‬ ‫ل َهُ ّ‬
‫آتيتموهُ ُ‬
‫مييآ‬ ‫سييأُلوا ْ َ‬ ‫وافِرِ َوا ْ‬ ‫صم ِ ال ْك َ َ‬‫كوا ْ ب ِعِ َ‬ ‫س ُ‬ ‫م ِ‬‫ن وَل َ ت ُ ْ‬ ‫جوَرهُ ّ‬ ‫نأ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َُْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫م ب َي ْن َك ُي ْ‬
‫حك ُي ُ‬ ‫م الل ّيهِ ي َ ْ‬ ‫حك ْي ُ‬‫م ُ‬ ‫مآ أنَفُقييوا ْ ذ َل ِك ُي ْ‬ ‫سأُلوا ْ َ‬ ‫م وَل ْي َ ْ‬
‫أنَفْقت ُ ْ‬
‫م إ ِل َييى‬ ‫ش ييٌء م ي َ‬
‫جك ُي ْ‬ ‫ن أْزَوا ِ‬ ‫م َ ْ ّ ْ‬ ‫م * وَِإن َفات َك ُ ْ‬ ‫كي ٌ‬
‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه عَِلي ٌ‬ ‫َوالل ّ ُ‬
‫مييآ َأنَفُقييوا ْ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ َ‬
‫م ّ‬ ‫جه ُ ْ‬
‫َ‬
‫ت أْزَوا ُ‬ ‫ن ذ َهَب َ ْ‬ ‫م َفآُتوا ْ ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ال ْك ُّفارِ فََعاقَب ْت ُ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مُنييييييو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫م ِبييييييهِ ُ‬ ‫ه اّلييييييذِيَ أنُتيييييي ْ‬ ‫َوات ُّقييييييوا ْ الّليييييي َ‬
‫تقدم في سورة الفتح في ذكر صلح الحديبية الييذي وقييع‬
‫بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبييين كفييار قريييش‬
‫فكان فيه‪ :‬على أن ل يأتيك منا رجل وإن كان علييى دينييك‬
‫إل رددته إلينا‪ ,‬وفي رواية‪ :‬على أنه ل يأتيييك منييا أحييد وإن‬
‫كان على دينك إل رددته إلينا‪ ,‬وهذا قول عييروة والضييحاك‬
‫وعبد الرحمن بن زيد والزهري ومقاتل بن حيان والسدي‪,‬‬
‫لية مخصصة للسيينة‪ ,‬وهييذا‬ ‫فعلى هذه الرواية تكون هذه ا َ‬
‫من أحسن أمثلة ذلك وعلى طريقة بعض السلف ناسييخة‪,‬‬
‫فإن الله عز وجل أمر عباده المييؤمنين إذا جيياءهم النسيياء‬
‫مهييياجرات أن يمتحنيييوهن‪ ,‬فيييإن علميييوهن مؤمنيييات فل‬
‫يرجعوهن إلى الكفار ل هن حل لهم ول هييم يحلييون لهيين‪,‬‬
‫وقد ذكرنا في ترجمة عبد الله بيين أبييي أحمييد بيين جحييش‬
‫من المسند الكبير من طريق أبي بكر بن أبي عاصييم عيين‬
‫محمد بن يحيى الذهلي عيين يعقييوب بيين محمييد عيين عبييد‬
‫العزيز بن عمران عن مجمع بن يعقوب عن حنين بن أبييي‬
‫لبانة عن عبد الله بن أبييي أحمييد قييال‪ :‬هيياجرت أم كلثييوم‬
‫بنت عقبة بن أبي معيط في الهجرة فخرج أخواهييا عمييارة‬
‫والوليد حتى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم‪,‬‬
‫فكلماه فيها أن يردها إليهما فنقض اللييه العهييد بينييه وبييين‬
‫المشركين فيي النسياء خاصية‪ ,‬فمنعهيم أن يردوهين إليى‬
‫المشييييييركين وأنييييييزل اللييييييه آيييييييات المتحييييييان‪.‬‬
‫قال ابن جرير‪ :‬حدثنا أبو كريييب‪ ,‬حييدثنا يييونس بيين بكييير‬
‫عن قيس بن الربيع عن الغر بين الصيباح عين خليفية بين‬
‫حصين عن أبي نصر السدي قال سييئل ابيين عبيياس كيييف‬
‫كان امتحان رسول الليه صيلى الليه علييه وسيلم النسياء‪,‬‬
‫قال‪ :‬كان يمتحنهن بالله ما خرجت ميين بغييض زوج وبييالله‬

‫‪666‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ما خرجت رغبيية عيين أرض إلييى أرض‪ ,‬وبييالله مييا خرجييت‬
‫التماس دنيا‪ ,‬وبالله ما خرجييت إل حب يا ً للييه ولرسييوله‪ ,‬ثييم‬
‫رواه من وجه آخر عيين الغيير بيين الصييباح بييه‪ ,‬وكييذا رواه‬
‫البزار من طريقه وذكر فيه أن الذي كان يحلفهن عن أميير‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم لييه عميير بيين الخطيياب‪,‬‬
‫وقال العوفي عن ابن عبيياس فييي قييوله تعييالى‪} :‬يييا أيهييا‬
‫الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنييات مهيياجرات فييامتحنوهن{‬
‫وكان امتحانهن أن يشييهدن أن ل إلييه إل اللييه وأن محمييدا ً‬
‫عبد الله ورسوله‪ ,‬وقال مجاهد‪} :‬فامتحنوهن{ فاسألوهن‬
‫عما جاء بهن‪ ,‬فإذا كان جاء بهن غضييب علييى أزواجهيين أو‬
‫سخطة أو غيره ولم يؤمن فارجعوهن إلى أزواجهن‪ ,‬وقال‬
‫عكرمة‪ :‬يقال لها ما جاء بك إل حب الله ورسوله‪ ,‬وما جاء‬
‫بييك عشييق رجييل منييا ول فييرار ميين زوجييك فييذلك قييوله‪:‬‬
‫}فامتحنوهن{ وقال قتييادة‪ :‬كييانت محنتهيين أن يسييتحلفن‬
‫بالله ما أخرجكن النشييوز ومييا أخرجكيين إل حييب السييلم‬
‫وأهلييه وحييرص عليييه‪ ,‬فييإذا قليين ذلييك قبييل ذلييك منهيين‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬فييإن علمتمييوهن مؤمنييات فل ترجعييوهن‬
‫إلى الكفار{ فيه دللة على أن اليمان يمكن الطلع عليه‬
‫يقينًا‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬ل هن حل لهم ول هم يحلييون لهيين{‬
‫لية هي الييتي حرمييت المسييلمات علييى المشييركين‬ ‫هذه ا َ‬
‫وقييد كييان جييائزا ً فييي ابتييداء السييلم أن يييتزوج المشييرك‬
‫المؤمنة‪ ,‬ولهذا كان أبو العاص بيين الربيييع زوج ابنيية النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم زينييب رضييي اللييه عنهييا‪ ,‬قييد كييانت‬
‫مسلمة وهو على دين قومه‪ ,‬فلما وقع فييي السييارى يييوم‬
‫بدر بعثت امرأته زينب فييي فييدائه بقلدة لهييا كييانت لمهييا‬
‫خديجة فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها‬
‫رقة شديدة وقيال للمسيلمين‪» :‬إن رأيتيم أن تطلقيوا لهييا‬
‫أسيرها فافعلوا« ففعلوا فييأطلقه رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليييه وسييلم علييى أن يبعييث ابنتييه إليييه‪ ,‬فييوفى لييه بييذلك‬
‫وصدقه فيما وعده وبعثها إلى رسول الله صلى الله عليييه‬
‫وسلم مع زيد بن حارثة رضي الله عنه‪ ,‬فأقييامت بالمدينيية‬
‫من بعد وقعة بدر‪ .‬وكانت سنة اثنتين إلى أن أسلم زوجهييا‬

‫‪667‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبو العاص بن الربيع سنة ثمان فردها عليييه بالنكيياح الول‬
‫وليييييييييييييم يحيييييييييييييدث لهيييييييييييييا صيييييييييييييداقًا‪.‬‬
‫كما قال المام أحمد‪ :‬حييدثنا يعقييوب‪ ,‬حييدثنا أبييي‪ ,‬حييدثنا‬
‫ابن إسيحاق حيدثنا داود بين الحصيين عين ابين عبياس أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم رد ابنته زينب على أبييي‬
‫العاص‪ ,‬وكييانت هجرتهييا قبييل إسييلمه بسييت سيينين علييى‬
‫النكاح الول ولم يحدث شهادة ول صداقًا‪ ,‬ورواه أبييو داود‬
‫والترمذي وابن ماجه ومنهم ميين يقييول بعييد سيينتين‪ ,‬وهييو‬
‫صييحيح‪ ,‬لن إسييلمه كييان بعييد تحريييم المسييلمات علييى‬
‫المشركين بسنتين وقال الترمذي‪ :‬ليس بإسناده بييأس ول‬
‫نعرف وجه هييذا الحييديث ولعلييه جيياء ميين حفييظ داود بيين‬
‫الحصين‪ ,‬وسمعت عبد بن حميد يقييول‪ :‬سييمعت يزيييد بيين‬
‫هارون يذكر عيين ابيين إسييحاق هييذا الحييديث وحييديث ابيين‬
‫الحجاج يعني ابن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن‬
‫جده أن رسول الله صلى الله عليييه وسييلم رد ابنتييه علييى‬
‫أبي العاص بن الربيع بمهر جديد ونكاح جديد‪ ,‬فقييال يزيييد‪:‬‬
‫حديث ابن عباس أجود إسنادا ً والعمل على حييديث عمييرو‬
‫بن شعيب‪ ,‬ثم قلت وقييد روى حييديث الحجيياج بيين أرطيياة‬
‫عن عمرو بن شعيب المام أحمييد والترمييذي وابيين ميياجه‬
‫وضيييعفه الميييام أحميييد وغيييير واحيييد‪ ,‬والليييه أعليييم‪.‬‬
‫وأجاب الجمهور عين حيديث ابين عبياس بيأن ذليك كيان‬
‫قضية عين‪ ,‬يحتمل أنه لم تنقض عدتها منه لن الذي علييه‬
‫الكثرون أنها متى انقضت العدة ولم يسلم انفسخ نكاحهييا‬
‫منه‪ .‬وقال آخرون بيل إذا انقضييت العيدة هييي بالخييار‪ ,‬إن‬
‫شاءت أقامت على النكاح واستمرت‪ ,‬وإن شاءت فسييخته‬
‫وذهبت فتزوجت وحملوا عليييه حييديث ابيين عبيياس‪ ,‬واللييه‬
‫أعلييم‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬وآتييوهم مييا أنفقييوا{ يعنييي أزواج‬
‫المهيياجرات ميين المشييركين ادفعييوا إليهييم الييذي غرمييوه‬
‫عليهيين ميين الصييدقة‪ ,‬قيياله ابيين عبيياس ومجاهييد وقتييادة‬
‫والزهري وغير واحد‪ ,‬وقوله تعييالى‪} :‬ول جنيياح عليكييم أن‬
‫تنكحييوهن إذا آتيتمييوهن أجييورهن{ يعنييي إذا أعطيتمييوهن‬
‫أصدقتهن فييانكحوهن أي تزوجييوهن بشييرطه ميين انقضيياء‬

‫‪668‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العييدة والييولي وغييير ذلييك‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬ول تمسييكوا‬
‫بعصم الكييوافر{ تحريييم ميين اللييه عييز وجييل علييى عبيياده‬
‫المييييؤمنين نكيييياح المشييييركات والسييييتمرار معهيييين‪.‬‬
‫وفييي الصييحيح عيين الزهييري عيين عييروة عيين المسييور‬
‫ومروان بن الحكم أن رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫لمييا عاهييد كفييار قريييش يييوم الحديبييية‪ ,‬جيياءه نسيياء ميين‬
‫المؤمنات فأنزل الله عييز وجييل }يييا أيهييا الييذين آمنييوا إذا‬
‫جيياءكم المؤمنييات مهيياجرات يي إلييى قييوله يي ول تمسييكوا‬
‫بعصم الكوافر{ فطلق عمر بيين الخطيياب يييومئذ امرأتييين‬
‫تزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والخرى صفوان بيين‬
‫أمية‪ .‬وقال ابن ثور عن معميير عين الزهيري‪ :‬أنزلييت هييذه‬
‫لية على رسول الله صلى الله عليه وسييلم وهييو بأسييفل‬ ‫ا َ‬
‫الحديبية حين صالحهم‪ ,‬على أنه من أتاه منهم رده ِإليهييم‪,‬‬
‫لييية وأمييره أن يييرد الصييداق‬ ‫فلما جاء النساء نزلت هييذه ا َ‬
‫إلى أزواجهن‪ ,‬وحكم على المشركين مثل ذلك إذا جاءتهم‬
‫امرأة من المسلمين أن يردوا الصداق إلى أزواجهن وقال‬
‫}ول تمسيييييييييييييكوا بعصيييييييييييييم الكيييييييييييييوافر{‪.‬‬
‫وهكذا قال عبد الرحمن بن زيد بيين أسييلم وقييال‪ :‬وإنمييا‬
‫حكم الله بينهم بذلك لجل ما كان بينهم وبينهم من العهد‪.‬‬
‫وقال محمد بن إسييحاق عيين الزهييري‪ :‬طلييق عميير يييومئذ‬
‫قريبة بنييت أبييي أمييية بيين المغيييرة‪ .‬فتزوجهييا معاوييية وأم‬
‫كلثوم بنت عمرو بن جرول الخزاعية‪ ,‬وهييي أم عبيييد اللييه‬
‫فتزوجها أبو جهم بن حذيفة بن غانم رجل من قومه وهمييا‬
‫على شركهما‪ ,‬وطلق طلحة بن عبيد الله أروى بنت ربيعة‬
‫بن الحارث بن عبد المطلب فتزوجها بعده خالد بيين سييعد‬
‫بن العاص‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬واسألوا ما أنفقتم وليسألوا مييا‬
‫أنفقييوا{ أي وطييالبوا بمييا أنفقتييم علييى أزواجكييم اللتييي‬
‫يذهبن إلييى الكفييار إن ذهبيين وليطييالبوا بمييا أنفقييوا علييى‬
‫أزواجهييييييم اللتييييييي هيييييياجرن إلييييييى المسييييييلمين‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ذلكييم حكييم اللييه يحكييم بينكييم{ أي فييي‬
‫الصلح واستثناء النساء منه والمر بهذا كله هييو حكييم اللييه‬
‫يحكم به بين خلقه }والله عليم حكيم{ أي عليم بما يصلح‬

‫‪669‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عباده حكيم في ذلك‪ ,‬ثم قال تعييالى‪} :‬وإن فيياتكم شيييء‬
‫ميين أزواجكييم إلييى الكفييار فعيياقبتم فييآتوا الييذين ذهبييت‬
‫أزواجهم مثل مييا أنفقييوا{ قييال مجاهييد وقتييادة‪ :‬هييذا فييي‬
‫الكفار الذين ليييس لهييم عهييد إذا فييرت إليهييم امييرأة ولييم‬
‫يدفعوا إلى زوجها شيئًا‪ ,‬فإذا جيياءت منهييم امييرأة ل يييدفع‬
‫إلى زوجها شيء حتى يدفع إلييى زوج الذاهبيية إليهييم مثييل‬
‫نفقته عليها‪ ,‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا يونس‪ ,‬حدثنا ابن وهب‬
‫أخبرني يونس عن الزهري قال‪ :‬أقر المؤمنون بحكم اللييه‬
‫فأدوا ما أمروا به من نفقات المشركين التي أنفقييوا علييى‬
‫نسائهم‪ ,‬وأبى المشركون أن يقروا بحكم الله فيما فييرض‬
‫عليهييم ميين أداء نفقييات المسييلمين‪ ,‬فقييال اللييه تعييالى‬
‫للمؤمنين به }وإن فاتكم شيء من أزواجكييم إلييى الكفييار‬
‫فعاقبتم‪ ,‬فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا‪ ,‬واتقوا‬
‫الليييييييييه اليييييييييذي أنتيييييييييم بيييييييييه مؤمنيييييييييون{‪.‬‬
‫لية امييرأة ميين أزواج المييؤمنين‬ ‫فلو أنها ذهبت بعد هذه ا َ‬
‫إلى المشركين‪ ,‬رد المؤمنون إلى زوجها النفقة التي أنفق‬
‫عليهامن العقب الذي بأيديهم الذي أمييروا أن يييردوه علييى‬
‫المشركين من نفقاتهم‪ ,‬التي أنفقوا على أزواجهييم اللتييي‬
‫آمن وهاجرن‪ ,‬ثم ردوا إلى المشركين فضل ً إن كييان بقييي‬
‫لهم‪ ,‬والعقب ما كان بقي ميين صييداق نسيياء الكفييار حييين‬
‫آمن وهاجرن‪ ,‬وقال العوفي عن ابن عباس في هذه ا َ‬
‫لية‪,‬‬
‫يعني إن لحقت امرأة رجل من المهاجرين بالكفار أمر لييه‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يعطى مثل ما أنفييق‬
‫من الغنيمة‪ ,‬وهكذا قال مجاهد }فعيياقبتم{ أصييبتم غنيميية‬
‫من قريش أو غيرهم }فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل مييا‬
‫أنفقوا{ يعني مهر مثلهييا‪ .‬وهكييذا قييال مسييروق وإبراهيييم‬
‫وقتادة ومقاتييل والضييحاك وسييفيان بيين حسييين والزهيري‬
‫أيضًا‪ .‬وهذا ل ينافي الول لنه إن أمكن الول فهييو الولييى‬
‫وإل فمن الغنائم اللتي تؤخذ من أيدي الكفار‪ ,‬وهذا أوسييع‬
‫وهييييو اختيييييار ابيييين جرييييير‪ ,‬وللييييه الحمييييد والمنيييية‪.‬‬

‫‪670‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ى َأن ل ّ‬ ‫ي‬ ‫ك عَل َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ي‬‫با‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫يا‬ ‫ي‬ ‫ن‬‫م‬ ‫ْ‬ ‫ؤ‬ ‫م‬ ‫ك ال ْ‬ ‫َ‬ ‫ء‬
‫َ‬ ‫يآ‬‫ي‬ ‫ج‬ ‫ذا‬‫َ‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫يا‬
‫ي‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫** يأ َ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ن أوْل َد َهُ ّ‬ ‫ن وَل َ ي َْقت ُل ْ َ‬ ‫ن وَل َ ي َْزِني َ‬ ‫سرِقْ َ‬ ‫شْيئا ً وَل َ ي َ ْ‬ ‫ن ِبالل ّهِ َ‬ ‫شرِ ْك ْ َ‬ ‫يُ ْ‬
‫صييين َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ن وَل َ ي َعْ ِ‬ ‫جل ِهِي ّ‬ ‫ن وَأْر ُ‬ ‫ديهِ ّ‬ ‫ن أي ْي ِ‬ ‫ه ب َي ْ َ‬‫رين َ ُ‬‫ن ي َْفت َ ِ‬ ‫وَل َ ي َأِتي َ‬
‫ن ب ِب ُهَُتا ٍ‬
‫ه غَُفييوٌر‬ ‫ن الل ّي َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ن الل ّي َ‬ ‫سيت َغِْفْر ل َهُي ّ‬ ‫ن َوا ْ‬ ‫ف فَب َيياي ِعْهُ ّ‬ ‫معْيُرو ٍ‬ ‫ِفي َ‬
‫م‬
‫حيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ٌ‬ ‫ّر ِ‬
‫قال البخاري‪ :‬حدثنا إسحاق حييدثنا يعقييوب بيين إبراهيييم‪,‬‬
‫حدثنا ابن أخي ابن شهاب عن عمه قال‪ :‬أخبرني عروة أن‬
‫عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحن من هاجر إليييه ميين‬
‫ليية }ييا أيهيا النيبي إذا جياءك المؤمنيات‬ ‫المؤمنات بهذه ا َ‬
‫يبايعنيييييك يييييي إليييييى قيييييوله يييييي غفيييييور رحييييييم{‬
‫قال عروة‪ :‬قييالت عائشيية فميين أقيير بهييذا الشييرط ميين‬
‫المؤمنات قال لهييا رسييول اللييه‪» :‬قييد بايعتييك« كلميًا‪ ,‬ول‬
‫والله ما مست يده يد امرأة في المبايعة قط‪ ,‬وما يبايعهن‬
‫إل بقييوله‪» :‬قييد بايعتييك علييى ذلييك« هييذا لفييظ البخيياري‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الرحمن بيين مهييدي‪ ,‬حييدثنا‬
‫سييفيان عيين محمييد بيين المنكييدر عيين أميميية بنييت رقيقيية‬
‫قالت‪ :‬أتيت رسول الله صلى الله عليه وسييلم فييي نسيياء‬
‫لنبايعه‪ ,‬فأخذ علينا ما في القرآن أن ل نشرك بييالله شيييئا ً‬
‫لية وقال »فيما استطعتن وأطقتيين« قلنييا اللييه ورسييوله‬ ‫ا َ‬
‫أرحم بنا من أنفسنا‪ ,‬قلنا‪ :‬يا رسول الله أل تصافحنا ؟ قال‬
‫»إني ل أصافح النساء إنمييا قييولي لمييرأة واحييدة كقييولي‬
‫لمييائة امييرأة« هييذا إسييناد صييحيح وقييد رواه الترمييذي‬
‫والنسييائي وابيين ميياجه ميين حييديث سييفيان بيين عيينيية‬
‫والنسائي أيضا ً من حديث الثوري ومالك بيين أنييس‪ ,‬كلهييم‬
‫عن محمييد بيين المنكييدر عيين أميميية بييه‪ ,‬وقييال الترمييذي‪:‬‬
‫حسن صحيح ل نعرفه إل من حييديث محمييد بيين المنكييدر‪,‬‬
‫وقد رواه أحمد أيضا ً ميين حييديث محمييد بيين إسييحاق عيين‬
‫محمد بن المنكييدر عيين أميميية بييه وزاد‪ :‬ولييم يصييافح منييا‬
‫امرأة‪ ,‬وكذا رواه ابن جرير من طريييق موسييى بيين عقبيية‬
‫عييييييييين محميييييييييد بييييييييين المنكيييييييييدر بيييييييييه‪.‬‬

‫‪671‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ورواه ابن أبي حاتم من حديث أبييي جعفيير الييرازي عيين‬
‫محمد بن المنكدر‪ ,‬حدثتني أميمة بنت رقيقة وكانت أخييت‬
‫ي فذكره‪ ,‬وقال المييام‬ ‫خديجة خالة فاطمة من فيها إلى ف ّ‬
‫أحمد‪ :‬حدثنا يعقوب حييدثنا أبييي عيين ابيين إسييحاق حييدثني‬
‫سليط بن أيوب بن الحكم بن سليم عن أمييه سييلمى بنييت‬
‫قيس‪ ,‬وكانت إحدى خالت رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم وقد صلت معه القبلييتين‪ ,‬وكييانت إحييدى نسيياء بنييي‬
‫عدي بن النجار قالت‪ :‬جئت رسول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم نبايعه في نسوة من النصار‪ ,‬فلمييا شييرط علينييا أل‬
‫نشرك بالله شيئا ً ول نسرق ول نزنييي ول نقتييل أولدنييا ول‬
‫نييأتي ببهتييان نفييتريه بييين أيييدينا وأرجلنييا ول نعصيييه فييي‬
‫معروف قال‪» :‬ول تغششن أزواجكن« قالت‪ :‬فبايعناه ثييم‬
‫انصرفنا فقلت لمرأة منهيين ارجعييي فسييلي رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم مييا غييش أزواجنييا ؟ قييالت‪ :‬فسييألته‬
‫فقييييييال »تأخييييييذ ميييييياله فتحييييييابي بييييييه غيييييييره«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا إبراهيم بن أبي العبيياس‪ ,‬حييدثنا‬
‫عبد الرحمن بن عثمان بن إبراهيم بن محمد بيين حيياطب‪,‬‬
‫حدثني أبي عن أمه عائشة بنت قدامة يعني ابيين مظعييون‬
‫قالت أنا مع أمي رائطة ابنة سفيان الخزاعية والنبي صلى‬
‫الله عليه وسلم يبايع النسوة ويقول‪» :‬أبايعكن علييى أن ل‬
‫تشركن بالله شيئا ً ول تسرقن ول تزنين ول تقتلن أولدكن‬
‫ول تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن ول تعصييينني‬
‫في معروف يي قليين نعييم يي فيمييا اسييتطعتن« فكيين يقليين‬
‫وأقول معهن وأمي تقول لييي أي بنييية نعييم‪ ,‬فكنييت أقييول‬
‫كما يقليين‪ .‬وقييال البخيياري‪ :‬حييدثنا أبييو معميير‪ ,‬حييدثنا عبييد‬
‫الوارث‪ ,‬حدثنا أيوب عن حفصة بنت سيرين عن أم عطييية‬
‫قالت‪ :‬بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقييرأ علينييا‬
‫}ول تشركن بالله شيئًا{ ونهانا عن النياحة فقبضت امييرأة‬
‫يدها قالت‪ :‬أسعدتني فلنة فأريد أن أجزيها‪ ,‬فمييا قييال لهييا‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا‪ ,‬فانطلقت ورجعت‬
‫فبايعهيييييييييييييييييييييييييا‪ ,‬ورواه مسيييييييييييييييييييييييييلم‪.‬‬

‫‪672‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وفي رواية‪ :‬فما وفى منهن امرأة غيرهييا وغييير أم سيليم‬
‫ابنيية ملحييان‪ ,‬وللبخيياري عيين أم عطييية قييالت‪ :‬أخييذ علينييا‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عنييد البيعيية أن ل ننييوح‪,‬‬
‫فما وفت منا امرأة غير خمسة نسوة‪ .‬أم سليم وأم العلء‬
‫وابنة أبي سبرة امرأة معيياذ وامرأتييان أو ابنيية أبييي سييبرة‬
‫وامرأة معاذ وامرأة أخرى‪ ,‬وقد كان رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم يتعاهد النساء بهذه البيعة يوم العيد‪ ,‬كمييا قييال‬
‫البخاري‪ :‬حدثنا محمد بن عبييد الرحيييم‪ ,‬حييدثنا هييارون بيين‬
‫معروف‪ ,‬حدثنا عبد الله بن وهييب‪ ,‬أخييبرني ابيين جريييج أن‬
‫الحسن بن مسلم أخبره عن طاوس عن ابن عباس قييال‪:‬‬
‫شهدت الصلة يوم الفطر مع رسول الله صلى اللييه عليييه‬
‫وسييلم وأبييي بكيير وعميير وعثمييان‪ ,‬فكلهييم يصييليها قبييل‬
‫الخطبة ثم يخطب بعد‪ ,‬فنييزل نييبي اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم فكأني أنظر إليه حين يجلس الرجال بيده‪ ,‬ثم أقبييل‬
‫يشقهم حتى أتى النساء مع بلل فقال‪} :‬يا أيهييا النييبي إذا‬
‫جاءك المؤمنات يبايعنك على أن ل يشركن بالله شيييئا ً ول‬
‫يسييرقن ول يزنييين ول يقتليين أولدهيين ول يييأتين ببهتييان‬
‫يفترينه بين أيديهن‪ ,‬وأرجلهيين ول يعصييينك فييي معييروف{‬
‫لية كلها ثم قال حين فرغ »أنتن على ذلييك‬ ‫حتى فرغ من ا َ‬
‫؟« فقالت امرأة واحدة ولم يجبييه غيرهييا‪ :‬نعييم يييا رسييول‬
‫اللييه‪ ,‬ل يييدري الحسيين ميين هييي‪ ,‬قييال‪ :‬فتصييدقن‪ ,‬قييال‪:‬‬
‫وبسط بلل ثوبه فجعلن يلقين الفتح والخييواتيم فييي ثييوب‬
‫بلل‪.‬‬
‫وقال المام أحمييد‪ :‬حييدثنا خلييف بيين الوليييد‪ ,‬حييدثنا ابيين‬
‫عياش عن سليمان بن سليم عيين عمييرو بيين شييعيب عيين‬
‫أبيه عن جده قال‪ :‬جاءت أميميية بنييت رقيقيية إلييى رسييول‬
‫الله تبايعه على السلم فقال‪» :‬أبايعك على أن ل تشركي‬
‫بالله شيئا ً ول تسرقي ول تزني ول تقتلييي ولييدك ول تييأتي‬
‫ببهتان تفييترينه بييين يييديك ورجليييك ول تنييوحي ول تييبرجي‬
‫تبرج الجاهلية الولى« وقال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا سييفيان‬
‫عين الزهيري عين أبيي إدرييس الخيولني عين عبيادة بين‬
‫الصامت قال‪ :‬كنا عند رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‬

‫‪673‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫في مجلس فقال‪ :‬تبايعوني على أن ل تشركوا بالله شيييئا ً‬
‫لييية الييتي‬‫ول تسرقوا ول تزنوا ول تقتلوا أولدكييم ي ي قييرأ ا َ‬
‫أخذت على النساء‪» :‬إذا جاءك المؤمنييات« ي ي فميين وفييى‬
‫منكم فأجره على الله‪ ,‬ومن أصاب من ذلك شيئا ً فعييوقب‬
‫به فهو كفارة له‪ ,‬ومن أصاب من ذليك شييئا ً فسيتره الليه‬
‫عليييه فهييو إلييى اللييه إن شيياء غفيير لييه وإن شيياء عييذبه«‬
‫أخرجيييييييييييييييياه فييييييييييييييييي الصييييييييييييييييحيحين‪.‬‬
‫وقال محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد‬
‫بن عبد الله اليزني‪ ,‬عن أبييي عبييد اللييه عبييد الرحميين بيين‬
‫عسيلة الصنابحي عن عبادة بن الصامت قال‪ :‬كنت فيميين‬
‫حضر العقبة الولى‪ ,‬وكنا اثنييي عشيير رجل ً فبايعنييا رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء‪ ,‬وذلك قبل أن‬
‫يفرض الحرب على أن ل نشرك بالله شيييئا ً ول نسييرق ول‬
‫نزني‪ ,‬ول نقتل أولدنييا ول نييأتي ببهتييان نفييتريه بييين أيييدينا‬
‫وأرجلنا ولنعصيه في معروف‪ ,‬وقييال »فييإن وفيتييم فلكييم‬
‫الجنة« رواه ابن أبي حاتم‪ ,‬وقد روى ابن جرير من طريق‬
‫العوفي عن ابن عبيياس أن رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم أمر عمر بن الخطاب فقال‪» :‬قييل لهيين إن رسييول‬
‫الله صلى اللييه عليييه وسييلم يبييايعكن علييى أن ل تشييركن‬
‫بالله شيئًا« وكانت هند بنت عتبيية بيين ربيعيية الييتي شييقت‬
‫بطن حمييزة متنكييرة فييي النسيياء فقييالت‪ :‬إنييي إن أتكلييم‬
‫يعرفني وإن عرفني قتلني‪ ,‬وإنما تنكرت فرقا ً من رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم فسكت النسوة اللتي مييع هنييد‬
‫وأبين أن يتكلمن فقالت هند وهي متنكرة‪ :‬كيف تقبل ميين‬
‫النسيييييياء شيييييييئا ً لييييييم تقبلييييييه ميييييين الرجييييييال ؟‪.‬‬
‫ففطن إليها رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم وقييال‬
‫لعمر »قل لهن ول يسرقن« قالت هند‪ :‬والله إني لصيييب‬
‫من أبي سفيان الهنات مييا أدري أيحلهيين لييي أم ل ؟ قييال‬
‫أبو سفيان‪ :‬ما أصبت من شيء مضى أو قد بقي فهو لييك‬
‫حلل‪ ,‬فضحك رسول الله صلى الله عليييه وسييلم وعرفهييا‬
‫فدعاها فأخذت بيده فعاذت به فقال‪» :‬أنت هند ؟« قالت‪:‬‬
‫عفا الله عما سلف‪ ,‬فصرف عنها رسييول اللييه صييلى اللييه‬

‫‪674‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليه وسلم فقييال‪» :‬ول يزنييين« فقييالت‪ :‬يييا رسييول اللييه‪,‬‬
‫وهل تزني امرأة حرة ؟ قال »ل والله مييا تزنييي الحييرة ي ي‬
‫قال ي ول يقتلن أولدهن« قالت هند‪ :‬أنت قتلتهم يييوم بييدر‬
‫فييأنت وهييم أبصيير‪ ,‬قييال‪} :‬ول يييأتين ببهتييان يفييترينه بييين‬
‫أيديهن وأرجلهن{ قال }ول يعصينك فييي معييروف{ قييال‪:‬‬
‫منعهيين أن ينحيين‪ ,‬وكييان أهييل الجاهلييية يمزقيين الثييياب‬
‫ويخدشيين الوجييوه ويقطعيين الشييعور‪ ,‬ويييدعون بالويييل‬
‫والثبور‪ .‬وهذا أثر غريب وفي بعضه نكارة والله أعلم‪ ,‬فإن‬
‫أبا سفيان وامرأته لما أسلما لم يكن رسول الله يخيفهمييا‬
‫بل أظهر الصفاء والود لهما‪ ,‬وكذلك كان الميير ميين جييانبه‬
‫علييييييييييييييييييييه السيييييييييييييييييييلم لهميييييييييييييييييييا‪.‬‬
‫لية يييوم الفتييح‪ ,‬بييايع‬‫وقال مقاتل بن حيان‪ :‬أنزلت هذه ا َ‬
‫رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم الرجييال علييى الصييفا‪,‬‬
‫وعمر بايع النساء تحتها عن رسييول للييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم فذكر بقيتييه كمييا تقييدم وزاد‪ :‬فلمييا قييال‪ :‬ول تقتليين‬
‫أولدكيين‪ .‬قييالت هنييد‪ :‬ربينيياهم صييغارا ً فقتلتمييوهم كبييارًا‪,‬‬
‫فضحك عمر بيين الخطيياب حييتى اسييتلقى‪ .‬رواه ابيين أبييي‬
‫حاتم‪ .‬وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حييدثنا نصيير بيين علييي‬
‫حدثتني أم غبطة بنت سليمان‪ ,‬حدثتني عمييتي عيين جييدتها‬
‫عن عائشة قالت‪ :‬جاءت هند بنت عتبيية إلييى رسييول اللييه‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم لتبييايعه فنظيير إلييى يييدها فقييال‬
‫»اذهبي فغييري ييدك« فيذهبت فغيرتهيا بحنياء ثيم جياءت‬
‫فقال »أبايعك على أن ل تشركي بالله شيئًا« فبايعته وفي‬
‫يييدها سييواران ميين ذهييب‪ ,‬فقييالت‪ :‬مييا تقييول فييي هييذين‬
‫السييييوارين ؟ فقييييال »جمرتييييان ميييين نييييار جهنييييم«‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبو سييعيد الشييج‪ ,‬حييدثنا ابيين‬
‫فضيل عن حصين عن عامر هو الشعبي قال‪ :‬بييايع رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم النساء وفي يده ثوب قد وضعه‬
‫على كفه ثم قال »ول تقتلن أولدكن« فقالت امرأة‪ :‬تقتل‬
‫آباءهم وتوصينا بأولدهم ؟ قييال‪ ,‬وكييان بعييد ذلييك إذا جيياء‬
‫النساء يبايعنه جمعهن فعرض عليهن‪ ,‬فإذا أقييررن رجعيين‪,‬‬
‫فقوله تعالى‪} :‬يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنييات يبايعنييك{‬

‫‪675‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أي من جاءك منهن يبايع على هذه الشروط فبايعها }على‬
‫أن ل يشييركن بييالله شيييئا ً ول يسييرقن{ أمييوال النيياس‬
‫الجانب‪ ,‬فأما إذا كان الزوج مقصييرا ً فييي نفقتهييا فلهييا أن‬
‫تأكل من ماله بيالمعروف ميا جيرت بيه عيادة أمثالهيا وإن‬
‫كان من غير علمه عمل ً بحديث هند بنت عتبة أنهييا قييالت‪:‬‬
‫يا رسول الله‪ ,‬إن أبا سفيان رجييل شييحيح ل يعطينييي ميين‬
‫ي جنيياح إن أخييذت‬ ‫النفقة ما يكفيني ويكفي بني‪ ,‬فهل عل ي ّ‬
‫من ماله بغير علمه ؟ فقال رسول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك«‬
‫أخرجيييييييييييييييياه فييييييييييييييييي الصييييييييييييييييحيحين‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬ول يزنييين{ كقييوله تعييالى‪} :‬ول تقربييوا‬
‫ل{ وفييي حييديث سييمرة‪:‬‬ ‫الزنا إنه كان فاحشة وسيياء سييبي ً‬
‫ذكر عقوبة الزناة بالعذاب الليييم فييي نييار الجحيييم‪ .‬وقييال‬
‫المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الرزاق‪ ,‬أخبرنا معمر عيين الزهييري‬
‫عن عروة عن عائشة قالت‪ :‬جاءت فاطمة بنت عتبة تبييايع‬
‫رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم فأخييذ عليهييا }أن ل‬
‫يشييركن بييالله شيييئا ً ول يسييرقن ول يزنييين{ ا َ‬
‫لييية‪ ,‬قييال‪:‬‬
‫فوضييعت يييدها علييى رأسييها حييياء فييأعجبه مييا رأى منهييا‪,‬‬
‫فقالت عائشة‪ :‬أقري أيتها المرأة فوالله ما بايعنييا إل علييى‬
‫لية‪ .‬وقال ابيين أبييي حيياتم‪:‬‬ ‫هذا‪ ,‬قالت‪ :‬فنعم إذًا‪ ,‬فبايعها با َ‬
‫حدثنا أبو سعيد الشج‪ ,‬حدثنا ابن فضيييل عيين حصييين عيين‬
‫عامر هو الشعبي قال‪ :‬بايع رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم النساء وعلى يده ثوب قد وضعه على كفه ثييم قييال‬
‫»ول تقتلن أولدكن« فقالت امرأة‪ :‬تقتييل آبيياءهم وتوصييي‬
‫بأولدهم ؟ قال‪ :‬وكان بعد ذلييك إذا جيياءت النسيياء يبييايعنه‬
‫جمعهن فعرض عليهن فإذا أقييررن رجعيين‪ .‬وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}ول يقتلن أولدهن{ وهذا يشييمل قتلييه بعييد وجييوده كمييا‬
‫كان أهييل الجاهلييية يقتلييون أولدهييم خشييية الملق ويعييم‬
‫قتله وهو جنين‪ ,‬كما قييد يفعلييه بعييض الجهليية ميين النسيياء‬
‫تطرح نفسييها لئل تحبييل إمييا لغييرض فاسييد أو مييا أشييبهه‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬ول يييأتين ببهتييان يفييترينه بييين أيييديهن‬
‫وأرجلهن{ قال ابن عباس‪ :‬يعني ل يلحقن بييأزواجهن غييير‬

‫‪676‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أولدهم وكذا قال مقاتل‪ .‬ويؤيد هذا الحديث الذي رواه أبو‬
‫داود‪ :‬حدثنا أحمد بن صالح‪ ,‬حدثنا ابن وهب‪ .‬حييدثنا عمييرو‬
‫يعني ابن الحارث عن ابن الهاد عيين عبييد اللييه بيين يييونس‬
‫عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أنه سييمع رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول حين نزلت آية الملعنة »أيمييا‬
‫امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليسييت ميين اللييه‬
‫في شيء ولن يدخلها الله الجنة‪ ,‬وأيمييا رجييل جحييد ولييده‬
‫وهييو ينظيير إليييه احتجييب اللييه منييه وفضييحه علييى رؤوس‬
‫لخرييين« وقييوله تعييالى‪} :‬ول يعصييينك فييي‬ ‫الولييين وا َ‬
‫معروف{ يعني فيما أمرتهن به من معروف ونهيتهيين عنييه‬
‫من منكر‪ .‬قال البخاري‪ :‬حدثنا عبد اللييه بيين محمييد حييدثنا‬
‫وهب بن جرير حدثنا أبي قال‪ :‬سمعت الزبير عيين عكرميية‬
‫عيين ابيين عبيياس فييي قييوله تعييالى‪} :‬ول يعصييينك فييي‬
‫معروف{ قال‪ :‬إنما هو شرط شرطه اللييه للنسيياء‪ .‬وقييال‬
‫ميمييون بيين مهييران‪ :‬لييم يجعييل اللييه طاعيية لنييبيه إل فييي‬
‫المعييروف والمعييروف طاعيية‪ ,‬وقييال ابيين زيييد‪ :‬أميير اللييه‬
‫بطاعة رسوله وهو خيرة اللييه ميين خلقييه فييي المعييروف‪.‬‬
‫وقد قال غيره عن ابن عباس وأنس بن مالييك وسييالم بيين‬
‫أبي الجعد وأبي صالح وغير واحد‪ :‬نهاهن يومئذ عن النييوح‪,‬‬
‫وقييييد تقييييدم حييييديث أم عطييييية فييييي ذلييييك أيضييييًا‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا بشر حدثنا يزيد حييدثنا سييعيد عيين‬
‫لية ذكر لناأن النبي صلى الله عليه وسييلم‬ ‫قتادة في هذه ا َ‬
‫أخييذ عليهيين النياحيية ول تحييدثن الرجييال إل رجل ً منكيين‬
‫محرمًا‪ ,‬فقال عبد الرحمن بن عوف‪ :‬يا رسول الله إن لنييا‬
‫أضيافا ً وإنا نغيب عن نسائنا فقال رسول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬ليس أولئك عنيت‪ ,‬ليس أولئك عنيت« وقال‬
‫ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبو زرعة حييدثنا إبراهيييم بيين موسييى‬
‫الفراء أخبرنا ابين أبيي زائدة حيدثني مبيارك عين الحسين‬
‫قال‪ :‬كان فيما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم أل تحييدثن‬
‫الرجال إل أن تكون ذات محرم‪ ,‬فإن الرجل ل يزال يحدث‬
‫المرأة حتى يمذي بين فخذيه وقال ابن جرييير‪ :‬حييدثنا ابيين‬
‫حميد حدثنا هارون عن عمرو عن عاصم عن ابيين سيييرين‬

‫‪677‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن أم عطييية النصييارية قييالت‪ :‬كيان فيمييا اشييترط علينييا‬
‫رسول الله من المعروف حين بايعنيياه أن ل ننييوح فقييالت‬
‫امييرأة ميين بنييي فلن إن بنييي فلن أسييعدوني فل حييتى‬
‫أجزيهم‪ ,‬فانطلقت فأسعدتهم ثم جاءت فبايعت‪ ,‬قالت فما‬
‫وفى منهن غيرها وغير أم سليم ابنيية ملحييان أم أنييس بيين‬
‫ماليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييك‪.‬‬
‫وقد روى البخاري هذا الحديث ميين طريييق حفصيية بنييت‬
‫سيرين عن أم عطييية نسييبة النصييارية رضييي الليه عنهيا‪.‬‬
‫وقد روي نحوه من وجه آخر أيضا ً قييال‪ :‬حييدثنا ابيين جرييير‬
‫حدثنا أبو كريب حدثنا أبو نعيم حدثنا عمر بن فروخ القتاب‬
‫حدثني مصعب بن نوح النصاري قال‪ :‬أدركييت عجييوزا ً لنييا‬
‫كانت فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسييلم‪ ,‬قييالت‬
‫فأتيته لبييايعه فأخييذ علينييا فيمييا أخييذ أن ل تنحيين‪ ,‬فقييالت‬
‫عجوز يا رسول اللييه إن أناس يا ً قييد كييانوا أسييعدوني علييى‬
‫مصييائب أصييابتني وإنهييم قييد أصييابتهم مصيييبة فأنييا أريييد‬
‫أسعدهم قال‪» :‬فانطلقي فكافئيهم« فييانطلقت فكافييأتهم‬
‫ثم إنها أتته فبايعته وقال هو المعروف الذي قال اللييه عييز‬
‫وجل‪} :‬ول يعصينك في معييروف{ وقييال ابيين أبييي حيياتم‪:‬‬
‫حييدثنا أحمييد بيين منصييور الرمييادي حييدثنا القعنييبي حييدثنا‬
‫الحجاج بن صفوان عيين أسيييد بيين أبييي أسيييد الييبراد عيين‬
‫امرأة من المبايعات قالت كان فيما أخذ علينا رسول اللييه‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم أن ل نعصيييه فييي معييروف أن ل‬
‫ل‪.‬‬‫نخمش وجها ً ول ننشر شعرا ً ول نشق جيبا ً ول نييدعوا وي ً‬
‫وقال ابن جرييير‪ :‬حييدثنا محمييد بيين سيينان القييزاز حييدثنا‬
‫إسحاق بن إدريس حدثنا إسحاق بيين عثمييان أبييو يعقييوب‪,‬‬
‫حدثني إسماعيل بن عبد الرحمن بن عطييية عيين جييدته أم‬
‫عطية قالت‪ :‬لما قدم رسول الله صيلى الليه علييه وسيلم‬
‫جمييع نسيياء النصييار فييي بيييت ثييم أرسييل إلينييا عميير بيين‬
‫الخطاب رضي الله عنييه‪ ,‬فقييام علييى البيياب وسييلم علينييا‬
‫فرددن أو فرددنا عليه السلم‪ ,‬ثم قال أنييا رسييول رسييول‬
‫الله صييلى اللييه عليييه وسييلم إليكيين قييالت فقلنييا‪ :‬مرحب يا ً‬
‫برسول الله وبرسول رسول الله‪ ,‬فقال‪ :‬تبايعن على أن ل‬

‫‪678‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تشركن بالله شيئا ً ول تسرقن ول تزنين‪ ,‬قالت‪ :‬فقلنا نعم‪,‬‬
‫قالت فمد يده من خارج الباب أو البيت ومددنا أيييدينا ميين‬
‫داخييل الييبيت ثييم قييال‪ :‬اللهييم اشييهد‪ ,‬قييالت‪ ,‬وأمرنييا فييي‬
‫العيدين أن نخرج فيييه الحيييض والعواتييق ول جمعيية علينييا‪,‬‬
‫ونهانا عن اتباع الجنائز قال إسماعيل فسييألت جيدتي عيين‬
‫قوله تعالى‪} :‬ول يعصينك فييي معييروف{ قييالت‪ :‬النياحيية‪.‬‬
‫وفي الصحيحين من طريق العمييش عيين عبييد اللييه بيين‬
‫مرة عن مسييروق عيين عبييد اللييه بيين مسييعود قييال‪ :‬قييال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ليس منييا ميين ضييرب‬
‫الخييدود وشييق الجيييوب ودعييا بييدعوى الجاهلييية« وفييي‬
‫الصحيحين أيضا ً عن أبي موسى أن رسول الله صلى اللييه‬
‫عليه وسلم برىء من الصييالقة والحالقيية والشيياقة‪ .‬وقييال‬
‫الحافظ أيو يعلى‪ :‬حدثنا هدبة بن خالد حدثنا أبان بيين يزيييد‬
‫حدثنا يحيى بن أبي كثير أن زيدا ً حدثه أن أبييا سييلم حييدثه‬
‫أن أبا مالك الشعري حدثه أن رسول الله صلى الله عليييه‬
‫وسلم قال‪» :‬أربع في أمتي من أمر الجاهلية ل يتركونهن‪:‬‬
‫الفخر في الحسيياب والطعيين فييي النسيياب والستسييقاء‬
‫بالنجوم والنياحة على الميت ي وقال ي النائحة إذا لييم تتييب‬
‫قبل موتها تقام يوم القياميية وعليهييا سييربال ميين قطييران‬
‫ودرع من جرب«‪ (.‬ورواه مسلم في صييحيحه منفييردا ً بييه‬
‫من حديث أبان بن يزيييد العطييار بييه وعيين أبييي سييعيد أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمسييتمعة‬
‫رواه أبو داود‪ .‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع‬
‫عن يزيييد مييولى الصييهباء عيين شييهر بيين حوشييب عيين أم‬
‫سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله‬
‫تعييالى‪} :‬ول يعصييينك فييي معييروف{ قييال النييوح‪ ,‬ورواه‬
‫الترمذي في التفسير عن عبد بن حميد عن أبي نعيم وابن‬
‫ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع كلهما عن يزيييد‬
‫بن عبد الله الشيييباني مييولى الصييهباء بييه وقييال الترمييذي‬
‫حسييييييييييييييييييييييييييييييين غرييييييييييييييييييييييييييييييييب‪.‬‬

‫‪679‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫** يأ َ‬
‫م قَ يد ْ‬ ‫ه عَل َي ْهِ ي ْ‬‫ب الل ّي ُ‬
‫ضي َ‬‫وما ً غَ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫و‬‫ّ‬
‫َ ْ‬ ‫ل‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫نو‬
‫ُ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫آ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ذي‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ها‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ب ال ُْقب ُييورِ‬ ‫حا ِ‬‫صي َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫مي ْ‬‫س ال ْك ُّفيياُر ِ‬ ‫مييا ي َئ ِ َ‬ ‫خَرةِ ك َ َ‬ ‫ن ال َ ِ‬ ‫م َ‬‫سوا ْ ِ‬ ‫ي َئ ِ ُ‬
‫ينهى تبارك وتعالى عن مييوالة الكييافرين فييي آخيير هييذه‬
‫السورة كما نهييى عنهيا فييي أولهيا فقييال تعيالى‪} :‬يييا أيهيا‬
‫الذين آمنوا ل تتولوا قوما ً غضب الله عليهم{ يعني اليهييود‬
‫والنصييارى وسييائر الكفييار مميين غضييب اللييه عليييه ولعنييه‬
‫واسييتحق ميين اللييه الطييرد والبعيياد‪ ,‬فكيييف توالييونهم‬
‫لخييرة أي ميين‬ ‫وتتخذونهم أصدقاء وأخلء وقد يئسوا ميين ا َ‬
‫لخيييرة ونعيمهيييا فيييي حكيييم الليييه عيييز وجيييل‪.‬‬ ‫ثيييواب ا َ‬
‫وقوله تعالى‪} :‬كما يئس الكفار من أصحاب القبور{ فيييه‬
‫قولن‪ :‬أحدهما كما يئس الكفار الحياءمن قراباتهم الييذين‬
‫في القبور أن يجتمعوا بهم بعد ذلك لنهم ليعتقييدون بعثييا ً‬
‫ولنشورًا‪ ,‬فقد انقطع رجاؤهم منهم فيمييا يعتقييدونه‪ .‬قييال‬
‫العوفي عن ابن عباس } يا أيها الذين آمنوا ل تتولوا قوما ً‬
‫غضب الله عليهم{ إلى آخر السورة يعنييي ميين مييات ميين‬
‫الذين كفروا فقد يئس الحياء من الذين كفروا أن يرجعييوا‬
‫إليهم أو يبعثهم اللهعز وجل‪,‬وقال الحسن البصييري }كمييا‬
‫يئس الكفار من أصحاب القبور{ قال‪ :‬الكفييار الحييياء قييد‬
‫يئسوا من الموات‪ ,‬وقال قتادة‪ :‬كما يئس الكفار أن يرجع‬
‫إليهييم أصييحاب القبييور الييذين ميياتوا وكييذا قييال الضييحاك‪,‬‬
‫رواهن ابن جرير‪ ,‬والقول الثيياني معنيياه كمييا يئس الكفييار‬
‫الذين هم في القبور من كل خير‪ ,‬قال العمييش عيين أبييي‬
‫الضحى عن مسروق عن ابين مسيعود }كميا يئس الكفيار‬
‫من أصحاب القبور{ قييال كمييا يئس هييذا الكييافر إذا مييات‬
‫وعيياين ثييوابه واطلييع عليييه‪ ,‬وهييذا قييول مجاهييد وعكرميية‬
‫ومقاتل وابن زيد والكلبي ومنصور‪ ,‬وهو اختيار ابيين جرييير‬
‫رحمييه اللييه‪ .‬آخيير تفسييير سييورة الممتحنيية‪ ,‬وللييه الحمييد‬
‫والمنة‪.‬‬

‫سورة الجمعة‬
‫وهييييييييييييييييييييييييييييييييي مدنييييييييييييييييييييييييييييييييية‬

‫‪680‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهما‪ ,‬أن رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسييلم كييان يقييرأ فييي صييلة الجمعيية‬
‫بسورة الجمعة والمنافقين‪ ,‬رواه مسلم في صحيحه‪.‬‬

‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫ك‬ ‫مل ِي ِ‬ ‫ض ال ْ َ‬ ‫مييا فِييي الْر ِ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سي َ‬ ‫مييا فِييي ال ّ‬ ‫ح ل ِل ّيهِ َ‬ ‫سب ّ ُ‬ ‫** ي ُ َ‬
‫ن‬ ‫مّييي َ‬ ‫ث فِييي ال ُ ّ‬ ‫ذي ب َعَي َ‬ ‫كييم ِ * هُيوَ ال ّي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫زييزِ ال ْ َ‬ ‫س ال ْعَ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ال ُْقي ّ‬
‫ب‬ ‫م ال ْك ِت َييا َ‬‫مه ُ ي ُ‬‫م وَي ُعَل ّ ُ‬
‫كيهِي ْ‬ ‫م آي َييات ِهِ وَي َُز ّ‬‫م ي َت ْل ُييو عَل َي ْهِي ْ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫سول ً ّ‬ ‫َر ُ‬
‫ن‬‫ري ي َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ن * َوآ َ‬ ‫مِبي ي ٍ‬ ‫ل ّ‬ ‫ض يل َ ٍ‬ ‫ل ل َِفي َ‬ ‫من قَب ْ ُ‬ ‫كاُنوا ْ ِ‬ ‫ة وَِإن َ‬ ‫م َ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫َوال ْ ِ‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ض ُ‬ ‫ك فَ ْ‬ ‫م * ذ َل ِ َ‬ ‫كي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫زيُز ال ْ َ‬‫م وَهُوَ ال ْعَ ِ‬ ‫حُقوا ْ ب ِهِ ْ‬ ‫ما ي َل ْ َ‬ ‫م لَ ّ‬ ‫من ْهُ ْ‬
‫ِ‬
‫ظيم ِ‬ ‫ل ال ْعَ ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ذو ال َْف ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫شآُء َوالل ّ ُ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ي ُؤِْتيهِ َ‬
‫يخبر تعيالى أنيه يسيبح ليه ميا فيي السيموات وميا فيي‬
‫الرض‪ ,‬أي من جميييع المخلوقييات ناطقهييا وجامييدها‪ ,‬كمييا‬
‫قال تعالى‪} :‬وإن ميين شيييء إل يسييبح بحمييده{ ثييم قييال‬
‫تعالى‪} :‬الملك القدوس{ أي هو مالك السييموات والرض‬
‫المتصرف فيهما بحكمييه‪ ,‬وهييو المقييدس‪ ,‬أي المنييزه عيين‬
‫النقييائص الموصييوف بصييفات الكمييال }العزيييز الحكيييم{‬
‫تقدم تفسيرهما غير مرة‪ .‬وقوله تعيالى‪} :‬هيو اليذي بعيث‬
‫في الميين رسول ً منهم{ الميييون هييم العييرب‪ ,‬كمييا قييال‬
‫تعالى‪} :‬وقل للذين أوتوا الكتاب والميين أأسلمتم ؟ فييإن‬
‫أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلغ والله بصير‬
‫بالعبيياد{ وتخصيييص الميييين بالييذكر ل ينفييي ميين عييداهم‪,‬‬
‫ولكن المنة عليهم أبلغ وأكثر‪ ,‬كما قييال تعييالى فييي قييوله‪:‬‬
‫}وإنه لذكر لك ولقومك{ وهو ذكر لغيرهييم يتييذكرون بييه‪,‬‬
‫وكذا قال تعالى‪} :‬وأنذر عشيرك القربين{ وهييذا وأمثيياله‬
‫ل ينافي قوله تعالى‪} :‬قل يا أيها الناس إنييي رسييول اللييه‬
‫إليكم جميعًا{ وقوله‪} :‬لنذركم به ومن بلغ{ وقوله تعييالى‬
‫إخبارا ً عن القييرآن‪} :‬ومين يكفير بيه مين الحيزاب فالنييار‬
‫ليات الدالة على عموم بعثتييه‪,‬‬ ‫موعده{ إلى غير ذلك من ا َ‬
‫صلوات اللييه وسييلمه عليييه‪ ,‬إلييى جميييع الخلييق أحمرهييم‬

‫‪681‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وأسييودهم‪ ,‬وقييد قييدمنا تفسييير ذلييك فييي سييورة النعييام‬
‫لييييات والحييياديث الصيييحيحة‪ ,‬ولليييه الحميييد والمنييية‪.‬‬ ‫با َ‬
‫لية هي مصداق إجابة الله لخليلييه إبراهيييم‪ ,‬حييين‬ ‫وهذه ا َ‬
‫دعا لهل مكة أن يبعث الله فيهم رسول ً منهم‪ ,‬يتلو عليهم‬
‫آييياته ويزكيهييم ويعلمهييم الكتيياب والحكميية‪ ,‬فبعثييه اللييه‬
‫سبحانه وتعالى ولييه الحمييد والمنيية علييى حييين فييترة ميين‬
‫الرسل وطموس من السييبل‪ ,‬وقييد اشييتدت الحاجيية إليييه‪,‬‬
‫وقد مقت الله أهل الرض عربهييم وعجمهييم إل بقايييا ميين‬
‫أهل الكتاب‪ ,‬أي نزرا ً يسيرا ً ممن تمسك بما بعث اللييه بييه‬
‫عيسى ابن مريم عليييه السييلم‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‪} :‬هييو‬
‫الييذي بعييث فييي الميييين رسييول ً منهييم يتلييو عليهييم آييياته‬
‫ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي‬
‫ضلل مبين{ وذلك أن العرب كانوا قديما ً متمسكين بييدين‬
‫إبراهيييم الخليييل عليييه السييلم‪ ,‬فبييدلوه وغيييروه وقلبييوه‬
‫وخالفوه واستبدلوا بالتوحيد شركا ً وباليقين شكًا‪ ,‬وابتدعوا‬
‫أشياء لم يأذن بها الله‪ ,‬وكذلك أهل الكتاب قد بدلوا كتبهم‬
‫وحرفوها وغيروها وأولوها‪ ,‬فبعث الله محمدا ً صلوات اللييه‬
‫وسلمه عليه بشرع عظيم كامل شامل لجميع الخلق‪ ,‬فيه‬
‫هدايتهم والبيان لجميع ما يحتاجون إليه من أميير معاشييهم‬
‫ومعادهم‪ ,‬والدعوة لهم إلى مييا يقربهييم إلييى الجنيية ورضييا‬
‫الله عنهييم‪ ,‬والنهييي عمييا يقربهييم إلييى النييار وسييخط الليه‬
‫تعالى حاكم فاصل لجميع الشبهات والشكوك والريب فييي‬
‫الصول والفروع‪ ,‬وجمع له تعالى وله الحمد والمنيية جميييع‬
‫المحاسن ممن كان قبله وأعطيياه مييا لييم يعييط أحييدا ً ميين‬
‫لخرين‪ ,‬فصلوات الله وسلمه‬ ‫الولين ول يعطيه أحدا ً من ا َ‬
‫علييييييييييه دائميييييييييا ً إليييييييييى ييييييييييوم اليييييييييدين‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪ } :‬وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز‬
‫الحكيم{ قييال المييام أبييو عبييد اللييه البخيياري رحمييه اللييه‬
‫تعالى‪ : :‬حدثنا عبد العزيز بن عبد الله‪ ,‬حدثنا سييليمان بيين‬
‫بلل عن ثور عن أبي الغيث عيين أبييي هريييرة رضييي اللييه‬
‫عنه‪ ,‬قال‪ :‬كنا جلوسا ً عنييد النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫فأنزلت عليه سورة الجمعيية }وآخرييين منهييم لمييا يلحقييوا‬

‫‪682‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بهم{ قالوا‪ :‬من هم يا رسول اللييه ؟ فلييم يراجعهييم حييتى‬
‫سئل ثلثًا‪ ,‬وفينا سلمان الفارسي فوضع رسول الله صلى‬ ‫ُ‬
‫الله عليه وسلم يده على سلمان الفارسي ثييم قييال‪» :‬لييو‬
‫كان اليمان عند الثريا لناله رجال ي أو رجل ي ميين هييؤلء«‬
‫ورواه مسلم والترمييذي والنسييائي وابيين أبييي حيياتم وابيين‬
‫جرير من طرق‪ ,‬عن ثور بين زييد اليديلي عين سيالم أبيي‬
‫الغيث عن أبي هريرة به‪ ,‬ففي هذا الحديث دليل علييى أن‬
‫هذه السورة مدنييية وعليى عمييوم بعثتييه صيلى الليه علييه‬
‫وسلم إلى جميع الناس‪ ,‬لنه فسر قوله تعييالى‪} :‬وآخرييين‬
‫منهييم{ بفييارس‪ ,‬ولهييذا كتييب كتبييه إلييى فييارس والييروم‬
‫وغيرهم من المم‪ ,‬يدعوهم إلى الله عز وجل وإلييى اتبيياع‬
‫ما جاء به‪ ,‬ولهذا قال مجاهد وغير واحد فييي قييوله تعييالى‪:‬‬
‫}وآخرين منهم لما يلحقوا بهم{ قييال‪ :‬هييم العيياجم وكييل‬
‫من صدق النبي صلى الله عليييه وسييلم ميين غييير العييرب‪,‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حيدثنا أبييي‪ ,‬حيدثنا إبراهيييم بين العلء‬
‫الزبيدي‪ ,‬حدثنا الوليد بن مسلم‪ ,‬حدثنا أبييو محمييد عيسييى‬
‫ابن موسى عن أبي حازم عن سييهل بيين سييعد السيياعدي‬
‫قال‪ :‬قال رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬إن فييي‬
‫أصلب أصلب أصييلب رجييال ونسيياء ميين أمييتي يييدخلون‬
‫الجنة بغير حساب« ثم قرأ‪ } :‬وآخرييين منهييم لمييا يلحقييوا‬
‫بهم{ يعني بقية من بقي من أمة محمييد صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬وهو العزيز الحكيم{ أي‪ :‬ذو العييزة‬
‫والحكمة في شرعه وقييدره‪ ,‬وقييوله تعييالى‪} :‬ذلييك فضييل‬
‫الله يؤتيه من يشيياء واللييه ذو الفضييل العظيييم{ يعنييي مييا‬
‫أعطيياه اللييه محمييدا ً صييلى اللييه عليييه وسييلم ميين النبييوة‬
‫العظيمة وما خص به أمته من بعثته صلى الله عليه وسلم‬
‫إليهيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬

‫ميياِر‬ ‫ل ال ْ ِ‬
‫ح َ‬ ‫مث َي ِ‬ ‫ها ك َ َ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ح ِ‬
‫م يَ ْ‬ ‫م لَ ْ‬
‫مُلوا ْ الت ّوَْراةَ ث ُ ّ‬‫ح ّ‬‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬‫ل ال ّ ِ‬ ‫مث َ ُ‬‫** َ‬
‫يحم ُ َ‬
‫ت الل ّي ِ‬
‫ه‬ ‫ن ك َيذ ُّبوا ْ ِبآي َييا ِ‬ ‫ذي َ َ‬‫ل ال َْقيوْم ِ ال ّي ِ‬ ‫مث َي ُ‬
‫س َ‬‫سيَفارا ً ب ِئ ْ َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫َ ْ ِ‬
‫هيياد ُوَا ْ ِإن‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ي َأي َّها ال ّ ِ‬‫ن * قُ ْ‬ ‫مي َ‬‫ظال ِ ِ‬‫م ال ّ‬ ‫دي ال َْقوْ َ‬ ‫ه ل َ ي َهْ ِ‬ ‫َوالل ّ ُ‬

‫‪683‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫زعمتم أ َنك ُ َ‬
‫ت ِإن‬ ‫م يو ْ َ‬‫من ّيوُا ْ ال ْ َ‬ ‫س فَت َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ن الن ّييا‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫م أوْل َِيآُء ل ِل ّهِ ِ‬ ‫َ ْ ُ ْ ّ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م َوالل ّي ُ‬
‫ه‬ ‫ت أي ْييديهِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫مييا قَيد ّ َ‬ ‫ه أَبدا ً ب ِ َ‬ ‫مّنون َ ُ‬‫ن * وَل َ ي َت َ َ‬ ‫صادِِقي َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫كنت ُ ْ‬
‫ه‬‫ه فَيإ ِن ّ ُ‬‫من ْي ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي ت َِفيّرو َ‬ ‫ت ال ّي ِ‬ ‫مو ْ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫ن * قُ ْ‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬‫م ِبال ّ‬‫عَِلي ٌ‬
‫مييا‬ ‫كم ب ِ َ‬ ‫شَهاد َةِ فَي ُن َب ّئ ُ ُ‬ ‫ب َوال ّ‬ ‫عال ِم ِ ال ْغَي ْ ِ‬ ‫ى َ‬ ‫دو َ َ‬
‫ن إ ِل َ‬ ‫م ت َُر ّ‬ ‫مل َِقيك ُ ْ‬
‫م ثُ ّ‬ ‫ُ‬
‫مل ُيييييييييييييييييييييييييييييييو َ‬
‫ن‬ ‫م ت َعْ َ‬ ‫كنت ُييييييييييييييييييييييييييييييي ْ‬ ‫ُ‬
‫يقول تعالى ذاما ً لليهود الذين أعطييوا التييوراة وحملوهييا‬
‫للعمل بها ثم لم يعملوا بها‪ :‬مثلهم في ذلك كمثييل الحمييار‬
‫يحمل أسفارًا‪ ,‬أي كمثل الحمار إذا حمل كتب يا ً ل يييدري مييا‬
‫فيها‪ ,‬فهو يحملها حمل ً حسيييا ً ول يييدري مييا عليييه‪ ,‬وكييذلك‬
‫هؤلء في حملهم الكتاب الذي أوتييوه حفظييوه لفظ يا ً ولييم‬
‫يتفهموه ول عملوا بمقتضيياه‪ ,‬بييل أولييوه وحرفييوه وبييدلوه‬
‫فهم أسوأ حال ً من الحمير‪ ,‬لن الحمار ل فهم لييه‪ ,‬وهييؤلء‬
‫لييية‬ ‫لهييم فهييوم لييم يسييتعملوها‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى فييي ا َ‬
‫الخيييرى‪} :‬أولئك كالنعيييام بيييل هيييم أضيييل أولئك هيييم‬
‫الغييافلون{ وقييال تعييالى ههنييا‪} :‬بئس مثييل القييوم الييذين‬
‫كذبوا بآيات الله واللييه ل يهييدي القييوم الظييالمين{‪ .‬وقييال‬
‫المام أحمد رحمه الله‪ :‬حييدثنا ابيين نمييير عيين مجالييد عيين‬
‫الشعبي عن ابن عباس قال‪ :‬قال رسيول الليه صيلى الليه‬
‫عليه وسلم‪» :‬من تكلم يوم الجمعة والمييام يخطييب فهييو‬
‫كمثل الحمار يحمل أسفارا ً والذي يقول له أنصت ليس له‬
‫جمعة« ثم قال تعالى‪} :‬قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتييم‬
‫أنكم أولياء للييه ميين دون النيياس فتمنييوا المييوت إن كنتييم‬
‫صييادقين{ أي إن كنتييم تزعمييون أنكييم علييى هييدى‪ ,‬وأن‬
‫محمدا ً وأصحابه على ضللة‪ ,‬فادعوا بالموت علييى الضييال‬
‫مييين الفئتيييين إن كنتيييم صيييادقين‪ ,‬أي فيميييا تزعميييونه‪.‬‬
‫قال الله تعالى‪} :‬ول يتمنونه أبدا ً بما قييدمت أيييديهم{ أي‬
‫بما يعملون لهم من الكفر والظلم والفجييور }واللييه عليييم‬
‫بالظالمين{ وقد قدمنا الكلم في سورة البقرة على هييذه‬
‫المباهلة لليهود‪ ,‬حيث قال تعالى‪} :‬قل إن كانت لكم الدار‬
‫لخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنييوا المييوت إن‬ ‫ا َ‬
‫كنتم صادقين * ولن يتمنوه أبدا ً بمييا قييدمت أيييديهم(واللييه‬
‫عليم بالظالمين * ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن‬

‫‪684‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الذين أشييركوا يييود أحييدهم لييو يعميير ألييف سيينة ومييا هييو‬
‫بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بمييا يعملييون{‪,‬‬
‫وقد أسلفنا الكلم هناك‪ ,‬وبينييا أن المييراد أن يييدعوا علييى‬
‫الضييلل ميين أنفسييهم أو خصييومهم كمييا تقييدمت مباهليية‬
‫النصارى في آل عمييران }فميين حاجييك فيييه ميين بعييد مييا‬
‫جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنييا وأبنيياءكم ونسيياءنا‬
‫ونساءكم وأنفسنا وأنفسيكم ثيم نبتهيل فنجعييل لعنية الليه‬
‫على الكاذبين{ ومباهلة المشركين في سورة مريم }قييل‬
‫مييين كيييان فيييي الضيييللة فليميييدد ليييه الرحمييين ميييدًا{‪.‬‬
‫وقد قال المام أحمد‪ :‬حدثنا إسماعيل بيين يزيييد الرقييي‪,‬‬
‫أبو زيد‪ ,‬حدثنا فرات عن عبد الكريييم بيين مالييك الجييزري‪,‬‬
‫عن عكرمة عن ابن عباس‪ ,‬قال‪ :‬قال أبو جهل لعنييه اللييه‪:‬‬
‫لتينييه حييتى أطييأ علييى عنقييه‪,‬‬ ‫إن رأيت محمدا ً عند الكعبة َ‬
‫قال‪ :‬فقال رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬لييو فعييل‬
‫لخذته الملئكة عيانا ً ولييو أن اليهييود تمنييوا المييوت لميياتوا‬
‫ورأوا مقاعدهم من النار‪ ,‬ولو خرج الذين يبيياهلون رسييول‬
‫ل«‬‫الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا ل يجدون أهل ً ول مييا ً‬
‫رواه البخاري والترمذي والنسائي من حديث عبييد الييرزاق‬
‫عن معمر‪ ,‬عن عبد الكريم‪ ,‬قال البخاري وتبعه عمييرو بيين‬
‫خالييد عيين عبييد الليه بين عمييرو عين عبييد الكرييم‪ ,‬ورواه‬
‫النسائي أيضا ً عن عبد الرحمن بن عبيد اللييه الحلييبي عيين‬
‫عبييييييد الليييييه بييييين عميييييرو الرقيييييي بيييييه أتيييييم‪.‬‬
‫وقوله تعييالى‪} :‬قييل إن المييوت الييذي تفييرون منييه فييإنه‬
‫ملقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بمييا‬
‫كنتييم تعملييون{ كقييوله تعييالى فييي سييورة النسيياء }أينمييا‬
‫تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بييروج مشيييدة{ وفييي‬
‫معجم الطبراني من حديث معيياذ بيين محمييد الهييذلي عيين‬
‫يونس عن الحسن عن سمرة مرفوعا ً »مثل الذي يفر من‬
‫الموت كمثل الثعلب تطلبه الرض بدين‪ ,‬فجاء يسعى حتى‬
‫إذا أعيا وانبهر دخل جحره فقالت له الرض ياثعلب دينييي‪,‬‬
‫فخرج لييه حصيياص فلييم يييزل كييذلك حييتى تقطعييت عنقييه‬
‫فمييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييات«‪.‬‬

‫‪685‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫َ‬
‫معَيةِ‬ ‫ج ُ‬‫ميين ي َيوْم ِ ال ْ ُ‬ ‫ص يل َةِ ِ‬ ‫ذا ن ُييودِيَ ِلل ّ‬ ‫من ُيوَا ْ إ ِ َ‬
‫نآ َ‬
‫ذي َ‬ ‫** ي َأي َّها ال ّي ِ‬
‫م‬ ‫م ِإن ُ‬
‫كنت ُي ْ‬ ‫خي ْيٌر ل ّك ُي ْ‬‫م َ‬ ‫ى ذِك ْرِ الل ّهِ وَذ َُروا ْ ال ْب َي ْعَ ذ َل ِك ُ ْ‬ ‫َفا ْ ْ َ‬
‫سعَوْا إ ِل َ‬
‫شُروا ْ ِفي الْرض َواب ْت َُغوا ْ‬ ‫صل َةُ َفانت َ ِ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ضي َ ِ‬‫ذا قُ ِ‬ ‫ن * فَإ ِ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ت َعْل َ ُ‬
‫ِ‬
‫ن‬‫حييو َ‬ ‫م ت ُْفل ِ ُ‬ ‫ه ك َِثيييرا ً ل ّعَل ّ ُ‬
‫كيي ْ‬ ‫كييُروا ْ الّليي َ‬ ‫ل الّلييهِ َواذ ْ ُ‬ ‫ضيي ِ‬ ‫ميين فَ ْ‬ ‫ِ‬
‫إنما سميت الجمعة جمعة لنها مشتقة من الجمع‪ ,‬فييإن‬
‫أهل السلم يجتمعون فيه في كييل أسييبوع مييرة بالمعابييد‬
‫الكبار‪ ,‬وفيه كمل جميع الخلئق فإنه اليييوم السييادس ميين‬
‫الستة التي خلق الله فيها السييموات والرض‪ ,‬وفيييه خلييق‬
‫آدم وفيه أدخل الجنة‪ ,‬وفيه أخرج منها وفيه تقوم الساعة‪,‬‬
‫وفيه ساعة ل يوافقها عبد مؤمن يسأل الله فيهييا خيييرا ً إل‬
‫أعطاه إياه‪ ,‬كما ثبتت بذلك الحاديث الصييحاح‪ .‬وقييال ابيين‬
‫أبي حاتم‪ :‬حدثنا الحسن بن عرفة‪ ,‬حدثنا عبيدة بيين حميييد‬
‫عن منصور عن أبي معشر عن إبراهيييم عيين علقميية عيين‬
‫قرتع الضبي‪ ,‬حدثنا سلمان قييال‪ :‬قييال أبييو القاسييم صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬يا سلمان ما يوم الجمعة ؟« قلت‪ :‬الله‬
‫ورسوله أعلم‪ .‬فقال رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»يوم الجمعة يوم جمع الله فيه أبواكم ي أو أبوكم ييي« وقييد‬
‫روي عيين أبييي هريييرة ميين كلمييه نحييو هييذا فييالله أعلييم‪.‬‬
‫وقد كان يقال له في اللغة القديمة يييوم العروبيية‪ ,‬وثبييت‬
‫أن المم قبلنا أميروا بيه فضيلوا عنيه‪ ,‬واختيار اليهيود ييوم‬
‫السبت الذي لم يقع فيه خلييق آدم‪ ,‬واختييار النصييارى يييوم‬
‫الحد الذي ابتدىء فيه الخلق‪ ,‬واختار الله لهذه الميية يييوم‬
‫الجمعة الذي أكمل الله فيه الخليقة كمييا أخرجييه البخيياري‬
‫ومسلم من حديث عبد الرزاق عيين معميير عيين همييام بيين‬
‫منبه قال‪ :‬هذا ما حدثنا أبو هريرة قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه‬
‫لخييرون السييابقون يييوم‬ ‫صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬نحيين ا َ‬
‫القيامة‪ ,‬بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا‪ ,‬ثم إن هذا يييومهم‬
‫الييذي فييرض اللييه عليهييم فيياختلفوا فيييه فهييدانا اللييه لييه‪,‬‬
‫فالناس لنا فيه تبع‪ ,‬اليهود غيدا ً والنصييارى بعيد غييد« لفيظ‬
‫البخاري وفي لفظ لمسلم »أضييل اللييه عيين الجمعيية ميين‬

‫‪686‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كان قبلنا‪ ,‬فكان لليهود يوم السييبت‪ ,‬وكييان للنصييارى يييوم‬
‫الحييد‪ ,‬فجيياء اللييه بنييا فهييدانا اللييه ليييوم الجمعيية‪ ,‬فجعييل‬
‫الجمعة والسبت والحد‪ ,‬وكذلك هييم تبييع لنييا يييوم القياميية‬
‫لخييرون ميين أهييل الييدنيا‪ ,‬والولييون يييوم القياميية‬ ‫نحيين ا َ‬
‫المقضيييييييييييييي بينهيييييييييييييم قبيييييييييييييل الخلئق«‪.‬‬
‫وقد أمر اللييه المييؤمنين بالجتميياع لعبييادته يييوم الجمعيية‬
‫فقال تعالى‪} :‬يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلة من يييوم‬
‫الجمعيية فاسييعوا إلييى ذكيير اللييه{ أي اقصييدوا واعمييدوا‬
‫واهتموا فييي سيييركم إليهييا‪ ,‬وليييس المييراد بالسييعي ههنييا‬
‫المشي السريع وإنما هو الهتمام بها كقوله تعالى‪} :‬وميين‬
‫لخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن{ وكان عميير بيين‬ ‫أراد ا َ‬
‫الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما يقرآنهييا }فامضييوا‬
‫إلى ذكر الله{ فأما المشي السريع إلى الصلة فقييد نهييي‬
‫عنه لما أخرجاه في الصحيحين‪ ,‬عن أبي هريرة عن النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬إذا سييمعتم القاميية فامشييوا‬
‫إليى الصيلة وعليكيم السيكينة والوقيار ول تسيرعوا‪ ,‬فميا‬
‫أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا« لفظ البخاري وعيين أبييي‬
‫قتادة قال‪ :‬بينما نحيين نصييلي مييع النييبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسييلم إذ سييمع جلبيية رجييال‪ ,‬فلمييا صييلى قييال‪» :‬مييا‬
‫شأنكم ؟« قالوا‪ :‬استعجلنا إلى الصييلة قييال »فل تفعلييوا‪,‬‬
‫إذا أتيتييم الصييلة فامشييوا وعليكييم السييكينة فمييا أدركتييم‬
‫فصييلوا ومييا فيياتكم فييأتموا«أخرجيياه‪ .‬وقييال عبييد الييرزاق‪:‬‬
‫أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عيين أبييي‬
‫هريرة رضي الله عنه قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪ِ» :‬إذا أقيمت الصلة فل تأتوهييا تسييعون ولكيين‬
‫ائتوهييا تمشييون‪ ,‬وعليكييم السييكينة والوقييار فمييا أدركتييم‬
‫فصلوا وما فاتكم فأتموا«‪ .‬رواه الترمذي ميين حييديث عبييد‬
‫الرزاق كذلك‪ ,‬وأخرجه من طريق يزيد بن زريع عن معمر‬
‫عن الزهري عن أبي سيلمة عيين أبييي هريييرة بمثليه‪ ,‬قيال‬
‫الحسن‪ :‬أما والله ما هو بالسعي على القييدام ولقييد نهييوا‬
‫أن يأتوا الصلة إل وعليهم السكينة والوقار ولكن بييالقلوب‬
‫والنية والخشوع‪ .‬وقال قتادة في قوله‪} :‬فاسعوا إلى ذكيير‬

‫‪687‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله{ يعني أن تسعى بقلبييك وعملييك وهييو المشييي إليهييا‪,‬‬
‫وكييان يتييأول قييوله تعييالى‪} :‬فلمييا بلييغ معييه السييعي{ أي‬
‫المشي معه‪ ,‬وروي عن محمد بيين كعييب وزيييد بيين أسييلم‬
‫وغيرهمييييييييييييييييييا نحييييييييييييييييييو ذلييييييييييييييييييك‪.‬‬
‫ويستحب لمن جاء إلييى الجمعيية أن يغتسييل قبييل مجيئه‬
‫إليها‪ ,‬لما ثبت في الصحيحين عيين عبييد اللييه بيين عميير أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسييلم قييال‪» :‬إذا جيياء أحييدكم‬
‫الجمعة فليغتسل« ولهما عن أبي سييعيد رضييي اللييه عنييه‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬غسييل يييوم‬
‫الجمعة واجب على كل محتلييم« وعيين أبييي هريييرة قييال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬حييق اللييه علييى‬
‫كل مسلم أن يغتسل فيي كيل سيبعة أييام‪ ,‬يغسيل رأسيه‬
‫وجسده« رواه مسلم‪ ,‬وعن جابر رضي الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬على كل رجل مسييلم‬
‫في كل سييبعة أيييام غسييل يييوم وهييو يييوم الجمعيية« رواه‬
‫أحميييييييييييد والنسيييييييييييائي وابييييييييييين حبيييييييييييان‪.‬‬
‫وقييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا يحيييى بيين آدم‪ ,‬حييدثنا ابيين‬
‫المبارك عيين الوزاعييي عيين حسييان بيين عطييية عيين أبييي‬
‫الشييعث الصيينعاني‪ ,‬عيين أوس بيين أوس الثقفييي قييال‪:‬‬
‫سمعت رسول الله صيلى اللييه عليييه وسيلم يقييول‪» :‬ميين‬
‫غسييل واغتسييل يييوم الجمعيية وبكيير وابتكيير ومشييى ولييم‬
‫يركب‪ ,‬ودنا ميين المييام واسييتمع ولييم يلييغ‪ ,‬كييان لييه بكييل‬
‫خطوة أجر سنة صيامها وقيامها« وهذا الحييديث ليه طيرق‬
‫وألفاظ‪ ,‬وقد أخرجه أهل السنن الربعة وحسنه الترمييذي‪,‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬إن رسول الله صيلى‬
‫الله عليه وسيلم قيال‪» :‬مين اغتسيل ييوم الجمعية غسيل‬
‫الجنابة ثم راح في الساعة الولى فكأنما قرب بدنة‪ ,‬وميين‬
‫راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقييرة‪ ,‬وميين راح فييي‬
‫الساعة الثالثة فكأنمييا قييرب كبش يا ً أقييرن‪ ,‬وميين راح فييي‬
‫الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة‪ ,‬ومن راح في الساعة‬
‫الخامسة فكأنما قييرب بيضيية‪ ,‬فييإذا خييرج المييام حضييرت‬
‫الملئكيييييييية يسييييييييتمعون الييييييييذكر« أخرجيييييييياه‪.‬‬

‫‪688‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ويستحب لييه أن يلبييس أحسيين ثيييابه ويتنظييف ويتسييوك‬
‫وينتظف ويتطهر‪ .‬وفي حديث أبي سعيد المتقييدم »غسييل‬
‫يوم الجمعة واجب على كييل محتلييم والسييواك وأن يمييس‬
‫من طيب أهله« وقال المام أحمد‪ :‬حييدثنا يعقييوب‪ ,‬حييدثنا‬
‫أبي عيين محمييد بيين إسييحاق‪ ,‬حييدثني محمييد بيين إبراهيييم‬
‫التيمي عن عمران بن أبي يحيى‪ ,‬عن عبيد الليه بين كعيب‬
‫بن مالك عن أبييي أيييوب النصيياري‪ :‬سييمعت رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقييول‪» :‬ميين اغتسييل يييوم الجمعيية‬
‫ومس من طيب أهله إن كان عنده ولبس من أحسن ثيابه‬
‫ثم خرج حتى يأتي المسجد فيركع إن بداله ولم يؤذ أحييدًا‪,‬‬
‫ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي كانت كفارة لما بينهييا‬
‫وبين الجمعة الخرى« وفي سنن أبي داود وابن ماجه عن‬
‫عبد الله بن سلم رضي الله عنييه‪ ,‬أنييه سييمع رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر‪» :‬ما على أحييدكم‬
‫لو اشترى ثوبين ليوم الجمعيية سييوى ثييوبي مهنتييه« وعيين‬
‫عائشة رضي الليه عنهيا أن رسيول الليه صيلى الليه علييه‬
‫وسلم خطب الناس يوم الجمعة‪ ,‬فرأى عليهم ثياب النمييار‬
‫فقييال‪» :‬مييا علييى أحييدكم إن وجييد سييعة أن يتخييذ ثييوبين‬
‫لجمعتييييه سييييوى ثييييوبي مهنتييييه« رواه ابيييين ميييياجه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬إذا نودي للصلة من يوم الجمعة{ المراد‬
‫بهذا النيداء هيو النيداء الثياني اليذي كيان يفعيل بيين ييدي‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسييلم إذا خييرج فجلييس علييى‬
‫المنبر‪ ,‬فإنه كان حينئذ يييؤذن بييين يييديه فهييذا هييو المييراد‪,‬‬
‫فأمييا النييداء الول الييذي زاده أمييير المييؤمنين عثمييان بيين‬
‫عفان رضي الله عنه‪ ,‬فإنمييا كييان هييذا لكييثرة النيياس كمييا‬
‫رواه البخاري رحمه الله حيث قال‪ :‬حدثنا آدم هو ابن أبييي‬
‫إياس‪ ,‬حدثنا ابن أبي ذئب عيين الزهييري عيين السييائب بيين‬
‫يزيد قال‪ :‬كان النداء يييوم الجمعيية أولييه إذا جلييس المييام‬
‫على المنبر على عهد رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫وأبي بكر وعمر‪ ,‬فلما كان عثمان بعد زميين وكييثر النيياس‪,‬‬
‫زاد النداء الثاني على الزوراء يعنييي يييؤذن بييه علييى الييدار‬
‫الييتي تسييمى بييالزوراء‪ ,‬وكييانت أرفييع دار بالمدينيية بقييرب‬

‫‪689‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المسجد‪ .‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حيدثنا أبيو نعييم‪,‬‬
‫حييدثنا إبراهيييم‪ ,‬حييدثنا محمييد بيين راشييد المكحييولي عيين‬
‫مكحول أن النداء كان في الجمعة مؤذن واحد‪ ,‬حين يخرج‬
‫المييام ثييم تقييام الصييلة وذلييك النييداء الييذي يحييرم عنييده‬
‫الشراء والبيع إذا نودي به‪ ,‬فأمر عثمان رضي الله عنييه أن‬
‫ينادي قبل خروج المام حييتى يجتمييع النيياس‪ .‬وإنمييا يييؤمر‬
‫بحضييور الجمعيية الرجييال الحييرار دون العبيييد والنسيياء‬
‫والصبيان‪ ,‬ويعذر المسافر والمريييض وقي ّييم المريييض ومييا‬
‫أشبه ذلك من العذار‪ ,‬كما هييو مقييرر فييي كتييب الفييروع‪.‬‬
‫وقيوله تعيالى‪} :‬وذروا اليبيع{ أي اسيعوا إليى ذكير الليه‬
‫واتركوا البيع إذا نودي للصلة‪ ,‬ولهذا اتفييق العلميياء رضييي‬
‫الله عنهم على تحريم البيع بعد النداء الثاني‪ ,‬واختلفوا هل‬
‫يصح إذا تعاطاه متعاط أم ل ؟ علييى قييولين وظيياهر ا َ‬
‫لييية‬
‫عدم الصحة كما هو مقرر في موضعه‪ ,‬والله أعلم‪ .‬وقييوله‬
‫تعالى‪} :‬ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون{ أي ترككم الييبيع‬
‫وإقبالكم إلى ذكر الله وإلى الصلة خير لكم أي في الييدنيا‬
‫لخييرة إن كنتييم تعلمييون‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬فييإذا قضيييت‬ ‫وا َ‬
‫الصلة{ أي فرغ منها }فانتشروا فييي الرض وابتغييوا ميين‬
‫فضييل اللييه{ لمييا حجيير عليهييم فييي التصييرف بعييد النييداء‬
‫وأمرهم بالجتماع أذن لهم بعييد الفييراغ فييي النتشييار فييي‬
‫الرض والبتغاء من فضل الله‪ ,‬كما كيان عيراك بين ماليك‬
‫رضي الله عنه إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على بيياب‬
‫المسجد فقال‪ :‬اللهم إني أجبت دعوتك وصييليت فريضييتك‬
‫وانتشرت كمييا أمرتنييي فييارزقني ميين فضييلك وأنييت خييير‬
‫الرازقييييييييييين‪ ,‬رواه ابيييييييييين أبييييييييييي حيييييييييياتم‪.‬‬
‫وروي عن بعض السلف أن قال‪ :‬ميين بيياع واشييترى فييي‬
‫يوم الجمعة بعد الصلة بارك اللييه لييه سييبعين مييرة لقييول‬
‫الليه تعيالى‪} :‬فيإذا قضيييت الصييلة فانتشيروا فيي الرض‬
‫وابتغوا من فضل الله{ وقوله تعالى‪} :‬واذكروا الله كييثيرا ً‬
‫لعلكم تفلحييون{ أي فييي حييال بيعكييم وشييرائكم وأخييذكم‬
‫وإعطائكم اذكروا الله ذكرا ً كثيرًا‪ ,‬ول تشييغلكم الييدنيا عيين‬
‫لخييرة‪ ,‬ولهييذا جيياء فييي الحييديث‬ ‫الذي ينفعكم في الييدار ا َ‬

‫‪690‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫»من دخل سوقا ً من السواق فقال ل إله إل الله وحييده ل‬
‫شريك له‪ ,‬له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قييدير‪,‬‬
‫كتب الله له ألف ألف حسنة ومحي عنه ألف ألف سيييئة«‬
‫وقال مجاهد‪ :‬ل يكون العبد من الذاكرين اللييه كييثيرا ً حييتى‬
‫ييييييييذكر الليييييييه قائميييييييا ً وقاعيييييييدا ً ومضيييييييطجعًا‪.‬‬

‫ك َقآِئميا ً قُي ْ‬ ‫ضوَا ْ إ ِل َي َْها وَت ََر ُ‬ ‫َ‬ ‫** وإ َ َ‬


‫ل‬ ‫كو َ‬ ‫جاَرةً أوْ ل َْهوا ً انَف ّ‬‫ذا َرأوْا ْ ت ِ َ‬‫َِ‬
‫ن‬ ‫خي ُْر الّرازِِقي َ‬‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫جاَرةِ َوالل ُ‬ ‫ن الت ّ َ‬‫م َ‬ ‫ّ‬
‫ن اللهْوِ وَ ِ‬ ‫م َ‬
‫خي ٌْر ّ‬ ‫ّ‬
‫عند َ اللهِ َ‬ ‫ما ِ‬
‫َ‬
‫يعاتب تبارك وتعالى على مييا كييان وقييع ميين النصييراف‬
‫عن الخطبة يوم الجمعة إلى التجارة التي قييدمت المدينيية‬
‫يومئذ فقال تعالى‪} :‬وإذا رأوا تجارة أو لهييوا ً انفضييوا إليهييا‬
‫وتركوك قائمًا{ أي على المنبر تخطييب‪ ,‬هكييذا ذكييره غييير‬
‫واحد من التييابعين‪ ,‬منهييم أبييو العالييية والحسيين وزيييد بيين‬
‫أسلم وقتادة‪ ,‬وزعييم مقاتييل بيين حيييان أن التجييارة كييانت‬
‫لدحية بن خليفة قبل أن يسلم‪ ,‬وكان معها طبل فانصرفوا‬
‫إليها وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يا ً علييى‬
‫المنبر إل القليل منهم‪ ,‬وقد صح بذلك الخييبر فقييال المييام‬
‫أحمد‪ :‬حدثنا ابن إدريس عيين حصييين عيين سييالم بيين أبييي‬
‫الجعد عن جابر قال‪ :‬قييدمت عييير مييرة المدينيية‪ ,‬ورسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يخطب فخرج الناس وبقي اثنييا‬
‫عشر رجل ً فنزلت }وإذا رأوا تجارة أو لهوا ً انفضييوا إليهييا{‬
‫أخرجييياه فيييي الصيييحيحين مييين حيييديث سيييالم بيييه‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبو يعلييى‪ :‬حييدثنا زكريييا بيين يحيييى‪ ,‬حييدثنا‬
‫هشيم عن حصين عن سالم بن أبييي الجعييد وأبييي سييفيان‬
‫عن جابر بن عبد الله قييال‪ :‬بينمييا النييبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسييلم يخطييب يييوم الجمعيية‪ ,‬فقييدمت عييير إلييى المدينيية‬
‫فابتدرها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسييلم‪ ,‬حييتى‬
‫لم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إل اثنا عشيير‬
‫رجل ً فقال رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬والييذي‬
‫نفسي بيده لو تتابعتم حتى لم يبق منكم أحييد لسييال بكييم‬
‫ليية }وإذا رأوا تجييارة أو لهييوا ً‬ ‫الوادي نارًا« ونزلييت هييذه ا َ‬

‫‪691‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫انفضوا إليها وتركوك قائمًا{ وقال‪ :‬كان فييي الثنييي عشيير‬
‫الذين ثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬أبييو بكيير‬
‫وعميير رضييي اللييه عنهمييا‪ ,‬وفييي قييوله تعييالى‪} :‬وتركييوك‬
‫قائمًا{ دليل على أن المام يخطب يوم الجمعة قائمًا‪ .‬وقد‬
‫روى مسلم في صحيحه عن جابر بيين سييمرة قييال‪ :‬كييانت‬
‫للنبي صلى الله عليه وسلم خطبتييان يجلييس بينهمييا يقييرأ‬
‫القرآن ويذكر النيياس‪ ,‬ولكيين ههنييا شيييء ينبغييي أن يعلييم‬
‫وهو‪ :‬أن هذه القصة قد قيل إنها كانت لما كان رسول الله‬
‫صلى اللييه عليييه وسييلم يقييدم الصييلة يييوم الجمعيية علييى‬
‫الخطبة‪ ,‬كمييا رواه أبييو داود فييي كتيياب المراسيييل‪ ,‬حييدثنا‬
‫محمود بن خالد عن الوليد‪ ,‬أخبرني أبو معيياذ بيين معييروف‬
‫أنه سمع مقاتل بن حيان يقول‪ :‬كان رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم يصلي يوم الجمعة قبل الخطبة مثييل العيييدين‪,‬‬
‫حتى إذا كان يوم والنبي صلى اللييه عليييه وسييلم يخطييب‪,‬‬
‫وقد صلى الجمعة‪ ,‬فدخل رجل فقال‪ :‬إن دحية بيين خليفيية‬
‫قد قدم بتجارة‪ ,‬يعني فانفضوا ولم يبق معه إل نفيير يسييير‬
‫وقوله تعالى‪} :‬قل ما عند اللييه{ أي الييذي عنييد اللييه ميين‬
‫لخرة }خير من اللهو ومن التجارة والله‬ ‫الثواب في الدار ا َ‬
‫خير الرازقييين{ أي لميين توكييل عليييه وطلييب الييرزق فييي‬
‫وقته‪ .‬آخر تفسير سورة الجمعة ولله الحمييد والمنيية‪ ,‬وبييه‬
‫التوفيق والعصمة‪.‬‬

‫سورة المنافقون‬
‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫ل الل ّهِ َوالل ّ ُ‬


‫ه‬ ‫سو ُ‬ ‫ك ل ََر ُ‬ ‫شهَد ُ إ ِن ّ َ‬ ‫ن َقاُلوا ْ ن َ ْ‬ ‫مَنافُِقو َ‬ ‫ك ال ْ ُ‬ ‫جآَء َ‬ ‫ذا َ‬ ‫** إ ِ َ‬
‫ن*‬ ‫كياذُِبو َ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫مَنيافِِقي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫شيهَد ُ إ ِ ّ‬ ‫ه يَ ْ‬‫ه َوالّلي ُ‬ ‫سيول ُ ُ‬ ‫ك ل ََر ُ‬ ‫م إ ِّني َ‬ ‫ي َعْل َ ُ‬
‫َ‬
‫مييا‬ ‫سييآَء َ‬ ‫م َ‬ ‫ل الل ّيهِ إ ِن ّهُ ي ْ‬ ‫س يِبي ِ‬ ‫عن َ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫ة فَ ََ‬
‫ص ّ‬ ‫جن ّ ً‬
‫م ُ‬ ‫خذ ُوَا ْ أي ْ َ‬
‫مان َهُ ْ‬ ‫ات ّ َ‬
‫ى‬ ‫َ‬ ‫م ك ََف يُروا فَ ُ‬ ‫من ُييوا ّ ث ُي ّ‬ ‫ن * ذ َل ِ َ‬ ‫مُلو َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َعْ َ‬ ‫َ‬
‫طب ِيعَ عَل ي َ‬ ‫ذا رأ َيتهيم تعجبي َ َ‬
‫مآ َ‬ ‫ك ب ِيأن ّهُ ْ‬
‫م‬ ‫مه ُ ْ‬ ‫سييا ُ‬
‫ج َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫ن * وَإ ِ َ َ ْ َ ُ ْ ُ ْ ِ ُ‬ ‫م ل َ ي َْفَقهُييو َ‬ ‫م فَهُي ْ‬ ‫قُُلوب ِهِ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫س يُبو َ‬ ‫ح َ‬‫س ين ّد َةٌ ي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ب ّ‬ ‫شي ٌ‬ ‫خ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫م ك َأن ّهُ ْ‬ ‫معْ ل َِقوْل ِهِ ْ‬ ‫س َ‬ ‫وَِإن ي َُقوُلوا ْ ت َ ْ‬

‫‪692‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ه أ َن ّييى‬
‫م الّلي ُ‬
‫م قَييات َل َهُ ُ‬ ‫م ال ْعَيد ُوّ َفا ْ‬
‫حيذ َْرهُ ْ‬ ‫هي ُ‬ ‫حةٍ عَل َي ْهِي ْ‬
‫م ُ‬ ‫صيي ْ َ‬
‫ل َ‬ ‫كُ ّ‬
‫ن‬‫كيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييو َ‬ ‫ي ُؤْفَ ُ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عيين المنييافقين أنهييم إنمييا يتفوهييون‬
‫بالسلم إذا جاءوا النبي صلى الله عليه وسييلم‪ ,‬فأمييا فييي‬
‫باطن المر فليسوا كذلك بل على الضد ميين ذلييك‪ ,‬ولهييذا‬
‫قال تعالى‪} :‬إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول‬
‫الله{ أي إذا حضروا عندك واجهييوك بييذلك‪ ,‬وأظهييروا لييك‬
‫ذلك‪ ,‬وليس كما يقولون‪ ,‬ولهذا اعترض بجملة مخييبرة أنييه‬
‫رسول الله فقييال‪} :‬واللييه يعلييم إنييك لرسييوله{ ثييم قييال‬
‫تعييالى‪} :‬واللييه يشييهد إن المنييافقين لكيياذبون{ أي فيمييا‬
‫أخييبروا بييه وإن كييان مطابقييا ً للخييارج لنهييم لييم يكونييوا‬
‫يعتقدون صحة ما يقولون ول صدقه‪ ,‬ولهذا كذبهم بالنسييبة‬
‫إلييييييييييييييييييييييييييييييى اعتقييييييييييييييييييييييييييييييادهم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬اتخذوا أيمييانهم جنيية فصييدوا عيين سييبيل‬
‫لثميية‬ ‫الله{ أي اتقييوا النيياس باليمييان الكاذبيية والحلفييان ا َ‬
‫ليصييدقوا فيمييا يقولييون‪ ,‬فيياغتر بهييم ميين ل يعييرف جلييية‬
‫أمرهم‪ ,‬فاعتقدوا أنهم مسلمون‪ ,‬فربمييا اقتييدى بهييم فيمييا‬
‫يفعلون وصدقهم فيما يقولون‪ ,‬وهم من شأنهم أنهم كييانوا‬
‫ل‪ ,‬فحصييل بهييذا‬ ‫في البيياطن ل يييألون السييلم وأهلييه خبييا ً‬
‫القدر ضرر كبير على كثير من الناس‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‪:‬‬
‫}فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون{ ولهييذا‬
‫كان الضحاك بن مزاحم يقرؤها }اتخذوا إيمانهم جنيية{ أي‬
‫تصديقهم الظاهر جنة أي تقية يتقون به القتييل‪ ,‬والجمهييور‬
‫يقرؤها }أيمانهم{ جمع يمين‪ ,‬وقوله تعييالى‪} :‬ذلييك بييأنهم‬
‫آمنوا ثم كفروا فطبييع علييى قلييوبهم فهييم ل يفقهييون{ أي‬
‫إنما قدر عليهم النفاق لرجوعهم عن اليمان إلى الكفران‪,‬‬
‫واستبدالهم الضللة بالهدى‪ ,‬فطبع الله على قلييوبهم فهييم‬
‫ليفقهون‪ .‬أي فل يصل إلى قلوبهم هييدى ول يخلييص إليهييا‬
‫خييييييييييييييييير فل تعييييييييييييييييي ول تهتييييييييييييييييدي‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولييوا‬
‫تسييمع لقييولهم{ أي وكييانوا أشييكال ً حسيينة وذوي فصيياحة‬
‫وألسنة‪ ,‬وإذا سمعهم السامع يصغي إلى قييولهم لبلغتهييم‪,‬‬

‫‪693‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وهم مع ذلييك فييي غاييية الضييعف والخييور والهلييع والجييزع‬
‫والجبن‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬يحسبون كل صحيحة عليهييم{‬
‫أي كلما وقع أمر أو كائنيية أو خييوف يعتقييدون لجبنهييم أنييه‬
‫نازل بهم كما قال تعالى‪} :‬أشحة عليكم فإذا جاء الخييوف‬
‫رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليييه ميين‬
‫الموت فإذا ذهييب الخييوف سييلقوكم بألسيينة حييداد أشييحة‬
‫على الخير أولئك لييم يؤمنيوا فييأحبط الليه أعمييالهم وكيان‬
‫ذلك على اللييه يسيييرًا{ فهييم جهامييات وصييور بل معيياني‪,‬‬
‫ولهذا قال تعالى‪} :‬هم العييدو فاحييذرهم قيياتلهم اللييه أنييى‬
‫يؤفكون{ أي كيف يصرفون عن الهدى إلى الضييلل‪ ,‬وقييد‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬حدثنا عبد المليك بيين قداميية‬
‫الجمحي عن إسحاق بن بكير بن أبييي الفييرات عيين سييعيد‬
‫بن أبي سعيد المقبري‪ ,‬عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قييال‪» :‬إن للمنييافقين‬
‫علمات يعرفون بها‪ :‬تحيتهم لعنة وطعامهم نهبة وغنيمتهم‬
‫غلول ول يقربون المساجد إل هجييرًا‪ ,‬ول يييأتون الصييلة إل‬
‫دبييرًا‪ ,‬مسييتكبرين ل يييألفون ول يؤلفييون‪ ,‬خشييب بالليييل‬
‫صييخب بالنهييار« وقييال يزيييد بيين مييرة‪ :‬سييخب بالنهييار‪.‬‬

‫ل الل ّيهِ ل َيوّوْا ْ‬ ‫سييو ُ‬ ‫م َر ُ‬ ‫س يت َغِْفْر ل َك ُي ْ‬ ‫م ت َعَييال َوْا ْ ي َ ْ‬ ‫ل ل َهُ ي ْ‬ ‫ذا ِقي َ‬ ‫** وَإ ِ َ‬
‫َ‬
‫م‬‫وآٌء عَل َي ْهِي ْ‬ ‫س َ‬
‫ن* َ‬ ‫ست َك ْب ُِرو َ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ن وَ ُ‬ ‫دو َ‬ ‫ص ّ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫م وََرأي ْت َهُ ْ‬ ‫سه ُ ْ‬ ‫ُرُءو َ‬
‫أ َستغَْفرت ل َه َ‬
‫ن‬ ‫م إِ ّ‬ ‫ه ل َُهي ْ‬ ‫م َلين ي َغِْفيَر الّلي ُ‬ ‫ست َغِْفْر ل َُهي ْ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫م لَ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ْ َ ْ َ ُ ْ‬
‫ن لَ‬ ‫ن ي َُقول ُييو َ‬ ‫ذي َ‬‫م ال ّي ِ‬ ‫ن * هُ ي ُ‬ ‫سِقي َ‬ ‫م ال َْفـ ي ِ‬ ‫دي ال َْق يوْ َ‬ ‫ه ل َ ي َهْ ي ِ‬ ‫الل ّي َ‬
‫ن‬ ‫خ يَزآئ ِ ُ‬‫ضوا ْ وَل ِل ّيهِ َ‬ ‫ى َينَف ّ‬ ‫حت ّ َ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫عند َ َر ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ى َ‬ ‫ُتن ِ ْ َ‬
‫فُقوا عَل َ‬
‫ن‬ ‫ن * ي َُقول ُييو َ‬ ‫ن ل َ ي َْفَقُهو َ‬ ‫مَنافِِقي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ض وََلـك ِ ّ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫ل وَل ِل ّي ِ‬
‫ه‬ ‫من ْهَييا الذ َ ّ‬ ‫ن العَيّز ِ‬ ‫جي ّ‬ ‫خرِ َ‬‫دين َيةِ ل َي ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫جعْن َييآ إ ِل َييى ال ْ َ‬ ‫ل َِئن ّر َ‬
‫ن‬‫مييو َ‬ ‫ن ل َ ي َعْل َ ُ‬ ‫من َييافِِقي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ن وََلـ يك ِ ّ‬ ‫مِني َ‬ ‫م يؤ ْ ِ‬ ‫سول ِهِ وَل ِل ْ ُ‬ ‫ال ْعِّزةُ وَل َِر ُ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن المنافقين عليهم لعائن الله أنهم‬
‫}وإذا قيييل لهييم تعييالوا يسييتغفر لكييم رسييول اللييه لييووا‬
‫رؤوسهم{ أي صدوا وأعرضوا عما قيل لهم استكبارا ً عيين‬
‫ذلك واحتقارا ً لما قيل لهييم‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‪} :‬ورأيتهييم‬

‫‪694‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يصدون وهييم مسييتكبرون{ ثييم جييازاهم علييى ذلييك فقييال‬
‫تعالى‪} :‬سواء عليهم أستغفرت لهييم أم لييم تسييتغفر لهييم‬
‫لن يغفر الله لهم إن الله ل يهدي القييوم الفاسييقين{ كمييا‬
‫قال في سورة براءة‪ ,‬وقد تقدم الكلم علييى ذلييك وإيييراد‬
‫الحيييييييييييييييياديث المروييييييييييييييييية هنالييييييييييييييييك‪.‬‬
‫وقال ابن أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييي‪ ,‬حييدثنا ابيين أبييي عميير‬
‫العدني قال‪ :‬قال سفيان }لووا رؤوسييهم{ قييال ابيين أبييي‬
‫ول سفيان وجهه على يمينه ونظر شزرا ً ثم قال‪:‬‬ ‫عمر‪ :‬وح ّ‬
‫هو هذا‪ .‬وقد ذكر غير واحييد ميين السييلف أن هييذا السييياق‬
‫كله نزل في عبد الله بن أبي بن سلول كما سنورده قريبا ً‬
‫إن شاء الليه تعيالى‪ ,‬وبيه الثقية وعلييه التكلن‪ .‬وقيد قيال‬
‫محمد بن إسحاق في السيرة‪ :‬ولما قدم رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم المدينة‪ ,‬يعني مرجعه من أحد‪ ,‬وكان عبييد‬
‫الله بن أبي بن سلول كما حدثني ابن شييهاب الزهييري لييه‬
‫مقام يقومه كل جمعة‪ ,‬ل ينكر شرفا ً لييه ميين نفسييه وميين‬
‫قومه‪ ,‬وكان فيهم شريفًا‪ ,‬إذا جلس النبي صلى اللييه عليييه‬
‫وسلم يوم الجمعيية وهييو يخطييب النيياس قييام فقييال‪ :‬أيهييا‬
‫النيياس‪ ,‬هييذا رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم بييين‬
‫أظهركم‪ ,‬أكرمكم الله بييه وأعزكييم بييه فانصييروه وعييزروه‬
‫واسمعوا له وأطيعوا‪ ,‬ثم يجلس حتى إذا صنع يوم أحد مييا‬
‫صنع‪ ,‬يعني مرجعه بثلث الجيش ورجع النيياس‪ ,‬قييام يفعييل‬
‫ذلك كما كان يفعله‪ ,‬فأخييذ المسييلمون بثيييابه ميين نييواحيه‬
‫وقالوا‪ :‬اجلس‪ ,‬أي عدو الله لست لذلك بأهل وقد صيينعت‬
‫ما صنعت‪ ,‬فخرج يتخطى رقاب الناس وهييو يقييول‪ :‬واللييه‬
‫لكأنما قلت بجرا ً أأن قمت أشدد أمره‪ ,‬فلقيييه رجييال ميين‬
‫النصار بباب المسجد فقييالوا‪ :‬ويلييك مالييك ؟ قييال‪ :‬قمييت‬
‫أشييدد أمييره فييوثب علييي رجييال ميين أصييحابه يجييذبونني‬
‫ويعنفونني‪ ,‬لكأنما قلت بجرا ً أأن قمت أشدد أمره‪ .‬قييالوا‪:‬‬
‫ويلك ارجع يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسييلم‪,‬‬
‫فقييال‪ :‬واللييه مييا أبتغييي أن يسييتغفر لييي‪ ,‬وقييال قتييادة‬
‫لية في عبد الله بن أبييي‪ ,‬وذلييك أن‬ ‫والسدي‪ :‬أنزلت هذه ا َ‬
‫غلما ً من قرابته انطلق إلى رسول اللييه صييلى اللييه عليييه‬

‫‪695‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسلم‪ ,‬فحدثه بحديث عنه وأمر شديد‪ ,‬فدعاه رسول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم فإذا هو يحلف بالله ويتبرأ من ذلييك‪,‬‬
‫وأقبلت النصار على ذلييك الغلم فلمييوه وعزلييوه‪ ,‬وأنييزل‬
‫الله فيه ما تسمعون‪ ,‬وقيل لعدو الله‪ :‬لو أتيت رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم فجعل يلوي رأسه‪ ,‬أي لست فيياع ً‬
‫ل‪,‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا أبو الربيع الزهرانييي‪,‬‬
‫حدثنا حماد بن زيد‪ ,‬حييدثنا أيييوب عيين سييعيد بيين جييبير أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم كييان إذا نييزل منييزل ً لييم‬
‫يرتحل حتى يصلي فيه‪ ,‬فلمييا كييانت غييزوة تبييوك بلغييه أن‬
‫عبد الله بن أبي بن سلول قال‪ :‬ليخرجن العز منها الذل‪,‬‬
‫فارتحل فبل أن ينزل آخر النهار‪ ,‬وقيل لعبد الله بيين أبييي‪:‬‬
‫ائت النبي صلى الله عليه وسلم حتى يستغفر لك‪ ,‬فييأنزل‬
‫الله تعالى‪} :‬إذا جاءك المنافقون ي إليى قيوله يي وإذا قييل‬
‫لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لييووا رؤوسييهم{ وهييذا‬
‫إسناد صحيح إلى سعيد بن جبير‪ .‬وقوله‪ :‬إن ذلك كان فييي‬
‫غزوة تبوك فيه نظر بل ليس بجيد‪ ,‬فإن عبد الله بيين أبييي‬
‫بن سلول لم يكن ممن خييرج فييي غييزوة تبييوك‪ ,‬بييل رجييع‬
‫بطائفة من الجيش‪ ,‬وإنما المشهور عند أصييحاب المغييازي‬
‫والسير أن ذلييك فييي غييزوة المريسيييع‪ ,‬وهييي غييزوة بنييي‬
‫المصييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييطلق‪.‬‬
‫وقال يونس بن بكير عن ابن إسحاق‪ :‬حدثني محمييد بيين‬
‫يحيى بن حبان وعبد الله بن أبي بكر وعاصم بن عميير بيين‬
‫قتادة في قصة بني المصطلق‪ ,‬فبينا رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم مقيم هناك اقتتل على الماء جهجاه بيين سييعيد‬
‫الغفاري‪ ,‬وكان أجيرا ً لعمر بن الخطيياب وسيينان بيين وبيير‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فحدثني محمد بن يحيى بيين حبييان قييال‪:‬‬
‫ازدحما على الماء فاقتتل‪ ,‬فقال سنان‪ :‬يا معشيير النصييار‪,‬‬
‫وقال الجهجاه‪ :‬يا معشر المهاجرين‪ ,‬وزيد بيين أرقييم ونفيير‬
‫من النصار عند عبد الله بن أبييي‪ ,‬فلمييا سييمعها قييال‪ :‬قييد‬
‫ثاورونا في بلدنا‪ ,‬والله ما مثلنييا وجلبيييب قريييش هييذه إل‬
‫من كلبك يأكلك‪ ,‬واللييه لئن رجعنييا إلييى‬ ‫كما قال القائل‪ :‬س ّ‬
‫المدينة ليخرجن العز منها الذل‪ ,‬ثم أقبل على من عنييده‬

‫‪696‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من قومه وقال‪ :‬ما صنعتم بأنفسييكم‪ ,‬أحللتمييوهم بلدكييم‪,‬‬
‫وقاسمتموهم أموالكم‪ ,‬أما والله لو كففتييم عنهييم لتحولييوا‬
‫عنكم من بلدكم إلى غيرها‪ ,‬فسمعها زيد بن أرقييم رضييي‬
‫الله عنه فذهب بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫وهو غليم عند عمر بن الخطاب رضييي اللييه عنييه‪ ,‬فييأخبره‬
‫الخبر‪ ,‬فقال عمر رضي الله عنه‪ :‬يا رسول اللييه ميير عبيياد‬
‫بن بشر فليضرب عنقه‪ ,‬قال رسول الله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم »فكيف إذا تحدث الناس يييا عميير أن محمييدا ً يقتييل‬
‫أصحابه‪ ,‬ل‪ ,‬ولكن ناد يا عمر الرحيل« فلمييا بلييغ عبييد اللييه‬
‫بن أبي أن ذلك قد بلغ رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‬
‫أتاه فاعتذر إليه‪ ,‬وحلف بالله ما قال‪ ,‬ما قال عليه زيد بيين‬
‫أرقم‪ ,‬وكان عند قومه بمكان فقالوا‪ :‬يا رسول الله عسييى‬
‫أن يكييون هييذا الغلم أوهييم ولييم يثبييت مييا قييال الرجييل‪.‬‬
‫وراح رسول الله صلى الله عليه وسلم مهجرا ً في ساعة‬
‫كان ل يروح فيها‪ ,‬فلقيه أسيد بن الحضير رضي اللييه عنييه‬
‫فسلم عليه بتحية النبييوة ثييم قييال‪ :‬واللييه لقييد رحييت فييي‬
‫ساعة منكرة ما كنت تروح فيها‪ ,‬فقال رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬أما بلغييك مييا قييال صيياحبك ابيين أبييي ؟‬
‫زعم أنه إذا قدم المدينة سيخرج العيز منهيا الذل« قيال‪:‬‬
‫فأنت يا رسول الله العزيز وهو الذليل‪ .‬ثم قال‪ :‬ارفييق بييه‬
‫يا رسول الله‪ ,‬فوالله لقد جاء الله بك وإنا لننظم له الخرز‬
‫وجه‪ ,‬فإنه ليرى أن قد سلبته ملكيًا‪ ,‬فسييار رسييول اللييه‬ ‫لنت ّ‬
‫صلى الله عليه وسييلم بالنيياس حييتى أمسييوا وليلتييه حييتى‬
‫أصبحوا‪ ,‬وصدر يومه حتى اشتد الضييحى ثييم نييزل بالنيياس‬
‫ليشييغلهم عمييا كييان ميين الحييديث‪ ,‬فلييم يييأمن النيياس أن‬
‫وجدوا مس الرض فناموا ونزلت سورة المنييافقين‪ .‬وقييال‬
‫الحافظ أبو بكيير الييبيهقي‪ :‬أخبرنييا أبييو عبييد اللييه الحييافظ‪,‬‬
‫أخبرنا أبو بكر بن إسحاق أخبرنا بشيير بيين موسييى‪ ,‬حييدثنا‬
‫الحميدي‪ ,‬حدثنا سفيان‪ ,‬حدثنا عمر بن دينار‪ ,‬سمعت جابر‬
‫بن عبد الله يقول‪ :‬كنييا مييع رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم فييي غييزاة فكسييع رجييل ميين المهيياجرين رجل ً ميين‬
‫النصار‪ :‬فقال النصيياري‪ :‬ياللنصييار! وقييال المهيياجرين يييا‬

‫‪697‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫للمهاجرين فقال رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬مييا‬
‫بييييال دعييييوى الجاهلييييية ؟ دعوهييييا فإنهييييا منتنيييية«‪.‬‬
‫وقال عبد الله بن أبي بن سلول‪ :‬وقد فعلوها‪ ,‬واللييه لئن‬
‫رجعنا إلى المدينة ليخرجن العييز منهييا الذل‪ ,‬قييال جييابر‪:‬‬
‫وكييان النصييار بالمدينيية أكييثر ميين المهيياجرين حييين قييدم‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬ثم كثر المهاجرون بعييد‬
‫ذلك‪ ,‬فقال عمر‪ :‬دعني أضرب عنييق هييذا المنييافق‪ ,‬فقييال‬
‫النبي صلى الله عليه وسييلم‪» :‬دعييه ل يتحييدث النيياس أن‬
‫محمدا ً يقتل أصحابه« ورواه المام أحمد عيين حسييين بيين‬
‫محمد المروزي عن سفيان بن عيينة‪ ,‬ورواه البخيياري عيين‬
‫الحميدي ومسلم عن أبي بكر بيين أبييي شيييبة وغيييره عيين‬
‫سيييييييييييييييييييفيان بيييييييييييييييييييه نحيييييييييييييييييييوه‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا محمد بيين جعفيير‪ ,‬حييدثنا شييعبة‬
‫عن الحكم‪ ,‬عن محمد بن كعب القرظي عن زيد بن أرقم‬
‫قال‪ :‬كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة‬
‫تبييوك فقييال عبييد اللييه بيين أبييي‪ :‬لئن رجعنييا إلييى المدينيية‬
‫ليخرجن العز منها الذل‪ ,‬قييال‪ :‬فييأتيت النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم فأخبرته‪ ,‬قال‪ :‬فحلف عبد الله بن أبي أنييه لييم‬
‫يكن شيء من ذلك‪ ,‬قال‪ :‬فلمني قومي وقييالوا‪ :‬مييا أردت‬
‫إلى هذا ؟ قال‪ :‬فانطلقت فنمت كئيبا ً حزينًا‪ ,‬قال‪ :‬فأرسل‬
‫إلي نبي الله صلى الله عليييه وسييلم فقييال‪» :‬إن اللييه قييد‬
‫لية }هييم الييذين‬ ‫أنزل عذرك وصدقك« قال‪ :‬فنزلت هذه ا َ‬
‫يقولون ل تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضييوا ي ي‬
‫حتى بلييغ يي لئن رجعنييا إلييى المدينيية ليخرجيين العييز منهييا‬
‫لية عن آدم بن أبي إياس‬ ‫الذل{ ورواه البخاري عند هذه ا َ‬
‫عن شعبة‪ ,‬ثم قال‪ :‬وقال ابن أبي زائدة عن العمش عيين‬
‫عمرو عن ابن أبي ليلى عن زيد عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ,‬ورواه الترمذي والنسائي عنييدها أيض يا ً ميين حييديث‬
‫شييييييييييييييييييييييييييييييييييعبة بييييييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫)طريق أخرى عن زيييد( قييال المييام أحمييد رحمييه اللييه‪:‬‬
‫حييدثنا يحيييى بيين آدم ويحيييى بيين أبييي بكييير قييال‪ :‬حييدثنا‬
‫إسرائيل عن أبي إسحاق قال‪ :‬سمعت زيد بن أرقم‪ ,‬وقال‬

‫‪698‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ابن أبي بكير عن زيد بن أرقم قال‪ :‬خرجت مع عميي فيي‬
‫غزاة فسمعت عبد الله بن أبي بن سلول يقييول لصييحابه‪:‬‬
‫ل تنفقوا على من عند رسول الله صلى الليه علييه وسيلم‬
‫ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن العز منها الذل‪ ,‬فذكرت‬
‫ذلك لعمييي فييذكره عمييي لرسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪ ,‬فأرسل إلي رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫فحدثته‪ ,‬فأرسل إلى عبد الله بن أبي بن سييلول وأصييحابه‬
‫فحلفوا بالله ما قالوا‪ ,‬فكذبني رسول الله صلى الله عليييه‬
‫وسلم وصدقه فأصابني هم لم يصبني مثله قط‪ ,‬وجلسييت‬
‫في البيت فقال عمي‪ :‬ما أردت إل أن كييذبك رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم ومقتك! قييال حييتى أنييزل اللييه }إذا‬
‫جاءك المنافقون{ قال‪ :‬فبعث إلي رسول الله صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم علي‬
‫ثم قال‪» :‬إن الله قد صدقك«‪ .‬ثم قال أحمد أيضييًا‪ :‬حييدثنا‬
‫حسن بن موسى‪ ,‬حدثنا زهير‪ ,‬حدثنا أبو إسحاق أنييه سييمع‬
‫زيد بن أرقم يقول‪ :‬خرجنا مع رسول الله صلى الليه علييه‬
‫وسلم في سفر فأصاب الناس شييدة فقييال عبييد اللييه بيين‬
‫أبي لصحابه‪ :‬ل تنفقوا على من عند رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم حتى ينفضوا من حوله‪ ,‬وقييال لئن رجعنييا إلييى‬
‫المدينة ليخرجن العز منها الذل‪ ,‬فأتيت النبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم فأخبرته بذلك فأرسل إلييى عبييد اللييه بيين أبييي‬
‫فسأله‪ ,‬فاجتهد يمينه ما فعل فقالوا‪ :‬كذب زيييد يييا رسييول‬
‫الله‪ ,‬فوقع في نفسي مما قالوا فأنزل الليه تصييديقي }إذا‬
‫جاءك المنافقون{ قييال ودعيياهم رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليييييه وسييييلم ليسييييتغفر لهييييم فلييييووا رؤوسييييهم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬كأنهم خشب مسندة{ قييال كييانوا رجييال ً‬
‫أجمل شيييء‪ ,‬وقييد رواه البخيياري ومسييلم والنسييائي ميين‬
‫حديث زهييير ورواه البخيياري أيض يا ً والترمييذي ميين حييديث‬
‫إسييرائيل كلهمييا عيين أبييي إسييحاق عمييرو بيين عبييد اللييه‬
‫السيييييبيعي الهميييييداني الكيييييوفي عييييين زييييييد بيييييه‪.‬‬
‫)طريق أخرى عن زيد( قال أبو عيسييى الترمييذي‪ :‬حييدثنا‬
‫عبد بن حميد‪ ,‬حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن‬

‫‪699‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السدي عن أبي سعيد الزدي‪ ,‬قييال‪ :‬حييدثنا زيييد بيين أرقييم‬
‫قال‪ :‬غزونا مع رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪ ,‬وكييان‬
‫معنا أناس من العراب‪ ,‬فكنا نبتييدر الميياء وكييان العييراب‬
‫يسبقوننا إليه فسبق أعرابي أصحابه ليمل الحوض ويجعييل‬
‫حوله حجارة ويجعل النطع عليه حتى يجيء أصحابه‪ ,‬قال‪:‬‬
‫فييأتى رجييل ميين النصييار العرابييي فييأرخى زمييام نيياقته‬
‫لتشرب‪ ,‬فأبى أن يدعه فانتزع حجرا ً فغيياض الميياء‪ ,‬فرفييع‬
‫العرابي خشبته فضرب بها رأس النصاري فشييجه‪ ,‬فييأتى‬
‫عبييد اللييه بيين أبييي رأس المنييافقين فييأخبره‪ ,‬وكييان ميين‬
‫أصحابه فغضب عبد الله بن أبي ثييم قييال‪ :‬ل تنفقييوا علييى‬
‫ميين عنييد رسييول اللييه حييتى ينفضييوا ميين حييوله‪ ,‬يعنييي‬
‫العراب‪ ,‬وكييانوا يحضييرون رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم عند الطعام‪ ,‬فقييال عبييد اللييه لصييحابه‪ :‬إذا انفضييوا‬
‫من عند محمد فائتوا محمدا ً بالطعام فليأكل هو ومن معه‪,‬‬
‫ثم قال لصحابه‪ :‬لئن رجعتم إلييى المدينيية فليخييرج العييز‬
‫منهييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييا الذل‪.‬‬
‫قال زيد وأنا ردف عمي‪ ,‬قال فسمعت عبد الله بيين أبييي‬
‫يقول ما قال‪ ,‬فأخبرت عمي فييانطلق فييأخبر رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه رسول الليه صيلى الليه‬
‫عليه وسلم فحلف وجحد‪ ,‬قال فصدقه رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم وكذبني‪ ,‬قيال فجياء إليي عميي فقيال ميا‬
‫أردت إل أن مقتييك رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫وكذبك والمسلمون‪ ,‬قال فوقع علي من الغم مييا لييم يقييع‬
‫على أحد قط‪ ,‬قال فبينما أنا أسير مييع رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم في سفر‪ ,‬وقد خفقت برأسييي ميين الهييم‪,‬‬
‫إذ أتاني رسول الله صيلى الليه علييه وسيلم فعييرك أذنيي‬
‫وضحك في وجهي‪ ,‬فما كان يسرني أن لي بها الخلييد فييي‬
‫الدنيا‪ ,‬ثم إن أبا بكر لحقني وقال‪ :‬ما قال لك رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم ؟ قلت‪ :‬ما قييال شيييئا ً إل أنييه عييرك‬
‫أذني وضحك فييي وجهييي‪ ,‬فقييال‪ :‬أبشيير ثييم لحقنييي عميير‬
‫فقلت له مثل قولي لبي بكر‪ ,‬فلما أن أصبحنا قرأ رسييول‬
‫اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم سييورة المنييافقين‪ .‬انفييرد‬

‫‪700‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بإخراجه الترمذي وقال‪ :‬هذا حديث حسيين صييحيح‪ .‬وهكييذا‬
‫رواه الحافظ البيهقي عن الحاكم عن أبي العبيياس محمييد‬
‫بن أحمد المحبوبي عن سعيد بن مسعود عن عبيد الله بن‬
‫موسى بييه‪ ,‬وزاد بعييد قييوله سييورة المنييافقين }إذا جيياءك‬
‫المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله ي حييتى بلييغ ي ي هييم‬
‫الذين يقولون ل تنفقوا علييى ميين عنييد رسييول اللييه حييتى‬
‫ينفضييوا ييي حييتى بلييغ ييي ليخرجيين العييز منهييا الذل{‪.‬‬
‫وقد روى عبد الله بن لهيعة عن أبييي السييود عييروة بيين‬
‫الزبير في المغازي‪ ,‬وكذا ذكر موسى بن عقبة في مغازيه‬
‫أيضا ً هذه القصة بهذا السياق‪ ,‬ولكن جعل الذي بلغ رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم كلم عبد الله بن أبي بن سلول‬
‫إنما هو أوس بن أرقم من بني الحارث بن الخزرج‪ ,‬فلعلييه‬
‫مبلغ آخر أو تصحيف من جهة السمع والله أعلم‪ .‬وقد قال‬
‫ابن أبي حاتم رحمه الله‪ :‬حييدثنا محمييد بيين عزيييز اليلييي‪,‬‬
‫حدثني سلمة‪ ,‬حدثني عقيل‪ ,‬أخبرني محمد بن مسييلم أن‬
‫عيروة بين الزبيير وعميرو بين ثيابت النصياري أخيبراه أن‬
‫رسول الله صلى الله علييه وسيلم غيزا غيزوة المريسيييع‪,‬‬
‫وهي التي هدم رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم فيهييا‬
‫مناة الطاغية التي كييانت بييين قفييا المشييلل وبييين البحيير‪,‬‬
‫فبعث رسول الله صلى الله عليه وسييلم خالييد بيين الوليييد‬
‫فكسر مناة‪ ,‬فاقتتل رجلن فييي غييزوة رسييول اللييه صييلى‬
‫لخير مين‬ ‫الله عليه وسلم تلك أحيدهما مين المهياجرين وا َ‬
‫بهييز‪ ,‬وهييم حلفيياء النصييار‪ ,‬فاسييتعلى الرجييل الييذي ميين‬
‫المهاجرين على البهزي فقال البهزي‪ :‬يييا معشيير النصييار‪,‬‬
‫فنصره رجييال ميين النصييار‪ ,‬وقييال المهيياجري‪ :‬يييا معشيير‬
‫المهاجرين‪ ,‬فنصره رجال مين المهياجرين حيتى كيان بيين‬
‫أولئك الرجال من المهاجرين والرجال ميين النصييار شيييء‬
‫من القتال‪ ,‬ثم حجز بينهم فانكفأ كل منييافق أو رجييل فييي‬
‫قلبه مرض إلى عبد الله بن أبي بن سلول فقال‪ :‬قد كنييت‬
‫ترجى وتدفع فأصبحت ل تضر ول تنفع‪ ,‬قد تناصييرت علينييا‬
‫الجلبيب وكانوا يدعون كل حديث الهجرة الجلبيب‪ ,‬فقييال‬

‫‪701‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عبد الله بن أبي عدو الليه‪ :‬والليه لئن رجعنييا إليى المدينيية‬
‫ليخرجييييييييييييييين العيييييييييييييييز منهيييييييييييييييا الذل‪.‬‬
‫قال مالك بن الدخشين وكيان مين المنيافقين‪ :‬أليم أقيل‬
‫لكم ل تنفقييوا علييى ميين عنييد رسييول الليه حييتى ينفضييوا‪,‬‬
‫فسمع بذلك عمر بيين الخطيياب فأقبييل يمشييي حييتى أتييى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسييلم فقييال‪ :‬يييا رسييول اللييه‬
‫ائذن لي فيي هيذا الرجيل اليذي قيد أفتين النياس أضيرب‬
‫عنقه‪ ,‬يريد عمر عبد الله بن أبي‪ ,‬فقال رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم لعمر‪» :‬أو قاتله أنت إن أمرتييك بقتلييه ؟«‬
‫قال عميير‪ :‬نعييم واللييه لئن أمرتنييي بقتلييه لضييربن عنقييه‪,‬‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬اجلس« فأقبييل‬
‫أسيد بن حضير وهو أحد النصار ثم أحد بني عبييد الشييهل‬
‫حتى أتى رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم فقييال‪ :‬يييا‬
‫رسول الله ائذن لي في هذا الرجل الذي قد أفتيين النيياس‬
‫أضرب عنقه‪ ,‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬أو‬
‫قاتله أنت إن أمرتك بقتله ؟« قال‪ :‬نعم والله لئن أمرتنييي‬
‫بقتله لضربن بالسيف تحت قرط أذنيه‪ ,‬فقال رسول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬اجلس« ثم قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسييلم‪» :‬آذنييوا بالرحيييل« فهجيير بالنيياس فسييار‬
‫يومه وليلته والغد حتى متع النهار‪ ,‬ثم نزل ثم هجر بالناس‬
‫مثلهييا حييتى صييبح بالمدينيية فييي ثلث سييارها ميين قفييا‬
‫المشلل‪ (.‬فلما قدم رسول الليه صيلى الليه علييه وسيلم‬
‫المدينة أرسل إلى عمر فدعاه فقال له رسول الليه صيلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬أي عمر أكنت قاتله لو أمرتك بقتله ؟«‬
‫قال عمر‪ :‬نعم‪ ,‬فقال رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»والله لو قتلتيه يييومئذ لرغميت أنيوف رجييال ليو أمرتهييم‬
‫اليوم بقتله امتثلوه‪ ,‬فيتحدث الناس أنييي قييد وقعييت علييى‬
‫أصحابي فأقتلهم صبرًا« وأنزل الله عز وجييل }هييم الييذين‬
‫يقولون ل تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضييوا ي ي‬
‫إلى قوله تعالى ي يقولون لئن رجعنييا إلييى المدينيية{ ا َ‬
‫لييية‪.‬‬
‫وهذا سياق غريب وفيه أشياء نفيسة ل توجد إل فيه‪ ,‬وقال‬
‫محمد بن إسحاق بن يسييار‪ :‬حييدثني عاصييم بيين عميير بيين‬

‫‪702‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قتادة أن عبد الله بن عبد الله بن أبي لما بلغه ما كان من‬
‫أمر أبيه أتى رسول الله فقال‪ :‬يا رسييول اللييه إنييه بلغنييي‬
‫أنك تريد قتل عبد الله بن أبي فيما بلغك عنييه‪ ,‬فييإن كنييت‬
‫فاعل ً فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه‪ ,‬فوالله لقييد علمييت‬
‫الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده مني‪ ,‬إنييي أخشييى‬
‫أن تأمر به غيري فيقتله فل تدعني نفسي أنظر إلى قاتييل‬
‫عبد الله بن أبي يمشي فييي النيياس فييأقتله فأقتييل مؤمنيا ً‬
‫بكافر فأدخييل النييار‪ ,‬فقييال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬بل نييترفق بييه ونحسيين صييحبته مييا بقييي معنييا«‪.‬‬
‫وذكر عكرميية وابين زييد وغيرهميا أن النياس لميا قفلييوا‬
‫راجعين إلى المدينة وقف عبد الله بن عبد الله هييذا علييى‬
‫باب المدينة‪ ,‬واسييتل سيييفه فجعييل النيياس يمييرون عليييه‪,‬‬
‫فلما جاء أبوه عبد الله بن أبي قال له ابنه‪ :‬وراءك! فقال‪:‬‬
‫مالك ويلك ؟ فقال‪ :‬والله ل تجوز من ههنا حتى يييأذن لييك‬
‫رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم فييإنه العزيييز وأنييت‬
‫الذليل‪ ,‬فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسييلم وكييان‬
‫إنما يسير ساقة فشكا إليه عبد اللييه بيين أبييي ابنييه‪ ,‬فقييال‬
‫ابنه عبد الله‪ :‬والله يا رسول الله ل يدخلها حتى تييأذن لييه‪,‬‬
‫فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسييلم فقييال‪ :‬أمييا إذا‬
‫لن‪ .‬وقال‬ ‫أذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فجز ا َ‬
‫أبو بكر عبد الله بن الزبييير الحميييدي فييي مسيينده‪ :‬حييدثنا‬
‫سفيان بن عيينة‪ ,‬حدثنا أبو هارون المدني قييال‪ :‬قييال عبييد‬
‫الله بن عبد الله بن أبي بيين سييلول لبيييه‪ :‬واللييه ل تييدخل‬
‫المدينة أبدا ً حتى تقول‪ :‬رسول الله صلى الله عليه وسييلم‬
‫العز وأنييا الذل‪ ,‬قييال وجيياء إلييى النييبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم فقال يا رسول الله إنه بلغني أنك تريد أن تقتل أبي‬
‫فو الذي بعثك بالحق‪ ,‬ما تأملت وجهه قييط هيبيية لييه‪ ,‬ولئن‬
‫شئت أن آتيك برأسه لتيتك فإني أكره أن أرى قاتل أبييي‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫** يأ َ‬


‫ر‬ ‫عن ذِ ْ‬
‫كيي ِ‬ ‫م َ‬ ‫وال ُك ُ ْ‬
‫م وَل َ أوْل َد ُك ُ ْ‬ ‫م َ‬‫أ ْ‬ ‫مُنوا ْ ل َ ت ُل ْهِك ُ ْ‬
‫م‬ ‫نآ َ‬‫َ‬ ‫ذي‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ها‬‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫من‬‫فُقوا ْ ِ‬
‫ن * وَأن ِ‬ ‫سُرو َ‬ ‫خا ِ‬‫م ال ْ َ‬‫هُ ُ‬ ‫ك‬‫ك فَأوَْلـئ ِ َ‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬
‫من ي َْفعَ ْ‬ ‫الل ّهِ وَ َ‬

‫‪703‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ْ‬
‫ما رزقْناك ُم من قَبيل َأن ييأت ِ َ‬
‫ب‬ ‫ل َر ّ‬‫ت فَي َُقييو ُ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫م يو ْ ُ‬ ‫حيد َك ُ ُ‬
‫يأ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫ّ َ َ َ ْ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫حي َ‬‫صال ِ ِ‬
‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬‫كن ّ‬ ‫صد ّقَ وَأ ُ‬ ‫ب فَأ ّ‬ ‫ري ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ل قَ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ىأ َ‬‫َ‬
‫ي إ ِل َ‬
‫خْرت َن ِ َ‬‫ول أ َ ّ‬
‫لَ ْ‬
‫َ‬
‫مُلييو َ‬
‫ن‬ ‫ما ت َعْ َ‬
‫خِبيٌر ب ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫جل َُهآ َوالل ّ ُ‬ ‫جآَء أ َ‬ ‫ذا َ‬‫ه ن َْفسا ً إ ِ َ‬
‫خَر الل ّ ُ‬ ‫وََلن ي ُؤَ ّ‬
‫يقول تعالى آمرا ً لعباده المييؤمنين بكييثرة ذكييره‪ ,‬وناهييا ً‬
‫لهم عن أن تشغلهم الموال والولد عن ذلك‪ ,‬ومخبرا ً لهم‬
‫بأنه من التهى بمتاع الحياة الدنيا وزينتها عما خلق ليه ميين‬
‫طاعة ربه وذكييره‪ ,‬فييإنه ميين الخاسييرين الييذين يخسييرون‬
‫أنفسهم وأهليهم يوم القيامة‪ ,‬ثم حثهم علييى النفيياق فييي‬
‫طاعته فقال‪} :‬وأنفقييوا ممييا رزقنيياكم ميين قبييل أن يييأتي‬
‫أحدكم الموت فيقيول رب ليول أخرتنيي إليى أجيل قرييب‬
‫فأصييدق وأكيين ميين الصييالحين{ فكييل مفييرط ينييدم عنييد‬
‫الحتضار ويسأل طول المييدة ولييو شيييئا ً يسيييرا ً ليسييتعتب‬
‫ويستدرك ما فاته وهيهات‪ ,‬كان ما كان وأتييى مييا هييو آت‪,‬‬
‫وكل بحسب تفريطه‪ ,‬أما الكفار فكما قال تعالى‪} :‬وأنييذر‬
‫الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلمييوا ربنييا أخرنييا‬
‫إلى أجل قريب نجب دعوتيك ونتبييع الرسييل أو ليم تكونيوا‬
‫أقسمتم من قبل ما لكم من زوال{ وقييال تعييالى‪} :‬حييتى‬
‫إذا جاء أحييدهم المييوت قييال رب ارجعييون * لعلييي أعمييل‬
‫صالحا ً فيما تركت كل إنهييا كلميية هييو قائلهييا وميين ورائهييم‬
‫برزخ إلى يوم يبعثون{‪ .‬ثم قال تعييالى‪} :‬وليين يييؤخر اللييه‬
‫نفسا ً إذا جاء أجلها واللييه خييبير بمييا تعملييون{ أي ل ينظيير‬
‫أحدا ً بعد حلول أجله‪ .‬وهو أعلم وأخبر بميين يكييون صييادقا ً‬
‫في قوله وسؤاله ممن لورد لعاد إلى شر ممييا كييان عليييه‬
‫ولهيييذا قيييال تعيييالى‪} :‬والليييه خيييبير بميييا تعمليييون{‪.‬‬
‫وقال أبو عيسى الترمذي‪ :‬حييدثنا عبييد بيين حميييد‪ ,‬حييدثنا‬
‫جعفر بن عون‪ ,‬حدثنا أبو جناب الكلييبي عيين الضييحاك بيين‬
‫مزاحم عن ابن عباس قال‪ :‬من كان له مال يبلغه حج بيت‬
‫ربه أو تجب عليه فيه زكاة فلييم يفعيل سيأل الرجعية عنيد‬
‫الموت‪ ,‬فقال رجل‪ :‬يا ابن عبيياس اتييق اللييه فإنمييا يسييأل‬
‫الرجعة الكفار‪ ,‬فقال‪ :‬سييأتلو عليييك بييذلك قرآنيا ً }يييا أيهييا‬
‫الذين آمنوا ل تلهكييم أمييوالكم ول أولدكييم عيين ذكيير اللييه‬
‫ومن يفعييل ذلييك فييأولئك هييم الخاسييرون * وأنفقييوا ممييا‬

‫‪704‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رزقناكم من قبل أن يأتى أحدكم المييوت فيقييول رب لييول‬
‫أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ي إلى‬
‫قوله تعالى ي والله خييبير بمييا تعملييون{ قييال‪ :‬فمييا يييوجب‬
‫الزكاة ؟ قال‪ :‬إذا بلييغ المييال مييائتين فصيياعدًا‪ ,‬قييال‪ :‬فمييا‬
‫يوجب الحج ؟ قال‪ :‬الزاد والبعير‪ .‬ثم قال‪ :‬حييدثنا عبييد بيين‬
‫حميد‪ ,‬حدثنا عبد الرزاق عن الثوري عن يحيى بن أبي حية‬
‫وهو أبو جناب الكلبي عيين الضييحاك عيين ابيين عبيياس عيين‬
‫النبي صلى اللييه عليييه وسييلم بنحييوه ثييم قييال‪ :‬وقييد رواه‬
‫سفيان بن عيينة وغيره عن أبي جنيياب عيين الضييحاك عيين‬
‫ابن عباس من قوله وهو أصح‪ ,‬وضعف أبييا جنيياب الكلييبي‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ورواية الضحاك عن ابن عباس فيها انقطيياع واللييه‬
‫أعلم‪ .‬وقال ابن أبي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييي‪ ,‬حييدثنا ابيين نفيييل‪,‬‬
‫حدثنا سليمان بن عطيياء عيين مسييلمة الجهنييي عيين عمييه‬
‫يعني أبا مشجعة بن ربعي‪ ,‬عن أبي الدرداء رضي الله عنه‬
‫قال‪ :‬ذكرنا عند رسول الله صلى الله عليه وسييلم الزيييادة‬
‫في العمير فقيال »إن الليه ل ييؤخر نفسيا ً إذا جياء أجلهيا‪,‬‬
‫وإنما الزيادة في العمر أن يرزق اللييه العبييد ذرييية صييالحة‬
‫يدعون له فيلحقه دعاؤهم في قبره«‪ .‬آخر تفسييير سييورة‬
‫المنافقين‪ .‬ولله الحمد والمنة وبه التوفيق والعصمة‪.‬‬

‫سورة التغابن‬
‫قال الطبراني‪ :‬حدثنا محمد بن هارون بن محمد بن بكار‬
‫الدمشقي‪ ,‬حدثنا العباس بن الوليد الخلل حدثنا الوليد بين‬
‫الوليد‪ ,‬حدثنا ابن ثوبان عن عطاء بن أبييي ربيياح عيين عبييد‬
‫الله بن عمرو رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليييه وسييلم‪» :‬مييا ميين مولييود يولييد إل مكتييوب فييي‬
‫تشبيك رأسه خمس آيات من سييورة التغييابن« أورده ابيين‬
‫عساكر في ترجمة الوليد بن صييالح‪ ,‬وهييو غريييب جييدا ً بييل‬
‫منكييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييير‪.‬‬

‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫‪705‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫ك‬ ‫مل ْي ُ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫ض ل َي ُ‬ ‫ما فِييي الْر ِ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ما ِفي ال ّ‬ ‫ح ل ِل ّهِ َ‬ ‫سب ّ ُ‬ ‫** ي ُ َ‬
‫م‬ ‫خل ََقك ُي ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ديٌر * هُ يوَ ال ّي ِ‬ ‫يٍء قَ ي ِ‬ ‫ش ْ‬‫ل َ‬ ‫ى كُ ّ‬ ‫َ‬
‫مد ُ وَهُوَ عَل َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫وَل َ ُ‬
‫خل َي َ‬
‫ق‬ ‫صيٌر * َ‬ ‫ن بَ ِ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ما ت َعْ َ‬‫ه بِ َ‬ ‫ن َوالل ّ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫م‬ ‫م ّ‬ ‫منك ُ ْ‬‫كافٌِر وَ ِ‬ ‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫فَ ِ‬
‫َ‬
‫م وَإ ِل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫صوََرك ُ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫س َ‬‫ح َ‬ ‫م فَأ ْ‬ ‫صوَّرك ُ ْ‬ ‫حق ّ و َ َ‬ ‫ض ِبال ْ َ‬ ‫ت َوالْر َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫ال ّ‬
‫مييا‬ ‫م َ‬ ‫ض وَي َعَْليي ُ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سي َ‬ ‫مييا فِييي ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫صيييُر * ي َعْل َي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫دورِ‬ ‫صييي ُ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ذا ِ‬‫م ِبييي َ‬‫ه عَِليييي ُ‬ ‫ن َوالّلييي ُ‬ ‫ميييا ت ُعْل ُِنيييو َ‬ ‫ن وَ َ‬‫سيييّرو َ‬ ‫تُ ِ‬
‫هذه السورة هي آخر المسبحات وقد تقدم الكلم علييى‬
‫تسبيح المخلوقات لبارئها ومالكها‪ ,‬ولهذا قال تعييالى‪} :‬لييه‬
‫الملك وله الحمد{ أي هو المتصييرف فييي جميييع الكائنييات‬
‫المحمود على جميع ما يخلقه ويقدره‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬وهو‬
‫على كل شيء قدير{ أي ما أراد كان بل ممانع ول مييدافع‬
‫وما لم يشييأ لييم يكيين‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬هييو الييذي خلقكييم‬
‫فمنكم كافر ومنكم مؤمن{ أي هو الخالق لكم علييى هييذه‬
‫الصفة‪ ,‬وأراد منكم ذلك فل بييد ميين وجييود مييؤمن وكييافر‪,‬‬
‫وهو البصير بمن يسييتحق الهداييية مميين يسييتحق الضييلل‪,‬‬
‫وهو شهيد على أعمال عباده وسيجزيهم بهييا أتييم الجييزاء‪,‬‬
‫ولهييذا قييال تعيالى‪} :‬والليه بميا تعملييون بصييير{ ثييم قيال‬
‫تعييالى‪} :‬خلييق السييموات والرض بييالحق{ أي بالعييدل‬
‫والحكمييية }وصيييوركم فأحسييين صيييوركم{ أي أحسييين‬
‫أشكالكم‪ ,‬كقوله تعالى‪} :‬يا أيهييا النسييان مييا غييرك بربييك‬
‫واك فعدلك في أي صورة ما شيياء‬ ‫الكريم الذي خلقك فس ّ‬
‫ركبك{‪ .‬وكقوله تعالى‪} :‬الله الذي جعل لكم الرض قرارا ً‬
‫والسييماء بنيياء وصييوركم فأحسيين صييوركم ورزقكييم ميين‬
‫لية‪ ,‬وقوله تعالى‪} :‬وإليه المصير{ أي المرجع‬ ‫الطيبات{ ا َ‬
‫والمييآب‪ ,‬ثييم أخييبر تعييالى عيين علمييه بجميييع الكائنييات‬
‫السمائية والرضية والنفسية فقال تعالى‪} :‬يعلييم مييا فييي‬
‫السييموات والرض ويعلييم مييا تسييرون ومييا تعلنييون واللييه‬
‫علييييييييييييييييييم بيييييييييييييييييذات الصيييييييييييييييييدور{‪.‬‬

‫‪706‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ذاُقوا ْ وبا َ َ‬ ‫** أ َل َم يأ ْ‬
‫م‬‫هيي ْ‬ ‫مرِ ِ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ََ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫من قَب ْ ُ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ذي‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ْ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫سل ُُهم ِبال ْب َي َّنييا ِ‬ ‫م ُر ُ‬ ‫كاَنت ت ّأِتيهِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫م * ذ َل ِ َ‬
‫ك ب ِأن ّ ُ‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م عَ َ‬ ‫وَل َهُ ْ‬
‫ه َوالل ّي ُ‬
‫ه‬ ‫ى الل ّي ُ‬ ‫س يت َغْن َ َ‬ ‫دون ََنا فَك ََف يُروا ْ وَت َوَل ّييوا ْ ّوا ْ‬ ‫شٌر ي َهْ ُ‬ ‫فََقال ُوَا ْ أ َب َ َ‬
‫ميييييييييييييييييييييييييييييييييد ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫ي َ‬ ‫غَِنيييييييييييييييييييييييييييييييي ّ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن المم الماضين وما حل بهم ميين‬
‫العذاب والنكال في مخالفة الرسل والتكذيب بالحق فقال‬
‫تعالى‪} :‬ألم يأتكم نبأ الذين كفيروا مين قبيل{ أي خيبرهم‬
‫ومييا كييان ميين أمرهييم }فييذاقوا وبييال أمرهييم{ أي وخيييم‬
‫تكذيبهم ورديء أفعالهم وهو ما حييل بهييم فييي الييدنيا ميين‬
‫لخييرة‬ ‫العقوبة والخزي }ولهم عذاب أليم{ أي في الييدار ا َ‬
‫مضاف إلى هذا الدنيوي‪ ,‬ثم علل ذلييك فقييال‪} :‬ذلييك بييأنه‬
‫كييانت تييأتيهم رسييلهم بالبينييات{ أي بالحجييج والييدلئل‬
‫والبراهين }فقالوا أبشر يهييدوننا{ أي اسييتبعدوا أن تكييون‬
‫الرسييالة فييي البشيير وأن يكييون هييداهم علييى يييدي بشيير‬
‫مثلهم }فكفروا وتولوا{ أي كذبوا بالحق ونكلوا عن العمل‬
‫}واسيييتغنى الليييه{ أي عنهيييم }والليييه غنيييي حمييييد{‪.‬‬

‫ن‬ ‫ى وََرب ّييي ل َت ُب ْعَث ُي ّ‬ ‫ن ك ََفُروَا ْ َأن ّلن ي ُب ْعَُثوا ْ قُي ْ َ‬ ‫م ال ّ ِ‬


‫ل ب َلي َ‬ ‫ذي َ‬ ‫** َزعَ َ‬
‫مُنوا ْ ِبييالل ّهِ‬ ‫سيٌر * َفآ ِ‬ ‫ك عََلى الل ّهِ ي َ ِ‬ ‫م وَذ َل ِ َ‬ ‫مل ْت ُ ْ‬ ‫ما عَ ِ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫م ل َت ُن َب ّؤُ ّ‬
‫ثُ ّ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫خِبي يٌر * ي َيوْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ما ت َعْ َ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫سول ِهِ َوالّنورِ ال ّذِيَ أنَزل َْنا َوالل ّ ُ‬ ‫وََر ُ‬
‫من ب ِييالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ميين ي ُيؤْ ِ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫م الت ّغَيياب ُ ِ‬ ‫ك ي َيوْ ُ‬ ‫مِع ذ َل ِي َ‬ ‫ج ْ‬ ‫م ل ِي َوْم ِ ال ْ َ‬ ‫معُك ُ ْ‬ ‫ج َ‬‫يَ ْ‬
‫ميين‬ ‫ري ِ‬ ‫جي ِ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫جن ّييا ٍ‬‫ه َ‬ ‫خل ْ ُ‬
‫سي َّئات ِهِ وَي ُد ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫صاِلحا ً ي ُك َّفْر عَن ْ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫وَي َعْ َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫م * َوال ّ ِ‬ ‫ظي ُ‬‫ك ال َْفوُْز ال ْعَ ِ‬ ‫ن ِفيَهآ أَبدا ً ذ َل ِ َ‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬‫حت َِها الن َْهاُر َ‬ ‫تَ ْ‬
‫ن ِفيهَييا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ك ََفيُروا ْ وَك َيذ ُّبوا ْ ِبآَيات ِن َييآ أوَْلـيئ ِ َ‬
‫دي َ‬ ‫خال ِي ِ‬‫ب الن ّييارِ َ‬ ‫حا ُ‬ ‫صي َ‬ ‫كأ ْ‬
‫صييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييُر‬ ‫م ِ‬ ‫س ال ْ َ‬ ‫وَب ِئ ْ َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن الكفييار والمشييركين والملحييدين‬
‫أنهم يزعمون أنهم ل يبعثون }قييل بلييى وربييي لتبعثيين ثييم‬
‫لتنبييؤن بمييا عملتييم{ أي لتخييبرن بجميييع أعمييالكم جليلهييا‬
‫وحقيرها‪ ,‬صغيرها وكبيرهييا }وذلييك علييى اللييه يسييير{ أي‬
‫لييية الثالثيية الييتي أميير اللييه‬ ‫بعثكم ومجازاتكم‪ ,‬وهذه هي ا َ‬
‫رسوله صلى الله عليييه وسييلم أن يقسييم بربييه عييز وجييل‬

‫‪707‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫على وقييوع المعيياد ووجييوده‪ ,‬فييالولى فييي سييورة يييونس‬
‫}ويستنبئونك أحق هييو قييل إي وربييي إنييه لحييق ومييا أنتييم‬
‫بمعجزين{ والثانية في سورة سبأ }وقال الييذين كفييروا ل‬
‫تأتينا الساعة قل بلى وربي لتييأتينكم{ ا َ‬
‫لييية‪ .‬والثالثيية هييي‬
‫هذه }زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن‬
‫ثيييم لتنبيييؤن بميييا عملتيييم وذليييك عليييى الليييه يسيييير{‪.‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا{‬
‫يعني القرآن }والله بما تعملون خبير{ أي فل تخفى عليييه‬
‫من أعمالكم خافييية‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬يييوم يجمعكييم ليييوم‬
‫الجمع{ وهييو يييوم القياميية‪ ,‬سييمي بييذلك لنييه يجمييع فيييه‬
‫لخييرون فييي صييعيد واحييد يسييمعهم الييداعي‬ ‫الولييون وا َ‬
‫وينفذهم البصر كمييا قييال تعييالى‪} :‬ذلييك يييوم مجمييوع لييه‬
‫الناس وذلك يوم مشهود{ وقال تعييالى‪} :‬قييل إن الولييين‬
‫لخريييين لمجموعيييون إليييى ميقيييات ييييوم معليييوم{‪.‬‬ ‫وا َ‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ذلك يوم التغابن{ قييال ابيين عبيياس‪ :‬هييو‬
‫اسم من أسماء يوم القيامة‪ ,‬وذلك أن أهل الجنيية يغبنييون‬
‫أهل النار‪ ,‬وكذا قال قتادة ومجاهد‪ ,‬وقال مقاتل بن حيان‪:‬‬
‫ل غبن أعظم من أن يدخل هؤلء إلى الجنة ويذهب بأولئك‬
‫إلى النار‪ .‬قلت‪ :‬وقد فسر ذلك بقوله تعالى‪} :‬ومن يييؤمن‬
‫بالله ويعمل صالحا ً يكفر عنه سيئاته ويدخله جنييات تجييري‬
‫من تحتها النهار خالييدين فيهييا أبييدا ً ذلييك الفييوز العظيييم *‬
‫والذين كفروا وكييذبوا بآياتنييا أولئك أصييحاب النييار خالييدين‬
‫فيها وبئس المصير{ وقد تقدم تفسير مثل هذه غير مييرة‪.‬‬

‫َ‬
‫من ِبالل ّهِ ي َْهييدِ‬ ‫من ي ُؤْ ِ‬ ‫ن الل ّهِ وَ َ‬ ‫صيب َةٍ إ ِل ّ ب ِإ ِذ ْ ِ‬‫م ِ‬ ‫من ّ‬ ‫ب ِ‬ ‫صا َ‬ ‫مآ أ َ‬ ‫** َ‬
‫طيعُييوا ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه وَأ ِ‬ ‫طيعُييوا ْ الل ّي َ‬ ‫م * وَأ ِ‬ ‫يٍء عَِلي ي ٌ‬ ‫شي ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ب ِك ُي ّ‬‫ه َوالل ّي ُ‬ ‫قَل ْب َي ُ‬
‫ن*‬ ‫مِبيي ُ‬ ‫سييول َِنا ال ْب َل َغُ ال ْ ُ‬ ‫ى َر ُ‬ ‫َ‬
‫مييا عَلي َ‬ ‫ل فَيِإن ت َييول ّي ْت ُ ْ‬
‫م فَإ ِن ّ َ‬ ‫سو َ‬ ‫الّر ُ‬
‫ن‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫من ُيييو َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫ه إ ِل ّ هُيييوَ وَعَل َيييى الل ّيييهِ فَل ْي َت َوَك ّييي ِ‬ ‫ه ل َ إ َِلـييي َ‬
‫الل ّييي ُ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً بما أخبر به فييي سييورة الحديييد‪} :‬مييا‬
‫أصاب من مصيبة في الرض ول في أنفسكم إل في كتاب‬
‫من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسييير{‪ .‬وهكييذا قييال‬

‫‪708‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ههنييا‪} :‬مييا أصيياب ميين مصيييبة إل بييإذن اللييه{ قييال ابيين‬
‫عباس‪ :‬بأمر الله‪ ,‬يعني عن قييدره ومشيييئته }وميين يييؤمن‬
‫بالله يهد قلبه واللييه بكييل شيييء عليييم{ أي وميين أصييابته‬
‫مصيييبة فعلييم أنهييا بقضيياء اللييه وقييدره فصييبر واحتسييب‬
‫واستسلم لقضاء الله هدى اللييه قلبييه‪ .‬وعوضييه عمييا فيياته‬
‫من الدنيا هدى في قلبه ويقينا ً صادقًا‪ ,‬وقد يخلف عليه مييا‬
‫كان أخذ منه أو خيرا ً منه‪ .‬قال علي بن أبي طلحة عن ابن‬
‫عباس }ومن يؤمن بالله يهد قلبه{ يعني يهد قلبه لليقييين‪,‬‬
‫فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه‪ ,‬ومييا أخطييأه لييم يكيين‬
‫ليصييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييبه‪.‬‬
‫وقال العمييش عيين أبييي ظبيييان قييال‪ :‬كنييا عنييد علقميية‬
‫لييية }وميين يييؤمن بييالله يهييد قلبييه{‬ ‫فقرىييء عنييده هييذه ا َ‬
‫فسئل عن ذلك فقال‪ :‬هييو الرجييل تصيييبه المصيييبة فيعلييم‬
‫أنها من عند الله فيرضى ويسلم‪ .‬رواه ابن جرير وابن أبي‬
‫حاتم في تفسيريهما‪ ,‬وقييال سييعيد بيين جييبير ومقاتييل بيين‬
‫حيان }ومن يؤمن بالله يهييد قلبييه{ يعنييي يسييترجع يقييول‬
‫}إنيييييييييا لليييييييييه وإنيييييييييا إلييييييييييه راجعيييييييييون{‪.‬‬
‫وفي الحديث المتفق عليه »عجبا ً للمؤمن ل يقضي اللييه‬
‫له قضاء إل كان خيرا ً له‪ ,‬إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا ً‬
‫له‪ ,‬وإن أصابته سراء شييكر فكييان خيييرا ً لييه‪ ,‬وليييس ذلييك‬
‫لحيدإل للميؤمن« وقيال أحميد‪ :‬حيدثنا حسين‪ ,‬حيدثنا ابين‬
‫لهيعة‪ ,‬حدثنا الحارث بن يزيد عن علي بن ربيياح أنييه سييمع‬
‫جنادة بيين أبييي أمييية يقييول‪ :‬سييمعت عبييادة بيين الصييامت‬
‫يقول‪ :‬إن رجل ً أتييى رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫فقال‪ :‬يا رسول الله أي العمل أفضل ؟ قال‪» :‬إيمان بالله‬
‫وتصديق به وجهاد في سبيل الليه« قيال‪ :‬أرييد أهيون مين‬
‫هذا يا رسول الله قال‪» :‬ل تتهم الله في شيء قضييى لييك‬
‫بيييييييييييييييييييه« ليييييييييييييييييييم يخرجيييييييييييييييييييوه‪.‬‬
‫وقيوله تعيالى‪} :‬وأطيعييوا الليه وأطيعييوا الرسييول{ أميير‬
‫بطاعة الله ورسوله فيما شرع وفعل ما به أمير وتييرك ميا‬
‫عنه نهى وزجر‪ ,‬ثم قال تعييالى‪} :‬فييإن تييوليتم فإنمييا علييى‬
‫رسولنا البلغ المبين{ أي إن نكلتم عن العمل فإنما عليييه‬

‫‪709‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ما حمل من البلغ وعليكم ما حملتم من السمع والطاعيية‬
‫قييال الزهييري‪ :‬ميين اللييه الرسييالة وعلييى الرسييول البلغ‬
‫وعلينيييييييييييييييييييييييييييييا التسيييييييييييييييييييييييييييييليم‪.‬‬
‫ثم قال تعالى مخبرا ً أنه الحد الصمد الييذي ل إلييه غيييره‬
‫فقييال تعييالى‪ } :‬اللييه ل إلييه إل هييو وعلييى اللييه فليتوكييل‬
‫المؤمنون{ فالول خبر عن التوحيد ومعناه معنييى الطلييب‬
‫للهية له وأخلصوها لديه وتوكلوا عليه‪ ,‬كما قال‬ ‫أي وحدوا ا ِ‬
‫تعييالى‪} :‬رب المشييرق والمغييرب ل إلييه إل هييو فاتخييذه‬
‫ل{‪.‬‬‫وكي ً‬

‫َ‬ ‫** يأ َيها ال ّذين آمنوا ْ إن م َ‬


‫م‬ ‫م عَ يد ُوّا ً ل ّك ُي ْ‬ ‫م وَأوْل َدِك ُي ْ‬ ‫جك ُ ْ‬ ‫ن أْزَوا ِ‬ ‫ِ َ َ ُ َ ِ ّ ِ ْ‬ ‫َ َّ‬
‫ه غَُفييوٌر‬ ‫ن الل ّي َ‬ ‫حوا ْ وَت َغِْفيُروا ْ فَيإ ِ ّ‬ ‫صيَف ُ‬ ‫م وَِإن ت َعُْفوا ْ وَت َ ْ‬ ‫حذ َُروهُ ْ‬ ‫َفا ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ظي ٌ‬ ‫جٌر عَ ِ‬ ‫عن ْد َهُ أ ْ‬ ‫ه ِ‬‫ة َوالل ّ ُ‬ ‫م فِت ْن َ ٌ‬ ‫م وَأوْل َد ُك ُ ْ‬ ‫وال ُك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫مآ أ ْ‬ ‫م * إ ِن ّ َ‬ ‫حي ٌ‬ ‫ّر ِ‬
‫خْيرا ً‬ ‫فُقوا ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫طيُعوا ْ وَأن ْ ِ‬ ‫مُعوا ْ وَأ ِ‬ ‫س َ‬‫م َوا ْ‬ ‫ست َط َعْت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫* َفات ُّقوا ْ الل ّ َ‬
‫ن*‬ ‫حييو َ‬ ‫مْفل ِ ُ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ك هُ ي ُ‬ ‫س يهِ فَأ ُوَْلـ يئ ِ َ‬ ‫ح ن َْف ِ‬ ‫ش ّ‬ ‫من ُيوقَ ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫سك ُ ْ‬‫لنُف ِ‬
‫ه‬‫م َوالل ّ ُ‬ ‫م وَي َغِْفْر ل َك ُ ْ‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬
‫عْف ُ‬ ‫ضا ِ‬ ‫سنا ً ي ُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ه قَْرضا ً َ‬ ‫ضوا ْ الل ّ َ‬ ‫ِإن ت ُْقرِ ُ‬
‫م‬‫كي ي ُ‬
‫ح ِ‬ ‫زي يُز ال ْ َ‬ ‫ش يَهاد َةِ ال ْعَ ِ‬ ‫ب َوال ّ‬ ‫م ال ْغَي ْي ِ‬ ‫م * عَييال ِ ُ‬ ‫حِلي ي ٌ‬ ‫كوٌر َ‬ ‫شي ُ‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن الزواج والولد أن منهم ميين هييو‬
‫عدو الزوج والوالد بمعنى أنه يلتهي به عن العمييل الصييالح‬
‫كقوله تعالى‪} :‬يا أيهييا الييذين آمنييوا ل تلهكييم أمييوالكم ول‬
‫أولدكييم عيين ذكيير اللييه وميين يفعييل ذلييك فييأولئك هييم‬
‫الخاسرون{ ولهذا قال تعالى ههنا‪} :‬فاحذروهم{ قال ابن‬
‫زيد‪ :‬يعني علييى دينكييم‪ ,‬وقييال مجاهييد }إن ميين أزواجكييم‬
‫وأولدكيم عييدوا ً لكييم{ قييال‪ :‬يحمييل الرجييل علييى قطيعيية‬
‫الرحم أو معصية ربييه فل يسييتطيع الرجييل مييع حبييه إل أن‬
‫يطيعه‪ ,‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حيدثنا أبيي‪ ,‬حيدثنا محميد بين‬
‫خلف الصيييدلني‪ ,‬حييدثنا الفريييابي‪ ,‬حييدثنا إسييرائيل حييدثنا‬
‫سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عبيياس وسييأله رجييل‬
‫لييية }يييا أيهييا الييذي آمنييوا إن ميين أزواجكييم‬ ‫عيين هييذه ا َ‬
‫وأولدكم عدوا ً لكم فاحذروهم{ قال‪ :‬فهؤلء رجال أسلموا‬
‫من مكيية فييأرادوا أن يييأتوا رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬

‫‪710‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسييلم فييأبى أزواجهييم وأولدهييم أن يييدعوهم‪ ,‬فلمييا أتييوا‬
‫رسول اللييه رأوا النيياس قييد فقهييوا فييي الييدين فهمييوا أن‬
‫لييية }وإن تعفييوا‬ ‫يعيياقبوهم‪ ,‬فييأنزل اللييه تعييالى هييذه ا َ‬
‫وتصييفحوا وتغفييروا فييإن اللييه غفييور رحيييم{ وكييذا رواه‬
‫الترمذي عن محمد بن يحيى عن الفريابي‪ ,‬وهو محمد بيين‬
‫يوسف به‪ .‬وقال حسن صحيح‪ .‬ورواه ابن جرير والطبراني‬
‫من حديث إسرائيل به‪ ,‬وروي من طريق العوفي عن ابيين‬
‫عبييياس نحيييوه‪ ,‬وهكيييذا قيييال عكرمييية ميييوله سيييواء‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬إنما أموالكم وأولدكييم فتنيية واللييه عنييده‬
‫أجر عظيم{ يقييول تعييالى‪ِ :‬إنمييا المييوال والولد فتنيية أي‬
‫اختبار وابتلء من الله تعالى لخلقه ليعلم من يطيعه مميين‬
‫يعصيه وقوله تعالى‪} :‬والله عنده{ أي يوم القياميية }أجيير‬
‫عظيم{ كما قال تعالى‪} :‬زين للناس حييب الشييهوات ميين‬
‫النساء والبنين والقناطير المقنطييرة ميين الييذهب والفضيية‬
‫والخيل المسومة والنعام والحرث ذلك متاع الحياة الييدنيا‬
‫والله عنده حسن المآب{ والتي بعدها‪ ,‬وقال المام أحمد‪:‬‬
‫حدثنا زيد بن الحباب‪ ,‬حدثني حسين بن واقد‪ ,‬حدثني عبييد‬
‫الله بن بريدة‪ :‬سمعت أبا بريدة يقييول‪ :‬كييان رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليييه وسييلم يخطيب‪ ,‬فجيياء الحسيين والحسييين‬
‫رضيييي الليييه عنهماعليهميييا قميصيييان أحميييران يمشييييان‬
‫ويعثران‪ ,‬فنزل رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم ميين‬
‫المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ثيم قييال‪» :‬صييدق اللييه‬
‫ورسوله إنما أموالكم وأولدكييم فتنيية‪ ,‬نظييرت إلييى هييذين‬
‫الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حييتى قطعييت حييديثي‬
‫ورفعتهما«ورواه أهل السنن من حييديث حسييين بيين واقييد‬
‫به‪ ,‬وقال الترمذي‪ :‬حسن غريب‪ ,‬إنمييا نعرفييه ميين حييديثه‪.‬‬
‫وقييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا سييريج بيين النعمييان‪ ,‬حييدثنا‬
‫هشيم‪ ,‬أخبرنا مجالد عن الشعبي‪ ,‬حدثنا الشعث بن قيس‬
‫قال‪ :‬قدمت على رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم فييي‬
‫وفد كندة فقال لي‪» :‬هل لك من ولد ؟« قلييت‪ :‬غلم ولييد‬
‫لي في مخرجي إليك ميين ابنيية حمييد ولييوددت أن بمكييانه‬
‫سبع القوم‪ ,‬فقال لي‪» :‬ل تقولن ذلك فإن فيهم قرة عييين‬

‫‪711‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وأجرا ً إذا قبضوا« ثم قال‪» :‬ولئن قلييت ذاك إنهييم لمجبنيية‬
‫محزنة« تفرد به أحمد‪ ,‬وقال الحافظ أبو بكر البزار‪ :‬حدثنا‬
‫محمود بن بكر‪ ,‬حدثنا أبي عن عيسى عين ابيين أبيي ليلييى‬
‫عن عطية عن أبي سعيد قال‪ :‬قال رسول الله صلى اللييه‬
‫عليه وسييلم‪» :‬الولييد ثمييرة القلييوب وإنهييم مجبنيية مبخليية‬
‫محزنييية« ثيييم قيييال‪ :‬ل نعرفيييه إل بهيييذا السيييناد‪ ,‬وقيييال‬
‫الطييبراني‪ :‬حييدثنا هاشييم بيين مزيييد‪ ,‬حييدثنا محمييد بيين‬
‫إسماعيل بن عياش‪ ,‬حدثني أبي‪ ,‬حدثني ضمضم بن زرعة‬
‫عن شريح بن عبيد عن أبي مالك الشعري أن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬ليس عييدوك الييذي إن قتلتييه‬
‫كان فوزا ً لك وإن قتلك دخلت الجنة‪ ,‬ولكن الذي لعله عدو‬
‫لك ولدك الذي خرج من صلبك‪ ,‬ثم أعدى عييدو لييك مالييك‬
‫اليييييييييييييييييذي ملكيييييييييييييييييت يمينيييييييييييييييييك«‪.‬‬
‫وقوله تعييالى‪} :‬فيياتقوا اللييه مييا اسييتطعتم{ أي جهييدكم‬
‫وطاقتكم كما ثبت في الصحيحين عيين أيييي هريييرة رضييي‬
‫الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إذا‬
‫أمرتكم بييأمر فييائتوا منييه مييا اسييتطعتم ومييا نهيتكييم عنييه‬
‫فاجتنبوه« وقد قال بعض المفسرين كمييا رواه مالييك عيين‬
‫لية ناسييخة للييتي فييي آل عمييران‪,‬‬ ‫زيد بن أسلم إن هذه ا َ‬
‫وهي قوله تعالى‪} :‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقيياته‬
‫ول تموتن إل وأنتم مسلمون{ قال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا‬
‫أبو زرعة‪ ,‬حدثني يحيى بن عبد الله بن بكييير‪ ,‬حييدثني ابيين‬
‫لهيعة‪ ,‬حدثني عطاء هو ابن دينار عن سعيد بيين جييبير فييي‬
‫قوله‪} :‬اتقوا الله حق تقاته ول تموتن إل وأنتم مسلمون{‬
‫لية اشتد على القوم العمييل فقيياموا‬ ‫قال‪ :‬لما نزلت هذه ا َ‬
‫حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم‪ ,‬فأنزل الله تعييالى‬
‫لييية تخفيفييا ً علييى المسييلمين }فيياتقوا اللييه مييا‬ ‫هييذه ا َ‬
‫لييية الولييى وروي عيين أبييي العالييية‬ ‫استطعتم{ فنسخت ا َ‬
‫وزيد بن أسلم وقتادة والربيع بيين أنييس والسييدي ومقاتييل‬
‫بن حيان نحو ذلك‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬واسمعوا وأطيعييوا{ أي‬
‫كونوا منقادين لما يأمركم الله به ورسوله ول تحييدوا عنيه‬

‫‪712‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يمنيية ول يسييرة‪ ,‬ول تقييدموا بييين يييدي اللييه ورسييوله ول‬
‫تتخلفييوا عمييا بييه أمرتييم‪ .‬ول تركبييوا مييا عنييه زجرتييم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وأنفقوا خيرا ً لنفسكم{ أي وابييذلوا ممييا‬
‫رزقكييم اللييه علييى القييارب والفقييراء والمسيياكين وذوي‬
‫الحاجات‪ ,‬وأحسنوا إلى خلق الله كمييا أحسيين اللييه إليكييم‬
‫لخرة‪ ,‬وإن ل تفعلوا يكن شييرا ً‬ ‫يكن خيرا ً لكم في الدنيا وا َ‬
‫لخييرة‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬وميين يييوق شييح‬ ‫لكم في الدنيا وا َ‬
‫نفسه فأولئك هم المفلحييون{ تقييدم تفسيييره فييي سييورة‬
‫الحشر وذكر الحاديث الواردة فييي معنييى هييذه ا َ‬
‫لييية بمييا‬
‫أغنى عن إعادته ههنا‪ ,‬ولله الحمييد والمنيية‪ ,‬وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}إن تقرضوا الله قرضا ً حسنا ً يضاعفه لكييم ويغفيير لكييم{‬
‫أي مهما أنفقتم من شيء فهو يخلفه‪ .‬ومهما تصدقتم ميين‬
‫شيء فعليه جزاؤه‪ ,‬ونزل ذلك منزلة القرض له كمييا ثبييت‬
‫في الصحيحين أن الله تعالى يقول‪ :‬من يقرض غير ظلوم‬
‫ول عديم‪ ,‬ولهذا قال تعيالى يضيياعفه لكيم كميا تقييدم فيي‬
‫سورة البقرة }فيضاعفه له أضعافا ً كثيرة{ }ويغفر لكييم{‬
‫أي ويكفيير عنكييم السيييئات ولهييذا قييال تعييالى‪} :‬واللييه‬
‫شكور{ أي يجزي على القليل بالكثير }حليييم{ أي يصييفح‬
‫ويغفيير ويسييتر ويتجيياوز عيين الييذنوب والييزلت والخطايييا‬
‫والسيئات }عالم الغيب والشهادة العزيييز الحكيييم{ تقييدم‬
‫تفسيره غير مرة‪ ,‬آخر تفسير سورة التغابن‪ ,‬وللييه الحمييد‬
‫والمنة‪.‬‬

‫سورة الطلق‬
‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫ن‬‫ن ل ِِعييد ّت ِهِ ّ‬ ‫سييآَء فَط َل ُّقييوهُ ّ‬ ‫م الن ّ َ‬ ‫ذا ط َل ّْقُتيي ُ‬ ‫ي إِ َ‬‫** َيأي َّهييا الن ِّبيي ّ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ميين ب ُي ُييوت ِهِ ّ‬‫ن ِ‬‫جييوهُ ّ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫م ل َ تُ ْ‬‫ه َرب ّك ُي ْ‬‫صوا ْ ال ْعِد ّةَ َوات ُّقوا ْ الل ّ َ‬‫ُ‬ ‫ح‬
‫وَأ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫دود ُ الل ّي ِ‬
‫ه‬ ‫حي ُ‬‫ك ُ‬‫مب َي ّن َيةٍ وَت ِل ْي َ‬ ‫ح َ‬
‫ش ية ٍ ّ‬ ‫ن ب َِفا ِ‬ ‫ن إ ِل ّ أن ي َيأِتي َ‬ ‫ج َ‬ ‫خُر ْ‬‫وَل َ ي َ ْ‬

‫‪713‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ل الل ّي َ‬
‫ه‬ ‫ه ل َ ت َيد ِْرى ل َعَي ّ‬
‫سي ُ‬ ‫دود َ الل ّهِ فََقيد ْ ظ َل َي َ‬
‫م ن َْف َ‬ ‫ح ُ‬
‫من ي َت َعَد ّ ُ‬
‫وَ َ‬
‫ميييييييييييييرا ً‬ ‫َ‬ ‫ث ب َْعيييييييييييييد َ ذ َِلييييييييييييي َ‬
‫كأ ْ‬ ‫حيييييييييييييدِ ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫خوطب النبي صلى الله عليه وسلم أول ً تشريفا ً وتكريما ً‬
‫ثم خاطب المة تبعا ً فقال تعالى‪} :‬يا أيها النبي إذا طلقتم‬
‫النساء فطلقوهن لعييدتهن{ وقييال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا‬
‫محمد بن ثواب بن سعيد الهباري‪ ,‬حدثنا أسباط بن محمييد‬
‫عن سعيد عن قتادة عن أنس قال طلق رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم حفصة فأتت أهلها فأنزل الله تعييالى‪} :‬يييا‬
‫أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن{ فقيل لييه‪:‬‬
‫راجعها فإنها صوامة قوامة وهي من أزواجك ونسائك فييي‬
‫الجنة‪ ,‬ورواه ابن جرير عن ابن بشار عن عبد العلى عيين‬
‫ل‪ ,‬وقد ورد من غييير وجييه أن‬ ‫سعيد عن قتادة فذكره مرس ً‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها‪.‬‬
‫وقال البخاري‪ :‬حدثنا يحيى بن بكير‪ ,‬حدثنا الليث‪ ,‬حدثني‬
‫عقيل عن ابن شهاب أخبرني سالم أن عبد الليه بين عمير‬
‫أخبره أنه طلق امرأة له وهي حائض فييذكر عميير لرسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم فتغيظ رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم ثم قال‪» :‬ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهيير ثييم‬
‫تحيض فتطهر‪ ,‬فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا ً قبل‬
‫أن يمسها‪ ,‬فتلك العدة التي أمر بها الله عييز وجييل« هكييذا‬
‫رواه البخاري ههنا وقد رواه في مواضع من كتابه ومسييلم‬
‫ولفظه »فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لهييا النسيياء«‬
‫ورواه أصحاب الكتب والمسانيد من طرق متعددة وألفاظ‬
‫كثيرة‪ ,‬وموضع استقصائها كتب الحكام‪ ,‬وأمس لفظ يورد‬
‫ههنا ما رواه مسلم فييي صييحيحه مين طرييق ابيين جريييج‪:‬‬
‫أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الرحميين بيين أيميين مييولى‬
‫عزة يسأل ابن عميير وأبييو الزبييير يسييمع‪ :‬كيييف تييرى فييي‬
‫الرجل طلق امرأته حائضا ً ؟ فقال‪ :‬طلق ابن عمر امرأتييه‬
‫حائضا ً على عهد رسول الله صلى الله عليييه وسييلم فقييال‬
‫رسول الله صييلى اللييه عليييه وسيلم‪» :‬ليراجعهييا يي فردهييا‬
‫وقييييييال ييييييي إذا طهييييييرت فليطلييييييق أو يمسييييييك«‪.‬‬

‫‪714‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال ابن عمر‪ :‬وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم }يا أيهييا‬
‫النيييبي إذا طلقتيييم النسييياء فطلقيييوهن لعيييدتهن{ وقيييال‬
‫العمش عن مالك بن الحارث عن عبد الرحميين بيين يزيييد‬
‫عن عبد الله في قوله تعالى‪} :‬فطلقوهن لعييدتهن{ قييال‪:‬‬
‫الطهر من غير جماع‪ ,‬وروي عن ابن عمر وعطاء ومجاهييد‬
‫والحسن وابن سيرين وقتادة‪ ,‬وميمون بن مهران ومقاتييل‬
‫بن حيان مثل ذلييك‪ ,‬وهييو رواييية عيين عكرميية‪ ,‬والضييحاك‪,‬‬
‫وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قييوله تعييالى‪:‬‬
‫}فطلقوهن لعدتهن{ قال‪ :‬ل يطلقها وهي حييائض ول فييي‬
‫طهيير قييد جامعهييا فيييه‪ ,‬ولكيين يتركهييا حييتى إذا حاضييت‬
‫وطهييرت طلقهييا تطليقيية‪ .‬وقييال عكرميية }فطلقييوهن‬
‫لعدتهن{ العدة الطهيير والقييرء الحيضيية أن يطلقهييا حبلييى‬
‫مستبينا ً حملها ول يطلقها‪ ,‬وقد طاف عليها ول يدري حبلى‬
‫هي أم ل‪ .‬ومن ههنا أخذ الفقهاء أحكييام الطلق وقسييموه‬
‫إلييى طلق سيينة وطلق بدعيية‪ ,‬فطلق السيينة أن يطلقهييا‬
‫طاهرة من غير جماع‪ ,‬او حامل ً قد استبان حملها‪ ,‬والبدعة‬
‫هو أن يطلقها في حال الحيييض‪ ,‬أو فييي طهيير قييد جامعهييا‬
‫فيه ول يدري أحملييت أم ل‪ ,‬وطلق ثييالث ل سيينة فيييه ول‬
‫ليسية وغيير المييدخول بهييا‪,‬‬ ‫بدعيية وهييو طلق الصيغيرة وا َ‬
‫وتحرير الكلم في ذلك وما يتعلق به مستقصى فييي كتييب‬
‫الفيييييييروع والليييييييه سيييييييبحانه وتعيييييييالى أعليييييييم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وأحصييوا العييدة{ أي احفظوهييا واعرفييوا‬
‫ابتداءها وانتهاءها‪ ,‬لئل تطول العدة على المرأة فتمنع ميين‬
‫الزواج }واتقوا الله ربكم{ أي في ذلك‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬ل‬
‫تخرجوهن من بيوتهن ول يخرجن{ أي في مدة العييدة لهييا‬
‫حييق السيكنى علييى اليزوج مييا دامييت معتييدة منييه فلييس‬
‫للرجل أن يخرجها ول يجوز لها أيضا ً الخروج لنهييا معتقليية‬
‫لحق الييزوج أيض يًا‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬إل أن يييأتين بفاحشيية‬
‫مبينيية{ أي ل يخرجيين ميين بيييوتهن إل أن ترتكييب المييرأة‬
‫فاحشة مبينة فتخرج من المنزل‪ ,‬والفاحشة المبينة تشمل‬
‫الزنا كما قاله ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب‬
‫والشعبي‪ ,‬والحسن وابن سيرين ومجاهد وعكرمة وسييعيد‬

‫‪715‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن جبير وأبو قلبة‪ ,‬وأبو صالح والضييحاك وزيييد بيين أسييلم‬
‫وعطاء الخراساني والسدي وسعيد بن أبي هلل وغيرهييم‪,‬‬
‫وتشمل ما إذا نشييزت المييرأة أو بييذت علييى أهييل الرجييل‬
‫وآذتهم في الكلم والفعال كما قيياله أبييي بيين كعييب وابيين‬
‫عباس وعكرمة وغيرهم‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬وتلك حدود الله{‬
‫أي شرائعه ومحارمه }وميين يتعييد حييدود اللييه{ أي يخييرج‬
‫عنها ويتجاوزها إلى غيرها ول يأتمر بها }فقد ظلم نفسه{‬
‫أي بفعييييييييييييييييييييييييييييييل ذلييييييييييييييييييييييييييييييك‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ل تدري لعل الله يحدث بعيد ذليك أمييرًا{‬
‫أي إنما أبقينا المطلقة في منييزل الييزوج فييي مييدة العييدة‬
‫لعل الزوج يندم على طلقها ويخلق الله تعييالى فييي قلبييه‬
‫رجعتها‪ ,‬فيكون ذلك أيسر وأسهل‪ ,‬قال الزهري عيين عبيييد‬
‫الله بن عبد الله عن فاطمة بنت قيس فييي قييوله تعييالى‪:‬‬
‫}ل تدري لعييل اللييه يحييدث بعييد ذلييك أمييرًا{ قييالت‪ :‬هييي‬
‫الرجعيية‪ ,‬وكييذا قييال الشييعبي وعطيياء وقتييادة والضييحاك‬
‫ومقاتل بن حيان والثوري‪ ,‬ومن ههنا ذهب ميين ذهييب ميين‬
‫السلف ومن تابعهم كالمام أحمد بيين حنبييل رحمهييم اللييه‬
‫تعالى‪ ,‬إلى أنييه ل تجييب السييكنى للمبتوتيية أي المقطوعيية‬
‫وكذا المتوفى عنهييا زوجهييا‪ ,‬واعتمييدوا أيض يا ً علييى حييديث‬
‫فاطمة بنت قيس الفهرية حين طلقها زوجها أبو عمرو بن‬
‫حفص آخر ثلث تطليقات وكان غائبا ً عنها باليمن‪ ,‬فأرسييل‬
‫إليها بذلك فأرسل إليها وكيله بشعير يعني نفقة فتسخطته‬
‫فقال‪ :‬والله ليس لك علينا نفقة‪ ,‬فأتت رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم فقال‪» :‬ليييس لييك عليييه نفقيية« ولمسييلم‬
‫»ول سكنى« وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثييم قييال‪:‬‬
‫»تلك امرأة يغشاها أصييحابي اعتييدي عنييد ابيين أم مكتييوم‬
‫فيييييإنه رجيييييل أعميييييى تضيييييعين ثيابيييييك« الحيييييديث‪.‬‬
‫وقد رواه المام أحمد من طريق أخرى بلفظ آخر فقال‪:‬‬
‫حدثنا يحيييى بيين سيعيد‪ ,‬حييدثنا مجالييد‪ ,‬حييدثنا عييامر قييال‪:‬‬
‫قييدمت المدينيية فييأتيت فاطميية بنييت قيييس فحييدثتني أن‬
‫زوجها طلقها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسييلم‬
‫فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سييرية قييالت‪:‬‬

‫‪716‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقال لي أخوه‪ :‬اخرجيي ميين الييدار‪ ,‬فقليت‪ :‬إن لييي نفقية‬
‫وسكنى حتى يحل الجييل‪ ,‬قيال‪ :‬ل‪ ,‬قييالت‪ :‬فييأتيت رسيول‬
‫الله فقلت‪ :‬إن فلن يا ً طلقنييي وإن أخيياه أخرجنييي ومنعنييي‬
‫السكنى والنفقيية‪ ,‬فقييال لييه‪» :‬مالييك ولبنيية آل قيييس ؟«‬
‫قال‪ :‬يا رسييول اللييه إن أخييي طلقهييا ثلثيا ً جميعيًا‪ ,‬قييالت‪:‬‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬انظري يييا بنييت‬
‫آل قيس إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما كانت‬
‫له عليها رجعة‪ ,‬فإذا لم يكن لييه عليهييا رجعيية فل نفقيية ول‬
‫سكنى اخرجي فانزلي علييى فلنيية« ثييم قييال إنييه يتحييدث‬
‫إليها »انزلييي علييى ابيين أم مكتييوم فييإنه أعمييى ل يييراك«‬
‫وذكيييييييييييييييييير تمييييييييييييييييييام الحييييييييييييييييييديث‪.‬‬
‫وقال أبو القاسم الطييبراني‪ :‬حييدثنا أحمييد بيين عبييد اللييه‬
‫البزار التستري‪ ,‬حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصواف‪ ,‬حييدثنا‬
‫بكر بن بكار‪ ,‬حدثنا سييعيد بيين يزيييد البجلييي‪ ,‬حييدثنا عييامر‬
‫الشعبي أنه دخل على فاطمة بنت قيييس‪ ,‬أخييت الضييحاك‬
‫بيين قيييس القرشييي‪ ,‬وزوجهييا أبييو عمييرو بيين حفييص بيين‬
‫المغيرة المخزومي فقالت‪ :‬إن أبا عمرو بن حفص أرسييل‬
‫إلي وهو منطلق في جيش إلييى اليميين بطلقييي‪ ,‬فسييألت‬
‫أولياءه النفقة علي والسكنى فقييالوا مييا أرسييل إلينييا فييي‬
‫ذلك شيئا ً ول أوصانا به‪ ,‬فانطلقت إلى رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم فقلييت يييا رسييول اللييه إن أبييا عمييرو بيين‬
‫حفص أرسل إلي بطلقي‪ ,‬فسألت أولياء السكنى والنفقة‬
‫علي فقال أولياؤه لم يرسل إلينا في ذلييك بشيييء‪ ,‬فقييال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إنما السكنى والنفقيية‬
‫للمرأة إذا كان لزوجها عليها رجعة فييإذا كييانت ل تحييل لييه‬
‫حتى تنكح زوجا ً غيره فل نفقة لها ول سييكنى« وكييذا رواه‬
‫النسائي عن أحمد بن يحيى الصوفي عن أبي نعيم الفضل‬
‫بيين دكييين عيين سييعيد بيين يزيييد وهييو الحمسييي البجلييي‬
‫الكوفي‪ ,‬قييال أبييو حيياتم الييرازي‪ :‬وهييو شيييخ يييروى عنييه‪.‬‬

‫‪717‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذا بل َغْ ي َ‬
‫ن‬ ‫ف أوْ فَييارُِقوهُ ّ‬ ‫معْ يُرو ٍ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫كوهُ ّ‬ ‫سي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ن فَأ ْ‬ ‫جل َهُ ي ّ‬ ‫نأ َ‬ ‫َ‬ ‫** فَإ ِ َ َ‬
‫َ‬ ‫ف وَأ َ ْ‬
‫ش يَهاد َةَ ل ِل ّي ِ‬
‫ه‬ ‫مييوا ْ ال ّ‬ ‫م وَأِقي ُ‬ ‫منك ُ ْ‬
‫ل ّ‬ ‫دوا ْ ذ ََوي عَد ْ ٍ‬ ‫شه ِ ُ‬ ‫معُْرو ٍ‬ ‫بِ َ‬
‫ق‬ ‫من ي َّتيي ِ‬ ‫خرِ وَ َ‬ ‫ن ِبالل ّهِ َوال ْي َوْم ِ ال َ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ن ي ُؤْ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫من َ‬ ‫ظ ب ِهِ َ‬ ‫م ُيوعَ ُ‬ ‫ذ َل ِك ُ ْ‬
‫ميين‬ ‫ب وَ َ‬ ‫س ُ‬ ‫حت َ ِ‬ ‫ث ل َ يَ ْ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫ه ِ‬‫خَرجا ً * وَي َْرُزقْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫جَعل ل ّ ُ‬ ‫ه يَ ْ‬‫الل ّ َ‬
‫َ‬
‫ل الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫جع َ َ‬‫مرِهِ قَد ْ َ‬ ‫ه َبال ِغُ أ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫سب ُ ُ‬‫ح ْ‬ ‫ل عََلى الل ّهِ فَهُوَ َ‬ ‫ي َت َوَك ّ ْ‬
‫درا ً‬
‫يٍء َقييييييييييييييييييي ْ‬ ‫شييييييييييييييييييي ْ‬ ‫ل َ‬‫كييييييييييييييييييي ّ‬ ‫لِ ُ‬
‫يقول تعالى‪ :‬فييإذا بلغييت المعتييدات أجلهيين أي شييارفن‬
‫على انقضاء العييدة وقيياربن ذلييك‪ ,‬ولكيين لييم تفييرغ العييدة‬
‫بالكلييية‪ ,‬فحينئذ إمييا أن يعييزم الييزوج علييى إمسيياكها وهييو‬
‫رجعتها إلى عصمة نكاحه والسييتمرار بهييا علييى مييا كييانت‬
‫عليه عنده }بمعروف{ أي محسنا ً إليها في صييحبتها‪ ,‬وإمييا‬
‫أن يعزم على مفارقتها بمعروف أي ميين غييير مقابحيية ول‬
‫مشاتمة ول تعنيف بييل يطلقهييا علييى وجييه جميييل وسييبيل‬
‫حسيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييين‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬وأشييهدوا ذوي عييدل منكييم{ أي علييى‬
‫الرجعة إذا عزمتم عليها‪ ,‬كما رواه أبو داود وابن ماجه عن‬
‫عمران بن حصين أنه سئل عن الرجييل يطلييق المييرأة ثييم‬
‫يقع بها ولم يشهد علييى طلقهييا ول علييى رجعتهييا‪ ,‬فقييال‪:‬‬
‫طلقت لغير سنة ورجعت لغير سيينة وأشييهد علييى طلقهييا‬
‫وعلى رجعتها ول تعد‪ ,‬وقال ابن جرييج كيان عطياء يقيول‪:‬‬
‫}وأشهدوا ذوي عييدل منكييم{ قييال ل يجييوز فييي نكيياح ول‬
‫طلق ول رجاع إل شاهدا عدل‪ ,‬كما قال الله عييز وجييل إل‬
‫أن يكون من عذر‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬ذلكم يوعظ به من كان‬
‫لخر{ أي هييذا الييذي أمرنيياكم بييه ميين‬ ‫يؤمن بالله واليوم ا َ‬
‫الشهاد وإقاميية الشييهادة إنمييا يييأتمر بييه ميين يييؤمن بييالله‬
‫لخر‪ ,‬وأنه شرع هذا ومن يخيياف عقيياب اللييه فييي‬ ‫واليوم ا َ‬
‫لخرة‪ ,‬ومن ههنا ذهب الشافعي في أحد قوليه إليى‬ ‫الدار ا َ‬
‫وجوب الشهاد فييي الرجعيية كمييا يجييب عنييده فييي ابتييداء‬
‫النكاح‪ ,‬وقد قال بهذا طائفة ميين العلميياء وميين قييال بهييذا‬
‫يقول‪ :‬إن الرجعة ل تصح إل بييالقول ليقييع الشييهاد عليهييا‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ومن يتق الله يجعييل لييه مخرجيا ً ويرزقييه‬
‫من حيث ل يحتسييب{ أي وميين يتييق اللييه فيمييا أمييره بييه‬

‫‪718‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وترك ما نهاه عنه يجعل له من أمره مخرجيا ً ويرزقييه ميين‬
‫حيث ل يحتسب أي من جهيية ل تخطيير ببيياله‪ .‬قييال المييام‬
‫أحمييد‪ :‬حدثنايزيييد أنبأنييا كهمييس بيين الحسيين‪ ,‬حييدثنا أبييو‬
‫السليل عن أبي ذر قال‪ :‬جعل رسول الله صلى الله عليييه‬
‫لية }ومن يتق الله يجعل له مخرجا ً‬ ‫وسلم يتلو علي هذه ا َ‬
‫لية ثم قييال‪:‬‬ ‫ويرزقه من حيث ل يحتسب{ حتى فرغ من ا َ‬
‫»يا أبييا ذر لييو أن النيياس كلهييم أخييذوا بهييا كفتهييم« وقييال‬
‫فجعل يتلوها ويرددها علي حتى نعست‪ ,‬ثييم قييال‪» :‬يييا أبييا‬
‫ذر كيف تصنع إذا خرجت من المدينة ؟« قلت إلى السييعة‬
‫والدعة أنطلق فأكون حمامة من حمام مكة قييال‪» :‬كيييف‬
‫تصنع إذا أخرجت من مكيية ؟« قلييت إلييى السييعة والدعيية‬
‫إلييى الشييام والرض المقدسيية‪ ,‬قييال »وكيييف تصيينع إذا‬
‫أخرجت من الشام ؟« قلت‪ :‬إذا ً والذي بعثيك بييالحق أضيع‬
‫سيفي على عاتقي‪ ,‬قال‪» :‬أو خير من ذلك« قلت‪ :‬أو خير‬
‫من ذلك ؟ قال‪» :‬تسييمع وتطيييع وإن كييان عبييدا ً حبشيييًا«‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حييدثنا أحمييد بيين منصييور الرمييادي‪,‬‬
‫حدثنا يعلى بن عبيد‪ ,‬حدثنا زكريا عن عامر عيين شييتير بيين‬
‫شكل قال‪ :‬سمعت عبد الله بن مسييعود يقييول‪ :‬إن أجمييع‬
‫آية في القرآن }إن الله يأمر بالعدل والحسان{ وإن أكبر‬
‫آية في القرآن فرجًا‪} :‬ومن يتق اللييه يجعييل لييه مخرج يًا{‬
‫وفي المسند‪ .‬حدثني مهييدي بيين جعفيير‪ ,‬حييدثنا الوليييد بيين‬
‫مسلم عن الحكم بن مصعب عن محمد بن علي بيين عبييد‬
‫الله بن عباس‪ ,‬عن أبيه عن جده عبد الله بن عباس قييال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬ميين أكييثر ميين‬
‫الستغفار جعل الله له من كل هم فرج يا ً وميين كييل ضيييق‬
‫مخرجا ً ورزقه من حيث ل يحتسب«‪ .‬وقال علييي بيين أبييي‬
‫طلحة عن ابن عباس }ومن يتق اللييه يجعييل لييه مخرجيًا{‬
‫لخرة }ويرزقه من‬ ‫يقول‪ :‬ينجيه من كل كرب في الدنيا وا َ‬
‫حيييث ل يحتسييب{ وقييال الربيييع بيين خيثييم }يجعييل لييه‬
‫مخرج يًا{ أي ميين كييل شيييء ضيياق علييى النيياس‪ ,‬وقييال‬
‫عكرمة من طلق كما أمره اللييه يجعييل لييه مخرج يًا‪ ,‬وكييذا‬
‫روي عيين ابيين عبيياس والضييحاك‪ ,‬وقييال ابيين مسييعود‬

‫‪719‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ومسروق }ومن يتق الله يجعل له مخرجًا{ يعلييم أن اللييه‬
‫إن شاء أعطى وإن شاء منع }ميين حيييث ل يحتسييب{ أي‬
‫من حيث ل يدري‪ .‬وقال قتادة‪} :‬ومن يتق اللييه يجعييل لييه‬
‫مخرجييًا{ أي ميين شييبهات المييور والكييرب عنييد المييوت‬
‫}ويرزقه من حيث ل يحتسب{ من حيث يرجييو ول يأمييل‪.‬‬
‫وقال السدي‪} :‬ومن يتييق الليه{ يطلييق للسيينة‪ ,‬ويراجيع‬
‫للسنة‪ ,‬وزعم أن رجل ً من أصحاب رسول الله صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم يقال له عوف بن مالك الشجعي كان له ابيين‪,‬‬
‫وأن المشركين أسروه فكان فيهم‪ ,‬وكان أبوه يأتي رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم فيشكو إليييه مكييان ابنييه وحيياله‬
‫التي هو بها وحاجته‪ ,‬فكييان رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسييلم يييأمره بالصييبر ويقييول لييه‪» :‬إن اللييه سيييجعل لييك‬
‫فرجًا« فلم يلبث بعييد ذلييك إل يسيييرا ً أن انفلييت ابنييه ميين‬
‫أيدي العدو‪ ,‬فمر بغنم من أغنام العدو فاستاقها فجيياء بهييا‬
‫إلى أبيه وجاء معه بغنى قد أصابه من المغنم‪ ,‬فنزلت فيييه‬
‫لية }ومن يتق اللييه يجعييل لييه مخرجيا ً ويرزقييه ميين‬ ‫هذه ا َ‬
‫حيث ل يحتسب{ رواه ابن جرير‪ :‬وروي أيضا ً ميين طريييق‬
‫سالم بن أبييي الجعييد مرس يل ً نحييوه‪ .‬وقييال المييام أحمييد‪:‬‬
‫حدثنا وكيع‪ ,‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن عبد الله بن عيسى عن عبد‬
‫الله بن أبي الجعد عن ثوبان قال‪ :‬قال رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬إن العبد ليحييرم الييرزق بالييذنب يصيييبه‬
‫ول يرد القدر إل الدعاء ول يزيد في العمر إل الييبر« ورواه‬
‫النسائي وابن ماجه ميين حييديث سييفيان وهييو الثييوري بييه‪.‬‬
‫وقال محمد بن إسحاق‪ :‬جاء مالك الشجعي إلى رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم فقال له أسر ابني عوف فقييال‬
‫له رسول الليه صيلى الليه علييه وسيلم‪» :‬أرسيل إلييه أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر أن تكثر من قول ل‬
‫حول ول قوة إل بالله« وكانوا قد شدوه بالقد فسقط القد‬
‫عنه‪ ,‬فخرج فإذا هو بناقة لهم فركبهيا وأقبييل‪ ,‬فييإذا بسيرح‬
‫القوم الذين كانوا قد شدوه فصاح بهم‪ ,‬فاتبع أولهيا آخرهيا‬
‫فلم يفجأ أبييويه إل وهيو ينييادي بالبيياب فقيال أبييوه‪ :‬عيوف‬
‫ورب الكعبة‪ ,‬فقالت‪ :‬أمه‪ :‬واسييوأتاه! وعييوف كيييف يقييدم‬

‫‪720‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لما هو فيه من القد‪ ,‬فاستبقا الباب والخادم فإذا عوف قد‬
‫ل‪ ,‬فقص على أبيه أمره وأمر البل فقال أبوه‪:‬‬ ‫مل الفناء إب ً‬
‫قفا حتى آتي رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم فأسييأله‬
‫عنها‪ ,‬فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بخبر‬
‫عوف وخبر البل‪ ,‬فقال لييه رسييول الليه صيلى الليه علييه‬
‫وسلم‪» :‬اصنع بها ما أحببت وما كنت صانعا ً بمالك« ونزل‪:‬‬
‫}ومين يتيق الليه يجعيل ليه مخرجيا ً ويرزقيه ميين حييث ل‬
‫يحتسييييييييييب{ رواه ابيييييييييين أبييييييييييي حيييييييييياتم‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا علي بن الحسين‪ ,‬حدثنا محمد‬
‫بن علي بن الحسن بن شقيق‪ ,‬حدثنا إبراهيم بن الشعث‪,‬‬
‫حييدثنا الفضيييل بيين عييياض عيين هشييام بيين الحسيين عيين‬
‫عمران بن حصين قال‪ :‬قال رسول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬من انقطع إلى الله كفيياه اللييه كييل مؤنيية ورزقييه‬
‫من حيث ل يحتسب ومن انقطع إلييى الييدنيا وكلييه إليهييا«‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ومن يتوكل علييى اللييه فهييو حسييبه{ قييال‬
‫المام أحمد‪ :‬حييدثنا يييونس‪ ,‬حييدثنا ليييث‪ ,‬حييدثنا قيييس بيين‬
‫الحجاج عن حنش الصنعاني‪ ,‬عن عبد الله بيين عبيياس أنييه‬
‫حدثه أنه ركب خلف رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫يومًا‪ ,‬فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬يا غلم‬
‫إني معلمك كلمات‪ :‬احفظ الله يحفظك‪ ,‬احفظ الله تجييده‬
‫تجاهك‪ ,‬وإذا سييألت فاسييأل اللييه‪ ,‬وإذا اسييتعنت فاسييتعن‬
‫بالله‪ ,‬واعلييم أن الميية لييو اجتمعييوا علييى أن ينفعييوك لييم‬
‫ينفعوك إل بشيء قد كتبه الله لك‪ ,‬ولييو اجتمعييوا علييى أن‬
‫يضروك لم يضروك إل بشيء قد كتبييه اللييه عليييك رفعييت‬
‫القلم وجفت الصييحف« وقييد رواه الترمييذي ميين حييديث‬
‫الليييث بيين سييعد وابيين لهيعيية بييه وقييال‪ :‬حسيين صييحيح‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا وكيع‪ ,‬حييدثنا بشييير بيين سييلمان‬
‫عن سيار أبي الحكم عن طارق بن شييهاب عيين عبييد اللييه‬
‫هو ابن مسيعود قيال‪ :‬قيال رسيول الليه صيلى الليه علييه‬
‫وسلم‪» :‬من نزل بيه حاجية فأنزلهيا بالنياس كيان قمنيا ً أل‬
‫تسهل حاجته‪ ,‬ومن أنزلها بالله تعالى أتاه الله برزق عاجل‬
‫أو بموت آجل« ثم رواه عن عبد الرزاق عيين سييفيان عيين‬

‫‪721‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بشير عن سيار أبي حمزة ثم قييال وهييو الصييواب‪ ,‬وسيييار‬
‫أبو الحكم لم يحدث عيين طييارق وقييوله تعييالى‪} :‬إن اللييه‬
‫بالغ أمره{ أي منفذ قضاياه وأحكامه في خلقه بمييا يريييده‬
‫ويشاؤه }قد جعل الله لكييل شيييء قييدرًا{ كقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}وكيييييييييييل شييييييييييييء عنيييييييييييده بمقيييييييييييدار{‪.‬‬

‫م‬ ‫ن اْرت َب ْت ُي ْ‬‫م إِ ِ‬ ‫سييآئ ِك ُ ْ‬ ‫ميين ن ّ َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ِ‬ ‫حي ي‬ ‫م ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬


‫مي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫سي َ‬ ‫** َوالل ِّئي ي َئ ِ ْ‬
‫ُ‬ ‫ة أَ ْ‬
‫ل‬ ‫مييا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ت ال ْ‬ ‫ن وَأوْل َ ُ‬ ‫ضي َ‬ ‫ح ْ‬‫م يَ ِ‬‫شيهُرٍ َوالل ّت ِييي ل َي ْ‬ ‫ن ث َل َث َي ُ‬
‫فَعِد ّت ُهُ ّ‬
‫ه‬ ‫أ َجل ُهن َأن يضعن حمل َهن ومن يتق الل ّه يجعل ل ّه م َ‬
‫مييرِ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ُ ِ ْ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫َ َ َْ َ َ ْ ُ َ ّ َ َ َ ّ ِ‬ ‫َ ُ ّ‬
‫ه‬‫ه ي ُك َّفْر عَن ْي ُ‬ ‫ق الل ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫من ي َت ّ‬‫م وَ َ‬‫ه إ ِل َي ْك ُ ْ‬‫مُر الل ّهِ أنَزل َ ُ‬ ‫كأ ْ‬ ‫سرا ً * ذ َل ِ َ‬ ‫يُ ْ‬
‫جييييييييييييرا ً‬ ‫َ‬
‫هأ ْ‬ ‫م َليييييييييييي ُ‬ ‫ظيييييييييييي ْ‬ ‫سييييييييييييي َّئات ِهِ وَي ُعْ ِ‬ ‫َ‬
‫ليسة‪ ,‬وهييي الييتي انقطييع عنهييا‬ ‫ً‬
‫يقول تعالى مبينا لعدة ا َ‬
‫المحيض لكبرها‪ ,‬أنها ثلثة أشهر عوضا ً عن الثلثيية القييروء‬
‫في حق من تحيض‪ ,‬كما دلت على ذلك آييية البقييرة‪ ,‬وكييذا‬
‫الصييغار اللئي لييم يبلغيين سيين الحيييض أن عييدتهن كعييدة‬
‫ليسيية ثلثيية أشييهر‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‪} :‬واللئي لييم‬ ‫ا َ‬
‫يحضن{‪ ,‬وقوله تعالى‪} :‬إن ارتبتم{ فيه قييولن )أحييدهما(‬
‫وهو قول طائفة من السلف كمجاهد والزهييري وابيين زيييد‬
‫أي إن رأين دميا ً وشييككتم فييي كييونه حيضيا ً أو استحاضيية‬
‫وارتبتم فيه‪) .‬والقول الثاني( إن ارتبتم فييي حكييم عييدتهن‬
‫ولم تعرفوه فهو ثلثة أشهر‪ ,‬وهييذا مييروي عيين سييعيد بيين‬
‫جبير وهو اختيار ابن جرير وهو أظهر فييي المعنييى‪ ,‬واحتييج‬
‫عليه بما رواه عن أبي كريب وأبي السائب قال‪ :‬حدثنا ابن‬
‫إدريس حدثنا مطرف عن عمرو بن سالم قييال‪ :‬قييال أبييي‬
‫بن كعب‪ :‬يا رسول الله إن عددا ً من عدد النساء لم تييذكر‬
‫في الكتاب الصغار والكبار وأولت الحمييال‪ ,‬قييال‪ :‬فييأنزل‬
‫الله عز وجل }واللئي يئسن من المحيض من نسائكم إن‬
‫ارتبتييم فعييدتهن ثلثيية أشييهر واللئي لييم يحضيين‪ ,‬وأولت‬
‫الحمال أجلهن أن يضعن حملهيين{ ورواه ابيين أبييي حيياتم‬
‫بأبسط من هذا السياق فقال‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا يحيييى بيين‬
‫المغيرة حدثنا جرير عن مطرف عن عميير بيين سييالم عيين‬

‫‪722‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبي بن كعييب قييال‪ :‬قلييت لرسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم إن ناسا ً من أهل المدينة لما أنزلت هذه ا َ‬
‫لييية الييتي‬
‫في البقييرة فييي عييدة النسيياء قييالوا‪ :‬لقييد بقييي ميين عييدة‬
‫النساء عدد لم يذكرن في القرآن! الصييغار والكبييار اللئي‬
‫قد انقطع منهن الحيض وذوات الحمل قال‪ :‬فييأنزلت الييتي‬
‫فييي النسيياء القصييرى }واللئي يئسيين ميين المحيييض ميين‬
‫نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلثة أشهر واللئي لم يحضن{‪.‬‬
‫وقيييوله تعيييالى‪} :‬وأولت الحميييال أجلهييين أن يضيييعن‬
‫حملهن{ يقول تعالى‪ :‬وميين كييانت حييامل ً فعييدتها بوضييعه‪,‬‬
‫ولييو كييان بعييد الطلق أو المييوت بفييواق ناقيية فييي قييول‬
‫لية‬‫جمهور العلماء من السلف والخلف‪ ,‬كما هو نص هذه ا َ‬
‫الكريمة وكما وردت به السنة النبوية‪ ,‬وقد روي عيين علييي‬
‫وابن عباس رضي الله عنهم أنهما ذهبا في المتييوفى عنهييا‬
‫زوجها أنها تعتد بأبعد الجلييين ميين الوضييع والشييهر‪ ,‬عمل ً‬
‫لية والتي في سورة البقييرة‪ ,‬قييال البخيياري‪ :‬حييدثنا‬ ‫بهذه ا َ‬
‫سعيد بن حفص‪ ,‬حدثنا شيبان عن يحيى قال‪ :‬أخييبرني أبييو‬
‫سلمة قال‪ :‬جاء رجل إلى ابن عبياس وأبيو هرييرة جيالس‬
‫فقال‪ :‬أفتني في امييرأة ولييدت بعييد زوجهييا بييأربعين ليليية‪,‬‬
‫فقال ابن عباس‪ :‬آخر الجلين‪ .‬قلت أنييا }وأولت الحمييال‬
‫أجلهن أن يضعن حملهن{ قال أبو هريرة‪ :‬أنا مع ابن أخييي‬
‫ي يعني أبا سلمة ي فأرسل ابن عباس غلمييه كريبيا ً إلييى أم‬
‫سييلمة يسييألها فقييالت‪ :‬قتييل زوج سييبيعة السييلمية وهييي‬
‫حبلى فوضعت بعد موته بييأربعين ليليية‪ ,‬فخطبييت فأنكحهييا‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬وكان أبو السنابل فيمن‬
‫خطبها‪ ,‬هكذا أورد البخاري هذا الحديث ههنا مختصرًا‪ ,‬وقد‬
‫رواه هو ومسلم وأصحاب الكتب مطييول ً ميين وجييوه أخيير‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا حميياد بيين أسييامة أنبأنييا هشييام‬
‫عن أبيه عن المسور بن مخرمة أن سبيعة السلمية توفي‬
‫عنها زوجها وهي حامل فلم تمكث إل ليالي حتى وضييعت‪,‬‬
‫فلما تعليت ميين نفاسييها خطبييت‪ ,‬فأسييتأذنت رسييول اللييه‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم فييي النكيياح فييأذن لهييا أن تنكييح‪,‬‬
‫فنكحييت‪ ,‬ورواه البخيياري فييي صييحيحه ومسيلم وأبييو داود‬

‫‪723‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والنسائي وابن ماجه من طرق عنها‪ ,‬كما قييال مسييلم بيين‬
‫الحجاج‪ :‬حدثني أبو الطاهر أنبأنا ابن وهب‪ ,‬حييدثني يييونس‬
‫بن يزيد عن ابن شهاب‪ ,‬حدثني عبيد الله بن عبد اللييه بيين‬
‫عتبة أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله بن الرقم الزهري‬
‫يييأمره أن يييدخل علييى سييبيعة بنييت الحييارث السييلمية‪,‬‬
‫فيسألها عن حديثها وعما قال لها رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم حين استفتته‪ ,‬فكتب عمر بن عبد اللييه يخييبره‬
‫أن سبيعة أخبرته أنها كانت تحييت سييعد بيين خوليية‪ ,‬وكييان‬
‫ممن شهد بدرا ً فتوفي عنها في حجة الوداع وهييي حامييل‪,‬‬
‫فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفيياته‪ ,‬فلمييا تعلييت ميين‬
‫نفاسها تجمليت للخطياب‪ ,‬فيدخل عليهيا أبيو السينابل بين‬
‫بعكك فقال لها‪ :‬مالي أراك‪ :‬متجملة ؟ لعلك ترجين النكاح‬
‫إنييك واللييه مييا أنييت بناكييح حييتى تميير عليييك أربعيية أشييهر‬
‫وعشييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييير‪.‬‬
‫قالت سبيعة‪ :‬فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيييابي حييين‬
‫أمسيت‪ ,‬فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسييألته‬
‫عيين ذلييك فأفتيياني بييأني قييد حللييت حييين وضييعت حملييي‬
‫وأمرنييي بالتزويييج إن بييدا لييي‪ ,‬هييذا لفييظ مسييلم ورواه‬
‫البخاري مختصرًا‪ ,‬ثييم قييال البخيياري بعييد روايتييه الحييديث‬
‫لييية‪ ,‬وقييال أبييو سييليمان بيين حييرب وأبييو‬ ‫الول عند هذه ا َ‬
‫النعمان‪ :‬حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمييد هييو ابين‬
‫سيرين قال‪ :‬كنت فيي حلقية فيهيا عبيد الرحمين بين أبيي‬
‫ليلى‪ ,‬وكان أصحابه يعظمونه فذكر آخر الجلييين‪ ,‬فحييدثت‬
‫بحديث سبيعة بنت الحارث عن عبييد اللييه بيين عتبيية قييال‪:‬‬
‫فضمر لي بعض أصحابه ‪ .‬وقال محمد‪ :‬ففطنت له‪ ,‬فقلت‬
‫له‪ :‬إني لجريء أن أكذب علييى عبييد اللييه وهييو فييي ناحييية‬
‫الكوفيية‪ ,‬قييال فاسييتحيا وقييال‪ :‬لكيين عمييه لييم يقييل ذلييك‪,‬‬
‫فلقيت أبا عطية مالك بيين عييامر فسييألته فييذهب يحييدثني‬
‫بحديث سييبيعة‪ ,‬فقلييت‪ :‬هييل سييمعت عيين عبييد اللييه فيهييا‬
‫شيئا ً ؟ فقييال‪ :‬كنييا عنييد عبييد اللييه فقييال‪ :‬أتجعلييون عليهييا‬
‫التغليظ ول تجعلون عليها الرخصة ؟ فنزلت سورة النسيياء‬
‫القصرى بعد الطولى }وأولت الحمييال أجلهين أن يضييعن‬

‫‪724‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حملهن{ ورواه ابن جرييير ميين طريييق سييفيان بيين عيينيية‬
‫وإسماعيل بن علية عن أيوب به مختصرًا‪ ,‬ورواه النسييائي‬
‫في التفسييير عيين محمييد بيين عبييد العلييى عيين خالييد بيين‬
‫الحييارث عيين ابيين عييون عيين محمييد بيين سيييرين فييذكره‪.‬‬
‫وقييال ابيين جرييير‪ :‬حييدثني زكريييا بيين يحيييى بيين أبييان‬
‫المصري‪ ,‬حييدثنا سييعيد بيين أبييي مريييم‪ ,‬حييدثنا محمييد بيين‬
‫جعفر‪ ,‬حدثني ابن شبرمة الكوفي عن إبراهيم عن علقميية‬
‫بن قيس أن عبد الله بن مسعود قال‪ :‬من شاء لعنتييه مييا‬
‫نزلت }وأولت الحمال أجلهن أن يضعن حملهن{ إل بعييد‬
‫آية المتوفى عنها زوجها‪ ,‬قال‪ :‬وإذا وضعت المتييوفى عنهييا‬
‫زوجها فقد حلت يريد بآية المتوفى عنهييا زوجهييا }والييذين‬
‫يتوفييون منكييم ويييذرون أزواجيا ً يتربصيين بأنفسييهن أربعيية‬
‫أشهر وعشرًا{ وقد رواه النسييائي ميين حييديث سييعيد بيين‬
‫أبي مريم به‪ .‬ثم قييال ابيين جرييير‪ :‬حييدثنا أحمييد بيين منيييع‪,‬‬
‫حدثنا محمد بن عبيد‪ ,‬حدثنا إسييماعيل بيين أبييي خالييد عيين‬
‫الشعبي قال‪ :‬ذكر عند ابن مسعود آخر الجلين فقال‪ :‬من‬
‫لية التي في النسيياء القصييرى‬ ‫شاء قاسمته بالله إن هذه ا َ‬
‫نزلت بعد الربعة الشهر والعشر ثم قال‪ :‬أجل الحامل أن‬
‫تضييييييييييييييع مييييييييييييييا فييييييييييييييي بطنهييييييييييييييا‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حييدثنا أحمييد بيين سيينان الواسييطي‪,‬‬
‫حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن العمش عن‬
‫أبي الضحى عن مسروق قال‪ :‬بلييغ ابيين مسييعود أن علي يا ً‬
‫رضي الله عنه يقول آخر الجلين فقييال‪ :‬ميين شيياء لعنتييه‬
‫إن التي في النساء القصييرى نزلييت بعييد البقييرة }وأولت‬
‫الحمال أجلهن أن يضييعن حملهيين{ ورواه أبييو داود وابيين‬
‫ميييياجه ميييين حييييديث أبييييي معاوييييية عيييين العمييييش‪.‬‬
‫وقال عبد اللييه بيين المييام أحمييد‪ :‬حييدثني أحمييد حييدثني‬
‫محمد بن أبي بكر المقدمي‪ ,‬أنبأنييا عبييد الوهيياب الثقفييي‪,‬‬
‫حدثني المثنى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد اللييه‬
‫بن عمرو عن أبي بن كعب قييال‪ :‬قلييت للنييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم }وأولت الحمال أجلهيين أن يضييعن حملهيين{‬
‫المطلقة ثلثا ً أو المتوفى عنها زوجها‪ ,‬فقال‪ :‬هي للمطلقة‬

‫‪725‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ثلثا ً والمتوفى عنها‪ .‬هذا حديث غريييب جييدا ً بييل منكيير لن‬
‫في إسناده المثنى بن الصباح وهو متروك الحييديث بمييرة‪,‬‬
‫ولكن رواه ابن أبي حاتم بسند آخر فقال‪ :‬حدثنا محمد بيين‬
‫داود السمناني‪ ,‬حدثنا عمرو بن خالد يعني الحراني‪ ,‬حييدثنا‬
‫ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن‬
‫لييية‪ ,‬قييال لرسييول اللييه‬ ‫أبي بن كعب أنه لما نزلت هييذه ا َ‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬ل أدري أمشييتركة أم مبهميية‪ ,‬قييال‬
‫رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم »أييية آييية ؟« قييال‬
‫}أجلهن أن يضييعن حملهيين{ المتييوفى عنهييا والمطلقيية ؟‬
‫قال نعم وكذا رواه ابن جرير عن أبي كريييب عيين موسييى‬
‫بن داود عن ابن لهيعة به‪ .‬ثم رواه عيين أبييي كريييب أيض يا ً‬
‫عن مالك بن إسماعيل عن ابن عيينة عن عبد الكريييم بيين‬
‫أبي المخارق أنه حييدث عيين أبييي بيين كعييب قييال‪ :‬سييألت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسييلم عيين }وأولت الحمييال‬
‫أجلهن أن يضعن حملهن{ قال‪» :‬أجل كل حامييل أن تضييع‬
‫ما في بطنها« عبييد الكريييم هييذا ضييعيف ولييم يييدرك أبييًا‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ومن يتق الله يجعل لييه ميين أمييره يسييرًا{‬
‫أي يسهل له أمره وييسيره علييه ويجعيل ليه فرجيا ً قريبيا ً‬
‫ومخرجا ً عاجل ً ثم قال تعالى‪} :‬ذلك أمر الله أنزله إليكم{‬
‫أي حكمه وشرعه أنزله إليكم بواسطة رسول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم }ومن يتق الله يكفر عنه سيييئاته ويعظييم‬
‫له أجرًا{ أي يذهب عنه المحذور ويجزل لييه الثييواب علييى‬
‫العمييييييييييييييييييييييييييييييل اليسييييييييييييييييييييييييييييييير‪.‬‬

‫َ‬
‫ن‬ ‫ضييآّروهُ ّ‬ ‫م وَل َ ت ُ َ‬ ‫ج يدِك ُ ْ‬ ‫ميين وُ ْ‬ ‫كنُتم ّ‬ ‫س َ‬ ‫ث َ‬ ‫حي ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ن ِ‬ ‫ّ‬ ‫سك ُِنوهُ‬ ‫** أ ْ‬
‫ى‬ ‫ي‬ ‫ت‬‫ح‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫قو‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫لتضيُقوا ْ عل َيهن وإن ك ُن أ ُول َت حمل فَي َ‬
‫أن‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ ْ ِ َ ْ ٍ‬ ‫َ ِْ ّ َِ‬ ‫ُِ َ ّ‬
‫م يُروا ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن وَأت َ ِ‬ ‫جييوَرهُ ّ‬ ‫نأ ُ‬ ‫م َفآُتوهُ ّ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫ضع ْ َ‬
‫ن أْر َ‬ ‫ن فَإ ِ ْ‬ ‫مل َهُ ّ‬‫ح ْ‬‫ن َ‬ ‫ضع ْ َ‬ ‫يَ َ‬
‫ُ‬
‫ق‬
‫خَرىَ * ل ُِينِف ي ْ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ضع ُ ل َ ُ‬ ‫م فَ َ‬
‫ست ُْر ِ‬ ‫سْرت ُ ْ‬ ‫ف وَِإن ت ََعا َ‬ ‫معُْرو ٍ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ب َي ْن َك ُ ْ‬
‫مييآ آت َيياهُ‬ ‫م ّ‬‫ه فَل ُْينِف يقْ ِ‬ ‫من قُدَِر عَل َي ْهِ رِْزقُ ُ‬ ‫سعَت ِهِ وَ َ‬ ‫من َ‬ ‫سعَةٍ ّ‬ ‫ذو َ‬ ‫ُ‬
‫ر‬
‫سي ٍ‬ ‫ه ب َعْ يد َ عُ ْ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫جع َ ُ‬ ‫سي َ ْ‬
‫ها َ‬ ‫مآ آَتا َ‬ ‫ه ن َْفسا ً إ ِل ّ َ‬ ‫ف الل ّ ُ‬ ‫ه ل َ ي ُك َل ّ ُ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫سيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييرا ً‬ ‫يُ ْ‬

‫‪726‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقييول تعييالى آمييرا ً عبيياده إذا طلييق أحييدهم المييرأة أن‬
‫يسكنها في منزل حتى تنقضي عييدتها فقييال‪} :‬أسييكنوهن‬
‫من حيييث سييكنتم{ أي عنييدكم }ميين وجييدكم{ قييال ابيين‬
‫عباس ومجاهد وغير واحد يعني سعتكم حييتى قييال قتييادة‪:‬‬
‫إن لم تجد إل جنب بيتك فأسكنها فيه‪ ,‬وقوله تعييالى‪} :‬ول‬
‫تضاروهن لتضيقوا عليهيين{ قييال مقاتييل بيين حيييان‪ :‬يعنييي‬
‫يضاجرها لتفتدي منه بمالها أو تخييرج ميين مسييكنه‪ ,‬وقييال‬
‫الثييوري عيين منصييور عيين أبييي الضييحى‪} :‬ول تضيياروهن‬
‫لتضيقوا عليهن{ قييال يطلقهييا فييإذا بقييي يومييان راجعهييا‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وإن كن أولت حمل فأنفقوا عليهن حييتى‬
‫يضعن حملهيين{ قييال كييثير ميين العلميياءمنهم ابيين عبيياس‬
‫وطائفة من السلف وجماعات من الخلف‪ :‬هذه في البييائن‬
‫إن كانت حامل أنفق عليها حتى تضع حملهييا‪ ,‬قييالوا بييدليل‬
‫أن الرجعية تجب نفقتها سواء كانت حامل أو حييائل‪ ,‬وقييال‬
‫آخرون‪ :‬بل السياق كلييه فييي الرجعيييات وإنمييا نييص علييى‬
‫النفاق على الحامل‪ ,‬وإن كانت رجعية‪ ,‬لن الحمل تطييول‬
‫مدته غالبا ً فاحتيييج إلييى النييص علييى وجييوب النفيياق إلييى‬
‫الوضع‪ ,‬لئل يتوهم أنه إنما تجب النفقة بمقدار مدة العييدة‪,‬‬
‫ثييم اختلييف العلميياء هييل النفقيية لهييا بواسييطة الحمييل أم‬
‫للحمييل وحييده ؟ علييى قييولين منصوصييين عيين الشييافعي‬
‫وغيييره ويتفييرع عليهييا مسييائل كييثيرة مييذكورة فييي علييم‬
‫الفيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييروع‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬فإن أرضعن لكم{ أي إذا وضعن حملهيين‬
‫وهن طوالق فقد بن بانقضاء عدتهن ولهييا حينئذ أن ترضييع‬
‫الولد ولها أن تمتنع منه‪ ,‬ولكيين بعييد أن تغييذيه باللبييأ‪ ,‬وهييو‬
‫بيياكورة اللبيين الييذي ل قييوام للمولييود غالب يا ً إل بييه‪ ,‬فييإن‬
‫أرضعت استحقت أجر مثلهيا‪ ,‬ولهيا أن تعاقيد أبياه أو ولييه‬
‫على ما يتفقان عليه من أجرة‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‪} :‬فييإن‬
‫أرضعن لكن فآتوهن أجييورهن{ وقييوله تعييالى‪} :‬وائتمييروا‬
‫بينكم بمعروف{ أي‪ :‬ولتكن أموركم فيما بينكم بالمعروف‬
‫من غييير إضييرار ول مضييارة كمييا قييال تعييالى فييي سييورة‬
‫البقرة‪} :‬ل تضار والدة بولدها ول مولود له بولده{ وقييوله‬

‫‪727‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تعالى‪} :‬وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى{ أي وإن اختلف‬
‫الرجل والمرأة فطلبت المييرأة فييي أجييرة الرضيياع كييثيرًا‪,‬‬
‫ولم يجبها الرجل إلى ذلك أو بذل الرجل قليل ً ولم تييوافقه‬
‫عليه‪ ,‬فليسترضع له غيرها‪ ,‬فلو رضيت الم بما استؤجرت‬
‫بييييييييه الجنبيييييييييية فهييييييييي أحييييييييق بولييييييييدها‪.‬‬
‫وقوله تعييالى‪} :‬لينفييق ذو سييعة ميين سييعته{ أي لينفييق‬
‫على المولود والده أو وليه بحسب قدرته }ومن قدر عليه‬
‫رزقه فلينفق مما آتاه الله ل يكلف الله نفسا ً إل ما آتاهييا{‬
‫كقوله تعالى‪} :‬ل يكلف اللييه نفس يا ً إل وسييعها{ روى ابيين‬
‫جرير‪ :‬حدثنا ابن حميد‪ ,‬حدثنا حكام عيين أبييي سيينان قييال‪:‬‬
‫سأل عمر بن الخطاب عيين أبييي عبيييدة فقيييل إنييه يلبييس‬
‫الغليظ من الثياب ويأكل أخشن الطعام‪ ,‬فبعث إلييه بيألف‬
‫دينار وقال للرسول‪ :‬انظر ما يصنع بها إذا هو أخذها ؟ فما‬
‫لبييث أن لبييس اللييين ميين الثييياب‪ ,‬وأكييل أطيييب الطعييام‪,‬‬
‫فجاءه الرسول فأخبره‪ ,‬فقال رحمه الله تعالى تأول هييذه‬
‫لية }لينفييق ذو سيعة ميين سيعته وميين قييدر عليييه رزقيه‬ ‫ا َ‬
‫فلينفيييييييييييييق مميييييييييييييا آتييييييييييييياه اللييييييييييييه{‪.‬‬
‫وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني فييي معجمييه الكييبير‪:‬‬
‫حدثنا هاشم بن مزيد الطبراني حدثنا محمد بن إسييماعيل‬
‫بن عياش‪ ,‬أخبرني أبييي‪ ,‬أخييبرني ضمضييم بيين زرعيية عيين‬
‫شريح بن عبيد عن أبي مالييك الشييعري واسييمه الحييارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬ثلثيية نفيير‬
‫كان لحدهم عشرة دنانير فتصدق منها بدينار‪ ,‬وكييان َ‬
‫لخيير‬
‫ق فتصييدق منهييا بأوقييية وكييان آخيير مييائة أوقييية‬ ‫عشيير أوا ٍ‬
‫فتصدق منها بعشر أواق يي فقييال رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم ي هم في الجر سواء كل قد تصدق بعشر ماله‬
‫قال الله تعالى‪} :‬لينفق ذو سعة ميين سييعته{ هييذا حييديث‬
‫غرييييييييييييييب مييييييييييييين هيييييييييييييذا اليييييييييييييوجه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬سيجعل الله بعد عسر يسييرًا{ وعييد منييه‬
‫تعالى ووعده حق ل يخلفه وهذه كقوله تعييالى‪} :‬فييإن مييع‬
‫العسر يسرا ً إن مع العسر يسرًا{ وقييد روى المييام أحمييد‬
‫حييديثا ً يحسيين أن نييذكره ههنييا‪ :‬فقييال‪ :‬حييدثنا هاشييم بيين‬

‫‪728‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫القاسييم‪ ,‬حييدثنا عبييد الحميييد بيين بهييرام‪ ,‬حييدثنا شييهر بيين‬
‫حوشييب قييال‪ :‬قييال أبييو هريييرة‪ :‬بينمييا رجييل وامييرأة ميين‬
‫السلف الخالي ل يقدران علييى شيييء‪ ,‬فجيياء الرجييل ميين‬
‫سفره فدخل على امرأته جائعا ً قد أصابته مسغبة شديدة‪,‬‬
‫فقال لمرأته عندك شيييء ؟ قييالت‪ :‬نعييم أبشيير أتانييا رزق‬
‫الله فاستحثها فقال‪ :‬ويحك ابتغييي إن كييان عنييدك شيييء‪,‬‬
‫قالت‪ :‬نعم هنيهة ترجييو رحميية اللييه‪ ,‬حييتى إذا طييال عليييه‬
‫الطول قال‪ :‬ويحييك قييومي فييابتغي إن كييان عنييدك شيييء‬
‫لن نفتييح‬‫فائتيني به فإني قد بلغت وجهدت‪ ,‬فقالت‪ :‬نعم‪ ,‬ا َ‬
‫التنور فل تعجل‪ ,‬فلما أن سييكت عنهييا سيياعة وتحينييت أن‬
‫يقول لها قالت ميين عنييد نفسييها‪ :‬لييو قمييت فنظييرت إلييى‬
‫لن من جنييوب الغنييم‬ ‫تنوري فقامت فنظرت إلى تنورها م َ‬
‫ورحييها تطحنان‪ ,‬فقامت إلى الرحى فنفضتها واستخرجت‬
‫ما في تنورها من جنوب الغنم‪ ,‬قال أبو هريييرة‪ :‬فييو الييذي‬
‫نفس أبي القاسم بيده هييو قييول محمييد صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬لو أخذت ما في رحييها ولم تنفضها لطحنتها إلييى‬
‫يييييييييييييييييييييييييييييييوم القياميييييييييييييييييييييييييييييية«‪.‬‬
‫وقال في موضع آخر‪ :‬حدثنا أبو عامر‪ ,‬حدثنا أبو بكر عيين‬
‫هشام عن محمد‪ ,‬وهو ابن سيرين عيين أبييي هريييرة قييال‪:‬‬
‫دخل رجل على أهله فلما رأى مييا بهييم ميين الحاحية خييرج‬
‫إلى البرية‪ ,‬فلما رأت امرأته قامت إلييى الرحييى فوضييعتها‬
‫وإلى التنور فسجرته‪ ,‬ثييم قييالت‪ :‬اللهييم ارزقنييا‪ ,‬فنظييرت‪,‬‬
‫فإذا الجفنة قد امتلت قييال‪ :‬وذهبييت إلييى التنييور فوجييدته‬
‫ممتلئًا‪ ,‬قال فرجع الزوج فقال‪ :‬أصبتم بعدي شيئا ً ؟ قالت‪:‬‬
‫م إلييى الرحييى فييذكر ذلييك للنييبي‬ ‫امرأته‪ :‬نعم من ربنا‪ ,‬فييأ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫»أما إنه لو لم ترفعها لييم تييزل تييدور إلييى يييوم القياميية«‪.‬‬

‫** وك َأ ِين من قَرية عَتت عَ َ‬


‫ها‬ ‫سيب َْنا َ‬‫حا َ‬ ‫سيل ِهِ فَ َ‬‫مرِ َرب ّهَييا وَُر ُ‬‫نأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ٍ َ ْ‬ ‫َ ّ ّ‬
‫َ‬ ‫كرا ً * فَ ي َ‬ ‫ذابا ً ن ّ ْ‬ ‫ديدا ً وَعَذ ّب َْنا َ‬ ‫سابا ً َ‬
‫مرِهَييا‬ ‫لأ ْ‬ ‫ذاقَ ْ‬
‫ت وَب َييا َ‬ ‫ها عَ َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ح َ‬‫ِ‬
‫ديدا ً‬ ‫ذابا ً َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شي ِ‬ ‫م عَي َ‬ ‫ه ل َهُي ْ‬
‫سييرا ً * أعَيد ّ الل ّي ُ‬ ‫خ ْ‬‫ها ُ‬ ‫مرِ َ‬
‫ةأ ْ‬ ‫عاقِب َ ُ‬‫ن َ‬ ‫وَ َ‬
‫كا َ‬

‫‪729‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مُنوا ْ قَد ْ َأن يَز َ‬ ‫َفاتُقوا ْ الل ّه يأ ُ‬
‫م‬‫ه إ ِل َي ْك ُي ْ‬
‫ل الل ّي ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫َ‬ ‫ذي‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫با‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫لي‬ ‫ِ‬ ‫و‬
‫َ َ ْ‬ ‫ّ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ج اّليي ِ‬ ‫ت ل ّي ُ ْ‬
‫خييرِ َ‬ ‫مب َي َّنا ٍ‬‫ت الل ّهِ ُ‬ ‫م آَيا ِ‬ ‫سول ً ي َت ُْلو عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫كرا ً * ّر ُ‬ ‫ذِ ْ‬
‫ميين‬ ‫ت إ ِل َييى الن ّييورِ وَ َ‬ ‫مييا ِ‬ ‫ن الظ ّل ُ َ‬ ‫مي َ‬ ‫ت ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫صييال ِ َ‬ ‫مل ُييوا ْ ال ّ‬ ‫مُنوا ْ وَعَ ِ‬ ‫آ َ‬
‫حت ِهَييا‬ ‫ميين ت َ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫جي ِ‬‫ت تَ ْ‬ ‫جن ّييا ٍ‬ ‫ه َ‬ ‫خل ْ ُ‬ ‫صاِلحا ً ي ُيد ْ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫م ْ‬‫من ِبالل ّهِ وَي َعْ َ‬ ‫ي ُؤْ ِ‬
‫ه رِْزقييا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه َليي ُ‬‫ن الّليي ُ‬ ‫سيي َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ِفيَهييآ أَبييدا ً َقييد ْ أ ْ‬ ‫دي َ‬ ‫خاِليي ِ‬ ‫الن َْهيياُر َ‬
‫يقييول تعييالى متوعييدا ً لميين خييالف أمييره وكييذب رسييله‬
‫وسلك غير ما شييرعه‪ ,‬ومخييبرا ً عمييا حييل بييالمم السييالفة‬
‫بسبب ذلك‪ ,‬فقال تعالى‪} :‬وكأين من قرية عتت عيين أميير‬
‫ربها ورسله{ أي تمردت وطغت واستكبرت عن اتباع أميير‬
‫الله ومتابعيية رسييله }فحاسييبناها حسييابا شييديدا ً وعييذبناها‬
‫عذابا ً نكرًا{ أي منكييرا ً فظيعيا ً }فييذاقت وبييال أمرهييا{ أي‬
‫غب مخالفتها وندموا حيث ل ينفعهم النييدم }وكييان عاقبيية‬
‫أمرها خسرا ً * أعد الله لهم عييذابا شييديدًا{ أي فييي الييدار‬
‫لخرة مع ما عجل لهم ميين العييذاب فييي الييدنيا‪ ,‬ثييم قييال‬ ‫ا َ‬
‫تعالى بعد ما قص مين خيبر هيؤلء }فياتقوا الليه ييا أوليي‬
‫اللباب{ أي الفهام المستقيمة ل تكونوا مثلهييم فيصيييبكم‬
‫ما أصابهم يا أولي اللباب }الذين آمنوا{ أي صدقوا بييالله‬
‫ورسيله }قييد أنيزل الليه إليكييم ذكييرًا{ أي القيرآن كقيوله‬
‫تعييالى‪} :‬إنييا نحيين نزلنييا الييذكر وإنييا لييه لحييافظون{‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬رسول ً يتلو عليكم آيات الله مبينات{ قال‬
‫بعضهم‪ :‬رسول ً منصوب على أنييه بييدل اشييتمال وملبسيية‬
‫لن الرسول هو الذي بلغ الذكر‪ .‬قال ابن جرييير‪ :‬الصييواب‬
‫أن الرسول ترجمة عن الذكر يعني تفسيرا ً له‪ ,‬ولهذا قييال‬
‫تعالى‪} :‬رسول ً يتلو عليكم آيات الله مبينات{ أي في حال‬
‫كونهييا بينيية واضييحة جلييية }ليخييرج الييذين آمنييوا وعملييوا‬
‫الصالحات من الظلمات إلى النور{ كقوله تعالى‪} :‬كتيياب‬
‫أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النييور{ وقييال‬
‫تعالى‪} :‬الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمييات إلييى‬
‫النور{ أي ميين ظلمييات الكفيير والجهييل إلييى نييور اليمييان‬
‫والعلم‪ ,‬وقد سمى الله تعالى الوحي الذي أنزله نييورا ً لمييا‬
‫يحصل به من الهدى كما سماه روحيا ً لمييا يحصييل بييه ميين‬
‫حياة القلوب فقال تعالى‪} :‬وكذلك أوحينا إليك روحييا ً ميين‬

‫‪730‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أمرنا ما كنت تدري مييا الكتيياب ول اليمييان ولكيين جعلنيياه‬
‫نورا ً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صييراط‬
‫مستقيم{ وقوله تعالى‪} :‬ومن يؤمن بالله ويعمييل صييالحا ً‬
‫يدخله جنات تجري من تحتها النهار خالدين فيهييا أبييدا ً قييد‬
‫أحسن الله له رزقًا{ قد تقدم تفسير مثييل هييذا غييير مييرة‬
‫بميييا أغنيييى عييين إعيييادته ههنيييا‪ ,‬ولليييه الحميييد والمنييية‪.‬‬

‫ن ي َت َن َّز ُ‬
‫ل‬ ‫مث ْل َهُ ّ‬
‫ض ِ‬‫ِ‬ ‫ن الْر‬
‫م َ‬
‫ت وَ ِ‬‫ماَوا ٍ‬
‫س َ‬
‫سب ْعَ َ‬‫خل َقَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫** الل ّ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن الل ّي َ‬
‫ه‬ ‫ديٌر وَأ ّ‬ ‫يٍء قَ ي ِ‬ ‫ل َ‬
‫ش ْ‬ ‫ى كُ ّ‬ ‫ن الل ّ َ َ‬
‫ه عَل َ‬ ‫موَا ْ أ ّ‬
‫ن ل ّت َعْل َ ُ‬‫مُر ب َي ْن َهُ ّ‬‫ال ْ‬
‫َ‬
‫ميييييييييا‬ ‫عل ْ َ‬‫يٍء ِ‬ ‫شييييييييي ْ‬ ‫ل َ‬‫كييييييييي ّ‬ ‫حيييييييييا َ‬
‫ط بِ ُ‬ ‫َقيييييييييد ْ أ َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن قدرته التاميية وسييلطانه العظيييم‬
‫ليكون ذلك باعثا ً على تعظيم ما شييرع ميين الييدين القييويم‬
‫}الله الذي خلق سبع سموات{ كقوله تعييالى إخبييارا ً عيين‬
‫نوح أنه قال لقومه }ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات‬
‫طباقييا ً ؟{ وقييوله تعييالى‪} :‬تسييبح لييه السييموات السييبع‬
‫والرض ومن فيهن{ وقوله تعالى‪} :‬ومن الرض مثلهيين{‬
‫أي سبعا ً أيضا ً كما ثبت في الصحيحين »من ظلم قيد شبر‬
‫من الرض طوقه من سبع أرضين« وفي صييحيح البخيياري‬
‫»خسف به إلى سبع أرضين« وقد ذكرت طرقييه وألفيياظه‬
‫وعزوه في أول البداية والنهاية عند ذكر خلق الرض وللييه‬
‫الحمد والمنة‪ ,‬ومن حمل ذلك على سبعة أقاليم فقد أبعييد‬
‫النجعيية وأغييرق فييي النييزع وخييالف القييرآن والحييديث بل‬
‫مستند‪ ,‬وقد تقدم في سورة الحديد عند قوله تعالى‪} :‬هو‬
‫لخر والظاهر والباطن{ ذكر الرضين السبع وبعييد‬ ‫الول وا َ‬
‫ما بينهن وكثافة كل واحدة منهيين خمسييمائة عييام‪ .‬وهكييذا‬
‫لخيير »مييا‬ ‫قييال ابيين مسييعود وغيييره وكييذا فييي الحييديث ا َ‬
‫السموات السبع وما فيهن وما بينهن والرضون السبع وما‬
‫فيهيين ومييا بينهييم فييي الكرسييي إل كحلقيية ملقيياة بييأرض‬
‫فلة«‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا عمرو بن علي‪ ,‬حدثنا وكيييع حييدثنا‬
‫العمش عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن ابن عباس‬

‫‪731‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫في قوله تعالى‪} :‬سبع سموات ومن الرض مثلهن{ قال‪:‬‬
‫لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم‪ ,‬وكفركم تكذيبكم بها‪ ,‬وحدثنا‬
‫ابن حميد‪ :‬حييدثنا يعقييوب بيين عبييد اللييه بيين سييعد القمييي‬
‫الشعري عن جعفر بن أبي المغيرة الخزاعييي عيين سييعيد‬
‫بن جبير قال‪ :‬قال رجل لبن عباس }الله الذي خلق سييبع‬
‫لية‪ .‬فقال ابيين عبيياس‪ :‬مييا‬ ‫سموات ومن الرض مثلهن{ ا َ‬
‫يؤمنك إن أخبرتك بها فتكفر‪ .‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا عمرو‬
‫بن علي ومحمد بن المثنى قييال‪ :‬حييدثنا محمييد بيين جعفير‪,‬‬
‫حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي الضييحى عيين ابيين‬
‫لية }الله الذي خلق سبع سييموات وميين‬ ‫عباس في هذه ا َ‬
‫الرض مثلهن{ قال عمرو‪ :‬قال في كل أرض مثل إبراهيم‬
‫ونحو ما على الرض ميين الخلييق‪ .‬وقييال ابيين المثنييى فييي‬
‫حديثه في كيل سيماء إبراهييم‪ ,‬وروى اليبيهقي فيي كتياب‬
‫السماء والصفات هذا الثر عن ابن عباس بأبسط من هذا‬
‫فقال‪ :‬أنبأنا أبو عبد الله الحافظ‪ ,‬حدثنا أحمد بيين يعقييوب‪,‬‬
‫حدثنا عبيد بن غنام النخعيي أنبأنيا عليي بيين حكيييم‪ ,‬حيدثنا‬
‫شريك عن عطاء بن السائب عيين أبييي الضييحى عيين ابيين‬
‫عباس قال }الله الييذي خلييق سييبع سييموات وميين الرض‬
‫مثلهن{ قال‪ :‬سبع أرضين في كل أرض نييبي كنييبيكم وآدم‬
‫كييآدم ونييوح كنييوح وإبراهيييم كييإبراهيم وعيسييى كعيسييى‪.‬‬
‫ثم رواه البيهقي من حديث شعبة عن عمرو بن مرة عن‬
‫أبي الضحى عن ابن عباس في قول الله عز وجل‪} :‬اللييه‬
‫الذي خلق سبع سييموات وميين الرض مثلهيين{ قييال‪ :‬فييي‬
‫كييل أرض نحييو إبراهيييم عليييه السييلم‪ ,‬ثييم قييال الييبيهقي‪:‬‬
‫إسناد هذا عن ابن عباس صحيح وهييو شيياذ بمييرة ل أعلييم‬
‫لبي الضحى عليه متابعا ً والله أعلم‪ .‬قييال المييام أبييو بكيير‬
‫عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا القرشي في كتابه التفكر‬
‫والعتبار‪ ,‬حدثني إسحاق بن حاتم المدائني حدثنا يحيى بن‬
‫سليمان عن عثمان بن أبي دهرس قال‪ :‬بلغني أن رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم انتهى إلى أصحابه وهم سكوت‬
‫ل يتكلمون فقال‪» :‬ما لكم ل تتكلمييون ؟« فقييالوا‪ :‬نتفكيير‬
‫في خلق الله عز وجل قال‪» :‬فكذلك فافعلوا تفكييروا فييي‬

‫‪732‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫خلق الله ول تتفكروا فيه فإن بهييذا المغييرب أرض يا ً بيضيياء‬
‫نورها ساحتها ي أو قال ساحتها نورهييا ي ي مسيييرة الشييمس‬
‫أربعين يوما ً بها خلق من خلق الله تعييالى لييم يعصييوا اللييه‬
‫طرفة عين قط« قالوا‪ :‬فأين الشيطان عنهم ؟ قييال‪» :‬مييا‬
‫يدرون خليق الشيييطان أم ليم يخليق ؟« قيالوا‪ :‬أمين وليد‬
‫آدم ؟ قييال »ل يييدرون خلييق آدم أم لييم يخلييق ؟« وهييذا‬
‫حديث مرسل وهو منكر جدا ً وعثمان بن أبي دهرس ذكره‬
‫ابن أبي حيياتم فييي كتييابه‪ ,‬فقييال‪ :‬روى عيين رجييل ميين آل‬
‫الحكم بن أبي العاص وعنه سييفيان بيين عيينيية ويحييى بين‬
‫سليم الطائفي وابن المبارك سمعت أبي يقول ذلك‪ .‬آخيير‬
‫تفسير سورة الطلق‪ ,‬ولله الحمد والمنة‪.‬‬

‫سورة التحريم‬
‫حييييييييييييم ِ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬ ‫بِ ْ‬
‫ه َلي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضياةَ‬ ‫مْر َ‬ ‫ك ت َب ْت َغِييي َ‬ ‫ل الّلي ُ‬ ‫حي ّ‬ ‫مييآ أ َ‬ ‫م َ‬ ‫حيّر ُ‬ ‫م تُ َ‬ ‫ي لِ َ‬ ‫** ي َأي َّها الن ّب ِ ّ‬
‫حّلي َ‬ ‫ه لَ ُ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫م تَ ِ‬ ‫كي ْ‬ ‫ض الّلي ُ‬ ‫م * َقيد ْ َفيَر َ‬ ‫حيي ٌ‬ ‫ه غَُفيوٌر ّر ِ‬ ‫ك َوالّلي ُ‬ ‫ج َ‬ ‫أْزَوا ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫سّر الن ّب ِ ّ‬ ‫م * وَإ ِذ َ أ َ‬ ‫كي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫م وَهُوَ ال ْعَِلي ُ‬ ‫موْل َك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫م َوالل ّ ُ‬ ‫مان ِك ُ ْ‬ ‫أي ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه عَل َي ْي ِ‬
‫ه‬ ‫ت ب ِيهِ وَأظ ْهَ يَرهُ الل ّي ُ‬ ‫ما ن َب ّأ ْ‬ ‫ديثا ً فَل َ ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫جه ِ َ‬ ‫ض أْزَوا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ى ب َعْ‬ ‫َ‬
‫إ ِل َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫مي ْ‬ ‫ت َ‬ ‫مييا ن َب ّأهَييا ِبيهِ قَييال َ ْ‬ ‫ض فَل َ ّ‬ ‫عن ب َْعي ٍ‬ ‫ض َ‬ ‫ه وَأعَْر َ َ‬ ‫ض ُ‬ ‫ف ب َعْ َ‬ ‫عَّر َ‬
‫خِبي يُر * ِإن ت َُتوب َييآ إ ِل َييى الل ّي ِ‬
‫ه‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ي ال ْعَِلي ي ُ‬ ‫ل ن َب ّأن ِ َ‬ ‫ذا َقا َ‬ ‫هـ َ‬ ‫ك َ‬ ‫َأنب َأ َ َ‬
‫م يوْل َهُ‬ ‫ه ه ُ يو َ َ‬ ‫ن الل ّي َ‬ ‫ظاهََرا عَل َي ْهِ فَإ ِ ّ‬ ‫ما وَِإن ت َ َ‬ ‫ت قُُلوب ُك ُ َ‬ ‫صغ َ ْ‬ ‫فََقد ْ َ‬
‫ك ظ َِهي يٌر *‬ ‫ة ب َعْ يد َ ذ َل ِي َ‬ ‫مل َئ ِك َي ُ‬ ‫ن َوال ْ َ‬ ‫مِني َ‬ ‫م يؤ ْ ِ‬ ‫ح ال ْ ُ‬ ‫صييال ِ ُ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫ري ي ُ‬ ‫جب ْ ِ‬ ‫وَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫كيي ّ‬ ‫من ُ‬ ‫خْيييرا ً ّ‬ ‫ه أْزَواجييا ً َ‬ ‫ن أن ي ُْبييدِل َ ُ‬ ‫كيي ّ‬ ‫ه ِإن ط َل َّق ُ‬ ‫ى َرّبيي ُ‬ ‫سيي َ‬ ‫عَ َ‬
‫ت‬ ‫ت ث َي ّب َييا ٍ‬ ‫حا ٍ‬ ‫سييائ ِ َ‬‫ت َ‬ ‫دا ٍ‬ ‫عاب ِي َ‬ ‫ت َ‬ ‫ت َتائ َِبا ٍ‬ ‫ت َقان َِتا ٍ‬ ‫مَنا ٍ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ت ّ‬ ‫ما ٍ‬ ‫سل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫وَأب ْك َيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييارا ً‬ ‫َ‬
‫اختلف في سبب نزول صدر هذه السورة فقيييل‪ :‬نزلييت‬
‫في شأن مارية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد‬
‫حرمها‪ ,‬فنزل قوله تعالى‪} :‬يا أيها النبي لم تحرم ما أحييل‬
‫لييييية‪.‬‬ ‫اللييييه لييييك ؟ تبتغييييي مرضييييات أزواجييييك{ ا َ‬
‫قال أبو عبد الرحمن النسائي‪ :‬أخبرنا إبراهيم بيين يييونس‬
‫بن محمد‪ ,‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا حماد بن سلمة عن ثييابت عيين‬
‫أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسييلم كييانت لييه أميية‬

‫‪733‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يطؤها فلم تزل به عائشيية وحفصيية حييتى حرمهييا‪ ,‬فييأنزل‬
‫الله عز وجل }يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك{ إلى‬
‫لية‪ .‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثني ابن عبد الرحيم البرقي‪,‬‬ ‫آخر ا َ‬
‫حدثنا ابن أبيي مرييم‪ ,‬حيدثنا أبيو غسيان‪ ,‬حيدثني زييد بين‬
‫أسلم أن رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم أصيياب أم‬
‫إبراهيم في بيت بعض نسائه فقالت‪ :‬أي رسيول الليه فيي‬
‫بيييتي وعلييى فراشييي ؟ فجعلهييا عليييه حرام يا ً فقييالت‪ :‬أي‬
‫رسول الله كيف تحرم عليك الحلل ؟ فحلييف لهييا بييالله ل‬
‫يصيبها فأنزل الله تعالى‪} :‬يا أيها النبي لم تحييرم مييا أحييل‬
‫الله لك{ قال زيد بن أسلم‪ :‬فقوله أنييت علييي حييرام لغييو‬
‫وهكييييذا روى عبييييد الرحميييين بيييين زيييييد عيييين أبيييييه‪.‬‬
‫وقال ابن جرير أيضًا‪ :‬حدثنا يونس‪ ,‬حدثنا ابن وهييب عيين‬
‫مالك عن زيد بن أسلم قال‪ :‬قال لهييا‪» :‬أنييت علييي حييرام‬
‫والله ل أطؤك« وقال سفيان الثوري وابن علييية عيين داود‬
‫بن أبي هند عن الشعبي عيين مسييروق قييال‪ :‬آلييى رسييول‬
‫الله صلى الله عليييه وسييلم وحييرم‪ ,‬فعييوتب فييي التحريييم‬
‫وأمر بالكفارة في اليمين رواه ابيين جرييير وكييذا روي عيين‬
‫قتادة وغيره عن الشعبي نفسه‪ ,‬وكذا قال غييير واحييد ميين‬
‫السلف منهم الضحاك والحسن وقتادة ومقاتل ابن حيييان‪,‬‬
‫وروى العييييوفي عيييين ابيييين عبيييياس القصيييية مطوليييية‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا سعيد بن يحيى‪ ,‬حدثنا أبي‪ ,‬حييدثنا‬
‫محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بيين عبييد اللييه‬
‫عن ابن عباس قال‪ :‬قلت لعمر بن الخطاب‪ :‬من المرأتان‬
‫؟ قال‪ :‬عائشة وحفصة‪ .‬وكييان بييدء الحييديث فييي شييأن أم‬
‫إبراهيم مارية القبطية أصابها النبي صلى الله عليه وسييلم‬
‫في بيت حفصة في نوبتها‪ ,‬فوجدت حفصة‪ :‬فقالت‪ :‬يا نبي‬
‫ي شيئا ً ما جئت إلى أحد من أزواجك فييي‬ ‫الله لقد جئت إل ّ‬
‫يييومي وفييي دوري وعلييى فراشييي قييال‪» :‬أل ترضييين أن‬
‫أحرمهييا فل أقربهييا« قييالت‪ :‬بلييى فحرمهييا وقييال لهييا »ل‬
‫تذكري ذلييك لحييد« فييذكرته لعائشيية فييأظهره اللييه عليييه‬
‫فأنزل الله تعالى‪} :‬يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لييك‬
‫ليات كلها‪ .‬فبلغنا أن رسول الله‬ ‫تبتغي مرضات أزواجك{ ا َ‬

‫‪734‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صلى الله عليه وسلم كفر عن يمينه وأصاب جاريته‪ .‬وقال‬
‫الهيثم بن كليب في مسنده‪ :‬حدثنا أبو قلبة عبد الملك بن‬
‫محمد الرقاشي‪ ,‬حدثنا مسلم بن إبراهيم‪ ,‬حدثنا جرير بيين‬
‫حازم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال‪ :‬قييال‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم لحفصة‪» :‬ل تخبري أحييدا ً وإن‬
‫أم إبراهيم علي حرام« فقالت‪ :‬أتحرم ما أحل اللييه لييك ؟‬
‫قال‪» :‬فو الله ل أقربها« قييال‪ :‬فلييم يقربهييا حييتى أخييبرت‬
‫عائشة‪ .‬قال‪ :‬فأنزل الله تعالى‪} :‬قد فرض الله لكم تحليية‬
‫أيمانكم{ وهذا إسناد صحيح ولم يخرجه أحد ميين أصييحاب‬
‫الكتب الستة‪ ,‬وقد اختاره الحافظ الضييياء المقدسييي فييي‬
‫كتييييييييييييييييييييييييييييابه المسييييييييييييييييييييييييييييتخرج‪.‬‬
‫وقال ابن جرير أيضًا‪ :‬حدثني يعقوب بيين إبراهيييم‪ ,‬حييدثنا‬
‫ابن علية‪ ,‬حدثنا هشام الدسييتوائي قييال‪ :‬كتييب إلييي يحيييى‬
‫يحدث عن يعليى بين حكيييم عيين سيعيد بيين جييبير أن ابين‬
‫عباس كان يقييول فييي الحييرام يمييين تكفرهييا‪ ,‬وقييال ابيين‬
‫عباس }لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة{ يعنييي‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسييلم حييرم جيياريته فقييال‬
‫الله تعالى‪} :‬يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ييي إلييى‬
‫قوله ي قييد فييرض اللييه لكييم تحليية أيمييانكم{ فكفيير يمينييه‬
‫فصير الحرام يمينًا‪ ,‬ورواه البخيياري عيين معيياذ بيين فضييالة‬
‫عن هشام الدستوائي عن يحيى‪ ,‬هييو ابيين أبييي كييثير‪ ,‬عيين‬
‫ابن حكيم وهو يعلى عن سعيد بيين جييبير عيين ابيين عبيياس‬
‫في الحرام يمين تكفر وقال ابن عبيياس‪} :‬لقييد كييان لكييم‬
‫في رسول الله أسييوة حسيينة{ ورواه مسييلم ميين حييديث‬
‫هشام الدستوائي به‪ .‬وقال النسييائي‪ :‬أنبأنييا عبييد اللييه بيين‬
‫عبد الصمد بن علييي‪ ,‬حييدثنا مخلييد وهييو ابيين يزيييد‪ ,‬حييدثنا‬
‫سفيان عن سالم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قييال‪:‬‬
‫أتاه رجييل فقييال إنييي جعلييت امرأتييي علييي حراميًا‪ ,‬قييال‪:‬‬
‫كذبت ليست عليك بحرام ثم تل هذه ا َ‬
‫لية }يييا أيهييا النييبي‬
‫لم تحرم ما أحل اللييه لييك{ عليييك أغلييظ الكفييارات عتييق‬
‫رقبيية‪ ,‬تفييرد بييه النسييائي ميين هييذا الييوجه بهييذا اللفييظ‪.‬‬

‫‪735‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال الطبراني‪ :‬حدثنا محمد بن زكريييا‪ ,‬حييدثنا عبييد اللييه‬
‫بن رجاء‪ ,‬حدثنا إسرائيل عن مسلم عيين مجاهييد عيين ابيين‬
‫عباس في قوله تعالى‪} :‬يا أيها النييبي لييم تحييرم مييا أحييل‬
‫الله لك{ قال‪ :‬حرم رسيول الليه صيلى الليه علييه وسيلم‬
‫سريته ومن ههنا ذهب من ذهييب ميين الفقهيياء مميين قييال‬
‫بوجوب الكفارة على من حرم جاريته أو زوجته أو طعامييا ً‬
‫أو شييرابا ً أو ملبسيا ً أو شيييئا ً ميين المباحييات‪ ,‬وهييو مييذهب‬
‫المام أحمد وطائفيية‪ ,‬وذهييب الشييافعي إلييى أنييه ل تجييب‬
‫الكفارة فيمييا عييدا الزوجيية والجارييية إذا حييرم عينيهمييا أو‬
‫أطلق التحريييم فيهمييا فييي قييول‪ ,‬فأمييا إن نييوى بييالتحريم‬
‫طلق الزوجيييييية أو عتييييييق الميييييية نفييييييذ فيهمييييييا‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم حدثني أبو عبد اللييه الظهرانييي أنبأنييا‬
‫حفص بن عمر العدني أنبأنا الحكم بن أبييان أنبأنييا عكرميية‬
‫ليية }ييا أيهيا النيبي ليم‬ ‫عن ابن عباس قال‪ :‬نزليت هيذه ا َ‬
‫تحرم ما أحل اللييه لييك{ فييي المييرأة الييتي وهبييت نفسييها‬
‫للنبي صلى الله عليه وسلم وهيذا قييول غرييب‪ ,‬والصيحيح‬
‫أن ذلك كان في تحريمييه العسييل كمييا قييال البخيياري عنييد‬
‫لية‪ :‬حدثنا إبراهيم بن موسى أنبأنا هشام بن يوسف‬ ‫هذه ا َ‬
‫عن ابن جريج عن عطاء عن(عبيد بيين عمييير عيين عائشيية‬
‫قالت‪ :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب عسل ً عنييد‬
‫زينب بنت جحيش ويمكيث عنيدها‪ ,‬فتواطيأت أنيا وحفصية‬
‫على أيتنا دخل عليها فلتقل له‪ :‬أكلت مغافير إني أجد منك‬
‫ريح مغافير‪ ,‬قال‪» :‬ل ولكني كنت أشرب عسل ً عند زينييت‬
‫بنت جحش فلن أعود له وقد حلفت ل تخبري بذلك أحدًا«‬
‫}تبتغي مرضات أزواجييك{ هكييذا أورد هييذا الحييديث ههنييا‬
‫بهييييييييييييييييييييييييييييييييذا اللفييييييييييييييييييييييييييييييييظ‪.‬‬
‫وقال في كتاب اليمان والنذور‪ :‬حدثنا الحسن بن محمد‪,‬‬
‫حدثنا الحجاج عن ابن جريج قال زعم عطاء أنه سمع عبيد‬
‫بن عمير يقول‪ :‬سمعت عائشة تزعم أن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب‬
‫ل‪ ,‬فتواطيأت أنيا وحفصيية أن أيتنييا دخيل عليهييا‬ ‫عندها عسي ً‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم فلتقل له إنييي أجييد منييك ريييح‬

‫‪736‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مغافير أكلت مغافير‪ ,‬فدخل على إحداهما النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم فقالت ذلك له فقال‪» :‬ل بل شربت عسل ً عند‬
‫زينب بنت جحش ولن أعود له« فنزلت }يا أيها النييبي لييم‬
‫تحرم ما أحل الله لك ؟ ي إلى قوله تعالى ي ي إن تتوبييا إلييى‬
‫الله فقد صغت قلوبكما{ لعائشة وحفصة }وإذ أسر النبي‬
‫ل« وقيال‬ ‫إلى بعض أزواجه حديثًا{ لقوله‪» :‬بل شربت عس ً‬
‫إبراهيم بن موسى عن هشام‪» :‬ولن أعود له وقييد حلفييت‬
‫فل تخبري بذلك أحدًا« وهكذا رواه في كتاب الطلق بهييذا‬
‫السناد ولفظه قريب منه‪ ,‬ثم قال‪ :‬المغافير شبيه بالصمغ‬
‫يكون في الرمث فيه حلوة‪ ,‬أغفر به الرمث إذا ظهر فيه‪,‬‬
‫واحدها مغفور ويقال مغافير‪ ,‬وهكييذا قييال الجييوهري قييال‬
‫وقد يكون المغفور أيضا ً للعشر والثمام والسييلم والطلييح‪,‬‬
‫قال والرمث بالكسر مرعى ميين مراعييي البييل وهييو ميين‬
‫الحمض‪ ,‬قال والعرفط شجر من العضاه ينضييح المغفييور‪.‬‬
‫وقييد روى مسييلم هييذا الحييديث فييي كتيياب الطلق ميين‬
‫صحيحه عن محمد بن حاتم عن حجاج بن محمد عيين ابيين‬
‫جريج‪ ,‬أخبرني عطاء عن عبيد بيين عمييير عين عائشية بيه‪,‬‬
‫ولفظه كما أورده البخاري فييي اليمييان والنييذور‪ ,‬ثييم قييال‬
‫البخاري في كتاب الطلق‪ :‬حدثنا فييروة بيين أبييي المغييراء‪,‬‬
‫حدثنا علي بن مسهر عن هشام بيين عييروة عيين أبيييه عيين‬
‫عائشة قالت‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب‬
‫الحلوى والعسل‪ ,‬وكان إذا انصرف من العصر دخييل علييى‬
‫نسائه فيدنو من إحداهن‪ ,‬فييدخل علييى حفصيية بنييت عميير‬
‫فاحتبس أكثر ما كيان يحتبييس‪ ,‬فغييرت فسييألت عيين ذليك‬
‫فقيل لي أهدت لها امرأة من قومها عكة عسييل‪ ,‬فسييقت‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم منه شييربة فقلييت‪ :‬أمييا واللييه‬
‫لنحتالن له‪ ,‬فقلت لسودة بنت زمعة‪ :‬إنه سيدنو منك فييإذا‬
‫دنا منك فقولي أكلت مغافير فإنه سيييقول لييك ل‪ ,‬فقييولي‬
‫له ما هذه الريح التي أجد فإنه سيقول لك سقتني حفصيية‬
‫شربة عسل‪ ,‬فقولي جرست نحله العرفط وسييأقول لييك‪,‬‬
‫وقولي له أنت يا صفية ذلك‪ ,‬قالت‪ :‬تقول سييودة فييو اللييه‬
‫ما هو إل أن قام على الباب‪ ,‬فأردت أن أناديه بما أمرتنييي‬

‫‪737‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فرقا ً منك‪ ,‬فلما دنا منها قالت لييه سييودة‪ :‬يييا رسييول اللييه‬
‫أكلت مغافير ؟ قال‪» :‬ل« قالت‪ :‬فما هذه الريح التي أجييد‬
‫منك ؟ قال‪» :‬سقتني حفصة شربة عسل« قالت‪ :‬جرست‬
‫نحله العرفط‪ ,‬فلما دار إلي قلت نحييو ذلييك فلمييا دار إلييى‬
‫صفية قالت له مثل ذلك‪ ,‬فلما دار إلى حفصة قالت له‪ :‬ييا‬
‫رسول اللييه أل أسييقيك منييه ؟ قييال‪» :‬ل حاجيية لييي فيييه«‬
‫قالت‪ :‬تقول سودة والله لقد حرمنيياه‪ ,‬قلييت لهييا اسييكتي‪,‬‬
‫هذا لفظ البخاري‪ .‬وقد رواه مسلم عيين سييويد بيين سييعيد‬
‫عن علي بن مسهر به وعن أبيي كرييب وهيارون بين عبيد‬
‫الله والحسن بن بشر ثلثتهييم عيين أبييي أسييامة حميياد بيين‬
‫أسامة عن هشام بن عروة به‪ ,‬وعنده قالت‪ :‬وكان رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه أن يوجد منه الريييح‪,‬‬
‫يعني الريح الخبيثة‪ ,‬ولهذا قلن له أكلت مغييافير لن ريحهييا‬
‫ل« قليين جرسييت‬ ‫فيه شيء‪ ,‬فلما قال‪» :‬بييل شييربت عس ي ً‬
‫نحله العرفط أي رعت نحله شييجر العرفييط الييذي صييمغه‬
‫المغافير‪ ,‬فلهذا ظهر ريحه في العسل الذي شييربته‪ .‬قييال‬
‫الجوهري‪ :‬جرست النحل العرفط تجرس إذا أكلتييه‪ ,‬ومنييه‬
‫قييييييييل للنحيييييييل جيييييييوارس‪ ,‬قيييييييال الشييييييياعر‪:‬‬
‫* تظيييييييل عليييييييى الثميييييييراء منهيييييييا جيييييييوارس*‬
‫وقال الجرس والجرس الصوت الخفي‪ ,‬ويقييال‪ :‬سييمعت‬
‫جرس الطير إذا سمعت صوت مناقيرها على شيء تأكله‪,‬‬
‫وفييي الحييديث »فيسييمعون جييرس طييير الجنيية« قييال‬
‫الصمعي‪ :‬كنت في مجلس شعبة‪ ,‬قال‪ :‬فيسمعون جييرش‬
‫طير الجنة بالشين فقلت جرس فنظر إلييي فقييال‪ :‬خييذوها‬
‫عنه فإنه أعلم بهذا منا‪ ,‬والغرض أن هييذا السييياق فيييه أن‬
‫حفصة هي الساقية للعسيل‪ ,‬وهييو مين طرييق هشيام بين‬
‫عروة عن أبيه عن خالته عائشة‪ ,‬وفييي طريييق ابيين جريييج‬
‫عن عطاء عن عبيد بن عمييير عيين عائشيية أن زينييب بنييت‬
‫جحييش هييي الييتي سييقته العسييل‪ ,‬وأن عائشيية وحفصيية‬
‫تواطأتا وتظاهرتا عليه فالله أعلم‪ .‬وقد يقال إنهما واقعتان‬
‫ليية فييه‬‫ول بعد في ذلك إل أن كونهما سببا ً لنيزول هيذه ا َ‬
‫نظر‪ ,‬والله أعلم‪ .‬ومما يدل على أن عائشة وحفصة رضي‬

‫‪738‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله عنهميا هميا المتظاهرتيان الحيديث اليذي رواه الميام‬
‫أحمد في مسنده حيث قال‪ :‬حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معميير‬
‫عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن ابن‬
‫عبيياس قييال‪ :‬لييم أزل حريص يا ً علييى أن أسييأل عميير عيين‬
‫المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال‬
‫الله تعالى‪} :‬إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكمييا{ حييتى‬
‫حج عمر وحججت معييه‪ ,‬فلمييا كييان ببعييض الطريييق عييدل‬
‫عمر وعدلت معه بالداوة فتبرز‪ ,‬ثم أتيياني فسييكبت علييى‬
‫يديه فتوضأ فقلت‪ :‬ييا أميير الميؤمنين‪ ,‬مين المرأتيان مين‬
‫أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال اللييه تعييالى‪:‬‬
‫}إن تتوبييا إلييى اللييه فقييد صييغت قلوبكمييا{ فقييال عميير‪:‬‬
‫واعجبا ً لك يا ابن عباس‪ :‬قال الزهري‪ :‬كره والله ما سييأله‬
‫عنييييه ولييييم يكتمييييه قييييال‪ :‬هييييي عائشيييية وحفصيييية‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم أخذ يسوق الحديث قال‪ :‬كنا معشر قريش قوما ً‬
‫نغلييب النسيياء‪ ,‬فلمييا قييدمنا المدينيية وجييدنا قوم يا ً تغلبهييم‬
‫نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلميين ميين نسييائهم قييال‪ :‬وكييان‬
‫منزلي في دار أمية بن زيد بالعوالي‪ ,‬قال‪ :‬فغضييبت يومييا ً‬
‫علييى امرأتييي فييإذا هييي تراجعنييي فييأنكرت أن تراجعنييي‬
‫فقالت‪ :‬ما تنكر أن أراجعك فو الله إن أزواج رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى‬
‫الليييل‪ .‬قييال‪ :‬فييانطلقت فييدخلت علييى حفصيية فقلييت‪:‬‬
‫أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم فقييالت‪ :‬نعييم‪.‬‬
‫قلييت‪ :‬وتهجييره إحييداكن اليييوم إلييى الليييل ؟ قييالت‪ :‬نعييم‪.‬‬
‫قلييت‪ :‬قييد خيياب ميين فعييل ذلييك منكيين وخسيير‪ ,‬أفتييأمن‬
‫إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله فييإذا هييي قييد‬
‫هلكت‪ ,‬ل تراجعي رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم ول‬
‫تسأليه شيئا ً وسليني من مالي مييا بييدا لييك‪ ,‬ول يغرنييك أن‬
‫كانت جارتك هي أوسم ي أي أجميل يي وأحيب إليى رسيول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم منك ي يريد عائشة ي قال‪ :‬وكان‬
‫لي جار من النصار‪ ,‬وكنا نتناوب النزول إلييى رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ,‬ينزل يوما ً وأنزل يوما ً فيأتيني بخييبر‬
‫الييييييييوحي وغيييييييييره‪ ,‬وآتيييييييييه بمثييييييييل ذلييييييييك‪.‬‬

‫‪739‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال‪ :‬وكنا نتحدث أن غسان تنعل الخيييل لتغزونييا‪ ,‬فنييزل‬
‫صيياحبي يوم يا ً ثييم أتييى عشيياء فضييرب بييابي ثييم نيياداني‬
‫فخرجت إليه فقييال‪ :‬حييدث أميير عظيييم‪ ,‬فقلييت‪ :‬ومييا ذاك‬
‫أجاءت غسان ؟ قال‪ :‬ل بل أعظم من ذلك وأطييول طلييق‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه‪ .‬فقلت‪ :‬قد خابت‬
‫حفصة وخسرت قد كنت أظن هييذا كائن يا ً حييتى إذا صييليت‬
‫الصبح شددت علي ثيابي‪ ,‬ثم نزلت فييدخلت علييى حفصيية‬
‫وهي تبكي فقلت‪ :‬أطلقكن رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم فقالت‪ :‬ل أدري هو هذا معتزل في هييذه المشييربة‪,‬‬
‫فأتيت غلما ً له أسود فقلييت اسييتأذن لعميير‪ ,‬فييدخل الغلم‬
‫ثم خرج إلي فقييال‪ :‬ذكرتييك لييه فصييمت‪ ,‬فييانطلقت حييتى‬
‫أتيييت المنييبر فييإذا عنييده رهييط جلييوس يبكييي بعضييهم‪,‬‬
‫فجلست عنده قليل ً ثم غلبني ما أجد‪ ,‬فأتيت الغلم فقلت‪:‬‬
‫اسييتأذن لعميير‪ ,‬فييدخل ثييم خييرج فقييال‪ :‬قييد ذكرتييك لييه‬
‫فصمت‪ ,‬فخرجت‪ ,‬فجلست إلى المنبر ثم غلبني مييا أجييد‪,‬‬
‫فأتيت الغلم فقلت‪ :‬استأذن لعميير‪ ,‬فييدخل ثييم خييرج إلييي‬
‫فقال‪ :‬قد ذكرتك له‪ ,‬فصييمت‪ ,‬فييوليت مييدبرًا‪ ,‬فييإذا الغلم‬
‫يدعوني فقال‪ :‬ادخل قد أذن لك‪ ,‬فييدخلت فسييلمت علييى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسييلم فييإذا هييو متكىييء علييى‬
‫رمال الحصير ي قييال المييام أحمييد‪ :‬وحييدثناه يعقييوب فييي‬
‫حديث صالح قال‪ :‬رمال حصير ي وقد أثر في جنبه فقلييت‪:‬‬
‫أطلقت يا رسول الله نسيياءك ؟ فرفييع رأسييه إلييي وقييال‪:‬‬
‫»ل« فقلت‪ :‬الله أكبر‪ .‬ولو رأيتنا يا رسول الله وكنا معشر‬
‫قريش قوما ً نغلب النساء‪ ,‬فلما قدمنا المدينة وجدنا قوم يا ً‬
‫تغلبهييم نسيياؤهم‪ ,‬فطفييق نسيياؤنا يتعلميين ميين نسييائهم‬
‫فغضبت علي امرأتي يوما ً فإذا هي تراجعنييي‪ ,‬فييأنكرت أن‬
‫تراجعني فقالت‪ :‬ما تنكر أن أراجعييك ؟ فييو اللييه إن أزواج‬
‫النبي صلى الله عليييه وسييلم ليراجعنييه‪ ,‬وتهجييره إحييداهن‬
‫اليوم إلى الليل‪ ,‬فقلييت‪ :‬قييد خيياب ميين فعييل ذلييك منكيين‬
‫وخسرت‪ ,‬أفتأمن إحييداكن أن يغضييب اللييه عليهييا لغضييب‬
‫رسيييييييول الليييييييه فيييييييإذا هيييييييي قيييييييد هلكيييييييت‪.‬‬

‫‪740‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فتبسم رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم فقلييت‪ :‬يييا‬
‫رسول اللييه قييد دخلييت علييى حفصيية فقلييت ل يغرنييك أن‬
‫كانت جارتك هي أوسم أو أحب إلى رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم منك‪ .‬فتبسم أخرى‪ ,‬فقلت‪ :‬استأنس يا رسول‬
‫الله‪ ,‬قال‪» :‬نعم« فجلست فرفعت رأسي في الييبيت‪ ,‬فييو‬
‫الله ما رأيت في البيت شيييئا ً يييرد البصيير إل أهبيية مقييامه‪,‬‬
‫فقلت‪ :‬ادع الله يا رسول الله أن يوسع علييى أمتييك‪ ,‬فقييد‬
‫وسع على فارس والييروم وهييم ل يعبييدون اللييه‪ ,‬فاسييتوى‬
‫جالسا ً وقال‪» :‬أفي شك أنت يا ابن الخطيياب‪ .‬أولئك قييوم‬
‫عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا« فقلت اسييتغفر لييي‬
‫يا رسول الله‪ .‬وكان أقسم أن ل يدخل عليهيين شييهرا ً ميين‬
‫شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله عييز وجييل‪ .‬وقييد رواه‬
‫البخيياري ومسييلم والترمييذي والنسييائي ميين طييرق عيين‬
‫الزهري به‪ ,‬وأخرجه الشيخان من حديث يحيييى بيين سييعيد‬
‫النصاري عن عبيد بن حنين‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬قال‪ :‬مكثييت‬
‫سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية فما أسييتطيع‬
‫أن أسأله هيبة لييه‪ ,‬حييتى خييرج حاجيا ً فخرجييت معييه فلمييا‬
‫رجعنا وكنييا ببعييض الطريييق عييدل إلييى الراك لحاجيية لييه‪,‬‬
‫قال‪ :‬فوقفت حتى فرغ ثييم سييرت معييه‪ ,‬فقلييت‪ :‬يييا أمييير‬
‫المؤمنين من اللتان تظاهرتا على النييبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪ .‬هذا لفظ البخاري‪ ,‬ولمسييلم‪ :‬ميين المرأتييان اللتييان‬
‫قال الله تعالى‪} :‬وإن تظاهرا عليه{ قال عائشة وحفصة‪,‬‬
‫ثيييم سييياق الحيييديث بطيييوله ومنهيييم مييين اختصيييره‪.‬‬
‫وقال مسلم أيضًا‪ :‬حدثني زهير بن حرب‪ ,‬حدثنا عمر بيين‬
‫يونس الحنفي‪ ,‬حييدثنا عكرميية بيين عمييار عيين سييماك بيين‬
‫الوليد أبي زميل‪ ,‬حدثني عبد الله بن عباس‪ ,‬حييدثني عميير‬
‫بن الخطاب‪ ,‬قال‪ :‬لما اعييتزل نييبي اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم نساءه دخلت المسجد‪ ,‬فإذا الناس ينكتون بالحصييى‬
‫ويقولون طلق رسول الله صلى الله عليه وسييلم نسيياءه‪,‬‬
‫وذلك قبل أن يؤمر بالحجيياب فقلييت لعلميين ذلييك اليييوم‪,‬‬
‫فذكر الحديث فيي دخيوله عليى عائشية وحفصية ووعظيه‬
‫إياهما‪ ,‬إلى أن قال‪ :‬فييدخلت فييإذا أنييا بربيياح غلم رسييول‬

‫‪741‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله صلى الله عليه وسلم على أسكفة المشربة‪ ,‬فنيياديت‬
‫فقلت‪ :‬يا رباح استأذن لييي علييى رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪ ,‬فذكر نحو ما تقدم ي إلى أن قال ي فقلييت‪ :‬يييا‬
‫رسول الله مييا يشييق عليييك ميين أميير النسيياء‪ ,‬فييإن كنييت‬
‫طلقتهن فإن الله معك وملئكته وجبريل وميكال وأنا وأبييو‬
‫بكر والمؤمنون معك‪ ,‬وقلما تكلمت ي وأحمييد اللييه يي بكلم‬
‫لية آية‬ ‫إل رجوت أن يكون الله يصدق قولي‪ ,‬فنزلت هذه ا َ‬
‫التخيييير }عسييى ربييه إن طلقكيين أن يبييدله أزواج يا ً خيييرا ً‬
‫منكن{ }وإن تظاهرا عليييه فييإن اللييه هييو مييوله وجبريييل‬
‫وصييالح المييؤمنين والملئكيية بعييد ذلييك ظهييير{ فقلييت‪:‬‬
‫أطلقتهن ؟ قال‪» :‬ل« فقمت على بيياب المسييجد فنيياديت‬
‫لييية }وإذا‬ ‫بأعلى صوتي‪ :‬لم يطلق نسيياءه‪ .‬ونزلييت هييذه ا َ‬
‫جاءهم أمر من المن أو الخوف أذاعوا بييه ولييو ردوه إلييى‬
‫الرسول وإلى أولي المر منهييم لعلمييه الييذين يسييتنبطونه‬
‫منهم{ فكنت أنا استنبطت ذلك المر‪ .‬وكذا قال سعيد بيين‬
‫جييبير وعكرميية ومقاتييل بيين حيييان والضييحاك وغيرهييم‬
‫}وصالح المؤمنين{ أبو بكيير وعميير‪ ,‬زاد الحسيين البصييري‬
‫وعثمان‪ ,‬وقال ليث بيين أبييي سييليم عيين مجاهييد }وصييالح‬
‫الميييييؤمنين{ قيييييال‪ :‬عليييييي بييييين أبيييييي طيييييالب‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا علي بن الحسين‪ ,‬حدثنا محمد‬
‫بن أبي عمر‪ ,‬حدثنا محمد بن جعفر بن محمد بن الحسين‪,‬‬
‫قال‪ :‬أخبرني رجل ثقة يرفعه إلى علي قييال‪ :‬قييال رسييول‬
‫الله صييلى اللييه عليييه وسييلم فييي قييوله تعييالى‪} :‬وصييالح‬
‫المؤمنين{ قال‪» :‬هو علي بن أبي طالب« إسناده ضعيف‬
‫وهو منكر جدًا‪ ,‬وقال البخاري‪ :‬حدثنا عمر بن عون‪ ,‬حييدثنا‬
‫هشيم عن حميد عن أنس قييال‪ :‬قييال عميير‪ :‬اجتمييع نسيياء‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليييه‪ ,‬فقلييت لهيين‬
‫}عسييى ربييه إن طلقكيين أن يبييدله أزواج يا ً خيييرا ً منكيين{‬
‫لية‪ ,‬وقد تقدم أنه وافق القرآن فييي أميياكن‪:‬‬ ‫فنزلت هذه ا َ‬
‫منها في نزول الحجاب‪ ,‬ومنها في أسارى بدر‪ ,‬ومنها قوله‬
‫لو اتخذت من مقام إبراهيييم مصييلى‪ ,‬فييأنزل اللييه تعييالى‪:‬‬
‫}واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى{ وقال ابن أبييي حيياتم‪:‬‬

‫‪742‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا النصيياري‪ ,‬حيدثنا حمييد عين أنيس قيال‪:‬‬
‫قييال عميير بيين الخطيياب‪ :‬بلغنييي شيييء كييان بييين أمهييات‬
‫المؤمنين وبين النبي صلى الله عليييه وسييلم فاسييتقريتهن‬
‫أقول‪ :‬لتكفن عن رسيول الليه صيلى الليه علييه وسيلم أو‬
‫ليبدلنه الله أزواجا ً خيرا ً منكن‪ ,‬حتى أتيت على آخر أمهات‬
‫المؤمنين فقالت‪ :‬يييا عميير أمييا فييي رسييول اللييه مييا يعييظ‬
‫نسيياءه حييتى تعظهيين‪ ,‬فأمسييكت فييأنزل اللييه عييز وجييل‬
‫}عسييى ربييه إن طلقكيين أن يبييدله أزواجييا ً خيييرا ً منكيين‬
‫مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابييدات سييائحات ثيبييات‬
‫وأبكارًا{ وهذه المرأة التي ردته عما كييان فيييه ميين وعييظ‬
‫النساء هي أم سلمة كما ثبت ذلييك فييي صييحيح البخيياري‪.‬‬
‫وقال الطبراني‪ :‬حدثنا إبراهيم بن نائلة الصبهاني‪ ,‬حييدثنا‬
‫إسماعيل البجلي‪ ,‬حييدثنا أبييو عوانيية عيين أبييي سيينان عيين‬
‫الضحاك‪ ,‬عن ابن عباس في قوله‪} :‬وإذ أسيير النييبي إلييى‬
‫بعض أزواجه حديثًا{ قال‪ :‬دخلت حفصة على النييبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم في بيتها وهو يطأ مارية‪ ,‬فقال لها رسييول‬
‫اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬ل تخييبري عائشيية حييتى‬
‫أبشرك ببشارة‪ .‬أن أباك يلي المر من بعد أبي بكر إذا أنييا‬
‫مييت« فييذهبت حفصيية فييأخبرت عائشيية‪ ,‬فقييالت عائشيية‬
‫لرسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬من أنبأك هييذا ؟ قييال‪:‬‬
‫}نبأني العليم الخبير{ فقالت عائشة‪ :‬ل أنظيير إليييك حييتى‬
‫تحرم مارية‪ ,‬فحرمها‪ ,‬فأنزل الله تعالى‪} :‬يا أيها النبي لييم‬
‫تحرم{ إسناده فيه نظر وقد تبين مما أوردناه تفسير هييذه‬
‫ليييات الكريمييات‪ ,‬ومعنييى قييوله‪} :‬مسييلمات مؤمنييات‬ ‫ا َ‬
‫قانتات تائبات عابدات{ ظاهر‪ .‬وقوله تعييالى‪} :‬سييائحات{‬
‫أي‪ :‬صييائمات‪ ,‬قيياله أبييو هريييرة وعائشيية وابيين عبيياس‬
‫وعكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير وعطاء‪ ,‬ومحمد بن كعب‬
‫القرظي وأبو عبد الرحمن السييلمي وأبييو مالييك وإبراهيييم‬
‫النخعييي والحسيين وقتييادة والضييحاك والربيييع بيين أنييس‬
‫والسدي وغيرهم‪ ,‬وتقييدم فييه حييديث مرفييوع عنييد قييوله‪:‬‬
‫}السائحون{ في سورة براءة‪ ,‬ولفظه »سياحة هذه المة‬
‫الصييييام« وقييال زييييد بييين أسييلم وابنييه عبييد الرحميين‬

‫‪743‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}سائحات{ أي مهاجرات‪ ,‬وتل عبد الرحمن }السائحون{‪,‬‬
‫أي المهييياجرون‪ ,‬والقيييول الول أوليييى‪ ,‬والليييه أعليييم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ثيبييات وأبكييارًا{ أي منهيين ثيبييات ومنهيين‬
‫أبكارا ً ليكون ذلك أشهى إلى النفييس‪ ,‬فييإن التنييوع يبسييط‬
‫النفس‪ ,‬ولهذا قييال‪} :‬ثيبييات وأبكييارًا{ وقييال أبييو القاسييم‬
‫الطبراني في معجمه الكييبير‪ :‬حييدثنا أبييو بكيير بيين صييدقة‪,‬‬
‫حدثنا محمد بن محمد بن مرزوق‪ ,‬حدثنا عبد الله بن أمية‪,‬‬
‫حدثنا عبد القدوس عن صالح بيين حيييان‪ ,‬عيين ابيين بريييدة‪,‬‬
‫عن أبيه }ثيبات وأبكارًا{ قال‪ :‬وعييد اللييه نييبيه صييلى اللييه‬
‫لية أن يزوجه‪ ,‬فييالثيب آسييية امييرأة‬ ‫عليه وسلم في هذه ا َ‬
‫فرعون وبالبكار مريييم بنييت عمييران‪ .‬وذكيير الحييافظ ابيين‬
‫عساكر في ترجمة مريم عليها السييلم ميين طريييق سييويد‬
‫بن سعيد‪ :‬حدثنا محمد بيين صييالح بيين عميير عيين الضييحاك‬
‫ومجاهد عن ابن عمر قال‪ :‬جيياء جبريييل إلييى رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم فمرت خديجة فقال‪ :‬إن الله يقرئهييا‬
‫السلم ويبشرها ببيت في الجنة من قصب بعيد من اللعب‬
‫ل نصب فيه ول صخب‪ ,‬من لؤلؤة جوفيياء بييين بيييت مريييم‬
‫بنيييييت عميييييران وبييييييت آسيييييية بنيييييت مزاحيييييم‪.‬‬
‫ومن حديث أبي بكر الهذلي عن عكرمة عن ابيين عبيياس‬
‫أن النبي صلى الله عليه وسييلم دخييل علييى خديجيية وهييي‬
‫في الموت فقال‪» :‬يا خديجة إذا لقيت ضرائرك فييأقرئيهن‬
‫مني السييلم«‪ ,‬فقييالت‪ :‬يييا رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم وهل تزوجت قبلي ؟ قال‪» :‬ل‪ ,‬ولكيين اللييه زوجنييي‬
‫مريييم بنييت عمييران وآسييية امييرأة فرعييون وكلثييم أخييت‬
‫موسى« ضعيف أيضًا‪ ,‬وقال أبو يعلييى‪ :‬حييدثنا إبراهيييم بيين‬
‫عرعرة‪ ,‬حدثنا عبد النور بين عبيد الليه‪ ,‬حيدثنا يوسيف بين‬
‫شعيب عن أبي أمامة قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬أعلمت أن الله زوجني في الجنة مريم بنت‬
‫عمييران وكلثييم أخييت موسييى وآسييية امييرأة فرعييون ؟«‬
‫فقلت‪ :‬هنيئا ً لك يا رسول اللييه‪ ,‬وهييذا أيض يا ً ضييعيف وروي‬
‫مرسييييييييييييل ً عيييييييييييين ابيييييييييييين أبييييييييييييي داود‪.‬‬

‫‪744‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫م ن َييارا ً وَُقود ُهَييا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫م وَأهِْليك ُي ْ‬ ‫سيك ُ ْ‬ ‫من ُييوا ْ قُيوَا ْ أنُف َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫** ي َأي َّها ال ّي ِ‬
‫ه‬‫ن الل ّي َ‬ ‫صييو َ‬ ‫داد ٌ ل ّ ي َعْ ُ‬ ‫شي َ‬ ‫ظ ِ‬ ‫ة ِغل َ ٌ‬ ‫مل َئ ِك َ ٌ‬ ‫جاَرةُ عَل َي َْها َ‬ ‫ح َ‬ ‫س َوال ْ ِ‬ ‫الّنا ُ‬
‫ن ك ََفيُروا ْ ل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن * ي َأي ّهَييا ال ّي ِ‬
‫ذي َ َ‬ ‫مُرو َ‬ ‫مييا ي ُيؤْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م وَي َْفعَل ُييو َ‬ ‫مَرهُ ْ‬ ‫مآ أ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ن * ي َأي ّهَييا ال ي ِ‬ ‫ملييو َ‬ ‫ُ‬ ‫م ت َعْ َ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫ن َ‬ ‫جَزوْ َ‬ ‫ما ت ُ ْ‬ ‫م إ ِن ّ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ت َعْت َذُِروا الي َوْ َ‬
‫م َأن ي ُك َّفيَر‬ ‫ى َرب ّك ُي ْ‬ ‫سي َ‬ ‫صييوحا ً عَ َ‬ ‫ة نّ ُ‬ ‫مُنوا ْ ُتوب ُوَا ْ إ ِل َييى الل ّيهِ ت َوْب َي ً‬ ‫آ َ‬
‫م‬ ‫حت َِها الن َْهاُر ي َوْ َ‬ ‫من ت َ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫ج ِ‬‫ت تَ ْ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫خل َك ُ ْ‬ ‫م وَي ُد ْ ِ‬ ‫سي َّئات ِك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عنك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ى ب َي ْي َ‬ ‫س يع َ َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ن ُييوُرهُ ْ‬ ‫معَي ُ‬ ‫من ُييوا ْ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ي َوال ّ ِ‬ ‫ه الن ّب ِ ّ‬ ‫زى الل ّ ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫ل َ يُ ْ‬
‫م ل ََنا ُنوَرَنا َواغِْفْر ل َن َييآ إ ِن ّي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫م ْ‬ ‫ن َرب َّنآ أت ْ ِ‬ ‫م ي َُقوُلو َ‬ ‫مان ِهِ ْ‬ ‫م وَب ِأي ْ َ‬ ‫ديهِ ْ‬ ‫أي ْ ِ‬
‫ديٌر‬‫يٍء َقييييييييييييي ِ‬ ‫شييييييييييييي ْ‬ ‫ل َ‬ ‫كييييييييييييي ّ‬ ‫ى ُ‬ ‫َ‬
‫عَلييييييييييييي َ‬
‫قال سفيان الثييوري عيين منصييور عيين رجييل عيين علييي‬
‫رضي الله عنه في قييوله تعييالى‪} :‬قييوا أنفسييكم وأهليكييم‬
‫نارا{ يقول‪ :‬أدبوهم وعلموهم‪ .‬وقال علي بيين أبييي طلحيية‬
‫عن ابن عباس }قوا أنفسكم وأهليكم نارًا{ يقييول اعملييوا‬
‫بطاعة الله واتقييوا معاصييي اللييه‪ ,‬وأمييروا أهليكييم بالييذكر‬
‫ينجكم الله من النار‪ ,‬وقال مجاهد }قوا أنفسييكم وأهليكيم‬
‫نارًا{ قال اتقوا اللييه وأوصييوا أهليكييم بتقييوى اللييه‪ ,‬وقييال‬
‫قتادة تأمرهم بطاعة اللييه وتنهيياهم عيين معصييية اللييه وأن‬
‫تقوم عليهم بأمر الله وتأمرهم بييه وتسيياعدهم عليييه فييإذا‬
‫رأيتلله معصية ردعتهم عنهييا وزجرتهييم عنهييا‪ ,‬وهكييذا قييال‬
‫الضحاك ومقاتييل‪ :‬حييق علييى المسيلم أن يعلييم أهليه ميين‬
‫قرابته وإمائه وعبيده ما فرض الله عليهم وما نهيياهم اللييه‬
‫عنيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫لية الحديث الذي رواه أحمد وأبييو داود‬ ‫وفي معنى هذه ا َ‬
‫والترمذي من حديث عبد الملك بن الربيع بيين سييبرة عيين‬
‫أبيه عن جده قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫»مروا الصبي بالصلة إذا بلغ سييبع سيينين فييإذا بلييغ عشيير‬
‫سنين فاضربوه عليها« هذا لفظ أبي داود‪ ,‬وقال الترمذي‪:‬‬
‫هذا حديث حسيين‪ ,‬وروى أبييو داود ميين حييديث عمييرو بيين‬
‫شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم مثل ذلك‪ ,‬قال الفقهيياء وهكييذا فييي الصييوم ليكييون‬
‫ذلك تمرينا ً له على العبييادة لكييي يبلييغ وهييو مسييتمر علييى‬

‫‪745‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العبادة والطاعيية ومجانبيية المعصييية وتييرك المنكيير‪ ,‬واللييه‬
‫الموفييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييق‪.‬‬
‫وقوله تعييالى‪} :‬وقودهييا النيياس والحجييارة{ وقودهييا أي‬
‫حطبها الذي يلقى فيهييا جثييث بنييي آدم }والحجييارة{ قيييل‬
‫المراد بهيا الصيينام الييتي تعبييد لقيوله تعيالى‪} :‬إنكييم ومييا‬
‫تعبدون من دون اللييه حصييب جهنييم{ وقييال ابيين مسييعود‬
‫ومجاهييد وأبييو جعفيير البيياقر والسييدي‪ ,‬هييي حجييارة ميين‬
‫كبريت‪ ,‬زاد مجاهد‪ :‬أنتن من الجيفة‪ ,‬وروى ذليك ابين أبيي‬
‫حاتم رحمه الله ثم قال حدثنا أبي حدثنا عبييد الرحميين بيين‬
‫سنان المنقري حدثنا عبد العزيز يي يعنييي ابيين أبييي رّواد ي ي‬
‫قال‪ :‬بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسييلم تل هييذه‬
‫لية }يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ً وقودها‬ ‫ا َ‬
‫الناس والحجارة{ وعنده بعض أصحابه وفيهم شيييخ فقييال‬
‫الشيخ‪ :‬يا رسول الله حجارة جهنم كحجارة الييدنيا ؟ فقييال‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم »والذي نفسييي بيييده لصييخرة‬
‫من صخر جهنم أعظم من جبال اليدنيا كلهيا« قيال‪ :‬فوقيع‬
‫الشيخ مغشيا ً عليه‪ ,‬فوضع النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫يده على فؤاده فإذا هو حي فناداه قييال‪» :‬يييا شيييخ قييل ل‬
‫إله إل الله« فقالها فبشره بالجنة‪ .‬قال‪ :‬فقييال أصييحابه يييا‬
‫رسول الله أمن بيننا ؟ قال‪» :‬نعم يقول الله تعالى‪} :‬ذلك‬
‫لمن خاف مقامي وخاف وعيد{ هذا حديث مرسل غريب‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬عليهييا ملئكيية غلظ شييداد{ أي طبيياعهم‬
‫غليظيية قييد نزعييت ميين قلييوبهم الرحميية بالكييافرين بييالله‬
‫)شداد( أي تركيبهييم فييي غاييية الشييدة والكثافيية والمنظيير‬
‫المزعج‪ .‬كما قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا سلمة بيين‬
‫شبيب حدثنا إبراهيم بن الحكييم بيين أبييان حييدثنا أبييي عيين‬
‫عكرمة أنه قال‪ :‬إذا وصل أول أهل النار إلييى النيار وجيدوا‬
‫على الباب أربعمائة ألف من خزنة جهنييم سييود وجييوههم‪,‬‬
‫كالحة أنيابهم‪ ,‬قد نزع الله من قلوبهم الرحميية ليييس فييي‬
‫قلب واحد منهم مثقال ذرة ميين الرحميية‪ ,‬لييو طييير الطييير‬
‫لخير‬ ‫من منكب أحدهم لطار شهرين قبل أن يبليغ منكبيه ا َ‬
‫ثم يجدون على الباب التسعة عشر‪ ,‬عييرض صييدر أحييدهم‬

‫‪746‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سبعون خريفا ً ثم يهوون من باب إلى باب خمسمائة سيينة‬
‫ثم يجدون على كل باب منها مثل مييا وجييدوا علييى البيياب‬
‫الول حيييييييييييتى ينتهيييييييييييوا إليييييييييييى آخرهيييييييييييا‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ل يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يييؤمرون{‬
‫أي مهمييا أمرهييم بييه تعييالى يبييادروا إليييه ل يتييأخرون عنييه‬
‫طرفة عين وهم قادرون على فعله ليس بهييم عجييز عنييه‪,‬‬
‫وهؤلء هم الزبانية ي عياذا ً بييالله منهييم يي وقييوله‪} :‬يييا أيهييا‬
‫الذين كفروا ل تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون{‬
‫أي يقال للكفرة يوم القيامة‪ :‬ل تعتذروا فإنه ل يقبل منكم‬
‫ول تجييزون إل مييا كنتييم تعملييون‪ ,‬وإنمييا تجييزون اليييوم‬
‫بأعمالكم‪ ,‬ثم قال تعالى‪} :‬يا أيها الييذين آمنييوا توبييوا إلييى‬
‫الله توبة نصوحًا{ أي توبة صادقة جازميية تمحييو مييا قبلهييا‬
‫من السيئات‪ ,‬وتلم شعث التائب وتجمعه وتكفه عمييا كييان‬
‫يتعاطييييييييييييييييياه مييييييييييييييييين اليييييييييييييييييدناءات‪.‬‬
‫قال ابن جرير‪ :‬حدثنا ابن مثنى حدثنا محمد‪ ,‬حدثنا شعبة‬
‫عن سماك بن حرب‪ :‬سمعت النعمان بيين بشييير يخطييب‪,‬‬
‫سمعت عمر بن الخطاب رضي اللييه عنييه يقييول }يييا أيهييا‬
‫الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحًا{ قال‪ :‬يييذنب ثييم ل‬
‫يرجع فيه‪ ,‬وقال الثوري عن سماك عن النعمان عيين عميير‬
‫قال‪ :‬التوبة النصوح أن يتوب من الذنب ثم ل يعود فيييه أو‬
‫ل يريد أن يعود فيه‪ .‬وقال أبو الحوص وغيره عيين سييماك‬
‫عن النعمان‪ :‬سئل عمر عن التوبة النصوح فقال‪ :‬أن يتوب‬
‫الرجييل ميين العمييل السيييء ثييم ل يعييود إليييه أبييدًا‪ .‬وقييال‬
‫العمش عن أبي إسحاق عن أبي الحوص عيين عبييد اللييه‬
‫}توبييييية نصيييييوحًا{ قيييييال‪ :‬يتيييييوب ثيييييم ل يعيييييود‪.‬‬
‫وقد روي هذا مرفوعا ً فقال المام أحمد‪ :‬حدثنا علي بيين‬
‫عاصم عن إبراهيم الهجري عن أبي الحوص عن عبد اللييه‬
‫بن مسعود قال‪ :‬قال رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»التوبة من الذنب أن يتوب منه ثم ل يعود فييه« تفيرد بيه‬
‫أحمد من طريق إبراهيم بن مسلم الهجري‪ ,‬وهو ضييعيف‪,‬‬
‫والموقوف أصح واللييه أعلييم‪ .‬ولهييذا قييال العلميياء‪ :‬التوبيية‬
‫النصوح هو أن يقلع عن الذنب في الحاضر ويندم على مييا‬

‫‪747‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سييلف منييه فييي الماضييي ويعييزم علييى أن ل يفعييل فييي‬
‫لدمي رده إليه بطريقه‪ .‬قييال‬ ‫المستقبل‪ ,‬ثم إن كان الحق َ‬
‫المام أحمد‪ :‬حدثنا سفيان عن عبد الكريييم‪ ,‬أخييبرني زييياد‬
‫بن أبي مريم عن عبد الله بن مغفل قال‪ :‬دخلت مييع أبييي‬
‫على عبد الله بن مسعود فقال‪ :‬أنت سمعت النييبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم يقول‪» :‬النييدم توبيية ؟« قييال‪ :‬نعييم وقييال‬
‫مرة‪ :‬نعم سمعته يقييول‪» :‬النييدم توبيية« ورواه ابيين ميياجه‬
‫عن هشام بن عمار عن سفيان بن عيينة عن عبييد الكريييم‬
‫وهيييييييييو ابييييييييين ماليييييييييك الجيييييييييزري بيييييييييه‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حيياتم‪ :‬حييدثنا الحسيين بيين عرفيية‪ ,‬حييدثني‬
‫الوليد بن بكير أبو خباب عن عبد اللييه بيين محمييد العييدوي‬
‫عن أبي سنان البصري عن أبي قلبة‪ ,‬عيين زر بيين حييبيش‬
‫عن أبي بن كعب قال‪ :‬قيل لنا أشياء تكون فييي آخيير هييذه‬
‫المة عند اقتراب الساعة‪ ,‬منها نكاح الرجل امرأته أو أمته‬
‫في دبرها‪ ,‬وذلك مما حرم الله عليه ورسوله ويمقت اللييه‬
‫عليه ورسوله ومنها نكاح الرجل الرجييل وذلييك ممييا حييرم‬
‫الله ورسوله ويمقت الله عليه ورسوله‪ ,‬ومنها نكاح المرأة‬
‫المرأة وذلك مميا حيرم الليه ورسيوله ويمقيت الليه علييه‬
‫ورسوله‪ ,‬وليس لهييؤلء صييلة مييا أقيياموا علييى هييذا حييتى‬
‫يتوبيييييييييوا إليييييييييى الليييييييييه توبييييييييية نصيييييييييوحًا‪.‬‬
‫قييال زر‪ :‬فقلييت لبييي بيين كعييب‪ :‬فمييا التوبيية النصييوح ؟‬
‫فقال‪ :‬سألت رسول الله صلى الله عليه وسييلم عيين ذلييك‬
‫فقال‪» :‬هو الندم على الذنوب حين يفرط منييك فتسييتغفر‬
‫الله بندامتك منه عند الحاضر ثم ل تعود إليه أبييدًا«‪ .‬وقييال‬
‫ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا عمرو بن علي‪ ,‬حدثنا عباد‬
‫بن عمرو حدثنا أبو عمرو بن العلء سمعت الحسن يقييول‪:‬‬
‫التوبة النصوح أن تبغض الذنب كما أحببتييه وتسييتغفر منييه‬
‫إذا ذكرته‪ ,‬فأما إذا جزم بالتوبة وصمم عليها فإنها تجب ما‬
‫قبلها من الخطيئات‪ ,‬كما ثبت في الصحيح »السلم يجييب‬
‫ما قبله‪ ,‬والتوبة تجب مييا قبلهييا« وهييل ميين شييرط التوبيية‬
‫النصوح الستمرار على ذلك إلى الممات ي كما تقييدم فييي‬
‫الحديث وفي الثر ي ثم ل يعود فيييه أبييدًا‪ .‬أو يكفييي العييزم‬

‫‪748‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫على أن ل يعود في تكفير الماضي بحيث لو وقع منه ذلييك‬
‫الذنب بعد ذلك ل يكييون ذلييك ضييارا ً فييي تكفييير مييا تقييدم‬
‫لعمييوم قييوله عليييه السييلم‪» :‬التوبيية تجييب مييا قبلهييا ؟«‬
‫وللول أن يحتج بما ثبت في الصييحيح أيض يا ً »ميين أحسيين‬
‫في السلم لم يؤاخذ بما عمل فيي الجاهليية‪ ,‬ومين أسيياء‬
‫لخر« فإذا كان هذا في السييلم‬ ‫في السلم أخذ بالول وا َ‬
‫الذي هو أقوى ميين التوبيية فالتوبيية بطريييق الولييى‪ ,‬واللييه‬
‫أعليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬عسييى ربكييم أن يكفيير عنكييم سيييئاتكم‬
‫ويدخلكم جنات تجري من تحتها النهار{ وعسى ميين اللييه‬
‫موجبة }يوم ل يخزي الله النبي والذين آمنوا معه{ أي ول‬
‫يخزيهم معه يعني يوم القيامة }نورهم يسعى بيين أييديهم‬
‫وبأيمانهم{ كما تقدم في سورة الحديد }يقولون ربنا أتمم‬
‫لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير{ قييال مجاهييد‬
‫والضحاك والحسن البصري وغيرهم‪ :‬هذا يقوله المؤمنييون‬
‫حين يرون يوم القيامة نييور المنييافقين قييد طفىييء‪ .‬وقييال‬
‫المام أحمد‪ :‬حدثنا إبراهيم بن إسييحاق الطالقيياني‪ ,‬حييدثنا‬
‫ابن المبارك عن يحيى بن حسان عن رجل من بنييي كنانيية‬
‫قال‪ :‬صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسييلم عييام‬
‫الفتييح فسييمعته يقييول‪» :‬اللهييم ل تخزنييي يييوم القياميية«‪.‬‬
‫وقال محمد بن نصر المروزي‪ :‬حييدثنا محمييد بيين مقاتييل‬
‫المروزي‪ ,‬حدثنا ابن المبارك‪ ,‬أنبأنا ابن لهيعة‪ ,‬حدثني يزيييد‬
‫بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير أنه سييمع‬
‫أبا ذر وأبا الدرداء قال‪ :‬قال رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪» :‬أنا أول من يؤذن لييه فييي السييجود يييوم القياميية‪,‬‬
‫وأول من يؤذن له برفع رأسييه‪ ,‬فييأنظر بييين يييدي فييأعرف‬
‫أمتي من بين المم وأنظر عن يمينييي فييأعرف أمييتي ميين‬
‫بين المييم‪ ,‬وأنظيير عيين شييمالي فييأعرف أمييتي ميين بييين‬
‫المم‪ ,‬فقال رجل‪ :‬يا رسول الله‪ ,‬وكيف تعرف أمتييك ميين‬
‫بين المم ؟ قال‪ :‬غر محجلون من آثييار الطهييور ول يكييون‬
‫أحييد ميين المييم كييذلك غيرهييم‪ ,‬وأعرفهييم يؤتييون كتبهييم‬

‫‪749‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بأيمانهم وأعرفهم بسيماهم في وجوههم من أثر السجود‪,‬‬
‫وأعرفهييييييم بنييييييورهم يسييييييعى بييييييين أيييييييديهم«‪.‬‬

‫َ‬
‫م‬ ‫ظ عَل َي ْهِ ي ْ‬ ‫ن َواغْل ُي ْ‬ ‫جاهِ يدِ ال ْك ُّفيياَر َوال ْ ُ‬
‫من َييافِِقي َ‬ ‫ي َ‬ ‫** ْي َأي ّهَييا الن ّب ِي ّ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫مث َل ً ل ّل ّي ِ‬‫ه َ‬‫ب الل ّي ُ‬ ‫ض يَر َ‬‫صيييُر * َ‬ ‫م ِ‬ ‫س ال ْ َ‬ ‫م وَب ِئ ْ َ‬ ‫جهَن ّي ُ‬ ‫م َ‬‫مأَواهُ ْ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫عَبادِن َييا‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ت عَب ْد َي ْ ِ‬ ‫ح َ‬
‫كان ََتا ت َ ْ‬ ‫مَرأةَ ُلو ٍ‬
‫ط َ‬ ‫ح َوا ْ‬ ‫مَرأةَ ُنو ٍ‬ ‫ك ََفُروا ْ ا ْ‬
‫ل‬ ‫ش يْيئا ً وَِقي ي َ‬ ‫ن الل ّيهِ َ‬ ‫مي َ‬‫ما ِ‬ ‫م ي ُغِْنيَنا عَن ْهُ َ‬ ‫ما فَل َ ْ‬ ‫خان ََتاهُ َ‬‫ن فَ َ‬ ‫حي ْ ِ‬
‫صال ِ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫خِلي َ‬ ‫دا ِ‬‫مييييييييييييييييعَ اليييييييييييييييي ّ‬ ‫خل َ الّنيييييييييييييييياَر َ‬ ‫اد ْ ُ‬
‫يقول تعالى آمرا ً رسوله صييلى اللييه عليييه وسييلم بجهيياد‬
‫الكفار والمنافقين‪ ,‬هؤلء بالسلح والقتال‪ ,‬وهييؤلء بإقاميية‬
‫الحدود عليهم }واغلظ عليهييم{ أي فييي الييدنيا }ومييأواهم‬
‫لخييرة ثييم قييال تعييالى‪:‬‬ ‫جهنييم وبئس المصييير{ أي فييي ا َ‬
‫}ضييرب اللييه مثل ً للييذين كفييروا{ أي فييي مخييالطتهم‬
‫المسلمين ومعاشرتهم لهم أن ذليك ل يجيدي عنهيم شييئا ً‬
‫ول ينفعهم عند الله إن لم يكن اليمان حاصل ً في قلوبهم‪,‬‬
‫ثم ذكر المثل فقال‪} :‬امرأة نوح وامرأة لييوط كانتييا تحييت‬
‫عبدين من عبادنا صالحين{ أي نبيين رسولين عندهما فييي‬
‫صحبتهما ليل ً ونهارا ً يؤاكلنهمييا ويضيياجعانهما ويعاشييرانهما‬
‫أشد العشرة والختلط }فخانتاهمييا{ أي فييي اليمييان لييم‬
‫يوافقاهما على اليمييان ول صييدقاهما فييي الرسييالة‪ ,‬فلييم‬
‫يجد ذلييك كلييه شيييئا ً ول دفييع عنهمييا محييذورًا‪ ,‬ولهييذا قييال‬
‫تعييالى‪} :‬فلييم يغنيييا عنهمييا ميين اللييه شيييئًا{ أي لكفرهمييا‬
‫}وقيل{ أي للمرأتين }ادخل النييار مييع الييداخلين{ وليييس‬
‫المراد بقوله‪} :‬فخانتاهما{ في فاحشة بل في الدين‪ ,‬فإن‬
‫نساء النبياء معصومات عن الوقوع في الفاحشيية لحرميية‬
‫النبييييييياء كمييييييا قييييييدمنا فييييييي سييييييورة النييييييور‪.‬‬
‫قال سييفيان الثييوري عيين موسييى بيين أبييي عائشيية عيين‬
‫ليية‬ ‫سليمان بن قرم‪ :‬سمعت ابن عباس يقول فييي هييذه ا َ‬
‫}فخانتاهما{ قال‪ :‬ما زنتييا‪ ,‬أمييا خيانيية امييرأة نييوح فكييانت‬
‫تخبر أنه مجنون‪ ,‬وأما خيانة امرأة لوط فكانت تدل قومهييا‬
‫على أضيافه‪ ,‬وقال العييوفي عيين ابيين عبيياس قييال‪ :‬كييانت‬

‫‪750‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫خيانتهما أنهما كانتا عليى غييير دينهميا‪ ,‬فكييانت امييرأة نييوح‬
‫تطلع على سر نوح فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبييابرة‬
‫من قوم نوح به‪ ,‬وأما امرأة لوط فكييانت إذا أضيياف لييوط‬
‫أحدا ً أخبرت بييه أهييل المدينيية مميين يعمييل السييوء‪ .‬وقييال‬
‫الضحاك عن ابن عباس‪ :‬ما بغت امرأة نبي قط إنما كانت‬
‫خيانتهما في الدين‪ ,‬وهكذا قيال عكرميية وسيعيد بيين جييبير‬
‫والضحاك وغيرهم‪ ,‬وقد استدل بهذه ا َ‬
‫لييية الكريميية بعييض‬
‫العلماء على ضعف الحديث الذي يأثره كييثير ميين النيياس‪:‬‬
‫من أكل مع مغفور له غفر ليه‪ .‬وهيذا الحيديث ل أصيل ليه‬
‫وإنما يروى هذا عن بعض الصالحين أنييه رأى النييبي صييلى‬
‫الله عليه وسلم في المنام فقال‪ :‬يا رسول الله أنت قلييت‬
‫لن أقوله‪.‬‬ ‫من أكل مع مغفور له غفر له ؟ قال‪ :‬ل ولكني ا َ‬

‫َ‬
‫ت‬ ‫ن إ ِذ ْ قَييال َ ْ‬‫ميَرأةَ فِْرعَيوْ َ‬ ‫من ُييوا ْ ا ْ‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫مث َل ً ل ّل ّي ِ‬
‫ه َ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫ضَر َ‬ ‫** وَ َ‬
‫ن‬
‫ميين فِْرعَيوْ َ‬ ‫جن ِييي ِ‬ ‫جن ّيةِ وَن َ ّ‬‫ك ب َْيتيا ً فِييي ال ْ َ‬ ‫عنيد َ َ‬ ‫ن ل ِييي ِ‬ ‫ب اب ْي ِ‬ ‫َر ّ‬
‫ن‬‫مييَرا َ‬ ‫ع ْ‬‫ة ِ‬ ‫م اب َْنيي َ‬‫مْري َ َ‬ ‫ن * وَ َ‬ ‫مي َ‬ ‫ن ال َْقوْم ال ّ‬
‫ظال ِ ِ‬ ‫م َ‬‫جِني ِ‬ ‫مل ِهِ وَن َ ّ‬ ‫وَعَ َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ص يد ّقَ ْ‬ ‫حن َييا وَ َ‬ ‫ميين ّرو ِ‬ ‫خن َييا ِفي يهِ ِ‬ ‫جهَييا فَن ََف ْ‬ ‫ت فَْر َ‬ ‫ص ين َ ْ‬‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ال ّت ِي َ‬
‫ن ال َْقيييييان ِِتي َ‬
‫ن‬ ‫مييييي َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ت َرب َّهيييييا وَك ُت ُب ِيييييهِ وَك َيييييان َ ْ‬ ‫ميييييا ِ‬ ‫ب ِك َل ِ َ‬
‫وهذا مثل ضربه الله للمؤمنين أنهيم ل تضييرهم مخالطية‬
‫الكيافرين إذا كيانوا محتياجين إليهيم كميا قيال تعيالى‪} :‬ل‬
‫يتخذ المؤمنون الكافرين أولييياء ميين دون المييؤمنين وميين‬
‫يفعل ذلك فليس ميين اللييه فييي شيييء إل أن تتقييوا منهييم‬
‫تقاة{ قال قتادة‪ :‬كان فرعون أعتى أهل الرض وأكفرهييم‬
‫فو اللييه مييا ضيير امرأتييه كفيير زوجهييا حييين أطيياعت ربهييا‪,‬‬
‫ليعلموا أن الله تعالى حكم عيدل ل يؤاخيذ أحيدا ً إل بيذنبه‪.‬‬
‫ي‪ ,‬حييدثنا‬ ‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا إسماعيل بن حفييص الُبل ي ّ‬
‫محمييد بيين جعفيير عيين سييليمان الييتيمي عيين أبييي عثمييان‬
‫النهدي عن سليمان قال‪ :‬كانت امرأة فرعييون تعييذب فييي‬
‫الشييمس‪ ,‬فييإذا انصييرف عنهييا أظلتهييا الملئكيية بأجنحتهييا‪,‬‬
‫وكانت ترى بيتها في الجنة‪ ,‬ثم رواه عيين محمييد بيين عبيييد‬
‫المحاربي عن أسباط بن محمد عيين سييليمان الييتيمي بييه‪.‬‬

‫‪751‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ثم قال ابن جرير‪ :‬حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬حييدثنا ابيين‬
‫علية عن هشام الدسييتوائي‪ ,‬حييدثنا القاسييم بيين أبييي بييزة‬
‫قال‪ :‬كانت امرأة فرعون تسأل من غلييب ؟ فيقييال‪ :‬غلييب‬
‫موسييى وهييارون‪ ,‬فتقييول‪ :‬آمنييت بييرب موسييى وهييارون‪,‬‬
‫فأرسل إليها فرعون فقال‪ :‬انظروا أعظم صخرة تجدونها‪,‬‬
‫فإن مضييت علييى قولهييا فألقوهييا عليهييا‪ ,‬وإن رجعييت عيين‬
‫قولها فهي امرأتي‪ ,‬فلما أتوها رفعت بصرها إلييى السييماء‬
‫فأبصرت بيتها فييي الجنيية‪ ,‬فمضييت علييى قولهييا وانييتزعت‬
‫روحها وألقيت الصخرة على جسد ليس فيييه روح‪ ,‬فقولهييا‬
‫}رب ابن لي عندك بيتا ً في الجنة{ قالت العلماء‪ :‬اختارت‬
‫الجييار قبييل الييدار‪ ,‬وقييد ورد شيييء ميين ذلييك فييي حييديث‬
‫مرفوع }ونجني من فرعون وعمله{ أي خلصني منه فإني‬
‫أبرأ إليك من عمله }ونجني من القييوم الظييالمين{ وهييذه‬
‫الميييرأة هيييي آسيييية بنيييت مزاحيييم رضيييي الليييه عنهيييا‪.‬‬
‫وقال أبو جعفيير الييرازي عيين الربيييع بيين أنييس عيين أبييي‬
‫العالية قييال‪ :‬كييان إيمييان امييرأة فرعييون ميين قبييل إيمييان‬
‫امييرأة خييازن فرعييون‪ ,‬وذلييك أنهييا جلسييت تمشييط ابنيية‬
‫فرعون فوقع المشط ميين يييدها فقييالت‪ :‬تعييس ميين كفيير‬
‫بالله! فقالت لها بنت فرعون‪ :‬ولك رب غير أبي ؟ قييالت‪:‬‬
‫ربي ورب أبيك ورب كل شيء الله‪ ,‬فلطمتها بنت فرعون‬
‫وضربتها وأخبرت أباها‪ ,‬فأرسل فرعون إليها فقال‪ :‬تعبدين‬
‫ربا ً غيري ؟ قالت‪ :‬نعييم ربييي وربييك ورب كييل شيييء اللييه‬
‫وإياه أعبد‪ ,‬فعييذبها فرعييون وأوتييد لهييا أوتييادا ً فشييد يييديها‬
‫ورجليها وأرسل عليها الحيات‪ ,‬فكانت كييذلك‪ ,‬فييأتى عليهييا‬
‫يوما ً فقال لها‪ :‬ما أنييت منتهييية ؟ فقييالت لييه‪ :‬ربييي وربييك‬
‫ورب كل شيء الله‪ .‬فقال لها‪ :‬إني ذابح ابنك في فيييك إن‬
‫لم تفعلي فقالت له‪ :‬اقض ما أنت قياض‪ ,‬فذبييح ابنهييا فييي‬
‫فيها‪ ,‬وإن روح ابنها بشرها فقال لها‪ :‬أبشري يييا أمييه فييإن‬
‫لك عند الله من الثواب كذا وكذا‪ ,‬فصبرت ثييم أتييى عليهييا‬
‫فرعون يوما ً آخر فقال لها مثل ذلك‪ ,‬فقالت له مثل ذلييك‪,‬‬
‫لخر في فيها‪ ,‬فبشرها روحه أيض يا ً وقييال لهييا‪:‬‬ ‫فذبح ابنها ا َ‬
‫اصبري يا أمه فإن لك عند الله من الثواب كذا وكذا‪ ,‬قال‪:‬‬

‫‪752‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسمعت امرأة فرعون كلم روح ابنها الكييبر ثييم الصييغر‪,‬‬
‫فييآمنت امييرأة فرعييون وقبييض اللييه روح امييرأة خييازن‬
‫فرعون‪ ,‬وكشف الغطاء عن ثوابها ومنزلتها وكرامتهييا فييي‬
‫الجنة لمييرأة فرعييون حييتى رأت‪ ,‬فييازدادت إيمان يا ً ويقين يا ً‬
‫وتصديقا ً فأطلع الله فرعون علييى إيمانهييا فقييال للمل‪ :‬مييا‬
‫تعلمون من آسية بنت مزاحم ؟ فييأثنوا عليهييا فقييال لهييم‪:‬‬
‫إنها تعبد غيري‪ ,‬فقالوا له‪ :‬اقتلهييا‪ ,‬فأوتييد لهييا أوتييادا ً فشييد‬
‫يييديها ورجليهييا فييدعت آسييية ربهييا فقييالت }رب ابيين لييي‬
‫عندك بيتا ً فييي الجنيية{ فوافييق ذلييك أن حضييرها فرعييون‪,‬‬
‫فضييحكت حييين رأت بيتهييا فييي الجنيية‪ ,‬فقييال فرعييون‪ :‬أل‬
‫تعجبون من جنونها إنييا نعييذبها وهييي تضييحك‪ ,‬فقبييض اللييه‬
‫روحهييييييا فييييييي الجنيييييية رضييييييي اللييييييه عنهييييييا‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها{‬
‫أي حفظتييه وصييانته‪ ,‬والحصييان هييو العفيياف والحرييية‬
‫}فنفخنا فيه من روحنا{ أي بواسييطة الملييك وهييو جبريييل‬
‫فإن الله بعثييه إليهييا فتمثييل لهييا فييي صييورة بشيير سييوي‪,‬‬
‫وأمره الله تعالى أن ينفخ بفيه فييي جيييب درعهييا‪ ,‬فنزلييت‬
‫النفخة فولجت في فرجها فكان منه الحمل بعيسييى عليييه‬
‫السلم‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬فنفخنا فيه من روحنا وصدقت‬
‫بكلمييات ربهييا وكتبييه{ أي بقييدره وشييرعه }وكييانت ميين‬
‫القانتين{ قال المام أحمد‪ :‬حييدثنا يييونس‪ ,‬حييدثنا داود بيين‬
‫أبي الفرات عن علباء عن عكرميية عيين ابيين عبيياس قييال‪:‬‬
‫خط رسول الله صلى الله عليه وسييلم فييي الرض أربعيية‬
‫خطوط وقال‪» :‬أتييدرون ميا هيذا ؟« قيالوا‪ :‬الليه ورسيوله‬
‫أعلم‪ .‬فقال رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬أفضييل‬
‫نساء أهل الجنة‪ :‬خديجة بنت خويلد وفاطميية بنييت محمييد‬
‫ومريم ابنة عمران وآسييية بنييت مزاحييم امييرأة فرعييون«‪.‬‬
‫وقد ثبت في الصحيحين من حديث شييعبة عيين عمييرو بيين‬
‫مرة عن ميرة الهميداني عين أبيي موسيى الشيعري عين‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬كمل من الرجييال كييثير‬
‫ولم يكمل من النساء إل آسية امرأة فرعييون ومريييم ابنيية‬
‫عمران وخديجة بنت خويلد‪ ,‬وإن فضل عائشة على النساء‬

‫‪753‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كفضل الثريد على سائر الطعام«‪ .‬وقد ذكرنييا طييرق هييذه‬
‫الحاديث وألفاظهييا والكلم عليهييا فييي قصيية عيسييى ابيين‬
‫مريييم عليهميا السييلم فيي كتابنييا )البداييية والنهاييية( ولليه‬
‫الحمد والمنة‪ ,‬وذكرنا ما ورد من الحييديث ميين أنهييا تكييون‬
‫هي وآسية بنت مزاحم من أزواجه عليه السلم في الجنيية‬
‫عنييد قييوله تعييالى }ثيبييات وأبكييارًا{ آخيير تفسييير سييورة‬
‫التحريم‪ ,‬ولله الحمد والمنة‪.‬‬

‫سورة الملك‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا حجاج بن محمد وابن جعفر قال‪:‬‬
‫حدثنا شعبة عن قتادة عن عباس الجشمي عن أبي هريرة‬
‫عن رسول الله صلى الله عليييه وسييلم قييال‪» :‬إن سييورة‬
‫في القرآن ثلثين آية شفعت لصاحبها حتى غفر له‪ :‬تبارك‬
‫الذي بيده الملك« ورواه أهل السيينن الربعيية ميين حييديث‬
‫شعبة بيه‪ ,‬وقيال الترميذي‪ :‬هيذا حيديث حسين‪ ,‬وقيد روى‬
‫الحافظ ابن عساكر في تاريخه في ترجمة أحمد بيين نصيير‬
‫بن زياد أبي عبد الله القرشي النيسابوري المقري الزاهييد‬
‫الفقيه‪ ,‬أحد الثقات الذين روى عنهم البخاري ومسلم لكن‬
‫في غير الصحيحين‪ ,‬وروى عنه الترمذي وابن ميياجه وابيين‬
‫خزيمة وعليه تفقه في مذهب أبي عبيد بن حربويه وخلييق‬
‫سواهم‪ ,‬ساق بسنده من حديثه عن فرات بن السائب عن‬
‫الزهري عن أنس بن مالك قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬إن رجل ً ممن كان قبلكييم مييات وليييس‬
‫معه شيء من كتاب الله إل تبارك‪ ,‬فلما وضع فييي حفرتييه‬
‫أتاه الملك فثارت السورة في وجهيه‪ ,‬فقيال لهيا إنيك مين‬
‫كتاب الله وأنا أكره مساءتك‪ ,‬وإني ل أملك لييك ول لييه ول‬
‫لنفسي ضرا ً ول نفعيًا‪ ,‬فييإن أردت هييذا بييه فييانطلقي إلييى‬
‫الييرب تبييارك وتعييالى فاشييفعي لييه‪ ,‬فتنطلييق إلييى الييرب‬
‫فتقول يا رب إن فلنا ً عمد إلي ميين بييين كتابييك فتعلمنييي‬
‫وتلني‪ ,‬أفتحرقه أنت بالنار وتعذبه وأنييا فييي جييوفه ؟ فييإن‬
‫كنييت فيياعل ً ذاك بييه فييامحني ميين كتابييك فيقييول أل أراك‬
‫غضبت‪ ,‬فتقول وحييق لييي أن أغضييب فيقييول اذهييبي فقييد‬

‫‪754‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وهبته لك وشفعتك فيييه يي قييال يي فتجيييء فييتزجر الملييك‪,‬‬
‫فيخرج خاسف البال لم يحل منه بشيء يي قييال يي فتجيييء‬
‫فتضع فاها على فيه فتقول مرحبا ً بهذا الفم فربمييا تلنييي‪,‬‬
‫مرحبا ً بهذا الصدر فربما وعاني‪ ,‬ومرحب يا ً بهيياتين القييدمين‬
‫فربما قامتا بي‪ ,‬وتؤنسه في قبره مخافة الوحشيية عليييه«‬
‫قال‪ :‬فلما حدث بهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم‬
‫يبييق صييغير ول كييبير ول حيير ول عبييد إل تعلمهييا وسييماها‬
‫رسييييول اللييييه صييييلى اللييييه عليييييه وسييييلم المنجييييية‪.‬‬
‫قلت وهييذا حيديث منكير جييدا ً وفيرات بيين السييائب هيذا‬
‫ضعفه المام أحمد ويحيى بن معيين والبخياري وأبيو حياتم‬
‫والدارقطني وغير واحد‪ ,‬وقد ذكره ابن عسيياكر ميين وجييه‬
‫آخر عن الزهري ميين قييوله مختصييرًا‪ ,‬وروى الييبيهقي فييي‬
‫كتاب إثبات عذاب القبر عن ابن مسعود موقوفا ً ومرفوعا ً‬
‫ما يشهد لهذا‪ ,‬وقد كتبناه في كتيياب الجنييائز ميين الحكييام‬
‫الكيييييييييييبرى ولليييييييييييه الحميييييييييييد والمنييييييييييية‪.‬‬
‫وقييد روى الطييبراني والحييافظ الضييياء المقدسييي ميين‬
‫طريق سلم بن مسكين عيين ثييابت عيين أنييس قييال‪ :‬قييال‬
‫رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬سييورة فييي القييرآن‬
‫خاصمت عن صاحبها حتى أدخلته الجنة‪ :‬تبارك الييذي بيييده‬
‫الملك«‪ .‬وقال الترمذي‪ :‬حدثنا محمييد بيين عبييد الملييك بيين‬
‫أبي الشوارب حدثنا يحيى بن مالك النكري عيين أبيييه عيين‬
‫أبي الجوزاء‪ ,‬عن ابن عبيياس قييال‪ :‬ضييرب بعييض أصييحاب‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم خباءه على قبر وهو ل يحسب‬
‫أنه قبر‪ ,‬فإذا قبر إنسان يقيرأ سيورة المليك حيتى ختمهيا‪,‬‬
‫فأتى النبي صلى الله عليييه وسييلم فقييال‪ :‬يييا رسييول الليه‬
‫ضربت خبائي على قبر وأنا ل أحسب أنه قبر فييإذا إنسييان‬
‫يقرأ سورة الملك‪ :‬تبارك حتى ختمهييا‪ ,‬فقييال رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬هييي المانعيية هييي المنجييية تنجيييه‬
‫من عذاب القييبر« ثييم قييال‪ :‬هييذا حييديث غريييب ميين هييذا‬
‫الوجه وفي الباب عن أبي هريرة‪ ,‬ثم روى الترمييذي أيض يا ً‬
‫من طريق ليث بن أبي سليم عن أبي الزبير عن جييابر أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم كييان ل ينييام حييتى يقييرأ‬

‫‪755‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫م تنزيييل‪ ,‬وتبييارك الييذي بيييده الملييك‪ ,‬وقييال ليييث عيين‬ ‫ال َي َ‬
‫طاوس‪ :‬يفضلن كل سيورة فيي القيرآن بسيبعين حسينة‪.‬‬
‫وقييال الطييبراني‪ :‬حييدثنا محمييد بيين الحسيين بيين عجلن‬
‫الصييبهاني‪ ,‬حييدثنا سييلمة بيين شييبيب‪ ,‬حييدثنا إبراهيييم بيين‬
‫الحكم بن أبان عن أبيه عن عكرمة عن ابيين عبيياس قييال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬لييوددت أنهييا فييي‬
‫قلب كل إنسان من أمتي« يعني تبارك الذي بيده الملييك‪,‬‬
‫هذا الحديث غريب وإبراهيم ضعيف‪ ,‬وقد تقييدم مثلييه فييي‬
‫سورة يييس‪ ,‬وقييد روى هييذا الحييديث عبييد بيين حميييد فييي‬
‫مسنده بأبسط من هذا فقييال‪ :‬حييدثنا إبراهيييم بيين الحكييم‬
‫عن أبيه عن عكرمة عيين ابيين عبيياس أنييه قييال لرجييل‪ :‬أل‬
‫أتحفك بحديث تفرح به ؟ قال‪ :‬بلى‪ ,‬قال‪ :‬اقرأ تبارك الذي‬
‫بيييده الملييك وعلمهييا أهلييك وجميييع ولييدك وصييبيان بيتييك‬
‫وجيرانك‪ ,‬فإنها المنجية والمجادلية تجييادل أو تخاصييم يييوم‬
‫القيامة عند ربها لقارئها‪ ,‬وتطلب له أن ينجيييه ميين عييذاب‬
‫النار وينجي بها صاحبها من عذاب القبر‪ ,‬قال رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬لوددت أنها في قلييب كييل إنسييان‬
‫ميييييييييييييييييييييييييييييييين أمييييييييييييييييييييييييييييييييتي«‪.‬‬

‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫ديٌر *‬ ‫يٍء قَي ِ‬ ‫شي ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ى ك ُي ّ‬ ‫َ‬ ‫ك وَهُيوَ عَل َي‬ ‫مل ْي ُ‬ ‫ذي ب ِي َدِهِ ال ْ ُ‬ ‫ك ال ّ ِ‬‫** ت ََباَر َ‬
‫خل َق ال ْموت وال ْحياةَ ل ِيبل ُوك ُم أ َيك ُ َ‬
‫و‬
‫هيي َ‬ ‫مل ً وَ ُ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫سيي ُ‬ ‫ح َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫َْ َ ْ ّ ْ‬ ‫ذي َ َ َ ْ َ َ َ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ى‬
‫مييا ت َيَر َ‬ ‫ت ط َِباقيا ً ّ‬ ‫ماَوا ٍ‬ ‫س َ‬ ‫سب ْعَ َ‬ ‫خل َقَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫زيُز ال ْغَُفوُر * ال ّ ِ‬ ‫ال ْعَ ِ‬
‫ميين‬ ‫ل ت َيَرىَ ِ‬ ‫صَر هَ ي ْ‬ ‫جِع ال ْب َ َ‬ ‫ت َفاْر ِ‬ ‫من ت ََفاوُ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫مـ ِ‬ ‫ح َ‬
‫ق الّر ْ‬ ‫ِفي َ ْ‬
‫خل ِ‬
‫سييئا ً‬ ‫ب إ ِل َي ْ َ‬ ‫فُ ُ‬
‫خا ِ‬ ‫ص يُر َ‬ ‫ك الب َ َ‬ ‫صَر ك َّرت َي ْ ِ‬
‫ن ي َن َْقل ِ ْ‬ ‫جِع الب َ َ‬ ‫م ار ِ‬ ‫طورٍ * ث ُ ّ‬
‫جعَل َْناهَييا‬
‫ح وَ َ‬ ‫صيياِبي َ‬‫م َ‬ ‫مآَء اليد ّن َْيا ب ِ َ‬ ‫سي َ‬ ‫سيٌر * وَل ََقد ْ َزي ّّنا ال ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫وَهُوَ َ‬
‫َ‬
‫سييييِعيرِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ذا َ‬‫م عَيييي َ‬ ‫ن وَأعْت َييييد َْنا ل َهُيييي ْ‬ ‫طي ِ‬ ‫شييييَيا ِ‬ ‫جومييييا ً ّلل ّ‬ ‫ُر ُ‬
‫يمجد تعالى نفسه الكريمة ويخبر أنه بيده الملك أي هييو‬
‫المتصرف في جميع المخلوقات بما يشاء ل معقب لحكمه‬
‫ول يسأل عما يفعييل لقهييره وحكمتييه وعييدله‪ ,‬ولهييذا قييال‬

‫‪756‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تعالى‪} :‬وهو على كل شيء قدير{ ثم قال تعالى‪} :‬الييذي‬
‫لييية ميين قييال إن‬ ‫خلق المييوت والحييياة{ واسييتدل بهييذه ا َ‬
‫الموت أمر وجودي‪ ,‬لنه مخلييوق‪ ,‬ومعنييى ا َ‬
‫لييية أنييه أوجييد‬
‫ل‪,‬‬‫الخلئق من العدم ليبلوهم أي يختبرهم أيهم أحسيين عم ً‬
‫كمييا قييال تعييالى‪} :‬كيييف تكفييرون بييالله وكنتييم أمواتييا ً‬
‫فأحياكم{ فسييمى الحييال الول وهييو العييدم موتيا ً وسييمى‬
‫هييذه النشييأة حييياة‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‪} :‬ثييم يميتكييم ثييم‬
‫يحييكييم{ وقييال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييو زرعيية حييدثنا‬
‫صفوان حدثنا الوليد حدثنا خليد عن قتادة في قوله تعالى‪:‬‬
‫}الذي خلق الموت والحياة{ قال‪ :‬كان رسول اللييه صييلى‬
‫الليه عليييه وسييلم يقييول‪» :‬إن الليه أذل بنييي آدم بييالموت‬
‫لخرة دار جييزاء‬ ‫وجعل الدنيا دار حياة ثم دار موت وجعل ا َ‬
‫ثييم دار بقيياء« ورواه معميير عيين قتييادة‪ ,‬وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫ل{ أي خير عمل ً كما قال محمييد‬ ‫}ليبلوكم أيكم أحسن عم ً‬
‫بيين عجلن‪ ,‬ولييم يقييل أكييثر عمل ً ثييم قييال تعييالى‪} :‬وهييو‬
‫العزيز الغفور{ أي هو العزيز العظيم المنيع الجناب‪ ,‬وهييو‬
‫مع ذلك غفور لمن تاب إليه وأناب بعد مييا عصيياه وخييالف‬
‫أمره‪ ,‬وإن كييان تعييالى عزيييزا ً هييو مييع ذلييك يغفيير ويرحييم‬
‫ويصفح ويتجاوز‪ ,‬ثم قال تعالى‪} :‬الذي خلق سبع سييموات‬
‫طباقًا{ أي طبقة بعد طبقيية وهييل هيين متواصييلت بمعنييى‬
‫أنهن علويات بعضهن على بعض أو متفاصلت بينهن خلء‪,‬‬
‫فيييه قييولن أصييحهما الثيياني كمييا دل علييى ذلييك حييديث‬
‫السيييييييييييييييييييييييييييييراء وغييييييييييييييييييييييييييييييره‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ما ترى في خلييق الرحميين ميين تفيياوت{‬
‫أي بل هو مصطحب مستو ليس فيييه اختلف ول تنييافر ول‬
‫مخالفيية ول نقييص ول عيييب ول خلييل‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‪:‬‬
‫}فارجع البصر هل ترى من فطور{ أي انظر إلى السييماء‬
‫فتأملها هل ترى فيها عيبا ً أو نقصا ً أو خلل ً أو فطييورًا‪ ,‬قييال‬
‫ابن عباس ومجاهد والضحاك والثوري وغيرهييم فييي قييوله‬
‫تعالى‪} :‬فارجع البصر هييل تييرى ميين فطييور{ أي شيقوق‪,‬‬
‫وقال السدي }هل ترى من فطور{ أي من خروق‪ ,‬وقييال‬

‫‪757‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ابن عباس في روايية }مين فطيور{ أي مين وهياء‪ ,‬وقيال‬
‫قتادة }هل ترى من فطور{ أي هل ترى خلل ً يييا ابيين آدم‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬ثييم ارجييع البصيير كرتييين{ قييال قتييادة‪:‬‬
‫مرتين }ينقلب إليك البصر خاسئًا{ قال ابن عبيياس‪ :‬ذليل‪,‬‬
‫وقييال مجاهييد وقتييادة‪ :‬صيياغرا ً }وهييو حسييير{ قييال ابيين‬
‫عباس‪ :‬يعني وهييو كليييل‪ ,‬وقيال مجاهييد وقتييادة والسييدي‪:‬‬
‫لية إنييك لييو كييررت‬ ‫الحسير المنقطع من العياء‪ ,‬ومعنى ا َ‬
‫البصيير مهميياكررت ل نقلييب إليييك أي لرجييع إليييك البصيير‬
‫}خاسئًا{ عن أن يرى عيبا ً أو خلل }وهو حسير{ أي كليييل‬
‫قد انقطع من العياء من كثرة التكرر ول يرى نقصًا‪ ,‬ولمييا‬
‫نفى عنهيا فيي خلقهيا النقيص بيين كمالهيا وزينتهيا فقيال‪:‬‬
‫}ولقد زينا السماء الدنيا بمصييابيح{ وهييي الكييواكب الييتي‬
‫وضييييييعت فيهييييييا ميييييين السيييييييارات والثييييييوابت‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وجعلناها رجوما ً للشياطين{ عاد الضييمير‬
‫في قوله وجعلناها على جنس المصابيح ل على عينها لنييه‬
‫ل يرمي بالكواكب التي في السماء بل بشييهب ميين دونهييا‬
‫وقييد تكييون مسييتمدة منهييا‪ ,‬واللييه أعلييم‪ .‬وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}وأعتدنا لهييم عييذاب السييعير{ أي جعلنييا للشييياطين هييذا‬
‫لخييرة‬ ‫الخزي في الدنيا وأعتدنا لهم عييذاب السييعير فييي ا َ‬
‫كما قال تعالى في أول الصافات‪} :‬إنا زينا السييماء الييدنيا‬
‫بزينيية الكييواكب * وحفظييا ً ميين كييل شيييطان مييارد * ل‬
‫يسمعون إلى المل العلى ويقذفون من كل جانب دحييورا ً‬
‫ولهم عذاب واصب * إل من خطف الخطفة فأتبعه شهاب‬
‫ثاقب{ قال قتييادة‪ :‬إنمييا خلييق هييذه النجييوم لثلث خصييال‬
‫خلقهييا اللييه زينيية للسييماء ورجوم يا ً للشييياطين وعلمييات‬
‫يهتدى بها فمن تأول فيها غير ذلك فقد قييال برأيييه وأضيياع‬
‫نصيبه وتكلف ما ل علم له به‪ ,‬رواه ابيين جرييير وابيين أبييي‬
‫حييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييياتم‪.‬‬

‫صيييُر * إ ِ َ‬
‫ذآ‬ ‫م ِ‬ ‫س ال ْ َ‬ ‫م وَب ِئ ْ َ‬
‫جهَن ّ َ‬
‫ب َ‬ ‫ذا ُ‬ ‫م عَ َ‬‫ن ك ََفُروا ْ ب َِرب ّهِ ْ‬ ‫** وَل ِل ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫ُ‬
‫ن‬
‫مي َ‬ ‫ي ت َُفييوُر * ت َك َيياد ُ ت َ َ‬
‫مي ّيُز ِ‬ ‫شِهيقا ً وَهِ َ‬‫مُعوا ْ ل ََها َ‬ ‫س ِ‬ ‫أل ُْقوا ْ ِفيَها َ‬

‫‪758‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ذيٌر *‬ ‫م ي َأت ِك ُ ْ‬
‫م نَ ِ‬ ‫خَزن َت َُهآ أل َ ْ‬
‫م َ‬ ‫سأل َهُ ْ‬‫ج َ‬ ‫ي ِفيَها فَوْ ٌ‬ ‫ما أل ِْق َ‬‫ظ ك ُل ّ َ‬ ‫الغَي ْ ِ‬
‫ي ءٍ‬‫ش ْ‬ ‫من َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ما ن َّز َ‬ ‫ذيٌر فَك َذ ّب َْنا وَقُل َْنا َ‬
‫جآَءَنا ن َ ِ‬‫ى قَد ْ َ‬ ‫َ‬
‫َقاُلوا ْ ب َل َ‬
‫ل‬ ‫معُ أ َوْ ن َعِْقي ُ‬ ‫ل ك َِبيرٍ * وََقاُلوا ْ ل َوْ ك ُّنا ن َ ْ‬
‫سي َ‬ ‫ضل َ ٍ‬ ‫م إ ِل ّ ِفي َ‬
‫إ َ‬
‫ن أنت ُ ْ‬ ‫ِ ْ‬
‫حقا ً‬ ‫س يِعيرِ * فَيياعْت ََرُفوا ْ ب ِي َ‬ ‫َ‬
‫سي ْ‬ ‫م فَ ُ‬ ‫ذنب ِهِ ْ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫حا ِ‬ ‫صي َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ما ك ُّنا فِ َ‬ ‫َ‬
‫سييييييييييييييييييييييييييييِعيرِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫حا ِ‬ ‫صيييييييييييييييييييييييييييي َ‬ ‫ل ْ‬
‫يقول تعالى‪} :‬و{ أعتييدنا }للييذين كفييروا بربهييم عييذاب‬
‫جهنم وبئس المصير{ أي بئس المآل والمنقلب }إذا ألقوا‬
‫فيها سييمعوا لهيا شييهيقًا{ قيال ابيين جرييير‪ :‬يعنييي الصييياح‬
‫}وهو تفييور{ قييال الثييوري‪ :‬تغلييي بهييم كمييا يغلييي الحييب‬
‫القليل في الميياء الكييثير‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬تكيياد تميييز ميين‬
‫الغيظ{ أي تكاد ينفصل بعضها عن بعض من شدة غيظهييا‬
‫عليهم وحنقها بهم }كلما ألقييي فيهييا فييوج سييألهم خزنتهييا‬
‫ألم يأتكم نذير * قالوا بلى قد جاءنا نذير فكييذبنا وقلنييا مييا‬
‫نزل اللييه ميين شيييء إن أنتييم إل فييي ضييلل كييبير{ يييذكر‬
‫تعالى عدله فييي خلقييه‪ ,‬وأنييه ل يعييذب أحييدا ً إل بعييد قيييام‬
‫الحجة عليه وإرسال الرسول إليه كمييا قييال تعييالى‪} :‬ومييا‬
‫ل{ وقيال تعيالى‪} :‬حيتى إذا‬ ‫كنا معذبين حيتى نبعييث رسيو ً‬
‫جاءوها فتحت أبوابها وقال لهييم خزنتهييا ألييم يييأتكم رسييل‬
‫منكم يتلييون عليكييم آيييات ربكييم وينييذرونكم لقيياء يييومكم‬
‫هذا ؟ قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين{‬
‫وهكذا عادوا على أنفسهم بالملمة وندموا حيث ل تنفعهيم‬
‫الندامة فقالوا‪} :‬لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصييحاب‬
‫السعير{ أي لو كانت لنا عقول ننتفع بها أو نسمع ما أنزله‬
‫الله من الحق‪ ,‬لما كنا على ما كنيا علييه مين الكفير بيالله‬
‫والغترار به‪ ,‬ولكن لم يكن لنا فهم نعي بييه مييا جيياءت بييه‬
‫الرسل‪ ,‬ول كان لنا عقل يرشدنا إلييى اتبيياعهم‪ .‬قييال اللييه‬
‫تعالى‪} :‬فاعترفوا بذنبهم فسحقا ً لصحاب السييعير{ قييال‬
‫المام أحمييد‪ :‬حييدثنا محمييد بيين جعفيير‪ ,‬حييدثنا شييعبة عيين‬
‫عمرو بن مرة عن أبي البحتري الطائي قال‪ :‬أخييبرني ميين‬
‫سمعه من رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم أنييه قييال‪:‬‬
‫»لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسييهم« وفييي حييديث‬

‫‪759‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫آخر »ل يدخل أحد النار إل وهو يعلم أن النار أولى به ميين‬
‫الجنييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييية«‪.‬‬

‫َ‬
‫جٌر ك َِبيٌر *‬ ‫مغِْفَرةٌ وَأ ْ‬ ‫ب ل َُهم ّ‬ ‫ن َرب ُّهم ِبال ْغَي ْ ِ‬ ‫شو ْ َ‬ ‫خ َ‬ ‫ن يَ ْ‬‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬‫** إ ِ ّ‬
‫دورِ * أ َل َ‬ ‫صيي ُ‬‫ت ال ّ‬ ‫ذا ِ‬‫م بِ َ‬ ‫ه عَِلي ٌ‬ ‫جهَُروا ْ ب ِهِ إ ِن ّ ُ‬
‫وأ َسروا ْ قَول َك ُ َ‬
‫م أو ِ ا ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ ِ ّ‬
‫م‬ ‫ل ل َك ُي ُ‬ ‫جع َ ي َ‬ ‫ذي َ‬ ‫خِبيُر * هُوَ ال ّي ِ‬ ‫ف ال ْ َ‬ ‫طي ُ‬ ‫خل َقَ وَهُوَ الل ّ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫م َ‬ ‫ي َعْل َ ُ‬
‫ميين ّرْزقِيهِ وَإ ِل َي ْي ِ‬
‫ه‬ ‫مَناك ِب ِهَييا وَك ُل ُييوا ْ ِ‬ ‫شوا ْ فِييي َ‬ ‫م ُ‬ ‫ض ذ َُلول ً َفا ْ‬ ‫الْر َ‬
‫شييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييوُر‬ ‫الن ّ ُ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عمن يخاف مقام ربه فيما بينه وبينييه‬
‫إذا كان غائبيا ً عيين النيياس‪ ,‬فينكييف عيين المعاصييي ويقييوم‬
‫بالطاعات حيث ل يراه أحد إل الله تعالى بييأنه لييه مغفييرة‬
‫وأجر كبير أي تكفر عنييه ذنييوبه ويجيازى بييالثواب الجزييل‪,‬‬
‫كما ثبت في الصحيحين »سبعة يظلهم الله تعالى في ظل‬
‫عرشه يوم ل ظل إل ظله« فذكر منهييم رجل ً دعتييه امييرأة‬
‫ذات منصب وجمال فقال‪ :‬إني أخيياف اللييه‪ ,‬ورجل ً تصييدق‬
‫بصدقة فأخفاها حتى ل تعلم شماله ما تنفق يمينييه‪ .‬وقييال‬
‫الحافظ أبو بكر البزار في مسنده‪ :‬حدثنا طالوت بن عباد‪,‬‬
‫حدثنا الحارث بن عبيد عن ثابت عن أنييس قييال‪ :‬قييالوا يييا‬
‫رسول الله‪ ,‬إنا نكون عندك علييى حييال فييإذا فارقنيياك كنييا‬
‫على غيره قال‪» :‬كيف أنتم وربكم ؟« قالوا‪ :‬الله ربنا فييي‬
‫السر والعلنية‪ ,‬قال‪» :‬ليس ذلكم النفيياق« لييم يييروه عيين‬
‫ثابت إل الحارث بن عبيد فيما نعلمه ثم قال منبها ً على أنه‬
‫مطلع على الضمائر والسرائر }وأسروا قيولكم أو اجهيروا‬
‫به إنه عليم بييذات الصيدور{ أي بميا يخطيير فيي القليوب‪.‬‬
‫}أل يعلم من خلق ؟{ أي أل يعلم الخييالق‪ ,‬وقيييل معنيياه‬
‫أل يعلم الله مخلوقه ؟ والول أولى لقوله‪} :‬وهو اللطيييف‬
‫الخبير{‪ ,‬ثم ذكر نعمته على خلقه في تسخيره لهم الرض‬
‫وتييذليله إياهييا لهييم بييأن جعلهييا قييارة سيياكنة ل تميييد ول‬
‫تضطرب بما جعل فيها من الجبال وأنبع فيها ميين العيييون‪,‬‬
‫وسلك فيها من السييبل‪ ,‬وهيييأ فيهييا ميين المنييافع ومواضييع‬
‫الزروع والثمار فقال تعالى‪} :‬هو الييذي جعييل لكييم الرض‬

‫‪760‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ذلول ً فامشوا في مناكبها{ أي فسييافروا حيييث شييئتم ميين‬
‫أقطارها وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب‬
‫والتجارات‪ ,‬واعلمواأن سعيكم ل يجدي عليكم شيييئا ً إل أن‬
‫ييسره الله لكم‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‪} :‬وكلييوا ميين رزقييه{‬
‫فالسييعي فييي السييبب ل ينييافي التوكييل كمييا قييال المييام‬
‫أحمد‪ :,‬حدثنا أبو عبد الرحمن‪ ,‬حدثنا حيوة‪ ,‬أخبرني بكر بن‬
‫عمرو أنه سمع عبد اللييه بيين هييبيرة يقييول‪ :‬إنييه سييمع أبييا‬
‫سهم الحبشاني يقول‪ :‬إنه سمع عمر بيين الخطياب يقيول‪:‬‬
‫إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬لوأنكم‬
‫تتوكلون على الله حق تييوكله لرزقكييم كمييا يييرزق الطييير‪,‬‬
‫تغدو خماصا ً وتروح بطانًا« رواه الترمذي والنسييائي وابيين‬
‫ماجه من حديث ابن هبيرة‪ ,‬وقال الترمذي‪ :‬حسن صييحيح‪,‬‬
‫فأثبت لها رواحا ً وغدوا ً لطلب الرزق مع توكلها علييى اللييه‬
‫عز وجل وهو المسخر المسير المسبب }وإليييه النشييور{‬
‫أي المرجع يوم القيامة‪ .‬قال ابن عباس ومجاهد والسييدي‬
‫وقتييادة‪ :‬مناكبهييا أطرافهييا وفجاجهييا ونواحيهييا‪ ,‬وقييال ابيين‬
‫عباس وقتادة أيضًا‪ :‬مناكبها الجبال‪ ,‬وقال ابيين أبييي حيياتم‪:‬‬
‫حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا عمرو بن حكام الزدي‪ ,‬حدثنا شييعبة عيين‬
‫قتادة عن يونس بن جبير عن بشير بن كعب أنه قييرأ هييذه‬
‫لية }فامشوا في مناكبها{ فقال لم ولييد لييه‪ :‬إن علمييت‬ ‫ا َ‬
‫ما مناكبها فييأنت عتيقيية فقييالت‪ :‬هييي الجبييال‪ ,‬فسييأل أبييا‬
‫اليييييييييييدرداء فقيييييييييييال‪ :‬هيييييييييييي الجبيييييييييييال‪( .‬‬

‫ي‬‫ذا هِي َ‬ ‫ض فَإ ِ َ‬ ‫م الْر َ‬ ‫ف ب ِك ُ ُ‬


‫س َ‬ ‫خ ِ‬‫مآِء َأن ي َ ْ‬ ‫س َ‬‫من ِفي ال ّ‬ ‫م ّ‬ ‫منت ُ ْ‬
‫ََ‬
‫** أأ ِ‬
‫صييبا ً‬ ‫َ‬ ‫تمور * أ َ َ‬
‫حا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫س َ‬ ‫مآِء أن ي ُْر ِ‬ ‫س َ‬ ‫من ِفي ال ّ‬ ‫م ّ‬‫منت ُ ْ‬ ‫مأ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫م‬‫ميين قَب ْل ِهِي ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬‫ب ال ّي ِ‬ ‫ذيرِ * وَل ََقيد ْ ك َيذ ّ َ‬ ‫ف ن َي ِ‬‫ن ك َي ْي َ‬ ‫مو َ‬ ‫سيت َعْل َ ُ‬‫فَ َ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫صيياّفا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫م ي ََرْوا إ ِل َييى الط ّي ْيرِ فَ يوْقَهُ ْ‬ ‫كيرِ * أوَل َ ْ‬ ‫نن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ف َ‬ ‫فَك َي ْ َ‬
‫صيييٌر‬
‫يٍء ب َ ِ‬ ‫شي ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ب ِك ُي ّ‬ ‫ن إ ِن ّي ُ‬ ‫مـي ُ‬ ‫ح َ‬‫ن إ ِل ّ الّر ْ‬ ‫سك ُهُ ّ‬‫م ِ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ض َ‬ ‫وَي َْقب ِ ْ‬
‫وهييذه أيضيا ً ميين لطفييه ورحمتييه بخلقييه أنييه قييادر علييى‬
‫تعذيبهم بسبب كفر بعضهم به وعبادتهم معييه غيييره‪ ,‬وهييو‬
‫مع هذا يحلم ويصييفح ويؤجييل ول يعجييل كمييا قييال تعييالى‪:‬‬

‫‪761‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من‬
‫دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهييم فييإن‬
‫اللييه كييان بعبيياده بصيييرًا{ وقييال ههنييا }أأمنتييم ميين فييي‬
‫السماء أن يخسف بكم الرض فإذا هي تمييور{ أي تييذهب‬
‫وتجيء وتضطرب }أم أمنتم ميين فييي السييماء أن يرسييل‬
‫عليكم حاصييبًا{ أي ريحيا ً فيهييا حصييباء تييدمغكم كمييا قييال‬
‫تعييالى‪} :‬أفييأمنتم أن يخسييف بكييم جييانب الييبر أو يرسييل‬
‫ل{ وهكذا توعدهم ههنييا‬ ‫عليكم حاصبا ً ثم ل تجدوا لكم وكي ً‬
‫بقييوله }فسيتعلمون كيييف نيذير{ أي كييف يكييون إنييذاري‬
‫وعاقبيييييية ميييييين تخلييييييف عنييييييه وكييييييذب بييييييه‪.‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬ولقد كييذب الييذين ميين قبلهيم{ أي ميين‬
‫المم السالفة والقييرون الخالييية }فكيييف كييان نكييير{ أي‬
‫فكيف كان إنكاري عليهم ومعاقبتي لهم‪ ,‬أي عظيما ً شديدا ً‬
‫أليميًا‪ .‬ثييم قييال تعييالى‪} :‬أو لييم يييروا إلييى الطييير فييوقهم‬
‫صافات ويقبضن{ أي تييارة يصييففن أجنحتهيين فييي الهييواء‬
‫وتارة تجمع وتنشر جناحا ً }ما يمسكهن{ أي في الجو }إل‬
‫الرحمن{ أي بما سخر لهن من الهواء من رحمتييه ولطفييه‬
‫}إنييه بكييل شيييء بصييير{ أي بمييا يصييلح كييل شيييء ميين‬
‫مخلوقيياته‪ ,‬وهييذه كقييوله تعييالى }ألييم يييروا إلييى الطييير‬
‫مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إل الله إن في ذلك‬
‫َ‬
‫لييييييييييييييييييات لقيييييييييييييييييوم يؤمنيييييييييييييييييون{‪.‬‬

‫َ‬
‫ن‬ ‫مـي ِ‬ ‫ح َ‬‫ن الّر ْ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫م ّ‬ ‫صُرك ُ ْ‬ ‫م َين ُ‬ ‫جند ٌ ل ّك ُ ْ‬ ‫ذي هُوَ ُ‬ ‫ذا ال ّ ِ‬ ‫هـ َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫** أ ّ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫م إِ ْ‬ ‫ذي ي َْرُزقُك ُي ْ‬ ‫ذا ال ّي ِ‬ ‫هـ ي َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن إ ِل ّ ِفي غُُرورٍ * أ ّ‬ ‫كافُِرو َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫إِ ِ‬
‫مك ِب ّا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫جوا ْ ِفي عُت ُوّ وَن ُُفورٍ * أفَ َ‬ ‫ه َبل ل ّ ّ‬ ‫ك رِْزقَ ُ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ست َِقيم ٍ *‬ ‫م ْ‬ ‫ط ّ‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫سوِي ّا ً عََلى ِ‬ ‫شي َ‬ ‫م ِ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫جهِهِ أهْد َىَ أ ّ‬ ‫ى وَ ْ‬ ‫َ‬
‫عَل َ‬
‫ل هو ال ّذي َأن َ َ‬
‫صيياَر َوالفْئ ِد َةَ‬ ‫معَ َوالب ْ َ‬ ‫س ْ‬ ‫م ال ّ‬ ‫ل ل َك ُ ُ‬ ‫جع َ َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫شأك ُ ْ‬ ‫قُ ْ ُ َ ِ َ‬
‫َ‬
‫ض وَإ ِل َي ْي ِ‬
‫ه‬ ‫م فِييي الْر ِ‬ ‫ذي ذ ََرأك ُ ْ‬ ‫ل هُوَ ال ّ ِ‬ ‫ن * قُ ْ‬ ‫شك ُُرو َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫قَِليل ً ّ‬
‫ن*‬ ‫صييادِِقي َ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ذا ال ْوَعْد ُ ِإن ُ‬ ‫هـ َ‬ ‫ى َ‬ ‫َ‬ ‫مت َ‬ ‫ن * وَي َُقوُلو َ‬
‫ن َ‬ ‫شُرو َ‬ ‫ح َ‬ ‫تُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مييا َرأوْهُ‬ ‫ن * فَل َ ّ‬ ‫مِبي ي ٌ‬ ‫ذيٌر ّ‬ ‫مآ أن َيا ْ ن َي ِ‬ ‫عن ْد َ الل ّهِ وَإ ِن ّ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ال ْعِل ْ ُ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫قُ ْ‬

‫‪762‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ه‬ ‫ذي ُ‬
‫كنت ُييم ب ِي ِ‬ ‫ذا ال ّي ِ‬
‫هـي َ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ وَِقي َ‬
‫ل َ‬ ‫جوهُ ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫سيئ َ ْ‬
‫ت وُ ُ‬ ‫ُزل َْف ً‬
‫ة ِ‬
‫ن‬
‫عو َ‬‫ت َيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييد ّ ُ‬
‫يقول تعالى للمشركين الذين عبييدوا معييه غيييره يبتغييون‬
‫عندهم نصرا ً ورزقًا‪ ,‬منكرا ً عليهييم فيمييا اعتقييدوه ومخييبرا ً‬
‫لهم أنه ل يحصل لهم ما أملوه‪ ,‬فقييال تعييالى‪} :‬أميين هييذا‬
‫الذي هو جند لكييم ينصييركم ميين دون الرحميين{ أي ليييس‬
‫لكم من دونه من ولي ول واق ول ناصر لكم غيييره‪ ,‬ولهييذا‬
‫قال تعالى‪} :‬إن الكافرون إل في غرور{ ثييم قييال تعييالى‪:‬‬
‫}أمن هذا الييذي يرزقكييم إن أمسييك رزقييه{ أي ميين هييذا‬
‫الذي إذا قطع الله عنكم رزقييه يرزقكييم بعييده‪ ,‬أي ل أحييد‬
‫يعطي ويمنع ويخلق ويرزق وينصر إل الله عز وجل وحييده‬
‫ل شريك له‪ ,‬أي وهم يعلمون ذلك ومع هذا يعبدون غيييره‪,‬‬
‫ولهذا قال تعالى‪} :‬بل لجييوا{ أي اسييتمروا فييي طغيييانهم‬
‫وإفكهييم وضييللهم }فييي عتييو ونفييور{ أي فييي معانييدة‬
‫واستكبار ونفور على إدبارهم عن الحق ل يسمعون له ول‬
‫يتبعيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييونه‪.‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬أفمن يمشييي مكبيا ً علييى وجهييه أهييدى!‬
‫أمن يمشي سويا ً على صراط مستقيم{ وهذا مثييل ضييربه‬
‫الله للمؤمن والكافر‪ ,‬فالكافر مثله فيما هو فيه كمثل ميين‬
‫يمشي مكبا ً على وجهه‪ ,‬أي يمشي منحنيا ً ل مستويا ً علييى‬
‫وجهه أي ل يدري أين يسلك ول كيف يذهب بل تييائه حييائر‬
‫ضال‪ ,‬أهذا أهدى }أمن يمشي سويًا{ أي منتصييب القاميية‬
‫}على صراط مستقيم{ أي على طريييق واضييح بييين وهييو‬
‫في نفسيه مسيتقيم وطريقيه مسيتقيمة‪ ,‬هيذا مثلهيم فيي‬
‫لخرة‪ ,‬فالمؤمن يحشيير يمشييي‬ ‫الدنيا وكذلك يكونون في ا َ‬
‫سويا ً على صراط مستقيم مفض بييه إلييى الجنيية الفيحيياء‪,‬‬
‫وأما الكافر فإنه يحشر يمشي على وجهه إليى نيار جهنيم‪.‬‬
‫}احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبييدون ميين‬
‫ليات‪ .‬أزواجهييم‪:‬‬ ‫دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم{ ا َ‬
‫أشباههم‪ .‬قال المام أحمد رحمييه اللييه‪ :‬حييدثنا ابيين نمييير‪,‬‬
‫حدثنا إسماعيل عن نفيييع‪ ,‬قييال‪ :‬سييمعت أنييس بيين مالييك‬
‫يقول‪ :‬قيل يا رسول الله كيف يحشر الناس على وجوههم‬

‫‪763‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫؟ فقال‪» :‬أليس الذي أمشاهم على أرجلهم قادرا ً على أن‬
‫يمشيييهم علييى وجييوههم« وهييذا الحييديث مخييرج فييي‬
‫الصييحيحين ميين طريييق وقييوله تعييالى‪} :‬قييل هييو الييذي‬
‫أنشأكم{ أي ابتدأ خلقكم بعدأن لييم تكونييوا شيييئا ً مييذكورا ً‬
‫}وجعيييل لكيييم السيييمع والبصيييار والفئدة{ أي العقيييول‬
‫والدراك }قليل ً مييا تشييكرون{ أي قلمييا تسييتعملون هييذه‬
‫القوى التي أنعم الله بها عليكم في طاعته وامتثال أوامره‬
‫وترك زواجره }قل هو الذي ذرأكم فييي الرض{ أي بثكييم‬
‫ونشركم في أقطار الرض وأرجائها مييع اختلف ألسيينتكم‬
‫في لغاتكم وألوانكم‪ ,‬وحللكم وأشكالكم وصوركم }وإليييه‬
‫تحشييرون{ أي تجمعييون بعييد هييذا التفييرق والشييتات‪,‬‬
‫يجمعكم كما فرقكم ويعيدكم كميا بيدأكم‪ .‬ثيم قيال تعيالى‬
‫مخبرا ً عن الكفييار المنكرييين للمعيياد المسييتبعدين وقييوعه‬
‫}ويقولون متى هييذا الموعييد إن كنتييم صيادقين{ أي ميتى‬
‫يقع هذا الذي تخبرنا بكونه من الجتميياع بعييد هييذا التفييرق‬
‫}قييل إنمييا العلييم عنييدالله{ أي ل يعلييم وقييت ذلييك علييى‬
‫التعيين إل الله عز وجل لكنييه أمرنييي أن أخييبركم أن هييذا‬
‫كائن وواقع ل محالة فاحذروه }وإنما أنييا نييذير مييبين{ أي‬
‫وإنميييييييا عليييييييي البلغ وقيييييييد أديتيييييييه إليكيييييييم‪.‬‬
‫قال تعالى‪} :‬فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا{‬
‫أي لما قامت القيامة وشاهدها الكفار ورأوا أن المر كييان‬
‫قريبا ً لن كل ما هو آت آت وإن طال زمنه‪ ,‬فلمييا وقييع مييا‬
‫كذبوا به ساءهم ذلك لما يعلمون ما لهم هنيياك ميين الشيير‬
‫أي فأحاط بهم ذلك وجاءهم من أمر الله ما لم يكيين لهييم‬
‫في بييال ول حسيياب }وبييدا لهييم ميين اللييه مييا لييم يكونييوا‬
‫يحتسبون * وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم مييا كييانوا‬
‫به يستهزئون{ ولهذا يقال لهم على وجه التقريع والتوبيييخ‬
‫}هييييذا الييييذي كنتييييم بييييه تييييدعون{ أي تسييييتعجلون‪.‬‬

‫ميين‬ ‫من َييا فَ َ‬


‫ح َ‬‫ي أ َوْ َر ِ‬
‫مع ِ ي َ‬
‫ميين ّ‬ ‫ي الل ّي ُ‬
‫ه وَ َ‬
‫ل أ َرأ َيتم إ َ‬
‫ن أهْل َك َن ِ َ‬ ‫** قُ ْ َ ْ ُ ْ ِ ْ‬
‫من ّييا ب ِيهِ‬
‫نآ َ‬ ‫مـ ُ‬ ‫ح َ‬
‫ل هُوَ الّر ْ‬ ‫ب أ َِليم ٍ * قُ ْ‬‫ذا ٍ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِ‬ ‫ري َ‬ ‫جيُر ال ْ َ‬
‫كافِ ِ‬ ‫يُ ِ‬

‫‪764‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ن * قُ ي ْ‬
‫ل‬ ‫مِبي ي ٍ‬
‫ل ّ‬ ‫ض ْيل َ ٍ‬
‫ن هُ يوَ فِييي َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫ست َعْل َ ُ‬‫وَعَل َي ْهِ ت َوَك ّل َْنا فَ َ‬
‫أ َرأ َيت يم إ َ‬
‫ن‬
‫مِعي ي ٍ‬
‫مييآٍء ّ‬
‫م بِ َ‬ ‫ورا ً فَ َ‬
‫ميين ي َيأِتيك ُ ْ‬ ‫م غ َي ْ‬‫مييآؤُك ُ ْ‬‫ح َ‬ ‫ص يب َ َ‬
‫نأ ْ‬ ‫َ ُْ ْ ِ ْ‬
‫يقول تعالى‪} :‬قييل{ يييا محمييد لهييؤلء المشييركين بييالله‬
‫الجاحدين لنعمييه }أرأيتييم إن أهلكنييي اللييه وميين معييي أو‬
‫رحمنا فمن يجير الكييافرين ميين عييذاب أليييم{ أي خلصييوا‬
‫أنفسييكم فييإنه ل منقييذ لكييم ميين اللييه إل التوبيية والنابيية‬
‫والرجوع إلى دينييه ول ينفعكييم وقييوع مييا تتمنييون لنييا ميين‬
‫العذاب والنكال‪ ,‬فسواء عذبنا الله أو رحمنا فل مناص لكم‬
‫من نكاله وعذابه الليم الواقع بكم‪ .‬ثم قييال تعييالى‪} :‬قييل‬
‫هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنيا{ أي آمنيا بيرب العيالمين‬
‫الرحمن الرحيم وعليه توكلنا فييي جميييع أمورنييا كمييا قييال‬
‫تعيييالى‪} :‬فاعبيييده وتوكيييل علييييه{ ولهيييذا قيييال تعيييالى‪:‬‬
‫}فستعلمون من هو في ضلل مبين{ أي منا ومنكم ولمن‬
‫لخييييييييرة‪.‬‬ ‫تكييييييييون العاقبيييييييية فييييييييي الييييييييدنيا وا َ‬
‫ثم قال تعالى إظهارا ً للرحمة في خلقه‪} :‬قيل أرأيتيم إن‬
‫أصبح ماؤكم غييورًا{ أي ذاهبيا ً فييي الرض إلييى أسييفل فل‬
‫ينال بالفؤوس الحداد ول السواعد الشداد‪ ,‬والغائر عكييس‬
‫النابع ولهذا قال تعالى‪} :‬فمن يأتيكم بماء معين{ أي نييابع‬
‫سائح جار على وجه الرض‪ ,‬أي ل يقدر على ذلييك إل اللييه‬
‫عز وجل فمن فضله وكرمه أن أنبييع لكييم المييياه وأجراهييا‬
‫في سائر أقطار الرض بحسب ما يحتيياج العبيياد إليييه ميين‬
‫القليية والكييثرة‪ ,‬فللييه الحمييد والمنيية‪ .‬آخيير تفسييير سييورة‬
‫الملك ولله الحمد والمنة‪.‬‬

‫سورة القلم‬
‫م‬ ‫حي‬‫ر‬‫ال‬
‫ِ ّ ِ ِ‬ ‫ن‬ ‫سم ِ الل ّهِ ّ ْ‬
‫حمـ‬ ‫ر‬‫ال‬ ‫بِ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مُنو ٍ‬ ‫جرا ً غ َي َْر َ‬
‫م ْ‬ ‫كل ْ‬ ‫ن لَ َ‬‫ن * وَإ ِ ّ‬ ‫ج َُنو ٍ‬
‫م ْ‬ ‫مةِ َرب ّ َ‬
‫ك بِ َ‬ ‫ت ب ِن ِعْ َ‬‫مآ أن َ‬ ‫ن* َ‬ ‫سط ُُرو َ‬ ‫ما ي َ ْ‬‫قل َم ِ وَ َ‬‫ن َوال ْ َ‬ ‫** َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن َرب ّ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫* وَإ ِن ّ َ‬
‫م‬‫ك هُوَ أع ْل ُ‬ ‫ن * إِ ّ‬ ‫فُتو ُ‬ ‫م ْ‬
‫م ال َ‬‫ن * ب ِأي ّك ُ‬ ‫صُرو َ‬ ‫صُر وَي ُب ْ ِ‬ ‫ست ُب ْ ِ‬ ‫ظيم ٍ * فَ َ‬ ‫ق عَ ِ‬ ‫خل ٍ‬ ‫ى ُ‬‫ك لعَل َ‬
‫ن‬ ‫دي‬ ‫ت‬‫ه‬‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫با‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫ه‬‫و‬ ‫ه‬‫ل‬ ‫بي‬ ‫س‬ ‫عن‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ض‬
‫َ ِ ِ ِ َ ُ َ ْ ُ ِ ُ َْ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫من َ‬ ‫بِ َ‬
‫قد تقدم الكلم على حروف الهجاء في أول سورة البقرة وأن قوله تعالى‪} :‬ن{‬
‫كقوله }ص{‪} .‬ق{ ونحو ذلك من الحروف المقطعة في أوائل السور‪ ,‬وتحرير القول‬
‫في ذلك بما أغنى عن إعادته ههنا‪ ,‬وقيل‪ :‬المراد بقول }ن{ حوت عظيم على تيار‬
‫الماء العظيم المحيط‪ ,‬وهو حامل للرضين السبع كما قال المام أبو جعفر بن جرير‪:‬‬
‫حدثنا ابن بشار‪ ,‬حدثنا يحيى‪ ,‬حدثنا سفيان هو الثوري‪ ,‬حدثنا سليمان هو العمش عن‬

‫‪765‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبي ظبيان عن ابن عباس قال‪ :‬أول ما خلق الله القلم قال‪ :‬اكتب‪ .‬قال‪ :‬وماذا أكتب ؟‬
‫قال‪ :‬اكتب القدر‪ ,‬فجرى بما يكون من ذلك اليوم إلى قيام الساعة‪ ,‬ثم خلق النون‬
‫ورفع بخار الماء ففتقت منه السماء وبسطت الرض على ظهر النون‪ ,‬فاضطرب النون‬
‫فمادت الرض فأثبتت بالجبال فإنها لتفخر على الرض‪ ,‬وكذا رواه ابن أبي حاتم عن‬
‫أحمد بن سنان عن أبي معاوية عن العمش به‪ ,‬وهكذا رواه شعبة ومحمد بن فضيل‬
‫ووكيع عن العمش به‪.‬‬
‫وزاد شعبة في روايته ثم قرأ }ن والقلم وما يسطرون{ وقد رواه شريك عن‬
‫العمش عن أبي ظبيان أو مجاهد عن ابن عباس فذكر نحوه‪ ,‬ورواه معمر عن‬
‫العمش أن ابن عباس قال‪ :‬فذكره ثم قرأ }ن والقلم وما يسطرون{ ثم قال ابن‬
‫جرير‪ :‬حدثنا ابن حميد‪ ,‬حدثنا جرير عن عطاء عن أبي الضحى عن ابن عباس قال‪ :‬إن‬
‫أول شيء خلق ربي عز وجل القلم ثم قال له‪ :‬اكتب‪ ,‬فكتب ما هو كائن إلى أن تقوم‬
‫الساعة‪ ,‬ثم خلق النون فوق الماء ثم كبس الرض عليه‪ .‬وقد روى الطبراني ذلك‬
‫مرفوعًا‪ ,‬فقال‪ :‬حدثنا أبو حبيب زيد بن المهدي المروزي‪ ,‬حدثنا سعيد بن يعقوب‬
‫الطالقاني‪ ,‬حدثنا مؤمل بن إسماعيل‪ ,‬حدثنا حماد بن زيد عن عطاء بن السائب عن‬
‫أبي الضحى مسلم بن صبيح عن ابن عباس قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪» :‬إن أول ما خلق الله القلم والحوت فقال للقلم‪ :‬اكتب‪ .‬قال‪ :‬ما أكتب ؟ قال‪:‬‬
‫كل شيء كائن إلى يوم القيامة« ثم قرأ }ن والقلم وما يسطرون{ فالنون الحوت‪,‬‬
‫والقلم القلم‪.‬‬
‫)حديث آخر( في ذلك رواه ابن عساكر عن أبي عبد الله مولى بني أمية عن أبي‬
‫صالح عن أبي هريرة‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬إن أول شيء‬
‫خلقه الله القلم ثم خلق النون وهي الدواة ثم قال له‪ :‬اكتب‪ ,‬قال‪ :‬وما أكتب ؟ قال‪:‬‬
‫اكتب ما يكون ي أو ما هو كائن ي من عمل أو رزق أو أثر أو أجل فكتب ذلك إلى يوم‬
‫القيامة‪ ,‬فذلك قوله‪} :‬ن والقلم وما يسطرون{ ثم ختم على القلم فلم يتكلم إلى يوم‬
‫القيامة ثم خلق العقل وقال‪ :‬وعزتي لكملنك فيمن أحببت ولنقصنك ممن أبغضت«‪.‬‬
‫وقال ابن أبي نجيح‪ :‬إن إبراهيم بن أبي بكر أخبره عن مجاهد قال‪ :‬كان يقال النون‬
‫الحوت العظيم الذي تحت الرض السابعة‪ ,‬وقد ذكر البغوي وجماعة من المفسرين أن‬
‫على ظهر هذا الحوت صخرة سمكها كغلظ السموات والرض‪ ,‬وعلى ظهرها ثور له‬
‫أربعون ألف قرن وعلى متنه الرضون السبع وما فيهن وما بينهن‪ ,‬والله أعلم‪ .‬ومن‬
‫العجيب أن بعضهم حمل على هذا المعنى الحديث الذي رواه المام أحمد‪ :‬حدثنا‬
‫إسماعيل‪ ,‬حدثنا حميد عن أنس أن عبد الله بن سلم بلغه مقدم رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم المدينة‪ ,‬فأتاه فسأله عن أشياء قال إني سائلك عن أشياء ل يعلمها إل نبي‪,‬‬
‫قال‪ :‬ما أول أشراط الساعة ؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة ؟ وما بال الولد ينزع‬
‫إلى أبيه ؟ وما بال الولد ينزع إلى أمه ؟ قال‪» :‬أخبرني بهن جبريل آنفًا« قال ابن‬
‫سلم‪ :‬فذاك عدو اليهود من الملئكة‪ .‬قال‪» :‬أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من‬
‫المشرق إلى المغرب‪ ,‬وأول طعام يأكله أهل الجنة زيادة كبد الحوت‪ ,‬وأما الولد فإذا‬
‫سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد‪ ,‬وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت« ورواه‬
‫البخاري من طرق عن حميد ورواه مسلم أيضًا‪ ,‬وله من حديث ثوبان مولى رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم نحو هذا‪ ,‬وفي صحيح مسلم من حديث أبي أسماء الرحبي عن‬
‫ثوبان أن حبرا ً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسائل‪ ,‬فكان منها أن قال‪:‬‬
‫فما تحفتهم‪ ,‬يعني أهل الجنة حين يدخلون الجنة‪ ,‬قال‪» :‬زيادة كبد الحوت« قال‪ :‬فما‬
‫غذاؤهم على أثرها ؟ قال‪» :‬ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها« قال‪ :‬فما‬
‫ل« وقيل‪ :‬المراد بقوله‪} :‬ن{ لوح‬ ‫شرابهم عليه ؟ قال »من عين فيها تسمى سلسبي ً‬
‫من نور‪.‬‬
‫قال ابن جرير‪ :‬حدثنا الحسن بن شبيب المكتب‪ ,‬حدثنا محمد بن زياد الجزري عن‬
‫فرات بن أبي الفرات عن معاوية بن قرة عن أبيه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم }ن والقلم وما يسطرون{ لوح من نور وقلم من نور يجري بما هو كائن إلى‬
‫يوم القيامة‪ ,‬وهذا مرسل غريب‪ ,‬وقال ابن جريج‪ :‬أخبرت أن ذلك القلم من نور طوله‬
‫مائة عام‪ ,‬وقيل المراد بقوله‪} :‬ن{ دواة‪ ,‬والقلم القلم‪ .‬قال ابن جرير‪ :‬حدثنا عبد‬
‫العلى‪ ,‬حدثنا أبو ثور عن معمر عن الحسن وقتادة في قوله }ن{ قال هي الدواة‪ ,‬وقد‬

‫‪766‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫روي في هذا حديث مرفوع غريب جدا ً فقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا هشام بن‬
‫خالد‪ ,‬حدثنا الحسن بن يحيى‪ ,‬حدثنا أبو عبد الله مولى بني أمية عن أبي صالح عن أبي‬
‫هريرة قال‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬خلق الله النون وهي‬
‫الدواة«‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا ابن حميد‪ ,‬حدثنا يعقوب‪ ,‬حدثنا أخي عيسى بن عبد الله حدثنا‬
‫ثابت الثمالي عن ابن عباس قال‪ :‬إن الله خلق النون وهي الدواة‪ ,‬وخلق القلم‪ :‬فقال‬
‫اكتب‪ .‬قال‪ :‬وما أكتب ؟ قال‪ :‬اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة من عمل معمول به بر‬
‫أو فجور أو رزق مقسوم حلل أو حرام‪ ,‬ثم ألزم كل شيء من ذلك شأنه دخوله في‬
‫الدنيا ومقامه فيها كم وخروجه منها كيف‪ ,‬ثم جعل على العباد حفظة وللكتاب خزانا ً‬
‫فالحفظة ينسخون كل يوم من الخزان عمل ذلك اليوم‪ ,‬فإذا فني الرزق وانقطع الثر‬
‫وانقضى الجل أتت الحفظة الخزنة يطلبون عمل ذلك اليوم‪ ,‬فتقول لهم الخزنة ما نجد‬
‫لصاحبكم عندنا شيئًا‪ ,‬فترجع الحفظة فيجدونهم قد ماتوا‪ .‬قال‪ :‬فقال ابن عباس‪ :‬ألستم‬
‫قوما ً عربا ً تسمعون الحفظة يقولون }إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون{ وهل يكون‬
‫الستنساخ إل من أصل‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬والقلم{ الظاهر أنه جنس القلم الذي يكتب به كقوله‪} :‬اقرأ وربك‬
‫الكرم الذي علم بالقلم علم النسان ما لم يعلم{ فهو قسم منه تعالى وتنبيه لخلقه‬
‫على ما أنعم به عليهم من تعليم الكتابة التي بها تنال العلوم‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬وما‬
‫يسطرون{ قال ابن عباس ومجاهد وقتادة‪ :‬يعني وما يكتبون‪ .‬وقال أبو الضحى عن ابن‬
‫عباس‪ :‬وما يسطرون أي وما يعملون وقال السدي‪ :‬وما يسطرون يعني الملئكة وما‬
‫تكتب من أعمال العباد‪ ,‬وقال آخرون‪ :‬بل المراد ههنا بالقلم الذي أجراه الله بالقدر‬
‫حين كتب مقادير الخلئق‪ ,‬قبل أن يخلق السموات والرضين بخمسين ألف عام‪.‬‬
‫وأوردوا في ذلك الحاديث الواردة في ذكر القلم فقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبو سعيد‬
‫بن يحيى بن سعيد القطان ويونس بن حبيب قال‪ :‬حدثنا أبو داود الطيالسي‪ ,‬حدثنا عبد‬
‫الواحد بن سليم السلمي عن عطاء‪ ,‬هو ابن أبي رباح‪ ,‬حدثني الوليد بن عبادة بن‬
‫الصامت قال‪ :‬دعاني أبي‪ ,‬حين حضره الموت فقال‪ :‬إني سمعت رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم يقول‪» :‬إن أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب‪ ,‬قال يا رب وما أكتب ؟‬
‫قال اكتب القدر وما هو كائن إلى البد« وهذا الحديث قد رواه المام أحمد من طرق‬
‫عن الوليد بن عبادة عن أبيه به‪ ,‬وأخرجه الترمذي من حديث أبي داود الطيالسي به‪,‬‬
‫وقال حسن صحيح غريب‪.‬‬
‫ورواه أبو داود في كتاب السنة من سننه عن جعفر بن مسافر عن يحيى بن حسان‬
‫عن ابن رباح عن إبراهيم بن أبي عبلة عن أبي حفصة‪ ,‬واسمه حبيش بن شريح‬
‫الحبشي الشامي‪ ,‬عن عبادة فذكره‪ .‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا محمد بن عبد الله‬
‫الطوسي‪ ,‬حدثنا علي بن الحسن بن شقيق‪ ,‬أنبأنا عبد الله بن المبارك‪ ,‬حدثنا رباح بن‬
‫زيد عن عمر بن حبيب عن القاسم بن أبي بزة‪ ,‬عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه‬
‫كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬إن أول شيء خلقه الله القلم‬
‫فأمره فكتب كل شيء« غريب من هذا الوجه ولم يخرجوه‪ ,‬وقال ابن أبي نجيح عن‬
‫مجاهد‪ :‬والقلم‪ ,‬يعني الذي كتب به الذكر‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬وما يسطرون{ أي يكتبون‬
‫كما تقدم‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬ما أنت بنعمة ربك بمجنون{ أي لست ولله الحمد بمجنون كما يقوله الجهلة‬
‫من قومك‪ ,‬المكذبون بما جئتهم به من الهدى والحق المبين‪ ,‬فنسبوك فيه إلى الجنون‪,‬‬
‫}وإن لك لجرا ً غير ممنون{ أي بل إن لك الجر العظيم والثواب الجزيل الذي ل‬
‫ينقطع ول يبيد على إبلغك رسالة ربك إلى الخلق وصبرك على أذاهم‪ ,‬ومعنى غير‬
‫ممنون أي غير مقطوع كقوله }عطاء غير مجذوذ{ }فلهم أجر غير ممنون{ أي غير‬
‫مقطوع عنهم‪ .‬وقال مجاهد‪ :‬غير ممنون أي غير محسوب وهو يرجع إلى ما قلناه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وإنك لعلى خلق عظيم{ قال العوفي عن ابن عباس‪ :‬وإنك لعلى دين‬
‫عظيم وهو(السلم‪ ,‬وكذلك قال مجاهد وأبو مالك والسدي والربيع بن أنس‪ ,‬وكذا قال‬
‫الضحاك وابن زيد‪ .‬وقال عطية‪ :‬لعلى أدب عظيم‪ .‬وقال معمر عن قتادة‪ :‬سئلت‬
‫عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت‪ :‬كان خلقه القرآن تقول كما‬
‫هو في القرآن‪ .‬وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قوله‪} :‬وإنك لعلى خلق عظيم{‬

‫‪767‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ذكر لنا أن سعد بن هشام سأل عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫فقالت‪ :‬ألست تقرأ القرآن ؟ قال‪ :‬بلى‪ .‬قالت‪ :‬فإن خلق رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم كان القرآن‪ .‬وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد‬
‫بن هشام قال‪ :‬سألت عائشة فقلت أخبريني يا أم المؤمنين عن خلق رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم فقالت‪ :‬أتقرأ القرآن ؟ فقلت‪ :‬نعم فقالت‪ :‬كان خلقه القرآن‪ .‬هذا‬
‫مختصر من حديث طويل‪ ,‬وقد رواه المام مسلم في صحيحه من حديث قتادة بطوله‪,‬‬
‫وسيأتي في سورة المزمل إن شاء الله تعالى وبه الثقة‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا إسماعيل حدثنا يونس عن الحسن قال‪ :‬سألت عائشة عن‬
‫خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت‪ :‬كان خلقه القرآن‪ .‬وقال المام أحمد‪:‬‬
‫حدثنا أسود‪ ,‬حدثنا شريك عن قيس بن وهب عن رجل من بني سواد قال‪ :‬سألت‬
‫عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت‪ :‬أما تقرأ القرآن ؟ }وإنك‬
‫لعلى خلق عظيم{ قال‪ :‬قلت حدثيني عن ذاك‪ .‬قالت‪ :‬صنعت له طعاما ً وصنعت له‬
‫حفصة طعامًا‪ ,‬فقلت لجاريتي اذهبي فإن جاءت هي بالطعام فوضعته قبل فاطرحي‬
‫الطعام‪ ,‬قالت فجاءت بالطعام قالت فألقت الجارية فوقعت القصعة فانكسرت وكان‬
‫نطع‪ ,‬قالت فجمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال »اقتصوا ي أو اقتصي شك‬
‫أسود ي ظرفا ً مكان ظرفك« قالت‪ :‬فما قال شيئًا‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا عبيد بن آدم بن أبي إياس‪ ,‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا المبارك بن فضالة‬
‫عن الحسن عن سعد بن هشام قال‪ :‬أتيت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فقلت‬
‫لها‪ :‬أخبريني بخلق النبي صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فقالت كان خلقه القرآن أما تقرأ‬
‫}وإنك لعلى خلق عظيم{ ؟ وقد روى أبو داود والنسائي من حديث الحسن نحوه‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثني يونس أنبأنا ابن وهب أخبرني معاوية بن صالح عن أبي‬
‫الزاهرية عن جبير بن نفير قال‪ :‬حججت فدخلت على عائشة رضي الله عنها فسألتها‬
‫عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت‪ :‬كان خلق رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم القرآن‪ ,‬وهكذا رواه أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي‪ ,‬ورواه النسائي في‬
‫التفسير عن إسحاق بن منصور عن عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح به‪.‬‬
‫ة له وخلقا ً‬‫ومعنى هذا أنه عليه الصلة والسلم صار امتثال القرآن أمرا ً ونهيا ً سجي ً‬
‫تطبعه وترك طبعه الجبلي‪ ,‬فمهما أمره القرآن فعله ومهما نهاه عنه تركه‪ ,‬هذا مع ما‬
‫جبله الله عليه من الخلق العظيم من الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم‪ ,‬وكل‬
‫خلق جميل كما ثبت في الصحيحين عن أنس قال‪ :‬خدمت رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم عشر سنين فما قال لي أف قط‪ ,‬ول قال لشيء فعلته‪ :‬لم فعلته ؟ ول لشيء‬
‫لم أفعله‪ :‬أل فعلته ؟ وكان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا ً ول مسست خزا ً‬
‫ول حريرا ً ول شيئا ً كان ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬ول شممت‬
‫مسكا ً ول عطرا ً كان أطيب من عرق رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬وقال البخاري‪:‬‬
‫حدثنا إسحاق بن منصور‪ ,‬حدثنا إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق قال‪:‬‬
‫سمعت البراء يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها ً وأحسن‬
‫الناس خلقا ً ليس بالطويل ول بالقصير والحاديث في هذا كثيرة ولبي عيسى الترمذي‬
‫في هذا كتاب الشمائل‪.‬‬
‫قال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الرزاق‪ ,‬حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة‬
‫قالت‪ :‬ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده خادما ً له قط‪ ,‬ول ضرب امرأة‪,‬‬
‫ول ضرب بيده شيئا ً قط إل أن يجاهد في سبيل الله‪ ,‬ول خير بين شيئين قط إل كان‬
‫أحبهما إليه أيسرهما حتى يكون إثمًا‪ ,‬فإذا كان إثما ً كان أبعد الناس من الثم‪ ,‬ول انتقم‬
‫لنفسه من شيء يؤتى إليه إل أن تنتهك حرمات الله فيكون هو ينتقم لله عز وجل‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا سعيد بن منصور‪ ,‬حدثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن‬
‫عجلن‪ ,‬عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬إنما بعثت لتمم صالح الخلق« تفرد به‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون{ فستعلم يا محمد وسيعلم‬
‫مخالفوك ومكذبوك من المفتون الضال منك ومنهم‪ ,‬وهذا كقوله تعالى‪} :‬سيعلمون‬
‫غدا ً من الكذاب الشر{ وكقوله تعالى‪} :‬وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلل مبين{‬
‫لية ستعلم ويعلمون يوم القيامة‪ ,‬وقال‬ ‫قال ابن جريج‪ :‬قال ابن عباس في هذه ا َ‬

‫‪768‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العوفي عن ابن عباس‪ :‬بأيكم المفتون أي المجنون‪ ,‬وكذا قال مجاهد وغيره‪ ,‬وقال‬
‫قتادة وغيره‪ :‬بأيكم المفتون أي أولى بالشيطان‪ ,‬ومعنى المفتون ظاهر أي الذي قد‬
‫افتتن عن الحق وضل عنه‪ ,‬وإنما دخلت الباء في قوله بأيكم لتدل على تضمين الفعل‬
‫في قوله }فستبصر ويبصرون{ وتقديره فستعلم ويعلمون أو فستخبر ويخبرون بأيكم‬
‫المفتون‪ ,‬والله أعلم‪ .‬ثم قال تعالى‪} :‬إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم‬
‫بالمهتدين{ أي هو يعلم تعالى أي الفريقين منكم ومنهم هو المهتدي‪ ,‬ويعلم الحزب‬
‫الضال عن الحق‪.‬‬

‫ماٍز‬ ‫ن * هَ ّ‬ ‫مِهي ٍ‬‫ف ّ‬‫حل ّ ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫ن * وَل َ ت ُط ِعْ ك ُ ّ‬ ‫ن فَي ُد ْه ُِنو َ‬ ‫دوا ْ ل َوْ ت ُد ْه ِ ُ‬‫ن * وَ ّ‬ ‫مك َذ ِّبي َ‬ ‫** فَل َ ت ُط ِِع ال ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫معْت َد ٍ أِثيم ٍ * ع ُت ُ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ن*‬ ‫ل وَب َِني َ‬
‫ما ٍ‬
‫ذا َ‬ ‫ل ب َعْد َ ذ َل ِك َزِنيم ٍ * أن كا َ‬ ‫خي ْرِ ُ‬‫مّناٍع لل َ‬ ‫ميم ٍ * ّ‬ ‫شآِء ب ِن َ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ّ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫طو‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫ن‬‫س‬ ‫*‬ ‫ن‬ ‫لي‬ ‫و‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫طي‬ ‫سا‬ ‫ل أَ‬‫َ‬ ‫قا‬‫َ‬ ‫نا‬ ‫ت‬‫يا‬ ‫آ‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫َ‬
‫ذا‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫إِ‬
‫يقول تعالى كما أنعمنا عليك وأعطيناك الشرع المستقيم والخلق العظيم }فل تطع‬
‫المكذبين * ودوا لوتدهن فيدهنون{ قال ابن عباس‪ :‬لو ترخص لهم فيرخصون‪ .‬وقال‬
‫مجاهد }ودوا لو تدهن{ تركن إلى آلهتهم وتترك ما أنت عليه من الحق‪ .‬ثم قال تعالى‪:‬‬
‫}ولتطع كل حلف مهين{ وذلك أن الكاذب لضعفه ومهانته إنما يتقي بأيمانه الكاذبة‬
‫التي يجترىء بها على أسماء الله تعالى واستعمالها في كل وقت في غير محلها‪ ,‬قال‬
‫ابن عباس‪ :‬المهين الكاذب‪ ,‬وقال مجاهد‪ :‬هو الضعيف القلب‪ ,‬قال الحسن‪ :‬كل حلف‬
‫مكابر مهين ضعيف‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬هماز{ قال ابن عباس وقتادة‪ :‬يعني الغتياب }مشاء بنميم{ يعني‬
‫الذي يمشي بين الناس ويحرش بينهم وينقل الحديث لفساد ذات البين وهي الحالقة‪,‬‬
‫وقد ثبت في الصحيحين من حديث مجاهد عن طاوس عن ابن عباس قال‪ :‬مر رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال »إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير‪ ,‬أما‬
‫لخر فكان يمشي بالنميمة« الحديث‪ .‬وأخرجه‬ ‫أحدهما فكان ل يستتر من البول‪ ,‬وأما ا َ‬
‫بقية الجماعة في كتبهم من طرق عن مجاهد به‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو معاوية‪ ,‬حدثنا العمش عن إبراهيم عن همام أن حذيفة‬
‫قال‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬ل يدخل الجنة قتات« رواه‬
‫الجماعة إل ابن ماجه من طرق عن إبراهيم به‪ ,‬وحدثنا عبد الرزاق‪ ,‬حدثنا الثوري عن‬
‫منصور عن إبراهيم عن همام عن حذيفة قال‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يقول‪» :‬ل يدخل الجنة قتات« يعني نمامًا‪ ,‬وحدثني يحيى بن سعيد القطان‪,‬‬
‫حدثنا أبو سعيد الحول عن العمش‪ ,‬حدثني إبراهيم منذ نحو ستين سنة عن همام بن‬
‫الحارث قال‪ :‬مر رجل على حذيفة‪ ,‬فقيل إن هذا يرفع الحديث إلى المراء‪ ,‬فقال‪:‬‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪ ,‬أو قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪» :‬ل يدخل الجنة قتات« وقال أحمد‪ :‬حدثنا هشام‪ ,‬حدثنا مهدي عن واصل‬
‫الحدب عن أبي وائل قال‪ :‬بلغ حذيفة عن رجل أنه ينم الحديث فقال‪ :‬سمعت رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬ل يدخل الجنة نمام«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الرزاق‪ ,‬أنبأنا معمر عن ابن خثيم عن شهر بن حوشب‪,‬‬
‫عن أسماء بنت يزيد بن السكن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬أل أخبركم‬
‫بخياركم ؟« قالوا‪ :‬بلى يا رسول الله‪ .‬قال‪» :‬الذين إذا رؤوا ذكر الله عز وجل« ثم‬
‫قال‪» :‬أل أخبركم بشراركم المشاؤون بالنميمة المفسدون بين الحبة الباغون للبرآء‬
‫العنت« ورواه ابن ماجه عن سويد بن سعيد عن يحيى بن مسلم عن ابن خثيم به وقال‬
‫المام أحمد‪ :‬حدثنا سفيان عن ابن أبي حسين عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن‬
‫بن غنم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم »خيار عباد الله الذين إذا رؤوا ذكر الله‪,‬‬
‫وشرار عباد الله المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الحبة الباغون للبرآء العنت«‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬مناع للخير معتد أثيم{ أي يمنع ما عليه وما لديه من الخير }معتد{‬
‫في تناول ما أحل الله له يتجاوز فيها الحد المشروع }أثيم{ أي يتناول المحرمات‪,‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬عتل بعد ذلك زنيم{ أما العتل فهو الفظ الغليظ الصحيح الجموع‬
‫المنوع‪ .‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا وكيع وعبد الرحمن عن سفيان عن معبد بن خالد عن‬

‫‪769‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حارثة بن وهب قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬أل أنبئكم بأهل الجنة كل‬
‫ضعيف متضعف لو أقسم على الله لبره‪ ,‬أل أنبئكم بأهل النار كل عتل جواظ‬
‫مستكبر« وقال وكيع »كل جواظ جعظري مستكبر« أخرجاه في الصحيحين وبقية‬
‫الجماعة إل أبا داود من حديث سفيان الثوري وشعبة كلهما عن سعيد بن خالد به‪.‬‬
‫وقال المام أحمد أيضًا‪ :‬حدثنا أبو عبد الرحمن‪ ,‬حدثنا موسى بن علي قال‪ :‬سمعت أبي‬
‫يحدث عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عند ذكر‬
‫أهل النار »كل جعظري جواظ مستكبر جماع مناع« تفرد به أحمد‪.‬‬
‫قال أهل اللغة‪ :‬الجعظري الفظ الغليظ‪ .‬والجواظ الجموع المنوع‪ .‬وقال المام أحمد‪:‬‬
‫حدثنا وكيع‪ ,‬حدثنا عبد الحميد عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم قال‪ :‬سئل‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العتل الزنيم فقال‪» :‬هو الشديد الخلق المصحح‬
‫الكول الشروب الواجد للطعام والشراب‪ ,‬الظلوم للناس رحيب الجوف« وبهذا السناد‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ل يدخل الجنة الجواظ الجعظري العتل‬
‫الزنيم« وقد أرسله أيضا ً غير واحد من التابعين‪ :‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا ابن عبد العلى‪,‬‬
‫حدثنا ابن ثور عن معمر عن زيد بن أسلم قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫»تبكي السماء من عبد أصح الله جسمه‪ .‬وأرحب جوفه وأعطاه من الدنيا مقضما ً فكان‬
‫للناس ظلوما ً قال فذلك العتل الزنيم« وهكذا رواه ابن أبي حاتم من طريقين مرسلين‬
‫ونص عليه غير واحد من السلف‪ ,‬منهم مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة وغيرهم أن‬
‫العتل هو المصحح الخلق الشديد القوي في المأكل والمشرب والمنكح وغير ذلك‪ ,‬وأما‬
‫الزنيم فقال البخاري‪ :‬حدثنا محمود حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن أبي حصين عن‬
‫مجاهد عن ابن عباس }عتل بعد ذلك زنيم{ قال‪ :‬رجل من قريش له زنمة مثل زنمة‬
‫الشاة‪ ,‬ومعنى هذا أنه كان مشهورا ً بالسوء كشهرة الشاة ذات الزنمة من بين أخواتها‪,‬‬
‫وإنما الزنيم في لغة العرب هو الدعي في القوم‪ ,‬قاله ابن جرير وغير واحد من الئمة‪,‬‬
‫وقال‪ :‬ومنه قول حسان بن ثابت‪ ,‬يعني يذم بعض كفار قريش‪:‬‬
‫وأنت زنيم نيط في آل هاشمكما نيط خلف الراكب القدح الفرد‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫زنيم ليس يعرف من أبوهبغي الم ذو حسب لئيم‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا عمار بن خالد الواسطي‪ ,‬حدثنا أسباط عن هشام عن‬
‫عكرمة عن ابن عباس في قوله‪} :‬زنيم{ قال‪ :‬الدعي الفاحش اللئيم‪ .‬ثم قال ابن‬
‫عباس‪:‬‬
‫زنيم تداعاه الرجال زيادةكما زيد في عرض الديم الكارع‬
‫وقال العوفي عن ابن عباس‪ :‬الزنيم الدعي‪ ,‬ويقال‪ :‬الزنيم رجل كانت به زنمة يعرف‬
‫بها‪ ,‬ويقال‪ :‬هو الخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة‪ ,‬وزعم أناس من بني زهرة‬
‫أن الزنيم السود بن عبد يغوث الزهري وليس به‪ .‬وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد عن‬
‫ابن عباس أنه زعم أن الزنيم الملحق النسب‪ ,‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثني يونس حدثنا‬
‫ابن وهب حدثني سليمان بن بلل عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب‬
‫لية }عتل بعد ذلك زنيم{ قال سعيد‪ :‬هو الملصق بالقوم‬ ‫أنه سمعه يقول في هذه ا َ‬
‫ليس منهم‪ ,‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبو سعيد الشج حدثنا عقبة بن خالد عن عامر‬
‫بن قدامة قال‪ :‬سئل عكرمة عن الزنيم قال‪ :‬هو ولد الزنا‪.‬‬
‫وقال الحكم بن أبان عن عكرمة في قوله تعالى‪} :‬عتل بعد ذلك زنيم{ قال‪ :‬يعرف‬
‫المؤمن من الكافر مثل الشاة الزنماء‪ ,‬والزنماء من الشياه التي في عنقها هنتان‬
‫معلقتان في حلقها‪ .‬وقال الثوري عن جابر عن الحسن عن سعيد بن جبير قال‪ :‬الزنيم‬
‫الذي يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها والزنيم الملصق‪ .‬رواه ابن جرير‪ ,‬وروي‬
‫أيضا ً من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال في الزنيم‪ :‬نعت‬
‫فلم يعرف حتى قيل زنيم‪ .‬قال وكانت له زنمة في عنقه يعرف بها قال‪ :‬وقال آخرون‬
‫كان دعيًا‪.‬‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا أبو كريب حدثنا ابن إدريس عن أبيه عن أصحاب التفسير‬
‫قالوا‪ :‬هو الذي تكون له زنمة مثل زنمة الشاة‪ ,‬وقال الضحاك‪ :‬كانت له زنمة في أصل‬
‫أذنه ويقال‪ :‬هو اللئيم الملصق في النسب‪ ,‬وقال أبو إسحاق عن سعيد بن جبير عن‬
‫ابن عباس‪ :‬هو المريب الذي يعرف بالشر‪ ,‬وقال مجاهد‪ :‬الزنيم الذي يعرف بهذا‬

‫‪770‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الوصف كما تعرف الشاة‪ ,‬وقال أبو رزين‪ :‬الزنيم علمة الكفر‪ ,‬وقال عكرمة‪ :‬الزنيم‬
‫الذي يعرف باللؤم كما تعرف الشاة بزنمتها‪ .‬والقوال في هذا كثيرة وترجع إلى ما‬
‫قلناه وهو أن الزنيم هو المشهور بالشر الذي يعرف به من بين الناس وغالبا ً يكون دعيا ً‬
‫ولد زنا‪ ,‬فإنه في الغالب يتسلط الشيطان عليه ما ل يتسلط على غيره كما جاء في‬
‫لخر »ولد الزنا شر الثلثة إذا عمل‬ ‫الحديث »ل يدخل الجنة ولد زنا« وفي الحديث ا َ‬
‫بعمل أبويه«‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الولين{ يقول‬
‫تعالى‪ :‬هذه مقابلة ما أنعم الله عليه من المال والبنين كفر بآيات الله عز وجل وأعرض‬
‫عنه‪ ,‬وزعم أنها كذب مأخوذ من أساطير الولين كقوله تعالى‪} :‬ذرني ومن خلقت‬
‫وحيدا ً * وجعلت له مال ً ممدودا ً * وبنين شهودا ً * ومهدت له تمهيدا ً * ثم يطمع أن أزيد‬
‫لياتنا عنيدا ً * سأرهقه صعودا ً * إنه فكر وقدر * فقتل كيف قدر * ثم قتل‬ ‫* كل إنه كان َ‬
‫كيف قدر * ثم نظر * ثم عبس وبسر * ثم أدبر واستكبر * فقال إن هذا إل سحر يؤثر‬
‫* إن هذا إل قول البشر * سأصليه سقر * وما أدراك ما سقر * ل تبقي ول تذر *‬
‫لواحة للبشر * عليها تسعة عشر{‪.‬‬
‫وقال تعالى ههنا‪} :‬سنسمه على الخرطوم{ قال ابن جرير‪ :‬سنبين أمره بيانا ً واضحا ً‬
‫حتى يعرفوه ول يخفى عليهم كما ل تخفى عليهم السمة على الخراطيم‪ ,‬وهكذا قال‬
‫قتادة‪} :‬سنسمه على الخرطوم{ شين ل يفارقه آخر ما عليه‪ ,‬وفي رواية عنه‪ .‬سيما‬
‫على أنفه‪ ,‬وكذا قال السدي وقال العوفي عن ابن عباس }سنسمه على الخرطوم{‬
‫يقاتل يوم بدر فيخطم بالسيف في القتال‪.‬‬
‫وقال آخرون }سنسمه{ سمة أهل النار يعني نسود وجهه يوم القيامة وعبر عن‬
‫الوجه بالخرطوم‪ .‬حكى ذلك كله أبو جعفر بن جرير‪ ,‬ومال إلى أنه ل مانع من اجتماع‬
‫الجميع عليه في الدنيا وا َ‬
‫لخرة وهو متجه‪.‬‬
‫وقد قال ابن أبي حاتم في سورة }عم يتساءلون{ حدثنا أبي حدثنا أبو صالح كاتب‬
‫الليث حدثني خالد بن سعيد عن عبد الملك بن عبد الله‪ ,‬عن عيسى بن هلل الصدفي‬
‫عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪» :‬إن العبد يكتب‬
‫مؤمنا ً أحقابا ً ثم أحقابا ً ثم يموت والله عليه ساخط‪ ,‬وإن العبد يكتب كافرا ً أحقابا ً ثم‬
‫أحقابا ً ثم يموت والله عليه راض‪ ,‬ومن مات همازا ً لمازا ً ملقبا ً للناس كان علمته يوم‬
‫القيامة أن يسمه الله على الخرطوم من كل الشفتين«‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫ست َث ُْنو َ‬ ‫ن * وَل َ ي َ ْ‬ ‫حي َ‬ ‫صب ِ ِ‬
‫م ْ‬ ‫من َّها ُ‬ ‫صرِ ُ‬ ‫موا ْ ل َي َ ْ‬ ‫َ‬
‫س ُ‬ ‫جن ّةِ إ ِذ ْ أقْ َ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫حا َ‬ ‫ص َ‬ ‫ما ب َل َوَْنآ أ ْ‬ ‫م كَ َ‬ ‫** إ ِّنا ب َل َوَْناهُ ْ‬
‫ن*‬ ‫حي َ‬ ‫صب ِ ِ‬‫م ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ريم ِ * فت ََناد َوْا ُ‬ ‫ص ِ‬ ‫ت كال ّ‬ ‫َ‬ ‫ح ْ‬ ‫صب َ َ‬‫ن * فأ ْ‬‫َ‬ ‫مو َ‬ ‫م َنآئ ِ ُ‬ ‫من ّرب ّك وَهُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ف ّ‬ ‫ف ع َل َي َْها طآئ ِ ٌ‬
‫َ‬ ‫طا َ‬ ‫فَ َ‬
‫خل َن َّها‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن * أن ل ّ ي َد ْ ُ‬ ‫خافَُتو َ‬ ‫م ي َت َ َ‬‫قوا ْ وَهُ ْ‬ ‫ن * َفانط َل َ ُ‬ ‫مي َ‬ ‫صارِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫م ِإن ُ‬ ‫حْرث ِك ُ ْ‬ ‫ى َ‬ ‫دوا ْ ع َل َ َ‬ ‫ن اغ ْ ُ‬ ‫أ ِ‬
‫َ‬
‫ل‬‫ن * بَ ْ‬ ‫ضآّلو َ‬ ‫ها َقال ُوَا ْ إ ِّنا ل َ َ‬ ‫ما َرأوْ َ‬ ‫ن * فَل َ ّ‬ ‫حْرد ٍ َقاد ِِري َ‬ ‫ى َ‬ ‫ن * َوَغ َد َوْا ْ ع َل َ َ َ‬ ‫كي ٌ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫م ع َل َي ْك ُ ْ‬ ‫ال ْي َوْ َ‬
‫َ‬
‫ن َرب َّنآ إ ِّنا ك ُّنا‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ن * َقاُلوا ْ ُ‬ ‫حو َ‬ ‫سب ّ ُ‬ ‫م ل َوْل َ ت ُ َ‬ ‫ل ل ّك ُ ْ‬ ‫م أقُ ْ‬ ‫م أل َ ْ‬ ‫سط ُهُ ْ‬ ‫ل أو ْ َ‬ ‫ن * َقا َ‬ ‫مو َ‬ ‫حُرو ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ح ُ‬ ‫نَ ْ‬
‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن * فأقب َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س َ‬ ‫ن * عَ َ‬ ‫ن * قالوا ي َوَي ْلَنا إ ِّنا كّنا طاِغي َ‬ ‫مو َ‬ ‫ض ي َت َلوَ ُ‬ ‫ى ب َعْ ٍ‬ ‫م ع َل َ‬ ‫ضهُ ْ‬ ‫ل ب َعْ ُ‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬
‫خَرةِ أ َك ْب َُر ل َْ‬
‫و‬ ‫ب ال َ ِ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ب وَل َعَ َ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ك ال ْعَ َ‬ ‫ن * ك َذ َل ِ َ‬ ‫ى َرب َّنا َراِغُبو َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫نآ‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫هآ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ً‬ ‫ا‬‫ير‬ ‫ْ‬ ‫خ‬‫َ‬ ‫نا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫ب‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫ربنآ َ‬
‫َ َّ‬
‫ّ َ ِ ِ َ‬
‫ن‬‫مو َ‬ ‫َ‬
‫كاُنوا ي َعْل ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫هذا مثل ضربه الله تعالى لكفار قريش فيما أهدى إليهم من الرحمة العظيمة‬
‫وأعطاهم من النعمة الجسيمة‪ ,‬وهو بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إليهم فقابلوه‬
‫بالتكذيب والرد والمحاربة‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬إنا بلوناهم{ أي اختبرناهم }كما بلونا‬
‫أصحاب الجنة{ وهي البستان المشتمل على أنواع الثمار والفواكه }إذ أقسموا‬
‫ليصرمنها مصبحين{ أي حلفوا فيما بينهم ليجذن ثمرها ليل ً لئل يعلم بهم فقير ول سائل‬
‫ليتوفر ثمرها عليهم ول يتصدقوا منه بشيء }ول يستثنون{ أي فيما حلفوا به‪ ,‬ولهذا‬
‫حنثهم الله في أيمانهم فقال تعالى‪} :‬فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون{ أي‬
‫أصابتها آفة سماوية }فأصبحت كالصريم{ قال ابن عباس كالليل السود وقال الثوري‬
‫والسدي مثل الزرع إذا حصد أي هشيما ً يبسًا‪ .‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬ذكر عن أحمد بن‬
‫الصباح أنبأنا بشير بن زاذان عن عمر بن صبح عن ليث بن أبي سليم‪ ,‬عن عبد الرحمن‬
‫بن سابط عن ابن مسعود قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إياكم‬

‫‪771‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والمعاصي إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به رزقا ً قد كان هيىء له« ثم تل رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم »فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم«‬
‫قد حرموا خير جنتهم بذنبهم‪.‬‬
‫ً‬
‫}فتنادوا مصبحين{ أي لما كان وقت الصبح نادى بعضهم بعضا ليذهبوا إلى الجذاذ أي‬
‫القطع }أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين{ أي تريدون الصرام قال مجاهد‪ :‬كان‬
‫حرثهم عنبا ً }فانطلقوا وهم يتخافتون{ أي يتناجون فيما بينهم بحيث ل يسمعون أحدا ً‬
‫كلمهم‪ .‬ثم فسر الله سبحانه وتعالى عالم السر والنجوى ما كانوا يتخافتون به فقال‬
‫تعالى‪} :‬فانطلقوا وهم يتخافتون أن ل يدخلنها اليوم عليكم مسكين{ أي يقول بعضهم‬
‫لبعض ل تمكنوا اليوم فقيرا ً يدخلها عليكم‪ ,‬قال الله تعالى‪} :‬وغدوا على حرد{ أي قوة‬
‫وشدة‪.‬‬
‫وقال مجاهد }وغدوا على حرد{ أي جد‪ ,‬وقال عكرمة‪ :‬على غيظ‪ ,‬وقال الشعبي‬
‫}على حرد{ على المساكين‪ ,‬وقال السدي }على حرد{ أي كان اسم قريتهم حرد‬
‫فأبعد السدي في قوله هذا }قادرين{ أي عليها فيما يزعمون ويرومون }فلما رأوها‬
‫قالوا إنا لضالون{ أي فلما وصلوا إليها وأشرفوا عليها وهي على الحالة التي قال الله‬
‫عز وجل قد استحالت عن تلك النضارة والزهرة وكثرة الثمار إلى أن صارت سوداء‬
‫مدلهمة ل ينتفع بشيء منها فاعتقدوا أنهم قد أخطأوا الطريق ولهذا قالوا }إنا‬
‫لضالون{ أي قد سلكنا إليها غير الطريق فتهنا عنها قاله ابن عباس وغيره‪ ,‬ثم رجعوا‬
‫عما كانوا فيه وتيقنوا أنها هي فقالوا }بل نحن محرومون{ أي بل هي هذه ولكن نحن‬
‫ل حظ لنا ول نصيب‪.‬‬
‫}قال أوسطهم{ قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة ومحمد بن كعب‬
‫والربيع بن أنس والضحاك وقتادة‪ :‬أي أعدلهم وخيرهم }ألم أقل لكم لول تسبحون ؟{‬
‫قال مجاهد والسدي وابن جريج }لول تسبحون{ أي لول تستثنون قال السدي‪ :‬وكان‬
‫استثناؤهم في ذلك الزمان تسبيحا ً وقال ابن جرير‪ :‬هو قول القائل إن شاء الله‪ ,‬وقيل‬
‫معناه قال أوسطهم ألم أقل لكم لول تسبحون أي هل تسبحون الله وتشكرونه على ما‬
‫أعطاكم وأنعم به عليكم }قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين{ أتوا بالطاعة حيث ل تنفع‬
‫وندموا واعترفوا حيث ل ينجع‪ ,‬ولهذا قالوا }إنا كنا ظالمين * فأقبل بعضهم على بعض‬
‫يتلومون{ أي يلوم بعضهم بعضا ً على ما كانوا أصروا عليه من منع المساكين من حق‬
‫الجذاذ‪ ,‬فما كان جواب بعضهم لبعض إل العتراف بالخطيئة والذنب }قالوا يا ويلنا إنا‬
‫كنا طاغين{ أي اعتدينا وبغينا وطغينا وجاوزنا الحد حتى أصابنا ما أصابنا‪.‬‬
‫}عسى ربنا أن يبدلنا خيرا ً منها إنا إلى ربنا راغبون{ قيل‪ :‬رغبوا في بذلها لهم في‬
‫لخرة والله أعلم‪ .‬ثم قد ذكر بعض السلف أن‬ ‫الدنيا وقيل احتسبوا ثوابها في الدار ا َ‬
‫هؤلء قد كانوا من أهل اليمن‪ ,‬قال سعيد بن جبير‪ :‬كانوا من قرية يقال لها ضروان‬
‫على ستة أميال من صنعاء‪ .‬وقيل‪ :‬كانوا من أهل الحبشة‪ ,‬وكان أبوهم قد خلف لهم‬
‫هذه الجنة وكانوا من أهل الكتاب‪ .‬وقد كان أبوهم يسير فيها سيرة حسنة فكان ما‬
‫يستغل منها يرد فيها ما تحتاج إليه ويدخر لعياله قوت سنتهم ويتصدق بالفاضل‪ ,‬فلما‬
‫مات وورثه بنوه قالوا‪ :‬لقد كان أبونا أحمق إذ كان يصرف من هذه شيئا ً للفقراء‪ ,‬ولو‬
‫أنا منعناهم لتوفر ذلك علينا فلما عزموا على ذلك عوقبوا بنقيض قصدهم‪ ,‬فأذهب الله‬
‫ما بأيديهم بالكلية رأس المال والربح والصدقة فلم يبق لهم شيء‪ .‬قال الله تعالى‪:‬‬
‫}كذلك العذاب{ أي هكذا عذاب من خالف أمر الله وبخل بما آتاه الله وأنعم به عليه‬
‫لخرة أكبر‬ ‫ومنع حق المسكين والفقير وذوي الحاجات وبدل نعمة الله كفرا ً }ولعذاب ا َ‬
‫لخرة أشق‪ ,‬وقد ورد في‬ ‫لو كانوا يعلمون{ أي هذه عقوبة الدنيا كما سمعتم وعذاب ا َ‬
‫حديث رواه الحافظ البيهقي من طريق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي‬
‫بن أبي طالب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الجذاذ‬
‫بالليل والحصاد بالليل‪.‬‬

‫َ‬
‫ما ل َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ن* َ‬‫مي َ‬
‫جرِ ِ‬‫م ْ‬‫كال ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫مي َ‬
‫سل ِ ِ‬‫م ْ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫ت الن ِّعيم ِ * أفَن َ ْ‬
‫جع َ ُ‬ ‫جّنا ِ‬‫م َ‬ ‫عن ْد َ َرب ّهِ ْ‬
‫ن ِ‬
‫قي َ‬
‫مت ّ ِ‬‫ن ل ّل ْ ُ‬‫** إ ِ ّ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ك َي ْ َ‬
‫م لك ْ‬ ‫ن* أ ْ‬‫خي ُّرو َ‬
‫ما ت َ َ‬ ‫م ِفيهِ ل َ‬ ‫ن لك ْ‬ ‫ن * إِ ّ‬ ‫سو َ‬ ‫ب ِفيهِ ت َد ُْر ُ‬‫م ك َِتا ٌ‬‫م لك ْ‬ ‫ن* أ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫حك ُ‬ ‫ف تَ ْ‬

‫‪772‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬ ‫م أ َي ُّهم ب ِذ َل ِ َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫م* أ ْ‬ ‫عي ٌ‬
‫ك َز ِ‬ ‫سل ْهُ ْ‬
‫ن* َ‬ ‫حك ُ ُ‬
‫مو َ‬ ‫م لَ َ‬
‫ما ت َ ْ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬
‫مةِ إ ِ ّ‬ ‫ى ي َوْم ِ ال ْ ِ‬
‫قَيا َ‬ ‫ة إ ِل َ َ‬
‫ن ع َل َي َْنا َبال ِغَ ٌ‬
‫ما ٌ‬
‫أي ْ َ‬
‫ن‬
‫صاد ِِقي َ‬‫كاُنوا ْ َ‬ ‫م ِإن َ‬ ‫شَر َ‬
‫كآئ ِهِ ْ‬ ‫كآُء فَل َْيأُتوا ْ ب ِ ُ‬ ‫شَر َ‬ ‫م ُ‬‫ل َهُ ْ‬
‫لما ذكر الله تعالى حال أهل الجنة الدنيوية وما أصابهم فيها من النقمة حين عصوا‬
‫لخرة جنات النعيم‬ ‫الله عز وجل‪ ,‬وخالفوا أمره بين أن لمن اتقاه وأطاعه في الدار ا َ‬
‫التي ل تبيد ول تفرغ ول ينقضي نعيمها ثم قال تعالى‪} :‬أفنجعل المسلمين‬
‫كالمجرمين{ أي أفنساوي بين هؤلء وهؤلء في الجزاء ؟ كل ورب الرض والسماء‬
‫ولهذا قال‪} :‬ما لكم كيف تحكمون{ أي كيف تظنون ذلك ؟‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬أم لكم كتاب فيه تدرسون * إن لكم فيه لما تخيرون{ يقول تعالى‪:‬‬
‫أفبأيديكم كتاب منزل من السماء تدرسونه وتحفظونه وتتداولونه بنقل الخلف عن‬
‫السلف متضمن حكما ً مؤكدا ً كما تدعونه ؟ }إن لكم فيه لما تخيرون * أم لكم أيمان‬
‫علينا بالغة إلى يوم القيامة ؟ إن لكم لما تحكمون{ أي أمعكم عهود منا ومواثيق‬
‫مؤكدة ؟ }إن لكم لما تحكمون{ أي أنه سيحصل لكم ما تريدون وتشتهون }سلهم‬
‫أيهم بذلك زعيم{ أي قل لهم من هو المتضمن المتكفل بهذا ؟ قال ابن عباس‪ :‬يقول‬
‫أيهم بذلك كفيل }أم لهم شركاء{ أي من الصنام والنداد }فليأتوا بشركائهم إن كانوا‬
‫صادقين{‪.‬‬

‫خاشع ً َ‬
‫م‬ ‫صاُرهُ ْ‬
‫ة أب ْ َ‬ ‫ن* َ ِ َ‬ ‫طيُعو َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫جود ِ فَل َ ي َ ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ن إ َِلى ال ّ‬ ‫ق وَي ُد ْع َوْ َ‬ ‫سا ٍ‬ ‫عن َ‬ ‫ف َ‬ ‫ش ُ‬ ‫م ي ُك ْ َ‬ ‫** ي َوْ َ‬
‫ب ب َِهـ َ‬
‫ذا‬ ‫من ي ُك َذ ّ ُ‬‫َ َ‬ ‫و‬ ‫ني‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫*‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫مو‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫سا‬
‫َ ْ َ ُ‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫ه‬‫و‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫جو‬
‫ُ‬ ‫س‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫إ‬
‫ْ ِ‬‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫نو‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫كا‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫م‬
‫قهُ ْ‬ ‫ت َْرهَ ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫سألهُ ْ‬ ‫م تَ ْ‬‫ن* أ ْ‬ ‫مِتي ٌ‬ ‫دي َ‬ ‫َ‬
‫ن كي ْ ِ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫مِلي لهُ ْ‬ ‫ن * وَأ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫َ‬
‫ث ل ي َعْل ُ‬ ‫حي ْ ُ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫جهُ ْ‬ ‫ست َد ْرِ ُ‬ ‫سن َ ْ‬ ‫ث َ‬ ‫دي ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ح ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م ي َك ْت ُُبو َ‬
‫ن‬ ‫ب فَهُ ْ‬ ‫م ال ْغَي ْ ُ‬ ‫عند َهُ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ن* أ ْ‬ ‫قُلو َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫مغَْرم ٍ ّ‬ ‫من ّ‬ ‫م ّ‬ ‫جرا ً فَهُ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫لما ذكر تعالى أن للمتقين عند ربهم جنات النعيم‪ ,‬بّين متى ذلك كائن وواقع فقال‬
‫تعالى‪} :‬يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فل يستطيعون{ يعني يوم القيامة‬
‫وما يكون فيه من الهوال والزلزل والبلء‪ ,‬والمتحان والمور العظام‪ .‬وقد قال‬
‫البخاري ههنا‪ :‬حدثنا آدم حدثنا الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلل عن زيد‬
‫بن أسلم‪ ,‬عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال‪ :‬سمعت النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم يقول‪» :‬يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان‬
‫يسجد في الدنيا رياًء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا ً واحدًا« وهذا الحديث‬
‫مخرج في الصحيحين وفي غيرهما من طرق‪ ,‬وله ألفاظ وهو حديث طويل مشهور‪,‬‬
‫وقد قال عبد الله بن المبارك عن أسامة بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس }يوم‬
‫يكشف عن ساق{ قال‪ :‬هو يوم القيامة يوم كرب وشدة‪ ,‬رواه ابن جرير ثم قال حدثنا‬
‫ابن حميد‪ ,‬حدثنا مهران عن سفيان عن المغيرة عن إبراهيم عن ابن مسعود أو ابن‬
‫عباس ي الشك من ابن جرير ي }يوم يكشف عن ساق{ قال‪ :‬عن أمر عظيم‪ ,‬كقول‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫مالت الحرب عن ساق‬
‫وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد }يوم يكشف عن ساق{ قال‪ :‬شدة المر‪ ,‬وقال ابن‬
‫عباس‪ :‬هي أول ساعة تكون في يوم القيامة‪ ,‬وقال ابن جرير عن مجاهد }يوم يكشف‬
‫عن ساق{ قال‪ :‬شدة المر وجده‪ ,‬وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله }يوم‬
‫يكشف عن ساق{ هو المر الشديد الفظيع من الهول يوم القيامة‪ ,‬وقال العوفي عن‬
‫ابن عباس‪ :‬قوله‪} :‬يوم يكشف عن ساق{ يقول حين يكشف المر وتبدو العمال‪,‬‬
‫لخرة وكشف المر عنه‪ ,‬وكذا روى الضحاك وغيره عن ابن عباس‪:‬‬ ‫وكشفه دخول ا َ‬
‫أورد ذلك كله أبو جعفر بن جرير‪ ,‬ثم قال‪ :‬حدثني أبو زيد عمر بن شّبة‪ ,‬حدثنا هارون‬
‫بن عمر المخزومي‪ ,‬حدثنا الوليد بن مسلم‪ ,‬حدثنا أبو سعيد روح بن جناح عن مولى‬
‫لعمر بن عبد العزيز عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قال }يوم يكشف عن ساق{ يعني عن نور عظيم يخّرون له سجدًا« ورواه أبو‬
‫يعلى عن القاسم بن يحيى عن الوليد بن مسلم به وفيه رجل مبهم والله أعلم‪.‬‬
‫لخرة بإجرامهم وتكبرهم‬ ‫وقوله تعالى‪} :‬خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة{ أي في الدار ا َ‬
‫في الدنيا فعوقبوا بنقيض ما كانوا عليه‪ ,‬ولما دعوا إلى السجود في الدنيا فامتنعوا منه‬
‫لخرة‪ ,‬إذا تجلى الرب عز‬ ‫مع صحتهم وسلمتهم كذلك عوقبوا بعدم قدرتهم عليه في ا َ‬

‫‪773‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وجل فيسجد له المؤمنون ول يستطيع أحد من الكافرين ول المنافقين أن يسجد‪ ,‬بل‬
‫يعود ظهر أحدهم طبقا ً واحدا ً كلما أراد أحدهم أن يسجد خّر لقفاه عكس السجود‪ ,‬كما‬
‫كانوا في الدنيا بخلف ما عليه المؤمنون‪.‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬فذرني ومن يكذب بهذا الحديث{ يعني القرآن‪ ,‬وهذا تهديد شديد أي‬
‫دعني وإياه أنا أعلم به منه كيف أستدرجه وأمده في غيه وأنظره ثم آخذه أخذ عزيز‬
‫مقتدر‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬سنستدرجهم من حيث ل يعلمون{ أي وهم ل يشعرون بل‬
‫يعتقدون أن ذلك من الله كرامة وهو في نفس المر إهانة‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬أيحسبون‬
‫أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل ل يشعرون{ وقال تعالى‪:‬‬
‫}فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم‬
‫بغتة فإذا هم مبلسون{ ولهذا قال ههنا‪} :‬وأملي لهم إن كيدي متين{ أي وأؤخرهم‬
‫وأنظرهم وأمدهم وذلك من كيدي ومكري بهم‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬إن كيدي متين{ أي‬
‫عظيم لمن خالف أمري وكذب رسلي واجترأ على معصيتي‪.‬‬
‫وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪» :‬إن الله تعالى ليملي‬
‫للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته« ثم قرأ }وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة‬
‫إن أخذه أليم شديد{ وقوله تعالى‪} :‬أم تسألهم أجرا ً فهم من مغرم مثقلون * أم‬
‫عندهم الغيب فهم يكتبون{ تقدم تفسيرها في سورة الطور‪ ,‬والمعنى في ذلك أنك يا‬
‫محمد تدعوهم إلى الله عز وجل بل أجر تأخذه منهم‪ ,‬بل ترجو ثواب ذلك عند الله‬
‫تعالى‪ ,‬وهم يكذبون بما جئتهم به بمجرد الجهل والكفر والعناد‪.‬‬

‫َ‬
‫ه‬ ‫م * ل ّوْل َ أن ت َ َ‬
‫داَرك َ ُ‬ ‫ظو ٌ‬ ‫مك ْ ُ‬ ‫ت إ ِذ ْ َناد َىَ وَهُوَ َ‬ ‫حو ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬
‫ح ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫كن ك َ َ‬ ‫ك وَل َ ت َ ُ‬ ‫حك ْم ِ َرب ّ َ‬ ‫صب ِْر ل ِ ُ‬ ‫** َفا ْ‬
‫َ‬
‫ن * وَِإن ي َكاد ُ‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫َ‬
‫جعَل ُ‬ ‫َ‬
‫هف َ‬ ‫جت ََباه ُ َرب ّ ُ‬ ‫َ‬
‫م * فا ْ‬ ‫مو ٌ‬ ‫مذ ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫من ّرب ّهِ لن ُب ِذ َ ِبالعََرآِء وَهُوَ َ‬ ‫ة ّ‬ ‫م ٌ‬
‫ن ِعْ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ك بأ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ما هُوَ إ ِل ّ‬ ‫َ َ‬ ‫و‬ ‫*‬ ‫ن‬
‫ٌ‬ ‫نو‬
‫ُ‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ِ ُ َ‬ ‫ه‬‫ّ‬ ‫ن‬‫إ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫لو‬ ‫قو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫و‬
‫َ َ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫ك‬‫ّ‬ ‫ذ‬ ‫ال‬ ‫ا‬‫عو‬ ‫ُ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫ما‬ ‫ل‬
‫ِ َ ِ ْ ّ َ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ر‬ ‫صا‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫قو‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ز‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫رو‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫ك‬ ‫ال ّ ِ َ‬
‫ن‬ ‫ذي‬
‫ن‬
‫مي َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ذ ِك ٌْر للَعال ِ‬
‫يقول تعالى‪} :‬فاصبر{ يا محمد على أذى قومك لك وتكذيبهم‪ ,‬فإن الله سيحكم لك‬
‫لخرة }ول تكن كصاحب الحوت{ يعني‬ ‫عليهم ويجعل العاقبة لك ولتباعك في الدنيا وا َ‬
‫ذا النون وهو يونس بن متى عليه السلم حين ذهب مغاضبا ً على قومه‪ ,‬فكان من أمره‬
‫ما كان من ركوبه في البحر والتقام الحوت له وشرود الحوت به في البحار وظلمات‬
‫غمرات اليم‪ ,‬وسماعه تسبيح البحر بما فيه للعلي القدير الذي ل يرد ما أنفذه من‬
‫التقدير فحينئذ نادى في الظلمات }أن ل إله إل أنت سبحانك إني كنت من الظالمين{‬
‫قال الله تعالى‪} :‬فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين{ وقال تعالى‪:‬‬
‫}فلول أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون{ وقال ههنا‪} :‬إذ نادى‬
‫وهو مكظوم{ قال ابن عباس ومجاهد والسدي‪ :‬وهو مغموم‪ ,‬وقال عطاء الخراساني‬
‫وأبو مالك‪ :‬مكروب وقد قدمنا في الحديث أنه لما قال‪} :‬ل إله إل أنت سبحانك إني‬
‫ف حول العرش فقالت الملئكة‪ :‬يا رب هذا‬ ‫كنت من الظالمين{ خرجت الكلمة تح ّ‬
‫صوت ضعيف معروف من بلد غريبة‪ ,‬فقال الله تبارك وتعالى‪ :‬أما تعرفون هذا ؟ قالوا‪:‬‬
‫ل‪ ,‬قال‪ :‬هذا يونس‪ ,‬قالوا‪ :‬يا رب عبدك الذي ل يزال يرفع له عمل صالح ودعوة‬
‫مجابة ؟ قال‪ :‬نعم‪ ,‬قالوا‪ :‬أفل ترحم ما كان يعمله في الرخاء فتنجيه من البلء فأمر‬
‫الله الحوت فألقاه بالعراء‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬فاجتباه ربه فجعله من الصالحين{‪.‬‬
‫وقد قال المام أحمد‪ :‬حدثنا وكيع‪ ,‬حدثنا سفيان عن العمش عن أبي وائل عن عبد‬
‫الله قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ل ينبغي لحد أن يقول أنا خير من‬
‫يونس بن متى« ورواه البخاري من حديث سفيان الثوري وهو في الصحيحين من‬
‫حديث أبي هريرة‪ ,‬وقوله تعالى‪} :‬وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم{ قال ابن‬
‫عباس ومجاهد وغيرهما }ليزلقونك{ لينفذونك }بأبصارهم{ أي يعينونك بأبصارهم‬
‫لية‬‫بمعنى يحسدونك لبغضهم إياك لول وقاية الله لك وحمايته إياك منهم‪ ,‬وفي هذه ا َ‬
‫دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل‪ ,‬كما وردت بذلك الحاديث‬
‫المروية من طرق متعددة كثيرة‪.‬‬
‫)حديث أنس بن مالك رضي الله عنه( قال أبو داود‪ :‬حدثنا سليمان بن داود العتكي‪,‬‬
‫حدثنا شريك )ح( وحدثنا العباس العنبري‪ ,‬حدثنا يزيد بن هارون‪ ,‬أنبأنا شريك عن‬

‫‪774‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العباس بن ذريح عن الشعبي‪ ,‬قال العباس عن أنس قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪» :‬ل رقية إل من عين أو حمة أو دم ل يرقأ« لم يذكر العباس العين‪ ,‬وهذا‬
‫لفظ سليمان‪.‬‬
‫)حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه( قال أبو عبد الله بن ماجه‪ :‬حدثنا محمد بن‬
‫عبد الله بن نمير‪ ,‬حدثنا إسحاق بن سليمان عن أبي جعفر الرازي عن حصين عن‬
‫الشعبي عن بريدة بن الحصيب قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ل رقية‬
‫إل من عين أو حمة« هكذا رواه ابن ماجه‪ ,‬وقد أخرجه مسلم في صحيحه عن سعيد‬
‫بن منصور عن هشيم عن حصين بن عبد الرحمن عن عامر الشعبي عن بريدة موقوفا ً‬
‫وفيه قصة‪ ,‬وقد رواه شعبة عن حصين عن الشعبي عن بريدة قاله الترمذي‪ .‬وروى هذا‬
‫الحديث المام البخاري من حديث محمد بن فضيل وأبو داود من حديث مالك بن مغول‬
‫والترمذي من حديث سفيان بن عيينة‪ ,‬ثلثتهم عن حصين عن عامر الشعبي عن‬
‫عمران بن حصين موقوفا ً »ل رقية إل من عين أو حمة«‪.‬‬
‫)حديث أبي ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه( قال الحافظ أبو يعلى الموصلي‪:‬‬
‫حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة بن اليزيد السامي‪ ,‬حدثنا ديلم بن غزوان‪ ,‬حدثنا‬
‫وهب بن أبي دنى عن أبي حرب عن أبي ذر قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪» :‬إن العين لتولع الرجل بإذن الله فيتصاعد حالقا ً ثم يتردى منه« إسناده غريب‬
‫ولم يخرجوه‪.‬‬
‫)حديث حابس التميمي( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الصمد‪ ,‬حدثنا حرب حدثنا يحيى‬
‫بن أبي كثير‪ ,‬حدثني حية بن حابس التميمي أن أباه أخبره أنه سمع رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم يقول‪» :‬ل شيء في الهام والعين حق‪ ,‬وأصدق الطيرة الفأل« وقد‬
‫رواه الترمذي عن عمرو بن علي عن أبي غسان يحيى بن أبي كثير عن علي بن‬
‫المبارك عن يحيى بن أبي كثير به ثم قال غريب‪ .‬وقال‪ :‬وروى سنان عن يحيى بن أبي‬
‫كثير عن حية بن حابس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم‪ ,‬قلت‪:‬‬
‫كذلك رواه المام أحمد عن حسن بن موسى‪ ,‬وحسين بن محمد عن شيبان عن يحيى‬
‫بن أبي كثير عن حّية‪ ,‬حدثه عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪» :‬ل بأس في الهام‪ ,‬والعين حق وأصدق الطيرة الفأل«‪.‬‬
‫)حديث ابن عباس رضي الله عنه( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الله بن الوليد عن‬
‫سفيان عن دريد‪ ,‬حدثني إسماعيل بن ثوبان عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬العين حق‪ ,‬العين حق تستنزل الحالق« غريب‪(.‬‬
‫)طريق أخرى( قال مسلم في صحيحه حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي‪ ,‬أخبرنا‬
‫مسلم بن إبراهيم‪ ,‬حدثنا وهيب عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪» :‬العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين وإذا‬
‫استغسلتم فاغسلوا« انفرد به دون البخاري‪ .‬وقال عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن‬
‫منصور عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم تعالى عليه وآله وسلم يعوذ الحسن والحسين يقول‪» :‬أعيذكما‬
‫بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة‪ ,‬ومن كل عين لمة« ويقول هكذا كان‬
‫إبراهيم يعوذ إسحاق وإسماعيل عليهما السلم أخرجه البخاري وأهل السنن من حديث‬
‫المنهال به‪.‬‬
‫)حديث أبي أمامة أسعد بن سهل بن حنيف رضي الله عنه( قال ابن ماجه‪ :‬حدثنا‬
‫هشام بن عمار‪ ,‬حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي أمامة أسعد بن سهل بن حنيف‬
‫قال‪ :‬مر عامر بن ربيعة بسهل بن حنيف وهو يغتسل فقال‪ :‬لم أر كاليوم ول جلد‬
‫مخبأة‪ ,‬فما لبث أن لبط به فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له أدرك‬
‫سهل ً صريعا ً قال‪» :‬من تتهمون به« قالوا‪ :‬عامر بن ربيعة قال‪» :‬علم يقتل أحدكم أخاه‬
‫؟ إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة« ثم دعا بماء فأمر عامرا ً أن‬
‫يتوضأ فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين وركبتيه وداخلة إزاره‪ ,‬وأمره أن يصب عليه‪,‬‬
‫قال سفيان قال معمر عن الزهري وأمر أن يكفأ الناء من خلفه‪ ,‬وقد رواه النسائي‬
‫من حديث سفيان بن عيينة ومالك بن أنس كلهما عن الزهري به‪ ,‬ومن حديث سفيان‬
‫بن عيينة به أيضا ً عن معمر عن الزهري عن أبي أمامة ويكفأ الناء من خلفه ومن‬

‫‪775‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حديث ابن أبي ذئب عن الزهري عن أبي أمامة أسعد بن سهل بن حنيف عن أبيه به‪,‬‬
‫ومن حديث مالك أيضا ً عن محمد بن أبي أمامة بن سهل عن أبيه به‪.‬‬
‫)حديث أبي سعيد الخدري( قال ابن ماجه‪ :‬حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سعيد بن‬
‫سليمان‪ ,‬حدثنا عباد عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال‪ :‬كان‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذمن أعين الجان وأعين النس‪ ,‬فلما نزلت‬
‫المعوذتان أخذ بهما وترك ما سوى ذلك‪ ,‬ورواه الترمذي والنسائي من حديث سعيد بن‬
‫إياس أبي مسعود الجريري به وقال الترمذي‪ :‬حسن‪.‬‬
‫)حديث آخر عنه( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي‬
‫حدثني عبد العزيز بن صهيب‪ ,‬حدثني أبو نضرة عن أبي سعيد أن جبريل أتى النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فقال‪ :‬اشتكيت يا محمد ؟ قال‪» :‬نعم« قال‪» :‬باسم الله أرقيك‬
‫من كل شيء يؤذيك‪ ,‬ومن شر كل نفس وعين تشنيك والله يشفيك‪ ,‬باسم الله‬
‫أرقيك«‪ .‬ورواه عن عفان عن عبد الوارث مثله‪ ,‬ورواه مسلم وأهل السنن إل أبا داود‬
‫من حديث عبد الوارث به‪.‬‬
‫وقال المام أحمد أيضًا‪ :‬حدثنا عفان‪ ,‬حدثنا وهيب حدثنا داود عن أبي نضرة عن أبي‬
‫سعيد أو جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتكى فأتاه جبريل‬
‫فقال‪ :‬باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك‪ ,‬من كل حاسد وعين والله يشفيك‪ .‬ورواه‬
‫أيضا ً عن محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن داود بن أبي نضرة عن أبي سعيد به قال‬
‫أبو زرعة الرازي‪ :‬روى عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه عن عبد العزيز عن أبي‬
‫نضرة وعن عبدالعزيز عن أنس في معناه‪ ,‬وكلهما صحيح‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر‬
‫عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫قال‪» :‬إن العين حق« أخرجاه من حديث عبد الرزاق‪ .‬وقال ابن ماجه‪ :‬حدثنا أبو بكر‬
‫بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل بن علية عن الجريري عن مضارب بن حزن عن أبي‬
‫هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬العين حق« تفرد به‪ .‬ورواه أحمد‬
‫عن إسماعيل بن علية عن سعيد الجريري به‪ ,‬وقال المام أحمد حدثنا ابن نمير حدثنا‬
‫ثور يعني ابن يزيد عن مكحول عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪» :‬العين حق ويحضرها الشيطان وحسد ابن آدم« وقال أحمد‪ :‬حدثنا خلف بن‬
‫الوليد حدثنا أبو معشر عن محمد بن قيس‪ :‬سئل أبو هريرة هل سمعت رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول‪ :‬الطيرة في ثلث‪ :‬في المسكن والفرس والمرأة ؟ قال‪:‬‬
‫قلت إذا ً أقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل‪ ,‬ولكني سمعت رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يقول »أصدق الطيرة الفأل‪ ,‬والعين حق«‪.‬‬
‫)حديث أسماء بنت عميس( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن‬
‫عروة بن عامر عن عبيد بن رفاعة الزرقي قال‪ :‬قالت أسماء يا رسول الله إن بني‬
‫جعفر تصيبهم العين أفأسترقي لهم ؟ قال‪» :‬نعم فلو كان شيء يسبق القدر لسبقته‬
‫العين« وكذا رواه الترمذي وابن ماجه من حديث سفيان بن عيينة به‪ ,‬ورواه الترمذي‬
‫أيضا ً والنسائي من حديث عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن عروة بن دينار عن‬
‫عروة بن عامر عن عبيد بن رفاعة عن أسماء بنت عميس به‪ .‬وقال الترمذي‪ :‬حسن‬
‫صحيح‪.‬‬
‫)حديث عائشة رضي الله عنها( قال ابن ماجه‪ :‬حدثنا علي بن أبي الخصيب حدثنا‬
‫وكيع عن سفيان ومسعر‪ ,‬عن معبد بن خالد عن عبد الله بن شداد عن عائشة رضي‬
‫الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تسترقي من العين‪ .‬ورواه‬
‫البخاري عن محمد بن كثير عن سفيان عن معبد بن خالد به‪ ,‬وأخرجه مسلم من حديث‬
‫سفيان ومسعر كلهما عن معبد به‪ ,‬ثم قال ابن ماجه حدثنا محمد بن بشار‪ ,‬حدثنا أبو‬
‫هشام المخزومي حدثنا وهيب عن أبي واقد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة‬
‫قالت‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬استعيذوا بالله فإن العين حق« تفرد‬
‫به‪ .‬وقال أبو داود‪ :‬حدثنا جرير عن العمش عن إبراهيم عن السود عن عائشة قالت‪:‬‬
‫كان يؤمر العائن فيتوضأ ويغسل منه المعين‪ .‬قلت كذلك رواه أحمد عن حسن بن‬
‫موسى وحسين بن محمد عن سنان أن ابن حسنة حدثه عن أبيه عن أبي هريرة أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬ل الهام‪ ,‬والعين حق وأصدق الطيرة الفأل«‪.‬‬

‫‪776‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫)حديث سهل بن حنيف( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا حسين بن محمد‪ .‬حدثنا أبو أويس‪.‬‬
‫حدثنا الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف‪ ,‬أن أباه حدثه أن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم خرج وساروا معه نحو مكة حتى إذا كانوا بشعب الخرار من الجحفة‪,‬‬
‫اغتسل سهل بن حنيف‪ ,‬وكان رجل ً أبيض حسن الجسم والجلد‪ ,‬فنظر إليه عامر بن‬
‫ربيعة أخو بني عدي بن كعب وهو يغتسل فقال‪ :‬ما رأيت كاليوم ول جلد مخبأة‪ ,‬فلبط‬
‫سهل فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له‪ :‬يا رسول الله هل لك في‬
‫سهل! والله ما يرفع رأسه ول يفيق‪ ,‬قال‪» :‬هل تتهمون فيه من أحد ؟« قالوا‪ :‬نظر‬
‫إليه عامر بن ربيعة فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرا ً فتغيظ عليه وقال‪:‬‬
‫»علم يقتل أحدكم أخاه‪ ,‬هل إذا رأيت ما يعجبك بركت ؟ ي ثم قال ي اغتسل له« فغسل‬
‫وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح‪ ,‬ثم صب ذلك‬
‫الماء عليه فصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه‪ ,‬ثم يكفأ القدح وراءه‪,‬ففعل ذلك‬
‫فراح سهل مع الناس ليس به بأس‪.‬‬
‫)حديث عامر بن ربيعة( قال المام أحمد في مسنده‪ :‬حدثنا وكيع‪ ,‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا‬
‫عبد الله بن عيسى عن أمية بن هند بن سهل بن حنيف عن عبيد الله بن عامر قال‪:‬‬
‫انطلق عامر بن ربيعة وسهل بن حنيف يريدان الغسل‪ ,‬قال فانطلقا يلتمسان الخمر‪.‬‬
‫قال فوضع عامر جبة كانت عليه من صوف فنظرت إليه فأصبته بعيني فنزل الماء‬
‫يغتسل‪ ,‬قال فسمعت له في الماء فرقعة فأتيته فناديته ثلثا ً فلم يجبني‪ ,‬فأتيت النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فأخبرته‪ ,‬قال فجاء يمشي فخاض الماء فكأني أنظر إلى بياض‬
‫ساقيه‪ ,‬قال فضرب صدره بيده ثم قال‪» :‬اللهم اصرف عنه حرها وبردها ووصبها« قال‬
‫فقام‪ ,‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬إذا رأى أحدكم من أخيه أو من نفسه‬
‫أو من ماله ما يعجبه فليبرك فإن العين حق«‪.‬‬
‫)حديث جابر( قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده‪ :‬حدثنا محمد بن معمر‪ ,‬حدثنا أبو‬
‫داود‪ ,‬حدثنا طالب بن حبيب بن عمرو بن سهل النصاري‪ ,‬ويقال له ابن الضجيع ضجيع‬
‫حمزة رضي الله عنه‪ ,‬حدثني عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبيه قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬أكثر من يموت من أمتي بعد كتاب الله وقضائه‬
‫وقدره بالنفس« قال البزار يعني العين قال‪ :‬ول نعلم يروى هذا الحديث عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم إل بهذا السناد‪ .‬قلت‪ :‬بل قد روي من وجه آخر عن جابر‪ .‬قال‬
‫الحافظ أبو عبد الرحمن محمد بن المنذر الهروي المعروف بشكر في كتاب العجائب‪,‬‬
‫وهو مشتمل على فوائد جليلة وغريبة‪ :‬حدثنا الرمادي‪ ,‬حدثنا يعقوب بن محمد‪ ,‬حدثنا‬
‫علي بن أبي علي الهاشمي‪ ,‬حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬العين حق لتورد الرجل القبر والجمل القدر وإن أكثر‬
‫هلك أمتي في العين«‪ .‬ثم رواه عن شعيب بن أيوب عن معاوية بن هشام عن سفيان‬
‫عن محمد بن المنكدر عن جابر قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬قد‬
‫تدخل الرجل العين في القبر وتدخل الجمل القدر«‪ .‬وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات ولم‬
‫يخرجوه‪.‬‬
‫)حديث عبد الله بن عمرو( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا قتيبة‪ ,‬حدثنا رشدين بن سعد عن‬
‫الحسن بن ثوبان عن هشام بن أبي رقية عن عبد الله بن عمرو قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم »ل عدوى ول طيرة ول هامة ول حسد والعين حق« تفرد به‬
‫أحمد‪.‬‬
‫)حديث عن علي( روى الحافظ ابن عساكر من طريق خيثمة بن سليمان الحافظ‪,‬‬
‫حدثنا عبيد بن محمد الكشوري‪ ,‬حدثنا عبد الله بن عبد الله بن عبد ربه البصري عن‬
‫أبي رجاء عن شعبة‪ ,‬عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه أن جبريل‬
‫أتى النبي صلى الله عليه وسلم فوافقه مغتما ً فقال‪ :‬يا محمد ما هذا الغم الذي أراه‬
‫في وجهك‪ :‬قال‪» :‬الحسن والحسين أصابتهما عين« قال‪ :‬صدق بالعين فإن العين حق‬
‫أفل عوذتهما بهؤلء الكلمات ؟ قال »وما هن يا جبريل ؟« قال‪ :‬قل اللهم ذا السلطان‬
‫العظيم والمن القديم‪ ,‬ذا الوجه الكريم ولي الكلمات التامات والدعوات المستجابات‪,‬‬
‫عاف الحسن والحسين من أنفس الجن وأعين النس‪ ,‬فقالها النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ,‬فقاما يلعبان بين يديه فقال النبي صلى الله عليه وسلم »عوذوا أنفسكم‬
‫ونساءكم وأولدكم بهذا التعويذ فإنه لم يتعوذ المتعوذون بمثله« قال الخطيب‬

‫‪777‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫البغدادي‪ :‬تفرد بروايته أبو رجاء محمد بن عبد الله الحنطي من أهل تستر‪ ,‬ذكره ابن‬
‫عساكر في ترجمة طراد بن الحسين من تاريخه‪ ,‬وقوله تعالى‪} :‬ويقولون إنه لمجنون{‬
‫أي يزدرونه بأعينهم ويؤذونه بألسنتهم ويقولون إنه لمجنون أي لمجيئه بالقرآن قال الله‬
‫تعالى‪} :‬وما هو إل ذكر للعالمين{ آخر تفسير سورة ن ولله الحمد والمنة‪.‬‬

‫سورة الحاقة‬

‫حيم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سم ِ الل ّهِ الّر ْ‬
‫حمـ ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫قارِع َةِ *‬ ‫عاد ٌ ِبال ْ َ‬ ‫مود ُ وَ َ‬ ‫ت ثَ ُ‬ ‫ة * ك َذ ّب َ ْ‬ ‫حاقّ ُ‬ ‫ما ال ْ َ‬‫ك َ‬ ‫مآ أ َد َْرا َ‬ ‫ة * وَ َ‬ ‫ما ال ْ َ‬
‫حآقّ ُ‬ ‫ة* َ‬ ‫حاقّ ُ‬ ‫** ال ْ َ‬
‫ها‬‫خَر َ‬ ‫س ّ‬ ‫عات ِي َةٍ * َ‬ ‫صرٍ َ‬ ‫َ‬ ‫صْر‬‫َ‬ ‫ح‬
‫ٍ‬ ‫ري‬‫ِ‬ ‫كوا ْ ب ِ‬‫عاد ٌ فَأ ُهْل ِ ُ‬‫ما َ‬ ‫َ‬
‫طاِغي َةِ * وَأ َ‬ ‫كوا ْ ِبال ّ‬ ‫مود ُ فَأ ُهْل ِ ُ‬‫ما ث َ ُ‬
‫َ‬
‫فَأ ّ‬
‫قوم فيها صرع َى ك َأ َنه َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ع َل َيهم سبع ل َيال وث َمان ِي َ َ‬
‫جاُز‬ ‫م أع ْ َ‬ ‫ُّ ْ‬ ‫سوما فَت ََرى ال َ ْ َ ِ َ َ ْ َ‬ ‫ح ُ‬‫ة أّيام ٍ ُ‬ ‫ِْ ْ َ ْ َ َ ٍ َ َ َ‬
‫ت‬‫فكا ُ‬ ‫َ‬ ‫مؤ ْت َ ِ‬ ‫ْ‬
‫ه َوال ُ‬ ‫َ‬
‫من قَب ْل ُ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫جآَء فِْرع َوْ ُ‬ ‫من َباقِي َةٍ * وَ َ‬ ‫َ‬
‫ل ت ََرىَ لُهم ّ‬ ‫خاوِي َةٍ * فَهَ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫خ ٍ‬ ‫نَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مآُء‬ ‫ما ط ََغا ال ْ َ‬ ‫ة * إ ِّنا ل َ ّ‬ ‫خذ َة ً ّراب ِي َ ً‬ ‫مأ ْ‬ ‫خذ َهُ ْ‬ ‫م فَأ َ‬ ‫ل َرب ّهِ ْ‬ ‫سو َ‬ ‫صوْا ْ َر ُ‬‫خاط ِئ َةِ * فَعَ َ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫ُ‬
‫ة‬
‫عي َ ٌ‬‫ن َوا ِ‬ ‫م ت َذ ْك َِرة ً وَت َعِي ََهآ أذ ُ ٌ‬ ‫جعَل ََها ل َك ُ ْ‬ ‫جارِي َةِ * ل ِن َ ْ‬ ‫م ِفي ال ْ َ‬ ‫مل َْناك ُ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬

‫الحاقة من أسماء يوم القيامة لن فيها يتحقق الوعد والوعيد ولهذا عظم‬
‫الله أمرها فقال‪} :‬وما أدراك ما الحاقة{ ثم ذكر تعالى إهلكه المم المكذبين‬
‫بها‬

‫فقال تعالى‪} :‬فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية{ وهي الصيحة التي أسكتتهم‬
‫والزلزلة التي أسكنتهم‪ ,‬هكذا قال قتادة الطاغية الصيحة‪ ,‬وهو اختيار ابن‬
‫جرير‪ ,‬وقال مجاهد‪ :‬الطاغية الذنوب‪ ,‬وكذا قال الربيع بن أنس وابن زيد إنها‬
‫الطغيان وقرأ ابن زيد }كذبت ثمود بطغواها{ وقال السدي فأهلكوا بالطاغية‬
‫قال يعني عاقر الناقة‬

‫}وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر{ أي باردة قال قتادة والسدي والربيع بن أنس‬
‫والثوري }عاتية{ أي شديدة الهبوب‪ ,‬قال قتادة‪ .‬عتت عليهم حتى نقبت عن‬
‫أفئدتهم‪ .‬وقال الضحاك‪} :‬صرصر{ باردة }عاتية{ عتت عليهم بغير رحمة ول‬
‫بركة‪ ,‬وقال علي وغيره‪ :‬عتت على الخزنة فخرجت بغير حساب‪.‬‬

‫}سخرها عليهم{ أي سلطها عليهم‬

‫‪778‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}سبع ليال وثمانية أيام حسوما ً{ أي كوامل متتابعات مشائيم‪ ,‬قال ابن‬
‫مسعود وابن عباس ومجاهد وعكرمة والثوري وغيرهم‪ :‬حسوما ً متتابعات‪ ,‬وعن‬
‫عكرمة والربيع بن خثيم مشائيم عليهم كقوله تعالى‪} :‬في أيام نحسات{ قال‬
‫الربيع‪ :‬وكان أولها الجمعة وقال غيره الربعاء‪ ,‬ويقال إنها التي تسميها الناس‬
‫العجاز‪ ,‬وكأن الناس أخذوا ذلك من قوله تعالى‪} :‬فترى القوم فيها صرعى‬
‫كأنهم أعجاز نخل خاوية{ وقيل لنها تكون في عجز الشتاء‪ ,‬ويقال أيام العجوز‬
‫لن عجوزا ً من قوم عاد دخلت سربا ً فقتلها الريح في اليوم الثامن‪ ,‬حكاه‬
‫البغوي والله أعلم‪.‬‬
‫قال ابن عباس‪} :‬خاوية{ خربة‪ ,‬وقال غيره‪ :‬بالية أي جعلت الريح تضرب‬
‫بأحدهم الرض فيخر ميتا ً على أم رأسه‪ ,‬فينشدخ رأسه وتبقى جثته هامدة‬
‫كأنها قائمة النخلة إذا خرت بل أغصان‪ .‬وقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه قال‪» :‬نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور« وقال ابن‬
‫أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي حدثنا محمد بن يحيى بن الضريس العبدي حدثنا ابن‬
‫فضيل عن مسلم عن مجاهد عن ابن عمر قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪» :‬ما فتح الله على عاد من الريح التي هلكوا بها إل مثل موضع‬
‫الخاتم‪ ,‬فمرت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم وأموالهم فجعلتهم بين السماء‬
‫والرض‪ ,‬فلما رأى ذلك أهل الحاضرة من عاد الريح وما فيها قالوا هذا عارض‬
‫ممطرنا‪ ,‬فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة« وقال الثوري عن‬
‫ليث عن مجاهد‪ :‬الريح لها جناحان وذنب }فهل ترى لهم من باقية{ أي هل‬
‫تحس منهم من أحد من بقاياهم أو ممن ينتسب إليهم بل بادوا عن آخرهم ولم‬
‫يجعل الله لهم خلفًا‪.‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬وجاء فرعون ومن قبله{ قرىء بكسر القاف أي ومن عنده‬
‫ممن في زمانه من أتباعه من كفار القبط‪ ,‬وقرأ آخرون بفتحها أي ومن قبله‬
‫من المم المشبهين له‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬والمؤتفكات{ وهم المم المكذبون‬
‫بالرسل }بالخاطئة{ وهي التكذيب بما أنزل الله قال الربيع }بالخاطئة{ أي‬
‫بالمعصية‪ ,‬وقال مجاهد‪ :‬بالخطايا‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬فعصوا رسول ربهم{‬
‫وهذا جنس أي كل كذب رسول الله إليهم كما قال تعالى }كل كذب الرسل‬
‫فحق وعيد{ ومن كذب برسول فقد كذب بالجميع كما قال تعالى‪} :‬كذبت قوم‬
‫نوح المرسلين{ }كذبت عاد المرسلين{ }كذبت ثمود المرسلين{ وإنما جاء‬
‫إلى كل أمة رسول واحد ولهذا قال ههنا‪} :‬فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة‬
‫رابية{ أي عظيمة شديدة أليمة‪ ,‬قال مجاهد‪ :‬رابية شديدة‪ ,‬وقال السدي‪:‬‬
‫مهلكة‪.‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬إنا لما طغا الماء{ أي زاد على الحد بإذن الله وارتفع على‬
‫الوجود‪ ,‬وقال ابن عباس وغيره‪ :‬طغى الماء كثر‪ ,‬وذلك بسبب دعوة نوح عليه‬
‫السلم على قومه حين كذبوه وخالفوه‪ ,‬فعبدوا غير الله فاستجاب الله له وعم‬
‫أهل الرض بالطوفان إل من كان مع نوح في السفينة فالناس كلهم من سللة‬
‫نوح وذريته‪ .‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا ابن حميد‪ ,‬حدثنا مهران عن أبي سنان سعيد‬

‫‪779‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن سنان عن غير واحد عن علي بن أبي طالب قال‪ :‬لم تنزل قطرة من ماء إل‬
‫بكيل على يدي ملك‪ ,‬فلما كان يوم نوح أذن للماء دون الخزان فطغى الماء‬
‫على الخزان‪ ,‬فخرج فذلك قوله تعالى‪} :‬إنا لما طغى الماء{ أي زاد على الحد‬
‫بإذن الله }حملناكم في الجارية{ ولم ينزل شيء من الريح إل بكيل على يدي‬
‫ملك إل يوم عاد فإنه أذن لها دون الخزان فخرجت‪ ,‬فذلك قوله تعالى‪} :‬بريح‬
‫صرصر عاتية{ أي عتت على الخزان‪ ,‬ولهذا قال تعالى ممتنا ً على الناس‪} :‬إنا‬
‫لما طغى الماء حملناكم في الجارية{ وهي السفينة الجارية على وجه الماء‬
‫}لنجعلها لكم تذكرة{ عاد الضمير على الجنس لدللة المعنى عليه أي وأبقينا‬
‫لكم من جنسها ما تركبون على تيار الماء في البحار كما قال‪} :‬وجعل لكم من‬
‫الفلك والنعام ما تركبون * لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا‬
‫استويتم عليه{‪.‬‬
‫وقال تعالى‪} :‬وآية لهم أّنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون * وخلقنا لهم‬
‫من مثله ما يركبون{ وقال قتادة‪ :‬أبقى الله السفينة حتى أدركها أوائل هذه‬
‫المة‪ ,‬والول أظهر ولهذا قال تعالى‪} :‬وتعيها أذن واعية{ أي وتفهم هذه‬
‫النعمة وتذكرها أذن واعية‪ ,‬قال ابن عباس‪ :‬حافظة سامعة‪ .‬وقال قتادة‪} :‬أذن‬
‫واعية{ عقلت عن الله فانتفعت بما سمعت من كتاب الله‪ ,‬وقال الضحاك‬
‫}وتعيها أذن واعية{ سمعتها أذن ووعت أي من له سمع صحيح وعقل رجيح‪,‬‬
‫وهذا عام في كل من فهم ووعى‪ .‬وقد قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبو زرعة‬
‫الدمشقي‪ ,‬حدثنا العباس بن الوليد بن صبيح الدمشقي‪ ,‬حدثنا زيد بن يحيى‪,‬‬
‫حدثنا علي بن حوشب‪ :‬سمعت مكحول ً يقول‪ :‬لما نزل على رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم }وتعيها أذن واعية{ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫»سألت ربي أن يجعلها أذن علي« قال مكحول‪ :‬فكان علي يقول‪ :‬ما سمعت‬
‫من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ً قط فنسيته‪ ,‬وهكذا رواه ابن جرير‬
‫عن علي بن سهل عن الوليد بن مسلم عن علي بن حوشب عن مكحول به‬
‫وهو حديث مرسل‪.‬‬
‫وقد قال ابن أبي حاتم أيضًا‪ :‬حدثنا جعفر بن محمد بن عامر‪ ,‬حدثنا بشر بن‬
‫آدم‪ ,‬حدثنا عبد الله بن الزبير أبو محمد يعني والد أبي أحمد الزبيري‪ ,‬حدثني‬
‫صالح بن الهيثم‪ :‬سمعت بريدة السلمي يقول‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم لعلي »إني أمرت أن أدنيك ول أقصيك وأن أعلمك وأن تعي وحق لك أن‬
‫لية }وتعيها أذن واعية{ ورواه ابن جرير عن محمد‬ ‫تعي« قال‪ :‬فنزلت هذه ا َ‬
‫بن خلف عن بشر بن آدم به‪ .‬ثم رواه ابن جرير من طريق آخر عن أبي داود‬
‫العمى عن بريدة به ول يصح أيضًا‪.‬‬

‫‪780‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ة‬‫ل فَد ُك َّتا د َك ّ ً‬ ‫جَبا ُ‬ ‫ض َوال ْ ِ‬ ‫ت الْر ُ‬ ‫مل َ ِ‬‫ح ِ‬
‫حد َة ٌ * وَ ُ‬‫ة َوا ِ‬‫خ ٌ‬ ‫ف َ‬ ‫صورِ ن َ ْ‬ ‫خ ِفي ال ّ‬ ‫ف َ‬ ‫** فَإ ِ َ‬
‫ذا ن ُ ِ‬
‫ة*‬ ‫مئ ِذ ٍ َواه ِي َ ٌ‬
‫ي ي َوْ َ‬ ‫مآُء فَهِ َ‬ ‫س َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ق ِ‬ ‫ة * َوان َ‬
‫ش ّ‬ ‫واقِعَ ُ‬‫ت ال ْ َ‬ ‫مئ ِذ ٍ وَقَعَ ِ‬‫حد َة ً * فَي َوْ َ‬ ‫َوا ِ‬
‫َ‬ ‫مل َ ُ َ‬
‫ن‬
‫ضو َ‬‫مئ ِذ ٍ ت ُعَْر ُ‬ ‫ة * ي َوْ َ‬ ‫مئ ِذ ٍ ث َ َ‬
‫مان ِي َ ٌ‬ ‫ك فَوْقَهُ ْ‬
‫م ي َوْ َ‬ ‫ش َرب ّ َ‬
‫ل ع َْر َ‬ ‫م ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫جآئ َِهآ وَي َ ْ‬‫ى أْر َ‬ ‫ك ع َل َ‬ ‫َوال ْ َ‬
‫ة‬
‫خافِي َ ٌ‬‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ى ِ‬ ‫ف َ‬ ‫خ َ‬ ‫ل َ تَ ْ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن أهوال يوم القيامة وأول ذلك نفخة الفزع ثم يعقبها‬
‫نفخة الصعق حين يصعق من في السموات ومن في الرض إل من شاء الله‪,‬‬
‫ثم بعدها نفخة القيام لرب العالمين والبعث والنشور وهي هذه النفخة‪ ,‬وقد‬
‫أكدها ههنا بأنها واحدة لن أمر الله ل يخالف ول يمانع ول يحتاج إلى تكرار ول‬
‫تأكيد‪ ,‬وقال الربيع‪ :‬هي النفخة الخيرة والظاهر ما قلناه‪ ,‬ولهذا قال ههنا‪:‬‬
‫}وحملت الرض والجبال فدكتا دكة واحدة{ أي فمدت مد الديم العكاظي‬
‫وتبدلت الرض غير الرض }فيومئذ وقعت الواقعة{ أي قامت القيامة‬
‫}وانشقت السماء فهي يومئذ واهية{ قال سماك عن شيخ من بني أسد عن‬
‫علي قال‪ :‬تنشق السماء من المجرة‪ ,‬رواه ابن أبي حاتم وقال ابن جريج‪ :‬هي‬
‫كقوله }وفتحت السماء فكانت أبوابًا{ وقال ابن عباس‪ :‬متخرقة والعرش‬
‫بحذائها }والملك على أرجائها{ الملك اسم جنس أي الملئكة على أرجاء‬
‫السماء‪ ,‬قال ابن عباس‪ :‬على ما لم يهِ منها أي حافاتها‪ ,‬وكذا قال سعيد بن‬
‫جبير والوزاعي‪ ,‬وقال الضحاك‪ :‬أطرافها‪ ,‬وقال الحسن البصري‪ :‬أبوابها‪ ,‬وقال‬
‫الربيع بن أنس في قوله‪} :‬والملك على أرجائها{ يقول‪ :‬على ما استدق من‬
‫السماء ينظرون إلى أهل الرض‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية{ أي يوم القيامة‬
‫يحمل العرش ثمانية من الملئكة‪ ,‬ويحتمل أن يكون المراد بهذا العرش العظيم‬
‫أو العرش الذي يوضع في الرض يوم القيامة لفصل القضاء‪ ,‬والله أعلم‬
‫بالصواب‪ .‬وفي حديث عبد الله بن عميرة عن الحنف بن قيس عن العباس بن‬
‫عبد المطلب في ذكر حملة العرش أنهم ثمانية أوعال‪ ,‬وقال ابن أبي حاتم‪:‬‬
‫حدثنا أبو سعيد يحيى بن سعيد‪ ,‬حدثنا زيد بن الحباب‪ ,‬حدثني أبو السمح‬
‫البصري‪ ,‬حدثنا أبو قبيل حيي بن هانىء أنه سمع عبد الله بن عمرو يقول‪:‬‬
‫حملة العرش ثمانية ما بين موق أحدهم إلى مؤخر عينه مسيرة مائة عام‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي قال‪ :‬كتب إلي أحمد بن حفص بن عبد الله‬
‫النيسابوري‪ ,‬حدثني أبي‪ ,‬حدثنا إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة عن‬
‫محمد بن المنكدر عن جابر قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬أذن‬
‫لي أن أحدثكم عن ملك من حملة العرش بعد ما بين شحمة أذنه وعنقه مخفق‬
‫الطير سبعمائة عام« وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات‪ ,‬وقد رواه أبو داود في‬
‫كتاب السنة من سننه‪ ,‬حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله‪ ,‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا‬
‫إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن‬
‫عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬أذن لي أن أحدث عن‬
‫ملك من ملئكة الله تعالى من حملة العرش أن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه‬
‫مسيرة سبعمائة عام« هذا لفظ أبي داود‪.‬‬

‫‪781‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم ‪ :‬حدثنا أبو زرعة‪ ,‬حدثنا يحيى بن المغيرة‪ ,‬حدثنا جرير عن‬
‫أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير في قوله تعالى‪} :‬ويحمل عرش ربك‬
‫فوقهم يومئذ ثمانية{ قال‪ :‬ثمانية صفوف من الملئكة قال‪ :‬وروي عن الشعبي‬
‫وعكرمة والضحاك وابن جريج مثل ذلك‪ ,‬وكذا روى السدي عن أبي مالك عن‬
‫ابن عباس‪ :‬ثمانية صفوف‪ ,‬وكذا روى العوفي عنه‪ ,‬وقال الضحاك عن ابن‬
‫عباس‪ :‬الكروبيون ثمانية أجزاء كل جزء منهم بعدة النس والجن والشياطين‬
‫والملئكة‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬يومئذ تعرضون ل تخفى منكم خافية{ أي تعرضون‬
‫على عالم السر والنجوى الذي ل يخفى عليه شيء من أموركم بل هو عالم‬
‫بالظواهر والسرائر والضمائر‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬ل تخفى منكم خافية{ وقد‬
‫قال ابن أبي الدنيا‪ :‬أخبرنا إسحاق بن إسماعيل‪ ,‬أخبرنا سفيان بن عيينة عن‬
‫جعفر بن برقان عن ثابت بن الحجاج قال‪ :‬قال عمر بن الخطاب رضي الله‬
‫عنه‪ :‬حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا‪ ,‬فإنه أخف‬
‫عليكم في الحساب غدا ً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم وتزينوا للعرض الكبر‬
‫}يومئذ تعرضون ل تخفى منكم خافية{‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا وكيع‪ ,‬حدثنا علي بن رفاعة عن الحسن عن أبي‬
‫موسى قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬يعرض الناس يوم‬
‫القيامة ثلث عرضات‪ ,‬فأما عرضتان فجدال ومعاذير‪ ,‬وأما الثالثة فعند ذلك‬
‫تطير الصحف في اليدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله« ورواه ابن ماجه عن أبي‬
‫بكر بن أبي شيبة عن وكيع به وقد رواه الترمذي عن أبي كريب عن علي بن‬
‫علي بن الحسن عن أبي هريرة به‪ ,‬وقد روى ابن جرير عن مجاهد بن موسى‬
‫عن يزيد بن سليمان بن حيان عن مروان الصغر عن أبي وائل عن عبد الله‬
‫قال‪ :‬يعرض الناس يوم القيامة ثلث عرضات‪ :‬عرضتان معاذير وخصومات‪,‬‬
‫والعرضة الثالثة تطير الصحف في اليدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله‪ ,‬ورواه‬
‫سعيد بن أبي عروبة عن قتادة مرسل ً مثله‪.‬‬

‫َ‬ ‫** فَأ َما م ُ‬


‫ق‬‫مل َ ٍ‬
‫ت أّني ُ‬ ‫ه * إ ِّني ظ ََنن ُ‬ ‫م اقَْرؤ ُا ْ ك َِتابي َ ْ‬‫هآؤ ُ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫قو ُ‬ ‫مين ِهِ فَي َ ُ‬
‫ه ب ِي َ ِ‬ ‫ي ك َِتاب َ ُ‬
‫ن أوت ِ َ‬ ‫ّ َ ْ‬
‫ة * ك ُُلوا ْ‬‫دان ِي َ ٌ‬ ‫ُ‬
‫عال ِي َةٍ * قُطوفَُها َ‬ ‫جن ّةٍ َ‬‫ضي َةٍ * ِفي َ‬ ‫شةٍ ّرا ِ‬ ‫عي َ‬ ‫ه * فَهُوَ ِفي ِ‬ ‫ساب ِي َ ْ‬
‫ح َ‬ ‫ِ‬
‫م ِفي الّيام ِ ال ْ َ‬ ‫سل َ ْ‬ ‫َ‬
‫خال ِي َةِ‬ ‫فت ُ ْ‬ ‫مآ أ ْ‬ ‫شَرُبوا ْ هَِنيئ َا ً ب ِ َ‬ ‫َوا ْ‬
‫يخبر تعالى عن سعادة من يؤتى كتابه يوم القيامة بيمينه وفرحه بذلك‪ ,‬وأنه‬
‫من شدة فرحه يقول لكل من لقيه }هاؤم اقرءوا كتابيه{ أي خذوا اقرءا كتابيه‬
‫لنه يعلم أن الذي فيه خير وحسنات محضة‪ ,‬لنه ممن بدل الله سيئاته‬
‫حسنات‪ .‬قال عبد الرحمن بن زيد‪ :‬معنى }هاؤم اقرءوا كتابيه{ أي هااقرءوا‬
‫كتابيه وؤم زائدة كذا قال‪ ,‬والظاهر أنها بمعنى هاكم‪.‬‬

‫‪782‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقد قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا بشر بن مطر الواسطي‪ ,‬حدثنا يزيد بن هارون‪,‬‬
‫أخبرنا عاصم الحول عن أبي عثمان قال‪ :‬المؤمن يعطى كتابه بيمينه في ستر‬
‫من الله فيقرأ سيئاته‪ ,‬فكلما قرأ سيئة تغير لونه حتى يمر بحسناته فيقرؤها‬
‫فيرجع إليه لونه‪ ,‬ثم ينظر فإذا سيئاته قد بدلت حسنات‪ ,‬قال‪ :‬فعند ذلك يقول‪:‬‬
‫هاؤم اقرءوا كتابيه‪ .‬وحدثنا أبي‪ ,‬حدثنا إبراهيم بن الوليد بن سلمة‪ ,‬حدثنا روح‬
‫بن عبادة‪ ,‬حدثنا موسى بن عبيدة‪ ,‬أخبرني عبد الله بن عبد الله بن حنظلة‬
‫غسيل الملئكة قال‪ :‬إن الله يوقف عبده يوم القيامة فيبدي أي يظهر سيئاته‬
‫في ظهر صحيفته فيقول له أنت عملت هذا‪ ,‬فيقول نعم أي رب‪ ,‬فيقول له إني‬
‫لم أفضحك به وإني قد غفرت لك فيقول عند ذلك هاؤم اقرءوا كتابيه }إني‬
‫ظننت أني ملق حسابيه{ حين نجا من فضيحته يوم القيامة‪.‬‬
‫وقد تقدم في الصحيح حديث ابن عمر حين سئل عن النجوى فقال‪ :‬سمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬يدني الله العبد يوم القيامة فيقرره‬
‫بذنوبه كلها حتى إذا رأى أنه قد هلك قال الله تعالى إني سترتها عليك في‬
‫الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم‪ ,‬ثم يعطى كتاب حسناته بيمينه‪ ,‬وأما الكافر‬
‫والمنافق فيقول الشهاد هؤلء الذين كذبوا على ربهم أل لعنة الله على‬
‫الظالمين« وقوله تعالى‪} :‬إني ظننت أني ملق حسابيه{ أي قد كنت موقنا ً‬
‫في الدنيا أن هذا اليوم كائن ل محالة كما قال تعالى‪} :‬الذين يظنون أنهم‬
‫ملقو ربهم{ قال الله تعالى‪} :‬فهو في عيشة راضية{ أي مرضية }في جنة‬
‫عالية{ أي رفيعة قصورها‪ ,‬حسان حورها‪ ,‬نعيمة دورها‪ ,‬دائم حبورها‪.‬‬
‫قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا أبو عتبة الحسن بن علي بن مسلم‬
‫السكوني‪ ,‬حدثنا إسماعيل بن عياش عن سعيد بن يوسف عن يحيى بن أبي‬
‫كثير عن أبي سلم السود قال‪ :‬سمعت أبا أمامة قال‪ :‬سأل رجل رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬هل يتزاور أهل الجنة ؟ قال »نعم إنه ليهبط أهل الدرجة‬
‫العليا إلى أهل الدرجة السفلى فيحيونهم ويسلمون عليهم‪ ,‬ول يستطيع أهل‬
‫الدرجة السفلى يصعدون إلى العلين تقصر بهم أعمالهم«‪ .‬وقد ثبت في‬
‫الصحيح »إن الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والرض«‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬قطوفها دانية{ قال البراء بن عازب‪ :‬أي قريبة يتناولها أحدهم‬
‫وهو نائم على سريره‪ ,‬وكذا قال غير واحد‪.‬‬
‫قال الطبراني عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن زياد‬
‫بن أنعم عن عطاء بن يسار عن سلمان الفارسي قال‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬ل يدخل أحد الجنة إل بجواز‪ :‬بسم الله الرحمن الرحيم هذا‬
‫كتاب من الله لفلن بن فلن أدخلوه جنة عالية قطوفها دانية« وكذا رواه‬
‫الضياء في صفة الجنة من طريق سعدان بن سعيد عن سليمان التيمي عن‬
‫أبي عثمان النهدي‪ ,‬عن سلمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫»يعطى المؤمن جوازا ً على الصراط‪ :‬بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من‬
‫الله العزيز الحكيم لفلن أدخلوه جنة عالية قطوفها دانية« وقوله تعالى‪} :‬كلوا‬
‫واشربوا هنيئا ً بما أسلفتم في اليام الخالية{ أي يقال لهم ذلك تفضل ً عليهم‬

‫‪783‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وامتنانا ً وإنعاما ً وإحسانًا‪ ,‬وإل فقد ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم أنه قال‪» :‬اعملوا وسددوا وقاربوا واعلموا أن أحدا ً منكم لن يدخله‬
‫عمله الجنة« قالوا‪ :‬ول أنت يا رسول الله ؟ قال‪ :‬ول أنا إل أن يتغمدني الله‬
‫برحمة منه وفضل«‪.‬‬

‫ل يل َيتِني ل َم ُأوت كتابيه * ول َ َ‬ ‫مال ِهِ فَي َ ُ‬ ‫** وأ َما م ُ‬


‫ما‬
‫م أد ْرِ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َِ َِ ْ‬ ‫ْ‬ ‫قو ُ َ ْ َ‬ ‫ش َ‬ ‫ه بِ ِ‬ ‫ي ك َِتاب َ ُ‬ ‫ن أوت ِ َ‬ ‫َ ّ َ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه*‬‫سلطان ِي َ ْ‬ ‫ه * هّلك ع َّني ُ‬ ‫مال ِي َ ْ‬ ‫ى ع َّني َ‬ ‫مآ أغ ْن َ َ‬ ‫ة* َ‬ ‫ضي َ َ‬
‫قا ِ‬ ‫ت ال َ‬ ‫ه * ي َلي ْت ََها كان َ ِ‬ ‫ساب ِي َ ْ‬‫ح َ‬ ‫ِ‬
‫ن ذ َِراعا ً‬ ‫سب ُْعو َ‬ ‫سل َةٍ ذ َْرع َُها َ‬ ‫سل ْ ِ‬ ‫م ِفي ِ‬ ‫صّلوه ُ * ث ُ ّ‬ ‫م َ‬ ‫حي َ‬ ‫ج ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ذوه ُ فَغُّلوه ُ * ث ُ ّ‬ ‫خ ُ‬ ‫ُ‬
‫ن*‬ ‫كي ِ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ى ط ََعام ِ ال ْ ِ‬ ‫ح ّ َ‬
‫ض ع َل َ‬ ‫ظيم ِ * وَل َ ي َ ُ‬ ‫ن ِبالل ّهِ ال ْعَ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ن ل َ ي ُؤ ْ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫كوه ُ * إ ِن ّ ُ‬ ‫سل ُ ُ‬ ‫َفا ْ‬
‫ْ‬
‫ه إ ِل ّ‬‫ن * ل ّ ي َأك ُل ُ ُ‬ ‫سِلي ٍ‬‫ن ِغ ْ‬ ‫م ْ‬‫م إ ِل ّ ِ‬ ‫م * وَل َ ط ََعا ٌ‬ ‫مي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫ها هَُنا َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ال ْي َوْ َ‬
‫س لَ ُ‬ ‫فَل َي ْ َ‬
‫خاط ُِئو َ‬
‫ن‬ ‫ال ْ َ‬
‫وهذا إخبار عن حال الشقياء إذا أعطي أحدهم كتابه في العرصات بشماله‪,‬‬
‫فحينئذ يندم غاية الندم }فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه * ولم أدر ما حسابيه *‬
‫يا ليتها كانت القاضية{ قال الضحاك‪ :‬يعني موتة لحياة بعدها‪ ,‬وكذا قال محمد‬
‫بن كعب والربيع والسدي‪ ,‬وقال قتادة‪ :‬تمنى الموت ولم يكن شيء في الدنيا‬
‫أكره إليه منه }ما أغنى عني ماليه * هلك عني سلطانيه{ أي لم يدفع عني‬
‫مالي ول جاهي عذاب الله وبأسه‪ ,‬بل خلص المر إلي وحدي فل معين لي ول‬
‫مجير‪ ,‬فعندها يقول الله عز وجل‪} :‬خذوه فغلوه * ثم الجحيم صلوه{ أي يأمر‬
‫الزبانية أن تأخذه عنفا ً من المحشر فتغله أي تضع الغلل في عنقه ثم تورده‬
‫إلى جهنم فتصليه إياها أي تغمره فيها‪ .‬قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبو سعيد‬
‫الشج‪ ,‬حدثنا أبو خالد عن عمرو بن قيس عن المنهال بن عمرو قال‪ :‬إذا قال‬
‫الله تعالى خذوه ابتدره سبعون ألف ملك‪ ,‬إن الملك منهم ليقول هكذا فيلقي‬
‫سبعين ألفا ً في النار‪ .‬وروى ابن أبي الدنيا في الهوال أنه يبتدره أربعمائة ألف‬
‫ول يبقى شيء إل دقه‪ ,‬فيقول‪ :‬ما لي ولك ؟ فيقول‪ :‬إن الرب عليك غضبان‬
‫فكل شيء غضبان عليك‪ ,‬وقال الفضيل بن عياض‪ :‬إذا قال الرب عز وجل‬
‫خذوه فغلوه ابتدره سبعون ألف ملك أيهم يجعل الغل في عنقه }ثم الجحيم‬
‫صلوه{ أي اغمروه فيها‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا ً فاسلكوه{ قال كعب‬
‫الحبار‪ :‬كل حلقة منها قدر حديد الدنيا‪ ,‬وقال العوفي عن ابن عباس وابن‬
‫جريج‪ :‬بذراع الملك‪ ,‬وقال ابن جريج‪ :‬قال ابن عباس }فاسلكوه{ تدخل في‬
‫أسته ثم تخرج من فيه ثم ينظمون فيها كما ينظم الجراد في العود حين‬
‫يشوى‪ .‬وقال العوفي عن ابن عباس‪ :‬يسلك في دبره حتى يخرج من منخريه‬
‫حتى ل يقوم على رجليه‪ .‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا علي بن إسحاق‪ ,‬أخبرنا عبد‬
‫الله‪ ,‬أخبرنا سعيد بن يزيد عن أبي السمح عن عيسى بن هلل الصدفي عن‬

‫‪784‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عبد الله بن عمرو قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬لو أن رصاصة‬
‫مثل هذه ي وأشار إلى جمجمة ي أرسلت من السماء إلى الرض‪ ,‬وهي مسيرة‬
‫خمسمائة سنة‪ ,‬لبلغت الرض قبل الليل ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة‬
‫لسارت أربعين خريفا ً الليل والنهار قبل أن تبلغ قعرها أو أصلها« وأخرجه‬
‫الترمذي عن سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك به‪ ,‬وقال‪ :‬هذا حديث‬
‫حسن‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬إنه كان ل يؤمن بالله العظيم * ول يحض على طعام‬
‫المسكين{ أي ل يقوم بحق الله عليه من طاعته وعبادته ول ينفع خلقه ويؤدي‬
‫حقهم‪ ,‬فإن لله على العباد أن يوحدوه ول يشركوا به شيئًا‪ ,‬وللعباد بعضهم على‬
‫بعض حق الحسان والمعاونة على البر والتقوى‪ ,‬ولهذا أمر الله بإقام الصلة‬
‫وإيتاء الزكاة‪ ,‬وقبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول‪» :‬الصلة وما‬
‫ملكت أيمانكم« وقوله تعالى‪} :‬فليس له اليوم ههنا حميم * ول طعام إل من‬
‫غسلين * ل يأكله إل الخاطئون{ أي ليس له اليوم من ينقذه من عذاب الله‬
‫تعالى ل حميم وهو القريب‪ ,‬ول شفيع يطاع‪ ,‬ول طعام له ههنا إل من غسلين‪,‬‬
‫قال قتادة‪ :‬هو شر طعام أهل النار‪ .‬وقال الربيع والضحاك‪ :‬هو شجرة في‬
‫جهنم‪ ,‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا منصور بن أبي مزاحم‪ ,‬حدثنا أبو‬
‫سعيد المؤدب عن خصيف عن مجاهد عن ابن عباس قال‪ :‬ما أدري ما الغسلين‬
‫ولكني أظنه الزقوم‪ .‬وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس قال‪:‬‬
‫الغسلين الدم والماء يسيل من لحومهم‪ .‬وقال علي بن أبي طلحة عنه‪:‬‬
‫الغسلين صديد أهل النار‪.‬‬

‫ه لَ َ‬ ‫ُ‬
‫ما‬ ‫ل كَ ِ‬
‫ريم ٍ * وَ َ‬ ‫سو ٍ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫قوْ ُ‬ ‫ن * إ ِن ّ ُ‬
‫صُرو َ‬ ‫ما ل َ ت ُب ْ ِ‬
‫ن * وَ َ‬ ‫صُرو َ‬ ‫ما ت ُب ْ ِ‬
‫م بِ َ‬ ‫س ُ‬‫** فَل َ أقْ ِ‬
‫من‬‫ل ّ‬ ‫زي ٌ‬
‫ن * َتن ِ‬‫ما ت َذ َك ُّرو َ‬
‫ن قَِليل ً ّ‬ ‫كاه ِ ٍ‬‫ل َ‬ ‫ن * وَل َ ب ِ َ‬
‫قو ْ ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫عرٍ قَِليل ً ّ‬
‫ما ت ُؤ ْ ِ‬ ‫شا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫قو ْ ِ‬ ‫هُوَ ب ِ َ‬
‫ن‬
‫مي َ‬ ‫ب ال َْعال َ ِ‬ ‫ّر ّ‬
‫يقول تعالى مقسما ً لخلقه بما يشاهدونه من آياته في مخلوقاته الدالة على‬
‫كماله في أسمائه وصفاته‪ ,‬وما غاب عنهم مما ل يشاهدونه من المغيبات‬
‫عنهم‪ :‬إن القرآن كلمه ووحيه وتنزيله على عبده ورسوله الذي اصطفاه لتبليغ‬
‫الرسالة وأداء المانة فقال تعالى‪} :‬فل أقسم بما تبصرون وما ل تبصرون * إنه‬
‫لقول رسول كريم{ يعني محمدا ً صلى الله عليه وسلم‪ ,‬أضافه إليه على معنى‬
‫التبليغ‪ ,‬لن الرسول من شأنه أن يبلغ عن المرسل ولهذا أضافه في سورة‬
‫التكوير إلى الرسول الملكي }إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي‬
‫العرش مكين * مطاع ثم أمين{ وهذا جبريل عليه السلم‪ ,‬ثم قال تعالى‪} :‬وما‬
‫صاحبكم بمجنون{ يعني محمدا ً صلى الله عليه وسلم }ولقد رآه بالفق‬

‫‪785‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المبين{ يعني أن محمدا ً رأى جبريل على صورته التي خلقه الله عليها }وما هو‬
‫على الغيب بضنين{ أي بمتهم‪.‬‬
‫}وما هو بقول شيطان رجيم{ وهكذا قال ههنا }وما هو بقول شاعر قليل ً ما‬
‫تؤمنون * ول بقول كاهن قليل ً ما تذكرون{ فأضافه الله تارة إلى قول الرسول‬
‫الملكي وتارة إلى الرسول البشري‪ ,‬لن كل ً منهما مبلغ عن الله ما استأمنه‬
‫عليه من وحيه وكلمه‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬تنزيل من رب العالمين{ قال المام‬
‫أحمد‪ :‬حدثنا أبو المغيرة‪ ,‬حدثنا صفوان‪ ,‬حدثنا شريح بن عبيد قال‪ :‬قال عمر بن‬
‫الخطاب‪ :‬خرجت أتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن أسلم‪,‬‬
‫فوجدته قد سبقني إلى المسجد فقمت خلفه فاستفتح سورة الحاقة‪ ,‬فجعلت‬
‫أعجب من تأليف القرآن قال‪ :‬فقلت هذا والله شاعر كما قالت قريش‪ ,‬قال‪:‬‬
‫فقرأ }إنه لقول رسول كريم * وما هو بقول شاعر قليل ً ما تؤمنون{ قال‪:‬‬
‫فقلت كاهن‪ ,‬قال‪ :‬فقرأ }ول بقول كاهن قليل ً ما تذكرون * تنزيل من رب‬
‫العالمين * ولو تقول علينا بعض القاويل * لخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه‬
‫الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين{ إلى آخر السورة قال‪ :‬فوقع السلم‬
‫في قلبي كل موضع‪ ,‬فهذا من جملة السباب التي جعلها الله تعالى مؤثرة في‬
‫هداية عمر بن الخطاب رضي الله عنه‪ ,‬كما أوردنا كيفية إسلمه في سيرته‬
‫المفردة‪ ,‬ولله الحمد والمنة‪.‬‬

‫ه ال ْوَِتي َ‬
‫ن‬ ‫قط َعَْنا ِ‬
‫من ْ ُ‬ ‫م لَ َ‬ ‫ن * ثُ ّ‬ ‫ِ‬ ‫مي‬‫ه ِبال ْي َ ِ‬ ‫خذ َْنا ِ‬
‫من ْ ُ‬ ‫ل* ل َ‬ ‫ض الَقاِوي ِ‬ ‫ل ع َل َي َْنا ب َعْ َ‬‫قوّ َ‬ ‫** وَل َوْ ت َ َ‬
‫ن‬ ‫* فَما منك ُم من أ َحد ع َنه حاجزين * وإنه ل َتذ ْكرة ٌ ل ّل ْمتقين * وإنا ل َنعل َ َ‬
‫مأ ّ‬ ‫َ ِّ َ ْ ُ‬ ‫ُ ّ ِ َ‬ ‫َ ِّ ُ َ َِ‬ ‫َ ِ ْ ّ ْ َ ٍ ْ ُ َ ِ ِ َ‬
‫ح‬
‫سب ّ ْ‬‫ن * فَ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫سَرة ٌ ع ََلى الكافِ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫مك َذ ِّبي َ‬ ‫منك ُ ْ‬
‫قي ِ‬ ‫حقّ الي َ ِ‬‫هل َ‬ ‫ن * وَإ ِن ّ ُ‬ ‫ري َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن * وَإ ِن ّ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ِ‬
‫ك ال ْعَ ِ‬
‫ظيم ِ‬ ‫سم ِ َرب ّ َ‬ ‫ِبا ْ‬
‫يقول تعالى‪} :‬ولو تقول علينا{ أي محمد صلى الله عليه وسلم لو كان كما‬
‫يزعمون مفتريا ً علينا فزاد في الرسالة أو نقص منها‪ ,‬أو قال شيئا ً من عنده‬
‫فنسبه إلينا وليس كذلك لعاجلناه بالعقوبة‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬لخذنا منه‬
‫باليمين{ قيل‪ :‬معناه لنتقمنا منه باليمين لنها أشد في البطش‪ ,‬وقيل لخذنا‬
‫منه بيمينه }ثم لقطعنا منه الوتين{ قال ابن عباس‪ :‬وهو نياط القلب وهو‬
‫العرق الذي القلب معلق فيه‪ ,‬وكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير والحكم وقتادة‬
‫والضحاك‪ ,‬ومسلم البطين وأبو صخر حميد بن زياد‪ ,‬وقال محمد بن كعب هو‬
‫القلب ومراقه وما يليه‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬فما منكم من أحد عنه حاجزين{ أي‬
‫فما يقدر أحد منكم أن يحجز بيننا وبينه إذا أردنا به شيئا ً من ذلك‪ .‬والمعنى في‬
‫هذا بل هو صادق بار راشد لن الله عز وجل مقرر له ما يبلغه عنه ومؤيد له‬
‫بالمعجزات الباهرات والدللت القاطعات‪.‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬وإنه لتذكرة للمتقين{ يعني القرآن كما قال تعالى‪} :‬قل هو‬
‫للذين آمنوا هدى وشفاء والذين ل يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى{‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬وإنا لنعلم أن منكم مكذبين{ أي مع هذا البيان والوضوح‬

‫‪786‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سيوجد منكم من يكذب بالقرآن‪ .‬ثم قال تعالى‪} :‬وإنه لحسرة على الكافرين{‬
‫قال ابن جرير‪ :‬وإن التكذيب لحسرة على الكافرين يوم القيامة‪ .‬وحكاه عن‬
‫قتادة بمثله‪ ,‬وروى ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك }وإنه‬
‫لحسرة على الكافرين{ يقول لندامة‪ ,‬ويحتمل عود الضمير على القرآن‪ ,‬أي‬
‫وإن القرآن واليمان به لحسرة في نفس المر على الكافرين كما قال تعالى‪:‬‬
‫}كذلك سلكناه في قلوب المجرمين ل يؤمنون به{ وقال تعالى‪} :‬وحيل بينهم‬
‫وبين ما يشتهون{ ولهذا قال ههنا }وإنه لحق اليقين{ أي الخبر الصادق الحق‬
‫الذي ل مرية فيه ول شك ول ريب‪ ,‬ثم قال تعالى‪} :‬فسبح باسم ربك العظيم{‬
‫أي الذي أنزل هذا القرآن العظيم‪ .‬آخر تفسير سورة الحاقة ولله الحمد‬
‫والمنة(‬

‫سورة المعارج‬
‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫دافِيعٌ *‬ ‫ه َ‬ ‫س ل َي ُ‬‫ن ل َي ْي َ‬‫ري َ‬‫ب َواقٍِع * ل ّل ْك َييافِ ِ‬ ‫ذا ٍ‬ ‫ل ب ِعَ َ‬‫سآئ ِ ٌ‬


‫ل َ‬ ‫سأ َ َ‬
‫** َ‬
‫ة َوالّرو ُ َ‬ ‫ج ال ْ َ‬
‫مل َئ ِك َ ُ‬ ‫ن الل ّهِ ِذي ال ْ َ‬
‫ح إ ِلي ْهِ ِفي ي َوْم ٍ‬ ‫ج * ت َعُْر ُ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مَعار‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫ميل ً *‬ ‫ج ِ‬ ‫ً‬
‫صيْبرا َ‬ ‫صيب ِْر َ‬ ‫سين َةٍ * َفا ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ْ‬
‫ن أل ي َ‬ ‫سييي َ‬ ‫م ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫داُرهُ َ‬‫مْق َ‬ ‫ن ِ‬‫كا َ‬‫َ‬
‫ريبييييييييا ً‬ ‫ه ب َِعيييييييييدا ً * وَن َييييييييَراهُ قَ ِ‬ ‫م ي ََروْن َيييييييي ُ‬ ‫إ ِن ّهُيييييييي ْ‬
‫}سأل سائل بعذاب واقع{ فيه تضييمين دل عليييه حييرف‬
‫الباء كأنه مقدر استعجل سائل بعذاب واقع كقوله تعييالى‪:‬‬
‫}ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده{ أي وعذابه‬
‫واقع ل محالة‪ .‬قال النسائي‪ :‬حدثنا بشيير بيين خالييد‪ ,‬حييدثنا‬
‫أبو أسامة حييدثنا سييفيان عيين العمييش عيين المنهييال بيين‬
‫عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعييالى‪:‬‬
‫}سأل سائل بعيذاب واقييع{ قييال النضير بيين الحيارث بين‬
‫كلدة وقال العوفي عن ابيين عبيياس }سيأل سييائل بعييذاب‬
‫واقع{ قال‪» :‬ذلك سييؤال الكفييار عيين عييذاب اللييه« وهييو‬
‫واقع بهم‪ ,‬وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى‪:‬‬
‫لخييرة قييال‬ ‫}سأل سائل{ دعا داع بعذاب واقع يقييع فييي ا َ‬
‫وهو قولهم }اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر‬
‫علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعييذاب أليييم{ وقييال ابيين‬
‫زيد وغيره }سأل سائل بعييذاب واقييع{ أي واد فييي جهنييم‬

‫‪787‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يسيل يوم القيامة بالعذاب وهذا القييول ضييعيف بعيييد عيين‬
‫الميييييراد‪ ,‬والصيييييحيح الول لدللييييية السيييييياق علييييييه‪.‬‬
‫وقيييوله تعيييالى‪} :‬واقيييع للكيييافرين{ أي مرصيييد معيييد‬
‫للكافرين‪ ,‬وقال ابن عباس‪ :‬واقع جاء }ليس له دافييع{ أي‬
‫ل دافع له إذا أراد الله كونه ولهذا قييال تعييالى‪} :‬ميين اللييه‬
‫ذي المعارج{ قييال الثييوري عيين العمييش عيين رجييل عيين‬
‫سعيد بيين جييبير عيين ابيين عبيياس فييي قييوله تعييالى‪} :‬ذي‬
‫المعارج{ قال‪ :‬ذو الدرجات‪ ,‬وقال علي بن أبي طلحة عن‬
‫ابيين عبيياس‪ :‬ذي المعييارج يعنييي العلييو والفواضييل‪ ,‬وقييال‬
‫مجاهييد‪ :‬ذي المعييارج معييارج السييماء‪ ,‬وقييال قتييادة‪ :‬ذي‬
‫الفواضل والنعم‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬تعييرج الملئكيية والييروح‬
‫إليه{ قال عبد الرزاق عن معمر عيين قتييادة تعييرج تصييعد‪,‬‬
‫وأمييا الييروح فقييال أبييو صييالح‪ :‬هييم خلييق ميين خلييق اللييه‬
‫يشييبهون النيياس وليسييوا ناس يًا‪ ,‬قلييت ويحتمييل أن يكييون‬
‫المراد بييه جبريييل ويكييون ميين بيياب عطييف الخيياص علييى‬
‫العام‪ ,‬ويحتمل أن يكون اسم جنس لرواح بنييي آدم فإنهييا‬
‫إذا قبضييت يصييعد بهييا إلييى السييماء كمييا دل عليييه حييديث‬
‫البراء‪ ,‬وفييي الحييديث الييذي رواه المييام أحمييد وأبييو داود‬
‫والنسائي وابن ماجه من حييديث المنهييال عيين زاذان عيين‬
‫البراء مرفوعا ً الحديث بطوله في قبض الروح الطيبة قال‬
‫فيه‪» :‬فل يزال يصعد بها من سماء إلى سماء حتى ينتهييي‬
‫بها إلى السماء التي فيها الله« واللييه أعلييم بصييحته‪ ,‬فقييد‬
‫تكلم في بعض رواته ولكنه مشهور‪ ,‬وله شاهد في حييديث‬
‫أبي هريرة فيما تقدم ميين رواييية المييام أحمييد والترمييذي‬
‫وابن ماجه من طريق ابن أبي ذئب‪ ,‬عن محمد بيين عمييرو‬
‫بن عطاء عن سعيد بن يسار عنه‪ ,‬وهذا إسناد رجاله علييى‬
‫شرط الجماعة‪ ,‬وقد بسطنا لفظه عند قوله تعالى‪} :‬يثبت‬
‫الله الييذين آمنييوا بييالقول الثييابت فييي الحييياة الييدنيا وفييي‬
‫لخييرة ويضييل اللييه الظييالمين ويفعييل اللييه مييا يشيياء{‪.‬‬ ‫ا َ‬
‫وقوله تعالى‪} :‬في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة{‬
‫فيه أربعة أقوال‪[ :‬أحدها] أن المراد بذلك مسافة مييا بييين‬
‫العرش العظيم إلييى أسييفل السييافلين‪ ,‬وهييو قييرار الرض‬

‫‪788‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السابعة وذلييك مسيييرة خمسييين ألييف سيينة‪ ,‬هييذا ارتفيياع‬
‫العييرش عيين المركييز الييذي فييي وسييط الرض السييابعة‪,‬‬
‫وكذلك اتساع العرش من قطر إلى قطر مسيرة خمسييين‬
‫ألف سنة‪ ,‬وإنه من ياقوتة حمراء كما ذكره ابن أبي شيييبة‬
‫في كتاب صفة العرش‪ .‬وقد قال ابن أبي حيياتم عنييد هييذه‬
‫لية‪ :‬حدثنا أحميد بين سيلمة حيدثنا إسيحاق بين إبراهييم‪,‬‬ ‫ا َ‬
‫أخبرنا حكام عن عمر بن معروف عن ليث عن مجاهد عن‬
‫ابيين عبيياس فييي قييوله تعييالى‪} :‬فييي يييوم كييان مقييداره‬
‫خمسين ألف سنة{ قال‪ :‬منتهى أمره من أسفل الرضييين‬
‫إلى منتهى أمره من فيوق السيموات خمسيين أليف سينة‬
‫}وإن يوما ً عند ربك كألف سنة ممييا تعييدون{ يعنييي بييذلك‬
‫حين ينزل المر من السماء إلى الرض‪ ,‬وميين الرض إلييى‬
‫السماء في يوم واحد‪ ,‬فذلك مقداره ألف سنة لن ما بييين‬
‫السماء والرض مقدار مسيييرة خمسييمائة عييام وقييد رواه‬
‫ابن جرير عن ابن حميد عن حكام بن سالم عن عمرو بيين‬
‫معروف عن ليث عن مجاهد قييوله‪ ,‬لييم يييذكر ابيين عبيياس‬
‫وقال ابن أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييي‪ ,‬حييدثنا علييي بيين محمييد‬
‫الطنافسي‪ ,‬حدثنا إسحاق بن منصور‪ ,‬حدثنا نييوح المييؤدب‬
‫عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابيين عبيياس قييال‪:‬‬
‫غلظ كل أرض خمسمائة عام‪ ,‬وبييين كييل أرض إلييى أرض‬
‫خمسمائة عام‪ ,‬فذلك سبعة آلف عام‪ ,‬وغلييظ كييل سييماء‬
‫خمسمائة عام وبين السماء إلى السييماء خمسييمائة عييام‪,‬‬
‫فذلك أربعة ألف عام‪ ,‬وبين السماء السابعة وبين العييرش‬
‫مسيرة ستة وثلثين ألف عام‪ ,‬فييذلك قييوله تعييالى‪} :‬فييي‬
‫ييييييوم كيييييان مقيييييداره خمسيييييين أليييييف سييييينة{‪.‬‬
‫)القول الثاني( أن المراد بذلك مدة بقاء الدنيا منذ خلييق‬
‫الله هذا العالم إلييى قيييام السيياعة‪ ,‬قييال ابيين أبييي حيياتم‪:‬‬
‫حدثنا أبو زرعة‪ ,‬أخبرنا إبراهيم بن موسى‪ ,‬أخبرنا ابن أبييي‬
‫زائدة عن ابن جريج عن مجاهد في قوله تعالى‪} :‬في يوم‬
‫كييان مقييداره خمسييين ألييف سيينة{ قييال‪ :‬الييدنيا عمرهييا‬
‫خمسون ألف سنة‪ ,‬وذلك عمرها يوم سماها الله عز وجل‬
‫يوما ً }تعرج الملئكة واليروح إلييه فيي ييوم{ قيال‪ :‬الييوم‬

‫‪789‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الدنيا‪ ,‬وقال عبد الرزاق‪ :‬أخبرنا معمر عن ابيين أبييي نجيييح‬
‫عن مجاهد عن الحكم بن أبان عن عكرمة }في يوم كييان‬
‫مقداره خمسين ألييف سيينة{ قييال‪ :‬الييدنيا ميين أولهييا إلييى‬
‫آخرها مقدار خمسين ألف سنة ل يدري أحد كم مضييى ول‬
‫كيييييييييم بقيييييييييي إل الليييييييييه عيييييييييز وجيييييييييل‪.‬‬
‫لخرة وهييو‬ ‫)القول الثالث( أنه اليوم الفاصل بين الدنيا وا َ‬
‫قول غريب جدًا‪ .‬قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أحمد بن محمييد‬
‫بن يحيى بيين سييعيد القطييان‪ ,‬حييدثنا بهلييول بيين المييورق‪,‬‬
‫حدثنا موسى بن عبيدة‪ ,‬أخبرني محمد بن كعب }في يييوم‬
‫كان مقداره خمسين ألف سنة{ قال‪ :‬هو يوم الفصل بييين‬
‫الييييييييييييييييييييييييييييييدنيا وا َ‬
‫لخييييييييييييييييييييييييييييييرة‪.‬‬
‫)القول الرابع( أن المراد بذلك يوم القيامة‪ .‬قال ابن أبي‬
‫حاتم‪ :‬حدثنا أحمد بن سنان الواسطي‪ ,‬حدثنا عبد الرحميين‬
‫بن مهدي عن إسرائيل عن سييماك عيين عكرميية عيين ابيين‬
‫عباس }في يوم كان مقداره خمسييين ألييف سيينة{ قييال‪:‬‬
‫يوم القيامة وإسناده صحيح ورواه الثوري عن سييماك بيين‬
‫حرب عن عكرمة في يوم كان مقداره خمسين ألف سيينة‬
‫يوم القيامة وكذا قال الضحاك وابن زيييد‪ .‬وقييال علييي بيين‬
‫أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى‪} :‬تعرج الملئكة‬
‫والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة{ قال‪:‬‬
‫هو يوم القياميية جعليه الليه تعييالى عليى الكييافرين مقيدار‬
‫خمسين ألف سنة وقد وردت أحاديث في معنى ذلك‪ .‬قال‬
‫المام أحمد‪ :‬حدثنا الحسن بن موسى‪ ,‬حييدثنا ابيين لهيعيية‪,‬‬
‫حييدثنا دراج عيين أبييي الهيثييم عيين أبييي سييعيد قييال‪ :‬قيييل‬
‫لرسول الله صلى الله عليه وسلم }في يوم كان مقييداره‬
‫خمسين ألف سنة{ مييا أطييول هييذا اليييوم‪ ,‬فقييال رسييول‬
‫الله‪» :‬والذي نفسي بيده إنه ليخفييف علييى المييؤمن حييتى‬
‫يكون أخف عليييه ميين صييلة مكتوبيية يصييليها فييي الييدنيا«‬
‫ورواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهييب عيين عمييرو بيين‬
‫الحييارث عيين دراج بييه‪ ,‬إل أن دراجييا ً وشيييخه أبييا الهيثييم‬
‫ضييييييييييييييييييعيفان واللييييييييييييييييييه أعلييييييييييييييييييم‪.‬‬

‫‪790‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا محمد بيين جعفيير‪ ,‬حييدثنا شييعبة‬
‫عن قتادة عن أبي عمر العداني قال‪ :‬كنت عند أبي هريرة‬
‫فمر رجل من بني عامر بن صعصييعة فقيييل لييه هييذا أكييثر‬
‫عامري ما ً‬
‫ل‪ ,‬فقييال أبييو هريييرة‪ ,‬ردوه إلييي فييردوه فقييال‪:‬‬
‫نبئت أنك ذو مال كثير‪ .‬فقييال العييامري‪ :‬إي واللييه إن لييي‬
‫لمائة حمرا ً ومائة أدما ً حتى عييد ميين ألييوان البييل وأفنييان‬
‫الرقيق ورباط الخيل‪ ,‬فقال أبو هريرة‪ :‬إياك وأخفاف البل‬
‫وأظلف النعم‪ ,‬يردد ذلك عليييه حييتى جعييل ليون العييامري‬
‫يتغير فقال‪ :‬ما ذاك يا أبييا هريييرة ؟ قييال‪ :‬سييمعت رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسييلم يقييول‪» :‬ميين كييانت لييه إبييل ل‬
‫يعطي حقها في نجدتها ورسلها« قلنا‪ :‬يييا رسييول اللييه مييا‬
‫نجدتها ورسلها ؟ قال‪» :‬في عسييرها ويسييرها فإنهييا تييأتي‬
‫يوم القيامة كأغيذ ميا كيانت وأكيثره وأسيمنه وآشيره‪ ,‬ثيم‬
‫يبطح لها بقاع قرقر فتطؤه بأخفافها فييإذا جيياوزته أخراهييا‬
‫أعيدت عليه أولهيا فييي يييوم كيان مقيداره خمسيين أليف‬
‫سنة‪ ,‬حتى يقضى بين الناس فيرى سييبيله‪ ,‬وإذا كييانت لييه‬
‫بقر ل يعطي حقها فييي نجييدتها ورسييلها‪ ,‬فإنهييا تييأتي يييوم‬
‫القيامة كأغذ ما كانت وأكثره وأسمنه وآشره‪ ,‬ثم يبطح لها‬
‫بقاع قرقر فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها وتنطحه كل ذات‬
‫قييرن بقرنهييا‪ ,‬ليييس فيهييا عقصيياء ول عضييباء‪ ,‬إذا جيياوزته‬
‫أخراها أعيدها عليه أولها في يييوم كييان مقييداره خمسييين‬
‫ألف سنة حتى يقضى بين الناس فيرى سييبيله‪ ,‬وإذا كييانت‬
‫له غنم ل يعطي حقها في نجدتها ورسلها فإنهييا تييأتي يييوم‬
‫القيامة كأغذ ما كانت وأسمنه وآشره حتى يبطح لها بقيياع‬
‫قرقر فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها وتنطحه كل ذات قرن‬
‫بقرنها‪ ,‬ليييس فيهييا عقصيياء ول عضييباء إذا جيياوزته أخراهييا‬
‫أعيدت عليه أولهيا فييي يييوم كيان مقيداره خمسيين أليف‬
‫سيينة‪ ,‬حييتى يقضييى بييين النيياس فيييرى سييبيله« فقييال‬
‫العامري‪ :‬وما حق البييل يييا أبييا هريييرة ؟ قييال‪ :‬أن تعطييي‬
‫الكريمة وتمنح وتفقر الظهر وتسقي البل وتطرق الفحييل‬
‫وقد رواه أبو داود من حديث شعبة والنسييائي ميين حييديث‬
‫سيييعيد بييين أبيييي عروبييية كلهميييا عييين قتيييادة بيييه‪.‬‬

‫‪791‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫)طريق أخرى لهذا الحديث( قال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبييو‬
‫كامل‪ ,‬حدثنا حماد عن سهيل بن أبي صالح عيين أبيييه عيين‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪» :‬ما من صيياحب كنييز ل يييؤدي حقييه إل جعييل‬
‫صفائح يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جبهتييه وجنبييه‬
‫وظهره‪ ,‬حتى يحكم الله بين عباده في يييوم كييان مقييداره‬
‫خمسين ألف سنة ممييا تعييدون‪ ,‬ثييم يييرى سييبيله إمييا إلييى‬
‫الجنة وإما إلى النار« وذكر بقية الحديث في الغنم والبييل‬
‫كما تقدم‪ ,‬وفيه‪» :‬الخيل لثلثة‪ :‬لرجل أجر‪ ,‬ولرجييل سييتر‪,‬‬
‫وعلى رجييل وزر« إلييى آخييره ورواه مسييلم فييي صييحيحه‬
‫بتمامه منفردا ً به دون البخاري من حديث سهيل عيين أبيييه‬
‫عن أبييي هريييرة وموضييع استقصيياء طرقييه وألفيياظه فييي‬
‫كتاب الزكاة من كتاب الحكام‪ ,‬والغرض ميين إيييراده ههنييا‬
‫قوله‪» :‬حتى يحكم الله بين عبياده فيي ييوم كيان مقيداره‬
‫خمسين ألف سنة« وقد روى ابن جرير عيين يعقييوب عيين‬
‫ابن علية وعبد الوهاب عن أيوب عن ابن أبي مليكة قييال‪:‬‬
‫سأل رجل ابن عباس عيين قييوله }فييي يييوم كييان مقييداره‬
‫خمسين ألف سنة{ فقال‪ :‬ما يييوم كييان مقييداره خمسييين‬
‫ألف سنة قال فاتهمه‪ ,‬فقال‪ :‬إنما سييألتك لتحييدثني‪ ,‬قييال‪,‬‬
‫هما يومان ذكرهما الله‪ ,‬والله أعلم بهمييا وأكييره أن أقييول‬
‫فيييييييييي كتييييييييياب الليييييييييه بميييييييييا ل أعليييييييييم‪.‬‬
‫ل{ أي اصييبر يييا محمييد‬ ‫وقوله تعالى‪} :‬فاصييبر صييبراجمي ً‬
‫علييى تكييذيب قومييك لييك واسييتعجالهم العييذاب اسييتبعادا ً‬
‫لوقوعه كقوله‪} :‬يستعجل بها الذين ل يؤمنون بهيا واليذين‬
‫آمنوا مشييفقون منهييا ويعلمييون أنهييا الحييق{ ولهييذا قييال‪:‬‬
‫}إنهم يرونه بعيدًا{ أي وقوع العذاب‪ .‬وقيام الساعة يييراه‬
‫الكفييرة بعيييد الوقييوع بمعنييى مسييتحيل الوقييوع }ونييراه‬
‫قريبًا{ أي المؤمنون يعتقدون كييونه قريب يًا‪ , ,‬وإن كييان لييه‬
‫أمد ل يعلمه إل اللييه عييز وجييل‪ ,‬لكيين كييل مييا هييوآت فهييو‬
‫قرييييييييييييييييييب وواقيييييييييييييييييع ل محالييييييييييييييييية‪.‬‬

‫‪792‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ْ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫كال ْ ُ‬
‫ن*‬ ‫ل ك َييالعِهْ ِ‬ ‫جب َييا ُ‬ ‫كو ُ‬ ‫ل * وَت َ ُ‬ ‫مه ْ ِ‬ ‫مآُء َ‬‫س َ‬‫ن ال ّ‬ ‫كو ُ‬ ‫م تَ ُ‬
‫َ‬
‫** ي َوْ َ‬
‫دي‬ ‫م ل َوْ ي َْفت َ ِ‬ ‫جرِ ُ‬‫م ْ‬ ‫م ي َوَد ّ ال ْ ُ‬ ‫صُرون َهُ ْ‬ ‫ميما ً * ي ُب َ ّ‬ ‫ح ِ‬‫م َ‬‫مي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫ل َ‬ ‫سأ ُ‬ ‫وَل َ ي َ ْ‬
‫صيل َت ِهِ ال ِّتييي‬ ‫خيهِ * وَفَ ِ‬ ‫حب َت ِهِ وَأ َ ِ‬‫صا ِ‬ ‫مئ ِذٍ ب ِب َِنيهِ * وَ َ‬
‫ب ي َوْ ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬
‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫ميعا ً ث ُ ّ‬
‫جيهِ * ك َل ّ إ ِن َّها ل َظيي َ‬
‫ى‬ ‫م ُين ِ‬
‫عو م َ‬
‫ج ِ‬‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫من ِفي الْر‬ ‫ت ُؤِْويهِ * وَ َ‬
‫ّ‬ ‫ة ّلل ّ‬
‫ى‬‫معَ فَأوْعَ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ى * وَ َ‬ ‫ن أد ْب ََر وَت َوَل َ‬ ‫شوَىَ * ت َد ْ ُ َ ْ‬ ‫* ن َّزاعَ ً‬
‫يقييول تعييالى العييذاب واقييع بالكييافرين‪} :‬يييوم تكييون‬
‫السماء كالمهل{ قال ابن عباس ومجاهييد وعطيياء وسييعيد‬
‫بن جبير وعكرمة والسدي وغير واحييد‪ :‬أي كييدردي الزيييت‬
‫}وتكون الجبييال كييالعهن{ أي كالصييوف المنفييوش‪ ,‬قيياله‬
‫لية كقوله تعالى‪} :‬وتكون‬ ‫مجاهد وقتادة و السدي‪ ,‬وهذه ا َ‬
‫الجبال كالعهن المنفوش{ وقوله تعالى‪} :‬ول يسأل حميم‬
‫حميما ً يبصرونهم{ أي ل يسييأل القريييب قريبييه عيين حيياله‬
‫وهو يراه في أسوأ الحوال فتشغله نفسه عن غيره‪ ,‬قييال‬
‫العوفي عن ابن عباس‪ :‬يعييرف بعضييهم بعض يا ً ويتعييارفون‬
‫بينهم ثم يفر بعضهم من بعض بعد ذلك يقول اللييه تعييالى‪:‬‬
‫لية الكريميية‬ ‫}لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه{ وهذه ا َ‬
‫كقوله تعالى‪} :‬يا أيها الناس اتقييوا ربكييم واخشييوا يوميا ً ل‬
‫يجزي والد عن ولده ول مولود هو جاز عن والده شيييئا ً إن‬
‫وعد الله حق{ وكقوله تعالى‪} :‬وإن تدع مثقلة إلى حملها‬
‫ل يحمل منييه شيييء ولييو كييان ذا قربييى{ وكقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}فيييإذا نفيييخ فيييي الصيييور فل أنسييياب بينهيييم ييييومئذ ول‬
‫يتساءلون{ وكقوله تعالى‪} :‬يييوم يفيير المييرء ميين أخيييه *‬
‫وأمه وأبيه * وصيياحبته وبنيييه * لكييل امرىييء منهييم يييومئذ‬
‫شأن يغنيه{ وقوله تعييالى‪} :‬يييود المجييرم لييو يفتييدي ميين‬
‫عذاب يومئذ ببنيه * وصاحبته وأخيه * وفصيلته التي تؤويه‬
‫* ومن في الرض جميعا ً ثم ينجيه * كل{ أي ل يقبييل منييه‬
‫فداء ولو جاء بأهل الرض وبأعز ما يجييده ميين المييال ولييو‬
‫بملييء الرض ذهب يًا‪ ,‬أو ميين ولييده الييذي كييان فييي الييدنيا‬
‫حشاشة كبده يود يوم القياميية إذا رأى الهييوال أن يفتييدي‬
‫مييييييين عيييييييذاب الليييييييه بيييييييه ول يقبيييييييل منيييييييه‪.‬‬
‫قال مجاهد والسدي }فصيلته{ قييبيلته وعشيييرته‪ ,‬وقييال‬
‫عكرمة‪ :‬فخييذه الييذي هييومنهم‪ ,‬وقييال أشييهب عيين مالييك‪:‬‬

‫‪793‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فصيلته‪ :‬أمه‪ ,‬وقوله تعالى‪} :‬إنها لظى{ يصف النار وشدة‬
‫حرها }نزاعة للشييوى{ قييال ابيين عبيياس ومجاهييد‪ :‬جلييدة‬
‫الرأس‪ ,‬وقال العوفي عيين ابيين عبيياس }نزاعيية الشييوى{‬
‫الجلود والهام‪ ,‬وقال مجاهيد‪ :‬ميا دون العظيم مين اللحيم‪,‬‬
‫وقال سعيد بن جبير‪ :‬للعصييب والعقييب‪ .‬وقييال أبييو صييالح‬
‫}نزاعة للشوى{ يعنييي أطييراف اليييدين والرجلييين‪ ,‬وقييال‬
‫أيضييا ً }نزاعيية للشييوى{ لحييم السيياقين‪ ,‬وقييال الحسيين‬
‫البصري وثابت البناني }نزاعة للشوى{ أي مكارم وجهييه‪,‬‬
‫وقال الحسن أيضًا‪ :‬تحييرق كييل شيييء فيييه ويبقييى فييؤاده‬
‫يصيييح‪ .‬وقييال قتييادة }نزاعيية للشييوى{ أي نزاعيية لهييامته‬
‫ومكييارم وجهييه وخلقييه وأطرافييه‪ .‬وقييال الضييحاك‪ :‬تييبري‬
‫اللحم والجلد عن العظم حتى ل تترك منه شيئًا‪ ,‬وقال ابن‬
‫لراب العظييام‪ ,‬فقييوله نزاعيية قييال‪ :‬تقطييع‬ ‫زيييد‪ :‬الشييوى ا َ‬
‫عظيييييييامهم ثيييييييم تبيييييييدل جليييييييودهم وخلقهيييييييم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬تدعو من أدبر وتييولى * وجمييع فييأوعى{‬
‫أي تدعو النار إليها أبناءها الذين خلقهم الله لها‪ ,‬وقدر لهم‬
‫أنهم في الدار الدنيا يعملون عملها‪ ,‬فتدعوهم يوم القياميية‬
‫بلسان اطلق ذلق ثم تلتقطهم من بين أهل المحشيير كمييا‬
‫يلتقط الطير الحب‪ ,‬وذلك أنهم كمييا قييال اللييه عييز وجييل‪:‬‬
‫كييانوا مميين أدبيير وتييولى أي كييذب بقلبييه وتييرك العمييل‬
‫بجوارحه }وجمع فأوعى{ أي جمع المال بعضه على بعض‬
‫فأوعاه أي أوكاه ومنع حق الله منه من الواجب علييه فييي‬
‫النفقيات ومين إخيراج الزكياة‪ ,‬وقيد ورد فيي الحيديث »ل‬
‫توعي فيوعي الله عليك« وكان عبد الله بن عكيم ل يربط‬
‫له كيس يا ً ويقييول‪ :‬سييمعت اللييه يقييول‪} :‬وجمييع فييأوعى{‬
‫وقال الحسن البصري‪ :‬يا ابين آدم سييمعت وعيييد الليه ثيم‬
‫أوعيت الدنيا‪ .‬وقال قتادة في قوله‪} :‬وجمع فأوعى{ قال‪:‬‬
‫كيييييييييييان جموعيييييييييييا ً قموميييييييييييا ً للخيييييييييييبيث‪.‬‬

‫جُزوعيا ً *‬
‫شيّر َ‬‫ه ال ّ‬ ‫سي ُ‬
‫م ّ‬‫ذا َ‬‫خل ِيقَ هَُلوعيا ً * إ ِ َ‬ ‫ن ُ‬
‫سييا َ‬ ‫لن َ‬‫نا ِ‬ ‫** إ ِ ّ‬
‫ى‬ ‫ن هُ ي ْ َ‬ ‫ن * ال ّي ِ‬‫صّلي َ‬ ‫مُنوعا ً * إ ِل ّ ال ْ ُ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫وَإ ِ َ‬
‫م عَل ي َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م َ‬ ‫خي ُْر َ‬ ‫س ُ‬‫م ّ‬
‫ذا َ‬

‫‪794‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬
‫م*‬ ‫معْل ُييو ٌ‬ ‫ح يق ّ ّ‬ ‫م َ‬ ‫وال ِهِ ْ‬ ‫مي َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ن فِ ي َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * َوال ّي ِ‬ ‫مييو َ‬ ‫دآئ ِ ُ‬
‫م َ‬ ‫ص يل َت ِهِ ْ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫دي ِ‬ ‫ن ب َِيييوْم ِ اليي ّ‬ ‫صييد ُّقو َ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫حييُروم ِ * َواّليي ِ‬ ‫م ْ‬‫ل َوال ْ َ‬ ‫سييآئ ِ ِ‬ ‫ّلل ّ‬
‫م‬‫ب َرب ّهِ ي ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن عَ ي َ‬ ‫ن * إِ ّ‬ ‫فُقو َ‬ ‫شي ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب َرب ِّهم ّ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َْ‬ ‫َوال ّ ِ‬
‫َ‬ ‫حييافِ ُ‬ ‫ن * َوال ّ ِ‬
‫ن * إ ِل ّ عَل ي َ‬
‫ى‬ ‫ظو َ‬ ‫م َ‬ ‫جه ِ ي ْ‬ ‫م ل ُِفُرو ِ‬ ‫ن هُ ْ‬
‫َ‬
‫ذي َ‬ ‫مو ٍ‬ ‫مأ ُ‬
‫أ َزواجه َ‬
‫غَي ُْر َ‬
‫ن‬ ‫مي ِ‬ ‫ن * فَ َ‬ ‫مي َ‬ ‫مل ُييو ِ‬ ‫م غَي ْيُر َ‬ ‫م فَأ ِن ّهُ ْ‬ ‫مان ُهُ ْ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫مل َك َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫م أو ْ َ‬ ‫ْ َ ِ ِ ْ‬
‫ُ‬
‫م‬ ‫هيي ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * َواّليي ِ‬ ‫دو َ‬ ‫م ال َْعييا ُ‬ ‫هيي ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫ك فَأوَْلـييئ ِ َ‬ ‫ى وََرآَء ذ َِليي َ‬ ‫اب ْت ََغيي َ‬
‫دات ِِهم‬ ‫شييَها َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫هيي ْ‬‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * َواّليي ِ‬ ‫عييو َ‬ ‫م َرا ُ‬ ‫م وَعَْهييدِهِ ْ‬ ‫ماَنييات ِهِ ْ‬ ‫ل َ‬
‫ُ‬
‫ن * أوَْلـ يئ ِ َ‬ ‫حييافِ ُ‬ ‫ن هُ ْ َ‬
‫ك‬ ‫ظو َ‬ ‫م يُ َ‬ ‫صيل َت ِهِ ْ‬ ‫ى َ‬ ‫م عَلي َ‬ ‫ذي َ‬‫ن * َوال ّ ِ‬ ‫مو َ‬ ‫َقائ ِ ُ‬
‫ن‬
‫مييييييييييييييييييو َ‬ ‫مك َْر ُ‬ ‫ت ّ‬ ‫جن ّييييييييييييييييييا ٍ‬ ‫ِفييييييييييييييييييي َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن النسان وما هو مجبول عليه ميين‬
‫الخلق الييدنيئة }إن النسييان خلييق هلوعييًا{ ثييم فسييره‬
‫بقوله‪} :‬إذا مسه الشر جزوعيًا{ أي إذا مسييه الضيير فييزع‬
‫وجزع وانخلع قلبه من شدة الرعب‪ ,‬وأيس أن يحصييل لييه‬
‫بعد ذلك خير }وإذا مسه الخير منوعًا{ أي إذا حصييلت لييه‬
‫نعمة من الله بخل بها على غيييره‪ ,‬ومنييع حييق اللييه تعييالى‬
‫فيها‪ .‬وقال الميام أحميد‪ :‬حيدثنا أبيو عبيد الرحمين‪ ,‬حيدثنا‬
‫موسى بن علي بيين ربيياح‪ ,‬سييمعت أبييي يحييدث عيين عبييد‬
‫العزيز بن مروان بن الحكم قال‪ :‬سمعت أبا هريرة يقول‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬شر ما في رجل‪:‬‬
‫شح هالع وجبن خييالع« ورواه أبييو داود عيين عبييد اللييه بيين‬
‫الجراح عن أبي عبد الرحمن المقري به وليس لعبد العزيز‬
‫عنده سواه ثم قال تعالى‪} :‬إل المصلين{ أي النسان من‬
‫حيث هو متصف بصفات الذم‪ ,‬إل من عصييمه اللييه ووفقييه‬
‫وهييداه إلييى الخييير ويسيير لييه أسييبابه وهييم المصييلون‪.‬‬
‫}الذين هم على صلتهم دائمون{ قيل‪ :‬معناه يحييافظون‬
‫علييى أوقاتهييا وواجباتهييا‪ ,‬قيياله ابيين مسييعود ومسييروق‬
‫وإبراهيييم النخعييي‪ ,‬وقيييل‪ :‬المييراد بالييدوام ههنييا السييكون‬
‫والخشوع كقوله تعالى‪} :‬قد أفلح المؤمنون الذين هم في‬
‫صلتهم خاشعون{ قاله عقبة بن عامر‪ :‬ومنه الماء الييدائم‬
‫وهو الساكن الراكد‪ ,‬وهذا يدل على وجوب الطمأنينة فييي‬
‫الصلة فييإن الييذي ل يطمئن فييي ركييوعه وسييجوده ليييس‬
‫بدائم على صلته‪ ,‬لنه لم يسكن فيها ولم يدم بييل ينقرهييا‬

‫‪795‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نقر الغراب فل يفلح في صلته‪ ,‬وقيل‪ :‬المراد بذلك الييذين‬
‫إذا عملوا عمل ً داوموا عليه وأثبتوه كما جيياء فييي الصييحيح‬
‫عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم أنه قال‪» :‬أحب العمال إلى الله أدومهييا وإن قييل«‬
‫وفي لفظ »ما دام عليه صاحبه« قالت‪ :‬وكان رسول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم إذا عمل عمل ً داوم عليه‪ ,‬وفي لفظ‬
‫أثبتييه‪ ,‬وقييال قتييادة فييي قييوله تعييالى‪} :‬الييذين هييم علييى‬
‫صلتهم دائمون{ ذكر لنا أن دانيال عليه السلم نعييت أميية‬
‫لها‬‫محمد صلى الله عليه وسلم فقال‪ :‬يصلون صلة لو ص ّ‬
‫قوم نوح ما غرقوا‪ ,‬أو قوم عاد مييا أرسييلت عليهييم الريييح‬
‫العقيم‪ ,‬أو ثمود ما أخذتهم الصيحة‪ ,‬فعليكم بالصييلة فإنهييا‬
‫خليييييييييييييييييق للميييييييييييييييييؤمنين حسييييييييييييييييين‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬والذين في أموالهم حق معلوم * للسائل‬
‫والمحروم{ أي في أموالهم نصيب مقرر لذوي الحاجييات‪,‬‬
‫وقد تقدم الكلم على ذلييك فييي سييورة الييذاريات‪ .‬وقييوله‬
‫تعالى‪} :‬والذين يصدقون بيوم الدين{ أي يوقنون بالمعيياد‬
‫والحساب والجزاء فهم يعملييون عمييل ميين يرجييو الثييواب‬
‫ويخاف العقاب‪ .‬ولهذا قال تعالى‪} :‬والذين هم من عييذاب‬
‫ربهم مشفقون{ أي خائفون وجلون }إن عذاب ربهم غييير‬
‫مأمون{ أي ل يييأمنه أحييد مميين عقييل عيين اللييه أمييره إل‬
‫بأمان من الله تبارك وتعالى‪ .‬وقوله تعييالى‪} :‬والييذين هييم‬
‫لفروجهم حافظون{ أي يكفونها عن الحرام ويمنعونهييا أن‬
‫توضع في غير ما أذن الله فيه ولهذا قال تعالى‪} :‬إل علييى‬
‫أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم{ أي من الماء }فييإنهم غييير‬
‫ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون{ وقييد‬
‫تقدم تفسير هذا في أول سورة }قد أفلح المؤمنون{ بمييا‬
‫أغنى عن إعادته ههنا‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬والذين هم لماناتهم‬
‫وعهدهم راعون{ أي إذا اؤتمنييوا لييم يخونييوا‪ ,‬وإذا عاهييدوا‬
‫لييم يغييدروا‪ ,‬وهييذه صييفات المييؤمنين وضييدها صييفات‬
‫المنييافقين كمييا ورد فييي الحييديث الصييحيح »آييية المنييافق‬
‫ثلث‪ :‬إذا حدث كييذب وإذا وعييد أخلييف وإذا اؤتميين خييان«‬
‫وفي رواية »إذا حييدث كييذب وإذا عاهييد غييدر‪ ,‬وإذا خاصيم‬

‫‪796‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فجر« وقوله تعالى‪} :‬والذين هم بشيهاداتهم قيائمون{ أي‬
‫محييافظون عليهييا ل يزيييدون فيهييا ول ينقصييون منهييا ول‬
‫يكتمونهيييييا }ومييييين يكتمهيييييا فيييييإنه آثيييييم قلبيييييه{‪.‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬والذين هم على صلتهم يحييافظون{ أي‬
‫علييى مواقيتهييا وأركانهييا وواجباتهييا ومسييتحباتها‪ ,‬فافتتييح‬
‫الكلم بذكر الصلة واختتمه بذكرها فدل على العتنيياء بهييا‬
‫والتنييويه بشييرفها كمييا تقييدم فييي أول سييورة }قييد أفلييح‬
‫المؤمنون{ سواء ولهذا قال هناك‪} :‬أولئك هم الوارثون *‬
‫الذين يرثييون الفييردوس هييم فيهييا خالييدون{ وقييال ههنييا‪:‬‬
‫}أولئك فييي جنييات مكرمييون{ أي مكرمييون بييأنواع الملذ‬
‫والمسييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييار‪.‬‬

‫ن‬ ‫عيي ِ‬‫ن وَ َ‬ ‫مييي ِ‬ ‫ن ال ْي َ ِ‬


‫ن * عَ َِ‬ ‫مهْط ِِعي َ‬ ‫ك ُ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ قِب َل َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫** فَ َ‬
‫َ‬
‫ة‬‫جن ّي َ‬ ‫ل َ‬ ‫خ َ‬ ‫م أن ي ُيد ْ َ‬ ‫من ْهُ ي ْ‬
‫رىءٍ ّ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫لا ْ‬ ‫مع ُ ك ُ ّ‬ ‫ن * أي َط ْ َ‬ ‫زي َ‬ ‫ع ِ‬‫ل ِ‬ ‫ما ِ‬‫ش َ‬ ‫ال ّ‬
‫ُ‬
‫ب‬ ‫م ب ِيَر ّ‬ ‫سي ُ‬ ‫ن * فَل َ أقْ ِ‬ ‫مييو َ‬ ‫مييا ي َعْل َ ُ‬
‫م ّ‬ ‫هم ّ‬ ‫خل َْقن َييا ُ‬ ‫ن َِعيم ٍ * ك َل ّ إ ِن ّييا َ‬
‫خي ْييرا ً‬ ‫ل َ‬ ‫ى َأن ن ّب َيد ّ َ‬ ‫َ‬
‫ن * عَل ي َ‬ ‫ب إ ِن ّييا ل ََقييادُِرو َ‬ ‫مَغارِ ِ‬ ‫ق َوال ْ َ‬ ‫شارِ ِ‬ ‫م َ‬‫ال ْ َ‬
‫ى‬ ‫حّتيي َ‬ ‫ضوا ْ وَي َل ْعَُبوا ْ َ‬ ‫خو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ن * فَذ َْرهُ ْ‬ ‫سُبوِقي َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ما ن َ ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫من ْهُ ْ‬‫ّ‬
‫ث‬ ‫دا ِ‬‫جيي َ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫ميي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫جو َ‬ ‫خُر ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ن * ي َوْ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ذي ُيوعَ ُ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫مه ُ ُ‬ ‫ي ُل َُقوا ْ ي َوْ َ‬
‫م‬‫صيياُرهُ ْ‬
‫خاشيع ً َ‬
‫ة أب ْ َ‬ ‫ن* َ ِ َ‬ ‫ضييو َ‬ ‫ب ُيوفِ ُ‬ ‫صي ٍ‬ ‫ى نُ ُ‬ ‫سيَراعا ً ك َيأ َن ّهُ ْ َ‬
‫م إ ِلي َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬
‫دو َ‬ ‫عييي ُ‬ ‫كييياُنوا ْ ُيو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م اّلييي ِ‬ ‫ك ال َْييييوْ ُ‬ ‫ة ذ َِلييي َ‬ ‫م ذِّلييي ٌ‬ ‫ت َْرهَُقُهييي ْ‬
‫يقول تعالى منكييرا ً علييى الكفييار الييذين كييانوا فييي زميين‬
‫النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم وهييم مشيياهدون لييه ولمييا‬
‫أرسله الله به من الهدى وما أيده الله بييه ميين المعجييزات‬
‫الباهرات‪ ,‬ثم هم مع هييذاكله فييارون منييه متفرقييون عنييه‪,‬‬
‫شاردون يمينا ً وشمال ً فرقا ً فرقًا‪ ,‬وشيييعا ً شيييعًا‪ ,‬كمييا قييال‬
‫تعالى‪} :‬فمييا لهييم عيين التييذكرة معرضييين * كييأنهم حميير‬
‫لية‪ .‬وهذه مثلها فإنه قال‬ ‫مستنفرة * فرت من قسورة{ ا َ‬
‫تعالى‪} :‬فما للذين كفروا قبلك مهطعين{ أي فمييا لهييؤلء‬
‫الكفار الذين عندك يا محمد مهطعين أي مسرعين نافرين‬
‫منك‪ ,‬كما قييال الحسيين البصييري‪ :‬مهطعييين أي منطلقييين‬
‫}عيين اليمييين وعيين الشييمال عزييين{ واحييدها عييزة أي‬

‫‪797‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫متفرقين‪ ,‬وهو حييال ميين مهطعييين أي فييي حييال تفرقهييم‬
‫واختلفهم كما قييال المييام أحمييد فييي أهييل الهييواء فهييم‬
‫مخييالفون للكتيياب مختلفييون فييي الكتيياب متفقييون علييى‬
‫مخالفة الكتاب وقال العوفي عن ابن عباس }فمييا للييذين‬
‫كفروا قبلك مهطعين{‪ ,‬قال قبلك ينظييرون }عيين اليمييين‬
‫وعن الشمال عزين{ قال‪ :‬العزين العصب من الناس عيين‬
‫يمين وشمال معرضين يسييتهزئون بييه‪ ,‬وقييال ابيين جرييير‪:‬‬
‫حدثنا ابن بشار حدثنا أبو عامر‪ ,‬حدثنا قرة عن الحسن في‬
‫قوله‪} :‬عيين اليمييين وعيين الشييمال عزييين{ أي متفرقييين‬
‫يأخييذون يمين يا ً وشييمال ً يقولييون‪ :‬مييا قييال هييذا الرجييل ؟‬
‫وقييال قتييادة }مهطعييين{ عامييدين }عيين اليمييين وعيين‬
‫الشييمال عزييين{ أي فرق يا ً حييول النييبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم ل يرغبون فيي كتياب الليه ول فيي نيبيه صيلى الليه‬
‫عليييه وسييلم وقييال الثييوري وشييعبة وعبييثر بيين القاسييم‬
‫وعيسى بن يونس ومحمد بن فضيل ووكيع ويحيى القطان‬
‫وأبو معاوية‪ ,‬كلهم عن العمش‪ ,‬عيين المسيييب بيين رافييع‪,‬‬
‫عن تميم بن طرفة‪ ,‬عن جابر بيين سييمرة أن رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم خرج عليهم وهييم حلييق فقييال‪» :‬مييا‬
‫لي أراكم عزين ؟« رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي‬
‫وابن جرير من حديث العمش به‪ ,‬وقال ابن جرييير‪ :‬حييدثنا‬
‫محمد بن بشار‪ ,‬حدثنا مؤمل‪ ,‬حدثنا سفيان عن عبد الملك‬
‫بن عمير‪ ,‬عن أبي سلمة‪ ,‬عن أبي هريرة رضييي اللييه عنييه‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خييرج علييى أصييحابه‬
‫وهم حلق فقال‪» :‬ما لي أراكم عزين ؟« وهذا إسناده جيد‬
‫ولييم أره فييي شيييء ميين الكتييب السييتة ميين هييذا الييوجه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬أيطمع كل امرىييء منهييم أن يييدخل جنيية‬
‫نعيم * كل{ أي‪ :‬أيطمع هييؤلء والحاليية هييذه ميين فرارهييم‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونفارهم عيين الحييق‬
‫أن يدخلوا جنات النعيم ؟ كل بييل مييأواهم جهنييم‪ .‬ثييم قييال‬
‫تعالى مقررا ً لوقوع المعاد والعذاب بهم الذي أنكروا كييونه‬
‫واستبعدوا وجييوده مسييتدل ً عليهييم بالبييداءة الييتي العييادة‬
‫أهون منها‪ ,‬وهم معترفون بها‪ ,‬فقال تعالى‪} :‬إنييا خلقنيياهم‬

‫‪798‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مما يعلمون{ أي ميين المنييي الضييعيف‪ ,‬كمييا قييال تعييالى‪:‬‬
‫}ألم نخلقكم من ماء مهين{ وقال‪} :‬فلينظر النسان مييم‬
‫خلق * خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب‬
‫* إنه على رجعه لقادر * يوم تبلى السرائر * فمييا لييه ميين‬
‫قوة ول ناصر{ ثم قال تعالى‪} :‬فل أقسم بييرب المشييارق‬
‫والمغييارب{ أي الييذي خلييق السييموات والرض وجعييل‬
‫مشرقا ً ومغربا ً وسخر الكواكب تبدو من مشييارقها وتغيييب‬
‫في مغاربها‪ .‬وتقدير الكلم ليس المر كمييا تزعمييون أن ل‬
‫معاد ول حسيياب ول بعييث ول نشييور‪ ,‬بييل كييل ذلييك واقييع‬
‫وكائن ل محالة‪ ,‬ولهذا أتى بل في ابتداء القسم ليدل علييى‬
‫أن المقسم عليه نفي‪ ,‬وهو مضمون الكلم وهو الرد عليى‬
‫زعمهم الفاسد في نفييي يييوم القياميية‪ .‬وقييد شيياهدوا ميين‬
‫عظيم قدرة الله تعالى ما هو أبلغ من إقامة القيامة‪ ,‬وهييو‬
‫خلق السموات والرض وتسخير ما فيهما من المخلوقييات‬
‫ميين الحيوانييات والجمييادات وسييائر صيينوف الموجييودات‪,‬‬
‫ولهذا قال تعالى‪} :‬لخلق السموات والرض أكبر من خلق‬
‫النيييييياس ولكيييييين أكييييييثر النيييييياس ل يعلمييييييون{‪.‬‬
‫وقال تعالى‪} :‬أو لم يروا أن الله الييذي خلييق السييموات‬
‫والرض ولم يعي بخلقهن بقادر علييى أن يحيييي المييوتى ؟‬
‫بلى إنييه علييى كييل شيييء قييدير{ وقييال تعييالى فييي ا َ‬
‫لييية‬
‫الخييرى‪} :‬أو ليييس الييذي خلييق السييموات والرض بقييادر‬
‫على أن يخلق مثلهم ؟ بلى وهو الخلق العليم * إنما أمره‬
‫إذا أراد شيئا ً أن يقول لييه كيين فيكييون{ وقييال ههنييا‪} :‬فل‬
‫أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نبدل‬
‫خيرا ً منهم{ أي يوم القيامة نعيدهم بأبدان خييير ميين هييذه‬
‫فييإن قييدرته صييالحة لييذلك }ومييا نحيين بمسييبوقين{ أي‬
‫بعاجزين كما قال تعالى‪} :‬أيحسب النسييان أن ليين نجمييع‬
‫عظامه * بلى قادرين على أن نسوي بنانه{ وقييال تعييالى‪:‬‬
‫}نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسييبوقين * علييى أن‬
‫نبدل أمثالكم وننشئكم فيما ل تعلمون{ واختار ابيين جرييير‬
‫}على أن نبييدل خييرا ً منهيم{ أي‪ :‬أميية تطيعنيا ول تعصييينا‬
‫وجعلها كقييوله‪} :‬وإن تتولييوا يسييتبدل قوميا ً غيركييم ثييم ل‬

‫‪799‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليييات الخيير‬ ‫يكونوا أمثالكم{ والمعنى الول أظهر لدللة ا َ‬
‫عليييييييييه والليييييييه سييييييييبحانه وتعيييييييالى أعلييييييييم‪.‬‬
‫ثييم قييال تعييالى‪} :‬فييذرهم{ أي يييا محمييد }يخوضييوا‬
‫ويلعبوا{ أي دعهم في تكذيبهم وكفرهييم وعنييادهم }حييتى‬
‫يلقييوا يييومهم الييذي يوعييدون{ أي فسيييعلمون غييب ذلييك‬
‫ويذوقون وباله }يوم يخرجون من الجداث سييراعا ً كييأنهم‬
‫إلى نصب يوفضون{ أي‪ :‬يقومييون ميين القبييور إذا دعيياهم‬
‫الييرب تبيارك وتعيالى لموقييف الحسياب ينهضيون سييراعا ً‬
‫كييأنهم إلييى نصييب يوفضييون‪ ,‬قييال ابيين عبيياس ومجاهييد‬
‫والضحاك‪ :‬إلى علم يسعون‪ ,‬وقال أبو العالييية ويحيييى بيين‬
‫أبي كثير إلى غاية يسيعون إليهيا‪ ,‬وقيد قييرأ الجمهييور إليى‬
‫نصييب بفتييح النييون وإسييكان الصيياد وهييو مصييدر بمعنييى‬
‫المنصوب‪ ,‬وقرأ الحسن البصري نصب بضم النون والصاد‬
‫وهو الصنم أي كأنهم في إسراعهم إلى الموقف كما كانوا‬
‫فييي الييدنيا يهرولييون إلييى النصييب إذا عيياينوه‪ ,‬يوفضييون‬
‫يبتدرون أيهم يستلمه أول‪ .‬وهذا مروي عن مجاهد ويحيييى‬
‫بن أبي كثير ومسلم البطين وقتادة والضحاك والربيييع بيين‬
‫أنس وأبي صييالح وعاصييم بيين بهدليية وابيين زيييد وغيرهييم‪,‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬خاشييعة أبصييارهم{ أي خاضييعة }ترهقهييم‬
‫ذلة{ أي في مقابلة ما اسييتكبروا فييي اليدنيا عيين الطاعية‬
‫}ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون{‪ .‬آخر تفسير سورة سأل‬
‫سائل‪ ,‬ولله الحمد والمنة‪.‬‬

‫سورة نوح‬
‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫ل َأن‬ ‫مين قَْبي ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫مي َ‬ ‫ن أنيذِْر قَوْ َ‬


‫** إنآ أ َرسل ْنا نوحا ً إل َى قَومه أ َ َ‬
‫ِ َ ْ ِ ِ ْ‬ ‫ِّ ْ َ َ ُ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫*‬ ‫ن‬ ‫بييي‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ذي‬ ‫نيي‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ني‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫*‬ ‫م‬ ‫لي‬ ‫ذاب أ َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ت‬‫يأ ْ‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫م‬‫ميين ذ ُن ُييوب ِك ُ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ن * ي َغِْفيْر ل َك ُي ْ‬ ‫طيعُييو ِ‬ ‫ه َوات ُّقييوهُ وَأ ِ‬ ‫دوا ْ الل ّي َ‬ ‫اعب ُ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫خُر ل َ ْ‬
‫و‬ ‫جآَء ل َ ي ُؤَ ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫ل الل ّهِ إ ِ َ‬ ‫ج َ‬‫نأ َ‬ ‫مى إ ِ ّ‬ ‫س ّ‬
‫م َ‬ ‫ل ّ‬‫ج ٍ‬ ‫ىأ َ‬ ‫خْرك ُ ْ َ‬
‫م إ ِل َ‬ ‫وَي ُؤَ ّ‬
‫ن‬
‫ميييييييييييييييييييييييييييييييو َ‬ ‫م ت َعْل َ ُ‬‫كنت ُييييييييييييييييييييييييييييييي ْ‬ ‫ُ‬

‫‪800‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن نوح عليه السلم أنه أرسله إلييى‬
‫قومه آمرا ً له أن ينذرهم بأس الله قبييل حلييوله بهييم‪ ,‬فييإن‬
‫تابوا وأنابوا رفع عنهم‪ .‬ولهذا قال تعالى‪} .‬أن أنييذر قومييك‬
‫من قبل أن يأتيهم عذاب أليم * قال يا قوم إني لكم نييذير‬
‫مبين{ أي بين النييذارة ظيياهر الميير واضييحه‪} ,‬أن اعبييدوا‬
‫الليييه واتقيييوه{‪ ,‬أي اتركيييوا محيييارمه واجتنبيييوا ميييآثمه‬
‫}وأطيعون{ فيما آمركم به وأنهاكم عنه }يغفيير لكييم ميين‬
‫ذنوبكم{ أي إذا فعلتم ما آمركم به وصدقتم ما أرسلت به‬
‫إليكم غفر اللييه لكييم ذنييوبكم‪ ,‬وميين ههنييا قيييل إنهييا زائدة‬
‫ولكن القول بزيادتها في الثبات قليييل‪ ,‬ومنييه قييول بعييض‬
‫العرب‪ :‬قد كان من مطر‪ ,‬وقيل إنهييا بمعنييى عيين تقييديره‬
‫يصفح لكم عن ذنييوبكم‪ ,‬واختيياره ابيين جرييير‪ :‬وقيييل‪ :‬إنهييا‬
‫للتبعيض‪ ,‬أي يغفر لكم الذنوب العظيمة التي وعدكم على‬
‫ارتكابكم إياها النتقام }ويؤخركم إلييى أجييل مسييمى{ أي‬
‫يمد في أعماركم ويدرأ عنكم العذاب الذي إن لييم تجتنبييوا‬
‫لية من يقييول‬ ‫ما نهاكم عنه أوقعه بكم‪ ,‬وقد يستدل بهذه ا َ‬
‫إن الطاعة والبر وصلة الرحم يزاد بهييا فييي العميير حقيقيية‬
‫كما ورد به الحديث‪» :‬صلة الرحم تزيد في العمر« وقييوله‬
‫تعالى‪} :‬إن أجل الله إذا جاء ل يؤخر لو كنتم تعلمون{ أي‬
‫بادروا بالطاعة قبل حلول النقمة فإنه إذا أمر تعالى بكييون‬
‫ذلك ل يرد ول يمانع‪ ,‬فإنه العظيم الذي قد قهر كل شيء‪,‬‬
‫العزيييييز الييييذي دانييييت لعزتييييه جميييييع المخلوقييييات‪.‬‬

‫م‬ ‫م ي َزِد ْهُ ي ْ‬ ‫مي ل َي ْل ً وَن َهَييارا ً * فَل َي ْ‬ ‫ت ق َ يو ْ ِ‬ ‫ب إ ِّني د َعَوْ ُ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫** َقا َ‬
‫جعَل ُيوَا ْ‬ ‫م َ‬ ‫م ل ِت َغِْفيَر ل َهُي ْ‬ ‫مييا د َعَيوْت ُهُ ْ‬ ‫ي إ ِل ّ فَِرارا ً * وَإ ِّني ك ُل ّ َ‬ ‫عآئ ِ َ‬ ‫دُ َ‬
‫س يت َك ْب َُروا ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ص يّروا ْ َوا ْ‬ ‫م وَأ َ‬ ‫شوْا ْ ث َِياب َهُ ْ‬ ‫ست َغْ َ‬ ‫م َوا ْ‬ ‫يآ َ‬
‫ذان ِهِ ْ‬ ‫م فِ َ‬ ‫صاب ِعَهُ ْ‬ ‫أ َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ت ل َهُي ْ‬ ‫ي أعْل َن ْي ُ‬ ‫م إ ِن ّي َ‬ ‫جَهارا ً * ث ُي ّ‬ ‫م ِ‬ ‫م إ ِّني د َعَوْت ُهُ ْ‬ ‫ست ِك َْبارا ً * ث ُ ّ‬ ‫ا ْ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ه ك َييا َ‬ ‫م إ ِن ّي ُ‬ ‫س يت َغِْفُروا ْ َرب ّك ُي ْ‬ ‫تا ْ‬ ‫سَرارا ً * فَُقل ْ ُ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫ت ل َهُ ْ‬ ‫سَرْر ُ‬ ‫وَأ ْ‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫وا ٍ‬
‫م َ‬ ‫م ِبييأ ْ‬ ‫مدِد ْك ُ ْ‬ ‫مد َْرارا ً * وَي ُ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫مآَء عَل َي ْك ُ ْ‬‫س َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫س ِ‬ ‫غَّفارا ً * ي ُْر ِ‬
‫وبِنين ويجعل ل ّك ُم جنات ويجعل ل ّك ُي َ‬
‫م لَ‬ ‫مييا ل َك ُي ْ‬ ‫م أن ْهَييارا ً * ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ّ ٍ ََ ْ َ‬ ‫ََ َ ََ ْ َ‬
‫م ت َيَروْا ْ ك َي ْي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫وارا ً * أل َي ْ‬ ‫م أط ْ َ‬ ‫خل ََقك ُ ْ‬ ‫ن ل ِل ّهِ وََقارا ً * وَقَد ْ َ‬ ‫جو َ‬ ‫ت َْر ُ‬

‫‪801‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ن ن ُييورا ً‬ ‫مَر ِفيهِ ي ّ‬ ‫ل ال َْق َ‬
‫جع َ َ‬‫ت ط َِباقا ً * وَ َ‬ ‫ماَوا ٍ‬ ‫س َ‬
‫سب ْعَ َ‬ ‫ه َ‬ ‫خل َقَ الل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ض ن ََبات يا ً *‬ ‫َ‬
‫ن الْر ِ‬ ‫مي َ‬ ‫م ّ‬‫ه أنب َت َك ُي ْ‬ ‫سَراجا ً * َوالل ّ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫م َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫جع َ َ‬‫وَ َ‬
‫م‬ ‫ل ل َك ُي ُ‬
‫جع َ ي َ‬
‫ه َ‬ ‫خَراج يا ً * َوالل ّي ُ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫جك ُي ْ‬‫خرِ ُ‬ ‫م ِفيهَييا وَي ُ ْ‬ ‫م ي ُِعي يد ُك ُ ْ‬ ‫ث ُي ّ‬
‫جاجيييييا ً‬ ‫سيييييب ُل ً فِ َ‬‫من ْهَيييييا ُ‬ ‫كوا ْ ِ‬ ‫سيييييل ُ ُ‬ ‫سييييياطا ً * ل ّت َ ْ‬ ‫ض بِ َ‬ ‫الْر َ‬
‫يخبر تعالى عيين عبييده ورسييوله نييوح عليييه السييلم أنييه‬
‫اشتكى إلى ربه عز وجييل مييا لقييي ميين قييومه‪ ,‬ومييا صييبر‬
‫عليهم فييي تلييك المييدة الطويليية الييتي هييي ألييف سيينة إل‬
‫خمسين عامًا‪ ,‬وما بييين لقييومه ووضييح لهييم ودعيياهم إلييى‬
‫الرشد والسبيل القوم‪ ,‬فقييال ‪} :‬رب إنييي دعييوت قييومي‬
‫ليل ً ونهارًا{ أي لم أترك دعاءهم في ليييل ول نهييار امتثييال ً‬
‫لمرك وابتغاء لطاعتك }فلم يزدهم دعييائي إل فييرارًا{ أي‬
‫كلما دعوتهم ليقييتربوا ميين الحييق فييروا منييه وحييادوا عنييه‬
‫}وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهييم‬
‫واستغشييوا ثيييابهم{ أي سييدوا آذانهييم لئل يسييمعوا مييا‬
‫أدعوهم إليه كما(أخييبر تعييالى عيين كفييار قريييش‪} :‬وقييال‬
‫الذين كفييروا ل تسييمعوا لهييذا القييرآن والغييوا فيييه لعلكييم‬
‫تغلبييون{ }واستغشييوا ثيييابهم{ قييال ابيين جرييير عيين ابيين‬
‫عبيياس‪ :‬تنكييروا لييه لئل يعرفهييم‪ .‬وقييال سييعيد بيين جييبير‬
‫والسدي‪ :‬غطوا رؤوسهم لئل يسمعوا ما يقول }وأصييروا{‬
‫أي استمروا على ما هم فيه من الشييرك والكفيير العظيييم‬
‫الفظيع }واسييتكبروا اسييتكبارًا{ أي واسييتنكفوا عيين اتبيياع‬
‫الحق والنقياد له }ثم إني دعوتهم جهارًا{ أي جهييرة بييين‬
‫الناس }ثم إني أعلنت لهم{ أي كلما ً ظاهرا ً بصييوت عييال‬
‫}وأسررت لهم إسرارًا{ أي فيما بيني وبينهم‪ ,‬فنوع عليهم‬
‫الييييييييييييدعوة لتكييييييييييييون أنجييييييييييييع فيهييييييييييييم‪.‬‬
‫}فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارًا{ أي ارجعييوا إليييه‬
‫وارجعوا عما أنتم فيه وتوبوا إليه من قريب فإنه ميين تيياب‬
‫إليه تاب علييه‪ ,‬وليو كيانت ذنيوبه مهميا كيانت فيي الكفير‬
‫والشرك‪ ,‬ولهذا قييال‪} :‬فقلييت اسييتغفروا ربكييم إنييه كييان‬
‫غفييارا ً * يرسييل السييماء عليكييم مييدرارًا{ أي متواصييلة‬
‫المطار‪ ,‬ولهييذا تسييتحب قييراءة هييذه السييورة فييي صييلة‬
‫لية‪ ,‬وهكذا روي عن أمير المؤمنين‬ ‫الستسقاء لجل هذه ا َ‬

‫‪802‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عميير بيين الخطيياب رضييي اللييه عنييه أنييه صييعد المنييبر‬
‫لييات فيي‬ ‫ليستسقي فليم ييزد عليى السيتغفار وقيراءة ا َ‬
‫لية }فقلت استغفروا ربكم إنه كان‬ ‫الستغفار ومنها هذه ا َ‬
‫غفارا ً * يرسل السماء عليكم مدرارًا{ ثم قال‪ :‬لقد طلبت‬
‫الغيث بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر‪ .‬وقال ابن‬
‫عباس وغيره‪ :‬يتبع بعضه بعضًا‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬ويمييددكم‬
‫بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا{ أي إذا‬
‫تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه كييثر الييرزق عليكييم‬
‫أسقاكم من بركات السماء‪ ,‬وأنبت لكم من بركات الرض‬
‫وأنبت لكم الزرع‪ ,‬وأدر لكم الضرع وأمدكم بييأموال وبنييين‬
‫أي أعطاكم الموال والولد وجعل لكم جنييات فيهييا أنييواع‬
‫الثمييار وخللهييا بالنهييار الجارييية بينهييا‪ ,‬هييذا مقييام الييدعوة‬
‫بالترغيب‪ ,‬ثم عدل بهم إلى دعوتهم بالترهيب فقييال‪} :‬مييا‬
‫لكم ل ترجون لله وقارا ً ؟{ أي عظميية‪ ,‬قيياله ابيين عبيياس‬
‫ومجاهد والضحاك‪ ,‬وقال ابن عباس‪ :‬ل تعظمون الله حييق‬
‫عظمتيية أي ل تخييافون ميين بأسييه ونقمتييه }وقييد خلقكييم‬
‫أطوارًا{ قيل معناه من نطفة ثم من علقة ثم من مضييغة‪,‬‬
‫قاله ابن عباس وعكرمة وقتادة ويحيى بن رافييع والسييدي‬
‫وابييييييييييييييييييييييييييييييييين زييييييييييييييييييييييييييييييييييد‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ألم تروا كيييف خلييق اللييه سييبع سييموات‬
‫طباقا ً ؟{ أي واحدة فوق واحدة وهل هذا يتلقى مين جهية‬
‫السمع فقط ؟ أوهو من المور المدركة بالحس ممييا علييم‬
‫من التسيير والكسوفات‪ ,‬فإن الكييواكب السييبعة السيييارة‬
‫يكسف بعضها بعضا ً فأدناها القمر في السماء الييدنيا‪ ,‬وهييو‬
‫يكسف ما فوقه‪ ,‬وعطارد في الثانية‪ ,‬والزهرة في الثالثيية‪,‬‬
‫والشمس في الرابعة‪ ,‬والمريخ في الخامسية‪ ,‬والمشيتري‬
‫في السادسة‪ ,‬وزحييل فييي السييابعة‪ ,‬وأمييا بقييية الكييواكب‬
‫وهييي الثييوابت ففييي فلييك ثييامن يسييمونه فلييك الثييوابت‪,‬‬
‫والمتشرعون منهم يقولون هو الكرسييي‪ ,‬والفلييك التاسييع‬
‫وهو الطلس والثير عندهم الذي حركته على خلف حركة‬
‫سائر الفلك‪ ,‬وذلك أن حركتييه مبييدأ الحركييات وهييي ميين‬
‫المغرب إلى المشرق‪ ,‬وسائر الفلك عكسه من المشرق‬

‫‪803‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إلييى المغييرب ومعهييا يييدور سييائر الكييواكب تبعييا ً ولكيين‬
‫للسيارة حركة معاكسيية لحركيية أفلكهييا فإنهييا تسييير ميين‬
‫المغرب إلى المشرق‪ ,‬وكل يقطع فلكييه بحسييبه‪ ,‬فييالقمر‬
‫يقطع فلكه في كل شييهر مييرة‪ ,‬والشييمس فييي كييل سيينة‬
‫مرة‪ ,‬وزحل في كل ثلثين سنة مرة‪ ,‬وذلك بحسب اتسيياع‬
‫أفلكها وإن كانت حركة الجميع في السرعة متناسبة‪ ,‬هييذا‬
‫ملخص ما يقولونه في هذا المقام على اختلف بينهم فييي‬
‫مواضع كثيرة لسيينا بصييدد بيانهييا وإنمييا المقصييود أن اللييه‬
‫سبحانه وتعالى‪} :‬خلق سبع سموات طباقا ً * وجعل القمر‬
‫فيهن نورا ً وجعل الشمس سييراجًا{ أي فيياوت بينهمييا فييي‬
‫الستنارة فجعل كل ً منهما أنموذجا ً على حدة ليعرف الليل‬
‫والنهييار بمطلييع الشييمس ومغيبهييا‪ ,‬وقييدر للقميير منييازل‬
‫وبروجا ً وفاوت نوره فتارة يزداد حتى يتناهى ثم يشرع في‬
‫النقص حتى يستتر ليدل على مضي الشهور والعوام‪ ,‬كما‬
‫قال تعالى‪} :‬هو الذي جعل الشييمس ضييياء والقميير نييورا ً‬
‫وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق اللييه‬
‫ليييييات لقييييوم يعلمييييون{‪.‬‬ ‫ذلييييك إل بييييالحق يفصييييل ا َ‬
‫وقوله تعالى‪} :‬والله أنبتكم من الرض نبات يًا{ هييذا اسييم‬
‫مصدر والتيان به ههنا أحسيين }ثييم يعيييدكم فيهييا{ أي إذا‬
‫متييم }ويخرجكييم إخراج يًا{ أي يييوم القياميية يعيييدكم كمييا‬
‫بييدأكم أول مييرة }واللييه جعييل لكييم الرض بسيياطًا{ أي‬
‫بسطها ومهييدها وقررهييا وثبتهييا بالجبييال الراسيييات الشييم‬
‫الشامخات }لتسلكوا منهييا سييبل ً فجاج يًا{ أي خلقهييا لكييم‬
‫لتسييتقروا عليهييا وتسييلكوا فيهييا أييين شييئتم ميين نواحيهييا‬
‫وأرجائها وأقطارهيا‪ ,‬وكيل هيذا مميا ينبههيم بيه نيوح علييه‬
‫السييلم علييى قييدرة اللييه وعظمتييه فييي خلييق السييموات‬
‫والرض ونعمه عليهم فيما جعل لهم من المنافع السماوية‬
‫والرضية‪ ,‬فهو الخالق الرزاق جعييل السييماء بنيياء والرض‬
‫مهادا ً وأوسع على خلقه من رزقه‪ ,‬فهو الذي يجب أن يعبد‬
‫ويوحد ول يشرك به أحد لنه ل نظيير ليه ول عيديل ول نيد‬
‫ول كفء‪ ,‬ول صيياحبة ول ولييد ول وزييير ول مشييير بييل هييو‬
‫العليييييييييييييييييييييييييييييييي الكيييييييييييييييييييييييييييييييبير‪.‬‬

‫‪804‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫ه‬‫مييال ُ ُ‬
‫م ي َيزِد ْهُ َ‬ ‫ميين ل ّي ْ‬ ‫صوِْني َوات ّب َُعوا ْ َ‬ ‫م عَ َ‬ ‫ب إ ِن ّهُ ْ‬‫ح ّر ّ‬ ‫ل ُنو ٌ‬ ‫** َقا َ‬
‫ن‬ ‫كرا ً ك ُب ّييارا ً * وَقَيياُلوا ْ ل َ ت َيذ َُر ّ‬ ‫مك َُروا ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫سارا ً * وَ َ‬ ‫خ َ‬ ‫وَوَل َد ُهُ إ ِل ّ َ‬
‫سييرا ً *‬ ‫ث وَي َعُييوقَ وَن َ ْ‬ ‫واعا ً وَل َ ي َُغو َ‬ ‫س َ‬‫ن وَد ّا ً وَل َ ُ‬ ‫م وَل َ ت َذ َُر ّ‬ ‫آل ِهَت َك ُ ْ‬
‫ضييييل َل ً‬ ‫ضييييّلوا ْ ك َِثيييييرا ً وَل َ َتييييزِدِ ال ّ‬ ‫َ‬
‫ن إ ِل ّ َ‬ ‫مي َ‬‫ظييييال ِ ِ‬ ‫وََقييييد ْ أ َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عن نوح عليه السلم إنييه أنهييى إليييه‪,‬‬
‫وهييو العليييم الييذي ل يعييزب عنييه شيييء‪ ,‬أنييه ميين البيييان‬
‫المتقدم ذكره والدعوة المتنوعة المشتملة علييى الييترغيب‬
‫تارة والترهيب أخرى أنهم عصوه وخالفوه وكذبوه‪ ,‬واتبعوا‬
‫أبناء الدنيا ممن غفل عن أمر الله ومتع بميال وأولد وهيي‬
‫فييي نفييس الميير اسييتدراج وإنظييار ل إكييرام ولهييذا قييال‪:‬‬
‫}واتبعوا من لم يزده ماله وولده إل خسارًا{ قرىء وولده‬
‫بالضم وبالفتح وكلهما متقيارب‪ .‬وقيوله تعيالى‪} :‬ومكيروا‬
‫مكرا ً كبارًا{ قال مجاهد‪ :‬كبارا ً أي عظيمًا‪ ,‬وقال ابيين زيييد‪:‬‬
‫جيياب‪,‬‬ ‫كبارا ً أي كبيرا ً والعرب تقول أمر عجيب وعجاب وع ّ‬
‫مال بالتخفيف والتشييديد‬ ‫سان وجمال وج ّ‬ ‫ورجل حسان وح ّ‬
‫بمعنى واحد‪ ,‬والمعنى فييي قييوله تعييالى‪} :‬ومكييروا مكييرا ً‬
‫كبارًا{ أي بأتبيياعهم فييي تسييويلهم لهييم أنهييم علييى الحييق‬
‫والهدى كمييا يقولييون لهييم يييوم القياميية }بييل مكيير الليييل‬
‫والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل لييه أنييدادًا{ ولهييذا‬
‫قال ههنا‪} :‬ومكروا مكرا ً كبارا ً * وقالوا ل تذرن آلهتكم ول‬
‫تييذرن ودا ً ول سييواعا ً ول يغييوث ويعييوق ونسييرًا{ وهييذه‬
‫أسييماء أصيينامهم الييتي كييانوا يعبييدونها ميين دون اللييه‪.‬‬
‫قال البخاري‪ :‬حدثنا إبراهيم‪ ,‬حدثنا هشام عن ابن جريج‪,‬‬
‫وقال عطاء عن ابن عباس‪ :‬صارت الوثان التي كانت فيي‬
‫قوم نييوح فييي العييرب بعييد‪ :‬أمييا ود فكييانت لكلييب بدوميية‬
‫الجندل‪ ,‬وأمييا سييواع فكييانت لهييذيل‪ ,‬وأمييا يغييوث فكييانت‬
‫لمراد ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ‪ ,‬وأما يعوق فكانت‬
‫لل ذي كلع وهي أسماء‬ ‫لهمدان‪ ,‬وأما نسر فكانت لحمير َ‬
‫رجال صالحين ميين قييوم نييوح عليييه السييلم‪ ,‬فلمييا هلكييوا‬
‫أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي‬

‫‪805‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كانوا يجلسون فيها أنصابا ً وسموها بأسمائهم ففعلييوا فلييم‬
‫تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسييخ العلييم عبييدت‪ ,‬وكييذا روي‬
‫عن عكرمة والضحاك وقتادة وابن إسحاق نحو هذا‪ ,‬وقييال‬
‫علي بن أبي طلحة عن ابن عباس‪ :‬هذه أصنام كانت تعبييد‬
‫في زمن نوح‪ .‬وقال ابيين جرييير‪ :‬حييدثنا ابيين حميييد‪ ,‬حييدثنا‬
‫مهران عن سفيان عن موسى عن محمييد بيين قيييس }ول‬
‫يغوث ويعوق ونسرًا{ قال‪ :‬كييانوا قوميا ً صييالحين بييين آدم‬
‫ونوح وكان لهم أتباع يقتدون بهم‪ ,‬فلما ماتواقال أصحابهم‬
‫الذين كانوا يقتدون بهم‪ :‬لو صورناهم كان أشييوق لنييا إلييى‬
‫العبادة إذا ذكرناهم‪ ,‬فصوروهم فلمييا ميياتوا وجيياء آخييرون‬
‫دب إليهم إبليس فقال‪ :‬إنما كانوا يعبدونهم وبهييم يسييقون‬
‫المطيييييييييييييييييييييييييييير فعبييييييييييييييييييييييييييييدوهم‪.‬‬
‫وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة شيث عليه السلم‬
‫من طريق إسحاق بن بشر قييال‪ :‬أخييبرني جويييبر ومقاتييل‬
‫لدم عليييه‬ ‫عيين الضييحاك عيين ابيين عبيياس أنييه قييال‪ :‬ولييد َ‬
‫السييلم أربعييون ولييدًا‪ ,‬عشييرون غلم يا ً وعشييرون جارييية‪,‬‬
‫فكان ممن عاش منهم هابيل وقابيل وصالح وعبد الرحمن‬
‫الذي سييماه عبييد الحييارث‪ ,‬وود وكييان ود يقييال لييه شيييث‬
‫ويقال له هبة الله‪ ,‬وكان إخوته قد سودوه‪ ,‬وولد له سييواع‬
‫ويغوث ويعوق ونسيير‪ .‬وقييال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييي‪,‬‬
‫حدثنا أبو عمرو الدوري‪ ,‬حدثني أبو إسماعيل المؤدب عيين‬
‫عبد الله بن مسلم بن هرمز عن أبي حزرة عن عروة بيين‬
‫الزبييير قييال‪ :‬اشييتكى آدم عليييه السييلم وعنييده بنييوه ود‬
‫ويغوث وسيواع ونسير قيال وكيان ود أكيبرهم وأبرهيم بيه‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أحمد بن منصور‪ ,‬حدثنا الحسيين‬
‫بن موسى‪ ,‬حدثنا يعقوب عن أبي المطهر قال‪ :‬ذكرواعنييد‬
‫أبي جعفر وهو قائم يصلي يزيييد بيين المهلييب‪ ,‬قييال‪ :‬فلمييا‬
‫انفتل من صلته قال‪ :‬ذكرتم يزيد بن المهلب أما إنيه قتيل‬
‫في أول أرض عبييد فيهييا غييير الليه‪ ,‬قييال‪ :‬ثييم ذكييروا رجل ً‬
‫مسلما ً وكان محببا ً فييي قييومه فلمييا مييات اعتكفييوا حييول‬
‫قييبره فييي أرض بابييل وجزعييوا عليييه‪ ,‬فلمييا رأى إبليييس‬
‫جزعهم عليه تشبه في صييورة إنسييان‪ ,‬ثييم قييال إنييي أرى‬

‫‪806‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جزعكم على هذا الرجييل فهييل لكييم أن أصييور لكييم مثلييه‬
‫فيكون في ناديكم فتذكرونه ؟ قالوا نعم‪ ,‬فصور لهم مثله‪,‬‬
‫قال‪ :‬ووضعوه في ناديهم وجعلييوا يييذكرونه‪ ,‬فلمييا رأى مييا‬
‫بهم من ذكره قال‪ :‬هل لكم أن أجعل في منزل كل رجييل‬
‫منكم تمثال ً مثله فيكييون لييه فييي بيتييه فتييذكرونه ؟ قييالوا‪:‬‬
‫نعم‪ ,‬قال‪ :‬فمثل لكل أهل بيت تمثال ً مثله‪ ,‬فأقبلوا فجعلوا‬
‫يذكرونه به‪ ,‬قال‪ :‬وأدرك أبناؤهم فجعلوا يرون ما يصنعون‬
‫به‪ ,‬قال‪ :‬وتناسلوا ودرس أمر ذكرهم إياه حتى اتخذه إله يا ً‬
‫يعبدونه من دون الله أولد أولدهم‪ ,‬فكان أول ما عبد ميين‬
‫دون الليييييييييه‪ :‬الصييييييييينم اليييييييييذي سيييييييييموه ودًا‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وقييد أضييلوا كييثيرًا{ يعنييي الصيينام الييتي‬
‫اتخذوها أضلوا بها خلقا ً كثيرًا‪ ,‬فإنه اسييتمرت عبادتهييا فييي‬
‫القرون إلى زماننا هذا في العرب والعجم وسييائر صيينوف‬
‫بنييي آدم‪ ,‬وقييد قييال الخليييل عليييه السييلم فييي دعييائه‬
‫}واجنبني وبني أن نعبد الصنام * رب إنهن أضييللن كييثيرا ً‬
‫ل{‬‫من الناس{ وقوله تعييالى‪} :‬ول تييزد الظييالمين إل ضييل ً‬
‫دعاء منه على قومه لتمردهم وكفرهم وعنييادهم كمييا دعيا‬
‫موسى على فرعون وملئه في قوله‪} :‬ربنا اطمييس علييى‬
‫أموالهم واشدد على قلوبهم فل يؤمنوا حتى يييروا العييذاب‬
‫اللييم{ وقييد اسييتجاب الليه لكييل مين النيبيين فيي قيومه‬
‫وأغييييييرق أمتييييييه بتكييييييذيبهم لمييييييا جيييييياءهم بييييييه‪.‬‬

‫ُ‬
‫ميين‬ ‫م ّ‬ ‫دوا ْ ل َهُ ي ْ‬
‫ج ُ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫خُلوا ْ َنارا ً فَل َ ْ‬ ‫م أ ُغْرُِقوا ْ فَأد ْ ِ‬ ‫خط ِي ََئات ِهِ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫م ّ‬‫** ّ‬
‫َ‬ ‫صارا ً * وََقا َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ميي َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ب ل َ ت َذ َْر عَلييى الْر ِ‬ ‫ح ّر ّ‬ ‫ل ُنو ٌ‬ ‫ن الل ّهِ أن َ‬ ‫دو ِ‬ ‫ُ‬
‫ْ‬
‫ك وَل َ ي َل ِد ُوَا إ ِل ّ‬ ‫عَباد َ َ‬ ‫ْ‬
‫ضلوا ِ‬ ‫ّ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫ك ِإن ت َذ َْرهُ ْ‬ ‫ً‬
‫ن د َّيارا * إ ِن ّ َ‬ ‫ري َ‬ ‫كافِ ِ‬ ‫ْ‬
‫ال َ‬
‫ي‬‫ل ب َي ْت ِي َ‬ ‫خي َ‬ ‫ميين د َ َ‬ ‫وال ِيد َيّ وَل ِ َ‬ ‫ب اغِْفيْر ل ِييي وَل ِ َ‬ ‫جرا ً ك َّفارا ً * ّر ّ‬ ‫َفا ِ‬
‫ن إ ِل ّ ت َب َييارا ً‬‫مي َ‬ ‫ظيال ِ ِ‬ ‫ت وَل َ ت َيزِدِ ال ّ‬ ‫من َييا ِ‬ ‫ن َوال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫مِني َ‬ ‫م يؤ ْ ِ‬‫منا ً وَل ِل ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫ُ‬
‫يقييول تعيييالى‪} :‬مميييا خطيئاتهييم{ وقرىييء خطاييياهم‬
‫}أغرقوا{ أي من كثرة ذنوبهم وعتييوهم وإصييرارهم علييى‬
‫كفرهم ومخييالفتهم رسييولهم }أغرقييوا فييأدخلوا نييارًا{ أي‬
‫نقلوا من تيار البحار إلى حرارة النار }فلم يجدوا لهم ميين‬

‫‪807‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫دون اللييه أنصييارًا{ أي ليم يكيين لهييم معييين ول مغيييث ول‬
‫مجير ينقييذهم ميين عييذاب اللييه كقييوله تعييالى‪} :‬ل عاصييم‬
‫اليوم من أمر الله إل ميين رحييم{ }وقييال نييوح رب ل تييذر‬
‫على الرض من الكييافرين ديييارًا{ أي ل تييترك علييى وجييه‬
‫الرض منهم أحدا ً ول ديارا ً وهييذه ميين صيييغ تأكيييد النفييي‪,‬‬
‫قال الضييحاك‪ :‬ديييارا ً واحييدًا‪ ,‬وقييال السييدي‪ :‬الييديار الييذي‬
‫يسكن الدار‪ ,‬فاستجاب الله له فأهلك جميع من على وجه‬
‫الرض من الكافرين حتى ولد نوح لصلبه الذي اعتزل عيين‬
‫أبيه‪ ,‬وقال‪} :‬سآوي إلى جبل يعصمني ميين الميياء‪ ,‬قييال ل‬
‫عاصم اليوم من أمر الله إل من رحم وحال بينهمييا المييوج‬
‫فكان من المغرقين{ وقال ابن أبي حاتم‪ :‬قرأ علي يونس‬
‫بن عبد العلى‪ ,‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬أخبرني شبيب بن سييعيد‬
‫عن أبي الجوزاء عن ابن عبيياس‪ ,‬قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬لو رحم الله ميين قييوم نييوح أحييدا ً‬
‫لرحم امرأة لما رأت الماء حملت ولدها ثم صعدت الجبل‪,‬‬
‫فلما بلغها الماء صعدت به منكبها فلمييا بلييغ الميياء منكبهييا‬
‫وضعت ولدها على رأسها‪ ,‬فلمييا بلييغ الميياء رأسييها رفعييت‬
‫ولدها بيدها‪ ,‬فلو رحم الله منهم أحدا ً لرحم هييذه المييرأة«‬
‫هييذا حييديث غريييب ورجيياله ثقييات‪ ,‬ونجييى اللييه أصييحاب‬
‫السفينة الذين آمنوا مع نوح عليه السلم وهم الذين أمييره‬
‫الليييييييييييييييييييه بحملهيييييييييييييييييييم معيييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬إنك إن تذرهم يضلوا عبادك{ أي إنييك إن‬
‫أبقيت منهم أحدا ً أضلوا عبادك‪ ,‬أي الييذين تخلقهيم بعييدهم‬
‫}ول يلدوا إل فاجرا ً كفارًا{ أي فيياجرا ً فييي العمييال كييافر‬
‫القلب وذلك لخبرته بهم ومكثه بين أظهرهم ألف سيينة إل‬
‫خمسين عامًا‪ ,‬ثم قال‪} :‬رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل‬
‫بيتي مؤمنًا{ قال الضحاك‪ :‬يعنييي مسييجدي‪ ,‬ول مييانع ميين‬
‫لية على ظاهرها وهو أنه دعا لكل من دخل منزلييه‬ ‫حمل ا َ‬
‫وهو مؤمن‪ ,‬وقد قال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبو عبد الرحميين‪,‬‬
‫حييدثنا حيييوة أنبأنييا سييالم ييين غيلن أن الوليييد بيين قيييس‪,‬‬
‫أخبره أنه سمع أبا سعيد الخدري أو عن أبييي الهيثييم‪ ,‬عيين‬
‫أبي سعيد أنه سيمع رسيول الليه صيلى الليه علييه وسيلم‬

‫‪808‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقييول‪» :‬ل تصييحب إل مؤمنيا ً ول يأكييل طعامييك إل تقييي«‬
‫ورواه أبو داود والترمذي من حديث عبد الله بيين المبييارك‬
‫عن حيوة بن شريح به‪ ,‬ثم قال الترمذي‪ :‬إنمييا نعرفييه ميين‬
‫هذا الوجه‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬وللمييؤمنين والمؤمنييات{ دعيياء‬
‫لجميييع المييؤمنين والمؤمنييات وذلييك يعييم الحييياء منهييم‬
‫والموات‪ ,‬ولهذا يستحب مثل هذا الدعاء اقتداء بنوح عليه‬
‫لثار والدعية المشهورة المشروعة‪,‬‬ ‫السلم وبما جاء في ا َ‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ول تزد الظالمين إل تبارًا{ قال السدي‪ :‬إل‬
‫لخرة‪ .‬آخيير‬ ‫هلكًا‪ ,‬وقال مجاهد‪ :‬إل خسارا ً أي في الدنيا وا َ‬
‫تفسير سورة نوح عليه السلم ولله الحمد والمنة‪.‬‬

‫سورة الجن‬
‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫ن فََقييال ُوَا ْ إ ِن ّييا‬ ‫َ‬ ‫ل ُأو ِ‬


‫جي ّ‬ ‫ن ال ْ ِ‬‫مي َ‬ ‫معَ ن ََفيٌر ّ‬ ‫سيت َ َ‬
‫ها ْ‬ ‫ي أن ّي ُ‬‫ي إ ِل َي ّ‬ ‫ح َ‬ ‫** قُ ْ‬
‫ك‬‫مّنا ب ِهِ وََلن ّنشرِ َ‬ ‫شدِ َفآ َ‬ ‫جبا ً * ي َهْدِيَ إ َِلى الّر ْ‬ ‫معَْنا قُْرآنا ً عَ َ‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫ة وَل َ وَلييدا *‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫حب َ ً‬‫صا ِ‬ ‫خذ َ َ‬ ‫ما ات ّ َ‬ ‫جد ّ َرب َّنا َ‬ ‫ى َ‬ ‫ه ت ََعال َ‬ ‫حدا * وَأن ّ ُ‬ ‫ب َِرب َّنآ أ َ‬
‫َ‬
‫ططا ً * وَأّنيا ظ َن َّنيآ أن‬‫َ‬ ‫شي َ‬ ‫سِفيهَُنا عََلى الّليهِ َ‬ ‫ن ي َُقو ُ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫ل َ‬ ‫كا َ‬ ‫وَأن ّ ُ‬
‫َ‬
‫جييا ٌ‬
‫ل‬ ‫ن رِ َ‬ ‫ه ك َييا َ‬ ‫ذبا ً * وَأن ّي ُ‬ ‫ن عََلى الل ّهِ ك َ ِ‬ ‫ج ّ‬ ‫س َوال ْ ِ‬ ‫لن ُ‬ ‫لا ِ‬ ‫ّلن ت َُقو َ‬
‫هقيا ً *‬ ‫م َر َ‬ ‫هي ْ‬ ‫ن فََزادو ُ‬ ‫جي ّ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫مي َ‬
‫ل ّ‬ ‫جيا ٍ‬ ‫ن ب ِرِ َ‬ ‫ذو َ‬ ‫س ي َُعيو ُ‬ ‫لني ِ‬ ‫نا ِ‬ ‫مي َ‬ ‫ّ‬
‫حيييدا ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هأ َ‬ ‫ث اللييي ُ‬ ‫م أن لييين ي َب ْعَييي َ‬ ‫ميييا ظَننت ُييي ْ‬ ‫م ظن ّيييوا ك َ‬ ‫وَأن ّهُييي ْ‬
‫يقول تعالى آمرا ً رسوله صلى الله عليه وسلم أن يخييبر‬
‫قييومه أن الجيين اسييتمعوا القييرآن‪ ,‬فييآمنوا بييه وصييدقوه‬
‫وانقادوا له‪ ,‬فقال تعالى‪} :‬قل أوحي إلي أنييه اسييتمع نفيير‬
‫من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا ً عجبا ً * يهدي إلى الرشد{‬
‫أي إلى السداد والنجاح }فآمنا به ولن نشرك بربنا أحييدًا{‬
‫وهذا المقام شبيه بقوله تعالى‪} :‬وإذ صرفنا إليك نفرا ً من‬
‫الجن يستمعون القرآن{ وقد قدمنا الحاديث الواردة فييي‬
‫ذليييييييك بميييييييا أغنيييييييى عييييييين إعيييييييادته ههنيييييييا‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وأنه تعالى جد ربنا{ قييال علييي بيين أبييي‬
‫طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى‪} :‬جد ربنا{ أي فعله‬

‫‪809‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وأمره وقدرته‪ .‬وقال الضييحاك عيين ابيين عبيياس‪ :‬جييد اللييه‬
‫آلؤه وقييدرته ونعمتييه علييى خلقييه‪ ,‬وروي عيين مجاهييد‬
‫وعكرمة‪ :‬جلل ربنا‪ ,‬وقييال قتييادة‪ :‬تعييالى جللييه وعظمتييه‬
‫وأمره‪ ,‬وقال السدي‪ :‬تعالى أمر ربنييا‪ :‬وعيين أبييي الييدرداء‬
‫ومجاهد أيضا ً وابيين جريييج‪ :‬تعييالى ذكييره وقييال سييعيد بيين‬
‫جبير‪} :‬تعالى جد ربنا{ أي تعالى ربنييا‪ ,‬فأمييا مييا رواه ابيين‬
‫أبي حاتم‪ :‬حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرى‪ ,‬حدثنا‬
‫سفيان عن عمرو‪ ,‬عن عطاء‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬قييال‪ :‬الجييد‬
‫أب ولو علمت الجن أن في النس جدا ً ما قالوا تعالى جييد‬
‫ربنا‪ ,‬فهذا إسناد جيد ولكن لست أفهم ما معنى هذا الكلم‬
‫ولعلييييييه قييييييد سييييييقط شيييييييء واللييييييه أعلييييييم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ما اتخذ صاحبة ول ولييدًا{ أي تعييالى عيين‬
‫اتخاذ الصاحبة والولد‪ ,‬أي قييالت الجيين‪ :‬تنييزه الييرب جييل‬
‫جللييه حييين أسييلموا وآمنييوا بييالقرآن عيين اتخيياذ الصيياحبة‬
‫والولييد ثييم قييالوا }وأنييه كييان يقييول سييفيهنا علييى اللييه‬
‫شططًا{ قال مجاهد وعكرمة وقتادة والسييدي }سييفيهنا{‬
‫يعنييون إبليييس }شييططًا{ قييال السييدي عيين أبييي مالييك‪:‬‬
‫}شييططًا{ أي جييورًا‪ ,‬وقييال ابيين زيييد‪ :‬أي ظلمييا ً كييبيرا ً‬
‫ويحتمل أن يكون المراد بقولهم سفيهنا اسييم جنييس لكييل‬
‫من زعم أن لله صاحبة أو ولييدًا‪ ,‬ولهييذا قييالوا }وأنييه كييان‬
‫يقول سفيهنا{ أي قبل إسييلمه }علييى اللييه شييططًا{ أي‬
‫باطل ً وزورًا‪ ,‬ولهذا قالوا }وأنييا ظننييا أن ليين تقييول النييس‬
‫والجن علييى اللييه كييذبًا{ أي مييا حسييبنا أن النييس والجيين‬
‫يتمالؤون على الكذب على الله تعالى في نسييبة الصيياحبة‬
‫والولد إليه‪ ,‬فلما سمعنا هذا القرآن وآمنييا بييه علمنييا أنهييم‬
‫كييييييانوا يكييييييذبون علييييييى اللييييييه فييييييي ذلييييييك‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وأنه كان رجال من النس يعوذون برجال‬
‫من الجن فزادوهم رهقًا{ أي كنا نييرى أن لنييا فض يل ً علييى‬
‫النييس لنهييم كييانوا يعييوذون بنييا إذا نزلييوا وادييا ً أو مكان يا ً‬
‫موحشا ً من البراري وغيرها‪ ,‬كما كييانت عييادة العييرب فييي‬
‫جاهليتها يعوذون بعظيم ذلك المكان من الجان أن يصيبهم‬
‫بشيء يسوؤهم‪ ,‬كما كييان أحييدهم يييدخل بلد أعييدائه فييي‬

‫‪810‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جييوار رجييل كييبير وذمييامه وخفييارته‪ ,‬فلمييا رأت الجيين أن‬
‫النس يعوذون بهييم ميين خييوفهم منهييم زادوهييم رهق يا ً أي‬
‫خوفا ً وإرهابا ً وذعيرا ً حيتى بقيوا أشيد منهيم مخافية وأكيثر‬
‫تعييوذا ً بهييم‪ ,‬كمييا قييال قتييادة }فزادوهييم رهق يًا{ أي إثم يا ً‬
‫وازدادت الجن عليهم جراءة‪ .‬وقييال السييدي‪ :‬كييان الرجييل‬
‫يخرج بأهله فيأتي الرض فينزلها فيقول‪ :‬أعييوذ بسيييد هييذا‬
‫الييوادي ميين الجيين أن أضيير أنييا فيييه أو مييالي أو ولييدي أو‬
‫ماشيتي‪ ,‬قال قتادة‪ :‬فإذا عاذ بهييم ميين دون اللييه رهقتهييم‬
‫الجييييييييييييييييين الذى عنيييييييييييييييييد ذليييييييييييييييييك‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييو سييعيد يحيييى بيين سييعيد‬
‫القطان‪ ,‬حدثنا وهب بن جرير‪ ,‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا الزبير بيين‬
‫الخريت عن عكرمة قال‪ :‬كان الجيين يفرقييون ميين النييس‬
‫كما يفرق النس منهم أو أشد‪ ,‬فكان النس إذا نزلوا واديا ً‬
‫هرب الجن فيقول سيد القوم نعوذ بسيد أهل هذا الوادي‪,‬‬
‫فقال الجن نراهم يفرقون منا كما نفرق منهيم فيدنوا مين‬
‫النس فأصابوهم بالخبييل والجنييون‪ ,‬فييذلك قييول اللييه عييز‬
‫وجل‪} :‬وأنه كيان رجيال مين النيس يعيوذون برجيال مين‬
‫الجن فزادوهم رهقًا{ أي إثميًا‪ .‬وقييال أبييو العالييية والربيييع‬
‫وزيد بن أسلم }رهقًا{ أي خوف يا ً وقييال العييوفي عيين ابيين‬
‫عباس }فزادوهم رهقًا{ أي إثمًا‪ ,‬وكييذا قييال قتييادة وقييال‬
‫مجاهيييييييييييييييد‪ :‬زاد الكفيييييييييييييييار طغيانيييييييييييييييًا‪.‬‬
‫وقال ابن أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييي‪ ,‬حييدثنا فييروة بيين أبييي‬
‫المغراء الكندي‪ ,‬حدثنا القاسم بن مالك ي يعنييي المزنييي يي‬
‫عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبيييه عيين كييردم بيين أبييي‬
‫السائب النصاري قال‪ :‬خرجت مع أبييي ميين المدينيية فييي‬
‫حاجة وذلك أول ما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسييلم‬
‫بمكة‪ ,‬فآوانا المبيت إلى راعييي غنييم‪ ,‬فلمييا انتصييف الليييل‬
‫جاء ذئب فأخذ حمل ً ميين الغنييم فييوثب الراعييي فقييال‪ :‬يييا‬
‫عامر الوادي جارك‪ ,‬فنادى مناد ل نراه يقييول‪ :‬يييا سييرحان‬
‫أرسله‪ .‬فأتى الحمل يشتد حتى دخل في الغنييم لييم تصييبه‬
‫كدمة‪ .‬وأنزل الله تعييالى علييى رسييوله بمكيية }وأنييه كييان‬
‫رجال من النس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقًا{‬

‫‪811‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ثم قال‪ :‬وروي عن عبيد بيين عمييير ومجاهييد وأبييي العالييية‬
‫والحسين وسييعيد بين جيبير وإبراهيييم النخعيي نحيوه وقيد‬
‫يكون هذا الذئب الذي أخذ الحمل‪ ,‬وهييو ولييد الشيياة‪ ,‬كييان‬
‫جنيا ً حتى يرهب النسييي ويخيياف منييه‪ ,‬ثييم رده عليييه لمييا‬
‫استجار به ليضله ويهينييه ويخرجييه عيين دينييه واللييه أعلييم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وأنهم ظنوا كما ظننتييم أن ليين يبعييث اللييه‬
‫أحييدًا{ أي ليين يبعييث اللييه بعييد هييذه المييدة رسييو ً‬
‫ل‪ ,‬قيياله‬
‫الكلييييييييييييييييييبي وابيييييييييييييييييين جرييييييييييييييييييير‪.‬‬

‫شُهبا ً‬ ‫ديدا ً وَ ُ‬ ‫حَرسا ً َ‬ ‫َ‬


‫ش ِ‬ ‫ت َ‬ ‫مل ِئ َ ْ‬
‫ها ُ‬ ‫مآَء فَوَ َ‬
‫جد َْنا َ‬ ‫س َ‬
‫سَنا ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫** وَأّنا ل َ َ‬
‫َ‬
‫ج يد ْ‬ ‫ن يَ ِ‬ ‫مِع ال َ َ‬ ‫س يت َ ِ‬‫من ي َ ْ‬ ‫مِع فَ َ‬ ‫س ْ‬ ‫عد َ ِلل ّ‬‫مَقا ِ‬ ‫* وَأّنا ك ُّنا ن َْقعُد ُ ِ‬
‫من َْها َ‬
‫ض‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫يي‬‫ي‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ري‬ ‫شر أ ُ‬ ‫َ‬ ‫ل َه شهابا ً رصدا ً * وأ َنا ل َ ندري أ َ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ ِ َ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫ُ ِ َ‬
‫شييييييييييييييييدا ً‬ ‫م َر َ‬ ‫أَ َ‬
‫م َرب ُّهيييييييييييييييي ْ‬ ‫م أَراد َ ب ِِهيييييييييييييييي ْ‬ ‫ْ‬
‫يخبر تعالى عن الجيين حييين بعييث اللييه رسييوله محمييدا ً‬
‫صلى اللييه عليييه وسييلم وأنييزل عليييه القييرآن‪ ,‬وكييان ميين‬
‫حفظه له أن السماء ملئت حرسا ً شديدا ً وحفت من سائر‬
‫أرجائها‪ ,‬وطردت الشياطين عن مقاعدها التي كانت تقعييد‬
‫فيها قبل ذلك لئل يسترقوا شيئا ً من القرآن‪ ,‬فيلقييوه علييى‬
‫ألسنة الكهنة فيلتبس المر ويختلط ول يدرى من الصادق‪,‬‬
‫وهذا من لطف الله تعالى بخلقه‪ ,‬ورحمته بعباده‪ ,‬وحفظييه‬
‫لكتابه العزيز‪ ,‬ولهذا قال الجيين }وأنييا كنييا لمسيينا السييماء‬
‫فوجدناها ملئت حرسا ً شديدا ً وشهبا ً * وأنا كنييا نقعييد منهييا‬
‫لن يجد له شييهابا ً رصييدًا{ أي‬ ‫مقاعد للسمع فمن يستمع ا َ‬
‫من يروم أن يسترق السمع يجييد لييه شييهابا ً مرصييدا ً لييه ل‬
‫يتخطاه ول يتعداه بل يمحقه اليوم ويهلكه‪} .‬وأنييا ل نييدري‬
‫أشر أريد بمن في الرض أم أراد بهم ربهم رشدًا{ أي مييا‬
‫ندري هذا المر الذي قد حدث في السماء‪ ,‬ل نييدري أشيير‬
‫أريد بمن في الرض أم أراد بهييم ربهييم رشييدًا‪ ,‬وهييذا ميين‬
‫أدبهييم فييي العبييارة حيييث أسييندوا الشيير إلييى غييير فاعييل‬
‫والخييييييير أضييييييافوه إلييييييى اللييييييه عييييييز وجييييييل‪.‬‬

‫‪812‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقد ورد في الصيحيح »والشير لييس إلييك« وقيد كيانت‬
‫الكواكب يرمى بها قبل ذلييك‪ ,‬ولكيين ليييس بكييثير بييل فييي‬
‫الحيان بعد الحيان‪ ,‬كما في حديث ابن عباس‪ :‬بينما نحيين‬
‫جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ رمي بنجم‬
‫فاستنار فقال‪» :‬ما كنتم تقولييون فييي هييذا ؟« فقلنييا‪ :‬كنييا‬
‫نقول يولد عظيم‪ ,‬يموت عظيم فقال‪» :‬ليس كذلك‪ ,‬ولكن‬
‫الله إذا قضى المر في السماء« وذكر تمام الحييديث وقييد‬
‫أوردناه في سييورة سييبأ بتمييامه‪ ,‬وهييذا هييو السييبب الييذي‬
‫حملهييم علييى تطلييب السييبب فييي ذلييك فأخييذوا يضييربون‬
‫مشارق الرض ومغاربها‪ ,‬فوجدوا رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم يقرأ بأصحابه في الصلة‪ ,‬فعرفييوا أن هييذا هييو‬
‫الذي حفظييت ميين أجلييه السييماء‪ ,‬فييآمن ميين آميين منهييم‬
‫وتمرد في طغيانه من بقي كمييا تقييدم حييديث ابيين عبيياس‬
‫في ذلك عند قوله في سورة الحقاف‪} :‬وإذ صييرفنا إليييك‬
‫نفيييييرا ً مييييين الجييييين يسيييييتمعون القيييييرآن{ ا َ‬
‫ليييييية‪.‬‬
‫ول شك أنه لما حدث هذا المر‪ ,‬وهو كييثرة الشييهب فييي‬
‫السماء والرمي بها‪ ,‬هال ذلك النس والجن وانزعجييوا لييه‬
‫وارتاعوا لذلك‪ ,‬وظنييوا أن ذليك لخييراب العييالم‪ ,‬كميا قييال‬
‫السدي‪ :‬لم تكن السييماء تحييرس إل أن يكييون فييي الرض‬
‫نبي أو دين لله ظاهر‪ ,‬فكانت الشياطين قبل محمد صييلى‬
‫الله عليه وسلم قيد اتخيذت المقاعيد فيي السيماء اليدنيا‪,‬‬
‫يستمعون ما يحدث في السماء من أمير‪ ,‬فلمييا بعيث الليه‬
‫محمدا ً صلى الله عليه وسلم نبيا ً رسييول ً رجمييوا ليليية ميين‬
‫الليالي ففزع لذلك أهل الطائف فقالوا‪ :‬هلك أهل السييماء‬
‫لمييا رأوا ميين شييدة النييار فييي السييماء واختلف الشييهب‪,‬‬
‫فجعلوا يعتقون أرقيياءهم ويسيييبون مواشيييهم‪ ,‬فقييال لهييم‬
‫عبد ياليل بن عمير‪ :‬ويحكم يا معشر أهل الطائف أمسكوا‬
‫عن أموالكم وانظروا إلييى معييالم النجييوم‪ ,‬فييإن رأيتموهييا‬
‫مستقرة في أمكنتها فلم يهلك أهل السماء‪ ,‬إنما هييذا ميين‬
‫أجل ابن أبي كبشة يعني محمدا ً صييلى اللييه عليييه وسييلم‪,‬‬
‫وإن نظرتم فلم تروهييا فقييد هلييك أهييل السييماء‪ ,‬فنظييروا‬
‫فرأوها فكفوا عن أقييوالهم وفزعييت الشييياطين فييي تلييك‬

‫‪813‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الليلة‪ ,‬فأتوا إبليس فحدثوه بالذي كان ميين أمرهييم فقييال‪:‬‬
‫ائتوني من كل أرض بقبضة من تراب أشمها‪ ,‬فأتوه فشييم‬
‫فقال‪ :‬صاحبكم بمكة‪ ,‬فبعث سبعة نفيير ميين جيين نصيييبين‬
‫فقدموا مكة فوجدوا نبي الله صلى الله عليه وسلم قائم يا ً‬
‫يصلي في المسجد الحرام يقرأ القرآن‪ ,‬فدنوا منه حرصييا ً‬
‫على القرآن حتى كادت كلكلهم تصيبه‪ ,‬ثم أسلموا فييأنزل‬
‫الله تعالى أمرهم على رسوله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬وقد‬
‫ذكرنا هذا الفصل مستقصييى فييي أول البعييث ميين )كتيياب‬
‫السيييرة( المطييول‪ ,‬واللييه أعلييم‪ ,‬وللييه الحمييد والمنيية‪.‬‬

‫ددا ً *‬ ‫َ‬
‫ك ك ُن ّييا ط َيَرآئ ِقَ قِي َ‬ ‫ن ذ َل ِي َ‬ ‫دو َ‬ ‫من ّييا ُ‬ ‫ن وَ ِ‬ ‫حو َ‬ ‫صال ِ ُ‬‫مّنا ال ّ‬ ‫** وَأّنا ِ‬
‫ج يَزهُ هََرب يا ً *‬ ‫ض وَل َيين ن ّعْ ِ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫جَز الل ّ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫لن‬ ‫وَأ َّنا ظ َن َّنآ َأن ّ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ُ‬ ‫يا‬‫ي‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ميين ي ُ ِ ِ َ ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫من‬ ‫ْ‬ ‫ؤ‬ ‫ي‬ ‫مّنا ب ِهِ فَ َ‬ ‫معَْنا ال ْهُد َىَ آ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ما َ‬ ‫وَأّنا ل َ ّ‬
‫سي ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫طو َ‬ ‫من ّييا ال َْقا ِ‬ ‫ن وَ ِ‬ ‫مو َ‬ ‫سيل ِ ُ‬‫م ْ‬ ‫من ّييا ال ْ ُ‬‫هقيا ً * وَأن ّييا ِ‬ ‫خسيا ً وَل َ َر َ‬ ‫بَ ْ‬
‫كاُنوا ْ‬ ‫س ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن فَ َ‬ ‫طو َ‬ ‫ما ال َْقا ِ‬ ‫شدا ً * وَأ ّ‬ ‫حّروْا ْ َر َ‬ ‫ك تَ َ‬ ‫م فَأوَْلـئ ِ َ‬ ‫سل َ َ‬‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬‫فَ َ‬
‫َ‬
‫هم‬ ‫س يَقي َْنا ُ‬ ‫ريَق يةِ ل ْ‬ ‫موا ْ عَل َييى الط ّ ِ‬ ‫س يت ََقا ُ‬ ‫طبا ً * وَأل ّوِ ا ْ‬ ‫ح َ‬ ‫م َ‬ ‫جهَن ّ َ‬‫لِ َ‬
‫س يل ُك ْ ُ‬
‫ه‬ ‫عن ذِك ْرِ َرب ّيهِ ي َ ْ‬ ‫ض َ‬ ‫من ي ُعْرِ ْ‬ ‫م ِفيهِ وَ َ‬ ‫دقا ً * ل ّن َْفت ِن َهُ ْ‬ ‫مآًء غَ َ‬ ‫ّ‬
‫صييييييييييييييييييييييييييييييييَعدا ً‬ ‫ذابا ً َ‬ ‫عَيييييييييييييييييييييييييييييييي َ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً عيين الجيين أنهييم قييالوا مخييبرين عيين‬
‫أنفسهم }وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك{ أي غير ذلييك‬
‫}كنييا طييرائق قييددًا{ أي طييرائق متعييددة مختلفيية وآراء‬
‫متفرقة‪ ,‬قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد }كنييا طييرائق‬
‫قددًا{ أي منا المؤمن ومنا الكافر‪ .‬وقال أحمد بن سليمان‬
‫النجاد في أماليه‪ :‬حدثنا أسلم بن سهل بحشل‪ ,‬حدثنا علي‬
‫بن الحسن بن سليمان وهو أبو الشييعثاء الحضييرمي شيييخ‬
‫مسلم‪ ,‬حدثنا أبو معاوية قال‪ :‬سمعت العمش يقول تروح‬
‫إلينا جني فقلت له‪ :‬ما أحب الطعام إليكييم ؟ فقييال الرز‪,‬‬
‫قال‪ :‬فأتيناهم به فجعلييت أرى اللقييم ترفييع ول أرى أحييدًا‪,‬‬
‫فقلت فيكم من هذه الهواء التي فينا ؟ قال‪ :‬نعييم فقلييت‬
‫فما الرافضة فيكم ؟ قال‪ :‬شرنا‪ .‬عرضت هذا السناد على‬
‫شيخنا الحافظ أبي الحجاج المزني فقال هذا إسناد صحيح‬
‫إلييى العمييش‪ ,‬وذكيير الحييافظ ابيين عسيياكر فييي ترجميية‬

‫‪814‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العباس بن أحمد الدمشقي قال‪ :‬سمعت بعض الجيين وأنييا‬
‫فيييييييييي منيييييييييزل ليييييييييي باللييييييييييل ينشيييييييييد‪:‬‬
‫قلييوب براهييا الحييب حييتى تعلقتمييذاهبها فييي كييل غييرب‬
‫وشيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييارق‬
‫تهيييم بحييب اللييه واللييه ربهامعلقيية بييالله دون الخلئق‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وأنا ظننييا أن ليين نعجييز اللييه فييي الرض‬
‫ولن نعجزه هربًا{ أي نعلم أن قدرة الله حاكمة علينا وأنييا‬
‫ل نعجزه في الرض‪ ,‬ولو أمعنا في الهرب فإنه علينا قييادر‬
‫ل يعجييزه أحييد منييا }وأنييا لمييا سييمعنا الهييدى آمنييا بييه{‬
‫يفتخرون بذلك وهو مفخر لهم وشرف رفيع وصفة حسنة‪,‬‬
‫وقولهم }فمن يؤمن بربه فل يخاف بخسا ً ول رهقيًا{ قييال‬
‫ابيين عبيياس وقتييادة وغيرهمييا‪ :‬فل يخيياف أن ينقييص ميين‬
‫حسناته أو يحمل عليه غير سيييئاته كمييا قييال تعييالى‪} :‬فل‬
‫يخيياف ظلمييا ً ول هضييمًا{ }وأّنييا منييا المسييلمون ومنييا‬
‫القاسطون{ أي منا المسييلم ومنييا القاسييط‪ ,‬وهييو الجييائر‬
‫عن الحق الناكب عنه‪ ,‬بخلف المقسط فإنه العادل }فمن‬
‫أسلم فييأولئك تحييروا رشييدًا{ أي طلبييوا لنفسييهم النجيياة‬
‫}وأما القاسطون فكانوا لجهنييم حطب يًا{ أي وقييودا ً تسييعر‬
‫بهيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬
‫وقيييوله تعيييالى‪} :‬وأن ليييو اسيييتقاموا عليييى الطريقييية‬
‫لسقيناهم ماء غييدقا ً * لنفتنهييم فيييه{ اختلييف المفسييرون‬
‫فييي معنييى هييذا علييى قييولين‪) :‬أحييدهما( وأن لييو اسييتقام‬
‫القاسطون على طريقة السييلم وعييدلوا إليهييا واسييتمروا‬
‫عليها }لسقيناهم ماء غدقًا{ أي كثيرًا‪ ,‬والمراد بذلك سعة‬
‫الرزق‪ ,‬كقوله تعالى‪} :‬ولو أنهييم أقيياموا التييوارة والنجيييل‬
‫وما أنزل إليهم ميين ربهييم لكلييوا ميين فييوقهم وميين تحييت‬
‫أرجلهم{ وكقوله تعالى‪} :‬ولو أن أهل القرى آمنوا واتقييوا‬
‫لفتحنييا عليهييم بركييات ميين السييماء والرض{ وعلييى هييذا‬
‫يكون معنى قوله‪} :‬لنفتنهم فيه{ أي لنختبرهم‪ ,‬كمييا قييال‬
‫مالك عن زيد بن أسلم‪ :‬لنفتنهم لنبتليهم من يسييتمر علييى‬
‫الهداييييييييية مميييييييين يرتييييييييد إلييييييييى الغواييييييييية‪.‬‬

‫‪815‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫)ذكر من قال بهذا القول( قال العوفي عن ابيين عبيياس‪:‬‬
‫}وأن لييو اسييتقاموا علييى الطريقيية{ يعنييي بالسييتقامة‬
‫الطاعة‪ ,‬وقال مجاهد }وأن لو اسييتقاموا علييى الطريقيية{‬
‫قال‪ :‬السلم وكذا قال سعيد بن جبير وسعيد بن المسيب‬
‫وعطاء والسدي ومحمد بيين كعييب القرظييي‪ ,‬وقييال قتييادة‬
‫}وأن لو استقاموا على الطريقة{ يقييول‪ :‬لييو آمنييوا كلهييم‬
‫لوسعنا عليهم من الدنيا وقال مجاهد‪} :‬وأن لو اسييتقاموا‬
‫علييى الطريقيية{ أي‪ :‬طريقيية الحييق‪ ,‬وكييذا قييال الضييحاك‬
‫ليتين اللتين ذكرناهمييا‪ ,‬وكييل هييؤلء‬ ‫واستشهد على ذلك با َ‬
‫أو أكثرهم قالوا في قوله‪} :‬لنفتنهم فيه{ أي لنبتليهييم بييه‪.‬‬
‫وقال مقاتل‪ :‬نزلت في كفييار قريييش حييين منعييوا المطيير‬
‫سييييييييييييييييييييييييييييييييبع سيييييييييييييييييييييييييييييييينين‪.‬‬
‫)والقييول الثيياني( }وأن لييو اسييتقاموا علييى الطريقيية{‬
‫الضلل }لسقيناهم ماء غدقًا{ أي لوسعنا عليهييم الييرزق‬
‫استدراجًا‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬فلما نسوا ما ذكروا بييه فتحنييا‬
‫عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتييوا أخييذناهم‬
‫بغتة فإذا هم مبلسون{ وكقوله‪} :‬أيحسبون أنما نمدهم به‬
‫من مال وبنين نسارع لهم في الخيييرات بييل ل يشييعرون{‬
‫وهذا قول أبي مجلز لحق بن حميد‪ ,‬فييإنه قييال فييي قييوله‬
‫تعييالى‪} :‬وأن لييو اسييتقاموا علييى الطريقيية{ أي طريقيية‬
‫الضللة‪ ,‬رواه ابن جرير وابن أبي حاتم‪ ,‬وحكاه البغوي عن‬
‫الربيع بن أنس وزيد بن أسلم والكلييبي وابيين كيسييان ولييه‬
‫اتجاه‪ ,‬ويتأيد بقوله لنفتنهم فيه‪ .‬وقوله‪} :‬ومن يعرض عيين‬
‫ذكيير ربييه يسييلكه عييذابا ً صييعدًا{ أي عييذابا ً مشييقا ً شييديدا ً‬
‫موجعا ً مؤلمًا‪ ,‬قيال ابين عبياس ومجاهيد وعكرمية وقتيادة‬
‫وابن زيد‪} :‬عذابا ً صعدًا{ أي مشييقة ل راحيية معهييا‪ ,‬وعيين‬
‫ابن عباس‪ :‬جبل في جهنم‪ ,‬وعن سعيد بن جبير‪ :‬بئر فيهييا‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫مييا‬ ‫ه لّ َ‬ ‫حييدا ً * وَأن ّي ُ‬ ‫معَ الل ّيهِ أ َ‬‫عوا ْ َ‬‫جد َ ل ِل ّهِ فَل َ ت َد ْ ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫** وَأ ّ‬
‫مييآ‬‫ل إ ِن ّ َ‬‫ن عَل َي ْيهِ ل ِب َييدا ً * قُ ي ْ‬
‫كون ُييو َ‬‫دوا ْ ي َ ُ‬ ‫عوهُ َ‬
‫كا ُ‬ ‫م عَب ْد ُ الل ّهِ ي َد ْ ُ‬‫َقا َ‬
‫ضييّرا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عو َرّبي وَل َ أ ُ ْ‬ ‫أ َد ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫ك ل َك ُ ْ‬
‫مل ِ ُ‬
‫ل إ ِّني ل َ أ ْ‬ ‫حدا ً * قُ ْ‬ ‫ك ب ِهِ أ َ‬‫شرِ ُ‬

‫‪816‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ل إني َلن يجيرِني من الل ّه أ َحد ول َ َ‬
‫من‬ ‫جد َ ِ‬ ‫نأ ِ‬ ‫ِ َ ٌ َ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫ُ ِ َ‬ ‫شدا ً * قُ ْ ِ ّ‬ ‫وَل َ َر َ‬
‫ه‬‫ص الل ّي َ‬ ‫ِ‬ ‫سال َت ِهِ وَ َ‬
‫من ي َعْ ي‬ ‫ن الل ّهِ وَرِ َ‬ ‫م َ‬ ‫لغا ً ّ‬‫حدا ً * إ ِل ّ ب َ َ‬ ‫مل ْت َ َ‬
‫دون ِهِ ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ذا َرأوْا ْ‬ ‫َ‬
‫ى إِ َ‬‫ح َت ّ َ‬‫ن ِفيَهآ أَبدا ً * َ‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬‫م َ‬ ‫جهَن ّ َ‬
‫ه َناَر َ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫ه فَإ ِ ّ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وََر ُ‬
‫ددا ً‬ ‫صييرا ً وَأقَي ّ‬ ‫َ‬
‫ل عَي َ‬ ‫ف َنا ِ‬ ‫ض يع َ ُ‬
‫نأ ْ‬ ‫مي ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫سيي َعْل َ ُ‬
‫ن فَ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ُيوعَي ُ‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى آمرا ً عباده أن يوحدوه في محال عبييادته ول‬
‫يدعى معه أحد ول يشرك بييه‪ ,‬كمييا قييال قتييادة فييي قييوله‬
‫تعالى‪} :‬وأن المساجد لله فل تدعوا مع الليه أحييدًا{ قييال‪:‬‬
‫كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم أشييركوا‬
‫بالله‪ ,‬فأمر الله نييبيه صييلى اللييه عليييه وسييلم أن يوحييدوه‬
‫وحده‪ .‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬ذكر علي بيين الحسييين‪ ,‬حييدثنا‬
‫إسماعيل بن بنت السدي‪ ,‬أخبرنا رجل سماه عن السدي‪,‬‬
‫عن أبي مالك أو أبي صييالح‪ ,‬عيين ابيين عبيياس فييي قييوله‪:‬‬
‫}وأن المساجد لله فل تدعوا مع الله أحدًا{ قال‪ :‬لم يكيين‬
‫لية في الرض مسجد إل المسجد الحرام‬ ‫يوم نزلت هذه ا َ‬
‫ومسجد إيليا بيت المقدس‪ .‬وقال العمش‪ :‬قالت الجن‪ :‬يا‬
‫رسول الله ائذن لنا فنشهد معك الصلوات فييي مسييجدك‪,‬‬
‫فأنزل الله تعالى‪} :‬وأن المساجد للييه فل تييدعوا مييع اللييه‬
‫أحدًا{ يقول‪ :‬صلوا ل تخييالطوا النيياس‪ .‬وقييال ابيين جرييير‪:‬‬
‫حدثنا ابن حميد حدثنا مهران‪ ,‬حدثنا سفيان عن إسييماعيل‬
‫بيين أبييي خالييد عيين محمييود عيين سييعيد بيين جييبير }وأن‬
‫المساجد لله فل تدعوا مع الليه أحييدًا{ قييال‪ :‬قيالت الجيين‬
‫لنبي الله صلى الله عليه وسلم كيف لنا أن نأتي المسييجد‬
‫ونحن ناؤون ؟ أي بعيدون عنك‪ ,‬وكيف نشهد الصلة ونحن‬
‫ناؤون عنك ؟ فنزلت }وأن المساجد لله فل تدعوا مع الله‬
‫أحييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييدًا{‪.‬‬
‫وقييال سييفيان عيين خصيييف عيين عكرميية‪ :‬نزلييت فييي‬
‫المساجد كلها‪ ,‬وقال سييعيد بيين جييبير‪ :‬نزلييت فييي أعضيياء‬
‫السجود‪ ,‬أي هي لله فل تسجدوا بهييا لغيييره‪ .‬وذكييروا عنييد‬
‫هذا القول الحديث الصحيح من رواية عبد الله بن طيياوس‬
‫عن أبيه‪ ,‬عيين ابيين عبيياس رضييي اللييه عنهمييا‪ ,‬قييال‪ :‬قييال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬أمرت أن أسجد علييى‬
‫سبعة أعظم‪ :‬على الجبهة ي أشار بيده إلى أنفه ي ي واليييدين‬

‫‪817‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والركبتين وأطراف القييدمين«‪ ,‬وقييوله تعييالى‪} :‬وأنييه لمييا‬
‫قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدًا{ قال العييوفي‬
‫عن ابن عابس يقول لمييا سييمعوا النييبي صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم يتلو القرآن كادوا يركبونه من الحرص لمييا سييمعوه‬
‫يتلو القرآن ودنوا منه‪ ,‬فلم يعلم بهييم حييتى أتيياه الرسييول‬
‫فجعل يقرئه }قل أوحي إلي أنه اسييتمع نفيير ميين الجيين{‬
‫يستمعون القرآن هييذا قييول‪ ,‬وهييو مييروي عيين الزبييير بيين‬
‫العوام رضي الله عنه‪ ,‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثني محمييد بيين‬
‫معمر‪ ,‬حدثنا أبو مسلم عن أبي عوانة عن أبييي بشيير عيين‬
‫سعيد بن جبير عن ابن عبياس قيال‪ :‬قيال الجين لقيومهم‪:‬‬
‫}لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليييه لبييدًا{ قييال‪:‬‬
‫لمييا رأوه يصييلي وأصييحابه يركعييون بركييوعه ويسييجدون‬
‫بسجوده‪ ,‬قال‪ :‬عجبوا من طواعية أصحابه له قال‪ :‬فقييالوا‬
‫لقومهم }لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدًا{‬
‫وهذا قول ثان وهو مروي عن سعيد بن جبير أيضييًا‪ ,‬وقييال‬
‫الحسن‪ :‬لما قام رسول الله صلى الله عليه وسييلم يقييول‬
‫ل إله إل الله ويدعو الناس إلييى ربهييم كييادت العييرب تلبييد‬
‫عليييييييييييييييييييييييييييييييييه جميعييييييييييييييييييييييييييييييييًا‪.‬‬
‫وقال قتادة في قوله‪} :‬وأنييه لمييا قييام عبييد اللييه يييدعوه‬
‫كادوا يكونون عليه لبدًا{ قال‪ :‬تلبدت النييس والجيين علييى‬
‫هييذا الميير ليطفئوه‪ ,‬فييأبى اللييه إل أن ينصييره ويمضيييه‬
‫ويظهره على من ناوأه‪ ,‬وهذا قول ثييالث وهييو مييروي عيين‬
‫ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقييول ابيين زيييد‪ ,‬وهييو‬
‫اختيار ابن جرير وهو الظهر لقوله بعده‪} :‬قييل إنمييا أدعييو‬
‫ربي ول أشرك به أحدًا{ أي قييال لهييم الرسييول لمييا آذوه‬
‫وخالفوه وكذبوه وتظاهروا علييه ليبطليوا ميا جياء بيه مين‬
‫الحق واجتمعوا على عييداوته }إنمييا أدعييوا ربييي{ أي إنمييا‬
‫أعبد ربي وحده ل شريك له وأستجير به وأتوكل عليه }ول‬
‫أشرك به أحدا ً وقوله تعالى‪} :‬قل إني ل أملييك لكيم ضيرا ً‬
‫ول رشدًا{ أي إنما أنا بشر مثلكييم يييوحى إلييي وعبييد ميين‬
‫عبيياد اللييه ليييس إلييي ميين الميير شيييء فييي هييدايتكم ول‬
‫غوايتكم‪ ,‬بل المرجع في ذلك كله إلى الليه عيز وجيل‪ ,‬ثيم‬

‫‪818‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أخبر عن نفسييه أيضيا ً أنييه ل يجيييره ميين اللييه أحييد أي لييو‬
‫عصيته فإنه ل يقدر أحد على إنقاذي من عذابه }ولن أجييد‬
‫من دونه(ملتحدًا{ قال مجاهييد وقتييادة والسييدي‪ :‬ل ملجييأ‪.‬‬
‫وقال قتادة أيضا ً }قل إني لن يجيرني مين الليه أحيد ولين‬
‫أجد من دونه ملتحدًا{ أي ل نصير ول ملجأ وفييي رواييية‪ :‬ل‬
‫ولييييييييييييييييييييييييييييييي ول مييييييييييييييييييييييييييييييوئل‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬إل بلغا ً من الله ورسالته{ قييال بعضييهم‬
‫هو مستثنى ميين قييوله‪} :‬قييل إنييي ل أملييك لكييم ضييرا ً ول‬
‫رشدا ً إل بلغًا{ ويحتمل أن يكون استثناء من قييوله‪} :‬ليين‬
‫يجيرني ميين اللييه أحييد{ أي ل يجيرنييي منييه ويخلصييني إل‬
‫إبلغي الرسالة التي أوجب أداءها علي‪ ,‬كمييا قييال تعييالى‪:‬‬
‫}يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربيك وإن ليم تفعيل‬
‫فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس{ وقوله تعالى‪:‬‬
‫}ومن يعص الله ورسوله فإن له نييار جهنييم خالييدين فيهييا‬
‫أبدًا{ أي أناأبلغكم رسالة الله فميين يعييص بعييد ذلييك فلييه‬
‫جزاًء على ذلك نار جهنم‪ ,‬خالدين فيها أبدا ً أي ل محيد لهم‬
‫عنها ول خروج لهم منها‪ .‬وقيوله تعيالى‪} :‬حيتى إذ رأوا مييا‬
‫يوعدون فسيعلمون ميين أضييعف ناصييرا ً وأقييل عييددًا{ أي‬
‫حييتى إذا رأى هييؤلء المشييركون ميين الجيين والنييس مييا‬
‫يوعدون يوم القيامة‪ ,‬فسيعلمون يومئذمن أضييعف ناصييرا ً‬
‫وأقل عددًا‪ ,‬هم أم المؤمنون الموحدون لله تعالى‪ ,‬أي بييل‬
‫المشركون ل ناصر لهم بالكلية وهم أقل عييددا ً ميين جنييود‬
‫اللييييييييييييييييييييه عييييييييييييييييييييز وجييييييييييييييييييييل‪.‬‬

‫مييدا ً‬ ‫َ‬ ‫ل إن أ َدري أ َقَريب ما توعَدو َ‬


‫يأ َ‬ ‫ه َرب ّ َ‬‫ل لَ ُ‬‫جع َ ُ‬‫م يَ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ِ ٌ ّ ُ‬ ‫** قُ ْ ِ ْ ْ ِ َ‬
‫َ‬
‫ى‬‫ضيي َ‬ ‫ن اْرت َ َ‬ ‫حدا ً * إ ِل ّ َ‬
‫م ِ‬ ‫ى غَي ْب ِهِ أ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ب فَل َ ي ُظهُِر عَل َ‬ ‫م ال ْغَي ْ ِ‬‫عال ِ ُ‬
‫* َ‬
‫صييدا ً *‬ ‫خل ِْف يهِ َر َ‬ ‫ن َ‬‫مي ْ‬ ‫ن ي َيد َي ْهِ وَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫من ب َي ْ‬ ‫سل ُ ُ‬
‫ك ِ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ل فَإ ِن ّ ُ‬
‫سو ٍ‬ ‫من ّر ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫مييا َلييد َي ْهِ ْ‬ ‫ط بِ َ‬‫حييا َ‬ ‫م وَأ َ‬ ‫ت َرب ِّهيي ْ‬ ‫سييال َ ِ‬ ‫م أن َقييد ْ أب ْل َُغييوا ْ رِ َ‬ ‫ل ّي َعَْليي َ‬
‫ددا ً‬ ‫ل َ‬ ‫كيييييييييييي ّ‬ ‫ى ُ‬ ‫وأ َ‬
‫عيييييييييييي َ‬ ‫يٍء َ‬ ‫شيييييييييييي ْ‬ ‫َ‬ ‫صيييييييييييي‬ ‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى آمرا ً رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقييول‬
‫للناس إنه ل علم له بوقت الساعة ول يدري أقريب وقتهييا‬

‫‪819‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أم بعيد }قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي‬
‫لية الكريمة دليييل علييى‬ ‫أمدًا{ أي مدة طويلة‪ ,‬وفي هذه ا َ‬
‫أن الحديث الذي يتداوله كييثير ميين الجهليية ميين أنييه عليييه‬
‫الصلة والسلم ل يؤلييف تحييت الرض كييذب ل أصييل لييه‪,‬‬
‫ولم نره في شيء من الكتب‪ ,‬وقد كييان صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم يسأل عن وقت الساعة فل يجيب عنها‪ ,‬ولمييا تبييدى‬
‫له جبريل في صورة أعرابي كان فيمييا سييأله أن قييال‪ :‬يييا‬
‫محمد فأخبرني عن الساعة ؟ قييال‪» :‬مييا المسييؤول عنهييا‬
‫بييأعلم ميين السييائل« ولمييا نيياداه ذلييك العرابييي بصييوت‬
‫جهوري فقال‪ :‬يا محمد متى الساعة ؟ قييال‪» :‬ويحييك إنهييا‬
‫كائنة فما أعددت لها ؟« قال‪ :‬أمييا إنييي لييم أعييد لهييا كييثير‬
‫صلة ول صيام ولكني أحب الله ورسوله قال‪» :‬فأنت مييع‬
‫ميين أحببييت« قييال أنييس‪ :‬فمييا فييرح المسييلمون بشيييء‬
‫فرحهيييييييييييييييييم بهيييييييييييييييييذا الحيييييييييييييييييديث‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا محمييد بيين مضيياء‪,‬‬
‫حدثنا محمد بن حمير‪ ,‬حدثني أبو بكر بيين أبييي مريييم عيين‬
‫عطاء بن أبي رباح عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪» :‬يا بني آدم إن كنتم تعقلييون فعييدوا‬
‫أنفسكم ميين المييوتى‪ ,‬والييذي نفسييي بيييده إنمييا توعييدون‬
‫لت«‪ .‬وقد قال أبييو داود فييي آخيير كتيياب الملحييم‪ :‬حييدثنا‬ ‫َ‬
‫موسى بيين سييهل‪ ,‬حييدثنا حجيياج بيين إبراهيييم‪ ,‬حييدثنا ابيين‬
‫وهب‪ ,‬حدثني معاوية بن صالح عن عبد الرحمين بيين جييبير‬
‫عن أبيه عن أبييي ثعلبيية الخشييني قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليييه وسييلم‪» :‬ليين تعجييز اللييه هييذه الميية ميين‬
‫نصف يوم« انفرد به أبو داود ثم قال أبو داود‪ :‬حدثنا عمرو‬
‫بن عثمان‪ ,‬حدثنا أبو المغيرة‪ ,‬حدثني صييفوان عيين شييريح‬
‫بن عبيد عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم أنه قال‪» :‬إني لرجو أن ل تعجز أمتي عنييد ربهييا أن‬
‫يؤخرهم نصف يوم« قيل لسعد‪ :‬وكم نصييف يييوم ؟ قييال‪:‬‬
‫خمسيييييييمائة عيييييييام‪ .‬انفيييييييرد بيييييييه أبيييييييو داود‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬عالم الغيب فل يظهر علييى غيبييه أحييدا ً *‬
‫إل ميين ارتضييى ميين رسييول{ هييذه كقييوله تعييالى‪} :‬ول‬

‫‪820‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يحيطون بشيء من علمه إل بما شيياء{ وهكييذا قييال ههنييا‬
‫إنه يعلم الغيب والشهادة وأنه ل يطلع أحد من خلقه علييى‬
‫شيء من علمه إل ممييا أطلعييه تعييالى عليييه‪ ,‬ولهييذا قييال‪:‬‬
‫}عالم الغيب فل يظهر على غيبييه أحييدا ً * إل ميين ارتضييى‬
‫من رسول{ وهذا يعم الرسول الملكي والبشري‪ .‬ثم قييال‬
‫تعالى‪} :‬فإنه يسلك من بين يييديه وميين خلفييه رصييدًا{ أي‬
‫يخصه بمزيد معقبات من الملئكة يحفظونه من أميير اللييه‬
‫ويساوقونه على ما معه من وحي الله‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬ليعلم‬
‫أن قد أبلغوا رسالت ربهم وأحاط بما لديهم وأحصييى كييل‬
‫شيء عددًا{ وقد اختلف المفسرون في الضمير الذي في‬
‫قوله‪} :‬ليعلم{ إلى من يعود ؟ فقيل إنه عائد علييى النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ,‬وقال ابن جرييير‪ :‬حييدثنا ابيين حميييد‬
‫حدثنا يعقوب القمي عن جعفيير عيين سيعيد بيين جييبير فييي‬
‫قييوله‪} :‬عييالم الغيييب فل يظهيير علييى غيبييه أحييدا ً إل ميين‬
‫ارتضى من رسول فإنه يسلك ميين بييين يييديه وميين خلفييه‬
‫رصدًا{ قال‪ :‬أربعة حفظة من الملئكة مع جبريل }ليعلم{‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم }أن قد أبلغوا رسالت ربهييم‬
‫وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددًا{ ورواه ابن أبييي‬
‫حاتم من حديث يعقوب القمييي بييه‪ .‬وهكييذا رواه الضييحاك‬
‫والسييييييييدي ويزيييييييييد بيييييييين أبييييييييي حييييييييبيب‪.‬‬
‫وقال عبد الرزاق عيين معميير عيين قتييادة }ليعلييم أن قييد‬
‫أبلغوا رسالت ربهم{ قال‪ :‬ليعلم نبي الله أن الرسييل قييد‬
‫بّلغت عن الله وأن الملئكة حفظتهييا ودفعييت عنهييا‪ ,‬وكييذا‬
‫رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتييادة واختيياره ابيين جرييير‪,‬‬
‫وقيل غير ذلك كما رواه العوفي عن ابن عباس في قييوله‪:‬‬
‫}إل من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه وميين‬
‫خلفه رصدًا{ قييال‪ :‬هييي معقبييات ميين الملئكيية يحفظييون‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم من الشيطان حتى يتبين الذي‬
‫أرسل به إليهم‪ ,‬وذلك حين يقول ليعلم أهل الشرك أن قد‬
‫أبلغوا رسالت ربهم‪ .‬وكذا قال ابن أبي نجيييح عيين مجاهييد‬
‫}ليعلم أن قد أبلغوا رسالت ربهم{ قال‪ :‬ليعلم من كييذب‬
‫الرسل أن قد أبلغوا رسالت ربهم‪ ,‬وفي هذا نظيير‪ .‬وقييال‬

‫‪821‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫البغوي‪ :‬قرأ يعقوب }ليعلم{ بالضييم أي ليعلييم النيياس أن‬
‫الرسل قد أبلغوا‪ .‬ويحتمل أن يكون الضمير عائدا ً إلى الله‬
‫عز وجل‪ ,‬وهو قول حكيياه ابيين الجييوزي فييي زاد المسييير‪,‬‬
‫ويكون المعنى في ذلك أنه يحفظ رسله بملئكته ليتمكنييوا‬
‫من أداء رسالته ويحفظ ما ينزله إليهم من الييوحي ليعلييم‬
‫أن قد أبلغوا رسييالت ربهييم‪ ,‬ويكييون ذلييك كقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}ومييا جعلنييا القبليية الييتي كنييت عليهييا إل لنعلييم ميين يتبييع‬
‫الرسييول مميين ينقلييب علييى عقييبيه{ وكقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين{ إلى أمثال‬
‫ذلك من العلم بأنه تعالى يعلم الشياء قبل كونهيا قطعيا ً ل‬
‫محالة‪ ,‬ولهذا قال بعد هذا }وأحاط بما لديهم وأحصى كييل‬
‫شيء عددًا{‪ .‬آخر تفسير سورة الجن‪ ,‬ولله الحمد والمنة‪.‬‬

‫سورة المزمل‬
‫قال الحافظ أبو بكر بن عمييرو بيين عبييد الخييالق الييبزار‪:‬‬
‫حدثنا محمد بن موسى القطان الواسطي‪ ,‬حدثنا معلى بن‬
‫عبد الرحمن‪ ,‬حدثنا شييريك عيين عبييد اللييه بيين محمييد بيين‬
‫عقيييل عيين جييابر قييال‪ :‬اجتمعييت قريييش فييي دار النييدوة‬
‫فقالوا‪ :‬سموا هذا الرجل اسما ً يصيد النيياس عنيه‪ ,‬فقييالوا‪:‬‬
‫كاهن‪ .‬قييالوا‪ :‬ليييس بكيياهن‪ .‬قييالوا‪ :‬مجنييون‪ .‬قييالوا‪ :‬ليييس‬
‫بمجنييون‪ .‬قييالوا‪ :‬سيياحر‪ .‬قييالوا‪ :‬ليييس بسيياحر‪ ,‬فتفييرق‬
‫المشركون عليى ذليك فبليغ ذليك النيبي صيلى الليه علييه‬
‫وسلم فتزمييل فييي ثيييابه وتييدثر فيهييا‪ .‬فأتيياه جبريييل عليييه‬
‫السلم فقال‪} :‬يا أيها المزمل{ }يا أيها المدثر{ ثييم قييال‬
‫البزار‪ :‬معلى بن عبد الرحمن قييد حيدث عنيه جماعية ميين‬
‫أهل العلييم واحتملييوا حييديثه لكنييه تفييرد بأحيياديث ل يتييابع‬
‫عليهيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييا‪.‬‬

‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫‪822‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ص‬ ‫ل إل ّ قَِليل ً * نص يَف َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫** يأ َ‬
‫ه أوِ انُق ي ْ‬ ‫ّ ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫*‬ ‫ل‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫ز‬‫ّ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ها‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫س ين ُل ِْقي‬ ‫َ‬
‫ن ت َيْرِتيل ً * إ ِن ّييا َ‬ ‫ل ال ُْقْرآ َ‬ ‫ِ‬ ‫ه قَِليل ً * أوْ زِد ْ عَل َي ْهِ وََرت ّ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫م‬‫شيد ّ وَط ْيأ وَأقْيوَ ُ‬ ‫يأ َ‬‫ل هِي َ‬ ‫ة الل ّي ْي ِ‬ ‫شئ َ َ‬ ‫ن َنا ِ‬ ‫ك قَوْل ً ث َِقيل ً * إ ِ ّ‬ ‫عَل َي ْ َ‬
‫ك‬ ‫م َرب ّي َ‬‫سي َ‬ ‫ويل ً * َواذ ْك ُيرِ ا ْ‬ ‫حا ً ط َ ِ‬‫سب ْ َ‬ ‫ك ِفي الن َّهارِ َ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫ِقيل ً * إ ِ ّ‬
‫ه إ ِل ّ هُ ي َ‬
‫و‬ ‫ب ل َ إ َِلـ ي َ‬ ‫ق َوال ْ َ‬
‫مغْ يرِ ِ‬ ‫ش يرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ل إ ِل َي ْهِ ت َب ِْتيل ً * ّر ّ‬ ‫وَت َب َت ّ ْ‬
‫كيل ً‬
‫خيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييذ ْهُ وَ ِ‬ ‫َفات ّ ِ‬
‫يييأمر تعييالى رسييوله صييلى اللييه عليييه وسييلم أن يييترك‬
‫التزمل وهو التغطي في الليل وينهض إلى القيام لربه عييز‬
‫وجييل كمييا قييال تعييالى‪} :‬تتجييافى جنييوبهم عيين المضيياجع‬
‫يدعون ربهم خوفا ً وطمعا ً ومما رزقناهم ينفقون{ وكييذلك‬
‫كان صلى الله عليه وسلم ممتثل ً ما أمييره اللييه تعييالى بييه‬
‫من قيام الليل‪ ,‬وقد كان واجبا ً عليه وحده كما قال تعالى‪:‬‬
‫}ومن اللييل فتهجيد بيه نافلية ليك عسيى أن يبعثيك ربيك‬
‫مقاما ً محمودًا{ وههنا بّين له مقدار ما يقوم فقال تعييالى‪:‬‬
‫ل{ قييال ابيين عبيياس‬ ‫}يا أيهييا المزمييل * قييم الليييل إل قلي ً‬
‫والضحاك والسدي }يا أيها المزمل{ يعني يييا أيهييا النييائم‪.‬‬
‫وقال قتيادة‪ :‬المزميل فيي ثييابه‪ .‬وقيال إبراهييم النخعيي‪:‬‬
‫نزلت وهييو متزمييل بقطيفية‪ ,‬وقييال شييبيب بيين بشيير عيين‬
‫عكرمة عن ابن عباس }يا أيها المزمييل{ قييال‪ :‬يييا محمييد‬
‫زملت القرآن وقوله تعالى‪} :‬نصفه{ بييدل ميين الليييل }أو‬
‫انقص منه قليل ً * أو زد عليه{ أي أمرناك أن تقييوم نصييف‬
‫الليل بزيادة قليلة أو نقصان قليل لحرج عليك فييي ذلييك‪.‬‬
‫ل{ أي اقرأه على تمهل‬ ‫وقوله تعالى‪} :‬ورتل القرآن ترتي ً‬
‫فإنه يكون عونا ً على فهم القرآن وتدبره‪ .‬وكذلك كان يقرأ‬
‫صلوات الله وسلمه عليه‪ ,‬قالت عائشة رضي اللييه عنهييا‪:‬‬
‫كان يقرأ السورة فيرتلهييا حييتى تكييون أطييول ميين أطييول‬
‫منها‪ .‬وفي صحيح البخاري عن أنس أنه سييئل عيين قييراءة‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‪ :‬كانت مدا ً ثم قييرأ‬
‫}بسم الله الرحمن الرحيم{ يمد بسم الله ويمد الرحميين‬
‫ويمد الرحيم‪ .‬وقال ابن جريج عن ابن أبييي مليكيية عيين أم‬
‫سلمة رضي الله عنها أنها سئلت عيين قييراءة رسييول الليه‬
‫صلى الله عليه وسلم فقالت‪ :‬كان يقطييع قراءتييه آييية آييية‬

‫‪823‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫}بسم الله الرحمن الرحيييم * الحمييد للييه رب العييالمين *‬
‫الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين{ رواه أحمييد وأبييو داود‬
‫والترمذي‪ .‬وقييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا عبييد الرحميين عيين‬
‫سفيان عن عاصم عيين ذر عيين عبييد اللييه بيين عمييرو عيين‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قييال‪ :‬يقييال لقييارىء القييرآن‪:‬‬
‫اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند‬
‫آخر آية تقرؤها« ورواه أبو داود والترمييذي والنسييائي ميين‬
‫حديث سفيان الثوري به‪ ,‬وقييال الترمييذي‪ :‬حسيين صييحيح‪.‬‬
‫وقييد قييدمنا فييي أول التفسييير الحيياديث الداليية علييى‬
‫استحباب الترتيل وتحسين الصوت بالقراءة كمييا جيياء فييي‬
‫الحديث »زينوا القرآن بأصييواتكم« و »ليييس منييا ميين لييم‬
‫يتغن بالقرآن« و »لقد أوتي هييذا مزمييارا ً ميين مزامييير آل‬
‫داود« يعني أبا موسى‪ ,‬فقال أبييو موسييى‪ :‬لييو كنييت أعلييم‬
‫أنك كنييت تسييمع قراءتييي لحييبرته لييك تحييبيرًا‪ :‬وعيين ابيين‬
‫مسعود أنه قال‪ :‬ل تنثروه نثر الرمل ول تهذوه هذ ّ الشييعر‪,‬‬
‫قفوا عند عجائبه وحركوا به القلييوب ول يكيين هييم أحييدكم‬
‫آخيير السييورة‪ ,‬رواه البغييوي‪ .‬وقييال البخيياري‪ :‬حييدثنا آدم‪,‬‬
‫حدثنا شعبة حدثنا عمرو بن مييرة‪ :‬سييمعت أبييا وائل قييال‪:‬‬
‫جاء رجل إلى ابن مسعود فقال‪ :‬قرأت المفصل الليلة في‬
‫ركعة‪ .‬فقال هذا ً كهذ الشعر لقد عرفت النظائر التي كييان‬
‫رسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم يقييرن بينهيين‪ ,‬فييذكر‬
‫عشرين سورة من المفصييل سييورتين فييي ركعيية‪ .‬وقييوله‬
‫ل{ قال الحسن وقتييادة‪:‬‬ ‫تعالى‪} :‬إنا سنلقي عليك قول ً ثقي ً‬
‫أي العمل به وقيل‪ :‬ثقيييل وقييت نزولييه ميين عظمتييه‪ ,‬كمييا‬
‫قال زيد بن ثابت رضي الله عنه‪ :‬أنييزل علييى رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم وفخذه علييى فخييذي فكييادت تييرض‬
‫فخييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييذي‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا قتيبة‪ ,‬حدثنا ابن لهيعة عن يزيد‬
‫بن أبي حبيب عن عمرو بن الوليد عن عبد الله بيين عمييرو‬
‫قال‪ :‬سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت‪ :‬يا رسييول‬
‫الله هل تحس بالوحي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليييه‬
‫وسلم‪» :‬أسمع صلصل ثم أسكت عند ذلك فما ميين مييرة‬

‫‪824‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يوحى إلي إل ظننييت أن نفسييي تقبييض« تفييرد بييه أحمييد‪.‬‬
‫وفي أول صحيح البخيياري عين عبييد الليه بين يوسيف عين‬
‫مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي اللييه عنهييا‪ :‬أن‬
‫الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫كيف يأتيك الوحي ؟ فقال‪» :‬أحيانا ً يأتي في مثييل صلصييلة‬
‫الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيييت عنييه مييا‬
‫قال‪ ,‬وأحيان يا ً يتمثييل لييي الملييك رجل ً فيكلمنييي فييأعي مييا‬
‫يقول« قالت عائشة‪ :‬ولقد رأيته ينزل عليييه الييوحي صييلى‬
‫الله عليه وسلم في اليوم الشديد الييبرد فيفصييم عنييه وإن‬
‫جبينه ليتفصد عرقًا‪ ,‬هذا لفظه‪ .‬وقال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا‬
‫سليمان بن داود‪ ,‬أخبرنا عبد الرحمن عن هشام بن عييروة‬
‫عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬إن كان ليييوحى‬
‫إلى رسول الله صلى الله عليه وسييلم وهييو علييى راحلتييه‬
‫فتضرب بجرانها‪ ,‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا ابيين عبييد العلييى‪,‬‬
‫حدثنا ابن ثور عن معمر عن هشام بن عروة عيين أبيييه أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إلييه وهيو عليى‬
‫ناقته وضعت جرانها‪ ,‬فما تستطيع أن تحييرك حييتى يسييرى‬
‫عنه وهذا مرسل‪ ,‬الجييران هييو بيياطن العنييق‪ ,‬واختييار ابيين‬
‫جرير أنه ثقيل من الوجهين معًا‪ ,‬كما قال عبد الرحمن بيين‬
‫زيد بن أسلم‪ ,‬كما ثقل فييي الييدنيا ثقييل يييوم القياميية فييي‬
‫المييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييوازين‪.‬‬
‫وقوله تعييالى‪} :‬إن ناشييئة الليييل هييي أشييد وطيأ ً وأقييوم‬
‫ل{ قال أبو إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابيين عبيياس‪:‬‬ ‫قي ً‬
‫نشأ‪ ,‬قام بالحبشية‪ ,‬وقال عمر وابن عبيياس وابيين الزبييير‪:‬‬
‫الليل كله ناشئة‪ ,‬وكذا قال مجاهد وغير واحييد‪ ,‬يقييال نشييأ‬
‫إذا قام من الليل وفي رواية عن مجاهد‪ :‬بعد العشاء‪ ,‬وكذا‬
‫قييال أبييو مجلييز وقتييادة وسييالم وأبييو حييازم ومحمييد بيين‬
‫المنكدر‪ :‬والغييرض أن ناشييئة الليييل هييي سيياعاته وأوقيياته‬
‫لنييات‪ ,‬والمقصييود أن‬ ‫وكل ساعة منه تسمى ناشئة وهي ا َ‬
‫قيام الليل هو أشد مواطييأة بييين القلييب واللسييان وأجمييع‬
‫على التلوة‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى‪} :‬هييي أشييد وطيأ ً وأقييوم‬
‫ل{ أي أجمع للخاطر في أداء القراءة وتفهمها من قيييام‬ ‫قي ً‬

‫‪825‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫النهار‪ ,‬لنه وقت انتشييار النيياس ولغييط الصييوات وأوقييات‬
‫المعاش‪ ,‬وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي‪ :‬حدثنا إبراهيييم‬
‫بن سعيد الجوهري‪ ,‬حدثنا أبو أسييامة‪ ,‬حييدثنا العمييش أن‬
‫لييية }إن ناشييئة الليييل هييي أشييد‬ ‫أنس بن مالك قرأ هذه ا َ‬
‫ل‪,‬‬‫ل{ فقال له رجل‪ :‬إنما نقرؤها وأقييوم قي ً‬ ‫وطأ ً وأصوب قي ً‬
‫فقييال لييه‪ :‬إن أصييوب وأقييوم وأهيييأ وأشييباه هييذا واحييد‪.‬‬
‫ل{ قييال‬ ‫ولهذا قال تعالى‪} :‬إن لك في النهار سبحا ً طييوي ً‬
‫ابن عباس وعكرمة وعطاء بن أبي مسلم‪ :‬الفراغ والنييوم‪,‬‬
‫وقال أبو العالية ومجاهييد وأبييو مالييك والضييحاك والحسيين‬
‫ل‪.‬‬ ‫وقتادة والربيع بيين أنييس وسييفيان الثييوري‪ :‬فراغيا ً طييوي ً‬
‫وقال قتادة‪ :‬فراغا ً وبغييية ومتقلبيًا‪ .‬وقييال السييدي }سييبحا ً‬
‫ل{ تطوعا ً كثيرًا‪ .‬وقال عبد الرحمن بن زيد بيين أسييلم‬ ‫طوي ً‬
‫ل{ قييال‪:‬‬ ‫في قوله تعالى‪} :‬إن لك فييي النهييار سييبحا ً طييوي ً‬
‫لحوائجك فأفرغ لدينك الليل‪ ,‬قال وهذا حييين كييانت صييلة‬
‫ن علييى عبيياده‬ ‫الليل فريضة ثم إن اللييه تبييارك وتعييالى م ي ّ‬
‫لييية‬ ‫ل{ إلييى آخيير ا َ‬‫فخففها ووضعها وقرأ }قم الليل إل قلي ً‬
‫ثم قرأ }إن ربييك يعلييم أنييك تقييوم أدنييى ميين ثلييثي الليييل‬
‫ونصفه ي حتى بلغ ي فاقرؤوا ما تيسيير منييه{ وقييال تعييالى‪:‬‬
‫}ومن اللييل فتهجيد بيه نافلية ليك عسيى أن يبعثيك ربيك‬
‫مقامييييا ً محمييييودًا{ وهييييذا الييييذي قيييياله كمييييا قيييياله‪.‬‬
‫والدليل عليه ما رواه المام أحمد في مسنده حيث قال‪:‬‬
‫حدثنا يحيى‪ ,‬حدثنا سعيد وهو ابيين أبييي عروبيية عيين قتييادة‬
‫عن زرارة بن أوفى‪ ,‬عن سعيد بن هشام أنه طلق امرأتييه‬
‫ثم ارتحل إلييى المدينيية ليييبيع عقييارا ً لييه بهييا‪ ,‬ويجعلييه فييي‬
‫الكراع والسلح ثم يجاهد الروم حتى يموت‪ ,‬فلقي رهطييا ً‬
‫من قومه فحييدثوه أن رهطيا ً ميين قييومه سييتة أرادوا ذلييك‬
‫على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‪» :‬أليس‬
‫ي أسوة حسنة ؟« فنهاهم عن ذلك فأشهدهم علييى‬ ‫لكم ف ّ‬
‫رجعتها‪ ,‬ثم رجع إلينا فأخبرنا أنييه أتييى ابيين عبيياس فسييأله‬
‫عن الوتر فقال‪ :‬أل أنبئك بييأعلم أهييل الرض بييوتر رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال نعييم‪ ,‬قييال‪ :‬ائت عائشيية‬
‫ي فييأخبرني بردهييا عليييك‪ .‬قييال‪ :‬فييأتيت‬ ‫فسلها ثم ارجع إل ّ‬

‫‪826‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫على حكيم بن أفلح فاستلحقته إليها فقال‪ :‬مييا أنييا بقاربهييا‬
‫إني نهيتها أن تقول في هاتين الشيعتين شيئا ً فأبت فيها إل‬
‫مضيًا‪ ,‬فأقسمت عليييه فجيياء معييي فييدخلنا عليهييا فقييالت‪:‬‬
‫حكيم وعرفته قال‪ :‬نعم‪ .‬قالت‪ :‬من هذا الذي معك ؟ قال‪:‬‬
‫سعيد بن هشييام‪ .‬قييالت‪ :‬ميين هشييام ؟ قييال‪ :‬ابيين عييامر‪.‬‬
‫قالت‪ :‬فترحمت عليه وقالت‪ :‬نعم المرء كان عامرًا‪ .‬قلت‪:‬‬
‫يا أم المؤمنين أنبئيني عيين خل ُييق رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم ؟ قييالت‪ :‬ألسييت تقييرأ القييرآن ؟ قلييت‪ :‬بلييى‪.‬‬
‫قالت‪ :‬فإن خُلق رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم كييان‬
‫القرآن‪ ,‬فهممت أن أقوم ثم بدا لي قيام رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ,‬قلت‪ :‬يييا أم المييؤمنين أنييبئيني عيين قيييام‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ .‬قالت‪ :‬ألست تقرأ هذه‬
‫السورة }يا أيها المزمل{ ؟ قلت‪ :‬بلييى‪ .‬قييالت‪ :‬فييإن اللييه‬
‫افترض قيام الليل في أول هذه السورة‪ ,‬فقام رسول الله‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم وأصييحابه حييول ً حييتى انتفخييت‬
‫أقدامهم‪ ,‬وأمسيك الليه خاتمتهييا فييي السييماء اثنييي عشيير‬
‫شهرًا‪ ,‬ثم أنزل الله التخفيف في آخر هذه السييورة فصييار‬
‫قيييييييام الليييييييل تطوعييييييا ً ميييييين بعييييييد فريضيييييية‪.‬‬
‫فهممت أن أقوم ثم بدا لي وتر رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم فقلت‪ :‬يا أم المؤمنين أنبئيني عن وتيير رسييول‬
‫الليه صيلى الليه علييه وسيلم قيالت‪ :‬كنيا نعيد ليه سيواكه‬
‫وطهوره فيبعثه الله لما شاء أن يبعثه من الليييل فيتسييوك‬
‫ثم يتوضأ ثم يصلي ثمان ركعات ول يجلييس فيهيين إل عنييد‬
‫الثامنة‪ ,‬فيجلس ويذكر ربييه تعييالى ويييدعو ثييم ينهييض ومييا‬
‫يسلم‪ ,‬ثم يقول ليصلي التاسعة ثم يقعد فيذكر الله وحييده‬
‫ثم يدعوه ثم يسلم تسليما ً يسمعنا‪ ,‬ثم يصلي ركعتين وهو‬
‫جالس بعد ما يسلم‪ ,‬فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني‪ ,‬فلما‬
‫أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذه اللحم أوتيير‬
‫بسبع ثم صلى ركعتين وهو جالس بعد ما يسلم فتلك تسع‬
‫يا بني‪ ,‬وكان رسول الله صلى الله عليييه وسييلم إذا صييلى‬
‫صلة أحب أن يداوم عليها‪ ,‬وكان إذا شغله عن قيام الليييل‬
‫نوم أو وجع أومرض صلى من النهييار ثنييتي عشييرة ركعيية‪,‬‬

‫‪827‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ول أعلم نبي الله صلى الله عليه وسييلم قييرأ القييرآن كلييه‬
‫في ليلة حييتى أصييبح ول صييام شييهرا ً كييامل ً غييير رمضييان‪.‬‬
‫فأتيت ابن عباس فحدثته بحييديثها فقييال‪ :‬صييدقت أمييا لييو‬
‫كنت أدخيل عليهيا لتيتهيا حيتى تشيافهني مشيافهة‪ ,‬هكيذا‬
‫رواه المام أحمد بتمامه وقد أخرجه مسييلم فييي صييحيحه‬
‫ميييييييييييين حييييييييييييديث قتييييييييييييادة بنحييييييييييييوه‪.‬‬
‫)طريييق أخييرى عيين عائشيية رضييي اللييه عنهييا فييي هييذا‬
‫المعنى( قال ابن جريير‪ :‬حيدثنا ابين وكييع‪ ,‬حيدثنا زييد بين‬
‫الحبيياب‪ ,‬وحييدثنا ابيين حميييد‪ ,‬حييدثنا مهييران قييال جميع يًا‪,‬‬
‫واللفظ لبن وكيع عن موسى بن عبيدة‪ ,‬حدثني محمد بيين‬
‫طحلء عن أبي سلمة عن عائشة رضي اللييه عنهييا قييالت‪:‬‬
‫كنت أجعل لرسول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم حصيييرا ً‬
‫يصلي عليه من الليل فتسامع الناس بييه فيياجتمعوا فخييرج‬
‫كالمغضب‪ ,‬وكان بهم رحيمًا‪ ,‬فخشي أن يكتب عليهم قيام‬
‫الليل فقال‪» :‬أيها الناس اكلفوا من العمييال مييا تطيقييون‬
‫فإن الله ل يمل من الثواب حتى تملييوا ميين العمييل وخييير‬
‫العمال ما ديم عليه« ونزل القرآن }يا أيهييا المزمييل قييم‬
‫الليل إل قليل ً * نصييفه أو انقييص منييه قليل ً * أو زد عليييه{‬
‫حتى كان الرجل يربط الحبل ويتعلق‪ ,‬فمكثوا بذلك ثمانييية‬
‫أشهر فرأى الله ما يبتغون من رضييوانه فرحمهييم فردهييم‬
‫إلى الفريضة وترك قيام الليل‪ .‬ورواه ابيين أبييي حيياتم ميين‬
‫طريق موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف‪ ,‬والحديث في‬
‫الصحيح بدون زيادة نزول هذه السورة وهييذا السييياق قييد‬
‫يوهم أن نزول هذه السورة بالمدينة وليييس كييذلك‪ ,‬وإنمييا‬
‫هييي مكييية وقييوله فييي هييذا السييياق إن بييين نييزول أولهييا‬
‫وآخرها ثمانية أشهر غريب‪ ,‬فقد تقدم في رواية أحمد أنييه‬
‫كيييييييييييييييييييان بينهميييييييييييييييييييا سييييييييييييييييييينة‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبييو سييعيد الشييج‪ ,‬حييدثنا أبييو‬
‫أسامة عن مسعر عن سماك الحنفي‪ ,‬سمعت ابن عبيياس‬
‫يقول‪ :‬أول ما نزل أول المزمييل كييانوا يقومييون نحييوا ً ميين‬
‫قيامهم في شهر رمضان‪ ,‬وكان بين أولهييا وآخرهييا قريييب‬
‫من سنة‪ ,‬وهكذا رواه ابن جرير عن أبييي كريييب عيين أبييي‬

‫‪828‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أسييامة بييه‪ ,‬وقييال الثييوري ومحمييد بيين بشيير العبييدي‪,‬‬
‫كلهماعن مسعر عن سماك عين ابين عبياس كيان بينهميا‬
‫سيينة‪ ,‬وروى ابيين جرييير عيين أبييي كريييب عيين وكيييع عيين‬
‫إسرائيل عن سييماك عين عكرميية عين ابيين عبياس مثليه‪.‬‬
‫وقال ابيين جرييير‪ :‬حييدثنا ابيين حميييد‪ ,‬حييدثنا مهييران عيين‬
‫سفيان عن قيس بن وهب عن أبي عبد الرحمن قال‪ :‬لمييا‬
‫نزلت }يا أيها المزمل{ قاموا حول ً حتى ورمت أقدامهم و‬
‫سييوقهم حييتى نزلييت }فيياقرءوا مييا تيسيير منييه{ قييال‪:‬‬
‫فاسييتراح النيياس‪ .‬وكييذا قييال الحسيين البصييري والسييدي‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبو زرعة‪ ,‬حييدثنا عبيييد اللييه بيين‬
‫عمر القواريري‪ ,‬حييدثنا معيياذ بيين هشييام‪ ,‬حييدثنا أبييي عيين‬
‫قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعيد بن هشام قال‪ :‬فقلت‬
‫يعني لعائشة أخبرينا عن قيام رسول الله صلى الله عليييه‬
‫وسلم‪ .‬قالت‪ :‬ألست تقرأ }يييا أيهييا المزمييل{ قلييت بلييى‪,‬‬
‫قالت‪ :‬فإنها كانت قيام رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‬
‫وأصحابه حتى انتفخت أقدامهم وحبس آخرها في السييماء‬
‫ستة عشر شهرا ً ثييم نييزل‪ ,‬وقييال معميير عيين قتييادة }قييم‬
‫ل{ قاموا حول ً أو حولين حتى انتفخت سوقهم‬ ‫الليل إل قلي ً‬
‫وأقدامهم‪ ,‬فأنزل الله تخفيفها بعد في آخر السورة‪ .‬وقييال‬
‫ابن جرير‪ :‬حدثنا ابن حميد حدثنا يعقوب القمي عن جعفيير‬
‫عن سعيد هو ابن جبير قال‪ :‬لما أنزل الله تعالى على نبيه‬
‫صلى الله عليه وسلم }يا أيها المزمل{ قال‪ :‬مكث النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم على هذه الحال عشيير سيينين يقييوم‬
‫الليل كما أمره‪ ,‬وكانت طائفة ميين أصييحابه يقومييون معييه‬
‫فأنزل الله تعالى عليه بعد عشر سنين }إن ربك يعلم أنك‬
‫تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الييذين‬
‫معك ي إلى قيوله يي وأقيميوا الصيلة{ فخفيف الليه تعيالى‬
‫عنهم بعد عشر سنين‪ ,‬ورواه ابن أبي حاتم عيين أبيييه عيين‬
‫عميييييرو بييييين رافيييييع عييييين يعقيييييوب القميييييي بيييييه‪.‬‬
‫وقال علييي بيين أبييي طلحيية عيين ابيين عبيياس فييي قييوله‬
‫ل{‬‫تعالى‪} :‬قييم الليييل إل قليل ً * نصييفه أو انقييص منييه قلي ً‬
‫فشق ذلييك علييى المييؤمنين ثييم خفييف اللييه تعييالى عنهييم‬

‫‪829‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ورحمهم فأنزل بعد هذا }علييم أن سيييكون منكييم مرضييى‬
‫وآخرون يضربون في الرض يبتغون من فضل الله ييي إلييى‬
‫قوله تعالى ي فاقرءوا ما تيسر منه{ فوسع الله تعالى وليه‬
‫الحمد ولم يضيق‪ ,‬وقوله تعالى‪} :‬واذكر اسييم ربييك وتبتييل‬
‫ل{ أي أكثر من ذكره وانقطع إليييه وتفييرغ لعبييادته‬ ‫إليه تبتي ً‬
‫إذا فرغت من أشغالك وما تحتاج إليه من أمور دنياك كمييا‬
‫قييال تعييالى‪} :‬فييإذا فرغييت فانصييب{ أي إذا فرغييت ميين‬
‫أشغالك فانصب في طيياعته وعبييادته لتكييون فييارغ البييال‪,‬‬
‫قاله ابن زيد بمعناه أو قريب منه‪ ,‬قال ابن عباس ومجاهد‬
‫ل{‬‫وأبو صالح وعطية والضحاك والسدي }وتبتل إليييه تبييتي ً‬
‫أي أخلص لييه العبييادة‪ ,‬وقييال الحسيين‪ :‬اجتهييد وأبتييل إليييه‬
‫نفسك‪ .‬وقال ابن جرير‪ :‬يقال للعابد متبتل‪ ,‬ومنييه الحييديث‬
‫المروي‪ :‬نهى عن التبتل يعني النقطاع إلى العبيادة وتيرك‬
‫التزوج‪ .‬وقوله تعيالى‪} :‬رب المشيرق والمغيرب ل إليه إل‬
‫ل{ أي هو المالك المتصرف فييي المشييارق‬ ‫هو فاتخذه وكي ً‬
‫والمغارب الذي ل إله إل هو‪ ,‬وكما أفردته بالعبادة فييأفرده‬
‫ليية الخييرى‪:‬‬ ‫بالتوكل فاتخذه وكيل ً كمييا قيال تعيالى فيي ا َ‬
‫}فاعبييده وتوكييل عليييه{ وكقييوله‪} :‬إييياك نعبييد وإييياك‬
‫نستعين{ وآيات كثيرة في هذا المعنيى فيهيا الميير بيإفراد‬
‫العبييييادة والطاعيييية لليييه وتخصيصييييه بالتوكييييل عليييييه‪.‬‬

‫ميل ً * وَذ َْرِني‬ ‫ج ِ‬ ‫جرا ً َ‬ ‫م هَ ْ‬ ‫جْرهُ ْ‬ ‫ن َواهْ ُ‬ ‫ما ي َُقوُلو َ‬ ‫ى َ‬ ‫َ‬


‫صب ِْر عَل َ‬ ‫** َوا ْ‬
‫َ‬
‫ن ل َيد َي َْنآ أنك َييال ً‬ ‫ُ‬
‫م قَِليل ً * إ ِ ّ‬ ‫مهّل ْهُ ي ْ‬ ‫م ية ِ و َ َ‬ ‫ن أوْل ِييي الن ّعْ َ‬ ‫مك َذ ِّبي َ‬ ‫َوال ْ ُ‬
‫َ‬
‫ف‬ ‫جي ُ‬ ‫ذابا ً أِليميا ً * ي َيوْ َ‬
‫م ت َْر ُ‬ ‫صيةٍ وَعَي َ‬ ‫ذا غُ ّ‬ ‫حيما ً * وَط ََعام يا ً َ‬ ‫ج ِ‬ ‫وَ َ‬
‫س يل َْنآ‬ ‫َ‬
‫مِهيل ً * إ ِن ّييآ أْر َ‬ ‫ل ك َِثيب يا ً ّ‬ ‫جب َييا ُ‬ ‫ت ال ْ ِ‬ ‫ل وَك َييان َ ِ‬ ‫جب َييا ُ‬ ‫ض َوال ْ ِ‬ ‫الْر ُ‬
‫سييول ً‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ى فِْرعَوْ َ‬ ‫َ‬ ‫مآ أ َْر َ ْ‬ ‫م كَ َ‬ ‫هدا ً عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫سول ً َ‬ ‫إ ِل َي ْك ُ ْ‬
‫سلَنآ َإ ِل َ‬ ‫* فَعصى فرعون الرسييو َ َ‬
‫شا ِ‬ ‫م َر ُ‬
‫ف‬‫خييذا ً وَِبيل ً * فَك َي ْي َ‬ ‫خ يذ َْناهُ أ ْ‬ ‫ل فَأ َ‬ ‫َ َ َ ِ ْ َ ْ ُ ّ ُ‬
‫مآءُ‬ ‫سي َ‬ ‫شيييبا ً * ال ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫دا َ‬ ‫ل ال ْوِل ْي َ‬ ‫جع َ ي ُ‬‫وم يا ً ي َ ْ‬ ‫ن ِإن ك ََفْرت ُي ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫ت َت ُّقييو َ‬
‫مْفُعييييييييول ً‬ ‫عييييييييد ُهُ َ‬ ‫ن وَ ْ‬ ‫كييييييييا َ‬ ‫طييييييييٌر ِبييييييييهِ َ‬ ‫منَف ِ‬ ‫ُ‬
‫يقول تعالى آمرا ً رسوله صلى الليه علييه وسيلم بالصيبر‬
‫على ما يقوله من كذبه ميين سييفهاء قييومه‪ ,‬وأن يهجرهييم‬

‫‪830‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هجرا ً جميل ً وهو الييذي ل عتيياب معييه ثييم قييال لييه متهييددا ً‬
‫لكفار قومه ومتوعدًا‪ ,‬وهييو العظيييم الييذي ل يقييوم لغضييبه‬
‫شيييء }وذرنييي والمكييذبين أولييي النعميية{ أي دعنييي‬
‫والمكذبين المترفين أصحاب الموال فإنهم علييى الطاعيية‬
‫أقدر من غيرهم وهم يطالبون من الحقوق بما ليييس عنييد‬
‫ل{ أي رويدا ً كما قال تعالى‪} :‬نمتعهم‬ ‫غيرهم }ومهلهم قلي ً‬
‫قليل ً ثم نضطرهم إلييى عييذاب غليييظ{‪ ,‬ولهييذا قييال ههنييا‪:‬‬
‫ل{ وهي القيود‪ ,‬قيياله ابيين عبيياس وعكرميية‬ ‫}إن لدينا أنكا ً‬
‫وطاوس ومحمد بن كعب وعبد الله بن بريدة وأبو عمييران‬
‫الجييوني وأبييو مجلييز والضييحاك وحميياد بيين أبييي سييليمان‬
‫وقتييادة والسييدي وابيين المبييارك والثييوري وغييير واحييد‬
‫}وجحيمًا{ وهي السعير المضييطرمة }وطعام يا ً ذا غصيية{‬
‫قال ابن عبيياس‪ :‬ينشييب فييي الحلييق فل يييدخل ول يخييرج‬
‫}وعذابا ً أليميا ً * يييوم ترجييف الرض والجبييال{ أي تزلييزل‬
‫ل{ أي تصير ككثبييان الرمييل بعييد‬ ‫}وكانت الجبال كثيبا ً مهي ً‬
‫ما كانت حجارة صماء ثم إنها تنسف نسفا ً فل يبقييى منهييا‬
‫شيء إل ذهب حتى تصير الرض قاعا ً صفصفا ً ل ترى فيها‬
‫عوجا ً أي واديا ً ول أمنا ً أي رابية‪ ,‬ومعنيياه ل شيييء ينخفييض‬
‫ول شيييء يرتفييع‪ ,‬ثييم قييال تعييالى مخاطبيا ً لكفييار قريييش‬
‫والمراد سيائر النياس‪} :‬إنييا أرسيلنا إليكييم رسييول ً شياهدا ً‬
‫عليكم{ أي بأعمالكم }كما أرسلنا إلييى فرعييون رسييول ً *‬
‫ل{ قييال ابيين‬ ‫فعصييى فرعييون الرسييول فأخييذناه أخييذا ً وبي ً‬
‫ل{ أي‬ ‫عباس ومجاهد وقتادة والسدي والثييوري }أخييذا ً وبي ً‬
‫شديدا ً أي فاحذروا أنتم أن تكذبوا هذا الرسييول فيصيييبكم‬
‫ما أصاب فرعون حيث أخذه اللييه أخييذ عزيييز مقتييدر كمييا‬
‫لخرة والولى{ وأنتم أولى‬ ‫قال تعالى‪} :‬فأخذه الله نكال ا َ‬
‫بالهلك والدمار إن كذبتم رسولكم‪ ,‬لن رسييولكم أشييرف‬
‫وأعظم من موسى بيين عمييران‪ ,‬ويييروى عيين ابيين عبيياس‬
‫ومجاهييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييد‪.‬‬
‫وقييوله تعييالى‪} :‬فكيييف تتقييون إن كفرتييم يوم يا ً يجعييل‬
‫الولدان شيبًا{ يحتمل أن يكون يوميا ً معمييول ً لتتقييون كمييا‬
‫حكاه ابن جرير عن قراءة ابن مسعود فكيف تخافون أيهييا‬

‫‪831‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫النيياس يوم يا ً يجعييل الولييدان شيييبا ً إن كفرتييم بييالله ولييم‬
‫تصدقوا به ؟ ويحتمل أن يكون معمول ً لكفرتم فعلى الول‬
‫كيف يحصل لكييم أمييان ميين يييوم هييذا الفييزع العظيييم إن‬
‫كفرتم‪ ,‬وعلى الثاني كيييف يحصييل لكييم تقييوى إن كفرتييم‬
‫يوم القيامة وجحدتموه‪ ,‬وكلهما معنى حسن‪ ,‬ولكيين الول‬
‫أولى والله أعلم‪ .‬ومعنى قوله }يوما ً يجعل الولدان شيبًا{‬
‫أي من شدة أهواله وزلزله وبلبله‪ ,‬وذلك حين يقييول اللييه‬
‫لدم ابعث بعث النار فيقول من كم‪ .‬فيقول من كل‬ ‫تعالى َ‬
‫ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة‪.‬‬
‫قال الطبراني‪ :‬حدثنا يحيى بن أيييوب العلف حييدثنا سييعيد‬
‫بن أبي مريم حدثنا نافع بن يزيد‪ ,‬حدثنا عثمييان بيين عطيياء‬
‫الخراساني عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس رضي اللييه‬
‫عنهما أن رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم قييرأ }يوم يا ً‬
‫يجعل الولدان شيبًا{ قال‪» :‬ذلك يييوم القياميية وذلييك يييوم‬
‫لدم قم فابعث من ذريتك بعثيا ً إليى النيار‪ ,‬قيال‬ ‫يقول الله َ‬
‫ميين كييم يييا رب ؟ قييال ميين كييل ألييف تسييعمائة وتسييعة‬
‫وتسعون وينجو واحد« فاشتد ذلك على المسلمين وعرف‬
‫ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال حييين أبصيير‬
‫ذلك في وجوههم »إن بني آدم كثير‪ ,‬وإن يييأجوج ومييأجوج‬
‫من ولد آدم‪ ,‬وإنه ل يموت منهم رجل حييتى ينتشيير لصييلبه‬
‫جنيية لكييم« هييذا حييديث‬ ‫ألف رجل ففيهييم وفييي أشييباههم ُ‬
‫غريب وقد تقدم في أول سورة الحج ذكر هذه الحيياديث‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬السماء منفطر به{ قال الحسن وقتادة أي‬
‫بسببه من شدته وهوله‪ ,‬ومنهم من يعيد الضمير على اللييه‬
‫تعالى‪ :‬وروي عن ابن عباس ومجاهد وليس بقوي لنه لييم‬
‫ل{ أي‬ ‫يجر له ذكر ههنا‪ ,‬وقوله تعالى‪} :‬كييان وعييده مفعييو ً‬
‫كان وعييد هييذا اليييوم مفعييول ً أي واقعيا ً ل محاليية وكائنيا ً ل‬
‫محييييييييييييييييييييييييييييييييييد عنيييييييييييييييييييييييييييييييييه‪.‬‬

‫سيِبيل ً * إ ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫هـذِهِ ت َذ ْك َِرةٌ فَ َ‬


‫ن‬ ‫ى َرب ّيهِ َ‬ ‫خيذ َ إ ِلي َ‬ ‫شييآَء ات ّ َ‬‫من َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن َ‬ ‫** إ ِ ّ‬
‫ه وَث ُل َُثي ُ‬
‫ه‬ ‫صيَف ُ‬ ‫ي ال ْل ّي ْي ِ‬
‫ل وَن ِ ْ‬ ‫ميين ث ُل َُثي ِ‬ ‫ى ِ‬‫م أد ْن َي َ‬ ‫ك ت َُقيو ُ‬ ‫م أن ّ َ‬‫ك ي َعْل َ ُ‬‫َرب ّ َ‬

‫‪832‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫م أ َل ّيين‬ ‫ل َوالن َّهاَر عَل ِي َ‬ ‫ه ي َُقد ُّر ال ْل ّي ْ َ‬ ‫ك َوالل ّ ُ‬ ‫مع َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬ ‫طآئ َِف ٌ‬ ‫وَ َ‬
‫م َأن‬ ‫ن عَِليي َ‬ ‫ن ال ُْقْرآ ِ‬ ‫م َ‬ ‫سَر ِ‬ ‫ما ت َي َ ّ‬‫م َفاقَْرُءوا ْ َ‬ ‫ب عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫صوهُ فََتا َ‬ ‫ح ُ‬ ‫تُ ْ‬
‫ن‬ ‫ض ي َب ْت َُغو َ‬‫ن ِفي الْر ِ‬ ‫ضرُِبو َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫خُرو َ‬ ‫ى َوآ َ‬ ‫ض َ‬ ‫مْر َ‬ ‫م ّ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو ُ‬‫سي َ ُ‬ ‫َ‬
‫مييا‬ ‫ْ‬
‫ل اللهِ َفاقَْرُءوا َ‬ ‫ّ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ن ِفي َ‬ ‫ُ‬
‫ن ي َُقات ِلو َ‬ ‫خُرو َ‬ ‫ل اللهِ َوآ َ‬ ‫ّ‬ ‫ض ِ‬ ‫من فَ ْ‬ ‫ِ‬
‫ه قَْرضا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضوا ُ الل ّ َ‬
‫كاةَ وَأقْرِ ُ‬ ‫صل َةَ َوآُتوا ْ الّز َ‬ ‫موا ْ ال ّ‬ ‫ه وَأِقي ُ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫سَر ِ‬ ‫ت َي َ ّ‬
‫عنيد َ الل ّيهِ هُي َ‬
‫و‬ ‫دوهُ ِ‬ ‫جي ُ‬ ‫خي ْيرٍ ت َ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫موا ْ لنُف ِ‬ ‫ما ت َُقد ّ ُ‬ ‫سنا ً وَ َ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫حي ي ٌ‬ ‫ه غَُفييوٌر ّر ِ‬ ‫ن الل ّي َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫س يت َغِْفُروا ْ الل ّي َ‬ ‫جرا ً َوا ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫خْيرا ً وَأعْظ َ َ‬ ‫َ‬
‫يقول تعالى‪} :‬إن هذه{ أي السورة }تذكرة{ أي يتييذكر‬
‫بها أولو اللباب‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬فميين شيياء اتخييذ إلييى‬
‫ل{ أي ممن شاء الله تعالى هدايته كما قيييده فييي‬ ‫ربه سبي ً‬
‫السورة الخرى }ومييا تشيياءون إل أن يشيياء اللييه إن اللييه‬
‫كان عليما ً حكيميًا{ ثييم قييال تعييالى‪} :‬إن ربييك يعلييم أنييك‬
‫تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الييذين‬
‫معك{ أي تارة هكذا وتارة هكذا وذلك كله ميين غييير قصييد‬
‫منكم ولكن ل تقدرون على المواظبة علييى مييا أمركييم بيه‬
‫در‬ ‫من قيام الليل لنه يشق عليكم‪ ,‬ولهذا قال‪} :‬واللييه يقيي ّ‬
‫الليل والنهار{ أي تارة يعتدلن وتييارة يأخييذ هييذا ميين هييذا‬
‫وهذا ميين هييذا }علييم أن ليين تحصييوه{ أي الفييرض الييذي‬
‫أوجبه عليكم }فاقرءوا ما تيسر من القرآن{ أي ميين غييير‬
‫تحديد بوقت أي ولكن قوموا من الليل ما تيسر‪ ,‬وعبر عن‬
‫الصلة بالقراءة كما قييال فييي سييورة سييبحان }ول تجهيير‬
‫بصييلتك{ أي بقراءتييك }ول تخييافت بهييا{ وقييد اسييتدل‬
‫لية وهي قوله‪:‬‬ ‫أصحاب المام أبي حنيفة رحمه الله بهذه ا َ‬
‫}فاقرءوا ما تيسر ميين القييرآن{ علييى أنييه ل يجييب تعييين‬
‫قراءة الفاتحة في الصييلة بييل لييو قييرأ بهييا أو بغيرهييا ميين‬
‫القرآن ولو بآية‪ ,‬أجزأه واعتضدوا بحديث المسيييء صييلته‬
‫الذي في الصحيحين »ثم اقرأ ما تيسر معك من القييرآن«‬
‫وقد أجابهم الجمهور بحديث عبادة بن الصييامت وهييو فييي‬
‫الصحيحين أيضيا ً أن رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫قال‪» :‬ل صلة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب«‪ ,‬وفي صييحيح‬
‫مسلم عن أبييي هريييرة أن رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم قال‪» :‬كل صلة ل يقرأ فيها بأم القرآن فهي خييداج‬

‫‪833‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فهي خداج فهي خداج غير تمام« وفي صحيح ابيين خزيميية‬
‫عن أبي هريرة مرفوعا ً »ل تجزىء صلة من لم يقييرأ بييأم‬
‫القيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييرآن«‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬علم أن سييكون منكييم مرضييى وآخييرون‬
‫يضييربون فييي الرض يبتغييون ميين فضييل اللييه وآخييرون‬
‫يقاتلون فييي سييبيل اللييه{ أي علييم أن سيييكون ميين هييذه‬
‫الميية ذوو أعييذار فييي تييرك قيييام الليييل ميين مرضييى ل‬
‫يستطيعون ذلك‪ ,‬ومسافرين في الرض يبتغون من فضييل‬
‫الله في المكاسب والمتيياجر‪ ,‬وآخرييين مشييغولين بمييا هييو‬
‫الهم في حقهم من الغزو في سبيل الله‪ ,‬وهذه ا َ‬
‫لييية بييل‬
‫السورة كلها مكية ولم يكن القتييال شييرع بعييد‪ ,‬فهييي ميين‬
‫أكيييبر دلئل النبيييوة لنيييه مييين بييياب الخبيييار بالمغيبيييات‬
‫المستقبلة‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬فاقرءوا ما تيسر منييه{ أي‬
‫قوموا بما تيسر عليكم منه‪ .‬قال ابن جرير‪ :‬حدثنا يعقييوب‪,‬‬
‫حدثنا ابن علية عن أبي رجاء محمد‪ ,‬قال‪ :‬قلت للحسن‪ :‬يا‬
‫أبا سعيد ما تقول في رجل قد اسييتظهر القييرآن كلييه عيين‬
‫ظهر قلبه ول يقوم به إنمييا يصييلي المكتوبيية‪ ,‬قييال يتوسييد‬
‫القرآن لعن الله ذاك‪ ,‬قال الله تعالى للعبد الصييالح }وإنييه‬
‫لذو علييم لمييا علمنيياه{ }وعلمتييم مييا ليم تعلمييوا أنتييم ول‬
‫آباؤكم{ قلت‪ :‬يا أبا سعيد‪ ,‬قال الله تعييالى‪} :‬فيياقرءوا مييا‬
‫تيسر من القرآن{ قال نعم ولو خمس آيات‪ ,‬وهييذا ظيياهر‬
‫من مذهب الحسن البصري أنه كان يرى حقيا ً واجبيا ً علييى‬
‫حملة القرآن أن يقوموا ولو بشيء منه فييي الليييل‪ ,‬ولهييذا‬
‫جاء في الحديث أن رسييول اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫سئل عن رجيل نيام حيتى أصيبح‪ ,‬فقيال‪» :‬ذاك رجيل بيال‬
‫الشيطان في أذنه« فقيل معناه نام عيين المكتوبيية‪ ,‬وقيييل‬
‫عن قيام الليل‪ :‬وفي السنن »أوتروا يا أهل القرآن« وفييي‬
‫لخر »من لم يوتر فليس منا« وأغييرب ميين هييذا‬ ‫الحديث ا َ‬
‫ما حكي عن أبييي بكيير بيين عبييد العزيييز ميين الحنابليية ميين‬
‫إيجيييييابه قييييييام شيييييهر رمضيييييان‪ ,‬فيييييالله أعليييييم‪.‬‬
‫وقال الطييبراني‪ :‬حييدثنا أحمييد بيين سييعيد فرقييد الحييدرد‬
‫حدثنا أبو محمد بن يوسييف الزبيييدي‪ ,‬حييدثنا عبييد الرحميين‬

‫‪834‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن محمد بن عبد الله بن طاوس ميين ولييد طيياوس‪ ,‬عيين‬
‫أبيه عن طاوس‪ ,‬عين ابين عبياس‪ ,‬عين النيبي صيلى الليه‬
‫عليه وسلم }فياقرءوا ميا تيسير منيه{ قيال‪» :‬ميائة آيية«‬
‫وهذا حديث غريييب جييدا ً لييم أره إل فييي معجييم الطييبراني‬
‫رحمه الله تعييالى‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬وأقيمييوا الصييلة وآتييوا‬
‫الزكاة{ أي أقيمييوا صييلتكم الواجبية عليكييم وآتيوا الزكيياة‬
‫المفروضة‪ ,‬وهذا يدل لمن قال إن فرض الزكاة نزل بمكة‬
‫لكن مقادير النصب والمخييرج لييم تييبين إل بالمدينيية واللييه‬
‫أعلم‪ .‬وقييد قييال ابيين عبيياس وعكرميية ومجاهييد والحسيين‬
‫لية نسخت الييذي‬ ‫وقتادة وغير واحد من السلف‪ :‬إن هذه ا َ‬
‫كان الله قد أوجبه علييى المسييلمين أول ً ميين قيييام الليييل‪,‬‬
‫واختلفوا في المدة التي بينهما على أقوال كما تقدم‪ ,‬وقييد‬
‫ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليييه وسييلم‬
‫قال لذلك الرجييل‪» :‬خمييس صييلوات فييي اليييوم والليليية«‬
‫قيييال‪ :‬هيييل عليييي غيرهيييا ؟ قيييال‪» :‬ل إل أن تطيييوع«‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وأقرضوا اللييه قرض يا ً حسيينًا{ يعنييي ميين‬
‫الصييدقات‪ ,‬فييإن اللييه يجييازي علييى ذلييك أحسيين الجييزاء‬
‫وأوفره‪ ,‬كما قال تعالى‪} :‬من ذا الذي يقرض اللييه قرضييا ً‬
‫حسنا ً فيضاعفه لييه أضييعافا ً كييثيرة{ وقييوله تعييالى‪} :‬ومييا‬
‫تقدموا لنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا ً وأعظييم‬
‫أجرًا{ أي جميع ما تقدموه بييين أيييديكم فهييو لكييم حاصييل‬
‫وهو خير مما أبقيتموه لنفسكم في الدنيا‪ .‬وقييال الحييافظ‬
‫أبييو يعليى الموصيلي‪ :‬حييدثنا أبيو خيثمية حيدثنا جريير عيين‬
‫العمش عن إبراهيم عن الحارث بن سويد قال‪ :‬قال عبييد‬
‫الله‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسييلم‪» :‬أيكييم ميياله‬
‫أحب إليه من مال وارثه ؟« قالوا‪ :‬يا رسييول اللييه مييا منييا‬
‫من أحد إل ماله أحب إليه من مال وارثه قال‪» :‬اعلموا ما‬
‫تقولون« قالوا‪ :‬مييا نعلييم إل ذلييك يييا رسييول اللييه ؟ قييال‪:‬‬
‫»إنما مال أحييدكم مييا قييدم ومييال وارثييه مييا أخيير« ورواه‬
‫البخاري من حديث حفص بن غياث والنسائي ميين طريييق‬
‫أبييي معاوييية كلهمييا عيين العمييش بييه‪ ,‬ثييم قييال تعييالى‪:‬‬
‫}واستغفروا الله إن الله غفور رحيم{ أي أكثروا من ذكره‬

‫‪835‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫واسييتغفاره فييي أمييوركم كلهييا فييإنه غفييور رحيييم لميين‬
‫استغفره‪ ,‬آخر تفسير سورة المزمل‪ ,‬ولله الحمد والمنة‪.‬‬

‫سورة المدثر‬
‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬

‫ك‬ ‫ك فَك َب ّيْر * وَث َِياب َي َ‬ ‫م فََأن يذِْر * وََرب ّي َ‬ ‫م يد ّث ُّر * قُ ي ْ‬


‫َ‬
‫** ي َأي ّهَييا ال ْ ُ‬
‫ك‬‫سيت َك ْث ُِر * وَل َِرب ّي َ‬ ‫من ُيين ت َ ْ‬ ‫جْر * وَل َ ت َ ْ‬ ‫جيَز فَيياهْ ُ‬ ‫فَط َهّيْر * َوالّر ْ‬
‫سيٌر *‬ ‫م عَ ِ‬ ‫مئ ِذٍ ي َوْ ٌ‬ ‫ذا ن ُِقَر ِفي الّناُقورِ * فَذ َل ِ َ‬
‫ك ي َوْ َ‬ ‫صب ِْر * فَإ ِ َ‬ ‫َفا ْ‬
‫سيييييييييييييرٍ‬ ‫ن غَي ْييييييييييييُر ي َ ِ‬ ‫عَل َييييييييييييى ال ْك َييييييييييييافِ ِ‬
‫ري َ‬
‫ثبت ‪,‬في صحيح البخاري من حديث يحيى بن أبييي كييثير‬
‫عن أبي سلمة عن جابر أنييه كييان يقييول‪ :‬أول شيييء نييزل‬
‫من القرآن }يا أيها المدثر{ وخالفه الجمهور فييذهبوا إلييى‬
‫أن أول القرآن نزول ً قوله تعالى‪} :‬اقرأ باسييم ربييك الييذي‬
‫خلق{ كما سيأتي ذلييك هنالييك إن شيياء اللييه تعييالى‪ .‬قييال‬
‫البخاري‪ :‬حدثنا يحيى‪ ,‬حدثنا وكيع عيين علييي بيين المبييارك‪,‬‬
‫عن يحيى بن أبييي كييثير قييال‪ :‬سييألت أبييا سييلمة بيين عبييد‬
‫الرحميين عيين أول مييا نييزل ميين القييرآن فقييال‪} :‬يييا أيهييا‬
‫المدثر{ قلت‪} :‬اقرأ باسييم ربييك الييذي خلييق{ فقييال أبييو‬
‫سلمة‪ :‬سألت جابر بن عبد الله عن ذلك وقلت له مثل مييا‬
‫قلت لي فقال جييابر‪ :‬ل أحييدثك إل مييا حييدثنا رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬جاورت بحييراء فلمييا قضيييت‬
‫جواري هبطت فنوديت‪ ,‬فنظرت عن يميني فلييم أر شيييئًا‪,‬‬
‫ونظرت عن شمالي فلم أر شيئًا‪ ,‬ونظرت أمييامي فلييم أر‬
‫شيئا ً ونظرت خلفي فلم أر شيئًا‪ ,‬فرفعييت رأسييي فرأيييت‬
‫ي ماء باردا ً ييي‬ ‫شيئًا‪ ,‬فأتيت خديجة فقلت دثروني وصبوا عل ّ‬
‫قال ي فدثروني وصبوا علي ماء باردا ً ي قال ي ي فنزلييت }يييا‬
‫أيها المدثر‪ .‬قم فأنذر‪ .‬وربك فكبر{« هكذا ساقه ميين هييذا‬
‫الوجه‪ .‬وقد رواه مسلم من طريق عقيل عن ابيين شييهاب‬
‫عن أبي سلمة قال‪ :‬أخبرني جابر بن عبييد اللييه أنييه سييمع‬

‫‪836‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن فترة الييوحي‬
‫فقال في حديثه‪» :‬فبينا أنييا أمشييي إذ سييمعت صييوتا ً ميين‬
‫السماء فرفعييت بصييري قبييل السييماء‪ ,‬فييإذا الملييك الييذي‬
‫جيياءني بحييراء قاعييد علييى كرسييي بييين السييماء والرض‬
‫فجثثييت منييه حييتى هييويت إلييى الرض‪ ,‬فجئت إلييى أهلييي‬
‫فقلت‪ :‬زملوني زملوني فزملوني‪ ,‬فييأنزل الليه تعيالى }يييا‬
‫أيها المدثر * قم فأنذر ي إلى ي ي فيياهجر{ قييال أبييو سييلمة‪:‬‬
‫والرجييز الوثييان ي ي ثييم حمييي الييوحي وتتييابع« هييذا لفييظ‬
‫البخاري‪ ,‬وهذا السياق هو المحفوظ وهييو يقتضييي أنييه قييد‬
‫نزل الوحي قبييل هييذا لقييوله‪» :‬فييإذا الملييك الييذي جيياءني‬
‫بحراء« وهو جبريييل حييين أتيياه بقييوله‪} :‬اقييرأ باسييم ربييك‬
‫الذي خلق * خلق النسان من علق * اقرأ وربك الكييرم *‬
‫الذي علم بالقلم * علم النسان ما لم يعلم{ ثم إنه حصل‬
‫بعييييد هييييذا فييييترة ثييييم نييييزل الملييييك بعييييد هييييذا‪.‬‬
‫ووجه الجمع أن أول شيء نييزل بعييد فييترة الييوحي هييذه‬
‫السورة‪ ,‬كما قال المام أحمد‪ :‬حييدثنا حجيياج‪ ,‬حييدثنا ليييث‪,‬‬
‫حدثنا عقيل عن ابن شهاب قال‪ :‬سمعت أبا سلمة بن عبد‬
‫الرحمن يقول‪ :‬أخبرني جابر بن عبد الله أنه سييمع رسييول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يقييول‪» :‬ثييم فييتر الييوحي عنييي‬
‫فترة فبينا أنا أمشي سمعت صييوتا ً ميين السييماء‪ ,‬فرفعييت‬
‫بصري قبل السماء فيإذا المليك اليذي جياءني قاعيد عليى‬
‫كرسي بين السماء والرض فجثيت منه فرقا ً حييتى هييويت‬
‫إلييى الرض‪ ,‬فجئت أهلييي فقلييت لهييم زملييوني زملييوني‬
‫فزملوني‪ ,‬فأنزل الله تعالى‪} :‬يا أيها المدثر * قم فأنييذر *‬
‫وربك فكبر * وثيابك فطهيير * والرجييز فيياهجر{ ثييم حمييي‬
‫الييوحي وتتييابع« أخرجيياه ميين حييديث الزهييري بييه‪ .‬وقييال‬
‫الطبراني‪ :‬حدثنا محمييد بيين علييي بيين شييعيب السمسييار‪,‬‬
‫حدثنا الحسن بن بشر البجلي‪ ,‬حدثنا المعافى بيين عمييران‬
‫عن إبراهيم بن يزيد‪ :‬سمعت ابن أبي مليكة يقول سمعت‬
‫ابيين عبيياس يقييول‪ :‬إن الوليييد بيين المغيييرة صيينع لقريييش‬
‫طعامًا‪ ,‬فلما أكلوا منه قال‪ :‬ما تقولون فييي هييذا الرجييل ؟‬
‫فقال بعضهم‪ :‬ساحر‪ ,‬وقييال بعضييهم ليييس بسيياحر‪ ,‬وقييال‬

‫‪837‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بعضهم كاهن‪ ,‬وقال بعضهم ليييس بكيياهن‪ ,‬وقييال بعضييهم‪:‬‬
‫شاعر‪ ,‬وقييال بعضييهم‪ :‬ليييس بشيياعر‪ ,‬وقييال بعضييهم‪ :‬بييل‬
‫سحر يؤثر‪ ,‬فأجمع رأيهم على أنيه سيحر ييؤثر‪ ,‬فبلييغ ذليك‬
‫النبي صلى اللييه عليييه وسييلم فحييزن وقنييع رأسييه وتييدثر‪,‬‬
‫فأنزل الله تعالى‪} :‬يا أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر‬
‫* وثيابييك فطهيير * والرجييز فيياهجر * ول تمنيين تسييتكثر *‬
‫ولربك فاصبر{ وقوله تعالى‪} :‬قييم فأنييذر{ أي شييمر عيين‬
‫ساق العزم وأنذر الناس‪ ,‬وبهذا حصل الرسال كما حصييل‬
‫بيييييييييييييييييييييييييييييييالول النبيييييييييييييييييييييييييييييييوة‪.‬‬
‫}وربك فكبر{ أي عظم‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬وثيابك فطهيير{‬
‫قال الجلح الكندي عن عكرمة‪ ,‬عين ابين عبياس أنيه أتياه‬
‫لية }وثيابك فطهر{ قال‪ :‬ل تلبسها‬ ‫رجل فسأله عن هذه ا َ‬
‫على معصية ول على غييدرة‪ .‬ثييم قييال‪ :‬أمييا سييمعت قييول‬
‫غيلن بيييييييييييييييين سييييييييييييييييلمة الثقفييييييييييييييييي‪:‬‬
‫فإني بحمد الله ل ثيوب فاجرلبسيت ول مين غيدرة أتقنيع‬
‫وقال ابن جريييج عيين عطيياء عيين ابيين عبيياس فييي ا َ‬
‫لييية‬
‫}وثيابك فطهر{ قال‪ :‬في كلم العييرب نقييي الثييياب وفييي‬
‫رواية بهذا السناد فطهر من الييذنوب‪ ,‬وكييذا قييال إبراهيييم‬
‫والشعبي وعطاء‪ ,‬وقال الثوري عن رجيل عين عطياء عين‬
‫لية }وثيابك فطهر{ قال‪ :‬مين الثيم‪,‬‬ ‫ابن عباس في هذه ا َ‬
‫وكذا قال إبراهيم النخعي وقييال مجاهييد }وثيابييك فطهيير{‬
‫قال‪ :‬نفسك ليس ثيابك‪ ,‬وفي رواية عنه }وثيابيك فطهيير{‬
‫أي عملك فأصلح‪ ,‬وكذا قييال أبييو رزييين‪ ,‬وقييال فييي رواييية‬
‫أخرى }وثيابك فطهر{ أي لست بكاهن ول ساحر فأعرض‬
‫عما قالوا‪ .‬وقال قتييادة }وثيابييك فطهيير{ أي طهرهييا ميين‬
‫المعاصي‪ ,‬وكانت العرب تسمي الرجل إذا نكث ولييم يييف‬
‫بعهد الله إنه لدنس الثياب‪ ,‬وإذا وفى وأصييلح إنييه لمطهيير‬
‫الثياب‪ ,‬وقال عكرمة والضييحاك‪ :‬ل تلبسييها علييى معصييية‪.‬‬
‫وقييييييييييييييييييييييييييييييال الشيييييييييييييييييييييييييييييياعر‪:‬‬
‫إذا المرء لييم يييدنس ميين اللييؤم عرضييهفكل رداء يرتييديه‬
‫جمييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييل‬

‫‪838‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال العوفي عن ابن عبيياس }وثيابييك فطهيير{ يعنييي ل‬
‫تكن ثيابك التي تلبس من مكسييب غييير طيائب‪ ,‬ويقيال‪ :‬ل‬
‫تلبس ثيابك على معصية‪ ,‬وقال محمد بن سيرين }وثيابييك‬
‫فطهييير{ أي اغسيييلها بالمييياء‪ ,‬وقيييال ابييين زييييد‪ :‬وكيييان‬
‫المشركون ل يتطهرون فأمره اللييه أن يتطهيير وأن يطهيير‬
‫لية جميع‬‫ثيابه‪ ,‬وهذا القول اختاره ابن جرير‪ ,‬وقد تشمل ا َ‬
‫ذلك مع طهارة القلب‪ ,‬فإن العرب تطلق الثياب عليه كمييا‬
‫قيييييييييييييييييييال اميييييييييييييييييييرؤ القييييييييييييييييييييس‪:‬‬
‫أفاطم مهل ً بعض هذا التدللوإن كنت قييد أزمعييت هجييري‬
‫فأجمليوإن تك قييد سيياءتك منييي خليقةفسييلي ثيييابي ميين‬
‫ثيابييييييييييييييييييييييييييييييييك تنسييييييييييييييييييييييييييييييييل‬
‫وقييال سييعيد بيين جييبير }وثيابييك فطهيير{ وقلبييك ونيتييك‬
‫فطهر‪ ,‬وقال محمد بن كعب القرظييي والحسيين البصييري‪:‬‬
‫وخلقك فحسن‪ ,‬وقوله تعالى‪} :‬والرجز فاهجر{ قال علي‬
‫بيين أبييي طلحيية عيين ابيين عبيياس‪ :‬والرجييز وهييو الصيينام‬
‫فاهجر‪ ,‬وكذا قال مجاهد وعكرمة وقتييادة والزهييري وابيين‬
‫زيييد‪ :‬إنهييا الوثييان‪ ,‬وقييال إبراهيييم والضييحاك }والرجييز‬
‫فيياهجر{ أي اتييرك المعصييية‪ ,‬وعلييى كييل تقييدير فل يلييزم‬
‫تلبسه بشيء من ذلك كقوله تعييالى‪} :‬يييا أيهييا النييبي اتييق‬
‫الله ول تطع الكافرين والمنافقين{ }وقيال موسييى لخييه‬
‫هيييارون اخلفنيييي فيييي قيييومي وأصيييلح ول تتبيييع سيييبيل‬
‫المفسدين{‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬ول تمنن تسييتكثر{ قييال ابيين‬
‫عباس‪ :‬ل تعط العطية تلتمس أكثر منها‪ ,‬وكذا قال عكرمة‬
‫ومجاهد وعطاء وطاوس وأبييو الحييوص وإبراهيييم النخعييي‬
‫والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم‪ ,‬وروي عن ابن مسعود‬
‫أنه قرأ }ول تمنن أن تستكثر{ وقال الحسيين البصييري‪ :‬ل‬
‫تمنن بعملك على ربك تستكثره وكذا قال الربيع بيين أنييس‬
‫واختاره ابن جرير‪ ,‬وقييال خصيييف عيين مجاهييد فييي قييوله‬
‫تعالى‪} :‬ول تمنن تستكثر{ قال‪ :‬ل تضعف أن تستكثر من‬
‫الخير‪ ,‬قال‪ :‬تمنن في كلم العرب تضعف‪ ,‬وقال ابن زيييد‪:‬‬
‫ل تمنن بالنبوة على الناس تستكثرهم بها تأخذ عليه عوضا ً‬

‫‪839‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من الدنيا‪ .‬فهذه أربعة أقوال والظهر القييول الول‪ ,‬واللييه‬
‫أعليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ولربييك فاصييبر{ أي اجعييل صييبرك علييى‬
‫أذاهم لييوجه ربيك عييز وجيل قياله مجاهيد‪ .‬وقيال إبراهيييم‬
‫النخعي‪ :‬اصبر عطيتك لله عز وجل‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬فييإذا‬
‫نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير‬
‫يسير{ قال ابن عباس ومجاهد والشعبي وزيييد بيين أسييلم‬
‫والحسن وقتادة والضحاك والربيع بن أنس والسدي وابيين‬
‫زيييد }النيياقور{ الصييور‪ ,‬قييال مجاهييد‪ :‬وهييو كهيئة القييرن‪.‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثناأبو سعيد الشييج‪ ,‬حييدثنا أسييباط‬
‫بن محمد عن مطرف عن عطية العوفي عيين ابيين عبيياس‬
‫}فإذا نقر في الناقور{ فقال‪ :‬قال رسول الله صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬كيف أنعم وصاحب القرن قييد التقييم القييرن‬
‫وحنييى جبهتييه ينتظيير مييتى يييؤمر فينفييخ ؟« فقييال‪ :‬قييال‬
‫أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬فمييا تأمرنييا يييا‬
‫رسول الله ؟ قال‪» :‬قولوا حسبنا الله ونعييم الوكيييل علييى‬
‫الله توكلنا«وهكذا رواه المام أحمد عن أسباط بييه‪ ,‬ورواه‬
‫ابن جرير عن أبي كريب عن ابن فضيييل وأسييباط كلهمييا‬
‫عن مطرف به‪ ,‬ورواه من طريق أخرى عيين العييوفي عيين‬
‫ابيييييييييييييييييييين عبيييييييييييييييييييياس بييييييييييييييييييييه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬فذلك يومئذ يوم عسير{ أي شديد }على‬
‫الكافرين غير يسير{ أي غير سهل عليهم كما قال تعييالى‪:‬‬
‫سر{‪ ,‬وقد روينا عن زرارة بن‬ ‫}يقول الكافرون هذا يوم عَ ِ‬
‫أوفى قاضييي البصييرة أنييه صييلى بهييم الصييبح‪ ,‬فقييرأ هييذه‬
‫السورة فلما وصل إلى قوله تعالى‪} :‬فإذا نقر في الناقور‬
‫فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غييير يسييير{ شييهق‬
‫شيييييهقة ثيييييم خيييييّر ميتيييييا ً رحميييييه الليييييه تعيييييالى‪.‬‬

‫دودا ً *‬‫مي ُ‬ ‫م ْ‬ ‫مييال ً ّ‬


‫ه َ‬ ‫ت ل َي ُ‬ ‫جعَل ْ ُ‬
‫حيدا ً * وَ َ‬ ‫خل َْق ُ‬
‫ت وَ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫** ذ َْرِني وَ َ‬
‫م ْ‬
‫ن أ َِزيييد َ *‬ ‫َ‬
‫مييعُ أ ْ‬ ‫م ي َط ْ َ‬‫مِهيدا ً * ث ُ ّ‬ ‫ت لَ ُ‬
‫ه تَ ْ‬ ‫شُهودا ً * وَ َ‬
‫مّهد ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫وَب َِني َ‬
‫ُ‬
‫ه فَ ّ‬
‫كيَر‬ ‫صيُعودا ً * إ ِّني ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ه كيان ل ََيات ِن َييا عَِنيييدا ً * َ‬
‫سيأْرهُِق ُ‬ ‫ك َل ّ إ ِن ّ ُ‬

‫‪840‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫م ن َظ َيَر *‬ ‫ف قَد َّر * ث ُ ّ‬ ‫ل ك َي ْ َ‬‫م قُت ِ َ‬ ‫ف قَد َّر * ث ُ ّ‬ ‫ل ك َي ْ َ‬ ‫وَقَد َّر * فَُقت ِ َ‬
‫ذآ إ ِل ّ‬
‫هـ ي َ‬ ‫ن َ‬ ‫س يت َك ْب ََر * فََقييا َ‬ ‫ث ُم عَبس وبسر * ث ُ َ‬
‫ل إِ ْ‬ ‫م أد ْب ََر َوا ْ‬‫ّ‬ ‫ّ َ َ ََ َ َ‬
‫ُ‬ ‫ل ال ْب َ َ‬
‫ذآ إ ِل ّ َقيوْ ُ‬
‫سيَقَر *‬ ‫صيِليهِ َ‬ ‫سأ ْ‬ ‫شيرِ * َ‬ ‫هـ َ‬
‫ن َ‬ ‫حٌر ي ُؤْث َُر * إ ِ ْ‬ ‫س ْ‬‫ِ‬
‫ة ل ّل ْب َ َ‬ ‫َ‬
‫ش يرِ *‬ ‫حي ٌ‬
‫وا َ‬ ‫سَقُر * ل َ ت ُب ِْقييي وَل َ ت َيذ َُر * ل َ ّ‬ ‫ما َ‬ ‫ك َ‬ ‫مآ أد َْرا َ‬‫وَ َ‬
‫شييييييييييييييييييَر‬ ‫ة عَ َ‬‫سييييييييييييييييييعَ َ‬ ‫عَل َي َْهييييييييييييييييييا ت ِ ْ‬
‫يقول تعالى متوعدا ً لهذا الخييبيث الييذي أنعييم اللييه عليييه‬
‫بنعم الدنيا فكفر بأنعم الله وبييدلها كفييرا ً وقابلهييا بييالجحود‬
‫بآيات الله والفتراء عليها‪ ,‬وجعلهييا ميين قييول البشيير وقييد‬
‫عدد الله عليه نعمه حيث قال تعالى‪} :‬ذرني وميين خلقييت‬
‫وحيدًا{ أي خرج من بطن أمه وحده ل مال له ول وليد ثيم‬
‫رزقه الله تعالى‪} :‬مال ً ممدودًا{ أي واسعا ً كثيرا ً قيل ألف‬
‫دينار وقيل مائه ألف دينار‪ ,‬وقيل أرضا ً يستغلها‪ ,‬وقيل غير‬
‫ذلك وجعل له }بنييين شييهودًا{ قييال مجاهييد ل يغيبييون أي‬
‫حضورا ً عنده ل يسافرون بالتجارات بل مواليهم وأجراؤهم‬
‫يتولون ذلك عنهم‪ :‬وهم قعود عند أبيهم يتمتع بهم ويتملييى‬
‫بهم‪ ,‬وكانوا فيما ذكره السدي وأبو مالك وعاصم بن عميير‬
‫بيين قتييادة ثلثيية عشيير‪ ,‬وقييال ابيين عبيياس ومجاهييد كييانوا‬
‫عشرة وهذا أبلغ في النعمة وهو إقامتهم عنييده }ومهييدت‬
‫له تمهيدًا{ أي مكنته من صنوف المال والثاث وغير ذلك‪.‬‬
‫لياتنا عنيدًا{ أي معاندا ً‬ ‫}ثم يطمع أن أزيد * كل إنه كان َ‬
‫وهو الكفر على نعمه بعد العلم قال الله تعالى‪} :‬سأرهقه‬
‫صعودًا{ قال المام أحمد‪ :‬حدثنا حسيين حييدثنا ابيين لهيعيية‬
‫عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سييعيد عيين رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬ويل واد في جهنم يهوي فيييه‬
‫الكافر أربعين خريفًا‪ ,‬قبيل أن يبلييغ قعيره‪ ,‬والصييعود جبييل‬
‫من نار يتصعد فيه الكافر سبعين خريفًا‪ ,‬ثم يهوي به كذلك‬
‫فيييه أبييدًا« وقييد رواه الترمييذي عيين عبييد بيين حميييد عيين‬
‫الحسن بن موسى الشيب به‪ ,‬ثم قال غريييب ل نعرفييه إل‬
‫من حديث ابن لهيعة عيين دراج‪ ,‬كييذا قييال‪ ,‬وقييد رواه ابيين‬
‫جرير عن يونس عن عبييد اللييه بيين وهييب عيين عمييرو بيين‬
‫الحييييييارث عيييييين دراج وفيييييييه غرابيييييية ونكييييييارة‪.‬‬

‫‪841‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أبييو زرعيية وعلييي بيين عبييد‬
‫الرحميين المعييروف بعلن المقييري قييال‪ :‬حييدثنا منجيياب‪,‬‬
‫أخبرنا شريك عن عمار الدهني عن عطية العوفي عن أبي‬
‫سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم }سأرهقه صييعودًا{‬
‫قال‪» :‬هو جبل في النييار ميين نييار يكلييف أن يصييعده فييإذا‬
‫وضع يده ذابت وإذا رفعها عادت‪ ,‬فييإذا وضييع رجلييه ذابييت‬
‫وإذا رفعها عييادت« ورواه الييبزار وابيين جرييير ميين حييديث‬
‫شريك به‪ .‬وقال قتادة عن ابن عباس‪ :‬صعودا ً صييخرة فييي‬
‫جهنم يسييحب عليهييا الكييافر علييى وجهييه‪ .‬وقييال السييدي‪:‬‬
‫صعودا ً صخرة ملساء في جهنييم يكلييف أن يصييعدها وقييال‬
‫مجاهد }سأرهقه صعودًا{ أي مشييقة ميين العييذاب‪ ,‬وقييال‬
‫قتادة‪ :‬عذابا ً ل راحة فيه‪ ,‬واختاره ابن جرير‪ .‬وقوله تعالى‪:‬‬
‫}إنه فكر وقدر{ أي إنمييا أرهقنيياه صييعودا ً أي قربنيياه ميين‬
‫العذاب الشاق لبعده عن اليمان لنه فكر وقدر أي تييروى‬
‫ماذا يقول في القرآن حين سئل عيين القييرآن ففكيير ميياذا‬
‫يختلق من المقال }وقدر{ أي تروى }فقتييل كيييف قييدر *‬
‫ثم قتل كيف قدر{ دعاء عليه }ثم نظر{ أي أعاد النظييرة‬
‫والتروي }ثم عبس{ أي قبض بين عينيه وقطب }وبسر{‬
‫أي كلييييح وكييييره ومنييييه قييييول توبيييية بيييين الحمييييير‪:‬‬
‫وقييد رابنييي منهييا صييدود رأيتهوإعراضييها عيين حيياجتي‬
‫وبسيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييورها‬
‫وقوله‪} :‬ثم أدبر واستكبر{ أي صرف عيين الحييق ورجييع‬
‫القهقهرى مستكبرا ً عن النقياد للقرآن }فقييال إن هييذا إل‬
‫سحر يؤثر{ أي هذا سحر ينقله محمد عن غيره ممن قبله‬
‫ويحكيه عنهم‪ ,‬ولهييذا قييال‪} :‬إن هييذا إل قييول البشيير{ أي‬
‫ليس بكلم الله‪ ,‬وهذا المذكور في هذا السياق هييو الوليييد‬
‫بن المغيرة المخزومي أحد رؤساء قريش لعنه الله‪ ,‬وكان‬
‫من خبره في هذا مييا رواه العييوفي عيين ابيين عبيياس قييال‬
‫دخل الولييد بين المغيييرة عليى أبيي بكيير بيين أبيي قحافية‬
‫فسأله عن القرآن‪ ,‬فلما أخبره خرج على قريش فقييال يييا‬
‫عجبا ً لما يقول ابن أبي كبشة‪ ,‬فييو اللييه مييا هييو بشييعر ول‬
‫بسحر ول بهذي من الجنون‪ ,‬وإن قوله لمن كلم الله فلما‬

‫‪842‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سمع بذلك النفر من قريش ائتمروا وقالوا‪ :‬والله لئن صبأ‬
‫الوليد لتصبو قريش‪ ,‬فلما سمع بذلك أبو جهييل بيين هشيام‬
‫قال‪ :‬أنا والله أكفيكم شأنه فانطلق حتى دخل عليييه بيتييه‪,‬‬
‫فقال للوليد‪ :‬ألم تر إلى قومك قييد جمعييوا لييك الصييدقة ؟‬
‫فقال‪ :‬ألست أكثرهم مال ً وولدا ً ؟ فقال أبو جهل‪ :‬يتحدثون‬
‫أنك إنما تدخل على ابن أبي قحافيية لتصيييب ميين طعييامه‪,‬‬
‫فقال الوليد‪ :‬أقد تحدث به عشيييرتي ؟ فل واللييه ل أقييرب‬
‫ابن أبي قحافة ولعمر ول ابيين أبييي كبشيية‪ ,‬ومييا قييوله إل‬
‫سحر يؤثر فأنزل الله على رسوله صلى الله عليييه وسييلم‬
‫}ذرني ومن خلقت وحيدا ً ي إلى قوله ي ي ل تبقييي ول تييذر{‬
‫وقال قتادة‪ :‬زعموا أنه قال‪ :‬والله لقييد نظييرت فيمييا قييال‬
‫الرجييل فييإذا هييو ليييس بشييعر وإن لييه لحلوة‪ ,‬وإنييه عليييه‬
‫لطلوة‪ ,‬وإن ليعلو ومييا يعلييى عليييه ومييا أشييك أنييه سييحر‬
‫فيييييأنزل الليييييه‪} :‬فقتيييييل كييييييف قيييييدر{ ا َ‬
‫ليييييية‪.‬‬
‫}ثم عبس وبسر{ قبض ما بين عينييه وكليح‪ ,‬وقيال ابيين‬
‫جرير‪ :‬حدثنا ابن عبييد العلييى‪ ,‬حييدثنا محمييد بيين ثييور عيين‬
‫معميير عيين عبيياد بيين منصييور عيين عكرميية أن الوليييد بيين‬
‫المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليييه وسييلم فقييرأ عليييه‬
‫القرآن‪ ,‬فكأنه رق له‪ ,‬فبلغ ذلك أبا جهل بيين هشييام فأتيياه‬
‫ل‪ .‬قييال‪:‬‬ ‫فقال أي عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مييا ً‬
‫م ؟ قال يعطونكه فإنك أتيت محمييدا ً تتعييرض لمييا قبلييه‪,‬‬ ‫لِ َ‬
‫ل‪ ,‬قييال‪ :‬فقييل فيييه‬ ‫قال قد علمت قريش أنييي أكييثرهم مييا ً‬
‫قول ً يعلم قومك أنك منكر لمييا قييال وأنييك كيياره لييه‪ ,‬قييال‬
‫فماذا أقول فيه‪ ,‬فو الله ما منكم رجل أعلم بالشعار مني‬
‫ول أعلم برجييزه ول بقصيييده ول بأشييعار الجيين‪ ,‬واللييه مييا‬
‫يشبه الذي يقول شيئا ً من هذا‪ ,‬والله إن لقوله الذي يقوله‬
‫لحلوة‪ ,‬وإنه ليحطم ما تحته وإنه ليعلييو ومييا يعلييى‪ ,‬وقييال‬
‫والله ل يرضى قومك حتى تقول فيييه‪ ,‬قييال فييدعني حييتى‬
‫ن هييذا إل سييحر يييؤثره عيين‬ ‫أتفكر فيه‪ ,‬فلمييا فكيير قييال‪ :‬إ ْ‬
‫غيره‪ ,‬فنزلت‪} :‬ذرنييي وميين خلقييت وحيييدا ً يي حييتى بلييغ يي‬
‫تسعة عشر{ وقد ذكر محمد بن إسحاق وغير واحييد نحييوا ً‬
‫من هذا‪ ,‬وقد زعم السدي أنهم لما اجتمعوا في دار الندوة‬

‫‪843‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليجمعوا رأيهم على قول يقولونه فيه قبل أن يقدم عليهييم‬
‫وفود العرب للحج ليصييدوهم عنييه‪ ,‬فقييال قييائلون‪ :‬شيياعر‬
‫وقال آخرون‪ :‬ساحر وقيال آخيرون‪ :‬كياهن وقيال آخيرون‪:‬‬
‫مجنون كما قال تعالى‪} :‬انظيير كيييف ضييربوا لييك المثييال‬
‫فضلوا فل يستطيعون سبيل{ كل هذا والوليييد يفكيير فيمييا‬
‫ن هييذا‬‫يقوله فيه‪ ,‬ففكر وقدر ونظر وعبس وبسر‪ ,‬فقال‪ :‬إ ْ‬
‫ن هييذا إل قييول البشيير‪ ,‬قييال اللييه تعييالى‪:‬‬ ‫إل سحر يييؤثر إ ْ‬
‫}سأصليه سقر{ أي سأغمره فيهيا مين جميييع جهيياته‪ ,‬ثيم‬
‫قال تعييالى‪} :‬ومييا أدراك مييا سييقر{ وهييذا تهويييل لمرهييا‬
‫وتفخيم‪ ,‬ثم فسر ذلك بقوله تعالى‪} :‬ل تبقي ول تييذر{ أي‬
‫تأكل لحومهم وعروقهم وعصبهم وجلودهم ثييم تبييدل غييير‬
‫ذلك‪ ,‬وهم في ذلك ل يموتون ول يحيون‪ ,‬قيياله ابيين بريييدة‬
‫وأبييييييييييييييييييو سيييييييييييييييييينان وغيرهييييييييييييييييييم‪.‬‬
‫وقوله تعييالى‪} :‬لواحيية للبشيير{ قييال مجاهييد أي للجلييد‪,‬‬
‫وقال أبو رزين‪ :‬تلفح الجلد لفحة فتدعه أسود ميين الليييل‪,‬‬
‫وقال زيد بن أسلم‪ :‬تلييوح أجسييادهم عليهييا‪ .‬وقييال قتييادة‪:‬‬
‫}لواحة للبشر{ أي حراقة للجلد وقال ابن عبيياس‪ :‬تحييرق‬
‫بشرة النسان‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬عليها تسعة عشر{ أي من‬
‫مقييييدمي الزبانييييية عظيييييم خلقهييييم غليييييظ خلقهييييم‪.‬‬
‫وقد قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبييو زرعيية‪ ,‬حييدثنا إبراهيييم‬
‫بن موسى‪ ,‬حدثنا ابن أبي زائدة‪ ,‬أخبرني حارث عن عييامر‬
‫عن البراء في قوله تعالى‪} :‬عليها تسعة عشيير{ قييال‪ :‬إن‬
‫رهطا ً من اليهود سألوا رجل ً من أصحاب رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم عن خزنة جهنم فقال‪ :‬الله ورسوله أعلم‪,‬‬
‫فجاء الرجل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله‬
‫تعالى عليه ساعتئذ }عليها تسييعة عشيير{ فييأخبر أصييحابه‬
‫وقال‪» :‬ادعهم أما إني سائلهم عن تربة الجنيية إن أتييوني‪,‬‬
‫أما إنها درمكة بيضاء« فجاؤوه فسييألوه عيين خزنيية جهنييم‬
‫فأهوى بأصابع كفيه مرتين وأمسك البهام فييي الثانييية ثييم‬
‫قال‪» :‬أخبروني عن تربة الجنية« فقيالوا‪ :‬أخيبرهم ييا ابين‬
‫سلم‪ ,‬فقال‪ :‬كأنها خبزة بيضاء‪ :‬فقييال رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬أما إن الخبز إنما يكييون ميين الييدرمك«‬

‫‪844‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هكذا وقع عند ابن أبييي حيياتم عيين الييبراء والمشييهور عيين‬
‫جابر بن عبد اللييه كمييا قييال الحييافظ أبييو بكيير الييبزار فييي‬
‫مسنده حدثنا منده‪ ,‬حدثنا أحمد بن عبييدة‪ ,‬أخبرنييا سييفيان‬
‫ويحيى بن حكيم‪ ,‬حدثنا سييفيان عيين مجالييد عيين الشييعبي‬
‫عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال‪ :‬جيياء رجييل إلييى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم فقال‪ :‬يا محمد غلب أصييحابك‬
‫اليييوم‪ .‬فقييال‪» :‬بييأي شيييء ؟« قييال‪ :‬سييألتهم يهييود هييل‬
‫أعلمكم نبيكم عدة خزنة أهل النار ؟ قييالوا‪ :‬ل نعلييم حييتى‬
‫نسأل نبينا صلى الله عليه وسلم قييال رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسييلم‪» :‬أفغلييب قييوم يسييألون عمييا ل يعلمييون‬
‫فقالوا ل نعلم حتى نسأل نبينييا صييلى اللييه عليييه وسييلم ؟‬
‫علي بأعداء اللييه لكنهييم قييد سييألوا نييبيهم أن يريهييم اللييه‬
‫جهرة« فأرسل إليهم فدعاهم قالوا‪ :‬يا أبا القاسم كم عدة‬
‫خزنة أهل النار ؟ قال‪» :‬هكذا« وطبق كفيه ثم طبق كفيه‬
‫مرتين وعقد واحدة وقال لصحابه‪» :‬إن سييئلتم عيين تربيية‬
‫الجنة فهي الدرمك« فلما سألوه فأخبرهم بعدة خزنة أهل‬
‫النار قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ما تربة‬
‫الجنة ؟« فنظيير بعضييهم إلييى بعييض فقييالوا‪ :‬خييبزة يييا أبييا‬
‫القاسم‪ .‬فقال‪» :‬الخبز من الدرمك« وهكذا رواه الترميذي‬
‫لية عن ابن أبي عمر عن سفيان بييه‪ ,‬وقييال هييو‬ ‫عند هذه ا َ‬
‫والبزار ل يعييرف إل ميين حييديث مجالييد‪ ,‬وقييد رواه المييام‬
‫أحمد عن علي بين الميديني عين سيفيان بنقصيه اليدرمك‬
‫فقيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييط‪.‬‬

‫جعَل َْنا ِ‬ ‫َ‬


‫م إ ِل ّ‬ ‫عييد ّت َهُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫مل َئ ِك َ ً‬ ‫ب الّنارِ إ ِل ّ َ‬ ‫حا َ‬‫ص َ‬ ‫جعَل َْنآ أ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫** وَ َ‬
‫ة ل ّل ّيذين ك ََفيروا ْ ل ِيسيتيقن ال ّيذي ُ‬
‫داد َ‬‫ب وَي َيْز َ‬ ‫ن أوت ُييوا ْ ال ْك ِت َييا َ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ ْ َْ ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ‬ ‫فِت ْن َ ً‬
‫ُ‬
‫ن‬
‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫ب َوال ْ ُ‬ ‫ن أوُتوا ْ ال ْك َِتا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب ال ّ ِ‬ ‫مانا ً وَل َ ي َْرَتا َ‬ ‫من ُوَا ْ ِإي َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫كافرون ما َ َ‬
‫ه‬ ‫ذآ أَراد َ الّليي ُ‬ ‫ض َوال ْ َ ِ ُ َ َ‬ ‫مَر ٌ‬ ‫ن ِفي قُُلوب ِِهم ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬‫وَل ِي َُقو َ‬
‫مييا‬ ‫شييآءُ وَ َ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫دي َ‬ ‫شآُء وَي َهْ ِ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ض ّ‬‫ك يُ ِ‬ ‫مث َل ً ك َذ َل ِ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ب َِهـ َ‬
‫شيرِ * ك َل ّ‬ ‫ي إ ِل ّ ذِك ْيَرىَ ل ِل ْب َ َ‬ ‫مييا هِي َ‬ ‫ك إ ِل ّ هُيوَ وَ َ‬ ‫جن ُييود َ َرب ّي َ‬ ‫م ُ‬ ‫ي َعْل َ ُ‬
‫سييَفَر * إ ِن َّهييا‬ ‫وال َْقميير * والل ّيييل إذ ْ أ َدبيير * والصييبح إ َ َ‬
‫ذآ أ ْ‬ ‫َ ّ ِْ ِ‬ ‫َ ْ ِ ِ َْ َ‬ ‫َ ِ‬ ‫َ‬

‫‪845‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫شييآَء منك ُي َ‬ ‫ذيرا ً ل ّل ْب َ َ‬
‫م‬
‫م أن ي َت ََقيد ّ َ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫من َ‬ ‫شرِ * ل ِ َ‬ ‫دى ال ْك ُب َرِ * ن َ ِ‬
‫ح َ‬
‫لِ ْ‬
‫َ‬
‫خَر‬ ‫أ َوْ ي ََتيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييأ ّ‬
‫يقول تعالى‪} :‬وما جعلنا أصييحاب النييار{ أي خزانهييا }إل‬
‫ملئكيية{ زبانييية غلظ يا ً شييدادًا‪ ,‬وذلييك رد علييى مشييركي‬
‫قريش حين ذكروا عدد الخزنة فقال أبييو جهييل‪ :‬يييا معشيير‬
‫قريييش أمييا يسييتطيع كييل عشييرة منكييم لواحييد منهييم‬
‫فتغلبونهم‪ ,‬فقال الله تعالى‪} :‬وما جعلنا أصييحاب النييار إل‬
‫ملئكة{ أي شديدي الخلييق ل يقيياومون ول يغييالبون‪ ,‬وقييد‬
‫قيل إن أبا الشدين واسمه كلدة بن أسيد بن خلييف قييال‪:‬‬
‫يا معشر قريش اكفييوني منهييم اثنييين وأنييا أكفيكييم منهييم‬
‫سبعة عشر إعجابا ً منه بنفسييه‪ ,‬وكييان قييد بلييغ ميين القييوة‬
‫فيما يزعمييون أنييه كييان يقييف علييى جلييد البقييرة ويجيياذبه‬
‫عشرة لينزعوه من تحت قدميه فيتمزق الجلد ول يتزحزح‬
‫عنه‪ ,‬قال السهيلي وهو الذي دعا رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم إلى مصارعته‪ ,‬وقال إن صييرعتني آمنييت بييك‪,‬‬
‫فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم مرارا ً فلم يؤمن‪ ,‬قال‬
‫وقد نسب ابن إسحاق خبر المصارعة إلى ركانيية بيين عبييد‬
‫يزيد بن هاشم بيين المطلييب‪) .‬قلييت(‪ :‬ول منافيياة بييين مييا‬
‫ذكيييييييييييييييييييراه والليييييييييييييييييييه أعليييييييييييييييييييم‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وما جعلنا عدتهم إل فتنيية للييذين كفييروا{‬
‫أي إنما ذكرنا عدتهم أنهم تسعة عشر اختبييارا ً منييا للنيياس‬
‫}ليسييتيقن الييذين أوتييوا الكتيياب{ أي يعلمييون أن هييذا‬
‫الرسول حق فإنه نطق بمطابقيية مييا بأيييديهم ميين الكتييب‬
‫السماوية المنزلة على النبياء قبلييه }ويييزداد الييذين آمنييوا‬
‫إيمانًا{ أي إلى إيمانهم أي بما يشييهدون ميين صييدق إخبييار‬
‫نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم }ول يرتاب الذين أوتييوا‬
‫الكتاب والمؤمنون وليقول الذين فييي قليوبهم مييرض{ أي‬
‫ل{ أي‬ ‫من المنافقين }والكييافرون ميياذا أراد اللييه بهييذا مث ً‬
‫يقولون ما الحكمة في ذكر هييذا ههنييا ؟ قييال اللييه تعييالى‪:‬‬
‫}كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء{ أي من مثل‬
‫هذا وأشباهه يتأكد اليمان في قلوب أقييوام ويييتزلزل عنييد‬
‫آخرييييين‪ ,‬ولييييه الحكميييية البالغيييية والحجيييية الدامغيييية‪.‬‬

‫‪846‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وما يعلم جنود ربك إل هييو{ أي مييا يعلييم‬
‫عددهم وكثرتهم إل هو تعالى لئل يتوهم متوهم أنهم تسعة‬
‫عشر فقط‪ ,‬كما قد قاله طائفة من أهل الضللة والجهاليية‬
‫ومن الفلسفة اليونانيين ومن شايعهم من الملييتين الييذين‬
‫سمعوا هذه ا َ‬
‫لييية فييأرادوا تنزيلهييا علييى العقييول العشييرة‬
‫والنفوس التسعة التي اخترعوا دعواها وعجزوا عن إقاميية‬
‫لية وقييد كفييروا‬‫الدللة على مقتضاها‪ ,‬فأفهموا صدر هذه ا َ‬
‫بآخرها وهو قوله‪} :‬وما يعلم جنود ربك إل هو{ وقييد ثبييت‬
‫في حديث السراء المروي في الصييحيحين وغيرهمييا عيين‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في صفة الييبيت‬
‫المعمور الذي في السماء السابعة‪» :‬فإذا هييو يييدخله فييي‬
‫كل يوم سبعون ألف ملك ل يعودون إليه آخر ما عليهييم«‪.‬‬
‫وقييال المييام أحمييد‪ :‬حييدثنا أسييود‪ ,‬حييدثنا إسييرائيل عيين‬
‫إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن مورق عن أبي ذر قييال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬إنييي أرى مييا ل‬
‫ترون وأسمع ما ل تسييمعون أطييت السييماء وحييق لهييا أن‬
‫تئط ما فيها موضع أصبع إل عليه ملك ساجد‪ ,‬لو علمتم ما‬
‫أعلم لضحكتم قليل ً ولبكيتم كثيرا ً ول تلذذتم بالنسياء علييى‬
‫الفرشييات ولخرجتييم إلييى الصييعدات تجييأرون إلييى اللييه‬
‫تعالى« فقييال أبييو ذر‪ :‬واللييه لييوددت أنييي شييجرة تعضييد‪,‬‬
‫ورواه الترمييذي وابيين ميياجه ميين حييديث إسييرائيل‪ ,‬وقييال‬
‫الترمذي حديث حسن غريب‪ ,‬ويروى عن أبي ذر موقوفييًا‪,‬‬
‫وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني‪ :‬حدثنا خييير بيين عرفيية‬
‫المصري‪ ,‬حدثنا عروة بن مروان الرقي‪ ,‬حييدثنا عبيييد اللييه‬
‫بن عمرو عن عبد الكريم بن مالك عن عطاء بن أبي رباح‬
‫عن جابر بن عبد الله قييال‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬ما في السموات السبع موضع قدم ول شبر‬
‫ول كف إل وفيه ملك قييائم أو ملييك سيياجد أو ملييك راكييع‪,‬‬
‫فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعا ً سبحانك ما عبدناك حييق‬
‫عبادتك إل أنا لم نشرك بك شيئًا«‪ .‬وقال محمييد بيين نصيير‬
‫المروزي في كتاب الصلة‪ :‬حدثنا عمرو بيين زرارة‪ ,‬أخبرنييا‬
‫عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد عن قتادة عن صفوان بن‬

‫‪847‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫محرز عن حكيم بن حزام قييال‪ :‬بينمييا رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم مع أصحابه إذ قال لهم‪» :‬هل تسمعون ما‬
‫أسمع ؟« قالوا‪ :‬ما نسمع ميين شيييء‪ .‬فقييال رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬أسمع أطيط السماء ومييا تلم أن‬
‫تئط‪ .‬ما فيها موضع شبر إل وعليه ملييك راكييع أو سيياجد«‪.‬‬
‫وقال أيضًا‪ :‬حدثنا محمد بن عبد الله بن قهذاذ‪ ,‬حدثنا أبييو‬
‫معاذ الفضل بيين خالييد النحييوي‪ ,‬حييدثنا عبيييد بيين سييليمان‬
‫الباهلي سمعت الضحاك بن مزاحيم يحيدث عين مسيروق‬
‫بن الجدع عن عائشة أنها قالت‪ :‬قييال رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم‪» :‬مييا فييي السييماء الييدنيا موضييع قييدم إل‬
‫وعليه ملك ساجد أو قائم وذلك قول الملئكيية‪} :‬ومييا منييا‬
‫إل لييه مقييام معلييوم * وإنييا لنحيين الصييافون * وإنييا لنحيين‬
‫المسييبحون{« وهييذا مرفييوع غريييب جييدا ً ثييم رواه عيين‬
‫محمود بن آدم عيين أبييي معاوييية عيين العمييش عيين أبييي‬
‫الضحى عن مسروق عيين ابيين مسييعود أنييه قييال‪ :‬إن ميين‬
‫السموات سماء ما فيها موضع شبر إل وعليييه جبهيية ملييك‬
‫أو قدماه قائم ثم قرأ }وإنا لنحيين الصييافون * وإنييا لنحيين‬
‫المسيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييبحون{‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬حدثنا أحمد بن سيار‪ ,‬حدثنا أبو جعفر بن محمييد‬
‫بن خالد الدمشقي المعروف بابن أمه‪ ,‬حدثنا المغيييرة بيين‬
‫عمر بن عطية من بني عمرو بن عييوف‪ ,‬حييدثني سييليمان‬
‫بن أيوب عن سالم بن عوف‪ ,‬حييدثني عطيياء بيين زيييد بيين‬
‫مسعود من بني الحبلييى‪ ,‬حييدثني سييليمان بيين عمييرو بيين‬
‫الربيع من بني سالم‪ ,‬حدثني عبييد الرحميين بيين العلء ميين‬
‫بني ساعدة عن أبيه العلء بن سعد وقييد شييهد الفتييح ومييا‬
‫بعده‪ ,‬أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪ :‬يوما ً لجلسييائه‪:‬‬
‫»هل تسمعون ما أسمع ؟« قييالوا‪ :‬ومييا تسييمع يييا رسييول‬
‫الله ؟ قال »أطت السماء وحق لها أن تئط إنه ليس فيهييا‬
‫موضع قدم إل وعليه ملك قائم أو راكييع أو سيياجد وقييالت‬
‫الملئكة }وإنا لنحيين الصييافون * وإنييا لنحيين المسييبحون{‬
‫وهييييييييييييذا إسييييييييييييناد غريييييييييييييب جييييييييييييدًا‪.‬‬

‫‪848‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ثم قال‪ :‬حدثنا إسحاق بن محمد بيين إسييماعيل الفييروي‪,‬‬
‫حدثنا عبد الملك بن قدامة عن عبد الرحمن بيين عبييد اللييه‬
‫بن دينار عيين أبيييه عيين عبييد اللييه بيين عميير أن عميير جيياء‬
‫والصلة قائمة ونفر ثلثة جلوس أحدهم أبو جحش الليثي‪,‬‬
‫فقال‪ :‬قوموا فصلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‪,‬‬
‫فقام اثنان وأبى أبو جحش أن يقييوم وقييال ل أقييوم حييتى‬
‫يأتي رجل أقوى مني ذراعين وأشد مني بطشًا‪ ,‬فيصرعني‬
‫س وجهي في التراب‪ ,‬قال عمر فصييرعته ودسسييت‬ ‫ثم يد ّ‬
‫وجهه في التراب‪ ,‬فأتى عثمييان بيين عفييان فحجزنييي عنييه‬
‫فخرج عمر مغضبا ً حتى انتهى إلى رسول الله صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم فقال‪» :‬ما رأيك يا أبا حفص ؟« فييذكر لييه مييا‬
‫كان منه‪ ,‬فقال رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪» :‬إن‬
‫رضي عميير رحمييه‪ ,‬والليه علييى ذلييك لييوددت أنيك جئتنييي‬
‫برأس الخبيث« فقام عميير فييوجه نحييوه فلمييا أبعييد نيياداه‬
‫فقال‪» :‬اجلس حتى أخبرك بغناء الرب تبارك وتعالى عيين‬
‫صلة أبي جحش وإن لله تعالى في السماء الييدنيا ملئكيية‬
‫خشييوعا ً ل يرفعييون رؤوسييهم حييتى تقييوم السيياعة‪ ,‬فييإذا‬
‫قامت رفعوا رؤوسهم ثم قالوا ربنا ما عبدناك حق عبادتك‬
‫وإن للييه فييي السييماء الثانييية ملئكيية سييجودا ً ل يرفعييون‬
‫رؤوسهم حتى تقييوم السيياعة فييإذا قييامت السيياعة رفعييوا‬
‫رؤوسهم وقالوا سبحانك ربنييا مييا عبييدناك حييق عبادتييك«‪.‬‬
‫فقال له عمر‪ :‬وما يقولون يا رسول اللييه ؟ فقييال‪» :‬أمييا‬
‫أهل السماء الدنيا فيقولون سبحان ذي الملك والملكييوت‪,‬‬
‫وأمييا أهييل السييماء الثانييية فيقولييون سييبحان ذي العييزة‬
‫والجييبروت‪ ,‬وأمييا أهييل السييماء الثالثيية فيقولييون سييبحان‬
‫الحي الذي ل يموت‪ ,‬فقلها يا عمر في صلتك‪ ,‬فقال عمر‪:‬‬
‫يييا رسيول الليه فكييف باليذي كنيت علمتنييي وأمرتنيي أن‬
‫أقوله في صلتي ؟ فقال‪» :‬قل هذا مرة وهذا مرة« وكان‬
‫الذي أمره به أن يقوله‪» :‬أعوذ بعفوك من عقابييك‪ ,‬وأعييوذ‬
‫برضاك من سييخطك‪ ,‬وأعييوذ بييك منييك جييل وجهييك« هييذا‬
‫حديث غريب جدا ً بل منكر نكارة شديدة‪ ,‬وإسحاق الفروي‬
‫روى عنه البخاري‪ ,‬وذكره ابن حبييان فييي الثقييات وضييعفه‬

‫‪849‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبو داود والنسائي والعقيلي والدار قطني‪ ,‬وقال أبو حيياتم‬
‫الرازي‪ :‬كان صدوقا ً إل أنه ذهب بصره فربمييا لقيين وكتبييه‬
‫صحيحة‪ ,‬وقال مرة هو مضطرب وشيييخه عبييد الملييك بيين‬
‫قدامة أبو قتييادة الجمحييي تكلييم فيييه أيضيًا‪ ,‬والعجييب ميين‬
‫المام محمد بن نصر كيف رواه ولم يتكلم عليه‪ ,‬ول عرف‬
‫بحاله‪ ,‬ول تعرض لضعف بعيض رجياله‪ ,‬غيير أنيه رواه مين‬
‫وجه آخر عن سعيد بين جيبير مرسيل ً بنحيوه ومين طرييق‬
‫أخرى عيين الحسين البصييري مرسيل ً قريبيا ً منيه‪ ,‬ثييم قيال‬
‫محمد بن نصر‪ :‬حدثنا محمد بن عبد الله بن قهذاذ‪ ,‬أخبرنييا‬
‫النضر‪ ,‬أخبرنييا عبيياد بيين منصييور قييال‪ :‬سييمعت عييدي بيين‬
‫أرطاة وهو يخطبنا على منييبر المييدائن قييال سييمعت رجل ً‬
‫من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عيين رسييول اللييه‬
‫صلى الله عليه وسييلم قييال‪ :‬إن للييه تعييالى ملئكيية ترعييد‬
‫فرائصهم من خيفته ما منهم ملييك تقطيير منييه دمعيية ميين‬
‫عينه إل وقعت على ملك يصلي‪ ,‬وإن منهم ملئكة سييجودا ً‬
‫منذ خلق الله السموات والرض لييم يرفعييوا رؤوسييهم ول‬
‫يرفعونها إلى يييوم القياميية‪ ,‬وإن منهييم ملئكيية ركوعيا ً لييم‬
‫يرفعييوا رؤوسييهم منييذ خلييق اللييه السييموات والرض ول‬
‫يرفعونها إلى يوم القيامة‪ ,‬فإذا رفعوا رؤوسهم نظروا إلى‬
‫وجه الله عز وجل قالوا سبحانك ما عبدناك حق عبادتييك«‬
‫وهيييييييييييييذا إسيييييييييييييناد ل بيييييييييييييأس بيييييييييييييه‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬وما هييي إل ذكييرى للبشيير{ قييال مجاهييد‬
‫وغير واحد‪} :‬وما هي{ أي النار الييتي وصييفت }إل ذكييرى‬
‫للبشر{ ثم قال تعالى‪} :‬كل والقمر * والليل إذ أدبيير{ أي‬
‫ولى }والصبح إذا أسفر{ أي أشرق }إنهييا لحييدى الكييبر{‬
‫أي العظائم يعني النار‪ ,‬قيياله ابيين عبيياس ومجاهييد وقتييادة‬
‫والضحاك وغير واحييد ميين السييلف }نييذيرا ً للبشيير * لميين‬
‫شيياء منكييم أن يتقييدم أو يتييأخر{ أي لميين شيياء أن يقبييل‬
‫النييذارة ويهتييدي للحييق أو يتييأخر عنهييا ويييولي ويردهييا‪.‬‬

‫‪850‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬
‫ن*‬ ‫مي ي ِ‬‫ب ال ْي َ ِ‬ ‫حا َ‬ ‫صي َ‬ ‫ة * إ ِل ّ أ ْ‬ ‫هين َي ٌ‬ ‫ت َر ِ‬ ‫سيب َ ْ‬ ‫مييا ك َ َ‬ ‫س بِ َ‬ ‫ل ن َْفي ٍ‬ ‫** ك ُ ّ‬
‫م ِفيي‬ ‫سيل َك َك ُ ْ‬ ‫ميا َ‬ ‫ن* َ‬ ‫مي َ‬‫جرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ن * عَ ِ‬ ‫سآَءُلو َ‬ ‫ت ي َت َ َ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫ِفي َ‬
‫م‬ ‫ك ن ُط ْعِي ُ‬ ‫م ن َي ُ‬ ‫ن * وَل َي ْ‬ ‫صيّلي َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫مي َ‬ ‫ك ِ‬ ‫م ن َي ُ‬ ‫سيَقَر * قَيياُلوا ْ ل َي ْ‬ ‫َ‬
‫ن * وَك ُّنا ن ُك َذ ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن * وَك ُّنا ن َ ُ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫ب ب ِي َوْم ِ‬ ‫ضي َ‬‫خآئ ِ ِ‬ ‫مع َ ال َ‬ ‫ض َ‬ ‫خو ُ‬ ‫كي َ‬‫س ِ‬ ‫م ْ‬
‫ن‬ ‫شافِِعي َ‬ ‫ة ال ّ‬ ‫شَفاعَ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ما َتنَفعُهُ ْ‬ ‫ن * فَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ى أ ََتاَنا ال ْي َِقي‬ ‫َ‬ ‫حت ّ‬‫ن* َ‬ ‫ِ‬ ‫دي‬
‫ال ّ‬
‫َ‬
‫سييَتنِفَرةٌ‬ ‫م ْ‬ ‫مٌر ّ‬ ‫ح ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ن * ك َأن ّهُ ْ‬ ‫ضي َ‬ ‫معْرِ ِ‬ ‫ن الت ّذ ْك َِرةِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫م عَ‬ ‫ما ل َهُ ْ‬ ‫* فَ َ‬
‫ل امرىٍء منه َ‬
‫ى‬ ‫م أن ي ُيؤْت َ َ‬ ‫ّ ُْ ْ‬ ‫ريد ُ ك ُ ّ ْ ِ‬ ‫ل يُ ِ‬ ‫سوََرةٍ * ب َ ْ‬ ‫من قَ ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫* فَّر ْ‬
‫ه ت َذ ْك َِرةٌ‬ ‫خَرةَ * ك َل ّ إ ِن ّ ُ‬ ‫ن ال َ ِ‬ ‫خاُفو َ‬ ‫شَرةً * ك َل ّ َبل ل ّ ي َ َ‬ ‫من َ ّ‬ ‫حفا ً ّ‬ ‫ص ُ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫و‬
‫ه هُ ي َ‬ ‫شييآَء اللي ُ‬ ‫ن إ ِل ّ أن ي َ َ‬ ‫مييا ي َيذ ْك ُُرو َ‬ ‫شآَء ذ َك َيَرهُ * وَ َ‬ ‫من َ‬ ‫* فَ َ‬
‫مغِْفيييييييييييَرةِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫هييييييييييي ُ‬ ‫ل الت ّْقيييييييييييوَىَ وَأ َ ْ‬ ‫هييييييييييي ُ‬ ‫أَ ْ‬
‫يقول تعالى مخبرا ً أن }كل نفس بما كسبت رهينيية{ أي‬
‫معتقلة بعملها يييوم القياميية قيياله ابيين عبيياس وغيييره }إل‬
‫أصييحاب اليمييين{ فييإنهم }فييي جنييات يتسيياءلون عيين‬
‫المجرمييين{ أي يسييألون المجرمييين وهييم فييي الغرفييات‬
‫وأولئك في الدركات قائلين لهم‪} :‬ما سلككم في سييقر *‬
‫قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين{ أي ما‬
‫عبدنا الله ول أحسنا إلى خلقه ميين جنسيينا }وكنييا نخييوض‬
‫مع الخائضين{ أي نتكلم فيما ل نعليم‪ .‬وقييال قتيادة‪ :‬كلمييا‬
‫غوى غاوٍ غوينا معه }وكنييا نكييذب بيييوم الييدين حييتى أتانييا‬
‫اليقين{ يعنييي المييوت كقييوله تعييالى‪} :‬واعبييد ربييك حييتى‬
‫يأتيك اليقين{ وقال رسول الله صييلى اللييه عليييه وسييلم‪:‬‬
‫»أما هو ي يعني عثمان بن مظعون ي فقد جاءه اليقين ميين‬
‫ربه« قال الله تعالى‪} :‬فما تنفعهم شفاعة الشافعين{ أي‬
‫من كييان متصييفا ً بمثييل هييذه الصييفات فييإنه ل تنفعييه يييوم‬
‫القيامة شفاعة شافع فيه لن الشفاعة إنما تنجييع إذا كييان‬
‫ل‪ ,‬فأما من وافى الله كافرا ً يوم القيامة فإنه له‬ ‫المحل قاب ً‬
‫النار ل محالة خالدا ً فيها‪ ,‬ثم قييال تعييالى‪} :‬فمييا لهييم عيين‬
‫التذكرة معرضين{ أي فما لهؤلء الكفرة الذين قبلك ممييا‬
‫تدعوهم إليه وتذكرهم به معرضين }كأنهم حمر مسييتنفرة‬
‫فييرت ميين قسييورة{ أي كييأنهم فييي نفييارهم عيين الحييق‬
‫وإعراضهم عنه حمر من حمر الوحش إذا فرت ممن يريييد‬
‫صيدها من أسد‪ ,‬قاله أبو هريييرة وابيين عبيياس فييي رواييية‬

‫‪851‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عنه وزيد بن أسلم وابنه عبد الرحمن‪ ,‬أو رام‪ ,‬وهييو رواييية‬
‫عن ابن عباس وهو قول الجمهور‪ .‬وقال حميياد بيين سييلمة‬
‫عن علي بن زيد عن يوسف بن مهييران عيين ابيين عبيياس‪:‬‬
‫السد بالعربية‪ ,‬ويقال لييه بالحبشييية قسييورة‪ ,‬وبالفارسييية‬
‫شييييييييييييييييييير‪ ,‬وبالنبطييييييييييييييييييية أوبييييييييييييييييييا‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬بل يريد كل امرىء منهم أن يؤتى صحفا ً‬
‫منشرة{ أي بل يريد كل واحييد ميين هييؤلء المشييركين أن‬
‫ينزل عليه كتاب كما أنزل الله على النبي صلى الليه علييه‬
‫وسلم‪ ,‬قاله مجاهد وغيره‪ ,‬كقوله تعالى‪} :‬وإذا جاءتهم آية‬
‫قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل مييا أوتييي رسييل اللييه‪ ,‬اللييه‬
‫أعلم حيث يجعل رسالته{ وفي رواية عن قتييادة‪ :‬يريييدون‬
‫أن يؤتييوا بييراءة بغييير عمييل‪ ,‬فقييوله تعييالى‪} :‬كل بييل ل‬
‫لخييرة{ أي إنمييا أفسييدهم عييدم إيمييانهم بهييا‬ ‫يخييافون ا َ‬
‫وتكيييييييييييييييييييييييييييذيبهم بوقوعهيييييييييييييييييييييييييييا‪.‬‬
‫ثييم قييال تعييالى‪} :‬كل إنييه تييذكرة{ أي حق يا ً إن القييرآن‬
‫تذكرة }فمن شاء ذكييره ومييا يييذكرون إل أن يشيياء اللييه{‬
‫كقوله‪} :‬وما تشيياءون إل أن يشيياء اللييه{‪ .‬وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}هو أهل التقوى وأهل المغفييرة{ أي هييو أهييل أن يخيياف‬
‫منه وهو أهييل أن يغفيير ذنييب ميين تيياب إليييه وأنيياب‪ .‬قيياله‬
‫قتادة‪ .‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا زيييد بيين الحبيياب‪ ,‬أخييبرني‬
‫سهيل أخو حزم‪ ,‬حدثنا ثابت البنيياني عيين أنييس بيين مالييك‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫لية }هو أهل التقوى وأهييل المغفييرة{ وقييال »قييال‬ ‫هذه ا َ‬
‫ربكم أنا أهل أن أتقى فل يجعل معييي إلييه فميين اتقييى أن‬
‫يجعيل معيي إلهيا ً كيان أهل ً أن أغفير ليه« ورواه الترميذي‬
‫وابن ميياجه ميين حييديث زيييد بيين الحبيياب‪ ,‬والنسييائي ميين‬
‫حديث المعافى بن عمران‪ ,‬كلهما عن سهيل بن عبد اللييه‬
‫القطعي به‪ ,‬وقال الترمييذي‪ :‬حسيين غريييب وسييهيل ليييس‬
‫بالقوي‪ ,‬ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه عيين هدبيية بيين خالييد‬
‫عيين سييهيل بييه‪ ,‬وهكييذا رواه أبييو يعلييى والييبزار والبغييوي‬
‫وغيرهم من حديث سهيل القطعي به‪ .‬آخر تفسييير سييورة‬
‫المدثر‪ ,‬ولله الحمد والمنة‪.‬‬

‫‪852‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫سورة القيامة‬
‫حييييييييييييم ِ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫سيييييييييييم ِ الل ّيييييييييييهِ الّر ْ‬
‫حمـييييييييييي ِ‬ ‫بِ ْ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫م ية ِ *‬ ‫وا َ‬ ‫س الل ّ ّ‬ ‫ِ‬ ‫م ب ِييالن ّْف‬ ‫سي ُ‬ ‫مةِ * وَل َ أقْ ِ‬ ‫م ب ِي َوْم ِ ال ِْقَيا َ‬ ‫س ُ‬ ‫** ل َ أقْ ِ‬
‫ى َأن‬ ‫َ َ‬
‫ن عَل َ‬ ‫َ‬ ‫ري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫د‬‫قا‬ ‫َ‬ ‫ى‬
‫َ َ‬
‫ه * ب َل َ‬ ‫ُ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ع َ‬
‫ظا‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫لن‬ ‫ن أَ ّ‬ ‫ُ‬ ‫سا‬
‫َ‬ ‫لن‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ب‬‫ُ‬ ‫س‬‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬‫أَ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫سأل أّيا َ‬ ‫ه * يَ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ما َ‬ ‫جَر أ َ‬ ‫ن ل ِي َْف ُ‬ ‫سا ُ‬ ‫لن َ‬ ‫ريد ُ ا ِ‬ ‫ه * ب َل ي ُ ِ‬ ‫سوّيَ ب ََنان َ ُ‬ ‫نّ َ‬
‫م يعَ‬ ‫ج ِ‬ ‫مُر * وَ ُ‬ ‫ف ال َْق َ‬ ‫س َ‬ ‫خ َ‬ ‫صُر * وَ َ‬ ‫ذا ب َرِقَ ال ْب َ َ‬ ‫مةِ * فَإ ِ َ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬‫ي َوْ ُ‬
‫َ‬
‫مَفييّر * ك َل ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مئ ِذٍ أي ُْ َ‬ ‫ن ي َوْ َ‬ ‫سا ُ‬ ‫لن َ‬ ‫لا ِ‬ ‫مُر * ي َُقو ُ‬ ‫س َوال َْق َ‬ ‫م ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ال ّ‬
‫مئ ِذِ‬
‫ن ي َيوْ َ‬ ‫سييا ُ‬‫لن َ‬ ‫سيت ََقّر * ي ُن َب ّيأ ا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مئ ِذٍ ال ْ ُ‬ ‫ك ي َوْ َ‬ ‫ى َرب ّ َ‬ ‫َ‬
‫ل َ وََزَر * إ ِ َل َ‬
‫صيييَرةٌ * وَل َي ْ‬
‫و‬ ‫س يه ِ ب َ ِ‬ ‫ى ن َْف ِ‬ ‫سييا ُ َ‬
‫ن عَل ي َ‬ ‫لن َ‬ ‫لا ِ‬ ‫خَر * ب َ ِ‬ ‫م وَأ ّ‬ ‫ما قَد ّ َ‬ ‫بِ َ‬
‫مَعيييييييييييييييييييييييييييييياِذيَرهُ‬ ‫ى َ‬ ‫َْ‬
‫ألَقيييييييييييييييييييييييييييييي َ‬
‫قد تقدم غير مرة أن المقسم عليه إذا كان منتفيييا ً جيياز‬
‫التيان بل قبل القسم لتأكيد النفيي‪ .‬والمقسيم علييه ههنيا‬
‫هو إثبات المعاد والرد على مييا يزعمييه الجهلية ميين العبياد‬
‫ومن عدم بعث الجساد‪ ,‬ولهذا قال تعالى‪} :‬ل أقسم بيوم‬
‫القيامة ول أقسم بالنفس اللواميية{ قييال الحسيين‪ :‬أقسييم‬
‫بيوم القيامة ولم يقسم بالنفس اللوامة‪ ,‬وقال قتييادة‪ :‬بييل‬
‫أقسم بهما جميعًا‪ ,‬هكذا حكاه ابن أبييي حيياتم‪ :‬وقييد حكييى‬
‫ابن جرير عن الحسن والعرج أنهمييا قييرءا }لقسييم بيييوم‬
‫القيامة{ وهذا يوجه قول الحسن لنه أثبييت القسييم بيييوم‬
‫القيامة ونفى القسم بالنفس اللوامة‪ ,‬والصحيح أنه أقسييم‬
‫بهما جميعا ً كما قاله قتادة رحمه اللييه‪ ,‬وهييو المييروي عيين‬
‫ابن عباس وسعيد بن جبير‪ ,‬واختاره ابن جرييير‪ ,‬فأمييا يييوم‬
‫القيامة فمعروف وأما النفس اللوامة فقال قرة بيين خالييد‬
‫لييية‪ :‬إن المييؤمن واللييه مييا‬ ‫عن الحسن البصري في هذه ا َ‬
‫نراه إل يلوم نفسه‪ .‬ما أردت بكلمتي‪ ,‬ما أردت بأكلتي‪ ,‬ما‬
‫أردت بحديث نفسي‪ ,‬وإن الفاجر يمضييي قييدما ً مييا يعيياتب‬
‫نفسه‪ ,‬وقال جويبر‪ :‬بلغنا عن الحسن أنه قييال فييي قييوله‪:‬‬
‫}ول أقسم بييالنفس اللواميية{ قييال‪ :‬ليييس أحييد ميين أهييل‬
‫السموات والرضين إل يلوم نفسه يوم القيامة‪ .‬وقال ابيين‬
‫أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حدثنا عبد الله بن صييالح بيين مسييلم‬

‫‪853‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن إسرائيل عن سماك أنه سأل عكرمة عيين قييوله‪} :‬ول‬
‫أقسم بالنفس اللوامة{ قال‪ :‬يلوم على الخييير والشيير لييو‬
‫فعلت كذا وكذا‪ ,‬ورواه ابن جرير عن أبي كريب عن وكيييع‬
‫عن إسرائيل به‪ ,‬وقال ابن جرير‪ :‬حدثنا محمييد بيين بشييار‪,‬‬
‫حدثنا مؤمل‪ ,‬حدثنا سفيان عن ابن جريج عن الحسيين بيين‬
‫مسلم عن سعيد بن جبير في قييوله‪} :‬ول أقسييم بييالنفس‬
‫اللوامة{ قال‪ :‬تلوم على الخير والشر‪ ,‬ثيم رواه مين وجيه‬
‫آخر عن سعيد أنه سأل ابن عبيياس عيين ذلييك فقييال‪ :‬هييي‬
‫النفس اللؤوم‪ ,‬وقال علي بن أبي نجيح عيين مجاهييد تنييدم‬
‫على ما فات وتلوم عليه‪ ,‬وقال علي بيين أبييي طلحيية عيين‬
‫ابيين عبيياس‪ :‬اللواميية المذمومية‪ ,‬وقيال قتييادة }اللواميية{‬
‫الفيياجرة‪ .‬وقييال ابيين جرييير‪ :‬وكييل هييذه القييوال متقاربيية‬
‫بالمعنى والشبه بظيياهر التنزيييل أنهييا الييتي تلييوم صيياحبها‬
‫علييييى الخييييير والشيييير وتنييييدم علييييى مييييا فييييات‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬أيحسب النسان أن ليين نجمييع عظييامه{‬
‫أي يييوم القياميية أيظيين أنييا ل نقييدر علييى إعييادة عظييامه‬
‫وجمعها من أماكنها المتفرقة }بلى قادرين على أن نسوي‬
‫بنانه{ وقال سعيد بن جبير والعوفي عيين ابيين عبيياس‪ :‬أن‬
‫نجعله خفا ً أو حافرًا‪ ,‬وكذا قال مجاهييد وعكرميية والحسيين‬
‫وقتادة والضحاك وابن جرير‪ ,‬ووجهه ابن جرير بييأنه تعييالى‬
‫لييية أن قييوله‬‫لو شاء لجعل ذلك في الدنيا‪ ,‬والظاهر ميين ا َ‬
‫تعالى‪} :‬قادرين{ حال من قوله تعالى‪} :‬نجمع{ أي أيظن‬
‫النسان أنا ل نجمع عظامه ؟ بييل سيينجمعها قييادرين علييى‬
‫أن نسوي بنانه أي قدرتنا صالحة لجمعها‪ ,‬ولو شييئنا بعثنيياه‬
‫أزيد مما كان فنجعل بنانه وهي أطراف أصييابعه مسييتوية‪,‬‬
‫وهذا معنى قييول ابيين قتيبيية والزجيياج‪ .‬وقييوله‪} :‬بييل يريييد‬
‫النسان ليفجر أمامه{ قال سعيد عيين ابيين عبيياس‪ :‬يعنييي‬
‫يمضي قدمًا‪ ,‬وقال العوفي عن ابن عباس }ليفجر أمامه{‬
‫يعنييي المييل‪ ,‬يقييول النسييان أعمييل ثييم أتييوب قبييل يييوم‬
‫القيامة‪ ,‬ويقال‪ :‬هو الكفر بالحق بييين يييدي القياميية‪ .‬وقيال‬
‫مجاهد }ليفجر أمامه{ ليمضي أمامه راكب يا ً رأسييه‪ ,‬وقييال‬
‫الحسن‪ :‬ل ُيلقى ابن آدم إل تنزع نفسه إلييى معصييية اللييه‬

‫‪854‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قدما ً قدما ً إل من عصمه اللييه تعييالى‪ ,‬وروي عيين عكرميية‬
‫وسييعيد بيين جييبير والضييحاك والسييدي وغييير واحييد ميين‬
‫السلف‪ :‬هو الييذي يعجييل الييذنوب ويسييوف التوبيية‪ ,‬وقييال‬
‫علي بن أبي طلحة عن ابن عباس‪ :‬هو الكافر يكذب بيييوم‬
‫الحساب‪ ,‬وكذا قال ابن زيد وهذا هو الظهيير ميين المييراد‪,‬‬
‫ولهذا قال بعييده }يسييأل أيييان يييوم القياميية ؟{ أي يقييول‬
‫مييتى يكييون يييوم القياميية وإنمييا سييؤاله سييؤال اسييتبعاد‬
‫لوقوعه وتكذيب لوجوده كما قال تعالى‪} :‬ويقولييون مييتى‬
‫هييذا الوعييد إن كنتييم صييادقين * قييل لكييم ميعيياد يييوم ل‬
‫تسيييييييتأخرون عنيييييييه سييييييياعة ول تسيييييييتقدمون{‪.‬‬
‫وقال تعالى ههنا‪} :‬فإذا برق البصر{ قرأ أبييو عمييرو بيين‬
‫العلء برق بكسيير الييراء أي حييار‪ ,‬وهييذا الييذي قيياله شييبيه‬
‫بقوله تعالى‪} :‬ل يرتد إليهم طرفهم{ أي بل ينظرون ميين‬
‫الفزع هكذا وهكذا ل يستقر لهم بصر على شيء من شدة‬
‫الرعب‪ ,‬وقرأ آخرون برق بالفتح وهيو قرييب فيي المعنيى‬
‫من الول‪ ,‬والمقصود أن البصار تنبهر يوم القيامة وتخشع‬
‫وتحار وتذل من شدة الهوال ومن عظم ما تشيياهده يييوم‬
‫القيامة من المييور‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬وخسييف القميير{ أي‬
‫ذهب ضوؤه }وجمع الشمس والقمر{ قال مجاهد‪ :‬كييورا‪,‬‬
‫لييية }إذا الشييمس كييورت‬ ‫وقرأ ابن زيد عند تفسير هييذه ا َ‬
‫وإذا النجييوم انكييدرت{ وروي عيين ابيين مسييعود أنييه قييرأ‬
‫}وجمييع بييين الشييمس والقميير{‪ .‬وقييوله تعييالى‪} :‬يقييول‬
‫النسييان يييومئذ أييين المفيير{ أي إذا عيياين ابيين آدم هييذه‬
‫الهوال يوم القيامة حينئذ يريد أن يفر ويقييول أييين المفيير‬
‫أي هل من ملجييأ أو مييوئل‪ ,‬قييال اللييه تعييالى‪} :‬كل ل وزر‬
‫إلى ربك يومئذ المستقر{ قال ابيين مسييعود وابيين عبيياس‬
‫وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف‪ :‬أي ل نجاة‪ ,‬وهييذه‬
‫لية كقوله تعالى‪} :‬مالكم ميين ملجييأ يييومئذ ومييالكم ميين‬ ‫ا َ‬
‫نكير{ أي ليس لكم مكان تتنكرون فيييه‪ ,‬وكييذا قييال ههنييا‪:‬‬
‫}ل وزر{ أي ليس لكم مكان تعتصمون فيييه‪ ,‬ولهييذا قييال‪:‬‬
‫}إليييى ربيييك ييييومئذ المسيييتقر{ أي المرجيييع والمصيييير‪.‬‬

‫‪855‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ثم قال تعالى‪} :‬ينبأ النسان يومئذ بمييا قييدم وأخيير{ أي‬
‫يخبر بجميع أعماله قديمها وحديثها‪ ,‬أولها وآخرها‪ ,‬صغيرها‬
‫وكبيرها‪ ,‬كما قال تعييالى‪} :‬ووجييدوا مييا عملييوا حاضييرا ً ول‬
‫يظلم ربك أحييدًا{ وهكييذا قييال ههنييا‪} :‬بييل النسييان علييى‬
‫نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره{ أي هو شهيد على نفسه‬
‫عالم بما فعله ولو اعتذر وأنكر‪ ,‬وكمييا قييال تعييالى‪} :‬اقييرأ‬
‫كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا{ وقال علي بن أبي‬
‫طلحة عن ابن عباس }بل النسييان علييى نفسييه بصيييرة{‬
‫يقول‪ :‬سمعه وبصره ويداه ورجله وجوارحه‪ .‬وقال قتييادة‪:‬‬
‫شاهد على نفسه وفي رواية قييال‪ :‬إذا شييئت واللييه رأيتييه‬
‫بصيرا ً بعيوب الناس وذنوبهم غافل ً عن ذنوبه‪ .‬وكان يقييال‪:‬‬
‫إن في النجيل مكتوبا ً يا ابيين آدم تبصيير القييذاة فييي عييين‬
‫ذل فييييي عينييييك ل تبصييييره!‪.‬‬ ‫جيييي ْ‬‫أخيييييك وتييييترك ال ِ‬
‫وقال مجاهد‪} :‬ولو ألقى معاذيره{ ولو جيادل عنهيا فهيو‬
‫بصير عليها‪ .‬وقال قتادة }ولو ألقى معيياذيره{ ولييو اعتييذر‬
‫يييومئذ بباطييل ل يقبييل منييه‪ .‬وقييال السييدي }ولييو ألقييى‬
‫معاذيره{ حجتييه‪ .‬وكييذا قييال ابيين زيييد والحسيين البصييري‬
‫وغيرهم واختاره ابن جرير‪ .‬وقال قتادة عن زرارة عن ابن‬
‫عباس }ولو ألقى معاذيره{ يقول‪ :‬لييو ألقييى ثيييابه‪ .‬وقييال‬
‫الضحاك‪ :‬ولو ألقييى سييتوره وأهييل اليميين يسييمون السييتر‬
‫العذار‪ .‬والصحيح قول مجاهد وأصحابه كقوله تعالى‪} :‬يوم‬
‫يبعثهم الله جميعا ً فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون‬
‫أنهم على شيء أل إنهم هم الكاذبون{ وقال العييوفي عيين‬
‫ابن عباس }ولو ألقى معاذيره{ هييي العتييذار ألييم تسييمع‬
‫أنه قال }ل ينفع الظالمين معذرتهم{ وقييال }وألقييوا إلييى‬
‫الله يومئذ السلم{ }فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء{‬
‫وقيييييولهم }والليييييه ربنيييييا ميييييا كنيييييا مشيييييركين{‪.‬‬

‫ه وَقُْرآَنيي ُ‬
‫ه‬ ‫مع َ ُ‬ ‫ج ْ‬ ‫ن عَل َي َْنا َ‬ ‫ل ب ِهِ * إ ِ ّ‬ ‫ج َ‬ ‫سان َ َ‬
‫ك ل ِت َعْ َ‬ ‫ك ب ِهِ ل ِ َ‬ ‫حّر ْ‬ ‫** ل َ ت ُ َ‬
‫ْ‬
‫ل‬‫ه * ك َل ّ ب َي ْ‬ ‫ن عَل َي ْن َييا ب َي َييان َ ُ‬ ‫ه * ث ُي ّ‬
‫م إِ ّ‬ ‫ذا قََرأَناهُ َفات ّب ِعْ قُْرآن َ ُ‬ ‫* فَإ ِ َ‬
‫ضييَرةٌ *‬ ‫مئ ِذٍ ّنا ِ‬ ‫جوهٌ ي َوْ َ‬ ‫خَرةَ * وُ ُ‬ ‫ن ال َ ِ‬‫ة * وَت َذ َُرو َ‬ ‫جل َ َ‬
‫ن ال َْعا ِ‬ ‫حّبو َ‬‫تُ ِ‬

‫‪856‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ن َأن ي ُْفعَ ي َ‬
‫ل‬ ‫سَرةٌ * ت َظ ُي ّ‬
‫مئ ِذٍ َبا ِ‬
‫جوهٌ ي َوْ َ‬
‫ى َرب َّها َناظ َِرةٌ * وَوُ ُ‬ ‫َ‬
‫إ ِل َ‬
‫ب َِهيييييييييييييييييييييييييييييييييا َفييييييييييييييييييييييييييييييييياقَِرةٌ‬
‫هذا تعليم من اللييه عييز وجييل لرسييوله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم في كيفية تلقيه الوحي من الملك‪ ,‬فييإنه كييان يبييادر‬
‫إلى أخذه ويسابق الملك في قراءته‪ ,‬فأمره الله عز وجييل‬
‫إذا جاءه الملك بالوحي أن يستمع لييه وتكفييل اللييه لييه أن‬
‫يجمعه في صدره وأن ييسره لدائه على الوجه الذي ألقاه‬
‫عليييه‪ ,‬وأن يييبينه لييه ويفسييره ويوضييحه‪ .‬فالحاليية الولييى‬
‫جمعه في صدره والثانية تلوتييه والثالثيية تفسيييره وإيضيياح‬
‫معناه‪ .‬ولهذا قال تعالى‪} :‬ل تحرك به لسانك لتعجييل بييه{‬
‫أي بالقرآن كما قال تعالى‪} :‬ول تعجل بييالقرآن ميين قبييل‬
‫أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علمًا{ ثم قال تعالى‪:‬‬
‫}إن علينا جمعه{ أي في صدرك }وقرآنييه{ أي أن تقييرأه‬
‫}فإذا قرأنيياه{ أي إذا تله عليييك الملييك عيين الليه تعيالى‪:‬‬
‫}فاتبع قرآنه{ أي فاستمع له ثم اقرأه كما أقرأك }ثم إن‬
‫علينييا بيييانه{ أي بعييد حفظييه وتلوتييه نييبينه لييك ونوضييحه‬
‫ونلهمك معناه على ما أردنا وشييرعنا‪ .‬قييال المييام أحمييد‪:‬‬
‫حدثنا عبد الرحمن عيين أبييي عوانيية عيين موسييى بيين أبييي‬
‫عائشة عيين سييعيد بيين جييبير عيين ابيين عبيياس قييال‪ :‬كييان‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيييل شييدة‬
‫فكان يحرك شفتيه قال‪ :‬فقال لي ابن عبيياس‪ :‬أنييا أحييرك‬
‫شفتي كما كان رسول الله صلى الله عليييه وسييلم يحييرك‬
‫شفتيه‪ ,‬وقال لي سعيد‪ :‬وأنا أحرك شفتي كمييا رأيييت ابيين‬
‫عباس يحرك شفتيه‪ ,‬فأنزل اللييه عييز وجييل }ل تحييرك بييه‬
‫لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه{ قال‪ :‬جمعييه فييي‬
‫صدرك ثم تقرأه }فإذا قرأناه فاتبع قرآنه{ أي فاستمع ليه‬
‫وأنصت }ثيم إن علينيا بييانه{ فكيان بعيد ذليك إذا انطليق‬
‫جبريل قرأه كما أقرأه‪ .‬وقد رواه البخاري ومسلم من غير‬
‫وجه عن موسى بن أبي عائشة به‪ .‬ولفييظ البخيياري فكييان‬
‫إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه كمييا وعييده اللييه عييز‬
‫وجيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييل‪.‬‬

‫‪857‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبييو سييعيد الشييج‪ ,‬حييدثنا أبييو‬
‫يحيى التيمي‪ ,‬حدثنا موسى بن أبي عائشة عيين سييعيد بيين‬
‫جبير عن ابن عباس قال‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليييه‬
‫وسلم إذا نزل عليه الوحي يلقى منه شدة‪ ,‬وكييان إذا نييزل‬
‫عليه عييرف فييي تحريكييه شييفتيه يتلقييى أولييه ويحييرك بييه‬
‫شييفتيه‪ ,‬خشييية أن ينسييى أوليه قبيل أن يفيرغ مين آخيره‬
‫فأنزل الله تعالى‪} :‬ل تحرك به لسانك لتعجل بييه{ وهكييذا‬
‫قال الشعبي والحسن البصري وقتادة ومجاهييد والضييحاك‬
‫لية نزلييت فييي ذلييك‪ .‬وقييد روى ابيين‬ ‫وغير واحد‪ :‬إن هذه ا َ‬
‫جرير من طريييق العييوفي عيين ابيين عبيياس }ل تحييرك بييه‬
‫لسانك لتعجل به{ قال‪ :‬كان ل يفتر من القراءة مخافة أن‬
‫ينساه فقال الله تعالى‪} :‬ل تحرك به لسانك لتعجل بييه إن‬
‫علينييا جمعييه{ أن نجمعييه لييك }وقرآنييه{ أن نقييرئك فل‬
‫تنسى‪ ,‬وقييال ابيين عبيياس وعطيية العييوفي }ثييم إن علينييا‬
‫بيانه{ تبيين حلله وحرامه وكذا قال قتادة‪ .‬وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫لخرة{ أي إنمييا يحملهييم‬ ‫}كل بل تحبون العاجلة وتذرون ا َ‬
‫على التكذيب بيوم القيامة ومخالفة ما أنزله الله عز وجل‬
‫على رسييوله صييلى اللييه عليييه وسييلم ميين الييوحي الحييق‬
‫والقرآن العظيم‪ ,‬أنهم إنما همتهم إلى الدار الدنيا العاجليية‬
‫لخرة‪ .‬ثم قال تعالى‪} :‬وجييوه‬ ‫وهم لهون متشاغلون عن ا َ‬
‫يييومئذ ناضييرة{ ميين النضييارة أي حسيينة بهييية مشييرقة‬
‫مسييرورة }إلييى ربهييا نيياظرة{ أي تييراه عيانييا ً كمييا رواه‬
‫البخاري رحمييه اللييه تعييالى فييي صييحيحه »إنكييم سييترون‬
‫ربكم عيانًا«‪ .‬وقد ثبتت رؤية المؤمنين للييه عييز وجييل فييي‬
‫لخرة في الحاديث الصحاح من طرق متواترة عنييد‬ ‫الدار ا َ‬
‫أئمة الحديث ل يمكن دفعها ول منعها‪ ,‬لحيديث أبيي سيعيد‬
‫وأبي هريرة وهما في الصحيحين أنا ناسا ً قالوا‪ :‬يييا رسييول‬
‫الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال‪» :‬هل تضييارون فييي‬
‫رؤية الشمس والقمر ليييس دونهمييا سييحاب ؟« قييالوا‪ :‬ل‪,‬‬
‫قيييييييال‪» :‬فيييييييإنكم تيييييييرون ربكيييييييم كيييييييذلك«‪.‬‬
‫وفي الصحيحين عن جرير قال‪ :‬نظر رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم إلى القمر ليلة البدر فقيال‪» :‬إنكييم تييرون‬

‫‪858‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ربكم كما تييرون هييذا القميير! فييإن اسييتطعتم أن ل تغلبييوا‬
‫على صلة قبل طلوع الشمس ول قبييل غروبهييا فييافعلوا«‬
‫وفي الصحيحين عن أبييي موسييى قييال‪ :‬قييال رسييول الليه‬
‫صيلى الليه علييه وسييلم‪» :‬جنتييان ميين ذهييب آنيتهميا ومييا‬
‫فيهما‪ ,‬وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما‪ ,‬وما بييين القييوم‬
‫وبين أن ينظروا إلى الله عز وجييل إل رداء الكبرييياء علييى‬
‫وجهه في جنة عدن{‪ .‬وفي أفراد مسلم عيين صييهيب عيين‬
‫النبي صلى الله عليه وسييلم قييال‪» :‬إذا دخييل أهييل الجنيية‬
‫الجنة ي قال ي يقييول اللييه تعييالى‪ :‬تريييدون شيييئا ً أزيييدكم ؟‬
‫فيقولون‪ :‬ألم تبيض وجوهنا! ألم تدخلنا الجنيية وتنجنييا ميين‬
‫النار! قال‪ :‬فيكشف الحجاب‪ ,‬فما أعطوا شيئا ً أحب إليهييم‬
‫ميين النظيير إلييى ربهييم وهييي الزيييادة« ثييم تل هييذه ا َ‬
‫لييية‬
‫}للذين أحسنوا الحسنى وزيادة{ وفي أفييراد مسييلم عيين‬
‫جابر في حديثه »إن الله يتجلى للمييؤمنين يضييحك« يعنييي‬
‫فيي عرصيات القيامية ففيي هيذه الحياديث أن الميؤمنين‬
‫ينظرون إلى ربهم عز وجل في العرصييات وفييي روضييات‬
‫الجنات‪ ,‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا أبييو معاوييية‪ ,‬حييدثنا عبييد‬
‫الملك بن أبحر‪ ,‬حدثنا ثوير بن أبييي فيياخته عيين ابيين عميير‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صيلى الليه علييه وسيلم‪» :‬إن أدنييى‬
‫أهل الجنة منزلة لينظر في ملكه ألفي سيينة يييرى أقصيياه‬
‫كما يرى أدنياه‪ ,‬ينظير إليى أزواجيه وخيدمه‪ ,‬وإن أفضيلهم‬
‫منزلة لينظر في وجه الله كل يوم مرتين« ورواه الترمذي‬
‫عن عبد بن حميد عن شبابة عن إسرائيل عيين ثييوير قييال‪:‬‬
‫سمعت ابن عمر فذكره‪ ,‬قال‪ :‬ورواه عبد الملك بيين أبحيير‬
‫عن نوير عن مجاهد عيين ابيين عميير‪ ,‬وكييذلك رواه الثييوري‬
‫عن نوير عن مجاهد عن ابن عمر ولم يرفعه‪ ,‬ولول خشية‬
‫الطالة لوردنا الحيياديث بطرقهييا وألفاظهييا ميين الصييحاح‬
‫والحسان والمسانيد والسنن‪ ,‬ولكن ذكرنا ذلك مفرقا ً فييي‬
‫مواضيييييع مييييين هيييييذا التفسيييييير وبيييييالله التوفييييييق‪.‬‬
‫وهييذا بحمييد اللييه مجمييع عليييه بييين الصييحابة والتييابعين‬
‫وسلف هذه المة كما هو متفق عليييه بييين أئميية السييلم‪,‬‬
‫للء‬‫وهداة النام‪ ,‬ومن تأول ذلك بأن المييراد بييإلى مفييرد ا َ‬

‫‪859‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وهي النعم كما قال الثوري عن منصور عن مجاهييد }إلييى‬
‫ربها ناظرة{ قال‪ :‬تنتظر الثواب من ربها‪ ,‬رواه ابيين جرييير‬
‫من غير وجه عن مجاهد وكذا قال أبو صالح أيضا ً فقد أبعد‬
‫هذا القائل النجعة وأبطل فيميا ذهيب إلييه‪ ,‬وأيين هيو ميين‬
‫قوله تعالى‪} :‬كل إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ؟{ قال‬
‫الشافعي رحمه الله تعالى‪ :‬ما حجب الكفييار إل وقييد علييم‬
‫أن البرار يرونه عز وجل ثم قد تواترت الخبار عن رسول‬
‫اللييه صييلى اللييه عليييه وسييلم بمييا دل عليييه سييياق ا َ‬
‫لييية‬
‫الكريمة وهي قوله تعالى‪} :‬إلييى ربهييا نيياظرة{ قييال ابيين‬
‫جرير‪ :‬حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري‪ ,‬حدثنا آدم‪ ,‬حدثنا‬
‫المبارك عن الحسن }وجييوه يييومئذ ناضييرة{ قييال حسيينة‬
‫}إلى ربها ناظرة{ قال‪ :‬تنظيير إلييى الخييالق وحييق لهييا أن‬
‫تنضيييييييير وهييييييييي تنظيييييييير إلييييييييى الخييييييييالق‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬ووجوه يومئذ باسرة * تظيين أن يفعييل بهييا‬
‫فاقرة{ هذه وجوه الفجار تكون يوم القيامة باسييرة‪ ,‬قييال‬
‫قتادة‪ :‬كالحة‪ ,‬وقال السدي‪ :‬تغيير ألوانهييا‪ ,‬وقيال ابيين زيييد‬
‫}باسرة{ أي عابسة }تظن{ أي تسييتيقن }أن يفعييل بهييا‬
‫فيياقرة{ قييال مجاهييد‪ :‬داهييية‪ ,‬وقييال قتييادة‪ :‬شيير‪ ,‬وقييال‬
‫السييدي‪ .‬تسييتيقن أنهييا هالكيية‪ ,‬وقييال ابيين زيييد‪ :‬تظيين أن‬
‫سيتدخل النيار‪ ,‬وهيذا المقيام كقيوله تعيالى‪} :‬ييوم تيبيض‬
‫وجييوه وتسييود وجييوه{ وكقييوله تعييالى‪} :‬وجييوه يييومئذ‬
‫مسفرة‪ .‬ضاحكة مستبشييرة ووجييوه يييومئذ عليهييا غييبرة‪.‬‬
‫ترهقها قترة أولئك هم الكفييرة الفجييرة{ وكقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}وجوه يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة * تصلى نارا ً حامية ي ي‬
‫إلى قوله ي وجوه يومئذ ناعمة * لسعيها راضية * في جنيية‬
‫لييييات والسيييياقات‪.‬‬ ‫عاليييية{ فيييي أشيييباه ذليييك مييين ا َ‬

‫ظي َ‬
‫ه‬
‫ن أّني ُ‬ ‫ق * وَ َ ّ‬ ‫ن َرا ٍ‬‫مي ْ‬‫ل َ‬‫ي * وَِقيي َ‬ ‫ت الت َّراِقي َ‬ ‫ذا ب َل ََغي ِ‬
‫** ك َل ّ إ ِ َ‬
‫مئ ِذٍ‬‫ك ي َيوْ َ‬‫ى َرب ّي َ‬ ‫َ‬ ‫ال ِْف يَراقُ * َوال ْت َّف ي ِ‬
‫ق * إ ِل ي َ‬ ‫سييا ِ‬‫سيياقُ ِبال ّ‬ ‫ت ال ّ‬
‫ى*‬ ‫ّ‬ ‫كن ك َيذ ّ َ‬ ‫ى * وََلـي ِ‬ ‫ص يل ّ‬ ‫صيد ّقَ وَل َ‬ ‫ساقُ * فَل َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ب وَت َيوََل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬
‫َ‬ ‫مط ّى * أ َوْل َى ل َ َ َ َ‬ ‫ث ُم ذ َهَب إل َ َ‬
‫ى‬ ‫م أوْليي َ‬ ‫ى * ُثيي ّ‬ ‫ك فَأوْل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ى أهْل ِهِ ي َت َ َ‬ ‫َ ِ َ‬ ‫ّ‬

‫‪860‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬ ‫ن َأن ي ُت َْر َ‬ ‫ك فَأ َول َى * أ َ‬
‫ك‬‫م ي َي ُ‬ ‫دى * أل َي ْ‬ ‫سي ً‬ ‫ك ُ‬ ‫سا ُ‬‫لن َ‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ب‬
‫ُ‬ ‫س‬‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ْ َ‬ ‫لَ َ‬
‫سيوّىَ *‬ ‫خل َيقَ فَ َ‬ ‫ة فَ َ‬‫ن عَل ََقي ً‬ ‫م َ‬
‫كيا َ‬ ‫ى * ُثي ّ‬ ‫َ‬ ‫من َي‬ ‫ي يُ ْ‬ ‫مِني ّ‬ ‫من ّ‬ ‫ة ّ‬‫ن ُط َْف ً‬
‫َ‬
‫ك ب َِقييادٍِر‬ ‫ى * أل َي ْي َ‬
‫س ذ َل ِي َ‬ ‫ن ال يذ ّك ََر َوا ُ‬
‫لنث َي َ‬ ‫جي ْ َي ِ‬ ‫ه الّزوْ َ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ل ِ‬‫جع َ َ‬ ‫فَ َ‬
‫ى‬
‫مييييييييييييييييوْت َ َ‬ ‫ي ال ْ َ‬
‫حِيييييييييييييييييي َ‬ ‫ى أن ي ُ ْ‬ ‫عَليييييييييييييييي َ‬
‫َ‬
‫يخبر تعالى عن حالة الحتضار ومييا عنييده ميين الهييوال‬
‫ثبتنا الله هنالك بالقول الثابت فقال تعالى‪} :‬كل إذا بلغييت‬
‫التراقي{ إن جعلنا كل رادعيية فمعناهييا لسييت يييا ابيين آدم‬
‫هناك تكذب بما أخبرت به بل صار ذلك عنييدك عيانييًا‪ ,‬وإن‬
‫جعلناها بمعنى حقا ً فظاهر‪ ,‬أي حقا ً إذا بلغييت الييتراقي أي‬
‫انتزعت روحك من جسدك وبلغت تراقيك‪ ,‬والتراقي جمييع‬
‫ترقوة وهي العظام التي بين ثغرة النحيير والعيياتق‪ ,‬كقييوله‬
‫تعالى‪} :‬فلييول إذا بلغييت الحلقييوم‪ ,‬وأنتييم حينئذ تنظييرون‪,‬‬
‫ونحن أقرب إليه منكم ولكن ل تبصرون فلول إن كنتم غير‬
‫مدينين‪ ,‬ترجعونها‪ ,‬إن كنتييم صييادقين{ وهكييذا قييال ههنييا‪:‬‬
‫}كل إذا بلغت التراقي{ ويذكر ههنا حديث بشر بن حجيياج‬
‫الذي تقدم في سورة يييس‪ .‬والييتراقي جمييع ترقييوة وهييي‬
‫قريبة من الحلقوم }وقيل ميين راق ؟{ قييال عكرميية عيين‬
‫ابن عباس‪ :‬أي من راق يرقى‪ ,‬وكذا قال أبو قلبة‪} :‬وقيل‬
‫من راق{ أي من طبيب شاف‪ ,‬وكذا قال قتادة والضييحاك‬
‫وابن زيد‪ ,‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬حييدثنا نصيير بيين‬
‫علي‪ ,‬حدثنا روح بن المسيب أبو رجاء الكلبي‪ ,‬حدثنا عمرو‬
‫بن مالك عيين أبييي الجييوزاء عيين ابيين عبيياس }وقيييل ميين‬
‫راق{ قيييل ميين يرقييى بروحييه ملئكيية الرحميية أم ملئكيية‬
‫العييييذاب ؟ فعلييييى هييييذا يكييييون ميييين كلم الملئكيييية‪.‬‬
‫وبهذا السناد عن ابن عباس في قوله‪} :‬والتفت السيياق‬
‫لخرة‪ ,‬وكذا قييال علييي‬ ‫بالساق{ قال‪ :‬التفت عليه الدنيا وا َ‬
‫بن أبي طلحة عن ابن عباس }والتفييت السيياق بالسيياق{‬
‫لخييرة‬ ‫يقول آخر يوم من أيييام الييدنيا أول يييوم ميين أيييام ا َ‬
‫فتلتقي الشدة بالشدة إل من رحمييه الليه‪ .‬وقيال عكرميية‪:‬‬
‫}والتفت الساق بالساق{ الميير العظيييم بييالمر العظيييم‪,‬‬
‫وقال مجاهد‪ :‬بلء ببلء‪ ,‬وقال الحسيين البصييري فييي قييوله‬
‫تعالى‪} :‬والتفت الساق بالسيياق{ همييا سيياقاك إذا التفتييا‪,‬‬

‫‪861‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وفي رواية عنه ماتت رجله فلم تحمله وقييد كييان عليهمييا‬
‫ل‪ ,‬وكذا قال السدي عن أبييي مالييك‪ ,‬وفييي رواييية عيين‬ ‫جوا ً‬
‫الحسن‪ :‬هو لفهما في الكفيين‪ ,‬وقييال الضييحاك‪} :‬والتفييت‬
‫السيياق بالسيياق{ اجتمييع عليييه أمييران‪ :‬النيياس يجهييزون‬
‫جسده والملئكة يجهزون روحه‪ .‬وقوله تعالى‪} :‬إلى ربييك‬
‫يومئذ المساق{ أي المرجع والمآب وذلك أن اليروح ترفيع‬
‫إليى السيموات‪ ,‬فيقيول الليه عيز وجيل‪ :‬ردوا عبيدي إليى‬
‫الرض فإني منها خلقتهييم وفيهييا أعيييدهم ومنهييا أخرجهييم‬
‫تارة أخرى‪ ,‬كما ورد في حديث البراء الطويييل‪ .‬وقييد قييال‬
‫الله تعالى‪} :‬وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة‬
‫حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم ل يفرطون *‬
‫ثم ردوا إلى الله مولهم الحييق أل لييه الحكييم وهييو أسييرع‬
‫الحاسيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييبين{‪.‬‬
‫وقييوله جييل وعل‪} :‬فل صييدق ول صييلى ولكيين كييذب‬
‫وتولى{ هذا إخبار عن الكافر الذي كييان فييي الييدار الييدنيا‬
‫مكذبا ً للحق بقلبه متوليا ً عيين العمييل بقييالبه‪ ,‬فل خييير فيييه‬
‫باطنا ً ول ظاهرًا‪ ,‬ولهذا قييال تعييالى‪} :‬فل صييدق ول صييلى‬
‫ولكن كذب وتولى ثم ذهب إلى أهله يتمطييى{ أي جييذلن‬
‫أشرا ً بطرا ً كسلن ل همة لييه ول عمييل‪ ,‬كمييا قييال تعييالى‪:‬‬
‫}وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين{ وقال تعالى‪} :‬إنيه‬
‫كان في أهله مسييرورا ً إنييه ظيين أن ليين يحييور{ أي يرجييع‬
‫}بلييى إن ربيه كيان بيه بصييرًا{ وقيال الضيحاك عيين ابيين‬
‫عباس }ثم ذهب إلى أهله يتمطى{ أي يختال‪ :‬وقال قتادة‬
‫وزيد بن أسلم‪ :‬يتبختر‪ .‬قال الله تعالى‪} :‬أولى لييك فييأولى‬
‫* ثم أولى لك فأولى{ وهذا تهديييد ووعيييد أكيييد ميين اللييه‬
‫تعييالى للكييافر بييه المتبخييتر فييي مشيييه أي يحييق لييك أن‬
‫تمشي هكذا وقد كفرت بخالقك وبارئك كما يقال في مثل‬
‫هذا على سبيل التهكم والتهديد‪ ,‬كقييوله تعييالى‪} :‬ذق إنييك‬
‫أنت العزيز الكريم{ وكقيوله تعيالى‪} :‬كليوا وتمتعيوا قليل ً‬
‫إنكم مجرمون{ وكقوله تعييالى‪} :‬فاعبييدوا مييا شييئتم ميين‬
‫دونه{ وكقوله جل جللييه‪} :‬اعملييوا مييا شييئتم{ إلييى غييير‬
‫ذلييك‪ .‬وقييد قييال ابيين أبييي حيياتم‪ :‬حييدثنا أحمييد بيين سيينان‬

‫‪862‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الواسييطي‪ ,‬حييدثنا عبييد الرحميين يعنييي ابيين مهييدي عيين‬
‫إسرائيل عن موسى بن أبي عائشة قال‪ :‬سألت سعيد بيين‬
‫جبير قلت }أولى لك فأولى ثييم أولييى لييك فييأولى{ قييال‪:‬‬
‫قاله النبي صلى الله عليه وسييلم لبييي جهييل ثييم نييزل بييه‬
‫القيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييرآن‪.‬‬
‫وقييال أبييو عبييد الرحميين النسييائي‪ :‬حييدثنا يعقييوب بيين‬
‫إبراهيم‪ ,‬حدثنا أبو النعمان‪ ,‬حدثنا أبو عوانة )ح( وحدثنا أبيو‬
‫داود‪ ,‬حدثنا محمد بن سليمان‪ ,‬حدثنا أبو عوانة عن موسى‬
‫بن أبي عائشة عن سعيد بن جبير قال‪ :‬قلت لبن عبيياس‪:‬‬
‫}أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى{ ؟ قال‪ :‬قاله رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم لبييي جهييل ثييم أنزلييه اللييه عييز‬
‫وجل‪ ,‬قال ابن أبي حيياتم‪ :‬وحييدثنا أبييي‪ ,‬حييدثنا هشييام بيين‬
‫خالد‪ ,‬حدثنا شعيب عن إسييحاق‪ ,‬حييدثنا سييعيد عيين قتييادة‬
‫قوله‪} :‬أولى لك فأولى ثم أولى لييك فييأولى{ وعيييد علييى‬
‫أثر وعيد كما تسمعون‪ ,‬وزعموا أن عدو الله أبا جهييل أخييذ‬
‫نبي الله صييلى اللييه عليييه وسييلم بمجييامع ثيييابه ثييم قييال‪:‬‬
‫»أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى« فقال عدو اللييه أبييو‬
‫جهل‪ :‬أتوعدني يا محمد ؟ والليه ل تسيتطيع أنيت ول ربيك‬
‫شيييئا ً وإنييي لعييز ميين مشييى بييين جبليهييا‪ .‬وقييوله تعييالى‪:‬‬
‫}أيحسب النسان أن يترك سدى{ قييال السييدي‪ :‬يعنييي ل‬
‫يبعث‪ .‬وقال مجاهد والشافعي وعبد الرحميين بيين زيييد بيين‬
‫لييية تعييم‬‫أسييلم‪ :‬يعنييي ل يييؤمر ول ينهييى‪ ,‬والظيياهر أن ا َ‬
‫الحالين أي ليس يييترك فييي هييذه الييدنيا مهمل ً ل يييؤمر ول‬
‫ينهى‪ ,‬ول يترك فييي قييبره سييدى ل يبعييث بييل هييو مييأمور‬
‫لخييرة‪,‬‬‫منهييي فييي الييدنيا محشييور إلييى اللييه فييي الييدار ا َ‬
‫والمقصود هنا إثبات المعاد والرد على من أنكره من أهييل‬
‫الزيييغ والجهييل والعنيياد‪ ,‬ولهييذا قييال تعييالى مسييتدل ً علييى‬
‫العادة بالبداءة فقييال تعييالى‪} :‬ألييم يييك نطفيية ميين منييي‬
‫يمنى{ أي أما كان النسان نطفة ضعيفة ميين ميياء مهييين‪.‬‬
‫يمنيييييى‪ :‬ييييييراق مييييين الصيييييلب فيييييي الرحيييييام‪.‬‬
‫}ثم كان علقة فخلق فسوى{ أي فصار علقة ثم مضييغة‬
‫ثم شكل ونفخ فيه الروح فصار خلقا ً سويا ً سليم العضيياء‬

‫‪863‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ذكرا ً أو أنثى بإذن الله وتقديره‪ .‬ولهذا قال تعالى‪} :‬فجعل‬
‫منه الزوجين الذكر والنثى{ ثم قال تعييالى‪} :‬أليييس ذلييك‬
‫بقادر على أن يحيي الموتى{ أي أما هذا الييذي أنشييأ هييذا‬
‫الخلق السوي من هييذه النطفيية الضييعيفة بقييادر علييى أن‬
‫يعيده كما بدأه وتناول القدرة للعادة إمييا بطريييق الولييى‬
‫بالنسبة إلى البداءة وإما مساوية على القييولين فييي قييوله‬
‫تعالى‪} :‬وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهييون عليييه{‬
‫والول أشهر كما تقييدم فيي سيورة الييروم بييانه وتقريييره‬
‫واللييييييييييييييييييييييييييييييييه أعلييييييييييييييييييييييييييييييييم‪.‬‬
‫قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا الحسن بن محمد بيين الصييباح‪,‬‬
‫حدثنا شبابة عن شعبة‪ ,‬عن موسييى بيين أبييي عائشيية عيين‬
‫آخر أنه كان فوق سطح يقرأ ويرفيع صيوته بيالقرآن‪ ,‬فيإذا‬
‫قييرأ }أليييس ذلييك بقييادر علييى أن يحيييي المييوتى{ قييال‪:‬‬
‫سييبحانك اللهييم فبلييى‪ ,‬فسييئل عيين ذلييك فقييال‪ :‬سييمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسييلم يقييول ذلييك‪ .‬وقييال أبييو‬
‫داود رحمه الله حدثنا محمد بن المثنييى‪ ,‬حييدثنا محمييد بيين‬
‫جعفر‪ ,‬حدثنا شعبة عن موسى بن أبي عائشيية قييال‪ :‬كييان‬
‫رجل يصلي فيوق بيتيه فكيان إذا قيرأ }ألييس ذليك بقيادر‬
‫على أن يحيي الموتى{ قال سبحانك فبلييى‪ ,‬فسييألوه عيين‬
‫ذلك فقال‪ :‬سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسييلم‪,‬‬
‫تفرد به أبو داود وليم يسيم هيذا الصيحابي ول يضير ذليك‪.‬‬
‫وقال أبو داود أيضًا‪ :‬حدثنا عبد اللييه بيين محمييد الزهييري‪,‬‬
‫حدثنا سفيان‪ ,‬حدثني إسماعيل بن أمييية‪ ,‬سييمعت أعرابي يا ً‬
‫يقول‪ :‬سمعت أبا هريرة يقول‪ :‬قال رسول الله صلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪» :‬من قرأ منكم بالتين والزيتييون فييانتهى إلييى‬
‫آخرها }أليس الله بأحكم الحاكمين{ فليقل بلى وأنا علييى‬
‫ذلك من الشاهدين‪ ,‬وميين قييرأ }ل أقسييم بيييوم القياميية{‬
‫فييانتهى إلييى قييوله }أليييس ذلييك بقييادر علييى أن يحيييي‬
‫الموتى{ فليقل بلى‪ ,‬ومن قرأ }والمرسلت{ فبلغ }فبأي‬
‫حديث بعده يؤمنون{ فليقل »آمنا بالله« ورواه أحمد عيين‬
‫سفيان بن عيينة ورواه الترمذي عن ابيين أبييي عميير‪ ,‬عيين‬
‫سفيان بن عيينة به وقد رواه شعبة عن إسماعيل بن أمية‬

‫‪864‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال‪ :‬قليت ليه ميين حييدثك ؟ قييال‪ :‬رجييل صييدق عيين أبييي‬
‫هريرة‪ .‬وقال ابن جرييير‪ :‬حييدثنا بشيير‪ ,‬حييدثنا يزيييد‪ ,‬حييدثنا‬
‫سعيد عن قتادة قوله تعالى‪} :‬أليس ذلييك بقييادر علييى أن‬
‫يحيي الموتى{ ذكير لنيا أن رسيول الليه صيلى الليه علييه‬
‫وسلم كان إذا قرأها قال »سييبحانك وبلييى« ثييم قييال ابيين‬
‫أبي حاتم‪ :‬حدثنا أحمد بن سنان الواسطي‪ ,‬حدثنا أبو أحمد‬
‫الزبيييري‪ ,‬حييدثنا سييفيان عيين أبييي إسييحاق‪ ,‬عيين مسييلم‬
‫البطين‪ ,‬عن سعيد بن جبير عن ابن عباس‪ ,‬أنييه ميير بهييذه‬
‫لية }أليس ذلك بقييادر علييى أن يحيييي المييوتى ؟{ قييال‪:‬‬ ‫ا َ‬
‫سبحانك فبلى‪ .‬آخيير تفسييير سييورة القياميية و للييه الحمييد‬
‫والمنة‪.‬‬

‫) سورة النسان (‬

‫حيم ِ‬
‫ن الّر ِ‬
‫حم ِ‬
‫سم ِ اللهِ الّر ْ‬
‫بِ ْ‬
‫كورا ً‬ ‫هَ ْ َ‬
‫شْيئا ً ّ‬
‫مذ ْ ُ‬ ‫ن الد ّهْرِ ل َ ْ‬
‫م يَ ُ‬
‫كن َ‬ ‫م َ‬
‫ن ّ‬
‫حي ٌ‬
‫ن ِ‬
‫سا ِ‬ ‫ل أَتى عََلى ا ْ ِ‬
‫لن َ‬

‫}‪{1‬‬

‫ميعا ً‬ ‫َ‬
‫جعَل َْناهُ َ‬
‫س ِ‬ ‫ج ن ّب ْت َِليهِ فَ َ‬
‫شا ٍ‬ ‫من ن ّط َْفةٍ أ ْ‬
‫م َ‬ ‫ن ِ‬
‫سا َ‬ ‫خل َْقَنا ا ْ ِ‬
‫لن َ‬ ‫إ ِّنا َ‬

‫ما ك َُفورا ً }‪{3‬‬


‫كرا ً وَإ ِ ّ‬ ‫ما َ‬
‫شا ِ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫صيرا ً }‪ {2‬إ ِّنا هَد َي َْناهُ ال ّ‬
‫سِبي َ‬ ‫بَ ِ‬

‫‪865‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مقدمة تفسير سورة النسان قد تقدم في صحيح مسلم ‪ 879‬عن بن عباس أن‬

‫كان يقرأ في صلة الصبح يوم الجمعة ) ألم تنزيسسل ( السسسجدة‬ ‫رسول ال‬

‫و ) هل أتى على النسان ( وقال عبد ال بن وهب أخبرنا بن زيد أن رسول‬

‫قرأ هذه السسسورة ) هسسل أتسسى علسسى النسسسان حيسسن مسسن السسدهر ( وقسسد‬ ‫ال‬

‫أنزلت عليه وعنده رجل أسود فلمسسا بلسسغ صسسفة الجنسسان زفسسر زفسسرة فخرجسست‬

‫أخسسرج نفسسس صسساحبكم أو قسسال أخيكسسم الشسسوق إلسسى‬ ‫نفسه فقال رسول ال‬

‫الجنة مرسل غريب‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم يقول تعالى مخبرا عن النسان أنه أوجده بعد أن لسسم‬

‫يكن شيئا يذكر لحقارته وضعفه فقال تعالى ) هل أتى على النسان حين مسسن‬

‫الدهر لم يكن شيئا مذكورا ( ثم بين ذلك فقال جل جلله ) إنا خلقنسسا النسسسان‬

‫من نطفة أمشاج ( أي أخلط والمشج والمشسيج الشسيء المختلسط بعضسه فسي‬

‫بعض قال بن عباس في قوله تعالى ) من نطفة أمشسساج ( يعنسسي مسساء الرجسسل‬

‫وماء المرأة إذا اجتمعا واختلطا ثم ينتقل بعد من طور إلى طسسور وحسسال إلسسى‬

‫حال ولون إلى لون وهكذا قال عكرمة ومجاهسسد والحسسسن والربيسسع بسسن أنسسس‬

‫المشسساج هسسو اختلط مسساء الرجسسل بمسساء المسسرأة وقسسوله تعسسالى ) نبتليسسه ( أي‬

‫‪866‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نختسسبره كقسسوله جسسل جللسسه ) ليبلسسوكم أيكسسم أحسسسن عمل ( ) فجعلنسساه سسسميعا‬

‫بصيرا ( أي جعلنسسا لسسه سسسمعا وبصسسرا يتمكسسن بهمسسا مسسن الطاعسسة والمعصسسية‬

‫وقوله جل وعل ) إنا هديناه السسسبيل ( أي بينسساه لسسه ووضسسحناه وبصسسرناه بسسه‬

‫كقوله جل وعل ) وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ( وكقسسوله‬

‫جل وعل ) وهديناه النجدين ( أي بينا له طريق الخيسسر وطريسسق الشسسر وهسسذا‬

‫قول عكرمة وعطية وبن زيد ومجاهد في المشسسهور عنسسه والجمهسسور وروي‬

‫عن مجاهد وأبي صالح والضحاك والسدي أنهم قسسالوا فسسي قسسوله تعسسالى ) إنسسا‬

‫هسسديناه السسسبيل ( يعنسسي خروجسسه مسسن الرحسسم وهسسذا قسسول غريسسب والصسسحيح‬

‫المشهور الول وقوله تعالى ) إما شاكرا وإما كفورا ( منصوب على الحسسال‬

‫من الهاء في قوله ) إنا هديناه السبيل ( تقديره فهسسو فسسي ذلسسك إمسسا شسسقي وإمسسا‬

‫سعيد كما جاء في الحديث الذي رواه مسسسلم ‪ 223‬عسسن أبسسي مالسسك الشسسعري‬

‫كل الناس يغسسدو فبسسائع نفسسسه فموبقهسسا أو معتقهسسا وقسسد‬ ‫قال قال رسول ال‬

‫تقدم في سورة السسروم عنسسد قسسوله جسسل جللسسه ) فطسسرة الس السستي فطسسر النسساس‬

‫عليها ( من رواية جابر بن عبد ال رضي ال تعالى عنه قال قال رسول ال‬

‫كل مولود يولد علسى الفطسسرة حسستى يعسرب عنسه لسسانه إمسسا شساكرا وإمسسا‬

‫كفورا وقال المام أحمد ‪ 2323‬حدثنا أبو عامر حدثنا عبد ال بن جعفر عسسن‬

‫‪867‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عثمان بن محمد عن المقبري عن أبي هريرة رضي ال عنه عن النسسبي‬

‫قال مامن خارج يخرج إل ببابه رايتان راية بيد ملك وراية بيد شسسيطان فسسإن‬

‫خرج لما يحب ال اتبعه الملك برايته فلم يزل تحت راية الملسسك حسستى يرجسسع‬

‫إلى بيته وإن خرج لما يسخط ال اتبعه الشيطان برايته فلم يسسزل تحسست رايسسة‬

‫الشيطان حتى يرجع إلى بيته وقال المسسام أحمسسد ‪ 3321‬حسسدثنا عبسسد السسرزاق‬

‫حدثنا معمر عن بن خثيم عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر بن عبد ال أن‬

‫قال لكعب بن عجرة أعاذك ال من إمارة السسفهاء قسال ومسا إمسارة‬ ‫النبي‬

‫السفهاء قال أمراء يكونون بعدي ل يهتدون بهسسداي وليسسستنون بسسسنتي فمسسن‬

‫صسسدقهم بكسسذبهم وأعسسانهم علسسى ظلمهسسم فسسأولئك ليسسسوا منسسي ولسسست منهسسم‬

‫وليردون علي حوضي ومن لم يعنهم على ظلمهسسم فسسأولئك منسسي وأنسسا منهسسم‬

‫وسيردون علسسى حوضسسي يسساكعب بسسن عجسسرة الصسسوم جنسسة والصسسدقة تطفسسئ‬

‫الخطيئة والصلة قربان أو قال برهان ياكعب بن عجرة إنسسه ل يسسدخل الجنسسة‬

‫لحم نبت من سحت النار أولى به ياكعب الناس غاديان فمبتاع نفسه فمعتقهسسا‬

‫وبائع نفسه فموبقها ورواه ‪ 3399‬عن عفان عن وهيب عن عبد ال بن خثيم‬

‫به‬
‫َ‬ ‫إ ِّنا أ َعْت َد َْنا ل ِل ْ َ‬
‫سِعيرا ً }‪ {4‬إ ِ ّ‬
‫ن‬ ‫سَل وَأغَْلل ً وَ َ‬
‫سَل ِ‬
‫ن َ‬
‫ري َ‬
‫كافِ ِ‬

‫‪868‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫شربون من ك َأ ْ‬
‫كاُفورا ً }‪{5‬‬
‫جَها َ‬
‫مَزا ُ‬
‫ن ِ‬ ‫س َ‬
‫كا َ‬ ‫ٍ‬ ‫اْل َب َْراَر ي َ ْ َ ُ َ ِ‬

‫جيييرا ً }‪ُ {6‬يوفُييو َ‬


‫ن‬ ‫عب َيياد ُ الل ّيهِ ي َُف ّ‬
‫جُرون َهَييا ت َْف ِ‬ ‫ب ب َِها ِ‬ ‫عَْينا ً ي َ ْ‬
‫شَر ُ‬

‫خاُفو َ‬
‫ن‬ ‫ِبالن ّذ ْرِ وَي َ َ‬

‫م عَل َييى‬
‫ن الط ّعَييا َ‬ ‫طيرا ً }‪ {7‬وَي ُط ْعِ ُ‬
‫مييو َ‬ ‫س يت َ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ن َ‬
‫ش يّرهُ ُ‬ ‫وما ً َ‬
‫كا َ‬ ‫يَ ْ‬
‫كينا ً‬
‫س ِ‬
‫م ْ‬
‫حب ّهِ ِ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫من ُ‬
‫كيي ْ‬ ‫جهِ الل ّهِ َل ن ُ ِ‬
‫ريييد ُ ِ‬ ‫ما ن ُط ْعِ ُ‬
‫مك ُ ْ‬
‫م ل ِوَ ْ‬ ‫سيرا ً }‪ {8‬إ ِن ّ َ‬
‫وَي َِتيما ً وَأ ِ‬

‫كورا ً‬ ‫جَزاء وََل ُ‬


‫ش ُ‬ ‫َ‬

‫ريييرا ً }‪{10‬‬
‫مط َ ِ‬
‫وم يا ً عَُبوس يا ً قَ ْ‬
‫ميين ّرب ّن َييا ي َ ْ‬
‫ف ِ‬
‫خييا ُ‬
‫}‪ {9‬إ ِن ّييا ن َ َ‬

‫شّر ذ َل ِ َ‬
‫ك‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫فَوََقاهُ ُ‬

‫ص يب َُروا‬
‫مييا َ‬ ‫س يُرورا ً }‪ {11‬وَ َ‬
‫جَزاهُييم ب ِ َ‬ ‫ضَرةً وَ ُ‬ ‫ال ْي َوْم ِ وَل َّقاهُ ْ‬
‫م نَ ْ‬

‫ريرا ً‬
‫ح ِ‬
‫ة وَ َ‬
‫جن ّ ً‬
‫َ‬

‫}‪{12‬‬

‫يخبر تعالى عما أرصده للكافرين من خلقه من السلسسل والغلل والسسعير‬

‫وهو اللهب والحريق في نار جهنم كما قال تعسسالى ) إذ الغلل فسسي أعنسساقهم‬

‫والسلسل يسحبون في الحميم ثم في النسسار يسسسجرون ( ولمسسا ذكسسر مسسا أعسسده‬

‫لهؤلء الشقياء من السعير قال بعده ) إن البسسرار يشسسربون مسسن كسسأس كسسان‬

‫مزاجها كافورا ( وقد علم ما في الكافور من التبريد والرائحة الطيبة مسسع مسسا‬

‫‪869‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يضاف إلى ذلك من اللسسذاذة فسسي الجنسسة قسسال الحسسسن بسسرد الكسسافور فسسي طيسسب‬

‫الزنجبيل ولهذا قال ) عينا يشرب بها عباد ال س يفجرونهسسا تفجيسسرا ( أي هسسذا‬

‫الذي مزج لهؤلء البرار من الكسافور هسو عيسن يشسسرب بهسا المقربسون مسن‬

‫عباد ال صرفا بل مزج ويروون بها ولهذا ضمن يشرب معنى يروى حسستى‬

‫عداه بالباء ونصب عينا علسسى التمييسسز قسسال بعضسسهم هسذا الشسسراب فسسي طيبسه‬

‫كالكافور وقال بعضهم هو مسن عيسن كسافور وقسال بعضسهم يجسوز أن يكسون‬

‫منصوبا ب ) يشرب ( حكسسى هسسذه القسسوال الثلثسسة بسسن جريسسر وقسسوله تعسسالى‬

‫) يفجرونهسسا تفجيسسرا ( أي يتصسسرفون فيهسسا حيسسث شسساؤوا وأيسسن شسساؤوا مسسن‬

‫قصورهم ودورهم ومجالسهم ومحالهم والتفجير هو النباع كما قال تعالى )‬

‫وقالوا لن نسؤمن لسك حستى تفجسر لنسا مسن الرض ينبوعسا ( وقسال ) وفجرنسا‬

‫خللهما نهرا ( قال مجاهد ) يفجرونها تفجيرا ( يقودونها حيث شاءوا وكسسذا‬

‫قسسال عكرمسسة وقتسسادة وقسسال الثسسوري يصسسرفونها حيسسث شسساءوا وقسسوله تعسسالى‬

‫) يوفون بالنذر ويخافون يومسسا كسسان شسسره مسسستطيرا ( أي يتعبسسدون لس فيمسسا‬

‫أوجبه عليهم من فعسسل الطاعسسات الواجبسسة بأصسسل الشسسرع ومسسا أوجبسسوه علسسى‬

‫أنفسهم بطريق النذر قال المام مالك ‪ 2476‬عن طلحة بن عبد الملك اليلسسي‬

‫عن القاسم بن مالك عن عائشسسة رضسسي الس عنهسسا أن رسسسول الس صسسلى الس‬

‫تعالى عليه وعلى آله وسلم قال من نذر أن يطيسسع ال س فليطعسسه ومسسن نسسذر أن‬

‫‪870‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يعصسسي ال س فل يعصسسه رواه البخسساري ‪ 6696‬مسسن حسسديث مالسسك ويسستركون‬

‫المحرمات التي نهاهم عنها خيفة من سوء الحسسساب يسسوم المعسساد وهسسو اليسسوم‬

‫الذي شره مستطير أي منتشر عام على الناس إل من رحم ال قال بن عباس‬

‫فاشيا وقال قتادة استطار وال شر ذلسسك اليسسوم حسستى مل السسسماوات والرض‬

‫قال بن جرير ومنه قولهم استطار الصدع في الزجاجة واستطال ومنسسه قسسول‬

‫العشى‬

‫فبسسسسانت وقسسسسد أسسسسسأت فسسسسي الفسسسسؤا د صسسسسدعا علسسسسى نأيهسسسسا مسسسسستطيرا‬

‫يعني ممتدا فاشيا وقوله تعالى ) ويطعمون الطعام على حبه ( قيل على حسسب‬

‫ال تعسسالى وجعلسسوا الضسسمير عسسائدا إلسسى الس عسسز وجسسل لدللسسة السسسياق عليسسه‬

‫والظهسسر أن الضسسمير عسسائد علسسى الطعسسام أي ويطعمسسون الطعسسام فسسي حسسال‬

‫محبتهم وشهوتهم له قسساله مجاهسسد ومقاتسسل واختسساره بسسن جريسسر كقسسوله تعسسالى‬

‫) وآتى المال على حبه ( وكقسسوله تعسسالى ) لسسن تنسسالوا السسبر حسستى تنفقسسوا ممسسا‬

‫تحبون ( وروى البيهقي ‪ 4185‬من طريق العمش عن نافع قال مرض بسسن‬

‫عمر فاشتهى عنبا أول ما جاء العنب فأرسلت صفية يعنسسي امرأتسسه فاشسسترت‬

‫عنقودا بدرهم فاتبع الرسول سائل فلما دخل به قال السسسائل السسسائل فقسسال بسسن‬

‫عمر أعطوه إياه فأعطوه إيساه فأرسسلت بسدرهم آخسر فاشسترت عنقسودا فساتبع‬

‫‪871‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرسول السسائل فلمسا دخسل قسال السسائل السسائل فقسال بسن عمسر أعطسوه إيساه‬

‫فأعطوه إياه فأرسلت صفية إلى السائل فقالت والس إن عسدت ل تصسسيب منسه‬

‫خيرا أبدا ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت به وفي الصحيح أفضل الصدقة أن‬

‫تصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقسسر أي فسسي حسسال محبتسسك‬

‫للمال وحرصك عليه وحاجتك إليه ولهذا قال تعالى ) ويطعمون الطعام على‬

‫حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ( أما المسكين واليتيم فقسد تقسدم بيانهمسا وصسفتهما‬

‫وأما السير فقال سعيد بن جبير والحسن والضحاك السسسير مسسن أهسسل القبلسسة‬

‫وقال بن عباس كان أسراؤهم يومئذ مشركين ويشهد لهذا أن رسول ال‬

‫أمر أصحابه يوم بدر أن يكرموا السارى فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عنسسد‬

‫الغسسداء وقسسال عكرمسسة هسسم العبيسسد واختسساره بسسن جريسسر لعمسسوم اليسسة للمسسسلم‬

‫والمشرك وهكذا قال سسسعيد بسسن جسسبير وعطسساء والحسسسن وقتسسادة وقسسد وصسسى‬

‫بالحسان إلى الرقاء في غير ما حديث حتى أنه كان آخر ما‬ ‫رسول ال‬

‫أوصى أن جعل يقول الصلة وما ملكت أيمانكم قسسال مجاهسسد هسسو المحبسسوس‬

‫أي يطعمون الطعام لهؤلء وهم يشتهونه ويحبونه قائلين بلسان الحال ) إنمسسا‬

‫نطعمكم لوجه ال ( أي رجاء ثواب الس ورضسساه ) ل نريسسد منكسسم جسسزاء ول‬

‫شكورا ( أي ل نطلب منكم مجازاة تكافئوننا بها ول أن تشكرونا عند النسساس‬

‫‪872‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال مجاهد وسعيد بن جبير أما وال ما قالوه بألسنتهم ولكن علسسم الس بسسه مسسن‬

‫قلوبهم فأثنى عليهم به ليرغب فسسي ذلسسك راغسسب ) إنسسا نخسساف مسسن ربنسسا يومسسا‬

‫عبوسا قمطريرا ( أي إنما نفعل هذا لعل الس أن يرحمنسسا ويتلقانسسا بلطفسسه فسسي‬

‫اليوم العبوس القمطرير قال علي بن أبي طلحسسة عسسن بسسن عبسساس ) عبوسسسا (‬

‫ضيقا ) قمطريرا ( طويل وقال عكرمة وغيره عنه في قوله ) يومسسا عبوسسسا‬

‫قمطريرا ( قال يعبس الكافر يسسومئذ حسستى يسسسيل مسسن بيسسن عينيسسه عسسرق مثسسل‬

‫القطران وقال مجاهد ) عبوسا ( العسسابس الشسسفتين ) قمطريسسرا ( قسسال يقبسسض‬

‫الوجه بالبسور وقال سعيد بسسن جسسبير وقتسسادة تعبسسس فيسسه الوجسسوه مسسن الهسسول‬

‫) قمطريرا ( تقليص الجبين وما بين العينين من الهول وقال بن زيد العبوس‬

‫الشسسر والقمطريسسر الشسسديد وأوضسسح العبسسارات وأجلهسسا وأحلهسسا وأعلهسسا‬

‫وأولها قول بن عباس رضي ال عنه قال بن جرير والقمطرير هسسو الشسسديد‬

‫يقال هو يوم قمطرير ويوم قماطر ويسسوم عصسسيب وعصبصسسب وقسسد اقمطسسر‬

‫اليوم يقمطر اقمطرارا وذلك أشد اليام وأطولها في البلء والشدة ومنه قسسول‬

‫بعضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهم‬

‫بنسسسي عمنسسسا هسسسل تسسسذكرون بلءنسسسا عليكسسسم إذا مسسسا كسسسان يسسسوم قمسسساطر‬

‫قال ال تعالى ) فوقاهم ال شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا ( وهذا مسسن‬

‫باب التجانس البليغ ) فوقاهم ال شر ذلك اليسسوم ( أي آمنهسسم ممسسا خسسافوا منسسه‬

‫‪873‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫) ولقاهم نضرة ( أي في وجوههم ) وسرورا ( أي فسسي قلسسوبهم قسساله الحسسسن‬

‫البصري وقتادة وأبو العالية والربيسسع بسسن أنسسس وهسسذه كقسسوله تعسسالى ) وجسسوه‬

‫يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ( وذلك أن القلب إذا سر اسسستنار السسوجه قسسال‬

‫إذا سر اسسستنار وجهسسه‬ ‫كعب بن مالك في حديثه الطويل وكان رسول ال‬

‫حتى كأنه فلقة قمر وقالت عائشة رضي ال عنها دخل علي رسول ال س‬

‫مسرورا تبرق أسارير وجهه الحديث وقوله تعالى ) وجزاهم بمسسا صسسبروا (‬

‫أي بسبب صبرهم أعطاهم ونولهم وبوأهم ) جنة وحريرا ( أي منسسزل رحبسسا‬

‫وعيشا رغدا ولباسا حسنا وروى الحافظ بسن عسساكر فسي ترجمسة هشسام بسن‬

‫سليمان الداراني قال قرئ على أبي سليمان الداراني سورة ) هسسل أتسسى علسسى‬

‫النسان ( فلمسا بلسغ القسارىء إلسى قسوله تعسالى ) وجزاهسم بمسا صسبروا جنسة‬

‫وحريرا ( قال بما صبروا على ترك الشهوات في الدنيا ثم أنشد يقول‬

‫كسسسسسم قتيسسسسسل لشسسسسسهوة وأسسسسسسير أف مسسسسسن مشسسسسستهي خلف الجميسسسسسل‬

‫شسسسسسهوات النسسسسسسان تسسسسسورثه السسسسسذل وتلقيسسسسسه فسسسسسي البلء الطويسسسسسل‬

‫‪874‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫اليات‬

‫ريييرا ً‬ ‫مسا ً وََل َز ْ‬


‫مه َ ِ‬ ‫ن ِفيَها َ‬
‫ش ْ‬ ‫ن ِفيَها عََلى اْل ََرائ ِ ِ‬
‫ك َل ي ََروْ َ‬ ‫مت ّك ِِئي َ‬
‫ُ‬

‫}‪{13‬‬

‫طوفَُها ت َيذ ِْليل ً }‪ {14‬وَي ُط َييا ُ‬


‫ف‬ ‫ت قُ ُ‬
‫م ظ َِلل َُها وَذ ُل ّل َ ْ‬
‫ة عَل َي ْهِ ْ‬
‫دان ِي َ ً‬
‫وَ َ‬

‫عَل َي ِْهم ِبآن ِي َةٍ‬

‫ب َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫ضي ٍ‬
‫ميين فِ ّ‬ ‫واِريَرا }‪ {15‬قَ ي َ‬
‫واِريَر ِ‬ ‫ت قَ َ‬
‫كان َ ْ‬ ‫ضةٍ وَأك ْ َ‬
‫وا ٍ‬ ‫من فِ ّ‬
‫ّ‬

‫ديرا ً }‪{16‬‬ ‫قَد ُّرو َ‬


‫ها ت َْق ِ‬

‫جِبيل ً }‪ {17‬عَْينيا ً ِفيَهيا‬


‫جَهيا َزن َ‬
‫مَزا ُ‬
‫ن ِ‬ ‫ن ِفيَها ك َْأسا ً َ‬
‫كيا َ‬ ‫سَقوْ َ‬
‫وَي ُ ْ‬

‫سل ْ َ‬
‫سِبيل ً‬ ‫مى َ‬
‫س ّ‬
‫تُ َ‬
‫خل ّدون إ َ َ‬
‫م‬
‫سييب ْت َهُ ْ‬
‫ح ِ‬
‫م َ‬
‫ذا َرأي ْت َهُ ْ‬‫م َ ُ َ ِ‬
‫ن ّ‬ ‫م وِل ْ َ‬
‫دا ٌ‬ ‫ف عَل َي ْهِ ْ‬ ‫}‪ {18‬وَي َ ُ‬
‫طو ُ‬

‫منُثورا ً‬
‫ل ُؤُْلؤا ً ّ‬

‫مْلكييا ً ك َِبيييرا ً }‪{20‬‬ ‫َ‬ ‫}‪ {19‬وإ َ َ‬


‫ت ن َِعيمييا ً وَ ُ‬ ‫ت َثيي ّ‬
‫م َرأْييي َ‬ ‫ذا َرأْييي َ‬‫َِ‬

‫س‬
‫سند ُ ٍ‬
‫ب ُ‬
‫م ث َِيا ُ‬
‫عال ِي َهُ ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫م‬
‫م َرب ّهُي ْ‬
‫س يَقاهُ ْ‬
‫ض ية ٍ و َ َ‬
‫ميين فِ ّ‬ ‫حل ّييوا أ َ‬
‫سيياوَِر ِ‬ ‫سيت َب َْرقٌ وَ ُ‬
‫ضٌر وَإ ِ ْ‬
‫خ ْ‬
‫ُ‬

‫شَرابا ً‬
‫َ‬

‫‪875‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سييعْي ُ ُ‬
‫كم‬ ‫ن َ‬ ‫جييَزاء وَ َ‬
‫كييا َ‬ ‫م َ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫كيي ْ‬ ‫ذا َ‬
‫كييا َ‬ ‫هيي َ‬ ‫ط َُهييورا ً }‪ {21‬إ ِ ّ‬
‫ن َ‬

‫كورا ً }‪{22‬‬
‫ش ُ‬
‫م ْ‬
‫ّ‬

‫يخبر تعالى عن أهل الجنة وماهم فيه من النعيم المقيم ومسا أسسبغ عليهسم مسن‬

‫الفضل العميم فقال تعالى ) متكئين فيها على الرائك ( وقد تقدم الكلم علسسى‬

‫ذلك في سورة الصافات وذكر الخلف فسسي التكسساء هسسل هسسو الضسسطجاع أو‬

‫التمرفسسق أو الستربع أو التمكسن فسسي الجلسوس وأن الرائك هسسي السسرر تحسست‬

‫الحجال وقوله تعالى ) ل يرون فيهسسا شمسسسا ولزمهريسسرا ( أي ليسسس عنسسدهم‬

‫حر مزعج ولبرد مؤلم بسل هسي مسزاج واحسد دائم سسرمدي ل يبغسسون عنهسا‬

‫حول ) ودانية عليهم ظللهسسا ( أي قريبسسة إليهسسم أغصسسانها ) وذللسست قطوفهسسا‬

‫تذليل ( أي متى تعاطاه دنا القطف إليه وتدلى من أعلسسى غصسنه كسأنه سسامع‬

‫طائع كما قال تعسسالى فسسي اليسسة الخسسرى ) وجنسسى الجنسستين دان ( وقسسال جسسل‬

‫وعل ) قطوفها دانية ( قال مجاهد ) وذللت قطوفها تذليل ( إن قسسام ارتفعسست‬

‫معه بقدر وإن قعد تذللت له حتى ينالها وإن اضطجع تسسذللت لسسه حسستى ينالهسسا‬

‫فذلك قوله تعالى ) تذليل ( وقال قتادة ل يرد أيديهم عنها شوك ول بعد وقال‬

‫مجاهد أرض الجنة مسسن ورق وترابهسسا المسسسك وأصسسول شسسجرها مسسن ذهسسب‬

‫وفضة وأفنانها من اللؤلؤ الرطب والزبرجد واليساقوت والسورق والثمسسر بيسسن‬

‫ذلك فمن أكل منها قائما لم تؤذه ومن أكل منها قاعدا لم تؤذه ومن أكسسل منهسسا‬

‫‪876‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مضطجعا لسسم تسسؤذه وقسسوله جلسست عظمتسسه ) ويطسساف عليهسسم بآنيسسة مسسن فضسسة‬

‫وأكواب ( أي يطوف عليهم الخدم بأواني الطعسسام وهسسي مسسن فضسسة وأكسسواب‬

‫الشراب وهي الكيزان التي ل عرى لها ول خراطيم وقوله ) قوارير قوارير‬

‫من فضة ( فالول منصوب بخبر كان أي كسسانت قسسوارير والثسساني منصسسوب‬

‫إما على البدلية أو تمييز لنه بينه بقوله جل وعل ) قوارير من فضسسة ( قسسال‬

‫بن عباس ومجاهد والحسن البصري وغير واحسد بيساض الفضسة فسي صسفاء‬

‫الزجاج والقوارير ل تكون إل من زجاج فهذه الكواب هي من فضسسة وهسسي‬

‫مع هذا شفافة يرى ما في باطنها من ظاهرها وهذا مما ل نظير له في السسدنيا‬

‫قال بن المبارك عن إسماعيل عن رجل عن بن عباس ليس في الجنسسة شسسيء‬

‫إل قد أعطيتم في الدنيا شبهه إل قوارير من فضة رواه بن أبسسي حسساتم وقسسوله‬

‫تعالى ) قدروها تقديرا ( أي على قدر ريهم ل تزيد عنه ول تنقسسص بسسل هسسي‬

‫معدة لذلك مقدرة بحسب ري صاحبها هسسذا معنسسى قسسول بسسن عبسساس ومجاهسسد‬

‫وسعيد بن جبير وأبي صالح وقتادة وبن أبزى وعبد ال بسن عميسر والشسعبي‬

‫وبن زيسسد وقسساله بسسن جريسسر وغيسسر واحسسد وهسسذا أبلسسغ فسسي العتنسساء والشسسرف‬

‫والكرامة وقال العوفي عن بن عباس ) قدروها تقديرا ( قدرت للكف وهكسسذا‬

‫قال الربيع بن أنس وقال الضحاك على قدر كف الخادم وهذا ل ينافي القسسول‬

‫الول فإنها مقدرة في القدر والري وقوله تعسسالى ) ويسسسقون فيهسسا كأسسسا كسسان‬

‫‪877‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مزاجهسسا زنجسسبيل ( أي ويسسسقون يعنسسي البسسرار أيضسسا فسسي هسسذه الكسسواب‬

‫) كأسسسا ( أي خمسسرا ) كسسان مزاجهسسا زنجسسبيل ( فتسسارة يمسسزج لهسسم الشسسراب‬

‫بالكافور وهو بارد وتارة بالزنجبيل وهو حار ليعتدل المسسر وهسسؤلء يمسسزج‬

‫لهم من هذا تارة ومن هذا تارة وأما المقربون فإنهم يشربون مسسن كسسل منهمسسا‬

‫صرفا كما قاله قتادة وغير واحد وقد تقدم قوله جل وعل ) عينا يشسسرب بهسسا‬

‫عباد ال ( وقال ها هنا ) عينا فيها تسمى سلسسسبيل ( أي الزنجبيسسل عيسسن فسسي‬

‫الجنة تسمى سلسبيل قال عكرمة اسم عيسسن فسسي الجنسسة وقسسال مجاهسسد سسسميت‬

‫بذلك لسلسة سيلها وحدة جريها وقال قتادة عينسا فيهسا تسسمى سلسسبيل عيسن‬

‫سلسة مستقيد ماؤها وحكى بن جرير عن بعضهم أنها سميت بذلك لسلستها‬

‫في الحلق واختار هو أنها تعم ذلك كله وهو كما قال وقوله تعالى ) ويطسسوف‬

‫عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ( أي يطوف على أهل‬

‫الجنسسة للخدمسسة ولسسدان مسسن ولسسدان الجنسسة ) مخلسسدون ( أي علسسى حالسسة واحسسدة‬

‫مخلدون عليها ل يتغيرون عنها ل تزيد أعمارهم عن تلك السن ومن فسرهم‬

‫بأنهم مخرصون في آذانهم القرطة فإنما عبر عن المعنى بذلك لن الصغير‬

‫هو الذي يليق له ذلك دون الكسسبير وقسسوله تعسسالى ) إذا رأيتهسسم حسسسبتهم لؤلسسؤا‬

‫منثسسورا ( أي إذا رأيتهسسم فسسي انتشسسارهم فسسي قضسساء حسسوائج السسسادة وكسسثرتهم‬

‫وصباحة وجوههم وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم حسبتهم لؤلسسؤا منثسسورا ول‬

‫‪878‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يكون في التشبيه أحسن من هذا ول فسسي المنظسسر أحسسسن مسسن اللؤلسسؤ المنثسسور‬

‫على المكان الحسن قال قتادة عن أبي أيوب عسسن عبسسد الس بسسن عمسسرو مسسامن‬

‫أهل الجنة من أحد إل يسعى عليه ألف خادم كسسل خسسادم علسسى عمسسل مسسا عليسسه‬

‫صاحبه وقسسوله جسسل وعل ) وإذا رأيسست ( أي وإذا رأيسست يامحمسسد ) ثسسم ( أي‬

‫هنسساك يعنسسي فسسي الجنسسة ونعيمهسسا وسسسعتها وارتفاعهسسا ومافيهسسا مسسن الحسسبرة‬

‫والسرور ) رأيت نعيما وملكا كبيرا ( أي مملكة لس هنسساك عظيمسسة وسسسلطانا‬

‫باهرا وثبت في الصحيح أن ال تعالى يقول لخسسر أهسسل النسسار خروجسسا منهسسا‬

‫وآخر أهل الجنة دخول إليها إن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها وقسد قسسدمنا فسي‬

‫الحديث المروي من طريق ثوير بن أبي فاختة عن بن عمر قال قال رسسسول‬

‫إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه مسيرة ألفي سنة ينظسسر‬ ‫ال‬

‫إلى أقصاه كما ينظر إلى أدناه فإذا كان هذا عطاؤه تعسسالى لدنسسى مسسن يكسسون‬

‫في الجنسسة فمسسا ظنسسك بمسسا هسسو أعلسسى منزلسسة وأحظسسى عنسسده تعسسالى وقسسد روى‬

‫الطبراني ‪ 1213595‬ها هنسسا حسسديثا غريبسسا جسسدا فقسسال حسسدثنا علسسي بسسن عبسسد‬

‫العزيز حدثنا محمد بن عمار الموصلي حدثنا عقبة بسن سسالم عسن أيسوب بسن‬

‫عتبة عن عطاء عن بن عمر قال جاء رجل من الحبشة إلى رسول السس‬

‫‪879‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سل واستفهم فقال يا رسول ال فضلتم علينا بالصسسور‬ ‫فقال له رسول ال‬

‫واللوان والنبوة أفرأيت إن آمنت بما آمنت بسسه وعملسست بمسسا عملسست بسسه إنسسي‬

‫لكائن معك في الجنة قال نعم والذي نفسي بيده إنه ليرى بيسساض السسسود فسسي‬

‫من قال ل إله إل ال كان له‬ ‫الجنة من مسيرة ألف عام ثم قال رسول ال‬

‫بها عهد عند ال ومسسن قسسال سسسبحان الس وبحمسسده كتسسب لسسه مسسائة ألسسف حسسسنة‬

‫وأربعة وعشرون ألف حسنة فقال رجل كيف نهلك بعسسد هسسذا يسسا رسسسول ال س‬

‫إن الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل لو وضسسع علسسى جبسسل‬ ‫فقال رسول ال‬

‫لثقله فتقوم النعمة أو نعم ال فتكاد تستنفد ذلك كله إل أن يتغمده ال برحمته‬

‫ونزلت هذه السورة ) هل أتى على النسان حين من الدهر ( إلى قوله ) ملكا‬

‫كبيرا ( فقال الحبشي وإن عيني لسسترى مسسا تسسرى عينسساك فسسي الجنسسة قسسال نعسسم‬

‫يدليه فسسي‬ ‫فاستبكى حتى فاضت نفسه قال بن عمر ولقد رأيت رسول ال‬

‫حفرته بيده وقوله جل جلله ) عسساليهم ثيسساب سسسندس خضسسر وإسسستبرق ( أي‬

‫لباس أهل الجنة فيهسا الحريسر ومنسه سسندس وهسو رفيسع الحريسر كالقمصسان‬

‫ونحوها مما يلي أبدانهم والستبرق منه مافيه بريسسق ولمعسسان وهسسو ممسسا يلسسي‬

‫الظاهر كما هو المعهود في اللباس ) وحلوا أساور مسسن فضسسة ( وهسسذه صسسفة‬

‫‪880‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫البرار وأما المقربون فكما قال تعالى ) يحلسسون فيهسسا مسسن أسسساور مسن ذهسسب‬

‫ولؤلوا ولباسهم فيها حرير ( ولما ذكر تعالى زينة الظاهر بسسالحرير والحلسسي‬

‫قسسال بعسسده ) وسسسقاهم ربهسسم شسسرابا طهسسورا ( أي طهسسر بسسواطنهم مسسن الحسسسد‬

‫والحقد والغل والذى وسائر الخلق الرديئة كما روينا عن أميسسر المسسؤمنين‬

‫على بن أبي طالب رضي ال عنسه أنسه قسال إذا انتهسى أهسل الجنسة إلسى بساب‬

‫الجنة وجدوا هناك عينين فكأنما ألهموا ذلك فشربوا من إحداهما فسسأذهب ال س‬

‫ما في بطونهم من أذى ثم اغتسلوا من الخرى فجرت عليهسسم نضسسرة النعيسسم‬

‫فأخبر سبحانه وتعالى بحالهم الظاهر وجمالهم الباطن وقوله تعالى ) إن هسسذا‬

‫كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ( أي يقال لهم ذلك تكريما لهم وإحسسسانا‬

‫إليهم كما قال تعسسالى ) كلسسوا واشسسربوا هنيئا بمسسا أسسسلفتم فسسي اليسسام الخاليسسة (‬

‫وكقوله تعالى ) ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بمسسا كنتسسم تعملسسون ( وقسسوله‬

‫تعالى ) وكان سعيكم مشكورا ( أي جزاكسسم الس تعسسالى علسسى القليسسل بسسالكثير‬

‫إ ِّنا‬

‫ك وََل‬
‫حك ْم ِ َرب ّ َ‬ ‫زيل ً }‪َ {23‬فا ْ‬
‫صب ِْر ل ِ ُ‬ ‫ك ال ُْقْرآ َ‬
‫ن َتن ِ‬ ‫ن ن َّزل َْنا عَل َي ْ َ‬
‫ح ُ‬
‫نَ ْ‬

‫ت ُط ِعْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ك ب ُك َْرةً وَأ ِ‬
‫صيل ً }‬ ‫م َرب ّ َ‬ ‫م آِثما ً أوْ ك َُفورا ً }‪َ {24‬واذ ْك ُرِ ا ْ‬
‫س َ‬ ‫من ْهُ ْ‬
‫ِ‬

‫‪{25‬‬

‫‪881‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ه ل َي ْل ً ط َ ِ‬
‫ويل ً }‪ {26‬إ ِ ّ‬
‫ن‬ ‫ح ُ‬
‫سب ّ ْ‬ ‫جد ْ ل َ ُ‬
‫ه وَ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ن الل ّي ْ ِ‬
‫ل َفا ْ‬ ‫م َ‬
‫وَ ِ‬

‫وم يا ً ث َِقيل ً }‪{27‬‬


‫م يَ ْ‬ ‫جل َي َ‬
‫ة وَي َيذ َُرو َ‬
‫ن وََراءهُ ي ْ‬ ‫ن ال َْعا ِ‬ ‫هَؤَُلء ي ُ ِ‬
‫حب ّييو َ‬

‫ن‬
‫ح ُ‬
‫نَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ديل ً‬ ‫مَثال َهُ ْ‬
‫م ت َب ْ ِ‬ ‫شئ َْنا ب َد ّل َْنا أ ْ‬ ‫م وَإ ِ َ‬
‫ذا ِ‬ ‫سَرهُ ْ‬ ‫خل َْقَناهُ ْ‬
‫م وَ َ‬
‫شد َد َْنا أ ْ‬ ‫َ‬

‫خيذ َ إ ِل َييى َرب ّيهِ َ‬


‫سيِبيل ً }‬ ‫ن هَذِهِ ت َذ ْك َِرةٌ فَ َ‬
‫ميين َ‬
‫شيياء ات ّ َ‬ ‫}‪ {28‬إ ِ ّ‬

‫‪{29‬‬

‫كيم يا ً }‬ ‫ن عَِليم يا ً َ‬
‫ح ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ن إ ِّل َأن ي َ َ‬
‫شاَء الل ّ ُ‬ ‫شا ُ‬
‫ؤو َ‬ ‫ما ت َ َ‬
‫وَ َ‬

‫‪{30‬‬

‫ذابا ً أ َِليما ً‬
‫م عَ َ‬ ‫ظال ِمي َ‬
‫ن أعَد ّ ل َهُ ْ‬
‫مت ِهِ َوال ّ ِ َ‬
‫ح َ‬ ‫من ي َ َ‬
‫شاُء ِفي َر ْ‬ ‫خ ُ‬
‫ل َ‬ ‫ي ُد ْ ِ‬

‫}‪{31‬‬

‫بما أنزله عليه من القرآن العظيم تنزيل )‬ ‫يقول تعالى ممتنا على رسوله‬

‫فاصبر لحكم ربك ( أي كما أكرمتك بما أنزلت عليسسك فاصسسبر علسسى قضسسائه‬

‫وقدره واعلم أنه سيدبرك بحسن تدبيره ) ول تطع منهم آثمسسا أو كفسسورا ( أي‬

‫ل تطع الكافرين والمنافقين إن أرادوا صدك عما أنزل إليك بل بلغ مسسا أنسسزل‬

‫إليك من ربك وتوكل على ال فإن ال يعصمك من الناس فسسالثم هسسو الفسساجر‬

‫في أفعاله والكفور هو الكافر قلبه ) واذكر اسم ربك بكرة وأصيل ( أي أول‬

‫‪882‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫النهسسار وآخسسره ) ومسسن الليسسل فاسسسجد لسسه وسسسبحه ليل طسسويل ( كقسسوله تعسسالى‬

‫) ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ( وكقسسوله‬

‫تعالى ) يا أيهسسا المزمسسل قسسم الليسسل إل قليل نصسسفه أو انقسسص منسسه قليل أو زد‬

‫عليه ورتل القرآن ترتيل ( ثم قال تعالى منكرا على الكفار ومن أشبههم فسسي‬

‫حسسب السسدنيا والقبسسال عليهسسا والنصسسباب إليهسسا وتسسرك السسدار الخسسرة وراء‬

‫ظهورهم ) إن هؤلء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيل ( يعني يوم‬

‫القيامة ثم قال تعالى ) نحن خلقناهم وشددنا أسرهم ( قال بن عباس ومجاهسسد‬

‫وغيسسر واحسسد يعنسسي خلقهسسم ) وإذا شسسئنا بسسدلنا أمثسسالهم تبسسديل ( أي وإذا شسسئنا‬

‫بعثناهم يوم القيامة وبدلناهم فأعدناهم خلقا جديدا وهذا استدلل بالبداءة علسسى‬

‫الرجعة وقال بن زيد وبن جريسسر ) وإذا شسسئنا بسسدلنا أمثسسالهم تبسسديل ( أي وإذا‬

‫شئنا أتينا بقوم آخرين غيرهم كقوله تعالى ) إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويسسأت‬

‫بآخرين وكان ال على ذلك قسسديرا ( وكقسسوله تعسسالى ) إن يشسسأ يسسذهبكم ويسسأت‬

‫بخلق جديد وما ذلك على ال بعزيز ( ثم قال تعالى ) إن هذه تسسذكرة ( يعنسسي‬

‫هذه السورة تذكرة ) فمن شاء اتخذ إلى ربسسه سسبيل ( أي طريقسسا ومسسسلكا أي‬

‫من شاء اهتدى بسالقرآن كقسوله تعسالى ) ومسساذا عليهسم لسسو آمنسوا بسسال واليسسوم‬

‫الخر ( الية ثم قال تعالى ) وما تشاءون إل أن يشاء ال ( أي ل يقسسدر أحسسد‬

‫أن يهدي نفسه وليدخل في اليمان وليجر لنفسه نفعا ) إل أن يشسساء الس إن‬

‫‪883‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ال كان عليما حكيما ( أي عليم بمن يستحق الهداية فييسرها لسسه ويقيسسض لسسه‬

‫أسبابها ومن يستحق الغواية فيصرفه عن الهدى وله الحكمة البالغة والحجسسة‬

‫الدامغة ولهذا قال تعالى ) إن ال كان عليما حكيما ( ثسسم قسسال تعسسالى ) يسسدخل‬

‫من يشاء في رحمته والظالمين أعسسد لهسسم عسسذابا أليمسسا ( أي يهسسدي مسسن يشسساء‬

‫ويضسسل مسسن يشسساء فمسسن يهسسده فل مضسسل لسسه ومسسن يضسسلل فل هسسادي لسسه‬

‫) سورة المرسلت (‬

‫مقدمة تفسير سورة النسان ول الحمد والمنة‬

‫تفسير سورة المرسلت‬

‫قسسال البخسساري ‪ 4934‬حسسدثنا عمسسر بسسن حفسسص بسسن غيسساث حسسدثنا أبسسي حسسدثنا‬

‫العمش حدثني إبراهيم عن السود عن عبد ال هو بسسن مسسسعود رضسسي الس‬

‫فسسي غسسار بمنسسى إذ نزلسست عليسسه‬ ‫عنسسه قسسال بينمسسا نحسسن مسسع رسسسول ال س‬

‫) والمرسلت ( فإنه ليتلوهسا وإنسي لتلقاهسا مسن فيسه وإن فساه لرطسب بهسا إذ‬

‫اقتلوهسسا فابتسسدرناها فسسذهبت فقسسال النسسبي‬ ‫وثبت علينا حية فقال النبي‬

‫وقيت شركم كما وقيتم شرها وأخرجه مسلم أيضا من طريق العمش وقسسال‬

‫‪884‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المام أحمد ‪ 6338‬ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عسسن عبيسسد الس عسسن بسسن‬

‫يقسرأ فسي المغسرب بالمرسسلت عرفسا‬ ‫عباس عن أمه أنها سسمعت النسبي‬

‫وفي رواية مالك عن الزهسري عسن عبيسد الس عسن بسن عبساس أن أم الفضسل‬

‫سمعته يقرأ ) والمرسلت عرفا ( فقالت يابني أذكرتني بقراءتك هذه السورة‬

‫يقسسرأ بهسسا فسسي المغسسرب أخرجسساه فسسي‬ ‫إنها لخر ما سمعت من رسول ال‬

‫الصسسسسسسسسسسسسسسسسسسحيحين مسسسسسسسسسسسسسسسسسسن طريسسسسسسسسسسسسسسسسسسق مالسسسسسسسسسسسسسسسسسسك‬

‫به‬

‫حيم ِ‬
‫ن الّر ِ‬
‫حم ِ‬
‫سم ِ اللهِ الّر ْ‬
‫بِ ْ‬

‫صييييفا ً }‪{2‬‬
‫ت عَ ْ‬ ‫ت عُْرفييييا ً }‪َ {1‬فال َْعا ِ‬
‫صييييَفا ِ‬ ‫سييييَل ِ‬ ‫َوال ْ ُ‬
‫مْر َ‬

‫شرا ً }‪{3‬‬
‫ت نَ ْ‬
‫شَرا ِ‬
‫َوالّنا ِ‬

‫ذرا ً أ َوْ ن ُي ْ‬
‫ذرا ً‬ ‫كرا ً }‪ {5‬عُي ْ‬ ‫مل ِْقَيا ِ‬
‫ت ذِ ْ‬ ‫ت فَْرقا ً }‪َ {4‬فال ْ ُ‬
‫َفال َْفارَِقا ِ‬

‫ما‬
‫}‪ {6‬إ ِن ّ َ‬

‫ت }‪ {8‬وَإ ِ َ‬
‫ذا‬ ‫سيي ْ‬ ‫م طُ ِ‬
‫م َ‬ ‫جييو ُ‬
‫ذا الن ّ ُ‬ ‫ن لَ َ‬
‫واِقييعٌ }‪َ {7‬فييإ ِ َ‬ ‫دو َ‬
‫عيي ُ‬
‫ُتو َ‬

‫ت‬ ‫ماء فُرِ َ‬


‫ج ْ‬ ‫س َ‬
‫ال ّ‬
‫ذا الرس ُ ُ‬
‫ل أقَّتيي ْ‬
‫ت }‪{11‬‬ ‫ّ ُ‬ ‫ت }‪ {10‬وَإ ِ َ‬
‫سَف ْ‬
‫ل نُ ِ‬ ‫ذا ال ْ ِ‬
‫جَبا ُ‬ ‫}‪ {9‬وَإ ِ َ‬
‫ُ‬
‫ِل َيّ ي َوْم ٍ أ ّ‬
‫جل َ ْ‬
‫ت‬

‫‪885‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ل}‬ ‫م ال َْف ْ‬
‫صي ِ‬ ‫مييا ي َيوْ ُ‬ ‫مييا أ َد َْرا َ‬
‫ك َ‬ ‫ل }‪ {13‬وَ َ‬ ‫}‪ {12‬ل ِي َوْم ِ ال َْف ْ‬
‫ص ِ‬

‫مئ ِذٍ‬ ‫‪ {14‬وَي ْ ٌ‬


‫ل ي َوْ َ‬

‫ل ّل ْ ُ‬
‫مك َذ ِّبي َ‬
‫ن }‪{15‬‬

‫قال بن أبي حاتم حدثنا أبي ثنا زكريا بن سهل المروزي ثنا علي بن الحسسسن‬

‫بن شقيق أنا الحسين بن واقد ثنا العمش عسسن أبسسي صسسالح عسسن أبسسي هريسسرة‬

‫) والمرسسسلت عرفسسا ( قسسال الملئكسسة وروي عسسن مسسسروق وأبسسي الضسسحى‬

‫ومجاهد في إحدى الروايات والسدي والربيع بن أنس مثسسل ذلسسك وروي عسسن‬

‫أبي صالح أنه قال هي الرسل وفي رواية عنه أنها الملئكة وهكسسذا قسسال أبسسو‬

‫صالح في العاصفات والناشرات والفارقسسات والملقيسسات أنهسسا الملئكسسة وقسسال‬

‫الثوري عن سلمة بن كهيل عن مسلم البطين عن أبي العبيدين قال سألت بسسن‬

‫مسعود عن المرسلت عرفا قال الريسسح وكسسذا قسسال فسسي ) العاصسسفات عصسسفا‬

‫والناشرات نشرا ( إنها الريح وكذا قال بن عباس ومجاهد وقتادة وأبو صالح‬

‫في رواية عنه وتوقف بن جرير في ) والمرسلت عرفا ( هل هي الملئكسسة‬

‫إذا أرسلت بالعرف أو كعرف الفرس يتبع بعضهم بعضسسا أو هسسي الريسساح إذا‬

‫هبت شيئا فشيئا وقطع بأن العاصسسفات عصسسفا الريسساح كمسسا قسساله بسسن مسسسعود‬

‫ومن تابعه وممن قال ذلك في العاصفات عصفا أيضسسا علسسي بسسن أبسسي طسسالب‬

‫والسدي وتوقف في الناشسسرات نشسسرا هسسل هسسي الملئكسسة أو الريسسح كمسسا تقسسدم‬

‫‪886‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وعن أبي صالح أن الناشرات نشرا هي المطر والظهر أن المرسسسلت هسسي‬

‫الرياح كما قال تعالى ) وأرسسسلنا الريسساح لواقسسح ( وقسسال تعسسالى ) وهسسو السسذي‬

‫يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمتسسه ( وهكسسذا العاصسسفات هسسي الريسساح يقسسال‬

‫عصفت الرياح إذا هبت بتصسسويت وكسذا الناشسرات هسي الريسساح الستي تنشسسر‬

‫السحاب في آفاق السماء كما يشاء الرب عز وجل وقوله تعالى ) فالفارقسسات‬

‫فرقا فالملقيات ذكرا عسسذرا أو نسسذرا ( يعنسسي الملئكسسة قسساله بسسن مسسسعود وبسسن‬

‫عباس ومسسسروق ومجاهسد وقتسادة والربيسع بسن أنسس والسسدي والثسوري ول‬

‫خلف ها هنا فإنها تنزل بسسأمر الس علسسى الرسسسل تفسسرق بيسسن الحسسق والباطسسل‬

‫والهدى والغسي والحلل والحسرام وتلقسي إلسى الرسسل وحيسا فيسه إعسذار إلسى‬

‫الخلق وإنذار لهم عقساب الس إن خسالفوا أمسسره وقسوله تعسالى ) إنمسا توعسدون‬

‫لواقع ( هذا هو المقسم عليه بهذه القسسسام أي ماوعسسدتم بسسه مسسن قيسسام السسساعة‬

‫والنفخ في الصور وبعث الجساد وجمع الولين والخرين في صعيد واحسسد‬

‫ومجازاة كل عامل بعمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر إن هذا كله لواقسسع أي‬

‫لكائن ل محالة ثم قال تعالى ) فإذا النجوم طمست ( أي ذهب ضوءها كقوله‬

‫تعسسالى ) وإذا النجسسوم انكسسدرت ( وكقسسوله تعسسالى ) وإذا الكسسواكب انتسسثرت (‬

‫) وإذا السسسماء فرجسست ( أي انفطسسرت وانشسسقت وتسسدلت أرجاؤهسسا ووهسست‬

‫أطرافها ) وإذا الجبال نسفت ( أي ذهب بها فل يبقى لها عين ول أثر كقسسوله‬

‫‪887‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تعالى ) ويسألونك عسن الجبسال فقسل ينسسفها ربسي نسسفا ( اليسة وقسال تعسالى‬

‫) ويوم نسير الجبال وترى الرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحسسدا (‬

‫وقوله تعالى ) وإذا الرسل أقتت ( قال العوفي عن بسسن عبسساس جمعسست وقسسال‬

‫بن زيد وهذه كقوله تعالى ) يوم يجمع الس الرسسسل ( وقسسال مجاهسسد ) أقتسست (‬

‫أجلت وقال الثوري عن منصور عن إبراهيم ) أقتت ( أوعدت وكأنه يجعلها‬

‫كقوله تعالى ) وأشرقت الرض بنور ربها ووضسسع الكتسساب وجيسسء بسسالنبيين‬

‫والشهداء وقضي بينهم بسالحق وهسم ل يظلمسون ( ثسم قسال تعسالى ) لي يسوم‬

‫أجلت ليوم الفصل وما أدراك ما يسسوم الفصسسل ويسسل يسسومئذ للمكسسذبين ( يقسسول‬

‫تعالى لي يوم أجلت الرسسسل وأرجىسسء أمرهسسا حسستى تقسسوم السسساعة كمسسا قسسال‬

‫تعالى ) فل تحسبن ال مخلف وعده رسله إن ال عزيز ذو انتقسسام يسسوم تبسسدل‬

‫الرض غيسسر الرض والسسسموات وبسسرزوا ل س الواحسسد القهسسار ( وهسسو يسسوم‬

‫الفصل كما قال تعالى ) ليسسوم الفصسسل ( ثسسم قسسال تعسسالى معظمسسا لشسسأنه ) ومسسا‬

‫أدراك ما يوم الفصل ويل يومئذ للمكذبين ( أي ويل لهم من عسسذاب ال س غسسدا‬

‫وقسسسسسد قسسسسسدمنا فسسسسسي الحسسسسسديث أن ويسسسسسل واد فسسسسسي جهنسسسسسم ول يصسسسسسح‬

‫م اْل ِ‬ ‫أ َل َم ن ُهل ِ ِ َ‬
‫ن‬
‫ري َ‬
‫خ ِ‬ ‫م ن ُت ْب ِعُهُ ُ‬ ‫ك اْلوِّلي َ‬
‫ن }‪ {16‬ث ُ ّ‬ ‫ْ ْ‬

‫ن‬ ‫مئ ِذٍ ل ّل ْ ُ‬


‫مك َذ ِّبي َ‬ ‫ن }‪ {18‬وَي ْ ٌ‬
‫ل ي َوْ َ‬ ‫مي َ‬
‫جرِ ِ‬ ‫ل ِبال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫}‪ {17‬ك َذ َل ِ َ‬
‫ك ن َْفعَ ُ‬

‫}‪{19‬‬

‫‪888‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬
‫ن‬
‫كييي ٍ‬ ‫جعَل َْناهُ ِفي قََرارٍ ّ‬
‫م ِ‬ ‫ن }‪ {20‬فَ َ‬
‫مِهي ٍ‬
‫ماء ّ‬
‫من ّ‬ ‫خُلق ّ‬
‫كم ّ‬ ‫أل َ ْ‬
‫م نَ ْ‬

‫}‪ {21‬إ َِلى قَد ٍَر‬

‫مئ ِذٍ‬
‫ل ي َيوْ َ‬ ‫م ال َْقييادُِرو َ‬
‫ن }‪ {23‬وَي ْي ٌ‬ ‫معُْلوم ٍ }‪ {22‬فََقيد َْرَنا فَن ِعْي َ‬
‫ّ‬

‫ل ّل ْ ُ‬
‫مك َذ ِّبي َ‬
‫ن }‪{24‬‬

‫جعَل َْنييا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫واتا ً }‪ {26‬وَ َ‬
‫م َ‬ ‫ض ك َِفاتا ً }‪ {25‬أ ْ‬
‫حَياء وَأ ْ‬ ‫ل اْلْر َ‬
‫جع َ ِ‬ ‫أل َ ْ‬
‫م نَ ْ‬

‫ي‬
‫س َ‬
‫ِفيَها َرَوا ِ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫مئ ِذٍ ل ّل ْ ُ‬
‫مك َذ ِّبي َ‬ ‫ماء فَُراتا ً }‪ {27‬وَي ْ ٌ‬
‫ل يو ْ َ‬ ‫سَقي َْنا ُ‬
‫كم ّ‬ ‫ت وَأ ْ‬
‫خا ٍ‬
‫م َ‬ ‫َ‬
‫شا ِ‬

‫}‪{28‬‬

‫يقول تعالى ) ألم نهلك الولين ( يعنسسي مسسن المكسسذبين للرسسسل المخسسالفين لمسسا‬

‫جاءوهم به ) ثم نتبعهم الخرين ( أي ممن أشبههم ولهذا قال تعسسالى ) كسسذلك‬

‫نفعل بالمجرمين ويل يومئذ للمكذبين ( قاله بسسن جريسسر ثسسم قسسال تعسسالى ممتنسسا‬

‫على خلقه ومحتجا على العادة بالبسسداءة ) ألسسم نخلقكسسم مسسن مسساء مهيسسن ( أي‬

‫ضعيف حقير بالنسبة إلى قدرة الباري عز وجل كما تقدم في سورة يس فسسي‬

‫حسسديث بشسسر بسسن جحسساش بسسن آدم أنسسى تعجزنسسي وقسسد خلقتسسك مسسن مثسسل هسسذه‬

‫) فجعلناه في قرار مكين ( يعنسسي جمعنسساه فسسي الرحسسم وهسسو قسسرار المسساء مسسن‬

‫الرجل والمرأة والرحم معد لذلك حافظ لما أودع فيه من الماء وقوله تعالى )‬

‫‪889‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إلى قدر معلوم ( يعني إلى مدة معينة من سسستة أشسسهر أو تسسسعة أشسسهر ولهسسذا‬

‫قال تعالى ) فقدرنا فنعم القادرون ويل يومئذ للمكذبين ( ثم قسسال تعسسالى ) ألسسم‬

‫نجعل الرض كفاتا أحياء وأمواتا ( قال بسسن عبسساس كفاتسسا كنسسا وقسسال مجاهسسد‬

‫يكفت الميسست فل يسسرى منسسه شسسيء وقسسال الشسسعبي بطنهسسا لمسسواتكم وظهرهسسا‬

‫لحيائكم وكذا قال مجاهسسد وقتسسادة ) وجعلنسسا فيهسسا رواسسسي شسسامخات ( يعنسسي‬

‫الجبال رسى بها الرض لئل تميد وتضسسطرب ) وأسسسقيناكم مسساء فراتسسا ( أي‬

‫عسسذبا زلل مسسن السسسحاب أو ممسسا أنبعسسه مسسن عيسسون الرض ) ويسسل يسسومئذ‬

‫للمكذبين ( أي ويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة خالقها ثم بعد‬

‫هسسسسسسسسسسسسسسذا يسسسسسسسسسسسسسسستمر علسسسسسسسسسسسسسسى تكسسسسسسسسسسسسسسذيبه وكفسسسسسسسسسسسسسسره‬

‫ن }‪ {29‬انط َل ُِقييوا إ ِل َييى ظ ِي ّ‬


‫ل‬ ‫كنُتم ب ِهِ ت ُك َذ ُّبو َ‬ ‫انط َل ُِقوا إ َِلى َ‬
‫ما ُ‬

‫ِذي ث ََل ِ‬
‫ث‬

‫ن الل ّهَ ي ِ‬
‫ب }‪ {31‬إ ِن ّهَييا‬ ‫ل وََل ي ُغْن ِييي ِ‬
‫مي َ‬ ‫ب }‪َ {30‬ل ظ َِلي ي ٍ‬ ‫ُ‬
‫ش يع َ ٍ‬

‫مي ب ِ َ‬
‫شَرٍر‬ ‫ت َْر ِ‬

‫َ‬ ‫كييأ َ‬
‫مئ ِذٍ‬ ‫صييْفٌر }‪ {33‬وَْييي ٌ‬
‫ل َيييوْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬
‫ٌ‬ ‫ل‬ ‫مييا‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫كال َْق ْ‬
‫صييرِ }‪َ {32‬‬ ‫َ‬

‫ل ّل ْ ُ‬
‫مك َذ ِّبي َ‬
‫ن }‪{34‬‬

‫ن ل َهُ ْ‬
‫م فَي َعَْتييذُِرو َ‬
‫ن }‪{36‬‬ ‫ن }‪ {35‬وََل ي ُؤْذ َ ُ‬
‫م َل َينط ُِقو َ‬ ‫هَ َ‬
‫ذا ي َوْ ُ‬

‫مئ ِذٍ‬ ‫وَي ْ ٌ‬


‫ل ي َوْ َ‬

‫‪890‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬
‫م َواْلوِّلي َ‬
‫ن }‪{38‬‬ ‫معَْناك ُ ْ‬
‫ج َ‬
‫ل َ‬ ‫م ال َْف ْ‬
‫ص ِ‬ ‫ن }‪ {37‬هَ َ‬
‫ذا ي َوْ ُ‬ ‫ل ّل ْ ُ‬
‫مك َذ ِّبي َ‬

‫ن‬ ‫فَِإن َ‬
‫كا َ‬

‫ن }‪{40‬‬ ‫مئ ِذٍ ل ّل ْ ُ‬


‫مك َذ ِّبي َ‬ ‫ن }‪ {39‬وَي ْ ٌ‬
‫ل ي َوْ َ‬ ‫دو ِ‬
‫كي ُ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫م ك َي ْد ٌ فَ ِ‬

‫يقول تعالى مخبرا عن الكفار المكذبين بالمعاد والجزاء والجنسسة والنسسار أنهسسم‬

‫يقال لهم يوم القيامة ) انطلقوا إلى ما كنتم بسسه تكسسذبون انطلقسسوا إلسسى ظسسل ذي‬

‫ثلث شعب ( يعني لهب النار إذا ارتفع وصعد معه دخان فمن شسسدته وقسسوته‬

‫أن له ثلث شعب ) ل ظليل ول يغني من اللهسسب ( أي ظسسل السسدخان المقابسسل‬

‫للهب ل ظليل هو في نفسه وليغني مسسن اللهسسب يعنسسي ول يقيهسسم حسسر اللهسسب‬

‫وقوله تعسالى ) إنهسا ترمسي بشسرر كالقصسر ( أي يتطساير الشسرر مسن لهبهسا‬

‫كالقصر قال بن مسعود كالحصون وقال بسسن عبسساس ومجاهسسد وقتسسادة ومالسسك‬

‫عن زيد بن أسلم وغيرهم يعني أصول الشسسجر ) كسسأنه جمسسالت صسسفر ( أي‬

‫كالبل السود قاله مجاهد والحسن وقتادة والضحاك واختاره بن جرير وعسسن‬

‫بن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير ) جمالة صفر ( يعني حبال السفن وعنسسه‬

‫أعني بن عباس ) جمالة صفر ( قطسسع نحسساس وقسسال البخسساري ‪ 4933‬حسسدثنا‬

‫عمرو بن علي حدثنا يحيى أخبرنا سفيان عن عبسسد الرحمسسن بسسن عسسابس قسسال‬

‫سمعت بن عباس رضي ال عنهما ) إنها ترمسسي بشسسرر كالقصسسر ( قسسال كنسسا‬

‫نعمد إلى الخشبة ثلثة أذرع وفوق ذلك فنرفعه للبناء فنسميه القصسسر ) كسسأنه‬

‫‪891‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جمالة صفر ( حبال السفن تجمع حتى تكون كأوسسساط الرجسسال ) ويسسل يسسومئذ‬

‫للمكذبين ( ثم قال تعالى ) هذا يوم ل ينطقسسون ( أي ل يتكلمسسون ) ول يسسؤذن‬

‫لهم فيعتذرون ( أي ل يقدرون على الكلم ول يؤذن لهم فيه ليعتذروا بل قسسد‬

‫قامت عليهم الحجة ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم ل ينطقسسون وعرصسسات‬

‫القيامة حالت والرب تعالى يخبر عن هذه الحالة تارة وعن هذه الحال تسسارة‬

‫ليدل على شدة الهوال والزلزل يومئذ ولهذا يقول بعد كسسل فصسسل مسسن هسسذا‬

‫الكلم ) ويسسل يسسومئذ للمكسسذبين ( وقسسوله تعسسالى ) هسسذا يسسوم الفصسسل جمعنسساكم‬

‫والولين فإن كان لكم كيد فكيدون ( وهذه مخاطبة من الخسسالق تعسسالى لعبسساده‬

‫يقول لهم ) هذا يوم الفصل جمعناكم والولين ( يعني أنه جمعهم بقسسدرته فسسي‬

‫صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر وقوله تعالى ) فإن كان لكم كيسسد‬

‫فكيسسدون ( تهديسسد شسسديد ووعيسسد أكيسسد أي إن قسسدرتم علسسى أن تتخلصسسوا مسسن‬

‫قبضتي وتنجوا من حكمي فافعلوا فإنكم ل تقدرون على ذلك كما قسسال تعسسالى‬

‫) يسسا معشسسر الجسسن والنسسس إن اسسستطعتم أن تنفسسذوا مسسن أقطسسار السسسماوات‬

‫والرض فانفذوا ل تنفذون إل بسلطان ( وقد قال تعالى ) ول تضرونه شيئا‬

‫( وفي الحديث ياعبادي إنكم لن تبلغسسوا نفعسسي فتنفعسسوني ولسسن تبلغسسوا ضسسري‬

‫فتضروني وقد قال بن أبي حسساتم ثنسسا علسسي بسسن المنسسذر الطريقسسي الودي ثنسسا‬

‫محمد بن فضيل ثنا حصين بن عبد الرحمن عن حسان بن أبي المخارق عن‬

‫‪892‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبي عبد ال الجدلي قال أتيت بيت المقدس فإذا عبادة بن الصامت وعبسسد ال س‬

‫بن عمرو وكعب الحبار يتحدثون في بيت المقدس فقال عبسسادة إذا كسسان يسسوم‬

‫القيامة جمع ال الولين والخرين في صعيد واحد ينفذهم ويسسسمعهم السسداعي‬

‫ويقول ال ) هذا يوم الفصل جمعناكم والولين فإن كسسان لكسسم كيسسد فكيسسدون (‬

‫اليوم ل ينجو مني جبار عنيد ول شيطان مريد فقال عبد ال بسسن عمسسرو فإنسسا‬

‫نحدث يومئذ أنها تخرج عنق من النار فتنطلق حتى إذا كسسانت بيسسن ظهرانسسي‬

‫الناس نادت أيها الناس إني بعثت إلى ثلثة أنسسا أعسسرف بهسسم مسسن الب بولسسده‬

‫ومن الخ بأخيه ل يغيبهم عني وزر ول تخفيهم عني خافية السسذي جعسسل مسسع‬

‫ال إلها آخر وكل جبار عنيد وكل شيطان مريد فتنطسسوي عليهسسم فتقسسذف بهسسم‬

‫فسسسسسسسسسسسي النسسسسسسسسسسسار قبسسسسسسسسسسسل الحسسسسسسسسسسسساب بسسسسسسسسسسسأربعين سسسسسسسسسسسسنة‬

‫ن ِفي‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مت ِّقي َ‬ ‫إِ ّ‬

‫ن }‪ {42‬ك ُُلييوا‬ ‫مييا ي َ ْ‬


‫شييت َُهو َ‬ ‫م ّ‬
‫ه ِ‬ ‫ن }‪ {41‬وََفيي َ‬
‫واك ِ َ‬ ‫ظ َِل ٍ‬
‫ل وَعُُيييو ٍ‬
‫شَرُبوا هَِنيئا ً‬
‫َوا ْ‬

‫ن }‪{44‬‬
‫سني َ‬
‫ح ِ‬ ‫زي ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ج ِ‬
‫ك نَ ْ‬ ‫مُلو َ‬
‫ن }‪ {43‬إ ِّنا ك َذ َل ِ َ‬ ‫م ت َعْ َ‬ ‫ما ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫بِ َ‬

‫مئ ِذٍ‬ ‫وَي ْ ٌ‬


‫ل ي َوْ َ‬

‫ن }‪{46‬‬
‫مييو َ‬
‫جرِ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ن }‪ {45‬ك ُُلوا وَت َ َ‬
‫مت ُّعوا قَِليل ً إ ِن ّك ُييم ّ‬ ‫ل ّل ْ ُ‬
‫مك َذ ِّبي َ‬

‫مئ ِذٍ‬ ‫وَي ْ ٌ‬


‫ل ي َوْ َ‬

‫‪893‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫م اْرك َعُييوا َل ي َْرك َعُييو َ‬
‫ن }‪{48‬‬ ‫ل ل َهُي ُ‬
‫ذا ِقيي َ‬ ‫ل ّل ْ ُ‬
‫مك َذ ِّبي َ‬
‫ن }‪ {47‬وَإ ِ َ‬

‫وَي ْ ٌ‬
‫ل‬
‫َ‬
‫ن }‪{50‬‬ ‫ث ب َعْد َهُ ي ُؤْ ِ‬
‫مُنو َ‬ ‫دي ٍ‬ ‫ن }‪ {49‬فَب ِأيّ َ‬
‫ح ِ‬ ‫مئ ِذٍ ل ّل ْ ُ‬
‫مك َذ ِّبي َ‬ ‫ي َوْ َ‬

‫يقول تعالى مخبرا عن عبسساده المتقيسسن السسذين عبسسدوه بسسأداء الواجبسسات وتسسرك‬

‫المحرمات إنهم يوم القيامة يكونون في جنسسات وعيسسون أي بخلف مسسا أولئك‬

‫الشسقياء فيسه مسن ظسسل اليحمسوم وهسو السسدخان السسود المنتسسن وقسوله تعسسالى‬

‫) وفواكه مما يشسستهون ( أي ومسسن سسسائر أنسسواع الثمسسار مهمسسا طلبسسوا وجسسدوا‬

‫) كلسسوا واشسسربوا هنيئا بمسسا كنتسسم تعملسسون ( أي يقسسال لهسسم ذلسسك علسسى سسسبيل‬

‫الحسان إليهم ثم قال تعالى مخبرا خبرا مستأنفا ) إنا كذلك نجزي المحسنين‬

‫( أي هذا جزاؤنا لمن أحسسن العمسل ) ويسل يسومئذ للمكسذبين ( وقسوله تعسالى‬

‫) كلوا وتمتعوا قليل إنكم مجرمون ( خطسساب للمكسسذبين بيسسوم السسدين وأمرهسسم‬

‫أمر تهديسسد ووعيسسد فقسسال تعسسالى ) كلسسوا وتمتعسسوا قليل ( أي مسسدة قليلسسة قريبسسة‬

‫قصيرة ) إنكم مجرمون ( أي ثم تسسساقون إلسسى نسسار جهنسسم السستي تقسسدم ذكرهسسا‬

‫) ويل يسومئذ للمكسذبين ( كمسا قسسال تعسسالى ) نمتعهسم قليل ثسم نضسطرهم إلسسى‬

‫عذاب غليظ ( وقال تعسسالى ) إن السسذين يفسسترون علسسى الس الكسسذب ل يفلحسسون‬

‫متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كسسانوا يكفسسرون (‬

‫‪894‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقوله تعالى ) وإذا قيل لهم اركعوا ل يركعون ( أي إذا أمسسر هسسؤلء الجهلسسة‬

‫من الكفار أن يكونوا من المصلين مع الجماعة امتنعوا مسسن ذلسسك واسسستكبروا‬

‫عنه ولهذا قال تعالى ) ويل يومئذ للمكسسذبين ( ثسسم قسسال تعسسالى ) فبسسأي حسسديث‬

‫بعده يؤمنون ( أي إذا لم يؤمنسسوا بهسسذا القسسرآن فبسسأي كلم يؤمنسسون بسسه كقسسوله‬

‫تعالى ) فبأي حديث بعد ال وآياته يؤمنون ( قال بسسن أبسسي حسساتم ثنسسا بسسن أبسسي‬

‫عمر ثنا سسسفيان عسسن إسسسماعيل بسسن أميسسة سسسمعت رجل أعرابيسسا بسسدويا يقسسول‬

‫سمعت أبا هريرة يرويه إذا قرأ والمرسلت عرفا فقرأ ) فبسسأي حسسديث بعسسده‬

‫يؤمنون ( فليقل آمنت بال وبما أنزل وقد تقدم هذا الحديث في سورة القيامة‬

‫) سورة النبأ (‬

‫حيم ِ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫حم ِ‬ ‫سم ِ اللهِ الّر ْ‬ ‫بِ ْ‬


‫ه‬
‫م ِفي ِ‬ ‫ذي هُ ْ‬ ‫ظيم ِ }‪ {2‬ال ّ ِ‬ ‫ن الن ّب َإ ِ ال ْعَ ِ‬ ‫ن }‪ {1‬عَ ِ‬ ‫ساءُلو َ‬ ‫م ي َت َ َ‬ ‫عَ ّ‬
‫ن }‪{3‬‬ ‫خت َل ُِفو َ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫جع َ ِ‬‫م نَ ْ‬ ‫ن }‪ {5‬أل ْ‬ ‫مو َ‬ ‫سي َعْل ُ‬‫م كل َ‬ ‫ن }‪ {4‬ث ُ ّ‬ ‫مو َ‬ ‫سي َعْل ُ‬ ‫كل َ‬
‫مَهادا ً }‪{6‬‬ ‫َ‬
‫ض ِ‬ ‫اْلْر َ‬
‫خل َْقناك ُ َ‬ ‫وال ْجبا َ َ‬
‫جعَل َْنا ن َوْ َ‬
‫مك ُ ْ‬
‫م‬ ‫م أْزَواجا ً }‪ {8‬وَ َ‬ ‫ل أوَْتادا ً }‪ {7‬وَ َ َ ْ‬ ‫َ ِ َ‬
‫سَباتا ً‬ ‫ُ‬
‫مَعاشا ً }‬ ‫جعَل َْنا الن َّهاَر َ‬‫ل ل َِباسا ً }‪ {10‬وَ َ‬ ‫جعَل َْنا الل ّي ْ َ‬ ‫}‪ {9‬وَ َ‬
‫‪ {11‬وَب َن َي َْنا‬
‫هاجا ً }‪{13‬‬ ‫سَراجا ً وَ ّ‬‫جعَل َْنا ِ‬ ‫دادا ً }‪ {12‬وَ َ‬ ‫ش َ‬ ‫سْبعا ً ِ‬ ‫م َ‬ ‫فَوْقَك ُ ْ‬
‫وََأنَزل َْنا‬

‫‪895‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حب ّا ً وَن ََباتا ً }‬
‫ج ب ِهِ َ‬ ‫جاجا ً }‪ {14‬ل ِن ُ ْ‬
‫خرِ َ‬ ‫ماء ث َ ّ‬
‫ت َ‬
‫صَرا ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مع ْ ِ‬ ‫م َ‬
‫ِ‬
‫ت‬‫جّنا ٍ‬
‫‪ {15‬وَ َ‬
‫أ َل َْفافا ً }‪{16‬‬

‫مقدمممة تفسممير سممورة النبممأ بسممم اللممه الرحمممن‬


‫الرحيمممممممممم سمممممممممورة النبمممممممممأ وهمممممممممي‬
‫مكية يقممول تعممالى منكممرا علممى المشممركين فممي‬
‫تساؤلهم عن يوم القيامة إنكممارا لوقوعهمما ) عممم‬
‫يتساءلون عمن النبمإ العظيممم ( أي عممن أي شميء‬
‫يتساءلون عن أمر القيامة وهو النبأالعظيم يعني‬
‫الخبر الهائل المفظع الباهر قال قتادة وبممن زيمد‬
‫النبأ العظيم البعث بعد الموت وقممال مجاهممد هممو‬
‫القممرآن والظهممر الول لقمموله ) الممذي هممم فيممه‬
‫مختلفون ( يعني الناس فيه علممى قممولين مممؤمن‬
‫به وكافر ثم قال تعالى متوعدا لمنكممري القيامممة‬
‫) كل سيعلمون ثممم كل سمميعلمون ( وهممذا تهديممد‬
‫شديد ووعيد أكيد ثممم شممرع تبممارك وتعممالى يممبين‬
‫قممدرته العظيمممة علممى خلممق الشممياء الغريبممة‬
‫والمور العجيبة الدالة على قدرته على ممما يشمماء‬
‫من أمر المعاد وغيره فقممال ) ألممم نجعممل الرض‬
‫مهادا ( أي ممهدة للخلئق ذلول لهم قارة ساكنة‬
‫ثابتممة ) والجبممال أوتممادا ( أي جعلهمما لهمما أوتممادا‬
‫أرسمماها بهمما وثبتهمما وقررهمما حممتى سممكنت ولممم‬
‫تضطرب بمن عليها ثم قممال تعممالى ) وخلقنمماكم‬
‫أزواجا ( يعني ذكرا وأنثى يتمتع كل منهما بالخر‬
‫ويحصممل التناسممل بممذلك كقمموله ) ومممن أيمماته أن‬
‫خلممق لكممم مممن أنفسممكم أزواجمما لتسممكنوا إليهمما‬
‫وجعممل بينكممم مممودة ورحمممة ( وقمموله تعممالى‬
‫) وجعلنا نومكم سباتا ( أي قطعا للحركة لتحصل‬
‫الراحة من كثرة الممترداد والسممعي فممي المعممايش‬
‫في عرض النهار وقد تقدم مثممل هممذه اليممة فممي‬
‫سورة الفرقان ) وجعلنا الليل لباسا ( أي يغشممي‬

‫‪896‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫النمماس ظلمممه وسممواده كممما قممال ) والليممل إذا‬
‫يغشمممممممممممماها ( وقممممممممممممال الشمممممممممممماعر‬
‫فلما لبسن الليل أو حين نصبت له من خذا آذانها‬
‫وهمممممممممممممممممممممممممممو جانمممممممممممممممممممممممممممح‬
‫وقال قتادة في قوله تعالى ) وجعلنا الليل لباسا‬
‫( أي سكنا وقوله تعالى ) وجعلنا النهار معاشمما (‬
‫أي جعلناه مشرقا نيرا مضيئا ليتمكن النمماس مممن‬
‫التصمممرف فيمممه والمممذهاب والمجيمممء للمعممماش‬
‫والتكسممب والتجممارات وغيممر ذلممك وقمموله تعممالى‬
‫) وبنينا فوقكم سممبعا شممدادا ( يعنممي السممماوات‬
‫السبع في اتساعها وارتفاعها وإحكامها وإتقانها‬
‫وتزيينها بالكواكب الثوابت والسيارات ولهذا قال‬
‫تعالى ) وجعلنمما سممراجا وهاجمما ( يعنممي الشمممس‬
‫المنيرة على جميممع العممالم الممتي يتوهممج ضمموؤها‬
‫لهممل الرض كلهممم وقمموله تعممالى ) وأنزلنمما مممن‬
‫المعصممرات ممماء ثجاجمما ( قممال العمموفي عممن بممن‬
‫عباس المعصرات الريح وقال بممن أبممي حمماتم ثنمما‬
‫أبو سعيد ثنا أبو داود الحفممري عممن سممفيان عممن‬
‫العمش عن المنهال عن سعيد بن جبير عممن بممن‬
‫عباس ) وأنزلنا من المعصرات ( قال الرياح وكذا‬
‫قممال عكرمممة ومجاهممد وقتممادة ومقاتممل والكلممبي‬
‫وزيد بممن أسمملم وابنممه عبممد الرحمممن أنهمما الريمماح‬
‫ومعنممى هممذا القممول أنهمما تسممتدر المطممر مممن‬
‫السحاب وقال علي بن أبي طلحة عن بن عبمماس‬
‫من المعصرات أي من السحاب وكذا قال عكرمممة‬
‫أيضا وأبو العالية والضحاك والحسن والربيممع بممن‬
‫أنس والثوري واختاره بن جرير وقال الفراء هي‬
‫السحاب التي تتحلب بالمطر ولم تمطر بعممد كممما‬
‫يقال امرأة معصر إذا دنا حيضها ولم تحض وعممن‬
‫الحسن وقتادة من المعصممرات يعنممي السممماوات‬
‫وهذا قول غريب والظهر أن المراد بالمعصممرات‬
‫السحاب كما قال تعالى ) الله الذي يرسل الرياح‬

‫‪897‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فتثير سممحابا فيبسممطه فممي السممماء كيممف يشمماء‬
‫ويجعله كسفا فترى الودق يخرج مممن خللممه ( أي‬
‫مممن بينممه وقمموله جممل وعل ) ممماء ثجاجمما ( قممال‬
‫مجاهممد وقتممادة والربيممع بممن أنممس ثجاجمما منصممبا‬
‫وقال الثوري متتابعا وقال بن زيد كثيرا قال بممن‬
‫جرير ول يعرف في كلم العرب في صفة الكثرة‬
‫الثج وإنما الثج الصب المتتابع ومنممه قممول النممبي‬
‫أفضل الحج العج والثج يعني صب دممماء البممدن‬
‫هكذا قممال قلممت وفممي حممديث المستحاضممة حيممن‬
‫أنعت لممك الكرسممف يعنممي‬ ‫قال لها رسول الله‬
‫أن تحتشي بممالقطن فقممالت يمما رسممول اللممه هممو‬
‫أكثر من ذلك إنما أثج ثجما وهمذا فيمه دللمة علمى‬
‫استعمال الثج فممي الصممب المتتممابع الكممثير واللممه‬
‫أعلم وقوله تعالى ) لنخرج به حبا ونباتمما وجنممات‬
‫ألفافمما ( أي لنخممرج بهممذا الممماء الكممثير الطيممب‬
‫النافع المبممارك ) حبمما ( يممدخر للناسممي والنعممام‬
‫) ونباتمما ( أي خضممرا يؤكممل رطبمما ) وجنممات ( أي‬
‫بسمماتين وحممدائق مممن ثمممرات متنوعممة وألمموان‬
‫مختلفة وطعمموم وروائح متفاوتممة وإن كممان ذلممك‬
‫في بقعة واحدة مممن الرض مجتمعمما ولهممذا قممال‬
‫) وجنات ألفافا ( قال بممن عبمماس وغيممره ألفافمما‬
‫مجتمعة وهذه كقوله تعالى ) وفممي الرض قطممع‬
‫متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان‬
‫وغير صنوان يسقى بممماء واحممد ونفضممل بعضممها‬
‫على بعض في الكممل إن فممي ذلممك ليممات لقمموم‬
‫يعقلون‬
‫صوِر‬ ‫خ ِفي ال ّ‬ ‫ميَقاتا ً }‪ {17‬ي َوْ َ‬
‫م ُينَف ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ل َ‬
‫كا َ‬ ‫ص ِ‬‫م ال َْف ْ‬ ‫ن ي َوْ َ‬ ‫إِ ّ‬
‫وابا ً }‪{19‬‬ ‫َ‬ ‫فَتأ ْتو َ‬
‫ت أب ْ َ‬ ‫ماء فَ َ‬
‫كان َ ْ‬ ‫س َ‬‫ت ال ّ‬ ‫واجا ً }‪ {18‬وَفُت ِ َ‬
‫ح ِ‬ ‫ن أفْ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ت‬
‫سي َّر ِ‬ ‫وَ ُ‬
‫صادا ً }‬
‫مْر َ‬ ‫ت ِ‬ ‫م َ‬
‫كان َ ْ‬ ‫جهَن ّ َ‬ ‫سَرابا ً }‪ {20‬إ ِ ّ‬
‫ن َ‬ ‫ت َ‬ ‫ل فَ َ‬
‫كان َ ْ‬ ‫جَبا ُ‬‫ال ْ ِ‬
‫ن‬
‫طاِغي َ‬ ‫‪ {21‬ل ِل ْ ّ‬

‫‪898‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ن ِفيَها ب َْردا ً‬ ‫حَقابا ً }‪ّ {23‬ل ي َ ُ‬ ‫َ‬
‫ذوُقو َ‬ ‫ن ِفيَها أ ْ‬‫مآبا ً }‪َ {22‬لب ِِثي َ‬ ‫َ‬
‫شَرابا ً‬ ‫وََل َ‬
‫جَزاء وَِفاقا ً }‪ {26‬إ ِن ّهُ ْ‬
‫م‬ ‫ساقا ً }‪َ {25‬‬ ‫ميما ً وَغَ ّ‬ ‫ح ِ‬‫}‪ {24‬إ ِّل َ‬
‫كاُنوا‬ ‫َ‬
‫ذابا ً }‪ {28‬وَك ُ ّ‬
‫ل‬ ‫سابا ً }‪ {27‬وَك َذ ُّبوا ِبآَيات َِنا ك ِ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ِ‬ ‫جو َ‬ ‫َل ي َْر ُ‬
‫يٍء‬‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫ذابا ً }‪{30‬‬ ‫م إ ِّل عَ َ‬ ‫َ‬
‫ذوُقوا فََلن ن ّ ِ‬
‫زيد َك ُ ْ‬ ‫صي َْناهُ ك َِتابا ً }‪ {29‬فَ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫أ ْ‬
‫يخمبر تعمالى مخمبرا عممن يموم الفصمل وهمو يموم‬
‫القيامة أنه مؤقت بأجل معممدود ل يممزاد عليممه ول‬
‫ينقص منه ول يعلم وقته على التعيين إل الله عز‬
‫وجل كما قال تعالى ) وما نؤخره إل لجل معدود‬
‫( ) يوم ينفخ فممي الصممور فتممأتون أفواجمما ( قممال‬
‫مجاهد زمرا زمرا قال بن جريممر يعنممي تممأتي كممل‬
‫أمة مع رسممولها كقمموله تعممالى ) يمموم نممدعو كممل‬
‫أناس بإمامهم ( وقال البخاري ‪ ) 4935‬يوم ينفخ‬
‫في الصور فتأتون أفواجا ( حدثنا محمد حدثنا أبو‬
‫معاويممة عممن العمممش عممن أبممي صممالح عممن أبممي‬
‫ما بيممن النفخممتين‬ ‫هريرة قال قال رسول الله‬
‫أربعممون قممالوا أربعممون يوممما قممال أبيممت قممالوا‬
‫أربعون شهرا قال أبيت قالوا أربعون سممنة قممال‬
‫أبيت قال ثم ينزل الله من السماء ممماء فينبتممون‬
‫كما ينبت البقل ليس من النسان شيء إل يبلممى‬
‫إل عظما واحممدا وهممو عجممب الممذنب ومنممه يركممب‬
‫الخلق يوم القيامة ) وفتحت السماء فكانت أبوابا‬
‫( أي طرقا ومسممالك لنممزول الملئكممة ) وسمميرت‬
‫الجبممال فكممانت سممرابا ( كقمموله تعممالى ) وتممرى‬
‫الجبال تحسبها جامدة وهممي تمممر مممر السممحاب (‬
‫وكقوله تعالى ) وتكون الجبال كالعهن المنفوش‬
‫( وقال ها هنمما ) فكممانت سممرابا ( أي يخيممل إلممى‬
‫الناظر أنها شيء وليست بشيء وبعد هذا تممذهب‬
‫بالكليمممة فلعيمممن ول أثمممر كمممما قمممال تعمممالى‬
‫) ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسممفا‬

‫‪899‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فيذرها قاعا صفصفا ل ترى فيها عوجا ول أمتا (‬
‫وقال تعالى ) ويمموم نسممير الجبممال وتممرى الرض‬
‫بارزة ( وقوله تعالى ) إن جهنم كممانت مرصممادا (‬
‫أي مرصممدة معممدة ) للطمماغين ( وهممم المممردة‬
‫العصمماة المخممالفون للرسممل ) مآبمما ( أي مرجعمما‬
‫ومنقلبا ومصيرا ونزل وقال الحسن وقتممادة فممي‬
‫قوله تعالى ) إن جهنم كانت مرصادا ( يعنممي أنممه‬
‫ل يدخل أحد الجنممة حممتى يجتماز بالنممار فمإن كمان‬
‫معه جواز نجا وإل احتبس وقال سممفيان الثمموري‬
‫عليها ثلث قنمماطر وقمموله تعممالى ) لبممثين فيهمما‬
‫أحقابا ( أي ماكثين فيها أحقابا وهي جمع حقممب‬
‫وهو المدة من الزمان وقد اختلفوا فممي مقممداره‬
‫فقال بن جريممر عممن بممن حميممد عممن مهممران عممن‬
‫سفيان الثوري عن عمار الدهني عممن سممالم بممن‬
‫أبي الجعد قال قال علممي بممن أبممي طممالب لهلل‬
‫الهجري ما تجدون الحقب في كتاب الله المنممزل‬
‫قال نجده ثمانين سنة كل سنة اثنمما عشممر شممهرا‬
‫كل شهر ثلثون يوما كل يمموم ألممف سممنة وهكممذا‬
‫روي عن أبي هريممرة وعبممد اللممه بممن عمممرو وبممن‬
‫عبمماس وسممعيد بممن جممبير وعمممرو بممن ميمممون‬
‫والحسن وقتادة والربيع بن أنس والضحاك وعممن‬
‫الحسن والسدي أيضا سممبعون سممنة كممذلك وعممن‬
‫عبد الله بن عمرو الحقب أربعون سممنة كممل يمموم‬
‫منها كألف سنة مما تعدون رواهما بن أبي حمماتم‬
‫وقال بشير بن كعب ذكر لممي أن الحقممب الواحممد‬
‫ثلثمائة سنة كل سنة اثنا عشر شممهرا كممل سممنة‬
‫ثلثمائة وستون يوما كممل يمموم منهمما كممألف سممنة‬
‫رواه بن جرير وبن أبممي حمماتم ثممم قممال بممن أبممي‬
‫حمماتم ذكممر عممن عمممرو بممن علممي بممن أبممي بكممر‬
‫السفيدي حدثنا مروان بن معاوية الفممزاري عممن‬
‫جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامممة عممن‬
‫في قوله تعالى ) لبممثين فيهمما أحقابمما (‬ ‫النبي‬

‫‪900‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال فالحقب شهر الشممهر ثلثممون يوممما والسممنة‬
‫اثنا عشر شهرا والسنة ثلثمائة وستون يوما كل‬
‫يوم منها ألف سنة مما تعممدون فممالحقب ثلثممون‬
‫ألف ألف سنة وهذا حديث منكر جدا والقاسم هو‬
‫والراوي عنه وهو جعفر بن الزبير كلهما متروك‬
‫وقال البزار ‪ 3503‬حدثنا محمد بن مرداس حممدثنا‬
‫سليمان بن مسلم أبو العلء قال سألت سممليمان‬
‫التيمي هل يخرج من النار أحد فقال حدثني نافع‬
‫أنه قال واللممه ل يخممرج‬ ‫عن بن عمر عن النبي‬
‫مممن النممار أحممد حممتى يمكممث فيهمما أحقابمما قممال‬
‫والحقب بضممع وثمممانون سممنة كممل سممنة ثلثمممائة‬
‫وستون يوممما مممما تعمدون ثمم قممال سممليمان بممن‬
‫مسلم بصري مشهور‬
‫وقال السدي ) لبثين فيها أحقابا ( سبعمائة‬
‫حقب كل حقب سبعون سنة كل سنة ثلثمائة‬
‫وستون يوما كل يوم كألف سنة مما تعدون وقد‬
‫قال مقاتل بن حيان أن هذه الية منسوخة‬
‫بقوله تعالى ) فذوقوا فلن نزيدكم إل عذابا (‬
‫وقال خالد بن معدان هذه الية وقوله تعالى ) إل‬
‫ما شاء ربك ( في أهل التوحيد رواهما بن جرير‬
‫ثم قال ويحتمل أن يكون قوله تعالى ) لبثين‬
‫فيها أحقابا ( متعلقا بقوله تعالى ) ل يذوقون‬
‫فيها بردا ول شرابا ( ثم يحدث الله لهم بعد ذلك‬
‫عذابا من شكل آخر ونوع آخر ثم قال والصحيح‬
‫أنها ل انقضاء لها كما قال قتادة والربيع بن‬
‫أنس وقد قال قبل ذلك حدثني محمد بن عبد‬
‫الرحيم البرقي حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن‬
‫زهير عن سالم سمعت الحسن يسأل عن قوله‬
‫تعالى ) لبثين فيها أحقابا ( قال أما الحقاب‬
‫فليس لها عدة إل الخلود في النار ولكن ذكروا‬
‫أن الحقب سبعون سنة كل يوم منها كألف سنة‬
‫مما تعدون وقال سعيد عن قتادة قال الله تعالى‬

‫‪901‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫) لبثين فيها أحقابا ( وهو ما ل انقطاع له وكلما‬
‫مضى حقب جاء حقب بعده وذكر لنا أن الحقب‬
‫ثمانون سنة وقال الربيع بن أنس ) لبثين فيها‬
‫أحقابا ( ل يعلم عدة هذه الحقاب إل الله عز‬
‫وجل وذكر لنا أن الحقب الواحد ثمانون سنة‬
‫والسنة ثلثمائة وستون يوما كل يوم كألف سنة‬
‫مما تعدون رواهما أيضا بن جرير وقوله تعالى‬
‫) ل يذوقون فيها بردا ول شرابا ( أي ل يجدون‬
‫في جهنم بردا لقلوبهم ول شرابا طيبا يتغذون‬
‫به ولهذا قال تعالى ) إل حميما وغساقا ( قال‬
‫أبو العالية استثنى من البرد الحميم ومن‬
‫الشراب الغساق وكذا قال الربيع بن أنس فأما‬
‫الحميم فهو الحار الذي قد انتهى حره وحموه‬
‫والغساق هو ما اجتمع من صديد أهل النار‬
‫وعرقهم ودموعهم وجروحهم فهو بارد ل‬
‫يستطاع من برده ول يواجه من نتنه وقد قدمنا‬
‫الكلم على الغساق في سورة ص بما أغنى عن‬
‫إعادته أجارنا الله من ذلك بمنه وكرمه قال بن‬
‫جرير وقيل المراد بقوله ) ل يذوقون فيها بردا (‬
‫يعني النوم كما قال الكندي‬
‫بردت مراشفها علي فصدني عنها وعن قبلتها‬
‫البرد‬
‫يعني بالبرد النعاس والنوم هكذا ذكره ولم يعزه‬
‫إلى احد وقد رواه بن أبي حاتم من طريق‬
‫السدي عن مرة الطيب ونقله عن مجاهد أيضا‬
‫وحكاه البغوي عن أبي عبيدة والكسائي أيضا‬
‫وقوله تعالى ) جزاءا وفاقا ( أي هذا الذي صاروا‬
‫إليه من هذه العقوبة وفق أعمالهم الفاسدة‬
‫التي كانوا يعملونها في الدنيا قاله مجاهد‬
‫وقتادة وغير واحد ثم قال تعالى ) إنهم كانوا ل‬
‫يرجون حسابا ( أي لم يكونوا يعتقدون أن ثم‬
‫دارا يجازون فيها ويحاسبون ) وكذبوا بآياتنا‬

‫‪902‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كذابا ( أي وكانوا يكذبون بحجج الله ودلئله على‬
‫خلقه التي أنزلها على رسله صلى الله عليهم‬
‫وسلم فيقابلونها بالتكذيب والمعاندة وقوله‬
‫) كذابا ( أي تكذيبا وهو مصدر من غير الفعل‬
‫قالوا وقد سمع أعرابي يستفتي الفراء على‬
‫المروة الحلق أحب إليك أو القصار وأنشد‬
‫بعضهم‬
‫لقد طال ما ثبطتني عن صحابتي وعن حوج‬
‫قصارها من شفائيا‬
‫وقوله تعالى ) وكل شيء أحصيناه كتابا ( أي‬
‫وقد علمنا أعمال العباد كلهم وكتبناها عليهم‬
‫وسنجزيهم على ذلك إن خيرا فخير وإن شرا‬
‫فشر وقوله تعالى ) فذوقوا فلن نزيدكم إل‬
‫عذابا ( أي يقال لهل النار ذوقوا ما أنتم فيه‬
‫فلن نزيدكم إل عذابا من جنسه ) وآخر من شكله‬
‫أزواج ( قال قتادة عن أبي أيوب الزدي عن عبد‬
‫الله بن عمرو قال لم ينزل على أهل النار آية‬
‫أشد من هذه الية ) فذوقوا فلن نزيدكم إل‬
‫عذابا ( قال فهم في مزيد من العذاب أبدا وقال‬
‫بن أبي حاتم حدثنا محمد بن محمد بن مصعب‬
‫الصوري حدثنا خالد بن عبد الرحمن حدثنا جسر‬
‫بن فرقد عن الحسن قال سألت أبا برزة‬
‫السلمي عن أشد آية في كتاب الله على أهل‬
‫قرأ ) فذوقوا‬ ‫النار قال سمعت رسول الله‬
‫فلن نزيدكم إل عذابا ( قال هلك القوم‬
‫بمعاصيهم الله عز وجل جسر بن فرقد ضعيف‬
‫الحديث بالكلية‬
‫َ‬
‫ب‬‫ع َ‬ ‫دائ ِقَ وَأعَْنابا ً }‪ {32‬وَك َ َ‬
‫وا ِ‬ ‫مَفازا ً }‪َ {31‬‬
‫ح َ‬
‫ْ‬
‫ن َ‬‫َ‬ ‫ن ل ِل ْ ُ‬
‫مت ِّقي‬ ‫إِ ّ‬
‫أ َت َْرابا ً }‪ {33‬وَك َأسا ً‬
‫جَزاء‬‫ذابا ً }‪َ {35‬‬‫ن ِفيَها ل َْغوا ً وََل ك ِ ّ‬
‫مُعو َ‬
‫س َ‬ ‫هاقا ً }‪ّ {34‬ل ي َ ْ‬ ‫دِ َ‬
‫طاء‬ ‫ك عَ َ‬ ‫من ّرب ّ َ‬ ‫ّ‬
‫سابا }‪{36‬‬ ‫ً‬ ‫ح َ‬ ‫ِ‬

‫‪903‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقول تعالى مخممبرا عممن السممعداء وممما أعممد لهممم‬
‫تعالى من الكرامة والنعيم المقيم فقال تعالى )‬
‫إن للمتقين مفازا‬

‫قال بن عباس والضحاك متنزها وقال مجاهد‬


‫وقتادة فازوا فنجوا من النار والظهر ها هنا‬
‫قول بن عباس لنه قال بعده ) حدائق (‬
‫والحدائق البساتين من النخيل وغيرها ) وأعنابا‬
‫وكواعب أترابا ( أي وحورا كواعب قال بن عباس‬
‫ومجاهد وغير واحد ) كواعب ( أي نواهد يعنون‬
‫أن ثديهن نواهد لم يتدلين لنهن أبكار عرب‬
‫أتراب أي في سن واحد كما تقدم بيانه في‬
‫سورة الواقعة قال بن أبي حاتم حدثنا عبد الله‬
‫بن أحمد بن عبد الرحمن الدستكي حدثني أبي‬
‫عن أبي سفيان عبد الرحمن بن عبد الله بن تيم‬
‫حدثنا عطية بن سليمان أبو الغيث عن أبي عبد‬
‫الرحمن القاسم بن أبي القاسم الدمشقي عن‬
‫أنه قال‬ ‫أبي أمامة أنه سمعه يحدث عن النبي‬
‫إن قمص أهل الجنة لتبدو من رضوان الله وإن‬
‫السحابة لتمر بهم فتناديهم يا أهل الجنة ماذا‬
‫تريدون أن أمطركم حتى إنها لتمطرهم الكواعب‬
‫التراب وقوله تعالى ) وكأسا دهاقا ( قال بن‬
‫عباس مملوءة متتابعة وقال عكرمة صافية وقال‬
‫مجاهد والحسن وقتادة وبن زيد ) دهاقا ( الملى‬
‫المترعة وقال مجاهد وسعيد بن جبير هي‬
‫المتتابعة وقوله تعالى ) ل يسمعون فيها لغوا‬
‫ول كذابا ( كقوله ) ل لغو فيها ول تأثيم ( أي‬
‫ليس فيها كلم لغ عار عن الفائدة ول إثم كذب‬
‫بل هي دار السلم وكل ما فيها سالم من‬
‫النقص وقوله ) جزاء من ربك عطاء حسابا ( أي‬
‫هذا الذي ذكرناه جازاهم الله به وأعطاهموه‬
‫بفضله ومنه وإحسانه ورحمته عطاء حسابا أي‬

‫‪904‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كافيا وافيا سالما كثيرا تقول العرب أعطاني‬
‫فأحسبني أي كفاني ومنه حسبي الله أي الله‬
‫كافي‬
‫َ‬
‫ن‬
‫كو َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫ن َل ي َ ْ‬ ‫م ِ‬‫ح َ‬ ‫ما الر ْ‬ ‫ما ب َي ْن َهُ َ‬‫ض وَ َ‬ ‫ت َوالْر ِ‬
‫ْ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫َر ّ‬
‫صّفا ً ّل‬ ‫ة َ‬ ‫مَلئ ِك َ ُ‬ ‫ح َوال ْ َ‬ ‫م الّرو ُ‬ ‫م ي َُقو ُ‬ ‫طابا ً }‪ {37‬ي َوْ َ‬ ‫خ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫ن‬
‫مو َ‬ ‫ي َت َك َل ّ ُ‬
‫إّل م َ‬
‫ك ال ْي َوْ ُ‬
‫م‬ ‫وابا ً }‪ {38‬ذ َل ِ َ‬ ‫ص َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن وََقا َ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ه الر ْ‬ ‫ن لَ ُ‬‫ن أذِ َ‬ ‫ِ َ ْ‬
‫من‬ ‫حقّ فَ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫خذ َ إَلى ربه مآبا ً }‪ {39‬إنا َ‬
‫ريبا ً ي َوْ َ‬
‫م‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ذاب‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫نا‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬‫أن‬ ‫ِّ‬ ‫َ ّ ِ َ‬ ‫شاء ات ّ َ ِ‬ ‫َ‬
‫ت‬
‫كن ُ‬ ‫كافُِر َيا ل َي ْت َِني ُ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫داهُ وَي َُقو ُ‬ ‫ت يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما قَد ّ َ‬‫مْرُء َ‬ ‫َينظ ُُر ال ْ َ‬
‫ت َُرابا ً }‪{40‬‬
‫يخمممبر تعمممالى عمممن عظمتمممه وجللمممه وأنمممه رب‬
‫السماوات والرض وممما فيهمما وممما بينهممما وأنممه‬
‫الرحمن الممذي شممملت رحمتممه كممل شمميء وقمموله‬
‫تعالى ) ل يملكون منه خطابمما ( أي ل يقممدر أحممد‬
‫على ابتداء مخاطبته إل بإذنه كقوله تعالى ) مممن‬
‫ذا الممذي يشممفع عنممده إل بممإذنه ( وكقمموله تعممالى‬
‫) يوم يأت ل تكلم نفس إل بإذنه ( وقوله تعالى )‬
‫يمموم يقمموم الممروح والملئكممة صممفا ل يتكلمممون (‬
‫اختلف المفسرون في المراد بالروح همما هنمما ممما‬
‫هو على أقوال أحممدها ممما رواه العمموفي عممن بمن‬
‫عباس أنهممم أرواح بنممي آدم الثمماني هممم بنممو آدم‬
‫قاله الحسن وقتادة وقال قتادة هذا مما كان بن‬
‫عباس يكتمه الثالث أنهم خلق من خلق الله على‬
‫صممور بنممي آدم وليسمموا بملئكممة ولبشممر وهممم‬
‫يأكلون ويشربون قاله بممن عبمماس ومجاهممد وأبممو‬
‫صالح والعمش الرابع هو جبريممل قمماله الشممعبي‬
‫وسعيد بن جبير والضحاك ويستشهد لهذا القممول‬
‫بقوله عز وجل ) نزل به الروح المين على قلبك‬
‫لتكممون مممن المنممذرين ( وقممال مقاتمل بممن حيممان‬
‫الروح هو أشرف الملئكة وأقرب إلممى الممرب عممز‬
‫وجل وصاحب الوحي الخممامس أنممه القممرآن قمماله‬

‫‪905‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن زيد كقوله ) وكذلك أوحينا روحمما مممن امرنمما (‬
‫الية والسادس أنه ملك من الملئكة بقمدر جميممع‬
‫المخلوقممات قممال علممي بممن أبممي طلحممة عممن بممن‬
‫عباس قوله ) يوم يقمموم الممروح ( قممال هممو ملممك‬
‫عظيم من أعظم الملئكة خلقمما وقممال بممن جريممر‬
‫حدثني محمد بن خلف العسقلني حدثنا رواد بممن‬
‫الجراح عن أبي حمزة عممن الشممعبي عممن علقمممة‬
‫عن بن مسعود قال الممروح فممي السممماء الرابعممة‬
‫هممو أعظممم مممن السممماوات ومممن الجبممال ومممن‬
‫الملئكة يسبح كل يوم اثني عشممر ألممف تسممبيحة‬
‫يخلممق اللممه تعممالى مممن كممل تسممبيحة ملكمما مممن‬
‫الملئكة يجيء يوم القيامة صفا وحده وهذا قول‬
‫غريب جدا وقد قممال الطممبراني ‪ 1111476‬حممدثنا‬
‫محمد بن عبد الله بن عرس المصري حدثنا وهب‬
‫الله بن روق بن هبيرة حدثنا بشر بمن بكممر حممدثنا‬
‫الوزاعي حدثني عطاء عن عبممد اللممه بممن عبمماس‬
‫يقول إن لله ملكا لممو قيممل‬ ‫سمعت رسول الله‬
‫لممه التقممم السممماوات السممبع والرضممين بلقمممة‬
‫واحدة لفعل تسممبيحه سممبحانك حيممث كنممت وهممذا‬
‫حديث غريممب جممدا وفممي رفعممه نظممر وقممد يكممون‬
‫موقوفا على بممن عبمماس ويكممون مممما تلقمماه مممن‬
‫السرائيليات والله أعلم‬
‫وتوقممف بممن جريممر فلممم يقطممع بواحممد مممن هممذه‬
‫القوال كلها والشبه عندي والله أعلم أنهم بنممو‬
‫آدم وقمموله تعممالى ) إل مممن أذن لممه الرحمممن (‬
‫كقوله ) يوم يأت ل تكلم نفممس إل بممإذنه ( وكممما‬
‫ثبممت فممي الصممحيح ول يتكلممم يممومئذ إل الرسممل‬
‫وقوله تعالى ) وقال صوابا ( أي حقا ومن الحممق‬
‫لإله إل الله كما قاله أبو صممالح وعكرمممة وقمموله‬
‫تعالى ) ذلممك اليمموم الحممق ( أي الكممائن ل محالممة‬
‫) فمممن شمماء اتخممذ إلممى ربممه مآبمما ( أي مرجعمما‬
‫وطريقا يهتدي إليه ومنهجا يمر بممه عليممه وقمموله‬

‫‪906‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تعممالى ) إنمما أنممذرناكم عممذابا قريبمما ( يعنممي يمموم‬
‫القيامة لتأكد وقوعه صار قريبمما لن كممل ممما هممو‬
‫آت آت ) يمموم ينظممر المممرء ممما قممدمت يممداه أي (‬
‫يعرض عليه جميع أعماله خيرها وشممرها قممديمها‬
‫وحممديثها كقمموله تعممالى ) ووجممدوا ممما عملمموا‬
‫حاضرا ( وكقوله تعالى ) ينبأ النسان يممومئذ بممما‬
‫قدم وأخر ( ) ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا (‬
‫أي يود الكافر يومئذ أنه كان في الدار الدنيا ترابا‬
‫ولم يكن خلق ول خممرج إلممى الوجممود وذلممك حيممن‬
‫عاين عذاب الله ونظر إلمى أعمماله الفاسمدة قمد‬
‫سممطرت عليممه بأيممدي الملئكممة السممفرة الكممرام‬
‫البررة وقيل إنما يود ذلممك حيممن يحكممم اللممه بيممن‬
‫الحيوانات التي كممانت فممي الممدنيا فيفصممل بينهمما‬
‫بحكمممه العممدل الممذي ل يجممور حممتى إنممه ليقتممص‬
‫للشاة الجماء من القرنمماء فممإذا فممرغ مممن الحكممم‬
‫بينها قال لها كوني ترابا فتصير ترابا فعنممد ذلممك‬
‫يقممول الكممافر ) يمما ليتنممي كنممت ترابمما ( أي كنممت‬
‫حيوانا فأرجع إلى التراب وقد ورد معنى هذا في‬
‫حديث الصور المشمهور وورد فيممه آثمار عمن أبممي‬
‫هريرة وعبد الله بن عمرو وغيرهما‬

‫) سورة النازعات (‬

‫مقدمة تفسير سورة النازعات‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم سورة النازعات‬

‫وهي مكية‬

‫‪907‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حيم ِ‬
‫ن الّر ِ‬
‫حم ِ‬
‫سم ِ اللهِ الّر ْ‬
‫بِ ْ‬

‫ت‬
‫حا ِ‬ ‫شطا ً }‪َ {2‬وال ّ‬
‫ساب ِ َ‬ ‫ت نَ ْ‬ ‫ش َ‬
‫طا ِ‬ ‫ت غَْرقا ً }‪َ {1‬والّنا ِ‬
‫عا ِ‬
‫َوالّنازِ َ‬

‫سْبحا ً‬
‫َ‬
‫َ‬
‫مرا ً }‪ {5‬ي َوْ َ‬
‫م‬ ‫تأ ْ‬ ‫سْبقا ً }‪َ {4‬فال ْ ُ‬
‫مد َب َّرا ِ‬ ‫ت َ‬ ‫}‪َ {3‬فال ّ‬
‫ساب َِقا ِ‬

‫ة‬
‫جَف ُ‬
‫ف الّرا ِ‬
‫ج ُ‬
‫ت َْر ُ‬

‫ة }‪{8‬‬
‫جَف ٌ‬
‫مئ ِذٍ َوا ِ‬ ‫ة }‪ {7‬قُُلو ٌ‬
‫ب ي َوْ َ‬ ‫}‪ {6‬ت َت ْب َعَُها الّرادِفَ ُ‬

‫ها‬
‫صاُر َ‬ ‫َ‬
‫أب ْ َ‬
‫ة }‪ {9‬يُقوُلو َ‬
‫ن ِفي ال ْ َ‬
‫حافَِرةِ }‪{10‬‬ ‫دو َ‬
‫دو ُ‬ ‫ن أئ ِّنا ل َ َ‬
‫مْر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫شع َ ٌ‬
‫خا ِ‬
‫َ‬

‫أ َئ ِ َ‬
‫ذا ك ُّنا‬

‫سَرةٌ }‪{12‬‬ ‫ك ِإذا ً ك َّرةٌ َ‬


‫خا ِ‬ ‫خَرةً }‪َ {11‬قاُلوا ت ِل ْ َ‬
‫ظاما ً ن ّ ِ‬
‫ع َ‬
‫ِ‬

‫جَرةٌ‬
‫ي َز ْ‬ ‫فَإ ِن ّ َ‬
‫ما هِ َ‬

‫ساهَِرةِ }‪{14‬‬
‫هم ِبال ّ‬ ‫حد َةٌ }‪ {13‬فَإ ِ َ‬
‫ذا ُ‬ ‫َوا ِ‬

‫قال بن مسعود وبن عباس ومسروق وسعيد بن جبير وأبو صالح وأبو‬

‫الضحى والسدي ) والنازعات غرقا ( الملئكة يعنون حين تنزع أرواح بني‬

‫أدم فمنهم من تأخذ روحه بعسر فتغرق في نزعها ومنهم من تأخذ روحه‬

‫بسهولة وكأنما حلته من نشاط وهو قوله ) والناشطات نشطا ( قاله بن‬

‫عباس وعن بن عباس ) والنازعات ( هي أنفس الكفار تنزع ثم تنشط ثم‬

‫‪908‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تغرق في النار رواه بن أبي حاتم وقال مجاهد ) والنازعات غرقا ( الموت‬

‫وقال الحسن وقتادة ) والنازعات غرقا والناشطات نشطا ( هي النجوم وقال‬

‫عطاء بن أبي رباح في قوله تعالى ) والنازعات والناشطات ( هي القسي‬

‫في القتال والصحيح الول وعليه الكثرون وأما قوله تعالى ) والسابحات‬

‫سبحا ( فقال بن مسعود هي الملئكة وروي عن علي ومجاهد وسعيد بن‬

‫جبير وأبي صالح مثل ذلك وعن مجاهد ) والسابحات سبحا ( الموت وقال‬

‫قتادة هي النجوم وقال عطاء بن أبي رباح هي السفن وقوله تعالى‬

‫) فالسابقات سبقا ( روي عن علي ومسروق ومجاهد وأبي صالح والحسن‬

‫البصري يعني الملئكة قال الحسن سبقت إلى اليمان والتصديق به وعن‬

‫مجاهد الموت وقال قتادة هي النجوم وقال عطاء هي الخيل في سبيل ال‬

‫وقوله تعالى ) فالمدبرات أمرا ( قال علي ومجاهد وعطاء وأبو صالح‬

‫والحسن وقتادة والربيع بن أنس والسدي هي الملئكة زاد الحسن تدبر‬

‫المر من السماء إلى الرض يعني بأمر ربها عز وجل ولم يختلفوا في هذا‬

‫ولم يقطع بن جرير بالمراد في شيء من ذلك إل أنه حكى في المدبرات‬

‫أمرا أنها الملئكة ول أثبت ول نفى وقوله تعالى ) يوم ترجف الراجفة‬

‫تتبعها الرادفة ( قال بن عباس هما النفختان الولى والثانية وهكذا قال‬

‫مجاهد والحسن وقتادة والضحاك وغير واحد وعن مجاهد أما الولى وهي‬

‫‪909‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قوله جل وعل ) يوم ترجف الراجفة ( فكقوله جلت عظمته ) يوم ترجف‬

‫الرض والجبال ( والثانية وهي الرادفة فهي كقوله ) وحملت الرض‬

‫والجبال فدكتا دكة واحدة ( وقد قال المام أحمد حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن‬

‫عبد ال بن محمد بن عقيل عن أبي الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال قال‬

‫رسول ال صلى ال تعالى عليه وسلم جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء‬

‫الموت بما فيه فقال رجل يا رسول ال أرأيت إن جعلت صلتي كلها عليك‬

‫قال إذا يكفيك ال ما أهمك من دنياك وآخرتك وقد روى الترمذي ‪2457‬‬

‫وبن جرير وبن أبي حاتم من حديث سفيان الثوري بإسناده مثله ولفظ‬

‫إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال يا أيها‬ ‫الترمذي وبن أبي حاتم كان رسول ال‬

‫الناس اذكروا ال جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه وقوله‬

‫تعالى ) قلوب يومئذ واجفة ( قال بن عباس يعني خائفة وكذا قال مجاهد‬

‫وقتادة ) أبصارها خاشعة ( أي أبصار أصحابها وإنما أضيف إليها للملبسة‬

‫أي ذليلة حقيرة مما عاينت من الهوال وقوله تعالى ) يقولون أئنا‬

‫لمردودون في الحافرة ( يعني مشركي قريش ومن قال بقولهم في إنكار‬

‫المعاد يستبعدون وقوع البعث بعد المصير إلى الحافرة وهي القبور قاله‬

‫مجاهد وبعد تمزق أجسادهم وتفتت عظامهم ونخورها ولهذا قالوا ) أئذا كنا‬

‫‪910‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عظاما نخرة ( وقرىء ) ناخرة ( وقال بن عباس ومجاهد وقتادة أي بالية‬

‫قال بن عباس وهو العظم إذا بلي ودخلت الريح فيه ) قالوا تلك إذا كرة‬

‫خاسرة ( وعن بن عباس ومحمد بن كعب وعكرمة وسعيد بن جبير وأبي‬

‫مالك والسدي وقتادة الحافرة الحياة بعد الموت وقال بن زيد الحافرة النار‬

‫وما أكثر أسماءها هي النار والجحيم وسقر وجهنم والهاوية والحافرة ولظى‬

‫والحطمة وأما قولهم ) تلك إذا كرة خاسرة ( فقال محمد بن كعب قالت‬

‫قريش لئن أحيانا ال بعد أن نموت لنخسرن قال ال تعالى ) فإنما هي زجرة‬

‫واحدة فإذا هم بالساهرة ( أي فإنما هو أمر من ال ل مثنوية فيه ول تأكيد‬

‫فإذا الناس قيام ينظرون وهو أن يأمر ال تعالى إسرافيل فينفخ في الصور‬

‫نفخة البعث فإذا الولون والخرون قيام بين يدي الرب عز وجل ينظرون‬

‫كما قال تعالى ) يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إل قليل (‬

‫وقال تعالى ) وما أمرنا إل واحدة كلمح بالبصر ( وقال تعالى ) وما أمر‬

‫الساعة إل كلمح البصر أو هو أقرب ( قال مجاهد ) فإنما هي زجرة واحدة‬

‫صيحة ( واحدة وقال إبراهيم التيمي أشد ما يكون الرب عز وجل غضبا‬

‫على خلقه يوم يبعثهم وقال الحسن البصري زجرة من الغضب وقال أبو‬

‫مالك والربيع بن أنس زجرة واحدة هي النفخة الخرة وقوله تعالى ) فإذا هم‬

‫بالساهرة ( قال بن عباس الساهرة الرض كلها وكذا قال سعيد بن جبير‬

‫‪911‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقتادة وأبو صالح وقال عكرمة والحسن والضحاك وبن زيد الساهرة وجه‬

‫الرض وقال مجاهد كانوا بأسفلها فأخرجوا إلى أعلها قال والساهرة‬

‫المكان المستوي وقال الثوري الساهرة أرض الشام وقال عثمان بن أبي‬

‫العاتكة الساهرة أرض بيت المقدس وقال وهب بن منبه الساهرة جبل إلى‬

‫جانب بيت المقدس وقال قتادة أيضا الساهرة جهنم وهذه أقوال كلها غريبة‬

‫والصحيح أنها الرض وجهها العلى وقال بن أبي حاتم حدثنا علي بن‬

‫الحسين حدثنا خزر بن المبارك الشيخ الصالح حدثنا بشر بن السري حدثنا‬

‫مصعب بن ثابت عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي ) فإذا هم‬

‫بالساهرة ( قال أرض بيضاء عفراء خالية كالخبزة النقي وقال الربيع بن‬

‫أنس ) فإذا هم بالساهرة ( يقول ال عز وجل ) يوم تبدل الرض غير‬

‫الرض والسموات وبرزوا ل الواحد القهار ( ويقول تعالى ) ويسألونك عن‬

‫الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا ل ترى فيها عوجا ول‬

‫أمتا ( وقال تعالى ) ويوم نسير الجبال وترى الرض بارزة ( وبرزت‬

‫الرض التي عليها الجبال وهي ل تعد من هذه الرض وهي أرض لم يعمل‬

‫عليها خطيئة ولم يهرق عليها دم‬

‫سى }‪{15‬‬
‫مو َ‬
‫ث ُ‬
‫دي ُ‬
‫ح ِ‬ ‫ل أَتا َ‬
‫ك َ‬ ‫هَ ْ‬

‫‪912‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ب إ َِلى‬ ‫س طُ ً‬
‫وى }‪ {16‬اذ ْهَ ْ‬ ‫وادِ ال ْ ُ‬
‫مَقد ّ ِ‬ ‫ه ِبال ْ َ‬ ‫إ ِذ ْ َنا َ‬
‫داهُ َرب ّ ُ‬

‫ه ط ََغى }‪{17‬‬
‫ن إ ِن ّ ُ‬
‫فِْرعَوْ َ‬

‫ك‬ ‫كى }‪ {18‬وَأ َهْدِي َ َ‬


‫ك إ َِلى َرب ّ َ‬ ‫ك إ َِلى َأن ت ََز ّ‬
‫هل ل ّ َ‬ ‫فَُق ْ‬
‫ل َ‬
‫َ‬
‫شى }‪ {19‬فَأَراهُ‬ ‫فَت َ ْ‬
‫خ َ‬

‫سَعى‬ ‫ة ال ْك ُبرى }‪ {20‬فَك َذ ّب وعَصى }‪ {21‬ث ُ َ‬


‫اْلي َ َ‬
‫م أد ْب ََر ي َ ْ‬
‫ّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َْ‬

‫}‪ {22‬فَ َ‬
‫ح َ‬
‫شَر‬
‫َ‬ ‫فَنادى }‪ {23‬فََقا َ َ‬
‫ه‬ ‫م اْل َعَْلى }‪ {24‬فَأ َ‬
‫خذ َهُ الل ّ ُ‬ ‫ل أَنا َرب ّك ُ ُ‬ ‫َ َ‬
‫خرةِ وا ْ ُ‬
‫لوَلى‬ ‫ل اْل ِ َ َ‬ ‫نَ َ‬
‫كا َ‬

‫خ َ‬
‫شى }‪{26‬‬ ‫ك ل َعِب َْرةً ل ّ َ‬
‫من ي َ ْ‬ ‫ن ِفي ذ َل ِ َ‬
‫}‪ {25‬إ ِ ّ‬

‫عن عبده ورسوله موسى عليه السلم أنه‬ ‫يخبر تعالى رسوله محمدا‬

‫ابتعثه إلى فرعون وأيده ال بالمعجزات ومع هذا استمر على كفره وطغيانه‬

‫حتى أخذه ال أخذ عزيز مقتدر وكذلك عاقبة من خالفك وكذب بما جئت به‬

‫ولهذا قال في آخر القصة ) إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ( فقوله تعالى‬

‫) هل أتاك حديث موسى ( أي هل سمعت بخبره ) إذ ناداه ربه ( أي كلمه‬

‫نداء ) بالواد المقدس ( أي المطهر ) طوى ( وهو اسم الوادي على الصحيح‬

‫كما تقدم في سورة طه فقال له ) اذهب إلى فرعون إنه طغى ( أي تجبر‬

‫‪913‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وتمرد وعتا ) فقل هل لك إلى أن تزكى ( أي قل له هل لك أن تجيب إلى‬

‫طريقة ومسلك تزكى به وتسلم وتطيع ) وأهديك إلى ربك ( أي أدلك إلى‬

‫عبادة ربك ) فتخشى ( أي فيصير قلبك خاضعا له مطيعا خاشعا بعد ما كان‬

‫قاسيا خبيثا بعيدا من الخير ) فأراه الية الكبرى ( يعني فأظهر له موسى مع‬

‫هذه الدعوة الحق حجة قوية ودليل واضحا على صدق ما جاءه به من عند‬

‫ال ) فكذب وعصى ( أي فكذب بالحق وخالف ما أمره به من الطاعة‬

‫وحاصله أنه كفر قلبه فلم ينفعل لموسى بباطنه ول بظاهره وعلمه بأن‬

‫ماجاء به حق ل يلزم منه أنه مؤمن به لن المعرفة علم القلب واليمان‬

‫عمله وهو النقياد للحق والخضوع له وقوله تعالى ) ثم أدبر يسعى ( أي في‬

‫مقابلة الحق بالباطل وهو جمعه السحرة ليقابلوا ماجاء به موسى عليه‬

‫السلم من المعجزات الباهرات ) فحشر فنادى ( أي في قومه ) فقال أنا‬

‫ربكم العلى ( قال بن عباس ومجاهد وهذه الكلمة قالها فرعون بعد قوله ما‬

‫علمت لكم من إله غيري بأربعين سنة قال ال تعالى ) فأخذه ال نكال‬

‫الخرة والولى ( أي انتقم ال منه انتقاما جعله به عبرة ونكال لمثاله من‬

‫المتمردين في الدنيا ) ويوم القيامة بئس الرفد المرفود ( كما قال تعالى‬

‫) وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة ل ينصرون ( وهذا هو‬

‫الصحيح في معنى الية أن المراد بقوله ) نكال الخرة والولى ( أي الدنيا‬

‫‪914‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والخرة وقيل المراد بذلك كلمتاه الولى والثانية وقيل كفره وعصيانه‬

‫والصحيح الذي ل شك فيه الول وقوله ) إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ( أي‬

‫لمن يتعظ وينزجر‬


‫َ‬ ‫م أَ َ‬ ‫ََ‬
‫ها‬
‫ماء ب ََنا َ‬ ‫خْلقا ً أم ِ ال ّ‬
‫س َ‬ ‫شد ّ َ‬ ‫أأنت ُ ْ‬

‫ج‬ ‫ش ل َي ْل ََها وَأ َ ْ‬


‫خَر َ‬
‫َ‬
‫ها }‪ {28‬وَأغْط َ َ‬
‫وا َ‬ ‫مك ََها فَ َ‬
‫س ّ‬ ‫}‪َ {27‬رفَعَ َ‬
‫س ْ‬

‫ها }‪{29‬‬
‫حا َ‬
‫ض َ‬
‫ُ‬

‫ها‬
‫عا َ‬
‫مْر َ‬
‫ها وَ َ‬
‫ماء َ‬
‫من َْها َ‬
‫ج ِ‬ ‫ها }‪ {30‬أ َ ْ‬
‫خَر َ‬ ‫حا َ‬ ‫ض ب َعْد َ ذ َل ِ َ‬
‫ك دَ َ‬ ‫َ‬
‫َواْلْر َ‬

‫}‪{31‬‬
‫وال ْجبا َ َ‬
‫م وَِل َن َْعا ِ‬
‫مك ُ ْ‬
‫م }‪{33‬‬ ‫مَتاعا ً ل ّك ُ ْ‬
‫ها }‪َ {32‬‬
‫سا َ‬
‫ل أْر َ‬ ‫َ ِ َ‬

‫يقول تعالى محتجا على منكري البعث في إعادة الخلق بعد بدئه ) أأنتم (‬

‫أيها الناس ) أشد خلقا أم السماء ( يعني بل السماء أشد خلقا منكم كما قال‬

‫تعالى ) لخلق السماوات والرض أكبر من خلق الناس ( وقال تعالى ) أو‬

‫ليس الذي خلق السماوات والرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو‬

‫الخلق العليم ( وقوله تعالى ) بناها ( فسره بقوله ) رفع سمكها فسواها (‬

‫أي جعلها عالية البناء بعيدة الفناء مستوية الرجاء مكللة بالكواكب في الليلة‬

‫الظلماء وقوله تعالى ) وأغطش ليلها وأخرج ضحاها ( أي جعل ليلها مظلما‬

‫أسود حالكا ونهارها مضيئا مشرقا نيرا واضحا وقال بن عباس ) أغطش‬

‫‪915‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليلها ( أظلمه وكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وجماعة كثيرون‬

‫) وأخرج ضحاها ( أي أنار نهارها وقوله تعالى ) والرض بعد ذلك دحاها‬

‫( فسره بقوله تعالى ) أخرج منها ماءها ومرعاها ( وقد تقدم في سورة حم‬

‫السجدة أن الرض خلقت قبل خلق السماء ولكن إنما دحيت بعد خلق السماء‬

‫بمعنى أنه أخرج ما كان فيها بالقوة إلى الفعل وهذا معنى قول بن عباس‬

‫وغير واحد واختاره بن جرير وقال بن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبد ال‬

‫بن جعفر الرقي حدثنا عبيد ال يعني بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن‬

‫المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن بن عباس ) دحاها ( ودحيها أن‬

‫أخرج منها الماء والمرعى وشقق فيها النهار وجعل فيها الجبال والرمال‬

‫والسبل والكام فذلك قوله ) والرض بعد ذلك دحاها ( وقد تقدم تقرير ذلك‬

‫هنالك وقوله تعالى ) والجبال أرساها ( أي قررها وأثبتها وأكدها في أماكنها‬

‫وهو الحكيم العليم الرءوف بخلقه الرحيم وقال المام أحمد ‪ 3124‬حدثنا‬

‫يزيد بن هارون أخبرنا العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي سليمان عن‬

‫قال لما خلق ال الرض جعلت تميد فخلق‬ ‫أنس بن مالك عن النبي‬

‫الجبال فألقاها عليها فاستقرت فتعجبت الملئكة من خلق الجبال فقالت يا‬

‫رب فهل من خلقك شيء أشد من الجبال قال نعم الحديد قالت يا رب فهل‬

‫‪916‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من خلقك شيء أشد من الحديد قال نعم النار قالت يا رب فهل من خلقك‬

‫شيء أشد من النار قال نعم الماء قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من‬

‫الماء قال نعم الريح قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الريح قال نعم‬

‫بن آدم يتصدق بيمينه يخفيها عن شماله وقال أبو جعفر بن جرير حدثنا بن‬

‫حميد حدثنا جرير عن عطاء عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال لما‬

‫خلق ال الرض قمصت وقالت تخلق علي آدم وذريته يلقون علي نتنهم‬

‫ويعلون علي بالخطايا فأرساها ال بالجبال فمنها ما ترون ومنها ما ل ترون‬

‫وكان أول قرار الرض كلحم الجزور إذا نحر يختلج لحمه غريب جدا‬

‫وقوله تعالى ) متاعا لكم ولنعامكم ( أي دحا الرض فأنبع عيونها وأظهر‬

‫مكنونها وأجرى أنهارها وأنبت زروعها وأشجارها وثمارها وثبت جبالها‬

‫لتستقر بأهلها ويقر قرارها كل ذلك متاعا لخلقه ولما يحتاجون إليه من‬

‫النعام التي يأكلونها ويركبونها مدة إحتياجهم إليها في هذا الدار إلى أن‬

‫ينتهي المد وينقضي الجل‬

‫ة‬
‫م ُ‬ ‫ت ال ّ‬
‫طا ّ‬ ‫جاء ِ‬ ‫فَإ ِ َ‬
‫ذا َ‬

‫ت‬
‫سَعى }‪ {35‬وَب ُّرَز ِ‬
‫ما َ‬
‫ن َ‬
‫سا ُ‬ ‫م ي َت َذ َك ُّر ا ْ ِ‬
‫لن َ‬ ‫ال ْك ُب َْرى }‪ {34‬ي َوْ َ‬

‫م‬
‫حي ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ج ِ‬

‫‪917‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫َ‬
‫من ط ََغى }‪َ {37‬وآث ََر ال ْ َ‬
‫حَياةَ الد ّن َْيا‬ ‫من ي ََرى }‪ {36‬فَأ ّ‬
‫ما َ‬ ‫لِ َ‬

‫م‬
‫حي َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ج ِ‬ ‫}‪ {38‬فَإ ِ ّ‬

‫س‬ ‫َ‬ ‫هي ال ْ ْ‬


‫م َرب ّهِ وَن ََهى الن ّْف َ‬
‫مَقا َ‬
‫ف َ‬
‫خا َ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ما َ‬
‫مأَوى }‪ {39‬وَأ ّ‬
‫َ‬ ‫ِ َ‬

‫ن ال ْهَ َ‬
‫وى‬ ‫عَ ِ‬

‫ة‬
‫ساعَ ِ‬
‫ن ال ّ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫سأ َ ُ‬
‫لو‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫{‬‫‪41‬‬ ‫}‬ ‫وى‬
‫َ‬
‫}‪ {40‬فَإن ال ْجنة هي ال ْمأ ْ‬
‫َ‬ ‫َ ّ َ ِ َ‬ ‫ِ ّ‬
‫ِ‬

‫ها‬
‫سا َ‬ ‫َ‬
‫مْر َ‬
‫ن ُ‬
‫أّيا َ‬

‫ها }‬
‫منت ََها َ‬ ‫ها }‪ {43‬إ َِلى َرب ّ َ‬
‫من ذِك َْرا َ‬ ‫}‪ {42‬في َ‬
‫ك ُ‬ ‫ت ِ‬
‫م أن َ‬
‫ِ َ‬

‫منذُِر‬ ‫َ‬
‫ت ُ‬
‫ما أن َ‬
‫‪ {44‬إ ِن ّ َ‬

‫ة أ َْو‬ ‫َ‬
‫م ي َل ْب َُثوا إ ِّل عَ ِ‬
‫شي ّ ً‬ ‫م ي ََروْن ََها ل َ ْ‬ ‫ها }‪ {45‬ك َأن ّهُ ْ‬
‫م ي َوْ َ‬ ‫خ َ‬
‫شا َ‬ ‫من ي َ ْ‬
‫َ‬

‫ها }‪{46‬‬
‫حا َ‬
‫ض َ‬
‫ُ‬

‫يقول تعالى ) فإذا جاءت الطامة الكبرى ( وهو يسوم القيامسة قساله بسن عبساس‬

‫سميت بذلك لنها تطم على كل أمر هائل مفظع كمسسا قسسال تعسسالى ) والسسساعة‬

‫أدهى وأمر ( ) يوم يتذكر النسان ما سعى ( أي حينئذ يتسسذكر بسسن آدم جميسسع‬

‫عمله خيره وشره كما قال تعالى ) يومئذ يتذكر النسان وأنى له الذكرى ( )‬

‫وبرزت الجحيم لمن يرى ( أي أظهرت للناظرين فرآها الناس عيانسسا ) فأمسسا‬

‫من طغى ( أي تمرد وعتا ) وآثسسر الحيسساة السسدنيا ( أي قسسدمها علسسى أمسسر دينسسه‬

‫وأخراه ) فإن الجحيم هي المأوى ( أي فإن مصيره إلى الجحيم وإن مطعمسسه‬

‫‪918‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من الزقوم ومشربه من الحميم ) وأما من خاف مقام ربه ونهسسى النفسسس عسسن‬

‫الهوى ( أي خاف القيام بين يدي ال عز وجسسل وخسساف حكسسم الس فيسسه ونهسسى‬

‫نفسه عن هواها وردها إلى طاعة مولها ) فإن الجنة هي المأوى أي منقلبسسه‬

‫( ومصيره ومرجعه إلى الجنة الفيحاء ثم قال تعالى ) يسألونك عسسن السسساعة‬

‫أيان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها ( أي ليس علمها إليك ول‬

‫إلى أحد من الخلق بل مردها ومرجعها إلسسى الس عسسز وجسسل فهسسو السسذي يعلسسم‬

‫وقتها على التعيين ) ثقلت في السماوات والرض ل تأتيكم إل بغتة يسألونك‬

‫كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند ال ( وقال ها هنا ) إلسسى ربسسك منتهاهسسا (‬

‫عن وقت الساعة قال ما المسئول عنهسسا‬ ‫ولهذا لما سأل جبريل رسول ال‬

‫بأعلم من السائل وقوله تعالى ) إنما أنت منذر من يخشسساها ( أي إنمسسا بعثتسسك‬

‫لتنذر الناس وتحذرهم من بسسأس الس وعسسذابه فمسسن خشسسي الس وخسساف مقسسامه‬

‫ووعيده أتبعك فأفلح وأنجح والخيبة والخسار على من كذبك وخالفسسك وقسسوله‬

‫تعالى ) كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إل عشسية أو ضسحاها ( أي إذا قساموا مسن‬

‫قبورهم إلى المحشر يستقصرون مدة الحياة الدنيا حسستى كأنهسسا عنسسدهم كسسانت‬

‫عشية من يوم أو ضحى من يوم قال جويسسبر عسسن الضسسحاك عسسن بسسن عبسساس‬

‫) كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إل عشية أو ضحاها ( أما عشية فما بين الظهسسر‬

‫‪919‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إلى غروب الشمس ) أوضحاها ( ما بين طلوع الشسسمس إلسسى نصسسف النهسسار‬

‫وقال قتادة وقت الدنيا في أعين القوم حين عاينوا الخرة‬

‫) سورة عبس (‬

‫مقدمة تفسير سورة عبس‬


‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫سورة عبس‬
‫وهي مكية‬
‫ِ‬ ‫حيم‬‫ن الّر ِ‬ ‫ِ‬ ‫حم‬ ‫سم ِ اللهِ الّر ْ‬ ‫بِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ك ل َعَل ّي ُ‬‫ما ي ُيد ِْري َ‬
‫مى }‪ {2‬وَ َ‬ ‫جاءهُ اْلعْ َ‬ ‫س وَت َوَّلى }‪ {1‬أن َ‬ ‫عَب َ َ‬
‫كى }‪ {3‬أ َْو‬ ‫ي َّز ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ت ل َي ُ‬ ‫ست َغَْنى }‪ {5‬فَ يأن َ‬ ‫نا ْ‬ ‫م ِ‬‫ما َ‬‫ه الذ ّك َْرى }‪ {4‬أ ّ‬ ‫ي َذ ّك ُّر فََتنَفعَ ُ‬
‫دى }‪{6‬‬ ‫ص ّ‬ ‫تَ َ‬
‫و‬ ‫جاء َ‬ ‫َ‬ ‫ك أّل ي َّز ّ‬‫َ‬ ‫ما عَل َي ْ َ‬
‫هيي َ‬ ‫سَعى }‪ {8‬وَ ُ‬ ‫ك يَ ْ‬ ‫من َ‬ ‫ما َ‬‫كى }‪ {7‬وَأ ّ‬
‫َ‬
‫وَ َ‬
‫ت‬‫شى }‪ {9‬فَأن َ‬ ‫خ َ‬ ‫يَ ْ‬
‫شيياء ذ َك َيَرهُ }‬ ‫من َ‬ ‫ه ت َل َّهى }‪ {10‬ك َّل إ ِن َّها ت َذ ْك َِرةٌ }‪ {11‬فَ َ‬ ‫عَن ْ ُ‬
‫ة‬
‫م ٍ‬‫مك َّر َ‬‫ف ّ‬ ‫ح ٍ‬ ‫ص ُ‬ ‫‪ِ {12‬في ُ‬
‫َ‬
‫كييَرام ٍ‬ ‫سَفَرةٍ }‪ِ {15‬‬ ‫دي َ‬ ‫مط َهَّرةٍ }‪ {14‬ب ِأي ْ ِ‬ ‫مْرُفوعَةٍ ّ‬ ‫}‪ّ {13‬‬
‫ب ََرَرةٍ }‪{16‬‬
‫كسسان يومسسا يخسساطب بعسسض‬ ‫ذكر غير واحد من المفسرين أن رسسسول الس‬
‫عظماء قريش وقد طمع في إسلمه فبينما هو يخاطبه ويناجيه إذ أقبل بسسن أم‬
‫عسسن شسسيء ويلسسح‬ ‫مكتوم وكان ممن أسلم قديما فجعسسل يسسسأل رسسسول الس‬
‫أن لو كف ساعته تلك ليتمكن مسسن مخاطبسسة ذلسسك الرجسسل‬ ‫عليه وود النبي‬
‫طمعا ورغبة في هدايته وعبس في وجه بن أم مكتوم وأعسسرض عنسسه وأقبسسل‬
‫على الخر فأنزل ال تعالى ) عبس وتولى أن جاءه العمى وما يدريك لعله‬
‫يزكى ( أي يحصل له زكاة وطهارة فسسي نفسسسه ) أو يسسذكر فتنفعسسه السسذكرى (‬

‫‪920‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أي يحصل له اتعاظ وانزجار عن المحارم ) أما من استغنى فأنت له تصدى‬
‫( أي أما الغني فأنت تتعرض له لعله يهتدي ) وما عليسسك أل يزكسسى ( أي مسسا‬
‫أنت بمطالب به إذا لم يحصل له زكاة ) وأما من جاءك يسعى وهو يخشى (‬
‫أي يقصدك ويؤمك ليهتدي بما تقول له ) فأنت عنه تلهى ( أي تتشاغل ومن‬
‫أن ل يخص بالنذار أحسسدا بسسل يسسساوي فيسسه‬ ‫ها هنا أمر ال تعالى رسوله‬
‫بين الشريف والضعيف والفقير والغنسسي والسسسادة والعبيسسد والرجسسال والنسسساء‬
‫والصغار والكبار ثسسم الس تعسسالى يهسسدي مسسن يشسساء إلسسى صسسراط مسسستقيم ولسسه‬
‫الحكمة البالغة والحجة الدامغة قال الحافظ أبو يعلى في مسنده ‪ 3123‬حسسدثنا‬
‫محمد بن مهدي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادة عسسن أنسسس رضسسي‬
‫وهو‬ ‫ال عنه في قوله تعالى ) عبس وتولى ( جاء بن أم مكتوم إلى النبي‬
‫يكلم أبي بن خلف فأعرض عنه فأنزل ال عز وجل ) عبس وتولى أن جسساءه‬
‫بعد ذلك يكرمه قال قتادة وأخبرني أنسسس بسسن مالسسك‬ ‫العمى ( فكان النبي‬
‫قال رأيته يوم القادسية وعليسسه درع ومعسسه رايسسة سسسوداء يعنسسي بسسن أم مكتسسوم‬
‫وقال أبو يعلى ‪ 4848‬وبن جرير حدثنا سعيد بن يحيى المسسوي حسسدثني أبسسي‬
‫قال هذا ما عرضنا على هشام بن عروة عن أبيسسه عسسن عائشسسة قسسالت أنزلسست‬
‫فجعسسل‬ ‫) عبس وتولى ( في بن أم مكتسسوم العمسسى أتسسى إلسسى رسسسول الس‬
‫رجل من عظمسساء المشسسركين قسسالت‬ ‫يقول أرشدني قالت وعند رسول ال‬
‫يعرض عنه ويقبل على الخر ويقول أترى بمسسا أقسسول بأسسسا‬ ‫فجعل النبي‬
‫فيقول ل ففي هذا أنزلسست ) عبسسس وتسسولى ( وقسسد روى الترمسسذي ‪ 3328‬هسسذا‬
‫الحديث عن سعيد بن يحيى الموي بإسناده مثلسسه ثسسم قسسال وقسسد رواه بعضسسهم‬
‫عن هشام بن عروة عن أبيه قال أنزلت عبس وتسولى فسسي بسن أم مكتسوم ولسم‬
‫يذكر فيه عن عائشة قلت كذلك هسسو فسسي الموطسسأ ‪ 1203‬ثسسم روى بسسن جريسسر‬
‫وبن أبي حاتم أيضا من طريق العوفي عن بن عباس قوله ) عبس وتولى أن‬
‫يناجي عتبة بن ربيعة وأبسسا جهسسل بسسن‬ ‫جاءه العمى ( قال بينا رسول ال‬
‫هشام والعباس بن عبد المطلب وكان يتصدى لهم كثيرا ويحسرص عليهسم أن‬
‫يؤمنوا فأقبل إليه رجسسل أعمسسى يقسسال لسسه عبسسد الس بسسن أم مكتسسوم يمشسسي وهسسو‬
‫آية من القرآن وقال يا رسول ال س‬ ‫يناجيهم فجعل عبد ال يستقرىء النبي‬
‫وعبس في وجهسسه وتسسولى‬ ‫علمني مما علمك ال فأعرض عنه رسول ال‬

‫‪921‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نجسسواه وأخسسذ‬ ‫وكره كلمه وأقبل على الخريسسن فلمسسا قضسسى رسسسول الس‬
‫ينقلب إلى أهله أمسك ال بعسسض بصسسره وخفسسق برأسسسه ثسسم أنسسزل الس تعسسالى‬
‫) عبس وتسسولى أن جسساءه العمسسى ومسسا يسسدريك لعلسسه يزكسسى أو يسسذكر فتنفعسسه‬
‫وكلمه وقسسال لسسه رسسسول‬ ‫الذكرى ( فلما نزل فيه ما نزل أكرمه رسول ال‬
‫ما حاجتك هل تريد من شيء وإذا ذهب من عنده قال هل لسسك حاجسسة‬ ‫ال‬
‫في شيء وذلك لما أنزل ال تعالى ) أما مسسن اسسستغنى فسسأنت لسسه تصسسدى ومسسا‬
‫عليك أل يزكى ( فيه غرابة ونكارة وقد تكلم في إسناده وقسسال بسسن أبسسي حسساتم‬
‫حدثنا أحمد بن منصور الرمادي حدثنا عبد ال بن صالح حدثنا الليث حدثني‬
‫يونس عن بن شهاب قال قال سالم بن عبد ال عسسن عبسسد الس بسسن عمسسر يقسسول‬
‫يقول إن بلل يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسسسمعوا‬ ‫سمعت رسول ال‬
‫أذان بن أم مكتوم وهو العمى الذي أنزل ال تعسالى فيسه ) عبسسس وتسسولى أن‬
‫جاءه العمى ( وكان يؤذن مع بلل قال سالم وكان رجل ضرير البصر فلم‬
‫يك يؤذن حتى يقول له الناس حين ينظرون إلى بزوغ الفجر أذن وهكذا ذكر‬
‫عروة بن الزبير ومجاهد وأبو مالك وقتادة والضحاك وبن زيد وغيسسر واحسسد‬
‫من السلف والخلف أنها نزلت في بن أم مكتوم والمشهور أن اسسسمه عبسسد الس‬
‫ويقال عمرو وال أعلم وقوله تعالى ) كل إنهسسا تسسذكرة ( أي هسسذه السسسورة أو‬
‫الوصية بالمساواة بين الناس في إبلغ العلسسم بيسسن شسسريفهم ووضسسيعهم وقسسال‬
‫قتادة والسدي ) كل إنها تذكرة ( يعني القسسرآن ) فمسسن شسساء ذكسسره ( أي فمسسن‬
‫شاء ذكر ال تعالى في جميع أموره ويحتمل عود الضمير إلى الوحي لدللسسة‬
‫الكلم عليه وقوله تعالى ) فسسي صسسحف مكرمسسة مرفوعسسة مطهسسرة ( أي هسسذه‬
‫السورة أو العظة وكلهما متلزم بل جميسع القسرآن فسي صسحف مكرمسة أي‬
‫معظمسسة مسسوقرة ) مرفوعسسة ( أي عاليسسة القسسدر ) مطهسسرة ( أي مسسن السسدنس‬
‫والزيسسادة والنقسسص وقسسوله تعسسالى ) بأيسسدي سسسفرة ( قسسال بسسن عبسساس ومجاهسسد‬
‫والضحاك وبن زيد هي الملئكة وقسسال وهسسب بسسن منبسسه هسسم أصسسحاب محمسسد‬
‫وقال قتادة هم القراء وقسسال بسن جريسسج عسن بسن عبسساس السسفرة بالنبطيسة‬
‫القراء وقال بن جرير والصحيح أن السفرة الملئكة والسفرة يعنسسي بيسسن ال س‬
‫تعالى وبين خلقه ومنه يقال السفير الذي يسعى بين الناس في الصلح والخير‬
‫كما قال الشاعر‬

‫ومسسسسسا أدع السسسسسسفارة بيسسسسسن قسسسسسومي ومسسسسسا أمشسسسسسي بغسسسسسش إن مشسسسسسيت‬


‫وقال البخاري سسفرة الملئكسة سسفرت أصسلحت بينهسم وجعلست الملئكسة إذا‬

‫‪922‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نزلت بوحي ال تعالى وتأديته كالسفير الذي يصلح بيسسن القسسوم وقسسوله تعسسالى‬
‫) كرام بررة ( أي خلقهم كريم حسن شريف وأخلقهم وأفعالهم بارة طسساهرة‬
‫كاملة ومن ها هنا ينبغسسي لحامسسل القسسرآن أن يكسسون فسسي أفعسساله وأقسسواله علسسى‬
‫السداد والرشاد قال المام أحمد ‪ 648‬حدثنا إسماعيل حدثنا هشام عسسن قتسسادة‬
‫عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن ابيه عن عائشة رضي الس عنهسسا‬
‫الذي يقرأ القرآن وهو ماهر بسسه مسسع السسسفرة الكسسرام‬ ‫قالت قال رسول ال‬
‫البررة والذي يقرؤه وهو عليه شاق له أجران أخرجسسه الجماعسسة مسسن طريسسق‬
‫قتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسادة بسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه‬
‫ن‬
‫سا ُ‬ ‫لن َ‬ ‫ِ‬ ‫لاْ‬ ‫قُت ِ َ‬
‫ميين ن ّط َْف ي ٍ‬
‫ة‬ ‫ه }‪ِ {18‬‬ ‫خل ََق ي ُ‬
‫يٍء َ‬ ‫شي ْ‬ ‫ن أ َيّ َ‬ ‫مي ْ‬ ‫ما أك َْف يَرهُ }‪ِ {17‬‬
‫َ‬
‫َ‬
‫م‬‫ه فََقد َّرهُ }‪ {19‬ث ُ ّ‬ ‫خل ََق ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫شيياء‬ ‫ذا َ‬ ‫م إِ َ‬‫ه فَيأقْب ََرهُ }‪ {21‬ث ُي ّ‬ ‫مات َ ُ‬‫مأ َ‬ ‫سَرهُ }‪ {20‬ث ُ ّ‬ ‫ل يَ ّ‬ ‫سِبي َ‬ ‫ال ّ‬
‫شَرهُ }‪ {22‬ك َّل ل َ ّ‬
‫ما‬ ‫َأن َ‬
‫َ‬
‫مهِ }‪{24‬‬ ‫ن إ ِل َييى ط ََعييا ِ‬ ‫سا ُ‬ ‫مَرهُ }‪ {23‬فَل َْينظ ُرِ ا ْ ِ‬
‫لن َ‬ ‫ما أ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ي ََْق ِ‬
‫صب ّا ً‬
‫َ‬ ‫ماء‬ ‫صب َب َْنا ال ْ َ‬ ‫أّنا َ‬
‫حب ّيا ً }‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شيّقا ً }‪ {26‬فَأنب َت ْن َييا ِفيهَييا َ‬ ‫ض َ‬ ‫شيَقْقَنا اْلْر َ‬ ‫م َ‬ ‫}‪ {25‬ث ُي ّ‬
‫ضبا ً }‪{28‬‬ ‫عَنبا ً وَقَ ْ‬ ‫‪ {27‬وَ ِ‬
‫َ‬
‫ة وَأب ّيا ً }‬ ‫دائ ِقَ غُْلبيا ً }‪ {30‬وََفاك ِهَي ً‬ ‫وََزي ُْتونيا ً وَن َ ْ‬
‫حي َ‬‫خل ً }‪ {29‬وَ َ‬
‫مَتاعا ً ل ّك ُ ْ‬
‫م‬ ‫‪ّ {31‬‬
‫م }‪{32‬‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫وَِل َن َْعا ِ‬
‫يقول تعالى ذاما لمن أنكسر البعسث والنشسور مسن بنسي آدم ) قتسل النسسان مسا‬
‫أكفره ( قال الضحاك عن بن عباس ) قتل النسان ( لعن النسان وكسسذا قسسال‬
‫أبو مالك وهذا لجنس النسسان المكسذب لكسثرة تكسذيبه بل مسستند بسل بمجسرد‬
‫الستبعاد وعدم العلم قال بن جريج ) ما أكفره ( أي ما أشسسد كفسسره وقسسال بسسن‬
‫جرير ويحتمسسل أن يكسسون المسسراد أي شسسيء جعلسسه كسسافرا أي مسسا حملسسه علسسى‬
‫التكذيب بالمعاد وقد حكاه البغوي عن مقاتل والكلبي وقال قتادة ) ما أكفره (‬
‫ما ألعنه ثم بين تعالى له كيف خلقه من الشيء الحقير وأنه قادر على إعسسادته‬
‫كما بدأه فقال تعالى ) من أي شسسيء خلقسسه مسسن نطفسسة خلقسسه فقسسدره ( أي قسسدر‬
‫أجله ورزقه وعمله وشقي أو سعيد ) ثم السبيل يسره ( قال العسسوفي عسسن بسسن‬
‫عباس ثم يسر عليه خروجه من بطن أمه وكذا قال عكرمة والضسسحاك وأبسسو‬
‫صالح وقتادة والسدي واختاره بن جرير وقال مجاهد هذه كقوله تعالى ) إنسسا‬
‫هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ( أي بيناه لسسه وأوضسسحناه وسسسهلنا عليسسه‬

‫‪923‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عمله وكذا قال الحسن وبن زيد وهذا هسسو الرجسسح والس أعلسسم وقسسوله تعسسالى‬
‫) ثم أماته فأقبره ( أي أنه بعد خلقه له أماته فأقبره أي جعله ذا قسسبر والعسسرب‬
‫تقسسول قسسبرت الرجسسل إذا ولسسى ذلسسك منسسه وأقسسبره ال س وعضسسبت قسسرن الثسسور‬
‫وأعضبه ال وبترت ذنب البعير وأبتره ال وطردت عني فلنا وأطسسرده ال س‬
‫أي جعله طريدا قال العشى‬

‫لسسسسو أسسسسسندت ميتسسسسا إلسسسسى صسسسسدرها عسسسساش ولسسسسم ينقسسسسل إلسسسسى قسسسسابر‬
‫وقسوله تعسسالى ) ثسم إذا شسساء أنشسره ( أي بعثسه بعسد مسوته ومنسه يقسسال البعسسث‬
‫والنشسسور ) ومسسن آيسساته أن خلقكسسم مسسن تسسراب ثسسم إذا أنتسسم بشسسر تنتشسسرون (‬
‫) وأنظر إلى العظام كيف ننشسسزها ثسسم نكسسسوها لحمسسا ( وقسسال بسسن أبسسي حسساتم‬
‫حدثنا أبي حدثنا أصبغ بن الفرج أخبرنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث‬
‫قسال‬ ‫أن دراجا أبا السمح أخبره عن أبي الهيثم عن أبي سسعيد عسن النسبي‬
‫يأكل التراب كل شيء من النسان إل عجب ذنبه قيل وما هو يا رسسسول ال س‬
‫قال مثل حبة خردل منسسه ينشسسأون وهسسذا الحسسديث ثسسابت فسسي الصسسحيحين مسسن‬
‫رواية العمش عن أبي صالح عن أبي هريرة بدون هذه الزيادة ولفظسسه كسسل‬
‫بن آدم يبلى إل عجب الذنب منه خلسسق وفيسسه يركسسب وقسسوله تعسسالى ) كل لمسسا‬
‫يقض ما أمره ( قال بن جرير يقول جل ثناؤه كل ليس المر كما يقسسول هسسذا‬
‫النسان الكافر من أنه قد أدى حق ال عليه في نفسسسه ومسساله ) لمسسا يقسسض مسسا‬
‫أمره ( يقول لم يؤد ما فرض عليه عز وجل من الفرائض لربه عز وجل ثسسم‬
‫روى هو وبن أبي حاتم من طريسق بسسن أبسسي نجيسسح عسن مجاهسسد قسسوله تعسسالى‬
‫) كل لما يقض ما أمره ( قال ل يقضي أحدا أبدا كل ما افترض عليه وحكاه‬
‫البغوي عن الحسن البصري بنحسسو مسسن هسسذا ولسسم أجسسد للمتقسسدمين فيسسه كلمسسا‬
‫سوى هذا والذي يقع لي في معنى ذلسسك والس أعلسسم أن المعنسسى ) ثسسم إذا شسساء‬
‫أنشره ( أي بعثه ) كل لما يقض مسسا أمسسره ( أي ل يفعلسسه الن حسستى تنقضسسي‬
‫المدة ويفرغ القدر من بني آدم ممن كتب الس أن سسسيوجد منهسسم ويخسسرج إلسسى‬
‫الدنيا وقد أمر به تعالى كونا وقدرا فإذا تناهى ذلك عند ال أنشر ال الخلئق‬
‫وأعادهم كما بدأهم وقد روى بن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال قال عزيسسر‬
‫عليسسه السسسلم قسسال الملسسك السسذي جسساءني فسسإن القبسسور هسسي بطسسن الرض وإن‬
‫الرض هي أم الخلق فإذا خلق ال ما أراد أن يخلق وتمت هسسذه القبسسور السستي‬
‫مد ال لها انقطعت السدنيا ومسات مسن عليهسا ولفظست الرض مسا فسي جوفهسا‬
‫وأخرجت القبور ما فيها وهذا شبيه بما قلنسساه مسسن معنسسى اليسسة والس سسسبحانه‬
‫وتعالى أعلسم بالصسواب وقسوله تعسالى ) فلينظسر النسسان إلسى طعسامه ( فيسه‬

‫‪924‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫امتنان وفيه استدلل بإحياء النبات من الرض الهامدة علسسى إحيسساء الجسسسام‬
‫بعد ما كانت عظاما بالية وترابا متمزقا ) أنا صببنا الماء صسسبا ( أي أنزلنسساه‬
‫من السماء على الرض ) ثم شققنا الرض شقا ( أي أسكناه فيها فيدخل فسسي‬
‫تخومها وتخلل في أجزاء الحب المودع فيها فنبت وارتفع وظهر علسسى وجسسه‬
‫الرض ) فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا ( فالحب كسسل مسسا يسسذكر مسسن الحبسسوب‬
‫والعنب معروف والقضب هو الفصفصة التي تأكلها الدواب رطبة ويقال لها‬
‫القست أيضسا قسال ذلسك بسن عبساس وقتسادة والضسحاك والسسدي وقسال الحسسن‬
‫البصري القضب العلف ) وزيتونا ( وهسسو معسسروف وهسسو أدم وعصسسيره أدم‬
‫ويستصسسبح بسسه ويسسدهن بسه ) ونخل ( يؤكسسل بلحسسا بسسسرا ورطبسسا وتمسسرا ونيئا‬
‫ومطبوخا ويعتصر منه رب وخل ) وحدائق غلبسا ( أي بسساتين قسال الحسسن‬
‫وقتادة غلبا نخل غلظ كرام وقال بن عباس ومجاهسد كسل مسا التسف واجتمسع‬
‫وقال بن عباس أيضا غلبا الشجر الذي يستظل به وقال علي بسسن أبسسي طلحسسة‬
‫عسسن بسسن عبسساس ) وحسسدائق غلبسسا ( أي طسسوال وقسسال عكرمسسة غلبسسا أي غلظ‬
‫الوساط وفي رواية غلظ الرقاب ألم تر إلى الرجسسل إذا كسسان غليسسظ الرقبسسة‬
‫قيسسل والسس إنسسه لغلسسب رواه بسسن أبسسي حسساتم وأنشسسد بسسن جريسسر للفسسرزدق‬
‫عسسسسوى فأثسسسسأر أغلسسسسب ضسسسسيغميا فويسسسسل بسسسسن المراغسسسسة مسسسسا اسسسسستثار‬
‫وقوله تعالى ) وفاكهة وأبا ( أما الفاكهة فكل ما يتفكه به من الثمسسار قسسال بسسن‬
‫عباس الفاكهة كل ما أكل رطبا والب ما أنبتسست الرض ممسسا تسسأكله السسدواب‬
‫ول يأكله الناس وفي رواية عنه هو الحشيش للبهائم وقال مجاهد وسعيد بسسن‬
‫جبير وأبسسو مالسسك الب الكل وعسسن مجاهسسد والحسسسن وقتسسادة وبسسن زيسسد الب‬
‫للبهائم كالفاكهة لبني آدم وعن عطاء كل شيء نبت على وجسسه الرض فهسسو‬
‫أب وقال الضحاك كل شيء أنبتته الرض سوى الفاكهة فهو الب وقال بسسن‬
‫إدريس عن عاصم بن كليب عن أبيه عن بن عبساس الب نبست الرض ممسا‬
‫تسأكله السدواب ول يسأكله النساس ورواه بسن جريسر مسن ثلث طسرق عسن بسن‬
‫إدريس ثم قال حدثنا أبو كريب وأبو السائب قال حدثنا بن إدريس حدثنا عبد‬
‫الملك عن سعيد بن جبير قال عسسد بسسن عبسساس وقسسال الب مسسا أنبتسست الرض‬
‫للنعام وهذا لفظ حديث أبي كريب وقسسال أبسسو السسسائب فسسي حسسديثه مسسا أنبتسست‬
‫الرض مما ياكل الناس وتأكسسل النعسسام وقسسال العسسوفي عسسن بسسن عبسساس الب‬
‫الكل والمرعى وكذا قال مجاهد والحسن وقتادة وبن زيد وغيسسر واحسد وقسسال‬
‫أبو عبيد القاسم بن سلم حدثنا محمد بن يزيد حدثنا العسسوام بسن حوشسسب عسسن‬
‫إبراهيم التيمي قال سئل أبو بكر الصديق رضسسي الس عنسسه عسسن قسسوله تعسسالى‬
‫) وفاكهة وأبا ( فقال أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إن قلت في كتاب ال‬
‫ما ل أعلم وهذا منقطع بين إبراهيم التيمي والصديق رضي ال عنه فأمسسا مسسا‬

‫‪925‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رواه بن جرير حيث قال حدثنا بن بشار حدثنا بن أبي عدي حدثنا حميد عسسن‬
‫أنس قال قرأ عمر بن الخطاب رضسسي الس عنسسه ) عبسسس وتسسولى ( فلمسسا أتسسى‬
‫على هذه الية ) وفاكهة وأبا ( قال قد عرفنا الفاكهة فما الب فقال لعمرك يا‬
‫بن الخطاب إن هذا لهو التكلف فهو إسناد صحيح وقد رواه غيسسر واحسسد عسسن‬
‫أنس به وهذا محمول على أنه أراد أن يعرف شكله وجنسه وعينسسه وإل فهسسو‬
‫وكل من قرأ هذه الية يعلم أنسسه مسسن نبسسات الرض لقسسوله ) فأنبتنسسا فيهسسا حبسسا‬
‫وعنبسسا وقضسسبا وزيتونسسا ونخل وحسسدائق غلبسسا وفاكهسسة وأبسسا ( وقسسوله تعسسالى‬
‫) متاعا لكم ولنعامكم ( أي عيشسسة لكسسم ولنعسسامكم فسسي هسسذه السسدار إلسسى يسسوم‬
‫القيامسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسة‬
‫خيهِ }‪{34‬‬ ‫ن أَ ِ‬‫م ْ‬ ‫مْرُء ِ‬ ‫م ي َِفّر ال ْ َ‬
‫ة }‪ {33‬ي َوْ َ‬ ‫خ ُ‬‫صا ّ‬‫ت ال ّ‬ ‫جاء ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫فَإ ِ َ‬
‫م‬ ‫حب َت ِهِ وَب َِنيهِ }‪ {36‬ل ِك ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫من ْهُ ي ْ‬
‫ئ ّ‬‫م يرِ ٍ‬ ‫لا ْ‬ ‫صا ِ‬ ‫مهِ وَأِبي ْهِ }‪ {35‬وَ َ‬ ‫وَأ ّ‬
‫ن‬
‫شأ ٌ‬ ‫مئ ِذٍ َ‬ ‫ي َوْ َ‬
‫حك َ ٌ‬
‫ة‬ ‫ضيييا ِ‬ ‫سيييِفَرةٌ }‪َ {38‬‬ ‫م ْ‬‫مئ ِذٍ ّ‬‫جيييوهٌ َييييوْ َ‬ ‫ي ُغِْنييييهِ }‪ {37‬وُ ُ‬
‫جوهٌ‬ ‫شَرةٌ }‪ {39‬وَوُ ُ‬ ‫ست َب ْ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫مئ ِذٍ عَلي َْها غَب ََرةٌ }‪ {40‬ت َْرهَُقَها قَت ََرةٌ }‪{41‬‬ ‫َ‬ ‫ي َوْ َ‬
‫جَرةُ }‪{42‬‬ ‫م ال ْك ََفَرةُ ال َْف َ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫أ ُوْل َئ ِ َ‬
‫قال بن عباس الصاخة إسم من أسماء يوم القيامة عظمسسه ال س وحسسذره عبسساده‬
‫قال بن جرير لعله اسم للنفخة في الصور وقال البغوي الصاخة يعني صيحة‬
‫يوم القيامة سميت بذلك لنها تصخ السماع أي تبالغ في إسماعها حتى تكسساد‬
‫تصمها ) يوم يفر المرء من أخيه وأمسسه وأبيسسه وصسساحبته وبنيسسه ( أي يراهسسم‬
‫ويفر منهم ويبتعد منهم لن الهول عظيم والخطسسب جليسسل قسسال عكرمسسة يلقسسى‬
‫الرجل زوجته فيقول لها يسسا هسسذه أي بعسسل كنسست لسسك فتقسسول نعسسم البعسسل كنسست‬
‫وتثني بخير ما استطاعت فيقسول لهسا فسإني أطلسسب إليسك اليسوم حسسنة واحسدة‬
‫تهبيها لي لعلي أنجو مما ترين فتقول له ما أيسر مسسا طلبسست ولكنسسي ل أطيسسق‬
‫أن أعطيك شيئا أتخوف مثل الذي تخاف قال وإن الرجل ليلقسسى ابنسسه فيتعلسسق‬
‫به فيقول يا بني أي والد كنت لك فيثني بخير فيقول لسه يسسا بنسي إنسسي احتجست‬
‫إلى مثقال ذرة من حسناتك لعلي أنجو بها مما ترى فيقسسول ولسسده يسسا أبسست مسسا‬
‫أيسر ما طلبت ولكني أتخوف مثل الذي تتخوف فل أستطيع أن أعطيك شيئا‬
‫يقول ال تعالى ) يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ( وفسسي‬
‫الحديث الصحيح في أمر الشفاعة أنه إذا طلب إلسى كسل مسن أولسي العسزم أن‬
‫يشفع عند ال في الخلئق يقول نفسي نفسي ل أسألك اليوم إل نفسي حتى أن‬
‫عيسى بن مريم يقول ل أسسسأله اليسسوم إل نفسسسي ل أسسسأله مريسسم السستي ولسسدتني‬
‫ولهذا قال تعالى ) يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ( قسسال‬

‫‪926‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قتادة الحب فالحب والقرب فسسالقرب مسسن هسسول ذلسسك اليسسوم وقسسوله تعسسالى‬
‫) لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ( أي هو في شغل شاغل عن غيسسره قسسال‬
‫بن أبي حاتم حدثنا محمد بن عمار بن الحارث حدثنا الوليد بن صسسالح حسسدثنا‬
‫ثابت أبو زيد العباداني عسسن هلل بسسن خبسساب عسسن سسسعيد بسسن جسسبير عسسن بسسن‬
‫عباس قال قال رسول ال صلى ال تعالى عليسسه وعلسسى آلسسه وسسسلم تحشسسرون‬
‫حفاة عراة مشاة غرل قال فقالت زوجته يا رسول ال ننظر أو يسسرى بعضسسنا‬
‫عورة بعض قال لكل امرئ منهسم يسومئذ شسأن يغنيسه أو قسال مسا أشسسغله عسن‬
‫النظر‬
‫وقد رواه النسائي منفردا به عن أبي داود عن عارم عن ثابت بن يزيد وهسسو‬
‫أبو زيد الحول البصري أحد الثقات عن هلل بن خباب عن سعيد بن جبير‬
‫عن بن عباس به وقد رواه الترمذي ‪ 3332‬عن عبد بن حميد عن محمسسد بسسن‬
‫الفضل عن ثابت بن يزيد عن هلل بن خبساب عسن عكرمسة عسن بسسن عبسساس‬
‫قال تحشرون حفاة عراة غسرل فقسسالت امسسرأة أيبصسسر أو يسسرى‬ ‫عن النبي‬
‫بعضنا عورة بعض قال يا فلنة لكل امرئ منهم يسسومئذ شسسأن يغنيسسه ثسسم قسسال‬
‫الترمذي وهذا حديث حسن صحيح وقد روي من غير وجه عسسن بسسن عبسساس‬
‫رضي ال عنهما وقال النسائي أخبرني عمرو بن عثمسسان حسسدثنا بقيسسة حسسدثنا‬
‫قال يبعث‬ ‫الزبيدي أخبرني الزهري عن عروة عن عائشة أن رسول ال‬
‫النسساس يسسوم القيامسسة حفسساة عسسراة غسسرل فقسسالت عائشسسة يسسا رسسسول الس فكيسسف‬
‫بالعورات فقال لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه انفرد بسسه النسسسائي مسسن هسسذا‬
‫الوجه ثم قال بسن أبسي حساتم أيضسا حسدثنا أبسي حسدثنا أزهسر بسن حساتم حسدثنا‬
‫الفضل بن موسى عن عائذ بن شريح عن أنس بن مالسسك قسسال سسسألت عائشسسة‬
‫فقالت يا رسول ال بأبي أنت وأمي إنسسي سسسائلتك عسسن حسسديث‬ ‫رسول ال‬
‫فتخبرني أنت به قال إن كان عندي منه علسم قسالت يسا نسبي الس كيسف يحشسر‬
‫الرجال قال حفاة عراة ثم انتظرت ساعة فقالت يسسا رسسسول ال س كيسسف يحشسسر‬
‫النساء قال كذلك حفاة عراة قالت واسوأتاه من يوم القيامة قال وعن أي ذلسسك‬
‫تسألين إنه قد نزل علي آية ل يضرك كان عليك ثياب أو ل يكسون قسالت أيسة‬
‫آية هي يا نبي ال قال لكل امرئ منهم يسومئذ شسسأن يغنيسسه وقسسال البغسسوي فسسي‬
‫تفسيره أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشسسريحي أنسسا أحمسسد بسسن محمسسد بسسن إبراهيسسم‬
‫الثعلبي أخبرني الحسين بن عبد ال حدثنا عبسسد الس بسسن عبسسد الرحمسسن حسسدثنا‬
‫محمد بن عبد العزيز حدثنا بسسن أبسسي أويسسس حسسدثنا أبسسي عسسن محمسسد بسسن أبسسي‬
‫قسسالت قسسال رسسسول الس‬ ‫عياش عن عطاء بن يسار عن سودة زوج النسسبي‬

‫‪927‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يبعث الناس حفاة عراة غرل قد ألجمهم العرق وبلغ شحوم الذان فقلسست‬
‫يا رسول ال واسوأتاه ينظسسر بعضسنا إلسى بعسسض فقسال قسد شسغل النسساس لكسل‬
‫امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه هذا حديث غريب مسسن هسسذا السسوجه جسسدا وهكسسذا‬
‫رواه بن جرير عن أبي عمار الحسين بن حريث المروزي عسسن الفضسسل بسسن‬
‫موسى به ولكن قال أبو حاتم الرازي عسسائذ بسسن شسسريح ضسسعيف وفسسي حسسديثه‬
‫ضعف وقوله تعالى ) وجسسوه يسسومئذ مسسسفرة ضسساحكة مستبشسسرة ( أي يكسسون‬
‫الناس هنالك فريقيسسن وجسسوه مسسسفرة أي مسسستنيرة ) ضسساحكة مستبشسسرة ( أي‬
‫مسرورة فرحة من السرور في قلوبهم قد ظهر البشر على وجوههم وهؤلء‬
‫هم أهل الجنة ) ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة ( أي يعلوها وتغشاها‬
‫قترة أي سواد قال بن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا سسهل بسسن عثمسسان العسسسكري‬
‫حدثنا أبو علي محمد مولى جعفر بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن‬
‫يلجم الكافر العرق ثم تقع الغبرة علسسى وجسسوههم‬ ‫جده قال قال رسول ال‬
‫قال فهو قوله تعالى ) ووجوه يومئذ عليها غبرة ( وقال بن عبسساس ) ترهقهسسا‬
‫قترة ( أي يغشاها سواد الوجوه وقوله تعالى ) أولئك هم الكفرة الفجسسرة ( أي‬
‫الكفسسرة قلسسوبهم الفجسسرة فسسي أعمسسالهم كمسسا قسسال تعسسالى ) ول يلسسدوا إل فسساجرا‬
‫كفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسارا (‬

‫سورة التكوير‬

‫بسم الله الرحمممن الرحيممم سممورة التكمموير وهممي‬


‫مكية قال المممام أحمممد ‪ 227‬حممدثنا عبممد الممرزاق‬
‫أخبرنا عبد الله بن بحير القاص أن عبممد الرحمممن‬
‫بن يزيد الصنعاني أخبره أنه سمع بن عمر يقممول‬
‫من سممره أن ينظممر إلممى يمموم‬ ‫قال رسول الله‬
‫القيامممة كممأنه رأي عيممن فليقممرأ ) إذا الشمممس‬
‫كورت ( و ) إذا السماء انفطرت ( و ) إذا السممماء‬
‫انشقت ( وهكذا رواه الترمذي ‪ 3333‬عن العباس‬
‫بممن عبممد العظيممم العنممبري عممن عبممد الممرزاق‬

‫‪928‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫به بسم الله الرحمن الرحيم قممال علممي بممن أبممي‬
‫طلحة عن بن عباس ) إذا الشمس كورت ( يعنممي‬
‫أظلمت وقال العوفي عنممه ذهبممت وقممال مجاهممد‬
‫اضمحلت وذهبت وكذا قال الضحاك وقممال قتممادة‬
‫ذهب ضوؤها وقال سعيد بن جبير كممورت غممورت‬
‫وقال الربيع بن خثيم كورت يعني رمي بها وقال‬
‫أبو صالح كورت ألقيت وعنه أيضمما نكسممت وقممال‬
‫زيممد بممن أسمملم تقممع فممي الرض قممال بممن جريممر‬
‫والصواب من القول عنممدنا فممي ذلممك أن التكمموير‬
‫جمممع الشمميء بعضممه علممى بعممض ومنممه تكمموير‬
‫العمامة وجمع الثياب بعضممها إلممى بعممض فمعنممى‬
‫قوله تعالى ) كورت ( جمع بعضها إلمى بعمض ثمم‬
‫لفت فرمي بها وإذا فعل بها ذلممك ذهممب ضمموؤها‬
‫وقال بن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الشج وعمرو‬
‫بن عبد الله الودي حدثنا أبممو أسممامة عممن مجالممد‬
‫عن شيخ من بجيلة عن بن عبمماس ) إذا الشمممس‬
‫كورت ( قال يكور الله الشمس والقمر والنجمموم‬
‫يوم القيامة فمي البحمر ويبعمث اللمه ريحما دبمورا‬
‫فتضرمها نارا وكذا قال عممامر الشممعبي ثممم قممال‬
‫بن أبي حاتم حدثنا أبي حممدثنا أبممو صممالح حممدثني‬
‫معاوية بن صالح عن بن يزيد بن أبممي مريممم عممن‬
‫قممال فممي قممول اللممه ) إذا‬ ‫أبيه أن رسول اللممه‬
‫الشمس كممورت ( قممال كممورت فممي جهنممم وقممال‬
‫الحافظ أبو يعلى في مسممنده حممدثنا موسممى بممن‬
‫محمد بن حبان حدثنا درست بن زياد حممدثنا يزيممد‬
‫الرقاشي حدثنا أنممس قممال قممال رسممول اللممه‬
‫الشمس والقمر ثمموران عقيممران فممي النممار هممذا‬
‫حديث ضعيف لن يزيد الرقاشممي ضممعيف والممذي‬
‫رواه البخاري في الصحيح بدون هذه الزيممادة ثممم‬
‫قال البخاري ‪ 3200‬حدثنا مسدد حدثنا عبد العزيز‬
‫بن المختممار حممدثنا عبممد اللممه الممداناج حممدثني أبممو‬
‫سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عممن النمبي‬

‫‪929‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الشمس والقمر يكوران يوم القيامة انفرد بممه‬
‫البخاري وهذا لفظه وإنما أخرجه فممي كتمماب بممدء‬
‫الخلق وكان جديرا أن يذكره ها هنا أو يكرره كما‬
‫هممي عممادته فممي أمثمماله وقممد رواه الممبزار فجممود‬
‫إيراده فقممال حممدثنا إبراهيممم بممن زيمماد البغممدادي‬
‫حممدثنا يممونس بممن محمممد حممدثنا عبممد العزيممز بممن‬
‫المختممار عممن عبممد اللممه الممداناج قممال سمممعت أبمما‬
‫سلمة بممن عبممد الرحمممن بممن خالممد بممن عبممد اللممه‬
‫القسري في هذا المسممجد مسممجد الكوفممة وجمماء‬
‫الحسن فجلس إليه فحدث قال حدثنا أبممو هريممرة‬
‫قال إن الشمس والقمر ثوران‬ ‫أن رسول الله‬
‫في النار عقيران يوم القيامة فقال الحسن وممما‬
‫وتقممول‬ ‫ذنبهما فقال أحدثك عممن رسممول اللممه‬
‫أحسبه قال وما ذنبهما ثم قال ل يروى عن أبممي‬
‫هريرة إل من هذا الوجه ولم يرو عبد الله الداناج‬
‫عن أبي سلمة سوى هممذا الحممديث وقمموله تعممالى‬
‫) وإذا النجمموم انكممدرت ( أي انتممثرت كممما قممال‬
‫تعممالى ) وإذا الكممواكب انتممثرت ( وأصممل النكممدار‬
‫النصباب قال الربيع بممن أنممس عممن أبممي العاليممة‬
‫عممن أبممي بممن كعممب قممال سممت آيممات قبممل يمموم‬
‫القيامة بينا الناس فممي أسممواقهم إذ ذهممب ضمموء‬
‫الشمممس فبينممما هممم كممذلك إذ تنمماثرت النجمموم‬
‫فبينممما هممم كممذلك إذ وقعممت الجبممال علممى وجممه‬
‫الرض فتحركمت واضممطربت واختلطممت ففزعمت‬
‫الجن إلى النممس والنممس إلممى الجممن واختلطممت‬
‫الدواب والطير والوحوش فما جمموا بعضممهم فممي‬
‫بعممض ) وإذا الوحمموش حشممرت ( قممال اختلطممت‬
‫) وإذا العشار عطلت ( قال أهملهمما أهلهمما ) وإذا‬
‫البحمار سمجرت ( قمال قممالت الجممن نحمن نممأتيكم‬
‫بالخبر قممال فممانطلقوا إلممى البحممر فممإذا هممو نممار‬
‫تتأجج قمال فبينمما همم كمذلك إذ تصمدعت الرض‬

‫‪930‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صدعة واحدة إلى الرض السابعة السفلى وإلممى‬
‫السماء السابعة العليا قممال فبينممما هممم كممذلك إذ‬
‫جمماءتهم الريممح فأممماتتهم رواه بممن جريممر وهممذا‬
‫لفظه وبن أبي حاتم ببعضممه وهكممذا قممال مجاهممد‬
‫والربيع بن خممثيم والحسممن البصممري وأبممو صممالح‬
‫وحماد بن أبي سليمان والضحاك فممي قمموله جممل‬
‫وعل ) وإذا النجمموم انكممدرت ( أي تنمماثرت وقممال‬
‫علي بن أبي طلحة عن بن عبمماس ) وإذا النجمموم‬
‫انكدرت ( أي تغيرت وقال يزيد بن أبي مريم عن‬
‫) وإذا النجوم انكدرت ( قال انكدرت في‬ ‫النبي‬
‫جهنم وكل من عبد من دون الله فهو في جهنممم‬
‫إل ما كان من عيسممى وأمممه ولممو رضمميا أن يعبممدا‬
‫لممدخلها رواه بممن أبممي حمماتم بالسممناد المتقممدم‬
‫وقوله تعالى ) وإذا الجبال سيرت ( أي زالت عن‬
‫أماكنهمما ونسممفت فممتركت الرض قاعمما صفصممفا‬
‫وقممموله ) وإذا العشمممار عطلمممت ( قمممال عكرممممة‬
‫ومجاهد عشار البل قال مجاهد‬
‫عطلممت تركممت وسمميبت وقممال أبممي بممن كعممب‬
‫والضحاك أهملها أهلها وقال الربيع بن خثيم لممم‬
‫تحلب ولم تصر تخلى منها أربابها وقال الضممحاك‬
‫تركت ل راعي لها والمعنى في هذا كله متقارب‬
‫والمقصممود أن العشممار مممن البممل وهممي خيارهمما‬
‫والحوامل منها التي قد وصلت فممي حملهمما إلممى‬
‫الشممهر العاشممر واحممدتها عشممراء ول يممزال ذلممك‬
‫اسمها حتى تضع قممد اشممتغل النمماس عنهمما وعممن‬
‫كفالتها والنتفاع بها بعد ممما كممانوا أرغممب شمميء‬
‫فيهمما بممما دهمهممم مممن المممر العظيممم المفظممع‬
‫الهائل وهممو أمممر يمموم القيامممة وانعقمماد أسممبابها‬
‫ووقمموع مقممدماتها وقيممل بممل يكممون ذلممك يمموم‬
‫القيامة يراها أصحابها كممذلك لسممبيل لهممم إليهمما‬
‫وقد قيل في العشممار إنهمما السممحاب تعطممل عممن‬
‫المسير بين السماء والرض لخراب الممدنيا وقيممل‬

‫‪931‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أنها الرض التي تعشممر وقيممل أنهمما الممديار الممتي‬
‫كممانت تسممكن تعطلممت لممذهاب أهلهمما حكممى هممذه‬
‫القوال كلها المام أبو عبمد اللمه القرطمبي فمي‬
‫كتابه التذكرة ‪ 1245‬ورجح أنها البل وعزاه إلممى‬
‫أكثر الناس قلممت ل يعممرف عممن السمملف والئمممة‬
‫سواه والله أعلممم وقمموله تعممالى ) وإذا الوحمموش‬
‫حشرت ( أي جمعت كممما قممال تعممالى ) وممما مممن‬
‫دابة في الرض ول طائر يطيممر بجنمماحيه إل أمممم‬
‫أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شمميء ثممم إلممى‬
‫ربهم يحشرون ( قال بن عباس يحشر كل شمميء‬
‫حتى الذباب رواه بن أبي حاتم وكذا قممال الربيممع‬
‫بن خثيم والسدي وغير واحد وكذا قال قتادة في‬
‫تفسمممير همممذه اليمممة إن همممذه الخلئق موافيمممة‬
‫فيقضي الله فيها ما يشاء وقال عكرممة حشمرها‬
‫موتها وقممال بممن جريممر حممدثني علممي بممن مسمملم‬
‫الطوسي حدثنا عباد بن العوام حدثنا حصين عممن‬
‫عكرمة عن بن عباس فممي قمموله ) وإذا الوحمموش‬
‫حشرت ( قممال حشممر البهممائم موتهمما وحشممر كممل‬
‫شيء الموت غير الجن والنممس فإنهممما يوقفممان‬
‫يوم القيامممة حممدثنا أبممو كريممب حممدثنا وكيممع عممن‬
‫سفيان عن أبيه عممن أبممي يعلممى عممن الربيممع بممن‬
‫خثيم ) وإذا الوحوش حشممرت ( قممال أتممى عليهمما‬
‫أمر الله قال سفيان قممال أبممي فممذكرته لعكرمممة‬
‫فقال قال بن عباس حشممرها موتهمما وقممد تقممدم‬
‫عن أبي بن كعب أنه قال ) وإذا الوحوش حشرت‬
‫( اختلطت قال بن جرير والولى قممول مممن قممال‬
‫حشمممرت جمعمممت قمممال اللمممه تعمممالى ) والطيمممر‬
‫محشمممورة ( أي مجموعمممة وقممموله تعمممالى ) وإذا‬
‫البحممار سممجرت ( قممال بممن جريممر حممدثنا يعقمموب‬
‫حدثنا بن علية عن داود عممن سممعيد بممن المسمميب‬
‫قال قال علي رضي الله عنه لرجممل مممن اليهممود‬
‫أين جهنممم قممال البحممر فقممال ممما أراه إل صممادقا‬

‫‪932‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫) والبحر المسجور ( ) وإذا البحار سجرت ( وقال‬
‫بن عباس وغير واحممد يرسممل اللممه عليهمما الريمماح‬
‫الممدبور فتسممعرها وتصممير نممارا تأجممج وقممد تقممدم‬
‫الكلم علممى ذلممك عنممد قمموله تعممالى ) والبحممر‬
‫المسجور ( وقال بن أبممي حمماتم حممدثنا علممي بممن‬
‫الحسين بن الجنيد حدثنا أبممو طمماهر حممدثني عبممد‬
‫الجبار بن سليمان أبو سليمان النفاط شيخ صالح‬
‫يشبه مالك بن أنس عن معاوية بن سعيد قال إن‬
‫هذا البحر بركممة يعنممي بحممر الممروم وسممط الرض‬
‫والنهار كلها تصب فيه والبحر الكبير يصممب فيممه‬
‫وأسممفله آبممار مطبقممة بالنحمماس فممإذا كممان يمموم‬
‫القيامة أسجر وهذا أثر غريب عجيب وفممي سممنن‬
‫أبي داود ‪ 2489‬ل يركب البحر إل حمماج أو معتمممر‬
‫أو غاز فممإن تحممت البحممر نممارا وتحممت النممار بحممرا‬
‫الحديث وقد تقدم الكلم عليه في سممورة فمماطر‬
‫وقممال مجاهممد والحسممن بممن مسمملم ) سممجرت (‬
‫أوقممدت وقممال الحسممن يبسممت وقممال الضممحاك‬
‫وقتادة غاض ماؤها فذهب فلم يبق فيهمما قطممرة‬
‫وقال الضحاك أيضا سجرت فجرت وقال السممدي‬
‫فتحت وصمميرت وقممال الربيممع بممن خممثيم سممجرت‬
‫فاضت وقوله تعالى ) وإذا النفمموس زوجممت ( أي‬
‫جمممع كممل شممكل إلممى نظيممره كقمموله تعممالى‬
‫) احشروا الممذين ظلممموا وأزواجهممم ( وقممال بممن‬
‫أبممي حمماتم حممدثنا أبممي حممدثنا محمممد بممن الصممباح‬
‫البزار حدثنا الوليد بن أبمي ثممور عممن سممماك عممن‬
‫النعمان بن بشير أنه قال قال رسول اللممه صمملى‬
‫الله تعالى عليه وعلممى آلممه وسمملم وإذا النفمموس‬
‫زوجت قال الضرباء كل رجل مع كممل قمموم كممانوا‬
‫يعملممون عملممه وذلممك بممأن اللممه عممز وجممل يقممول‬
‫) وكنتم أزواجا ثلثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب‬
‫الميمنة وأصحاب المشممأمة ممما أصممحاب المشممأمة‬
‫والسممابقون السممابقون ( قممال هممم الضممرباء ثممم‬

‫‪933‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رواه بن أبي حاتم من طرق أخر عممن سممماك بممن‬
‫حرب عن النعمان بن بشير أن عمر بممن الخطمماب‬
‫خطب الناس فقرأ ) وإذا النفوس زوجت ( فقال‬
‫تزوجها أن تؤلف كل شمميعة إلممى شمميعتهم وفممي‬
‫رواية هممما الممرجلن يعملن العمممل فيممدخلن بممه‬
‫الجنة أو النار وفي رواية عن النعمان قال سممئل‬
‫عمممر عممن قمموله تعممالى ) وإذا النفمموس زوجممت (‬
‫قال يقرن بين الرجل الصالح مع الرجممل الصممالح‬
‫ويقرن بين الرجل السوء مع الرجممل السمموء فممي‬
‫النممار فممذلك تزويممج النفممس وفممي روايممة عممن‬
‫النعمان‬
‫أن عمر قال للناس ما تقولون في تفسممير هممذه‬
‫الية ) وإذا النفوس زوجت ( فسكتوا قال ولكممن‬
‫أعلمه همو الرجمل يمزوج نظيمره ممن أهمل الجنمة‬
‫والرجممل يممزوج نظيممره مممن أهممل النممار ثممم قممرأ‬
‫) أحشمممروا المممذين ظلمممموا وأزواجهمممم ( وقمممال‬
‫العوفي عمن بمن عبمماس فممي قموله تعمالى ) وإذا‬
‫النفوس زوجممت ( قممال ذلممك حيممن يكممون النمماس‬
‫أزواجا ثلثة وقال بن أبي نجيح عن مجاهد ) وإذا‬
‫النفوس زوجت ( قال المثممال مممن النمماس جمممع‬
‫بينهم وكذا قال الربيع بن خثيم والحسن وقتممادة‬
‫واختاره بن جريممر وهممو الصممحيح قممول آخممر فممي‬
‫قوله تعالى ) وإذا النفوس زوجت ( قال بن أبممي‬
‫حاتم حدثنا علممي بممن الحسممين بممن الجنيممد حممدثنا‬
‫أحمد بن عبد الرحمن حدثني أبممي عممن أبيممه عممن‬
‫أشعث بن سرار عن جعفممر عممن سممعيد بممن جممبير‬
‫عن بن عباس قال يسمميل واد مممن أصممل العممرش‬
‫من ماء فيما بيممن الصمميحتين ومقممدار ممما بينهممما‬
‫أربعممون عاممما فينبممت منممه كممل خلممق بلممي مممن‬
‫النسان أو طير أو دابة ولممو مممر عليهممم مممار قممد‬
‫عرفهم قبل ذلك لعرفهممم علممى وجممه الرض قممد‬
‫نبتمموا ثممم ترسممل الرواح فممتزوج الجسمماد فممذلك‬

‫‪934‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قول اللممه تعممالى ) وإذا النفمموس زوجممت ( وكممذا‬
‫قممال أبممو العاليممة وعكرمممة وسممعيد بممن جممبير‬
‫والشعبي والحسن البصري أيضا في قوله تعالى‬
‫) وإذا النفوس زوجت ( أي زوجت بالبدان وقيل‬
‫زوج المؤمنممون بممالحور العيممن وزوج الكممافرون‬
‫بالشياطين حكاه القرطممبي فممي التممذكرة وقمموله‬
‫تعالى ) وإذا الموءودة سممئلت بممأي ذنممب قتلممت (‬
‫هكذا قراءة الجمهور سئلت والموءودة هي الممتي‬
‫كان أهل الجاهلية يدسونها فممي الممتراب كراهيممة‬
‫البنات فيمموم القيامممة تسممئل الممموءودة علممى أي‬
‫ذنب قتلممت ليكمون ذلمك تهديممدا لقاتلهمما فمإنه إذا‬
‫سئل المظلوم فما ظن الظالم إذا وقال علي بن‬
‫أبممي طلحممة عممن بممن عبمماس ) وإذا الممموءودة‬
‫سئلت ( أي سألت وكذا قال أبممو الضممحى سممألت‬
‫أي طالبت بدمها وعن السدي وقتممادة مثلممه وقممد‬
‫وردت أحمماديث تتعلممق بممالموءودة فقممال المممام‬
‫احمد ‪ 6434‬حدثنا عبد الله بن يزيممد حممدثنا سممعيد‬
‫بن أبي أيوب حدثني أبو السممود وهممو محمممد بممن‬
‫عبد الرحمن بن نوفل عن عروة عن عائشممة عممن‬
‫جذامممة بنممت وهممب أخممت عكاشممة قممالت حضممرت‬
‫في ناس وهممو يقممول لقممد هممممت‬ ‫رسول الله‬
‫أن أنهى عن الغيلة فنظرت فممي الممروم وفممارس‬
‫فإذا هم يغيلون أولدهممم ول يضممر أولدهممم ذلممك‬
‫شيئا ثم سألوه عن العزل فقال رسممول اللممه‬
‫ذلك المموأد الخفممي وهممو الممموءودة سممئلت ورواه‬
‫مسلم ‪ 1442‬من حديث أبي عبد الرحمن المقرئ‬
‫وهو عبد الله بن يزيد عممن سممعيد بممن أبممي أيمموب‬
‫ورواه أيضا بن ماجة ‪ 2011‬عن أبي بكر بممن أبممي‬
‫شيبة عن يحيى بن إسحاق السيلحيني عن يحيى‬
‫بممن أيمموب ورواه مسمملم أيضمما ‪ 1442‬وأبممو داود‬
‫‪ 3882‬والترممممذي ‪ 2077‬والنسمممائي ‪ 6106‬ممممن‬
‫حديث مالك بن أنس ثلثتهم عن أبي السممود بممه‬

‫‪935‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال المام أحمد ‪ 3478‬حدثنا بن ابي عدي عممن‬
‫داود بن أبي هند عممن الشممعبي عممن علقمممة عممن‬
‫سلمة بن يزيد الجعفي قممال انطلقممت أنمما وأخممي‬
‫فقلنا يمما رسممول اللممه إن أمنمما‬ ‫إلى رسول الله‬
‫مليكة كانت تصل الرحم وتقممري الضمميف وتفعممل‬
‫هلكت في الجاهلية فهل ذلك نافعها شيئا قال ل‬
‫قلنا فإنها كانت وأدت أختا لنا في الجاهلية فهل‬
‫ذلك نافعهمما شمميئا قممال المموائدة والممموءودة فممي‬
‫النممار إل أن يممدرك المموائدة السمملم فيعفممو اللممه‬
‫عنها ورواه النسائي من حديث داود بن أبي هنممد‬
‫به وقممال بممن أبممي حمماتم حممدثنا أحمممد بممن سممنان‬
‫الواسطي حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا إسرائيل‬
‫عن أبي إسحاق عن علقمممة وأبممي الحمموص عممن‬
‫المموائدة‬ ‫بممن مسممعود قممال قممال رسممول اللممه‬
‫والموءودة في النار وقال أحمد أيضا ‪ 558‬حممدثنا‬
‫إسحاق الزرق أخبرنا عوف حدثتني خنسمماء بنممت‬
‫معاوية الصريمية عن عمها قال قلممت يمما رسممول‬
‫الله من في الجنة قال النبي في الجنة والشممهيد‬
‫في الجنة والمولممود فممي الجنممة والممموءودة فممي‬
‫الجنة وقال بن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا مسمملم‬
‫بن إبراهيم حدثنا قرة قال سمعت الحسن يقمول‬
‫قيل يا رسول الله من في الجنة قممال الممموءودة‬
‫في الجنة هذا حديث مرسل من مراسيل الحسن‬
‫ومنهم من قبله وقال بن أبمي حماتم حمدثني أبمو‬
‫عبد الله الظهراني حدثنا حفص بن عمممر العممدني‬
‫حدثنا الحكم بن أبان عممن عكرمممة قممال قممال بممن‬
‫عباس أطفال المشركين فممي الجنممة فمممن زعممم‬
‫أنهم في النار فقد كذب يقول الله تعممالى ) وإذا‬
‫الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت ( قال بن عبمماس‬
‫هي المدفونة وقال عبد الرزاق أخبرنمما إسممرائيل‬
‫عن سماك بن حرب عن النعمممان بممن بشممير عممن‬
‫عمر بن الخطاب في قوله تعالى ) وإذا‬

‫‪936‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الموءودة سئلت ( قال جاء قيس بن عاصممم إلممى‬
‫رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال يمما‬
‫رسول الله إني وأدت بنات لي في الجاهلية قال‬
‫أعتق عن كل واحدة منهن رقبممة قممال يمما رسممول‬
‫الله إني صاحب إبل قال فممانحر عممن كممل واحممدة‬
‫منهن بدنة قال الحافظ أبو بكر البزار خولف فيه‬
‫عبد الرزاق ولم يكتبه إل عن الحسين بممن مهممدي‬
‫عنه وقد رواه بن أبي حاتم فقال أخبرنا أبو عبممد‬
‫الله الظهراني فيممما كتممب إلممي قممال حممدثنا عبممد‬
‫الرزاق فممذكره بإسممناده مثلممه إل أنممه قممال وأدت‬
‫ثمان بنات لي في الجاهلية وقال في آخره فأهد‬
‫إن شئت عن كل واحدة بدنة ثم قممال حممدثنا أبممي‬
‫حدثنا عبد الله بن رجاء حدثنا قيس بن الربيع عن‬
‫الغر بن الصباح عن خليفة بن حصين قممال قممدم‬
‫فقممال يمما‬ ‫قيس بممن عاصممم علممى رسممول اللممه‬
‫رسول الله إني وأدت اثنتي عشرة ابنممة لمي فمي‬
‫الجاهلية أو ثلث عشرة قال أعتق عددهن نسممما‬
‫قال فأعتق عددهن نسممما فلممما كممان فممي العممام‬
‫المقبل جاء بمائة ناقة فقال يا رسول اللممه هممذه‬
‫صدقة قومي على أثر ما صنعت بالمسلمين قممال‬
‫علممي بممن أبممي طممالب فكنمما نريحهمما ونسممميها‬
‫القيسممية وقمموله تعممالى ) وإذا الصممحف نشممرت (‬
‫قال الضحاك أعطي كل إنسممان صممحيفته بيمينممه‬
‫أو بشماله وقال قتادة يا بن آدم تملممي فيهمما ثممم‬
‫تطوى ثم تنشر عليك يوم القيامة فلينظممر رجممل‬
‫ممماذا يملممي فممي صممحيفته وقمموله تعممالى ) وإذا‬
‫السممماء كشممطت ( قممال مجاهممد اجتممذبت وقممال‬
‫السدي كشفت وقممال الضممحاك تنكشممط فتممذهب‬
‫وقوله تعالى ) وإذا الجحيم سعرت ( قال السدي‬
‫أحميت وقال قتادة أوقممدت قممال وإنممما يسممعرها‬
‫غضب الله وخطايا بنممي آدم وقمموله تعممالى ) وإذا‬
‫الجنة أزلفت ( قال الضممحاك وأبممو مالممك وقتممادة‬

‫‪937‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والربيممع بممن خممثيم أي قربممت إلممى أهلهمما وقمموله‬
‫تعممالى ) علمممت نفممس ممما أحضممرت ( هممذا هممو‬
‫الجواب أي إذا وقعت هذه المور حينئذ تعلم كممل‬
‫نفس ما عملت وأحضر ذلك لها كممما قممال تعممالى‬
‫) يوم تجد كل نفس ما عملممت مممن خيممر محضممرا‬
‫وما عملت من سوء تود لممو أن بينهمما وبينممه أمممدا‬
‫بعيدا ( وقال تعالى ) ينبأ النسان يومئذ بما قدم‬
‫وأخر ( وقال بن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبممدة‬
‫حدثنا بن المبارك حدثنا محمد بن مطرف عن زيد‬
‫بن أسلم عن أبيه قممال لممما نزلممت ) إذا الشمممس‬
‫كممورت ( قممال عمممر لممما بلممغ ) علمممت نفممس ممما‬
‫أحضمممممرت ( قمممممال لهمممممذا أجمممممرى الحمممممديث‬
‫(‬ ‫‪29‬‬ ‫‪15‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪81‬‬
‫روى مسمملم فممي صممحيحه ‪ 456‬والنسممائي ‪2157‬‬
‫في تفسيره عند هذه الية من حديث مسممعر بممن‬
‫كدام عن الوليد بن سريع عممن عمممرو بممن حريممث‬
‫الصممبح فسمممعته يقممرأ‬ ‫قال صليت خلف النبي‬
‫) فل أقسممم بممالخنس الجمموار الكنممس والليممل إذا‬
‫عسعس والصبح إذا تنفس ( ورواه النسمائي عمن‬
‫بندار عن غندر عن شعبة عن الحجمماج بممن عاصممم‬
‫عن أبي السود عممن عمممرو بممن حريممث بممه نحمموه‬
‫قال بن أبي حاتم وبن جرير مممن طريممق الثمموري‬
‫عن أبي إسحاق عن رجل من مراد عن علي ) فل‬
‫أقسم بالخنس الجوار الكنس ( قال هممي النجمموم‬
‫تخنممس بالنهممار وتظهممر بالليممل وقممال بممن جريممر‬
‫حدثنا بن المثنممى حممدثنا محمممد بممن جعفممر حممدثنا‬
‫شممعبة عممن سممماك بممن حممرب سمممعت خالممد بممن‬
‫عرعرة سمعت عليا وسئل عن ل أقسم بممالخنس‬
‫الجوار الكنس فقال هي النجمموم تخنممس بالنهممار‬
‫وتكنس بالليل وحدثنا أبو كريب حدثنا وكيممع عممن‬
‫إسرائيل عن سماك عن خالد عن علي قممال هممي‬
‫النجمموم وهممذا إسممناد جيممد صممحيح إلممى خالممد بممن‬

‫‪938‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عرعممرة وهممو السممهمي الكمموفي قممال أبممو حمماتم‬
‫الرازي ‪ 3343‬روى عممن علممي وروى عنممه سممماك‬
‫والقاسم بن عوف الشيباني ولم يذكر فيه جرحا‬
‫ول تعممديل فممالله أعلممم وروى يممونس عممن أبممي‬
‫إسحاق عن الحارث عممن علممي أنهمما النجمموم رواه‬
‫بن أبي حاتم وكذا روي عممن بممن عبمماس ومجاهممد‬
‫والحسن وقتادة‬
‫والسدي وغيرهممم أنهمما النجمموم وقممال بممن جريممر‬
‫حدثنا محمد بن بشار حدثنا هوذة بن خليفة حدثنا‬
‫عوف عن بكر بن عبد الله في قمموله تعممالى ) فل‬
‫أقسم بالخنس الجوار الكنس ( قال هممي النجمموم‬
‫الممدراري الممتي تجممري تسممتقبل المشممرق وقممال‬
‫بعض الئمة إنما قيل للنجوم الخنس أي في حال‬
‫طلوعهمما ثممم هممي جمموار فممي فلكهمما وفممي حممال‬
‫غيبوبتها يقمال لهما كنمس ممن قمول العمرب أوى‬
‫الظبي إلى كناسة إذا تغيب فيممه وقممال العمممش‬
‫عممن إبراهيممم قممال قممال عبممد اللممه ) فل أقسممم‬
‫بالخنس ( قال بقر الوحش وكذا قال الثوري عن‬
‫أبي إسحاق عن أبي ميسممرة عممن عبممد اللممه ) فل‬
‫أقسم بالخنس الجوار الكنممس ( ممماهي يمما عمممرو‬
‫قلت البقر قال وأنمما أرى ذلممك وكممذا روى يمونس‬
‫عممن أبممي إسممحاق عممن أبيممه وقممال أبممو داود‬
‫الطيالسي عن عمرو عن أبيه عن سعيد بن جممبير‬
‫عن بن عباس الجوار الكنممس قممال البقممر تكنممس‬
‫إلممى الظممل وكممذا قممال سممعيد بممن جممبير وقممال‬
‫العوفي عممن بممن عبمماس هممي الظبمماء وكممذا قممال‬
‫سعيد أيضا ومجاهد والضحاك وقال أبممو الشممعثاء‬
‫جابر بن زيد هي الظباء والبقممر وقممال بممن جريممر‬
‫حممدثنا يعقمموب حممدثنا هشمميم أخبرنمما مغيممرة عممن‬
‫إبراهيممم ومجاهممد أنهممما تممذاكرا هممذه اليممة ) فل‬
‫أقسم بممالخنس الجمموار الكنممس ( فقممال إبراهيممم‬
‫لمجاهد قل فيها بما سمعت قممال فقممال مجاهممد‬

‫‪939‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كنا نسمع فيها شيئا وناس يقولون إنهمما النجمموم‬
‫قال فقال إبراهيممم قممل فيهمما بممما سمممعت قممال‬
‫فقال مجاهد كنا نسمممع أنهمما بقممر المموحش حيممن‬
‫تكنممس فممي حجرتهمما قممال فقممال إبراهيممم إنهممم‬
‫يكذبون على علممي هممذا كممما رووا عممن علممي أنممه‬
‫ضمن السفل العلى والعلى السممفل وتوقممف‬
‫بممن جريممر فممي المممراد بقمموله ) الخنممس الجمموار‬
‫الكنس ( هل هو النجوم أو الظباء وبقممر المموحش‬
‫قال ويحتمل أن يكون الجميع مرادا وقوله تعالى‬
‫) والليل إذا عسعس ( فيه قولن أحممدهما إقبمماله‬
‫بظلمه قال مجاهد أظلم وقممال سممعيد بممن جممبير‬
‫إذا نشأ وقال الحسن البصممري إذا غشممي النمماس‬
‫وكذا قممال عطيممة العمموفي وقممال علممي بممن أبممي‬
‫طلحة والعوفي عن بن عباس ) إذا عسممعس ( إذا‬
‫أدبر وكذا قال مجاهد وقتادة والضحاك وكذا قال‬
‫زيد بن أسلم وابنه عبممد الرحمممن ) إذا عسممعس (‬
‫أي إذا ذهممب فتممولى وقممال أبممو داود الطيالسممي‬
‫حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبممي البحممتري‬
‫سمع أبا عبد الرحمممن السمملمي قممال خممرج علينمما‬
‫علي رضي اللممه عنممه حيممن ثمموب المثمموب بصمملة‬
‫الصبح فقال أين السائلون عن الوتر ) والليل إذا‬
‫عسعس والصبح إذا تنفس ( هذا حين أدبر حسممن‬
‫وقممد اختممار بممن جريممر ان المممراد بقمموله ) إذا‬
‫عسعس ( إذا أدبر قال لقوله ) والصبح إذا تنفس‬
‫( أي أضممماء واستشمممهد بقمممول الشممماعر أيضممما‬
‫حممتى إذا الصممبح لممه تنفسمما وانجمماب عنهمما ليلهمما‬
‫وعسعسمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممما‬
‫أي أدبر وعندي أن المممراد بقمموله ) إذا عسممعس (‬
‫إذا أقبل وإن كان يصح استعماله في الدبار أيضا‬
‫لكن القبممال همما هنمما أنسممب كممأنه أقسممم بالليممل‬
‫وظلمه إذا أقبل وبالفجر وضيائه إذا أشممرق كممما‬
‫قال تعالى ) والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى (‬

‫‪940‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال تعالى ) والضحى والليل إذا سجى ( وقممال‬
‫تعالى ) فالق الصباح وجعل الليل سممكنا ( وغيممر‬
‫ذلك من اليات وقال كثير من علماء الصممول إن‬
‫لفظممة عسممعس تسممتعمل فممي القبممال والدبممار‬
‫على وجه الشتراك فعلى هذا يصح أن يممراد كممل‬
‫منهما والله اعلم قال بن جرير وكان بعممض أهممل‬
‫المعرفة بكلم العرب يزعم أن عسممعس دنمما مممن‬
‫أوله وأظلم وقال الفراء كممان أبممو البلد النحمموي‬
‫ينشمممممممممممممممممممممممممممد بيتممممممممممممممممممممممممممما‬
‫عسعس حتى لممو يشمما أدنممى كممان لممه مممن ضمموئه‬
‫مقبمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممس‬
‫يريد لو يشاء إذ دنا أدغم الممذال فممي الممدال قممال‬
‫الفممراء وكممانوا يزعمممون ان هممذا الممبيت مصممنوع‬
‫وقوله تعالى ) والصبح إذا تنفس ( قال الضممحاك‬
‫إذا طلع وقال قتادة إذا أضاء وأقبل وقال سممعيد‬
‫بن جبير إذا نشأ وهوالمروي عن علي رضي اللممه‬
‫عنه وقال بن جريممر يعنممي ضمموء النهممار إذا أقبممل‬
‫وتبين وقوله تعمالى ) إنممه لقمول رسممول كريمم (‬
‫يعني إن هذا القرآن لتبليغ رسول كريم أي ملممك‬
‫شريف حسن الخلممق بهممي المنظممر وهممو جبريممل‬
‫عليه الصلة والسلم قمماله بممن عبمماس والشممعبي‬
‫وميمون بن مهران والحسن وقتادة والربيممع بممن‬
‫أنس والضحاك وغيرهم ) ذي قوة ( كقوله تعالى‬
‫) علمه شديد القمموى ذو مممرة ( أي شممديد الخلممق‬
‫شديد البطش والفعل ) عند ذي العممرش مكيممن (‬
‫أي له مكانة عند الله عز وجل ومنزلة رفيعة قال‬
‫أبو صالح في قوله تعالى ) عند ذي العرش مكين‬
‫( قال جبريل يدخل فممي سممبعين حجابما مممن نممور‬
‫بغير إذن ) مطاع ثم ( أي له وجاهة وهو مسممموع‬
‫القول مطاع في المل العلى قال قتادة ) مطاع‬
‫ثم ( أي في السماوات يعني ليس هو مممن أفنمماد‬

‫‪941‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الملئكة بل هو من السادة والشراف معتنممى بممه‬
‫أنتخب لهذه الرسالة العظيمة‬
‫وقوله تعالى ) أمين ( صفة لجبريل بالمانة وهذا‬
‫عظيم جدا أن الرب عز وجل يزكي عبده ورسوله‬
‫الملكي جبريل كما زكى عبمده ورسمموله البشمري‬
‫بقوله تعالى ) وما صمماحبكم بمجنممون (‬ ‫محمدا‬
‫قال الشعبي وميمون بن مهران وأبو صالح ومن‬
‫تقممدم ذكرهممم المممراد بقمموله ) وممما صمماحبكم‬
‫وقمموله تعممالى ) ولقممد‬ ‫بمجنون ( يعني محمممدا‬
‫رآه بالفق المبين ( يعني ولقد رأى محمد جبريل‬
‫الممذي يممأتيه بالرسممالة عممن اللممه عممز وجممل علممى‬
‫الصورة التي خلقه الله عليهمما لممه سممتمائة جنمماح‬
‫) بالفق المبين ( أي البين وهممي الرؤيممة الولممى‬
‫التي كانت بالبطحماء وهمي الممذكورة فممي قمموله‬
‫) علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالفق‬
‫العلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنممى‬
‫فأوحى إلى عبده ما أوحممى ( كممما تقممدم تفسممير‬
‫ذلممك وتقريممره والممدليل عليممه أن المممراد بممذلك‬
‫جبريل عليه السلم والظاهر والله أعلم أن هممذه‬
‫السورة نزلت قبممل ليلممة السممراء لنممه لممم يممذكر‬
‫فيها إل هممذه الرؤيممة وهممي الولممى وأممما الثانيممة‬
‫وهي المذكورة في قوله تعالى ) ولقممد رآه نزلممة‬
‫أخرى عند سدرة المنتهى عنممدها جنممة المممأوى إذ‬
‫يغشى السدرة ما يغشى ( فتلك إنما ذكممرت فممي‬
‫سورة النجم وقد نزلت بعد سورة السراء وقوله‬
‫تعممالى ) وممما هممو علممى الغيممب بظنيممن ( أي وممما‬
‫محمد على ما أنزله اللممه إليممه بظنيممن أي بمتهممم‬
‫ومنهم من قرأ ذلك بالضمماد أي ببخيممل بممل يبممذله‬
‫لكل أحد قممال سممفيان بممن عيينممة ظنيممن وضممنين‬
‫سواء أي ماهو بكمماذب وممما هممو بفمماجر والظنيممن‬
‫المتهم والضنين البخيل وقال قتادة كان القممرآن‬
‫غيبا فأنزله الله علممى محمممد فممما ضممن بممه علممى‬

‫‪942‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الناس بل نشره وبلغه وبذله لكل من أراده وكممذا‬
‫قال عكرمة وبن زيد وغير واحد واختار بن جريممر‬
‫قراءة الضاد قلت وكلهما متواتر ومعنمماه صممحيح‬
‫كما تقدم وقوله تعالى ) وما هممو بقممول شمميطان‬
‫رجيم ( أي وما هذا القرآن بقول شمميطان رجيممم‬
‫أي ل يقدر على حمله ول يريده ول ينبغي له كما‬
‫قال تعالى ) وماتنزلت به الشياطين وممما ينبغممي‬
‫لهمممم ومممما يسمممتطيعون إنهمممم عمممن السممممع‬
‫لمعزولون ( وقمموله تعممالى ) فممأين تممذهبون ( أي‬
‫فأين تذهب عقولكم فممي تكممذيبكم بهممذا القممرآن‬
‫مع ظهوره ووضوحه وبيممان كممونه حقمما مممن عنممد‬
‫الله عز وجل كما قممال الصممديق رضممي اللممه عنممه‬
‫لوفد بني حنيفة حيممن قممدموا مسمملمين وأمرهممم‬
‫فتلوا عليه شيئا من قرآن مسيلمة الكممذاب الممذي‬
‫هو في غاية الهذيان والركاكة فقال ويحكم أيممن‬
‫تذهب عقولكم والله إن هذا الكلم لم يخممرج مممن‬
‫إل أي من إله وقال قتممادة ) فممأين تممذهبون ( أي‬
‫عن كتاب الله وعن طاعته وقوله تعالى ) إن هممو‬
‫إل ذكممر للعممالمين ( أي هممذا القممرآن ذكممر لجميممع‬
‫الناس يتذكرون به ويتعظون ) لمن شاء منكم أن‬
‫يستقيم ( أي من أراد الهداية فعليه بهذا القممرآن‬
‫فإنه منجاة له وهداية ول هداية فيما سواه ) وما‬
‫تشممماءون إل أن يشممماء اللمممه رب العمممالمين ( أي‬
‫ليست المشيئة موكولة إليكم فمممن شمماء اهتممدى‬
‫ومن شاء ضممل بممل ذلممك كلممه تممابع لمشمميئة اللممه‬
‫تعممالى رب العممالمين قممال سممفيان الثمموري عممن‬
‫سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى لممما‬
‫نزلت هذه الية ) لمممن شمماء منكممم أن يسممتقيم (‬
‫قال أبو جهل المممر إلينمما إن شممئنا اسممتقمنا وإن‬
‫شئنا لم نستقم فأنزل الله تعالى ) وما تشمماءون‬
‫إل أن يشممممممممماء اللمممممممممه رب العمممممممممالمين (‬
‫‪82‬‬

‫‪943‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫) سورة النفطار (‬

‫(‬ ‫‪12‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪82‬‬


‫مقدمة تفسير سورة التكوير ولله الحمممد والمنممة‬
‫تفسممير سممورة النفطممار قممال النسممائي ‪2172‬‬
‫أخبرنا محمد بن قدامة حدثنا جرير عممن العمممش‬
‫عن محممارب بممن دثممار عممن جممابر قممال قممام معمماذ‬
‫فصمملى العشمماء الخممرة فطممول فقممال النممبي‬
‫أفتان أنت يا معاذ أين كنت عن ) سبح اسم ربممك‬
‫العلى ( ) والضحى ( و ) إذا السممماء انفطممرت (‬
‫وأصل الحديث مخرج في الصممحيحين ولكممن ذكممر‬
‫) إذا السماء انفطرت ( في أفراد النسممائي وقممد‬
‫تقدم من رواية عبد الله بممن عمممر عممن النممبي‬
‫قال ممن سممره أن ينظمر إلمى القياممة رأي عيممن‬
‫فليقرأ إذا الشمس كورت وإذا السممماء انفطممرت‬
‫وإذا السماء أنشقت بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫يقول تعالى ) إذا السماء انفطممرت ( أي انشممقت‬


‫كممما قممال تعممالى ) السممماء منفطممر بممه ( ) وإذا‬
‫الكممواكب انتممثرت ( أي تسمماقطت ) وإذا البحممار‬
‫فجرت ( قال علي بن أبي طلحة عممن بممن عبمماس‬
‫فجر الله بعضها في بعض وقال الحسن فجر الله‬
‫بعضها في بعض فذهب ماؤها وقال قتادة اختلط‬
‫عذبها بمالحها وقال الكلممبي ملئت ) وإذا القبممور‬
‫بعثرت ( قال بن عباس بحثت وقال السدي تبعثر‬
‫تحرك فيخرج من فيها ) علمت نفممس ممما قممدمت‬
‫وأخرت ( أي إذا كان هذا حصل هذا وقوله تعممالى‬
‫) يا أيهمما النسممان ممما غممرك بربممك الكريممم ( هممذا‬
‫تهديد ل كما يتوهمه بعض الناس مممن أنممه إرشمماد‬
‫إلى الجواب حيث قال الكريم حتى يقول قائلهم‬
‫غره كرمه بل المعنى في هذه اليممة ممما غممرك يما‬

‫‪944‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بممن آدم بربممك الكريممم أي العظيممم حممتى أقممدمت‬
‫على معصيته وقابلته بممما ل يليممق كممما جمماء فممي‬
‫الحديث يقول الله تعالى يوم القيامة يمما بممن آدم‬
‫ما غرك بي يا بن آدم ماذا أجبت المرسمملين قممال‬
‫بن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا بن أبي عمر حممدثنا‬
‫سفيان أن عمر سمع رجل يقرأ ) يا أيها النسان‬
‫ما غرك بربك الكريم ( فقال عمممر الجهممل وقممال‬
‫أيضا حدثنا عمر بن شيبة حممدثنا أبممو خلممف حممدثنا‬
‫يحيى البكاء سمعت بن عمر يقول وقرأهذه الية‬
‫) يا أيها النسان ما غرك بربك الكريم ( قال بممن‬
‫عمر غره والله جهله قال وروي عممن بممن عبمماس‬
‫والربيع بن خثيم والحسن مثل ذلك وقال قتادة )‬
‫ما غرك بربك الكريم ( شيء ما غممر بممن آدم غيممر‬
‫هذا العدو الشيطان وقال الفضيل بن عيمماض لممو‬
‫قال لي ما غرك بي لقلت ستورك المرخاة وقال‬
‫أبو بكر الوراق لو قال لي ما غرك بربممك الكريممم‬
‫لقلممت غرنممي كممرم الكريممم وقممال بعممض أهممل‬
‫الشارة إنما قال بربك الكريم دون سائر أسمائه‬
‫وصفاته كأنه لقنه الجابة وهذا الممذي تخيلممه هممذا‬
‫القائل ليس بطائل لنه إنما أتممى باسمممه الكريممم‬
‫لينبه على أنه ل ينبغي أن يقابل الكريم بالفعال‬
‫القبيحة وأعمال الفجور وقممد حكممى البغمموي عممن‬
‫الكلبي ومقاتل أنهما قال نزلممت هممذه اليممة فممي‬
‫ولممم يعمماقب‬ ‫الخنس بن شممريق ضممرب النممبي‬
‫في الحالة الراهنممة فممأنزل اللممه تعممالى ) ممماغرك‬
‫بربممك الكريممم ( وقمموله تعممالى ) الممذي خلقممك‬
‫فسواك فعدلك ( أي ما غرك بربك الكريم ) الذي‬
‫خلقك فسواك فعدلك ( أي جعلك سويا مستقيما‬
‫معتممدل القامممة منتصممبها فممي أحسممن الهيئات‬
‫والشممكال قممال المممام أحمممد ‪ 4210‬حممدثنا أبممو‬
‫النضر حدثنا جرير حدثني عبد الرحمن بن ميسرة‬
‫عن جبير بن نفير عن بشر بن جحمماش القرشممي‬

‫‪945‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بصممق يوممما فممي كفممه فوضممع‬ ‫أن رسممول اللممه‬
‫عليها أصبعه ثم قال قال الله عز وجل يا بن آدم‬
‫أنى تعجزني وقد خلقتك من مثممل هممذه حممتى إذا‬
‫سويتك وعدلتك مشيت بين برديممن وللرض منممك‬
‫وئيد فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقي قلت‬
‫أتصدق وأنى أوان الصممدقة وكممذا رواه بممن ماجممة‬
‫‪ 2707‬عن أبي بكر بن أبممي شمميبة عممن يزيممد بممن‬
‫هممارون عممن جريممر بممن عثمممان بممه قممال شمميخنا‬
‫الحافظ أبو الحجاج المزي وتابعه يحيى بن حمزة‬
‫عن ثور بممن يزيممد عممن عبممد الرحمممن بممن ميسممرة‬
‫وقوله تعالى ) في أي صورة ما شاء ركبك ( قال‬
‫مجاهد في أي شبه أب أو أم أو خال أو عم وقال‬
‫بن جرير حدثني محمممد بممن سممنان القممزاز حممدثنا‬
‫مطهر بن الهيثم حدثنا موسى بن علي بممن ربمماح‬
‫قال له ممما ولممد‬ ‫حدثني أبي عن جدي أن النبي‬
‫لك قال يا رسول الله ما عسى ان يولممد لممي إممما‬
‫غلم وإما جارية قال فمن يشبه قممال يمما رسممول‬
‫الله من عسى أن يشبه إما أباه وإممما أمممه فقممال‬
‫عندها مه ل تقولن هكممذا إن النطفممة إذا‬ ‫النبي‬
‫اسممتقرت فممي الرحممم أحضممرها اللممه تعممالى كممل‬
‫نسب بينها وبيممن آدم أممما قممرأت هممذه اليممة فممي‬
‫كتاب الله تعالى ) في أي صورة ما شمماء ركبممك (‬
‫قال شكلك وهكذا رواه بن أبي حاتم والطممبراني‬
‫‪ 54624‬مممن حممديث مطهممر بممن الهيثممم بممه وهممذا‬
‫الحديث لو صح لكان فيصل في هممذه اليممة ولكممن‬
‫إسناده ليس بالثابت لن مطهر بممن الهيثممم قممال‬
‫فيه أبممو سممعيد بممن يممونس كممان مممتروك الحممديث‬
‫وقال بن حبان‬
‫يروي عممن موسممى بممن علممي وغيممره ممما ل يشممبه‬
‫حممديث الثبممات ولكممن فممي الصممحيحين عممن أبممي‬
‫هريممرة أن رجل قممال يمما رسممول اللممه إن امرأتممي‬

‫‪946‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ولدت غلما أسود قال هل لك من إبل قممال نعممم‬
‫قال فما ألوانها قال حمممر قممال فهممل فيهمما مممن‬
‫أورق قال نعم قال فأنى أتاها ذلممك قممال عسممى‬
‫أن يكون نزعه عرق قممال وهممذا عسممى أن يكممون‬
‫نزعه عممرق وقممد قممال عكرمممة فممي قمموله تعممالى‬
‫) فممي أي صممورة ممما شمماء ركبممك ( إن شمماء فممي‬
‫صورة قرد وإن شاء في صورة خنزير وكممذا قممال‬
‫أبو صالح ) في أي صورة ما شاء ركبك ( إن شمماء‬
‫في صورة كلب وإن شمماء فممي صممورة حمممار وإن‬
‫شمماء فممي صممورة خنزيممر وقممال قتممادة ) فممي أي‬
‫صورة ما شاء ركبك ( قال قادر واللممه ربنمما علممى‬
‫ذلك ومعنى هممذا القممول عنممد هممؤلء أن اللممه عممز‬
‫وجل قادر على خلق النطفة على شكل قبيح من‬
‫الحيوانات المنكرة الخلممق ولكممن بقممدرته ولطفممه‬
‫وحلمه يخلقه على شكل حسن مسممتقيم معتممدل‬
‫تام حسن المنظر والهيئة وقوله تعمالى ) كل بمل‬
‫تكذبون بالدين ( أي إنممما يحملكممم علممى مواجهممة‬
‫الكريم ومقابلته بالمعاصي تكممذيب فممي قلمموبكم‬
‫بالمعمماد والجممزاء والحسمماب وقمموله تعممالى ) وإن‬
‫عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون‬
‫( يعنممي وإن عليكممم لملئكممة حفظممة كراممما فل‬
‫تقابلوهم بالقبممائح فممإنهم يكتبممون عليكممم جميممع‬
‫أعمالكم قال بن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا علممي‬
‫بن محمد الطنافسي حممدثنا وكيممع حممدثنا سممفيان‬
‫ومسعر عن علقمة بن مرثد عن مجاهد قال قال‬
‫أكرممموا الكممرام الكمماتبين الممذين ل‬ ‫رسول الله‬
‫يفارقونكم إل عند إحدى حالتين الجنابة والغممائط‬
‫فممإذا اغتسممل أحممدكم فليسممتتر بجممرم حممائط أو‬
‫ببعيره أو ليستره أخوه وقد رواه الحافظ أبو بكر‬
‫البزار ‪ 317‬فوصله بلفظ آخر فقال حممدثنا محممد‬
‫بن عثمان بن كرامة حدثنا عبيد اللممه بممن موسممى‬
‫عن حفص بن سليمان عن علقمة بممن مرثممد عممن‬

‫‪947‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إن‬ ‫مجاهد عن بن عباس قال قال رسول اللممه‬
‫الله ينهاكم عن التعري فاستحيوا من ملئكة الله‬
‫الذين معكم الكرام الكاتبين الممذين ل يفممارقونكم‬
‫إل عنمممد إحمممدى ثلث حمممالت الغمممائط والجنابمممة‬
‫والغسممل فممإذا اغتسممل أحممدكم بممالعراء فليسممتتر‬
‫بثوبه أو بجرم حائط أو ببعيره ثم قال حفص بممن‬
‫سممليمان ليممن الحممديث وقممد روي عنممه واحتمممل‬
‫حديثه وقال الحافظ أبو بكممر الممبزار ‪ 3252‬حممدثنا‬
‫زياد بن أيوب حدثنا مبشر بممن إسممماعيل الحلممبي‬
‫حدثنا تمام بن نجيح عممن الحسممن يعنممي البصممري‬
‫ما من حافظين‬ ‫عن أنس قال قال رسول الله‬
‫يرفعان إلى اللممه عممز وجممل ممما حفظمما فممي يمموم‬
‫فيرى في أول الصحيفة وفممي آخرهمما اسممتغفارا‬
‫إل قممال اللممه تعممالى قممد غفممرت لعبممدي مممابين‬
‫طرفي الصحيفة ثم قال تفرد به تمام بممن نجيممح‬
‫وهو صالح الحديث قلت وثقه بممن معيممن وضممعفه‬
‫البخاري وابو زرعة وبن أبي حاتم والنسائي وبن‬
‫عدي ورماه بن حبان بالوضع وقال المممام أحمممد‬
‫ل أعممرف حقيقممة أمممره وقممال الحممافظ أبممو بكممر‬
‫الممبزار حممدثنا إسممحاق بممن سممليمان البغممدادي‬
‫المعروف بالقلوسي حدثنا بيان بن حمران حدثنا‬
‫سلم عن منصور بن زاذان عن محمد بن سمميرين‬
‫إن للممه‬ ‫عن أبي هريرة قال قممال رسممول اللممه‬
‫ملئكة يعرفون بني آدم وأحسبه قممال ويعرفممون‬
‫أعمالهم فإذا نظروا إلى عبد يعمممل بطاعممة اللممه‬
‫ذكروه بينهم وسموه وقالوا أفلح الليلة فلن نجا‬
‫الليلة فلن وإذا نظروا إلممى عبممد يعمممل بمعصممية‬
‫اللممه ذكممروه بينهممم وسممموه وقممالوا هلممك الليلممة‬
‫فلن ثممم قممال الممبزار سمملم هممذا أحسممبه سمملم‬
‫المممممممممدائني وهممممممممو ليممممممممن الحممممممممديث‬
‫(‬ ‫‪19‬‬ ‫‪13‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪82‬‬

‫‪948‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يخبر تعالى عما يصير البرار إليه من النعيم وهم‬
‫الممذين أطمماعوا اللممه عممز وجممل ولممم يقممابلوه‬
‫بالمعاصممي وقممد روى بممن عسمماكر فممي ترجمممة‬
‫موسى بن محمد عن هشام بن عمار عن عيسممى‬
‫بن يممونس بممن أبممي إسممحاق عممن عبيممد اللممه عممن‬
‫قممال إنممما‬ ‫محممارب عممن بممن عمممر عممن النممبي‬
‫سماهم الله البرار لنهم بروا الباء والبنمماء ثممم‬
‫ذكر ما يصير إليممه الفجممار مممن الجحيممم والعممذاب‬
‫المقيم ولهذا قال ) يصلونها يوم الدين ( أي يوم‬
‫الحساب والجزاء والقيامة ) وما هم عنها بغائبين‬
‫( أي‬
‫ل يغيبون عممن العممذاب سمماعة واحممدة ول يخفممف‬
‫عنهم من عذابها ول يجابون إلى ما يسألون مممن‬
‫الموت أو الراحة ولممو يوممما واحممدا وقمموله تعممالى‬
‫) وما أدراك ما يمموم الممدين ( تعظيممم لشممأن يمموم‬
‫القيامة ثم أكده بقوله تعممالى ) ثممم ممما أدراك ممما‬
‫يوم الدين ( ثم فسره بقوله ) يوم ل تملك نفس‬
‫لنفممس شمميئا ( أي ل يقممدر أحممد علممى نفممع أحممد‬
‫ولخلصة مما هو فيه إل أن يأذن الله لمن يشمماء‬
‫ويرضى ونذكر ها هنا حديث يا بني هاشم أنقذوا‬
‫أنفسكم من النار ل أملك لكم من الله شيئا وقممد‬
‫تقدم في آخر تفسير سورة الشعراء ولهممذا قممال‬
‫) والمر يومئذ لله ( كقمموله ) لمممن الملممك اليمموم‬
‫لله الواحد القهار ( وكقوله ) الملك يممومئذ الحممق‬
‫للرحمن ( وكقوله ) مالك يوم الدين ( قال قتادة‬
‫) يوم ل تملك نفس لنفس شيئا والمر يومئذ لله‬
‫( والمممر واللممه اليمموم للممه ولكنممه ل ينممازعه فيممه‬
‫يممومئذ أحممد آخممر تفسممير سممورة النفطممار وللممه‬
‫الحمممممد والمنممممة وبممممه التوفيممممق والعصمممممة‬
‫‪83‬‬
‫) سورة المطففين (‬

‫‪949‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫(‬ ‫‪6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليمممممممممات ) ‪83‬‬


‫مقدمممة تفسممير سممورة المطففيممن بسممم اللممه‬
‫الرحممممن الرحيمممم سمممورة المطففيمممن وهمممي‬
‫مدنيممة قممال النسممائي وبممن ماجممة ‪ 2223‬أخبرنمما‬
‫محمد بن عقيل زاد بن ماجممة وعبممد الرحمممن بممن‬
‫بشر قال حدثنا علي بن الحسين بن واقد حدثني‬
‫أبي عن يزيد وهو بن أبممي سممعيد النحمموي مممولى‬
‫قريش عن عكرمة عن بن عبمماس قممال لممما قممدم‬
‫المدينممة كممانوا مممن أخبممث النمماس كيل‬ ‫النممبي‬
‫فأنزل الله تعممالى ) ويممل للمطففيممن ( فحسممنوا‬
‫الكيل بعد ذلك وقال بن أبممي حمماتم حممدثنا جعفممر‬
‫بن النضر بممن حممماد حممدثنا محمممد بممن عبيممد عممن‬
‫العمش عممن عمممرو بممن مممرة عممن عبممد اللممه بممن‬
‫الحارث عن هلل بن طلق قال بينما أنا أسير مع‬
‫بن عمر فقلت من أحسن النمماس هيئة وأوفمماهم‬
‫كيل أهل مكة وأهممل المدينممة قممال حممق لهممم أممما‬
‫سمممعت اللممه تعممالى يقممول ) ويممل للمطففيممن (‬
‫وقال بن جرير حدثنا أبو السائب حدثنا بن فضيل‬
‫عن ضرار عن عبد الله المكتب عن رجل عن عبممد‬
‫الله قال قال له رجل يا أبا عبد الرحمن إن أهممل‬
‫المدينة ليوفون الكيل قال وما يمنعهم أن يوفوا‬
‫الكيل وقد قال اللممه تعممالى ) ويممل للمطففيممن (‬
‫حممتى بلممغ ) يمموم يقمموم النمماس لممرب العممالمين (‬
‫والمراد بالتطفيف ها هنمما البخممس فممي المكيممال‬
‫والميزان إما بالزدياد إن اقتضى من الناس وإما‬
‫بالنقصمممان إن قضممماهم ولهمممذا فسمممر تعمممالى‬
‫المطففين الذين وعدهم بالخسممار والهلك وهممو‬
‫الويل بقوله تعالى ) الذين إذا اكتالوا على الناس‬
‫( أي من الناس ) يستوفون ( أي يأخذون حقهممم‬
‫بمممالوافي والمممزائد ) وإذا كمممالوهم أو وزنممموهم‬

‫‪950‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يخسرون ( أي ينقصون والحسن أن يجعل كالوا‬
‫ووزنوا متعديا ويكون هم في محل نصب ومنهممم‬
‫من يجعلها ضميرا مؤكدا للمستتر في قوله كالوا‬
‫ووزنمموا ويحممذف المفعممول لدللممة الكلم عليممه‬
‫وكلهما متقارب وقد أمر الله تعالى بالوفاء فممي‬
‫الكيل والميزان فقال تعالى ) وأوفمموا الكيممل إذا‬
‫كلتممم وزنمموا بالقسممطاس المسممتقيم ذلممك خيممر‬
‫وأحسممن تممأويل ( وقممال تعممالى ) وأوفمموا الكيممل‬
‫والميممزان بالقسممط ل نكلممف نفسمما إل وسممعها (‬
‫وقمممال تعمممالى ) وأقيمممموا الممموزن بالقسمممط ول‬
‫تخسممروا الميممزان ( وأهلممك اللممه قمموم شممعيب‬
‫ودمرهممم علممى ممما كممانوا يبخسممون النمماس فممي‬
‫الميزان والمكيال ثم قال تعالى متوعدا لهم ) أل‬
‫يظن أولئك أنهم مبعوثممون ليمموم عظيممم ( أي ممما‬
‫يخاف أولئك مممن البعممث والقيممام بيممن يممدي مممن‬
‫يعلم السرائر والضمائر فممي يمموم عظيممم الهممول‬
‫كثير الفزع جليل الخطممب مممن خسممر فيممه أدخممل‬
‫نارا حامية وقوله تعالى ) يوم يقوم النمماس لممرب‬
‫العممالمين ( أي يقومممون حفمماة عممراة غممرل فممي‬
‫موقممف صممعب حممرج ضمميق ضممنك علممى المجممرم‬
‫ويغشاهم من أمممر اللممه تعممالى ممما تعجممز القمموى‬
‫والحواس عنه قال المام مالك عن نافع عن بممن‬
‫قممال يمموم يقمموم النمماس لممرب‬ ‫عمممر أن النممبي‬
‫العممالمين حممتى يغيممب أحممدهم فممي رشممحه إلممى‬
‫أنصمماف أذنيممه رواه البخمماري ‪ 4938‬مممن حممديث‬
‫مالك وعبممد اللممه بمن عمون كلهمما عمن نمافع بمه‬
‫ورواه مسلم ‪ 2862‬من الطريقيممن أيضمما وكممذلك‬
‫رواه أيوب بن يحيى وصالح بن كيسان وعبد اللممه‬
‫وعبيد الله ابنا عمر ومحمد بن إسحاق عممن نممافع‬
‫عن بن عمر بممه ولفممظ المممام أحمممد ‪ 231‬حممدثنا‬
‫يزيد أخبرنا بن إسممحاق عممن نممافع عممن بممن عمممر‬
‫يقممول يمموم يقمموم النمماس‬ ‫سمعت رسول اللممه‬

‫‪951‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لممرب العممالمين لعظمممة الرحمممن عممز وجممل يمموم‬
‫القيامة حتى إن العرق ليلجم الرجال إلى أنصاف‬
‫آذانهم حديث آخر قال المام أحمد حدثنا إبراهيم‬
‫بن إسحاق حدثنا بن المبارك عن عبد الرحمن بن‬
‫يزيممد بممن جممابر حممدثني سممليم بممن عممامر حممدثني‬
‫المقداد يعنممي بممن السممود الكنممدي قممال سمممعت‬
‫يقول إذا كان يمموم القيامممة أدنيممت‬ ‫رسول الله‬
‫الشمس من العباد حتى تكون قدر ميل أو ميليممن‬
‫قممال فتصممهرهم الشمممس فيكونممون فممي العممرق‬
‫كقدر أعمالهم منهم من يأخذه إلى عقبيه ومنهم‬
‫ممن ياخمذه إلمى ركبمتيه ومنهمم ممن يأخمذه إلمى‬
‫حقممويه ومنهممم مممن يلجمممه إلجاممما رواه مسمملم‬
‫‪ 2864‬عن الحكم بن موسى عن يحيى بن حمممزة‬
‫والترمممذي ‪ 2421‬عممن سممويد عممن بممن المبممارك‬
‫كلهما عن بن جممابر بممه حممديث آخممر قممال المممام‬
‫أحمد ‪ 5254‬حدثنا الحسن بن سوار حممدثنا الليممث‬
‫بن سعد عن معاوية بن صالح أن أبا عبد الرحمممن‬
‫قممال تممدنو‬ ‫حدثه عن أبي أمامة أن رسول الله‬
‫الشمس يوم القيامة على قممدر ميممل ويممزاد فممي‬
‫حرهمما كممذا وكممذا تغلممي منهمما الهمموام كممما تغلممي‬
‫القدور يعرقون فيها على قممدر خطايمماهم منهممم‬
‫من يبلغ إلى كعبيه ومنهم من يبلممغ إلممى سمماقيه‬
‫ومنهم من يبلغ إلممى وسممطه ومنهممم مممن يلجمممه‬
‫العرق انفرد به أحمد حديث آخر قال المام أحمد‬
‫‪ 4157‬حممدثنا حسممن حممدثنا بممن لهيعممة حممدثنا أبممو‬
‫عشانة حي بن يؤمن أنممه سمممع عقبممة بممن عممامر‬
‫يقول سمعت رسول الله صلى الله عليممه وعلممى‬
‫آله وسلم يقول تدنو الشمس من الرض فيعممرق‬
‫الناس فمن الناس من يبلغ عرقه عقممبيه ومنهممم‬
‫من يبلغ إلى نصف الساق ومنهممم مممن يبلمغ إلمى‬
‫ركبتيه ومنهم من يبلممغ العجممز ومنهممم مممن يبلممغ‬

‫‪952‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الخاصرة ومنهم من يبلغ منكبيه ومنهم من يبلممغ‬
‫وسط فيه وأشار بيده فألجمها فاه رأيت رسممول‬
‫يشير بيده هكذا ومنهم من يغطيممه عرقممه‬ ‫الله‬
‫وضرب بيده إشارة انفرد بممه أحمممد وفممي حممديث‬
‫أنهممم يقومممون سممبعين سممنة ل يتكلمممون وقيممل‬
‫يقومون ثلثمائة سنة وقيل يقومون أربعين ألف‬
‫سنة ويقضي بينهم في مقدار عشرة آلف سممنة‬
‫كممما فممي صممحيح مسمملم ‪ 987‬عممن أبممي هريممرة‬
‫مرفوعا في يوم كان مقداره خمسين ألممف سممنة‬
‫وقد قال بن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبممو عممون‬
‫الزيادي أخبرنا عبد السلم بن عجلن سمممعت أبمما‬
‫يزيد المدني عن أبي هريرة قال قال رسول الله‬
‫لبشير الغفاري كيف أنت صانع في يوم يقمموم‬
‫الناس فيه ثلثمائة سنة لرب العممالمين مممن أيممام‬
‫الدنيا ل يمماتيهم فيممه خممبر مممن السممماء ول يممؤمر‬
‫فيهم بأمر قال بشير المسممتعان اللممه قممال فممإذا‬
‫أويت إلممى فراشممك فتعمموذ بممالله مممن كممرب يمموم‬
‫القيامممة وسمموء الحسمماب ورواه بممن جريممر مممن‬
‫طريق عبد السلم به وفممي سممنن أبممي داود ‪766‬‬
‫كممان يتعمموذ بممالله مممن ضمميق‬ ‫أن رسممول اللممه‬
‫المقام يوم القيامممة وعممن بممن مسممعود يقومممون‬
‫أربعيممن سممنة رافعممي رؤوسممهم إلممى السممماء ل‬
‫يكلمهم احد قد ألجم العرق برهم وفاجرهم وعن‬
‫بن عمر يقومون مائة سنة رواهما بن جرير وفي‬
‫سنن أبي داود ‪ 766‬والنسائي ‪ 8284‬وبممن ماجممة‬
‫‪ 1356‬من حديث زيد بن الحباب عممن معاويممة بممن‬
‫صالح عن أزهر بن سعيد الحرازي عن عاصم بممن‬
‫كممان يفتتممح‬ ‫حميد عن عائشممة أن رسممول اللممه‬
‫قيممام الليممل يكممبر عشممرا ويحمممد عشممرا ويسممبح‬
‫عشرا ويستغفر عشممرا ويقممول اللهممم اغفممر لممي‬
‫واهممدني وارزقنممي وعممافني ويتعمموذ مممن ضمميق‬

‫‪953‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المقممممممممممممممام يمممممممممممممموم القيامممممممممممممممة‬
‫(‬ ‫‪17‬‬ ‫‪7‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪83‬‬
‫يقول تعالى حقا ) إن كتاب الفجار لفي سجين (‬
‫أي أن مصيرهم ومأواهم لفي سجين فعيممل مممن‬
‫السجن وهو الضمميق كممما يقممال فسمميق وشممريب‬
‫وخمير وسكير ونحو ذلك ولهذا عظم أمره فقممال‬
‫تعالى ) وما أدراك ما سجين ( أي هو أمر عظيممم‬
‫وسجن مقيم وعذاب أليم ثم قد قال قائلون هي‬
‫تحت الرض السابعة وقد تقدم في حديث الممبراء‬
‫بن عازب في حديثه‬
‫الطويممل يقممول اللممه عممز وجممل فممي روح الكممافر‬
‫اكتبوا كتابه في سجين وسجين هي تحممت الرض‬
‫السابعة وقيل صخرة تحت السابعة خضراء وقيل‬
‫بئر في جهنم قد روى بن جريمر فمي ذلمك حمديثا‬
‫غريبا منكرا ل يصح فقال حدثنا إسحاق بن وهممب‬
‫الواسطي حدثنا مسعود بن موسممى بممن مسممكان‬
‫الواسطي حدثنا نصر بن خزيمممة الواسممطي عممن‬
‫شعيب بن صفوان عن محمد بممن كعممب القرظممي‬
‫قال الفلق جب فممي‬ ‫عن أبي هريرة عن النبي‬
‫جهنم مغطى وأما سممجين فمفتمموح والصممحيح أن‬
‫سممجينا مممأخوذ مممن السممجن وهممو الضمميق فممإن‬
‫المخلوقات كل ممما تسممافل منهمما ضمماق وكممل ممما‬
‫تعالى منها اتسع فإن الفلك السممبعة كممل واحممد‬
‫منهمما أوسممع وأعلممى مممن الممذي دونممه وكممذلك‬
‫الرضون كل واحدة أوسع من الممتي دونهمما حممتى‬
‫ينتهممي السممفول المطلممق والمحممل الضمميق إلممى‬
‫المركممز فممي وسممط الرض السممابعة ولممما كممان‬
‫مصير الفجار إلى جهنم وهممي أسممفل السممافلين‬
‫كما قال تعمالى ) ثمم رددنماه اسمفل سممافلين إل‬
‫الذين آمنمموا وعملمموا الصممالحات ( وقممال همما هنمما‬
‫) كل إن كتاب الفجار لفي سمجين وممما أدراك ممما‬
‫سجين ( وهو يجمع الضمميق والسممفول كممما قممال‬

‫‪954‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تعالى ) وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا‬
‫هنالك ثبورا ( وقوله تعالى ) كتاب مرقوم ( ليس‬
‫تفسيرا لقوله ) وما أدراك ما سجين ( وإنممما هممو‬
‫تفسير لما كتب لهم من المصير إلممى سممجين أي‬
‫مرقوم مكتوب مفروغ منممه ل يممزاد فيممه أحممد ول‬
‫ينقص منه أحد قاله محمد بن كعب القرظممي ثممم‬
‫قال تعالى ) ويل يومئذ للمكذبين ( أي إذا صاروا‬
‫يوم القياممة إلمى مما أوعمدهم اللمه ممن السمجن‬
‫والعذاب المهين وقد تقدم الكلم على قوله ويل‬
‫بما أغنى عن إعادته وأن المراد مممن ذلممك الهلك‬
‫والممدمار كممما يقممال ويممل لفلن وكممما جمماء فممي‬
‫المسند ‪ 55‬والسنن من رواية بهز بممن حكيممم بممن‬
‫معاوية بممن حيممدة عممن أبيممه عممن جممده قممال قممال‬
‫ويل للممذي يحممدث فيكممذب ليضممحك‬ ‫رسول الله‬
‫الناس ويل لممه ويممل لممه ثممم قممال تعممالى مفسممرا‬
‫للمكذبين الفجممار الكفممرة ) الممذين يكممذبون بيمموم‬
‫الممدين ( أي ل يصممدقون بوقمموعه ول يعتقممدون‬
‫كمونه ويسمتبعدون أممره قمال اللمه تعمالى ) ومما‬
‫يكذب به إل كل معتد أثيم ( أي معتد فممي أفعمماله‬
‫من تعاطي الحرام والمجاوزة في تنمماول المبمماح‬
‫والثيم في أقواله إن حدث كذب وإن وعد اخلممف‬
‫وإن خاصمم فجمر وقموله تعمالى ) إذا تتلمى عليمه‬
‫آياتنما قمال أسماطير الوليممن ( أي إذا سممع كلم‬
‫الله تعالى من الرسول يكذب به ويظممن بممه ظممن‬
‫السمموء فيعتقممد انممه مفتعممل مجممموع مممن كتممب‬
‫الوائل كما قال تعالى ) وإذا قيل لهم ماذا أنزل‬
‫ربكممم قممالوا أسمماطير الوليممن ( وقممال تعممالى‬
‫) وقالوا أساطير الولين اكتتبها فهي تملى عليه‬
‫بكرة وأصيل ( قال الله تعالى ) كل بل ران علممى‬
‫قلوبهم ما كمانوا يكسممبون ( أي ليمس المممر كمما‬
‫زعممموا ول كممما قممالوا إن هممذا القممرآن أسمماطير‬
‫الولين بممل هممو كلم اللممه ووحيممه وتنزيلممه علممى‬

‫‪955‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وإنما حجب قلوبهم عن اليمان بممه ممما‬ ‫رسوله‬
‫عليها من الرين الذي قد لبس قلوبهم مممن كممثرة‬
‫الذنوب والخطايا ولهذا قال الله تعممالى ) كل بممل‬
‫ران علممى قلمموبهم ممما كممانوا يكسممبون ( والريممن‬
‫يعممتري قلمموب الكممافرين والغيممم للبممرار والغيممن‬
‫للمقربين وقممد روى بممن جريممر والترمممذي ‪3334‬‬
‫والنسائي وبن ماجة ‪ 4244‬من طرق عممن محمممد‬
‫بن عجلن عن القعقاع بن حكيم عممن أبممي صممالح‬
‫قمال إن العبمد إذا‬ ‫عن أبممي هريمرة عممن النمبي‬
‫أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء فممي قلبممه فممإن تمماب‬
‫منها صقل قلبممه وإن زاد زادت فممذلك قممول اللممه‬
‫تعممالى ) كل بممل ران علممى قلمموبهم ممما كممانوا‬
‫يكسبون ( وقممال الترمممذي حسممن صممحيح ولفممظ‬
‫النسائي إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكت في قلبممه‬
‫نكتة سوداء فإن هو نممزع واسممتغفر وتمماب صممقل‬
‫قلبه فإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه فهو الران‬
‫الذي قال الله تعالى ) كل بل ران علممى قلمموبهم‬
‫ممما كممانوا يكسممبون ( وقممال أحمممد ‪ 2297‬حممدثنا‬
‫صفوان بن عيسى أخبرنا بن عجلن عن القعقاع‬
‫بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قممال‬
‫إن المممؤمن إذا أذنممب كممانت نكتممة‬ ‫رسول اللممه‬
‫سوداء في قلبه فإن تاب ونممزع واسممتغفر صممقل‬
‫قلبه فإن زاد زادت حتى تعلممو قلبممه وذاك الممران‬
‫المذي ذكمر اللمه فمي القمرآن ) كل بمل ران علمى‬
‫قلمموبهم ممما كممانوا يكسممبون ( وقممال الحسممن‬
‫البصري هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلممب‬
‫فيموت وكذا قال مجاهممد بممن جممبير وقتممادة وبممن‬
‫زيد وغيرهم وقوله تعممالى ) كل إنهممم عممن ربهممم‬
‫يومئذ لمحجوبممون ( أي لهممم يمموم القيامممة منممزل‬
‫ونممزل سممجين ثممم هممم يمموم القيامممة مممع ذلممك‬
‫محجوبون عن رؤية ربهم وخممالقهم قممال المممام‬

‫‪956‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبو عبد الله الشافعي وفي هذه الية دليل علممى‬
‫أن المؤمنين يرونه عز وجل‬
‫يومئذ وهذا الذي قاله المام الشافعي رحمه الله‬
‫في غايممة الحسممن وهممو اسممتدلل بمفهمموم هممذه‬
‫الية كما دل عليه منطمموق قمموله تعممالى ) وجمموه‬
‫يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ( وكممما دلممت علممى‬
‫ذلممك الحمماديث الصممحاح المتممواترة فممي رؤيممة‬
‫المؤمنين ربهم عز وجل في الممدار الخممرة رؤيممة‬
‫بالبصممار فممي عرصممات القيامممة وفممي روضممات‬
‫الجنان الفمماخرة وقممد قممال بممن جريممر حممدثنا أبممو‬
‫معمر المقرئ حدثنا عبمد الموارث بمن سمعيد عمن‬
‫عمرو بن عبيد عن الحسن في قوله تعممالى ) كل‬
‫إنهم عن ربهم يمومئذ لمحجوبممون ( قمال يكشممف‬
‫الحجمماب فينظممر إليممه المؤمنممون والكممافرون ثممم‬
‫يحجب عنه الكافرون وينظر إليممه المؤمنممون كممل‬
‫يمموم غممدوة وعشممية أو كلممما هممذا معنمماه وقمموله‬
‫تعالى ) ثم إنهم لصالوا الجحيم ( أي ثم هممم مممع‬
‫هذا الحرمان عن رؤية الرحمن من أهل النيران )‬
‫ثم يقال هذا الممذي كنتممم بممه تكممذبون ( أي يقممال‬
‫لهم ذلك على وجممه التقريممع والتوبيممخ والتصممغير‬
‫والتحقيممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممر‬
‫(‬ ‫‪28‬‬ ‫‪18‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪83‬‬
‫يقول تعممالى حقمما إن كتمماب البممرار وهممم بخلف‬
‫الفجار ) لفي علييممن ( أي مصمميرهم إلممى علييممن‬
‫وهو بخلف سجين قممال العمممش عممن شمممر بممن‬
‫عطية عن هلل بن يساف قال سممأل بممن عبمماس‬
‫كعبمما وأنمما حاضممر عممن سممجين قممال هممي الرض‬
‫السابعة وفيها أرواح الكفممار وسممأله عممن علييممن‬
‫فقال هي السماء السابعة وفيها أرواح المؤمنين‬
‫وهكذا قال غير واحد إنها السماء السممابعة وقممال‬
‫علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قمموله ) كل‬
‫إن كتاب البرار لفي عليين ( يعنممي الجنممة وفممي‬

‫‪957‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رواية العوفي عنه أعمالهم في السماء عند اللممه‬
‫وكممذا قممال الضممحاك وقممال قتممادة عليممون سمماق‬
‫العرش اليمنممى وقممال غيممره عليممون عنممد سممدرة‬
‫المنتهممى والظمماهر أن علييممن مممأخوذ مممن العلممو‬
‫وكلممما عل الشمميء وارتفممع عظممم واتسممع ولهممذا‬
‫قممال تعممالى معظممما أمممره ومفخممما شممأنه ) وممما‬
‫أدراك ما عليون ( ثم قال تعالى مؤكدا لممما كتممب‬
‫لهممم ) كتمماب مرقمموم يشممهده المقربممون ( وهممم‬
‫الملئكة قاله قتادة وقال العوفي عن بن عبمماس‬
‫يشهده من كمل سممماء مقربوهما ثمم قمال تعمالى‬
‫) إن البرار لفي نعيم ( أي يوم القيامة هم فممي‬
‫نعيممم مقيممم وجنممات فيهمما فضممل عميممم ) علممى‬
‫الرائك ( وهي السرر تحت الحجال ينظرون قيل‬
‫معناه ينظرون في ملكهم وما أعطاهم اللممه مممن‬
‫الخير والفضممل الممذي ل ينقضممي ول يبيممد وقيممل‬
‫معناه ) على الرائك ينظرون ( إلى الله عز وجل‬
‫وهممذا مقابممل لممما وصممف بممه أولئك الفجممار ) كل‬
‫إنهممم عمن ربهمم يمومئذ لمحجوبمون ( فممذكر عممن‬
‫هؤلء أنهم يباحون النظر إلى الله عز وجل وهممم‬
‫على سررهم وفرشهم كما تقدم في حممديث بممن‬
‫عمر إن أدنى أهل الجنممة منزلممة لمممن ينظممر فممي‬
‫ملكه مسيرة ألفممي سممنة يممرى أقصمماه كممما يممرى‬
‫أدناه وإن أعلهم لمن ينظر إلممى اللممه عممز وجممل‬
‫فممي اليمموم مرتيممن وقمموله تعممالى ) تعممرف فممي‬
‫وجمموههم نضممرة النعيممم ( أي تعممرف إذا نظممرت‬
‫إليهممم فممي وجمموههم نضممرة النعيممم أي صممفة‬
‫الترافة والحشمة والسرور والدعة والرياسة مما‬
‫هممم فيممه مممن النعيممم العظيممم وقمموله تعممالى‬
‫) يسممقون مممن رحيممق مختمموم ( أي يسممقون مممن‬
‫خمر من الجنة والرحيق مممن أسممماء الخمممر قمماله‬
‫بن مسعود وبن عباس ومجاهد والحسممن وقتممادة‬
‫وبن زيد قال المام أحمد ‪ 313‬حدثنا حسن حدثنا‬

‫‪958‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫زهير عن سعد أبي المجاهممد الطممائي عممن عطيممة‬
‫بن سعد العوفي عن أبي سعيد الخممدري أراه قممد‬
‫قال أيما مؤمن سممقى مؤمنمما‬ ‫رفعه إلى النبي‬
‫شممربة ممماء علممى ضمممإ سممقاه اللممه تعممالى يمموم‬
‫القيامة من الرحيق المختوم وأيما مممؤمن أطعممم‬
‫مؤمنا على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة وأيما‬
‫مؤمن كسا مؤمنا ثوبا على عري كساه اللممه مممن‬
‫خضر الجنة وقال بن مسعود فممي قمموله ) ختممامه‬
‫مسك ( أي خلطه مسممك وقممال العمموفي عممن بممن‬
‫عباس طيممب اللمه لهمم الخممر فكممان آخممر شمميء‬
‫جعل فيها مسممك ختممم بمسممك وكممذا قممال قتممادة‬
‫والضحاك وقال إبراهيم والحسن ختامه مسك أي‬
‫عاقبته مسممك وقممال بممن جريممر حممدثنا بممن حميممد‬
‫حدثنا يحيى بن وضاح حدثنا أبو حمممزة عممن جممابر‬
‫عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي‬
‫الدرداء ) ختامه مسك ( قممال شممراب أبيممض مثممل‬
‫الفضة يختمون به شرابهم ولو أن رجل من أهممل‬
‫الدنيا أدخل أصممبعه فيممه ثممم أخرجهمما لممم يبممق ذو‬
‫روح إل وجممد طيبهمما وقممال بممن أبممي نجيممح عممن‬
‫مجاهد ) ختامه مسك ( قال طيبممه مسممك وقمموله‬
‫تعالى ) وفي ذلممك فليتنممافس المتنافسممون ( أي‬
‫وفممي مثممل هممذا الحممال فليتفمماخر المتفمماخرون‬
‫وليتباهى ويكاثر ويستبق إلممى مثلممه المسممتبقون‬
‫كقمموله تعممالى ) لمثممل هممذا فليعمممل العمماملون (‬
‫وقوله تعالى ) ومزاجممه مممن تسممنيم ( أي ومممزاج‬
‫هذا الرحيق الموصوف من تسنيم أي من شممراب‬
‫يقال له تسنيم وهممو أشممرف شممراب أهممل الجنممة‬
‫وأعله قاله أبو صالح والضحاك ولهذا قال ) عينمما‬
‫يشممرب بهمما المقربممون ( أي يشممربها المقربممون‬
‫صممرفا وتمممزج لصممحاب اليميممن مزجمما قمماله بممن‬
‫مسعود وبن عبمماس ومسممروق وقتممادة وغيرهممم‬
‫(‬ ‫‪36‬‬ ‫‪29‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪83‬‬

‫‪959‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يخبر تعالى عن المجرمين أنهم كممانوا فممي الممدار‬
‫الدنيا يضحكون من المؤمنين أي يستهزئون بهممم‬
‫ويحتقرونهممم وإذا مممروا بممالمؤمنين يتغممامزون‬
‫عليهممم أي محتقريممن لهممم ) وإذا انقلبمموا إلممى‬
‫أهلهم انقلبوا فكهيممن ( أي وإذا انقلممب أي رجممع‬
‫هممؤلء المجرمممون إلممى منممازلهم انقلبمموا إليهمما‬
‫فمماكهين أي مهممما طلبمموا وجممدوا ومممع هممذا ممما‬
‫شممكروا نعمممة اللممه عليهممم بممل اشممتغلوا بممالقوم‬
‫المؤمنين يحقرونهممم ويحسممدونهم ) وإذا رأوهممم‬
‫قالوا إن هؤلء لضممالون ( أي لكممونهم علممى غيممر‬
‫دينهممم قممال اللممه تعممالى ) وممما أرسمملوا عليهممم‬
‫حمممافظين ( اي ومممما بعمممث همممؤلء المجرممممون‬
‫حافظين على هؤلء المؤمنين ما يصدر منهم من‬
‫أعمالهم وأقوالهم ول كلفوا بهممم فلممم اشممتغلوا‬
‫بهممم وجعلمموهم نصممب أعينهممم كممما قممال تعممالى‬
‫) اخسممؤا فيهمما ول تكلمممون إنممه كممان فريممق مممن‬
‫عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنممت‬
‫خير الراحمين فاتخذتموهم سخريا حتى أنسمموكم‬
‫ذكري وكنتم منهم تضحكون إنممي جزيتهممم اليمموم‬
‫بما صبروا أنهم هم الفائزون ( ولهذا قال ها هنا‬
‫) فاليوم ( يعني يوم القيامممة ) الممذين آمنمموا مممن‬
‫الكفار يضحكون ( أي في مقابلة ممما ضممحك بهممم‬
‫أولئك ) على الرائك ينظرون ( أي إلمى اللممه عمز‬
‫وجل في مقابلممة مممن زعممم فيهممم أنهممم ضممالون‬
‫ليسوا بضالين بل هم ممن أوليمماء اللممه المقربيمن‬
‫ينظرون إلى ربهم في دار كرامته وقمموله تعممالى‬
‫) هممل ثمموب الكفممار ممما كممانوا يفعلممون ( أي هممل‬
‫جوزي الكفار على ماكانوا يقابلون بممه المممؤمنين‬
‫من الستهزاء والتنقيممص أم ل يعنممي قممد جمموزوا‬
‫أوفممممممممر الجممممممممزاء وأتمممممممممه وأكملممممممممه‬
‫‪84‬‬
‫) سورة النشقاق (‬

‫‪960‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫(‬ ‫‪15‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪84‬‬


‫مقدمممة تفسممير سممورة المطففيممن وللممه الحمممد‬
‫والمنة تفسير سورة النشقاق قال مالممك ‪1205‬‬
‫عن عبد الله بن يزيد عن أبي سلمة أن أبا هريرة‬
‫قرأ بهم ) إذا السماء انشقت ( فسجد فيها فلممما‬
‫سممجد فيهمما‬ ‫انصممرف أخممبرهم أن رسممول اللممه‬
‫رواه مسمملم ‪ 578‬والنسممائي ‪ 2161‬مممن طريممق‬
‫مالك به وقال البخمماري ‪ 766‬حممدثنا أبممو النعمممان‬
‫حدثنا معتمر عن أبيه عن بكر عن أبي رافع قممال‬
‫صليت مع أبي هريرة العتمممة فقممرأ ) إذا السممماء‬
‫انشقت ( فسجد فقلت لممه فقممال سممجدت خلممف‬
‫فل أزال أسممجد بهمما حممتى ألقمماه‬ ‫أبي القاسممم‬
‫ورواه أيضا ‪ 1078‬عن مسممدد عممن معتمممر بمه ثممم‬
‫رواه ‪ 768‬عممن مسممدد عممن يزيممد بممن زريممع عممن‬
‫التيمي عن بكر عممن أبممي رافممع فممذكره وأخرجممه‬
‫مسلم ‪ 578‬وأبو داود ‪ 1408‬والنسائي ‪ 2162‬من‬
‫طرق عن سليمان بممن طرخممان الممتيمي بممه وقممد‬
‫رواه مسلم ‪ 578‬وأهل السنن من حديث سممفيان‬
‫بن عيينة زاد النسممائي وسممفيان الثمموري كلهممما‬
‫عن أيوب بن موسى عن عطاء بن ميناء عن أبممي‬
‫هريرة قممال سممجدنا مممع رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫تعالى عليه وسلم في ) إذا السماء انشقت ( و )‬
‫اقممممممممممرأ بسممممممممممم ربممممممممممك الممممممممممذي‬
‫خلق بسم الله الرحمن الرحيم (‬
‫يقول تعممالى ) إذا السممماء انشممقت ( وذلممك يمموم‬
‫القيامممة ) وأذنممت لربهمما ( أي اسممتمعت لربهمما‬
‫وأطاعت أمره فيما أمرها به من النشقاق وذلك‬
‫يمموم القيامممة ) وحقممت ( أي وحممق لهمما أن تطيممع‬
‫أمره لنه العظيم الذي ل يمانع ول يغالب بل قممد‬
‫قهر كل شيء وذل له كل شمميء ثممم قممال ) وإذا‬

‫‪961‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرض مدت ( أي بسطت وفرشت ووسعت قممال‬
‫بن جرير حدثنا بن عبد العلى حدثنا بن ثممور عممن‬
‫معمر عن الزهري عن علي بن الحسين أن النبي‬
‫قال إذا كان يمموم القيامممة مممد اللممه الرض مممد‬
‫الديم حتى ل يكون لبشمر مممن النمماس إل موضممع‬
‫قدميه فأكون أول من يدعى وجبريممل عممن يميممن‬
‫الرحمن والله ما رآه قبلها فأقول يممارب إن هممذا‬
‫أخبرني أنك ارسلته إلممي فيقممول اللممه عممز وجممل‬
‫صدق ثم أشفع فأقول يارب عبادك عبممدوك فممي‬
‫أطراف الرض قال وهو المقام المحممود وقمموله‬
‫تعالى ) وألقت ما فيها وتخلت ( أي ألقت ما في‬
‫بطنها مممن الممموات وتخلممت منهممم قمماله مجاهممد‬
‫وسعيد وقتادة ) وأذنت لربها وحقت ( كما تقممدم‬
‫وقمموله ) يمما أيهمما النسممان إنممك كممادح إلممى ربممك‬
‫كدحا ( أي إنك ساع إلى ربك سعيا وعامل عمل )‬
‫فملقيه ( ثم إنك ستلقى ما عملممت مممن خيممر أو‬
‫شممر ويشممهد لممذلك ممما رواه أبممو داود الطيالسممي‬
‫‪ 1755‬عن الحسن بن أبي جعفر عن أبممي الزبيممر‬
‫قممال جبريممل يمما‬ ‫عن جابر قال قال رسول الله‬
‫محمد عش ما شئت فإنك ميت وأحبممب ممما شممئت‬
‫فانك مفارقه وأعمل ما شئت فإنك ملقيه ومممن‬
‫الناس من يعيد الضمير على قوله ربك أي فملق‬
‫ربممك ومعنمماه فيجازيممك بعملممك ويكممافئك علممى‬
‫سممعيك وعلممى هممذا فكل القممولين متلزم قممال‬
‫العوفي عن بن عباس ) يا أيها النسان إنك كادح‬
‫إلى ربك كدحا ( يقول تعمل عمل تلقممى اللممه بممه‬
‫خيرا كان أو شرا وقال قتممادة ) يما أيهما النسمان‬
‫إنك كادح إلى ربممك كممدحا ( إن كممدحك يمما بممن آدم‬
‫لضعيف فمن استطاع أن يكون كدحه فممي طاعممة‬
‫اللممه فليفعممل ول قمموة إل بممالله ثممم قممال تعممالى‬
‫) فأما مممن أوتممي كتممابه بيمينمه فسموف يحاسمب‬
‫حسابا يسيرا ( أي سممهل بل تعسممير أي ل يحقممق‬

‫‪962‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليه جميع دقائق أعماله فإن من حوسممب كممذلك‬
‫هلممك ل محالممة وقممال المممام أحمممد ‪ 647‬حممدثنا‬
‫إسماعيل أخبرنا أيوب عن عبد الله بن أبي مليكة‬
‫عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله‬
‫من نوقش الحساب عذب قالت فقلت أفليممس‬
‫قال الله تعالى ) فسوف يحاسب حسابا يسمميرا (‬
‫قال ليس ذاك بالحساب ولكممن ذلممك العممرض مممن‬
‫نوقش الحساب يمموم القيامممة عممذب وهكممذا رواه‬
‫البخمماري ‪ 4939‬ومسمملم ‪ 2876‬والترمممذي ‪3337‬‬
‫والنسائي وبن جرير من حديث أيوب السممختياني‬
‫به وقال بن جرير حدثنا بن وكيممع حممدثنا روح بممن‬
‫عبادة حدثنا أبو عامر الخزاز عممن بممن أبممي مليكممة‬
‫عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله‬
‫إنه ليس أحممد يحاسممب يمموم القيامممة إل معممذبا‬
‫فقلت أليس الله يقول ) فسوف يحاسب حسممابا‬
‫يسيرا ( قال ذاك العرض إنه من نوقش الحسمماب‬
‫عذب وقال بيده على إصبعه كأنه ينكت وقد رواه‬
‫أيضا عن عمرو بن علي عممن بممن أبممي عممدي عممن‬
‫أبممي يممونس القشمميري عممن بممن أبممي مليكممة عممن‬
‫القاسم عن عائشممة فممذكر الحممديث أخرجمماه مممن‬
‫طريق أبي يونس القشيري واسمه حاتم بن أبممي‬
‫صغيرة بممه قمال بمن جريممر حممدثنا نصممر بمن علممي‬
‫الجهضمي حدثنا مسلم عن الحريش بممن الخريممت‬
‫أخي الزبير عن بن أبي مليكة عممن عائشممة قممالت‬
‫من نوقش الحساب أو من حوسب عذب قال ثممم‬
‫قالت إنما الحساب اليسير عرض على الله تعالى‬
‫وهممو يراهممم وقممال أحمممد ‪ 648‬حممدثنا إسممماعيل‬
‫حدثنا محمد بن إسممحاق حممدثني عبممد الواحممد بممن‬
‫حمزة بن عبد الله بن الزبير عن عباد بن عبد الله‬
‫بن الزبير عن عائشة قممالت سمممعت رسممول اللممه‬
‫صلى الله‬

‫‪963‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليممه وسمملم يقممول فممي بعممض صمملته اللهممم‬
‫حاسممبني حسممابا يسمميرا فلممما انصممرف قلممت يمما‬
‫رسول الله ما الحساب اليسير قال أن ينظر فممي‬
‫كتابه فيتجاوز له عنه إنه من نوقش الحسمماب يمما‬
‫عائشممة يممومئذ هلممك صممحيح علممى شممرط مسمملم‬
‫وقوله تعالى ) وينقلب إلممى أهلممه مسممرورا ( أي‬
‫ويرجع ألى أهله في الجنة قاله قتادة والضحاك )‬
‫مسرورا ( أي فرحا مغتبطا بممما أعطمماه اللممه عممز‬
‫وجل وقد روى الطبراني عن ثوبان مولى رسول‬
‫أنممه قممال إنكممم تعملممون أعمممال ل تعممرف‬ ‫اللممه‬
‫ويوشك الغائب أن يثمموب إلممى أهلممه فمسممرور أو‬
‫مكظوم وقوله تعالى ) وأما من أوتي كتممابه وراء‬
‫ظهره ( أي بشماله من وراء ظهره تثنى يده إلى‬
‫ورائه ويعطممى كتممابه بهمما كممذلك ) فسمموف يممدعو‬
‫ثبمورا ( أي خسمارا وهلكما ) ويصملى سمعيرا إنمه‬
‫كان في أهلممه مسممرورا ( أي فرحمما ل يفكممر فممي‬
‫العواقب ول يخاف مما أمامه فأعقبه ذلك الفممرح‬
‫اليسير الحزن الطويل ) إنممه ظممن أن لممن يحممور (‬
‫أي كان يعتقد أنه ل يرجع إلى الله ول يعيده بعممد‬
‫موته قاله بن عباس وقتادة وغيرهما والحور هممو‬
‫الرجوع قال الله ) بلى إن ربممه كممان بممه بصمميرا (‬
‫يعني بلى سيعيده اللممه كممما بممدأه ويجممازيه علممى‬
‫أعممماله خيرهمما وشممرها فممإنه كممان بممه بصمميرا أي‬
‫عليممممممممممممممممممممممممممما خممممممممممممممممممممممممممبيرا‬
‫(‬ ‫‪25‬‬ ‫‪16‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪84‬‬
‫روي عن علي وبممن عبمماس وعبممادة بممن الصممامت‬
‫وأبي هريرة وشداد بن أوس وبن عمر ومحمد بن‬
‫علي بممن الحسممين ومكحممول وبكممر بممن عبممد اللممه‬
‫المزني وبكير بممن الشممج ومالممك وبممن أبممي ذئب‬
‫وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون أنهم قالوا‬
‫الشفق الحمرة وقال عبد الرزاق عن معمممر عممن‬
‫بممن خممثيم عممن بممن لبيبممة عممن أبممي هريممرة قممال‬

‫‪964‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الشفق البياض فالشفق هو حمرة الفق إما قبل‬
‫طلوع الشمس كما قاله مجاهد وإما بعممد غروبهمما‬
‫كما هو معروف عند أهل اللغممة قممال الخليممل بممن‬
‫أحمد الشفق الحمممرة مممن غممروب الشمممس إلممى‬
‫وقت العشاء الخرة فإذا ذهب قيل غاب الشممفق‬
‫وقممال الجمموهري الشممفق بقيممة ضمموء الشمممس‬
‫وحمرتها في أول الليمل إلمى قريمب مممن العتممة‬
‫وكذا قال عكرمة الشفق الذي يكون بين المغرب‬
‫والعشاء وفي صحيح مسلم ‪ 612‬عن عبد الله بن‬
‫أنه قممال وقممت المغممرب‬ ‫عمرو عن رسول الله‬
‫ما لم يغب الشفق ففي هذا كلممه دليممل علممى أن‬
‫الشفق هو كما قاله الجوهري والخليل ولكن صح‬
‫عن مجاهد أنه قممال فممي هممذه اليممة ) فل أقسممم‬
‫بالشفق ( هو النهار كله وفي رواية عنه أيضا أنه‬
‫قال الشفق الشمس رواهما بن أبي حاتم وإنممما‬
‫حمله على هذا قرنه بقوله تعممالى ) والليممل وممما‬
‫وسممق ( أي جمممع كممأنه أقسممم بالضممياء والظلم‬
‫وقال بن جرير أقسم الله بالنهار مممدبرا وبالليممل‬
‫مقبل وقال بن جرير وقال آخرون الشممفق اسممم‬
‫للحمرة والبياض وقالوا هو من الضداد قممال بممن‬
‫عباس ومجاهد والحسن وقتادة ) وما وسق ( وما‬
‫جمممع قممال قتممادة وممما جمممع مممن نجممم ودابممة‬
‫واستشممممهد بممممن عبمممماس بقممممول الشمممماعر‬
‫مستوسمممممممقات لمممممممو يجمممممممدن سمممممممائقا‬
‫وقد قال عكرمة ) والليل وممما وسممق ( يقممول ممما‬
‫ساق من ظلمة إذا كان الليل ذهب كل شيء إلى‬
‫مأواه وقوله تعالى ) والقمر إذا اتسق ( قال بممن‬
‫عبمماس إذا اجتمممع واسممتوى وكممذا قممال عكرمممة‬
‫ومجاهد وسعيد بممن جممبير ومسممروق وأبممو صممالح‬
‫والضممحاك وبممن زيممد ) والقمممر إذا اتسممق ( إذا‬
‫استوى وقممال الحسممن إذا اجتمممع إذا امتل وقممال‬
‫قتادة إذا استدار ومعنممى كلمهممم أنممه إذا تكامممل‬

‫‪965‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نوره وأبدر جعله مقمابل لليمل ومما وسمق وقموله‬
‫تعالى ) لتركبن طبقا عممن طبممق ( قممال البخمماري‬
‫‪ 4940‬أخبرنمما سممعيد بممن النضممر أخبرنمما هشمميم‬
‫أخبرنا أبو بشر عن مجاهد قممال قممال بممن عبمماس‬
‫) لتركبن طبقا عن طبق ( حال بعد حال قال هذا‬
‫هكممذا رواه البخمماري بهممذا اللفممظ وهممو‬ ‫نممبيكم‬
‫محتمل أن يكون بمن عبمماس أسممند همذا التفسممير‬
‫عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كأنه قممال‬
‫فيكون‬ ‫سمعت هذا من نبيكم‬
‫قوله نبيكم مرفوعا على الفاعلية من قممال وهممو‬
‫الظهر والله أعلم كما قال أنس ل يأتي عممام إل‬
‫وقممال‬ ‫والذي بعده شر منه سمعته مممن نممبيكم‬
‫بن جرير حدثني يعقوب بن إبراهيم حدثنا هشمميم‬
‫أخبرنا أبو بشممر عممن مجاهممد أن بممن عبمماس كممان‬
‫يقول ) لتركبن طبقا عن طبق ( قال يعني نبيكم‬
‫يقول حال بعد حال هذا لفظه وقال علممي بممن‬
‫أبي طلحة عن بن عباس طبقا عن طبق حال بعد‬
‫حال وكذا قممال عكرمممة ومممرة والطيممب ومجاهممد‬
‫والحسن والضحاك ومسروق وأبو صالح ويحتمممل‬
‫أن يكون المراد ) لتركبن طبقا عممن طبممق ( حممال‬
‫بعد حال قممال هممذا يعنممي المممراد بهممذا نممبيكم‬
‫فيكون مرفوعا على أن هذا ونبيكم يكونان مبتدأ‬
‫وخبرا والله اعلم ولعل هذا قد يكون هو المتبادر‬
‫إلى كثير من الرواة كما قال أبو داود الطيالسممي‬
‫وغندر حدثنا شعبة عن أبي بشممر عممن سممعيد بممن‬
‫جبير عن بن عباس ) لممتركبن طبقمما عممن طبممق (‬
‫ويؤيد هذا المعنى قراءة عمممر وبممن‬ ‫قال محمد‬
‫مسممعود وبممن عبمماس وعاممة أهمل مكمة والكوفمة‬
‫) لتركبن ( بفتح التاء والباء وقال بممن أبممي حمماتم‬
‫حممدثنا أبممو سممعيد الشممج حممدثنا أبممو أسممامة عممن‬

‫‪966‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إسماعيل عن الشعبي ) لتركبن طبقا عن طبق (‬
‫قال لتركبن يا محمد سماء بعد سماء وهكذا روي‬
‫عن بن مسممعود ومسمروق وأبممي العاليمة ) طبقما‬
‫عن طبممق ( سممماء بعممد سممماء قلممت يعنممون ليلممة‬
‫السراء وقال أبو إسحاق والسدي عن رجمل عممن‬
‫بن عباس ) طبقا عن طبممق ( منممزل علممى منممزل‬
‫وكممذا رواه العمموفي عممن بممن عبمماس مثلممه وزاد‬
‫ويقال أمرا بعد أمر وحال بعد حال وقال السممدي‬
‫نفسممه ) لممتركبن طبقمما عممن طبممق ( أعمممال مممن‬
‫قبلكممم منممزل بعممد منممزل قلممت كممأنه أراد معنممى‬
‫الحديث الصممحيح لممتركبن سممنن مممن كممان قبلكممم‬
‫حممذو القممذة بالقممذة حممتى لممو دخلمموا جحممر ضممب‬
‫لدخلتموه قالوا يا رسول اللممه اليهممود والنصممارى‬
‫قال فمن وهذا محتمل وقال بن أبي حاتم حممدثنا‬
‫أبي حدثنا هشام بن عمار حدثنا صدقة حممدثنا بممن‬
‫جممابر أنممه سمممع مكحممول يقممول فممي قممول اللممه‬
‫) لتركبن طبقا عن طبق ( قال في كممل عشممرين‬
‫سنة تحدثون أمرا لم تكونوا عليه وقال العمممش‬
‫حدثنا إبراهيم قال قال عبد الله ) لممتركبن طبقمما‬
‫عن طبممق ( قممال السممماء تتشممقق ثممم تحمممر ثممم‬
‫تكون لونا بعد لممون قممال الثمموري عممن قيممس بممن‬
‫وهب عن مرة عن بن مسعود ) طبقا عن طبممق (‬
‫قممال السممماء مممرة كالممدهان ومممرة تنشممق وروى‬
‫البزار من طريق جابر الجعفي عن الشممعبي عممن‬
‫علقمة عن عبد الله بمن مسممعود ) لممتركبن طبقما‬
‫عن طبق ( يا محمد يعني حال بعد حممال ثممم قممال‬
‫ورواه جابر عن مجاهد عن بن عباس وقال سعيد‬
‫بن جبير ) لممتركبن طبقمما عممن طبممق ( قممال قموم‬
‫كانوا في الممدنيا خسمميس أمرهممم فممارتفعوا فممي‬
‫الخرة وآخرون كانوا أشرافا في الدنيا فاتضممعوا‬
‫في الخرة وقال عكرمة ) طبقا عن طبق ( حممال‬
‫بعد حال فطيما بعد ما كان رضيعا وشيخا بعد ممما‬

‫‪967‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كان شابا وقال الحسن البصري ) طبقا عن طبق‬
‫( يقول حال بعد حال رخاء بعممد شممدة وشممدة بعممد‬
‫رخاء وغنى بعد فقر وفقرا بعد غنى وصممحة بعممد‬
‫سقم وسقما بعد صحة وقال بن أبممي حمماتم ذكممر‬
‫عن عبد الله بن زاهر حدثني أبي عممن عمممرو بممن‬
‫شمر عن جابر هو الجعفمي عمن محممد بمن علمي‬
‫عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله‬
‫يقول إن بن آدم لفي غفلة مما خلق لممه إن اللممه‬
‫تعالى إذا أراد خلقه قال للملك أكتب رزقه أكتب‬
‫أجله أكتب أثره أكتب شقيا أو سممعيدا ثممم يرتفممع‬
‫ذلك الملك ويبعث اللممه إليممه ملكمما آخممر فيحفظممه‬
‫حتى يدرك ثم يرتفع ذلك الملك ثم يوكل الله بممه‬
‫ملكيممن يكتبممان حسممناته وسمميئاته فممإذا حضممره‬
‫الموت ارتفع ذانك الملكممان وجمماءه ملممك الممموت‬
‫فقبممض روحممه فممإذا دخممل قممبره رد الممروح فممي‬
‫جسده ثم ارتفممع ملممك الممموت وجمماء ملكمما القممبر‬
‫فامتحناه ثم يرتفعان فإذا قممامت السمماعة انحممط‬
‫عليممه ملممك الحسممنات وملممك السمميئات فانتشممطا‬
‫كتابمما معقممودا فممي عنقممه ثممم حضممرا معممه واحممدا‬
‫سائقا وآخر شهيدا ثم قال الله تعالى ) لقد كنت‬
‫) لممتركبن‬ ‫في غفلة من هذا ( قال رسول الله‬
‫طبقا عن طبق ( قال حال بعد حال ثم قال النبي‬
‫إن قدامكم لمرا عظيما ل تقدرونه فاستعينوا‬
‫بممالله العظيممم هممذا حممديث منكممر وإسممناده فيممه‬
‫ضعفاء ولكن معناه صحيح والله سممبحانه وتعممالى‬
‫أعلم ثم قال بن جرير بعد ما حكى أقوال النمماس‬
‫في هذه الية من القراء والمفسممرين والصممواب‬
‫من التأويل قول من قال لممتركبن أنمت يما محمممد‬
‫حال بعد حال وأمرا بعد أمر من الشممدائد والمممراد‬
‫بذلك وإن كان الخطاب موجها إلى رسول الله‬

‫‪968‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جميممع النمماس وأنهمم يلقمون مممن شممدائد يموم‬
‫القيامة وأحواله أهوال وقوله تعالى ) فما لهم ل‬
‫يؤمنون وإذا قممرئ عليهممم القممرآن ل يسممجدون (‬
‫أي فممماذا يمنعهممم مممن اليمممان بممالله ورسمموله‬
‫واليوم الخر وما لهم إذا قرئت عليهم أيات اللممه‬
‫وكلمممه وهممو هممذا القممرآن ل يسممجدون إعظاممما‬
‫وإكراما واحتراما وقوله تعالى ) بل الذين كفروا‬
‫يكمممذبون ( أي ممممن سممجيتهم التكمممذيب والعنممماد‬
‫والمخالفة للحق ) والله أعلم بممما يوعممون ( قممال‬
‫مجاهد وقتادة يكتمون في صممدورهم ) فبشممرهم‬
‫بعذاب أليم ( أي فأخبرهم يا محمد بممأن اللممه عممز‬
‫وجل قد أعد لهم عممذابا أليمما وقمموله تعمالى ) إل‬
‫الممذين آمنمموا وعملمموا الصممالحات ( هممذا اسممتثناء‬
‫منقطممع يعنممي لكممن الممذين آمنمموا أي بقلمموبهم‬
‫وعملوا الصالحات أي بجوارحهم ) لهم أجممر أي (‬
‫في الدار الخرة ) غير ممنون ( قممال بممن عبمماس‬
‫غيمممر منقممموص وقمممال مجاهمممد والضمممحاك غيمممر‬
‫محسوب وحاصل قولهممما أنممه غيممر مقطمموع كممما‬
‫قال تعالى ) عطاء غيممر مجممذوذ ( وقممال السممدي‬
‫قممال بعضممهم غيممر ممنممون غيممر منقمموص وقممال‬
‫بعضهم غير ممنممون عليهممم وهممذا القممول الخيممر‬
‫عن بعضهم قد أنكره غير واحد فإن الله عز وجل‬
‫لممه المنممة علممى أهممل الجنممة فممي كممل حممال وآن‬
‫ولحظة وإنما دخلوها بفضله ورحمته ل بأعمالهم‬
‫فله عليهم المنة دائما سرمدا والحمد للممه وحممده‬
‫أبدا ولهذا يلهمون تسبيحه وتحميده كما يلهمممون‬
‫النفس وأخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين‬
‫‪85‬‬
‫) سورة البروج (‬

‫(‬ ‫‪10‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪85‬‬

‫‪969‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مقدمممة تفسممير سممورة النشممقاق وللممه الحمممد‬
‫والمنممة وبممه التوفيممق والعصمممة تفسممير سممورة‬
‫البروج قال المام أحمد ‪ 2326‬حدثنا عبد الصمممد‬
‫حدثنا زريق بن أبي سلمة حدثنا أبو المهممزم عممن‬
‫كممان يقممرأ فممي‬ ‫أبممي هريممرة أن رسممول اللممه‬
‫العشمماء الخممرة بالسممماء ذات الممبروج والسممماء‬
‫والطارق وقال أحمد حدثنا أبو سعيد مممولى بنممي‬
‫هاشم حدثنا حماد بن عباد السدوسي سمعت أبمما‬
‫المهزم يحدث عن أبي هريرة أن رسممول اللممه‬
‫أمممر أن يقممرأ بالسممموات فممي العشمماء تفممرد بممه‬
‫أحمد بسممم اللممه الرحمممن الرحيممم يقسممم تعممالى‬
‫بالسماء وبروجها وهي النجوم العظام كما تقممدم‬
‫بيان ذلك في قوله تعالى ) تبارك الذي جعل في‬
‫السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمممرا منيممرا (‬
‫قممال بممن عبمماس ومجاهممد والضممحاك والحسممن‬
‫وقتادة والسدي البروج النجوم وعن مجاهد أيضمما‬
‫البروج التي فيها الحرس وقال يحيممى بممن رافممع‬
‫الممبروج قصممور فممي السممماء وقممال المنهممال بممن‬
‫عمممرو ) والسممماء ذات الممبروج ( الخلممق الحسممن‬
‫واختممار بممن جريممر أنهمما منممازل الشمممس والقمممر‬
‫وهي اثنا عشر برجا تسير الشمس في كل واحممد‬
‫منها شممهرا ويسممير القمممر فممي كممل واحممد منهمما‬
‫يممومين وثلثمما فممذلك ثمانيممة وعشممرون منزلممة‬
‫ويسستتر ليلتين وقوله تعالى ) واليوم الموعممود‬
‫وشاهد ومشهود ( اختلممف المفسممرون فممي ذلممك‬
‫وقد قال بن أبي حاتم حدثنا عبد اللممه بممن محمممد‬
‫بن عمرو الغزي حدثنا عبيد الله يعني بن موسممى‬
‫حدثنا موسى بن عبيممدة عممن أيموب بمن خالممد بمن‬
‫صفوان بن أوس النصاري عن عبد الله بن رافع‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قممال قممال رسممول‬
‫واليوم الموعود يوم القيامة وشمماهد يمموم‬ ‫الله‬

‫‪970‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الجمعة وما طلعمت شمممس ول غربمت علممى يمموم‬
‫أفضل من يمموم الجمعممة وفيممه سمماعة ل يوافقهمما‬
‫عبد مسلم يسأل الله فيهمما خيممرا إل أعطمماه إيمماه‬
‫ول يستعيذ فيها من شر إل أعاذه ومشممهود يمموم‬
‫عرفة وهكممذا روى هممذا الحممديث بممن خزيمممة مممن‬
‫طرق عن موسى بن عبيدة الربممذي وهممو ضممعيف‬
‫الحديث وقد روي موقوفا على أبي هريممرة وهممو‬
‫أشبه‬
‫وقال المام أحمد ‪ 2298‬حدثنا محمد حدثنا شعبة‬
‫سمعت علي بن زيد ويونس بن عبيد يحدثان عممن‬
‫عمار مولى بني هاشم عن أبي هريممرة أممما علممي‬
‫وأمما يمونس فلمم يعمد أبما‬ ‫فرفعمه إلمى النمبي‬
‫هريرة أنه قال في هممذه اليممة وشمماهد ومشممهود‬
‫قال يعني الشاهد يوم الجمعة ويوم مشهود يمموم‬
‫القيامة وقال أحمد أيضا ‪ 2298‬حممدثنا محمممد بممن‬
‫جعفر حدثنا شعبة عن يونس سمعت عمارا مولى‬
‫بني هاشم يحدث عن أبممي هريممرة أنممه قممال فممي‬
‫هممذه اليممة وشمماهد ومشممهود قممال الشمماهد يمموم‬
‫الجمعممة والمشممهود يمموم عرفممة والموعممود يمموم‬
‫القيامة وقد روي عن أبي هريرة أنه قممال اليمموم‬
‫الموعود يوم القيامة وكذلك قال الحسن وقتممادة‬
‫وبن زيد ولم أرهم يختلفون في ذلك ولله الحمممد‬
‫ثم قال بن جريممر حممدثنا محمممد بممن عمموف حممدثنا‬
‫محمد بن إسماعيل بن عياش حدثني أبممي حممدثنا‬
‫ضمضم بن زرعة عممن شممريح بممن عبيممد عممن أبممي‬
‫اليمموم‬ ‫مالك الشممعري قممال قممال رسممول اللممه‬
‫الموعود يموم القيامممة وأن الشماهد يموم الجمعمة‬
‫وأن المشهود يوم عرفة ويوم الجمعة ذخره اللممه‬
‫لنا ثممم قممال بممن جريممر حممدثنا سممهل بممن موسممى‬
‫الرازي حدثنا بن أبي فديك عممن بممن حرملممة عممن‬
‫إن‬ ‫سعيد بن المسيب أنه قال قال رسول الله‬

‫‪971‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سيد اليام يوم الجمعة وهممو الشمماهد والمشممهود‬
‫يوم عرفة وهذا مرسممل مممن مراسمميل سممعيد بممن‬
‫المسيب ثم قال بن جرير حدثنا أبو كريممب حممدثنا‬
‫وكيع عن شممعبة عممن علممي بممن زيممد عممن يوسممف‬
‫المكي عن بن عباس قال الشمماهد هممو محمممد‬
‫والمشهود يوم القيامة ثم قرأ ) ذلك يوم مجموع‬
‫له الناس وذلك يوم مشممهود ( وحممدثنا بممن حميممد‬
‫حدثنا جرير عن مغيرة عن شباك قال سأل رجممل‬
‫الحسن بن علممي عممن ) وشمماهد ومشممهود ( قممال‬
‫سألت أحدا قبلي قال نعم سممألت بممن عمممر وبممن‬
‫الزبير فقممال يمموم الذبممح ويمموم الجمعممة فقممال ل‬
‫ثم قممرأ ) فكيممف إذا جئنمما‬ ‫ولكن الشاهد محمد‬
‫من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلء شممهيدا (‬
‫والمشهود يوم القيامة ثم قرأ ) ذلك يوم مجموع‬
‫له الناس وذلك يوم مشهود ( وهكذا قال الحسن‬
‫البصري وقال سفيان الثوري عن بن حرملة عممن‬
‫سعيد بن المسيب ومشممهود يمموم القيامممة وقممال‬
‫مجاهمممد وعكرممممة والضمممحاك الشممماهد بمممن آدم‬
‫والمشهود يوم القيامة وعن عكرمة أيضا الشاهد‬
‫والمشهود يوم الجمعة وقممال علممي بممن‬ ‫محمد‬
‫أبي طلحة عن بن عباس الشاهد الله والمشممهود‬
‫يوم القيامة وقال بن أبي حاتم حدثنا أبي حممدثنا‬
‫أبو نعيم الفضل بن دكين حدثنا سفيان عممن أبممي‬
‫يحيى القتات عن مجاهد عن بن عباس ) وشمماهد‬
‫ومشهود ( قال الشاهد النسان والمشممهود يمموم‬
‫الجمعة هكذا رواه بن أبي حاتم وقممال بممن جريممر‬
‫حدثنا بن حميد حدثنا مهران عن سفيان عممن بممن‬
‫أبي نجيح عممن مجاهممد عممن بممن عبمماس ) وشمماهد‬
‫ومشممهود ( الشمماهد يمموم عرفممة والمشممهود يمموم‬
‫القيامة وبه عن سفيان الثمموري عممن مغيممرة عممن‬
‫إبراهيم قال يوم الذبح ويوم عرفة يعني الشمماهد‬

‫‪972‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والمشهود قال بن جرير وقال آخممرون المشممهود‬
‫يوم الجمعة ورووا في ذلممك ممما حممدثنا أحمممد بممن‬
‫عبممد الرحمممن حممدثني عمممي عبممد اللممه بممن وهممب‬
‫أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلل‬
‫عن زيد بن أيمن عممن عبممادة بممن نسممي عممن أبممي‬
‫أكثروا علممي مممن‬ ‫الدرداء قال قال رسول الله‬
‫الصمملة يمموم الجمعممة فممإنه يمموم مشممهود تشممهده‬
‫الملئكة وعن سممعيد بممن جممبير الشمماهد اللممه وتل‬
‫) وكفممى بممالله شممهيدا ( والمشممهود نحممن حكمماه‬
‫البغمموي وقممال الكممثرون علممى أن الشمماهد يمموم‬
‫الجمعة والمشهود يوم عرفة وقوله تعالى ) قتل‬
‫أصحاب الخدود ( أي لعن أصحاب الخدود وجمعه‬
‫أخاديد وهي الحفر في الرض وهذا خبر عن قوم‬
‫من الكفار عمدوا إلى من عندهم مممن المممؤمنين‬
‫بالله عز وجممل فقهروهممم وأرادوهممم أن يرجعمموا‬
‫عن دينهم فأبوا عليهم فحفروا لهممم فممي الرض‬
‫أخممدودا وأججمموا فيممه نممارا وأعممدوا لهمما وقممودا‬
‫يسممعرونها بممه ثممم أرادوهممم فلممم يقبلمموا منهممم‬
‫فقذفوهم فيها ولهذا قال تعالى ) قتممل أصممحاب‬
‫الخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهممم‬
‫علمممى مممما يفعلمممون بمممالمؤمنين شمممهود ( أي‬
‫مشاهدون لما يفعل بأولئك المممؤمنين قممال اللممه‬
‫تعممالى ) وممما نقممموا منهممم إل أن يؤمنمموا بممالله‬
‫العزيز الحميد ( أي وما كان لهم عنممدهم ذنممب إل‬
‫إيمانهم بالله العزيز الذي ل يضام من لذ بجنممابه‬
‫المنيع الحميد في جميع أقواله وأفعمماله وشممرعه‬
‫وقدره وإن كان قد قمدر علمى عبماده همؤلء همذا‬
‫الممذي وقممع بهممم بأيممدي الكفممار بممه فهممو العزيممز‬
‫الحميد وإن خفي سبب ذلك على كثير من الناس‬
‫ثممم قممال تعممالى ) الممذي لممه ملممك السممماوات‬
‫والرض ( مممن تمممام الصممفة أنممه المالممك لجميممع‬
‫السماوات والرض وما فيهما وما بينهما ) واللممه‬

‫‪973‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫على كل شيء شهيد ( أي ل يغيب عنه شيء في‬
‫جميع السماوات‬
‫والرض ول تخفى عليه خافية وقممد اختلممف أهممل‬
‫التفسير في أهل هذه القصة من هم فعن علممي‬
‫أنهم أهل فارس حين أراد ملكهممم تحليممل تزويممج‬
‫المحارم فامتنع عليهم علماؤهم فعمد إلى حفممر‬
‫أخدود فقذف فيه من أنكممر عليممه منهممم واسممتمر‬
‫فيهم تحليل المحارم إلى اليوم وعنه أنهم كممانوا‬
‫قوما باليمن اقتتل مؤمنوهم ومشركوهم فغلممب‬
‫مؤمنوهم على كفارهم ثم اقتتلوا فغلممب الكفممار‬
‫المؤمنين فخدوا لهممم الخاديممد وأحرقمموهم فيهمما‬
‫وعنه انهم كانوا من أهل الحبشة وأحدهم حبشي‬
‫وقممال العمموفي عممن بممن عبمماس ) قتممل أصممحاب‬
‫الخدود النار ذات الوقممود ( قممال نمماس مممن بنممي‬
‫إسرائيل خدوا أخدودا في الرض ثم أوقدوا فيممه‬
‫نارا ثم أقماموا علمى ذلمك الخمدود رجمال ونسماء‬
‫فعرضوا عليها وزعموا أنه دانيال وأصحابه وهكذا‬
‫قال الضحاك بن مزاحم وقيل غير ذلك وقد قممال‬
‫المام أحمممد ‪ 616‬حممدثنا عفممان حممدثنا حممماد بممن‬
‫سلمة عن ثابت عن عبممد الرحمممن بممن أبممي ليلممى‬
‫عن صهيب أن رسول الله صلى الله تعمالى عليممه‬
‫وعلى آله وسلم قال كان فيمن كان قبلكم ملممك‬
‫وكان له ساحر فلما كبر الساحر قال للملك إنممي‬
‫قد كبرت سني وحضممر أجلممي فممادفع إلممي غلممما‬
‫لعلمه السحر فدفع إليه غلما كان يعلمه السحر‬
‫وكان بين الساحر وبين الملك راهب فأتى الغلم‬
‫علممى الراهممب فسمممع مممن كلمممه فممأعجبه نحمموه‬
‫وكلمممه وكممان إذا أتممى السمماحر ضممربه وقممال ممما‬
‫حبسك وإذا أتى أهله ضممربوه وقممالوا ممما حبسممك‬
‫فشكا ذلك إلى الراهب فقال إذا أراد السمماحر أن‬
‫يضممربك فقممل حبسممني أهلممي وإذا أراد أهلممك أن‬
‫يضربوك فقل حبسني السمماحر قممال فبينممما هممو‬

‫‪974‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ذات يوم إذ أتممى علممى دابممة فظيعممة عظيمممة قممد‬
‫حبست الناس فل يسممتطيعون أن يجمموزوا فقممال‬
‫اليوم أعلم أمممر الراهممب أحممب إلممى اللممه أم أمممر‬
‫الساحر قال فأخذ حجرا فقال اللهم إن كان أمممر‬
‫الراهممب أحممب إليممك وأرضممى مممن أمممر السمماحر‬
‫فاقتممل هممذه الدابممة حممتى يجمموز النمماس ورماهمما‬
‫فقتلها ومضى الناس فأخبر الراهب بذلك فقممال‬
‫أي بنممي أنممت أفضممل منممي وإنممك سممتبتلى فممإن‬
‫ابتليت فل تدل علي فكممان الغلم يممبرىء الكمممه‬
‫والبرص وسممائر الدواء ويشممفيهم وكممان للملممك‬
‫جليس فعمي فسمع به فأتاه بهدايا كثيرة فقممال‬
‫اشفني ولك ما ها هنا أجمع فقال ما أنمما أشممفي‬
‫أحدا إنممما يشممفي اللممه عممز وجممل فممإن آمنممت بممه‬
‫دعوت الله فشفاك فآمن فدعا اللممه فشممفاه ثممم‬
‫أتى الملك فجلس منه نحو ما كان يجلممس فقممال‬
‫له الملك يا فلن من رد عليك بصرك فقمال ربمي‬
‫فقال أنا قال ل ربممي وربممك اللممه قممال ولممك رب‬
‫غيري قال نعم ربي وربك اللممه فلممم يممزل يعممذبه‬
‫حتى دل علممى الغلم فبعممث إليممه فقممال أي بنممي‬
‫بلغ من سحرك أن تبرىء الكمه والبممرص وهممذه‬
‫الدواء قال ما أشفي أحدا إنما يشممفي اللممه عممز‬
‫وجل قال أنا قال ل قممال أو لممك رب غيممري قممال‬
‫ربي وربك الله فأخذه أيضا بالعذاب فلم يممزل بممه‬
‫حتى دل على الراهب فأتي بالراهب فقال ارجممع‬
‫عن دينك فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسممه‬
‫حتى وقع شقاه وقال للعمممى ارجممع عممن دينممك‬
‫فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقممع‬
‫شقاه إلمى الرض وقمال للغلم ارجمع عمن دينمك‬
‫فأبى فبعث به مع نفر إلى جبل كذا وكممذا وقممال‬
‫إذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإل فدهممدهوه‬
‫فممذهبوا بممه فلممما علمموا بممه الجبممل قممال اللهممم‬
‫اكفنيهم بما شئت فرجف بهممم الجبممل فدهممدهوا‬

‫‪975‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أجمعممون وجمماء الغلم يتلمممس حممتى دخممل علممى‬
‫الملك فقال ما فعل أصحابك فقال كفانيهم الله‬
‫تعالى فبعث بممه مممع نفممر فممي قرقممور فقممال إذا‬
‫لججتم به البحر فإن رجع عممن دينممه وإل فغرقمموه‬
‫في البحر فلججوا بممه البحممر فقممال الغلم اللهممم‬
‫أكفنيهم بما شئت فغرقوا أجمعممون وجمماء الغلم‬
‫حتى دخل علممى الملممك فقممال ممما فعمل أصممحابك‬
‫فقال كفانيهم اللممه تعممالى ثممم قممال للملممك إنممك‬
‫لست بقاتلي حتى تفعل مما آمممرك بممه فمإن أنمت‬
‫فعلت ما آمرك به قتلتنممي وإل فإنممك ل تسممتطيع‬
‫قتلي قال وما هو قال تجمممع النمماس فممي صممعيد‬
‫واحد ثممم تصمملبني علممى جممذع وتأخممذ سممهما مممن‬
‫كنممانتي ثممم قممل باسممم اللممه رب الغلم فإنممك إذا‬
‫فعلت ذلك قتلتني ففعل ووضع السهم فمي كبمد‬
‫قوسه ثم رماه وقال باسم الله رب الغلم فوقممع‬
‫السهم في صدغه فوضع الغلم يده علممى موضممع‬
‫السهم ومات فقال الناس آمنا برب الغلم فقيل‬
‫للملك أرأيت ما كنت تحذر فقد والله نزل بك قممد‬
‫آمن النمماس كلهممم فممأمر بممأفواه السممكك فخممدت‬
‫فيها الخاديد وأضرمت فيهمما النيممران وقممال مممن‬
‫رجع عن دينممه فممدعوه وإل فممأقحموه فيهمما قممال‬
‫فكانوا يتعمادون فيهمما ويتممدافعون فجمماءت امممرأة‬
‫بابن لهمما ترضممعه فكأنهمما تقاعسممت أن تقممع فممي‬
‫النار فقمال الصمبي اصممبري يما أمماه فإنمك علمى‬
‫الحق وهكذا رواه مسلم ‪ 3005‬في آخممر الصممحيح‬
‫عن هدبة بن خالد عن حماد بممن سمملمة بممه نحمموه‬
‫ورواه النسائي عن أحمد بن سلمان عن‬
‫عثمان عن حماد بن سلمة ومن طريق حممماد بممن‬
‫زيد كلهما عن ثابت به واختصروا أوله وقد جوده‬
‫المممام أبممو عيسممى الترمممذي ‪ 3340‬فممرواه فممي‬
‫تفسير هذه السورة عن محمممود بممن غيلن وعبممد‬
‫بن حميد المعنى واحممد قممال أخبرنمما عبممد الممرزاق‬

‫‪976‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ 9751‬عممن معمممر عممن ثممابت البنمماني عممن عبممد‬
‫الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال كان رسول‬
‫إذا صلى العصر همس والهمس في بعض‬ ‫الله‬
‫قولهم تحريك شفتيه كأنه يتكلم فقيل له أنك يمما‬
‫رسول الله إذا صليت العصر همست قال إن نبيمما‬
‫من النبياء كممان أعجممب بممأمته فقممال مممن يقمموم‬
‫لهؤلء فأوحى الله إليه أن خيرهم بين أن أنتقممم‬
‫منهم وبيممن أن أسمملط عليهممم عممدوهم فاختمماروا‬
‫النقمة فسلط اللممه عليهممم الممموت فمممات منهممم‬
‫في يوم سبعون ألفمما قممال وكممان إذا حممدث بهممذا‬
‫الحديث حدث بهذا الحديث الخمر قمال كمان ملمك‬
‫من الملوك وكان لممذلك الملممك كمماهن يتكهممن لممه‬
‫فقمال الكماهن أنظمروا لمي غلمما فهمما أو قمال‬
‫فطنمما لقنمما فممأعلمه علمممي هممذا فممذكر القصممة‬
‫بتمامهمما وقممال فممي آخممره يقممول اللممه عممز وجممل‬
‫) قتل أصحاب الخدود النممار ذات الوقممود ( حممتى‬
‫بلغ ) العزيز الحميد ( قال فأما الغلم فممإنه دفممن‬
‫فيممذكر أنممه أخممرج فممي زمممان عمممر بممن الخطمماب‬
‫وأصبعه على صممدغه كممما وضممعها حيممن قتممل ثممم‬
‫قال الترمذي حسممن غريممب وهممذا السممياق ليممس‬
‫فيه صراحة أن سياق هذه القصة من كلم النممبي‬
‫قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي فيحتمل‬
‫أن يكون من كلم صهيب الرومي فإنه كان عنده‬
‫علم مممن أخبممار النصممارى واللممه أعلممم وقممد أورد‬
‫محمممد بممن إسممحاق بممن يسممار هممذه القصممة فممي‬
‫السيرة ‪ 171‬بسياق آخر فيها مخالفممة لممما تقممدم‬
‫فقال حدثني يزيد بن زيمماد عممن محمممد بممن كعممب‬
‫القرظمي وحمدثني أيضمما بعمض أهمل نجمران عممن‬
‫أهلها أن أهل نجممران كممانوا أهممل شممرك يعبممدون‬
‫الوثممان وكممان فممي قريممة مممن قراهمما قريبمما مممن‬
‫نجران ونجران هي القريممة العظمممى الممتي إليهمما‬
‫جماع أهممل تلممك البلد سمماحر يعلممم غلمممان أهممل‬

‫‪977‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نجران السحر فلما نزلها فيمون ولم يسموه لممي‬
‫بالسم الذي سممماه بممن منبممه قممالوا نزلهمما رجممل‬
‫فابتنى خيمة بين نجران وبين تلممك القريممة الممتي‬
‫فيهممما السممماحر وجعمممل أهمممل نجمممران يرسممملون‬
‫غلمانهم إلى ذلك الساحر يعلمهم السممحر فبعممث‬
‫التامر ابنه عبد اللممه بممن التممامر مممع غلمممان أهممل‬
‫نجران فكان إذا مر بصاحب الخيمة أعجبه ما يرى‬
‫من عبادته وصلته فجعل يجلس إليه ويسمع منه‬
‫حتى أسلم فوحد الله وعبممده وجعممل يسممأله عممن‬
‫شرائع السلم حتى إذا فقه فيه جعل يسأله عن‬
‫السم العظم وكان يعلمه فكتمه إيمماه وقممال لممه‬
‫يا بن أخممي إنممك لممن تحملممه أخشممى ضممعفك عنممه‬
‫والتامر أبو عبد اللممه ل يظممن إل أن ابنممه يختلممف‬
‫إلى الساحر كما يختلممف الغلمممان فلممما رأى عبممد‬
‫الله أن صاحبه قد ضن به عنه وتخوف ضعفه فيه‬
‫عمد إلى أقممداح فجمعهمما ثممم لممم يبممق للممه اسممما‬
‫يعلمه إل كتبه في قدح لكل إسممم قممدح حممتى إذا‬
‫أحصاها أوقد نممارا ثممم جعممل يقممذفها فيهمما قممدحا‬
‫قممدحا حمتى إذا مممر بالسممم العظممم قمذف فيهما‬
‫بقدحه فوثب القممدح حممتى خممرج منهمما لممم يضممره‬
‫شيء فأخذه ثم أتى بممه صمماحبه فممأخبره أنممه قممد‬
‫علم السم العظم الذي قد كتبه فقال وممما هممو‬
‫قال هو كذا وكذا قال وكيف علمتممه فممأخبره بممما‬
‫صنع فقال أي بن أخي قد أصممبته فأمسممك علممى‬
‫نفسك وما أظممن أن تفعممل فجعممل عبممد اللممه بممن‬
‫التامر إذا دخل نجران لم يلق أحدا به ضر إل قال‬
‫له يا عبد الله أتوحد الله وتدخل في ديني وأدعممو‬
‫الله لك فيعافيك مما أنت فيه مممن البلء فيقممول‬
‫نعم فيوحد الله ويسلم فيممدعو اللممه لممه فيشممفي‬
‫حتى لم يبق بنجران أحد بممه ضممر إل أتمماه فممأتبعه‬
‫على أمره ودعا له فعوفي حتى رفممع شممأنه إلممى‬
‫ملك نجران فدعاه فقال لممه أفسممدت علممي أهممل‬

‫‪978‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قريتي وخالفت ديني ودين آبائي لمثلن بك قال‬
‫ل تقممدر علممى ذلممك قممال فجعممل يرسممل بممه إلممى‬
‫الجبممل الطويممل فيطممرح علممى رأسممه فيقممع إلممى‬
‫الرض ممما بممه بممأس وجعممل يبعممث بممه إلممى ميمماه‬
‫بنجران بحور ل يلقى فيها شيء إل هلك فيلقممى‬
‫به فيها فيخرج ليس به بأس فلما غلبممه قممال لممه‬
‫عبد الله بن التامر إنك والله ل تقدر علممى قتلممي‬
‫حتى تممؤمن بممما آمنممت بممه وتوحممد اللممه فإنممك إن‬
‫فعلت سلطت علي فقتلتني قال فوحد الله ذلممك‬
‫الملك وشهد شهادة عبد الله بن التامر ثم ضممربه‬
‫بعصا فممي يممده فشممجه شممجة غيممر كممبيرة فقتلممه‬
‫وهلك الملك مكانه واسممتجمع أهممل نجممران علممى‬
‫دين عبد الله بممن التممامر وكممان علممى ممما جمماء بممه‬
‫عيسى بن مريم عليه السلم من النجيل وحكمه‬
‫ثم أصابهم ممما أصمماب أهممل دينهممم مممن الحممداث‬
‫فمن هنالك كان أصل دين النصرانية بنجران قال‬
‫بن إسحاق فهذا حديث محمد بن كعممب القرظممي‬
‫وبعض أهل نجران عن عبد الله بممن التممامر فممالله‬
‫أعلم أي ذلممك كممان قممال فسممار إليهممم ذو نممواس‬
‫بجنده فدعاهم إلى اليهودية وخيرهم بين ذلك أو‬
‫القتل فاختاروا القتل فخد الخدود فحرق بالنممار‬
‫وقتل بالسيف ومثل بهم حتى قتل منهممم قريبمما‬
‫من عشرين ألفا ففي ذي نواس وجنده‬
‫) قتل أصممحاب‬ ‫أنزل الله عز وجل على رسوله‬
‫الخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهممم‬
‫علممى ممما يفعلممون بمالمؤمنين شمهود وممما نقمموا‬
‫منهم إل أن يؤمنوا بالله العزيز الحميممد الممذي لممه‬
‫ملممك السممماوات والرض واللممه علممى كممل شمميء‬
‫شهيد ( هكذا ذكر محمد بن إسممحاق فممي السمميرة‬
‫أن الممذي قتممل أصممحاب الخممدود هممو ذو نممواس‬
‫واسمه زرعة ويسمى في زمان مملكته بيوسممف‬
‫وهو بن بيان أسعد أبي كريب وهو تبع الذي غممزا‬

‫‪979‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المدينة وكسى الكعبة واستصحب معه حبرين من‬
‫يهود المدينة فكان تهود من تهود من أهل اليمن‬
‫على يديهما كما ذكره بن إسحاق مبسوطا فقتل‬
‫ذو نواس في غداة واحدة فممي الخممدود عشممرين‬
‫ألفا ولم ينمج منهمم سموى رجمل واحمد يقمال لمه‬
‫دوس ذو ثعلبان ذهب فارسا وطردوا وراءه فلممم‬
‫يقدروا عليه فذهب إلى قيصر ملك الشام فكتممب‬
‫إلى النجاشي ملممك الحبشممة فأرسممل معممه جيشمما‬
‫مممن نصممارى الحبشممة يقممدمهم أريمماط وأبرهممة‬
‫فاسممتنقذوا اليمممن مممن أيممدي اليهممود وذهممب ذو‬
‫نواس هاربا فلجج في البحر فغرق واستمر ملممك‬
‫الحبشممة فممي أيممدي النصممارى سممبعين سممنة ثممم‬
‫استنقذه سيف بن ذي يممزن الحميممري مممن أيممدي‬
‫النصممارى لممما اسممتجاش بكسممرى ملممك الفممرس‬
‫فأرسل معه من في السجون فكممانوا قريبمما مممن‬
‫سبعمائة ففتح بهم اليمن ورجع الملك إلى حمير‬
‫وسنذكر طرفا من ذلك إن شاء الله فممي تفسممير‬
‫سورة ) ألم تر كيف فعل ربك بأصممحاب الفيممل (‬
‫وقال بن إسحاق ‪ 174‬وحدثني عبد الله بممن أبممي‬
‫بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه حدث أن رجل‬
‫من أهل نجران كان في زمان عمر بممن الخطمماب‬
‫حفر خربة من خرب نجران لبعممض حمماجته فوجممد‬
‫عبد الله بن التامر تحت دفن فيهما قاعممدا واضمعا‬
‫يده على ضربة في رأسه ممسكا عليها بيده فإذا‬
‫أخذت يده عنها ثعبث دممما وإذا أرسمملت يممده ردت‬
‫عليها فأمسكت دمها وفي يده خاتم مكتوب فيممه‬
‫ربي الله فكتب فيه إلى عمر بن الخطمماب يخممبره‬
‫بممأمره فكتممب عمممر إليهممم أن أقممروه علممى حمماله‬
‫وردوا عليه الدفن الذي كممان عليممه ففعلمموا وقممد‬
‫قال أبو بكر عبد اللممه بممن محمممد بممن أبممي الممدنيا‬
‫رحمه الله حدثنا أبو بلل الشعري حدثنا إبراهيم‬
‫بن محمد عن عبد الله بن جعفممر بممن أبممي طممالب‬

‫‪980‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حدثني بعض أهل العلم أن أبا موسى لممما افتتممح‬
‫أصبهان وجد حائطا من حيطان المدينة قد سقط‬
‫فبناه فسقط ثم بناه فسقط فقيممل لممه إن تحتممه‬
‫رجل صالحا فحفر الساس فوجد فيه رجل قائممما‬
‫معه سيف فيممه مكتمموب أنمما الحممارث بممن مضمماض‬
‫نقمممت علممى أصممحاب الخممدود فاسممتخرجه أبممو‬
‫موسى وبنى الحائط فثبت قلت هممو الحممارث بممن‬
‫مضاض بن عمرو بن مضاض بن عمرو الجرهمممي‬
‫أحد ملوك جرهم الذين ولوا أمر الكعبممة بعممد ولممد‬
‫ثابت بن إسماعيل بن إبراهيم وولد الحممارث هممذا‬
‫هو عمرو بن الحارث بن مضمماض هممو آخممر ملمموك‬
‫جرهم بمكة لما أخرجتهم خزاعممة وأجلمموهم إلممى‬
‫اليمممن وهممو القممائل فممي شممعره الممذي قممال بممن‬
‫هشمممام ‪ 1162‬إنمممه أول شمممعر قمممالته العمممرب‬
‫كأن لم يكن بين الحجون إلى الصممفا أنيممس ولممم‬
‫يسممممممممممممممممر بمكمممممممممممممممة سمممممممممممممممامر‬

‫بلممى نحممن كنمما أهلهمما فأبادنمما صممروف الليممالي‬


‫والجمممممممممممممممممممممممدود العمممممممممممممممممممممممواثر‬
‫وهذا يقتضممي أن هممذه القصممة كممانت قممديما بعممد‬
‫زمان إسماعيل عليه السلم بقرب من خمسمائة‬
‫سنة أو نحوها وما ذكره بممن إسممحاق يقتضممي أن‬
‫قصتهم كانت في زمن الفترة التي بيممن عيسممى‬
‫ومحمد عليهما من الله السلم وهممو أشممبه واللممه‬
‫أعلم وقممد يحتمممل أن ذلممك قممد وقممع فممي العممالم‬
‫كثيرا كما قال بن أبي حاتم حدثنا أبي حممدثنا أبممو‬
‫اليمان أخبرنا صفوان عن عبد الرحمن بممن جممبير‬
‫قال كانت الخممدود فممي اليمممن زمممان تبممع وفممي‬
‫القسممطنطينية زمممان قسممطنطين حيممن صممرف‬
‫النصممارى قبلتهممم عممن ديممن المسمميح والتوحيممد‬
‫فاتخذوا أتونا وألقي فيممه النصممارى الممذين كممانوا‬
‫على ديممن المسمميح والتوحيممد وفممي العممراق فممي‬

‫‪981‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أرض بابل بختنصر الذي صنع الصنم وأمر النمماس‬
‫أن يسممجدوا لممه فممامتنع دانيممال وصمماحباه عزريمما‬
‫وميشائيل فأوقد لهم أتونا وألقممى فيممه الحطممب‬
‫والنار ثم ألقاهما فيه فجعلها الله تعالى عليهممما‬
‫بردا وسلما وأنقذهما منهمما وألقممي فيهمما الممذين‬
‫بغوا عليه وهم تسعة رهط فممأكلتهم النممار وقممال‬
‫أسممباط عممن السممدي فممي قمموله تعممالى ) قتممل‬
‫أصحاب الخدود ( قممال كممانت الخممدود ثلثممة خممد‬
‫بالعراق وخد بالشممام وخممد بماليمن رواه بممن أبممي‬
‫حاتم وعن مقاتل قال كانت الخدود ثلثة واحممدة‬
‫بنجران باليمن والخرى بالشام والخرى بفارس‬
‫حرقوا بالنار أممما الممتي بالشممام فهممو أنطنممانوس‬
‫الرومممي وأمما الممتي بفمارس فهممو بختنصمر وأمما‬
‫التي بأرض العممرب فهممو يوسممف ذو نممواس فأممما‬
‫التي بفارس والشام فلم ينزل الله تعالى فيهما‬
‫قرآنا وأنزل في التي كانت بنجران وقال بن أبي‬
‫حمماتم حممدثنا أبممي حممدثنا أحمممد بممن عبممد الرحمممن‬
‫الدشتكي حدثنا عبد الله بن‬
‫أبي جعفر عن أبيه عن الربيع هممو بممن أنممس فممي‬
‫قوله تعالى ) قتل اصحاب الخدود ( قال سمممعنا‬
‫أنهم كانوا قوما في زمممان الفممترة فلممما رأوا ممما‬
‫وقع في الناس من الفتنة والشر وصاروا أحزابمما‬
‫كل حزب بما لممديهم فرحمون اعممتزلوا إلممى قريممة‬
‫سكنوها وأقمماموا علممى عبممادة اللممه مخلصممين لممه‬
‫الدين حنفاء ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة فكممان‬
‫هذا أمرهم حتى سمممع بهممم جبممار مممن الجبممارين‬
‫وحدث حديثهم فأرسل إليهم فأمرهم أن يعبممدوا‬
‫الوثان التي اتخذوا وإنهم أبوا عليه كلهم وقالوا‬
‫ل نعبد إل الله وحده لشريك له فقال لهم إن لم‬
‫تعبدوا هذه اللهة التي عبدت فإني قاتلكم فممأبوا‬
‫عليممه فخممد أخممدودا مممن نممار وقممال لهممم الجبممار‬
‫ووقفهم عليها اختمماروا هممذه أو الممذي نحممن فيممه‬

‫‪982‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقممالوا هممذه أحممب إلينمما وفيهممم نسمماء وذريممة‬
‫ففزعت الذرية فقالوا لهم أي آباؤهم ل نممار مممن‬
‫بعد اليوم فوقعمموا فيهمما فقبضممت أرواحهممم مممن‬
‫قبل أن يمسهم حرها وخرجت النممار مممن مكانهمما‬
‫فأحاطت بالجبارين فأحرقهم الله بها ففي ذلممك‬
‫أنزل الله عز وجل ) قتمل أصمحاب الخمدود النمار‬
‫ذات الوقممود إذ هممم عليهمما قعممود وهممم علممى ممما‬
‫يفعلون بالمؤمنين شهود وما نقموا منهممم إل أن‬
‫يؤمنمموا بممالله العزيممز الحميممد الممذي لممه ملممك‬
‫السماوات والرض والله على كل شمميء شممهيد (‬
‫ورواه بن جرير حدثت عن عمار عن عبد اللمه بمن‬
‫أبي جعفر به نحوه وقوله تعالى ) إن الذين فتنوا‬
‫المؤمنين والمؤمنات ( أي حرقوا قاله بن عبمماس‬
‫ومجاهممد وقتممادة والضممحاك وبممن أبممزى ) ثممم لممم‬
‫يتوبوا ( أي لم يقلعوا عما فعلوا ويندموا على ما‬
‫أسممملفوا ) فلهمممم عمممذاب جهنمممم ولهمممم عمممذاب‬
‫الحريق ( وذلك أن الجزاء من جنممس العمممل قممال‬
‫الحسن البصري أنظروا إلممى هممذا الكممرم والجممود‬
‫قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة‬
‫(‬ ‫‪22‬‬ ‫‪11‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪85‬‬
‫يخبر تعالى عممن عبمماده المممؤمنين أن لهممم جنممات‬
‫تجري من تحتها النهار بخلف ما أعد لعدائه من‬
‫الحريق والجحيم ولهذا قال ) ذلك الفوز الكممبير (‬
‫ثم قال تعممالى ) إن بطممش ربممك لشممديد ( أي إن‬
‫بطشه وانتقامه مممن أعممدائه الممذين كممذبوا رسممله‬
‫وخالفوا أمره لشديد عظيم قوي فممإنه تعممالى ذو‬
‫القوة المتين الذي مما شماء كمان كمما يشماء فمي‬
‫مثل لمح البصر أو هممو أقممرب ولهممذا قممال تعممالى‬
‫) إنه هو يبدئ ويعيد ( أي من قوته وقدرته التامة‬
‫يبممدىء الخلممق ويعيممده كممما بممدأه بل ممممانع ول‬
‫مدافع ) وهو الغفور الودود ( أي يغفر ذنممب مممن‬
‫تاب إليه وخضع لديه ولو كان الذنب من أي شيء‬

‫‪983‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كان والودود قال بن عبمماس وغيممره هممو الحممبيب‬
‫) ذو العرش ( أي صاحب العرش العظيممم العممالي‬
‫على جميع الخلئق والمجيد فيممه قراءتممان الرفممع‬
‫على أنه صممفة للممرب عممز وجممل والجممر علممى أنممه‬
‫صفة للعرش وكلهما معنممى صممحيح ) فعممال لممما‬
‫يريممد ( أي مهممما أراد فعلممه ل معقممب لحكمممه ول‬
‫يسأل عما يفعل لعظمته وقهره وحكمتممه وعممدله‬
‫كما روينا عن أبي بكر الصديق أنه قيممل لممه وهممو‬
‫في مرض الموت هل نظر إليك الطبيب قال نعم‬
‫قالوا فما قال لك قال قممال لممي إنممي فعممال لممما‬
‫أريممد وقمموله تعممالى ) هممل أتمماك حممديث الجنممود‬
‫فرعون وثمود ( أي هل بلغك ممما أحممل اللممه بهممم‬
‫من البممأس وأنممزل عليهممم مممن النقمممة الممتي لممم‬
‫يردها عنهم احد وهممذا تقريممر لقمموله تعممالى ) إن‬
‫بطش ربك لشديد ( أي إذا أخذ الظالم اخذه أخممذا‬
‫أليما شديدا أخذ عزيز مقتدر قال بممن أبممي حمماتم‬
‫حدثنا أبي حدثنا علي بن محمد الطنافسي حممدثنا‬
‫أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن عمممرو بممن‬
‫ميمون قال مر النبي على امرأة تقرأ ) هل أتاك‬
‫حممديث الجنممود ( فقممام يسممتمع فقممال نعممم قممد‬
‫جمماءني وقمموله تعممالى ) بممل الممذين كفممروا فممي‬
‫تكممذيب ( أي هممم فممي شممك وريممب وكفممر وعنمماد‬
‫) والله من ورائهم محيط ( أي هممو قممادر عليهممم‬
‫قاهر ل يفوتونه ول يعجزونه ) بل هو قرآن مجيد‬
‫( أي عظيم كريم ) في لوح محفوظ ( أي هو في‬
‫المل العلى‬
‫محفوظ من الزيادة والنقص والتحريف والتبممديل‬
‫قال بن جرير حدثنا عمرو بن علي حدثنا قرة بممن‬
‫سليمان حدثنا حرب بن سريج حممدثنا عبممد العزيممز‬
‫بن صهيب عن أنس بممن مالممك فممي قمموله تعممالى‬
‫) بل هو قرآن مجيد في لمموح محفمموظ ( قممال إن‬
‫اللوح المحفوظ الممذي ذكممر اللممه ) بممل هممو قممرآن‬

‫‪984‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مجيممد فممي لموح محفمموظ ( فممي جبهممة إسممرافيل‬
‫وقال بن أبي حماتم حمدثنا أبمي حمدثنا أبمو صمالح‬
‫حدثنا معاوية بمن صمالح أن أبما العبمس همو عبمد‬
‫الرحمن بن سلمان قال ما من شيء قضممى اللممه‬
‫القرآن فما قبلممه وممما بعممده إل وهممو فممي اللمموح‬
‫المحفوظ واللوح المحفوظ بين عينممي إسممرافيل‬
‫ل يؤذن له بالنظر فيه وقال الحسن البصممري إن‬
‫هذا القرآن المجيممد عنممد اللممه فممي لمموح محفمموظ‬
‫ينزل منه ما يشاء على من يشاء من خلقممه وقممد‬
‫روى البغوي من طريق إسحاق بن بشممر أخممبرني‬
‫مقاتل وبن جريج عن مجاهد عن بن عبمماس قممال‬
‫إن فممي صممدر اللمموح ل إلممه إل اللممه وحممده دينممه‬
‫السلم ومحمد عبممده ورسمموله فمممن آمممن بممالله‬
‫وصممدق بوعممده واتبممع رسممله أدخلممه الجنممة قممال‬
‫واللوح لوح من درة بيضاء طوله ممما بيممن السممماء‬
‫والرض وعرضممه ممما بيممن المشممرق والمغممرب‬
‫وحافتاه من الدر والياقوت ودفتاه ياقوتة حمممراء‬
‫وقلمه نور وكلمممه معقممود بممالعرش وأصممله فممي‬
‫حجر ملك وقال مقاتل اللوح المحفوظ عن يمين‬
‫العرش وقال الطممبراني ‪ 1212511‬حممدثنا محمممد‬
‫بن عثمان بن أبي شيبة حدثنا منجاب بن الحممارث‬
‫حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا زياد بن عبممد اللممه‬
‫عن ليث عن عبد الملك بن سممعيد بممن جممبير عممن‬
‫قال إن اللممه‬ ‫أبيه عن بن عباس أن رسول الله‬
‫تعمممالى خلمممق لوحممما محفوظممما ممممن درة بيضممماء‬
‫صفحاتها من ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابه نممور‬
‫لله فيه في كل يوم ستون وثلثمائة لحظة يخلق‬
‫ويرزق ويميت ويحيي ويعز ويذل ويفعل ما يشاء‬

‫‪86‬‬
‫) سورة الطارق (‬

‫‪985‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫(‬ ‫‪10‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪86‬‬


‫مقدمة تفسير سورة البروج وللممه الحمممد والمنممة‬
‫تفسير سورة الطارق قممال عبممد اللممه بممن المممام‬
‫أحمد ‪ 4335‬حدثنا أبي حدثنا عبد اللممه بممن محمممد‬
‫قال عبد الله وسمعته أنا منممه حممدثنا مممروان بممن‬
‫معاوية الفزاري عن عبممد اللممه بممن عبممد الرحمممن‬
‫الطائفي عن عبد الرحمن بن خالد بن أبممي جبممل‬
‫فممي‬ ‫العدواني عن أبيه أنه أبصممر رسممول اللممه‬
‫مشرق ثقيممف وهممو قممائم علممى قمموس أو عصممى‬
‫حين أتاهم يبتغي عندهم النصممر فسمممعته يقممول‬
‫والسماء والطارق حتى ختمها قال فوعيتها فممي‬
‫الجاهلية وأنا مشرك ثم قرأتها في السلم قممال‬
‫فممدعتني ثقيممف فقممالوا ممماذا سمممعت مممن هممذا‬
‫الرجممل فقرأتهمما عليهممم فقممال مممن معهممم مممن‬
‫قريش نحن أعلم بصاحبنا لو كنا نعلممم ممما يقممول‬
‫حقمما ل تبعنمماه وقممال النسممائي حممدثنا عمممرو بممن‬
‫منصور حدثنا أبو نعيم عن مسعر عن محارب بممن‬
‫دثممار عممن جممابر قممال صمملى معمماذ المغممرب فقممرأ‬
‫أفتان أنت يا معاذ‬ ‫البقرة والنساء فقال النبي‬
‫ممما كممان يكفيممك أن تقممرأ بالسممماء والطممارق‬
‫والشمممس وضممحاها ونحوهمما بسممم اللممه الرحمممن‬
‫الرحيمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممم‬
‫يقسم تبارك وتعالى بالسماء وما جعل فيها مممن‬
‫الكممواكب النيممرة ولهممذا قممال تعممالى ) والسممماء‬
‫والطارق ( ثم قال ) وما أدراك ما الطممارق ( ثممم‬
‫فسره بقوله ) النجم الثاقب ( قال قتاده وغيممره‬
‫إنما سممي النجمم طارقما لنمه إنمما يمرى بالليمل‬
‫ويختفممي بالنهممار ويؤيممده ممما جمماء فممي الحممديث‬
‫الصحيح نهى أن يطممرق الرجممل أهلممه طروقمما أي‬
‫يأتيهم فجأة بالليل وفي الحديث الخر المشتمل‬

‫‪986‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫علممى الممدعاء إل طارقمما يطممرق بخيممر يمما رحمممن‬
‫وقوله تعالى ) الثاقب ( قال بن عباس المضمميء‬
‫وقال السدي يثقب الشممياطين إذا أرسممل عليهمما‬
‫وقال عكرمة هو مضيء ومحرق للشيطان وقوله‬
‫تعالى ) إن كل نفس لما عليهمما حممافظ ( أي كممل‬
‫نفس عليها من الله حافظ يحرسممها مممن الفممات‬
‫كما قال تعالى‬

‫) له معقبات من بين يديه ومن خلفممه يحفظممونه‬


‫من أمر الله ( وقوله تعالى ) فلينظر النسان مم‬
‫خلق ( تنبيه للنسان على ضعف أصله الذي خلممق‬
‫منه وإرشاد له إلى العتراف بالمعاد لن من قدر‬
‫علممى البممداءة فهممو قممادر علممى العممادة بطريممق‬
‫الولى كما قال تعالى ) وهو الذي يبدأ الخلق ثممم‬
‫يعيده وهو أهون عليه ( وقوله تعالى ) خلممق مممن‬
‫ماء دافق ( يعني المني يخممرج دفقمما مممن الرجممل‬
‫ومن المرأة فيتولممد منهممما الولممد بممإذن اللممه عممز‬
‫وجل ولهذا قال ) يخرج من بين الصلب والترائب‬
‫يعني ( صلب الرجل وترائب المرأة وهممو صممدرها‬
‫وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عممن بممن عبمماس‬
‫) يخرج من بين الصلب والترائب ( صمملب الرجممل‬
‫وتممرائب المممرأة أصممفر رقيممق ل يكممون الولممد إل‬
‫منهما وكذا قال سعيد بن جبير وعكرمممة وقتممادة‬
‫والسدي وغيرهم وقال بن أبمي حماتم حمدثنا أبمو‬
‫سعيد الشج حدثنا أبو أسامة عن مسممعر سمممعت‬
‫الحكم ذكر عن بن عباس ) يخرج من بين الصمملب‬
‫والترائب ( قممال هممذه الممترائب ووضممع يممده علممى‬
‫صدره وقال الضحاك وعطية عن بن عباس تريبة‬
‫المرأة موضع القلدة وكممذا قممال عكرمممة وسممعيد‬
‫بن جبير وقال علي بن أبي طلحة عن بن عبمماس‬
‫الترائب بين ثدييها وعن مجاهد الممترائب ممما بيممن‬
‫المنكبين إلى الصدر وعنممه أيضمما الممترائب أسممفل‬

‫‪987‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من التراقي وقال سفيان الثموري فموق الثمديين‬
‫وعن سعيد بن جبير الترائب أربعة أضلع من هذا‬
‫الجممانب السممفل وعممن الضممحاك الممترائب بيممن‬
‫الثديين والرجلين والعينين وقال الليث بن سممعد‬
‫عن معمر بن أبممي حبيبممة المممدني أنممه بلغممه فممي‬
‫قممول اللممه عممز وجممل ) يخممرج مممن بيممن الصمملب‬
‫والممترائب ( قممال هممو عصممارة القلممب مممن هنمماك‬
‫يكون الولد وعن قتادة ) يخممرج مممن بيممن الصمملب‬
‫والترائب ( من بيممن صمملبه ونحممره وقمموله تعممالى‬
‫) إنه على رجعه لقادر ( فيه قولن أحدهما علممى‬
‫رجع هذا الماء الدافق إلى مقره المذي خمرج منمه‬
‫لقادر على ذلك قمماله مجاهممد وعكرمممة وغيرهممما‬
‫والقممول الثمماني إنممه علممى رجممع هممذا النسممان‬
‫المخلوق من ماء دافق أي إعادته وبعثه إلى الدار‬
‫الخرة لقادر لن من قدر على البداءة قدر علممى‬
‫العادة وقد ذكر الله عممز وجممل هممذا الممدليل فممي‬
‫القرآن في غير ما موضع وهممذا القممول قممال بممه‬
‫الضممحاك واختمماره بممن جريممر ولهممذا قممال تعممالى‬
‫) يوم تبلى السرائر ( أي يوم القيامممة تبلممى فيممه‬
‫السممرائر أي تظهممر وتبممدو ويبقممى السممر علنيممة‬
‫والمكنون مشهورا وقد ثبت في الصممحيحين عممن‬
‫قممال يرفممع لكممل غممادر‬ ‫بن عمر أن رسول الله‬
‫لواء عند أسممته يقممال هممذه غممدرة فلن بممن فلن‬
‫وقوله تعالى ) فما له ( أي النسان يوم القيامممة‬
‫) من قوة ( أي فممي نفسممه ) ول ناصممر ( أي مممن‬
‫خارج منه أي ل يقممدر علممى أن ينقممذ نفسممه مممن‬
‫عممممذاب اللممممه ول يسممممتطيع لممممه أحممممد ذلممممك‬
‫(‬ ‫‪17‬‬ ‫‪11‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪86‬‬
‫قال بن عباس الرجع المطممر وعنممه همو السمحاب‬
‫فيه المطر وعنه ) والسممماء ذات الرجممع ( تمطممر‬
‫ثم تمطر وقال قتادة ترجع رزق العبمماد كممل عممام‬
‫ولول ذلك لهلكوا وهلكت مواشيهم وقال بن زيد‬

‫‪988‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ترجع نجومها وشمسها وقمرها يأتين من ها هنمما‬
‫) والرض ذات الصمممدع ( قمممال بمممن عبممماس همممو‬
‫انصداعها عن النبات وكممذا قممال سممعيد بممن جممبير‬
‫وعكرمة وأبممو مالممك والضممحاك والحسممن وقتممادة‬
‫والسدي وغيممر واحممد وقمموله تعممالى ) إنممه لقممول‬
‫فصل ( قال بن عباس حق وكذا قال قتادة وقال‬
‫آخر حكم عدل ) وما هو بالهزل ( أي بممل هممو جممد‬
‫حممق ثممم أخممبر عممن الكممافرين بممأنهم يكممذبون بممه‬
‫ويصدون عن سبيله فقال ) إنهم يكيممدون كيممدا (‬
‫أي يمكممرون بالنمماس فممي دعمموتهم إلممى خلف‬
‫القرآن ثممم قممال تعممالى ) فمهممل الكممافرين ( أي‬
‫أنظرهم ول تستعجل لهممم ) أمهلهممم رويممدا ( أي‬
‫قليل أي وسممترى ممماذا أحممل بهممم مممن العممذاب‬
‫والنكمممال والعقوبمممة والهلك كمممما قمممال تعمممالى‬
‫) نمتعهم قليل ثم نضطرهم إلى عممذاب غليممظ (‬
‫‪87‬‬
‫) سورة سبح (‬

‫(‬ ‫‪13‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪87‬‬


‫مقدمة تفسير سورة الطارق ولله الحمد والمنممة‬
‫تفسير سورة العلى والدليل على ذلممك ممما رواه‬
‫البخمماري ‪ 4941‬حممدثنا عبممدان أخممبرني أبممي عممن‬
‫شعبة عن أبي إسحاق عن البراء بممن عممازب قممال‬
‫أول‬
‫مصممعب بممن‬ ‫من قدم علينا من أصممحاب النممبي‬
‫عمير وبن أم مكتمموم فجعل يقرئاننمما القممرآن ثممم‬
‫جاء عمار وبلل وسعد ثم جاء عمممر بممن الخطمماب‬
‫فمما رأيمت أهمل‬ ‫فممي عشممرين ثممم جماء النممبي‬
‫المدينممة فرحمموا بشمميء فرحهممم بممه حممتى رأيممت‬
‫قممد‬ ‫الولئد والصبيان يقولون هذا رسممول اللممه‬

‫‪989‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جمماء فممما جمماء حممتى قممرأت ) سممبح اسممم ربممك‬
‫العلى ( في سور مثلها وقال المام أحمممد ‪196‬‬
‫حممدثنا وكيممع حممدثنا إسممرائيل عممن ثمموير بممن أبممي‬
‫فاختة عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال كممان‬
‫يحب هذه السورة ) سبح اسم ربك‬ ‫رسول الله‬
‫العلى ( تفرد به أحمد وثبت فممي الصممحيحين أن‬
‫قال لمعاذ هل صممليت بسممبح اسممم‬ ‫رسول الله‬
‫ربك العلى والشمس وضحاها والليل إذا يغشممى‬
‫وقممال المممام أحمممد ‪ 4271‬حممدثنا سممفيان عممن‬
‫إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب‬
‫بممن سممالم عممن أبيممه عممن النعمممان بممن بشممير أن‬
‫قرأ في العيدين بسممبح اسممم ربممك‬ ‫رسول الله‬
‫العلى وهل أتاك حديث الغاشية وإن وافممق يمموم‬
‫الجمعممة قرأهممما جميعمما هكممذا وقممع فممي مسممند‬
‫المام أحمد إسناد هذا الحديث وقممد رواه مسمملم‬
‫في صحيحه ‪ 878‬وأبو داود ‪ 1122‬والترمذي ‪533‬‬
‫والنسممائي ‪ 3112‬مممن حمديث أبمي عوانمة وجريممر‬
‫وشممعبة ثلثتهممم عممن إبراهيممم بممن محمممد بممن‬
‫المنتشممر عممن أبيممه عممن حممبيب بممن سممالم عممن‬
‫النعمان بممن بشممير بممه قممال الترمممذي وكممذا رواه‬
‫الثوري ومسعر عن إبراهيممم قممال ورواه سممفيان‬
‫بن عيينة عممن إبراهيممم عممن أبيممه عممن حممبيب بممن‬
‫سممالم عممن أبيممه عممن النعمممان ول يعممرف لحممبيب‬
‫روايممة عممن أبيممه وقممد رواه بممن ماجممة ‪ 1281‬عممن‬
‫محمممد بممن الصممباح عممن سممفيان بممن عيينممة عممن‬
‫إبراهيم بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم‬
‫عن النعمممان بممه كممما رواه الجماعممة فممالله أعلممم‬
‫ولفظ مسلم وأهل السنن كان يقرأ في العيدين‬
‫ويوم الجمعة بسبح اسم ربك العلممى وهممل أتمماك‬
‫حممديث الغاشممية وربممما اجتمعمما فممي يمموم واحممد‬
‫فقرأهما وقد روى المام أحمد فممي مسممنده مممن‬

‫‪990‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حديث أبي بن كعب وعبممد اللممه بممن عبمماس وعبممد‬
‫الرحمن بن أبزى وعائشة أم المؤمنين أن رسول‬
‫كممان يقممرأ فممي المموتر بسممبح اسممم ربممك‬ ‫اللممه‬
‫العلى وقل يا أيها الكافرون وقل هممو اللممه أحممد‬
‫زادت عائشة والمعوذتين وهكذا روي هذا الحديث‬
‫مممن طريممق جممابر وأبممي أمامممة صممدي بممن عجلن‬
‫وعبد الله بن مسعود وعمران بممن حصممين وعلممي‬
‫بممن أبممي طممالب رضممي اللممه عنهممم ولممول خشممية‬
‫الطالممة لوردنمما ممما تيسممر لنمما مممن أسممانيد ذلممك‬
‫ومتونه ولكن في الرشاد بهممذا الختصممار كفايممة‬
‫واللممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممه‬
‫أعلم بسم الله الرحمن الرحيم قال المام أحمممد‬
‫حدثنا أبو عبممد الرحمممن حممدثنا موسممى يعنممي بممن‬
‫أيوب الغافقي حدثنا عمي إياس بن عامر سمعت‬
‫عقبة بن عامر الجهني لما نزلممت ) فسممبح باسممم‬
‫اجعلوهمما‬ ‫ربك العظيم ( قممال لنمما رسممول اللممه‬
‫فممي ركمموعكم فلممما نزلممت ) سممبح اسممم ربممك‬
‫العلى ( قال اجعلوهما فمي سمجودكم ورواه أبمو‬
‫داود ‪ 869‬وبن ماجة ‪ 887‬من حديث بممن المبممارك‬
‫عن موسى بن أيوب به وقال المام أحمممد ‪1232‬‬
‫حدثنا وكيع حدثنا إسرائيل عن أبممي إسممحاق عممن‬
‫مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن بممن عبمماس‬
‫كان إذا قممرأ ) سممبح اسممم ربممك‬ ‫أن رسول الله‬
‫العلى ( قال سممبحان ربممي العلممى وهكممذا رواه‬
‫أبو داود ‪ 883‬عن زهيممر بممن حممرب عممن وكيممع بممه‬
‫قال وخولف فيه وكيع رواه أبو وكيع وشعبة عممن‬
‫أبي إسحاق عممن سممعيد عممن بممن عبمماس موقوفمما‬
‫وقممال الثمموري عممن السممدي عممن عبممد خيممر قممال‬
‫سمعت عليا قرأ ) سبح اسم ربك العلى ( فقال‬
‫سبحان ربي العلممى وقممال بممن جريممر حممدثنا بممن‬
‫حميد حدثنا حكام عممن عنبسممة عممن أبممي إسممحاق‬

‫‪991‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الهمداني أن بن عباس كان إذا قرأ ) سممبح اسممم‬
‫ربك العلى ( يقول سبحان ربي العلى وإذا قرأ‬
‫) ل أقسم بيوم القيامة ( فأتى‬
‫على آخرهمما ) أليممس ذلممك بقممادر علممى أن يحيممي‬
‫الممموتى ( يقممول سممبحانك وبلممى وقممال قتممادة‬
‫) سبح اسم ربك العلى ( ذكر لنا أن نبي الله‬
‫كان إذا قرأها قال سممبحان ربممي العلممى وقمموله‬
‫تعممالى ) الممذي خلممق فسمموى ( أي خلممق الخليقممة‬
‫وسوى كممل مخلمموق فممي أحسممن الهيئات وقمموله‬
‫تعالى ) والممذي قممدر فهممدى ( قممال مجاهممد هممدى‬
‫النسمممان للشمممقاوة والسمممعادة وهمممدى النعمممام‬
‫لمراتعهمما وهممذه اليممة كقمموله تعممالى إخبممارا عممن‬
‫موسى أنه قال لفرعون ) ربنا الممذي أعطممى كممل‬
‫شمميء خلقممه ثممم هممدى ( أي قممدر قممدرا وهممدى‬
‫الخلئق إليه كممما ثبممت فممي صممحيح مسمملم ‪2653‬‬
‫قممال إن‬ ‫عن عبد الله بن عمرو أن رسول اللممه‬
‫الله قدر مقادير الخلئق قبل أن يخلق السماوات‬
‫والرض بخمسين ألممف سممنة وكممان عرشممه علممى‬
‫الماء وقوله تعالى ) والممذي أخممرج المرعممى ( أي‬
‫من جميع صنوف النباتات والزروع ) فجعله غثمماء‬
‫أحمموى ( قممال بممن عبمماس هشمميما متغيممرا وعممن‬
‫مجاهد وقتادة وبن زيد نحوه قال بن جرير وكممان‬
‫بعض أهل العلممم بكلم العممرب يممرى أن ذلممك مممن‬
‫المممؤخر الممذي معنمماه التقممديم وأن معنممى الكلم‬
‫والذي أخرج المرعممى أحمموى أخضممر إلممى السممواد‬
‫فجعله غثاء بعد ذلك ثم قال بن جريممر وهممذا وإن‬
‫كان محتمل إل أنه غيممر صممواب لمخممالفته أقمموال‬
‫أهممل التأويممل وقمموله تعممالى ) سممنقرئك ( أي يمما‬
‫محمد ) فل تنسى ( وهذا إخبممار مممن اللممه تعممالى‬
‫ووعد منه له بأنه سمميقرئه قممراءة ل ينسمماها ) إل‬
‫ما شاء الله ( وهذا اختيار بن جريممر وقممال قتممادة‬

‫‪992‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ل ينسى شيئا إل ما شاء اللممه‬ ‫كان رسول الله‬
‫وقيل المممراد بقمموله ) فل تنسممى ( طلممب وجعممل‬
‫معنى الستثناء على هذا ما يقع من النسخ أي ل‬
‫تنسى ما نقرئك إل ما يشاء الله رفعممه فل عليممك‬
‫أن تممتركه وقمموله تعممالى ) إنممه يعلممم الجهممر وممما‬
‫يخفى ( أي يعلم ما يجهر به العبمماد وممما يخفممونه‬
‫من أقوالهم وأفعممالهم ل يخفممى عليممه مممن ذلممك‬
‫شمميء وقمموله تعممالى ) ونيسممرك لليسممرى ( أي‬
‫نسهل عليممك أفعممال الخيممر وأقممواله ونشممرع لممك‬
‫شرعا سهل سمحا مستقيما عممدل لاعوجمماج فيممه‬
‫ول حرج ول عسر وقوله تعالى ) فذكر إن نفعممت‬
‫الذكرى ( أي ذكر حيث تنفع التذكرة ومن ها هنمما‬
‫يؤخذ الدب في نشممر العلممم فل يضممعه عنممد غيممر‬
‫أهله كما قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه‬
‫ما أنت بمحدث قومما حمديثا ل تبلغممه عقممولهم إل‬
‫كان فتنة لبعضهم وقال حدث الناس بما يعرفون‬
‫أتحبممون أن يكممذب اللممه ورسمموله وقمموله تعممالى‬
‫) سيذكر من يخشممى ( أي سمميتعظ بممما تبلغممه يمما‬
‫محمد مممن قلبممه يخشممى اللممه ويعلممم أنممه ملقيممه‬
‫) ويتجنبها الشقى الذي يصلى النار الكممبرى ثممم‬
‫ل يموت فيها ول يحيممى ( أي ل يممموت فيسممتريح‬
‫ول يحيى حيمماة تنفعممه بممل هممي مضممرة عليممه لن‬
‫بسممببها يشممعر ممما يعمماقب بممه مممن أليممم العممذاب‬
‫وأنواع النكال قال المام أحمد ‪ 35‬حدثنا بن أبممي‬
‫عدي عن سليمان يعني الممتيمي عممن أبممي نضممرة‬
‫أممما أهممل‬ ‫عن أبي سعيد قال قال رسول اللممه‬
‫النار الذين هم أهلها ل يموتممون ول يحيممون وأممما‬
‫أناس يريد الله بهم الرحمممة فيميتهممم فممي النممار‬
‫فيدخل عليهممم الشممفعاء فيأخممذ الرجممل الضممبارة‬
‫فينبتهم أو قممال ينبتممون فممي نهممر الحيمما أو قممال‬
‫الحياة أو قال الحيوان أو قال نهر الجنة فينبتون‬

‫‪993‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نبات الحبة في حميل السيل قال وقال النبي‬
‫أما ترون الشجرة تكون خضراء ثم تكممون صممفراء‬
‫ثم تكون خضراء قال فقممال بعضممهم كممأن النممبي‬
‫كممان بالباديممة وقممال أحمممد أيضمما ‪ 311‬حممدثنا‬
‫إسماعيل حدثنا سعيد بن يزيد عن أبي نضرة عن‬
‫أممما‬ ‫أبي سعيد الخدري قال قممال رسممول اللممه‬
‫أهل النار الذين هم أهلها فإنهم ل يموتون فيهمما‬
‫ول يحيون ولكن أناس أو كما قال تصمميبهم النممار‬
‫بذنوبهم أو قال بخطاياهم فيميتهممم إماتممة حممتى‬
‫إذا صاروا فحممما أذن فممي الشممفاعة فجيممء بهممم‬
‫ضبائر ضبائر فبثوا علممى أنهممار الجنممة فيقممال يمما‬
‫أهل الجنة أفيضمموا عليهممم فينبتممون نبممات الحبممة‬
‫تكون فممي حميممل السمميل قممال فقممال رجممل مممن‬
‫كممان بالباديممة‬ ‫القمموم حينئذ كممأن رسممول اللممه‬
‫ورواه مسلم ‪ 185‬من حممديث بشممر بممن المفضممل‬
‫وشعبة كلهما عن أبي سلمة سعيد بممن يزيممد بممه‬
‫مثله ورواه أحمد ‪ 320‬أيضا عن يزيممد عممن سممعيد‬
‫بن إياس الجريري عن أبي نضرة عن أبممي سممعيد‬
‫قال إن أهل النار الذين ل يريد اللممه‬ ‫عن النبي‬
‫إخراجهممم ل يموتممون فيهمما ول يحيممون وإن أهممل‬
‫النار الذين يريد الله إخراجهم يميتهم فيها إماتممة‬
‫حتى يصيروا فحما ثممم يخرجممون ضممبائر فيلقممون‬
‫على أنهار الجنة فيرش عليهممم مممن أنهممار الجنممة‬
‫فينبتون كما تنبت الحبة في حميممل السمميل وقممد‬
‫قال الله تعالى إخبارا عن أهل النممار ) ونممادوا يمما‬
‫مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون ( وقممال‬
‫تعممالى ) ل يقضممى عليهممم فيموتمموا ول يخفممف‬
‫عنهم من عذابها ( إلى غير ذلك من‬
‫اليمممممممممات فمممممممممي همممممممممذا المعنمممممممممى‬
‫(‬ ‫‪19‬‬ ‫‪14‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪87‬‬

‫‪994‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقممول تعممالى ) قممد أفلممح مممن تزكممى ( أي طهممر‬
‫نفسه مممن الخلق الرذيلممة وتممابع ممما أنممزل اللممه‬
‫على الرسول صلوات الله وسمملمه عليممه ) وذكممر‬
‫اسم ربه فصلى ( أي أقممام الصمملة فممي أوقاتهمما‬
‫ابتغمماء رضمموان اللممه وطاعممة لمممر اللممه وامتثممال‬
‫لشرع الله وقد قال الحافظ أبو بكر البزار ‪2284‬‬
‫حدثنا عباد بن أحمد العزرمي حممدثنا عمممي محمممد‬
‫بن عبد الرحمن عن أبيه عممن عطمماء بممن السممائب‬
‫عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر بن عبد اللممه‬
‫قال ) قد أفلح من تزكى ( قال مممن‬ ‫عن النبي‬
‫شهد أن ل إله إل اللمه وخلمع النمداد وشمهد أنمي‬
‫رسول الله ) وذكر اسم ربممه فصمملى ( قممال هممي‬
‫الصلوات الخمممس والمحافظممة عليهمما والهتمممام‬
‫بها ثم قال ل يروى عن جابر إل مممن هممذا المموجه‬
‫وكذا قمال بمن عبماس أن المممراد بممذلك الصملوات‬
‫الخمس واختاره بن جرير وقال بن جرير حممدثني‬
‫عمرو بن عبمد الحميمد الملمي حمدثنا ممروان بمن‬
‫معاوية عن أبي خلدة قال دخلت على أبي العالية‬
‫فقال لي إذا غدوت غدا إلى العيد فمر بممي قممال‬
‫فمررت به فقال هل طعمت شيئا قلت نعم قممال‬
‫أفضممت علممى نفسممك مممن الممماء قلممت نعممم قممال‬
‫فأخبرني ما فعلت زكاتك قلت قممد وجهتهمما قممال‬
‫إنما أردتك لهذا ثم قرأ ) قد أفلح من تزكى وذكر‬
‫اسم ربه فصلى ( وقال إن أهل المدينة ل يممرون‬
‫صدقة أفضل منها ومن سممقاية الممماء قلممت وقممد‬
‫روينا عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيممز أنممه‬
‫كان يأمر الناس بإخراج صدقة الفطر ويتلو هممذه‬
‫الية ) قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى (‬
‫وقال أبو الحوص إذا أتى أحدكم سائل وهو يريد‬
‫الصلة فليقدم بيمن يمدي صملته زكماة فمإن اللمه‬
‫تعالى يقول ) قد أفلح من تزكى وذكر اسممم ربممه‬
‫فصلى ( وقال قتادة في هذه الية ) قد أفلح من‬

‫‪995‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تزكى وذكر اسم ربه فصلى ( زكى ماله وأرضممى‬
‫خالقه ثم قال تعالى ) بل تؤثرون الحياة الممدنيا (‬
‫أي تقممدمونها علممى أمممر الخممرة وتبممدونها علممى‬
‫مافيه نفعكم وصمملحكم فممي معاشممكم ومعممادكم‬
‫) والخرة خير وأبقى ( أي ثواب اللممه فممي الممدار‬
‫الخرة خير من الممدنيا وأبقممى فممإن الممدنيا فانيممة‬
‫والخرة شريفة باقية فكيف يؤثر عاقل ما يفنى‬
‫على ما يبقى ويهتم بما يزول عنه قريبمما ويممترك‬
‫الهتمام بممدار البقمماء والخلممد قممال المممام أحمممد‬
‫‪ 671‬حدثنا حسين بن محمد حدثنا ذويد عممن أبممي‬
‫إسحاق عن عروة عن عائشة قممالت قممال رسممول‬
‫الدنيا دار من ل دار له ومال من ل مال له‬ ‫الله‬
‫ولها يجمع من ل عقل له وقال بممن جريممر حممدثنا‬
‫بن حميد حدثنا يحيى بن واضح حممدثنا أبممو حمممزة‬
‫عن عطاء عن عرفجة الثقفي قال استقرأت بممن‬
‫مسعود ) سبح اسم ربك العلى ( فلما بلممغ ) بممل‬
‫تؤثرون الحياة الدنيا ( ترك القراءة وأقبممل علممى‬
‫أصحابه وقمال آثرنما الممدنيا علمى الخممرة فسمكت‬
‫القوم فقال آثرنا الدنيا لنا رأينا زينتها ونساءها‬
‫وطعامها وشممرابها وزويممت عنمما الخممرة فاخترنمما‬
‫هذا العاجل وتركنمما الجممل وهممذا منممه علممى وجممه‬
‫التواضع والهضم أو هممو إخبممار عممن الجنممس مممن‬
‫حيث هو والله أعلم وقد قال المام أحمممد ‪4412‬‬
‫حدثنا سليمان بن داود الهاشمي حدثنا إسماعيل‬
‫بممن جعفممر أخممبرني عمممرو بممن أبممي عمممرو عممن‬
‫المطلب بن عبد الله عممن أبممي موسممى الشمعري‬
‫قال من أحب دنياه أضر بآخرته‬ ‫أن رسول الله‬
‫ومن أحب آخرته أضر بدنياه فآثروا ما يبقى على‬
‫ما يفنى تفرد به أحمد وقممد رواه أيضمما عممن أبممي‬
‫سلمة الخزاعي عن الدراوردي عن عمرو بن أبي‬
‫عمرو به مثله سواء وقوله تعالى ) إن هممذا لفممي‬
‫الصحف الولى صممحف إبراهيممم وموسممى ( قممال‬

‫‪996‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الحافظ أبو بكر البزار ‪ 2285‬حدثنا نصر بن علممي‬
‫حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عممن عطمماء بممن‬
‫السائب عن عكرمة عن بن عباس قال لما نزلممت‬
‫) إن هممذا لفممي الصممحف الولممى صمحف إبراهيممم‬
‫كان كل هذا أو كان هممذا‬ ‫وموسى ( قال النبي‬
‫في صحف إبراهيم وموسى ثم قال ل نعلم أسند‬
‫الثقات عن عطاء بن السائب عن عكرمة عن بممن‬
‫عباس غير هذا وحديثا آخر رواه مثل هذا‬
‫وقال النسائي أخبرنا زكريا بن يحيى أخبرنا نصر‬
‫بن علي حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيممه عممن‬
‫عطاء بن السائب عن عكرمة عن بن عباس قممال‬
‫لما نزلت ) سبح اسممم ربممك العلممى ( قممال كلهمما‬
‫فمممي صمممحف إبراهيمممم وموسمممى ولمممما نزلمممت‬
‫) وإبراهيم الذي وفى ( قمال وفمى إبراهيمم ) أل‬
‫تزر وازرة وزر أخرى ( يعني أن هذه الية كقمموله‬
‫تعمالى فممي سممورة النجممم ) أم لممم ينبممأ بمما فمي‬
‫صحف موسى وإبراهيم الذي وفى أل تممزر وازرة‬
‫وزر أخرى وأن ليممس للنسممان إل ممما سممعى وأن‬
‫سعيه سوف يرى ثممم يجممزاه الجممزاء الوفممى وأن‬
‫إلى ربك المنتهممى ( اليممات إلممى آخرهممن وهكممذا‬
‫قال عكرمة فيما رواه بن جرير عن بن حميد عن‬
‫مهران عن سفيان الثوري عن أبيممه عممن عكرمممة‬
‫في قوله تعالى ) إن هممذا لفممي الصممحف الولممى‬
‫صحف إبراهيم وموسى ( يقول اليات التي فممي‬
‫) سبح اسم ربك العلى ( وقال أبو العالية قصممة‬
‫هذه السورة في الصحف الولى واختار بن جرير‬
‫أن المراد بقوله إن هممذا إشممارة إلممى قمموله ) قممد‬
‫أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون‬
‫الحياة الدنيا والخرة خير وأبقى ( ثم قال تعالى‬
‫) إن هذا ( أي مضمون هذا الكلم ) لفي الصحف‬
‫الولممى صممحف إبراهيممم وموسممى ( وهممذا الممذي‬
‫اختاره حسن قوي وقد روي عن قتادة وبممن زيممد‬

‫‪997‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نحممممممممممممممموه واللمممممممممممممممه أعلمممممممممممممممم‬
‫‪88‬‬
‫) سورة الغاشية (‬

‫(‬ ‫‪7‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليمممممممممات ) ‪88‬‬


‫مقدمة تفسير سورة سبح ولله الحمد والمنة وبه‬
‫التوفيممق والعصمممة تفسممير سممورة الغاشممية قممد‬
‫تقدم عن النعممان بمن بشمير أن رسمول اللمه‬
‫كان يقرأ بسبح اسم ربك العلممى والغاشممية فممي‬
‫صمملة العيممد ويمموم الجمعممة وقممال المممام مالممك‬
‫‪ 1111‬عن ضمرة بن سعيد عن عبيد الله بن عبممد‬
‫الله أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشممير‬
‫يقرأ في الجمعة مع سورة‬ ‫بم كان رسول الله‬
‫الجمعة قال هل أتاك حممديث الغاشممية ورواه أبممو‬
‫داود ‪ 1123‬عممن القعنممبي والنسممائي عممن قتيبممة‬
‫كلهما عن مالك به ورواه مسلم ‪ 878‬وبن ماجممة‬
‫‪ 1119‬من حديث سفيان بن عيينة عن ضمرة بممن‬
‫سمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممعيد‬
‫به بسم الله الرحمن الرحيم الغاشية مممن أسممماء‬
‫يوم القيامة قاله بن عباس وقتادة وبن زيد لنها‬
‫تغشى الناس وتعمهممم وقممد قمال بمن أبمي حماتم‬
‫حدثنا أبي حدثنا علي بن محمد الطنافسي حممدثنا‬
‫أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن عمممرو بممن‬
‫علممى امممرأة تقممرأ ) هممل‬ ‫ميمون قال مر النبي‬
‫أتاك حديث الغاشية ( فقام يسممتمع ويقممول نعممم‬
‫قد جاءني وقوله تعالى ) وجمموه يممومئذ خاشممعة (‬
‫أي ذليلة قاله قتادة وقال بممن عبمماس تخشممع ول‬
‫ينفعها عملها وقوله تعممالى ) عاملممة ناصممبة ( أي‬
‫قد عملت عمل كممثيرا ونصممبت فيممه وصممليت يمموم‬
‫القيامة نارا حامية قال الحافظ أبو بكر البرقاني‬

‫‪998‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حدثنا إبراهيم بن محمد المزكى حدثنا محمممد بممن‬
‫إسحاق السراج حدثنا هارون بن عبممد اللممه حممدثنا‬
‫سيار حدثنا جعفر قال سمعت أبا عمران الجوني‬
‫يقول مر عمر بن الخطاب رضي الله تعممالى عنممه‬
‫بدير راهب قممال فنمماداه يمما راهممب فأشممرف قممال‬
‫فجعل عمر ينظر إليه ويبكممي فقيممل لممه يمما أميممر‬
‫المؤمنين ما يبكيك من هذا قال ذكرت قول اللممه‬
‫عز وجل فممي كتممابه ) عاملممة ناصممبة تصمملى نممارا‬
‫حامية ( فذاك الذي أبكمماني وقممال البخمماري قممال‬
‫بن عباس ) عاملة ناصبة ( النصارى وعن عكرمممة‬
‫والسمممدي ) عاملمممة ( فمممي المممدنيا بالمعاصمممي‬
‫) ناصبة ( فممي النممار بالعممذاب والهلك قممال بممن‬
‫عباس والحسن وقتادة ) تصلى نممارا حاميممة ( أي‬
‫حارة شديدة الحر ) تسقى من عين آنية ( أي قممد‬
‫انتهى حرهمما وغليانهمما قمماله بممن عبمماس ومجاهممد‬
‫والحسن والسدي وقوله تعالى ) ليس لهم طعام‬
‫إل من ضريع ( قال علي بن أبي طلحممة عممن بممن‬
‫عباس شجر من النار وقال سممعيد بممن جممبير هممو‬
‫الزقمموم وعنممه أنهمما الحجممارة وقممال بممن عبمماس‬
‫ومجاهد وعكرمة وأبو الجوزاء وقتادة هو الشبرق‬
‫قال قتممادة قريممش تسممميه فممي الربيممع الشممبرق‬
‫وفي الصمميف الضممريع قممال عكرمممة وهممو شممجرة‬
‫ذات شمموك لطئة بممالرض وقممال البخمماري قممال‬
‫مجاهد الضريع نبت يقال له الشبرق يسميه أهممل‬
‫الحجاز الضريع‬
‫إذا يبس وهو سم وقال معمر عممن قتممادة ) ليممس‬
‫لهم طعام إل من ضممريع ( هممو الشممبرق إذا يبممس‬
‫سمي الضريع وقال سعيد عن قتادة ) ليس لهممم‬
‫طعام إل من ضممريع ( مممن شممر الطعممام وأبشممعه‬
‫وأخبثممه وقمموله تعممالى ) ل يسمممن ول يغنممي مممن‬
‫جوع ( يعني ل يحصممل بممه مقصممود ول ينممدفع بممه‬
‫محمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممذور‬

‫‪999‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫(‬ ‫‪16‬‬ ‫‪8‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪88‬‬
‫لما ذكر حال الشقياء ثنى بذكر السعداء فقال )‬
‫وجمموه يممومئذ ( أي يمموم القيامممة ) ناعمممة ( أي‬
‫يعرف النعيم فيها وإنما حصل لهمما ذلممك بسممعيها‬
‫وقال سفيان ) لسعيها راضية ( قد رضيت عملها‬
‫وقوله تعالى ) في جنممة عاليممة ( أي رفيعممة بهيممة‬
‫في الغرفات آمنون ) ل تسمع فيها لغية ( أي ل‬
‫تسمع في الجنة الممتي هممم فيهمما كلمممة لغممو كممما‬
‫قال تعمالى ) ل يسمممعون فيهمما لغموا إل سمملما (‬
‫وقال تعالى ) ل لغو فيها ول تأثيم ( وقال تعالى‬
‫) ل يسمعون فيها لغوا ول تأثيممما إل قيل سمملما‬
‫سملما ( ) فيهما عيمن جاريممة ( أي سمارحة وهمذه‬
‫نكرة في سياق الثبممات وليممس المممراد بهمما عينمما‬
‫واحدة وإنما هذا جنس يعني فيها عيممون جاريممات‬
‫قال بن أبي حاتم قرئ على الربيممع بممن سممليمان‬
‫حدثنا أسد بن موسى حدثنا بن ثوبان عممن عطمماء‬
‫بن قرة عن عبد الله بن ضمممرة عممن أبممي هريممرة‬
‫أنهممار الجنممة تفجممر مممن‬ ‫قال قال رسول اللممه‬
‫تحت تلل أو من تحت جبال المسك ) فيهما سمرر‬
‫مرفوعة ( أي عالية ناعمة كثيرة الفرش مرتفعممة‬
‫السمك عليها الحور العيممن قممالوا فممإذا أراد ولممي‬
‫الله أن يجلس على تلك السممرر العاليممة تواضممعت‬
‫لممه ) وأكممواب موضمموعة ( يعنممي أوانممي الشممرب‬
‫معدة مرصدة لمن أرادهمما مممن أربابهمما ) ونمممارق‬
‫مصفوفة ( قال بن عباس النمارق الوسائد وكممذا‬
‫قال عكرمة وقتادة والضممحاك والسممدي والثمموري‬
‫وغيرهم وقوله تعالى ) وزرابي مبثوثة ( قال بن‬
‫عباس الزرابي البسط وكذا قممال الضممحاك وغيممر‬
‫واحد ومعنى ) مبثوثممة ( أي همما هنمما وههنمما لمممن‬
‫أراد الجلوس عليهما ونمذكر هما هنما همذا الحمديث‬
‫الذي رواه أبو بكر بن أبي داود حممدثنا عمممرو بممن‬
‫عثمممان حممدثنا أبممي عممن محمممد بممن مهمماجر عممن‬

‫‪1000‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الضممحاك المعممافري عممن سممليمان بممن موسممى‬
‫حدثني كريب أنه سمع أسامة بن زيد يقول قممال‬
‫أل هل من مشمر للجنة فإن الجنة‬ ‫رسول الله‬
‫ل خطر لها هممي ورب الكعبممة نممور يتلل وريحانممة‬
‫تهمتز وقصمر مشميد ونهمر مطمرد وثممرة نضميجة‬
‫وزوجة حسناء جميلة وحلل كثيرة ومقام في أبممد‬
‫في دار سممليمة وفاكهممة وخضممرة وحممبرة ونعمممة‬
‫في محلة عالية بهيممة قممالوا نعممم يمما رسممول اللممه‬
‫نحن المشمرون لها قال قولوا إن شاء الله قممال‬
‫القوم إن شمماء اللممه ورواه بممن ماجممة ‪ 4332‬عممن‬
‫العبمماس بممن عثمممان الدمشممقي عممن الوليممد بممن‬
‫مسممممملم بمممممن محممممممد بمممممن مهممممماجر بمممممه‬
‫(‬ ‫‪26‬‬ ‫‪17‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪88‬‬
‫يقول تعالى آمممرا عبمماده بممالنظر فممي مخلوقمماته‬
‫الدالة على قدرته وعظمتممه ) أفل ينظممرون إلممى‬
‫البل كيف خلقت ( فإنها خلممق عجيممب وتركيبهمما‬
‫غريب فإنها في غايممة القمموة والشممدة وهممي مممع‬
‫ذلك تلين للحمل الثقيل وتنقمماد للقممائد الضممعيف‬
‫وتؤكل وينتفع بوبرها ويشرب لبنها ونبهوا بممذلك‬
‫لن العرب غالب دوابهم كانت البل وكان شممريح‬
‫القاضي يقول أخرجوا بنا حتى ننظممر إلممى البممل‬
‫كيف خلقت وإلى السممماء كيممف رفعممت أي كيممف‬
‫رفعهمما اللممه عممز وجممل عممن الرض هممذا الرفممع‬
‫العظيممم كممما قممال تعممالى ) أفلممم ينظممروا إلممى‬
‫السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لهمما مممن‬
‫فروج ( ) وإلى الجبممال كيممف نصممبت ( أي جعلممت‬
‫منصوبة فإنها ثابتة راسية لئل تميد الرض بأهلها‬
‫وجعل فيها ما جعل من المنافع والمعادن ) وإلى‬
‫الرض كيف سممطحت ( أي كيممف بسممطت ومممدت‬
‫ومهدت فنبه البدوي على الستدلل بما يشمماهده‬
‫من بعيره الممذي هممو راكممب عليممه والسممماء الممتي‬
‫فمموق راسممه والجبممل الممذي تجمماهه والرض الممتي‬

‫‪1001‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تحته على قدرة خممالق ذلممك وصممانعه وأنممه الممرب‬
‫العظيم الخالق المالك المتصرف وأنه الله الممذي‬
‫ل يستحق العبادة سواه وهكذا أقسم ضمممام فممي‬
‫كما رواه المام أحمممد‬ ‫سؤاله على رسول الله‬
‫‪ 3143‬حيث قال حدثنا هاشم بممن القاسممم حممدثنا‬
‫سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قممال كنمما‬
‫نهينا أن نسأل رسول الله عن شيء فكان يعجبنا‬
‫أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقممل فيسممأله‬
‫ونحن نسمع فجاء رجل من أهل البادية فقال يمما‬
‫محمد إنه أتانا رسممولك فزعممم لنمما أنممك تزعممم أن‬
‫الله أرسلك قال صممدق قممال فمممن خلممق السممماء‬
‫قال الله قال فمممن خلممق الرض قممال اللممه قممال‬
‫فمن نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعممل قممال‬
‫الله قممال فبالممذي خلممق السممماء والرض ونصممب‬
‫هذه الجبممال آللممه أرسمملك قممال نعممم قممال وزعممم‬
‫رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنمما‬
‫قال صدق قال فبالذي أرسمملك آللممه أمممرك بهممذا‬
‫قال نعم قال وزعم رسولك أن علينمما زكمماة فممي‬
‫أموالنا قال صدق قال فبالذي أرسلك آلله أمممرك‬
‫بهذا قال نعم قمال وزعمم رسمولك أن علينما حمج‬
‫البيت من استطاع إليه سبيل قال صدق قممال ثممم‬
‫ولممى فقممال والممذي بعثممك بممالحق ل أزيممد عليهممن‬
‫إن‬ ‫شيئا ول انقممص منهممن شمميئا فقممال النممبي‬
‫صممدق ليممدخلن الجنممة وقممد رواه مسمملم ‪ 12‬عممن‬
‫عمرو الناقد عن أبي النضر هاشم بن القاسم به‬
‫وعلقه البخمماري ورواه الترمممذي ‪ 319‬والنسممائي‬
‫‪ 4121‬من حديث سليمان بممن المغيممرة بممه ورواه‬
‫المام أحمد ‪ 3168‬والبخمماري ‪ 63‬وأبممو داود ‪486‬‬
‫والنسممائي ‪ 4122‬وبممن ماجممة ‪ 1402‬مممن حممديث‬
‫الليث بن سعد عن سعيد المقبري عن شريك بمن‬
‫عبد الله بن أبي نمر عن أنممس بممه بطمموله وقممال‬
‫في آخره وأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني سممعد بممن‬

‫‪1002‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بكر وقال الحافظ أبو يعلى حممدثنا إسممحاق حممدثنا‬
‫عبد الله بن جعفر حدثني عبد الله بن دينممار عممن‬
‫كمثيرا مما كمان‬ ‫بن عمر قال كمان رسمول اللمه‬
‫يحدث عن امممرأة فممي الجاهليممة علممى رأس جبممل‬
‫معها بن صغير لها ترعى غنما فقال لها ابنهما يمما‬
‫أمه من خلقك قممالت اللممه قممال فمممن خلممق أبممي‬
‫قالت الله قال فمن خلقني قالت الله قال فمممن‬
‫خلق السماء قممالت اللممه قممال فمممن خلممق الرض‬
‫قالت الله قال فمن خلق الجبل قممالت اللممه قممال‬
‫فمن خلق هذه الغنم قالت الله قال فإني لسمع‬
‫لله شأنا وألقى نفسه من الجبل فتقطع قال بن‬
‫كثيرا ما يحدثنا هممذا قممال‬ ‫عمر كان رسول الله‬
‫بن دينار كان بن عمر كثيرا ممما يحممدثنا بهممذا فممي‬
‫إسممناده ضممعف وعبممد اللممه بممن جعفممر هممذا هممو‬
‫المديني ضممعفه ولممده المممام علممي بممن المممديني‬
‫وغيره وقوله تعالى ) فذكر إنما أنت مذكر لسممت‬
‫عليهم بمسيطر ( أي فذكر يمما محمممد النمماس بممما‬
‫أرسمملت بممه إليهممم ) فإنممما عليممك البلغ وعلينمما‬
‫الحساب ( ولهذا قال ) لسممت عليهممم بمصمميطر (‬
‫قال بن عباس ومجاهد وغيرهممما ) لسممت عليهممم‬
‫بجبار ( أي لست تخلق اليمان في قلوبهم وقال‬
‫بن زيد لست بالذي تكرههممم علممى اليمممان قممال‬
‫المام أحمد ‪ 3300‬حدثنا وكيممع عممن سممفيان عممن‬
‫أمممرت أن‬ ‫أبي الزبير عن جابر قال قممال قممال‬
‫أقاتممل النمماس حممتى يقولمموا لإلممه إل اللممه فممإذا‬
‫قالوها عصموا مني دماءهم وأممموالهم إل بحقهمما‬
‫وحسابهم على الله عز وجل ثم قرأ ) فذكر إنممما‬
‫انت مذكر لسممت عليهممم بمسمميطر ( وهكممذا رواه‬
‫مسمملم فممي كتمماب اليمممان ‪ 21‬والترمممذي ‪3341‬‬
‫والنسمممائي ‪ 11670‬فمممي كتممماب التفسمممير ممممن‬
‫سننيهما من حديث سفيان بن سممعيد الثمموري بممه‬

‫‪1003‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بهذه الزيادة وهذا الحديث مخرج فمي الصمحيحين‬
‫من رواية أبي هريرة بدون ذكر هذه الية وقمموله‬
‫تعالى ) إل من تولى وكفر ( أي تولى عن العمممل‬
‫بأركانه وكفر بالحق بجنانه ولسانه وهممذه كقمموله‬
‫تعالى ) فل صدق ول صلى ولكممن كممذب وتممولى (‬
‫ولهذا قممال ) فيعممذبه اللممه العممذاب الكممبر ( قممال‬
‫المام أحمد ‪ 5258‬حممدثنا قتيبممة حممدثنا ليممث عممن‬
‫سمعيد بمن أبمي هلل عممن علممي بمن خالمد أن ابما‬
‫أمامة الباهلي مر على خالد بن يزيممد بمن معاويممة‬
‫فسأله عن ألين كلمة سمعها من رسول اللممه‬
‫يقول أل كلكم يدخل‬ ‫فقال سمعت رسول الله‬
‫الجنة إل من شرد علممى اللممه شممراد البعيممر علممى‬
‫أهله تفرد بإخراجه المام أحمد ‪ 6184‬وعلي بممن‬
‫خالد هذا ذكره بن أبممي حمماتم عممن أبيممه ولممم يمزد‬
‫على ما ها هنا روى عن أبممي أمامممة وعنممه سممعيد‬
‫بن أبي هلل وقوله تعالى ) إن إلينا إيممابهم ( أي‬
‫مرجعهم ومنقلبهم ) ثم إن علينمما حسممابهم ( أي‬
‫نحن نحاسبهم علممى أعمممالهم ونجممازيهم بهمما إن‬
‫خيممممممممرا فخيممممممممر وإن شممممممممرا فشممممممممر‬
‫‪89‬‬
‫) سورة الفجر (‬

‫(‬ ‫‪14‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪89‬‬


‫مقدمة تفسير سورة الغاشية ولله الحمد والمنممة‬
‫تفسير سورة الفجر‬
‫قممال النسممائي ‪ 11673‬أخبرنمما عبممد الوهمماب بممن‬
‫الحكم أخبرني يحيى بن سعيد عممن سممليمان عممن‬
‫محارب بن دثار وأبي صالح عن جممابر قممال صمملى‬
‫معاذ صلة فجاء رجل فصلى معه فطممول فصمملى‬
‫في ناحية المسجد ثمم انصممرف فبلممغ ذلمك معماذا‬

‫‪1004‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فسمأل‬ ‫فقال منافق فمذكر ذلمك لرسمول اللمه‬
‫الفممتى فقممال يمما رسممول اللممه جئت أصمملي معممه‬
‫فطممول علممي فانصممرفت وصممليت فممي ناحيممة‬
‫المسممجد فعلفممت نمماقتي فقممال رسممول اللممه‬
‫أفتان يامعاذ أين أنت من سبح اسم ربك العلممى‬
‫والشمممس وضممحاها والفجممر والليممل إذا يغشممى‬
‫بسممممممممم اللممممممممه الرحمممممممممن الرحيممممممممم‬
‫أما الفجر فمعروف وهو الصممبح قمماله علممي وبممن‬
‫عباس وعكرمة ومجاهد والسممدي وعممن مسممروق‬
‫ومحمد بن كعب المراد به فجر يوم النحممر خاصممة‬
‫وهو خاتمممة الليممالي العشممر وقيممل المممراد بممذلك‬
‫الصلة التي تفعل عنده كما قمماله عكرمممة وقيممل‬
‫المراد به جميع النهار وهو رواية عن بن عباس )‬
‫والليالي العشر ( المراد بها عشر ذي الحجة كممما‬
‫قاله بن عباس وبن الزبيممر ومجاهممد وغيممر واحممد‬
‫من السلف والخلف وقد ثبت في صحيح البخاري‬
‫‪ 969‬عن بن عباس مرفوعما مما ممن أيمام العممل‬
‫الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه اليام يعنممي‬
‫عشر ذي الحجة قالوا ول الجهاد في سممبيل اللممه‬
‫قممال ول الجهمماد فممي سممبيل اللممه إل رجل خممرج‬
‫بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشمميء وقيممل‬
‫المراد بذلك العشر الول مممن المحممرم حكمماه أبممو‬
‫جعفر بن جرير ولم يعزه إلى أحممد وقممد روى أبممو‬
‫كدينة عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن بن‬
‫عباس ) وليال عشر ( قال هو العشممر الول مممن‬
‫رمضان والصحيح القول الول قال المممام أحمممد‬
‫‪ 3327‬حدثنا زيد بن الحباب حدثنا عياش بن عقبة‬
‫حدثني خير بن نعيم عن أبي الزبير عن جابر عممن‬
‫قممال إن العشممر عشممر الضممحى والمموتر‬ ‫النبي‬
‫يوم عرفممة والشممفع يمموم النحممر ورواه النسممائي‬
‫‪ 11672‬عن محمد بن رافع وعبممدة بممن عبممد اللممه‬

‫‪1005‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وكل منهما عن زيد بن الحباب به ورواه بن جرير‬
‫وبن أبي حاتم من حديث زيد بن الحباب به وهممذا‬
‫إسناد رجاله ل بأس بهممم وعنممدي أن المتممن فممي‬
‫رفعه نكارة والله أعلم وقمموله تعممالى ) والشممفع‬
‫والوتر ( قد تقدم في هذا الحديث أن المموتر يمموم‬
‫عرفة لكونه التاسع وأن الشفع يوم النحر لكممونه‬
‫العاشر وقاله بن عباس وعكرمة والضممحاك أيضمما‬
‫قول ثان وقمال بمن ابمي حماتم حمدثنا أبمو سمعيد‬
‫الشممج حممدثني عقبممة بممن خالممد عممن واصممل بممن‬
‫السممائب قممال سممألت عطمماء عممن قمموله تعممالى‬
‫) والشفع والوتر ( قلت صلتنا وترنا هذا قممال ل‬
‫ولكن الشفع يوم عرفة والوتر ليلة الضحى قول‬
‫ثالث قال بن أبي حاتم حدثنا محمد بن عمامر بمن‬
‫إبراهيم الصبهاني حدثني أبي عن النعمان يعني‬
‫بن عبد السلم عن أبي سممعيد بممن عمموف حممدثني‬
‫بمكة قممال سمممعت عبممد اللممه بممن الزبيممر يخطممب‬
‫الناس فقام إليه رجل فقممال يمما أميممر المممؤمنين‬
‫أخبرني عن الشممفع والمموتر فقممال الشممفع قممول‬
‫اللممه تعممالى ) فمممن تعجممل فممي يممومين فل إثممم‬
‫عليه ( والوتر قمموله تعممالى ) ومممن تممأخر فل إثممم‬
‫عليه ( وقال بن جريج أخبرني محمد بن المرتفممع‬
‫أنه سمع بممن الزبيممر يقممول الشممفع أوسممط أيممام‬
‫التشمممريق والممموتر آخمممر أيمممام التشمممريق وفمممي‬
‫الصحيحين من رواية أبي هريرة عن رسممول اللممه‬
‫إن لله تسعة وتسعين إسما مائة إل واحدا مممن‬
‫أحصاها دخل الجنة وهو وتر يحب الوتر قول رابع‬
‫قال الحسن البصري وزيد بن أسلم الخلق كلهممم‬
‫شفع ووتر أقسم تعالى بخلقه‬

‫وهممو روايممة عممن مجاهممد والمشممهور عنممه الول‬


‫وقال العوفي عن بن عباس ) والشممفع والمموتر (‬
‫قال الله وتممر واحممد وأنتممم شمفع ويقممال الشممفع‬

‫‪1006‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صلة الغداة والمموتر صملة المغممرب قمول خمامس‬
‫قال بن ابي حاتم حدثنا أبممو سممعيد الشممج حممدثنا‬
‫عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي يحيممى‬
‫عن مجاهد ) والشفع والوتر ( قال الشفع الممزوج‬
‫والمموتر اللممه عممز وجممل وقممال أبممو عبممد اللممه عممن‬
‫مجاهد الله الوتر وخلقممه الشممفع الممذكر والنممثى‬
‫وقال بن أبي نجيح عممن مجاهممد قمموله ) والشممفع‬
‫والمموتر ( كممل شمميء خلقممه اللممه شممفع السممماء‬
‫والرض والبر والبحر والجممن والنممس والشمممس‬
‫والقمر ونحو هذا ونحا مجاهد في هذا مما ذكمروه‬
‫في قوله تعالى ) ومن كل شمميء خلقنمما زوجيممن‬
‫لعلكممم تممذكرون ( أي لتعلممموا أن خممالق الزواج‬
‫واحممد قممول سممادس قممال قتممادة عممن الحسممن‬
‫والشفع والوتر هممو العممدد منممه شممفع ومنممه وتممر‬
‫قول سابع في الية الكريمة رواه بن أبممي حمماتم‬
‫وبن جرير من طريق بن جريج ثم قال بممن جريممر‬
‫خبر يؤيد القممول الممذي ذكرنمما‬ ‫وروي عن النبي‬
‫عن أبممي الزبيممر حممدثني عبممد اللممه بممن أبممي زيمماد‬
‫القطواني حدثنا زيد بمن الحبماب أخمبرني عيماش‬
‫بن عقبة حدثني خير بن نعيم عن أبي الزبير عممن‬
‫قممال الشممفع اليومممان‬ ‫جممابر أن رسممول اللممه‬
‫والوتر اليمموم الثممالث هكممذا ورد هممذا الخممبر بهممذا‬
‫اللفظ وهممو مخممالف لممما تقممدم مممن اللفممظ فممي‬
‫رواية أحمد والنسائي وبممن أبممي حمماتم وممما رواه‬
‫هو أيضا والله اعلم قال أبو العاليممة والربيممع بممن‬
‫أنس وغيرهما هي الصلة منهمما شممفع كالرباعيممة‬
‫والثنائية ومنها وتممر كممالمغرب فإنهمما ثلث وهممي‬
‫وتر النهار وكذلك صلة الوتر في آخر التهجد من‬
‫الليل وقد قال عبد الرزاق عن معمممر عممن قتممادة‬
‫عن عمران بن حصممين ) والشممفع والمموتر ( قممال‬
‫هي الصلة المكتوبة منها شفع ومنها وتممر وهممذا‬
‫منقطع وموقوف ولفظممه خمماص بالمكتوبممة وقممد‬

‫‪1007‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ولفظممه عممام‬ ‫روي متصل مرفوعمما إلممى النممبي‬
‫قال المام أحمد حممدثنا أبممو داود هممو الطيالسممي‬
‫حدثنا همام عن قتادة عن عمممران بممن عصممام أن‬
‫شمميخا حممدثه مممن أهممل البصممرة عممن عمممران بممن‬
‫حصين أن رسول الله صلى الله عليه وعلممى آلممه‬
‫وسلم سئل عن الشفع والوتر فقال هي الصمملة‬
‫بعضها شفع وبعضها وتر هكذا وقع فممي المسممند‬
‫وكذا رواه بن جرير عن بندار عن عفان وعن أبي‬
‫كريب عن عبيد الله بن موسى كلهما عن همممام‬
‫وهو بن يحيى عن قتادة عممن عمممران بممن عصممام‬
‫عن شيخ عن عمممران بممن حصممين وكممذا رواه أبممو‬
‫عيسى الترمذي ‪ 3342‬عن عمرو بن علي عن بن‬
‫مهدي وأبي داود كلهما عن همام عن قتادة عن‬
‫عمران بن عصام عن رجل من أهل البصممرة عممن‬
‫عمران بن حصين به ثم قمال غريمب ل نعرفممه إل‬
‫من حديث قتادة وقد رواه خالممد بممن قيممس أيضمما‬
‫عن قتادة وقد روي عممن عمممران بممن عصممام عممن‬
‫عمران نفسممه واللممه أعلممم قلممت ورواه بممن ابممي‬
‫حاتم حدثنا أحمد بن سنان الواسطي حدثنا يزيممد‬
‫بن هارون أخبرنا همام عن قتادة عن عمران بممن‬
‫عصام الضبعي شيخ من أهل البصرة عن عمممران‬
‫فمذكره هكمذا رأيتمه فمي‬ ‫بن حصين عن النمبي‬
‫تفسيره فجعممل الشمميخ البصممري هممو عمممران بممن‬
‫عصام وهكذا رواه بن جرير أخبرنا نصر بممن علممي‬
‫حدثني أبي حدثني خالد بن قيس عن قتممادة عممن‬
‫عممران بممن عصممام عممن عمممران بمن حصممين عممن‬
‫في الشفع والوتر قال هي الصلة منها‬ ‫النبي‬
‫شممفع ومنهمما وتممر فأسممقط ذكممر الشمميخ المبهممم‬
‫وتفرد به عمران بن عصممام الضممبعي أبممو عمممارة‬
‫البصري إمام مسجد بني ضممبيعة وهممو والممد أبممي‬
‫جمرة نصر بن عمممران الضممبعي روى عنممه قتممادة‬

‫‪1008‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وابنه أبو جممرة والمثنممى بممن سمعيد وأبمو التيمماح‬
‫يزيد بن حميد وذكره بن حبان في كتمماب الثقممات‬
‫وذكره خليفة بممن خيمماط فممي التممابعين مممن أهممل‬
‫البصرة وكان شريفا نبيل حظيا عنممد الحجمماج بممن‬
‫يوسف ثم قتله يوم الزاويممة سممنة ثلث وثمممانين‬
‫لخروجه مع بن الشعث وليس لممه عنممد الترمممذي‬
‫سوى هذا الحديث الواحد وعندي أن وقفممه علممى‬
‫عمران بن حصين أشبه والله أعلم ولم يجزم بممن‬
‫جرير بشيء من هذه القوال في الشفع والمموتر‬
‫وقوله تعالى ) والليل إذا يسر ( قال العوفي عن‬
‫بن عباس أي إذا ذهب وقال عبد الله بن الزبيمر )‬
‫والليل إذا يسر ( حتى يذهب بعضممه بعضمما وقممال‬
‫مجاهد وأبو العاليممة وقتممادة ومالممك عممن زيممد بممن‬
‫أسلم وبن زيد ) والليل إذا يسممر ( إذا سممار وهممذا‬
‫يمكن حملممه علممى ممما قممال بممن عبمماس أي ذهممب‬
‫ويحتمل أن يكون المممراد إذا سممار أي أقبممل وقممد‬
‫يقممال إن هممذا أنسممب لنممه فممي مقابلممة قمموله‬
‫) والفجر ( فإن الفجممر هممو إقبممال النهممار وإدبممار‬
‫الليل فإذا حمممل قمموله ) والليممل إذا يسممر ( علممى‬
‫إقبمماله كممان قسممما بإقبممال الليممل وإدبممار النهممار‬
‫وبالعكس كقوله ) والليل إذا عسعس والصممبح إذا‬
‫تنفس ( وكذا قال الضحاك ) والليل إذا يسر ( أي‬
‫يجري وقال عكرمة ) والليل إذا يسر ( يعني ليلة‬
‫جمع ليلة المزدلفة رواه بن جرير وبن أبي حمماتم‬
‫ثم قال بن أبي حاتم حدثنا أحمد بن عصام حدثنا‬
‫أبو عامر عن كثير بممن عبممد اللممه بممن عمممرو قممال‬
‫سمعت محمد بن كعب القرظي يقول فممي قمموله‬
‫) والليل إذا يسر ( قال أسممر ياسممار ول تممبين إل‬
‫بجمع وقوله تعممالى ) هممل فممي ذلممك قسممم لممذي‬
‫حجر ( أي لذي عقل ولب ودين وحجا وإنما سمي‬
‫العقل حجرا لنه يمنع النسان من تعمماطي ممما ل‬
‫يليق به من الفعال والقموال ومنمه حجمر المبيت‬

‫‪1009‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لنه يمنع الطائف مممن اللصمموق بجممداره الشممامي‬
‫ومنه حجر اليمامممة وحجممر الحمماكم علممى فلن إذا‬
‫منعه التصممرف ) ويقولممون حجممرا محجممورا ( كممل‬
‫هذا من قبيل واحد ومعنى متقارب وهذا القسممم‬
‫هو بأوقات العبادة وبنفس العبادة من حج وصلة‬
‫وغير ذلك من أنواع القرب التي يتقرب بهمما إليممه‬
‫عبمماده المتقممون المطيعممون لممه الخممائفون منممه‬
‫المتواضعون لديه الخاشعون لوجهه الكريم ولممما‬
‫ذكر هؤلء وعبادتهم وطاعتهم قال بعده ) ألم تر‬
‫كيف فعل ربك بعاد ( وهؤلء كانوا متمردين عتاة‬
‫جبممارين خممارجين عممن طمماعته مكممذبين لرسممله‬
‫جاحدين لكتبه فذكر تعالى كيف أهلكهم ودمرهم‬
‫وجعلهم أحاديث وعبرا فقال ) ألم تر كيف فعممل‬
‫ربك بعمماد إرم ذات العممماد ( وهممؤلء عمماد الولممى‬
‫وهم ولد عاد بن إرم بن عوص بن سممام بممن نمموح‬
‫قمماله بممن إسممحاق وهممم الممذين بعممث اللممه فيهممم‬
‫رسمموله هممودا عليممه السمملم فكممذبوه وخممالفوه‬
‫فأنجماه اللمه ممن بيمن أظهرهمم وممن آممن معمه‬
‫منهم وأهلكهم بريح صرصر عاتية سخرها عليهممم‬
‫سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيهمما‬
‫صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهممل تممرى لهممم‬
‫من باقية وقد ذكر الله قصتهم في القممرآن فممي‬
‫غير ما موضع ليعتبر بمصرعهم المؤمنون فقوله‬
‫تعممالى ) إرم ذات العممماد ( عطممف بيممان زيممادة‬
‫تعريف بهم وقمموله تعممالى ) ذات العممماد ( لنهممم‬
‫كانوا يسكنون بيوت الشعر التي ترفممع بالعمممدة‬
‫الشداد وقد كانوا أشد الناس في زمممانهم خلقممة‬
‫وأقواهم بطشا ولهذا ذكرهممم هممود بتلممك النعمممة‬
‫وأرشدهم إلى أن يسممتعملوها فممي طاعممة ربهممم‬
‫الذي خلقهممم فقممال ) واذكممروا إذ جعلكممم خلفمماء‬
‫مممن بعممد قمموم نمموح وزادكممم فممي الخلممق بسممطة‬
‫فاذكروا آلء الله ول تعثوا في الرض مفسدين (‬

‫‪1010‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال تعالى ) فأممما عمماد فاسممتكبروا فممي الرض‬
‫بغير الحق وقالوا من اشد منا قوة أو لم يروا أن‬
‫الله الذي خلقهم هو أشد منهم قمموة ( وقممال همما‬
‫هنا ) التي لم يخلق مثلها في البلد ( أي القبيلممة‬
‫التي لم يخلق مثلها في بلدهم لقوتهم وشدتهم‬
‫وعظم تركيبهم قال مجاهد إرم أمة قديمة يعنممي‬
‫عادا الولى قال قتادة بن دعامة والسدي أن إرم‬
‫بيت مملكة عاد وهذا قول حسن جيد قوي وقممال‬
‫مجاهد وقتادة والكلبي في قمموله ) ذات العممماد (‬
‫كانوا أهل عمد ل يقيمون وقال العوفي عممن بممن‬
‫عباس إنما قيل لهم ذات العماد لطممولهم واختممار‬
‫الول بن جرير ورد الثاني فأصاب وقوله تعالى )‬
‫التي لممم يخلممق مثلهمما فممي البلد ( أعمماد بممن زيممد‬
‫الضمير على العماد لرتفاعهمما وقممال بنمموا عمممدا‬
‫بالحقاف لم يخلق مثلهمما فممي البلد وأممما قتممادة‬
‫وبممن جريممر فأعمماد الضمممير علممى القبيلممة أي لممم‬
‫يخلممق مثممل تلممك القبيلممة فممي البلد يعنممي فممي‬
‫زمانهم وهذا القول هو الصممواب وقممول بممن زيممد‬
‫ومن ذهب مذهبه ضعيف لنه لو كان المراد ذلممك‬
‫لقال التي لم يعمل مثلها فممي البلد وإنممما قممال‬
‫) لم يخلق مثلها في البلد ( وقال بن أبممي حمماتم‬
‫حدثنا أبي حممدثنا أبممو صممالح كمماتب الليممث حممدثني‬
‫معاوية بن صممالح عمممن حممدثه عممن المقممدام عممن‬
‫أنممه ذكممر إرم ذات العممماد فقممال كممان‬ ‫النممبي‬
‫الرجل منهم يأتي علممى الصممخرة فيحملهمما علممى‬
‫الحي فيهلكهم ثم قال بن أبي حاتم حممدثنا علممي‬
‫بن الحسممين حممدثنا أبممو الطمماهر حممدثنا أنممس بممن‬
‫عياض عن ثور بن زيد الديلي قال قرأت كتابا قد‬
‫سمى حيممث قممرأه أنمما شممداد بممن عمماد وأنمما الممذي‬
‫رفعت العماد وأنا الذي شددت بذراعي نظر واحد‬
‫وأنا الذي كنزت كنزا علممى سممبعة أذرع ل يخرجممه‬
‫قلت فعلى كل قول سواء كممانت‬ ‫إل أمة محمد‬

‫‪1011‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العممماد أبنيممة بنوهمما أو أعمممدة بيمموتهم للبممدو أو‬
‫سلحا يقمماتلون بممه أو طممول الواحممد منهممم فهممم‬
‫قبيلممة وأمممة مممن المممم وهممم المممذكورون فممي‬
‫القرآن في غير ما موضع المقرونون بثمود كممما‬
‫ها هنا واللممه أعلممم ومممن زعممم ان المممراد بقمموله‬
‫) إرم ذات العماد ( مدينة إما دمشق كما روي عن‬
‫سعيد بن المسيب وعكرمة أو اسكندرية كما روي‬
‫عن القرظمي أو غيرهمما ففيمه نظمر فمإنه كيمف‬
‫يلتئم الكلم على هذا ) ألممم تممر كيممف فعممل ربممك‬
‫بعاد إرم ذات العماد ( إن جعل ذلك بدل أو عطف‬
‫بيان فإنه ل يتسق الكلم حينئذ ثم المراد إنما هو‬
‫الخبار عن إهلك‬
‫القبيلة المسماة بعاد وما أحل الله بهم من بأسه‬
‫الممذي ل يممرد ل أن المممراد الخبممار عممن مدينممة أو‬
‫إقليم وإنما نبهت على ذلك لئل يغممتر بكممثير مممما‬
‫ذكره جماعة من المفسرين عنممد هممذه اليممة مممن‬
‫ذكر مدينة يقال لها إرم ذات العممماد مبنيممة بلبممن‬
‫الذهب والفضة قصورها ودورهمما وبسمماتينها وإن‬
‫حصممباءها للىءوجممواهر وترابهمما بنممادق المسممك‬
‫وأنهارهمما سممارحة وثمارهمما سمماقطة ودورهمما ل‬
‫أنيس بها وسورها وأبوابها تصممفر ليممس بهمما داع‬
‫ول مجيب وإنها تنتقل فتارة تكون بممأرض الشممام‬
‫وتارة باليمن وتارة بالعراق وتارة بغيممر ذلممك مممن‬
‫البلد فإن هذا كله من خرافات السرائيليين مممن‬
‫وضممع بعممض زنممادقتهم ليختممبروا بممذلك عقممول‬
‫الجهلة من النمماس أن تصممدقهم فممي جميممع ذلممك‬
‫وذكر الثعلبي وغيمره أن رجل مممن العمراب وهممو‬
‫عبد الله بن قلبة فممي زمممان معاويممة ذهممب فممي‬
‫طلب أباعر له شردت فبينما هو يتيه في ابتغائها‬
‫إذ اطلممع علممى مدينممة عظيمممة لهما سممور وأبممواب‬
‫فدخلها فوجد فيها قريبا مما ذكرناه مممن صممفات‬
‫المدينممة الذهبيممة الممتي تقممدم ذكرهمما وأنممه رجممع‬

‫‪1012‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فأخبرالناس فذهبوا معه إلى المكممان الممذي قممال‬
‫فلم يروا شيئا وقد ذكر بن أبممي حمماتم قصممة إرم‬
‫ذات العماد ها هنا مطولة جدا فهذه الحكاية ليس‬
‫يصح إسنادها ولو صممح إلممى ذلممك العرابممي فقممد‬
‫يكون اختلق ذلك أو أنه أصممابه نمموع مممن الهمموس‬
‫والخبال فاعتقد أن ذلك لممه حقيقممة فممي الخممارج‬
‫وليس كذلك وهذا مما يقطممع بعممدم صممحته وهممذا‬
‫قريب مما يخبر به كثير مممن الجهلممة والطممامعين‬
‫والمتحيلين من وجود مطممالب تحمت الرض فيهمما‬
‫قنممماطير المممذهب والفضمممة وألممموان الجمممواهر‬
‫واليواقيت والللىء والكسير الكبير لكممن عليهمما‬
‫موانممع تمنممع مممن الوصممول إليهمما والخممذ منهمما‬
‫فيحتمممالون علمممى أمممموال الغنيممماء والضمممعفة‬
‫والسفهاء فيأكلونهمما بالباطممل فممي صممرفها فممي‬
‫بخمماخير وعقمماقير ونحممو ذلممك مممن الهممذيانات‬
‫ويطنممزون بهممم والممذي يجممزم بممه أن فممي الرض‬
‫دفائن جاهلية وإسلمية وكنوزا كممثيرة مممن ظفمر‬
‫بشيء منها أمكنه تحويله فأما على الصمفة المتي‬
‫زعموها فكذب وافتراء وبهت ولم يصح في ذلممك‬
‫شيء مما يقولون إل عن نقلهم أو نقل من أخممذ‬
‫عنهممم واللممه سممبحانه وتعممالى الهممادي للصممواب‬
‫وقول بن جريممر يحتمممل ان يكممون المممراد بقمموله‬
‫) إرم ذات العممماد ( قبيلممة أو بلممدة كممانت عمماد‬
‫تسكنها فلذلك لممم تصممرف فيممه نظممر لن المممراد‬
‫من السياق إنما هممو الخبممار عممن القبيلممة ولهممذا‬
‫قال بعده ) وثمممود الممذين جممابوا الصممخر بممالواد (‬
‫يعني يقطعون الصممخر بممالوادي قممال بممن عبمماس‬
‫ينحتونهمما ويخرقونهمما وكممذا قممال مجاهممد وقتمماده‬
‫والضحاك وبن زيد ومنه يقال مجتممابي النمممار إذا‬
‫خرقوهمما واجتمماب الثمموب إذا فتحممه ومنممه الجيممب‬
‫أيضا وقال الله تعالى ) وتنحتون من الجبال بيوتا‬
‫فارهين ( وأنشد بن جرير وبن أبي حاتم همما هنمما‬

‫‪1013‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قمممممممممممممممممممممممممول الشممممممممممممممممممممممممماعر‬
‫أل كل شيء ممما خل اللممه بممائد كممما بمماد حممي مممن‬
‫شمممممممممممممممممممممممممنيف وممممممممممممممممممممممممممارد‬

‫هم ضربوا في كل صماء صعدة بأيد شممداد أيممدات‬


‫السمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممواعد‬
‫وقال بن إسحاق كانوا عربا وكان منزلهم بمموادي‬
‫القرى وقد ذكرنا قصة عاد مستقصاة في سممورة‬
‫العممراف بممما أغنممى عممن إعممادته وقمموله تعممالى‬
‫) وفرعممون ذي الوتمماد ( قممال العمموفي عممن بممن‬
‫عبمماس الوتمماد الجنممود الممذين يشممدون لممه أمممره‬
‫ويقال كان فرعممون يوتممد أيممديهم وأرجلهممم فممي‬
‫أوتاد من حديد يعلقهم بها وكذا قال مجاهد كممان‬
‫يوتد الناس بالوتاد وهكمذا قمال سمعيد بمن جمبير‬
‫والحسن والسدي قال السدي كان يربممط الرجممل‬
‫في كل قائمة مممن قمموائمه فممي وتممد ثممم يرسممل‬
‫عليه صخرة عظيمة فيشممدخه وقممال قتممادة بلغنمما‬
‫أنه كان له مظممال وملعممب يلعممب لممه تحتهمما مممن‬
‫أوتاد وحبال وقال ثممابت البنمماني عممن أبممي رافممع‬
‫قيل لفرعون ذي الوتاد لنه ضرب لمرأته أربعة‬
‫أوتاد ثم جعل علممى ظهرهمما رحممى عظيمممة حممتى‬
‫ممماتت وقمموله تعممالى ) الممذين طغمموا فممي البلد‬
‫فأكثروا فيها الفساد ( أي تمردوا وعتمموا وعمماثوا‬
‫فممي الرض بالفسمماد والذيممة للنمماس ) فصممب‬
‫عليهم ربك سوط عذاب ( أي أنممزل عليهممم رجممزا‬
‫من السماء وأحل بهم عقوبة ل يردها عن القمموم‬
‫المجرمين وقمموله تعممالى ) إن ربممك لبالمرصمماد (‬
‫قال بن عباس يسمممع ويممرى يعنممي يرصممد خلقممه‬
‫فيممما يعملممون ويجممازي كل بسممعيه فممي الممدنيا‬
‫والخرى وسمميعرض الخلئق كلهممم عليممه فيحكممم‬
‫فيهم بعدله ويقابل كل بما يستحقه وهممو المنممزه‬
‫عن الظلم والجور وقد ذكر بن أبي حاتم همما هنمما‬

‫‪1014‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حديثا غريبا جدا وفي إسممناده نظممر وفممي صممحته‬
‫فقال حدثنا أبممي حممدثنا أحمممد بممن أبممي الحممواري‬
‫حدثنا يونس الحذاء عن ابي حمزة البيسمماني عممن‬
‫يامعمماذ إن‬ ‫معاذ بن جبل قال قال رسول اللممه‬
‫المؤمن‬
‫لممدى الحممق أسممير يمما معمماذ إن المممؤمن ل يسممكن‬
‫روعه ول يأمن اضطرابه حتى يخلف جسر جهنممم‬
‫خلف ظهره يامعاذ إن المؤمن قيده القممرآن عممن‬
‫كثير من شهواته وعممن أن يهلممك فيهمما هممو بممإذن‬
‫اللممه عممز وجممل فممالقرآن دليلممه والخمموف محجتممه‬
‫والشمموق مطيتممه والصمملة كهفممه والصمموم جنتممه‬
‫والصدقة فكمماكه والصممدق أميممره والحيمماء وزيممره‬
‫وربه عز وجل من وراء ذلممك كلممه بالمرصمماد قممال‬
‫بن أبي حاتم يونس الحذاء وأبو حمممزة مجهممولن‬
‫وأبو حمزة عن معمماذ مرسممل ولممو كممان عممن أبممي‬
‫حمزة لكممان حسممنا أي لممو كممان مممن كلمممه لكممان‬
‫حسنا ثممم قممال بمن أبممي حماتم حمدثنا أبممي حمدثنا‬
‫صفوان بممن صممالح حممدثنا الوليممد بممن مسمملم عممن‬
‫صفوان بن عمرو عن أيفع عن بن عبممد الكلعممي‬
‫أنه سمعه وهو يعظ الناس يقول إن لجهنم سممبع‬
‫قنمماطر قممال والصممراط عليهممن قممال فيحبممس‬
‫الخلئق عند القنطممرة الولممى فيقممول ) قفمموهم‬
‫إنهم مسؤولون ( قممال فيحاسممبون علممى الصمملة‬
‫ويسئلون عنها قال فيهلك فيها من هلممك وينجممو‬
‫من نجا فإذا بلغوا القنطرة الثانية حوسممبوا علممى‬
‫المانة كيف أدوها وكيف خانوها قال فيهلك مممن‬
‫هلك وينجو من نجما فمإذا بلغموا القنطمرة الثالثمة‬
‫سئلوا عن الرحم كيف وصمملوها وكيممف قطعوهمما‬
‫قال فيهلك من هلك وينجو من نجا قال والرحممم‬
‫يومئذ متدلية إلى الهوى في جهنم تقممول اللهممم‬
‫من وصلني فصممله ومممن قطعنممي فمماقطعه قممال‬
‫وهممي الممتي يقممول اللممه عممز وجممل ) إن ربممك‬

‫‪1015‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لبالمرصاد ( هكذا أورد هذا الثر ولم يذكر تمامه‬
‫(‬ ‫‪20‬‬ ‫‪15‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪89‬‬
‫يقول تعالى منكرا على النسان في اعتقمماده إذا‬
‫وسع الله تعممالى عليممه فممي الممرزق ليختممبره فممي‬
‫ذلك فيعتقممد أن ذلمك مممن اللممه إكممرام لمه وليممس‬
‫كممذلك بممل هممو ابتلء وامتحممان كممما قممال تعممالى‬
‫) أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسممارع‬
‫لهم في الخيرات بممل ل يشممعرون ( وكممذلك فممي‬
‫الجانب الخر إذا ابتله وامتحنه وضيق عليممه فممي‬
‫الرزق يعتقد أن ذلك من الله إهانة لممه كممما قممال‬
‫الله تعالى ) كل ( أي ليس المر كما زعم ل فممي‬
‫هذا ول في هذا فإن الله تعالى يعطي المال من‬
‫يحب ومن ل يحب ويضيق على من يحممب ومممن ل‬
‫يحب وإنما المدار في ذلك على طاعممة اللممه فممي‬
‫كل من الحالين إذا كان غنيا بأن يشكر الله علممى‬
‫ذلك وإذا كان فقيرا بأن يصبر وقوله تعالى ) بممل‬
‫ل تكرمون اليتيم ( فيه أمر بالكرام لممه كممما جمماء‬
‫في الحديث الذي رواه عبد الله بن المبممارك عممن‬
‫سعيد بن أيوب عن يحيممى بمن أبمي سمليمان عممن‬
‫يزيد بن أبي عتاب عن أبي هريرة عممن النممبي‬
‫خير بيت فمي المسملمين بيمت فيمه يمتيم يحسمن‬
‫إليه وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء‬
‫إليه ثم قال بأصبعه أنا وكافل اليممتيم فممي الجنممة‬
‫هكممذا وقممال أبممو داود ‪ 5150‬حممدثنا محمممد بممن‬
‫الصباح بن سفيان أخبرنمما عبممد العزيممز يعنممي بممن‬
‫أبي حازم حدثني أبي عن سهل يعنمي بمن سمعيد‬
‫قال أنا وكافممل اليممتيم كهمماتين‬ ‫أن رسول الله‬
‫في الجنة وقممرن بيممن أصممبعيه الوسممطى والممتي‬
‫تلي البهام ) ول تحاضون على طعام المسكين (‬
‫يعنمممي ل يمممأمرون بالحسمممان إلمممى الفقمممراء‬
‫والمساكين ويحث بعضهم علممى بعممض فممي ذلممك‬
‫) وتأكلون التراث ( يعني الميراث ) أكل لما ( أي‬

‫‪1016‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مممن أي جهممة حصممل لهممم مممن حلل أو حممرام‬
‫) وتحبون المال حبا جممما ( أي كممثيرا زاد بعضممهم‬
‫فاحشا‬
‫(‬ ‫‪30‬‬ ‫‪21‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪89‬‬
‫يخبر تعالى عما يقممع يمموم القيامممة مممن الهمموال‬
‫العظيمة فقال تعممالى ) كل ( أي حقمما ) إذا دكممت‬
‫الرض دكممما دكممما ( أي وطئت ومهمممدت وسمممويت‬
‫الرض والجبال وقام الخلئق من قبورهم لربهم‬
‫) وجمماء ربممك ( يعنممي لفصممل القضمماء بيممن خلقممه‬
‫وذلك بعد ما يستشفعون إليه بسيد ولد آدم علممى‬
‫الطلق محمد صلوات الله وسلمه عليممه بعممد ممما‬
‫يسألون أولي العزم من الرسل واحدا بعممد واحممد‬
‫فكلهم يقممول لسمت بصماحب ذاكممم حممتى تنتهممي‬
‫فيقول أنا لها أنا لها فيذهب‬ ‫النوبة إلى محمد‬
‫فيشممفع عنممد اللممه تعممالى فممي أن يممأتي لفصممل‬
‫القضاء فيشفعه الله تعالى فممي ذلممك وهممي أول‬
‫الشفاعات وهي المقام المحمود كما تقدم بيممانه‬
‫في سورة سبحان فيجيممء الممرب تبممارك وتعممالى‬
‫لفصل القضاء كمما يشماء والملئكمة يجيئون بيمن‬
‫يديه صفوفا صفوفا وقوله تعالى ) وجيء يممومئذ‬
‫بجهنممم ( قممال المممام مسمملم بممن الحجمماج فممي‬
‫صحيحه ‪ 2842‬حممدثنا عمممر بممن حفممص بممن غيمماث‬
‫حدثنا أبي عن العلء بن خالد الكاهلي عن شقيق‬
‫عن عبد الله هو بن مسعود قال قال رسول اللممه‬
‫يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألمف زممام ممع‬
‫كل زمام سبعون ألف ملك يجرونهمما وهكممذا رواه‬
‫الترممذي ‪ 2573‬عمن عبمد اللمه بمن عبمد الرحممن‬
‫الدارمي عن عمر بن حفص به ورواه أيضا ‪2573‬‬
‫عن عبممد بممن حميممد عممن أبممي عممامر عممن سممفيان‬
‫الثوري عن العلء بن خالد عن شمقيق بمن سملمة‬
‫وهو أبو وائل عن عبد الله بن مسعود قمموله ولممم‬
‫يرفعه وكذا رواه بن جرير عن الحسن بممن عرفممة‬

‫‪1017‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن مممروان بممن معاويممة الفممزاري عممن العلء بممن‬
‫خالد عن شقيق عن عبد الله قوله وقمموله تعممالى‬
‫) يومئذ يتذكر النسان ( أي عمله وما كان أسلفه‬
‫في قديم دهره وحديثه ) وأنممى لممه الممذكرى ( أي‬
‫وكيمف تنفعمه المذكرى ) يقمول يما ليتنمي قمدمت‬
‫لحياتي ( يعني يندم على ما كان سمملف منممه مممن‬
‫المعاصي إن كان عاصيا ويممود لممو كممان ازداد مممن‬
‫الطاعات إن كان طائعا كما قال المام أحمد بممن‬
‫حنبل ‪ 4185‬حدثنا علي بن إسحاق حدثنا عبد الله‬
‫يعني بن المبارك حدثنا ثور بن يزيد عن خالد بممن‬
‫معدان عممن جممبير بممن نفيممر عممن محمممد بممن أبممي‬
‫قممال لممو‬ ‫عميرة وكان من أصحاب رسول اللممه‬
‫أن عبممدا خممر علممى وجهممه مممن يمموم ولممد إلممى أن‬
‫يموت هرما في طاعة اللممه لحقممره يمموم القيامممة‬
‫ولممود أنممه رد إلممى الممدنيا كيممما يممزداد مممن الجممر‬
‫والثواب قال الله تعالى ) فيومئذ ل يعذب عممذابه‬
‫أحد ( أي ليس أحد أشد عذابا من تعذيب الله مممن‬
‫عصاه ) ول يوثق وثاقه أحد ( أي وليس أحد أشممد‬
‫قبضا ووثقمما مممن الزبانيممة لمممن كفممر بربهممم عممز‬
‫وجممل وهممذا فممي حممق المجرميممن مممن الخلئق‬
‫والظالمين فأما النفس الزكيممة المطمئنممة وهممي‬
‫الساكنة الثابتة الدائرة مع الحق فيقممال لهمما ) يمما‬
‫أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك ( أي إلى‬
‫جواره وثوابه وما أعد لعباده في جنته ) راضممية (‬
‫أي في نفسها ) مرضية ( أي قد رضيت عن اللممه‬
‫ورضي عنها وأرضاها ) فادخلي في عبممادي ( أي‬
‫في جملتهم ) وادخلممي جنممتي ( وهممذا يقممال لهمما‬
‫عنممد الحتضممار وفممي يموم القياممة أيضما كمما أن‬
‫الملئكممة يبشممرون المممؤمن عنممد احتضمماره وعنممد‬
‫قيممامه مممن قممبره فكممذلك همما هنمما ثممم اختلممف‬
‫المفسرون فيمن نزلت هذه الية فروى الضحاك‬
‫عن بن عباس نزلت في عثممان بمن عفمان وعمن‬

‫‪1018‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بريممدة بممن الحصمميب نزلممت فممي حمممزة بممن عبممد‬
‫المطلب رضي الله عنممه وقممال العمموفي عممن بممن‬
‫عباس يقال للرواح المطمئنة يمموم القيامممة ) يمما‬
‫أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلممى ربممك ( يعنممي‬
‫صاحبك وهو بدنها الذي كمانت تعممره فمي المدنيا‬
‫) راضممية مرضممية ( وروي عنممه أنممه كممان يقرؤهمما‬
‫) فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ( وكممذا قممال‬
‫عكرمة والكلممبي واختمماره بممن جريممر وهممو غريممب‬
‫والظاهر الول لقوله تعالى ) ثممم ردوا إلممى اللممه‬
‫مولهم الحق ( ) وأن مردنمما إلممى اللممه ( أي إلممى‬
‫حكمه والوقوف بيممن يممديه وقممال بممن أبممي حمماتم‬
‫حممدثنا علممي بممن الحسممين حممدثنا أحمممد بممن عبممد‬
‫الرحمن بن عبد الله الدشممتكي حممدثني أبممي عممن‬
‫أبيه عن أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير عن‬
‫بممن عبمماس فممي قمموله تعممالى ) يمما أيتهمما النفممس‬
‫المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضممية ( قممال‬
‫نزلت وأبو بكر جممالس فقممال يمما رسممول اللممه ممما‬
‫أحسن هذا فقال أما إنه سيقال لك هذا ثممم قممال‬
‫حدثنا أبو سعيد الشج حدثنا بن يمان عن أشممعث‬
‫) يمما‬ ‫عن سعيد بن جبير قال قرأت عنممد النممبي‬
‫أيتها النفس المطمئنة ارجعمي إلمى ربمك راضمية‬
‫مرضية ( فقال أبو بكممر رضممي اللممه عنممه إن هممذا‬
‫أما إن الملك‬ ‫لحسن فقال له النبي‬
‫سيقول لك هذا عند الموت وكممذا رواه بممن جريممر‬
‫عن أبممي كريممب عممن بممن يمممان بممه وهممذا مرسممل‬
‫حسن ثم قال بن أبي حمماتم وحممدثنا الحسممن بممن‬
‫عرفة حدثنا مروان بن شجاع الجزري عممن سممالم‬
‫الفطس عن سعيد بن جبير قال مات بن عبمماس‬
‫بالطائف فجاء طيممر لممم يممر علممى خلقتممه فممدخل‬
‫نعشه ثم لم ير خارجا منه فلما دفممن تليممت هممذه‬
‫الية علممى شمفير القممبر ل يمدرى ممن تلهما ) يما‬
‫أيتها النفس المطمئنة ارجعمي إلمى ربمك راضمية‬

‫‪1019‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مرضممية فممادخلي فممي عبممادي وادخلممي جنممتي (‬
‫ورواه الطممبراني ‪ 1010581‬عممن عبممد اللممه بممن‬
‫أحمد عن أبيه عن مروان بن شجاع عن سالم بن‬
‫عجلن الفطممس بممه فممذكره وقممد ذكممر الحممافظ‬
‫محمد بن المنممذر الهممروي المعممروف بشممكر فممي‬
‫كتاب العجائب بسنده عممن قبمماث بممن رزيممن أبممي‬
‫هاشم قال أسرت في بلد الروم فجمعنمما الملممك‬
‫وعرض علينا دينه على أن من امتنع ضربت عنقه‬
‫فارتد ثلثمة وجماء الرابمع فمامتنع فضمربت عنقمه‬
‫وألقي رأسه في نهر هناك فرسب في الماء ثممم‬
‫طفا علممى وجممه الممماء ونظممر إلممى أولئك الثلثممة‬
‫فقمممال يممما فلن ويممما فلن ويممما فلن ينممماديهم‬
‫بأسمائهم قال الله تعممالى فممي كتممابه ) يمما أيتهمما‬
‫النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية‬
‫فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ( ثم غاص في‬
‫الممماء قممال فكممادت النصممارى أن يسمملموا ووقممع‬
‫سممرير الملممك ورجممع أولئك الثلثممة إلممى السمملم‬
‫قال وجمماء الفممداء مممن عنممد الخليفممة أبممي جعفممر‬
‫المنصور فخلصنا وروى الحافظ بن عسمماكر فممي‬
‫ترجمة رواحة بنت أبي عمرو الوزاعي عن أبيهمما‬
‫حدثني سليمان بن حممبيب المحمماربي حممدثني أبممو‬
‫قال لرجل قل اللهم إني‬ ‫أمامة أن رسول الله‬
‫أسألك نفسا بك مطمئنة تممؤمن بلقممائك وترضممى‬
‫بقضائك وتقنع بعطائك ثم روي عن أبي سليمان‬
‫بن وبر أنه قال حديث رواحة هذا واحممد أمممه آخممر‬
‫تفسمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممير‬
‫‪90‬‬
‫) سورة البلد (‬

‫(‬ ‫‪10‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪90‬‬


‫مقدمة تفسممير سممورة البلممد بسممم اللممه الرحمممن‬

‫‪1020‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرحيمممممممممم سمممممممممورة البلمممممممممد وهمممممممممي‬
‫مكية هذا قسم من اللممه تبممارك وتعممالى بمكممة أم‬
‫القرى في حممال كممون السمماكن فيهمما حممال لينبممه‬
‫على عظمة قدرها فممي حممال إحممرام أهلهمما قممال‬
‫خصيف عن مجاهد ) ل أقسممم بهممذا البلممد ( ) ل (‬
‫رد عليهم ) أقسم بهذا البلممد ( وقممال شممبيب بممن‬
‫بشر عن عكرمة عن بممن عبمماس ) ل أقسممم بهممذا‬
‫البلد ( يعني مكة ) وأنممت حممل بهممذا البلممد ( قممال‬
‫أنت يا محمد يحل لك أن تقاتل به وكذا روي عممن‬
‫سممعيد بممن جممبير وأبممي صممالح وعطيممة والضممحاك‬
‫وقتادة والسدي وبن زيد وقال مجاهد ممما أصممبت‬
‫فيه فهو حلل لك وقال قتادة ) وأنممت حممل بهممذا‬
‫البلد ( قال أنت به من غيممر حممرج ول إثممم وقممال‬
‫الحسن البصري أحلهمما اللممه لممه سمماعة مممن نهممار‬
‫وهممذا المعنممى الممذي قممالوه قممد ورد بممه الحممديث‬
‫المتفق على صحته إن هذا البلد حرمممه اللممه يمموم‬
‫خلق السماوات والرض فهممو حممرام بحرمممة اللممه‬
‫إلى يوم القيامة ل يعضد شممجره ول يختلممى خله‬
‫وإنممما أحلممت لممي سمماعة مممن نهممار وقممد عممادت‬
‫حرمتها اليوم كحرمتها بالمس أل فليبلغ الشاهد‬
‫الغائب وفي لفظ آخممر فممإن أحممد ترخممص بقتممال‬
‫رسول الله فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن‬
‫لكم وقوله تعالى ) ووالد وما ولد ( قال بن جرير‬
‫حدثنا أبو كريب حدثنا بن عطية عممن شممريك عممن‬
‫خصمميف عممن عكرمممة عممن بممن عبمماس فممي قمموله‬
‫تعالى ) ووالد وما ولد ( الوالد الذي يلد وممما ولممد‬
‫العاقر الذي ل يولد له ورواه بممن أبممي حمماتم مممن‬
‫حديث شريك وهو بن عبد الله القاضي بممه وقممال‬
‫عكرمة الوالد العاقر وما ولممد الممذي يلممد رواه بممن‬
‫أبممي حمماتم وقممال مجاهممد وأبممو صممالح وقتممادة‬
‫والضممحاك وسممفيان الثمموري وسممعيد بممن جممبير‬
‫والسدي والحسممن البصممري وخصمميف وشممرحبيل‬

‫‪1021‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن سعد وغيرهم يعني بالوالد آدم وما ولممد ولممده‬
‫وهذا الذي ذهب إليه مجاهد وأصحابه حسن قمموي‬
‫لنممه تعممالى لممما اقسممم بممأم القممرى وهممي أم‬
‫المسمماكن أقسممم بعممده بالمسمماكن وهممو آدم أبممو‬
‫البشممر وولممده وقممال أبممو عمممران الجمموني هممو‬
‫إبراهيم وذريته رواه بن جرير وبن‬
‫أبي حاتم واختار بن جرير أنه عام فممي كممل والممد‬
‫وولممده وهممو محتمممل أيضمما وقمموله تعممالى ) لقممد‬
‫خلقنا النسان فممي كبممد ( روي عممن بممن مسممعود‬
‫وبن عباس وعكرمممة ومجاهممد وإبراهيممم النخعممي‬
‫وخيثمة والضحاك وغيرهم يعنممي منتصممبا زاد بممن‬
‫عبمماس فممي روايممة عنممه منتصممبا فممي بطممن أمممه‬
‫والكبد الستواء والستقامة ومعنممى هممذا القممول‬
‫لقد خلقناه سويا مستقيما كقوله تعالى ) يا أيها‬
‫النسان ماغرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك‬
‫فعدلك فممي أي صممورة ممما شمماء ركبممك ( وكقمموله‬
‫تعالى ) لقد خلقنا النسان فممي أحسممن تقممويم (‬
‫وقال بن ابي نجيح وجريج وعطاء عن بن عبمماس‬
‫في كبد قال في شممدة خلممق ألممم تممر إليممه وذكممر‬
‫مولده ونبات أسممنانه وقممال مجاهممد ) فممي كبممد (‬
‫نطفة ثم علقة ثم مضغة يتكبممد فممي الخلممق قممال‬
‫مجاهممد وهممو كقمموله تعممالى ) حملتممه أمممه كرهمما‬
‫ووضمعته كرهما ( وأرضمعته كرهما ومعيشمته كمره‬
‫فهو يكابد ذلك وقال سعيد بن جبير ) لقد خلقنمما‬
‫النسان في كبد ( في شدة وطلب معيشة وقال‬
‫عكرمة في شدة وطول وقال قتادة فممي مشممقة‬
‫وقال بن أبي حاتم حدثنا أحمد بممن عصممام حممدثنا‬
‫أبو عاصم أخبرنا عبد الحميممد بممن جعفممر سمممعت‬
‫محمد بن علي أبمما جعفممر البمماقر سممأل رجل مممن‬
‫النصار عن قول الله تعالى ) لقد خلقنا النسان‬
‫في كبد ( قال في قيامه واعتداله فلم ينكر عليه‬
‫أبو جعفر وروي من طريممق أبممي مممودود سمممعت‬

‫‪1022‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الحسن قرأهذه الية ) لقممد خلقنمما النسممان فممي‬
‫كبد ( قال يكابد أمرا من أمر الدنيا وأمرا من أمر‬
‫الخرة وفي رواية يكابممد مضممايق الممدنيا وشممدائد‬
‫الخرة وقال بن زيممد ) لقممد خلقنمما النسممان فممي‬
‫كبممد ( قممال آدم خلممق فممي السممماء فسمممى ذلممك‬
‫الكبد واختممار بممن جريممر أن المممراد بممذلك مكابممدة‬
‫المور ومشاقها وقوله تعممالى ) أيحسممب أن لممن‬
‫يقممدر عليممه أحممد ( قممال الحسممن البصممري يعنممي‬
‫) أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ( يأخذ ماله وقال‬
‫قتادة ) أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ( قممال بممن‬
‫آدم يظن أن لن يسأل عممن هممذا المممال مممن أيممن‬
‫اكتسبه وأين أنفقه وقممال السممدي ) أيحسممب أن‬
‫لن يقدر عليه أحممد ( قممال اللممه عممز وجممل وقمموله‬
‫تعالى ) يقول أهلكت مال لبدا ( أي يقول بن آدم‬
‫أنفقت مال لبدا أي كثيرا قمماله مجاهممد والحسممن‬
‫وقتادة والسممدي وغيرهممم ) أيحسممب أن لممم يممره‬
‫أحد ( قال مجاهد أي أيحسب أن لم يره اللممه عممز‬
‫وجل وكذا قال غيره مممن السمملف وقمموله تعممالى‬
‫) ألم نجعل له عينين ( أي يبصر بهمما ) ولسمانا (‬
‫أي ينطق به فيعبر عما في ضممميره ) وشممفتين (‬
‫يستعين بهما علمى الكلم وأكمل الطعمام وجممال‬
‫لوجهه وفمه وقد روى الحافظ بممن عسمماكر فممي‬
‫ترجمة أبي الربيممع الدمشممقي عممن مكحممول قممال‬
‫يقممول اللممه تعممالى يمما بممن آدم قممد‬ ‫قال النممبي‬
‫أنعمممت عليممك نعممما عظاممما ل تحصممي عممددها ول‬
‫تطيق شكرها وإن مما أنعمت عليك أن جعلت لك‬
‫عينيممن تنظممر بهممما وجعلممت لهممما غطمماء فممانظر‬
‫بعينيك إلى ما أحللممت لممك وإن رأيممت ممما حرمممت‬
‫عليك فأطبق عليهما غطاءهما وجعلت لك لسممانا‬
‫وجعلت له غلفا فانطق بما أمرتممك وأحللممت لممك‬
‫فإن عرض عليك ممما حرمممت عليممك فممأغلق عليممك‬
‫لسانك وجعلت لك فرجا وجعلت لك سترا فأصممب‬

‫‪1023‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بفرجك ما أحللت لك فإن عرض عليك ممما حرمممت‬
‫عليك فممأرخ عليممك سممترك بممن آدم إنممك ل تحمممل‬
‫سخطي ول تطيق انتقامي ) وهممديناه النجممدين (‬
‫الطريقين قال سفيان الثوري عن عاصم عن زر‬
‫عن عبد الله هو بن مسعود ) وهممديناه النجممدين (‬
‫قال الخير والشر وكذا روي عن علي وبن عباس‬
‫ومجاهد وعكرمة وأبي وائل وأبممي صممالح ومحمممد‬
‫بن كعب والضحاك وعطاء الخرساني في آخريممن‬
‫وقال عبد الله بن وهممب أخممبرني بمن لهيعممة عممن‬
‫يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سممعد عممن أنممس‬
‫هما نجدان فممما‬ ‫بن مالك قال قال رسول الله‬
‫جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير تفرد به‬
‫سنان بن سعد ويقال سعد بن سممنان وقممد وثقممه‬
‫بمممن معيمممن وقمممال الممممام أحممممد والنسمممائي‬
‫والجوزجمماني منكممر الحممديث وقممال أحمممد تركممت‬
‫حديثه لضطرابه وروى خمسة عشر حديثا منكرة‬
‫كلها ممما أعممرف منهمما حممديثا واحممدا يشممبه حممديثه‬
‫حديث الحسن يعني البصري ل يشبه حديث أنممس‬
‫وقال بن جرير حدثني يعقوب حدثنا بن علية عن‬
‫أبي رجاء قال سمممعت الحسممن يقممول ) وهممديناه‬
‫كان يقممول‬ ‫النجدين ( قال ذكر لنا أن نبي الله‬
‫يا أيها الناس إنهما النجدان نجد الخير ونجد الشر‬
‫فما جعل نجد الشممر أحممب إليكممم مممن نجممد الخيممر‬
‫وكذا رواه حبيب بن الشهيد ومعمممر ويممونس بممن‬
‫عبيد وأبو وهب عن الحسن مرسل وهكذا أرسممله‬
‫قتادة وقال بن أبي حاتم حدثنا أحمممد بممن عصممام‬
‫النصاري حدثنا أبو أحمد الزبيممري حممدثنا عيسممى‬
‫بن عفان عن أبيه عن بن عباس في قوله تعممالى‬
‫) وهممديناه النجممدين ( قممال الثممديين وروي عممن‬
‫الربيع بممن خممثيم وقتممادة وأبممي حممازم مثممل ذلممك‬
‫ورواه بن جريممر عممن أبممي كريممب عممن وكيممع عممن‬

‫‪1024‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عيسى بن عقممال بممه ثممم قممال والصممواب القممول‬
‫الول‬
‫ونظير هذه الية قوله تعالى ) إنا خلقنا النسممان‬
‫من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا إنا‬
‫همممديناه السمممبيل إمممما شممماكرا وإمممما كفمممورا (‬
‫(‬ ‫‪20‬‬ ‫‪11‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪90‬‬
‫قال بن جرير حدثني عمر بن إسماعيل بن مجالد‬
‫حدثنا عبد الله بن إدريس عن أبيه عن أبي عطية‬
‫عن بن عمر فممي قمموله تعممالى ) فل اقتحممم ( أي‬
‫دخل ) العقبة ( قال جبل في جهنم وقممال كعممب‬
‫الحبار ) فل اقتحم العقبممة ( هممو سممبعون درجممة‬
‫فممي جهنمم وقمال الحسممن البصممري ) فل اقتحمم‬
‫العقبة ( قال عقبة في جهنممم وقممال قتممادة إنهمما‬
‫عقبة قحمة شديدة فاقتحموها بطاعة الله تعالى‬
‫وقال قتممادة ) وممما أدراك ممما العقبممة ( ثممم أخممبر‬
‫تعالى عن اقتحامها فقال ) فك رقبة أو إطعام (‬
‫وقال بن زيد ) فل اقتحم العقبة ( أي أفل سمملك‬
‫الطريق التي فيها النجاة والخير ثم بينهمما فقممال‬
‫تعممالى ) وممما أدراك ممما العقبممة فممك رقبممة أو‬
‫إطعام ( قرئ ) فك رقبة ( بالضافة وقرىء على‬
‫أنه فعل وفيممه ضمممير الفاعممل والرقبممة مفعولممة‬
‫وكلتمما القراءتيممن معناهممما متقممارب قممال المممام‬
‫أحمد ‪ 2422‬حدثنا علممي بممن إبراهيممم حممدثنا عبممد‬
‫الله يعني بن سعيد بن أبي هند عن إسماعيل بن‬
‫أبي حكيم مولى آل الزبير عن سعيد بممن مرجانممة‬
‫مممن‬ ‫أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله‬
‫أعتق رقبة مؤمنة أعتممق اللممه بكممل إرب أي عضممو‬
‫منها أربا منه من النار حتى إنه ليعتمق باليمد اليمد‬
‫وبالرجل الرجل وبالفرج الفممرج فقممال علممي بممن‬
‫الحسين أنت سمعت هذا مممن أبممي هريممرة فقممال‬
‫سعيد نعم فقال علي بن الحسين لغلم له أفممره‬
‫غلمانه ادع مطرفا فلما قام بين يديه قال إذهممب‬

‫‪1025‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فممأنت حممر لمموجه اللممه وقممد رواه البخمماري ‪2517‬‬
‫ومسمملم ‪ 1509‬والترمممذي ‪ 1514‬والنسممائي مممن‬
‫طرق عن سعيد بممن مرجانممة بممه وعنممد مسمملم أن‬
‫هذا الغلم الممذي أعتقممه علممي بممن الحسممين زيممن‬
‫العابدين كان قد أعطي فيممه عشممرة الف درهممم‬
‫وقال قتادة عن سالم بن أبي الجعد عممن معممدان‬
‫بن أبي طلحة عن أبي نجيح قال سمممعت رسممول‬
‫يقول أيما مسلم أعتممق رجل مسمملما فممإن‬ ‫الله‬
‫الله جاعل وفاء كل عظم من عظامه عظممما مممن‬
‫عظممامه محممررا مممن النممار وأيممما امممرأة مسمملمة‬
‫أعتقت امرأة مسلمة فإن اللممه جاعممل وفمماء كممل‬
‫عظم من عظامها عظما مممن عظامهمما مممن النممار‬
‫رواه بن جرير هكذا وأبو نجيح هممذا هممو عمممر بممن‬
‫عبسة السلمي رضي الله عنه قممال المممام أحمممد‬
‫‪ 4386‬حدثنا حيوة بن شممريح حممدثنا بقيممة حممدثني‬
‫بجير بن سعد عن خالد بن معممدان عممن كممثير بممن‬
‫مرة عن عمرو بن عبسة أنه حدثهم أن النممبي‬
‫قال من بنى مسجدا ليذكر الله فيه بنى اللممه لممه‬
‫بيتا في الجنممة ومممن أعتممق نفسمما مسمملمة كممانت‬
‫فديته من جهنم ومممن شمماب شمميبة فممي السمملم‬
‫كانت له نورا يوم القيامة طريق أخرى قال أحمد‬
‫حدثنا الحكم بن نافع حدثنا جريممر عممن سممليم بممن‬
‫عامر أن شممرحبيل بممن السمممط قممال لعمممرو بممن‬
‫عبسة حدثنا حديثا ليس فيه تزيد ول نسيان قممال‬
‫يقممول مممن أعتممق‬ ‫عمممرو سمممعت رسممول اللممه‬
‫رقبة مسلمة كانت فكاكه من النممار عضمموا بعضممو‬
‫ومن شاب شيبة في سممبيل اللممه كممانت لممه نممورا‬
‫يوم القيامة ومممن رمممى بسممهم فبلممغ فأصمماب أو‬
‫أخطأ كان كمعتق رقبة من بني إسممماعيل وروى‬
‫أبو داود ‪ 3966‬والنسائي بعضه طريق أخرى قال‬
‫أحمد ‪ 4386‬حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا الفرج‬

‫‪1026‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حدثنا لقمان عن أبي أمامة عن عمرو بممن عبسممة‬
‫قال السلمي قلممت لممه حممدثنا حممديثا سمممعته مممن‬
‫ليممس فيممه انتقمماص ول وهممم قممال‬ ‫رسول الله‬
‫سمعته يقول من ولد له ثلثة أولد فممي السمملم‬
‫فماتوا قبل أن يبلغمموا الحنممث أدخلممه اللممه الجنممة‬
‫بفضل رحمته إياهم ومن شاب شيبة فممي سممبيل‬
‫الله كانت له نورا يوم القيامة ومن رمممى بسممهم‬
‫في سبيل الله فبلغ به العدو أصاب أو أخطأ كممان‬
‫له عتق رقبة ومن أعتق رقبممة مؤمنممة أعتممق اللمه‬
‫بكل عضو منه عضمموا منممه مممن النممار ومممن أنفممق‬
‫زوجين في سبيل الله فممإن للجنممة ثمانيممة أبممواب‬
‫يدخله الله من أي باب شاء منها‬
‫وهذه أسانيد جيدة قوية وللممه الحمممد حممديث آخممر‬
‫قممال أبممو داود ‪ 3964‬حممدثنا عيسممى بممن محمممد‬
‫الرملممي حممدثنا ضمممرة عممن بممن أبممي عبلممة عممن‬
‫العريف بن عياش الممديلمي قممال أتينمما واثلممة بممن‬
‫السقع فقلنا له حدثنا حديثا ليس فيه زيممادة ول‬
‫نقصان فغضب وقال إن أحدكم ليقممرأ ومصممحفه‬
‫معلمق فمي بيتمه فيزيمد وينقمص قلنما إنمما أردنما‬
‫قال أتينا رسممول‬ ‫حديثا سمعته من رسول الله‬
‫فممي صمماحب لنمما قممد أوجممب يعنممي النممار‬ ‫اللممه‬
‫بالقتل فقال اعتقوا عنممه يعتممق اللممه بكممل عضممو‬
‫منه عضوا من النار وكذا رواه النسائي من حديث‬
‫إبراهيممم بمن أبمي عبلممة عممن العريممف بمن عيمماش‬
‫الديلمي عن واثلة به حديث آخر قال أحمد ‪4150‬‬
‫حدثنا عبممد الصمممد حممدثنا هشممام عممن قتممادة عممن‬
‫قيس الجذامي عممن عقبممة بممن عممامر الجهنممي أن‬
‫قال من أعتق رقبممة مسمملمة فهممو‬ ‫رسول الله‬
‫فممداؤه مممن النممار و ‪ 4147‬حممدثنا عبممد الوهمماب‬
‫الخفاف عن سممعيد عممن قتممادة قممال ذكممر لنمما أن‬
‫قيسمما الجممذامي حممدث عممن عقبممة بممن عممامر أن‬

‫‪1027‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال من أعتق رقبممة مؤمنممة فهممي‬ ‫رسول الله‬
‫فكاكه من النممار تفممرد بممه أحمممد مممن هممذا المموجه‬
‫حديث آخر قال المممام أحمممد ‪ 4299‬حممدثنا يحيممى‬
‫بممن آدم وأبممو أحمممد قممال حممدثنا عيسممى بممن عبممد‬
‫الرحمن البجلي من بني بجيلة من بني سليم عن‬
‫طلحة بن مصرف عن عبممد الرحمممن بممن عوسممجة‬
‫عن البراء بن عازب قال جاء أعرابي إلى رسممول‬
‫فقال يا رسول الله علمني عمل يممدخلني‬ ‫الله‬
‫الجنممة فقممال لئن كنممت أقصممرت الخطبممة لقممد‬
‫أعرضممت المسممألة أعتممق النسمممة وفممك الرقبممة‬
‫فقال يا رسول الله أو ليسممتا بواحممدة قممال ل إن‬
‫عتق النسمممة أن تنفممرد بعتقهمما وفممك الرقبممة أن‬
‫تعين في عتقها والمنحة الوكمموف والفيممء علممى‬
‫ذي الرحممم الظممالم فممإن لممم تطممق ذلممك فمماطعم‬
‫الجائع وأسق الظمآن وائمر بالمعروف وانممه عممن‬
‫المنكر فإن لم تطممق ذلممك فكممف لسممانك إل مممن‬
‫الخيممر وقمموله تعممالى ) أو إطعممام فممي يمموم ذي‬
‫مسغبة ( قممال بممن عبمماس ذي مجاعممة وكممذا قممال‬
‫عكرمممة ومجاهممد والضممحاك وقتممادة وغيممر واحممد‬
‫والسغب هو الجمموع وقممال إبراهيممم النخعممي فممي‬
‫يمموم الطعممام فيممه عزيممز وقممال قتممادة فممي يمموم‬
‫مشتهى فيه الطعممام وقمموله تعممالى ) يتيممما ( أي‬
‫أطعم في مثل هذا اليمموم يتيممما ) ذا مقربممة ( أي‬
‫ذا قرابة منه قاله بممن عبمماس وعكرمممة والحسممن‬
‫والضحاك والسممدي كممما جمماء فممي الحممديث الممذي‬
‫رواه المام أحمد ‪ 418‬حدثنا يزيممد أخبرنمما هشممام‬
‫عن حفصة بنت سيرين عن سلمان بن عامر قال‬
‫يقممول الصممدقة علممى‬ ‫سمممعت رسممول اللممه‬
‫المسكين صدقة وعلى ذي الرحممم اثنتممان صممدقة‬
‫وصمملة وقممد رواه الترمممذي ‪ 658‬والنسممائي ‪592‬‬
‫وهذا إسناد صحيح وقمموله تعممالى ) أو مسممكينا ذا‬

‫‪1028‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫متربممة ( أي فقيممرا مممدقعا لصممقا بممالتراب وهممو‬
‫الممدقعاء أيضمما قممال بممن عبمماس ذا متربممة هممو‬
‫المطروح في الطريق المذي لبيمت لمه ول شمميء‬
‫يقيممه مممن الممتراب وفممي روايممة هممو الممذي لصممق‬
‫بالدقعاء من الفقر والحاجة ليس له شمميء وفممي‬
‫رواية عنه هو البعيممد التربممة قممال بممن أبممي حمماتم‬
‫يعني الغريب عن وطنه وقال عكرمة هو الفقيممر‬
‫المديون المحتاج وقال سعيد بن جبير هو الذي ل‬
‫أحد له وقال بن عبمماس وسممعيد وقتممادة ومقاتممل‬
‫بن حيان هو ذو العيال وكل هممذه قريبممة المعنممى‬
‫وقوله تعالى ) ثم كان من الممذين آمنمموا ( أي ثممم‬
‫هممو مممع هممذه الوصمماف الجميلممةالطاهرة مممؤمن‬
‫بقلبه محتسب ثواب ذلك عند الله عممز وجممل كممما‬
‫قال تعالى ) ومن أراد الخرة وسعى لهمما سممعيها‬
‫وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا ( وقممال‬
‫تعالى ) من عمل صممالحا مممن ذكممر أو أنممثى وهممو‬
‫مممؤمن ( اليممة وقمموله تعممالى ) وتواصمموا بالصممبر‬
‫وتواصمموا بالمرحمممة ( أي كممان مممن المممؤمنين‬
‫العمماملين صممالحا المتواصممين بالصممبر علممى أذى‬
‫الناس وعلى الرحمة بهم كممما جمماء فممي الحممديث‬
‫الشريف الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا مممن‬
‫فممي الرض يرحمكممم مممن فممي السممماء وفممي‬
‫الحديث الخر ل يرحممم اللممه مممن ل يرحممم النمماس‬
‫وقال أبو داود ‪ 4943‬حدثنا أبو بكر بن أبي شمميبة‬
‫حدثنا سفيان عن بن أبي نجيح عن بن عامر عممن‬
‫عبممد اللممه بممن عمممرو يرويممه قممال مممن لممم يرحممم‬
‫صممغيرنا ويعممرف حممق كبيرنمما فليممس منمما وقمموله‬
‫تعالى ) أولئك أصممحاب الميمنممة ( أي المتصممفون‬
‫بهممذه الصممفات مممن أصممحاب اليميممن ثممم قممال‬
‫) والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشممأمة ( أي‬
‫أصحاب الشمال ) عليهم نار مؤصدة ( أي مطبقة‬
‫عليهم فل محيد لهم عنهمما ول خممروج لهممم منهمما‬

‫‪1029‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال أبو هريرة وبن عبمماس وعكرمممة وسممعيد بممن‬
‫جبير ومجاهد ومحمد بن كعممب القرظممي وعطيممة‬
‫العوفي والحسن وقتادة والسدي ) مؤصممدة ( أي‬
‫مطبقممة قممال بممن عبمماس مغلقممة البممواب وقممال‬
‫مجاهد أصد الباب بلغة‬
‫قريش أي أغلقه وسمميأتي فممي ذلممك حممديث فممي‬
‫سورة ) ويل لكممل همممزة لمممزة ( وقممال الضممحاك‬
‫) مؤصمممدة ( حيمممط ل بممماب لمممه وقمممال قتمممادة‬
‫) مؤصممدة ( مطبقممة فل ضمموء فيهمما ولفممرج ول‬
‫خروج منها آخر البد وقال أبو عمران الجوني إذا‬
‫كان يوم القيامة أمر الله بكل جبار وكل شمميطان‬
‫وكممل مممن كممان يخمماف النمماس فممي الممدنيا شممره‬
‫فممأوثقوا بالحديممد ثممم أمممر بهممم إلممى جهنممم ثممم‬
‫أوصدوها عليهممم أي أطبقوهمما قممال فل واللممه ل‬
‫تسممتقر أقممدامهم علممى قممرار أبممدا ول واللممه ل‬
‫ينظرون فيها إلممى أديممم سممماء أبممدا ول واللممه ل‬
‫تلتقي جفون أعينهممم علممى غمممض نمموم أبممدا ول‬
‫والله ل يذوقون فيها بممارد شممراب أبممدا رواه بممن‬
‫أبمممممممممممممممممممممممممممي حممممممممممممممممممممممممممماتم‬
‫‪91‬‬
‫) سورة والشمس وضحاها (‬

‫(‬ ‫‪10‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪91‬‬


‫مقدمة تفسير سورة ) البلد وللممه الحمممد والمنممة‬
‫تفسير سورة الشمممس تقممدم حممديث جممابر الممذي‬
‫قممال لمعمماذ هل‬ ‫في الصحيحين أن رسول الله‬
‫صليت ب ) سبح اسم ربك العلى ( و ) الشمممس‬
‫وضممممممممممممممممممحاها ( و ) الليممممممممممممممممممل إذا‬
‫يغشى بسم الله الرحمممن الرحيممم ( قممال مجاهممد‬
‫) والشمس وضممحاها ( أي وضمموئها وقممال قتممادة‬
‫) وضحاها ( النهار كله قممال بممن جريممر والصممواب‬

‫‪1030‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أن يقال أقسم الله بالشمس ونهارهمما لن ضمموء‬
‫الشمس الظاهر هو النهممار ) والقمممر إذا تلهمما (‬
‫قال مجاهد تبعها وقال العمموفي عممن بممن عبمماس‬
‫) والقمر إذا تلها ( قال يتلو النهار وقممال قتممادة‬
‫إذا تلهمما ليلممة الهلل إذا سممقطت الشمممس رؤي‬
‫الهلل وقال بن زيد هو يتلوها في النصف الول‬
‫مممن الشممهر ثممم هممي تتلمموه وهممو يتقممدمها فممي‬
‫النصف الخير من الشهر وقال مالك عن زيد بممن‬
‫أسلم إذا تلها ليلة القدر وقوله تعالى ) والنهممار‬
‫إذا جلهممما ( قمممال مجاهمممد أضممماء وقمممال قتمممادة‬
‫) والنهار إذا جلها ( إذا غشيها النهمار وقمال بمن‬
‫جرير وكان بعض أهل العربية يتأول ذلممك بمعنممى‬
‫والنهار إذا جل الظلمة لدللممة الكلم عليهمما قلممت‬
‫ولو أن هذا القائل تأول ذلك بمعنى ) والنهار إذا‬
‫جلها ( أي البسيطة لكان أولى ولصح تأويله في‬
‫قموله تعمالى ) والليمل إذا يغشماها ( فكمان أجمود‬
‫وأقوى والله أعلم ولهذا قال مجاهد ) والنهار إذا‬
‫جلها ( أنممه كقمموله تعممالى ) والنهممار إذا تجلممى (‬
‫وأما بن جرير فاختار عود الضمير فممي ذلممك كلممه‬
‫على الشمس لجريممان ذكرهمما وقممالوا فممي قمموله‬
‫تعممالى ) والليممل إذا يغشمماها ( يعنممي إذا يغشممى‬
‫الشمس حين تغيب فتظلم الفاق وقال بقية بن‬
‫الوليد عممن صمفوان حمدثني يزيممد بمن ذي حمامممة‬
‫قال إذا جاء الليممل قممال الممرب جممل جللممه غشممي‬
‫عبادي خلقي العظيم فالليل يهابه والممذي خلقممه‬
‫أحق أن يهاب رواه بمن أبمي حماتم وقموله تعمالى‬
‫) والسماء وما بناها ( يحتمل أن تكون ) ممما ( همما‬
‫هنا مصدرية بمعنى والسممماء وبنائهمما وهممو قممول‬
‫قتمممادة ويحتممممل أن تكمممون بمعنمممى ممممن يعنمممي‬
‫والسممماء وبانيهمما وهممو قممول مجاهممد وكلهممما‬
‫متلزم والبناء هو الرفع كقوله تعالى ) والسممماء‬
‫بنيناها بأيد ( ) وإنا لموسممعون والرض فرشممناها‬

‫‪1031‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فنعم الماهمدون ( وهكمذا قموله تعمالى ) والرض‬
‫وممما طحاهمما ( قممال مجاهممد طحاهمما دحاهمما قممال‬
‫العوفي عن بمن عبماس ) ومما طحاهما ( أي خلمق‬
‫فيها وقال علي بممن أبممي طلحممة عممن بممن عبمماس‬
‫طحاها قسمممها وقممال مجاهممد وقتممادة والضممحاك‬
‫والسدي والثوري وأبو صالح وبن زيممد ) طحاهمما (‬
‫بسطها وهممذا أشممهر القمموال وعليممه الكممثر مممن‬
‫المفسرين وهو المعممروف عنممد أهممل اللغممة قممال‬
‫الجوهري طحوته مثل دحمموته أي بسممطته وقمموله‬
‫تعممالى ) ونفممس وممما سممواها ( أي خلقهمما سمموية‬
‫مستقيمة على الفطرة القويمة كما قال تعالى )‬
‫فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله الممتي فطممر‬
‫الناس عليها ل تبديل لخلق اللممه ( وقممال رسممول‬
‫الله صلى الله تعالى عليه وعلى آلممه وسمملم كممل‬
‫مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه‬
‫أو ينصرانه أو يمجسانه كما تولممد البهيمممة بهيمممة‬
‫جمعاء هل تحسون فيها من جممدعاء أخرجمماه مممن‬
‫رواية أبي هريرة وفي صممحيح مسمملم ‪ 2865‬مممن‬
‫رواية عياض بن حماد المجاشعي عن رسول الله‬
‫قال يقول الله عممز وجممل إنممي خلقممت عبممادي‬
‫حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهممم‬
‫وقوله تعممالى ) فألهمهمما فجورهمما وتقواهمما ( أي‬
‫فأرشدها إلى فجورها وتقواها أي بيممن ذلممك لهمما‬
‫وهداها إلى ما قدر لها قال بن عباس ) فألهمهمما‬
‫فجورها وتقواهما ( بيممن لهمما الخيممر والشممر وكممذا‬
‫قممال مجاهممد وقتممادة والضممحاك والثمموري وقممال‬
‫سعيد بن جبير ألهمها الخير والشر وقال بن زيممد‬
‫جعل فيها فجورها وتقواها وقال بن جرير حممدثنا‬
‫بن بشار حدثنا صممفوان بممن عيسممى وأبممو عاصممم‬
‫النبيل قال حدثنا عزرة بن ثابت حدثني يحيى بممن‬
‫عقيل عن يحيى بن يعمر عن أبي السود الممديلي‬
‫قال قال لي عمران بن حصممين أرأيممت ممما يعمممل‬

‫‪1032‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الناس فيه ويتكادحون فيه أشمميء قضممي عليهممم‬
‫ومضممى عليهممم مممن قممدر قممد سممبق أو فيممما‬
‫وأكممدت عليهممم‬ ‫يستقبلون مما أتاهم به نبيهم‬
‫الحجة قلت بممل شمميء قضممي عليهممم قممال فهممل‬
‫يكون ذلك ظلما قال ففزعممت منممه فزعمما شممديدا‬
‫قال قلت له ليس شيء إل وهو خلقه وملك يممده‬
‫ل يسأل عما يفعل وهم يسئلون قال سددك الله‬
‫إنما سممألتك لخممبر عقلممك إن رجل مممن مزينممة أو‬
‫فقممال يمما رسممول اللممه‬ ‫جهينة أتى رسول اللممه‬
‫أرأيت ممما يعمممل النمماس فيممه ويتكممادحون أشمميء‬
‫قضي عليهم ومضى عليهم من قدر قد سممبق أم‬
‫شمميء مممما يسممتقبلون مممما أتمماهم بممه نممبيهم‬
‫وأكدت به عليهم الحجة قال بل شيء قممد قضممي‬
‫عليهم قال ففيم نعمل قال من كان اللممه خلقممه‬
‫لحممدى المنزلممتين يهيئه لهمما وتصممديق ذلممك فممي‬
‫كتاب الله تعممالى ) ونفممس وممما سممواها فألهمهمما‬
‫فجورهمما وتقواهمما ( رواه أحمممد ‪ 4438‬ومسمملم‬
‫‪ 2650‬من حديث عزرة بن ثابت به وقمموله تعممالى‬
‫) قممد أفلممح مممن زكاهمما وقممد خمماب مممن دسمماها (‬
‫يحتمل أن يكون المعنى قد أفلح من زكى نفسممه‬
‫أي بطاعممة اللممه كممما قممال قتممادة وطهرهمما مممن‬
‫الخلق الدنيئة والرذائل ويروى نحوه عن مجاهد‬
‫وعكرمة وسممعيد بممن جممبير وكقمموله تعممالى ) قممد‬
‫أفلح من تزكى وذكممر اسممم ربممه فصمملى ( ) وقممد‬
‫خاب من دساها ( أي دسسممها أي أخملهمما ووضممع‬
‫منهمما بخممذلنه إياهمما عممن الهممدى حممتى ركممب‬
‫المعاصي وترك طاعة الله عز وجل وقممد يحتمممل‬
‫أن يكون المعنى قد أفلممح مممن زكممى اللممه نفسممه‬
‫وقد خاب من دسى الله نفسه كما قممال العمموفي‬
‫وعلي بن أبي طلحة عن بن عباس وقال بن أبي‬
‫حاتم حدثنا أبي وأبو زرعة قمال حممدثنا سمهل بمن‬

‫‪1033‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عثمان حدثنا أبو مالك يعني عمرو بن هشام عممن‬
‫عمرو بن هاشم عن جويبر عن الضممحاك عممن بممن‬
‫يقول في قول‬ ‫عباس قال سمعت رسول الله‬
‫الله عز وجل ) قد أفلح مممن زكاهمما ( قممال النممبي‬
‫أفلحت نفس زكاهما اللمه عمز وجممل ورواه بمن‬
‫أبي حاتم من حديث أبي مالك به وجويبر هذا هممو‬
‫بن سعيد متروك الحمديث والضمحاك لمم يلمق بمن‬
‫عباس وقال الطبراني ‪ 1111191‬حدثنا يحيى بن‬
‫عثمان بن صالح حدثنا أبي حممدثنا بممن لهيعممة عممن‬
‫عمرو بن دينار عن بن عبمماس قممال كممان رسممول‬
‫إذا مممر بهممذه اليممة ) ونفممس وممما سممواها‬ ‫الله‬
‫فألهمها فجورها وتقواها ( وقف ثم قممال اللهممم‬
‫أت نفسي تقواها أنت وليها ومولهمما وخيممر مممن‬
‫زكاها حديث آخر قممال بممن أبممي حمماتم حممدثنا أبممو‬
‫زرعة حدثنا يعقوب بن حميد المممدني حممدثنا عبممد‬
‫الله بن عبد اللممه الممموي حممدثنا معممن بممن محمممد‬
‫الغفاري عن حنظلة بن علي السمملمي عممن أبممي‬
‫يقرأ ) فألهمها‬ ‫هريرة قال سمعت رسول الله‬
‫فجورها وتقواها ( قال اللهم أت نفسممي تقواهمما‬
‫وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولهمما لممم‬
‫يخرجوه من هذا الوجه وقال المممام أحمممد ‪6209‬‬
‫حدثنا وكيع عن نافع عن بن عممر عمن صمالح بمن‬
‫مممن‬ ‫سممعيد عممن عائشممة أنهمما فقممدت النممبي‬
‫مضجعه فلمسته بيدها فوقعت عليه وهممو سمماجد‬
‫وهو يقول رب أعط نفسممي تقواهمما وزكهمما أنممت‬
‫خير من زكاها أنت وليها ومولها تفرد به حممديث‬
‫آخر قال المام أحمممد ‪ 4371‬حممدثنا عفممان حممدثنا‬
‫عبد الواحد بن زياد حدثنا عاصم الحول عممن عبممد‬
‫الله بن الحارث عن زيد بن أرقم قال كان رسول‬
‫يقممول اللهممم إنممي أعمموذ بممك مممن العجممز‬ ‫اللممه‬

‫‪1034‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والكسل والهرم والجبممن والبخممل وعممذاب القممبر‬
‫اللهممم أت نفسممي تقواهمما وزكهمما أنممت خيممر مممن‬
‫زكاها أنت وليها ومولها اللهم إني أعوذ بك مممن‬
‫قلب ل يخشع ومن نفس ل تشبع وعلممم ل ينفممع‬
‫ودعوة ل يستجاب لها قال زيد كممان رسممول اللممه‬
‫صلى الله تعالى‬
‫عليمممه وعلمممى آلمممه وسممملم يعلمنممماهن ونحمممن‬
‫نعلمكممموهن رواه مسمملم ‪ 2722‬مممن حممديث أبممي‬
‫معاويممة عممن عاصممم الحممول عممن عبممد اللممه بممن‬
‫الحارث وأبي عثمان النهدي عن زيد بن أرقم به‬
‫(‬ ‫‪15‬‬ ‫‪11‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪91‬‬
‫يخبر تعالى عن ثمود أنهم كذبوا رسولهم بسممبب‬
‫ماكانوا عليه من الطغيان والبغي وقال محمد بن‬
‫كعب ) بطغواها ( أي بأجمعها والول أولى قمماله‬
‫مجاهد وقتادة وغيرهما فأعقبهم ذلك تكذيبا في‬
‫قلمموبهم بممما جمماءهم بممه رسممولهم عليممه الصمملة‬
‫والسلم من الهدى واليقين ) إذ انبعث أشقاها (‬
‫أي أشمقى القبيلمة وهمو قمدار بمن سمالف عماقر‬
‫الناقة وهو أحيمر ثمود وهو الذي قال الله تعالى‬
‫) فنادوا صمماحبهم فتعمماطى فعقممر ( اليممة وكممان‬
‫هذا الرجل عزيزا فيهم شريفا فممي قممومه نسمميبا‬
‫رئيسا مطاعا كما قال المام أحمد ‪ 417‬حدثنا بن‬
‫نمير حدثنا هشام عن أبيه عن عبد الله بن زمعممة‬
‫فذكر الناقة وذكر الذي‬ ‫قال خطب رسول الله‬
‫عقرها فقال إذ انبعث أشممقاها انبعممث لهمما رجممل‬
‫عارم عزيز منيع في رهطه مثل أبي زمعة ورواه‬
‫البخاري في التفسممير ‪ 4942‬ومسمملم فممي صممفة‬
‫النممار ‪ 2855‬والترمممذي ‪ 3343‬والنسممائي ‪11675‬‬
‫في التفسير من سممننيهما وكممذا بممن جريممر وبممن‬
‫أبي حاتم عن هشام بن عروة به وقممال بممن أبممي‬
‫حاتم حدثنا أبو زرعة حممدثنا إبراهيممم بممن موسممى‬
‫حدثنا عيسى بن يونس حدثنا محمممد بممن إسممحاق‬

‫‪1035‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حدثني يزيد بن محمممد بممن خممثيم عممن محمممد بممن‬
‫كعب القرظي عن محمد بن خثيم أبمي يزيمد عمن‬
‫لعلممي أل‬ ‫عمار بن ياسر قال قال رسول اللممه‬
‫أحدثك بأشقى الناس قال بلى قال رجلن أحيمر‬
‫ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك يا علي على‬
‫هذا يعني قرنه حتى تبتل منممه هممذه يعنممي لحيتممه‬
‫وقوله تعممالى ) فقممال لهممم رسممول اللممه ( يعنممي‬
‫صالحا عليه السلم ) ناقة الله ( أي احذروا ناقممة‬
‫الله أن تمسوها بسوء ) وسممقياها ( أي ل تعتممدوا‬
‫عليهمما فممي سممقياها فممإن لهمما شممرب يمموم ولكممم‬
‫شممرب يمموم معلمموم قممال اللممه تعممالى ) فكممذبوه‬
‫فعقروها ( أي كذبوه فيممما جمماءهم بممه فممأعقبهم‬
‫ذلممك أن عقممروا الناقممة الممتي أخرجهمما اللممه مممن‬
‫الصخرة آية لهم وحجممة عليهممم ) فدمممدم عليهممم‬
‫ربهممم بممذنبهم ( أي غضممب عليهممم فممدمر عليهممم‬
‫) فسواها ( أي فجعل العقوبة نازلة عليهم علممى‬
‫السواء قال قتادة بلغنا أن أحيمر ثمود لممم يعقممر‬
‫الناقممة حممتى بممايعه صممغيرهم وكممبيرهم وذكرهممم‬
‫وأنثاهم فلما اشممترك القمموم فممي عقرهمما دمممدم‬
‫الله عليهم بممذنبهم فسممواها وقمموله تعممالى ) ول‬
‫يخمماف ( وقرىممء ) فل يخمماف عقباهمما ( قممال بممن‬
‫عبمماس ل يخمماف اللممه مممن أحممد تبعممة وكممذا قممال‬
‫مجاهممد والحسممن وبكممر بممن عبممد اللممه المزنممي‬
‫وغيرهممم وقممال الضممحاك والسممدي ول يخمماف‬
‫عقباها أي لم يخف الذي عقرها عاقبممة ممما صممنع‬
‫والقول الول أولممى لدللممة السممياق عليممه واللممه‬
‫أعلممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممم‬
‫‪92‬‬
‫) سورة الليل (‬

‫(‬ ‫‪11‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪92‬‬

‫‪1036‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مقدمة تفسممير سممورة والشمممس وضممحاها وللممه‬
‫الحمد والمنممة تفسممير سممورة الليممل تقممدم قمموله‬
‫عليه الصمملة والسمملم لمعمماذ فهل صممليت بسممبح‬
‫اسم ربك العلى والشمممس وضممحاها والليممل إذا‬
‫يغشمممممى بسمممممم اللمممممه الرحممممممن الرحيمممممم‬
‫قال المام أحمممد ‪ 6449‬حممدثنا يزيممد بممن هممارون‬
‫حدثنا شعبة عن المغيرة عن إبراهيم عن علقمممة‬
‫أنه قدم الشام فدخل مسجد دمشق فصمملى فيممه‬
‫ركعتين وقال اللهم ارزقني جليسمما صممالحا قممال‬
‫فجلس إلى أبي الدرداء فقال له أبو الدرداء ممن‬
‫انت قال من أهل الكوفة قال كيممف سمممعت بممن‬
‫أم عبممد يقممرأ ) والليممل إذا يغشممى والنهممار إذا‬
‫تجلى ( قال علقمة ) والذكر‬
‫والنممثى ( فقممال أبممو الممدرداء لقممد سمممعتها مممن‬
‫فما زال هؤلء حمتى شمككوني ثمم‬ ‫رسول الله‬
‫قال ألم يكن فيكم صاحب الوساد وصاحب السممر‬
‫الممذي ل يعلمممه أحممد غيممره والممذي أجيممر مممن‬
‫وقد رواه البخاري‬ ‫الشيطان على لسان محمد‬
‫‪ 4943‬ها هنا ومسمملم ‪ 824‬مممن طريممق العمممش‬
‫عن إبراهيم قال قدم أصحاب عبد الله على أبممي‬
‫الدرداء فطلبهم فوجدهم فقال أيكم يقممرأ علممى‬
‫قممراءة عبممد اللممه قممالوا كلنمما قممال أيكممم أحفممظ‬
‫فأشاروا إلممى علقمممة فقممال كيممف سمممعته يقممرأ‬
‫) والليل إذا يغشى ( قال ) والذكر والنثى ( قال‬
‫أشهد أني سمعت رسول الله يقرأ هكممذا وهممؤلء‬
‫يريدون أن أقرأ ) وما خلق الذكر والنثى ( واللممه‬
‫ل أتابعهم هذا لفظ البخاري هكممذا قممرأ ذلممك بممن‬
‫مسممعود وأبممو الممدرداء ورفعممه أبممو الممدرداء وأممما‬
‫الجمهممور فقممرأوا ذلممك كممما هممو المثبممت فممي‬
‫المصحف المام العثماني في سائر الفاق ) وما‬
‫خلق الممذكر والنممثى ( فأقسممم تعممالى بالليممل إذا‬
‫يغشى أي إذا غشي الخليقة بظلمه ) والنهار إذا‬

‫‪1037‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تجلممى ( أي بضمميائه وإشممراقه ) وممما خلممق الممذكر‬
‫والنممثى ( كقمموله تعممالى ) وخلقنمماكم أزواجمما (‬
‫وكقوله ) ومن كممل شمميء خلقنمما زوجيممن ( ولممما‬
‫كان القسم بهذه الشياء المتضادة كان المقسممم‬
‫عليه أيضا متضادا ولهذا قال تعممالى ) إن سممعيكم‬
‫لشتى ( أي أعمال العباد التي اكتسبوها متضممادة‬
‫أيضا ومتخالفة فمن فاعل خيرا ومن فاعل شممرا‬
‫قال الله تعممالى ) فأممما مممن أعطممى واتقممى ( أي‬
‫أعطى ما أمر بممأخراجه واتقممى اللممه فممي أممموره‬
‫) وصدق بالحسنى ( أي بالمجازاة على ذلك قمماله‬
‫قتممادة وقممال خصمميف بممالثواب وقممال بمن عبمماس‬
‫ومجاهممد وعكرمممة وأبممو صممالح وزيممد بممن أسمملم‬
‫) وصدق بالحسممنى ( أي بممالخلف وقممال أبممو عبممد‬
‫الرحمن السلمي والضحاك ) وصممدق بالحسممنى (‬
‫أي بل إله إل الله وفي رواية عن عكرمة ) وصدق‬
‫بالحسنى ( أي بما أنعم الله عليه وفي رواية عن‬
‫زيد بن أسمملم ) وصممدق بالحسممنى ( قمال الصمملة‬
‫والزكاة والصوم وقال مرة وصدقة الفطر وقممال‬
‫بن ابي حاتم حدثنا أبو زرعممة حممدثنا صممفوان بممن‬
‫صالح الدمشممقي حممدثنا الوليممد بممن مسمملم حممدثنا‬
‫زهيممر بممن محمممد حممدثني مممن سمممع أبمما العاليممة‬
‫الرياحي يحممدث عممن أبممي بممن كعممب قممال سممألت‬
‫عن الحسنى قممال الحسممنى الجنممة‬ ‫رسول الله‬
‫وقمموله تعممالى ) فسنيسممره لليسممرى ( قممال بممن‬
‫عباس يعنممي للخيممر وقممال زيممد بممن أسمملم يعنممي‬
‫للجنممة وقممال بعممض السمملف مممن ثممواب الحسممنة‬
‫الحسنة بعدها ومن جممزاء السمميئة السمميئة بعممدها‬
‫ولهذا قال تعالى ) وأما من بخل ( أي بما عنده )‬
‫واستغنى ( قال عكرمة عممن بممن عبمماس أي بخممل‬
‫بماله واستغنى عن ربمه عمز وجمل رواه بمن ابمي‬
‫حاتم ) وكذب بالحسممنى ( أي بممالجزاء فممي الممدار‬
‫الخرة ) فسنيسره للعسممرى ( أي لطريممق الشممر‬

‫‪1038‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كما قال تعالى ) ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كممما‬
‫لمم يؤمنموا بمه أول ممرة ونمذرهم فمي طغيمانهم‬
‫يعمهون ( واليات فممي هممذا المعنممى كممثيرة دالممة‬
‫على أن اللممه عممز وجممل يجممازي مممن قصممد الخيممر‬
‫بالتوفيق له ومن قصد الشر بالخذلن وكممل ذلممك‬
‫بقدر مقدر والحمماديث الدالممة علممى هممذا المعنممى‬
‫كثيرة رواية أبي بكر الصديق رضي الله عنه قممال‬
‫المام أحمممد ‪ 15‬حممدثنا علممي بممن عيمماش حممدثني‬
‫العطاف بن خالد حدثني رجممل مممن أهممل البصممرة‬
‫عن طلحة بن عبد الله بن عبممد الرحمممن بممن أبممي‬
‫بكر الصديق عن أبيه قممال سمممعت أبممي يممذكر أن‬
‫أباه سمع أبا بكر وهو يقول قلت لرسول الله‬
‫يا رسول الله أنعمل علممى ممما فممرغ منممه أو علممى‬
‫أمر مؤتنف قال بل على أمر قممد فممرغ منممه قممال‬
‫ففيم العمل يا رسول اللممه قممال كممل ميسممر لممما‬
‫خلق له رواية علي رضي الله عنممه قمال البخماري‬
‫‪ 4945‬حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن العمممش‬
‫عن سعيد عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي‬
‫بن أبي طالب رضي الله عنه قال كنا مع رسممول‬
‫فممي بقيممع الغرقممد فممي جنممازة فقممال ممما‬ ‫الله‬
‫منكم مممن أحممد إل وقممد كتممب مقعممده مممن الجنممة‬
‫ومقعده من النار فقالوا يا رسول الله أفل نتكممل‬
‫فقال اعملوا فكممل ميسممر لممما خلممق لممه ثممم قممرأ‬
‫) فأممما مممن أعطممى واتقممى وصممدق بالحسممنى‬
‫فسنيسره لليسرى ( إلى قوله ) للعسرى ( وكممذا‬
‫رواه ‪ 4945‬من طريق شعبة ووكيع عن العمممش‬
‫بنحوه ثم رواه ‪ 4948‬عن عثمممان بممن أبممي شمميبة‬
‫عن جرير عن منصور عممن سممعيد بممن عبيممدة عممن‬
‫أبي عبد الرحمن عن علي بن أبممي طممالب رضممي‬
‫الله عنه قال كنمما فممي جنممازة فممي بقيممع الغرقممد‬
‫فقعممد وقعممدنا حمموله ومعممه‬ ‫فأتى رسول اللممه‬

‫‪1039‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مخصرة فنكس فجعل ينكت بمخصرته ثم قال ممما‬
‫منكم من أحد أو ما من نفممس منفوسممة إل كتممب‬
‫مكانها من الجنة والنممار وإل قممد كتبممت شممقية أو‬
‫سعيدة فقال رجل يا رسول الله أفل نتكممل علممى‬
‫كتابنا وندع العمل فمن كان منا من‬
‫أهل السعادة فسيصير إلممى أهممل السممعادة ومممن‬
‫كممان منمما مممن أهممل الشممقاء فسيصممير إلممى أهممل‬
‫الشقاء فقال أما أهل السعادة فييسممرون لعمممل‬
‫أهل السعادة وأمما أهمل الشمقاء فييسمرون إلمى‬
‫عمممل أهممل الشممقاء ثممم قممرأ ) فأممما مممن أعطممى‬
‫واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأممما‬
‫من بخل واسممتغنى وكممذب بالحسممنى فسنيسممره‬
‫للعسرى ( وقد أخرجه بقيممة الجماعممة مممن طممرق‬
‫عن سعيد بن عبيدة به رواية عبممد اللممه بممن عمممر‬
‫قال المام أحمد ‪ 252‬حدثنا عبممد الرحمممن حممدثنا‬
‫شعبة عن عاصم بن عبيد الله قال سمعت سممالم‬
‫بن عبد الله يحدث عن بن عمر قال قال عمممر يمما‬
‫رسول الله أرأيت ما نعمل فيه أفي أمر قد فممرغ‬
‫أو مبتدأ أو مبتدع قال فيما قد فرغ منممه فاعمممل‬
‫يا بن الخطاب فإن كل ميسممر أممما مممن كممان مممن‬
‫أهل السعادة فإنه يعمل للسعادة وأممما مممن كممان‬
‫مممن أهممل الشممقاء فممإنه يعمممل للشممقاء ورواه‬
‫الترمممذي فممي القممدر ‪ 2135‬عممن بنممدار عممن بممن‬
‫مهدي به وقال حسن صحيح حديث آخر من رواية‬
‫جابر قال بن جرير حدثني يونس أخبرنا بن وهب‬
‫أخبرني عمرو بممن الحممارث عممن أبممي الزبيممر عممن‬
‫جابر بن عبد الله أنه قال يمما رسممول اللممه أنعمممل‬
‫لمر قد فرغ منه أو لمر نستأنفه فقال لمر قممد‬
‫فرغ منه فقممال سممراقة ففيممم العمممل إذا فقممال‬
‫كممل عامممل ميسممر لعملممه ورواه‬ ‫رسممول اللممه‬
‫مسلم ‪ 2648‬عن أبي الطمماهر عممن بممن وهممب بممه‬
‫حديث آخر قممال بممن جريممر حممدثني يممونس حممدثنا‬

‫‪1040‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سفيان عن عمرو بن دينار عممن طلممق بممن حممبيب‬
‫عن بشير بممن كعممب العممدوي قممال سممأل غلمممان‬
‫فقال يا رسول الله أنعمممل فيممما‬ ‫شابان النبي‬
‫جفت به القلم وجرت به المقادير أو في شمميء‬
‫يستأنف فقال بل فيما جفممت بممه القلم وجممرت‬
‫به المقممادير قممال ففيممم العمممل إذا قممال اعملمموا‬
‫فكل عامل ميسر لعمله الذي خلق له قال فممالن‬
‫نجد ونعمل رواية أبي الدرداء قممال المممام أحمممد‬
‫‪ 6441‬حدثنا هشيم بن خارجممة حممدثنا أبممو الربيممع‬
‫سليمان بن عتبة السلمي عن يونس بممن ميسممرة‬
‫بن حلبس عن أبي إدريس عن أبممي الممدرداء قممال‬
‫قالوا يا رسول الله أرأيت ما نعمل أمممر قممد فممرغ‬
‫منه أم شيء نستأنفه قال بل أمر قممد فممرغ منممه‬
‫فقالوا فكيممف بالعمممل يمما رسممول اللممه قممال كممل‬
‫امرئ مهيأ لما خلق لممه تفممرد بممه أحمممد مممن هممذا‬
‫الوجه حديث آخر قال بممن جريممر حممدثني الحسممن‬
‫بن سلمة بممن أبممي كبشممة حممدثنا عبممد الملممك بممن‬
‫عمرو حدثنا عباد بن راشد عن قتادة حدثني خليد‬
‫العصري عن أبي الدرداء قممال قممال رسممول اللممه‬
‫صلى الله تعالى عليه وسلم ممما مممن يمموم غربممت‬
‫فيه شمسه إل وبجنبتيها ملكان يناديان يسمعهما‬
‫خلق اللممه كلهممم إل الثقليممن اللهممم أعممط منفقمما‬
‫خلفا وأعممط ممسممكا تلفمما وأنممزل اللممه فممي ذلممك‬
‫القمممرآن ) فأمممما ممممن أعطمممى واتقمممى وصمممدق‬
‫بالحسممنى فسنيسممره لليسممرى وأممما مممن بخممل‬
‫واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسممره للعسممرى (‬
‫ورواه بن أبي حاتم عن أبيه عممن بممن أبممي كبشممة‬
‫بإسممناده مثلممه حممديث آخممر قممال بممن أبممي حمماتم‬
‫حدثني أبو عبد الله الطهرانممي حممدثنا حفممص بممن‬
‫عمر العدني حدثني الحكم بممن أبممان عممن عكرمممة‬
‫عن بن عباس أن رجل كان له نخيل ومنهمما نخلممة‬
‫فرعها في دار رجل صممالح فقيممر ذي عيممال فممإذا‬

‫‪1041‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جاء الرجل فدخل داره فيأخممذ التمممرة مممن نخلتممه‬
‫فتسقط التمرة فيأخممذها صممبيان الرجممل الفقيممر‬
‫فينزل من نخلته فينممزع الثممرة مممن أيمديهم وإن‬
‫أدخل أحدهم التمرة في فمممه أدخممل أصممبعه فممي‬
‫حلق الغلم ونممزع الثممرة مممن حلقممه فشمكا ذلمك‬
‫وأخممبره بممما هممو فيممه مممن‬ ‫الرجممل إلممى النممبي‬
‫صاحب النخلة فقال له النبي اذهب ولقي النممبي‬
‫صاحب النخلة فقال لممه أعطنممي نخلتممك الممتي‬
‫فرعها فممي دار فلن ولممك بهمما نخلممة فممي الجنممة‬
‫فقال له لقد أعطيت ولكممن يعجبنممي ثمرهمما وإن‬
‫لي لنخل كثيرا ما فيها نخلة أعجب إلي ثمرة مممن‬
‫فتبعممه رجممل كممان يسمممع‬ ‫ثمرها فذهب النممبي‬
‫ومممن صمماحب النخلممة‬ ‫الكلم مممن رسممول اللممه‬
‫فقال الرجل يا رسول اللمه إن أنما أخمذت النخلمة‬
‫فصارت لي النخلة فأعطيتممك إياهمما أتعطينممي ممما‬
‫أعطيتممه بهمما نخلممة فممي الجنممة قممال نعممم ثممم إن‬
‫الرجل لقي صاحب النخلة ولكلهممما نخممل فقممال‬
‫له أخبرك أن محمدا أعطاني بنخلتي المائلة فممي‬
‫دار فلن نخلة في الجنممة فقلممت لممه قممد أعطيممت‬
‫ولكن يعجبني ثمرها فسكت عنه الرجل فقال لممه‬
‫أراك إذا بعتها قال ل إل أن أعطى بهمما شمميئا ول‬
‫أظنني أعطاه قال وما مناك قممال أربعممون نخلممة‬
‫فقال الرجل لقد جئت بأمر عظيم نخلتممك تطلممب‬
‫بها أربعين نخلة ثم سكتا وأنشأ في كلم آخر ثممم‬
‫قال أنا أعطيتك أربعين نخلة فقال أشهد لممي إن‬
‫كنت صادقا فأمر بأناس فدعاهم فقممال اشممهدوا‬
‫أني قد أعطيته مممن نخلممي أربعيممن نخلممة بنخلتممه‬
‫التي فرعها فممي دار فلن بممن فلن ثممم قممال ممما‬
‫تقول‬
‫فقال صاحب النخلة قد رضيت ثم قال بعد ليممس‬
‫بيني وبينك بيع لم نفترق فقال له قد أقالك الله‬

‫‪1042‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ولست بأحمق حين أعطيتك أربعين نخلة بنخلتممك‬
‫المائلة فقال صاحب النخلة قممد رضمميت علممى أن‬
‫تعطيني الربعيممن علممى ممما أريممد قممال تعطينيهمما‬
‫على ساق ثم مكث ساعة ثم قال هممي لممك علممى‬
‫ساق وأوقف له شهودا وعد له أربعين نخلة على‬
‫ساق فتفرقا فذهب الرجل إلممى رسممول اللممه‬
‫فقال يا رسممول اللممه إن النخلممة المائلممة فممي دار‬
‫فلن قد صارت لي فهي لك فممذهب رسممول اللممه‬
‫إلى الرجل صاحب الدار فقممال لممه النخلممة لممك‬
‫ولعيالك قال عكرمة قال بن عبمماس فممأنزل اللممه‬
‫عز وجل ) والليل إذا يغشممى ( إلممى قمموله ) فأممما‬
‫من أعطى واتقممى وصممدق بالحسممنى فسنيسممره‬
‫لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسممنى‬
‫فسنيسره للعسرى ( ألى آخر السورة هكذا رواه‬
‫بن أبي حاتم وهو حديث غريب جدا قال بن جرير‬
‫وذكر أن هذه الية نزلممت فممي أبممي بكممر الصممديق‬
‫رضي الله عنه حممدثنا همارون بمن إدريمس الصمم‬
‫حممدثنا عبممد الرحمممن بمن محمممد المحمماربي حممدثنا‬
‫محمد بن إسحاق عن محمد بن عبد الله بن محمد‬
‫بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصممديق رضممي اللممه‬
‫عنه عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال كان أبو‬
‫بكر رضي الله عنه يعتق على السلم بمكة فكان‬
‫يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن فقممال لممه أبمموه أي‬
‫بني أراك تعتق أناسا ضعفاء فلو أنك تعتق رجممال‬
‫جلداء يقومممون معممك ويمنعونممك ويممدفعون عنممك‬
‫فقال أي أبت أنما أريد أظنه قال ماعند الله قال‬
‫فحدثني بعض أهل بيتي أن هذه الية أنزلت فيممه‬
‫) فأممما مممن أعطممى واتقممى وصممدق بالحسممنى‬
‫فسنيسره لليسرى ( وقمموله تعممالى ) وممما يغنممي‬
‫عنممه ممماله إذا تممردى ( قممال مجاهممد أي إذا مممات‬
‫وقال أبو صالح ومالك عن زيد بن أسلم إذا تردى‬
‫فممممممممممممممممممممممممممممي النممممممممممممممممممممممممممممار‬

‫‪1043‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫(‬ ‫‪21‬‬ ‫‪12‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪92‬‬
‫قممال قتمادة ) إن علينمما للهممدى ( أي نممبين الحلل‬
‫والحرام وقال غيره من سلك طريق الهدى وصل‬
‫إلى الله وجعله كقوله تعالى ) وعلممى اللممه قصممد‬
‫السبيل ( حكاه بن جرير وقمموله تعممالى ) وإن لنمما‬
‫للخرة والولى ( أي الجميع ملكنا وأنا المتصرف‬
‫فيهما وقوله تعالى ) فأنذرتكم نارا تلظى ( قممال‬
‫مجاهد أي توهج قممال المممام أحمممد ‪ 4272‬حممدثنا‬
‫محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سماك بن حممرب‬
‫سمعت النعمان بن بشممير يخطممب يقممول سمممعت‬
‫يخطممب يقممول أنممذرتكم النممار‬ ‫رسممول اللممه‬
‫أنممذرتكم النممار حممتى لممو إن رجل كممان بالسمموق‬
‫لسمعه من مقامي هذا قال حتى وقعت خميصممة‬
‫كانت على عاتقه عند رجليه وقممال المممام أحمممد‬
‫‪ 4274‬حدثنا محمد بن جعفر حدثني شعبة حدثني‬
‫أبممو إسممحاق سمممعت النعمممان بممن بشممير يخطممب‬
‫يقمول إن أهمون‬ ‫ويقممول سمممعت رسممول اللممه‬
‫أهل النممار عممذابا يمموم القيامممة رجممل توضممع فممي‬
‫أخمص قدميه جمرتمان يغلمي منهمما دمماغه رواه‬
‫البخاري وقال مسلم ‪ 213‬حدثنا أبو بكر بممن أبممي‬
‫شيبة حممدثنا أبممو أسممامة عممن العمممش عممن أبممي‬
‫إسحاق عن النعمان بن بشممير قممال قممال رسممول‬
‫اللممه إن أهممون أهممل النممار عممذابا مممن لممه نعلن‬
‫وشراكان من نار يغلي منهممما دممماغه كممما يغلممي‬
‫المرجل ممما يممرى أن أحممدا أشممد منممه عممذابا وإنممه‬
‫لهممونهم عممذابا وقمموله تعممالى ) ل يصمملها إل‬
‫الشقى ( أي ل يدخلها دخول يحيط به من جميممع‬
‫جوانبه إل الشقى ثم فسره فقال ) الذي كذب (‬
‫أي بقلبممه ) وتممولى ( أي عممن العمممل بجمموارحه‬
‫وأركانه قال المام أحمد ‪ 2349‬حدثنا حسممن بممن‬
‫موسى حدثنا بن لهيعة حدثنا عبد ربممه بممن سممعيد‬

‫‪1044‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله‬
‫ل يدخل النار إل شقي قيممل ومممن الشممقي قممال‬
‫الذي ل يعمل بطاعة ول يترك لله معصممية وقممال‬
‫المممام أحمممد ‪ 2361‬حممدثنا يممونس وسممريج قممال‬
‫حدثنا فليح عن هلل بن علي عن عطاء بن يسار‬
‫كل أمتي‬ ‫عن أبي هريرة قال قال رسول الله‬
‫تدخل الجنة يوم القيامة إل من أبممى قممالوا ومممن‬
‫يأبى يا رسول الله‬
‫قال من أطاعني دخل الجنة ومممن عصمماني فقممد‬
‫أبى رواه البخاري ‪ 7280‬عن محمد بن سنان عن‬
‫فليح به وقمموله تعممالى ) وسمميجنبها التقممى ( أي‬
‫وسمميزحزح عممن النممار التقممي النقممي التقممى ثممم‬
‫فسممره بقمموله ) الممذي يممؤتي ممماله يممتزكى ( أي‬
‫يصرف ماله في طاعة ربه ليزكممي نفسممه وممماله‬
‫وما وهبه الله من دين ودنيا ) وما لحد عنده مممن‬
‫نعمة تجزى ( أي ليس بذله ماله في مكافممأة مممن‬
‫أسدى إليه معروفا فهو يعطي فممي مقابلممة ذلممك‬
‫وإنما دفعه ذلممك ) ابتغمماء وجممه ربممه العلممى ( أي‬
‫طمعا في أن يحصل له رؤيتممه فممي الممدار الخممرة‬
‫في روضات الجنات قممال اللممه تعممالى ) ولسمموف‬
‫يرضممى ( أي ولسمموف يرضممى مممن اتصممف بهممذه‬
‫الصفات وقد ذكر غيممر واحممد مممن المفسممرين أن‬
‫هذه اليات نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله‬
‫عنمممه حمممتى أن بعضمممهم حكمممى الجمممماع ممممن‬
‫المفسممرين علممى ذلممك ولشممك أنممه داخممل فيهمما‬
‫وأولى المة بعمومها فإن لفظهمما لفممظ العممموم‬
‫وهو قوله تعالى ) وسيجنبها التقى الممذي يممؤتي‬
‫ماله يممتزكى وممما لحممد عنممده مممن نعمممة تجممزى (‬
‫ولكنممه مقممدم المممة وسممابقهم فممي جميممع هممذه‬
‫الوصمماف وسممائر الوصمماف الحميممدة فممإنه كممان‬
‫صديقا تقيا كريما جوادا بذال لمواله فممي طاعممة‬

‫‪1045‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فكممم مممن دراهممم‬ ‫ممموله ونصممرة رسممول اللممه‬
‫ودنانير بذلها ابتغمماء وجممه ربممه الكريممم ولممم يكممن‬
‫لحد من الناس عنده منممة يحتمماج إلممى أن يكممافئه‬
‫بهمما ولكممن كممان فضممله وإحسممانه علممى السممادات‬
‫والرؤساء من سائر القبائل ولهذا قال لممه عممروة‬
‫بن مسعود وهو سيد ثقيف يوم صلح الحديبية أما‬
‫والله لول يد لك عندي لم أجزك بها لجبتك وكان‬
‫الصديق قد أغلظ له في المقالممة فممإذا كممان هممذا‬
‫حاله مع سادات العممرب ورؤسمماء القبممائل فكيممف‬
‫بمن عداهم ولهذا قال تعممالى ) وممما لحممد عنممده‬
‫مممن نعمممة تجممزى إل ابتغمماء وجممه ربممه العلممى‬
‫ولسوف يرضى ( وفي الصحيحين أن رسول الله‬
‫قال من أنفق زوجيممن فممي سممبيل اللممه دعتممه‬
‫خزنة الجنة ياعبد الله هذا خير فقال أبممو بكممر يمما‬
‫رسول الله ما على من يدعى منها ضرورة فهممل‬
‫يدعى منها كلها أحممد قممال نعممم وأرجممو أن تكممون‬
‫منهمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممم‬
‫‪93‬‬
‫) سورة الضحى (‬

‫(‬ ‫‪11‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪93‬‬


‫مقدمة تفسير سممورة الليممل وللممه الحمممد والمنممة‬
‫تفسممير سممورة الضممحى روينمما مممن طريممق أبممي‬
‫الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بممن أبممي بممزة‬
‫المقممرئ قممال قممرأت علممى عكرمممة بممن سممليمان‬
‫وأخبرني أنه قرأ على إسماعيل بممن قسممطنطين‬
‫وشبل بن عباد فلما بلغت والضحى قال لممي كممبر‬
‫حتى تختم مع خاتمة كل سورة فإنمما قرأنمما علممى‬
‫بن كثير فأمرنا بذلك وأخبرنا أنه قرأ على مجاهد‬
‫فممأمره بممذلك وأخممبره مجاهممد أنممه قممرأ علممى بممن‬
‫عباس فأمره بممذلك وأخممبره بممن عبمماس أنممه قممرأ‬

‫‪1046‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫على أبي بن كعب فأمره بممذلك وأخممبره أبممي أنممه‬
‫فأمره بممذلك فهممذه سممنة‬ ‫قرأ على رسول الله‬
‫تفرد بها أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبممد اللممه‬
‫البزي من ولد القاسم بن أبممي بممزة وكممان إماممما‬
‫في القراءات فأما في الحممديث فقممد ضممعفه أبممو‬
‫حاتم الرازي وقال ل أحدث عنه وكذلك أبو جعفر‬
‫العقيلي ‪ 1127‬قال هو منكر الحديث لكممن حكممى‬
‫الشمميخ شممهاب الممدين أبممو شممامة فممي شممرح‬
‫الشاطبية ‪ 735‬عن الشافعي أنه سمع رجل يكممبر‬
‫هذا التكبير فممي الصمملة فقممال أحسممنت وأصممبت‬
‫السنة وهذا يقتضي صحة هذا الحديث ثم اختلممف‬
‫القراء فممي موضممع هممذا التكممبير وكيفيتممه فقممال‬
‫بعضهم يكممبر مممن آخممر والليممل إذا يغشممى وقممال‬
‫آخرون مممن آخممر والضممحى وكيفيممة التكممبير عنممد‬
‫بعضهم أن يقول الله أكممبر ويقتصممر ومنهممم مممن‬
‫يقول الله أكممبر ل إلممه إل اللممه واللممه أكممبر وذكممر‬
‫القممراء فممي مناسممبة التكممبير مممن أول سممورة‬
‫الضحى أنه لما تأخر الوحي عممن رسممول اللممه‬
‫وفممتر تلممك المممدة ثممم جمماء الملممك فممأوحى إليممه‬
‫) والضحى والليممل إذا سممجى ( السممورة بتمامهمما‬
‫كبر فرحا وسممرورا ولممم يممرو ذلممك بإسممناد يحكممم‬
‫عليممممممممه بصممممممممحة ول ضممممممممعف فممممممممالله‬
‫أعلم‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫قال المام أحمد حممدثنا أبممو نعيممم حممدثنا سممفيان‬
‫عن السود بن قيممس قممال سمممعت جنممدبا يقممول‬
‫فلم يقممم ليلممة أو ليلممتين فممأتت‬ ‫اشتكى النبي‬
‫إمرأة فقالت يمما محمممد ممما أرى شمميطانك إل قممد‬
‫تركك فأنزل الله عز وجل ) والضممحى والليممل إذا‬
‫سجى ما ودعممك ربممك وممما قلممى ( رواه البخمماري‬
‫‪ 4951‬ومسلم ‪ 1797‬والترمذي ‪ 3345‬والنسممائي‬

‫‪1047‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ 11681‬وبن أبي حاتم وبن جرير مممن طممرق عممن‬
‫السود بممن قيممس عممن جنممدب هممو بممن عبممد اللممه‬
‫البجلي ثم العلقممي بممه وفممي روايممة سممفيان بممن‬
‫عيينة عن السود بن قيس سمع جندبا قال أبطممأ‬
‫فقال المشركون ودع‬ ‫جبريل على رسول الله‬
‫محمدا ربه فأنزل الله تعممالى ) والضممحى والليممل‬
‫إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ( وقال بن أبممي‬
‫حاتم حدثنا أبو سعيد الشج وعمرو بن عبممد اللممه‬
‫الودي قممال حممدثنا أبممو أسممامة حممدثني سممفيان‬
‫حدثني السود بن قيممس أنممه سمممع جنممدبا يقممول‬
‫رمى رسول الله صمملى اللممه تعممالى عليممه وسمملم‬
‫بحجر في أصبعه فقال هل أنممت إل أصممبع دميممت‬
‫وفي سبيل الله ما لقيت قممال فمكممث ليلممتين أو‬
‫ثلثا ل يقوم فقالت له امرأة ما أرى شيطانك إل‬
‫قد تركك فنزلت ) والضحى والليل إذا سممجى ممما‬
‫ودعك ربك وما قلى ( والسياق لبي سممعيد قيممل‬
‫إن هممذه المممرأة هممي أم جميممل امممراة أبممي لهممب‬
‫وذكر أن أصبعه عليممه السمملم دميممت وقمموله هممذا‬
‫الكلم المممذي اتفمممق أنمممه مممموزون ثمممابت فمممي‬
‫الصحيحين ولكن الغريب ها هنا جعله سببا لتركه‬
‫القيام ونزول هذه السورة فأما ما رواه بن جرير‬
‫حدثنا بن أبي الشوارب حدثنا عبد الواحد بن زياد‬
‫حدثنا سليمان الشيباني عن عبممد اللممه بممن شممداد‬
‫ما أرى ربك إل قد قلك‬ ‫أن خديجة قالت للنبي‬
‫فأنزل الله ) والضحى والليل إذا سجى ما ودعممك‬
‫ربك وما قلى ( وقال أيضا حدثنا أبو كريب حممدثنا‬
‫وكيع عن هشممام بممن عممروة عممن أبيممه قممال أبطممأ‬
‫فجزع جزعا شممديدا فقممالت‬ ‫جبريل على النبي‬
‫خديجممة إنممي أرى ربممك قممد قلك مممما نممرى مممن‬
‫جزعك قال فنزلت ) والضممحى والليممل إذا سممجى‬
‫ما ودعك ربك وما قلى ( إلى آخرها فممإنه حممديث‬

‫‪1048‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مرسل من هذين الوجهين ولعل ذكر خديجة ليس‬
‫محفوظا أو قممالته علممى وجممه التأسممف والتحممزن‬
‫واللممه أعلممم وقممد ذكممر بعممض السمملف منهممم بممن‬
‫إسحاق أن هذه السورة هي التي أوحاهمما جبريممل‬
‫حين تبدى له في صورته التي‬ ‫إلى رسول الله‬
‫خلقه الله عليها ودنمما إليممه وتممدلى منهبطمما عليممه‬
‫وهو بالبطح ) فأوحى إلى عبده ما أوحى ( قممال‬
‫قممال لممه هممذه السممورة ) والضممحى والليممل إذا‬
‫سجى ( قال العوفي عن بن عباس لما نزل على‬
‫القممرآن أبطممأ عنممه جبريممل أياممما‬ ‫رسممول اللممه‬
‫فتغير بممذلك فقممال المشممركون ودعممه ربممه وقله‬
‫فأنزل الله ) ما ودعك ربك وما قلى ( وهذا قسم‬
‫منه تعممالى بالضممحى وممما جعممل فيممه مممن الضممياء‬
‫) والليممل إذا سممجى ( أي سممكن فممأظلم وادلهممم‬
‫قاله مجاهد وقتادة والضحاك وبممن زيممد وغيرهممم‬
‫وذلك دليل ظاهر على قدرة خالق هذا وهذا كممما‬
‫قال تعالى ) والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى (‬
‫وقال تعالى ) فالق الصممباح وجعممل الليممل سممكنا‬
‫والشمممس والقمممر حسممبانا ذلممك تقممدير العزيممز‬
‫العليم ( وقوله تعممالى ) ممما ودعممك ربممك ( أي ممما‬
‫تركك ) وما قلى ( أي وما أبغضك ) وللخرة خيممر‬
‫لك من الولى أي ( وللممدار الخممرة خيممر لممك مممن‬
‫أزهممد النمماس‬ ‫هذه الدار ولهذا كان رسول الله‬
‫في الدنيا وأعظمهم لها إطراحا كممما هممو معلمموم‬
‫بالضرورة من سيرته ولما خير عليه السمملم فممي‬
‫آخر عمره بين الخلممد فممي الممدنيا إلممى آخرهمما ثممم‬
‫الجنة وبين الصيرورة إلى الله عز وجل اختار ممما‬
‫عند الله على هذه الدنيا الدنية قال المممام أحمممد‬
‫‪ 1391‬حدثنا يزيد حدثنا المسعودي عن عمرو بممن‬
‫مرة عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبد الله‬
‫علممى‬ ‫هو بن مسعود قال اضطجع رسول اللممه‬

‫‪1049‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حصير فأثر في جنبه فلما استيقظ جعلت أمسممح‬
‫جنبه وقلت يا رسول الله أل آذنتنمما حممتى نبسممط‬
‫ما لي‬ ‫لك على الحصير شيئا فقال رسول الله‬
‫وللدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كراكممب ظممل تحممت‬
‫شجرة ثم راح وتركها ورواه الترمذي ‪ 2377‬وبممن‬
‫ماجممة ‪ 4109‬مممن حممديث المسممعودي بممه وقممال‬
‫الترمذي حسممن صممحيح وقمموله تعممالى ) ولسمموف‬
‫يعطيممك ربممك فترضممى ( أي فممي الممدار الخممرة‬
‫يعطيه حتى يرضيه في أمته وفيما أعممده لممه مممن‬
‫الكرامممة ومممن جملتممه نهممر الكمموثر الممذي حافتمماه‬
‫قبمماب اللؤلممؤ المجمموف وطينممه مسممك أذفممر كممما‬
‫سمميأتي وقممال المممام أبممو عمممرو الوزاعممي عممن‬
‫إسمممماعيل بمممن عبمممد اللمممه بمممن أبمممي المهممماجر‬
‫المخزومي عن علي بن عبد الله بممن عبمماس عممن‬
‫ما هو مفتمموح‬ ‫أبيه قال عرض على رسول الله‬
‫على أمته من بعده كنزا كنزا فسممر بممذلك فممأنزل‬
‫الله ) ولسموف يعطيمك ربمك فترضمى ( فأعطماه‬
‫في الجنة ألف ألف قصر‬
‫في كل قصر ممما ينبغممي لممه مممن الزواج والخممدم‬
‫رواه بن جرير وبن أبي حمماتم مممن طريقممه وهممذا‬
‫إسناد صحيح إلى بن عباس ومثل هذا ما يقال إل‬
‫عن توقيف وقال السدي عن بن عباس من رضاء‬
‫أن ل يدخل أحد من أهل بيته النممار رواه‬ ‫محمد‬
‫بن جرير وبن أبي حاتم وقال الحسن يعني بذلك‬
‫الشفاعة وهكذا قال أبو جعفر البمماقر وقممال أبممو‬
‫بكر بن أبي شيبة حممدثنا معاويممة بممن هشممام عممن‬
‫علي بن صالح عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيممم‬
‫عن علقمة عن عبد الله قال قال رسول اللممه‬
‫إنا أهل بيممت اختممار اللممه لنمما الخممرة علممى الممدنيا‬
‫) ولسوف يعطيك ربك فترضى ( ثم قممال تعممالى‬
‫يعدد نعمه على عبده ورسوله محمد صلوات اللممه‬

‫‪1050‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسلمه عليه ) ألم يجدك يتيما فممآوى ( وذلممك أن‬
‫أباه توفي وهو حمل في بطن أمه وقيل بعممد أن‬
‫ولد عليه السلم ثم توفيت أمه آمنممة بنممت وهممب‬
‫وله من العمر ست سنين ثم كان في كفالة جده‬
‫عبد المطلب إلى أن توفي وله مممن العمممر ثمممان‬
‫سنين فكفله عمه أبو طالب ثم لممم يممزل يحمموطه‬
‫وينصره ويرفع من قدره ويوقره ويكف عنممه أذى‬
‫قومه بعد أن ابتعثه الله علممى راس أربعيممن سممنة‬
‫من عمره هذا وأبو طممالب علممى ديممن قممومه مممن‬
‫عبادة الوثان وكل ذلك بقدر الله وحسن تممدبيره‬
‫إلممى أن تمموفي أبممو طممالب قبممل الهجممرة بقليممل‬
‫فأقدم عليه سفهاء قريش وجهالهم فاختار اللممه‬
‫له الهجرة من بين أظهرهم إلى بلد النصممار مممن‬
‫الوس والخزرج كما أجرى الله سنته على المموجه‬
‫التممم الكمممل فلممما وصممل إليهممم آووه ونصممروه‬
‫وحمماطوه وقمماتلوا بيممن يممديه رضممي اللممه عنهممم‬
‫أجمعيممن وكممل هممذا مممن حفممظ اللممه لممه وكلءتممه‬
‫وعنايته به وقوله تعالى ) ووجدك ضممال فهممدى (‬
‫كقوله ) وكذلك أوحينا إليممك روحمما مممن أمرنمما ممما‬
‫كنت تدري ممما الكتمماب ول اليمممان ولكممن جعلنمماه‬
‫نورا نهدي به من نشاء من عبادنا ( اليممة ومنهممم‬
‫ضممل فممي‬ ‫من قممال أن المممراد بهممذا أن النممبي‬
‫شعاب مكة وهو صممغير ثممم رجممع وقيممل إنممه ضممل‬
‫وهو مع عمه في طريق الشام وكان راكبمما ناقممة‬
‫في الليل فجماء إبليمس فعمدل بهما عمن الطريمق‬
‫فجاء جبريل فنفخ إبليس نفخممة ذهممب منهمما إلممى‬
‫الحبشة ثم عدل بالراحلممة إلممى الطريممق حكاهممما‬
‫البغوي وقوله تعالى ) ووجدك عائل فممأغنى ( أي‬
‫كنممت فقيممرا ذا عيممال فأغنمماك اللممه عمممن سممواه‬
‫فجمممع لممه بيممن مقممامي الفقيممر الصممابر والغنممي‬
‫الشاكر صلوات اللممه وسمملمه عليممه وقممال قتممادة‬
‫في قوله ) ألم يجدك يتيممما فممآوى ووجممدك ضممال‬

‫‪1051‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فهمدى ووجمدك عمائل فمأغنى ( قمال كمانت هممذه‬
‫قبل أن يبعثه الله عز وجممل‬ ‫منازل رسول الله‬
‫رواه بن جرير وبممن أبممي حمماتم وفممي الصممحيحين‬
‫من طريق عبد الرزاق عن معمممر عممن همممام بممن‬
‫منبممه قممال هممذا ممما حممدثنا أبممو هريممرة قممال قممال‬
‫ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن‬ ‫رسول الله‬
‫الغنى غنى النفس وفي صحيح مسلم ‪ 1054‬عن‬
‫قممد‬ ‫عبد الله بن عمرو قممال قممال رسممول اللممه‬
‫أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه اللممه بممما آتماه‬
‫ثم قال تعالى ) فأممما اليممتيم فل تقهممر ( أي كممما‬
‫كنت يتيما فآواك الله فل تقهر اليتيم أي ل تممذله‬
‫وتنهره وتهنه ولكن أحسن إليه وتلطمف بمه قمال‬
‫قتادة كن لليتيم كالب الرحيم ) وأما السائل فل‬
‫تنهر ( أي وكما كنت ضممال فهممداك اللممه فل تنهممر‬
‫السائل في العلممم المسترشممد قممال بممن إسممحاق‬
‫) وأممما السممائل فل تنهممر أي وكممما كنممت ضممال‬
‫فهمممداك اللمممه فل تنهمممر السمممائل فمممي العلمممم‬
‫المسترشد قال بن إسحاق وأما السائل فل تنهر‬
‫( أي فل تكممن جبممارا ول متكممبرا ول فحاشمما ول‬
‫فظا على الضممعفاء مممن عبمماد اللممه وقممال قتممادة‬
‫يعني رد المسكين برحمة ولين ) وأما بنعمة ربك‬
‫فحدث ( أي وكما كنت عائل فقيممرا فأغنمماك اللممه‬
‫فحممدث بنعمممة اللممه عليممك كممما جمماء فممي الممدعاء‬
‫المأثور النبوي واجعلنمما شمماكرين لنعمتممك مثنيممن‬
‫بها عليك قابليهما وأتمهما علينما وقمال بمن جريمر‬
‫حممدثنا يعقموب حمدثنا بمن عليمة حمدثنا سمعيد بمن‬
‫إيممماس الجريمممري عمممن أبمممي نضمممرة قمممال كمممان‬
‫المسلمون يرون أن من شكر النعم أن يحدث بها‬
‫وقممال عبممد اللممه بممن المممام أحمممد ‪ 4278‬حممدثنا‬
‫منصور بن أبي مزاحم حدثنا الجراح بن مليح عممن‬
‫أبي عبد الرحمن عممن الشممعبي عممن النعمممان بممن‬

‫‪1052‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫على المنبر من لممم‬ ‫بشير قال قال رسول الله‬
‫يشكر القليممل لممم يشممكر الكممثير ومممن لممم يشممكر‬
‫الناس لم يشكر الله والتحممدث بنعمممة اللممه شممكر‬
‫وتركهمما كفممر والجماعممة رحمممة والفرقممة عممذاب‬
‫وإسناده ضممعيف وفممي الصممحيحين عممن أنممس أن‬
‫المهاجرين قممالوا يمما رسممول اللممه ذهممب النصممار‬
‫بالجر كله قممال ل ممما دعمموتم اللممه لهممم وأثنيتممم‬
‫عليهممم وقممال أبممو داود ‪ 4811‬حممدثنا مسمملم بممن‬
‫إبراهيم حدثنا الربيع بن مسلم عن محمد بن زياد‬
‫قممال ل يشممكر اللممه‬ ‫عن أبي هريرة عن النممبي‬
‫مممن ل يشممكر النمماس ورواه الترمممذي ‪ 1954‬عممن‬
‫أحمد بن محمد عن بممن المبممارك عممن الربيممع بممن‬
‫مسلم‬
‫وقال صحيح وقال أبو داود ‪ 4814‬حدثنا عبد اللممه‬
‫بن الجممراح حممدثنا جريممر عممن العمممش عممن أبممي‬
‫قال من أبلممى بلء‬ ‫سفيان عن جابر عن النبي‬
‫فذكره فقد شكره ومن كتمه فقد كفره تفرد بممه‬
‫أبو داود وقال أبو داود حممدثنا مسممدد حممدثنا بشممر‬
‫حدثنا عمارة بن غزية حدثني رجل من قومي عن‬
‫جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى اللممه‬
‫تعالى عليه وسلم من أعطي عطاء فوجد فليجممز‬
‫به فإن لم يجد فليثن به فمن أثنى به فقد شكره‬
‫ومن كتمه فقد كفره قال أبممو داود ورواه يحيممى‬
‫بن أيوب عن عمارة بن غزيممة عممن شممرحبيل عممن‬
‫جابر كرهوه فلم يسموه تفرد به أبممو داود وقممال‬
‫مجاهد يعني النبوة التي أعطاك ربك وفي روايممة‬
‫عنه القرآن وقال ليث عن رجل عن الحسممن بممن‬
‫علي ) وأما بنعمة ربممك فحممدث ( قممال ممما عملممت‬
‫من خير فحدث إخوانك وقال محمد بن إسحاق ما‬
‫جاءك من الله من نعمة وكرامة من النبوة فحدث‬
‫بها واذكرها وادع إليها قممال فجعممل رسممول اللممه‬

‫‪1053‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يذكر ما أنعم الله به عليه من النبوة سرا إلممى‬
‫من يطمئن إليه من أهله وافترضت عليه الصمملة‬
‫فصمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممملى‬
‫‪94‬‬
‫) سورة ألم نشرح لك (‬

‫(‬ ‫‪8‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليمممممممممات ) ‪94‬‬


‫مقدمة تفسير سورة الشرح بسممم اللممه الرحمممن‬
‫الرحيممممم سممممورة ألممممم نشممممرح لممممك وهممممي‬
‫مكية يقول تعالى ) ألم نشرح لك صدرك ( يعنممي‬
‫أما شرحنا لك صدرك أي نورناه وجعلنمماه فسمميحا‬
‫رحيبا واسممعا كقمموله ) فمممن يممرد اللممه أن يهممديه‬
‫يشرح صممدره للسمملم ( وكمما شممرح اللممه صممدره‬
‫كذلك جعممل شممرعه فسمميحا واسممعا سمممحا سممهل‬
‫لحرج فيه ول إصر ول ضيق وقيل المممراد بقمموله‬
‫) ألم نشرح لك صدرك ( شرح صدره ليلة السراء‬
‫كما تقدم من رواية مالك بن صعصعة وقممد أورده‬
‫الترمذي ‪ 3346‬ها هنا وهذا وإن كان واقعمما ليلممة‬
‫السممراء كممما رواه مالممك بممن صعصممعة ولكممن ل‬
‫منافاة فمإن مممن جملممة شممرح صممدره المذي فعمل‬
‫بصدره ليلممة السممراء وممما نشممأ عنممه مممن الشممرح‬
‫المعنوي أيضا فالله أعلم قال عبد الله بن المام‬
‫أحمد ‪ 5139‬حممدثني محمممد بممن عبممد الرحيممم أبممو‬
‫يحيى البزاز حدثنا يونس بن محمد حدثنا معاذ بن‬
‫محمد بن أبي بن كعب حدثني أبو محمد بن معمماذ‬
‫عن معمماذ عممن محمممد عممن أبممي بممن كعممب أن أبمما‬
‫هريرة كان جريئا على أن يسممأل رسممول اللممه‬
‫عن أشياء ل يسأله عنهما غيمره فقمال يما رسمول‬
‫الله ممما أول ممما رأيممت مممن أمممر النبمموة فاسممتوى‬
‫جالسمما وقممال لقممد سممألت يمما أبمما‬ ‫رسممول اللممه‬

‫‪1054‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫هريرة إني في الصحراء بن عشر سممنين وأشممهر‬
‫وإذا بكلم فوق رأسي وإذا رجل يقول لرجل أهو‬
‫هو فاستقبلني بوجوه لممم أرهمما قممط وأرواح لممم‬
‫أجدها من خلق قط وثياب لم أرها على أحد قممط‬
‫فأقبل إلي يمشمميان حممتى أخممذ كممل واحممد منهممما‬
‫بعضممدي ل أجممد لحممدهما مسمما فقممال أحممدهما‬
‫لصمماحبه أضممجعه فأضممجعاني بل قصممر ول هصممر‬
‫فقال أحدهما لصاحبه إفلق صدره فهوى أحدهما‬
‫إلممى صممدري ففلقممه فيممما أرى بل دم ول وجممع‬
‫فقال له أخرج الغل والحسد فممأخرج شمميئا كهيئة‬
‫العلقة ثم نبذها فطرحها فقال له ادخممل الرأفممة‬
‫والرحمة فإذا مثل الذي أخرج شبه الفضة ثم هممز‬
‫إبهام رجلي اليمنى فقممال أعممد وأسمملم فرجعممت‬
‫بها أعدو رقة على الصغير ورحمة للكممبير وقمموله‬
‫تعالى ) ووضعنا عنك وزرك ( بمعنى ) ليغفر لممك‬
‫الله ما تقدم من ذنبك وما تممأخر ( ) الممذي أنقممض‬
‫ظهرك ( النقاض الصمموت وقممال غيممر واحممد مممن‬
‫السمملف فممي قمموله ) الممذي أنقممض ظهممرك ( أي‬
‫أثقلك حمله وقوله تعممالى ) ورفعنمما لممك ذكممرك (‬
‫قال مجاهد ل أذكر إل ذكرت معي أشهد أن ل إله‬
‫إل الله وأشهد أن محمدا رسول الله وقال قتادة‬
‫رفع الله ذكره في الدنيا والخرة فليممس خطيممب‬
‫ول متشهد ول صاحب صلة إل ينممادي بهمما أشممهد‬
‫أن ل إله إل الله وأن محمدا رسول الله وقال بن‬
‫جرير حدثني يونس أخبرنا بن وهب أخبرنا عمممرو‬
‫بن الحارث عممن دراج عممن أبممي الهيثممم عممن أبممي‬
‫أنممه قممال أتمماني جبريممل‬ ‫سعيد عن رسول الله‬
‫فقال إن ربمي وربمك يقمول كيمف رفعمت ذكممرك‬
‫قال الله أعلم قال إذا ذكممرت ذكممرت معممي وكممذا‬
‫رواه بن أبي حاتم عن يونس عن عبد العلممى بممه‬
‫ورواه أبو يعلى ‪ 1308‬من طريق بممن لهيعممة عممن‬
‫دراج وقال بن أبي حاتم‬

‫‪1055‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حدثنا أبو زرعة حدثنا أبو عمر الحوضي حدثنا‬
‫حماد بن زيد حدثنا عطاء بن السائب عن سعيد‬
‫بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله‬
‫سألت ربي مسألة وددت أني لم أسأله قلت قد‬
‫كان قبلي أنبياء منهم من سخرت له الريح‬
‫ومنهم من يحيي الموتى قال يامحمد ألم أجدك‬
‫يتيما فآويتك قلت بلى يارب قال ألم أجدك ضال‬
‫فهديتك قلت بلى يارب قال ألم أجدك عائل‬
‫فأغنيتك قلت بلى يارب قال ألم أشرح لك‬
‫صدرك ألم أرفع لك ذكرك قلت بلى يارب وقال‬
‫أبو نعيم في دلئل النبوة حدثنا أبو أحمد‬
‫الغطريفي حدثنا موسى بن سهل الجويني حدثنا‬
‫أحمد بن القاسم بن بهزان الهيتي حدثنا نصر بن‬
‫حماد عن عثمان بن عطاء عن الزهري عن أنس‬
‫لما فرغت مما أمرني به‬ ‫قال قال رسول الله‬
‫من أمر السماوات والرض قلت يارب إنه لم يكن‬
‫نبي قبلي إل وقد كرمته جعلت إبراهيم خليل‬
‫وموسى كليما وسخرت لداود الجبال ولسليمان‬
‫الريح والشياطين وأحييت لعيسى الموتى فما‬
‫جعلت لي قال أو ليس قد أعطيتك أفضل من‬
‫ذلك كله إني ل أذكر إل ذكرت معي وجعلت‬
‫صدور أمتك أناجيل يقرؤون القرآن ظاهرا ولم‬
‫أعطها أمة وأعطيتك كنزا من كنوز عرشي‬
‫لحول ول قوة إل بالله العلي العظيم وحكى‬
‫البغوي عن بن عباس ومجاهد أن المراد بذلك‬
‫الذان يعني ذكره فيه وأورد من شعر حسان بن‬
‫ثابت‬
‫أغر عليه للنبوة خاتم من الله من نور يلوح‬
‫ويشهد‬

‫وضم الله اسم النبي إلى اسمه إذا قال في‬


‫الخمس المؤذن أشهد‬

‫‪1056‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود‬


‫وهذا محمد‬
‫وقال آخرون رفع الله ذكره في الولين‬
‫والخرين ونوه به حين أخذ الميثاق على جميع‬
‫النبيين أن يؤمنوا به وأن يأمروا أممهم باليمان‬
‫به ثم شهر ذكره في أمته فل يذكر الله إل ذكر‬
‫معه وما أحسن ما قال الصرصري رحمه الله‬
‫ليصح الذان في الفرض إل باسمه العذب في‬
‫الفم المرضي‬
‫وقال أيضا‬
‫ألم تر أنا ل يصح أذاننا ول فرضنا إن لم نكرره‬
‫فيهما‬
‫وقوله تعالى ) فإن مع العسر يسرا إن مع العسر‬
‫يسرا ( أخبر تعالى أن مع العسر يوجد اليسر ثم‬
‫أكد هذا الخبر قال بن ابي حاتم حدثنا أبو زرعة‬
‫حدثنا محمود بن غيلن حدثنا حميد بن حماد بن‬
‫أبي خوار أبو الجهم حدثنا عائذ بن شريح قال‬
‫جالسا‬ ‫سمعت أنس بن مالك يقول كان النبي‬
‫وحياله حجر فقال لو جاء العسر فدخل هذا‬
‫الحجر لجاء اليسر حتى يدخل عليه فيخرجه‬
‫فأنزل الله عز وجل ) فإن مع العسر يسرا إن‬
‫مع العسر يسرا ( ورواه أبو بكر البزار في‬
‫مسنده ‪ 2288‬عن محمد بن معمر عن حميد بن‬
‫حماد به ولفظه لو جاء العسر حتى يدخل هذا‬
‫الحجر لجاء اليسر حتى يخرجه ثم قال ) فإن مع‬
‫العسر يسرا إن مع العسر يسرا ( ثم قال البزار‬
‫ل نعلم رواه عن أنس إل عائذ بن شريح قلت‬
‫وقد قال فيه أبو حاتم الرازي ‪ 716‬في حديثه‬
‫ضعف ولكن رواه شعبة عن معاوية بن قرة عن‬
‫رجل عن عبد الله بن مسعود موقوفا وقال بن‬
‫أبي حاتم حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح‬

‫‪1057‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حدثنا أبو قطن حدثنا المبارك بن فضالة عن‬
‫الحسن قال كانوا يقولون ل يغلب عسر واحد‬
‫يسرين اثنين وقال بن جرير حدثنا بن عبد‬
‫العلى حدثنا بن ثور عن معمر عن الحسن قال‬
‫يوما مسرورا فرحا وهو يضحك‬ ‫خرج النبي‬
‫وهو يقول لن يغلب عسر يسرين لن يغلب عسر‬
‫يسرين ) فإن مع العسر يسرا إن مع العسر‬
‫يسرا ( وكذا رواه من حديث عوف العرابي‬
‫ويونس بن عبيد عن الحسن مرسل وقال سعيد‬
‫بشر أصحابه‬ ‫عن قتادة ذكر لنا أن رسول الله‬
‫بهذه الية فقال لن يغلب عسر يسرين ومعنى‬
‫هذا أن العسر معرف في الحالتين فهو مفرد‬
‫واليسر منكر فتعدد ولهذا قال لن يغلب عسر‬
‫يسرين يعني قوله ) فإن مع العسر يسرا إن مع‬
‫العسر يسرا ( فالعسر الول عين الثاني واليسر‬
‫تعدد وقال الحسن بن سفيان حدثنا يزيد بن‬
‫صالح حدثنا خارجة عن عباد بن كثير عن أبي‬
‫الزناد عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول‬
‫قال نزل المعونة من السماء على قدر‬ ‫الله‬
‫المؤونة ونزل الصبر على قدر المصيبة ومما‬
‫يروى عن الشافعي أنه قال‬
‫صبرا جميل ما أقرب الفرجا من راقب الله في‬
‫المور نجا‬

‫من صدق الله لم ينله أذى ومن رجاه يكون حيث‬


‫رجا‬
‫وقال بن دريد أنشدني أبو حاتم السجستاني‬
‫إذا اشتملت على اليممأس القلمموب وضمماق لممما بممه‬
‫الصممممممممممممممممممممممممدر الرحيممممممممممممممممممممممممب‬

‫وأوطأت المكاره واطمأنت وأرست فممي أماكنهمما‬

‫‪1058‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الخطممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممموب‬

‫ولم تممر لنكشمماف الضممر وجهمما ول أغنممى بحيلتممه‬


‫الريمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممب‬

‫أتمماك علممى قنمموط منممك غمموث يمممن بممه اللطيممف‬


‫المسممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممتجيب‬

‫وكمل الحادثمات إذا تنماهت فموصمول بهما الفمرج‬


‫القريممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممب‬
‫وقمممممممممممممممممممممممممممال آخمممممممممممممممممممممممممممر‬
‫ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعا وعند الله منها‬
‫المخممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممرج‬

‫كملممت فلممما اسممتحكمت حلقاتهمما فرجممت وكممان‬


‫يظنهمممممممممممممممممممممممما ل تفممممممممممممممممممممممممرج‬
‫وقوله تعالى ) فممإذا فرغممت فانصممب وإلممى ربممك‬
‫فارغب ( أي إذا فرغت من أمور الدنيا وأشممغالها‬
‫وقطعت علئقها فانصب إلى العبادة وقممم إليهمما‬
‫نشيطا فارغ البال وأخلممص لربممك النيممة والرغبممة‬
‫فممي الحممديث المتفممق‬ ‫ومن هذا القبيممل قمموله‬
‫على صحته ل صلة بحضرة طعام ول وهو يدافعه‬
‫إذا أقيمممت الصمملة وحضممر‬ ‫الخبثممان وقمموله‬
‫العشاء فابممدؤوا بالعشمماء قممال مجاهممد فممي هممذه‬
‫الية إذا فرغت من أمر الدنيا فقمت إلى الصمملة‬
‫فانصممب لربممك وفممي روايممة عنممه إذا قمممت إلممى‬
‫الصلة فانصب في حاجتك وعممن بممن مسممعود إذا‬
‫فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل وعن‬
‫بممن عيمماض نحمموه وفممي روايممة عممن بممن مسممعود‬
‫) فانصب وإلمى ربمك فمارغب ( بعمد فراغمك ممن‬
‫الصلة وأنت جالس وقال علي بن أبي طلحة عن‬
‫بن عباس فإذا فرغت فانصب يعنممي فممي الممدعاء‬

‫‪1059‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال زيد بن أسلم والضحاك ) فإذا فرغممت ( أي‬
‫مممن الجهمماد ) فانصممب ( أي فممي العبممادة ) وإلممى‬
‫ربك فارغب ( قال الثمموري اجعممل نيتممك ورغبتممك‬
‫إلمممممممممممى اللمممممممممممه عمممممممممممز وجمممممممممممل‬
‫‪95‬‬
‫) سورة والتين والزيتون (‬

‫(‬ ‫‪8‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليمممممممممات ) ‪95‬‬


‫مقدمممة تفسممير سممورة ألممم نشممرح وللممه الحمممد‬
‫والمنممة تفسممير سممورة الممتين قممال مالممك ‪179‬‬
‫وشعبة عن عدي بن ثممابت عممن الممبراء بممن عممازب‬
‫يقممرأ فممي سممفره فممي إحممدى‬ ‫كممان النممبي‬
‫الركعممتين بممالتين والزيتممون فممما سمممعت أحممدا‬
‫أحسن صوتا أو قراءة منممه أخرجممه الجماعممة فممي‬
‫كتبهمممممم بسمممممم اللمممممه الرحممممممن الرحيمممممم‬
‫اختلممف المفسممرون همما هنمما علممى أقمموال كممثيرة‬
‫فقيل المممراد بممالتين مسممجد دمشممق وقيممل هممي‬
‫نفسها وقيل الجبل الذي عندها وقال القرطممبي‬
‫‪ 20111‬هو مسجد أصحاب الكهف وروى العمموفي‬
‫عن بن عباس أنه مسجد نوح الذي علممى الجممودي‬
‫وقال مجاهممد هممو تينكممم هممذا ) والزيتممون ( قممال‬
‫كعب الحبار وقتادة وبن زيد وغيرهم هو مسممجد‬
‫بيممت المقممدس وقممال مجاهممد وعكرمممة هممو هممذا‬
‫الزيتممون الممذي تعصممرون ) وطممور سممينين ( قممال‬
‫كعب الحبار وغير واحد هو الجبل الذي كلم اللممه‬
‫عليه موسى عليه السلم ) وهممذا البلممد الميممن (‬
‫يعنممي مكممة قمماله بممن عبمماس ومجاهممد وعكرمممة‬
‫والحسممن وإبراهيممم النخعممي وبممن زيممد وكعممب‬
‫الحبار ول خلف في ذلك وقال بعض الئمة هذه‬
‫محال ثلثممة بعممث اللممه فممي كممل واحممد منهمما نبيمما‬
‫مرسل من أولي العممزم أصممحاب الشممرائع الكبممار‬

‫‪1060‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فالول محلة التين والزيتون وهي بيت المقممدس‬
‫التي بعث الله فيها عيسى بن مريم عليه السلم‬
‫والثاني طور سينين وهو طور سمميناء الممذي كلممم‬
‫الله عليه موسى بممن عمممران والثممالث مكممة وهممو‬
‫البلد المين الذي من دخله كممان آمنمما وهممو الممذي‬
‫قالوا وفي آخر التوراة ذكممر‬ ‫أرسل فيه محمدا‬
‫هذه الممماكن الثلثممة جمماء اللممه مممن طممور سمميناء‬
‫يعنمي المذي كلمم اللمه عليمه موسمى بمن عممران‬
‫وأشرق من ساعير يعني جبل‬
‫بيممت المقممدس الممذي بعممث اللممه منممه عيسممى‬
‫واستعلن من جبال فاران يعني جبمال مكمة المتي‬
‫فذكرهم مخممبرا عنهممم‬ ‫أرسل الله منها محمدا‬
‫علممى الممترتيب الوجممودي بحسممب ترتيبهممم فممي‬
‫الزمان ولهذا أقسم بالشممرف ثممم الشممرف منممه‬
‫ثم بالشممرف منهممما وقمموله تعممالى ) لقممد خلقنمما‬
‫النسان فمي أحسممن تقمويم ( هممذا همو المقسممم‬
‫عليه وهو أنممه تعممالى خلممق النسممان فممي أحسممن‬
‫صممورة وشممكل منتصممب القامممة سمموي العضمماء‬
‫حسنها ) ثم رددناه أسفل سافلين ( أي إلى النار‬
‫قمماله مجاهممد وأبممو العاليممة والحسممن وبممن زيممد‬
‫وغيرهم ثم بعد هذا الحسممن والنضممارة مصمميرهم‬
‫إلى النار إن لمم يطمع اللمه ويتبمع الرسمل ولهمذا‬
‫قال ) إل الذين آمنوا وعملمموا الصمالحات ( وقمال‬
‫بعضممهم ) ثممم رددنمماه أسممفل سممافلين ( أي إلممى‬
‫أرذل العمر وروي هممذا عممن بممن عبمماس وعكرمممة‬
‫حتى قال عكرمة من جمممع القممرآن لممم يممرد إلممى‬
‫أرذل العمر واختار ذلك بن جرير ولو كان هذا هو‬
‫المراد لما حسن استثناء المؤمنين مممن ذلممك لن‬
‫الهرم قد يصيب بعضهم وإنما المممراد ممما ذكرنمماه‬
‫كقوله تعالى ) والعصر إن النسان لفي خسر إل‬
‫الذين آمنوا وعملمموا الصممالحات ( وقمموله ) فلهممم‬
‫أجر غير ممنون ( أي غير مقطوع كممما تقممدم ثممم‬

‫‪1061‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال ) فما يكممذبك ( أي يممابن آدم ) بعممد بالممدين (‬
‫أي بممالجزاء فممي المعمماد ولقممد علمممت البممداءة‬
‫وعرفت أن من قدر على البداءة فهو قممادر علممى‬
‫الرجعة بطريق الولممى فمأي شمميء يحملممك علمى‬
‫التكذيب بالمعاد وقممد عرفممت هممذا قممال بممن أبممي‬
‫حاتم حدثنا أحمد بن سنان حدثنا عبد الرحمن عن‬
‫سممفيان عممن منصممور قممال قلممت لمجاهممد ) فممما‬
‫قممال معمماذ‬ ‫يكذبك بعد بالدين ( عنى بممه النممبي‬
‫الله عنى به النسان وهكذا قممال عكرمممة وغيممره‬
‫وقوله تعالى ) أليس اللمه بمأحكم الحماكمين ( أي‬
‫أما هو أحكممم الحمماكمين الممذي ل يجممور وليظلممم‬
‫أحممدا ومممن عممدله أن يقيممم القيامممة فينتصممف‬
‫للمظلوم في الدنيا ممن ظلمه وقممد قممدمنا فممي‬
‫حديث أبي هريرة مرفوعا فإذا قرأ أحدكم والتين‬
‫والزيتون فأتى على آخرهمما ) أليممس اللممه بممأحكم‬
‫الحمماكمين ( فليقممل بلممى وأنمما علممى ذلممك مممن‬
‫الشممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممماهدين‬
‫‪96‬‬
‫) سورة اقرأ (‬

‫(‬ ‫‪5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليمممممممممات ) ‪96‬‬


‫مقدمة تفسير سورة التين والزيتون ولله الحمممد‬
‫والمنة تفسير سممورة العلممق بسممم اللممه الرحمممن‬
‫الرحيم سورة اقرأ وهممي مكيممة وهممي أول شمميء‬
‫نممممممممممممممممممممممممممممزل مممممممممممممممممممممممممممممن‬
‫القرآن قال المام أحمد ‪ 6232‬حدثنا عبد الرزاق‬
‫حدثنا معمر عن الزهممري عممن عممروة عممن عائشممة‬
‫مممن المموحي‬ ‫قالت أول ما بدىء به رسول الله‬
‫الرؤيا الصادقة في النمموم فكمان ل يممرى رؤيما إل‬
‫جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليممه الخلء فكمان‬
‫يأتي حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليممالي ذوات‬

‫‪1062‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العدد ويتزود لذلك ثم يرجع إلممى خديجممة فيممتزود‬
‫لمثلها حتى فاجممأه المموحي وهممو فممي غممار حممراء‬
‫فجاءه الملك فيه فقال اقرأ قال رسول اللممه‬
‫فقلت ما أنا بقارىء قال فأخذني فغطنممي حممتى‬
‫بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلممت ممما‬
‫أنا بقارىء فغطني الثانية حتى بلممغ منممي الجهممد‬
‫ثمم أرسملني فقمال اقمرأ فقلمت مما أنما بقمارىء‬
‫فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثممم أرسمملني‬
‫فقال ) اقرأ باسممم ربممك الممذي خلممق ( حممتى بلممغ‬
‫) مالم يعلم ( قال فرجع بها ترجف بوادره حممتى‬
‫دخل على خديجة فقال زملوني زملوني فزملمموه‬
‫حممتى ذهممب عنممه الممروع فقممال ياخديجممة مممالي‬
‫وأخبرهمما الخممبر وقممال قممد خشمميت علممى نفسممي‬
‫فقالت له كل أبشر فوالله ل يخزيك الله أبدا إنك‬
‫لتصممل الرحممم وتصممدق الحممديث وتحمممل الكممل‬
‫وتقممري الضمميف وتعيممن علممى نمموائب الحممق ثممم‬
‫انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقممة بممن نوفممل‬
‫بن أسد بن عبد العممزى بممن قصممي وهممو بممن عممم‬
‫خديجممة أخممي أبيهمما وكممان امممرأ قممد تنصممر فممي‬
‫الجاهليممة وكممان يكتممب الكتمماب العربممي وكتممب‬
‫بالعربية من النجيل ما شاء الله أن يكتممب وكممان‬
‫شيخا كبيرا قد عمي فقممالت خديجممة أي بممن عممم‬
‫اسمع من بن أخيك فقال ورقة أبن أخي ما تممرى‬
‫بما رأى فقممال ورقممة هممذا‬ ‫فأخبره رسول الله‬
‫الناموس الممذي أنممزل علممى موسممى ليتنممي فيهمما‬
‫جذعا ليتني أكون حيا حين يخرجك قومممك فقممال‬
‫أو مخرجي هم فقال ورقة نعم لم‬ ‫رسول الله‬
‫يأت رجل قط بما جئت به إل عودي وإن يممدركني‬
‫يومك أنصرك نصرا‬
‫مؤزرا ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي‬
‫فيما بلغنا حزنا‬ ‫فترة حتى حزن رسول الله‬

‫‪1063‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫غدا منه مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق‬
‫الجبال فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه‬
‫منه تبدى له جبريل فقال يا محمد إنك رسول‬
‫الله حقا فيسكن بذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع‬
‫فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك فإذا‬
‫أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل فقال له مثل‬
‫ذلك وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من‬
‫حديث الزهري وقد تكلمنا على هذا الحديث من‬
‫جهة سنده ومتنه ومعانيه في أول شرحنا‬
‫للبخاري مستقصى فمن أراده فهو هناك محرر‬
‫ولله الحمد والمنة فأول شيء نزل من القرآن‬
‫هذه اليات الكريمات المباركات وهن أول رحمة‬
‫رحم الله بها العباد وأول نعمة أنعم الله بها‬
‫عليهم وفيها التنبيه على ابتداء خلق النسان من‬
‫علقة وأن من كرمه تعالى أن علم النسان ما لم‬
‫يعلم فشرفه وكرمه بالعلم وهو القدر الذي‬
‫امتاز به أبو البرية آدم على الملئكة والعلم تارة‬
‫يكون في الذهان وتارة يكون في اللسان وتارة‬
‫يكون في الكتابة بالبنان ذهني ولفظي ورسمي‬
‫والرسمي يستلزمهما من غير عكس فلهذا قال‬
‫) إقرأ وربك الكرم الذي علم بالقلم علم‬
‫النسان ما لم يعلم ( وفي الثر قيدوا العلم‬
‫بالكتابة وفيه أيضا من عمل بما علم ورثه الله‬
‫علم ما لم يكن يعلم‬
‫اليات ) ‪( 19 6 96‬‬
‫يخبر تعالى عن النسان أنه ذو فرح وأشر وبطر‬
‫وطغيان إذا رأى نفسه قد استغنى وكثر ماله ثم‬
‫تهدده وتوعده ووعظه فقال ) إن إلى ربك‬
‫الرجعى ( أي إلى الله المصير والمرجع‬
‫وسيحاسبك على مالك من أين جمعته وفيم‬
‫صرفته قال بن أبي حاتم حدثنا زيد بن إسماعيل‬
‫الصائغ حدثنا جعفر بن عون حدثنا أبو عميس عن‬

‫‪1064‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عون قال قال عبد الله منهومان ل يشبعان‬
‫صاحب العلم وصاحب الدنيا ول يستويان فأما‬
‫صاحب العلم فيزداد رضى الرحمن وأما صاحب‬
‫الدنيا فيتمادى في الطغيان قال ثم قرأ عبد الله‬
‫) إن النسان ليطغى أن رآه استغنى ( وقال‬
‫للخر ) إنما يخشى الله من عباده العلماء ( وقد‬
‫منهومان ل‬ ‫روي هذا مرفوعا إلى رسول الله‬
‫يشبعان طالب علم وطالب دنيا ثم قال تعالى‬
‫) أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى ( نزلت في‬
‫على الصلة‬ ‫أبي جهل لعنه الله توعد النبي‬
‫عند البيت فوعظه تعالى بالتي هي أحسن أول‬
‫فقال ) أرأيت إن كان على الهدى ( أي فما ظنك‬
‫إن كان هذا الذي تنهاه على الطريق المستقيمة‬
‫في فعله ) أو أمر بالتقوى ( بقوله وأنت تزجره‬
‫وتتوعده على صلته ولهذا قال ) ألم يعلم بأن‬
‫الله يرى ( أي أما علم هذا الناهي لهذا المهتدي‬
‫أن الله يراه ويسمع كلمه وسيجازيه على فعله‬
‫أتم الجزاء ثم قال تعالى متوعدا ومتهددا ) كل‬
‫لئن لم ينته ( أي لئن لم يرجع عما هو فيه من‬
‫الشقاق والعناد ) لنسفعا بالناصية ( أي لنسمنها‬
‫سوادا يوم القيامة ثم قال ) ناصية كاذبة‬
‫خاطئة ( يعني ناصية أبي جهل كاذبة في مقالها‬
‫خاطئة في أفعالها ) فليدع ناديه ( أي قومه‬
‫وعشيرته أي ليدعهم يستنصر بهم ) سندع‬
‫الزبانية ( وهم ملئكة العذاب حتى يعلم من‬
‫يغلب أحزبنا أو حزبه قال البخاري ‪ 4958‬حدثنا‬
‫يحيى حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن عبد الكريم‬
‫الجزري عن عكرمة عن بن عباس قال قال أبو‬
‫جهل لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لطأن‬
‫فقال لئن فعل لخذته‬ ‫على عنقه فبلغ النبي‬
‫الملئكة ثم قال تابعه عمرو بن خالد عن عبيد‬

‫‪1065‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله يعني بن عمرو عن عبد الكريم وكذا رواه‬
‫الترمذي ‪ 3348‬والنسائي ‪ 11685‬في تفسيرهما‬
‫من طريق عبد الرزاق به وهكذا رواه بن جرير‬
‫عن أبي كريب عن زكريا بن عدي عن عبيد الله‬
‫بن عمرو به وروى‬
‫أحمممد ‪ 1329‬والترمممذي ‪ 3349‬والنسممائي وبممن‬
‫جرير وهذا لفظه من طريق داود بن أبي هند عن‬
‫عكرمة عن بن عباس قممال كممان رسممول اللممه‬
‫يصلي عند المقام فمر بممه أبممو جهممل بممن هشممام‬
‫فقال يامحمد ألم أنهك عن هذا وتوعممده فممأغلظ‬
‫وانتهممره فقممال يامحمممد بممأي‬ ‫لممه رسممول اللممه‬
‫شيء تهددني أممما واللممه إنممي لكممثر هممذا المموادي‬
‫ناديا فأنزل الله ) فليممدع نمماديه سممندع الزبانيممة (‬
‫وقممال بممن عبمماس لممو دعمما نمماديه لخممذته ملئكممة‬
‫العذاب من ساعته وقال الترمممذي حسممن صممحيح‬
‫وقال المام أحمد أيضا ‪ 1248‬حدثنا إسماعيل بن‬
‫يزيد أبو يزيد حدثنا فممرات عممن عبممد الكريممم عممن‬
‫عكرمة عن بممن عبمماس قممال قممال أبممو جهممل لئن‬
‫رأيت رسول الله يصلي عنممد الكعبممة لتينممه حممتى‬
‫أطممأ علممى عنقممه قممال فقممال لممو فعممل لخممذته‬
‫الملئكة عيانا ولو أن اليهود تمنوا الممموت لممماتوا‬
‫ورأوا مقاعدهم من النار ولو خرج الذين يباهلون‬
‫لرجعمموا ل يجممدون مممال ول أهل‬ ‫رسممول اللممه‬
‫وقال بن جرير أيضا حدثنا بن حميد حممدثنا يحيممى‬
‫بن واضح أخبرنا يونس بن أبي إسحاق عن الوليد‬
‫بن العيزار عن بن عباس قال قال أبو جهممل لئن‬
‫عاد محمد يصلي عند المقام لقتلنه فممأنزل اللممه‬
‫عز وجل ) إقرأ باسم ربك الذي خلق ( حممتى بلممغ‬
‫هذه الية ) لنسفعا بالناصية ناصية كاذبة خمماطئة‬
‫فليممدع نمماديه سممندع الزبانيممة ( فجمماء النممبي‬
‫فصلى فقيل ممما يمنعممك قممال قممد اسممود مممابيني‬

‫‪1066‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وبينه من الكتائب قال بن عباس والله لممو تحممرك‬
‫لخذته الملئكة والناس ينظرون إليممه وقممال بممن‬
‫جرير حدثنا بن عبممد العلممى حممدثنا المعتمممر عممن‬
‫أبيه حدثنا نعيم بن أبي هند عممن أبممي حممازم عممن‬
‫أبي هريرة قال قال أبممو جهممل هممل يعفممر محمممد‬
‫وجهه بين أظهركم قالوا نعم قمال فقمال واللت‬
‫والعزى لئن رأيته يصلي كذلك لطأن على رقبته‬
‫ولعفرن وجهه في التراب فأتى رسول اللممه‬
‫وهو يصلي ليطأ على رقبته قال فما فجأهم منه‬
‫إل وهممو ينكممص علممى عقممبيه ويتقممي بيممديه قممال‬
‫فقيل له مالك فقال إن بينممي وبينممه خنممدقا مممن‬
‫نار وهول وأجنحة قال فقال رسول اللممه لممو دنمما‬
‫مني لختطفته الملئكة عضوا عضوا قال وأنممزل‬
‫الله ل أدري في حديث أبي هريممرة أم ل ) كل إن‬
‫النسممان ليطغممى ( إلممى آخممر السممورة وقممد رواه‬
‫أحمد بممن حنبممل ‪ 2370‬ومسمملم ‪ 2797‬والنسممائي‬
‫‪ 11683‬وبممن أبممي حمماتم مممن حممديث معتمممر بممن‬
‫سليمان بممه وقمموله تعممالى ) كل ل تطعممه ( يعنممي‬
‫يامحمد ل تطعه فيممما ينهمماك عنممه مممن المداومممة‬
‫على العبادة وكثرتها وصممل حيممث شممئت ولتبمماله‬
‫فممإن اللممه حافظممك وناصممرك وهممو يعصمممك مممن‬
‫الناس ) واسجد واقترب ( كما ثبت فممي الصممحيح‬
‫عند مسلم ‪ 482‬من طريق عبد الله بن وهب عممن‬
‫عمرو بن الحارث عن عمارة بن غزية عممن سمممي‬
‫عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسمول اللمه‬
‫قال أقرب ما يكممون العبممد مممن ربممه وهممو سمماجد‬
‫فأكثروا الممدعاء وتقممدم أيضمما أن رسممول اللممه‬
‫كان يسجد فممي ) إذا السممماء انشممقت ( و ) اقممرأ‬
‫باسممممم ربممممك الممممذي خلممممق آخممممر تفسممممير (‬
‫‪97‬‬
‫) سورة القدر (‬

‫‪1067‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫(‬ ‫‪5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليمممممممممات ) ‪97‬‬


‫مقدمة تفسير سممورة القممدر بسممم اللممه الرحمممن‬
‫الرحيممممممممم سممممممممورة القممممممممدر وهممممممممي‬
‫مكية يخمبر تعمالى أنمه أنمزل القمرآن ليلمة القمدر‬
‫وهي الليلة المباركة التي قال الله عز وجل عنها‬
‫) إنا أنزلناه في ليلة مباركممة ( وهممي ليلممة القممدر‬
‫وهي من شهر رمضممان كممما قممال تعممالى ) شممهر‬
‫رمضان الذي أنزل فيه القرآن ( قممال بمن عبمماس‬
‫وغيره أنزل الله القرآن جملة واحممدة مممن اللمموح‬
‫المحفوظ إلى بيت العزة مممن السممماء الممدنيا ثممم‬
‫نزل مفصل بحسمب الوقممائع فممي ثلث وعشممرين‬
‫سممنة علممى رسممول اللممه صمملى اللممه تعمالى عليممه‬
‫وسلم ثم قال تعممالى معظممما لشممأن ليلممة القممدر‬
‫التي اختصها بإنزال القرآن العظيم فيها فقال )‬
‫وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألممف‬
‫شممهر ( قممال أبممو عيسممى الترمممذي ‪ 3350‬عنممد‬
‫تفسير هذه الية حممدثنا محمممود بممن غيلن حممدثنا‬
‫أبممو داود الطيالسممي حممدثنا القاسممم بممن الفضممل‬
‫الحداني عن يوسف بن سعد قال قام رجممل إلممى‬
‫الحسن بن علي بعد ما بايع معاوية فقال سودت‬
‫وجمموه المممؤمنين أو يمما مسممود وجمموه المممؤمنين‬
‫أري‬ ‫فقال ل تممؤنبني رحمممك اللممه فممإن النممبي‬
‫بني أمية علممى منممبره فسمماءه ذلممك فنزلممت ) إنمما‬
‫أعطيناك الكوثر ( يا محمد يعني نهرا فممي الجنممة‬
‫ونزلت ) إنا أنزلناه في ليلة القدر وممما أدراك ممما‬
‫ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر ( يملكها‬
‫بعدك بنو أمية‬
‫يا محمد قال القاسم فعددنا فإذا هي ألف شهر‬
‫ل تزيد يوما ول تنقص ثم قال الترمذي هذا‬
‫حديث غريب ل نعرفه إل من هذا الوجه من‬

‫‪1068‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حديث القاسم بن الفضل وهو ثقة وثقه يحيى‬
‫القطان وعبد الرحمن بن مهدي قال وشيخه‬
‫يوسف بن سعد ويقال يوسف بن مازن رجل‬
‫مجهول ول يعرف هذا الحديث على هذا اللفظ‬
‫إل من هذا الوجه وقد روى هذا الحديث الحاكم‬
‫في مستدركه ‪ 3170‬من طريق القاسم بن‬
‫الفضل عن يوسف بن مازن به وقول الترمذي‬
‫إن يوسف هذا مجهول فيه نظر فإنه قد روى‬
‫عنه جماعة منهم حماد بن سلمة وخالد الحذاء‬
‫ويونس بن عبيد وقال فيه يحيى بن معين هو‬
‫مشهور وفي رواية عن بن معين قال هو ثقة‬
‫ورواه بن جرير من طريق القاسم بن الفضل‬
‫عن يوسف بن مازن كذا قال وهذا يقتضي‬
‫اضطرابا في هذا الحديث والله أعلم ثم هذا‬
‫الحديث على كل تقدير منكر جدا قال شيخنا‬
‫المام الحافظ الحجة أبو الحجاج المزي هو‬
‫حديث منكر قلت وقول القاسم بن الفضل‬
‫الحداني أنه حسب مدة بني أمية فوجدها ألف‬
‫شهر ل تزيد يوما ول تنقص ليس بصحيح فإن‬
‫معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه استقل‬
‫بالملك حين سلم إليه الحسن بن على المرة‬
‫سنة أربعين واجتمعت البيعة لمعاوية وسمي ذلك‬
‫عام الجماعة ثم استمروا فيها متتابعين بالشام‬
‫وغيرها لم تخرج عنهم إل مدة دولة عبد الله بن‬
‫الزبير في الحرمين والهواز وبعض البلد قريبا‬
‫من تسع سنين لكن لم تزل يدهم عن المرة‬
‫بالكلية بل عن بعض البلد إلى أن استلبهم بنو‬
‫العباس الخلفة في سنة اثنتين وثلثين ومائة‬
‫فيكون مجموع مدتهم اثنتين وتسعين سنة وذلك‬
‫أزيد من ألف شهر فإن اللف شهر عبارة عن‬
‫ثلث وثمانين سنة وأربعة أشهر وكأن القاسم‬
‫بن الفضل أسقط من مدتهم أيام بن الزبير‬

‫‪1069‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وعلى هذا فيقارب ما قاله الصحة في الحساب‬
‫والله أعلم ومما يدل على ضعف هذا الحديث أنه‬
‫سيق لذم دولة بني أمية ولو أريد ذلك لم يكن‬
‫بهذا السياق فإن تفضيل ليلة القدر على أيامهم‬
‫ل يدل على ذم أيامهم فإن ليلة القدر شريفة‬
‫جدا والسورة الكريمة إنما جاءت لمدح ليلة القدر‬
‫فكيف تمدح بتفضيلها على أيام بني أمية التي‬
‫هي مذمومة بمقتضى هذا الحديث وهل هذا إل‬
‫كما قال القائل‬
‫ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل أن‬
‫السيف أمضى من العصا‬
‫وقال آخر‬
‫إذا أنت فضلت امرءا ذا براعة على ناقص كان‬
‫المديح من النقص‬
‫ثم الذي يفهم من الية أن اللف شهر المذكورة‬
‫في الية هي أيام بني أمية والسورة مكية فكيف‬
‫يحال على ألف شهر هي دولة بني أمية ول يدل‬
‫عليها لفظ الية ول معناها والمنبر إنما صنع‬
‫بالمدينة بعد مدة من الهجرة فهذا كله مما يدل‬
‫على ضعف الحديث ونكارته والله أعلم وقال بن‬
‫أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا إبراهيم بن‬
‫موسى أخبرنا مسلم يعني بن خالد عن بن أبي‬
‫ذكر رجل من بني‬ ‫نجيح عن مجاهد أن النبي‬
‫إسرائيل لبس السلح في سبيل الله ألف شهر‬
‫قال فعجب المسلمون من ذلك قال فأنزل الله‬
‫عز وجل ) إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما‬
‫ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر ( التي‬
‫لبس ذلك الرجل السلح في سبيل الله ألف‬
‫شهر وقال بن جرير حدثنا بن حميد حدثنا حكام‬
‫بن مسلم عن المثنى بن الصباح عن مجاهد قال‬
‫كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى‬
‫يصبح ثم يجاهد العدو بالنهار حتى يمسي ففعل‬

‫‪1070‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ذلك ألف شهر فأنزل الله هذه الية ) ليلة القدر‬
‫خير من ألف شهر ( قيام تلك الليلة خير من‬
‫عمل ذلك الرجل وقال بن أبي حاتم أخبرنا‬
‫يونس أخبرنا بن وهب حدثني مسلمة بن علي‬
‫عن علي بن عروة قال ذكر رسول الله صلىالله‬
‫عليه وسلم يوما أربعة من بني إسرائيل عبدوا‬
‫الله ثمانين عاما لم يعصوه طرفة عين فذكر‬
‫أيوب وزكريا وحزقيل بن العجوز ويوشع بن نون‬
‫من ذلك فأتاه‬ ‫قال فعجب أصحاب رسول الله‬
‫جبريل فقال يا محمد عجبت أمتك من عبادة‬
‫هؤلء النفر ثمانين سنة لم يعصوه طرفة عين‬
‫فقد أنزل الله خيرا من ذلك فقرأ عليه ) إنا‬
‫أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر‬
‫ليلة القدر خير من ألف شهر ( هذا أفضل مما‬
‫عجبت أنت وأمتك قال فسر بذلك رسول الله‬
‫والناس‬
‫معه وقال سفيان الثوري بلغني عن مجاهد ليلة‬
‫القدر خير من ألف شهر قال عملها وصيامها‬
‫وقيامها خير من ألف شهر رواه بن جرير وقال‬
‫بن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا إبراهيم بن‬
‫موسى أخبرنا بن أبي زائدة عن بن جريج عن‬
‫مجاهد ليلة القدر خير من ألف شهر ليس في‬
‫تلك الشهور ليلة القدر وهكذا قال قتادة بن‬
‫دعامة والشافعي وغير واحد وقال عمرو بن‬
‫قيس الملئي عمل فيها خير من ألف شهر وهذا‬
‫القول بأنها أفضل من عبادة ألف شهر ليس‬
‫فيها ليلة القدر هو اختيار بن جرير وهو الصواب‬
‫رباط ليلة في سبيل‬ ‫ل ما عداه وهو كقوله‬
‫الله خير من ألف ليلة فيما سواه من المنازل‬
‫رواه أحمد وكما جاء في قاصد الجمعة بهيئة‬
‫حسنة ونية صالحة أنه يكتب له عمل سنة أجر‬

‫‪1071‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صيامها وقيامها إلى غير ذلك من المعاني‬
‫المشابهة لذلك وقال المام أحمد حدثنا‬
‫إسماعيل بن إبراهيم حدثنا أيوب عن أبي قلبة‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال لما حضر‬
‫قد جاءكم شهر‬ ‫رمضان قال رسول الله‬
‫رمضان شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه‬
‫تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم‬
‫وتغل فيه الشياطين فيه ليلة خير من ألف شهر‬
‫من حرم خيرها فقد حرم ورواه النسائي ‪4129‬‬
‫من حديث أيوب به ولما كانت ليلة القدر تعدل‬
‫عبادتها عبادة ألف شهر ثبت في الصحيحين عن‬
‫قال من قام ليلة‬ ‫أبي هريرة أن رسول الله‬
‫القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه‬
‫وقوله تعالى ) تنزل الملئكة والروح فيها بإذن‬
‫ربهم من كل أمر ( أي يكثر تنزل الملئكة في‬
‫هذه الليلة لكثرة بركتها والملئكة يتنزلون مع‬
‫تنزل البركة والرحمة كما يتنزلون عند تلوة‬
‫القرآن ويحيطون بحلق الذكر ويضعون أجنحتهم‬
‫لطالب العلم بصدق تعظيما له وأما الروح فقيل‬
‫المراد به ها هنا جبريل عليه السلم فيكون من‬
‫باب عطف الخاص على العام وقيل هم ضرب‬
‫من الملئكة كما تقدم في سورة النبإ والله أعلم‬
‫وقوله تعالى ) من كل أمر ( قال مجاهد سلم‬
‫هي من كل أمر وقال سعيد بن منصور حدثنا‬
‫عيسى بن يونس حدثنا العمش عن مجاهد في‬
‫قوله ) سلم هي ( قال هي سالمة ل يستطيع‬
‫الشيطان أن يعمل فيها سوءا أو يعمل فيها أذى‬
‫وقال قتادة وغيره تقضى فيها المور وتقدر‬
‫الجال والرزاق كما قال تعالى ) فيها يفرق كل‬
‫أمر حكيم ( وقوله تعالى ) سلم هي حتى مطلع‬
‫الفجر ( قال سعيد بن منصور حدثنا هشيم عن‬
‫أبي إسحاق عن الشعبي في قوله تعالى ) من‬

‫‪1072‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كل أمر سلم هي حتى مطلع الفجر ( قال‬
‫تسليم الملئكة ليلة القدر على أهل المساجد‬
‫حتى يطلع الفجر وروى بن جرير عن بن عباس‬
‫أنه كان يقرأ ) من كل أمرئ سلم هي حتى‬
‫مطلع الفجر ( وروى البيهقي في كتابه فضائل‬
‫الوقات عن علي أثرا غريبا في نزول الملئكة‬
‫ومرورهم على المصلين ليلة القدر وحصول‬
‫البركة للمصلين وروى بن أبي حاتم عن كعب‬
‫الحبار أثرا غريبا عجيبا مطول جدا في تنزل‬
‫الملئكة من سدرة المنتهى صحبة جبريل عليه‬
‫السلم إلى الرض ودعائهم للمؤمنين‬
‫والمؤمنات وقال أبو داود الطيالسي ‪2545‬‬
‫حدثنا عمران يعني القطان عن قتادة عن أبي‬
‫قال‬ ‫ميمونة عن أبي هريرة أن رسول الله‬
‫في ليلة القدر إنها ليلة سابعة أو تاسعة‬
‫وعشرين وإن الملئكة تلك الليلة في الرض‬
‫أكثر من عدد الحصى وقال العمش عن المنهال‬
‫عن عبد الرحمن بن أبي ليلى في قوله ) من كل‬
‫أمر سلم ( قال ل يحدث فيها أمر وقال قتادة‬
‫وبن زيد في قوله ) سلم هي ( يعني هي خير‬
‫كلها ليس فيها شر إلى مطلع الفجر ويؤيد هذا‬
‫المعنى ما رواه المام أحمد ‪ 5324‬حدثنا حيوة‬
‫بن شريح حدثنا بقية حدثني بحير بن سعد عن‬
‫خالد بن معدان عن عبادة بن الصامت أن رسول‬
‫الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال‬
‫ليلة القدر في العشر البواقي من قامهن ابتغاء‬
‫حسبتهن فإن الله يغفر له ما تقدم من ذنبه وما‬
‫تأخر وهي ليلة وتر تسع أو سبع أو خامسة أو‬
‫إن أمارة‬ ‫ثالثة أو آخر ليلة وقال رسول الله‬
‫ليلة القدر أنها صافية بلجة كأن فيها قمرا‬
‫ساطعا ساكنة ساجية لبرد فيها ول حر ول يحل‬
‫لكوكب يرمى به حتى يصبح وأن أمارتها أن‬

‫‪1073‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الشمس صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع‬
‫مثل القمر ليلة البدر ول يحل للشيطان أن يخرج‬
‫معها يومئذ وهذا إسناد حسن وفي المتن غرابة‬
‫وفي بعض ألفاظه نكارة وقال أبو داود‬
‫الطيالسي ‪ 2680‬حدثنا زمعة عن سلمة بن‬
‫وهرام عن عكرمة عن بن عباس أن رسول الله‬
‫قال في ليلة القدر ليلة سمحة طلقة ل حارة‬
‫ول باردة وتصبح شمس صبيحتها ضعيفة حمراء‬
‫وروى بن أبي عاصم النبيل‬
‫بإسناده عن جابر بن عبد الله أن رسمول اللمه‬
‫قال إني رأيت ليلممة القممدر فأنسمميتها وهممي فممي‬
‫العشر الواخر مممن لياليهمما وهممي طلقممة بلجممة ل‬
‫حارة ول باردة كأن فيها قمرا ل يخمرج شمميطانها‬
‫حممممممممممممممتى يضمممممممممممممميء فجرهمممممممممممممما‬

‫فصل اختلف العلماء هممل كمانت ليلممة القممدر فممي‬


‫المم السممالفة أو هممي مممن خصممائص هممذه المممة‬
‫على قولين قال أبو مصممعب أحمممد بممن أبممي بكممر‬
‫الزهري ‪ 889‬حدثنا مالك أنه بلغه أن رسول اللممه‬
‫أري أعمار الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك‬
‫فكأنه تقاصر أعمار أمته أن ل يبلغوا مممن العمممل‬
‫الذي بلغ غيرهم في طممول العمممر فأعطمماه اللممه‬
‫ليلة القدر خيرا من ألف شهر وقد أسند من وجه‬
‫آخر وهذا الذي قاله مالك يقتضي تخصمميص هممذه‬
‫المة بليلة القدر وقد نقله صاحب العدة أحد أئمة‬
‫الشافعية عن جمهور العلماء فالله أعلممم وحكممى‬
‫الخطابي عليه الجماع ونقله الراضممي جازممما بممه‬
‫عن المذهب والذي دل عليممه الحممديث أنهمما كممانت‬
‫في المم الماضين كما هي في أمتنا قال المام‬
‫أحمد بن حنبل ‪ 5171‬حدثنا يحيى بممن سممعيد عممن‬
‫عكرمة بن عمار حدثني أبو زميل سماك الحنفممي‬

‫‪1074‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حدثني مالك بن مرثد بن عبممد اللممه حممدثني مرثممد‬
‫قال سألت أبا ذر قلت كيممف سممألت رسممول اللممه‬
‫عن ليلة القدر قال أنا كنممت أسممأل النمماس عنهمما‬
‫قلت يا رسول الله أخبرني عن ليلممة القممدر أفممي‬
‫رمضممان هممي أو فممي غيممره قممال بممل هممي فممي‬
‫رمضممان قلممت تكممون مممع النبيمماء ماكممانوا فممإذا‬
‫قبضوا رفعت أم هي إلى يمموم القيامممة قممال بممل‬
‫هي إلى يوم القيامة قلممت فممي أي رمضممان هممي‬
‫قال التمسوها فممي العشممر الول والعشممر الخممر‬
‫ثم حدث رسممول اللممه وحممدث ثممم اهتبلممت غفلتممه‬
‫قلممت فممي أي العشممرين هممي قممال ابتغوهمما فممي‬
‫العشر الواخممر ل تسممألني عممن شمميء بعممدها ثممم‬
‫ثم اهتبلت غفلتممه فقلممت يمما‬ ‫حدث رسول الله‬
‫رسممول اللممه أقسمممت عليممك بحقممي عليممك لممما‬
‫أخبرتني في أي العشر هي فغضممب علممي غضممبا‬
‫لم يغضب مثله منذ صحبته وقمال التمسموها فمي‬
‫السبع الواخر ل تسألني عن شيء بعممدها ورواه‬
‫النسائي عن الفلس عن يحيى بن سعيد القطان‬
‫به ففيه دللممة علممى ماذكرنمماه وفيممه أنهمما تكممون‬
‫باقية إلى يوم القيامة فممي كممل سممنة بعممد النممبي‬
‫صلى الله تعالى عليه وسلم ل كممما زعمممه بعممض‬
‫طوائف الشيعة من رفعها بالكلية على مممافهموه‬
‫من الحديث الممذي سممنورده بعممد مممن قمموله عليممه‬
‫السلم فرفعت وعسممى أن يكممون خيممرا لكممم لن‬
‫المراد رفع علم وقتها عينا وفيممه دللممة علممى أن‬
‫ليلة القدر يختص وقوعها بشهر رمضان من بيممن‬
‫سائر الشهور لكممما روي عممن بممن مسممعود ومممن‬
‫تابعه من علماء أهل الكوفة مممن أنهمما توجممد فممي‬
‫جميع السممنة وترتجممى فممي جميممع الشممهور علممى‬
‫السواء وقد ترجم أبو داود فممي سممننه علممى هممذا‬
‫فقال باب بيان أن ليلممة القممدر فممي كممل رمضممان‬
‫‪ 1387‬حممدثنا حميممد بممن زنجممويه السممامي أخبرنمما‬

‫‪1075‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سعيد بن أبي مريم حدثنا محمد بن جعفر بن أبي‬
‫كثير حدثني موسى بن عقبة عن أبي إسحاق عن‬
‫سعيد بن جبير عن عبد الله بممن عمممر قممال سممئل‬
‫وأنا أسمع عممن ليلممة القممدر فقممال‬ ‫رسول الله‬
‫هي في كل رمضان وهذا إسناد رجمماله ثقممات إل‬
‫أن أبمما داود قممال رواه شممعبة وسممفيان عممن أبممي‬
‫إسحاق فأوقفاه وقد حكي عن أبي حنيفة رحمممه‬
‫الله رواية أنها ترتجى في كل شهر رمضان وهممو‬
‫وجه حكاه الغزالي واستغربه الرافعي جدا فصممل‬
‫ثم قد قيل إنهمما تكممون فممي أول ليلممة مممن شممهر‬
‫رمضان يحكى هذا عن أبي رزين وقيل إنهمما تقممع‬
‫ليلة سبع عشرة وروى فيه أبو داود ‪ 1384‬حممديثا‬
‫مرفوعمما عممن بممن مسممعود وروي موقوفمما عليممه‬
‫وعلى زيد بن أرقم وعثمان بن أبي العمماص وهممو‬
‫قول عن محمد بن إدريس الشافعي ويحكى عممن‬
‫الحسن البصري ووجهوه بأنهمما ليلممة بممدر وكممانت‬
‫ليلة جمعة هي السابعة عشرة من شممهر رمضممان‬
‫وفي صبيحتها كانت وقعة بمدر وهممو اليموم المذي‬
‫قال الله تعالى فيه ) يوم الفرقان ( وقيممل ليلممة‬
‫تسع عشرة يحكى عممن علممي وبممن مسممعود أيضمما‬
‫رضممي اللممه عنهممما وقيممل ليلممة إحممدى وعشممرين‬
‫لحديث أبي سممعيد الخممدري قممال اعتكممف رسممول‬
‫فمي العشمر الول ممن رمضمان واعتكفنما‬ ‫الله‬
‫معه فأتاه جبريمل فقمال إن المذي تطلمب أماممك‬
‫فمماعتكف العشممر الوسممط فاعتكفنمما معممه فأتمماه‬
‫جبريل فقال الذي تطلب أمامممك ثممم قممال النممبي‬
‫صلى الله تعالى عليممه وعلممى آلممه وسمملم خطيبمما‬
‫صممبيحة عشممرين مممن رمضممان فقممال مممن كممان‬
‫اعتكف معي فليرجع فإني رأيت ليلة القدر وإني‬
‫أنسيتها وإنها في العشر الواخر فممي وتممر وإنممي‬
‫رأيت كأني أسجد في طين وماء وكان سقف‬

‫‪1076‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المسجد جريدا من النخل وممما نممرى فممي السممماء‬
‫شيئا فجاءت قزعة فمطرنا فصلى بنمما النممبي‬
‫حتى رأيت أثر الطين والماء علممى جبهممة رسممول‬
‫تصديق رؤياه وفي لفظ فممي صممبح إحممدى‬ ‫الله‬
‫وعشرين أخرجاه في الصحيحين قممال الشممافعي‬
‫وهممذا الحممديث أصممح الروايممات وقيممل ليلممة ثلث‬
‫وعشرين لحديث عبد الله بممن أنيممس فممي صممحيح‬
‫مسلم ‪ 1168‬وهو قريب السياق مممن روايممة أبممي‬
‫سعيد فالله أعلم وقيل ليلة أربع وعشممرين قممال‬
‫أبو داود الطيالسي ‪ 2167‬حدثنا حماد بممن سمملمة‬
‫عن الجريري عن أبممي نضممرة عممن أبممي سممعيد أن‬
‫قال ليلة القدر ليلة أربع وعشرين‬ ‫رسول الله‬
‫إسناد رجاله ثقات وقال أحمد ‪ 612‬حدثنا موسى‬
‫بن داود حدثنا بن لهيعة عن يزيد بممن أبممي حممبيب‬
‫عن أبي الخير عن الصنابحي عن بلل قممال قممال‬
‫ليلة القدر ليلة أربع وعشممرين بممن‬ ‫رسول الله‬
‫لهيعة ضعيف وقد خالفه ما رواه البخمماري ‪4470‬‬
‫عن أصبغ عن بن وهب عن عمرو بن الحارث عن‬
‫يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخيممر عممن ابممي عبممد‬
‫الله الصنابحي قممال أخممبرني بلل مممؤذن رسممول‬
‫أنها أولى السبع من العشر الواخر فهممذا‬ ‫الله‬
‫الموقوف أصح واللممه أعلممم وهكممذا روي عممن بممن‬
‫مسعود وبن عباس وجابر والحسن وقتممادة وعبممد‬
‫الله بن وهب أنها ليلة أربع وعشرين وقممد تقممدم‬
‫فممي سممورة البقممرة حممديث واثلممة بممن السممقع‬
‫مرفوعمما إن القممرآن أنممزل ليلممة أربممع وعشممرين‬
‫وقيممل تكممون ليلممة خمممس وعشممرين لممما رواه‬
‫البخاري ‪ 2021‬عن عبد الله بن عباس أن رسممول‬
‫قال التمسمموها فممي العشممر الواخممر مممن‬ ‫الله‬
‫رمضان في تاسعة تبقى فمي سمابعة تبقمى فمي‬

‫‪1077‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫خامسة تبقى فسره كثيرون بليالي الوتممار وهممو‬
‫أظهر وأشهر وحمله آخممرون علممى الشممفاع كممما‬
‫رواه مسلم ‪ 1167‬عن أبي سعيد أنه حملممه علممى‬
‫ذلممك واللممه أعلممم وقيممل أنهمما تكممون ليلممة سممبع‬
‫وعشرين لما رواه مسلم فممي صممحيحه ‪ 762‬عممن‬
‫أنهمما ليلممة سممبع‬ ‫أبي بن كعب عن رسممول اللممه‬
‫وعشرين قال المام أحمممد ‪ 5130‬حممدثنا سممفيان‬
‫سمعت عبدة وعاصما عن زر سألت أبي بن كعب‬
‫قلت أبا المنذر إن أخمماك بممن مسممعود يقممول مممن‬
‫يقم الحول يصب ليلة القدر قال يرحمه الله لقممد‬
‫علممم أنهمما فممي شممهر رمضممان وأنهمما ليلممة سممبع‬
‫وعشرين ثم حلف قلت وكيف تعلمون ذلممك قممال‬
‫بالعلمة أو بالية التي أخبرنا بها تطلع ذلك اليوم‬
‫ل شعاع لها يعني الشمس وقد رواه مسمملم ‪762‬‬
‫من طريق سفيان بن عيينممة وشممعبة والوزاعممي‬
‫عن عبممدة عممن زر عممن أبممي فمذكره وفيممه فقمال‬
‫والله الذي ل إله إل هو إنها لفي رمضممان يحلممف‬
‫ما يستثنى ووالله إني لعلم أي ليلة القممدر هممي‬
‫بقيامها هي ليلممة سممبع‬ ‫التي أمرنا رسول الله‬
‫وعشمممرين وأمارتهممما أن تطلمممع الشممممس فمممي‬
‫صممبيحتها بيضمماء ل شممعاع لهمما وفممي البمماب عممن‬
‫معاوية وبن عمر وبن عباس وغيرهم عن رسممول‬
‫أنها ليلة سبع وعشرين وهو قول طائفممة‬ ‫الله‬
‫من السلف وهو الجادة من مممذهب المممام أحمممد‬
‫بن حنبل رحمه الله وهو روايممة عممن أبممي حنيفممة‬
‫أيضمما وقممد حكممي عممن بعممض السمملف أنممه حمماول‬
‫استخراج كونها ليلة سبع وعشممرين مممن القممرآن‬
‫من قوله ) هي ( لنها الكلمة السابعة والعشرون‬
‫من السورة فممالله أعلممم وقممد قممال الحممافظ أبممو‬
‫القاسم الطبراني ‪ 1010618‬حممدثنا إسممحاق بممن‬
‫إبراهيم الدبري أخبرنا عبد الممرزاق ‪ 7679‬أخبرنمما‬

‫‪1078‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫معمممر عممن قتممادة وعاصممم أنهممما سمممعا عكرمممة‬
‫يقممول قممال بممن عبمماس دعمما عمممر بممن الخطمماب‬
‫فسمممألهم عمممن ليلمممة القمممدر‬ ‫أصمممحاب محممممد‬
‫فأجمعوا أنها في العشر الواخر قال بممن عبمماس‬
‫فقلممت لعمممر إنممي لعلممم أو إنممي لظممن أي ليلممة‬
‫القدر هي فقال عمر وأي ليلة هي فقلت سابعة‬
‫تمضي أو سابعة تبقى من العشر الواخممر فقممال‬
‫عمر من أين علمت ذلك قممال بممن عبمماس فقلممت‬
‫خلق اللمه سمبع سمماوات وسمبع أرضمين وسمبعة‬
‫أيام وإن الشهر يدور على سممبع وخلممق النسممان‬
‫مممن سممبع ويأكممل مممن سممبع ويسممجد علممى سممبع‬
‫والطواف بالبيت سبع ورمي الجمار سبع لشممياء‬
‫ذكرها فقال عمر لقد فطنممت لمممر ممما فطنمما لممه‬
‫وكان قتادة يزيد عن بن عباس في قمموله ويأكممل‬
‫من سبع قال هو قول الله تعالى ) فأنبتنمما فيهمما‬
‫حبا وعنبما ( اليمة وهمذا إسممناد جيمد قموي ومتممن‬
‫غريب جدا فالله أعلم وقيل أنها تكمون فمي ليلمة‬
‫تسع وعشرين وقال المام أحمد بن حنبل ‪5320‬‬
‫حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا سعيد بممن‬
‫سلمة حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل عن عمر‬
‫بن عبد الرحمن عن عبادة بن الصامت أنممه سممأل‬
‫عن ليلة القدر فقممال رسممول اللممه‬ ‫رسول الله‬
‫في رمضممان فالتمسمموها فممي العشممر الواخممر‬
‫فإنها في وتر إحدى وعشممرين أو ثلث وعشممرين‬
‫أو خمممس وعشممرين أو سممبع وعشممرين أو تسممع‬
‫وعشممرين أو فممي آخممر ليلممة وقممال المممام أحمممد‬
‫‪ 5192‬حممدثنا سممليمان بممن داود وهممو أبممو داود‬
‫الطيالسي حدثنا عمران القطان عممن قتممادة عممن‬
‫أبي ميمونة‬
‫قممال فممي ليلممة‬ ‫عن أبي هريرة أن رسول اللممه‬
‫القدر إنها فممي ليلممة سممابعة أو تاسممعة وعشممرين‬

‫‪1079‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وإن الملئكة تلك الليلة في الرض أكثر من عممدد‬
‫الحصى تفرد به أحمد واسناده ل بممأس بممه وقيممل‬
‫إنها تكون في آخر ليلة لما تقدم من هذا الحديث‬
‫آنفمما ولممما رواه الترمممذي ‪ 794‬والنسممائي مممن‬
‫حديث عيينة بن عبد الرحمممن عممن أبيممه عممن أبممي‬
‫قممال فممي تسممع يبقيممن أو‬ ‫بكرة أن رسول الله‬
‫سممبع يبقيممن أو خمممس يبقيممن أو ثلث يبقيممن أو‬
‫آخر ليلة يعني التمسوا ليلة القدر وقال الترمذي‬
‫حسن صحيح وفي المسند من طريق أبممي سمملمة‬
‫في ليلة القممدر إنهمما‬ ‫عن أبي هريرة عن النبي‬
‫آخر ليلة فصل قال الشافعي في هممذه الروايممات‬
‫جوابمما للسممائل إذا قيممل لممه‬ ‫صدرت مممن النممبي‬
‫أنلتمس ليلة القدر في الليلة الفلنية يقول نعممم‬
‫وإنما ليلة القمدر معينمة ل تنتقمل نقلمه الترممذي‬
‫عنه بمعناه وروي عممن أبممي قلبممة أنممه قممال ليلممة‬
‫القدر تنتقل في العشر الواخر وهذا الذي حكمماه‬
‫عن أبي قلبة نص عليه مالك والثوري وأحمد بممن‬
‫حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور والمزني وأبو‬
‫بكر بن خزيمة وغيرهم وهو محكي عن الشافعي‬
‫نقله القاضي عنه وهو الشممبه واللممه أعلممم وقممد‬
‫يستأنس لهذا القول بما ثبت في الصحيحين عممن‬
‫عبد الله بن عمر أن رجال من أصممحاب النممبي‬
‫أروا ليلة القدر في المنام في السبع الواخر من‬
‫أرى رؤيمماكم قممد‬ ‫رمضممان فقممال رسممول اللممه‬
‫تواطأت في السبع الواخممر فمممن كممان متحريهمما‬
‫فليتحرها في السممبع الواخممر وفيهممما أيضما عممن‬
‫قممال‬ ‫عائشة رضي اللممه عنهمما أن رسممول اللممه‬
‫تحروا ليلة القدر في المموتر مممن العشممر الواخممر‬
‫ممن رمضمان ولفظمه للبخماري ويحتمج للشمافعي‬
‫أنها ل تنتقل وأنهمما معينممة مممن الشممهر بممما رواه‬

‫‪1080‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫البخمماري ‪ 2023‬فممي صممحيحه عممن عبممادة بممن‬
‫ليخبرنمما بليلممة‬ ‫الصامت قال خرج رسممول اللممه‬
‫القممدر فتلحممى رجلن مممن المسمملمين فقممال‬
‫خرجت لخبركم بليلة القدر فتلحممى فلن وفلن‬
‫فرفعت وعسى أن يكممون خيممرا لكممم فالتمسمموها‬
‫في التاسعة والسابعة والخامسة وجه الدللة منه‬
‫أنها لو لم تكن معينة مستمرة التعيين لما حصممل‬
‫لهم العلم بعينها في كل سنة إذ لو كانت تنتقممل‬
‫لما علموا تعيينها إل ذلممك العممام فقممط اللهممم إل‬
‫أن يقال إنه إنما خممرج ليعلمهممم بهمما تلممك السممنة‬
‫فقط وقمموله فتلحممى فلن وفلن فرفعممت فيممه‬
‫استئناس لما يقممال إن المممماراة تقطممع الفممائدة‬
‫والعلممم النممافع كممما جمماء فممي الحممديث إن العبممد‬
‫ليحرم الرزق بالممذنب يصمميبه وقمموله فرفعممت أي‬
‫رفع علم تعيينها لكم ل إنهمما رفعممت بالكليممة مممن‬
‫الوجود كما يقوله جهلة الشيعة لنه قد قال بعممد‬
‫هذا فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة‬
‫وقمموله وعسممى أن يكممون خيممرا لكممم يعنممي عممدم‬
‫تعيينها لكم فإنها إذا كانت مبهمة اجتهممد طلبهمما‬
‫في ابتغائها في جميع محال رجائهمما فكممان أكممثر‬
‫للعبمادة بخلف مما إذا علممموا عينهما فإنهما كمانت‬
‫الهمم تتقاصر على قيامها فقممط وإنممما اقتضممت‬
‫الحكمة إبهامها لتعممم العبممادة جميممع الشممهر فممي‬
‫ابتغائها ويكون الجتهاد في العشممر الخيممر أكممثر‬
‫يعتكممف العشممر الواخممر‬ ‫ولهذا كان رسول الله‬
‫من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ثممم اعتكممف‬
‫أزواجه من بعده أخرجاه من حديث عائشة ولهممما‬
‫يعتكممف العشممر‬ ‫عن بن عمر كممان رسممول اللممه‬
‫الواخر من رمضان وقممالت عائشممة كممان رسممول‬
‫إذا دخل العشممر أحيمما الليممل وأيقممظ أهلممه‬ ‫الله‬
‫وشممد المئزر أخرجمماه ولمسمملم ‪ 1175‬عنهمما كممان‬

‫‪1081‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يجتهد في العشر ما ل يجتهممد فممي‬ ‫رسول الله‬
‫غيره وهذا معنى قولها وشد المئزر وقيل المراد‬
‫بذلك اعتزال النساء ويحتمل أن يكون كنايممة عممن‬
‫المرين لما رواه المام أحمممد ‪ 666‬حممدثنا سممريج‬
‫حدثنا أبو معشر عن هشام بن عروة عن أبيه عن‬
‫إذا بقممي عشممر‬ ‫عائشة قالت كان رسممول اللممه‬
‫من رمضان شد مئزره واعتزل نسمماءه انفممرد بممه‬
‫أحمد وقد حكي عممن مالممك رحمممه اللممه أن جميممع‬
‫ليالي العشر في تطلب ليلة القدر علممى السممواء‬
‫ل يترجح منها ليلة علممى أخممرى رأيتممه فممي شممرح‬
‫الرافعي رحمه الله والمستحب الكثار من الدعاء‬
‫في جميع الوقات وفي شهر رمضان أكثر وفممي‬
‫العشر الخير منه ثم في أوتاره أكثر والمسممتحب‬
‫أن يكثر مممن هممذا الممدعاء اللهممم إنممك عفممو تحممب‬
‫العفو فاعف عنممي لممما رواه المممام أحمممد ‪6182‬‬
‫حدثنا يزيد هممو بممن هممارون حممدثنا الجريممري وهممو‬
‫سعيد بن إياس عن عبد الله بن بريدة أن عائشممة‬
‫قالت يا رسول الله إن وافقممت ليلممة القممدر فممما‬
‫أدعممو قممال قممولي اللهممم إنممك عفممو تحممب العفممو‬
‫فاعف عني وقد رواه الترمممذي ‪ 3513‬والنسممائي‬
‫وبن ماجة من ‪ 3850‬طريق كهمممس بممن الحسممن‬
‫عن عبد الله بن بريدة عن عائشة قممالت قلممت يمما‬
‫رسول اللممه أرأيممت إن علمممت أي ليلممة القممدر ممما‬
‫أقول فيها قال قولي اللهم إنك عفو تحب العفو‬
‫فاعف عنممي وهممذا لفممظ الترمممذي ثممم قممال هممذا‬
‫حمممديث حسمممن صمممحيح وأخرجمممه الحممماكم فمممي‬
‫مسممتدركه ‪ 1530‬وقممال هممذا صممحيح علممى شممرط‬
‫الشيخين ورواه النسائي أيضا من طريق سممفيان‬
‫الثوري عممن علقمممة بممن مرثممد عممن سممليمان بممن‬
‫بريدة عن عائشة قالت قلت يا رسول الله أرأيت‬
‫إن وافقت ليلة القدر‬

‫‪1082‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ما أقول فيها قال قمولي اللهمم أنمك عفمو تحمب‬
‫العفو فمماعف عنممي ذكممر أثممر غريممب ونبممأ عجيممب‬
‫يتعلق بليلة القدر رواه المام أبو محمد بممن أبممي‬
‫حاتم عنممد تفسممير هممذه السممورة الكريمممة فقممال‬
‫حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن أبي زياد القطممواني‬
‫حدثنا سيار بن حاتم حدثنا موسى بن سعيد يعني‬
‫الراسبي عن هلل بممن أبممي جبلممة عممن أبممي عبممد‬
‫السملم عممن أبيممه عممن كعممب أنممه قممال إن سممدرة‬
‫المنتهى على حد السماء السابعة مما يلي الجنممة‬
‫فهي على حد هواء الممدنيا وهممواء الخممرة علوهمما‬
‫في الجنة وعروقها وأغصانها من تحت الكرسممي‬
‫فيهمما ملئكممة ل يعلممم عممدتهم إل اللممه عممز وجممل‬
‫يعبممدون اللممه عممز وجممل علممى أغصممانها فممي كممل‬
‫موضممع شممعرة منهمما ملممك ومقممام جبريممل عليممه‬
‫السلم في وسطها فينادي الله جبريل أن ينممزل‬
‫في كل ليلة القدر مممع الملئكممة الممذين يسممكنون‬
‫سدرة المنتهى وليس فيهممم ملممك إل قممد أعطممي‬
‫الرأفة والرحمممة للمممؤمنين فينزلممون علممى جبممل‬
‫في ليلممة القممدر حيممن تغممرب الشمممس فل تبقممى‬
‫بقعة في ليلة القممدر إل وعليهمما ملممك إممما سمماجد‬
‫وإما قائم يدعو للمؤمنين والمؤمنات إل ان تكون‬
‫كنيسممة أو بيعممة أو بيممت نممار أو وثممن أو بعممض‬
‫أماكنكم التي تطرحون فيها الخبممث أو بيممت فيممه‬
‫سممكران أو بيممت فيممه مسممكر أو بيممت فيممه وثممن‬
‫منصمموب أو بيممت فيممه جممرس معلممق أو مبولممة أو‬
‫مكان فيه كساحة البيت فل يزالممون ليلتهممم تلممك‬
‫يدعون للمؤمنين والمؤمنات وجبريل ل يدع أحممدا‬
‫من المؤمنين إل صافحه وعلمة ذلك من اقشممعر‬
‫جلممده ورق قلبممه ودمعممت عينمماه فممإن ذلممك مممن‬
‫مصافحة جبريل وذكر كعب أن من قال في ليلممة‬
‫القممدر ل إلممه إل اللممه ثلث مممرات غفممر اللممه لممه‬
‫بواحممدة ونجمماه مممن النممار بواحممدة وأدخلممه الجنممة‬

‫‪1083‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بواحدة فقلنا لكعب الحبار يا أبما إسمحاق صمادقا‬
‫فقال كعب الحبار وهل يقول ل إله إل الله فممي‬
‫ليلة القدر إل كل صممادق والممذي نفسممي بيممده إن‬
‫ليلة القممدر لتثقممل علممى الكممافر والمنممافق حممتى‬
‫كأنها على ظهممره جبممل فل تممزال الملئكممة هكممذا‬
‫حتى يطلع الفجر فأول مممن يصممعد جبريممل حممتى‬
‫يكممون فممي وجممه الفممق العلممى مممن الشمممس‬
‫فيبسط جناحيه وله جناحان أخضران ل ينشممرهما‬
‫إل في تلك الساعة فتصير الشمس ل شممعاع لهمما‬
‫ثم يدعو ملكا ملكا فيصعد فيجتمممع نممور الملئكممة‬
‫ونور جناحي جبريل فل تزال الشمس يومها ذلك‬
‫متحيرة فيقيم جبريل ومن معه بين الرض وبيمن‬
‫السممماء الممدنيا يممومهم ذلممك فممي دعمماء ورحمممة‬
‫واسممتغفار للمممؤمنين والمؤمنممات ولمممن صممام‬
‫رمضان إيمانا واحتسابا ودعا لمن حدث نفسه إن‬
‫عاش إلممى قابممل صممام رمضممان للممه فمإذا أمسمموا‬
‫دخلوا إلى السممماء الممدنيا فيجلسممون حلقما حلقما‬
‫فتجتمع إليهم ملئكة سماء الدنيا فيسألونهم عن‬
‫رجل رجل وعممن امممرأة امممرأة فيحممدثونهم حممتى‬
‫يقولمموا ممما فعممل فلن وكيممف وجممدتموه العممام‬
‫فيقولون وجدنا فلنمما عممام اول فممي هممذه الليلممة‬
‫متعبدا ووجدناه العام مبتدعا ووجدنا فلنا مبتدعا‬
‫ووجدناه العام عابدا قال فيكفون عن الستغفار‬
‫لمذلك ويقبلممون علمى السممتغفار لهمذا ويقولمون‬
‫وجدنا فلنا وفلنا يذكران الله ووجدنا فلنا راكعا‬
‫وفلنا ساجدا ووجدناه تاليا لكتاب الله قال فهممم‬
‫كذلك يومهم وليلتهم حتى يصعدون إلى السممماء‬
‫الثانية ففي كممل سممماء يمموم وليلممة حممتى ينتهمموا‬
‫مكانهم من سدرة المنتهممى فتقممول لهممم سممدرة‬
‫المنتهى ياسكاني حدثوني عن النمماس وسممموهم‬
‫لي فإن لي عليكم حقا وإني أحب من أحممب اللممه‬
‫فذكر كعب الحبار أنهم يعدون لهمما ويحكممون لهمما‬

‫‪1084‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرجممل والمممرأة بأسمممائهم وأسممماء آبممائهم ثممم‬
‫تقبل الجنة علممى السممدرة فتقممول أخممبريني بممما‬
‫أخبرك سكانك من الملئكة فتخبرها قال فتقممول‬
‫الجنممة رحمممة اللممه علممى فلن ورحمممة اللممه علممى‬
‫فلنممة اللهممم عجلهممم إلممي فيبلممغ جبريممل مكممانه‬
‫قبلهم فيلهمه الله فيقممول وجممدت فلنمما سمماجدا‬
‫فاغفر له فيغفر له فيسمع جبريممل جميممع حملممة‬
‫العرش فيقولون رحمممة اللممه علممى فلن ورحمممة‬
‫اللممه علممى فلنممة ومغفرتممه لفلن ويقممول يممارب‬
‫وجدت عبممدك فلنمما الممذي وجممدته عممام أول علممى‬
‫السممنة والعبممادة ووجممدته العممام قممد أحممدث حممدثا‬
‫وتولى عما أمر به فيقول اللممه ياجبريممل إن تمماب‬
‫فأعتبني قبل أن يموت بثلث ساعات غفممرت لممه‬
‫فيقول جبريل لممك الحمممد إلهممي أنممت أرحممم مممن‬
‫جميممع خلقممك وأنممت أرحممم بعبممادك مممن عبممادك‬
‫بأنفسهم قال فيرتج العرش وما حمموله والحجممب‬
‫والسموات ومن فيهن تقول الحمممد للممه الرحيممم‬
‫قال وذكر كعب انه من صام رمضان وهممو يحممدث‬
‫نفسه إذا أفطر رمضممان أن ل يعصممي اللممه دخممل‬
‫الجنة بغير مسألة ول حساب‬
‫) سورة لم يكن (‬

‫(‬ ‫‪5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليمممممممممات ) ‪98‬‬


‫مقدمة تفسير سورة لم يكن بسم اللممه الرحمممن‬
‫الرحيم سورة لم يكممن وهممي مدنيممة قممال المممام‬
‫أحمد ‪ 3489‬حدثنا عفان حدثنا حماد هو بن سلمة‬
‫أخبرنا علي هو بن زيد عن عمممار بممن أبممي عمممار‬
‫قال سمعت أبا حبة البدري وهو مالك بممن عمممرو‬
‫بن ثابت النصاري قال لما نزلت ) لم يكن الممذين‬
‫كفروا من أهل الكتاب ( إلى آخرها قممال جبريممل‬
‫يمما رسممول اللممه إن ربممك يممأمرك أن تقرئهمما أبيمما‬

‫‪1085‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لبي إن جبريل أمرنممي أن أقممرئك‬ ‫فقال النبي‬
‫هذه السورة قال أبي وقمد ذكمرت ثمم يما رسمول‬
‫الله قال نعم قال فبكى أبممي حممديث آخممر وقممال‬
‫المام أحمد ‪ 3130‬حدثنا محمد بممن جعفممر حممدثنا‬
‫شعبة سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك قال‬
‫لبي بن كعب إن اللممه أمرنممي‬ ‫قال رسول الله‬
‫أن أقرأ عليك ) لم يكممن الممذين كفممروا مممن أهممل‬
‫الكتاب ( قال وسماني لك قال نعم فبكممى ورواه‬
‫البخمماري ‪ 3809‬ومسمملم ‪ 799‬والترمممذي ‪3792‬‬
‫والنسائي من حديث شممعبة بممه حممديث آخممر قممال‬
‫المام أحمممد ‪ 5123‬حممدثنا مؤمممل حممدثنا سممفيان‬
‫حممدثنا أسمملم المنقممري عممن عبممد اللممه بممن عبممد‬
‫الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعممب قممال‬
‫إني أمرت أن أقممرأ عليممك‬ ‫قال لي رسول الله‬
‫سورة كذا وكذا قلت يا رسممول اللممه وقممد ذكممرت‬
‫هناك قال نعم فقلت لممه يمما أبمما المنممذر ففرحممت‬
‫بذلك قال وما يمنعني والله يقممول ) قممل بفضممل‬
‫اللممه وبرحمتممه فبممذلك فليفرحمموا هممو خيممر مممما‬
‫يجمعون ( قال مؤمل قلت لسفيان القراءة فممي‬
‫الحديث قال نعم تفرد به من هممذا المموجه طريممق‬
‫أخرى قمال أحمممد ‪ 5131‬حممدثنا محممد بمن جعفمر‬
‫وحجاج قال حدثنا شعبة عن عاصم بن بهدلة عممن‬
‫زر بن حبيش عن أبي بممن كعممب قممال إن رسممول‬
‫قممال لممي إن اللممه أمرنممي أن أقممرأ عليممك‬ ‫اللممه‬
‫القرآن قال فقرأ ) لم يكن الذين كفروا من أهل‬
‫الكتاب ( قممال فقممرأ فيهمما ولممو أن بممن آدم سممأل‬
‫واديا من مال فأعطيه لسأل ثانيا ولو سأل ثانيمما‬
‫فممأعطيه لسممأل ثالثمما ول يمل جمموف بممن آدم إل‬
‫التراب ويتوب الله على من تمماب وإن ذات الممدين‬
‫عند الله الحنيفية غير المشركة ول اليهوديممة ول‬
‫النصممرانية ومممن يفعممل خيممرا فلممن يكفممره ورواه‬

‫‪1086‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الترمذي ‪ 3793‬مممن حممديث أبممي داود الطيالسممي‬
‫عن شعبة بمه وقمال حسممن صمحيح طريمق أخمرى‬
‫قال الحافظ أبو القاسمم الطممبراني حممدثنا أحمممد‬
‫بن خليد الحلبي حدثنا محمد بممن عيسممى الطبمماع‬
‫حدثنا معاذ بن محمد بن معاذ بممن أبممي بممن كعممب‬
‫عن أبيه عن جممده عممن أبممي بممن كعممب قممال قممال‬
‫يا أبا المنذر إني أمممرت أن أعممرض‬ ‫رسول الله‬
‫عليك القرآن قال بالله آمنت وعلى يدك أسمملمت‬
‫القول قال فقال‬ ‫ومنك تعلمت قال فرد النبي‬
‫يا رسممول اللممه أذكممرت هنمماك قممال نعممم باسمممك‬
‫ونسبك في المل العلى قال فاقرأ إذا يا رسممول‬
‫الله هذا غريب من هذا المموجه والثممابت ممما تقممدم‬
‫هممذه السممورة تثبيتمما لممه‬ ‫وإنما قرأ عليه النممبي‬
‫وزيمممادة ليممممانه فمممإنه كمممما رواه أحممممد ‪5114‬‬
‫والنسائي ‪ 2154‬من طريق أنس عنه ورواه أحمد‬
‫‪ 5124‬وأبممو داود ‪ 1477‬مممن حممديث سممليمان بممن‬
‫صرد عنه ورواه أحمد ‪ 5114‬عن عفان عن حممماد‬
‫عن حميد عن أنس عمن عبمادة بمن الصمامت عنمه‬
‫ورواه أحمد ‪ 5127‬ومسلم ‪ 821‬وأبممو داود ‪1478‬‬
‫والنسائي ‪ 2152‬مممن حممديث إسممماعيل بممن أبممي‬
‫خالد عن عبد الله بن عيسى عن عبد الرحمن بمن‬
‫أبي ليلى عنه كان قد أنكر على إنسان وهو عبممد‬
‫الله بن مسممعود قممراءة شمميء مممن القممرآن علممى‬
‫فرفعه إلممى النممبي‬ ‫خلف ما أقرأه رسول الله‬
‫فاستقرأهما وقال لكل منهما أصبت قال أبي‬
‫فأخممذني مممن الشممك ول إذ كنممت فممي الجاهليممة‬
‫فممي صممدره قممال أبممي‬ ‫فضممرب رسممول اللممه‬
‫ففضت عرقا وكأنما انظر إلى الله فرقا وأخممبره‬
‫أن جبريممل أتمماه فقممال إن اللممه‬ ‫رسممول اللممه‬

‫‪1087‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يأمرك أن تقرىء أمتك القرآن على حرف فقلممت‬
‫أسأل الله معافاته ومغفرته فقال علممى حرفيممن‬
‫فلم يزل حتى قال إن الله يأمرك أن تقرى أمتك‬
‫القرآن على سممبعة أحممرف كممما قممدمنا ذكممر هممذا‬
‫الحديث بطرقه ولفظممه فممي أول التفسممير فلممما‬
‫نزلت هذه السورة وفيها ) رسول مممن اللممه يتلممو‬
‫صممحفا مطهممرة فيهمما كتممب قيمممة ( قرأهمما عليممه‬
‫قممراءة إبلغ وتثممبيت وإنممذار‬ ‫رسول الله تعالى‬
‫لقراءة تعلم واستذكار والله أعلم وهممذا كممما أن‬
‫يمموم‬ ‫عمر بن الخطمماب لممما سممأل رسممول اللممه‬
‫الحديبية عن تلك السئلة وكان فيممما قممال أو لممم‬
‫تكن تخبرنا أنا سنأتي البيت ونطوف به قال‬
‫بلى أفأخبرتك أنك تأتيه عامممك هممذا قممال ل قممال‬
‫فإنك آتيه ومطوف به فلما رجعمموا مممن الحديبيممة‬
‫سورة الفتممح دعمما عمممر‬ ‫وأنزل الله على النبي‬
‫بن الخطاب فقرأها عليه وفيها قوله ) لقد صدق‬
‫الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحممرام‬
‫إن شمماء اللممه آمنيممن ( اليممة كممما تقممدم وروى‬
‫الحافظ أبو نعيم في كتممابه أسممماء الصممحابة مممن‬
‫طريممق محمممد بممن إسممماعيل الجعفممري المممدني‬
‫حدثنا عبد الله بن سلمة بن أسلم عن بن شممهاب‬
‫عممن إسممماعيل بممن أبممي حكيممم المممدني حممدثني‬
‫يقممول إن اللممه‬ ‫فضمميل سمممعت رسممول اللممه‬
‫ليسمع قراءة لم يكن الذين كفروا فيقول أبشممر‬
‫عبدي فوعزتي لمكنن لك في الجنة حتى ترضى‬
‫حديث غريب جدا وقممد رواه الحممافظ أبممو موسممى‬
‫المممديني وبممن الثيممر مممن طريممق الزهممري عممن‬
‫إسممماعيل بممن أبممي حكيممم عممن نظيممر المزنممي أو‬
‫إن الله يسمع قراءة لم يكن‬ ‫المدني عن النبي‬
‫الممذين كفممروا ويقممول أبشممر عبممدي فمموعزتي ل‬

‫‪1088‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أنسمماك علممى حممال مممن أحمموال الممدنيا والخممرة‬
‫ولمكنن لك فممي الجنممة حممتى ترضممى بسممم اللممه‬
‫الرحممممممممممممممممممممممممن الرحيمممممممممممممممممممممممم‬
‫أمممما أهمممل الكتممماب فهمممم اليهمممود والنصمممارى‬
‫والمشركون عبدة الوثممان والنيممران مممن العممرب‬
‫ومن العجم وقال مجاهد لممم يكونمموا ) منفكيممن (‬
‫يعني منتهين حتى يتبين لهم الحممق وهكممذا قممال‬
‫قتادة ) حتى تأتيهم البينة ( أي هذا القرآن ولهذا‬
‫قممال تعممالى ) لممم يكممن الممذين كفممروا مممن أهممل‬
‫الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينممة (‬
‫ثممم فسممر البينممة بقمموله ) رسممول مممن اللممه يتلممو‬
‫وممما يتلمموه مممن‬ ‫صحفا مطهرة ( يعنممي محمممدا‬
‫القرآن العظيم الذي هو مكتتب في المل العلى‬
‫في صحف مطهرة كقمموله ) فممي صممحف مكرمممة‬
‫مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة ( وقوله‬
‫تعالى ) فيها كتب قيمة ( قال بمن جريممر أي فمي‬
‫الصممحف المطهممرة كتممب مممن اللممه قيمممة عادلممة‬
‫مستقيمة ليس فيها خطأ لنها من عنممد اللممه عممز‬
‫وجل قال قتادة ) رسممول مممن اللممه يتلمموا صممحفا‬
‫مطهرة ( يذكر القرآن بأحسن الذكر ويثني عليممه‬
‫بأحسن الثناء وقال بن زيممد ) فيهما كتممب قيمممة (‬
‫مستقيمة معتدلة وقوله تعالى ) وما تفرق الذين‬
‫أوتوا الكتاب إل من بعد ماجاءتهم البينة ( كقمموله‬
‫) ول تكونمموا كالممذين تفرقمموا واختلفمموا مممن بعممد‬
‫ماجمماءهم البينممات وأولئك لهممم عممذاب عظيممم (‬
‫يعني بذلك أهل الكتب المنزلة علممى المممم قبلنمما‬
‫بعد ما أقام الله عليهم الحجممج والبينممات تفرقمموا‬
‫واختلفممموا فمممي المممذي أراده اللمممه ممممن كتبهمممم‬
‫واختلفمموا اختلفمما كممثيرا كممما جمماء فممي الحممديث‬
‫المروي من طرق إن اليهود اختلفوا علممى إحممدى‬
‫وسبعين فرقة وإن النصارى اختلفوا على اثنتين‬
‫وسبعين فرقة وسممتفترق هممذه المممة علممى ثلث‬

‫‪1089‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسبعين فرقة كلها في النار إل واحدة قالوا من‬
‫هم يما رسمول اللمه قمال مما أنما عليمه وأصمحابي‬
‫وقممموله تعمممالى ) ومممما اممممروا إل ليعبمممدوا اللمممه‬
‫مخلصممين لممه الممدين ( كقمموله ) وممما أرسمملنا مممن‬
‫قبلك من رسول إل نمموحي إليممه أنممه لإلممه إل أنمما‬
‫فاعبدون ( ولهذا قال ) حنفاء ( أي متحنفين عن‬
‫الشرك إلى التوحيد كقوله ) ولقد بعثنا فممي كممل‬
‫أمة رسول أن اعبممدوا اللممه واجتنبمموا الطمماغوت (‬
‫وقد تقدم تقرير الحنيف في سممورة النعممام بممما‬
‫أغنى عن إعادته ها هنا ) ويقيموا الصلة ( وهممي‬
‫أشممرف عبممادات البممدن ) ويؤتمموا الزكمماة ( وهممي‬
‫الحسان إلممى الفقممراء والمحاويممج ) وذلممك ديممن‬
‫القيممممة ( أي الملمممة القائممممة العادلمممة أو الممممة‬
‫المستقيمة المعتدلة وقد استدل كثير من الئمممة‬
‫كالزهري والشافعي بهذه الية الكريمة علممى أن‬
‫العمممال داخلممة فممي اليمممان ولهممذا قممال ) وممما‬
‫أمروا إل ليعبدوا الله مخلصممين لممه الممدين حنفمماء‬
‫ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة‬
‫(‬ ‫‪8‬‬ ‫‪6‬‬ ‫اليمممممممممات ) ‪98‬‬
‫يخممبر تعممالى عممن مممآل الفجممار مممن كفممرة أهممل‬
‫الكتاب والمشركين المخالفين لكتب الله المنزلة‬
‫وأنبياء الله المرسلة أنهم يمموم القيامممة فممي نممار‬
‫جهنم خالدين فيهمما أي ممماكثين ل يحولممون عنهمما‬
‫وليزولممون ) أولئك هممم شممر البريممة ( أي شممر‬
‫الخليقة التي برأها الله وذرأهمما ثممم أخممبر تعممالى‬
‫عن حممال البممرار الممذين آمنمموا بقلمموبهم وعملمموا‬
‫الصالحات بأبدانهم بأنهم خير البرية وقد اسممتدل‬
‫بهذه الية أبو هريرة وطائفممة مممن العلممماء علممى‬
‫تفضيل المؤمنين من البرية على الملئكة لقمموله‬
‫) أولئك هم خير البرية ( ثم قال تعالى ) جزاؤهم‬
‫عند ربهم ( أي يوم القيامة ) جنممات عممدن تجممري‬
‫مممن تحتهمما النهممار خالممدين فيهمما أبممدا ( أي بل‬

‫‪1090‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫انفصال ول انقضاء ول فراغ ) رضي اللممه عنهممم‬
‫ورضوا عنه ( ومقام رضاه عنهم أعلى مما أوتوه‬
‫من النعيم المقيم ) ورضمموا عنممه ( فيممما منحهممم‬
‫مممن الفضممل العميممم وقمموله تعممالى ) ذلممك لمممن‬
‫خشي ربممه ( أي همذا الجممزاء حاصممل لممن خشمي‬
‫الله واتقاه حق تقواه وعبده كأنه يراه وعلم أنممه‬
‫إن لم يره فممإنه يممراه وقممال المممام أحمممد ‪2396‬‬
‫حدثنا إسحاق بن عيسى حدثنا أبو معشر عن أبي‬
‫وهب مولى أبي هريرة عن أبي هريرة قال قممال‬
‫أل أخبركم بخير البرية قممالوا بلممى‬ ‫رسول الله‬
‫يا رسول الله قال رجممل أخممذ بعنممان فرسممه فممي‬
‫سممبيل اللممه كلممما كممانت هيعممة اسممتوى عليممه أل‬
‫أخبركم بخير البرية قالوا بلى يا رسول الله قممال‬
‫رجممل فممي ثلممة مممن غنمممه يقيممم الصمملة ويممؤتي‬
‫الزكاة أل أخممبركم بشممر البريممة قممالوا بلممى قممال‬
‫الممممممذي يسممممممأل بممممممالله ول يعطممممممي بممممممه‬
‫‪99‬‬
‫) سورة إذا زلزلت (‬

‫(‬ ‫‪8‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليمممممممممات ) ‪99‬‬


‫مقدمة تفسير سورة لم يكن ولله الحمممد والمنممة‬
‫تفسير سممورة الزلزلممة قممال الترمممذي محمممد بممن‬
‫موسى الجويني البصري حدثنا الحسن بت مسلم‬
‫العجلممممممممممممممي حممممممممممممممدثنا ثممممممممممممممابت‬
‫قال المام أحممد ‪ 2169‬حمدثنا أبمو عبمد الرحممن‬
‫حدثنا سعيد حدثنا عياش بممن عبمماس عممن عيسممى‬
‫بن هلل الصدفي عن عبممد اللممه بممن عمممرو قممال‬
‫فقممال أقرئنممي يمما‬ ‫أتى رجل إلممى رسممول اللممه‬
‫رسول اللممه قممال لممه اقممرأ ثلثمما مممن ذوات الممراء‬
‫فقال له الرجل كممبر سممني واشممتد قلممبي وغلممظ‬
‫لسمماني قممال فمماقرأمن ذوات حممم فقممال مثممل‬

‫‪1091‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مقالته الولى فقممال اقممرأ ثلثمما مممن المسممبحات‬
‫فقال مثل مقالته فقال الرجل ولكن أقرئنممي يمما‬
‫رسممول اللممه سممورة جامعممة فممأقرأه ) إذا زلزلممت‬
‫الرض زلزالها ( حتى إذا فرغ منهمما قممال الرجممل‬
‫والذي بعثك بالحق نبيا ل أزيد عليها أبدا ثممم أدبممر‬
‫أفلممح الرويجممل أفلممح‬ ‫الرجل فقال رسول الله‬
‫الرويجل ثم قال علي به فجاءه فقممال لممه أمممرت‬
‫بيوم الضحى جعله الله عيدا لهذه المة فقال له‬
‫الرجل أرأيت إن لم أجد إل منيحة أنممثى فأضممحي‬
‫بهمما قممال ل ولكنممك تأخممذ مممن شممعرك وتقلممم‬
‫أظافرك وتقص شاربك وتحلق عانتك فذاك تمممام‬
‫أضممحيتك عنممد اللممه عممز وجممل وأخرجممه أبممو داود‬
‫‪ 1399‬والنسمممائي ‪ 716‬ممممن حمممديث أبمممي عبمممد‬
‫الرحمن المقرئ به وقال الترمممذي حممدثنا محمممد‬
‫بن موسممى الجمموني البصممري حممدثنا الحسممن بممن‬
‫مسلم بن صالح العجلي حدثنا ثممابت البنمماني عممن‬
‫أنس قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليممه‬
‫وسلم من قرأ إذا زلزلت عدلت له بنصف القرآن‬
‫ثم قال هذا حديث غريب ل نعرفه إل مممن حممديث‬
‫الحسن بن مسلم وقد رواه البزار عن محمممد بممن‬
‫موسى الجوني عن الحسممن بممن سمملم عممن ثممابت‬
‫قل هو الله أحد‬ ‫عن أنس قال قال رسول الله‬
‫تعدل ثلث القرآن وإذا زلزلت تعمدل ربمع القمرآن‬
‫هذا لفظه وقال الترمذي أيضا ‪ 2894‬حدثنا علممي‬
‫بن حجر حدثنا يزيممد بممن هممارون حممدثنا يمممان بممن‬
‫المغيرة العنزي حدثنا عطاء عن بممن عبمماس قممال‬
‫إذا‬ ‫قال رسول الله‬
‫زلزلت تعممدل نصممف القممرآن وقممل هممو اللممه أحممد‬
‫تعدل ثلث القرآن وقل يمما أيهمما الكممافرون تعممدل‬
‫ربع القرآن ثم قال غريب ل نعرفه إل من حمديث‬
‫يمان بن المغيرة وقال أيضمما ‪ 2895‬حممدثنا عقبممة‬

‫‪1092‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن مكرم العمي البصري حممدثني بممن أبممي فممديك‬
‫أخبرني سلمة بن وردان عممن أنممس بممن مالممك أن‬
‫قال لرجل من اصحابه هل تزوجت‬ ‫رسول الله‬
‫يافلن قال ل والله يا رسممول اللممه ول عنممدي ممما‬
‫أتزوج قال أليس معك قل هو الله أحد قممال بلممى‬
‫قال ثلث القرآن قممال أليممس معممك إذا جمماء نصممر‬
‫الله والفتح قال بلى قال ربع القرآن قال أليممس‬
‫معك قل يمما أيهمما الكممافرون قممال بلممى قممال ربممع‬
‫القرآن قال أليممس معممك إذا زلزلممت الرض قممال‬
‫بلى قال ربع القرآن تممزوج ثممم قممال هممذا حممديث‬
‫حسممن تفممرد بهمن ثلثتهممن الترمممذي لممم يروهممن‬
‫غيممره مممن أصممحاب الكتممب بسممم اللممه الرحمممن‬
‫الرحيمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممم‬
‫قال بن عبمماس ) إذا زلزلممت الرض زلزالهمما ( أي‬
‫تحركت من اسمفلها ) وأخرجمت الرض أثقالهما (‬
‫يعني ألقت مافيها مممن الممموتى قمماله غيممر واحممد‬
‫من السلف وهذه كقوله تعممالى ) يمما أيهمما النمماس‬
‫اتقمموا ربكممم إن زلزلممة السمماعة شمميء عظيممم (‬
‫وكقمموله ) وإذا الرض مممدت وألقممت ممما فيهمما‬
‫وتخلت ( وقال مسلم فممي صممحيحه ‪ 1013‬حممدثنا‬
‫واصل بن عبد العلى حدثنا محمد بن فضيل عممن‬
‫أبيه عممن أبممي حممازم عممن أبممي هريممرة قممال قممال‬
‫تلقممي الرض أفلذ كبممدها أمثممال‬ ‫رسممول اللممه‬
‫السطوان مممن الممذهب والفضممة فيجيممء القاتممل‬
‫فيقول في هممذا قتلممت ويجيممء القمماطع فيقممول‬
‫في هذا قطعت رحمي ويجيممء السممارق فيقممول‬
‫في هذا قطعت يدي ثم يدعونه فل يأخممذون منممه‬
‫شيئا وقوله عز وجل ) وقال النسان ما لها ( أي‬
‫استنكر أمرها بعد ما كانت قارة ساكنة ثابتة وهو‬
‫مستقر على ظهرهمما أي تقلبممت الحممال فصممارت‬
‫متحركة مضطربة قد جاءها من أمر الله تعالى ما‬
‫قد أعده لها من الزلزال الذي لمحيد لها عنه ثممم‬

‫‪1093‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ألقت ممما فممي بطنهمما مممن الممموات مممن الوليممن‬
‫والخريممن وحينئذ اسممتنكر النمماس أمرهمما وتبممدل‬
‫الرض غير الرض والسموات وبرزوا للممه الواحممد‬
‫القهار وقوله تعالى ) يومئذ تحممدث أخبارهما ( أي‬
‫تحدث بما عمل العاملون على ظهرها قال المام‬
‫أحمممد ‪ 2374‬حممدثنا إبراهيممم حممدثنا بممن المبممارك‬
‫وقال الترمذي ‪ 3353‬وأبو عبد الرحمن النسممائي‬
‫‪ 11693‬واللفظ له حدثنا سممويد بممن نصممر أخبرنمما‬
‫عبد الله هو بن المبارك عن سعيد بن أبممي أيمموب‬
‫عن يحيى بن أبي سممليمان عممن سممعيد المقممبري‬
‫هذه اليممة‬ ‫عن أبي هريرة قال قرأ رسول الله‬
‫) يومئذ تحدث أخبارها ( قال أتدرون ممما أخبارهمما‬
‫قالوا الله ورسمموله أعلممم قممال فممإن أخبارهمما أن‬
‫تشهد على كل عبد وأمة بما عمممل علممى ظهرهمما‬
‫أن تقمول عممل كمذا وكممذا يموم كمذا وكمذا فهممذه‬
‫أخبارها ثم قال الترمذي هذا حديث حسن صممحيح‬
‫غريب وفي معجم الطممبراني ‪ 54596‬مممن حممديث‬
‫بن لهيعة حممدثني الحممارث بممن يزيممد سمممع ربيعممة‬
‫قممال تحفظمموا مممن‬ ‫الحدسممي أن رسممول اللممه‬
‫الرض فإنها أمكم وإنه ليس من أحد عامل عليها‬
‫خيرا أو شرا إل وهي مخبرة وقوله تعممالى ) بممأن‬
‫ربك أوحى لها ( قال البخاري أوحى لهمما وأوحممى‬
‫إليها ووحى لها ووحى إليها واحد وكمذا قمال بمن‬
‫عباس أوحى لها أي أوحى إليها والظاهر أن هممذا‬
‫مضمن بمعنى أذن لها وقال شبيب بن بشممر عممن‬
‫عكرمة عن بممن عبمماس ) يممومئذ تحممدث أخبارهمما (‬
‫قال قال لهما ربهما قمولي فقمالت وقمال مجاهمد‬
‫أوحممى لهمما أي أمرهمما وقممال القرظممي أمرهمما أن‬
‫تنشق عنهم وقوله تعالى ) يممومئذ يصممدر النمماس‬
‫أشتاتا ( أي يرجعون عن موقف الحسمماب أشممتاتا‬
‫أي أنواعا وأصنافا ما بين شقي وسعيد مأمور به‬
‫إلى الجنة ومأمور بممه إلممى النممار قممال بممن جريممج‬

‫‪1094‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يتصممدعون أشممتاتا فل يجتمعممون آخممر ممماعليهم‬
‫وقال السدي أشتاتا فرقا وقمموله تعممالى ) ليممروا‬
‫أعمالهم ( أي ليعملمموا ويجممازوا بممما عملمموه فممي‬
‫الدنيا مممن خيممر وشممر ولهممذا قممال ) فمممن يعمممل‬
‫مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شممرا‬
‫يره ( قال البخاري ‪ 4962‬حدثنا إسماعيل بن عبد‬
‫الله حدثني مالك عن‬
‫زيد بن أسلم عممن أبممي صممالح السمممان عممن أبممي‬
‫قال الخيل لثلثة لرجممل‬ ‫هريرة أن رسول الله‬
‫أجر ولرجل ستر وعلى رجممل وزر فأممما الممذي لممه‬
‫أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطممال طيلهمما‬
‫في مرج أو روضة فممما أصممابت فممي طيلهمما ذلممك‬
‫في المرج والروضممة كممان لممه حسممنات ولممو أنهمما‬
‫قطعت طيلها فاسممتنت شممرفا أو شممرفين كممانت‬
‫آثارها وأرواثها حسنات لممه ولممو أنهمما مممرت بنهممر‬
‫فشربت منممه ولممم يممرد أن تسممقى بممه كممان ذلممك‬
‫حسنات له وهي لذلك الرجل أجممر ورجممل ربطهمما‬
‫تغنيمما وتعففمما ولممم ينممس حممق اللممه فممي رقابهمما‬
‫ولظهورها فهممي لممه سممتر ورجممل ربطهمما فخممرا‬
‫ورياء ونواء فهي علممى ذلممك وزر فسممئل رسممول‬
‫عن الحمر فقال ما أنزل اللممه فيهمما شمميئا‬ ‫الله‬
‫إل هذه الية الفاذة الجامعة ) فمن يعمل مثقممال‬
‫ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقممال ذرة شممرا يممره (‬
‫ورواه مسلم ‪ 987‬من حممديث زيممد بممن أسمملم بممه‬
‫وقال المممام أحمممد ‪ 559‬حممدثنا يزيممد بمن همارون‬
‫أخبرنا جرير بن حازم حدثنا الحسن عن صعصممعة‬
‫فقممرأ‬ ‫بن معاوية عم الفرزدق أنممه أتممى النممبي‬
‫عليممه ) فمممن يعمممل مثقممال ذرة خيممرا يممره ومممن‬
‫يعمل مثقال ذرة شرا يره ( قال حسبي ل أبممالي‬
‫أن ل أسمممع غيرهمما وهكممذا رواه النسممائي فممي‬
‫التفسير ‪ 11694‬عن إبراهيم بن محمد بن يونس‬

‫‪1095‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المؤدب عن أبيه عن جرير بن حازم عممن الحسممن‬
‫البصري قال حدثنا صعصعة عم الفممرزدق فممذكره‬
‫وفي صممحيح البخمماري ‪ 7512‬عممن عممدي مرفوعمما‬
‫اتقوا النار ولو بشق تمرة ولممو بكلممة طيبمة ولممه‬
‫أيضا في الصحيح ل تحقرن مممن المعممروف شمميئا‬
‫ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ولممو‬
‫أن تلقممى أخمماك ووجهممك إليممه منبسممط وفممي‬
‫الصحيح أيضا يا معشر نساء المؤمنمات ل تحقمرن‬
‫جارة لجارتها ولو فرسن شاة يعني ظلفها وفممي‬
‫الحممديث الخممر ردوا السممائل ولممو بظلممف محممرق‬
‫وقال المام أحمد ‪ 679‬حدثنا محمد بن عبممد اللممه‬
‫النصاري حدثنا كثير بن زيد عن المطلب بن عبد‬
‫قال يمما عائشممة‬ ‫الله عن عائشة أن رسول الله‬
‫استتري من النار ولو بشق تمرة فإنها تسممد مممن‬
‫الجائع مسدها من الشبعان تفرد بممه أحمممد وروي‬
‫عن عائشة أنها تصدقت بعنبممة وقممالت كممم فيهمما‬
‫من مثقال ذرة وقممال المممام أحمممد ‪ 6151‬حممدثنا‬
‫أبو عامر حدثنا سعيد بن مسلم سمعت عمامر بمن‬
‫عبد الله بن الزبير حدثني عوف بممن الحممارث بممن‬
‫كان يقول‬ ‫الطفيل أن عائشة أخبرته أن النبي‬
‫يا عائشة إياك ومحقممرات الممذنوب فممإن لهمما مممن‬
‫الله طالبا ورواه النسائي ‪ 1217425‬وبممن ماجممة‬
‫‪ 4243‬من حديث سممعيد بممن مسمملم بممن بانممك بممه‬
‫وقال بممن جريممر حممدثني أبممو الخطمماب الحسمماني‬
‫حدثنا الهيثم بن الربيممع حممدثنا سممماك بممن عطيممة‬
‫عن أيوب عن أبي قلبة عن أنممس قممال كممان أبممو‬
‫فنزلممت هممذه اليممة ) فمممن‬ ‫بكر يأكل مع النبي‬
‫يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة‬
‫شرا يره ( فرفع أبو بكر يدة وقال يا رسول اللممه‬
‫إني أجزي بممما عملممت مممن مثقممال ذرة مممن شممر‬
‫فقال يمما أبمما بكممر مممارأيت فممي الممدنيا مممما تكممره‬

‫‪1096‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فبمثاقيممل ذر الشممر ويممدخر اللممه لممك مثاقيممل ذر‬
‫الخيممر حممتى توفماه يمموم القيامممة ورواه بممن أبممي‬
‫حاتم عن أبيه عن أبي الخطمماب بممه ثممم قممال بممن‬
‫جرير حدثنا بممن بشممار حممدثنا عبممد الوهمماب حممدثنا‬
‫أيوب قال في كتاب أبي قلبة عممن أبممي إدريممس‬
‫فممذكره ورواه‬ ‫أن أبا بكر كان يأكممل مممع النممبي‬
‫أيضا عن يعقوب عن بن علية عن أيوب عممن أبممي‬
‫قلبة أن أبمما بكممر وذكممره طريممق أخممرى قممال بممن‬
‫جرير حدثني يممونس بممن عبممد العلممى أخبرنمما بممن‬
‫وهب أخبرني حيممي بممن عبممد اللممه عممن أبممي عبممد‬
‫الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص‬
‫أنه قال لممما نزلممت ) أذا زلزلمت الرض زلزالهمما (‬
‫وأبو بكر الصديق رضي الله عنه قاعد فبكى حين‬
‫مايبكيك يا أبمما بكممر‬ ‫أنزلت فقال له رسول الله‬
‫قال يبكيني هذه السورة فقال له رسول الله‬
‫لول أنكم تخطئون وتذنبون فيغفر الله لكم لخلق‬
‫الله أمة يخطئون ويذنبون فيغفر لهم حديث آخر‬
‫قال بن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة وعلي بممن عبممد‬
‫الرحمن بمن محممد بمن المغيمرة المعمروف بعلن‬
‫المصري قال حدثنا عمرو بن خالد الحراني حدثنا‬
‫بن لهيعة أخبرني هشممام بممن سممعد عممن زيممد بممن‬
‫أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخممدري‬
‫قال لما أنزلت ) فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره‬
‫ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ( قلت يمما رسممول‬
‫الله إني لراء عملممي قمال نعممم قلممت تلمك الكبممار‬
‫الكبار قال نعممم قلممت الصممغار الصممغار قممال نعممم‬
‫قلت واثكممل أمممي قممال أبشممر يمما أبمما سممعيد فممإن‬
‫الحسنة بعشر أمثالها يعني إلى سممبعمائة ضممعف‬
‫ويضاعف الله لمن يشاء والسيئة بمثلها أو يعفممو‬
‫الله ولن ينجو أحد منكم بعملممه قلممت ول أنممت يمما‬
‫رسول الله قال ول أنا إل أن يتغمدني الله منه‬

‫‪1097‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫برحمة قال أبو زرعة لم يرو هذا غيممر بممن لهيعممة‬
‫وقال بن أبي حاتم حدثنا أبو زرعممة حممدثنا يحيممى‬
‫بن عبد الله بممن بكيممر حممدثني بممن لهيعممة حممدثني‬
‫عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير في قممول اللممه‬
‫تعالى ) فمن يعمممل مثقممال ذرة خيممرا يممره ومممن‬
‫يعمل مثقال ذرة شرا يره ( وذلك لما نزلت هممذه‬
‫اليممة ) ويطعمممون الطعممام علممى حبممه مسممكينا‬
‫ويتيما وأسمميرا ( كممان المسمملمون يممرون أنهممم ل‬
‫يؤجرون على الشيء القليل إذا أعطمموه فيجيممء‬
‫المسممكين إلممى أبمموابهم فيسممتقلون أن يعطمموه‬
‫التمممرة والكسممرة والجمموزة ونحممو ذلممك فيردونممه‬
‫ويقولون ما هذا بشيء إنما نؤجر على ما نعطممي‬
‫ونحن نحبه وكان آخممرون يممرون أنهممم ل يلمممون‬
‫علممى الممذنب اليسممير الكذبممة والنظممرة والغيبممة‬
‫وأشباه ذلك يقولممون إنممما وعممد اللممه النممار علممى‬
‫الكبائر فرغبهم في القليل من الخير أن يعملمموه‬
‫فإنه يوشك أن يكثر وحممذرهم اليسممير مممن الشممر‬
‫فإنه يوشك أن يكثر فنزلت ) فمن يعمممل مثقممال‬
‫ذرة ( يعني وزن أصغر النمل ) خيرا يممره ( يعنممي‬
‫في كتابه ويسره ذلك قال يكتب لكممل بممر وفمماجر‬
‫بكل سيئة سيئة واحدة وبكل حسنة عشر حسنات‬
‫فممإذا كممان يمموم القيامممة ضمماعف اللممه حسممنات‬
‫المؤمنين أيضا بكل واحدة عشرا ويمحو عنه بكل‬
‫حسممنة عشممر سمميئات فمممن زادت حسممناته علممى‬
‫سيئاته مثقال ذرة دخل الجنة وقال المام أحمممد‬
‫‪ 1402‬حدثنا سليمان بن داود ‪ 400‬حممدثنا عمممران‬
‫عن قتادة عن عبد ربه عن أبممي عيمماض عممن عبممد‬
‫قممال إيمماكم‬ ‫اللممه بممن مسممعود أن رسممول اللممه‬
‫ومحقرات الذنوب فممإنهن يجتمعممن علممى الرجممل‬
‫ضممرب لهممن مثل‬ ‫حتى يهلكنه وأن رسول اللممه‬
‫كمثل قوم نزلوا أرض فلة فحضممر صممنيع القمموم‬
‫فجعممل الرجممل ينطلممق فيجيممء بممالعود والرجممل‬

‫‪1098‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يجيممء بممالعود حممتى جمعمموا سمموادا وأججمموا نممارا‬
‫وأنضمممجوا مممما قمممذفوا فيهممما آخمممر تفسمممير‬
‫‪100‬‬
‫) سورة العاديات (‬

‫(‬ ‫‪11‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪100‬‬


‫مقدمة تفسير سورة العاديات بسم الله الرحمممن‬
‫الرحيمممممممم سمممممممورة العاديمممممممات وهمممممممي‬
‫مكية يقسم تعالى بالخيل إذا أجريت فممي سممبيله‬
‫فعممدت وضممبحت وهممو الصمموت الممذي يسمممع مممن‬
‫الفممرس حيممن تعممدو ) فالموريممات قممدحا ( يعنممي‬
‫اصمممطكاك نعالهممما للصمممخر فتقمممدح منمممه النمممار‬
‫) فالمغيرات صبحا ( يعني الغارة وقممت الصممباح‬
‫يغيممر صممباحا ويسممتمع‬ ‫كممما كممان رسممول اللممه‬
‫الذان فممإن سمممع أذانمما وإل أغممار وقمموله تعممالى‬
‫) فأثرن به نقعا ( يعني غبارا فممي مكممان معممترك‬
‫الخيول ) فوسطن بممه جمعمما ( أي توسممطن ذلممك‬
‫المكان كلهن جمع قال بن أبممي حمماتم حممدثنا أبممو‬
‫سممعيد الشممج حممدثنا عبممدة عممن العمممش عممن‬
‫إبراهيم عن عبممد اللممه ) والعاديممات ضممبحا ( قممال‬
‫البل وقال علي هي البل وقال بن عبمماس هممي‬
‫الخيل فبلغ عليا قول بن عباس فقممال ممما كممانت‬
‫لنا خيل يوم بدر قال بن عباس إنما كان ذلك في‬
‫سرية بعثت قال بن أبي حاتم وبن جريممر وحممدثنا‬
‫يونس أخبرنا بن وهب أخبرني أبو صخر عن أبممي‬
‫معاوية البجلي عن سعيد بن جبير عن بن عبمماس‬
‫حدثه قال بينا أنا في الحجر جالسا جمماءني رجممل‬
‫فسألني عن ) العاديات ضبحا ( فقلت لممه الخيممل‬
‫حين تغير فممي سممبيل اللممه ثممم تممأوي إلممى الليممل‬
‫فيصنعون طعامهم ويورون نارهم فانفتممل عنممي‬
‫فذهب إلى علي رضي الله عنه وهو عنممد سممقاية‬

‫‪1099‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫زمزم فسأله عممن العاديممات ضممبحا فقممال سممألت‬
‫عنها أحدا قبلي قال نعم سألت بن عباس فقممال‬
‫الخيل حين تغير في سبيل الله قال اذهب فادعه‬
‫لي فلما وقف على رأسه قال أتفتي الناس بممما‬
‫ل علم لك والله لئن كان أول غزوة في السمملم‬
‫بدر وما كان معنا إل فرسان فرس للزبير وفرس‬
‫للمقداد فكيف تكون العاديات ضبحا إنما العاديات‬
‫ضبحا من عرفة إلى المزدلفة ومن المزدلفة إلى‬
‫منى قال بن عباس فنزعت عممن قممولي ورجعممت‬
‫إلى الذي قال علي رضي الله عنه وبهذا السممناد‬
‫عن بن عباس قال قال علي إنما العاديات ضممبحا‬
‫من عرفة إلى المزدلفة فإذا أووا إلى المزدلفة‬
‫أوروا النيران وقال العوفي وغيره عن بن عباس‬
‫هي الخيل وقد قال بقول على إنها البل جماعة‬
‫منهم إبراهيم وعبيد بممن عميممر وقممال بقممول بممن‬
‫عبمماس آخممرون منهممم مجاهممد وعكرمممة وعطمماء‬
‫وقتممادة والضممحاك واختمماره بمن جريممر وقمال بمن‬
‫عباس وعطاء ممما ضممبحت دابممة قممط إل فممرس أو‬
‫كلب وقال بن جريج عن عطاء سمعت بن عبمماس‬
‫يصف الضبح أح أح وقممال أكممثر هممؤلء فممي قمموله‬
‫) فالموريممات قممدحا ( يعنممي بحوافرهمما وقيممل‬
‫أسعرن الحرب بين ركبانهن قاله قتادة وعن بممن‬
‫عباس ومجاهد ) فالموريممات قممدحا ( يعنممي مكممر‬
‫الرجممال وقيممل هممو إيقمماد النممار إذا رجعمموا إلممى‬
‫منممازلهم مممن الليممل وقيممل المممراد بممذلك نيممران‬
‫القبائل وقال من فسرها بالخيل هو إيقمماد النممار‬
‫بالمزدلفممة قممال بممن جريممر والصممواب الول أنهمما‬
‫الخيمممل حيمممن تقممدح بحوافرهممما وقممموله تعممالى‬
‫) فممالمغيرات صممبحا ( قممال بممن عبمماس ومجاهممد‬
‫وقتادة يعني إغارة الخيل صبحا فممي سممبيل اللممه‬
‫وقال مممن فسممرها بالبممل هممو الممدفع صممبحا مممن‬
‫المزدلفممة إلممى منممى وقممالوا كلهممم فممي قمموله‬

‫‪1100‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫) فأثرن بممه نقعمما ( هممو المكممان الممذي حلممت فيممه‬
‫أثارت به الغبار إما في حج أو غزو وقمموله تعممالى‬
‫) فوسطن به جمعا ( قال العوفي عن بن عبمماس‬
‫وعطمماء وعكرمممة وقتممادة والضممحاك يعنممي جمممع‬
‫الكفممار مممن العممدو ويحتمممل أن يكممون فوسممطن‬
‫بذلك المكان جميعهن ويكون جمعا منصمموبا علممى‬
‫الحال المؤكدة وقد روى أبمو بكممر المبزار هما هنما‬
‫حديثا ‪ 2291‬غريبا جدا فقال حدثنا أحمد بن عبدة‬
‫حدثنا حفص بن جميع حممدثنا سممماك عممن عكرمممة‬
‫خيل‬ ‫عممن بممن عبمماس قممال بعممث رسممول اللممه‬
‫فاشمممهرت شمممهرا ل يمممأتيه منهممما خمممبر فنزلمممت‬
‫) والعاديات ضبحا ( ضبحت بأرجلها ) فالموريممات‬
‫قممدحا ( قممدحت بحوافرهمما الحجممارة فممأورت نممارا‬
‫) فالمغيرات صبحا ( صبحت القوم بغارة ) فأثرن‬
‫به نقعا ( أثارت بحوافرها الممتراب ) فوسممطن بممه‬
‫جمعا ( قال صبحت القمموم جميعمما وقمموله تعممالى‬
‫) إن النسان لربه لكنود ( هذا هو المقسم عليممه‬
‫بمعنى أنه بنعم ربه لكفور جحود قال بممن عبمماس‬
‫ومجاهممد وإبراهيممم النخعممي وأبممو الجمموزاء وأبممو‬
‫العالية وأبو الضحى وسعيد بن جممبير ومحمممد بممن‬
‫قيس والضحاك والحسن وقتادة والربيع بن أنس‬
‫وبن زيد الكنود الكفور قممال الحسممن الكنممود هممو‬
‫الذي يعد المصائب وينسى نعم اللممه عليممه وقممال‬
‫بن أبي حاتم حدثنا أبو كريب حدثنا عبيد الله عممن‬
‫إسرائيل عن جعفر بن الزبيممر عممن القاسممم عممن‬
‫إن النسممان‬ ‫أبي أمامة قال قممال رسممول اللممه‬
‫لربه لكنود قال الكنود الذي يأكل وحممده ويضممرب‬
‫عبده ويمنع رفده رواه بن أبي حمماتم مممن طريممق‬
‫جعفر بن الزبير وهو متروك فهذا إسممناد ضممعيف‬
‫وقد رواه بممن جريممر أيضمما مممن حممديث حريممز بممن‬
‫عثمممان عممن حمممزة بممن هممانى عممن أبممي أمامممة‬
‫موقوفا وقوله تعالى ) وإنه علممى ذلممك لشممهيد (‬

‫‪1101‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال قتادة وسفيان الثمموري وإن اللممه علممى ذلممك‬
‫لشهيد ويحتمممل أن يعممود الضمممير علممى النسمان‬
‫قاله محمد بن كعب القرظي فيكون تقديره وإن‬
‫النسان على كونه كنودا لشهيد أي بلسممان حمماله‬
‫أي ظاهر ذلك عليه في أقواله وأفعاله كممما قممال‬
‫تعالى ) ممما كممان للمشممركين أن يعمممروا مسمماجد‬
‫اللممه شمماهدين علممى أنفسممهم بممالكفر ( وقمموله‬
‫تعالى ) وإنه لحب الخيممر لشممديد ( أي وإنممه لحممب‬
‫الخير وهو المال لشديد وفيه مذهبان أحدهما أن‬
‫المعنى وإنه لشديد المحبممة للمممال والثمماني وإنممه‬
‫لحريص بخيل من محبة المال وكلهما صحيح ثممم‬
‫قال تبارك وتعالى مزهدا في الدنيا ومرغبمما فممي‬
‫الخرة ومنبها على ما هو كممائن بعممد هممذه الحممال‬
‫وما يستقبله النسان من الهوال ) أفل يعلم إذا‬
‫بعممثر ممما فممي القبممور ( أي أخممرج مافيهمما مممن‬
‫الممموات ) وحصممل ممما فممي الصممدور ( قممال بممن‬
‫عباس وغيره يعني أبرز وأظهر ماكممانوا يسممرون‬
‫في نفوسهم ) إن ربهممم بهممم يمومئذ لخمبير ( أي‬
‫لعمممالم بجميمممع مممما كمممانوا يصمممنعون ويعملمممون‬
‫ومجازيهم عليه أوفر الجزاء ول يظلم مثقال ذرة‬
‫) سورة القارعة (‬

‫اليات ) ‪( 11 1 101‬‬
‫مقدمة تفسير سورة القارعة بسم الله الرحمن‬
‫الرحيم سورة القارعة وهي‬
‫مكية القارعة من أسماء يوم القيامة كالحاقة‬
‫والطامة والصاخة والغاشية وغير ذلك ثم قال‬
‫تعالى معظما أمرها ومهول لشأنها ) وما أدراك‬
‫ما القارعة ( ثم فسر ذلك بقوله ) يوم يكون‬
‫الناس كالفراش المبثوث ( أي في انتشارهم‬
‫وتفرقهم وذهابهم ومجيئهم من حيرتهم مما هم‬

‫‪1102‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فيه كأنهم فراش مبثوث كما قال تعالى في‬
‫الية الخرى ) كأنهم جراد منتشر ( وقوله تعالى‬
‫) وتكون الجبال كالعهن المنفوش ( يعني قد‬
‫صارت كأنها الصوف المنفوش الذي قد شرع‬
‫في الذهاب والتمزق قال مجاهد وعكرمة وسعيد‬
‫بن جبير والحسن وقتادة وعطاء الخرساني‬
‫والضحاك والسدي ) العهن ( الصوف ثم أخبر‬
‫تعالى عما يؤول إليه عمل العاملين وما يصيرون‬
‫إليه من الكرامة والهانة بحسب أعمالهم فقال‬
‫) فأما من ثقلت موازينه ( أي رجحت حسناته‬
‫على سيئاته ) فهو في عيشة راضية ( يعني في‬
‫الجنة ) وأما من خفت موازينه ( أي رجحت‬
‫سيئاته على حسناته وقوله تعالى ) فأمه هاوية (‬
‫قيل معناه فهو ساقط هاو بأم رأسه في نار‬
‫جهنم وعبر عنه بأمه يعني دماغه روي نحو هذا‬
‫عن بن عباس وعكرمة وأبي صالح وقتادة قال‬
‫قتادة يهوي في النار على رأسه وكذا قال أبو‬
‫صالح يهوون في النار على رؤوسهم وقيل‬
‫معناه فأمه التي يرجع إليها ويصير في المعاد‬
‫إليها هاوية وهي اسم من أسماء النار قال بن‬
‫جرير وإنما قيل للهاوية أمه لنه ل مأوى له‬
‫غيرها وقال بن زيد الهاوية النار هي أمه ومأواه‬
‫التي يرجع إليها ويأوى إليها وقرأ ) ومأواهم‬
‫النار ( قال بن أبي حاتم وروي عن قتادة أنه‬
‫قال هي النار وهي مأواهم ولهذا قال تعالى‬
‫مفسرا للهاوية ) وما أدراك ماهيه نار حامية (‬
‫قال بن جرير حدثنا بن عبد العلى حدثنا بن ثور‬
‫عن معمر عن الشعث بن عبد الله العمى قال‬
‫إذا مات المؤمن ذهب بروحه إلى أرواح المؤمنين‬
‫فيقولون روحوا أخاكم فإنه كان في غم الدنيا‬
‫قال ويسألونه ما فعل فلن فيقول مات أو‬
‫جاءكم فيقولون ذهب به إلى أمه الهاوية وقد‬

‫‪1103‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رواه بن مردويه من طريق أنس بن مالك‬
‫مرفوعا بأبسط من هذا وقد أوردناه في كتاب‬
‫صفة النار أجارنا الله تعالى منها بمنه وكرمه‬
‫وقوله تعالى ) نار حامية ( أي حارة شديدة الحر‬
‫قوية اللهب والسعير قال أبو مصعب ‪ 2098‬عن‬
‫مالك عن أبي الزناد عن العرج عن أبي هريرة‬
‫قال نار بني آدم التي توقدون جزء‬ ‫أن النبي‬
‫من سبعين جزءا من نار جهنم قالوا يا رسول‬
‫الله إن كانت لكافية فقال إنها فضلت عليها‬
‫بتسعة وستين جزءا ورواه البخاري ‪ 3265‬عن‬
‫إسماعيل بن أبي أويس عن مالك ورواه مسلم‬
‫‪ 2843‬عن قتيبة عن المغيرة بن عبد الرحمن عن‬
‫أبي الزناد به وفي بعض ألفاظه أنها فضلت‬
‫عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها وقال‬
‫المام أحمد ‪ 2467‬حدثنا عبد الرحمن حدثنا حماد‬
‫وهو بن سلمة عن محمد بن زياد سمعت أبا‬
‫يقول نار بني‬ ‫هريرة يقول سمعت أبا القاسم‬
‫آدم التي توقدون جزء من سبعين جزءا من نار‬
‫جهنم فقال رجل إن كانت لكافية فقال لقد‬
‫فضلت عليها بتسعة وستين جزءا حرا فحرا تفرد‬
‫به أحمد من هذا الوجه وهو على شرط مسلم‬
‫وروى المام أحمد أيضا ‪ 2244‬حدثنا سفيان عن‬
‫أبي الزياد عن العرج عن أبي هريرة عن النبي‬
‫وعمرو عن يحيى بن جعدة إن ناركم هذه جزء‬
‫من سبعين جزءا من نار جهنم وضربت بالبحر‬
‫مرتين ولول ذلك ما جعل الله فيها منفعة لحد‬
‫وهذا على شرط الصحيحين ولم يخرجوه من هذا‬
‫الوجه وقد رواه مسلم في صحيحه من طريق‬
‫ورواه البزار من حديث عبد الله بن مسعود وأبي‬
‫سعيد الخدري ناركم هذه جزء من سبعين جزءا‬
‫وقد قال المام أحمد ‪ 2379‬حدثنا قتيبة حدثنا‬

‫‪1104‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عبد العزيز هو بن محمد الدراوردي عن سهل‬
‫عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي‬
‫قال هذه النار جزء من مائة جزء من جهنم‬
‫تفرد به أيضا من هذا الوجه وهو على شرط‬
‫مسلم أيضا وقال أبو القاسم الطبراني حدثنا‬
‫أحمد بن عمرو الخلل حدثنا إبراهيم بن المنذر‬
‫الحزامي حدثنا معن بن عيسى القزاز عن مالك‬
‫عن عمه أبي سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال‬
‫أتدرون‬ ‫قال رسول الله‬
‫مامثل ناركم هذه من نار جهنم لهي أشد سمموادا‬
‫من دخان ناركم هذه بسبعين ضعفا وقد رواه أبو‬
‫مصمممعب ‪ 2099‬عمممن مالمممك ولمممم يرفعمممه وروى‬
‫الترمممذي ‪ 2591‬وبممن ماجممة ‪ 4320‬عممن عبمماس‬
‫الدوري عن يحيى بن أبي بكير حدثنا شممريك عممن‬
‫عاصم عن أبي صالح عن أبممي هريممرة قممال قممال‬
‫أوقممد علممى النممار ألممف سممنة حممتى‬ ‫رسول الله‬
‫احمرت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ثممم‬
‫أوقد عليها ألف سنة حتى اسممودت فهممي سمموداء‬
‫مظلمة وقد روي هذا من حديث أنممس وعمممر بممن‬
‫الخطاب وجاء في الحديث عند المممام أحمممد مممن‬
‫طريق أبي عثمان النهممدي عممن أنممس ‪ 313‬وأبممي‬
‫نضممرة المعبممدي عممن أبممي سممعيد ‪ 2432‬وعجلن‬
‫أنممه‬ ‫مولى المشمعل عن أبي هريرة عن النبي‬
‫قال إن أهون أهل النار عذابا من له نعلن يغلممي‬
‫منهما دماغه وثبت في الصحيحين أن رسول الله‬
‫قال اشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب أكممل‬
‫بعضي بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الشممتاء‬
‫ونفس في الصيف فأشد ما تجممدون فممي الشممتاء‬
‫من بردها وأشد ما تجدون في الصيف من حرهمما‬
‫وفممي الصممحيحين إذا اشممتد الحممر فممأبردوا عممن‬

‫‪1105‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الصلة فإن شدة الحر من فيح جهنم آخر تفسير‬
‫‪102‬‬
‫) سورة التكاثر (‬

‫(‬ ‫‪8‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪102‬‬


‫مقدمة تفسير سورة التكاثر بسممم اللممه الرحمممن‬
‫الرحيممممممممم سممممممممورة التكمممممممماثر وهممممممممي‬
‫مكية يقول تعممالى أشممغلكم حممب الممدنيا ونعيمهمما‬
‫وزهرتها عن طلب الخرة وابتغائها وتمممادى بكممم‬
‫ذلك حتى جاءكم الموت وزرتممم المقممابر وصممرتم‬
‫من أهلها قممال بممن أبممي حمماتم حممدثنا أبممي حممدثنا‬
‫زكريا بن يحيى الوقاد المصري حممدثني خالممد بممن‬
‫عبد الدائم عن بن زيمد بمن أسملم عمن أبيمه قمال‬
‫) ألهاكم التكاثر ( عن الطاعة‬ ‫قال رسول الله‬
‫) حتى زرتم المقابر ( حتى يأتيكم الممموت وقممال‬
‫الحسممن البصممري ألهمماكم التكمماثر فممي الممموال‬
‫والولد وفي صحيح البخاري فممي الرقمماق ‪6440‬‬
‫منه وقال أخبرنا أبو الوليد حدثنا حماد بن سمملمة‬
‫عن ثابت عن أنس بمن مالمك عممن أبمي بمن كعمب‬
‫قال كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت ) ألهاكم‬
‫التكاثر ( يعنممي لممو كممان لبممن آدم واد مممن ذهممب‬
‫وقال المام أحمممد ‪ 424‬حممدثنا محمممد بممن جعفممر‬
‫حممدثنا شممعبة سمممعت قتممادة يحممدث عممن مطممرف‬
‫يعنممي بممن عبممد اللممه بممن الشممخير عممن أبيممه قممال‬
‫وهممو يقممول ) ألهمماكم‬ ‫انتهيت إلى رسول اللممه‬
‫التكاثر ( يقول بن آدم مالي مالي وهممل لممك مممن‬
‫مالك إل ممما أكلممت فممأفنيت أو لبسممت فممأبليت أو‬
‫تصدقت فأمضيت ورواه مسمملم ‪ 2958‬والترمممذي‬
‫‪ 2342‬والنسائي ‪ 6238‬من طريق شعبة به وقال‬
‫مسلم في صحيحه ‪ 2959‬حدثنا سممويد بممن سممعيد‬
‫حدثنا حفص بن ميسرة عممن العلء عممن أبيممه عممن‬

‫‪1106‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه قال قممال رسممول اللممه‬
‫يقول العبد مالي مالي وإنما له من ممماله ثلث‬
‫ما أكل فأفنى أو لبس فممأبلى أو تصممدق فمماقتنى‬
‫وما سوى ذلك فممذاهب وتمماركه للنمماس تفممرد بممه‬
‫مسلم وقال البخاري ‪ 6514‬حدثنا الحميدي حدثنا‬
‫سفيان حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن محمممد بممن‬
‫عمرو بن حزم سمع أنممس بممن مالممك يقممول قممال‬
‫يتبممع الميممت ثلثممة فيرجممع اثنممان‬ ‫رسممول اللممه‬
‫ويبقى معه واحد يتبعه أهله وماله وعمله فيرجممع‬
‫أهله وماله ويبقى عمله وكذا رواه مسمملم ‪2960‬‬
‫والترممممذي ‪ 2379‬والنسمممائي ‪ 453‬ممممن حمممديث‬
‫سفيان بمن عيينممة بمه وقمال المممام أحمممد ‪3115‬‬
‫حدثنا يحيى عن شعبة حدثنا قتممادة عممن أنممس أن‬
‫قال يهممرم بممن آدم ويبقممى معممه اثنتممان‬ ‫النبي‬
‫الحممرص والمممل أخرجمماه فممي الصممحيحين وذكممر‬
‫الحافظ بن عساكر في ترجمة الحنف بممن قيممس‬
‫واسمممه الضممحاك أنممه رأى فممي يممد رجممل درهممما‬
‫فقال لمن هذا الدرهم فقممال الرجممل لممي فقممال‬
‫إنما هو لك إذا أنفقته في أجر أو ابتغاء شكر ثممم‬
‫أنشممممممد الحنممممممف متمثل قممممممول الشمممممماعر‬
‫أنت للمال إذا أمسكته فإذا أنفقتممه فالمممال لممك‬
‫وقال بن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الشممج حممدثنا‬
‫أبو أسامة قال صمالح بمن حيمان حمدثني عممن بممن‬
‫بريدة في قوله ) ألهاكم التكاثر ( قال نزلت فممي‬
‫قبيلتين من قبائل النصار في بني حارثممة وبنممي‬
‫الحارث تفاخروا وتكاثروا فقالت إحداهما‬
‫فيكم مثل فلن بممن فلن وفلن وقممال الخممرون‬
‫مثل ذلك تفاخروا بالحياء ثم قممالوا إنطلقمموا بنمما‬
‫إلى القبور فجعلت إحدى الطائفتين تقول فيكم‬
‫مثل فلن يشيرون إلى القبور ومثل فلن وفعل‬
‫الخرون مثل ذلك فممأنزل اللممه ) ألهمماكم التكمماثر‬

‫‪1107‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حتى زرتم المقمابر ( لقمد كمان لكمم فيمما رأيتمم‬
‫عبرة وشغل وقال قتممادة ) ألهماكم التكمماثر حممتى‬
‫زرتم المقابر ( كانوا يقولون نحن أكثر مممن بنممي‬
‫فلن ونحممن أعممد مممن بنممي فلن وهممم كممل يمموم‬
‫يتساقطون إلى آخرهم والله مازالوا كذلك حممتى‬
‫صاروا من أهل القبور كلهم والصحيح أن المممراد‬
‫بقوله زرتم المقابر أي صرتم إليها ودفنتم فيهمما‬
‫كما جاء في الصمحيح أن رسمول اللمه صملى اللمه‬
‫تعالى عليه وسلم دخل على رجممل مممن العممراب‬
‫يعوده فقال ل بممأس طهممور إن شمماء اللممه فقممال‬
‫قلت طهور بل هي حمى تفممور علممى شمميخ كممبير‬
‫تزيره القبور قال فنعم إذن وقال بن أبممي حمماتم‬
‫حدثنا أبو زرعة حدثنا محمد بن سعيد الصممبهاني‬
‫أخبرنا حكام بن سالم الرازي عن عمرو بممن أبممي‬
‫قيس عن الحجاج عن المنهال عن زر بممن حممبيش‬
‫عن علي قال ما زلنا نشك في عذاب القبر حممتى‬
‫نزلت ) ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر ( ورواه‬
‫الترمممذي ‪ 3355‬عممن أبممي كريممب عممن حكممام بممن‬
‫سالم به وقال غريب وقال بن أبممي حمماتم حممدثنا‬
‫أبممي حممدثنا سمملمة بممن داود العرضممي حممدثنا أبممو‬
‫المليح الرقي عن ميمون بممن مهممران قممال كنممت‬
‫جالسا عند عمر بممن عبممد العزيممز فقممرأ ) ألهمماكم‬
‫التكاثر حتى زرتم المقابر ( فلبث هنيهة ثم قممال‬
‫يا ميمون ما أرى المقابر إل زيارة وما للممزائر بممد‬
‫من أن يرجع إلى منزله قال أبممو محمممد يعنممي أن‬
‫يرجع إلى منزله أي إلى جنممة أو إلممى نممار وهكممذا‬
‫ذكر أن بعض العراب سمع رجل يتلممو هممذه اليممة‬
‫) حممتى زرتممم المقممابر ( فقممال بعممث اليمموم ورب‬
‫الكعبة أي إن الزائر سيرحل من مقامه ذلك إلممى‬
‫غيره وقمموله تعممالى ) كل سمموف تعلمممون ثممم كل‬
‫سوف تعلمون ( قال الحسن البصممري هممذا وعيممد‬
‫بعد وعيد وقممال الضممحاك ) كل سمموف تعلمممون (‬

‫‪1108‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يعني أيها الكفار ) ثم كل سوف تعلمممون ( يعنممي‬
‫أيها المؤمنون وقوله تعالى ) كل لو تعلمون علم‬
‫اليقيممن ( أي لممو علمتممم حممق العلممم لممما ألهمماكم‬
‫التكاثر عن طلب الدار الخممرة حممتى صممرتم إلممى‬
‫المقابر ثم قال ) لترون الجحيم ثم لترونها عيممن‬
‫اليقين ( هذا تفسير الوعيد المتقممدم وهممو قمموله‬
‫) كل سمموف تعلمممون ثممم كل سمموف تعلمممون (‬
‫توعدهم بهذا الحال وهو رؤية أهل النار الممتي إذا‬
‫زفرت زفرة واحممدة خممر كممل ملممك مقممرب ونممبي‬
‫مرسل على ركبتيه من المهابة والعظمة ومعاينة‬
‫الهوال على ما جاء بممه الثممر المممروي فممي ذلممك‬
‫وقوله تعالى ) ثم لتسألن يومئذ عن النعيممم ( أي‬
‫ثم لتسألن يومئذ عن شكر ما أنعم الله به عليكم‬
‫مممن الصممحة والمممن والممرزق وغيممر ذلممك ممما إذا‬
‫قابلتم به نعمه من شكره وعبادته وقال بن أبممي‬
‫حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا زكريا بن يحيى الجزار‬
‫المقرئ حدثنا عبد الله بن عيسى أبو خالد الجزار‬
‫حدثنا يونس بن عبيد عن عكرمة عممن بممن عبمماس‬
‫أنه سمع عمر بن الخطاب يقول خرج رسول الله‬
‫عند الظهيرة فوجد أبا بكر في المسجد فقممال‬
‫ممما أخرجممك هممذه السمماعة فقممال أخرجنممي الممذي‬
‫أخرجك يا رسول الله قال وجاء عمر بن الخطاب‬
‫فقال ما أخرجممك يمما بممن الخطمماب قممال أخرجنممي‬
‫الذي أخرجكما قال فقعد عمر وأقبل رسول الله‬
‫يحدثهما ثم قال هل بكممما مممن قمموة تنطلقممان‬
‫إلى هذا النخل فتصيبان طعاما وشرابا وظل قلنا‬
‫نعم قال مممروا بنمما إلممى منممزل بممن التيهممان أبممي‬
‫بيممن‬ ‫الهيثم النصاري قال فتقدم رسول اللممه‬
‫أيدينا فسلم واستأذن ثلث مرات وأم الهيثم من‬
‫وراء الباب تسمع الكلم تريممد أن يزيممدها رسممول‬
‫من السلم فلممما أراد أن ينصممرف خرجممت‬ ‫الله‬

‫‪1109‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أم الهيثم تسعى خلفهم فقالت يا رسول الله قد‬
‫والله سمعت تسليمك ولكن أردت أن تزيدني من‬
‫سلمك فقال لها رسول اللممه صمملى اللممه تعممالى‬
‫عليه وسلم خيرا ثم قال أيممن أبممو الهيثممم ل أراه‬
‫قالت يا رسممول اللممه هممو قريممب ذهممب يسممتعذب‬
‫الممماء أدخلمموا فممإنه يممأتي السمماعة إن شمماء اللممه‬
‫فبسطت بسمماطا تحممت شممجرة فجمماء أبممو الهيثممم‬
‫ففرح بهم وقرت عينمماه بهممم فصممعد علممى نخلممة‬
‫حسبك‬ ‫فصرم لهم أعذاقا فقال له رسول الله‬
‫يا أبا الهيثممم فقممال يمما رسممول اللممه تممأكلون مممن‬
‫بسره ومممن رطبممه ومممن تممذنوبه ثممم أتمماهم بممماء‬
‫هذا من النعيم‬ ‫فشربوا عليه فقال رسول الله‬
‫الذي تسألون عنه هذا غريب من هذا الوجه وقال‬
‫بن جرير حدثني الحسين بن علي الصدائي حدثنا‬
‫الوليد بن القاسم عن يزيد بن كيسممان عممن أبممي‬
‫حازم عن أبي هريرة رضي اللممه عنممه قممال بينممما‬
‫فقممال‬ ‫أبو بكر وعمر جالسان إذ جاءهما النممبي‬
‫ما أجلسكما قال والذي‬
‫بعثك بالحق ما أخرجنا من بيوتنا إل الجوع قال‬
‫والذي بعثني بالحق ما أخرجني غيره فانطلقوا‬
‫حتى أتوا بيت رجل من النصار فاستقبلتهم‬
‫أين فلن فقالت ذهب‬ ‫المرأة فقال لها النبي‬
‫يستعذب لنا ماء فجاء صاحبهم يحمل قربته‬
‫فقال مرحبا ما زار العباد شيء أفضل من نبي‬
‫زارني اليوم فعلق قربته بكرب نخلة وانطلق‬
‫أل كنت اجتنيت‬ ‫فجاءهم بعذق فقال النبي‬
‫فقال أحببت أن تكونوا الذين تختارون على‬
‫إياك‬ ‫أعينكم ثم أخذ الشفرة فقال له النبي‬
‫والحلوب فذبح لهم يومئذ فأكلوا فقال له النبي‬

‫‪1110‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لتسألن عن هذا يوم القيامة أخرجكم من‬
‫بيوتكم الجوع فلم ترجعوا حتى أصبتم هذا فهذا‬
‫من النعيم ورواه مسلم ‪ 2038‬من حديث يزيد بن‬
‫كيسان به ورواه أبو يعلى ‪ 78‬وبن ماجة ‪3181‬‬
‫من حديث المحاربي عن يحيى بن عبيد الله عن‬
‫أبيه عن أبي هريرة عن أبي بكر الصديق به وقد‬
‫رواه أهل السنن الربعة من حديث عبد الملك بن‬
‫عمير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه بنحو من هذا السياق وهذه القصة وقال‬
‫المام أحمد ‪ 581‬حدثنا سريج حدثنا حشرج عن‬
‫أبي نضرة عن أبي عسيب يعني مولى رسول‬
‫الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال‬
‫خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله‬
‫وسلم ليل فمر بي فدعاني فخرجت إليه ثم مر‬
‫بأبي بكر فدعاه فخرج إليه ثم مر بعمر فدعاه‬
‫فخرج إليه فانطلق حتى دخل حائطا لبعض‬
‫النصار فقال لصاحب الحائط أطعمنا فجاء بعذق‬
‫وأصحابه ثم دعا‬ ‫فوضعه فأكل رسول الله‬
‫بماء بارد فشرب وقال لتسئلن عن هذا يوم‬
‫القيامة قال فأخذ عمر العذق فضرب به الرض‬
‫ثم قال يا‬ ‫حتى تناثر البسر قبل رسول الله‬
‫رسول الله إنا لمسؤلون عن هذا يوم القيامة‬
‫قال نعم إل من ثلثة خرقة لف بها الرجل عورته‬
‫أو كسرة سد بها جوعته أو جحر يدخل فيه من‬
‫الحر والقر تفرد به أحمد وقال المام أحمد‬
‫‪ 3351‬حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد حدثنا عمار‬
‫سمعت جابر بن عبد الله يقول أكل رسول الله‬
‫وأبو بكر وعمر رطبا وشربوا ماء فقال رسول‬
‫هذا من النعيم الذي تسألون عنه ورواه‬ ‫الله‬
‫النسائي ‪ 6246‬من حديث حماد بن سلمة عن‬

‫‪1111‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عمار بن أبي عمار عن جابر به وقال المام أحمد‬
‫حدثنا أحمد ‪ 5429‬حدثنا يزيد حدثنا محمد بن‬
‫عمرو عن صفوان بن سليم عن محمود بن‬
‫الربيع قال لما نزلت ) ألهاكم التكاثر ( فقرأ‬
‫حتى بلغ ) لتسئلن يومئذ عن النعيم ( قالوا يا‬
‫رسول الله عن أي نعيم نسأل وإنما هما‬
‫السودان الماء والتمر وسيوفنا على رقابنا‬
‫والعدو حاضر فعن أي نعيم نسأل قال أما إن‬
‫ذلك سيكون وقال أحمد ‪ 5372‬حدثنا أبو عامر‬
‫عبد الملك بن عمرو حدثنا عبد الله بن سليمان‬
‫حدثنا معاذ بن عبد الله بن حبيب عن أبيه عن‬
‫عمه قال كنا في مجلس فطلع علينا النبي‬
‫وعلى رأسه أثر ماء فقلنا يا رسول الله نراك‬
‫طيب النفس قال أجل قال ثم خاض الناس في‬
‫ذكر الغنى فقال رسول الله صلى الله تعالى‬
‫عليه وسلم ل بأس بالغنى لمن اتقى الله‬
‫والصحة لمن اتقى الله خير من الغنى وطيب‬
‫النفس من النعيم ورواه بن ماجة ‪ 2141‬عن أبي‬
‫بكر بن أبي شيبة عن خالد بن مخلد عن عبد الله‬
‫بن سليمان به وقال الترمذي ‪ 3358‬حدثنا عبد‬
‫بن حميد حدثنا شبابة عن عبد الله بن العلء عن‬
‫الضحاك بن عبد الرحمن بن عزرب الشعري قال‬
‫سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول قال‬
‫إن أول ما يسئل عنه يعني يوم القيامة‬ ‫النبي‬
‫العبد من النعيم أن يقال له ألم نصح لك بدنك‬
‫ونروك من الماء البارد تفرد به الترمذي ورواه‬
‫بن حبان في صحيحه ‪ 7364‬من طريق الوليد بن‬
‫مسلم عن عبد الله بن العلء بن زبير به وقال‬
‫بن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا مسدد حدثنا‬
‫سفيان عن محمد بن عمرو عن يحيى بن حاطب‬
‫عن عبد الله بن الزبير قال قال الزبير لما نزلت‬
‫) ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ( قالوا يا رسول‬

‫‪1112‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الله لي نعيم نسئل عنه وإنما هما السودان‬
‫التمر والماء قال إن ذلك سيكون وقد رواه‬
‫الترمذي ‪ 3356‬وبن ماجة ‪ 4158‬من حديث‬
‫سفيان هو بن عيينة به ورواه أحمد ‪ 1164‬عنه‬
‫وقال الترمذي حسن وقال بن أبي حاتم حدثنا‬
‫أبو عبد الله الظهراني حدثنا حفص بن عمر‬
‫العدني عن الحكم بن أبان عن عكرمة قال لما‬
‫نزلت هذه الية ) ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم (‬
‫قال الصحابة يا رسول الله وأي نعيم نحن فيه‬
‫وإنما نأكل في أنصاف بطوننا خبز الشعير‬
‫قل لهم أليس تحتذون‬ ‫فأوحى الله إلى نبيه‬
‫النعال وتشربون الماء البارد فهذا من النعيم‬
‫وقال بن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا إبراهيم‬
‫بن موسى أخبرنا محمد بن سليمان بن‬
‫الصبهاني عن بن أبي ليلى‬
‫فممي‬ ‫أظنه عن عامر عن بن مسعود عن النممبي‬
‫قوله ) ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ( قال المممن‬
‫والصحة وقال زيد بن أسلم عممن رسممول اللممه‬
‫) ثممم لتسممئلن يممومئذ عممن النعيممم ( يعنممي شممبع‬
‫البطون وبارد الشراب وظلل المساكن واعتدال‬
‫الخلق ولممذة النمموم رواه بممن أبممي حمماتم بإسممناده‬
‫المتقدم عنه فممي أول السمورة وقمال سممعيد بمن‬
‫جبير حتى عن شربة عسل وقال مجاهد عن كممل‬
‫لذة من لذات الممدنيا وقممال الحسممن البصممري مممن‬
‫النعيم الغداء والعشاء وقال أبو قلبة من النعيممم‬
‫أكل السمن والعسل بالخبز النقي وقول مجاهممد‬
‫أشمل هذه القوال وقال علي بن أبي طلحة عن‬
‫بن عباس ) ثم لتسئلن يومئذ عممن النعيممم ( قممال‬
‫النعيم صممحة البممدان والسممماع والبصممار يسممأل‬
‫الله العباد فيما استعملوها وهو أعلم بذلك منهم‬
‫وهو قوله تعالى ) إن السمع والبصر والفؤاد كل‬

‫‪1113‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أولئك كممان عنممه مسممئول ( وثبممت فممي صممحيح‬
‫البخاري ‪ 6412‬وسنن الترمممذي ‪ 2304‬والنسممائي‬
‫وبن ماجة ‪ 4170‬من حديث عبد الله بن سعيد بن‬
‫أبي هند عن أبيه عن بن عباس قال قال رسممول‬
‫نعمتممان مغبممون فيهممما كممثير مممن النمماس‬ ‫اللممه‬
‫الصحة والفراغ ومعنى هذا أنهممم مقصممرون فممي‬
‫شكر هاتين النعمتين ل يقومممون بواجبهممما ومممن‬
‫ل يقوم بحق ما وجممب عليممه فهممو مغبممون وقممال‬
‫الحافظ أبو بكر الممبزار ‪ 3646‬حممدثنا القاسممم بممن‬
‫محمد بن يحيى المروزي حدثنا علي بن الحسممين‬
‫بن شممقيق حممدثنا أبممو حمممزة عممن ليممث عممن أبممي‬
‫فزارة عن يزيد بن الصم عن بن عباس قال قال‬
‫ما فوق الزار وظل الحممائط وخممبز‬ ‫رسول الله‬
‫يحاسب به العبد يمموم القيامممة أو يسممأل عنممه ثممم‬
‫قال ل نعرفه إل بهذا السناد وقال المممام أحمممد‬
‫‪ 2492‬حدثنا بهمز وعفمان قمال حمدثنا حمماد قمال‬
‫عفان في حديثه قال إسممحاق بممن عبممد اللممه عممن‬
‫أبي صالح عن أبممي هريممرة رضممي اللممه عنممه عممن‬
‫قال يقول الله عز وجل قال عفان يمموم‬ ‫النبي‬
‫القيامممة يمما بممن آدم حملتممك علممى الخيممل والبممل‬
‫وزوجتك النساء وجعلتك تربع وترأس فأين شممكر‬
‫ذلمممممك تفمممممرد بمممممه ممممممن همممممذا الممممموجه‬
‫‪103‬‬
‫) سورة العصر (‬

‫(‬ ‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪103‬‬


‫مقدمة تفسير سورة العصممر بسممم اللممه الرحمممن‬
‫الرحيم سورة العصر وهي مكية ذكمروا أن عمممرو‬
‫بن العاص وفد على مسيلمة الكذاب وذلك بعد ما‬
‫وقبل أن يسلم عمممرو فقممال‬ ‫بعث رسول الله‬

‫‪1114‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫له مسيلمة ممماذا أنممزل علممى صمماحبكم فممي هممذه‬
‫المدة فقال لقد أنزل عليه سممورة وجيممزة بليغممة‬
‫فقال وماهي فقال ) والعصممر إن النسممان لفممي‬
‫خسر إل الذين آمنوا وعملوا الصممالحات وتواصمموا‬
‫بالحق وتواصوا بالصبر ( ففكر مسيلمة هنيهة ثم‬
‫قال وقد أنزل علي مثلها فقال له عمرو وما هو‬
‫فقممال يمما وبممر يمما وبممر إنممما أنممت أذنممان وصممدر‬
‫وسائرك حفمر نقمر ثممم قممال كيممف تمرى يماعمرو‬
‫فقال له عمرو والله إنممك لتعلممم أنممي أعلممم أنممك‬
‫تكذب وقممد رأيممت أبمما بكممر الخرائطممي أسممند فممي‬
‫كتممابه المعممروف بمسمماوي الخلق فممي الجممزء‬
‫الثاني منممه شمميئا مممن هممذا أو قريبمما منممه والموبر‬
‫دويبة تشبه الهر أعظم شيء فيممه أذنمماه وصممدره‬
‫وباقيه دميممم فمأراد مسمميلمة أن يركمب مممن هممذا‬
‫الهذيان ما يعارض به القرآن فلم يرج ذلممك علممى‬
‫عابد الوثان في ذلك الزمان وذكر الطبراني من‬
‫طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن عبيد الله بممن‬
‫حصن قال كان الرجلن من أصحاب رسممول اللممه‬
‫اذا إلتقيا لم يفترقا إل على أن يقممرأ أحممدهما‬
‫على الخر سممورة العصممر إلممى آخرهمما ثممم يسمملم‬
‫أحدهما على الخر وقال الشافعي رحمه الله لممو‬
‫تمممممممممدبر النممممممممماس همممممممممذه السمممممممممورة‬
‫لوسممعتهم بسممم اللممه الرحمممن الرحيممم العصممر‬
‫الزمان الذي يقع فيه حركممات بنممي آدم مممن خيممر‬
‫وشر وقال مالك عن زيد بممن أسمملم هممو العشممي‬
‫والمشممهور الول فأقسممم تعممالى بممذلك علممى أن‬
‫النسان لفي خسممر أي فممي خسممارة وهلك ) إل‬
‫الذين آمنمموا وعملمموا الصممالحات ( فاسممتثنى مممن‬
‫جنس النسان عن الخسران الذين آمنوا بقلوبهم‬
‫وعملوا الصالحات بجوارحهم ) وتواصمموا بممالحق (‬
‫وهو أداء‬

‫‪1115‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الطاعات وترك المحرمات ) وتواصوا بالصبر ( أي‬
‫علممى المصممائب والقممدار وأذى مممن يممؤذي ممممن‬
‫يمممأمرونه بمممالمعروف وينهمممونه عمممن المنكمممر‬
‫‪104‬‬
‫) سورة ويل لكل همزة لمزة (‬

‫(‬ ‫‪9‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪104‬‬


‫مقدمة تفسير سورة ويل لكل همزة لمممزة بسممم‬
‫الله الرحمن الرحيم سورة ويل لكل همزة لمممزة‬
‫وهممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممي‬
‫مكية الهماز بالقول واللماز بالفعل يعني يممزدري‬
‫الناس وينتقص بهممم وقممد تقممدم بيممان ذلممك فممي‬
‫قوله تعالى ) هماز مشاء بنميم ( قال بن عبمماس‬
‫همزة لمزة طعان معياب وقال الربيممع بممن أنممس‬
‫الهمزة يهمزه في وجهه واللمزة من خلفه وقال‬
‫قتادة الهمزة واللمزة لسانه وعينه ويأكممل لحمموم‬
‫الناس ويطعن عليهم وقال مجاهد الهمممزة باليممد‬
‫والعيممن واللمممزة باللسممان وهكممذا قممال بممن زيممد‬
‫وقال مالك عن زيد بن أسلم همزة لحوم النمماس‬
‫ثم قال بعضهم المراد بذلك الخنممس بممن شممريق‬
‫وقيل غيره وقال مجاهد هي عامة وقوله تعممالى‬
‫) الذي جمع مال وعممدده ( أي جمعممه بعضممه علممى‬
‫بعض وأحصى عدده كقوله تعالى ) وجمع فأوعى‬
‫( قاله السدي وبن جريممر وقممال محمممد بممن كعمب‬
‫في قوله ) جمع مال وعدده ( ألهاه ممماله بالنهممار‬
‫هذا إلى هذا فإذا كان الليل نام كأنه جيفة منتنممة‬
‫وقوله تعالى ) يحسب أن ماله أخلممده ( أي يظممن‬
‫أن جمعه المال يخلده فممي هممذه الممدار ) كل ( أي‬
‫ليس المر كما زعم ول كما حسب ثم قال تعالى‬
‫) لينبذن في الحطمة ( أي ليلقين هذا الذي جمع‬
‫مال فعدده فممي الحطمممة وهممي اسممم صممفة مممن‬

‫‪1116‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أسماء النممار لنهمما تحطممم مممن فيهمما ولهممذا قممال‬
‫) وما أدراك ما الحطمممة نممار اللممه الموقممدة الممتي‬
‫تطلع على الفئدة ( قال ثممابت البنمماني تحرقهممم‬
‫إلى الفئدة وهم أحياء ثم يقممول لقممد بلممغ منهممم‬
‫العذاب ثم يبكي وقال محمد بن كعممب تأكممل كممل‬
‫شيء من جسده حتى إذا بلغت فؤاده حذو حلقممه‬
‫ترجممع علممى جسممده وقمموله تعممالى ) إنهمما عليهممم‬
‫مؤصممدة ( أي مطبقممة كممما تقممدم تفسمميره فممي‬
‫سورة البلد وقال بن مردويه حدثنا عبممد اللممه بممن‬
‫محمد حدثنا علي بن سراج حدثنا حماد بن حممرزاد‬
‫حدثنا شجاع بن أشرس حدثنا شممريك عمن عاصممم‬
‫عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عممن‬
‫) إنها عليهم مؤصدة ( قال مطبقة وقممد‬ ‫النبي‬
‫رواه أبو بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بممن أسممد‬
‫عن إسماعيل بن خالد عن أبي صممالح قمموله ولممم‬
‫يرفعممه وقمموله تعممالى ) فممي عمممد ممممددة ( قممال‬
‫عطية العوفي عمد من حديممد وقممال السممدي مممن‬
‫نار وقال شممبيب بممن بشممر عممن عكرمممة عممن بممن‬
‫عبمماس ) فممي عمممد ممممددة ( يعنممي البممواب هممي‬
‫المممددة وقمال قتمادة فمي قمراءة عبمد اللمه بمن‬
‫مسعود إنها عليهممم مؤصممدة بعمممد ممممددة وقممال‬
‫العوفي عن بن عباس أدخلهم فممي عمممد ممممددة‬
‫عليهم بعماد في أعناقهم السلسل فسممدت بهمما‬
‫البواب وقال قتادة كنا نحدث أنهم يعذبون بعمممد‬
‫في النار واختاره بن جرير وقال أبو صالح ) فممي‬
‫عمممد ممممددة ( يعنممي القيممود الثقممالخر تفسممير‬
‫‪105‬‬
‫) سورة الفيل (‬

‫(‬ ‫‪5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪105‬‬


‫مقدمة تفسير سورة الفيممل بسممم اللممه الرحمممن‬

‫‪1117‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرحيممممممممم سممممممممورة الفيممممممممل وهممممممممي‬
‫مكية هذه مممن النعممم الممتي امتممن اللممه بهمما علممى‬
‫قريممش فيممما صممرف عنهممم مممن أصممحاب الفيممل‬
‫الذين كانوا قد عزممموا علممى هممدم الكعبممة ومحممو‬
‫أثرها مممن الوجممود فأبممادهم اللممه وأرغممم آنممافهم‬
‫وخيب سعيهم وأضل عملهمم وردهممم بشممر خيبمة‬
‫وكانوا قوما نصارى‬
‫وكمان دينهممم إذ ذاك أقمرب حمال ممما كمان عليممه‬
‫قريش من عبادة الوثان ولكن كان هذا من بمماب‬
‫فمإنه‬ ‫الرهاص والتمموطئة لمبعمث رسممول اللممه‬
‫في ذلك العام ولد علممى أشممهر القمموال ولسممان‬
‫حال القممدر يقممول لممم ننصممركم يامعشممر قريممش‬
‫على الحبشة لخيرتكم عليهم ولكن صمميانة للممبيت‬
‫العممتيق الممذي سنشممرفه ونعظمممه ونمموقره ببعثممة‬
‫النبي المممي محمممد صمملوات اللممه وسمملمه عليممه‬
‫خممممممممممممممممممممممممماتم النبيممممممممممممممممممممممممماء‬

‫وهممذه قصممة أصممحاب الفيممل علممى وجممه اليجمماز‬


‫والختصار والتقريب قد تقدم في قصممة أصممحاب‬
‫الخدود أن ذا نواس وكان آخر ملوك حمير وكممان‬
‫مشركا وهو الممذي قتممل أصممحاب الخممدود وكممانوا‬
‫نصارى وكانوا قريبا من عشرين ألفا فلممم يفلممت‬
‫منهمممم إل دوس ذو ثعلبمممان فمممذهب فاسمممتغاث‬
‫بقيصر ملك الشام وكان نصممرانيا فكتممب لممه إلمى‬
‫النجاشي ملك الحبشة لكونه أقرب إليهممم فبعممث‬
‫معه أميرين أرياط وأبرهة بن الصباح أبما يكسموم‬
‫فممي جيممش كممثيف فممدخلوا اليمممن فجاسمموا خلل‬
‫الديار واستلبوا الملك من حمير وهلمك ذو نمواس‬
‫غريقا في البحر واسممتقل الحبشممة بملممك اليمممن‬
‫وعليهم همذان الميمران أريماط وأبرهمة فاختلفما‬
‫فممي أمرهممما وتصمماول وتقمماتل وتصممافا فقممال‬
‫أحممدهما للخممر إنممه ل حاجممة بنمما إلممى اصممطلم‬

‫‪1118‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الجيشين بيننا ولكن ابرز إلممي وأبممرز إليممك فأينمما‬
‫قتل الخر استقل بعده بالملك فأجابه إلممى ذلممك‬
‫فتبارزا وخلف كل واحد منهما قناة فحمل أرياط‬
‫على أبرهة فضربه بالسمميف فشممرم أنفممه وفمممه‬
‫وشممق وجهممه وحمممل عتممودة مممولى أبرهممة علممى‬
‫أرياط فقتله ورجع أبرهممة جريحمما فممداوى جرحممه‬
‫فبرأ واستقل بتدبير جيش الحبشة باليمن فكتممب‬
‫إليه النجاشي يلومه على ممما كممان منممه ويتوعممده‬
‫ويحلف ليطأن بلده ويجزن ناصيته فأرسممل إليممه‬
‫أبرهة يترقق له ويصانعه وبعث مع رسوله بهممدايا‬
‫وتحف وبجراب فيه من تراب اليمن وجممز ناصمميته‬
‫فأرسلها معه ويقول في كتابه ليطأ الملك علممى‬
‫هذا الجراب فيبر قسمه وهذه ناصيتي قممد بعثممت‬
‫بها إليك فلما وصل ذلك إليه أعجبممه منممه ورضممي‬
‫عنممه وأقممره علممى عملممه وأرسممل أبرهممة يقممول‬
‫للنجاشي إني سأبني لك كنيسة بأرض اليمن لممم‬
‫يبن قبلها مثلهمما فشممرع فممي بنمماء كنيسممة هائلممة‬
‫بصنعاء رفيعة البناء عالية الفناء مزخرفة الرجاء‬
‫سمممتها العممرب القليممس لرتفاعهمما لن النمماظر‬
‫إليها تكاد تسقط قلنسوته عن رأسه من ارتفمماع‬
‫بنائها وعزم أبرهة الشممرم علممى أن يصممرف حممج‬
‫العرب إليهمما كممما يحممج إلممى الكعبممة بمكممة ونممادى‬
‫بممذلك فممي مملكتممه فكرهممت العممرب العدنانيممة‬
‫والقحطانيممة ذلممك وغضممبت قريممش لممذلك غضممبا‬
‫شممديدا حممتى قصممدها بعضممهم وتوصممل إلممى أن‬
‫دخلهمما ليل فأحممدث فيهمما وكممر راجعمما فلممما رأى‬
‫السدنة ذلك الحدث رفعوا أمره إلى ملكهم أبرهة‬
‫وقالوا له إنما صنع هذا بعض قريش غضبا لبيتهم‬
‫الذي ضاهيت هذا به فأقسم أبرهة ليسمميرن إلممى‬
‫بيت مكة وليخربنه حجرا حجممرا وذكممر مقاتممل بممن‬
‫سليمان أن فتية من قريش دخلوها فأججوا فيها‬
‫نممارا وكممان يوممما فيممه هممواء شممديد فمماحترقت‬

‫‪1119‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسقطت إلى الرض فتأهب أبرهممة لممذلك وصممار‬
‫فممي جيممش كممثيف عرمممرم لئل يصممده أحممد عنممه‬
‫واستصحب معممه فيل عظيممما كممبير الجثممة لممم يممر‬
‫مثله يقال له محمود وكان قد بعثه إليه النجاشي‬
‫ملك الحبشة لذلك ويقال كممان معممه أيضمما ثمانيممة‬
‫أفيال وقيل اثنا عشر فيل غيره فالله أعلم يعني‬
‫ليهدم به الكعبة بأن يجعل السلسل في الركممان‬
‫وتوضع في عنق الفيل ثم يزجممر ليلقممي الحممائط‬
‫جملة واحدة فلما سمعت العرب بمسيره أعظموا‬
‫ذلممك جممدا ورأوا أن حقمما عليهممم المحاجبممة دون‬
‫البيت ورد من أراده بكيممد فخممرج إليممه رجممل مممن‬
‫أشراف أهمل اليمممن وملمموكهم يقمال لمه ذو نفمر‬
‫فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب‬
‫أبرهة وجهاده عن بيت الله ومايريممده مممن هممدمه‬
‫وخرابممه فأجممابوه وقمماتلوا أبرهممة فهزمهممم لممما‬
‫يريده الله عز وجل مممن كرامممة الممبيت وتعظيمممه‬
‫وأسر ذو نفر فاستصحبه معممه ثممم مضممى لمموجهه‬
‫حتى إذا كان بأرض خثعممم اعممترض لممه نفيممل بممن‬
‫حممبيب الخثعمممي فممي قممومه شممهران ونمماهس‬
‫فقاتلوه فهزمهم أبرهممة وأسممر نفيمل بممن حممبيب‬
‫فأراد قتله ثم عفا عنه واستصحبه معه ليدله في‬
‫بلد الحجاز فلما اقترب مممن أرض الطممائف خممرج‬
‫إليه أهلها ثقيف وصانعوه خيفة على بيتهم الذي‬
‫عندهم الذي يسمونه اللت فأكرمهم وبعثوا معممه‬
‫أبا رغال دليل فلما انتهممى أبرهممة إلممى المغمممس‬
‫وهو قريب من مكة نممزل بممه وأغممار جيشممه علممى‬
‫سرح أهل مكة من البل وغيرهمما فأخممذوه وكممان‬
‫في السرح مائتا بعير لعبد المطلممب وكممان الممذي‬
‫أغار على السرح بأمر أبرهة أمير المقدمة وكممان‬
‫يقال له السود بن مقصود فهجمماه بعممض العممرب‬
‫فيما ذكره بن إسحاق ‪ 187‬وبعممث أبرهممة حناطممة‬
‫الحميري إلى مكة وأمره أن يأتيه بأشرف‬

‫‪1120‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قريش وأن يخبره أن الملك لم يجممى لقتممالكم إل‬
‫أن تصدوه عن البيت فجاء حناطة فدل على عبممد‬
‫المطلب بن هاشم وبلغه عن أبرهة ما قال فقال‬
‫له عبد المطلب والله ما نريد حربه وما لنمما بممذلك‬
‫مممن طاقممة هممذا بيممت اللممه الحممرام وبيممت خليلممه‬
‫إبراهيم فممإن يمنعممه منممه فهممو بيتممه وحرمممه وإن‬
‫يخل بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع عنه فقال له‬
‫حناطة فاذهب معممي إليممه فممذهب معممه فلممما رآه‬
‫أبرهة أجله وكان عبد المطلب رجل جسيما حسن‬
‫المنظر ونزل أبرهة عن سريره وجلس معه على‬
‫البساط وقال لترجمانه قل له ممما حاجتممك فقممال‬
‫للترجمان إن حاجتي أن يممرد علممي الملممك مممائتي‬
‫بعير أصابها لي فقال أبرهة لترجمانه قل له لقد‬
‫كنت أعجبتني حين رأيتك ثم قد زهدت فيك حين‬
‫كلمتنممي أتكلمنممي فممي مممائتي بعيممر أصممبتها لممك‬
‫وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه ل‬
‫تكلمني فيه فقال له عبممد المطلممب إنممي أنمما رب‬
‫البل وإن للبيت ربا سيمنعه قال ما كممان ليمتنممع‬
‫مني قممال أنممت وذاك ويقممال إنممه ذهممب مممع عبممد‬
‫المطلب جماعة من أشراف العرب فعرضوا على‬
‫أبرهة ثلث أموال تهامة على أن يرجع عن الممبيت‬
‫فأبى عليهم ورد أبرهة علممى عبممد المطلممب إبلممه‬
‫ورجع عبد المطلب إلى قريش فأمرهم بممالخروج‬
‫مممن مكممة والتحصممن فممي رؤوس الجبممال تخوفمما‬
‫عليهم من معممرة الجيممش ثمم قمام عبمد المطلمب‬
‫فأخذ بحلقة باب الكعبة وقام معه نفر من قريش‬
‫يممدعون اللممه ويستنصممرون علممى أبرهممة وجنممده‬
‫فقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقممة بمماب الكعبممة‬
‫لهممم إن المممرء يممم نممع رحلممه فممامنع رحالممك‬

‫ل يغلبمممن صمممليبهم ومحمممالهم أبمممدا محالمممك‬


‫قممال بممن إسممحاق ‪ 191‬ثممم أرسممل عبممد المطلممب‬

‫‪1121‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حلقة الباب ثم خرجوا إلممى رؤوس الجبممال وذكممر‬
‫مقاتل بن سليمان أنهمم تركموا عنمد المبيت ممائة‬
‫بدنة مقلدة لعممل بعممض الجيممش ينممال منهمما شمميئا‬
‫بغير حق فينتقم الله منهم فلما أصبح أبرهة تهيأ‬
‫لدخول مكة وهيأ فيله وكان اسمه محمممودا وعبممأ‬
‫جيشه فلما وجهوا الفيل نحو مكة أقبل نفيل بن‬
‫حبيب حتى قام إلممى جنبممه ثممم أخممذ بممإذنه وقممال‬
‫ابرك محمود وارجع راشدا مممن حيممث جئت فإنممك‬
‫في بلد الله الحرام ثم أرسل أذنممه فممبرك الفيممل‬
‫وخممرج نفيممل بممن حممبيب يشممتد حممتى أصممعد فممي‬
‫الجبل وضربوا الفيل ليقموم فمأبى فضممربوا فمي‬
‫رأسه بالطبرزين وأدخلوا محاجن لهم في مراقه‬
‫فنزعمموه بهمما ليقمموم فممأبى فوجهمموه راجعمما إلممى‬
‫اليمن فقام يهرول ووجهموه إلممى الشمام ففعممل‬
‫مثل ذلك ووجهوه إلى المشرق ففعل مثممل ذلممك‬
‫ووجهوه إلى مكة فبرك وأرسل الله عليهم طيرا‬
‫من البحر أمثممال الخطمماطيف والبلسممان مممع كممل‬
‫طائر منها ثلثة أحجار يحملها حجممر فممي منقمماره‬
‫وحجران فممي رجليممه أمثممال الحمممص والعممدس ل‬
‫يصيب منهم أحممدا إل هلممك وليممس كلهممم أصممابت‬
‫وخرجوا هاربين يبتدرون الطريممق ويسممألون عممن‬
‫نفيل ليدلهم على الطريق هذا ونفيل على رأس‬
‫الجبل مممع قريممش وعممرب الحجمماز ينظممرون ممماذا‬
‫أنزل الله بأصحاب الفيل من النقمة وجعل نفيل‬
‫يقمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممول‬
‫أين المفر والله الطالب والشرم المغلوب ليس‬
‫الغمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممالب‬
‫قممال بممن إسممحاق وقممال نفيممل فممي ذلممك أيضمما‬
‫أل حييت عنايا ودينا نعمنمماكم مممع الصممباح عينمما‬

‫ودينة لو رأيت ول تريممه لممدى جنممب المحصممب ممما‬


‫رأينمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممما‬

‫‪1122‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫إذا لعذرتني وحمدت أمممري ولممم تأسممي علممى ممما‬


‫فممممممممممممممممممممممممممممات بينمممممممممممممممممممممممممممما‬

‫حمدت الله إذ أبصرت طيرا وخفت حجممارة تلقممى‬


‫علينمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممما‬

‫فكل القوم تسأل عن نفيل كأن علممي للحبشممان‬


‫دينمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممما‬
‫وذكر الواقدي بإسناده أنهممم لممما تعممبئوا لممدخول‬
‫الحرم وهيئوا الفيل جعلوا ل يصرفونه إلى جهممة‬
‫من سائر الجهات إل ذهب فيها فإذا وجهوه إلممى‬
‫الحممرم ربممض وصمماح وجعممل أبرهممة يحمممل علممى‬
‫سائس الفيل وينهره ويضربه ليقهر الفيل علممى‬
‫دخول الحرم وطال الفصل فممي ذلممك هممذا وعبممد‬
‫المطلب وجماعة من أشراف مكة فيهم المطعممم‬
‫بن عدي وعمرو بن عائد بن عمممران بممن مخممزوم‬
‫ومسعود بن عمرو الثقفممي علممى حممراء ينظممرون‬
‫ماالحبشة يصنعون وماذا يلقون من أمر الفيل‬
‫وهو العجب العجاب فبينما هم كذلك إذ بعث اللممه‬
‫عليهم طيرا أبابيممل أي قطعمما قطعمما صممفرا دون‬
‫الحمام وأرجلها حمر ومع كل طممائر ثلثممة أحجممار‬
‫وجمماءت فحلقممت عليهممم وأرسمملت تلممك الحجممار‬
‫عليهم فهلكمموا وقممال محمممد بممن إسممحاق جمماؤوا‬
‫بفيلين فأممما محممود فربمض وأممما الخممر فشممجع‬
‫فحصب وقال وهب بن منبه كان معهم فيلة فأما‬
‫محمود وهو فيل الملك فربض ليقتممدي بممه بقيممة‬
‫الفيلة وكان فيهمما فيممل تشممجع فحصممب فهربممت‬
‫بقية الفيلة وقال عطمماء بممن يسممار وغيممره ليممس‬
‫كلهم أصابه العذاب في الساعة الراهنة بل منهم‬
‫من هلك سريعا ومنهم من جعل يتسمماقط عضمموا‬
‫عضوا وهم همماربون وكممان أبرهممة ممممن تسمماقط‬

‫‪1123‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عضمموا عضمموا حممتى مممات ببلد خثعممم وقممال بممن‬
‫إسممحاق ‪ 193‬فخرجمموا يتسمماقطون بكممل طريممق‬
‫ويهلكممون علممى كممل منهممل وأصمميب أبرهممة فممي‬
‫جسده وخرجوا به معهم يسقط أنملة أنملة حتى‬
‫قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطمائر فمما ممات‬
‫حتى انصدع صدره عن قلبه فيما يزعمممون وذكممر‬
‫مقاتل بن سليمان أن قريشا أصممابوا مممال جممزيل‬
‫من أسلبهم وممما كممان معهممم وأن عبممد المطلممب‬
‫أصاب يومئذ مممن الممذهب ممما مل حفممرة قممال بممن‬
‫إسحاق وحممدثني يعقمموب بمن عتبممة أنممه حمدث أن‬
‫أول ما رؤيت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك‬
‫العام وأنه أول ما رؤي به مرائر الشممجر الحرمممل‬
‫والحنظممل والعشممر ذلممك العممام وهكممذا روي عممن‬
‫عكرمممممممممممة مممممممممممن طريممممممممممق جيممممممممممد‬
‫قال بن إسحاق ‪ 194‬فلممما بعممث اللممه محمممدا‬
‫كان فيما يعد به على قريممش مممن نعمتممه عليهممم‬
‫وفضله ما رد عنهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهممم‬
‫ومدتهم فقال ) ألم تر كيف فعممل ربممك بأصممحاب‬
‫الفيممل ألممم يجعممل كيممدهم فممي تضممليل وأرسممل‬
‫عليهم طيرا أبابيل ترميهممم بحجممارة مممن سممجيل‬
‫فجعلهمممم كعصمممف ممممأكول ( ) ليلف قريمممش‬
‫إيلفهم رحلة الشتاء والصيف فليعبممدوا رب هممذا‬
‫البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف (‬
‫أي لئل يغير شيئا من حالهم التي كانوا عليها لما‬
‫أراد الله بهم من الخير لو قبلوه قال بممن هشممام‬
‫البابيل الجماعات ولم تتكلم العرب بواحدة قممال‬
‫وأما السجيل فأخبرني يونس النحوي وأبو عبيدة‬
‫أنه عند العرب الشممديد الصمملب قمال وذكممر بعممض‬
‫المفسممرين أنهممما كلمتممان بالفارسممية جعلتهممما‬
‫العرب كلمة واحممدة وإنممما هممو سممنج وجممل يعنممي‬
‫بالسنج الحجر والجل الطين يقممول الحجممارة مممن‬
‫هممذين الجنسممين الحجممر والطيممن قممال والعصممف‬

‫‪1124‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ورق الزرع الذي لم يقضب واحدته عصفة انتهممى‬
‫ما ذكره وقد قال حماد بن سلمة عممن عممامر عممن‬
‫زر عممن عبممد اللممه وأبممو سمملمة بممن عبممد الرحمممن‬
‫) طيممرا أبابيممل ( قممال الفممرق وقممال بممن عبمماس‬
‫والضحاك أبابيل يتبع بعضها بعضا وقممال الحسممن‬
‫البصممري وقتممادة البابيممل الكممثيرة وقممال مجاهممد‬
‫أبابيممل شممتى متتابعممة مجتمعممة وقممال بممن زيممد‬
‫البابيل المختلفة تأتي من ها هنمما ومممن همما هنمما‬
‫أتتهم من كل مكان وقال الكسائي سمعت بعممض‬
‫النحممويين يقممول واحممد البابيممل إبيممل وقممال بممن‬
‫جرير حدثني عبد العلى حدثني داود عن إسممحاق‬
‫بن عبد الله بن الحارث بممن نوفممل أنممه قممال فممي‬
‫قوله تعالى ) وأرسل عليهم طيممرا أبابيممل ( هممي‬
‫القاطيع كالبل المؤبلة وحدثنا أبو كريممب حممدثنا‬
‫وكيع عن بن عون عن بن سيرين عن بممن عبمماس‬
‫) وأرسل عليهم طيرا أبابيل ( قال لهمما خراطيممم‬
‫كخراطيممم الطيممر وأكممف كممأكف الكلب وحممدثنا‬
‫يعقوب بن إبراهيم حممدثنا هشمميم أخبرنمما حصممين‬
‫عن عكرمة في قوله تعالى ) طيرا أبابيممل ( قممال‬
‫كانت طيرا خضرا خرجممت مممن البحممر لهمما رؤوس‬
‫كرؤوس السباع وحدثنا بن بشار حدثنا بن مهممدي‬
‫عن سفيان عن العمممش عممن أبممي سممفيان عممن‬
‫عبيد بن عمير ) طيممرا أبابيممل ( قممال هممي طيممور‬
‫سود بحريممة فممي مناقيرهمما وأظافيرهمما الحجممارة‬
‫وهذه أسانيد صحيحة وقال سعيد بن جممبير كممانت‬
‫طيرا خضرا لها مناقير صفر تختلف عليهم وعممن‬
‫بن عباس ومجاهد وعطمماء كممانت الطيممر البابيممل‬
‫مثل التي يقال لها عنقاء مغرب ورواه عنهم بممن‬
‫أبي حاتم وقال بممن أبممي حمماتم حممدثنا أبممو زرعممة‬
‫حدثنا عبيد الله بن محمد بن أبي شيبة حدثنا أبممو‬
‫معاوية عن العمش عن أبي سفيان عن عبيد بن‬
‫عمير قال لما أراد الله أن يهلممك أصممحاب الفيممل‬

‫‪1125‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بعممث عليهممم طيممرا أنشممئت مممن البحممر أمثممال‬
‫الخطمماطيف كممل طيممر منهمما يحمممل ثلثممة أحجممار‬
‫مجزعة حجرين فممي رجليممه وحجممرا فممي منقمماره‬
‫قممال فجمماءت حممتى صممفت علممى رؤوسممهم ثممم‬
‫صاحت وألقت ما في أرجلها ومناقيرها فما يقممع‬
‫حجر على رأس رجل إل خممرج مممن دبممره وليقممع‬
‫على شيء من جسده إل خرج من الجممانب الخممر‬
‫وبعث الله ريحا شديدة فضربت الحجارة فزادتهمما‬
‫شدة فأهلكوا جميعا وقال السدي عن عكرمة عن‬
‫بن عباس ) حجارة من سممجيل ( قممال طيممن فممي‬
‫حجارة‬
‫سنك وكل وقد قممدمنا بيمان ذلمك بمما أغنمى عممن‬
‫إعادته ها هنمما وقمموله تعممالى ) فجعلهممم كعصممف‬
‫مأكول ( قال سعيد بممن جممبير يعنممي التبممن الممذي‬
‫تسميه العامة هبممور وفممي روايممة عممن سممعيد بممن‬
‫جممبير ورق الحنطممة وعنممه أيضمما العصممف التبممن‬
‫والمممأكول القصمميل يجممز للممدواب وكممذلك قممال‬
‫الحسن البصري وعن بن عباس العصف القشممرة‬
‫التي على الحبة كالغلف على الحنطة وقممال بممن‬
‫زيممد العصممف ورق الممزرع وورق البقممل إذا أكلتممه‬
‫البهممائم فراثتممه فصممار درينمما والمعنممى أن اللممه‬
‫سبحانه وتعالى أهلكهم ودمرهم وردهم بكيممدهم‬
‫وغيظهم لم ينالوا خيرا وأهلك عامتهم ولم يرجع‬
‫منهممم مخممبر إل وهممو جريممح كممما جممرى لملكهممم‬
‫أبرهة فإنه انصدع صدره عن قلبه حين وصل إلى‬
‫بلممده صممنعاء وأخممبرهم بممما جممرى لهممم ثممم مممات‬
‫فملممك بعممده ابنممه يكسمموم ثممم مممن بعممده أخمموه‬
‫مسروق بن أبرهممة ثممم خممرج سمميف بممن ذي يممزن‬
‫الحميممري إلممى كسممرى فاسممتعانه علممى الحبشممة‬
‫فأنفذ معممه مممن جيوشممه فقماتلوا معممه فممرد اللممه‬
‫إليهمم ملكهمم ومما كمان فمي آبمائهم ممن الملمك‬
‫وجاءته وفود العرب بالتهنئة وقد قال محمممد بممن‬

‫‪1126‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إسحاق ‪ 97 1‬حدثنا عبممد اللممه بممن أبممي بكممر عممن‬
‫عمرة بنت عبد الرحمن بن أسممعد بممن زرارة عممن‬
‫عائشة قالت لقد رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة‬
‫أعميين مقعدين يستطعمان ورواه الواقممدي عممن‬
‫عائشة مثله ورواه أيضا عن أسماء بنت أبممي بكممر‬
‫أنها قالت كانا مقعممدين يسممتطعمان النمماس عنممد‬
‫أساف ونائلة حيث يذبح المشركون ذبائحهم قلت‬
‫كان اسم قائد الفيل أنيسا وقد ذكر الحافظ أبممو‬
‫نعيم في كتمماب دلئل النبمموة ‪ 86‬مممن طريممق بممن‬
‫وهممب عممن بممن لهيعممة عممن عقيممل بممن خالممد عممن‬
‫عثمان بن المغيرة قصة أصحاب الفيل ولم يممذكر‬
‫أن أبرهة قدم من اليمن وإنما بعث على الجيممش‬
‫رجل يقممال لممه شمممر بممن مقصممود وكممان الجيممش‬
‫عشمممرين ألفممما وذكمممر أن الطيمممر طرقتهمممم ليل‬
‫فأصبحوا صممرعى وهممذا السممياق غريممب جمدا وإن‬
‫كممان أبممو نعيممم قممد قممواه ورجحممه علممى غيممره‬
‫والصحيح أن أبرهممة الشممرم الحبشممي قممدم مكممة‬
‫كما دل على ذلك السياقات والشعار وهكذا روي‬
‫عن بن لهيعمة عممن السمود عممن عممروة أن أبرهمة‬
‫بعث السود بن مقصود على كتيبة معهممم الفيممل‬
‫ولم يذكر قممدوم أبرهممة نفسممه والصممحيح قممدومه‬
‫ولعل بن مقصود كان على مقدمة الجيممش واللممه‬
‫أعلم ثم ذكر بممن إسممحاق ‪ 198‬شمميئا مممن أشممعار‬
‫العرب فيما كان من قصممة أصممحاب الفيممل فمممن‬
‫ذلمممممك شمممممعر عبمممممد اللمممممه بمممممن الزبعمممممري‬
‫تنكلوا عن بطممن مكممة إنهمما كممانت قممديما ل يممرام‬
‫حريمهممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممما‬

‫لم تخلق الشممعرى ليممالي حرمممت إذ ل عزيممز مممن‬


‫النممممممممممممممممممممممممام يرومهمممممممممممممممممممممممما‬

‫سائل أمير الجيمش عنهما مما رأى فلسموف ينمبي‬

‫‪1127‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الجمممممممممممممممممممممماهلين عليمهمممممممممممممممممممممما‬

‫ستون ألفا لم يؤوبوا أرضممهم بممل لممم يعممش بعممد‬


‫اليممممممممممممممممممممممماب سمممممممممممممممممممممممقيمها‬

‫كممانت بهمما عمماد وجرهممم قبلهممم واللممه مممن فمموق‬


‫العبممممممممممممممممممممممممماد يقيمهممممممممممممممممممممممممما‬
‫وقال أبو قيممس بممن السمملت النصمماري المممدني‬
‫ومن صنعه يوم فيممل الحبممو ش إذ كممل ممما بعثمموه‬
‫رزم‬

‫محاجنهم تحت أقرابه وقد شرموا أنفه فممانخرم‬

‫وقد جعلوا سمموطه مغممول إذا يمممموه قفمماه كلممم‬

‫فولى وأدبر أدراجه وقد باء بالظلم من كممان ثممم‬

‫فأرسل من فوقهم حاصبا يلفهم مثل لف القزم‬

‫يحممض علممى الصممبر أحبممارهم وقممد ثممأجوا كثممؤاج‬


‫الغنمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممم‬
‫وقال أبو الصلت بن أبي ربيعممة الثقفممي ويممروى‬
‫لميمممة بمممن أبمممي الصممملت بمممن أبمممي ربيعمممة‬
‫إن آيات ربنا باقيات ما يماري فيهممن إل الكفممور‬

‫خلق الليل والنهار فكل مستبين حسممابه مقممدور‬

‫ثم يجلو النهار رب رحيم بمهاة شعاعها منشممور‬

‫حبممس الفيممل بممالمغمس حممتى صممار يحبممو كممأنه‬


‫معقمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممور‬

‫‪1128‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫لزما حلقه الجممران كممما قطممر مممن ظهممر كبكممب‬


‫محمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممذور‬

‫حوله من ملوك كندة أبطال ملويث في الحروب‬


‫صممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممقور‬

‫خلفمموه ثممم ابممذعروا جميعمما كلهممم عظممم سمماقه‬


‫مكسمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممور‬

‫كل دين يوم القيامة عند الله إل دين الحنيفة بور‬


‫وقد قدمنا فمي تفسممير سمورة الفتمح أن رسممول‬
‫لما أطل يوم الحديبيممة علممى الثنيممة الممتي‬ ‫الله‬
‫تهبممط بممه علممى قريممش بركممت نمماقته فزجروهمما‬
‫فألحت فقممالوا خلت القصممواء أي حرنممت فقممال‬
‫ماخلت القصواء وماذاك لها بخلق‬ ‫رسول الله‬
‫ولكن حبسها حابس الفيل ثم قال والذي نفسي‬
‫بيممده ل يسممألوني اليمموم خطممة يعظمممون فيهمما‬
‫حرمات الله إل أجبتهم إليهمما ثممم زجرهمما فقممامت‬
‫والحمممديث ممممن أفمممراد البخممماري ‪ 2731‬وفمممي‬
‫قال يمموم فتممح مكممة‬ ‫الصحيحين أن رسول الله‬
‫إن اللممه حبممس عممن مكممة الفيممل وسمملط عليهمما‬
‫رسوله والمؤمنين وإنه قد عممادت حرمتهمما اليمموم‬
‫كحرمتهمما بممالمس أل فليبلممغ الشمماهد الغممائب‬
‫‪106‬‬
‫) سورة ليلف قريش (‬

‫(‬ ‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪106‬‬


‫مقدمة تفسير سورة الفيممل وللممه الحمممد والمنممة‬
‫تفسممير سممورة قريممش ذكممر حممديث غريممب فممي‬

‫‪1129‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فضلها قال البيهقي في كتاب الخلفيممات حممدثنا‬
‫أبو عبممد اللممه الحممافظ حممدثنا بكممر بممن محمممد بممن‬
‫حمدان الصيرفي بمرو حدثنا أحمد بممن عبممد اللممه‬
‫الزينبي حدثنا يعقمموب بممن محمممد الزهممري حممدثنا‬
‫إبراهيم بن محمد بن ثابت بممن شممرحبيل حممدثني‬
‫عثمان بن عبد الله أبي عتيق عن سعيد بن عمرو‬
‫بن جعدة بن هبيرة عن أبيممه عممن جممدته أم هممانئ‬
‫قال فضل اللممه‬ ‫بنت أبي طالب أن رسول الله‬
‫قريشا بسبع خلل إنممي منهممم وإن النبمموة فيهممم‬
‫والحجابة والسقاية فيهم وإن الله نصممرهم علممى‬
‫الفيل وإنهم عبدوا الله عز وجممل عشممر سممنين ل‬
‫يعبده غيرهممم وإن اللممه أنممزل فيهممم سممورة مممن‬
‫) بسم الله الرحمممن‬ ‫القرآن ثم تل رسول الله‬
‫الرحيممم ليلف قريممش إيلفهممم رحلممة الشممتاء‬
‫والصيف فليعبدوا رب هذا الممبيت الممذي أطعمهممم‬
‫مممممممن جمممممموع وآمنهممممممم مممممممن خمممممموف (‬
‫هممذه السممورة مفصممولة عممن الممتي قبلهمما فممي‬
‫المصحف المممام كتبمموا بينهممما سممطر بسممم اللممه‬
‫الرحمن الرحيم وإن كانت متعلقة بما قبلها كممما‬
‫صرح بذلك محمد بن إسممحاق وعبممد الرحمممن بممن‬
‫زيد بن أسلم لن المعنى عندهما حبسنا عن مكة‬
‫الفيل وأهلكنا أهله ليلف قريممش أي لئتلفهممم‬
‫واجتماعهم في بلدهم آمنين وقيل المممراد بممذلك‬
‫ممما كممانوا يممألفونه مممن الرحلممة فممي الشممتاء إلممى‬
‫اليمن وفي الصيف إلى الشام في المتاجر وغير‬
‫ذلك ثم يرجعون إلى بلدهم آمنين في أسممفارهم‬
‫لعظمتهم عند النمماس لكممونهم سممكان حممرم اللممه‬
‫فمممن عرفهممم احممترمهم بممل مممن صمموفي إليهممم‬
‫وسار معهم أمن بهم وهذا حالهم في أسممفارهم‬
‫ورحلتهم في شممتائهم وصمميفهم وأممما فممي حممال‬
‫إقامتهم في البلد فكما قال اللممه تعممالى ) أو لممم‬
‫يروا أنا جعلنمما حرممما آمنمما ويتخطممف النمماس مممن‬

‫‪1130‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حممولهم ( ولهممذا قممال تعممالى ) ليلف قريممش‬
‫إيلفهم ( بدل من الول ومفسر لممه ولهممذا قممال‬
‫تعالى ) إيلفهم رحلة الشتاء والصيف ( وقال بن‬
‫جريمر الصمواب أن اللم لم التعجمب كمأنه يقمول‬
‫اعجبوا ليلف قريش ونعمممتي عليهممم فممي ذلممك‬
‫قال وذلك لجماع المسلمين على أنهما سورتان‬
‫منفصلتان مستقلتان ثم أرشدهم إلى شكر هممذه‬
‫النعمة العظيمة فقال ) فليعبدوا رب هذا البيت (‬
‫أي فليوحدوه بالعبادة كما جعممل لهممم حرممما آمنمما‬
‫وبيتا محرما كما قال تعالى ) قل إنممما أمممرت أن‬
‫أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها ولممه كممل شمميء‬
‫وأمرت أن أكون مممن المسمملمين ( وقمموله تعممالى‬
‫) الذي أطعمهم من جوع ( أي هو رب البيت وهو‬
‫الذي أطعمهم من جوع ) وآمنهم من خمموف ( أي‬
‫تفضل عليهم بالمن والرخص فليفردوه بالعبادة‬
‫وحده ل شريك له ول يعبدوا مممن دونممه صممنما ول‬
‫ندا ول وثنا ولهذا من اسممتجاب لهممذا المممر جمممع‬
‫الله له بين أمن الدنيا وأمن الخممرة ومممن عصمماه‬
‫سلبهما منممه كممما قممال تعممالى ) ضممرب اللممه مثل‬
‫قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقهمما رغممدا مممن‬
‫كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقهمما اللممه لبمماس‬
‫الجوع والخوف بما كممانوا يصممنعون ولقممد جمماءهم‬
‫رسممول منهممم فكممذبوه فأخممذهم العممذاب وهممم‬
‫ظالمون ( وقد قال بن أبي حاتم حدثنا عبممد اللممه‬
‫بن عمرو العدني حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عممن‬
‫ليث عن شهر بن حوشب عممن أسممماء بنممت يزيممد‬
‫قالت سمعت رسول الله‬
‫يقول ويل لكم قريش ليلف قريش ثممم قممال‬
‫حمدثنا أبمي حمدثنا المؤممل بمن الفضمل الحرانمي‬
‫حدثنا عيسى يعني بن يونس عممن عبيممد اللممه بممن‬
‫أبي زياد عن شهر بن حوشب عن أسامة بن زيممد‬
‫يقمول ليلف قريمش‬ ‫قال سمعت رسول اللمه‬

‫‪1131‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إيلفهم رحلة الشتاء والصمميف ويحكممم يمما معشممر‬
‫قريش اعبدوا رب هذا البيت الممذي أطعمكممم مممن‬
‫جوع وآمنكم من خوف هكذا رأيته عن أسامة بممن‬
‫زيد وصوابه عن أسماء بنمت يزيممد بمن السممكن أم‬
‫سلمة النصارية رضي الله عنها فلعله وقع غلممط‬
‫فممي النسممخة أو فممي أصمل الروايممة واللممه أعلممم‬
‫‪107‬‬
‫) السورة التي يذكر فيها الماعون (‬

‫(‬ ‫‪7‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪107‬‬


‫مقدمة تفسير سورة ليلف قريممش وللممه الحمممد‬
‫والمنة تفسير سورة الماعون بسم الله الرحمممن‬
‫الرحيم يقول تعالى أرأيت يا محمممد الممذي يكممذب‬
‫بالدين وهو المعاد والجزاء والثواب ) فذلك الممذي‬
‫يدع اليتيم ( أي هممو الممذي يقهممر اليممتيم ويظلمممه‬
‫حقه ول يطعمه ول يحسن إليه ) ول يحممض علممى‬
‫طعممام المسممكين ( كممما قممال تعممالى ) كل بممل ل‬
‫تكرمون اليتيم ول تحاضون على طعام المسكين‬
‫( يعنممي الفقيممر الممذي لشمميء لممه يقمموم بممأوده‬
‫وكفايته ثم قال تعممالى ) فويممل للمصمملين الممذين‬
‫هم عن صلتهم ساهون ( قال بن عبمماس وغيممره‬
‫يعني المنافقين الممذين يصمملون فممي العلنيممة ول‬
‫يصلون في السر ولهذا قال ) للمصمملين ( الممذين‬
‫هم من أهل الصلة وقد التزموا بها ثم هم عنهمما‬
‫ساهون إما عن فعلها بالكلية كما قاله بن عباس‬
‫وإما عن فعلهمما فممي المموقت المقممدر لهمما شممرعا‬
‫فيخرجها عن وقتهمما بالكليممة كممما قمماله مسممروق‬
‫وأبو الضحى وقال عطاء بن دينار الحمد لله الذي‬
‫قممال ) عممن صمملتهم سمماهون ( ولممم يقممل فممي‬
‫صمممملتهم سمممماهون وإممممما عممممن وقتهمممما الول‬
‫فيؤخرونهمما إلممى آخممره دائممما أو غالبمما وإممما عممن‬

‫‪1132‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أدائها بأركانها وشروطها على الوجه المأمور بممه‬
‫وإما عن الخشوع فيها والتدبر لمعانيهمما فمماللفظ‬
‫يشمل ذلك كله ولكن من اتصف بشيء مممن ذلممك‬
‫قسط من هذه الية ومن اتصف بجميع ذلك فقممد‬
‫تم له نصيبه منها وكمل لممه النفمماق العملممي كممما‬
‫قممال‬ ‫ثبت في الصحيحين ‪ 622‬أن رسول اللممه‬
‫تلك صلة المنافق تلك صلة المنممافق تلممك صمملة‬
‫المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين‬
‫قرني الشيطان قام فنقر أربعا ل يذكر الله فيها‬
‫إل قليل فهمممذا آخمممر صممملة العصمممر المممتي همممي‬
‫الوسطى كما ثبت به النص إلى آخر وقتهمما وهممو‬
‫وقت كراهة ثم قام إليها فنقرها نقر الغراب لممم‬
‫يطمئن ول خشع فيها أيضمما ولهممذا قممال ل يممذكر‬
‫الله فيها إل قليل ولعله إنما حملممه علممى القيممام‬
‫إليها مراءاة الناس ل ابتغاء وجه الله فهو كما إذا‬
‫لم يصل بالكلية قال الله تعممالى ) إن المنممافقين‬
‫يخممادعون اللممه وهممو خممادعهم وإذا قمماموا إلممى‬
‫الصلة قاموا كسالى يراءون النمماس ول يممذكرون‬
‫الله إل قليل ( وقال تعممالى همما هنمما ) الممذين هممم‬
‫يراءون ( وقال الطبراني ‪ 1212803‬حدثنا يحيممى‬
‫بن عبممد اللممه بممن عبممدويه البغممدادي حممدثني أبممي‬
‫حممدثنا عبممد الوهمماب بممن عطمماء عممن يممونس عممن‬
‫الحسن عن بن عباس رضي الله عنهما عن النبي‬
‫قال إن في جهنممم لواديمما تسممتعيذ جهنممم مممن‬
‫ذلك الوادي في كل يوم أربعمائة مممرة أعممد ذلممك‬
‫الوادي للمرائين من أمة محمد لحامل كتاب اللممه‬
‫وللمصدق في غير ذات الله وللحاج إلى بيت الله‬
‫وللخارج في سبيل الله وقال المام أحمد ‪2212‬‬
‫حدثنا أبو نعيم حدثنا العمش عن عمرو بممن مممرة‬
‫قال كنا جلوسمما عنممد أبممي عبيممدة فممذكروا الريمماء‬
‫فقال رجل يكنى بأبي يزيد سمعت عبممد اللممه بممن‬

‫‪1133‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من سمممع النمماس‬ ‫عمرو يقول قال رسول الله‬
‫بعمله سمع الله به سامع خلقممه وحقممره وصممغره‬
‫ورواه أيضا ‪ 2162‬عن غندر ويحيى القطممان عممن‬
‫شعبة عن عمرو بن مرة عن رجل عممن عبممد اللممه‬
‫فذكره ومما يتعلق بقمموله‬ ‫بن عمرو عن النبي‬
‫تعالى ) الذين هم يراءون ( أن من عمل عمل لله‬
‫فاطلع عليه النمماس فممأعجبه ذلممك أن هممذا ل يعممد‬
‫رياء والدليل على ذلك ما رواه الحافظ أبو يعلممى‬
‫الموصلي في مسنده حدثنا هممارون بممن معممروف‬
‫حدثنا مخلد بن يزيد حدثنا سعيد بممن بشممير حممدثنا‬
‫العمش‬
‫عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‬
‫كنممت أصمملي فممدخل علممي رجممل فممأعجبني ذلممك‬
‫فقال كتب لك أجران أجر‬ ‫فذكرته لرسول الله‬
‫السمر وأجممر العلنيممة قمال أبمو علممي همارون بمن‬
‫معروف بلغني أن بن المبارك قممال نعممم الحممديث‬
‫للمرائيممن وهممذا حممديث غريممب مممن هممذا المموجه‬
‫وسعيد بن بشير متوسممط وروايتممه عممن العمممش‬
‫عزيزة وقد رواه غيره عنمه قمال أبمو يعلمى أيضما‬
‫حدثنا محمد بن المثنى بن موسى حدثنا أبممو داود‬
‫حدثنا أبو سنان عن حبيب بن أبي ثابت عممن أبممي‬
‫صالح عن أبي هريرة رضممي اللممه عنممه قممال قممال‬
‫رجل يا رسول اللممه الرجممل يعمممل العمممل يسممره‬
‫فإذا اطلع عليه أعجبه قال قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وعلى آله وسلم لممه أجممران أجممر السممر‬
‫وأجر العلنية وقد رواه الترمذي ‪ 2384‬عن محمد‬
‫بن المثنى وبن ماجة ‪ 4226‬عن بندار كلهما عن‬
‫أبممي داود الطيالسممي عممن أبممي سممنان الشمميباني‬
‫واسمه ضرار بممن مممرة ثممم قممال الترمممذي غريممب‬
‫وقد رواه العمممش وغيممره عممن حممبيب عممن أبممي‬
‫صالح مرسل وقد قال أبو جعفر بن جرير حممدثني‬

‫‪1134‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبو كريب حممدثنا معاويممة بممن هشممام عممن شمميبان‬
‫النحوي عن جابر الجعفي حدثني رجممل عممن أبممي‬
‫لما نزلممت‬ ‫برزة السلمي قال قال رسول الله‬
‫هذه الية ) الذين هم عن صلتهم ساهون ( قممال‬
‫الله أكبر هذا خير لكم من أن لو أعطي كل رجممل‬
‫منكم مثل جميع الدنيا هو الذي إن صلى لمم يممرج‬
‫خير صمملته وإن تركهمما لممم يخممف ربممه فيممه جممابر‬
‫الجعفي وهو ضعيف وشيخه مبهم لم يسم والله‬
‫أعلم وقال بن جرير أيضا حدثني زكريا بممن أبممان‬
‫المصري حدثنا عمرو بن طارق حدثنا عكرمممة بممن‬
‫إبراهيم حدثني عبد الملك بن عميممر عممن مصممعب‬
‫بن سعد عممن سممعد بممن أبممي وقمماص قممال سممألت‬
‫عن الذين هم عن صلتهم ساهون‬ ‫رسول الله‬
‫قال هم الذين يؤخرون الصملة عمن وقتهما قلمت‬
‫وتأخير الصلة عن وقتهمما يحتمممل تركهمما بالكليممة‬
‫ويحتمل صلتها بعد وقتها شرعا أو تأخيرهمما عممن‬
‫أول الوقت وكذا رواه الحافظ أبو يعلى ‪ 822‬عن‬
‫شيبان بن فروخ عن عكرمة بممن إبراهيممم بممه ثممم‬
‫رواه ‪ 704‬عن أبي الربيممع عممن جممابر عممن عاصممم‬
‫عن مصعب عمن أبيمه موقوفما سمهوا عنهما حمتى‬
‫ضمماع المموقت وهممذا أصممح إسممنادا وقممد ضممعف‬
‫الممبيهقي رفعممه وصممحح وقفممه وكممذلك الحمماكم‬
‫وقوله تعالى ) ويمنعون الماعون ( أي ل أحسنوا‬
‫عبممادة ربهممم ول أحسممنوا إلممى خلقممه حممتى ول‬
‫بإعارة ما ينتفع بممه ويسممتعان بممه مممع بقمماء عينممه‬
‫ورجمموعه إليهممم فهممؤلء لمنممع الزكمماة وأنممواع‬
‫القربات أولى وأولى وقد قال بن أبي نجيح عممن‬
‫مجاهممد قممال علممى الممماعون الزكمماة وكممذا رواه‬
‫السدي عن أبي صممالح عممن علممي وكممذا روي مممن‬
‫غيممر وجممه عممن بممن عمممر وبممه يقممول محمممد بممن‬
‫الحنفية وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وعطاء‬
‫وعطيمممة العممموفي والزهمممري والحسمممن وقتمممادة‬

‫‪1135‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والضحاك وبن زيد قال الحسن البصري إن صمملى‬
‫راءى وإن فاتته لم يأس عليها ويمنع زكمماة ممماله‬
‫وفي لفظ صدقة ماله وقمال زيمد بمن أسملم همم‬
‫المنممافقون ظهممرت الصمملة فصمملوها وضمممنت‬
‫الزكاة فمنعوها وقال العمش وشعبة عن الحكم‬
‫عن يحيى بن الخممراز أن أبمما العبيممدين سممأل عبممد‬
‫اللممه بممن مسممعود عممن الممماعون فقممال هممو ممما‬
‫يتعاوره الناس بينهم مممن الفممأس والقممدر وقممال‬
‫المسعودي عن سلمة بن كهيل عن أبي العبيدين‬
‫أنه سأل بن مسعود عن الممماعون فقممال هممو ممما‬
‫يتعاطاه الناس بينهم من الفأس والقممدر والممدلو‬
‫وأشباه ذلك وقممال بممن جريممر حممدثني محمممد بممن‬
‫عبيممد المحمماربي حممدثنا أبممو الحمموص عممن أبممي‬
‫إسحاق عن أبي العبيدين وسممعد بممن عيمماض عممن‬
‫نتحممدث أن‬ ‫عبد اللممه قممال كنمما أصممحاب محمممد‬
‫الماعون الدلو والفأس والقدر ل يستغنى عنهممن‬
‫وحدثنا خلد بن أسمملم أخبرنمما النضممر بممن شممميل‬
‫أخبرنا شعبة عن أبي إسحاق قممال سمممعت سممعد‬
‫مثله وقممال‬ ‫بن عياض يحدث عن أصحاب النبي‬
‫العمش عن إبراهيم عن الحارث بممن سممويد عممن‬
‫عبد الله أنه سئل عن الماعون فقال ما يتعمماوره‬
‫الناس بينهممم الفممأس والممدلو وشممبهه وقممال بممن‬
‫جرير حدثنا عمرو بن علي الفلس حدثنا أبو داود‬
‫الطيالسي حدثنا أبو عوانة عن عاصممم بممن بهدلممة‬
‫عن أبي وائل عن عبد الله قال كنمما مممع نبينمما‬
‫ونحن نقول الماعون منع الدلو وأشباه ذلك وقممد‬
‫رواه أبو داود ‪ 1657‬والنسائي ‪ 11701‬عن قتيبة‬
‫عن أبي عوانة بإسناده نحوه ولفظ النسائي عممن‬
‫عبممد اللممه قممال كممل معممروف صممدقة وكنمما نعممد‬
‫عاريممة الممدلو‬ ‫الماعون على عهممد رسممول اللممه‬
‫والقدر وقال بن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عفان‬

‫‪1136‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عممن عبممد‬
‫اللممه قممال الممماعون العممواري القممدر والميممزان‬
‫والدلو وقال بن أبممي نجيممح عممن مجاهممد عممن بممن‬
‫عباس ) ويمنعممون الممماعون ( يعنممي متمماع الممبيت‬
‫وكذا قال مجاهد‬
‫وإبراهيممم النخعممي وسممعيد بممن جممبير وأبممو مالممك‬
‫وغير واحد أنها العارية للمتعة وقال ليث بن أبي‬
‫سممليم عممن مجاهممد عممن بممن عبمماس ويمنعممون‬
‫الماعون قال لم يجئ أهلهمما بعممد وقممال العمموفي‬
‫عن بممن عبمماس ويمنعممون الممماعون قممال اختلممف‬
‫الناس في ذلك فمنهم من قممال يمنعممون الزكمماة‬
‫ومنهم من قال يمنعون الطاعة ومنهم مممن قممال‬
‫يمنعممون العاريممة رواه بممن جريممر ثممم روى عممن‬
‫يعقوب بن إبراهيم عن بن علية عن ليث بن أبممي‬
‫سمليم عمن أبمي إسمحاق عمن الحمارث عمن علمي‬
‫الماعون منع الناس الفأس والقدر والدلو وقممال‬
‫عكرمة رأس الماعون زكاة المال وأدناه المنخممل‬
‫والدلو والبرة رواه بن أبي حاتم وهذا الذي قاله‬
‫عكرمة حسن فإنه يشمممل القمموال كلهمما وترجممع‬
‫كلها إلى شيء واحد وهو ترك المعاونممة بمممال أو‬
‫منفعممة ولهممذا قممال محمممد بممن كعممب ويمنعممون‬
‫الماعون قال المعروف ولهممذا جمماء فممي الحممديث‬
‫كل معروف صدقة وقال بن أبي حاتم حممدثنا أبممو‬
‫سعيد الشج حمدثنا وكيممع عمن بمن أبممي ذئب عمن‬
‫الزهري ) ويمنعون الماعون ( قال بلسان قريش‬
‫المممال وروى همما هنمما حممديثا غريبمما عجيبمما فممي‬
‫إسناده ومتنه فقال حممدثنا أبممي وأبممو زرعممة قممال‬
‫حدثنا قيس بن حفص الممدارمي حممدثنا دلهممم بممن‬
‫دهيممم العجلممي حممدثنا عممائذ بممن ربيعممة النميممري‬
‫حدثني قممرة بممن دعممموص النميممري أنهممم وفممدوا‬
‫فقالوا يا رسول الله ما تعهد‬ ‫على رسول الله‬
‫إلينا قال ل تمنعوا الماعون قالوا يا رسممول اللممه‬

‫‪1137‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وما الماعون قال في الحجر وفي الحديدة وفممي‬
‫الماء قالوا فأي الحديممدة قممال قممدوركم النحمماس‬
‫وحديد الفأس الذي تمتهنممون بممه قممالوا ممماالحجر‬
‫قال قدوركم الحجممارة غريممب جممدا ورفعممه منكممر‬
‫وفي إسناده من ل يعرف والله أعلم وقد ذكر بن‬
‫الثير في الصحابة ترجمممة علممي النميممري فقممال‬
‫روى بمن ممانع بسمنده إلمى عمامر بمن ربيعمة بمن‬
‫قيس النميري عن علي بن فلن النميري سمعت‬
‫يقممول المسمملم أخممو المسمملم إذا‬ ‫رسممول اللممه‬
‫لقيه جاء بالسمملم ويممرد عليممه ممماهو خيممر منممه ل‬
‫يمنع الماعون قلت يمما رسممول اللممه ممما الممماعون‬
‫قممال الحجممر والحديممد وأشممباه ذلممك واللممه أعلممم‬
‫‪108‬‬
‫) سورة الكوثر (‬

‫(‬ ‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪108‬‬


‫مقدمة تفسير سورة الكمموثر بسممم اللممه الرحمممن‬
‫الرحيمممم سمممورة الكممموثر وهمممي مدنيمممة وقيمممل‬
‫مكية قممال المممام أحمممد ‪ 3102‬حممدثنا محمممد بممن‬
‫فضيل عن المختار بن فلفل عن انممس بممن مالممك‬
‫إغفمماءة فرفممع رأسممه‬ ‫قال أغفى رسممول اللممه‬
‫متبسما إما قال لهم وإممما قممالوا لممه لممم ضممحكت‬
‫إنه أنزلت علممي آنفمما سممورة‬ ‫فقال رسول الله‬
‫فقرأ ) بسم اللممه الرحمممن الرحيممم إنمما أعطينمماك‬
‫الكوثر ( حتى ختمها فقال هل تدرون ممما الكمموثر‬
‫قالوا الله ورسوله أعلممم قممال هممو نهممر أعطممانيه‬
‫ربي عز وجل في الجنة عليه خير كثير تممرد عليممه‬
‫أمتي يوم القيامة آنيته عدد الكواكب يختلج العبمد‬
‫منهم فأقول يا رب إنه من أمممتي فيقممال إنممك ل‬
‫تدري ما أحدثوا بعدك هكذا رواه المام أحمد بهذا‬

‫‪1138‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السممناد الثلثممي وهممذا السممياق عممن محمممد بممن‬
‫فضيل عن المختار بن فلفل عن أنممس بممن مالممك‬
‫وقممد ورد فممي صممفة الحمموض يمموم القيامممة أنممه‬
‫يشخب فيه ميزابان من السماء مممن نهممر الكمموثر‬
‫وأن آنيتممه عممدد نجمموم السممماء وقممد روى هممذا‬
‫الحديث مسمملم ‪ 400‬وأبممو داود ‪ 4747‬والنسممائي‬
‫‪ 11702‬من طريق علممي بممن مسممهر ومحمممد بممن‬
‫فضيل كلهما عن المختممار بممن فلفممل عممن أنممس‬
‫بين أظهرنمما‬ ‫ولفظ مسلم قال بينا رسول الله‬
‫فممي المسممجد إذ أغفممى إغفمماءة ثممم رفممع رأسممه‬
‫متبسما قلنا ما أضحكك يا رسول اللممه قممال لقممد‬
‫أنزلت علي آنفا سورة فقرأ ) بسم الله الرحمممن‬
‫الرحيم إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحممر إن‬
‫شأنئك هو البتر ( ثم قال أتدرون ما الكوثر قلنمما‬
‫الله ورسوله أعلم قال فإنه نهر وعدنيه ربي عممز‬
‫وجل عليه خير كثير وهو حمموض تممرد عليممه أمممتي‬
‫يوم القيامة آنيته عدد النجوم في السماء فيختلج‬
‫العبد منهم فأقول رب إنه من امتي فيقول إنممك‬
‫ل تدري ما أحدث بعدك وقد استدل بممه كممثير مممن‬
‫القراء علممى أن هممذه السممورة مدنيممة وكممثير مممن‬
‫الفقهمماء علممى أن البسممملة مممن السممورة وأنهمما‬
‫منزلممة معهمما فأممما قمموله تعممالى ) إنمما أعطينمماك‬
‫الكوثر ( فقد تقدم في هذا الحديث أنه نهممر فممي‬
‫الجنة وقد رواه المام أحمد من طريق أخرى عن‬
‫أنس فقال ‪ 3247‬حدثنا عفان حدثنا حماد أخبرنمما‬
‫ثابت عن أنس أنه قرأ هممذه اليممة ) إنمما أعطينمماك‬
‫الكوثر‬
‫أعطيت الكمموثر فممإذا هممو‬ ‫قال قال رسول الله‬
‫نهممر يجممري ولممم يشممق شممقا وإذا حافتمماه قبمماب‬
‫اللؤلؤ فضربت بيدي في تربته فممإذا مسممك أذفممر‬
‫وإذا حصممممممممممممممممممممباؤه اللؤلممممممممممممممممممممؤ‬
‫الكمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممموثر‬

‫‪1139‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال المام أحمممد أيضمما ‪ 3103‬حممدثنا محمممد بممن‬
‫أبي عدي عن حميد عممن أنممس قممال قممال رسممول‬
‫دخلت الجنة فممإذا أنمما بنهممر حافتمماه خيممام‬ ‫الله‬
‫اللؤلؤ فضربت بيدي إلى ما يجري فيه الماء فممإذا‬
‫مسك أذفر قلت ما هذا يا جبريل قال هذا الكوثر‬
‫الذي أعطاكه الله عممز وجممل ورواه البخمماري فممي‬
‫صحيحه ‪ 4964‬ومسلم من حديث شيبان بممن عبممد‬
‫الرحمن عن قتادة عن أنممس بممن مالممك قممال لممما‬
‫إلى السماء قممال أتيممت علممى نهممر‬ ‫عرج بالنبي‬
‫حافتاه قباب اللؤلممؤ المجمموف فقلممت ممما هممذا يمما‬
‫جبريل قال هذا الكوثر وهو لفظ البخمماري رحمممه‬
‫الله وقال بن جرير حدثنا الربيع أخبرنا بن وهممب‬
‫عن سليمان بن بلل عن شريك بن أبي نمر قال‬
‫سمعت أنممس بممن مالممك يحممدثنا قممال لممما أسممري‬
‫مضى به جبريل إلى السماء الدنيا‬ ‫برسول الله‬
‫فممإذا هممو بنهممر عليممه قصممر مممن اللؤلممؤ وزبرجممد‬
‫فذهب يشم ترابه فإذا هو مسك قال يا جبريل ما‬
‫هذا النهر قال هو الكوثر الذي خبأ لك ربممك وقممد‬
‫تقممدم حممديث السممراء فممي سممورة سممبحان مممن‬
‫وهممو مخممرج‬ ‫طريق شريك عن أنس عن النممبي‬
‫في الصحيحين وقال سعيد عن قتممادة عممن أنممس‬
‫أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قممال‬
‫بينما أنا أسير في الجنة إذ عرض لي نهر حافتمماه‬
‫قبمماب اللؤلممؤ المجمموف فقممال الملممك الممذي معممه‬
‫أتممدري ممما هممذا هممذا الكمموثر الممذي أعطمماك اللممه‬
‫وضرب بيده إلى أرضه فأخرج من طينممه المسممك‬
‫وكذا رواه سممليمان بممن طرخممان ومعمممر وهمممام‬
‫وغيرهم عن قتادة به قال بن جريممر حممدثنا أحمممد‬
‫بممن أبممي سممريج حممدثنا أبممو أيمموب العبمماس حممدثنا‬
‫إبراهيم بن سعد حدثني محمممد بممن عبممد الوهمماب‬
‫بن أخي بن شهاب عن أبيه عن أنممس قممال سممئل‬

‫‪1140‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن الكوثر فقال هو نهر أعطممانيه‬ ‫رسول الله‬
‫الله تعالى في الجنة ترابه مسك أبيض من اللبممن‬
‫وأحلى من العسل ترده طير أعناقها مثل أعنمماق‬
‫الجزر قال أبو بكر يا رسول الله إنها لناعمة قال‬
‫آكلهمما أنعممم منهمما وقممال أحمممد ‪ 3220‬حممدثنا أبممو‬
‫سلمة الخزاعي حدثنا الليممث عمن يزيممد بمن الهماد‬
‫عممن عبممد الوهمماب عممن عبممد اللممه بممن مسمملم بممن‬
‫شهاب عن أنس أن رجل قال يمما رسممول اللممه ممما‬
‫الكوثر قال هو نهر في الجنة أعطانيه ربممي لهممو‬
‫أشمد بياضما مممن اللبمن وأحلمى ممن العسمل فيمه‬
‫طيور أعناقها كأعناق الجزر قال عمر يمما رسممول‬
‫الله إنها لناعمة قال آكلها أنعم منها يا عمر رواه‬
‫بن جرير من حديث الزهممري عممن أخيممه عبممد اللممه‬
‫عمن الكموثر‬ ‫عممن أنمس أنمه سمأل رسممول اللممه‬
‫فذكر مثله سواء وقال البخاري ‪ 4965‬حدثنا خالد‬
‫بن يزيد الكاهلي حدثنا إسرائيل عن أبي إسممحاق‬
‫عن أبي عبيدة عن عائشة رضي اللممه عنهمما قممال‬
‫سألتها عن قوله تعممالى ) إنمما أعطينمماك الكمموثر (‬
‫شمماطئاه عليممه در‬ ‫قممالت نهممر أعطيممه نممبيكم‬
‫مجوف آنيته كعدد النجوم ثم قممال البخمماري رواه‬
‫زكريا وأبمو الحموص ومطمرف عمن أبمي إسمحاق‬
‫ورواه أحمممد والنسممائي مممن طريممق مطممرف بممه‬
‫وقال بن جرير حدثنا أبو كريب حممدثنا وكيممع عممن‬
‫سفيان وإسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة‬
‫عن عائشة قالت الكوثر نهر فممي الجنممة شمماطئاه‬
‫در مجوف وقال إسرائيل نهر في الجنة عليه من‬
‫النية عدد نجوم السماء وحممدثنا بممن حميممد حممدثنا‬
‫يعقوب القمي عن حفص بن حميد عن شمممر بمن‬
‫عطية عن شقيق أو مسروق قال قلت لعائشة يا‬
‫أم المؤمنين حدثيني عن الكمموثر قممالت نهممر فممي‬
‫بطنممان الجنممة قلممت وممما بطنممان الجنممة قممالت‬

‫‪1141‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسممطها حافتمماه قصممور اللؤلممؤ واليمماقوت ترابممه‬
‫المسمك وحصمباؤه اللؤلمؤ واليماقوت وحمدثنا أبمو‬
‫كريب حدثنا وكيع عن أبي جعفر الرازي عممن بممن‬
‫أبي نجيح عن عائشة رضي الله عنهمما قممالت مممن‬
‫أحب أن يسمع خرير الكوثر فليجعل أصممبعيه فمي‬
‫أذنيه وهذا منقطممع بيممن بممن أبممي نجيممح وعائشممة‬
‫وفي بعض الروايات عن رجل عنهمما ومعنممى هممذا‬
‫أنه يسمع نظير ذلك ل أنممه يسمممعه نفسممه واللممه‬
‫أعلم قمال السممهيلي ورواه المدارقطني مرفوعما‬
‫مممن طريممق مالممك بممن مغممول عممن الشممعبي عممن‬
‫ثم قال البخاري‬ ‫مسروق عن عائشة عن النبي‬
‫‪ 4966‬حممدثنا يعقمموب بممن إبراهيممم حممدثنا هشمميم‬
‫أخبرنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن بن عبمماس‬
‫رضي الله عنهما أنه قال فممي الكمموثر هممو الخيممر‬
‫الذي أعطاه الله إياه قال أبو بشممر قلممت لسممعيد‬
‫بن جبير فإن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة‬
‫فقال سعيد النهر الذي في الجنة من الخير الذي‬
‫أعطاه الله إياه ورواه أيضا ‪ 6578‬من حديث‬
‫هشيم عن أبي بشر وعطاء بن السائب عن‬
‫سعيد بن جبير عن بن عباس رضي الله عنهما‬
‫قال الكوثر الخير الكثير وقال الثوري عن عطاء‬
‫بن السائب عن سعيد بن جبير عن بن عباس‬
‫قال الكوثر الخير الكثير وهذا التفسير يعم النهر‬
‫وغيره لن الكوثر من الكثرة وهو الخير الكثير‬
‫ومن ذلك النهر كما قال بن عباس وعكرمة‬
‫وسعيد بن جبير ومجاهد ومحارب بن دثار‬
‫والحسن بن أبي الحسن البصري حتى قال‬
‫مجاهد هو الخير الكثير في الدنيا والخرة وقال‬
‫عكرمة هو النبوة والقرآن وثواب الخرة وقد صح‬
‫عن بن عباس أنه فسره بالنهر أيضا فقال بن‬
‫جرير حدثنا أبو كريب حدثنا عمر بن عبيد عن‬
‫عطاء عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال‬

‫‪1142‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الكوثر نهر في الجنة حافتاه ذهب وفضة يجري‬
‫على الياقوت والدر ماؤه أبيض من الثلج وأحلى‬
‫من العسل وروى العوفي عن بن عباس نحو ذلك‬
‫وقال بن جرير حدثني يعقوب حدثنا هشيم‬
‫أخبرنا عطاء بن السائب عن محارب بن دثار عن‬
‫بن عمر أنه قال الكوثر نهر في الجنة حافتاه‬
‫ذهب وفضة يجري على الدر والياقوت ماؤه أشد‬
‫بياضا من اللبن وأحلى من العسل وكذا رواه‬
‫الترمذي عن بن حميد عن جرير عن عطاء بن‬
‫السائب به مثله موقوفا وقد روي مرفوعا فقال‬
‫المام أحمد ‪ 2158‬حدثنا علي بن حفص حدثنا‬
‫ورقاء قال وقال عطاء عن محارب بن دثار عن‬
‫الكوثر نهر في‬ ‫بن عمر قال قال رسول الله‬
‫الجنة حافتاه من ذهب والماء يجري على اللؤلؤ‬
‫وماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل‬
‫وهكذا رواه الترمذي ‪ 3361‬وبن ماجة ‪ 4334‬وبن‬
‫أبي حاتم وبن جرير من طريق محمد بن فضيل‬
‫عن عطاء بن السائب به مرفوعا وقال الترمذي‬
‫حسن صحيح وقال بن جرير حدثني يعقوب حدثنا‬
‫بن علية أخبرنا عطاء بن السائب قال قال لي‬
‫محارب بن دثار ما قال سعيد بن جبير في الكوثر‬
‫قلت حدثنا عن بن عباس أنه قال هو الخير‬
‫الكثير فقال صدق والله إنه للخير الكثير ولكن‬
‫حدثنا بن عمر قال لما نزلت ) إنا أعطيناك‬
‫الكوثر نهر في الجنة‬ ‫الكوثر ( قال رسول الله‬
‫حافتاه من ذهب يجري على الدر والياقوت وقال‬
‫بن جرير حدثني بن البرقي حدثنا بن أبي مريم‬
‫حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير أخبرني حرام‬
‫بن عثمان عن عبد الرحمن العرج عن أسامة بن‬
‫زيد أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى‬
‫آله وسلم أتى حمزة بن عبد المطلب يوما فلم‬
‫يجده فسأل عنه امرأته وكانت من بني النجار‬

‫‪1143‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقالت خرج يا نبي الله آنفا عامدا نحوك فأظنه‬
‫أخطأك في بعض أزقة بني النجار أول تدخل يا‬
‫رسول الله فدخل فقدمت إليه حيسا فأكل منه‬
‫فقالت يا رسول الله هنيئا لك ومريئا لقد جئت‬
‫وأنا أريد أن آتيك فأهنيك وأمريك أخبرني أبو‬
‫عمارة أنك أعطيت نهرا في الجنة يدعى الكوثر‬
‫فقال أجل وعرضه يعني أرضه ياقوت ومرجان‬
‫وزبرجد ولؤلؤ حرام بن عثمان ضعيف ولكن هذا‬
‫سياق حسن وقد صح أصل هذا بل قد تواتر من‬
‫طرق تفيد القطع عند كثير من أئمة الحديث‬
‫وكذلك أحاديث الحوض وهكذا روي عن أنس‬
‫وأبي العالية ومجاهد وغير واحد من السلف أن‬
‫الكوثر نهر في الجنة وقال عطاء هو حوض في‬
‫الجنة‬
‫وقوله تعالى ) فصل لربك وانحر ( أي كما‬
‫أعطيناك الخير الكثير في الدنيا والخرة ومن‬
‫ذلك النهر الذي تقدم صفته فأخلص لربك صلتك‬
‫المكتوبة والنافلة ونحرك فاعبده وحده لشريك‬
‫له وانحر على اسمه وحده لشريك له كما قال‬
‫تعالى ) قل إن صلتي ونسكي ومحياي ومماتي‬
‫لله رب العالمين لشريك له وبذلك أمرت وأنا‬
‫أول المسلمين ( قال بن عباس وعطاء ومجاهد‬
‫وعكرمة والحسن يعني بذلك نحر البدن ونحوها‬
‫وكذا قال قتادة ومحمد بن كعب القرظي‬
‫والضحاك والربيع وعطاء الخرساني والحكم‬
‫وسعيد بن أبي خالد وغير واحد من السلف وهذا‬
‫بخلف ما كان عليه المشركون من السجود لغير‬
‫الله والذبح على غير اسمه كما قال تعالى ) ول‬
‫تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق (‬
‫الية وقيل المراد بقوله وانحر وضع اليد اليمنى‬
‫على اليد اليسرى تحت النحر يروى هذا عن علي‬
‫ول يصح وعن الشعبي مثله وعن أبي جعفر‬

‫‪1144‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الباقر ) وانحر ( يعني رفع اليدين عند افتتاح‬
‫الصلة وقيل ) وانحر ( أي استقبل بنحرك القبلة‬
‫ذكر هذه القوال الثلثة بن جرير وقد روى بن‬
‫أبي حاتم ها هنا حديثا منكرا جدا فقال حدثنا‬
‫وهب بن إبراهيم القاضي سنة خمس وخمسين‬
‫ومائتين حدثنا إسرائيل بن حاتم المروزي حدثنا‬
‫مقاتل بن حيان عن الصبغ بن نباتة عن علي بن‬
‫أبي طالب قال لما نزلت هذه السورة على النبي‬
‫) إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر ( قممال‬
‫يمما جبريممل ممما هممذه النحيممرة الممتي‬ ‫رسول الله‬
‫أمرني بها ربي فقال ليست بنحيرة ولكنه يأمرك‬
‫إذا تحرمممت للصمملة ارفممع يممديك إذا كممبرت وإذا‬
‫ركعت وإذا رفعت رأسك من الركوع وإذا سممجدت‬
‫فإنها صلتنا وصلة الملئكة الذين في السماوات‬
‫السبع وإن لكممل شمميء زينممة وزينممة الصملة رفممع‬
‫اليدين عند كمل تكمبيرة وهكمذا رواه الحماكم فمي‬
‫المستدرك ‪ 2537‬من حديث إسرائيل بن حاتم به‬
‫وعن عطاء الخرساني ) وانحر ( أي ارفممع صمملبك‬
‫بعممد الركمموع واعتممدل وأبممرز نحممرك يعنممي بممه‬
‫العتدال رواه بن أبمي حماتم وكمل هممذه القمموال‬
‫غريبممة جممدا والصممحيح القممول الول أن المممراد‬
‫بالنحر ذبح المناسك ولهممذا كممان رسممول اللممه‬
‫يصلي العيممد ثممم ينحممر نسممكه ويقممول مممن صمملى‬
‫صمملتنا ونسممك نسممكنا فقممد أصمماب النسممك ومممن‬
‫نسك قبل الصلة فل نسك له فقام أبو بردة بممن‬
‫نيار فقال يا رسول الله إني نسكت شمماتي قبممل‬
‫الصلة وعرفت أن اليوم يوم يشتهى فيممه اللحممم‬
‫قال شاتك شاة لحم قال فإن عنممدي عناقمما هممي‬
‫أحب إلي من شاتين أفتجزىء عني قممال تجممزئك‬
‫ول تجزىء أحدا بعدك قممال أبممو جعفممر بممن جريممر‬
‫والصواب قول مممن قممال إن معنممى ذلممك فاجعممل‬

‫‪1145‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صلتك كلها لربك خالصا دون ما سواه من النداد‬
‫واللهة وكذلك نحرك اجعله له دون الوثان شكرا‬
‫له على ما أعطمماك مممن الكرامممة والخيممر الممذي ل‬
‫كفاء له وخصممك بممه وهممذا الممذي قمماله فممي غايممة‬
‫الحسن وقد سممبقه إلممى هممذا المعنممى محمممد بممن‬
‫كعب القرظي وعطاء وقوله تعممالى ) إن شممانئك‬
‫هو البتر ( أي إن مبغضممك يمما محمممد ومبغممض ممما‬
‫جئت بممه مممن الهممدى والحممق والبرهممان السمماطع‬
‫والنور المممبين هممو البممتر القممل الذل المنقطممع‬
‫ذكره قال بممن عبمماس ومجاهممد وسممعيد بمن جممبير‬
‫وقتادة نزلت في العاص بن وائل وقال محمد بن‬
‫إسحاق عن يزيد بن رومان قال كممان العمماص بممن‬
‫وائل إذا ذكر رسول الله صمملى اللممه عليممه وعلممى‬
‫آله وسلم يقول دعوه فإنه رجل أبتر ل عقب لممه‬
‫فإذا هلك انقطع ذكره فأنزل اللممه هممذه السممورة‬
‫وقال شمر بن عطية نزلممت فممي عقبممة بممن أبممي‬
‫معيط وقال بن عباس أيضمما وعكرمممة نزلممت فممي‬
‫كعب بن الشرف وجماعة من كفار قريش وقال‬
‫البزار حدثنا زياد بممن يحيممى الحسمماني حممدثنا بممن‬
‫أبي عدي عن داود عن عكرمة عن بن عباس قال‬
‫قدم كعب بن الشرف مكة فقالت له قريش أنت‬
‫سيدهم أل ترى إلى هذا الصنبر المنبتر من قومه‬
‫يزعممم أنممه خيممر منمما ونحممن أهممل الحجيممج وأهممل‬
‫السدانة وأهل السقاية فقال أنتم خير منممه قممال‬
‫فنزلت ) إن شأنئك هو البتر ( هكممذا رواه الممبزار‬
‫وهو إسناد صحيح وعن عطاء قال نزلت في أبممي‬
‫فممذهب‬ ‫لهب وذلك حين مات بن لرسممول اللممه‬
‫أبو لهب إلى المشركين فقمال بمتر محممد الليلمة‬
‫فأنزل الله في ذلك ) إن شأنئك هو البتر ( وعن‬
‫بممن عبمماس نزلممت فممي أبممي جهممل وعنممه ) إن‬
‫شانئك ( يعني عدوك وهذا يعم جميع مممن اتصممف‬
‫بممذلك ممممن ذكممر وغيرهممم وقممال عكرمممة البممتر‬

‫‪1146‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الفرد وقال السدي كممانوا إذا مممات ذكممور الرجممل‬
‫قالوا بممتر‬ ‫قالوا بتر فلما مات أبناء رسول الله‬
‫محمد فأنزل الله ) إن شممانئك هممو البممتر ( وهممذا‬
‫يرجع إلى ما قلنمماه مممن أن البممتر الممذي إذا مممات‬
‫انقطع ذكره فتوهموا لجهلهم أنممه إذا مممات بنمموه‬
‫انقطع ذكره وحاشا وكل بل قد أبقى اللممه ذكممره‬
‫على رؤوس الشممهاد وأوجممب شممرعهعلى رقمماب‬
‫العبادمستمرا على دوام الباد إلى يمموم المحشممر‬
‫والمعاد صلوات الله وسلمه عليه دائما إلى يمموم‬
‫التنممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممماد‬
‫‪109‬‬
‫) سورة قل يا أيها الكافرون (‬

‫(‬ ‫‪6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪109‬‬


‫مقدمة تفسير سورة قل يا أيها الكممافرون بسممم‬
‫الله الرحمن الرحيم سورة قل يا أيهمما الكممافرون‬
‫وهممممممممممممممممممممممممممي مكيممممممممممممممممممممممممممة‬
‫فضممممائل سممممورة قممممل يمممما أيهمممما الكممممافرون‬
‫ثبت في صحيح مسلم ‪ 1218‬عن جابر أن رسممول‬
‫قرا بهذه السورة وب ) قل هو الله أحممد (‬ ‫الله‬
‫في ركعتي الطواف وفي صحيح مسلم ‪ 726‬مممن‬
‫قرأ بهما في‬ ‫حديث أبي هريرة أن رسول الله‬
‫ركعتي الفجر وقال المام أحمد ‪ 224‬حدثنا وكيع‬
‫حدثنا إسرائيل عن أبي إسممحاق عممن مجاهممد عممن‬
‫قرأ في الركعتين قبل‬ ‫بن عمر أن رسول الله‬
‫الفجممر والركعممتين بعممد المغممرب بضممعا وعشممرين‬
‫مرة أو بضع عشرة مرة ) قل يا أيها الكممافرون (‬
‫و ) قل هو الله أحد ( وقال أحمد أيضا ‪ 299‬حدثنا‬
‫محمد بن عبد الله بن الزبير حدثنا إسممرائيل عممن‬
‫أبي إسحاق عن مجاهد عن بن عمر قال رمقت‬

‫‪1147‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أربعا وعشرين أو خمسا وعشممرين مممرة‬ ‫النبي‬
‫يقرأ في الركعممتين قبممل الفجممر والركعممتين بعممد‬
‫المغرب ب ) قل يا أيها الكممافرون ( و ) قممل هممو‬
‫الله أحد ( وقال أحمد حدثنا أبو أحمممد هممو محمممد‬
‫بن عبد الله بن الزبير الزبيري حدثنا سممفيان هممو‬
‫الثوري عن أبي إسحاق عن مجاهد عن بممن عمممر‬
‫شممهرا وكممان يقممرأ فممي‬ ‫قممال رمقممت النممبي‬
‫الركعتين قبل الفجر ب ) قل يا أيها الكممافرون (‬
‫و ) قل هو اللممه أحممد ( وكممذا رواه الترمممذي ‪417‬‬
‫وبن ماجة ‪ 1149‬من حممديث أبممي أحمممد الزبيممري‬
‫وأخرجه النسائي ‪ 2170‬مممن وجممه آخممر عممن أبممي‬
‫إسحاق به وقال الترمذي هذا حممديث حسممن وقممد‬
‫تقدم فممي الحممديث أنهمما تعممدل ربممع القممرآن وإذا‬
‫زلزلت تعدل ربع القرآن وقال المام أحمد حدثنا‬
‫هاشم بن القاسم حدثنا زهير حممدثنا أبممو إسممحاق‬
‫عن فروة بن نوفل هممو بممن معاويممة عممن أبيممه أن‬
‫قممال لممه هممل لممك فممي ربيبممة لنمما‬ ‫رسممول اللممه‬
‫تكفلها قال أراها زينب قال ثم جاء فسأله النبي‬
‫عنها قال ما فعلت الجاريممة قممال تركتهمما عنممد‬
‫أمها قال فمجيء ماجاء بممك قممال جئت لتعلمنممي‬
‫شيئا أقوله عند منممامي قمال اقمرأ ) قمل يما أيهما‬
‫الكافرون ( ثم نم على خاتمتها فإنها بممراءة مممن‬
‫الشممرك تفممرد بممه أحمممد وقممال أبممو القاسممم‬
‫الطبراني حدثنا أحمد بن عمرو القطراني حممدثنا‬
‫محمد بن الطفيل حدثنا شريك عممن أبممي إسممحاق‬
‫عن جبلة بن حارثة وهممو أخممو زيممد بممن حارثممة أن‬
‫قال إذا أويت إلى فراشمك فماقرأ ) قمل‬ ‫النبي‬
‫يا أيها الكافرون ( حتى تمر بآخرهما فإنهما بمراءة‬
‫من الشمرك وروى الطمبراني ممن طريمق شمريك‬
‫عن جابر عن معقل الزبيدي عن عبد الرحمن بممن‬

‫‪1148‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كممان إذا أخممذ مضممجعه قممرأ‬ ‫زيد أن رسول الله‬
‫) قممل يمما أيهمما الكممافرون ( حممتى يختمهمما وقممال‬
‫المام أحمد حدثنا حجمماج حممدثنا شممريك عممن أبممي‬
‫إسحاق عن فروة بن نوفل عن الحارث بن جبلممة‬
‫قال قلت يا رسول الله علمني شمميئا أقمموله عنممد‬
‫منامي قال إذا أخذت مضممجعك مممن الليممل فمماقرأ‬
‫قل يمما أيهمما الكممافرون فإنهمما بممراءة مممن الشممرك‬
‫واللمممه أعلمممم بسمممم اللمممه الرحممممن الرحيمممم‬
‫هذه السورة سورة البراءة من العمل الذي يعمله‬
‫المشممركون وهممي آمممرة بممالخلص فيممه فقمموله‬
‫تعالى ) قل يا أيها الكافرون ( يشمممل كممل كممافر‬
‫على وجه الرض ولكن المواجهون بهذا الخطمماب‬
‫هم كفار قريممش وقيممل أنهممم مممن جهلهممم دعمموا‬
‫إلى عبادة أوثمانهم سمنة ويعبمدون‬ ‫رسول الله‬
‫معبمموده سممنة فممأنزل اللممه هممذه السممورة وأمممر‬
‫فيها أن يتبرأ من دينهم بالكليممة فقممال‬ ‫رسوله‬
‫) ل أعبد ما تعبدون ( يعني من الصنام والنداد )‬
‫ول أنتممم عابممدون ممما أعبممد ( وهممو اللممه وحممده‬
‫لشريك له ف ما ها هنا بمعنى من ثم قممال ) ول‬
‫انا عابد ما عبدتم ول أنتم عابممدون ممما أعبممد ( أي‬
‫ول أعبممد عبممادتكم أي ل أسمملكها ول أقتممدي بهمما‬
‫وإنما اعبد الله علممى المموجه الممذي يحبممه ويرضمماه‬
‫ولهممذا قممال ) ول أنتممم عابممدون ممما أعبممد ( أي ل‬
‫تقتدون بأوامر الله وشمرعه فمي عبمادته بمل قمد‬
‫اخترعتم شيئا من تلقاء أنفسممكم كممما قممال ) إن‬
‫يتبعون إل الظن وما تهوى النفس ولقد جمماءهم‬
‫من ربهم الهدى ( فتبرأ منهممم فممي جميممع ممماهم‬
‫فيه فإن العابد لبد له مممن معبممود يعبممده وعبممادة‬
‫وأتباعه يعبدون الله بما‬ ‫يسلكها إليه فالرسول‬
‫شممرعه ولهممذا كممان كلمممة السمملم لإلممه إل اللممه‬
‫محمد رسول الله أي ل معبود إل اللممه ول طريممق‬

‫‪1149‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والمشركون يعبدون‬ ‫إليه إل ما جاء به الرسول‬
‫غير الله عبادة لم يأذن بها الله ولهممذا قممال لهممم‬
‫) لكممم دينكممم ولممي ديممن ( كممما قممال‬ ‫الرسممول‬
‫تعالى ) وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم‬
‫أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريممء مممما تعملممون (‬
‫وقال ) لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ( وقال البخاري‬
‫يقال ) لكم دينكم ( الكفر ) ولي ديممن ( السمملم‬
‫ولم يقل دينممي لن اليممات بممالنون فحممذف اليمماء‬
‫كما قال ) فهو يهدين ( و ) يشفين ( وقال غيره‬
‫ل أعبد ما تعبدون الن ول أجيبكم فيما بقي مممن‬
‫عمري ول أنتم عابدون ما أعبد وهم الذين قال )‬
‫وليزيدن‬
‫كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا (‬
‫انتهى ما ذكره ونقممل بممن جريممر عممن بعممض أهممل‬
‫العربية أن ذلك من باب التأكيد كقوله ) فممإن مممع‬
‫العسممر يسممرا إن مممع العسممر يسممرا ( وكقمموله‬
‫) لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين ( وحكمماه‬
‫بعضهم كابن الجوزي وغيره عن بن قتيبممة فممالله‬
‫أعلممم فهممذه ثلثممة اقمموال أولهمما ممما ذكرنمماه أول‬
‫الثاني ما حكاه البخاري وغيره من المفسرين أن‬
‫المراد ) ل أعبد ما تعبممدون ول أنتممم عابممدون ممما‬
‫أعبد ( في الماضي ) ول أنمما عابممد ممما عبممدتم ول‬
‫انتم عابدون ما أعبد ( في المسممتقبل الثممالث أن‬
‫ذلك تاكيد محض وثم قول رابع نصره أبو العباس‬
‫بن تيمية في بعممض كتبممه وهممو أن المممراد بقمموله‬
‫) ل أعبد ممما تعبممدون ( نفممي الفعممل لنهمما جملممة‬
‫فعلية ) ول أنا عابد ما عبدتم ( نفى قبمموله لممذلك‬
‫بالكلية لن النفممي بالجملممة السمممية آكممد فكممأنه‬
‫نفممى الفعممل وكممونه قممابل لممذلك ومعنمماه نفممي‬
‫الوقوع ونفي المكان الشرعي أيضمما وهممو قممول‬
‫حسن أيضا والله أعلم وقد استدل المام أبو عبد‬
‫الله الشافعي وغيره بهممذه اليممة الكريمممة ) لكممم‬

‫‪1150‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫دينكم ولي دين ( على أن الكفر كله ملممة واحممدة‬
‫فممورث اليهممود مممن النصممارى وبممالعكس إذا كممان‬
‫بينهممما نسممب أو سممبب يتمموارث بممه لن الديممان‬
‫ماعدا السلم كلها كالشيء الواحد فممي البطلن‬
‫وذهممب أحمممد بممن حنبممل ومممن وافقممه إلممى عممدم‬
‫تمموريث النصممارى مممن اليهممود وبممالعكس لحممديث‬
‫عمرو بمن شمعيب عممن أبيممه عممن جممده قمال قمال‬
‫ل يتمموارث أهممل ملممتين شممتى‬ ‫رسممول اللممه‬
‫‪110‬‬
‫) سورة إذا جاء نصر الله والفتح (‬

‫(‬ ‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪110‬‬


‫مقدمة تفسير سممورة إذا جمماء نصممر اللممه والفتممح‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم سورة إذا جاء نصر الله‬
‫والفتممح وهممي مدنيممة قممد تقممدم أنهمما تعممدل ربممع‬
‫القممرآن وإذا زلزلممت تعممدل ربممع القممرآن وقممال‬
‫النسائي أخبرنا محمد بن إسممماعيل بممن إبراهيممم‬
‫أخبرنا جعفر عن أبممي العميممس ح وأخبرنمما أحمممد‬
‫بممن سممليمان حممدثنا جعفممر بممن عممون حممدثنا أبممو‬
‫العميس عن عبد المجيد بن سهيل عن عبيد اللممه‬
‫بن عبد الله بن عتبة قال قال لممي بممن عبمماس يمما‬
‫بن عتبة أتعلم آخر سورة من القرآن نزلت قلممت‬
‫نعم إذا جاء نصر الله والفتح قممال صممدقت وروى‬
‫الحافظان أبو بكممر الممبزار والممبيهقي مممن حممديث‬
‫موسى بن عبيدة البريممدي عممن صممدقة بممن يسممار‬
‫عن بن عمر قممال أنزلممت هممذه السممورة ) إذا جمماء‬
‫أوسمط‬ ‫نصر اللمه والفتمح ( علمى رسمول اللمه‬
‫أيام التشممريق فعممرف أنممه المموداع فممأمر براحلتممه‬
‫القصواء فرحلت ثممم قممام فخطممب النمماس فممذكر‬
‫خطبته المشهورة وقال الحافظ البيهقي أخبرنمما‬
‫علي بن أحمد بن عبممدان أخبرنمما أحمممد بممن عبيممد‬

‫‪1151‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الصفار حدثنا السقاطي حدثنا سعيد بن سليمان‬
‫حدثنا عباد بممن العمموام عممن هلل بممن خبمماب عممن‬
‫عكرمة عن بمن عبمماس قممال لممما نزلممت ) إذا جماء‬
‫فاطمممة‬ ‫نصر اللممه والفتممح ( دعمما رسممول اللممه‬
‫وقال إنه قد نعيت إلي نفسي فبكت ثممم ضممحكت‬
‫وقالت أخبرني أنه نعيت إليممه نفسممه فبكيممت ثممم‬
‫قال اصبري فإنك أول أهلي لحاقا بممي فضممحكت‬
‫وقد رواه النسائي ‪ 11712‬كما سيأتي بدون ذكر‬

‫فاطمة بسم الله الرحمن الرحيممم قممال البخمماري‬


‫‪ 4970‬حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة‬
‫عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عممن بممن عبمماس‬
‫قممال كممان عمممر يممدخلني مممع أشممياخ بممدر فكممأن‬
‫بعضهم وجد في نفسه فقال لم يدخل هذا معنمما‬
‫ولنا أبناء مثله فقممال عمممر إنممه ممممن قممد علمتممم‬
‫فدعاهم ذات يوم فممأدخله معهممم فممما رأيممت أنممه‬
‫دعاني فيهم يومئذ إل ليريهم فقممال ممما تقولممون‬
‫في قول الله عز وجل ) إذا جاء نصر الله والفتح‬
‫( فقال بعضهم أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا‬
‫نصرنا وفتح علينا وسكت بعضهم فلم يقل شمميئا‬
‫فقال لمي أكمذلك تقمول يما بمن عبماس فقلمت ل‬
‫فقال ما تقول فقلممت هممو أجممل رسممول اللممه‬
‫أعلمه له قال ) إذا جاء نصر الله والفتممح ( فممذلك‬
‫علمة أجلك ) فسممبح بحمممد ربممك واسممتغفره إنممه‬
‫كان توابا ( فقال عمر بن الخطاب ل أعلممم منهمما‬
‫إل ما تقول تفرد به البخاري وروى بن جرير عممن‬
‫محمد بن حميد عن مهران عن الثوري عن عاصم‬
‫عن أبي رزين عن بن عباس فذكر مثل هذه‬
‫القصة أو نحوها وقال المام أحمد ‪ 1217‬حدثنا‬
‫محمد بن فضيل حدثنا عطاء عن سعيد بن جبير‬
‫عن بن عباس قال لما نزلت ) إذا جاء نصر الله‬

‫‪1152‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نعيت إلي نفسي‬ ‫والفتح ( قال رسول الله‬
‫فإنه مقبوض في تلك السنة تفرد به أحمد وروى‬
‫العوفي عن بن عباس مثله وهكذا قال مجاهد‬
‫وأبو العالية والضحاك وغير واحد أنها أجل‬
‫نعي إليه وقال بن جرير حدثني‬ ‫رسول الله‬
‫إسماعيل بن موسى حدثنا الحسن بن عيسى‬
‫الحنفي عن معمر عن الزهري عن أبي حازم عن‬
‫في المدينة إذ‬ ‫بن عباس قال بينما رسول الله‬
‫قال الله اكبر الله أكبر جاء نصر الله والفتح جاء‬
‫أهل اليمن قيل يا رسول الله وما اهل اليمن‬
‫قال قوم رقيقة قلوبهم لينة طباعهم اليمان‬
‫يمان والفقه يمان والحكمة يمانية ثم رواه بن‬
‫عبد العلى عن بن ثور عن معمر عن عكرمة‬
‫مرسل وقال الطبراني حدثنا زكريا بن يحيى‬
‫حدثنا أبو كامل الجحدري حدثنا أبو عوانة عن‬
‫هلل بن خباب عن عكرمة عن بن عباس قال لما‬
‫نزلت ) إذا جاء نصر الله والفتح ( حتى ختم‬
‫نفسه حين‬ ‫السورة قال نعيت لرسول الله‬
‫نزلت قال فأخذ بأشد ما كان قط اجتهادا في‬
‫بعد ذلك جاء‬ ‫أمر الخرة وقال رسول الله‬
‫الفتح ونصر الله وجاء أهل اليمن فقال رجل يا‬
‫رسول الله وما أهل اليمن قال قوم رقيقة‬
‫قلوبهم لينة طباعهم اليمان يمان والفقه يمان‬
‫وقال المام أحمد ‪ 1344‬حدثنا وكيع عن سفيان‬
‫عن عاصم عن أبي رزين عن بن عباس قال لما‬
‫نزلت ) إذا جاء نصر الله والفتح ( علم النبي‬
‫أن قد نعيت إليه نفسه فقيل إذا جاء نصر الله‬
‫والفتح السورة كلها حدثنا وكيع عن سفيان عن‬
‫عاصم عن أبي رزين أن عمر سأل بن عباس عن‬
‫هذه الية ) إذا جاء نصر الله والفتح ( قال لما‬

‫‪1153‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نفسه ‪1356‬‬ ‫نزلت نعيت إلى رسول الله‬
‫وقال الطبراني ‪ 1010736‬حدثنا إبراهيم بن‬
‫أحمد بن عمر الوكيعي حدثنا أبي حدثنا جعفر بن‬
‫عون عن أبي العميس عن أبي بكر بن أبي‬
‫الجهم عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن بن‬
‫عباس قال آخر سورة نزلت من القرآن جميعا‬
‫) إذا جاء نصر الله والفتح ( وقال المام أحمد‬
‫أيضا ‪ 322‬حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن‬
‫عمرو بن مرة عن أبي البختري الطائي عن أبي‬
‫سعيد الخدري أنه قال لما نزلت هذه السورة‬
‫) إذا جاء نصر الله والفتح ( قرأها رسول الله‬
‫حتى ختمها فقال الناس حيز وأنا وأصحابي حيز‬
‫وقال لهجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية فقال‬
‫له مروان كذبت وعنده رافع بن خديج وزيد بن‬
‫ثابت قاعدان معه على السرير فقال أبو سعيد‬
‫لو شاء هذان لحدثاك ولكن هذا يخاف أن تنزعه‬
‫عن عرافة قومه وهذا يخشى أن تنزعه عن‬
‫الصدقة فرفع مروان عليه الدرة ليضربه فلما‬
‫رأيا ذلك قال صدق تفرد به أحمد وهذا الذي‬
‫أنكره مروان على أبي سعيد ليس بمنكر فقد‬
‫قال‬ ‫ثبت من رواية بن عباس أن رسول الله‬
‫يوم الفتح ل هجرة ولكن جهاد ونية ولكن إذا‬
‫استنفرتم فانفروا أخرجه البخاري ‪ 2783‬ومسلم‬
‫‪ 1353‬في صحيحيهما فالذي فسر به بعض‬
‫الصحابة من جلساء عمر رضي الله عنهم‬
‫أجمعين من أنه قد أمرنا إذا فتح الله علينا‬
‫المدائن والحصون أن نحمد الله ونشكره ونسبحه‬
‫يعني نصلي له ونستغفره معنى مليح صحيح وقد‬
‫يوم فتح مكة‬ ‫ثبت له شاهد من صلة النبي‬
‫وقت الضحى ثماني ركعات فقال قائلون هي‬
‫صلة الضحى وأجيبوا بأنه لم يكن يواظب عليها‬

‫‪1154‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فكيف صلها ذلك اليوم وقد كان مسافرا لم ينو‬
‫القامة بمكة ولهذا أقام فيها إلى آخر شهر‬
‫رمضان قريبا من تسعة عشر يوما يقصر الصلة‬
‫ويفطر هو وجميع الجيش وكانوا نحوا من عشرة‬
‫آلف قال هؤلء وإنما كانت صلة الفتح قالوا‬
‫فيستحب لمير الجيش إذا فتح بلدا أن يصلي فيه‬
‫أول ما يدخله ثماني ركعات وهكذا فعل سعد بن‬
‫أبي وقاص يوم فتح المدائن ثم قال بعضهم‬
‫يصليها كلها بتسليمة واحدة والصحيح أنه يسلم‬
‫من كل ركعتين كما ورد في سنن أبي داود‬
‫كان يسلم يوم الفتح من‬ ‫‪ 1229‬أن رسول الله‬
‫كل ركعتين وأما ما فسر به بن عباس وعمر‬
‫رضي الله تعالى عنهما من أن هذه السورة نعي‬
‫روحه الكريمة وأعلم أنك‬ ‫فيها إلى رسول الله‬
‫إذا فتحت مكة وهي قريتك التي أخرجتك ودخل‬
‫الناس في دين الله أفواجا فقد فرغ شغلنا بك‬
‫في الدنيا فتهيأ للقدوم علينا والوفود إلينا‬
‫فالخرة خير لك من الدنيا ولسوف يعطيك ربك‬
‫فترضى ولهذا قال ) فسبح بحمد ربك واستغفره‬
‫إنه كان‬
‫توابا ( قممال النسممائي أخبرنمما عمممرو بممن منصممور‬
‫حدثنا محمد بن محبوب حدثنا أبو عوانة عن هلل‬
‫بن خبماب عممن عكرمممة عممن بمن عبماس قمال لمما‬
‫نزلممت ) إذا جمماء نصممر اللممه والفتممح ( إلممى آخممر‬
‫السورة قال نعيت لرسول الله نفسه حين أنزلت‬
‫فأخذ في أشد ما كممان اجتهممادا فممي أمممر الخممرة‬
‫بعممد ذلممك جمماء الفتممح وجمماء‬ ‫وقال رسول اللممه‬
‫نصر الله وجاء أهل اليمن فقال رجممل يمما رسممول‬
‫الله وما أهل اليمن قال قوم رقيقة قلوبهم لينة‬
‫قلموبهم اليممان يممان والحكممة يمانيمة والفقمه‬
‫يمان وقال البخاري ‪ 4968‬حدثنا عثمان بممن أبممي‬

‫‪1155‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫شيبة حدثنا جرير عممن منصممور عممن أبممي الضممحى‬
‫عن مسروق عن عائشة قممالت كممان رسممول اللممه‬
‫يكثر أن يقول في ركمموعه وسممجوده سممبحانك‬
‫اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن‬
‫وأخرجممه بقيممة الجماعممة إل الترمممذي مممن حممديث‬
‫منصور به وقال المام أحمد ‪ 635‬حدثنا محمد بن‬
‫أبي عدي عن داود عن الشعبي عن مسروق قال‬
‫يكممثر فممي آخممر‬ ‫قالت عائشة كان رسممول اللممه‬
‫أمره من قول سبحان الله وبحمده اسممتغفر اللممه‬
‫وأتوب إليه وقال إن ربي كان أخبرني أني سأرى‬
‫علمممة فممي أمممتي وأمرنممي إذا رأيتهمما أن أسممبح‬
‫بحمده واستغفره إنه كان توابا فقممد رأيتهمما ) إذا‬
‫جاء نصر الله والفتح ورأيت النماس يمدخلون فمي‬
‫دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واسممتغفره إنممه‬
‫كان توابا ( ورواه مسلم ‪ 484‬من طريق داود بن‬
‫أبي هند بمه وقمال بمن جريمر حمدثنا أبمو السمائب‬
‫حدثنا حفممص حممدثنا عاصممم عممن الشممعبي عممن أم‬
‫في آخممر أمممره ل‬ ‫سلمة قالت كان رسول الله‬
‫يقمموم ول يقعممد ول يممذهب ول يجيممء إل قممال‬
‫سبحان الله وبحمده فقلت يا رسول اللممه رأيتممك‬
‫تكثر من سبحان الله وبحمده ل تممذهب ول تجيممء‬
‫ول تقوم ول تقعد إل قلت سبحان اللممه وبحمممده‬
‫قال إنممي أمممرت بهمما فقممال ) إذا جمماء نصممر اللممه‬
‫والفتح ( إلى آخر السورة غريب وقد كتبنا حديث‬
‫كفارة المجلس ممن جميمع طرقمه وألفماظه فمي‬
‫جممزء مفممرد فيكتممب همما هنمما وقممال المممام أحمممد‬
‫‪ 1388‬حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبممي إسممحاق‬
‫عن أبي عبيدة عن عبد الله قال لممما نزلممت علممى‬
‫) إذا جاء نصممر اللممه والفتممح ( كممان‬ ‫رسول الله‬
‫يكثر إذا قرأها وركع أن يقول سبحانك اللهم ربنا‬
‫وبحمدك اللهم اغفر لي إنك أنت التواب الرحيممم‬

‫‪1156‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ثلثا تفرد به أحمد ورواه بن أبي حمماتم عممن أبيممه‬
‫عن عمرو بن مرة عن شعبة عن أبي إسممحاق بممه‬
‫والمراد بالفتح ها هنا فتح مكة قممول واحممدا فممإن‬
‫أحيمماء العممرب كممانت تتلمموم بإسمملمها فتممح مكممة‬
‫يقولون إن ظهر على قومه فهو نممبي فلمما فتمح‬
‫الله عليه مكة دخلوا فممي ديممن اللممه أفواجمما فلممم‬
‫تمممض سممنتان حممتى استوسممقت جزيممرة العممرب‬
‫إيمانا ولم يبق في سائر قبائل العممرب إل مظهممر‬
‫للسلم وللممه الحمممد والمنممة وقممد روى البخمماري‬
‫في صحيحه ‪ 4302‬عن عمرو بن سلمة قممال لممما‬
‫كان الفتح بادر كل قمموم بإسمملمهم إلممى رسممول‬
‫وكانت الحياء تتلمموم بإسمملمها فتممح مكممة‬ ‫الله‬
‫يقولون دعوه وقومه فإن ظهر عليهم فهممو نممبي‬
‫الحديث وقد حررنا غزوة الفتح في كتابنا السيرة‬
‫فمن أراده فليراجعه هنالممك وللممه الحمممد والمنممة‬
‫وقال المام أحمد ‪ 3343‬حدثنا معاوية بممن عمممرو‬
‫حدثنا أبو إسحاق عن الوزاعي حدثني أبممو عمممار‬
‫حدثني جار لجابر بن عبممد اللممه قممال قممدمت مممن‬
‫سممفر فجمماءني جممابر بممن عبممد اللممه فسمملم علممي‬
‫فجعلممت أحممدثه عممن افممتراق النمماس وممما أحممدثوا‬
‫فجعل جابر يبكممي ثممم قممال سمممعت رسممول اللممه‬
‫صلى اللممه تعممالى عليممه وسمملم يقممول إن النمماس‬
‫دخلمموا فممي ديممن اللممه افواجمما وسمميخرجون منممه‬
‫أفواجمممممممممممممما آخممممممممممممممر تفسممممممممممممممير‬
‫‪111‬‬
‫) سورة تبت (‬

‫(‬ ‫‪5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪111‬‬


‫قال البخاري ‪ 4972‬حدثنا محمد بن سمملم حممدثنا‬
‫أبو معاوية حدثنا العمش عن عمرو بن مرة عممن‬
‫خممرج‬ ‫سعيد بن جبير عن بممن عبمماس أن النممبي‬

‫‪1157‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إلممى البطحمماء فصممعد الجبممل فنممادى ياصممباحاه‬
‫فاجتمعت إليه قريش فقال أرأيتم إن‬
‫حممدثتكم أن العممدو مصممبحكم أو ممسمميكم أكنتممم‬
‫تصدقوني قالوا نعم قال فإني نذير لكم بين يدي‬
‫عذاب شديد فقال أبو لهب ألهذا جمعتنمما تبمما لممك‬
‫فأنزل الله ) تبت يدا أبي لهب وتب ( إلى آخرهمما‬
‫وفي رواية فقام ينفض يممديه وهممو يقممول تبالممك‬
‫سائر اليوم ألهذا جمعتنمما فممأنزل اللممه ) تبممت يممدا‬
‫أبي لهب وتممب ( الول دعمماء عليممه والثمماني خممبر‬
‫عنه فأبو لهب هذا هو أحد أعمام رسول اللممه‬
‫واسمه عبد العزى بممن عبممد المطلممب وكنيتممه أبممو‬
‫عتيبة وإنما سمي أبا لهب لشممراق وجهممه وكممان‬
‫والبغضممة لممه والزدراء‬ ‫كثير الذية لرسول الله‬
‫به والتنقص له ولممدينه قممال المممام أحمممد ‪4341‬‬
‫حدثنا إبراهيم بن أبي العباس حدثنا عبد الرحمممن‬
‫بن أبي الزناد عن أبيه قال أخبرني رجل يقال له‬
‫ربيعممة بممن عبمماد مممن بنممي الممديل وكممان جاهليمما‬
‫فمي الجاهليمة فمي‬ ‫فأسملم قمال رأيمت النمبي‬
‫سوق ذي المجاز وهو يقول يا أيها النمماس قولمموا‬
‫ل إلممه إل اللممه تفلحمموا والنمماس مجتمعممون عليممه‬
‫ووراءه رجممل وضمميء المموجه أحممول ذو غممديرتين‬
‫يقول إنه صابىء كاذب يتبعه حيث ذهممب فسممألت‬
‫عنه فقالوا هذا عمه أبو لهب ثم رواه ‪ 4341‬عممن‬
‫شريح عن أبي الزنماد عمن أبيمه فمذكره قمال أبمو‬
‫الزناد قلت لربيعة كنت يومئذ صغيرا قال ل والله‬
‫إني يومئذ لعقل أني أزفر القربة تفرد به أحمممد‬
‫وقال محمد بن إسممحاق حممدثني حسممين بممن عبممد‬
‫الله بن عبيد الله بن عباس قال سمعت ربيعة بن‬
‫عباد الديلي يقول إني لمع أبي رجل شاب أنظممر‬
‫يتبممع القبممائل ووراءه رجممل‬ ‫إلممى رسممول اللممه‬

‫‪1158‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أحول وضيء الوجه ذو جمة يقف رسول اللممه‬
‫على القبيلة فيقول يا بني فلن إني رسول الله‬
‫إليكم آمركم أن تعبدوا اللممه ل تشممركوا بممه شمميئا‬
‫وأن تصممدقوني وتمنعمموني حممتى أنفممذ عممن اللممه‬
‫مابعثني به وإذا فرغ من مقالته قممال الخممر مممن‬
‫خلفممه يممابني فلن هممذا يريممد منكممم أن تسمملخوا‬
‫اللت والعزى وحلفاءكم من الجن من بني مالممك‬
‫بن أقيش إلى ممما جمماء بممه مممن البدعممة والضممللة‬
‫فلتسمعوا لممه ول تتبعمموه فقلممت لبممي مممن هممذا‬
‫قممال عمممه أبممو لهممب رواه أحمممد أيضمما ‪3492‬‬
‫والطبراني بهذا اللفظ فقمموله تعمالى ) تبممت يمدا‬
‫أبي لهب ( أي خسر وخمماب وضممل عملممه وسممعيه‬
‫) وتممب ( أي وقممد تممب تحقممق خسممارته وهلكممه‬
‫وقوله تعالى ) ما أغنممى عنممه ممماله وممما كسممب (‬
‫قال بن عباس وغيره ) وما كسممب ( يعنممي ولممده‬
‫وروي عن عائشة ومجاهد وعطاء والحسممن وبممن‬
‫سيرين مثله وذكر عن بن مسعود أن رسول اللممه‬
‫لما دعا قومه إلممى اليمممان قممال أبممو لهممب إن‬
‫كان ما يقول بن أخي حقا فممإني أفتممدي نفسممي‬
‫يوم القيامة من العذاب بمالي وولدي فأنزل الله‬
‫تعالى ) ما أغنى عنممه ممماله وممما كسممب ( وقمموله‬
‫تعالى ) سيصمملى نممارا ذات لهممب ( أي ذات لهممب‬
‫وشرر وإحراق شديد ) وامرأتممه حمالممة الحطممب (‬
‫وكانت زوجته من سادات نسمماء قريممش وهممي أم‬
‫جميل واسمها أروى بنممت حممرب بممن أميممة وهممي‬
‫أخت أبي سفيان وكانت عونا لزوجها على كفممره‬
‫وجحوده وعناده فلهذا تكممون يمموم القيامممة عونمما‬
‫عليه في عذابه في نار جهنم ولهممذا قممال تعممالى‬
‫) حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد ( يعني‬
‫تحمل الحطب فتلقى علممى زوجهمما ليممزداد علممى‬
‫ماهو فيه وهممي مهيممأة لممذلك مسممتعدة لممه ) فممي‬
‫جيدها حبل من مسممد ( قممال مجاهممد وعممروة مممن‬

‫‪1159‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مسد النار وعن مجاهد وعكرمة والحسن وقتممادة‬
‫والثوري والسممدي حمالممة الحطممب كممانت تمشممي‬
‫بالنميمة واختاره بن جرير وقال العوفي عن بممن‬
‫عباس وعطية الجدلي والضحاك وبممن زيممد كممانت‬
‫قممال بممن‬ ‫تضع الشوك في طريق رسممول اللممه‬
‫بالفقر وكممانت تحتطممب‬ ‫جرير كانت تعير النبي‬
‫فعيممرت بممذلك كممذا حكمماه ولممم يعممزه إلممى أحممد‬
‫والصممحيح الول واللممه أعلممم قممال سممعيد بممن‬
‫المسيب كانت لها قلدة فاخرة فقالت لنفقنهمما‬
‫في عداوة محمد يعنممي فأعقبهمما اللممه منهمما حبل‬
‫في جيدها من مسد النار وقممال بممن جريممر حممدثنا‬
‫أبو كريب حدثنا وكيع عمن سمليم ممولى الشمعبي‬
‫عن الشعبي قال المسد الليممف وقممال عممروة بممن‬
‫الزبير المسد سلسلة ذرعها سبعون ذراعمما وعممن‬
‫الثوري هو قلدة مممن نممار طولهمما سممبعون ذراعمما‬
‫وقال الجوهري المسد الليف والمسد أيضمما حبممل‬
‫من ليف أو خوص وقد يكمون مممن جلممود البمل أو‬
‫أوبارها ومسدت الحبممل أمسممده مسممدا إذا أجممدت‬
‫فتله وقال مجاهد ) في جيدها حبممل مممن مسممد (‬
‫أي طمموق مممن حديممد أل تممرى أن العممرب يسمممون‬
‫البكرة مسدا وقال بن أبي حاتم حدثنا أبممي وأبممو‬
‫زرعة قممال حممدثنا عبممد اللممه بممن الزبيممر الحميممدي‬
‫حممدثنا سممفيان حممدثنا الوليممد بممن كممثير عممن أبممي‬
‫بدرس عن أسماء بنت أبي بكممر قممالت لممما نزلممت‬
‫) تبت يمدا أبممي لهمب ( اقبلممت العموراء أم جميمل‬
‫بنت حرب ولها ولولة وفي يدها فهر‬
‫وهممممممممممممممممممممممممممي تقممممممممممممممممممممممممممول‬
‫ممممذمما أبينممما ودينمممه قلينممما وأممممره عصمممينا‬
‫جالس في المسجد ومعه أبو بكر‬ ‫ورسول الله‬
‫فلما رآها أبو بكر قال يا رسمول اللمه قمد أقبلمت‬
‫وأنا أخاف عليك أن تمراك فقمال رسمول اللمه‬

‫‪1160‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إنها لن تراني وقممرأ قرآنمما اعتصممم بممه كممما قممال‬
‫تعممالى ) وإذا قممرأت القممرآن جعلنمما بينممك وبيممن‬
‫الذين ل يؤمنون بالخرة حجابا مستورا ( فأقبلت‬
‫حتى وقفت على أبي بكر ولم تر رسول اللممه‬
‫فقالت يا أبا بكر إني اخممبرت ان صمماحبك هجمماني‬
‫قممال ل ورب هممذا الممبيت ممما هجمماك فممولت وهممي‬
‫تقول قممد علمممت قريممش أنممي ابنممة سمميدها قممال‬
‫وقال الوليد في حديثه أو غيره فعثرت أم جميممل‬
‫في مرطهما وهممي تطمموف بمالبيت فقمالت تعمس‬
‫مذمم فقممالت أم حكيممم بنممت عبممد المطلممب إنممي‬
‫لحصان فما أكلم وثقاف فممما أعلممم وكلتانمما مممن‬
‫بني العم وقريش بعد أعلم وقال الحافظ أبو بكر‬
‫البزار ‪ 2294‬حدثنا إبراهيم بن سممعيد وأحمممد بممن‬
‫إسحاق قال حدثنا أبو أحمد حدثنا عبد السلم بممن‬
‫حرب عن عطاء بن السائب عممن سممعيد بممن جممبير‬
‫عممن بممن عبمماس قممال لممما نزلممت ) تبممت يمدا أبممي‬
‫لهب ( جماءت امممرأة أبمي لهمب ورسمول اللممه‬
‫جالس ومعه أبو بكر فقال له أبو بكر لو تنحيت ل‬
‫إنممه سمميحال‬ ‫تؤذيك بشيء فقممال رسممول اللممه‬
‫بيني وبينها فأقبلت حتى وقفممت علممى أبممي بكممر‬
‫فقالت يا أبا بكر هجانا صاحبك فقممال أبممو بكممر ل‬
‫ورب هذه البنية ممما ينطممق بالشممعر وليتفمموه بممه‬
‫فقممالت إنممك لمصممدق فلممما ولممت قممال أبممو بكممر‬
‫مارأتك قال ل مازال ملك يسترني حتى ولت ثممم‬
‫قممال الممبزار ل نعلمممه يممروى بأحسممن مممن هممذا‬
‫السناد عن أبي بكممر رضممي اللممه عنممه وقممد قممال‬
‫بعض أهل العلم فممي قمموله تعممالى ) فممي جيممدها‬
‫حبل من مسد ( أي في عنقها حبل من نار جهنم‬
‫ترفع به إلى شفيرها ثم ترمى إلممى أسممفلها ثممم‬
‫كذلك دائما قال أبو الخطاب بن دحية فممي كتممابه‬
‫التنوير وقممد روى ذلممك وعممبر بالمسممد عممن حبممل‬

‫‪1161‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الدلو كما قممال أبممو حنيفممة الممدينوري فممي كتمماب‬
‫النبمممات كمممل مسمممد رشممماء وأنشمممد فمممي ذلمممك‬
‫وبكممرة ومحممورا صممرارا ومسممدا مممن أبممق مغممارا‬
‫قممممممال والبممممممق القنممممممب وقممممممال آخممممممر‬
‫يامسد الخوص تعوذ مني إن تك لممدنا لينمما فممإني‬

‫ممممممما شممممممئت مممممممن أشمممممممط مقسممممممئن‬


‫قال العلماء وفممي هممذه السممورة معجممزة ظمماهرة‬
‫ودليل واضممح علممى النبمموة فممإنه منممذ نممزل قمموله‬
‫تعالى ) سيصمملى نممارا ذات لهممب وامرأتممه حمالممة‬
‫الحطب في جيدها حبل من مسد ( فأخبر عنهممما‬
‫بالشقاء وعدم اليمان لم يقيممض لهممما أن يؤمنمما‬
‫ول واحد منهما ل باطنمما ول ظمماهرا ل مسممرا ول‬
‫معلنا فكان هذا من أقوى الدلة الباهرة الباطنممة‬
‫علمممممممممممممى النبممممممممممممموة الظممممممممممممماهرة‬
‫‪112‬‬
‫) سورة الخلص (‬

‫(‬ ‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪112‬‬


‫مقدمة تفسير سورة الخلص بسم الله الرحمممن‬
‫الرحيمممممم سمممممورة الخلص وهمممممي مكيمممممة‬
‫سممورة الخلص ذكممر سممبب نزولهمما وفضمملها‬
‫قال المام أحمد حدثنا أبو سعيد محمد بن ميسممر‬
‫الصاغاني حدثنا أبو جعفممر الممرازي حممدثنا الربيممع‬
‫بن أنس عن أبممي العاليممة عممن أبممي بممن كعممب أن‬
‫يا محمد انسب لنا ربك‬ ‫المشركين قالوا للنبي‬
‫فأنزل الله تعالى ) قل هو الله أحممد اللممه الصمممد‬
‫لم يلد ولم يولد ولممم يكممن لممه كفمموا أحممد ( وكممذا‬
‫رواه الترمممذي ‪ 3364‬وبممن جريممر عممن أحمممد بممن‬
‫منيع زاد بن جرير ومحممود بمن خمداش عمن أبممي‬
‫سعيد محمد بن ميسر به زاد بن جريممر والترمممذي‬

‫‪1162‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال ) الصمد ( الذي لم يلد ولممم يولممد لنممه ليممس‬
‫شمميء يولممد إل سمميموت وليممس شمميء يممموت إل‬
‫سمميورث وإن اللممه عممز وجممل ل يممموت ول يممورث‬
‫) ولم يكن له كفوا أحد ( ولممم يكممن لمه شممبيه ول‬
‫عدل وليس كمثله شيء ورواه بن أبي حاتم مممن‬
‫حممديث أبممي سممعد محمممد بممن ميسممر بممه ثممم رواه‬
‫الترمذي ‪ 3365‬عن عبد بن حميد عممن عبيممد اللممه‬
‫بن موسى عن أبممي جعفممر عممن الربيممع عممن أبممي‬
‫العالية فذكره مرسل ثم لم يذكر حممدثنا ثممم قممال‬
‫الترمذي وهذا أصح من حديث أبممي سممعيد حممديث‬
‫آخر في معناه قال الحافظ أبممو يعلممى الموصمملي‬
‫‪ 2044‬حدثنا سريج بن يونس حدثنا إسماعيل بممن‬
‫مجالد عن مجالد عن الشعبي عن جابر رضي الله‬
‫فقال انسب لنمما‬ ‫عنه أن أعرابيا جاء إلى النبي‬
‫ربك فأنزل الله عز وجل ) قل هو الله أحد ( إلى‬
‫آخرها إسممناد متقممارب وقممد رواه بممن جريممر عممن‬
‫محمد بن عوف عن سريج فذكره وقد أرسله غير‬
‫واحد من السلف وروى عبيد بن إسممحاق العطممار‬
‫عن قيس بن الربيع عن عاصم عن أبي وائل عن‬
‫بن مسممعود رضممي اللممه عنممه قممال قممالت قريممش‬
‫انسممب لنمما ربممك فنزلممت هممذه‬ ‫لرسممول اللممه‬
‫السورة ) قل هو الله أحد ( قال الطبراني ورواه‬
‫الفريابي وغيره عن قيمس عمن أبممي عاصمم عممن‬
‫أبي وائل مرسل ثممم روى الطممبراني مممن حممديث‬
‫عبد الرحمن بن عثمان الطرائفي عن الوازع بممن‬
‫نافع عن أبي سمملمة عممن أبممي هريممرة قممال قممال‬
‫لكل شيء نسممبة ونسممبة اللممه قممل‬ ‫رسول الله‬
‫هو الله أحممد اللممه الصمممد والصمممد ليممس بممأجوف‬
‫حديث آخر في فضلها قال البخاري ‪ 7375‬حممدثنا‬
‫محمد هو الذهلي حدثنا أحمد بن صالح حممدثنا بممن‬
‫وهممب أخبرنمما عمممرو عممن بممن أبممي هلل أن أبمما‬

‫‪1163‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرجال محمممد بممن عبممد الرحمممن حممدثه عممن أمممه‬
‫عمرة بنت عبد الرحمن وكانت فممي حجممر عائشممة‬
‫زوج النبي صلى الله عليه وعلى آلممه وسمملم عممن‬
‫بعمث رجل‬ ‫عائشمة رضمي اللمه عنهما أن النمبي‬
‫علممى سممرية وكممان يقممرأ لصممحابه فممي صمملتهم‬
‫فيختم بقل هو الله أحد فلما رجعمموا ذكممروا ذلممك‬
‫فقممال سمملوه لي شمميء يصممنع ذلممك‬ ‫للنممبي‬
‫فسألوه فقال لنها صفة الرحمممن وأنمما أحممب أن‬
‫أخممبروه أن اللممه تعممالى‬ ‫أقرأ بها فقممال النممبي‬
‫يحبه هكممذا رواه فممي كتمماب التوحيمد ومنهممم مممن‬
‫يسقط ذكر محمد الذهلي ويجعله من روايته عممن‬
‫أحمد بن صالح وقممد رواه مسمملم ‪ 813‬والنسممائي‬
‫أيضا ‪ 2170‬مممن حممديث عبممد اللممه بممن وهممب عممن‬
‫عمرو بممن الحممارث عممن سممعيد بممن أبممي هلل بممه‬
‫حديث آخر قال البخمماري فممي كتمماب الصمملة ‪774‬‬
‫وقال عبيد الله عن ثابت عن أنس رضي الله عنه‬
‫قال كان رجممل مممن النصممار يممؤمهم فممي مسممجد‬
‫قباء فكان كلما افتتح سورة يقممرأ بهمما لهممم فممي‬
‫الصلة مما يقرأ به افتتح بقل هو الله أحممد حممتى‬
‫يفرغ منها ثم كان يقرأ سورة أخرى معهمما وكممان‬
‫يصنع ذلك في كل ركعممة فكلمممه أصممحابه فقممالوا‬
‫إنك تفتتح بهذه السورة ثممم ل تممرى أنهمما تجممزئك‬
‫حممتى تقممرأ بممالخرى فإممما أن تقممرأ بهمما وإممما أن‬
‫تممدعها وتقممرأ بممأخرى فقممال ممما أنمما بتاركهمما إن‬
‫أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت وإن كرهتم تركتكم‬
‫وكانوا يرون أنه من أفضلهم وكرهمموا أن يممؤمهم‬
‫أخممبروه الخممبر فقممال‬ ‫غيره فلما أتمماهم النممبي‬
‫يافلن ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك بممه أصممحابك‬
‫وما حملك على لزوم هذه السورة في كل ركعممة‬
‫قال إني أحبها قال حبك إياها أدخلك الجنة هكممذا‬
‫رواه البخاري تعليقمما مجزوممما بممه وقممد رواه أبممو‬

‫‪1164‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عيسى الترمذي في جممامعه ‪ 2901‬عممن البخمماري‬
‫عن إسماعيل بن أبي أويس عن عبممد العزيممز بممن‬
‫محمد الدراوردي عممن عبيممد اللممه بممن عمممر فممذكر‬
‫بإسناده مثله سواء ثم قال الترمممذي غريممب مممن‬
‫حديث عبيد الله عن ثابت قممال وروى مبممارك بممن‬
‫فضاله عن ثابت عن أنس أن رجل قال يا رسممول‬
‫الله إني أحب هذه السورة ) قممل هممو اللممه أحممد (‬
‫قال إن حبك إياها أدخلك الجنة وهذا الممذي علقممه‬
‫الترمذي قد رواه المام أحمد في مسنده متصممل‬
‫فقال حدثنا أبو النضممر حممدثنا مبممارك بممن فضممالة‬
‫عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال جمماء رجممل‬
‫فقال إني أحب هذه السورة )‬ ‫إلى رسول الله‬
‫حبك إياها‬ ‫قل هو الله أحد ( فقال رسول الله‬
‫أدخلك الجنة حديث في كونها تعدل ثلممث القممرآن‬
‫قال البخاري ‪ 7374‬حدثنا إسماعيل حدثني مالممك‬
‫عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بممن‬
‫أبممي صعصممعة عممن أبيممه عممن أبممي سممعيد أن رجل‬
‫سمع رجل يقرأ ) قل هو الله أحد ( يرددهمما فلممما‬
‫فذكر ذلك له وكأن الرجل‬ ‫أصبح جاء إلى النبي‬
‫والممذي نفسممي بيممده إنهمما‬ ‫يتقالها فقال النبي‬
‫لتعدل ثلث القرآن زاد إسممماعيل بممن جعفممر عممن‬
‫مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله عممن أبيممه عممن‬
‫أبي سعيد قال أخبرني أخممي قتممادة بممن النعمممان‬
‫وقد رواه البخمماري أيضمما ‪ 5013‬عممن‬ ‫عن النبي‬
‫عبد الله بممن يوسممف ‪ 6643‬والقعنممبي ورواه أبممو‬
‫داود ‪ 1461‬عممن القعنممبي والنسممائي ‪ 2171‬عممن‬
‫قتيبممة كلهممم عممن مالممك بممه وحممديث قتممادة بممن‬
‫النعمممان أسممنده النسممائي مممن طريقيممن عممن‬
‫إسماعيل بن جعفر عن مالك به حديث آخممر قممال‬
‫البخاري ‪ 5015‬حدثنا عمر بممن حفممص حممدثنا أبممي‬

‫‪1165‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حمممدثنا العممممش حمممدثنا إبراهيمممم والضمممحاك‬
‫المشرقي عن أبممي سممعيد رضممي اللممه عنممه قممال‬
‫لصممحابه أيعجممز أحممدكم ان‬ ‫قممال رسممول اللممه‬
‫يقرأ ثلممث القممرأن فممي ليلممة فشممق ذلممك عليهممم‬
‫وقالوا أينا يطيق ذلك يا رسممول اللممه فقممال اللممه‬
‫الواحد الصمد ثلث القرآن تفرد بإخراجه البخاري‬
‫من حديث إبراهيم بن يزيد النخعي والضحاك بممن‬
‫شرحبيل الهمممداني المشممرقي كلهممما عممن أبممي‬
‫سعيد قال الفربري سمعت أبا جعفممر محمممد بممن‬
‫أبي حاتم وراق‬
‫أبي عبد الله قال قال أبو عبد الله البخمماري عممن‬
‫إبراهيم مرسل وعن الضحاك مسممند حممديث آخممر‬
‫قال المام أحمممد ‪ 315‬حممدثنا يحيممى بممن إسممحاق‬
‫حدثنا بن لهيعمة عمن الحمارث بمن يزيمد عمن أبمي‬
‫الهيثم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال‬
‫بات قتادة بن النعمان يقمرأ الليمل كلمه بقمل همو‬
‫فقال والذي نفسممي‬ ‫الله أحد فذكر ذلك للنبي‬
‫بيده إنها لتعدل نصف القرآن أو ثلثه حممديث آخممر‬
‫قال المام أحمممد ‪ 2173‬حممدثنا حسممن حممدثنا بممن‬
‫لهيعممة حممدثنا حيممي بممن عبممد اللممه عممن أبممي عبممد‬
‫الرحمن الحبلي عممن عبممد اللممه بممن عمممرو أن أبمما‬
‫أيوب النصاري كان فممي مجلممس وهممو يقممول أل‬
‫يستطيع أحدكم أن يقوم بثلث القممرآن كممل ليلممة‬
‫فقالوا وهل يستطيع ذلك أحد قال فإن ) قل هو‬
‫وهممو‬ ‫الله أحد ( ثلث القرآن قممال فجمماء النممبي‬
‫يسمع أبا أيوب فقال صدق أبو أيوب حممديث آخممر‬
‫قال أبو عيسى الترمذي ‪ 2900‬حممدثنا محمممد بممن‬
‫بشار حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا يزيد بن كيسان‬
‫أخبرني أبو حازم عن أبي هريرة رضي اللممه عنممه‬
‫أحشمدوا فمإني سمأقرأ‬ ‫قال قمال رسمول اللمه‬
‫عليكم ثلث القرآن فحشد من حشد ثم خرج نممبي‬

‫‪1166‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقرأ ) قل هو الله أحد ( ثممم دخممل فقممال‬ ‫الله‬
‫فممإني سممأقرأ‬ ‫بعضنا لبعممض قممال رسممول اللممه‬
‫عليكم ثلث القرآن إني لرى هممذا خممبرا جمماء مممن‬
‫فقممال إنممي قلممت‬ ‫السممماء ثممم خممرج نممبي اللممه‬
‫سأقرأ عليكم ثلممث القممرآن أل وإنهمما تعممدل ثلممث‬
‫القرآن وهكذا رواه مسلم في صممحيحه ‪ 812‬عممن‬
‫محمد بن بشار به وقممال الترمممذي حسممن صممحيح‬
‫غريب واسم أبي حازم سمملمان حممديث آخممر قممال‬
‫المام أحمد ‪ 5418‬حدثنا عبد الرحمن بممن مهممدي‬
‫عن زائدة بممن قدامممة عممن منصممور عممن هلل بممن‬
‫يساف عن الربيع بن خيثم عن عمرو بممن ميمممون‬
‫عن عبد الرحمممن بممن أبممي ليلممى عممن امممرأة مممن‬
‫قممال أيعجممز‬ ‫النصار عن أبي أيوب عممن النممبي‬
‫أحدكم أن يقرأ ثلث القممرآن فممي ليلممة فممإنه مممن‬
‫قرأ ) قل هو الله أحد الله الصمد ( في ليلة فقممد‬
‫قرأ ليلتئذ ثلث القرآن هذا حديث تساعي السناد‬
‫للمممام أحمممد ورواه الترمممذي ‪ 2896‬والنسممائي‬
‫‪ 2172‬كلهممما عممن محمممد بممن بشممار بنممدار زاد‬
‫الترمممذي وقتيبممة كلهممما عممن عبممد الرحمممن بممن‬
‫مهدي به فصار لهما عشاريا وفي رواية الترمذي‬
‫عن امرأة أبي أيوب عن أبي أيوب به وحسنه ثممم‬
‫قال وفممي البمماب عممن أبممي الممدرداء وأبممي سممعيد‬
‫وقتادة بن النعمان وأبي هريرة وأنس وبممن عمممر‬
‫وأبي مسعود وهممذا حممديث حسممن ول نعلممم أحممدا‬
‫روى هذا الحديث أحسن مممن روايممة زائدة وتمابعه‬
‫على روايته إسرائيل والفضمميل بممن عيمماض وقممد‬
‫روى شعبة وغير واحد مممن الثقممات هممذا الحممديث‬
‫عن منصور واضطربوا فيه حديث آخر قال أحمممد‬
‫‪ 5141‬حممدثنا هشمميم عممن حصممين عممن هلل بممن‬
‫يساف عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بن‬
‫كعب أو رجل من النصار قممال قممال رسممول اللممه‬

‫‪1167‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من قرأ بقل هممو اللممه أحممد فكأنممما قممرأ بثلممث‬
‫القرآن ورواه النسممائي فممي اليمموم والليلممة ‪686‬‬
‫من حديث هشيم عن حصين عن بن أبي ليلى بممه‬
‫ولم يقع في روايته هلل بن يسمماف حممديث آخممر‬
‫قال المام أحمد ‪ 4122‬حدثنا وكيممع عممن سممفيان‬
‫عن أبي قيممس عممن عمممرو بممن ميمممون عممن أبممي‬
‫مسعود رضي الله عنه قال قممال رسممول اللممه‬
‫قل هو الله أحد تعممدل ثلممث القممرآن وهكممذا رواه‬
‫بن ماجة ‪ 3789‬عن علممي بممن محمممد الطنافسممي‬
‫عن وكيع بممه ورواه النسممائي فممي اليمموم والليلممة‬
‫‪ 693 683 680‬مممن طممرق أخممر عممن عمممرو بممن‬
‫ميمون مرفوعا وموقوفا حديث آخر قممال المممام‬
‫أحمممد ‪ 1447‬حممدثنا بهممز حممدثنا بكيممر بممن أبممي‬
‫السميط حدثنا قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن‬
‫معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء رضممي اللممه‬
‫قال أيعجز أحدكم أن يقممرأ‬ ‫عنه أن رسول الله‬
‫كل يوم ثلث القممرآن قممالوا نعممم يمما رسممول اللممه‬
‫نحن أضعف من ذلك وأعجز قممال فممإن اللممه جممزأ‬
‫القرآن ثلثة أجزاء فقل هو الله أحد ثلث القرآن‬
‫ورواه مسلم ‪ 811‬والنسائي من حديث قتادة بممه‬
‫حديث آخر قال المام أحمد ‪ 6403‬حدثنا أمية بممن‬
‫خالد حدثنا محمد بن عبد الله بن مسلم بممن أخممي‬
‫بن شهاب عن عمه الزهممري عممن حميممد بممن عبممد‬
‫الرحمن هو بن عوف عن أمه وهي أم كلثوم بنت‬
‫قل‬ ‫عقبة بن أبي معيط قالت قال رسول الله‬
‫هممو اللممه أحممد تعممدل ثلممث القممرآن وكممذا رواه‬
‫النسائي في اليمموم والليلممة ‪ 695‬عممن عمممرو بممن‬
‫علممي عممن أميممة بممن خالممد بممه ثممم رواه ‪ 697‬مممن‬
‫طريق مالك ‪ 1209‬عن الزهري عن حميد بن عبد‬
‫الرحمممن قمموله ورواه النسممائي أيضمما فممي اليمموم‬
‫والليلة‬

‫‪1168‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مممن حممديث محمممد بممن إسممحاق عممن الحممارث بممن‬
‫الفضيل النصاري عن الزهري عن حميد بن عبممد‬
‫حدثوه عممن‬ ‫الرحمن أن نفرا من أصحاب محمد‬
‫أنمه قمال قمل همو اللمه أحمد تعمدل ثلمث‬ ‫النبي‬
‫القممرآن لمممن صمملى بهمما حممديث آخممر فممي كممون‬
‫قراءتها توجب الجنة قال المممام مالممك بممن أنممس‬
‫‪ 1208‬عن عبيد الله بن عبد الرحمن عن عبيد بن‬
‫حنين قال سمممعت أبمما هريممرة يقممول أقبلممت مممع‬
‫فسمع رجل يقرأ قل هو الله أحد فقممال‬ ‫النبي‬
‫وجبت قلت وما وجبت قممال الجنممة‬ ‫رسول الله‬
‫ورواه الترمذي ‪ 2897‬والنسائي ‪ 2171‬من حديث‬
‫مالك وقال الترمذي حسن صحيح غريب ل نعرفه‬
‫إل مممن حممديث مالممك وتقممدم حممديث حبممك إياهمما‬
‫أدخلممك الجنممة حممديث فممي تكممرار قراءتهمما قممال‬
‫الحافظ أبو يعلى الموصلي ‪ 4118‬حدثنا قطر بن‬
‫بشير حدثنا عيسممى بممن ميمممون القرشممي حممدثنا‬
‫يزيد الرقاشممي عممن أنممس رضممي اللممه عنممه قممال‬
‫يقممول أل يسممتطيع أحممدكم‬ ‫سمعت رسول الله‬
‫أن يقرأ قل هممو اللممه أحممد ثلث مممرات فممي ليلممة‬
‫فإنها تعدل ثلث القرآن هذا إسناد ضعيف وأجممود‬
‫منه حديث آخممر قممال عبممد اللممه بممن المممام أحمممد‬
‫‪ 5312‬حدثنا محمد بن أبممي بكممر المقممدمي حممدثنا‬
‫الضحاك بن مخلد حدثنا بن أبي ذئب عن أسيد بن‬
‫أبي أسيد عن معاذ بن عبد الله بن خبيب عن أبيه‬
‫قال أصابنا عطش وظلمة فانتظرنا رسممول اللممه‬
‫صلى الله تعممالى عليممه وسمملم يصمملي بنمما فخممرج‬
‫فأخذ بيدي فقال قل فسكت قممال قممل قلممت ممما‬
‫أقول قممال قممل هممو اللممه أحممد والمعمموذتين حيممن‬
‫تمسي وحين تصبح ثلثا تكفيمك كمل يموم مرتيمن‬
‫ورواه أبو داود ‪ 5082‬والترمذي ‪ 3575‬والنسائي‬

‫‪1169‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ 8250‬من حديث بن أبي ذئب به وقممال الترمممذي‬
‫حسممن صممحيح غريممب مممن هممذا المموجه وقممد رواه‬
‫النسائي ‪ 8251‬من طريق أخرى عن معاذ بن عبد‬
‫الله بن خبيب عن أبيه عن عقبة بن عامر فممذكره‬
‫ولفظه تكفك كل شيء حديث آخر في ذلك قممال‬
‫المممام أحمممد ‪ 4103‬حممدثنا إسممحاق بممن عيسممى‬
‫حدثني ليث بن سعد حدثني الخليل بن مممرة عممن‬
‫الزهر بن عبد الله عن تميممم الممداري رضمي اللمه‬
‫مممن قممال ل إلممه إل‬ ‫عنه قال قال رسممول اللممه‬
‫الله واحدا أحدا صمممدا لممم يتخممذ صمماحبة ول ولممدا‬
‫ولم يكن له كفوا أحد عشمر ممرات كتمب اللمه لمه‬
‫أربعين ألف ألف حسنة تفممرد بممه أحمممد والخليممل‬
‫بن مرة ضعفه البخاري وغيره بمممرة حممديث آخممر‬
‫قال المممام أحمممد أيضمما ‪ 3437‬حممدثنا حسممن بممن‬
‫موسى حدثنا بن لهيعة حدثنا زبان بممن فممائد عممن‬
‫سهل بن معمماذ بممن أنممس الجهنممي عممن أبيممه عممن‬
‫قال من قرأ قل هو الله أحد حممتى‬ ‫رسول الله‬
‫يختمها عشر مرات بنى الله له قصرا فممي الجنممة‬
‫فقممال عمممر إذا نسممتكثر يمما رسممول اللممه فقممال‬
‫الله أكممثر وأطيممب تفممرد بممه أحمممد‬ ‫رسول الله‬
‫ورواه أبو أحمد الدارمي في مسنده ‪ 2459‬فقال‬
‫حدثنا عبد اللممه بممن يزيممد حممدثنا حيمموة حممدثنا أبممو‬
‫عقيل زهرة بممن معبممد قممال الممدارمي وكممان مممن‬
‫البدال أنه سمع سعيد بن المسيب يقول أن نبي‬
‫قال من قرأ قل هو الله أحد عشممر مممرات‬ ‫الله‬
‫بنى الله له قصرا في الجنة ومن قرأها عشممرين‬
‫مرة بنى الله له قصرين فممي الجنممة ومممن قرأهمما‬
‫ثلثين مرة بنى الله لممه ثلثممة قصممور فممي الجنممة‬
‫فقال عمر بن الخطمماب إذا نكممثر قصممورنا فقممال‬
‫الله أوسع مممن ذلممك وهممذا مرسممل‬ ‫رسول الله‬

‫‪1170‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جيد حديث آخر قال الحافظ أبو يعلممى الموصمملي‬
‫حدثنا نصر بن علي حدثني نوح بن قيس أخممبرني‬
‫محمممد العطممار أخممبرتني أم كممثير النصممارية عممن‬
‫قممال مممن قممرأ‬ ‫أنس بن مالك عن رسممول اللممه‬
‫قل هو الله أحد خمسين مرة غفر الله لممه ذنمموب‬
‫خمسين سنة إسناده ضعيف حديث آخر قممال أبممو‬
‫يعلممى ‪ 3365‬حممدثنا أبممو الربيممع حممدثنا حمماتم بممن‬
‫ميمون حدثنا ثابت عن أنس رضي الله عنممه قممال‬
‫من قرأ قل هو الله أحممد فممي‬ ‫قال رسول الله‬
‫يوم مممائتي مممرة كتممب اللممه لممه ألفمما وخمسمممائة‬
‫حسنة إل أن يكون عليه دين إسناد ضممعيف حمماتم‬
‫بن ميمون ضعفه البخاري وغيره ورواه الترمممذي‬
‫‪ 2898‬عن محمد بن مممرزوق البصممري عممن حمماتم‬
‫بن ميمون به ولفظه من قرأ كل يوم مائتي مرة‬
‫قل هو الله أحد محي عنه ذنوب خمسين سنة إل‬
‫أن يكون عليممه ديممن قممال الترمممذي ‪ 2898‬وبهممذا‬
‫قال مممن أراد أن ينممام علممى‬ ‫السناد عن النبي‬
‫فراشه فنام على يمينه ثم قرأ قل هو اللممه أحممد‬
‫مائة مرة فإذا كان يوم القيامة يقول له الرب عز‬
‫وجل ياعبدي ادخممل علممى يمينممك الجنممة ثممم قممال‬
‫غريب من حممديث ثممابت وقممد روي مممن غيممر هممذا‬
‫الوجه عنه وقال أبو بكر الممبزار حممدثنا سممهل بممن‬
‫بحر حدثنا حبان بن أغلب حدثنا‬
‫أبي حدثنا ثابت عن أنس قممال قممال رسممول اللممه‬
‫من قرأ قل هو الله أحد مائتي مممرة حممط اللممه‬
‫عنه ذنوب مائتي سنة ثم قممال ل نعلممم رواه عممن‬
‫ثابت إل الحسن بن أبي جعفر والغلب بن تميممم‬
‫وهما متقاربان في سوء الحفظ حديث آخممر فممي‬
‫الدعاء بما تضمنته من السماء قال النسائي عند‬
‫تفسيرها حدثنا عبد الرحمن بن خالممد حممدثنا زيممد‬
‫بن الحباب حدثني مالك بن مغول حدثنا عبد اللممه‬

‫‪1171‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن بريدة عن أبيه أنممه دخممل مممع رسممول اللممه‬
‫المسجد فإذا رجل يصلي يدعو يقول اللهممم إنممي‬
‫أسألك بأني أشهد أن لإله إل أنممت الحممد الصمممد‬
‫الذي لم يلد ولم يولد ولم يكون له كفوا أحد قال‬
‫والممذي نفسممي بيممده لقممد سممأله باسمممه العظممم‬
‫الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجمماب وقممد‬
‫أخرجه بقية أصحاب السنن من طممرق عممن مالممك‬
‫بن مغول عن عبد الله بن بريدة عن أبيه به وقال‬
‫الترمذي حسممن غريممب حممديث آخممر فممي قراءتهمما‬
‫عشر مرات بعد المكتوبة قال الحممافظ أبممو يعلممى‬
‫الموصلي ‪ 1794‬حدثنا عبد العلى حدثنا بشر بممن‬
‫منصور عن عمر بن شمميبان عممن أبممي شممداد عممن‬
‫ثلث‬ ‫جابر بن عبد الله قممال قممال رسممول اللممه‬
‫من جاء بهن مع اليمان دخل من أي أبواب الجنة‬
‫شاء وزوج من الحور العيممن حيممث شمماء مممن عفمما‬
‫عن قاتله وأدى دينا خفيا وقرأ في دبر كل صمملة‬
‫مكتوبة عشر مرات قل هو اللممه أحممد قمال فقمال‬
‫أبو بكر أو إحداهن يا رسول الله قال أو إحممداهن‬
‫حممديث فممي قراءتهمما عنممد دخممول المنممزل قممال‬
‫الحافظ أبو القاسممم الطممبراني حمدثنا محممد بمن‬
‫عبد الله بن بكر السممراج العسممكري حممدثنا محمممد‬
‫بن الفرج حدثنا محمد بمن الزبرقمان عممن مممروان‬
‫بن سالم عن أبي زرعة عن عمرو بن جريممر عممن‬
‫مممن‬ ‫جرير بن عبد الله قممال قممال رسممول اللممه‬
‫قرأ ) قل هو الله أحد ( حيممن يممدخل منزلممه نفممت‬
‫الفقر عممن أهمل ذلمك المنمزل والجيممران إسمناده‬
‫ضعيف حديث في الكثار من قراءتها فممي سممائر‬
‫الحوال قال الحافظ أبو يعلى ‪ 4267‬حدثنا محمد‬
‫بن إسحاق المسيبي حدثنا يزيممد بممن هممارون عممن‬
‫العلء بن محمد الثقفممي قممال سمممعت أنممس بممن‬
‫مالك يقول كنا مع رسول الله صمملى اللممه تعممالى‬

‫‪1172‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليممه وسمملم بتبمموك فطلعممت الشمممس بضممياء‬
‫وشعاع ونور لم نرهمما طلعممت فيممما مضممى بمثلممه‬
‫فقال يا جبريل ما لممي‬ ‫فأتى جبريل إلى النبي‬
‫أرى الشمس طلعت اليوم بضياء وشعاع ونور لم‬
‫أرها طلعت بمثله فيما مضى قال إن ذلك معاوية‬
‫بن معاوية الليثي مات بالمدينة اليوم فبعث اللممه‬
‫إليه سبعين ألف ملممك يصمملون عليممه قممال وفيممم‬
‫ذلك قال كان يكثر قراءة قممل هممو اللممه أحممد فممي‬
‫الليل وفي النهار وفي ممشمماه وقيممامه وقعمموده‬
‫فهممل لممك يمما رسممول اللممه أن أقبممض لممك الرض‬
‫فتصلي عليه قممال نعممم فصمملى عليممه وكممذا رواه‬
‫الحافظ أبو بكر البيهقي في كتمماب دلئل النبمموة‬
‫‪ 5245‬من طريق يزيد بمن همارون عمن العلء بمن‬
‫محمد وهو متهم بالوضع والله أعلم طريق أخرى‬
‫قال أبممو يعلممى ‪ 4268‬حممدثنا محمممد بممن إبراهيممم‬
‫الشامي أبمو عبمد اللمه حممدثنا عثممان بمن الهيثممم‬
‫مؤذن مسجد الجامع بالبصرة عنممدي عممن محمممود‬
‫أبي عبد الله عن عطاء بن أبي ميمونة عن أنممس‬
‫فقال مات معاوية‬ ‫قال نزل جبريل على النبي‬
‫بن معاوية الليثي فتحب أن تصلي عليه قال نعمم‬
‫فضرب بجناحه الرض فلم تبممق شممجرة ول أكمممة‬
‫إل تضعضعت فرفع سريره فنظر إليه فكبر عليممه‬
‫وخلفه صفان من الملئكة في كل صف سممبعون‬
‫ياجبريممل بممم نممال هممذه‬ ‫ألف ملك فقال النممبي‬
‫المنزلة من الله تعالى قال بحبه قل هو الله أحد‬
‫وقراءته إياها ذاهبا وجائيمما قائممما وقاعممدا وعلممى‬
‫كل حممال ورواه الممبيهقي مممن روايممة عثمممان بممن‬
‫الهيثم المؤذن عن محبمموب بممن هلل عممن عطمماء‬
‫بممن أبممي ميمونممة عممن أنممس فممذكره وهممذا هممو‬
‫الصواب ومحبوب بن هلل قال أبو حاتم الممرازي‬
‫ليممس بالمشممهور وقممد روي هممذا مممن طممرق أخممر‬

‫‪1173‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تركناها اختصارا وكلهمما ضممعيفة حممديث آخممر فممي‬
‫فضلها مممع المعمموذتين قممال المممام أحمممد ‪4148‬‬
‫حدثنا أبو المغيرة حدثنا معمماذ بممن رفاعممة حممدثني‬
‫علي بن يزيد عممن القاسممم عممن أبممي أمامممة عممن‬
‫فابتممدأته‬ ‫عقبة بن عامر قال لقيت رسول الله‬
‫فأخممذت بيممده فقلممت يمما رسممول اللممه بممم نجمماة‬
‫المؤمن قال ياعقبة أخرس لسانك وليسعك بيتك‬
‫وابك على خطيئتك قال ثم لقيني رسول الله‬
‫فابتدأني فأخذ بيدي فقممال ياعقبممة بممن عممامر أل‬
‫أعلممممك خيمممر ثلث سمممور أنزلمممت فمممي التممموراة‬
‫والنجيل والزبور والقرآن العظيم قال قلت بلى‬
‫جعلني الله فداك قممال فممأقرأني ) قممل هممو اللممه‬
‫أحد ( و ) قل أعوذ برب الفلق و ) قل أعوذ بممرب‬
‫الناس ( ثم قال ياعقبة ل تنسممهن ول تبممت ليلممة‬
‫حممتى تقرأهممن قممال فممما نسمميتهن منممذ قممال ل‬
‫تنسهن وما بت ليلة قط حتى أقرأهن قال عقبة‬
‫فابتممدأته فأخممذت بيممده‬ ‫ثم لقيممت رسممول اللممه‬
‫فقلت يا رسول اللممه أخممبرني بفواضممل العمممال‬
‫فقال ياعقبة صل من قطعك واعممط مممن حرمممك‬
‫واعرض عمممن ظلمممك روى الترمممذي بعضممه فممي‬
‫الزهد ‪ 2406‬من حديث عبد الله بن زحر عن علي‬
‫بن يزيد فقال هذا حديث حسممن وقممد رواه أحمممد‬
‫من طريق‬
‫آخممر ‪ 4158‬حممدثنا حسممين بممن محمممد حممدثنا بممن‬
‫عياش عن أسيد بن عبممد الرحمممن الخثعمممي عممن‬
‫فروة بن مجاهد اللخمي عن عقبة بن عممامر عممن‬
‫فذكر مثله سواء تفممرد بممه أحمممد حممديث‬ ‫النبي‬
‫آخممر فممي الستشممفاء بهممن قممال البخمماري حممدثنا‬
‫قتيبة حدثنا المفضل عن عقيممل عممن بممن شممهاب‬
‫كممان إذا أوى‬ ‫عن عروة عممن عائشممة أن النممبي‬

‫‪1174‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إلى فراشه كل ليلة جمع كفيممه ثممم نفممث فيهممما‬
‫وقرأ فيهما ) قممل هممو اللممه أحممد ( و ) قممل أعمموذ‬
‫بممرب الفلممق ( و ) قممل أعمموذ بممرب النمماس ( ثممم‬
‫يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما علمى‬
‫رأسه ووجهه وممما أقبممل مممن جسممده يفعممل ذلممك‬
‫ثلث مرات وهكمذا رواه أهمل السمنن ممن حمديث‬
‫عقيممممل بممممه بسممممم اللممممه الرحمممممن الرحيممممم‬
‫قد تقممدم ذكممر سممبب نزولهمما وقممال عكرمممة لممما‬
‫قممالت اليهممود نحممن نعبممد عزيممر بممن اللممه وقممالت‬
‫النصممارى نحممن نعبممد المسمميح بممن اللممه وقممالت‬
‫المجمموس نحممن نعبممد الشمممس والقمممر وقممالت‬
‫المشممركون نحممن نعبممد الوثممان أنممزل اللممه علممى‬
‫) قل هو الله أحممد ( يعنممي هممو الواحممد‬ ‫رسوله‬
‫الحد الذي ل نظير له ول وزير ول نديد ول شبيه‬
‫ول عمديل ول يطلمق همذا اللفمظ علمى أحمد فمي‬
‫الثبات إل على الله عممز وجممل لنممه الكامممل فممي‬
‫جميع صفاته وأفعاله وقوله تعالى ) الله الصمد (‬
‫قال عكرمة عن بن عباس يعني الذي يصمد إليممه‬
‫الخلئق في حوائجهم ومسممائلهم قممال علممي بممن‬
‫أبي طلحة عن بن عباس هو السيد الذي قد كمل‬
‫في سؤدده والشريف الذي قد كمممل فممي شممرفه‬
‫والعظيم الذي قد كمل في عظمته والحليم الذي‬
‫قد كمل في حلممه والعليمم المذي قمد كممل فمي‬
‫علمه والحكيم الممذي قممد كمممل فممي حكمتممه وهممو‬
‫الذي قد كمل في أنممواع الشممرف والسممؤدد وهممو‬
‫الله سبحانه هذه صفته ل تنبغممي إل لممه ليممس لممه‬
‫كفممء وليممس كمثلممه شمميء سممبحان اللممه الواحممد‬
‫القهار وقال العمش عن شقيق عن أبي وائل )‬
‫الصمممد ( السمميد الممذي قممد انتهممى سممؤدده ورواه‬
‫عاصم عن أبي وائل عن بن مسممعود مثلممه وقممال‬
‫مالك عن زيد بن أسمملم ) الصمممد ( السمميد وقممال‬
‫الحسممن وقتممادة هممو البمماقي بعممد خلقممه وقممال‬

‫‪1175‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الحسن أيضا الصمد الحممي القيمموم الممذي ل زوال‬
‫له وقال عكرمة الصمد الذي لم يخرج منممه شمميء‬
‫ول يطعم وقال الربيع بن أنس هو الممذي لممم يلممد‬
‫ولم يولد كأنه جعل ما بعده تفسيرا له وهو قوله‬
‫) لم يلد ولم يولد ( وهو تفسير جيممد وقممد تقممدم‬
‫الحديث من رواية بن جرير عن أبي بن كعب فممي‬
‫ذلك وهو صريح فيه وقال بن مسعود وبن عباس‬
‫وسعيد بن المسيب ومجاهد وعبد الله بممن بريممدة‬
‫وعكرمة أيضا وسعيد بممن جممبير وعطمماء بممن أبممي‬
‫ربممماح وعطيمممة العممموفي والضمممحاك والسمممدي‬
‫) الصمد ( الممذي ل جمموف لممه وقممال سممفيان عممن‬
‫منصور عن مجاهممد ) الصمممد ( المصمممت الممذي ل‬
‫جوف له وقال الشعبي هو الذي ل يأكمل الطعمام‬
‫ول يشرب الشراب وقال عبد الله بن بريدة أيضمما‬
‫) الصمد ( نور يتلل روى ذلك كله وحكاه بن أبممي‬
‫حاتم والبيهقي والطمبراني وكمذا أبمو جعفمر بمن‬
‫جريممر سمماق أكممثر ذلممك بأسممانيده وقممال حممدثني‬
‫العباس بن أبي طالب حدثنا محمد بن عمممرو بممن‬
‫روممي عمن عبيمد اللمه بمن سمعيد قمائد العممش‬
‫حدثنا صالح بن حبان عن عبد الله بن بريممدة عممن‬
‫أبيه قال ل أعلم إل قد رفعه قال الصمد الممذي ل‬
‫جوف له وهذا غريب جدا والصممحيح أنممه موقمموف‬
‫على عبد الله بممن بريممدة وقممد قممال الحممافظ أبممو‬
‫القاسم الطبراني في كتاب السنة له بعد إيممراده‬
‫كثيرا من هذه القوال فممي تفسممير الصمممد وكممل‬
‫هذه صحيحة وهي صفات ربنا عز وجل هممو الممذي‬
‫يصمممد إليممه فممي الحمموائج وهممو الممذي قممد انتهممى‬
‫سؤدده وهو الصمد الذي ل جوف له ول يأكممل ول‬
‫يشرب وهو الباقي بعد خلقه وقال البيهقي نحممو‬
‫ذلك وقوله تعالى ) لم يلد ولم يولد ولم يكممن لممه‬
‫كفوا أحد ( أي ليس لممه ولممد ول والممد ول صمماحبة‬
‫قال مجاهد ) ولممم يكممن لممه كفمموا أحممد ( يعنممي ل‬

‫‪1176‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صاحبة له وهذا كما قال تعالى ) بديع السممماوات‬
‫والرض أنى يكون لممه ولممد ولممم تكممن لممه صمماحبة‬
‫وخلق كل شيء ( أي هو مالك كل شيء وخممالقه‬
‫فكيف يكون له من خلقه نظير يساميه أو قريممب‬
‫يممدانيه تعممالى وتقممدس وتنممزه قممال اللممه تعممالى‬
‫) وقالوا اتخذ الرحمممن ولممدا لقممد جئتممم شمميئا إدا‬
‫تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الرض وتخر‬
‫الجبممال هممدا أن دعمموا للرحمممن ولممدا وممما ينبغممي‬
‫للرحمن أن يتخذ ولدا إن كل من فممي السممماوات‬
‫والرض إل آتممي الرحمممن عبممدا لقممد أحصمماهم‬
‫وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ( وقال‬
‫تعالى ) وقممالوا اتخممذ الرحمممن ولممدا سممبحانه بممل‬
‫عبمماد مكرمممون ل يسممبقونه بممالقول وهممم بممأمره‬
‫يعملون ( وقال تعالى ) وجعلوا بينه وبيممن الجنممة‬
‫نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضممرون سممبحان‬
‫الله عما يصفون ( وفي صحيح البخمماري ‪ 6099‬ل‬
‫أحد أصبر على أذى سمممعه مممن اللممه يجعلممون لممه‬
‫ولممدا وهممو يرزقهممم ويعممافيهم وقممال البخمماري‬
‫‪ 4974‬حدثنا أبو اليممان حمدثنا شمعيب حمدثنا أبمو‬
‫الزناد عن العرج عن أبي هريممرة عممن النممبي‬
‫قال قال الله عز وجل‬
‫كذبني بن آدم ولممم يكممن لممه ذلممك وشممتمني ولممم‬
‫يكن له ذلك فأما تكذيبه إياي فقمموله لممن يعيممدني‬
‫كما بممدأني وليممس أول الخلممق بممأهون علممي مممن‬
‫إعادته وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا وأنمما‬
‫الحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكممن لممي كفمموا‬
‫أحد ورواه أيضا ‪ 4975‬من حديث عبد الرزاق عممن‬
‫معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة مرفوعمما‬
‫بمثلمممه تفمممرد بهمممما ممممن همممذين الممموجهين‬
‫‪113‬‬
‫) سورة الفلق (‬

‫‪1177‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫(‬ ‫‪5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪113‬‬


‫مقدمة تفسير سورة الخلص ولله الحمد والمنة‬
‫تفسير سورة الفلق بسم اللممه الرحمممن الرحيممم‬
‫فضمممائل سمممورتي المعممموذتين وهمممما ممممدنيتان‬
‫قال المام أحمد ‪ 5129‬حدثنا عفان حممدثنا حممماد‬
‫بممن سمملمة أخبرنمما عاصممم بمن بهدلممة عممن زر بممن‬
‫حبيش قال قلت لبي بن كعب إن بممن مسممعود ل‬
‫يكتمب المعمموذتين فمي مصمحفه فقمال أشممهد أن‬
‫أخممبرني أن جبريممل عليممه السمملم‬ ‫رسول اللممه‬
‫قال لممه ) قممل أعمموذ بممرب الفلممق ( فقلتهمما قممال‬
‫) قل أعوذ برب الناس ( فقلتها فنحن نقممول ممما‬
‫ورواه أبو بكر الحميدي في مسنده‬ ‫قال النبي‬
‫عن سفيان بن عيينة حدثنا عبممدة بممن أبممي لبابممة‬
‫وعاصم بن بهدلة أنهما سمعا زر بن حمبيش قمال‬
‫سألت أبي بن كعب عن المعوذتين فقلممت يمما أبمما‬
‫المنذر إن أخاك بن مسعود يحكي المعوذتين مممن‬
‫فقممال‬ ‫المصحف فقال إني سألت رسول اللممه‬
‫قيل لي قل فقلت فنحن نقول كما قمال رسمول‬
‫وقممال أحمممد ‪ 5129‬حممدثنا وكيممع حممدثنا‬ ‫اللممه‬
‫سفيان عن عاصم عن زر قال سألت بن مسممعود‬
‫عنهممما‬ ‫عممن المعمموذتين فقممال سممألت النممبي‬
‫فقال قيل لي فقلت لكم فقولوا قال أبي فقال‬
‫فنحممن نقممول وقممال البخمماري ‪4976‬‬ ‫لنا النبي‬
‫حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا عبممدة‬
‫بن أبي لبابة عن زر بن حبيش وحدثنا عاصم عممن‬
‫زر قال سألت أبي بن كعب فقلت أبمما المنممذر إن‬
‫أخمماك بممن مسممعود يقممول كممذا وكممذا فقممال إنممي‬

‫‪1178‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقممال قيممل لممي فقلممت فنحممن‬ ‫سممألت النممبي‬
‫ورواه البخمماري‬ ‫نقممول كممما قممال رسممول اللممه‬
‫‪ 4976‬أيضا والنسائي عن قتيبة عن سممفيان بممن‬
‫عيينة عن عبدة وعاصم بن أبي النجود عن زر بن‬
‫حبيش عن أبي بممن كعممب بممه وقممال الحممافظ أبممو‬
‫يعلممى حممدثنا الزرق بممن علممي حممدثنا حسممان بممن‬
‫إبراهيم حدثنا الصلت بن بهرام عن إبراهيممم عمن‬
‫علقمة قال كممان عبممد اللممه يحمك المعموذتين مممن‬
‫أن يتعوذ‬ ‫المصحف ويقول إنما أمر رسول الله‬
‫بهما ولم يكن عبد الله يقرأ بهما ورواه عبد اللممه‬
‫بممن أحمممد ‪ 5129‬مممن حممديث العمممش عممن أبممي‬
‫إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيممد قممال كممان عبممد‬
‫الله يحك المعوذتين من مصمماحفه ويقممول إنهممما‬
‫ليستا من كتاب الله قال العمش وحممدثنا عاصممم‬
‫عن زر بن حبيش عن أبممي بممن كعممب قممال سممألنا‬
‫قال قيممل لممي فقلممت وهممذا‬ ‫عنهما رسول الله‬
‫مشهور عنممد كممثير مممن القممراء والفقهمماء أن بممن‬
‫مسممعود كممان ل يكتممب المعمموذتين فممي مصممحفه‬
‫ولم يتواتر عنممده‬ ‫فلعله لم يسمعهما من النبي‬
‫ثم لعله قد رجع عن قوله ذلك إلى قول الجماعة‬
‫فممإن الصممحابة رضممي اللممه عنهممم أثبتوهممما فممي‬
‫المصاحف الئمة ونفذوها إلى سائر الفاق كذلك‬
‫ولله الحمد والمنة وقد روى مسلم فممي صممحيحه‬
‫‪ 814‬حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن بيان عممن قيممس‬
‫بن أبي حازم عن عقبة بن عامر قال قال رسول‬
‫ألممم تممر آيممات أنزلممت هممذه الليلممة لممم يممر‬ ‫اللممه‬
‫مثلهن قط ) قر أعوذ برب الفلق ( و ) قل أعمموذ‬
‫بممرب النمماس ( ورواه أحمممد ‪ 4144‬ومسمملم أيضمما‬
‫‪ 814‬والترمذي ‪ 2902‬والنسائي ‪ 8254‬من حديث‬
‫إسماعيل بن أبي خالد عن قيممس بممن أبممي حممازم‬

‫‪1179‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن عقبة به وقال الترمذي حسن صممحيح طريممق‬
‫أخرى قال المممام أحمممد ‪ 4144‬حممدثنا الوليممد بممن‬
‫مسمملم حممدثنا بممن جممابر عممن القاسممم أبممي عبممد‬
‫الرحمن عن عقبة بممن عممامر قممال بينمما أنمما أقممود‬
‫في نقب من تلك النقمماب إذ قممال‬ ‫برسول الله‬
‫لممي ياعقبممة أل تركممب قممال فأشممفقت أن تكممون‬
‫وركبت هنية ثممم‬ ‫معصية قال فنزل رسول الله‬
‫ركب ثم قال عقب أل أعلمك سممورتين مممن خيممر‬
‫سورتين قرأ بهما الناس قلت بلى يا رسول اللممه‬
‫فأقرأني ) قل أعوذ بمرب الفلمق ( و ) قمل أعموذ‬
‫برب الناس ( ثممم أقيمممت الصمملة فتقممدم رسممول‬
‫فقرأ بهما ثم مر بي فقال كيف رأيممت يمما‬ ‫الله‬
‫عقب اقممرأ بهممما كلممما نمممت وكلممما قمممت ورواه‬
‫النسائي ‪ 8253‬من حديث الوليد بن مسلم وعبممد‬
‫الله بن المبارك كلهما عن بن جابر به ورواه أبو‬
‫داود ‪ 1462‬والنسائي ‪ 8252‬أيضا من حممديث بممن‬
‫وهب عن ميمون بن صالح عن العلء بن الحممارث‬
‫عن القاسم بن عبد الرحمن عن عقبة بممه طريممق‬
‫أخرى قال أحمممد ‪ 4155‬حممدثنا أبممو عبممد الرحمممن‬
‫حدثنا سعيد بن أبي أيمموب حممدثني يزيممد بممن عبممد‬
‫العزيز الرعيني وأبو مرحوم عن يزيممد بممن محمممد‬
‫القرشي عن علي بن رباح عممن عقبممة بممن عممامر‬
‫أن أقرأ بالمعوذات في‬ ‫قال أمرني رسول الله‬
‫دبممر كممل صمملة ورواه أبممو داود ‪ 1523‬والترمممذي‬
‫‪ 2903‬والنسائي ‪ 368‬من طرق عن علي بن أبي‬
‫ربمماح وقممال الترمممذي غريممب طريممق أخممرى قممال‬
‫أحمد ‪ 4146‬حممدثنا محمممد بممن إسممحاق حممدثنا بممن‬
‫لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبممة بممن عممامر‬
‫اقممرأ بممالمعوذتين‬ ‫قممال قممال لممي رسممول اللممه‬

‫‪1180‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فإنك لن تقرأ بمثلهما تفرد به أحمد طريق أخرى‬
‫قال أحمد ‪ 4149‬حدثنا‬
‫حيوة بن شريح حدثنا بقية حممدثنا بحيممر بمن سممعد‬
‫عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عممن عقبممة‬
‫أهممديت لممه‬ ‫بن عامر أنممه قممال إن رسممول اللممه‬
‫بغلة شهباء فركبها فأخذ عقبة يقودها لممه فقممال‬
‫اقرأ قل أعوذ برب الفلق فأعادهمما‬ ‫رسول الله‬
‫له حتى قرأها فعرف أني لم أفرح بها جدا فقال‬
‫لعلك تهاونت بها فما قمت تصمملي بشمميء مثلهمما‬
‫ورواه النسائي ‪ 8252‬عن عمرو بممن عثمممان عممن‬
‫بقية بممه ورواه النسممائي أيضمما ‪ 8252‬مممن حممديث‬
‫الثوري عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بممن‬
‫نفير عن أبيه عن عقبة بن عامر أنه سأل رسول‬
‫عن المعوذتين فممذكر نحمموه طريممق أخممرى‬ ‫الله‬
‫قال النسائي أخبرنا محمد بن عبد العلممى حممدثنا‬
‫المعتمر سمعت النعمان عن زياد أبي السممد عممن‬
‫قمال إن النماس‬ ‫عقبة بن عامر أن رسول اللمه‬
‫لم يتعوذوا بمثل هذين ) قل أعوذ برب الفلق ( و‬
‫) قممل أعمموذ بممرب النمماس ( طريممق أخممرى قممال‬
‫النسائي ‪ 8253‬أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن أبي‬
‫عجلن عن سعيد المقممبري عممن عقبممة بممن عممامر‬
‫فقال ياعقبممة‬ ‫قال كنت أمشي مع رسول الله‬
‫قل قلت ماذا أقممول فسممكت عنممي ثممم قممال قممل‬
‫قلت ماذا أقول يا رسول الله قال قل أعوذ برب‬
‫الفلق فقرأتها حتى أتيممت علممى آخرهمما ثممم قممال‬
‫قل فقلت ماذا أقول يا رسول الله قال قل أعوذ‬
‫برب الناس فقرأتها ثم أتيت على آخرها ثم قممال‬
‫عند ذلك ماسأل سممائل بمثلهمما ول‬ ‫رسول الله‬
‫استعاذ مستعيذ بمثلها طريق أخرى قال النسائي‬
‫‪ 8252‬أخبرنا محمد بن بشار حمدثنا عبمد الرحممن‬

‫‪1181‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حدثنا معاوية عن العلء بن الحممارث عممن مكحممول‬
‫قمرأ بهمما‬ ‫عن عقبة بن عمامر أن رسمول اللمه‬
‫فممي صمملة الصممبح طريممق أخممرى قممال النسممائي‬
‫‪ 8254‬أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن يزيد بن أبممي‬
‫حبيب عن أبي عمران أسلم عن عقبممة بممن عممامر‬
‫قال اتبعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آلممه‬
‫وسمملم وهممو راكممب فوضممعت يممدي علممى قممدميه‬
‫فقلت أقرئني سورة هود أو سورة يوسف فقال‬
‫لن تقرأ شيئا أنفع عند الله مممن قممل أعمموذ بممرب‬
‫الفلممق حممديث آخممر قممال النسممائي ‪ 8251‬أخبرنمما‬
‫محمود بممن خالممد حممدثنا الوليممد حممدثنا أبممو عمممرو‬
‫الوزاعي عن يحيى بن أبي كممثير عممن محمممد بمن‬
‫إبراهيم بن الحممارث عممن أبممي عبممد اللممه عممن بممن‬
‫عابس الجهني أن النبي صمملى اللممه تعممالى عليممه‬
‫وسلم قال له يا بن عباس أل أدلممك أو أل أخممبرك‬
‫بأفضل ما يتعوذ به المتعوذون قال بلى يا رسول‬
‫الله قال قل أعوذ بممرب الفلممق وقممل أعمموذ بممرب‬
‫الناس هاتان السممورتان فهممذه طممرق عممن عقبممة‬
‫كممالمتواترة عنممه تفيممد القطممع عنممد كممثير مممن‬
‫المحققيممن فممي الحممديث وقممد تقممدم فممي روايممة‬
‫صدى بن عجلن وفروة بن مجاهد عنه أل أعلمك‬
‫ثلث سور لم ينزل في التمموراة ول فممي النجيممل‬
‫ول في الزبور ول في الفرقان مثلهن ) قمل همو‬
‫اللمه أحمد ( و ) قمل أعموذ بمرب الفلمق ( و ) قمل‬
‫أعوذ برب الناس ( حديث آخر قممال المممام أحمممد‬
‫‪ 524‬حممدثنا إسممماعيل حممدثنا الجريممري عممن أبممي‬
‫العلء قال قال رجل كنا مع مممع رسممول اللممه‬
‫فممي سممفر والنمماس يعتقبممون وفممي الظهممر قلممة‬
‫ونزلممتي فلحقنممي‬ ‫فحممانت نزلممة رسممول اللممه‬
‫فضممرب منكممبي فقممال قممل أعمموذ بممرب الفلممق‬
‫فقرأتها معه ثم قال ) قل‬ ‫فقرأها رسول الله‬

‫‪1182‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫اعمموذ بممرب النمماس ( فقرأهمما رسممول اللممه‬
‫فقرأتها معه فقال إذا صليت فاقرأ بهما الظاهر‬
‫أن هذا الرجممل هممو عقبممة بممن عممامر واللممه أعلممم‬
‫ورواه النسائي عن يعقوب بمن إبراهيممم عممن بممن‬
‫علية به حديث آخر قال النسائي أخبرنا محمد بن‬
‫المثنى حدثنا محمد بن جعفممر عممن عبممد اللممه بممن‬
‫سعيد حدثني يزيد بن رومان عن عقبة بممن عممامر‬
‫عن عبد الله السمملمي هممو بمن أنيممس أن رسممول‬
‫وضع يده على صدره ثم قال قل فلممم أدر‬ ‫الله‬
‫ما أقول ثم قال لي قل قلت ) قل هو الله أحد (‬
‫ثم قال لي قل قلت ) أعوذ برب الفلق مممن شممر‬
‫ما خلق ( حتى فرغت منها ثم قال لي قممل قلممت‬
‫) أعمموذ بممرب النمماس ( حممتى فرغممت منهمما فقممال‬
‫هكذا فتعوذ وممما تعمموذ المتعمموذون‬ ‫رسول الله‬
‫بمثلهن قط حديث آخمر قمال النسمائي ‪ 8254‬أنما‬
‫عمرو بن علي أبو حفص حدثنا بدل حممدثنا شممداد‬
‫بن سعيد أبو طلحة عن سعيد الجريري حدثنا أبممو‬
‫نضرة عن جابر بن عبد الله قال قال لممي رسممول‬
‫اقرأ ياجابر قلت وما أقرأ بأبي أنت وأمي‬ ‫الله‬
‫قال اقرأ قل أعوذ برب الفلممق وقممل أعمموذ بممرب‬
‫النمماس فقرأتهممما فقممال اقممرأ بهممما ولممن تقممرأ‬
‫بمثلها وتقدم حممديث عائشممة أن رسممول اللممه‬
‫كان يقرأ بهممن وينفممث فممي كفيممه ويمسممح بهممما‬
‫رأسه ووجهه وما أقبل من جسممده وقممال المممام‬
‫مالك ‪ 2942‬عن بن شهاب عن عروة عن عائشممة‬
‫كممان إذا اشممتكى يقممرأ علممى‬ ‫أن رسممول اللممه‬
‫نفسه بالمعوذتين وينفث فلما اشتد وجعممه كنممت‬
‫أقممرأ عليممه بممالمعوذات وأمسممح بيممده عليممه رجمماء‬
‫بركتهما ورواه البخماري ‪ 5013‬عممن عبممد اللممه بممن‬
‫يوسف ومسلم ‪ 2192‬عن يحيى بممن يحيممى وأبممو‬

‫‪1183‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫داود ‪ 3902‬عممن القعنممبي والنسممائي عممن قتيبممة‬
‫ومن حديث بن القاسم وعيسى بممن يممونس وبممن‬
‫ماجممة ‪ 3529‬مممن حممديث معممن وبشممر بممن عمممر‬
‫ثمانيتهم عن مالك به وتقدم في آخر‬

‫سورة ن من حديث أبي نضرة عن أبممي سممعيد أن‬


‫كان يتعوذ من أعين الجممان وأعيممن‬ ‫رسول الله‬
‫النسان فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما وترك ممما‬
‫سممواهما رواه الترمممذي ‪ 2058‬والنسممائي ‪8271‬‬
‫وبممن ماجممة ‪ 3511‬وقممال الترمممذي حممديث حسممن‬
‫صمممممحيح بسمممممم اللمممممه الرحممممممن الرحيمممممم‬
‫قال بن أبي حاتم حدثنا أحمد بن عصام حدثنا أبو‬
‫أحمد الزبيري حدثنا حسن بن صالح عن عبد اللممه‬
‫بن محمد بن عقيل عن جابر قممال الفلممق الصممبح‬
‫وقال العوفي عممن بممن عبمماس ) الفلممق ( الصممبح‬
‫وروي عن مجاهد وسعيد بن جبير وعبممد اللممه بممن‬
‫محمد بن عقيل والحسن وقتادة ومحمد بن كعب‬
‫القرظي وبن زيد ومالك عن زيد بممن أسمملم مثممل‬
‫هممذا قممال القرظممي وبممن زيممد وبممن جريممر وهممي‬
‫كقوله تعالى ) فممالق الصممباح ( وقممال علممي بممن‬
‫أبي طلحة عن بن عباس ) الفلممق ( الخلممق وكممذا‬
‫قال الضحاك أمر الله نممبيه أن يتعمموذ مممن الخلممق‬
‫كله وقال كعب الحبار ) الفلق ( بيت فممي جهنممم‬
‫إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره ورواه‬
‫بن أبي حاتم ثم قال حدثنا أبي حدثنا سممهيل بممن‬
‫عثمان عن رجل سماه عن السممدي عممن زيممد بممن‬
‫علي عن آبائه أنهم قالوا ) الفلق ( جب في قعر‬
‫جهنم عليه غطاء فإذا كشف عنه خرجت منه نممار‬
‫تضج منه جهنم من شدة حر ممما يخممرج منممه وكممذا‬
‫روي عن عمرو بن عنبسة وبممن عبمماس والسممدي‬
‫وغيرهم وقد ورد في ذلممك حممديث مرفمموع منكممر‬
‫فقممال بممن جريممر حممدثني إسممحاق بممن وهممب‬

‫‪1184‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الواسطي حدثنا مسعود بن موسممى بممن مشممكان‬
‫الواسطي حدثنا نصر بن خزيمممة الخرسمماني عممن‬
‫شعيب بن صفوان عن محمد بممن كعممب القرظممي‬
‫قال الفلق جب فممي‬ ‫عن أبي هريرة عن النبي‬
‫جهنم مغطى إسناده غريب وليصح رفعممه وقممال‬
‫أبو عبممد الرحمممن الحبلممي ) الفلممق ( مممن أسممماء‬
‫جهنم قال بن جريممر والصممواب القممول الول إنممه‬
‫فلق الصبح وهذا هو الصحيح وهو اختيار البخاري‬
‫في صحيحه رحمه الله تعالى وقوله تعالى ) مممن‬
‫شر ما خلق ( أي من شر جميع المخلوقات وقال‬
‫ثمابت البنماني والحسمن البصمري جهنمم وإبليمس‬
‫وذريته مما خلممق ) ومممن شممر غاسممق إذا وقممب (‬
‫قممال مجاهممد غاسممق الليممل ) إذا وقممب ( غممروب‬
‫الشمس حكاه البخمماري عنممه وكممذا رواه بممن أبممي‬
‫نجيح عنه وكذا قال بن عبمماس ومحمممد بممن كعممب‬
‫القرظي والضحاك وخصيف والحسن وقتادة أنممه‬
‫الليل إذا أقبل بظلمه وقال الزهري ) ومممن شممر‬
‫غاسق إذا وقب ( الشمس إذا غربت وعممن عطيممة‬
‫وقتممادة ) إذا وقممب ( الليممل إذا ذهممب وقممال أبممو‬
‫المهزم عممن أبممي هريممرة ) ومممن شممر غاسممق إذا‬
‫وقب ( الكوكب وقال بن زيد كانت العممرب تقممول‬
‫الغاسممممق سممممقوط الثريمممما وكممممانت السممممقام‬
‫والطواعين تكر عند وقوعها وترتفع عند طلوعها‬
‫قال بن جرير ولهؤلء من الثار ممما حممدثني نصممر‬
‫بن علي حدثني بكار عن عبد الله بن أخممي همممام‬
‫حممدثنا محمممد بممن عبممد العزيممز بممن عمممر بممن عبممد‬
‫الرحمن بن عوف عن أبيممه عممن أبممي سمملمة عممن‬
‫) ومممن شممر غاسممق إذا‬ ‫أبي هريرة عممن النممبي‬
‫وقب ( النجم الغاسق قلت وهذا الحديث ل يصممح‬
‫قال بممن جريممر وقممال آخممرون‬ ‫رفعه إلى النبي‬
‫هو القمر قلممت وعمممدة أصممحاب هممذا القممول ممما‬

‫‪1185‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رواه المممام أحمممد ‪ 661‬حممدثنا أبممو داود الحفممري‬
‫عن بن أبي ذئب عن الحارث بن أبي سمملمة قممال‬
‫قالت عائشة رضي الله عنها أخذ رسول اللممه‬
‫بيدي فأراني القمر حين طلع وقال تعوذي بممالله‬
‫مممن شممر هممذا الغاسممق إذا وقممب ورواه الترمممذي‬
‫‪ 3366‬والنسمممائي فمممي كتمممابي التفسمممير ممممن‬
‫سننيهما من حديث محمممد بممن عبممد الرحمممن بممن‬
‫أبي ذئب عن خاله الحممارث بممن عبممد الرحمممن بممه‬
‫وقال الترمذي حديث حسن صحيح ولفظه تعوذي‬
‫بممالله مممن شممر هممذا فممإن هممذا الغاسممق إذا وقممب‬
‫ولفظ النسممائي تعمموذي بمالله مممن شممر هممذا همذا‬
‫الغاسق إذا وقب قال أصحاب القممول الول وهممو‬
‫آية الليل إذا ولج هذا ل ينممافي قولنمما لن القمممر‬
‫آيممة الليممل وليوجممد لممه سمملطان إل فيممه وكممذلك‬
‫النجمموم ل تضمميء إل بالليممل فهمو يرجممع إلمى ممما‬
‫قلنمماه واللممه أعلممم وقمموله تعممالى ) ومممن شممر‬
‫النفاثممات فممي العقممد ( قممال مجاهممد وعكرمممة‬
‫والحسن وقتادة والضممحاك يعنممي السممواحر قممال‬
‫مجاهد إذا رقين ونفثن في العقد وقال بن جرير‬
‫حدثنا بن عبد العلى حدثنا بن ثور عن معمر عممن‬
‫بن طاوس عن أبيه قال ما من شيء أقممرب إلممى‬
‫الشرك من رقية الحية والمجانين وفممي الحممديث‬
‫فقال اشممتكيت‬ ‫الخر أن جبريل جاء إلى النبي‬
‫يامحمد فقال نعم فقال باسممم اللممه أرقيممك مممن‬
‫كل داء يؤذيك ومممن شممر كممل حاسممد وعيممن اللممه‬
‫حيممن سممحر‬ ‫يشفيك ولعل هذا كان من شكواه‬
‫ثم عافمماه اللممه تعممالى وشممفاه ورد كيممد السممحرة‬
‫الحساد من اليهود في رؤوسهم وجعل تممدميرهم‬
‫في تدبيرهم وفضحهم ولكن مممع هممذا لممم يعمماتبه‬
‫يوممما مممن الممدهر بممل كفممى اللممه‬ ‫رسممول اللممه‬

‫‪1186‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وشفى وعافى وقممال المممام أحمممد ‪ 4367‬حممدثنا‬
‫أبو معاوية حدثنا العمش عن يزيد بن‬
‫رجممل‬ ‫حبان عن زيد بن أرقم قال سحر النممبي‬
‫من اليهود فاشتكى لذلك أياما قال فجاءه جبريل‬
‫فقال إن رجل من اليهود سحرك وعقد لك عقممدا‬
‫في بئر كذا وكممذا فأرسممل إليهمما مممن يجيممء بهمما‬
‫فاسممتخرجها فجمماءه بهمما‬ ‫فبعممث رسممول اللممه‬
‫كأنما نشط مممن‬ ‫فحللها قال فقام رسول الله‬
‫عقال فما ذكر ذلك لليهممودي ول رآه فممي وجهممه‬
‫حتى مممات ورواه النسممائي ‪ 7112‬عممن هنمماد عممن‬
‫أبممي معاويممة محمممد بممن حممازم الضممرير وقممال‬
‫البخمماري فممي كتمماب الطممب مممن صممحيحه ‪5765‬‬
‫حدثنا عبد الله بن محمد قال سمعت سممفيان بممن‬
‫عيينة يقول أول ممن حممدثنا بمه بمن جريمج يقمول‬
‫حدثني آل عروة عن عممروة فسممألت هشمماما عنممه‬
‫فحدثنا عن أبيه عن عائشة قالت كان رسول الله‬
‫سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء وليأتيهن‬
‫قال سفيان وهذا أشد ممما يكممون مممن السممحر إذا‬
‫كان كذا فقال ياعائشة أعلمت أن الله قد أفتاني‬
‫فيما استفتيته فيه أتمماني رجلن فقعممد أحممداهما‬
‫عند رأسي والخممر عنممد رجلممي فقممال الممذي عنممد‬
‫رأسي للخر ممما بممال الرجممل قممال مطبمموب قممال‬
‫ومن طبه قال لبيد بن أعصم رجل من بني زريق‬
‫حليف اليهود كمان منافقمما قمال وفيمم قمال فممي‬
‫مشط ومشاقة قال وأيممن قممال فممي جممف طلعممة‬
‫ذكممر تحممت راعوفممة فممي بئر ذروان قممالت فممأتى‬
‫البئر حتى استخرجه فقال هذه البئر التي أريتهمما‬
‫وكممأن ماءهمما نقاعممة الحنمماء وكممان نخلهمما رؤوس‬
‫الشممياطين قممال فاسممتخرج فقلممت أفل تنشممرت‬
‫فقال أما الله فقد شفاني وأكممره ان أثيممر علممى‬
‫أحد من الناس شرا وأسنده من حديث عيسى بن‬

‫‪1187‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يونس وأبي ضمرة أنس بن عيمماض وأبممي أسممامة‬
‫ويحيى القطان وفيه قالت حتى كان يخيممل إليممه‬
‫انه فعل الشيء ولممم يفعلممه وعنممده فممأمر بممالبئر‬
‫فدفنت وذكر أنه رواه عن هشممام أيضمما بممن أبممي‬
‫الزناد والليممث بممن سممعد وقممد رواه مسمملم ‪2189‬‬
‫من حديث أبي أسامة حماد بن أسامة وعبممد اللممه‬
‫بن نمير ورواه أحمممد عممن عفممان عممن وهممب عممن‬
‫هشممام بممه ورواه المممام أحمممد أيضمما ‪ 663‬عممن‬
‫إبراهيم بن خالد عن معمر عممن هشممام عممن أبيممه‬
‫سممتة أشممهر يممرى‬ ‫عن عائشة قالت لبث النبي‬
‫أنه يأتي وليأتى فأتاه ملكان فجلس أحدهما عند‬
‫رأسممه والخممر عنممد رجليممه فقممال أحممدهما للخممر‬
‫ماباله قال مطبوب قال ومن طبه قممال لبيممد بممن‬
‫العصممم وذكممر تمممام الحممديث وقممال السممتاذ‬
‫المفسر الثعلممبي فممي تفسمميره قممال بممن عبمماس‬
‫وعائشة رضي الله عنهممما كممان غلم مممن اليهممود‬
‫فدبت إليه اليهود فلم يزالوا‬ ‫يخدم رسول الله‬
‫وعممدة مممن‬ ‫به حممتى أخممذ مشمماطة رأس النممبي‬
‫أسنان مشممطه فأعطاهمما اليهممود فسممحروه فيهمما‬
‫وكان الذي تولى ذلممك رجممل منهممم يقممال لممه بممن‬
‫أعصمم ثمم دسمها فمي بئر لبنمي زريمق يقمال لمه‬
‫وانتممثر شممعر رأسممه‬ ‫ذروان فمرض رسول الله‬
‫ولبث ستة أشهر يرى أنه يأتي النسمماء وليمأتيهن‬
‫وجعل يذوب ول يدري ما عراه فبينما هو نممائم إذ‬
‫أتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه والخر عنممد‬
‫رجليه فقال الممذي عنممد رجليممه للممذي عنممد رأسممه‬
‫مابال الرجل قال طب قال وما طممب قممال سممحر‬
‫قال ومن سحره قال لبيد بممن العصممم اليهممودي‬
‫قال وبم طبه قال بمشممط ومشمماطة قممال وأيممن‬
‫هو قال في جف طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر‬
‫ذروان والجف قشر الطلع والراعوفممة حجممر فممي‬

‫‪1188‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أسممفل الممبئر نمماتىء يقمموم عليممه الماتممح فممانتبه‬
‫مذعورا وقال ياعائشة أما شممعرت‬ ‫رسول الله‬
‫عليا‬ ‫أن الله أخبرني بدائي ثم بعث رسول الله‬
‫والزبير وعمار بن ياسمر فنزحموا مماء المبئر كمأنه‬
‫نقاعة الحناء ثم رفعوا الصممخرة وأخرجمموا الجممف‬
‫فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان مممن مشممطه وإذا‬
‫فيه وتممر معقممود فيممه اثنمما عشممر عقممدة مغممروزة‬
‫بالبر فأنزل الله تعممالى السممورتين فجعممل كلممما‬
‫خفممة‬ ‫قرأ آية انحلت عقدة ووجممد رسممول اللممه‬
‫حين انحلت العقدة الخيرة فقام كأنما نشط من‬
‫عقال وجعمل جبريمل عليمه السملم يقمول باسمم‬
‫الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من حاسد وعيممن‬
‫اللممه يشممفيك فقممالوا يمما رسممول اللممه أفل نأخممذ‬
‫أمما أنما فقمد‬ ‫الخبيث نقتله فقال رسمول اللمه‬
‫شفاني الله وأكره أن أثير على الناس شرا هكذا‬
‫أورده بل إسناد وفيممه غرابممة وفممي بعضممه نكممارة‬
‫شديدة ولبعضممه شمواهد ممما تقممدم واللممه أعلممم‬
‫‪114‬‬
‫) سورة الناس (‬

‫(‬ ‫‪6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اليممممممممات ) ‪114‬‬


‫مقدمة تفسير سورة النمماس بسممم اللممه الرحمممن‬
‫الرحيمممممم سمممممورة النممممماس وهمممممي مكيمممممة‬
‫هممذه ثلث صممفات مممن صممفات الممرب عممز وجممل‬
‫الربوبيممة والملممك واللهيممة فهممو رب كممل شمميء‬
‫ومليكه وإلهه فجميع الشياء مخلوقة له مملوكممة‬
‫عبيد له فأمر المستعيذ أن يتعوذ بالمتصف بهممذه‬
‫الصممفات ممممن شمممر الوسمممواس الخنممماس وهمممو‬
‫الشيطان الموكل بالنسان فإنه ما من أحممد مممن‬

‫‪1189‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بني آدم إل وله قرين يزين له الفواحش وليألوه‬
‫جهدا في الخبال والمعصوم من عصمه الله‬
‫وقد ثبت في الصحيح أنه ما منكم من أحد إل قممد‬
‫وكل به قرينه قالوا وأنت يا رسول الله قال نعم‬
‫إل أن اللممه أعممانني عليممه فأسمملم فل يممأمرني إل‬
‫بخير وثبت في الصحيح عن أنس في قصة زيممارة‬
‫وهمو معتكممف وخروجممه معهما ليل‬ ‫صفية للنبي‬
‫ليردها إلى منزلها فلقيه رجلن من النصار فلما‬
‫علممى‬ ‫أسرعا فقممال رسممول اللممه‬ ‫رأيا النبي‬
‫رسلكما إنها صفية بنت حيي فقمال سمبحان اللمه‬
‫يا رسول الله فقال إن الشيطان يجممري مممن بممن‬
‫آدم مجممرى الممدم وإنممي خشمميت أن يقممذف فممي‬
‫قلوبكممما شمميئا أو قممال شممرا وقممال الحممافظ أبممو‬
‫يعلى الموصلي ‪ 4301‬حدثنا محمد بن بحر حممدثنا‬
‫عدي بن أبي عمارة حدثنا زياد النميري عن أنممس‬
‫إن الشمميطان‬ ‫بن مالك قال قممال رسممول اللممه‬
‫واضع خطمه علممى قلممب بممن آدم فممإن ذكممر اللممه‬
‫خنممس وإن نسممي التقممم قلبممه فممذلك الوسممواس‬
‫الخنمماس غريممب وقممال المممام أحمممد ‪ 595‬حممدثنا‬
‫محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عاصم سمعت أبا‬
‫قممال عممثر‬ ‫تميمة يحدث عن رديف رسول اللممه‬
‫حمممارة فقلممت تعممس الشمميطان فقممال‬ ‫بالنبي‬
‫النبي صلى الله تعالى عليه وسمملم لتقممل تعممس‬
‫الشيطان فإنك إذا قلت تعممس الشمميطان تعمماظم‬
‫وقال بقوتي صرعته وإذا قلت باسم الله تصمماغر‬
‫حتى يصير مثل الذباب تفرد به أحمد إسناده جيد‬
‫قوي وفيه دللة علممى أن القلممب مممتى ذكممر اللممه‬
‫تصاغر الشيطان وغلب وإن لم يذكر الله تعمماظم‬
‫وغلب وقال المممام أحمممد ‪ 2230‬حممدثنا أبممو بكممر‬
‫الحنفممي حممدثنا الضممحاك بممن عثمممان عممن سممعيد‬

‫‪1190‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال‬
‫إن أحدكم إذا كان في المسجد جاء‬ ‫رسول الله‬
‫الشيطان فالتبس به كما يبس الرجل بدابته فإذا‬
‫سكن له زنقه أو ألجمه قال أبو هريرة رضي الله‬
‫عنه وأنتم ترون ذلك أما المزنوق فتراه مائل كذا‬
‫ل يذكر الله وأما الملجم ففاتح فاه ل يممذكر اللممه‬
‫عز وجل تفرد به أحمد وقال سعيد بن جممبير عممن‬
‫بن عباس في قوله ) الوسممواس الخنمماس ( قممال‬
‫الشمميطان جمماثم علممى قلممب بممن آدم فممإذا سممها‬
‫وغفل وسوس فممإذا ذكممر اللممه خنممس وكممذا قممال‬
‫مجاهد وقتادة وقال المعتمر بن سليمان عن أبيه‬
‫ذكر لي أن الشيطان الوسواس ينفث فممي قلممب‬
‫بن آدم عنممد الحمزن وعنمد الفممرح فمإذا ذكمر اللممه‬
‫خنس وقال العمموفي عممن بممن عبمماس فممي قمموله‬
‫) الوسواس ( قال هو الشيطان يأمر فممإذا أطيممع‬
‫خنس وقوله تعالى ) الممذي يوسمموس فممي صممدور‬
‫الناس ( هل يختص هذا ببني آدم كما هو الظمماهر‬
‫أو يعم بني آدم والجن فيممه قممولن ويكونممون قممد‬
‫دخلوا في لفظ الناس تغليبا وقال بن جرير وقممد‬
‫اسممتعمل فيهممم رجممال مممن الجممن فل بممدع فممي‬
‫إطلق الناس عليهممم وقمموله تعممالى ) مممن الجنممة‬
‫والناس ( هل هو تفصيل لقوله ) الذي يوسمموس‬
‫في صدور الناس ( ثم بينهم فقممال ) مممن الجنممة‬
‫والناس ( وهذا يقوي القول الثاني وقيممل لقموله‬
‫) من الجنة والناس ( تفسير للذي يوسمموس فممي‬
‫صدور الناس من شياطين النس والجن كما قال‬
‫تعالى ) وكذلك جعلنمما لكممل نممبي عممدوا شممياطين‬
‫النس والجن يمموحي بعضممهم إلممى بعممض زخممرف‬
‫القممول غممرورا ( وكممما قممال المممام أحمممد ‪5178‬‬
‫حممدثنا وكيممع حممدثنا المسممعودي حممدثنا أبممو عمممر‬
‫الدمشقي حدثنا عبيد بن الخشخاش عممن أبممي ذر‬
‫وهممو فممي المسممجد‬ ‫قممال أتيممت رسممول اللممه‬

‫‪1191‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فجلست فقال يا أبا ذر هل صممليت قلممت ل قممال‬
‫قم فصل قال فقمت فصليت ثم جلست فقال يا‬
‫أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين النممس والجممن‬
‫قال فقلت يا رسول الله وللنس شممياطين قممال‬
‫نعم قال فقلت يا رسول اللممه الصمملة قممال خيممر‬
‫موضوع من شمماء أقممل ومممن شمماء أكممثر قلممت يمما‬
‫رسول الله فالصوم قال فرض مجزىء وعند الله‬
‫مزيد قلت يا رسول الله فالصممدقة قممال أضممعاف‬
‫مضاعفة قلت يا رسممول اللممه فأيهمما أفضممل قممال‬
‫جهد من مقل أوسر إلممى فقيممر قلممت يمما رسممول‬
‫الله أي النبياء كان أول قال آدم قلت يمما رسممول‬
‫الله ونبيا كان قال نعم نبي مكلم قلت يا رسممول‬
‫الله كمم المرسملون قمال ثلثممائة وبضممعة عشممر‬
‫جما غفيرا وقال مرة خمسة عشر قلت يا رسول‬
‫الله أيممما أنممزل عليممك أعظممم قممال آيممة الكرسممي‬
‫) الله ل إله إل هو الحي القيوم ( ورواه النسائي‬
‫‪ 8275‬من حممديث أبممي عمممر الدمشممقي بممه وقممد‬
‫أخرج هذا الحديث مطول جدا أبو حاتم بممن حبممان‬
‫في صحيحه ‪ 361‬بطريق آخر ولفظ آخممر مطممول‬
‫جدا فالله أعلم وقممال المممام أحمممد ‪ 1235‬حممدثنا‬
‫وكيع عن سفيان عن منصور عن ذر بن عبد اللممه‬
‫الهمداني عن عبد الله بن شممداد عممن بممن عبمماس‬
‫فقال يا رسممول اللممه‬ ‫قال جاء رجل إلى النبي‬
‫إني لحدث نفسي بالشيء لن أخر مممن السممماء‬
‫أحب إلي من أن أتكلم بممه قممال فقممال النممبي‬
‫الله أكبر الله أكبر الحمد لله الممذي رد كيممده إلممى‬
‫الوسوسممة ورواه أبممو داود ‪ 5112‬والنسممائي مممن‬
‫حديث منصور زاد النسائي والعمش كلهما عممن‬
‫ذر به آخر التفسير ولله الحمد والمنة والحمد لله‬
‫رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمممد وآلممه‬
‫وصحبه أجمعين ورضي الله عن الصحابة أجمعين‬
‫حسبنا الله ونعم الوكيل وكممان الفممراغ منممه فممي‬

‫‪1192‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العاشر من جمادى الولى سنة خمممس وعشممرين‬
‫وثمان مئة والحمد لله رب العالمين‬

‫‪1193‬‬

You might also like