You are on page 1of 123

‫التعريف بالمؤلف‬

‫برهان السلم الزرنوجى‬

‫‪ -1‬إسمه‬
‫الزرنوجى نسبة إلى بلده زرنوج‪ ،‬وهى كما يقول القرشى‬
‫صاحب الجواهر المضيئة‪ ،1‬من بلد الترك‪ .‬أممما يمماقوت الحممموى‬
‫فقال عنها فى معجمه‪ :2‬بلد مشممهور بممما وراء النهممر بعممد خوجنممد‬
‫من أعمال تركستان‪.3‬‬
‫وممما وراء النهممر هممى البلد الواقعممة وراء نهممر جيحممون‬
‫بخراسممان الممتى قممال عنهمما يمماقوت‪ :‬مممن أنممزه القمماليم وأخصممبها‬
‫وأكثرها خيرا‪ .4‬وأول من أرسل الجيوش لفتحها هممو الحجمماج بممن‬
‫يوسف )توفي ‪95‬هم‪ 714 /‬م( بأمر من الخليفممة مم عبممد الملممك بممن‬
‫مروان بن الحكم )توفي سنة ‪ 86‬هم‪ 705/‬م(‪.‬‬

‫الجواهر المضيئة ‪.312 /2‬‬ ‫‪1‬‬

‫معجم البلدان ‪.387 /4‬‬ ‫‪2‬‬

‫تركستان هى اليوم أفغانستان وجزء من الجمهوريات السمملمية فممى‬ ‫‪3‬‬

‫التحاد السوفياتى وعن التحديد الجغرافى والتاريخى للمنطقة قارن مممادة‬


‫تركستان فى الموسوعة السلمية‪ ،‬الترجمة العربية ‪.211-209 /5‬‬
‫معجم البلدان ‪.370 /7‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -2‬شخصيته‬
‫إن قلة المعلومات حول حياة الزرنمموجى ل تغنممى بالتممالى‬
‫استحالة تكمموين فكممرة عممن شخصمميته الممتى تلمسممها بوضمموح فممى‬
‫كتابه‪ ،‬فمن خلل قراءة كتاب )تعليم المتعلم( تتبين لنا ملمح تلممك‬
‫الشخصممية فهممو‪ :‬فقيممه حنفممى متعصممب لمممذهبه‪ ،‬وتبعيتممه لمممذهبه‬
‫تظهممر فممى مصممنفه الممذى أورد فيممه العديممد مممن الستشممهادات‬
‫والقوال السائرة‪ ،‬أغلبها لعلماء وفقهاء أحناف‪ ،‬مع أن الكتمماب ل‬
‫يمت بصلة إلى أى من مواضمميع الفقممه ول يتنمماول مممذهب المممام‬
‫أبى حنيفة بأية دراسممة‪ ،‬وتظهممر أيضمما بتلميحممه إلممى بعممض كتممب‬
‫الحناف المختصرة فى الفقه‪ ،‬التى رأى أن علممى المتعلممم حفظهمما‬
‫فى بداية طريق التعلم‪ ،‬بل أوجب تقطيممع الممورق للكتابممة علممى ممما‬
‫كان يفعله المام أبى حنيفة )انظر ص ‪.(84‬‬
‫عممذا اهتمممام الزرنمموجى بالناحيممة الفقهيممة‪ ،‬فقممد وصممفه‬
‫المستشرق بلسنر)‪ ( Plessner‬بأنه فيلسوف عممربى‪ .1‬ول نممدرى‬
‫علممى أى مرجممع اعتمممد فممى تأكيممده لدراسممة الزرنمموجى الفلسممفة‬

‫الموسوعة السلمية للمستشرقين ‪.345 /10‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫ورسمه بالفيلسوف‪ ،‬أما أن يكون الزرنوجى عربيا فهذا وهم بين‪،‬‬
‫فإن صاحبنا ولد ونشأ فى منطقة توصف بأنهمما مممن )بلد الممترك(‬
‫فهو ليس عربيا رغم معرفته وكتممابته بالعربيممة والممتى كممانت لغممة‬
‫الحضارة السلمية فى كل بلد السلم‪ ،‬كما أنممه ليممس هنمماك ممما‬
‫يدل على أن أصله مممن العممرب القمماطنين فممى تلممك المنمماطق‪ .‬كممما‬
‫يحرص مؤلف كتب التراجم على ذكر هذه النسبة فيمن تتوفر له‪،‬‬
‫ولذلك فقد كان من الجممدر بممه أن يعممرف الزرنمموجى بممأنه‪ :‬عممالم‬
‫تربوى أو فقيه حنفى أو غير ذلك مما يتناسق مع شخصمميته ومممما‬
‫يتوفر له الدليل‪.‬‬
‫وبهممذه النسممبة أيضمما عممرف رجممل آخممر هممو النعمممان بممن‬
‫إبراهيم الزنوجى‪ ،‬ذكره صاحب الجممواهر المضميئة‪ 1‬فممى ترجمممة‬
‫المؤلف فقال‪ :‬هو فى طبقة النعمان بممن إبراهيممم الزرنمموجى‪ ،‬وقممد‬
‫توفي م كما ذكر فى موضع آخر‪ 2‬م عام ‪ 1242 /640‬فى بخارى‪.‬‬
‫لقبه‪ :‬تماج المدين‪ ،‬وكممان أديبمما‪ ،‬ولمه الموضمح فمى شممرح مقامممات‬
‫الخريرى‪.‬‬

‫‪.364 /2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 201 /2‬و ‪.312‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -3‬شيوخه‬
‫أخذ الزرنوجى العلم عن عدد من مشايخه وعلماء عصره‬
‫المشهورين والمكثرين من التصنيف فممى الفقممه والدب‪ ،‬يجمعهممم‬
‫قاسم مشترك وهو كونهم من الحناف‪ .‬ول شك أن دراسة المممرء‬
‫العلم على رجال من مدرسة فكرية ومذهبيممة واحممدة‪ ،‬وخصوصمما‬
‫المممدارس الممتى تكممونت لهمما جممذورا علميممة عميقممة ولعبممت دورا‬
‫مجتمعيا هاما‪ ،‬إن هممذه الدراسممة عليهممم تممترك بصممماتها واضممحة‬
‫ثابتة على منهجه العلمى الذى لن يجعل سوى متابعة ذات التمموجه‬
‫الفكرى ول يحيد عن طريقه وذلممك مممما يمكممن أن يمدرك بسممهولة‬
‫تامة‪.‬‬
‫إن مرجعنا الرئيسى فى التعرف على مشممايخه هممو كتممابه‬
‫فقد ذكر فيه عددا منهم وأورد أقوال تنسب إليهم‪.‬‬
‫أمما أشمهر ممن أكمثر النقمل عنمه فمى مواضمع عديمدة ممن‬
‫الكتاب فهو برهان الدين علي بممن أبممى بكممر المرغينممانى المتموفى‬
‫عام ‪ 1197 /593‬م وصاحب كتاب الهداية فى الفقممه وكممثير مممن‬
‫التصانيف وهو من كبار فقهاء الحناف فى عصره‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫والخرون فمنهم‪:‬‬
‫‪ -‬ركن السلم محمد بن أبى بكر المعروف بخواهر زاده‬
‫أو إمممام زاده‪ ،‬مفممتى أهممل بخممارى وهممو فقيممه وأديممب‬
‫وشاعر‪ ،‬توفي عام ‪ 1177 /573‬م‪.‬‬
‫‪ -‬حماد بن إبراهيم‪ :‬فقيه وأديممب ومتكلممم تمموفي عممام ‪576‬‬
‫هم‪ 1180 /‬م‪.‬‬
‫‪ -‬فخممر الممدين الكاشممانى‪ :‬وأغلممب الظممن أنممه أبممو بكممر بممن‬
‫مسعود الكاشممانى صمماحب كتمماب )بممدائع الصممنائع( فممى‬
‫الفقه‪ ،‬توفى عام ‪.1191 /587‬‬
‫‪ -‬فخممر الممدين قاضممى خممان الوزجنممدى‪ ،‬لممه العديممد مممن‬
‫المؤلفات الفقهية وكان مجتهدا‪ ،‬توفي ‪.1196 /592‬‬
‫‪ -‬الديممب المختممار ركممن الممدين الفرغممانى‪ :‬فقيممه وأديممب‬
‫وشاعر‪ ،‬المتوفى عام ‪.1198 /594‬‬

‫‪ -4‬مؤلفاته‬

‫‪5‬‬
‫عرف برهان السلم الزرنوجى بأنه مؤلمف كتماب تعليمم‬
‫المتعلم‪ ،‬ولم يشتهر كتابه بنسبته إليممه عكممس مممن المصممنفين‪ ،‬فقممد‬
‫ترجم له غير واحد بأنه )‪ ...‬مصنف كتاب تعليممم المتعلممم(‪ .1‬وهممذا‬
‫دليل على شهرة أمممر الكتمماب لهميتممه مممع قلممة المعلومممات حممول‬
‫صاحبه كما سبق ذكره‪.‬‬
‫عدا ذلك فإننا نستنتج فائدة أخممرى‪ ،‬وهممى أن هممذا الكتمماب‬
‫هو المصنف الوحيد الذى كتبه الزرنوجى ولم يكن له نتاج علمممى‬
‫آخر‪ ،‬ل فى التربيمة ول فمى الفقممه أو غيمره مممن العلمموم طالممما أن‬
‫جميع من حكى عنه اكتفى بذكر كتابه هذا‪.‬‬
‫وعلى ذلك فإن ما كتبه المستشرق بلسممنر فممى الموسمموعة‬
‫السلمية‪ 2‬من أن تعليم المتعلم‪) :‬هو الكتاب الوحيد الذى بقى مممن‬
‫مؤلفممات الزرنمموجى( يحمممل فممى ضمممنه التأكيممد علممى أن هنمماك‬
‫مؤلفات أخرى له وأنها ضاعت واندثرت‪ .‬ونحن نعتبر أن ما قاله‬
‫بلسنر هو محل ادعاء لمر غير موجود طالما أنه لم يورد الممدليل‬

‫الجمممواهر المضيئة ‪ .364 /2‬الفمموائد البهية ‪ .54‬الممموسوعة العربية‬ ‫‪1‬‬

‫الميسرة ص ‪.923‬‬
‫‪.345 /10‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪6‬‬
‫عليممه‪ ،‬صممحيح أن الغممزو المغممولى الممذى حممدث أواخممر أيممام‬
‫الزرنوجى وفى بلده بالممذات ربممما يكممون قممد أبمماد ودمممر‪ ،‬إل أن‬
‫القضية تبقى فى جانب الظن‪.‬‬

‫‪ -5‬متى عاش الزرنوجى؟‬


‫لم نجد فى المراجع سممنة ولدة أو سممنة وفمماة الزرنمموجى‪،‬‬
‫مما يصعب معه بادئ ذى بدء أن نعين بالضبط الفترة التى عمماش‬
‫فيهمما‪ ،‬فكممما أغفلممت كتممب الممتراجم ذكممر معطيممات كاملممة حممول‬
‫شخصيته‪ ،‬لم تنقل لنا كذلك ما يفيد عن السنوات التى اشتهر أمره‬
‫بها أو ألف كتابه خللها‪.‬‬
‫فى الكتابممات الحديثيممة عممن الزرنمموجى وآرائه فممى التعلممم‬
‫ذكرت سنة وفاته أنهمما عممام ‪ 591‬أو ‪ 593‬أو ‪ 1597‬دون دليممل أو‬
‫اكتفى بذكر أنه من أبناء القرن السادس الهجرى دون تحديد‪.2‬‬

‫قارن التربية فى السلم للهوانى ‪ ،239‬التعلم عن الزرنوجى لعثمان‬ ‫‪1‬‬

‫والموسوعة العربية الميسرة ‪ 923‬ومعجم المؤلفين لحكالة ‪.3/43‬‬


‫معجم المطبوعات لسركيس ‪ 969‬وقراءات فى الفكر التربوى للدكتور‬ ‫‪2‬‬

‫ناصر ‪.343 /2‬‬


‫‪7‬‬
‫وعند أول قراءتنا للمخطوط وكذلك النسخ المطبوعة تولد‬
‫لدينا شك فى صحة نقل من أورد سنة وفاته على الشكل المذكور‪،‬‬
‫وقد غلممب علممى ظننمما أن وفمماته تممأخرت إلممى ممما بعممد ذلممك بكممثير‬
‫باعتبار أن بعممض مشممايخه الممذين ذكرهممم فممى الكتمماب توفمموا فممى‬
‫العشر الواخر من القرن السادس الهجرى‪ ،‬ومن بديهيات المور‬
‫أنه تلقى عليهم العلم شابا مع كبر سنهم مما يرجح كونه قممد عمماش‬
‫إلى بدايات القرن السابع الهجرى‪.‬‬
‫وقد اطلعت على ما كتبه بلنسر فى الموسمموعة السمملمية‬
‫فى بحثه عن الزرنوجى فقد أكد على تأخر وفمماته عممما ذكممر دون‬
‫أن يحددها ويرجح أنه قد ألف كتابه بعممد عممام ‪ ،1593‬وذلممك بنمماء‬
‫على الفرق الطبيعى للعمار بينه وبين أساتذته‪ .‬إن ما ذهبنمما إليممه‬
‫بالنسبة إلى الشك فى سنة وفاته يعنى م وإن يكمن بلنسمر قمد سمبقنا‬
‫فيه م أن المنهج الذى اتبعناه فى التعرف على هذه القضممية مقبممول‬
‫إلى درجة ما‪ ،‬وخصوصا أننا ذهبنا إلى تحديمد وفماته بشمكل أدق‪.‬‬

‫‪ 1‬ذكر فيليب حتى فى تاريخ العرب أن الكتاب ألف عام ‪/2 ) 1302 /600‬‬
‫‪.(497‬‬
‫‪8‬‬
‫فقد ذكر آلوارت‪ 2‬أن الزرنوجى قد نبممه ذكممره حمموالى عممام ‪/620‬‬
‫‪ ،1223‬ووجدنا ما يؤيده وذلك فيما كتبه القرشى فى الجواهر من‬
‫أن الزرنمموجى هممو فممى طبقممة النعمممان بممن إبراهيممم الزرنمموجى‬
‫المتوفى عام ‪ 640‬هم‪ .‬فإن لم يكن الزرنمموجى قممد تمموفي فممى ذلممك‬
‫العام م مع إمكانية حدوثه م فقد تمموفي قريبمما لنممه عاصممر النعمممان‬
‫وعاش فمى نفمس الجليمل أى الثلمث الول علمى القمل ممن القمرن‬
‫السابع الهجرى‪.‬‬
‫وبذلك يمكن لنا التأكيد على أن الزرنمموجى قممد عمماش فممى‬
‫الفترة ما بين منتصف القرن السادس إلى نهايممة الثلممث الول مممن‬
‫القرن السابع الهجرى وعلممى أن ممما كتممب عممن سممنة وفمماته وهممم‪.‬‬
‫وهذا التحديد يعنينا بشكل خاص للحرص على صحة نقل كممل ممما‬
‫يمس الزرنوجى من معلومات‪.‬‬
‫والزرنمموجى مم ككممل إنسممان غالبمما مم ابممن عصممره وبيئتممه‬
‫بأفكمماره وعلممومه ومعتقممداته وهممو أيضمما ككممل مثقممف وكمماتب أو‬
‫مشارك فى ثقافة عصره يتأثر بواقع بيئته السياسممى والجتممماعى‬

‫نقل عن الموسوعة السلمية ‪.345 /10‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪9‬‬
‫والعلمى والحاضرى ليقدم بعد ذلك نتاجا يممؤثر فممى واقعممه‪ ،‬علممى‬
‫اختلف فى درجة التأثير والتغيير‪.‬‬
‫فما هو عصر الزرنوجى؟ وما هى سمات تلك الفترة التى‬
‫عاش فيها؟‬

‫‪ -6‬عصر الزرنوجى‬
‫لعل القرنين السادس والسابع الهجرييممن حمل الكممثير مممن‬
‫ملمح القرون السابقة التى شهدت انفصال حقيقيا بيممن الوضمماع‬
‫السياسية وبين ازدهار المدنية السلمية‪ .‬ففى المموقت الممذى نممرى‬
‫فيه الصراع السياسى وتفكك الدولة العظمى إلى إمارات ومناطق‬
‫نفوذ‪ ،‬ندهش لما أنتجتمه تلمك المدنيمة ممن أفكمار وعلموم‪ ،‬وعلمماء‬
‫وأدباء فى شتى نواحى المعرفة‪.‬‬
‫وهذان القرنان )السادس والسابع( وإن حمل تلك الملمح‬
‫البارزة‪ ،‬فقد اختصا بمعاصرة الرياح العاتية التى ضربت شممجرة‬
‫الحضممارة‪ ،‬وذلممك مممن البممدايات الولممى للهممتزاز حممتى الهجمممة‬
‫العنيفة التى أطاحت بكثير من أجزاء كيان تلك الشجرة‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫وعليه فمن كان ابن ذاك العصر سمميحرص بالتأكيممد علممى‬
‫المشاركة قدر طاقته فى المحافظممة علممى ممما لممدى بيئتممه وزمممانه‪،‬‬
‫ورد المور إلى أصولها‪ ،‬وذلك كحد أدنى إن لمم يسمتطع أن يعيمد‬
‫هو ما فقدته أمته خلل التصادم‪.‬‬
‫أما من ناحية المدنية السلمية فقد تابعت وقممتئذ مسمميرتها‬
‫وازدهرت ثقافتها رغم كل الظروف الصعبة مممن حممروب داخليمة‬
‫مممدمرة ومممن تعممدد المممذاهب الكلميممة والفلسممفية وكممثرة الفممرق‬
‫والمذاهب‪ .‬وقمد قممام السمملجقة بمدور همام فممى إيجمماد مكمان ثممابت‬
‫للزدهار بعد أن قضوا نوعا ما على الهتزاز السياسى الذى كاد‬
‫أن يدمر الحضارة وأعادوا للخلفة العباسية بعض مظهرهمما‪ ،‬مممع‬
‫احتفمماظهم بالسمميطرة الفعليممة لنفسممهم‪ ،‬وذلممك فيممما وراء النهممر‬
‫وفارس والعراق‪ .‬والمضمون الثقافى لهذا الستقرار النسبى كممان‬
‫فممى جهممد السمملجقة بإنشمماء المممدارس والمؤسسممات التعليميممة‬
‫والمعاهد الدينية‪ ،‬والذى يمكن اعتباره العمل الول من نموعه فمى‬
‫التاريممخ السمملمى‪ .‬وقممد كممانت المدرسممة النظاميممة فممى نيسممابور‬
‫وبغداد أنموذجا لتخريج العلماء وللنشر الثقافى والفكر المتطور‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫وكذلك كان الحال أيام اليوبيين‪ ،‬الذين دامت سلطتهم مممن‬
‫سمنة ‪ 546‬همم إلمى ‪ 647‬همم‪ ،‬والمذين تفوقموا علمى السملجقة فمى‬
‫رعاية العلم والثقافة بإنشاء المدارس المتعددة التخصصات والتى‬
‫فتحت أبوابها لكل راغب فى التعلم‪ .‬كما وان كثرة عممدد المممدارس‬
‫كان صورة واضحة المعالم عن عمق الثقافة وأثرها فى المجتمممع‬
‫المسلم‪.‬‬
‫أما الوضع السياسى فقد كان يعممانى فممى جبهممتين‪ :‬داخليممة‬
‫وخارجية‪ .‬فالوضع الداخلى كان قد وقع فممى تمممزق عنيممف نتيجممة‬
‫صراع السمملجقة المتممأخرين وبالممذات أبنمماء السمملطان السمملجوقى‬
‫ملكشا كاد يدمر ما رممه أوائلهممم‪ .‬أممما المعانمماة الخارجيممة فكممانت‬
‫نتيجة الهجمات الغربيممة الممتى سممميت بممالحروب الصممليبية‪ .‬وهممذه‬
‫الحروب م كما يرى ابن الثيرم سلسلة مممن الممردود الغربيممة علممى‬
‫التوسممع السمملمى والممتى بممدأت بالهجمممة علممى النممدلس وغممزو‬
‫طليطلة عام ‪ 478‬هم‪ 1085 /‬م‪ .1‬وقممد تتممابعت الحملت الصممليبية‬

‫الكامل فى التاريخ ‪.94 /9‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪12‬‬
‫على المشرق المسلم بشكل متواصل حممتى بممدايات القممرن السممابع‬
‫الهجرى‪.‬‬
‫ورغم أن السمملجقة المتصممارعين نجحمموا فممى رد الغممزو‬
‫الصليبى‪ ،‬فقد وجد الصليبيون لنفسهم موطئ قدم فى هممذه البلد‪،‬‬
‫ولم يفلح فى إزاحتهم عنه سمموى السمملطان اليمموبى صمملح الممدين‬
‫فممى معركتممه الكممبرى لسممتعادة بيممت المقممدس عممام ‪،583/1187‬‬
‫ومن ثم طردهم نهائيا على يد السمملطان المملمموكى قلوون )حكممم‬
‫من سنة ‪ (689-678‬وابنه الملممك الشممرف خليممل ) ‪.(693-689‬‬
‫ومن ناحيممة أخممرى تعممرض العممالم السمملمى إلممى ضممربة عنيفممة‬
‫أخرى‪ ،‬أقوى من سابقتها‪ ،‬وكانت على يد التتار‪ .‬وكان أثرهم فممى‬
‫التدمير كبيرا لدرجة أنهم قضوا على كل مظهر حضممارى‪ ،‬حممتى‬
‫أن المؤرخ ابن الثير اعتبر أن وصفه لهذا الحدث سمميكون )نعيمما‬
‫للسلم والمسلمين(‪ .1‬وقد بدأ غزوهم للعالم السلمى عام ‪،617‬‬
‫بدءا من بلدهم على حدود الصين إلى أطراف بلد الشممام‪ ،‬وبيممن‬
‫هاتين المنطقتين دمروا كل ما وجد فى طريقتهم‪.‬‬

‫الكامل فى التاريخ ‪.137 /12‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪13‬‬
‫تلك لمحة تاريخية عن الفترة التى عمماش فيهمما الزرنمموجى‬
‫بإزدهارها وبكوارثها‪ .‬ول شك أن هذا التصادم الثقافى م الحربممى‬
‫مع الصليبيين‪ ،‬والتدميرى مع المغول‪ ،‬أثار فممى نفمموس المسمملمين‬
‫وعيا للخطر الثقافى عليهم ورغبة فى التمسك بالصممول والعممودة‬
‫إلى الخذ بمناهج القديم‪.‬‬
‫ومن هنا فإن فى طيات كتمماب الزرنمموجى لمحممة مممن هممذا‬
‫التوجه الذى يعبر عن مشاركة المؤلف فى قضايا بيئته وعصره‪.‬‬
‫أما قضية العودة إلى الصول والتمسك بمناهجه فهو أمممر‬
‫شديد الحساسية ويتطلب دقة فى السلوك الفكرى‪ ،‬فما حدث سممابقا‬
‫فى تلك الفترة وإن يكن معبرا عن إيجابية فممى ضممرورة العتممماد‬
‫على الجذور الحضارية الصمميلة إل أنهمما كممانت فممى ذات المموقت‬
‫أثرا لردة فعل وبرأينا إن ردات الفعل قلما تنتهج الطريممق السمموى‬
‫الموصل للهممدف‪ .‬ولهمذا‪ ،‬فممإن العممودة إلممى الصممول أدت ببعممض‬
‫المسلمين وقتها إلى التقوقع الفكرى وبالذات إلى التقوقع الممتربوى‬
‫التعليمممى‪ ،‬وذلممك بحصممر التربيممة والتعليممم فممى ثمموابت ثقافيممة لممم‬
‫تستطع الخروج منها طيلة قرون‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ -7‬تقريب الكتاب‬
‫يحتل موضوع التعلم مكانا بارزا فى علم النفس التربوى‪،‬‬
‫لما لممه مممن دور مهممم فممى العمليممة التربويممة التعليميممة‪ .‬ولممه أيضمما‬
‫المكانة الرئيسية فممى علممم النفممس العممام‪ ،‬فممإن كممثيرا مممن العممادات‬
‫وأنماط السلوك والقيم والتجاهات يمارسممها النسممان بعممد تعلمهمما‬
‫مممن خلل احتكمماكه بظممروف الحيمماة العامممة‪ .‬كممما أنممه مممن خلل‬
‫دراسة التعلم تتمكن المؤسسات التربوية من وضع خطط التمموجيه‬
‫السليم لفرادها لتصل بهم إلى الهداف الموضوعة لهم‪.1‬‬
‫ومن هنا تأتى أهمية كتاب الزرنوجى عن )طريق التعلممم(‬
‫الذى يعطينا فهمه وتصور عصره للملمح العملية لكيفيممة تطممبيق‬
‫أسس النظرية السلمية التربوية‪ .‬وهو فى عرضه لتلك الملمممح‬
‫يتبنى بعض ما كان معروفا قبله من الكتب والبواب م والفصممول‬
‫المتخصصة فى العلم والتربيممة‪ ،‬كممما يصممف الملحظممات المبنيممة‬
‫على التجارب الشخصية وخبرة معلميه‪ .‬لذلك فإن عملية التعممرف‬
‫علممى )طريممق التعلممم( الممذى وضممعه الزرنمموجى يجممب أن تنتهممج‬
‫انظر كتاب ) التعلم( للدكتور إبراهيم محمود‪ ،‬المقدمة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪15‬‬
‫السلوك المعتدل فى الحكممم عليممه‪ ،‬فل يبممالغ المممرء بالعجمماب بممه‬
‫ويقول بسبق الزرنوجى لعلماء التربية الحديثة فى بعممض السممس‬
‫التعليمية‪ ،‬ول يبالغ أيضا بالرفض ويصف الكتمماب بعممدم الهميممة‬
‫بسبب بعض الراء الواردة فيه التى ل تتجاوز مفاهيم عصره‪.‬‬
‫فى ثلثة عشرة فصل يعرض الزرنوجى تصوره لطريق‬
‫التعلم‪ ،‬ويرى أن هذا الطريق هو السلوب المثال لعمليممة التعلممم‪،‬‬
‫وأن ما يعرضه هو نصيحة للمتعلميممن يجممب الخممذ بهمما وإل فلممن‬
‫يتمكنوا مما يرغبون به‪.‬‬

‫مقدمة‬

‫الحمد ل الممذى فضممل علممى بنممى آدم بممالعلم والعمممل علممى‬


‫جميع العالم‪ ،‬والصلة والسلم على محمممد سمميد العممرب والعجممم‪،‬‬
‫وعلى آله وأصحابه ينابيع العلوم والحكم‪.‬‬
‫وبعد‪...‬‬

‫‪16‬‬
‫فلما رأيت كثيرا من طلب العلم فممى زماننمما يجممدون إلممى‬
‫العلم وليصلون ]ومن منافعه وثمراته م وهى العمل به والنشممر مم‬
‫يحرمون[ لما أنهممم أخطممأوا طريقممه وتركمموا شممرائطه‪ ،‬وكممل مممن‬
‫أخطممأ الطريممق ضممل‪ ،‬ولينممال المقصممود قممل أو جممل‪ ،‬فممأردت‬
‫وأحببممت أن أبيممن لهممم طريممق التعلممم علممى ممما رأيممت فممى الكتممب‬
‫وسمعت من أساتيذى أولى العلمم والحكمم‪ ،‬رجماء المدعاء لمى مممن‬
‫الراغبين فيه‪ ،‬المخلصين‪ ،‬بالفوز والخلص فى يوم الدين‪ ،‬بعد ما‬
‫استخرت ال تعالى فيه‪ ،‬وسميته‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫تعليم المتعلم طريق التعلم‬
‫وجعلته فصول‪:‬‬
‫فصل ‪ :‬فى ماهية العلم‪ ،‬والفقه‪ ،‬وفضله‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫فصل ‪ :‬فى النية فى حال التعلم‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫فصممل ‪ :‬فممى اختيممار العلممم‪ ،‬والسمماتذ‪ ،‬والشممريك‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫والثبات‪.‬‬
‫فى الصل والمخطوطين‪ .. :‬فى طريق التعلم‪ ،‬وربما تكون )فى( من‬ ‫‪1‬‬

‫إضافة الناسخ أو وهمه‪ ،‬خصوصا أن عنوان الكتاب كمما همو أعله نقلممه‬
‫غير واحد من مؤلفى كتب الرجال واكتفينا بالسم الذى اشتهر به الكتاب‬
‫والمر قريب على كل حال‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫فصل ‪ :‬فى تعظيم العلم وأهله‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫فصل ‪ :‬فى الجد والمواظبة والهمة‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫فصل ‪ :‬فى بداية السبق وقدره وترتيبه‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫فصل ‪ :‬فى التوكل‪.‬‬ ‫‪.7‬‬
‫فصل ‪ :‬فى وقت التحصيل‪.‬‬ ‫‪.8‬‬
‫فصل ‪ :‬فى الشفقة والنصيحة‪.‬‬ ‫‪.9‬‬
‫‪ .10‬فصل ‪ :‬فى الستفادة واقتباس الدب‪.‬‬
‫‪ .11‬فصل ‪ :‬فى الورع‪.‬‬
‫‪ .12‬فصل ‪ :‬فيما يورث الحفظ‪ ،‬وفيما يورث النسيان‪.‬‬
‫‪ .13‬فصل ‪ :‬فميمما يجملب المرزق‪ ،‬وفيمما يممنع‪ ،‬وما يزيمد فممى‬
‫ينقص‪.‬‬ ‫العمممر‪ ،‬وما‬
‫وما توفيقى إل بال عليه توكلت وإليه أنيب‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫فصل‬
‫فى ماهية العلم‪ ،‬والفقه‪ ،‬وفضله‬

‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة‬

‫رواه ابن ماجه كما روى البيهقى فى شعب اليمان الممى قمموله‪ :‬مسمملم‬ ‫‪1‬‬

‫وقال‪ :‬متنممه مشممهور واسممناده ضممعيف‪ ،‬ونقممل اللبممانى أن البعممض حكممم‬


‫بصحته‪ .‬أما كلمة‪ :‬ومسلمة فيقول عنها‪ :‬لأصل لهمما البتممة‪ ،‬أنظممر مشممكاة‬
‫المصابيح رقم ‪ 218‬طبع المكتب السلمى وهو توجه صحيح لن كلمممة‬
‫‪19‬‬
‫اعلم‪ ,‬بأنه ليفترض على كل مسلم‪ ،‬طلب كممل علممم وإنممما‬
‫يفترض عليه طلب علم الحال كما قال‪ :‬وأفضل العلم علمم الحمال‪،‬‬
‫وأفضل العمل حفظ الحال‪ 1‬ويفترض على المسلم طلب ما يقع لممه‬
‫فى حاله‪ ،‬فى أى حال كان‪ ،2‬فممإنه لبممد لممه مممن الصمملة فيفممترض‬
‫عليه علم ما يقع له فى صلته بقدر ما يؤدى بممه فممرض الصمملة‪،‬‬
‫ويجب عليه بقدر ممما يممؤدى بممه الممواجب‪ ،‬لن ممما يتوسمل بممه إلممى‬
‫إقامة الفرض يكمون فرضمما‪ ،‬ومما يتوسمل بمه إلمى إقامممة الممواجب‬
‫يكون واجبا‪.3‬‬
‫وكذا فممى الصمموم‪ ،‬والزكمماة‪ ،‬إن كممان لممه مممال‪ ،‬والحممج إن‬
‫وجب عليه‪.‬‬
‫وكذا فى البيوع إن كان يتجر‪.‬‬

‫مسلم يشمل المسلمة‪.‬‬


‫أى من الضياع والفساد‪) .‬الناسخ( انظر المقدمة ص ‪.31‬‬ ‫‪1‬‬

‫وهو علم أصمممول الدين وعلم الفقه‪ ،‬والمراد مممممن الحممممممممال ههنمما‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫المر العارض للنسان من الكفممر واليمممان والصمملة والزكمماة والصمموم‬


‫وغيرها من الحوال‪ ،‬لالحال المقابممل للمسممتقبل مممن الصممحة والمممرض‬
‫والسفر والحضر‪) .‬الناسخ( وانظر المقدمة ص ‪.31‬‬
‫قاعدة أصولية معروفة يفرد لها فصول خاصة فى كتب أصول الفقه‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪20‬‬
‫قيل لمحمد بمن الحسمن‪ ،1‬رحممة الم عليمه‪ :‬لمما لتصمنف‬
‫كتابا فى الزهد؟‬
‫قال‪ :‬قد صنفت كتابا فى البيوع‪ ،‬يعنى‪ :‬الزاهد من يحممترز‬
‫عن الشبهات والمكروهات فى التجارات‪.‬‬
‫وكذلك فى سائر المعمماملت والحممرف‪ ،‬وكممل مممن اشممتغل‬
‫بشيئ منها يفترض عليه علم التحرز عن الحرام فيه‪.‬‬
‫وكذلك يفترض عليه علم أحوال القلب من التوكل والنابة‬
‫والخشية والرضى‪ ،‬فإنه واقع فى جميع الحوال‪.‬‬
‫وشرف العلم ليخفى على أحد إذ هو المختص بالنسممانية‬
‫لن جميممع الخصممال سمموى العلممم‪ ،‬يشممترك فيهمما النسممان وسممائر‬
‫الحيوانات‪ :‬كالشجاعة والجراءة والقوة والجممود والشممفقة وغيرهمما‬
‫سوى العلم‪.‬‬

‫محمد بن حسن الشيبانى أخذ العلم عن أبى حنيفة وتتلمذ لبى يوسف‬ ‫‪1‬‬

‫تفقه بفقه أهل الحديث وأهل الرأى معما‪ ،‬لمه الفضمل فمى تمدوين فقمه أبمى‬
‫حنيفة‪ ،‬وله العديد من المؤلفات وروايتممه لموطممأ المممام مالممك مشممهورة‪،‬‬
‫أصله من حرستا بدمشق‪ ،‬نشأ بالكوفة وتوفى بالراى عام ‪189‬هممم‪805 /‬‬
‫م‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫وبه أظهر ال تعالى فضل آدم عليه السلم على الملئكة‪،‬‬
‫وأمرهم بالسجود له‪.1‬‬
‫وإنما شرف العلم بكونه وسيلة الى الممبر‪ 2‬والتقمموى‪ ،‬الممذى‬
‫يستحق بها المرء الكرامة عند ال‪ ،‬والسممعادة والبديممة‪ ،‬كممما قيممل‬
‫لمحمد بن الحسن رحمة ال عليهما شعرا‪:‬‬
‫تعملمم فممإن المعلمم زيمن لهمملممه‬
‫وفممضمل وعممنموان لمكمل ممممحاممد‬
‫وكممن ممستمفميدا كمل يموم زيمادة‬
‫من العملم واسمبح فى بحمور الفوائمد‬
‫تمفمقمه فإن المفممقمه أفممضمل قائمد‬
‫الى الممبر والتمقموى وأعمدل قماصمد‬
‫هو العلم الهادى الى سنن الهدى‬
‫هو الحصن ينجى من جميع الشدائد‬
‫فمإن فمقيممهما واحممدا مممتمورعمما‬

‫فى قوله تعالى‪ :‬وإذ قال ربك للملئكة اسمجدوا لدم فسمجدوا ‪ ..‬اليمة‬ ‫‪1‬‬

‫سورة البقرة الية ‪ 34‬وقد تكرر فى أكثر من آية فى القرآن الكريم‪.‬‬


‫كلمة البر زيادة من المخطوطين‪ ،‬ولم نجد ها فى المطبوع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪22‬‬
‫‪1‬‬
‫أشمد عملى الشميطمان من ألمف عابد‬
‫)والعلم وسمميلة إلممى معرفممة‪ :‬الكممبر‪ ،‬والتواضممع‪ ،‬واللفممة‪،‬‬
‫والعفممة‪ ،‬والسممراف‪ ،‬والتقممتير‪ ،‬وغيرهمما(‪ ،2‬وكممذلك فممى سممائر‬
‫الخلق نحو الجود‪ ،‬والبخل‪ ،‬والجبن‪ ،‬والجراءة‪.‬‬

‫‪ 1‬المعنى الوارد فممى الممبيت الخيممر حممديث رواه الترمممذى وابممن ممماجه‪،‬‬
‫وأورده الماوردى فى أدب البنيا والممدين ص ‪ 23‬كجممزء مممن مممن حممديث‬
‫ينسب الى رسول ال صلى ال عليه وسلم برواية الممدار قطنممى والممبيهقى‬
‫عن أبى هريرة رضى ال عنه‪.‬‬
‫وفى هامش المخطوط الصل‪ :‬قال الشافعى رضى ال عنه‪:‬‬
‫تغرب عن الوطان فى طلب العلى وسافر ففى السفار خمس فوائد‬
‫تمفمريمج هممم واكممتسماب ممعميمشمة وعملمم وآدب وصمممحمبمة ماجمد‬
‫فمأن قميل‪ :‬فى السفمار ذل وغمربة مممشمقمة شمممل وارتكاب شدائمد‬
‫فممموت المفمتى خير له ممن حمياتمه بدار همموان بمين واش وحماسمد‬
‫)أنظر ديوان الشافعى ص ‪(52‬‬
‫وفائدة‪:‬‬
‫لمخمدممة ما بممه إتممام فمخمرى‬ ‫لقد شمرت ذيلى طول عمرى‬
‫فمجممل بقمدره قمدرى وذكممرى‬ ‫همو الفقمه الذى قمد جمل قمدرا‬
‫به عزى وجاهى طول عمرى‬ ‫به نملت المممعمالى فى حمياتمى‬
‫كمرمى المنبمل يرمى فى المباب‬ ‫وإكممثمار المصملة بمل دعمماء‬
‫كمممقمر طماس تمراه بل كممتماب‬ ‫عبادة الجمماهل من غير عملمم‬
‫‪ 2‬زيادة من المخطوط الصل والعبارة مضطربة فى المخطوط الثانى‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫فإن الكبر‪ ،‬والبخل‪ ،‬والجبن‪ ،‬والسراف حممرام‪ ،‬وليمكممن‬
‫التحرز عنها إل بعلمهمما‪ ،‬وعلممم ممما يضممادها‪ ،‬فيفممترض علممى كممل‬
‫إنسان علمها‪.‬‬
‫وقد صنف السيد المام الجل الستاذ الشهيد ناصر الدين‬
‫أبو القاسم‪ 1‬كتابا فممى الخلق ونعممم ممما صممنف‪ ،‬فيجممب علممى كممل‬
‫مسلم حفظها‪.‬‬
‫وأما حفظ ما يقع فى الحايين ففرض على سبيل الكفايممة‪،‬‬
‫إذا قام البعض فى بلدة سقط عن الباقين‪ ،‬فإن لم يكن فى البلدة مممن‬
‫يقوم به اشتركوا جميعا فى المأثم‪ ،‬فيجب علممى المممام أن يممأمرهم‬
‫بذلك‪ ،‬ويجبر أهل البلدة على ذلك‪.‬‬
‫قيل‪ :‬إن العلم ما يقع على نفسه فى جميع الحوال بمنزلممة‬
‫الطعام لبد لكل واحد من ذلك‪.‬‬
‫وعلم ما يقع فى الحايين بمنزلة الممدواء يحتمماج إليممه )فممى‬
‫بعض الوقات(‪.2‬‬

‫هو الحسين بن محمد الراغب الصفهانى‪ ،‬أبممو القاسمم‪ ،‬أديممب لغمموى‬ ‫‪1‬‬

‫مفسر حكيم‪ ،‬كثير التأليف توفى عام ‪) 1108 /502‬كشف الظنون ‪.(36‬‬
‫زيادة من المخطوطين‪ ،‬وفى النسخ المطبوعة‪ :‬حين المرض فقط‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪24‬‬
‫وعلم النجوم بمنزلة الممرض‪ ،‬فتعلممه حممرام‪ ،‬لنمه يضمر‬
‫ولينفع‪ ،‬والهرب عن قضاء ال تعالى وقدره غير ممكن‪.‬‬
‫فينبغى لكل مسملم أن يشمتغل فمى جميمع أوقماته بمذكر الم‬
‫تعالى والدعاء‪ ،‬والتضرع‪ ،‬وقممراءة القمرآن‪ ،‬والصممدقات ]الدافعممة‬
‫للبلء[‪] 1‬والصلة[‪ ، 2‬ويسأل ال تعالى العفو والعافيممة فممى الممدين‬
‫والخرة‪ 3‬ليصون ال عنمه تعمالى البلء والفمات‪ ،‬فمإن ممن رزق‬
‫الدعاء لم يحرم الجابة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫فإن كان البلء مقدرا يصيبه لمحالة‪ ،‬ولكن يبر ال عليه‬
‫ويرزقه الصبر ببركة الدعاء‪.‬‬

‫زيادة من المطبوع الصل‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫زيادة من المخطوط الصل‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫يشير إلى حديث‪ :‬اللهم إنى أسألك العفو والعافية فى الممدين والخممرة‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫وقد ورد بغير هذه اللفاظ‪ ،‬كما ورد المر بسؤال ال العفو والعافية‪.‬‬
‫غير واضحة فى الصول ولعلها‪ :‬يسير‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪25‬‬
‫اللهم إذا تعلم من النجوم قدرما يعرف به القبلممة‪ ،‬وأوقممات الصمملة‬
‫فيجوز ذلك‪ 1‬وأما تعلم علم الطب فيجوز‪ ،‬لنه سبب من السممباب‬
‫فيجوز تعلمه‪ 2‬كسائر السباب‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫وقد تداوى النبى عليه السلم‪ ،3‬وقممد حكممى عممن الشممافعى‬
‫رحمة ال عليه أنه قال‪ :‬العلممم علمممان‪ :‬علممم الفقممه للديممان‪ ،‬وعلممم‬
‫الطب للبدان‪ ،‬وما وراء ذلك بلغة مجلس‪.5‬‬
‫وأما تفسير العلم‪ :‬فهو صفة يتجلى بها المذكور لمن قامت‬
‫هى به كما هو‪.‬‬

‫يشير هنا إلى الفرق بين علم النجوم وهو تأثيرها على حياة الناس وهو‬ ‫‪1‬‬

‫محبم‪ ،‬وبين علم الهيئة الذى هو علم الفلك المباح بل المأمور به‪.‬‬
‫من المخطوط الثانى وأحد الشروع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫كما أمر عليه الصلة والسلم بالتداوى‪ :‬يا عباد ال تداووا‪ .‬رواه المام‬ ‫‪3‬‬

‫أحمد والترمذى والممدارمى وابممن ممماجه‪ ،‬وقممد خصممص المممام ابممن القيممم‬
‫فصل عمن التمداوى والممر بمه فمى كتمابه زاد المعماد كمما أن لمه الطمب‬
‫النبوى وغيره ألف فى ذلك أيضا‪.‬‬
‫الشافعى‪ :‬همو المممام محمممد بممن إدريممس‪ ،‬المذى ينسممب إليممه المممذهب‬ ‫‪4‬‬

‫المشهور‪ ،‬توفى فى مصر عام ‪205‬هم‪ 920 /‬م‪.‬‬


‫وقد روى فى هممذا المعنممى حممديث العلممم علمممان‪ :‬علممم البممدان وعلممم‬ ‫‪5‬‬

‫الديان‪ .‬أورده الشوكانى فى الفوائد ‪ 881‬قائل‪ :‬قال الصغانى‪ :‬موضوع‪.‬‬


‫وبلغة المجلس‪ :‬الشيئ الذى لقيمة له!‬
‫‪26‬‬
‫والفقه‪ :‬معرفة دقائق العلم مع نوع علج‪.6‬‬
‫قال أبو حنيفة رحمة ال عليه‪ :‬الفقه معرفة النفممس ممما لهمما‬
‫وما عليها‪.‬‬
‫وقممال‪ :‬ممما العلممم إل للعمممل بممه‪ ،‬والعمممل بممه تممرك العاجممل‬
‫الجل‪.‬‬
‫فينبغممى للنسممان أن ليغفممل عممن نفسممه‪ ،‬ممما ينفعهمما وممما‬
‫يضرها‪ ،‬فى أولها وآخرهمما‪ ،‬ويسممتجلب ممما ينفعهمما ويجتنممب عممما‬
‫يضرها‪ ،‬كى ليكون عقله وعمله حجة فيزداد عقوبة‪ ،‬نعمموذ بممال‬
‫من سخطه وعقوبه‪.‬‬
‫وقد ورد فى مناقب العلم وفضائله‪ ،‬آيات وأخبار صحيحة‬
‫مشهورة‪ 2‬لم نشتغل بذكرها كى ليطول الكتاب‪.‬‬

‫قال الجرجانى فى التعريفات الفقه فى اللغة عبممارة عممن فهممم غممرض‬ ‫‪6‬‬

‫المتكلم من كلمه‪ ،‬وفى الصطلح‪ :‬هو العلم بالحكممام الشمريعة العمليممة‬


‫المكتسب من أدلتها التفصيلية‪ ،‬وقيل‪ :‬هو الصابة والوقوف على المعنمى‬
‫الخفى الذى يتعلق به الحكممم )ص ‪ (73‬وجملممة )مممع نمموع علج( حممذفت‬
‫وقشطت فى المخطوط الثانى‪.‬‬
‫تجد فى كل كتب الحديث أبوابا مخصصة للعلم ولذكر فضائله والحث‬ ‫‪2‬‬

‫عليه‪ ،‬كما تجد فمى كتمب العلمم روايمات وأخبمارا حمول همذا الموضموع‪،‬‬
‫انظر مثل‪ :‬إحيمماء علمموم الممدين للغزالممى‪ ،‬أدب الممدنيا والممدين للممماوردى‪،‬‬
‫جامع بيان العلم وفضله لبن عبممد الممبر واقتضمماء العلممم العمممل للخطيممب‬
‫‪27‬‬
‫فصل‬
‫فى النية فى حال التعلم‬

‫ثم لبد لممه مممن النيممة فممى زمممان تعلممم العلممم‪ ،‬إذ النيممة هممى‬
‫الصممل فممى جميع‪ 1‬الفعممال لقمموله عليممه السمملم‪ :‬إنممما العمممال‬
‫بالنيات‪ .‬حديث صحيح‪.2‬‬
‫]روى[ عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬كم من عمل‬
‫يتصور بصورة عمل الممدنيا‪ ،‬ثممم يصممير بحسممن النيممة مممن أعمممال‬

‫البغدادى وغيرها كثير‪.‬‬


‫فى المخطوط الثانى‪ :‬الحوال‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫رواه البخارى ومسلم عن عمر بن الخطاب رضى ال عنه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪28‬‬
‫الخرة‪ ،‬وكم من عمل يتصور بصورة عمل الخرة ثم يصير من‬
‫أعمال الدنيا بسوء النية‪.1‬‬
‫وينبغى أن ينوى المتعلم بطلممب العلممم رضمماء ال م والممدار‬
‫الخرة‪ ،‬وإزالة الجهممل عممن نفسممه‪ ،‬وعممن سممائر الجهممال‪ ،‬وإحيمماء‬
‫الدين وإبقاء السلم‪ ،‬فممإن بقمماء السمملم بممالعلم‪ ،‬وليصممح الزهممد‬
‫والتقوى مع الجهل‪.2‬‬
‫وأنشدنا الشيخ المام الجل الستاذ برهان الدين‪ 3‬صاحب‬
‫الهداية لبعضهم شعرا‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫وأكمبر منه جاهل متنسك‬ ‫فمساد كمبير عمالم ممتهتمك‬
‫لم أجد شيئا بلفظه‪ ،‬ومعناه صحيح‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫قال المام الجنيمد المتموفى سمنة ‪ 297‬همم ‪ 910 /‬م ‪ :‬طريقنما الكتماب‬ ‫‪2‬‬

‫والسنة والعلم‪ .‬وكم فى الزهد الجاهل من الطامات‪.‬‬


‫هو المام أبو الحسن على بن أبى بكر المرغينانى‪ ،‬كان فقيها حافظمما‬ ‫‪3‬‬

‫مفسرا محدثا جامعا لعلوم عصمره لمه العديمد ممن المؤلفمات‪ ،‬منهما كتمابه‬
‫الهداية فى الفقه الحنفى وبه اشتهر ولهذا الكتاب عديد مممن الشممروح وقممد‬
‫خممرج أحمماديثه الزيلعممى والحممافظ ابممن حجممر العسممقلنى‪ ،‬وهممو أسممتاذ‬
‫الزرنوجى‪ ،‬توفى بسمرقند عام ‪) ،1197 /593‬الجواهر ‪ ،383 /1‬التاج‬
‫‪ (31‬ونسبته إلى مرغينان‪ :‬بلدة بما وراء النهر‪ ،‬خرج منهمما جماعممة مممن‬
‫الفضلء )معجم البلدان ‪.(27 /8‬‬
‫وعلى هامش المخؤطوط الثانى‪ :‬قال على ابن أبى طالب‪ ،‬رضى ال‬ ‫‪4‬‬

‫عنه أنه قال بهذا المعنممى‪ :‬قصممم ظهممرى رجممالن‪ :‬عممالم متهتممك وجاهممل‬
‫متنسك‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫لمن بهما فى دينه يتمسك‬ ‫هما فتنة للعالمين عظيمة‬
‫وينوى به‪ :‬الشكر علممى نعمممة العقممل‪ ،‬وصممحة البممدن‪ ,‬ول‬
‫ينوى به إقبال الناس عليه‪ ،‬ول استجلب حطام الممدنيا‪ ،‬والكرامممة‬
‫عند السلطان وغيره‪.‬‬
‫وقال محمد بن الحسن رحمة ال عليهممما‪ :‬لممو كممان النمماس‬
‫كلهم عبيدى لعتقتهم وتبرأت عن ولئهم‪.‬‬
‫]وذلك لن[ من وجد لممذة العلممم والعمممل بممه‪ ،‬قلممما يرغممب‬
‫فيما عند الناس‪.‬‬
‫أنشدنا الشيخ المام الجممل السممتاذ قمموام الممدين حممماد بممن‬
‫إبراهيم بن إسماعيل الصفار النصارى‪ 1‬إملء لبى حنيفة رحمة‬
‫ال عليه‪:‬‬
‫فاز بفضل من الرشاد‬ ‫من طلب العلم للمعاد‬
‫لمنيل فمضل من العباد‬ ‫فميالخسمران طالمبيمه‬

‫من أهل بخارى‪ ،‬من بيت علم وزهد‪ ،‬كان فقيها أديبا‪ ،‬كان يؤم الناس‬ ‫‪1‬‬

‫يوم الجمعة ويخطب غيره‪ ،‬توفى بسمرقند عام ‪) ،1180 /576‬الجواهر‬


‫المضيئة ‪.(225 /1‬‬
‫وكان فى الصلين المخطوطين‪ :‬الصفارى‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫اللهممم إل ّإذا طلممب الجمماه للمممر بممالمعروف والنهممى عممن‬
‫المنكر‪ ،‬وتنفيذ الحق‪ ،‬وإعزاز الدين ل لنفسه وهواه‪ ،‬فيجمموز ذلممك‬
‫بقدر ما يقيم به المر بالمعروف والنهى عن المنكر‪.‬‬
‫وينبغى لطالب العلم‪ :‬أن يتفكر فى ذلممك‪ ،‬فممإنه يتعلممم العلممم‬
‫بجهد كثير‪ ،‬فليصرفه إلى الدنيا الحقيرة القليلة الفانية‪.‬‬
‫)قال النبى صلى ال عليه وسلم‪ :‬اتقوا الدنيا‪ ،‬فوالذى نفس‬
‫محمد بيده إنها لسحر من هاروت وماروت‪.(1‬‬
‫شعر‪:‬‬
‫وعاشقها أذل من الذليل‬ ‫هى المدنيا أقمل ممن المقمليل‬
‫‪2‬‬
‫فمهم ممتخيرون بل دليل‬ ‫تصم بسحرها قوما وتعمى‬

‫الزيادة من المخطوط الصل فقط‪ ،‬والحديث منكر ل أصمل لمه‪ ،‬أنظمر‬ ‫‪1‬‬

‫سلسلة الحاديث الضعيفة والموضوعة لللبانى ‪.34‬‬


‫وفى حاشية المخطوط الولى‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫أو كضيف بات ليل وارتحل‬ ‫إنما الدنيا كمممممممظل زائل‬


‫فمإذا مما ذهمب المنموم بمطممل‬ ‫أو كممممممممحملم قمد رآه نائم‬
‫وأصل البيت الثانى‪:‬‬
‫فممممإذا ذهممب الممنموم بمطممل‬ ‫أو كمممممممممنوم قد رآه نائمم‬
‫وقد عدلناه للضرورة الشعرية‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫وينبغممى لهممل العلممم أن ليممذل نفسممه بممالطمع فممى غيممر‬
‫المطمع ويحترز عما فيه مذلة العلم وأهله‪.‬‬
‫ويكون متواضعا‪ ،‬والتواضمع بيمن التكمبر والذلمة‪ ،‬والعفمة‬
‫كذلك‪ ،‬ويعرف ذلك فى كتاب الخلق‪.‬‬
‫أنشممدنى الشمميخ المممام السممتاذ ركممن الممدين المعممروف‬
‫بالديب المختار‪ 1‬شعرا لنفسه‪:‬‬
‫إن المتواضمع ممن خمصمال الممتقى‬
‫وبه التقى إلى الممعالى يرتقى‬
‫ومن العجائب عجب من هو جاهل‬
‫فى حالة أهو السعيد أم الشقى‬
‫أم كميمف يخممتم عمممره أو روحممه‬
‫يوم المنوى ممتسفل أو مرتقى‬
‫والمكمممبمريماء لمربمنما صممفمة لممممه‬
‫ممخمصموصة فتجمنبها واتقى‬

‫محمد ابن أبى بكر بن يوسف‪ ،‬ركن الدين الفرغانى‪ ،‬كان فقيها أديبا‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫توفى فى مرغينممان عممام ‪ .1196 /594‬وفممى المخطمموط الصممل‪ :‬ركممن‬


‫السلم‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫قال أبو حنيفة رحمة ال عليه لصحابه‪ :‬عظموا عمممائمكم‬
‫ووسعوا أكمامكم‪.‬‬
‫وإنما قال ذلك لئل يستخف بالعلم وأهله‪.1‬‬
‫وينبغى لطالب العلم أن يحصل كتاب الوصية الممتى كتبهمما‬
‫أبو حنيفة رضى ال عليه ليوسف بن خالد السمتى‪ 2‬عنممد الرجمموع‬
‫‪4‬‬
‫إلى أهله‪ ،3‬يجده من يطلب العلم‬

‫أى ينبغى للمتعلم أن يظهر بمظهر حسممن يكسممبه الحممترام تعظيممما‬ ‫‪1‬‬

‫للعلم والعلماء‪.‬‬
‫فى الصممل المخطمموط‪ :‬أبويوسممف بممن خالممد السممهمى‪ ،‬وفممى النسممخ‬ ‫‪2‬‬

‫الخرى‪ :‬يونس بن خالد السمتى‪ ،‬ثم وجممدته فممى المخطمموط الثممانى علممى‬
‫الصواب‪ ،‬ويوسف السمتى هذا هو أحد أصحاب أبى حنيفة وكثير الخممذ‬
‫عنه‪ ،‬قال الشافعى‪ :‬كممان رجل مممن الخيممار‪ ،‬وروى لممه ابممن ممماجه‪ ،‬أقبممل‬
‫عليه الناس ثم تخلى لعبادة المولى توفى ‪) 805 /189‬الجواهر المضيئة‬
‫‪.(228 /2‬‬
‫فى البصرة‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫وهى وصية يدور مجملها حول النهممى عمن المنكممر‪ ،‬أو وردد‪ ،‬أحمممد‬ ‫‪4‬‬

‫شلبى قسما منهمما فممى كتممابه تاريممخ التربيممة السمملمية ص ‪ ،316‬وقممال‪:‬‬


‫الوصية بكاملها مدونة فى مخطوط محفوظ بجامعة استانبول‪ ،‬وقد وجدنا‬
‫منها نسخة أخرى فممى مكتبممة الشمميخ زهيممر الشمماويش برقممم ‪380‬وهنمماك‬
‫وصية أخرى منسوبة لبممى حنيفممة‪ ،‬وموضمموعها‪ :‬العقيممدة‪ ،‬وقممد اطلعممت‬
‫على مخطوطة فممى شممرح الوصممية‪ ،‬شممرحها محمممد بممن محمممود الشممهير‬
‫بأكمممل الممدين البممابرتى شممارح الهدايممة المتمموفى عممام ‪786‬هممم‪1384 /‬م‪،‬‬
‫والمخطوطة محفوظة فى مكتبة زهير الشاويش تحت رقم ‪.1285‬‬
‫‪33‬‬
‫وقد كان أستاذنا شيخ السلم برهان الدين‪ 5‬علممى بممن أبممو‬
‫بكر قدس ال روحه العزيز أمرنى بكتابته عند الرجوع إلى بلممدى‬
‫فكتبته‪ ،‬ولبد للمدرس والمفمتى فممى معماملت النمماس منممه‪ ،‬وبمال‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫فى المخطوطة الثانى والمطبوع‪ :‬برهان الئمة‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪34‬‬
‫فصل‬
‫فى اختيار العلم والستاذ والشريك والثبات‬

‫وينبغى لطالب العلم أن يختار مممن كممل علممم أحسممنه‪ 1‬وممما‬


‫يحتاج إليه فى أمر دينه فى الحال‪ ،‬ثم ما يحتاج إليه فى المآل‪.‬‬
‫ويقدم علم التوحيد والمعرفة ويعممرف الم تعممالى بالممدليل‪،‬‬
‫فإن إيمان المقلد م وإن كان صحيحا عندنا م لكن يكون آثممما بممترك‬
‫الستدلل‪.2‬‬
‫ويختممار العممتيق دون المحممدثات‪ ،3‬قممالوا‪ :‬عليكممم بممالعتيق‬
‫وإياكم بالمحدثات‪ ،‬وإياك أن تشتغل بهذا الجممدال الممذى ظهممر بعممد‬
‫انقراض الكابر من العلماء‪ ،‬فإنه يبعممد عممن الفقممه ويضميع العمممر‬

‫أحسن كل علم‪ :‬ما كان من جوهره وصريحه دون المناقشات والخلفات‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫يشير إلى أن معرفة الدليل واجب على كل قادر‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫يريد بالعتيق ما كان عليه السلف ومنهم المام أبى حنيفة فى كتابه الفقه‬ ‫‪3‬‬

‫الكبر ما تم التفاق عليه‪ ،‬والحديث‪ :‬ما ل زال الخلف فيه قائما‪.‬‬


‫‪35‬‬
‫ويورث الوحشة والعداوة‪ ،‬وهو من أشراط الساعة وارتفاع العلممم‬
‫والفقه‪،‬كذا ورد فى الحديث‪.1‬‬
‫أممما اختيممار السممتاذ‪ :‬فينبغممى أن يختممار العلممم والورع‬
‫والسممن‪ ،‬كممما اختممار أبممو حنيفممة‪ ،‬رحمممة ال م عليممه‪ ،‬حممماد بممن‬
‫سليمان‪ ،2‬بعد التأمل والتفكيممر‪ ،‬قممال‪ :‬وجممدته شمميخا وقممورا حليممما‬
‫صبورا فى المور‪.3‬‬
‫‪4‬‬
‫وقال‪ :‬ثبت عند حماد بن سليمان فنبت‬

‫يشير إلى ما رواه الديلمى عن ابن مسعود أن النممبى صمملى الم عليممه‬ ‫‪1‬‬

‫وسلم قال‪ :‬تعلموا العلم قبل أن يرفع‪ .‬فإن أحدكم ل يدرى متى يفتقممر إلممى‬
‫ما عنده‪ ،‬وعليكم بالعلم وإياكم و التنطع والتبدع والتعمق وعليكم بالعتيق‪.‬‬
‫وإلى حديث‪ :‬إن ال ل يقبممض العلممم انتزاعمما ينممتزعه مممن النمماس‪ ،‬ولكممن‬
‫يقبض العلم بقبض العلماء‪ .‬رواه الشيخان والترمذى‪.‬‬
‫حماد بن سليمان الشعارى‪ :‬من التابعين كان واسع العلم فقيهمما‪ ،‬أخممذ‬ ‫‪2‬‬

‫عنه أبممو حنيفممة أكممثر علمممه ولزمممه ثمانيممة عشمر عاممما‪ ،‬تمموفى ‪120‬هممم‪/‬‬
‫‪738‬م‪.‬‬
‫وقال عنه أيضا‪ :‬ما رأيت أفقه من حماد‪) .‬الجواهر المضيئة‪.(454 /2 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫فى المطبوع‪ :‬فنميت‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪36‬‬
‫وقال أبو حنيفة رحمة ال عليه‪ :‬سمعت حكيما من حكممماء‬
‫سمرقند‪ 1‬قال‪ :‬إن واحدا من طلبة العلم شماورنى فمى طلمب العلمم‪،‬‬
‫وكان قد عزم على الذهاب إلى بخارى‪ 2‬لطلب العلم‪.3‬‬
‫وهكذا ينبغى أن يشاور فى كل أمر‪ ،‬فممإن ال م تعممالى أمممر‬
‫رسوله عليه الصلة والسلم بالمشاورة فى المور‪ 4‬ولم يكن أحممد‬
‫أفطن منه‪ ،‬ومع ذلك أمر بالمشاورة‪ ،‬وكممان يشمماور أصممحابه فممى‬
‫جميع المور حتى حوائج البيت‪.5‬‬
‫قال على كرم ال وجهه‪ :‬ما هلك امرؤ عن مشورة‪.6‬‬

‫سمرقند‪ :‬قال عنها ياقوت‪ :‬بلد معروف مشهور بما وراء النهار‪ ،‬قيل‬ ‫‪1‬‬

‫إنه من أبنية ذى القرنين‪ ،‬دخلها قتيبمة بمن مسملم سمنة ‪87‬همم‪ .‬المعجممم ‪/5‬‬
‫‪.121‬‬
‫بخارى‪ :‬من أعظم مدن ما وراء النهممر‪ ،‬كممانت عاصمممة السممامانيين‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫خرج منها أعلم‪ ،‬أشهرهم‪ :‬محمد بن إسماعيل البخارى )معجم البلممدان‪،‬‬


‫‪.(86-81 /2‬‬
‫من هنا إلى قول الحكيم فى الصفحة )‪ (74‬كلم معترض‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫يشير إلى الية ‪ 159‬من سورة آل عمران )وشاورهم فى المر(‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫قارن )أدب الدنيا والدين للماوردى( ص ‪ 278 -272‬حيث أورد آثارا‬ ‫‪5‬‬

‫مشممابهة تنسممب إلممى النممبى وانممه كممان يستشممير أصممحابه فممى كممل شمميئ‪،‬‬
‫بالضافة إلى ما قاله الصمحابة والحكمماء فمى المشمورة وشمروطها‪ ،‬أمما‬
‫استشارته عليه الصلة والسلم لهم فى حوائج البيت فلم أجدها‪.‬‬
‫نسب الماوردى فى أدب الدنيا والدين ص ‪ 275‬هذا القول إلى النممبى‬ ‫‪6‬‬

‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وذكره الميدانى فممى مجمممع المثممال ‪ 289 /2‬دون‬
‫‪37‬‬
‫قيل‪:1‬‬
‫]الناس[ رجل ]تام[ ونصف رجل‪ ،‬ول شيئ فالرجل‪ :‬من‬
‫لممه رأي صممائب ويشمماور العقلء‪ ،‬ونصممف رجممل‪ :‬مممن لممه رأي‬
‫صائب لكن ل يشاور‪ ،‬أو يشاور ولكن ل رأي له‪ ،‬ول شمميئ‪ :‬مممن‬
‫ل رأي له ول يشاور‪.‬‬
‫وقال جعفر الصادق‪ 2‬لسفيان الثممورى‪ :3‬شمماور فممى أمممرك‬
‫الذين يخشون ال تعالى‪.4‬‬
‫فطلب العلم من أعلى المور وأصعبها‪ ،‬فكانت المشمماورة‬
‫فيه أهم وأوجب‪.‬‬

‫نسبة‪.‬‬
‫نسب البشيهى فى المستطرف ‪ 73 /1‬هذا القول إلى الحسن‪ ،‬ويعنى‬ ‫‪1‬‬

‫الحسن البصرى‪ ،‬مع اختلف فى اللفظ‪.‬‬


‫من أجلء التابعين‪ ،‬له منزلة رفيعة فى العلم‪ ،‬أخذ عنمه جماعمة‪ ،‬ولمد‬ ‫‪2‬‬

‫وتوفى بالمدينة ‪.765 /148‬‬


‫سيد أهل زمانه فى علوم الدين والتقوى‪ ،‬أمير المؤمنين فى الحممديث‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ولد ونشأ فى الكوفة‪ ،‬توفى عام ‪.778 /161‬‬


‫فى هامش المخطوط الثانى‪) :‬إنما يخشى ال من عباده العلماء( سورة‬ ‫‪4‬‬

‫فاطر‪ ،‬الية ‪.28‬‬


‫‪38‬‬
‫قال الحكيم‪ 1‬رحممة الم عليمه‪ :‬إذا ذهبمت إلمى بخمارى فل‬
‫تعجممل فممى الختلف إلممى الئمممة وامكممث شممهرين حممتى تتأمممل‬
‫وتختار أستاذا‪ ،‬فإنممك إن ذهبممت إلممى عممالم وبممدأت بالسممبق‪ 2‬عنممده‬
‫فربما ل يعجبك درسه‪ 3‬فتتركه فتممذهب إلممى آخممر‪ ،‬فل يبممارك لممك‬
‫فى التعلم‪.‬‬
‫فتأمل فممى شممهرين فممى اختيممار السممتاذ‪ ،‬وشمماور حممتى ل‬
‫تحتاج إلى تركه والعراض عنه فتثبت عنده حممتى يكممون تعلمممك‬
‫مباركا وتنتفع بعلمك كثيرا‪.‬‬
‫واعلم أن الصبر والثبمات أصمل كمبير فممى جميمع المممور‬
‫ولكنه عزيز‪ ،‬كما قيل‪:‬‬
‫ولكن عزيز فى الرجال ثبات‬ ‫لكل إلى شأو العل حركات‬
‫قيل‪ :‬ما الشجاعة ؟‬
‫]قيل[‪ :‬الشجاعة صبر ساعة‪.‬‬

‫فى الهامش‪ :‬رجوع إلى الحكاية التى حكاها أبو حنيفة رحمه ال عممن‬ ‫‪1‬‬

‫حكيم سمرقند‪.‬‬
‫السبق‪ :‬الختلف إلى الئمة‪ ،‬والتردد إلى مجالسهم لخذ العلم عنهم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫فى الصممممممل المخطوط‪ :‬دريسته‪ ،‬والتصحيح ممممممممن النسخة الثانية‬ ‫‪3‬‬

‫والمطبوعة‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫فينبغى أن يثبت ويصير على أستاذ وعلممى كتمماب حممتى ل‬
‫يممتركه أبممتر‪ ،‬وعلممى فممن حممتى ل يشممتغل بفممن آخممر قبممل أن يتقممن‬
‫الول‪ ،1‬وعلى بلد حتى ل ينتقل إلى بلد آخر من غيممر ضممرورة‪،2‬‬
‫فممإن ذلممك كلممه يفممرق المممور ويشممغل القلمموب ويضمميع الوقممات‬
‫ويؤذى المعلم‪.‬‬
‫وينبغى أن يصبر عما تريده نفسه وهواه‪.‬‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫وصريع كل هوى صريع هوان‬ ‫إن الهوى لهو الهوان بعينه‬
‫ويصير على المحن والبليات‪.‬‬
‫قيل‪ :‬خزائن المنن‪ ،‬على قناطير المحن‪.‬‬
‫ولقد أنشدت‪ ،‬وقيل إنه لعلى بن أبى طالب كرم ال وجهممه‬
‫شعرا‪:3‬‬
‫سأنبيك عن مجموعها ببيان‬ ‫أل لمن تنممال الممعملم إل بسممتة‬
‫ول يخفى أنه يقصد بكلمة الفن‪ :‬العلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫يشير إلى أن الرحلة فى طلب العلم كانت شعار العلماء وأنه ل بد منها‬ ‫‪2‬‬

‫لكل متعلم وراوية‪ ،‬ويؤكد عليه هنا أن ل يترك بلد إلمى بلمد آخمر إل بعمد‬
‫أن يستكمل ما فى البلد الول من رواية وعلم‪.‬‬
‫وقد وجدت هذا الشعر منسوبا إلممى المممام الشممافعى مممع اختلف فممى‬ ‫‪3‬‬

‫اللفظ‪ ،‬انظر ديوانه ص ‪.163‬‬


‫‪40‬‬
‫‪1‬‬
‫وإرشاد أستاذ وطمول زمان‬ ‫ذكاء وحرص واصطباروبلغة‬
‫وأما اختيمار الشمريك‪ ،‬فينبغمى أن يختمار المجمد والموراع‬
‫وصاحب الطبع المسممتقيم المتفهممم‪ ،‬ويفممر مممن الكسمملن والمعطممل‬
‫والمكثار‪ 2‬والمفسد والفتان‪.‬‬
‫قال الشاعر‪:3‬‬
‫عن المرء ل تسل وأبصر قرينه‬
‫‪4‬‬
‫فمإن المقرين بالممقارن يقممتمدى‬
‫فمإن كمان ذا شر فممجمنبه سرعمة‬
‫وإن كان ذا خير فقارنه تهمتدى‬

‫البلغة‪ :‬ما يتبلغ به من العيش القليل‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المكثار‪ :‬كثير الكلم وغالبا ما يكون بل معنى‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫قاله عدى بن زين العبمادى‪ ،‬أنظمر أدب المدنيا والمدين ‪ ،167‬جمهمرة‬ ‫‪3‬‬

‫أشعار العرب ‪ 179‬ولفظه‪:‬‬


‫فمكمل قرين بالممقارن يقتمدى‬ ‫عن المرء ل تسأل وسل عن قرينه‬

‫فى هذا المعنى روى ابن ماجه عن أبى هريرة رضى ال عنه أن النبى‬ ‫‪4‬‬

‫صلى ال عليه وسلم قال‪) :‬اختبروا النمماس بممإخوانهم فممإن الرجممل يخممادن‬
‫من يعجبه نحوه(‪ .‬والنحو‪ :‬الطريقة‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫وأنشدت شعرا آخر‪:‬‬
‫ل تصحمب الكسلن فى حمالته‬
‫كمم صمالممح بفمسماد آخممر يفسمد‬
‫عدوى البليد إلى الجليد سريعة‬
‫كالجمر يوضع فى الرماد فيخمد‬
‫قال النبى صمملى الم عليممه وسمملم‪ :‬كممل مولممود يولممد علممى‬
‫فطمممرة السممملم‪ ،‬إل أن أبممواه يهمممودانه وينصمممرانه ويمجسمممانه‪.‬‬
‫الحديث‪.1‬‬
‫ويقال فى الحكمة بالفارسية‪:‬‬
‫بحمق ذات بماك ال الصمممد‬ ‫باربد بدتمر بود ازمماربد‬
‫‪2‬‬
‫بار نميكمموكممير نابمى نعمميم‬ ‫باربد ازدترا سوى حجيم‬

‫‪ 1‬رواه البخارى‪ ،‬ومسلم والمام أحمد‪ ،‬ولفظ البخارى‪ :‬ما من مولود إل‬
‫يولممد علممى الفطممرة فممأبواه يهممودانه أو ينصممرانه أو يمجسممانه‪ ،‬كممما تنتممج‬
‫البهيمة بهيمة جمعاء‪ ،‬هل تحسون فيها من جدعاء‪ ،‬ثممم يقممول‪ ،‬فطممرة الم‬
‫التى فطر الناس عليها ل تبديل لخلق ال ذلك الممدين القيممم‪ .‬تفسممير سممورة‬
‫الروم‪.‬‬
‫‪ 2‬ومعنى هذين البيتين كما أخبرنى الخ الدكتور عبد ال الخالدى‪:‬‬
‫قسما بذات ال الطاهر الصمد‬ ‫الثمرة السيئة هى من الحبة السيئة‬
‫والذكرى الحسنة تأخذك إلى‬ ‫العمل السيئ يسوقك نممحو الجحيم‬
‫النعيم‬
‫‪42‬‬
‫وقيل‪:‬‬
‫أو شماهدا يخمبمر عن غائب‬ ‫إن كنت تبغى العلم وأهله‬
‫‪1‬‬
‫واعتبر الصاحب بالصاحب‬ ‫فاعتبر الرض بأسممائها‬

‫فصل‬

‫وقيل معناه‪ :‬الصاحب السوء أسوأ من الحية السوء وأكممثر منهمما ضممررا‪،‬‬
‫اتخذ صاحب الصالح تجد بسببه جنات النعيم‪.‬‬
‫البيت الخير مقتبس من حديث ضممعيف السممند‪ ،‬رواه ابممن عممدى فممى‬ ‫‪1‬‬

‫الكامل عن ابن مسعود‪ ،‬والبيهقى فى شعب اليمان‪ ،‬انظممر فيممض القممدير‬


‫شرح الجممامع الصممغير ‪ ،552 /1‬ولفظممه )اعتممبروا‪ ،(...‬والمعنممى الممذى‬
‫أراده‪ :‬إذا وجدتم اسممم بقعممة مممن البقمماع مكروهممة فاسممتدلوا علممى أن تلممك‬
‫الرض مكروهة‪ ،‬وكذلك الصاحب ل يكون إل مع من يشابهه‪.‬‬
‫ول يخفى أن هذا من التطير المنهى عنه شرعا‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫فى تعظيم العلم وأهله‬

‫اعلم أن طالب العلم ل ينال العلم ول ينتفممع بممه إل بتعظيممم‬


‫العلم وأهله‪ ،‬وتعظيم الستاذ وتوقيره‪.‬‬
‫قيل‪:‬‬
‫ما وصل من وصل إل بالحرمة‪ ،‬وما سممقط مممن سممقط إل‬
‫بترك الحرمة‪.1‬‬
‫وقيل‪ :‬الحرمة خير مممن الطاعممة‪ ،‬أل تممرى أن النسممان ل‬
‫يكفر بالمعصية‪ ،‬وإنما يكفر باستخفافها‪ ،2‬وبترك الحرمة‪.‬‬
‫ومن تعظيمم العلمم تعظيمم السمتاذ‪ ،‬قمال علمى رضمى الم‬
‫عنه‪ :‬أنما عبمد ممن علمنمى حرفما واحمدا‪ ،‬إن شماء بماع‪ ،‬وإن شماء‬
‫استرق‪.3‬‬
‫وقد أنشدت فى ذلك‪:‬‬
‫الحرمة‪ :‬المهابة والتعظيم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫كانت هذه الكلمة فى المخطوط قبمل كلممة‪ :‬بالمعصمية‪ ،‬ثمم اسمتدركها‬ ‫‪2‬‬

‫الناسخ‪ ،‬ولعلها محرفة عن الكلمة‪ :‬استحللها‪ ،‬وهو ألصق بالمعنى‪ ،‬وقممد‬


‫قال العلماء‪ :‬إن استحلل المعصية كفر‪ .‬وليست فى المخطوط الثانى‪.‬‬
‫روى الطبرانى حديثا بهذا المعنى )من علم عبدا آية من كتاب ال فهو‬ ‫‪3‬‬

‫لممه عبممد( وعلممق شمميخ السمملم ابممن تيميممة عليممه بممأنه موضمموع‪ ،‬ذكممره‬
‫الشوكانى فى الفوائد المجموعة رقم ‪.879‬‬
‫‪44‬‬
‫وأوجمبه حفظا على كل مسلم‬ ‫رأيت أحق الحق حق المعلم‬
‫لتعليم حرف واحد ألف درهم‬ ‫لقد حق أن يهدى إليه كرامة‬
‫فإن من علمك حرفا واحدا مما تحتاج إليه فممى الممدين فهممو‬
‫أبوك فى الدين‪.‬‬
‫وكان أستاذنا الشيخ المام سديد الممدين الشمميرازى‪ 1‬يقممول‪:‬‬
‫قممال مشممايخنا‪ :‬مممن أراد أن يكممون ابنممه عالممما ينبغممى أن يراعممى‬
‫الغرباء من الفقهاء‪ ،‬ويكرمهممم ويطعمهممم ويطيعهممم شمميئا‪ ،‬وإن لممم‬
‫يكن ابنه عالما يكون حفيده عالما‪.‬‬
‫ومن توقير المعلم أن ليمشممى أمممامه‪ ،‬ول يجلممس مكممانه‪،‬‬
‫ول يبتدئ بالكلم عنده إل بإذنه‪ ،‬ول يكثر الكلم عنده‪ ،‬ول يسممأل‬
‫شيئا عند مللته‪ 2‬ويراعى الوقت‪ ،‬ول يدق الباب بل يصممبر حممتى‬
‫يخرج الستاذ‪.‬‬
‫فالحاصل‪ :‬أنممه يطلممب رضمماه‪ ،‬ويجتنممب سممخطه‪ ،‬ويمتثممل‬
‫أمممره فممى غيممر معصممية لم تعممالى‪ ،‬فممإنه ل طاعممة للمخلمموق فممى‬
‫فى الصل المخطوط‪ :‬سيد الشيرازى والتصحيح من فصل قادم مممن‬ ‫‪1‬‬

‫الكتاب حيث تكرر اسمه ومن الشرح‪ ،‬ولم أعثر له على ترجمة‪.‬‬
‫‪ 2‬المللة‪ :‬الضجر والسأم‪ ،‬ويراعى الوقت‪ :‬أى ل يفعل شيئا إل فى الوقت‬
‫المناسب له‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫معصية الخالق‪ 1‬كما قال النبى صلى ال عليه وسلم‪ :‬إن شر الناس‬
‫من يذهب دينه لدنيا بمعصية الخالق‪.2‬‬
‫ومن توقيره‪ :‬توقير أولده ومن يتعلق به‪.‬‬
‫وكان أستاذنا شيخ السلم برهان الممدين صمماحب الهدايممة‬
‫رحمة ال عليه حكممى‪ :‬أن واحممدا مممن أكممابر الئمممة بخممارى كممان‬
‫يجلس مجلس الدرس‪ ،‬وكان يقوم فى خلل الدرس أحيانمما فسممألوا‬
‫عنه‪ ,‬فقال‪ :‬إن ابن أستاذى يلعب مع الصبيان فممى السممكة‪ ،‬ويجيممئ‬
‫أحيانا إلى باب المسجد‪ ،‬فإذا رأيته أقوم له تعظيما لستاذى‪.3‬‬

‫‪ 1‬المعنى مأخوذ من حديث رواه المام أحمد ‪) 5/66‬ل طاعة لمخلوق فى‬
‫معصية ال(‬
‫‪ 2‬فى هذا المعنى روى ابن ماجه عن أبى أمامة أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم قال‪ :‬من شر النمماس منزلممة عنممد الم يمموم القيامممة عبممد أذهممب‬
‫آخرته بدنيا غيره‪ .‬قال فى الزوائد‪ :‬هذا إسناد حسن‪ ،‬حديث رقم ‪.3966‬‬
‫‪ 3‬ان صح هذا فهو من الغلو الذى ليس له وجه شرعى بل فيه مخالفات‬
‫تربوية ل تخفى!!‬
‫‪46‬‬
‫والقاضممى المممام فخممر الممدين الرسممابندى‪ 1‬كممان رئيممس‬
‫الئمة فممى مممرو‪ 2‬وكممان السمملطان يحممترمه غايممة الحممترام وكممان‬
‫يقول‪ :‬إنما وجدت بهذا المنصب بخدمة السممتاذ فممإنى كنممت أخممدم‬
‫الستاذ القاضى المممام أبمما زيممد الدبوسممى‪ 3‬وكنممت أخممدمه وأطبممخ‬
‫طعامه ]ثلثين سنة[ ول آكل منه شيئا‪.‬‬
‫وكان الشيخ المام الجل شمس الئمممة الحلمموانى‪ 4‬رحمممة‬
‫ال عليه قد خرج من بخارى وسكن فى بعض القرى أياما لحادثة‬
‫وقعممت لممه وقممد زاره تلميممذه غيممر الشمميخ المممام شمممس الئمممة‬

‫المام محمد بن الحسين‪ ،‬أبو جعفر‪ ،‬كان فقيها فاضل مناظرا له تآلف‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫وقد تولى القضمماء فممى مممرو‪ ،‬تمموفى عممام ‪) 1117 /511‬الجممواهر ‪،2/52‬‬
‫الفموائد ‪ (194‬ونسمبته إلمى أرسمابند‪ ،‬قمال يماقوت‪ :‬قريمة بينهما وبيمن ممرو‬
‫فرسخان خرج منها طائفة من العلماء‪) ،‬المعجم ‪.(191 /1‬‬
‫مرو‪ :‬قال عنها ياقوت‪ :‬أشهر مدن خراسان )معجم ‪.(33 /8‬‬ ‫‪2‬‬

‫فى الصل‪ :‬أبا يزيد‪ ،‬هو عبيد ال بن عمر الدبوسى من كبار الفقهمماء‬ ‫‪3‬‬

‫الحناف‪ ،‬قال القرشى‪ ،‬هو أول من وضع علم الخلف وأبرزه للوجممود‪،‬‬
‫له كتاب تقويم الدلة توفى فى بخارى ‪ ،3391 /432‬التاج ‪.64‬‬
‫عبد العزيممز بممن أحمممد‪ ،‬إمممام الحنمماف فممى وقتممه وكممان مجتهممدا فممى‬ ‫‪4‬‬

‫المذهب‪ ،‬له تصانيف عديدة منها المبسوط فى الفقه‪ ،‬درس عليه جمع من‬
‫كبمممار العلمممماء‪ ،‬تممموفى فمممى بخمممارى ‪ 448‬أو ‪ 449/1056‬أو ‪.1057‬‬
‫الجواهر ‪.(318 /1‬‬
‫‪47‬‬
‫القاضى بكر بن محمد الزرنجرى‪ 1‬رحمه ال تعالى‪ ،‬فقال له حين‬
‫لقيه‪ :‬لماذا لم تزرنممى؟ قممال‪ :‬كنممت مشممغول بخدمممة الممولدة‪ .‬قممال‪:‬‬
‫ترزق العمممر‪ ،‬لتممرزق رونممق الممدرس‪ ،‬وكممان كممذلك‪ ،‬فممإنه كممان‬
‫يسكن فى أكثر أوقاته فى القرى ولم ينتظم له الدرس‪ .2‬فمن تممأذى‬
‫منه أستاذه يحرم بركة العلم ول ينتفع بالعلم إل قليل‪.‬‬
‫]إن المممعلم والطمبيب كملهمما‪ ‬ل ينصحمان إذا همما لم يكممرما[‬
‫]فاصبر لدائك إن جفوت طبيبه‪ ‬واقنع بجهلك إن جفوت معلما‪[3‬‬

‫فى المخطوط والمطبوع‪ :‬أبو بكر‪ ،‬هممو مممن كبممار الفقهمماء الحنمماف‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫يتصل نسبه بالصحابى جابر بن عبد ال رضى ال عنه‪ ،‬تفقه على المام‬
‫الحلوانى قال القرشى‪ :‬هو آخر من روى عنه‪ ،‬كان يضرب به المثل فممى‬
‫الحفظ‪ ،‬مرجعا فى الرواية‪ ،‬وسمى بأبى حنيفة الصممغر‪ ،‬تمموفى فممى عمام‬
‫‪) .1118 /512‬الجواهر ‪.(172 /1‬‬
‫ل نظن أن هذا المر صحيح فقد قال القرشى فمى الجمواهر المضميئة‬ ‫‪2‬‬

‫عن الزرنجرى )‪ :(172 /1‬كممان الفقهمماء إذا وقممع لهممم إشممكال يرجممون‬
‫إليه ‪ ...‬وكانت عنده كتب عالية ما وصلت إلينما إل ممن روايتمه ‪ ...‬ونقمل‬
‫من السمعانى‪ :‬روى لى عنه جماعة كثيرة بخرسان وما وراء النهر‪.‬‬
‫وهذا يدل على أنه كممان مرجعمما فممى العلممم‪ ،‬وأن درسممه قممد انتظممم‪،‬‬
‫وكان مقصد طلب العلم‪ ،‬فانتفع هو ونفع غيره‪.‬‬
‫فى المطبوعة‪ ،‬وللبيتين المذكورين مطلع وهو قول الساعر‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫وكذا المعلم إن أردت تعلما‬ ‫أكرم طبيبك إن أردت دواءه‬


‫‪48‬‬
‫‪1‬‬
‫حكى أن الخليفة هارون راشيد بعث ابنه إلممى الصمممعى‬
‫ليعلمه العلم والدب فرآه يوما يتوضأ ويغسل رجله‪ ،‬وابن الخليفة‬
‫يصب الماء على رجله‪ ،‬فعاتب الصمعى ]فى ذلممك[ بقمموله‪ :‬إنممما‬
‫بعثت إليك لتعلمه وتؤدبه فلماذا لم تأمره بأن يصب الممماء بإحممدى‬
‫يديه‪ ،‬ويغسل بالخرى رجلك؟‬
‫ومن تعظيم العلم‪ :‬تعظيم الكتاب‪ ،‬فينبغى لطممالب العلممم أن‬
‫ل يأخذ الكتاب إل بطهارة‪.‬‬
‫وحكى عن الشيخ شمس الئمة الحلوانى رحمه ال تعممالى‬
‫أنه قال‪ :‬إنما نلت هذا العلم بالتعظيم‪ ،‬فممإنى ممما أخممذت الكاغممد‪ 2‬إل‬
‫بطهارة‪.‬‬

‫الصمممعى‪ :‬عبممد الملممك بممن قريممب‪ ،‬أحممد أئمممة العلممم باللغممة والشممعر‬ ‫‪1‬‬

‫والرواية‪ ،‬كان الرشيد يسميه‪ :‬شيطان الشعر‪ ،‬تمموفى عممام ‪216‬هممم‪831 /‬‬
‫م‪.‬‬
‫الكاغد‪ :‬هو ورق الكتابة‪ ،‬ويقول فيليب حممتى فممى تاريممخ العممرب )‪/2‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ :(50‬لعممل هممذا السممم مم كاغممد مم لفمظ صممينى الصممل جمماء عممن طريممق‬
‫الفارسة‪ ،‬وذلك لن أول من أدخل صناعة الورق هم السرى الصينيون‪.‬‬
‫أما التشدد فى أمر الطهارة التى يشترها المؤلف فهو من الغلو والتنطع‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫والشيخ المام شمس الئمة السرخسى‪ 1‬كان مبطونمما‪ 2‬فممى‬
‫ليلة‪ ،‬وكان يكرر‪ ،3‬وتوضأ فى تلممك الليلممة سمبع عشمرة مممرة لنممه‬
‫كان ل يكرر إل بالطهارة‪ ،‬وهممذا لن العلممم نممور والوضمموء نممور‬
‫فيزداد نور العلم به‪.‬‬
‫ومن التعظيم الواجب للعالم أن ل يمد الرجل إلممى الكتمماب‬
‫ويضع كتاب التفسير فوق سائر الكتب ]تعظيممما[ ول يضممع شمميئا‬
‫آخر على الكتاب‪.‬‬
‫وكان أستاذنا الشيخ برهان الدين رحمه الم تعممالى يحكممى‬
‫عن شيخ من المشايخ‪ :‬أن فقيها كان وضع المحبرة علممى الكتمماب‪،‬‬
‫فقال له ]بالفارسية[‪ :‬برنيايى‪.4‬‬
‫هوالمام محمد بن أحمد السرخسى‪ ،‬كان علمة حجة‪ ،‬متكلما‪ ،‬فقيها‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫أصوليا‪ ،‬مناظرا‪ ،‬وهو كثير التأليف‪ ،‬توفى عام ‪ ،1090 /483‬نسبته إلى‬
‫سرخسى بلدة من نواحى خراسان‪ ،‬كبيرة واسعة خرج منهما جماعمة ممن‬
‫العلماء ) المعجم ‪.(5/65‬‬
‫ويقال ]انه أملى كتابه المبسوط فى الفقه )‪ 9‬مجلدات أو أكثر( وهو‬
‫فى سجن أحد الظلمة الذين كانوا يستحلون الهداء على العلماء‪.‬‬
‫أى يشتكى من بطنه بسبب السهال‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫يكرر‪ :‬يذاكر العلم بالعادة والمراجعة‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫أى‪ :‬ل يكون منك‪ ،‬ويعنى يذلك أن الساءة إلى الكتمماب تجعلممه عممديم‬ ‫‪4‬‬

‫النتفاع من علمه‪ ،‬وهذا أيضا من التشدد والغلممو‪ ،‬لن النتفمماع بممالعلم أو‬
‫عدمه له أبابه‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫وكان أستاذنا القاضى المام الجل فخر الممدين المعممروف‬
‫بقاضى خان‪ 1‬رحمه ال تعالى يقول‪ :‬إن يرد بذلك الستخفاف فل‬
‫بأس بذلك والولى أن يحترز عنه‪.‬‬
‫ومن التعظيم‪ :‬أن يجود كتابة الكتاب ول يقممرمط‪ 2‬ويممترك‬
‫الحاشية إى عند الضرورة‪.‬‬
‫ورأى أبو حنيفة رحمه ال تعالى كتابا يقرمط فممى الكتابممة‬
‫فقال‪ :‬ل تقرمط خطك‪ ،‬إن عشممت تنممدم وإن مممت تشممتم‪ .‬يعنممى إذا‬
‫شخت وضعف نور بصرك ندمت على ذلك‪.3‬‬

‫هو الحسن بن منصور الوزجندى الفرغانى الفقيه‪ ،‬له مؤلفات عدة فى‬ ‫‪1‬‬

‫الفقه‪ ،‬وكان مجتهدا فى المسائل توفى ‪.1195 /592‬‬


‫يقرمط‪ :‬يدقق الكتابة ويصغرها‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫يقصد بها أن الطالب عندما يكون صغير السن يقرمط خطه فل يعطى‬ ‫‪3‬‬

‫كل حرف حقه‪ ،‬وينتخب من الكتب المقطعات ول يقابل ما نسخ‪.‬‬


‫وعندما يكبر يحتاج إلمى مما كتمب فتصمعب عليمه معرفمة الكلممات‬
‫الناقصة‪ ،‬وقد يجد أن ما اختاره كممان دون مسممتوى النتخمماب المطلمموب‪،‬‬
‫ويجممد أن تممرك المقابلممة علممى الصممول أوقعممه فممى أغلط يعتممذر عليممه‬
‫استدراكها لبعد الكتب التى نقل عنها ‪ ...‬إلخ فيندم لذلك‪ .‬وكذلك بعد ممموته‬
‫يتعب من بعده‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫وحكى عن الشيخ المام مجد الدين الصرخكى‪ ،1‬حكى أنه‬
‫قال‪ :‬ما قرمطنا ندمنا‪ ،‬وما انتخبنا ندمنا‪ ،‬وما لم نقابل ندمنا‪.2‬‬
‫وينبغى أن يكون تقطيع الكتمماب مربعمما‪ ،‬فممإنه تقطيممع أبممى‬
‫حنيفممة رحمممه المم تعممالى‪ ،‬وهممو أيسممر علممى الرفممع والوضممع‬
‫والمطالعة‪.3‬‬
‫وينبغى أن ل يكون فى الكتابة شيئ من الحمرة‪ ،‬فمإنه مممن‬
‫صنيع الفلسفة ل صنيع السلف‪ ،‬ومن مشممايخنا كرهمموا اسممتعمال‬
‫المركب‪ 4‬الحمر‪.‬‬
‫ومممن تعظيممم العلممم‪ :‬تعظيممم الشممركاء ]فممى طلممب العلممم‬
‫والدرس[ ومن يتعلم منه‪ .‬والتملق مذموم إل فى طلب العلم‪.5‬‬
‫فى الصل المخطوط‪ :‬السرخسى‪ ،‬وفى المطبمموع‪ :‬السممرجكى‪ ،‬وفممى‬ ‫‪1‬‬

‫المخطوط الثانى‪ :‬الصرحكى‪ ،‬وقد نسب صاحب الجممواهر المضمميئة همذا‬


‫القول إلى الصرخكى )‪ (2/32‬ولكممن مممع اختلف فممى اللفممظ‪ :‬ممما فرطنمما‬
‫ندمنا وما انتخبنا ندمنا وما لم نقابل ندمنا‪.‬‬
‫فى المطبوع‪ :‬إل ندمنا‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫ولماذا ينبغى ذلك‪ ،‬اللهم سوى التقليد العمى للئمة‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫المركب‪ :‬الخبر‪ ،‬ول ندرى لماذا قال أنهم كرهوا استعماله‪ ،‬مع أنه ل‬ ‫‪4‬‬

‫يخلوا كتاب قديم من الكتابمة بمالحمر‪ .‬وفمى المخطموط الثمانى‪ :‬المركمب‬


‫الحمرة؟‬
‫التملق هو التودد والتلطف بتكلف واصممطناع‪ ،‬وقممد ورد فممى المعنممى‬ ‫‪5‬‬

‫المممذكور حممديث رواه ابممن عيممدى عممن معمماذ مرفوعمما‪ :‬ليممس مممن أخلق‬
‫‪52‬‬
‫فإنه ينبغى أن يتملق لستاذه وشركائه ليستفيد منهم‪.1‬‬
‫وينبغى لطممالب العلممم أن يسمتمع العلممم والحكمممة بممالتعظيم‬
‫والحرمة‪ ،‬وإن سمع مسألة واحدة أو حكمة واحدة ألف مرة‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬من لم يكن تعظيمه بعد ألف مرة كتعظيمه فممى أول‬
‫مرة فليس بأهل العلم‪.‬‬
‫وينبغى‪ 2‬لطالب العلم أن ل يختممار نمموع العلممم بنفسممه‪ ،‬بممل‬
‫يفوض أمره إلى الستاذ‪ ،‬فإن الستاذ قد حصممل لممه التجممارب فممى‬
‫ذلك‪ ،‬فكان أعرف بما ينبغى لكل واحد وما يليق بطبيعته‪.‬‬

‫المممؤمن الملممق إل فممى طلممب العلممم‪ .‬أورده الشمموكانى وقممال‪ :‬فممى اسممناده‬
‫كذاب‪ ) .‬الفوائد رقم ‪.(856‬‬
‫قارن أدب الدنيا والدين للماوردى ص ‪ 251‬حيث يقول )‪ ...‬لن التملق‬ ‫‪1‬‬

‫للعالم يظهر مكنون علمه( وروى عن ابن عبمماس )ذللممت طالبمما فعممززت‬
‫مطلوبا(‪.‬‬
‫ونجد أن المؤلف أكثر من استعمال كلمة ينبغى‪ ،‬أممما معناهمما اللغمموى‬ ‫‪2‬‬

‫فقممال عنممه الفيممروز آبممدى )القمماموس ‪ :(304 /4‬انبغممى الشمميئ‪ :‬تيسممر‬


‫وتسهل‪ .‬ومن هنا نلحظ أن المؤلف عنى بها الوجوب‪ ،‬أى أنه قد تجاوز‬
‫فى استعمالها معناها اللغوى أو حملها ما ل تحتمل‪ ،‬وأنظر شممروح كتممب‬
‫التفسير للستعمال القرآنى لكلمة ينبغى التى ل تخرج عن معنى‪ :‬يصمملح‬
‫أو يسهل وذلك فمى سمورة مريمم آيمة ‪ ,92‬الفرقمان ‪ ،18‬الشمعرائ ‪،211‬‬
‫يس ‪ 40‬و ‪ ،69‬ص ‪.35‬‬
‫‪53‬‬
‫وكان الشيخ المممام الجممل السممتاذ برهممان الحممق والممدين‬
‫رحمه ال تعالى يقول‪:‬‬
‫كان طلبمة العلمم فمى الزممان الول يفوضمون أمرهمم فمى‬
‫التعلم إلممى اسمماتذهم‪ ،‬وكممانوا يصمملون إلممى مقصممودهم ومرادهممم‪،‬‬
‫والن يختارون بأنفسهم‪ ،‬فل يحصل مقصودهم من العلم والفقه‪.‬‬
‫وكان يحكى أن محمد بن إسممماعيل البخممارى‪ 1‬رحمممه الم‬
‫تعالى كان بدأ بكتابة الصلة على محمممد بممن الحسممن رحمممه المم‪،‬‬
‫فقال له محمد بن الحسن‪ :‬إذهب وتعلم علم الحممديث‪ ،‬لممما روى أن‬
‫ذلك العلم أليق بطبعه‪ ،‬فطلب علم الحديث فصار فيممه مقممدما علممى‬
‫جميع أئمة الحديث‪.2‬‬

‫البخارى‪ :‬حمممبر الئممة وحمممممافظ حمديث رسمول الم‪ ،‬صاحمممممممب‬ ‫‪1‬‬

‫الجامع الصمحيص‪ ،‬الفقيمه‪ ،‬المجتهمد‪ ،‬ولمد فمى بخمارى ونشمأ يتيمما‪ ،‬قمام‬
‫برحلة طويلة عام ‪ 210‬فى طلب الحديث وسمع ألف شمميخ‪ ،‬تمموفى ‪/256‬‬
‫‪.870‬‬
‫ل يعقل وقوع هذه الحداثة‪ ،‬فأن ابن الحسن توفى عام ‪ 189‬والبخارى‬ ‫‪2‬‬

‫ولد عام ‪ ،194‬ودخل بغممداد بعممد عممام ‪210‬همم أى بعممد أكممثر مممن احممدى‬
‫وعشرين سنة من وفاة ابن الحسن‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫وينبغى لطالب العلممم أن ليجلممس قريبمما مممن السممتاذ عنممد‬
‫السبق بغير ضرورة‪ ،‬بل ينبغى أن يكون بينه وبيممن السممتاذ قممدر‬
‫القوس فإنه أقرب إلى التعظيم‪.‬‬
‫وينبغممى لطممالب العلممم أن يحممترز عممن الخلق الذميمممة‪،‬‬
‫فإنها كلب معنوية‪ ،‬وقد قال رسول ال صلى الم عليممه وسمملم‪ :‬ل‬
‫تممدخل الملئكممة بيتمما فيممه كلممب أو صممورة‪ .1‬وإنممما يتعلممم النسممان‬
‫بواسطة ملك‪.‬‬
‫والخلق الذميمة تعرف فى كتاب الخلق وكتابنا هذا ل‬
‫يحتمل بيانها‪.‬‬
‫]وليحترز[ خصوصا عن التكممبر ومممع التكممبر ل يحصممل‬
‫العلم‪.‬‬
‫قيل‪:‬‬
‫للمكان‬ ‫حرب‬ ‫كالسيل‬ ‫العلم حرب ]للفتى[ المتعالى‬
‫‪2‬‬
‫العالى‬
‫‪ 1‬رواه البخارى ومسلم‪.‬‬
‫‪ 2‬العجز من بيت لبى تمام وصدره‪) :‬الديوان جم ‪(77 /1‬‬
‫فالسيل حرب للمكان‬ ‫ل تنكرى عطل الكريم من الغنى‬
‫العالى‬
‫‪55‬‬
‫فصل‬
‫فى الجد والمواظبة والهمة‬

‫ثم ل بد من الجد والمواظبة والملزمة لطالب العلم‪ ،‬وإليه‬


‫الشارة فى القرآن بقوله تعالى‪ :‬يا يحيى خذ الكتاب بقمموة‪ .1‬وقمموله‬
‫تعالى‪ :‬والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا‪.2‬‬
‫قيل‪:‬‬
‫فهل جد بل جد بمجدى‬ ‫بجمد ل بجممد كممل ممجممد‬

‫سورة مريم‪ ،‬الية ‪.12‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة العنكبوت الية ‪ 69‬وترتيب اليتين فى النسخ المطبوعة معكوس‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪56‬‬
‫‪3‬‬
‫وكم حر يقوم مقام عبد‬ ‫فكم من عبد يقوم مقام حر‬
‫وقيل‪ :‬من طلب شميئا وجمد وجمد‪ ،‬وممن قمرع البماب ولمج‬
‫ولج‪.2‬‬
‫وقيل‪ :‬بقدرما تتعنى تنال ما تتمنى‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬يحتاج فممى التعلممم والتفقممه إلممى جممد ثلثممة‪ :‬المتعلممم‪،‬‬
‫والستاذ‪ ،‬والب‪ ،‬إن كان فى الحياء‪.3‬‬
‫أنشدنى الشيخ المام الجل الستاذ سديد الدين الشمميرازى‬
‫للشافعى رحمهما ال‪:‬‬
‫الجمممد يممدنمى كممل أممر شماسمع‬
‫والمجممد يفممتمح كممل باب مممغملمق‬
‫وأحق خلق ال تعالى بالهم امرؤ‬
‫ذو هممممة يممبلمى بمعمميمش ضميمق‬
‫ومن الدليل على القضاء وحكمه‬

‫ورد هذان البيتان فى النسخ المطبوعة فى آخر الفصل السابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫لج‪ :‬ألح وشدد‪ .‬ولج‪ :‬دخل‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫حصر الموضوع بالب للنفماق علمى المتعلمم فيمه تقييمد‪ ،‬وكمان ممن‬ ‫‪3‬‬

‫الجدر لو أنه قال‪ :‬ولى المر‪ ،‬الممذى يكممون أبممو المتعلممم أو أمممه أو عمممه‬
‫وغيره ممن يتولى النفاق عليه‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫‪1‬‬
‫بؤس اللبيب وطيب عيش الحمق‬
‫لكن من رزق الحجا حرم الغنى‬
‫‪2‬‬
‫ضمدان يممفمممتمرقممان أى تممفممرق‬
‫وأنشدت لغيره‪:‬‬
‫تممنيت أن تمسى فمقيها مناظمرا‬
‫بغمير عناء والجمنون فنون‬
‫وليس اكتساب المال دون مشقة‬
‫‪3‬‬
‫تحملها فالعلم كميف يكون؟‬
‫قال أبو الطيب المتنبى‪:4‬‬
‫ولم أرى فمى عيوب الناس عيبا‬
‫كنقص القادرين على التمام‬
‫ول بد لطالب العلم من سهر الليالى كما قال الشاعر‪:‬‬

‫أى أن ضيق عيش ذى العقل هو ابتلء واختبار من ال تعالى‪ ،‬الممذى‬ ‫‪1‬‬

‫شاءت إرادته وحكمته هذا المر‪.‬‬


‫قارن بديوان الشافعى ص ‪.133-132‬‬ ‫‪2‬‬

‫فى الهامش‪ :‬أى كيف يحصل العلم بل اكتساب مع كونه أعلى المور‬ ‫‪3‬‬

‫وأشرفها‪.‬‬
‫فى قصيدة قالها خلل مرض ألم به فى مصر‪ ،‬أنظر الديوان ص‬ ‫‪4‬‬

‫‪.385-482‬‬
‫‪58‬‬
‫بقمدر المكممد تكممتمسمب الممعالى‬
‫وممن طملمب المعملى سمهمر اللميالى‬
‫تممروم الممممعممز ثمم تنممام لمممميل‬
‫يغوص فى البحر ممن طلب الللى‬
‫علمو المكممعمب بالهمممم المعموالى‬
‫وعمن المممممرء فمى سممهمر اللميالى‬
‫تركممت الممنوم ربى فى اللمميالى‬
‫لجممل رضماك يامممولمى الممموالى‬
‫ومممن رام الممعملى ممن غمير كد‬
‫أضاع المعمممر فى طملب الممحممال‬
‫فمموفمقمنى إلمى تحممصمميل عملمم‬
‫وبلمغممنمى إلمى أقممصمى المممعممالى‬
‫قيل‪ :‬اتخذ الليل جمل تدرك به أمل‪.1‬‬
‫قال المصنف‪ 2‬وقد اتفق لى نظم فى هذا المعنى شعر‪:‬‬

‫اتخذ الليل جمل‪ ،‬قال عنه الميدانى‪ :‬يضرب لمن يعمل العمل بالليل من‬ ‫‪1‬‬

‫قراءة أو صلة أو غيرهما مما يركب فيه الليل‪ :‬مجمع المثال ‪.135 /1‬‬
‫يريد نفسه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪59‬‬
‫ممن شاء أن يحمتوى آماله جممل‬
‫فلميتمخمذ لمميله فمى دركممها جممممل‬
‫‪1‬‬
‫إقلل طعامك كى تحظى به سهرا‬
‫إن شئت يا صاحبى أن تبلغ الكمل‬
‫وقيل‪ :‬من أسهر نفسه بالليل‪ ،‬فقد فرح قلبه بالنهار‪.‬‬
‫ول بد لطالب العلم من المواظبممة علممى الممدرس والتكممرار‬
‫فى أول الليل وآخره‪ ،‬فإن ما بين العشائين‪ ،‬ووقت السممحر‪ ،‬وقممت‬
‫مبارك‪.‬‬
‫قيل فى هذا المعنى‪:2‬‬
‫وجمانب المنوم واترك الشبعما‬ ‫يا طالب العملم باشمر الورعا‬
‫فإن العلم بالدرس قام وارتفعا‬ ‫وداوم على الدرس ل تفارقه‬
‫فيغتنم أيام الحداثة وعنفوان‪ 3‬الشباب‪ ،‬كما قيل‪:‬‬
‫بقمدر المكممد تعممطى ما تروم فممممن رام الممنى لمميل يقموم‬
‫وأيام المحممداثمة فماغمتمنمممهما أل إن الممحممممممداثممة لتممدوم‬
‫فى المطبوع‪ :‬ثمرا‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫يروى ابن عبد البر هذا الشعر وينسبه إلى عبد ال بن المبارك )جامع‬ ‫‪2‬‬

‫بيان العلم ‪.(1/192‬‬


‫فى الصل الول‪ :‬عنوان‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪60‬‬
‫قال رسول الم صمملى الم عليممه وسمملم‪ :‬أل إن هممذا الممدين‬
‫متين فأوغل فيه برفق‪ ،‬ول تبغض نفسك فى عبادة ال تعالى فممإن‬
‫المنبت ل أرضا قطع ول ظهرا أبقى‪.1‬‬
‫وقال عليه السلم‪ :‬نفسك مطيتك فارفق بها‪.2‬‬
‫فل بد لطالب العلم من الهمة العالية فى العمل‪ ،‬فإن المممرء‬
‫يطير بهمته كالطير يطير بجناحيه‪.‬‬
‫وقال أبو الطيب رحمه ال‪:3‬‬
‫على قدر أهل العزم تأتى العمزائم‬
‫وتأتى على قمدر الكمرام المكارم‬
‫وتعظم فى عين الصغير صغارها‬
‫القسم الول من الحديث بلفظ )فاوغلوا( رواه المام أحمممد عممن أنممس‬ ‫‪1‬‬

‫رضى الم عنممه‪ ،199 /3 ،‬حمديث صمحيح‪ .‬أممما الحمديث بكممامله فسمنده‬
‫ضعيف‪ ،‬رواه البزار فى مسنده ورواه البيهقى فى السنن من طرق وفيممه‬
‫اضممطراب‪ ،‬وروى موصمممول ومرسمممل ومرفوعممما وموقوفممما‪ ،‬ورجمممح‬
‫البخارى فى التاريخ إرساله‪ ،‬أنظر تفصيل ذلك فى الفيممض القممدير شممرح‬
‫الجامع الصغير للمناوى ‪ ،544 /2‬والمنبت‪ :‬هو المنقطع فى السفر الذى‬
‫عطلت راحلته ولم يصل إلى هدفه‪ ،‬وفى الحممديث نهممى عممن التكلممف فممى‬
‫العبادة‪.‬‬
‫لم أجد هذا الحديث بلفظه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫مطلع قصيدة يمدح بها سيف الدولة الحمممدانى علممم ‪ 343/954‬أنظممر‬ ‫‪3‬‬

‫ديوانه ص ‪385‬‬
‫‪61‬‬
‫وتصغر فى عين العظيم العظائم‬
‫والركن فى تحصمميل الشممياء الجممد والهمممة العاليممة‪ ،‬فمممن‬
‫كانت همته حفظ جميع كتب محمد بن الحسن‪ ،‬واقترن بذلك الجممد‬
‫والمواظبة‪ ،‬فالظاهر أنه يحفظ أكثرها أو نصفها‪ ،‬فأما إذا كانت له‬
‫همة عالية ولم يكن له جد‪ ،‬أو كان له جد ولم تكن له همة عالية ل‬
‫يحصل له العلم إل قليل‪.‬‬
‫وذكمممر الشممميخ الممممام الجمممل السمممتاذ رضمممى المممدين‬
‫النيسابورى فى كتاب مكارم الخلق‪ 1‬أن ذا القرنين‪ 2‬لممما أراد أن‬
‫يسافر ليستولى على المشممرق والمغممرب‪ ،‬شمماور الحكممماء وقممال‪:‬‬
‫كيف أسافر بهذا القدر مممن الملممك‪ ،‬فممإن الممدنيا قليلممة فانيممة‪ ،‬وملممك‬
‫الدنيا أمر حقير‪ ،‬فليس هذا من علو الهمة‪.‬‬
‫فقال الحكماء‪ :‬سافر ليحصل لك ملك الدين والخرة‪.‬‬
‫فقال‪ :‬هذا أحسن‪.‬‬

‫ذكره حاجى خليفة فى كشممف الظنممون ص ‪ 1811‬والنيسممابورى هممو‬ ‫‪1‬‬

‫صاحب الطريقة الرضوية فى علم الخلف )الجممواهر ‪ -370 /2‬الفمموائد‬


‫‪.(73‬‬
‫المقصود من ذكر فى القرآن الكريم فى سورة الكهممف اليممة ‪ 83‬ومممن‬ ‫‪2‬‬

‫يظن أنه السكندر المقدونى فهو واهم‪.‬‬


‫‪62‬‬
‫وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إن ال يحب معممالى‬
‫المور ويكره سفسافها‪.1‬‬
‫وقيل‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫فما صلى عصاك كمستديم‬ ‫فل تعجل بأمرك واستدمه‬
‫قيل‪:‬‬
‫قممال أبممو حنيفممة رضممى ال م لبممى يوسممف‪ :‬كنممت بليممدا أخرجتممك‬
‫المواظبة‪ ،‬وإياك والكسل فإنه شؤم وآفة عظيمة‪.‬‬
‫قال الشيخ المام أبو نصر الصفار النصارى‪:3‬‬
‫يا نفس يا نفس ل ترخى عن العمل‬
‫فى البر والعدل والحسان فى مهل‬
‫فمكمل ذى عمممل فى الخمير ممغمتبط‬
‫وفمى بملء وشممؤم كممل ذى كممسمل‬

‫أخرجه البيهقى والطبرانى‪ ،‬أنظر تخريج احمماديث إحيمماء علمموم الممدين‬ ‫‪1‬‬

‫للحافظ العراقى ‪ 358 /2‬و ‪.244 /3‬‬


‫صلى عصاه‪ :‬لينها بالنار ليسهل تقويمهمما‪ ،‬والمعنممى أن خيممر وسممائل‬ ‫‪2‬‬

‫تقويم المعوج وإصلح الفاسد الستدامة والستمرار‪ ،‬وذكر الميدانى هذا‬


‫البيت باعتبار أن كلمات عجزه ذهبت مثل ) مجمع المثال ‪.(288 /2‬‬
‫فى الصل‪ :‬الصفارى‪ ،‬هو أحمد بن محمد من أهل بخارى‪ ،‬من علماء‬ ‫‪3‬‬

‫قرن الرابع الهجرى‪.‬‬


‫‪63‬‬
‫قال المصنف‪ :‬وقد اتفق لى فى هذا المعنى شعر‪:‬‬
‫دعى نمفمسى المتكمماسمل والمتموانمى‬
‫وإل فماثمممبممتمى فمى ذا‪ 1‬المممهممموان‬
‫فلم أر للمكممسمالمى املحمظ ] يعطى[‬
‫سمموى نممدم وحممممرمممان المممانمى‬
‫وقيل‪:‬‬
‫كمم ممن حمياء وكم عمجمز وكمم نمدم‬
‫جممم تممولمممد للنمسمان مممن كمممسمل‬
‫] إياك عن كسل فى البحث عن شبه‬
‫‪2‬‬
‫فمممما علمممت وما قمد شذ عنك سل[‬
‫وقد قيل‪ :‬الكسل من قلة التأمل فى مناقب العلممم وفضممائله‪،‬‬
‫فينبغى أن يتعب نفسه على التحصيل والجد والمواظبة بالتأمل فى‬
‫فضائل العلم‪ ،‬فإن العلم يبقى ]ببقاء المعلومات[ والمال يفنى‪ ،‬كممما‬
‫قال أمير المؤمنين على بن أبى طالب كرم ال وجهه‪:‬‬
‫ذا الهوان‪ :‬أى هذا الهوان‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫إياك عن الكسل‪ :‬ابتعد عن الكسل‪ ،‬أى ل تكسل عن البحث عما يزيل‬ ‫‪2‬‬

‫الشكوك لديك‪ ،‬فما علمته تكتفى به‪ ،‬أما ما صعب عليك فاسأل عنممه أهممل‬
‫العلم‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫لمنا علم وللعمداء مال‬ ‫رضمينا قسمة الجمبار فينا‬
‫‪1‬‬
‫وإن العلم يبقى ل يزال‬ ‫فإن المال يفنى عن قريب‬
‫والعلم النافع يحصل به حسن الذكر ويبقى ذلك بعد وفمماته‬
‫فغنه حياة أبدية‪.‬‬
‫وأنشممدنا الشمميخ المممام الجممل ظهيممر الممدين مفممتى الئمممة‬
‫الحسن بن على المعروف بالمرغينانى‪:2‬‬
‫الجممماهملمون مموتمى قمبل مموتمهممم‬
‫والعمالممون وإن ماتوا فأحياء‬
‫وأنشدنى الشيخ المام الجل برهان الدين رحمه ال‪:‬‬
‫وفى الجهل قبل الموت موت لهله‬
‫فمأجممسامهمم قبل القبور قبور‬
‫وإن امممرؤ لم يحممميى بالعلم ممميت‬
‫فمليس له حممين النشور نشور‬
‫]وقال غيره[‪:3‬‬

‫انظر ديوان على ص ‪.96‬‬ ‫‪1‬‬

‫فقيه حنفى‪ ،‬هو استاذ صاحب الهداية‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫القائل أبو محمد النحوى‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪65‬‬
‫أخمو المعملم حمي خممالمد بمعمد ممممممموتمه‬
‫وأوصماله تحمت التراب رمميم‬
‫وذو الجهل ميت وهو يمشى على الثرى‬
‫يظهر ممممن الحياء وهوعديم‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫حمياة المقملب عملمم فاغمتمنممه‬
‫ومموت القلب جهمل فاجتنبه‬
‫وأنشدنى أسممتاذنا شمميخ السمملم برهممان الممدين رحمممة الم‬
‫عليه شعرا‪:‬‬
‫ذا العلم أعلى رتبة فى المممممممممراتب‬
‫‪1‬‬
‫ومن دونه عز العلى فمى المواكممب‬
‫فذو العلم يبقممى عزه متضمماعفممممممما‬
‫‪2‬‬
‫وذو الجهل بعد الموت فمى الترائب‬
‫فمهمميات ل يرجممو ممداه ممن ارتمقى‬
‫المواكب‪ :‬الجماعات‪ ،‬والمعنى أن هذا العلم منزلته أعلى المنازل وكل‬ ‫‪1‬‬

‫المعالى والرئاسات فى الجاعات دونه فى الشرف والرفعة‪.‬‬


‫المعنى‪ :‬أن صاحب العلم يبقى عزه بعد الموت ويتضاعف أجممره‪ ،‬أممما‬ ‫‪2‬‬

‫الجاهل فإن عزه سيكون تحت التراب‪.‬‬


‫‪66‬‬
‫‪1‬‬
‫رقى ولى الملك والمى الكممممممممتائب‬
‫سأملى عليكممم بعض ما فيه فاسمعوا‬
‫فبى حصر عن ذكر كمل المممممناقب‬
‫هو النور كل النور يهدى عن العمى‬
‫وذو الجهل مر الدهر بين الغممياهب‪2‬؛‬
‫هو المذروة الشماء تحمى ممممن التجا‬
‫إليها ويمشى آممممممنا فمى المممنموائب‬
‫به ينتجممممى والناس فى غفلتمممممهمم‬
‫به يرتجمممممى والمروح بين الترائب‬
‫به يشفع النسان مممن راح عاصممميا‬
‫إلى درك النيران شمر العمممممممواقب‬
‫فمن رامه رام المآرب كلممممممممممممممها‬
‫وممممممن حازه قد حاز كمل المطالب‬
‫هو المنصب العالى يا صاحب الحجا‬

‫يعنى أن أصحاب السلطة والحكم أصحاب الجيوش ل يبلغون عز العلماء‬ ‫‪1‬‬

‫مر الدهر‪ :‬مدى الدهر‪ ،‬الغياهب‪ :‬جمع غيهب‪ :‬الظلم الشديد‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪67‬‬
‫‪3‬‬
‫إذا نلته هون بفمممممممموت الممناصب‬
‫فإن فاتك الدنيا وطيب نعيممممممممممممها‬
‫] فغمض[‪ 2‬فإن العلم خير المواهب‬
‫وقيل فى هذا المعنى‪:‬‬
‫إذا مممممممما اعتز ذو علم بعمممممممممملم‬
‫فعلم الفقممممممممه أولمممممممممى باعتزاز‬
‫فكمممممممممممم طيب يفوح ول كمممسك‬
‫وكممممممممممممم طير يطير ول كبازى‬
‫وأنشدت أيضا لبعضهم‪:‬‬
‫الفقه أنفس كل شيئ أنت ذا خمممممره‬
‫مممن يدرس العلم لم تدرس مفاخره‬
‫فاكسب لنفسك ما أصبحت تجهممممله‬
‫فأول العلم إقبال وآخمممممممممممممممممره‬

‫الحجى‪ :‬العقل‪ ،‬هون بفوت المناصب‪ :‬اعتبار فوات مناصب الدنيا أمرا‬ ‫‪3‬‬

‫هينا‪.‬‬
‫فى الصل‪ :‬فقل‪ ،‬والتصحيح من نسخة أخرى‬ ‫‪2‬‬

‫‪68‬‬
‫وكفى بلذة العلم والفقه والفهممم داعيمما وباعثمما للعاقممل علممى‬
‫تحصيل العلم‪.‬‬
‫وقد يتولد الكسل مممن كممثرة البلغممم والرطوبممات‪ ،‬وطريممق‬
‫تقليله‪ ،‬تقليل الطعام‪.‬‬
‫قيل‪ :‬اتفق سبعون طبيبا على أن النسيان من كممثرة البلغممم‪،‬‬
‫وكثرة البلغم من كثرة شرب الماء‪ ،‬وكثرة شرب الممماء مممن كممثرة‬
‫الكل‪ ،‬والخممبز اليممابس يقطممع البلغممم‪ ،‬وكممذلك أكممل الزبيممب علممى‬
‫الريق‪ ،‬ول يكثر منه‪ ،‬حتى ليحتاج إلى شرب الماء فيزيد البلغم‪.‬‬
‫والسواك‪ 1‬يقلل البلغم‪ ،‬ويزيد الحفظ والفصاحة‪ ،‬فممإنه سممنة‬
‫سنية‪ ،‬تزيد فى ثواب الصلة‪ ،‬وقممراءة القممرآن‪ ،‬وكممذا القيممء يقلممل‬
‫البلغمم والرطوبمات‪ ،‬وطريمق تقليمل الكمل التأممل فمى منمافع قلمة‬
‫الكل هى‪ :‬الصحة والعفة واليثار‪ .‬وقيل فيه شعر‪:‬‬
‫شقاء المرء من أجل الطعام‬ ‫فعار ثم عار ثم عار‬

‫قمارن الطمب النبموى لبمن القيمم ص ‪ 249 -248‬حيمث أورد فموائد‬ ‫‪1‬‬

‫السواك م عود الوراك م‪.‬‬


‫‪69‬‬
‫وعن النبى عليه السلم أنه قال‪ :‬ثلثة يبغضهم ال من غير‬
‫جرم‪ :‬الكول والبخيل والمتكبر‪.2‬‬
‫وتأمل فى مضممار كممثرة الكممل وهممى‪ :‬المممراض وكللممة‬
‫الطبع‪ ،‬وقيل‪ :‬البطنة تذهب الفطنة‪.2‬‬
‫حكى عن جالينوس‪ 3‬أنه قممال‪ :‬الرمممان نفممع كلممه‪ ،‬والسمممك‬
‫ضرر كله‪ ،‬وقليل السمك خير من كثرة الرمان‪.‬‬
‫وفيممه أيضمما‪ :‬إتلف المممال‪ ،‬والكممل فمموق الشممبع ضممرر‬
‫محض ويستحق بممه العقمماب ودار الخممرة‪ ،‬والكممول بغيممض فممى‬
‫القلوب‪.‬‬
‫وطريق تقلييل الكل‪ :‬أن يأكل الطعمة الدسمة ويقدم فممى‬
‫الكممل اللطممف والشممهى‪ ،‬وليأكممل مممع الجممائع إل إذا كممان لممه‬

‫لم أجده بهذا اللفظ‪ ،‬والحاديث كثيرة فيما ينفر من هذه الفعممال‪ ،‬وقممد‬ ‫‪2‬‬

‫نسمبه الميمدانى إلمى لقممان ثلثمة تبغضمهم النماس ممن غيمر ذنمب إليهمم‪:‬‬
‫الشحيح والمتكبر والكول‪) .‬مجمع المثال ‪.(460 /2‬‬
‫أورده الميدانمممى فممممممى مجمع المثال )‪ (106 /1‬ولفظممه‪ :‬البطممممنة‬ ‫‪2‬‬

‫تأفن الفطنة‪ .‬وهو بنفس المعنى‪ ،‬يقال‪ :‬أفن الفصيل ما فى ضرع أمممه‪ :‬إذا‬
‫شرب ما فيه‪ ،‬أى أذهب محتواه‪.‬‬
‫جالينوس‪ :‬طبيب وفيلسوف يونانى ولد عام ‪ 129‬وتوفي ‪ 199‬م‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪70‬‬
‫غرض صحيح‪ ،‬بأن يتقوى به علممى الصمميام والصمملة والعمممال‬
‫الشاقة فله ذلك‪.‬‬

‫فصل‬
‫فى بداية السبق وقدره وترتيبه‬

‫كان أستاذنا شيخ السلم برهان الممدين رحمممه ال م يوقممف‬


‫بدايممة السممبق علممى يمموم الربعمماء‪ ،‬وكممان يممروى فممى ذلممك حممديثا‬

‫‪71‬‬
‫ويستدل به ويقول‪ :‬قال رسول ال صلى الم عليممه وسمملم‪ :‬ممما مممن‬
‫شيئ بدئ يوم الربعاء إل وقد تم‪1‬؛ وهكذا كان يفعل أبى‪.2‬‬
‫وكان‪ 3‬يروى هذا الحديث‪ 4‬عن أستاذه الشيخ المام الجل‬
‫قوام الدين أحمد بن عبد الرشيد رحمه ال‪.5‬‬

‫قال السخاوى‪ :‬لم أقف له على أصل‪ ،‬والحق أن اليام كلها تستوى عند‬ ‫‪1‬‬

‫ال‪ ،‬وأن التفاؤل أو التشاؤم ببعض اليام أو الساعات ليس من الدين فممى‬
‫شيئ‪.‬‬
‫فى الصلين المخطوطين وفى النسخ الخرى‪ ) :‬وهكذا كان يفعل أبو‬ ‫‪2‬‬

‫حنيفة( والتصحيح من الجواهر المضيئة للقرشى )‪ (384 /1‬وقد رجحنا‬


‫هذا القول لننا لم نطلع على أن أبا حنيفة كان يفعل هممذا المممر‪ ،‬كممما أنممه‬
‫يعقل أن يكون الشيخ برهان الدين قد أخممذ تلممك العممادة عممن أبيممه‪ ،‬وانظممر‬
‫الشخاوى‪ :‬المقاصد الحسنة؛ )‪ (943‬حيث روى أن أباه كان يفعل هذا‪.‬‬
‫أى الشيخ برهان الدين‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫فى هامش المخطوط الول‪ :‬قال رسممول الم صمملى الم عليمه وسمملم‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫) اشتكت الربعاء إلى ربها فقالت يا رب‪ ،‬إنما عبادك يتقلوننى‪ .‬قممال ال م‬
‫عز وجل‪ :‬فبعزتى وجللى ما من شيئ بدئ فيممك إل قممد أتمتممه وممما مممن‬
‫مريض بعيد فيك إل وقد شفيته( ولم أجد أيضا حديثا بهذا المعنممى وأظنممه‬
‫من الموضوعات‪ ،‬ثم وجدت ان العسممقلنى رواه عممن بعممض الصممالحين‬
‫وكذلك السخاوى‪.‬‬
‫إمام وفقيه من أهل بخارى ومن علماء القرن السادس الهجرى‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪72‬‬
‫وسمعت ممن أثق به‪ ،‬أن الشيخ يوسف الهمممذانى‪ 1‬رحمممه‬
‫ال‪ ،‬كان يوقف كل عمل من الخير على يوم الربعمماء‪ .‬وهممذا لن‬
‫‪3‬‬
‫يوم الربعاء يوم خلق فيه النور‪ ،2‬وهو يوم نحس فى حق الكفار‬
‫فيكون مباركا للمؤمنين‪.‬‬
‫وأما قدر السبق فى البتممداء‪ :‬كممان أبممو حنيفممة رحمممه ال م‬
‫‪4‬‬
‫يحكى عن الشيخ القاضى المام عمممر بممن أبممى بكممر الزرنجممرى‬
‫رحمه ال أنه قال‪ :‬قال مشايخنا رحمهم ال‪ :‬ينبغى أن يكممون قممدر‬
‫السممبق للمبتمدئ قممدر ممما يمكممن ضمبطه بالعممادة مرتيممن بممالرفق‬
‫ويزيممد كممل يمموم كلمممة حممتى أنممه وإن طممال وكممثر يمكممن ضممبطه‬

‫فى الصلين المخطوطين‪ :‬أبو يوسف‪ ،‬هو يوسف بن أيوب الهمذانى‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫أبو يعقوب‪ ،‬زاهد متصوف وعظ ببغداد وسكن بمممرو‪ ،‬لممه تصممانيف فممى‬
‫التصوف‪ ،‬توفى عام ‪ ،1140 /535‬ونسبته إلى همذانى‪ :‬أكبر مدينة فى‬
‫جبال بلد فارس‪ ،‬ينسب إليها كثير من العلماء‪ ،‬فتحها المغيرة بممن شممعبة‬
‫عام ‪24‬هم )المعجم ‪.(481-471 /8‬‬
‫جزء من حديث رواه مسلم والمام أحمد‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫وردت بهذا المعنى عدة أحاديث موضوعة‪ ،‬انظر الشوكانى فى الفوائد‬ ‫‪3‬‬

‫المجموعممة ‪ ،438 -437‬وقممد وضممح اللكنمموى فممى الفمموائد البهيممة ص‬


‫‪143‬مشكلت هذا الموضوع‪.‬‬
‫وهم من المصنف أو الخطأ مممن الناسممخ فممأبى حنيفممة لممم يممروى عممن‬ ‫‪4‬‬

‫الزرنجرى‪ ،‬ونظن أن هذه الرواية لعمر بن بكممر الزرنجممرى وهممو أمممام‬


‫وفقيه حنفى توفي عام ‪.1188 /584‬‬
‫‪73‬‬
‫بالعادة مرتين‪ ،‬ويزيد بالرفق والتدريج‪ ،‬وأما إذا طال السبق فممى‬
‫البتداء واحتاج إلى العادة عشر مرات فهممو فممى النتهمماء أيضمما‬
‫يكون كممذلك‪ ،‬لنممه يعتمماد ذلممك‪ ،‬ول يممترك تلممك العممادة إل بجهممد‬
‫كثير‪ 1‬وقد قيل‪ :‬السبق حرف‪ ،‬والتكرار ألف‪.2‬‬
‫وينبغى أن يبتممدئ بشمميئ يكممون أقممرب إلممى فهمممه‪ ،‬وكممان‬
‫الشمميخ المممام السممتاذ شممرف الممدين العقيلى‪ 3‬رحمممه ال م يقممول‪:‬‬
‫الصواب عندى فى هذا ما فعله مشايخنا رحمهم ال‪ ،‬فممإنهم كممانوا‬
‫يختممارون للمبتممدئ صممغارات المبسمموط‪ 4‬لنممه أقممرب إلممى الفهممم‬
‫والضبط‪ ،‬وأبعد من المللة‪ ،‬وأكثر وقوعا بين الناس‪.‬‬
‫وينبغى أن يعلق السبق بعد الضبط والعممادة كممثيرا‪ ،‬فممإنه‬
‫نافع جدا‪.5‬‬

‫هذا يعنى‪ :‬أن طول الستماع إلى الستاذ ل ينبغى أن يزيد‪ ،‬شرط أن‬ ‫‪1‬‬

‫يعاد الشرح مرتين فى الموضوع الواحد‪ ،‬أما إذا زاد عن ذلك فى البدايممة‬
‫فإنه يعتاد طول الستماع وتكرار الشرح فيبطؤ فهمه ويتبلد ذهنه‪.‬‬
‫أى تعلم قليل وكرر ما تعلمته كثيرا‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫هو عمر بن محمد‪ ،‬أبو حفص النصارى‪ ،‬من كبار الفقهاء الحناف‬ ‫‪3‬‬

‫فى البخارى له العديد من التصانيف توفى عام ‪.1200 /596‬‬


‫أى الكتاب الصغير التى تتضمن خلصات الكتب المطولة‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫تعليق السبق‪ :‬كتابة خلصمممة الدرس وهو ما يسممممى الن؛ بالملخص‬ ‫‪5‬‬

‫السبورى‪.‬‬
‫‪74‬‬
‫ول يكتب المتعلم شيئا ل يفهمه‪ ،‬فإنه يورث كللممة الطبممع‬
‫ويذهب الفطنة ويضيع أوقاته‪.‬‬
‫وينبغى أن يجتهد فى الفهم عمن السمتاذ بالتأمممل وبممالتفكر‬
‫وكثرة التكرار‪ ،‬فإنه إذا قل السبق وكثرة التكممرار والتأمممل يممدرك‬
‫ويفهم‪.‬‬
‫قيل‪ :‬حفظ حرفين‪ ،‬خير من سماع وقرين‪ ،1‬وفهممم حرفيممن‬
‫خير من حفظ سطرين‪.2‬‬
‫وإذا تهاون فى الفهم ولم يجتهد مرة أو مرتيممن يعتمماد ذلممك‬
‫فل يفهم الكلم اليسير‪ ،‬فينبغى أن ل يتهاون فممى الفهممم بممل يجتهممد‬
‫ويدعو ال ويتضرع إليممه فممإنه يجيممب مممن دعمماه‪ ،‬ول يخيممب مممن‬
‫رجاه‪.‬‬

‫وقرين مثنى وقر بكسر الواو‪ :‬الحمل الثقيل‪ ،‬وهذا ليس علمى اطلقمه‬ ‫‪1‬‬

‫فإن السماع يلزم الحفظ غالبا‪.‬‬


‫فى نسخ أخرى‪ :‬وقرين‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪75‬‬
‫وأنشدنا الشمميخ الجممل قمموام الممدين حممماد بممن إبراهيممم بممن‬
‫إسممماعيل الصممفار النصممارى إملء للقاضممى الخليممل بممن أحمممد‬
‫الشجرى‪ 3‬فى ذلك شعرا‪:‬‬
‫أخدم العلم خدممممممممة المستفيد وأدم درسه بفعل حمممممممميد‬
‫وإذا مممممممما حفظت شيئا أعده ثم أكده غاية التأكمممممممممممميد‬
‫كى ل يزول ثم علقه كى تعود إليه وإلى درسه على التأبيد‬
‫فإذا ما أمنت مممممممممممممنه فواتا فانتدب بعده لشيئ جممممممديد‬
‫مع تكرار ما تقدم مممممممممممممنه واقتناء لشأن همممممذا الممزيد‬
‫ذاكممممممممر الناس بالعلوم لتحيا ل تكن من أولى النهى ببعيد‬
‫إذا كتمت العلوم أنسيت حممتى ل ترى غير جممممماهل وبليد‬
‫‪2‬‬
‫ثم ألجمت فمممممممى القيامة نارا وتلهبت بالعمممممممذاب الشديد‬
‫ول بممممد لطممممالب العلممممم مممممن المممممذاكرة‪ ،‬والمنمممماظرة‪،‬‬
‫والمطارحممة‪ ،‬فينبغممى أن يكممون كممل منهمما بالنصمماف والتممأنى‬
‫الخليل بن أحمد‪ ،‬أبو سعيد الشجرى‪ ،‬كان إماممما فممى كممل علممم‪ ،‬شممائع‬ ‫‪3‬‬

‫الذكر معروفا بالنظم والنثر توفي بسمرقند ‪378‬هم )التاج ‪ (20‬وفى نسخ‬
‫أخممرى‪ :‬السممجرزى والسرخسممى والسممخرى‪ .‬ولكممن ممما ضممبطناه هممو‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫وهذا إشارة إلى قوله صلى ال عليه وسلم‪ :‬من سئل عممن علممم فكتمممه‬ ‫‪2‬‬

‫ألجم بلجام من نار؛ رواه أبو داود والترمذى‪.‬‬


‫‪76‬‬
‫والتأمممل‪ ،‬ويتحممرز عممن الشممغب ]والغضممب[‪ ،‬فممإن المنمماظرة‬
‫والمذاكرة مشاورة‪ ،‬والمشمماورة إنممما تكممون لسممتخراج الصممواب‬
‫وذلممك إنممما يحصممل بالتأمممل والتممأنى والنصمماف‪ ،‬ول يحصممل‬
‫بالغضب والشغب‪.‬‬
‫فممإن كممانت نيتممه مممن المباحثممة إلممزام الخصممم وقهممره‪ ،‬فل‬
‫تحل‪ ،‬وإنما يحل ذلك لظهار الحق‪.‬‬
‫والتمممويه والحيلممة ل يجمموز فيهمما‪ ،‬إل إذا كممان الخصممم‬
‫متعنتا‪ ،‬ل طالبا للحق‪.‬‬
‫وكممان محمممد بممن يحيى‪ 1‬إذا تمموجه عليممه الشممكال ولممم‬
‫يحضره الجواب يقول‪ :‬ما ألزمته لزم‪ ،‬وأنا فيه ناظر‪ ،‬وفوق كممل‬
‫ذى علم عليم‪.‬‬
‫وفائدة المطارحة والمناظرة أقوى من فائدة مجرد التكرار‬
‫لن فيه تكرارا وزيادة‪.‬‬
‫وجدت فى كتب التراجم عددا من العلماء من يحمممل اسممم‪ :‬محمممد بممن‬ ‫‪1‬‬

‫يحيى‪ ،‬ولم يذكر المؤلف نسبة أو لقبا يرجح أحدهم‪ ،‬إل أننا نرى ترجيممح‬
‫أن يكون محمد بن يحيى هو أبو عبد ال الفقيه الجرجممانى المتمموفى ‪397‬‬
‫أو ‪ ،398‬والسممبب فيممما اخنرنمماه أن صمماحب الهدايممة عممده مممن أصممحاب‬
‫التخريج وذكره فممى بمماب صمفة الصملة ) الجمواهر المضميئة ‪(143 /3‬‬
‫ونعلم من سياق الكتاب تأثر المصنف بروايات أستاذه برهان الدين‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫وقيل‪ :‬مطارحة ساعة‪ ،‬خير من تكرار شهر‪.‬‬
‫لكن إذا كان ]مع[ منصف سليم الطبيعة‪.‬‬
‫وإيمماك والمممذاكرة مممع متعنممت غيممر مسممتقيم الطبممع‪ ،‬فممإن‬
‫الطبيعة متسرية‪ ،‬والخلق متعدية‪ ،‬والمجاورة مؤثرة‪.‬‬
‫وفى الشعر الممذى ذكممره الخليممل بممن أحمممد‪ 1‬فمموائد كممثيرة‪،‬‬
‫قيل‪:2‬‬
‫أن يجعل الناس كلهم خمممدمه‬ ‫العلم من شرطه لمن خمممممدمه‬
‫وينبغى لطالب العلم أن يكون متممأمل فممى جميممع الوقممات‬
‫فى دقائق العلوم ويعتاد ذلك‪ ،‬فإنمما يمدرك المدقائق بالتأممل‪ ،‬فلهممذا‬
‫قيل‪ :‬تأمل تدرك‪.‬‬
‫ول بممد مممن التأمممل قبممل الكلم حممتى يكممون صمموابا‪ ،‬فممإن‬
‫الكلم كالسهم‪ ،‬فل بد من تقويمه قبل الكلم حتى يكون مصيبا‪.‬‬
‫وقال فى أصول الفقه‪ :‬هذا أصل كبير وهموأن يكمون كلم‬
‫الفقيه المناظر بالتأمل‪.‬‬
‫قيل‪ :‬رأس العقل أن يكون الكلم بالتثبت والتأمل‪.‬‬

‫هو القاضى الخليل بن أحمد الشجرى‪ ،‬سبقت ترجمته‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ينسب هذا البيت للشافعى‪ ،‬انظر الديوان ص ‪.162‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪78‬‬
‫قال قائل شعرا‪:‬‬
‫أوصيك فى نظم الكلم بخمسة‬
‫إن كنت للموصى الشفيق مطيعا‬
‫ل تغفلن سبب الكممممملم ووقته‬
‫والكيف والكممممم والمكان جميعا‬
‫ويكون مستفيدا فى جميممع الوقممات والحمموال مممن جميممع‬
‫الشخاص قال رسول ال صمملى الم عليممه وسمملم‪ :‬الحكمممة ضممالة‬
‫المؤمن أينما وجدها اخذها‪.1‬‬
‫وقيل‪ :‬خذ ما صفا‪ ،‬ودع ما كدر‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وسمعت الشيخ المام الجل الستاذ فخر الدين الكاشانى‬
‫يقول‪ :‬كانت جارية أبممى يوسممف أمانمة عنممد محمممد ] بمن الحسممن[‬
‫فقال لها‪ :‬هل تحفظين أنت فى هذا الوقت عن أبى يوسف فى الفقه‬
‫شيئا؟ فقالت‪ :‬ل‪ ،‬إل أنممه كممان يكممرر ويقممول‪ :‬سممهم الممدور سمماقط‪،‬‬

‫رواه الترمذى مع اختلف فى اللفظ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫أظنه أبو بكر بن مسعود الكاشانمممممى‪ ،‬الفقيه الحنفى المشهور المسمى‬ ‫‪2‬‬

‫بملك العلممماء صماحب كتماب ) بمدائع الصمنائع فممى ترتيممب الشمرائع( ت‬


‫‪587‬هم‪ 1191/‬م‪.‬‬
‫‪79‬‬
‫فحفظ ذلك منها‪ ،‬وكانت تلك المسممألة مشممكلة علممى محمممد فممارتفع‬
‫أشكاله بهذه الكلمة‪ .‬فعلم أن الستفادة ممكنة من كل أحد‪.‬‬
‫ولهذا قال ابو يوسف حين قيل‪ :‬بم أدركت العلم؟ قممال‪ :‬ممما‬
‫استنكفت من الستفادة من كل أحد وما بخلت من الفادة‪.‬‬
‫وقيل لبن عباس رحمه ال‪ :‬بم أدركت العلم؟‬
‫قال‪ :‬بلسان سؤول‪ ،‬وقلب عقول‪.‬‬
‫وإنما سمي طالب العلم‪ :‬ما تقول‪ ،‬لكثرة ما كممانوا يقولممون‬
‫فى الزمان الول‪ .‬ما تقول فى هذه المسألة؟‪.‬‬
‫وإنما تفقه أبو حنيفة رحمه ال بكثرة المطارحة والمذاكرة‬
‫فى دكانه حين كان بزازا‪.1‬‬
‫فبهذا يعلم أن تحصيل العلم والفقه يجتمع مع الكسب‪.‬‬
‫وكان أبو حفص الكبير يكتسب ويكرر العلوم‪ ،‬فإن كان ل‬
‫بد لطالب العلم من الكسب لنفقة العيال وغيممره فليكتسممب وليكممرر‬
‫وليذاكر ول يكسل‪.‬‬

‫البزاز‪ :‬بائع الثياب والمنسوجات‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪80‬‬
‫وليس لصحيح العقل والبدن عذر فى ترك التعلم والتفقممه‪،‬‬
‫فإنه ل يكون أفقر من أبى يوسف‪ ،‬ولم يمنعه ذلك من التفقه‪ .‬فمممن‬
‫كان له مال كثير فنعم المال الصالح للرجممل الصممالح‪ ،‬المنصممرف‬
‫فى طريق العلم‪.1‬‬
‫قيل لعالم‪ :‬بم أدركت العلم؟ قال‪ :‬بأب غني‪ .‬لنه كان ينتفع‬
‫به أهل العلم والفضل‪ ،‬فإنه سبب زيادة العلم لنه شكر على نعمممة‬
‫العقل والعلم‪ ،‬وإنه سبب الزيادة‪.‬‬
‫قيل‪ :‬قال أبو حنيفة رحمه ال‪ :‬إنممما أدركممت العلممم بالحمممد‬
‫والشكر‪ ،‬فكلما فهمت ووفقت على فقممه وحكمممة قلممت‪ :‬الحمممد لمم‪،‬‬
‫فازداد علمى‪.‬‬
‫وهكممذا ينبغممى لطممالب العلممم أن يشممتغل بالشممكر باللسممان‬
‫والجنان والركان والحال ويرى الفهممم والعلممم والتوفيممق مممن الم‬
‫تعالى ويطلب الهداية من ال تعالى بالدعاء له والتضرع إليه‪ ،‬فإن‬
‫ال تعالى هاد من استهداه‪.‬‬

‫المعنى مأخوذ مممن حممديث رسممول الم ) نعممم المممال الصممالح للرجممل‬ ‫‪1‬‬

‫الصالح( الذى رواه المام أحمد ‪.202 ،197 /4‬‬


‫‪81‬‬
‫فأهل الحق م وهم أهل السنة والجماعة م طلبوا الحممق مممن‬
‫ال تعالى‪ ،‬الحق المبين الهادى العاصم‪ ،‬فهداهم ال وعصمهم عن‬
‫الضللة‪.‬‬
‫وأهل الضللة أعجبوا برأيهم وعقلهممم وطلبمموا الحممق مممن‬
‫المخلوق العاجز وهو العقممل‪ ،‬لن العقممل ل يممدرك جميممع الشممياء‬
‫كالبصممر‪ ،‬فممإنه ل يبصممر جميممع الشممياء فحجبمموا وعجممزوا عممن‬
‫معرفته‪ ،‬وضلوا وأضلوا‪.‬‬
‫قال رسول ال صمملى ال م عليممه وسمملم‪ :‬الغافممل مممن عمممل‬
‫بغفلته والعاقممل مممن عمممل بعقله‪ .1‬فالعمممل بالعقممل أول‪ :‬أن يعممرف‬
‫عجزنفسه‪ ,‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬من عممرف نفسممه‬
‫فقد عرف ربه‪ ,2‬فإذا عرف عجز نفسه عرف قدرة ال م عزوجممل‪,‬‬

‫إن الحض على استعمال العقل بالمعنى القرآنى م أى أعمال الفكر فى‬ ‫‪1‬‬

‫المورم كثير فى اليات الكريمة وأما ورود لفظ ) العقل( فممى الحمماديث‬
‫فقد قال عنه المام ابن القيم‪ :‬أحاديث العقممل كلهمما كممذب ) المنممار المنيممف‬
‫‪ (67 -66‬ومعنى هذا الكلم ل ينافى أن يكممون فممى الحمماديث حسممن أو‬
‫صدق معنى‪ ،‬وإنما الكلم هنا فى السند ومدى صحة الرواية عن رسممول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫حديث ل أصمممممل له‪ ،‬قال عنه شيخ السلم ابن تيمية‪ :‬موضوع انظر‬ ‫‪2‬‬

‫سلسلة الحاديث الضعبفة الموضوعة؛ للمحدث اللبانى ‪.66‬‬


‫‪82‬‬
‫ول يعتمد على نفسه وعقله بل يتوكل على ال‪ ,‬ويطلب الحق منه‪.‬‬
‫ومن يتوكل على ال فهو حسبه ويهد يه إلى صراط مستقيم‪.‬‬
‫ومن كان له مال كممثير فل يبخممل‪ ,‬وينبغممى أن يتعمموذ بممال‬
‫من البخل‪.1‬‬
‫قال النبى عليه السلم‪ :‬أي دواء أدوأ من البخل‪.2‬‬
‫وكان أبممو الشمميخ المممام الجممل شمممس الئمممة الحلمموانى‪,‬‬
‫رحمه ال فقيرا يبيع الحلممواء‪ ,‬وكممان يعطممى الفقهمماء مممن الحلممواء‬
‫ويقول‪ :‬أدعوا لبنى‪ ,‬فببركممة جمموده واعتقمماده وشممفقته وتضممرعه‬
‫إلى ال تعالى نال ابنه ما نال‪.3‬‬
‫ويشترى بالمال الكتب ويستكتب فيكون عونا علممى التعلممم‬
‫والتفقه‪.‬‬
‫وقد كان لمحمد بن الحسن مال كثير حتى كان له ثلثمائة‬
‫من الوكلء على ماله وأنفقه كله فى العلم والفقه‪ ,‬ولم يبق له ثوب‬
‫نفيس فرآه أبو يوسف فى ثوب خلق فأرسممل إليممه ثيابمما نفيسممة فلممم‬
‫وهذا المعنى مأخوذ من حديث رسول ال‪ ) :‬اللهم إنى أعموذ بممك مممن‬ ‫‪1‬‬

‫الجبن والبخل ‪ (...‬الحديث‪ ،‬رواه البخارى‪.‬‬


‫رواه البخارى والمام الحمد‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫ما ناله ابنه كان بجهده ودأبه فى التعلم‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪83‬‬
‫يقبلها فقال‪ :‬عجل لكم‪ ,‬وأجل لنا‪ ,‬ولعله إنما لم يقبله وإن كان قبول‬
‫الهدية سنة‪ ,‬لما رأى فى ذلك مذلة لنفسه‪.1‬‬
‫قال رسول ال عليه الصلة والسلم‪ :‬ليس للمؤمن أن يذل‬
‫نفسه‪.2‬‬
‫وحكي أن الشيخ فخر السلم الرسابندى رحمه ال جمع‬
‫قشور البطيخ الملقاة فى مكان خال فأكلها فرأتممه جاريممة فمماخبرت‬
‫بذلك مولها فاتخذ له دعوة فدعاه إليها فلم يقبل لهذا‪.3‬‬
‫وهكذا ينبغى لطالب العلم أن يكون ذا همة عالية ل يطمممع‬
‫فى أموال الناس‪.‬‬

‫ولعله رفض ذلك من القاضى أبى يوسف لمدخوله فمى عممل الحكمام‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ولذلك عرض له بقوله‪ :‬عجل لكم!!‪ .‬وكان هممذا خلممق أكممابر علممماء ذلممك‬
‫الزمن بالبتعاد عن تولى أعمال الحكام‪.‬‬
‫رواه المام أحمد والترمذى وابن ماجه ولفظه ) ل ينبغممى لمممؤمن أن‬ ‫‪2‬‬

‫يذل نفسه(‪.‬‬
‫اتخذ له دعوة‪ :‬أى أعد له طعاما‪ ،‬لهذا‪ :‬أى لئل يذل نفسه‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪84‬‬
‫قال النبى صلى ال عليممه وسمملم‪ :‬إيمماك والطمممع فممإنه فقممر‬
‫حاضر‪ .1‬ول يبخل بما عنده من المال بل ينفق علممى نفسممه وعلممى‬
‫غيره‪.‬‬
‫قال النبى عليممه الصمملة والسمملم‪ :‬النمماس كلهممم فممى الفقممر‬
‫مخافة الفقر وكانوا فى الزمان الول يتعلمون الحرفة ثم يتعلمممون‬
‫العلم حتى ليطمعوا فى أموال الناس‪.‬‬
‫وفى الحكمة مممن اسممتغنى بمممال النمماس افتقممر والعممالم إذا‬
‫كان طماعا ل يبقى له حرمممة العلممم ول يقممول بممالحق ولهممذا كممان‬
‫يتعوذ صاحب الشرح عليممه السمملم ويقممول أعمموذ بممال مممن طمممع‬
‫يدنى إلى طبع‪.‬‬
‫وينبغى أن ل يرجو المن الم تعممالى ول يخمماف إل منممه‬
‫ويظهر ذلك بمجاوزة حد الشرع وعدمها فمممن عصممى الم تعممالى‬
‫خوفا من المخلوق فقد خاف غيممر الم تعممالى‪ ،‬فممإذا لممم يعممص الم‬
‫تعالى لخوف المخلوق وراقب حدود الشممرع فلممم يخممف غيممر ال م‬
‫تعالى بل خاف ال تعالى وكذا فى جانب الرجاء‪.‬‬

‫حديث ضعيف‪ ،‬انظر ضعيف الجامع الصغير وزياداته؛ لللبانى رقم‬ ‫‪1‬‬

‫‪.2201‬‬
‫‪85‬‬
‫وينبغممى لطممالب العلممم أن يعممد ويقممدر لنفسممه تقممديرا فممى‬
‫التكرار فإنه ل يستقر قلبه حتى يبلغ ذلك المبلغ‪.‬‬
‫وينبغى لطالب العلم أن يكرر سبق المممس خمممس مممرات‬
‫وسبق اليوم الذى قبل المس أربع مرات والسبق الذى قبلممه ثلثمما‬
‫والذى قبله اثنين والذى قبله واحدا فهذا أدعى إلى الحفظ‪.‬‬
‫وينبغى أن ل يعتاد المخافة فى التكرار لن الدرس‬
‫والتكرار ينبغممى أن يكممون بقمموة ونشمماط‪ ،‬ول يجهممر جهممرا يجهممد‬
‫نفسه كيل ينقطع عن التكرار‪ ،‬فخير المور أوسطها‪.1‬‬
‫وحكى أن أبا يوسف رحمه ال كان يذاكر الفقه مع الفقهاء‬
‫بقوة ونشاط‪ ،‬وكان صهره عنده يتعجب فى أمره ويقول‪ :‬أنا أعلممم‬
‫أنه جائع منذ خمسة أيام‪ ،‬ومع ذلك يناظر بقوة ونشاط‪.‬‬
‫وينبغى أن ل يكون لطالب العلممم فممترة‪ 2‬فإنهمما آفممة‪ ،‬وكممان‬
‫أستاذنا شيخ السلم برهممان الممدين رحمممه الم يقممول‪ :‬إنممما غلبممت‬
‫شركائى بأنى ل تقع لى الفترة فى التحصيل‪.‬‬

‫حممديث مشممهور المتممن ضممعيف السممند‪ ،‬انظمر الشمموكانى فممى الفمموائد‬ ‫‪1‬‬

‫المجمعة ‪ ،742‬ومجمع المثال للميدانى ‪.243 /1‬‬


‫الفترة‪ :‬النقطاع عن الدراسة لمدة معينة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪86‬‬
‫وكان يحكى عن الشيخ السممبيجابى‪ 1‬أنممه وقممع فممى زمممان‬
‫تحصيله وتعلمه فترة اثنتى عشرة سنة بانقلب الملك‪ ،‬فخرج مممع‬
‫شريكه فى المناظرة ]إلى حيث يمكنهما الستمرار فى طلب العلم‬
‫وظل يدرسانه معما[ ولمم يتركما الجلموس للمنماظرة اثنمتى عشمرة‬
‫سنة‪ .‬فصار شريكه شيخ السلم للشافعيين وكان هو شافعيا‪.‬‬
‫وكان أستاذنا الشيخ القاضى المممام فخممر السمملم قاضممى‬
‫خان يقول‪ :‬ينبغى للمتفقه أن يحفظ ]كتابا[ واحدا من ]كتب‪ [2‬الفقه‬
‫دائما فيتيسر له بعد ذلك حفظ ما سمع من الفقه‪.‬‬

‫شيخ السلم على بن محمد‪ ،‬فقيمه حنفممى‪ ،‬إممام ومصممنف‪ ،‬همو شميخ‬ ‫‪1‬‬

‫برهان الدين صاحب الهداية‪ ،‬توفى بسمرقند عام ‪535‬هم‪1140 /‬م‪.‬‬


‫ونسبته غلممى أسمبيجاب‪ ،‬قممال عنهمما ابممن خلكممان‪ :‬مدينممة مممن أقصممى بلد‬
‫الشرق وأظنها من اقليم الصين أو قريبة منه؛ وفيات العيان ‪.435 /3‬‬
‫فى الصلين المخطوطين‪ :‬نسخة ونسخ‪ ،‬والتصحيح من المطبوع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪87‬‬
‫فصل‬
‫فى التوكل‬

‫ثم ل بد لطالب العلم من التوكل فى طممالب العلممم ول يهتممم‬


‫لمر الرزق ول يشغل قلبه بذلك‪.‬‬
‫روى أبممو حنيفممة رحمممه ال م عممن عبممد ال م بممن الحممارث‬
‫الزبيدى‪ 1‬صاحب رسل ال صلى الم عليمه و سملم‪ :‬ممن تفقمه فمى‬
‫دين ال كفى همه ال تعالى ورزقه من حيث ل يحتسب‪ .2‬فإن مممن‬
‫اشتغل قلبه بأمر الرزق من القوت والكسوة قل ما يتفرغ لتحصيل‬
‫مكارم الخلق ومعالى المور‪.‬‬
‫قيل‪:3‬‬
‫فى الصل المخطوط وفى النسخ المطبوعة‪ :‬ابن الحسن‪ ,‬والتصمحيح‬ ‫‪1‬‬

‫من مسند أبي حنيفة‪ً,‬ص ‪ ,7‬وهو عبدال بن الحارث بن جممزء الزبيممدي‪,‬‬


‫وانظر مسند المام أحمد ‪.4/190‬‬
‫انظر مسند أبي حنيفة ‪ ,‬باب العلم ص ‪ 7‬ولفظه )من تفقه فى دين ال‬ ‫‪2‬‬

‫كفاه ال مهمه ورزقه من حيث ل يحتسب( وسمعه أبو حنيفة من عبد ال‬
‫فى المسجد الحرام عام ‪ 96‬هم‪.‬‬
‫البيت للشاعر الحطيعة من قصيدة يهجو بها الزبرقان بدر‪ ,‬نهاه بعدها‬ ‫‪3‬‬

‫عمر بن الخطاب رضي الم عنمه أن يعممود الممى هجماء المسمملمين‪ ,‬انظمر‬
‫الديوان ص ‪. 284‬‬
‫‪88‬‬
‫دع المكمممممارم ل ترحل لبغيتها‬
‫واقعد فإنك انت الطاعم الكاسى‬
‫قال رجل ]لبن[‪ 1‬منصور الحلج‪ : 2‬أوصنى‪ ,‬فقال ]ابن[‬
‫المنصور ‪ :‬هي نفسك‪ ,‬إن لم تشغلها شغلتك‪.‬‬
‫فينبغى لكممل أحممد أن يشممغل نفسممه بأعمممال الخيممر حممتى ل‬
‫يشغل نفسه بهواها‪ ,‬ول يهتم العاقل لمر الدنيا لن الهممم والحممزن‬
‫ل يرد المصيبة‪ ,‬ول ينفع بل يضر بالقلب والعقل‪ ,‬ويخممل بأعمممال‬
‫الخير‪ ,‬ويهتمم لممر الخمرة لنمه ينفمع‪ .‬وأمما قموله عليمه الصملة‬
‫والسلم ‪ :‬إن من الذنوب ذنوبا ل يكفرها إل هم المعيشة‪ 3‬فممالمراد‬
‫منه قدر هم ل يخممل بأعمممال الخيممر ول يشممغل القلممب شممغل يخممل‬

‫الزيادة هي من تصحيحنا لسم صاحب هذا القول‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫الحسين بن منصور الحلج ‪ :‬فيلسوف يعد من كبار المتصوفة أدعى‬ ‫‪2‬‬

‫الحلول‪ ,‬وهو من كبار الملحدين ‪ -‬عند العلماء ‪ -‬حممتى اتفقمموا علممى قتلممه‪,‬‬
‫فضرب وقتل عام ‪ .309/932‬اصله من فارس‪.‬‬
‫روه ابو نعيم فى الحلية وابن عساكر عن أبي هريرة ‪ :‬إن من الذنوب‬ ‫‪3‬‬

‫ذنوبا ل يكفرها الصلة ول الصيام ول الحج ول العمرة‪ ,‬يكفرها الهممموم‬


‫فى طلب المعيشة‪ ,‬قال الحافظ العراقي فى المغني ‪ :‬سنده ضعيف‪ ,‬انظممر‬
‫فيض القدير شرح الجامع الصغير ‪.2/526‬‬
‫‪89‬‬
‫بإحضار القلب فى الصلة‪ ,‬فإن ذالك القدر من الهممم والقصممد مممن‬
‫أعمال الخرة‪.‬‬
‫ول بد لطالب العلم من تقليل العلئق الدنيوية بقدر الوسممع‬
‫فلهذا اختاروا الغربة‪.‬‬
‫ول بد من تحمل النصب والمشقة فى سفر التعلم‪ ,‬كما قال‬
‫موسى صلوات ال على نبينا وعليه فى سفر التعلم ولم ينقممل عنممه‬
‫ذلك فى غيره من السافر ] لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا[‪.1‬‬
‫ليعلم أن سفر العلم ل يخلممو عممن التعممب‪ ،‬لن طلممب العلممم‬
‫أمر عظيم وهو أفضل من الغزاة‪ 2‬عند أكثر العلماء‪ ،‬والجر على‬
‫قدر التعب والنصب‪ ،‬فمن صبر على ذلمك التعمب وجمد لمذة العلمم‬
‫تفوق ]لذات الدنيا[‪.‬‬
‫ولهذا كان محمد بن الحسممن إذا سممهر الليممالى وانحلممت لممه‬
‫المشكلت يقول‪ :‬أين أبناء الملوك من هذه اللذات؟‪.‬‬
‫وينبغى ]لطالب العلم[ أل يشتغل بشيئ ]أخر غيممر العلممم[‬
‫ول يعرض عن الفقه‪.‬‬

‫سورة الكهف‪ ،‬الية ‪.62‬‬ ‫‪1‬‬

‫فى الصل الول‪ :‬الغزاوة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪90‬‬
‫قال محمد بن الحسن رحمه ال‪ :‬صناعتنا هممذه مممن المهممد‬
‫إلى اللحد فمن أراد أن يترك علمنا هذا ساعة فليتركه الساعة‪.1‬‬
‫ودخل فقيه‪ ،‬وهو إبراهيم بن الجراح‪ ،2‬علممى أبممى يوسممف‬
‫يعوده فى مرض موته وهو يجود بنفسه‪ ،‬فقال أبمو يوسممف‪ :‬رمممي‬
‫الجمممار راكبمما أفضممل أم راجل؟ فلممم يعممرف الجممواب‪ ،‬فأجمماب‬
‫بنفسه‪.3‬‬
‫وهكذا ينبغى للفقيه أن يشتغل به فى جميع أوقاته ]فحينئذ[‬
‫يجد لذة عظيمة فى ذلك‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬رؤي محمد ]بن الحسن[ فى المنام بعد وفمماته فقيممل‬
‫له‪ :‬كيف كنت فى حال النزع؟ فقال‪ :‬كنت متممأمل فممى مسممألة مممن‬
‫مسائل المكاتب‪ ،4‬فلم أشعر بخروج روحى ‪.‬‬

‫ويشبهه قول المام أحمد بن حنبل‪ :‬مع المحابر من المهد إلى المقابر‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫إبراهيم بن الجراح بن صبيح المازنممممى الكوفمممممى نزيل مصر‪ ،‬فقيه‬ ‫‪2‬‬

‫حنفى تفقه علممى أبمى يوسمف‪ ،‬ولمى قضماء مصمر سمنة ‪ 205‬تموفى فمى‬
‫مصر ‪.831 /217‬‬
‫وكان الجواب‪ :‬ما كان يوقف عنممده للممدعاء فالفضممل راجل‪ ،‬وممما ل‬ ‫‪3‬‬

‫يوقف عنده فالفضل أن يرميه راكبا‪ ) .‬الجواهر المضيئة ‪.(36 /1‬‬


‫المكاتب‪ :‬هو العبد الذى تعاقد مع سميده أن يعتقمه نظيمر مبلمغ مؤجمل‬ ‫‪4‬‬

‫يصير حرا بعد سداده‪.‬‬


‫‪91‬‬
‫وقيل إنه قال فى آخر عمره‪ :‬شغلتنى مسائل المكاتب عممن‬
‫الستعداد لهذا اليوم‪ ،‬وإنما قال ذلك تواضعا‪.‬‬

‫فصل‬
‫فى وقت التحصيل‬

‫قيل‪ :‬وقت التعلم من المهد إلى اللحد‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫دخل حسن بن زياد فى التفقه وهو ابممن ثمممانين سممنة‪ ،‬ولممم‬
‫يبت على الفراش أربعين سنة فأفتى بعد ذلك أربعين سنة‪.1‬‬
‫وأفضل الوقات شرخ‪ 2‬الشباب‪ ،‬ووقت السحر‪ ،‬وممما بيممن‬
‫العشائين‪ .3‬وينبغى أن يسمتغرق جميمع أوقمماته‪ ،‬فممإذا ممل ممن علمم‬
‫يشتغل بعلم آخر‪.‬‬
‫وكان ابن عباس‪ 4‬رضى ال عنه إذا مل من الكلم يقممول‪:‬‬
‫هاتوا ديوان الشعراء‪.‬‬
‫وكان محمد بن الحسممن ل ينممام الليممل‪ ،‬وكممان يضممع عنممده‬
‫الدفاتر‪ ،‬وكان إذا مل من نوع ينظر فى نوع آخممر‪) ،‬وكممان يضممع‬

‫الحسن بن زياد اللؤلؤى الكوفى نسبته إلى بيممع اللؤلممؤ‪ ،‬صمماحب أبممى‬ ‫‪1‬‬

‫حنيفة‪ ،‬كان يقظا فطنا فقهيا‪ ،‬ولى قضاء الكوفة‪ ،‬تمموفى سممنة ‪819 /204‬‬
‫ولم أتحقق من سنة مولده وعلى ذلك فل نعرف صحة ما ذكر عنه‪.‬‬
‫شرخ الشباب‪ :‬أوله‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫وقت السحر‪ :‬قبيل الصبح‪ ،‬العشاءان‪ :‬المغرب والعشاء‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫عبد ال بن عباس‪ :‬ابمن عممم رسمول الم صملى الم عليمه وسملم لزم‬ ‫‪4‬‬

‫الرسول وروى عنه الحاديث‪ ،‬لقب بحبر المة وترجمممان القممرآن‪ ،‬كممان‬
‫كثير ما يجعل أيامه يوما للفقه ويوما للتأويل م التفسيرم ويوممما للمغممازى‪،‬‬
‫ويوما للشعر‪ ،‬وكان آية فى الحفظ‪ ،‬توفى عام ‪687 /68‬‬
‫‪93‬‬
‫عنممده الممماء‪ ،‬ويزيممل نممومه بالممماء‪ ،‬وكممان يقممول‪ :‬إن النمموم مممن‬
‫الحرارة(‪.5‬‬

‫فصل‬
‫فى الشفقة والنصيحة‬

‫زيادة فى المخطوطين‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪94‬‬
‫ينبغى أن يكون صاحب العلم مشفقا ناصممحا غيممر حاسممد‪،‬‬
‫فالحسد يضر ول ينفع‪ .‬وكان أستاذنا شمميخ السمملم برهممان الممدين‬
‫رحمه ال يقول‪ :‬قالوا إن ابن المعلم يكون عالممما لن المعلممم يريمد‬
‫أن يكون تلميذه فى القرآن عالما فببركة اعتقاده وشفقته يكون ابنه‬
‫عالما‪.1‬‬
‫‪3‬‬
‫وكان أبو الحسن‪ 2‬يحكى أن الصدر الجل برهان الئمممة‬
‫جعل وقت السبق لبنيه الصدر الشهيد حسممام الممدين‪ ] 4‬والصممدر[‬
‫السعيد تاج الدين وقت الضحوة الكبرى بعد جميع السباق‪ ،‬وكانمما‬
‫يقولن‪ :‬إن طبيعتنا تكل وتمل فى ذلك الوقت‪ ،‬فقال أبوهما رحمممه‬
‫ال‪ :‬إن الغرباء وأولد الكبراء يأتوننى من أقطممار الرض فل بممد‬
‫من أن أقدم أسباقهم‪ .‬فببركة شفقته فاق ابناه أكثر فقهاء المصار‪،‬‬
‫وأهل الرض فى ذلك العصر‪.‬‬

‫وليس هذا مضطردا بل العكس هو الكثر والشهر‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫هو على بن أبى بكر صاحب الهدايممة‪ ،‬اسممتاذ المصممنف‪ ،‬وقممد سممبقت‬ ‫‪2‬‬

‫ترجمته‪.‬‬
‫هو المام عبد العزيز بن عمر‪ ،‬فقيه حنفى من علماء القرن الخممامس‬ ‫‪3‬‬

‫الهجرى‪.‬‬
‫المام عمر بن عبد العزيز‪ ،‬فقيه حنفى له تصانيف عديدة فممى الفقممه‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫وهو استاذ صاحب الهداية‪ ،‬توفى شهيدا عام ‪.1141 /536‬‬


‫‪95‬‬
‫وينبغى أن ل ينازع أحدا ول يخاصمه لنه يضيع أوقاته‪.‬‬
‫قيل‪ :‬المحسن سيجزى بإحسانه والمسيئ ستكفيه مساويه‪.‬‬
‫أنشدنى الشيخ المام الزاهد العارف ركن السمملم محمممد‬
‫بن أبى بكر المعروف بإمممام خممواهر زاده مفممتى الفريقيممن رحمممه‬
‫ال‪ 1‬قال‪ :‬أنشدنى سلطان الشريعة والطريقة يوسف الهمذانى‪:‬‬
‫ل تجز ]إنسانا[ على سوء فعله‬
‫‪2‬‬
‫سيكفيه ممما فيه وما هو فاعله‬
‫قيل‪ :‬من أراد أن يرغم أنمف عمدوه فليكمرر وأنشمدت همذا‬
‫الشعر‪:‬‬
‫إذا شئت أن تلقى عدوك راغمما‬
‫وتقتله غما وتحرقممممممممممه هما‬
‫فرم‪ 3‬للعلى وازدد من العلم إنه‬
‫من ازداد علما زاد حاسده غما‬

‫إمام فاضل فقيه وواعظ وأديب‪ ،‬مفتى أهل بخارى تمموفى عممام ‪/573‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 1162‬ويذكر القرشى فى الجواهر )‪ (36 /2‬وابن قطلوبها فى التاج )‬


‫‪ (45-44‬أنه معروف بلقب إمام زاده‪.‬‬
‫فى المخطوط الثانى‪ ) :‬دع المراء ل تجزه على سوء فعله ‪.(...‬‬ ‫‪2‬‬

‫رم للعلى‪ :‬اطلب العلى‪ ،‬فعل أمر من رام الشيئ‪ :‬طلبه‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪96‬‬
‫قيل‪ :‬عليك أن تشتغل بمصالح نفسك ل بقهر عدوك‪ ،‬فممإذا‬
‫أقمت مصالح نفسك تضمن ذلك قهر عدوك‪ .‬إياك والمعاداة فإنهمما‬
‫تفضحك وتضيع أوقاتك‪ ،‬وعليك بالتحمل ]ل[ سيما‪ 1‬من السفهاء‪.‬‬
‫قال عيسى بن مريم صلوات ال عليه‪ :‬احتملوا من السممفيه‬
‫واحدة كى تربحوا‪ 2‬عشرا‪.3‬‬
‫وأنشدت لبعضهم شعرا‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫بلوت الناس قرنا بعمممممد قرن ولممممممم أر غير ختال وقالى‬
‫ولم أر فى الخطوب أشد وقعا وأصعب من معاداة الرجال‬
‫وذقت مرارة الشياء طمممممرا وما ذقت أمر مممممن السؤال‬

‫فى الصل‪ :‬سيما‪ ،‬بحممدف اداة النفممى‪ ،‬وهممذا السممتعمال تعممبير مولممد‬ ‫‪1‬‬

‫ويؤدى الغرض إل أننا آثرنا التعبير الصيل‪.‬‬


‫فى الصل المخطوط‪ :‬تتخلصوا‪ ،‬والتصحيح من نسخة مطبوعة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫هذا القول غير مذكمور فممممى الناجيل المتداولة حممماليا وربما يكممون‬ ‫‪3‬‬

‫من كلمه عليه السلم المخطوط عنه قديما‪.‬‬


‫ختال‪ :‬مخادع‪ ،‬قالى‪ :‬كاره‪ ،‬من قله يقليه إذا كرهه‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪97‬‬
‫وإياك أن تظن بالمؤمن سوءا فإنه منشأ العممداوة ول يحممل‬
‫ذلك‪ ،‬لقوله عليه الصلة والسلم‪ :‬ظنمموا بممالمؤمنين خيممرا‪ .1‬وإنممما‬
‫ينشأ ذلك من خبث النية وسوء السريرة‪ ،‬كما قال أبو الطيب‪:2‬‬
‫إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه‬
‫‪3‬‬
‫وصدق ما يعتاده مممممممن توهم‬
‫وعادى محبيه بقول عداتممممممممممه‬
‫‪4‬‬
‫وأصبح فى ليل من الشك مظلم‬
‫وأنشدت لبعضهم‪:‬‬
‫ومن أوليته حسنا فزده‬ ‫تنح عن القبيح ول تمممرده‬
‫إذا كمماد العدو فل تكده‬ ‫ستكفى من عدوك كل كيد‬
‫وأنشدت للشيخ العميد أبى الفتح البستى‪:5‬‬

‫لم أجد هذا النص بلفظممه‪ ،‬إل أن الحمماديث الممتى تممأمر بتحسممين ظممن‬ ‫‪1‬‬

‫المسلمين بعضهم ببعض كثيرة‪ ،‬كالحديث المذى رواه أبمو داود والحماكم‪:‬‬
‫حسن الظن من حسن العبادة‪.‬‬
‫البيتان من قصيدة قالها أبو الطيب المتنبى يمممدح بهمما السممتاذ كممافور‬ ‫‪2‬‬

‫الخشيدى‪ ،‬انظر ديوانه ص ‪.459‬‬


‫يعتاده‪ :‬ينتابه ويرد على ذهنه من خواطر وأوهام‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫العادة‪ :‬بضم العين جمع العادى وهو العدو‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫هو ابن أحمد بن الحسين البستى الشاعر الكاتب صاحب التجنيس مات‬ ‫‪5‬‬

‫ببخارى عام ‪ ،1009 /400‬ونسبته إلى بست‪ :‬بلدة كممبيرة فممى سجسممتان‬
‫‪98‬‬
‫ذو العقل ل يسلم ممممممممن جاهل‬
‫‪1‬‬
‫يسوممممممممممممممه ظلما وإعناتا‬
‫فليختر السلم على حربمممممممممممه‬
‫‪2‬‬
‫ولممممممميلزم النصات إنصاتا‬

‫فصل‬
‫فى الستفادة واقتباس الدب‬

‫وهراة‪ ،‬وقيل فيه‪:‬‬


‫لزمت يد البستى دهرا وبستها‬ ‫فلو أننى أدركت يوما عميدها‬
‫)معجم البلدان ‪(171-2/170‬‬
‫العنممات‪ :‬الحمراج مممن أعنتمه أى أحرجمه وأوقعمه فيممما ل يسمتطيع‬ ‫‪1‬‬

‫الخروج منه‪.‬‬
‫النصات‪ :‬الصممغاء ويريممد بممه السممكوت‪ ،‬وإن صمماتا‪ :‬أى أن أحممدث‬ ‫‪2‬‬

‫صوتا واللف هنا للشباع‪.‬‬


‫‪99‬‬
‫وينبغى أن يكون طالب العلم مستفيدا فممى كممل وقممت حممتى‬
‫يحصل له الفضل والكمال فى العلم‪ .‬وطريممق السممتفادة أن يكممون‬
‫معه فى كل وقت محبرة حتى يكتب ما يسمع من الفوائدالعلمية‪.‬‬
‫قيل‪ :‬من حفظ فر ومن كتب قر‪.1‬‬
‫وقيل‪ :‬العلم ما يؤخممذ مممن أفممواه الرجممال‪ ،‬لنهممم يحفظممون‬
‫أحسن ما يسمعون‪ ،‬ويقولون أحسن ما يحفظون‪.‬‬
‫وسمعت عممن شمميخ المممام الديممب السممتاذ زيممن السمملم‬
‫المعروف بالديب المختار يقول‪ :‬قال هلل ]بن زيد[ بممن يسممار‪:2‬‬
‫رأيت النبى صلى ال عليه وسلم يقممول لصممحابه شمميئا مممن العلممم‬
‫والحكمة‪ ،‬فقلت يا رسول ال أعد لى ما قلمت لهمم‪ ،‬فقمال لمى‪ :‬همل‬
‫معك محبرة؟ فقلت‪ :‬ما معممى محممبرة‪ ،3‬فقممال النممبى عليممه السمملم‪:‬‬

‫من حفظ فر‪ :‬أي من حفظ شيئا فر منه ما حفظه‪ ،‬ومن كتب شيئا استقر‬ ‫‪1‬‬

‫وسكن عنده ما كتبه‪.‬‬


‫فى الصلين المخطوطين وفى المطبوع‪ :‬هلل بن يسار‪ ،‬والتصحيح‬ ‫‪2‬‬

‫من الخلصة للخرزجى ص ‪ ،411‬وهو مولى رسول ال صلى ال عليه‬


‫وسلم‪ ،‬روى عن أنس وقال ابن عدى‪ :‬أحاديثه غير محفوظة‪.‬‬
‫عن المحبرة وضرورة حملها يراجع‪ :‬أدب الملء والستملء )‪-152‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ (153‬للسمعانى طبعة بريل ‪ -‬ليدن ‪.1952‬‬


‫‪100‬‬
‫يمماهلل ل تفممارق المحممبرة لن الخيممر فيهمما وفممى أهلهمما إلممى يموم‬
‫القيامة‪.1‬‬
‫ووصى الصدر الشهيد حسام الدين إبنمه شممس المدين‪ 2‬أن‬
‫يحفظ كل يوم شيئا من العلممم والحكمممة فممإنه يسممير‪ ،‬وعممن قريممب‬
‫يكون كثيرا‪.‬‬
‫واشترى عصام بن يوسف‪ 3‬قلما بدينار ليكتممب ممما يسمممعه‬
‫فى الحال‪ ،‬فالعمر قصير والعلم كثير‪.‬‬
‫فينبغممى أن ل يضمميع طممالب العلممم الوقممات والسمماعات‬
‫ويغتنم الليالى والخلوات‪.‬‬
‫يحكى عن يحيى بن معاذ‪ 4‬الرازى ]أنه قال[ الليممل طويممل‬
‫فل تقصره بمنامك‪ ،‬والنهار مضيئ فل تكدره بآثامك‪.‬‬

‫لم أجد هذا الحديث بنصه ول بمعنى فى أى من داودين الحاديث التى‬ ‫‪1‬‬

‫تيسر لى الطلع عليها‪.‬‬


‫محمد بن عمر بن عبد العزيز‪ ،‬فقيه من بخارى ومن فحول علمائها‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫له فضل وتقدم توفى عام ‪.1170 /566‬‬


‫عصام بن يوسف البلخى‪ ،‬كان من العلماء المحدثين الثقممات‪ ،‬عاصممر‬ ‫‪3‬‬

‫أصحاب أبى حنيفة‪ ،‬وتوفى ببلخ عام ‪ 210‬أو ‪ 215/825‬أو ‪.830‬‬


‫يحيى بن معاذ‪ :‬واعظ زاهد من أهل الرأى‪ ،‬له كلمات سممائرة‪ ،‬تمموفى‬ ‫‪4‬‬

‫بنيسابور عام ‪.872 /258‬‬


‫‪101‬‬
‫وينبغى أن يغتنم الشيوخ ويستفيد منهم‪ ،‬وليس كل ما فممات‬
‫يدرك‪ ،‬كما قال أستاذنا‪ 1‬شيخ السلم فى مشيخته‪ :2‬كممم مممن شمميخ‬
‫كبير أدركته وما استخبرته‪.‬‬
‫وأقول على هذا الفوت منشئا هذا البيت‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫ما كل ما فات ويفنى يلفى‬ ‫لهفا على فوت التلقى لهفا‬
‫قال علممى رضممى الم عنممه‪ :‬إذا كنممت فممى أمممر فكممن فيه‪،4‬‬
‫وكفى بالعراض عن علم ال خزيا وخسارا واستعذ بال منه ليل‬
‫ونهارا‪.‬‬
‫ول بد لطالب العلم ممن تحممل المشمقة والمذلمة فمى طلمب‬
‫العلم‪ ،‬والتملق مذموم إل فى طلب العلم فإنه ل بممد لممه مممن التملممق‬
‫للستاذ والشريك وغيرهم للستفادة منهم‪.5‬‬

‫أى شيخ السلم على بن أبى بكر صاحب الهداية‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المشيخة‪ :‬هى سجل يذكر فيه العلم أسماء الذين روى عنهم وشيئ مما‬ ‫‪2‬‬

‫رواه وسند شيوخه‪.‬‬


‫يلفى‪ :‬يوجد‪ ،‬ورواه اللكنوى بصيغة أخرى‪ ) :‬ص ‪(142‬‬ ‫‪3‬‬

‫كله فات ويبقى لهفممممممممممى‬ ‫لهفى على فوت الليالى لهفى‬


‫يعنى إذا كنت فى طلب أمر فتفرغ له واجتهد فى تحصيله‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫ورد لهذا المعنى فى فصل تعظيم العلم وأهلممه )ص ‪ (85‬ولنمما تعليممق‬ ‫‪5‬‬

‫عليه هناك فليراجع‪.‬‬


‫‪102‬‬
‫قيل‪ :‬العلم عز ل ذل فيه‪ ،‬ل يدرك إل بذل ل عز فيه‪.‬‬
‫وقال القائل‪:‬‬
‫أرى لك نفسا تشتهى أن تعزها‬
‫فلست تنال العز حممتى تذلها‬

‫فصل‬
‫فى الورع فى حالة التعلم‬

‫روى بعضهم حديثا فى هذا الباب عممن رسممول الم صمملى‬


‫ال عليه وسلم أنه قال‪ :‬من لم يتممورع فممى تعلمممه ابتله الم تعممالى‬
‫بأحد ثلثة أشياء‪ :‬إما أن يميته فى شبابه‪ ،‬أو يوقعه فى الرسمماتيق‪،‬‬

‫‪103‬‬
‫أو يبتليه بخدمة السلطان‪1‬؛ فكلما كان طالب العلم أورع كان علمه‬
‫أنفع‪ ،‬والتعلم له أيسر وفوائده أكثر‪.‬‬
‫ومن الورع ]الكامل[ أن يتحرز عممن الشممبع وكممثرة النمموم‬
‫وكثرة الكلم فيما ل ينفع‪ ،‬وأن يتحرز عن أكممل طعممام السمموق إن‬
‫أمكن‪ ،‬لن طعام السوق أقرب إلى النجاسة والخباثممة‪ ،‬وأبعممد عممن‬
‫ذكر ال وأقرب إلممى الغفلممة‪ ،‬ولن أبصممار الفقممراء تقممع عليممه ول‬
‫يقدرون على الشراء منه‪ ،‬فيتأذون بذلك فتذهب بركته‪.‬‬
‫وحكي أن المام الشيخ الجليل محمد بن الفضل‪ 2‬كممان فممى‬
‫حممال تعلمممه ليأكممل مممن طعممام السمموق‪ ،‬وكممان أبمموه يسممكن فممى‬
‫الرساتيق ويهيئ طعامه ويدخل أليه يوم الجمعة‪ ،‬فممرأى فممى بيممت‬

‫يظهر لنا من معنى الحديث أنه موضوع‪ ،‬ولم نعثر على حديث قريب‬ ‫‪1‬‬

‫من معناه كما أن بعض ألفاظه لم ترد علمى لسممان رسمول الم صملى الم‬
‫عليه وسلم فيما نعلم‪ ،‬عدا هذا فإن المصنف عزا الروايممة إلممى )بعضممهم(‬
‫ولم يسم مما يؤيد رأينا الذى أبديناه‪ ،‬ثم إن مثل هذا التهديد مستغرب فممإن‬
‫التقوى والخشوع فضل يؤتيه ال مممن يشمماء مممن عبمماده وعلممى المممرء أن‬
‫يلتمس السباب‪ .‬وفى هذا المعنى قال الشافعى قوله المشهور‪ :‬طلبنا العلم‬
‫لغير ال‪ ،‬فأبى العلم أن يكون إل ال‪.‬‬
‫الرجح أن يكون‪ :‬محمد بن الفضل‪ ،‬أبو بكمممر الفضمملى الكممممممارى‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫قال اللكنوى فمى الفمموائد البهيمممة )ص ‪) (184‬كممان إماممما كممبيرا وشمميخا‬


‫جليل معتمدا فى الرواية‪ ،‬توفى ‪.(991 /381‬‬
‫‪104‬‬
‫ابنه خبز السوق يوما فلم يكلمممه سمماخطا علممى ابنممه فاعتممذر ابنممه‪،‬‬
‫فقال‪ :‬ما اشتريت أنا ولم أرض به ولكممن أحضممره شممريكى‪ ،‬فقممال‬
‫أبوه‪ :‬لو كنت تحتاط وتتممورع عممن مثلممه لممم يجممرؤ شممريكك علممى‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وهكذا كانوا يتورعون فلذلك وفقوا للعلم والنشر حتى بقى‬
‫اسمهم إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫ووصى فقيه من زهاد الفقهاء طالب العلم أن يتحممرز عممن‬
‫الغيبة وعن مجالسة المكثار‪ ،‬وقال‪ :‬من يكثر الكلم يسرق عمرك‬
‫ويضيع أوقاتك‪.‬‬
‫ومممن الممورع أن يجتنممب مممن أهممل الفسمماد والمعاصممى‬
‫والتعطيل‪] ،‬ويجاور الصلحاء[ فإن المجاورة مؤثرة‪ ،‬وأن يجلممس‬
‫مستقبل القبلة ويكون مستنا‪ 1‬بسممنة النممبى عليممه الصمملة والسمملم‪،‬‬
‫ويغتنم دعوة أهل الخير‪ ،‬ويتحرز عن دعوة المظلومين‪.‬‬
‫وحكي أن رجلين خرجا فى طلب العلم للغربة وكانا‬
‫شريكين فرجعا بعد سنين إلى بلممدهما وقممد فقممه أحممدهما ولممم يفقممه‬

‫أى متبعا لسنة النبى صلى ال عليه وسلم فى جميع أعماله وأوامره‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪105‬‬
‫الخممر‪ ،‬فتأمممل فقهمماء البلد وسممئلوا عممن حالهممما وتكرارهممما‬
‫وجلوسهما فأخبروا أن جلوس المذى تفقمه فممى حمال التكممرار كممان‬
‫مستقبل القبلممة والمصممر‪ 1‬الممذى ]حصممل العلممم فيممه[ والخممر كممان‬
‫مستدبرا القبلة ووجهه إلى غير المصر‪ .‬فاتفق العلماء والفقهاء أن‬
‫الفقيه فقه ببركة استقبال القبلة إذ همو السمنة فمى الجلموس إل عنمد‬
‫الضرورة‪ ،‬وببركة دعاء المسلمين فإن المصر ل يخلو من العبمماد‬
‫وأهل الخير والزهد‪ ،‬فالظاهر أن عابدا دعا له فى الليل‪.‬‬
‫فينبغى لطالب العلم أن لؤا يتهاون بالداب والسممنن‪ ،‬ومممن‬
‫تهاون بالدب حرم السنن‪ ،‬ومن تهمماون بالسممنن حممرم الفممرائض‪،‬‬
‫ومن تهاون بالفرائض حمرم الخمرة‪ .‬وبعضمهم قمالوا بهمذا حمديثا‬
‫عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.2‬‬
‫وينبغى أن يكثر الصلة‪ ،‬ويصلى صمملة الخاشممعين‪ ،‬فممإن‬
‫ذلك عون له على التحصيل والتعلم‪.‬‬

‫المصر‪ :‬المدينة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫التهاون بالفرائض والسنن والدب الشرعية أمر منهممي عنه بكممممثرة‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ولكممننا لم نجد حديثا بلفظه‪.‬‬


‫‪106‬‬
‫وأنشدت للشيخ المام الجليممل الزاهممد الحجمماج نجممم الممدين‬
‫عمر بن محمد النسفى‪ 1‬شعرا‪:‬‬
‫كمممممممممممن للوامر والنواهى حافظا‬
‫وعلى الصلة مواظبا ومحافظا‬
‫واطلب علوم الشرع واجهد واستعن‬
‫بالطيبات تصر فقيها حافممممممظا‬
‫واسئل إلهك حفمممممممظ حفظك راغبا‬
‫‪2‬‬
‫مممممممممن فضله فال خير حافظا‬

‫كممممممممممن للوامر والنواهى حافمظا‬


‫وعلى الصلة مواظبا ومحافظا‬
‫واطلب علوم الشرع واجهد واستعن‬
‫بالطيبات تصر فقيها حافممممممظا‬
‫واسئل إلهك حفمممممممظ حفظك راغبا‬
‫عمر بممن محمممد النسممفى‪ ،‬فقيممه محممدث أديممب كممثير التصممانيف‪ ،‬قممال‬ ‫‪1‬‬

‫السمعانى‪ :‬كمان لمه شعرحسممن مطبمموع علممى طريقمة الفقهماء وهممو شميخ‬
‫صاحب الهداية توفى بسمرقندعام ‪.114 /537‬‬
‫فى الشعر اقتباس من القرآن الكريم من سورة يوسف‪ ،‬الية ‪.64‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪107‬‬
‫مممممممممن فضله فال خير حافظا‬
‫وقال رحمة ال عليه‪:‬‬
‫وأنتم إلممى ربكم ترجعون‬ ‫أطيعوا وجدوا ول تكسلوا‬
‫‪1‬‬
‫قليل من الليل ما يهجعون‬ ‫ول تهجعوا فخيار الورى‬
‫وينبغى أن يستصحب دفترا على كل حال ليطالعه‪ .‬وقيمل‪:‬‬
‫من لم يكن الدفتر فى كمه‪ 2‬لم تثبت الحكمة فى قلبه‪.‬‬
‫وينبغى أن يكون فى الممدفتر بيمماض ويستصممحب المحممبرة‬
‫ليكتب ما يسمع من العلماء‪ .‬وقد ذكرنا حديث هلل بن يسار‪.‬‬

‫ل تهجعوا‪ :‬ل تناموا‪ ،‬الورى‪ :‬الخلق‪ ،‬وفى الشعر اقتباس مممن القممرآن‬ ‫‪1‬‬

‫من سورة الذاريات‪ ،‬الية ‪.17‬‬


‫المراد هنا‪ :‬الجيب‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪108‬‬
‫فصل‬
‫فيما يورث الحفظ وفيما يورث النسيان‬

‫وأقوى أسممباب الحفممظ‪ :‬الجممد والمواظبممة‪ ،‬وتقليممل الغممذاء‪،‬‬


‫وصلة الليل‪ ،‬وقراءة القرآن من أسباب الحفظ‪.‬‬
‫قيل‪ :‬ليممس شمميئ أزيممد للحفممظ مممن قممراءة القممرأن نظممرا‪،1‬‬
‫والقراءة نظرا أفضل لقوله عليه الصمملة والسمملم‪ :‬أعظممم أعمممال‬

‫نظرا‪ :‬أى تلوة من المصحف‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪109‬‬
‫أمتى قراءة القرآن نظممرا‪ .1‬ورأى شمداد بمن حكيم‪ 2‬بعممض إخمموانه‬
‫فى المنام‪ ،‬فقال لخيه‪ :‬أى شيئ وجدته أنفع؟ قراءة القرآن نظرا‪.‬‬
‫ويقول عند رفع الكتاب‪ :‬بسم ال وسبحان ال م والحمممد ل م‬
‫ول إله إل ال‪ ،‬وال اكبر‪ ،‬ل حول ول قوة إل بممال العلممى العظيممم‬
‫العزيز العليم‪ ،‬عممدد كممل حممرف كتممب ويكتممب أبممد البممدين ودهممر‬
‫الداهرين‪.3‬‬
‫ويقول بعد كل مكتوبممة‪ :‬آمنممت بممال الواحممد الحممد الحممق‪،‬‬
‫وحده ل شريك له‪ ،‬وكفرت بما سواه‪.4‬‬

‫روى مكحول عن عبادة بن الصامت قال‪ :‬قال رسول الم صمملى الم‬ ‫‪1‬‬

‫عليممه وسمملم‪ :‬أفضممل عبممادة أمممتى قممراءة القممرآن نظممرا‪ .‬ورواه الحكيممم‬
‫الترمذى‪ ،‬وهو حديث ضعيف‪ ،‬انظر الجامع لحكام القرآن للقرطممبى ‪/2‬‬
‫‪ ،28‬والتذكار فى أفضل الذكارللقرطبى أيضا ص ‪ ،115‬وقال النممووى‬
‫فى الذكار )ص ‪ :(10‬قراءة القرآن فى المصحف أفضل من القراءة من‬
‫حفظه‪ ،‬هكذا قال أصحابنا م يعنى الشافعية م وهو مشهور عن السلف‪.‬‬
‫لعله شداد بن حكيم‪ ،‬من أصحاب زفر‪ ،‬وقد تولى القضاء‪ ،‬توفى عممام‬ ‫‪2‬‬

‫‪) 825 /210‬الجواهر المضيئة ‪.(256 /1‬‬


‫أورده البشيهى فى المبسمموط قممائل‪) :‬ووجممد فممى بعممض الثممار عممن‬ ‫‪3‬‬

‫بعضممهم أنممه قممال‪ :‬إذا أردت أن تكممون احفممظ النمماس فقممل عنممد رفممع‬
‫الكتاب ‪22 /1 (...‬‬
‫ذكر البشيهى ) وإذا أردت أن تمرزق الحفممظ فقممل خلممف كممل صمملة‬ ‫‪4‬‬

‫المكتوبة ‪.22 /1 (...‬‬


‫‪110‬‬
‫ويكثر الصلة على النبى عليممه السمملم فممإن ذكممره رحمممة‬
‫للعالمين‪.‬‬
‫]قال الشافعى رضى ال عنه‪[:1‬‬
‫شكوت إلى وكيع سوء حفظى‬
‫‪2‬‬
‫]فأرشدنى[ إلى ترك المعاصى‬
‫فإن الحفظ فضل مممممممممن ال‬
‫وفضل ال ل يعطى لعاصمممممى‪.3‬‬

‫‪ 1‬فى ألصل المخطوط ) وقيل ‪ (...‬والتصحيح من المطبوع‪ ،‬ومن شهرة‬


‫نسبة الشعر إلى الشافعى‪.‬‬
‫الوكيع‪ :‬من له قلب واع وعينممان تنظممران‪ ،‬وكممان وكيممع بممن الجممراح‬ ‫‪2‬‬

‫المتوفى عام ‪ 812 /197‬مممن شمميوخ المممام الشممافعى‪ ،‬فل يسممتغرب أن‬
‫تكون شكواه إلى شيخه وكيع‪ ،‬أو إلى شخص آخر واع وبصير‪.‬‬
‫‪ 3‬ورواية الشافعى لهذا البيت‪:‬‬
‫ونور ال ل يهدى لعاصى‬ ‫وأخبر نى بأن العلمنور‬
‫ورواية الصل قد ل تستقيم وزنا‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫والسواك وشرب العسل‪ 1‬وأكل الكنمدر مممع السممكر‪ 2‬وأكممل‬
‫إحدى وعشرين زبيبة حمراء‪ 3‬كل يوم على الريق يممورث الحفممظ‬
‫ويشفى من كممثير مممن المممراض والسممقام‪ ،‬وكممل ممما يقلممل البلغممم‬
‫والرطوبمات يزيمد فمى الحفظ‪ ،4‬وكمل مما يزيمد فمى البلغمم يمورث‬
‫النسيان‪.‬‬
‫وأما ممما يممورث النسمميان فهممو‪ :‬المعاصممى وكممثرة الممذنوب‬
‫والهموم والحزان فممى أمممور الممدنيا‪ ،‬وكممثرة الشممتغال والعلئق‪،‬‬
‫وقد ذكرنا أنه ل ينبغى للعاقل أن يهتم لمر الممدنيا لنممه يضممر ول‬
‫ينفع‪ ،‬وهموم الدنيا ل تخلو عن الظلمة فى القلب‪ ،‬وهممموم الخممرة‬

‫روى عن الزهرى فى شرب العسل‪ :‬عليك بالعسل فإنه جيممد للحفممظ؛‬ ‫‪1‬‬

‫الطب النبوى لبن القيم ‪.263‬‬


‫الكندر‪ :‬كلمة فارسية تعنى اللبان‪ ،‬وقد ورد فيه حديث ل يصح‪ :‬بخروا‬ ‫‪2‬‬

‫بيوتكم باللبان والصعنر؛ ويممذكر عممن ابممن عبمماس أن شممربه مممع السممكر‬
‫على الريق جيد للبول والنسيان‪ .‬قارن الطب النبوى ص ‪.301‬‬
‫قال ابن القيم عن الزبيب‪ :‬روى فيه حديثان ل يصحان‪ ،‬أحدهما‪ :‬نعم‬ ‫‪3‬‬

‫الطعام الزبيممب‪ :‬يطيممب النكهممة ويممذيب البلغممم؛ وهممذا مممما ل يصممح عممن‬
‫رسول ال‪ ،‬ص ‪.245‬‬
‫الهتمام ببعض المأكولت أو الشربة التى يعتقد أنها تزيد فى الحفظ‬ ‫‪4‬‬

‫هو اعتقاد قديم ومعروف‪ ،‬ويروى لنا ابممن خلكممان ) ‪ (45 /3‬أن جماعممة‬
‫من الطلب شربوا قدرا من البلذر محلول بالممماء لجممل سممرعة الحفممظ‬
‫والفهم‪ ،‬فحصل لحدهم الجنون ‪ ) ...‬نقل عن تاريخ العرب ‪.(498 /2‬‬
‫‪112‬‬
‫ل تخلو عن النور فى القلب‪ ،‬ويظهر أثره فى الصلة‪ ،‬فهممم الممدنيا‬
‫يمنعه من الخيرات‪ ،‬وهم الخرة يحمله عليه‪ ،‬والشتغال بالصلة‬
‫على الخشوع وتحصيل العلم ينفى الهم والحزن‪ ،‬كممما قممال الشمميخ‬
‫نصر بن الحسن المرغينانى فى قصيدة له‪:‬‬
‫فممممممممى كل علم يحتمزن‬ ‫استعن نصر بن الحسن‬
‫وما سواه باطل ل يؤتمن‬ ‫ذاك الذى ينفى الحممزن‬
‫والشيخ المام الجل نجم الدين عمممر بممن محمممد‪ 1‬النسممفى‬
‫قال فى أم ولد له‪:‬‬
‫سلم على ممممممممممن تيمتنى بظرفمها‬
‫ولمعة خممممممممدها ولمحة طرفها‬
‫سبتنى وأصبتنى فمممممممممممممتاة مليحة‬
‫تحيرت الوهام فى كمنه وصفها‬
‫فقلت‪ :‬ذرينى واعذرينممممممممى فإننمى‬
‫شغفت بتحصيل العلوم وكممشفها‬
‫ولى فى طلب الفضل والعلم والتقى‬

‫فى الصل‪ :‬عمر بن حسن‪ ،‬والتصحيح من ترجمته السابقة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪113‬‬
‫غنى عن غناء الغانيات وعرفها‬
‫وأما أسباب نسيان العلم‪:‬‬
‫فأكممل الكزبممرة الرطبممة‪ ،‬والتفمماح الحممامض‪ ،‬والنظممر إلممى‬
‫المصلوب‪ ،‬وقراءة الخط المكتوب على حجارة القبور‪ ،‬والمممرور‬
‫بين قطار الجمال‪ ،1‬وإلقاء القممل الحمي علمى الرض‪ ،‬والحجاممة‬
‫على نقرة القفا‪ ،‬كلها يورث النسيان‪.2‬‬

‫المرور بين قطار الجمل‪ :‬أى المشي بين جملين مقطورين إلى بعضها‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫قارن بالممطب النبوى لبن القيم حمميث أورد همممذه السباب‪ ،‬وقال‪ :‬إن‬ ‫‪2‬‬

‫أكممثرها معروف بالتجربة‪ .‬ص ‪.302‬‬


‫‪114‬‬
‫فصل‬
‫فيما يجلب الرزق وفيما يمنع‬
‫وما يزيد فى العمر وما ينقص‬

‫ثم لبد لطالب العلم من القمموة ومعرفممة ممما يزيممد فيممه وممما‬
‫يزيد فى العمر والصحة ليتفممرغ فممى طلممب العلممم‪ ،‬وفممى كممل ذلممك‬
‫صنفوا كتبا‪ ،‬فأوردت بعضها هنا على سبيل الختصار‪.‬‬
‫قال رسممول الم صمملى الم عليمه وسملم‪ :‬ل يمرد القممدر إل‬
‫بالممدعاء‪ ،‬ول يزيممد فممى العمممر إل الممبر‪ ،‬فممإن الرجممل ليحممرم مممن‬
‫الرزق بذنب يصيبه‪.1‬‬

‫رواه المام أحمد وابن ماجه‪ ,‬ولفظه عند المام أحمد برواية عن ثوبان‬ ‫‪1‬‬

‫)إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه‪ ,‬ول يرد القممدر إل بالممدعاء‪ ,‬ول‬
‫يزيد فى العمر إل البر(‪.‬‬
‫‪115‬‬
‫ثبت بهذا الحديث أن إرتكاب الذنب سبب حرمممان الممرزق‬
‫خصوصا الكذب فإنه يورث الفقر‪ ,‬وقد ورد فيممه حممديث خاص م‪,1‬‬
‫وكذا نوم الصبحة يمنع الرزق‪ ,‬وكثرة النمموم تممورث الفقممر‪ ,‬وفقممر‬
‫العلم أيضا‪ .‬قال القائل شعرا‪:‬‬
‫سرور الناس فى لبس اللباس وجمع العلم فمى ترك النعاس‬
‫وقال‪:‬‬
‫أليس مممممممن الحزن أن لياليا تمر بل نفع وتخسر من عمر‬
‫وقال أيضا‪:‬‬
‫قمممممم الليل يا هذا لعلك ترشد إلى كم تنام الليل والعمر ينفد‬
‫والنوم عريانا‪ ,‬والبول عرينا‪ ،‬والكل جنبا‪ ,‬والكممل متكئا‬
‫على جنب‪ ,‬والتهاون بسقوط المائدة‪ ,‬وحرق قشر البصممل والثمموم‪,‬‬
‫وكنس البيت فى الليل بالمنديل‪ ,‬وترك القمامة فى البيت‪ ,‬والمشممي‬
‫قممدام المشممايخ‪ ,‬ونممداء الوالممدين باسمممهما‪ ,‬والخلل بكممل خشممبة‪,2‬‬
‫وغسل اليدين بالطين والتراب‪ ,‬والجلمموس علممى العتبممة‪ ,‬والتكمماء‬

‫لم أجد حديثا بهذا المعنى‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫أي تخليل السنان‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪116‬‬
‫على أحد زوجي الباب‪ ,‬والتوضممؤ فممى المممبرز‪ ,1‬وخياطممة الثمموب‬
‫على بدنه‪ ,‬وتجفيف الوجه بممالثوب‪ ,‬وتممرك العنكبمموت فممى الممبيت‪,‬‬
‫والتهاون فى الصلة‪ ,‬وإسمراع الخمروج ممن المسمجد بعمد صملة‬
‫الفجر‪ ,‬والبتكار بالذهاب إلى السوق‪ ,‬والبطاء فى الرجوع منممه‪,‬‬
‫وشراء كسرات الخبز من الفقممراء‪ ,‬والسمؤال‪ ,‬ودعمماء الشممر علممى‬
‫الوالد‪ ,‬وترك تخمير‪ 2‬الوانى وإطفاء السراج بالنفس‪:‬‬
‫كل ذلك يورث الفقر‪ ,‬عرف ذلك بالثار‪.3‬‬
‫وكذا الكتابة بالقلم المعقود‪ ،‬والمتشاط بالمشممط المنكسممر‪،‬‬
‫وترك الدعاء للوالدين‪ ،‬والتعمم قاعدا‪ ،‬والتسممرول قائممما‪ ،‬والبخممل‬
‫والتقتير‪ ،‬والسراف‪ ،‬والكسل والتوانى والتهاؤن فى المور‪.‬‬

‫المبرز‪ :‬مكن الغائط‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫أي وضع غطاء عليها إذا كان فيها طعام أو شراب‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫ل يقصد الثار التي هي بمعنى الحاديث الموقوفة على الصممحابة كممما‬ ‫‪3‬‬

‫هو المتبادر !! وإنما أراد الخبار عن مشايخه!‪.‬‬


‫‪117‬‬
‫وقال رسول ال صلى الم عليممه وسمملم‪ :‬اسممتنزلوا الممرزق‬
‫بالصدقة‪1‬؛ والبكور مبمارك يزيمد فمى جميمع النعمم خصوصما فمى‬
‫الرزق‪.2‬‬
‫وحسممن الحممظ مممن مفاتيممح الممرزق وبسممط المموجه وطيممب‬
‫الكلم يزيد فممى الحفممظ والممرزق‪ .‬وعممن الحسممن بممن على‪ :3‬كنممس‬
‫الفناء وغسل الناء مجلبة للغنى‪.‬‬
‫وأقوى السباب الجاذبمة للمرزق إقاممة الصملة بمالتعظيم‬
‫والخشمموع‪ ،‬وتعممديل الركممان وسممائر واجباتهمما وسممننها وآدابهمما‪،‬‬
‫وصمملة الضممحى فممى ذلممك معروفممة‪ ،‬وقممراءة سممورة الواقعممة‬
‫خصوصا فى الليل وقت النوم‪ ،4‬وقراءة الملك‪ ،‬والمزمممل‪ ،‬والليممل‬
‫حديث )استنزلوا الرزق بالصممدقة( ضممعيف‪ ،‬انظممر ضممعيف الجممامع‬ ‫‪1‬‬

‫الصغير لللبانى طبع المكتب السلمى رقم ‪.931‬‬


‫وورد هذا المعنى فى حديث رسول ال )اللهم بارك لمتى فى بكورها(‬ ‫‪2‬‬

‫رواه المام أحمد والترمذى وابن ماجه‪.‬‬


‫الحسن بن على‪ :‬حفيد رسول ال صلى الم عليممه وسمملم‪ :‬كممان عمماقل‬ ‫‪3‬‬

‫حليما محبا للخير من أحسمن النماس منطقما وبديهمة ولمد وتموفى بالمدينمة‬
‫مسموما عام ‪) 670 /50‬الصابة ‪.(328 /1‬‬
‫ورد فى هذا أحماديث ضمعيفة وموضموعة كحمديث )ممن قمرأ سمورة‬ ‫‪4‬‬

‫الواقعة كل ليلممة لممم تصممبه فاقممة أبممدا( انظممر سلسمملة الحمماديث الضممعيفة‬
‫والموضوعة لللبانى رقم ‪ 291 -289‬وقارن المستطرف للبشمميهى ‪/1‬‬
‫‪.19‬‬
‫‪118‬‬
‫إذا يغشمممى وألمممم نشمممرح لمممك‪ ،‬وحضمممور المسمممجد قبمممل الذان‪،‬‬
‫والمداومة على الطهارة‪ ،‬وأداء سنة الفجر والوتر فى الممبيت‪ .‬وأن‬
‫ل يتكلم بكلم الدنيا بعد المموتر ول يكممثر مجالسممة النسمماء إل عنممد‬
‫الحاجة‪ ،‬وأن ل يتكلم بكلم لغو‪.‬‬
‫وقيممل‪ :‬مممن اشممتغل بممما ل يعنيممه فمماته ممما يعنيممه‪ .‬قممال‬
‫بزرجمهر‪ :1‬إذا رأيت الرجل يكثر الكلم فاسممتيقن بجنممونه‪ .‬وقممال‬
‫على رضى ال عنه‪ :‬إذا تم العقل نقص الكلم‪.2‬‬
‫قال المصنف رحمه ال‪ :‬واتفق لى فى هذا المعنى شعرا‪:‬‬
‫إذا تم عقل المرء قل كلممممه وأيقن بحمق المرء إن كان مكثرا‬
‫النطق زين والسكوت سلمة فإذا نطقت فل تكون مكممممممممممثرا‬
‫ما ندمت على سكوت مممممرة ولقد ندمت على الكلم مممممممرارا‬
‫وأما ما يزيد فى الرزق‪:‬‬

‫بزرجمهممر بممن البختكممان ‪ : Buzurgmihr‬شخصممية فارسممية تحمماط‬ ‫‪1‬‬

‫بأساطير كثيرة فى المؤلفات العربية‪ ،‬ذكر فى كليلة ودمنة بوصفه وزيرا‬


‫لكسممرى أنممو شممروان )‪ 578 -531‬م( وتختلممف الروايممات بشممأن وفمماته‬
‫)قوانين الوزارة وسياسة الملك ص ‪ ،133‬الهامش ‪.(3‬‬
‫قارن مجمع المثال للميدانى ‪.455 /2‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪119‬‬
‫أن يقول كل يمموم بعممد انشممقاق الفجممر إلممى وقممت الصمملة‪:‬‬
‫سبحان ال العظيم وبحمده‪ ،‬سبحان ال العظيم وبحمممده‪ ،‬وأسممتغفر‬
‫ال العظيم وأتوب إليه‪ 1‬مائة مرة‪ ،‬وأن يقول‪ :‬ل إله إل ال م الملممك‬
‫الحق المبين كل يوم صباحا ومساء مائة مرة‪.‬‬
‫وأن يقول بعد صلة الفجر كل يمموم‪ :‬الحمممد لمم‪ ،‬وسممبحان‬
‫المم‪ ،‬ول إلمه إل المم‪ ،‬ثلثما وثلثيمن ممرة‪ ،‬وبعمد صمملة المغمرب‬
‫أيضا‪ ،‬ويستغفر ال تعالى سبعين ممرة بعمد صملة الفجمر‪ ،‬ويكمثر‬
‫من قول‪ :‬ل حول ول قوة إل بممال العلممى العظيممم‪ ،‬والصمملة علممى‬
‫النبى صلى ال عليه وسلم‪.2‬‬

‫ذكره الغزالى فى الحياء كحديث لرسممول المم‪ ،‬وعلممق عليممه الحممافظ‬ ‫‪1‬‬

‫العراقى‪ :‬أخرجه المستغقرى فممى الممدعوات مممن حممديث ابممن عمممر وقممال‬
‫غريب من حديث مالك ول أعرف له أصل‪ .‬ثم أورد حديثا بهممذا المعنممى‬
‫)سبحان ال وبحمده فإنها صلة كممل شميئ وبهمما يمرزق الخلممق( وإسممناده‬
‫صحيح ‪.299 /1‬‬
‫فى العديد من أحاديث رسول ال ما يحض على ذكر ال وعلى التسبيح‬ ‫‪2‬‬

‫ليل ونهارا وفى كمل حمال‪ ،‬وعلمى الصملة علممى النمبى صملى الم عليممه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫‪120‬‬
‫ويقول يوم الجمعة سبعين مرة ‪ :‬اللهم أغننى بحللمك عمن‬
‫حرامك واكفنى بفضلك عمن سواك‪.3‬‬
‫ويقول هذا الثناء كل يوم وليلة ‪ :‬أنت الم العزيممز الحكيممم‪,‬‬
‫أنت ال الملك القدوس‪ ,‬أنممت الم الحكيممم الكريممم‪ ,‬انممت ال م خممالق‬
‫الخير والشر‪ ,‬أنت ال خالق الجنممة والنممار‪ ,‬أنممت الم عممالم الغيممب‬
‫والشهادة‪ ,‬أنت ال عالم السروأخفى‪ ,‬أنت ال الكبير المتعال‪ ,‬أنممت‬
‫ال خالق كل شيئ واليه يعود كل شيئ‪ ,‬أنت ال ديممان يمموم الممدين‪,‬‬
‫لم تزل ول تزال‪ ,‬أنت ال ل إله إل أنت الحد الصمد‪ ,‬لم يلممد ولممم‬
‫يولد ولم يكن له كفوا أحممد‪ ,2‬أنممت الملممك القممدوس السمملم المممؤمن‬
‫المهيمممن العزيممز الجبممار المتكممبرل إلممه إل أنممت الخممالق البممارئ‬
‫المصور له السماء الحسنى يسبح له ممما فممى السممموات والرض‬
‫وهو العزيز الحكيم‪.‬‬

‫رواه الترمذى عن على وقال‪ :‬حديث حسن ولفظه )اللهم اكفنى بحللك‬ ‫‪3‬‬

‫عن حرامك وأغننى بفضلك عن سواك(‪ ،‬ولكن لم أجد ما يخصممص هممذا‬


‫الدعاء بيوم الجمعة‪.‬‬
‫كذا فى الصل‪ ،‬وصحتها أن تكون للمخاطب لينتظم السياق ‪ ..‬لم تلد ‪..‬‬ ‫‪2‬‬

‫الخ‪ ،‬ويظهر أن الناسخ استعمل النظم القرآنى‪.‬‬


‫‪121‬‬
‫وأممما ممما يزيممد فممي العمممر‪ :‬الممبر‪ ,1‬وتممرك الذى‪ ,‬وتمموقير‬
‫الشيوح‪ ,‬وصلة الرحم‪ ,2‬وأن يقول حيممن يصممبح ويمسممى كممل يمموم‬
‫ثلث مرات ‪ :‬سممبحان الم ملممء الميممزان‪ ,‬ومنتهممى العلممم‪ ,‬ومبلممغ‬
‫الرضا‪ ,‬وزنة العرش‪ .‬ول إله إل ال ملء الميزان‪ ,‬ومنتهى العلممم‬
‫وزنة العرش‪ .‬والم أكممبر‪ ,‬ملممء الميممزان‪ ,‬ومنتهممى العلممم‪ ,‬ومبلممغ‬
‫الرضا‪ ,‬وزنة العرش‪.3‬‬
‫وأن يتحرز عن قطع الشجار الرطبة إل عند الضممرورة‪,‬‬
‫وإسباغ الوضوء والصلة بالتعظيم‪ ,‬والقرآن‪ 4‬بين الحج والعمممرة‪,‬‬
‫وحفظ الصحة‪ ,‬ول بد أن يتعلم شميئا ممن الطمب‪ ,‬ويتمبرك بالثمار‬

‫المعنى وارد فى الحديث المروى فى أول هذا الفصل‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫روى فى الصحيحين عن أنس‪ :‬من أحب أن يبسط له فممى رزقممه وأن‬ ‫‪2‬‬

‫ينسأ لمه فممى أثمره فليصمل رحممه؛ مختصمر شمعب اليمممان ‪ ،195‬صملة‬
‫الرحيم تزيد فى العمر؛ قول نسبه الميدانى فى مجمع المثال إلى رسممول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ) ‪.(449 /2‬‬
‫وبهذا المعنى روى حديث عن جويرية‪ ،‬ولفظ التسبيح فيه‪ :‬سبحان ال‬ ‫‪3‬‬

‫وبحمده‪ ،‬عدد خلقممه‪ ،‬ورضمما نفسممه‪ ،‬وزنممة عرشممه‪ ،‬ومممداد كلممماته؛ رواه‬
‫مسلم والمام أحمد وأبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه‪.‬‬
‫والقصد من ذكر هذه الوصاف التى ل نهاية لمعانيها إثبات الثنمماء علممى‬
‫ال بل نهاية‪ ،‬قارن المنار المنيف لبن القيم ‪.38-34‬‬
‫فى الصل المخطوط‪ :‬وقراءة القرآن‪ ،‬والتصحيح من النسخة الخرى‬ ‫‪4‬‬

‫ومن سياق الكلم‪.‬‬


‫‪122‬‬
‫الواردة فى الطب التى جمعها المام أبو العبمماس المسممتغفري فممي‬
‫كتابه المسمى ‪ :‬بطب النبى عليه السمملم‪ ,1‬يجمده ممن يطلبممه )فهمو‬
‫كتاب مشهور(‪.2‬‬

‫[والحمد ل على التمام‪ ,‬وصلى ال على سيدنا محمد أفضل‬


‫الرسل الكرام‪ ,‬وآله وصحبه الئمة العلم‪ ,‬على‬
‫ممر الدهور وتعاقب اليام‪ ,‬آمين‪]3.‬‬

‫أبو العباس‪ ،‬جعفر بن محمد المستغفرى‪ ،‬كان فقيها محدثا حافظا‪ ،‬لمه‬ ‫‪1‬‬

‫كتاب الطب النبوى‪ ،‬تمموفى عممام ‪) 1040 /432‬كشممف الظنممون ‪(1095‬‬


‫ومستغفرى نسبة إلى جده المستغفر‪) .‬الجواهر ‪.(347 /2‬‬
‫زيادة من المخطوطتين‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫وهذا الدعاء الخير هو من المطبوع‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪123‬‬

You might also like