Professional Documents
Culture Documents
الشبهات
بقلم /الشيخ
صالح بن فوزان بن عبد الله
الفوزان
-حفظه الله -
بسم ال الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد ل رب العالمين وصلى ال وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .أما بعد:
فهذه رسالة كشف الشبهات للمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه ال تعالى .-
وقبل أن ندخل في موضوع الرسالة نتكلم عن المؤّلف والتعريف به من أجل أن يكون عند طالب العللم
معرفة بهذا المؤلف وطريقته في دعوته لن هذا من المور المهمللة فللي معرفللة الئمللة والللدعاة إلللى الل
ومعرفة نشأتهم ودعوتهم من أجل أن يسير طلب العلم على نهجهم ويقتبسوا من سيرتهم ويقتدوا بهم.
فهو الشيخ المام المجّدد شيخ السلم محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علللي بللن مشللرف التميمللي
((1
وهي قرية في شمال الرياض ،وكانت محل أسرته. الّنجدي ولد رحمه ال في بلدة العيينة
نشأ في بيت علم فأبوه كان القاضي في البلد وجللده الشلليخ سللليمان كللان هللو المفللتي والمرجلع للعلمللاء
وأعمامه كلهم علماء.
فنشأ في بيت علم .ودرس على يد أبيه عبد الوهاب وعلى أعمامه منذ صغره فقلد حفلظ القلرآن الكريلم
قبل أن يبلغ سن العاشرة فاشتغل في طلب العلم وحفظ القرآن على أبيه .وقرأ كتب التفسير والحديث حلتى
برع في العلم وهو صغير وأعجب أبللوه والعلمللاء مللن حللوله بللذكائه ونبللوغه وكللان ينللاقش فللي المسللائل
العلمية حتى أنهم استفادوا من مناقشته فاعترفوا له بالفضل ثم إنه لم يكتف بهذا القدر مللن العلللم وإن كللان
فيه الخير إل أن العلم ل يشبع منه.
فرحل لطلب العلم وترك أهله ووطنه وسافر إلى الحج وبعد الحج ذهب إلى المدينة والتقى بعلمائها في
صا الشيخ عبد ال بن إبراهيم بن سيف وكان إماًما في الفقه وأصوله وهو مللن أهللل
المسجد الّنبوي خصو ً
نجد من أهل المجمعة في سدير وكذلك ابنه إبراهيم بن عبد ال مؤلف كتللاب العللذب الفللائض شللرح ألفيللة
الفرائض .والتقى كذلك بالمحدث الشيخ محمد حياة السندي وأخذ منه إجازة في مروياته من كتب الحللديث
ثم رجع إلى بلده ،ولم يكتف بهذا بل سار إلى بلد الحساء في شرق بلد نجد وفيها العلمللاء مللن حنابلللة
صا عن الحنابلللة ومنهللم محمللد بللن فيلروز وعبللد الوهلاب بللن
وشافعية ومالكية وحنفية وأخذ عنهم خصو ً
فيروز أخذ عنهم الفقه.
وأخذ عن عبد ال بن عبد اللطيف الحسائي.
ضا إلى العراق – إلى البصلرة خاصلة – وكلانت آن ذاك آهللة بالعلملاء فلي
ولم يكتف بهذا بل ذهب أي ً
صا الشيخ محمد المجموعي وغيره .وكان في كل تنقلتلله إذا ظفلر
الحديث والفقه فأخذ عن علمائها خصو ً
بكتاب من كتب شيخ السلم ابن تيمية ومن كتب تلميذه ابن القيم نسخه بقلمه ونسخ كثيًرا مللن الكتللب فللي
الحساء وفي البصرة فتجمعت لديه مجموعة عظيمة من الكتب.
) (1عام 1115هل المتوفى رحمه ال في عام 1206هل ،انظلر العلم للزركلللي ،6/275ومعجلم الملؤلفين لعمللر كحاللة 3/472برقلم
).(14463
2
صا من الحنابلة وأهل الحديث ،ولكنه بعدما
ثم إنه هم بالسفر إلى بلد الشام لما فيها من أهل العلم خصو ً
ق عليلله الطريللق وحصللل عليلله جللوع وعطللش وكللاد أن يهلللك فللي الطريللق ،وأنتللم تعلمللون
سار إليها ش ّ
المكانات في ذلك الوقت وبعد المسافة ..فرجع إلى البصرة وعدل عن السفر إلى الشام ثم رجع إلللى نجللد
بعد ما تسلح بالعلم وبعدما حصل على مجموعة كبير من الكتب إضافة إلى الكتللب الللتي كللانت عنللد أهللله
وعند أهل بلده ثم اتجه إلى الدعوة والصلح ونشر العلم الّنافع ولم يرض بأن يسكت ويترك النلاس عللى
ما هم عليه بل أراد أن ينتشر علمه وأن يدعو إلى الل فنظلر فلي مجتمعله فوجلد فيله ملن الشلر والشلرك
المور الكثيرة فأخذته الَغيرة علللى ديللن الل والرحمللة للمسلللمين ورأى أنلله ل يسللعه السللكوت علللى هللذا
الوضع.
وكان علماء نجد يعنون بالفقه وهم في العقيدة على عقيدة المتكلمين من أشاعرة وغيرهم ليس لهم عناية
سلف كما هو في الشام وفي مصر وغيرها من القطار وكانت العقيدة المنتشللرة فيهللا هللي عقيللدة
بعقيدة ال ّ
الشاعرة ،مع ما عند كثير منهم من الخلل بتوحيد اللوهية.
ل من يعنى بها وطغت على الكلثير منهلم الخرافلات والبللدع والشلرك فلي العبلادة
وأما عقيدة السلف فق ّ
المتمثل بعبادة القبور هذا من الّناحية العلمية.
وأما من الّناحية السياسية فكانوا متفرقين ليس لهم دوللة تجمعهللم بلل كللل قريللة لهللا أميلر مسلتقل بهلا.
فالعيينة فيها حاكم والدرعية فيها حاكم والرياض فيها حاكم وكل قرية صغيرة فيهللا حللاكم ،وكللانت بينهللم
حروب وسلب ونهب فيما بينهم وبين القرى والبادية.
فمن الّناحية السياسية كانت البلد في قلق وتفرق وفي تناحر وضياع حتى أن أهللل البلللد الواحللد يقاتللل
ضا.
بعضهم بع ً
صحابة كقبر زيد بن الخطاب
وفي بلد نجد عبادة القبور والستغاثة بالموات ،فقد كانت عندهم قبور لل ّ
رضي ال عنه الذي استشهد مع جماعة من الصحابة فللي حللرب مسلليلمة الكللذاب وكللانوا يسلتنجدون بهللا
ويستغيثون بها وعلى قبر زيد قبة وكانوا يأتون إليها من بعيد .وهي مشهورة عندهم.
وعندهم أشجار ونخيل يعتقدون فيها ويتبركون بها بل كانت عندهم الّنحل الباطلة مثل الصوفية ووحدة
الوجود في الرياض والخرج؛ هكذا كانت حالتهم الدينية والعلماء ساكتون عن هللذا الوضللع بللل إن بعللض
العلماء يشجعون على هذه الخرافات ويؤيدونها .فلما رأى – رحمه الل – حللال المسلللمين تحللرك للللدعوة
إلى ال عز وجل وقام يدعو إللى الل ويلدّرس التوحيلد وينكلر هلذه الشلركيات والخرافلات ويقلرر منهلج
السلف الصالح فتكّون عنده تلميذ من الدرعية والعيينة ممن أراد ال له الخير.
ثم إنه اتصل بأمير العيينة وعرض عليه الدعوة فقبل منه المير ووعده بالمناصرة في أول المر وهدم
قبة زيد بن الخطاب حيث طلب من المير هدمها لنه ل يمكن أن يهدمها إل من للله سلللطة أمللا الفللرد فل
يستطيع ،ذلك فاستجاب له المير .وجاء إلى الشيخ امرأة اعترفت بالزنا وطلبت منله أن يقيلم عليهلا الحلد
3
فردها حتى كررت عليه الطلب مثل ما فعلت الغامدية رضي ال عنها فللي عهللد النللبي ? ،((1فأقللام عليهللا
الحد ورجمها .فلما بلغ أمير الحساء هدم القبة وأنه رجللم المللرأة أرسللل إلللى أميللر العيينللة وقللال :إمللا أن
تطرد هذا المطوع ((2وإ ّ
ل قطعت عنك المساعدة التي أرسلها إليك .فجاء المير إلى الشيخ وعللرض عليلله
المر وقال أنا ل أقدر أن أقاوم هؤلء فهّدأه الشيخ ووعده بالخير وأن يتوكل على ال وأن الرزق بيللد ال ل
وأن هذه عقيدة التوحيد من قام بها فإن ال يعينه وينصره .لكن المير أصّر على خللروج الشلليخ مللن بلللده
فخرج الشيخ من العيينة في وقت القيلولة وذهب إلى الدرعية وكان له فيها تلميذ من خيار التلميذ يقال له
ابن سويلم فذهب الشيخ من العيينة إلى الدرعية ليس معه إل المروحة اليدوية يهوي بها على وجهلله وهللو
ب { ((3يللردد هللذه اليللة وهللو
سل ُ
حَت ِ
ث ل َي ْ
حْي ُ
ن َ
جا َ ،وَيْرُزْقُه ِم ْ
خَر ً
جَعل ّلُه َم ْ
ل َي ْ
ق ا َّ
يمشي ويقول } َوَمن َيّت ِ
يمشي فلما وصل إلى تلميذه في الدرعية أصاب التلميذ خوف وقلق مللن مجيللء الشلليخ لنلله يخشللى علللى
نفسه وعلى الشيخ من أهل البلد لنهم متحاذرون من هذا الشيخ ،فهللدأه الشلليخ وقللال :ل يخطللر فللي بالللك
شيء أبًدا توكل على ال جل وعل فهو ينصر من نصره.
وفيما هم كذلك علمت زوجة أمير الدرعية وكانت امرأة صالحة فعرضت على زوجها المير محمد بن
سعود أن يناصر هذا الشيخ الللذي جللاء وأنلله نعمللة مللن الل سللاقها إليلله فالبللدار باغتنللامه ،فللأدخلت عليلله
الطمأنينة وحب الدعوة وحب هذا العلم فقال المير :يأتيني ،فقالت زوجتلله بللل اذهللب أنللت إليلله لنللك إذا
أرسلت إليه وقلت يأتيني ربما يقول الناس طلبه من أجل أن يبطش به ،لكنك إذا ذهبت إليه يكون هذا عًزا
له ولك ..فذهب إليه المير في بيت التلميذ وسّلم عليه وسأله عن قدومه ...فشلرح للله الشلليخ وبّيللن للله أنلله
ليس عنده إل دعوة الرسل صلوات ال وسلمه عليهم وهي الدعوة إلى كلمة التوحيد وهي ل إللله إل اللل،
وشرح معناها وبّين له أنها عقيدة الرسل...
فقال المير :أبشر بالنصر والتأييد ،وقال له الشيخ :وأبشر بالعز والتمكين لن هذه الكلمللة – ل إللله إل
طا ،قال وما هو؟ قال أن تتركني
ال – من قام بها فإن ال يمّكن له .فقال له المير :لكني أشترط عليك شر ً
وما آخذ من الناس ،قال الشيخ لعل ال يغنيك عن هذا ويفتح لك باب رزق من عنده .فتفرقا على هذا وقللام
الشيخ بالدعوة وقام المير بالمناصرة .ثم توافد الطلب على الدرعية وصار للشيخ مكانة فيها ،فكللان هللو
صلة والمفتي والقاضي ،فتكونت إمللارة للتوحيللد فللي بلد الدرعيللة مللن ذلللك الللوقت وأرسلل
المام في ال ّ
الشيخ رسائل إلى أهل البلدان والقرى يدعوهم إلى ال والدخول في عقيدة التوحيد وترك البدع والخرافات
فمنهم من استجاب وانضم إلى الللدعوة بللدون جهللاد وبللدون قتللال ومنهللم مللن مللانعه وعانللده فقاتللل جنللود
التوحيد بقيادة المير محمد بن سعود وريادة الشيخ محمللد بللن عبللد الوهللاب قللاتلوا مللن عانللد وعللارض..
وامتدت الدعوة في بلد نجد وسّلمت له البلد ومن حولها ،حللتى أميللر العيينللة الللذي كللان للله موقللف مللع
الشيخ دخل في ولية محمد بن سعود .وكذلك دخلت الريلاض بعللد قتلال شللديد وامتللدت إلللى الخللرج ومللا
) (1انظر صحيح المام مسلم ،3/1321ل ،1322كتاب الحدود باب من اعترف على نفسه بالزنا ،حديث رقم ) (22/1695مللن حلديث
سليمان بن بريدة عن أبيه رضي ال عنه
) (2كما يسمونه تصغيًرا لشأنه
4
ل إلى حدود اليمن جنوًبا ومللن البحللر
وراء الخرج وإلى الشمال والجنوب حتى عمت من حدود الشام شما ً
الحمر إلى الخليج العربي شرًقا كلها صارت تحت ولية الدرعية بادية وحاضرة .وأفاء ال علللى النللاس
في الدرعية الخير والرزق والغنى والثروة وقامت بها أسواق تجارية واستنارت بالعلم والقوة ببركللة هللذه
سلم.
سلفية التي هي دعوة الرسل عليهم ال ّ
الدعوة ال ّ
مؤلفاته:
أّلف الشيخ الكتب وأعظمها كتاب التوحيد الذي هو حق ال على العبيد.
ومن مؤلفاته هذه الرسالة » كشف الشبهات « التي نحن بصدد شرحها – إن شاء ال تعالى – وهي عبارة
عن رد الشبهات التي أثيرت حول دعوة التوحيد التي قام بها الشيخ.
والمراد بالكشف إزالة الغطاء عن الشيء.
((1
والشبهات جمع شبهة وهي المللر المشللتبه المختلللف الللذي ل ك{
طاَء َ
غَك ِ
عن َ
شْفَنا َ
قال تعالىَ } :فَك َ
ُيْدَرى هلل هلو حلق أم باطلل؟ ومنله قلول الرسلول » : إن الحلل بّيلن والحلرام بّيلن وبينهملا أملور
مشتبهات ل يعلمها كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه «.((2
المشتبهات هنا المراد بها المور التي ل ُيْدَرى هل هي من الحلل أو من الحرام لسبب تجللاذب الدلللة
فيها ،ول يعلمها إل الخواص من أهل العلم .فالشبهات هنا المراد بهلا المللور المشللتبهة اللتي فيهللا تللبيس
وتغطية وتمويه على الّناس يظنونها حًقا وهي ليست بحق وكشفها هو اليضاح لبطلنها.
والمراد هنا كشف ما كان عند الّناس من شبهات حول عبادة القبور والستغاثة بها التي عمت كثيًرا من
بلد السلم من بعد القرون المفضلة ،حيث ُأدخللل فللي السلللم مللا ليللس منله وذلللك عللن طريلق الشلليعة
والمتصوفة فهم الذين تسببوا في نشر هذه الشبهات وهذه الشركيات التي انتشرت في بلد السلم بحجللج
واهية ،والجهال يظنونها حًقا؛ فيقولون إن هؤلء الموتى عباد صالحون ولهم مكانة عند الل ونحللن أنللاس
مذنبون فهم يتوسلون بهم ويجعلونهم وسائط بينهم وبين ال في غفران الللذنوب ويتقربللون إليهللم .وبسللبب
ذلك تغيرت عقيدة التوحيد عند كثير من الّناس من عهد بعيد بعد المائة الرابعة ومضي القرون المفضلللة،
حتى قّيض ال لهذه المة علماء يكشفون هذه الشبهات ومن أبرزهم شيخ السلم أحمد بن تيمية الذي قللام
سللف
ضح للناس عقيلدة التوحيلد وكتلب فللي ذلللك الكتللب النافعللة وبّيللن عقيللدة ال ّ
ودحض هذه الشبهات وو ّ
صالح وسجلها في كتبه مدعًما مسائلها بالدلة القاطعة والبراهين الساطعة ،ودحللض هللذه الشللبهات ،ثللم
ال ّ
تله تلميذه كالمام ابن القيم في كتبه والمام ابن كثير والمام الذهبي والمام المّزي وجاء بعدهم الحافظ
ابن رجب الحنبلي رحمه ال إلى أن وصل المر للشيخ المام المجدد محمد بللن عبللد الوهللاب فتلقللى هللذه
العقيدة بقوة وقام بالدعوة إليها والجهاد في سبيلها حتى استنارت بها هذه البلد ،ول ل الحمللد وامتللدت إلللى
البلد المجاورة في مصر والشام والعراق وحتى في بلد فارس عند أهل السنة وامتللدت إلللى الهنللد وإلللى
) (2رواه المام البخاري في صحيحه ،1/19كتاب اليمان باب فضل من استبرأ لدينه من حديث النعمان بللن بشللير رضللي الل تعللالى
عنه
5
المغرب وإلى كثير من البلد ول الحمد ،فمن أراد ال له الخير فإنه تلأثر بهلذه اللدعوة المباركللة وعللرف
أنها دعوة حق فاستجاب لها وأّيدها ،وقامت الحجة على المعانللدين ولل الحمللد والمنللة وزالللت عللن البلد
معالم الشرك والوثنية وعوائد الجاهلية.
سلّنة :أن
] قال رحمه ال :بسم ال الرحمن الرحيم [ ابتدأ الرسالة ببسم ال الرحمن الرحيلم وهلذه هلي ال ّ
تبدأ الكتب والرسائل ببسم الل الرحملن الرحيلم كملا ابتلدأ الل تعلالى بهلا فلي كتلابه فلأول ملا تلرون فلي
ن { ((1وكذلك قبل كللل سللورة » بسللم
ب اْلَعاَلِمي َ
ل َر ّ
حْمُد ّ
حيم ،اْل َ
ن الّر ِ
حم ِ
ل الّر ْ
سِم ا ِ
المصحف الشريف } ِب ْ
ال الرحمن الرحيم « ،والنبي كان إذا كتب يبدأ كتبه بل» بسللم ال ل الرحمللن الرحيللم « .((2وإذا تحللدث
إلى أصحابه يبدأ مجلسه ببسم ال الرحمن الرحيم .والحكمة في البدء ببسم ال الرحمن الرحيم التللبرك بهللا
لنها كلمة مباركة فإذا ذكرت في أول الكتاب أو في أول الرسالة تكون بركة عليه .أما الكتب أو الرسللائل
التي ل تبدأ ببسم ال الرحمن الرحيم فإنها تكون ناقصة ل خير فيها ،ومن ناحية أخرى بسللم ال ل الرحمللن
حيللم { أي أسللتعين وأتللبرك ببسللم الل
ن الّر ِ
حمل ِ
لل الّر ْ
سِم ا ِ
الرحيم فيها الستعانة بال جل وعل فقولهِ } :ب ْ
حيللم{.
ن الّر ِ
حم ِ
ل الّر ْ
سِم ا ِ
الرحمن الرحيم .فالجار والمجرور متعلق بمحذوف تقديره أستعين وأتبرك بل} ِب ْ
عَلم على الذات المقدسة .والرحمن الرحيم اسلمان كريملان ملن أسلمائه الحسلنى يتضلمنان الرحملة.
وال َ
صللا علللى
]اعلم رحمك ال[ اعلم :هذه الكلمة يبدأ بها في التنبيه إلى المور المهمة فإذا أردت أن تنبه شخ ً
شيء مهم من مسائل العلم تقول له :اعلم من أجل أن ينتبه .واعلم فعل أمر من العلللم يعنللي تلّعللم مللا يللأتي
واهتم به وألق بالك لما يلقى عليك ولما يكتب لك .فهذه كلمة ُيؤتى بها لهمية ما يللأتي بعللدها قللال تعللالى:
عْلًما { ((3وقال تعالىَ } :فا ْ
عَلْم َأّنُه ل ِإَلللَه يٍء ِ
ش ْ
ل َ
ط ِبُك ّ
حا َ
ل َقْد َأ َ
ن ا َّ
يٍء َقِديٌر َوَأ ّ
ش ْ
ل َ
عَلى ُك ّ
ل َ
ن ا َّ
} ِلَتْعَلُموا َأ ّ
((4
لل
ن ا َّ
ب َوَأ ّ
شلِديُد اْلعَِقللا ِ
لل َ
ن ا َّ
عَلُمللوْا َأ ّ
وقللال تعللالى } :ا ْ ت{
ن َواْلُمْؤِمَنا ِ
ك َوِلْلُمْؤِمِني َ
سَتْغِفْر ِلَذنِب َ
ل َوا ْ
ل ا ُّ
ِإ ّ
ن {.((6
غ اْلمُِبي ُ
لُسوِلَنا اْلَب َ
عَلى َر ُ
عَلُموْا َأّنَما َ
وقال تعالىَ } :فِإن َتَوّلْيُتْم َفا ْ ((5
حيٌم {
غُفوٌر ّر ِ
َ
فهذه كلمة عظيمة يؤتى بها للهتمام .ثم قال » :رحمك ال « هذا دعاء من الشيخ رحمه ال لكل من قرأ
طف لطالب العلم وتحسين الكلم له من أجل أن ُيقبل على طلب العلم.
هذه الرسالة ،وهذا من باب الّتل ّ
] أن التوحيد هو إفراد ال سبحانه بالعبادة [ أي اعلم هذه المسألة العظيمة واجعلها في ذاكرتك واجعلها
في اهتمامك دائًما وأبًدا وهي » أن التوحيد هو إفراد ال بالعبادة « وليس هو إفراد ال بالربوبية فللإن هللذا
) (2انظر صحيح المام البخاري 4/402كتاب الجهاد باب دعاء النبي إلى السلم والنبوة وأن ل يتخذ بعضهم بع ً
ضللا أرباًبللا مللن دون
ل { إلى آخر الية .وفي الفتح ،6/109وانظلر تفاصليل ذللك فلي زاد المعلاد فلي هلدي خيلر
شٍر َأن ُيْؤِتَيُه ا ُّ
ن ِلَب َ
ال وقوله تعالىَ } :ما َكا َ
العباد لبن القيم ،696-3/688ذكر هديه في مكاتباته إلى الملوك وغيرهم.
) (3الطلق12 :
6
حدين لنهم لم يفردوا ال بالعبللادة ،فللإقرارهم بتوحيللد الربوبيللة ليللس هللو
أقّر به المشركون ولم يكونوا مو ّ
التوحيد المطلوب وإنما توحيد الربوبية دليل على توحيد اللوهية ولزم له فمن أقر بتوحيد الربوبية لزمه
ل علللى توحيللد
أن يقر بتوحيد اللوهية وال تعالى يذكر في القرآن في كثير من اليات توحيد الربوبية دلي ً
ن ِملن َقْبِلُكلْم َلَعّلُكلْم َتّتُقلونَ ،اّللِذي
خَلَقُكلْم َواّللِذي َ
عُبُدوْا َرّبُكُم اّلِذي َ
سا ْ
اللوهية كما قال تعالىَ } :يا َأّيَها الّنا ُ
جَعُلللوْا
ل َت ْ
ت ِرْزًقا ّلُك لْم َف َ
ن الّثمََرا ِ
ج ِبِه ِم َ
خَر َ
سَماِء َماًء َفَأ ْ
ن ال ّ
ل ِم َ
سَماَء ِبَناًء َوَأنَز َ
ض ِفَراشًا َوال ّ
لْر َ
ل َلُكُم ا َ
جَع َ
َ
ن { ((1هذا هو توحيد الربوبية وهو دليل توحيد اللوهية ،فأقام سبحانه وتعالى الحجللة
ل َأنَداًدا َوَأنُتْم َتْعَلُمو َ
ِّ
عليهم فيما أنكروه من توحيد اللوهية بما اعترفوا به من توحيد الربوبية ليلزمهم بذلك.
حيث قال لهم كيف تعترفون أنه هلو الخلالق اللرازق المحيلي المميلت وأنله ل شلريك لله فلي ذللك ثلم
تشركون فللي عبلادته .أمللا الللذين يقولللون إن التوحيلد هللو القلرار بللأن الل هللو الخللالق الللرازق المحيللي
شا ،ولم يأتوا بالتوحيد المطلوب الذي دعت إليه الرسللل .وعلللى هللذا
طا فاح ً
المميت ...إلخ فهم غالطون غل ً
المنهج الباطل أغلب عقائد المتكلمين التي تدرس الن فلي كلثير ملن الملدارس السللمية .وقصلد الشليخ
رحمه ال بهذا التعريف هو الرد على هؤلء الذين رّكزوا على توحيد الربوبية وتركللوا توحيللد اللوهيللة،
حلد
فهذه أول شبهة وهي :أنهم جعلوا توحيد الربوبية هو التوحيد المطلوب ،وأن من أفرد ال بله فهلو المو ّ
وأّلفوا كتبهم فيه وبنوا منهجهم عليه وصرفوا همهم إلى تحقيقه.
] وهو دين الرسل الذي أرسلهم ال به إلى عباده [ فالرسل كلهم ما طلبوا من الّناس أن يقرروا بأن ال ل
هو الخالق الرازق المحيي المميت لنهم معترفون بهذا وإنما طالبوا المم بإفراد ال بالعبادة .قللال تعللالى:
ت { ((2ما قال أن يقروا بأن ال ل هللو الللرب
غو َ
طا ُ
جَتِنُبوْا ال ّ
ل َوا ْ
عُبُدوْا ا َّ
نا ْ
ل َأ ِ
سو ً
ل ُأّمٍة ّر ُ
} َوَلَقْد َبَعْثَنا ِفي ُك ّ
ت { أي اتركللوا الشللرك بلال عللز وجللل فللي
غو َ
طللا ُ
جَتِنُبللوْا ال ّ
لل َوا ْ
عُبلُدوْا ا َّ
لنهم مقرون بهذا بل قلال } :ا ْ
اللوهية.
((3
ما قال أنلله ن{
عُبُدو ِ
ل َأَنْا َفا ْ
حي ِإَلْيِه َأّنُه ل ِإَلَه ِإ ّ
ل ُنو ِ
ل ِإ ّ
سو ٍ
ك ِمن ّر ُ
سْلَنا ِمن َقْبِل َ
وقال تعالىَ } :وَما َأْر َ
ل َأَنْا { أي ل معبود بحق سواي.
ل رب سواي ول خالق إل أنا ،بل قال سبحانهَ } :أّنُه ل ِإَلَه ِإ ّ
هذا الذي بعث به ال الرسل ،ما بعث الرسل لتقرير توحيد الربوبية لن هذا موجود لكنلله ل يكفللي بللل
بعثهم لتوحيد اللوهية الذي هو إفراد ال تعالى بالعبادة وهو دين الرسل كلهم من أّولهم إلى آخرهم.
ح َوالّنِبّيي ل َ
ن حْيَنا ِإَلى ُنللو ٍ
ك َكَما َأْو َ
حْيَنا ِإَلْي َ
سلم [ كما قال ال سبحانه وتعالىِ } :إّنا َأْو َ
] فأّولهم نوح عليه ال ّ
سلم ،فنوح هو أول رسول ِمن َبْعِدِه { ((4فدّلت الية الكريمة على أن أول الرسل هو نوح عليه ال ّ
صلة وال ّ
بعد حدوث الشرك في الرض ،وتتابعت بعده الرسل على هذا المنهج الرباني وآخرهللم محمللد وهللو
جللاِلُكْم
حلٍد مّللن ّر َ
حمّلٌد َأَبللا َأ َ
ن مُ َ
ساعة قال ال سبحانه وتعالى } :مّللا َكللا َ
خاتمهم ول نبي بعده إلى أن تقوم ال ّ
) (2النحل36:
7
فهللو آخللر الرسللل ((2
ن { ((1وقال » : أنا خاتم النللبيين ل نللبي بعللدي «
خاَتَم الّنِبّيي َ
ل َو َ
ل ا ِّ
سو َ
َوَلِكن ّر ُ
سلم وآخر النبياء لن كل رسول نبي فل يبعث بعده ل رسول ول نبي فملن اعتقلد أنله
صلة وال ّ
عليهم ال ّ
يبعث بعده رسول أو نبي فهو كافر قال » : وسيخرج بعدي كذابون ثلثون كل منهللم يللدعي أنلله نللبي
وأنا خاتم النبيين ل نبي بعدي « فمن لم يعتقد ختم الرسللالة بمحمللد وأجللاز أن يبعللث بعللده نللبي فهللو
كافر بال عز وجل مكذب ل ولرسوله ولجماع المسلمين.
صللالحين هللو
] أرسله ال إلى قومه لما غلوا في الصالحين [ الغلو هو مجللاوزة الحللد .والغلللو فللي ال ّ
اعتقاد أنهم ينفعون أو يضرون من دون ال ،وود إلخ هذه أسماء رجال صالحين من قللوم نللوح مللاتوا فللي
عام واحد ،فحزن قومهم عليهم حزًنا شديًدا فجاء الشيطان إليهم وقال لهللم :ص لّوروا صللورهم وانصللبوها
على مجالسهم من أجل أن تتذكروا أحوالهم فتنشطوا على العبادة؛ جاءهم عن طريق النصيحة وهللو يريللد
شط على العبادة ،فهللذا فيلله التحللذير
لهم الهلك فخدعهم بهذه الحيلة واعتبروا هذه وسيلة صحيحة لنها تن ّ
من فتنة الصور وفتنة الغلو في الصالحين ،وهؤلء نظروا لمصلحة جزئية ولم ينتبهوا لمللا يللترتب عليهللا
من المفاسد فالنسان ل ينظر إلللى المصلللحة الجزئيللة وينسللى المضللار العظيمللة الللتي تلترتب عليهللا فللي
المستقبل .ثم أهلك قوم نوح بالطوفان فاندرست هذه الصللنام إلللى أن جللاء عهللد الطاغيللة وهللو ملللك مللن
ملوك العرب يقال له عمرو بن لحي الخزاعي ،وكان له سلطان على الحجللاز وكللان فللي أول أمللره رج ً
ل
ناسًكا على دين قومه ولكن ذهب إلى الشام للعلج ،فوجد أن أهل الشام يعبدون الصنام فللدخل فللي فكللره
هذا الشيء فجاء إلى أهل الحجللاز والجزيللرة فللدعاهم إلللى الشللرك وجللاء الشلليطان فأرشللده إلللى مللواطن
الصنام التي كانت تعبد عند قوم نوح والللتي سللفى ((3عليهللا الرمللل بعللد الطوفللان ،فحفرهللا ونقّللب عنهللا
فاستخرجها ووزعها على أحياء العرب فانتشر الشرك من ذلك الوقت .وكانت هذه الصنام الموروثة عن
قوم نوح هي أكبر الصنام وإل فلهم أصنام كثيرة حتى إنه كللان حللول الكعبللة المشللرفة ثلثمللائة وسللتون
((4
صنًما اللت والعزى ومناة الثالثة الخرى هي أكبر أصنامهم]» وّد وسواع ويغوث ويعوق ونسر « [
] وآخر الرسل محمد وهو الذي كسر صور هؤلء ال ّ
صالحين [ كانت حال العرب الدينية قبللل بعللث
النبي محمد هي الوثنية ثم بعللث الل نللبيه محملًدا بملللة إبراهيللم الحنيفيللة السللمحة ودعللاهم إلللى
التوحيد بمكة وبقي ثلث عشرة سلنة يلدعوهم إللى التوحيلد بمكلة وبقلي ثلثلة عشلرة سلنة يلدعوهم إللى
صللحابة الللذين أسلللموا معلله
التوحيد وينكر عليهم عبادة الصنام .فاستجاب له من أراد ال له الهداية من ال ّ
) (2رواه الترمذي في سننه بهذا اللفظ (34) 369 ،6/368كتاب الفتن ) (43باب ل تقوم الساعة حتى يخرج كذابون حديث رقم 220
من حديث ثوبان رضي ال عنه .وانظر صحيح المام البخاري ،4/162ل ،163وصحيح مسلللم ،4/1791ومسللند المللام أحمللد 2/398
حديث رقم ،9157وسنن أبي داود ،4/95وسنن الدارمي .1/40
) (3سفت الريح التراب تسفيهَ :ذَرْتُه ،أو َ
حَملْته .انظر القاموس المحيط ص 1671مادة »سفت«.
) (4انظر صحيح المام البخاري 6/73من حديث عبد ال بن عباس رضي ال عنه ،كتاب التفسير بللاب وًدا وسللوا ً
عا ويغللوث ويعللوق
ونسًرا )إنا أرسلنا( بنحوه .
8
في مكة .ثم إن ال أذن لهم بالهجرة إلى الحبشة ثلم إلللى المدينللة وهللاجر النللبي إلللى المدينلة .واجتمللع
حوله المهاجرون والنصار وكّون جيوش التوحيد وصاروا يغزون المشللركين ..إلللى أن جللاء فللي السللنة
حا وصارت مكة تحت سلطة الرسللول وعنلد ذللك كسلر هلذه الصلنام
الثامنة من الهجرة إلى مكة فات ً
التي حول الكعبة وغسل الصور التي فللي جللوف الكعبللة ،وأرسللل إلللى الصللنام الللتي حللول مكللة )اللت
صلالحين مللن قللوم نللوح وانتشللر التوحيللد
صحابة من كسرها ومنها صللور هللؤلء ال ّ
والعزى ومناة( من ال ّ
واندحر الشرك ول الحمد.
صالحين( وذلك يوم فتح مكة وطّهر ال به
وهذا معنى قول الشيخ – رحمه ال – )كسر صور هؤلء ال ّ
حرمه الشريف من هذه الصنام.
وامتد التوحيد من بعثته وعهد الخلفاء الراشدين وعهد القرون المفضلة كلها خالًيا من الشلرك فلمللا
شلّيع وعنللد ذلللك حللدث الشللرك فللي المللة بعبللادة القبللور
انتهللت القللرون المفضلللة انتشللر التصلّوف والت َ
والضرحة وتقديس الولياء والصالحين إلى وقتنا هذا ،وهذا الشرك موجود فلي الملة ولكلن يقّيلض الل
جل وعل من يقيم الحجة على العباد من الدعاة المخلصين ،ويهدي ال على أيديهم من أراد ال هدايته.
وهكذا ينبغي ويجب على طلبة العلم والدعاة أن يهتموا بهذا المر وأن يجعلوا الللدعوة للتوحيللد وإنكللار
سلللم،
صلة وال ّ
الشرك ودحض الشبهات من أولويات دعوتم فهذا هو الواجب وهذه دعوة الرسل عليهم ال ّ
لن كل أمر يهون دون الشرك ،فما دام الشرك موجوًدا فكيف تنكر المور الخرى! لبللد أن نبللدأ بإنكللار
ل ونخّلص المسلمين من هذه العقائد الجاهلية ونبّين لهم بالحجة والبرهان وبالجهاد في سبيل ال
الشرك أو ً
إذا أمكن ذلك حتى تعود الحنيفية إلى المسلمين كل بحسب استطاعته ومقدرته في كل مكان وزمان .يجللب
على الدعاة أل يغفلوا عن هذا المر ويهتموا بأموٍر ُأخرى ويبذلوا جهللودهم فيهللا ول يغطللوا أعينهللم عللن
خرافييللن وطللواغيت الصللوفية علللى عقللول
واقع الناس الواقعين في الشرك وعبادة الضرحة واستيلء ال ُ
سكوت عليه وكل دعوة ل تتجه للنهي عنلله فهللي دعللوة ناقصللة أو دعللوة غيللر
الناس .هذا أمر ل يجوز ال ّ
صالحة أو دعوة غير مثمرة.
كما إنه يجب أن يعلم أن القرار بتوحيد الربوبيللة ل يكفللي ول ينفللع إل إذا كللان معلله القللرار بتوحيللد
ن المشلركين اللذين بعلث إليهلم نبينلا محملد كلانوا مقريلن
ل واعتقلاًدا ،وأ ّ
ل وعم ً
اللوهية وتحقيقه قو ً
بتوحيد الربوبية ولم ينفعهم إقرارهم به لما كانوا جاحدين لتوحيد اللوهية.
] أرسله إلى قوم يتعبدون ويحجون ويتصدقون ويذكرون ال كثيًرا .ولكنهم يجعلون بعض المخلوقات
وسائط بينهم وبين ال .يقولون نريد منهم التقرب إلى ال .ونريد شفاعتهم عنده .مثل الملئكة وعيسى
ومريم وأناس غيرهم من الصالحين ،فبعث ال محمًدا يجخدد لهخم ديخن أبيهخم إبراهيخم ويخخبرهم أن
ل عخخن
هذا التقرب والعتقاد محض حق ال ل يصخخلح منخخه شخخيء ل لملخخك مقخخرب ول لنخخبي مرسخخل فضخ ً
غيرهما ،وإل فهؤلء المشركون مقرون يشهدون أن ال هو الخالق الرزاق وحده ل شريك له ،وأنخخه ل
يرزق إل هو ول يحيي إل هو ول يميت إل هو ول يدّبر المر إل هو وأن جميع السخخماوات السخخبع ومخخن
فيهن والرضين السبع ومن فيها كلها عبيده وتحت تصرفه وقهره [ أي أن مشركي العرب اللذين ُبعلث
9
إليهم محمد يعبدون ال ولم تنفعهم هذه العبادة لما كلانت مخلوطلة بالشلرك الكلبر ،ول فلرق بيلن أن
ل أو ملكًللا مقرًبللا ول أن يكللون قصللد
حا أو نبًيا مرسل ً
يكون المشرك به مع ال سبحانه صنًما أو عبًدا صال ً
المشرك أن معبوده ليس شريًكا ل في ملكه بل هو مجرد وسيلة إلى ال ومقرب إليه.
فدل ذلك على أمرين:
جللي
الول :أن القرار بتوحيد الربوبية وحده ل يكفي للدخول في السلم ول يعصم الدم والمال ول ين ّ
من عذاب ال.
المر الثاني :أن عبادة ال إذا دخلها شيء من الشرك أفسدها فل تصح العبادة إل مع الخلص.
] فإذا أردت الدليل على أن هؤلء المشركين الذين قاتلهم رسول ال يشهدون لخ هخذه الشخهادة
حخ ّ
ي ج اْل َ
خخِر ُ
صخاَر َوَمخن ُي ْ
سْمَع واَلْب َ
ك ال ّ
ض َأّمن َيْمِل ُ
سَماِء َواَلْر ِ
ن ال ّ
فاقرأ قوله تعالىُ } :قْل َمن َيْرُزُقُكم ّم َ
ن { ((1وقولهُ } :قل ّلَم ِ
ن ل َتّتُقو َ
ل َفُقْل َأَف َ
ن ا ُّ
سَيُقوُلو َ
ي َوَمن ُيَدّبُر اَلْمَر َف َ
حّن اْل َ
ت ِم َ
ج اْلَمّي َ
خِر ُ
ت َوُي ْ
ن اْلَمّي ِ
ِم َ
سخْبِع َوَر ّ
ب ت ال ّ
سخَماَوا ِ
ب ال ّ
ن ُ ،قْل َمخخن ّر ّ
ل َتَذّكُرو َ
ل ُقْل َأَف َ
ن ِّ
سَيُقوُلو َ
نَ ،
ض َوَمن ِفيَها ِإن ُكنُتْم َتْعَلُمو َ
اَلْر ُ
ن { ((2وغير ذلك من اليات [ يقول الشلليخ رحملله ال ل تعللالى:
ل َتّتُقو َ
ل ُقْل َأَف َ
ن ِّ
سَيُقوُلو َ
ظيِم َ ،
ش اْلَع ِ
اْلَعْر ِ
فإذا طلبت الدليل على أن المشركين مقّرون بهذا – يعني بتوحيللد الربوبيللة – وأنهللم يشللركون فللي توحيللد
اللوهية ،إذا أردت الدليل على هذه المسألة العظيمة التي ُيعرف بها الحق من الباطللل فللاقرأ قللوله تعللالى:
خلِر ُ
ج ت َوُي ْ
ن اْلَمّيل ِ
ي مِل َ
حل ّ
ج اْل َ
خِر ُ
صاَر َوَمن ُي ْ
لْب َ
سْمَع وا َ
ك ال ّ
ض َأّمن َيْمِل ُ
لْر ِ
سَماِء َوا َ
ن ال ّ
ل َمن َيْرُزُقُكم ّم َ
} ُق ْ
ن { فالمشللركون يعللترفون بللأن الل سللبحانه
ل َتّتُقللو َ
ل َأَف َ
ل َفُق ْ
ن ا ُّ
سَيُقوُلو َ
لْمَر َف َ
ي َوَمن ُيَدّبُر ا َ
حّ
ن اْل َ
ت ِم َ
اْلَمّي َ
وتعالى هو الخالق الرازق المتصرف في عباده الذي بيده المر ل ينكر أحد منهم هللذا قللال تعللالىُ } :ق ل ْ
ل
ض { هذا الرزق الذي تأكلون منه وتشربون وتلبسللون وتركبللون مللن الللذي
لْر ِ
سَماِء َوا َ
ن ال ّ
َمن َيْرُزُقُكم ّم َ
جاء به هل جاءت به الصنام؟ الصنام جمادات وحجارة ،أم الشجار أو الموات أو القبللور والضلرحة
سلْمَع
ك ال ّ
كلها ل تأتي بأرزاقكم فهم يعترفون بللأن أصللنامهم ل تخلللق ول تللرزق قللال تعللالىَ } :أمّللن َيمِْلل ُ
صاَر { السمع الحاسة العظيمة التي تسمع بها الصوات والبصر الذي تبصر به المرئيات هذه العين
لْب َ
وا َ
التي يجعل ال فيها هذا البصر وهذا الّنور من الذي خلقه فيك؟ هل خلقه أحد غير ال؟ فهل رأيتم أحًدا من
الخلق أوجد في أحد السمع إذا سلب منه وهل يستطيع أحد أن يرد للعمللى البصللر الللذي ذهللب عنلله؟ لللو
حذاق
اجتمع أهل الرض كلهم على أن يجعلوا في عينه بصًرا ما استطاعوا ل الصنام ول الطباء ول ال ُ
خَذ
ن َأ َ
ل َأَرَأْيُتْم ِإ ْ
من العلماء ،فالمشركون معترفون بأن أصنامهم ل تعمل أي شيء من ذلك قال تعالىُ } :ق ْ
لل َيلْأِتيُكم ِبلِه { ((1ل يوجللد أحللد يجيللب عللن هللذا
غْيلُر ا ِّ
ن ِإَلللٌه َ
عَلى ُقُلوِبُكم ّم ْ
خَتَم َ
صاَرُكْم َو َ
سْمَعُكْم َوَأْب َ
ل َ
ا ُّ
السؤال ول أحد يستطيع غير ال أن يأتي بالسمع والبصر.
10
ي { هذا ملن العجلائب يخلرج الحلي ملن الميلت
حّ
ن اْل َ
ت ِم َ
ج اْلَمّي َ
خِر ُ
ت َوُي ْ
ن اْلَمّي ِ
ي ِم َ
حّ
ج اْل َ
خِر ُ
} َوَمن ُي ْ
ي { يخرج الكافر من المؤمن
حّ
ن اْل َ
ت ِم َ
ج اْلَمّي َ
خِر ُ
ُيخرج الزرع من الحّبة ويخرج المؤمن من الكافر } َوُي ْ
لمَْر { هللذا عمللوم.
ويخرج البيضة من الطائر .الذي يقدر على هذا هو ال سبحانه وتعالىَ } :وَمن ُيَدّبُر ا َ
يعني كل المور من الموت والحياة والمرض والصحة والكفللر واليمللان والغنللى والفقللر والليللل والنهللار
والعز والذل والملك يعطي ذلك من يشاء ويأخلذه مملن يشلاء كلل ملا يجلري فلي هلذا الكلون ملن تقلبلات
وتغّيرات من الذي يوجد هللذه التغيللرات وهللذه التقلبللات؟ فسلليقولون اللل ،فقللال الل لنللبيه َ}: فُقل ْ
ل َأَف َ
ل
ن{ ما دام أنكم معترفون أن هذه المور بيد ال وأن أصنامكم ل تفعل شلليًئا منهللا أفل تتقللون الل عللز
َتّتُقو َ
وجل وتوحدونه وتفردونه بالعبادة لنكم إن لم تتقوا ال فإن ال يعذبكم لنه أقام عليكم الحجة وقطللع منكللم
ق ِإ ّ
ل حل ّ
ق َفَماَذا َبعْ لَد اْل َ
حّ
ل َرّبكُُم اْل َ
المعذرة فلم يبق إل العذاب ما دمتم عرفتم الحق ولم تعملوا به } َفَذِلُكُم ا ّ
ن { ((2تبين لكم أن العبادة حق ل تعالى فل معبود بحق إل ال سللبحانه وتعللالى فللإن
صَرُفو َ
ل َفَأّنى ُت ْ
لُضَ
ال ّ
لم تعبدوه فإن هذا ضلل فملاذا بعلد الحلق اللذي هلو التوحيلد وإفلراد الل بالعبلادة إل الضللل اللذي هلو
الشرك.
صا في أمر التوحيد والعقيدة .يقبل الحق إذا تبين له
فليحذر المسلم من هذا وليقبل الحق إذا تبين له خصو ً
ن،
ض َوَمللن ِفيَهللا ِإن ُكنُتلْم َتْعَلُمللو َ
لْر ُ
نا َ
ويخاف أن يصرف عنه فل يقبله بعد ذلك وقوله تعالىُ } :قللل ّلَمل ِ
ل َأَف َ
ل لل ُقل ْ
ن ِّ
سلَيُقوُلو َ
ظيلِمَ ،
ش اْلعَ ِ
ب اْلعَلْر ِ
سلْبِع َوَر ّ
ت ال ّ
سلَماَوا ِ
ب ال ّ
ل َمن ّر ّ
نُ ،ق ْ
ل َتَذّكُرو َ
ل َأَف َ
ل ُق ْ
ن ِّ
سَيُقوُلو َ
َ
ل َفلَأّنى
لل ُقل ْ
ن ِّ
سلَيُقوُلو َ
نَ ،
عَلْيلِه ِإن ُكنُتلْم َتْعَلمُللو َ
جاُر َ
جيُر َول ُي َ
يٍء َوُهَو ُي ِ
ش ْ
ل َ
ت ُك ّ
ل َمن ِبَيِدِه َمَلُكو ُ
نُ ،ق ْ
َتّتُقو َ
ن { ((3هذه آيات من سورة المؤمنون مثل اليات التي في سورة يونس التي ساقها المصّنف ومثللل
حُرو َ
سَُت ْ
غيرها من اليات التي تقرر أن المشركين يعترفون ل بربوبيته ولكنهم يعارضون في توحيد اللوهية.
ل { مادامت الرض ومن فيهللا لل
ن ِّ
سَيُقوُلو َ
نَ ،
ض َوَمن ِفيَها ِإن ُكنُتْم َتْعَلُمو َ
لْر ُ
نا َ
قال تعالىُ } :قل ّلَم ِ
كيف تعبدون الصنام التي ل تملك شيًئا وتعبدون القبور الميتة التي ل حياة في أصحابها؟
ن { أفل تذكرون أن الذي يملك الرض ومن فيها هو المستحق للعبادة دون هذه الصنام
ل َتَذّكُرو َ
} َأَف َ
التي تعبدونها.
وهذا إقامة للحجة عليهم بما يعترفون به على ما جحدوه فهم يعترفون بتوحيد الربوبية ويجحدون توحيد
اللوهية.
] فإذا تحققت أنهم مقّرون بهذا ،ولم يدخلهم في التوحيد الذي دعاهم إليه رسول ال وعرفت أنت
التوحيد الذي جحدوه هو توحيد العبادة الذي يسميه المشركون في زماننخخا العتقخخاد [ أي إذا عرفللت أن
المشركين مقرون بتوحيد الربوبية وأن الذي جحدوه هو توحيد اللوهية وهللم يقولللون إن الل هللو الخللالق
يٌء
شل ْ
ن َهلَذا َل َ
حًدا ِإ ّ
ل الِلَهَة ِإَلًها َوا ِ
جعَ َ
الرازق المحيي المميت لكن إذا قيل لهم قولوا ل إله إل ال قالواَ } :أ َ
11
ب { ((1أي إذا قيل لهم اعبدوا ال ول تشركوا به شيًئا قالوا كمللا قللال قللوم نللوح مللن قبللل } :ل َتلَذُر ّ
ن جا ٌ
عَُ
سًرا {.((2
ق َوَن ْ
ث َوَيُعو َ
عا َول َيُغو َ
سَوا ً
ن َوّدا َول ُ
آِلَهَتُكْم َول َتَذُر ّ
كذلك هؤلء المشركون كان الجدال الذي بينهم وبين الرسول هو في عبادة ال وحده ل شريك للله،
حًدا {.((3
ل الِلَهَة ِإَلًها َوا ِ فالرسول يقول لهم قولوا ل إله إل ال تفلحوا وهم يقولونَ } :أ َ
جَع َ
ويقولون هذا دين آبائنا وأجدادنا حتى إن أبا طالب عند الوفاة لما طلب منه الرسول أن يقول » :ل
إله إل ال « أبى أن يقولها .وقال :هو على ملة عبد المطلب ، ((4وملة عبد المطلب عبادة الصنام .هذا هو
محل النزاع بين الرسل وبين المم فالرسل يقولون للمم اعبدوا ال ول تشركوا به شيًئا ولكن المشللركين
أبوا إل البقاء على عبادة الصنام ،فالخصومة بين الرسل وبين المم هي في توحيد اللوهيللة .أمللا توحيللد
الربوبية فهو محل إجماع عند الجميع لم يخالفوا فيه وإنما خلالفوا فلي توحيلد اللوهيلة فهللو محللل النلزاع
وهو الذي شرع من أجله الجهاد في سبيل ال يقول الرسول » : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولللوا ل
إله إل ال «.((5
فلو كان الرسول يطلب منهم القرار بتوحيلد الربوبيلة مللا صللار بينهللم خصللومة ول نللزاع لنهللم
ل ونهاًرا [ وهذا أمر ثان مللن شللأن المشللركين كمللا أنهللم
معترفون به ] .كما كانوا يدعون ال سبحانه لي ً
ضللا يعبلدون الل فيلدعونه ويحجللون إللى اللبيت ويعتملرون ويتصلدقون
يعترفون بتوحيد الربوبية فهلم أي ً
ويعبدون ال بأنواع من العبادة لكنهم يخلطونها بالشرك بحيث يعبدون ال ويعبدون غيره ،وهذا ل ينفعهللم
ل َو َ
ل عُبُدوْا ا َّ
شيًئا لن الشرك يبطل عبادتهم فالعبادة ل تنفع إل مع الخلص ولهذا يقول جل وعلَ } :وا ْ
((6
ش لِر ْ
ك حا َول ُي ْ
صللاِل ً
ل َ
عمَ ً
ل َ
جو ِلَقاَء َرّب لِه َفْلَيْعمَ ل ْ
ن َيْر ُ
وقال سبحانه وتعالىَ } :فَمن َكا َ شْيًئا {
شِرُكوْا ِبِه َ
ُت ْ
حا. حًدا { .((7ما اقتصر على قوله فليعمل عم ً
ل صال ً ِبِعَباَدِة َرّبِه َأ َ
ل كثيرة فإنها تبطل ول تنفع.
بل لبد أن يتجنب الشرك فإذا كان لم يتجنب الشرك ولو كان يعمل أعما ً
سلم ،فكانوا في
فالمشركون كان عندهم عبادات ل عز وجل وهي من بقايا دين إبراهيم الخليل عليه ال ّ
البداية على دين إبراهيم ولكن لما جاء عمرو بن لحي الخزاعي غّير دينهم وأدخل فيه الشرك ،لكن بقيللت
صا إذا وقعوا في الشللدة فللإنهم يخلصللون
بقايا من دين إبراهيم عندهم وهم مشركون فهم يدعون ال خصو ً
) (1ص~5:
) (3ص~5:
) (4رواه البخاري في صحيحه 6/17،18من حديث المسيب بن حزن رضي ال عنه كتاب التفسير )سللورة القصللص( ،وانظللر الفتللح
.3/222 ،6-8/5
) (5رواه البخاري في صحيحه ،141-9/140كتاب العتصام باب القتداء بسنن رسول ال ... من حديث أبي هريللرة رضللي الل
عنه وفي رواية » :إلى أن يشهدوا أن ل إله إل ال « صحيح البخاري ،1/11ل 12كتاب اليمان باب فإن تللابوا وأقللاموا الصلللة وآتللوا
الزكاة فخّلوا سبيلهم.
) (6النساء36 :
12
الدعاء ل عز وجل ويتركون دعاء الصنام لنها ل تنفلع فللي هلذا الموقللف ول تنجللدهم فللي وقللت الشلدة
جللاُكْم ِإَلللى اْلَبلّر
ل ِإّيللاُه َفَلّمللا َن ّ
ن ِإ ّ
عو َ
ل َمللن َتلْد ُ
ضل ّ
حلِر َ
ضّر ِفللي اْلَب ْ
سُكُم اْل ّ
عليهم بهذا فقال سبحانهَ } :وِإَذا َم ّ
ن َل لُه ال لّدي َ
ن صللي َ
خِل ِ
ل ُم ْ
عُوا ا َّ
ل َد َ
ظَل ِ
ج َكال ّ
شَيُهم ّمْو ٌ
غِن َكُفوًرا { ((1وقال تعالىَ } :وِإَذا َ
سا ُ
لْن َ
نا ِ
ضُتْم َوَكا َ
عَر ْ
َأ ْ
خّتاٍر كَُفوٍر {.((2
ل َ
ل ُك ّ
حُد ِبآَياِتَنا ِإ ّ
جَ
صٌد َوَما َي ْ
جاُهْم ِإَلى اْلَبّر َفِمْنُهم ّمْقَت ِ
َفَلّما َن ّ
جللون
فالعبادات إذا خالطها شرك تكون باطلة .فالذين يلّدعون السلللم الن ويصلّلون ويصللومون ويح ّ
عون الحسلين والبللدوي وعبللد القللادر الجيلنلي هللؤلء مثلل المشلركين الوليلن؛ فالمشلركون
ولكنهللم َيلْد ُ
يتعبدون ل عز وجل ولكنهم يدعون اللت والعزى ومناة الثالثة الخلرى ول يقوللون إن هلذه أربلاب بلل
يقولون هذه تقربنا إلى ال زلفى نريد منها الزلفى عند ال والتقللرب إلللى اللل ،فهللي وسللائط وشللفعاء بيننللا
وبين ال .وهؤلء يقولون الحسن والحسين وعبد القادر والبدوي إنما هم شللفعاء لنللا عنللد ال ل ول يقولللون
إنهم يخلقون ويرزقون ويتصرفون في شيء مللن المللور وإنمللا هللذا لل عللز وجللل ،إنمللا هللؤلء وسللائط
ضا؟!.
وشفعاء .ويقول بعض الناس هؤلء مسلمون فنقول ولماذا ل يكون كفار قريش مسلمين أي ً
وهذا القائل ليس عنده فهم للتوحيد ول بصيرة لنه ما فهم التوحيد .والواجب علللى النسللان أن يعللرف
هذا المر لنه مهم جًدا وهذه هي الثقافة الصللحيحة .ليسللت الثقافللة أن تعللرف أحللوال العللالم والحكومللات
والسياسات ،هذه ثقافة ل تنفع ول تضر .الثقافة التي تنفع هي معرفة التوحيد الصحيح ومعرفة مللا يضللاده
من الشرك أو ينقصه من البدع والمحدثات ،هذه هي الثقافة الصحيحة وهذا هو المطلوب من المسلم ومللن
طالب العلم أن يعرف التوحيد وأن يدعو إليه هذا هو المطلوب .ماذا ينفع العلم الكثير من غير تحقيق ومن
غير بصيرة؟ ل ينفع شيًئا ول يفيد صاحبه شيًئا إذا لم يكن مبنًيا على تحقيق وتوحيللد وعبللادة ل ل ومعرفللة
للحق من الباطل فإنه ل ينفع صاحبه إذا كان مجرد اطلع أو مجرد ثقافة عامة.
حا مثخخل
ل صخخال ً
] ثم منهم من يدعو الملئكة لجل صلحهم وقربهم من ال ليشفعوا له ،أو يدعو رج ً
اللت أو نبًيا مثل عيسى [ هؤلء المشركون متفرقون في عباداتهم منهم من يعبد الملئكة ومنهم من يعبد
صالحين .هذا دين المشركين وهو الواقع في كللثير مللن العللالم السلللمي
عيسى بن مريم ومنهم من يعبد ال ّ
جون ويصومون ويصلّلون لكنهللم واقعللون فللي الشللرك الكللبر فيعبللدون
اليوم مع السف يعبدون ال ويح ّ
الموات ويذبحون لهم ويستغيثون بهم وقد يعتذر لهم بعض من ل بصيرة عنده بالتوحيد.
فيقول :هؤلء معلذورون ول يعتقلدون فلي الملوات أنهلم يخلقلون ويرزقلون وإنملا اتخلذوهم وسلائط
وشفعاء ،فإن استحيى قال :هؤلء مخطئون وربمللا يقللول :هللؤلء مجتهللدون والمجتهللد مللأجور أو يقللول:
ل والقرآن يتلى عليهم والحاديث تسمع وكلم أهل العلللم يللتردد عليهللم،
هؤلء جهال ،وكيف يكونون جها ً
جة فلم يقبلوها .وهناك من يقول إن النسان مهما فعل ومهمللا
بل هؤلء معاندون لنهم قد قامت عليهم الح ّ
قال ل يحكم عليه بالكفر ول بالشرك حتى يعلم ما في قلبه ،ويا سبحان ال هل نحن نعلم ما في القلللوب أو
ال الذي يعلم ما في القلوب؟ نحن نحكم على الظللواهر أمللا البللواطن فل يعلمهللا إل الل سللبحانه وتعللالى،
13
فالذي يعمل بالشرك يحكم عليه أنه مشرك ويعامل معاملة المشركين حللتى يتللوب إلللى الل تعللالى ويلللتزم
بعقيدة التوحيد .كما أن الذي يعمل بالتوحيد وينطق بالشهادتين يعامل معاملة المسلمين ما لم يظهر منه مللا
ل حسب ما يظهر منه.
يناقض ذلك فنعامل ك ً
] وعرفت أن رسول ال قاتلهم على هذا الشرك ،ودعاهم إلى إخلص العبادة ل وحده ،كما قال
حًدا { [ ((1أي وعرفت أن َتَعّبدُهم ل مع الشرك به لم ينفعهم
ل َأ َ
عوا َمَع ا ِّ
ل َفل َتْد ُ
جَد ِّ
سا ِ
ن اْلَم َ
تعالىَ } :وَأ ّ
لن الرسول لم يقبله منهم بل دعاهم إلى إفراد ال بالعبادة وتللرك عبللادة مللا سللواه .وهللذه اليللة تمنللع
عبادة الملئكة وتمنع عبادة الرسل وتمنع عبادة الصالحين ففيها إبطال عبادة غير ال عز وجل كائًنللأ مللن
كان ولو كان أصحابها ل يعتقدون فيهم أنهم يخلقون ويرزقون.
وإنما يقولون إن هؤلء صالحون فيتخذونهم وسائط بينهللم وبيللن الل وشللفعاء لهللم عنلد الل علّز وجل ّ
ل
ل َينَفُعهُْم َوَيُقوُلونَ َهلللُؤلِء
ضّرُهْم َو َ
ل َي ُ
ل َما َ
ن ا ِّ
ن ِمن ُدو ِ
يقربونهم إلى ال زلفى كما قال تعالىَ } :وَيْعُبُدو َ
((2
وفي زماننا الحاضر يقولون هؤلء وسائل نتوسل بهم إلى ال عللز وجللل وهللذا كللله ل{
عنَد ا ِّ
شَفَعاُؤَنا ِ
ُ
دين الجاهلية وهو باطل .لّنه عبادة لغير ال عز وجل.
يٍء { [((3للله دعللوة
شخ ْ
ن َلُهخخم ِب َ
جيُبو َ
س خَت ِ
ن ِمن ُدوِنِه لَ َي ْ
عو َ
ن َيْد ُ
ق َواّلِذي َ
ح ّ
عَوُة اْل َ
] وكما قال تعالىَ } :لُه َد ْ
((4
وال جللل وعل ل يقبللل إل دعللوة ص{
خاِل ُ
ن اْل َ
ل الّدي ُ
الحق أي العبادة الصحيحة كما قال تعالىَ } :أل ِّ
الحق يعني الدين الخالص ،أما الذي يعبد ال ويعبد معه غيره فهذه دعوة شرك ل يقبلها ال.
ن ِمن ُدوِنِه { عام في كل من دعي من دونه سواء من الملئكة أو من الرسل أو
عو َ
ن َيْد ُ
وقولهَ } :واّلِذي َ
يٍء { أي ل يسللتجيبون لمللن
شل ْ
ن َلُهم ِب َ
جيُبو َ
سَت ِ
ل َي ْ
من الصالحين أو من الصنام أو من أي شيء وقولهَ } :
دعاهم بشيء لنهم عاجزون ل يقدرون على شيء.
) فائدة في بيان معنى الرب والله (
ل سورة النللاس ،يقللول
ال جل وعل في القرآن ذكر الرب في مواضع ،وذكر الله في مواضع .خذ مث ً
((5
فمللا الفللرق س{
سِ ،إَلِه الّنللا ِ
ك الّنا ِ
سَ ،مِل ِ
ب الّنا ِ
عوُذ ِبَر ّ
ل َأ ُ
سبحانه وتعالى :بسم ال الرحمن الرحيم } ُق ْ
بين رب الناس وإله الناس؟ هل هملا بمعنلى واحلد؟ إًذا يكلون الكلم مكلرًرا أو أنهملا بمعنييلن فلبلد ملن
سلْبِع َوَر ّ
ب ت ال ّ
سلَماَوا ِ
ب ال ّ
ل َمللن ّر ّ
معرفة الفرق بينهما ،وكثيًرا مللا يللأتي ذكللر الللرب كقللوله تعللالىُ } :قل ْ
ل { .((6فتكرر لفظ الرب وتكرر لفظ الله فما معنى كللل منهمللا؟ فللالرب معنللاه
ن ِّ
سَيُقوُلو َ
ظيِمَ ،
ش اْلَع ِ
اْلَعْر ِ
14
المربي لخلقه بنعمه ومغذيهم برزقه تربية جسمية بالرزاق والطعام ،وتربية قلبية روحية بالوحي والعلللم
الّنافع وإرسال الرسل.
ومن معاني الرب أنه المالك للسماوات والرض فرب الشي مالكه والمتصرف فيه ،ومن معاني الرب
المصلح الذي يصلح الشياء ويدفع عنها ملا يفسلدها ،فلال سلبحانه وتعلالى هلو اللذي يصللح هلذا الكلون
وينظمه على مقتضى إرادته وحكمته سبحانه وتعالى .أما الله فمعناه المعبود من أله يأله بمعنى عبد ُيعَبد
فإله معناه معبود وليس معناه الرب وإنما معناه المعبود واللهية هي العبادة والوله هو الحب لنه سللبحانه
وتعالى يحبه عباده المؤمنون ويخافونه ويرجونه ويتقربون إليله .هللذا هللو معنللى الللله فتللبين الفللرق بيللن
معنى الرب ومعنى الله وأنهما ليسا بمعنى واحد ومن قال إنهما بمعنى واحد فقد غلط ،والعلمللاء يقولللون
إذا ذكرا جميًعا صار الرب له معنى والله له معنى ،وإذا ذكر واحد دخل فيلله معنللى الللرب أمللا إذا ذكللرا
جميًعا مثل ما في سورة الناس فإنه يكون للرب معنى وللله معنى آخر كما في لفللظ الفقيللر والمسللكين إذا
((1
صللار للفقيللر معنللى وللمسللكين ن{
سللاِكي ِ
ت ِلْلُفَقَراِء َواْلَم َ
صَدَقا ُ
ذكرا جميًعا كما في قوله تعالىِ } :إّنَما ال ّ
ل مللن
معنى ،فالفقير هو الذي ل يجد شيًئا وأما المسكين فهو الذي يجد بعض الكفاية فالمسكين أحسللن حللا ً
الفقير .ومثل لفللظ السلللم واليمللان إذا ذكللر السلللم واليمللان صللار السلللم معنللاه العمللال الظللاهرة
واليمان معناه العمال الباطنة كما في حديث جبريل :قال أخبرني عن السلم قال « :السلللم أن تشللهد
أن ل إله إل ال وأن محمًدا رسول الل وتقيللم الصلللة وتللؤتي الزكللاة وتصللوم رمضللان وتحللج الللبيت إن
سره بالركان الظاهرة .قال أخبرني عن اليمان قال « :أن تؤمن بللال وملئكتلله
ل « .ف ّ
استطعت إليه سبي ً
وكتبه ورسله واليوم الخر وتؤمن بالقدر خيره وشره « . ((2ف ّ
سره بالعمال الباطنللة وهللو إيمللان القلللب.
هذا إذا ذكرا جميًعا صار لكل واحد معنى وإذا ذكر أحدهما وحده دخل فيه الخر .ومن هنا نعرف الفللرق
ضا بين توحيد الربوبية وتوحيد اللوهيللة فتوحيللد الربوبيلة هلو القلرار بلأن الل هلو الخلالق واللرازق
أي ً
المحيي المميت أي العتراف بأفعال ال سبحانه وتعالى؛ وتوحيد اللوهية معناه إفراد الل بأعمللال العبللاد
التي يتقربون بها إليه مما شلرع .هللذا معنللى توحيلد اللوهيللة فهنللاك فللرق بيللن توحيلد الربوبيلة وتوحيلد
اللوهية وما دمنا قد عرفنا معنى توحيد الربوبية وتوحيد اللوهية نأتي إللى حاللة المشللركين الللذين بعلث
إليهم رسول ال فإنهم كانوا مقّرين بالّنوع الول الذي هو توحي الربوبية ولم يدخلهم في السلم ،بللل
اعتبرهم الرسول كفاًرا مشركين وقاتلهم وهم يقرون بتوحيللد الربوبيللة ،فهللم أقللروا بتوحيللد الربوبيللة
جَعل َ
ل وجحدوا توحيد اللوهية لما طلب منهلم أن يفلردوا الل بالعبلادة ويلتركوا عبلادة الصلنام قلالواَ } :أ َ
((3
لنه قال لهم قولوا ل إله إل ال فهم فهموا معنى ل إله إل اللل ب{
جا ٌ
عَيٌء ُ
ش ْ
ن َهَذا َل َ
حًدا ِإ ّ
الِلَهَة ِإَلًها َوا ِ
وهو أنلله ل يعبلد إل الل وحلده ل شلريك لله وهلم لهللم أصللنام ولهللم معبللودات كللثيرة ل يريللدون تركهللا
) (2رواه المام مسلم في صحيحه (1) 38-1/36كتاب اليمان ) (1باب بيان اليمان والسلم والحسان ووجوب اليمان بإثبات قدر
ال سبحانه وتعالى وبيان الدليل على التبري ممن ل يؤمن بالقدر وإغلظ القول معه من حديث عمر بن الخطاب رضي ال تعالى عنه .
) (3ص5:
15
حلًدا { طلللب منللا
ل الِلَهَة ِإَلًهللا َوا ِ
جعَ َ
والقتصار على عبادة ال وهذا ل يرضيهم ولذلك أنكروا وقالواَ } :أ َ
أن نعبد ال وحده ونترك عبادة اللت والعزى ومناة وهبل وغيرها من الصنام هذا شيء ل يعقل عنللدهم
((1
ملة آبائهم فهللذا احتجللاج بمللا عليلله آبللاؤهم؛ الحجللة الملعونللة الللتي خَرِة {
سِمْعَنا ِبَهَذا ِفي اْلِمّلِة ال ِ
} َما َ
((2
فهللم لوَلللى {
نا ُ
ل اْلُقُرو ِ
احتجت بها المم من قبل إذا دعوا إلى عبادة ال .حتى فرعون يقولَ } :فَما َبا ُ
لّما فهموا معنى ل إله إل ال استغربوا هذا واستنكروه وتواصوا برفضه وفي الية الخرى يقول سلبحانه
ن {.((3
جُنو ٍ
عٍر مّ ْ
شا ِ
ن َأِئّنا َلَتاِرُكوا آِلهَِتَنا ِل َ
نَ ،وَيُقوُلو َ
سَتْكِبُرو َ
ل َي ْ
ل ا ُّ
ل َلُهْم ل ِإَلَه ِإ ّ
فيهمِ } :إّنُهْم َكاُنوا ِإَذا ِقي َ
وهذا يبين معنى ل إله إل ال تماًما ويوضحه ويقطع الجدال ،فإن فيه رًدا على من غلط في معنى ل إله
إل ال .فعلماء الكلم في مقرراتهم وعقائدهم يقولللون ل إللله إل الل معناهللا ل خللالق ول رازق ول قللادر
على الختراع إل ال هذا معنى الله عندهم.
يقول شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال تعالى » :والحاذق منهم من يقول :الله هو القادر على الختراع
وهذا غلط وجهل كبير باللغة وبالشرع المطهللر إذ معنللى الللله المعبللود الللذي تللألهه القلللوب وتخضللع للله
وتتقرب إليه « ((4فهم لم يفهموا معنى الله ولذلك يقولون ل إله إل ال ل ويكللثرون ،ولهللم أوراد فللي الليللل
والنهار يرددونها ومع هذا يعبدون القبور والضرحة ويستغيثون بغير ال عز وجل .فلم يفهمللوا معنللى ل
إله إل ال وأنها تطلب منهم ترك عبادة القبور والضرحة وعبادة مللا سللوى الل مللن الصللنام والشللجار
والحجار فإذا قالوها لزمهم ترك عبادة الوثان ،أما هؤلء فقالوها وعبدوا غير ال ،فالولون أحذق منهم
ولهذا يقول الشيخ :ل خير في رجل جّهال المشركين أعلُم منه بمعنى ل إله إل ال.
] وتحققت أن رسول الخ إنمخا قخاتلهم ليكخون الخدعاء كلخه لخ والنخذر كلخه لخ والذبخح كلخه لخ
والستغاثة كلها ل وجميع أنواع العبادة كلها ل [ أي ل يكون بعض ذلك ل وبعضه للبدوي وبعضه ل ل
وبعضه للحسين ،لبد أن يكون الدعاء كله ل والذبح كله ل والنذر كله ل وسائر العبلادات كلهلا لل وهلذا
هو الدين الصحيح ،أما أن تكون العبادة مشتركة بين ال وبين القبللور والضللرحة والوليللاء والصللالحين
فهذا ليس هو التوحيد بللل هللذا هللو ديللن المشللركين وإن كللان صللاحبه يعللترف بتوحيللد الربوبيللة ويصللوم
ويصلي ويحج ويعتمر إلى غير ذلك.
] وعرفت أن إقرارهم بتوحيد الربوبية لم يدخلهم في السلم [ أي لما كان إقرارهم بتوحيد الربوبيللة
ل على أن التوحيد المطلللوب ليللس هللو توحيللد
الذي ذكره ال عنهم وسجله عليهم لم يدخلهم في السلم ،د ّ
الربوبية وإنما هو توحيد اللوهية وهو الفارق بين المسلم والكافر أما توحيد الربوبية فكل مقر بلله المسلللم
والكافر وهو ل ينفع وحده.
) (1ص~7:
) (4انظر معنى كلمه في التدمرية ص ،186 ،185تحقيق محمد بن عودة السعوي وفي مجموع الفتاوي . 13/203
16
] وأن قصدهم الملئكة والولياء يريدون شفاعتهم والتقرب إلخى الخ بخذلك هخو الخخذي أحخخل دمخاءهم
وأموالهم [ أي أنهم لم يقولوا إن الملئكة والنبياء والولياء الذين يعبللدونهم يخلقللون ويرزقللون ويحيللون
ن ِمللن ُدو ِ
ن ويميتون ما قالوا هذا وإنما اتخذوهم شفعاء ووسائط بينهم وبين ال كما قللال تعللالىَ } :وَيْعُبلُدو َ
ل { ((1ما أرادوا منهم إل الشفاعة وزعموا أن
عنَد ا ِّ
شَفَعاُؤَنا ِ
ن َهلُؤلِء ُ
ل َينَفُعُهْم َوَيُقوُلو َ
ضّرُهْم َو َ
ل َي ُ
ل َما َ
ا ِّ
هذا تعظيم ل يقولون :ال عظيم ما يمكن أن نصل إليه بدعائنا لكن نتخذ من يوصل إليه حاجاتنا من عباده
الصالحين ،من الملئكة والرسل والصالحين فقاسوا ال على ملوك الللدنيا اللذين يتوسلط عنللدهم أصلحاب
الحاجات بالمقربين عندهم ،فهم لم يعتقدوا فيهم أنهم يخلقون ويرزقون كما يقللول الجهللال :إن الشلرك هلو
اعتقاد أن أحًدا يخلق مع ال أو يرزق مع ال ،هذا ما قاله أحد من عقلء بني آدم ،وإنما قصللدهم الشللفاعة
ل ُزْلَفى { ((2يقولون نحن عباد ضعفاء واللل جللل وعل
ل ِلُيَقّرُبوَنا ِإَلى ا ِّ
وفي الية الخرىَ } :ما َنْعُبُدُهْم ِإ ّ
شأنه عظيم ول نتوصل إليه فهؤلء يقربونا إلى ال زلفى ،شّبهوا ال بملوك الدنيا هذا هو أصل الكفر فدل
على أنهم لم يعتقدوا فيهم الشرك في الربوبية وإنما اعتقدوا فيهم الشرك في اللوهية فإذا سللألت أي واحللد
الن يذبح للقبور أو ينذر لها ما الذي حملك على هذا؟ فإنهم يقولون كلهللم بلسللان واحللد :وال ل مللا اعتقللدنا
أنهللم يخلقللون ويرزقللون وأنهللم يملكللون شلليًئا مللن السللماوات والرض إنمللا اعتقللدنا أنهللم وسللائط لنهللم
صالحون يوصلون إلى ال حاجاتنا ويبلغونه حاجاتنا هذا قصدنا .ومع هذا سماهم ال مشركين وأمللر نللبيه
خلُذوُهْم
جللدّتُموُهْم َو ُ
ث َو َ
حْيل ُ
ن َ
شلِرِكي َ
حلُرُم َفللاْقُتُلوْا اْلمُ ْ
شلُهُر اْل ُ
لْخا َ
سلَل َ
بجهللادهم كمللا قللال تعللالىَ } :فلِإَذا ان َ
غُفللوٌر
لل َ
ن ا َّ
سلِبيَلهُْم ِإ ّ
خّلللوْا َ
لَة َوآَتلُوْا الّزكَللاَة َف َ
صَصٍد َفِإن َتاُبوْا َوَأَقاُموْا ال ّ
ل َمْر َ
صُروُهْم َواْقُعُدوْا َلُهْم ُك ّ
ح ُ
َوا ْ
((3
مع أنهم يقولون ل نعتقد أنهم يخلقون ويرزقون ويدّبرون مع ال وإنما قصدنا اتخاذهم وسللائط حيٌم {
ّر ِ
فنحن نذبح لهم وننذر لهم ونتوسل بهم لن ال ل يصل إليه شيء من أمورنا إل بواسطتهم ،فهم يوصلونه
إلى ال ويكونون وسائط يقربوننا إلى ال زلفى وشللفعاء عنللد اللل ،هللذه شللبهتهم قللديًما وهللذه شللبهة عبللاد
ت ُقُلوُبُهْم { فتشابهت أقوالهم وأفعالهم.
شاَبَه ْ
القبور اليومَ } .ت َ
] عرفت حينئٍذ التوحيد الذي دعت إليه الرسل وأبى عن القرار به المشركون [ أي إذا فهمت ما سبق
من اليات البينات التي تدل على أن المشركين الولين لم يشركوا في الربوبية وإنما أشركوا في اللوهيللة
فاتخذوا اللهة من دون ال لتقربهم إلى ال عز وجل وتشفع لهم عنده .إذا تبين لك هذا .عرفت أن التوحيلد
الذي دعت إليه الرسل وجحللده المشلركون هلو توحيللد اللوهيلة ل توحيلد الربوبيلة وأن القلرار بتوحيللد
الربوبية وحده ل يكفي ول يدخل من أقّر به في السلم.
ومعرفة ذلك أمر مهم جًدا إذ به يعرف التوحيد والشرك والسلم والكفر .والجهل بذلك ضرره عظيللم
وخطره كبير لن النسان قد يخرج من السلم وهو ل يدري.
) (1يونس18:
) (2الزمر3:
17
] وهذا التوحيد هو معنى قوله :ل إله إل ال [ أي معنى ل إله إل الل هلو توحيلد اللوهيلة ل توحيلد
الربوبية لنه لو كان معناها توحيد الربوبيلة لملا قلال الرسلول للمشلركين قوللوا ل إلله إل الل لنهلم
يقولون إن ال هو الخالق الرازق المحيي المميت وإنه حينئٍذ يطلب منهم ما هو تحصيل حاصللل ويقللاتلهم
على شيء يعترفون به ويقرون به؛ وهذا القول باطل.
] فإن الله عندهم هو الذي يقصد لجل هذه المور سواء كان ملًكا أو نبًيا أو ولًيا أو شجرة أو قخخبًرا
أو جنًيا [ هذا تعليل لما سبق في تقرير معنى ل إله إل ال وأنلله توحيللد اللوهيللة لن الللله عنللد مشللركي
العرب هو الذي يقصد لقضاء الحاجات وتفريج الكربات وإغاثة اللهفان وليس الله عندهم هو الذي يخلق
ويرزق ويدبر ليس هذا هو الله عندهم فالشرك عندهم لم يقع في توحيد الربوبيللة وإنمللا وقللع فللي توحيللد
اللهية.
ن الله هو الخالق الرازق المدّبر ،فإنهم يعلمون أن ذلك ل وحده ،كما قدمت لخك وإنمخخا
] لم يريدوا أ ّ
يعنون بالله ما يعني المشركون في زماننا بلفظ »السيد« [ أي ليللس الللله عنللد المشللركين الوليللن هللو
الخالق الرازق المدبر لن هلذا معنللى اللرب ،وفلرق بيلن معنللى اللرب ومعنللى اللله وفلرق بيلن توحيلد
الربوبية وتوحيد اللوهية ،وإنما يعنون بالله ما يعني المشركون في زماننا أي زمان المؤلف بلفظ السلليد
وإلى الن يسمون هؤلء الذي يّدعون صلحهم ويتقربون إليهلم يسلّمونهم السلادة كالسليد البلدوي والسليد
الرفاعي والسيد التيجاني ،إلى غير ذلك يعتقدون أن هؤلء السادة لهم منزلة عند ال تؤهلهم أن يتوسللطوا
لهم عند ال وتؤهلهم أن ُيدعوا من دون ال ويذبح وينذر لهم ويطاف بقبللورهم ويتللبرك بهللا .فالمشللركون
الولون يسمون هذه الشياء آلهة والمشركون المتأخرون يسمون هللذه الشللياء وسللائط ووسللائل وشللفعاء
والسماء ل تغّير الحقائق فهي آلهة.
] فأتاهم النبي يدعوهم إلى كلمة التوحيد وهي :ل إله إل ال ،والمراد من هذه الكلمة معناهخخا ل
مجرد لفظها [ أي أن النبي دعا المشركين إلى تحقيق معنى :ل إلله إل الل الللتي هللي كلمللة التوحيلد،
ومعناها :ل معبود بحق إل ال وهو الذي بعث ال به رسوله إلى المشركين ولم يبعثه إليهللم يللدعوهم إلللى
توحيد الربوبية لنهم مقّرون به وهو ل يكفي ،لنه قاتلهم وهم يقرون به ،وملن قلال إنله يكفلي فلإنه يللزم
عليه تغليط الرسول وأنه قاتل أنا ً
سا مسلمين يعترفون بل إله إل ال إذا فسرناها بتوحيد الربوبية وهو
القرار بالخالق الرازق القادر على الختراع .ومع السف هذا التفسير الخاطئ لل إله إل ال موجود فللي
كتب العقائد التي أّلفها علماء الكلم وعلماء المنطق من المعتزلة والشاعرة واللتي تللدّرس فللي كللثير مللن
المعاهد السلمية الن .وعقللائدهم مبنيللة علللى هللذا اللرأي وأن الللله معنللاه القللادر علللى الخللتراع فمللن
اعترف أن ال هو الخالق الرازق يعتبر موحًدا وأما من اعتقد أن أحًدا يخلللق أو يللرزق مللع الل فهللذا هللو
المشرك عندهم مع أن الشرك إنما وقع في توحيد اللوهية ولم يقع في هذا وليس هذا هو معنللى ل إللله إل
ال.
وإنما معناها :ل معبود بحق إل ال فمن قال :ل إله إل ال وجب عليه أن ُيفرد ال ل بالعبللادة وأن يللترك
عبادة ما سواه ،فإن المقصود من هذه الكلمللة معناهللا والعمللل بمقتضللاها ل مجللرد النطللق بهللا دون عمللل
18
ل بمقتضللاها وهللو تللرك الشللرك ،ول ينفعلله
بمعناها ومقتضاها ،فمن قالها وهو يعبد غير ال لم يكن عللام ً
مجرد النطق بها لنه قد ناقض فعله قوله ،والمشركون الولون لما سمعوا هذه الكلمة عرفوا معناها وأنلله
ب {.((1
جا ٌ
عَيٌء ُ
ش ْ
ن َهَذا َل َ
حًدا ِإ ّ
ل الِلَهَة ِإَلًها َوا ِ
جَع َ
ليس المقصود التلفظ بها فقط ولذلك قالواَ } :أ َ
سر ل إله إل ال بأن معناها هو إفراد ال بالحاكمية وهذا غلط .لن الحاكميللة
وفي وقتنا هذا وجد من يف ّ
جزء من معنى ل إله إل ال وليست هي الصل لمعنى هذه الكلمة العظيمة ،بل معناها ل معبللود بحللق إل
ال بجميع أنواع العبادات ويدخل فيها الحاكمية ولللو اقتصللر النللاس علللى الحاكميللة فقللاموا بهللا دون بقيللة
أنواع العبادة لم يكونوا مسلمين ،ولهذا تجلد أصلحاب هلذه الفكلرة ل ينهلون علن الشلرك ول يهتملون بله
ويسمونه الشرك الساذج ،وإنما الشرك عندهم الشرك في الحاكمية فقط وهو ما يسمونه الشرك السياسللي،
فلذلك يركزون عليه دون غيره ،ويفسرون الشرك بأنه طاعة الحكام الظلمة.
] والكفار الجهال يعلمون أن مراد النبي بهذه الكلمة هو إفراد ال تعالى بالتعلق والكفر بما يعبد
ن َهَذا
جَعَل الِلَهَة ِإَلًها َواحًِدا ِإ ّ
من دون ال والبراءة منه فإنه لما قال لهم :قولوا :ل إله إل ال قالواَ } :أ َ
ب { [ أي الكفار يعرفون معنى ل إله إل ال ولهذا لما قال لهم قولوا ل إله إل ال قالوا} :
جا ٌ
عَيٌء ُ
ش ْ
َل َ
((2
ن،
جُنللو ٍ
عٍر ّم ْ
شللا ِ
ولما قال لهم قولوا ل إله إل ال قالواَ } :أِئّنا َلَتاِرُكوا آِلهَِتَنللا ِل َ حًدا {
ل الِلَهَة ِإَلًها َوا ِ
جَع َ
َأ َ
((3
فهم فهموا معنى ل إللله إل ال ل وأبللوا أن يعللترفوا بلله لنلله ُيلِزُمهللم ن{
سِلي َ
ق اْلُمْر َ
صّد َ
ق َو َ
حّ
جاَء ِباْل َ
ل َ
َب ْ
بترك عبادة الصنام وهم ل يريدون هذا ،وإنما يريدون البقاء على عبادة الصنام .ولم يجرؤوا أن يقولللوا
ضا وهم يأنفون من التناقض ،فللي حيللن أن كللثيًرا
ل إله إل ال ويبقوا على عبادة الصنام لن في هذا تناق ً
من المنتمين إلى السلم اليوم ل يللأنفون مللن هلذا التنللاقض فهللم يقولللون ل إللله إل الل بحروفهللا ولكنهللم
يخالفونها ويعبدون غير ال من القبور والضرحة والصالحين بل والشجار والحجار وغير ذلك .فهم ل
يفهمون معنى ل إله إل ال.
فل يكفي التلفظ بل إله إل ال دون علم بمعناها وعمل بمقتضاها.
بل لبد من العلم بمعناها أّول ثم العمل بمقتضاها لنه ل يمكن أن يعمل بمقتضاها وهللو يجهللل معناهللا
((4
فبدأ بالعلم قبل ت{
ن َواْلُمْؤمَِنا ِ
ك َوِلْلُمْؤِمِني َ
سَتْغِفْر ِلَذنِب َ
ل َوا ْ
ل ا ُّ
عَلْم َأّنُه ل ِإَلَه ِإ ّ
ولهذا يقول جل وعلَ } :فا ْ
القول والعمل ،فالذي يجهل معنى ل إله إل ال ل يمكن أن يعمل بمقتضاها على الوجه الصحيح.
] فإذا عرفت أن جّهال الكفار يعرفون ذلك فالعجب مّمن يّدعي السلم وهو ل يعرف مخخن تفسخخير هخخذه
الكلمة ما عرفه جهال الكفرة .بل يظن أن ذلك هو التلفخخظ بحروفهخخا مخخن غيخخر اعتقخخاد القلخخب لشخخيء مخخن
المعاني [ هذا من أعجب العجب أن جهال الكفار والمشركين في عهلد النلبي يعرفلون أن معنلى هلذه
الكلمة هو إخلص العبادة ل وترك عبادة غيره فلذلك امتنعوا عن النطق بها تحاش لًيا لللترك عبللادة آلهتهللم
) (1ص~5:
) (2ص~5:
19
وتعصًبا لباطلهم؛ ومن يدعي السلم اليوم ل يفهم أن معنى هذه الكلمة هو ترك عبادة القبور والضللرحة
وإخلص العبادة ل ،فلذلك صار يقولها وهو مقيللم علللى شلركه ل يللأنف التنللاقض والجمللع بيللن الضللدين
فصار جهال الكفار أعلم منه بمعنى ل إله إل ال ،ول حول ول قوة إل بال العظيم .وصللار هللذا المللدعي
للسلم يظن أن المراد بهذه الكلمة هو النطق بحروفها من غير اعتقاد لمعناهللا فصللار يللردد معهللا دعللاء
ل ونهاًر.
الموتى والمقبورين لي ً
] والحاذق منهم يظن أن معناها ل يخلق ول يرزق ول يدبر المر إل ال [ كما ذكر ذلك شيخ السلم
ابن تيمية في الرسالة التدمرية وغيرها ((1عن علمللاء الكلم أن الللله عنللدهم هللو القللادر علللى الخللتراع
يعني هو الذي يقدر على الخلق والرزق والحياء والماتة ويبنون عقائدهم على هذا ويفسللرون ل إللله إل
ال بهذا المعنى ويجعلون التوحيد هو القرار بتوحيد الربوبية وهذا غلط عظيم.
فإذا كان هذا حال العالم منهم فكيف بالجاهل؟ وما هذا إل من قلة الهتمام بدعوة التوحيد وتقليللد البللاء
والجداد والكتفاء من السلم بمجرد النتساب لغراض وأهداف دنيوية ال أعلم بها .مللن غيللر تع لّرف
على الدين الحقيقي الذي أساسه التوحيد الخالص.
جّهاُل الكفار أعلم منه بمعنى ل إله إل ال [ ل خير في رجللل يللدعي السلللم بللل
] فل خير في رجل ُ
يدعي أنه من أهل العلم ول يفهم معنى ل إله إل ال وقد فهمها كفار قريش وعرفوا معناها.
إن المر خطير ،والعار شنيع ،والواجب على المسلمين أن ينتبهوا لدينهم ويتأملوا دعوة نبيهم ويفقهللوا
حا ويقيموه على أساس سليم من عقيدة التوحيللد والللبراءة مللن الشللرك وأهللله ،ول يكتفللوا
دينهم فقًها صحي ً
بمجرد التسمي والنتساب إليه مع البقاء على الرسوم والعادات المخالفللة للله ،وترديللد عبللارات جوفللاء ل
تسمن ول تغني من جوع.
] إذا عرفت ما قلت لك معرفة قلب [ أي إذا عرفت ما ذكرت لك من الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد
حّلت
اللوهية وعرفت أن المشركين أقروا بالول وجحللدوا الثللاني فلللم يلدخلهم فللي السلللم وُقِتُلللوا واسلُت ِ
دماؤهم وأموالهم ،إذا عرفت هذه المور معرفة قلب ل معرفة لسان فقط كأن يحفظ النسللان هللذا المعنللى
وُيؤديه في المتحان وينجح فيه ولم يتفّقه فيه في قلبه ويفهمه تمامًللا فهللذا ل يكفللي .فللالعلم هللو علللم القلللب
وعلم البصيرة ل علم اللسان فقط.
شاء
ك لَِمن َي َ
ن َذِل َ
ك ِبِه َوَيْغِفُر َما ُدو َ
شَر َ
ل َل َيْغِفُر َأن ُي ْ
ن ا َّ
] وعرفت الشرك بال الذي قال ال فيهِ } :إ ّ
((2
[ أي الشرك في العبادة ل الشرك الذي هو اعتقاد أن أحًدا يخلق ويرزق ويدبر مع ال ل بللل الشللرك {
الذي حّذر ال منه هو اعتقاد أن أحًدا يستحق العبادة أو شيًئا من العبادة مع ال.
فالشرك هو دعوة غير ال معه أو صرف شيء من أنواع العبادة لغير ال ،هذا هو الشرك الذي حرمه
ال وحرم على صاحبه الجنة وأخبر أن مأواه النار .وهو الشرك الذي يحبط جميع العمللال وهللو الشللرك
) (1انظر التدمرية ص 185تحقيق الدكتور محمد بن عودة السعوي ،ومجموع الفتاوى 13/203
20
في اللوهية وليس الشرك في الربوبية ،وهذا تنبيه من الشيخ رحمه ال إلى أنه كما تجب معرفللة التوحيللد
تجب معرفة الشرك.
] وعرفت دين ال الذي أرسل به الرسل من أّولهم إلى آخرهم ،الذي ل يقبل ال من أحد ديًنا سواه [
دين الرسل هو السلم وهو الستسلم ل بالتوحيد والنقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك وأهللله هللذا
هو دين الرسل وهذا هو السلم .وأما النتساب إلى السلللم فللي الظللاهر دون البللاطن أو النتسللاب إليلله
بالتسمي فقط دون التزام لحكامه ،أو النتساب إليله ملع ارتكلاب ملا يناقضله ملن الشلرك والوثنيلات ،أو
النتساب إليه مع الجهل بحقيقته ،أو النتساب إليه دون مللوالة لوليللائه ومعللاداة لعللدائه فليللس هللذا هللو
السلم الذي جاءت به رسل ال .وإنما هو إسلم اصطلحي مصطنع ل يغني ول ينفع عنللد ال ل سللبحانه
وتعالى ،وليس هو دين الرسل.
] وعرفت ما أصبح غالب الّناس فيه من الجهل بهذا [ وهو الجهل بالتوحيد والجهل بالشرك .هذا هو
الذي أوقع كثيًرا من الناس في الضلل وهو أنهم يجهلون التوحيد الصللحيح ويجهلللون الشللرك ويفسللرون
ل منهما بغير تفسيره الصحيح ،هذا هو الذي أوقع كثيًرا من النلاس فلي الغللط والكفللر والشلرك والبلدع
كً
والمحدثات إلى غير ذلك ،وذلك بسبب عدم معرفة ما أمر ال به من توحيده وطاعته ،وما نهللى عنلله مللن
الشراك به ومعصيته فالعوام ل يتعلمون ،وغالب العلملاء مكبلون علللى علللم الكلم والمنطلق اللذي بنللوا
ل بل هو كما قال بعض العلماء ) :ل ينفع العلم به ول يضللر
عليه عقيدتهم وهو ل يحق حًقا ول يبطل باط ً
الجهل به(.((1
حَمِتخِه َفِبخَذِل َ
ك لخ َوِبَر ْ
ضِل ا ِّ
] أفادك فائدتين :الولى :الفرح بفضل ال ورحمته كما قال تعالىُ } :قْل ِبَف ْ
((2
ضا الخوف العظيم [ أي العلم بهذه الحقائق يفيدك فائدتين:
وأفادك أي ً ن{
جَمُعو َ
خْيٌر ّمّما َي ْ
حوْا ُهَو َ
َفْلَيْفَر ُ
ن عليك بمعرفة الحق من الباطل فإنها
ىىىىىىى ىىىىىى :أنك تفرح بفضل ال حيث مَ ّ
خْيلٌر
حوْا ُهلَو َ
ك َفْلَيْفَر ُ
حَمِتِه َفِبَذِل َ
ل َوِبَر ْ
ل ا ِّ
ضِل ِبَف ْ
حرَم منها الكثير من الخلق ،قال تعالىُ } :ق ْ
نعمة عظيمةُ ،
حوْا { فرح شللكر واعللتراف بالنعمللة.
ن { وفضل ال هو السلم ،ورحمته هي القرآن } َفْلَيْفَر ُ
جَمُعو َ
ّمّما َي ْ
والفرح بفضل ال مشروع لنه شكر ل سبحانه وتعالى على نعمة التوحيد ومعرفة الشرك وهذه نعمللة إذا
ُوّفقت لها فإنه قد جمع لك الخير كله الفرح بالنعمة مشروع ،أما الفرح المنهي عنه فهو الفرح بالللدنيا كمللا
((3
طامهللا
حَ
فللالفرح بالللدنيا و ُ ع{
ل َمَتللا ٌ
خ لَرِة ِإ ّ
حَياُة الّدْنَيا ِفللي ال ِ
حَياِة الّدْنَيا َوَما اْل َ
حوْا ِباْل َ
قال تعالىَ } :وَفِر ُ
مذموم أما الفرح بالدين والفرح بالعلم النافع فهذا مشروع لن ال أمر به.
ىىىىىىىى ىىىىىىى :أنك إذا عرفت التوحيد الصحيح وعرفلت الشلرك القبيلح فلإن
ذلك ُيفيدك الخوف أن تقع فيما وقع فيه كثير من الناس بالمخالفة لهذا الصل والوقوع في الشرك وأنت ل
) (1انظر كتاب الرد على المنطقيين لشيخ السلم ابن تيمية ص ) 3بنحوه(.
21
تدري فل تأمن على نفسك من الفتنة فل تغتر بعملك أو بفهمك ،ولكن قل ل حول ول قوة إل بللال واسللأل
جُنْبِنللي
ال الثبات ،فإن إبراهيم الخليل الذي أعطاه ال من العلم واليقين ما لم يعط غيره إل نبًيا يقولَ } :وا ْ
س { ((1فإبراهيم لم يأمن على نفسه الفتنة مع علملله
ن الّنا ِ
ن َكِثيًرا ّم َ
ضَلْل َ
ن َأ ْ
ب ِإّنُه ّ
صَناَمَ ،ر ّ
ل ْ
ي َأن ّنْعُبَد ا َ
َوَبِن ّ
سر الصنام بيده وألقي في النار بسبب ذلك ،ومع هذا يخاف على نفسه مللن الفتنللة ،فل
ويقينه وهو الذي ك ّ
ل بللك القللدم وتغللتر
تغتر بعلمك وتأمن على نفسك من الفتنة ولكن كن دائًما على حذر من الفتنة بأن ل تللز ّ
بشيء يكون سبًبا لهلكك وضللك ،فإن بعض المغرورين اليوم يقول إن الناس تجللاوزوا مرحلللة الجهللل
والبدائية وصاروا مثقفين واعين ل يتصور أن يعودوا للوثنية ،أو نحًوا من هذا الكلم الفارغ ،ولللم يفطللن
لعبادة الضرحة التي تنتشر في كثير من البلد السلمية ولم ينظر فيما وصل إليه كللثير مللن النللاس مللن
الجهل بالتوحيد.
] فإنك إذا عرفت أن النسان يكفر بكلمة يخرجها من لسانه وقد يقولها وهو جاهل فل يعذر بالجهل [
قد يقول النسان كلمة من الكفر ُتحبط عمله كله كالرجل الذي قال » :وال ل يغفر ال لفلن ،فقال ال جل
((2
كلمة واحدة تجللرأ وعل :من ذا الذي يتألى علي أن ل أغفر لفلن .إني قد غفرت له وأحبطت عملك «
فيها على ال وأراد أن يمنع ال أن يغفر لهذا المذنب ،فال جل وعل أحبط عمله وغضب عليه .والنسللان
قد يتكلم بمثل هذه الكلمة ونحوها فيخرج من دين السلم ،فالذين مع النللبي لمللا قللالوا مللا رأينللا مثللل
قرائنا هؤلء أرغب بطوًنا وأكذب ألسًنا وأجبن عند اللقاء يزعمون أنهم قالوها من بلاب الملدح ويقطعللون
ل َتْعَت لِذُروْا َق لْد كََفْرُتللم َبْع لَد
نَ ،
سَتهِْزُؤو َ
سوِلِه ُكنُتْم َت ْ
ل َوآَياِتِه َوَر ُ
ل َأِبا ِّ
بها الطريق بزعمهم قال ال فيهمُ } :ق ْ
((3
دل على أنهم مؤمنون في الول فلما قالوا هذه الكلمة كفروا والعياذ بال مع أنهم يقولونها من ِإيَماِنُكْم {
باب المزح واللعب.
] وقد يقولها وهو يظن أنها تقربه إلى ال تعالى كما كان يظن المشركون [ أي يقول كلمة الكفر وهو
((4
} َهل لُؤلِء ل ل ُزْلَفللى {
ل ِلُيَقّرُبوَنللا ِإَلللى ا ِّ
يظن أنها تقربه إلى مثل ما يقللول المشللركونَ } :مللا َنْعُب لُدُهْم ِإ ّ
ل {.((5
عنَد ا ِّ
شَفَعاُؤَنا ِ
ُ
جَعل ّلَنا
ص عن قوم موسى مع صلحهم وعلمهم ،أنهم أتوه قائلين } :ا ْ
صا إن ألهمك ال ما ق ّ
] خصو ً
((6
فحينئٍذ يعظم حرصك وخوفك على ما يخّلصك من هذا وأمثاله [ قللوم موسللى هللم ِإَلخًها َكَما َلُهْم آِلَهٌة {
بنو إسرائيل الذين آمنوا بموسى خرجوا معه من مصر حيث أمره ال أن يخللرج بهللم فللرارًا مللن فرعللون
) (2رواه المام مسلم في صحيحه 4/2023كتاب ) (45البر والصلة والداب ) (39باب النهي عن تقنيط النسان من رحمة ال تعللالى
حديث رقم .(2621)– 137من حديث جندب رضي ال عنه.
) (3التوبة ، 66-65 :انظر جامع البيان في تفسير القرآن لبن جرير الطبري 20-10/19وتفسير القرآن العظيم لبن كللثير -2/351
،352وأسباب النزول للواحدي .188-187
) (4الزمر3 :
) (5يونس18:
) (6العراف138:
22
فخفي عليهم هذا المر مع أنهم علماء وفيهم صلح وتقوى وخرجوا مع موسى مقاطعين لفرعون وقللومه
جَعللل ّلَنللا
فلما أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم أرادوا تقليدهم في ذلك وطلبوا من موسللى فقللالوا } :ا ْ
ِإَللًها َكَما َلُهْم آِلَهٌة { ((1فأنكر عليهم موسى هذه المقالة وأخبرهم أن عمل هؤلء القوم شرك بال عز وجللل
فانظر كيف خفي عليهم هذا المر مما يدل على خطورة الجهل بالتوحيد وعدم معرفة حقيقللة الشللرك ممللا
يسبب أن النسان قد يقول الكلمة التي تقتضي الكفر والخروج من الدين وهو ل يللدري .ول يخلصللك مللن
هذا وأمثاله إل العلم النافع الذي بلله تعللرف التوحيللد مللن الشللرك ،وتحللذر بلله مللن القللول أو الفعللل اللللذين
يوقعانك في الشرك من حيث ل تدري .وهذا يدل على بطلن قول من يقللول :إن مللن قللال كلمللة الكفللر أو
عمل الكفر ل يكفر حتى يعتقد بقلبه ما يقول ويفعل .ومن يقول :إن الجاهل يعذر مطلًقا ولللو كللان بإمكللانه
أن يسأل ويتعلم ،وهي مقالة ظهرت ممن ينتسبون إلى العلم والحديث في هذا الزمان.
] واعلم أن ال تعالى بحكمته لم يبعث نبًيا بهذا التوحيد إل جعل له أعداء كما قخخال تعخخالىَ } :وكَخَذِل َ
ك
((2
وقخخد غ خُروًرا {
ف اْلَق خْوِل ُ
خ خُر َ
ض ُز ْ
ضُهْم ِإَلى َبْع ٍ
حي َبْع ُ
ن ُيو ِ
جّ
س َواْل ِ
ن اِلن ِ
طي َ
شَيا ِ
عُدّوا َ
ي َ
جَعْلَنا ِلُكّل ِنِب ّ
َ
حخوا
ت َفِر ُ
سخُلُهم ِباْلَبّيَنخا ِ
جخاَءْتُهْم ُر ُ
يكون لعداء التوحيد علوم كثيرة وكتب وحجج كما قال تعالىَ } :فَلّما َ
((3
[ حكمة ال تعالى في هذا تتلخص في أمرين: ن اْلِعْلِم {
عنَدُهم ّم َ
ِبَما ِ
ث نبًيا من أنبيائه إل جعل له أعداء من المشللركين كمللا فللي اليلة
ىىىىى ىىىىى :أنه ما َبَع َ
ك َهاِدًيللا
ن َوكََفللى ِبَرّبل َ
جِرِميل َ
ن اْلُم ْ
علُدّوا مّل َ
ي َ
ل َنِبل ّ
جَعْلَنللا ِلُكل ّ
ك َ
التي ذكرها المؤلف وكما في اليةَ } :وَكلَذِل َ
((4
ول في ذلك الحكمة من أجل أن يتبين الصادق من الكاذب ،ويتبين المطيع من العاصي .إذا صيًرا {
َوَن ِ
بعث النبياء يدعون إلى الهدى صار هناك دعاة للضلللل مللن أجللل أن يمتحللن النلاس أيهللم يتبللع النبيللاء
وأيهم يتبع دعاة الضلل ،ولول ذلك لكان الناس كلهم يتبعون النبياء ولو في الظلاهر ول يتميلز الصلادق
في اّتباعه من المنافق لن النبياء يّتبعهم المؤمن الصادق ويتبعهم المنافق الكاذب ،والللذي يميللز هللذا مللن
هذا هو البتلء والمتحان ،فالشدائد هي التي تبّين الصادقين من المنافقين فال جعل أعداًء للنبياء لحكمة
((5
هللذه ض{
ى َبعْل ٍ
عَلل َ
ضلُه َ
ث َبْع َ
خِبي َ
ل اْل َ
جَع َ
ب َوَي ْ
طّي ِ
ن ال ّ
ث ِم َ
خِبي َ
ل اْل َ
من أجل البتلء والمتحان } ِلَيِميَز ا ُّ
هي الحكمة بأن ال جعل لكل نبي عدًوا شياطين النس والجن ،والشيطان هللو المللارد العاصللي فكللل مللن
تمرد عن طاعة ال فإنه شيطان سواء كان من الجن أو من النس ،حتى الدواب المتمللردة تسللمى شلليطاًنا
وهو من شاط الشيء إذا اشتد أو من شطن إذا ابتعد ،فالشلليطان يكللون مللن عللالم الجللن ويكللون مللن عللالم
((6
الزخللرف فللي الصللل الللذهب ل{
ف اْلَقلْو ِ
خلُر َ
ض ُز ْ
ضلُهْم ِإَلللى َبْعل ٍ
حي َبْع ُ
النس ،وقوله تعللالىُ } :يللو ِ
) (1العراف138:
) (2النعام112:
) (3غافر83:
) (4الفرقان31:
) (5النفال37:
) (6النعام112:
23
وزخرف القول هو القول الممّوه المزّور ،لجلل أن يغلر النلاس .فلالقول المزخلرف هلو الباطللل المغّللف
غطللي بشلليء مللن
بشيء من الحق وهذا من أعظم الفتنة لن الباطل لو كان مكشوًفا ما قبلله أحللد لكللن إذا ُ
شللاَء َرّبل َ
ك الحق فإنه يقبله كثير من الناس وينخدعون بهذه الزخرفة ،فهو باطل في صورة الحلقَ } ،وَللْو َ
َما َفَعُلوُه { ال قادر على منعهم من ذلك لكنه شاء أن يفعلوه من أجل البتلء والمتحان .وإذا كان هذا مع
ضا يكللون لهللم أعللداء مللن دعللاة
النبياء فكيف بغيرهم من الدعاة إلى ال وعلماء التوحيد فأتباع النبياء أي ً
ق وإلى جانبهم دعاة الباطل فلي
الباطل في كل زمان وفي كل مكان .هذا مستمر في الخلق وجود دعاة الح ّ
كل زمان ومكان.
ىىىىى ىىىىىى :وهو العجيب أن دعاة الباطل يكون عندهم علوم وعندهم كتللب وعنللدهم
((1
ت{
يعنللي الكفللار } ِباْلَبّيَنللا ِ س لُلُهم {
جللاَءْتُهْم ُر ُ
حجج يجادلون بها أهل الحللق كمللا قللال تعللالىَ } :فَلّمللا َ
ن اْلِعْلِم { الذي توارثوه عن أجدادهم وآبلائهم واللذي هلو
عنَدُهم ّم َ
حوا ِبَما ِ
الحقائق البّينة والعلم النافع } َفِر ُ
عبارة عن كتبهم وعن حججهم التي توارثوها ،وهذا واقلع الن ،فكلم فلي السلاحة ملن كتلب أهلل الباطلل
ككتب الجهمية ،وكتب المعتزلة ،وكتب الشاعرة ،وكتب الشيعة كم في الساحة من كتب هؤلء! وعنللدهم
حجج مركبة ومزيفة تغر النسان اللذي ليللس عنلده تمكلن مللن العللم فعللم الكلم وعلللم المنطلق اعتمللدوه
وجعلوه هو العلم الصحيح الذي يفيد اليقين.
] إذا عرفت ذلك وعرفت أن الطريق إلى ال تعالى لبد له من أعداء قاعدين عليه أهل فصاحة وعلم
حا تقاتل به هؤلء الشياطين الذين قال إمامهم
وحجج ،فالواجب عليك أن تعلم من دين ال ما يصير سل ً
خْلِفِهخْم
ن َ
ن َأْيخِديِهْم َوِمخ ْ
سخَتِقيَم * ُثخّم لِتَيّنُهخخم ّمخخن َبْيخ ِ
ك اْلُم ْ
طَ
صَرا َ
ن َلُهْم ِ
ومقدمهم لربك عز وجلَ } :لْقُعَد ّ
((2
[ أمللا أدلللة القللرآن والسللنة فهللي حجللج ظنيللة ن{
شاِكِري َ
جُد َأْكَثَرُهْم َ
شَمآِئِلِهْم َوَل َت ِ
عن َ
ن َأْيَماِنِهْم َو َ
عْ
َو َ
بزعمهم ل تفيد اليقين وهذا من تمام الفتنة والتزييف على الناس .لن الواقع الصحيح هو العكس وهللو أن
أدلة القرآن تفيد اليقين ،وأدلة المنطق والجدل تفيد الشك والحيرة والضللطراب .كمللا أقللر بللذلك كللبراؤهم
عند الموت أو عند توبتهم ورجوعهم عن علم الكلم.
إذا كان هؤلء عندهم فصاحة وعندهم حجج وعندهم كتب فل يليق بك أن تقابلهم وأنت أعزل بل يجب
عليك أن تتعلم من كتاب ال ومن سنة رسول ال ما تبطل به حجللج هللؤلء الللذين قللال إبليللس إمللامهم
سَتِقيَم { أي الطريق الموصللل إليللك
ك اْلمُ ْ
طَ
صَرا َ
ن َلُهْم { أي لبني آدم } ِ
لْقُعَد ّ
ومقدمهم لربك عز وجلَ } :
ن { .((3تعهللد
شللاكِِري َ
ج لُد َأْكَثَرُه لْم َ
ل َت ِ
شَمآِئلِِهْم َو َ
عن َ
ن َأْيَماِنِهْم َو َ
عْ
خْلِفِهْم َو َ
ن َ
ن َأْيِديِهْم َوِم ْ
} ُثّم لِتَيّنُهم ّمن َبْي ِ
الخبيث أنله سليحاول إضللل بنلي آدم وكلذلك أتبلاعه ملن شلياطين النلس ملن أصلحاب الكتلب الضلالة
والفكار المنحرفة يقومون بعمل إبليس في إضلل الناس.
) (1غافر83:
) (2العراف17-16:
) (3العراف17:
24
ن َكخا َ
ن طا ِ
شخْي َ
ن َكْيخَد ال ّ
] ولكن إذا أقبلت على ال وأصغيت إلى حججه وبّيناته فل تخف ول تحخزن } ِإ ّ
((1
ض لِعيًفا { فهللم
ن َ
ن َكا َ
طا ِ
شْي َ
ن َكْيَد ال ّ
ن ِإ ّ
طا ِ
شْي َ
[ كما قال ال سبحانه وتعالىَ } :فَقاِتُلوْا َأْوِلَياَء ال ّ ضِعيًفا {
َ
مهما كان عندهم من القوة الكلمية والجدال والبراعللة فللي المنطلق والفصللاحة إل أنهللم ليسللوا علللى حلق
وأنت على حق ما دمت متمسًكا بالكتاب والسنة وفهمت الكتاب والسللنة فللاطمئن فللإنهم لللن يضللروك أبلًدا
((2
لكن هذا يحتاج إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة فإنللك بللذلك ل تخللاف ضِعيًفا {
ن َ
ن َكا َ
طا ِ
شْي َ
ن َكْيَد ال ّ
} ِإ ّ
مهما كان معهم من الحجج والكتب لنها سراب كما قال الشاعر:
((3
حًقا؛ وكل منها كاسر مكسور حجج تهافت كالزجاج تخالها
فالسراب يزول كذلك هذه الحجج إذا طلعت عليها شمس القرآن وبينات القرآن زال هذا الضلباب اللذي
ل ِمّمللا
ق َوَلُكُم الَْوْي ُ
ل َفَيْدَمغُُه َفِإَذا ُهَو َزاِه ٌ
طِعَلى اْلَبا ِ
ق َ
حّل َنْقِذفُ ِباْل َ
معهم وهذه سنة ال سبحانه وتعالىَ } :ب ْ
ب { ((5قذائف الحق تدمر الباطل مهما كان.
لم اْلُغُيو ِ
عّق َ
حّن َرّبي َيْقِذفُ ِباْل َ ن {ُ } .((4ق ْ
ل ِإ ّ صُفو َ
َت ِ
جنخَدَنا َلُهخُم
ن ُ
حدين يغلخخب ألًفخخا مخخن علمخخاء هخخؤلء المشخخركين ،قخخال تعخخالى َ } :وِإ ّ
] والعامي من المو ّ
((6
[ هذا من العجائب أن العامي غير المتعلم من الموحدين يغلب ألًفا من علمللاء المشللركين، ن{
اْلَغاِلُبو َ
ذلك لن العامي عنده الفطرة السليمة التي لم تتلوث بالشكوك والوهام وقواعد المنطللق وعلللم الكلم .أمللا
العالم المشرك فليس عنده فطرة سليمة ول علم صحيح وصاحب الفطرة السليمة يتغلللب علللى الللذي ليللس
عنده فطرة ول علم لن علمه جهل .إًذا فالناس ثلثة أقسام:
ىىىىى ىىىىى :من عنده علم صحيح وفطرة سليمة وهذا أعلى الطبقات وهذا هو الذي أقبل
على ربه وأصغى إلى حججه وبّيناته فصار عنده علم صحيح وفطرة سليمة.
ىىىىى ىىىىىى :من ليس عنده علم لكن عنده فطرة سليمة وهو العامي من الموحدين.
ىىىىى ىىىىىى :من ليس عنده فطرة سليمة ول علم صحيح وإنما عنده سلراب ل حقيقلة
له ،فهذا ُيهزم أمام العامي فكيف أمام العالم الذي عنده علم صحيح وفطرة سليمة؟ فهذا مما يلدلك عللى أن
حا للمؤمن أمام أعداء ال ورسوله.
تعّلم العلم النافع يكون سل ً
) (1النساء76:
) (2النساء76:
ذكر ذلك شيخ السلم ابن تيمية عن المام الخطابي في مجموع الفتاوى . 4/82 )(3
) (4النبياء18:
) (6الصافات173:
25
جنلَدَنا
ن ُ
] فجند ال هم الغالبون بالحجة واللسان كما هم الغالبون بالسيف والسخخنان [ قلال تعلالىَ } :وِإ ّ
ن { ((1أضاف الجند إليه سبحانه وتعالى ،وجند ال هم المؤمنون ،يقال لهم جنللد ال ل ويقللال لهللم
َلُهُم اْلَغاِلُبو َ
ل { إلى قوله} :
حاّد ا َّ
ن َ
ن مَ ْ
خِر ُيَواّدو َ
ل َواْلَيْومِ ال ِ
ن ِبا ِّ
جُد َقْوًما ُيْؤِمُنو َ
حزب ال كما في قوله تعالى } :ل َت ِ
ن {.((2
حو َ
ل ُهُم اْلُمْفِل ُ
ب ا ِّ
حْز َ
ن ِ
ل َأل ِإ ّ
ب ا ِّ
حْز ُ
ك ِ
ُأْوَلِئ َ
فهم حزب ال وجند ال ،والجند جمع جندي وهو المقاتل والمدافع عن دين ال أضافهم إلى نفسه تشريًفا
لهم ،وجعل لهم الغلبة بالحجة والسلح.
جند ال هم الغالبون بالحجة واللسان يعني بالعلم والمعرفة ومجادلة أهل الباطللل ،فمللا تقابللل أهللل حللق
وأهل باطل في خصومة إل تغلب أهل الحق على أهل الباطل في الخصللومات والمنللاظرات دائًمللا وأبلًدا.
فهم الغالبون بالحجة مع المبطلين كمللا أنهللم الغللالبون بالسلليف والسللنان فللي المعللارك ،إذا تقابللل الجنللدان
المسلمون والكفار فإنه ينتصر المسلمون على الكفار إذا توفرت شروط النصر فيهم بأن توكلللوا علللى الل
واعتصموا بال وأطاعوا ال ورسوله ،فإن حصل فيهم خلل لحقت بهم الهزيمة كما حصللل للصللحابة فللي
وقعة أحد لما عصوا أمر الرسول ونزلوا من الجبل اللذي قلال لهلم ل تنزللوا منله سلواء انتصلرنا أو
ُهزمنا فلما خالفوا ونزلوا من الجبل حلت الهزيمة بالمسلمين.((3
] وإنما الخوف على الموحد الذي يسلك الطريق وليس معه سلح [ هذا هو الواقع فالموحد الذي يسلك
الطريق ويواجه الكفار ويقول أنا أدعو إلى ال وليس عنده علم لو يقللف أمللامه واحللد مللن عللوامهم ويلقللي
صا أن يتفقهوا
عليه شبهة ما استطاع الجواب .فهذا مما ُيوجب على طلبة العلم وعلى الدعاة إلى ال خصو ً
طلعللوا علللى مللا عنللد الخصللوم والكفللار والمنللافقين مللن
في دين ال وأن يتعلموا حجج ال وبراهينه وأن ي ّ
الباطل من أجل أن يدحضوه ويكونوا على معرفة به .والنبي لما أرسل معاًذا إلى اليمن قال له » :إنك
((4
من أجل أن يستعد لن الذين أمامه أهل كتللاب وأهللل علللم وعنللدهم حجللج تأتي قوًما من أهل الكتاب «
وعندهم شبهات وعندهم تلبيس ،فل بد أن يكون معللاذ رضللي الل عنلله علللى اسللتعداد مللن أجللل أن يقللوم
بالدعوة ويرد الباطل ثم قال له » :فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن ل إلله إل الل وأن محملًدا رسللول
صا وعلى الدعاة إلى ال بصفة أخللص
ال « فهذا مما يؤكد على الموحدين عموًما وعلى طلبة العلم خصو ً
أن يتعلموا ما يدفعون به الباطل وينصرون به الحق وإل فللإنهم سللينهزمون أمللام أي شللبهة تعللرض لهللم.
والمشكلة إذا عجز الداعية إلى ال أن ُيجيب على شبه الملبس أمام الناس أو أجابه بجهلل ،وهلذا أشلد .ول
يتعارض هذا مع قول الشيخ » :والعامي مللن الموحللدين يغللب ألًفللا مللن علمللاء المشلركين « لن العللامي
الموحد وإن كان كذلك فعليه الخوف من شرهم وأخذ الحذر منهم بتعلم العلللم النللافع .وقللد استشللكل بعللض
) (1الصافات173:
) (2المجادلة22:
انظر صحيح المام البخاري 48/26كتاب الجهاد والسير باب ما يكره من التنازع والختلف فلي الحللرب وعقوبللة مللن عصلى )(3
حُكْم { وقال قتادة الريح الحرب من حديث البراء بن عازب رضي ال عنه.
ب ِري ُ
شُلوْا َوَتْذَه َ
عوْا َفَتْف َ
ل َتَناَز ُ
إمامه وقال تعالىَ } :و َ
) (4رواه المام البخاري في صحيحه 2/125كتاب الزكاة باب ل تؤخذ كرائم أموال الناس مللن حللديث ابللن عبللاس رضللي الل تعللالى
عنه.
26
الخوان هذه العبارة .وهي قول الشيخ) :والعامي من الموحدين يغلب ألًفلا ملن علمللاء هلؤلء المشلركين(
مع قوله) :وإنما الخوف على الموحد الذي يسلك الطريق وليس معه سلح( والجواب عن هذا الشكال أن
الشيخ رحمه ال يقصد أن العامي عنده فطرة سليمة يستنكر بها الباطل ،أما علماء الضلل ففطرهم فاسدة
وحججهم واهية فالعامي يغلبهم بالفطرة السليمة من حيث الجملة ل من حيث التفاصيل.
ل من علماء الكلم والمنطق فكتاب ال ما ترك شيًئا نحتاج إليه من أمور ديننا
فالعامي الموحد أحسن حا ً
إل وبّينه لنا لكن يحتاج منا إلى تفقه وتعلم ولو كان عندك سلح ولكن ل تعرف تشغيله فإنه ل يللدفع عنللك
العدو وكذلك القرآن ل ينفع إذا كان مهجوًرا وكان القبال على غيره من العلوم.
ن {. ((1
سِلِمي َ
شَرى ِلْلُم ْ
حَمًة َوُب ْ
يءٍ َوُهًدى َوَر ْ
ش ْ
ن ال تعالى علينا بكتاب الذي جعله } ِتْبَياًنا ّلُكّل َ
] وقد م ّ
فل يأتي صاحب باطل بحجة إل وفي القرآن ما ينقضها ويبّين بطلنها .كما قال تعخخالىَ } :ول َيْأُتوَنخ َ
ك
سيًرا { .((2قال بعض المفسرين :هذا الية عامة في كل حجٍة يأتي بها
ن َتْف ِ
سَ
ح َ
ق َوَأ ْ
ح ّ
ك ِباْل َ
جْئَنا َ
ِبَمَثٍل ِإّل ِ
يٍء {
ش ْ
أهل الباطل إلى يوم القيامة [ هذه قاعدة معروفة لن ال جل وعل يقول عن القرآنِ } :تْبَياًنا ّلُكلّ َ
سيًرا { فل يوجد شبهة في الدنيا أو باطل في الللدنيا
ن َتْف ِ
سَ
حَق َوَأ ْ
حّ
ك ِباْل َ
جْئَنا َ
ل ِ
ل ِإ ّ
ك ِبَمَث ٍ
ويقولَ } :ول َيْأُتوَن َ
ُيدلي به كافر أو ُملحد إل وفي القرآن ما يرد عليه لكن ل يتبين هذا إل بمعرفة القرآن والتفقه فيه ودراسته
حق الدراسة حتى يعرف ما فيه من الكنوز وما فيه من السلح وما فيه من الذخيرة التي نقاوم بها أعداءنا
ل حللتى نكللون مسلللحين بهللذا السلللح .أمللا مجللرد
ظا وتفهًمللا وتلوة وتللدبًرا وعم ً
فنقبل على كتاب ال حف ً
وجود القرآن عندنا من غير أن نعتني به وندرسه فل يكفي ،وأهل الكتاب ضلوا وكفروا وعنللدهم التللوراة
والنجيل لما تركوا تعلمهما والعمل بهما.
لكن لبد من دراسة القرآن على ضوء السنة النبوية وتفسير السلف الصالح ،ل على ضللوء الدراسللات
المعاصرة المبنية على التخرص والجهل أو ما يسمونه بالعجاز العلمي.
صا بالرسول وأهل زمانه مع القرآن بل هذا عام لكل أمته إلللى أن تقللوم السللاعة لكللن
فليس هذا خا ً
يحتاج إلى عناية بالقرآن ودراسة للقرآن كما ينبغي ،لن فيه بيان الحق والرد على أهل الباطل.
] وأنا أذكر لك أشياء مما ذكر ال في كتابه جواًبا لكلم احتج به المشركون في زماننا علينا [ لما ذكر
لك هذه القاعدة العظيمة وهو أنه ل يأتي مبطل بشبهته إل وفي القرآن ما يللبين بطلنهللا وأن ذلللك مسللتمر
إلى يوم القيامة ،دخل في التمثيل من الواقع الذي جرى للشيخ رحمه ال في وقته مع خصللومه .ومللن هنللا
إلى آخر الكتاب كله كشف شبهات يعترضون بها على الشيخ وهو ُيجيبهم عنها ملن كتلاب الل وملن سللنة
رسوله . ويدحض حججهم وبذلك نصره ال عليهم وأبطل كيدهم ] .فنقخخول :جخخواب أهخخل الباطخخل مخخن
صل .أما المجمل [ المجمل هو القاعدة العامللة فللي جللواب أهللل الباطللل علللى اختلف
طريقين مجمل ومف ّ
أصنافهم ،وفي أي زمللان ومكللان .والمفصللل هللو الللرد علللى كللل شللبهة علللى حللدة فللإذا عرفللت المجمللل
والمفصل في رد الشبهات صار عندك سلح لمنازلة المشركين والمبطلين ] .فهو المر العظيخخم والفخخائدة
) (1النحل89:
) (2الفرقان33:
27
ن ُأمّ اْلكَِتخخا ِ
ب ت ُهخ ّ
حَكَمخخا ٌ
ت ّم ْ
ب ِمْنخُه آَيخخا ٌ
ك اْلِكَتخخا َ
عَلْي َ
ي َأنَزَل َ
الكبيرة لمن عقلها وذلك قوله تعالىُ } :هَو اّلِذ َ
شاَبَه ِمْنُه اْبِتَغاء اْلِفْتَنِة َواْبِتَغاَء َتْأِويِلِه َوَما َيْعَلمُ
ن َما َت َ
ن في ُقُلوِبِهْم َزْيٌغ َفَيّتِبُعو َ
ت َفَأّما اّلِذي َ
شاِبَها ٌ
خُر ُمَت َ
َوُأ َ
ك اْلكَِتابَ { يعني
عَلْي َ
ل َ ل { [ ((1هذا هو الرد المجمل على الشبهات قال تعالىُ } :هَو اّلِذ َ
ي َأنَز َ َتْأِويَلُه ِإّل ا ُّ
ب { المحكم هو الذي ل يحتاج في بيانه إلى غيره.
ن ُأّم اْلِكَتا ِ
ت ُه ّ
حَكَما ٌ
ت ّم ْ
القرآن } ِمْنُه آَيا ٌ
ت { يعني بّينات واضحات في معانيها ل تحتاج إلى غيرها
حَكَما ٌ
فالقرآن منه آيات على هذا الشكل } ّم ْ
ب { أم الشيء هو الصل الذي يرجع إليه فاليات المحكمات هن الصللل اللذي يرجلع إليله
ن ُأّم اْلِكَتا ِ
} ُه ّ
ت { المتشابه هو الذي يحتاج لبيان معانيه إلى غيللره فيللرد إلللى المحكللم ،ومللن المتشللابه
شاِبَها ٌ
خُر ُمَت َ
} َوُأ َ
المحتمل لمعاني متعددة ويحتاج إلى غيره في بيان المراد منله ،ومنله المطللق ومنله المنسلوخ .وقلد ذكلر
ن َمللا
ن فللي ُقُلللوِبهِْم َزْيلٌغ َفَيّتِبُعللو َ
تعالى موقف الناس من هذين القسمين المحكم والمتشابه فقالَ } :فَأّما اّللِذي َ
شاَبَه ِمْنُه { يأخذون اليات غير الواضحة أو اليات المحتملة ويستدلون بهللا علللى مللا يريللدون مللع أنهللا
َت َ
صا فيما يقولون لكن هم يريدون التلبيس على الناس يقولون نحن استدللنا بالقرآن فيأخذون
محتملة ليست ن ً
اليات التي ل يتضح معناها بنفسها أو اليات المحتملة لعدة معان فيستدلون بها على ما يريدون } اْبِتَغللاء
اْلِفْتَنِة { أي التشكيك والتضليل أو } اْبِتَغاَء َتْأِويِلِه { التأويل يطلق على معنيين كما قال شليخ السللم ابلن
تيمية رحمه ال في رسالته التدمرية. ((2
ىىىىىى ىىىىى :أن المراد به التفسير وهذا هو المعروف عند المتقدمين .ولذلك تجد ابللن
جرير الطبري في تفسيره يقول :القول في تأويل قوله تعالى أي في تفسيره فإن كان هذا هو المقصود فللي
ل { فإنه يعطف الراسللخون فللي العلللم علللى لفللظ الجللللة هكللذا } َوَمللا َيْعَللُم
ل ا ُّ
اليةَ } :وَما َيْعَلُم َتْأِويَلُه ِإ ّ
ن ِفي اْلِعْلِم { يعني والراسخون في العلم يعلمون تأويله وهو التفسللير وذلللك بللرّده
خو َ
سُل َوالّرا ِ
ل ا ُّ
َتْأِويَلُه ِإ ّ
إلى المحكم الذي يبّين المراد منه.
فتفسير القرآن على هذا الوجه ل يعلمه إل ال وأهل العلم المختصون وأّما العوام والجّهال فل يعلمللون
تفسيره ،وأهل الزيغ يأخذون المتشابه ول يردونه إلى المحكم ويقطعون بعض القرآن عن بعض فيأخذون
بعض اليات ويتركون البعض الخر.
ىىى ىىىىىى ىىىىىى :للتأويل فهو الحقيقة التي يؤول إليها الشيء .وما يصللير إليلله
في المستقبل ،مثل حقائق ما في الجنللة مللن أعنللاب ونخيللل وفللواكه ولبللن وخمللر وعسللل وأشللياء ل يعلللم
حقائقها إل ال سبحانه وتعالى ،لنها من علم الغيب ،وكلذلك كيفيلة أسلماء الل وصلفاته ل يعلمهلا إل الل
سبحانه وتعالى فالتأويل على هذا المعنى ما يؤول إليه الشيء فللي المسللتقبل فللإذا أريللد هللذا المعنللى َتَعّيللن
ف في الية على لفظ الجللة .لنه ل يعلم تأويله على هذا الوجه إل هو سبحانه.
الوق ُ
) (2التدمرية ص ،809وما بعدها :تحقيق الدكتور محمد بن عودة السعوي. .
28
] وقد صح عن رسول ال ، أنه قال» :إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه ،فأولئك الذين سّمى
ال ،فاحذروهم«[ ((1صح عن النبي في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم أنه قال« :إذا رأيتم الذين
يتبعون ما تشابه منه» أي من القرآن والسنة ويأخذون بالنصوص المجملة ويتركون النصللوص المفصلللة
شللاَبَه ِمْنلُه {
ن َمللا َت َ
ن فللي ُقُلللوِبِهْم َزْيلٌغ َفَيّتِبعُللو َ
» فللأولئك الللذين سللمى الل « فللي هللذه اليللةَ } :فَأّمللا اّللِذي َ
» فاحذروهم « أي احذروا أصحاب هذه الطريقة ل ُيلبسوا عليكم أمر دينكم فهذا فيه التحللذير مللن علمللاء
صل َ
ل لل ِبلِه َأن ُيو َ
ن َمآ َأَمَر ا ُّ
طُعو َ
الضلل ومن المبتدعة لئل يلبسوا علينا أمر ديننا فهؤلء من الذين } َوَيْق َ
ض {.((2
لْر ِ
ن ِفي ا َ
سُدو َ
َوُيْف ِ
((3
أو ن{
حَزُنو َ
عَلْيِهْم َوَل ُهْم َي ْ
ف َ
خْو ٌ
ن َأْوِلَياَء الِّ َل َ
] مثال ذلك :إذا قال لك بعض المشركينَ } :أل ِإ ّ
إن الشفاعة حق ،وأن النبياء لهم جاه عند ال ،أو ذكر كلًما للنبي يستدل به على شيء من باطله
وأنت ل تفهم معنى الكلم الذي ذكره فجاوبه بقولك :إن الخ ذكخخر فخي كتخابه أن الخذين فخي قلخوبهم زيخغ
يتركون المحكم ويّتبعون المتشابه ،وما ذكرته لك من أن ال تعالى ذكر أن المشركين يقّرون بالربوبيخخة
ل { ((4هذا أمر
عنَد ا ِّ
شَفَعاُؤَنا ِ
وأن كفرهم بتعلقهم على الملئكة والنبياء والولياء مع قولهمَ } :هخُؤلِء ُ
محكم بّين ،ل يقدر أحد أن يغّير معنخاه ،ومخا ذكخرت لخي أيهخا المشخرك فخي القخرآن أو كلم النخبي ل
أعرف معناه ولكن أقطع أن كلم ال ل يتناقض ،وأن كلم النبي ل يخالف كلم ال عز وجل ،وهخخذا
جواب سديد ولكن ل يفهمه إل من وفقه ال فل تستهن به فإنه كما قخخال تعخخالىَ } :وَمخخا ُيَلّقاَهخخا ِإّل اّلخِذي َ
ن
((5
[ أي إذا قلال لللك واحللد مللن علمللاء المشللركين الللذين يتعلقللون ظيخٍم {
عِظ َ
حخ ّ
صَبُروا َوَما ُيَلّقاَها ِإّل ُذو َ
َ
بالولياء ويطلبون منهم المدد ويستغيثون بهم كما هو الحال والواقع الن عند عّباد القبور ويقولون إن ال
ن{.
حَزُنو َ
ل ُهْم َي ْ
عَلْيِهْم َو َ
ف َ
خْو ٌ
ل َ
ل َ
ن َأْوِلَياَء ا ِّ
جل وعل يقولَ } :أل ِإ ّ
وهؤلء أولياء والنبي أخبر أن الصالحين يشفعون وأن الولياء يشفعون والرسل يشفعون فالجواب
أن الشفاعة حق ل شك في ذلك ،ولكنها كما ذكر ال لبد لها من شرطين:
الذن للشافع أن يشفع. •
وأن يكون المشفوع فيه من أهل التوحيد. •
) (1رواه المام البخاري في صحيحه 166 ،5/165كتاب التفسير )سورة آل عمران( باب منه آيات محكمات .ورواه المام مسلم في
صحيحه 4/2053كتاب العلم باب ) (1النهي عن اتباع متشابه القرآن ،والتحذير من متبعيه ،والنهي عللن الختلف فللي القللرآن ،حللديث
رقم ) (2665من حديث عائشة رضي ال عنها.
) (2البقرة27:
) (3يونس62:
) (4يونس18:
) (5فصلت35:
29
ول شك أن ال سبحانه وعد الولياء أنهللم ل خللوف عليهللم ول هللم يحزنللون ،لكللن مللن الوليللاء؟ هللل
الولياء طائفة مخصوصة من الناس عليهم عمللائم ولبللاس خللاص؟ أو الوليللاء الللذين بنللي علللى قبللورهم
ن {.((1
ن آَمُنوْا َوَكاُنوْا َيّتُقو َ
قباب؟ ليس كذلك .لن ال سبحانه بّينهم بعد هذه الية مباشرة حيث قال } :اّلِذي َ
فكل مؤمن تقي فهو ولي ل ليست الولية خاصة بطائفة معينة أو أشخاص معّينين لهم لباس خاص ولهم
سمات خاصة أو على قبورهم قباب وزخرفات؛ الولياء كل مؤمن تقللي فللإنه ولللي الل بنللص هللذه اليللة.
والولية تختلف باختلف اليمان والتقوى ،منهم من هو ولي كامل الولية ومنهم من هللو ولللي دون ذلللك
بحسب إيمانه وبحسب تقواه فليست الولية خاصة بما تزعمون من هؤلء الشخاص أو هؤلء المقبورين
فقللد يكللون الللولي غيللر ((2
والنبي يقولُ » :ر ّ
ب أشعث مللدفوع بلالبواب لللو اقسللم علللى الل لبلّره «
معروف ول له مكانة عند الناس.
هذا من ناحية ومن الناحية الثانية لو ثبت أنه ولي ل عز وجل فإن هذا ل يعطيه شيًئا من الربوبيللة ول
شيًئا من حق ال ،لنه عبد ال محتاج إلى ربه عللز وجللل ول يملللك مللن المللر شلليًئا ل يخلللق ول يللرزق
فليس المعنى أنه إذا كان ولًيا أننا نتعلق به وننزل حاجاتنا به ونستغيث به ونطلب منه لن ال ل قللالِ } :إ ّ
ن
((3
ل ُتشْلِرُكوْا ِب لِه
ل ل َو َ
عُب لُدوْا ا َّ
وقال تعللالىَ } :وا ْ شاء {
ك ِلَمن َي َ
ن َذِل َ
ك ِبِه َوَيْغِفُر َما ُدو َ
شَر َ
ل َيْغِفُر َأن ُي ْ
ل َ
ا َّ
((4
ل من الولياء ول غيرهم فال ل يرضى بهذا سبحانه وتعالى فليس معنى قوله تعالىَ } :أل ِإ ّ
ن شْيًئا {
َ
((5
أنهم يملكون شيًئا مللن الربوبيللة وأنهللم ينفعللون ويضلرون ن{
حَزُنو َ
ل ُهْم َي ْ
عَلْيِهْم َو َ
خْوفٌ َ
ل َ
ل َ
َأْوِلَياَء ا ِّ
وأنهم يعطون الشفاعة وأنهم وأنهم ..كما يزعم القبوريون .فمن تعلق بالولياء وطلب منهللم الشللفاعة وهللم
أموات أو طلب منهلم الغاثلة وهلم أملوات أو طللب منهلم قضلاء الحاجلات وهلم فلي قبلورهم فلإنه مثلل
ن َهل لُؤلِء
ل َينَفُعهُْم َوَيُقوُلللو َ
ضّرُهْم َو َ
ل َي ُ
ل َما َ
ن ا ِّ
ن ِمن ُدو ِ
المشركين الولين الذين قال ال فيهمَ } :وَيْعُبُدو َ
((6
هم يقولون نحن ل نعتقد أنهم يخلقون ويرزقون وإنملا ملن أجلل أن نجعلهلم وسلائط ل{
عنَد ا ِّ
شَفَعاُؤَنا ِ
ُ
بيننا وبين ال لنهم أولياء ونحن مقصرون ونحن مذنبون فهؤلء بصلللحهم وجللاههم ومكللانتهم عنللد الل
يشفعون لنا وال رد عليهم فقال:
خاِلصُ َواّلِذي َ
ن ن اْل َ
ل الّدي ُ
ن { فسّمى هذا شرًكا وقال في آية أخرىَ } :أل ِّ
شِرُكو َ
عّما ُي ْ
حاَنُه َوَتَعاَلى َ
سْب َ
} ُ
((7
يريدون الوسللاطة فقللط عنللد الل سللبحانه ل ُزْلَفى {
ل ِلُيَقّرُبوَنا ِإَلى ا ِّ
خُذوا ِمن ُدوِنِه َأْوِلَياَء َما َنْعُبُدُهْم ِإ ّ
اّت َ
وتعالى ،وإل فإنهم معترفون أن ال هو الخالق الرازق المحيي المميت فيعللترفون بتوحيللد الربوبيللة تماًمللا
) (1يونس63:
) (2رواه المام مسلم في صحيحه ) (4/2024كتاب البر والصلة والداب باب فضل الضعفاء والخاملين .حديث رقم ) (2622) (138
من حديث أبي هريرة رضي ال عنه. .
) (3النساء48:
) (4النساء36:
) (5يونس62:
) (6يونس18:
) (7الزمر3:
30
كما ذكر ال عنهم ،وإنما قصدوا بفعلهم هذا وساطة هلؤلء الصلالحين عنلد الل فنلذروا لهلم وذبحلوا لهلم
واستغاثوا بهم :يا سيدي اشفع لي عند ال ،افعل كذا ،هذا الذي يقولونه عنلد القبللور هلل هلذا يختللف عمللا
((1
حكللم ب كَّفاٌر {
ن ُهَو َكاِذ ٌ
ل ل َيْهِدي مَ ْ
ن ا َّ
قاله المشركون من قبل ،الذين رد عليهم جل وعل بقولهِ } :إ ّ
عليهم بالكذب وحكم عليهم بالكفر فعملهم هذا كفر وكذب .وفلي سلورة يلونس نلّزه نفسله علن ذللك فقلال:
((2
سماه شرًكا. ن{
شِرُكو َ
عّما ُي ْ
حاَنُه َوَتَعاَلى َ
سْب َ
} ُ
فالولياء عباد صالحون لهم قدرهم ونحترمهم ونحبهم ونقتدي بهم في العمال الصالحة لكن ليلس لهللم
شركة مع ال سبحانه وتعالى إنما هم مثلنا محتاجون إلى ال عز وجل فقراء إلى ال عللز وجللل } َيللا َأّيَهللا
((3
كل الخلق فقراء إلى ال عز وجللل بمللا حِميُد {
ي اْل َ
ل ُهَو اْلَغِن ّ
ل { هذا عام } َوا ُّ
س َأنُتُم اْلُفَقَراُء ِإَلى ا ِّ
الّنا ُ
فيهم النبياء والرسل ،بما فيهم الملئكة عليهم السلم كلهم فقراء إلى ال سبحانه وتعالى ،فهللذا ممللا يزيللل
الّلبس لن هؤلء يأخذون بعض القرآن ويستدلون به ويتركون البعض الخر؛ يأخللذون اليللة الللتي تمللدح
ن َمللن
الولياء وتثني عليهم ويتركون الية الخرى التي تبين أنهم ل ُيعَبلُدون مللن دون الل عللز وجللل وأ ّ
طلب منهم شيًئا وهم أموات فإنه مشرك كافر ،يتركون هذه اليات ،فهذا من الزيغ الذي ذكره ال سللبحانه
صلح والكرامة والمنزلة عند ال فإنه ليس له
وتعالى .فلتكن عندك هذه القاعدة أن النسان مهما بلغ من ال ّ
من الربوبية شيء وإنه ل ُيدعى مع ال وإنه ل يكون له شيء من العبادة وهو ل يرضى بللذلك .فالوليللاء
صالحون على الحقيقة ل يرضون بذلك وينهون عنه أشللد النهللي إنمللا يرضللى بللذلك الطللواغيت الللذين
وال ّ
يدعون الناس إلى عبادة أنفسهم .أما أولياء ال فحاشاهم من هلذا ل يرضلون بله وإنملا يرضلى بله أوليلاء
الشيطان هذا معنى قول الشيخ رحمه ال.
) لكن أقطع أن كلم ال ل يتناقض ،وأن كلم الرسول ل يخالف كلم اللل( فيجللب رد النصللوص
بعضها إلى بعض وتفسير بعضها ببعض حتى يتضح المطلوب وهذا كما قللال الشلليخ جللواب سللديد تجللب
العناية به لنه مبني على كتاب ال فمن وّفق له فهو ذو حظ عظيم.
صل :فإن أعداء ال لهم اعتراضات كثيرة على دين الرسل ،يصخّدون بهخا النخاس
] وأما الجواب المف ّ
عنه :منها قولهم :نحن ل نشرك بال ،بل نشهد أنه ل يخلق ول يرزق ول ينفع ول يضر إل ال وحخخده
ل شريك له ،وأن محمًدا ل يملك لنفسه نفًعا ول ضًرا ،فضخ ً
ل عخن عبخد القخادر أو غيخره ،ولكخن أنخا
مذنب ،والصالحون لهم جاه عند ال وأطلب من ال بهم .فجاوبه بما تقدم وهو أن الذين قخخاتلهم رسخخول
ال مقّرون بما ذكرت ،ومقّرون أن أوثانهم ل تدّبر شيًئا وإنما أرادوا الجاه وال ّ
شفاعة ،واقرأ عليهم
ضحه .فإن قال :هذه اليات نزلت فيمن يعبد الصنام ،كيخخف تجعلخخون الصخخالحين
ما ذكر ال في كتابه وو ّ
مثل الصنام أم تجعلون النبياء أصناًما؟ فجاوبه بما تقخخدم ،فخخإنه إذا أقخخر أن الكفخخار يشخخهدون بالربوبيخخة
كلها ل ،وأنهم ما أرادوا ممن قصدوا إل الشفاعة ،ولكن إذا أراد أن يفخخرق بيخخن فعلهخم وفعلخه بمخخا ذكخر
) (1الزمر3:
) (2يونس18:
) (3فاطر15:
31
فاذكر له أن الكفار منهم من يدعو الصنام ،ومنهم مخخن يخخدعو الوليخخاء الخخذين قخخال الخ فيهخخمُ } :أوَلخخِئ َ
ك
ب { ((1الية ،ويدعون عيسى بن مريخخم وأمخخه وقخخد قخخال
سيَلَة َأّيُهْم َأْقَر ُ
ن ِإَلى َرّبِهُم اْلَو ِ
ن َيْبَتُغو َ
عو َ
ن َيْد ُ
اّلِذي َ
طعَخخاَم
لنِ ال ّ
صخّديَقٌة َكاَنخخا َيخْأُك َ
سخُل َوُأّمخُه ِ
ت ِمن َقْبِلِه الّر ُ
خَل ْ
سوٌل َقْد َ
ن َمْرَيَم ِإّل َر ُ
ح اْب ُ
سي ُ
ال تعالىّ } :ما اْلَم ِ
ضخّرا َوَل َنْفًعخخا
ك َلُكْم َ
ل َما َل َيْمِل ُ
ن ا ِّ
ن ِمن ُدو ِ
نُ ،قْل َأَتْعُبُدو َ
ظْر َأّنى ُيْؤَفُكو َ
ت ُثّم ان ُ
ن َلُهُم الَيا ِ
ف ُنَبّي ُ
ظْر َكْي َ
ان ُ
((2
جِميًعا ُثّم َيُقوُل ِلْلَملِئَكِة َأَهُؤلِء ِإّياكُْم
شُرُهْم َ
حُواذكر له قوله تعالىَ} :وَيْوَم َي ْ سِميُع اْلَعِليُم {
ل ُهَو ال ّ
َوا ُّ
((3
ن{
ن َأْكَثُرُهخم ِبِهخم ّمْؤِمُنخو َ
جخ ّ
ن اْل ِ
ت َوِلّيَنخخا ِمخن ُدوِنِهخم َبخْل َكخاُنوا َيْعُبخُدو َ
ك َأنخ َ
حاَن َ
سْب َ
نَ ،قاُلوا ُ
َكاُنوا َيْعُبُدو َ
ن ِمخخن
ي ِإَلخ خَهْي ِ
خ خُذوِني َوُأّم خ َ
س اّت ِ
ت ِللّنخخا ِ
ت ُقل َ
ن َمْرَيَم َأَأن َ
سى اْب َ
عي َ
ل َيا ِ
وقوله سبحانه وتعالىَ } :وِإْذ َقاَل ا ُّ
سخي
عِلْمَتُه َتْعَلخُم َمخا ِفخي َنْف ِ
ت ُقْلُتُه َفَقْد َ
ق ِإن ُكن ُ
ح ّ
س ِلي ِب َ
ن َأُقوَل َما َلْي َ
ن ِلي َأ ْ
ك َما َيُكو ُ
حاَن َ
سْب َ
ل َقاَل ُ
ن ا ِّ
ُدو ِ
((4
فقل له :أعرفت أن الخ كّفخَر مخخن قصخخد الصخخنام وكّفخخر ب{
لُم اْلُغُيو ِ
عّ
ت َ
ك َأن َ
ك ِإّن َ
سَ
عَلُم َما ِفي َنْف ِ
َوَل َأ ْ
صالحين ،وقاتلهم رسول ال فإن قال الكفار يريدون منهم ،وأنا أشهد أن ال خ هخخو
ضا من قصد ال ّ
أي ً
صالحون ليس لهم من المر شيء ،ولكن أقصدهم أرجو من ال
النافع الضار المدبر ،ل أريد إل منه وال ّ
خُذوا ِمن ُدوِن خِه
ن اّت َ
شفاعتهم فالجواب :أن هذا قول الكفار سواًء بسواء واقرأ عليه قوله تعالىَ } :واّلِذي َ
ل خ {.((6
عن خَد ا ِّ
ش خَفَعاُؤَنا ِ ل ُزْلَفى { ((5وقوله تعالىَ }:وَيُقوُلو َ
ن َهخُؤلِء ُ َأْوِلَياَء َما َنْعُبُدُهْم ِإّل ِلُيَقّرُبوَنا ِإَلى ا ِّ
ضخخحها فخخي كتخخابه ،وفهمتهخخا فهًمخخا
واعلم أن هذه الشبه الثلث هي أكبر ما عندهم فإذا عرفخخت أن الخ و ّ
جيًدا فما بعدها أيسر منها [ ذكر الشيخ رحمه ال في هذا المقطع ثلث شبهات للمشركين هي من أهم مللا
عندهم ،فإذا عرفت الجابة الصحيحة عنها فما بعدها من الشبهات أيسر منها:
ىىىىىى ىىىىىى :أنهم يقولون نحن نشللهد أن ل إللله إل الل وأن محملًدا رسللول الل
ونعلم أنه ل ينفع ول يضر إل ال سبحانه وتعالى وأن النبي ل يملك نفعًللا ول ضلًرا فضل ً
ل عللن عبللد
القادر يعني عبد القادر الجيلني ،لكن هؤلء لهم جاه عند ال فنطلب من ال بهم يعني نجعلهم وسائط بيننا
وبين ال لما لهم من الفضل.
فالجواب سهل جًدا من كتاب ال بأن تقول إن المشركين مع أصنامهم ما كانوا يعتقدون فيها أنها تخلللق
ن ِمللن
وترزق وتنفع وتضر وإنما اتخذوها وسائط بينهم وبين ال وهذا واضح في قللوله تعلالىَ } :وَيْعُبلُدو َ
ل َيْعَللُم ِفلي
لل ِبَملا َ
ن ا َّ
ل َأُتَنّبُئو َ
لل ُقل ْ
عنلَد ا ِّ
شلَفَعاُؤَنا ِ
ن َهللُؤلِء ُ
ل َينَفُعُهلْم َوَيُقوُللو َ
ضلّرُهْم َو َ
ل َي ُ
لل َملا َ
ن ا ِّ
ُدو ِ
ن {.
شِرُكو َ
عّما ُي ْ
حاَنُه َوَتَعاَلى َ
سْب َ
ض ُ
لْر ِ
ل ِفي ا َ
ت َو َ
سَماَوا ِ
ال ّ
) (1السراء57:
) (5الزمر3:
) (6يونس18:
32
نّزه نفسه عن فعلهم وسماه شرًكا مع أنهم يقولون هؤلء شفعاؤنا عند ال ويعتقدون أنهم ل ينفعللون ول
يضرون وإنما قصدهم التعلق بالجاه فقلط .فاليلات تلدل عللى أن المشلركين معللترفون بلأنه ل يخللق ول
يرزق ول يدبر المر إل ال سبحانه وتعالى وأن أصنامهم ومعبوداتهم ل تخلللق ول تللرزق ول تللدبر مللع
ال وإنما اتخذوها وسائط .ول فرق بينكم وبينهم.
وإذا كنت مذنًبا فلماذا ل تستغفر ال وتطلب من ال ،وال جل وعل أمرك بالستغفار ووعدك بالتوبللة
وأن يقبل منك ويغفر ذنوبك ولم يقل إذا أذنبت فلاذهب إلللى قلبر الللولي الفلنللي أو العبللد الصلالح الفلنللي
وتوسل به واجعله واسطة بيني وبينك.
ضا :هؤلء إذا كان لهم جاه عند ال فإن جاههم لهم وصلحهم لهلم وأنلت ليلس للك إل عمللك
وتقول أي ً
ك ُأّملٌة
وصلح الصالحين لهم وجاههم عند ال لهم ما علقتك بعمل فلن وصلح فلن كل له عمللله } ِتْلل َ
((1
ل َمللا ُكنُتلْم
ن ِإ ّ
جلَزْو َ
} َول ُت ْ ن{
عّمللا َكللاُنوا َيْعَمُلللو َ
ن َ
سلَأُلو َ
ل ُت ْ
سلْبُتْم َو َ
ت َوَلُكللم ّمللا َك َ
سلَب ْ
ت َلَها َما َك َ
خَل ْ
َقْد َ
((2
فجاههم وصلحهم لهم ول ينفعك إذا كنت ملذنًبا حلتى واللدك أقلرب النلاس إليلك ووللدك ل ن{
َتْعَمُلو َ
ل ل {ُ } ،((3ك ل ّ
ل لْمُر َي لْوَمِئٍذ ِّ
شْيًئا َوا َ
س َ
ك َنْفسٌ ّلَنْف ٍ
يستطيع ولو كان من أصلح الناس أن ينفعك } َيْوَم ل َتْمِل ُ
(
ش لْيًئا {
عن َواِلِدِه َ
جاٍز َ
عن َوَلِدِه َول َمْوُلوٌد ُهَو َ
جِزي َواِلٌد َ
ل َي ْ
شْوا َيْوًما ّ
خَت َرِهيَنٌة {َ } .((4وا ْ
سَب ْ
س ِبَما َك َ
َنْف ٍ
حَبِتِه َوَبِنيِه {.((6
صا ِ
خيِهَ ،وُأّمِه َوَأِبيِهَ ،و َ َ } .(5يْوَم َيِفّر اْلَمْرُء ِم ْ
ن َأ ِ
ضلّرُهْم
ل َي ُ
ل َملا َ
ن ا ِّ
ن ِمن ُدو ِ
ىىىىىى ىىىىىىى :إذا قرأت عليه قوله تعالىَ } :وَيْعُبُدو َ
((7
خلُذوا مِللن ُدوِنلِه أَْوِلَيللاَء َمللا
ن اّت َ
وقللوله تعلالىَ } :واّللِذي َ لل {
عنلَد ا ِّ
شَفَعاُؤَنا ِ
ن َهلُؤلِء ُ
ل َينَفُعُهْم َوَيُقوُلو َ
َو َ
((8
وبّينت له أن المشركين ما أرادوا ممللن عبللدوهم إل الشللفاعة وقللال ل ُزْلَفى {
ل ِلُيَقّرُبوَنا ِإَلى ا ِّ
َنْعُبُدُهْم ِإ ّ
لك هذه اليات نزلت في الذين يعبدون الصنام وأنللا لسللت أعبللد الصللنام وإنمللا أتوسللل إليلله بالصللالحين
فكيف تجعل الصالحين أصناًما؟
والجواب عن هذا واضح جًدا وهو أن ال ذكر أن المشركين منهم ملن يعبلد الصلنام ومنهلم ملن يعبلد
الولياء والصالحين وسّوى ال بينهم في الحكم ولم يفّرق بينهللم وأنللت فّرقللت بينهللم ،فللي ظنللك أن عبللادة
الصنام ل تجوز وأن عبادة الصالحين تجللوز إذا كللانت بقصللد التوسللط ،والللدليل علللى هللذا أن الل ذكللر
جِميًعللا ُثلّم َيُقللولُ ِلْلَملِئَكلِة
شلُرُهْم َ
حُعا من المشركين فمنهم من يعبد الصالحين قلال تعللالى َ } :وَيلْوَم َي ْ
أنوا ً
ن َأكَْثُرُهم ِبِهم ّمْؤِمُنون
جّ
ن اْل ِ
ل َكاُنوا َيْعُبُدو َ
ت َوِلّيَنا ِمن ُدوِنِهم َب ْ
ك َأن َ
حاَن َ
سْب َ
نَ ،قاُلوا ُ
َأَهُؤلِء ِإّياُكْم َكاُنوا َيْعُبُدو َ
) (1البقرة134:
) (2يس54:
) (3النفطار19:
) (4المدثر38:
) (5لقمان33:
) (6عبس36-34:
) (7يونس18:
) (8الزمر3:
33
((9
في يوم القيامة ال جل وعل يسأل الملئكة وهو أعلم سبحانه وتعالى لكن لجل إبطال حجللة هللؤلء َ{
ن { فدل على أن منهم من يعبد الملئكة لكن الملئكة تتللبرأ منهللم يللوم القيامللة
} َأَهُؤلِء ِإّياُكْم َكاُنوا َيْعُبُدو َ
ن{
جل ّ
ل َكلاُنوا َيْعُبلُدونَ اْل ِ
ت َوِلّيَنا ِمن ُدوِنِهلم َبل ْ
ك َأن َ
حاَن َ
سْب َ
وتقول نحن ما أمرناهم بذلك ول رضينا بذلك } ُ
ل ِمْنُه لْم ِإّنللي
يعني الشياطين هي التي أمرتهم بعبادة الملئكة لن الملئكة ل تأمر إل بعبادة ال } َوَمن َيُق ل ْ
((1
فدل على أن منهم من يعبد الملئكة ،والملئكة ن{
ظاِلِمي َ
جِزي ال ّ
ك َن ْ
جَهّنَم َكَذِل َ
جِزيِه َ
ك َن ْ
ِإَلٌه ّمن ُدوِنِه َفَذِل َ
((2
ومنهللم مللن يعبللد ن{
ل َوُهللم ِبلَأمِْرِه َيْعمَُلللو َ
سلِبُقوَنُه ِبللاْلَقْو ِ
أصلح الصالحين ،كما قال تعالى فيهللم } :ل َي ْ
النبياء والصالحين كالمسيح ابن مريم وأمه.
وإذا بطلل التوسلل بالملئكللة والنبيلاء ودعللاؤهم ملن دون الل بطلل التوسلل بغيرهلم ملن الصلالحين
خُذوا ِمن ُدوِنِه َأْوِلَياَء َما َنعُْب لُدُهْم ِإ ّ
ل ن اّت َ
ص َواّلِذي َ
خاِل ُ
ن اْل َ
ل الّدي ُ
ودعاؤهم من دون ال كما قال تعالىَ } :أل ِّ
((3
ب كَّفللاٌر {
ن ُهلَو َكللاِذ ٌ
ل ل َيْهلِدي مَل ْ
ن ا َّ
ن إِ ّ
خَتِلُفو َ
حُكُم َبْيَنُهْم ِفي َما ُهْم ِفيِه َي ْ
ل َي ْ
ن ا َّ
ل ُزْلَفى ِإ ّ
ِلُيَقّرُبوَنا ِإَلى ا ِّ
لن الواجب إخلص العبادة ل عز وجل بجميع أنواعها من الدعاء والذبح والنذر وغير ذلك.
جا من الدين.
فمن ذبح لغير ال ودعا غير ال كان مشرًكا خار ً
ىىىىىى ىىىىىىى :إذا سّلم بأن الدعاء لغير ال شرك ولكنه قال أنا ل أدعو النللبي
ول غيره وهذا الذي أفعله ليس دعاًء وإنما هو طلب لشفاعة النبي وهل تنكر شللفاعة النللبي فإنللك
حينئٍذ تدخل معه في خصومة أخرى وشبهة أخرى وهي أنله سلمى دعلاء النلبي والسلتغاثة بله طلًبلا
للشفاعة ولم ُيسّمه دعاًء ويقول إن النبي ُ أعطي الشفاعة فأنا أطلب منه الشفاعة التي أعطيها.
فتقول له أنا ل أنكر الشفاعة وأقر أن شفاعة النلبي حلق وأنله شلافع مشلّفع أنلا ل أنكلر هلذا ولكلن
الشفاعة ل تطلب من النبي وهو ميت وإنما تطلب من ال لن الشللفاعة ملللك لل عللز وجللل ،قللال الل
((4
فجميع أنواع الشفاعة ملك ل ومللا دامللت ض{
لْر ِ
ت َوا َ
سَماَوا ِ
ك ال ّ
جِميًعا ّلُه ُمْل ُ
عُة َ
شَفا َ
ل ال ّ
تعالىُ } :قل ِّ
ملًكا ل فإنها ل تطلب إل ممن يملكها وهو ال سبحانه وتعالى ،والنبي ل يملك الشفاعة ول أحد يملللك
ضا الشفاعة ل تنفع كل أحد وإنما تنفللع أهللل التوحيللد
الشفاعة إل بإذن ال وإنما هي ملك ل عز وجل .وأي ً
وأنت لست من أهل التوحيد لنك تدعو غير ال فالشفاعة لها شرطان:
للللل للللل :أن تطلب من ال سبحانه وتعالى ول تطلب من غيره.
للللل لللللل :أن يكون المشللفوع فيله ملن أهلل التوحيلد ل مللن أهللل الشلرك والكفلر.
((5
وهو ل يرضى إل عللن أهللل ضى {
ن اْرَت َ
ل ِلَم ِ
ن ِإ ّ
شَفُعو َ
والدليل على الشرط الثاني قوله تعالىَ } :ول َي ْ
) (9سبأ41-40:
) (1النبياء29:
) (2النبياء27:
) (3الزمر3:
) (4الزمر44:
) (5النبياء28:
34
ل ِبلِإْذِنِه { ل الملئكللة ول الرسللل ول
عْنلَدُه ِإ ّ
شلَفُع ِ
التوحيد ودليللل الشللرط الول قللوله َ } :مللن َذا اّللِذي َي ْ
ل ُتْغِنللي
س لَماَواتِ َ
ك ِفللي ال ّ
الولياء ول الصالحون ل أحد يشفع عند ال إل بعد أن يأذن الَ } :وَكم ّمن مَّل ل ٍ
ضى {.((1
شاُء َوَيْر َ
ل ِلَمن َي َ
ن ا ُّ
ل ِمن َبْعِد َأن َيْأَذ َ
شْيئًا إ ّ
عُتُهْم َ
شَفا َ
َ
ي نبيك ،ل تطلبها
فل تطلب الشفاعة من المخلوق الميت ،وإنما تطلب الشفاعة من ال فتقول اللهم شّفع ف ّ
من الموات .وهذا الذي تقول إنه طلب للشفاعة هو الذي كّفللر الل بله المشللركين ،فلإن المشللركين حينمللا
لجؤوا إلى الولياء والصالحين وإلى الملئكة وإلى النبياء يطلبون منهم الشللفاعة كّفرهللم الل بللذلك فقللال
لل
ن ا َّ
ل َأُتَنّبُئو َ
لل ُقل ْ
عنَد ا ِّ
شَفَعاُؤَنا ِ
ن َهلُؤلِء ُ
ل َينَفُعُهْم َوَيُقوُلو َ
ضّرُهْم َو َ
ل َي ُ
ل َما َ
ن ا ِّ
ن ِمن ُدو ِ
تعالىَ} :وَيْعُبُدو َ
((2
فهذا الذي تقوله هو الذي كّفللر ن{
شِرُكو َ
عّما ُي ْ
حاَنُه َوَتَعاَلى َ
سْب َ
ض ُ
لْر ِ
ل ِفي ا َ
ت َو َ
سَماَوا ِ
ل َيْعَلُم ِفي ال ّ
ِبَما َ
ال به المشركين وهو عبادة الولياء والصالحين طلًبا لشفاعتهم.
] فإن قال :أنا ل أعبد إل ال ،وهذا اللتجاء إليهم ودعاؤهم ليس بعبادة [ يعنللي إذا كللان يعلترف أن
العبادة حق ل عز وجل وأنه ل يجوز عبادة غير ال ولكنه يقول اللتجاء ليس من العبادة فهو جائز.
فإنك تقول له :اللتجاء إلى ال عبادة واللتجاء إلى غير ال فيما ل يقدر عليه إل ال شرك لن من التجأ
إلى غير ال في الشدائد فقد أشرك مع ال فيما ل يقدر عليه إل ال سبحانه وتعالى ،لنلله هللو الللذي ُيجيللب
المضطر إذا دعاه ويكشف السوء وهو الملجأ سبحانه ولذا لجأ إليله النللبي حيللث يقللول» :ل ملجللأ ول
((4 ((3
جلاُر
جيلُر َول ُي َ
وقلوله تعلالى َ } :وُهلَو ُي ِ حلٌد {
لل َأ َ
ن ا ِّ
جيَرِنلي ِمل َ
ل ِإّني َلن ُي ِ
} ُق ْ منجا منك إل إليك«
عَلْيِه {.((5
َ
] فقل له :أنت تقر أن ال افترض عليك إخلص العبادة ل وهو حقه عليك ،فإنه ل يعرف العبادة ول
ن {.((6
ب اْلُمْعَتِدي َ
ح ّ
خْفَيًة ِإّنُه َل ُي ِ
عا َو ُ
ضّر ً
عوْا َرّبُكْم َت َ
أنواعها فبّينها له بقولك :قال ال تعالى } :اْد ُ
فإذا أعلمته بهذا فقل له :هل علمت أن هذا عبادة ل؟ فل بد أن يقول :نعم .والدعاء مخ العبادة :فقخخل
ل ونهاًرا خوًفا وطمًعا ،ثم دعوت في تلك الحاجخخة نبًيخخا أو غيخخره
له :إذا أقررت أنه عبادة ودعوت ال لي ً
هل أشركت في عبادة ال غيره؟ فل بد أن يقول نعم [ أي تسأله عن معنى العبادة وما الفرق بينهما وبيللن
اللتجاء.
وقل له :هل العبادة واجبة أو مستحبة؟ فل بد أن يعترف أن العبادة أمر واجب وحتم على العبللاد وأنهللا
سر لي العبادة ما معناها وبّين لي ما أنواعها ،ما دمت أنللك
حق ال على العباد ،فإذا اعترف بهذا فقل له :ف ّ
اعترفت أن العبادة ل وأنها واجبة على العبد فإنه يجب عليك أن تعرف معناهللا وأن تعللرف أنواعهللا وإل
) (1النجم26:
) (2يونس18:
) (3رواه المام البخاري في صحيحه 7/147كتاب الدعوات باب النوم على الشق اليمن من حديث البراء بن عازب رضي ال تعالى
عنه.
) (4الجن22:
) (5المؤمنون88:
) (6العراف55:
35
فكيف ُيوجب ال عليك شيًئا وأنت تجهله ول تعرفه ،فإنه ل يعرف العبادة ول يعرف أنواعهللا ،وهللذه آفللة
الجهل ،ومن هنا يتعين على العباد أن يتعلموا ما أوجب ال عليهم وما فرضه ال عليهم حتى يللؤدوه علللى
وجهه الصحيح ويتجنبوا ما ُيخل به وما يبطله ،أمللا أن تعبللد الل علللى جهللل فللإن هللذه طريقللة النصللارى
ص لَرا َ
ط الضالين يعبدون ال على جهل وضلل وال أمرك أن تسأله أن ُيجنبك طريقهم فتقول } :اهِدَنلللا ال ّ
((1
فالضللالون هلم الللذين ن{
ضللاّلي َ
ل ال ّ
عَليِهلمْ َو َ
ب َ
ضللو ِ
غيلِر الَمغ ُ
عَليِهلْم َ
ت َ
ن َأنَعمل َ
ط اّللِذي َ
صلَرا َ
الُمسَتِقيَمِ ،
يعبدون ال على غير علم وعلى غير معرفة بالعبادة وإنما يعبدون ال بالعادات والتقاليد وما وجدوا عليلله
آباءهم وأجدادهم دون أن يرجعوا إلى ما جاءت بلله الرسلل ونزلللت بله الكتللب وهللذا هلو سلبب الضلللل.
واللتجاء هو طلب الحماية من أمر مخّوف ل يدفعه إل الل .فهلو نلوع ملن أنلواع العبلادة ،والل سلبحانه
يجير ول يجار عليه ويعيذ من استعاذ به ،فمن التجأ إلى ميت فقللد عبللده مللن دون الل وكللذلك مللن أعظللم
ن { ((2وأنللت
ب اْلُمْعَت لِدي َ
حل ّ
ل ُي ِ
خْفَيًة ِإّن لُه َ
عا َو ُ
ضّر ً
عوْا َرّبُكْم َت َ
أنواع العبادة الدعاء حيث قال ال تعالى } :اْد ُ
بالتجائك إلى غير ال قد دعوت غير ال وهذا شرك.
((3
وأطعت ال ونحرت له ،هل هذا عبادة؟ فل بد حْر {
ك َواْن َ
صّل ِلَرّب َ
] فإذا عملت بقول ال تعالىَ } :ف َ
أن يقول :نعم ،فقل له :فإذا نحرت لمخلوق ،نبي أو جني أو غيرهما ،هل أشركت في هخخذه العبخخادة غيخخر
ال؟ فل بد أن يقر ويقول :نعم [ أي ل بد إذا تلوت عليلله اليللات والحللاديث بللأن الللدعاء عبللادة لبللد أن
يعترف فتقول له لو دعوت ال في الليل والنهار لكنك في بعض الحيان تدعو غير ال هل تكون مشرًكا؟
فل بد أن يعترف ويقول إنه مشرك لنه دعا غير ال ومن دعا غير ال فهو مشرك.
وإذا كان من دعا غير ال ولو مرة واحدة في العمر يكون مشرًكا مع أنه يللدعو الل فللي الليللل والنهللار
فكيف بالذي يلهج دائًما بذلك ويقول يا حسين ،يا بدوي ،يا عبد القادر ،يا فلن فيصدر منه الشرك كثيًرا.
فإذا كان من ذبح لغير ال أو صلى لغير ال يكون مشرًكا فكيف بمن يلجأ إلى غير ال في كشف الشدائد
أل يكون مشرًكا؟ بلى لن الباب واحد وأنواع العبادة كلها بابها واحد ل يجوز أن يخلص ل ل فللي بعضللها
ويشرك بال في البعض الخر.
صخالحين واللت
ضا :المشركون الذين نزل فيهم القخرآن هخل كخانوا يعبخدون الملئكخة وال ّ
] وقل له أي ً
وغير ذلك؟ فل بد أن يقول :نعم فقل لخخه :وهخخل كخخانت عبخخادتهم إيخخاهم إل فخخي الخخدعاء والذبخخح واللتجخخاء
ونحو ذلخك .وإل فهخم مقخرون أنهخم عبيخده وتحخت قهخره وأن الخ هخو الخذي يخدّبر المخر ولكخن دعخوهم
والتجؤوا إليهم للجاه والشفاعة وهذا ظاهر جًدا [ أي أن المشركين الولين ما كللان شللركهم إل فللي هلذه
المور وقد نزل القرآن في النكار عليهم والمر بقتالهم وإباحة أموالهم ودمائهم .مللا كللانوا ملع أصلنامهم
يعتقدون أنها تخلق وترزق وتحيي وتميت وما كانوا يدعونها إل مللن أجللل الشللفاعة ،فكللذلك عّبللاد القبللور
اليوم يدعون الضلرحة والوليلاء والصللالحين ول يعتقللدون فيهللم أنهلم يخلقلون ويرزقلون وأنهللم خلقللوا
) (1الفاتحة7-6:
) (2العراف55:
) (3الكوثر2:
36
السماوات والرض وإنما اتخذوهم لقضاء الحاجات والتوسل بهم إلى ال ليشفعوا لهم ويقربوهم إليه زلفى
واللتجاء إليهم في كشف الكرب والشدائد.
] فإن قال :أتنكر شفاعة رسول ال وتبرأ منها .فقل ل أنكرها ول أتبرأ منها .بل هو ال ّ
شافع
((1
عُة جَِميًعخخا {
شخَفا َ
لخ ال ّ
والمشّفع وأرجو شفاعته ،ولكن الشفاعة كلها ل تعالى كما قخخال تعخخالىُ } :قخخل ِّ
عْنَدُه ِإّل ِبِإْذِنِه { ((2ول يشفع النبي في
شَفُع ِ
ول تكون إل بعد إذن ال كما قال تعالىَ } :من َذا اّلِذي َي ْ
((3
وهو سبحانه ل يرضخخى ضى {
ن اْرَت َ
ن ِإّل ِلَم ِ
شَفُعو َ
أحد إل بعد أن يأذن ال فيه ،كما قال تعالىَ } :ول َي ْ
((4
فإذا كانت الشفاعة كلها ل خ لِم ِديًنا َفَلن ُيْقَبَل ِمْنُه {
سَ
غْيَر اِل ْ
إل التوحيد ،كما قال تعالىَ } :وَمن َيْبَتِغ َ
ول تكون إل من بعد إذنه ،ول يشفع النبي ول غيره في أحد حتى يخخأذن ال خ فيخخه ،ول يخخأذن ال خ إل
لهل التوحيد تبّين لك أن الشفاعة كلها ل وأطلبها منه فأقول :اللهخّم ل تحرمنخخي شخخفاعته اللهخمّ ش خّفعه
ي ،وأمثال هذا [ شفاعة النبي ل ينكرها إل أهل الباطل ،والفرق الضالة كالخوارج والمعتزلة ،أمللا
فّ
أهل السنة والجماعة فإن من أصول عقيلدتهم القلرار بشلفاعة النلبي وشلفاعة الوليلاء والصلالحين،
ولكنها ل تطلب منهم وهم أموات وإنما تطلب من ال لن أحًدا ل يشفع عند ال إل مللن بعللد إذنلله ،ول بللد
أن يكون المشفوع فيه ممن يرضى ال عنه من أهل التوحيد ،والنبي وهو أعظم الشفعاء يوم القيامللة،
إذا تقدم له أهل المحشر وطلبوا منه أن يشفع لهم عند ال في فصللل القضللاء بينهللم ،فللإنه ل يشللفع ابتللداء،
وإنما يستأذن ربه ويطلب منه أن يأذن له بالشللفاعة فيخلّر سللاجًدا بيللن يللدي ربلله ويللدعوه ويتضللرع إليلله
ل تعطه واشفع تشّفع ((5ولكن كيف تطلب الشفاعة؟.
ويستمر حتى يقال له :يا محمد ارفع رأسك وس ْ
ي.
الشفاعة تطلب من ال ول تطلب من المخلوق فتقول :اللهم ل تحرمني شفاعة نبيللك ،اللهللم ش لّفعه ف ل ّ
وأمثال هذا .والنبي بعد موته ل يطلب منه شيء ل شفاعة ول غيرها لن طلب الشياء من المللوات
شرك أكبر.
] فإن قال :النبي أعطي الشفاعة وأنخا أطلبخه ممخا أعطخخاه الخ تعخخالى .فخخالجواب :أن الخ أعطخاه
((6
فخإذا كنخت تخدعو الخ أن يشخّفع نخبّيه حًدا {
ل َأ َ
عوا َمَع ا ِّ
الشفاعة ونهاك عن هذا فقال تعالىَ } :فل َتْد ُ
ضا ،فإن الشفاعة أعطيها غير النبي فصخح أن
حًدا { ،وأي ً
ل َأ َ
عوا َمَع ا ِّ
فيك فأطعه في قولهَ } :فل َتْد ُ
) (1الزمر44:
) (2البقرة255:
) (3النبياء28:
حللا ِإَلللى َقلْوِمِه { ،وانظللر مسلللم ) (5انظر صحيح البخاري ،4/105ل 106كتاب أحاديث النبياء باب قول ال تعالىِ } :إّنللا َأْر َ
سلْلَنا ُنو ً
186-1/184كتاب اليمان من حديث أبي هريرة رضي ال عنه باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها كلهما من حللديث أبللي هريللرة رضللي
ال عنه.
) (6الجن18:
37
الملئكة يشفعون ،والفراط ((7يشخفعون والوليخاء يشخفعون أتقخول :إن الخ أعطخاهم الشخفاعة وأطلبهخا
منهم فإن قلت هذا رجعت إلى عبادة الصالحين التي ذكرها ال في كتابه .وإن قلت ل بطل قولك :أعطخخاه
ال الشفاعة وأنا أطلبه مما أعطاه ال [ أي ليس من لزم إعطاء النبي وغيره الشفاعة جواز طلبهللا
منهم وهم أموات بدليل أن ال سبحانه وتعالى نفي أن يشفع أحد عنده إل بإذنه ورضاه عللن المشللفوع فيلله
ولن طلب الشفاعة من الموات شرك وال قد حرم الشرك وأحبط عمل صاحبه وحرم عليه الجنللة ،وقللد
أنكر سبحانه على الذين يدعون غيره ويقولون هؤلء شفعاؤنا عند ال ونّزه نفسه عن ذلك وسللماه شللرًكا.
صا بالنبي فهل كل من أعطي الشفاعة تطلب منه من دون ال كمللا
ضا إعطاء ال الشفاعة ليس خا ً
وأي ً
ل {.((1
عنَد ا ِّ
شَفَعاُؤَنا ِ
ن َهلُؤلِء ُ
كان المشركون الولون يفعلون ذلكَ } ،يُقوُلو َ
صالحين ليس بشخرك .فقخل لخه :إذا
] فإن قال :أنا ل أشرك بال شيًئا حاشا وكل ولكن اللتجاء إلى ال ّ
كنت تقر أن ال حّرم الشرك أعظم من تحريم الزنى ،وتقّر أن ال ل يغفره ،فما هخخذا المخخر الخخذي حرمخخه
ال وذكر أنه ل يغفره ،فإنه ل يدري فقل له :كيف تبرئ نفسك من الشرك وأنخخت ل تعرفخخه؟ كيخخف يحخخرم
ال عليك هذا ويذكر أنه ل يغفره ول تسأل عنه ول تعرفه؟ أتظن أن ال يحّرمه ول يبّينه لنا؟ فإن قخخال:
الشرك عبادة الصنام ونحن ل نعبد الصنام فقل له :ما معنى عبخخادة الصخخنام؟ أتظخخن أنهخخم يعتقخخدون أن
تلك الخشاب والحجار تخلق وترزق وتدّبر أمر من دعاها؟ فهذا يكّذبه القرآن ،وإن قال :هو من قصخخد
خشبًة أو حجًرا أو بنية على قبٍر أو غيره يدعون ذلك ويذبحون له يقولخون :إنخه يقربنخخا إلخى الخ زلفخى
ويدفع ال عنا ببركته ويعطينا ببركته فقل صدقت وهذا هو فعلكم عند الحجار والبنية التي على القبور
وغيرها فهذا أقر أن فعلهم هذا هو عبادة الصنام فهو المطلوب.
ضا :قولك) :الشرك عبادة الصنام( هل مرادك أن الشرك مخصوص بهخخذا ،وأن العتمخخاد
ويقال له أي ً
صالحين ودعاَءهم ل يدخل في ذلك؟ فهذا يرّده مخخا ذكخخر الخ فخخي كتخخابه مخخن كفخخر مخخن تعلخخق علخخى
على ال ّ
صخخالحين فهخذا
صالحين ،فل بد أن يقر لك أن من أشرك في عبادة ال أحًدا من ال ّ
الملئكة أو عيسى أو ال ّ
هو الشرك المذكور في القرآن وهذا هو المطلوب.
وسر المسألة أنه إذا قال :أنا ل أشرك بال فقل له :وما الشرك بال ،فسره لي؟ فإن قال :هخخو عبخخادة
الصنام فقل وما معنى عبادة الصنام فسرها لي :فإن قال :أنا ل أعبد إل ال فقل :مخخا معنخخى عبخخادة الخ
سرها بما بّينه القرآن فهو المطلوب ،وإن لم يعرفه فكيف يّدعي شيًئا وهو ل يعرفه؟
فسرها لي؟ فإن ف ّ
وإن فسر ذلك بغير معناه ،بّينت له اليات الواضحات في معنى الشرك بال وعبادة الوثان وأنه الذي
يفعلونه في هذا الزمان بعينه ،وأن عبادة ال وحده ل شريك له هي التي ينكرون علينا ويصخخيحون فيخخه
((2
[ يبّين الشيخ رحمه ب{
جا ٌ
عَيٌء ُ
ش ْ
ن هََذا َل َ
حًدا ِإ ّ
جَعَل الِلَهَة ِإَلًها َوا ِ
كما صاح إخوانهم حيث قالواَ } :أ َ
ال أن الشرك ليس مقصوًرا على عبادة الصنام لن المشركين الولين منهم من يعبد الملئكة والملئكللة
) (7الفراط :هم الولد الصغار الذين ماتوا قبل آبائهم .انظر لسان العرب 7/366مادة »فرط«.
) (1يونس18:
) (2ص5:
38
نَ ،يعَْلمُ َمللا َبْي ل َ
ن ل َوُهم ِبَأمِْرِه َيْعمَُلو َ
سِبُقوَنُه ِباْلَقْو ِ
ن ،ل َي ْ
عَباٌد ّمْكَرُمو َ
ل ِ
أصلح الصالحين كما قال تعالىَ } :ب ْ
ل مِْنُهْم ِإّني ِإَلٌه ّمللن ُدوِن لِه
نَ ،وَمن َيُق ْ
شِفُقو َ
شَيِتِه مُ ْ
خْ
ن َ
ضى َوُهم ّم ْ
ن اْرَت َ
ل ِلَم ِ
ن ِإ ّ
شَفُعو َ
خْلَفُهْم َول َي ْ
َأْيِديِهْم َوَما َ
ن {.((1
ظاِلِمي َ
جِزي ال ّ
ك َن ْ
جَهّنَم َكَذِل َ
جِزيِه َ
ك َن ْ
َفَذِل َ
سلليَلَة َأّيُهلْم
ن ِإَلى َرّبهُِم اْلَو ِ
ن َيْبَتُغو َ
عو َ
ن َيْد ُ
ك اّلِذي َ
ومنهم من يعبد الصالحين وذلك في قوله تعالىُ } :أوَللِئ َ
عَذاَبُه { ((2قيل إنها نزلت فيمن يعبد عزيًرا والمسيح مللن النبيللاء .وقيللل
ن َ
خاُفو َ
حَمَتُه َوَي َ
ن َر ْ
جو َ
ب َوَيْر ُ
َأْقَر ُ
نزلت في قوم كانوا يعبدون الجن فأسلم الجن ،ولم يعلم من يعبدهم من النس أنهم أسلموا.
والمقصود من ذلك أن ال ذكر أن المشركين الولين منهم من يعبد الصنام والشجار والحجار ومنهم
من يعبد النبياء والصالحين ،وسّوى بينهم في الحكم وحكم عليهم بالكفر والشرك .وأنت أيها المشبه تريللد
أن تفرق بين من عبد الصنام ومن عبد الصالحين فتفرق بين ما جمع الل وهلذا ملن المحلاّدة لل سلبحانه
وتعالى .هذا وجه رد هذه الشبهة حيث تبّين أنه ل فرق بين شللرك الّوليللن وشللرك هللؤلء الللذين يلّدعون
السلم وهم يعبدون القبور والولياء والصالحين لنهم ل يعرفون أن هذا شرك وهذه نتيجة الجهل بعقيدة
التوحيد الصحيحة والجهل بما يضادها من الشرك فإن من ل يعرف الشرك يقع فيه وهللو ل يللدري .ومللن
هنا تتضح ضرورة العناية بدراسة العقيدة الصحيحة وما يضادها.
] فإذا عرفت أن هذا الذي يسميه المشركون في زماننا العتقاد هخخو الشخخرك الخخذي نخخزل فيخخه القخخرآن
وقاتل رسول ال الناس عليه فاعلم أن شرك الولين أخف من شرك أهل زماننخا بخأمرين :أحخدهما:
ش خّدة
أن الولين ل يشركون ول يدعون الملئكة والولياء والوثان مع ال خ إل فخخي الرخخخاء وأمخخا فخخي ال ّ
جاكُمْ ِإَلى
ن ِإّل ِإّياُه َفَلّما َن ّ
عو َ
ضّل َمن َتْد ُ
ضّر ِفي اْلَبحِْر َ
سُكُم اْل ّ
فيخلصون ل الدين كما قال تعالىَ } :وِإَذا َم ّ
((3
غْي خَر
عُة َأ َ
سخخا َ
ل َأْو َأَتْتُكُم ال ّ
ب ا ِّ
عَذا ُ
ن َأَتاُكْم َ
وقولهُ } :قْل َأَرَأْيَتُكم ِإ ْ ن َكُفوًرا {
سا ُ
ن اِلْن َ
ضُتْم َوَكا َ
عَر ْ
اْلَبّر َأ ْ
((4
ن{
شخِرُكو َ
ن َمخخا ُت ْ
سْو َ
شاَء َوَتن َ
ن َ
ن ِإَلْيِه ِإ ْ
عو َ
ف َما َتْد ُ
ش ُ
ن َفَيْك ِ
عو َ
ن * َبْل ِإّياُه َتْد ُ
صاِدِقي َ
ن ِإن ُكنُتْم َ
عو َ
ل َتْد ُ
ا ِّ
((5
ع خُوا
ظَلِل َد َ
ج َكال ّ
شَيُهم ّمْو ٌ
غ ِ
وقولهَ } :وِإَذا َ عا َرّبُه ُمِنيًبا ِإَلْيِه {
ضّر َد َ
ن ُ
سا َ
س اِلن َ
وقال تعالىَ } :وِإَذا َم ّ
ن { [.((6يقول الشيخ رحملله اللل :إذا عرفللت ممللا سللبق أنلله ل فللرق بيللن شللرك أهللل
ن َلُه الّدي َ
صي َ
خِل ِ
ل ُم ْ
ا َّ
الجاهلية الذي نزل فيه القرآن والذي قاتل رسول ال وأصحابه وشرك هؤلء المنتسبين إلى السلللم
من عّباد القبور وأصحاب الطرق الصوفية المنحرفة ونحوهم ل فرق بيللن شللرك هللؤلء وهللؤلء إل فللي
السم حيث يسمونه العتقاد فقط ،فاعلم أن شرك هؤلء المتأخرين المنتسبين إلى السلم أشد وأغلظ مللن
شرك المتقدمين من أهل الجاهلية من وجهين:
) (1النبياء29-26:
) (2السراء57:
) (3السراء67:
) (4النعام41-40:
) (5الزمر8:
) (6لقمان32:
39
الول :أن شرك الولين إنمللا يحصلل فللي حلال الرخللاء وأمللا فللي حللال الشللدة فللإنهم يللتركون الشللرك
ويخلصون الدعاء ل لعلمهم أنه ل ينجي من الشدائد إل ال سبحانه ،كما ذكر الل عنهللم فللي اليللات الللتي
ساقها الشيخ وغيرها؛ وأما هؤلء المشركون المنتسبون إلى السلم فشركهم دائم في الرخللاء والشلدة بلل
إن شركهم في الشدة يزيد على شركهم في الرخاء ،بحيث إذا وقعوا في خطر وشللدة ،ارتفعللت أصللواتهم
بالشرك ودعاء غير ال.
هذا هو الوجه الول من وجوه الفرق بين المشركين الولين ومشركي زماننا.
والوجه الثاني :سيأتي.
] فمن فهم هذه المسألة التي وضحها ال في كتابه وهي أن المشركين الذي قاتلهم رسول ال يدعون
ال تعالى ويدعون غيره فخي الرخخخاء وأمخخا فخخي الضخخر والشخخدة فل يخخدعون إل الخ وحخخده ل شخخريك لخخه،
وينسون ساداتهم تبّين له الفرق بين شرك أهل زماننا وشرك الوليخخن ولكخخن ،أيخخن مخخن يفهخخم قلبخخه هخذه
خا؟! وال المستعان [ يقول رحمه ال :إنه ل يدرك الفرق بين شللرك الوليللن وشللرك
المسألة فهًما راس ً
المتأخرين في أن شرك المتأخرين أغلظ وأشد ،إل من فهم اليات القرآنية التي توضح ذلك ومن لم يدرك
الفرق فإنه راجع لسوء فهمه.
سا مقّربين عند ال إما أنبياء وإما أولياء ،وإما ملئكة،
] والمر الثاني أن الولين يدعون مع ال أنا ً
سخخا مخخن أفسخخق
أو يدعون أشجاًرا أو أحجاًرا مطيعة ل ليست عاصية وأهخخل زماننخخا يخخدعون مخخع الخ أنا ً
الناس ،والذين يدعونهم هم الذين يحكمون عنهم الفجور من الزنا والسرقة وترك الصلة وغيخخر ذلخخك [
سا فيهم صلح وتقرب إلى ال من الملئكة
الوجه الثاني :من أوجه الفرق أن المشركين الولين يدعون أنا ً
والنبياء والصالحين أو يدعون أشجاًرا أو أحجاًرا ليست عاصية ل .وأما المشركون المتأخرون فيدعون
فجرة الخلق وأشدهم كفًرا وفسًقا ممن يزعمون لهم الكرامات وسقوط التكاليف عنهم من ملحدة الصوفية
الللذين يسللتحلون المحرمللات ويللتركون الواجبللات كالبللدوي والحلج وابللن عربللي وأضللرابهم مللن أئمللة
الملحدة ،فيعبدونهم وهم يشاهدونهم يفعلون الفواحش ويتركون الفرائض ويزعمون أن هذا من كرامتهللم
وفضلهم حيث سقطت عنهم التكاليف.
صالح أو الذي ل يعصي مثل الخشب والحجر أهون ممن يعتقد فيمن ُيشاهد فسقه
] والذي يعتقد في ال ّ
وفساده ويشهد به [ هذه نتيجة المقارنة بين شرك الولين وشرك المتأخرين المنتسبين إلى السلم وهي
أن الشلرك بعبللادة الصللالحين والمخلوقلات الللتي ل تعصلي أخلف ملن الشلرك بعبلادة الفجلرة والملحلدة
حا وكرامللة وأي
والعصاة لن ذلك يدل على تزكيتهم ومللوافقتهم علللى كفرهللم وفجللورهم واعتبللاره صللل ً
محادة ل أشد من هذه المحادة نسأل ال العافية.
] إذا تحّققت أن الذين قاتلهم رسول ال أصح عقوًل وأخف شرًكا من هؤلء ،فخخاعلم أن لهخخؤلء
شبهة يوردونها على ما ذكرنا وهي من أعظخخم شخخبههم فأصخخغ سخخمعك لجوابهخخا وهخخي أنهخخم يقولخخون إن
الذين نزل فيهم القرآن ل يشهدون أن ل إلخخه إل الخ ويكخّذبون الرسخخول وينكخخرون البعخخث ويكخّذبون
40
القرآن ويجعلونه سحًرا ونحن نشهد أن ل إله إل الخ وأن محمخًدا رسخول الخ ونصخخدق القخرآن ونخؤمن
بالبعث ونصلي ونصوم فكيف تجعلوننا مثل أولئك؟
فالجواب أن ل خلف بين العلماء كلهم أن الرجل إذا صّدق رسول ال في شيء وكّذبه في شيء
فإنه كافر لم يدخل في السلم وكذلك إذا آمن ببعض القخخرآن وجحخخد بعضخخه ،كمخخن أقخّر بالّتوحيخخد وجحخخد
وجوب الصلة أو أقّر بالتوحيد والصلة وجحد وجوب الزكاة أو أقّر بهذا كله وجحد الصوم أو أقّر بهخخذا
حخ ّ
ج س ِ
عَلى الّنا ِ كله وجحد الحج ولما لم ينقد أناس في زمن النبي للحج أنزل ال في حقهمَ } :و ِّ
ل َ
ن {.((1
ن اْلَعاَلِمي َ
عِ
ي َ
غِن ّ
ن ال َ
ل َوَمن َكَفَر َفِإ ّ
سِبي ً
ع ِإَلْيِه َ
طا َ
سَت َ
نا ْ
ت َم ِ
اْلَبْي ِ
ن ِبا ِّ
ل ن َيْكُفُرو َ
ن اّلِذي َ
ومن أقر بهذا كله وجحد البعث كفر بالجماع وحل دمه وماله كما قال تعالىِ } :إ ّ
خخُذوْا
ن َأن َيّت ِ
ض َوُيِريخُدو َ
ض َوَنْكُفخُر ِبَبْعخ ٍ
ن ِبَبعْ ٍ
ن ُنْؤِم ُ
سِلِه َويُقوُلو َ
ل َوُر ُ
ن ا ِّ
ن َأن ُيَفّرُقوْا َبْي َ
سِلِه َوُيِريُدو َ
َوُر ُ
حّقا {.((2
ن َ
ك ُهُم اْلَكاِفُرو َ
لُ ،أْوَلخِئ َ
سِبي ً
ك َ
ن َذِل َ
َبْي َ
فإذا كان ال قد صرح في كتابه أن من آمن ببعض وكفر ببعض فهو الكخخافر حًقخخا زالخخت هخخذه الشخخبهة
وهذه هي التي ذكرها بعض أهل الحساء في كتابه الذي أرسله إلينا.
ضا :إذا كنت تقّر أن من صّدق الرسول في كل شيء وجحد وجخخوب ال ّ
صخخلة فهخخو كخخافر ويقال أي ً
حلل الدم والمال بالجماع ،وكذلك إذا أقّر بكل شيء إل البعث ،وكذلك لخو جحخد وجخوب صخوم رمضخخان
وصّدق بالباقي وهنا ل تختلف المذاهب فيه وقد نطق به القرآن كما قدمنا .فمعلوم أن التوحيد هو أعظم
فريضة جاء بها النبي وهو أعظم من الصلة والزكاة والصوم والحج .فكيف إذا جحد النسان شيًئا
من هذه المور؟ كفر ولو عمل بكل ما جاء به الرسول ، وإذا جحد التوحيخخد الخخذي هخخو ديخخن الرسخخل
كلهم ل يكفر؟! سبحانه ال ما أعجب هذا الجهل!
ضا :هؤلء أصحاب رسول ال قاتلوا بني حنيفة وقد أسلموا مع النبي وهم يشهدون
ويقال أي ً
أن ل إله إل ال وأن محمًدا رسول ال ويؤّذنون ويصّلون فإن قال إنهم يقولون إن مسليمة نبي قلنا هذا
ل إلى رتبة النبي كفر وحل ماله ودمه ولخخم تنفعخخه الشخهادتان ول
هو المطلوب .إذا كان من رفع رج ً
الصلة فكيف بمن رفع شمسان أو يوسف أو صحابًيا أو نبًيا إلى رتبة جبار السماوات والرض سبحان
ن {.((3
ب اْلَكاِفِري َ
ى ُقُلو ِ
عَل َ
ل َ
طَبُع ا ُّ
ك َي ْ
ال ما أعظم شأنهَ } :كَذِل َ
ضا :الذين حّرقهم علي بن أبي طالب رضي ال عنه بالّنخخار كلهخخم يخّدعون السخخلم وهخخم مخخن
ويقال أي ً
أصحاب علي رضي ال عنه وتعلموا العلم من الصحابة ولكن اعتقدوا في علي مثل العتقاد في يوسف
وشمسخخان وأمثالهمخخا ،فكيخخف أجمخخع الصخخحابة علخخى قتلهخخم وكفرهخخم؟ أتظنخخون أن الصخخحابة يكّفخخرون
المسلمين؟ أتظنون أن العتقاد في تاج وأمثاله ل يضر والعتقاد في علي بن أبي طالب يكّفر؟
41
ضا :بنو عبيد القداح الذين ملكوا المغرب ومصر في زمان بني العباس كلهم يشخخهدون أن ل
ويقال أي ً
إله إل ال وأن محمًدا رسول ال ويّدعون السلم ويصخخلون الجمعخخة والجماعخخة ،فلمخخا أظهخخروا مخالفخخة
الشريعة في أشياء دون ما نحن فيه أجمع العلماء على كفرهم وقتالهم وأن بلدهخم بلد حخخرب وغزاهخخم
المسلمون حتى استنقذوا ما بأيديهم من بلدان المسلمين.
ضا :إذا كان الولون لم يكفروا إل أنهم جمعخخوا بيخخن الشخخرك وتكخخذيب الرسخخول والقخخرآن
ويقال أي ً
وإنكار البعث وغير ذلك فما معنى البخخاب الخخذي ذكخره العلمخاء فخي كخل مخذهب )بخاب حكخخم المرتخخد( وهخو
عا كثيرة ،كل نوع منها يكّفخر ويحخل دم الرجخل ومخاله حختى إنهخم
المسلم يكفر بعد إسلمه ثم ذكروا أنوا ً
ذكروا أشياء يسيرة عند من فعلهخا مثخخل كلمخخة يخذكرها بلسخانه دون قلبخه أو يخخذكرها علخى وجخخه المخخزح
واللعب.
لِمِهمْ
سَ
ل َما َقاُلوْا َوَلَقْد َقاُلوْا َكِلَمَة اْلُكْفِر َوَكَفُروْا َبْعَد ِإ ْ
ن ِبا ِّ
حِلُفو َ
ضا :الذين قال ال فيهم َ } :ي ْ
ويقال أي ً
{.((1
أما سمعت ال كّفرهم بكلمة مع كخخونهم فخخي زمخخن رسخخول الخ ويجاهخخدون معهخخم ويصخّلون معخخه
حدون.
جون ويَو ّ
ويزّكون ويح ّ
سخوِلِه
ل َوآَيخخاِتِه َوَر ُ
ب ُقخْل َأِبخخا ِّ
ض َوَنْلَع ُ
خو ُ
ن ِإّنَما ُكّنا َن ُ
سَأْلَتُهْم َلَيُقوُل ّ
وكذلك الذين قال ال فيهمَ } :وَلِئن َ
طآِئَف خًة ِبخَأّنُهْم َكخخاُنوْا
ب َ
طآِئَفخٍة ّمنُك خْم ُنَعخّذ ْ
عخخن َ
ف َ
نَ ،ل َتْعَتِذُروْا َقْد َكَفْرُتم َبْعَد ِإيَماِنُكْم ِإن ّنْع ُ
سَتْهِزُؤو َ
ُكنُتْم َت ْ
فهؤلء الذي صّرح ال أنهم كفروا بعد إيمانهم وهم مع رسول الخ فخي غخخزوة تبخخوك ((2
ن{
جِرِمي َ
ُم ْ
قالوا كلمة ذكروا أنهم قالوها على وجه المزح ، ((3فتأمل هذه الشبهة هي قولهم تكّفرون من المسخخلمين
سا يشهدون أن ل إله إل ال ويصلون ويصومون ثم تأمل جوابها فإنه من أنفع ما في هذه الوراق [
أنا ً
ما زال الشيخ رحمه ال يواصل الرد على شبهات المشبهين في مسألة الشرك والتوحيد ،فانتهى إلللى هللذه
الشبهة العظيمة التي هي من أعظم شبههم وأخطرهللا أل وهللي قللولهم إن مللن شللهد أن ل إللله إل الل وأن
محمًدا رسول ال وصلى وصام وحج وأدى العمال ،فإنه ل يكفر ولو فعل ما فعل من أنللواع الللردة .أمللا
الذين نزل فيهم القرآن وهم المشركون الولون فإنهم ليسوا مثل هللؤلء فهللم لللم يشللهدوا أن ل إللله إل الل
وأن محمًدا رسول ال ولم يدخلوا في السلم فهم ل يؤمنون بال ول بالرسول ول بالسلللم ول بللالقرآن،
أما هؤلء فأظهروا اليمان بالبعث ويصلون ويصومون ويحجون ويزكون ويذكرون ال ل كللثيًرا .فالشلليخ
رحمه ال عند هذه الشبهة خاصة قال :أصغ سمعك لجوابها فإنها من أعظم شبههم.
ثم رّد الشيخ على هذه الشبهة من سبعة وجوه مهمة:
ىىىىى ىىىىى:
42
أنه من آمن ببعض الحكام الشرعية وكفر ببعضها الخر فهو كافر بالجميع .وهللؤلء أنكللروا التوحيللد
الذي جاءت به الرسل وهو إفراد ال بالعبادة فهؤلء لم يفردوا ال بالعبادة وإنمللا أشللركوا معلله غيللره مللن
الولياء والصلالحين فالسللم ل يقبلل التجلزئة ول التفرقللة وأعظللم السللم التوحيلد وهلو دعلوة جميلع
الرسل ،وهؤلء جحدوا أعظم شيء وهو توحيد العبادة وقالوا ل بأس أن ينذر النسان لفلن ويذبللح لفلن
ي ينفع ويضر مما هو مثل فعل المشركين الولين.
لنه ولي والول ّ
ىىىىى ىىىىىى:
ذكر الشيخ رحمه ال وقائع في التاريخ السلمي تدل على أن العلماء في كل زمان يكّفللرون مللن آمللن
ببعللض وكفللر ببعللض .منهللا أن الصللحابة ومللن بعللدهم قللاتلوا الللذين يتظللاهرون بالشللهادتين ويصلللون
ويصومون ويحجون لكن لما فعلوا شيًئا من الشرك أو جحدوا شيًئا ملن اللدين قلاتلوهم واسلتحّلوا دملاءهم
وأموالهم وذلك كما يلي:
ل :بنو حنيفة اعتقدوا أن مسيلمة رسول ال والذين جحدوا وجوب الزكاة بعد وفاة النبي .
لللل
لل :في عهد علي رضي ال عنه كّفروا الغلة الذين قالوا إن علًيا هو ال مع أنهم يشهدون
للللل
أن ل إله إل ال وأن محمًدا رسول ال ويصلون ويصومون وهم في جند علي رضللي الل عنلله ،لكللن لمللا
أظهروا الغلو حّرقهم علي رضي ال عنه مع أنهم يشهدون أن ل إله إل ال ولكنه حّرقهلم لملا اعتقلدوا أن
صا له حق في اللوهية كّفرهم وحرقهم بالنار.
شخ ً
لل :في عهد العباسيين ظهرت فرقة العبيديين ،وهم طائفة الشيعة السماعيلية لنهم ينتسبون
لللل
إلى إسماعيل بن محمد بن جعفر ،ولذلك سموا بالسماعيلية وسموا الفاطمية لنهم يزعمون أنهم من ذرية
فاطمة ولذلك يقال لهم الفاطميون ،وفي الحقيقة أنهم من اليهود أظهروا السلم ولكن ظهر منهلم كفريلات
وفي النهاية ادعى حكامهم اللوهية مثل الحاكم العبيدي.
فالصحابة قاتلوا بني حنيفة وهم يشهدون أن ل إله إل ال وأن محمًدا رسول الل ويصلومون ويحجللون
لكن لما ادعوا أن مسيلمة نبي كّفروهم لن من اعتقد في شخص بعد محمد أنه نبي فقد كفللر وإن كللان
يصلي ويصوم ولذلك حكم المسلمون اليوم بكفر القاديانية الذين يدعون نبوة أحمد القادياني .فإذا كللان مللن
عللا
ل إلى مرتبة رب العالمين وصرف للله أنوا ً
ل إلى مرتبة النبي كفر فكيف ل يكفر من رفع رج ً
رفع رج ً
جللا وشمسللان ويوسللف
من العبادة كالذبح والنذر والدعاء والستغاثة وغير ذلك؟ وقول الشيخ كمللا رفللع تا ً
ناس في زمانه غل فيهم الناس بحجة أنهم أولياء ولهم شعوذات وخوارق وهم علللى طريقللة الحلج وابللن
عربي.
ىىىىى ىىىىىى:
أن العلماء رحمهم ال عقدوا باًبا في كتب الفقه سموه باب الردة وذكروا فيه نللواقض السلللم وذكللروا
أشياء قد تكون صغيرة في أعين الناس ولكن حكموا أن من فعلها أو اعتقدها يكفر مع أنه يصلللي ويصللوم
ويعبد ال ،ولم يحصروا حصول الردة فيما ذكرتم.
43
ىىىىى ىىىىىى:
ل َما
ن ِبا ِّ
حِلُفو َ
أن ال حكم بكفر أناس لقولهم كلمة تكلموا بها أبطلت إسلمهم وإيمانهم كما قال تعالىَ } :ي ْ
((1
فكّفرهلم بكلملة ملع كلونهم ملع رسللول الل يصلّلون لِمِهْم {
سََقاُلوْا َوَلَقْد َقاُلوْا َكِلَمَة اْلُكْفِر َوَكَفُروْا َبْعَد ِإ ْ
ويجاهدون.
) (1التوبة74:
44
ىىىىى ىىىىىى:
س لَأْلَتُهْم َلَيُقللوُل ّ
ن سا بسبب كلم قالواه على وجه المزاح واللعب وأنزل في شأنهمَ } :وَلِئن َ
أن ال كّفر أنا ً
((1
ل َتعَْت لِذُروْا َق لْد َكَفْرُتللم َبعْ لَد ِإيمَللاِنُكْم {
نَ ،
سَتْهِزُؤو َ
سوِلِه ُكنُتْم َت ْ
ل َوآَياِتِه َوَر ُ
ل َأِبا ِّ
ب ُق ْ
ض َوَنْلَع ُ
خو ُ
ِإّنَما ُكّنا َن ُ
مع أنهم يصّلون وقد غزوا مع الرسول في غزوة تبوك لكن لما قالوا هللذه الكلمللة كفللروا بعللد إيمللانهم
ولم ينفعهم أنهم يصّلون ويصومون ويجاهدون.
فهذه الوجوه فيها إبطال هذه الشبهة وفي الحقيقة أنها من أعظم الشبه ولكن جوابها واضح ول الحمد.
ىىىىى ىىىىىى:
إن قولهم إن الذين نزل فيهم القرآن ل يشهدون أن ل إله إل ال ويكّذبون الرسول وينكرون البعللث
ويكذبون القرآن ويجعلونه سحًرا ونحن نشللهد أن ل إللله إل الل وأن محملًدا رسللول الل ونصللدق القللرآن
ونؤمن بالبعث ونصلي ونصوم فكيف تجعلوننا مثل أولئك.
يجاب عنه أن الرجل إذا صدق ال في شيء وكذبه في شيء فهو كافر مرتللد عللن السلللم ،كمللن آمللن
ببعض القرآن وجحد بعضه وكمن أقر بالتوحيد والصلة وجحللد وجللوب الزكللاة أو أقللر بهللذا كللله وجحللد
الصوم أو أقر بهذا كله وجحد الحج ،وإن كان يشهد أن ل إله إل ال وأن محمًدا رسول ال.
ىىىى:
ىىىىى ىىى
أن َمن جحد وجوب الحج كفر وإن كان يشهد أن ل إله إل ال وأن محمًدا رسول الل ويصللي ويصلوم
عَلللى الّنللا ِ
س لل َ
ن { إلى قولهَ } :و ِّ
س َلّلِذي ِبَبّكَة ُمَباَرًكا َوُهًدى ّلْلَعاَلِمي َ
ضَع ِللّنا ِ
ت ُو ِ
ل َبْي ٍ
ن َأّو َ
قال تعالىِ } :إ ّ
((2
فدلت اليات على أن من جحللد ن{
ن اْلَعاَلِمي َ
عِ
ي َ
غِن ّ
ن ال َ
ل َوَمن َكَفَر َفِإ ّ
سِبي ً
ع ِإَلْيِه َ
طا َ
سَت َ
نا ْ
ت َم ِ
ج اْلَبْي ِ
حّ
ِ
وجوب الحج كفر وإن كان يشهد أن ل إله إل ال فكيف بمن جحد التوحيد وأجاز عبادة القبور.
ضا ما حكى ال تعالى عن بني إسرائيل مخخع علمهخخم وصخخلحهم أنهخخم قخخالوا
] ومن الدليل على ذلك أي ً
((3
فحلخخف جَعل ّلَنا ِإَلخًها َكَما َلُهْم آِلَهٌة { وقول أناس من الصحابة » اجعخخل لنخخا ذات أنخخواط «
لموسى } :ا ْ
النبي أن هذا مثل قول بني إسرائيل لموسى } :ا ْ
جَعل ّلَنا ِإَلخًها { ،ولكن للمشركين شبهة ُيدُلون بها
عند هذه القصة وهي أنهم يقولون :إن بني إسرائيل لم يكفخخروا بخخذلك وكخخذلك الخخذين قخخالوا للنخخبي :
» اجعل لنا ذات أنواط « لم يكفروا.
فالجواب أن تقول :إن بني إسرائيل لم يفعلوا وكذلك الذين سألوا النبي لخخم يفعلخخوا .ول خلف أن
بني إسرائيل لو فعلوا ذلك لكفروا .وكذلك ل خلف أن الذين نهخخاهم النخخبي لخخو لخخم يطيعخخوه واتخخخذوا
ضلا ملن نلواقض
ذات أنواط بعد نهيه لكفروا وهذا هو المطلوب [ أي من الدلة عللى أن ملن ارتكلب ناق ً
) (3رواه الترمذي في سننه 334-6/343كتاب الفتن باب ما جاء لتركبن سنن من كان قبلكم حللديث رقللم ) (2181ورواه المللام أحمللد
في مسنده 5/218حديث رقم ) (21952-21950-21947بألفاظ متقاربة ،وانظر البداية والنهاية لبن كثير 4/325كلهم من حديث أبي
واقد الليثي رضي ال عنه
45
صه ال عللن
السلم يكفر ولو كان يشهد أن ل إله إل ال ويصلي ويصوم إلى غير ذلك من العمال ،ما ق ّ
بني إسرائيل حين طلبوا من موسى أن يجعل لهم إلًهللا كآلهللة المشللركين ،وقصللة الللذين طلبللوا مللن النللبي
محمد أن يجعل لهم ذات أنواط ،وأن النبيين الكريمين أنكرا ذلك واعتبراه شرًكا يخرجهم من الملة لو
ضا عللى هلذا السلتدلل
فعلوه مع أنهم يؤمنون بالنبيين الكريمين ويجاهدون معهما ،ثم أورد الشيخ اعترا ً
وهو أن بني إسرائيل الذين طلبوا من موسى أن يجعل لهم إلًها لم يكفروا ،وكذلك الذين طلبللوا مللن محمللد
أن يجعل لهم ذات أنواط لم يكفروا ،وأجاب عن هذا العتراض بأن الفريقين لم ينفذا ما قال ولو فعل
لكفرا ولكن لما نهيا عن ذلك وبّين لهما أنه كفر تجنبوه وانتهوا عنه .ومحللل الشلاهد مللن القصللتين أن مللن
فعل الشرك كفر وإن كان يشهد أن ل إله إل ال ويؤمن بالنبياء ويعمل العمال الصالحة.
] ولكن هذه القصة تفيد أن المسلم بل العالم قد يقع في أنواع من الشخرك ل يخدري بهخا فتفيخخد التعلخخم
ضا
والتحرز ومعرفة أن قول الجهال :التوحيد فهمناه ،أن هذا من أكبر الجهل ومكايد الشيطان ،وتفيد أي ً
أن المسلم المجتهد إذا تكلم بكلم كفر وهو ل يدري فنّبه على ذلك وتخخاب مخخن سخخاعته فخخإنه ل يكفخخر كمخخا
ظخخا فعل بنو إسرائيل والذين سألوا النبي ، وتفيد أي ً
ضخخا أن لخخو لخخم يكّفخخر فخخإنه يغّلخخظ عليخخه الكلم تغلي ً
شديًدا كما فعل رسول ال [ هذه القصة فيها فوائد :ىىىىىى الحذر من الشللرك وأنلله قللد يللدب
إلى المسلمين عن طريق التقليد والتشبه بالكفار )اجعل لنا إلًها كما لهم آلهة( )اجعل لنا ذات أنواط كما لهم
ذات أنواط( ففي ذلك التحذير من مجاراة الكفار والتحذير من الفتن التي تنجم عن ذللك .ومللن ذللك عبلادة
صلللة والسلللم الللذي كسللر
القبور التي أحدثوها وفتنوا بها وصاروا يدعون الناس إليها .والخليللل عليلله ال ّ
صَناَم َ 35ر ّ
ب ل ْ
ي َأن ّنْعُبَد ا َ
جُنْبِني َوَبِن ّ
الصنام بيده وأوذي وألقي في النار بسبب إنكار الشرك يقولَ } :وا ْ
س { ((1خاف على نفسه عليه الصلة والسلم من الفتنة وخاف على ذريتلله مللن
ن الّنا ِ
ن َكِثيًرا ّم َ
ضَلْل َ
ن َأ ْ
ِإّنُه ّ
الفتنة إًذا كيف يقول جاهل :إن التوحيد يمكن تعلمه في خمس دقائق والمهم عنده البحث في أمور السياسلة
والكلم في الحكام وفقه الواقع كما يقولون ،ومعناه رصد الوقائع الدوليللة وتحليلتهللا والنشللغال بهللا عللن
التفقه في الدين.
ومنهم من ينتقد مقررات التوحيد في المدارس والمعاهللد والكليللات ويقللول :ل داعللي لهللذه الكثافللة فللي
مقللررات التوحيللد ،النللاس مسلللمون وأولد فطللرة وبإمكللان الطلب أن يتعلمللوا التوحيللد مللن الللبيئة
الجتماعية ..إلخ هذيانهم الفارغ ..ولو سألت واحًدا من هلؤلء علن أبسلط مسلألة فللي التوحيلد ملا أجابللك
بجواب صحيح .أعني الذين يقولون هذه المقالة.
ىىىىىىىى ىىىىىىى :وهي فائدة عظيمة أن من نطق بكلمة الكفر عن جهل وهللو ل
يدري ثم نّبه وتاب من ساعته فلإنه ل يكفلر بلدليل قصلة بنلي إسلرائيل ملع موسلى عليله السللم وبعلض
صحابة مع النبي فهو ل يكفر بذلك لكن بهذين الشرطين:
ال ّ
الشرط الول :أن يكون قال هذا الكلم عن جهل ولم يتعمد.
الشرط الثاني :أن يتوب من ساعته ويترك هذا الشيء إذا تبّين له أنه كفر.
) (1إبراهيم36-35 :
46
فهذا ل يضره الكلم الذي قاله وهذا جواب عن شبهتهم التي سبقت وهي أنهم يقولون إن بني إسرائيل لم
يكفروا وأصحاب محمد لم يكفروا بهذه الكلمة .نقول لهم إنهم لم يكفروا لنهم قالوها عن جهل ونبهوا
وتركوهللا وتللابوا إلللى ال ل عللز وجللل ،أمللا أنتللم فتنّبهللون بالليللل والنهللار وتصللرون علللى دعللاء القبللور
والصالحين ول تصغون أسماعكم لما يقال لكم تكبًرا وعناًدا.
ل فإنه
ىىىىىىىى ىىىىىىى :تفيد هذه القصة أن من لم يكفر بكلمة الكفر إذا قالها جه ً
ل يتساهل معه بل يغّلظ عليه في النكار كما غّلظ موسى عليه السلم علللى قللومه وكمللا غلللظ محمللد
على أصحابه الذين قالوا هذه المقالة من باب الزجر والتحذير لجتناب ذلك والحذر منه.
] ولهم شبهة أخرى يقولون إن النبي أنكر على أسامة قتل من قال ل إله إل ال وقال » :أقتلتخخه
((2
وكذلك قوله » :أمخخرت أن أقاتخخل النخخاس حخختى يقولخخوا ل إلخخه إل الخخ« ((1
بعدما قال ل إله إل ال«
وأحاديث أخر في الكف عمن قالها.
ومراد هؤلء الجهلة أن من قالها ل يكفر ول يقتل ولو فعل ما فعل.
فيقال لهؤلء المشركين الجّهال :معلوم أن رسول ال قاتل اليهود وسباهم وهم يقولون ل إله إل
ال وأن أصحاب النبي قاتلوا بنخخي حنيفخخة وهخخم يشخخهدون أن ل إلخخه إل الخ وأن محمخًدا رسخخول الخ
ويصّلون ويّدعون السلم ،وكذلك الذين حّرقهم علي بن أبي طالب وهؤلء الجهلة مقّرون أن من أنكخخر
البعث كّفر وقتل ولو قال ل إله إل ال وأن من جحد شيًئا من أركان السلم كّفر وقتل ولو قال ل إلخخه إل
ال .فكيف ل تنفعه إذا جحد شيًئا مخن الفخروع وتنفعخه إذا جحخد التوحيخد الخذي هخو أصخل ديخن الرسخل
وراسه؟ ولكن أعداء ال ما فهموا معنى الحاديث.
ل اّدعى السلم بسبب أنه ظن أنه ما اّدعاه إل خوًفا على دمه ومخخاله،
فأما حديث أسامة فإنه قتل رج ً
والرجل إذا أظهر السلم وجب الكف عنه حتى يتبين منه ما يخالفه ذلك وأنزل ال فخخي ذلخخكَ } :يخخا َأّيَهخخا
ل َفَتَبّيُنوْا {.((3
سِبيِل ا ِّ
ضَرْبُتْم ِفي َ
ن آَمُنوْا ِإَذا َ
اّلِذي َ
أي فتثّبتوا فالية تدل على أنه يجب الكف عنه والتثبت .فإن تبين منه بعد ذلك ما يخالف السلم قتل
لقوله) :فتبّينوا( ولو كان ل يقتل إذا قالها لم يكن للتثبت معنى.
وكذلك الحديث الخر وأمثاله معناه ما ذكرناه :أن من أظهر السلم والتوحيد وجب الكف عنه إل إن
تبين منه ما يناقض ذلك .والدليل على هذا أن رسول ال الذي قال » :أقتلته بعدما قخخال ل إلخخه إل
) (1رواه المام البخاري في صحيحه 5/88كتاب المغازي باب بعث النبي أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينه من حديث أسامة
بن زيد رضي ال عنهما. .
) (2رواه المام البخاري في صحيحه 141-8/140كتاب العتصام باب القتداء بسنن رسول ال ... من حديث أبي هريرة رضي
ال تعالى عنه. .
) (3النساء94:
47
ال « ((1وقال» :أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ل إله إل ال« ((2هو الذي قال في الخوارج » :أينمخخا
((3
ل حتى إن
مع كونهم من أكثر الناس عبادة وتهلي ً لقيتموهم فاقتلوهم .لئن أدركتهم لقتلّنهم قتل عاد«
الصحابة يحّقرون أنفسهم عندهم .وهم تعلموا العلخخم مخخن الصخخحابة فلخخم تنفعهخخم ل إلخخه إل الخ ول كخخثرة
العبادة ول ادعاء السلم لمخخا ظهخخر منهخخم مخالفخخة الشخخريعة .كخذلك مخخا ذكرنخخاه مخخن قتخخال اليهخخود وقتخخال
الصحابة بني حنيفة ،وكذلك أراد أن يغزو بني المصطلق لّما أخبره رجخخل أنهخخم منعخخوا الزكخخاة حخختى
حوا
صخِب ُ
جَهاَلخٍة َفُت ْ
صخيُبوا َقْوًمخا ِب َ
ق ِبَنَبخٍأ َفَتَبّيُنخوا َأن ُت ِ
سٌجاَءُكْم َفا ِ
ن آَمُنوا ِإن َ
أنزل ال تعالىَ } :يا َأّيَها اّلِذي َ
وكخخان الرجخخل كاذًبخخا عليهم ، ((5فكخل هخذا يخخدل علخخى أن مخخراد النخخبي فخخي ((4
ن{
عَلى َما َفَعْلُتخْم َنخخاِدِمي َ
َ
شبه المشركين عباد القبور الذين يّدعون السلم ويزعمون أن عبادة
الحاديث ما ذكرناه [ هذه شبهة من ُ
القبور والسللتغاثة بللالموات ودعللاء الغللائبين لتفريللج الكربللات ،أن هللذه أمللور ل تضللر ول تخللرج مللن
السلم ما دام صاحبها يقول ل إله إل ال بدليل أن النبي أنكر على أسامة بن زيد رضللي ال ل عنهمللا
ل من المشركين أظهر السلم وقال ل إله إل ال فقتله أسامة بعد ذلك ظاًنا أنه إنما قالها ليسلم
لما قتل رج ً
من القتل ،فأنكر عليه النبي ، فاستدلوا بهذه القصة على أن من قال ل إله إل ال فهللو مسلللم ولللو فعلل
ضا بقول النبي » : أمرت أن أقاتلل النللاس حلتى
ما يناقضها من أنواع الشرك الكبر وكذلك استدلوا أي ً
((6
يقولوا ل إله إل ال فإذا قالوها عصموا مّني دماءهم وأموالهم إل بحقها وحسابهم عللى الل عللز وجللل«
قالوا فهذا دليل على أن من تلفظ بهذه الكلمة ل يقتل ولو فعل مللا فعللل مللن أنللواع الشللرك فللي العبللادة مللع
الموات والضرحة وصرف العبادات لغير ال ما دام أنه يقول ل إله إل ال .هللذا حاصللل شللبهتهم وهللي
شبهة خطيلرة إذا سلمعها الجاهلل ربملا تلروج عليله ل سليما أنهلم طلوهلا بطلء خلادع وهلو السلتدلل
بالحاديث الصحيحة لكن في غير موضعها .وقد أجاب الشليخ رحمله الل علن هلذه الشلبهة بسلتة أجوبلة
مجملها:
ىىىىىى ىىىىى :أن النبي قاتل أنا ً
سا يقولون ل إله إل ال ،فقاتل اليهود وهم يقولون ل
إله إل ال وقاتل الصحابة بني حنيفة وهم يقولون ل إله إل ال لما ظهر منهللم مللا ينلافي هلذه الكلملة ،ولللم
تنفعهم هذه الكلمة ولم تكن مانعة من قتلهم.
) (3رواه أبوداود في سننه ،4/343ل 344كتاب السنة باب في قتال الخوارج حديث رقم 4767-4764من حديث أبي سعيد الخللدري
وعلي بن أبي طالب ،ورواه النسائي في سننه 121-7/117كتاب ) (37تحريم الدين بللاب ) (26مللن شللهر سلليفه ثللم وضللعه فللي النللاس
حديث رقم ) (4103 ،4102 ،4101من حديث أبي سعيد الخدري وعلي بن أبي طالب وأبي برزة رضي ال تعالى عنهم ،وانظر مسند
المام أحمد 1/404حديث رقم ) (3831من حديث عبد ال بن مسعود بنحوه.
) (4الحجرات6:
) (6تقدم
48
ىىىىىىى ىىىىىى :في بيان تناقض هؤلء لنهم يقولللون مللن أنكلر الصلللة أو الزكللاة
والحج أو أنكر البعث والنشور يكفر عندهم ،وأما من أنكر التوحيد فإنه ل يكفر عندهم.
ىىىىىىى ىىىىىى :أن معنى حديث أسامة بن زيد ليس كما فهموا أن من قال ل إله إل
ال يكون مسلًما ولو فعل الشرك والكفر .وإنما معناه أن من قال ل إله إل ال وجب الكف عنه حتى يظهر
منه ما يخالف مدلول هذه الكلمة من كفر أو شرك.
ق ِبَنَبٍأ َفَتَبّيُنوا {.((1
سٌ
جاَءُكْم َفا ِ
ىىىىىىى ىىىىىى :أن ال سبحانه وتعالى قالِ } :إن َ
فأمر سبحانه وتعالى بالتبّين يعني التثّبت بشأن من قال ل إله إل ال فما فائدة التثّبت إذا كان ل يقتل إذا
قالها.
ىىىىىىى ىىىىىى :أن النبي أمر بقتل الخوارج وهم من أشد النلاس عبلادًة وخوًفلا
عا ،بل هم تتلمذوا على الصحابة ومع هذا أمر بقتلهم لما فعلوا أشياء تتنافى مع السلللم وهللم
من ال وور ً
يقولون ل إله إل ال وهم أشد الناس عبادة وصلة وتلوة للقرآن.
ىىىىىىى ىىىىىى :قصة بني المصطلق وهم قبيلة دخلوا في السلم وأرسل إليهم النبي
المصدق لجباية الزكاة ولكنه لم يذهب إليهم بل رجع إلى النبي وقال إنهم منعوا الزكاة فهَلّم النللبي
حوا
صِب ُ
جَهاَلٍة َفُت ْ
صيُبوا َقْوًما ِب َ
ق ِبَنَبٍأ َفَتَبّيُنوا َأن ُت ِ
سٌجاَءُكْم َفا ِ بغزوهم فأنزل الَ } :يا َأّيَها اّلِذي َ
ن آَمُنوا ِإن َ
ن {.((2
عَلى َما َفَعْلُتْم َناِدِمي َ
َ
فالنبي هّم بغزوهم وقتالهم وهم يقولون ل إله إل ال لماذا؟ لما بلغه أنهم منعوا الزكاة فمنللع الزكللاة
يتنافى مع قول ل إله إل ال هذا ملخص أجوبة الشيخ رحمه ال عن هذه الشبهة الخطيرة.
] ولهم شبهة أخرى وهي ما ذكر النخخبي أن النخخاس يخخوم القيامخخة يسخختغيثون بخخآدم ،ثخخم بنخخوح ثخخم
بإبراهيم ثم بموسى ثم بعيسى فكلهم يعتذر حتى ينتهوا إلى رسخخول الخ ، قخخالوا فهخخذا يخخدل علخخى أن
الستغاثة بغير ال ليست شرًكا.
فالجواب أن نقول :سبحان من طبع على قلوب أعدائه ،فإن الستغاثة بخخالمخلوق فيمخخا يقخخدر عليخخه ل
ع خُدّوِه { ((3وكمخخا يسخختغيث
ن َ
عَلى اّل خِذي ِم خ ْ
شيَعِتِه َ
سَتَغاَثُه اّلِذي ِمن ِ
ننكرها كما قال في قصة موسىَ } :فا ْ
النسان بأصحابه في الحرب وغيرها مخخن الشخخياء الخختي يقخخدر عليهخخا المخلخخوق ونحخخن أنكرنخخا اسخختغاثة
العبادة التي يفعلونها عند قبور الولياء أو في غيبتهم في الشياء التي ل يقدر عليها إل ال.
إذا ثبت ذلك ،فالستغاثة بالنبياء يوم القيامة يراد منها أن يدعوا ال أن يحاسب الناس حتى يستريح
أهل الجنة من كرب الموقف ،وهذا جخخائز فخخي الخخدنيا والخخخرة أن تخخأتي عنخخد رجخخل صخخالح حخخي يجالسخخك
ويسمع كلمك وتقول له :ادع ال لي ،كما كان أصحاب رسول ال يسخخألونه ذلخخك فخخي حيخخاته ،وأمخخا
سلف علخى مخن قصخد دعخاء الخ عنخد قخبره،
بعد موته فحاشا وكل أنهم سألوه ذلك عند قبره ،بل أنكر ال ّ
) (1الحجرات6:
) (2الحجرات6:
) (3القصص15:
49
فكيف بدعائه نفسه [ هذه شبهة أخرى من شبههم وهي أنهم يقولون إنه ثبت في الحديث الصحيح حللديث
الشفاعة العظمى ، ((1أن الناس يوم القيامة إذا طال عليهم الوقوف والقيام على أقدامهم خمسللين ألللف سللنة
والشمس قد دنت منهم فالخلئق كلهم مجموعون من أولهللم إلللى آخرهللم فللي زحللام شللديد والشللمس علللى
رؤوسهم قريبة منهم وهم واقفون على أقدامهم ،فعندما يحصل لهم هذا الكرب يتذاكرون الشفاعة عند اللل
عز وجل فيرون أن النبياء هم أول الذين يشفعون عند ال فيأتون إلى آدم يطلبون منلله أن يشللفع عنللد الل
سلم بسبب ما حصل منه من الخطيئة مع أنله تلاب منهلا
صلة وال ّ
لهم ليريحهم من الموقف فيعتذر عليه ال ّ
وتاب ال عليه ولكن يستحي من ال عز وجل ،ثم يأتون إلى نوح أّول الرسل فيعتذر ،ثم يأتون إلى موسى
سلم آخر أنبياء بني إسرائيل فيعتذر لن الموقف موقلف
فيطلبون منه فيعتذر ،ثم يأتون إلى عيسى عليه ال ّ
عظيم أمام ال سبحانه وتعالى ،ثم يأتون إلى محمد فيقول :أنا لها أنا لها ،ثم يأتي ويسجد بين يدي
ربه ويحمُد ال ويثني عليه ويدعوه ويستمر ساجًدا بين يدي ربه حتى يقال له يا محمد ارفللع رأسللك وسللل
تعطه واشفع تشّفع، ((2لنه ل أحد يشّفع عنلد الل إل بلإذنه والرسلول ملا ذهلب إللى الل وشلفع ابتلداًء بلل
((3
ل ِب لِإْذِنِه {
عْن لَدُه ِإ ّ
ش لَفُع ِ
استأذن من ربه وسجد بين يديه حتى أذن له وهذا كقوله تعالى } :مَللن َذا اّل لِذي َي ْ
فيطلب من ال أن يفصل بين عباده ويريحهم من الموقللف فيسللتجيب الل شللفاعة محمللد وهللذه تسللمى
((4
بمعنى أنه حُموًدا {
ك مََقاًما مّ ْ
ك َرّب َ
سى َأن َيْبعََث َ
عَالشفاعة العظمى والمقام المحمود وهي قوله تعالىَ } :
يحمُده عليه الولون والخرون .قال القبوريون فهذا فيه جواز السللتغاثة بالنبيللاء والوليللاء والصللالحين
وأنتم تقولون ل يستغاث إل بال وقالوا فهذا يدل على أن طلب الشفاعة من الرسول جللائز حًيللا وميًتللا
وكذلك غيره.
والجواب عن هذا كما يقول الشيخ إن هذا طللب ملن إنسلان حللي قلادر علللى اللدعاء وعللى السللتئذان
سلَتَغاَثُه
بالشفاعة والطلب من النسان في حال حياته وقدرته ليس من الممنوع كما في قصللة موسللىَ } :فا ْ
عُدّوِه {.((5
ن َ
عَلى اّلِذي ِم ْ
شيَعِتِه َ
اّلِذي ِمن ِ
وكما يستغيث النسان بإخوانه في الحرب وغيرها.
فهذا فيه دليل على أن الستغاثة بالحي فيما يقدر عليه جائزة والذي يقع من المم يوم القيامة هو استغاثة
بالحي وطلب الدعاء منه فيجوز أن تذهب إلى إنسان حي قادر يسمع كلمللك وتقللول يللا فلن ادع الل لللي
بكذا وكذا ،والصحابة كانوا يعملون هذا مع النبي في حياته وليس هذا مللن الشللرك ،إنمللا الللذي يكللون
شرًكا وأنكرناه هو الستغاثة بالميت وهذا ل علقة له بحديث الشفاعة لنكم تستغيثون بللأموات وتطلبللون
) (1سيأتي
) (4السراء79:
) (5القصص15:
50
الشفاعة منهم ،والموات ل يقدرون على شيء فل يجوز أن يذهب إلى قبر يستنجد به ويللدعوه أو يطلللب
منه الدعاء أو الشفاعة أو غير ذلك ففيه فرق بين عمل هؤلء المشلركين وبيلن ملا فلي الحلديث الصلحيح
سلم فبهذا التفصيل زالت هذه الشبهة والحمد ل.
صلة وال ّ
وفي قصة موسى عليه ال ّ
سلم لما ألقي في الّنار اعترض له جبريل في الهواء
] ولهم شبهة أخرى وهي قصة إبراهيم عليه ال ّ
((1
فقالوا :فلو كانت الستغاثة بجبريل شخخرًكا لخخم يعرضخخها فقال له ألك حاجة؟ فقال إبراهيم :أما إليك فل
على إبراهيم.
فالجواب :أن هذا من جنس الهيئة الولى فإن جبريل عرض عليه أن ينفعه بأمر يقدر عليه فإنه كمخخا
((2
فلخو أذن الخ لخه أن يأخخخذ نخار إبراهيخم ومخخا حولهخا مخخن الرض شِديُد اْلُقخَوى {
قال ال تعالى فيهَ } :
والجبال ويلقيها في المشرق أو المغرب لفعل ،ولو أمره أن يضع إبراهيم عليخخه السخخلم فخخي مكخخان بعيخخد
جخخا
عنهم لفعل ،ولو أمره أن يرفعه إلى السماء لفعل .وهخخذا كرجخخل غنخخي لخخه مخخال كخخثير يخخرى رجلً محتا ً
فيعرض عليه أن يقرضه أو أن يهبه شيًئا يقضي به حاجته فيأبى ذلك الرجل المحتاج أن يأخخخذ ويصخخبر
حتى يأتيه ال برزق ل مّنة فيه لحد ،فأين هذا من اسخختغاثة العبخخادة والشخخرك لخخو كخخانوا يفقهخخون؟[ هذه
آخر الشبهات التي ذكرها الشيخ في هذه الرسالة العظيمة فأجاب عنها بجواب سديد موّفق وهللي أن عّبللاد
القبور الذين يطلبون المدد من الموات ويستغيثون بهم يقولون إن هذه الستغاثة ليست شرًكا وذلك بللدليل
قصة جبريل عليه السلم مع إبراهيم عليه السلم حينما ألقي في النار فإن جبريللل جللاء إلللى إبراهيللم كمللا
((3
فقال جبريل لبراهيم عليه السلم :هل لك من حاجة يعللرض عليلله المسللاعدة لنقللاذه ،وجبريللل يروى
عليه السلم ل شك ذو قوة عظيمة .وعنده قدرة على إنقاذ إبراهيم .وقد وصفه ال عللز وجللل فقللالِ } :ذي
((4
وفي الية الخرى } ُذو ِمّرٍة { يعني قوة ،فعرض جبريللل علللى إبراهيللم ن{
ش َمِكي ٍ
عنَد ِذي اْلَعْر ِ
ُقّوٍة ِ
أن يساعده في إخراجه من هذه الشدة ،فلّما كان إبراهيم عظيم الثقة بال عللز وجللل قللال للله :أمللا إليللك فل
وأما إلى ال فنعم .فإبراهيم عليه السلم لم يرد أن يطلب من مخلوق أن ينقذه من هللذه الشللدة وإنمللا تللوجه
إلى ربه كما صح في الحديث أنه قال » :حسبنا ال ونعم الوكيل« ((5فهذا مللن بللاب التوكللل علللى الل عللز
وجل وتفويض المر إليه وهذه صفة أكمل الخلق إيماًنا حيث إن إبراهيم رفللض مسللاعدة المخلللوق وقبللل
مساعدة الخالق ،لن مساعدة المخلوق فيها مّنة وحاجة إلى المخلوق ومساعدة الخللالق سللبحانه وتعللالى ل
مّنة فيها لغير ال ،وهي فضل من ال سبحانه وتعالى ،وجبريل عرض على إبراهيم شيًئا يقدر عليه وهللو
عرض من حي حاضلر قللادر كمللا يعلرض الغنلي علللى الفقيلر مسللاعدته بالملال ،وليلس هلذا ملن جنلس
الستغاثة بالموات أو الغائبين الذين يستغيث بهم القبوريون ،فللإن المللوات ل يسللتغاث بهللم ول يقللدرون
) (1ذكر هذا الثر ابن كثير عن بعض السلف كما في البداية والنهاية 1/146في قصة إبراهيم خليل الرحمن
) (2النجم5:
) (5رواه المام البخاري في صحيحه 5/172كتاب تفسير القرآن باب » إن الناس قد جمعوا لكم ..الية « من حديث ابن عباس رضي
ال تعالى عنه.
51
لل ل
ن ا ِّ
عمُْتم ّمن ُدو ِ
ن َز َ
عوا اّلِذي َ
ل اْد ُ
على ما طلب منهم ول يسمعون دعاء من دعاهم كما قال تعالىُ } :ق ِ
ظِهيٍرَ ،ول َتنَفُع
ك َوَما َلُه مِْنُهم ّمن َ
شْر ٍ
ض َوَما َلُهْم ِفيِهَما ِمن ِ
لْر ِ
ت َول ِفي ا َ
سَماَوا ِ
ل َذّرٍة ِفي ال ّ
ن ِمْثَقا َ
َيْمِلُكو َ
((1
ن ِمللن ُدوِنلِه َمللا
عو َ
ن َتلْد ُ
ك َواّللِذي َ
ل َرّبُكلْم َللُه اْلُمْلل ُ
وقال تعالى َ } :ذِلُكُم ا ُّ ن َلُه {
ن َأِذ َ
ل ِلَم ْ
عنَدُه ِإ ّ
عُة ِ
شَفا َ
ال ّ
جاُبوا َلُكْم {.((2
سَت َ
سِمُعوا َما ا ْ
عاَءُكْم َوَلْو َ
سَمُعوا ُد َ
عوُهْم ل َي ْ
طِميٍرِ ،إن َتْد ُ
ن ِمن ِق ْ
َيْمِلُكو َ
] ولنختم الكلم إن شاء ال تعالى بمسألة عظيمة مهمة جًدا تفهم مما تقدم ولكن نفرد لها الكلم لعظم
شأنها ولكثرة الغلط فيها فنقول :ل خلف أن التوحيد لبد أن يكون بالقلب واللسان والعمخخل ،فخخإن اختخخل
شيء من هذا لم يكن الرجل مسلًما فإن عرف التوحيد ولم يعمل به فهخو كخافر معانخد كفرعخون وإبليخس
وأمثالهما ،وهذا يغلط فيه كثير من الناس ،يقولون هذا حق ونحن نفهم هذا ونشهد أنخخه الحخخق ولكخخن ل
نقدر أن نفعله ول يجوز عند أهل بلدنا إل مخخن وافقهخم ،وغيخخر ذلخك مخخن العخخذار ولخخم يخدر المسخخكين أن
لخ
ت ا ِّ
شخَتَرْوْا ِبآَيخخا ِ
غالب أئمة الكفر يعرفون الحق ولم يتركوه إل لشيء من العذار كما قخخال تعخخالى } :ا ْ
ن َأْبَناَءُهْم {.((4
وغير ذلك من اليات كقولهَ } :يْعِرُفوَنُه َكَما َيْعِرُفو َ ((3
ل{
َثَمًنا َقِلي ً
ل ظخخاهًرا وهخو ل يفهمخه ول يعتقخخده بقلبخخه فهخو منخخافق وهخو شخر مخن الكخخافر
فإن عمل بالتوحيد عم ً
ن الّناِر {.((5
سَفِل ِم َ
ك اَل ْ
ن ِفي الّدْر ِ
ن اْلُمَناِفِقي َ
الخالصِ } :إ ّ
وهذه المسألة مسألة كبيرة طويلة تبّين لك إذا تأملتها في ألسنة الّناس ،ترى من يعرف الحق ويترك
العمل به لخوف نقص ُدنيا أو جاه أو مداراة وترى من يعمل به ظخاهًرا ل باطًنخا فخإذا سخألته عّمخا يعتقخد
بقلبه فإذا هو ل يعرفه [ ختم الشيخ رحمه ال هذه الرسالة بمسألة عظيمة مهمة يجب تفهمها وتعّقلها لنه
إذا فهمها النسان فإنه يدرك أخطاء الناس في العقيدة .وهذه المسألة هي :أن التوحيد يكون بالقول والعمللل
والعتقاد ،لبد من هذه المور الثلثة فإذا اجتمعت هذه المور الثلثة صار النسللان موح لًدا مؤمًنللا بللال
ورسوله وإذا اختل واحٌد منها لم يكن مؤمًنا ول موحًدا .وهم في هللذا أصللناف :الصللنف الول مللن يعتقللد
التوحيد بقلبه ويعرف أنه ل إله إل ال وأن عبادة ما سواه باطلة ولكنه ل يعمللل بله بجللوارحه ول يقلّر بلله
بلسانه لطمع دنيوي فهذا كافر مثل فرعون فإن فرعللون كللان معترًفللا بالتوحيللد فللي قلبلله وأن مللا جلاء بلله
حُدوا ِبَها
جَموسى هو الحق ولكنه ترك العمل به وتظاهر بخلفه وجحده تكبًرا وعناًدا كما قال تعالىَ } :و َ
ن {.((1
سِدي َ
عاِقَبُة اْلُمْف ِ
ن َ
ظْر َكْيفَ َكا َ
عُلّوا َفان ُ
ظْلًما َو ُ
سُهْم ُ
سَتْيَقَنْتَها َأنُف ُ
َوا ْ
((2
صآِئَر {
ض َب َ
لْر ِ
ت َوا َ
سَماَوا ِ
ب ال ّ
ل َر ّ
ل َهلُؤلِء ِإ ّ
ت َما َأنَز َ
عِلْم َ
سلم لفرعونَ }:لَقْد َ
وقال موسى عليه ال ّ
لقد علمت أي عرفت بقلبك ما أنزل هذه اليات التي جئتك بها إل رب السماوات والرض بصللائر للنلاس
) (1سبأ23-22 :
) (3التوبة9:
) (4البقرة146:
) (5النساء145:
) (1النمل14:
) (2السراء102:
52
فهذا دليل على أن فرعون كان مستيقًنا بقلبه صْدق ما جاء به موسى عليه السلم وإنما جحد ذلك وتظاهر
ك َوَلِك ل ّ
ن ل ُيكَ لّذُبوَن َ
ن َف لِإّنهُْم َ
ك اّلِذي َيُقوُلو َ
حُزُن َ
بجحده كحال كفار قريش الذين قال ال فيهمَ } :قْد َنْعَلُم ِإّنُه َلَي ْ
((3
دللت اليلة عللى أن كفلار قريلش يصلدقون بالرسلول بقللوبهم ولكلن ن{
حلُدو َ
جَلل َي ْ
ت ا ِّ
ن ِبآَيلا ِ
ظاِلِمي َ
ال ّ
ن آَتْيَنللاُهُم اْلِكَتللا َ
ب يجحدون ذلك بظواهرهم وألسللنتهم وكمللا قللال الل سللبحانه وتعللالى فللي اليهللود } :اّللِذي َ
((4
يعرفون هلذا بقلللوبهم ويتظللاهرون بالكتمللان والجحللود مللع تيقنهلم فلي ن َأْبَناَءُهْم {
َيْعِرُفوَنُه َكَما َيْعِرُفو َ
قلوبهم بأن محمًدا رسول ال ،وأنه جاء بالحق مللن عنللد الل عللز وجللل ولكللن منعهللم الكللبر والحسللد مللن
اتباعه ،واعتقادهم بقلوبهم ل ينفعهم فهم كفار مخّلدون في النار .وكثير من عّباد القبللور اليللوم علللى هللذا،
يقولون :نعرف أن الذي تقولون هو التوحيد ولكللن مللا نقللدر أن نخللالف أهللل بلللدنا لن أهللل بلللدنا عنللدهم
أضرحة واستغاثة بالموات ول نقدر أن نخالفهم لجل أن نعيش معهم ول نقدر على مجابهللة النللاس فهللم
يوافقون الكفار والمشركين على عقائدهم ،إما أن يفعلوا مثل فعلهم وهللم يعتقللدون بطلن ذلللك وإمللا أن ل
ينكروا عليهم ول يبّينوا الحق بل ربما يدافعون عنهم ،وهذا هللو واقعهللم الن .ويقولللون لمللن دعللاهم إلللى
الحق هذا الرجل خارجي وهذا الرجل جاء بمذهب خامس ،وهم يعتقدون أن مللا جللاء بلله هللو مللا جللاء بلله
الرسول وهو مقتضى الكتاب والسنة ،يعرفون هذا وإنما حملهم الحسللد أوالكللبر أو الطمللع فللي أمللور
الللدنيا لنهللم يظنللون أنهللم إذا وافقللوا علللى هللذا الحللق وقبلللوه سيخسللرون رئاسللتهم ويخسللرون أمللوالهم
ويخسرون جاههم عنللد النلاس .والصلنف الثلاني ملن وافلق فلي الظلاهر ونطلق بالتوحيللد وقللال هلذا هلو
الصحيح وهذا هو الحق وصلى وصام وصلار ملع المسللمين لكلن فلي قلبله ل يعتقلد هلذا ويعتقلد أن هلذا
خرافات وأنه تقاليد بالية ،فهو لم يعمل به ولم يتكلم به إيماًنا وإنما عمل به وتكلم به نفاًقللا كحاللة المنللافقين
ن َقاُلوا
ك اْلُمَناِفُقو َ
جاَء َ
الذين هم في الدرك السفل من النار لنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهمِ } :إَذا َ
جّنًة {.((5
خُذوا َأْيَماَنهُْم ُ
ن ،اّت َ
ن َلَكاِذُبو َ
ن اْلُمَناِفِقي َ
شَهُد ِإ ّ
ل َي ْ
سوُلُه َوا ُّ
ك َلَر ُ
ل َيْعَلُم ِإّن َ
ل َوا ُّ
ل ا ِّ
سو ُ
ك َلَر ُ
شَهُد ِإّن َ
َن ْ
فالناس مع التوحيد ثلثة أقسام:
ىىىىى ىىىىى :من يعرفه ويؤمن به باطًنا ويجحده ظاهًرا وينكره.
ىىىىى ىىىىىى :من يتكلم به ويعمل به ظاهًرا وينكره ويكفر به باطًنا .وهم المنافقون.
ىىىىى ىىىىىى :من يعتقده باطًنا ويعملل بله ظلاهًرا وباطًنلا .والقسلمان الولن كلافران
خاسران والقسم الثالث مؤمن مفلح.
] ولكن عليك بفهم آيتين من كتخاب الخ أولهمخا مخا تقخدم مخن قخوله َ } :ل َتْعَتخِذُروْا َقخْد َكفَْرُتخم َبْعخَد
فإذا تحققت أن بعض الصحابة الذين غزوا الروم مخخع رسخخول الخ كفخخروا بسخخبب كلمخخة ((1
ِإيَماِنُكْم {
قالوها على وجه اللعب والمزح ،تبّين لك أن الذي يتكلم بالكفر أو يعمل به خوًفا من نقخخص مخخال أو جخخاه
) (3النعام33:
) (4البقرة146:
) (1التوبة66:
53
ل ِمخخن َبْعخِد
أو مداراة لحد ،أعظم ممن تكلم بكلمة يمزح بها .والية الثانية قخخوله تعخخالىَ } :مخخن َكَفخَر ِبخخا ِّ
((2
فلم يعذر ال من هؤلء إل من أكره مع كون قلبه مطمئًنا ن{
ن ِباِليَما ِ
طَمِئ ّ
ن ُأْكِرَه َوَقْلُبُه ُم ْ
إيَماِنِه ِإّل َم ْ
باليمان .وأما غير هذا فقد كفر بعخد إيمخانه سخواء فعلخه خوًفخا أو مخداراة أو مشخحة بخوطنه أو أهلخه أو
عشيرته أو ماله ،أو فعله على وجه المزح أو لغير ذلك من الغراض؛ إل المكره .والية تدل علخخى هخخذا
ن ُأْكِرَه { فلم يستثن الخ إل المكخره ومعلخوم أن النسخان ل يكخره إل
من جهتين الولى من قولهِ } :إّل َم ْ
على العمل أو الكلم وأما عقيدة القلب فل يكره أحد عليها.
((3
فصّرح أن هذا الكفر والعذاب خَرِة {
عَلى ال ِ
حَياَة اْلّدْنَيا َ
حّبوْا اْل َ
سَت َ
ك ِبَأّنُهُم ا ْ
والثانية قوله تعالىَ } :ذِل َ
ظخخا مخن
لم يكن بسبب العتقاد أو الجهل أو البغض للدين أو محبة الكفر ،وإنما سخخببه أن لخه فخي ذلخك ح ً
حظوظ الدنيا فآثره على الدين ،وال سخبحانه وتعخالى أعلخم والحمخد لخ رب العخخالمين وصخخلى الخ علخى
محمد وآله وصحبه أجمعين [ نعم إذا عرفت هذه القاعدة وهي معرفة ما يحصل به اليمان الصحيح فإنه
يجب أن تعرف ما يضادها من القوال والفعال ومن ذلك الكلم الذي يتكلم به النسان وهو مللن نللواقض
السلم لكنه يمزح به فإنه يكفر ولو كان ليس جاًدا في كلمه ،فالدين ليللس فيلله مللزح والللدليل علللى ذلللك
قصة هؤلء النفر الذين خرجوا مع رسول ال في غزوة تبوك لغللزو الللروم لمللا بلللغ الرسللول أن
الروم يجمعون على غزو المسلمين ،فالنبي بادر في وقت الحر وشللدة القيللظ والصلليف ووقللت طيللب
سا من الذين خرجوا مع الرسول جلسوا في مجلس
الثمار والمسافة بعيدة من المدينة إلى تبوك .وإن نا ً
يمزحون قال واحد منهم ما رأينا مثل قرائنا هؤلء أرغللب بطوًنللا ول أكللذب ألسللنة ول أجبللن عنللد اللقللاء
يعنون رسول ال وأصحابه .وكان في المجلس غلم من النصللار فلأنكر عليهللم وقللال كللذبت ولكّنللك
منافق لخبرن رسول ال ،فلّما ذهب هللذا الفللتى ليخللبر الرسللول وجللد الللوحي قللد سللبقه ونللزل علللى
سللوِلِه ُكنُتلْم
ل َوآَيللاِتِه َوَر ُ
ل َأِبللا ِّ
ب ُقل ْ
خللوضُ َوَنْلعَل ُ
ن ِإّنَما ُكّنللا َن ُ الرسول قوله تعالىَ } :وَلِئن َ
سَأْلَتُهْم َلَيُقوُل ّ
فجللاء هللؤلء إلللى الرسللول يعتللذرون ويقولللون يللا ((4
ل َتْعَتِذُروْا َقْد َكَفْرُتم َبْعَد ِإيَماِنُكْم {
نَ ،
سَتْهِزُؤو َ
َت ْ
رسول ال ما قصدنا إل المزح حديث الركب نقطع به عّنا الطريق ول يزيد الرسول على تلوة اليلة
((1
فإذا كان هؤلء كفروا بال وارتدوا وقد كانوا مسلمين من قبل بسبب كلمة قالوهللا علللى ول يلتفت إليهم
وجه المزح واللعب فكيف بمن يقول كلم الكفر ل من بلاب الملزح وإنمللا ملن بلاب المحافظلة علللى مللاله
وعلى جاهه وعلى مكانته وهذا شر من المازح لنه اشترى الحياة الدنيا بالخرة؟ فالحاصل أن الذي يتكلم
بكلمة الكفر ل يخلو من خمس حالت:
ىىىىىى ىىىىىى :أن يكون معتقًدا ذلك بقلبه فهذا ل شك في كفره.
) (2النحل106:
) (3النحل107:
54
ىىىىىى ىىىىىىى :أن ل يكون معتقًدا ذلك بقلبه ولم يكره على ذلك ولكن فعله من أجل
خَرِة
عَلى ال ِ
حَياَة اْلّدْنَيا َ
حّبوْا اْل َ
سَت َ
ك ِبَأّنُهُم ا ْ
طمع الدنيا أو مداراة الناس وموافقتهم فهذا كافر بنص الية } َذِل َ
{.((2
ىىىىىى ىىىىىىى :من فعل الكفر والشرك موافقة لهله وهو ل يحبه ول يعتقده بقلبلله
حا ببلده أو ماله أو عشيرته.
وإنما فعله ش ً
حا ولعًبا كما حصل من النفر المذكورين .وهللذا
ىىىىىى ىىىىىىى :أن يفعل ذلك ماز ً
يكون كافًرا بنص الية الكريمة.
ىىىىىى ىىىىىىى :أن يقول ذلك مكرًها ل مختاًرا وقلبه مطمئن باليمان فهذا مرخص
له في ذلك دفًعا للكراه ،وأما الحوال الربع الماضية فإن صاحبها يكفر كمللا صللرحت بلله اليللات وفللي
هذا رد على من يقول إن النسان ل يحكم عليه بالكفر ولو قال كلمة الكفر أو فعل أفعال الكفللر حللتى ُيعلللم
لل.
ضّ
ما في قلبه وهذا قول باطل مخالف للنصوص وهو قول المرجئة ال ّ
وذكر الشيخ رحمه ال قاعدة عظيمة في الكراه الذي يعذر به والذي ل يعذر به حيث قال) :ومعلوم أن
النسان ل يكره إل على العمل أو الكلم ،وأما عقيدة القلب فل يكره أحد عليهللا( وصلللى ال ل وسلللم علللى
نبينا محمد وآله وصحبه.
انتهى في 15/11/1418هل
بقلم /صالح بن فوزان بن عبد ال الفوزان.
) (2النحل107:
55