Professional Documents
Culture Documents
في الحج
لفضيلة الشيخ
محمد بن محمد المختار
الشنقيطي
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
التوحيد ف الج
خلق ال تعال الثقلي وأمرهم بعبادته ،وجل للعبادة شرطا ل تقبل بدونه ،وهو الخلص والتوحيد،
فالسلم بشعائره وفرائضه كلها مرتبط غاية الرتباط بكلمة التوحيد .ومن تلك الشعائر شعية الج،
والت هي من أعظم الشعائر الت تقوي وتيي ف قلب العبد توحيد العبود سبحانه وتعال؛ لكثرة العمال
الت توقف النسان مع ربه موحدا متفكرا تائبا من أي تقصي أو زلل.
4
التوحيد ف الج
حجه وعمرته ،وأصبحت عليه حرام ف نسكه ،فال ُسبْحَانَهُ َوَتعَالَى الذي يكم ول معقب لكمه عبادة
توقيفية ل يستطيع النسان أن يقدم أو يؤخر بل يسلم تسليما ،ويؤمن ويوحد توحيدا كاملً ف العبودية
ل ُسبْحَانَ ُه َوَتعَالَى.
التوحيد ف الدعاء
ث إذا أدى شعائر الج بي جوع الؤمني ،وعاش تلك الساعات واللحظات الت يقف بي يدي ال
ل متبذلً خاشعا متخشعا تذكر عظمة ال ُسبْحَانَهُ َوَتعَالَى .ومن أعظم ما يذكر به
ُسبْحَانَهُ َوَتعَالَى متذل ً
العبد ف عبادة الج الدعاء ،فمن أعظم الشاهد تأثيا ف النفوس وتأثيا ف القلوب ما يزيد العبد ثقة
بال ُسبْحَانَ ُه َوَتعَالَى وإيانا وإيقانا فيه جل جلله ،إذا تأمل ونظر وادّكر واستبصر ف هذه المم الت
5
التوحيد ف الج
اجتمعت على اختلف لغاتا ،وتعدد لجاتا ،وتباين أقطارها وأمصارها ،وإذا با ف لظة واحدة ترفع
أكفها إل ال ،فل يفى عليه ُسبْحَانَ ُه َوَتعَالَى مكانا ،ول تفى عليه أصواتا ول لجاتا ،ول تفى عليه
مسائلها ول تعييه ُسبْحَانَ ُه َوَتعَالَى حوائجها .ال أكب إذا عجت ببابه الصوات ،واختلفت السائل
والاجات ،وتباينت ف اللغات واللهجات ،ففتح ال أبواب ساواته ،وتأذن بنول رحاته ومغفراته
وبركاته ،فلم تعييه السألة ،ول تعجزه حاجة ُسبْحَانَهُ َوَتعَالَى ،يسمع دبيب النملة ف الليلة الظلماء ،تقول
عائشة رضي ال عنها[ :وال إن لن وراء الستر وخولة تادل رسول ال eف زوجها يفى عليّ بعض
كلمها فسبحان من وسع سعه الصوات ] فسمعها من فوق سبع ساوات ،امرأة مظلومة جاءت
تشتكي إل رسول ال eكانت عائشة يفى عليها بعض كلمها ،وليس بينها وبي الرأة إل الستارة،
وال يسمعها من فوق سبع ساوات يسمع جيع هذه الصوات فتقول :ل إله إل ال ،ال أكب حينما
يتاج العبد حاجة وال يعلمها قبل أن يتاج ومطلع عليها قبل أن تكون :علم ما كان وما يكون وما ل
يكن لو كان كيف يكونُ ،سبْحَانَهُ جل جلله وتقدست أساؤه.
تضطرب كتفك بوار الكتاف ،ويضطرب جسم النسان مع غيه من إخوانه وخلنه ف السلم ،ومع
ذلك كله يسمع شكواهم ومسائلهم وحوائجهم ،فيوقن بأنه ل إِلَهَ إِلّا ال ،هل طردنا ال عن بابه
-حاشاه -حت نقف على أبواب الشاهد والقبور؟ هل ردنا ال سبحانه عن دعائه حت ندعو غيه
ونتوسل با سواه؟ هل عظمت حوائجنا على ال سبحانه وتعال حت تنـزلا بغيه؟ ل وال ُقلْ َمنْ
بَِي ِدهِ مَ َلكُوتُ ُك ّل شَيْءٍ [الؤمنونَ ]88:فسُبْحَا َن الّذِي بَِي ِدهِ مَ َلكُوتُ ُك ّل شَيْءٍ [يس( ]83:يا
عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا ف صعيد واحد ،فسألون فأعطيت كل واحد
مسألته وما بلغته أمنيته ،ما نقص ذلك من ملكي شيئا) ل ينقص من ملك ال جل جلله شيئا ول
يعجزه شيء ،إِنّمَا َأ ْم ُرهُ ِإذَا أَرَا َد شَيْئا أَ ْن َيقُولَ لَهُ ُك ْن فََيكُونُ [يس .]82:تأمل رحة ال ُسبْحَانَهُ
َوتَعَالَى ،يرج الحتاج من أهله وولده وحِبه ،وال ما أخرجه إل لشيء أعظم وأفضل ما خرج منه ،ول
يكن أن يرج النسان من تلك الشهوات وتلك اللذ ،ومن بي البناء والبنات إل عوضه ال خيا ما
ل ورضوانا ،وأن ال ما أخرج هذه
ترك؛ لن ال كري ،فتؤمن بل إله إل ال وتوقن أن عند ال فض ً
الموع إل لفضله ورحته .
ولذلك أخب النب eأن ال رضي لن آمن به ووحده ،ونزل ف تلك النازل موقنا مؤمنا ملصا ،وأدى
الشعائر على أت الوجوه وأكملها ،أن يرجع إل أهله بل ذنب ول خطيئة .أن يرجع إل أهله كيوم
ولدته أمه ..أن يرجع إل أهله وولده نقيا من الذنوب والطايا ،فلربا رجع إل أهله وولده وقد عتقت
6
التوحيد ف الج
رقبته من النار ،نسأل ال العظيم رب العرش الكري أن يعلنا وإياكم ذلك الرجل .فإنه قد ثبت عن
ل عََليْهِ َوسَلّمَ( :ما من يوم أكثر من أن يعتق ال فيه الرقاب من النار من يوم عرفة) ومعن
النب صَلّى ا ُ
العتق من النار :أنه ل يكن أن يدخل العبد النار أبدا ،مهما كان حاله ،ولشك أن هذه بشارة له أنه
سيموت على التوحيد ،ويوت على اليان ،ويوت على خصال الي والب ،ويتم له باتة السعداء
جعلنا ال وإياكم منهم .يوقن العبد وهو يرى هذه الشاهد ..يرى هذه المم كلها جاءت ل ُسبْحَانَهُ
َوتَعَالَى ،فيزداد ثقة بال جل جلله ويتفكر ويتدبر هل حاجت تعجز ال ُسبْحَانَهُ َوَتعَالَى ،كل وال ،ل
يعجزه شيء ف الرض ول ف السماء ،فبمجرد أن ترى ذلك توقن إيقانا كاملً أن مسائلك وحوائجك
ل ينبغي أن تنـزل إل بباب ال جل جلله ،فالدعاء والسؤال والاجة ل يوز أن تنل إل بال وحده
ل شريك له ،ومن أنزل حاجته بغي ال زاده ال فقرا ،ومن أنزل حاجته بال تأذن ال له بالفرج العاجل
ُسبْحَانَهُ َوَتعَالَى :وَ َم ْن يََتوَ ّكلْ َعلَى ال ّلهِ َف ُهوَ َحسُْبهُ [الطلق .. ]3:وَ َم ْن ُيؤْ ِمنْ بِال ّلهِ َي ْهدِ قَلَْبهُ
[التغابن.]11:
7
التوحيد ف الج
فإذا علم العبد عظمة ال ُسبْحَانَ ُه َوَتعَالَى ف حلمه ورحته ومنه وفضله ،أحس أنه ل يزال بي ما كان
مع ال َجلّ جَللُهُ ،كذلك يس أنه مادامت هذه المم كلها تنادي ال جَلّ جَللُهُ ف لظة واحدة وال
يسمعها ويراها ،فإن ال ُسبْحَانَهُ َوَتعَالَى سيحه كما رحهم ،وسيلطف به كما لطف بم ،ولكن ما
عمل النسان إل أن يوقن بال جَلّ جَللُ ُه وأن يسلم ل قلبه ،فل تضيق عليك أي ضائقة ول تنل بك
أي ملمة إل أحسنت الظن بال عَ ّز وَجَلَ .من المور الت يستفيدها الاج ف حجه :حسن الظن بال عَزّ
وَجَلَ؛ لنك إذا رأيت هذه المم كلها وتعلم علم اليقي أن فيهم الغفور والرحوم ولربا -ونن ل
نستكثر على ال ول نستبعد على ال وليس على ال بعزيز -أن يقول لهل الوقف كلهم :انصرفوا قد
غفرت لكم .بغي من بغايا بن إسرائيل زانية -أعاذنا ال وإياكم -مرت على كلب يلهث الثرى فرحته
فملت خفها وسقته ،فشكر ال لا فغفر لا ذنوبا ،فقط بشربة ماء ،ورجل مر على غصن شوك ،وهو
مطروح ف طريق السلمي ،أخذته الشفقة فأحب الحسان ،وقال :وال لني هذا عن طريق السلمي،
فزحزحه عن الطريق فزحزحه ال عن نار جهنم ،هذا الرب الكري الليم الرحيم ،ليس هناك للعبد مثل
حسن الظن بال جَلّ جَللُهُ.
ولذلك ف الديث الصحيح يقول ال تعال( :أنا عند حسن ظن عبدي ب ،فمن ظن ب خيا كان له،
ومن ظن ب شرا كان له) .من ظن بال شرا -والعياذ بال -كالذين يعكفون على الشجار والحجار
والقبور ويضغون بأصحابا ،ويضيفون عليهم اللقاب والكلمات الت ل تليق إل بال جَلّ جَللُهُ ،تعال
ال عما يقول الشركون علوا عظيما .هؤلء ف خيبتهم وخسارتم لنم أساءوا الظن بال عَ ّز وَجَلَ ،ما
عرفوا ال َع ّز وَجَلَ ،فلو عرفوه ما التفتوا إل شيء سواه -نسأل ال السلمة والعافية -ولذلك إذا أحسن
العبد ظنه بال عز وجل تلقاه ال برحته وفاز بعفوه ومغفرته ،نسأل ال العظيم رب العرش الكري أن
يشملنا بذلك العفو والغفرة.
8
التوحيد ف الج
الرؤيا أنه يقتل ولده ويذبه ،أي امتحان مثل هذا المتحان ،امتحنه ال ف بلده ووطنه فخرج من بلده
مهاجرا إل ال ،فأبدله ال الرض القدسة ،ث امتحنه ال عز وجل ف عشيته وقومه فتركهم ل ،فجعل
ال ف ذريته النبوة والكتاب .ث امتحنه ال عز وجل ف ولده وفلذة كبده أن يذبه يَا بَُنيّ ِإنّي أَرَى
ك فَانْظُ ْر مَاذَا َترَى [الصافات ]102:وانظروا كيف الذرية الطيبة وأهل التوحيد
ح َ
فِي الْمَنَا ِم َأنّي َأذْبَ ُ
ضهَا ِم ْن َبعْضٍ [آل عمران.. ]34:
كيف يعل ال عز وجل ذريتهم طيبة ،قال تعال :ذُ ّرّيةً بَعْ ُ
ت افْ َعلْ [الصافات ]102:انظروا كيف التوحيد والتسليم إذا جاءك أي أمر من أوامر ال
قَا َل يَا َأبَ ِ
ت ا ْف َعلْ مَا
أن تفعل شيئا أو تترك شيئا هذا وهو ف صغره يسأل أن يضحي بروحه ونفسه قَالَ يَا أَبَ ِ
ج ُدنِي إِ ْن شَا َء اللّهُ
تُ ْؤ َمرُ [الصافات ]102:هذا التوحيد واليان ث انظر إل التوحيد سَتَ ِ
ج ُدنِي إِنْ شَا َء ال ّلهُ ِمنَ
[الصافات ]102:ما قال :ستجدن واتكل على حوله وقوته ،ل ،سَتَ ِ
الصّاِبرِينَ [الصافات ]102:صََلوَاتُ ا ِ
ل َوسَلمُ ُه عَلِيهِ ،ال أكب! تصور إذا قدمت روحك للموت
استجابة لمر ال كانت رخيصة لمر ال جَلّ جَللُهُ ،تسليم وتوحيد وانظر كيف يأت الفرج مع كمال
التوحيد.
يقول ال عز وجل :فَلَمّا أَسْلَمَا [الصافات ]103:حت جاء ف الخبار والسي أن إساعيل يقول
لوالده :يا أبتِ! ل تذبن وأنا مقبل إليك ،ولكن اكفن على وجهي حت ل تنظر إل فتدركك الشفقة،
حت البن يعي على اليان والتسليم ،لذلك تد الب إذا كان موحدا صالا أنشأ ال له الذرية
الصالة ،والعكس أيضا ،ولذلك صلة بن أشيم كان له أربعة من الولد وتقدم للجهاد ف سبيل ال فماذا
قال هذا الب الصال أمام الغزو وأمام العدو -انظروا الشجاعة واليان الت ينبغي أن يكون عليها
الوحد الوقن الذي ل يكن أن يفلح ف الدنيا إل بذا اليان الذي يورث الشجاعة -قال لحد أبنائه
وهو الكبي :تقدم يا بن ! فإن أريد أن أحتسبك عند ال ،أي :أريدك أن توت أنت قبلي فأحتسبك
عند ال عز وجل ،ما جاء هو يتقدم فرارا من أن يرى ولده يذبح أمامه ،هكذا كانت المة الوحدة
ج ُدنِي إِنْ شَا َء ال ّلهُ ِم َن الصّاِبرِينَ
الوقنة الخلصة ،فإبراهيم عَلِيهِ الصَل ُة وَالسَلم يقول له ابنه :سَتَ ِ
[الصافات ]102:يقول ال تعال :فَلَمّا َأسْلَمَا َوتَ ّلهُ لِلْجَبِيِ [الصافات ]103:أسلما :أي:
استسلما ،ومثله أن يأتيك أمر ال ف بيتك وأهلك وزوجك ،فحينما تستسلم وتنفذ أمر ال يأتيك
الفرج ،أما أن تذهب فتبحث عن الرخص فتتأول وتتهد فبهذا يسلم العبد إل حوله وقوته نسأل ال
السّلمة والعافية .لكن إذا سلّم وتوكل واعتقد ف ال ،فال ل ييبه ،يقول ال :فَلَمّا َأسْلَمَا َوتَ ّلهُ
ت الرّؤْيا [الصافات ]105-103:فجاءه الفرج من ال
ص ّدقْ َ
لِلْجَبِيِ * َونَا َديْنَا ُه أَ ْن يَا إبراهيم * َقدْ َ
9
التوحيد ف الج
َو َفدَيْنَا ُه بِ ِذبْحٍ َعظِيمٍ [الصافات ]107:ففداه ال جَلّ جَللُهُ من فوق سبع ساوات بالسلم
والستسلم والتوحيد ،فإذا رمى السلم جرة العقبة تذكر هذا البتلء ،وتذكر أنه سيمتحن ف أهله
وماله ونفسه وفلذة كبده ،فينبغي أن يقدم ما عند ال على ما عند نفسه ،نسأل ال العظيم رب العرش
الكري أن يرزقنا كمال اليان والتسليم.
كذلك أيضا بعد رميه لمرة العقبة يذبح إذا كان متمتعا أو قارنا ،فإذا ذبح هديه ذبه ل جَلّ جَللُهُ
وهذا مشهد من مشاهد التوحيد إراقة الدماء لفاطر الرض والسماء ،حت إن النسان إذا أراق دم
البهيمة قال :بِاسْمِ الِ ،ال أكب ،فسمى ال وكب على بيمته تأسيا برسول ال ، eوتقربا إل ال عَزّ
وَجَلَ ف هديه ،وقع الدم عند ال بكان قبل أن يقع على الرض ،وتأت يوم القيامة بلودها وشعرها
وأظلفها وجيع ما فيها ف ميزان العبد ،لكن إذا كانت بالتوحيد كانت ل ،ول تكن لي شيء سواه،
ل تذبح لوثن ول لشجر ول لقب ول لول ،ول تذبح خوفا من الن أو عند النلة من أجل إرضاء الن،
لكن ل ُسبْحَانَ ُه َوَتعَالَى إخلصا وتوحيدا ُقلْ إِنّ صَلتِي َوُنسُكِي [النعام ]162:أي :ذبي ،كما
حرْ [الكوثر ]2:فهذا مشهد من مشاهد التوحيد.
ك وَانْ َ
صلّ ِل َربّ َ
قال تعال :فَ َ
كذلك أيضا يقف النسان يتحلل من هذا النسك فيحلق شعر رأسه قربة ل عَ ّز وَجَ َل وطاعة ل جَلّ
جَللُهُ ،كما فعل النب eفتدور مناسك الج وشعائر الج كلها مع اليان والتسليم مع كمال اليقي
ل ُسبْحَانَ ُه َوَتعَالَى ،نسأل ال العظيم رب العرش الكري أن يرزقنا ذلك التسليم واليان .وجاع الي
كله أن يكون عند العبد قلب حي ،فإن الذكر والنتفاع بذه العبادات يفتقر إل نفس مؤمنة ..إل قلب
مقبل على ال ُسبْحَانَ ُه َوَتعَالَى حت يتفكر ويتدبر ويتبصر ،ويد هذه العان الكرية والثار العظيمة الت
تزيد من إيانه ويقينه بال َجلّ جَللُهُ .اللهم إنا نسألك إيانا كاملً ،ويقينا صادقا ،وعلما نافعا ،وعملً
صالا ،وآخر دعوانا أن الْحَ ْمدُ لِلّهِ رَبّ الْعَالَ ِميَ.
10
التوحيد ف الج
السئلة
دور الوحدين ف ماربة البدع
السؤال :يرى ف مكة والدينة بعض الجاج يقعون ف بدع وشركيات ،ويلطخون عقيدتم بالرافات
والزعبلت ،فما هو دور الوحدين ،وما هي نصيحتك لؤلء؟
حمْدُ ِللّهِ ،والصلة والسلم على خي خلق ال ،وعلى آله وصحبه ومن واله .أما الواب :بِاسْمِ الِ ،والْ َ
بعد :فإن ال تعال أكرم الرمي وأنعم عليها -بل على السلم كله -بذه الدولة الباركة الت حفظت
حى التوحيد ،وحرصت كل الرص على حاية جناب التوحيد من الشرك والرافات ،فمن يعرف
الدينة والرمي قبل هذه النعمة العظيمة ،فإنه يعرف جليل ما أنعم ال على السلم والسلمي ،فقد كان
الناس ف كثي من الهل والبدع والضللت والرافات ،وكانت أموال الناس تؤكل بالباطل ،وكانت
تيا بدع الضلي ،وتات سنن الرسلي صلوات ال وسلمه عليهم ،ولكن ال منّ على العباد بذا النور
وهذا الي الذي تبددت به دياجي الظلم والظلمات ،وأشرقت به أنوار التوحيد والرسالة ،وعظم به الي
على هذه المة ،وصلح حالا والمد ل أولً وآخرا وظاهرا وباطنا.
إن وقع شيء من الخلل من بعض الوافدين فينبغي أن يوجهوا وأن يعلموا ،وأن يدلوا على ما هو
أحكم ،وعلى صراط ال عَ ّز وَ َج َل السلم الذي هو صراط التوحيد ،نوصي كل من يرى أمرا من المور
الت تالف عقيدة التوحيد والخلص أن يبي الق وأن يدل عليه؛ لنه يتكلم بسلطان الق ،وال يؤيده
حقّ عَلَى الْبَا ِط ِل فََيدْ َم ُغهُ َفِإذَا ُهوَ زَا ِهقٌ
ف بِالْ َ
ويفتح عليه ،ويعل له من أمره رشدا َب ْل َنقْذِ ُ
[النبياء ]18:فيحرص طلب العلم والعلماء والدعاة وكل مؤمن موحد على التوحيد وينبغي أن يغار
عليه ،الدهد جاء إل سليمان وقد غار حينما رأى أهل الشرك يعبدون الشمس ،وهو حيوان جاء طائرا
يطي بناحيه ،غار على التوحيد واليان ،والسماوات والرض والبال تكاد تنهد وتندك إذا دعي ل
خ َذ وَلَدا * إِنْ
الولد لو أذن لا لندت واندكت أَ ْن دَ َعوْا لِلرّحْ َم ِن وَلَدا * وَمَا يَنَْبغِي لِلرّحْ َم ِن أَ ْن يَتّ ِ
ض إِلّا آتِي الرّحْ َمنِ َعبْدا * َل َقدْ َأحْصَا ُهمْ وَ َعدّ ُهمْ َعدّا [مري-91:
ُك ّل َمنْ فِي السّمَاوَاتِ وَاْلأَرْ ِ
ُ ]94سبْحَانَ ُه َوَتعَالَى ،فإذا كانت البال تنهد غيةً على التوحيد واليان ،فكيف بقلب الؤمن الذي
ياف ال ويرجو رحته ،فإنه أول وأحرى ،وبي له بالت هي أحسن أولً أن يكون عندك علم وتقول:
هذا ل يوز وهذا شرك وهذا يرج العبد من السلم ،قد يكون بي الرجل والشرك كلمة واحدة
يستغيث فيها بغي ال ويستجي فيها بغي ال والعياذ بال ،وقد تكون منه فعلة واحدة ترجه من ربقة
ح فِي َمكَا ٍن سَحِيقٍ
السلم فيشرك بال َف َكأَنّمَا َخرّ ِم َن السّمَا ِء فََتخْ َط ُفهُ الطّ ْي ُر أَ ْو َتهْوِي ِبهِ الرّي ُ
11
التوحيد ف الج
[الج ]31:نسأل ال السّلمة والعافية ،فيحرص النسان على توجيه هؤلء ،وكثي من هؤلء ل
يفقهون ول يعلمون ،فهم أتباع كل زاعق وناعق كما أخب النب eيكبهم ف نار جهنم ،فالواجب
نصيحتهم ودللتهم إل الي ،لكن ينبغي أن يرص على الكلمة الطيبة والتوجيه الؤثر وبالت هي أحسن
ما أمكن ،فإن ال ُسبْحَانَ ُه َوتَعَالَى قد ينقذ بك بكلمة عبدا من النار ،فيكون ذلك أعظم لجرك وأتقى
ل َتعَاَلَى َأعْلَم .
لربك ،وا ُ
12
التوحيد ف الج
ُسبْحَانَهُ َوَتعَالَى ،ليستشعر العبد معن (لبيك اللهم لبيك) وكذلك قوله( :لبيك ل شريك لك لبيك) أمر
مهم جدا ،فالذي ل يبأ من الشرك ويرضى بالشرك -والعياذ بال -يكون له حكم أهله والعياذ بال .
(إن المد) فالمد كله أوله وآخره ،ظاهره وباطنه ،سره وعلنيته ف الدنيا والخرة ل جَلّ جَللُهُ،
ولذلك استفتح ال المور بمده ،فاستفتح أحبها وأشرفها إليه وهو كتابه ورسالته ،فقال :الْحَ ْمدُ لِلّهِ
ح ْمدُ لِ ّلهِ َربّ
حقّ َوقِيلَ الْ َ
َربّ اْلعَالَ ِميَ [الفاتة ]2:وختم الخرة كلها ،فقالَ :وقُضِ َي بَيَْنهُ ْم بِالْ َ
الْعَالَمِيَ [الزمر ]75:فلله المد ف الول والخرة ،وله المد عشيا وإبكارا ،وله المد سرا
وجهاراَ ،تبَا َركَ اسه ،وتقدست أساؤه ،ول إله غيه( .والنعمة لك) النعمة كلها ل والفضل كله له ،فإذا
لبـى السلم بذه التلبية واستشعر فيها هذا العن وأنه يعتقد أن الفضل كله ل وليس لحد سواه،
ولذلك قال ال تعال :وَمَا بِ ُك ْم ِمنْ ِنعْ َمةٍ فَ ِمنَ ال ّلهِ [النحل ]53:فال هو صاحب النعمة وموليها،
صلّى ا ُ
ل وكذلك أيضا بالنسبة لبقية أذكار الج .وينبغي بالنسبة للتلبية رفع الصوت با ،ولذلك كان َ
عََليْهِ َوسَلّ َم يأمر أصحابه كما ف الصحيح تقول( :لبيك اللهم) ترفع با صوتك ،فإذا سع صوتك وأنت
تلب الجر والشجر والدر شهد لك بي يدي ال جَلّ جَللُهُ.
قال ( : eإن أراك تب الغنم والبادية ،فإذا كنت ف غنمك وأنت وحيد فأذن وارفع صوتك ،فإنه ل
يسمع صوتك جن ول إنس ول حجر ول مدر إل شهد لك يوم القيامة) كذلك إذا لبيت فإن الرض
تشهد وف سنن ابن ماجة أن النب eقال( :إذا لبـى السلم لبـى ما عن يينه ويساره من حجر
وشجر ومدر حت تنقطع الرض) كله يلبـي ،هذا الماد يب ذكر ال جَلّ جَللُهُ ،ولذلك ينبغي
للمسلم أن يكثر من هذه التلبية ،وأن يرفع با الصوت .نسأل ال العظيم أن ييي بنا هذه السنة ،وأن
يعيننا على تطبيقها ،ول يستحي النسان ،فالتاجر يصيح ف تارته بمسة بعشرة ..بعشرين ،ول يس
أن ف ذلك غضاضة؛ بل يتشرف ويفتخر بذلك ،فكيف بن يتاجر تارة الخرة ،فكيف بن ينطق
بكلمة ل أصدق منها وهي كلمة التوحيد وما دل عليها ،فلذلك ل ينبغي للنسان أن يستحي أو يجل
من الناس ،فإذا كنت بي قوم غافلي فارفع با صوتك واعتز بدينك وربك ،ينبغي للمسلم أن تكون فيه
المية والقوة ،لكن القوة ببصية ،والقوة بالرحة الت جاء با رسول ال ، eفل يستحي النسان ول
يستنكف عن هذه الشياء بل هي عزة له ورحة ،نسأل ال العظيم أن يعلنا وإياكم ذلك الرجل ،وال
أعلم.
13
التوحيد ف الج
14
التوحيد ف الج
حكم ترك تقبيل الجر السود
السؤال :أنا ذاهب إل الج والعمرة ولكن ل أُقبّل الجر السود ،والذي ينعن من ذلك شدة الزحام
فما رأي فضيلتكم ف ذلك؟
الواب :اترك المور بالتساهيل ،فالنسان ل يقول من البداية :ل أُقبّل ،أي شيء من السنن غي الواجبة
إذا ترتبت عليه مفسدة أو ترتبت عليه مضرة ،وما أمكن أن تطبق إل بذه الفاسد والضرار فتترك؛ لنه
ليس بواجب ،لكن ل تقل هكذا من البداية ل أُقبّل الجر ،قل :إن شاء ال ،فإن ال ييسر ويسهل .فإن
استطعت أن تقبله ولو كان عليه زحام دون أن تؤذي أحدا ودون أن تضر بأحد ،حت تتمكن من الجر
فهذا فضل عظيم ،وإذا ل يتيسر إل بأذية وإضرار فل يكلف ال نفسا إل وسعها ،ول يكن أن يعصى
ال من حيث يطاع ،ولذلك ل يقبل الجر إذا كانت هناك أضرار ومفاسد أو فت ،بل على النسان أن
يتق ال ما استطاع إل ذلك سبيلً .ومن ترك التقبيل لعذر فإن ال يكتب له أجر التقبيل ،لنك تركت
التقبيل خوف الفتنة ،فال يكتب لك أجر من قبل؛ لن عندك العذر ،وال سبحانه وتعال يكتب الثواب
عند وجوده ،وال تعال أعلم.
15
التوحيد ف الج
ونصحه أن يركب معهم فيطعم من طعامهم ويأكل من أكلهم،ل ،إنا يعل أجره ل والدار الخرة:
ُقلْ مَا سََألُْتكُ ْم ِمنْ َأ ْجرٍ َف ُهوَ لَ ُكمْ [سـبأ ]47:وقال ال عن أنبيائه :وَمَا أَ ْسَألُ ُكمْ عَلَ ْي ِه ِمنْ َأ ْجرٍ إِنْ
ي إِلّا عَلَى َربّ اْلعَالَ ِميَ [الشعراء ]109:فأجر كل من يدعو إل ال على ال سبحانه وتعال،
أَ ْجرِ َ
فأوصيكِ أن تقول لم :إما أن أدفع كما يدفع غيي ،وأنت إذا قلتِ لم ذلك إن شاء ال سيعينونك
على هذا الي ،وأما بالنسبة للمبلغ الذي رصدتيه وأنت تنوين الي والب ،فكما ذكرنا تبدئي بنفسك
وترصي على أن يكون هذا الي لك ،لنه ل إيثار ف القربات ،وتجي معهم ،إذا كان ذلك يعينك
على الي والب وفيه معونة للغي على الي ،نسأل ال العظيم أن يتقبل من الميع ،وال تعال أعلم.
16
التوحيد ف الج
الواب :إذا كان الزوج ل يج عن نفسه وسأل رجلً أن يج عن امرأته فل بأس ،يوز للرجل أن يج
عن امرأة ويوز للمرأة أن تج عن الرجل ،وف الديث( :أن امرأة قالت :يا رسول ال! إن فريضة ال
ف الج أدركت أب شيخا كبياًَ ل يستقيم على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال :نعم حجي عنه) كما ف
الصحيح ف حديث الثعمية .فقوله( :حجي عنه) فهو رجل وهي امرأة فدل على أنه يوز أن يكون
الوكيل رجلً عن امرأة ،وامرأة عن رجل ،فل بأس أن يج سواءً كان أجنبيا أو كان قريبا ل بأس
بذلك ،ولشك -إن شاء ال -أنك لو حججت عن امرأته ونويتها عن حجتها الت هي فرض عليها إن
كانت قصرت وضيعت ووجب عليها الج وحججت عنها ،فهذا لشك أنه من التعاون على الب
والتقوى ،ويكون زوجها إذا ل يج عن نفسه حجته تلك عن نفسه ،فتبأ ذمة اليت التوف ،وال تعال
أعلم.
17
التوحيد ف الج
النب ، eوقال( :خذوا ساحل البحر) فأخذوا ساحل البحر فأحرموا كلهم إل أبا قتادة ل يرم وأخر
إحرامه إل رابغ وهي الحفة؛ لنه عندما ذهب إل الساحل أصبح ميقاته ميقات أهل الساحل ،واختار
الصحابة الفضل فأحرموا من ذي الليفة ،وأخر أبو قتادة إل مل الجزاء ،فدل على أن من انتقل من
ميقات إل ميقات أو سافر سفرا إل ميقات آخر أخذ حكم أهله وألغى حكم اليقات الول ،وال تعال
أعلم.
18