Professional Documents
Culture Documents
بسم ال ،والمد ل ،والصلة والسلم على رسول ال وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بداه.
أما بعد :فإل حجاج بيت ال الرام أقدم هذه الوصايا عملً بقول ال سبحانه" :وتعاونوا
على الب والتقوى" ( ، )2وقول النب صلى ال عليه وسلم " :الدين النصيحة" قيل :لن يا
رسول ال ،قال" :ل ولرسوله ولئمة السلمي وعامتهم" (. )3
الول :الوصية بتقوى ال تعال ف جيع الحوال ،والتقوى هي جاع الي وهي وصية ال
سبحانه ووصية رسوله صلى ال عليه وسلم ،قال ال تعال" :يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي
خلقكم من نفس واحدة" ( ، )4وقال سبحانه" :ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم
وإياكم أن اتقوا ال" ( ، )5وكان النب صلى ال عليه وسلم يوصي ف خطبه كثيا بتقوى ال .
وحقيقة التقوى أداء ما افترض ال على العبد وترك ما حرم ال عليه عن إخلص ل ومبة له
ورغبة ف ثوابه وحذر من عقابه على الوجه الذي شرعه ال لعباده على لسان رسوله ممد
صلى ال عليه وسلم .قال عبد ال بن مسعود –رضي ال عنه -وهو أحد علماء أصحاب
رسول ال صلى ال عليه وسلم ورضي عنهم" :تقوى ال حق تقاته أن يطاع فل يعصى ،
ويذكر فل ينسى ،ويشكر فل يكفر " .وقال أمي الؤمني عمر بن عبد العزيز –رحه ال-
" :ليست تقوى ال بصيام النهار ول قيام الليل والتخليط فيما بي ذلك ،ولكن تقوى ال أداء
ما افترض ال وترك ما حرم ال ،فمن رزق بعد ذلك خيا فهو خي على خي" .وقال طلق
بن حبيب التابعي الليل –رحه ال" : -تقوى ال سبحانه هي أن تعمل بطاعة ال على نور
من ال ترجو ثواب ال ،وأن تترك معصية ال على نور من ال تاف عقاب ال" .وهذا كلم
) (1نشر ف ملة الامعة السلمية السنة الادية عشرة ،العدد الثان غرة ذي الجة عام 1398هـ
) (2سورة الائدة ،الية 22
) (3رواه المام أحد ف (مسند الشاميي) حديث تيم الداري برقم ،16499ومسلم ف (اليان) باب بيان أن الدين النصيحة برقم
55
) (4سورة النساء ،الية 1
) (5سورة النساء ،الية 131
جيد ،ومعناه أن الواجب على السلم أن يتفقه ف دين ال ،وأن يتعلم ما ل يسعه جهله ،حت
يعمل بطاعة ال على بصية ،ويدع مارم ال على بصية ،وهذا هو تقيق العمل بشهادة أن
ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال ،فإن الشهادة الول تقتضي اليان بال وحده ،وتصيصه
بالعبادة دون كل ما سواه ،وإخلص جيع العمال لوجهه الكري ،رجاء رحته وخشية
عقابه ،والشهادة الثانية تقتضي اليان برسول ال صلى ال عليه وسلم ،وأنه رسول ال إل
جيع الن والنس ،وتصديق أخباره واتباع شريعته والذر ما خالفها .وهاتان الشهادتان ها
أصل الدين وأساس اللة ،كما قال ال تعال" :شهد ال أنه ل إله إل هو واللئكة وأولوا العلم
قائما بالقسط ل إله إل هو العزيز الكيم" ( ، )6وقال سبحانه" :وإلكم إله واحد ل إله إل
هو الرحن الرحيم" ( ، )7وقال عز وجل" :قل يا أيها الناس إن رسول ال إليكم جيعا الذي
له ملك السموات والرض ل إله إل هو ييي وييت فآمنوا بال ورسوله النب المي الذي
يؤمن بال وكلماته واتبعوه لعلكم تتدون" ( ، )8واليات ف هذا العن كثية.
الثانية :أوصي جيع الجاج والزوار وكل مسلم يطلع على هذه الكلمة بالحافظة على
الصلوات المس ف أوقاتا والعناية با وتعظيم شأنا والطمأنينة فيها؛ لنا الركن العظم بعد
الشهادتي ،ولنا عمود السلم ،ولنا أول شيء ياسب عنه السلم من عمله يوم القيامة،
ولن من تركها فقد كفر ؛ قال ال سبحانه وتعال" :وأقيموا الصلة وآتوا الزكاة وأطيعوا
الرسول لعلكم ترحون" ( ، )9وقال عز وجل" :حافظوا على الصلوات والصلة الوسطى
وقوموا ل قانتي" ( ، )10وقال جل شأنه" :قد أفلح الؤمنون .الذين هم ف صلتم خاشعون"
( )11إل أن قال سبحانه" :والذين هم على صلواتم يافظون .أولئك هم الوارثون .الذين
) (16رواه البخاري ف (الستئذان) باب من رد فقال :عليك السلم برقم ،6251ومسلم ف (الصلة) باب وجوب قراءة الفاتة ف
كل ركعة برقم .397
) (17رواه المام أحد ف (باقي مسند الكثرين من الصحابة) مسند أنس بن مالك برقم ،11884والنسائي ف (عشرة النساء) باب
حب النساء برقم .3940
) (18سورة البقرة ،الية 43
) (19سورة النساء ،الية 102
) (20سورة النفال ،الية 60
بعدهم غي ال عليهم ،كما قال عز وجل" :إن ال ل يغي ما بقوم حت يغيوا ما بأنفسهم"
( ، )21وصح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال" :لقد همت أن آمر بالصلة فتقام،
ث آمر رجلً فيصلي بالناس ،ث أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إل قوم ل يشهدون
الصلة فأحرق عليهم بيوتم بالنار" ( . )22وقال عليه الصلة والسلم " :من سع النداء فلم
يأته فل صلة له إل من عذر" ( . )23وعن أب هريرة –رضي ال عنه -أن رجلً أعمى قال :يا
رسول ال ،إنه ليس ل قائد يلئمن إل السجد ،فهل ل من رخصة أن أصلي ف بيت ،قال:
"هل تسمع النداء بالصلة" ،قال :نعم ،قال" :فأجب" ( . )24خرجه مسلم ف صحيحه.
أما النساء فصلتن ف بيوتن خي لن ،كما جاء بذلك الخبار عن رسول ال صلى ال عليه
وسلم ،وما ذاك إل لنن عورة وفتنة ،ولكن ل ينعن من الساجد إذا طلب ذلك؛ لقول النب
صلى ال عليه وسلم" :ل تنعوا إماء ال مساجد ال" ( . )25وقد دلت اليات والحاديث
الصحيحة عن رسول ال صلى ال عليه وسلم على أنه يب عليهن التستر والتحجب من
الرجال ،وترك إظهار الزينة ،والذر من التعطر حي خروجهن؛ لن ذلك يسبب الفتنة بن؛
ولذا قال النب صلى ال عليه وسلم" :ل تنعوا إماء ال مسجد ال ،وليخرجن تفلت" (. )26
ومعن تفلت :أي ل رائحة لن تفت الناس .وقال صلى ال عليه وسلم" :أيا امرأة أصابت
بورا فل تشهد معنا العشاء" ( . )27وقالت عائشة – رضي ال عنها" : -لو علم النب صلى
ال عليه وسلم ما أحدث النساء اليوم لنعهن الروج" .فالواجب على النساء أن يتقي ال وأن
يذرن أسباب الفتنة من الزينة والطيب وإبراز بعض الحاسن ،كالوجه واليدين والقدمي حي
) (21سورة الرعد ،الية 11
) (22رواه البخاري ف (الصومات) باب إخراج أهل العاصي والصوم من البيوت برقم ،2420ومسلم ف (الساجد ومواضع
الصلة) باب فضل صلة الماعة وبيان التشديد ف التخلف عنها برقم ، 651وأبو داود ف (الصلة) باب التشديد ف ترك الماعة
برقم ، 548واللفظ له.
) (23رواه ابن ماجة ف (الساجد والماعات) باب التغليظ ف التخلف عن الماعة برقم 793
) (24رواه مسلم ف (الساجد ومواضع الصلة) باب يب إتيان السجد على من سع النداء برقم 653
) (25رواه البخاري ف (المعة) باب هل على من ل يشهد المعة غسل برقم ( ، )900ومسلم ف (الصلة) باب خروج النساء إل
الساجد برقم 442
) (26رواه المام أحد ف (مسند الكثرين من الصحابة) باقي مسند أب هريرة برقم 9362
) (27رواه مسلم ف (الصلة) باب خروج النساء إل الساجد برقم 444
اجتماعهن بالرجال وخروجهن إل السواق ،وهكذا ف وقت الطواف والسعي ،وأشد من
ذلك وأعظم ف النكر كشفهن الرؤوس ،ولبس الثياب القصية الت تقصر عن الذراع
والساق؛ لن ذلك من أعظم أسباب الفتنة بن؛ ولذا قال عز وجل" :وقرن ف بيوتكن ول
تبجن تبج الاهلية الول" ( . )28والتبج إظهار بعض ماسنهن .وقال عز وجل" :يا أيها
النب قل لزواجك وبناتك ونساء الؤمني يدني عليهن من جلبيبهن " ( )29الية .واللباب
هو الثوب الذي تغطي به الرأة رأسها ووجهها وصدرها وسائر بدنا .قال علي بن أب طلحة
عن ابن عباس –رضي ال عنهما : -أمر ال نساء الؤمني إذا خرجن من بيوتن ف حاجة أن
يغطي وجوههن من فوق رؤوسهن باللليب ويبدين عينا واحدة .وقال تعال" :وإذا
سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبن" ( )30الية.
وقال النب صلى ال عليه وسلم "صنفان من أهل النار ل أرها بعد :نساء كاسيات عاريات ،
مائلت ميلت ،على رؤوسهن مثل أسنمة البخت الائلة ،ل يدخلن النة ول يدن ريها ،
ورجال بأيديهم سياط مثل أذناب البقر يضربون با الناس" ( )31خرجه مسلم ف صحيحه.
وقوله :كاسيات عاريات ،فسر بأنن كاسيات من نعم ال عاريات من شكرها ،وفسر بأن
عليهن كسوة رقيقة أو قصية ل تسترهن ،فهن كاسيات بالسم والدعوى عاريات ف
القيقة .ول ريب أن هذا الديث الصحيح يوجب على النساء العناية بالتستر والتحجب
والذر من أسباب غضب ال وعقابه .وال الستعان.
الوصية الثالثة :أوصي جيع الجاج والزوار وكل مسلم بإخراج زكاة ماله إذا كان لديه مال
تب الزكاة فيه؛ لن الزكاة من أعظم فرائض الدين ،وهي الركن الثالث من أركان السلم.
فال سبحانه وتعال شرعها طهرة للمسلم وزكاة له ولاله وإحسانا للفقراء وغيهم من
) (28سورة الحزاب ،الية 33
) (29سورة الحزاب ،الية 59
) (30سورة الحزاب ،الية .53
) (31رواه المام أحد ف (مسند الكثرين من الصحابة) مسند أب هريرة برقم ،8451ومسلم ف (اللباس والزينة ) باب النساء
الكاسيات العاريات برقم 2128
()32
أصناف أهل الزكاة ،كما قال عز وجل" :خذ من أموالم صدقة تطهرهم وتزكيهم با"
وهي من شكر ال على نعمة الال ،والشاكر موعود بالجر والزيادة ،كما قال سبحانه" :وإذ
تأذن ربكم لئن شكرت لزيدنكم ولئن كفرت إن عذاب لشديد"( ،)33وقال عز وجل :
"فاذكرون أذكركم واشكروا ل ول تكفرون" ( . )34وقد توعد ال من ل يؤد الزكاة
بالعذاب الليم ،كما توعده سبحانه بأنه يعذبه باله يوم القيامة .قال ال عز وجل " :والذين
يكنون الذهب والفضة ول ينفقونا ف سبيل ال فبشرهم بعذاب أليم .يوم يمى عليها ف نار
جهنم فتكوى با جباههم وجنوبم وظهورهم هذا ما كنت لنفسكم فذوقوا ما كنتم
تكنون" ( . )35وصح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ف تفسي هذه الية الكرية :أن كل
مال ل تؤدى زكاته فهو كن يعذب به صاحبه يوم القيامة ف يوم كان مقداره خسي ألف
سنة ،ث يرى سبيله إما إل النة وإما إل النار.
فالواجب على كل مسلم له مال تب فيه الزكاة أن يتقي ال ويبادر بإخراج زكاته ف وقتها
ف أهلها الستحقي لا ،طاعة ل ولرسوله ،وحذرا من غضب ال وعقابه .وال سبحانه وعد
النفقي باللف والجر الكبي ،كما قال سبحانه" :وما أنفقتم من شيء فهو يلفه وهو خي
الرازقي" ( ، )36وقال تعال" :آمنوا بال ورسوله وأنفقوا ما جعلكم مستخلفي فيه فالذين
آمنوا منكم وأنفقوا لم أجر كبي" (. )37
الوصية الرابعة :صيام رمضان ،وهو من أعظم الفرائض على جيع الكلفي من الرجال
والنساء ،وهو الركن الرابع من أركان السلم ،قال ال سبحانه" :يا أيها الذين آمنوا كتب
عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون .أياما معدودات" ( ، )38ث فسر
) (43رواه المام أحد ف (مسند بن هاشم) بداية مسند عبد ال بن العباس برقم ،2637والدارمي ف (الناسك) باب كيف وجوب
الج برقم 1788
) (44رواه البخاري ف (الج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم ،1773ومسلم ف (الج) باب ف فضل الج والعمرة ويوم عرفة
برقم 1349
) (45رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور ،برقم ،1521ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة و يوم عرفة برقم
1350
) (46سورة البقرة ،الية 197
كتاب الناسك
()47
الكمة ف تشريع الج وأحكامه وفوائده
بسم ال الرحن الرحيم ،والمد ل رب العالي ،والعاقبة للمتقي ،والصلة والسلم على
عبده ورسوله وأمينه على وحيه وخليله وصفوته من عباده نبينا وإمامنا وسيدنا ممد بن عبد
ال ،وعلى آله وأصحابه ،ومن سلك سبيله ،واهتدى بداه إل يوم الدين.
أما بعد:
فإن أشكر ال عز وجل على ما منّ به من هذا اللقاء ف خي بقعة بإخوان ف ال؛ للتواصي
والتناصح بالق ،والتعاون على الب والتقوى ،والتذكي بال وبقه ،والتذكي بذه الشعية
العظيمة شعية الج ،وما فيها من الي العظيم ،والنافع الكبية والعواقب الميدة للمسلمي
ف كل مكان.
فأسأله جل وعل أن يعله لقاءً مباركا ،وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جيعا ،وأن ينحنا الفقه ف
دينه والثبات عليه ،وأن يتقبل منا ومن سائر إخواننا حجاج بيت ال الرام وغيهم من
السلمي ،أسأل ال أن يتقبل منا جيع أعمالنا الت نتقرب با إليه سبحانه وتعال.
ث أشكر أخي معال الشيخ راشد الراجح مدير جامعة أم القرى ورئيس هذا النادي على هذه
الدعوة لذا اللقاء ،وأسأل ال جل وعل أن يبارك ف جهوده ،وأن يعينه على كل خي ،وأن
يعلنا وإياكم وإياه من الداة الهتدين ،إنه خي مسؤول .
أيها الخوة :شعية الج أمرها عظيم وفوائدها كثية وحكمها متنوعة ،ومن تأمل كتاب ال
وتأمل السنة عن رسول ال عليه الصلة والسلم ف هذا الوضوع عرف عن ذلك الشيء
الكثي.
ولقد شرع ال سبحانه هذه الشعية لعباده لا ف ذلك من الصال العظيمة ،والتعارف ،
والتعاون على الي ،والتواصي بالق ،والتفقه ف الدين ،وإعلء كلمة ال ،وتوحيده ،
والخلص له ،إل غي ذلك من الصال العظيمة والفوائد الت ل تصى .
) (47ماضرة لسماحة الشيخ بنادي مكة الثقاف الدب ف حج عام 1412هـ
ومن رحته سبحانه أن جعل الج فرضا على جيع السلمي ف مشارق الرض ومغاربا،
فالج فريضة عامة على جيع السلمي :رجالً ونساءً ،عربا وعجما ،حكاما ومكومي ،مع
الستطاعة ،كما قال عز وجل" :ول على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلً ومن كفر
فإن ال غن عن العالي" ( . )48فالية الكرية واضحة ف أن هذا الج واجب على جيع الناس
مع الستطاعة.
والج مرة ف العمر ،كما قال النب صلى ال عليه وسلم عندما سئل :أف كل عام يا رسول
ال؟ قال" :لو قلتها لوجبت ،الج مرة ،فمن زاد فهو تطوع" ( . )49وهذا من تيسي ال أيضا
ومن نعمته العظيمة أن جعلها مرة ف العمر؛ لنه لو كان أكثر من ذلك لكانت الشقة عظيمة
بسبب الكلفة الكبية بالنسبة للبعيدين عن هذه البقعة الباركة ،ولكن ال بلطفه ورحته جعل
الج مرة ف العمر ،ومن زاد فهو تطوع.
وقد صح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال" :العمرة إل العمرة كفارة لا بينهما،
والج البور ليس له جزاء إل النة" )50( .متفق على صحته.
وف الصحيحي أيضا عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال" :من حج فلم يرفث ول يفسق رجع
كيوم ولدته أمه" (.)51
وقال أيضا عليه الصلة والسلم" :تابعوا بي الج والعمرة ،فإنما ينفيان الفقر والذنوب كما
ينفي الكي خبث الديد والذهب والفضة ،والج البور ليس له ثواب إل النة" (.)52
فالج له شأن عظيم وفوائد كثية ،ومن فوائده العظيمة أنه إذا كان مبورا فجزاؤه النة
والسعادة وغفران الذنوب ،وهذه فائدة كبية وكسب ل يقاس بغيه.
) (48سورة آل عمران ،الية 97
) (49رواه المام أحد ف (مسند بن هاشم) بداية مسند عبد ال بن العباس برقم ،2637والدارمي ف (الناسك) باب كيف وجوب
الج برقم 1788
) (50رواه البخاري ف (الج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم ،1773ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم
1349
) (51رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور برقم ،1521ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم
1350
) (52رواه المام أحد ف (مسند الكثرين من الصحابة ) مسند عبد ال بن مسعود برقم ،3660والترمذي ف (الج) باب ما جاء ف
ثواب الج والعمرة برقم 810
وال جل وعل جعل هذا البيت مثابة للناس وأمنا ،كما قال جل وعل" :وإذ جعلنا البيت
مثابة للناس وأمنا" ( ، )53يثوبون إليه من كل مكان مرة بعد مرة ،ول يشبعون من الجيء إليه؛
لن ف الجيء إليه خيا عظيما وفوائد جة ،وهو مؤسس على توحيد ال والخلص له ،قال
تعال" :وإذ بوأنا لبراهيم مكان البيت أن ل تشرك ب شيئا وطهر بيت للطائفي والقائمي
والركع السجود" ( . )54فال هيأ هذا البيت لليله إبراهيم عليه الصلة والسلم ليقيمه على
توحيد ال ،والخلص له ،وعدم الشراك به ،وقد سئل عليه الصلة والسلم عن أول بيت
وضع للناس ،قال" :هو السجد الرام" ( . )55وال يقول ف كتابه العظيم" :إن أول وضع
للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالي" ( . )56فهو أول بيت وضع للعبادة العامة ،وقد بي
سبحانه وتعال أنه أسس على توحيد ال والخلص له.
فمن الواجب على كل مسلم قصد هذا البيت أن يلص العبادة ل وحده ،وأن يتهد ف أن
تكون أعماله كلها ل وحده :ف صلته ودعائه ،ف طوافه وسعيه ،وف جيع عباداته ؛ ولذا
قال ال تعال" :وطهر بيت" ( ، )57أي طهر مكان البيت من الشرك" .للطائفي" ،وقد بدأ
بالطواف؛ لن الطواف ل يفعل إل ف هذا البيت العتيق ،ما من عبادة ف الدنيا فيها طواف إل
حول البيت العتيق ،أما الطواف بالقبور والشجار والحجار فهو من الشرك الكب ،كالصلة
لا والسجود لا .وإن طاف با تقربا ل فهو بدعة ،ليس هناك طواف يتقرب به ل إل بالبيت
العتيق ،وتطهيه يكون بتنيهه من الشرك بال والبدع الضلة ،وأل يكون حوله إل توحيد ال
والخلص له وما شرع من العبادة.
فالواجب على حاة هذا البيت والقائمي عليه ،أن يطهروا هذا البيت من الشرك والبدع
والعاصي ،حت يكون كما شرع ال بيتا مقدسا مطهرا من كل ما حرمه ال.
) (68رواه المام أحد ف (مسند الكوفيي) حديث عبد الرحن بن يعمر الديلي برقم ،18475والترمذي ف الج باب ما جاء فيمن
أدرك المام بمع فقد أدرك الج برقم 889
الغرب والعشاء قبل أن يط الرحال ،بأذان واحد وإقامتي ،يصلي الغرب ثلثا والعشاء
اثنتي ،ول يصلي بينهما شيئا ،ول بي الظهر والعصر ف عرفات ؛ لن النب صلى ال عليه
وسلم ل يصل بينهما شيئا.
ويكن للحاج بعد صلة الغرب والعشاء أن يفعل ما يشاء ،فإن شاء نام ،وإن شاء أكل ،وإن
شاء قرأ القرآن ،وإن شاء ذكر ال .ويكن للضعفاء أن ينفروا إل من ف النصف الخي من
الليل ،والفضل بعد غروب القمر قبل الزحة ؛ لن الرسول صلى ال عليه وسلم رخص لم،
رحة بم وتفيفا عنهم .ويكنهم الرمي قبل الفجر ،ومن أخر الرمي إل الضحى فل بأس ،
والرمي ف الضحى للقوياء هو الفضل وهو السنة ،كما فعل النب صلى ال عليه وسلم.
ومن طاف بعد الرمي أو قبل الرمي أجزأه ،ولكن تأخي الطواف بعد الرمي والذبح واللق
يكون أفضل ،تأسيا بالنب صلى ال عليه وسلم ،لكن لو قدم فل بأس ،وما سئل النب صلى
ال عليه وسلم يوم العيد عن شيء قدم ول أخر إل قال" :ل حرج" ( )69؛ ف الرمي والذبح
واللق والتقصي والطواف والسعي.
واللصة أن السنة ف يوم العيد :الرمي أولً ،ث النحر ،ث اللق أو التقصي ،واللق أفضل،
ث يتحلل ،ث الطواف والسعي إن كان عليه سعي.
وأسأل ال عز وجل أن يوفقنا وإياكم وجيع السلمي للعلم النافع والعمل الصال ،وأن ينحنا
جيعا الفقه ف دينه والثبات عليه ،وأن يصلح أحوال السلمي ف كل مكان ،وأن يفقههم ف
الدين ،وأن يرزقهم النشاط التواصل لعرفة أمور الدين والتعلم والرغبة فيما عند ال.
كما نسأله سبحانه أن يول عليهم خيارهم ،وأن يصلح قادتم ،وأن يوفق جيع ولة أمور
السلمي ف كل مكان لتحكيم شريعة ال والرضا با وإيثارها على ما سواها ،إنه جل وعل جواد
كري ،وصلى ال وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا ممد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.
) (69رواه البخاري ف (العلم) باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيها برقم ، 83ومسلم ف (الج) باب من حلق قبل النحر أو نر
قبل الرمي برقم 1306
من أهداف الج
()70
توحيد كلمة السلمي على الق
المد ل الذي جعل البيت مثابة للناس وأمنا ،وجعله مباركا وهدى للعالي ،وأمر
عبده ورسوله وخليله إبراهيم إمام النفاء ووالد النبياء من بعده ،أن يوجه الناس ويؤذن فيهم
بالج بعد ما بوأ له مكان البيت؛ ليأتوا إليه من كل فج عميق ،ليشهدوا منافع لم ويذكروا
اسم ال ف أيام معلومات .وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له إله الولي والخرين
الذي بعث رسله وأنزل كتبه لقامة الجة وبيان أنه سبحانه هو الواحد الحد الستحق أن
يعبد والستحق لن يتمع العباد على طاعته واتباع شريعته وترك ما خالف ذلك ،وأشهد أن
ممدا عبده ورسوله وخليله الذي أرسله سبحانه رحة للعالي وحجة على العباد أجعي ،بعثه
بالدى ودين الق ليظهره على الدين كله ،وأمره أن يبلغ الناس مناسكهم ،ففعل ذلك قولً
وعملً عليه من ربه أفضل الصلة والتسليم.
لقد حج عليه الصلة والسلم حجة الوداع وبلغ الناس مناسكهم قولً وعملً ،وقال للناس :
"خذوا عن مناسككم فلعلي ل ألقاكم بعد عامي هذا" ( ، )71فشرع لم أعمال الج ،وأقوال
الج ،وجيع مناسكه بقوله وفعله عليه الصلة والسلم ،فقد بلغ الرسالة وأدى المانة وجاهد
ف ال حق الهاد ،حت أتاه اليقي من ربه عليه الصلة والسلم ،فسار خلفاؤه الراشدون
وصحابته الرضيون رضي ال عنهم جيعا على نجه القوي ،وبينوا للناس هذه الرسالة العظيمة
بأقوالم وأعمالم ،ونقلوا إل الناس أقواله وأعماله عليه الصلة والسلم بغاية المانة
والصدق ،رضي ال عنهم وأرضاهم وأحسن مثواهم.
وكان أعظم أهداف هذا الج توحيد كلمة السلمي على الق ،وإرشادهم إليه ،حت
يستقيموا على دين ال ،وحت يعبدوه وحده ،وحت ينقادوا لشرعه .فمن أجل ذلك رأيت
) (70ماضرة ألقاها ساحته ف نادي مكة الثقاف الدب مساء السبت 28/11/1409هـ
) (71رواه بنحوه مسلم ف (الج) باب استحباب رمي جرة العقبة يوم النحر راكبا برقم 1297
أن تكون كلمت ف هذا القام بذا العنوان" :من أهداف الج توحيد كلمة السلمي على
الق" .وللحج أهداف كثية يأت بيان كثي منها إن شاء ال.
أما بعد:
فإن اشكر ال عز وجل على ما من به من هذا اللقاء بأخوة ل ف ال ،ف نادي مكة الثقاف
الدب؛ للتناصح والتعاون على الي ،وبيان كثي من أهداف هذا النسك العظيم ،وهو حج
بيت ال الرام ؛ ليكون حجاج بيت ال الرام على بصية ،وليستفيدوا ما شرع ال لم وما
قد يهله كثي منهم.
ث أشكر القائمي على هذا النادي وعلى رأسهم الخ الكري الدكتور /راشد الراجح رئيس
النادي ومدير جامعة أم القرى على دعوتم ل لذا اللقاء ،وأسأل ال أن يوفق الميع لا
يرضيه ،وأن يعي القائمي على النادي على كل خي ،وأن ينفع بهودهم السلمي ،وأن يعلنا
من الداة الهتدين ومن أنصار الق أينما كان.
أيها الخوة ف ال ،إن ال جل وعل شرع الج لعباده ،وجعله الركن الامس من أركان
السلم ،لكم كثية وأسرار عظيمة ومنافع ل تصى ،وقد أشار ال جل وعل إل ذلك ف
كتابه العظيم ،حيث يقول جل وعل" :قل صدق ال فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من
الشركي .إن أول بي وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالي .فيه آيات بينات مقام
إبراهيم ومن دخله كان آمنا ول على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلً ومن كفر فإن
ال غن عن العالي" ( )72فبي سبحانه أن هذا البيت أول بيت وضع للناس ؛ أي ف الرض
للعبادة والتقرب إل ال با يرضيه ،كما ثبت ف الصحيحي ف حديث أب ذر رضي ال عنه
قال :قلت :يا رسول ال ،أخبن عن أول مسجد وضع ف الرض؟ قال" :السجد الرام"
قلت :ث أي؟ قال" :السجد القصى" ،قلت :وكم بينهما؟ قال" :أربعون عاما" ،قلت :ث
()73
أي؟ قال :ث حيث أدركتك الصلة فصل فإنا مسجد".
) (77رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور برقم ، 1521ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم
1350
) (78رواه البخاري ف الج باب قول ال تعال ( :فل رفث) برقم 1819
) (79رواه البخاري ف (اليان ) باب من قال :إن اليان هو العمل برقم ، 26ومسلم ف (اليان) باب كون اليان بال تعال
أفضل العمال برقم 83
) (80رواه مسلم ف الج باب حجة النب صلى ال عليه وسلم برقم 1218
وقد بي عليه الصلة والسلم مناسك الج وأعماله وأقواله وأفعاله ،وكان خروجه من الدينة
ف آخر ذي القعدة من عام عشر ،مرما بالج والعمرة قارنا بينهما ،من ذي الليفة ،وساق
الدي عليه الصلة والسلم ،وأتى مكة ف صبيحة اليوم الرابع من ذي الجة ،ول يزل يلب
من اليقات من حي أحرم من ذي الليفة بتلبيته الشهورة" :لبيك اللهم لبيك ،لبيك ل شريك
()81
لك لبيك ،إن المد والنعمة لك واللك ،ل شريك لك"
بعدما لب بالج والعمرة عليه الصلة والسلم .وكان قد خي أصحابه ف ذي الليفة بي
النساك الثلثة ،فمنهم من لب بالعمرة ومنهم من لب بالج ومنهم من لب بما ،وكان صلى
ال عليه وسلم يرفع صوته بالتلبية ،وهكذا أصحابه رضي ال عنهم ،ول يزل يلب حت وصل
إل بيت ال العتيق ،وبي للناس ما يقولونه من الذكار والدعاء ف طوافهم وسعيهم وف
عرفات ومزدلفة وف من ،وبي ال جل وعل ذلك ف كتابه العظيم حيث قال جل وعل:
"ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلً من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا ال عند الشعر
الرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لن الضالي .ث أفيضوا من حيث أفاض الناس
واستغفروا ال إن ال غفور رحيم" ( )82إل أن قال سبحانه وتعال" :واذكروا ال ف أيام
معدودات فمن تعجل ف يومي فل إث عليه ومن تأخر فل إث عليه" ( )83الية .
فالذكر من جلة النافع الذكورة ف قوله تعال" :ليشهدوا منافع لم ويذكروا اسم ال ف أيام
معلومات" ( )84الية .وعطفه على النافع من باب عطف الاص على العام .
وثبت عنه عليه الصلة والسلم أنه قال" :إنا جعل الطواف بالبيت والسعي بي الصفا والروة
()85
ورمي المار لقامة ذكر ال"
وشرع للناس كما جاء ف كتاب ال ذكر ال عند الذبح ،وشرع لم ذكر ال عند رمي
المار ،فكل أنواع مناسك الج ذكر ل قولً وعملً .فالج بأعماله وأقواله كله ذكر ل
) (81رواه البخاري ف (الج) باب التلبية برقم ،1549ومسلم ف (الج) باب التلبية وصفتها ووقتها برقم 1184
) (82سورة البقرة ،اليتان 199 ،198
) (83سورة البقرة ،الية 203
) (84سورة الج ،الية 28
) (85رواه المام أحد ف (باقي مسند النصار ) مسند عائشة برقم ، 24557وأبو داود ف (الناسك) باب ف الرمل برقم 1888
عز وجل ،كله دعوة إل توحيده والستقامة على دينه والثبات على ما بعث به رسوله ممد
عليه الصلة والسلم .فأعظم أهدافه توجيه الناس إل توحيد ال والخلص له والتباع
لرسوله صلى ال عليه وسلم فيما بعثه ال به من الق والدى ف الج وغيه .فالتلبية أول ما
يأت به الاج والعتمر ،يقول" :لبيك اللهم لبيك ،لبيك ل شريك لك لبيك" ( )86يعلن توحيده
ل وإخلصه ل وأن ال سبحانه ل شريك له؛ وهكذا ف طوافه يذكر ال ويعظمه ويعبده
بالطواف وحده ،ويسعى فيعبده بالسعي وحده دون كل ما سواه ،وهكذا بالتحليق والتقصي،
وهكذا بذبح الدايا والضحايا ،كل ذلك ل وحده ،وهكذا بأذكاره الت يقولا ف عرفات
ومزدلفة وف من ،كلها ذكر ل وتوحيد له ودعوة إل الق وإرشاد للعباد وأن الواجب عليهم
أن يعبدوا ال وحده وأن يتكاتفوا ف ذلك ويتعاونوا وأن يتواصوا بذلك .
وهم يأتون من كل فج عميق ليشهدوا منافع لم ،هذه النافع كثية جدا أجلها ال تعال ف
الية وفصلها ف مواضع كثية ،منها الطواف ،وهو عبادة عظيمة ومن أعظم أسباب تكفي
الذنوب وحط الطايا ،وهكذا السعي ،وما فيهما من ذكر ال عز وجل والدعاء ،وهكذا ما
ف عرفات من ذكر ال والدعاء ،وما ف مزدلفة من ذكر ال والدعاء ،وما ف ذبح الدايا من
ذكر ال وتكبيه وتعظيمه ،وما يقال عند رمي المار من تكبي ال عز وجل وتعظيمه ،وكل
أعمال الج تذكر بال وحده وتدعو السلمي جيعا إل أن يكونوا جسدا واحدا وبناءً
واحدا ف اتباع الق والثبات عليه والدعوة إليه والخلص ل سبحانه ف جيع القوال
والعمال ،وهم يتلقون على هذه الراضي الباركة يريدون التقرب إل ال وعبادته سبحانه،
وطلب غفرانه وعتقه لم من النار ،ولشك أن هذا ما يوحد القلوب ويمعها على طاعة ال
والخلص له واتباع شريعته وتعظيم أمره ونيه ،ولذا قال عز وجل " :إن أول بيت وضع
للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالي" ( ، )87فأخب سبحانه أنه مبارك با يصل لزواره
والاجي إليه من الي العظيم من الطواف والسعي وسائر ما شرعه ال من أعمال الج
والعمرة ،وهو مبارك تط عنده الطايا وتضاعف عنده السنات وترفع عنده الدرجات ،
) (86رواه البخاري ف (الج) باب التلبية برقم ، 1549ومسلم ف (الج) باب التلبية وصفتها ووقتها برقم 1184
) (87سورة آل عمران ،الية 96
ويرفع ال ذكر أهله الخلصي الصادقي ويغفر لم ذنوبم ويدخلهم النة فضلً منه وإحسانا
إذا أخلصوا له واستقاموا على أمره وتركوا الرفث والفسوق ،كما قال صلى ال عليه وسلم:
"من حج ل فلم يرفث ول يفسق رجع كيوم ولدته أمه" ( . )88والرفث :هو الماع قبل
التحلل ،وما يدعو إل ذلك من قول وعمل مع النساء كله رفث.
والفسوق :جيع العاصي القولية والفعلية .يب على الاج تركها والذر منها ،وهكذا
الدال يب تركه إل ف خي ،كما قال جل وعل" :الج أشهر معلومات فمن فرض فيهن
الج فل رفث ول فسوق ول جدال ف الج" (. )89
والج كله دعوة إل طاعة ال ورسوله ،دعوة إل تعظيم ال وذكره ،دعوة إل ترك العاصي
والفسوق ،دعوة إل ترك الدال الذي يلب الشحناء والعداوة ويفرق بي السلمي ،أما
الدال بالت هي أحسن فهذا مأمور به ف كل زمان ومكان ،كما قال تعال" :ادع إل سبيل
ربك بالكمة والوعظة السنة وجادلم بالت هي أحسن" ( ، )90وهذا طريق الدعوة ف كل
زمان ومكان ف البيت العتيق وغيه .يدعو إخوانه بالكمة ،وهي العلم با قاله ال تعال
وقاله رسوله ،وبالوعظة السنة الطيبة اللينة الت ليس فيها عنف ول إيذاء ،ويادل بالت هي
أحسن عند الاجة لزالة الشبهة وإيضاح الق .فيجادل بالت هي أحسن بالعبارات السنة
والساليب اليدة الفيدة الت تزيل الشبهة وتوضح الق دون عنف وشدة .فالجاج ف أشد
الاجة إل الدعوة والتوجيه إل الي والعانة على الق .فإذا التقى مع إخوانه من سائر
أقطار الدنيا وتذاكروا فيما يب عليهم وما شرع ال لم كان ذلك من أعظم السباب ف
توحيد كلمتهم واستقامتهم على دين ال وتعارفهم وتعاونم على الب والتقوى.
فالج فيه منافع عظيمة ،فيه خيات كثية؛ فيه دعوة إل ال ،وتعليم وإرشاد ،وتعارف،
وتعاون على الب والتقوى ،بالقول والفعل العنوي والادي؛ ولذا يشرع لميع الجاج
والعمار أن يكونوا متعاوني على الب والتقوى ،متناصحي
) (88رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور ،برقم ، 1521ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم
1350
) (89سورة البقرة ،الية 197
) (90سورة النحل ،الية 125
حريصي على طاعة ال ورسوله ،متهدين فيما يقربم إل ال ،متباعدين عن كل ما حرم ال.
وأعظم ما أوجبه ال توحيده وإخلص العبادة له ف كل مكان وف كل زمان ،ول سيما ف
هذه البقعة العظيمة الباركة ،فإن من الواجب إخلص العبادة ل وحده ف كل مكان وف
كل زمان ،وف هذا الكان أعظم وأوجب ،فيخلص الاج ل عمله وقوله من طواف وسعي
ودعاء وغي ذلك ،وهكذا ف بقية العمال كلها ل وحده جل وعل مع الذر من معاصي
ال عز وجل ،ومع الذر من ظلم العباد وإيذائهم بقول أو عمل .فالؤمن يرص كل الرص
على نفع إخوانه والحسان إليهم وتوجيههم إل الي ،وبيان ما قد يهلون من أمر ال
وشرعه ،مع الذر من إيذائهم وظلمهم :ف دمائهم وأموالم وأعراضهم ؛ فالسلم أخو السلم
ل يظلمه ول يقره ول يذله ،بل يب له كل خي ويكره له كل شر أينما كان ،ولسيما ف
بيت ال العتيق وف حرمه المي وف بلد رسوله صلى ال عليه وسلم ،فإن ال جعل هذا الرم
آمنا ،جعله آمنا من كل ما يافه الناس .فعلى السلم أن يرص على أن يكون مع أخيه ف
غاية من المانة ،ينصحه ويرشده ول يغشه ول يونه ول يؤذيه ،ل بقول ول بعمل ،فقد
جعل ال هذا الرم آمنا ،كما قال تعال" :وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا" ( ، )91وقال
جل وعل" :أو ل نكن لم حرما آمنا يب إليه ثرات كل شيء رزقا من لدنا" (. )92
فالؤمن يرص كل الرص على تقيق هذا المن ،وأن يكون بنفسه حريصا على الحسان
لخيه وإرشاده إل ما ينفعه ومساعدته دنيا و دينا على كل ما فيه راحة ضميه ،وإعانته على
أداء الناسك ،كما أنه يرص كل الرص على البعد عن كل ما حرم ال من سائر العاصي ،
ومن جلة ذلك إيذاء العباد ،فإن ذلك من أكب الحرمات ،وإذا كان مع حجاج بيت ال
الرام ومع العمار صار الظلم أكثر إثا ،وأشد عقوبة ،وأسوأ عاقبة.
فالج والعمرة نسكان عظيمان من أعظم العبادة الت يترتب عليها خي عظيم ،ومنافع جة،
وعواقب حيدة لسائر السلمي ف سائر أقطار الدنيا ،فالصلوات المس يتمع فيها العباد ف
كل بلد يتعارفون ويتناصحون ويتعاونون على الب والتقوى ،لكن الج يتمع فيه العال من
) (95ماضرة لسماحته ألقاها بنادي مكة الثقاف الدب مساء يوم 26/11/1410هـ
على جيع الكلفي ف أقطار الدنيا ،رجالً ونساءً ،إذا استطاعوا السبيل إليها ،كما قال جل
وعل" :ول على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلً" ( ، )96وف الصحيحي عن ابن عمر
رضي ال تعال عنهما عن النب صلى ال عليه وسلم قال" :بن السلم على خس :شهادة أن
ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال ،وإقام الصلة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان ،وحج البيت "
( . )97فهذه الدعائم المس هي أركان السلم وهي عموده الت يقوم بناؤه عليها ،وكان
فرضه ف السنة التاسعة أو العاشرة من الجرة .وف صحيح مسلم من حديث عمر رضي ال
تعال عنه ف سؤال جبائيل عن السلم واليان قال له عليه الصلة والسلم " :السلم أن
تشهد أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال ،وتقيم الصلة ،وتؤت الزكاة ،وتصوم رمضان،
وتج البيت إن استطعت إليه سبيلً" ( . )98وف الصحيحي عن النب صلى ال عليه وسلم
قال" :من أتى هذا البيت فلم يرفث ول يفسق رجع كيوم ولدته أمه" ( . )99وهذا يعم الج
والعمرة جيعا .وف الصحيحي عن أب هريرة رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم
قال" :العمرة إل العمرة كفارة لا بينهما ،والج البور ليس له جزاء إل النة" (. )100
هذا من مقاصد الج ومقاصد العمرة ،فمن أداها على الوجه الرضي كان جزاؤه النة
والكرامة وغفران الذنوب وحط الطايا .ويا لذا الدف من خي عظيم وفضل كبي .إن من
أتى هذا البيت ملصا ل جل وعل يريد وجهه الكري ،من قريب أو بعيد ،ث أدى هذا الج
على وجه الب ل رفث فيه ول فسوق ،فإن ال جل وعل يكتب له به النة وغفران
الذنوب ،وهكذا العمرة ،يقول " :من أتى هذا البيت" ،ويقول صلى ال عليه وسلم" :العمرة
إل العمرة كفارة لا بينهما".
) (119رواه البخاري ف (العلم) باب فضل من علم وعلّم برقم ،79ومسلم ف (الفضائل ) باب مثل ما بعث به النب صلى ال عليه
وسلم من الدى والعلم برقم 2282
) (120سورة يوسف ،الية 108
) (121سورة الج ،الية 29
فانتهز فرصة اجتماع هذا المع الغفي من الناس من أفريقيا وأوربا وأمريكا وآسيا وغيها،
واحرص على التبليغ عن ال ،وعلم ما أعطاك ال ،ث احرص على العمل الصال من صلة
وطواف ،ودعوة إل ال ،وتسبيح وتليل ،وذكر وقراءة قرآن ،وأمر بالعروف وني عن
النكر ،وعيادة الريض ،وإرشاد اليان إل غي ذلك من وجوه الي.
ومن منافع الج العظيمة إيفاء ما عليك من نذور ،من عبادات نذرتا تؤدى ف السجد
الرام ،ومن هدايا تذبها ف من وف مكة ،ومن صدقات تؤديها ،وإن كان النذر ل ينبغي،
فالنب صلى ال عليه وسلم قال" :النذر ل يأت بي" ( ، )122ولكن إن نذرت طاعة وجب
الوفاء با؛ يقول النب صلى ال عليه وسلم" :من نذر أن يطيع ال فليطعه" ( . )123إذا فإن
نذرت ف هذا الرم صلة أو طوافا أو غي ذلك ،فيجب أن تؤديها ف هذا البلد الرام
"وليوفوا نذورهم" ( )124ومن القاصد العظيمة والهداف العظيمة للحج أن تواسي الفقي
وتسن إليه ،من الجاج وغي الجاج ،ف هذا البلد المي وف الطريق وف الدينة النورة،
تواسي ما أعطاك ال ،تواسي الجيج الفقراء ،تواسي من قصرت به النفقة ،من عدموا
القدرة على الدي.
هذه هي الهداف والقاصد العظيمة ،وقد أطلقها عز وجل" :ليشهدوا منافع لم" ( ، )125ف
منافع منوعة ،ومواساة الجيج الفقراء ،والحسان إليهم ،وسد خلتهم ما أعطاك ال عز
وجل ،أو الشفاعة لم عند من يعطيهم ويسن إليهم ويسد خلتهم .ومن ذلك مداواة الريض
وعلجه والشفاعة له عند من يقوم بذلك ،وإرشاده إل الستشفيات والستوصفات حت
يعال ،وإعانته على ذلك بالال والدواء ،كل هذا من النافع.
ومن النافع العظيمة الت ينبغي لك أن تلزمها دائما الكثار من ذكر ال ف هذا البلد المي،
والكثار من ذكر ال ف كل الحوال قائما وقاعدا" :سبحان ال والمد ل ول إله إل ال
وال أكب" والدعاء واللاح به .فمن النافع العظيمة أن تتهد ف الدعاء إل ربك والضراعة
) (122رواه البخاري ف (اليان والنذور) باب الوفاء بالنذر برقم ،6694ومسلم ف (النذر) باب النهي عن النذر برقم 1639
) (123رواه البخاري ف (اليان والنذور) باب النذر ف الطاعة برقم 6696
) (124سورة الج ،الية 29
) (125سورة الج ،الية 28
إليه أن يتقبل منك ،وأن يصلح قلبك وعملك،وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته
وأن يعينك على أداء المد الذي عليك على الوجه الذي يرضيه ،وأن يعينك على الحسان
إل عباده ونفعهم ،وأن تكون ف منفعتهم وف مواساتم وف إعانتهم على الي ،وأن ل
يتأذوا منك بشيء .تسأل ال أن يعلك مباركا ل تؤذي أحدا ،وتنفع ول تؤذي.
فمن النافع العظيمة أن ترص على النفع وعدم الذى ،ول تؤذ الناس ،ل ف الطريق ،ول ف
الطواف ،ول ف السعي ،ول ف عرفات ،ول ف مزدلفة ،ول ف من ،ول ف أي مكان ،ول
ف الباخرة ول ف الطائرة ،ول ف السيارة ول ف اليمة ول ف أي مكان ،ول تؤذهم ،ل
بسب ول بكذب ،ول بيدك ول برجلك ،ول بغي ذلك؛ تتحرى أن تنفع ول تؤذي أينما
كنت ،تتحرى أن تنفع الناس من الجيج وغيهم ،وأل تؤذي أحدا ،ل بقول ول بعمل ،هذه
من النافع العظيمة.
ومن النافع العظيمة للحج أن تؤدي الناسك ف غاية من الكمال ،ف غاية من التقان ،ف غاية
من الخلص :ف طوافك وسعيك ورمي المار ،وف عرفات ،وف مزدلفة ،تكون ف غاية
الخلص ،ف غاية من حضور القلب ،ف غاية من جع القلب على ال ،ف دعائك وذكرك
وقراءتك وصلتك ،وغي ذلك ،تمع قلبك على ال وترص أينما كنت على الخلص ل.
ومن النافع الدايا ،سواء كانت واجبة عند التمتع والقران ،أو غي واجبة ،تديها تقربا إل
ال سبحانه وتعال.
وقد أهدى النب صلى ال عليه وسلم سبعي بدنة وأهدى الصحابة ،فالدي قربة إل ال ،
تشتري وتنحر وتوزع على الفقراء والحاويج ،ف أيام من أو ف غيها ،هدايا تطوع تنفع با
الناس ف من ،وف غي من ،قبل الج وبعده.
أما هدي التمتع فهو ف من وف مكة أيضا ،ف أيام من وهي أربعة .أما الصدقة بالذبائح
وبالال ففي أي وقت ،لو ذبت هذه اليام وتصدقت ووزعتها على الفقراء ،ووزعت أطعمة
أو ملبس أو دراهم ،كله خي .إنا الذي يص به أيام من –الربعة -الدايا والضحايا ،أما
التطوعات بالذبائح فوقتها واسع ،ف جيع الزمان.
هذا وأسأل ال عز وجل أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصال ،وأن يصلح قلوبنا
وعملنا جيعا ،ويتقبل منا ومن سائر الجاج حجنا وعمرتنا ،وأن يعيد الجاج جيعا إل
بلدهم سالي موفقي ،مغفورا لم ،متعلمي متبصرين ،وقد عرفوا الق بدليله ،وعرفوا
التوحيد على بصية ،حت يرجعوا إل بلدهم غاني موفقي ،قد عرفوا دين ال على بصية
وقد أدوا حجهم على بصية ،وعمرتم ومناسكهم على بصية.
أسأل ال بأسائه السن وصفاته العليا أن يوفقنا جيعا لا يرضيه ،وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا
جيعا ،وأن ينحنا الفقه ف دينه ،وأن يوفق حجاج بيت ال الرام وعماره لكل ما يرضيه ،
وأن ينحهم الفقه ف الدين ،وأن يعلمهم ما ينفعهم ،وأن يردهم غاني موفقي سالي إل
بلدهم ،وأن يتقبل من الميع ،إنه جل وعل جواد كري .والمد ل رب العالي ،وصلى ال
وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا ممد وعلى آله وأصحابه والتابعي .
()126
توصيات للحجاج وغيهم
المد ل وحده والصلة والسلم على عبده ورسوله نبينا ممد وعلى آله وأصحابه ومن
تبعهم بإحسان إل يوم الدين.
أيها السلمون من حجاج بيت ال الرام:
أسأل ال لنا ولكم التوفيق لا يرضيه والعافية من مضلت الفت ،كما أسأله سبحانه أن
يوفقكم جيعا لداء مناسككم على الوجه الذي يرضيه ،وان يتقبل منكم وأن يردكم إل
بلدكم سالي موفقي ،إنه خي مسئول.
أيها السلمون من الجاج وغيهم :إن وصيت لكم هي تقوى ال سبحانه ف جيع الحوال
والستقامة على دينه والذر من أسباب غضبه ،وإن أهم الفرائض وأعظم الواجبات هو
توحيد ال والخلص له ف جيع العبادات ،مع العناية باتباع رسوله صلى ال عليه وسلم ف
القوال والعمال ،وأن تؤدى مناسك الج وسائر العبادات على الوجه الذي شرعه ال لعباده
على لسان رسوله وخليله وصفوته من خلقه نبينا وإمامنا وسيدنا ممد بن عبد ال صلى ال
عليه وسلم .وإن أعظم النكرات وأخطر الرائم هو الشرك بال سبحانه ،وهو صرف العبادة
أو بعضها لغيه سبحانه؛ لقول ال عز وجل " :إن ال ل يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون
ذلك لن يشاء " ( ، )127وقوله سبحانه ياطب نبيه ممدا صلى ال عليه وسلم" :ولقد أوحي
إليك وإل الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الاسرين". )128( .
حجاج بيت ال الرام :إن نبينا صلى ال عليه وسلم ل يج بعد هجرته إل الدينة إل حجة
واحدة وهي حجة الوداع ،وذلك ف آخر حياته صلى ال عليه وسلم ،وقد علّم الناس فيها
مناسكهم بقوله وفعله ،وقال لم صلى ال عليه وسلم" :خذوا عن مناسككم"(. )129
) (137رواه مسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم 1348
) (138رواه المام أحد ف (مسند الكثرين من الصحابة) مسند عبد ال بن عمرو بن العاص برقم 7049
) (139رواه مسلم ف (الج) باب ما جاء ف أن عرفة كلها موقف برقم 1218
) (140رواه مسلم ف (الج) باب ما جاء ف أن عرفة كلها موقف برقم 1218
ف مكانه ويذكر ال ويستغفره ف مكانه ،ول حاجة إل أن يتوجه إل موقف النب صلى ال
عليه وسلم .
وقد رخص النب صلى ال عليه وسلم ليلة مزدلفة للضعفة أن ينصرفوا إل من بليل ،فدل ذلك
على أنه ل حرج على الضعفة من النساء والرضى والشيوخ ومن تبعهم ف التوجه من مزدلفة
إل من ف النصف الخي من الليل عملً بالرخصة وحذرا من مشقة الزحة .ويوز لم أن
يرموا المرة ليل ،كما ثبت ذلك عن أم سلمة وأساء بنت أب بكر رضي ال عنهم ف آخر
الليل.
ذكرت أساء بنت أب بكر رضي ال عنهما ،أن النب صلى ال عليه وسلم أذن للنساء بذلك ،
ث إنه صلى ال عليه وسلم بعد ما أسفر جدا دفع إل من ملبيا قبل أن تطلع الشمس ،فقصد
جرة العقبة فرماها بسبع حصيات يكب مع كل حصاة ،ث نر هديه ث حلق ث طيبته عائشة
رضي ال عنها ث توجه إل البيت فطاف به.
) (141رواه البخاري ف (العلم) باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيها رقم ، 83ومسلم ف (الج) باب من حلق قبل النحر أو نر
قبل الرمي برقم 1306
) (142رواه أبو داود ف (الناسك) باب فيمن قدم شيئا قبل شيء ف حجه برقم 2015
وبذلك حصل للحاج التحلل الول فيلبس الخيط ،ويتطيب ويباح له كل شيء حُرم عليه
بالحرام إل النساء ،ث يذهب إل البيت فيطوف به ف يوم العيد أو بعده ،ويسعى بي الصفا
والروة إن كان متمتعا ،وبذلك يل له كل شيء حرُم عليه بالحرام حت النساء.
أما إن كان الاج مفردا أو قارنا فإنه يكفيه السعي الول الذي أتى به مع طواف القدوم.
فإن ل يسع مع طواف القدوم وجب عليه أن يسعى مع طواف الفاضة.
طواف الوداع:
ومت أراد الاج السفر إل بلده وجب عليه أن يطوف بالبيت للوداع سبعة أشواط ؛ لقول
النب صلى ال عليه " :ل ينفرن أحد حت يكون آخر عهده بالبيت" ( ، )143إل الائض
والنفساء فل وداع عليهما؛ لا ثبت عن ابن عباس رضي ال عنهما قال" :أمر الناس أن يكون
آخر عهدهم بالبيت إل أنه خفف عن الرأة الائض" ( )144والنفساء مثلها ،ومن أخر طواف
الفاضة فطافه عند السفر أجزأه عن الوداع؛ لعموم الديثي الذكورين.
وأسأل ال أن يوفق الميع لا يرضيه ،وأن يتقبل منا ومنكم ويعلنا وإياكم من العتقاء من
النار إنه ول ذلك والقادر عليه ،وصلى ال على نبينا ممد وآله وصحبه وسلم.
) (143رواه مسلم ف (الج) باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الائض برقم 1327
) (144رواه البخاري ف (الج) باب طواف الوداع برقم ، 1755ومسلم ف (الج) باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن
الائض برقم 1328
) (145نصيحة لجاج بيت ال الرام
من عبد العزيز بن عبد ال بن باز إل كل من يطلع عليها من حجاج بيت ال الرام
والسلمي ف كل مكان .
إخوان حجاج بيت ال الرام:
سلم عليكم ورحة ال وبركاته ،أما بعد :
فمرحبا بكم ف بلد ال الرام ،وعلى أرض الملكة العربية السعودية الت شرفها ال تعال
بدمة الجاج والعمار والزوار الذين يفدون إليها من كل مكان ،ومنّ عليها بدمة القدسات
وتأمينها للطائفي والعاكفي والركع السجود.
وأسأل ال عز وجل أن يكتب لكم حج بيته وزيارة مسجد رسوله صلى ال عليه وآله
وصحبه وسلم ،ف أمن وإيان ،وسكينة واطمئنان ،ويسر وقبول ،وأن تعودوا إل دياركم
سالي مأجورين وقد غفر ال لكم وآتاكم من فضله إنه جواد كري ،وبالجابة جدير.
إخوان حجاج بيت ال الرام:
السلمون بي ما تناصحوا ،وتواصوا بالق ،وتواصوا بالصب ،وتعاونوا على الب والتقوى،
ولذلك فإن أذكر إخوان حجاج بيت ال الرام ،بأنم ف أيام فاضلة وأماكن مباركة ،وأنم
قدموا من ديار بعيدة وتملوا مشقات كثية استجابة ل ولرسوله صلى ال عليه وسلم ،
وقياما بواجب عظيم ،وعمل صال جليل ،أمرهم ال تعال به حيث قال" :ول على الناس
()146
حج البيت من استطاع إليه سبيل ومن كفر فإن ال غن عن العالي"
وهذا يقتضي منهم أمورا ينبغي الحافظة عليها والعناية با ،حت يكون حجهم مبورا ،
وسعيهم مشكورا ،وذنبهم مغفورا بتوفيق من ال وعون ،فالج البور ليس له جزاء إل
النة.
ومن هذه المور:
) (145صدرت من مكتب ساحته ونشرت ف ملة (التوعية السلمية ف الج) ذو الجة عام 1413هـ
) (146سورة آل عمران ،الية 97
أولً يب على الاج وغيه أن يلص نيته وقصده ل تعال فيجعل عمله خالصا لوجهه الكري
حت يقع أجره على ال ،وينال ثوابه ،قال تعال" :وما أمروا إل ليعبدوا ال ملصي له الدين
حنفاء ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة" (، )147
()148
وقال تعال" :فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملً صالا ول يشرك بعبادة ربه أحدا"
.
ثانيا :يب على الاج وغيه أن يكون العمل الذي يتقرب به إل ربه ما شرعه ال تعال
لعباده ،وأن يقتدي ف أدائه بنبيه صلى ال عليه وآله وسلم ،القائل" :خذوا عن مناسككم"
( )149رواه مسلم رحه ال ،والقائل" :صلوا كما رأيتمون أصلي " ( )150رواه البخاري رحه
ال.
وقد قال ال تعال" :لقد كان لكم ف رسول ال أسوة حسنة لن كان يرجو ال واليوم الخر
وذكر ال كثيا" (. )151
فالعمل مهما كان صاحبه ملصا فيه ل ول يكن متابعا فيه لرسول ال صلى ال عليه وآله
وسلم فهو مردود عليه ل يقبله ال ،للحديث الصحيح الذي يقول فيه الرسول صلى ال عليه
وآله وسلم" :من عملً ليس عليه أمرنا فهو رد" ( )152رواه مسلم رحه ال .وال عز وجل
يقول لرسوله صلى ال عليه وسلم " :قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم
ذنوبكم وال غفور رحيم " (. )153
خامسا :يب على الاج وغيه أن يفظ لذه الماكن القدسة حرمتها ،فل يهم فيها بعمل
سوء ،فقد توعد ال من فعل ذلك بعذاب أليم ،قال تعال" :ومن يرد فيه بإلاد بظلم نذقه
()167
من عذاب أليم".
قال عطية العوف ،عن ابن عباس رضي ال عنهما ف بيان معن الظلم ف هذه الية :هو أن
تستحل من الرم ما حرم ال عليك ،من إساءة أو قتل ؛ فتظلم من ل يظلمك وتقتل من ل
يقاتلك ،فإذا فعل ذلك فقد وجب له العذاب الليم .ذكره ابن كثي رحه ال ف تفسيه لذه
الية.
سادسا :يب على الاج وغيه أن يعلم أن الدعوة إل الي ،والمر بالعروف والنهي عن
النكر ،والنصح لكل مسلم بالكمة والوعظة السنة ،من أعظم واجبات الدين ،وبا قوامه
وحفظه بي السلمي ،قال ال تعال " :ادع إل سبيل ربك بالكمة والوعظة السنة
وجادلم بالت هي أحسن" ( ، )172وقال تعال" :ولتكن منكم أمة يدعون إل الي ويأمرون
) (168رواه مسلم ف (الب والصلة والداب) باب تري ظلم السلم وخذله برقم 2564
) (169سورة البقرة ،الية 197
) (170سورة الحزاب ،الية 58
) (171سورة الفرقان ،الية 19
) (172سورة النحل ،الية 125
بالعروف وينهون عن النكر وأولئك هم الفلحون" ( ، )173وقال تعال" :والؤمنون والؤمنات
بعضهم أولياء بعض يأمرون بالعروف وينهون عن النكر ويقيمون الصلة ويؤتون الزكاة
ويطيعون ال ورسوله أولئك سيحهم ال إن ال عزيز حكيم"( .)174وعن جرير بن عبد ال
رضي ال عنه قال" :بايعت رسول ال صلى ال عليه وسلم على إقام الصلة ،وإيتاء الزكاة
والنصح لكل مسلم" ( )175متفق عليه.
فعلى كل مسلم أن يعن بذا المر تام العناية ،ول يقصر فيه ،كل بسب استطاعته ،فقد
قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :من رأى منكم منكرا فليغيه بيده فإن ل يستطع
فبلسانه ،فإن ل يستطع فبقلبه وذلك أضعف اليان" ( )176رواه مسلم رحه ال.
سابعا :ينبغي على كل مسلم من الجاج وغيهم أن يهتم بأمور السلمي ف كل مكان،
وإيصال الي إليهم ،والدفاع عنهم ،وتعليم جاهلهم حسب طاقته وعلمه ،وأن يعاون
الجاهدين منهم الذين ياهدون ف سبيل ال لعلء كلمة ال ورد الكافرين واللحدين من
اليهود وغيهم من أصناف الكفرة عن ديار السلمي والقدسات السلمية ،نصرة للحق ،
ودفاعا عن أهله ،وذودا عن بلد السلمي ،وحاية لا من العداء.
ويكون ذلك باللسان والال والنفس وسائر أنواع الساعدات ،قال ال تعال" :يا أيها الذين
آمنوا هل أدلكم على تارة تنجيكم من عذاب أليم .تؤمنون بال ورسوله وتاهدون ف سبيل
ال بأموالكم وأنفسكم ذلكم خي لكم إن كنتم تعلمون" ( ، )177والرسول صلى ال عليه
وسلم يقول" :السلم أخو السلم ل يظلمه ول يسلمه ومن كان ف حاجة أخيه كان ال ف
) (178رواه البخاري ف (الظال والغصب) باب ل يظلم السلم السلم برقم ( ، )2442ومسلم ف (الب والصلة والداب) باب تري
الظلم برقم 2580
) (179رواه البخاري ف (الهاد والسي) باب فضل من جهز غازيا أو خلفه بي برقم ، 2843ومسلم ف (المارة) باب فضل إعانة
الغازي ف سبيل ال برقم 1895
) (180سورة البقرة ،الية 109
()181
من منافع الج وفوائده
المد ل والصلة والسلم على رسول ال وعلى آله وأصحابه ،أما بعد:
فإن ال سبحانه تعال شرع الج لكم كثية وأسرار عظيمة ومنافع جة أشار إليها سبحانه
ف قوله عز وجل " :وأذن ف الناس بالج يأتوك رجالً وعلى كل ضامر يأتي من كل فج
عميق .ليشهدوا منافع لم ويذكروا اسم ال ف أيام معلومات على ما رزقهم من بيمة النعام
فكلوا منها وأطعموا البائس الفقي .ث ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق"
( ، )182فأوضح سبحانه ف هذه اليات أنه دعا عباده للحج ليشهدوا منافع لم ،ث ذكر
سبحانه منها أربع منافع:
الول :ذكره عز وجل ف اليام العلومات وهي عشر ذي الجة وأيام التشريق.
الثانية ،والثالثة ،والرابعة :أخب عنها بقوله " :ث ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا
بالبيت العتيق" (. )183
وأعظم هذه النافع وأكبها شأنا ما يشهده الاج من توجه القلوب إل ال سبحانه ،والقبال
عليه ،والكثار من ذكره بالتلبية وغيها من أنواع الذكر ،وهذا يتضمن الخلص ل ف
العبادة وتعظيم حرماته والتفكي ف كل ما يقرب لديه ويباعد من غضبه ،ومعلوم أن أصل
الدين وأساسه وقاعدته الت عليها مدار أعمال العباد ،هي تقيق معن شهادة أن ل إله إل ال
وأن ممدا رسول ال قولً وعملً وعقيدة.
فالشهادة الول :توجب تريد العبادة ل وحده وتصيصه با من دعاء وخوف ورجاء
وتوكل وصلة وصوم وذبح ونذر وغي ذلك من أنواع العبادة ؛ لن هذا كله حق ل وحده
ليس له شريك ف ذلك ل ملك مقرب ول نب مرسل ،كما قال عز وجل " :وقضى ربك أن
) (181نشر ف (ملة الامعة السلمية ) بالدينة النورة العدد الثان 1398هـ ،والعدد 209عام 1414هـ
) (182سورة الج ،اليات 29 -27
) (183سورة الج ،الية 29
ل تعبدوا إل إياه " ( ، )184وقال تعال" :وما أمروا إل ليعبدوا ال ملصي له الدين حنفاء "
( ، )185وقال تعال" :فادعوا ال ملصي له الدين ولو كره الكافرون" ( ، )186والدين هنا معناه
العبادة وهي طاعته ،وطاعة رسوله عليه الصلة والسلم ،بفعل الوامر وترك النواهي ، ،عن
إيان بال ورسله ،وإخلص له ف العبادة ،وتصديق بكل ما أخب ال به ورسوله صلى ال عليه
وسلم رغبة ف الثواب وحذرا من العقاب ،وهذا هو معن "ل إله إل ال" ،فإن معناها ل
معبود حق إل ال فهي تنفي العبادة وهي اللوهية بميع معانيها عن غي ال سبحانه ،وتثبتها
بميع معانيها ل وحده على وجه الستحقاق ،وجيع ما عبده الناس من دونه من أنبياء أو
ملئكة أو جن أو غي ذلك فكله معبود بالباطل ،كما قال ال عز وجل" :ذلك بأن ال هو
الق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل " ( . )187ولذا المر العظيم خلق ال الن والنس
وأمرهم بذلك فقال عز وجل " :وما خلقت الن والنس إل ليعبدون" ( ، )188وقال تعال:
"يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون" ( ، )189وعبادته
سبحانه هي توحيده ف ربوبيته وإليته ،وأسائه وصفاته وطاعة أوامره وترك نواهيه عن إيان
وتصديق ورغبة ورهبة ،كما سبق بيان ذلك ،وسى ال سبحانه دينه عبادة؛ لن العباد يؤدونه
بضوع وذل ل سبحانه ومن ذلك قول العرب :طريق معبد أي مذلل قد وطئته القدام،
وبعي معبد أي مذلل قد شد عليه حت صار ذلولً ،وهذه السألة – أعن مسألة التوحيد
والخلص ل ،وتصيصه بالعبادة دون كل ما سواه – هي أهم السائل وأعظمها ،وهي الت
وقعت فيها الصومة بي الرسل والمم حت قالت عاد لود عليه السلم" :أجئتنا لنعبد ال
وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا " ( ، )190وقالت قريش للنب صلى ال عليه وسلم لا أمرهم
) (202رواه المام أحد ف (باقي مسند النصار ) مسند عائشة برقم ، 24557وأبو داود ف( الناسك ) باب ف الرمل برقم 1888
()203
التأسي بالنب صلى ال عليه وسلم ف كل العمال
) (239رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور برقم ،1521ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم
1350
) (240سورة التوبة ،الية 71
) (241رواه مسلم ف (اليان) باب كون النهي عن النكر من اليان برقم 49
) (242سورة النعام ،الية 68
ل .وصلى ال وسلم على سيدنا ممد وعلى آله وصحبه والتابعي لم بإحسان إل يوم الدين.
والسلم عليكم ورحة ال وبركاته .
()243
الدين النصيحة
من عبد العزيز بن عبد ال بن باز إل إخوان ف ال حجاج بيت ال الرام ،وفقهم ال
لداء مناسك حجهم على الوجه الذي شرعه ال ومنحهم القبول والغفرة.
سلم عليكم ورحة ال وبركاته ،أما بعد:
فبسم ال نبدأ ،وبه نستعي ،وعليه نتوكل ،ول حول ول قوة إل بال ،سبحانك ربنا ل علم
لنا إل ما علمتنا ،إنك أنت العليم الكيم ،اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا با علمتنا ،ربنا تقبل
منا إنك أنت السميع العليم.
اللهم إنا نمدك على نعمة السلم ،ونشكرك على أن هديتنا لليان ،ونسألك أن تثبتنا
على دينك وطاعتك ،ربنا ل تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحة إنك أنت
الوهاب.
أيها الاج الكري:
لقد أنعم ال عليك نعمة عظيمة ،إذ بلغك بلده المي ،الذي جعله ال مهوى أفئدة الؤمني،
وجعل فيه بيته العتيق
ليكون قبلة للمسلمي يتجهون إليه ف صلتم ودعائهم ل عز وجل.
جئت إل بلد ال الرام بعد أن قطعت الفياف ،وتكبدت الشاق وتملت وعثاء السفر لكي
تبلغ ما بلغت.
ولشك ف أنك حي خرجت من بيتك ،وتركت أهلك ومالك وولدك ،إنا فعلت ذلك
ترجو عفو ال ومغفرته ،ث إنك ل شك ترجو أن ترجع إل بلدك وقد غفر ال لك ذنبك ،
فعدت كما ولدتك أمك ؛ لقول النب صلى ال عليه وسلم ف الديث التفق عليه" :من حج
فلم يرفث ول يفسق رجع كيوم ولدته أمه" (. )244
) (245رواه المام أحد ف (مسند الشاميي) حديث تيم الداري برقم ، 16499ومسلم ف (اليان ) باب بيان أن الدين النصيحة
برقم 55
) (246سورة البينة ،الية 5
) (247سورة الزمر ،اليتان 3 ،2
) (248سورة الكهف ،الية 110
) (249رواه البخاري معلقا ف النجش ،ومسلم ف (القضية) باب نقض الحكام الباطلة ورد مدثات المور برقم 1718
) (250رواه البخاري ف (الصلح) باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم ، 2697ومسلم ف (القضية) باب نقض الحكام الباطلة
ورد مدثات المور برقم . 1718
"ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا ال " ( ، )251وكان
النب صلى ال عليه وسلم يوصي ف خطبه كثيا بتقوى ال تعال ،وحقيقة التقوى
أداء ما افترض ال على العبد وترك ما حرم عليه ،عن إخلص ومبة له سبحانه،
ورغبة ف ثوابه وحذر من عقابه ،على الوجه الذي شرعه ال لعباده على لسان
رسوله ونبيه ممد عليه الصلة والسلم ،قال عبد ال بن مسعود رضي ال عنه:
"تقوى ال حق تقاته أن يطاع فل يعصى ويذكر فل يكفر" .
وقال أمي الؤمني عمر بن عبد العزيز رضي ال عنه" :ليست تقوى ال بصيام النهار ،ول قيام
الليل ،والتخليط فيما بي ذلك ،ولكن تقوى ال أداء ما افترض ال ،وترك ما حرم ال ،
فمن رزق بعد ذلك خيا فهو خي إل خي".
وقال طلق بن حبيب التابعي الليل رضي ال عنه" :تقوى ال سبحانه هي أن تعمل بطاعته
،ترجو ثواب ال ،وأن تترك معصية ال ،على نور من ال ،تاف عقاب ال".
وهذا كلم جيد ومعناه أن الواجب على السلم أن يتفقه ف دين ال ،وأن يطلب العلم ما
وسعه جهده حت يعمل بطاعة ال على بصية ويدع مارم ال على بصية ،وهذا هو
تقيق العمل بشهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال فإن الشهادة الول تقتضي
اليان بال وحده ،وتصيصه بالعبادة دون ما سواه ،وإخلص جيع العمال لوجهه
الكري ،رجاء رحته وخشية عقابه.
والشهادة الثانية تقتضي اليان برسول ال صلى ال عليه وسلم ،وأنه رسول ال إل جيع
الثقلي الن والنس ،وتصديق أخباره واتباع شريعته والذر ما خالفها.
هاتان الشهادتان ها أصل الدين وأساس اللة ،كما قال تعال" :شهد ال أنه ل إله إل هو
واللئكة وأولوا العلم قائما بالقسط ل إله إل هو العزيز الكيم" ( ، )252وقال سبحانه :
"وإلكم إله واحد ل إله إل هو الرحن الرحيم" ( ، )253وقال عز وجل" :قل يا أيها الناس
) (267رواه مسلم ف (الذكر والدعاء والتوبة والستغفار ) باب فضل الجتماع على تلوة القرآن برقم 2699
) (268رواه البخاري ف (العلم) باب من يرد ال به خيا يفقهه ف الدين برقم ، 71ومسلم ف (الزكاة) باب النهي عن السألة برقم
1037
()269
تقيق معن الشهادة بالقول والعمل
المد ل والصلة والسلم على رسول ال وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بداه ..أما
بعد:
فإن ال جل وعل جعل موسم الج مؤترا لعباده ،يتمعون فيه من أناء الدنيا ومن سائر
أجناس البشر ،يريدون القربة إل ال وسؤاله والضراعة إليه ويطلبون حط ذنوبم وغفران
سيئاتم ،ويرفعون إليه جيع حوائجهم ،يسألونه سبحانه من فضله ،ويتوبون إليه من
تقصيهم وذنوبم ،ويتعارفون فيه ،ويتشاورون ويتناصحون ،ويتآمرون بالعروف
ويتناهون عن النكر ،وذلك من جلة النافع الت أشار إليها سبحانه ف قوله عز وجل :
"وأذن ف الناس بالج يأتوك رجالً وعلى كل ضامر يأتي من كل فج عميق .ليشهدوا
منافع لم ويذكروا اسم ال ف أيام معلومات على ما رزقهم من بيمة النعام" ( ، )270وال
عز وجل ذكر أنم يضرون من كل فج عميق ،من الشرق والغرب والنوب والشمال ،
ليشهدوا هذه النافع ،من الطواف بالبيت والسعي بي الصفا والروة والوقوف بعرفات
وبالزدلفة ويرمون المار ،وينحرون الدايا ويضرون مالس العلم والذكر ،ويسألون
أهل العلم عما أشكل عليهم ويتناصحون بينهم ،ويستفيد يعضهم من بعض ويسن
بعضهم إل بعض ،هكذا يب على السلمي ؛ وهكذا شرع ال لم ،وهو خلقهم
سبحانه لذا المر ،خلقهم ليعبدوه والج من عبادته ،والعبادة أنواع ،أعظمها وأهها
عبادتم إياه سبحانه لتوحيده ،وهو الخلص له ،فيشهد أنه ل معبود بق إل ال ،
ويشهد أن نبيه ممدا رسول ال ،شهادة تقتضي العمل ،ل مرد الشهادة بالقول ،بل
شهادة معها العمل والصدق والخلص ف العبادة ل وحده ،معها متابعة الرسول ممد
عليه الصلة والسلم ،ومعها اليان لميع الرسلي الاضي ،وأنم بلغوا الرسالة وأدوا
المانة ،قال تعال" :وما خلقت الن والنس إل ليعبدون" ( ، )271يبي سبحانه أنه ما
) (269ماضرة ألقاها ساحته ف اليوم الثامن من ذي الجة ف من عام 1402هـ
) (270سورة الج ،اليتان 28 ، 27
) (271سورة الذاريات ،الية 56
خلق الن والنس إل لعبادته وإفراده بالعبادة ،وهو معن شهادة أن ل إله إل ال ،وهذا
هو أصل اللة وأساس الدين ،وأساس السعادة أل تعبد إل ربك ،وأن تص ربك بدعائك
وخوفك ،ورجائك وصلتك وصومك وذبك ،ونذرك وغي ذلك .فالعبادة حق ال
وحده ،وهي أعظم شيء خلق له العباد ،وهي أكب شيء أمروا به وفرض عليهم ،ث يلي
ذلك الشهادة بأن ممدا رسول ال صلى ال عليه وسلم مع اليان بميع النبياء
والرسلي الاضي ،فالنس هم بنو آدم والن هم بنو الان بنو الشيطان ،فيهم الطيب
والبيث ،فيهم الصال والطال ،كما قال عز وجل " :وأنا منا الصالون ومنا دون ذلك
كنا طرائق قددا" ( ، )272وقال سبحانه " :وأنا منا السلمون ومنا القاسطون" (، )273
وهكذا بنو آدم فيهم الصال والطال ،فيهم الكافر والسلم ،فيهم الب التقي والكافر
الشقي ،قال جل وعل" :خلق النسان من صلصال كالفخار .وخلق الان من مارج من
نار" (. )274
فجميع الثقلي من الن والنس خلقوا ليعبدوا ال وليطيعوه وليعظموه ويصوه بالعبادة ،ل
يعبدون معه كوكبا ،ول نبيا ول وليا ول شجرا ول صنما ول حجرا ،ول غي ذلك ،
بل عليهم أن يعبدوه وحده سبحانه وتعال ،ويصوه جل وعل بالدعاء ،فل يدعى إل
هو سبحانه وتعال ،ول يستغاث إل به ،ول يتوكل إل عليه ،ول يذبح إل له ،ول
ينذر إل له ،ول يصلى إل له ،ول يسجد إل له.
وبذا تعلم أيها الؤمن أيها البصي العاقل ،أن ما قد يقع من بعض الهال ف كثي من البلدان
والمصار ،من التوجه إل أصحاب القبور بالدعاء والستغاثة ،أن هذا يضاد قول ل إله إل
ال ،وأن الواجب على جيع الثقلي ،أن يصوا ال بالعبادة ،وأن يتركوا دعوة الموات
والستغاثة بم ،فاليت عاجز ،والنذر له والذبح له ،وطلبه الدد منه شرك أكب بال عز
وجل ،ويضاد قول ل إله إل ال ويناقضها ،وعليك مع ذلك أن تتبع الرسول صلى ال عليه
وسلم وتنقاد لوامره ؛ لن هذا مقتضى شهادة أن ممدا رسول ال ،هذه الشهادة توجب
) (272سورة الن ،الية 11
) (273سورة الن ،الية 14
) (274سورة الرحن ،اليتان 15 ،14
عليك اتباعه وتصديقه ،والنقياد لوامره عليه الصلة والسلم ،ولذا قال عز وجل " :قل
إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم" ( ، )275وقال عز وجل " :من يطع
الرسول فقد أطاع ال" ( ، )276وقال سبحانه " :وما آتاكم الرسول فخذوه وما ناكم عنه
فانتهوا واتقوا ال إن ال شديد العقاب " (. )277
وهذا الوسم موسم الج فرصة للمؤمن يسمع آيات ال ويسمع كلم أهل العلم ف
السجد الرام ،وف الساجد الخرى ،وف اللقات العلمية ،وف الطب وف غي ذلك
من أنواع الدعوة والتذكي ف سائر الماكن ،ويسمع ما يذاع وينشر من الدعوة إل ال ،
من طريق الذاعة أو التلفاز ،يسمع ما يذاع وينشر عن دعوة ال وإخلصه وعن توحيده
سبحانه ،وعن طاعة أوامره وترك نواهيه.
ث يلي هذا المر أمر الصلة ،فإنا عمود السلم ،فكثي من الناس يتساهل ف الصلة ،
وهذا منكر عظيم وخطر كبي ،الصلة عمود السلم ،أعظم من الج ،وأعظم من
الصيام ،وأعظم من الزكاة ،هي أعظم واجب بعد الشهادتي ،فالواجب على كل مسلم
ومسلمة العناية بالصلة ،ففي الديث الصحيح يقول النب عليه الصلة والسلم " :رأس
المر السلم وعموده الصلة " ( )278وال يقول ف كتابه العظيم " :حافظوا على
الصلوات والصلة الوسطى" ( )279وهي العصر ،يقول سبحانه " :وأقيموا الصلة وآتوا
الزكاة واركعوا مع الراكعي" ( ، )280ويقول سبحانه " :قد أفلح الؤمنون .الذين هم ف
صلتم خاشعون .والذين هم عن اللغو معرضون .والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم
لفروجهم حافظون .إل على أزواجهم أو ما ملكت أيانم فإنم غي ملومي .فمن ابتغى
غي ذلك فأولئك هم العادون .والذين هم لمانتهم وعهدهم راعون .والذين هم على
) (275سورة آل عمران ،الية 31
) (276سورة النساء ،الية 80
) (277سورة الشر ،الية 7
) (278رواه المام أحد ف (مسند النصار ) حديث معاذ بن جبل برقم ، 21511والترمذي ف (اليان ) باب ما جاء ف حرمة
الصلة برقم 2616
) (279سورة البقرة ،الية 238
) (280سورة البقرة ،الية 43
()281
صلواتم يافظون .أولئك هم الوارثون .الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون"
وهذا جزاؤهم ف الخرة ،فهذه اليات فيها صفات متعددة للمؤمني ،بدأها بالصلة
وختمها بالصلة ،فدل ذلك على عظم شأن الصلة ،وأن أهلها مفلحون سعداء ،كما
قال سبحانه " :قد أفلح الؤمنون .الذين هم ف صلتم خاشعون" إذا دخلوا للصلة
خشعوا فيها واطمأنوا ،وخضعوا ل وجعوا قلوبم على صلتم وسكنوا فيها ،يعظمون
ال ويقرأون كتابه ،ويسبحونه ويقدسونه ويسألونه من فضله .قائما يقرأ ،ث يركع
معظما ل ويقول :سبحان رب العظيم ،سبحان رب العظيم ،سبحان رب العظيم ،ف
ركوعه معظما لربه جل وعل ،ث يرفع ويقول :سع ال لن حده ،إذا كان إماما أو
منفردا ،وإذا كان مأموما ،قال ربنا ولك المد ،ث يمد ربه ،حدا كثيا طيبا مباركا
فيه ،ملء السموات وملء الرض وملء ما بينهما وملء ما شاء من شيء بعد ،ثناء على
ال عز وجل ،ث ينحط ساجدا مكبا ويسجد على سبعة العضاء ،على جبهته وأنفه
وعلى يديه وعلى ركبتيه وعلى أطراف قدميه ،خاضعا لربه مطمئنا خاشعا ،يقول ف
سجوده سبحان رب العلى ،سبحان رب العلى ،سبحان رب العلى ،ويدعو ربه ،
ويسأله من فضله ف هذا السجود ،كما قال النب صلى ال عليه وسلم " :أما الركوع
()282
فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا فيه ف الدعاء ،فقمن أن يستجاب لكم"
يعن حري أن يستجاب لكم .وقال عليه الصلة والسلم " :أقرب ما يكون العبد من ربه
وهو ساجد ،فأكثروا الدعاء" ( ، )283ث يرفع من السجود مكبا ويلس بي السجدتي
خاشعا مطمئنا خاضعا لربه ،يقول :رب اغفر ل ،رب اغفر ل ،رب اغفر ل ،ث
يكب ويسجد الثانية خاضعا ل ،ويقول سبحان رب العلى ،سبحان رب العلى ،سبحان
رب العلى ،ويدعو ربه ،وهكذا يتم صلته بشوع وخضوع وطمأنينة.
فالصلة لا شأن عظيم ،من حافظ عليها حفظ دينه ومن ضيعها ضيع دينه - ،نعوذ بال
من ذلك . -ولذا صح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال" :العهد الذي بيننا
) (281سورة الؤمنون ،اليات 11 -1
) (282رواه مسلم ف (الصلة) باب النهي عن قراءة القرآن ف الركوع والسجود برقم 479
) (283رواه مسلم ف (الصلة) باب ما يقال ف الركوع والسجود برقم 482
وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر" ( )284فعلينا أن نذر التهاون با ،علينا أن نافظ
عليها ف جيع الوقات .والرجل يصليها ف الماعة ،والرأة تصليها ف بيتها ،مع الشوع
والضوع والطمأنينة.
ث يلي ذلك الزكاة وهي حق الال .الزكاة لا شأن عظيم ،إذ هي الركن الثالث من أركان
السلم ،فعلى من عنده مال يبلغ النصاب أن يزكي ،وأن يصرف الزكاة على أهلها
الستحقي لا ،يقول النب صلى ال عليه وسلم " :بن السلم على خس :شهادة أن ل إله
إل ال وأن ممدا رسول ال وإقام الصلة ،وإيتاء الزكاة ،وصوم رمضان وحج البيت ".
()285
وال سبحانه يقول" :وأقيموا الصلة وآتوا الزكاة " ( ، )286فالزكاة أخت الصلة
وقرينتها ،فالواجب على الؤمن أن يذر التساهل با أو البخل با ،فقد وعد ال من بل
بالزكاة أن يعذب باله يوم القيامة ،نعوذ بال من ذلك ،فعليك يا عبد ال أن تعتن بالزكاة
،وأن تؤدي حق ال من مالك ،وأن تدفعه إل الستحقي من الفقراء والحاويج وغيهم
من أصناف الزكاة.
وهكذا الصيام الركن الرابع .صيام رمضان ف كل سنة ،ركن عظيم لبد منه ف حق الرجال
والنساء جيعا ،ومن صامه إيانا واحتسابا غفر ال له ما تقدم من ذنبه ،هذه نعمة عظيمة.
ث الج هو الركن الامس حج بيت ال الرام ف العمر مرة واحدة ،وهذا من تيسي ال
وتسهيله ،مرة ف العمر ،وهكذا العمرة وهي الزيارة للبيت مرة ف العمر ،والباقي سنة
نافلة ،قال النب صلى ال عليه وسلم " :من حج ول يرفث ول يفسق رجع كيوم ولدته أمه"
( )287فمن أتى البيت العتيق وحج كما شرع ال ،غفر ال له وأدخله النة إذا مات على
ذلك.
) (284رواه الترمذي ف (اليان) باب ما جاء ف ترك الصلة برقم 2621
) (285رواه البخاري ف (اليان) باب بن السلم على خس برقم ، 8ومسلم ف (اليان) باب بيان أركان السلم ودعائمه العظام
برقم 16
) (286سورة البقرة ،الية 43
) (287رواه البخاري ف (الج ) باب فضل الج البور برقم ، 1521ومسلم ف (الج ) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم
1350
فعليك يا عبد ال أن تعرف مقدار حجك ،وأن هذه نعمة عظيمة وأن تستفيد من هذا
الج ،بضور مالس العلم ،وحلقات العلم وسؤال أهل العلم عما أشكل عليك ،وأن
تسأل ربك ف طوافك وسعيك وف صلتك وسائر أحوالك أن يثبتك على اليان وأن
ينحك الفقه ف الدين وأن يعيذك من نزغات الشيطان.
وعليك أن تصحب الخيار دائما ف بلدك ،وف كل مكان ،عليك أن ترص على
صحبة الخيار أهل الدين ،وأهل الي والستقامة ،وعليك أن تذر صحبة الشرار الذين
يضيعون الصلوات ،ويتعاطون السكرات ،ويفعلون النكرات ،احذر صحبتهم ،احذر
صحبة الشرار ،فالصاحب الطيب مثل حامل السك ،والصاحب البيث مثل نافخ
الكي ،فالؤمن يذر ،وهكذا الؤمنة تذر صحبة الشرار ؛ لنم يرون إل معاصيهم
وشرهم إل من عصم ال ،وعليك بصحبة الخيار فإنم يعينونك على طاعة ال ورسوله ،
وتتأسى بم ف الي والعمل الصال .
وهذا اليوم هو يوم من وهو يوم التروية ،وغدا يوم عرفة ،والسنة بعد طلوع الشمس
التوجه إل عرفات ملبيا ذاكرا ربك عز وجل مكبا له ،يلب الاج ويذكر ربه ويكبه
سبحانه ويهلله ،ويسأله من فضله ورحته وإحسانه ،ويرجوه فضله ويسأله العتق من
النار ،ويصلي ف عرفات الظهر والعصر قصرا وجعا بأذان واحد وإقامتي .الظهر ثنتي ،
والعصر ثنتي قصرا وجعا جع تقدي ف أول الوقت ،كما فعله النب عليه الصلة والسلم
يوم صلى بالناس ف عرفات ،جعا وقصرا عليه الصلة والسلم ،فخطب الناس وذكرهم
ووعظهم وعلمهم مناسك حجهم ،وحذرهم من أمور الاهلية الت أبطلها ال ،من الربا
وسفك الدماء بغي حق ،وغي ذلك ما كان عليه أهل الاهلية ،من الشرك والفساد ،
وحذر الناس من ذلك ،وأمرهم بإخلص العبادة ل وحده ،وأوصاهم بالتمسك بالقرآن
والعتصام به ،وأخب الناس أن ال حرم عليهم دمائهم وأموالم وأعراضهم ،هكذا أوصى
ف الطبة عليه الصلة والسلم .وأشهد ال عليهم ،وقال لم " :إنكم تُسألون عن فما
أنتم قائلون" قالوا :نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت ،فجعل يرفع إصبعه إل السماء
هكذا وينكبها إل الناس ،ويقول " :اللهم اشهد ،اللهم اشهد" ( )288يُشهد ال عليهم أنه
بلغهم عليه الصلة والسلم ،وأنا بلغتكم الن أيضا ،وال يشهد عليكم سبحانه وتعال .
فعليكم أن تتقوا ال ،وعليكم أن تستقيموا على دين ال ،وأن تافظوا على أمر ال ،وأن
تذروا معاصي ال ،وأن تلصوا العبادة ل عز وجل ،وأن تستقيموا على اتباع رسول
ال ممد عليه الصلة والسلم ف كل شيء ،ف القوال والعمال والعبادات ،
والعاملت ،والخلق وف كل ما أمر ال به ورسوله ،وأن تتواصوا بالق ،وتتواصوا
بالصب والتناصح ،وأن تأمروا بالعروف وتنهوا عن النكر ،حت تلقوا ربكم ،وف إشارته
صلى ال عليه وسلم إل السماء ،دليل على أن ال ف السماء فوق العرش سبحانه وتعال،
وال عز وجل ف السماء فوق جيع اللق ،فوق العرش سبحانه ،كما قال عز وجل :
"ءأمنتم من ف السماء " ( ، )289وقال سبحانه " :الرحن عل العرش استوى" ( ، )290وال
ف السماء فوق العرش ،فوق جيع اللق سبحانه وتعال ،وهو يعلم أحوال عباده ،وهو
معهم بعلمه واطلعه ل تفى عليه خافية ،ومن أنكر أن ال ف السماء ،ويزعم أنه ف
الرض أو ف كل مكان ،فهو كافر ضال ،نعوذ بال ،وال عز وجل ف السماء فوق
جيع اللق ،فوق العرش ،والعرش فوق السموات ،هو أعلى شيء ،وال فوقه
سبحانه ،ومع ذلك يعلم أحوال عباده ،ل تفى عليه خافية سبحانه وتعال ،كما قال
عز وجل " :الذي يراك حي تقوم .وتقلبك ف الساجدين" ( ، )291وقال تعال" :أل يعلم
بأن ال يرى" (، )292
وقال عز وجل " :إنن معكما أسع وأرى" (. )293
) (288رواه مسلم ف (الج) باب حجة النب صلى ال عليه وسلم برقم 1218
) (289سورة اللك ،الية 16
) (290سورة طه ،الية 5
) (291سورة الشعراء ،اليتان 219 ، 218
) (292سورة العلق ،الية 14
) (293سورة طه ،الية 46
فهو سبحانه فوق العرش وعلمه ميط بالعباد ،ولذا قال عز وجل " :وما تكون ف شأن
وما تتلوا منه من قرآن ول تعملون من عمل إل كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما
يعزب عن ربك من مثقال ذرة ف الرض ول ف السماء ول أصغر من ذلك ول أكب إل
ف كتاب مبي" (. )294
فالوصية أيها الاج :تقوى ال والستقامة على أمره والحافظة على دينه ،والتواصي
بذلك ،وأن يقوم الرجل على أهل بيته ،ويعلمهم ويرشدهم وينصحهم ،ويأمرهم
بالعروف وينهاهم عن النكر ،من أولد وزوجة وغي ذلك ،حت تبأ ذمته ،وحت
يعلمهم الي وينهاهم عن الشر ،وحت يتعاون معهم على طاعة ال ورسوله ،وهكذا مع
جيانه ومع أصحابه ومع الناس أجعي .قال ال سبحانه " :فاتقوا ال ما استطعتم"
( ، )295وقال ال عز وجل " :والؤمنون والؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالعروف
وينهون عن النكر ويقيمون الصلة ويؤتون الزكاة ويطيعون ال ورسوله أولئك سيحهم
ال إن ال عزيز حكيم .وعد ال الؤمني والؤمنات جنات تري من تتها النار خالدين
فيها ومساكن طيبة ف جنات عدن ورضوان من ال أكب ذلك هو الفوز العظيم " (. )296
جعلنا ال وإياكم منهم ،وهدانا وإياكم صراطه الستقيم ،وأعاننا وإياكم على إكمال
مناسكنا وتقبل منا جيعا ومن جيع السلمي ،وجعلنا ال وإياكم من الداة الهتدين
وأسأله سبحانه أن يصلح أحوال السلمي ف كل مكان ،وأن ينحهم الفقه ف الدين ،
وأن يول عليهم خيارهم ويصلح قادتم ،وأن يوفق ولة أمرنا ف هذه البلد لكل خي ،
وأن يعينهم على كل خي ،وأن يزيهم عن جهودهم الصالة خيا ،وأن يصلح لم
البطانة ويعينهم على كل ما فيه رضاه وصلح السلمي ،إنه سيع قريب ،وصلى ال
وسلم على نبينا ممد وعلى آله وأصحابه .
من عبد العزيز بن عبد ال بن باز إل إخوانه ف ال حجاج بيت ال الرام وإل كل من
يطلع على هذه الرسالة من السلمي ف كل مكان .
سلم عليكم ورحة ال وبركاته ..أما بعد :
فيسرن أن ألتقي بكم على صفحات هذه الجلة "التوعية السلمية" ف عامها التاسع ،
والت تصدرها الرئاسة العامة لدارات البحوث العلمية والفتاء والدعوة والرشاد بالملكة
العربية السعودية ف موسم الج من كل عام ؛ لرشاد حجاج بيت ال وضيوف الرحن
لداء مناسك الج والعمرة على ما تقتضيه أحكام الشريعة الغراء ،وتبصيهم بأمور دينهم
النيف وأصول عقيدتم الت كان عليها سلفنا الصال رضي ال عنهم أجعي ،والتنبيه
على كثي من البدع الت تفشت بي السلمي ،وتناول بعض القضايا العاصرة بالدراسة
الت تظهر وجه الق فيها حت يكون السلم على بينة من أمرها بقدار ما يتاح لذه الجلة
من وقت وإمكانيات ،وال ول التوفيق.
وبذه الناسبة الكرية فإن أرحب بإخوان حجاج بيت ال ف حرم ال ،وأذكر نفسي
وأذكرهم ببعض الوصايا ،والنصائح الواجبة ف مثل هذا القام ،حت يكون عملنا مقبولً ،
وسعينا مشكورا ،وحجنا مبورا ،وذنبنا مغفورا بتوفيق من ال ،وال ل يضيع أجر من
أحسن عملً.
أوصيكم ونفسي بتقوى ال على كل حال ،فإنا جاع كل خي ووصية ال تعال للولي
والخرين ،قال تعال " :ولقد وصينا الذين أتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا ال "
( ، )298وتتحقق تقوى ال عز وجل ف امتثال أمره واجتناب نيه عن إخلص ومبة له
سبحانه ورغبة ف ثوابه ،وحذرا من عقابه ،على الوجه الذي شرعه ال لعباده وبينه
) (311رواه البخاري ف (الصلح) باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم ، 2697ومسلم ف (القضية) باب نقض الحكام الباطلة
ورد مدثات المور برقم 1718
) (312سورة الؤمنون ،الية 51
) (313سورة البقرة ،الية 172
) (314رواه مسلم ف (الزكاة) باب قبول الصدقة من الكسب الطيب برقم . 1015
) (315سورة الدثر ،اليات 48 -38
الواجبات الت يقوم عليها أمر السلم ،فمن ضيعها أو تاون با أو قصر ف أدائها فهو
على خطر عظيم يوم يقوم الناس لرب العالي.
وأوصيكم ونفسي بالمر بالعروف والنهي عن النكر مع الكمة والوعظة السنة ؛ لقول
ال تعال " :ولتكن منكم أمة يدعون إل الي ويأمرون بالعروف وينهون عن النكر
وأولئك هم الفلحون" ( . )316ولقول الرسول صلى ال عليه وسلم " :من رأى منكم
منكرا فليغيه بيده ،فإن ل يستطع فبلسانه فإن ل يستطع فبقلبه وذلك أضعف اليان"
( )317رواه مسلم.
فابذلوا النصح لخوانكم ف رفق ولي فما من أمة ضاع فيها هذا الواجب إل عمها ال
بعذاب ،فقد قال النب صلى ال عليه وسلم " :والذي نفسي بيده لتأمرن بالعروف
ولتنهون عن النكر أو ليوشكن ال أن يبعث عليكم عقابا منه ث تدعونه فل يستجاب
لكم" ( )318رواه الترمذي وقال :حديث حسن ،وعن جرير بن عبد ال رضي ال عنه
قال" :بايعت رسول ال صلى ال عليه وسلم على إقام الصلة وإيتاء الزكاة ،والنصح
لكل مسلم" ( )319متفق عليه .
وأوصيكم ونفسي بأن نغتنم فرصة وجودنا ف حرم ال تعال بالكثار من ذكره وشكره
وحسن عبادته والتقرب إليه سبحانه بشت الطاعات والقربات ،فإننا ف بلد تضاعف فيه
السنات وقد فرغنا أنفسنا لذلك ،فل نضيع أوقاتنا ف اللغو واللهو والقيل والقال فإنا
تكون حسرات علينا يوم القيامة ،ولنتجنب الدال والصام مع الرفقة والصحاب ،ول
نؤذ إخواننا الجاج بالزاحة عند الناسك وخاصة عند الطواف واستلم الجر السود
ورمي المرات ،فال تعال نانا عن مرد الدال وهو دون هذا الذى بكثي ،فقال تعال
بسم ال الرحن الرحيم ،المد ل رب العالي ،والصلة والسلم على إمام الرسلي
وخات النبيي سيدنا ممد بن عبد ال وعلى آله وصحبه ومن واله ودعا بدعوته إل يوم
الدين.
من عبد العزيز بن عبد ال بن باز إل حجاج بيت ال الرام وإل كل من يطلع على هذه
الرسالة من إخوانه السلمي ف كل مكان ،وفقهم ال لا فيه رضاه ومنحهم الفقه ف
الدين ،آمي.
سلم عليكم ورحة ال وبركاته ..أما بعد:
ففي مستهل صدور العدد الول من ملة التوعية السلمية الت تصدرها ف موسم كل عام
الرئاسة العامة لدارات البحوث العلمية والفتاء والدعوة والرشاد بالملكة العربية
السعودية ،وف عامها الادي عشر أتقدم إليكم بالتحية الطيبة ،ومرحبا بكم على هذه
الرض الباركة أرض الرمي الشريفي ،سائلً الول تبارك وتعال أن يعل حجنا
وحجكم مبورا وسعينا وسعيكم مشكورا وذنبنا وذنبكم مغفورا ،وأن يوفقنا وإياكم
إل صال العمال ف سهولة ويسر وصحة وعافية وقبول.
وبذه الناسبة الكرية فإن أوصيكم ونفسي بتقوى ال عز وجل ف السر والعلنية ،
والخلص له ف العمال والقوال ،والقتداء برسولنا صلى ال عليه وسلم ف مناسك
حجنا وف كل ما نتقرب به إل ربنا عز وجل ،فإن تقوى ال تبارك وتعال هي السبب
العظيم ف تصيل سعادة الدنيا والخرة ،قال ال تعال " :ومن يتق ال يعل له مرجا .
ويرزقه من حيث ل يتسب " ( ، )328وقال تعال " :ومن يتق ال يعل له من أمره يسرا "
( ، )329وقال تعال " :والخرة عند ربك للمتقي" ( ، )330وقال سبحانه وتعال " :إن
) (327نشر ف (ملة التوعية السلمية ف الج) العدد الول عام 1405هـ
) (328سورة الطلق ،اليتان 3 ،2
) (329سورة الطلق ،الية 4
) (330سورة الزخرف ،الية 35
للمتقي عند ربم جنات النعيم " ( )331وهي ثرة الج البور والعبادات الصحيحة ،قال
ال تعال " :الج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الج فل رفث ول فسوق ول جدال ف
الج وما تفعلوا من خي يعلمه ال وتزودوا فإن خي الزاد التقوى واتقون يا أول اللباب "
( . )332وهي خي ما يدخره السلم لذريته من بعده ،قال ال تعال :وليخش الذين لو
تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا ال وليقولوا قولً سديدا " ( )333لذلك
كانت التقوى هي وصية ال عز وجل للولي والخرين ،قال تعال " :ولقد وصينا الذين
أتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا ال " (. )334
والخلص هو أصل قبول العمال ،فل يقبل ال من العمال إل ما كان خالصا لوجهه
الكري ،فلم يشرك صاحبها فيها مع ال غيه ،ول يقصد با رياء ول سعة ول شهرة ول
ممدة ول ثناء من أحد ،قال ال تعال " :وما أمروا إل ليعبدوا ال ملصي له الدين"
( ، )335وقال تعال " :فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملً صالا ول يشرك بعبادة ربه
أحدا" ( ، )336وقال تعال لنبيه الكري صلى ال عليه وسلم وهو قدوة الخلصي " :قل إن
صلت ونسكي ومياي ومات ل رب العالي .ل شريك له وبذلك أمرت وأنا أول
السلمي" ( ، )337وقال ال لنبيه صلى ال عليه وسلم " :قل إن أمرت أن أعبد ال ملصا
له الدين .وأمرت لن أكون أول السلمي" ( ، )338وقال سبحانه " :ولقد أوحي إليك
وإل الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الاسرين .بل ال فاعبد
وكن من الشاكرين" ( )339ولكون الشرك يبط العمال ويضيع ثوابا حذر ال عز وجل
وبذلك يقع حجنا –بتوفيق ال -حجا مبورا والج البور جزاؤه النة ،فعن أب هريرة
رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :العمرة إل العمرة كفارة لا بينهما
،والج البور ليس له جزاء إل النة" ( )356متفق عليه .
ومفتاح العلم السؤال .فإذا أشكل عليكم أمر فاسألوا أهل العلم عنه ،فال تعال يقول :
"فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ل تعلمون" (. )357
وهم بمد ال تعال – اليوم كثي – ،وستجدون ف مداخل الملكة وف مكة والدينة وف
من وعرفات وف عديد من الماكن الت يوجد فيها الجاج مراكز للتوعية السلمية با
نبة من أهل العلم ،ييبونكم على أسئلتكم ويفتونكم ف كل ما تتاجون إليه ما يتعلق
بالج وبغيه من أمور الدين ،فاسألوهم واحرصوا على ساع دروسهم وندواتم ،فإن
فيها خيا كثيا إن شاء ال ،والرسول صلى ال عليه وسلم يقول " :من يرد ال به خيا
()358
يفقهه ف الدين " متفق عليه .
) (354رواه البخاري ف (الج) باب ما ذكر ف الجر السود برقم ، 1597ومسلم ف (الج) باب استحباب تقبيل الجر السود ف
الطواف برقم 1270
) (355سورة يوسف ،الية 108
) (356رواه البخاري ف (الج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم ، 1773ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة
برقم 1349
) (357سورة النبياء ،الية 7
) (358رواه البخاري ف (العلم ) باب من يرد ال به خيا يفقهه ف الدين برقم ، 71ومسلم ف (الزكاة) باب النهي عن السألة برقم
1037
وأنتم أيها الخوة ،قد حضرت من بلد بعيدة وجهات متفرقة ،تملتم فيها مشقة السفر
وأنفقتم الموال الكثية تبتغون الجر والثواب من ال تعال ،فحافظوا على أوقاتكم
واشغلوها بالعبادة والتقرب إل ال عز وجل والصلة والسلم على رسول ال صلى ال
عليه وسلم ،وأكثروا من قراءة القرآن الكري ومن الصلة والطواف والذكر والدعاء
والستغفار والصدقة وغي ذلك من أنواع العبادات والقربات ،وحافظوا على صلة
الماعة ف الساجد وهي بمد ال متوفرة فصلة الماعة تزيد على صلة النفرد أضعافا
كثية ،فعن ابن عمر رضي ال عنهما أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :صلة
الماعة أفضل من صلة الفذ بسبع وعشرين درجة" ( )359متفق عليه ،والفذ :الواحد .
ولهية صلة الماعة ف الساجد وعظم فضلها فإن رسول ال صلى ال عليه وسلم ل
يرخص ف تركها للعمى الذي ل يد قائدا له يقوده إل السجد ،فعن أب هريرة رضي
ال عنه قال " :أتى النب صلى ال عليه وسلم رجل أعمى فقال يا رسول ال :ليس ل
قائد يقودن إل السجد ،فسأل رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يرخص له فيصلي ف
بيته فرخص له ،فلما ول دعاه ،فقال له :هل تسمع النداء بالصلة ؟ قال :نعم ،قال :
()360
"فأجب" رواه مسلم رحه ال .
وقد توعد رسول ال صلى ال عليه وسلم من يتخلف عن الماعة بغي عذر أن يرق
عليهم بيوتم بالنار ،فعن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال:
"والذي نفسي بيده لقد همت أن آمر بطب فيحتطب ،ث آمر بالصلة فيؤذن لا ،ث
ل فيؤم الناس ،ث أخالف إل رجا ٍل ل يشهدون الصلة فأحرق عليهم بيوتم " آمر رج ً
( )361متفق عليه .
) (359رواه البخاري ف (الذان) باب فضل صلة الماعة برقم ، 645ومسلم ف (الساجد ومواضع الصلة) باب فضل صلة
الماعة برقم 650
) (360رواه مسلم ف (الساجد مواضع الصلة ) باب يب إتيان السجد على من سع النداء برقم 653
) (361رواه البخاري ف (الصومات ) باب إخراج أهل العاصي والصوم من البيوت برقم ، 2420ومسلم ف(الساجد ومواضع
الصلة ) باب فضل صلة الماعة وبيان التشديد ف التخلف عنها برقم 651
والرسول صلى ال عليه وسلم ل يتوعد بذا العقاب الشديد إل على أمر ل يوز التساهل به
أو التفريط فيه .
فحافظوا أيها الجاج بارك ال فيكم على صلة الماعة ما استطعتم ،وخاصة ف الرمي
الشريفي ،فإن الصلة فيهما تضاعف أضعافا كثية عن غيها ف سائر الساجد ،فعن
عبد ال بن الزبي رضي ال عنهما قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :صلة ف
مسجدي هذا أفضل من ألف صلة فيما سواه إل السجد الرام ،وصلة ف السجد
الرام أفضل من مائة صلة ف مسجدي هذا " ( )362أخرجه أحد رحه ال .
وهذا خي من ضياع الوقت وبذل الهد ف زيارة أماكن هنا وهناك بقصد تصيل الجر
والثواب ل تشرع زيارتا ول يفعلها رسول ال صلى ال عليه وسلم ول صحابته الكرام
رضي ال عنهم أجعي ،ولو كان ذلك خيا لسبقونا إليه ،وقد مر بنا قول أمي الؤمني
عمر بن الطاب رضي ال عنه وهو يقول عند تقبيل الجر السود " :لول أن رأيت
رسول ال صلى ال عليه وسلم يقبلك ما قبلتك" ( ، )363وصح عن عائشة رضي ال عنها
()364
عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال " :من عمل عملً ليس عليه أمرنا فهو رد "
أخرجه المام مسلم ف صحيحه .فالي ف التباع والشر ف البتداع .
وأوصيكم أيها الخوة ف ال بالرص على التواصي بالق ،والصب فيما بينكم بالمر
بالعروف والنهي عن النكر ،والتعاون على الب والتقوى ف هذا الوسم العظيم ،الذي
يمع عددا كبيا من السلمي جاءوا من كل فج عميق ليشهدوا منافع لم ويؤدوا
مناسكهم ،رغبة ف مغفرة ال سبحانه وطمعا ف ثوابه عز وجل والنفوس مهيئة لقبول
الي ،وقد قال النب صلى ال عليه وسلم " :الدين النصيحة " قيل :لن يا رسول ال ؟
قال " :ل ولكتابه ولرسوله ولئمة السلمي وعامتهم " ( )365وال تعال يقول :
"والؤمنون والؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالعروف وينهون عن النكر ويقيمون
) (362رواه ابن ماجة ف (إقامة الصلة والسنة فيها) باب ما جاء ف فضل الصلة ف السجد الرام برقم 1406
) (363رواه البخاري ف (الج) باب ما ذكر ف الجر السود برقم ، 1597ومسلم ف (الج) باب استحباب تقبيل الجر السود
ف الطواف برقم 1270
) (364رواه البخاري معلقا ف النجش ،ومسلم ف (القضية) باب نقض الحكام الباطلة ورد مدثات المور برقم 1718
()366
الصلة ويؤتون الزكاة ويطيعون ال ورسوله أولئك سيحهم ال إن ال عزيز حكيم"
.
وعن جرير بن عبد ال رضي ال عنه ،قال " :بايعت رسول ال صلى ال عليه وسلم على
إقام الصلة وإيتاء الزكاة ،والنصح لكل مسلم" ( )367متفق عليه .وعن أنس رضي ال
عنه عن النب صلى ال عليه وسلم قال " :ل يؤمن أحدكم حت يب لخيه ما يب
لنفسه" ( )368متفق عليه .
والسلم يب لنفسه أن يكون على خي ف دينه ودنياه ،فكذلك يب أن يب ذلك
لخوانه السلمي ،ولكن ينبغي أن يكون ذلك برفق ولي وحكمة وموعظة حسنة ،كما
قال ال تعال لنبيه صلى ال عليه وسلم " :ادع إل سبيل ربك بالكمة والوعظة السنة
وجادلم بالت هي أحسن" ( , )369وعن عائشة رضي ال عنها ،قالت :قال رسول ال
صلى ال عليه وسلم " :إن ال رفيق يب الرفق ف المر كله " ( )370متفق عليه ،وعنها
رضي ال عنها أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :إن الرفق ل يكون ف شيء إل زانه ،
ول ينع من شيء إل شانه " ( )371رواه مسلم رحه ال .ولنا ف رسول ال صلى ال
عليه وسلم أسوة حسنة ،فعن أب هريرة رضي ال عنه ،قال " :بال أعراب ف السجد
فقام الناس إليه ليقعوا فيه ،فقال النب صلى ال عليه وسلم " :دعوه وأهريقوا على بوله
سجلً من ماء ،أو ذنوبا من ماء ،فإنا بعثتم ميسرين ول تبعثوا معسرين" ( )372رواه
) (365رواه المام أحد ف (مسند الشاميي) حديث تيم الداري برقم ، 16499ومسلم ف (اليان ) باب بيان أن الدين النصيحة
برقم 55
) (366سورة التوبة ،الية 71
) (367رواه البخاري ف (اليان) باب الدين النصيحة برقم ، 57ومسلم ف (اليان ) باب بيان أن الدين النصيحة برقم 56
) (368رواه البخاري ف (اليان) باب من اليان أن يب لخيه ما يب لنفسه برقم ، 13ومسلم ف (اليان ) باب الدليل على أن
من خصال اليان أن يب لخيه ..برقم 45
) (369سورة النحل ،الية 125
) (370رواه البخاري ف (استتابة الرتدين) باب إذا عّرض الذمي وغيه بسب النب صلى ال عليه وسلم ول يصرح برقم ، 6972
ومسلم ف (السلم ) باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلم برقم 2165
) (371رواه مسلم ف (الب والصلة والداب) باب فضل الرفق برقم 2594
البخاري رحه ال ،ث أفهمه فقال" :إن هذه الساجد ل تصلح لشيء من هذا وإنا هي
للصلة وذكر ال" (. )373
وهكذا ينبغي أن يكون السلم رفيقا بإخوانه رحيما بم يغفر زلتم ويعفو عن إساءتم يرحم
ضعيفهم ويوقر كبيهم ول يشق عليهم ،بل يادلم بالت هي أحسن ،وخاصة ف رحلة
الج الباركة الت خرج فيها الميع يلبون ربم ويمدونه ويكبونه ،لسيما ف أوقات الشدة
وأماكن الزحام ف الطاف وف السعى ،وعند الصعود إل عرفات والنول منها ،وعند رمي
المرات حت يؤدي الميع مناسك حجهم ف سهولة ويسر ،وحت يكون بتوفيق ال حجا
مبورا ،والرسول صلى ال عليه وسلم يقول " :من حج فلم يرفث ول يفسق رجع كيوم
ولدته أمه" ( )374متفق عليه .وف الديث التفق على صحته يقول رسول ال صلى ال عليه
()375
وسلم " :السلم من سلم السلمون من لسانه ويده ،والهاجر من هجر ما نى ال عنه"
.
وإن أهيب بإخوان السلمي من حجاج بيت ال الرام ،أن يتناسوا خلفاتم ،وأن
يقبلوا على نسكهم بنفوس صافية وقلوب ملصة وألسنة ذاكرة ل وحده ،الذي دعاهم
إل حج بيته ،ووفقهم لجابة هذه الدعوة ،فهتفوا قائلي " :لبيك اللهم لبيك ،لبيك ل
شريك لك لبيك ،إن المد والنعمة لك واللك ،ل شريك لك" .وينبغي أن يكون هذا
الذكر حقيقة تكم تصرفاتم وتضبط سلوكهم ،فل يتصرفون إل با يرضي ال ،ول
يسلكون إل سبيل ال ،وال تعال يقول " :وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ول تتبعوا
السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون" (. )376
) (372رواه البخاري ف (الوضوء) باب صب الاء على البول ف السجد برقم ، 220وف (الدب) باب قول النب صلى ال عليه
وسلم " :يسروا ول تعسروا" برقم 6128
) (373رواه مسلم ف (الطهارة) باب وجوب غسل البول والنجاسات ..برقم 285
) (374رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور برقم ، 1521ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم
1350
) (375رواه البخاري ف (اليان) باب السلم من سلم السلمون من لسانه ويده برقم 10
) (376سورة النعام ،الية 153
كما أهيب بولة أمور السلمي وعلمائهم وأهل الرأي فيهم من الجاج أن ينتهزوا فرصة
اجتماعهم ف هذه الماكن القدسة مهد السلم ومهبط الوحي ومشرق الرسالة الاتة
الت جعت القلوب التنافرة ،ووحدت القبائل التنافرة ،فجعلت من رعاة الغنم قادة للمم
،ومن المة المية خي أمة أخرجت للناس ،تأمر بالعروف وتنهى عن النكر وتؤمن
بال ،أهيب بم أن يلتقوا ويتشاوروا فيما يمع شل المة السلمية ويوحد صفوفها
ويستنقذ بلدها ومقدساتا من أيدي أعدائها ولسيما السجد القصى البارك ،ويشد أزر
الجاهدين ف سبيل ال ويوحد صفوفهم حت ل تكون فتنة ويكون الدين كله ل.
وقد صح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال" :الؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه
بعضا وشبك بي أصابعه" ( )377متفق عليه .
وعن النعمان بن بشي رضي ال عنهما ،قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :
"مثل الؤمني ف توادهم وتراحهم وتعاطفهم كمثل السد الواحد إذا اشتكى منه عضو
تداعى له سائر السد بالسهر والمى" ( )378متفق عليه ،وعن ابن عمر رضي ال عنهما
أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :السلم أخو السلم ل يظلمه ول يسلمه ومن
كان ف حاجة أخيه كان ال ف حاجته ،ومن فرج عن مسلم كربة فرج ال عنه با كربة
من كرب يوم القيامة" ( )379متفق عليه .
ومن فاته نصرة إخوانه الجاهدين بنفسه ينبغي أن ينصرهم بقوله أو ماله فال تعال يقول :
"يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تارة تنجيكم من عذاب أليم .تؤمنون بال ورسوله
وتاهدون ف سبيل ال بأموالكم وأنفسكم ذلكم خي لكم إن كنتم تعلمون" (. )380
) (377رواه البخاري ف (الظال والغصب) باب نصر الظلوم برقم ، 2446ومسلم ف (الب والصلة والداب) باب تراحم الؤمني
وتعاطفهم برقم 2585
) (378رواه البخاري ف (الدب) باب رحة الناس والبهائم برقم ، 6011ومسلم ف (الب والصلة والداب) باب تراحم الؤمني
وتعاطفهم برقم 2586
) (379رواه البخاري ف (الظال والغصب) باب ل يظلم السلم السلمَ برقم ، 2442ومسلم ف (الب والصلة والداب) باب تري
الظلم برقم 2580
) (380سورة الصف ،اليتان 11 ،10
وعن أنس رضي ال عنه أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :جاهدوا الشركي بأموالكم
وأنفسكم وألسنتكم" ( )381رواه أبو داود بإسناد صحيح .
وهذا يبي أهية العلم ،بالنسبة لقضايا السلمي ،وعن زيد بن خالد رضي ال عنه أن
رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :من جهز غازيا ف سبيل ال فقد غزا ،ومن خلف
غازيا ف أهله بي فقد غزا" ( )382متفق عليه .
وإن لكم إخوانا قد أصابم الضر ونزل بم القحط وابتلوا بنقص ف الموال والنفس
والثمرات ف أفريقيا
وغيها ،وهم ف أشد الاجة إل مواساتكم ومعونتكم فل تبخلوا عنهم بشيء من أموالكم ،
قال تعال " :ومن يبخل فإنا يبخل عن نفسه " ( ،)383وهو القائل سبحانه " :وما أنفقتم من
شيء فهو يلفه وهو خي الرازقي" ( ، )384وقال سبحانه " :وما تقدموا لنفسكم من خي
تدوه عند ال هو خيا وأعظم أجرا"( ،)385وقال النب صلى ال عليه وسلم " :وال ف عون
العبد ما كان العبد ف عون أخيه"(.)386
وف التام فإن أسأل ال أن يسدد خطانا وخطاكم ،وأن يوفقنا وإياكم لا فيه الي
والرشاد ،وأن يمع شل هذه المة الحمدية على الق والدى ،وأن يوفق حكامهم وولة
أمورهم إل أن يكموا بينهم با أنزل ال ويطبقوا فيهم شريعة ال ،وهو القائل سبحانه :
"ومن أحسن من ال حكما لقوم يوقنون" ( )387إنه ول ذلك والقادر عليه ،كما أسأله
) (381رواه المام أحد ف (باقي مسند الكثرين من الصحابة) مسند أنس بن مالك برقم ، 11837وأبو داود ف (الهاد ) باب
كراهية ترك الغزو برقم 2504
) (382رواه البخاري ف (الهاد والسي) باب فضل من جهز غازيا أو خلفه بي برقم ، 2843ومسلم ف (المارة) باب فضل إعانة
الغازي ف سبيل ال برقم 1895
) (383سورة ممد ،الية 38
) (384سورة سبأ ،الية 39
) (385سورة الزمل ،الية 20
) (386رواه مسلم ف (الذكر والدعاء والستغفار) باب فضل الجتماع على تلوة القرآن برقم 2699
) (387سورة الائدة ،الية 50
سبحانه أن يتقبل منا ومنكم ،وأن يردكم إل بلدكم سالي غاني موفقي إنه على كل
شيء قدير ،والسلم عليكم ورحة ال وبركاته .
وصلى ال وسلم على نبينا ممد وصحبه وأتباعه بإحسان إل يوم الدين .
()388
الج فرصة لنشر دعوة الق
بعد المد والثناء على ال عز وجل ث الصلة والسلم على أشرف الرسلي ،إن أشكر ال
عز وجل على ما من به علينا وعلى حجاج بيت ال الرام من أداء مناسك الج ف أمن
وعافية وسلمة وهدوء ،المد ل جل وعل على ذلك ونسأله سبحانه أن يتقبل منا ومن
جيع حجاج بيت ال الرام ،كما أسأله سبحانه أن يوفق حكومتنا لكل خي ،وأن يزيها
عما فعلت من التسهيل لجاج بيت ال الرام أداء مناسكهم أفضل الزاء وأن يعينها على
كل ما فيه صلح العباد والبلد ،كما أساله سبحانه أن يزي أيضا العاملي ف هذه الدولة
من عسكريي ومدنيي أحسن الزاء عما فعلوا من الي ،وأن يضاعف مثوبتهم على ما
فعلوه من تيسي وتسهيل وإعانة لخوانم حجاج بيت ال الرام ،وأسأله عز وجل أن يتقبل
من الميع عملهم وحجهم.
ث إن أشكر أخي صاحب الفضيلة معال الرئيس العام لشؤون السجد الرام والسجد النبوي
الشيخ ممد بن عبد ال السبيل على كلمته القيمة وتوجيهاته السديدة الفيدة فجزاه ال
خيا ،وقد أحسن وأجاد ف نصيحة إخوانه الدعاة ،ووصيتهم با ينبغي أن يعتمدوه ف
نصحهم ودعوتم إل ال عز وجل وعنايتهم بإخوانم حجاج بيت ال الرام وغيهم.
فإن الدعوة إل ال شأنا عظيم وهي من أهم الفرائض ،وهي مهمة الرسل عليهم الصلة
والسلم ،والعلماء هم ورثة النبياء فالواجب عليهم العناية بالدعوة ،و تكون بالساليب الت
يرجى منها حصول الطلوب والسلمة من النفور عن الق ،ويرجى منها الفادة للمدعو
وقبوله الق ،وعليهم أن يذروا الساليب الت يشى منها بقاء النكر أو وجود ما هو أنكر
منه ،فالداعي إل ال يب أن ينظر ف أسلوب دعوته ،وأن يتحرى الساليب الت يرجى من
ورائها حصول الي والفائدة ،والسلمة من ضد ذلك ،فجزى ال أخانا صاحب الفضيلة
الشيخ ممد عن كلمته خيا ،كما أشكره أيضا على جهوده العظيمة الصلحية ف السجد
) (388كلمة لسماحته ألقاها ف حفل التوعية السلمية ف الج لعام 1413هـ ونشرت ف جريدة الدينة ف العدد الول 9519
وتاريخ 21/12/1413هـ
الرام والسجد النبوي ،وأسأل ال أن يزيده والعاملي معه من التوفيق والداية وأن يبارك ف
جهودهم وينفع بم عباده من حجاج بيت ال الرام وزوار هذا السجد العظيم للعمرة ،
وزواره للصلة وزوار السجد النبوي ،نسأل ال أن يبارك ف جهود القائمي على هذين
السجدين وأن يعلهم هداة مهتدين ،كما أشكره أيضا هو وإخوانه على ما يبذلونه من
الدعوة إل ال ف السجدين وتوجيه الناس إل الي ،وإفتائهم فيما يتاجون إليه فجزاهم ال
جيعا خيا .
ث أشكر المانة العامة للتوعية على جهودها ف هذا السبيل ،سبيل تسهيل أداء الناسك
لجاج بيت ال الرام ،أشكر المانة والعاملي فيها على جهودهم الطيبة ف تسهيل أمر
الجيج وإعانتهم على أداء مناسكهم با يسهل عليهم ذلك وبا يعينهم على فهم ما أوجب
ال عليهم وعلى ترك ما حرم ال عليهم ،ولشك أن جهود المانة العامة لا ثار عظيمة ،
ولا فوائد جة ،ونسأل ال أن يبارك ف هذه الهود وأن يزي العاملي فيها جزاءً حسنا وأن
يثيبهم ويأجرهم على ما فعلوه ويزيدهم من فضله ،فإن ال سبحانه هو الواد الكري ،وهو
الذي يازي العاملي با يستحقون ،فنسأل ال أن يزي العاملي ف سبيله جزاءً حسنا ،وأن
يثيبهم على ما قدموا ،وأن يعل لم مثل ثواب إخوانم الذين ساعدوهم ف الي ،وسهلوا
لم طريق الي ،ث أشكر إخوان الدعاة إل ال عز وجل ،وأدعو لم بزيد من التوفيق فقد
بذلوا جهودا كبية ،وأسأل ال أن يزيهم عن جهودهم خيا ،وأن يضاعف مثوبتهم ،
ولشك أن الواجب عليهم عظيم ،ونسأل ال أن يتقبل منهم جهودهم وأن يعطيهم مثل
أجور من هداه ال على أيديهم ،قال ال عز وجل ف كتابه العزيز " :قل هذه سبيلي أدعو
إل ال على بصية أنا ومن اتبعن " ( ، )389فالدعوة إل ال هي سبيل النبياء وأتباعهم على
بصية ،فنسأل ال أن يوفقنا وإخواننا الدعاة وسائر علماء السلمي لا يرضيه وأن يعلنا
جيعا من الدعاة إليه على بصية وأن يعيننا على أداء الواجب إنه خي مسؤول .
ولشك أن الدعاة إل ال سبحانه ف جهاد عظيم ،وهم جديرون بأن يبذلوا وسعهم ف هذا
السبيل ؛ لن ال جل وعل قد أتاح لم ف هذا الوسم أما كثية من سائر أرجاء الدنيا ف
المد ل وحده ،والصلة والسلم على من ل نب بعده ،سيدنا ممد بن عبد ال
ورسوله ،وأمينه على وحيه ،وصفوته من خلقه ،وعلى آله وصحبه ،ومن دعا بدعوته
واهتدى بديه إل يوم الدين .أما بعد (: )403
فأحييك أيها القارئ الكري بتحية السلم تية من عند ال مباركة طيبة ،فالسلم عليك
ورحة ال وبركاته .
وأهنئك با يسر ال لك من حج بيته الرام الذي أوجبه ال على الستطيعي من عباده
الكلفي بقوله عز وجل " :ول على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلً ومن كفر فإن
ال غن عن العالي" ( ، )404وقد روى مسلم رحه ال ف صحيحه عن أب هريرة رضي ال
عنه قال :خطبنا رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال :يا أيها الناس إن ال قد فرض عليكم
الج فحجوا" فقال رجل :أكل عام يا رسول ال ؟ فسكت حت قالا ثلثا ،فقال رسول
ال صلى ال عليه وسلم " :لو قلت نعم لوجبت ولا استطعتم" ،ث قال " :ذرون ما تركتكم
فإنا هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالم واختلفهم على أنبيائهم ،فإذا أمرتكم بشيء فأتوا
منه ما استطعتم وإذا نيتكم عن شيء فدعوه" (. )405
والج من العمال الفاضلة الت يضاعف ال با الجور ويغفر با الذنوب ،روى البخاري
ومسلم رحهما ال عن أب هريرة رضي ال عنه قال :سئل النب صلى ال عليه وسلم :أي
العمل أفضل؟ قال " :إيان بال ورسوله " قيل :ث ماذا؟ قال :الهاد ف سبيل ال" ،قيل ث
ماذا ؟ قال " :حج مبور " (. )406
) (407رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور برقم ، 1521ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم
1350
) (408سورة البقرة ،الية 197
) (409سورة الطففي ،الية 26
"فاستبقوا اليات إل ال مرجعكم جيعا فينبئكم با كنتم فيه تتلفون"( ،)410ويقول تعال :
وسارعوا إل مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والرض أعدت للمتقي " (، )411
وروى الترمذي رحه ال بإسناد حسن عن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال
عليه وسلم قال " :بادروا بالعمال سبعا هل تنتظرون إل فقرا منسيا أو غن مطغيا ،أو
مرضا مفسدا ،أو هرما مفندا ،أو موتا مهزا ،أو الدجال فشر غائب ينتظر ،أو الساعة
فالساعة أدهى وأمر " (. )412
وأنتم أيها الخوة قد جئتم من بلد بعيدة وتركتم الهل والوطان تبتغون فضلً من ربكم
ورحة ،فأحسنوا نياتكم وأخلصوا أعمالكم ل ربكم فإنا العمال بالنيات وإنا لكل امرئ ما
نوى ،وال تعال يقول " :وما أمروا إل ليعبدوا ال ملصي له الدين حنفاء" ( ،)413ويقول
سبحانه وتعال لنبيه صلى ال عليه وسلم " :قل إن صلت ونسكي ومياي ومات ل رب العالي
.ل شريك له وبذلك أمرت وأنا أول السلمي " ( ، )414وتروا سنة نبيكم صلى ال عليه وسلم
فيما تفعلون وفيما تذرون فال تعال يقول " :وما آتاكم الرسول فخذوه وما ناكم عنه فانتهوا
واتقوا ال إن ال شديد العقاب " ( )415ويقول عز من قائل " :وما كان لؤمن ول مؤمنة إذا
قضى ال ورسوله أمرا أن يكون لم الية من أمرهم ومن يعص ال ورسوله فقد ضل ضللً
مبينا " ( ، )416وتنبوا البدع ف الدين ،ففي الديث التفق على صحته عن عائشة رضي ال
عنها قالت :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :من أحدث ف أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد
" ( )417وف رواية لسلم رحه ال " :من عمل عملً ليس عليه أمرنا فهو رد " ( )418وف صحيح
) (419رواه البخاري ف (العتصام بالكتاب والسنة) باب القتداء بسنن رسول ال صلى ال عليه وسلم برقم . 7280
) (420سورة النبياء ،الية 7
) (421رواه مسلم ف (اليان) باب بيان إطلق اسم الكفر على من ترك الصلة برقم 82
) (422رواه الترمذي ف (اليان) باب ما جاء ف ترك الصلة برقم 2621
) (423رواه البخاري ف (الذان) باب فضل صلة الماعة برقم ، 645ومسلم ف (الساجد ومواضع الصلة ) باب فضل صلة
الماعة ..برقم 650
) (424رواه البخاري ف (الصومات ) باب إخراج أهل العاصي والصوم من البيوت برقم ، 2420ومسلم ف (الساجد ومواضع
الصلة) باب فضل صلة الماعة وبيان التشديد ف التخلف عنها برقم 651
ول يرخص رسول ال صلى ال عليه وسلم للعمى الذي يسمع النداء ول يد قائدا يقوده
إل السجد أن يصلي ف بيته فكيف بغيه ،روى مسلم رحه ال عن أب هريرة رضي ال عنه
قال :أتى النب صلى ال عليه وسلم رجل أعمى فقال :يا رسول ال ليس ل قائد يقودن إل
السجد ،فسأل رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يرخص له فيصلي ف بيته فرخص له ،
فلما ول دعاه فقال له " :هل تسمع النداء إل الصلة؟ " قال :نعم ،قال " :فأجب" (. )425
ومروا بالعروف وانوا عن النكر فإنما من أهم واجبات السلم ومن النصيحة الواجبة ف
الدين ،والسلمون بي ما تناصحوا وتواصوا بالعروف وتناهوا عن النكر ،قال ال تعال :
"ولتكن منكم أمة يدعون إل الي ويأمرون بالعروف وينهون عن النكر وأولئك هم
الفلحون" ( ، )426وقد دلت النصوص من الكتاب والسنة على أن النكرات إذا فشت بي
الناس ول تنكر عمت عقوبتها ،قال ال تعال " :واتقوا فتنة ل تصيب الذين ظلموا منكم
خاصة واعلموا أن ال شديد العقاب " ( ، )427وقد روى الترمذي رحه ال – وقال حديث
حسن – عن حذيفة رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم قال " :والذي نفسي بيده
لتأمرن بالعروف ولتنهون عن النكر أو ليوشكن ال أن يبعث عليكم عقابا ث تدعونه فل
يستجاب لكم" ( ، )428وصح عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال " :إن الناس إذا رأوا النكر فلم
يغيوه أوشك أن يعمهم ال بعقابه " ( )429رواه المام أحد بإسناد صحيح ،فانصحوا
إخوانكم ورفقائكم إذا وجدت ما يستوجب النصيحة ولكن بالكمة والوعظة السنة
والجادلة بالت هي أحسن ،ففي الديث التفق عليه عن جرير بن عبد ال رضي ال عنه قال
" :بايعت رسول ال صلى ال عليه وسلم على إقام الصلة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم"
) (425رواه مسلم ف (الساجد ومواضع الصلة) باب يب إتيان السجد على من سع النداء برقم 653
) (426سورة آل عمران ،الية 104
) (427سورة النفال ،الية 25
) (428رواه المام أحد ف (باقي مسند النصار) حديث حذيفة بن اليمان برقم ، 22790والترمذي ف (الفت) باب ما جاء ف المر
بالعروف والنهي عن النكر برقم 2169
) (429رواه المام أحد ف (مسند العشرة البشرين بالنة ) مسند أب بكر الصديق برقم 1و ، 16وابن ماجة ف (الفت) باب المر
بالعروف والنهي عن النكر برقم 3995
( ، )430وف الصحيحي عن أنس رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم قال " :ل يؤمن
أحدكم حت يب لخيه ما يب لنفسه " ( ، )431وانصحوا قومكم إذا رجعتم إليهم وخاصة
عشائركم ومن لكم عليهم ولية ،فال عز وجل قال لرسوله صلى ال عليه وسلم " :وأنذر
عشيتك القربي" ( ، )432ويقول ال تعال " :يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا
وقودها الناس والجارة عليها ملئكة غلظ شداد ل يعصون ال ما أمرهم ويفعلون ما
يؤمرون" ( ، )433واعلموا أنه ل قيام للدين إل بالمر بالعروف والنهي عن النكر والتناصح
بالي والتواصي بالق وبالصب ،فاحرصوا على ذلك يفظ ال لكم دينكم ويصلح أعمالكم
ويغفر ذنوبكم وال غفور رحيم .
وف بلد السلمي الن بمد ال دعوات للخي بالرجوع إل السلم ،والتمسك بالكتاب
والسنة ،فكونوا من أهلها وأعوانا ،فال تعال يقول " :وتعاونوا على الب والتقوى ول
تعاونوا على الث والعدوان واتقوا ال إن ال شديد العقاب " ( ، )434وف بعضها جهاد لعلء
كلمة ال والذب عن العقيدة السلمية والدفاع عنها أمام اللحدة والشيوعيي وخاصة على
أرض أفغانستان الت رفع ماهدوها راية السلم وأخذوا يقاتلون تتها أعداء ال ،وهم أول
بنصرتكم ومعونتكم فمن استطاع أن ياهد معهم بنفسه فليفعل ،ومن استطاع أن ياهد باله
فليفعل ،فما أحوجهم للرجال وللمال ،وال تعال يقول " :يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم
على تارة تنجيكم من عذاب أليم .تؤمنون بال ورسوله وتاهدون ف سبيل ال بأموالكم
وأنفسكم ذلكم خي لكم إن كنتم تعلمون .يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تري من
تتها النار ومساكن طيبة ف جنات عدن ذلك الفوز العظيم .وأخرى تبونا نصر من ال
وفتح قريب وبشر الؤمني " ( ، )435ومن فاته الهاد بالنفس فل ينبغي أن يفوته الهاد
) (430رواه البخاري قي ( اليان) باب الدين النصيحة برقم ، 57ومسلم ف (اليان ) باب بيان أن الدين النصيحة برقم 56
) (431رواه البخاري ف (اليان ) باب من اليان أن يب لخيه ما يب لنفسه برقم ، 13ومسلم ف (اليان ) باب الدليل على أن
من خصال اليان أن يب لخيه برقم 45
) (432سورة الشعراء ،الية 214
) (433سورة التحري ،الية 6
) (434سورة الائدة ،الية 2
) (435سورة الصف ،اليات 13 -10
بالال ،لقول ال تعال " :انفروا خفافا وثقالً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم ف سبيل ال
ذلكم خي لكم إن كنتم تعلمون " ( ، )436وصح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال
" :من جهز غازيا ف سبيل ال فقد غزا ،ومن خلف غازيا ف أهله بي فقد غزا " (. )437
وأسأل ال أن يوفقنا وإياكم وسائر السلمي لكل ما فيه رضاه ،ولكل ما فيه صلح أمر
العباد والبلد ،وأن يردكم إل بلدكم سالي غاني ،وأن يتقبل منا ومنكم ومن سائر
السلمي ،وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ويذل أعداءه ،وأن يصلح قادة السلمي ف كل
مكان ،وأن يوفقهم للحكم بشريعته والتمسك با والدعوة إليها والذر من كل ما يالفها ،
إنه ول ذلك والقادر عليه ،والسلم عليكم ورحة ال وبركاته .
أوصي إخوان حجاج بيت ال الرام بتقوى ال تعال ف السر والعلن ،وهي وصية ال
تعال ووصية رسوله صلى ال عليه وسلم ،قال تعال " :يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم
من نفس واحدة " .439
وأضاف ساحته أن على جوع حجاج بيت ال الرام الحافظة على الصلة ف أوقاتا ومع
الماعة وبكل شروطها وأركانا والعناية با وتعظيم شأنا والطمأنينة فيها فهي الركن الثان
من أركان السلم وهي عمود الدين ومن تركها فقد كفر قال صلى ال عليه وسلم " :بي
الرجل وبي الشرك والكفر ترك الصلة " ، 440وقال أيضا " :العهد الذي بيننا وبينهم الصلة
فمن تركها فقد كفر " .441ومن أهم أركان الصلة الت يب على السلم رعايتها والعناية با
الطمأنينة ف ركوعها وسجودها وقيامها وقعودها ،ومن أهم واجبات الصلة ف حق الرجال
أداؤها ف الماعة ؛ لن ذلك من أعظم شعائر السلم ،وقد أمر ال بذلك ورسوله كما قال
عز وجل " :وأقيموا الصلوة وءاتوا الزكوة واركعوا مع الراكعي " 442كما أوصي نساء
السلمي بالتستر والتحجب والبتعاد عن كل ما يظهر الفتنة والذر من التعطر حي
خروجهن ؛ لن ذلك من أسباب الشر والفتنة والواجب عليهن أن يتقي ال وأن يذرن
أسباب الفتنة من الزينة والطيب وإبراز الحاسن ،قال ال تعال " :يأيها النب قل لزواجك
443
وبناتك ونساء الؤمني يدني عليهن من جلبيبهن ذلك أدن أن يعرفن فل يؤذين "
المد ل رب العالي والصلة والسلم على أشرف النبياء والرسلي وبعد :
فإن أوصي إخوان السلمي الذين ل يؤدوا فريضة الج أن يبادروا بجة السلم ،فهذا هو
الواجب على كل من استطاع السبيل إل ذلك ؛ لن ال سبحانه وتعال يقول " ول على
الناس حج البيت من استطاع إليه سبيل " ( ، )445ويقول النب صلى ال عليه وسلم " :بن
السلم على خس :شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال ،وإقام الصلة وإيتاء
الزكاة ،وصوم رمضان ،وحج البيت " ( ، )446ويقول عليه الصلة والسلم " :إن ال قد
فرض عليكم الج فحجوا" ( ، )447فالواجب على كل مسلم ومسلمة يستطيع مؤونة الج إذا
كان مكلفا أن يبادر بذلك وأل يؤخره ؛ لن ال جل وعل أوجب ذلك على الفور ،ول
يوز لي مسلم مكلف مستطيع الج أن يتأخر عن ذلك ،بل يبادر ويسارع إل هذا الي
العظيم ،يقول الرسول عليه الصلة والسلم ف الديث الصحيح " :من حج فلم يرفث ول
يفسق رجع كيوم ولدته أمه" ( ، )448ويقول عليه الصلة والسلم ف الديث الخر " :العمرة
إل العمرة كفارة لا بينهما ،والج البور ليس له جزاء إل النة " ( . )449فهذه نعمة عظيمة
وخي عظيم ينبغي للمسلم أن يرص عليه ،ويشرع له مع ذلك أن يتحرى العمال اليية ف
طريقه وف مكة ،من صدقة على الفقراء والساكي ،والكثار من قراءة القرآن الكري وذكر
ال تعال ،والكثار من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبي ،والكثار من الصلة ف السجد
من عبد العزيز بن عبد ال بن باز إل من يراه من السلمي وفقهم ال لا فيه رضاه آمي .
سلم عليكم ورحة ال وبركاته ،أما بعد :
فقد أوجب ال عز وجل التعاون على الب والتقوى والنصيحة لكل مسلم وقد أبلغن بعض
الخوان أنه يوجد من بعض الجاج الوجودين ف من من يؤذي جيانه بالتدخي والغان .
ول ريب أن إيذاء السلمي من الحرمات العلومة من الدين كما قال سبحانه " :والذين
يؤذون الؤمني والؤمنات بغي ما اكتسبوا فقد احتملوا بتانا وإثا مبينا " ( ، )452وإذا كان
اليذاء بالتدخي أو بفتح الراديو أو السجلت على الغان كان الذى أكب والث أعظم،
لن الغناء مرم وهكذا التدخي من الحرمات الضرة بالدين والدنيا والصحة .
وقد قال ال عز وجل " :ومن الناس من يشتري لو الديث ليضل عن سبيل ال " ( )453الية
.قال أكثر العلماء الراد بلهو الديث الغناء وآلت اللهو .
وقال عز وجل " :يسئلونك ماذا أحل لم قل أحل لكم الطيبات" ( ، )454وقال ف وصف نبيه
صلى ال عليه وسلم " :ويل عليهم الطيبات ويرم عليهم البائث" ( )455فبي الول سبحانه
أنه ل يل لعباده إل الطيبات وأن نبيه صلى ال عليه وسلم إنا أحل لمته الطيبات وهي
الشياء النافعة بل مضرة ،والدخان من الشياء الضارة البيثة .وقد أجع العارفون به من
الطباء وغيهم على أنه مضر بالصحة خبيث العاقبة خبيث الرائحة .
وفق ال الميع للفقه ف الدين والثبات عليه وأعاذ الميع من نزغات الشيطان .
والسلم عليكم ورحة ال وبركاته.
حول حرمة الج وفرضيته على السلمي والحرام به والداب الت ل يوز معها الدال
وتقليد قبائل الاهلية يقول ساحة الشيخ عبد العزيز بن عبد ال بن باز مفت عام الملكة
العربية السعودية ورئيس الجلس التأسيسي لرابطة العال السلمي ف مكة الكرمة :يقول
تعال " :الج اشهر معلومات فمن فرض فيهن الج فل رفث ول فسوق ول جدال ف الج
وما تفعلوا من خي يعلمه ال وتزودوا فإن خي الزاد التقوى واتقون يا أول اللباب " (. )457
يب تعال أن الج ف أشهر معلومات وهي ك شوال وذو القعدة وعشرة أيام من ذي الجة ،
وقال تعال " :معلومات" لن الناس يعرفونا من عهد إبراهيم وإساعيل عليهما الصلة
والسلم ،فالج وقته معروف ل يتاج إل بيان كما احتاج الصيام والصلة إل بيان
مواقيتهما .وقوله تعال " :فمن فرض فيهن الج" معناه من أحرم بالج ف هذه الشهر سواء
ف أولا أو ف وسطها أو ف آخرها ،فإن الج الذي يرم به يصي فرضا عليه يب عليه أداؤه
بفعل مناسكه ولو كان نفلً .
فإن الحرام به يصي فرضا عليه ل يوز له رفضه ،لقول ال سبحانه " :وأتوا الج والعمرة "
( ، )458وقوله تعال " :فل رفث ول فسوق ول جدال ف الج" بيان لداب الحرم وما يب
عليه ا ،يتجنبه حال الحرام ،أي يب أن تعظموا الحرام بالج وتصونوه عن كل ما يفسده
أو ينقصه من "الرفث" وهو الماع ومقدماته الفعلية والقولية " .والفسوق" وهو جيع
العاصي ومنها مظورات الحرام " .والدال" وهو الحاورات والنازعة والخاصمة ؛ لن
الدال يثي الشر ويوقع العداوة ويشغل عن ذكر ال .والقصود من الج الذل والنكسار بي
يدي ال وعند بيته العتيق ومشاعره القدسة ،والتقرب إل ال بالطاعات وترك العاصي
والحرمات ليكون الج مبورا .
) (456نشرت هذه الكلمة ف (نشرة رابطة العال السلمي ) بتاريخ 12/1416/ 18 -12هـ
) (457سورة البقرة ،الية 197
) (458سورة البقرة ،الية 196
فقد صح عن النب صلى ال عليه وسلم " :أن الج البور ليس له جزاء إل النة" ( )459ولا
كان التقرب إل ال تعال ل يتحقق إل بترك العاصي وفعل الطاعات ،فإنه سبحانه بعد أن
نى عن العاصي ف الج أمر بعمل الطاعات ،فقال تعال " :وما تفعلوا من خي يعلمه ال "
وهذا يتضمن الث على أفعال الي ،خصوصا ف أيام الج وف تلك البقاع الشريفة
والشاعر القدسة وف السجد الرام ،فإن السنات تضاعف فيه أكثر من غيه ،كما ثبت
أن الصلة الواحدة ف السجد الرام أفضل من مائة ألف صلة فيما سواه من الساجد ،
والراد بالسجد الرام جيع الرم ،فيدخل ف ذلك من ومزدلفة وجيع الساجد الت ف داخل
الرم ،وهكذا بقية الرم .لسيما وقد اجتمع للحاج ف هذا الكان وهذا الوقت شرف
الزمان وشرف الكان ،ومن الدال الذي ني عنه ف الج ما كان يري بي القبائل ف
الاهلية ف موسم الج وف أرض الرم من التنازع والتفاخر ومدح آباءهم وقبائلهم حت
حولوا الج من عبادة إل نزاع وخصام .ومن تصيل فضائل إل تصيل جرائم وآثام ،حيث
يقول سبحانه " :فمن فرض فيهن الج فل رفث ول فسوق ول جدال ف الج" ،وقال تعال
عن الرم " :ومن يرد فيه بإلاد بظلم نذقه من عذاب أليم " ( ، )460أما الدال بالت هي
أحسن فل حرج فيه ف مكة وغيها ،يقول ال سبحانه " :ادع على سبيل ربك بالكمة
()461
والوعظة السنة وجادلم بالت هي أحسن "
) (459رواه البخاري ف (الج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم ،1773ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة
برقم 1349
) (460سورة الج ،الية 25
) (461سورة النحل ،الية 125
()462
احفظوا أوقاتكم عن كل ما يضر دينكم ويغضب ربكم
ساحة الشيخ عبد العزيز بن عبد ال بن باز مفت عام الملكة العربية السعودية ورئيس هيئة
كبار العلماء والرئيس العام لدارات البحوث العلمية والفتاء وجه كلمة لجاج بيت ال
الرام حث فيها على تقوى ال عز وجل وتعظيم شعائر ال والتفرغ للعبادة .
وف كلمته الت وجهها عب (عكاظ) قال ساحته :
إخوان حجاج بيت ال الرام ،أيها السلمون ف كل مكان ،السلم عليكم ورحة ال
وبركاته ،أما بعد
مرحبا بكم ف بلد ال الرام على أرض الملكة العربية السعودية الت شرفهاال تعال بدمة
الجاج والعمار والزوار الذين يفدون من كل مكان ،ومنّ عليها بدمة القدسات ،وتأمينها
للطائفي والعاكفي والركع السجود .وأسأل ال عز وجل أن يكتب لكم حج بيته وزيارة
مسجد رسوله صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ف أمن وإيان وسكينة واطمئنان ويسر
وقبول ،وأن
تعودوا إل دياركم سالي مأجورين .وقد غفر لكم وآتاكم من فضله إنه جواد كري .
وبالجابة جدير ومضى ساحته قائلً :فإن أوصي إخوان حجاج بيت ال الرام بتقوى ال
عز وجل أينما كانوا ،وتوحيد ال وتصيصه بالعبادة وطاعة أوامره وترك نواهيه ،والوقوف
عند حدوده ،هذه التقوى الت خلق ال لجلها الثقلي ،وهي العبادة الذكورة ف قوله
سبحانه" :وما خلقت الن والنس إل ليعبدون" ( )463وف قوله تعال " :يا أيها الناس اعبدوا
ربكم " ( ، )464وف قوله جل وعل " :يا أيها الناس اتقوا ربكم " ( )465وقال تعال " :يا أيها
الذين آمنوا اتقوا ال حق تقاته ول توتن إل وأنتم مسلمون " ( ، )466فالتقوى هي توحيد ال
()474
المد ل وصلى ال وسلم على رسول ال وعلى آله وأصحابه ،أما بعد
فإن أوصي إخوان حجاج بيت ال الرام بتقوى ال عز وجل ف جيع الحوال ،والكثار
من ذكره واستغفاره سبحانه وتعال ،والرص على أداء الصلة ف الماعة مع السلمي ،
والرص أيضا على حضور حلقات العلم ف السجد الرام وهكذا ف السجد الدن لن زار
الدينة ،كما أوصيهم أيضا بالسؤال عما أشكل عليهم ،سؤال أهل العلم عما أشكل
()475
عليهم ؛ لن الرسول صلى ال عليه وسلم يقول " :من يرد ال به خيا يفقهه ف الدين "
،ويقول عليه الصلة والسلم " :من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل ال له به طريقا إل
النة " (. )476
فأوصي إخوان جيعا من الجاج العناية بذه المور ،والكثار من الستغفار والتسبيح
والتهليل والتحميد والتكبي ،وسؤال ال جل وعل الثبات على الق وحسن الاتة ؛ لن
العبد على خطر ف هذه الدار ،فينبغي له أن يكثر من سؤال ال ويسأله اليان والثبات على
الق .
ونوصي جيع الجاج بالرص على البعد عن جيع ما يؤذي السلمي ،كالنوم ف الطرقات
واللوس ف الطرقات ،لن ال سبحانه يقول " :والذين يؤذون الؤمني والؤمنات بغي ما
اكتسبوا فقد احتملوا بتانا وإثا مبينا" ( ، )477فأوصي إخوان الجاج بالبعد عن كل ما
يؤذي السلمي من الجاج وغيهم ،وأن يرصوا على أن يكونوا ف بعد عما يؤذي إخوانم
ف ال ف مكة وف الدينة وف غيها .
س :تضع الجهزة الشرفة على إسكان الجاج ف الشاعر بعض الضوابط الت تنع تاوزها
لضمان سلمة الجاج بإذن ال ،مثل منع استخدام عبوات الغاز داخل الخيم حيث يؤدي
استخدامه السيئ إل كثي من الضرار التعدية إل الغي ،فهل تاوز الاج لتلك الضوابط
وغيها من النظمة الت وضعت لسلمته تنقص من أجره ؟ وما توجيه ساحتكم لجاج بيت
()478
ال للحفاظ على سلمة بعضهم بعضا ؟
ج :الواجب على الجاج وفقهم ال هو التقيد بالتعليمات الت تأمر با الدولة –وفقها ال-
لصلحة الجاج ؛ لن ال سبحانه أوجب السمع والطاعة لولة المر ف العروف ،
والتعليمات الت تقوم با الدولة لصلحة الجاج من جلة العروف ،ومالفته معصية ونقص
ف الجر ،وفق ال الميع لا يرضيه .
القيام بالسيات ف موسم الج ف مكة الكرمة باسم الباءة من الشركي بدعة ل أصل لا
المد ل وصلى ال وسلم على رسوله ممد بن عبد ال وعلى آله وصحابته ومن اهتدى بداه
()479
.أما بعد :
فإن ال أوجب على عباده الؤمني الباءة من الشركي ف كل وقت وأنزل ف ذلك قوله
سبحانه " :قد كانت لكم أسوة حسنة ف إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤا منكم
وما تعبدون من دون ال كفرنا بكم وبد بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حت تؤمنوا بال
وحده " ( . )480وأنزل ف ذلك سبحانه ف آخر حياة النب صلى ال عليه وسلم قوله عز وجل
" :براءة من ال ورسوله إل الذين عاهدت من الشركي " (. )481
) (478نشر ف ملة (الدعوة) العدد 1634ف 21/11/1418هـ
) (479صدرت من مكتب ساحته بتاريخ 1/12/1413هـ
) (480سورة المتحنة ،الية 4
) (481سورة التوبة ،الية 1
وصحت الحاديث عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه بعث الصديق رضي ال عنه عام
تسع من الجرة يقيم للناس حجهم ويعلن الباءة من الشركي ،ث أتبعه بعلي رضي ال عنه
ليبلغ الناس ذلك ،وبعث الصديق رضي ال عنه مؤذني مع علي رضي ال ينادون ف الناس
بكلمات أربع :ل يدخل النة إل نفس مؤمنة ،ول يج بعد هذا العام مشرك ،ول يطوف
بالبيت عريان ،ومن كان له عند رسول ال عهد فأجله إل مدته ومن ل يكن له عهد فله
أربعة أشهر يسيح ف الرض ،كما قال عز وجل " :فسيحوا ف الرض أربعة أشهر " (، )482
وبعدها أمر النب صلى ال عليه وسلم بقتال الشركي إذا ل يسلموا ،كما قال ال عز وجل :
"فإذا انسلخ الشهر الرم " ( )483يعن الربعة الت أجلها لم عليه الصلة والسلم ف أصح
قول أهل العلم ف تفسي الشهر الذكورة ف هذه الية "فاقتلوا الشركي حيث وجدتوهم
وخذوهم واحصروهم واقعدوا لم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلة وآتوا الزكاة فخلوا
سبيلهم إن ال غفور رحيم " (. )484
هذا هو الشروع ف أمر الباءة وهو الذي أوضحته الحاديث عن النب صلى ال عليه وسلم
وبينه علماء التفسي ف أول سورة براءة –التوبة ، -أما القيام بالسيات والظاهرات ف موسم
الج ف مكة الكرمة أو غيها لعلن الباءة من الشركي ،فذلك بدعة ل أصل لا ويترتب
عليه فساد كبي وشر عظيم ،فالواجب على كل من كان يفعله تركه ،والواجب على الدولة
وفقها ال منعه ؛ لكونه بدعة ل أساس لا ف الشرع الطهر ،ولا يترتب على ذلك من أنواع
الفساد والشر والذى للحجيج ،وال سبحانه يقول ف كتابه الكري " :قل إن كنتم تبون ال
فاتبعون يببكم ال" ( . )485ول يكن هذا العمل من سيته عليه الصلة والسلم ،ول من
سية أصحابه رضي ال عنهم ،ولو كان خيا لسبقونا إليه ،وقال سبحانه " :أم لم شركاء
شرعوا لم من الدين ما ل يأذن به ال " ( ، )486وقال عز وجل "وما آتاكم الرسول فخذوه
()493
س :ذكر ال ف كتابه الكري أن هناك منافع ف الج فما هي هذه النافع ؟
ج :لقد ذكر ال سبحانه وتعال هذه النافع ف قوله جل وعل ف سورة الج بعد ما أمر نبيه
وخليله إبراهيم عليه الصلة والسلم ببناء البيت الرام " :وأذن ف الناس بالج يأتوك رجالً
وعلى كل ضامر يأتي من كل فج عميق .ليشهدوا منافع لم ويذكروا اسم ال ف أيام
معلومات على ما رزقهم من بيمة النعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقي " (.)494
ومن هذا ذكر بعض الفسرين رحهم ال تعال النافع الت تصل للحجاج :دنيوية وأخروية
ما يشاهده ويس به الفرد السلم ف نفسه وف أمته .فمن النافع الدنيوية الت يلمسها الناس
البيع والشراء ،ومكاسب أصحاب الرف الت تتعلق بالجاج والركة الستمرة ف وسائل
النقل الختلفة ،وفائدة الفقراء ما يدفع لم من صدقات أو يقدم من ذبائح الدي والضحايا
والكفارات عن كل مظور يرتكبه الحرم ،وتسويق البضائع والنعام إل غي ذلك ما يلمسه
كل مسلم يشارك ف الج ،ومن الشاهد أن ال سبحانه يسهل النفقة والبذل فيه على
النسان حت تود يده با ل يد به من قبل ف حياته العادية ،علوة على ما ف الج من
التعارف فيما بي السلمي والتعاون على مصالهم ،أما النافع الدينية الت تعود على الجيج
بالي الزيل من أعمال الخرة فمنها :التفقه ف الدين ،والهتمام بشئون السلمي عموما ،
والتعاون على الب والتقوى ،والدعوة إل ال سبحانه ،والمر بالعروف ،والنهي عن النكر ،
والستكثار من الصلة والطواف وذكر ال عز وجل والصلة والسلم على نبيه صلى ال عليه
وسلم والفوز با وعد ال به الجاج والعمار ،من تكفي السيئات ،والفوز بالنة ،وتنل
الرحة على عباد ال ف هذه الشاعر العظيمة .
) (495رواه مسلم ف (الج) باب ف فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم 1348
) (496رواه البخاري ف (الج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم ، 1773ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة
برقم 1349
) (497رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور برقم ، 1521ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم
1350
بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق وما ورد ف ذلك من آيات وأحاديث وآثار
المد ل رب العالي ،والعاقبة للمتقي ،والصلة والسلم على عبده ورسوله وخيته من
خلقه ،وأمينه على وحيه ،نبينا وإمامنا وسيدنا ممد بن عبد ال ،وعلى آله وأصحابه ومن
سلك سبيله واهتدى بداه إل يوم الدين .أما بعد ()498
فإن أشكر ال عز وجل على ما منّ به من هذا اللقاء بإخوة ف ال وأبناء أعزاء للتواصي بالق
والتذكي به والدعوة إليه ،والنصح ل ولعباده .أسأل ال أن يصلح قلوبنا جيعا ،وأعمالنا
وأن ينحنا جيعا وجيع السلمي الفقه ف الدين ،والثبات عليه ،وأن ينصر دينه ويعلي كلمته
،وأن يصلح أحوال السلمي جيعا ف كل مكان ،وأن يول عليهم خيارهم ،وأن يوفق
حكام السلمي جيعا للتمسك بشريعته ،والكم با ،وإلزام الشعوب با ،إنه ول ذلك
والقادر عليه .
ث أشكر إخوان القائمي على هذا النادي ،وعلى رأسهم الخ الكري صاحب الفضيلة
الدكتور راشد الراجح مدير جامعة أم القرى ورئيس النادي ،على دعوتم ل لذه الحاضرة
وعنوانا :حرمة مكة الكرمة ومكانة البيت العتيق ،وما ورد ف ذلك من الثار.
أيها الخوة ف ال :
ل يفى على كل من له أدن علم ،وأدن بصية حرمة مكة ،ومكانة البيت العتيق ،لن
ذلك أمر قد أوضحه ال ف كتابه العظيم ف آيات كثية ،وبينه رسوله ممد عليه الصلة
والسلم ف أحاديث كثية ،وبينه أهل العلم ف كتبهم ومناسكهم ،وف كتب التفسي .
والمر بمد ال واضح ولكن ل مانع من التذكي بذلك والتواصي با أوجبه ال من حرمتها
والعناية بذه الرمة ،ومنع كل ما يضاد ذلك ويالفه ،يقول ال عز وجل ف كتابه البي :
"إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالي .فيه آيات بينات مقام إبراهيم
) (498ماضرة ألقاها ساحته ف النادي الدب ف مكة مساء الحد 26/11/1408هـ
ومن دخله كان آمنا ول على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلً ومن كفر فإن ال غن
()499
عن العالي "
أوضح ال سبحانه ف هذه اليات ،أن البيت العتيق ،وهو أول بيت وضع للناس وأن
مبارك ،وأنه هدى للعالي ،وهذه تشريفات عظيمة ،ورفع لقام هذا البيت ،وتنويه بذلك
.
وقد ورد ف الصحيحي وغيها من حديث أب ذر رضي ال عنه أنه سأل النب صل ال عليه
وسلم عن أول بيت وضع للناس ،فقال عليه الصلة والسلم " :السجد الرام " قلت :ث أي
؟ قال " :السجد القصى " قلت :كم بينهما ؟ قال " :أربعون عاما " قلت :ث أي ؟ قال :
()500
حيثما أدركتك الصلة فصل ،فإن ذلك مسجد" .
ويبي هذا العن قوله عليه الصلة والسلم ف الصحيحي " :أعطيت خسا ل يعطهن أحد
()501
قبلي :نصرت بالرعب مسية شهر ،وجعلت ل الرض مسجدا وطهورا " ...
الديث .
هذا البيت العتيق هو أول بيت وضع للناس للعبادة والطاعة ،وهناك بيوت قبله للسكن ،
ولكن أول بيت وضع للناس ليعبد ال فيه ،ويطاف به ،هو هذا البيت ،وأول من بناه هو
خليل ال إبراهيم عليه السلم ،وساعده ف ذلك ابنه إساعيل .
أما ما روي أن أول من عمره هو آدم فهو ضعيف ،والحفوظ والعروف عند أهل العلم أن
أول من عمره هو خليل ال إبراهيم عليه الصلة والسلم ،وأول بيت وضع بعده للعبادة هو
السجد القصى على يد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلة والسلم ،وكان بينهما
أربعون سنة ،ث عمره بعد ذلك بسني طويلة سليمان نب ال عليه الصلة والسلم ،وهذا
البيت العتيق هو أفضل بيت ،وأول بيت وضع للناس للعبادة ،وهو بيت مبارك لا جعل ال
فيه من الي العظيم بالصلة فيه ،والطواف به ،والصلة حوله والعبادة ،كل ذلك من
) (506رواه البخاري ف (العلم) باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب برقم ، 104ومسلم ف (الج) باب تري مكة وصيدها برقم 1354
) (507رواه البخاري ف (الزية ) باب إث الغادر للب والفاجر برقم ، 3189ومسلم ف (الج) باب تري مكة وصيدها برقم 1353
) (508سورة آل عمران ،الية 97
ففي ذلك ذكرى لولياء ال الؤمني ،ليتأسوا بنب ال إبراهيم ،كما أمر ال نبينا ممدا
بذلك ف قوله تعال " :ث أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا " ( )509فأمر ال نبيه ممدا
صلى ال عليه وسلم أن يتبع ملة إبراهيم الليل أب النبياء جيعا .ونب ال ممد صلى ال
عليه وسلم هو أفضل الرسل جيعا ،وأكملهم بلغا ونفعا للناس ،وتوجيها لم إل الي،
وإرشادا لم إل الدى ،وأسباب السعادة .
فالواجب على كل مسلم من هذه المة أن يتأسى بنبيه صلى ال عليه وسلم ف أداء الواجبات
،وترك الحرمات ،وكف الذى عن الناس ،وإيصال الي إليهم .
فمن الواجب على ولة المور من العلماء أن يبينوا وأن يرشدوا ،والواجب على ولة المور
من المراء والسؤولي أن ينفذوا حكم ال ،وينصحوا ،وأن ينعوا كل من أراد إيذاء
السلمي ف مكة من الجاج والعمار وغيهم كائنا من كان من الجاج أو من غي
الجاج ،من السكان أو من غي السكان ،من جيع أجناس الناس .
يب على ولة المور تاه هذا الرم الشريف ،أن يصونوه وأن يفظوه ،وأن يموه من كل
أذى كما أوجب ال ذلك ،وأوجبه نبيه ورسوله صلى ال عليه وسلم .
ومن ذلك يعلم أن ما حدث ف العام الاضي عام 1407هـ من بعض حجاج إيران من
الذى ،أمر منكر ،وأمر شنيع ل تقره شريعة ول يقره ذو عقل سليم ،بل شريعة ال ترم
ذلك ،وكتاب ال يرم ذلك وسنة الرسول صلى ال عليه وسلم ترم ذلك .وهذا ما بينه
أهل العلم وأجعوا عليه من وجوب احترام هذا البيت وتطهيه من كل أذى ،وحايته من كل
معصية ،ومن كل ظلم ،ووجوب تسهيل أمر الجيج والعمار وإعانتهم على الي ،وكف
الذى عنهم ،وأنه ل يوز لحد أبدا ل من إيران ول من غي إيران أن يؤذوا أحدا من الناس
،ل بكلم ول بفعال ول بظاهرات ول بسيات جاعية تؤذي الناس ،وتصدهم عن مناسك
حجهم وعمرتم ،بل يب على الاج أن يكون كإخوانه السلمي ف العناية بالدوء
والحسان إل إخوانه الجاج وغيهم ،والرفق بم وإعانتهم على الي والبعد عن كل أذى
.
والواجب على ولة المور إزاء السجد الرام ،والسجد النبوي الشريف بالدينة النورة :
العناية بمايتهما ودفع الذى عنهما وعن سكانما ،وعمن يقصدها من العمار والجاج
والزوار طاعة ل ،ولرسوله ،وتعظيما لمر ال عز وجل ،وأمر رسول ال صلى ال عليه
وسلم ،وعونا للجميع على طاعة ال ورسوله وتأمينا لقلوبم حت ل يذهلوا عن بعض ما
أوجبه ال عليهم ،أو يقعوا ف شيء ما حرمه ال عليهم ،وال يقول سبحانه وتعال :
"وتعاونوا على الب والتقوى ول تعاونوا على الث والعدوان " ( ، )510ويقول سبحانه :
"والعصر .إن النسان لفي خسر .إل الذين آمنوا وعملوا الصالات وتواصوا بالق وتواصوا
بالصب " ( )511فلبد من التواصي بالق والصب ،والتعاون على الب والتقوى ف هذا الكان
وغيه ،بل إن هذا الكان أعظم من غيه ،وأفضل من غيه ،فإن مكة الكرمة هي أفضل
البقاع ،وهي أحب البلد إل ال ،وأفضل مكان وأعظم مكان ،ث يليها الدينة النورة ،
والسجد القصى ،هذه الساجد الثلثة الت خصها ال بزيد التشريف على غيها ،هي
أعظم مساجد ال ،وأفضل مساجد ال ،وأول مساجد ال بالحترام والعناية .