You are on page 1of 144

‫نصائح وتوجيهات ف الج‬

‫الشيخ عبدالعزيز بن باز رحه ال‬


‫كتاب الج‬
‫(‪)1‬‬
‫وصايا للحجاج والزوار‬

‫بسم ال‪ ،‬والمد ل ‪ ،‬والصلة والسلم على رسول ال وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بداه‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فإل حجاج بيت ال الرام أقدم هذه الوصايا عملً بقول ال سبحانه‪" :‬وتعاونوا‬
‫على الب والتقوى" (‪ ، )2‬وقول النب صلى ال عليه وسلم‪ " :‬الدين النصيحة" قيل ‪ :‬لن يا‬
‫رسول ال‪ ،‬قال‪" :‬ل ولرسوله ولئمة السلمي وعامتهم" (‪. )3‬‬
‫الول‪ :‬الوصية بتقوى ال تعال ف جيع الحوال ‪ ،‬والتقوى هي جاع الي وهي وصية ال‬
‫سبحانه ووصية رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬قال ال تعال‪" :‬يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي‬
‫خلقكم من نفس واحدة" (‪ ، )4‬وقال سبحانه‪" :‬ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم‬
‫وإياكم أن اتقوا ال" (‪ ، )5‬وكان النب صلى ال عليه وسلم يوصي ف خطبه كثيا بتقوى ال ‪.‬‬
‫وحقيقة التقوى أداء ما افترض ال على العبد وترك ما حرم ال عليه عن إخلص ل ومبة له‬
‫ورغبة ف ثوابه وحذر من عقابه على الوجه الذي شرعه ال لعباده على لسان رسوله ممد‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ .‬قال عبد ال بن مسعود –رضي ال عنه‪ -‬وهو أحد علماء أصحاب‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ورضي عنهم‪" :‬تقوى ال حق تقاته أن يطاع فل يعصى ‪،‬‬
‫ويذكر فل ينسى ‪ ،‬ويشكر فل يكفر " ‪ .‬وقال أمي الؤمني عمر بن عبد العزيز –رحه ال‪-‬‬
‫‪" :‬ليست تقوى ال بصيام النهار ول قيام الليل والتخليط فيما بي ذلك‪ ،‬ولكن تقوى ال أداء‬
‫ما افترض ال وترك ما حرم ال ‪ ،‬فمن رزق بعد ذلك خيا فهو خي على خي" ‪ .‬وقال طلق‬
‫بن حبيب التابعي الليل –رحه ال‪" : -‬تقوى ال سبحانه هي أن تعمل بطاعة ال على نور‬
‫من ال ترجو ثواب ال‪ ،‬وأن تترك معصية ال على نور من ال تاف عقاب ال"‪ .‬وهذا كلم‬
‫‪) (1‬نشر ف ملة الامعة السلمية السنة الادية عشرة‪ ،‬العدد الثان غرة ذي الجة عام ‪1398‬هـ‬
‫‪) (2‬سورة الائدة ‪ ،‬الية ‪22‬‬
‫‪) (3‬رواه المام أحد ف (مسند الشاميي) حديث تيم الداري برقم ‪ ،16499‬ومسلم ف (اليان) باب بيان أن الدين النصيحة برقم‬
‫‪55‬‬
‫‪) (4‬سورة النساء ‪ ،‬الية ‪1‬‬
‫‪) (5‬سورة النساء ‪ ،‬الية ‪131‬‬
‫جيد ‪ ،‬ومعناه أن الواجب على السلم أن يتفقه ف دين ال‪ ،‬وأن يتعلم ما ل يسعه جهله‪ ،‬حت‬
‫يعمل بطاعة ال على بصية‪ ،‬ويدع مارم ال على بصية‪ ،‬وهذا هو تقيق العمل بشهادة أن‬
‫ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال‪ ،‬فإن الشهادة الول تقتضي اليان بال وحده‪ ،‬وتصيصه‬
‫بالعبادة دون كل ما سواه‪ ،‬وإخلص جيع العمال لوجهه الكري‪ ،‬رجاء رحته وخشية‬
‫عقابه‪ ،‬والشهادة الثانية تقتضي اليان برسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأنه رسول ال إل‬
‫جيع الن والنس‪ ،‬وتصديق أخباره واتباع شريعته والذر ما خالفها‪ .‬وهاتان الشهادتان ها‬
‫أصل الدين وأساس اللة‪ ،‬كما قال ال تعال‪" :‬شهد ال أنه ل إله إل هو واللئكة وأولوا العلم‬
‫قائما بالقسط ل إله إل هو العزيز الكيم" (‪ ، )6‬وقال سبحانه‪" :‬وإلكم إله واحد ل إله إل‬
‫هو الرحن الرحيم" (‪ ، )7‬وقال عز وجل‪" :‬قل يا أيها الناس إن رسول ال إليكم جيعا الذي‬
‫له ملك السموات والرض ل إله إل هو ييي وييت فآمنوا بال ورسوله النب المي الذي‬
‫يؤمن بال وكلماته واتبعوه لعلكم تتدون" (‪ ، )8‬واليات ف هذا العن كثية‪.‬‬

‫الثانية ‪ :‬أوصي جيع الجاج والزوار وكل مسلم يطلع على هذه الكلمة بالحافظة على‬
‫الصلوات المس ف أوقاتا والعناية با وتعظيم شأنا والطمأنينة فيها؛ لنا الركن العظم بعد‬
‫الشهادتي‪ ،‬ولنا عمود السلم‪ ،‬ولنا أول شيء ياسب عنه السلم من عمله يوم القيامة‪،‬‬
‫ولن من تركها فقد كفر ؛ قال ال سبحانه وتعال‪" :‬وأقيموا الصلة وآتوا الزكاة وأطيعوا‬
‫الرسول لعلكم ترحون" (‪ ، )9‬وقال عز وجل‪" :‬حافظوا على الصلوات والصلة الوسطى‬
‫وقوموا ل قانتي" (‪ ، )10‬وقال جل شأنه‪" :‬قد أفلح الؤمنون‪ .‬الذين هم ف صلتم خاشعون"‬
‫(‪ )11‬إل أن قال سبحانه‪" :‬والذين هم على صلواتم يافظون ‪ .‬أولئك هم الوارثون‪ .‬الذين‬

‫‪) (6‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪18‬‬


‫‪) (7‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪163‬‬
‫‪) (8‬سورة العراف‪ ،‬الية ‪158‬‬
‫‪) (9‬سورة النور ‪ ،‬الية ‪56‬‬
‫‪) (10‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪238‬‬
‫‪) (11‬سورة الؤمنون ‪ ،‬اليتان ‪2 ،1‬‬
‫يرثون الفردوس هم فيها خالدون" (‪ ، )12‬وقال النب صلى ال عليه وسلم‪ " :‬بي الرجل وبي‬
‫الشرك والكفر ترك الصلة" (‪ )13‬أخرجه مسلم ف صحيحه‪ ،‬وقال أيضا عليه الصلة والسلم‪:‬‬
‫"العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر" (‪ )14‬خرجه المام أحد وأهل السنن‬
‫بإسناد صحيح‪،‬وخرجه المام أحد بإسناد حسن عن عبد ال بن عمرو بن العاص رضي ال‬
‫عنهما أن النب صلى ال عليه وسلم قال‪" :‬من حافظ على الصلة كانت له نورا وبرهانا وناة‬
‫يوم القيامة‪ ،‬ومن ل يافظ عليها ل يكن له نور ول برهان ول ناة‪ ،‬وكان يوم القيامة مع‬
‫(‪)15‬‬
‫فرعون وهامان وقارون وأب بن خلف"‪.‬‬
‫قال بعض أهل العلم ف شرح هذا الديث‪ :‬وإنا يشر من ضيع الصلة مع هؤلء الكفرة؛‬
‫لنه إما أن يضيعها تشاغلً بالرياسة واللك والزعامة‪ ،‬فيكون شبيها بفرعون‪ ،‬وإما أن يضيعها‬
‫تشاغلً بأعمال الوزارة والوظيفة‪ ،‬فيكون شبيها بامان وزير فرعون‪ ،‬وإما أن يضيعها تشاغلً‬
‫بالشهوات وحب الال والتكب على الفقراء‪ ،‬فيكون شبيها بقارون الذي خسف ال به وبداره‬
‫الرض‪ ،‬وإما أن يضيعها تشاغلً بالتجارة والعاملت الدنيوية‪ ،‬فيكون شبيها بأب بن خلف‬
‫تاجر كفار مكة‪ ،‬فنسأل ال العافية من مشابة أعدائه‪ .‬ومن أهم أركان الصلة الت يب على‬
‫السلم رعايتها والعناية با والطمأنينة ف ركوعها وسجودها وقيامها وقعودها‪ ،‬وكثي من‬
‫الناس يصلي صلة ل يعقلها ول يطمئن فيها‪ ،‬ول شك أن الطمأنينة من أهم أركان الصلة‪،‬‬
‫فمن ل يطمئن ف صلته فهي باطلة‪ .‬وكان النب صلى ال عليه وسلم إذا ركع استوى ف‬
‫ركوعه وأمكن يديه من ركبتيه وهصر ظهره وجعل رأسه حياله‪ ،‬ول يرفع رأسه حت يعود‬
‫كل فقار إل مكانه‪ ،‬وإذا رفع رأسه من الركوع اعتدل حت يرجع كل فقار ف مكانة‪ ،‬وإذا‬
‫سجد اطمأن ف سجوده حت يرجع كل فقار إل مكانة ‪ ،‬وإذا جلس بي السجدتي اعتدل‬
‫حت يرجع كل فقار إل مكانه‪ ،‬ولا رأى صلى ال عليه وسلم بعض الناس ل يطمئن ف‬
‫صلته أمره بالعادة‪ ،‬وقال له‪" :‬إذا قمت إل الصلة فأسبغ الوضوء ‪ ،‬ث استقبل القبلة فكب‪،‬‬

‫‪) (12‬سورة الؤمنون ‪ ،‬اليات ‪11 -9‬‬


‫‪) (13‬رواه مسلم ف (اليان) باب بيان إطلق اسم الكفر على من ترك الصلة برقم ‪82‬‬
‫‪) (14‬رواه الترمذي ف (اليان) باب ما جاء ف ترك الصلة برقم ‪2621‬‬
‫‪) (15‬رواه المام أحد ف (مسند الكثرين من الصحابة) مسند عبد ال بن عمرو بن العاص برقم ‪. 6540‬‬
‫ث اقرأ ما تيسر معك من القرآن‪ ،‬ث اركع حت تطمئن راكعا‪ ،‬ث ارفع حت تعتدل قائما‪ ،‬ث‬
‫اسجد حت تطمئن ساجدا‪ ،‬ث ارفع حت تطمئن جالسا‪ ،‬ث اسجد حت تطمئن ساجدا‪ ،‬ث‬
‫افعل ذلك ف صلتك كلها" (‪ )16‬أخرجه الشيخان ف الصحيحي‪.‬‬
‫فهذا الديث الصحيح يدل على أن الواجب على السلم أن يعظم هذه الصلة ويعتن با‬
‫ويطمئن فيها حت يؤديها على الوجه الذي شرعه ال ورسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وينبغي أن‬
‫تكون الصلة للمؤمن راحة قلب ‪ ،‬ونعيم روح‪ ،‬وقرة عي‪ ،‬كما قال النب صلى ال عليه‬
‫وسلم‪" :‬وجعلت قرة عين ف الصلة" (‪ . )17‬ومن أهم واجبات الصلة ف حق الرجال أداؤها‬
‫ف الماعة؛ لن ذلك من أعظم شعائر السلم‪ ،‬وقد أمر ال بذلك ورسوله‪ ،‬كما قال عز‬
‫وجل‪" :‬وأقيموا الصلة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعي" (‪ ، )18‬وقال سبحانه ف صلة‬
‫الوف‪" :‬وإذا كنت فيهم فأقمت لم الصلة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا‬
‫سجدوا فليكونوا من وراءكم ولتأت طائفة أخرى ل يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم‬
‫وأسلحتهم" (‪ )19‬الية‪ .‬فأوجب ال سبحانه على السلمي أداء الصلة ف الماعة ف حال‬
‫الوف‪ ،‬فيكون وجوبا عليهم ف حال المن أشد وآكد‪ .‬وتدل الية الذكورة على وجوب‬
‫(‪)20‬‬
‫العداد للعدو والذر من مكائده‪ ،‬كما قال سبحانه‪" :‬وأعدوا لم ما استطعتم من قوة "‬
‫الية‪.‬‬
‫فالسلم دين العزة والكرامة والقوة والذر والهاد الصادق‪ ،‬كما أنه دين الرحة والحسان‬
‫والخلق الكرية والصفات الميدة‪ .‬ولا جع سلفنا الصال بي هذه المور مكن ال لم ف‬
‫الرض‪ ،‬ورفع شأنم‪ ،‬وملكهم رقاب أعدائهم‪ ،‬وجعل لم السيادة والقيادة‪ ،‬فلما غي من‬

‫‪) (16‬رواه البخاري ف (الستئذان) باب من رد فقال‪ :‬عليك السلم برقم ‪ ،6251‬ومسلم ف (الصلة) باب وجوب قراءة الفاتة ف‬
‫كل ركعة برقم ‪.397‬‬
‫‪) (17‬رواه المام أحد ف (باقي مسند الكثرين من الصحابة) مسند أنس بن مالك برقم ‪ ،11884‬والنسائي ف (عشرة النساء) باب‬
‫حب النساء برقم ‪.3940‬‬
‫‪) (18‬سورة البقرة‪ ،‬الية ‪43‬‬
‫‪) (19‬سورة النساء ‪ ،‬الية ‪102‬‬
‫‪) (20‬سورة النفال ‪ ،‬الية ‪60‬‬
‫بعدهم غي ال عليهم‪ ،‬كما قال عز وجل‪" :‬إن ال ل يغي ما بقوم حت يغيوا ما بأنفسهم"‬
‫(‪ ، )21‬وصح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال‪" :‬لقد همت أن آمر بالصلة فتقام‪،‬‬
‫ث آمر رجلً فيصلي بالناس‪ ،‬ث أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إل قوم ل يشهدون‬
‫الصلة فأحرق عليهم بيوتم بالنار" (‪ . )22‬وقال عليه الصلة والسلم ‪" :‬من سع النداء فلم‬
‫يأته فل صلة له إل من عذر" (‪ . )23‬وعن أب هريرة –رضي ال عنه‪ -‬أن رجلً أعمى قال‪ :‬يا‬
‫رسول ال ‪ ،‬إنه ليس ل قائد يلئمن إل السجد‪ ،‬فهل ل من رخصة أن أصلي ف بيت‪ ،‬قال‪:‬‬
‫"هل تسمع النداء بالصلة" ‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪" :‬فأجب" (‪ . )24‬خرجه مسلم ف صحيحه‪.‬‬
‫أما النساء فصلتن ف بيوتن خي لن‪ ،‬كما جاء بذلك الخبار عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وما ذاك إل لنن عورة وفتنة‪ ،‬ولكن ل ينعن من الساجد إذا طلب ذلك؛ لقول النب‬
‫صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل تنعوا إماء ال مساجد ال" (‪ . )25‬وقد دلت اليات والحاديث‬
‫الصحيحة عن رسول ال صلى ال عليه وسلم على أنه يب عليهن التستر والتحجب من‬
‫الرجال‪ ،‬وترك إظهار الزينة‪ ،‬والذر من التعطر حي خروجهن؛ لن ذلك يسبب الفتنة بن؛‬
‫ولذا قال النب صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل تنعوا إماء ال مسجد ال‪ ،‬وليخرجن تفلت" (‪. )26‬‬
‫ومعن تفلت‪ :‬أي ل رائحة لن تفت الناس‪ .‬وقال صلى ال عليه وسلم‪" :‬أيا امرأة أصابت‬
‫بورا فل تشهد معنا العشاء" (‪ . )27‬وقالت عائشة – رضي ال عنها‪" : -‬لو علم النب صلى‬
‫ال عليه وسلم ما أحدث النساء اليوم لنعهن الروج"‪ .‬فالواجب على النساء أن يتقي ال وأن‬
‫يذرن أسباب الفتنة من الزينة والطيب وإبراز بعض الحاسن‪ ،‬كالوجه واليدين والقدمي حي‬
‫‪) (21‬سورة الرعد ‪ ،‬الية ‪11‬‬
‫‪) (22‬رواه البخاري ف (الصومات) باب إخراج أهل العاصي والصوم من البيوت برقم ‪ ،2420‬ومسلم ف (الساجد ومواضع‬
‫الصلة) باب فضل صلة الماعة وبيان التشديد ف التخلف عنها برقم ‪ ، 651‬وأبو داود ف (الصلة) باب التشديد ف ترك الماعة‬
‫برقم ‪ ، 548‬واللفظ له‪.‬‬
‫‪) (23‬رواه ابن ماجة ف (الساجد والماعات) باب التغليظ ف التخلف عن الماعة برقم ‪793‬‬
‫‪) (24‬رواه مسلم ف (الساجد ومواضع الصلة) باب يب إتيان السجد على من سع النداء برقم ‪653‬‬
‫‪) (25‬رواه البخاري ف (المعة) باب هل على من ل يشهد المعة غسل برقم (‪ ، )900‬ومسلم ف (الصلة) باب خروج النساء إل‬
‫الساجد برقم ‪442‬‬
‫‪) (26‬رواه المام أحد ف (مسند الكثرين من الصحابة) باقي مسند أب هريرة برقم ‪9362‬‬
‫‪) (27‬رواه مسلم ف (الصلة) باب خروج النساء إل الساجد برقم ‪444‬‬
‫اجتماعهن بالرجال وخروجهن إل السواق‪ ،‬وهكذا ف وقت الطواف والسعي‪ ،‬وأشد من‬
‫ذلك وأعظم ف النكر كشفهن الرؤوس‪ ،‬ولبس الثياب القصية الت تقصر عن الذراع‬
‫والساق؛ لن ذلك من أعظم أسباب الفتنة بن؛ ولذا قال عز وجل‪" :‬وقرن ف بيوتكن ول‬
‫تبجن تبج الاهلية الول" (‪ . )28‬والتبج إظهار بعض ماسنهن‪ .‬وقال عز وجل‪" :‬يا أيها‬
‫النب قل لزواجك وبناتك ونساء الؤمني يدني عليهن من جلبيبهن " (‪ )29‬الية‪ .‬واللباب‬
‫هو الثوب الذي تغطي به الرأة رأسها ووجهها وصدرها وسائر بدنا‪ .‬قال علي بن أب طلحة‬
‫عن ابن عباس –رضي ال عنهما‪ : -‬أمر ال نساء الؤمني إذا خرجن من بيوتن ف حاجة أن‬
‫يغطي وجوههن من فوق رؤوسهن باللليب ويبدين عينا واحدة‪ .‬وقال تعال‪" :‬وإذا‬
‫سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبن" (‪ )30‬الية‪.‬‬

‫وقال النب صلى ال عليه وسلم "صنفان من أهل النار ل أرها بعد‪ :‬نساء كاسيات عاريات ‪،‬‬
‫مائلت ميلت ‪ ،‬على رؤوسهن مثل أسنمة البخت الائلة‪ ،‬ل يدخلن النة ول يدن ريها ‪،‬‬
‫ورجال بأيديهم سياط مثل أذناب البقر يضربون با الناس" (‪ )31‬خرجه مسلم ف صحيحه‪.‬‬
‫وقوله ‪ :‬كاسيات عاريات‪ ،‬فسر بأنن كاسيات من نعم ال عاريات من شكرها‪ ،‬وفسر بأن‬
‫عليهن كسوة رقيقة أو قصية ل تسترهن‪ ،‬فهن كاسيات بالسم والدعوى عاريات ف‬
‫القيقة‪ .‬ول ريب أن هذا الديث الصحيح يوجب على النساء العناية بالتستر والتحجب‬
‫والذر من أسباب غضب ال وعقابه‪ .‬وال الستعان‪.‬‬

‫الوصية الثالثة‪ :‬أوصي جيع الجاج والزوار وكل مسلم بإخراج زكاة ماله إذا كان لديه مال‬
‫تب الزكاة فيه؛ لن الزكاة من أعظم فرائض الدين‪ ،‬وهي الركن الثالث من أركان السلم‪.‬‬
‫فال سبحانه وتعال شرعها طهرة للمسلم وزكاة له ولاله وإحسانا للفقراء وغيهم من‬
‫‪) (28‬سورة الحزاب ‪ ،‬الية ‪33‬‬
‫‪) (29‬سورة الحزاب ‪ ،‬الية ‪59‬‬
‫‪) (30‬سورة الحزاب ‪ ،‬الية ‪.53‬‬
‫‪) (31‬رواه المام أحد ف (مسند الكثرين من الصحابة) مسند أب هريرة برقم ‪ ،8451‬ومسلم ف (اللباس والزينة ) باب النساء‬
‫الكاسيات العاريات برقم ‪2128‬‬
‫(‪)32‬‬
‫أصناف أهل الزكاة ‪ ،‬كما قال عز وجل‪" :‬خذ من أموالم صدقة تطهرهم وتزكيهم با"‬
‫وهي من شكر ال على نعمة الال‪ ،‬والشاكر موعود بالجر والزيادة‪ ،‬كما قال سبحانه‪" :‬وإذ‬
‫تأذن ربكم لئن شكرت لزيدنكم ولئن كفرت إن عذاب لشديد"(‪ ،)33‬وقال عز وجل ‪:‬‬
‫"فاذكرون أذكركم واشكروا ل ول تكفرون" (‪ . )34‬وقد توعد ال من ل يؤد الزكاة‬
‫بالعذاب الليم‪ ،‬كما توعده سبحانه بأنه يعذبه باله يوم القيامة‪ .‬قال ال عز وجل ‪" :‬والذين‬
‫يكنون الذهب والفضة ول ينفقونا ف سبيل ال فبشرهم بعذاب أليم‪ .‬يوم يمى عليها ف نار‬
‫جهنم فتكوى با جباههم وجنوبم وظهورهم هذا ما كنت لنفسكم فذوقوا ما كنتم‬
‫تكنون" (‪ . )35‬وصح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ف تفسي هذه الية الكرية‪ :‬أن كل‬
‫مال ل تؤدى زكاته فهو كن يعذب به صاحبه يوم القيامة ف يوم كان مقداره خسي ألف‬
‫سنة‪ ،‬ث يرى سبيله إما إل النة وإما إل النار‪.‬‬
‫فالواجب على كل مسلم له مال تب فيه الزكاة أن يتقي ال ويبادر بإخراج زكاته ف وقتها‬
‫ف أهلها الستحقي لا‪ ،‬طاعة ل ولرسوله‪ ،‬وحذرا من غضب ال وعقابه‪ .‬وال سبحانه وعد‬
‫النفقي باللف والجر الكبي‪ ،‬كما قال سبحانه‪" :‬وما أنفقتم من شيء فهو يلفه وهو خي‬
‫الرازقي" (‪ ، )36‬وقال تعال‪" :‬آمنوا بال ورسوله وأنفقوا ما جعلكم مستخلفي فيه فالذين‬
‫آمنوا منكم وأنفقوا لم أجر كبي" (‪. )37‬‬

‫الوصية الرابعة‪ :‬صيام رمضان‪ ،‬وهو من أعظم الفرائض على جيع الكلفي من الرجال‬
‫والنساء ‪ ،‬وهو الركن الرابع من أركان السلم ‪ ،‬قال ال سبحانه‪" :‬يا أيها الذين آمنوا كتب‬
‫عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون‪ .‬أياما معدودات" (‪ ، )38‬ث فسر‬

‫‪) (32‬سورة التوبة‪ ،‬الية‪103 :‬‬


‫‪) (33‬سورة إبراهيم‪ ،‬الية ‪7‬‬
‫‪) (34‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪152‬‬
‫‪) (35‬سورة التوبة ‪ ،‬اليتان ‪35 ،34‬‬
‫‪) (36‬سورة سبأ ‪ ،‬الية ‪39‬‬
‫‪) (37‬سورة الديد ‪ ،‬الية ‪7‬‬
‫‪) (38‬سورة البقرة‪ ،‬اليتان ‪184 ،183‬‬
‫هذه اليام العدودات بعد ذلك بقوله سبحانه وتعال‪" :‬شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن‬
‫هدى للناس وبينات من الدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو‬
‫على سفر فعدة من أيام أخر" (‪ ، )39‬وقال النب صلى ال عليه وسلم‪" :‬بن السلم على خس‪:‬‬
‫شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال‪ ،‬وإقام الصلة و‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬وصوم رمضان‪،‬‬
‫وحج البيت" (‪ )40‬فهذا الديث الصحيح يدل على جيع الوصايا التقدمة وهي الشهادتان‬
‫والصلة والزكاة والصوم‪ ،‬وأنا كلها من أركان السلم الت ل يقوم بناؤه إل عليها؛‬
‫فالواجب على كل مسلم ومسلمة تعظيم هذه الركان والحافظة عليها والذر من كل ما‬
‫يبطلها أو ينقص أجرها‪ .‬وال سبحانه إنا خلق الثقلي ليعبدوه سبحانه‪ ،‬وأرسل الرسل وأنزل‬
‫الكتب من أجل ذلك‪ .‬وعبادته هي توحيده وطاعته وطاعة رسوله صلى ال عليه وسلم عن‬
‫إخلص ل سبحانه ‪ ،‬ومبة له‪ ،‬وإيان به وبرسله‪ ،‬ورغبة ف ثواب ال‪ ،‬وحذر من عقابه؛‬
‫وبذلك يفوز العبد بالسعادة والنجاة ف الدنيا والخرة‪ .‬وإنا أصيب السلمون ف هذه العصور‬
‫الخية بالذل والتفرق وتسليط العداء بسبب تفريطهم ف أمر ال وعدم تعاونم على الب‬
‫والتقوى‪ ،‬كما قال عز وجل‪":‬وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثي" (‪. )41‬‬
‫فنسأل ال أن يمعهم على الق ويوفقهم للتوبة النصوح‪ ،‬وأن يهديهم للعمل بكتابه وسنة نبيه‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ويوفق حكامهم للحكم بشريعته والتحاكم إليها‪ ،‬وإلزام شعوبم با‬
‫أوجب ال‪ ،‬ومنعهم عن مارم ال؛ حت يكن لم ف الرض كما مكن لسلفهم‪ ،‬ويعينهم‬
‫على عدوهم‪ ،‬إنه سيع قريب‪.‬‬
‫الوصية الامسة‪ :‬حج بيت ال الرام‪ ،‬وهو الركن الامس من أركان السلم‪ ،‬كما تقدم ف‬
‫الديث الصحيح‪ ،‬وهو فرض على كل مسلم ومسلمة يستطيع السبيل إليه ف العمر مرة‬
‫واحدة‪ ،‬كما قال ال سبحانه‪" :‬ول على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلً" (‪ .)42‬وقال‬

‫‪) (39‬سورة البقرة‪ ،‬الية ‪185‬‬


‫‪) (40‬رواه البخاري ف (اليان) باب بن السلم على خس برقم ‪ ، 8‬ومسلم ف (اليان) باب بيان أركان السلم ودعائمه العظام‬
‫برقم ‪. 16‬‬
‫‪) (41‬سورة الشورى‪ ،‬آية ‪30‬‬
‫‪) (42‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪97‬‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ‪" :‬الج مرة‪ ،‬فمن زاد فهو تطوع" (‪ ، )43‬وقال صلى ال عليه وسلم‬
‫‪" :‬العمرة إل العمرة كفارة لا بينهما‪ ،‬والج البور ليس له جزاء إل النة" (‪ ، )44‬وقال عليه‬
‫الصلة والسلم‪" :‬من حج فلم يرفث ول يفسق رجع كيوم ولدته أمه" (‪ . )45‬فالواجب على‬
‫حجاج بيت ال الرام أن يصونوا حجهم عما حرم ال عليهم من الرفث والفسوق‪ ،‬وأن‬
‫يستقيموا على طاعة ال ‪ ،‬ويتعاونوا على الب والتقوى‪ ،‬حت يكون حجهم مبورا‪ ،‬وسعيهم‬
‫مشكورا‪ .‬والج البور هو الذي سلم من الرفث والفسوق والدال بغي حق‪ ،‬كما قال ال‬
‫سبحانه‪" :‬الج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الج فل رفث ول فسوق ول جدال ف‬
‫الج" (‪ . )46‬ويدل على ذلك أيضا قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬من حج ل فلم يرفث ول‬
‫يفسق رجع كيوم ولدته أمه" والرفث ‪ :‬هو الماع ف حال الحرام‪ ،‬ويدخل فيه النطق‬
‫بالفحش ورديء الكلم‪ .‬والفسوق يشمل العاصي كلها‪.‬‬
‫فنسأل ال أن يوفق حجاج بيت ال الرام للستقامة على دينهم وحفظ حجهم ما يبطله أو‬
‫ينقص أجره‪ ،‬وأن ين علينا وعليهم بالفقه ف دينه والتواصي بقه والصب عليه ‪ ،‬وأن يعيذ‬
‫الميع من مضلت الفت ونزغات الشيطان ‪ ،‬إنه ول ذلك والقادر عليه‪ .‬وصلى ال وسلم‬
‫على عبده ورسوله نبينا ممد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان ‪.‬‬

‫‪) (43‬رواه المام أحد ف (مسند بن هاشم) بداية مسند عبد ال بن العباس برقم ‪ ،2637‬والدارمي ف (الناسك) باب كيف وجوب‬
‫الج برقم ‪1788‬‬
‫‪) (44‬رواه البخاري ف (الج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم ‪ ،1773‬ومسلم ف (الج) باب ف فضل الج والعمرة ويوم عرفة‬
‫برقم ‪1349‬‬
‫‪) (45‬رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور‪ ،‬برقم ‪ ،1521‬ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة و يوم عرفة برقم‬
‫‪1350‬‬
‫‪) (46‬سورة البقرة‪ ،‬الية ‪197‬‬
‫كتاب الناسك‬
‫(‪)47‬‬
‫الكمة ف تشريع الج وأحكامه وفوائده‬
‫بسم ال الرحن الرحيم ‪ ،‬والمد ل رب العالي‪ ،‬والعاقبة للمتقي‪ ،‬والصلة والسلم على‬
‫عبده ورسوله وأمينه على وحيه وخليله وصفوته من عباده نبينا وإمامنا وسيدنا ممد بن عبد‬
‫ال ‪ ،‬وعلى آله وأصحابه ‪ ،‬ومن سلك سبيله ‪ ،‬واهتدى بداه إل يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فإن أشكر ال عز وجل على ما منّ به من هذا اللقاء ف خي بقعة بإخوان ف ال؛ للتواصي‬
‫والتناصح بالق‪ ،‬والتعاون على الب والتقوى‪ ،‬والتذكي بال وبقه‪ ،‬والتذكي بذه الشعية‬
‫العظيمة شعية الج‪ ،‬وما فيها من الي العظيم‪ ،‬والنافع الكبية والعواقب الميدة للمسلمي‬
‫ف كل مكان‪.‬‬
‫فأسأله جل وعل أن يعله لقاءً مباركا‪ ،‬وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جيعا‪ ،‬وأن ينحنا الفقه ف‬
‫دينه والثبات عليه‪ ،‬وأن يتقبل منا ومن سائر إخواننا حجاج بيت ال الرام وغيهم من‬
‫السلمي‪ ،‬أسأل ال أن يتقبل منا جيع أعمالنا الت نتقرب با إليه سبحانه وتعال‪.‬‬
‫ث أشكر أخي معال الشيخ راشد الراجح مدير جامعة أم القرى ورئيس هذا النادي على هذه‬
‫الدعوة لذا اللقاء‪ ،‬وأسأل ال جل وعل أن يبارك ف جهوده ‪ ،‬وأن يعينه على كل خي ‪ ،‬وأن‬
‫يعلنا وإياكم وإياه من الداة الهتدين ‪ ،‬إنه خي مسؤول ‪.‬‬
‫أيها الخوة ‪ :‬شعية الج أمرها عظيم وفوائدها كثية وحكمها متنوعة‪ ،‬ومن تأمل كتاب ال‬
‫وتأمل السنة عن رسول ال عليه الصلة والسلم ف هذا الوضوع عرف عن ذلك الشيء‬
‫الكثي‪.‬‬
‫ولقد شرع ال سبحانه هذه الشعية لعباده لا ف ذلك من الصال العظيمة ‪ ،‬والتعارف ‪،‬‬
‫والتعاون على الي‪ ،‬والتواصي بالق ‪ ،‬والتفقه ف الدين‪ ،‬وإعلء كلمة ال‪ ،‬وتوحيده ‪،‬‬
‫والخلص له‪ ،‬إل غي ذلك من الصال العظيمة والفوائد الت ل تصى ‪.‬‬

‫‪) (47‬ماضرة لسماحة الشيخ بنادي مكة الثقاف الدب ف حج عام ‪1412‬هـ‬
‫ومن رحته سبحانه أن جعل الج فرضا على جيع السلمي ف مشارق الرض ومغاربا‪،‬‬
‫فالج فريضة عامة على جيع السلمي‪ :‬رجالً ونساءً ‪ ،‬عربا وعجما‪ ،‬حكاما ومكومي‪ ،‬مع‬
‫الستطاعة‪ ،‬كما قال عز وجل‪" :‬ول على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلً ومن كفر‬
‫فإن ال غن عن العالي" (‪ . )48‬فالية الكرية واضحة ف أن هذا الج واجب على جيع الناس‬
‫مع الستطاعة‪.‬‬
‫والج مرة ف العمر‪ ،‬كما قال النب صلى ال عليه وسلم عندما سئل‪ :‬أف كل عام يا رسول‬
‫ال؟ قال‪" :‬لو قلتها لوجبت‪ ،‬الج مرة‪ ،‬فمن زاد فهو تطوع" (‪ . )49‬وهذا من تيسي ال أيضا‬
‫ومن نعمته العظيمة أن جعلها مرة ف العمر؛ لنه لو كان أكثر من ذلك لكانت الشقة عظيمة‬
‫بسبب الكلفة الكبية بالنسبة للبعيدين عن هذه البقعة الباركة‪ ،‬ولكن ال بلطفه ورحته جعل‬
‫الج مرة ف العمر‪ ،‬ومن زاد فهو تطوع‪.‬‬
‫وقد صح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال‪" :‬العمرة إل العمرة كفارة لا بينهما‪،‬‬
‫والج البور ليس له جزاء إل النة"‪ )50( .‬متفق على صحته‪.‬‬
‫وف الصحيحي أيضا عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال‪" :‬من حج فلم يرفث ول يفسق رجع‬
‫كيوم ولدته أمه" (‪.)51‬‬
‫وقال أيضا عليه الصلة والسلم‪" :‬تابعوا بي الج والعمرة‪ ،‬فإنما ينفيان الفقر والذنوب كما‬
‫ينفي الكي خبث الديد والذهب والفضة‪ ،‬والج البور ليس له ثواب إل النة" (‪.)52‬‬
‫فالج له شأن عظيم وفوائد كثية ‪ ،‬ومن فوائده العظيمة أنه إذا كان مبورا فجزاؤه النة‬
‫والسعادة وغفران الذنوب ‪ ،‬وهذه فائدة كبية وكسب ل يقاس بغيه‪.‬‬
‫‪) (48‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪97‬‬
‫‪) (49‬رواه المام أحد ف (مسند بن هاشم) بداية مسند عبد ال بن العباس برقم ‪ ،2637‬والدارمي ف (الناسك) باب كيف وجوب‬
‫الج برقم ‪1788‬‬
‫‪) (50‬رواه البخاري ف (الج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم ‪ ،1773‬ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم‬
‫‪1349‬‬
‫‪) (51‬رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور برقم ‪ ،1521‬ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم‬
‫‪1350‬‬
‫‪) (52‬رواه المام أحد ف (مسند الكثرين من الصحابة ) مسند عبد ال بن مسعود برقم ‪ ،3660‬والترمذي ف (الج) باب ما جاء ف‬
‫ثواب الج والعمرة برقم ‪810‬‬
‫وال جل وعل جعل هذا البيت مثابة للناس وأمنا‪ ،‬كما قال جل وعل‪" :‬وإذ جعلنا البيت‬
‫مثابة للناس وأمنا" (‪ ، )53‬يثوبون إليه من كل مكان مرة بعد مرة‪ ،‬ول يشبعون من الجيء إليه؛‬
‫لن ف الجيء إليه خيا عظيما وفوائد جة‪ ،‬وهو مؤسس على توحيد ال والخلص له‪ ،‬قال‬
‫تعال‪" :‬وإذ بوأنا لبراهيم مكان البيت أن ل تشرك ب شيئا وطهر بيت للطائفي والقائمي‬
‫والركع السجود" (‪ . )54‬فال هيأ هذا البيت لليله إبراهيم عليه الصلة والسلم ليقيمه على‬
‫توحيد ال‪ ،‬والخلص له‪ ،‬وعدم الشراك به‪ ،‬وقد سئل عليه الصلة والسلم عن أول بيت‬
‫وضع للناس‪ ،‬قال‪" :‬هو السجد الرام" (‪ . )55‬وال يقول ف كتابه العظيم‪" :‬إن أول وضع‬
‫للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالي" (‪ . )56‬فهو أول بيت وضع للعبادة العامة ‪ ،‬وقد بي‬
‫سبحانه وتعال أنه أسس على توحيد ال والخلص له‪.‬‬
‫فمن الواجب على كل مسلم قصد هذا البيت أن يلص العبادة ل وحده‪ ،‬وأن يتهد ف أن‬
‫تكون أعماله كلها ل وحده‪ :‬ف صلته ودعائه ‪ ،‬ف طوافه وسعيه‪ ،‬وف جيع عباداته ؛ ولذا‬
‫قال ال تعال‪" :‬وطهر بيت" (‪ ، )57‬أي طهر مكان البيت من الشرك‪" .‬للطائفي" ‪ ،‬وقد بدأ‬
‫بالطواف؛ لن الطواف ل يفعل إل ف هذا البيت العتيق‪ ،‬ما من عبادة ف الدنيا فيها طواف إل‬
‫حول البيت العتيق‪ ،‬أما الطواف بالقبور والشجار والحجار فهو من الشرك الكب‪ ،‬كالصلة‬
‫لا والسجود لا‪ .‬وإن طاف با تقربا ل فهو بدعة‪ ،‬ليس هناك طواف يتقرب به ل إل بالبيت‬
‫العتيق‪ ،‬وتطهيه يكون بتنيهه من الشرك بال والبدع الضلة‪ ،‬وأل يكون حوله إل توحيد ال‬
‫والخلص له وما شرع من العبادة‪.‬‬
‫فالواجب على حاة هذا البيت والقائمي عليه‪ ،‬أن يطهروا هذا البيت من الشرك والبدع‬
‫والعاصي‪ ،‬حت يكون كما شرع ال بيتا مقدسا مطهرا من كل ما حرمه ال‪.‬‬

‫‪) (53‬سورة البقرة‪ ،‬الية ‪125‬‬


‫‪) (54‬سورة الج ‪ ،‬الية ‪26‬‬
‫‪) (55‬رواه البخاري ف (أحاديث النبياء ) باب قول ال تعال‪" :‬ووهبنا لداود سليمان" برقم ‪ ،3425‬ومسلم ف (الساجد ومواضع‬
‫الصلة) أول الكتاب (باب) برقم ‪520‬‬
‫‪) (56‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪96‬‬
‫‪) (57‬سورة الج ‪ ،‬الية ‪26‬‬
‫وف البيت العتيق آيات بينات‪ :‬مقام إبراهيم ‪ ،‬وأرض الرم كلها مقامات لبراهيم‪ ،‬فالصفا‬
‫والروة والبيت العتيق ومن ومزدلفة وعرفات‪ ،‬كلها مقامات تذكر بذا النب العظيم‪ ،‬والرسول‬
‫الكري‪ ،‬وما بذله من الهود والعمال الليلة ف سبيل توحيد ال والخلص له‪ ،‬ودعوة قومه‬
‫إل توحيد ال واتباع شريعته‪.‬‬
‫ويقول سبحانه ف شعية الج العظيمة‪" :‬الج أشهر معلومات" (‪ ، )58‬وهي شوال وذو القعدة‬
‫والعشر الول من ذي الجة‪ ،‬أي شهران وبعض الشهر‪ ،‬ث يقول تعال‪" :‬فمن فرض فيهن‬
‫الج فل رفث ول فسوق ول جدال ف الج" ‪.‬‬
‫هذه من النافع العظيمة والفوائد الكبية‪ ،‬أن الوافد لذا البيت العتيق وفد لخلص العبادة ل‬
‫وحده دون الشرك به سبحانه وتعال‪ ،‬مع التطهر والذر من كل ما يالف شرع ال سبحانه‪،‬‬
‫حت تكون العبادة كاملة ل عز وجل‪ ،‬ليس فيها نقص بوجه من الوجوه‪ ،‬وبذلك يرج من‬
‫ذنوبه كيوم ولدته أمه‪ ،‬إذا حج فلم يرفث ول يفسق‪ .‬والرفث هو‪ :‬الماع وما يدعو إليه من‬
‫ملمسات ونظرات وكلمات وغيها‪ ،‬كما وضح ذلك العلماء رحهم ال‪.‬‬
‫والفسوق ‪ :‬العاصي كلها‪ ،‬الحرمة ف الج ‪ ،‬والحرمة مطلقا‪ ،‬ومن الحرم ف الج‪ :‬قص‬
‫الظافر بعد الحرام‪ ،‬وقص الشعر ‪ ،‬والتطيب ‪ ،‬ولبس الخيط ‪ ،‬وتغطية الرأس للرجل ‪ ،‬ولبس‬
‫القفازين للرجل والرأة ‪ ،‬والنقاب للمرأة ‪ ،‬إل غي هذا ما حرم ال على الحرم‪.‬‬
‫وهناك مرمات عامة‪ ،‬كالزن والسرقة والظلم ف النفس والال والعرض وأكل الربا إل غي‬
‫ذلك ما هو مرم على الميع ف الج وغيه‪.‬‬
‫"ول جدال" وعلى الؤمن أن يكون بعيدا عن الدال والراء الذي يثي العداوات والشحناء‪.‬‬
‫فالج وسيلة للمحبة والتعاون والصفاء‪ ،‬ومن حكمه العظيمة ترك ما يسبب البغضاء والشحناء‬
‫من رفث أو فسوق أو جدال‪ ،‬فهو وسيلة عظيمة إل صفاء القلوب واجتماع الكلمة والتعاون‬
‫على الب والتقوى‪ ،‬والتعارف بي عباد ال ف سائر أرض ال‪ .‬ولقد كان عند العرب جدال ف‬
‫جاهليتها فنهى ال عن ذلك‪ ،‬فل جدال ف الج‪ ،‬ل من جهة ما كانت عليه ف الاهلية ول‬
‫من جهة ما يسبب البغضاء والشحناء‪ ،‬كل ذلك ل يوز‪ ،‬فإذا صدر منك لخيك غيبة فتب‬

‫‪) (58‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪197‬‬


‫إل ال منها واستسمحه من ذلك حت تكون الكلمات ف الج كلها تدعو إل الي والب‬
‫والتقوى والتعاون على الي والصفاء‪ ،‬والبعد عن كل ما يسبب الفرقة والختلف‪ .‬أما‬
‫الدال بالت هي أحسن فهذا مطلوب دائما ف كل وقت‪ ،‬قال تعال‪" :‬ادع إل سبيل ربك‬
‫بالكمة والوعظة السنة وجادلم بالت هي أحسن" (‪ . )59‬هذا مطلوب ف حق الحرم وغيه‪،‬‬
‫قال تعال‪" :‬ول تادلوا أهل الكتاب إل بالت هي أحسن " (‪ . )60‬فل حرج ف الدال بالت‬
‫هي أحسن لزالة الشبه وإيضاح الق بأدلته مع البعد عن أسباب الشحناء والعداوة‪.‬‬
‫ث قال جل وعل‪" :‬وما تفعلوا من خي يعلمه ال" (‪. )61‬‬
‫وف هذا حث وتريض على أنواع الي ‪ ،‬فعلى الاج أن يرص على فعل الي بكل وسيلة‪،‬‬
‫وال سبحانه يعلمه ويازيك عليه‪ ،‬والي يشمل القول والعمل؛ فالكلمة الطيبة والنصيحة‬
‫والمر بالعروف والنهي عن النكر كله خي‪ ،‬والصدقة والواساة وإرشاد الضال وتعليم الاهل‬
‫كله خي‪ ،‬فجميع ما ينفع الاج أو ينفع السلم من قول أو عمل ما شرعه ال وما أباحه جل‬
‫وعل كله خي‪.‬‬
‫ث قال سبحانه وتعال‪" :‬وتزودوا فإن خي الزاد التقوى" ‪ .‬فال جل وعل أمر الاج بالتزود‬
‫بالنفقة وبكل ما ينفعه ف الج‪ ،‬من العلم النافع والكتب الفيدة وكل ما ينفع نفسه أو غيه‪،‬‬
‫وكلمة "وتزودوا" كلمة مطلقة تشمل أنواع التزود من أمور الدنيا والدين‪ .‬قال ابن عباس‬
‫رضي ال عنهما‪ :‬كان أناس يجون من غي زاد ويقولون‪ :‬نن التوكلون‪ ،‬فأنزل ال تعال‪:‬‬
‫"وتزودوا فإن خي الزاد التقوى"‪ .‬والية عامة تعم جيع الناس‪ ،‬فعلى جيع الناس ف كل‬
‫أصقاع الدنيا أن يتزودوا من العلم ومن الال ومن كل ما ينفعهم ف حجهم ‪ ،‬حت ل يتاجوا‬
‫للناس‪ .‬وال تعال يقول‪" :‬فإن خي الزاد التقوى" ‪ ،‬أي‪ :‬خي الزاد للمؤمن ولخوانه التقوى‪،‬‬
‫أن يتقي ال بطاعته والخلص له‪ ،‬وف نفع إخوانه الجاج ‪ ،‬وتوجيههم إل الي‪ ،‬وأمرهم‬
‫بالعروف ‪ ،‬ونيهم عن النكر‪ ،‬ومواساة الحتاج منهم بالطريقة السنة وبالسلوب الناسب‪.‬‬

‫‪) (59‬سورة النحل‪ ،‬الية ‪125‬‬


‫‪) (60‬سورة العنكبوت ‪ ،‬الية ‪46‬‬
‫‪) (61‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪197‬‬
‫ث كرر سبحانه فقال‪" :‬واتقون يا أول اللباب" ‪ .‬أمر بعد أمر أكد فيه سبحانه وتعال التقوى‬
‫لا فيها من الي العظيم‪ ،‬كما قال سبحانه‪" :‬يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى‬
‫وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند ال أتقاكم" (‪ ، )62‬وسئل النب عليه الصلة‬
‫والسلم ‪ :‬أي الناس أكرم ؟ قال‪" :‬أتقاهم" (‪ . )63‬فأتقى الناس ل هو أكرمهم عنده وأفضلهم‬
‫عنده‪ ،‬من عرب وعجم‪ ،‬وأحرار وعبيد‪ ،‬ورجال ونساء‪ ،‬وجن وإنس‪ ،‬وعلى رأسهم الرسل‬
‫عليهم الصلة والسلم والنبياء ‪ ،‬ث بعدهم الفضل فالفضل‪.‬‬
‫وقد قال تعال‪" :‬يا أول اللباب" ؛ لن أول اللباب – وهي العقول الصحيحة‪ -‬هم الذين‬
‫يعقلون عن ال‪ ،‬وهم الذين يفهمون مراده‪ ،‬وهم الذين يقدرون النصائح والوامر‪ ،‬بلف‬
‫فاقدي العقول فل قيمة لم‪ ،‬ومن أعرض عن ال وغفل عنه فليس من أول اللباب‪ ،‬وإنا أولو‬
‫اللباب القبلون على ال ‪ ،‬الراغبون ف طاعته‪ ،‬الراغبون فيما ينفع الناس‪ ،‬الناس كلهم‬
‫مأمورون بالتقوى ‪ ،‬لكن أول اللباب لم ميزة؛ لا أعطاهم ال من العقل والبصية ‪ ،‬كما قال‬
‫جل وعل ف آية أخرى‪" :‬وليذكر أولو اللباب" (‪ ، )64‬فكلنا مأمورون بالتذكر والتقوى لكن‬
‫أول اللباب لم شأن ولم ميزة ف فهم أوامر ال وتنفيذها‪ ،‬وهكذا قوله تعال‪" :‬إن ف خلق‬
‫السموات والرض واختلف الليل والنهار ليات لول اللباب" (‪ ، )65‬فيه آيات للجميع لك‬
‫‪0‬ل أحد‪ ،‬لكن ل يفهمها ول يعقلها ول يقدرها إل أولو اللباب‪.‬‬
‫ويقول سبحانه‪" :‬وأذن ف الناس بالج" (‪ ، )66‬أي ‪ :‬أذن يا إبراهيم وأعلن للناس بالج‪ ،‬وقد‬
‫فعل ونادى الناس وأعلن عليه الصلة والسلم‪ ،‬والدعاة إل ال ينادون بالج اقتداء بإبراهيم‬
‫والنبياء من بعده‪ ،‬وبنبينا عليه الصلة والسلم‪" .‬يأتوك رجالً" ‪ ،‬أي‪ :‬مشاة‪ .‬وقد استنبط‬
‫بعض الناس من الية الكرية أن الاشي أفضل ولكن ليس بظاهر؛ لن الرسول صلى ال عليه‬

‫‪) (62‬سورة الجرات ‪ ،‬الية ‪13‬‬


‫‪) (63‬رواه البخاري ف (أحاديث النبياء ) باب قول ال تعال ‪" :‬واتذ ال إبراهيم خليل" برقم ‪ ، 3353‬ومسلم ف (الفضائل) باب‬
‫من فضائل يوسف برقم ‪2378‬‬
‫‪) (64‬سورة إبراهيم ‪ ،‬الية ‪52‬‬
‫‪) (65‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪190‬‬
‫‪) (66‬سورة الج ‪ ،‬الية ‪27‬‬
‫وسلم حج راكبا وهو القدوة والسوة‪ ،‬عليه الصلة والسلم‪ ،‬ولكن الراجل يدل فعله على‬
‫شدة الرغبة وقوتا ف الج‪ ،‬ولكن ل يلزم من ذلك أن يكون أفضل ‪ ،‬فمن جاء ماشيا فله‬
‫أجره والراكب الذي رغب ف رحة ال وإحسانه له أجره وهو أفضل‪" .‬وعلى كل ضامر‬
‫يأتي من كل فج عميق" ‪ ،‬من كل فج ‪ ،‬أي‪ :‬طريق واسع بعيد من الشرق والغرب ومن كل‬
‫مكان ‪ ،‬يريدون وجه ال والدار الخرة‪.‬‬
‫لاذا أتوا؟ "ليشهدوا منافع لم" (‪ ، )67‬هذه النافع أبمها ال تعال‪ ،‬ولكنه شرحها ف مواضع‬
‫كثية‪ ،‬منها قوله بعد ذلك‪" :‬ويذكروا اسم ال ف أيام معلومات" ‪ ،‬وكل ما يفعله الاج من‬
‫طاعة ل ونفع لعباده ما ذكر وما ل يذكر كله داخل ف النافع‪ .‬وهذه من حكم ال ف‬
‫إبامها‪ ،‬حت يدخل فيها كل ما يفعله الؤمن والؤمنة من طاعة ل ونفع لعباده‪ .‬فالصدقة على‬
‫الفقي منفعة‪ ،‬وتعليم الاهل منفعة‪ ،‬والمر بالعروف والنهي عن النكر منفعة ‪ ،‬وف الدعوة إل‬
‫ال منافع عظيمة‪ ،‬والصلة ف السجد الرام منفعة‪ ،‬والقراءة منفعة‪ ،‬وتعليم العلم منفعة‪ ،‬وكل‬
‫ما تفعله ما ينفع الناس من قول أو عمل أو صدقة أو غيها ما شرعه ال أيضا داخل ف‬
‫النافع‪.‬‬
‫فينبغي للحاج أن يستغل هذه الفرصة العظيمة ويعمرها بتقوى ال‪ ،‬والرص على جيع النافع‬
‫الت ترضي ال وتنفع عباده‪ ،‬فيشتغل بذكر ال ف مكة وف الشاعر وف جيع الماكن ‪،‬‬
‫ويشتغل بطاعة ال فيما ينفع الناس‪ ،‬إن كان عنده علم‪ ،‬يعلم الناس ويفقه الناس ويدعو إل ال‬
‫ويرشد إليه ويأمر بالعروف وينهى عن النكر ‪ ،‬وإن كان عنده مال يسن إل الناس ويواسي‬
‫الفقي ويعي على نوائب الق‪ ،‬ويعمر الوقت بذكر ال وقراءة القرآن‪ ،‬ويعتن بأداء الناسك‬
‫كما شرعها ال ويتحرى ف ذلك سنة النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأعظم النافع أن يكون‬
‫هدفه ف جيع المور توحيد ربه والخلص له ومتابعة الرسول صلى ال عليه وسلم فيما جاء‬
‫به من الدى‪.‬‬
‫وما ينبغي للحاج‪ ،‬أن يتفقه ف دينه‪ ،‬ويسأل إذا ل يكن عنده علم‪ ،‬ويضر حلقات العلم ف‬
‫السجد الرام وف مساجد مكة وف السجد النبوي‪ ،‬ويسأل أهل العلم‪ ،‬ويطلب الكتب‬

‫‪) (67‬سورة الج ‪ ،‬الية ‪28‬‬


‫الفيدة‪ ،‬ويلتمس النسك السلمي الذي ليس فيه ما يالف الشرع‪ ،‬ويذر البدع والقوال‬
‫الرجوحة ‪ ،‬ويتحرى اتباع الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬حت يكون حجه مبورا‪ ،‬وحت‬
‫تكون رحلته مباركة نافعة له ولغيه‪ ،‬وحت يستفيد منها بعد ذلك ف بلده‪.‬‬
‫والج أحكامه معروفة ومناسكه معلومة لهل العلم‪ ،‬وقد عرفها الكثي من السلمي الذين‬
‫ارتادوا الج ‪ ،‬ولكن الكثي من الناس يهل الحكام‪ ،‬فعليه أن يتعلم ويسأل أهل العلم عما‬
‫أشكل عليه ويرص على معرفة الحكام الشرعية ف مسائل الج‪ ،‬وهكذا كل منسك يتحرى‬
‫فيه صاحبه سنة الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ويعض عليها بالنواجذ ‪ ،‬وهكذا يرص على‬
‫كتب أهل العلم الت تعتن بالدليل وإيضاح الق بجته ينبغي أن يعتن با‪.‬‬
‫ويب على الؤمن الاج وغيه أن يذر كل ما حرم‪ ،‬ال ف الج وف غيه‪ ،‬ف بيته وف‬
‫طريقه وف متمعه مع إخوانه وف كل مكان‪ ،‬وأن يسأل ال التوفيق والعانة على ذلك‪ ،‬وال‬
‫جل وعل يب من عباده أن يسألوه ويتضرعوا إليه وهو جواد كري سبحانه وتعال‪.‬‬
‫والشروع للحاج عند وصوله إل اليقات أن يغتسل إذا تيسر له ذلك‪ ،‬وأن يتوضأ ويصلي‬
‫ركعتي سنة الوضوء إل أن يكون إحرامه بعد فريضة فإن ذلك يكفيه؛ لن النب صلى ال عليه‬
‫وسلم أحرم ف حجة الوداع بعد صلة الظهر ف ذي الليفة‪ ،‬وإذا كان منله قريبا من اليقات‬
‫كأهل الطائف والدينة واغتسل ف بيته كفاه ذلك‪ ،‬لكن ل يرم إل إذا وصل اليقات‪ ،‬والراد‬
‫بالحرام نية الج أو العمرة أو كليهما والتلبية بذلك‪ .‬أما التجرد من الخيط فل بأس أن يفعله‬
‫قبل ذلك ف بيته أو ف الطريق‪ ،‬وهكذا الغسل كما تقدم‪ .‬ويتجرد من الخيط ويلبس ملبس‬
‫الحرام‪ ،‬ث يركب سيارته‪ ،‬والفضل أن يكون إحرامه بالج أو العمرة بعد الركوب ؛ لن‬
‫النب صلى ال عليه وسلم أحرم بعد أن ركب دابته‪ ،‬والراد بذلك نية الدخول ف الج أو‬
‫العمرة‪ .‬ث يكثر من التلبية ويستمر فيها مع ذكر ال وتسبيحه والستغفار والتوبة والمر‬
‫بالعروف والنهي عن النكر والدعوة إل ال عز وجل‪ ،‬إل أن يشرع ف طواف العمرة إن كان‬
‫إحرامه بعمرة‪ ،‬فإذا شرع ف الطواف قطع التلبية‪ .‬أما إن كان إحرامه بالج فإنه يستمر ف‬
‫التلبية إل أن يرمي جرة العقبة‪ ،‬فبعد الرمي صباح العيد يقطع التلبية ويشتغل بالتكبي‪.‬‬
‫ولبد ف رمي المار من أن يتحقق أو يغلب على ظنه أن الجر وصل إل الوض‪ ،‬فإن ل‬
‫يتحقق ذلك أو يغلب على ظنه أعاد الرمي ف الوقت‪ ،‬فإن خرج من من ول يعد فعليه دم؛‬
‫لنه ترك واجبا‪ ،‬أما إذا تيسر له أن يعيد الرمي ف أيام من أعاده مرتبا بالنية ول شيء عليه‪.‬‬
‫ومن العلوم أنه يكن للحاج أن يتعجل ف اليوم الثان عشر من ذي الجة بعد رمي المار‪،‬‬
‫بعد الزوال‪ .‬وإذا أحب أن يسافر طاف للوداع وسافر‪ ،‬هذا إذا كان قد طاف طواف الج ‪،‬‬
‫أما إذا ل يكن قد طاف طواف الج فل مانع أن يكون طواف الج هو طواف الوداع‪،‬‬
‫فطواف الفاضة يكفيه عن طواف الوداع إذا سافر بعده‪ ،‬وإن تأخر ورمى المار يوم الثالث‬
‫عشر بعد الزوال فهذا هو الفضل وهو الذي فعله النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ومن غابت عليه‬
‫شس يوم الثان عشر وهو ف من لزمه البيت وأن يرمي يوم الثالث عشر بعد الزوال‪ ،‬ومن‬
‫فاته الرمي حت غابت الشمس يوم الثالث عشر لزمه دم عن ترك هذا الواجب العظيم‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بعرفة فهي الركن العظم للحج؛ لقول النب صلى ال عليه وسلم‪" :‬الج عرفة"‬
‫(‪ ، )68‬فلبد ف الج من الوقوف بعرفة يوم التاسع بعد الزوال ‪ ،‬هذا هو الشهور عند جهور‬
‫أهل العلم ‪ ،‬ويقول بعضهم ‪ :‬إذا وقف قبل الزوال أجزأه؛ لنه يعد من عرفة‪ .‬لكن الشروع‬
‫أن يقف بعد الزوال إل غروب الشمس‪ ،‬وإن وقف ليلة النحر أجزأه ذلك قبل طلوع الفجر‪،‬‬
‫ومن فاته الوقوف بعرفة حت طلع الفجر فاته الج‪ ،‬ومن وقف نارا وانصرف قبل الغروب‬
‫فقد ترك واجبا فعليه دم عند جهور أهل العلم‪.‬‬
‫ويشرع للحاج أن يكثر ف عرفات من الدعاء والذكر والتلبية ‪ ،‬مع رفع اليدي كما فعل النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬والسنة أن يصلي الظهر والعصر جع تقدي مع القصر ‪ ،‬بأذان وإقامتي‬
‫ف مسجد نرة إن تيسر له ذلك‪ ،‬فإن ل يتيسر ذلك‪ ،‬فعلى كل جاعة أن يصلوا ف مكانم‬
‫تأسيا بالنب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ث يبقى الاج ف مله من عرفة‪ ،‬وعرفة كلها موقف ‪،‬‬
‫ويدعو ال ف جيع الحوال‪ :‬جالسا أو مضطجعا أو قائما‪ ،‬ويكثر من الذكر والتلبية إل أن‬
‫تغيب الشمس‪ ،‬فإذا غابت الشمس انصرف بسكينة ووقار وهدوء إل مزدلفة‪ ،‬ويصلي با‬

‫‪) (68‬رواه المام أحد ف (مسند الكوفيي) حديث عبد الرحن بن يعمر الديلي برقم ‪ ،18475‬والترمذي ف الج باب ما جاء فيمن‬
‫أدرك المام بمع فقد أدرك الج برقم ‪889‬‬
‫الغرب والعشاء قبل أن يط الرحال‪ ،‬بأذان واحد وإقامتي ‪ ،‬يصلي الغرب ثلثا والعشاء‬
‫اثنتي‪ ،‬ول يصلي بينهما شيئا ‪ ،‬ول بي الظهر والعصر ف عرفات ؛ لن النب صلى ال عليه‬
‫وسلم ل يصل بينهما شيئا‪.‬‬
‫ويكن للحاج بعد صلة الغرب والعشاء أن يفعل ما يشاء ‪ ،‬فإن شاء نام‪ ،‬وإن شاء أكل‪ ،‬وإن‬
‫شاء قرأ القرآن‪ ،‬وإن شاء ذكر ال‪ .‬ويكن للضعفاء أن ينفروا إل من ف النصف الخي من‬
‫الليل‪ ،‬والفضل بعد غروب القمر قبل الزحة ؛ لن الرسول صلى ال عليه وسلم رخص لم‪،‬‬
‫رحة بم وتفيفا عنهم‪ .‬ويكنهم الرمي قبل الفجر‪ ،‬ومن أخر الرمي إل الضحى فل بأس ‪،‬‬
‫والرمي ف الضحى للقوياء هو الفضل وهو السنة‪ ،‬كما فعل النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ومن طاف بعد الرمي أو قبل الرمي أجزأه‪ ،‬ولكن تأخي الطواف بعد الرمي والذبح واللق‬
‫يكون أفضل‪ ،‬تأسيا بالنب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬لكن لو قدم فل بأس‪ ،‬وما سئل النب صلى‬
‫ال عليه وسلم يوم العيد عن شيء قدم ول أخر إل قال‪" :‬ل حرج" (‪ )69‬؛ ف الرمي والذبح‬
‫واللق والتقصي والطواف والسعي‪.‬‬
‫واللصة أن السنة ف يوم العيد ‪ :‬الرمي أولً‪ ،‬ث النحر‪ ،‬ث اللق أو التقصي ‪ ،‬واللق أفضل‪،‬‬
‫ث يتحلل‪ ،‬ث الطواف والسعي إن كان عليه سعي‪.‬‬
‫وأسأل ال عز وجل أن يوفقنا وإياكم وجيع السلمي للعلم النافع والعمل الصال‪ ،‬وأن ينحنا‬
‫جيعا الفقه ف دينه والثبات عليه‪ ،‬وأن يصلح أحوال السلمي ف كل مكان‪ ،‬وأن يفقههم ف‬
‫الدين‪ ،‬وأن يرزقهم النشاط التواصل لعرفة أمور الدين والتعلم والرغبة فيما عند ال‪.‬‬
‫كما نسأله سبحانه أن يول عليهم خيارهم ‪ ،‬وأن يصلح قادتم‪ ،‬وأن يوفق جيع ولة أمور‬
‫السلمي ف كل مكان لتحكيم شريعة ال والرضا با وإيثارها على ما سواها‪ ،‬إنه جل وعل جواد‬
‫كري‪ ،‬وصلى ال وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا ممد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان‪.‬‬

‫‪) (69‬رواه البخاري ف (العلم) باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيها برقم ‪ ، 83‬ومسلم ف (الج) باب من حلق قبل النحر أو نر‬
‫قبل الرمي برقم ‪1306‬‬
‫من أهداف الج‬
‫(‪)70‬‬
‫توحيد كلمة السلمي على الق‬

‫المد ل الذي جعل البيت مثابة للناس وأمنا ‪ ،‬وجعله مباركا وهدى للعالي‪ ،‬وأمر‬
‫عبده ورسوله وخليله إبراهيم إمام النفاء ووالد النبياء من بعده‪ ،‬أن يوجه الناس ويؤذن فيهم‬
‫بالج بعد ما بوأ له مكان البيت؛ ليأتوا إليه من كل فج عميق‪ ،‬ليشهدوا منافع لم ويذكروا‬
‫اسم ال ف أيام معلومات ‪ .‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له إله الولي والخرين‬
‫الذي بعث رسله وأنزل كتبه لقامة الجة وبيان أنه سبحانه هو الواحد الحد الستحق أن‬
‫يعبد والستحق لن يتمع العباد على طاعته واتباع شريعته وترك ما خالف ذلك‪ ،‬وأشهد أن‬
‫ممدا عبده ورسوله وخليله الذي أرسله سبحانه رحة للعالي وحجة على العباد أجعي‪ ،‬بعثه‬
‫بالدى ودين الق ليظهره على الدين كله ‪ ،‬وأمره أن يبلغ الناس مناسكهم‪ ،‬ففعل ذلك قولً‬
‫وعملً عليه من ربه أفضل الصلة والتسليم‪.‬‬
‫لقد حج عليه الصلة والسلم حجة الوداع وبلغ الناس مناسكهم قولً وعملً‪ ،‬وقال للناس ‪:‬‬
‫"خذوا عن مناسككم فلعلي ل ألقاكم بعد عامي هذا" (‪ ، )71‬فشرع لم أعمال الج‪ ،‬وأقوال‬
‫الج‪ ،‬وجيع مناسكه بقوله وفعله عليه الصلة والسلم‪ ،‬فقد بلغ الرسالة وأدى المانة وجاهد‬
‫ف ال حق الهاد‪ ،‬حت أتاه اليقي من ربه عليه الصلة والسلم‪ ،‬فسار خلفاؤه الراشدون‬
‫وصحابته الرضيون رضي ال عنهم جيعا على نجه القوي‪ ،‬وبينوا للناس هذه الرسالة العظيمة‬
‫بأقوالم وأعمالم‪ ،‬ونقلوا إل الناس أقواله وأعماله عليه الصلة والسلم بغاية المانة‬
‫والصدق ‪ ،‬رضي ال عنهم وأرضاهم وأحسن مثواهم‪.‬‬
‫وكان أعظم أهداف هذا الج توحيد كلمة السلمي على الق ‪ ،‬وإرشادهم إليه ‪ ،‬حت‬
‫يستقيموا على دين ال‪ ،‬وحت يعبدوه وحده ‪ ،‬وحت ينقادوا لشرعه ‪ .‬فمن أجل ذلك رأيت‬

‫‪) (70‬ماضرة ألقاها ساحته ف نادي مكة الثقاف الدب مساء السبت ‪28/11/1409‬هـ‬
‫‪) (71‬رواه بنحوه مسلم ف (الج) باب استحباب رمي جرة العقبة يوم النحر راكبا برقم ‪1297‬‬
‫أن تكون كلمت ف هذا القام بذا العنوان‪" :‬من أهداف الج توحيد كلمة السلمي على‬
‫الق"‪ .‬وللحج أهداف كثية يأت بيان كثي منها إن شاء ال‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فإن اشكر ال عز وجل على ما من به من هذا اللقاء بأخوة ل ف ال‪ ،‬ف نادي مكة الثقاف‬
‫الدب؛ للتناصح والتعاون على الي‪ ،‬وبيان كثي من أهداف هذا النسك العظيم‪ ،‬وهو حج‬
‫بيت ال الرام ؛ ليكون حجاج بيت ال الرام على بصية ‪ ،‬وليستفيدوا ما شرع ال لم وما‬
‫قد يهله كثي منهم‪.‬‬
‫ث أشكر القائمي على هذا النادي وعلى رأسهم الخ الكري الدكتور ‪ /‬راشد الراجح رئيس‬
‫النادي ومدير جامعة أم القرى على دعوتم ل لذا اللقاء‪ ،‬وأسأل ال أن يوفق الميع لا‬
‫يرضيه‪ ،‬وأن يعي القائمي على النادي على كل خي‪ ،‬وأن ينفع بهودهم السلمي‪ ،‬وأن يعلنا‬
‫من الداة الهتدين ومن أنصار الق أينما كان‪.‬‬
‫أيها الخوة ف ال‪ ،‬إن ال جل وعل شرع الج لعباده ‪ ،‬وجعله الركن الامس من أركان‬
‫السلم‪ ،‬لكم كثية وأسرار عظيمة ومنافع ل تصى‪ ،‬وقد أشار ال جل وعل إل ذلك ف‬
‫كتابه العظيم ‪ ،‬حيث يقول جل وعل‪" :‬قل صدق ال فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من‬
‫الشركي‪ .‬إن أول بي وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالي‪ .‬فيه آيات بينات مقام‬
‫إبراهيم ومن دخله كان آمنا ول على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلً ومن كفر فإن‬
‫ال غن عن العالي" (‪ )72‬فبي سبحانه أن هذا البيت أول بيت وضع للناس ؛ أي ف الرض‬
‫للعبادة والتقرب إل ال با يرضيه ‪ ،‬كما ثبت ف الصحيحي ف حديث أب ذر رضي ال عنه‬
‫قال‪ :‬قلت ‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬أخبن عن أول مسجد وضع ف الرض؟ قال‪" :‬السجد الرام"‬
‫قلت‪ :‬ث أي؟ قال‪" :‬السجد القصى" ‪ ،‬قلت‪ :‬وكم بينهما؟ قال‪" :‬أربعون عاما" ‪ ،‬قلت‪ :‬ث‬
‫(‪)73‬‬
‫أي؟ قال‪ :‬ث حيث أدركتك الصلة فصل فإنا مسجد"‪.‬‬

‫‪) (72‬سورة آل عمران ‪ ،‬اليات ‪97 -95‬‬


‫‪) (73‬رواه البخاري ف (أحاديث النبياء ) باب قول ال تعال ‪" :‬واتذ ال إبراهيم خليلً" برقم ‪ ،3366‬ومسلم ف (الساجد ومواضع‬
‫الصلة) أول الكتاب (باب) برقم ‪520‬‬
‫فبي عليه الصلة والسلم أن هذا البيت أول بيت وضع للناس هو السجد الرام‪ ،‬والعن أنه أول‬
‫بيت وضع للعبادة والتقرب إل ال عز وجل ‪ ،‬كما قال أهل العلم‪ ،‬وهناك بيوت قبله للسكن‪،‬‬
‫ولكن القصود أنه أول بيت وضع للعبادة والطاعة والتقرب إل ال عز وجل با يرضيه من القوال‬
‫والعمال ‪ ،‬ث بعده السجد القصى بناه حفيد إبراهيم يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم جيعا‬
‫الصلة والسلم‪ ،‬ث جدده ف آخر الزمان بعد ذلك بدة طويلة نب ال سليمان عليه الصلة والسلم‬
‫‪ ،‬ث بعد ذلك كل الرض مسجد‪ ،‬ث جاء مسجد النب عليه الصلة والسلم‪ ،‬وهو السجد الثالث‬
‫ف آخر الزمان على يد نب الساعة ممد عليه الصلة والسلم‪ ،‬فبناه بعد ما هاجر إل الدينة هو‬
‫وأصحابه رضي ال عنهم‪ .‬وأخب عليه الصلة والسلم أنه أفضل الساجد بعد السجد الرام‪،‬‬
‫فالساجد الفضلة ثلثة‪ :‬أعظمها وأفضلها السجد الرام ث مسجد النب عليه الصلة والسلم ث‬
‫السجد القصى‪ .‬والصلة ف هذه الساجد مضاعفة؛ جاء ف الديث الصحيح أنا ف السجد‬
‫الرام بائة ألف صلة‪ ،‬وجاء ف مسجده عليه الصلة والسلم أن الصلة ف مسجده خي من ألف‬
‫صلة فيما سواه إل السجد الرام‪ ،‬وجاء ف السجد القصى أنا بمسمائة صلة ‪ ،‬وهي الساجد‬
‫العظيمة الفضلة وهي مساجد النبياء عليهم الصلة والسلم‪.‬‬
‫وشرع ال جل وعل الج لعباده‪ ،‬لا ف ذلك من الصال العظيمة‪ ،‬وأخبنا نبينا صلى ال عليه‬
‫وسلم أن الج مفروض على العباد الكلفي الستطيعي السبيل إليه‪ ،‬كما دل عليه كتاب ال عز‬
‫وجل ف قوله سبحانه‪" :‬ول على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلً"(‪. )74‬‬
‫وخطب النب صلى ال عليه وسلم ف الناس ‪ ،‬فقال‪" :‬أيها الناس إن ال كتب عليكم الج فحجوا"‬
‫فقيل ‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬أف كل عام؟ فقال‪" :‬الج مرة فمن زاد فهو تطوع" (‪ . )75‬فهو فرض مرة ف‬
‫العمر‪ ،‬فما زاد على ذلك فهو تطوع‪ ،‬على الرجال والنساء الكلفي الستطيعي السبيل إليه‪ ،‬ث هو‬
‫بعد ذلك تطوع وقربة عظيمة‪ ،‬كما قال النب الكري صلى ال عليه وسلم‪" :‬العمرة إل العمرة‬
‫كفارة لا بينهما ‪ ،‬والج البور ليس له جزاء إل النة" (‪ )76‬متفق على صحته ‪.‬‬

‫‪) (74‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪97‬‬


‫‪) (75‬رواه المام أحد ف (مسند بن هاشم) بداية مسند عبد ال بن العباس برقم ‪ ، 2637‬والدارمي ف (الناسك) باب كيف‬
‫وجوب الج برقم ‪1788‬‬
‫‪) (76‬رواه البخاري ف (الج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم ‪ ، 1773‬ومسلم ف (الج) باب ف فضل الج والعمرة ويوم عرفة‬
‫برقم ‪1349‬‬
‫وهذا يعم الفرض والنفل من العمرة والج ‪ .‬وقال عليه الصلة والسلم‪" :‬من أتى هذا البيت‬
‫فلم يرفث ول يفسق رجع كيوم ولدته أمه" (‪ )77‬وف اللفظ الخر ‪" :‬من حج هذا البيت فلم‬
‫يرفث ول يفسق رجع كيوم ولدته أمه" (‪ . )78‬أخرجه البخاري ‪.‬‬
‫وهذا يدل على الفضل العظيم للحج والعمرة ‪ ،‬وأن العمرة إل العمرة كفارة لا بينهما‪ ،‬وأن‬
‫الج الرور ليس له جزاء إل النة‪.‬‬
‫فجدير بأهل اليان أن يبادروا بج بيت ال ‪ ،‬وأن يؤدوا هذا الواجب العظيم أينما كانوا إذا‬
‫استطاعوا السبيل إل ذلك‪ ،‬وأما بعد ذلك فهو نافلة وليس بفريضة‪ ،‬ولكن فيه فضل عظيم‪،‬‬
‫كما ف الديث الصحيح‪ :‬قيل‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬أي العمل افضل؟ قال‪" :‬إيان بال ورسوله"‬
‫قيل‪ :‬ث أي؟ قال‪" :‬الهاد ف سبيل ال" قيل‪ :‬ث أي؟ قال‪" :‬حج مبور" (‪ )79‬متفق عليه‪.‬‬
‫وقد حج عليه الصلة والسلم حجة الوداع ‪ ،‬وشرع للناس الناسك بقوله وفعله ‪ ،‬وخطبهم‬
‫ف حجة الوداع ف يوم عرفة خطبة عظيمة‪ ،‬ذكرهم فيها بقه سبحانه وتوحيده‪ ،‬وأخبهم‬
‫فيها أن أمور الاهلية موضوعة وأن الربا موضوع وأن دماء الاهلية موضوعة ‪ ،‬وأوصاهم‬
‫فيها بكتاب ال عز وجل وسنة رسوله والعتصام بما‪ ،‬وأخب أنم لن يضلوا ما اعتصموا‬
‫بما‪ ،‬وبي حق الرجل على زوجته وحقها عليه‪ ،‬وبي أمورا كثية عليه الصلة والسلم‪ ،‬ث‬
‫قال‪" :‬وأنتم تسألون عن فماذا أنتم قائلون"؟ قالوا‪ :‬نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت‪.‬‬
‫فجعل يرفع إصبعه إل السماء ث ينكبها إل الرض ويقول‪" :‬اللهم اشهد اللهم اشهد" (‪. )80‬‬
‫عليه من ربه أفضل الصلة والسلم‪.‬‬
‫ولشك أنه بلغ الرسالة وأدى المانة عليه الصلة والسلم على خي الوجوه وأكملها‪ ،‬ونشهد‬
‫له بذلك كما شهد له صحابته رضي ال عنهم وأرضاهم ‪.‬‬

‫‪) (77‬رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور برقم ‪ ، 1521‬ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم‬
‫‪1350‬‬
‫‪) (78‬رواه البخاري ف الج باب قول ال تعال ‪( :‬فل رفث) برقم ‪1819‬‬
‫‪) (79‬رواه البخاري ف (اليان ) باب من قال ‪ :‬إن اليان هو العمل برقم ‪ ، 26‬ومسلم ف (اليان) باب كون اليان بال تعال‬
‫أفضل العمال برقم ‪83‬‬
‫‪) (80‬رواه مسلم ف الج باب حجة النب صلى ال عليه وسلم برقم ‪1218‬‬
‫وقد بي عليه الصلة والسلم مناسك الج وأعماله وأقواله وأفعاله‪ ،‬وكان خروجه من الدينة‬
‫ف آخر ذي القعدة من عام عشر‪ ،‬مرما بالج والعمرة قارنا بينهما‪ ،‬من ذي الليفة‪ ،‬وساق‬
‫الدي عليه الصلة والسلم‪ ،‬وأتى مكة ف صبيحة اليوم الرابع من ذي الجة‪ ،‬ول يزل يلب‬
‫من اليقات من حي أحرم من ذي الليفة بتلبيته الشهورة‪" :‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ل شريك‬
‫(‪)81‬‬
‫لك لبيك‪ ،‬إن المد والنعمة لك واللك‪ ،‬ل شريك لك"‬
‫بعدما لب بالج والعمرة عليه الصلة والسلم‪ .‬وكان قد خي أصحابه ف ذي الليفة بي‬
‫النساك الثلثة‪ ،‬فمنهم من لب بالعمرة ومنهم من لب بالج ومنهم من لب بما‪ ،‬وكان صلى‬
‫ال عليه وسلم يرفع صوته بالتلبية ‪ ،‬وهكذا أصحابه رضي ال عنهم‪ ،‬ول يزل يلب حت وصل‬
‫إل بيت ال العتيق‪ ،‬وبي للناس ما يقولونه من الذكار والدعاء ف طوافهم وسعيهم وف‬
‫عرفات ومزدلفة وف من‪ ،‬وبي ال جل وعل ذلك ف كتابه العظيم حيث قال جل وعل‪:‬‬
‫"ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلً من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا ال عند الشعر‬
‫الرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لن الضالي‪ .‬ث أفيضوا من حيث أفاض الناس‬
‫واستغفروا ال إن ال غفور رحيم" (‪ )82‬إل أن قال سبحانه وتعال‪" :‬واذكروا ال ف أيام‬
‫معدودات فمن تعجل ف يومي فل إث عليه ومن تأخر فل إث عليه" (‪ )83‬الية ‪.‬‬
‫فالذكر من جلة النافع الذكورة ف قوله تعال‪" :‬ليشهدوا منافع لم ويذكروا اسم ال ف أيام‬
‫معلومات" (‪ )84‬الية‪ .‬وعطفه على النافع من باب عطف الاص على العام ‪.‬‬
‫وثبت عنه عليه الصلة والسلم أنه قال‪" :‬إنا جعل الطواف بالبيت والسعي بي الصفا والروة‬
‫(‪)85‬‬
‫ورمي المار لقامة ذكر ال"‬
‫وشرع للناس كما جاء ف كتاب ال ذكر ال عند الذبح ‪ ،‬وشرع لم ذكر ال عند رمي‬
‫المار ‪ ،‬فكل أنواع مناسك الج ذكر ل قولً وعملً ‪ .‬فالج بأعماله وأقواله كله ذكر ل‬

‫‪) (81‬رواه البخاري ف (الج) باب التلبية برقم ‪ ،1549‬ومسلم ف (الج) باب التلبية وصفتها ووقتها برقم ‪1184‬‬
‫‪) (82‬سورة البقرة ‪ ،‬اليتان ‪199 ،198‬‬
‫‪) (83‬سورة البقرة‪ ،‬الية ‪203‬‬
‫‪) (84‬سورة الج ‪ ،‬الية ‪28‬‬
‫‪) (85‬رواه المام أحد ف (باقي مسند النصار ) مسند عائشة برقم ‪ ، 24557‬وأبو داود ف (الناسك) باب ف الرمل برقم ‪1888‬‬
‫عز وجل‪ ،‬كله دعوة إل توحيده والستقامة على دينه والثبات على ما بعث به رسوله ممد‬
‫عليه الصلة والسلم ‪ .‬فأعظم أهدافه توجيه الناس إل توحيد ال والخلص له والتباع‬
‫لرسوله صلى ال عليه وسلم فيما بعثه ال به من الق والدى ف الج وغيه‪ .‬فالتلبية أول ما‬
‫يأت به الاج والعتمر‪ ،‬يقول‪" :‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ل شريك لك لبيك" (‪ )86‬يعلن توحيده‬
‫ل وإخلصه ل وأن ال سبحانه ل شريك له؛ وهكذا ف طوافه يذكر ال ويعظمه ويعبده‬
‫بالطواف وحده‪ ،‬ويسعى فيعبده بالسعي وحده دون كل ما سواه‪ ،‬وهكذا بالتحليق والتقصي‪،‬‬
‫وهكذا بذبح الدايا والضحايا‪ ،‬كل ذلك ل وحده‪ ،‬وهكذا بأذكاره الت يقولا ف عرفات‬
‫ومزدلفة وف من‪ ،‬كلها ذكر ل وتوحيد له ودعوة إل الق وإرشاد للعباد وأن الواجب عليهم‬
‫أن يعبدوا ال وحده وأن يتكاتفوا ف ذلك ويتعاونوا وأن يتواصوا بذلك ‪.‬‬
‫وهم يأتون من كل فج عميق ليشهدوا منافع لم‪ ،‬هذه النافع كثية جدا أجلها ال تعال ف‬
‫الية وفصلها ف مواضع كثية‪ ،‬منها الطواف ‪ ،‬وهو عبادة عظيمة ومن أعظم أسباب تكفي‬
‫الذنوب وحط الطايا‪ ،‬وهكذا السعي ‪ ،‬وما فيهما من ذكر ال عز وجل والدعاء ‪ ،‬وهكذا ما‬
‫ف عرفات من ذكر ال والدعاء ‪ ،‬وما ف مزدلفة من ذكر ال والدعاء‪ ،‬وما ف ذبح الدايا من‬
‫ذكر ال وتكبيه وتعظيمه‪ ،‬وما يقال عند رمي المار من تكبي ال عز وجل وتعظيمه‪ ،‬وكل‬
‫أعمال الج تذكر بال وحده وتدعو السلمي جيعا إل أن يكونوا جسدا واحدا وبناءً‬
‫واحدا ف اتباع الق والثبات عليه والدعوة إليه والخلص ل سبحانه ف جيع القوال‬
‫والعمال‪ ،‬وهم يتلقون على هذه الراضي الباركة يريدون التقرب إل ال وعبادته سبحانه‪،‬‬
‫وطلب غفرانه وعتقه لم من النار ‪ ،‬ولشك أن هذا ما يوحد القلوب ويمعها على طاعة ال‬
‫والخلص له واتباع شريعته وتعظيم أمره ونيه ‪ ،‬ولذا قال عز وجل ‪" :‬إن أول بيت وضع‬
‫للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالي" (‪ ، )87‬فأخب سبحانه أنه مبارك با يصل لزواره‬
‫والاجي إليه من الي العظيم من الطواف والسعي وسائر ما شرعه ال من أعمال الج‬
‫والعمرة ‪ ،‬وهو مبارك تط عنده الطايا وتضاعف عنده السنات وترفع عنده الدرجات ‪،‬‬

‫‪) (86‬رواه البخاري ف (الج) باب التلبية برقم ‪ ، 1549‬ومسلم ف (الج) باب التلبية وصفتها ووقتها برقم ‪1184‬‬
‫‪) (87‬سورة آل عمران‪ ،‬الية ‪96‬‬
‫ويرفع ال ذكر أهله الخلصي الصادقي ويغفر لم ذنوبم ويدخلهم النة فضلً منه وإحسانا‬
‫إذا أخلصوا له واستقاموا على أمره وتركوا الرفث والفسوق ‪ ،‬كما قال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫"من حج ل فلم يرفث ول يفسق رجع كيوم ولدته أمه" (‪ . )88‬والرفث‪ :‬هو الماع قبل‬
‫التحلل‪ ،‬وما يدعو إل ذلك من قول وعمل مع النساء كله رفث‪.‬‬
‫والفسوق‪ :‬جيع العاصي القولية والفعلية‪ .‬يب على الاج تركها والذر منها ‪ ،‬وهكذا‬
‫الدال يب تركه إل ف خي‪ ،‬كما قال جل وعل‪" :‬الج أشهر معلومات فمن فرض فيهن‬
‫الج فل رفث ول فسوق ول جدال ف الج" (‪. )89‬‬
‫والج كله دعوة إل طاعة ال ورسوله ‪ ،‬دعوة إل تعظيم ال وذكره ‪ ،‬دعوة إل ترك العاصي‬
‫والفسوق ‪ ،‬دعوة إل ترك الدال الذي يلب الشحناء والعداوة ويفرق بي السلمي‪ ،‬أما‬
‫الدال بالت هي أحسن فهذا مأمور به ف كل زمان ومكان‪ ،‬كما قال تعال‪" :‬ادع إل سبيل‬
‫ربك بالكمة والوعظة السنة وجادلم بالت هي أحسن" (‪ ، )90‬وهذا طريق الدعوة ف كل‬
‫زمان ومكان ف البيت العتيق وغيه ‪ .‬يدعو إخوانه بالكمة‪ ،‬وهي العلم با قاله ال تعال‬
‫وقاله رسوله ‪ ،‬وبالوعظة السنة الطيبة اللينة الت ليس فيها عنف ول إيذاء ‪ ،‬ويادل بالت هي‬
‫أحسن عند الاجة لزالة الشبهة وإيضاح الق ‪ .‬فيجادل بالت هي أحسن بالعبارات السنة‬
‫والساليب اليدة الفيدة الت تزيل الشبهة وتوضح الق دون عنف وشدة‪ .‬فالجاج ف أشد‬
‫الاجة إل الدعوة والتوجيه إل الي والعانة على الق ‪ .‬فإذا التقى مع إخوانه من سائر‬
‫أقطار الدنيا وتذاكروا فيما يب عليهم وما شرع ال لم كان ذلك من أعظم السباب ف‬
‫توحيد كلمتهم واستقامتهم على دين ال وتعارفهم وتعاونم على الب والتقوى‪.‬‬
‫فالج فيه منافع عظيمة‪ ،‬فيه خيات كثية؛ فيه دعوة إل ال‪ ،‬وتعليم وإرشاد‪ ،‬وتعارف‪،‬‬
‫وتعاون على الب والتقوى‪ ،‬بالقول والفعل العنوي والادي؛ ولذا يشرع لميع الجاج‬
‫والعمار أن يكونوا متعاوني على الب والتقوى‪ ،‬متناصحي‬

‫‪) (88‬رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور ‪ ،‬برقم ‪ ، 1521‬ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم‬
‫‪1350‬‬
‫‪) (89‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪197‬‬
‫‪) (90‬سورة النحل ‪ ،‬الية ‪125‬‬
‫حريصي على طاعة ال ورسوله‪ ،‬متهدين فيما يقربم إل ال‪ ،‬متباعدين عن كل ما حرم ال‪.‬‬
‫وأعظم ما أوجبه ال توحيده وإخلص العبادة له ف كل مكان وف كل زمان‪ ،‬ول سيما ف‬
‫هذه البقعة العظيمة الباركة ‪ ،‬فإن من الواجب إخلص العبادة ل وحده ف كل مكان وف‬
‫كل زمان ‪ ،‬وف هذا الكان أعظم وأوجب ‪ ،‬فيخلص الاج ل عمله وقوله من طواف وسعي‬
‫ودعاء وغي ذلك ‪ ،‬وهكذا ف بقية العمال كلها ل وحده جل وعل مع الذر من معاصي‬
‫ال عز وجل‪ ،‬ومع الذر من ظلم العباد وإيذائهم بقول أو عمل‪ .‬فالؤمن يرص كل الرص‬
‫على نفع إخوانه والحسان إليهم وتوجيههم إل الي ‪ ،‬وبيان ما قد يهلون من أمر ال‬
‫وشرعه‪ ،‬مع الذر من إيذائهم وظلمهم‪ :‬ف دمائهم وأموالم وأعراضهم ؛ فالسلم أخو السلم‬
‫ل يظلمه ول يقره ول يذله‪ ،‬بل يب له كل خي ويكره له كل شر أينما كان‪ ،‬ولسيما ف‬
‫بيت ال العتيق وف حرمه المي وف بلد رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فإن ال جعل هذا الرم‬
‫آمنا ‪ ،‬جعله آمنا من كل ما يافه الناس‪ .‬فعلى السلم أن يرص على أن يكون مع أخيه ف‬
‫غاية من المانة ‪ ،‬ينصحه ويرشده ول يغشه ول يونه ول يؤذيه ‪ ،‬ل بقول ول بعمل‪ ،‬فقد‬
‫جعل ال هذا الرم آمنا‪ ،‬كما قال تعال‪" :‬وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا" (‪ ، )91‬وقال‬
‫جل وعل‪" :‬أو ل نكن لم حرما آمنا يب إليه ثرات كل شيء رزقا من لدنا" (‪. )92‬‬
‫فالؤمن يرص كل الرص على تقيق هذا المن‪ ،‬وأن يكون بنفسه حريصا على الحسان‬
‫لخيه وإرشاده إل ما ينفعه ومساعدته دنيا و دينا على كل ما فيه راحة ضميه‪ ،‬وإعانته على‬
‫أداء الناسك‪ ،‬كما أنه يرص كل الرص على البعد عن كل ما حرم ال من سائر العاصي ‪،‬‬
‫ومن جلة ذلك إيذاء العباد‪ ،‬فإن ذلك من أكب الحرمات ‪ ،‬وإذا كان مع حجاج بيت ال‬
‫الرام ومع العمار صار الظلم أكثر إثا‪ ،‬وأشد عقوبة‪ ،‬وأسوأ عاقبة‪.‬‬
‫فالج والعمرة نسكان عظيمان من أعظم العبادة الت يترتب عليها خي عظيم‪ ،‬ومنافع جة‪،‬‬
‫وعواقب حيدة لسائر السلمي ف سائر أقطار الدنيا‪ ،‬فالصلوات المس يتمع فيها العباد ف‬
‫كل بلد يتعارفون ويتناصحون ويتعاونون على الب والتقوى ‪ ،‬لكن الج يتمع فيه العال من‬

‫‪) (91‬سورة البقرة‪ ،‬الية ‪125‬‬


‫‪) (92‬سورة القصص ‪ ،‬الية ‪57‬‬
‫كل مكان‪ .‬فإذا كانت الصلوات هي من الي العظيم لجتماعهم عليها ف أوقات خسة‪،‬‬
‫فهكذا الج ف كل عام فيه خي عظيم‪ ،‬والمر فيه أوجب وأعظم من جهة دعوة الناس إل‬
‫الي؛ لنم يأتون من كل فج عميق ‪ ،‬وقد ل تلقى أخاك الذي تراه ف الج بعد ذلك‪،‬‬
‫وهكذا الرأة عليها أن ترص وأن تبذل وسعها ف إرشاد أخواتا ف ال ما علمها ال‪ ،‬فالرجل‬
‫يرشد إخوانه وأخواته ف ال من حجاج بيت ال الرام وزوار مسجد رسوله صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬والرأة كذلك ترشد إخوانا وأخواتا ف ال – ما تعلم‪ -‬من الجاج والعمار‪.‬‬
‫هكذا يكون الج وهكذا تكون العمرة‪ ،‬فيهما التعاون والتواصي بالق والتناصح وإرشاد إل‬
‫الي وبذل العروف وكف الذى أينما كان الجاج والعمار‪ ،‬ف السجد الرام وف خارج‬
‫السجد ‪ ،‬ف الطواف وف السعي وف رمي المار وف غي ذلك‪ ،‬يرص كل واحد على كل‬
‫ما ينفع أخاه ويدرأ عنه الذى ف جيع أرجاء البلد الكري‪ ،‬وف جيع مشاعر الج؛ يرجو من‬
‫ال الثوبة ويذر مغبة الظلم والذى لخوانه السلمي‪ ،‬وهذا كله داخل ف قوله سبحانه‪" :‬إن‬
‫أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالي" (‪ ، )93‬وإنا كان مباركا وهدى‬
‫للعالي ؛ لا يصل لقاصديه من الي العظيم ف هذا البيت العتيق ‪ ،‬من الطواف والسعي‬
‫والتلبية والذكار العظيمة‪ ،‬يهتدون با إل توحيد ال وطاعته ‪ ،‬ويصل لم من التعارف‬
‫والتلقي والتواصي والتناصح ما يهتدون به إل الق ‪ ،‬ولذا سى ال بيته مباركا وهدى‬
‫للعالي؛ لا يصل فيه من البكة والي العظيم‪ ،‬من تلبية وأذكار وطاعة عظيمة‪ ،‬تُبصر العباد‬
‫بربم وتوحيده ‪ ،‬وتذكرهم با يب عليهم نوه سبحانه‪ ،‬ونو رسوله عليه الصلة والسلم‪،‬‬
‫وتذكرهم با يب عليهم نو إخوانم الجاج والعمار‪ ،‬من تناصح ‪ ،‬وتعاون‪ ،‬وتواص بالق‪،‬‬
‫ومواساة للفقي ‪ ،‬ونصر للمظلوم‪ ،‬وردع للظال‪ ،‬وإعانة على كل وجوه الي‪.‬‬
‫هكذا ينبغي لجاج بيت ال الرام ولعماره‪ ،‬أن يوطنوا أنفسهم لذا الي العظيم‪ ،‬وأن‬
‫يستعدوا لكل ما ينفع إخوانم ‪ ،‬وأن يرصوا على بذل العروف وكف الذى ‪ ،‬كل واحد‬
‫مسؤول عما حّله ال حسب طاقته ‪ ،‬كما قال سبحانه وتعال‪" :‬فاتقوا ال ما استطعتم" (‪. )94‬‬

‫‪) (93‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪96‬‬


‫‪) (94‬سورة التغابن ‪ ،‬الية ‪16‬‬
‫أسأل ال تعال بأسائه السن وصفاته العلى أن يوفقنا وجيع السلمي لا فيه رضاه وصلح‬
‫عباده‪ ،‬وأن يوفق حجاج بيته العتيق وعماره لا فيه صلحهم وناتم ولا فيه قبول حجهم‬
‫وقبول عمرتم ولكل ما فيه صلح أمر دينهم ودنياهم‪ .‬كما أسأله سبحانه أن يرد جيع‬
‫الجاج إل بلدهم سالي موفقي مسترشدين‪ ،‬مستفيدين من حجهم ما يسبب ناتم من‬
‫النار ودخولم النة واستقامتهم على الق أينما كانوا‪.‬‬
‫كما أسأل ال أن يوفق ولة أمرنا ف هذه البلد لكل خي‪ ،‬ولكل ما يعي الجاج على أداء‬
‫مناسكهم على الوجه الذي يرضيه سبحانه‪ .‬وقد فعلت الدولة وفقها ال الشيء الكثي من‬
‫الشاريع والعمال الت تساعد الجاج على أداء مناسكهم‪ ،‬وتؤمنهم ف رحاب هذا البيت‬
‫العتيق ‪ ،‬فجزاها ال خيا وضاعف مثوبتها‪.‬‬
‫ولشك أن الواجب على الجاج أن يبتعدوا عن كل ما يسبب الذى والتشويش من سائر‬
‫العمال‪ ،‬كالظاهرات والتافات والدعوات الضللة والسيات الت تضايق الجاج وتؤذيهم‪،‬‬
‫إل غي ذلك من أنواع الذى الت يب أن يذرها الجاج‪.‬‬
‫وسبق أن أوضحنا الواجب على الجاج بأن يكون كل واحد منهم حريصا على نفع أخيه‬
‫وتيسي أدائه مناسكه‪ ،‬وأن ل يؤذيه‪ ،‬ل ف طريق ول ف غيه‪ .‬كما أسأله أن يوفق الكومة‬
‫وأن يعينها على كل ما فيه نفع الجيج وتسهيل أداء مناسكهم‪ ،‬وأن يبارك ف جهودها‬
‫وأعمالا‪ ،‬وأن يوفق القائمي على شئون الج لكل ما فيه تيسي أمور الجيج‪ ،‬ولكل ما فيه‬
‫إعانتهم على أداء مناسكهم على خي حال‪ .‬كما أسأله عز وجل أن يوفق جيع ولة أمر‬
‫السلمي ف كل مكان لا فيه رضاه‪ ،‬وأن يصلح قلوبم وأعمالم‪ .‬وأن يصلح لم البطانة ‪،‬‬
‫وأن يعينهم على تكيم شريعة ال ف عباد ال‪ ،‬وأن يعيذنا وإياهم من اتباع الوى ومن‬
‫مضلت الفت‪ ،‬إنه جل وعل جواد كري ‪ ،‬وصلى ال وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا‬
‫ممد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان‪.‬‬
‫(‪)95‬‬
‫أهداف الج ومقاصده‬

‫بسم ال الرحن الرحيم ‪ ،‬المد ل رب العالي والعاقبة للمتقي‪ ،‬والصلة والسلم‬


‫على عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه وصفوته من خلقه نبينا ممد بن عبد ال ‪ ،‬إمام‬
‫الدعاة إليه ‪ ،‬صلى ال وسلم وكرم وبارك عليه وعلى آله وعلى أصحابه ومن تبعهم بإحسان‬
‫إل يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فإن أشكر ال عز وجل على ما من به من هذا اللقاء لخوة ف ال‪ ،‬للتناصح والتواصي بالق‪،‬‬
‫والتعاون على الب والتقوى‪ ،‬والدعوة إل الي‪ ،‬وبيان أهداف هذا الج العظيم والركن‬
‫الامس من أركان السلم؛ ليعلم الؤمن أهداف هذه العبادة ومقاصدها‪ ،‬فيكون لا أشوق ‪،‬‬
‫وف أداء الناسك أرغب‪ ،‬ويسأل ربه الزيد من كل خي‪ ،‬والعون على كل خي ‪ ،‬والقبول‬
‫لعمله‪ ،‬ث أشكر القائمي على هذا النادي الدب‪ ،‬وعلى رأسهم صاحب الفضيلة معال‬
‫الدكتور راشد الراجح على دعوتم لذا اللقاء‪ ،‬وأسأل ال أن يزيهم عن ذلك خيا‪ ،‬وأن‬
‫يضاعف مثوبتهم‪ ،‬وأن يتقبل منا جيعا أعمالنا وأقوالنا‪ ،‬وأن يعيينا على كل خي ‪ ،‬وأن يوفق‬
‫جيع السلمي لكل ما فيه رضاه‪ ،‬وأن يصلح أحوالم وينحهم الفقه ف الدين‪ ،‬وأن يول‬
‫عليهم خيارهم ‪ ،‬وأن ينصر دينه ويعلي كلمته‪ ،‬إنه جل وعل ول ذلك والقادر عليه‪.‬‬
‫أيها الخوة ف ال‪ :‬الج له أهداف عظيمة ومقاصد متنوعة وفيه منافع عاجلة وآجلة‪ ،‬منافع‬
‫ف الدنيا والخرة‪ ،‬من صلة وصوم وزكاة وحج وغي ذلك‪ ،‬كل شرائعه سبحانه فيها الي‬
‫العظيم والنافع المة للعباد ف عاجل أمرهم ف هذه الدنيا‪ ،‬من صلح القلوب ‪ ،‬واستقامة‬
‫الحوال والرزق الطيب ‪ ،‬وراحة الضمي‪ ،‬إل غي ذلك ‪ ،‬مع ما ف ذلك من العاقبة الميدة‪،‬‬
‫والفوز الكبي بدار النعيم‪ ،‬مع النظر إل وجهه جل وعل‪ ،‬والفوز برضاه‪.‬‬
‫ومن ذلك الج‪ ،‬وهو عبادة عظيمة سنوية شرعها ال للعباد؛ لا فيها من النافع العظيمة وما‬
‫تدف إليه من القاصد الليلة ولا يترتب عليها من خي ف الدنيا والخرة‪ ،‬وهي عبادة فريضة‬

‫‪) (95‬ماضرة لسماحته ألقاها بنادي مكة الثقاف الدب مساء يوم ‪26/11/1410‬هـ‬
‫على جيع الكلفي ف أقطار الدنيا‪ ،‬رجالً ونساءً ‪ ،‬إذا استطاعوا السبيل إليها ‪ ،‬كما قال جل‬
‫وعل‪" :‬ول على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلً" (‪ ، )96‬وف الصحيحي عن ابن عمر‬
‫رضي ال تعال عنهما عن النب صلى ال عليه وسلم قال‪" :‬بن السلم على خس‪ :‬شهادة أن‬
‫ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال‪ ،‬وإقام الصلة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان‪ ،‬وحج البيت "‬
‫(‪ . )97‬فهذه الدعائم المس هي أركان السلم وهي عموده الت يقوم بناؤه عليها‪ ،‬وكان‬
‫فرضه ف السنة التاسعة أو العاشرة من الجرة‪ .‬وف صحيح مسلم من حديث عمر رضي ال‬
‫تعال عنه ف سؤال جبائيل عن السلم واليان قال له عليه الصلة والسلم ‪" :‬السلم أن‬
‫تشهد أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال‪ ،‬وتقيم الصلة ‪ ،‬وتؤت الزكاة‪ ،‬وتصوم رمضان‪،‬‬
‫وتج البيت إن استطعت إليه سبيلً" (‪ . )98‬وف الصحيحي عن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫قال‪" :‬من أتى هذا البيت فلم يرفث ول يفسق رجع كيوم ولدته أمه" (‪ . )99‬وهذا يعم الج‬
‫والعمرة جيعا‪ .‬وف الصحيحي عن أب هريرة رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫قال‪" :‬العمرة إل العمرة كفارة لا بينهما‪ ،‬والج البور ليس له جزاء إل النة" (‪. )100‬‬
‫هذا من مقاصد الج ومقاصد العمرة‪ ،‬فمن أداها على الوجه الرضي كان جزاؤه النة‬
‫والكرامة وغفران الذنوب وحط الطايا‪ .‬ويا لذا الدف من خي عظيم وفضل كبي‪ .‬إن من‬
‫أتى هذا البيت ملصا ل جل وعل يريد وجهه الكري ‪ ،‬من قريب أو بعيد‪ ،‬ث أدى هذا الج‬
‫على وجه الب ل رفث فيه ول فسوق ‪ ،‬فإن ال جل وعل يكتب له به النة وغفران‬
‫الذنوب ‪ ،‬وهكذا العمرة‪ ،‬يقول ‪" :‬من أتى هذا البيت" ‪ ،‬ويقول صلى ال عليه وسلم‪" :‬العمرة‬
‫إل العمرة كفارة لا بينهما"‪.‬‬

‫‪) (96‬سورة آل عمران‪ ،‬الية ‪97‬‬


‫‪) (97‬رواه البخاري ف (اليان) باب بن السلم على خس برقم ‪ ، 8‬ومسلم ف (اليان) باب بيان أركان السلم ودعائمه العظام‬
‫برقم ‪16‬‬
‫‪) (98‬رواه مسلم ف (اليان) باب بيان اليان والسلم والحسان برقم ‪8‬‬
‫‪) (99‬رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور برقم ‪ ، 1521‬ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم‬
‫‪1350‬‬
‫‪) (100‬رواه البخاري ف (الج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم ‪ ، 1773‬ومسلم ف (الج) باب ف فضل الج والعمرة ويوم عرفة‬
‫برقم ‪1349‬‬
‫هذا الدف العظيم لقاصدي هذا البلد البارك هو مطلب كل مؤمن وكل مؤمنة ‪ ،‬الفوز بالنة‬
‫والنجاة من النار وغفران الذنوب وحط الطايا‪ ،‬وال جل وعل أخب عن خليله إبراهيم عليه‬
‫الصلة والسلم ‪ ،‬أنه دعا لهل هذا البلد ‪ ،‬فقال جل وعل على لسان خليله إبراهيم‪" :‬ربنا‬
‫وابعث فيهم رسولً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والكمة ويزكيهم إنك أنت‬
‫العزيز الكيم" (‪. )101‬‬
‫واستجاب ال هذا الدعاء ‪ ،‬فبعث خليله ممد عليه الصلة والسلم ‪ ،‬ف هذه المور الت بينها‬
‫‪ ،‬يتلو عليهم كتاب ال النل ‪ ،‬ويعلمهم الكتاب وهو القرآن ‪ ،‬والكمة وهي السنة‪،‬‬
‫ويزكيهم با بعثه ال به من الخلق العظيمة والعبادات الرفيعة التنوعة ‪ ،‬ويطهرهم من‬
‫الخلق الذميمة والصفات النكرة‪.‬‬
‫فالسلم طهرة لم وزكاة لم من جيع أعمالم وجيع أخلقهم النحرفة ‪ ،‬وتوجيه لم إل‬
‫طيب العمال وزكي العمال ‪ ،‬ومن ذلك الج‪.‬‬
‫وال بعث ممدا وسائر النبياء با فيه طهارة القلوب وطهارة العمال‪ ،‬وصلح القلوب‬
‫وصلح العمال‪ ،‬وصلح الخلق‪.‬‬
‫فمن الزكاة والطهرة إقام الصلوات كما شرعها ال‪ ،‬وأداء الزكاة كما شرعها ال‪ ،‬وصوم‬
‫رمضان كما شرعه ال‪ ،‬وحج البيت كما شرعه ال‪ ،‬وهكذا أداء بقية الوامر مع اجتناب‬
‫النواهي‪.‬‬
‫فالرسل عليهم الصلة والسلم وعلى رأسهم خاتهم وإمامهم نبينا ممد عليه الصلة والسلم‪،‬‬
‫بعثوا ليطهروا الناس من أخلقهم الذميمة وأعمالم البيثة‪ ،‬ويزكوهم بالعمال الطيبة‬
‫والخلق الكرية ‪ ،‬الت أعظمها وأساسها توحيد ال سبحانه وتعال‪ ،‬وإخلص العبادة له جل‬
‫وعل ف جيع الحوال ‪ ،‬وترك عبادة ما سواه‪ ،‬واليان به ورسله ‪ ،‬وبكل ما أخب ال به‬
‫ورسله عما كان وما يكون‪ ،‬واليان بنبيه ممد‬

‫‪) (101‬سورة البقرة‪ ،‬الية ‪129‬‬


‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬والستقامة على دينه ‪ ،‬هذا أصل هذا الدين وأساسه ‪ ،‬توحيد ال‬
‫والخلص له‪ ،‬وهو أعظم هدف للحج وأعظم مقصد‪ ،‬أن يأت العبد ملصا ل‪ ،‬يقصد وجهه‬
‫الكري ويلب ويقول ‪" :‬لبيك ل شريك لك" يريد إخلص العبادة له وحده‪ ،‬يريد توجيه قلبه‬
‫وعمله ل سبحانه وتعال ويكرر ‪" :‬لبيك اللهم لبيك" ‪ ،‬يعن‪ :‬أنا عبدك مقيم لعبادتك إقامة‬
‫بعد إقامة‪ ،‬وميب لدعوتك على دين رسولك وخليلك إبراهيم وعلى دين حفيده ممد عليه‬
‫الصلة والسلم‪ ،‬ميب لذلك إجابة بعد إجابة‪ ،‬أقصد وجهك ‪ ،‬وأخلص لك العمل‪ ،‬وأنيب‬
‫إليك ف جيع العمال‪ ،‬من صلة وحج وغي ذلك‪" :‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ل شريك لك‬
‫لبيك ‪ ،‬إن المد والنعمة لك واللك ل شريك لك"‪ .‬هذا أول شيء يبدأ به قاصد البيت‬
‫العتيق ‪ ،‬إخلص العبادة ل وحده‪ ،‬والتوجه إليه‪ ،‬والقرار بأنه سبحانه الواحد الحد‪ ،‬ل‬
‫شريك له ف اللق والتدبي واللك‪ ،‬ول ف الساء والصفات‪ ،‬فله الساء الكاملة‪ ،‬والصفات‬
‫الكاملة العالية جل وعل‪ ،‬ل شبيه له ول مثيل له ف ذلك‪ ،‬وله العبادة وحده دون كل ما‬
‫سواه‪ ،‬فهو متص بالعبادة وحده دون كل ما سواه كما قال جل وعل‪" :‬وما أمروا إل ليعبدوا‬
‫ال ملصي له الدين" (‪ ، )102‬وقال عز وجل‪" :‬فاعبد ال ملصا له الدين‪ .‬أل ل الدين‬
‫الالص" (‪ ، )103‬وقال سبحانه‪" :‬إياك نعبد وإياك نستعي" (‪ ، )104‬وقال عز وجل‪" :‬ذلك بأن‬
‫ال هو الق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل" (‪. )105‬‬
‫فالعبادة حقه وما سواه معبود بالباطل ‪ ،‬فمن عبد الرسل أو النبياء أو اللئكة أو الصالي أو‬
‫الن أو الصنام أو غي ذلك فقد عبد الباطل‪ ،‬فالرسل أفضل عباد ال‪ ،‬لكن ل حق لم ف‬
‫العبادة‪ ،‬فالعبادة حق ال‪ ،‬واللئكة والصالون من خي عباد ال‪ ،‬من جن وإنس‪ ،‬لكن ل حق‬
‫لم ف العبادة‪ .‬العبادة حق ال وحده ليس له فيها شريك قال عز وجل‪" :‬وقضى ربك أل‬

‫‪) (102‬سورة البينة ‪ ،‬الية ‪5‬‬


‫‪) (103‬سورة الزمر ‪ ،‬اليتان ‪3 ،2‬‬
‫‪) (104‬سورة الفاتة‪ ،‬الية ‪5‬‬
‫‪) (105‬سورة الج ‪ ،‬الية ‪62‬‬
‫تعبدوا إل إياه" (‪ ، )106‬وقال سبحانه‪" :‬وأن الساجد ل فل تدعو مع ال أحدا"(‪ ،)107‬وقال‬
‫جل وعل ‪" :‬ذلكم ال ربكم له اللك والذين تدعون من دونه ما يلكون من قطمي‪ .‬إن‬
‫تدعوهم ل يسمعوا دعائكم ولو سعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ول‬
‫ينبئك مثل خبي " (‪. )108‬‬
‫فبي سبحانه أن الدعوة لغيه شرك بال تعال‪ ،‬سواء كان الدعو ملكا أو رسولً أو نبيا أو‬
‫صالا أو جنيا أو صنما أو غي ذلك‪ .‬ويقول جل وعل‪" :‬ومن يدع مع ال إلا ءاخر ل‬
‫برهان له به فإنا حسابه عند ربه إنه ل يفلح الكافرون" (‪ ، )109‬فسماهم كفرة بذلك‪.‬‬
‫فمن أعظم مقاصد الج وأعظم أهدافه إخلص العبادة ل وحده‪ ،‬وتوجيه القلوب إليه جل‬
‫وعل‪ ،‬إيانا بأنه يستحق العبادة‪ ،‬وإيانا بأنه العبود بالق‪ ،‬وإيانا بأنه رب العالي وحده‪ ،‬وأنه‬
‫صاحب الساء والصفات الكرية وحده ل شريك له ول شبيه له ول ند له سبحانه وتعال‪.‬‬
‫وقد أشار إل هذا ف قوله جل وعل‪" :‬وإذ بوأنا لبراهيم مكان البيت أل تشرك ب شيئا‬
‫وطهر بيت للطائفي والقائمي والركع السجود" (‪ ، )110‬وف البقرة‪" :‬وإذ جعلنا البيت مثابة‬
‫للناس وأمنا واتذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إل إبراهيم وإساعيل أن طهرا بيت‬
‫للطائفي والعاكفي والركع السجود" (‪ . )111‬يعبدانه وحده عند بيته الكري‪ ،‬ويطهران ما‬
‫حول البيت من الصنام والوثان وسائر ما حرم ال من النجاسات ومن كل ما يؤذي الجيج‬
‫أو العمار أو يشغلهم عن هدفهم‪ .‬فالبيت للمصلي وللطائفي وللعاكفي وهم القيمون عنده‬
‫يعبدون ال فيه وف حرمه‪ ،‬يب أن يطهر لم من كل ما يصد عن سبيل ال‪ ،‬أو يلهي‬
‫الوافدين إليه من قول أو عمل‪ .‬ث يقول سبحانه بعد ذلك‪" :‬وأذن ف الناس بالج يأتوك‬
‫رجالً وعلى كل ضامر يأتي من كل فج عميق " (‪. )112‬‬
‫‪) (106‬سورة السراء‪ ،‬الية ‪23‬‬
‫‪) (107‬سورة الن‪ ،‬الية ‪18‬‬
‫‪) (108‬سورة فاطر ‪ ،‬اليتان ‪14 ،13 ،‬‬
‫‪) (109‬سورة الؤمنون‪ ،‬الية ‪117‬‬
‫‪) (110‬سورة الج‪ ،‬الية ‪26‬‬
‫‪) (111‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪125‬‬
‫‪) (112‬سورة الج ‪ ،‬الية ‪27‬‬
‫وقد أذن إبراهيم عليه الصلة والسلم ف الناس وأسع صوته لن شاء من العباد وأجاب الناس‬
‫هذه الدعوة الباركة من عهد إبراهيم إل يومنا هذا‪.‬‬
‫وقد جاء ف آثار فيها نظر أن آدم حج البيت ومن بعده إل عهد إبراهيم‪ ،‬ولكن الدلة الثابتة‬
‫أن أول من قام بتعميه والدعوة إليه هو إبراهيم عليه الصلة والسلم ولكن ال حرمه يوم‬
‫خلق السموات والرض ث حرمه برمة ال إل يوم القيامة‪ .‬ث قال جل وعل‪" :‬ليشهدوا منافع‬
‫لم" (‪ ، )113‬أطلقها وأبمها لعظمها وكثرتا‪ ،‬منافع عاجلة وآجلة ‪ ،‬منافع دنيوية وأخروية‪،‬‬
‫فمنها وأعظمها ليشهدوا توحيده والخلص له‪ ،‬ف الطواف ببيته‪ ،‬والصلة ف رحاب بيته‪،‬‬
‫والدعوة له سبحانه‪ ،‬والنابة إليه‪ ،‬والضراعة إليه بأن يقبل حجهم‪ ،‬ويغفر لم ذنوبم‪ ،‬ويردهم‬
‫سالي إل بلدهم‪ ،‬وين عليهم بالعودة إليه مرة بعد مرة‪ ،‬ليضرعوا إليه جل وعل‪.‬‬
‫هذه أعظم النافع ‪ ،‬أن يعبدوه وحده ‪ ،‬وأن يأتوا قاصدين وجهه الكري ل رياء ول سعة‪ ،‬بل‬
‫جاءوا ليطوفوا ف بيته‪ ،‬وليعظموه ‪ ،‬وليصلوا ف رحاب بيته ويسألوه من فضله جل وعل ‪.‬‬
‫هذه أعظم النافع وأكبها ‪ ،‬توحيده والخلص له‪ ،‬والقرار بذلك بي عباده‪ ،‬والتواصي‬
‫بذلك بي العباد الوافدين‪ .‬يتعرفون هذا المر العظيم‪ ،‬ويلبون بأصوات يسمعها كل أحد؛‬
‫ولذا شرع ال رفع الصوت بالتلبية‪ ،‬ليعرفوا هذا العن‪ ،‬وليحققوه‪ ،‬وليتعهدوه ف قلوبم‬
‫وألسنتهم‪.‬‬
‫وف الديث عن الرسول صلى ال عليه وسلم قال‪" :‬إن جبائيل أتان فأمرن أن آمر أصحاب‬
‫أن يرفعوا أصواتم بالهلل" (‪. )114‬‬
‫فالسنة رفع الصوت بذه التلبية ‪ ،‬حت يعلمها القاصي والدان‪ ،‬ويتعلمها الكبي والصغي ‪،‬‬
‫والرجل والرأة‪ ،‬وحت يستشعر معناها ويتحقق معناها‪ ،‬وأن معناها إخلص العبادة ل وحده‪،‬‬
‫واليان بأنه إلهم الق ‪ ،‬خالقهم ورازقهم ومعبودهم جل وعل ف الج وغيه‪.‬‬
‫ومن مقاصد الج أن يتعارف السلمون ويتواصوا بالق ويتناصحوا‪.‬‬

‫‪) (113‬سورة الج ‪ ،‬الية ‪28‬‬


‫‪) (114‬رواه المام أحد ف (مسند الدنيي) حديث السائب بن خلد برقم ‪ ،16122‬والترمذي ف (الج) باب ما جاء ف رفع‬
‫الصوت بالتلبية برقم ‪829‬‬
‫يأتون من كل فج عميق من غرب الرض وشرقها وجنوبا وشالا‪ ،‬يتمعون ف بيت ال‬
‫العتيق ‪ ،‬ف عرفات‪ ،‬ف مزدلفة‪ ،‬ف من‪ ،‬ف رحاب مكة‪ ،‬يتعارفون ويتناصحون ‪ ،‬ويعلم‬
‫بعضهم بعضا‪،‬ويرشد بعضهم بعضا ويساعد بعضهم بعضا ويواسي بعضهم بعضا‪ ،‬مصال‬
‫عاجلة وآجلة‪ ،‬مصال التعليم والتوجيه والرشاد والدعوة إل سبيل ال‪ ،‬وتعليم مناسك الج‪،‬‬
‫وتعليم الصلة ‪ ،‬وتعليم الزكاة‪ ،‬يسمعون من العلماء ما ينفعهم ؛ لن ال بعث ممدا صلى‬
‫ال عليه وسلم با يزكيهم وبا يعلمهم الكتاب والكمة‪ ،‬فيسمعون ف رحاب بيت ال العتيق‬
‫وف رحاب مسجد رسول ال صلى ال عليه وسلم إن ذهبوا إليه وزاروه‪ ،‬يسمعون من العلماء‬
‫ما فيه من الداية والرشاد إل طريق الرشاد‪ ،‬وسبيل السعادة إل توحيد ال والخلص له‪ ،‬إل‬
‫ما أوجبه على عباده من الطاعات ‪ ،‬وإل ما حرم عليهم من العاصي ليحذروها ‪ ،‬وليعرفوا‬
‫حدود ال ويتعاونوا على الب والتقوى‪.‬‬
‫فمن أعظم النافع وأجلها أن يتعلموا دين ال‪ ،‬ويتبصروا ف رحاب البيت العتيق ‪ ،‬ورحاب‬
‫السجد النبوي ‪ ،‬من العلماء والرشدين والذكرين ما قد يهلون من أحكام دينهم‪ ،‬وما قد‬
‫يهلون من أحكام حجتهم وعمرتم‪ ،‬حت يؤدوها على علم وبصية‪ ،‬وحت يعبدوا ال ف‬
‫أرضهم وأينما كانوا على علم وبصية‪.‬‬
‫من هنا نبع هذا العلم‪ ،‬ونبع علم التوحيد وصدر‪ ،‬ث من الدينة‪ ،‬ث من سائر هذه الزيرة‪ ،‬ومن‬
‫سائر بلد ال الت وصلها العلم وأهله‪ ،‬لكن أصله من هنا من رحاب بيت ال العتيق‪.‬‬
‫فعلى العلماء أينما كانوا‪ ،‬وعلى الدعاة أينما كانوا ‪ ،‬ول سيما هنا ف رحاب بيت ال‪ ،‬أن‬
‫يعلموا الناس ‪ ،‬أن يعلموا الجيج ويعلموا العمار ويعلموا القاطني والوافدين والزائرين‪،‬‬
‫يعلمونم مناسك حجهم‪ ،‬يعلمونم لاذا خلقوا‪ ،‬وباذا أمروا‪ ،‬خلقوا ليعبدوا ال‪ ،‬وأمروا بعبادة‬
‫ال‪" : ،‬وما خلقت الن والنس إل ليعبدون" (‪" : ، )115‬يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي‬
‫خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون" (‪. )116‬‬

‫‪) (115‬سورة الذاريات ‪ ،‬الية ‪56‬‬


‫‪) (116‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪21‬‬
‫فعلى العلماء –وفقهم ال‪ -‬أينما كانوا‪ ،‬ولسيما الوجودين ف رحاب بيت ال العتيق ‪ ،‬أن‬
‫يعلموا الناس ‪ ،‬أن يعلموا ضيوف بيت ال الرام‪ ،‬وأن يرشدوهم ف الساجد وف الطرقات‬
‫وف السيارة وف الطائرة وف السفينة‪ ،‬ف أي مكان‪ ،‬عليهم أن يعلموهم دينهم وما خلقوا له‪،‬‬
‫وأن يرشدوهم إل أسباب النجاة ‪ ،‬وأن يذروهم من أسباب اللك‪ ،‬وعليهم بوجه خاص أن‬
‫يعلموهم مناسك حجهم وعمرتم الت جاءوا ليؤدوها‪ ،‬يعلموهم ف البيوت إذا اجتمعوا ف‬
‫البيوت‪ ،‬وف اليمة وف الطريق وف السجد وف السيارة وف الطائرة وف السفينة وف أي‬
‫مكان‪ ،‬هكذا الؤمن هكذا العال هكذا طالب العلم ل يدع فرصة إل انتهزها للتعليم والتوجيه‬
‫والرشاد‪ ،‬والؤمن هكذا ل يدع فرصة إل انتهزها للتعلم والستفادة من العال وطالب العلم‬
‫أينما كان‪ ،‬ول سيما ف رحاب بيت ال العتيق ف أيام الج‪ ،‬هذا الوسم العظيم‪.‬‬
‫فالسلم مأمور بالتعلم وبالتفقه أينما كان ف أي مكان وزمان‪ ،‬ولكن ف رحاب بيت ال‬
‫العتيق المر أعظم‪ ،‬هذا له خصائص والاجة ماسة والج حاضر فأنت ف أشد الاجة إل أن‬
‫تتعلم‪ ،‬ويب عليك أن تتعلم؛ يقول النب صلى ال عليه وسلم ف الديث الصحيح‪" :‬من يرد‬
‫ال به خيا يفقهه ف الدين" (‪ )117‬رواه الشيخان‪.‬‬
‫فمن علمات الي لك والسعادة أن تتفقه ف دين ال‪ ،‬هنا ف بلد ال العتيق وف بلدك وف‬
‫أي أرض كنت من أرض ال مت وجدت العال‪ ،‬مت وجدت العلم فانتهز الفرصة ول تتكب‬
‫ول تكسل‪ ،‬فالعلم ل يناله التكبون ول يناله الكسال والعاجزون‪ ،‬فهو يتاج إل نشاط وهة‬
‫عالية‪ ،‬ول يناله الستحون‪ ،‬وهو ليس حياء ف القيقة الذي ينع من العلم‪ ،‬ولكنه خور‬
‫وضعف وعجز؛ يقول ماهد رحه ال التابعي الليل‪" :‬ل يتعلم العلم مست ٍح ومستكب" ‪.‬‬
‫الؤمن عادة ل يستحي ف هذا‪ ،‬يتقدم والؤمنة كذلك‪ ،‬كل منهما يتقدم‪ ،‬يسأل ويبحث‬
‫ويبدي ما لديه من الشكال حت يزول إشكاله‪.‬‬
‫ومن علمات السعادة والتوفيق والي أن تتعلم وأن تتفقه ف دين ال؛ يقول صلى ال عليه‬
‫وسلم‪" :‬من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل ال به طريقا إل النة" (‪. )118‬‬
‫‪) (117‬رواه البخاري ف (العلم) باب من يرد ال به خيا يفقهه ف الدين برقم ‪ ، 71‬ومسلم ف (الزكاة) باب النهي عن السألة برقم‬
‫‪1037‬‬
‫‪) (118‬رواه مسلم ف (الذكر والدعاء والستغفار والتوبة) باب فضل الجتماع على تلوة القرآن برقم ‪2699‬‬
‫وف الصحيحي عن أب موسى الشعري أن النب صلى ال عليه وسلم قال‪" :‬مثل ما بعثن ال‬
‫به من الدى والعلم كمثل الغيث الكثي أصاب أرضا ‪ ،‬فكان منها نقية قبلت الاء فأنبتت‬
‫الكل والعشب الكثي ‪ ،‬وكان منها أجادب أمسكت الاء ‪ ،‬فنفع ال با الناس‪ ،‬فشربوا وسقوا‬
‫وزرعوا ‪ ،‬وأصابت منها طائفة أخرى‪ ،‬إنا هي قيعان ل تسك ماء ول تنبت كل ‪ ،‬فذلك مثل‬
‫من فقه ف دين ال ونفعه ما بعثن ال به فعلم وعلّم‪." ..‬‬
‫(‪ )119‬فعلى كل مؤمن ومؤمنة التفقه ف دين ال‪.‬ومن أهداف الج والعمرة التبصر والتفكر ف‬
‫دين ال وهذا من أعظم النافع‬
‫ومن منافع الج نشر العلم بي الجاج لن جاء وافدا وعنده علم أيضا ينشره بي الناس مع‬
‫إخوانه ف مكة‪ ،‬ينشر العلم بي الجيج وبي رفقائه‪ ،‬وف الطريق‪ ،‬ف السيارة‪ ،‬ف الطائرة‪ ،‬ف‬
‫اليمة‪ ،‬ف كل مكان ينشر علمه‪ ،‬فرصة ساقها ال إليك؛ فمن أهداف الج أن تنشر علمك‪،‬‬
‫وأن توضح للناس ما لديك‪ ،‬لكن بالعتماد على قول ال ورسوله ل بالراء الارجة عن‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬تعلّم الناس عن كتاب ال وعن سنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وعما‬
‫استنبطه أهل العلم من كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ل عن جهل وعدم بصية‬
‫بل بالعلم والبصية‪" :‬قل هذه سبيلي أدعو إل ال على بصية " (‪.)120‬‬
‫ومن أهداف الج ومقاصده ومنافعه الستكثار من الصلوات والطواف‪": :‬ث ليقضوا تفثهم‬
‫وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق" (‪ . )121‬فعلى الاج والعتمر أن يكثر من الطواف‬
‫مت قدر عليه من غي مزاحة ول مشقة‪ ،‬والكثار من الصلة ف الرم وف مساجد مكة‪،‬‬
‫فالصواب أن التفضيل ف الثواب يعم الساجد كلها‪ ،‬يعم الرم كله‪ ،‬وهو أرجح ما قاله‬
‫العلماء‪ .‬فاغتنم الفرصة ف السجد الرام وف مساجد مكة وف بيتك‪ ،‬تطوع من الطواف‬
‫والكثار من الصلة والكثار من التسبيح والتهليل والذكر والمر بالعروف والنهي عن النكر‬
‫والدعوة إل ال‪.‬‬

‫‪) (119‬رواه البخاري ف (العلم) باب فضل من علم وعلّم برقم ‪ ،79‬ومسلم ف (الفضائل ) باب مثل ما بعث به النب صلى ال عليه‬
‫وسلم من الدى والعلم برقم ‪2282‬‬
‫‪) (120‬سورة يوسف‪ ،‬الية ‪108‬‬
‫‪) (121‬سورة الج ‪ ،‬الية ‪29‬‬
‫فانتهز فرصة اجتماع هذا المع الغفي من الناس من أفريقيا وأوربا وأمريكا وآسيا وغيها‪،‬‬
‫واحرص على التبليغ عن ال‪ ،‬وعلم ما أعطاك ال‪ ،‬ث احرص على العمل الصال من صلة‬
‫وطواف ‪ ،‬ودعوة إل ال‪ ،‬وتسبيح وتليل‪ ،‬وذكر وقراءة قرآن‪ ،‬وأمر بالعروف وني عن‬
‫النكر‪ ،‬وعيادة الريض ‪ ،‬وإرشاد اليان إل غي ذلك من وجوه الي‪.‬‬
‫ومن منافع الج العظيمة إيفاء ما عليك من نذور ‪ ،‬من عبادات نذرتا تؤدى ف السجد‬
‫الرام‪ ،‬ومن هدايا تذبها ف من وف مكة‪ ،‬ومن صدقات تؤديها‪ ،‬وإن كان النذر ل ينبغي‪،‬‬
‫فالنب صلى ال عليه وسلم قال‪" :‬النذر ل يأت بي" (‪ ، )122‬ولكن إن نذرت طاعة وجب‬
‫الوفاء با؛ يقول النب صلى ال عليه وسلم‪" :‬من نذر أن يطيع ال فليطعه" (‪ . )123‬إذا فإن‬
‫نذرت ف هذا الرم صلة أو طوافا أو غي ذلك ‪ ،‬فيجب أن تؤديها ف هذا البلد الرام‬
‫"وليوفوا نذورهم" (‪ )124‬ومن القاصد العظيمة والهداف العظيمة للحج أن تواسي الفقي‬
‫وتسن إليه‪ ،‬من الجاج وغي الجاج‪ ،‬ف هذا البلد المي وف الطريق وف الدينة النورة‪،‬‬
‫تواسي ما أعطاك ال ‪ ،‬تواسي الجيج الفقراء ‪ ،‬تواسي من قصرت به النفقة‪ ،‬من عدموا‬
‫القدرة على الدي‪.‬‬
‫هذه هي الهداف والقاصد العظيمة‪ ،‬وقد أطلقها عز وجل‪" :‬ليشهدوا منافع لم" (‪ ، )125‬ف‬
‫منافع منوعة‪ ،‬ومواساة الجيج الفقراء ‪ ،‬والحسان إليهم‪ ،‬وسد خلتهم ما أعطاك ال عز‬
‫وجل‪ ،‬أو الشفاعة لم عند من يعطيهم ويسن إليهم ويسد خلتهم‪ .‬ومن ذلك مداواة الريض‬
‫وعلجه والشفاعة له عند من يقوم بذلك‪ ،‬وإرشاده إل الستشفيات والستوصفات حت‬
‫يعال ‪ ،‬وإعانته على ذلك بالال والدواء‪ ،‬كل هذا من النافع‪.‬‬
‫ومن النافع العظيمة الت ينبغي لك أن تلزمها دائما الكثار من ذكر ال ف هذا البلد المي‪،‬‬
‫والكثار من ذكر ال ف كل الحوال قائما وقاعدا‪" :‬سبحان ال والمد ل ول إله إل ال‬
‫وال أكب" والدعاء واللاح به‪ .‬فمن النافع العظيمة أن تتهد ف الدعاء إل ربك والضراعة‬

‫‪) (122‬رواه البخاري ف (اليان والنذور) باب الوفاء بالنذر برقم ‪ ،6694‬ومسلم ف (النذر) باب النهي عن النذر برقم ‪1639‬‬
‫‪) (123‬رواه البخاري ف (اليان والنذور) باب النذر ف الطاعة برقم ‪6696‬‬
‫‪) (124‬سورة الج‪ ،‬الية ‪29‬‬
‫‪) (125‬سورة الج ‪ ،‬الية ‪28‬‬
‫إليه أن يتقبل منك‪ ،‬وأن يصلح قلبك وعملك‪،‬وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته‬
‫وأن يعينك على أداء المد الذي عليك على الوجه الذي يرضيه ‪ ،‬وأن يعينك على الحسان‬
‫إل عباده ونفعهم‪ ،‬وأن تكون ف منفعتهم وف مواساتم وف إعانتهم على الي ‪ ،‬وأن ل‬
‫يتأذوا منك بشيء ‪ .‬تسأل ال أن يعلك مباركا ل تؤذي أحدا ‪ ،‬وتنفع ول تؤذي‪.‬‬
‫فمن النافع العظيمة أن ترص على النفع وعدم الذى‪ ،‬ول تؤذ الناس ‪ ،‬ل ف الطريق‪ ،‬ول ف‬
‫الطواف ‪ ،‬ول ف السعي ‪ ،‬ول ف عرفات‪ ،‬ول ف مزدلفة‪ ،‬ول ف من‪ ،‬ول ف أي مكان‪ ،‬ول‬
‫ف الباخرة ول ف الطائرة‪ ،‬ول ف السيارة ول ف اليمة ول ف أي مكان‪ ،‬ول تؤذهم‪ ،‬ل‬
‫بسب ول بكذب‪ ،‬ول بيدك ول برجلك ‪ ،‬ول بغي ذلك؛ تتحرى أن تنفع ول تؤذي أينما‬
‫كنت‪ ،‬تتحرى أن تنفع الناس من الجيج وغيهم‪ ،‬وأل تؤذي أحدا‪ ،‬ل بقول ول بعمل‪ ،‬هذه‬
‫من النافع العظيمة‪.‬‬
‫ومن النافع العظيمة للحج أن تؤدي الناسك ف غاية من الكمال‪ ،‬ف غاية من التقان‪ ،‬ف غاية‬
‫من الخلص‪ :‬ف طوافك وسعيك ورمي المار‪ ،‬وف عرفات‪ ،‬وف مزدلفة‪ ،‬تكون ف غاية‬
‫الخلص‪ ،‬ف غاية من حضور القلب ‪ ،‬ف غاية من جع القلب على ال‪ ،‬ف دعائك وذكرك‬
‫وقراءتك وصلتك‪ ،‬وغي ذلك‪ ،‬تمع قلبك على ال وترص أينما كنت على الخلص ل‪.‬‬
‫ومن النافع الدايا‪ ،‬سواء كانت واجبة عند التمتع والقران ‪ ،‬أو غي واجبة‪ ،‬تديها تقربا إل‬
‫ال سبحانه وتعال‪.‬‬
‫وقد أهدى النب صلى ال عليه وسلم سبعي بدنة وأهدى الصحابة‪ ،‬فالدي قربة إل ال ‪،‬‬
‫تشتري وتنحر وتوزع على الفقراء والحاويج‪ ،‬ف أيام من أو ف غيها‪ ،‬هدايا تطوع تنفع با‬
‫الناس ف من‪ ،‬وف غي من‪ ،‬قبل الج وبعده‪.‬‬
‫أما هدي التمتع فهو ف من وف مكة أيضا‪ ،‬ف أيام من وهي أربعة‪ .‬أما الصدقة بالذبائح‬
‫وبالال ففي أي وقت‪ ،‬لو ذبت هذه اليام وتصدقت ووزعتها على الفقراء ‪ ،‬ووزعت أطعمة‬
‫أو ملبس أو دراهم‪ ،‬كله خي ‪ .‬إنا الذي يص به أيام من –الربعة‪ -‬الدايا والضحايا‪ ،‬أما‬
‫التطوعات بالذبائح فوقتها واسع‪ ،‬ف جيع الزمان‪.‬‬
‫هذا وأسأل ال عز وجل أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصال‪ ،‬وأن يصلح قلوبنا‬
‫وعملنا جيعا ‪ ،‬ويتقبل منا ومن سائر الجاج حجنا وعمرتنا‪ ،‬وأن يعيد الجاج جيعا إل‬
‫بلدهم سالي موفقي‪ ،‬مغفورا لم‪ ،‬متعلمي متبصرين‪ ،‬وقد عرفوا الق بدليله‪ ،‬وعرفوا‬
‫التوحيد على بصية ‪ ،‬حت يرجعوا إل بلدهم غاني موفقي‪ ،‬قد عرفوا دين ال على بصية‬
‫وقد أدوا حجهم على بصية‪ ،‬وعمرتم ومناسكهم على بصية‪.‬‬
‫أسأل ال بأسائه السن وصفاته العليا أن يوفقنا جيعا لا يرضيه ‪ ،‬وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا‬
‫جيعا ‪ ،‬وأن ينحنا الفقه ف دينه ‪ ،‬وأن يوفق حجاج بيت ال الرام وعماره لكل ما يرضيه ‪،‬‬
‫وأن ينحهم الفقه ف الدين‪ ،‬وأن يعلمهم ما ينفعهم‪ ،‬وأن يردهم غاني موفقي سالي إل‬
‫بلدهم ‪ ،‬وأن يتقبل من الميع‪ ،‬إنه جل وعل جواد كري‪ .‬والمد ل رب العالي‪ ،‬وصلى ال‬
‫وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا ممد وعلى آله وأصحابه والتابعي ‪.‬‬
‫(‪)126‬‬
‫توصيات للحجاج وغيهم‬

‫المد ل وحده والصلة والسلم على عبده ورسوله نبينا ممد وعلى آله وأصحابه ومن‬
‫تبعهم بإحسان إل يوم الدين‪.‬‬
‫أيها السلمون من حجاج بيت ال الرام‪:‬‬
‫أسأل ال لنا ولكم التوفيق لا يرضيه والعافية من مضلت الفت ‪ ،‬كما أسأله سبحانه أن‬
‫يوفقكم جيعا لداء مناسككم على الوجه الذي يرضيه ‪ ،‬وان يتقبل منكم وأن يردكم إل‬
‫بلدكم سالي موفقي‪ ،‬إنه خي مسئول‪.‬‬
‫أيها السلمون من الجاج وغيهم‪ :‬إن وصيت لكم هي تقوى ال سبحانه ف جيع الحوال‬
‫والستقامة على دينه والذر من أسباب غضبه‪ ،‬وإن أهم الفرائض وأعظم الواجبات هو‬
‫توحيد ال والخلص له ف جيع العبادات ‪ ،‬مع العناية باتباع رسوله صلى ال عليه وسلم ف‬
‫القوال والعمال‪ ،‬وأن تؤدى مناسك الج وسائر العبادات على الوجه الذي شرعه ال لعباده‬
‫على لسان رسوله وخليله وصفوته من خلقه نبينا وإمامنا وسيدنا ممد بن عبد ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ .‬وإن أعظم النكرات وأخطر الرائم هو الشرك بال سبحانه‪ ،‬وهو صرف العبادة‬
‫أو بعضها لغيه سبحانه؛ لقول ال عز وجل ‪" :‬إن ال ل يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون‬
‫ذلك لن يشاء " (‪ ، )127‬وقوله سبحانه ياطب نبيه ممدا صلى ال عليه وسلم‪" :‬ولقد أوحي‬
‫إليك وإل الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الاسرين"‪. )128( .‬‬
‫حجاج بيت ال الرام‪ :‬إن نبينا صلى ال عليه وسلم ل يج بعد هجرته إل الدينة إل حجة‬
‫واحدة وهي حجة الوداع ‪ ،‬وذلك ف آخر حياته صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وقد علّم الناس فيها‬
‫مناسكهم بقوله وفعله‪ ،‬وقال لم صلى ال عليه وسلم‪" :‬خذوا عن مناسككم"(‪. )129‬‬

‫‪) (126‬نشر ف ملة التوعية السلمية بالعدد الول ف ‪10/11/1406‬‬


‫‪) (127‬سورة النساء ‪ ،‬الية ‪116‬‬
‫‪) (128‬سورة الزمر ‪ ،‬الية ‪65‬‬
‫‪) (129‬رواه بنحوه مسلم ف (الج) باب استحباب رمي جرة العقبة يوم النحر راكبا برقم ‪1297‬‬
‫فالواجب على السلمي جيعا أن يتأسوا به ف ذلك ‪ ،‬وأن يؤدوا مناسكهم على الوجه الذي‬
‫شرعه لم؛ لنه صلى ال عليه وسلم هو العلم الرشد‪ ،‬وقد بعثه ال رحة للعالي وحجة على‬
‫العباد أجعي ‪ ،‬فأمر عباده بأن يطيعوه‪ ،‬وبي أن اتباعه هو سبب دخول النة والنجاة من‬
‫النار‪ ،‬وأنه الدليل على صدق حب العبد لربه وعلى حب ال للعبد‪ ،‬كما قال ال تعال ‪" :‬وما‬
‫آتاكم الرسول فخذوه وما ناكم عنه فانتهوا" (‪ )130‬وقال سبحانه ‪" :‬وأقيموا الصلة وأتوا‬
‫الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحون" (‪ ، )131‬وقال عز وجل ‪" :‬من يطع الرسول فقد أطاع‬
‫ال " (‪ ، )132‬وقال سبحانه‪" :‬لقد كان لكم ف رسول ال أسوة حسنة لن كان يرجو ال‬
‫واليوم الخر وذكر ال كثيا" (‪ ، )133‬وقال سبحانه‪" :‬تلك حدود ال ومن يطع ال ورسوله‬
‫يدخله جنات تري من تتها النهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم‪ .‬ومن يعص ال ورسوله‬
‫ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهي" (‪ ،)134‬وقال عز وجل ‪" :‬قل يا أيها‬
‫الناس إن رسول ال إليكم جيعا الذي له ملك السموات والرض ل إله إل هو ييي وييت‬
‫فآمنوا بال ورسوله النب المي الذي يؤمن بال وكلماته واتبعوه لعلكم تتدون" (‪ ، )135‬وقال‬
‫تعال‪" :‬قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم" (‪ ، )136‬واليات ف‬
‫هذا العن كثية‪.‬‬
‫فوصيت لكم جيعا ولنفسي تقوى ال ف جيع الحوال والصدق ف متابعة نبيه صلى ال عليه‬
‫وسلم ف أقواله وأفعاله لتفوزوا بالسعادة والنجاة ف الدنيا والخرة‪.‬‬
‫إل من يوم التروية‪:‬‬
‫حجاج بيت ال الرام‪ :‬إن نبينا ممد صلى ال عليه وسلم لا كان يوم الثامن من ذي الجة‬
‫توجه من مكة إل من ملبيا وأمر أصحابه رضي ال عنهم أن يهلوا بالج من منازلم‬
‫‪) (130‬سورة الشر‪ ،‬الية ‪7‬‬
‫‪) (131‬سورة النور ‪ ،‬الية ‪56‬‬
‫‪) (132‬سورة النساء ‪ ،‬الية ‪80‬‬
‫‪) (133‬سورة الحزاب ‪ ،‬الية ‪21‬‬
‫‪) (134‬سورة النساء ‪ ،‬اليتان ‪14 ،13‬‬
‫‪) (135‬سورة العراف ‪ ،‬الية ‪158‬‬
‫‪) (136‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪31‬‬
‫ويتوجهوا إل من ‪ ،‬ول يأمرهم بطواف الوداع‪ ،‬فدل ذلك على أن السنة لن أراد الج من‬
‫أهل مكة وغيهم من القيمي فيها ومن الحلي من عمرتم وغيهم من الجاج أن يتوجهوا‬
‫إل من ف اليوم الثامن ملبي بالج ‪ ،‬وليس عليهم أن يذهبوا إل السجد الرام للطواف‬
‫بالكعبة طواف الوداع‪.‬‬
‫ويستحب للمسلم عند إحرامه بالج أن يفعل ما يفعله ف اليقات عند الحرام‪ :‬من الغسل‬
‫والطيب والتنظيف‪ ،‬كما أمر النب صلى ال عليه وسلم عائشة بذلك لا أرادت الحرام بالج‬
‫وكانت قد أحرمت بالعمرة فأصابا اليض عند دخول مكة وتعذر عليها الطواف قبل‬
‫خروجها إل من‪ ،‬فأمرها صلى ال عليه وسلم أن تغتسل وتل بالج ففعلت ذلك فصارت‬
‫قارنة بي الج والعمرة‪.‬‬
‫وقد صلى رسول ال صلى ال عليه وسلم وأصحابه رضي ال عنهم ف من الظهر والعصر‬
‫والغرب والعشاء والفجر قصرا من دون جع‪ ،‬وهذا هو السنة تأسيا به صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫ويسن للحجاج ف هذه الرحلة أن يشتغلوا بالتلبية وبذكر ال عز وجل وقراءة القرآن وغي‬
‫ذلك من وجوه الي‪ ،‬كالدعوة إل ال والمر بالعروف والنهي عن النكر والحسان إل‬
‫الفقراء‪.‬‬

‫إل عرفة بعد طلوع شس يوم التاسع‪:‬‬


‫فلما طلعت الشمس يوم عرفة توجه صلى ال عليه وسلم وأصحابه رضي ال عنهم إل‬
‫عرفات منهم من يلب ومنهم من يكب‪ ،‬فلما وصل عرفات نزل بقبة من شعر ضربت له ف نرة‬
‫واستظل با عليه الصلة والسلم‪ ،‬فدل ذلك على جواز استظلل الحرم باليام والشجر‬
‫ونوها‪.‬‬
‫فلما زالت الشمس ركب دابته عليه الصلة والسلم وخطب الناس وذكرهم وعلمهم مناسك‬
‫حجهم وحذرهم من الربا وأعمال الاهلية‪ ،‬وأخبهم أن دماءهم وأموالم وأعراضهم عليهم‬
‫حرام ‪ ،‬وأمرهم بالعتصام بكتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأخبهم أنم لن‬
‫يضلوا ما داموا معتصمي بكتاب ال وسنة رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬فالواجب على‬
‫جيع السلمي من الجاج وغيهم أن يلتزموا بذه الوصية وأن يستقيموا عليها أينما كانوا‪،‬‬
‫ويب على حكام السلمي جيعا أن يعتصموا بكتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫وأن يكموها ف جيع شئونم وأن يلزموا شعوبم بالتحاكم إليهما‪ ،‬وذلك هو طريق العزة‬
‫والكرامة والسعادة والنجاة ف الدنيا والخرة ‪ ،‬وفق ال الميع لذلك‪.‬‬
‫ث إنه صلى ال عليه وسلم صلى بالناس الظهر والعصر قصرا وجعا جع تقدي بأذان واحد‬
‫وإقامتي‪ ،‬ث توجه إل الوقف واستقبل القبلة ووقف على دابته يذكر ال ويدعوه‪ ،‬ويرفع يديه‬
‫بالدعاء حت غابت الشمس‪ ،‬وكان مفطرا ذلك اليوم ‪ ،‬فعلم بذلك أن الشروع للحجاج أن‬
‫يفعلوا كفعله صلى ال عليه وسلم ف عرفات‪ ،‬وأن يشتغلوا بذكر ال والدعاء والتلبية إل‬
‫غروب الشمس ‪ ،‬وأن يرفعوا أيديهم بالدعاء‪ ،‬وأن يكونوا مفطرين ل صائمي‪ ،‬وقد صح عن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال‪" :‬ما من يوم أكثر من أن يعتق ال فيه عبدا من النار‬
‫من يوم عرفة" (‪ ، )137‬وإنه سبحانه ليدنو فيباهي بم ملئكته ‪ ،‬وروي عنه صلى ال عليه‬
‫وسلم أن ال يقول يوم عرفة للئكته‪" :‬انظروا إل عبادي أتون شعثا غبا يرجون رحت ‪،‬‬
‫أشهدكم أن قد غفرت لم" (‪ . )138‬وصح عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال‪" :‬وقفت ها هنا‬
‫(‪)139‬‬
‫وعرفة كلها موقف"‬

‫إل مزدلفة بعد الغروب للمبيت با‬


‫ث إن رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد الغروب توجه ملبيا إل مزدلفة وصلى با الغرب‬
‫ثلثا والعشاء ركعتي بأذان واحد وإقامتي ث بات با وصلى با الفجر مع سنتها بأذان‬
‫وإقامة‪ ،‬ث أتى الشعر الرام فذكر ال عنده وكبه وهلله ودعا ورفع يديه وقال‪" :‬وقفت ها‬
‫هنا وجع كلها موقف" (‪ )140‬فدل ذلك على أن جيع مزدلفة موقف للحجاج يبيت كل حاج‬

‫‪) (137‬رواه مسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم ‪1348‬‬
‫‪) (138‬رواه المام أحد ف (مسند الكثرين من الصحابة) مسند عبد ال بن عمرو بن العاص برقم ‪7049‬‬
‫‪) (139‬رواه مسلم ف (الج) باب ما جاء ف أن عرفة كلها موقف برقم ‪1218‬‬
‫‪) (140‬رواه مسلم ف (الج) باب ما جاء ف أن عرفة كلها موقف برقم ‪1218‬‬
‫ف مكانه ويذكر ال ويستغفره ف مكانه‪ ،‬ول حاجة إل أن يتوجه إل موقف النب صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫وقد رخص النب صلى ال عليه وسلم ليلة مزدلفة للضعفة أن ينصرفوا إل من بليل‪ ،‬فدل ذلك‬
‫على أنه ل حرج على الضعفة من النساء والرضى والشيوخ ومن تبعهم ف التوجه من مزدلفة‬
‫إل من ف النصف الخي من الليل عملً بالرخصة وحذرا من مشقة الزحة ‪ .‬ويوز لم أن‬
‫يرموا المرة ليل‪ ،‬كما ثبت ذلك عن أم سلمة وأساء بنت أب بكر رضي ال عنهم ف آخر‬
‫الليل‪.‬‬
‫ذكرت أساء بنت أب بكر رضي ال عنهما‪ ،‬أن النب صلى ال عليه وسلم أذن للنساء بذلك ‪،‬‬
‫ث إنه صلى ال عليه وسلم بعد ما أسفر جدا دفع إل من ملبيا قبل أن تطلع الشمس ‪ ،‬فقصد‬
‫جرة العقبة فرماها بسبع حصيات يكب مع كل حصاة ‪ ،‬ث نر هديه ث حلق ث طيبته عائشة‬
‫رضي ال عنها ث توجه إل البيت فطاف به‪.‬‬

‫أعمال يوم النحر‪:‬‬


‫وسئل صلى ال عليه وسلم ف يوم النحر عمن ذبح قبل أن يرمي ‪ ،‬ومن حلق قبل أن يذبح ‪،‬‬
‫ومن أفاض إل البيت قبل أن يرمي ‪ ،‬فقال‪" :‬ل حرج" قال الراوي‪ :‬فما سئل يومئذ عن شيء‬
‫قدم ول أخر إل قال‪" :‬افعل ول حرج" (‪ . )141‬وسأله رجل فقال‪ :‬يا رسول ال سعيت قبل‬
‫أن أطوف‪ ،‬فقال‪" :‬ل حرج" (‪ ، )142‬فعلم بذا أن السنة للحجاج أن يبدأوا برمي المرة يوم‬
‫العيد ث ينحروا إذا كان عليهم هدي ث يلقوا أو يقصروا‪.‬‬
‫واللق أفضل من التقصي فإن النب صلى ال عليه وسلم دعا بالغفرة والرحة ثلث مرات‬
‫للمحلقي‪ ،‬ومرة واحدة للمقصرين‪.‬‬

‫التحلل الول والتحلل الكب ‪:‬‬

‫‪) (141‬رواه البخاري ف (العلم) باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيها رقم ‪ ، 83‬ومسلم ف (الج) باب من حلق قبل النحر أو نر‬
‫قبل الرمي برقم ‪1306‬‬
‫‪) (142‬رواه أبو داود ف (الناسك) باب فيمن قدم شيئا قبل شيء ف حجه برقم ‪2015‬‬
‫وبذلك حصل للحاج التحلل الول فيلبس الخيط ‪ ،‬ويتطيب ويباح له كل شيء حُرم عليه‬
‫بالحرام إل النساء ‪ ،‬ث يذهب إل البيت فيطوف به ف يوم العيد أو بعده‪ ،‬ويسعى بي الصفا‬
‫والروة إن كان متمتعا‪ ،‬وبذلك يل له كل شيء حرُم عليه بالحرام حت النساء‪.‬‬
‫أما إن كان الاج مفردا أو قارنا فإنه يكفيه السعي الول الذي أتى به مع طواف القدوم‪.‬‬
‫فإن ل يسع مع طواف القدوم وجب عليه أن يسعى مع طواف الفاضة‪.‬‬

‫البيت بن أيام التشريق‪:‬‬


‫ث رجع صلى ال عليه وسلم إل من فأقام با بقية يوم العيد واليوم الادي عشر والثان عشر‬
‫والثالث عشر‪ ،‬يرمي المرات كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال‪ ،‬يرمي كل جرة بسبع‬
‫حصيات‪ ،‬ويكب مع كل حصاة ويدعو ويرفع يديه بعد الفراغ من المرة الول والثانية‬
‫مستقبلً القبلة ويعل الول عن يساره حي الدعاء ‪ ،‬والثانية عن يينه ول يقف عند الثالثة‪.‬‬
‫ث دفع صلى ال عليه وسلم ف اليوم الثالث عشر بعد رمي المرات بعد الزوال فنل بالبطح‬
‫وصلى به الظهر والعصر والغرب والعشاء ‪.‬‬
‫ث نزل إل مكة ف آخر الليل وصلى الفجر بالناس عليه الصلة والسلم‪ ،‬وطاف للوداع ث‬
‫توجه بعد الصلة إل الدينة ف صبيحة اليوم الرابع عشر‪ ،‬عليه من ربه أفضل الصلة والتسليم‪.‬‬
‫فعلم من ذلك أن السنة للحاج أن يفعل كفعله صلى ال عليه وسلم ف أيام من ‪ ،‬فيمي‬
‫المار الثلث بعد الزوال ف كل يوم‪ :‬كل واحدة بسبع حصيات ويكب مع كل حصاة‪،‬‬
‫ويشرع له أن يقف بعد رميه الول ويستقبل القبلة ويدعو ويرفع يديه ويعلها عن يساره‬
‫ويقف بعد رمي الثانية كذلك ويعلها عن يينه يستقبل القبلة ويدعو‪ ،‬وهذا مستحب وليس‬
‫بواجب‪ ،‬تأسيا بالنب صلى ال عليه وسلم ول يقف بعد رمي الثالثة‪.‬‬
‫فإن ل يتيسر له الرمي بعد الزوال وقبل غروب الشمس رمى ف الليل عن اليوم الذي غابت‬
‫شسه إل آخر الليل ف أصح قول العلماء رحة من ال سبحانه بعباده وتوسعة عليهم‪.‬‬
‫ومن شاء أن يتعجل ف اليوم الثان عشر بعد رمي المار بعد الزوال فل بأس ‪ ،‬ومن أحب أن‬
‫يتأخر حت يرمي المار ف اليوم الثالث عشر فهو أفضل ؛ لكونه موافقا لفعل النب صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫والسنة للحاج أن يبيت ف من ليلة الادي عشر والثان عشر ‪ ،‬وهذا البيت واجب عند كثي‬
‫من أهل العلم ويكفي أكثر الليل إذا تيسر ذلك‪ ،‬ومن كان له عذر شرعي كالسقاة والرعاة‬
‫ونوهم فل مبيت عليه‪.‬‬
‫أما ليلة الثالث عشر فل يب على الجاج أن يبيتوها بن إذا تعجلوا ونفروا من من قبل‬
‫الغروب‪ ،‬أما من أدركه البيت بن فإنه يبيت ليلة الثالث عشر ويرمي المار بعد الزوال يوم‬
‫الثالث عشر ث ينفر ‪ ،‬وليس على أحد رمي بعد الثالث عشر ولو أقام بن‪.‬‬

‫طواف الوداع‪:‬‬
‫ومت أراد الاج السفر إل بلده وجب عليه أن يطوف بالبيت للوداع سبعة أشواط ؛ لقول‬
‫النب صلى ال عليه ‪ " :‬ل ينفرن أحد حت يكون آخر عهده بالبيت" (‪ ، )143‬إل الائض‬
‫والنفساء فل وداع عليهما؛ لا ثبت عن ابن عباس رضي ال عنهما قال‪" :‬أمر الناس أن يكون‬
‫آخر عهدهم بالبيت إل أنه خفف عن الرأة الائض" (‪ )144‬والنفساء مثلها ‪ ،‬ومن أخر طواف‬
‫الفاضة فطافه عند السفر أجزأه عن الوداع؛ لعموم الديثي الذكورين‪.‬‬
‫وأسأل ال أن يوفق الميع لا يرضيه‪ ،‬وأن يتقبل منا ومنكم ويعلنا وإياكم من العتقاء من‬
‫النار إنه ول ذلك والقادر عليه ‪ ،‬وصلى ال على نبينا ممد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫‪) (143‬رواه مسلم ف (الج) باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الائض برقم ‪1327‬‬
‫‪) (144‬رواه البخاري ف (الج) باب طواف الوداع برقم ‪ ، 1755‬ومسلم ف (الج) باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن‬
‫الائض برقم ‪1328‬‬
‫)‪ (145‬نصيحة لجاج بيت ال الرام‬

‫من عبد العزيز بن عبد ال بن باز إل كل من يطلع عليها من حجاج بيت ال الرام‬
‫والسلمي ف كل مكان ‪.‬‬
‫إخوان حجاج بيت ال الرام‪:‬‬
‫سلم عليكم ورحة ال وبركاته‪ ،‬أما بعد ‪:‬‬
‫فمرحبا بكم ف بلد ال الرام ‪ ،‬وعلى أرض الملكة العربية السعودية الت شرفها ال تعال‬
‫بدمة الجاج والعمار والزوار الذين يفدون إليها من كل مكان‪ ،‬ومنّ عليها بدمة القدسات‬
‫وتأمينها للطائفي والعاكفي والركع السجود‪.‬‬
‫وأسأل ال عز وجل أن يكتب لكم حج بيته وزيارة مسجد رسوله صلى ال عليه وآله‬
‫وصحبه وسلم ‪ ،‬ف أمن وإيان‪ ،‬وسكينة واطمئنان‪ ،‬ويسر وقبول‪ ،‬وأن تعودوا إل دياركم‬
‫سالي مأجورين وقد غفر ال لكم وآتاكم من فضله إنه جواد كري‪ ،‬وبالجابة جدير‪.‬‬
‫إخوان حجاج بيت ال الرام‪:‬‬
‫السلمون بي ما تناصحوا‪ ،‬وتواصوا بالق‪ ،‬وتواصوا بالصب ‪ ،‬وتعاونوا على الب والتقوى‪،‬‬
‫ولذلك فإن أذكر إخوان حجاج بيت ال الرام ‪ ،‬بأنم ف أيام فاضلة وأماكن مباركة‪ ،‬وأنم‬
‫قدموا من ديار بعيدة وتملوا مشقات كثية استجابة ل ولرسوله صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫وقياما بواجب عظيم‪ ،‬وعمل صال جليل‪ ،‬أمرهم ال تعال به حيث قال‪" :‬ول على الناس‬
‫(‪)146‬‬
‫حج البيت من استطاع إليه سبيل ومن كفر فإن ال غن عن العالي"‬
‫وهذا يقتضي منهم أمورا ينبغي الحافظة عليها والعناية با‪ ،‬حت يكون حجهم مبورا ‪،‬‬
‫وسعيهم مشكورا ‪ ،‬وذنبهم مغفورا بتوفيق من ال وعون‪ ،‬فالج البور ليس له جزاء إل‬
‫النة‪.‬‬
‫ومن هذه المور‪:‬‬

‫‪) (145‬صدرت من مكتب ساحته ونشرت ف ملة (التوعية السلمية ف الج) ذو الجة عام ‪1413‬هـ‬
‫‪) (146‬سورة آل عمران‪ ،‬الية ‪97‬‬
‫أولً يب على الاج وغيه أن يلص نيته وقصده ل تعال فيجعل عمله خالصا لوجهه الكري‬
‫حت يقع أجره على ال‪ ،‬وينال ثوابه‪ ،‬قال تعال‪" :‬وما أمروا إل ليعبدوا ال ملصي له الدين‬
‫حنفاء ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة" (‪، )147‬‬
‫(‪)148‬‬
‫وقال تعال‪" :‬فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملً صالا ول يشرك بعبادة ربه أحدا"‬
‫‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬يب على الاج وغيه أن يكون العمل الذي يتقرب به إل ربه ما شرعه ال تعال‬
‫لعباده‪ ،‬وأن يقتدي ف أدائه بنبيه صلى ال عليه وآله وسلم ‪ ،‬القائل‪" :‬خذوا عن مناسككم"‬
‫(‪ )149‬رواه مسلم رحه ال ‪ ،‬والقائل‪" :‬صلوا كما رأيتمون أصلي " (‪ )150‬رواه البخاري رحه‬
‫ال‪.‬‬
‫وقد قال ال تعال‪" :‬لقد كان لكم ف رسول ال أسوة حسنة لن كان يرجو ال واليوم الخر‬
‫وذكر ال كثيا" (‪. )151‬‬
‫فالعمل مهما كان صاحبه ملصا فيه ل ول يكن متابعا فيه لرسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم فهو مردود عليه ل يقبله ال‪ ،‬للحديث الصحيح الذي يقول فيه الرسول صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم‪" :‬من عملً ليس عليه أمرنا فهو رد" (‪ )152‬رواه مسلم رحه ال‪ .‬وال عز وجل‬
‫يقول لرسوله صلى ال عليه وسلم ‪" :‬قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم‬
‫ذنوبكم وال غفور رحيم " (‪. )153‬‬

‫‪) (147‬سورة البينة‪ ،‬الية ‪5‬‬


‫‪) (148‬سورة الكهف ‪ ،‬الية ‪110‬‬
‫‪) (149‬رواه بنحوه مسلم ف (الج) باب استحباب رمي جرة العقبة يوم النحر راكبا برقم ‪1297‬‬
‫‪) (150‬رواه البخاري ف (الذان) باب الذان للمسافر إذا كانوا جاعة برقم ‪631‬‬
‫‪) (151‬سورة الحزاب ‪ ،‬الية ‪21‬‬
‫‪) (152‬رواه البخاري معلقا ف النجش ‪ ،‬ومسلم ف (القضية) باب نقض الحكام الباطلة ورد مدثات المور برقم ‪1718‬‬
‫‪) (153‬سورة آل عمران‪ ،‬الية ‪31‬‬
‫ثالثا ‪ :‬يب على الاج وغيه أن يكون على علم وبصية بأمور دينه حت يقوم با قياما‬
‫صحيحا ‪ ،‬ويؤديها أداءً سليما على الوجه الشروع ؛ فقد قال تعال لنبيه صلى ال عليه وسلم‬
‫‪" :‬قل هذه سبيلي أدعو إل ال على بصية أنا ومن اتبعن وسبحان ال وما أنا من الشركي"‬
‫(‪. )154‬‬
‫وقد أمرنا ال تعال أن نسأل أهل العلم فيما أشكل علينا من أمور ديننا ‪ ،‬فقال سبحانه‪" :‬‬
‫فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ل تعلمون" (‪. )155‬‬
‫وف الصحيحي عن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم قال‪" :‬من يرد ال به خيا يفقهه ف‬
‫الدين" (‪. )156‬‬
‫وإنك أخي الاج ستجد بعون ال ف مكة الكرمة ‪ ،‬والدينة النبوية ‪ ،‬وف الشاعر القدسة‪،‬‬
‫وف مؤسسات الطوافة بكة‪ ،‬والدلء بالدينة‪ ،‬علماء عينتهم الدولة –حرسها ال‪ -‬للجابة‬
‫عن أسئلة واستفسارات الجاج فيما أشكل عليهم من أمور حجهم وعمرتم خاصة‪ ،‬ومن‬
‫أمور دينهم عامة وذلك ما يسره ال تعال للحجاج بفضل منه سبحانه ‪ ،‬ث بفضل حكومة‬
‫خادم الرمي الشريفي‪ ،‬اللك فهد بن عبد العزيز ملك الملكة العربية السعودية –وفقه ال‪-‬‬
‫حت يكون الجاج على علم ومعرفة بالق والصواب فيما يفعلون وفيما يتركون‪.‬‬
‫فل تتردد يا أخي ف سؤالم والستفادة منهم حت تكون على بينة من أمرك قال تعال ‪" :‬قل‬
‫هل يستوي الذين يعلمون والذين ل يعلمون إنا يتذكر أولوا اللباب " (‪ ، )157‬وقال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل ال به طريقا إل‬
‫النة"(‪ )158‬رواه مسلم رحه ال ‪.‬‬

‫‪) (154‬سورة يوسف ‪ ،‬الية ‪108‬‬


‫‪) (155‬سورة النبياء ‪ ،‬الية ‪7‬‬
‫‪) (156‬رواه البخاري ف (العلم) باب من يرد ال به خيا يفقهه ف الدين برقم ‪ ، 71‬ومسلم ف (الزكاة) باب النهي عن السألة برقم‬
‫‪1037‬‬
‫‪) (157‬سورة الزمر ‪ ،‬الية ‪9‬‬
‫‪) (158‬رواه مسلم ف (الذكر والدعاء والتوبة والستغفار) باب فضل الجتماع على تلوة القرآن" برقم ‪2699‬‬
‫رابعا ‪ :‬يب على الاج وغيه أن يعلم أن ما شرعه ال لعباده من طاعات وقربات ‪ ،‬وما أحل‬
‫لم وحرم عليهم من أقوال وأفعال‪ ،‬إنا هي لتزكية أنفسهم وصلح متمعاتم ‪،‬‬
‫وعلى حسب إخلصهم له ‪ ،‬وصدقهم ف العمل معه يكون انتفاعهم بذلك ف الدنيا والخرة‪،‬‬
‫وثواب ال خي وأبقى ‪ ،‬قال ال تعال‪" :‬قد أفلح من تزكى ‪ .‬وذكر اسم ربه فصلى" (‪. )159‬‬
‫وقال تعال‪ :‬ونفس وما سواها‪ .‬فألمهما فجورها وتقواها‪ .‬قد أفلح من زكاها‪ .‬وقد خاب من‬
‫دساها" (‪ . )160‬وقال ال تعال‪" :‬من عمل صالا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة‬
‫طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" (‪. )161‬‬
‫والج –أخي الاج‪ -‬من أعظم ما فرض ال على عباده لتزكية أنفسهم وسلمتها من العداوة‬
‫والبغضاء ‪ ،‬والشح واليذاء ‪ ،‬ورغبتها فيما عند ال وتذكيها بلقائه يوم الدين‪ ،‬لا فيه من بذل‬
‫الهد ‪ ،‬وإنفاق الال ‪ ،‬وتمل الشاق والصعاب ‪ ،‬ومفارقة الهل والوطان‪،‬وهجر العمال‬
‫الدنيوية ‪ ،‬والقبال على ال بالطاعة والعبادة ‪ ،‬والجتماع بالخوان ف ال الوافدين من سائر‬
‫أناء الرض ‪" :‬ليشهدوا منافع لم ويذكروا اسم ال ف أيام معلومات" (‪. )162‬‬
‫فليحرص الاج على ما يرضي ربه‪ ،‬ويكثر من تلبيته وذكره ودعائه والتقرب إليه بالواظبة‬
‫على فعل الطاعات ‪ ،‬والبعد عن السيئات ‪ ،‬وف الديث الصحيح أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم قال‪" :‬إن ال تعال قال‪" :‬من عادى ل وليا فقد آذنته بالرب‪ ،‬وما تقرب إل‬
‫عبدي بشيء أحب إل ما افترضته عليه‪ ،‬وما يزال عبدي يتقرب إل بالنوافل حت أحبه‪"..‬‬
‫(‪ )163‬من حديث رواه البخاري رحه ال‪.‬‬

‫‪) (159‬سورة العلى ‪ ،‬اليتان ‪15 ،14‬‬


‫‪) (160‬سورة الشمس ‪ ،‬اليات ‪10 -7‬‬
‫‪) (161‬سورة النحل ‪ ،‬الية ‪97‬‬
‫‪) (162‬سورة الج ‪ ،‬الية ‪28‬‬
‫‪) (163‬رواه البخاري ف (الرقاق ) باب التواضع برقم ‪6502‬‬
‫وول ال هو الؤمن بال ورسوله صلى ال عليه وآله وسلم ‪ ،‬الستقيم على دينه ‪ ،‬بامتثال أمره‬
‫واجتناب نيه‪ ،‬كما قال سبحانه‪" :‬أل إن أولياء ال ل خوف عليهم ول هم يزنون‪ .‬الذين‬
‫آمنوا وكانوا يتقون" (‪. )164‬‬
‫ومن أهم ما ينبغي أن يرص عليه الاج وغيه الحافظة على أداء الصلوات الفروضة جاعة‬
‫ف أوقاتا وف الساجد الت أذن ال أن ترفع ويُذكر فيها اسه‪ ،‬ول سيما السجد الرام‬
‫والسجد النبوي الشريف‪ ،‬فإن لما ميزة عظيمة على سائر الساجد ‪ ،‬وال يضاعف فيهما أجر‬
‫الصلة‪ ،‬فعن جابر رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم قال‪" :‬صلة ف‬
‫مسجدي هذا أفضل من ألف صلة فيما سواه إل السجد الرام ‪ ،‬وصلة ف السجد الرام‬
‫أفضل من مائة ألف صلة فيما سواه" (‪ )165‬أخرجه أحد ‪ ،‬وابن ماجة رحهما ال بإسناد‬
‫صحيح‪ .‬وأخرج المام أحد مثله عن ابن الزبي وصححه ابن حبان وإسناده صحيح‪.‬‬
‫وهذا خي جزيل وفضل من ال عظيم ينبغي العناية به والرص عليه‪ ،‬يقول ال تعال‪:‬‬
‫"وسارعوا إل مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والرض أعدت للمتقي" (‪. )166‬‬

‫خامسا ‪ :‬يب على الاج وغيه أن يفظ لذه الماكن القدسة حرمتها ‪ ،‬فل يهم فيها بعمل‬
‫سوء ‪ ،‬فقد توعد ال من فعل ذلك بعذاب أليم‪ ،‬قال تعال‪" :‬ومن يرد فيه بإلاد بظلم نذقه‬
‫(‪)167‬‬
‫من عذاب أليم"‪.‬‬
‫قال عطية العوف‪ ،‬عن ابن عباس رضي ال عنهما ف بيان معن الظلم ف هذه الية‪ :‬هو أن‬
‫تستحل من الرم ما حرم ال عليك‪ ،‬من إساءة أو قتل ؛ فتظلم من ل يظلمك وتقتل من ل‬
‫يقاتلك‪ ،‬فإذا فعل ذلك فقد وجب له العذاب الليم‪ .‬ذكره ابن كثي رحه ال ف تفسيه لذه‬
‫الية‪.‬‬

‫‪) (164‬سورة يونس ‪ ،‬اليتان ‪63 ،62‬‬


‫‪) (165‬رواه ابن ماجة ف (إقامة الصلة والسنة فيها) باب ما جاء ف فضل الصلة ف السجد الرام برقم ‪1406‬‬
‫‪) (166‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪133‬‬
‫‪) (167‬سورة الج ‪ ،‬الية ‪25‬‬
‫فالواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة أن ل يؤذي بعضهم بعضا ‪ ،‬ل ف نفس ول ف‬
‫مال ول ف عرض‪ ،‬بل يب أن يتعاونوا على الب والتقوى‪ ،‬وأن يتناصحوا ‪ ،‬وأن يتواصوا‬
‫بالق والصب عليه ؛ لقول النب صلى ال عليه وآله وسلم ‪" :‬كل السلم على السلم حرام دمه‬
‫وماله وعرضه ‪ ،‬التقوى هاهنا ‪ ،‬بسب امرئ من الشر أن يقر أخاه السلم" (‪ )168‬رواه مسلم‬
‫رحه ال ف صحيحه‪.‬‬
‫وقد حرم ال إيذاء الؤمني والؤمنات بأي نوع من اليذاء ‪ ،‬ف كل مكان وف كل زمان‪،‬‬
‫فكيف بإيذائهم ف البلد المي‪ ،‬وف الشهر الرم‪ ،‬وف وقت أداء الناسك‪ ،‬وف مدينة‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم ؟! لشك أن هذا يكون أشد إثا وأعظم جرما‪ ،‬قال ال تعال‪:‬‬
‫(‪)169‬‬
‫"الج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الج فل رفث ول فسوق ول جدال ف الج"‬
‫وقال تعال‪" :‬والذين يؤذون الؤمني والؤمنات بغي ما اكتسبوا فقد احتملوا بتانا وإثا مبينا"‬
‫(‪. )170‬‬
‫فالطلوب من الاج أن يكون سلما على نفسه‪ ،‬سلما على غيه ‪ ،‬من إنسان وحيوان‪،‬‬
‫وطي‪ ،‬ونبات‪ ،‬ول ينالم منه أذى‪ ،‬فالسلم من سلم السلمون من لسانه ويده‪ ،‬والؤمن من‬
‫أمنه الناس على دمائهم وأموالم وأعراضهم‪ ،‬وحرمة السلم عند ال عظيمة‪ ،‬وظلمه معصية‬
‫كبية‪ ،‬والظلم عاقبته وخيمة قال ال تعال‪" :‬ومن يظلم منك نذقه عذابا كبيا"(‪.)171‬‬

‫سادسا‪ :‬يب على الاج وغيه أن يعلم أن الدعوة إل الي ‪ ،‬والمر بالعروف والنهي عن‬
‫النكر ‪ ،‬والنصح لكل مسلم بالكمة والوعظة السنة‪ ،‬من أعظم واجبات الدين‪ ،‬وبا قوامه‬
‫وحفظه بي السلمي ‪ ،‬قال ال تعال ‪" :‬ادع إل سبيل ربك بالكمة والوعظة السنة‬
‫وجادلم بالت هي أحسن" (‪ ، )172‬وقال تعال‪" :‬ولتكن منكم أمة يدعون إل الي ويأمرون‬

‫‪) (168‬رواه مسلم ف (الب والصلة والداب) باب تري ظلم السلم وخذله برقم ‪2564‬‬
‫‪) (169‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪197‬‬
‫‪) (170‬سورة الحزاب ‪ ،‬الية ‪58‬‬
‫‪) (171‬سورة الفرقان ‪ ،‬الية ‪19‬‬
‫‪) (172‬سورة النحل‪ ،‬الية ‪125‬‬
‫بالعروف وينهون عن النكر وأولئك هم الفلحون" (‪ ، )173‬وقال تعال‪" :‬والؤمنون والؤمنات‬
‫بعضهم أولياء بعض يأمرون بالعروف وينهون عن النكر ويقيمون الصلة ويؤتون الزكاة‬
‫ويطيعون ال ورسوله أولئك سيحهم ال إن ال عزيز حكيم"(‪ .)174‬وعن جرير بن عبد ال‬
‫رضي ال عنه قال‪" :‬بايعت رسول ال صلى ال عليه وسلم على إقام الصلة ‪ ،‬وإيتاء الزكاة‬
‫والنصح لكل مسلم" (‪ )175‬متفق عليه‪.‬‬
‫فعلى كل مسلم أن يعن بذا المر تام العناية ‪ ،‬ول يقصر فيه ‪ ،‬كل بسب استطاعته ‪ ،‬فقد‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬من رأى منكم منكرا فليغيه بيده فإن ل يستطع‬
‫فبلسانه‪ ،‬فإن ل يستطع فبقلبه وذلك أضعف اليان" (‪ )176‬رواه مسلم رحه ال‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬ينبغي على كل مسلم من الجاج وغيهم أن يهتم بأمور السلمي ف كل مكان‪،‬‬
‫وإيصال الي إليهم ‪ ،‬والدفاع عنهم ‪ ،‬وتعليم جاهلهم حسب طاقته وعلمه ‪ ،‬وأن يعاون‬
‫الجاهدين منهم الذين ياهدون ف سبيل ال لعلء كلمة ال ورد الكافرين واللحدين من‬
‫اليهود وغيهم من أصناف الكفرة عن ديار السلمي والقدسات السلمية‪ ،‬نصرة للحق ‪،‬‬
‫ودفاعا عن أهله ‪ ،‬وذودا عن بلد السلمي‪ ،‬وحاية لا من العداء‪.‬‬
‫ويكون ذلك باللسان والال والنفس وسائر أنواع الساعدات ‪ ،‬قال ال تعال‪" :‬يا أيها الذين‬
‫آمنوا هل أدلكم على تارة تنجيكم من عذاب أليم‪ .‬تؤمنون بال ورسوله وتاهدون ف سبيل‬
‫ال بأموالكم وأنفسكم ذلكم خي لكم إن كنتم تعلمون" (‪ ، )177‬والرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم يقول‪" :‬السلم أخو السلم ل يظلمه ول يسلمه ومن كان ف حاجة أخيه كان ال ف‬

‫‪) (173‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪104‬‬


‫‪) (174‬سورة التوبة ‪ ،‬الية ‪71‬‬
‫‪) (175‬رواه البخاري ف (اليان) باب الدين النصيحة برقم ‪ ، 57‬ومسلم ف (اليان) باب بيان أن الدين النصيحة برقم ‪56‬‬
‫‪) (176‬رواه السلم ف (اليان) باب كون النهي عن النكر من اليان برقم ‪49‬‬
‫‪) (177‬سورة الصف ‪ ،‬اليتان ‪11 ،10‬‬
‫حاجته" (‪ ، )178‬متفق عليه‪ .‬وقال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬من جهز غازيا ف سبيل ال فقد غزا‬
‫‪ ،‬ومن خلف غازيا ف أهله بي فقد غزا" (‪ )179‬متفق عليه‪.‬‬
‫فل يوز للمسلمي أن يسلموا إخوانم لعدوهم أو يسلموهم للجوع والعري والرض وفتنة‬
‫النصرين واللحدين ‪ ،‬يستغلون حاجتهم ‪ ،‬وينفثون بينهم سومهم وأباطيلهم وهذا ما يب أن‬
‫يهتم به كل مسلم ويرص عليه أشد الرص كلما رأى ضعفا من السلمي‪ ،‬لنم كما قال‬
‫ال تعال ‪" :‬ود كثي من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيانكم كفارا حسدا من عند‬
‫أنفسهم من بعد ما تبي لم الق " (‪. )180‬‬
‫وأسأل ال بأسائه السن ‪ ،‬وصفاته العلى أن يوفقنا والجاج وجيع السلمي للفقه ف دينه‬
‫والثبات عليه ‪ ،‬ولكل ما فيه نصر ديننا ‪ ،‬وصلح أمرنا ‪ ،‬وسلمة بلدنا من مكائد أعدائنا‪،‬‬
‫وأن ينصر دينه ‪ ،‬ويعلي كلمته ‪ ،‬وأن يوفق جيع ولة أمور السلمي وحكامهم ‪ ،‬للحكم‬
‫بشريعة ال سبحانه ‪ ،‬وإلزام الشعوب با؛ لنا سبيل السعادة والنجاة ف الدنيا والخرة‪ ،‬وأن‬
‫يوفق حكام هذه البلد بصفة خاصة لكل ما فيه رضاه وصلح أمر السلمي‪ ،‬وأن يزيدهم من‬
‫كل خي ‪ ،‬وأن يزيهم با قدموا للمسلمي عموما ولجاج بيت ال الرام خصوصا من‬
‫مساعدات وتسهيلت أعظم الزاء وأفضله ‪ ،‬وأن يوفق حجاج بيته لداء مناسكهم على‬
‫الوجه الذي يرضيه ‪ ،‬حت يكون حجهم مبورا وسعيهم مشكورا وذنبهم مغفورا ‪ ،‬وأن‬
‫يردهم إل بلدهم سالي غاني ‪ .‬اللهم آمي ‪ .‬وصلى ال وسلم على نبينا ممد وآله‬
‫وصحبه‪.‬‬

‫‪) (178‬رواه البخاري ف (الظال والغصب) باب ل يظلم السلم السلم برقم (‪ ، )2442‬ومسلم ف (الب والصلة والداب) باب تري‬
‫الظلم برقم ‪2580‬‬
‫‪) (179‬رواه البخاري ف (الهاد والسي) باب فضل من جهز غازيا أو خلفه بي برقم ‪ ، 2843‬ومسلم ف (المارة) باب فضل إعانة‬
‫الغازي ف سبيل ال برقم ‪1895‬‬
‫‪) (180‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪109‬‬
‫(‪)181‬‬
‫من منافع الج وفوائده‬

‫المد ل والصلة والسلم على رسول ال وعلى آله وأصحابه ‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فإن ال سبحانه تعال شرع الج لكم كثية وأسرار عظيمة ومنافع جة أشار إليها سبحانه‬
‫ف قوله عز وجل ‪" :‬وأذن ف الناس بالج يأتوك رجالً وعلى كل ضامر يأتي من كل فج‬
‫عميق ‪ .‬ليشهدوا منافع لم ويذكروا اسم ال ف أيام معلومات على ما رزقهم من بيمة النعام‬
‫فكلوا منها وأطعموا البائس الفقي ‪ .‬ث ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق"‬
‫(‪ ، )182‬فأوضح سبحانه ف هذه اليات أنه دعا عباده للحج ليشهدوا منافع لم‪ ،‬ث ذكر‬
‫سبحانه منها أربع منافع‪:‬‬
‫الول‪ :‬ذكره عز وجل ف اليام العلومات وهي عشر ذي الجة وأيام التشريق‪.‬‬
‫الثانية ‪ ،‬والثالثة ‪ ،‬والرابعة‪ :‬أخب عنها بقوله ‪" :‬ث ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا‬
‫بالبيت العتيق" (‪. )183‬‬
‫وأعظم هذه النافع وأكبها شأنا ما يشهده الاج من توجه القلوب إل ال سبحانه‪ ،‬والقبال‬
‫عليه‪ ،‬والكثار من ذكره بالتلبية وغيها من أنواع الذكر‪ ،‬وهذا يتضمن الخلص ل ف‬
‫العبادة وتعظيم حرماته والتفكي ف كل ما يقرب لديه ويباعد من غضبه ‪ ،‬ومعلوم أن أصل‬
‫الدين وأساسه وقاعدته الت عليها مدار أعمال العباد ‪ ،‬هي تقيق معن شهادة أن ل إله إل ال‬
‫وأن ممدا رسول ال قولً وعملً وعقيدة‪.‬‬
‫فالشهادة الول‪ :‬توجب تريد العبادة ل وحده وتصيصه با من دعاء وخوف ورجاء‬
‫وتوكل وصلة وصوم وذبح ونذر وغي ذلك من أنواع العبادة ؛ لن هذا كله حق ل وحده‬
‫ليس له شريك ف ذلك ل ملك مقرب ول نب مرسل‪ ،‬كما قال عز وجل ‪" :‬وقضى ربك أن‬

‫‪) (181‬نشر ف (ملة الامعة السلمية ) بالدينة النورة العدد الثان ‪1398‬هـ ‪ ،‬والعدد ‪ 209‬عام ‪ 1414‬هـ‬
‫‪) (182‬سورة الج ‪ ،‬اليات ‪29 -27‬‬
‫‪) (183‬سورة الج ‪ ،‬الية ‪29‬‬
‫ل تعبدوا إل إياه " (‪ ، )184‬وقال تعال‪" :‬وما أمروا إل ليعبدوا ال ملصي له الدين حنفاء "‬
‫(‪ ، )185‬وقال تعال‪" :‬فادعوا ال ملصي له الدين ولو كره الكافرون" (‪ ، )186‬والدين هنا معناه‬
‫العبادة وهي طاعته ‪ ،‬وطاعة رسوله عليه الصلة والسلم‪ ،‬بفعل الوامر وترك النواهي‪ ، ،‬عن‬
‫إيان بال ورسله‪ ،‬وإخلص له ف العبادة‪ ،‬وتصديق بكل ما أخب ال به ورسوله صلى ال عليه‬
‫وسلم رغبة ف الثواب وحذرا من العقاب ‪ ،‬وهذا هو معن "ل إله إل ال" ‪ ،‬فإن معناها ل‬
‫معبود حق إل ال فهي تنفي العبادة وهي اللوهية بميع معانيها عن غي ال سبحانه‪ ،‬وتثبتها‬
‫بميع معانيها ل وحده على وجه الستحقاق ‪ ،‬وجيع ما عبده الناس من دونه من أنبياء أو‬
‫ملئكة أو جن أو غي ذلك فكله معبود بالباطل ‪ ،‬كما قال ال عز وجل‪" :‬ذلك بأن ال هو‬
‫الق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل " (‪ . )187‬ولذا المر العظيم خلق ال الن والنس‬
‫وأمرهم بذلك فقال عز وجل ‪" :‬وما خلقت الن والنس إل ليعبدون" (‪ ، )188‬وقال تعال‪:‬‬
‫"يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون" (‪ ، )189‬وعبادته‬
‫سبحانه هي توحيده ف ربوبيته وإليته‪ ،‬وأسائه وصفاته وطاعة أوامره وترك نواهيه عن إيان‬
‫وتصديق ورغبة ورهبة‪ ،‬كما سبق بيان ذلك‪ ،‬وسى ال سبحانه دينه عبادة؛ لن العباد يؤدونه‬
‫بضوع وذل ل سبحانه ومن ذلك قول العرب ‪ :‬طريق معبد أي مذلل قد وطئته القدام‪،‬‬
‫وبعي معبد أي مذلل قد شد عليه حت صار ذلولً ‪ ،‬وهذه السألة – أعن مسألة التوحيد‬
‫والخلص ل ‪ ،‬وتصيصه بالعبادة دون كل ما سواه – هي أهم السائل وأعظمها‪ ،‬وهي الت‬
‫وقعت فيها الصومة بي الرسل والمم حت قالت عاد لود عليه السلم‪" :‬أجئتنا لنعبد ال‬
‫وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا " (‪ ، )190‬وقالت قريش للنب صلى ال عليه وسلم لا أمرهم‬

‫‪) (184‬سورة السراء ‪ ،‬الية ‪23‬‬


‫‪) (185‬سورة البينة ‪ ،‬الية ‪5‬‬
‫‪) (186‬سورة غافر‪ ،‬الية ‪14‬‬
‫‪) (187‬سورة الج ‪ ،‬الية ‪62‬‬
‫‪) (188‬سورة الذاريات ‪ ،‬الية ‪56‬‬
‫‪) (189‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪21‬‬
‫‪) (190‬سورة العراف ‪ ،‬الية ‪70‬‬
‫بالتوحيد ‪" :‬أجعل اللة إلا واحدا إن هذا لشيء عجاب" (‪ ، )191‬وقالوا أيضا فيما ذكر ال‬
‫عنهم ف سورة الصافات‪" :‬أئنا لتاركوا آلتنا لشاعر منون" (‪ ، )192‬بعد قوله سبحانه ‪" :‬إنم‬
‫كانوا إذا قيل لم ل إله إل ال يستكبون" (‪. )193‬‬
‫فعلم بذه اليات وما جاء ف معناها ‪ ،‬أن أهل الشرك يستنكرون دعوة التوحيد‪ ،‬ويستكبون‬
‫عن التزامها ؛ لكونم اعتادوا ما ورثوه عن آبائهم من الشرك بال وعبادة غيه‪.‬‬
‫فالواجب على أهل العلم واليان ‪ ،‬وعلى أهل الدعوة إل ال سبحانه‪ ،‬أن يهتموا بذا المر ‪،‬‬
‫وأن يوضحوا حقيقة التوحيد والشرك للناس أكمل توضيح‪ ،‬وأن يبينوه أكمل تبيي؛ لنه‬
‫الصل الصيل الذي عليه الدار ف صلح العمال وفسادها وقبولا وردها‪ ،‬كما قال عز‬
‫وجل ‪" :‬ولقد أوحي إليك وإل الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من‬
‫الاسرين" (‪ ، )194‬وقال تعال‪" :‬ولو أشركوا لبط عنهم ما كانوا يعملون"(‪. )195‬‬
‫أما الشهادة الثانية‪ :‬وهي شهادة أن ممدا رسول ال فهي الصل الثان ف قبول العمال‬
‫وصحتها وهي تقتضي التابعة للرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ومبته وتصديق أخباره‪ ،‬وطاعة‬
‫أوامره وترك نواهيه‪ ،‬وأن ل يعبد ال إل بشريعته عليه الصلة والسلم ‪ ،‬كما قال ال عز‬
‫وجل ‪" :‬وما آتاكم الرسول فخذوه وما ناكم عنه فانتهوا " (‪ ، )196‬وقال سبحانه‪" :‬قل إن‬
‫كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم" (‪ ، )197‬ول هداية للصراط الستقيم ؛‬
‫إل باتباعه والتمسك بداه ‪ ،‬كما قال ال سبحانه وتعال ‪" :‬وإن تطيعوه تتدوا وما على‬
‫الرسول إل البلغ البي" (‪ . )198‬وقال عز وجل ‪ " :‬قل يا أيها الناس إن رسول ال إليكم‬
‫جيعا الذي له ملك السموات والرض ل إله إل هو ييي وييت فآمنوا بال ورسوله النب‬

‫‪) (191‬سورة ص ‪ ،‬الية ‪5‬‬


‫‪) (192‬سورة الصافات‪ ،‬الية ‪36‬‬
‫‪) (193‬سورة الصافات ‪ ،‬الية ‪35‬‬
‫‪) (194‬سورة الزمر ‪ ،‬الية ‪65‬‬
‫‪) (195‬سورة النعام ‪ ،‬الية ‪88‬‬
‫‪) (196‬سورة الشر ‪ ،‬الية ‪7‬‬
‫‪) (197‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪31‬‬
‫‪) (198‬سورة النور ‪ ،‬الية ‪54‬‬
‫المي الذي يؤمن بال وكلماته واتبعوه لعلكم تتدون" (‪ ، )199‬وصح عن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم أنه قال‪" :‬كل أمت يدخلون النة إل من أب " قيل يا رسول ال ومن يأب؟ قال‪" :‬‬
‫من أطاعن دخل النة ومن عصان فقد أب" (‪ )200‬رواه البخاري ف صحيحه‪.‬‬
‫ويدل على هذا العن قول ال سبحانه وتعال‪" :‬تلك حدود ال ومن يطع ال ورسوله يدخله‬
‫جنات تري من تتها النهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم‪ .‬ومن يعص ال ورسوله ويتعد‬
‫حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهي" (‪ . )201‬واليات ف هذا العن كثية‪.‬‬
‫ومن منافع الج وفوائده العظيمة أنه يذكر بالخرة ووقوف العباد بي يدي ال يوم القيامة؛‬
‫لن الشاعر تمع الناس ف زي واحد ‪ ،‬مكشوف الرؤوس من سائر الجناس ‪ ،‬يذكرون ال‬
‫سبحانه ويلبون دعوته ‪ ،‬وهذا الشهد يشبه وقوفهم بي يدي ال يوم القيامة ف صعيد واحد‬
‫حفاة عراة غرلً خائفي وجلي مشفقي‪ ،‬وذلك ما يبعث ف نفس الاج خوف ال ومراقبته‬
‫والخلص له ف العمل‪ ،‬كما يدعوه إل التفقه ف الدين والسؤال عما أشكل عليه‪ ،‬حت يعبد‬
‫ربه على بصية وينتج عن ذلك توجيهه لن تت يده إل طاعة ال ورسوله وإلزامهم بالق‪،‬‬
‫فيجع إل بلده وقد تزود خيا كثيا واستفاد علما جا ‪ ،‬ول ريب أن هذا من أعظم النافع‬
‫وأكملها‪ ،‬ل سيما ف حق من يشهد حلقات العلم ف السجد الرام والسجد النبوي والشاعر‬
‫‪ ،‬ويصغي إل الدعاة إل ال سبحانه ويرص على الستفادة من نصائحهم وتوجيههم‪.‬‬
‫وف الج فوائد أخرى ومنافع متنوعة خاصة وعامة يطول الكلم بتعدادها ‪ ،‬ومن ذلك‬
‫الطواف بالبيت العتيق والسعي بي الصفا والروة والصلة ف السجد الرام ورمي المار‬
‫والوقوف بعرفة ومزدلفة والكثار من ذكر ال ودعائه واستغفاره ف هذه الشاعر ‪ ،‬ففي ذلك‬
‫من النافع والفوائد والسنات الكثية والجر العظيم وتكفي السيئات ما ل يصيه إل ال لن‬
‫أخلص ل العمل وصدق ف متابعة الرسول صلى ال عليه وسلم والهتداء بديه والسي على‬

‫‪) (199‬سورة العراف ‪ ،‬الية ‪158‬‬


‫‪) (200‬رواه البخاري ف (العتصام بالكتاب والسنة) باب القتداء بسنن رسول ال صلى ال عليه وسلم برقم ‪7280‬‬
‫‪) (201‬سورة النساء اليتان ‪14 ،13‬‬
‫سنته ‪ ،‬وقد جاء ف الديث عنه عليه الصلة والسلم أنه قال‪" :‬إنا جعل الطواف بالبيت‬
‫(‪)202‬‬
‫والسعي بي الصفا والروة ورمي المار لقامة ذكر ال"‪.‬‬
‫وأسأل ال عز وجل أن يصلح أحوال السلمي جيعا وأن ينحهم الفقه ف دينه ويتقبل منا‬
‫ومنهم‪ ،‬وأن يول عليهم خيارهم ويصلح قلوبم وأعمالم ‪ ،‬وينصر دينه ويذل أعداءه إنه‬
‫سيع قريب ‪ ،‬وصلى ال على نبينا ممد وآله وصحبه ومن اهتدى بداه ‪.‬‬
‫الرئيس العام لدارات البحوث العلمية والفتاء والدعوة والرشاد‬

‫‪) (202‬رواه المام أحد ف (باقي مسند النصار ) مسند عائشة برقم ‪ ، 24557‬وأبو داود ف( الناسك ) باب ف الرمل برقم ‪1888‬‬
‫(‪)203‬‬
‫التأسي بالنب صلى ال عليه وسلم ف كل العمال‬

‫السلم عليكم ورحة ال وبركاته ‪ ،‬أما بعد‪:‬‬


‫فيسرن كثيا ف مستهل أعداد ملة التوعية السلمية الت تصدرها ف مثل هذه اليام المانة‬
‫العامة للتوعية السلمية ف الج لعامها السادس مساهة ف توجيه وتبصي ضيوف الرحن‬
‫بناسك حجهم وعمرتم وأمور دينهم ودنياهم‪ .‬نفع ال با كل من يطلع عليها‪.‬‬
‫يسرن أن أرحب بكم ف بلد ال الرام ‪ ،‬الذي قصدتوه من أماكن بعيدة وجهات نائية ‪،‬‬
‫امتثالً لمر ال القائل ‪" :‬ول على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيل" (‪ ، )204‬وتلبية‬
‫لنداء إبراهيم خليل الرحن ‪ ،‬الذي قال له ربه‪" :‬وأذن ف الناس بالج يأتوك رجالً وعلى كل‬
‫ضامر يأتي من كل فج عميق‪ .‬ليشهدوا منافع لم ويذكروا اسم ال ف أيام معلومات" (‪، )205‬‬
‫ولذا فأنتم تلبون منذ أحرمتم من مواقيتكم قائلي ‪" :‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ل شريك لك‬
‫لبيك ‪ ،‬إن المد والنعمة لك واللك‪ ،‬ل شريك لك"‪.‬‬
‫وإن أسأل ال تعال أن يتم لكم حجكم وعمرتكم ف يسر وقبول ويعله حجا مبورا وسعيا‬
‫مشكورا وذنبا مغفورا ‪ ،‬تعودون بعده وقد خرجتم من ذنوبكم كيوم ولدتكم أمهاتكم ‪ ،‬إن‬
‫رب سيع الدعاء ‪.‬‬
‫وأحب بذه الناسبة الكرية أن أذكركم وأذكر نفسي بأنه يب علينا أن نسن نياتنا ف كل‬
‫أعمالنا‪ ،‬ونلص القصد فيها ل رب العالي ابتغاء مرضاته وطمعا ف ثوابه وخوفا من عقابه ‪،‬‬
‫فإن ال تعال ل يقبل عملً حجا أو غيه إل إذا كان صاحبه ملصا فيه لربه الذي خلقه‬
‫ورزقه والذي يُحييه وييته وإليه النشور‪ ،‬قال تعال‪" :‬وما أمروا إل ليعبدوا ال ملصي له الدين‬
‫(‪)207‬‬
‫حنفاء" (‪ . )206‬وقال تعال‪" :‬فاعبد ال ملصا له الدين"‬

‫‪) (203‬نشر ف ملة التوعية السلمية ف ( الج ) العدد الول ف ‪10/11/1400‬هـ‬


‫‪) (204‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪97‬‬
‫‪) (205‬سورة الج ‪ ،‬الية ‪28 ،27‬‬
‫‪) (206‬سورة البينة ‪ ،‬الية ‪5‬‬
‫‪) (207‬سورة الزمر ‪ ،‬الية ‪2‬‬
‫كما يب علينا أن نتأسى برسول ال صلى ال عليه وسلم ف كل أعمالنا وأحوالنا ف الج‬
‫وف غيه ؛ لن ال أمرنا بطاعته ومتابعته والقتداء به ‪ ،‬ووعد على ذلك مبته وجنته ورضوانه‬
‫‪ ،‬قال تعال‪" :‬قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم وال غفور‬
‫رحيم" (‪ ، )208‬وقال سبحانه ‪" :‬قل أطيعوا ال والرسول فإن تولوا فإن ال ل يب الكافرين"‬
‫(‪ ، )209‬وقال تعال‪" :‬من يطع الرسول فقد أطاع ال ومن تول فما أرسلناك عليهم حفيظا"‬
‫(‪ ، )210‬وقال سبحانه ‪" :‬وما آتاكم الرسول فخذوه وما ناكم عنه فانتهوا واتقوا ال إن ال‬
‫شديد العقاب" (‪. )211‬‬
‫وقد حذرنا ال تعال من مالفة أمره فقال تعال‪" :‬فليحذر الذين يالفون عن أمره أن تصيبهم‬
‫فتنة أو يصيبهم عذاب أليم" (‪. )212‬‬
‫فإن بيان الشروع من العبادات والعمال ل يعرف إل من طريق رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬الذي أمره ال أن يبي للناس ما نزل إليهم من ربم ‪ ،‬فقال تعال‪" :‬وأنزلنا إليك الذكر‬
‫لتبي للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون" (‪. )213‬‬
‫لذلك أمرنا الرسول صلى ال عليه وسلم أن نأخذ عنه مناسكنا ‪ ،‬كما أمرنا أن نصلي كما‬
‫كان يصلي ‪ ،‬وقد قال ال تعال ‪" :‬لقد كان لكم ف رسول ال أسوة حسنة لن كان يرجو‬
‫ال واليوم الخر وذكر ال كثيا" (‪. )214‬‬
‫فاحرصوا يا حجاج بيت ال أن يكون حجكم وجيع عبادتكم خالصة ل وموافقة لدي‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫‪) (208‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪31‬‬


‫‪) (209‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪32‬‬
‫‪) (210‬سورة النساء ‪ ،‬الية ‪80‬‬
‫‪) (211‬سورة الشر ‪ ،‬الية ‪7‬‬
‫‪) (212‬سورة النور ‪ ،‬الية ‪63‬‬
‫‪) (213‬سورة النحل ‪ ،‬الية ‪44‬‬
‫‪) (214‬سورة الحزاب ‪ ،‬الية ‪21‬‬
‫وما جهلتم من ذلك فاسألوا أهل العلم ‪ ،‬لتكونوا على بينة من أمركم عملً بقول ال تعال‪:‬‬
‫"فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ل تعلمون" (‪. )215‬‬
‫واعلموا أنكم خرجتم من دياركم وأموالكم وفارقتم أوطانكم وأهليكم تبتغون فضلً من‬
‫ربكم وتطمعون ف أجره وثوابه ‪ ،‬فاحرصوا على ذلك‪ ،‬ول تضيعوا أوقاتكم سدى‪ ،‬وحافظوا‬
‫على أداء الصلوات ف أوقاتا جاعة‪ ،‬ما استطعتم إل ذلك سبيلً ‪ ،‬ومروا بالعروف وانوا عن‬
‫النكر وابذلوا النصيحة لخوانكم ف رفق ولي‪ ،‬وبالكمة والوعظة السنة فالدال على الي‬
‫كفاعله‪ ،‬وال يقول ‪" :‬ولتكن منكم أمة يدعون إل الي ويأمرون بالعروف وينهون عن‬
‫النكر وأولئك هم الفلحون" (‪. )216‬‬
‫وخي الناس أنفعهم للناس فابذلوا من أنفسكم ومالكم ونصحكم وعونكم لخوانكم وخاصة‬
‫رفقتكم‪ ،‬واحذروا الصام والدال وإيذاء السلمي بأي نوع من أنواع اليذاء ولو بالزاحة‬
‫عند الجر السود وف رمي المرات وف كل موطن يشتد فيه الزحام ‪ ،‬فالسلم حقا من‬
‫سلم السلمون من لسانه ويده ‪ ،‬وال تعال يقول‪" :‬الج أشهر معلومات فمن فرض فيهن‬
‫الج فل رفث ول فسوق ول جدال ف الج وما تفعلوا من خي يعلمه ال وتزودوا فإن خي‬
‫الزاد التقوى واتقون يا أول اللباب " (‪. )217‬‬
‫فراقبوا ال ف السر والعلن ف أنفسكم وف أعمالكم وف إخوانكم عملً بقول ال تعال ‪" :‬وتعاونوا‬
‫على الب والتقوى ول تعاونوا على الث والعدوان واتقوا ال إن ال شديد العقاب " (‪. )218‬‬
‫ول تنسوا وأنتم ف هذا الوقف العظيم موقف الستجابة ل وتلبية ندائه‪ ،‬ل تنسوا إخوانا لكم‬
‫هم الن يقاتلون عدو ال وعدوكم ف كثي من بلد السلمي ‪ ،‬أجلب عليهم العدو بيله‬
‫ورجاله ومؤامراته ومكره وشرد نساءهم وأطفالم‪ ،‬وهم ف حاجة إل كل عون فل تبخلوا‬
‫عليهم با تستطيعون ‪ ،‬واعلموا أن لم حقا ف أموالكم فل تنعوا عنهم حقهم ‪ ،‬قال ال‬

‫‪) (215‬سورة النحل‪ :‬الية ‪43‬‬


‫‪) (216‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪104‬‬
‫‪) (217‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪197‬‬
‫‪) (218‬سورة الائدة ‪ ،‬الية ‪2‬‬
‫تعال‪" :‬وأن تصدقوا خي لكم إن كنتم تعلمون" (‪ )219‬وإن فاتكم شرف الهاد بالنفس فل‬
‫يفوتنكم أجر الهاد بالال والدعاء والنفاق ف سبيل ال‪ ،‬فمن جهز غازيا فقد غزا ‪ ،‬ومن‬
‫خلف غازيا ف أهله بي فقد غزا ‪ ،‬قال تعال‪" :‬وما تقدموا لنفسكم من خي تدوه عند ال‬
‫هو خيا وأعظم أجرا" (‪ ، )220‬وال تعال يقول‪" :‬يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تارة‬
‫تنجيكم من عذاب أليم‪ .‬تؤمنون بال ورسوله وتاهدون ف سبيل ال بأموالكم وأنفسكم‬
‫ذلكم خي لكم إن كنتم تعلمون" (‪. )221‬‬
‫وإن ف بلد السلمي صحوة شبابية إسلمية رغم الكبت والضيق الذي يعانونه من كثي من‬
‫الكام‪ ،‬هم كذلك ف حاجة ماسة إل تشجيعكم وتأييدكم الادي والعنوي فل تضنوا عليهم‬
‫بذلك‪ ،‬فما أحوجنا إل شباب مسلم بصي بدينه متمسك به؛ لن معركتنا مع أعداء السلم‬
‫طويلة ضارية ونن فيها متاجون لكل طاقة من طاقات السلمي‪ ،‬وأنتم تعلمون با حل‬
‫بالقدس الشريف والسجد القصى نعم نن متاجون ف هذه العركة إل مال الغنياء وجهد‬
‫الفقراء ‪ ،‬متاجون فيها إل حكمة الشيوخ وعزم الشباب‪ ،‬متاجون فيها إل إقدام الرجال‬
‫وعون النساء ‪ ،‬وال ف عون العبد ما كان العبد ف عون أخيه‪.‬‬
‫وقد قضى ال تعال أن ل ينتصر السلم إل بهاد أتباعه ضد أعدائه ‪ ،‬كما قال تعال‪" :‬ذلك‬
‫ولو يشاء ال لنتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض والذين قتلوا ف سبيل ال فلن يضل‬
‫أعمالم ‪ .‬سيهديهم ويصلح بالم ‪ ،‬ويدخلهم النة عرفها لم‪ .‬يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا‬
‫ال ينصركم ويثبت أقدامكم " (‪ ، )222‬ومن أصدق من ال قولً ومن أوف من ال وعدا؟‬
‫وفقنا ال وإياكم لا فيه صلح ديننا ودنيانا وهيأ لنا من أمرنا رشدا ونصرنا على أنفسنا‬
‫وأعدائنا ‪ ،‬كما نسأله سبحانه وتعال أن يوفق حكام السلمي لا فيه سعادتم وعزهم وناتم‬
‫وناة شعوبم ف الدنيا والخرة ويرزقهم البطانة الصالة ‪ ،‬إنه نعم الول ونعم النصي‪.‬‬

‫‪) (219‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪280‬‬


‫‪) (220‬سورة الزمل ‪ ،‬الية ‪20‬‬
‫‪) (221‬سورة الصف ‪ ،‬اليتان ‪11 ،10‬‬
‫‪) (222‬سورة ممد ‪ ،‬اليات ‪7 -4‬‬
‫وصلى ال على سيدنا ممد عبده ورسوله وآله وصحبه والتابعي لم بإحسان‪ ،‬وسلم تسليما‬
‫كثيا إل يوم الدين‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‪.‬‬
‫(‪)223‬‬
‫الخلص ل جل وعل ف العمل‬
‫من عبد العزيز بن عبد ال بن باز إل ضيوف الرحن حجاج بيت ال الرام وقراء هذه الجلة‬
‫ف كل مكان‪ ،‬وفقهم ال لا فيه رضاه‪.‬‬
‫سلم عليكم ورحة ال وبركاته ‪ ...‬أما بعد ‪:‬‬
‫فإنه ف مستهل العدد الول من ملة التوعية السلمية الت تصدرها المانة العامة للتوعية‬
‫السلمية ف الج‪ ،‬يطيب ل أن أرحب بكم على هذه الرض القدسة الت جعلها ال قبلة‬
‫للمسلمي ومثابة للناس وأمنا‪ ،‬وأهنئكم بتوفيق ال لكم لداء مناسك الج والعمرة تلبية‬
‫لدعوته واستجابة لمره‪ ،‬حيث يقول جل شأنه ‪" :‬ول على الناس حج البيت من استطاع إليه‬
‫(‪)225‬‬
‫سبيل" (‪ ، )224‬ويقول ‪" :‬وأتوا الج والعمرة ل"‬
‫وإن إذ أرحب بكم نيابة عن حكومة جللة اللك خالد وسو ول عهده – وفقهما ال‪-‬‬
‫أحب أن أشي إل أن هناك جهودا كبية تبذلا هذه الكومة الرشيدة ف سبيل خدمة الجاج‬
‫ضيوف الرحن‪ ،‬وف مقدمتها تنيد مموعة كبية من الدعاة والترجي بأغلب لغات السلمي‬
‫لتعليم وتوجيه الجاج وتبصيهم بأمور دينهم وحجهم ف أماكن تمعاتم حت يكونوا على‬
‫بينة منها‪ ،‬عملً بقول ال تعال‪" :‬قل هذه سبيلي أدعو على ال أنا ومن اتبعن وسبحان ال‬
‫وما أنا من الشركي" (‪. )226‬‬
‫وما هيئة التوعية السلمية ف الج التابعة لرئاسة البحوث العلمية والفتاء والدعوة والرشاد ‪،‬‬
‫الت تقوم بإصدار هذه الجلة الت بي أيديكم ‪ ،‬وأربع ملت أخرى بلغات أخرى‪ ،‬إل ثرة‬
‫من ثار هذه الهود البذولة ‪ ،‬ولذلك فإنا تلقى من حكومة جللة اللك ‪ ،‬ومن ول عهده‬
‫الكري ‪ ،‬كل عون ودعم وتأييد ‪ ،‬حت تؤدي رسالتها ‪ ،‬وتقوم بواجبها على أت وجه‬
‫وأكمله ‪ ،‬بعون ال وتوفيقه‪.‬‬

‫‪) (223‬نشر ف ملة (التوعية السلمية) العدد الول ف ‪1401/ 10/11‬هـ‬


‫‪) (224‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪97‬‬
‫‪) (225‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪196‬‬
‫‪) (226‬سورة يوسف ‪ ،‬الية ‪108‬‬
‫وإن إذ أشكر ليئة التوعية السلمية ف الج جهودها الطيبة ف السنوات الاضية‪ ،‬فإن أطالبها‬
‫بالزيد من العمل والد ف توجيه الجاج ‪ ،‬وتبصيهم بدينهم ومناسك حجهم ‪ ،‬ف كل‬
‫مشهد من الشاهد ومنسك من النسك‪ ،‬ف هذا العام وف كل عام إن شاء ال‪ ،‬وإن أسأل ال‬
‫تعال للقائمي بأعمالا التوفيق والسداد حت يكونوا عند حسن الظن بم‪ ،‬يقول سبحانه‪" :‬إنا‬
‫ل نضيع أجر من أحسن عملً" (‪. )227‬‬
‫ونصيحت لنفسي ولخوان الجاج والسلمي ف كل مكان ‪:‬‬
‫أولً‪ :‬أن يلصوا أعمالم وحجهم ل ربم‪ ،‬فإن ال تعال ل يقبل من العمال إل ما كان‬
‫خالصا لوجهه الكري‪ ،‬كما قال تعال‪ " :‬وما أمروا إل ليعبدوا ال ملصي له الدين"(‪، )228‬‬
‫ويقول سبحانه‪" :‬أل ل الدين الالص " (‪ ، )229‬ويقول عز وجل‪" :‬قل إن أمرت أن أعبد ال‬
‫ملصا له الدين‪ .‬وأمرت لن أكون أول السلمي " (‪ ، )230‬وما تلبية الجاج إل براءة من‬
‫الشرك وإعلن لتوحيد ال وتصيصه بالجابة والطاعة دون من سواه‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أن يكون عملهم وحجهم موافقا لا جاء به النب المي صلى ال عليه وسلم عن ربه‬
‫فإن أي عمل ل يأت به صلى ال عليه وسلم مهما كان لونه ومهما كان القصد منه فهو‬
‫مردود على صاحبه؛ لنه ما ل يشرعه ال لعباده‪ ،‬وال تعال ما تعبد الناس إل با شرعه لم‬
‫وما عدا ذلك فهو من اتباع الوى الذي نانا ال عنه‪ ،‬قال ال تعال لنبيه الكري صلوات ال‬
‫وسلمه عليه ‪" :‬ث جعلناك على شريعة من المر فاتبعها ول تتبع أهواء الذين ل يعلمون‪ .‬إنم‬
‫لن يغنوا عنك من ال شيئا وإن الظالي بعضهم أولياء بعض وال ول التقي" (‪ ، )231‬ويقول‬
‫ال تعال‪" :‬قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم وال غفور رحيم ‪.‬‬
‫قل أطيعوا ال والرسول فإن تولوا فإن ال ل يب الكافرين"(‪ ، )232‬ويقول ‪" :‬من يطع الرسول‬

‫‪) (227‬سورة الكهف ‪ ،‬الية ‪30‬‬


‫‪) (228‬سورة البينة‪ ،‬الية ‪5‬‬
‫‪) (229‬سورة الزمر ‪ ،‬الية ‪3‬‬
‫‪) (230‬سورة الزمر ‪ ،‬اليتان ‪12 ،11‬‬
‫‪) (231‬سورة الاثية‪ ،‬اليتان ‪19 ،18‬‬
‫‪) (232‬سورة آل عمران ‪ ،‬اليتان ‪32 ،31‬‬
‫فقد أطاع ال ومن تول فما أرسلناك عليهم حفيظا" (‪ . )233‬وف الديث الصحيح ‪" :‬من عمل‬
‫عملً ليس عليه أمرنا فهو رد"(‪ )234‬وف رواية أخرى "من أحدث ف أمرنا هذا ما ليس منه فهو‬
‫رد" (‪. )235‬‬
‫فاتبعوا ما جاءكم به نبيكم صلى ال عليه وسلم الذي ل ينطق عن الوى إن هو إل وحي يوحى ‪،‬‬
‫ول تبتدعوا ف دينكم فقد كفيتم‪ ،‬وال سبحانه وتعال ل يقبض نبيه صلى ال عليه وسلم إل بعد‬
‫أن أكمل الدين وأت النعمة وأنزل قوله الكيم ‪" :‬اليوم أكملت لكم دينكم وأتمت عليكم نعمت‬
‫ورضيت لكم السلم دينا" (‪ ، )236‬فما ل يكن ف زمن الرسول صلى ال عليه وسلم دينا فليس‬
‫اليوم بدين‪ ،‬ومن حسن للناس شيئا ل يكن عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم وأصحابه رضي‬
‫ال عنهم‪ ،‬فقد شرع للناس ما ل يأذن به ال‪ ،‬ومن تبعه ف ذلك فقد جعله ل شريكا ف التشريع‬
‫وهو من خصائص اللوهية‪ ،‬وقد قال ال تعال عمن فعل ذلك‪":‬أم لم شركاء شرعوا لم من الدين‬
‫(‪)237‬‬
‫ما ل يأذن به ال ولول كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالي لم عذاب أليم"‬
‫ثالثا‪ :‬أن يافظوا على أوقاتم فل يضيعوها ف لو أو لعب وإنا ينبغي أن يغتنموا أوقاتم فيما‬
‫ينفع ويفيد‪ ،‬من أمور دينهم ودنياهم‪ ،‬فإن الوقت هو الياة‪ ،‬ومن أضاع وقته أضاع حياته‪ ،‬ومن‬
‫أضاع حياته ندم ول تنفعه الندامة‪ ،‬وتن الرجعة إل الدنيا ليعمل صالا فل تتحقق له أمنية‪ ،‬وال‬
‫تعال يقول‪" :‬يا أيها الذين آمنوا ل تلهكم أموالكم ول أولدكم عن ذكر ال ومن يفعل ذلك‬
‫فأولئك هم الاسرون‪ .‬وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأت أحدكم الوت فيقول رب لول‬
‫أخرتن إل أجل قريب فأصدق وأكن من الصالي ‪ .‬ولن يؤخر ال نفسا إذا جاء أجلها وال‬
‫خبي با تعملون" (‪. )238‬‬

‫‪) (233‬سورة النساء ‪ ،‬الية ‪80‬‬


‫‪) (234‬رواه البخاري معلقا ف النجش‪ ،‬ومسلم ف (القضية) باب نقض الحكام الباطلة ورد مدثات المور برقم ‪.1718‬‬
‫‪) (235‬رواه البخاري ف (الصلح) باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم ‪ ، 2697‬ومسلم ف (القضية) باب نقض الحكام الباطلة‬
‫ورد مدثات المور برقم ‪. 1718‬‬
‫‪) (236‬سورة الائدة الية ‪3‬‬
‫‪) (237‬سورة الشورى‪ ،‬الية ‪21‬‬
‫‪) (238‬سورة النافقون‪ ،‬اليات ‪11 -9‬‬
‫وينبغي لجاج بيت ال خاصة أن يتهدوا ف العبادة ل‪ ،‬فما خرجوا من ديارهم وأهلهم إل‬
‫ليحصلوا الجر والثواب ‪ ،‬فيجب أن يتنبوا الصام والدال فيما بينهم‪ ،‬حت يعودوا من حجهم‬
‫وقد خرجوا من ذنوبم كيوم ولدتم أمهاتم‪ ،‬وإنه لظ عظيم؛ لقول النب صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫"من حج فلم يرفث ول يفسق رجع كيوم ولدته أمه" (‪. )239‬‬
‫وينبغي أن يسود بينهم الب واليثار والتعاون على الب والتقوى ‪ ،‬ول يؤذ بعضهم بعضا عند‬
‫أداء الناسك والوقوف بالشاعر ‪ ،‬فإن إيذاء السلم ذنب كبي ينبغي الذر منه‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أن يقوموا بواجب المر بالعروف والنهي عن النكر الذي أمر ال به السلمي كل بسب‬
‫استطاعته‪ ،‬كما قال سبحانه‪" :‬والؤمنون والؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالعروف‬
‫وينهون عن النكر ويقيمون الصلة ويؤتون الزكاة ويطيعون ال ورسوله أولئك سيحهم ال إن‬
‫ال عزيز حكيم " (‪. )240‬‬
‫وجاء ف الديث الصحيح ‪" :‬من رأى منكم منكرا فليغيه بيده فإن ل يستطع فبلسانه فإن ل‬
‫يستطع فبقلبه وذلك أضعف اليان" (‪ ، )241‬فولة المور يغيون باليد من لم عليهم ولية‪،‬‬
‫وهكذا كل من له قدرة على النكار باليد ‪ ،‬كرب البيت ‪ ،‬ورئيس السبة حسب ما لديه من‬
‫الصلحيات ونوهم‪ ،‬وأولوا العلم يغيون النكر بالجة والبهان‪ ،‬وعامة الناس يغيون بالقلب‬
‫إذا ل تكن عندهم قدرة على القول‪ ،‬وصفة إنكار النكر بالقلب كراهة ومفارقة مالس‬
‫النكرات‪ ،‬وعدم اللوس فيها‪ ،‬وإل فإنم إذا مثلهم‪ ،‬وال تعال يقول‪" :‬وإذا رأيت الذين‬
‫يوضون ف آياتنا فأعرض عنهم حت يوضوا ف حديث غيه وإما ينسينك الشيطان فل تقعد‬
‫بعد الذكرى مع القوم الظالي " (‪. )242‬‬
‫وفقنا ال وإياكم لطاعته ‪ ،‬وأعاننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته ‪ ،‬وجعل حجنا‬
‫وحجكم مبورا وذنبنا وذنبكم مغفورا وسعينا وسعيكم مشكورا ‪ .‬ونسأله تعال أن يوفق حكام‬
‫السلمي للعمل بالسلم وتطبيق شريعته وإقامة حدوده حت ل تكون فتنة وحت يكون الدين كله‬

‫‪) (239‬رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور برقم ‪ ،1521‬ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم‬
‫‪1350‬‬
‫‪) (240‬سورة التوبة ‪ ،‬الية ‪71‬‬
‫‪) (241‬رواه مسلم ف (اليان) باب كون النهي عن النكر من اليان برقم ‪49‬‬
‫‪) (242‬سورة النعام ‪ ،‬الية ‪68‬‬
‫ل‪ .‬وصلى ال وسلم على سيدنا ممد وعلى آله وصحبه والتابعي لم بإحسان إل يوم الدين‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحة ال وبركاته ‪.‬‬
‫(‪)243‬‬
‫الدين النصيحة‬

‫من عبد العزيز بن عبد ال بن باز إل إخوان ف ال حجاج بيت ال الرام‪ ،‬وفقهم ال‬
‫لداء مناسك حجهم على الوجه الذي شرعه ال ومنحهم القبول والغفرة‪.‬‬
‫سلم عليكم ورحة ال وبركاته ‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فبسم ال نبدأ ‪ ،‬وبه نستعي ‪ ،‬وعليه نتوكل‪ ،‬ول حول ول قوة إل بال‪ ،‬سبحانك ربنا ل علم‬
‫لنا إل ما علمتنا‪ ،‬إنك أنت العليم الكيم‪ ،‬اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا با علمتنا ‪ ،‬ربنا تقبل‬
‫منا إنك أنت السميع العليم‪.‬‬
‫اللهم إنا نمدك على نعمة السلم ‪ ،‬ونشكرك على أن هديتنا لليان ‪ ،‬ونسألك أن تثبتنا‬
‫على دينك وطاعتك ‪ ،‬ربنا ل تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحة إنك أنت‬
‫الوهاب‪.‬‬
‫أيها الاج الكري‪:‬‬
‫لقد أنعم ال عليك نعمة عظيمة‪ ،‬إذ بلغك بلده المي‪ ،‬الذي جعله ال مهوى أفئدة الؤمني‪،‬‬
‫وجعل فيه بيته العتيق‬
‫ليكون قبلة للمسلمي يتجهون إليه ف صلتم ودعائهم ل عز وجل‪.‬‬
‫جئت إل بلد ال الرام بعد أن قطعت الفياف‪ ،‬وتكبدت الشاق وتملت وعثاء السفر لكي‬
‫تبلغ ما بلغت‪.‬‬
‫ولشك ف أنك حي خرجت من بيتك‪ ،‬وتركت أهلك ومالك وولدك‪ ،‬إنا فعلت ذلك‬
‫ترجو عفو ال ومغفرته ‪ ،‬ث إنك ل شك ترجو أن ترجع إل بلدك وقد غفر ال لك ذنبك ‪،‬‬
‫فعدت كما ولدتك أمك ؛ لقول النب صلى ال عليه وسلم ف الديث التفق عليه‪" :‬من حج‬
‫فلم يرفث ول يفسق رجع كيوم ولدته أمه" (‪. )244‬‬

‫‪) (243‬نشر ف (ملة التوعية السلمية ف الج) العدد الول ‪1402‬هـ‬


‫‪) (244‬رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور برقم ‪ ، 1521‬ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم‬
‫‪1350‬‬
‫ولكي يتحقق ذلك إن شاء ال فإن أوصيك ونفسي والسلمي بالوصايا التية‪ ،‬عملً بقول‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ‪" :‬الدين النصيحة" قيل لن يا رسول ال؟ قال‪" :‬ل ولكتابة ولئمة‬
‫السلمي وعامتهم " (‪ )245‬خرجه مسلم ف صحيحه – وهي‪:‬‬
‫‪-1‬أوصيك أن يكون عملك خالصا ل تعال‪ ،‬بعيدا عن الرياء والسمعة ‪ ،‬فإن ال ل‬
‫يقبل من العمل إل ما كان خالصا له وابتغي به وجهه‪ .‬قال تعال‪" :‬وما أمروا إل‬
‫ليعبدوا ال ملصي له الدين" (‪ ، )246‬وقال جل شأنه‪" :‬فاعبد ال ملصا له الدين‪.‬‬
‫أل ل الدين الالص" (‪ )247‬والعمل الالص ما كان ل وحده ل شريك له ‪ ،‬قال‬
‫تعال‪" :‬فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملً صالا ول يشرك بعبادة ربه أحدا"‬
‫(‪. )248‬‬
‫ومن إخلص العمل ل ‪ ،‬أن تصرف العبادة كلها له وحده ‪ ،‬فل تدعو غيه ‪ ،‬ول‬
‫تستغيث بسواه ول تلجأ إل إليه‪ ،‬ول تستعي إل به ‪ ،‬ول تتوكل إل عليه سبحانه وتعال‪.‬‬
‫وهناك شرط آخر لصحة العمل وقبوله وهو أن يكون موافقا لشريعة ال الت أنزلا على‬
‫نبيه صلى ال عليه وسلم ؛ لقوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬من عمل عملً ليس عليه أمرنا‬
‫فهو رد" (‪ )249‬أخرجه مسلم ف صحيحه ‪ ،‬وعلقه البخاري جازما به‪ ،‬وصح عنه صلى ال‬
‫عليه وسلم أنه قال ‪" :‬من أحدث ف أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" (‪ )250‬متفق على‬
‫صحته‪.‬‬
‫‪-2‬وأوصيك بتقوى ال ف جيع الحوال ‪ ،‬والتقوى هي جاع الي ‪ ،‬وهي وصية ال‬
‫سبحانه للولي والخرين ‪ ،‬ووصية رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬قال تعال‪:‬‬

‫‪) (245‬رواه المام أحد ف (مسند الشاميي) حديث تيم الداري برقم ‪ ، 16499‬ومسلم ف (اليان ) باب بيان أن الدين النصيحة‬
‫برقم ‪55‬‬
‫‪) (246‬سورة البينة‪ ،‬الية ‪5‬‬
‫‪) (247‬سورة الزمر ‪ ،‬اليتان ‪3 ،2‬‬
‫‪) (248‬سورة الكهف ‪ ،‬الية ‪110‬‬
‫‪) (249‬رواه البخاري معلقا ف النجش ‪ ،‬ومسلم ف (القضية) باب نقض الحكام الباطلة ورد مدثات المور برقم ‪1718‬‬
‫‪) (250‬رواه البخاري ف (الصلح) باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم ‪ ، 2697‬ومسلم ف (القضية) باب نقض الحكام الباطلة‬
‫ورد مدثات المور برقم ‪. 1718‬‬
‫"ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا ال " (‪ ، )251‬وكان‬
‫النب صلى ال عليه وسلم يوصي ف خطبه كثيا بتقوى ال تعال‪ ،‬وحقيقة التقوى‬
‫أداء ما افترض ال على العبد وترك ما حرم عليه ‪ ،‬عن إخلص ومبة له سبحانه‪،‬‬
‫ورغبة ف ثوابه وحذر من عقابه ‪ ،‬على الوجه الذي شرعه ال لعباده على لسان‬
‫رسوله ونبيه ممد عليه الصلة والسلم‪ ،‬قال عبد ال بن مسعود رضي ال عنه‪:‬‬
‫"تقوى ال حق تقاته أن يطاع فل يعصى ويذكر فل يكفر" ‪.‬‬
‫وقال أمي الؤمني عمر بن عبد العزيز رضي ال عنه‪" :‬ليست تقوى ال بصيام النهار‪ ،‬ول قيام‬
‫الليل‪ ،‬والتخليط فيما بي ذلك ‪ ،‬ولكن تقوى ال أداء ما افترض ال ‪ ،‬وترك ما حرم ال ‪،‬‬
‫فمن رزق بعد ذلك خيا فهو خي إل خي"‪.‬‬
‫وقال طلق بن حبيب التابعي الليل رضي ال عنه‪" :‬تقوى ال سبحانه هي أن تعمل بطاعته‬
‫‪ ،‬ترجو ثواب ال‪ ،‬وأن تترك معصية ال ‪ ،‬على نور من ال ‪ ،‬تاف عقاب ال"‪.‬‬
‫وهذا كلم جيد ومعناه أن الواجب على السلم أن يتفقه ف دين ال‪ ،‬وأن يطلب العلم ما‬
‫وسعه جهده حت يعمل بطاعة ال على بصية ويدع مارم ال على بصية ‪ ،‬وهذا هو‬
‫تقيق العمل بشهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال فإن الشهادة الول تقتضي‬
‫اليان بال وحده‪ ،‬وتصيصه بالعبادة دون ما سواه ‪ ،‬وإخلص جيع العمال لوجهه‬
‫الكري ‪ ،‬رجاء رحته وخشية عقابه‪.‬‬
‫والشهادة الثانية تقتضي اليان برسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وأنه رسول ال إل جيع‬
‫الثقلي الن والنس ‪ ،‬وتصديق أخباره واتباع شريعته والذر ما خالفها‪.‬‬
‫هاتان الشهادتان ها أصل الدين وأساس اللة ‪ ،‬كما قال تعال‪" :‬شهد ال أنه ل إله إل هو‬
‫واللئكة وأولوا العلم قائما بالقسط ل إله إل هو العزيز الكيم" (‪ ، )252‬وقال سبحانه ‪:‬‬
‫"وإلكم إله واحد ل إله إل هو الرحن الرحيم" (‪ ، )253‬وقال عز وجل‪" :‬قل يا أيها الناس‬

‫‪) (251‬سورة النساء ‪ ،‬الية‪131 :‬‬


‫‪) (252‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪18‬‬
‫‪) (253‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪163‬‬
‫إن رسول ال إليكم جيعا الذي له ملك السماوت والرض ل إله إل هو ييي وييت‬
‫فآمنوا بال ورسوله النب المي الذي يؤمن بال وكلماته واتبعوه لعلكم تتدون" (‪. )254‬‬
‫‪-3‬وأوصيك بأن يكون زادك حللً ونفقتك حل ًل فإن ال طيب ل يقبل إل طيبا ‪،‬‬
‫قال تعال ‪" :‬يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا ل إن كنتم‬
‫إياه تعبدون" (‪ ، )255‬وعرفنا النب صلى ال عليه وسلم أن الرء الذي ل يتحرى‬
‫اللل ف الطعم واللبس والشرب على خطر عظيم‪ ،‬فذكر الرجل يطيل السفر‬
‫أشعث أغب ‪ ،‬يد يديه إل السماء يقول‪ :‬يا رب ‪ ،‬يا رب ‪ ،‬ومطعمه حرام وملبسه‬
‫حرام ومشربه حرام وغذي بالرام فأن يستجاب لذلك؟ فعليك يا أخي الاج أن‬
‫تتار لجك نفقة طيبة تعينك على إجابة الدعاء وقبول العمل إن شاء ال تعال‪.‬‬
‫‪-4‬وأوصيك أن تبتعد عن كل ما يغضب ال عز وجل من القوال والعمال ‪ ،‬وهذا‬
‫أمر يتأكد على السلم ف كل وقت ‪ ،‬إل أنه ف الج آكد ‪ ،‬فالواجب عليك أن‬
‫تصون حجك عما حرم ال عليك من الرفث والفسوق‪ ،‬وأن تستقيم على طاعة‬
‫ال‪ ،‬وأن تتعاون مع إخوانك ف ال على الب والتقوى حت يكون حجك مبورا‬
‫وسعيك مشكورا‪ ،‬والج البور هو الذي سلم من الرفث والفسوق والدال بغي‬
‫حق ‪ ،‬كما قال تعال‪" :‬الج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الج فل رفث ول‬
‫فسوق ول جدال ف الج " (‪ ، )256‬ويدل على ذلك أيضا قوله صلى ال عليه‬
‫وسلم ف الديث‪ .‬التقدم ‪" :‬من حج فلم يرفث ول يفسق رجع كيوم ولدته أمه"‬
‫(‪ ، )257‬والرفث هو الماع ف حال الحرام ‪ ،‬ويدخل فيه القول بالفحش ورديء‬
‫الكلم‪ ،‬والفسوق يشمل العاصي كلها ‪ ،‬أعاذنا ال وإياك والسلمي من كل ذلك‪.‬‬

‫‪) (254‬سورة العراف ‪ ،‬الية ‪158‬‬


‫‪) (255‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪172‬‬
‫‪) (256‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪197‬‬
‫‪) (257‬رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور برقم ‪ ، 1521‬ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم‬
‫‪1350‬‬
‫‪ -5‬ث أوصي نساء الؤمني بوصية خاصة ‪ ،‬هي وصية ال عز وجل لن‪ ،‬حيث قال جل شأنه‬
‫‪" :‬وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويفظن فروجهن ول يبدين زينتهن إل ما ظهر منها‬
‫وليضربن بمرهن على جيوبن" (‪ ، )258‬فالواجب عليهن التستر والتحجب عن الرجال عدا‬
‫الحارم‪ ،‬وترك إظهار الزينة ‪ ،‬والذر من التعطر حي خروجهن ؛ لن ذلك يسبب الفتنة بن؛‬
‫ولذا قال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬ل تنعوا إماء ال مساجد ال ‪ ،‬وليخرجن تفلت" (‪، )259‬‬
‫ومعن تفلت ‪ :‬أي ل رائحة تفت الناس ‪ ،‬وقال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬أيا امرأة أصابت‬
‫بورا فل تشهد معنا الصلة" (‪. )260‬‬
‫وقالت عائشة رضي ال عنها ‪" :‬لو علم النب صلى ال عليه وسلم ما أحدث النساء اليوم‬
‫لنعهن من الروج"‪.‬‬
‫فالواجب على النساء أن يتقي ال‪ ،‬وأن يذرن أسباب الفتنة من الزينة والطيب وإبراز بعض‬
‫الحاسن‪ ،‬كالوجه‬
‫واليدين والقدمي عند اجتماعهن بالرجال‪ ،‬وخروجهن إل السواق ‪ ،‬وهكذا ف وقت‬
‫الطواف والسعي ‪ ،‬وأشد من ذلك وأعظم ف النكر كشفهن الرؤوس ولبس الثياب القصية‬
‫الت تقصر عن الذراع والساق ؛ لن ذلك أعظم أسباب الفتنة ؛ ولذا قال ال عز وجل ‪:‬‬
‫"وقرن ف بيوتكن ول تبجن تبج الاهلية الول" (‪ )261‬والتبج ‪ :‬إظهار بعض ماسنهن‪.‬‬
‫وقال عز وجل‪" :‬يا أيها النب قل لزواجك وبناتك ونساء الؤمني يدني عليهن من جللبيبهن‬
‫" (‪ )262‬واللباب ‪ :‬هو الثوب الذي تغطي به الرأة رأسها ووجهها وصدرها وسائر بدنا‪ ،‬قال‬
‫علي بن أب طلحة عن ابن عباس رضي ال عنهما ‪" :‬أمر ال نساء الؤمني إذا خرجن من‬
‫بيوتن ف حاجة أن يغطي وجوههن من فوق رؤوسهن باللليب ويبدين عينا واحدة " ‪،‬‬

‫‪) (258‬سورة النور ‪ ،‬الية ‪31‬‬


‫‪) (259‬رواه المام أحد ف (مسند الكثرين من الصحابة) باقي مسند أب هريرة برقم ‪9362‬‬
‫‪) (260‬رواه مسلم ف (الصلة) باب خروج النساء إل الساجد برقم ‪444‬‬
‫‪) (261‬سورة الحزاب ‪ ،‬الية ‪33‬‬
‫‪) (262‬سورة الحزاب ‪ ،‬الية ‪59‬‬
‫وقال تعال‪" :‬وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبن"‬
‫(‪. )263‬‬
‫وقال النب صلى ال عليه وسلم‪" :‬صنفان من أهل النار ل أرها بعد ‪ ،‬نساء كاسيات عاريات‬
‫مائلت ميلت ‪ ،‬على رؤوسهن كأسنمة البخت الائلة‪ ،‬ل يدخلن النة ول يدن ريها‪،‬‬
‫ورجال بأيديهم سياط مثل أذناب البقر ‪ ،‬يضربون با الناس" (‪ . )264‬خرجه مسلم ‪ .‬معن‬
‫كاسيات عاريات‪ :‬كاسيات من نعم ال عاريات من شكرها ‪ ،‬وفسر بأن عليهن كسوة‬
‫رقيقة أو قصية ل تسترهن ‪ ،‬فهن كاسيات بالسم والدعاوى ‪ ،‬عاريات ف القيقة ‪ ،‬ومعن‬
‫مائلت ميلت ‪ :‬أنن مائلت عن الق ميلت لغيهن إل الباطل والفحشاء والنكر‪.‬‬
‫ول ريب أن هذا الديث الصحيح يوجب على النساء العناية بالتستر ‪ ،‬والتحجب والذر من‬
‫أسباب غضب ال وعقابه‪ ،‬وال الستعان‪.‬‬
‫‪ -6‬وأعود فأوصيك أيها الاج الكري بأن تكون مقتديا ف جيع أفعالك‬
‫وأقوالك بنبيك ممد صلى ال عليه وسلم وخلفائه الراشدين وأصحابه‬
‫الطاهرين رضي ال عنهم ‪ ،‬فالي كل الي ف التباع والشر كل الشر ف‬
‫البتداع‪ ،‬وقد قال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬عليكم بسنت وسنة اللفاء‬
‫الراشدين من بعدي ‪ ،‬عضوا عليها بالنواجذ ‪ ،‬وإياكم ومدثات المور فإن‬
‫كل مدثة بدعة وكل بدعة ضللة" (‪. )265‬‬
‫ولكي يتحقق لك ذلك فعليك بالبحث عن العلماء ‪ ،‬والقرب منهم ‪ ،‬مستفسرا منهم عن‬
‫أمور دينك ‪ ،‬وقد قال ال تعال‪" :‬فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ل تعلمون" (‪ ، )266‬وقال النب‬

‫‪) (263‬سورة الحزاب ‪ ،‬الية ‪53‬‬


‫‪) (264‬رواه المام أحد ف (مسند الكثرين من الصحابة) مسند أب هريرة برقم ‪ ،8451‬ومسلم ف (اللباس والزينة ) باب النساء‬
‫الكاسيات العاريات برقم ‪2128‬‬
‫‪) (265‬رواه المام أحد ف (مسند الشاميي) حديث العرباض بن سارية برقم ‪ ، 16694‬وأبو داود ف (السنة) باب لزوم السنة برقم‬
‫‪. 4607‬‬
‫‪) (266‬سورة النحل ‪ ،‬الية ‪43‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪" :‬من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل ال له به طريقا إل النة"‬
‫(‪ )267‬وقال ‪" :‬من يرد ال به خيا يفقهه ف الدين" (‪. )268‬‬
‫وهذه الجلة الت بي يديك ‪ ،‬والت تصدر عن رئاسة إدارات البحوث العلمية والفتاء‬
‫والدعوة والرشاد بالملكة العربية السعودية ‪ ،‬تقدمها لك هيئة التوعية السلمية ف الج‪،‬‬
‫تدخل الن عامها الثامن ‪ ،‬وتواصل مسيتا بعون ال وتوفيقه نو تقيق أهدافها‪.‬‬
‫ل فيها قارئا‬
‫إنا ملتك وملة كل مسلم‪ ،‬فاحرص على اقتنائها واعتب نفسك عضوا عام ً‬
‫وكاتبا ‪ ،‬فهي منك وإليك‪ ،‬فابعث با ين ال به عليك من آراء وأفكار ومقترحات تدم‬
‫السلم وتقوي شوكة السلمي ‪.‬‬
‫ث ادع ال معي أن يوفق العاملي ف هذه الجلة ‪ ،‬وأن يأخذ بأيديهم إل ما فيه الي‬
‫والصلح ‪ ،‬وأن يلهمهم الرشد والصواب ف كل ما يقومون به ‪ ،‬وأن يبارك جهودهم‬
‫ويعظم أجرهم إنه ول ذلك والقادر عليه‪ .‬وتقبل ال من الميع أفعالم وأقوالم وأصلح‬
‫نياتم ‪ ،‬وآخر دعوانا أن المد ل رب العالي ‪ ،‬وصلى ال وسلم على ممد وعلى آله‬
‫وصحبه ومن اهتدى بديه إل يوم الدين‪.‬‬

‫الرئيس العام لدارات البحوث العلمية والفتاء والدعوة والرشاد‬


‫عبد العزيز بن عبد ال بن باز‬

‫‪) (267‬رواه مسلم ف (الذكر والدعاء والتوبة والستغفار ) باب فضل الجتماع على تلوة القرآن برقم ‪2699‬‬
‫‪) (268‬رواه البخاري ف (العلم) باب من يرد ال به خيا يفقهه ف الدين برقم ‪ ، 71‬ومسلم ف (الزكاة) باب النهي عن السألة برقم‬
‫‪1037‬‬
‫(‪)269‬‬
‫تقيق معن الشهادة بالقول والعمل‬

‫المد ل والصلة والسلم على رسول ال وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بداه ‪ ..‬أما‬
‫بعد‪:‬‬
‫فإن ال جل وعل جعل موسم الج مؤترا لعباده ‪ ،‬يتمعون فيه من أناء الدنيا ومن سائر‬
‫أجناس البشر ‪ ،‬يريدون القربة إل ال وسؤاله والضراعة إليه ويطلبون حط ذنوبم وغفران‬
‫سيئاتم ‪ ،‬ويرفعون إليه جيع حوائجهم ‪ ،‬يسألونه سبحانه من فضله ‪ ،‬ويتوبون إليه من‬
‫تقصيهم وذنوبم ‪ ،‬ويتعارفون فيه ‪ ،‬ويتشاورون ويتناصحون ‪ ،‬ويتآمرون بالعروف‬
‫ويتناهون عن النكر ‪ ،‬وذلك من جلة النافع الت أشار إليها سبحانه ف قوله عز وجل ‪:‬‬
‫"وأذن ف الناس بالج يأتوك رجالً وعلى كل ضامر يأتي من كل فج عميق‪ .‬ليشهدوا‬
‫منافع لم ويذكروا اسم ال ف أيام معلومات على ما رزقهم من بيمة النعام" (‪ ، )270‬وال‬
‫عز وجل ذكر أنم يضرون من كل فج عميق ‪ ،‬من الشرق والغرب والنوب والشمال ‪،‬‬
‫ليشهدوا هذه النافع ‪ ،‬من الطواف بالبيت والسعي بي الصفا والروة والوقوف بعرفات‬
‫وبالزدلفة ويرمون المار ‪ ،‬وينحرون الدايا ويضرون مالس العلم والذكر ‪ ،‬ويسألون‬
‫أهل العلم عما أشكل عليهم ويتناصحون بينهم ‪ ،‬ويستفيد يعضهم من بعض ويسن‬
‫بعضهم إل بعض ‪ ،‬هكذا يب على السلمي ؛ وهكذا شرع ال لم ‪ ،‬وهو خلقهم‬
‫سبحانه لذا المر ‪ ،‬خلقهم ليعبدوه والج من عبادته ‪ ،‬والعبادة أنواع ‪ ،‬أعظمها وأهها‬
‫عبادتم إياه سبحانه لتوحيده ‪ ،‬وهو الخلص له ‪ ،‬فيشهد أنه ل معبود بق إل ال ‪،‬‬
‫ويشهد أن نبيه ممدا رسول ال ‪ ،‬شهادة تقتضي العمل ‪ ،‬ل مرد الشهادة بالقول‪ ،‬بل‬
‫شهادة معها العمل والصدق والخلص ف العبادة ل وحده ‪ ،‬معها متابعة الرسول ممد‬
‫عليه الصلة والسلم‪ ،‬ومعها اليان لميع الرسلي الاضي‪ ،‬وأنم بلغوا الرسالة وأدوا‬
‫المانة ‪ ،‬قال تعال‪" :‬وما خلقت الن والنس إل ليعبدون" (‪ ، )271‬يبي سبحانه أنه ما‬
‫‪) (269‬ماضرة ألقاها ساحته ف اليوم الثامن من ذي الجة ف من عام ‪1402‬هـ‬
‫‪) (270‬سورة الج ‪ ،‬اليتان ‪28 ، 27‬‬
‫‪) (271‬سورة الذاريات ‪ ،‬الية ‪56‬‬
‫خلق الن والنس إل لعبادته وإفراده بالعبادة ‪ ،‬وهو معن شهادة أن ل إله إل ال ‪ ،‬وهذا‬
‫هو أصل اللة وأساس الدين ‪ ،‬وأساس السعادة أل تعبد إل ربك ‪ ،‬وأن تص ربك بدعائك‬
‫وخوفك ‪ ،‬ورجائك وصلتك وصومك وذبك ‪ ،‬ونذرك وغي ذلك ‪ .‬فالعبادة حق ال‬
‫وحده ‪ ،‬وهي أعظم شيء خلق له العباد ‪ ،‬وهي أكب شيء أمروا به وفرض عليهم ‪ ،‬ث يلي‬
‫ذلك الشهادة بأن ممدا رسول ال صلى ال عليه وسلم مع اليان بميع النبياء‬
‫والرسلي الاضي‪ ،‬فالنس هم بنو آدم والن هم بنو الان بنو الشيطان ‪ ،‬فيهم الطيب‬
‫والبيث ‪ ،‬فيهم الصال والطال ‪ ،‬كما قال عز وجل ‪ " :‬وأنا منا الصالون ومنا دون ذلك‬
‫كنا طرائق قددا" (‪ ، )272‬وقال سبحانه ‪ " :‬وأنا منا السلمون ومنا القاسطون" (‪، )273‬‬
‫وهكذا بنو آدم فيهم الصال والطال ‪ ،‬فيهم الكافر والسلم ‪ ،‬فيهم الب التقي والكافر‬
‫الشقي ‪ ،‬قال جل وعل‪" :‬خلق النسان من صلصال كالفخار ‪ .‬وخلق الان من مارج من‬
‫نار" (‪. )274‬‬
‫فجميع الثقلي من الن والنس خلقوا ليعبدوا ال وليطيعوه وليعظموه ويصوه بالعبادة‪ ،‬ل‬
‫يعبدون معه كوكبا ‪ ،‬ول نبيا ول وليا ول شجرا ول صنما ول حجرا ‪ ،‬ول غي ذلك ‪،‬‬
‫بل عليهم أن يعبدوه وحده سبحانه وتعال ‪ ،‬ويصوه جل وعل بالدعاء ‪ ،‬فل يدعى إل‬
‫هو سبحانه وتعال ‪ ،‬ول يستغاث إل به ‪ ،‬ول يتوكل إل عليه ‪ ،‬ول يذبح إل له ‪ ،‬ول‬
‫ينذر إل له‪ ،‬ول يصلى إل له ‪ ،‬ول يسجد إل له‪.‬‬
‫وبذا تعلم أيها الؤمن أيها البصي العاقل ‪ ،‬أن ما قد يقع من بعض الهال ف كثي من البلدان‬
‫والمصار ‪ ،‬من التوجه إل أصحاب القبور بالدعاء والستغاثة ‪ ،‬أن هذا يضاد قول ل إله إل‬
‫ال ‪ ،‬وأن الواجب على جيع الثقلي ‪ ،‬أن يصوا ال بالعبادة ‪ ،‬وأن يتركوا دعوة الموات‬
‫والستغاثة بم ‪ ،‬فاليت عاجز ‪ ،‬والنذر له والذبح له ‪ ،‬وطلبه الدد منه شرك أكب بال عز‬
‫وجل ‪ ،‬ويضاد قول ل إله إل ال ويناقضها ‪ ،‬وعليك مع ذلك أن تتبع الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم وتنقاد لوامره ؛ لن هذا مقتضى شهادة أن ممدا رسول ال ‪ ،‬هذه الشهادة توجب‬
‫‪) (272‬سورة الن ‪ ،‬الية ‪11‬‬
‫‪) (273‬سورة الن ‪ ،‬الية ‪14‬‬
‫‪) (274‬سورة الرحن ‪ ،‬اليتان ‪15 ،14‬‬
‫عليك اتباعه وتصديقه ‪ ،‬والنقياد لوامره عليه الصلة والسلم ‪ ،‬ولذا قال عز وجل ‪" :‬قل‬
‫إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم" (‪ ، )275‬وقال عز وجل ‪" :‬من يطع‬
‫الرسول فقد أطاع ال" (‪ ، )276‬وقال سبحانه ‪" :‬وما آتاكم الرسول فخذوه وما ناكم عنه‬
‫فانتهوا واتقوا ال إن ال شديد العقاب " (‪. )277‬‬
‫وهذا الوسم موسم الج فرصة للمؤمن يسمع آيات ال ويسمع كلم أهل العلم ف‬
‫السجد الرام ‪ ،‬وف الساجد الخرى ‪ ،‬وف اللقات العلمية ‪ ،‬وف الطب وف غي ذلك‬
‫من أنواع الدعوة والتذكي ف سائر الماكن ‪ ،‬ويسمع ما يذاع وينشر من الدعوة إل ال ‪،‬‬
‫من طريق الذاعة أو التلفاز ‪ ،‬يسمع ما يذاع وينشر عن دعوة ال وإخلصه وعن توحيده‬
‫سبحانه ‪ ،‬وعن طاعة أوامره وترك نواهيه‪.‬‬
‫ث يلي هذا المر أمر الصلة ‪ ،‬فإنا عمود السلم ‪ ،‬فكثي من الناس يتساهل ف الصلة ‪،‬‬
‫وهذا منكر عظيم وخطر كبي ‪ ،‬الصلة عمود السلم ‪ ،‬أعظم من الج ‪ ،‬وأعظم من‬
‫الصيام ‪ ،‬وأعظم من الزكاة ‪ ،‬هي أعظم واجب بعد الشهادتي ‪ ،‬فالواجب على كل مسلم‬
‫ومسلمة العناية بالصلة ‪ ،‬ففي الديث الصحيح يقول النب عليه الصلة والسلم ‪" :‬رأس‬
‫المر السلم وعموده الصلة " (‪ )278‬وال يقول ف كتابه العظيم ‪" :‬حافظوا على‬
‫الصلوات والصلة الوسطى" (‪ )279‬وهي العصر ‪ ،‬يقول سبحانه ‪" :‬وأقيموا الصلة وآتوا‬
‫الزكاة واركعوا مع الراكعي" (‪ ، )280‬ويقول سبحانه ‪" :‬قد أفلح الؤمنون ‪ .‬الذين هم ف‬
‫صلتم خاشعون ‪ .‬والذين هم عن اللغو معرضون ‪ .‬والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم‬
‫لفروجهم حافظون ‪ .‬إل على أزواجهم أو ما ملكت أيانم فإنم غي ملومي ‪ .‬فمن ابتغى‬
‫غي ذلك فأولئك هم العادون‪ .‬والذين هم لمانتهم وعهدهم راعون‪ .‬والذين هم على‬
‫‪) (275‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪31‬‬
‫‪) (276‬سورة النساء ‪ ،‬الية ‪80‬‬
‫‪) (277‬سورة الشر ‪ ،‬الية ‪7‬‬
‫‪) (278‬رواه المام أحد ف (مسند النصار ) حديث معاذ بن جبل برقم ‪ ، 21511‬والترمذي ف (اليان ) باب ما جاء ف حرمة‬
‫الصلة برقم ‪2616‬‬
‫‪) (279‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪238‬‬
‫‪) (280‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪43‬‬
‫(‪)281‬‬
‫صلواتم يافظون ‪ .‬أولئك هم الوارثون ‪ .‬الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون"‬
‫وهذا جزاؤهم ف الخرة ‪ ،‬فهذه اليات فيها صفات متعددة للمؤمني ‪ ،‬بدأها بالصلة‬
‫وختمها بالصلة ‪ ،‬فدل ذلك على عظم شأن الصلة‪ ،‬وأن أهلها مفلحون سعداء ‪ ،‬كما‬
‫قال سبحانه ‪" :‬قد أفلح الؤمنون ‪ .‬الذين هم ف صلتم خاشعون" إذا دخلوا للصلة‬
‫خشعوا فيها واطمأنوا ‪ ،‬وخضعوا ل وجعوا قلوبم على صلتم وسكنوا فيها‪ ،‬يعظمون‬
‫ال ويقرأون كتابه ‪ ،‬ويسبحونه ويقدسونه ويسألونه من فضله ‪ .‬قائما يقرأ ‪ ،‬ث يركع‬
‫معظما ل ويقول‪ :‬سبحان رب العظيم ‪ ،‬سبحان رب العظيم ‪ ،‬سبحان رب العظيم ‪ ،‬ف‬
‫ركوعه معظما لربه جل وعل ‪ ،‬ث يرفع ويقول‪ :‬سع ال لن حده‪ ،‬إذا كان إماما أو‬
‫منفردا ‪ ،‬وإذا كان مأموما ‪ ،‬قال ربنا ولك المد ‪ ،‬ث يمد ربه ‪ ،‬حدا كثيا طيبا مباركا‬
‫فيه‪ ،‬ملء السموات وملء الرض وملء ما بينهما وملء ما شاء من شيء بعد ‪ ،‬ثناء على‬
‫ال عز وجل ‪ ،‬ث ينحط ساجدا مكبا ويسجد على سبعة العضاء ‪ ،‬على جبهته وأنفه‬
‫وعلى يديه وعلى ركبتيه وعلى أطراف قدميه ‪ ،‬خاضعا لربه مطمئنا خاشعا ‪ ،‬يقول ف‬
‫سجوده سبحان رب العلى ‪ ،‬سبحان رب العلى ‪ ،‬سبحان رب العلى ‪ ،‬ويدعو ربه ‪،‬‬
‫ويسأله من فضله ف هذا السجود ‪ ،‬كما قال النب صلى ال عليه وسلم ‪" :‬أما الركوع‬
‫(‪)282‬‬
‫فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا فيه ف الدعاء ‪ ،‬فقمن أن يستجاب لكم"‬
‫يعن حري أن يستجاب لكم ‪ .‬وقال عليه الصلة والسلم ‪" :‬أقرب ما يكون العبد من ربه‬
‫وهو ساجد‪ ،‬فأكثروا الدعاء" (‪ ، )283‬ث يرفع من السجود مكبا ويلس بي السجدتي‬
‫خاشعا مطمئنا خاضعا لربه ‪ ،‬يقول ‪ :‬رب اغفر ل ‪ ،‬رب اغفر ل ‪ ،‬رب اغفر ل ‪ ،‬ث‬
‫يكب ويسجد الثانية خاضعا ل ‪ ،‬ويقول سبحان رب العلى‪ ،‬سبحان رب العلى‪ ،‬سبحان‬
‫رب العلى ‪ ،‬ويدعو ربه ‪ ،‬وهكذا يتم صلته بشوع وخضوع وطمأنينة‪.‬‬
‫فالصلة لا شأن عظيم ‪ ،‬من حافظ عليها حفظ دينه ومن ضيعها ضيع دينه ‪- ،‬نعوذ بال‬
‫من ذلك‪ . -‬ولذا صح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال‪" :‬العهد الذي بيننا‬
‫‪) (281‬سورة الؤمنون ‪ ،‬اليات ‪11 -1‬‬
‫‪) (282‬رواه مسلم ف (الصلة) باب النهي عن قراءة القرآن ف الركوع والسجود برقم ‪479‬‬
‫‪) (283‬رواه مسلم ف (الصلة) باب ما يقال ف الركوع والسجود برقم ‪482‬‬
‫وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر" (‪ )284‬فعلينا أن نذر التهاون با ‪ ،‬علينا أن نافظ‬
‫عليها ف جيع الوقات ‪ .‬والرجل يصليها ف الماعة‪ ،‬والرأة تصليها ف بيتها‪ ،‬مع الشوع‬
‫والضوع والطمأنينة‪.‬‬
‫ث يلي ذلك الزكاة وهي حق الال ‪ .‬الزكاة لا شأن عظيم ‪ ،‬إذ هي الركن الثالث من أركان‬
‫السلم ‪ ،‬فعلى من عنده مال يبلغ النصاب أن يزكي ‪ ،‬وأن يصرف الزكاة على أهلها‬
‫الستحقي لا‪ ،‬يقول النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬بن السلم على خس‪ :‬شهادة أن ل إله‬
‫إل ال وأن ممدا رسول ال وإقام الصلة ‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬وصوم رمضان وحج البيت "‪.‬‬
‫(‪)285‬‬

‫وال سبحانه يقول‪" :‬وأقيموا الصلة وآتوا الزكاة " (‪ ، )286‬فالزكاة أخت الصلة‬
‫وقرينتها ‪ ،‬فالواجب على الؤمن أن يذر التساهل با أو البخل با ‪ ،‬فقد وعد ال من بل‬
‫بالزكاة أن يعذب باله يوم القيامة ‪ ،‬نعوذ بال من ذلك‪ ،‬فعليك يا عبد ال أن تعتن بالزكاة‬
‫‪ ،‬وأن تؤدي حق ال من مالك ‪ ،‬وأن تدفعه إل الستحقي من الفقراء والحاويج وغيهم‬
‫من أصناف الزكاة‪.‬‬
‫وهكذا الصيام الركن الرابع ‪ .‬صيام رمضان ف كل سنة ‪ ،‬ركن عظيم لبد منه ف حق الرجال‬
‫والنساء جيعا ‪ ،‬ومن صامه إيانا واحتسابا غفر ال له ما تقدم من ذنبه‪ ،‬هذه نعمة عظيمة‪.‬‬
‫ث الج هو الركن الامس حج بيت ال الرام ف العمر مرة واحدة ‪ ،‬وهذا من تيسي ال‬
‫وتسهيله ‪ ،‬مرة ف العمر ‪ ،‬وهكذا العمرة وهي الزيارة للبيت مرة ف العمر‪ ،‬والباقي سنة‬
‫نافلة ‪ ،‬قال النب صلى ال عليه وسلم ‪" :‬من حج ول يرفث ول يفسق رجع كيوم ولدته أمه"‬
‫(‪ )287‬فمن أتى البيت العتيق وحج كما شرع ال ‪ ،‬غفر ال له وأدخله النة إذا مات على‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪) (284‬رواه الترمذي ف (اليان) باب ما جاء ف ترك الصلة برقم ‪2621‬‬
‫‪) (285‬رواه البخاري ف (اليان) باب بن السلم على خس برقم ‪ ، 8‬ومسلم ف (اليان) باب بيان أركان السلم ودعائمه العظام‬
‫برقم ‪16‬‬
‫‪) (286‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪43‬‬
‫‪) (287‬رواه البخاري ف (الج ) باب فضل الج البور برقم ‪ ، 1521‬ومسلم ف (الج ) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم‬
‫‪1350‬‬
‫فعليك يا عبد ال أن تعرف مقدار حجك ‪ ،‬وأن هذه نعمة عظيمة وأن تستفيد من هذا‬
‫الج ‪ ،‬بضور مالس العلم ‪ ،‬وحلقات العلم وسؤال أهل العلم عما أشكل عليك‪ ،‬وأن‬
‫تسأل ربك ف طوافك وسعيك وف صلتك وسائر أحوالك أن يثبتك على اليان وأن‬
‫ينحك الفقه ف الدين وأن يعيذك من نزغات الشيطان‪.‬‬
‫وعليك أن تصحب الخيار دائما ف بلدك ‪ ،‬وف كل مكان ‪ ،‬عليك أن ترص على‬
‫صحبة الخيار أهل الدين‪ ،‬وأهل الي والستقامة ‪ ،‬وعليك أن تذر صحبة الشرار الذين‬
‫يضيعون الصلوات ‪ ،‬ويتعاطون السكرات ‪ ،‬ويفعلون النكرات ‪ ،‬احذر صحبتهم‪ ،‬احذر‬
‫صحبة الشرار ‪ ،‬فالصاحب الطيب مثل حامل السك‪ ،‬والصاحب البيث مثل نافخ‬
‫الكي ‪ ،‬فالؤمن يذر ‪ ،‬وهكذا الؤمنة تذر صحبة الشرار ؛ لنم يرون إل معاصيهم‬
‫وشرهم إل من عصم ال‪ ،‬وعليك بصحبة الخيار فإنم يعينونك على طاعة ال ورسوله ‪،‬‬
‫وتتأسى بم ف الي والعمل الصال ‪.‬‬
‫وهذا اليوم هو يوم من وهو يوم التروية ‪ ،‬وغدا يوم عرفة ‪ ،‬والسنة بعد طلوع الشمس‬
‫التوجه إل عرفات ملبيا ذاكرا ربك عز وجل مكبا له ‪ ،‬يلب الاج ويذكر ربه ويكبه‬
‫سبحانه ويهلله ‪ ،‬ويسأله من فضله ورحته وإحسانه‪ ،‬ويرجوه فضله ويسأله العتق من‬
‫النار ‪ ،‬ويصلي ف عرفات الظهر والعصر قصرا وجعا بأذان واحد وإقامتي ‪ .‬الظهر ثنتي ‪،‬‬
‫والعصر ثنتي قصرا وجعا جع تقدي ف أول الوقت ‪ ،‬كما فعله النب عليه الصلة والسلم‬
‫يوم صلى بالناس ف عرفات ‪ ،‬جعا وقصرا عليه الصلة والسلم ‪ ،‬فخطب الناس وذكرهم‬
‫ووعظهم وعلمهم مناسك حجهم ‪ ،‬وحذرهم من أمور الاهلية الت أبطلها ال ‪ ،‬من الربا‬
‫وسفك الدماء بغي حق ‪ ،‬وغي ذلك ما كان عليه أهل الاهلية ‪ ،‬من الشرك والفساد ‪،‬‬
‫وحذر الناس من ذلك ‪ ،‬وأمرهم بإخلص العبادة ل وحده ‪ ،‬وأوصاهم بالتمسك بالقرآن‬
‫والعتصام به ‪ ،‬وأخب الناس أن ال حرم عليهم دمائهم وأموالم وأعراضهم ‪ ،‬هكذا أوصى‬
‫ف الطبة عليه الصلة والسلم ‪ .‬وأشهد ال عليهم ‪ ،‬وقال لم ‪ " :‬إنكم تُسألون عن فما‬
‫أنتم قائلون" قالوا‪ :‬نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت ‪ ،‬فجعل يرفع إصبعه إل السماء‬
‫هكذا وينكبها إل الناس ‪ ،‬ويقول ‪" :‬اللهم اشهد‪ ،‬اللهم اشهد" (‪ )288‬يُشهد ال عليهم أنه‬
‫بلغهم عليه الصلة والسلم ‪ ،‬وأنا بلغتكم الن أيضا ‪ ،‬وال يشهد عليكم سبحانه وتعال ‪.‬‬
‫فعليكم أن تتقوا ال ‪ ،‬وعليكم أن تستقيموا على دين ال ‪ ،‬وأن تافظوا على أمر ال ‪ ،‬وأن‬
‫تذروا معاصي ال ‪ ،‬وأن تلصوا العبادة ل عز وجل ‪ ،‬وأن تستقيموا على اتباع رسول‬
‫ال ممد عليه الصلة والسلم ف كل شيء ‪ ،‬ف القوال والعمال والعبادات ‪،‬‬
‫والعاملت ‪ ،‬والخلق وف كل ما أمر ال به ورسوله ‪ ،‬وأن تتواصوا بالق ‪ ،‬وتتواصوا‬
‫بالصب والتناصح ‪ ،‬وأن تأمروا بالعروف وتنهوا عن النكر ‪ ،‬حت تلقوا ربكم ‪ ،‬وف إشارته‬
‫صلى ال عليه وسلم إل السماء ‪ ،‬دليل على أن ال ف السماء فوق العرش سبحانه وتعال‪،‬‬
‫وال عز وجل ف السماء فوق جيع اللق ‪ ،‬فوق العرش سبحانه ‪ ،‬كما قال عز وجل ‪:‬‬
‫"ءأمنتم من ف السماء " (‪ ، )289‬وقال سبحانه ‪" :‬الرحن عل العرش استوى" (‪ ، )290‬وال‬
‫ف السماء فوق العرش ‪ ،‬فوق جيع اللق سبحانه وتعال ‪ ،‬وهو يعلم أحوال عباده ‪ ،‬وهو‬
‫معهم بعلمه واطلعه ل تفى عليه خافية ‪ ،‬ومن أنكر أن ال ف السماء ‪،‬ويزعم أنه ف‬
‫الرض أو ف كل مكان ‪ ،‬فهو كافر ضال ‪ ،‬نعوذ بال ‪ ،‬وال عز وجل ف السماء فوق‬
‫جيع اللق ‪ ،‬فوق العرش ‪ ،‬والعرش فوق السموات ‪ ،‬هو أعلى شيء ‪ ،‬وال فوقه‬
‫سبحانه ‪ ،‬ومع ذلك يعلم أحوال عباده ‪ ،‬ل تفى عليه خافية سبحانه وتعال ‪ ،‬كما قال‬
‫عز وجل ‪" :‬الذي يراك حي تقوم ‪ .‬وتقلبك ف الساجدين" (‪ ، )291‬وقال تعال‪" :‬أل يعلم‬
‫بأن ال يرى" (‪، )292‬‬
‫وقال عز وجل ‪" :‬إنن معكما أسع وأرى" (‪. )293‬‬

‫‪) (288‬رواه مسلم ف (الج) باب حجة النب صلى ال عليه وسلم برقم ‪1218‬‬
‫‪) (289‬سورة اللك ‪ ،‬الية ‪16‬‬
‫‪) (290‬سورة طه ‪ ،‬الية ‪5‬‬
‫‪) (291‬سورة الشعراء ‪ ،‬اليتان ‪219 ، 218‬‬
‫‪) (292‬سورة العلق ‪ ،‬الية ‪14‬‬
‫‪) (293‬سورة طه ‪ ،‬الية ‪46‬‬
‫فهو سبحانه فوق العرش وعلمه ميط بالعباد ‪ ،‬ولذا قال عز وجل ‪" :‬وما تكون ف شأن‬
‫وما تتلوا منه من قرآن ول تعملون من عمل إل كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما‬
‫يعزب عن ربك من مثقال ذرة ف الرض ول ف السماء ول أصغر من ذلك ول أكب إل‬
‫ف كتاب مبي" (‪. )294‬‬
‫فالوصية أيها الاج ‪ :‬تقوى ال والستقامة على أمره والحافظة على دينه ‪ ،‬والتواصي‬
‫بذلك ‪ ،‬وأن يقوم الرجل على أهل بيته ‪ ،‬ويعلمهم ويرشدهم وينصحهم ‪ ،‬ويأمرهم‬
‫بالعروف وينهاهم عن النكر ‪ ،‬من أولد وزوجة وغي ذلك ‪ ،‬حت تبأ ذمته ‪ ،‬وحت‬
‫يعلمهم الي وينهاهم عن الشر ‪ ،‬وحت يتعاون معهم على طاعة ال ورسوله ‪ ،‬وهكذا مع‬
‫جيانه ومع أصحابه ومع الناس أجعي ‪ .‬قال ال سبحانه ‪" :‬فاتقوا ال ما استطعتم"‬
‫(‪ ، )295‬وقال ال عز وجل ‪" :‬والؤمنون والؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالعروف‬
‫وينهون عن النكر ويقيمون الصلة ويؤتون الزكاة ويطيعون ال ورسوله أولئك سيحهم‬
‫ال إن ال عزيز حكيم ‪ .‬وعد ال الؤمني والؤمنات جنات تري من تتها النار خالدين‬
‫فيها ومساكن طيبة ف جنات عدن ورضوان من ال أكب ذلك هو الفوز العظيم " (‪. )296‬‬
‫جعلنا ال وإياكم منهم ‪ ،‬وهدانا وإياكم صراطه الستقيم ‪ ،‬وأعاننا وإياكم على إكمال‬
‫مناسكنا وتقبل منا جيعا ومن جيع السلمي ‪ ،‬وجعلنا ال وإياكم من الداة الهتدين‬
‫وأسأله سبحانه أن يصلح أحوال السلمي ف كل مكان ‪ ،‬وأن ينحهم الفقه ف الدين ‪،‬‬
‫وأن يول عليهم خيارهم ويصلح قادتم ‪ ،‬وأن يوفق ولة أمرنا ف هذه البلد لكل خي ‪،‬‬
‫وأن يعينهم على كل خي ‪ ،‬وأن يزيهم عن جهودهم الصالة خيا ‪ ،‬وأن يصلح لم‬
‫البطانة ويعينهم على كل ما فيه رضاه وصلح السلمي ‪ ،‬إنه سيع قريب ‪ ،‬وصلى ال‬
‫وسلم على نبينا ممد وعلى آله وأصحابه ‪.‬‬

‫‪) (294‬سورة يونس ‪ ،‬الية ‪61‬‬


‫‪) (295‬سورة التغابن ‪ ،‬الية ‪16‬‬
‫‪) (296‬سورة التوبة ‪ ،‬اليتان ‪72 ،71‬‬
‫(‪)297‬‬
‫وجوب تقيق تقوى ال عز وجل ف امتثال أمره واجتناب نيه‬

‫من عبد العزيز بن عبد ال بن باز إل إخوانه ف ال حجاج بيت ال الرام وإل كل من‬
‫يطلع على هذه الرسالة من السلمي ف كل مكان ‪.‬‬
‫سلم عليكم ورحة ال وبركاته ‪ ..‬أما بعد ‪:‬‬
‫فيسرن أن ألتقي بكم على صفحات هذه الجلة "التوعية السلمية" ف عامها التاسع ‪،‬‬
‫والت تصدرها الرئاسة العامة لدارات البحوث العلمية والفتاء والدعوة والرشاد بالملكة‬
‫العربية السعودية ف موسم الج من كل عام ؛ لرشاد حجاج بيت ال وضيوف الرحن‬
‫لداء مناسك الج والعمرة على ما تقتضيه أحكام الشريعة الغراء ‪ ،‬وتبصيهم بأمور دينهم‬
‫النيف وأصول عقيدتم الت كان عليها سلفنا الصال رضي ال عنهم أجعي ‪ ،‬والتنبيه‬
‫على كثي من البدع الت تفشت بي السلمي ‪ ،‬وتناول بعض القضايا العاصرة بالدراسة‬
‫الت تظهر وجه الق فيها حت يكون السلم على بينة من أمرها بقدار ما يتاح لذه الجلة‬
‫من وقت وإمكانيات ‪ ،‬وال ول التوفيق‪.‬‬
‫وبذه الناسبة الكرية فإن أرحب بإخوان حجاج بيت ال ف حرم ال ‪ ،‬وأذكر نفسي‬
‫وأذكرهم ببعض الوصايا ‪ ،‬والنصائح الواجبة ف مثل هذا القام ‪ ،‬حت يكون عملنا مقبولً ‪،‬‬
‫وسعينا مشكورا ‪ ،‬وحجنا مبورا ‪ ،‬وذنبنا مغفورا بتوفيق من ال ‪ ،‬وال ل يضيع أجر من‬
‫أحسن عملً‪.‬‬
‫أوصيكم ونفسي بتقوى ال على كل حال ‪ ،‬فإنا جاع كل خي ووصية ال تعال للولي‬
‫والخرين ‪ ،‬قال تعال ‪" :‬ولقد وصينا الذين أتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا ال "‬
‫(‪ ، )298‬وتتحقق تقوى ال عز وجل ف امتثال أمره واجتناب نيه عن إخلص ومبة له‬
‫سبحانه ورغبة ف ثوابه ‪ ،‬وحذرا من عقابه ‪ ،‬على الوجه الذي شرعه ال لعباده وبينه‬

‫‪) (297‬نشر ف (ملة التوعية السلمية ف الج) العدد الول ‪11/11/1403‬هـ‬


‫‪) (298‬سورة النساء ‪ ،‬الية ‪131‬‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم لمته ‪ ،‬كما قال ال تعال له ‪" :‬وأنزلنا إليك الذكر لتبي‬
‫للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون " (‪. )299‬‬
‫واعلموا –رحن ال وإياكم‪ -‬أن الخلص ل ف العبادة واتباع الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم فيها ‪ ،‬أصلن أساسيان ف صحتها وقبولا ‪ ،‬واستحقاق الثواب عليها –لسيما ف‬
‫الج‪ -‬فلنحرص على ذلك أشد الرص ‪ ،‬فقد قال ال تعال ‪" :‬فمن كان يرجو لقاء ربه‬
‫ل صالا ول يشرك بعبادة ربه أحدا " (‪ ، )300‬وقال تعال ‪" :‬قل إن كنتم‬ ‫فليعمل عم ً‬
‫تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم وال غفور رحيم"(‪. )301‬‬
‫ومن الخلص ل ف العبادة ‪ ،‬أن ل نشرك معه غيه ‪ ،‬أو نصرف شيئا منها لسواه‪ ،‬وأن‬
‫نطهرها من الرياء وحب السمعة ‪ ،‬فال تعال أغن الشركاء عن الشرك ‪ ،‬وهو الذي يقول‪:‬‬
‫"وما أمروا إل ليعبدوا ال ملصي له الدين حنفاء " (‪ ، )302‬ويقول لنبيه الكري صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪" :‬فاعبد ال ملصا له الدين ‪ .‬أل ل الدين الالص " (‪ ، )303‬وقال تعال ‪:‬‬
‫"فويل للمصلي ‪ .‬الذين هم عن صلتم ساهون‪ .‬الذين هم يراءون ‪ .‬وينعون الاعون"‬
‫(‪ ، )304‬وقال عن النافقي ‪" :‬وإذا قاموا إل الصلة قاموا كسال يراءون الناس ول يذكرون‬
‫ال إل قليلً " (‪ . )305‬وف الديث الصحيح عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪" :‬من‬
‫َس ّمعَ سع ال به ‪ ،‬ومن يُرائي يرائي ال به " (‪ )306‬متفق عليه ‪ ،‬يعن من أظهر عمله للناس‬
‫رياء أظهر ال سريرته للناس يوم القيامة وفضحه على رؤوس اللئق ‪ .‬أعاذنا ال وإياكم‬
‫من خزي يوم الدين‪.‬‬

‫‪) (299‬سورة النحل ‪ ،‬الية ‪44‬‬


‫‪) (300‬سورة الكهف ‪ ،‬الية ‪110‬‬
‫‪) (301‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪31‬‬
‫‪) (302‬سورة البينة ‪ ،‬الية ‪5‬‬
‫‪) (303‬سورة الزمر ‪ ،‬اليتان ‪3 ،2‬‬
‫‪) (304‬سورة الاعون ‪ ،‬اليات ‪7 -4‬‬
‫‪) (305‬سورة النساء ‪ ،‬الية ‪142‬‬
‫‪) (306‬رواه البخاري ف (الرقاق ) باب الرياء والسمعة برقم ‪ ، 6499‬ومسلم ف (الزهد والرقائق ) باب من أشرك ف عمله غي ال‬
‫برقم ‪ ، 2987‬ولفظه "من يسمع يسمع ال به "‪.‬‬
‫ومن العبادة الدعاء – بل هو أظهر مظاهر العبودية والتضرع ل‪ -‬فينبغي أن يكون ل‬
‫وحده ‪ ،‬فل يُدعى غيه ول يستعان بأحد سواه ‪ ،‬ول يلجأ إل إليه ‪ ،‬ول يستغاث إل به ‪،‬‬
‫وف الذكر الكيم ‪" :‬وقال ربكم ادعون أستجب لكم إن الذين يستكبون عن عبادت‬
‫سيدخلون جهنم داخرين" (‪ ، )307‬وقال تعال ‪" :‬ومن أضل من يدعو من دون ال من ل‬
‫يستجيب له إل يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ‪ .‬وإذا حشر الناس كانوا لم أعداء‬
‫(‪)308‬‬
‫وكانوا بعبادتم كافرين"‬
‫وقد جاء ف وصية رسول ال صلى ال عليه وسلم لبن عباس رضي ال عنهما ‪ ..." :‬وإذا‬
‫سألت فاسأل ال ‪ ،‬وإذا استعنت فاستعن بال ‪ ،‬واعلم أن المة لو اجتمعت على أن‬
‫ينفعوك بشيء ل ينفعوك إل بشيء قد كتبه ال لك ‪ ،‬وإن اجتمعوا على أن يضروك‬
‫(‪)309‬‬
‫بشيء ل يضروك إل بشيء قد كتبه ال عليك ‪ ،‬رفعت القلم وجفت الصحف "‬
‫رواه الترمذي وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫وينبغي أن نتحرى ف كل أعمالنا سنة رسولنا صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فهو صلى ال عليه‬
‫وسلم التبوع والقتدى به ‪ ،‬ونتجنب البدع ف ديننا ‪ ،‬فالي ف التباع والشر ف البتداع‬
‫‪ .‬فقد قال صلى ال عليه وسلم لصحابه رضي ال عنهم ‪" :‬وإنه من يعش منكم فسيى‬
‫اختلفا كثيا فعليكم بسنت وسنة اللفاء الراشدين الهديي عضوا عليها بالنواجذ ‪،‬‬
‫وإياكم ومدثات المور فإن كل بدعة ضللة" (‪ )310‬رواه أبو داود والترمذي وقال ‪:‬‬
‫حديث حسن صحيح ‪.‬‬

‫‪) (307‬سورة غافر ‪ ،‬الية ‪60‬‬


‫‪) (308‬سورة الحقاف ‪ ،‬اليتان ‪6 ،5‬‬
‫‪) (309‬رواه المام أحد ف (مسند بن هاشم ) أول مسند عبد ال بن عباس برقم ‪ ، 2664‬والترمذي ف (صفة القيامة والرقائق) باب‬
‫منه (ما جاء ف صفة أوان الوض ) برقم ‪2516‬‬
‫‪) (310‬رواه المام أحد ف (مسند الشاميي) حديث العرباض بن سارية برقم ‪ ، 16694‬وأبو داود ف (السنة) باب لزوم السنة برقم‬
‫‪4607‬‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬من أحدث ف أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " (‪ )311‬متفق‬
‫عليه ‪.‬‬
‫وأوصيكم ونفسي بتحري اللل ف الطعم واللبس والشرب والنفقة والصدقة ‪ ،‬فإن ذلك‬
‫يعي على الطاعة ويكون سببا ف قبولا ‪ ،‬وف الديث الصحيح أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم قال‪" :‬أيها الناس إن ال طيب ل يقبل إل طيبا ‪ ،‬وإن ال أمر الؤمني با أمر به الرسلي‬
‫‪ ،‬فقال‪" :‬يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالا إن با تعملون عليم" (‪ ، )312‬وقال‬
‫تعال‪" :‬يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم " (‪ ، )313‬ث ذكر الرجل يطيل السفر‬
‫أشعث أغب يد يديه إل السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام‬
‫وغذي بالرام فأن يستجاب لذلك؟"(‪ )314‬رواه المام أحد ‪ .‬ورواه مسلم ف صحيحه‬
‫والترمذي من حديث فضيل بن مرزوق ‪ ،‬فاختاروا لجكم وعمرتكم نفقة طيبة تعينكم على‬
‫إجابة الدعاء وقبول العمال ‪.‬‬
‫وأوصيكم ونفسي بالحافظة على الصلة وأدائها جاعة ما استطعتم ‪ ،‬فإنا عماد الدين‬
‫وفرق ما بي السلم والكافر وآخر ما يرفع من الدين وأول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة‪،‬‬
‫فمن ضيعها فهو لا سواها من الفرائض والواجبات أضيع ‪ ،‬وال تعال يقول‪" :‬كل نفس با‬
‫كسبت رهينة‪ .‬إل أصحاب اليمي ‪ .‬ف جنات يتساءلون ‪ .‬عن الجرمي ‪ .‬ما سلككم ف‬
‫سقر‪ .‬قالوا ل نك من الصلي‪ .‬ول نك نطعم السكي‪ .‬وكنا نوض مع الائضي ‪ .‬حت‬
‫أتانا اليقي ‪ .‬فما تنفعهم شفاعة الشافعي" (‪. )315‬‬
‫والحافظة كذلك على سائر الفرائض والواجبات من إيتاء الزكاة وصوم رمضان‬
‫والحسان إل الوالدين وصلة الرحام وإكرام اليتام وحسن الوار وغي ذلك من‬

‫‪) (311‬رواه البخاري ف (الصلح) باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم ‪ ، 2697‬ومسلم ف (القضية) باب نقض الحكام الباطلة‬
‫ورد مدثات المور برقم ‪1718‬‬
‫‪) (312‬سورة الؤمنون ‪ ،‬الية ‪51‬‬
‫‪) (313‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪172‬‬
‫‪) (314‬رواه مسلم ف (الزكاة) باب قبول الصدقة من الكسب الطيب برقم ‪. 1015‬‬
‫‪) (315‬سورة الدثر ‪ ،‬اليات ‪48 -38‬‬
‫الواجبات الت يقوم عليها أمر السلم ‪ ،‬فمن ضيعها أو تاون با أو قصر ف أدائها فهو‬
‫على خطر عظيم يوم يقوم الناس لرب العالي‪.‬‬
‫وأوصيكم ونفسي بالمر بالعروف والنهي عن النكر مع الكمة والوعظة السنة ؛ لقول‬
‫ال تعال ‪" :‬ولتكن منكم أمة يدعون إل الي ويأمرون بالعروف وينهون عن النكر‬
‫وأولئك هم الفلحون" (‪ . )316‬ولقول الرسول صلى ال عليه وسلم‪ " :‬من رأى منكم‬
‫منكرا فليغيه بيده‪ ،‬فإن ل يستطع فبلسانه فإن ل يستطع فبقلبه وذلك أضعف اليان"‬
‫(‪ )317‬رواه مسلم‪.‬‬
‫فابذلوا النصح لخوانكم ف رفق ولي فما من أمة ضاع فيها هذا الواجب إل عمها ال‬
‫بعذاب ‪ ،‬فقد قال النب صلى ال عليه وسلم ‪" :‬والذي نفسي بيده لتأمرن بالعروف‬
‫ولتنهون عن النكر أو ليوشكن ال أن يبعث عليكم عقابا منه ث تدعونه فل يستجاب‬
‫لكم" (‪ )318‬رواه الترمذي وقال ‪ :‬حديث حسن‪ ،‬وعن جرير بن عبد ال رضي ال عنه‬
‫قال‪" :‬بايعت رسول ال صلى ال عليه وسلم على إقام الصلة وإيتاء الزكاة ‪ ،‬والنصح‬
‫لكل مسلم" (‪ )319‬متفق عليه ‪.‬‬
‫وأوصيكم ونفسي بأن نغتنم فرصة وجودنا ف حرم ال تعال بالكثار من ذكره وشكره‬
‫وحسن عبادته والتقرب إليه سبحانه بشت الطاعات والقربات ‪ ،‬فإننا ف بلد تضاعف فيه‬
‫السنات وقد فرغنا أنفسنا لذلك ‪ ،‬فل نضيع أوقاتنا ف اللغو واللهو والقيل والقال فإنا‬
‫تكون حسرات علينا يوم القيامة ‪ ،‬ولنتجنب الدال والصام مع الرفقة والصحاب ‪ ،‬ول‬
‫نؤذ إخواننا الجاج بالزاحة عند الناسك وخاصة عند الطواف واستلم الجر السود‬
‫ورمي المرات ‪ ،‬فال تعال نانا عن مرد الدال وهو دون هذا الذى بكثي ‪ ،‬فقال تعال‬

‫‪) (316‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪104‬‬


‫‪) (317‬رواه مسلم ف (اليان) باب كون النهي عن النكر من اليان برقم ‪49‬‬
‫‪) (318‬رواه المام أحد ف (باقي مسند النصار) حديث حذيفة بن اليمان برقم ‪ ، 22790‬والترمذي ف (الفت) باب ما جاء ف المر‬
‫بالعروف والنهي عن النكر برقم ‪2169‬‬
‫‪) (319‬رواه مسلم ف (الذكر والدعاء والتوبة والستغفار) باب فضل الجتماع على تلوة القرآن برقم ‪. 2699‬‬
‫‪" :‬الج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الج فل رفث ول فسوق ول جدال ف الج "‬
‫(‪ . )320‬وف الديث الصحيح أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪" :‬من حج فلم يرفث‬
‫ول يفسق رجع كيوم ولدته أمه"(‪ )321‬متفق عليه ‪.‬‬
‫ول يفوتن ف هذا القام أن أوصي حكام السلمي بأن يتقوا ال ويكموا شريعة ال‬
‫ويقيموا حدوده ‪ ،‬فإنم مسئولون عن ذلك بي يديه حي يكون اللك له وحده با ولهم‬
‫من أمر عباده ‪ ،‬ومن السبعة الذين يظلهم ال ف ظل عرشه يوم ل ظل إل ظله المام‬
‫العادل ‪ ،‬ول يكون عادلً إل إذا حكم با أنزل ال ‪ ،‬وال تعال قال لنبيه الكري صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪" :‬وأن احكم بينهم با أنزل ال ول تتبع أهواءهم" (‪. )322‬‬
‫كما أوصيهم بأن يتمعوا على كلمة سواء وأن ل يتلفوا فتزول هيبتهم ويطمع فيهم‬
‫عدوهم كما هو واقع الال ‪ ،‬وال تعال يقول‪" :‬واعتصموا ببل ال جيعا ول تفرقوا"‬
‫(‪. )323‬‬
‫وأوصي العلماء – وهم أعلم الدى‪ -‬أن يتمعوا على كتاب ال وسنة رسوله صلى ال‬
‫عليه وسلم وأن يمعوا السلمي على ذلك ‪ ،‬وأن يلصوا النصح لولة المور ويؤثروا ما‬
‫عند ال على ما عندهم فما عند ال خي وأبقى ‪ ،‬ويبلغوا رسالة ال ول يشوا أحدا سواه‪.‬‬
‫فإذا نصح العلماء واستجاب المراء استقامت المة على طاعة ال فأعزها ال ومكن لا ف‬
‫الرض ‪ ،‬وجعلها –بق‪ -‬خي أمة أخرجت للناس‪.‬‬
‫وأوصي الغنياء بأن يبذلوا من أموالم ويعاونوا إخوانم الفقراء ‪ ،‬ويدوا الجاهدين ف كل‬
‫مكان با يعينهم على قتال عدوهم ‪ ،‬فال تعال يقول ‪" :‬وما تقدموا لنفسكم من خي‬
‫تدوه عند ال هو خيا وأعظم أجرا" (‪ ، )324‬ويقول ال تعال ‪" :‬مثل الذين ينفقون‬

‫‪) (320‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪197‬‬


‫‪) (321‬رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور ‪ ،‬برقم ‪ ،1521‬ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم‬
‫‪1350‬‬
‫‪) (322‬سورة الائدة ‪ ،‬الية ‪49‬‬
‫‪) (323‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪103‬‬
‫‪) (324‬سورة الزمل ‪ ،‬الية ‪20‬‬
‫أموالم ف سبيل ال كمثل حبة أنبتت سبع سنابل ف كل سنبلة مائة حبة وال يضاعف لن‬
‫(‪)325‬‬
‫يشاء وال واسع عليم"‪.‬‬
‫وإن فاتكم شرف الهاد بالنفس فل يفوتكم شرف الهاد بالال ‪ ،‬فقد قال صلى ال عليه‬
‫(‪)326‬‬
‫وسلم ‪" :‬من جهز غازيا ف سبيل ال فقد غزا ‪ ،‬ومن خلف غازيا ف أهله بي فقد غزا"‬
‫متفق عليه ‪ .‬وال يقول الق وهو يهدي السبيل‪.‬‬
‫وأسأل ال سبحانه وتعال أن يمع كلمة السلمي على الق ويؤلف بي قلوبم على‬
‫الدى ‪ ،‬ويوحد صفوفهم ‪ ،‬وينصرهم على عدوهم ‪ ،‬كما أسأله أن يصلح ولة السلمي‬
‫ويبب إليهم اليان ويزينه ف قلوبم ‪ ،‬ويهيئ لم البطانة الصالة الت تذكرهم بالق‬
‫وتعينهم عليه ‪ ،‬إنه الوفق لذلك والقادر عليه ‪ ،‬وأن يعل حجنا مبورا وسعينا مشكورا‬
‫وذنبنا مغفورا ‪ ،‬وصلى ال وسلم على نبينا ممد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيا ‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحة ال وبركاته ‪.‬‬

‫‪) (325‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪261‬‬


‫‪) (326‬رواه البخاري ف( الهاد والسي ) باب فضل من جهز غازيا أو خلفه بي برقم ‪ ، 2843‬ومسلم ف (المارة) باب فضل إعانة‬
‫الغازي ف سبيل ال برقم ‪. 1895‬‬
‫(‪)327‬‬
‫وجوب تقوى ال ف السر والعلن‬

‫بسم ال الرحن الرحيم ‪ ،‬المد ل رب العالي ‪ ،‬والصلة والسلم على إمام الرسلي‬
‫وخات النبيي سيدنا ممد بن عبد ال وعلى آله وصحبه ومن واله ودعا بدعوته إل يوم‬
‫الدين‪.‬‬
‫من عبد العزيز بن عبد ال بن باز إل حجاج بيت ال الرام وإل كل من يطلع على هذه‬
‫الرسالة من إخوانه السلمي ف كل مكان ‪ ،‬وفقهم ال لا فيه رضاه ومنحهم الفقه ف‬
‫الدين ‪ ،‬آمي‪.‬‬
‫سلم عليكم ورحة ال وبركاته ‪ ..‬أما بعد‪:‬‬
‫ففي مستهل صدور العدد الول من ملة التوعية السلمية الت تصدرها ف موسم كل عام‬
‫الرئاسة العامة لدارات البحوث العلمية والفتاء والدعوة والرشاد بالملكة العربية‬
‫السعودية ‪ ،‬وف عامها الادي عشر أتقدم إليكم بالتحية الطيبة ‪ ،‬ومرحبا بكم على هذه‬
‫الرض الباركة أرض الرمي الشريفي ‪ ،‬سائلً الول تبارك وتعال أن يعل حجنا‬
‫وحجكم مبورا وسعينا وسعيكم مشكورا وذنبنا وذنبكم مغفورا ‪ ،‬وأن يوفقنا وإياكم‬
‫إل صال العمال ف سهولة ويسر وصحة وعافية وقبول‪.‬‬
‫وبذه الناسبة الكرية فإن أوصيكم ونفسي بتقوى ال عز وجل ف السر والعلنية ‪،‬‬
‫والخلص له ف العمال والقوال ‪ ،‬والقتداء برسولنا صلى ال عليه وسلم ف مناسك‬
‫حجنا وف كل ما نتقرب به إل ربنا عز وجل ‪ ،‬فإن تقوى ال تبارك وتعال هي السبب‬
‫العظيم ف تصيل سعادة الدنيا والخرة ‪ ،‬قال ال تعال ‪" :‬ومن يتق ال يعل له مرجا ‪.‬‬
‫ويرزقه من حيث ل يتسب " (‪ ، )328‬وقال تعال ‪" :‬ومن يتق ال يعل له من أمره يسرا "‬
‫(‪ ، )329‬وقال تعال ‪" :‬والخرة عند ربك للمتقي" (‪ ، )330‬وقال سبحانه وتعال ‪" :‬إن‬

‫‪) (327‬نشر ف (ملة التوعية السلمية ف الج) العدد الول عام ‪1405‬هـ‬
‫‪) (328‬سورة الطلق ‪ ،‬اليتان ‪3 ،2‬‬
‫‪) (329‬سورة الطلق ‪ ،‬الية ‪4‬‬
‫‪) (330‬سورة الزخرف ‪ ،‬الية ‪35‬‬
‫للمتقي عند ربم جنات النعيم " (‪ )331‬وهي ثرة الج البور والعبادات الصحيحة ‪ ،‬قال‬
‫ال تعال ‪" :‬الج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الج فل رفث ول فسوق ول جدال ف‬
‫الج وما تفعلوا من خي يعلمه ال وتزودوا فإن خي الزاد التقوى واتقون يا أول اللباب "‬
‫(‪ . )332‬وهي خي ما يدخره السلم لذريته من بعده ‪ ،‬قال ال تعال ‪ :‬وليخش الذين لو‬
‫تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا ال وليقولوا قولً سديدا " (‪ )333‬لذلك‬
‫كانت التقوى هي وصية ال عز وجل للولي والخرين ‪ ،‬قال تعال ‪" :‬ولقد وصينا الذين‬
‫أتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا ال " (‪. )334‬‬
‫والخلص هو أصل قبول العمال ‪ ،‬فل يقبل ال من العمال إل ما كان خالصا لوجهه‬
‫الكري ‪ ،‬فلم يشرك صاحبها فيها مع ال غيه‪ ،‬ول يقصد با رياء ول سعة ول شهرة ول‬
‫ممدة ول ثناء من أحد ‪ ،‬قال ال تعال ‪" :‬وما أمروا إل ليعبدوا ال ملصي له الدين"‬
‫(‪ ، )335‬وقال تعال ‪" :‬فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملً صالا ول يشرك بعبادة ربه‬
‫أحدا" (‪ ، )336‬وقال تعال لنبيه الكري صلى ال عليه وسلم وهو قدوة الخلصي ‪" :‬قل إن‬
‫صلت ونسكي ومياي ومات ل رب العالي ‪ .‬ل شريك له وبذلك أمرت وأنا أول‬
‫السلمي" (‪ ، )337‬وقال ال لنبيه صلى ال عليه وسلم ‪" :‬قل إن أمرت أن أعبد ال ملصا‬
‫له الدين ‪ .‬وأمرت لن أكون أول السلمي" (‪ ، )338‬وقال سبحانه ‪" :‬ولقد أوحي إليك‬
‫وإل الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الاسرين‪ .‬بل ال فاعبد‬
‫وكن من الشاكرين" (‪ )339‬ولكون الشرك يبط العمال ويضيع ثوابا حذر ال عز وجل‬

‫‪) (331‬سورة القلم ‪ ،‬الية ‪34‬‬


‫‪) (332‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪197‬‬
‫‪) (333‬سورة النساء ‪ ،‬الية ‪9‬‬
‫‪) (334‬سورة النساء ‪ ،‬الية ‪131‬‬
‫‪) (335‬سورة البينة ‪ ،‬الية ‪5‬‬
‫‪) (336‬سورة الكهف ‪ ،‬الية ‪110‬‬
‫‪) (337‬سورة النعام ‪ ،‬اليتان ‪163 ، 162‬‬
‫‪) (338‬سورة الزمر ن اليتان ‪12 ،11‬‬
‫‪) (339‬سورة الزمر ‪ ،‬اليتان ‪66 ، 65‬‬
‫منه عباده ‪ ،‬كما ف اليات السابقة ‪ ،‬وكما ف قوله تعال ‪" :‬إنه من يشرك بال فقد حرم‬
‫ال عليه النة ومأواه النار وما للظالي من أنصار " (‪ ، )340‬وقوله تعال ‪" :‬إن ال ل يغفر‬
‫أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لن يشاء ومن يشرك بال فقد ضل ضللً بعيدا" (‪، )341‬‬
‫وقال عز وجل ‪" :‬ولو أشركوا لبط عنهم ما كانوا يعملون " (‪. )342‬‬
‫وف الديث القدسي عن أب هريرة رضي ال عنه ‪ ،‬قال ‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم يقول ‪ " :‬قال ال تعال ‪ :‬أنا أغن الشركاء عن الشرك ‪ ،‬من عمل عملً أشرك معي‬
‫فيه غيي تركته وشركه" (‪ )343‬رواه مسلم رحه ال ‪ ،‬والرياء هو الشرك الفي الذي يبطل‬
‫العمال ويفوت الثواب ‪ ،‬قال ال تعال ‪" :‬يا أيها الذين آمنوا ل تبطلوا صدقاتكم بالن‬
‫والذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ول يؤمن بال واليوم الخر " (‪ ، )344‬وعن جندب بن‬
‫عبد ال بن سفيان رضي ال عنه ‪ ،‬قال ‪ :‬قال النب صلى ال عليه وسلم ‪" :‬من سّع سع ال‬
‫به‪ ،‬ومن يرائي يرائي ال به " (‪ )345‬متفق عليه ‪.‬‬
‫قال النووي رحه ال (سّع) بتشديد اليم ومعناه أظهر عمله للناس به (سع ال به) أي‬
‫فضحه يوم القيامة‪.‬‬
‫ومعن (من راءى ‪ ،‬راءى ال به) أي من أظهر للناس العمل الصال ليعظم عندهم ‪( .‬راءى‬
‫ال به) أي أظهر سريرته على رؤوس اللئق ‪.‬‬
‫والقتداء بالرسول صلى ال عليه وسلم ف مناسك حجنا وف كل ما نتقرب به إل ربنا هو‬
‫الصل الثان الذي يترتب عليه قبول العمال ‪ ،‬فقد أمرنا ال عز وجل باتباعه وحذرنا من‬
‫مالفته ‪ ،‬فقال تعال ‪" :‬قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم وال‬

‫‪) (340‬سورة الائدة ‪ ،‬الية ‪72‬‬


‫‪) (341‬سورة النساء ‪ ،‬الية ‪116‬‬
‫‪) (342‬سورة النعام ‪ ،‬الية ‪88‬‬
‫‪) (343‬رواه مسلم ف (الزهد والرقائق) باب من أشرك ف عمله غي ال برقم ‪2985‬‬
‫‪) (344‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪264‬‬
‫‪) (345‬رواه البخاري ف (الرقاق ) باب الرياء والسمعة برقم ‪ ، 6499‬ومسلم ف (الزهد والرقائق ) باب من أشرك ف عمله غي ال‬
‫برقم ‪ ، 2987‬ولفظه ‪" :‬من يسمع يسمع ال به " ‪.‬‬
‫غفور رحيم ‪ .‬قل أطيعوا ال والرسول فإن تولوا فإن ال ل يب الكافرين " (‪ ، )346‬وقال‬
‫تعال ‪" :‬وما آتاكم الرسول فخذوه وما ناكم عنه فانتهوا واتقوا ال إن ال شديد العقاب‬
‫" (‪ ، )347‬وقال تعال ‪" :‬فليحذر الذين يالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب‬
‫أليم " (‪. )348‬‬
‫والرسول صلى ال عليه وسلم ل ينتقل إل الرفيق العلى إل بعد أن بلغ الناس ما أنزل إليه‬
‫من ربه أكمل البلغ ‪ ،‬وبعد أن بي للناس ما نزل إليهم أت بيان ‪ ،‬كما قال ال تعال له ‪:‬‬
‫" يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك " (‪ ، )349‬وكما قال جل شأنه ‪ " :‬وأنزلنا‬
‫إليك الذكر لتبي للناس ما نزل إليهم " (‪ ، )350‬وقد أنزل ال عز وجل عليه مصداق‬
‫ذلك ‪ ،‬حيث قال سبحانه ‪" :‬اليوم أكملت لكم دينكم وأتمت عليكم نعمت ورضيت‬
‫لكم السلم دينا" (‪ ، )351‬فكل ما ل يكن ف زمن رسول ال صلى ال عليه وسلم دينا‬
‫فليس اليوم بدين ‪.‬‬
‫وف الديث الصحيح ‪ ،‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬من عمل عملً ليس عليه أمرنا‬
‫فهو رد " (‪ )352‬رواه مسلم رحه ال ‪ ،‬وقال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬من أحدث ف أمرنا هذا‬
‫ما ليس منه فهو رد " (‪ )353‬متفق عليه ‪.‬‬
‫فالواجب على كل مسلم ومسلمة أن يتقيا ال عز وجل ‪ ،‬وأن يلصا ف أعمالما وأن‬
‫يتقيدا بكتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ف كل أعمالما وأقوالما ف الج وف‬
‫غيه ‪ .‬فهذا أمي الؤمني الليفة الراشد عمر بن الطاب رضي ال عنه يقول وهو يقبل‬

‫‪) (346‬سورة آل عمران ‪ ،‬اليتان ‪32 ،31‬‬


‫‪) (347‬سورة الشر ‪ ،‬الية ‪7‬‬
‫‪) (348‬سورة النور ‪ ،‬الية ‪63‬‬
‫‪) (349‬سورة الائدة ‪ ،‬الية ‪67‬‬
‫‪) (350‬سورة النحل ‪ ،‬الية ‪44‬‬
‫‪) (351‬سورة الائدة ‪ ،‬الية ‪3‬‬
‫‪) (352‬رواه البخاري معلقا ف النجش ‪ ،‬ومسلم ف (القضية) باب نقض الحكام الباطلة ورد مدثات المور برقم ‪. 1718‬‬
‫‪) (353‬رواه البخاري ف (الصلح) باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم ‪ ، 2697‬ومسلم ف (القضية) باب نقض الحكام الباطلة‬
‫ورد مدثات المور برقم ‪1718‬‬
‫الجر السود ‪" :‬أعلم أنك حجر ل تضر ول تنفع ‪ ،‬ولول أن رأيت رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم يقبلك ما قبلتك " (‪ )354‬متفق عليه ‪.‬‬
‫فلنكن أيها الخوة السلمون على بينة من مناسك حجنا وأمور ديننا حت نعمل ما يطلب‬
‫منا عمله ونتنب ما يطلب منا اجتنابه ‪ ،‬فقد قال ال تعال لنبيه صلى ال عليه وسلم ‪" :‬قل‬
‫هذه سبيلي أدعو إل ال على بصية أنا ومن اتبعن وسبحان ال وما أنا من الشركي"‬
‫(‪)355‬‬

‫وبذلك يقع حجنا –بتوفيق ال‪ -‬حجا مبورا والج البور جزاؤه النة ‪ ،‬فعن أب هريرة‬
‫رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪" :‬العمرة إل العمرة كفارة لا بينهما‬
‫‪ ،‬والج البور ليس له جزاء إل النة" (‪ )356‬متفق عليه ‪.‬‬
‫ومفتاح العلم السؤال ‪ .‬فإذا أشكل عليكم أمر فاسألوا أهل العلم عنه ‪ ،‬فال تعال يقول ‪:‬‬
‫"فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ل تعلمون" (‪. )357‬‬
‫وهم بمد ال تعال – اليوم كثي – ‪ ،‬وستجدون ف مداخل الملكة وف مكة والدينة وف‬
‫من وعرفات وف عديد من الماكن الت يوجد فيها الجاج مراكز للتوعية السلمية با‬
‫نبة من أهل العلم ‪ ،‬ييبونكم على أسئلتكم ويفتونكم ف كل ما تتاجون إليه ما يتعلق‬
‫بالج وبغيه من أمور الدين ‪ ،‬فاسألوهم واحرصوا على ساع دروسهم وندواتم ‪ ،‬فإن‬
‫فيها خيا كثيا إن شاء ال ‪ ،‬والرسول صلى ال عليه وسلم يقول ‪" :‬من يرد ال به خيا‬
‫(‪)358‬‬
‫يفقهه ف الدين " متفق عليه ‪.‬‬

‫‪) (354‬رواه البخاري ف (الج) باب ما ذكر ف الجر السود برقم ‪ ، 1597‬ومسلم ف (الج) باب استحباب تقبيل الجر السود ف‬
‫الطواف برقم ‪1270‬‬
‫‪) (355‬سورة يوسف ‪ ،‬الية ‪108‬‬
‫‪) (356‬رواه البخاري ف (الج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم ‪ ، 1773‬ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة‬
‫برقم ‪1349‬‬
‫‪) (357‬سورة النبياء ‪ ،‬الية ‪7‬‬
‫‪) (358‬رواه البخاري ف (العلم ) باب من يرد ال به خيا يفقهه ف الدين برقم ‪ ، 71‬ومسلم ف (الزكاة) باب النهي عن السألة برقم‬
‫‪1037‬‬
‫وأنتم أيها الخوة ‪ ،‬قد حضرت من بلد بعيدة وجهات متفرقة ‪ ،‬تملتم فيها مشقة السفر‬
‫وأنفقتم الموال الكثية تبتغون الجر والثواب من ال تعال ‪ ،‬فحافظوا على أوقاتكم‬
‫واشغلوها بالعبادة والتقرب إل ال عز وجل والصلة والسلم على رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬وأكثروا من قراءة القرآن الكري ومن الصلة والطواف والذكر والدعاء‬
‫والستغفار والصدقة وغي ذلك من أنواع العبادات والقربات ‪ ،‬وحافظوا على صلة‬
‫الماعة ف الساجد وهي بمد ال متوفرة فصلة الماعة تزيد على صلة النفرد أضعافا‬
‫كثية ‪ ،‬فعن ابن عمر رضي ال عنهما أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪" :‬صلة‬
‫الماعة أفضل من صلة الفذ بسبع وعشرين درجة" (‪ )359‬متفق عليه ‪ ،‬والفذ ‪ :‬الواحد ‪.‬‬
‫ولهية صلة الماعة ف الساجد وعظم فضلها فإن رسول ال صلى ال عليه وسلم ل‬
‫يرخص ف تركها للعمى الذي ل يد قائدا له يقوده إل السجد ‪ ،‬فعن أب هريرة رضي‬
‫ال عنه قال ‪" :‬أتى النب صلى ال عليه وسلم رجل أعمى فقال يا رسول ال ‪ :‬ليس ل‬
‫قائد يقودن إل السجد ‪ ،‬فسأل رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يرخص له فيصلي ف‬
‫بيته فرخص له ‪ ،‬فلما ول دعاه ‪ ،‬فقال له ‪ :‬هل تسمع النداء بالصلة ؟ قال‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫(‪)360‬‬
‫"فأجب" رواه مسلم رحه ال ‪.‬‬
‫وقد توعد رسول ال صلى ال عليه وسلم من يتخلف عن الماعة بغي عذر أن يرق‬
‫عليهم بيوتم بالنار ‪ ،‬فعن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪:‬‬
‫"والذي نفسي بيده لقد همت أن آمر بطب فيحتطب ‪ ،‬ث آمر بالصلة فيؤذن لا ‪ ،‬ث‬
‫ل فيؤم الناس ‪ ،‬ث أخالف إل رجا ٍل ل يشهدون الصلة فأحرق عليهم بيوتم "‬ ‫آمر رج ً‬
‫(‪ )361‬متفق عليه ‪.‬‬

‫‪) (359‬رواه البخاري ف (الذان) باب فضل صلة الماعة برقم ‪ ، 645‬ومسلم ف (الساجد ومواضع الصلة) باب فضل صلة‬
‫الماعة برقم ‪650‬‬
‫‪) (360‬رواه مسلم ف (الساجد مواضع الصلة ) باب يب إتيان السجد على من سع النداء برقم ‪653‬‬
‫‪) (361‬رواه البخاري ف (الصومات ) باب إخراج أهل العاصي والصوم من البيوت برقم ‪ ، 2420‬ومسلم ف(الساجد ومواضع‬
‫الصلة ) باب فضل صلة الماعة وبيان التشديد ف التخلف عنها برقم ‪651‬‬
‫والرسول صلى ال عليه وسلم ل يتوعد بذا العقاب الشديد إل على أمر ل يوز التساهل به‬
‫أو التفريط فيه ‪.‬‬
‫فحافظوا أيها الجاج بارك ال فيكم على صلة الماعة ما استطعتم ‪ ،‬وخاصة ف الرمي‬
‫الشريفي ‪ ،‬فإن الصلة فيهما تضاعف أضعافا كثية عن غيها ف سائر الساجد ‪ ،‬فعن‬
‫عبد ال بن الزبي رضي ال عنهما قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬صلة ف‬
‫مسجدي هذا أفضل من ألف صلة فيما سواه إل السجد الرام ‪ ،‬وصلة ف السجد‬
‫الرام أفضل من مائة صلة ف مسجدي هذا " (‪ )362‬أخرجه أحد رحه ال ‪.‬‬
‫وهذا خي من ضياع الوقت وبذل الهد ف زيارة أماكن هنا وهناك بقصد تصيل الجر‬
‫والثواب ل تشرع زيارتا ول يفعلها رسول ال صلى ال عليه وسلم ول صحابته الكرام‬
‫رضي ال عنهم أجعي‪ ،‬ولو كان ذلك خيا لسبقونا إليه ‪ ،‬وقد مر بنا قول أمي الؤمني‬
‫عمر بن الطاب رضي ال عنه وهو يقول عند تقبيل الجر السود ‪" :‬لول أن رأيت‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم يقبلك ما قبلتك" (‪ ، )363‬وصح عن عائشة رضي ال عنها‬
‫(‪)364‬‬
‫عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال ‪" :‬من عمل عملً ليس عليه أمرنا فهو رد "‬
‫أخرجه المام مسلم ف صحيحه ‪ .‬فالي ف التباع والشر ف البتداع ‪.‬‬
‫وأوصيكم أيها الخوة ف ال بالرص على التواصي بالق ‪ ،‬والصب فيما بينكم بالمر‬
‫بالعروف والنهي عن النكر ‪ ،‬والتعاون على الب والتقوى ف هذا الوسم العظيم ‪ ،‬الذي‬
‫يمع عددا كبيا من السلمي جاءوا من كل فج عميق ليشهدوا منافع لم ويؤدوا‬
‫مناسكهم ‪ ،‬رغبة ف مغفرة ال سبحانه وطمعا ف ثوابه عز وجل والنفوس مهيئة لقبول‬
‫الي ‪ ،‬وقد قال النب صلى ال عليه وسلم ‪" :‬الدين النصيحة " قيل ‪ :‬لن يا رسول ال ؟‬
‫قال ‪" :‬ل ولكتابه ولرسوله ولئمة السلمي وعامتهم " (‪ )365‬وال تعال يقول ‪:‬‬
‫"والؤمنون والؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالعروف وينهون عن النكر ويقيمون‬

‫‪) (362‬رواه ابن ماجة ف (إقامة الصلة والسنة فيها) باب ما جاء ف فضل الصلة ف السجد الرام برقم ‪1406‬‬
‫‪) (363‬رواه البخاري ف (الج) باب ما ذكر ف الجر السود برقم ‪ ، 1597‬ومسلم ف (الج) باب استحباب تقبيل الجر السود‬
‫ف الطواف برقم ‪1270‬‬
‫‪) (364‬رواه البخاري معلقا ف النجش ‪ ،‬ومسلم ف (القضية) باب نقض الحكام الباطلة ورد مدثات المور برقم ‪1718‬‬
‫(‪)366‬‬
‫الصلة ويؤتون الزكاة ويطيعون ال ورسوله أولئك سيحهم ال إن ال عزيز حكيم"‬
‫‪.‬‬
‫وعن جرير بن عبد ال رضي ال عنه ‪ ،‬قال ‪" :‬بايعت رسول ال صلى ال عليه وسلم على‬
‫إقام الصلة وإيتاء الزكاة ‪ ،‬والنصح لكل مسلم" (‪ )367‬متفق عليه ‪ .‬وعن أنس رضي ال‬
‫عنه عن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪" :‬ل يؤمن أحدكم حت يب لخيه ما يب‬
‫لنفسه" (‪ )368‬متفق عليه ‪.‬‬
‫والسلم يب لنفسه أن يكون على خي ف دينه ودنياه ‪ ،‬فكذلك يب أن يب ذلك‬
‫لخوانه السلمي ‪ ،‬ولكن ينبغي أن يكون ذلك برفق ولي وحكمة وموعظة حسنة ‪ ،‬كما‬
‫قال ال تعال لنبيه صلى ال عليه وسلم ‪" :‬ادع إل سبيل ربك بالكمة والوعظة السنة‬
‫وجادلم بالت هي أحسن" (‪ , )369‬وعن عائشة رضي ال عنها ‪ ،‬قالت ‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪" :‬إن ال رفيق يب الرفق ف المر كله " (‪ )370‬متفق عليه ‪ ،‬وعنها‬
‫رضي ال عنها أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪" :‬إن الرفق ل يكون ف شيء إل زانه ‪،‬‬
‫ول ينع من شيء إل شانه " (‪ )371‬رواه مسلم رحه ال ‪ .‬ولنا ف رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم أسوة حسنة ‪ ،‬فعن أب هريرة رضي ال عنه ‪ ،‬قال ‪" :‬بال أعراب ف السجد‬
‫فقام الناس إليه ليقعوا فيه ‪ ،‬فقال النب صلى ال عليه وسلم ‪" :‬دعوه وأهريقوا على بوله‬
‫سجلً من ماء ‪ ،‬أو ذنوبا من ماء ‪ ،‬فإنا بعثتم ميسرين ول تبعثوا معسرين" (‪ )372‬رواه‬

‫‪) (365‬رواه المام أحد ف (مسند الشاميي) حديث تيم الداري برقم ‪ ، 16499‬ومسلم ف (اليان ) باب بيان أن الدين النصيحة‬
‫برقم ‪55‬‬
‫‪) (366‬سورة التوبة ‪ ،‬الية ‪71‬‬
‫‪) (367‬رواه البخاري ف (اليان) باب الدين النصيحة برقم ‪ ، 57‬ومسلم ف (اليان ) باب بيان أن الدين النصيحة برقم ‪56‬‬
‫‪) (368‬رواه البخاري ف (اليان) باب من اليان أن يب لخيه ما يب لنفسه برقم ‪ ، 13‬ومسلم ف (اليان ) باب الدليل على أن‬
‫من خصال اليان أن يب لخيه ‪ ..‬برقم ‪45‬‬
‫‪) (369‬سورة النحل ‪ ،‬الية ‪125‬‬
‫‪) (370‬رواه البخاري ف (استتابة الرتدين) باب إذا عّرض الذمي وغيه بسب النب صلى ال عليه وسلم ول يصرح برقم ‪، 6972‬‬
‫ومسلم ف (السلم ) باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلم برقم ‪2165‬‬
‫‪) (371‬رواه مسلم ف (الب والصلة والداب) باب فضل الرفق برقم ‪2594‬‬
‫البخاري رحه ال ‪ ،‬ث أفهمه فقال‪" :‬إن هذه الساجد ل تصلح لشيء من هذا وإنا هي‬
‫للصلة وذكر ال" (‪. )373‬‬
‫وهكذا ينبغي أن يكون السلم رفيقا بإخوانه رحيما بم يغفر زلتم ويعفو عن إساءتم يرحم‬
‫ضعيفهم ويوقر كبيهم ول يشق عليهم ‪ ،‬بل يادلم بالت هي أحسن ‪ ،‬وخاصة ف رحلة‬
‫الج الباركة الت خرج فيها الميع يلبون ربم ويمدونه ويكبونه ‪ ،‬لسيما ف أوقات الشدة‬
‫وأماكن الزحام ف الطاف وف السعى ‪ ،‬وعند الصعود إل عرفات والنول منها ‪ ،‬وعند رمي‬
‫المرات حت يؤدي الميع مناسك حجهم ف سهولة ويسر ‪ ،‬وحت يكون بتوفيق ال حجا‬
‫مبورا ‪ ،‬والرسول صلى ال عليه وسلم يقول ‪" :‬من حج فلم يرفث ول يفسق رجع كيوم‬
‫ولدته أمه" (‪ )374‬متفق عليه ‪ .‬وف الديث التفق على صحته يقول رسول ال صلى ال عليه‬
‫(‪)375‬‬
‫وسلم ‪" :‬السلم من سلم السلمون من لسانه ويده ‪ ،‬والهاجر من هجر ما نى ال عنه"‬
‫‪.‬‬
‫وإن أهيب بإخوان السلمي من حجاج بيت ال الرام ‪ ،‬أن يتناسوا خلفاتم ‪ ،‬وأن‬
‫يقبلوا على نسكهم بنفوس صافية وقلوب ملصة وألسنة ذاكرة ل وحده ‪ ،‬الذي دعاهم‬
‫إل حج بيته ‪ ،‬ووفقهم لجابة هذه الدعوة ‪ ،‬فهتفوا قائلي ‪" :‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ل‬
‫شريك لك لبيك‪ ،‬إن المد والنعمة لك واللك‪ ،‬ل شريك لك" ‪ .‬وينبغي أن يكون هذا‬
‫الذكر حقيقة تكم تصرفاتم وتضبط سلوكهم ‪ ،‬فل يتصرفون إل با يرضي ال ‪ ،‬ول‬
‫يسلكون إل سبيل ال ‪ ،‬وال تعال يقول ‪" :‬وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ول تتبعوا‬
‫السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون" (‪. )376‬‬

‫‪) (372‬رواه البخاري ف (الوضوء) باب صب الاء على البول ف السجد برقم ‪ ، 220‬وف (الدب) باب قول النب صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪" :‬يسروا ول تعسروا" برقم ‪6128‬‬
‫‪) (373‬رواه مسلم ف (الطهارة) باب وجوب غسل البول والنجاسات ‪ ..‬برقم ‪285‬‬
‫‪) (374‬رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور برقم ‪ ، 1521‬ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم‬
‫‪1350‬‬
‫‪) (375‬رواه البخاري ف (اليان) باب السلم من سلم السلمون من لسانه ويده برقم ‪10‬‬
‫‪) (376‬سورة النعام ‪ ،‬الية ‪153‬‬
‫كما أهيب بولة أمور السلمي وعلمائهم وأهل الرأي فيهم من الجاج أن ينتهزوا فرصة‬
‫اجتماعهم ف هذه الماكن القدسة مهد السلم ومهبط الوحي ومشرق الرسالة الاتة‬
‫الت جعت القلوب التنافرة ‪ ،‬ووحدت القبائل التنافرة ‪ ،‬فجعلت من رعاة الغنم قادة للمم‬
‫‪ ،‬ومن المة المية خي أمة أخرجت للناس ‪ ،‬تأمر بالعروف وتنهى عن النكر وتؤمن‬
‫بال ‪ ،‬أهيب بم أن يلتقوا ويتشاوروا فيما يمع شل المة السلمية ويوحد صفوفها‬
‫ويستنقذ بلدها ومقدساتا من أيدي أعدائها ولسيما السجد القصى البارك ‪ ،‬ويشد أزر‬
‫الجاهدين ف سبيل ال ويوحد صفوفهم حت ل تكون فتنة ويكون الدين كله ل‪.‬‬
‫وقد صح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال‪" :‬الؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه‬
‫بعضا وشبك بي أصابعه" (‪ )377‬متفق عليه ‪.‬‬
‫وعن النعمان بن بشي رضي ال عنهما ‪ ،‬قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫"مثل الؤمني ف توادهم وتراحهم وتعاطفهم كمثل السد الواحد إذا اشتكى منه عضو‬
‫تداعى له سائر السد بالسهر والمى" (‪ )378‬متفق عليه ‪ ،‬وعن ابن عمر رضي ال عنهما‬
‫أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪" :‬السلم أخو السلم ل يظلمه ول يسلمه ومن‬
‫كان ف حاجة أخيه كان ال ف حاجته ‪ ،‬ومن فرج عن مسلم كربة فرج ال عنه با كربة‬
‫من كرب يوم القيامة" (‪ )379‬متفق عليه ‪.‬‬
‫ومن فاته نصرة إخوانه الجاهدين بنفسه ينبغي أن ينصرهم بقوله أو ماله فال تعال يقول ‪:‬‬
‫"يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تارة تنجيكم من عذاب أليم ‪ .‬تؤمنون بال ورسوله‬
‫وتاهدون ف سبيل ال بأموالكم وأنفسكم ذلكم خي لكم إن كنتم تعلمون" (‪. )380‬‬

‫‪) (377‬رواه البخاري ف (الظال والغصب) باب نصر الظلوم برقم ‪ ، 2446‬ومسلم ف (الب والصلة والداب) باب تراحم الؤمني‬
‫وتعاطفهم برقم ‪2585‬‬
‫‪) (378‬رواه البخاري ف (الدب) باب رحة الناس والبهائم برقم ‪ ، 6011‬ومسلم ف (الب والصلة والداب) باب تراحم الؤمني‬
‫وتعاطفهم برقم ‪2586‬‬
‫‪) (379‬رواه البخاري ف (الظال والغصب) باب ل يظلم السلم السلمَ برقم ‪ ، 2442‬ومسلم ف (الب والصلة والداب) باب تري‬
‫الظلم برقم ‪2580‬‬
‫‪) (380‬سورة الصف ‪ ،‬اليتان ‪11 ،10‬‬
‫وعن أنس رضي ال عنه أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪" :‬جاهدوا الشركي بأموالكم‬
‫وأنفسكم وألسنتكم" (‪ )381‬رواه أبو داود بإسناد صحيح ‪.‬‬
‫وهذا يبي أهية العلم ‪ ،‬بالنسبة لقضايا السلمي ‪ ،‬وعن زيد بن خالد رضي ال عنه أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪" :‬من جهز غازيا ف سبيل ال فقد غزا ‪ ،‬ومن خلف‬
‫غازيا ف أهله بي فقد غزا" (‪ )382‬متفق عليه ‪.‬‬
‫وإن لكم إخوانا قد أصابم الضر ونزل بم القحط وابتلوا بنقص ف الموال والنفس‬
‫والثمرات ف أفريقيا‬
‫وغيها ‪ ،‬وهم ف أشد الاجة إل مواساتكم ومعونتكم فل تبخلوا عنهم بشيء من أموالكم ‪،‬‬
‫قال تعال ‪" :‬ومن يبخل فإنا يبخل عن نفسه " (‪ ،)383‬وهو القائل سبحانه ‪" :‬وما أنفقتم من‬
‫شيء فهو يلفه وهو خي الرازقي" (‪ ، )384‬وقال سبحانه ‪" :‬وما تقدموا لنفسكم من خي‬
‫تدوه عند ال هو خيا وأعظم أجرا"(‪ ،)385‬وقال النب صلى ال عليه وسلم ‪" :‬وال ف عون‬
‫العبد ما كان العبد ف عون أخيه"(‪.)386‬‬

‫وف التام فإن أسأل ال أن يسدد خطانا وخطاكم ‪ ،‬وأن يوفقنا وإياكم لا فيه الي‬
‫والرشاد ‪ ،‬وأن يمع شل هذه المة الحمدية على الق والدى ‪ ،‬وأن يوفق حكامهم وولة‬
‫أمورهم إل أن يكموا بينهم با أنزل ال ويطبقوا فيهم شريعة ال ‪ ،‬وهو القائل سبحانه ‪:‬‬
‫"ومن أحسن من ال حكما لقوم يوقنون" (‪ )387‬إنه ول ذلك والقادر عليه ‪ ،‬كما أسأله‬
‫‪) (381‬رواه المام أحد ف (باقي مسند الكثرين من الصحابة) مسند أنس بن مالك برقم ‪ ، 11837‬وأبو داود ف (الهاد ) باب‬
‫كراهية ترك الغزو برقم ‪2504‬‬
‫‪) (382‬رواه البخاري ف (الهاد والسي) باب فضل من جهز غازيا أو خلفه بي برقم ‪ ، 2843‬ومسلم ف (المارة) باب فضل إعانة‬
‫الغازي ف سبيل ال برقم ‪1895‬‬
‫‪) (383‬سورة ممد ‪ ،‬الية ‪38‬‬
‫‪) (384‬سورة سبأ ‪ ،‬الية ‪39‬‬
‫‪) (385‬سورة الزمل ‪ ،‬الية ‪20‬‬
‫‪) (386‬رواه مسلم ف (الذكر والدعاء والستغفار) باب فضل الجتماع على تلوة القرآن برقم ‪2699‬‬
‫‪) (387‬سورة الائدة ‪ ،‬الية ‪50‬‬
‫سبحانه أن يتقبل منا ومنكم ‪ ،‬وأن يردكم إل بلدكم سالي غاني موفقي إنه على كل‬
‫شيء قدير ‪ ،‬والسلم عليكم ورحة ال وبركاته ‪.‬‬
‫وصلى ال وسلم على نبينا ممد وصحبه وأتباعه بإحسان إل يوم الدين ‪.‬‬
‫(‪)388‬‬
‫الج فرصة لنشر دعوة الق‬

‫بعد المد والثناء على ال عز وجل ث الصلة والسلم على أشرف الرسلي ‪ ،‬إن أشكر ال‬
‫عز وجل على ما من به علينا وعلى حجاج بيت ال الرام من أداء مناسك الج ف أمن‬
‫وعافية وسلمة وهدوء ‪ ،‬المد ل جل وعل على ذلك ونسأله سبحانه أن يتقبل منا ومن‬
‫جيع حجاج بيت ال الرام‪ ،‬كما أسأله سبحانه أن يوفق حكومتنا لكل خي ‪ ،‬وأن يزيها‬
‫عما فعلت من التسهيل لجاج بيت ال الرام أداء مناسكهم أفضل الزاء وأن يعينها على‬
‫كل ما فيه صلح العباد والبلد ‪ ،‬كما أساله سبحانه أن يزي أيضا العاملي ف هذه الدولة‬
‫من عسكريي ومدنيي أحسن الزاء عما فعلوا من الي ‪ ،‬وأن يضاعف مثوبتهم على ما‬
‫فعلوه من تيسي وتسهيل وإعانة لخوانم حجاج بيت ال الرام ‪ ،‬وأسأله عز وجل أن يتقبل‬
‫من الميع عملهم وحجهم‪.‬‬
‫ث إن أشكر أخي صاحب الفضيلة معال الرئيس العام لشؤون السجد الرام والسجد النبوي‬
‫الشيخ ممد بن عبد ال السبيل على كلمته القيمة وتوجيهاته السديدة الفيدة فجزاه ال‬
‫خيا ‪ ،‬وقد أحسن وأجاد ف نصيحة إخوانه الدعاة ‪ ،‬ووصيتهم با ينبغي أن يعتمدوه ف‬
‫نصحهم ودعوتم إل ال عز وجل وعنايتهم بإخوانم حجاج بيت ال الرام وغيهم‪.‬‬
‫فإن الدعوة إل ال شأنا عظيم وهي من أهم الفرائض ‪ ،‬وهي مهمة الرسل عليهم الصلة‬
‫والسلم ‪ ،‬والعلماء هم ورثة النبياء فالواجب عليهم العناية بالدعوة ‪ ،‬و تكون بالساليب الت‬
‫يرجى منها حصول الطلوب والسلمة من النفور عن الق ‪ ،‬ويرجى منها الفادة للمدعو‬
‫وقبوله الق ‪ ،‬وعليهم أن يذروا الساليب الت يشى منها بقاء النكر أو وجود ما هو أنكر‬
‫منه ‪ ،‬فالداعي إل ال يب أن ينظر ف أسلوب دعوته ‪ ،‬وأن يتحرى الساليب الت يرجى من‬
‫ورائها حصول الي والفائدة ‪ ،‬والسلمة من ضد ذلك ‪ ،‬فجزى ال أخانا صاحب الفضيلة‬
‫الشيخ ممد عن كلمته خيا ‪ ،‬كما أشكره أيضا على جهوده العظيمة الصلحية ف السجد‬

‫‪) (388‬كلمة لسماحته ألقاها ف حفل التوعية السلمية ف الج لعام ‪1413‬هـ ونشرت ف جريدة الدينة ف العدد الول ‪9519‬‬
‫وتاريخ ‪21/12/1413‬هـ‬
‫الرام والسجد النبوي ‪ ،‬وأسأل ال أن يزيده والعاملي معه من التوفيق والداية وأن يبارك ف‬
‫جهودهم وينفع بم عباده من حجاج بيت ال الرام وزوار هذا السجد العظيم للعمرة ‪،‬‬
‫وزواره للصلة وزوار السجد النبوي ‪ ،‬نسأل ال أن يبارك ف جهود القائمي على هذين‬
‫السجدين وأن يعلهم هداة مهتدين ‪ ،‬كما أشكره أيضا هو وإخوانه على ما يبذلونه من‬
‫الدعوة إل ال ف السجدين وتوجيه الناس إل الي ‪ ،‬وإفتائهم فيما يتاجون إليه فجزاهم ال‬
‫جيعا خيا ‪.‬‬
‫ث أشكر المانة العامة للتوعية على جهودها ف هذا السبيل ‪ ،‬سبيل تسهيل أداء الناسك‬
‫لجاج بيت ال الرام ‪ ،‬أشكر المانة والعاملي فيها على جهودهم الطيبة ف تسهيل أمر‬
‫الجيج وإعانتهم على أداء مناسكهم با يسهل عليهم ذلك وبا يعينهم على فهم ما أوجب‬
‫ال عليهم وعلى ترك ما حرم ال عليهم ‪ ،‬ولشك أن جهود المانة العامة لا ثار عظيمة ‪،‬‬
‫ولا فوائد جة ‪ ،‬ونسأل ال أن يبارك ف هذه الهود وأن يزي العاملي فيها جزاءً حسنا وأن‬
‫يثيبهم ويأجرهم على ما فعلوه ويزيدهم من فضله ‪ ،‬فإن ال سبحانه هو الواد الكري ‪ ،‬وهو‬
‫الذي يازي العاملي با يستحقون ‪ ،‬فنسأل ال أن يزي العاملي ف سبيله جزاءً حسنا ‪ ،‬وأن‬
‫يثيبهم على ما قدموا ‪ ،‬وأن يعل لم مثل ثواب إخوانم الذين ساعدوهم ف الي ‪ ،‬وسهلوا‬
‫لم طريق الي ‪ ،‬ث أشكر إخوان الدعاة إل ال عز وجل ‪ ،‬وأدعو لم بزيد من التوفيق فقد‬
‫بذلوا جهودا كبية ‪ ،‬وأسأل ال أن يزيهم عن جهودهم خيا ‪ ،‬وأن يضاعف مثوبتهم ‪،‬‬
‫ولشك أن الواجب عليهم عظيم ‪ ،‬ونسأل ال أن يتقبل منهم جهودهم وأن يعطيهم مثل‬
‫أجور من هداه ال على أيديهم ‪ ،‬قال ال عز وجل ف كتابه العزيز ‪ " :‬قل هذه سبيلي أدعو‬
‫إل ال على بصية أنا ومن اتبعن " (‪ ، )389‬فالدعوة إل ال هي سبيل النبياء وأتباعهم على‬
‫بصية ‪ ،‬فنسأل ال أن يوفقنا وإخواننا الدعاة وسائر علماء السلمي لا يرضيه وأن يعلنا‬
‫جيعا من الدعاة إليه على بصية وأن يعيننا على أداء الواجب إنه خي مسؤول ‪.‬‬
‫ولشك أن الدعاة إل ال سبحانه ف جهاد عظيم ‪ ،‬وهم جديرون بأن يبذلوا وسعهم ف هذا‬
‫السبيل ؛ لن ال جل وعل قد أتاح لم ف هذا الوسم أما كثية من سائر أرجاء الدنيا ف‬

‫‪) (389‬سورة يوسف ‪ ،‬الية ‪108‬‬


‫حاجة إل الدعوة والتوجيه فيما يتعلق بالعقيدة ومناسك الج وفيما يتعلق بأحكام الدين ‪،‬‬
‫فهم جديرون بأن يوجهوهم ويرشدوهم إل ما يب عليهم وإل ما يرم عليهم حت يفعلوا ما‬
‫شرع ال ويدعوا ما حرم ال ‪ ،‬وأسأل ال أن يبارك عملهم ‪ ،‬وأن ينفع به عباده السلمي‪،‬‬
‫وأن يزيهم عن ذلك جزاءً حسنا ‪ ،‬وأن يعلهم من الداة الهتدين‪ ،‬ول ريب أن الجاج ف‬
‫أشد الاجة إل الدعوة والتوجيه والرشاد ‪ ،‬فالواجب أن تكون دعوتم بالساليب السنة‬
‫الت يرجى منها قبول الق وترك الباطل ‪ ،‬قال ال جل وعل ‪" :‬ادع إل سبيل ربك بالكمة‬
‫والوعظة السنة وجادلم بالت هي أحسن " (‪ ، )390‬فهذه الطريقة الت رسها ال لعباده فيها‬
‫الي العظيم ‪ ،‬فيها توجيه الناس وإرشادهم بالعلم والكمة ‪ ،‬فإن الكمة هي العلم ‪ ،‬وذلك‬
‫بوضع المور ف مواضعها عن علم وبصية ‪ ،‬ث الوعظة السنة بالترغيب والترهيب ث الدال‬
‫بالت هي أحسن ؛ لزالة الشبه وإيضاح الق ‪ ،‬وبذلك يصل الطلوب ويزول الرهوب ‪،‬‬
‫بلف الشدة والغلظة فإنه يترتب عليها شر عظيم وعواقب وخيمة ‪ ،‬منها عدم قبول الق ‪،‬‬
‫ومنها أنه قد يقع بذلك منكرات أخرى ‪ ،‬قال ال جل وعل ‪" :‬فبما رحة من ال لنت لم ولو‬
‫كنت فظا غليظ القلب لنفضوا من حولك " (‪، )391‬وقال عز وجل لوسى وهارون لا بعثهما‬
‫إل فرعون ‪" :‬فقول له قولً لينا لعله يتذكر أو يشى" (‪ ، )392‬فالواجب على الدعاة أن‬
‫يسلكوا السالك الت يرونا ناجحة ومفيدة صالة لرشاد الدعوين وتوجيههم إل الي ‪،‬‬
‫ولشك أن الكمة ف الدعوة والتبصر فيها من أهم الهمات ‪ ،‬والدعوة إل ال أحسن ما بذله‬
‫السلم ف نفع غيه ‪ ،‬قال ال عز وجل ‪" :‬ومن أحسن قولً من دعا إل ال وعمل صالا "‬
‫(‪ . )393‬وموسم الج من أحسن مواضعها وأوقاتا ‪ ،‬فالج فرصة للدعاة إل ال لينشروا فيه‬
‫دعوة الق ويرشدوا فيه اللق إل ما خلقوا له من توحيد ال وطاعته ‪ ،‬ويذروهم عما نى‬
‫ال عنه من سائر الخلق والعمال ‪ ،‬فهي نعمة من ال عظيمة على من دعا إل ال عز‬
‫وجل‪ ،‬ونعمة من ال عظيمة على الدعوين ‪ ،‬فنسأل ال أن يزي الداعي خيا وأن يثيبهم عن‬

‫‪) (390‬سورة النحل ‪ ،‬الية ‪152‬‬


‫‪) (391‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪159‬‬
‫‪) (392‬سورة طه ‪ ،‬الية ‪44‬‬
‫‪) (393‬سورة فصلت ‪ ،‬الية ‪33‬‬
‫دعوتم وأن يزيدهم علما إل علمهم وخيا إل خيهم ‪ ،‬وأن يعلهم هداة مهتدين وأن ينفع‬
‫الدعوين با سعوا وبا شاهدوا وأن يرزقهم البصية والفقه ف الدين ‪ ،‬كما أسأله سبحانه أن‬
‫يزي ولة أمرنا عما فعلوا وبذلوا من الي ف إعانة الدعاة على أداء واجبهم ف إعانة الجاج‬
‫على أداء مناسكهم ‪ ،‬نسأل ال أن يزيهم على ذلك الزاء السن وأن يضاعف مثوبتهم وأن‬
‫يزيدهم من كل خي وأن يعينهم على إزالة كل شر‪.‬‬
‫وإن واجب العلماء النصيحة ل ولعباده والنصيحة لولة المر بالكاتبة والشافهة للمي‬
‫والرئيس ‪ ،‬لكل ول أمر من ملك أو رئيس جهورية أو أمي أو رئيس عشية أو جاعة إل غي‬
‫ذلك ‪ ،‬فكل من له رئاسة وكل من له شيء يستطيع أن يتصرف فيه ‪ ،‬هو جدير بأن ينصح‬
‫ويوجه ‪ ،‬حت يبذل جهوده ف من تت يديه ‪ ،‬هذا واجب العلماء أينما كانوا ف مشارق‬
‫الرض ومغاربا وف هذه الدولة ‪ ،‬وف هذه البقعة بصورة خاصة وف بقاع الدنيا عامة‪.‬‬
‫والواجب على العلماء أن يرشدوا الناس إل توحيد ال وطاعته ويتعاونوا مع ولة المور‬
‫بالكمة والسلوب السن والكلم الطيب والنصيحة الطيبة بالشافهة والكاتبة ‪ ،‬واجتناب‬
‫اللفاظ والوسائل الت قد تنفر من الق وقد تضر الدعوة ‪ ،‬يب على العلماء أينما كانوا أن‬
‫يكونوا بصيين ف أمر الدعوة ‪ ،‬وأن يتحروا السباب والوسائل الت يرجى من ورائها حصول‬
‫الطلوب ‪ ،‬وأن يذروا كل سبب وكل وسيلة يشى من ورائها عدم حصول الطلوب ‪ ،‬أو‬
‫حصول ضده ‪ ،‬هذا هو الواجب على الميع ‪.‬‬
‫وف مكة الكرمة كان نبينا عليه الصلة والسلم يدعو الناس بالكلم الطيب والسلوب السن‬
‫حسب الطاقة والمكان ‪ ،‬ويتابع البعد عن كل ما يضر الدعوة ‪ ،‬وهكذا لا هاجر إل الدينة‬
‫فعل ذلك حت شرع ال الهاد وأعطاه قوة ‪ ،‬فعند ذلك جاهد الناس وشرع ف قتال الكفار‬
‫إل أن يستجيبوا للحق ‪ ،‬وعلى الدعاة إل ال أن يسلكوا مسلك النبياء عليهم الصلة‬
‫والسلم وأن يتهدوا ف إيصال الدعوة إل الدعوين بالطرق الت يرجى منها حصول‬
‫الطلوب ‪ ،‬وإذا قوي من له سلطان قام على تنفيذ الق بالقوة بطريقة يصل با الطلوب ول‬
‫يصل منها ضده ‪ ،‬وهذا هو الواجب على ولة المور أن يقيموا الق بالطريقة الت يكن‬
‫تنفيذه بدون حصول ما هو شر ومنكر ‪.‬‬
‫والواجب على الدعاة إل ال أن يبلغوا ولة المور الق بالوسائل الكتابية والشفهية حت‬
‫يصل التعاون بي الميع بي السلطان وبي المي وبي كبي القبيلة وبي كبي السرة ‪ ،‬حت‬
‫يصل التعاون بي الميع بالسلوب السن والدعوة الباركة ‪.‬‬
‫ولشك أن الدعوة إل ال عز وجل يدخل فيها المر بالعروف والنهي عن النكر ‪ ،‬كما أن‬
‫الدعوة تدخل ف المر والنهي عند الطلق ‪ ،‬كما قال تعال ف كتابه العظيم ‪" :‬ومن أحسن‬
‫قولً من دعا إل ال وعمل صالا" (‪ ، )394‬وهكذا ف قوله جل وعل ‪" :‬ادع إل سبيل ربك "‬
‫(‪ ، )395‬تعم الدعاة وتعم المر بالعروف والنهي عن النكر ‪ ،‬وتعم كل من قام بالصلح‬
‫والدعوة إل ال عز وجل ‪ ،‬ف درس أو ملس أو غي ذلك ‪ ،‬وهكذا المر بالعروف إذا أطلق‬
‫دخلت فيه الدعوة ‪ ،‬كما ف قوله جل وعل ‪" :‬كنتم خي أمة أخرجت للناس تأمرون‬
‫بالعروف وتنهون عن النكر " (‪ ، )396‬فالواجب على كل إنسان أن يبذل وسعه ف تنفيذ الق‬
‫حسب طاقته ‪ ،‬فالسلطان عليه واجبه العظم حسب طاقته ‪ ،‬والمي ف القرية أو البلد أو‬
‫القبيلة عليه تنفيذ الق حسب طاقته بالفعل والقول جيعا ‪ ،‬وكبي السرة وصاحب البيت‬
‫عليه تنفيذ الق بالقول وبالعمل حسب طاقته ومع أولده وأهله ‪ ،‬وهكذا كل إنسان عليه أن‬
‫يعمل حسب طاقته ‪ ،‬كما قال ال عز وجل ‪" :‬فاتقوا ال ما استطعتم" (‪ )397‬وكما قال عليه‬
‫الصلة والسلم ‪" :‬من رأى منكم منكرا فليغيه بيده‪ ،‬فإن ل يستطع فبلسانه ‪ ،‬فإن ل يستطع‬
‫فبقلبه ‪ ،‬وذلك أضعف اليان" (‪. )398‬‬
‫فمن كان يستطيع بيده مثل السلطان والمي فيما حدد له ‪ ،‬واليئة فيما حدد لا ‪ ،‬وصاحب‬
‫البيت فيما يقدر عليه نفذ المر بيده ‪ ،‬ومن كان بصفة أخرى نفذ بالكلم والتوجيه والرشاد‬
‫وبالت هي أحسن حت يصل الق وحت يزول الباطل ‪ ،‬وعليه أن يستمر ول ييأس ويرجو ما‬
‫عند ال من الثوبة فيصب ‪ ،‬كما قال ال عز وجل ‪" :‬والعصر ‪ .‬إن النسان لفي خسر‪ .‬إل‬

‫‪) (394‬سورة فصلت ‪ ،‬الية ‪33‬‬


‫‪) (395‬سورة النحل ‪ ،‬الية ‪125‬‬
‫‪) (396‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪110‬‬
‫‪) (397‬سورة التغابن ‪ ،‬الية ‪16‬‬
‫‪) (398‬رواه مسلم ف (اليان) باب كون النهي عن النكر من اليان برقم ‪49‬‬
‫الذين آمنوا وعملوا الصالات وتواصوا بالق وتواصوا بالصب" (‪ )399‬هذه صفة الرابي‬
‫والؤمني السعداء ‪ ،‬إيان صادق وعمل صال وتواص بالق وتواص بالصب ‪ .‬وقال تعال ‪:‬‬
‫"وتعاونوا على الب والتقوى ول تعاونوا على الث والعدوان " (‪ ، )400‬وقال النب صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪" :‬من كان ف حاجة أخيه كان ال ف حاجته" (‪ )401‬ويقول جل وعل ‪" :‬يا أيها الذين‬
‫آمنوا إن تنصروا ال ينصركم ويثبت أقدامكم" (‪. )402‬‬
‫فالواجب نصر ال والعناية بأمره والجتهاد ف ذلك ‪ ،‬ويشرع للمؤمن أن يتهد ف أن يكون‬
‫ف حاجة أخيه الدينية والدنيويه ‪ ،‬وأن يعينه على الي حسب طاقته ‪ ،‬وبذا تتمع القلوب‬
‫ويصل التعاون والتآلف والحبة ف ال ‪ ،‬وكثرة الي وقلة الشر ‪.‬‬
‫فنسأل ال أن يوفق السلمي لا يرضيه وأن يوفقنا جيعا إل كل ما فيه صلح العباد والبلد‬
‫أينما كانوا ‪ ،‬كما أسأله سبحانه أن يوفق جيع السئولي لا يرضيه ف كل مكان وأن يصلح‬
‫بطانتهم وأن يصلح العلماء ويعينهم على أداء الواجب ‪ ،‬كما أسأله سبحانه أن يوفق ولة‬
‫أمور السلمي ف كل مكان للحكم بشريعته والتحاكم إليها والفقه فيها ‪ ،‬كما أسأله أن يوفق‬
‫ولة أمرنا لكل خي وعلى رأسهم خادم الرمي الشريفي وأن ينصر بم الق ‪ ،‬وأن يوفقهم‬
‫لكل ما فيه صلح العباد والبلد ‪ ،‬وأن ينحهم الفقه ف الدين ‪ ،‬وأن يعلهم هداة مهتدين ‪،‬‬
‫وأن يوفق علماؤنا وجيع السلمي للتعاون على الب والتقوى إنه خي مسئول ‪ .‬وصلى ال‬
‫على نبينا ممد وآله وصحبه وسلم ‪.‬‬

‫‪) (399‬سورة العصر كاملة‬


‫‪) (400‬سورة الائدة ‪ ،‬الية ‪2‬‬
‫‪) (401‬رواه البخاري ف (الظال والغصب) باب ل يظلم السلم السلم برقم ‪ ، 2442‬ومسلم ف (الب والصلة والداب) باب تري‬
‫الظلم برقم ‪2580‬‬
‫‪) (402‬سورة ممد ‪ ،‬الية ‪7‬‬
‫الج البور‬

‫المد ل وحده ‪ ،‬والصلة والسلم على من ل نب بعده ‪ ،‬سيدنا ممد بن عبد ال‬
‫ورسوله ‪ ،‬وأمينه على وحيه ‪ ،‬وصفوته من خلقه ‪ ،‬وعلى آله وصحبه ‪ ،‬ومن دعا بدعوته‬
‫واهتدى بديه إل يوم الدين ‪ .‬أما بعد (‪: )403‬‬
‫فأحييك أيها القارئ الكري بتحية السلم تية من عند ال مباركة طيبة ‪ ،‬فالسلم عليك‬
‫ورحة ال وبركاته ‪.‬‬
‫وأهنئك با يسر ال لك من حج بيته الرام الذي أوجبه ال على الستطيعي من عباده‬
‫الكلفي بقوله عز وجل ‪" :‬ول على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلً ومن كفر فإن‬
‫ال غن عن العالي" (‪ ، )404‬وقد روى مسلم رحه ال ف صحيحه عن أب هريرة رضي ال‬
‫عنه قال ‪ :‬خطبنا رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬يا أيها الناس إن ال قد فرض عليكم‬
‫الج فحجوا" فقال رجل ‪ :‬أكل عام يا رسول ال ؟ فسكت حت قالا ثلثا ‪ ،‬فقال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬لو قلت نعم لوجبت ولا استطعتم" ‪ ،‬ث قال ‪" :‬ذرون ما تركتكم‬
‫فإنا هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالم واختلفهم على أنبيائهم ‪ ،‬فإذا أمرتكم بشيء فأتوا‬
‫منه ما استطعتم وإذا نيتكم عن شيء فدعوه" (‪. )405‬‬
‫والج من العمال الفاضلة الت يضاعف ال با الجور ويغفر با الذنوب ‪ ،‬روى البخاري‬
‫ومسلم رحهما ال عن أب هريرة رضي ال عنه قال ‪ :‬سئل النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أي‬
‫العمل أفضل؟ قال ‪" :‬إيان بال ورسوله " قيل‪ :‬ث ماذا؟ قال ‪ :‬الهاد ف سبيل ال" ‪ ،‬قيل ث‬
‫ماذا ؟ قال ‪" :‬حج مبور " (‪. )406‬‬

‫‪) (403‬نشر ف ملة (التوعية السلمية) العدد الول بتاريخ ‪10/11/1404‬هـ‬


‫‪) (404‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪97‬‬
‫‪) (405‬رواه مسلم ف (الج) باب فرض الج مرة ف العمر برقم ‪1337‬‬
‫‪) (406‬رواه البخاري ف (اليان) باب من قال (إن اليان هو العمل ) برقم ‪ ، 26‬ومسلم ف (اليان) باب كون اليان بال تعال‬
‫أفضل العمال برقم ‪83‬‬
‫والج البور هو الذي ل يرتكب فيه صاحبه معصية ل ‪ ،‬كما يدل على ذلك قوله صلى ال‬
‫عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة رضي ال عنه ‪" :‬من حج فلم يرفث ول يفسق رجع كيوم‬
‫ولدته أمه" (‪ )407‬متفق عليه ‪.‬‬
‫فالج فرصة عظيمة يود ال سبحانه وتعال فيها على عباده الؤمني بالغفرة والرحة‬
‫والرضوان والعتق من النار ‪ ،‬فطوب لن كان حجه مبورا فلم يرفث ول يفسق ول يادل إل‬
‫بالت هي أحسن واستبق إل اليات ‪ ،‬قال ال تعال ‪" :‬الج أشهر معلومات فمن فرض فيهن‬
‫الج فل رفث ول فسوق ول جدال ف الج وما تفعلوا من خي يعلمه ال وتزودوا فإن خي‬
‫الزاد التقوى واتقون يا أول اللباب " (‪. )408‬‬
‫هذا وأقدم إل الجاج الكرام هذه العداد الديدة من ملة التوعية السلمية ف الج للسنة‬
‫العاشرة ‪ ،‬والت تصدرها المانة العامة ليئة التوعية السلمية ف الج التابعة للرئاسة العامة‬
‫لدارات البحوث العلمية والفتاء والدعوة والرشاد ف الملكة العربية السعودية ؛ لدف‬
‫توعية السلمي وتبصيهم بأمور دينهم النيف وخاصة ما يتصل منها بالعقيدة والعبادة‬
‫والخلق وعلى الخص ما يتصل بناسك الج ‪ ،‬حت يؤدوا حجهم على نور من كتاب‬
‫ربم عز وجل البي ‪ ،‬وهدى من سنة نبيهم صلى ال عليه وسلم المي ‪ ،‬وهي إحدى‬
‫منجزات الملكة العربية السعودية والدمات الت تؤديها حكومتها الوفقة لجاج بيت ال‬
‫الرام والسلمي ف كل مكان ‪ ،‬راجي من الول القدير أن ينفع با الجاج ‪ ،‬وكل من اطلع‬
‫عليها من السلمي ‪.‬‬
‫وبذه الناسبة الليلة فإن أوصيكم ونفسي وكل من بلغته هذه النصيحة بتقوى ال عز وجل‬
‫ف جيع الحوال والتعرض دائما لنفحاته سبحانه ‪ ،‬فإن ل تعال ف أيام دهرنا نفحات يصيب‬
‫با من يشاء من عباده ‪ ،‬فلنستبق إل اليات ‪ ،‬ولننتهز الناسبات الفاضلة فنشغلها بطاعة ال‬
‫عز وجل والعمل با يرضيه ‪" :‬وف ذلك فليتافس التنافسون" (‪ ، )409‬وال تعال يقول ‪:‬‬

‫‪) (407‬رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور برقم ‪ ، 1521‬ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم‬
‫‪1350‬‬
‫‪) (408‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪197‬‬
‫‪) (409‬سورة الطففي ‪ ،‬الية ‪26‬‬
‫"فاستبقوا اليات إل ال مرجعكم جيعا فينبئكم با كنتم فيه تتلفون"(‪ ،)410‬ويقول تعال ‪:‬‬
‫وسارعوا إل مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والرض أعدت للمتقي " (‪، )411‬‬
‫وروى الترمذي رحه ال بإسناد حسن عن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم قال ‪" :‬بادروا بالعمال سبعا هل تنتظرون إل فقرا منسيا أو غن مطغيا ‪ ،‬أو‬
‫مرضا مفسدا ‪ ،‬أو هرما مفندا ‪ ،‬أو موتا مهزا‪ ،‬أو الدجال فشر غائب ينتظر ‪ ،‬أو الساعة‬
‫فالساعة أدهى وأمر " (‪. )412‬‬
‫وأنتم أيها الخوة قد جئتم من بلد بعيدة وتركتم الهل والوطان تبتغون فضلً من ربكم‬
‫ورحة ‪ ،‬فأحسنوا نياتكم وأخلصوا أعمالكم ل ربكم فإنا العمال بالنيات وإنا لكل امرئ ما‬
‫نوى ‪ ،‬وال تعال يقول ‪" :‬وما أمروا إل ليعبدوا ال ملصي له الدين حنفاء" (‪ ،)413‬ويقول‬
‫سبحانه وتعال لنبيه صلى ال عليه وسلم ‪" :‬قل إن صلت ونسكي ومياي ومات ل رب العالي‬
‫‪ .‬ل شريك له وبذلك أمرت وأنا أول السلمي " (‪ ، )414‬وتروا سنة نبيكم صلى ال عليه وسلم‬
‫فيما تفعلون وفيما تذرون فال تعال يقول ‪" :‬وما آتاكم الرسول فخذوه وما ناكم عنه فانتهوا‬
‫واتقوا ال إن ال شديد العقاب " (‪ )415‬ويقول عز من قائل ‪" :‬وما كان لؤمن ول مؤمنة إذا‬
‫قضى ال ورسوله أمرا أن يكون لم الية من أمرهم ومن يعص ال ورسوله فقد ضل ضللً‬
‫مبينا " (‪ ، )416‬وتنبوا البدع ف الدين ‪ ،‬ففي الديث التفق على صحته عن عائشة رضي ال‬
‫عنها قالت ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬من أحدث ف أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد‬
‫" (‪ )417‬وف رواية لسلم رحه ال ‪" :‬من عمل عملً ليس عليه أمرنا فهو رد " (‪ )418‬وف صحيح‬

‫‪) (410‬سورة الائدة ‪ ،‬الية ‪48‬‬


‫‪) (411‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪133‬‬
‫‪) (412‬رواه الترمذي ف (الزهد) باب ما جاء ف البادرة بالعمل برقم ‪2306‬‬
‫‪) (413‬سورة البينة ‪ ،‬الية ‪5‬‬
‫‪) (414‬سورة النعام ‪ ،‬اليتان ‪163 ، 162‬‬
‫‪) (415‬سورة الشر ‪ ،‬الية ‪7‬‬
‫‪) (416‬سورة الحزاب ‪ ،‬الية ‪36‬‬
‫‪) (417‬رواه البخاري ف (الصلح) باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم ‪ ، 2697‬ومسلم ف (القضية) باب نقض الحكام الباطلة‬
‫ورد مدثات المور برقم ‪1718‬‬
‫‪) (418‬رواه البخاري معلقا ف النجش ‪ ،‬ومسلم ف (القضية ) باب نقض الحكام الباطلة ورد مدثات المور برقم ‪1718‬‬
‫البخاري رحه ال عن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ :‬كل‬
‫أمت يدخلون النة إل من أب" قيل ‪ :‬ومن يأب يا رسول ال ؟ قال ‪ " :‬من أطاعن دخل النة‬
‫ومن عصان فقد أب" (‪. )419‬‬
‫واسألوا أهل العلم فيما تهلون أو يشكل عليكم من أمور دينكم ‪ ،‬فال تعال يقول ‪" :‬فاسألوا‬
‫أهل الذكر إن كنتم ل تعلمون " (‪ ، )420‬وإذا علمتم فاعملوا ‪ ،‬فالعلم حجة لنا أو علينا ‪ ،‬حجة‬
‫لنا إن عملنا به ‪ ،‬وحجة علينا إذا ل نعمل ‪ ،‬وحافظوا على الصلوات ف جاعة ما استطعتم ‪ ،‬فإن‬
‫الصلة هي ركن السلم العظم بعد الشهادتي ‪ ،‬ول يقبل حج ول عمل بدونا ‪ ،‬فقد روى‬
‫مسلم رحه ال عن جابر رضي ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬بي الرجل‬
‫وبي الشرك والكفر ترك الصلة " (‪ ، )421‬وروى أحد وأصحاب السنن رحهم ال عن بريدة‬
‫رضي ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن‬
‫تركها فقد كفر " (‪ ، )422‬وقد رغب النب صلى ال عليه وسلم ف أدائها جاعة ‪ ،‬وأخب أنا تزيد‬
‫عن صلة النفرد بدرجات كثية ‪ ،‬ففي الديث التفق على صحته عن ابن عمر رضي ال عنهما‬
‫أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪" :‬صلة الماعة أفضل من صلة الفذ بسبع وعشرين‬
‫درجة " (‪ ، )423‬والفذ ‪ :‬الذي يصلي منفردا ‪.‬‬
‫وحذر النب صلى ال عليه وسلم من ترك الماعة لغي عذر فقد روى البخاري ومسلم رحهما‬
‫ال عن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪" :‬والذي نفسي بيده‬
‫لقد همت أن آمر بطب فيحتطب ث آمر رجلً فيؤم الناس ث أخالف إل رجال ل يشهدون‬
‫الصلة فأحرق عليهم بيوتم " (‪. )424‬‬

‫‪) (419‬رواه البخاري ف (العتصام بالكتاب والسنة) باب القتداء بسنن رسول ال صلى ال عليه وسلم برقم ‪. 7280‬‬
‫‪) (420‬سورة النبياء ‪ ،‬الية ‪7‬‬
‫‪) (421‬رواه مسلم ف (اليان) باب بيان إطلق اسم الكفر على من ترك الصلة برقم ‪82‬‬
‫‪) (422‬رواه الترمذي ف (اليان) باب ما جاء ف ترك الصلة برقم ‪2621‬‬
‫‪) (423‬رواه البخاري ف (الذان) باب فضل صلة الماعة برقم ‪ ، 645‬ومسلم ف (الساجد ومواضع الصلة ) باب فضل صلة‬
‫الماعة ‪ ..‬برقم ‪650‬‬
‫‪) (424‬رواه البخاري ف (الصومات ) باب إخراج أهل العاصي والصوم من البيوت برقم ‪ ، 2420‬ومسلم ف (الساجد ومواضع‬
‫الصلة) باب فضل صلة الماعة وبيان التشديد ف التخلف عنها برقم ‪651‬‬
‫ول يرخص رسول ال صلى ال عليه وسلم للعمى الذي يسمع النداء ول يد قائدا يقوده‬
‫إل السجد أن يصلي ف بيته فكيف بغيه ‪ ،‬روى مسلم رحه ال عن أب هريرة رضي ال عنه‬
‫قال ‪ :‬أتى النب صلى ال عليه وسلم رجل أعمى فقال ‪ :‬يا رسول ال ليس ل قائد يقودن إل‬
‫السجد ‪ ،‬فسأل رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يرخص له فيصلي ف بيته فرخص له ‪،‬‬
‫فلما ول دعاه فقال له ‪" :‬هل تسمع النداء إل الصلة؟ " قال‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪" :‬فأجب" (‪. )425‬‬
‫ومروا بالعروف وانوا عن النكر فإنما من أهم واجبات السلم ومن النصيحة الواجبة ف‬
‫الدين ‪ ،‬والسلمون بي ما تناصحوا وتواصوا بالعروف وتناهوا عن النكر ‪ ،‬قال ال تعال ‪:‬‬
‫"ولتكن منكم أمة يدعون إل الي ويأمرون بالعروف وينهون عن النكر وأولئك هم‬
‫الفلحون" (‪ ، )426‬وقد دلت النصوص من الكتاب والسنة على أن النكرات إذا فشت بي‬
‫الناس ول تنكر عمت عقوبتها ‪ ،‬قال ال تعال ‪" :‬واتقوا فتنة ل تصيب الذين ظلموا منكم‬
‫خاصة واعلموا أن ال شديد العقاب " (‪ ، )427‬وقد روى الترمذي رحه ال – وقال حديث‬
‫حسن – عن حذيفة رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪" :‬والذي نفسي بيده‬
‫لتأمرن بالعروف ولتنهون عن النكر أو ليوشكن ال أن يبعث عليكم عقابا ث تدعونه فل‬
‫يستجاب لكم" (‪ ، )428‬وصح عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال ‪" :‬إن الناس إذا رأوا النكر فلم‬
‫يغيوه أوشك أن يعمهم ال بعقابه " (‪ )429‬رواه المام أحد بإسناد صحيح ‪ ،‬فانصحوا‬
‫إخوانكم ورفقائكم إذا وجدت ما يستوجب النصيحة ولكن بالكمة والوعظة السنة‬
‫والجادلة بالت هي أحسن ‪ ،‬ففي الديث التفق عليه عن جرير بن عبد ال رضي ال عنه قال‬
‫‪" :‬بايعت رسول ال صلى ال عليه وسلم على إقام الصلة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم"‬

‫‪) (425‬رواه مسلم ف (الساجد ومواضع الصلة) باب يب إتيان السجد على من سع النداء برقم ‪653‬‬
‫‪) (426‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪104‬‬
‫‪) (427‬سورة النفال ‪ ،‬الية ‪25‬‬
‫‪) (428‬رواه المام أحد ف (باقي مسند النصار) حديث حذيفة بن اليمان برقم ‪ ، 22790‬والترمذي ف (الفت) باب ما جاء ف المر‬
‫بالعروف والنهي عن النكر برقم ‪2169‬‬
‫‪) (429‬رواه المام أحد ف (مسند العشرة البشرين بالنة ) مسند أب بكر الصديق برقم ‪1‬و ‪ ، 16‬وابن ماجة ف (الفت) باب المر‬
‫بالعروف والنهي عن النكر برقم ‪3995‬‬
‫(‪ ، )430‬وف الصحيحي عن أنس رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪" :‬ل يؤمن‬
‫أحدكم حت يب لخيه ما يب لنفسه " (‪ ، )431‬وانصحوا قومكم إذا رجعتم إليهم وخاصة‬
‫عشائركم ومن لكم عليهم ولية ‪ ،‬فال عز وجل قال لرسوله صلى ال عليه وسلم ‪" :‬وأنذر‬
‫عشيتك القربي" (‪ ، )432‬ويقول ال تعال ‪" :‬يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا‬
‫وقودها الناس والجارة عليها ملئكة غلظ شداد ل يعصون ال ما أمرهم ويفعلون ما‬
‫يؤمرون" (‪ ، )433‬واعلموا أنه ل قيام للدين إل بالمر بالعروف والنهي عن النكر والتناصح‬
‫بالي والتواصي بالق وبالصب ‪ ،‬فاحرصوا على ذلك يفظ ال لكم دينكم ويصلح أعمالكم‬
‫ويغفر ذنوبكم وال غفور رحيم ‪.‬‬
‫وف بلد السلمي الن بمد ال دعوات للخي بالرجوع إل السلم ‪ ،‬والتمسك بالكتاب‬
‫والسنة ‪ ،‬فكونوا من أهلها وأعوانا ‪ ،‬فال تعال يقول ‪" :‬وتعاونوا على الب والتقوى ول‬
‫تعاونوا على الث والعدوان واتقوا ال إن ال شديد العقاب " (‪ ، )434‬وف بعضها جهاد لعلء‬
‫كلمة ال والذب عن العقيدة السلمية والدفاع عنها أمام اللحدة والشيوعيي وخاصة على‬
‫أرض أفغانستان الت رفع ماهدوها راية السلم وأخذوا يقاتلون تتها أعداء ال ‪ ،‬وهم أول‬
‫بنصرتكم ومعونتكم فمن استطاع أن ياهد معهم بنفسه فليفعل ‪ ،‬ومن استطاع أن ياهد باله‬
‫فليفعل ‪ ،‬فما أحوجهم للرجال وللمال ‪ ،‬وال تعال يقول ‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم‬
‫على تارة تنجيكم من عذاب أليم‪ .‬تؤمنون بال ورسوله وتاهدون ف سبيل ال بأموالكم‬
‫وأنفسكم ذلكم خي لكم إن كنتم تعلمون ‪ .‬يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تري من‬
‫تتها النار ومساكن طيبة ف جنات عدن ذلك الفوز العظيم‪ .‬وأخرى تبونا نصر من ال‬
‫وفتح قريب وبشر الؤمني " (‪ ، )435‬ومن فاته الهاد بالنفس فل ينبغي أن يفوته الهاد‬
‫‪) (430‬رواه البخاري قي ( اليان) باب الدين النصيحة برقم ‪ ، 57‬ومسلم ف (اليان ) باب بيان أن الدين النصيحة برقم ‪56‬‬
‫‪) (431‬رواه البخاري ف (اليان ) باب من اليان أن يب لخيه ما يب لنفسه برقم ‪ ، 13‬ومسلم ف (اليان ) باب الدليل على أن‬
‫من خصال اليان أن يب لخيه برقم ‪45‬‬
‫‪) (432‬سورة الشعراء ‪ ،‬الية ‪214‬‬
‫‪) (433‬سورة التحري ‪ ،‬الية ‪6‬‬
‫‪) (434‬سورة الائدة ‪ ،‬الية ‪2‬‬
‫‪) (435‬سورة الصف ‪ ،‬اليات ‪13 -10‬‬
‫بالال ‪ ،‬لقول ال تعال ‪" :‬انفروا خفافا وثقالً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم ف سبيل ال‬
‫ذلكم خي لكم إن كنتم تعلمون " (‪ ، )436‬وصح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال‬
‫‪ " :‬من جهز غازيا ف سبيل ال فقد غزا ‪ ،‬ومن خلف غازيا ف أهله بي فقد غزا " (‪. )437‬‬
‫وأسأل ال أن يوفقنا وإياكم وسائر السلمي لكل ما فيه رضاه ‪ ،‬ولكل ما فيه صلح أمر‬
‫العباد والبلد ‪ ،‬وأن يردكم إل بلدكم سالي غاني ‪ ،‬وأن يتقبل منا ومنكم ومن سائر‬
‫السلمي ‪ ،‬وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ويذل أعداءه ‪ ،‬وأن يصلح قادة السلمي ف كل‬
‫مكان ‪ ،‬وأن يوفقهم للحكم بشريعته والتمسك با والدعوة إليها والذر من كل ما يالفها ‪،‬‬
‫إنه ول ذلك والقادر عليه ‪ ،‬والسلم عليكم ورحة ال وبركاته ‪.‬‬

‫‪) (436‬سورة التوبة ‪ ،‬الية ‪41‬‬


‫‪) (437‬رواه البخاري ف (الهاد والسي) باب فضل من جهز غازيا أو خلفه بي برقم ‪ ، 2843‬ومسلم ف (المارة) باب فضل إعانة‬
‫الغازي ف سبيل ال برقم ‪1895‬‬
‫(‪)438‬‬
‫على جيع الجاج تقوى ال ف السر والعلن ليكتمل حجهم‬

‫أوصي إخوان حجاج بيت ال الرام بتقوى ال تعال ف السر والعلن ‪ ،‬وهي وصية ال‬
‫تعال ووصية رسوله صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬قال تعال‪ " :‬يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم‬
‫من نفس واحدة " ‪.439‬‬
‫وأضاف ساحته أن على جوع حجاج بيت ال الرام الحافظة على الصلة ف أوقاتا ومع‬
‫الماعة وبكل شروطها وأركانا والعناية با وتعظيم شأنا والطمأنينة فيها فهي الركن الثان‬
‫من أركان السلم وهي عمود الدين ومن تركها فقد كفر قال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬بي‬
‫الرجل وبي الشرك والكفر ترك الصلة "‪ ، 440‬وقال أيضا ‪ " :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة‬
‫فمن تركها فقد كفر " ‪ .441‬ومن أهم أركان الصلة الت يب على السلم رعايتها والعناية با‬
‫الطمأنينة ف ركوعها وسجودها وقيامها وقعودها ‪ ،‬ومن أهم واجبات الصلة ف حق الرجال‬
‫أداؤها ف الماعة ؛ لن ذلك من أعظم شعائر السلم ‪ ،‬وقد أمر ال بذلك ورسوله كما قال‬
‫عز وجل ‪ " :‬وأقيموا الصلوة وءاتوا الزكوة واركعوا مع الراكعي "‪ 442‬كما أوصي نساء‬
‫السلمي بالتستر والتحجب والبتعاد عن كل ما يظهر الفتنة والذر من التعطر حي‬
‫خروجهن ؛ لن ذلك من أسباب الشر والفتنة والواجب عليهن أن يتقي ال وأن يذرن‬
‫أسباب الفتنة من الزينة والطيب وإبراز الحاسن ‪ ،‬قال ال تعال ‪ " :‬يأيها النب قل لزواجك‬
‫‪443‬‬
‫وبناتك ونساء الؤمني يدني عليهن من جلبيبهن ذلك أدن أن يعرفن فل يؤذين "‬

‫‪) (438‬نشر ف جريدة عكاظ ‪ ،‬العدد ‪ 11551‬ف ‪10/12/1418‬هـ ‪.‬‬


‫‪ - 439‬سورة النساء الية ‪1‬‬
‫‪ - 440‬رواه مسلم في ( اليمان ) باب بيان إطلق اسم الكفر على من ترك الصلة برقم ( ‪. ) 82‬‬
‫‪ - 441‬رواه الترمذي في ( اليمان ) باب ما جاء في ترك الصلة برقم ( ‪. )2621‬‬
‫‪ - 442‬سورة البقرة الية ‪. 43‬‬
‫‪ - 443‬سورة الحزاب الية ‪. 59‬‬
‫الواجب على من استطاع‬
‫‪444‬‬
‫السبيل البادرة بالج والعمرة‬

‫المد ل رب العالي والصلة والسلم على أشرف النبياء والرسلي وبعد ‪:‬‬
‫فإن أوصي إخوان السلمي الذين ل يؤدوا فريضة الج أن يبادروا بجة السلم ‪ ،‬فهذا هو‬
‫الواجب على كل من استطاع السبيل إل ذلك ؛ لن ال سبحانه وتعال يقول " ول على‬
‫الناس حج البيت من استطاع إليه سبيل " (‪ ، )445‬ويقول النب صلى ال عليه وسلم ‪" :‬بن‬
‫السلم على خس‪ :‬شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال ‪ ،‬وإقام الصلة وإيتاء‬
‫الزكاة ‪ ،‬وصوم رمضان ‪ ،‬وحج البيت " (‪ ، )446‬ويقول عليه الصلة والسلم ‪" :‬إن ال قد‬
‫فرض عليكم الج فحجوا" (‪ ، )447‬فالواجب على كل مسلم ومسلمة يستطيع مؤونة الج إذا‬
‫كان مكلفا أن يبادر بذلك وأل يؤخره ؛ لن ال جل وعل أوجب ذلك على الفور ‪ ،‬ول‬
‫يوز لي مسلم مكلف مستطيع الج أن يتأخر عن ذلك ‪ ،‬بل يبادر ويسارع إل هذا الي‬
‫العظيم ‪ ،‬يقول الرسول عليه الصلة والسلم ف الديث الصحيح ‪" :‬من حج فلم يرفث ول‬
‫يفسق رجع كيوم ولدته أمه" (‪ ، )448‬ويقول عليه الصلة والسلم ف الديث الخر ‪" :‬العمرة‬
‫إل العمرة كفارة لا بينهما ‪ ،‬والج البور ليس له جزاء إل النة " (‪ . )449‬فهذه نعمة عظيمة‬
‫وخي عظيم ينبغي للمسلم أن يرص عليه ‪ ،‬ويشرع له مع ذلك أن يتحرى العمال اليية ف‬
‫طريقه وف مكة ‪ ،‬من صدقة على الفقراء والساكي ‪ ،‬والكثار من قراءة القرآن الكري وذكر‬
‫ال تعال ‪ ،‬والكثار من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبي ‪ ،‬والكثار من الصلة ف السجد‬

‫‪ - 444‬نشرت في جريدة ( الرياض ) ‪ ،‬وقرئت على سماحته بتاريخ ‪ 1416 / 11 / 28‬هـ‪.‬‬


‫‪)1(445‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪. 97‬‬
‫‪) (446‬رواه البخاري ف (اليان) باب بن السلم على خس برقم ‪ ، 8‬ومسلم ف (اليان) باب بيان أركان السلم ودعائمه العظام‬
‫برقم ‪16‬‬
‫‪) (447‬رواه مسلم ف (الج) باب فرض الج مرة ف العمر برقم ‪1337‬‬
‫‪) (448‬رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور ‪ ،‬برقم ‪ ، 1521‬ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم‬
‫‪1350‬‬
‫‪) (449‬رواه البخاري ف (الج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم ‪ ، 1773‬ومسلم ف (الج) باب ف فضل الج والعمرة ويوم عرفة‬
‫برقم ‪1349‬‬
‫الرام والطواف إن تيسر ذلك اغتناما للزمان والكان ؛ فإن الصلة ف السجد الرام بائة‬
‫ألف صلة ‪ ،‬وفريضة فيه خي من مائة ألف فيما سواه ‪ ،‬والصدقات فيه مضاعفة ‪ ،‬وهكذا‬
‫مثلها التسبيح والتحميد والتهليل والتكبي وقراءة القرآن والمر بالعروف والنهي عن النكر‬
‫والدعوة إل ال ‪ ،‬وتعليم الاج ما قد يهل ‪ ،‬كل هذا ما يشرع للمسلم ‪ ،‬ومن ذلك أن‬
‫يتهد ف تعليم إخوانه الجاج – إن كان يوجد عنده علم‪ -‬باللم والرفق والسلوب‬
‫السن ‪ ،‬مع اغتنام الفرصة ف وجوده بكة بعمل أنواع الي كما تقدم من صلة وطواف‬
‫ودعوة إل ال والمر بالعروف والنهي عن النكر بالسلوب السن والرفق والكلم الطيب ‪.‬‬
‫وأنصح ولة المور السلمي ف كل مكان بأن يسهلوا أمر الج لرعاياهم وأن يعينوهم عليه ؛‬
‫لن ذلك من باب التعاون على الب والتقوى ‪ ،‬وال عز وجل يقول ‪" :‬وتعاونوا على الب‬
‫والتقوى " (‪ )450‬فإعانتهم وتسهيل أمرهم هذا من باب العانة على الي ‪ ،‬ومن باب التواصي‬
‫بالق والصب عليه ‪ ،‬وفيه الجر العظيم ‪ ،‬كما أوصيهم بأن يكموا شرع ال ف جيع الشئون‬
‫‪ ،‬وأن ينصروا دين ال ف كل المور ‪ ،‬نسأل ال أن يوفق ولة السلمي لكل خي ‪ ،‬وأن‬
‫يصلح أحوالم وأن ينحهم التوفيق ‪ ،‬وأن يعينهم على كل خي ‪ ،‬كما أوصي كل من يتول‬
‫أمور الجيج بتقوى ال تعال ‪ ،‬وأن يرفقوا بالجيج وأن يعينوهم على كل خي ‪ ،‬وأن‬
‫يتسبوا الجر والثوبة عند ال ‪ ،‬فلهم بذا الجر العظيم إذا أعانوا الجاج وسهلوا أمورهم ‪،‬‬
‫لم ف هذا الفضل الكبي ‪ ،‬نسأل ال عز وجل أن يتقبل من الميع ‪ ،‬وأن يوفق السلمي ف‬
‫كل مكان إل ما يرضيه ‪ ،‬وأن ينحهم الفقه ف دينه وأن يعلنا وإياهم من الداة الهتدين ‪،‬‬
‫وأن يعي إخواننا الجاج على أداء مناسكهم على الوجه الذي يرضيه ‪ ،‬وأن يصلح أحوال‬
‫السلمي ف كل مكان ‪ ،‬إنه سيع قريب ‪ ،‬وصلى ال وسلم على نبينا ممد وعلى آله وصحبه‬
‫أجعي‪.‬‬

‫‪) (450‬سورة الائدة ‪ ،‬الية ‪2‬‬


‫(‪)451‬‬
‫نصيحة إل الجاج الذين يؤذون جيانم بالتدخي والغان‬

‫من عبد العزيز بن عبد ال بن باز إل من يراه من السلمي وفقهم ال لا فيه رضاه آمي ‪.‬‬
‫سلم عليكم ورحة ال وبركاته ‪ ،‬أما بعد ‪:‬‬
‫فقد أوجب ال عز وجل التعاون على الب والتقوى والنصيحة لكل مسلم وقد أبلغن بعض‬
‫الخوان أنه يوجد من بعض الجاج الوجودين ف من من يؤذي جيانه بالتدخي والغان ‪.‬‬
‫ول ريب أن إيذاء السلمي من الحرمات العلومة من الدين كما قال سبحانه ‪" :‬والذين‬
‫يؤذون الؤمني والؤمنات بغي ما اكتسبوا فقد احتملوا بتانا وإثا مبينا " (‪ ، )452‬وإذا كان‬
‫اليذاء بالتدخي أو بفتح الراديو أو السجلت على الغان كان الذى أكب والث أعظم‪،‬‬
‫لن الغناء مرم وهكذا التدخي من الحرمات الضرة بالدين والدنيا والصحة ‪.‬‬
‫وقد قال ال عز وجل ‪" :‬ومن الناس من يشتري لو الديث ليضل عن سبيل ال " (‪ )453‬الية‬
‫‪ .‬قال أكثر العلماء الراد بلهو الديث الغناء وآلت اللهو ‪.‬‬
‫وقال عز وجل ‪" :‬يسئلونك ماذا أحل لم قل أحل لكم الطيبات" (‪ ، )454‬وقال ف وصف نبيه‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪" :‬ويل عليهم الطيبات ويرم عليهم البائث" (‪ )455‬فبي الول سبحانه‬
‫أنه ل يل لعباده إل الطيبات وأن نبيه صلى ال عليه وسلم إنا أحل لمته الطيبات وهي‬
‫الشياء النافعة بل مضرة ‪ ،‬والدخان من الشياء الضارة البيثة ‪ .‬وقد أجع العارفون به من‬
‫الطباء وغيهم على أنه مضر بالصحة خبيث العاقبة خبيث الرائحة ‪.‬‬
‫وفق ال الميع للفقه ف الدين والثبات عليه وأعاذ الميع من نزغات الشيطان ‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‪.‬‬

‫‪) (451‬نشرت ف (ملة البحوث السلمية ) العدد ‪ 21‬عام ‪1408‬هـ ص ‪353‬‬


‫‪) (452‬سورة الحزاب ‪ ،‬الية ‪58‬‬
‫‪) (453‬سورة لقمان ‪ ،‬الية ‪6‬‬
‫‪) (454‬سورة الائدة ‪ ،‬الية ‪4‬‬
‫‪) (455‬سورة العراف ‪ ،‬الية ‪157‬‬
‫(‪)456‬‬
‫الحاورات والدال ف الج تثي الناع والعداوة‬

‫حول حرمة الج وفرضيته على السلمي والحرام به والداب الت ل يوز معها الدال‬
‫وتقليد قبائل الاهلية يقول ساحة الشيخ عبد العزيز بن عبد ال بن باز مفت عام الملكة‬
‫العربية السعودية ورئيس الجلس التأسيسي لرابطة العال السلمي ف مكة الكرمة ‪ :‬يقول‬
‫تعال ‪" :‬الج اشهر معلومات فمن فرض فيهن الج فل رفث ول فسوق ول جدال ف الج‬
‫وما تفعلوا من خي يعلمه ال وتزودوا فإن خي الزاد التقوى واتقون يا أول اللباب " (‪. )457‬‬
‫يب تعال أن الج ف أشهر معلومات وهي ك شوال وذو القعدة وعشرة أيام من ذي الجة ‪،‬‬
‫وقال تعال ‪" :‬معلومات" لن الناس يعرفونا من عهد إبراهيم وإساعيل عليهما الصلة‬
‫والسلم ‪ ،‬فالج وقته معروف ل يتاج إل بيان كما احتاج الصيام والصلة إل بيان‬
‫مواقيتهما ‪ .‬وقوله تعال ‪" :‬فمن فرض فيهن الج" معناه من أحرم بالج ف هذه الشهر سواء‬
‫ف أولا أو ف وسطها أو ف آخرها ‪ ،‬فإن الج الذي يرم به يصي فرضا عليه يب عليه أداؤه‬
‫بفعل مناسكه ولو كان نفلً ‪.‬‬
‫فإن الحرام به يصي فرضا عليه ل يوز له رفضه ‪ ،‬لقول ال سبحانه ‪" :‬وأتوا الج والعمرة "‬
‫(‪ ، )458‬وقوله تعال ‪" :‬فل رفث ول فسوق ول جدال ف الج" بيان لداب الحرم وما يب‬
‫عليه ا‪ ،‬يتجنبه حال الحرام ‪ ،‬أي يب أن تعظموا الحرام بالج وتصونوه عن كل ما يفسده‬
‫أو ينقصه من "الرفث" وهو الماع ومقدماته الفعلية والقولية ‪" .‬والفسوق" وهو جيع‬
‫العاصي ومنها مظورات الحرام ‪" .‬والدال" وهو الحاورات والنازعة والخاصمة ؛ لن‬
‫الدال يثي الشر ويوقع العداوة ويشغل عن ذكر ال ‪ .‬والقصود من الج الذل والنكسار بي‬
‫يدي ال وعند بيته العتيق ومشاعره القدسة ‪ ،‬والتقرب إل ال بالطاعات وترك العاصي‬
‫والحرمات ليكون الج مبورا ‪.‬‬

‫‪) (456‬نشرت هذه الكلمة ف (نشرة رابطة العال السلمي ) بتاريخ ‪12/1416/ 18 -12‬هـ‬
‫‪) (457‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪197‬‬
‫‪) (458‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪196‬‬
‫فقد صح عن النب صلى ال عليه وسلم ‪" :‬أن الج البور ليس له جزاء إل النة" (‪ )459‬ولا‬
‫كان التقرب إل ال تعال ل يتحقق إل بترك العاصي وفعل الطاعات ‪ ،‬فإنه سبحانه بعد أن‬
‫نى عن العاصي ف الج أمر بعمل الطاعات ‪ ،‬فقال تعال ‪" :‬وما تفعلوا من خي يعلمه ال "‬
‫وهذا يتضمن الث على أفعال الي ‪ ،‬خصوصا ف أيام الج وف تلك البقاع الشريفة‬
‫والشاعر القدسة وف السجد الرام ‪ ،‬فإن السنات تضاعف فيه أكثر من غيه ‪ ،‬كما ثبت‬
‫أن الصلة الواحدة ف السجد الرام أفضل من مائة ألف صلة فيما سواه من الساجد ‪،‬‬
‫والراد بالسجد الرام جيع الرم ‪ ،‬فيدخل ف ذلك من ومزدلفة وجيع الساجد الت ف داخل‬
‫الرم ‪ ،‬وهكذا بقية الرم ‪ .‬لسيما وقد اجتمع للحاج ف هذا الكان وهذا الوقت شرف‬
‫الزمان وشرف الكان ‪ ،‬ومن الدال الذي ني عنه ف الج ما كان يري بي القبائل ف‬
‫الاهلية ف موسم الج وف أرض الرم من التنازع والتفاخر ومدح آباءهم وقبائلهم حت‬
‫حولوا الج من عبادة إل نزاع وخصام ‪ .‬ومن تصيل فضائل إل تصيل جرائم وآثام ‪ ،‬حيث‬
‫يقول سبحانه ‪" :‬فمن فرض فيهن الج فل رفث ول فسوق ول جدال ف الج" ‪ ،‬وقال تعال‬
‫عن الرم ‪" :‬ومن يرد فيه بإلاد بظلم نذقه من عذاب أليم " (‪ ، )460‬أما الدال بالت هي‬
‫أحسن فل حرج فيه ف مكة وغيها ‪ ،‬يقول ال سبحانه ‪" :‬ادع على سبيل ربك بالكمة‬
‫(‪)461‬‬
‫والوعظة السنة وجادلم بالت هي أحسن "‬

‫‪) (459‬رواه البخاري ف (الج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم ‪ ،1773‬ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة‬
‫برقم ‪1349‬‬
‫‪) (460‬سورة الج ‪ ،‬الية ‪25‬‬
‫‪) (461‬سورة النحل ‪ ،‬الية ‪125‬‬
‫(‪)462‬‬
‫احفظوا أوقاتكم عن كل ما يضر دينكم ويغضب ربكم‬

‫ساحة الشيخ عبد العزيز بن عبد ال بن باز مفت عام الملكة العربية السعودية ورئيس هيئة‬
‫كبار العلماء والرئيس العام لدارات البحوث العلمية والفتاء وجه كلمة لجاج بيت ال‬
‫الرام حث فيها على تقوى ال عز وجل وتعظيم شعائر ال والتفرغ للعبادة ‪.‬‬
‫وف كلمته الت وجهها عب (عكاظ) قال ساحته ‪:‬‬
‫إخوان حجاج بيت ال الرام ‪ ،‬أيها السلمون ف كل مكان ‪ ،‬السلم عليكم ورحة ال‬
‫وبركاته ‪ ،‬أما بعد‬
‫مرحبا بكم ف بلد ال الرام على أرض الملكة العربية السعودية الت شرفهاال تعال بدمة‬
‫الجاج والعمار والزوار الذين يفدون من كل مكان ‪ ،‬ومنّ عليها بدمة القدسات ‪ ،‬وتأمينها‬
‫للطائفي والعاكفي والركع السجود ‪ .‬وأسأل ال عز وجل أن يكتب لكم حج بيته وزيارة‬
‫مسجد رسوله صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ف أمن وإيان وسكينة واطمئنان ويسر‬
‫وقبول ‪ ،‬وأن‬
‫تعودوا إل دياركم سالي مأجورين ‪ .‬وقد غفر لكم وآتاكم من فضله إنه جواد كري ‪.‬‬
‫وبالجابة جدير ومضى ساحته قائلً‪ :‬فإن أوصي إخوان حجاج بيت ال الرام بتقوى ال‬
‫عز وجل أينما كانوا ‪ ،‬وتوحيد ال وتصيصه بالعبادة وطاعة أوامره وترك نواهيه ‪ ،‬والوقوف‬
‫عند حدوده‪ ،‬هذه التقوى الت خلق ال لجلها الثقلي ‪ ،‬وهي العبادة الذكورة ف قوله‬
‫سبحانه‪" :‬وما خلقت الن والنس إل ليعبدون" (‪ )463‬وف قوله تعال ‪" :‬يا أيها الناس اعبدوا‬
‫ربكم " (‪ ، )464‬وف قوله جل وعل ‪" :‬يا أيها الناس اتقوا ربكم " (‪ )465‬وقال تعال ‪ " :‬يا أيها‬
‫الذين آمنوا اتقوا ال حق تقاته ول توتن إل وأنتم مسلمون " (‪ ، )466‬فالتقوى هي توحيد ال‬

‫‪) (462‬نشر ف جريدة (عكاظ) يوم الحد ‪30/11/1415‬هـ‬


‫‪) (463‬سورة الذاريات ‪ ،‬الية ‪56‬‬
‫‪) (464‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪21‬‬
‫‪ ) (465‬سورة النساء ‪ ،‬الية ‪1‬‬
‫‪ ) (466‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪102‬‬
‫والخلص له ف العمل ‪ ،‬والصدق ف معاملته هذا بأداء فرائضه وترك مارمه والوقوف عند‬
‫حدوده عن خوف ورجاء ومبة ورهبة ‪.‬‬
‫كما أوصي إخوان جيعا بالتفقه ف الدين ‪ ،‬وحضور حلقات العلم ف السجد الرام والسجد‬
‫النبوي الشريف ‪ ،‬وسؤال أهل العلم عما أشكل عليهم ف مسائل الج وغيها ‪.‬‬
‫كما أوصيهم بالحافظة على الصلوات المس بالسجد الرام ‪ ،‬وف السجد النبوي ‪ ،‬وف‬
‫الساجد أينما كانوا مع إخوانم ف ال عز وجل ‪.‬‬
‫وأضاف ساحته ‪ :‬لن الصلة عمود السلم ‪ ،‬من حفظها حفظ دينه ‪ ،‬ومن ضيعها فقد‬
‫خسر ‪ ،‬كما قال النب الكري عليه الصلة والسلم ‪" :‬رأس المر السلم وعموده‬
‫الصلة"(‪ ، )467‬وقال عليه الصلة والسلم ‪" :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد‬
‫كفر " (‪ ، )468‬وقال عليه الصلة والسلم كذلك ‪" :‬الصلة من حافظ عليها كانت له نورا‬
‫وبرهانا وناة يوم القيامة ‪ ،‬ومن ل يافظ عليها ل يكن له نور ول برهان ول ناة وحشر يوم‬
‫القيامة مع فرعون وهامان " (‪ ، )469‬وهذا وعيد عظيم ويب الذر منه ‪.‬‬
‫وأوصي إخوان أيضا بالكثار من قراءة القرآن والتدبر والتعقل ‪ ،‬كتاب ال فيه الدى‬
‫والنور ‪ ،‬وفيه الدعوة إل كل خي كما قال سبحانه ‪" :‬إن هذا القرآن يهدي للت هي أقوم"‬
‫(‪ ، )470‬وقال تعال ‪" :‬كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا اللباب"(‪، )471‬‬
‫وقال سبحانه وتعال ‪" :‬وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحون " (‪. )472‬‬
‫وأوصي إخوان أيضا حجاج بيت ال الرام وغيهم من السلمي بسنة الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم وساع الحاديث عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬والعمل با صح عنه عليه‬
‫الصلة والسلم ؛ لنه يبلغ عن ال ول ينطق عن الوى ‪ ،‬كما قال عز وجل ‪" :‬والنجم إذا‬
‫‪) (467‬رواه المام أحد ف (مسند النصار ) حديث معاذ بن جبل برقم ‪ ، 21511‬والترمذي ف (اليان) باب ما جاء ف حرمة‬
‫الصلة برقم ‪2616‬‬
‫‪) (468‬رواه الترمذي ف (اليان) باب ما جاء ف ترك الصلة برقم ‪2621‬‬
‫‪) (469‬رواه المام أحد ف (مسند الكثرين من الصحابة) مسند عبد ال بن عمرو بن العاص برقم ‪6540‬‬
‫‪) (470‬سورة السراء ‪ ،‬الية ‪9‬‬
‫‪) (471‬سورة ص ‪ ،‬الية ‪29‬‬
‫‪) (472‬سورة النعام ‪ ،‬الية ‪155‬‬
‫هوى ‪ .‬ما ضل صاحبكم وما غوى ‪ .‬وما ينطق عن الوى ‪ .‬إن هو إل وحي يوحى " (‪، )473‬‬
‫ومن أحسن الكتب الختصرة الت تنفع العامة ‪ ،‬كتاب (رياض الصالي ) للمام النووي رحه‬
‫ال ‪ ،‬وكتاب (بلوغ الرام) للمام الافظ بن حجر ‪ ،‬وهذه كتب مفيدة ونافعة ‪ ،‬وينبغي‬
‫العناية با والرص عليها والستفادة منها ‪.‬‬
‫وأوصي إخوان حجاج بيت ال الرام بفظ أوقاتم عن كل ما يضر دينهم وعن كل ما‬
‫يغضب ربم وذلك بالشتغال بذكر ال والتسبيح والتهليل والتكبي وقول ‪" :‬ل حول ول قوة‬
‫إل بال " ‪ ،‬والكثار من قراءة القرآن والستغفار والدعاء ‪ ،‬والذر من كل ما حرم ال ‪،‬‬
‫والذر من الغيبة والنميمة ؛ لنما من أخبث الكبائر وأشد الكبائر ‪ ،‬واسأل ال لنا ولخواننا‬
‫جيعا التوفيق والداية وصلح النية والعمل كما أسأله سبحانه أن ين على الميع بالقبول‬
‫والغفرة ‪ ،‬وصلى ال وسلم على نبينا ممد وعلى آله وأصحابه ‪.‬‬

‫‪) (473‬سورة النجم ‪ ،‬اليات ‪4 -1‬‬


‫على الجاج تنب افتراش الطرقات‬

‫(‪)474‬‬
‫المد ل وصلى ال وسلم على رسول ال وعلى آله وأصحابه ‪ ،‬أما بعد‬
‫فإن أوصي إخوان حجاج بيت ال الرام بتقوى ال عز وجل ف جيع الحوال ‪ ،‬والكثار‬
‫من ذكره واستغفاره سبحانه وتعال ‪ ،‬والرص على أداء الصلة ف الماعة مع السلمي ‪،‬‬
‫والرص أيضا على حضور حلقات العلم ف السجد الرام وهكذا ف السجد الدن لن زار‬
‫الدينة ‪ ،‬كما أوصيهم أيضا بالسؤال عما أشكل عليهم ‪ ،‬سؤال أهل العلم عما أشكل‬
‫(‪)475‬‬
‫عليهم ؛ لن الرسول صلى ال عليه وسلم يقول ‪" :‬من يرد ال به خيا يفقهه ف الدين "‬
‫‪ ،‬ويقول عليه الصلة والسلم ‪" :‬من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل ال له به طريقا إل‬
‫النة " (‪. )476‬‬
‫فأوصي إخوان جيعا من الجاج العناية بذه المور ‪ ،‬والكثار من الستغفار والتسبيح‬
‫والتهليل والتحميد والتكبي ‪ ،‬وسؤال ال جل وعل الثبات على الق وحسن الاتة ؛ لن‬
‫العبد على خطر ف هذه الدار ‪ ،‬فينبغي له أن يكثر من سؤال ال ويسأله اليان والثبات على‬
‫الق ‪.‬‬
‫ونوصي جيع الجاج بالرص على البعد عن جيع ما يؤذي السلمي ‪ ،‬كالنوم ف الطرقات‬
‫واللوس ف الطرقات ‪ ،‬لن ال سبحانه يقول ‪" :‬والذين يؤذون الؤمني والؤمنات بغي ما‬
‫اكتسبوا فقد احتملوا بتانا وإثا مبينا" (‪ ، )477‬فأوصي إخوان الجاج بالبعد عن كل ما‬
‫يؤذي السلمي من الجاج وغيهم ‪ ،‬وأن يرصوا على أن يكونوا ف بعد عما يؤذي إخوانم‬
‫ف ال ف مكة وف الدينة وف غيها ‪.‬‬

‫‪) (474‬نشر ف جريدة (الدينة) بتاريخ ‪4/12/1415‬هـ‬


‫‪) (475‬رواه البخاري ف (العلم) باب من يرد ال به خيا يفقهه ف الدين برقم ‪ ، 71‬ومسلم ف (الزكاة) باب النهي عن السألة برقم‬
‫‪1037‬‬
‫‪) (476‬رواه مسلم ف (الذكر والدعاء والتوبة والستغفار) باب فضل الجتماع على تلوة القرآن برقم ‪2699‬‬
‫‪) (477‬سورة الحزاب‪ ،‬الية ‪58‬‬
‫على الجاج التقيد بالتعليمات الت تأمر با الدولة‬

‫س‪ :‬تضع الجهزة الشرفة على إسكان الجاج ف الشاعر بعض الضوابط الت تنع تاوزها‬
‫لضمان سلمة الجاج بإذن ال ‪ ،‬مثل منع استخدام عبوات الغاز داخل الخيم حيث يؤدي‬
‫استخدامه السيئ إل كثي من الضرار التعدية إل الغي ‪ ،‬فهل تاوز الاج لتلك الضوابط‬
‫وغيها من النظمة الت وضعت لسلمته تنقص من أجره ؟ وما توجيه ساحتكم لجاج بيت‬
‫(‪)478‬‬
‫ال للحفاظ على سلمة بعضهم بعضا ؟‬

‫ج‪ :‬الواجب على الجاج وفقهم ال هو التقيد بالتعليمات الت تأمر با الدولة –وفقها ال‪-‬‬
‫لصلحة الجاج ؛ لن ال سبحانه أوجب السمع والطاعة لولة المر ف العروف ‪،‬‬
‫والتعليمات الت تقوم با الدولة لصلحة الجاج من جلة العروف ‪ ،‬ومالفته معصية ونقص‬
‫ف الجر ‪ ،‬وفق ال الميع لا يرضيه ‪.‬‬

‫القيام بالسيات ف موسم الج ف مكة الكرمة باسم الباءة من الشركي بدعة ل أصل لا‬

‫المد ل وصلى ال وسلم على رسوله ممد بن عبد ال وعلى آله وصحابته ومن اهتدى بداه‬
‫(‪)479‬‬
‫‪ .‬أما بعد ‪:‬‬
‫فإن ال أوجب على عباده الؤمني الباءة من الشركي ف كل وقت وأنزل ف ذلك قوله‬
‫سبحانه ‪" :‬قد كانت لكم أسوة حسنة ف إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤا منكم‬
‫وما تعبدون من دون ال كفرنا بكم وبد بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حت تؤمنوا بال‬
‫وحده " (‪ . )480‬وأنزل ف ذلك سبحانه ف آخر حياة النب صلى ال عليه وسلم قوله عز وجل‬
‫‪" :‬براءة من ال ورسوله إل الذين عاهدت من الشركي " (‪. )481‬‬
‫‪) (478‬نشر ف ملة (الدعوة) العدد ‪ 1634‬ف ‪21/11/1418‬هـ‬
‫‪ ) (479‬صدرت من مكتب ساحته بتاريخ ‪1/12/1413‬هـ‬
‫‪ ) (480‬سورة المتحنة ‪ ،‬الية ‪4‬‬
‫‪ ) (481‬سورة التوبة ‪ ،‬الية ‪1‬‬
‫وصحت الحاديث عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه بعث الصديق رضي ال عنه عام‬
‫تسع من الجرة يقيم للناس حجهم ويعلن الباءة من الشركي ‪ ،‬ث أتبعه بعلي رضي ال عنه‬
‫ليبلغ الناس ذلك ‪ ،‬وبعث الصديق رضي ال عنه مؤذني مع علي رضي ال ينادون ف الناس‬
‫بكلمات أربع ‪ :‬ل يدخل النة إل نفس مؤمنة ‪ ،‬ول يج بعد هذا العام مشرك ‪ ،‬ول يطوف‬
‫بالبيت عريان ‪ ،‬ومن كان له عند رسول ال عهد فأجله إل مدته ومن ل يكن له عهد فله‬
‫أربعة أشهر يسيح ف الرض ‪ ،‬كما قال عز وجل ‪" :‬فسيحوا ف الرض أربعة أشهر " (‪، )482‬‬
‫وبعدها أمر النب صلى ال عليه وسلم بقتال الشركي إذا ل يسلموا ‪ ،‬كما قال ال عز وجل ‪:‬‬
‫"فإذا انسلخ الشهر الرم " (‪ )483‬يعن الربعة الت أجلها لم عليه الصلة والسلم ف أصح‬
‫قول أهل العلم ف تفسي الشهر الذكورة ف هذه الية "فاقتلوا الشركي حيث وجدتوهم‬
‫وخذوهم واحصروهم واقعدوا لم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلة وآتوا الزكاة فخلوا‬
‫سبيلهم إن ال غفور رحيم " (‪. )484‬‬
‫هذا هو الشروع ف أمر الباءة وهو الذي أوضحته الحاديث عن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫وبينه علماء التفسي ف أول سورة براءة –التوبة‪ ، -‬أما القيام بالسيات والظاهرات ف موسم‬
‫الج ف مكة الكرمة أو غيها لعلن الباءة من الشركي ‪ ،‬فذلك بدعة ل أصل لا ويترتب‬
‫عليه فساد كبي وشر عظيم ‪ ،‬فالواجب على كل من كان يفعله تركه ‪ ،‬والواجب على الدولة‬
‫وفقها ال منعه ؛ لكونه بدعة ل أساس لا ف الشرع الطهر ‪ ،‬ولا يترتب على ذلك من أنواع‬
‫الفساد والشر والذى للحجيج ‪ ،‬وال سبحانه يقول ف كتابه الكري ‪" :‬قل إن كنتم تبون ال‬
‫فاتبعون يببكم ال" (‪ . )485‬ول يكن هذا العمل من سيته عليه الصلة والسلم ‪ ،‬ول من‬
‫سية أصحابه رضي ال عنهم ‪ ،‬ولو كان خيا لسبقونا إليه‪ ،‬وقال سبحانه ‪" :‬أم لم شركاء‬
‫شرعوا لم من الدين ما ل يأذن به ال " (‪ ، )486‬وقال عز وجل "وما آتاكم الرسول فخذوه‬

‫‪) (482‬سورة التوبة ‪ ،‬الية ‪2‬‬


‫‪) (483‬سورة التوبة ‪ ،‬الية ‪5‬‬
‫‪) (484‬سورة التوبة ‪ ،‬الية ‪5‬‬
‫‪) (485‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪31‬‬
‫‪) (486‬سورة الشورى ‪ ،‬الية ‪21‬‬
‫وما ناكم عنه فانتهوا " (‪ ، )487‬وقال الرسول صلى ال عليه وسلم ‪" :‬من أحدث ف أمرنا هذا‬
‫ما ليس منه فهو رد " (‪ )488‬متفق على صحته ‪ .‬وقال عليه الصلة والسلم ف الديث‬
‫الصحيح عن جابر رضي ال عنه ف خطبة المعة أما بعد ‪" :‬فإن خي الديث كتاب ال‬
‫(‪)489‬‬
‫وخي الدي هدي ممد صلى ال عليه وسلم وشر المور مدثاتا وكل بدعة ضللة "‬
‫أخرجه مسلم ف صحيحه ‪.‬‬
‫وقال عليه الصلة والسلم ‪" :‬من عمل عملً ليس عليه أمرنا فهو رد " (‪ )490‬أخرجه مسلم‬
‫أيضا ‪ ،‬وقال صلى ال عليه وسلم ف حجة الوداع ‪" :‬خذوا عن مناسككم" (‪ . )491‬ول يفعل‬
‫صلى ال عليه وسلم مسيات ول مظاهرات ف حجة الوداع ‪ ،‬وهكذا أصحابه بعده رضي ال‬
‫عنهم ‪ ،‬فيكون إحداث ذلك ف موسم الج من البدع ف الدين الت حذر منها النب صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وإنا الذي فعله عليه الصلة والسلم بعد نزول سورة التوبة هو بعث النادين ف‬
‫عام تسع من الجرة ليبلغوا الناس أنه ل يج بعد هذا العام –يعن عام تسع‪ -‬مشرك ‪ ،‬ول‬
‫يطوف بالبيت عريان ‪ ،‬وإنه ل يدخل النة إل نفس مؤمنة ‪ ،‬مع نبذ العهود الت للمشركي‬
‫بعد أربعة أشهر إل من كان له عهد أكثر من ذلك فهو إل مدته‪ ،‬ول يفعل صلى ال عليه‬
‫وسلم هذا التأذين ف حجة الوداع ؛ لصول القصود با أمر به من التأذين ف عام تسع ‪،‬‬
‫والي كله والسعادة ف الدنيا والخرة ف اتباع النب صلى ال عليه وسلم والسي على سنته‬
‫وسلوك مسلك أصحابه رضي ال عنهم ؛ لنم الفرقة الناجية والطائفة النصورة هم وأتباعهم‬
‫بإحسان ‪ ،‬كما قال ال عز وجل ‪" :‬والسابقون الولون من الهاجرين والنصار والذين‬
‫اتبعوهم بإحسان رضي ال عنهم ورضوا عنه وأعد لم جنات تري تتها النار خالدين فيها‬
‫أبدا ذلك الفوز العظيم " (‪. )492‬‬
‫‪) (487‬سورة الشر ‪ ،‬الية ‪7‬‬
‫‪) (488‬رواه البخاري ف (الصلح) باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم ‪ ، 2697‬ومسلم ف (القضية) باب نقض الحكام الباطلة‬
‫ورد مدثات المور برقم ‪1718‬‬
‫‪) (489‬رواه مسلم ف (المعة) باب تفيف الصلة والطبة برقم ‪867‬‬
‫‪) (490‬رواه البخاري معلقا ف باب النجش ‪ ،‬ومسلم ف (القضية ) باب نقض الحكام الباطلة ورد مدثات المور برقم ‪1718‬‬
‫‪) (491‬رواه بنحوه مسلم ف (الج) باب استحباب رمي جرة العقبة يوم النحر راكبا برقم ‪1297‬‬
‫‪) (492‬سورة التوبة ‪ ،‬الية ‪100‬‬
‫وال السئول أن يوفقنا وجيع السلمي للعلم النافع والعمل الصال والفقه ف الدين والسي‬
‫على منهج سيد الرسلي وأصحابه الرضيي وأتباعهم بإحسان إل يوم الدين ‪ ،‬وأن يعيذنا‬
‫وجيع السلمي من مضلت الفت ونزغات الشيطان ومن البدع ف الدين إنه ول ذلك‬
‫والقادر عليه ‪ ،‬وصلى ال وسلم على عبده ورسوله ممد وآله وصحبه ‪.‬‬
‫منافع الج‬

‫(‪)493‬‬
‫س‪ :‬ذكر ال ف كتابه الكري أن هناك منافع ف الج فما هي هذه النافع ؟‬

‫ج‪ :‬لقد ذكر ال سبحانه وتعال هذه النافع ف قوله جل وعل ف سورة الج بعد ما أمر نبيه‬
‫وخليله إبراهيم عليه الصلة والسلم ببناء البيت الرام ‪" :‬وأذن ف الناس بالج يأتوك رجالً‬
‫وعلى كل ضامر يأتي من كل فج عميق ‪ .‬ليشهدوا منافع لم ويذكروا اسم ال ف أيام‬
‫معلومات على ما رزقهم من بيمة النعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقي " (‪.)494‬‬
‫ومن هذا ذكر بعض الفسرين رحهم ال تعال النافع الت تصل للحجاج ‪ :‬دنيوية وأخروية‬
‫ما يشاهده ويس به الفرد السلم ف نفسه وف أمته ‪ .‬فمن النافع الدنيوية الت يلمسها الناس‬
‫البيع والشراء ‪ ،‬ومكاسب أصحاب الرف الت تتعلق بالجاج والركة الستمرة ف وسائل‬
‫النقل الختلفة ‪ ،‬وفائدة الفقراء ما يدفع لم من صدقات أو يقدم من ذبائح الدي والضحايا‬
‫والكفارات عن كل مظور يرتكبه الحرم ‪ ،‬وتسويق البضائع والنعام إل غي ذلك ما يلمسه‬
‫كل مسلم يشارك ف الج ‪ ،‬ومن الشاهد أن ال سبحانه يسهل النفقة والبذل فيه على‬
‫النسان حت تود يده با ل يد به من قبل ف حياته العادية‪ ،‬علوة على ما ف الج من‬
‫التعارف فيما بي السلمي والتعاون على مصالهم ‪ ،‬أما النافع الدينية الت تعود على الجيج‬
‫بالي الزيل من أعمال الخرة فمنها ‪ :‬التفقه ف الدين ‪ ،‬والهتمام بشئون السلمي عموما ‪،‬‬
‫والتعاون على الب والتقوى ‪ ،‬والدعوة إل ال سبحانه‪ ،‬والمر بالعروف ‪ ،‬والنهي عن النكر ‪،‬‬
‫والستكثار من الصلة والطواف وذكر ال عز وجل والصلة والسلم على نبيه صلى ال عليه‬
‫وسلم والفوز با وعد ال به الجاج والعمار ‪ ،‬من تكفي السيئات ‪ ،‬والفوز بالنة ‪ ،‬وتنل‬
‫الرحة على عباد ال ف هذه الشاعر العظيمة ‪.‬‬

‫‪) (493‬نشر ف ملة البحوث السلمية ) العدد ‪ 7‬ص ‪162 -153‬‬


‫‪) (494‬سورة الج ‪ ،‬اليتان ‪28 ،27‬‬
‫وقد صح عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال ‪" :‬ما من يوم أكثر من أن يعتق ال فيه عبدا من‬
‫النار من يوم عرفة ‪ ،‬وإنه ليدنو فيباهي بم ملئكته فيقول ‪ :‬ما أراد هؤلء؟ " (‪ )495‬رواه مسلم‬
‫من حديث عائشة رضي ال عنها ‪.‬‬
‫وقال عليه الصلة والسلم ‪" :‬العمرة إل العمرة كفارة لا بينهما ‪ ،‬والج البور ليس له جزاء‬
‫إل النة" (‪ )496‬متفق عليه ‪ .‬وف صحيح البخاري عن أب هريرة رضي ال عنه أن النب صلى‬
‫ال عليه وسلم قال ‪" :‬من حج ول يرفث ول يفسق رجع كيوم ولدته أمه " (‪. )497‬‬
‫والحاديث ف هذا العن كثية ‪.‬‬

‫‪) (495‬رواه مسلم ف (الج) باب ف فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم ‪1348‬‬
‫‪) (496‬رواه البخاري ف (الج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم ‪ ، 1773‬ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة‬
‫برقم ‪1349‬‬
‫‪) (497‬رواه البخاري ف (الج) باب فضل الج البور برقم ‪ ، 1521‬ومسلم ف (الج) باب فضل الج والعمرة ويوم عرفة برقم‬
‫‪1350‬‬
‫بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق وما ورد ف ذلك من آيات وأحاديث وآثار‬

‫المد ل رب العالي ‪ ،‬والعاقبة للمتقي ‪ ،‬والصلة والسلم على عبده ورسوله وخيته من‬
‫خلقه ‪ ،‬وأمينه على وحيه ‪ ،‬نبينا وإمامنا وسيدنا ممد بن عبد ال ‪ ،‬وعلى آله وأصحابه ومن‬
‫سلك سبيله واهتدى بداه إل يوم الدين ‪ .‬أما بعد (‪)498‬‬
‫فإن أشكر ال عز وجل على ما منّ به من هذا اللقاء بإخوة ف ال وأبناء أعزاء للتواصي بالق‬
‫والتذكي به والدعوة إليه ‪ ،‬والنصح ل ولعباده ‪ .‬أسأل ال أن يصلح قلوبنا جيعا ‪ ،‬وأعمالنا‬
‫وأن ينحنا جيعا وجيع السلمي الفقه ف الدين ‪ ،‬والثبات عليه ‪ ،‬وأن ينصر دينه ويعلي كلمته‬
‫‪ ،‬وأن يصلح أحوال السلمي جيعا ف كل مكان ‪ ،‬وأن يول عليهم خيارهم‪ ،‬وأن يوفق‬
‫حكام السلمي جيعا للتمسك بشريعته ‪ ،‬والكم با ‪ ،‬وإلزام الشعوب با ‪ ،‬إنه ول ذلك‬
‫والقادر عليه ‪.‬‬
‫ث أشكر إخوان القائمي على هذا النادي ‪ ،‬وعلى رأسهم الخ الكري صاحب الفضيلة‬
‫الدكتور راشد الراجح مدير جامعة أم القرى ورئيس النادي ‪ ،‬على دعوتم ل لذه الحاضرة‬
‫وعنوانا ‪ :‬حرمة مكة الكرمة ومكانة البيت العتيق ‪ ،‬وما ورد ف ذلك من الثار‪.‬‬
‫أيها الخوة ف ال ‪:‬‬
‫ل يفى على كل من له أدن علم ‪ ،‬وأدن بصية حرمة مكة ‪ ،‬ومكانة البيت العتيق ‪ ،‬لن‬
‫ذلك أمر قد أوضحه ال ف كتابه العظيم ف آيات كثية ‪ ،‬وبينه رسوله ممد عليه الصلة‬
‫والسلم ف أحاديث كثية ‪ ،‬وبينه أهل العلم ف كتبهم ومناسكهم ‪ ،‬وف كتب التفسي ‪.‬‬
‫والمر بمد ال واضح ولكن ل مانع من التذكي بذلك والتواصي با أوجبه ال من حرمتها‬
‫والعناية بذه الرمة ‪ ،‬ومنع كل ما يضاد ذلك ويالفه ‪ ،‬يقول ال عز وجل ف كتابه البي ‪:‬‬
‫"إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالي ‪ .‬فيه آيات بينات مقام إبراهيم‬

‫‪) (498‬ماضرة ألقاها ساحته ف النادي الدب ف مكة مساء الحد ‪26/11/1408‬هـ‬
‫ومن دخله كان آمنا ول على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلً ومن كفر فإن ال غن‬
‫(‪)499‬‬
‫عن العالي "‬
‫أوضح ال سبحانه ف هذه اليات ‪ ،‬أن البيت العتيق ‪ ،‬وهو أول بيت وضع للناس وأن‬
‫مبارك ‪ ،‬وأنه هدى للعالي ‪ ،‬وهذه تشريفات عظيمة ‪ ،‬ورفع لقام هذا البيت ‪ ،‬وتنويه بذلك‬
‫‪.‬‬
‫وقد ورد ف الصحيحي وغيها من حديث أب ذر رضي ال عنه أنه سأل النب صل ال عليه‬
‫وسلم عن أول بيت وضع للناس ‪ ،‬فقال عليه الصلة والسلم ‪" :‬السجد الرام " قلت‪ :‬ث أي‬
‫؟ قال ‪" :‬السجد القصى " قلت ‪ :‬كم بينهما ؟ قال ‪ " :‬أربعون عاما " قلت‪ :‬ث أي ؟ قال ‪:‬‬
‫(‪)500‬‬
‫حيثما أدركتك الصلة فصل ‪ ،‬فإن ذلك مسجد" ‪.‬‬
‫ويبي هذا العن قوله عليه الصلة والسلم ف الصحيحي ‪" :‬أعطيت خسا ل يعطهن أحد‬
‫(‪)501‬‬
‫قبلي ‪ :‬نصرت بالرعب مسية شهر ‪ ،‬وجعلت ل الرض مسجدا وطهورا ‪" ...‬‬
‫الديث ‪.‬‬
‫هذا البيت العتيق هو أول بيت وضع للناس للعبادة والطاعة ‪ ،‬وهناك بيوت قبله للسكن ‪،‬‬
‫ولكن أول بيت وضع للناس ليعبد ال فيه ‪ ،‬ويطاف به ‪ ،‬هو هذا البيت ‪،‬وأول من بناه هو‬
‫خليل ال إبراهيم عليه السلم ‪ ،‬وساعده ف ذلك ابنه إساعيل ‪.‬‬
‫أما ما روي أن أول من عمره هو آدم فهو ضعيف ‪ ،‬والحفوظ والعروف عند أهل العلم أن‬
‫أول من عمره هو خليل ال إبراهيم عليه الصلة والسلم ‪ ،‬وأول بيت وضع بعده للعبادة هو‬
‫السجد القصى على يد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلة والسلم‪ ،‬وكان بينهما‬
‫أربعون سنة ‪ ،‬ث عمره بعد ذلك بسني طويلة سليمان نب ال عليه الصلة والسلم ‪ ،‬وهذا‬
‫البيت العتيق هو أفضل بيت‪ ،‬وأول بيت وضع للناس للعبادة ‪ ،‬وهو بيت مبارك لا جعل ال‬
‫فيه من الي العظيم بالصلة فيه ‪ ،‬والطواف به ‪ ،‬والصلة حوله والعبادة ‪ ،‬كل ذلك من‬

‫‪) (499‬سورة آل عمران ‪ ،‬اليتان ‪97 ،96‬‬


‫‪) (500‬رواه البخاري ف (أحاديث النبياء) باب قول ال تعال ‪" :‬ووهبنا لداود سليمان " برقم ‪ ، 3425‬ومسلم ف (الساجد مواضع‬
‫الصلة ) أول الكتاب ‪ ،‬باب برقم ‪520‬‬
‫‪) (501‬رواه البخاري ف (التيمم) باب قول ال تعال ‪" :‬فلم تدوا ماء " برقم ‪335‬‬
‫أسباب تكفي الذنوب ‪ ،‬وغفران الطايا ‪ ،‬قال تعال ‪" :‬وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وآمنا‬
‫واتذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إل إبراهيم وإساعيل أن طهرا بيت للطائفي‬
‫والعاكفي والركع السجود " (‪. )502‬‬
‫فال سبحانه قد جعل هذا البيت مثابة للناس يثوبون إليه ‪ ،‬ول يشبعون من الجيء إليه ‪ ،‬بل‬
‫كلما صدروا أحبوا الرجوع إليه ‪ ،‬والثابة إليه ‪ ،‬لا جعل ال ف قلوب الؤمني من الحبة له‬
‫والشوق إل الجيء إليه ‪ ،‬لا يدون ف ذلك من الي العظيم ‪ ،‬ورفيع الدرجات ‪ ،‬ومضاعفة‬
‫السنات ‪ ،‬وتكفي السيئات ‪ ،‬ث جعله آمنا يأمن فيه العباد ‪ ،‬وجعله آمنا للصيد الذي فيه ‪،‬‬
‫فهو حرم آمن ‪ ،‬يأمن فيه الصيد الذي أباح ال للمسلمي أكله خارج الرحم ‪ ،‬يأمن فيه حال‬
‫وجوده به ‪ ،‬حت يرج ل ينفر ول يقتل ‪.‬‬
‫ويقول سبحانه ‪" :‬ومن دخله كان آمنا " (‪ )503‬يعن وجب أن يؤمن ‪ ،‬وليس العن أنه ل يقع‬
‫فيه أذى لحد ‪ ،‬ول قتل ‪ ،‬بل ذلك قد يقع ‪ ،‬وإنا القصود أن الواجب تأمي من دخله ‪،‬‬
‫وعدم التعرض له بسوء ‪ .‬وكانت الاهلية تعرف ذلك ‪ ،‬فكان الرجل يلقى قاتل أبيه أو أخيه‬
‫فل يؤذيه بشيء حت يرج ‪ ،‬فهذا البيت العتيق ‪ ،‬وهذا الرم العظيم ‪ ،‬جعله ال مثابة للناس‬
‫وأمنا ‪ ،‬وأوجب على نبيه إبراهيم وإساعيل أن يطهراه للطائفي والعاكفي والركع السجود‬
‫أي الصلي ‪ ،‬وقال ف الية الخرى ‪" :‬وإذ بوأنا لبراهيم مكان البيت أل تشرك ب شيئا‬
‫وطهر بيت للطائفي والقائمي والركع السجود " (‪. )504‬‬
‫والقائم هنا هو القيم وهو العاكف ‪ ،‬والطائف معروف ‪ ،‬والركع السجود هم الصلون ‪.‬‬
‫فال جلت قدرته أمر نبيه إبراهيم وابنه إساعيل أن يطهرا هذا البيت ‪ ،‬وهكذا جيع ولة‬
‫المور ‪ ،‬يب عليهم ذلك ‪ ،‬ولذا نبه النب صلى ال عليه وسلم على ذلك يوم فتح مكة ‪،‬‬
‫وأخب أنه حرم آمن ‪ ،‬وأن ال حرمه يوم خلق السموات والرض ‪ ،‬ول يرمه الناس ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫ل ينفر صيده ‪ ،‬ول يعضد شجره ‪ ،‬ول يتلى خله ‪ ،‬ول يسفك فيه دم ‪ ،‬ول تلتقط لقطته‬
‫إل لعرّف ‪ ،‬ويعن عليه الصلة والسلم بذا حرمة هذا البيت ‪ ،‬فيجب على السلمي ‪ ،‬وعلى‬
‫‪) (502‬سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪125‬‬
‫‪) (503‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪97‬‬
‫‪) (504‬سورة الج ‪ ،‬الية ‪26‬‬
‫ولة المور ‪ ،‬كما وجب على إبراهيم وإساعيل والنبياء وعلى خاتهم ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم أن يترموه ويعظموه ‪ ،‬وأن يذروا ما حرم ال فيه من إيذاء السلمي ‪ ،‬والظلم لم ‪،‬‬
‫والتعدي عليهم حجاجا أو عمارا أو غيهم ‪.‬‬
‫فالعاكف ‪ :‬القيم ‪ ،‬والطائف ‪ :‬معروف ‪ ،‬والركع السجود ‪ :‬هم الصلون ‪ .‬فالواجب تطهي‬
‫هذا البيت للمقيمي فيه ‪ ،‬والتعبدين فيه ‪ ،‬وإذا وجب على الناس أن يترموه ‪ ،‬وان يدفعوا عنه‬
‫الذى ‪ ،‬فالواجب عليهم أيضا أن يطهروا هذا البيت ‪ ،‬وأن يذروا معاصي ال فيه ‪ ،‬وأن‬
‫يتقوا غضبه وعقابه ‪ ،‬وأن ل يؤذي بعضهم بعضا ‪ ،‬ول أن يقاتل بعضهم بعضا‪ ،‬فهو بلد آمن‬
‫مترم يب على أهله أن يعظموه وأن يترموه ‪ ،‬وأن يذروا معصية ال فيه ‪ ،‬وأن ل يظلم‬
‫بعضهم بعضا ‪ ،‬ول يؤذي بعضهم بعضا ‪ ،‬لن السيئة فيه عظيمة كما أن السنات فيه‬
‫مضاعفة ‪.‬‬
‫والسيئات عند أهل العلم والتحقيق تضاعف ل من جهة العدد ‪ ،‬فإن من جاء بالسيئة فإنا‬
‫يزى مثلها ‪ ،‬ولكنها مضاعفة بالكيفية ‪.‬‬
‫فالسيئة ف الرم ليست مثل السيئة ف خارجه ‪ ،‬بل هي أعظم وأكب ‪ ،‬حت قال ال ف ذلك ‪:‬‬
‫"ومن يرد فيه بإلاد بظلم نذقه من عذاب أليم " (‪ )505‬ومن يرد فيه أي يهم فيه ويقصد ‪.‬‬
‫فضمّن يُ ِردْ معن َي ُه ّم ولذا عدّاه بالباء ‪ ،‬بقوله ‪" :‬ومن يرد فيه بإلاد بظلم" ‪ ،‬أي من يهم فيه‬
‫بإلاد بظلم ‪.‬‬
‫فإذا كان من همّ باللاد أو أراده استحق العذاب الليم ‪ ،‬فكيف بن فعله ؟‬
‫إذا كان من يهمّ ومن يريد متوعدا بالعذاب الليم ‪ ،‬فالذي يفعل الرية ‪ ،‬ويتعدى الدود فيه‬
‫من باب أول ف استحقاقه العقاب ‪ ،‬والعذاب الليم ‪.‬‬
‫ويقول جل وعل ف صدر هذه الية ‪" :‬إن الذين كفروا ويصدون عن السجد الرام الذي‬
‫جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد " وهذا يبي لنا أنه مرم ‪ ،‬وأنه ل فرق فيه بي العاكف‬
‫وهو القيم ‪ ،‬والباد وهو الوارد والوافد إليه من حاج ومعتمر وغيها ‪.‬‬

‫‪) (505‬سورة الج ‪ ،‬الية ‪25‬‬


‫وهذا هو أول الية ف قوله تعال ‪" :‬ومن يرد فيه بإلاد بظلم " وبي جل وعل عظمة هذا‬
‫الكان ‪ ،‬وأن ال جعله آمنا وجعله حرما ‪ ،‬ليس لحد من القيمي فيه ول من الواردين إليه ‪،‬‬
‫أن يتعدى حدود ال فيه ‪ ،‬أو أن يؤذي الناس فيه ‪.‬‬
‫ومن ذلك يعلم أن التعدي على الناس وإيذائهم ف هذا الرم المن بقول أو فعل من أشد‬
‫الحرمات التوعد عليها بالعذاب الليم ‪ ،‬بل من الكبائر ‪.‬‬
‫ولا فتح ال على نبيه مكة عليه الصلة والسلم ‪ ،‬خطب الناس وقال ‪ " :‬إن هذا البلد حرمه‬
‫ال يوم خلق السموات والرض ‪ ،‬ول يرمه الناس ‪ ،‬وإن ال جل وعل ل يله ل إل ساعة‬
‫(‪)506‬‬
‫من نار ‪ ،‬وقد عادت حرمته اليوم كحرمته بالمس ‪ ،‬فليبلغ منكم الشاهد الغائب "‬
‫وقال ‪" :‬إنه ل يل لحد أن يسفك فيه دما ‪ ،‬أو يعضد فيه شجرة ‪ ،‬ول ينفر صيده ‪ ،‬ول‬
‫يتلى خله ‪ ،‬ول تلتقط لقطته إل لنشد " (‪ )507‬أي معرف ‪.‬‬
‫فإذا كان الصيد والشجر مترمي فيه ‪ ،‬فكيف بال السلم ؟ فمن باب أول أن يكون تري‬
‫ذلك أشد وأعظم فليس لحد أن يدث ف الرم شيئا ما يؤذي الناس ل بقول ول بفعل ‪ ،‬بل‬
‫يب أن يترمه ‪ ،‬وأن يكون منقادا لشرع ال فيه ‪ ،‬وأن يعظم حرمات ال أشد من أن‬
‫يعظمها ف غيه ‪ ،‬وأن يكون سلما لخوانه يب لم الي ‪ ،‬ويكره لم الشر ‪ ،‬ويعينهم على‬
‫الي وعلى ترك الشر ول يؤذي أحدا ل بكلم ول بفعل ‪ ،‬ث قال جل وعل ف سورة آل‬
‫عمران ‪" :‬فيه آيات بينات مقام إبراهيم " (‪. )508‬‬
‫فال جعل فيه آيات بينات ‪ ،‬وهي الت فسرها العلماء بقام إبراهيم ‪ ،‬أي مقامات إبراهيم ‪،‬‬
‫لن كلمة مقام لفظ مفرد مضاف إل معرفة فيعم جيع مقامات إبراهيم ‪ ،‬فالرم كله مقام‬
‫إبراهيم تعبّد فيه ‪ ،‬ومن ذلك الشاعر عرفات والزدلفة ومن ‪ ،‬كل ذلك من مقام إبراهيم ‪،‬‬
‫ومن ذلك الجر الذي كان يقوم عليه وقت البناء ‪ ،‬والذي يصلي إليه الناس الن كلهم من‬
‫مقامات إبراهيم ‪.‬‬

‫‪) (506‬رواه البخاري ف (العلم) باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب برقم ‪ ، 104‬ومسلم ف (الج) باب تري مكة وصيدها برقم ‪1354‬‬
‫‪) (507‬رواه البخاري ف (الزية ) باب إث الغادر للب والفاجر برقم ‪ ، 3189‬ومسلم ف (الج) باب تري مكة وصيدها برقم ‪1353‬‬
‫‪) (508‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪97‬‬
‫ففي ذلك ذكرى لولياء ال الؤمني ‪ ،‬ليتأسوا بنب ال إبراهيم ‪ ،‬كما أمر ال نبينا ممدا‬
‫بذلك ف قوله تعال ‪" :‬ث أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا " (‪ )509‬فأمر ال نبيه ممدا‬
‫صلى ال عليه وسلم أن يتبع ملة إبراهيم الليل أب النبياء جيعا ‪ .‬ونب ال ممد صلى ال‬
‫عليه وسلم هو أفضل الرسل جيعا ‪ ،‬وأكملهم بلغا ونفعا للناس ‪ ،‬وتوجيها لم إل الي‪،‬‬
‫وإرشادا لم إل الدى ‪ ،‬وأسباب السعادة ‪.‬‬
‫فالواجب على كل مسلم من هذه المة أن يتأسى بنبيه صلى ال عليه وسلم ف أداء الواجبات‬
‫‪ ،‬وترك الحرمات ‪ ،‬وكف الذى عن الناس ‪ ،‬وإيصال الي إليهم ‪.‬‬
‫فمن الواجب على ولة المور من العلماء أن يبينوا وأن يرشدوا ‪ ،‬والواجب على ولة المور‬
‫من المراء والسؤولي أن ينفذوا حكم ال ‪ ،‬وينصحوا ‪ ،‬وأن ينعوا كل من أراد إيذاء‬
‫السلمي ف مكة من الجاج والعمار وغيهم كائنا من كان من الجاج أو من غي‬
‫الجاج ‪ ،‬من السكان أو من غي السكان ‪ ،‬من جيع أجناس الناس ‪.‬‬
‫يب على ولة المور تاه هذا الرم الشريف ‪ ،‬أن يصونوه وأن يفظوه ‪ ،‬وأن يموه من كل‬
‫أذى كما أوجب ال ذلك ‪ ،‬وأوجبه نبيه ورسوله صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫ومن ذلك يعلم أن ما حدث ف العام الاضي عام ‪1407‬هـ من بعض حجاج إيران من‬
‫الذى ‪ ،‬أمر منكر ‪ ،‬وأمر شنيع ل تقره شريعة ول يقره ذو عقل سليم ‪ ،‬بل شريعة ال ترم‬
‫ذلك ‪ ،‬وكتاب ال يرم ذلك وسنة الرسول صلى ال عليه وسلم ترم ذلك ‪ .‬وهذا ما بينه‬
‫أهل العلم وأجعوا عليه من وجوب احترام هذا البيت وتطهيه من كل أذى ‪ ،‬وحايته من كل‬
‫معصية ‪ ،‬ومن كل ظلم ‪ ،‬ووجوب تسهيل أمر الجيج والعمار وإعانتهم على الي ‪ ،‬وكف‬
‫الذى عنهم ‪ ،‬وأنه ل يوز لحد أبدا ل من إيران ول من غي إيران أن يؤذوا أحدا من الناس‬
‫‪ ،‬ل بكلم ول بفعال ول بظاهرات ول بسيات جاعية تؤذي الناس ‪ ،‬وتصدهم عن مناسك‬
‫حجهم وعمرتم ‪ ،‬بل يب على الاج أن يكون كإخوانه السلمي ف العناية بالدوء‬
‫والحسان إل إخوانه الجاج وغيهم ‪ ،‬والرفق بم وإعانتهم على الي والبعد عن كل أذى‬
‫‪.‬‬

‫‪) (509‬سورة النحل ‪ ،‬الية ‪123‬‬


‫هكذا يب على الجيج من كل جنس ‪ ،‬ومن كل مكان طاعة ل عز وجل ‪ ،‬وتعظيما لبيته‬
‫العتيق ‪ ،‬وإظهارا لرمة هذا الكان العظيم ‪ :‬مكة الكرمة وتنفيذا لمر ال ‪ ،‬وأمر رسوله صلى‬
‫ال عليه وسلم وسيا على منهج رسوله‪ ،‬ومنهج أصحابه رضي ال عنهم ‪.‬‬
‫هذا هو الواجب على الميع ‪ ،‬وهذا المر بمد ال واضح ل يفى على أحد ‪ ،‬وإنا يؤذي‬
‫الناس ف هذا البيت العتيق من ل يؤمن بال واليوم الخر ‪ ،‬أو من كان يهل أحكام ال أو‬
‫يقصد ظلم العباد ‪ ،‬فيكون عليه من الوزر ما يستحق بسبب إيذائه وظلمه ‪.‬‬
‫وأما من آمن بال واليوم الخر ‪ ،‬إيانا صحيحا ‪ ،‬فإن إيانه يردعه عن كل ما حرم ال ف هذا‬
‫الكان وغيه ‪ .‬فإن اليان يردع أهله عن التعدي على حدود ال ‪ ،‬وارتكاب مارمه‬
‫سبحانه ‪ ،‬وإنا يقدم العبد على العصية لضعف إيانه ‪.‬‬

‫والواجب على ولة المور إزاء السجد الرام ‪ ،‬والسجد النبوي الشريف بالدينة النورة ‪:‬‬
‫العناية بمايتهما ودفع الذى عنهما وعن سكانما ‪ ،‬وعمن يقصدها من العمار والجاج‬
‫والزوار طاعة ل ‪ ،‬ولرسوله ‪ ،‬وتعظيما لمر ال عز وجل ‪ ،‬وأمر رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬وعونا للجميع على طاعة ال ورسوله وتأمينا لقلوبم حت ل يذهلوا عن بعض ما‬
‫أوجبه ال عليهم ‪ ،‬أو يقعوا ف شيء ما حرمه ال عليهم ‪ ،‬وال يقول سبحانه وتعال ‪:‬‬
‫"وتعاونوا على الب والتقوى ول تعاونوا على الث والعدوان " (‪ ، )510‬ويقول سبحانه ‪:‬‬
‫"والعصر ‪ .‬إن النسان لفي خسر ‪ .‬إل الذين آمنوا وعملوا الصالات وتواصوا بالق وتواصوا‬
‫بالصب " (‪ )511‬فلبد من التواصي بالق والصب ‪ ،‬والتعاون على الب والتقوى ف هذا الكان‬
‫وغيه ‪ ،‬بل إن هذا الكان أعظم من غيه ‪ ،‬وأفضل من غيه ‪ ،‬فإن مكة الكرمة هي أفضل‬
‫البقاع ‪ ،‬وهي أحب البلد إل ال ‪ ،‬وأفضل مكان وأعظم مكان ‪ ،‬ث يليها الدينة النورة ‪،‬‬
‫والسجد القصى ‪ ،‬هذه الساجد الثلثة الت خصها ال بزيد التشريف على غيها ‪ ،‬هي‬
‫أعظم مساجد ال ‪ ،‬وأفضل مساجد ال ‪ ،‬وأول مساجد ال بالحترام والعناية ‪.‬‬

‫‪) (510‬سورة الائدة ‪ ،‬الية ‪2‬‬


‫‪) (511‬سورة العصر ‪ ،‬اليات ‪3 -1‬‬
‫وأعظم ذلك هذا البيت العتيق الذي جعله ال مثابة للناس وأمنا ‪ .‬وواجب على أهله‬
‫والوافدين إليه أن يعرفوا قدره ‪ ،‬وأن يعرفوا فضله ‪ ،‬حت ل يقعوا فيما حرم ال ‪ .‬وهذا واجب‬
‫الميع من القيم والوارد ‪ ،‬ويب على القيمي فيه والساكني فيه أن يعرفوا قدره وأن يعظموه‬
‫وأن يذروا ما حرم ال ‪.‬‬
‫فإذا كان الريد فيه بذنب له عذاب أليم فكيف بالفاعل ‪ ،‬وليس الوارد إليه هو الخاطب بذا‬
‫المر إذ القيم أول وأول ‪ ،‬لنه دائم فيه ‪.‬‬
‫والواجب عليه أن يعلم ما حرم ال ‪ ،‬وأن يبتعد عن معصية ال ‪ ،‬وأن يتهد ف طاعة ال‬
‫ورسوله وأن يكون عونا لخوانه ف مكة وإخوانه الوافدين إليها ف حج وعمرة ‪ ،‬وأن يكون‬
‫مرشدا لم ف الي ‪ .‬وهكذا على سكان مكة أن يعينوهم ويوجهوهم إل الي ‪ ،‬ويرشدوهم‬
‫إل أسباب النجاة ‪ ،‬وأن يذروا إيذاءهم بأي أذى من قول أو فعل ‪ ،‬وأن يكونوا دعاة للحق‬
‫‪.‬‬
‫هكذا يب ف هذين السجدين ‪ ،‬وف هاتي البلدتي ‪ ،‬ويب على السلم ف كل زمان ومكان‬
‫أن يتقي ال وأن يعظم حرماته ‪ ،‬وأن يتعاون مع إخوانه على الب والتقوى ‪ ،‬وأن يبتعد عن‬
‫كل ما حرم ال عز وجل ‪ ،‬ويب على ولة المور الضرب بيد من حديد على كل من‬
‫خالف أمر ال ‪ ،‬أو أراد أن يتعدى حدوده ‪ ،‬أو يؤذي عباده ‪ ،‬طاعة ل سبحانه وتعال ‪،‬‬
‫وطاعة لرسوله عليه الصلة والسلم ‪ ،‬وحاية للمسلمي من الجاج والعمار والزوار وغيهم‪،‬‬
‫واحتراما لذا البلد العظيم ‪ ،‬وهذا البلد المي ‪ ،‬أن تنتهك فيه حرمات ال ‪ ،‬أو يتعدى فيه‬
‫على حدود ال ‪ ،‬أو يؤمن فيه من ل ياف ال ويراقبه ‪ ،‬على إيذاء عباده وتعكي صفو حجهم‬
‫وأمنهم بفعل سيئ أو بقول سيئ ‪.‬‬
‫ونسأل ال عز وجل بأسائه السن ‪ ،‬وصفاته العلى ‪ ،‬أن يوفق السلمي ف كل مكان لا فيه‬
‫رضاه ‪ ،‬وأن يصلح قلوبم وأعمالم ‪ ،‬وأن يرزقهم أداء حقه ‪ ،‬والبعد عن مارمه أينما كانوا ‪،‬‬
‫وأن ينحهم الفقه ف الدين ‪ ،‬وأن يوفق ولة أمرنا لا فيه صلح البلد والعباد ‪ ،‬وأن يعينهم‬
‫على أداء الواجب ‪ ،‬وعلى حاية بيته العتيق ‪ ،‬ومدينة رسوله المي عليه الصلة والسلم من‬
‫كل أذى ‪ ،‬ومن كل سوء ‪ ،‬وأن يكبت أعداء السلم أينما كانوا ‪ ،‬وأن يشغلهم بأنفسهم‬
‫عن إيذاء عباده ‪ ،‬وأن يعل تدميهم ف تدبيهم أينما كانوا ‪ ،‬وأن يكفي السلمي شرهم ‪،‬‬
‫إنه جل وعل جواد كري وسيع قريب ‪ ،‬وصلى ال وسلم وبارك على سيدنا ممد وعلى آله‬
‫وصحبه أجعي ‪.‬‬

You might also like