You are on page 1of 7

‫التفكير اليجابى‬

‫يقول المام على كرم الله وجهه ) داؤك منك ول تشعر‬


‫‪,‬ودواؤك فيك وما تبصر ‪ ,‬وتحسب انك جرم صغير وفيك‬
‫انطوى العالم الكبر (‬

‫هذا هو النسان كما يراه ويصفه المام على انه ذلك العالم‬
‫الكبير المعقد الكامن بداخله ‪ ,‬أنه تلك القدرات التى لزلنا‬
‫نجهل عنها الكثير والكثير وسيظل ما نكتشفه عنه قليل ‪ ,‬بل‬
‫ان كل العلوم على كثرتها وتنوعها قد علمها الله للنسان فقد‬
‫ة إ ِّني‬ ‫مل َئ ِك َ ِ‬ ‫ك ل ِل ْ َ‬ ‫ل َرب ّ َ‬ ‫قا َ‬ ‫وإ ِذْ َ‬ ‫َ‬ ‫قال سبحانه فى محكم كلماته ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ها‬ ‫في َ‬‫سد ُ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫من ي ُ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ع ُ‬ ‫ج َ‬ ‫قاُلوا ْ أت َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ف ً‬ ‫خِلي َ‬‫ض َ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ع ٌ‬ ‫جا ِ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫ك َ‬ ‫سل َ‬‫َ‬ ‫ون ُ َ‬ ‫د َ‬ ‫ف ُ‬
‫م َ‬‫عل ُ‬ ‫ل إ ِّني أ ْ‬ ‫قد ّ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫م ِ‬ ‫ح ْ‬
‫ح بِ َ‬‫سب ّ ُ‬ ‫ن نُ َ‬ ‫ح ُ‬‫ون َ ْ‬
‫ماء َ‬ ‫ك الدّ َ‬ ‫س ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫على‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫عَر َ‬ ‫م َ‬ ‫ها ث ّ‬ ‫ماء كل َ‬ ‫س َ‬ ‫م ال ْ‬ ‫م آدَ َ‬ ‫عل َ‬ ‫و َ‬
‫ن }‪َ {2/30‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل ُ‬ ‫ل تَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن سورة‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ؤلء ِإن ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ماء َ‬ ‫س َ‬ ‫ل أنب ُِئوِني ب ِأ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬
‫ة َ‬‫مل َئ ِك َ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫البقرة ‪ 31-30‬وأن ما يفعله النسان بالتحصيل السمعى‬
‫والبصرى والتفكير ليعدوا مجرد أسترجاع للعلوم التى قد تعلمها‬
‫‪ ,‬لذا ليس عجيبا عندما نقول أن علج النسان الذى يبحث عنه‬
‫داخله وليس خارجه كما يظن‬

‫خلل قراءتى الكثيرة من عدة مصادر تبادر الى ذهنى أن اعد‬


‫موضوع عن التفكير اليجابى وتأثيراته المختلفه على حياتنا وما‬
‫أشدنا اليه فى تلك اليام‬

‫ولكن هناك كلم كثير يتردد عن التفكير اليجابى وأثره فهناك‬


‫من يقول أنه نوع من الوهم أو أن التفكير اليجابى يأخذك بعيدا‬
‫عن الواقع ‪ ,‬ولكنى أجيب عن تلك التساؤلت بأن مفهوم التفكير‬
‫اليجابى المتدول هذه اليام يشبه تماما مفهوم التواكل فكلهما‬
‫واحد فالتواكل شىء والتوكل على الله شىء آخر‬
‫والتفكير اليجابى ليس كافى لتحقيق النجاح ‪..‬كيف ذلك ؟‬

‫التفكير اليجابى الصحيح له شكل وصورة واضحه وهى ‪:‬‬

‫أفكار أيجابيه تصحبها شعور وأحاسيس أيجابيه التى تترجم‬


‫لسلوك أيجابى مع تكراره وممارسته يتحول لعادات أيجابيه هذه‬
‫العادات تتراكم لتكون شخصية أيجابيه نحيا بها وبهذا نكون‬
‫أستطعنا التوفيق بين العقل )الفكار اليجابية ( وبين الروح‬
‫)الشعور والحساس اليجابى (وبين الجسد )السلوك اليجابى (‬
‫وبهذا يكون المفهوم الصحيح للتفكير اليجابى قد اكتمل والذى‬
‫سيقود الى تحقيق نتائج أيجابية وتحقيق النجاح الذى تتمناه ‪.‬‬

‫ولكن كيف نحقق ذلك المفهوم ؟ وكيف يؤثر التفكير اليجابى‬


‫فى حياتنا كما نود ؟‬

‫قبل أن نشرع فى الحديث لبد أن نذكر أنه لم يحقق أحد من‬


‫العظماء النجاح بسهوله فقد ذاقوا من المتاعب ما ل تتخيله فقد‬
‫قال الله )لقد خلقنا النسان في كبد( أى أن الشقاء والعناء هو‬
‫نصيب ابن آدم من هذه الدنيا أضافى ألى أن النسان ل يشعر‬
‫بالمتعه سوى عندما يجد ويتخطى الصعاب فبقدر الصعاب التى‬
‫يواجهها بقدر اللذة التى يحصل عليها عندما يحقق النجاح ‪.‬‬

‫يقول كارين بليكس ‪ ) :‬لقد ساعدتنى الوقات العصيبة على أن‬


‫افهم أكثر من ذى قبل أن الحياة بكل أشكالها جميلة وثرية ‪ ,‬وأن‬
‫كثيرا من الشياء التى تقلق بشأنها ليس لها أهمية تذكر ( ‪.‬‬

‫يقول باتى هانسن توجد بذرتان تزرعان جنبا إلى جنب في‬
‫الربيع‬

‫تقول البذرة الولى ‪":‬أريد أن أنمو‪ ,‬وأريد أن أمد جذوري في‬


‫التربة وأن أخترق قشرة الرض بساقي‪ ,‬وأريد أن أنشر براعمي‬
‫كرايات لتعلن مقدم الربيع ‪ ,‬أريد أن اشعر بدفء اشعة الشمس‬
‫على وجهي وبرقة الصباح على أوراقي"‬

‫ولذلك‪...‬نمت‬

‫أما البذرة الثانية فتقول ‪":‬أخشى إذا مددت جذوري في الرض‬


‫تحتي ‪ ,‬ل أعلم ماالذي سأواجهه في الظلم‪ ,‬وإذا دفعت ساقي‬
‫في الرض الصلبة التي تعلوني فقد أوذي برعمي‪ ,‬ماذا إذا تركت‬
‫براعمي تتفتح‪ ,‬وأكلتها إحدى الحشرات؟ وإذا أزهرت فقد يأتي‬
‫طفل صغير وينتزعني من الرض‪ ,‬ل ‪ ,‬من الفضل بالنسبة لي‬
‫أن أبقى في الرض حتى أكون آمنة"‬
‫ولذلك‪...‬انتظرت‬

‫وبينما كانت تقوم دجاجة بنبش الرض‪ ,‬في بداية الربيع‪ ,‬بحثا عن‬
‫الطعام وجدت الحبة ‪ ...‬وأكلتها‪..‬‬

‫ويقول ابن القيم فى كتابه الفوائد ‪ ) :‬مبدأ كل علم نظرى‬


‫وعمل اختيارى هو الخوطر والفكار فأنها توجب التصورات‬
‫والتصورات تدعو الى الرادات والرادات تقتضى وقوع الفعل (‪.‬‬

‫يقول كالفن كوليدج الرئيس الثلثين للوليات المتحدة )ل شيء‬


‫في العالم يمكن أن يحل بديل ً للمثابرة‪ .‬الموهبة ل تصلح بدي ً‬
‫ل؛‬
‫فليس هناك أكثر تواجدا ً من الموهوبين المخفقين‪ .‬العبقرية‬
‫در” أصبحت كأنها‬ ‫م َ‬
‫ق ّ‬ ‫ل؛ حتى أن “عبقري غير ُ‬ ‫كذلك ل تصلح بدي ً‬
‫ل؛ فالعالم ملئ بالمتعلمين‬ ‫مثل شائع‪ .‬التعليم كذلك ل يصلح بدي ً‬
‫الفاشلين‪ .‬المثابرة والتصميم فقط لهما القدرة الشاملة( ‪.‬‬

‫حقيقة أننا فى غاية الستغراب لماذا ل نتعلم منطفولتنا الصرار‬


‫والعزم واليجابية التى كانت تحيطنا يوما ما ‪..‬كنا نتعلم السير‬
‫فنسقط مئات المرات ونقف مرة أخرى ونحاول حتى ننجح ‪..‬كنا‬
‫ل نكل من المحاولت حتى نحقق النجاح ‪..‬كنا نبتسم كثيرا لذا‬
‫كانت أحلمنا وآمالنا تتحقق أمامنا ‪ ,‬منا من أستطاع ان يستبقى‬
‫جزء من هذه اليجابيه فحقق النجاح وأحس بالسعادة التى نظل‬
‫جميعا نبحث عنها ‪ ,‬ومنا من ضاعت منه البتسامه فكانت حياته‬
‫تعيسه ويرى فى أكل أمر شر يحيط به ‪ ,‬فيرى فى الورد الشوك‬
‫وينسى رائحته ‪ ,‬ويرى فى الظلم سواده وينسى هدوءه ‪ ,‬ويرى‬
‫فى اللم مرارته وينسى لذة الصحة التى تأتى بعده ‪.‬‬

‫فى احد اليام جاءت سيدة تدعى كيسا جوتامى الى الفيلسوف‬
‫بوذا وهى تبكى قائلة ) ايها الحكيم لقد مات ولدى الوحيد‬
‫وسألت الجميع أليس هناك دواء يمكن ان يعيده الى الحياة ؟‬

‫فأجابونى ‪ :‬ل يوجد دواء ولكن أذهبى الى الحكيم بوذا فربما‬
‫يستطيع مساعدتك فهل يمكنك أن تمنحنى دواء يعيد أبنى الى‬
‫الحياة ؟‬

‫فأجاب بوذا وهو ينظر اليها بتعاطف ‪ :‬لقد احسنت صنعا بمجيئك‬
‫الى هنا لطلب الدواء أذهبى وأجلبى لى بعض حبات من جذور‬
‫الخردل من كل البيوت التى لم يتوف فيها أب ول طفل ول‬
‫قريب ول خادم‬
‫فذهبت كيسا وهى فرحة لكى تجلب اكبر عدد ممكن من حبات‬
‫الخردل وأخذت تبحث بأهتياج من منزل لخر طيلة اليوم وكان‬
‫يقال لها فى كل مرة ‪ ) :‬ما اكثر من ماتوا فى هذا البيت (‬

‫وأخيرا قالت كيسا وقد اعتراها التعب ‪ ) :‬ياولدى العزيز لقد‬


‫ظننت أنك الوحيد الذى أخذك هذا الشىء الذى نسمية الموت‬
‫ولكنى الن أرى أنك لست الوحيد وأن هذا القانون يسرى على‬
‫كل البشر ( ‪.‬‬

‫ف‬ ‫فو ٍ‬ ‫مك ْ ُ‬ ‫ن ‪ ،‬بِ َ‬ ‫دا َ‬ ‫عّبا َ‬‫ت بِ َ‬ ‫مَرْر ُ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫قو ُ‬ ‫طاَر ‪ ،‬ي َ ُ‬ ‫ع ّ‬ ‫د ال ْ َ‬ ‫عي ٍ‬ ‫س ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ي بْ َ‬ ‫عل ِ ّ‬‫عن َ‬
‫د‬
‫م ُ‬‫ح ْ‬ ‫ت ‪ " :‬ال ْ َ‬ ‫قل ْ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬‫ع لَ ْ‬ ‫قط ّ َ‬ ‫في ُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ذا الّزن ُْبوُر ي َ َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫ذوم ٍ ‪َ ،‬‬ ‫ج ُ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫غل َ َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫عي ِْني َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ح ِ‬ ‫فت َ َ‬‫و َ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫ما اب ْت ََلهُ ب ِ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫فاِني ِ‬ ‫عا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫ل ِل ّ ِ‬
‫خب ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ط‬ ‫و ي َت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ما ُ‬ ‫فب َي ْن َ َ‬ ‫ع‪َ ،‬‬ ‫ر َ‬ ‫ص ِ‬ ‫مدَ إ ِذْ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ما أَنا أَردّدُ ال ْ َ‬ ‫فب َي ْن َ َ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫قا َ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫عي ْن َي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ذو ٌ‬ ‫ج ُ‬‫م ْ‬ ‫عد ٌ َ‬ ‫ق َ‬ ‫م ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫صَر ُ‬ ‫ف يُ ْ‬ ‫فو ٌ‬ ‫مك ْ ُ‬ ‫ت‪َ :‬‬ ‫قل ْ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫عد ٌ ‪َ ،‬‬ ‫ق َ‬ ‫م ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ذا ُ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ت إ ِل َي ْ ِ‬ ‫فن َظَْر ُ‬ ‫َ‬
‫ما ب َي ِِني‬ ‫في َ‬ ‫ك ِ‬ ‫خول ِ َ‬ ‫ما دُ ُ‬ ‫ف‪َ ،‬‬ ‫مت َك ّل ِ ُ‬ ‫ح ‪َ :‬يا ُ‬ ‫صا َ‬ ‫حّتى َ‬ ‫ت َ‬ ‫م ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ست َت ْ َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫ف َ‬ ‫! َ‬
‫ك لَ ْ‬
‫و‬ ‫جَلل ِ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ك َ‬ ‫عّزت ِ َ‬ ‫و ِ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫قا َ‬ ‫م َ‬ ‫شاءُ ‪ .‬ث ُ ّ‬ ‫ما ي َ َ‬ ‫ل ِبي َ‬ ‫م ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ن َرّبي ؟ دَ ْ‬ ‫وب َي ْ َ‬ ‫َ‬
‫ك إ ِلّ‬ ‫ت لَ َ‬ ‫َ‬ ‫ع َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ما اْزدَدْ ُ‬ ‫صّبا َ‬ ‫ي َ‬ ‫عل ّ‬ ‫ب َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ت ال َ‬ ‫صب َب ْ َ‬‫و َ‬ ‫عت َِني إ َِرًبا إ َِرًبا ‪ ،‬أ ْ‬ ‫قط ْ‬
‫حّبا " ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ال ترى كيف هو الرضاء بقضاء الله وقدره وكيف تكون المواقف‬
‫اليجابيه فى تلك الحياة وكيف تتحول حياتنا بمجرد تغيير وجهة‬
‫نظرنا وتصورنا للحياة ‪ ,‬فنفسك كالرحى تظل تعمل طوال‬
‫حياتها وتطحن كل ما يدخل اليها فالرحى تطحن كل شىء حبا‬
‫كان أو تراب ورمل وانت من تختار لذا أنت من تختارأن تحيا‬
‫حياتك بنظرة وفكرة وموقف ايجابى أو تحياها بنظره تشائمية‬
‫وموقف سلبى وحياة تغيم عليها سحب الفشل وتتلبد بها معاول‬
‫الهدم ‪.‬‬

‫سول‬‫ه قال‪ ،‬قال َر ُ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ي الل ّ ُ‬


‫ه َ‬ ‫ض َ‬
‫ن أبي يحيى صهيب بن سنان َر ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫َ‬
‫سّلم‪" :‬عجبا لمر المؤمن! إن أمره كله له‬ ‫و َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ه َ‬
‫ن‪ :‬إن أصابته سراء شكر فكان‬ ‫م ْ‬
‫خير وليس ذلك لحد إل للمؤ ِ‬
‫م‪.‬‬‫سل ِ ٌ‬
‫م ْ‬
‫واهُ ُ‬
‫خيرا له‪ ،‬وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" َر َ‬
‫هناك اختيارين‬
‫حينما تختار الجانب المظلم من الموقف ‪ ..‬فكر قليل ً‬

‫ماذا سوف اخسر لو جربت قليل الجانب المضيء‬

‫يقول فرنس شوارتز فى كتاب شوربة دجاج للحياة العملية ‪) :‬‬


‫كان جيري من هؤلء الشخاص الذين تحب أن تكرههم‪ ،‬حيث كان‬
‫دائما ذا حالة مزاجية جيدة‪ ،‬ودائما لديه شيء إيجابي ليقوله‪.‬‬
‫فحينما يسأله شخص ما عن حاله فإنه يجيب‪ " :‬لو كان يمكن أن‬
‫أصبح أحسن مما أنا عليه فليس هناك إل أن اصبح أثنين‪".‬‬

‫دا من نوعه حيث يحيط به العديد من الخدم‬ ‫لقد كان مديًرا فري ً‬
‫ويتبعونه من مطعم إلى آخر‪ ،‬سبب أتباعهم لجيري يمكن في‬
‫اتجاهه‪ ،‬فقد كان حافًزا طبيعًيا‪ .‬فإذا قابل أحد الموظفين شيئا ً‬
‫شيئًا‪ ،‬يوما ً ما كان جيري يخبره كيف ينظر إلى الجانب اليجابي‬
‫من الموقف‪.‬‬

‫إن مشاهدة هذا النوع من الشخاص‪ ،‬يجعلني حقا ً فضوليًا‪ .‬لذلك‬


‫فقد ذهبت يوما ً ما إلى جيري وسألته‪ " :‬إنني ل أستطيع أن‬
‫أفهم‪ ،‬أنك ل تقدر أن تكون إيجابيًا‪ ،‬وأنسانا ً فوق المعتاد كل‬
‫الوقات‪ ،‬فكيف تفعل هذا؟"‬

‫فأجاب جيري قائل‪" :‬في كل صباح أستيقظ‪ ،‬وأقول لنفسي‪:‬‬


‫ياجيري‪ ،‬إن لديك اختيارين اليوم يمكنك الختيار بين ان تكون‬
‫في حالة مزاجية جيدة‪ ،‬او في حالة مزاجية سيئة فأختار ان اكون‬
‫في حالة مزاجية جيدة‪ .‬وفي كل مرة تحدث اشياء سيئة‪ ،‬يمكنني‬
‫ان اختار اما ان اكون ضحية‪ ،‬او اتعلم درسا‪ ،‬فاختار ان اتعلم‪.‬‬
‫وفي كل مرة ياتيني شخص ما شاكيا يمكنني ان اختار قبول‬
‫شكواه‪،‬او لفت نظره الى الجانب اليجابي من الحياة‪ .‬فاختار‬
‫الجانب اليجابي من الحياة‪".‬‬
‫فاعترضت قائ ً‬
‫ل‪ " :‬نعم‪ ،‬صحيح‪ ،‬ولكن ليس بهذه السهولة"‪.‬‬

‫فيقول جيري‪" :‬نعم‪ ،‬إنه كذلك‪،‬فالحياة كلها اختيارات‪ ،‬حينما‬


‫تنحي جانيا كل التفاهات‪ ،‬فكل موقف يكون اختيارا‪ .‬انك تختار‬
‫كيف تتفاعل مع المواقف ‪ ،‬وتختار كيف سيؤثر الناس على‬
‫حالتك المزاجية وتختار اما ان تكون في حالة جيدة‪ ،‬او حالة سيئة‬
‫والخلصة‪ :‬لك ان تختار كيف تعيش حياتك" ‪.‬‬

‫وفكرت مليا ً فيما قاله جيري وبعد ذلك فورًا‪ ،‬تركت العمل في‬
‫المطعم لكي أبدأ عملي الخاص‪ .‬وانقطعت صلتنا لكنني كثيرا ما‬
‫افكر فيه حينما اجري اختيارا في الحياة‪ ،‬بدل من التفاعل‬
‫معها‪.‬وبعد عدة سنوات سمعت ان جيري قام بعمل شيء ل‬
‫يفترض ابدا عمله في مجال اعمال المطاعم‪ :‬فقد ترك الباب‬
‫الخلفي مفتوحا ً صباح يوما ما فاحتجزه بقوة السلح ثلثة لصوص‬
‫مسلحين‪ ،‬وحينما حاول فتح الخزانة‪ ،‬ويده ترتعد من الفزع‪،‬‬
‫انزلق من فوق المشترك‪ .‬فذعر اللصوص‪ ،‬وأطلقوا عليه‬
‫الرصاص‪ ،‬ولحسن الحظ فقد تم العثور على جيري بسرعة نسبيا‬
‫وتم السراع به الى مركز علج الصدمات القريب‪ ،‬وبعد ثمانية‬
‫عشر ساعة من الجراحة واسابيع من العناية المركزة اذن لجيري‬
‫بالخروج من المستشفى‪ ،‬ومازالت شظايا الرصاص في جسده‪.‬‬

‫قابلت جيري بعد حوالي ستة أشهر من الحادث و حينما سألته‬


‫عن حاله أجاب‪ :‬أنه لو كان يمكن ان أصبح أحسن مما إنا عليه‬
‫فليس هناك إل ان أصبح اثنين وسألني ‪ :‬ال تريد رؤية ندباتي؟‬

‫فانحنيت لرؤية جراحه‪ ،‬وأنا أسأله‪ :‬ما الذي كان يدور في عقلك‬
‫خلل عملية السطو؟‬

‫فأجاب جيري ‪" :‬أن أول شيء جال بخاطري هو انه كان يجب‬
‫علي إغلق الباب الخلفي وحين استلقيت على الرض تذكرت ان‬
‫لدي اختيارين إما ان اختار ان أعيش او اختار ان أموت فاخترت‬
‫ان أعيش"‪.‬‬

‫فسألته‪ " :‬الم تفزع؟ هل فقدت الشعور؟"‬


‫فاستمر جيري قائ ً‬
‫ل‪" :‬ان العناية الطبية كانت رائعة‪ ،‬فقد‬
‫استمروا يخبرونني بأنني سأكون بخير‪ ،‬ولكن حينما نقلوني‬
‫بعربة إلى غرفة الطوارئ‪ ,‬التعبيرات على وجوه الطباء‪،‬‬
‫والممرضات أحسست حقا بالفزع وقرأت في عيونهم اني رجل‬
‫ميت‪ ،‬فعرفت انني بحاجة إلى اتخاذ موقف"‪.‬‬

‫فسألته ‪ " :‬وماذا فعلت؟"فقال جيري‪ " :‬حسنًا‪ ،‬كان هناك‬


‫ممرضة كبيرة ضخمة تسألني إذا كان لدي حساسية ضد أي شيء‬
‫فأجبتها باليجاب فتوقف الطباء والممرضات عن العمل‬
‫منتظرين إجابتي ‪ ،‬فأخذت نفسا عميقا‪ ،‬وصرخت ‪ " :‬طلقات‬
‫الرصاص"‪.‬‬

‫وفي خلل ضحكاتهم أخبرتهم ‪ :‬انني اخترت ان أعيش ‪ ،‬وطلبت‬


‫منهم التعامل معي على انني حي ولست ميتًا"‪.‬‬

‫وعاش جيري‪ ،‬وشكرا ً ل لمهارة أطبائه فحسب ولكن أيضا بسبب‬


‫موقفه المدهش وتعلمت منه انه كل يوم لدينا الختيار لنحيا ملء‬
‫الحياة‪ ،‬والموقف بعد كل ذلك هو كل شيء‪.‬‬

You might also like