You are on page 1of 2

‫المحور الول‪ :‬في التفكير العلمي‬

‫شط العقل و‬ ‫كان لنفتاح العرب على الثقافات المجاورة و توافد معارف جديدة أن تن ّ‬
‫ازدهرت حركة الترجمة من الفكر اليوناني علوما و فلسفلة فتراكمت المعارف مما احتتتاج‬
‫معه العالم العربي المسلم إلى تدخل العقل لمزيد تفعيل الوافد العلمي و الفلسفي‪.‬‬

‫و لم يقتصر عمل العالم العربي على القتباس بل كتتانت الضتتافة مرحلتتة هامتتة فتتي تاريتتخ‬
‫الحضارة العربية السلمية عمل بقول الجاحظ‪" :‬ينبغي أن يكون سبيلنا لمتتن بعتتدنا كستتبيل‬
‫من كان قبلنا فينا‪".‬‬

‫فلم تكن غاية العلماء العرب القدامى نقل المعتتارف الستتابقة للمتتم الختترى و تلقينهتتا بتتل‬
‫كانت غايتهم إيقاظ العقول و تعليمها منهجا في التفكير يهديها‪ .‬ففي تراثنا الدبي و الفكتتري‬
‫و الفلسفي و حتى الفقهي منزع عقلي نشأ في صلب العلوم السلمية و على هامشها فتتي‬
‫الن نفسه و قد جله علم الكلم‪.‬‬

‫‪ .1‬دور العقل في إنتاج القيم المعرفّية‪:‬‬


‫ن إجلل العقل منهجا في إنتاج العلوم عند المسلمين أمر ل يختلف فيه اثنتتان و لقتتد‬ ‫إ ّ‬
‫أدرك العالم العربي‬
‫خل‬ ‫دم إل ّ معرفة حسّية ظني ّتتة و عليتته فل بتد ّ متتن تتتد ّ‬ ‫و المسلم عموما أن الحواس ل تق ّ‬
‫العقل ليحسم المر فقال الجاحظ‪" :‬ل تذهب إلى ما تريك العين و اذهتب إلتى متا يريتتك‬
‫صتتواب و ستتبيل لستتتنباط‬ ‫جة"‪ .‬فكان آلة الّتمييتتز بيتتن الخطتتأ و ال ّ‬‫العقل و العقل هو الح ّ‬
‫المعرف عند العلماء و الفلسفة فالفرابي و ابن سينا و الكندي و الغزالي و التوحيتتدي و‬
‫ابن خلدون و غيرهم كثير لم يجدوا من بد إلى المعرفة العقلي ّتتة إل العقتتل ستتبيل‪ .‬فكتتان‬
‫شك‬‫مسهم للمنطق و ال ّ‬ ‫تح ّ‬
‫و الّتجريب و إعمال القياس و البحث في أصول السباب والمعلومات ممتتا ألهمهتتم إلتتى‬
‫ابتكار نظرّيات جديدة‬
‫سابقة‪.‬‬‫و تطوير العلوم ال ّ‬
‫و ل ننسى ما تركه ابن خلدون في علم العمران البشري و ل إسهامات ابن الجتتزار فتتي‬
‫تطوير الدوية و ل تلك الختراعات العجيبة للبشيهي في علم الحيل و علم الميكانيكا‪.‬‬

‫‪ .2‬دور العقل في صنع القيم السلوكية‪:‬‬


‫ن ذلتتك مقيتتاس‬ ‫ستتلوك و الخلق فتتي بحثتته ل ّ‬ ‫لم يهمل العالم العربي قديما مجتتال ال ّ‬
‫سلوك إيمانتتا منتته بالّتطتتابق بيتتن‬
‫الّتحّرر فراح يدعوا إلى اعتماد العقل ملكة في ضبط ال ّ‬
‫ضامن الوحيتتد إلتتى‬ ‫سلوك و الخلق لّنها ال ّ‬‫ل ال ّ‬‫العمل بالعقل و بين نتائج العقل فكان يج ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫نجاح مشروعه الفكريّ و الحضاريّ و النسان ّ‬

‫ي‪:‬‬‫سمة العالم العرب ّ‬ ‫‪.3‬‬


‫• الموضوعّية‪ :‬لم يكن العالم العربي القديم ذاتّيا في أحكامه دغمائّيا في أفكتتاره‬
‫انطباعّيا في أحكامه بل كانت الموضوعّية سمة ممّيتزة لته فتي البحتث لتذلك لتم‬
‫يكن يسّلك أفكاره على الخر و لم يرفض آراءه على المتقّبل و إّنما كتتان الحجتتاج‬
‫سجال و الجدل هدفا ممّيزا لعماله‬‫و ال ّ‬
‫ي التتذي كتتان يرنتتو إليتته‬
‫• النفتاح‪ :‬الّتحرر الفكر علمة معلتتى المشتتروع النستتان ّ‬
‫متتة دون‬ ‫ن المعرفة ليست حكرا على أ ّ‬ ‫المبدعون العرب القدامى‪ .‬فهم مؤمنون بأ ّ‬
‫أخرى و إّنما هتي مشتروع مشتترك و الحقيقتتة أخطتاء نصتلحها باستتمرار‪ .‬فكتتان‬
‫صب داعيا إلتتى الّتكامتتل‬ ‫مؤمنا بحقّ الخر في الختلف محترما لثقافته رافضا الّتع ّ‬
‫ي عصترئذ‬ ‫سابق و اللحق فانعكس هذا كّلته علتى المشتهد المعرفت ّ‬
‫ي العربت ّ‬ ‫بين ال ّ‬
‫ّ‬
‫لذلك تحضر فتتي أعمتتالهم آراء الفلستتفة القتتدامى للغريتتق و تزختتر مؤلفتتاتهم و‬
‫ن الحقّ واحد و إّنما‬ ‫مصنفاتهم العلمّية بآراء أهل الختصاص من فلسفة اليونان ل ّ‬
‫ستتلوك إليتته علتتى حتتد عبتارة ابتن الهيثتتم عتالم البصتترّيات‬ ‫التلف فيه من جهة ال ّ‬
‫المشهور‪.‬‬
‫• الّتسامح‪ :‬إّنها ميزة الباحث عموما و خصتتلة فريتتدة مي ّتتزت العلمتتاء القتتدامى و‬
‫ارتقت بأعمالهم إلى مرتبة الكونّية بمتتا فتتي وفّتتره العصتتر متتن تلقتتح حضتتاري و‬
‫تثاقف‪ .‬و إن المتأمل في الحضارة العربي ّتتة الستتلمّية قتتديما يتتدرك أّنهتتا لتتم تكتتن‬
‫وتنا فتتي‬ ‫حضارة منغلقة على نفسها رافضة الّتواصل مع الخر فلو لجأنا إلى قدر ق ّ‬
‫ضتتح‬‫لما أمكننا الّتواصل و النسان مدي بطبعه يحتاج إلى غيره لتكتمتتل آراؤه فتتو ّ‬
‫له مجالت من البحث جديد كانت من قبل مجهولة لديه‪.‬‬
‫ي القديم من الحضارة النسانّية قديما و حديثا‪:‬‬ ‫‪ .4‬موقع العالم العرب ّ‬
‫ب و الختتوارزمي فتتي‬ ‫ل تزال أعمال ابن الجّزار و ابن الّنفيس و ابن البيطار في الط ت ّ‬
‫الّرياضّيات و ابن الهيثم في البصرّيات و ابن رشد في شروحه لفلسفة أرستتطو حاضتترة‬
‫اليوم في أكبر جامعات العالم و ل تزال مؤّلفاتهم يله جبها أصحاب الختصاص‪.‬‬
‫قتتا فتتي تفعيتتل العلتتوم لمتتا ابتكتتروه متتن نظري ّتتات جديتتدة فتتي مختلتتف‬ ‫لقتتد ستتاهموا ح ّ‬
‫ب و الفيزياء و علم الحيل )كيمياء(‪ ...‬و إن النهضة الغربّية لم تكن لتكتتون‬ ‫المجالت‪ :‬الط ّ‬
‫ي القديم و ما قدمه للنسانّية من خدمات‪.‬‬ ‫لول أعمال العالم العرب ّ‬
‫سف إذن أن نقصي اليوم دورهم و نتغافل عن أفكتتارهم و إّنمتتا هتتي لنتتا اليتتوم‬ ‫فمن التع ّ‬
‫معين في سبيل إرساء علوم عربّية جديدة تعد للحضارة العربي ّتتة الستتلمية بريقهتتا حت ّتتى‬
‫ك لنا مكانة تحت الشمس في عصر ل يعترف إل ّ بما تنجتتزه متتن علتتوم و إل ّ ستتنبقى‬ ‫نفت ّ‬
‫على هامش الّتاريخ ل نقوى أمام عواصف الّتغيير‪.‬‬

You might also like