Professional Documents
Culture Documents
ص مقدس إلغاء العقل و النطق البشري ،إ ّل بعن أنه يب العقل على النكفاء الحوال أن يستطيع أيّ ن ّ
على نفسه بسبب الرهاب الّذي يستهدف ُحرّيّة التفكي.
يتركز بثنا حول النقاط التالية:
آ ـ أهّيّة مراجعة أصول التّشيع ـ و هي تربة إسلميّة نشأت خارج السلطة الزّمنيّة و ل يتعامل التّشيّع
مع الدّولة إ ّل ف القرون الخية َك َردّ فعل على انعزال شيعي دام 11قرنا.
ب ـ أ نّ أصول التّشيّع ،حالا حال السيحية الصلحيّة و اليهوديّة الديثة ،ل تتناقض مع أساسيات
الجتمع الدن و الريات الفردية و الديقراطية ،بالتال يفقد النّظام اليران شرعيته الدّينية و الوطنيّة.
السـنّي و الشّيعـي و سـُبل مواجهتهمـا و احتواء هذا ج ــ حول فهـم مسـبّبات الرهاب فـ العاليـ ّ
الرهاب.
د ـ الروج بفلسفة تؤمن بالفرد كأساس لبناء الدّولة و أ نّ هذه الريات ل تتناقض مع أصل الدّين ـ
أيّ دين ـ با فيه السلم.
و أرجو من القرّاء أن يعذرون إن كان هناك جانب موضوعي يتاج مزيدا من التوضيح لنن فعل كنت
أود أن أُحرج مئات الصفحات ف بثٍ تفصيلي و لكن صحت التدهورة حالت دون ذلك.
أخيا أود أن أشكر كل من ساهم ف ترجة و نشر و توزيع هذا الكتاب.
الكاتب العراقي
سهيل أحد بجت
العراق 21-10-2007
Website: www.sohel-writer.i8.com
Tel: 00964627604616
التّشيّــع و الديقراطـــية
خلل هذا الب حث ،و الذي سأحاول ف يه ج هد المكان أن أكون من صفا ف يه ،أن أطرح درا سة و ب ثا
كنـت أود أن أكتبـه بشكـل أكثـر تفصـيل لول بعـض العوائق الصـحية و الظروف الاديـة الصـعبة كقلة
الصادر البحثية و الراجع و الوسوعات ،لكن مستقبل دراسة العلقة بي "التشيع" كمذهب أساس ف
السـلم ،و "الديقراطيـة" كإنتاج حضاري إنسـان و نظام للحكـم ،يسـتحق منـا البحـث و التنقيـب
لظهار فرص النجاح أو الفشل ف تطبيق الديقراطية ف منطقة الشرق الوسط ،حيث يتركز الوجود
الشيعي .
3
إن دراسة تعامل أي دين أو مذهب مع السياسة و أنظمة الكم يب أن تتم عب دراسة "النص القدس"
و تعامل هذه الفئات ـ عب مراحل تاريية ـ مع أنظمة الكم التعددة ،و مدى تقبل الدين أو الذهب
"متمثل ف رجالته و مرجعياته الدينية" ،مع مارسات و آليات الديقراطية و النظم النتخابية ،و ل بدّ
ها ه نا من درا سة "تار يخ التشيّ ع" و "تار يخ النظام الديقرا طي" ل كي ن ستطيع مقار نة صورتي و إياد
علئق الصيورة بي الالتي .
كما أن هنالك إشكالية كبية حينما نقول "التشيع" أو "السلم" ،و نقصد به "الشيعة" و "السلمي" ،
و الع كس صحيح ،فالتش يع الذي سيتكرر ا سه خلل هذا الب حث هو ما نع ن به "الترا كم الن سان
التجر يب التغ ي" لذا العت قد ،و بالقدر الذي يكون ف يه هذا "الد ين" أو "الذ هب" ساويا مقد سا ،فإن
التراكم و التداعي التجريب الذي يتحول ف صيورة مستمرة ،هو تراكم إنسان قابل للبحث و النقد و
التمحيص الفلسفي التاريي ،و ما دام كذلك فهو قابل للتغيي و البداع و خلق مفاهيم جديدة تتناسب
و التحولت الضارية و القيمية الت يشهدها العال ،و طبعا فإن "الشيعة" هم ف قلب هذا العال ،و من
حسن حظهم أن مذهبهم يتلك هذه القدرة على التحول ،غي أنه ل شكّ أن هذا العمل صعب و شاق
و يتاج إل تعاون الا نبي "الدي ن و العلما ن" ف الو سط الشي عي ،و بدون ذلك فال صلح و التحول
مستحيلن.
و الا نب ال هم الذي ينب غي لدار سي "التش يع" ،سواء كان البا حث شرق يا أو غرب يا ،ملح ظة ظاهرة
"الجتهاد" الستمرة ف الوسط الشيعي ،رغم أن طبقة الجتهدين و الوزات تعان من كثي من القصور
و ال ساليب القدي ة ف التدر يس و التعل يم و يبدو أحيا نا أن غالب ية دار سي و طلب الوزة يعانون من
ضعف ف الطلع على الداثة و فهم الفلسفة الديثة الت خلقتها البيئة الديقراطية الغربية ،لكن المر
الميز هو أن كلمة "اجتهاد" ف القاموس الشيعي ل تزال تفل بالمل رغم أننا هنا باجة إل نقد حقيقي
لذه الكلمـة ،بيـث نسـتكشف مـن خلل هذا النقـد مناطـق الفراغ و الل مــفكّر فيـه فـ قواميـس
الجتهدين ،كما أن كلمة "متهد" رغم أهيتها ف الوسط الشيعي ،إل أنا بد ذاتا ل تنح العصمة
"للمجتهد" كونه يُجهد نفسه للوصول إل مـــراد النص القدس و كشف "الشيفرة" الت يتظنها
النص بي جوانه.
يقول آ ية ال ال صادق ال سين الشيازي ف كتاب "بيان الف قه ف شرح العروة الوث قى ـ الجتهاد و
التقليد ج 1ص " 17
و ما ذكره بعض هم :من أن الجتهاد قوة قد سية ،أو نور يقذ فه ال ف قلب من يشاء ،و ن و ذلك ،
فالظاهر من تأمل أمثال ذلك ـ و لو لناسبة الكم و الوضوع ـ أنه ل يريد الجتهاد الصطلح بل يريد
4
الثار الخروية الترتبة ،أو الجتهاد الذي يوز رجوع العامي إليه و تقليده ،و إل فالجتهاد الذي هو
م ل الب حث م كن ال صول للفا سق و العادل ،و النا فق و الؤ من ،بل و الكا فر و ال سلم ،و الرائي و
الخلص ،و غيهم ،لتسببه بإعمال القوة النظرية الذكورة ."..ناية القتباس.
الل حظ ف هذه العبارات ذات الغزى ال كبي ،أن هناك وع يا و فه ما دا خل الوزة ،و إن ا ستثنينا من
ذلك البعض ،من أن "الجتهاد" هو مسئولية و ليست عباءة مقدسة يرتديها من يشاء ،كما أن الجتهاد
يُمثل إذنا إليا يستند إل جواز التجديد الدين با يلئم العصر و الزمان ،إن مشكلة الوزة هي أن أصول
الفقه هي أكثر تطورا من الفقه نفسه ،خصوصا ف جانبه السياسي.
و المينية "الصول الفقهية" أكثر حداثة و تطورا من نظيها الخر "المينية ف فقهها السياسي" ،ففي
أ صول الف قه تقوم نظر ية ال سيد المي ن على دور و بعدي الزمان +الكان = الزمكان ،ف تأثي ها على
التغي الفقهي ف أصوله الثابتة ،بعن أن "مسألة معينة" تتلف أحكامها بي الظروف الزمكانية التغية ،
بعن أن شيئا ما "حراما" يتحول بفعل "الزمكان" إل "حلل" و "مباح" بل و ربا مرغوبا فيه ،و حسب
هذه الصول فإن أمريكا الت كانت "شيطانا أكب" حسب مصطلحه ،تصبح "اللك الكب و العظم"
إذا ما توفرت أ سباب التحول ،مع ملح ظة تف ظي الكلي على موا قف ال سيد المي ن ال سياسية و ال ت
أرا ها خاطئة و مناق ضة ف تطبيق ها الفق هي لذه ال صول الفقه ية القابلة للتطو ير ،من ه نا كان ل بد
للحوزات الدينيـة مـن مراعاة الفارق بيـ "النـص" كمقدس ثابـت و الواقـع غيـ القدس و "التحول",
"التغ ي" ،ف من دون ملئ مة ال نص "الثا بت" كتف سي و حتوى للوا قع التغ ي ،فإن كليه ما "ال نص" و
"الواقع" الذي ينتج منهما التطبيق ،يصبحان جامدين ،النص يصبح "تقليدا سلفيا جوديا" و "الواقع
متخلفا ماضويا" ،من هنا ل بد من خلق مغزى أعمق لسألة الجتهاد ،خصوصا و أن الشيعة ل يسدوا
باب الجتهاد كما فعل السنة ف القرن الثان عشر اليلدي.
كما يب أن نلحظ أن هناك أقسام و تيارات حت داخل "التشيع" تتلف و تتباين و تتفاوت فيما بينها
تطرفا أو اعتدال ،و ل بد من الشارة إل أن التشيع كأي فكر أو منهج ف الياة البشرية يؤثر و يتأثر ف
الوقت نفسه ،كما أن التشيع يتلف عن الذاهب السلمية الخرى ف كونه يتلك فلسفة تعله يتكيف
ب سرعة مع التغيات ،فالتش يع مرّ بعدة تولت و تغيات ،التش يع ف الع صر العبا سي يتلف ع نه ف
الع صر العثما ن ،كذلك الال مع التش يع ف بدا ية القرن العشر ين و التش يع ف العقود الثل ثة الخية و
ظهور "فلتة ـ ولية الفقيه" و الفوران الذي شهده الشرق الوسط و إيران خصوصا.
و القيقة أن أحداث 11سبتمب ،الت ل تز الوليات التحدة فحسب بل العال بأسره ،كانت حافزا
أساسا ف طرح التساؤلت الت سنناقشها ف بثنا هذا ،خصوصا و أن "التشيع"يكاد يكون هو الصم
5
العقائدي الوح يد للوهاب ية "ال سلفية" ال ت ات سعت مع الن فط ال سعودي و أذر عه الخطبوط ية ،ر غم أن
هناك خلفا شيعيا ـ أمريكيا أعتقد أنه ف طريقه للذوبان تت الشمس العراقية الديدة .
التـشيــــــُع تاريـــــخيـــــا ....
التش يع Shiismا صطلحا ،كل مة عرب ية تع ن "التحزب" و تأي يد رأي مع ي ،و اللف الرئي سي
الذي جعل السلمي الشيعة يتلفون مع "السنة "Sunnismهو موقفهم ،ليس من خلفة علي بن أب
طــالب للنب ممد ،بقدر ما هو رفض أو قبول التاريخ السلمي ككل و أنظمته السياسية ،الدولة
المو ية ـ الدولة العبا سية ـ الدولة العثمان ية ،فالشي عة ينتقدون هذا التار يخ الم تد إل 1400سنة
م ضت ،بين ما ال سنة عمو ما ينظرون إل يه بع ي التقد يس ،فالشي عة يع تبون أن هناك انقل با ت ف صدر
ال سلم و بالذات ع ند وفاة ال نب م مد و نشوب الناع ب ي القبائل العرب ية الرئي سية ،و خ صوصا قبيلة
قريـش التـ كانـت الصـم اللدود للدعوة الديدة و بيـ مرشـح النـب ممـد للفتـه و حسـب اليان
الشيعي ،أي المام علي ،هذا النقلب سح لكل من طمع بالكم أن يستول عليه عب النقلب ،إن
الشكلة ال ت ظهرت ف صدر ال سلم ل تزال ك ما هي إل الن ،و هي الشكلة نف سها ال ت نعاني ها ،
فكان ال صراع القي قي الدائر ف العال ال سلمي هو صراع مفهوم ي مت صارعي ،الفهوم الول الذي
حلته الفلسفة الشيعية هو أنه يب أن يكم "الفضل" و "الصلح" و إن ل يكن "القوى" ،بينما كان
الفهوم الخر "السن" يقول بأنه يب أن يكم "القوى" حت لو كان "ظالا و مرما"!! .
إن هذا ال صراع ل يزال موجودا ،ل كن ل يس بذا الوضوح الفل سفي ،لن كثيا من القطاعات الشيع ية
تشوهت ثقافتها بفعل التراكم الثقاف و الجتماعي و السياسي و جوانب أخرى يصعب تعدادها الن ،و
من أبرز هذه التشوهات هو ما ي سمى بتيار "ح ـــزب ال" و ول ية الفق يه "النظر ية المين ية" ال ت
تنسجم مع النظرية "السنية" ف الكم ،أكثر من التشيع ،و هي تشبه نظرية "اللفة" أكثر من أي نظرية
أخرى.
إن معال التشيع أصبحت أكثر وضوحا منذ اغتيال علي بن أب طالب و قيام حكم بن أمية الذين كان
شعارهم هو سب و لعن "علي" و كانوا يشنون الملة تلو الخرى لق تل و اضطهاد أنصار علي بن أب
طالب و الت بدأت بشكل عفوي ف عهد الليفة عثمان و أصبحت منظمة و مقصودة أيام معاوية بن أب
سفيان الذي استخدم أ ساليب وحش ية مثل ق طع الطراف و ال صلب و قلع العي و الوت البط يء عب
العطـش ،و كان يكفـي أن يقتـل أي شخـص لجرد اتامـه بأنـه مـن أنصـار علي و آله ،كمـا أن فترة
الضطهاد الطويلة و الت ل تف على الشيعة إل ف فترات متقطعة من القرني التاسع و العاشر اليلديي
حينما قامت مموعة دول شيعية ،كما ل يفى على دارس التاريخ السلمي أن أحوال الشيعة كانت
6
أف ضل ن سبيا ف الع صر العبا سي ،و ل كن عودة إل الع صر الموي نقول ،أن ب ن أم ية ل يكونوا على
اختلف مع آل علي لجرد الت صارع على ال سلطة ،بل كان اللف أع مق من ذلك بكث ي ،ف قد ف سر
المويون "ال سلم" على أ نه د ين خاص "للعرب" و أن هدف الد ين ال سلمي هو ف قط "إركاع العال
للعرب" و رب ا كان اللي فة الثا ن "ع مر بن الطاب" أول من روج لذا العت قد ،لذلك ن د أن غ ي
العرب كانوا أسرع استجابة للمذهب الشيعي من العرب أنفسهم ،رغم أن مهد التشيع كان ف العراق ،
ف الكو فة و كربلء و الب صرة و جنوب العراق عمو ما ،ك ما أن هناك وجودا شيع يا ف شرق الزيرة
العرب ية و لبنان ،إن الذ هب الشي عي ي يل إل ال ساواة ب ي متلف النتماءات العرق ية و القوم ية أك ثر من
الذا هب الخرى ،ر غم أن أكثر ية الرجعيات الدي ثة تتب ن الن هج "القو مي العر ب" و رب ا كان لعقدة
الشعور بالنقص دور ف ذلك ،بعن أنم تلوا عن أساسيات الذهب بفعل التأثي القليمي.
و أوجد انعزال الئمة عن السلطة ،ابتداء من السن بن علي و انتهاء بالسن العسكري ـ والد المام
الثا ن ع شر الغائب ـ أدى هذا ال مر إل توج يه التش يع ن و التغل غل أك ثر فأك ثر ب ي الطبقات الفقية
السحوقة من قبل السلطة و الطبقات الترفة الاكمة ،لذلك ل يتاج الباحث إل كثي تعمق ليكتشف
أن الثقا فة الشيع ية ،بع كس تلك ال سنية ،ت يل أك ثر ن و الب ساطة و أن ر جل الد ين الشي عي كل ما كان
أز هد ف الياة و ملذات ا و ترف ها و كل ما ابت عد عن الا كم و ال سلطان كان أك ثر قبول و شعب ية ب ي
الناس ،بعكس السن الذي يزداد حظوة كلما التصق بالاكم و السلطة ،و ند أن التشيع و برور الزمن
ل ين جو ،كأي د ين أو مذ هب ،من أن تتغل غل إل يه الرافات و البالغات العقائد ية في ما يتعلق بال نب و
الزهراء و الئمة ،و لكن يبقى التشيع رغم التراكمات سهل الصلح ،خصوصا و أن للعقل دورا أكب
ف العقيدة الشيعية ،على عكس الذاهب الخرى الت تشكك ف قيمة العقل ل على سبيل "الفلسفة" أو
"الكمة" بل على سبيل تعطيل دور الدين ف ردع "الاكم" و "السلطة" .
ل تتو قف العزلة على الئمة ،بل امتدت إل الرا جع الدينيي و النقباء و الشراف العلويي ،و ل زالت
عزلة آية ال السيستان و قبله أبو القاسم الوئي و مراجع آخرين شبيهة بتلك الرحلة الت أخذت تنتهي
م نذ بدا ية القرن العشر ين ،و إن كا نت هذه النها ية إعل نا لظاهرة سلبية أخرى هي "ح كم الفق يه" أو
"ولية الفقيه" ـ نظرية السيد المين الت سنناقشها ف هذا البحث ـ فقد كان الشيعة ينظرون إل
ال سلطة على الدوام ،ح ت ف ظل الدول الشيع ية ،على أن ا عدو ي ب الذر م نه ،و الن صوص الدين ية
الشيعية كأصول الكاف للكلين و من ل يضر الفقيه و ..غيها من كتب الديث النقولة عن الئمة و
النب ،كلها أو أغلبها يذر من إتباع هوى السلطان و الاكم .
7
و الل حظ أن الضارة ال سلمية كا نت تع يش أوج حالت البداع و خلق الق يم الضار ية ف الفترة
المتدة من القرن الثامن اليلدي و حت القرن الادي عشر ،و هي الفترة الت سادت فيه دول شيعية ،
"الدولة البويهية" ف إيران و العراق و "الدولة المدانية" ف الوصل و شال العراق و "الدولة الفاطمية" ف
مصر و ش ــال أفريقيا " ،الدولة الدريسية" ف شال أفريقيا ،و هذا طبيعي ف ظل إيان الشيعي أن
على الع قل أن يقرر ما هو حق و با طل و أن الع قل مقدس إضا ف للو حي ،بين ما ال سن ـ حاله حال
الارجي ـ يؤمن بالوحي فقط و إن تناقض كليا مع العقل و الواقع ،فنجد أشخاصا مثل أبو العلء
العرّي و الغزال ـ فلو ل التش يع ل ا كان لذا الفيل سوف السن وجود ـ و الفاراب و بن سينا و ابن
اليثـم و ابـن رشـد و ابـن خلدون ((راجـع كتاب ــ منطـق بـن خلدون ــ للدكتور الرحوم علي
الوردي)) ،كمـا أن الشيعـة أنتجوا فيلسـوفي كـبيين هاـ "الرازي ــ ننـ ننسـبه إل التشيـع كنتاج
حضاري و إن كان متهما باللادـ" و "الل صدرا" ،و لكن التشيع أيضا شهد انقساما جذريا خلل
القرون التاليـة ،و لرباـ كان هذا النقسـام واضـح العال إل الن ،و هـو أن التشيـع يصـنف الن إل
قسمي ،فالصوليون ـ و هم الذين يركّزون على أُصول الدين و رفض النصوص الحادية غي الؤكدة
ـ هم الن يثلون غالبية الشيعة ،ييلون إل اللئمة بي النص و الواقع و أن هناك جانبا مهما يب أن
يلتفت إليه الجتهد و الباحث ،هو أن على ال نص أن يتعامل مع الواقع دون إغفال جانب التغيّر فيه و
بالتال إياد فلسفة واقعية اسها "التأويل" ،و لربا كان على الجتهد أن يلئم النص مع الواقع ل الواقع
مع النص ،فمن السهل إياد حل "فقهي" لكل مُستجد ،لكن أن يُرفض الواقع بجة عدم ملئمته مع
النص فهو أمر سلب و فقه مقلوب .
أما الطرف الخر أو القسم الثان فهم "الخباريّون" الذين نستطيع أن نقول عنهم أنم أشبه بالسنة منهم
بالشي عة ،ف قد كانوا يؤمنون أن على ر جل الد ين أن يتحرى ف ب ثه مراعاة "الن صوص" و "الروايات"
النقولة عن النب و الئمة ،و أن على الجتهد العمل بالنص بجرد أن يشتبه بصحة وروده عن العصوم ،
مهما كان هذا النص غي واقعي و مشكوك الصدور عن العصوم .
و عندما نقوم بقارنة بسيطة بي كتب الفريقي ،ند أن كتب الصوليي أكثر قربا بالواقع و أسهل على
الت طبيق ،أ ما الخباريون ف قد ا ستمروا بش حن كتب هم بالحاد يث و الروايات إل حد أ صبح للق صص
الشعب أيضا مكان ف هذه الكتب ،فتجد فيها روايات و أحاديث يال لك من خللا و كأن اللئكة و
الل العلى و الن ليس لم شغل غي خطبة "فلنة" للمام الفلن أو الستبشار و الحتفال بولد المام
الفل ن ،أ نا ل أن كر أن الد ين يؤ من بكث ي من أمثال هذه الشياء ،م ثل م يء الجوس الثلث ب ثا عن
مولود اسه السيح ـ كما تنقل لنا كتب العهد الديد ـ ،لكن من الواضح أن هناك نوعا من البالغة
8
جرى ف هذا الا نب ،إن ل ت كن ال سألة قري بة من خرا فة العشرة البشر ين بال نة أو أ سطورة اللفاء
الراشدين .
النقطة الهمة الخرى الت اتسم با التاريخ الشيعي بدءا من الدولة الموية و انتهاء بقيام الدولة الصفوية
ـ الت كانت بداية خروج التشيع من عزلته ـ هذه الفترة تتميز بنمو التنظيمات السرية ،و هي حال
كـل الديان و اليدولوجيات الواقعـة تتـ الضطهاد أو خطـر البادة ،كالديـن اليهودي مثل ،و لن
التشيع تنوع بي "التشيع العفري الذي يؤمن باثن عشر إماما و هم أغلبية الشيعة ف العال" و "التشيع
الفاطمي الساعيلي الذي يؤمن بالئمة السبعة و هم القلية" و "التشيع العاطفي ـ و هم اؤلئك الذين
ينتمون إل مذاهب أخرى و لكنهم يتعاطفون فكريا مع المام علي و أبناءه الضطهدين" ،هذه التنوعات
جعلت للتنظيـم السـري الشيعـي يتاز بأصـناف ،فالتنظيـم السـري "الثنـ عشري" يتلف عـن ذلك
"الساعيلي" و بشكل كبي ،و كان التنظيم الساعيلي يتسم بالقدرة على الواجهة العسكرية كتنظيمات
قادرة على القيام بعمليات اغتيال للشخصيات العادية ،بينما كان التنظيم الثن عشري يقوم فقط بشد
النصار و تثقيفهم و تيئة خلق متمع قابل للتغيي ،و حت العباسيون ـ الذين كانوا شيعة ف البداية ث
قرروا اعتناق الذ هب ال سن لكو نه أ صلح لبقائ هم ف ال سلطة ـ ا ستفادوا من خبة الشي عة و نحوا
بفضلهم ف الطاحة بالكم الموي ،و يعزو بعض الؤرخي قيام النصور الدوانيقي ،الليفة العباسي
الثا ن ،بق تل كل من أ ب م سلم الرا سان و أ ب سلمة اللل ،إل أن ما كا نا يؤمنان بالولء لل علي
بدل مـن آل العباس ،و بجرد أن سـقط بنـو أميـة عـن الكـم ،تول الضطهاد مـن الموييـ إل
العبا سيي ،ل كن على ال قل و برور الز من أ صبح للشي عة حال أف ضل من الع هد الموي بف ضل ب عض
اللفاء العبا سيي م ن كادوا يعتنقون التش يع ،كالأمون الذي كاد ي سلم ال كم لل علي لو ل أ سباب
كثية يطول شرح ها ،و أعت قد أن الأمون ـ و هو يكاد يكون الفيل سوف الوح يد من ب ي اللفاء ـ
ظـــلم من قبل الشيعة حينما اتموه بأنه وضع ال سّ ّم للمام الرضا "المام الثامن لدى الثن عشرية"
لكي ل يلفه ف الكم و أظن أن الأمون كان شيعيا جادّا خصوصا إذا نظرنا إل تقريبه للمـعتزلة و هم
الذهب الفلسفي القرب للشيعة .
الذهب السن ،تتحيز ضد الشيعة عند نشوب فتنة أو حدوث مشكلة مذهبية ،و قد شهدت بغداد بعضا
من هذه الفت و الت كانت تتحول إل ما يشبه الذابح .
إن من يظن أن عهود الظلم ف السلم بدأت مع الفتح الغول ،يطئ حتما ،فالحداث التاريية الت
شهدها العال السلمي خلل القرن الامس و السادس الجريي ـ الثان عشر و الثالث عشر ميلديي
ـ تدل على ت صاعد التع صب الدي ن و الذ هب و ان سار سيطرة "ال سلم العقلي" التم ثل ف الشي عة و
العتزلة و فئة من السّنّة "ابن رشد مثال" ،و كانت اللفة العباسية تعيش حالة رهيبة من النلل اللقي
و إهال واجبات ال سلطة ،و اللي فة ل ي كن له ه ّم سوى الواري و الغلمان و مقار عة ال مر و ق مع
الشعب الفقي للستمرار ف الكم .
هنا و ف بداية القرن السابع الجري ،الثالث عشر اليلدي ،ظهر فاتح هز اسه و اسم جيوشه التاريخ ،
فعلى الرقعـة المتدة مـن شال الصـي حيـث الباديـة الواسـعة ،اسـتطاع قائد مغمور اسـه "TIMU
"CHINو العروف بلقب "جنكيزخان" ،أن يوحد القبائل الغولية من "مغول" و "تاتار" و "ناين" و
"الركيت" و هاجم الدول و المباطوريات الحيطة بم ،و خلل عشرين سنة فقط ،أنشأ إمباطورية
متدة من النصف الشمال للصي و حت شــال إيران و حدود أوروبا الشرقية .
و خلل خ سي سنة الخرى توج هت أنظار الغول ن و منط قة الشرق الو سط ،خ صوصا و ب عد أن
تسبب سلطان "خوارزم" ف حرب مع الغول دمرت ملكته و إل البد ،و من هذه الرحلة و ما بعدها ،
بدأ احتكاك الشرق السلمي بالغول ،و من ضمنهم الشيعة طبعا ،إن الشيعة اتموا من قبل السنة بأنم
هم من جلب الغول و دعاهم لتدمي اللفة العباسية ،و القيقة أن الغول كانوا ينوون أصل أن يفتحوا
بلدان الشرق الوسـط ،بدون أن يدعوهـم أحـد ،و لكـن تبقـى القيقـة التـ تقول :أنـه لو ل الفتـح
ال ـغول ل ا ا ستعاد الشي عة جزءا كبيا من حريت هم ،خ صوصا و أن الغول ،خ صوصا "جنكيزخان" ،
كانوا يؤمنون برية العبادة و العتقد ،و هو أمر ل يعتده العال السلمي ـ إل من استثناءات نادرة ـ
و بالتال كان حق إعلن الدين و العقيدة مكفول للجميع ،و الشيعة من بينهم.
الل حظ أن للشي عة أبا ثا و درا سات تتعلق بذا الوضوع ،و من جلة ذلك ما كت به الش يخ "ع ــلي
الكَوران" بعنوان "الشيعة هم من رد الغول" و البحث منشور على موقع منتدى البحرين ،و القيقة أن
الباث الت يصدرها كل الطرفي ،السن و الشيعي ،ل تعدوا أن تكون أباثا مصممة مسبقا ،للدفاع
أو الجوم على صاحب العقيدة الخالفة ،و ليست بوثا تاريية تدف إل الحاطة بتاريخ تلك الفترة ،
الشكلة الخرى فهذه الباث هي أن الطرف السن مثل يُصر على نظرية الؤامرة "الشيعية ـ الغولية" ،
مع أن الد الغول اكتسح ج ّل العال القدي و دون نظريات مؤامرة ،و الشكلة الخرى أن الشيعة تعاملوا
10
مـع هذه "التهمـة"! تعامل ينطلق مـن عقدة "الشعور بالنقـص" ،بالتال يقوم باحثوهـم بإنكار حقيقـة
الستفادة الشيعية من قواني "الرية الدينية" الت قام الغول بتطبيقها ،و أنا شخصيا ل أرى ف ذلك تمة
أو سبة ،من ه نا انطلق الشي عة القدماء ،و يبدو أن م ل يأبوا لزا عم ال صوم على ع كس الشي عة ف
ع صرنا ،فأكدوا :أن الك ـــافر الع ـادل خ ـــــــي من ال سلم الظ ـــــال" ،و
هو مبدأ كان موجودا ف صلب العقيدة الشيعية ،لكنه أصبح أكثر وضوحا بعد الريات الديدة ،لكن
هذا طبعـا ل يعنـ أن الال اسـتمر كذلك ،إذ سـرعان مـا أصـيب حكام الغول و أباطرتمـ بأمراض
السـلمي ،إذ تنافـس الطرفان "السـن ــ الشيعـي" فـ إقناع السـلطة بالقبول بنظريتهـا ،و كان
الــــكم الــغول "الوثن" أفضل من ذلك السلمي ،إذ كان طرفا مايدا على القل.
غ ي أن ال كم الغول ل يدم أك ثر من قرن و ن صف ،ف هذه النط قة ،و تف تت ال سلطة الركز ية و
ضعفت أكثر فأكثر ،فأصبحت السلطات ف ظل الماليك و إل حي ظهور المباطوريتي "العثمانية" و
"الصفوية" ،مرد حكومات ملية ضعيفة ل تتم إل بباية "الضرائب" و الولء الشكلي أو الرمزي.
التشيع من العهد العثمان إل القرن العشرين.
...............................................................................
حقيقـة أن الفترة المتدة مـن القرن الرابـع عشـر اليلدي و حتـ بدايـة الرب العاليـة الول و سـقوط
المباطور ية العثمان ية ،كا نت الفترة الك ثر ظلم ية ف التار يخ ال سلمي ،و في ما كان الغرب ي طو
خطواتـه البارة نوـ "التنويـر" و "الدا ثة" و "الديقراط ية" ،كان الشرق يتصـارع حول مفهوم "الدولة
الشرع ية" و مار بة أعدائ ها ،ح يث كان "ال سنة" و "الشي عة" يتبادلون هذه النظرة ،فالشي عي كان يرى
لنفسـه امتدادا طائفيـا فـ "الدولة الصـفوية" ،بينمـا كان "السـن" يرى امتداده الطائفـي و الذهـب فـ
"المباطورية العثمانية" و الت كانت لضخامتها قادرة على لعب هذا الدور .
و كان مر كز ال صراع "الط ـائفي" يتمحور حول "العراق" الذي كان له هذا الع مق ،ح يث الرا قد و
القدّسـات "السـنية" و "الشيعي ّة" على حـد سـواء ،و الذي زاد الوضـع سـوءا هـو اسـتغلل كل
ال مباطوريتي "ال صفوية ـ العثمان ية" للخلفات الدين ية و ت سخيها ف التنظ ي ال سياسي ،و لن أكون
متحيزا لو قلت :أن رجال الدين السنة كانوا و ل زالوا أكثر طواعية للسلطة ،من رجال الدين الشيعة ،
الذ ين يفضلون ف أ سوأ الوضاع أن ينأوا بأنف سهم عن ال سلطة ،بين ما كان من ال سهل على "ال سلطان
العثما ن" ا ستصدار "فتوى" ،أو "إجازة دينية" من ش يخ ال سلم "أعلى سلطة دينية ف المباطور ية أو
غيه من الفتي ،بقتال الشيعة "الروافض" ،أو العكس ،بعن عدم جواز القتال ،و كمثال راجع كتاب
11
"ر سائل ف الرد على الراف ضة :تأل يف ممو عة من رجال الد ين الكراد :تق يق :حدي ع بد الج يد
السلفي".
و شهد ذلك العصر ،إعلن المباطورية "الصفوية" رسيا :عن أن "التشيع" هو الذهب الرسي للدولة ،
م ا كان يع ن أن ال صم الطائ في ل ـ"ال سنّة" أ صبح مذه با ر سيا لدولة ماورة ،و لرب ا كا نت نز عة
"التشيع" الُمية ،سببا رئيسيا ،من ضمن مموعة أسباب ،ف انتشار التشيع بي اليرانيي ،خصوصا و
أن "الذ هب ال سن" لد يه نزوع أ كب ن و "القوم ية العرب ية" ،ل كن "التش يع" تأ ثر سلبيا أي ضا ،بإعلن
الصفويي عن مذهب "التشيع" كدين رسي للدولة ،إذ دخلت "العقلية الشيعية" ف جدال "فلسفي" و
"فقهي دي ن" حول جواز دعم "السلطة" و إن زعمت اعتناق ها الذ هب الشيعي ،و اعتقد أن السبب
الرئيسي ف ذلك التردد ،هو اختلف علقة رجل الدين "الشيعي" بالسلطة و أبناء الشعب.
فبين ما ي صل ر جل الد ين "ال سنّي" على م صدر عي شه من "ال سلطة" أو "الا كم" ،فإن ر جل الد ين
"الشي عي" ،ي صل على م صدر رز قه عب الش عب ،و كل ما ابت عد عن "ال سلطان" و "الا كم" ،كل ما
ازدادت شعبيته و اتسع مصدر عيشه و تكن من النفاق على "طلبه" و مشاريعه ،لكن هذا ل يعن أن
رجال الدين "الشيعة" ل يتعاطفوا على القل مع الدولة الصفوية الت أصبحت أمل للدفاع عن مظلمتهم.
و ر غم الجازر التبادلة ،حيث ذ بح العثمانيون آلف "الشيعة" ف " تبيز" اليرانية ،و بغداد ،ث انتقم
اليرانيون من "ال سنة" ف العراق ،ل كن أ ستطيع أن اؤ كد أن علماء "الشي عة" ل يفتوا بقتال ال سنة على
أ ساس طائ في ،بين ما ف عل الل ية ال سنة ذلك و بدون تردّد ،ل كن و ب عد أن انتقلت الدولة العثمان ية من
مرحلة التوسع السريع إل استقرار الدولة ف بداية القرن الـ 17م ،ففي الوقت الذي كان السلطان
"سليم ياووز" و ابنه "سليمان القانون" متعطشي إل إراقة دماء "الكفار ـ الشيعة و السيحيي" ،كان
ال سلطي الذ ين جاءوا من بعد هم "با ستثناء مراد الذي ق تل الشي عة ع ند ف تح بغداد 1638م" ،أك ثر
تفاها مع مواطنيهم الشيعة ،و كان لتحسن العلقات و سوءها بي العثمانيي و الصفويي ،أثره البالغ
على العلقات السنية ـ الشيعية ،خصوصا ف العراق.
و شهدت العلقات الطائف ية ب ي "الشي عة" و "ال سنة" حالت متفاو تة م نذ ح كم "نادر شاه" الذي انت قل
من الغالة ف التشيع إل الالة الوسطية "العلمانية" ماول الصول على موقف وسطي و خلق إمباطورية
متجان سة تتجاوز الدود اليران ية ،خ صوصا و أن الر جل عرف ع نه أ نه "فا تح قاس القلب" ـ لحات
اجتماع ية من تار يخ العراق الد يث :علي الوردي ـ ل كن من الوا ضح أن جهوده هذه ذه بت أدراج
الرياح ،بعن أنه قد فشل ،و كان ذلك وسط قرون كان الشعور الطائفي "ف قمته".
12
ا ستمرت الوزات العلم ية "الشيع ية" تع يش بعيدا عن ال سياسة و ال كم ،ل كن القرن 18م كان بدا ية
ظهور تيار جد يد و سط "التشيّع" كان أش به ب ـ"نز عة صوفية" و سط مدر سة مليئة بالن طق و "ف هم
الواقع" ،كان لظهور الشيخ أحد الحسائي ـ نسبة إل منطقة "الحساء" شرق الجاز ،دور كبي ف
جعل الذهب "الشيعي" أكثر مثالية "طوباوية" و بعدا عن الواقع ،و صار يعتمد ،حاله حال "الصوفية"
ف الوسط السنّي ،على العواطف و "الوارق" و العجزات ،دون النطق "الدال" الفقهي و الفلسفي ،
و أعطى الشيخ الحسائي و جاعته "الشيخية" دفعة قوية للتيار "التقليدي ـ أه ُل الديث" ف مواجهة
"الصـوليي" الذيـن كانوا يتقلبون بيـ "الواقـع" و "النـص القدّس" ،و كان للشيخيـة دور فـ ظهور
الركات "القاديان ية" و "الباب ية" و "البهائ ية" ،و ل زال ل ا تأث ي وا ضح ف ثقا فة "جا عة ال صدر" إل
الن ،لكـن مـن الواضـح أن رجال الدولة اليرانيـة فـ "المهوريـة السـلمية"!! يتعاملون مـع بعـض
الشخ صيات "الدين ية" عب نظر ية "الؤامرة" يقول وز ير الارج ية اليرا ن ال سبق ـ على أ كب ولي ت
"مــجلة التقريب ـ العدد 14القال:مقدمة فــكرية لــركة "الشروطة ـ الدستور":
هذا الرجل ـ أي الح سائي ـ ظ هر بش كل مهول ،وأشاع أفكارا هي مزيج من غلو وخرافة
وانراف ،ث اختفى بشكل مهول.
سى نف سه بالش يخ أح د الح سائي وأ هل الح ساء ف شرق الزيرة العرب ية ل يعرفون ع نه ول
عن أسرته شيئا ،ول تعرف الدارس السلميّة ف العال السلمي عنه شيئا.
يبدو أنّه اسـتطاع أن يصـل فـ البحريـن على إجازة روايـة الديـث مـن «الشيـخ حسـي آل
ع صفور» وعلى إجازة ماثلة من «الش يخ كا شف الغطاء» ف الن جف .وكله ا صرّحا ف الجازة
بعدم معرفته ما بالح سائي ،بل رأ يا أورا قا في ها شرح لكتاب «التب صرة» ادّ عا أنّه حرر ها بنف سه،
وأقام الشهود على ذلك ،وبعد أن افتضح أمر الرجل تبي أنّه ل يكتبها وادعاها كذبا لنفسه.
نشط هذا التشيخ ف بث أفكاره وكان لا أثرها ف إيران وملخصها:
«أن العصومي الربعة عشر هم(القيقة الحمدية) ،وهذه القيقة هي نفسها القيقة اللية!! ث
إنه هو(الشيخ أحد) جزء من القيقة الحمدية ،ومعرفته تشكل(الركن الرابع) من الدين .ومن عرف
هذا الركـن الرابـع حـق معرفتـه فقـد أمـن مـن عذاب النار ولو ارتكـب العاصـي والحرمات ،وترك
الواجبات».
ويذ كر الش يخ الال صي أن هذا الر جل كان له الدور ال كبي ف إشا عة النكرات والعا صي ب ي
الناس .وأ صدر علماء الن جف وإيران على أ ثر ذلك ال كم بتكفيه ،ث اخت فى فجأة ول يعلم له أ ثر.
13
وشاع ف إيران آنئذ أنّه راهب مسيحي هدفه زلزلة وحدة السلمي وزعزعة استقلل إيران" .نـهاية
القتباس"
من الل حظ مدى التحول الط ي الذي يعي شه التش يع الن ،فكون "الش يخ الح سائي" شذ عن
بعض معتقدات الشيعة عموما ،ليس مبرا لؤلء ،وليت و من على نجه ،أن ينفوا حقيقة وجود
الرجل و تنيه الط الشيعي عن الطأ ،مع أن ل أعتقد أن "الشيخ الحسائي" كان مطئا ،فكل ما
حدث هو قليل من الستغراق "الصوف" ل أكثر ،و سنتحدث بشكل أعمق عن أسباب هذا التوجه
"الدين" ف إيران العاصرة أو العهد "الدين".
و ينبغي أن ل ننسى أيضا أن رجال الدين "الشيعة" أخذوا ف تطوير "فقه سياسي" منذ بداية القرن 19م
ح ي أخذت "الثقا فة الغرب ية" و ن ظم الغرب ال سياسية ،تؤ ثر على إيران و العراق ،و كذلك انتع شت
الركـة الثقافيـة اليرانيـة ،و طبعـا كان هناك مال هائل للعلمانييـ فـ إيران ،و وجـد "أصـحاب
العمامات" أنف سهم مضطر ين إل التعا طي بال سياسة ،ف الو قت الذي أ صبح ف يه من ش به ال ستحيل ،
التفر يق بين ما هو "للش عب" و ما هو "لل سلطة" ،م ا كان يع ن انرا طا تدري يا "لرجال الد ين" ف
ال سياسة ،يقول علي أ كب ولي ت ـ وز ير الارج ية اليرا ن ال سبق ـ ف معرض حدي ثه عن تعا طي
رجال الدين "الشيعة" مع مسألة "احتكار الشركة البيطانية للتنباك":
حي يئس رجال الكومة من التفاوض لأوا إل التهديد ،فقال مشي الدولة ماطبا العلماء« :أيها
ال سادة فكروا ف عوا قب هذا ال صرار» .ثار ال سيد علي أ كب التفر شي أمام هذا التهد يد وقال « :ما
هذا الُراء؟ مـا معناه؟ ماذا تريدون أن تفعلوا بنـا؟» .فتحدث قوام الدولة وقال :إلغاء هذه التفاقيـة
مال ومتنع .عاد السيد علي أكب وقال« :يبدو أنك أنت رئيس دائرة التدخي واتفاقية رجي»! فقال
أم ي ال سلطان« :ل هذا قوام الدولة وز ير الارج ية» .فقال ال سيد م مد ر ضا الطباطبائي« :إذا كان
هذا الكم قد صدر عن الدولة فلبد أن توقع عليه الُمة ،وإذا كان قد صدر عن شخص الشاه فلم
يكن ذلك من حقه أبدا».
أن ظر إل جذور الديقراط ية والشرو طة ف الف كر الدي ن وب ي علماء ال سلمي ،وان ظر إل در جة
شهامة الرحوم السيد ممد رضا الطباطبائي ف موقفه من سلطة الشاه الطلقة وتصريه برفضها أمام
كبار رجال الدولة .وافهم من ذلك دور الدين ف ترير الُمة من السيطرة الستعمارية ومن الكم
الديكتاتوري ف هذا البلد السلم.
على أي حال ،ل ي ستطع رجال الدولة أن يتجاوزوا العبارة الول من اتفاق ية التنباك ،ووجدوا أن
الطريق أمامهم مسدود تاما ،فصرفوا النظر عن قراءة بقية التفاقية ،وانتهى الجلس بأن يتعهد أمي
14
السـلطان مـن جانـب علماء الشعـب أن يسـعى إل فسـخ التفاقيـة شرط أن يعلن العلماء بعـد إلغاء
التفاقية إباحة التدخي ونفي فتوى الهاد.
وتواصـلت انتفاضـة الشعـب السـلم بقيادة علمائه الكبار يتزعمهـم الرحوم اليزا الشيازي،
وحق قت انت صارها ،واض طر الشاه نا صر الد ين إل إلغاء التفاق ية ،واقترض مبلغ 500ألف لية من
البنك الشاهنشاهي الذي أسسه البيطانيون ".انتهى القتباس".
من الواضح أن ناح "اللية" اليرانيي ف منع "ناصر الدين شاه" عن عقد التفاقية مع البيطانيي
،أطمعهم ف النرار ،أكثر فأكثر ،للنغماس ف السياسة ،و بينما كان رجل الدين "السنّي" يتأثر
بأفكار "القومييـ" سـواء "العرب" أو التراك" أو "الكراد" ،كان رجـل الديـن "الشيعـي" ،يتأثـر
بالفاهيم و الفلسفة "الاركسية" و "الشيوعية" الت أخذت بالتنامي على أيدي "القوميي اليرانيي" من
هنا فإنك ستجد اللية اليرانيي و حت العراقيي يستخدمون مصطلحات ل يكن يعرفونا و لو قبل
قرن من الزمن.
التشيــع ف زمن الشاه و الثورة
...............................................................................
ن ستطيع القول أن دور "الل ية" و "رجال الد ين" ف تغيي ين جر يا على الرض اليران ية ،كان
كبيا و إن بشكل متلف ،فقد كان إقرار الدستور عام 1906إيابيا ،بينما كان قيام "المهورية
ال سلمية" عام 1979م نك سة حقيق ية ،و كان لقرار د ستور 1906م و الذي ن تج عن ض غط
شعب و بدعم من "العلمانيي" و "رجال الدين" ،فرصة لتقدم الديقراطية ف إيران ،و كانت إيران
حين ها أول دولة ف الشرق الو سط ،و ح ت ق بل الوليات التحدة ،تع طي حق الت صويت للمرأة و
تنح ها مال وا سعا للمشار كة ال سياسية ،ك ما أن إيران انتقلت من "اللك ية الطل قة" إل "اللك ية
الدستورية" ،و هو أمر إياب بالتأكيد.
و رب ا يت ساءل الب عض :إذا كا نت إيران قط عت أشوا طا بعيدة ف التقدم ن و التحد يث ؟! فلماذا
انتقلت و بشكـل تصـاعدي نوـ التديـن "التطرف" و انتهاء بثورة 1979م ؟! .الكيـد أن هذا
الوضوع شائك بعـض الشيـء ،و رباـ كان "للماركسـية" أيضـا دور فيـه ،و هـو جواب قـد يثيـ
استغراب البعض ،لقد شهدت إيران خطوات جبارة نو التحديث و العا صَرة خلل السبعي السنة
ال ت سبقت الثورة بل إن ر ضا شاه بلوي و الد الشاه الخ ي ش جع نزع الجاب و سفور الرأة و
سـح بنشـر الطبوعات الل دينيـة و السـينما على النمـط الغربـ الديـث ،حينهـا أصـبح لليرانيات
م ساهات ف أدوار الغراء و ال سينما الواقع ية ،و كان لحتضان الثقف ي "القومي ي" و "الي ساريي"
15
للمفاهيم "الاركسية" و ترويها ف أوساط الطلبة ،و ل ننسى أنه كان هناك صراع بي السوفييت و
الغرب على النطقة الستراتيجية ف الليج الفارسي ،هذه الطبقة الثقفة و الت تعاطفت مع حكومة
"مصدّق" ـ العروف بيوله الشيوعية ـ و سقوطه الفاجيء على يد مموعة ،قيل إن المريكيي و
البيطاني ي دعمو ها ،و من إعدا مه ب عد مك مة " صورية" ،كل هذه ال سباب جعلت اليراني ي
يتضنون "التطرف الدين" بل و يضغط العامة على هذا التاه الدين نو كراهية "الغرب".
مـن الواضـح أن الدارس الدينيـة "الوزة" تأثرت بالفكار الاركسـية ،و باسـتثناء الانـب
"اللادي" من الاركسية ،فإن كراهية "الرأسالية" و "الغرب الستعماري" وجد لنفسه رواجا بي
رجال الديـن ،و هذا ل يعنـ أن ليسـت هناك اسـتثناءات و لكنهـا نادرة ،و فـ الرجعيـة الشيعيـة
"العراقية ـ ف النجف" انتقلت الرجعية من "الائري" النفتح على البيطانيي و التفهم للواقع ،إل
"الشيازي" التطرف و الل واقعي ،و حت الصفهان و الالصي ،بعن أن خط "التطرف" يشي إل
تصاعد وتيته مع تصاعد "الرب الباردة" بي الشرق و الغرب.
و لكن هذا ل يعن أن الغرب ل يرَ أي إيابيات ف هذا الشعور الدين ،فالعروف أن أحد أُسس
الفل سفة "الارك سية" هو "عداء الد ين" و اعتبار أي شعور دي ن مرد "أفيون" أو "مدر" و أن الد ين
ينبع من "السطورة" و أنه "مموعة أكاذيب" ،و بدورهم ،نظر التدينون إل "الشيوعية" على أنا
تتآ مر على لُ بّ الثقا فة اليران ية "الذ هب الشي عي و ال سلم" ،و من ال طبيعي أي ضا أن سلطة الشاه
كا نت تر يد خلق هكذا مواج هة ب ي فريق ي كله ا يعادي "ال سلطة" ،ك ما أن التأث ي أي ضا كان
متبادل بي الطرفي "الدين" و الاركسي" ،فبينما ند "امرأة شيوعية مجبة" نرى مقابلها "إسلمية
تتحدث عن الصراع الطبقي" ،و هذا مرد مثال ،كما أن تنامي "الشعور القومي" التطرف على يد
الشاه و جاعته ،كان سببا ف تنامي التطرف الدين.
فالعلوم أن إيران دولة "متعددة القوميات و الديان" ،و من ال طبيعي أن يت سبب النظام ال سياسي
السائد ف إيران ،و الذي تبن النظرية "القومي الفارسية" ،ف زعزعة النظام و الترابط الجتماعي و
ال سياسي و ف إيران تو جد القوميات الفار سية و الترك ية الذر ية و الكازاخ ية و الكراد و العرب و
البشتون و غيهـم مـن القليات الدينيـة و الذهبيـة ،و كانـت النتيجـة أن تتصـاعد اليدولوجيات
"الارك سية" و "ال سلمية" جن با إل ج نب ،و بالط بع فإن "إيران الشيع ية" لي ست بعزل عن التأث ي
"الشيعي العراقي" ،كما أن العكس صحيح ،فكان تنامي العداء بي "التّشيّع و القومية" أثرا متبادل
ب ي البلد ين "العراق و إيران" ،ف في الو قت الذي ت صاعد ف يه ح سّ الكراه ية و الواج هة ب ي "شي عة
العراق" و "القومي ي من الب عث و النا صريي" ،حدث الش يء ذا ته ف إيران ،ب ي الشي عة و القوم ية
16
الفار سية ،و أدت سياسات الشاه الاطئة تاه "ال سلميي" و عب "اضطهاد هم" إل تنا مي الف كر
الدي ن ،و كان ل سوء ال ظ أن قادت شخ صية المي ن "القو ية و التطر فة" البلد ن و حق بة مظل مة ،
أساءت ليران ـ كبلد ـ و للتشيّع ـ كمذهب ـ ،إن أي فكر عندما يصبح منوعا ،يصل على
فر صة كبية للرواج ،ح سب القاعدة " كل منوع مرغوب" ،و بدل من أن تكون "الثورة" خطوة
نو المام ،فإنا كانت خطوات إل الوراء و نكسة و آفة أصابت التشيع.
و مشكلة رجال الدين دائما ـ و الشيعة ليسوا استثناء ـ أنم يفكرون بعواطفهم ل بعقولم ،
بعن أنم إذا دخلوا ف السياسة و نظم الكم أفسدوها و جلبوا الراب ،لقد تنامت خرافة "الشعور
السـلمي" لدى هذه الرجعيات التـ تمـل فـ ذهنهـا كـل أمراض "الاركسـية" و "القوميـة" و
"السلموية" ،بشكل دراماتيكي متصاعد ،و كانت النتيجة أنا اختزلت كل الثقافة اليرانية ،و
شيعـة العراق يعانون مـن الرض نفسـه ،فـ "الول الفقيـه" و أحلمـه و كوابيسـه ،فـ خلق "النـة
السلمية" المتدة من إندونيسيا و حت موريتانيا ،كما أن "العلمانية اليرانية" الاكمة و العارضة
على حد سواء ،و بسبب تبنيها لنوعي من التطرف "اللكية القائمة على القومية" و ضدها "الشيوعية
الاركسية" ،أسهمت ف ناح السلميي "التطرفي" و استيلئهم على الكم.
يقول ع بد البار الرفا عي ف ب ثه العنون "تد يث الب حث العل مي ف الوزة الشيع ية" و النشور
بتاريخ 2005 \ 2 \ 3م على موقع : Islam On Line
ث تعزز الوقع السياسي والدين ،وفيما بعد العلمي لدرسة قم ،بعد انتفاضة 1963الت قادها
المام المين ،وانتهت بانتصار الثورة السلمية سنة 1979وإقامة المهورية السلمية.
وبعد ذلك التاريخ اتسع التعليم الدين ف قم ،وأخذ ينفتح على عوال جديدة ،ويرث أرضا بكرا
ل يدشنها من قبل ،بعد أن انبثقت طائفة من الستفهامات ،وأثي العديد من الشكاليات ،وفجأة بدأ
الدار سون ف الوزة العلم ية يقرءون وي سمعون ب ا ل يفكروا ف يه ،وتف جر ال سؤال اللهو ت الذي ظل
غائبا عدة قرون.
ول ريب ف أن الوية الدينية لثورة 1979ومساهة الوزة العلمية ف قيادتا ،وتعبئتها للجماهي،
و ما نت ته من شعارات ووعود متنو عة ف تق يق ال ستقلل ،والر ية ،وال من ،والضمان ،والرفاه ية،
والتقدم ...وغي ذلك .والقول بأن الفقه وعلم الكلم وسائر العارف السلمية الورو ثة كفيلة بالوفاء
بالفاهيـم والبامـج اللزمـة لناز هذه الوعود ،وتسـيد تلك الشعارات فـ الياة الجتماعيـة ،وضـع
الوزة العلميـة للمرة الول فـ مواجهـة مباشرة مـع الناس ،ومتطلباتمـ الياتيـة الختلفـة ،مضافـا إل
17
ت صاعد وتية التغي ي الجتما عي واشتداد ها ف العقد ين الخي ين ،بف عل ممو عة عوا مل تقن ية (ثورة
الت صالت) وجيو سياسية (حروب صدام الثلث) واقت صادية (ترا جع عوائد البترول) و(ف شل مشار يع
التنمية) وديوغرافية (تضاعف عدد السكان) و(الجرة الواسعة من أفغانستان والعراق بسبب الروب)
ـ ناية القتباس.
التّشيع و إشكالت ما بعد الثورة !
من الضروري ه نا ،و ن ن ندرس التحولت الطية و ال كبية ف الو سط الشي عي اليرا ن ،و
سنتحث عن الو سط العرا قي في ما ب عد ،أن نل حظ أن التش يع الد يد الذي برز قب يل و ب عد الثورة ،
يتلف جذريا عن التشيع الذي كان أكثر استجابة للحداثة و العاصرة ،فبينما يغرق الؤدلون ـ ف
عصر ما بعد ولية الفقيه ـ ف مظاهر و مصطلحات النقاش الفلسفي على الطراز الغرب ـ إل أن
التعامل دوما مع هذا النطق ينتهي بطروحات ساذجة و سطحية و حت انفعالية ،تاه الرأي الخالف ،
و بدل من طرح قضية "نقد الذات" كخطوة للتطوير ،تغرق الدرسة الدينية الشيعية "الوزة" ف نقد
الغرب و الداثة ،بينما تقف تاه "الذات +النا" موقف التقديس و الحترام.
يقول السيد عبد البار الرفاعي ـ الستاذ ف حوزة قم ـ :
18
" منذ عشرين عاما بدأت تتشكل ف طهران حلقات دراسية ونقاشية ،تتم بالتفكي باستفهامات
لهوتيـة ل يعرفهـا الهتمون بالدرا سات السـلمية فـ إيران ق بل هذه الفترة .تدور حول :مـا يترقبـه
الن سان من الد ين ،وجدل العلم والد ين ،والع قل والعتقدات الدين ية ،وطبي عة التجر بة الدين ية ،ومال
الد ين وحدوده ف حياة الن سان ،وهكذا ح قل الف قه ومديا ته ،ومشروع ية الدولة الدين ية ،وإمكان ية
توظيف الناهج والدوات العاصرة للعلوم النسانية ف دراسة التجربة الدينية والتراث والنص ...وغي
ذلك ،ما يعرف اليوم بباحث «فلسفة الدين وعلم الكلم الديد» ف إيران.
وبالتدريج حفلت مموعة من الدوريات الناطقة بالفارسية بذه الوضوعات ،واهتمت دور النشر
بطباعة عدد وفي من الدراسات الترجة عن النليزية واللانية والفرنسية ،الت تتناول قضايا فلسفة
الديـن ،واللهوت الكنسـي الديـث ،والتعدديـة الدينيـة ،والرمنيوطيقـا والتأويـل ،وفلسـفة اللغـة،
واللسنيات ،وفلسفة العلم ...وغيها.
وكانت الوزة العلمية ف قم أول مطة لجرة هذه النقاشات والكتابات من طهران ،فقبل عشر
سنوات افتتح الدكتور عبد الكري سروش ،وهو أحد أبرز الفكرين ف هذا القل ،حلقة لدراسة علم
الكلم الد يد ف قم ،و ظل يدير ها بنف سه أك ثر من سنة ،وكان يتلف إلي ها نبة من تلمذة الوزة
العلمية.
واستعر السجال بي الدارسي ف إيران حول مشروعية توظيف مناهج العلوم الجتماعية الغربية،
وهكذا أدوات ومقولت اللهوت الديد ،ف الدراسات السلمية ،بل مشروعية الشتغال على بعض
الباحث ،وتأجيج أسئلة ،وإثارة إشكالت من شأنا أن تزعزع إيان الناس وتعصف بعتقداتم.
وبالر غم من هذه العتراضات وازدياد مظا هر الحتجاج على هذا اللون من الباث ،فإن عدد
النخرطي ف السجال اتسع ،فاستوعب النخبة ف الوزة العلمية والامعات ،وصار من أهم مشاغل
النتديات الثقافية ومراكز البحوث ،والدوريات الفكرية.
ث توغلت هذه البا حث ف أق سام درا سات الفل سفة وعلم الكلم وغيه ا ف كليات الليات
والشريعة ".ـ الصدر السابق.
فاللحظ أن التشيع الديد ،ف حقيقته ،معاكس للتشيع القدي أو بالحرى يقف بالضد منه ،
فمه ما ح ل التش يع القد ي من "خرافات" و "طقوس" و "شعائر" ،إل أ نه كان ي ثل حقي قة "الد ين
الشعب" و "دين الفقراء و الحرومي" ،لكن و منذ تبن "إيران السلمية" لبدأ "ولية الفقيه ـ الفقيه
19
الطلق الصلحيات" و ظهور "أوليجاركية اللية ، " oligarchy of clergyإنقلب الذهب إل
نوع آخر من "دين السلطة" و انتقلنا من "وعاظ السلطي" إل "سلطان الواعظي" ،حسب تعبي أحد
الكتّاب ،و مشكلة "الريـة السـطحية" التـ نظّرت لاـ "الوزة" أناـ "حريـة مؤطرة" ،أو لنشبههـا
ب ـ"ال سجّان" الذي ي ب ال سجوني أن م "أحرار دا خل زنزانات م" ،و ه نا فن حن ن د أن كل فل سفة
مدرو سة تدور ف أطار "اللهوت" ،و أن كل مر شح للنتخابات ل بد و أن يدور ف فلك ال سلم
ال سياسي ،و بدون ذلك ن د أن كل شيـء ينظـر إليـه على أنـه "عدو" و "مؤامرة" و "تديـد للمـن
القومـي" و فعل شهدت التسـعينيات و فـ فترة بروز "الرئيـس ممـد خاتيـ" تصـاعد الصـراع بيـ
الصلحيي و الحافظي ـ الذين أُفضّل تسميتهم بالرجعيي ـ و عندما خشي الحافظون من التأييد
الت صاعد لل صلحيي من ق بل الشباب و الن سوة اليرانيات ،قام الرس القد ي بتحج يم دور الرئ يس
خاتي خصوصا ف دورته النتخابية الثانية حيث شبهه سياسيون إيرانيون معارضون بالدمية الت يلعب
با الحافظون ،و قُمعت مظاهرات الطلبة بالشدة و القسوة.
فمثل ند أن آية ال صادق السين الشيازي و على نسق آية ال المين ،يروج ـ ف كتابه
"ال سياسة ف ال سلم" ـ لفكرة أن ال سياسة ال سلمية هي سياسة "مثال ية" قائ مة على الخلق و
الفضيلة و الح سان و العدل ،و هذا م كن ف "ع صر ال نبياء" ،أ ما ف ع صرنا الال ،و ف ز من
التكنولوج يا الن ـــووية اليران ية و ز من الع ــنف "الذي يارس ت ت شعار القاو مة" ،و تبد يد
الال على السلح و شراءه و تطويره ،و تفاقم الفقر و العوز و الطبقية ف الوسط الشيعي خصوصا ،
فإن اللي و الواضح أن "العمم" كسياسي ،ل يتلف عن نظيه "العلمان" ،هذا إن ل يكن أسوأ ،
كونه ياول أضفاء القدسية على نفسه.
إن الل أخلقية و اليكافيلية الت جسدها ملية إيران ف سياستهم الليئة بالداع و الراوغة و إلاء
الشعب بالعداء الارجيي ،أثبت با ل يقبل الشك ،أن كل ما طرحه العممون من "سياسة السلم
الخلق ية" هي مرد كذ بة ،و بالر غم من تطرف آ ية ال المي ن إل أ نه على ال قل كان صريا ف
ماول ته ج عل ال سياسة اليران ية "ال سلمية" أخلق ية أو مثال ية ،و لك نه طب عا ف شل ف إقناع الطب قة
الاك مة "الدينية" من اتاذ هذا الط ،و الدل يل على ذلك أن الر جل ل ي كد ينت قل إل عال الغ يب ،
حت سارع اليرانيون إل الصلح مع نظام "البعث" ف العراق ،و دون شروط مسبقة تفظ لليرانيي
ماء الو جه و مئات اللف الذ ين قتلوا ف الرب العراق ية ـ اليران ية 1980ـ 1988م ،و ف
الوقت الذي كان نظام البعث ف العراق يرب الجيال على أن اليرانيي أعداء و أنم "الفرس الجوس".
20
الانـب الخـر القبيـح مـن السـياسة اليرانيـة هـو ترسـيخهم للعلقات مـع النظـم "الدكتاتوريـة
الستبدادية" كالنظام السوري "البعث العرب السوري" ،النظام الشيوعي ف كوبا "دكتاتورية كاسترو"
،النظام الشيوعي ف كوريا الشمالية "الطاغية كم سونغ إل" ،الدكتاتورية الصينية ،روسيا التادية و
نظامها الديقراطي الش ،ما يعكس أسوأ مثل على "الباغماتية" أو لنقل أنه النموذج السوأ لنظرية
النفعية الواقعية.
كمـا أن هذا النظام الدينـ ،ركـز على قضايـا شوليـة ،كــ"فلسـطي" " ،الصـراع العربـ
السرائيلي" ،و بشكل يناقض تاما الصال الشروعة للشعب اليران ،كما أن إيران أصبحت تتبن
"الشروع القومي العرب" ف حني واضح من قبل ذوي "العمائم السود" إل الماد القريشية ،مع أن
إيران ليست دولة عربية.
التشيّع و وليـــة الفقـــيه
..........
تقوم "نظرية ولية الفق يه" و الت طرحها آ ية ال المي ن ف كتابه "الكو مة السلمية" ،و قد
استوحاها من آية ال أحد النراغي "من علماء الشيعة ف القرن 19ميلدي" ،على مبدأ أساسي هو
أن النـب "ممـد" و خليفتـه ــ حسـب العقيدة الشّيعيـة ــ المام علي ،ل يكتفوا بالقيام بالدعوة و
التف سي و توض يح النّص القدس ،بل أداروا نظا ما إدار يا كامل ،كإدارة الرب و ت طبيق الحكام و
الدود ،يقول آية ال المين ف كتابه "الكومة السلمية" :
وجود القانون الدوّن ل يكفـي لصـلح الجتمـع .فكلي يصـبح القانون أسـاسا لصـلح البشريـة
وا سعادها ،فإ نه يتاج إل سلطة تنفيذ ية ولذا أ قر ال تعال الكو مة وال سلطة التنفيذ ية والدار ية إل
جا نب إر سال القانون ،أي أحكام الشرع .وكان الر سول الكرم (ص) على رأس التشكيلت التنفيذ ية
والداريـة للمجتمـع السـلمي ،واهتـم (ص) ــ بالضافـة إل ابلغ الوحـي وبيان وتفسـي العقائد
والحكام والنظمة السلمية ـ باجراء الحكام وإقامة نظم السلم ،إل أن وجدت الدولة السلمية
ل ببيان قانون الزاء فحسب ،بل قام مع ذلك بتنفيذه أيضا ،فقطع اليدي فلم يكتف ف ذلك الزمان مث ً
ور جم وأقام الدود .وكان للخلي فة والرت بة .فعند ما ع ي الر سول الكرم (ص) خلي فة بعده ،ل ي كن
ذلك لجرد بيان العقائد والحكام ،بل كان لجل تطبيق الحكام وتنفيذ القواني أيضا.
21
وكانت وظيفة تنفيذ الحكام واقامة نُظُم السلم هي الت جعلت تعيي الليفة مهما إل درجة لوله لا
كان الرسول (ص) قد بلغ رسالته ،ولا كان أكملها ،إذ إن السلمي بعد الرسول (ص) كانوا يتاجون
إل من يطبق القواني ،ويقيم النظم السلمية ف الجتمع لتأمي سعادة الدنيا والخرة.
و يضيف :
من البدي هي أن ضرورة تنف يذ الحكام ال ت ا ستلزمت تشك يل حكو مة الر سول الكرم (ص) لي ست
منحصرة ومدودة بزمانه (ص) ،فهي مستمرة أيضا بعد رحلته (ص) .وفقا لليات القرآنية الكرية]1[1
فإن أحكام السلم ليست مدودة بزمان ومكان خاصي ،بل هي باقية وواجبة التنفيذ إل البد.
فلم تأت لجـل زمان الرسـول الكرم (ص) لتترك بعده ول تنفّذ أحكام القصـاص ،أي القانون
الزائي لل سلم .أو ل تؤ خذ الضرائب القررة ،أو يتع طل الدفاع عن الرا ضي وال مة ال سلميتي.
والقول بأن قواني السلم قابلة للتعطيل ،أو أنا منحصرة بزمان أو مكان مددين خلف الضروريات
العقائدية ف السلم .وعليه فبما أن تنفيذ الحكام ضرورة بعد الرسول الكرم (ص) وإل البد ،فإن
تشك يل الكو مة وإقا مة ال سلطة التنفيذ ية الدار ية ي صبح ضروريا .فبدون تشك يل الكو مة ،وبدون
السلطة التنفيذية والدارية ـ والذي يعل جيع تصرفات وانشطة افراد الجتمع خاضعا لنظام عادل،
وذلك عن طر يق تنف يذ الحكام ـ بدون ذلك تلزم الفوضى ،ويتف شى الفساد الجتما عي والعقائدي
والخلقي.
إن نا ه نا بدا ية أمام تلك الشكال ية القدي ة ال ت يطرح ها "ال سلميون ال صوليون" دو ما ،و هو
الرجوع إل "الثال" أو "النموذج" التاريي الاضوي ـ ذو الطبيعة التخيلية ـ إذ أن هذه الادة تعتمد
على الوروث الشفهي التراثي الذي يمل ف ذاته نوعا من "الكم التراكم" ،فالتراث ككل هو مموعة
روايات "تراث" يتوقف حجمها و نوعها على مزاج الباحث و نظرته "التمحيصية" ف هذه النصوص ،
و مهما حاول السيد المين هنا إقناعنا فهو يبقى دائرا أول ف فلك "التشيع" و لربا ل تتلئم فلسفته
مع الذاهب الخرى الت تؤمن أن النب ممد ترك المور فوضى من بعده ،لكن كيف للفقيه العاصر
أن يضع نفسه ف مقام العصوم ؟! و هل كان الشيعة و الئمة الثن مطئي حينما ل يقوموا بتطبيق
هذه الحكام طوال 1400سنة هي عمر التاريخ السلمي ؟!.
]1[1كنموذج لهذه اليات :الية 52سورة ابراهيم ،والية 2سورة يونس ،والية 49سورة الحج ،والية
40سورة الحزاب ،والية 70سورة يس.
22
غ ي شرع ية "غ ي قانون ية" ،و معروف أن كل النق سام الاصل ف ال سلم هو ب سبب هذه الطبي عة ،
كمـا أن هذه السـباب هـي التـ جعلت فريقـا فـ الوزة يؤمـن بــ"وليـة المـة" أو "الشعـب" أو
"الديقراطية السلمية" كما يسميها البعض ،حيث أنه ف غياب "العصوم" ل بد أن يكون "الشعب"
هو صاحب ال مر و الن هي ،و الفق يه مه ما كان تق يا أو ور عا فإ نه يب قى صاحب أهواء و رغبات و
مصال ،و من الواضح أن نظرية "ولية الفقيه" و ضعت الرجع "آية ال" ف مقام وكيل العصوم الغائب
،و هو أمر يرفضه "التشيع" ف خطوطه العامة.
يقول الكاتب "مرتضى معاش" ف بثه القيـم حول "حقيقة العلقة بي ولية الفقيه و الرية" و النشور
ف ملة "النبأ" الكويتية العدد : 41
ليوجد هناك دليل شرعي قاطع على ان ولية الفقيه هي مثل ولية العصوم بل ان معظم الدلة الواردة
فـ باب الوليـة تتحدث عـن وليتهـم دون ذكـر الفقهاء ،واذا كانـت هناك روايات فـ ذكـر العلماء
والفقهاء فان الكثي من الفقهاء يشيون ال انا واردة ف باب التقليد والحكام الشرعية ورجوع الاهل
ال العال ،ا ما ول ية الفق يه وبذا الطلق فل يس هناك مورد قط عي ي ستند عل يه .يقول الش يخ النائي ن: :
القصود من اثبات الولية للفقيه هو اثبات ما كان للشتر وقيس وممد بن اب بكر ونظرائهم ولاشكال
ف ا نه كان ل م اجراء الدود وا خذ الزكاة جبا والراج والز ية ون و ذلك من المور العا مة .وهذا
لينفع دليل لن ولية ولة المام كانت بالنيابة الاصة وف ظل حكمه و مراقبته ،بينما ولية الفقهاء
بالنيا بة العا مة حددت ض من ا طر لي كن ف هم ذلك الطلق من ها ،لذلك يقول الش يخ الن صاري :ا ما
الولية على الوجه الول اعن استقلله ف التصرف فلم يثبت بعموم .حيث حصر رحه ال الولية ف
بعض المور الاصة كولية اليتام والسفهاء والمر بالعروف والنهي عن النكر وهي ولية عامة اعم
من كونا خاصة بالفقيه ،نعم من باب الهم والهم ورفع اختلل النظام يتصدى الفقيه لبعض الوارد،
وهذا ليش كل دليل اول يا وا صليا على ثبوت الول ية الطل قة .بل ما ث بت من الجموع العام لليآت
والروايات هو ول ية مدودة بشروط وقيود وأ طر ح يث يرى المام الشيازي :أن ل ول ية للفق يه ف
التشريع الارج عن الطار السلمي اذ الدلة لتدل عليه والصل العدم .وهذا يعن ان الولية مصورة
ضمن الطار السلمي الذي من اسسه الولية الرية والشورى.
يستشهد السيد المين ف كتابه "الكومة السلمية" بديث منقول عن الكاف ف باب "( ..جيع ما
يتاج الناس اليـه إل وقـد جاء فيـه كتاب أو سـنة ")..للسـتدلل على "وجوب" إقامـة حكومـة
إسلمية" !! مع أن ل أرى هنا أي علقة "استدللية" بي هذه الحاديث و النظام الدين كما أنه استدل
بالية "{ولقد أرسلنا ر سلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب واليزان ليقوم الناس بالق سط} و ل كن الية
تص "الرسل فقط و ل تسري حت على النبياء من ل يملون الرسالة" كما أن هذه الية تصلح لدم
"نظرية ولية الفقيه" ل لثباتا ،بعن أن الرّسل و العصومون وحدهم يستطيعون الطلع على القيقة
الطلقة و السيد المين يستمر "ربّما ل شعوريا" بالديث عن المر الوجه من ال للرسول و كأنه هو
نفسـه فهـم مـا فهمناه ،و لنفترض أن المـر كذلك ،فإيـن الحاديـث التـ تدد مدة انتخاب رئيـس
المهور ية بأرب عة سنوات ؟! ك ما أن "أ صول الكا ف" ل يقوم ب ي الشي عة العفري ي مقام " صحيح
البخاري و مسلم" بي السنة ،فالشيعي ل يعتب كل ما ورد ف "الكاف" واجب التباع ،بل إنه بجرد
أن يناقض القرآن يكون قابل للرفض.
أعت قد أن الجت مع اليرا ن و النظام الدي ن اليرا ن ،ل يقو ما ل د الن بن قد حقي قي و واق عي لن هج
"المين" و تطبيقاته الكارثية على الشيعة و الذهب الشيعي و اليرانيي عموما ،كما أن احتجاجه على
اؤلئك الذين قالوا أنه ل يكم تطبيق الحكام السلمية إل بظهور "الهدي النتظر" ،بالقول :أن الصلة
واج بة ف هل تتركون ا إل ح ي ظهور الهدي , !!"..الوا ضح أن ل مال للمقار نة ب ي سياسة دولة و
عبادات خاصة بالفرد و إيانه الشخصي ،فرُبّ مصلّ يصلّي ليقال "ما أتقاه" ،و آخر يصلي على سبيل
"الرياضة" و الصول على قبول "الجتمع التقليدي".
كما أن ماولة الطبقة "العممة ـ اللية" ف إيران ،إخفاء حقيقة "دكتاتورية الفقيه" و جعله وكيل ل
ف الرض ،باءت بالف شل ،فالول الفق يه صامد على كر سي ال كم و ح ت آ خر ل ظة من حيا ته ،
صحيح أنه ل يورث الكرسي ،حيث أن المين منع تول أي من عائلته هذا النصب ،لكن المسك
بذه السلطة ،و الذي ل ينتخب بشكل مباشر و ل يعاد انتخابه أو ماسبته ،إذ هو القرآن الناطق ؟!!
يشبه اللوك الستبدّين أو الدكتاتور ف الدولة الشيوعية الاركسية ،و هو "كونه وكيل العصوم الغائب"
يستبد على أصحاب اللك "الشعب" عب هذه الوكالة ،بعن أن على الشيعة ف إيران تليص مذهبهم و
شعبهم من "دكتاتورية" قائمة على وكالة مزورة و غي حقيقية ،و كان من المكن الصول على نتائج
أف ضل ف ظل دولة يكون الول الفق يه في ها مدود ال صلحيات و معر ضا للمحا سبة إذا ل ترق سياسته
للش عب ،و بالتال انتخاب آ خر مكا نه ،ل كن طب قة الل ية أرادت عب هذا النظام ،فرض دكتاتور ية
25
تتذرع بالنتخاب ،مـع أن الرشحيـ للحكومـة و البلان يُختارون مسـبقا مـن قبـل "ملس تشخيـص
مصلحة النظام" و الذي يشبه "ملس قيادة الثورة" ف ظل دكتاتورية البعث و صدام.
يقول السيد المين :
فك ما كان الر سول الكرم (ص) م سؤو ًل عن ت طبيق الحكام ،واقا مة أنظ مة ال سلم ،و قد جعله ال
تعال رئيسا وحاكما للمسلمي ،وأوجب عليهم طاعته ،فالفقهاء العدول أيضا يب أن يكونوا رؤساء
وحكاما ،ومسؤولي عن تنفيذ الحكام وإقرار النظام الجتماعي للسلم.
و ل كن نعود لل سؤال :من يُقرر من هو الفق يه العادل و الوثوق ؟!! و إذا كا نت "الوزة" أو "الطب قة"
العم مة هي من ستقرر ذلك ،نكون عد نا إل أ صل الشكلة ،إذ ل ي كن بال من الحوال أن ي ثل
هؤلء مصال غالبية الشعب ،خصوصا و أن السلك الدراسي "الوزة" مليئة بالعيوب و النظم القدية ،
فهل يوز مثل انتقاد "المام الب القائد الفقيه"؟!! أو رسم صورة كاريكاتورية عنه و نشرها ؟!! طبعا
هذا غي مسموح به ف "ديقراطيتنا السلمية".
من ه نا فمه ما روّج الل ية و العممون من نظريات و مثاليات ،تب قى ال سألة الدين ية ،كأي موضوع
بشري آخر ،قابل للختلف ف الشرح و التفسي بل و حت حرية الختيار ف القبول أو الرفض "فمن
شاء فليؤ من و من شاء فليك فر" ،من ه نا كان نظام ول ية الفق يه نو عا آ خر من الدكتاتور ية ،و لرب ا
يكون أخطر من غيه كونه قائما على أساس "ثيوقراطي" يضفي القدسية و الشرعية اللية على نفسه ،
لذلك ند "علي الامنئي ـ الرشد الروحي الذي خلف المين ف الكم" يؤكد ف كتابه "الكومة ف
السلم" على أن النظام "السلمي" اليران قائم على اليان بال ،يقول:
اليان بال يؤ ثر على البن ية ال سياسية للمجت مع ،أي ف ن ط الكومات والتشكيلت القائ مة على
إدارة هذا الجتمـع النبثـق على أسـاس العتقاد بال وبالسـتناد إل الدرسـة الليـة ،فالبنيـة السـياسية
والتشكيلت الدار ية والهاز التشري عي تتم يز باختلفات أ ساسية عن نظيات ا ف الجت مع غ ي القائم
على أ ساس توح يد ال واليان به .وإل هذا يرشد نا القرآن الكر ي فيقول {ونر يد أن ن ّن على الذ ين
استضعفوا ف الرض ونعلهم أئمة ونعلهم الوارثي} (القصص .)5:الكومة ف السلم ص 3
26
و هذه مغال طة واض حة ،فماذا يع ن "الامنئي" بقوله "اليان و الع مل ال صال و التقوى"!! ،فإن
كان القصود هو "كثرة العبادات و التقلب على السجاد و اللطم ف السينيات" ،فما أكثر من يفعل
ذلك ،و ال وحده يعلم من هو "الخلص" و من هو "الكاذب" ،ك ما أ نه ل يس هناك طرف مدد
يكون هو "الفيصل" ف أن يقرر من هو "التقي" و من هو "الرائي" و من هو "الاحد" و كما يقول
الثل الشعب الشيعي ف العراق ":يلطم على الريسة ما على السي"!!.
القي قة الواض حة هي أ نه ل أ حد م نا ي ستطيع أن ي يز "ال بيث" من "الط يب" ،خ صوصا و أن
الع صوم الثا ن ع شر غائب ح سب الذ هب الشي عي العفري ،و الر سول متو ف ـ ح سب مذ هب
السنة ـ فل أ حد يلك الن ح ّق "احتكار" التفسي و الفقه و النظم السياسية ،كما أن سية المام
علي و قبله النب ممد كانت بالضد من "الستبداد" بالرغم من امتلكهما العصمة و التأييد اللي ،
بينما ل "المين" و ل "الامنئي" يلك هذا القام أو الق.
من الدلة ال ساسية ال ت ي ستدل ب ا على ول ية الفق يه ونفوذ حك مه وامره هو ح فظ النظام ودرء
الفوضى لن ترك المة بل قيادة سوف يقودها ال فوضى عارمة تنتهك فيها القوق وتضيع الصال
وتنتشر الفاسد ،وهذا يعن ان الكومة من الضرورات العقلية الواضحة .ولكن عندما يتصرف الول
بدون رضى المة ويضيع حقوق الناس وليراعي الصال ويسلب الريات ويستبد بالمر فان هذا هو
درء للفا سد بالف سد ويؤدي ال فو ضى ا كب وتدم ي النظام الجتما عي العام .فالع قل :ي كم بالبداهة
بقبح الفوضى ووجوب اقامة النظام ،ولتستقر الدولة ال بضوع المة وطاعتها ،وتقق الدولة بقهر
قا هر ظلم على ال مة ي كم الع قل بقب حه فا نه خلف سلطنة الناس على اموال م ونفو سهم ولي كم
العقل ايضا بوجوب الضوع والطاعة له( .)17ان النظام الجتماعي ليستقر ال عند وجود مشاركة
جاع ية م سؤولة على ا ساس واق عي وهذه الشار كة تتح قق عب وجود الريات ال ت من اه ها حر ية
28
انتخاب الاكم .لذلك نرى ان النظمة الستبدادية هي اكثر النظمة فوضوية وفسادا حيث تسحق
اب سط القوق الن سانية وتن مو المراض الخلق ية والنف سية والجتماع ية وي ستهلك النظام العام ف
اشكال مـن النفاق والنانيـة والتفكـك والتناحـر .ومـن هنـا فليـس :لحـد ان يدد حريات الناس او
يتصرف ف مقدراتم بغي اذنم ،وللفراد ان ينتخبوا الفرد الصلح ويولوه على انفسهم بل يب ذلك
بعد ما ح كم الع قل بان الجت مع ل بد له من نظام وح كم وان ما من ضروريات حياة الب شر(.)18
فالنظام يتحقق ويتكامل مع الرية ويتنق وينهار مع الستبداد وقمع الريات.
اللقة الثامنـــة
إن التظاهر بالدين ،هو أحد أسوأ أمراض "الدولة الدينية" حيث يسعى الناس جاهدين إل إظهار
"الشوع" و "التف قه" و "الورع" ف سبيل الو صول إل "من صب" أو "وظي فة" أو "وزارة" ،و ه نا و
لن النظام السياسي القائم أقر مقاييسه "الفقهية التقوية" فهو نفسه سيحدد من هو "التقي" و من هو
"الشقي"!! مع أن القرآن يقول ف أوضح آياته { ل تزكوا أنفسكم بل ال يزكيكم } أو قوله { إل
ال مرجعكم فينبأكم با كنتم تعملون } ،يقول "الامنئي" :
إن نا ن سعى لتكون قوانيننا إل ية ،فمجلس الشورى السلمي وملس صيانة الدستور ،اللذان يثلن
معا السلطة القنّنة لدينا ،يسعيان لتكون القواني الت يصادقان عليها قواني متطابقة مع الكتاب والسنّة
ومع النصوص لنتخاب أشخاص يديرون البلد عب اختيارهم من بي الفراد الؤمني بالعقيدة الدينية،
وهذا هو الدرس الذي يعلمنا إياه العتقاد بالتوحيد واليان بال .الصدر السابق ص 5
فالل حظ ه نا أ نه تدث ه نا عن "انتخاب أشخاص" ،لك نه عاد ليق يد النتخاب بالقول " عب
اختيارهم من بي الفراد الؤمني بالعقيدة الدينية" ،إنه فعل تلعب بالنتخاب إل حد أنه انتخاب
بل جدوى أو معن ،و الشخص "الؤمن" فعل قد يصبح "ملحدا" بقاييس السلطة و "الول الفقيه" ،
و ما حصل مع "آية ال منتظري" و حجبه عن الولية لصلحة "الامنئي" خي مثال على ما قلناه.
29
إن هذا الديـث "الوعظـي" ينافـ الواقـع و القيقـة ،فمنـذ قيام "الثورة السـلمية" تضاعـف عدد
الدمني على الكحول و الخدرات و راجت النرافات النسية "كالثلية" و يعيش أغلبية اليرانيي "و
قد ت سن ل الطلع على الوضاع هناك ف زيارة ق صية" حالة مزر ية من الف قر و البطالة و ت صاعد
حالت الطلق و الفساد الداري ،بل إن اليرانيي يتندرون على سبيل "النكتة" بالقول :إذا قال لك
السئول بس فردا ـ بعد الغد بالفارسية ـ فهو يكذب."..
و اللحظ أن "ولية الفقيه" هي أقرب إل أن تكون نظرية "سنية" أكثر منها "شيعية" ،بعن أنا
تشبه "نظرية اللفة" الت يروّج لا "بن لدن" و "القاعدة" ،و الواضح أن "الامنئي" ـ و هو يتلف
ف ذلك قليل عن السيد المين ـ ي سعى إل أن يعل من نف سه هذا "الليفة" و لذلك نراه و تياره
"حزب ال" يتبن القضايا "السلمية ـ القومية العربية" بل و حت التضحية بشيعة العراق للوصول إل
هذا الدف.
إن ماولة تعم يم نظر ية "شيع ية" ف عال " سن" معروف بطائفي ته ،هو أش به بزرا عة أي نبات ف
"القطب الشمال" ،بل إن "نظرية ولية الفقيه" ليس لا مؤيدون بي "الشيعة" فضل عن غيهم ،
فنظام ولية الفقيه هو الطابع الميز لدستور المهورية السلمية والصفة الغالبة على الشكل العام
لجتمعنـا ،أي أن "وليـة الفقيـه" تُلحـظ بوضوح فـ كـل شأن مـن الشؤون الهمـة والسـاسية لذا
الجتمع ،وآثارها مشهودة ف أعطاف الجتمع وحناياه "..الصدر ص . 8
و الواضـح هنـا أن هذا المـر ل يعدو كونـه مرد زعـم ل أسـاس له ،و مشكلة إيران مـع "وليـة
الفق يه" هو أن أي دولة شهدت نوض "ثورة" و إحلل نظام مكان آ خر ،ل بد و أن تتخ طى ز من
الثورة و قوانينها إل "الجتمع الدن" القائم على الواطنة ،لكن الواضح لد الن أن إيران ل زالت ف
حالة طوار يء ،و من خلل متاب عة أطروحات "الر شد" ن د أ نه هو نف سه غ ي متأ كد من شرع ية
"وليته الفقهية" حت بالدلة الشرعية فهو يقول:
وأعتقد أننا لسنا باجة إل دليل نقلي (روائي) للبهنة على "ولية الفقيه" ،على الرغم من أن الدلة
النقلية الروائية متوفرة ف القرآن والديث ،وكلها تدلل على حكومة الفقهاء والعلماء الربانيي .بيد أننا
لو ل ي كن لدي نا أي دل يل نقلي على حكو مة ال باء بالد ين ف الجت مع ال سلمي ،فإن الع قل والدلة
النطقية تشي إل حقيقة أنه من أجل تطبيق الحكام اللية ،وتنفيذ القواني الدينية ف الجتمع ينبغي أن
يت صدى لذلك أشخاص يتلكون الهل ية ،والكفاءة وال صلحية اللز مة ،ف هذا الضمار م ن لدي هم
إطلع ومعرفة بالشؤون الدينية .الصدر ص .8
و من ه نا نرى أن ال ستدلل يب قى "ذات يا" ،بع ن أن "الر شد" يشرع شرعي ته بنف سه ،بل و إن
الرجل ليؤكد شرعية دكتاتوريته بالقول:
إن إشراف الول الفق يه على ج يع الرا كز ال ساسية والرا فق ال ساسة ف الجت مع ال سلمي ،أ مر
ضروري ،وقد استجاب دستورنا لذه الضرورة ولبّاها ...فإن الول الفقيه يارس بالفعل إشرافه ـ
كما ورد ف دستور المهورية السلمية ـ على جيع الراكز اليوية والساسة ف هذا الجتمع ،وله
31
حضور فاعل ومؤثر فيها ،وهذا أمر ليس باجة إل دليل وبرهان ،بل العجيب هو ما قد يطرحه بعض
ل على رفض ولية الفقيه ودحضها .الصدر ص 8و . 9
الشخاص ما يعدّونه دلي ً
و هو فعل سبب وجيه لرفض "دكتاتورية الُعمّم" و ليس هناك من دليل شرعي أو عقلي يقبل بكم
شول من أي نوع كان ،من هذا النطلق كان لزا ما على اليراني ي ،إ ما تطو ير النظر ية ـ ب يث
ي صبح الفق يه عر ضة للمحا سبة ـ أو إلغاء هذا النظام بنظام آ خر ب سيط يقوم على ح كم الش عب و
رقابته على الكومة.
و الصيبة أن الامنئي وضع نفسه موضع "النبياء و الئمة العصومي" فهو يقول:
أما الجتمع اللتزم بالقيم اللية ،والقائم على اعتناق عقيدة التوحيد ،والنبوة والشريعة اللية ،فإنه ل
يرى بدا من القبول بأن يكون على رأسه ش خص عال بالشري عة السلمية والتعال يم اللية ،وتتجسد
فيه الخلق الفاضلة ،وتتجلى فيه الصال الميدة ،ول يقترف الذنوب ول يرتكب العاصي ،ول يقع
عمدا فـ الطـأ والشتباه ،غيـ جائر ول ظال ول طامـع فـ شيـء مـن الطام لنفسـه ،بـل يتحرق
للخرين ويفضل إقرار القيم اللية على القضايا الشخصية والمور الذاتية والصال الفئوية .الصدر ص
.9
إ نه مرد حد يث "مثال" خيال ،ل يس له أ سس أخلق ية أو دين ية أو إن سانية ،بالقي قة فإن "ول ية
الفقيه" هو انقلب على التشيع و مذهب أهل البيت ،لنه انتقل من كونه "عقيدة شعب" إل عقيدة
أخرى يسـتحوذ باـ "طبقـة مـن اللل" على قرار الشعـب و ثرواتـه ،و رغـم ماولت "الرشـد علي
الامنئي" ف كتابه الذي نن بصدده ،ف إقناع القاريء اليران خصوصا و السلم الشيعي و السن
بشكل أعم ،بأن النظام اليران "جهوري مستمد من الشعب" ،إل أنه وضح با ل يقبل الشك أن
هذا النظام هو "دكتاتورية" مائة بالائة ،حيث يقول الامنئي
ولذا فإن هذا المر قد تت معالته ف متمعنا وف نظامنا المهوري السلمي ،إذ أن على رأس
ال سلطة التنفيذ ية ف البلد ي قف رئ يس المهور ية ال سلمية ،و قد ت انتخا به من خلل آراء الش عب
وعيّن ف منصبه عب تنفيذ المام لرأي الشعب وإمضائه ،أي أنه ـ ف القيقة ـ معيّن ،وبالتال ،من
قبل المام.
فالشعب ينتخب شخصا من بي الشخاص اللئقي لرئاسة المهورية ،ث يقوم المام بتنفيذ رأي
الشعـب بتعيينـه رئيسـا ،أي أنـه إن ل يصـادق المام على انتخابـه لن يصـبح رئيسـا للجمهوريــة.
فالمـام ـ وهو الفقيه العادل وول أمر السلمي ـ يسك زمام المور بشأن تعيي أعلى مسؤول
تنفيذي ف البلد .و يضيف:
وهكذا ال مر على صعيد ال سلطة التشريع ية "القنّ نة" ،ح يث يعيّن المام ستة من الفقهاء ف ملس
صيانة الد ستور ،وهذا يع ن حضور المام ـ معنويا ـ ف مال التشر يع القانو ن ف البلد ،فبدون
تسجيل المام حضوره ف هذا الضمار ل تكون عملية التقني قد تت تت نظر الول الفقيه وإشراف.
وهكذا ال مر ف مال ال سلطة القضائ ية ،ح يث ي سجل المام حضوره "العنوي" من خلل تعيي نه
رئ يس ديوان القضاء العلى ،والد عي العام ف البلد ،وهذان ال سؤولن تنت هي إليه ما ج يع الشؤون
القضائية ف البلد ،وها ـ ف القيقة ـ نائبا المام ومثله ف هذا الجال ،ومن خللما يتم تأمي
إشراف المام على هذا الصعيد.
إذا ،فالول الفق يه له حضور فعال ودور أ ساسي ف الجت مع ال سلمي ،سواء على صعيد ال سلطة
التنفيذ ية أو ال سلطتي القنّ نة والقضائ ية .وطبعا فإن صلحيات الول الفق يه ل تنح صر ف هذا الطار،
وتتجاوز ذلك بكثي؛ ففي اليش والقضايا العسكرية ،وف إعلن الرب وبدئها ،وف ختامها وإعلن
السلم ،وف تعبئة القوى وحشدها ،وف كل الشؤون الت تع ّد من القضايا الساسية والهمة ف الجتمع
السلمي ،نرى للول الفقيه سلطة ودورا وحضورا فاعلً طبقا للدستور ،ووفقا للمقاييس العقلية ،الت
33
يب أن تري المور بوجبها ف الجتمع الذي يتوجب قيام الكومة السلمية فيه .الصدر ص 9و
. 10
من هنا تتو ضح القي قة و على ل سان أعلى سلطة ف النظام الدين ف إيران و أنه ل يستند إل أي
قاعدة شعبية ،اللهم إل ف قطاعات ضيّقة جدا ،إنا دكتاتورية مغلفة "بالوعظ" و "الشوع الكاذب"
،بالتال فإن ترير الذهب الشيعي من خاطفيه يب أن يكون هدف الوزات الشيعية نفسها ،و على
الصلحيي التحرك قبل تول المر إل كارثة ل خروج منها.
الــلقة التـــاســــــــعــة
من الل حظ أن كل النظر ين الديني ي اليراني ي ،من "ال سيد المي ن" و "الامنئي" و "م مد علي
التسخيي" و سائر الطبقة السياسية العممة ،يطرحون نظام ولية الفقيه على أنه نظام يعكس رغبة
الشعـب أكثـر مـن الديقراطيـة الغربيـة ،و مـن الواضـح مـن نقدهـم الوجّه إل الديقراطيـة الغربيـة
"الرأسالية" أنه نقد سطحي ل أكثر ،فمجرد نظرة إل الكتاب الكبي للعلمة آية ال مــحمد باقر
الصدر "إقتصادنا" ـ ف اعتقادي أنه ما من شخصية شيعية تضاهي قوة و إبداع هذا الرجل ـ فإنك
ستجد النظام القتصادي السلمي "أشكّ حقيقة ف وجود نظام اقتصادي خاص بالسلم" أقرب إل
الرأسـالية و حريـة التجارة ،و أعتقـد أن هذه نقطـة تسـب لصـال السـلم كديـن قابـل للتطور و
الندماج فـ العال الديقراطـي .و هنـا أود أن أطرح جلة نقاط مفيدة حول موضوع "وليـة الفقيـه"
طرحها الكاتب مرتضى معاش و هي:
34
ويرى البعض ان الول ينتخب ولكن ليس عن طريق المة بل عن طريق اهل الل والعقد ،لن المة غي
قادرة على معر فة الؤ هل وتشخ يص اعلمي ته وعدال ته لذلك يقت صر ال مر على العارف ي و هم ا هل ال ل
والعقد مع كون السية التاريية على ذلك .ولكن هناك ملحظات ف هذا الرأي:
1ـ ان الرية حق عام ليقتصر على اهل الل والعقد ولو قصر على ذلك لضيعت حقوق السلمي كما
2ـ ان الخذ برأي اهل الل والعقد وترك رأي المة خلف اطلق ايات الشورى ،وعمل برأي القلية
وتضييع رأي الكثرية وهذا ليسمى شورى .يقول امي الؤمني ) والزموا السواد العظم فان يد ال على
الماعـة واياكـم والفرقـة فان الشاذ مـن الناس للشيطان كمـا ان الشاذ مـن الغنـم للذئب(.نجـ البلغـة
)2/11
3ـ اذا كانت تصرفات الول تتاج ال اجازة من المة لنفوذ عمله وسلطته فان الجازة لتتحقق بجرد
4ـ ان السية السابقة كانت ف انتخاب اهل الل والعقد للول فان ذلك كان لبعد السافات جغرافيا
و صعوبة الت صال ،ول كن اليوم ال سافات ا صبحت ش به ملغ ية لوجود القدرة على الت صال واعطاء ال مة
5ـ ترى القواني الدستورية ان انتخاب اهل الل والعقد هو نوع من الدكتاتورية البطنة الت تدف ال
مصادرة رأي ال مة ل صال ال سلطة عب تعيي ممو عة من الشخاص ت سميهم ا هل ال ل والعقد لضفاء
الشرع ية على نف سها ،ك ما تف عل ذلك ب عض النظ مة ال ت ينت خب في ها الرئ يس من خلل البلان الذي
نعم يكن ان يقوم اهل الل والعقد بترشيح الفقيه او الفقهاء للمة كي تنتخبهم انتخابا حرا كما يصل
ذلك ف النظام الديقراطي عندما ترشح الحزاب اشخاصا ال الشعب حت ينتخبوهم .ناية القتباس.
نعود إل النق طة الول ال ت بدأ نا ب ا الوضوع ،ف كل الن قد الوجّه إل "الديقراط ية الغرب ية" يب قى
استعارة من معممي و ملتحي "الثورة" ف قراءاتم للكتب "الاركسية" و "الشيوعية" ،بعن أنك عندما
تقرأ هذا الن قد ت ظن نف سك لول وهلة تقرأ كتا با للبلش فة "الشيوعي ي" ،يقول "الامنئي" ف كتا به
"الكومة ف السلم":
ولذا فإن هذا المر قد تت معالته ف متمعنا وف نظامنا المهوري السلمي ،إذ أن على رأس
ال سلطة التنفيذ ية ف البلد ي قف رئ يس المهور ية ال سلمية ،و قد ت انتخا به من خلل آراء الش عب
وعيّن ف منصبه عب تنفيذ المام لرأي الشعب وإمضائه ،أي أنه ـ ف القيقة ـ معيّن ،وبالتال ،من
قبل المام.
فالشعب ينتخب شخصا من بي الشخاص اللئقي لرئاسة المهورية ،ث يقوم المام بتنفيذ رأي
الشعـب بتعيينـه رئيسـا ،أي أنـه إن ل يصـادق المام على انتخابـه لن يصـبح رئيسـا للجمهوريــة.
36
فالمـام ـ وهو الفقيه العادل وول أمر السلمي ـ يسك زمام المور بشأن تعيي أعلى مسؤول
تنفيذي ف البلد.
وهكذا ال مر على صعيد ال سلطة التشريع ية "القنّ نة" ،ح يث يعيّن المام ستة من الفقهاء ف ملس
صيانة الد ستور ،وهذا يع ن حضور المام ـ معنويا ـ ف مال التشر يع القانو ن ف البلد ،فبدون
تسجيل المام حضوره ف هذا الضمار ل تكون عملية التقني قد تت تت نظر الول الفقيه وإشراف.
وهكذا ال مر ف مال ال سلطة القضائ ية ،ح يث ي سجل المام حضوره "العنوي" من خلل تعيي نه
رئ يس ديوان القضاء العلى ،والد عي العام ف البلد ،وهذان ال سؤولن تنت هي إليه ما ج يع الشؤون
القضائية ف البلد ،وها ـ ف القيقة ـ نائبا المام ومثله ف هذا الجال ،ومن خللما يتم تأمي
إشراف المام على هذا الصعيد .الصدر ص 9و . 10
فأين هو النتخاب الر إذا يا مرشد الثورة و عرّابا ؟! فقبل قليل أخبنا الامنئي بنفسه أن رئيس
المهورية و كل الركان الخرى ف النظام اليران ،يعيّنهم "الول الفقيه باسم الشعب"!! بعن أن
الشّ عب بليي نه ل يعدوا أن يكون ا سا و شعارا ترف عه الكو مة اليران ية ف النا سبات الر سية ،و أن
"العمامة" هي وحدها الت تتحكم ف القرار ،و ل تنسى عزيزي القاريء أن الفقيه الشيعي ـ الذي
يتلف عن الفقيه السن الذي ل يعدو كونه موظفا حكوميا ـ يتلك قوة اقتصادية كبية عب استلمه
ملي ي الدولرات من أموال ال مس و ال تبعات و ال صدقات ،بع ن أ نه من الم كن أن ي ثل طب قة
رأسالية بعينها ،حاله حال السياسي الغرب الذي انتقده "اللية" و "اللتحون" ،و الكيد أن "الفقيه"
سيختلف تعامله مع فقي يبلغ خسه السنوي 100دولر عن ذلك الذي يدفع 1000000دولر
مثل.
إن العلم "الغرب" الخادع الذي حدثنا عنه "الرشد العلى" ،ليس إل عكسا للصورة الخرى ،
فالعلم اليران الذي يديره "الحجّبون و الحجبات" و "اللية و الليات" ل يعكس إل رؤية "فقيه
37
واحد" ،بعن أنه حت "الفقهاء" العارضون "للول الفقيه" ل يق لم الدلء بآرائهم ف هذا العلم
الوجّه و السيّس ،يقول "الامنئي":
وبالملة ،فإنه ف الجتمع السلمي تتجسد إرادة الشعب وينفّذ رأيه على جيع الصعد ،سواء على
صعيد السلطة القنّنة أو التنفيذية ،أو ف جيع شؤون السلطة والكم وولية المر ،تتجسد أكثر بكثي
ماـ يري فـ ظـل الكومات الديقراطيـة .مضافا إل ذلك ،فإننـا نرى أن الاكميـ والسـؤولي فـ
الجتمع السلمي يتمتعون بإيان الشعب وتأييده وحبه .فالشعب يك ّن لم الود والب واليان ،ولذا
فإنه يراهم منه وإليه ،ويؤمن بأنم خدم له ومنفّذون لرادته ومثلون لطموحاته وآماله .الصدر ص 15
.
طبعا سيبدو ف إعلم يسيطر عليه "أصحاب النظرة الضيقة" أن الشعب كله يؤمن بذه النظرية ،و
بدل يل أن كل "ال صحف و الجلت ـ ح يث أن التلفزيون مت كر من ق بل الحافظ ي و التطرف ي"
الصلحية ،أُغلقت بأمر الحافظي ،إل لنم نشروا أفكارا إسلمية أكثر "تررا".
إن ولية الفقيه ف داخلها ل تمل إل فلسفة هشّة و خداعا ،ل يتوي حت البيق الكاذب ،بعن
أن هذه النظرية "الفقهية"!! ل توي إل دكتاتورية مغلفة بغلف "اليان الدين" .يقول "الامنئي":
على هذا الساس ،فإن القول بأن الكومة الديقراطية والشعبية ل يكن أن تكون ـ بالضرورة ـ
حكومة دينية ،أو أن حكومة الدين ل يكنها أن تكون حكومة شعبية ،مغالطة وسفسطة ليس إل .إذ
أن بإمكان الكو مة ال سلمية ـ ف الو قت نف سه الذي هي ف يه حكو مة إل ية ـ أن تكون حكو مة
شعب ية أيضا .وكنموذج على ذلك ،ما كان ف ع هد صدر ال سلم ،إبّان ز من ال نب (ص) واللفاء
الذ ين تبعوه أول ال مر ،والنموذج الثا ن هو حكو مة المهور ية ال سلمية ،وكلتاه ا حكو مة شعب ية،
وقائمة على عواطف الشعب ووفقا لرائه ،وتأسست عب انتخاب الشعب وتقودها العناصر الشعبية.
الصدر ص . 15
38
تقول الادة الام سة من الد ستور" :ز من غي بة المام الهدي (ع جل ال تعال فر جه) تكون ول ية ال مر
وإمامة المة ف جهورية إيران السلمية بيد الفقيه العادل ،التقي ،البصي بأمور العصر ،الشجاع القادر
على الدارة والتدبي."...
وتقول الادة التاسعة بعد الائة :الشروط اللزم توفرها ف القائد ،وصفاته هي:
1ـ الكفاءة العلمية اللزمة للفتاء ف متلف أبواب الفقه.
2ـ العدالة والتقوى اللزمتان لقيادة المة السلمية.
3ــ الرؤيـة السـياسية الصـحيحة ،والكفاءة الجتماعيـة والداريـة ،والتدبيـ والشجاعـة ،والقدرة
الكافية للقيادة .
39
من الطبيعي أن تكون الالة النتخابية "اليرانية" هشّة و ضعيفة ف ظل دستور يقوم على الضبابية و
التناقـض ،فليـس هناك دسـتور فـ العال يقول :يبـ أن يكون الاكـم ظالاـ "..حتـ طغاة
كه ـــتلر و ستالي و الطاغ ية صدّام ،يدعون و يزعمون أن م عادلون و مُ ستقيمون ،إذن ف من
الواضح أن الدّستور اليران ضباب لكونه من فئة بعينها و ل يثل كل الشعب أو حت الغلبية.
من الؤسف حقا أن ند الشّرق السلمي ،خصوصا ،تتأثر بالثقافة الاركسية اللينينية الشيوعية ،
هذه الفل سفة الليئة بال قد و الدكتاتور ية و احتقار الب شر و معاملت هم كقطعان من اليوانات ،لذلك
لن يكون غري با أن يقوم "الول الفق يه" و من م عه من جيوش الل ية التع صبي ،بتحر يف القائق و
الل عب بعوا طف الناس و عقول م ،و من هج "المي ن" و "الامنئي" وا ضح ف هذا الشأن ،و ل يس
عجيبا أن ند أنه منذ أيام "الشيازي" و ابنه ممد رضا ـ الذي اتمه البيطانيون بأنه يروج للبلشفية
و الاركسية ـ و فتوى الشيازي الت اعتبت "البلشفة" الشيوعيي الذين ل يؤمنون بال ،أصدقاء
للمة السلمية خلل حربم مع البيطانيي بداية القرن العشرين.
و ف الرحلة ال ت تلت الرب العال ية الثان ية من صراع ب ي "الل ية" و "حزب تودة" و "الر كة
الشيوعيـة" فـ إيران و العراق ،تأثـر العمّمون فـ الوزة بالنطـق الشيوعـي فـ اليان بصـراع
"الشتراك ية" مع "الرأ سالية" و ت سخي الش عب و تري كه ككتلة من "المادات ال ت ل تع قل" و
استغلل عواطفه.
فها هو الامنئي حينما ينتقد "الغرب" يبدو لك و كأنه تلميذ من تلميذ "ستالي" أو "خروشوف"
:
40
لو نظرنا إل قضية مدى انطباق تصرفات النظمة الديقراطية مع رأي الشعوب وإرادتا من زاوية
أخرى ،هـي الزاويـة العمليـة والانـب التطـبيقي ،لوجدنـا عدم انسـجام مـا تارسـه تلك الكومات
والنظمة على الصعيد العالي مع رغبات شعوبا وآرائها.
وكدل يل على ذلك ،ما تار سه الدول الغرب ية الرأ سالية وح ت الشرق ية الارك سية من العمال ضد
الدول الخرى م ا ل تر ضى به شعوب تلك الدول ،و هي لي ست أعمالً مرحل ية أو مؤق تة ،بل هي
سلسلة أعمال تعكس النهج الدائم والسلوك الستمر لذه النظمة.
هل يرضى مليي النساء والرجال الميكان بأن تنهب حكومته ثروات بلدنا العطاء المنوحة له من
ال ،وهل يرغب هذا الشعب بأن تستول حكومته ـ ظلما ـ على الطاقات البشرية والقتصادية ،ف
البلدان الخرى عب قيام ها بإر سال ال ساطيل الع سكرية العظ مى ف الح يط الادي والح يط الندي
والحيط الطلسي ،من أجل تديد دول تلك الناطق؟!
ولو سئل الشعب الميكي هل هو مستعد لنفاق مليارات الدولرات على أعمال وكالة الخابرات
الركزيـة ( )C.I.Aمـن أجـل الطاحـة بالكومات الوطنيـة فـ الدول الخرى ،كــ نيكاراغوا
والسلفادور ،وغيها باستخدام الموال والسلحة الميكية ،فبماذا سيجيب؟
وإذا سئل الرأي العام الميكي عن مدى موافقته على تسخي الموال والسلحة والطط الميكية
وتوظ يف ال باء الع سكريي وال سياسيي الميكي ي ف خد مة الكيان ال صهيون الغا صب ،كي يهدد
الشعب السوري والفلسطين واللبنان ويعتدي عليه فهل سيضى بذلك؟
لو أجري استطلع للرأي العام ف أميكا حول مدى قبوله بذه الرائم والنتهاكات فماذا سيكون
جوابه؟
41
هـل رأيـت أخـي القاريـء ؟! هذه اللغـة و الصـطلحات "ماركسـية" مائة بالائة ،فرغـم النتقاد
الجول للنظمـة "الاركسـية" إل أن "ال" لديـه علقات ميزة مـع أنظمـة "كاسـترو" و "الصـي
الشيوعية" و "تشافيز اللحد ـ رئيس فنويل" و "كيم سونغ إل ـ الذي يرفض أن يعبد شعب كوريا
الشمال ية إل ا غيه" ،هل الش عب الفيتنا مي الذي يع يش ت ت وطأة ال كم و النظام الشيو عي م نذ
السبعينات و لد الن ،هل هو مكوم فعل "بنظام وطن" ؟! و هل هو حقا شعب حرّ ؟! ،القيقة
أنه ل فرق بي أن تكون دكتاتورا باسم "ال" أو "البوليتاريا" ،و الكيد أن الشعب الحكوم بنظام ل
يُتقـن شيئا غيـ قلب القائق ،هـو شعـب غيـ ُح ّر ،و لاذا يكون "الغرب الديقراطـي القائم على
النتخاب" نظامـا غيـ حُر "حسـب الامنئي و ملليـه" ؟! بينمـا النظمـة "الشيوعيـة الاركسـية و
دكتاتوريات الش عب الكافرة بال" هي :أنظ مة وطن ية حرة تن بع من الش عب" ح سب هؤلء اللل
أنفسهم ،و طبعا أُستُقبل "الطاغية كاسترو" استقبال البطال ـ و إن كان ل يؤمن بال ـ فقط لنه
يعادي الغرب و الديقراطية المريكية.
القي قة أن رجال الد ين "الشي عة و ال سنة على حد سواء" ينطلقون ف نقد هم "للغرب" من منطلق
"الكراهية الدّينية" دون النقد الواقعي الوضوعي و العلمي ،فمثل عندما ينتقد هؤلء الغرب ،يبحثون
عن أي مشكلة موجودة ف الغرب ،متنا سي مشاكل هم و متنا سي أي ضا أن "الطبي عة الن سانية" هي
نفسها مشكلة ،كون النسان شيئا مدودا و ناقصا ،أي أن ل حضارة ف التاريخ ـ با فيهم النبياء
ـ ا ستطاعوا ح ّل كل الشا كل ،فالنظام الديقرا طي الغر ب له ـ حاله حال كُل تر بة إن سانية ـ
42
حسناته و فضائله و سيئاته و عيوبه ،من هنا كان ينبغي على التفلسفي "ل نقصد بكلمة متفلسف
التحق ي من فل سفتهم بل بع ن دار سي الفل سفة من رجال الد ين" أن ينظروا إل إيابيات الفل سفة
الديقراطيـة و تطابقهـا مـع روح الديان ،فهـم ينتقدون "الريـة الفرطـة فـ الغرب" مـع أن هؤلء
العمّم ي ل يلكون "قط عا" الر ية ال ت يتغنون ب ا ،فق بل أن ينتقدوا " سيئات الر ية و الديقراط ية"
عليهم أن يتلكوا هذه التجربة ،و هو يُشبه حديث واعظ "لشعب جائع" عن سيئات "التخمة و كثرة
الكل" أو الديث عن "الغترار بالال و الاه" لشعب فقي.
من هنا فإن قلّة قليلة حاولت و تاول هضم و استيعاب "النتج الغرب للحضارة" كما يفعل السيد
"هـان فـــحــص" الذي قد نتلف مع بعض آرائه ،لكنه فعل عقل تنويري كبي وسط بر
مـن التخبطيـ و التخلفيـ ،فمشاكـل الغرب هـي "مشاكـل مرحليـة" عرضيـة ،ناتةـ عـن الرحلة
التطور ية التقد مة ال ت بلغو ها ،ك ما أن التيار ال صلحي "م مد خات ي" و من يؤيده ،قد يكونون
"المل الخي" ف إنقاذ التشيع من هذا التطرف الارف ،و لكن يبقى الصلح خجول لد الن ،
بعن أن الصلح ما ل يستخدم لغة واضحة و يواجه تيّار السلطة بكل قوة ،و القوة الت نعنيها هي
ال صراحة و الن قد البا شر ،بدون ذلك سيبقى التشيّع ف خ طر و إيران على حا فة الاو ية ،ح يث أن
النظام اليرا ن يل هي الش عب ب ا أ ساه "المي ن" ب ـ"الشيطان ال كب ـ الوليات التحدة المريك ية"
بينما هم يغدقون مليارات الدولرات على مشروعهم النووي ،الذي يبنيه الروس ،وسط ماوف من
حدوث كارثة إنسانية إذا حصل أي خطأ تقن أو حرب قد تدمر الفاعلت النووية ،و العروف عن
الروس أنم أصحاب الكارثة ف "شينوبل".
إن الطبقة "الدينية" ف إيران تستغل الدين و ح سّ الضطهاد الغروس ف النفس الشيعية منذ مئات
السني ،ف سبيل الستمرار ف السلطة و الكم ،و هو تاما ما فعله "الزب الشيوعي الرّوسي" الذي
استغل الطبقة العاملة "السحوقة" للستحواذ على السلطة و الكم ،على إيران السلمية ،لو أرادت
43
فعل الفاظ على مصال الشعب اليران و إبقاء التشيع خالصا للشعب ،تغيي الطبقة السياسية الالية
أو بعبارة أُخرى ،إناء الرحلة الثورية الت تلغي تطبيق القانون "ل يُهم إن كان قانونا وضعيا أو دينيا"
بجة الفاظ على "خط الثورة".
القيقة ،أن ظاهرة ما ي سمى ب ـ"ح ــزب ال" أو "خ طّ المام" ـ أي المي ن ـ ي ثل ال ط
الك ثر "تطر فا" ف ال سلم الشي عي ،و هذا ال ط ير فض تق بل الرأي ال خر ـ ح ت دا خل الذ هب
الشي عي ـ و هم يرفضون ال ط الشي عي ف جان به ال سياسي "الش به علمان" ،الم تد من غي بة المام
الثا ن ع شر "م مد بن ال سن" الهدي و الذي اخت فى م نذ القرن الثالث الجري ،بع ن أن م نقلوا
التشيع نو خطوة متطرفة ،من اعتزال الفقيه للسياسة إل حكم الفقيه و استبداده بكل شيء.
و النشور عام 2003م ،بأن حزب ال ل يتلف ف طبيعته العدوان ية م نذ تأ سيسه خلل
الثمانينات "قام حزب ال بعدة عمليات إنتحارية ضد القوات المريكية و الفرنسية ف لبنان 1983و
1984م " و هو المر الذي نتج عنه اعتباره "أحد أخطر التنظيمات الرهابية" من قبل الوليات
التحدة و وكالة الخابرات الركزية الـسي أي أي.
44
إن التطرف خطأ ،سواء ف الوقف الول "اعتزال السياسة" أو نقيضه "التحكم ف السياسة" ،إن
خط حزب ال و الذي قام ف إيران ،و اشتهر إعلميا ف لبنان ،هو حالة خاصة أستطيع بأنا أقرب
إل "ردّ الف عل" ،فعند ما رأى رجال الوزة انرار ممو عة كبية من العمم ي ن و تلق ال سلطات و
الكومة "السنة عموما معروفون بذلك بينما هذه الظاهرة أضيق بي الشيعة" كان ردّ الفعل هو "ولية
الفقيه" ،و عندما اتم السنة الشيعة بأن الخيين هم "عملء إسرائيل و الصهيونية" ،خصوصا و أن
السنة اختلقوا شخصية "عبد ال بن سبأ" ـ و هي شخصية أُسطورية اختلقها سيف بن عمر التميمي
و نسب إليها كل أحداث صدر السلم و أيضا تأسيس الذهب الشيعي :وعاظ السلطي للدكتور
علي الوردي و عبد ال بن سبأ و أساطي أخرى للمحقق مرتضى العسكري ـ و لن الشيعة متهمون
من قبل أعدائهم التارييي أيضا و منذ مئات السني بأنم استدعوا "الغول" لدم حكم بن العباس ،
كـل هذا خلق "عقدة الشعور بالنقـص" لدى عموم الشي عة ،و بالذات "حزب ال" الذي يظـن أنـه و
بفعـل تبنيـه لبنامـج "القاومـة" و عداء اليهود و "الصـهيونية"!! و مقاومـة "السـتعمار الغربـ" كمـا
يصطلحون عليه ،سيطوي هذه الصفحة.
بل بل غت هذه "العقدة" حدا ف أن تيار "حزب ال" تنازل عن كل برنام ه العقائدي و الذي كان
قد تخض عن صراع "إيران السلمية" مع "عراق البعث العرب و صدام" ،بيث أصبح هذا الزب
أشبه باللطة العجيبة من "التشيع النسان" إل "الاركسية المية" و "حزب البعث العرب" و "الوطنية"
،من ه نا فإن هزي ة "اليدولوج ية القوم ية العرب ية" على يد اللبالي ي الن سانيي ف الشرق الوسط و
بدعم من الغرب الديقراطي ،سيكون الصفعة الهم الت سيستفيق على أثرها من عقدة "النقص" الت
يعيشها هذا الط الثيوقراطي.
إن الصولية الشيعية ،و رغم كل عيوبا ،إل أنا أفضل من "الصولية السنية" ،فالصولية السنية
"القاعدة و الخوان السلمون و الركة الوهابية" ممعون على "تكفي كل من يؤمن بالديقراطية أو
45
يارسها" ،بينما الصولية "الشيعية" تتعامل مع "قواعد المارسة الديقراطية" بشكل أكثر انفتاحا و هم
ينتقدون جوانب معينة من المارسات الجتماعية ف ظل الديقراطية "كالزواج الثلي" مثل.
من هنا فإن من المكن ـ بعن أنه ليس مستحيل ـ إياد حركة إصلح ف الوسط الشيعي ،تدفع
باتاه المارسة الديقراطية ،و حت إيران السلمية تزعم أنا نظام "انتخاب" رغم تفظنا على قواعد
هذا النتخاب ،بين ما أنظ مة ك ـ"المل كة ال سعودية" و "إمارة طالبان ف أفغان ستان سابقا" تر فض
النتخاب جلة و تفصيل.
لكننا نعود إل القول بأن "حزب ال" أو "خط المام" يبقى ـ ككل حركة أيدولوجية ـ منغلقا و
عدائيا ف الوقت نفسه ،و متابعة بسيطة لطروحات الزعيم الروحي لزب ال ف لبنان "ممد حسي
ف ضل ال" و ال ت ي كن الطلع علي ها على موق عه الشخ صي على النتر نت "بينات دوت أورغ" ،
ستجد الر شد يتحدث ب صطلحات متعددة "إ سلمية"" ,عروب ية"" ,مارك سية" ,م ا يع ن أ نه ما من
هدف واضح لذا الزب ،و غالبا ما يكون نقده للعلقة مع "الغرب" نقدا انتقائيا و عاطفيا ،و ليس
واقع يا سياسيا ،و كأن مكوّن العل قة هو "ن ن" ف قط ،بين ما الغرب و م صاله و ثقاف ته هو مرد
"شبح".
اتذت العلقة بي السلم و الغرب أوجها متعددة ،و اتسمت غالب الحيان بالدة و التوتر ،و
ل سيّما ب عد انيار التاد ال سوفيت ،ولكن ها أ صبحت أك ثر تعقيدا ف الو نة الخية ،و تديدا ب عد
أحداث 11من أيلول ،ح يث أف صح الغرب عن طبيعته العدوان ية ،و ات م ال سلم بأ نه يتزن ف
صلب تشريعاته الرهاب و العنف ،فأضحى الرهاب سة كل عرب و مسلم ..إل"
46
لحظ معي كيف أن هذا الط ل ينتقد "جرية 11سبتمب" و ل ينتقد تنظيم "القاعدة" و عملياته
الرهابية ،بل النقد ،كل النقد ،يوجّه للغرب و فقط للغرب ،إن القيقة الواضحة هي أن التيارات
السلمية "با فيها حزب ال" ينطلق من نرجسية حادة تقوم على عبادة الذات و النا النتشية.
و ياول ف ضل ال أن يف صل ب ي "الدارات الغرب ية" و "الشعوب الغرب ية" ف إشارة أو تلم يح ضد
"الديقراطية الغربية" ،و كأن أنظمة الشرق السلمي العروفة بدكتاتوريتها هي أنظمة شرعية و وطنية
،من الواضح أن هذه متاجرة سافرة بذهب التشيع و السلم و الدين عموما.
و الشكلة الكبى الت يعانيها الشيعة الن و بفعل هذا الط النغلق و التطرف داخل "الوزة" هو
تولم نو تبن "اليدولوجية القومية العربية" و متابعة بسيطة للعلم اليران و تلفزيون "النار" التابع
لزب ال ،تدرك مدى تغل غل ال س القو مي "العرو ب" و الفاش ية العرب ية دا خل منظومات التطرف
الشيعي ،و هي حقا مصيبة أن يتبن خط "يزعم الدفاع عن مظلومية آل ممد و يزعم إعادة الس
النسان المي ف السلم" منهجا قوميا عربيا حول السلم و الدين إل سلح بوجه الديقراطية و
أنصـارها ،بـل إن هيئة دينيـة كــ"الجلس الشيعـي العلى فـ لبنان" يردد كلمات "العروبـة" و
"الستعمار" و "المة العربية" أكثر من حزب البعث و التيارات القومية و الناصرية .
إذا فقد أصبح "السلم الشيعي" حاله حال "السلم السن" ،مريضا بألف عاهة و عاهة و وسيلة
أخرى لنشـر الكراهيـة و إلغاء الخريـن و ابتلع حقوقهـم ،إن هذا التطرف سـيسيء إل الذهـب
الشيعي أكثر ما تعرض له طوال 1400عام ،من التمي إذا ،و تلك مصيبة إن ل تصل ،أن يولد
الصلح و التغي من رحم الذهب نفسه ،و هو أمر ينطوي على كثي من التعقيد ،و كل ما شهده
التشيع من ماولت إصلح ل يكن إل حركات خجولة ل تضرب ف العمق ،إذ أن حلقة العصومي
امتدت من الئ مة الث ن ع شر لتش مل "الرا جع" و من ثُم الوكلء و ح ت الطفال أ صبحوا "يُقتدى"
بم.
47
ل بد لنا من دراسة أعماق الفكر الاص بزب ال اللبنان و الذي يعكس خلفيات تاريية تعود إل
بدايات القرن 19و ظهور الفكر القومي العروب ،خصوصا و أن لبنان يثل جسرا ثقافيا و تاريا بي
الشرق و الغرب ،و القيقة الت يب أن ل نغفلها ها هنا و الت يغفلها "حزب ال" و خط "المام"!!
هـي أن الشيعـة فـ لبنان و قبيـل العهـد الملوكـي و العثمانـ كانوا أكثـر انفتاحـا مـن شيعـة العصـر
الديـث ،حيـث أنمـ ل يقاوموا اليوش الصـليبية التـ دخلت إل بلد الشام مـن تركيـا و سـواحل
إسـرائيل ،و مهمـا حاول الؤرخون "القوميون العروبيون" الديـث عـن "مقاومـة الشيعـة للصـليبيي"
لربطهـم قسـرا بصـدام الضارات الذي يروج له "مليـة" و حكام الدول العربيـة و السـلمية ،فإن
التاريخ يكذّبم و ينفي تلك الدعاءات ،فالدكتور ممد مزوم "و هو مؤمن بالقومية العربية حسب
ما هو وا ضح من أ سلوبه" ياول الد يث عن "مقاو مة شيع ية"!! لل صليبيي ل كن الب حث الذي كت به
ت ت عنوان {ج بل عا مل ف العهد ين ال صليب و الملو كي } و النشور عام 1979م يو ضح أن
"القاومة الشيعية" ل تكن بذلك الجم ،خصوصا و أن الشيعة شهدوا تساما دينيا حقيقيا من قبل
الصـليبيي الذيـن حركوا القتصـاد الحلي و خلقوا بيئة متماسـكة "مسـلمون شيعـة و إل جانبهـم
مسيحيون و نصيية" يقول الدكتور ممد مزوم:
وبينما تذكر بعض الصادر العاصرة ومنها "ابن القلنسي" ان نورالدين هزم الصليبيي ومعهم بعض
السلمي ف جبل عامل قرب بانياس ،نرى العامليي يساندون صلح الدين ف حروبه .وتفسي ذلك انه
ل يس من الستغرب ان يضم ج يش الصليبيي بعض السلمي ،لن النظام القطا عي الذي كان سائدا
كان يعتمـد على تأديـة خدمـة عسـكرية سـنوية يؤديهـا التابـع للمتبوع بسـب التشريعات والعراف
القطاعية.
48
الوا ضح أ نه ياول إياد مبرات لحداث ،ل تروق لنظري ته القوم ية ،فيحاول إياد تبير ما ،
فالشيعي الذي يارب ف جيوش "نور الدين" و "صلح الدين" ليس مـكرها بل هو "متطوع" و يريد
بذلك و جه ال ،أ ما حين ما يرج مع ال صليبيي "فإن النظام القطا عي الذي كان سائدا !! "..هو
الذي حتم ذلك ،لكن القيقة التاريية تقول أن شيعة لبنان ل يكونوا مصورين بــنوب الليطان
و مناطـق جنوب لبنان قبـل العهـد الملوكـي ،هذا العهـد الذي تسـبب فـ قتـل آلف الشيعـة و
اضطهادهم و قتل أحد أكب علمائهم ممد بن مكي الزين اللقب بـ"الشهيد الول" و تسبب ف
هجرت م كغالب ية إل النط قة المتدة إل جنوب الليطا ن بف عل المال يك الذ ين تبنوا "فتاوى ا بن تيم ية"
العروف بقده تاه الشي عة و المام علي "الكيان السـياسي ل بل عامـل ــ الدكتور منذر جابر" ،و
لرب ا كان شي عة لبنان قاوموا ال صليبيي قليل ف الفترة التـ شهدت الصـراع ب ي ال صليبيي و الدولة
الفاطميـة "الشيعيـة" السـاعيلية و ينبغـي ملحظـة وجود برود بيـ الفاطمييـ و الشيعـة اللبنانييـ
لختلفات مذهبية ،لكنهم و عند سقوط هذه الدولة على يد "صلح الدين اليوب" و وصول أنباء
ذبه و أفاعيله بالشيعة ف مصر ،فإن الشيعة اللبنانيي استذكروا الأثورة الشيعية ":الكافر العادل خي
من السلم الظال" ،يقول الدكتور ممد مزوم:
ولا كان امتلك الصليبيي للرض قد نشأ عنه بالضرورة امتلكهم للسلطة ،فقد نشأ امتزاج بي
الرض والسلطان ف منطقة جبل عامل ،جعل الجتمع يدين بدورته القتصادية للنظام القطاعي.
ما أدى ال خلق تراتبية اجتماعية يقف فيها السيد القطاعي على رأس الرم ،يليه اسياد الناطق
الصغية التابعة له ،ث الطبقة الواسعة من الناس الرتبطة بالكي الرض بكم علقاتم القتصادية
الت رسختها العلقات القوقية الوضوعة من قبل القطاعيي انفسهم .وهكذا اصبح بكم هذا
النظام سـكان جبـل عامـل أقنانا عنـد هؤلء يقدمون الولء والخلص والتمويـن أيام السـلم
والرب ،وهو ما يفسر وقوف بعضهم ال جانب الصليبيي ف بعض العارك.
و من هذه العبارات يتو ضح مدى اللط الذي ي قع ف يه القوميون العرب "ب ا في هم حزب ال"
حينما يدرسون تاريخ تلك الفترة دون أن يسألوا أنف سهم أيضا السؤال النطقي التال :لاذا ل
49
يع ثر الصليبيون على مقاو مة شيع ية حقيق ية كتلك ال ت قام با الشي عة اللبنانيون ضد المال يك و
العثمانيي ؟! و لاذا ل تكن هناك معركة شبيهة بعركة "يارون" الت أدت إل تسلط "أحد باشا
الزار" و الذي ش هد عهده الكث ي من النتفاضات الشيع ية كرد ف عل على الضطهاد ،بالر غم
من أن الظروف الوضوع ية ل تتلف ،بل إن معانات الشي عة ف ظل ال كم "ال سلمي" ل
تقارن بالظروف المتازة التـ عاشو ها أيام ال صليبيي ،بل كا نت فترة رفاه ية مقار نة بالعهـد
"الملوكي" و "العثمان" ،يقول الدكتور ممد مزوم:
والفلح العاملي ارتبـط بأرضـه ارتباطا وثيقا فلم يكـن يسـمح له بترك ارضـه ال نادرا ،لئل
تتعرض النا طق ال ت ي سيطر علي ها ال صليبيون ال خلل سكان ،ف الو قت الذي كان يت هن ف يه
الصليبيون الفروسية والرب ،فكان من المكن مصادرة أرض الفلح وطرده منها .ال انه كان
مصدر الستثمار القطاعي الوحيد ف الجتمع الرب ال جانب التجارة ،لذلك كان يتم الصاقه
بالرض بدلً من تريده منها.
حاول الدكتور ها هنا إيهامنا أنه كان من "المكن"!! أن يطرد الفلح من أرضه ف جبل عامل
ف العهد الصليب ،لكنه ف بداية كلمه يقول "و الفلح العاملي ارتبط بأرضه ارتباطا وثيقا فلم
يكن يسمح له بترك أرضه إل نادرا" و ف ناية كلمه "لذلك كان يتم إلصاقه بالرض بدل من
تريده منهـا" ،يتضـح مدى الحاولة اليائسـة للق "تاريـخ وهيـ" بدل مـن ذلك الوثــق و
الواق عي ،و من ال طبيعي أن ت د الفلح يع يش ب سعادة و هو مرت بط بأر ضه بدل من ال سخرة
الربية الت عمل عليها الماليك و العثمانيون.
ولكن سرعان ما كانت العلقات تستقر بي الطرفي نتيجة لضرورة التعامل التجاري والوافز
القت صادية ال ت كا نت تربطه ما .وا بن جبي الذي زار لبنان ف هذه الفترة يب نا بذلك " :من
الع جب ان النصارى الجاور ين لبل عا مل اذا رأوا به ب عض النقطعي من ال سلمي جلبوا ل م
القوت واحسنوا اليهم ،ويقولون هؤلء من انقطع ال ال عز وجل فتجب مشاركتهم".
اما ف وصفه لالة سكان جبل عامل ف تلك الفترة فيذكر قائلً" :رحلنا من تبني ،دمرها ال،
(اشارة ال انا بأيدي الفرنج) وطريقنا كله على ضياع متصلة وعمائر منتظمة ،سكانا كلهم
50
مسـلمون ،وهـم مـن الفرنـج على حالة ترفيـه ،نعوذ بال مـن الفتنـة" .ول أدل على الياة
الجتماعية الشتركة الت عاشها السلمون والنصارى ف مدينة صور من وصف ابن جبي ايضا
لعرس أفرني يشترك فيه كل الطرفي:
"خر جت (العروس) تتهادى بي رجلي ي سكانا من يي وشال ..و هي ف أبى زي ،وآ خر
لباس ،ت سحب أذيال الر ير الذ هب سحبا على اليئة العهودة من لبا سهم ،وعلى رأ سها و هي
رافلة ف حلي ها وحلل ها ت شي فترا ف ف تر م شي الما مة او سي الغما مة ،نعوذ بال من فت نة
الناظر ،والسلمون وسائر النصارى من النظار قد عادوا ف طريقهم يتطلعون فيهم ول ينكرون
عليهم ذلك".
من الواضح ،ر غم كل ال تبيرات القتصادية ،إن عل قة متازة قامت بي الطرف ي "الشيعي و
السـيحي" فـ تلك القبـة ،و تفسـي الدكتور مزوم لكلمات ابـن جـبي و دعائه على تبنيـ
بالقول :دمرها ال" كان بسبب وجود الطرفي الشيعي و السيحي فيها و ليس تعليله بـ"إشارة
إل أن ا بأيدي الفرن ة" سوى اجتهادا شخ صيا ،ك ما أن و صف ا بن جبي لشار كة ال سلمي
"الشيعة" و السيحيي ف العرس تؤكد وجود انسجام اجتماعي ،و ثقافة التبير شوهت بالفعل
كل أباثنا التاريية و الجتماعية ،و كمثال ند الدكتور مزوم يقول:
ولا كان الجتع الصليب ف منطقة جبل عامل يتشكل باسره من العساكر والتجار ،فلم يكن ف
الواقع صالا لن يلق او يقيم مستوى فكريا رفيعا .لذا كان أ ثر الصليبيي الضاري ف هذه
النط قة ضعيفا جدا اقت صر على العلقات القت صادية وعلى ما يتر تب ب ي ال سيد وفلح يه من
علقات مدودة ضمن اطار ما تليه الصلحة الربية.
من الواضح أن هذه نظرة سطحية للمور ،فالبحث عن "متمع الفلسفة" هو إحدى الستحيلت ،
بل إن التا جر و الحارب و الفلح قد يكون ف عقله "فيل سوف" أ ما الب حث عن "الدي نة الفاضلة"
فهـي مـن أوهام شرقنـا التخلف ،بـل إن وصـف ابـن جـبي للعرس تبدوا ل أشبـه بوصـفه لجتمـع
متسامح أكثر ما يدور ف خيالت مؤرخينا الفذاذ.
اما عن التمازج العرقي بي الوطنيي والفرنج ،فقد حدث خلل الروب الصليبية –نتيجة للغزو
والسـب وب يع الرقيـق -ظهور جيـل هجيـ اطلق عليـه اسـم ( )Poulainتول فيمـا بعـد ال
مذ هب النط قة ال ت و جد في ها .ف في الشمال اعتنقوا مذ هب الوار نة ،و ف بلد العلو ية اعتنقوا
مذهب النصيية ،وف النوب اعتنقوا مذهب الشيعة ،وما زالت سحنتهم الوروبية ظاهرة ال
اليوم ف ب عض مناط قه .ك ما ان ب عض هذه العائلت ما زالت تت فظ بأ ساء لتين ية أمثال عائلة
الصليب ،وبروديل ( )Baldwinوفرنية والدويهي ( )De Douhaiودوريان حله وطربيه
( )Torbyوغيها.
من الواضح إذا أن هناك اختلفا كبيا بي الشيعة ف جبل عامل و لبنان خلل ناية اللف الول
من التار يخ اليلدي ،و الشي عة خلل القرن ي الخي ين ،ح ي قاموا خلل الحتلل الفرن سي ـ
الذي ل أعتبه احتلل ـ بذبح مسيحيي ف جنوب لبنان ،و هو تول مثي للنتباه ،و كان ذلك
ربا ردة فعل أخرى على الحيط العرب السلمي الذي كان ـ و ل زال ـ ينظر إل الشيعة على
أ ساس أن م "لي سوا ماهد ين" و كأن ال سلم كد ين ل مع ن له بدون سفك الدم ،يقول الدكتور
مزوم:
م نذ اللح ظة ال ت ا ستطاع في ها ال صليبيون ان يضعوا اقدام هم على ارض معاد ية ل م حاولوا ان
يقيموا ل م مرا كز دفاع ية وهجوم ية ف الو قت نف سه ،و هو تأك يد ثا بت على ر فض العاملي ي
للحتلل .وهكذا كانـت سـلسلة الصـون والبراج التـ اقاموهـا على طول السـاحل النوبـ
المتد من عكا ال صيدا .كما اقاموا سلسلة اخرى من هذه الصون ف داخل منطقة جبل عامل
امنع وأضخم ما انشأوه على الساحل.
هذه القلع والصون الساحلية منها والداخلية لعبت دورا حضاريا مهما لكونا كانت مراكز التقاء
للتفا عل الضاري الذي كان ي تم ب ي و قت وآ خر ب ي ال سكان الوطني ي من ج هة ووفود الفر نج
التعددة والتغية على الدوام من جهة ثانية.
إن بناء القلع ف هذه النط قة من لبنان ل يع ن إل أن ا كا نت تثّل خطو طا خلف ية مؤمّ نة ،و ل يس
كما يتوهم الدكتور ،خصوصا و أنا كانت تستخدم للهجوم و الدفاع على حد سواء.
52
و خلل القرني الخيين و حيث كانت أوروبا تشهد بدايات النهضة القومية آنذاك ،كما أن
مسيحيي و دروز و سنة لبنان روجوا للقومية العربية و فعل انر الشيعة مع الخرين ،و متابعة بسيطة
للثقل الثقاف الذي كان يتمحور حوله أهال النوب اللبنان ـ جبل عامل ـ تبني ـ بنت جبيل ـ
ستجد أن كل الشاعر الخوية تتمحور حول "القومية" الت بدت بديل للدين الذي يرفض الخوة مع
"السيحيي" حسب الفهم الرجعي للدين.
إن هذه النظرة القائمة على "الشك" و الطعن ف كل مشروع سياسي غرب و عدم النظر إل المور
بأ سلوب "براغما ت" قائم على من طق ال سؤال عن "النف عة و الضرر" ف القضا يا ،و طبيعي أن تكون
النتيجـة هـي القبول باللول الدنيـا و الشروع الذي كان مرفوضـا ،و كان الغتراب الذي يعيشـه
"الرا جع الدينية" بصفة عامة ،سببا مهما من السباب ال ت أدت إل غياب الس الوطن ـ بعناه
ـ يقضـي فـ النجـف أو كربلء
الباغماتـ ل الشعاراتـ ــ لدى التصـدي للفتوى ،فترى مثل لبناني ا
عقودا من عمره للب حث و الدرا سة ث يعود إل ج بل عا مل أو إل لبنان من غ ي أن يدرك التحولت
53
الجتماعية و القتصادية و السياسية الت شهدها البلد ،و العكس صحيح ،و المر نفسه يتكرر مع
إيران و العراق.
ك ما أن مفهوم العن صرية العرب ية و الذي ساد ب ي فئة من الرا جع و ل يس كل هم و القائل :حا كم
عربـ أو مسـلم ظال خيـ مـن حاكـم إنكليزي "كافـر" عادل" و هذا البدأ يقـف بالضـد مـن أُسـس
التشيع ،لذلك نلحظ أن الدرسة الشيعية "اللبنانية ـ حزب ال" أخذت تتخلى عن مباديء التشيع ،
إل حد أن فضل ال أنكر استشهاد الزهراء بسبب الليفة الثان عمر ،و هو المر الذي جعل بعض
العمم ي الشي عة ك ـ"فا ضل الال كي" يتهمو نه بالضلل و الروج على أ صول الذ هب و ل سباب
أخرى أيضا.
كما أن شيعة لبنان "الط العام" ينتمون فكريا لنهج الالصي ،و الذي يكرهه شيعة العراق عموما
،هذا الط الذي يتبن مبدأ "قف مع أخيك و إن كان ظالا" ،إن هذا الط العنصري التطرف يكن
تسميته بـ"تنظيم القاعدة الشيعي" ،من اللحظ أيضا أن ظاهرة "النتحاريي ـ الطياح" ظهرت ف
هذه النط قة ،يقول أ سامة م مد أ بو ن ل أ ستاذ التار يخ الد يث بكل ية الداب و العلوم الن سانية ف
جامعة الزهر ـ غزة ـ ف بثه العنون { الكم القطاعي لتأولة جبل عامل ف العهد العثمان }:
أدت هزي ة التاولة ـ أي الشي عة ـ ف معر كة يارون إل سقوط الكو مة القطاع ية
الول ف جبل عامل ،وإل إضعاف التاد العاملي وخضع إقليم جبل عامل لكم الزار الباشر ،ف
الوقت الذي شكّل فيه الشيخ فارس بن الشيخ ناصيف النصار الفرق النتحارية ،أو العصابات السماة
"الطياح" لعتراض سـبيل جنـد الزار وعماله ،واسـتمر الال هكذا حتـ بعـد وفاة الزار سـنة
1219هـ1804/م ".الصدر ص 10
ل شك أن الشي عة العراقي ي اكتشفوا م نذ انقلب 1958و الذي أطاح بال كم الل كي ،أن م
ارتكبوا أ كب غل طة بقيام هم ب ـ"ثورة" ضد الوجود البيطا ن الذي كان فر صة ذهب ية ل م للق بلد
يستطيعون الشاركة فيه ،لكن سقوط الكم اللكي ـ الذي كان على الرغم من سلبياته ـ كان
يلك صفات ديقراطية لبالية ،أتاح للحزاب القومية و الشيوعية النافسة على الكم و عب الساليب
الدموية و القذرة ،كُل منهم كان يؤمن أن الكم "الطلق" من حقه وحده ،و مهما لعنا صورة "عبد
الكري قاسم" فإنه يبقى مثال جوديا و شخصية عسكرية ل تساهم ف أي نزعة ديقراطية ،و كان
لوصـول شخـص عسـكري إل دفــة السـلطة شبـه إعلن عـن طبيعـة العراق المهوري "الدموي
التوتاليتاري" ،و إذا أمع نت الن ظر ف بش كل مت سلسل ف الشخ صيات ال ت ت سنمت من صب الرئا سة
"عبد الكري ـ عبد السلم عارف ـ أحد حسن البكر التكريت ـ صدام حسي التكريت" طبعا
ن ستثن ع بد الرح ن عارف الذي تل أخاه ح يث أ نه ل ي كن دمو يا أو صاحب طموح ميكافيللي ،
ستجد أن هناك وتية تصاعدية ف العنف و الدكتاتورية.
و خلل هذه التحولت كان شيعـة العراق ينتقلون مـن سـيء إل أسـوأ ،و مـن اضطهاد إل
اضطهادات ،بينمـا كانـت الوزة السـبب السـاس فـ هذا التخلف السـياسي الشيعـي ،أي أن هذه
الوزة و الرجعية كانت الداء و الدواء ف وقت واحد .
راجـع مثل الطاب السـياسي الشيعـي فـ بدايـة القرن العشريـن و بدايات الرب العاليـة الثانيـة ،
ستجد أن "الع قل و الن طق الشي عي" يع يش حالة "العاط فة ال سلبية ،و نع ن بذلك أن العاط فة ال ت
تكمت بشيعة العراق أوقعتهم ف مأزق تاريي خطي ،و التاريخ ل يرحم أحدا كما تعلم ،و بدل
من السؤال الذي يطرحه الفكرون العراقيون "الشيعة" :لاذا تركنا العال و الجتمع الدول تت سيف
اللد" ؟!!.
55
نطرح السؤال التال :ما الذي جعل أقلية ل تكاد تزيد عن %20تتحكم بصي الـ % 70من
العراقي ي ؟! إن حالة النتماء الكاذب إل ال مة اليال ية "ال مة ال سلمية" ك ما ي سمونا ،هو الذي
جعـل الرجعيـة الشيعيـة "الشيازي" و "الالصـي :الذي كان أشبـه بصـان طروادة السـن داخـل
الرجعية" و "الصفهان" ،يفتون بـ"مقاومة البيطانيي ،و كانت النتيجة الكارثية هو إغراق أجيال
كاملة ف حياة البؤس و التخلف "و أ حد الرا جع ألّف كتا با ت ت عنوان ـ دولة الليار م سلم" ،بل
المر الدهش و الذي أثار ،و ل زال يثي استغراب ،أن مراجع مذهب "أهل العقل" ـ من ل عقل له
ل دين له ،الديث الذي يرويه الكلين ف الكاف ـ أفتوا برمة الشاركة أو حت إقامة النتخابات
ـ بجة أنا تت تت ما أسوه بالحتلل البيطان ـ و كان عليهم "منطقيا" أن يفتوا بالعكس ،أي
الشار كة الفع ـالة ل كي ل يفقدوا حقوق هم أو عدم ال سماح للخر ين بالتعدي علي ها ،و بف عل هذه
ال سياسة ال ت أ ستطيع أن أ سيها "النتحار ال سياسي" ،أ صبح الشي عي مواط نا من الدر جة العاشرة ،
لذلك ل بد من البدء بن قد ذا ت صريح ل كي ل تكرر تلك الخطاء ،و من الوا ضح أن شي عة العراق
كادوا يرتكبون ذات الطأ أثناء التحر ير المريكي للعراق ،بل إن الرجعيات سكتت فعل عن أفعال
"مقتدى الصدر" الذي كاد بسياساته يعيد العادلة القدية.
إن تار يخ شي عة العراق ل يتلف ف مظهره العام عن تار يخ الشي عة و مواقف هم ف إيران و لبنان و
سوريا ،فالفكر الشيعي المتد من ناية القرن التاسع عشر و حت سبعينيات القرن العشرين و ظهور
"م مد با قر ال صدر" كأ كب عقل ية شيع ية طوال القرون ال سبعة الخية ،يت سم هذا الف كر بنع ته
"القومية" العربية ،و ل تكن لغة الراجع الذين أثاروا ثورة "العشرين" لتختلف عن لغة أي منظر ف
"حزب الب عث" الذي تأ سس عام 1947م ،من ه نا كان ها جس "الو ية" و "النتماء" و معر فة
"الذات" سببا ف دخول شيعة العراق خصوصا و الشيعة عموما ،ف حالة من الغتراب الذات و النظر
إل القضايا بعي "العقلية الضطهدة" ،ما يعن تقوقع العقل الشيعي و ميله إل ردود الفعل.
56
فبين ما كان هناك صراع هويات قوم ية و مذهب ية ف العراق ،كان العل مة "كا شف الغطاء" يتردد
على مؤترات "العال السلمي" و "الوحدة السلمية الزعومة" ،و كانت النتيجة أن وقع الشيعة ف
مأزق ما كان الروج م نه مك نا لو ل أحداث 11سبتمب الرهابية و ال ت غيت من مرى التاريخ
العالي و العراقي على الخص ،فكان الجتهد الشيعي ف وا ٍد و الـقلّد "الشيعي البسيط" ف وادٍ آخر
،الول يبحث النظريات و الفلسفات العامة و هوم "المة الزعومة" و الثان يعيش ه ّم الواقع اليومي
الؤل من دكتاتورية و فقر و حرمان و حياة غي مضمونة.
و ل قد أدرك "م مد با قر ال صدر" هذه القي قة و كان أول مر جع شي عي ينت قد "النظر ية القوم ية
العرب ية" و هو ال مر الذي د فع نظام الب عث الدكتاتوري إل قتله و شقيق ته و من ث إبادة اللف من
أنصاره و التعاطفي معه ،لكن مشكلة الصدر الول أنه ل يقم بنقد الرافة الطية الخرى "المة
السلمية" و حقيقة أنا ل تتلف عن وهم "المة العربية" ،رغم أن نقده للمفهوم القومي كان خطوة
مهمة للمام ،و لكن ينبغي أن نذكر حقيقة مهمة أخرى ،و هي أن ممد ممد صادق الصدر و هو
شقي قه ،م ثل تول خطيا ن و التخلف و التطرف القو مي الدي ن م ا خلق أك ثر الركات ال سياسية
تشوها ف التاريخ "التيار الصدري".
مشكلة الذهب الشيعي الن هي توله إل مرد "آلة" لشعال نيان العواطف دون أن يكون للعقل
دور ،أي دور كان ،و ل زالت نظريات الؤامرة تتحكـم بالليـة الشيعـة ــ عدا اسـتثناءات هنـا و
هناك ـ و هذا التيار التطرف ل يتلك ما ن ستطيع ت سميته ب ـ"النظر ية أو اليديولوج ية" ح ت و إن
كانت أكثرها تلفا ،فالتيار كله ل يعدو كونه "مموعة عواطف" و حركة ردود فعل و تكرار ببغائي
لنتجات التش يع العرا قي اليرا ن و اللبنا ن ،من ه نا ي ثل "تيار ال صدر" ـ و الذي يتلف ف ب عض
نوا حي فكره عن طروحات ال صدر الول ـ خطرا حقيق يا على ال ساحة الفكر ية و ال سياسية للتشيّ ع
عموما و العراق خصوصا.
57
إن الصدر الول كسر بعض الواجز النفسية تاه "القومية العربية" و توجيه نقد فلسفي إليها ،لكن
أفكاره ف خطوطها العامة ل تصلح للديقراطية و اللبالية ،هذا إن ل نقل أنا تقف بالضد ،فالصدر
الول كان يؤمـن بــ"نظام إسـلمي يقود الياة" ،و نظرة بسـيطة إل طروحات "آيـة ال كاظـم
الائري" تظهر أن هذا الط فعل يؤمن بـ"ولية فقيه" مـــقنــعة ،و أن برنامه السياسي ل
يعدو كو نه "أيديولوج ية أخرى" ل تؤ من بالو طن العرا قي ـ و هو بالذات ما عا شه حزب الب عث
الؤمن بالعروبة و كذبة الوطن العرب و كذلك السلم السن الذي يؤمن بإسلم ملوط بالعروبة ـ
من هنا و رغم أننا نقدّر للرجل مواجهته للبعث الرهاب ،إل أن منهجه السياسي قائم على العاطفة و
رفض اللبالية ل بنطق فلسفي موضوعي ،لكن عب رفض الذات "النا السلم" للخر "السيحي +
اليهودي +الغرب".
و مه ما حاولت الدرسة الوزو ية الشيع ية تم يل الصورة ف علق ته تاه "السيحيي +اليهود" إل
أنه ل يعدو كونا صورة جيلة إذا ما قورنت بالتعامل السلمي "السن" تاه الديان الخرى ،لكن
تبقى الالة السلمية ف علقتها العامة بالخر و منتجه الضاري "الديقراطية +اللبالية +العلمانية"
علقة كراهية و خوف و رفض سلب ،و الرفض السلب نعن به الرفض غي القائم على منطق واقعي
حقيقي.
من ح سن ح ظّ الشي عة ،أن أحداث سبتمب الرهاب ية جاءت ل م بالفرج و بفر صة تاري ية لعادة
صياغة التار يخ ف قالب جد يد ،ل كن ل سوء طالع هم أي ضا ،أن هناك دولة ا سها "إيران" تطعن هم ف
الظهـر و ترّك بعـض الطراف الشيعيـة العراقيـة باـ يناقـض الصـلحة الشيعيـة العراقيـة باتاه العداء و
الصطدام مع الغرب ،و هي الفرصة الت طالا انتظرها العسكر الاسر ف حرب ترير العراق 2003
م ،أل و هم العرب السنة ،الذين قاموا بالفعل بد "مقتدى الصدر" و تياره التخريب الفوضوي بالال
و ال سلح ،و ال ت أظهرت على أرض الوا قع تالف "التناقضات" بو جه الدّ المري كي الديقرا طي ،
حيـث قام "مقتدى" بإشعال فتنـة مـع المريكييـ فـ الوقـت الذي كان اليـش المريكـي يسـتعد
للنقضاض على إرهابيي الفلوجة ،بل إن "مقتدى" افتخر ف إحدى خطب المعة بـ"احداث 11
سبتمب" الرهابية ،معتبا إياها عمل بطوليا "عامي ف العراق :السفي بول برير ،الصدر".
من هنا فإن الواقع السياسي الشيعي يعان من حالة تأزم ذاتية تنطوي على خطورة فعلية من حيث
استخدام أدوات رجعية ف وقت أحوج ما يكون فيه الشيعة إل البحث عن حلفاء و أصدقاء يكنهم
الساعدة ،خصوصا و أن القاعدة و تنظيمات "آل سعود" أعلنتها حربا على الشيعة عموما و العراقيي
من هم خ صوصا ،و ما حدث من مذا بح انتحار ية م نذ 2003م و ل د الن هو أ كب دل يل ،مع
ملحظة أن هذا المر يدث مع شيعة الند و باكستان منذ أمد طويل.
إ ّن التّشويه البشع لذهب التشيع و الذي قام به معمّموا "قُم" و "طهران" خلل النصف الثان للقرن
العشرين و لد الن ،أثّر سلبا على الدور الشيعي العراقي ،حيث رسخ اليرانيون ف نفوس الكثي
من معمّ مي العراق مفاه يم "ال صراع" و "الب هة الداخل ية" و "الب هة الارج ية" و عقل ية "القاو مة" و
"كراهية الداثة" ،فمن المكن للدارس تبي أوجُه التشابه بي البنامج السياسي ،هذا إن كان هناك
أيّ برنا مج أ صل !! ب ي "التيار ال صدري" و "حزب الدّعوة" و "الجلس العلى للثورة ال سلمية ف
59
العراق ـ جاعة الكيم" و بي اليديولوجية العدائية "عقلية الصراع" و "دكتاتورية الفقيه" الت تروج
لا عمائم طهران.
من ال هم أي ضا أن تقوم الوزة و الرجعيات الشيع ية ،خ صوصا آ ية ال ال سيستان ،بالز يد من
الضغوط على جاع ت "الك يم" و "مقتدى" لو قف عمليات "أ سلمة الدولة العراق ية" ،و من الؤ سف
حقا أن مادة "السلم هو الدين الرسي للعراق" حشي حشوا ف الدستور العراقي ،ما يعن أن حرية
الفرد ف اختيار عقيدته مهددة ،فل بد من جعل الفرد حرا ف أن يؤمن أو ل يؤمن ،و بجرد أن نبدأ
بو ضع العوائق أمام الفرد ،فإن العوائق ستتراكم برور الو قت و نعود إل نق طة ال صفر ،و هذا البدأ
الاطيء "فرض الدين بالكراه" يتناف مع كل الديان و العقائد ،خصوصا الذهب الشيعي.
الليفة الول ـ و معلوم أن آية "ل إكراه ف الدين" هي مدنية و ل يكن أن تكون منسوخة ،كما
أن من م صلحة الشي عة ق بل غي هم ،توف ي جو من الر ية ،و العلوم أن التش يع كان ينت عش ف ظل
الرية ،و بدون الرية فإن الضطهاد ل يتلف باختلف العناوين ،لن الضمون واحد.
من خلل ما تقدم ي تبي ل نا أن هناك مؤشرات متباي نة بشأن ما إذا كان الشي عة سيقومون بت طبيق
"الديقراطية" كخيار واقعي و تقبّل عقائدي ،كما أن هناك نقطة مهمة يب أن تتوفر ف العقيدة و
التطبيق الشيعيي لينجح اليار الديقراطي ،أل و هو التسامح الدين:
""Toleration
و هو المر الذي قام الغربيون بتطبيقه منذ القرن الامس عشر و ظهور الصلح الدين الذي قاده
مارتن لوثر و تلميذه "كالفن" و ترسخ مدرسة العقلنية:
""Rationalism
الت خلقت من الغرب أقوى حضارة ف التاريخ ،و هنا ل مال لي ماججة من قبل العممي و
ال صوليي للقول بأن الغرب ل يس متدي نا و أ نه أ صبح بف عل هذه ال سياسة "حضارة ملحدة" و ت قف
بال ضد من الد ين ،ذلك أ نه ل مال نائ يا لي د ين قائم على الكراه ،و من ذلك ن د أن جا عة
الامنئي و ما ي سمى ب ـ"حزب ال" ت قف بال ضد من العمم ي الذ ين يؤمنون بالديقراط ية أو ح ت
بالنظريات ال سلمية ال ت ل مكان لل ـ"ول الفق يه" في ها ،ك ما هو وا ضح من موقف هم من آ ية ال
ال سيستان أو النتظري و البوجردي و الشيازي و ح ت الدر سي الذي تعرض لضايقات حين ما كان
ف إيران.
يسـتبدل بالنظام العلمانـ الذي يقوم على "العلمانيـة الؤمنـة" التـ تمـي الديـن و توفـر له الريـة فـ
العتناق و إقامـة الطقوس و الشعائر الدينيـة ،و يبـ أن يتـم هذا التغييـ بالوسـائل السـلمية الدنيـة
كالظاهرات و الضراب و نشر روح التسامح و الخاء ،ليس بي الشيعة و السنة و حسب "كما هو
عادة النظام اليرا ن الذي يروج للوحدة ف إيطار ها الدي ن الض يق" بل و ح ت الت سامح و الخوة مع
"السيحيي" و الهم مع "اليهود" و سائر الديان و الذاهب ،كـ"البهائية" و "الحدية القاديانية" و
ح ت اللحد ين و الل دينيي "فمن كـفر فعليه كفره" ،و بدون هذا ل يتم التغي ي القيقي ،و كل
الكلم الذي يرو جه الامنئي و خطّه عن "حر ية" و "كرا مة" و "ا ستقلل" ال مة هو ثرثرة ل أك ثر و
ليس لا أي حظ من التطبيق.
مشكلة الشرق السلمي ،و الوجود الشيعي جزء من هذا الشرق ،أنه ل يستطع الوصول إل فهم
دور الدين ف متمع يؤمن بالداثة ،كما هو ف الغرب ،و الصيبة أن دعاتنا و مللينا "شيعة و سنة"
يقومون ف الغرب بالدعوة و الترو يج ل ا يؤمنون به ،بين ما ي نع ف الدول ال سلمية و العرب ية "و أ نا
أتف ـظ على هذا ال سلم الر سي ذو التف سي الوا حد" ي نع الدعوة لي د ين آ خر أو التبش ي به ،و
حت إن حدث ذلك فهو يتم تت رقابة مشددة من السلطة و الؤسسة الدينية الرسية.
و حينما ند السلمي يتحدثون عن "اضطهاد الشركي للمسلمي" و المارسات الل إنسانية الت
كانوا يتعرضون ل ا ف صدر ال سلم ،و حين ما يدث نا الشي عة عن كل حلت الق تل و الضطهاد و
البادة ال ت تعرضوا لا ،ث ندهم يقومون الن و على أرض الوا قع باضطهاد الديان أو "الرتدين"!!
و من يغي دينه ؟!! نسألم :لاذا كان الضطهاد أمرا مذموما هنا و مدوحا دينيا ف الالية التالية ؟!!
الكيد أن ل أحد يتلك الواب ،و الواب الوحيد هو تطبيق "العلمانية و تطبيق الرية العقائدية".
إن حوار "ال" مع "الشيطان" ف سورة البقرة ،يشكل إحدى النقاط الهمة لرسم فلسفة دينية تعل
السلم "و الشيعة جزء مهم من هذا الكون" ف وفاق و انسجام مع النظام الديقراطي العلمان ،كما
62
أن الذ هب الشي عي قا بل للعلم نة خ صوصا و أ نه يؤ من بأن "الهدي ـ المام الخ ي الغائب و الذي
سيعود مع ال سيح" هو وحده الذي يلك حق ت طبيق الحكام "النظام ـ ال سلطة" و أ نه ل جهاد أو
مبادرة بالرب ما دام المام الغائب ل يس هو من ي كم ،و أعت قد أ نه ف هذه النق طة تديدا يلت قي
التشيع مع "اليهودية" و "السيحية" ،و حقيقة أنه ل بد للشيعي كفرد أن يعود إل الصل ف التشيع و
يلغي "التشيع الصطنع" الذي صنعه جيل "ردود الفعل" ابتداءا من السيد المين ـ و هو غي معصوم
بالتأكيد ـ و انتهاءا بالامنئي و فضل ال.
إن الد ين "كمجمو عة عقائد ية" يب قى شيئا و موضو عا مرتب طا بالفرد "الن فس" و م سألة قبول أو
رفض هذه النظومة العقائدية هي مسألة "قناعة شخصية" و ل يكن لحد التحكم با "لست عليهم
بسيطر" و من هنا يب ترك الناس أحرارا ف أن يؤمنوا أو ل يؤمنوا ،ما يعن عدم تناقض "السلم"
مع "العلمان ية" و تقبله "للحدا ثة" ،و ح قا ف قد كا نت فتوى "ال سيد المي ن" ضد الكا تب البيطا ن
"سلمان رشدي" و تليله قتله ،سابقة خطية ف الذهب الشيعي ،إذ ل يسبق لرجع شيعي ،ل قديا
و ل حديثا ،أن أصدر فيها فتوى تدر دم شخص معي بسبب رأي رآه.
بالتال ،انت قل الشي عة من كون م "ضح ية فتاوى" ،ك ما حدث مع الشه يد الول و الثا ن ،إل
مرحلة "البابويـة السـلمية" التـ تبيـح قتـل الخريـن على أسـاس الرأي و اختلف الذهـب ،و مـن
الطبيعي فإن هذه الفتوى "السيئة السمعة" أعادت إل أذهاننا عصور الظلم و خلط الدين بالسلطة ،و
من ملك استأثر ،و بينما كان من المكن أن ينظر العال بعي الحترام إل التشيع و الشيعة ،أظهرت
هذه الفتوى و كأن "التشيع" ليس إل نسخة أخرى من الذهب السن ،و أنه ل يتقبل الرأي الخر و
غي قابل للتطورأو التعايش ،فانتقلنا من مذهب "يعان من الضطهاد" إل مذهب يقوم بالضطهاد.
الشّــــــــــــــــــــــــــيــــــعة و
النتــــــــــــــــحــــــــــــــــاريون
63
من العروف ،تاري يا ،أن "خ طّ المام" و "حزب ال" قد ت سبب ف ظاهرة "النتحاري ي" الذ ين
تعان منهم الغلبية الشيعية ف العراق ،فمهما حاول الُنظّرون تبير ما روج له "حزب ال" بجة أن
عملياتم "النتحارية" ضد السرائيليي و المريكيي كانت تتم ضدّ "قوات عسكرية"!! ،لكنها و بل
جدال أوحت إل الركات الطائفية السنية "القاعدة" و أذيالا ،أن تقوم بقتل العراقيي ـ الشيعة على
وجه الصوص ـ بذه الطريقة البشعة الغدارة ،كما أن علينا أن ل ننسى "أحداث سبتمب" الليمة و
الت كانت عبارة عن "عملية انتحارية ضخمة" ،و صحيح أن تلفزيون "النار" التابع لزب ال ل يعد
يروج لعملياتـه النتحاريـة و غابـت وجوه اؤلئك الذيـن كانـت القناة تعرضهـم كــ"مسـافرين إل
النة"!!.
ل كن العلم اليرا ن ل زال يروج عب أفلم الكارتون و ال سلسلت لعمليات "النتحار" ،و أ حد
هذه السلسلت كانت تدور عن قصة فتاة فلسطينية صغية ،يقوم ضابط إسرائيلي بسرقة عينيها لبنه
العمى و يعيد الفتاة و هي عمياء ،فيغضب أخوها ـ و ما أسرع التدين السلم إل الغضب ـ و
يقوم بتفجي نفسه بي اؤلئك الضباط انتقاما لخته.
إن هذه الثقا فة ال ت ت عل الرء سريعا ف تفج ي نف سه ،هي فعل ثقا فة خطرة و ل ت مل أي ميزة
شجا عة أو رجولة ـ ك ما ي ب الشر قي أن يفت خر ـ و ل ي كن أن نقارن هذا الع مل "الو صول
ال سريع إل ال ـ ح سب ت عبي أ حد الك ـتـاب" ب ا يقوم به جندي أو مارب يدا فع عن بلده أو
قضية معينة ،بعن أنه أقرب إل الروب من آلم العركة و ما يترتب عنها من تشوه أو عوق.
كما أن على شيعة العراق أن يقوموا عب الثقل الكبي للمرجعية الشيعية ف العراق ،بإصدار فتاوى
صرية "ترّم النتحار" البر و غي البر ،و أيضا الضغط على اليرانيي للغاء هذه الثقافة من بي
س مدنيي ،لكن ما تقوم
الشيعة ،صحيح أنه ل شيعي فجر نفسه ـ لد الن ـ ف دولة غربية أو أنا ِ
64
به ال سلطات الروح ية ف إيران و الوزات ف قم و طهران من تشج يع لذا ال سلوب الرهاب ،هو
ضار بالشيعة أنفسهم و غي لئق أخلقيا.
بل إن أفلم الكارتون اليرانية "و هي بالتأكيد موجهة للطفال" تشكل دافعا خطيا للق جيل غي
منضبط و خطر على متمعه و العال ،من هنا وجب العودة إل صيغ التشيع الصيلة و الت تركز على
"النسان السال" و الذي ل يؤذي أحدا ،و يروي الشيعة ف كتبهم حديثا يقول" :السلم من سلم
الن ـاس من يده و ل سانه" و صيغة هذا الد يث تتلئم مع التطور الخل قي للن سانية .بين ما يرو يه
السنّـة بالصيغة التالية ":السلم من سلم السلمون من يده و لسانه"!!.
ك ما قلت ف حلقات سابقة من هذا الب حث ،شكلت الثورة اليران ية و ب كل مقومات ا الفكر ية و
الثقاف ية ،انتكا سة خطية لفاه يم التش يع ،و تول دراماتيك يا ن و ال سوأ ،بين ما كان من الفترض
حدوث الع كس ،كان من النت ظر أن ت قف الرجع ية ف إيران مع "حر ية العقيدة" و ال سلم الهلي و
ن شر التش يع عب "الكل مة" و "الكل مة ف قط" و طرق الدعوة التوفرة ف ج يع البلدان الديقراط ية ،و
القيام بملت ثقافية ضخمة من تبادل أفكار و خبات و خدمة متمع ،لكن السألة أصبحت مقلوبة
الن ،حيث يقوم مموعة صغية من العممي باحتكار كل شيء و كل يوم يقوم هؤلء بأفعال تسيء
إل التش يع و بأب شع ال ساليب ،تارة عب خلق "تد ين فا شي" و تارة " عب تب ن العن صرية العرب ية" أو
بالترويج للنتحار القاتل و الرهاب كما رأينا ف هذه اللصة.
من الهم جدا إذن أن ينتبه الشيعة إل أن ما يصدونه اليوم هو نتاج إيران الشيعية الت أساءت إل
التشيع و جعلته دافعا لتطرف السنة ليستخدموا الن ،ذات الساليب القذرة ،لقتل الشيعة العراقيي .
أعتقد أننا طرحنا كثيا من النقاط الديدة الديرة بالبحث من قبل الباحثي و الكتّاب ،إن إعادة
أي ديـن أو مذهـب إل أصـوله القادرة على التعايـش مـع الضارة و التطور و الديقراطيـة ،لوـ مـن
أ صعب الهات على الطلق ،و من ض من تلك الشكلت هو تعا مل "الفرد الشي عي" مع القوان ي
65
الدنية و العصرية ،فنحن ند رفضا شيعيا ـ على مستوى النخبة العمّمة و التدينة ـ للقانون الدن
و الحاكـم الدنيـة ،على أسـاس أناـ مـن "التحاكـم إل الطاغوت" حسـب اليـة القرانيـة (يريدون
ليتحاكموا إل الطاغوت) ،متناسـي أن هذا المـر أيضـا داخـل فـ الختيار الشخصـي ،كمـا أن
الطاغوت ه نا هو (هوى ال سلطان) أو (الطاغ ية الدكتاتور) و ل يس ال ساواة ب ي الب شر ،و هو مفهوم
إنسان ف صميم الديانة السلمية.
و نن هنا ضربنا هذا الثل للكثي من الواضيع الت تعتب ضرورية للبحث و الدراسة ،إن العنصرية
"السلمية" الت خلقها الذهب السن العروب أصبحت خطرا كبيا ب سبب انتقال هذه العدوى إل
الذهب الشيعي الذي يعان الن من "اغتراب" عن الذات الصولية الت تد نفسها ف تناقض مع الواقع
و التطبيق ،تول "التشيع" ف ما بعد "الثورة اليرانية" إل دافع آخر للعنف و العنصرية و لغة الكراهية
،و رأينا كيف هدد "حزب ال اللبنان" بلق ما يشبه "تنظيم القاعدة الشيعي"!! المر الذي يعن أننا
نكاد نفقد المل ف علج هذه الالة "حزب ال" و أن السرطان قد لمس النخاع.
و ل بد أيضا من مراجعة شيعية للهويتي "الدينية" و "الوطنية" مع إلغاء ما يسمى "الوية القومية"
كمنهج سياسي ،و كيفية اللئمة بي "تقليد الرجع" و "النتماء الوطن" ،و فعل فقد خلقت "ولية
الفقيه" هذه النظرية اليرانية خلل ف تركيبة الفرد و الماعة الشيعية داخل و خارج إيران ،و ل تكن
هذه الزدواج ية ف النتماء موجودة عند ما كا نت إيران دولة "علمان ية" ،لكن ها خر جت إل ال سطح
بعد "الثورة" و ماولت تصديرها و كأنا بضاعة معلّبة.
ل بـد مـن فـك و تليـل هذه التناقضات و إزالة عقدة الشعور بالنقـص لدى "الشيعـي" التـ تعله
صاحب ردود أفعال أكثر من كونه "مثال و نوذجا يتذى به" ،لذلك ند أن أكثر ما تنتجه الوزات
هو ردود أفعال أكثر من كونا فهما شيعيا للقرآن و السلم.
تعتب العلقة بي السلم "كدين" و أعمال العنف ،من ذبح و تفخيخ و قتل ،أحد أهم الواضيع الت
تظـى باهتمام الغرب و مؤسـساته الضاريـة ،العاهـد و الامعات و مراكـز الدراسـات ،و كواجـب
أخلقي فإن على السلمي قبل غيهم اللتفات إل خطورة الستغلل الذي يتعرض له الدين للوصول إل
أهداف سياسية أو مادية.
و من الهم ها هنا الستفادة من الصادر العقائدية و التاريية لفك العلقة بي السلم "كدين و فكرة" و
ب ي الت طبيق التاري ي البشري لل سلم ،و مشكلة ال سلمي الن تك من ف الز يج الع قد ب ي ال سلم
"التقليدي العنصري" و نظريات السلفية الاهزة "سنية كانت أم شيعية" و تسخي النّص القدس لتطبيق
هذه الرؤيا الرجعية على أرض الواقع و من ث ج ّر الواقع بيث يلءم الفهم الطروح حول النص بدل من
ملئمة النص للواقع ،من هنا كان من الطبيعي أن يُعب الكاتب المريكي "توماس فريدمان" عن استغرابه
من العال السلمي الذي خرج ف مظاهرات مليونية "من أجل رسومات كرتونية" نالت من النب ممد ،
بينما تابع هؤلء السلمون أنفسهم جرائم البادة الطائفية ـ استشهد الكاتب هنا بالسيارة الفخخة الت
أوقعت عشرات الطلب ف الامعة الستنصرية و تفجي انتحاري سنّي استهدف مسجدا شيعيا ـ "و قد
سبق ل أن ق مت بقار نة كهذه ف مقال كاريكات ي العال ال سلمي" و هذا م ا يع ن أن وزن العقل ية
السلمية ف القرن الـ 21هو %0و إفلسا حضاريا.
و للخروج من هذه الز مة الخلق ية ال ت ي سببها ال سلمون لنف سهم و لغي هم ،و لتغي ي ن ط التفك ي
ال سلمي القا بع ف عبادة الذّات الاو ية أو العدي ة القي مة ،ل بد من توف ي الدوات اللز مة لراج عة
الذاكرة السلمية التاريية و النظر إل التجربة السلمية بعي النقد و التمحيص.
فإحقيقة،ية تفسي السلم و ماهيته هي من أصعب الواضيع الت قد يقوم با أي باحث ،خصوصا ف
ظل متمعات و أنظ مة ل تف هم شيئا من تعدد الرأي و حر ية الت عبي ،فالغرب ن ح ف ف تح كل أجواء
البحث و ل يترك أي مساحة فكرية أو موضوعا خارج البحث ،بالتال وفـر الفرصة الكافية للصلح
الدين ،و كانت بداية الصلح الدين هي نفسها الطوة الول لتعايش الدين مع تعدد الراء.
و حقيقة ،فإن السلم يعان الن من جانبه التشريعي ،إذ ليس هناك جانب عقائدي فقط من السلم ،
كما هو حال السيحية الت تكيفت بسرعة مع الدولة العلمانية ،بينما بقي السؤال السلمي الحي :ماذا
نفعل ب كل هذا الكم من التشريعات ..؟ ف هل الن من وا جب السلمي ت طبيق أحكام الرجم و اللد و
القطع ،فضل عن قتل الرتد كما هو ف السلم التقليدي ـ خصوصا الدرسة السنية ـ الرثوذكسية
السلمية ؟!
67
و حقي قة فإن الطالب ي بت طبيق الشري عة ف الو سط ال سن هم أخ طر على الديقراط ية ـ هذا إن وجدت
هذه الديقراطيـة ــ مـن ذلك الطرف الشيعـي ،و كمثال على ذلك ،ندـ أن موجـة الطالبـة بتطـبيق
الشري عة ـ و هي لي ست شري عة واض حة ف قد شوه ها الفقهاء و الواعظون و صحاح البخاري و م سلم
توي من التناقضات ما ل ي صى ـ ابتداء من إندوني سيا و مرورا بالي من و م صر و ال سودان و انتهاء
بوريتانيا و نيجييا ،و هذا البلد الخي ذو غالبية مسيحية و رغم ذلك يعاند السلمون ف الطالبة بتطبيق
الشريعة ـ حسب التفاسي السنية طبعا ـ بينما رفضها السيحيون و رفضها الشيخ إبراهيم الزقزقي الذي
يثل الشيعة موضحا " :أن السلم ليس قانون عقوبات فقط".
ك ما أن حّى الطال بة بت طبيق الشري عة تنا مت أك ثر من أي و قت م ضى م نذ ظهور حر كة "الخوان
السلمي" ف مصر ،ث انتقلت هذه المّى إل البلدان الخرى ،و لقت هذه الطالبات هوى ف نفس
الكام ف السودان ـ خصوصا أيام النميي ـ و كانت النتيجة أن ارتكبت أفظع الرائم ،و بالتأكيد
فإن من يعترض يناله القتل بتهمة الردة عن الدين ،و هو الكم الشرعي الذي ابتدعه الليفة الول أبو
بكر لتصفية الصوم و القضاء على عليهم.
و كان إعدام الفكر السلمي "الصلحي" ممود ممد طه ف السودان و بتهمة الردة أحد هذه الرائم
يقول الكاتب السودان أحد زكي عثمان ف مقاله بعنوان "ف ذكرى إعدام ممد ممود طه ،البحث عن
بديل للتصفية السدية للمختلف":
،ف سابقة تاريية هى الول من نوعها ف التاريخ العرب الديث ،حيث ل يدث أن ارتقى مفكر عرب
القصلة بسبب "آرائه" الفكرية و الت اعتبتا "الدولة العربية" ارتدادا عن السلم .نعم لقد شهد التاريخ
العر ب قبل و بعد – 1985تار يخ إعدام الف كر ممود م مد طه-حالت متعددة صدرت في ها قرارت
الت صفية ال سدية لفكر ين و نقاد وأ صحاب رؤى ،ل كن ل ت قم "الدولة العرب ية الدي ثة" من ق بل بنع
حياة أحد من الكتاب أو الفكرين أو الباحثي بسبب آرائه السياسية او الفكرية و الت يتوهم أنا تمل ف
طياتا ردة عن السلم .فمثل عندما ت إعدام الفكر السلمى سيد قطب ف أغسطس من عام 1966
كان السـبب هـو خلفيـة إنتمائه لماعـة الخوان السـلمي وإتامـه بحاولة قلب نظام الكـم فـ مصـر
الناصرية .و ف أبريل من عام 1980قام صدام حسي بإعدام الفكر الشيعى البارز ممد باقر الصدر
وكان ال سبب هو خلف ية إنتمائة لزب الدعوة ال سلمى .و ف يون يو من عام 1992ت اغتيال الف كر
الصرى فرج فوده ،و كان السبب ان القوى صاحبة التخطيط الفكرى و اليدان لغتياله ل تر مانعا من
إستخدام آداة التصفية السدية كآداة سياسية ،و هو نفس السيناريو الذى تكرر لحقا مع الديب الكبي
نيب مفوظ ف عام 1993على خلفية روايته "أولد حارتنا" ،و لكن قدر ال أل يرحل الرجل ف هذه
68
الؤامرة الدنيئة لكنه ظل لدة الـ 13عاما اللحقة للحادثة يشكو من التوابع الصحية و النفسية لحاولة
الغتيال هذه .كذلك ل يكـن أن ننسـى جرائم الطـف و الختفاء والتـ كانـت أبرزهـا حادثـة
خ طف(وق تل) العارض الي سارى الغر ب الهدى بن بر كة و ذلك ف العا صمة الفرن سية بار يس ف عام
.1965ناية القتباس.
نود أن نضيف ملحظة أخرى إل رأي هذا الكاتب العزيز بأن نقول ،أن عدم استعمال فكرة استخدام
تمة "حدّ الردة ف قتل ممد با قر الصدر أو سيد قطب ل يكن مسألة تتعلق بإياد البدائل للقضاء على
الصوم السياسيي ،فالسألة تعلقت آن ذاك بنظامي يدعيان العلمانية و التقدم ية "نظام العسكر و عبد
الناصــر ف مصر و نظام البعث ف العراق" بالتال ل يكن يروق لم ـ ف تلك الفترة على القل ـ
أن يستخدموا تمة "الردة ـ و هو مصطلح دين يشبه تمة الرطقة ف العال السيحي القدي و مصطلح
زندقة ف العصور الوسطى السلمية" ،فقد استغل النظام العرب فرصة وجود ماوف الغرب من السلم
السياسي للقضاء على الصوم بجة أنم ضد التطور و التقدمية ،لكن هذه النظمة الن تاول استخدام
السلميي كـ"فزاعة" لنع الغرب من نشر و فرض الديقراطية ،بعن أن ظروف عبد الناصر و صدام و
نظامهما منعتهما من استخدام حجة "الرتداد" و ليس لرفضهما الفكرة من أصلها.
و النظمة العربية و السلمية تاول الن توفي أجواء مناسبة لتنامي ظاهرة "الطالبة بتطبيق الشريعة" و
ال ت ل ا جذور ف هذه النط قة خلل الم سي سنة الاض ية ،بديل عن الطال بة بالديقراط ية و الريات
الدن ية الفرد ية و الجتماع ية إذ ل يش كل ت طبيق الشعائر و القوان ي الدين ية خطرا داه ا على الكومات
الرجعية ف العال السلم بينما الديقراطية هي النقيض و الضّد لذه النظمة القروسطية و القائمة على نواة
النظام العشائري و نقاء الدّم.
إن الطالبي بتطبيق الشريعة ف الوسط السن يقومون بذلك دون دراسة أو بث أو تدقيق ف الواقع ،و
الوا قع و الداثة ينعان من تطبيق شريعة هي ف الغالب "نتاجات فقهاء" و بدع متراكمة صاغها الزمن
ب صيغة "القدس" و هي أ صل مناق ضة لكث ي من آيات القرآن نف سه ،ك ما أن تنا قض الراء ف الذ هب
الواحد " ،الشافعي له ف كل مسألة رأيان و مالك بن أنس و أتباعه يكفرون النفية ـ أتباع أبو حنيفة
النعمان بن ثابت ـ و أحد بن حنبل له ف كل مسألة ثلث آراء أو أربعة ،يضاف إل كل هذا أن الفقه
السن قد توقف عن النتاج منذ تسعة قرون أو أكثر حينما سد العباسيون باب الجتهاد و قصروا العمل
بالذاهب السنية الربعة ،هذه التناقضات الت تظهر بوضوح مدى تناقض هذه الشريعة هي سببٌ كا فٍ
لتعطيل تطبيقها و التوجه نو قانون مدن يساوي بي الكل.
69
و للسف ،فإن الشيعة ف الاضي كانوا أكثر تلئما ،عقائديا ،مع الدولة العلمانية و الداثة ،حينما
كا نت النظر ية ال سائدة هي أ نه ل يوز إقا مة الدولة ال سلمية "الدين ية" ما دام الع صوم غائ با ـ بالتال
كان من الم كن تأج يل أطرو حة "الشري عة" إل ح ي ظهور المام الع صوم ،ل كن ظهور نظر ية "ول ية
الفقيه" طرح و بدة تناقض السلم مع العلمانية و مفهوم الدولة الديثة.
إن إشكال ية "الد ين" و "الدولة" ل زالت ال سؤال ال كب الذي يُطرح ف عال نا ال سلمي دون أن يكون
هناك إجابة قطعية أو واضحة لذا الشكال الطي ،طبعا باستثناء ـ المهورية التركية ـ الت ألغت
هيمنة رجال الدين و استغللم الفاضح لقدسية الدين خدمة لرغبات السلطان و صدره العظم.
لقد كانت خطوة مصطفى كمال ف تركيا ،و البيب برقيبة ف تونس ،خطوتي هامتي ف تاريخ العال
ال سلمي ،إنطلق النموذج التر كي ف خطوات مت سارعة ن و الديقراط ية م نذ ، 1979بين ما ل تزال
التجر بة التون سية تراوح ف مكان ا ،و ل أ ستبعد أن تتخلى تونس عن منجزات ا ف العل قة ب ي الد ين و
الدولة ف سبيل م نع إناء الديقراط ية و غال با ما تكون نتي جة الدكتاتور ية و تتا بع ال ستبدين ف ا ستلم
الكم سببا ف خلق السلميي "الهاديي" الّذين يسعون لفرض تطبيق الشريعة بالكراه و القوة.
إن ال سلم التقليدي ــ و هو ضـد ال سلم العقل ن الواق عي ـ أ صبح أكـب عائق فـ سبيل تنم ية
الجتمعات و النظم السلمية ،بالتال نشأت ف عالنا السلمي ما يشبه ،ماكم تفتيش غي معلنة ،و
الجتمع نفسه يقوم بذا الدور ،و التناقض الضحك هو أن الحزاب و التنظيمات "السلمية" على نط
"الخوان السلمي" و "الركات السلفية" الت تعلن عدائها للنظمة الدكتاتورية ،هي ذاتا الت تبقي
على هذه النظمة الفاسدة و تميها عب منع الجتمع من تفجي طاقاته بجة التكفي تارة و بجة احترام
القدس تارة أخرى و بالتال يفرض على هذه الجتمعات الصمت و المود.
و هناك جانب ل بد من اللتفات إليه ،فاللف الول الذي ظهر ف السلم و خلق كل ما تله من
خلفات مذهبية و عقائدية ،كان مبدأه خلفا سياسيا ،و حروب أب بكر الت سيّت "حروب الردة" ل
ت كن سوى خل فا سياسيا "اجتهاد يا" ،إذ رأى اؤلئك ال سلمون "الرتدون" أن خل فة أ ب ب كر لي ست
شرعية أو غي قانونية بتعبي هذا الزمان و لو ل يقُم أبو بكر بشنّ تلك الرب ،كان من المكن أن يتغيّر
مسار التاريخ السلمي نو إناء الوار و احترام اللف ،لكن أب بكر بدأها برب و أناها بدكتاتوريّة
السـ القومـي إل العربّ حينمـا سـلّم المور و بدون رضـى الشّعـب إل عمـر بـن الطاب الّذي أعاد
ليتحول السلم إل دين قومي بت و يصبح أداة بيد العرب لستغلل الشّعوب الُخرى و استعمارها.
القيقة الت يب أن يتوخاها الباحث هنا ،هي أن شعوب الشرق السلمي ـ بعكس الغرب السيحي
ـ ل تتلك جذورا ديقراطية ف الشرق الذي سبق السلم ،فحضارات "سومر" و "أكد" و "بابل" و
70
"م صر الفرعون ية" و "مالك إيران القدي ة ،إيلم ،الخينيون ،البارثيون ،ال ساسانيون" و ف ترك يا
"اليثيّون" ،كل هذه الضارات كانت تقوم على حكم الفرد الواحد ،بعكس التجارب الديقراطية ف
أثينا و روما ،و إن كانت تلك الديقراطيات تتلف كثيا عن الديقراطية الديثة إل أنا أوحت و عب
القرون بفكرة "الشاركة الشعبيّة ف إصدار القرارات" و حق الحتجاج ضد الكومة و رفض قراراتا ،
كما أن السيحيّة الديثة استطاعت أن تنتزع نفسها من إستغلل السلطة أو إستغلل السلطة للدين.
إن تاريخ صدر السلم ،ابتداءا من النب ممد و مرورا باللفاء الوائل ،مثلت ـ قياسا إل ذلك الزمن
ـ حكومة شعبية أو سلطة تاول أن تعكس رضا الغالبية من الحكومي ،فتجد ممدا و هو النب يلس
بي الفقراء و ينظر ف مشاكلهم بل و كان يتعرض لنتقادات لذعة من العامّة دون أن يرد عليهم بأوامر
العتقال أو التّع سّف ،و كان الخرون ،أبو بكر و عمر و علي ـ استثنينا عثمان لقيامه بتصرفات هي
أقرب للحاكم الطلق ،يسيون على هذا النهج ،ملحظة أن عليا هو الوحيد الذي أظهر الانب الكثر
إن سانية من ال سلم و كان حري صا على عدم التفر قة الدين ية أو العن صرية تاه مواطن يه ،م ا ألّب عل يه
العرب لساواته بينهم و بي الوال "أي غي العرب" و ألّب عليه قريشا لساواته بينهم و بي سائر العرب
( أنظر :وعاظ السلطي ـ للدكتور الرحوم علي الوردي) ،كما أن النعة الستعلئية العربية كانت ف
طريقها للذوبان و النصهار لو ل أن عمر "الليفة الثان" أنشأ ديوان "النساب" فراح العرب يبحثون و
يدققون ف أنسابم (أنظر :تأريخ العرب قبل السلم ج 1ـ تأليف الدكتور جواد علي) لربا كانت
النعة القومية تكاد أن تكون شيئا من الاضي ف العال السلمي.
إن الن صوص ال سلمية القد سة "القرآن تديدا" ش به صامتة عن إياد نوذج وا ضح للح كم ،و ح ت
الشيعة الذين يقولون بأن النب عيّن عليا خليفة و حاكما و إماما من بعده ،يستعينون بأحاديث نبوية لن
القرآن ها هنا ـ كما يصفه علي بن أب طالب ـ هو "حّـال أوجُه"!! بعن أن يتمل أكثر من تأويل
و معن و تفسي . explanation
و لذا السـبب ندـ أن التاريـخ السـلمي ــ السـن تديدا ــ شرع النقلبات الدمويـة و أن الاكـم
الشر عي هو من غلب ،و ف الو قت الذي ح كم ف الفقهاء بعدم جواز التمرد على الا كم الظال ،إل
أنه من الواجب إطاعة التغلب "أنظر :شرح العقيدة الطحاوية لبن أب العز و أيضا العواصم من القواصم
لبن العرب الفقيه الالكي" ،و أعتقد أن هناك أمل ضئيل ف نشوء إصلح فكري و عقائدي ف داخل
هذه الدرسة "السنية" ،خصوصا و أن النماذج السائدة من الركات السلمية "الخوان السلمون ـ
ف مصر" ،علينا أن ل ننسى أن حركات التطرف السلمي كتنظيم القاعدة و الجرة و التكفي وجدت
71
لنف سها دع ما و تأييدا من ق بل قاعدة الخوان و ال صريي من هم على و جه ال صوص ،و "حاس ـ
الراضي الفلسطينية" و "جبهة العمل السلمي ـ الردن".
............................................................
و لنعد إل الركات السلمية و الفكر السلمي ،الذي اختلط للسف بالنظرية القومية و ل يعد فكّ
الرتباط بينهما مكنا ،فنجد السلم إل جانب النظريات القومية "العربية" " ،التركية ـ إل حي ظهور
مصطفى كمال و فصله بي الدين و الدولة" ..إل.
و حت عندما ظهر جال الدين الفغان الذي ظهر بشخصيته الباغماتية كداعية للصلح ،إل أن الرجل
ل يكن مصلحا حقيقيا بسبب ضبابية آرائه و مواقفه التناقضة مع الكام ،تاما كما فعل مع السلطان
عبد الميد الثان حيث ل يكن موقفه واضحا أو لنقل على نسق واحد تاه الشروطة "الدستور العثمان"
و مكافحة الدكتاتورية ،و كان "عبد الرحن الكواكب ـ مؤلف طباع الستبداد" ينشد الرية بعن أن
ل ي كم "تر كي أو عج مي" على "العرب" م ا يع ن أن ال سلطان العثما ن التر كي لو كان "عرب يا" لكان
مقبول.
إن تلبّس ما يُسمّى بركات التحرر ف "العراق" " ،مصر" " ،سوريا" " ،ليبيا" " ،الغرب" " ،السودان" ،
"إيران" ،إندوني سيا ،بلباس الد ين و ا ستخدام الد ين ك سلح بو جه من أ ساهم أ هل هذه البلد
ب ـ"ال ستعمرين الكفار" ،هذا ال مر ج عل البن ية ال ساسية لذه الدول ال ت ح صلت على ا ستقللا أو
سـيادتا الواحدة تلو الُخرى ،بنيانـا هشّا و على أسـاس غيـ واضـح ،فل هـي مبنيـة على أي نظريـة
إسلمية "دينية" واضحة ،بعن أن الوية الدينية للبلد ضبابية و مطاطة قابلة لتفسي الاكم الهيمن على
البلد ،و ي ستفد أ هل هذه البلد من اؤلئك الذ ين ا ستعمروهم أو انتدبو هم أو لنق ـــل أداروا هذه
البلد ،كالبيطاني ي و الفرن سيي ف بلدان الشرق الو سط ،فالعراق مثل كان أف ضل حال من ح يث
الريات و تنظيـم شؤون الدولة فـ فترة اليمنـة البيطانيـة ،بينمـا تدهور العراق حينمـا تقوى الكـم
الحلي.
يقول الدكتور جال البنا ف ماضرة ألقاها ف منتدى "السلم و الصلح "2005و الذي أقامه مركز
ابن خلدون:
"و قد جر بت هذه البلد الديقراط ية خلل الرحلة الليبال ية من تار يخ م صر ال ت بدأت بد ستور 1923
ح ت قيام النقلب الع سكرى سنة .52وكا نت هذه الفترة هى أف ضل فترة ف تار يخ م صر الد يث
وحققت مصر فيها معظم إنازاتا ،وتقبلها ول تعترض عليها الؤسسة الدينية " الزهر " كما أن المام
حسن البنا الرشد الؤسس للخوان السلمي أثن على دستور 23وقال :إنه ل يعارض السلم .وليس
أدل على ذلك من أ نه ف ظل هذا الد ستور أقام الخوان ال سلمي دون أى معار ضة أو مضاي قة" ـ
السلم و الصلح ج 2ص 64
73
كذلك الال بالن سبة للحركات ال سلمية ال ت غايت ها "تك يم الشري عة" ،دون أن ت عل غايت ها تر ير
الواطن و النسان من كل استغلل ،حت من ذلك الذي يتم تت ستار الدين أو الشعارات الوطنية ،
كما أن تركيز السلميي على النماذج التاريية الضبابية و إغراق الثقفي ف جدال بيزنطي فارغ حول
التراث و النصوص ،أغرق الجتمع ف أزمة تعريف العلقة بي الدين و الدولة و الواطن.
و مـن هذا الرجوع التشدد إل الاضـي النابـع أصـل مـن فلسـفة ماضويـة ،فإن الركات السـلمية و
تنظيماتمـ الزبيـة و الجتماع ية و القتصـادية ل تتلك مار سات ديقراطيـة حقيقيـة ،باسـتثناء مظاهـر
مدودة ما اصطلحوا عليه بـ"الشورى" ـ و هي عملية ليس لا أسس و آليات واضحة و ل تتعدى أن
تكون إل صورة أُخرى لجالس شيوخ عشائر و قبائل ف الزيرة العرب ية ـ و من ال ستغرب أن يتّ خذ
ال سلميون الشي عة هذا الن مط من الشورى خ صوصا و أن م عقائد يا يرفضون النظام أو هرم ية النظام
الطبق منذ 1400عام ،باستثناء فترة حكم علي بن أب طالب "المام العصوم الول حسب العقيدة
الشيعية" ،و ما دام المام العصوم ـ حسب النظرية الشيعية ـ غائبا و الفقهاء و الراجع غي معصومي
و عرضة للغلط ،فإن الول هو تطوير مفهوم "الشورى" نو الديقراطية الشاملة.
إن الركات ال سلمية تع يش حالة من الرض و المود كجزء م ا يعان ية الشرق ال سلمي من تلف و
جود ،و إصـلح البنيـة الفكريـة و الجتماعيـة سـيؤثر بالتأكيـد على هذه الركات ،كمـا أن العال
السلمي ل زال يرزح تت ني العقلية الت سادت بعد عصر الأمون ،هذه الثقافة الت تعتب الفلسفة و
النطق و طرح أسئلة عقائدية حول حقيقة السلم و ماهيته ضربا من الكفر و الزندقة.
الانب الخر من إصلح العال السلمي يتعلق بـ"حقوق النسان" و "حقوق الرأة" و قواني العقوبات
العمول با ف الدول العربية و السلمية ،و ف الملكة العربية السعودية تديدا ،هذه الدولة الت تُعتب
ف ذيل القائمة العالية من حيث الريات و حقوق النسان و حقوق الرأة على وجه التحديد.
يقول تقرير حقوق النسان للعام 2004الذي أصدره "مركز إبن خلدون للدراسات:
تعهد ول العهد السعودي المي عبد ال بن عبد العزيز بالضي قدمًا ف تديث النظام بإجراء الصلحات
اللزمة وقيادة البلد دون الدخول ف "مغامرة طائشة"ف كلمة ألقاها المي عبد ال على التلفزيون بناسبة
فعاليات اللتقى الثا ن للحوار الوط ن الذي ع قد ب كة الكر مة ف ال سبوع الخ ي من دي سمب .2003
و قد ش جع هذا الت صريح قيام مئات الشخ صيات ال سعودية بالطال بة ف بيان و جه ال ال سرة ال سعودية
بوضع "جدول زمن" لتسريع "الصلحات" ف الملكة ،وكان رد المي عبد ال بن عبد العزيز عليه بأن
الكومة السعودية ماضية ف طريق الصلح ولكن "بشكل تدريي" .ص 132
74
و حقيقة فإن عبارة "بشكل تدريي" الت وضعها التقرير بي هللي ،تثي نوعا من الشك و الريبة ف نية
الكومة السعودية القيام بإصلحات حقيقية ،و هناك فعل خشية من أن يكون "الصلح التدريي" هو
فقط للستهلك العلمي ليس إل.
و هكذا فإن التقرير نفسه يقول:
و ف خطوة مناق ضة للشارات الياب ية ال ت حاولت المل كة ار سالا بدا ية العام ف قد اعتقلت ال سلطات
السعودية ف 16/3/2004خس شخصيات من الكادييي معتبة أن دعوتم ف عريضة الصلح الت
طالبوا في ها بتحول ال سعودية إل اللك ية الد ستورية " مس بوحدة البلد".و قد أفرج عن اثن ي منه ما ب عد
يومي إثر تعهدهم الكف عن الطالبة جهرًا بإصلحات.وبقى الثلثة الخرون رهن الحاكمة حت ناية
العام .كمـا توعدت الكومـة السـعودية فـ 4/10/2004بعاقبـة أي موظـف فـ مؤسـساتا الدنيـة
والع سكرية ينا هض سياسات الدولة أو برام ها بش كل مبا شر أو غ ي مبا شر سواء كان ذلك عن طر يق
إعداد أي بيان أو مذكرة أو خطاب أو التوق يع على أي من ذلك أو الشار كة ف أي حوار عب و سائل
العلم والتصـال الداخليـة أو الارجيـة بدعوى أن هذا يعتـب "إخللا بواجـب الياد والولء للوظيفـة
العامة" .ص 131و . 132
و هو ما يو ضح أن الكو مة ال سعودية و ال ت ت سببت ب كل موجات الرهاب و الفخخات ف الشرق
الوسط و العال ،ل تصنـف معارضيها أبدا بي "معتدل" و "متطرف" ،بل تتعامل مع الميع بنطق
اليمنة و الرادة البوية الت ل تقبل أي نوع من العارضة ،و مشكلة النظام السعودي الذي تصفه بعض
الو ساط المريك ية ب ـ"الل يف ال بيث"!! فإن النظام ف شعاره "الرب على التطرف و التطرف ي" ل
يقصد به إل أؤلئك الذين يهددون العرش السعودي و مصال السرة الاكمة.
ففي الوقت الذي يتمتع فيه المي السعودي اللياردير "الوليد بن طلل" بكل ملذات الرية و من خلل
ثروة جناها من شعب "الزيرة العربية" ،يعان الواطنون السعوديون ليس من الفقر و الرمان فقط ،بل
من امتهان كرامتهم كبشر و مواطني ،و الواطنون من الشيعة الثن عشرية و الشيعة الساعيليي يعانون
يوميا حربا حقيقية من أجل البقاء.
الخوان السلمـــون "الرهابيون و الضعفــــــــاء"
تأسست حركة الخوان السلمي عام 1928ف مصر على يد "حسن البنا" ،يقول الدكتور سعد الدين
إبراه يم مد ير مؤ سسة ا بن خلدون للدرا سات ف مقد مة كتاب "التار يخ ال سري للخوان ال سلمي :
مذكرات علي العشماوي آخر أعضاء التنظيم السري الاص:
75
الخوان السلمي هم أهم حركة إسلمية ـ سياسية ف القرني الخيين .فمنذ الركة الوهابية "
ال ت ظهرت ف الزيرة العرب ية ف منت صف القرن الثا من ع شر ،على يد الداع ية التشدد م مد بن ع بد
الوهاب ،ل تظهر حركة دينية سياسية تدانيها تنظيميا وقوة وتأثيا ًـ ل ف الزيرة العربية ،ول خارجها
ـ إل أن ظهرت حر كة الخوان ال سلمي ف م صر ،على يد الداع ية ح سن ع بد الرح ن الب نا ،عام
.1928صحيح ،ظهرت بي الركة الوهابية وحركة الخوان السلمي حركات إسلمية أخرى ـ مثل
الهد ية ف ال سودان ،وال سنوسية ف الغرب العر ب ـ ولكن ها ظلت م صورة النطاق جغرافيا ،ومدودة
التأثيـ سـياسيا وزمانيا .كذلك ظهرت حركات أخرى عديدة تمـل شعارات إسـلمية خلل القرنيـ
الخيين ،ل يكن لا مثيل بي أيً من الركات الذكورة ف تأثيها الستمر.
الوهابيون والخوان ال سلمون ـ إذن من ه ا ال هم والك ثر تأثيا وا ستمرارا .وك ما ضُر بت
الر كة الوهاب ية أك ثر من مرة و سقطت ،وأفا قت ون ضت من جد يد ،كذلك حدث لر كة الخوان
السلمي .ول تظهر بعد ،على حد علم هذا الكاتب ،دراسات علمية موثقة عن العلقة بي الركتي ف
القرن العشر ين .ول كن من الثا بت أ نه حين ما ضُر بت حر كة الخوان ال سلمي بوا سطة الرئ يس ال صري
ج ـال ع بد الناصـر فـ الم سينيات وفـ ال ستينيات ،ف ّر عدد كبي مـن الخوان إل المل كة العرب ية
ال سعودية ،الع قل ال صي للوهاب ية ،ح يث أح سنت وفادت م وحايت هم .ك ما أن عددا كبيا من هم قد
شاركوا ف بناء الدولة السعودية الثالثة ،واستفادوا أيضا بقدر ما أفادوا أدبيا وماديا ،ودخلوا ف شركات
متعددة ومتشعبة معا ،ظل تأثيها قائما إل الوقت الاضر " ص . 3 – 2
و فعل ،فإن هذه الركة تتلك جهورا عريضا ف أوساط الشعب الفقي ،لكن الشكلة الساسية تبقى
كونم متطرفي نو أحد الانبي ،إما أن تنكفيء نو العمل السلمي "إل حد التبعية" لحزاب السلطة ،
أو تنحو نو العنف و الرهاب و خلق تنظيمات تؤمن بالعنف و الوصول إل الدف عب استعمال القوة.
و لد الن ل تستطع هذه الركة أن تتجه إل الواجهة السلمية و مارسة الديقراطية بشكل حقيقي ،بل
إن ثقافة هذه الجمو عة ل تت سم بأي طا بع حواري ،م ا يعن حقا أنم ل يتلئمون ـ على القل لد
الن ـ مع الديقراطية و النظام التعددي العلمان ،و منذ نشأة هذا الزب أو الماعة ،تظهر أدبياته أنه
ل يردد إل خطاب "القاومة ـ مصر و الراضي الفلسطينية و العراق" و الواجهة مع الغي.
يقول علي العشماوي ف مذكراته:
76
" هل هم ـ يعن جاعة الخوان ـ مستعدون للقبول بالدستور الدن واحترام بنوده أم أن نبذ العنف
بأشكاله و صوره مرد شعارات للمرحلة الال ية ،ث تعود المور إل ما كا نت عل يه ،هل يدركون أن ف
مصر عددا ليس بقليل من القباط ،أنه ينبغى طمأنتهم على أحوالم خاصة ان أحد قادة الخوان السابقي
كان قد ألعن كلما ضد القباط ،ث اضطر أن يعتذر عنه وهو الرشد السبق مصطفى مشهور ،كل هذه
المور ينبغـى أن تدرس بديـة وأن يتضـح الوقـف مـن كـل أمـر بوضوح ،ولعلهـم يدركون الن أنمـ
يتحركون وحد هم بعيدا عن با قة القوى الوطن ية ال ت ابتعدت عن هم الواحدة تلو الخرى لن ال سلوب
التبع غي مقنع والوقف ل يتمل الغامرات" ص . 12 – 11
إن هذا السؤال أو مموعة السئلة الت يطرحها العشماوي ل تقتصر على الجتمعات العربية و السلمية
ـ رغم أنه ل يوجد نظام ديقراطي عرب أو إسلمي ياستثناء العراق ما بعد 2003و لبنان حيث يعود
الفضل للمسيحيي ف خلق هذه الديقراطية ـ فهذا السؤال الهم :هل من المكن أن يُشارك إسلميون
ف التغي ي الديقرا طي و تديدا الخوان "؟ يطرح و بش كل أك ثر إلا حا من ق بل الؤ سسات و ال باء
المريكيي ،خصوصا و أن طيفا إسلميا كبيا طرأ ف العراق "بعد أن أطاح المريكيون بنظامه البعثي"
و انتخابات الراضي الفلسطينية حيث فازت حاس و اكتسحت الساحة السياسية.
يقول جيمي شارب الحلل السياسي بالشرق الوسط قسم الشئون الارجية والدفاع والتجارة ف بثه "
سياسية الوليات التحدة المريكية لتعزيز الديقراطية ف الشرق الوسط
العضلة السلمية" ـ و هو بث قدمه إل الكونغرس المريكي ف 15يونيو :2005
" وردا على هذه العضلة :ت سائل ب عض الباحث ي هل سوف تقوم الوليات التحدة المريك ية بال د من
ضغوطها على الكومات العربية حت تفتح مال لنظمتها السياسية واحترام حقوق النسان مع العلم بأن
م ثل هذه الطوات -ف حال ناح ها -قد ت صبح ذا فائدة كبية للجماعات ال سلمية .إن تقد ي قوة
سياسية شعب ية ومبو بة ف العال العر ب اليوم ,إن العد يد من الماعات والؤ سسات ال سلمية ال سياسية
تع تب على ال قل ف م ستوى الطاب معار ضة بش كل كبي كا فة مظا هر ال سياسة الارج ية للوليات
التحدة المريكية ف الشرق الوسط وعلى سبيل الثال دعمها لسرائيل واحتلل العراق وحشد الوجود
العسكري ف الليج العرب .والق أن النتخابات الت تت بتأييد الوليات التحدة المريكية ف كل من
العراق وم صر وال سلطة الفل سطينية قد عملت على تقوية الو ضع ال سياسي للمؤ سسات ال سلمية ب ا ف
ذلك ما يتعلق بركة حاس وهي الماعة السلحة الت رفضت نبذ السلح ".ص 2 – 1
77
إن النقطة الخرى الت ينبغي على الباحث المريكي جيمي شارب اللتفات إليها ها هنا ،هو أن أكثر ،
هذا إن ل نقل جيع ،الركات السلمية و تنظيماتم ل يقتصر عداءها على الوليات التحدة ،بل هم
يعيشون حالة من كراه ية "الدا ثة" و يكرهون الن مط الديقرا طي ف ال كم ،و ل كن هذا العداء يظ هر
جليا تاه أمريكا كونا أبرز و أقوى مدافع عن النمط الديث ف الديقراطية.
هذا التردد من ق بل الجت مع الدول حول إشراك ال سلميي ف النظام التعددي الديقرا طي ،الذي يُراد
خلقه ف الشرق الوسط و شال أفريقيا ،ف جزء منه يعود إل السلطات ف البلدان العربية و السلمية ،
هذه النظمة تستخدم ماوف الغرب من تكرار التجربة اليرانية الشؤومة و تنع حصول أي تطور على
أرض الواقع بفضل هذه الشكالية ،لكن أيضا تبقى ثقافة "الرب" و لغة النتقام و الؤامرة و العارك ،
كجزء أ ساس من ثقا فة ال سلميي ـ ح ت اؤلئك النشق ي عن هم ـ و ال ت عززت بدور ها ماوف
الغربيي من التغيي مع رغبتهم فيه.
مع ملح ظة أن هذه الركات تتفاوت ف التعا مل مع هذه القِيَم ككُل و ت صنيفها إل مقبول و غ ي
مقبول ،فمثل يوا فق أغلب أو كُل الركات ال سلمية "الشيع ية" النتخابات كو سيلة لدارة ال كم ،
بين ما هناك قطاع إ سلمي "الوهاب ية ال سلفية" و ممو عة من "علماء الز هر" يع تبون النتخاب "كفرا
م ضا" و الديقراط ية على أن ا "بد عة م سيحية" ،و هذه الركات لي ست با جة إل تبيرات لعدائ ها
للغرب و مظا هر الدا ثة ،فالتار يخ مل يء بال تبيرات للد فع باتاه "الع نف" أو "الواج هة ال سلحة" مع
الخر.
و الخوان السلمون كونم امتدادا للحركة الوهابية "رغم تظهرها ف البداية بظهر الصوفية" فهي قابلة
أن تكون جزءا من حركات الع نف ،و ح ت اؤلئك النشق ـون عن هم يتعاطفون مع هم ،هم متأثرون
بالنهج الوهاب و ابن تيمية ،يقول علي العشماوي ف مذكراته ص : 21
" ،ولكنها ل توجب تكفي الجتمع ،ول تكفي الاكم أو الروج عليه ،والصب على الاكم الائر أول
من الروج عليه ،المر بالعروف والنهى عن النكر من واجبات الاكم حسب نص فتوى ابن تيمية،
والذى بلبل الفرق السلمية الديثة والت تنجو منحى الوارج ف فقه ابن تيمية" ا ه .
و اللحظ أن الخوان رغم كل ما تعرضوا له من تضييق و منع و إيذاء ،إل أن ثقافتهم و الت تتمحور
حول "العنصرية السلمية" أو كما يصفها الرئيس المريكي جورج بوش بـ"الفاشية السلمية" ،هذه
الثقافة نفسها هي الت تُبقي على النظمة الدكتاتورية و تنع الجتمع من التغيي ،فهذه الركات و من
ضمنهـا الخوان ،ل تتعامـل مـع الديـن كوسـيلة ثقافيـة للتغييـ نوـ متمـع ينعـم بالتسـامح و العدل و
الساواة ،بل تتعامل مع الدين كغاية و طقوس الدين تكون هي الدف ،فأي متمع "يرجم الزانية" و
78
"يقطع يد السارق" و "يفرض الجاب" ،هو متمع سعيد أو مثال ،حت لو كان هذا الجتمع يعيش
كارثـة حقيقيـة ،كتطـبيق الدود و القوانيـ على الطبقـة السـحوقة فقـط ،و كمـا قلنـا ،فالخوان
يتأرجحون بي "الستسلم البان للحاكم أو الدكتاتور" أو اليار الخر "العنف و التفخيخ و الذبح ف
سبيل التغيي".
يقول علي العشماوي ف مذكّراته ص : 22
" وينبغى أن نذكر هنا أن أتباع الشيخ ـ يعن ابن تيمية النبلي الكردي ـ ل يقوموا بعقاب أحد يفعل
العصية ،ولكنهم كانوا يقبضون عليه ويسلمونه للشرطة أو للقاضى ،وهو الذى يقيم يق له عقاب أهل
النايات وق هر الناس على إلزام الادة ،إتباع ح كم الشري عة وأن ال أو جب ال مر بالعروف والن هى عن
النكر ،ول يتم ذلك إل بقوة وإمارة ،وكذلك سائر ما أوجبه ال من الهاد والعدل ،وإقامة الج والمع
والعياد ونصـر الظلوم وإقامـة الدود ،ل تتـم إل بالقوة والمارة ،لذا روى "أن السـلطان ظـل ال فـ
أرض" ويقال "ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة واحدة بل سلطان" وهذا كان السلف كالفضيل
بن عياض وأحد بن حنبل وغيها يقولون " :لو كانت لنا دعوة مابة لدعونا با للسلطان "وهو يعن
السلطان برأ كان أو فاجرا".
اللحظ ف هذه العبارات أنا تعكس ثقافة أو "عقلية" مريضة بق ،و من الطبيعي أن هذه العقلية حينما
تصل إل أعلى هرم السلطة فإنا تتحول إل "الاكم الواجب طاعته" و أي مالفة له تعن الصطدام مع
"ظلّ ال ف الرض" ،بالتال ل أجد نفسي متفائل ف أن يكون لؤلء الخوان دور إياب ف التغيي
القادم ،إن كان هناك تغيي أصل.
يقول العشماوي أيضا ف مذكّراته ص : 22
" وكذلك قرر ابن تيمية أن الصب على طاعة الائر أول من الروج عليه ،لا ف ذلك من منع للفتنة الت
تنتج من الروج عليه ،وتلك للبرياء وكل المرين مكروه ،ولكن أقوى الكروهي ـ أى الفتنة والقتل
ـ أول بالترك ،وقد كان الشيخ حريصا على علقات جيدة مع أول المر مع عدم التفريط ف جانب
ال أو حقوق الناس ،وقد أفادته كثيا من تلك العلقات الطيبة مع أول المر ف إسداء النصح لم فهذا
أمر شرعي".
من هنا ند أن من ال صّعب ـ هذا إن ل يكن من الستحيل ـ أن ينضم عقل بذه الضحالة و التبعية ف
النطـق و التفكيـ إل الجتمـع الدنـ الديقراطـي ،و كأنـه ل يوجـد خيار ثالث ،فإمـا الطاعـة العمياء
للحاكم أو تكفي الاكم و الجتمع على حدّ سواء.
79
و ل أعرف حقيقـة لاذا ل يتجـه هؤلء إل خيار ثالث (و هذا اليار يتناقـض بالتأكيـد مـع الفاشيـة
ال سلمية) و هو أن الد ين شأن شخ صي للحا كم و أن إ سلم الا كم أو من هو على رأس ال سلطة ل
يزيـد أو ينقـص فـ "عدالتـه" و أهليتـه لدارة الكـم ،و يكفـي دليل على ذلك أن النـب ممـد مدح
"النجاشي" ملك البشة و قال عنه :إنه ملك ل يُظلم عنده أحد !!"..و هي عبارة قطعية على أن الدين
هو "أمر شخصي".
إن حركة الخوان كانت أقرب إل العمل السلمي ف بدايات إنشاءها بسبب تأثيات الزهر آنذاك ـ
ح ي كان نوع من الت صوف يهيمن على هذه الام عة العري قة ـ ل كن برور الزمن و عب تغل غل الف كر
الوهاب ف منظومة التنظيم و إل الزهر نفسه ،توجه الخوان نو العنف و هي إحدى أعراض الصابة
بالفيوس الوها ب ـ و ل زالت المل كة ال سعودية الوهاب ية تفت خر ب صورة ال سيف على علم ها ـ م ا
أبعد ها شيئا فشيئا عن المار سة الواقع ية لل سياسية و جعل ها ذات تبع ية غ ي وطن ية ،بع ن أن ا أ صبحت
حركة تابعة لدولة إقليمية لا مصالها الختلفة و التناقضة أحيانا أخرى مع مصلحة مصر كدولة.
إن الخوان ال سلمي ـ حاله حال أغلب التنظيمات ال سياسية ال سلمية و ال سنّي من ها خ صوصا ـ ل
تستطيع العيش ف ظل القواني العلمانية و الدنية ،يقول الدكتور طلعت رضوان و هو أحد الشاركي ف
منتدى "السلم و الصلح" الصدر السابق ج 2ص 76
" أما أ .ممد حبيب نائب الرشد الال ـ يعن الخوان ـ فقال "نن جاعة الخوان السلمون نرفض
أي د ستور يقوم على القواني الدن ية العلمان ية ،وعل يه فإ نه ل ي كن للقباط (يقصد ال سيحيي لن كل
الصريي أقباط) أن يُشكلوا كيانا سياسيا ف هذه البلد .وحي تتسلم الماعة مقاليد السلطة والكم ف
م صر فإن ا سوف تُبدل الد ستور الال بد ستور إ سلمي يرم بوج به كا فة غ ي ال سلمي من تقلد أي
مناصب عليا ف الدولة أو ف القوات السلحة ،وأنه من الضروري أن نوضح أن هذه القوق إنا ستكون
قاصرة على السلمي وحدهم دون سواهم" وما ذكره أ .ممد حبيب هو ترديد والتزام با ورد ف كتيب
باسم (نوذج الدستور السلمي) ،صدر ف لندن عام 1984نص فيه على أن "مواطنة الدولة حق لكل
م سلم ف قط" بل إن الش طط ال صول و صل إل در جة أن يعلن أ .م مد مهدي عا كف مر شد الخوان
الال أن "الكم العثمان لصر ل يكن احتللً ،ولو أن خليفة من ماليزيا حكم مصر ل يكون متلً".
من ه نا فإن من حق الم يع أن يُش كك ف م صداقية ال سلميي ـ الخوان تديدا ـ تاه المار سة
الديقراطية و العيش مع مفهوم الواطنة بالصطلح الديث ،و أن الساواة الت يدثنا السلميون عنها ،
ل تعدوا أن تكون مساواة شكلية و غي حقيقية ،كما أن تعريفهم و مصطلحهم السياسي ضباب على
الغلب.
80
إن الخوان ف الوا قع يزجون ب ي نقيض ي ،فتارة يتقربون من الدا ثة و إن كان بذر ،و تارة أُخرى
يلقون ف فضاء التنظي الثال لدولة "اللفة" الزعومة ،ما يعن تنظيا شبيها لطروحة طالبان و تنظيم
القاعدة ،و هذا الزج هو أمر غي مقبول ف العرف السياسي و هو أشبه بقبول الحتكام إل القانون و
رف ضه ف آن وا حد ،ك ما أن تعا طف الر كة مع النظ مة ال ستبدادية "تعاطفوا مع صدام ح سي و
اعتبوه رمزا لا يُسمى بالقاومة كما هو واضح ما هو منشور على موقع الخوان ف مصر على النترنت
" www.ikhwanonline.orgيعلنا نشكّك مع الشككي ف نواياهم القيقية.
و لكـن هذا ل يعنـ أيضـا أن التغييـ غيـ مكـن ،بالتال فإن الوليات التحدة و معهـا البيطانيون و
الوربيون ياولون د فع الخوان ن و هذا التغي ي عن طر يق الوار مع هم و مع حزب ال اللبنا ن ،ل كن
مو قع الخوان على الشب كة العال ية ين في و بش كل متكرر أ نه أقام أي حوار مع الوليات التحدة أو أي
جهة حكومية غربية ،بالقابل يُصرّ "علي العشماوي" ف مذكراته على أن الخوان هم "عملء أمريكا و
الغرب" ،و هي ماولة واضحة لكسب رأي الطبقة الشعبية للخوان الّت تؤمن بنظرية "الؤامرة" ،يقول
العشماوي:
"ولقد ورد على لسان أحد منصور ف مقال السبوع الاضى الب الت (نح اليستر كروك ف عقد لقاء
غي مسبوق ف بيوت يومى 22 ،21مارس الاضى بي شخصيات أمريكية مقربة من دوائر صنع القرار
ف الوليات التحدة ،وقادة أو مثلي لبعض الركات السلمية ف النطقة ،وكان من أبرز الشخصيات
مـن الانـب المريكـى مليـك بين مديـر عمليات وكالة السـتخبارات الركزيـة المريكيـة السـابق فـ
أفغان ستان ،وجراهام فولر هو مسئول سابق عن مر كز درا سات الشرق الو سط ف الـ (سى أي أيه)
والفر يد وهوف م ساعد وز ير الارج ية المري كي ال سبق ومد ير هيئة ميت شل ال ت قادت الفاوضات ف
أيرلندا ،وجورج كرايل النتج التنفيذي لبنامج "ستون دقيقة" أشهر برنامج للتحقيق الوثائقي التليفزيون
ف الوليات التحدة ،وبوب مولر رئيس جعية الحاربي القدامى ف فيتنام وأحد الشخصيات البارزة ف
الزب الديقراطى المريكى وهو صديق مقرب من مرشح الرياسة السابق جون كيى والسيدة هيلري
كلينتون ،أما عن الانب البيطان بلف كروك فقد حضر سفي بريطانيا السابق عن سوريا والدكتورة
بيفرل مليتون إدوارز الحاضرة بام عة كوي ن ف بيلفا ست بأيرلندا ،وح ضر مندوبون من مط ت الزيرة
الفضائية والب ب سى مثلة الركات السلمية ،فقد حضر مثلون لربعة تنظيمات إسلمية هى حزب
ال اللبنان ومثله نواف الوسوى السئول السياسى ف الزب ،ومن الماعات السلمية ف لبنان ومثلها
إبراه يم ال صرى وأح د هرموش ،وحر كة القاو مة ال سلمية "حاس" ومثل ها مو سى أ بو حدان وترددت
حركة الخوان ف مصر عن الضور ولكن حضر مندوب الماعة السلمية ف لبنان الذى يعتب امتدادا
81
طبيعيا للخوان ،وقبل ها عبدالغفار عز يز وم مد إبراه يم خالد وعا طف لقمان قا ضى" – التار يخ ال سري
للخوان ص 28ـ 29
إنن ها هنا لست ف موقع الدافع عن الخوان ،فعدم عمالتهم للغرب ليس تنيها لذا التيار التطرف و
بالتال فأنا ل أنظر إليه على أنه تيار وطن ،الخوان السلمون كانوا دوما سببا ف استمرار الدكتاتورية و
تميد الجتمع و نشر ثقافة الرهاب ،بل على العكس ،أعتقد أن الخوان يدمون النظمة الدكتاتورية
ف العال العرب و السلمي من خلل وقوفهم بوجه التحديث ،و العشماوي نفسه ف مذكراته يظهر
هذا المر بالقول:
" الجوم على مركز التجارة العالى بنيويورك ومعه مبن البنتاجون بواشنطن ث الجوم الكبي الذى حدث
ف مدريد ،وانتهى المر بتفج ي قطارات لندن ،ويعلم ال هل هذا ستكون النهاية ،أم أن هناك عمليات
أخرى فـ الغيـب؟ عمليا جعلت مـن السـلمي والسـلم أمرا ميفا مرعبا للناس فـ جيـع أناء العال،
ووض عت ال سلمي ف مو ضع الدفاع والترا جع ال ستمر ،خ سارة كل يوم ،وهجوم على ال سلمي يوميا
حت صار السلمون إرهابيي وقتلة وسفاكى دماء ،هذه صورة السلمي الن ،حت الجوم على السلم
مو ضة شائ عة ف الغرب .قد أعل نت باك ستان أن ا سوف ترا قب الدارس ال سلمية ،و سوف تغلق أ ية
مدرسة تدرس الهاد ،أين الخوان من كل ذلك ،فلم أسع منهم أى دفاع عن السلم أو تبير وشرح
للجهاد الذى هو أحد الركان الساسية ف سياسة الخوان العلنة ،والقيقة أن الدفاع الذى أرقأه منهم
كل يوم أن سياسة أمريكا وبريطانيا هى الت تدفع الناس إل هذه الفعال قول مردود ،فل ينبغى أن يكون
هذا هو استعمال الدين ،فإن السكوت على الطأ أورث المة السلمية الكثي من التراجع والنسار"
الصدر السابق ص .31
فلو كان الخوان عملء للغرب كمـا يزعـم البعـض و العشماوي أحدهـم ،فلماذا يقوم الخوان
بالتـبير و الدفاع عـن الرهابييـ و النتحارييـ و إطلق صـفة "القاومـة" على هذه الرائم ؟! لكـي
نستطيع أن نلل أي ظاهرة أو منهج سياسي يتوجب علينا أن نللها بدون نظريات خيالية أو غي واقعية
و من ضمنها "نظرية الؤامرة" الت كانت و ل زال السبب ف هيمنة أنظمة دكتاتورية مستبدة.
فأين كانت هذه المة يا ترى؟! هل كانت نائمة ف قمقم "علء الدين" و تظن هذه المة أنا ل
تزال ف العصر العباسي ؟! إن السألة ليست كما يفسرها السلميون بقدر ما يتعلق حقيقة بالصراع بي
أُ مة إ سلمية تقف مع الرجع ية و التخلف و الناط القدي ة للح كم أو النضمام إل الع سكر الديقرا طي
ال ر ،لكن ن أعت قد أي ضا أن بقاء النظ مة الدكتاتور ية هو أ حد أ هم أ سباب تر سّخ نظريات الؤامرة
الارجية.
82
من ه نا ن د أن الخوان و ف صراعهم الفكري مع الوا قع و الح يط البيئي انتهوا إل الفلس فكان أن
اتموا الخر بالفلس ،يقول سيد قطب ف كتابه معال ف الطريق:
ت قف البشر ية اليوم على حا فة الاو ية ..ل ب سبب التهد يد بالفناء العلق على رأ سها ..فهذا "
َعرَ ضٌ للمرض وليس هو الرض ..ولكن سبب إفلسها ف عال " القيم " الت يكن أن تنمو الياة
الن سانية ف ظلل ا نوًا سليمًا وتتر قى ترقيًا صحيحًا .وهذا وا ضح كل الوضوح ف العال الغر ب ،
الذي ل يعد لد يه ما يعط يه للبشر ية من " الق يم " ،بل الذي ل يعد لديه ما يُق نع ضميه با ستحقاقه
للوجود ،بعدما انتهت الديقراطية فيه إل ما يشبه الفلس ،حيث بدأت تستعي -ببطء -وتقتبس
من أنظمة العسكر الشرقي وباصة ف النظمة القتصادية ! تت إسم الشتراكية !" ص 1
إن هذا النطق التكلم بضمي "النا" الحتكر لكل معايي الذات الكاملة و الهيمنة و الت تتكر اسم ال و
الق و القيقة ،من الطبيعي أن تنتج لنا فكرا يريد "هداية العال" عب النتحار و التفخيخ ! و ذلك ليس
بغريب أن يصدر عن مفكّر "هذا إن جاز أن نسمّيه بالفكّر" هو وليد الذهب السن الذي عرف عنه أنه
قام على أكتاف ال سلطان "الطاغ ية" و إرهاب الوارج ،ك ما أن ف كر سيد ق طب هو نتاج نظريات ل
عل قة ل ا بالوا قع أو لن قل أن فكره "مثال" أقرب إل اليال و هو ل ي ثل حل إل لنو نه الشخ صي و
نفسه الريضة.
ف من ج هة نرى أ نه يقول عن التاد ال سوفيت أ نه قد ف شل ،و هذا ما ل نتلف م عه بشأ نه ،و لك نه
يتحدث عن الغرب بالقول أنه ل يعد يصلُح لقيادة العال ،و تبيره ها هنا يثي الستغراب حقا إذ يقول:
" إن قيادة الرجـل الغربـ للبشريـة قـد أوشكـت على الزوال ..ل لن الضارة الغربيـة قـد
أفلست ماديًا أو ضعفت من ناحية القوة القتصادية والعسكرية ..ولكن لن النظام الغرب قد انتهى
دوره لنه ل يعد يلك رصيداً من " القيم " يسمح له بالقيادة .
لبد من قيادة تلك إبقاء وتنمية الضارة الادية الت وصلت إليها البشرية ،عن طريق العبقرية
الوروبية ف البداع الادي ،وتزود البشرية بقيم جديدة جدّة كاملة -بالقياس إل ما عرفته البشرية
– وبنهج أصيل وإياب وواقعي ف الوقت ذاته" .معال على الطريق ص .2
84
إن هذا الكلم يُنا قض نف سه بنف سه ،ف ـ" سيد ق طب" كش خص يك في وحده كي ي كم على
"الغرب" بالفشل ،و هو كما ترى منطق يناقض و ينهش ف نفسه ،إن أي فكرة لكي تطرح نفسها
كبديـل عـن فكرة أُخرى ،عليهـا أن تلك رصـيدا واقعيـا مـن حريات و كرامـة إنسـانية و إنازات ،
فالــ"البديـل السـلمي" الزعوم ليـس لديـه أي إناز ملموس على أرض الواقـع ،كمـا أن "العال
السلمي"! هو من أفقر و أسوأ الدول سجل ف كافة مناحي الياة ،كما أن زعمه بأن الغرب ل يعد
يلك "القيم" غريب جدا ،فأكب قيمة يلكها الغرب و منذ القرون الثلث الخية هي "الرية" و "كرامة
النسـان" ،و أثبـت الغربيّون ،و ل زالوا ،أنمـ حققوا مـا كان يومـا مـن اليام يُعتـب حلمـا أو قصـة
خراف ية ،ف من الت صالت ،النتر نت ،التلفزيون ،ال سيارات ،الركبات الفضائ ية ،إختراعات ال طب
الديث ،إختصار الزمن و انتهاءا بالتسامح الدين و نظم الكم الديثة ،كلها "ِقيَم" ل أعتقد أن فائدتا
ستنفذ ما دام النسان على هذه الرض ،بل ما دام موجودا ،ترى ما "القِيَم العظيمة"! الت يدثنا عنها
سيد قطب ؟! أعتقد أنا الدينة الفاضلة الت كتب عنها أفلطون و الفاراب ؟! و هو حلم يراود الميع.
" ول قد جاء دور " ال سلم " ودور " ال مة " ف أ شد ال ساعات حرجاً وحية واضطرابًا ..
جاء دور السلم الذي ل يتنكّر للبداع الادي ف الرض ،لنه يعدّه من وظيفة النسان الول منذ
أن عهـد ال إليـه باللفـة فـ الرض ،ويعتـبه -تتـ شروط خاصـة -عبادة ل ،وتقيقًا لغايـة
الوجود النسان" معال ص .3
هذه "الشروط الاصة" لا تفصيل و يتاج سيد قطب إل أن يؤلف ملدات كاملة عنها ،فأول ما
سيطبّق من هذه الشروط هو "منوع التّب سّم" " ،ال سعادة منو عة" " ،تك سي قنا ن ال مر و م صانعها" ،
"كسر آلت الطرب و الوسيقى" " ،إتلف جيع اللوحات العالية لنا كفر بال و منافسة له على اللق"
" ،إسقاط جيع القمار الصناعية لكي ل تبث اللعة و الجون" " ،قتل كل من يتحدث ضد النبياء و
85
ال صحابة ح ت أؤلئك النذال من هم" ،و أخيا يُخيّر الغربيون ب ي "ال سلم" أو "الز ية ـ الضري بة" أو
"نب و سلب و إبادة".
هذه هي ِقيَم الشيخ سيد قطب ،و هي قيم ل تسد إل عقلية القرون الوسطى و الظلمة و تسيد
للعقل الوهاب ،و كان على الغربيي منذ عقود أن يتوقعوا من "السعودية ـ الداعم الول للوهابية" أن
تتسبب ف موجات إرهابية تطال العال كله ،لكنن أعتقد أن الغرب أيضا كان غافل أو يتغافل عن الد
الوهاب لصال جيو سياسية ف النطقة و كان لبيطانيا حينها دور سلب ف ظهور الوهابية و ف هيمنة آل
سعود على شبه الزيرة العربية و انتشار مذ هب الذّبح ،و سيّد ق طب يع طي لنفسه ـ و لن هُم على
شاكلته ـ الشرعيّة اللزمة عب الستشهاد ببعض اليات القرآنيّة ،و الّت يكن لي طرف أن يستشهد
با و كأنا نزلت فيه ،و طبعا فإن النّص الدّين القابل للتأويل من ال سّهل أن يُستخدم لقناع البعض ،
خصوصا من ذوي الثّقافة البسيطة أو من الطبقة الاهلة ،فهذه الطبقة أو العيّنة من النّاس ل تطرح الكثي
من ال سئلة ،و لذا ال سبب ن د أن القتنع ي بنظر ية "الوهّابيّة القُطب ية" ينتشرون ب ي الشعوب الاهلة
السحوقة ،أفغانستان ،ال صّومال ،اليمن ،شال باكستان ،غرب الند ،مناطق الصحارى السعوديّة ،
صعيد مصر ،و مناطق غرب العراق حيث البدو الرّحّل.
" ولكـن السـلم ل يلك أن يؤدي دوره إل أن يتمثـل فـ متمـع ،أي أن يتمثـل فـ أمـة ..
فالبشرية ل تستمع -وباصة ف هذا الزمان -إل عقيدة مردة ،ل ترى مصداقها الواقعي ف حياة
مشهودة ..و " وجود " ال مة ال سلمة يع تب قد انق طع م نذ قرون كثية ..فال مة ال سلمة لي ست "
أرضًا " كـان يعـيش فيها السـلم .وليست " قومًا " كان أجدادهم ف عصر من عصور التاريخ
يعيشون بالنظام السـلمي ..إناـ " المـة السـلمة " جاعـة مـن البشـر تنبثـق حياتمـ وتصـوراتم
وأوضاعهـم وأنظمتهـم وقيمهـم وموازينهـم كلهـا مـن النهـج السـلمي ...وهذه المـة -بذه
86
الواصفات ! قد انقطع وجودها منذ انقطاع الكم بشريعة ال من فوق ظهر الرض جيعًا" معال ص
.4 – 3
إنّه يطرح كمقدمة للحرب الشّاملة الت سيشنّها "خلفاء ال على الرض" ضد "البشريّة الضّالة" ،
أن هناك واجـب فـ خلق "أُمّة"! تكون مثال للشعوب الخرى ،بعنـ أن نعـل شعـب "أفغانسـتان" ،
مثل ،أفضل من النروجيي أو الدناركيي! و يبدو أن الطوة الول لعل أفغانستان أجل من النروج هو
"تطبيق الشريعة"! و هو ال ّل السحري ف نظر "سيّد قطب" للق دولة أفضل من تلك المثلة الغربية الّت
طرحناها ،لقد كانت الشريعة مطبّقة أيّام الليفة الثّالث عثمان بن عفّان ،و هي نفسها كتطبيق ل تنع
النّاس "السلمي" من رفض خلفته ،و رفض هو بدوره أن يتنحّى عن الُكم ،فانتهى المر إل قتله و
دفنه ف مقبة اليهود "أُنظر ـ القيقة الغائبة للكاتب فرج فودة و فسئلوا أهل الذّكر لحمّد التيجان" ،
فتطبيق ما يُسمّى بالشريعة ليس سببا كافيا ف دفع أيّ ُأمّة إل المام ،هذا إن ل يكن سببا ف تّلفِها
س عاشوا قبل ألف عام من الن.
أصل ،فما يُسمّى بالشريعة ليس إل "آراء" و "قناعات" لُنا ٍ
إن الشّعوب ل تتطور بالقدر الّذي تتع صّب فيه لعقائدها الوروثة ،بقدر ما تتطور عب "التّسامح"
مع الخر و توفي "حُريّة التفكي" للجميع ،فهل سيكون "قطع يد السارق" " ،رجم الزان" " ،فرض
الجاب" هو ما سيُميّز "الُمّة ال سلميّة"! عن با قي الُ مم و الديان؟! و إذا كان الّواب هو ن عم فإن
الكار ثة ستكون فعل قد حلّت ،لنّه سيكون من الف ضل "ح سب هؤلء التطرف ي" أن يكون الشّ عب
ُأمّيّا تا ما حتّى ي ستوعب "مفاه يم الشري عة الزعو مة"! من أفواه الوعاظ و التفيقه ي دون تشو يش من
أحد.
و هذه الطروحة "القطبية" ل تتلف قط عن أُطروحة "البعث القومي" حيث يقول سيّد قطب:
87
" ل بـد مـن " بعـث " لتلك المـة التـ واراهـا ركام الجيال وركام التصـورات ،وركام
الوضاع ،وركام النظم ـة ،ال ت ل صلة ل ا بال سلم ،ول بالن هج ال سلمي ..وإن كا نت ما
تزال تزعم أنا قائمة فيما يسمى " العال السلمي " !!!" معال ص .4
تذكرت و أنا أقرأ هذه العبارات ،النصيحة الّت قدمها "فتحي يكن ـ و هو زعيم إسلمي سُنّي
لبنان" ـ و هو أحد العجبي بقطب" إل القوميي البعثيي و السلميي أن يزاوجوا بي اليدولوجيتي
"القومية" و "السلمية" لكي يُنشئوا حزبا جديدا تت عنوان "حزب البعث العرب السلمي" ،و هي
فكرة و نصيحة توضح مدى أواصِر الشّبه بي فكرين إرهابييّن.
و الُثي للهتمام هنا ،هو أن سيّد ُقطُب نفسه يُدرك أن ل مال لا يسمّيه بالمّة السلميّة الّت
ينتظر بعثها ،لن تتفوق "مادّيّا" على الضارة الغربيّة الديثة ،إذا عن أيّ نوع من التفوق يتحدث سيّد
قطب؟! إنّه ل يستطيع أن يُنكر أ ّن للمادّة دورا مهمّا ف إنشاء الضارات و من هنا نده يقول:
" إن هذا ل يعن أن نمل البداع الادي .فمن واجبنا أن ناول فيه جهدنا .ولكن ل بوصفه
" الؤ هل " الذي نتقدم به لقيادة البشر ية ف الرحلة الراه نة .إن ا بو صفه ضرورة ذات ية لوجود نا .
88
كذلك بوصـفه واجباً يفرضـه علينـا " التصـور السـلمي " الذي ينوط بالنسـان خلفـة الرض ،
ويعلها -تت شروط خاصة -عبادة ل ،وتقيقًا لغاية الوجود النسان" معال ص .5
إن الؤهّلـ الضاري الّذي يدثنـا عنـه هنـا و الّذي يسـمّيه "عبادة ال" ل يعنـ إل "نظريـة هذه
الجموعة و فهمها الاص للسلم"! إن قطب يُذ ّكرُنا بشخصيّة ممّد بن عبد الوهاب "مؤ سّس الذهب
الوها ب" الّذي رآى آن ذاك أن ال سلمي انقط عت صلتهم بال سلم كد ين ،و كان يع ن و بكُل مع ن
الكلمة أن السلمي " ُكفّار مشركون يعبدون الصنام و هم يستحقون القتل" ،لقد أكمل قطب و ر سّخَ
هذه النظرية الرهابية و صاغها ف قالب منطقي شاعري كئيب ،نده يقول:
" ل بد إذن من مؤ هل آ خر لقيادة البشر ية -غ ي البداع الادي -ولن يكون هذا الؤ هل
سوى " العقيدة " و " الن هج " الذي ي سمح للبشر ية أن تت فظ بنتاج العبقر ية الاد ية ،ت ت إشراف
تصور آخر يلبّي حاجة الفطرة كما يلبيِّها البداع الادي ،وأن تتمثل العقيدة والنهج ف تمع إنسان
.أي ف متمع مسلم" معال ص .5
إ نّ ماولة إلغاء الواقع بفعل "تصوّر" يُشي بالفعل إل أ نّ هذا الجتمع الّذي يُزمع قطب و منظّروا
القاعدة ـ فت حي ي كن ـ أُ سامة بن لدن ـ أيَن الظواهري ـ تقيق هُ على الرض ليس سوى فه ما
خا صّا بم ل يتّ لي تربة بأي صلة ،و الثي للهتمام أيضا هنا هو أن هؤلء ن صّبوا أنفُسهم وكلء
عن النبياء و البشرية ليقرّروا ما هو الطريق النسب لذه البشريّة ،و الخطر ف المر هو أن هذا التيار
الوهّاب يبدو و كأنّه جاء فقط ليهدم الضارة و الداثة و التطور ،و أن العال ُكلّه مُسخّر فقط لجموعة
صغية تتكر فهم السلم و الديان و العال:
" هذه الاهل ية تقوم على أ ساس العتداء على سلطان ال ف الرض وعلى أ خص خ صائص
اللوه ية ..و هي الاكم ية ..إن ا ت سند الاكم ية إل الب شر ،فتج عل بعض هم لب عض أربابا ،ل ف
الصورة البدائية الساذجة الت عرفتها الاهلية الول ،ولكن ف صورة ادعاء حق وضع التصورات
89
والق يم ،والشرائع والقوان ي ،والنظ مة والوضاع ،بعزل عن منهج ال للحياة ،وفيما ل يأذن به
ال ..فينشأ عن هذا العتداء على سلطان ال اعتداء على عباده ..وما مهانة " النسان " عامة ف
النظمـة الماعيـة ،ومـا ظلم " الفراد " والشعوب بسـيطرة رأس الال والسـتعمار فـ النظـم "
الرأ سالية " إل أثرًا من آثار العتداء على سلطان ال ،وإنكار الكرا مة ال ت قرر ها ال للن سان !"
معال ص .6 – 5
إن الاكمية اللية و حسب تعبي قطب تنحصر ف فهم فئة من السلمي لصطلح "الاكمية" ،و
هي بالحرى م ستوحاة من عقل ية "الوارج" الّذ ين كانوا يرفعون شعار "ل حُ كم إ ّل ل" و ل يعتقدون
إل بإ سقاط الدولة و الا كم و أن من الم كن خلق مت مع جد يد من خلل الرهاب أوّل و الفو ضى
ثانيا ،و فرض هذا الفهم على الخر "السلمي الّذين ل يؤمنون بذه النظرية – السيحي – اليهودي –
الل حد" هو بدّ ذا ته مؤشّ ر على الفلس الخل قي و الثقا ف و ح ت العقلي ،ف عن أي كرا مة إن سانيّة
يتحدث قطب و هو ينوي و منذ الصفحات الول لنظريّته ال سوداويّة أن يُدمّر كل مُنجَزات البشرية و
ماذا سيكون ب قي للن سان إذا دمّ ر آلف العوام من التّقدم و الع قل و الك مة مقابِل حياة يقضي ها ف
طقوس و حركات بلهاء وسط أكوام اللم و الدّموع ،إ نّ هؤلء و بقدر ما يكرهون الضارة ـ كونا
مادّيّة ـ يكرهون ال لنّه خلق الن سان شهوانيّا مادّيّا ،إن شعار "الكرا مة الن سانيّة" الذي يلوّح به
ق طب ه نا ل يس إل كلمات جوفاء ل مع ن ل ا و ل تتلف عن شعار "الريّة" الّذي رف عه البعثيّون ـ و
كذلك يفعل كل القوميّي ـ و كان نتيجته أنم قتلوا الريّة و أعطوا الطاغية الريّة الكامِلة ف تصريف
المور ،و ل أعتقد أ ّن هذا التّفسي و الفهم القبيح للسلم سيستمر طويل.
إن ما أساه قطب بـ"حق وضع التصورات و القيم" الّت يسندها إل ال وحده ،هو فهم مبسط
للمور و الك ثر سذاجة ،فالنّص الدّي ن نف سه "القرآن و الد يث" يملن معا ن متعددة و متناق ضة و
حت متضاربة ،و إذا ما تعّنّا ف هذا فمن سيكون "الشخص أو الهة" الّت ستقرر أن هذا العن أو ذاك
هو الق صود ف الكلمات الليّة! و بجرد أن يفعلوا ذلك ،كأن ي صر حقّ التف سي و الشرح ف "آل
90
سعود" أو "آل لدن" أو "آل الظواهري"! فإن نا سنعود إل الر بع الول ،بع ن إ سناد إ سقاط الكلمات
على العان من ِقبَل جهة بشرية ،و إذا كان النّب ممد إستطاع أن ل يَظلم أحدا بفضل الوحي! فمن أين
لم بوحي ماثل؟! و ل أستبعد أن يفعلوا شيئا ماثل ف مستقبل اليام لتجاوز هذا الشكال.
يقول قطب:
" وف هذا يتفرد النهج السلمي ..فالناس ف كل نظام غي النظام السلمي ،يعبد بعضهم
بعضًا – ف صورة من ال صور -و ف الن هج ال سلمي وحده يتحرر الناس جيعًا من عبادة بعض هم
لبعض ،بعبادة ال وحده ،والتلقي من ال وحده ،والضوع ل وحده .
وهذا هو مفترق الطريق ..وهذا كذلك هو التصور الديد الذي نلك إعطاءه للبشرية -هو
وسائر ما يترتب عليه من آثار عميقة ف الياة البشرية الواقعية -وهذا هو الرصيد الذي ل تلكه
البشر ية ،ل نه ل يس من " منتجات " الض ـارة الغرب ية ،ول يس من منتجات العبقر ية الوروب ية !
شرقية كانت أو غربية" معال ص .6
إ نّ هذا التبسيط لنظرية "ستحكم البشريّة"!! حسب هذا العقل الريض ،هو خلق عبودية بشعة
تتـ شعار "العبوديـة ل" ،و كمـا أسـلفنا ،فإن حياة الغربييـ و مواطنـ النظمـة الديقراطيـة ليسـت
مصورة ف شهوات النس و الطعام كما يظن قطب و أمثاله ،و قد فعلوا ذلك و بفعل حياة الكبت و
المنوعات الّتـ عاشوهـا ،فالغربيون ــ المريكيون خصـوصا ــ يهتمون بالياة الرّوحيـة و الدمـة
الدّينيّة ،لكن هذا يت مّ طبعا ف إيطار الرية البشرية ،إن البحث عن قِيَم بديلة لتلك السائدة ف الغرب
هو بث ف الفراغ و العدم ،و مكوم على هذه الحاولة بالفشل الذّريع ،إن ر فع شعار "الريّة" الّذي
يروّج له ق طب و أمثاله كبد يل لفهوم الريّة ال سائد ف الغرب و جنوب شرق آ سيا ،ليس سوى شعار
فارغ يفي تته ذلك الكُفر القيقي ـ إحتكار تفسي النّص ـ و هو المر الّذي سيجعل من قطب ،
بن لدن ،الظواهري و القرضاوي كبدلء عن ال ،ف ما دام التف سي جاهزا لتوج يه النّص القدس فذلك
91
يعنـ ــ حسـب نظريـة قطـب و القاعدة ــ أن ال بعزّتِه و جلله ل يعدو كونـه جنديّا فـ صـفوف
النتحاريي و الفجّرين.
و من الطبيعي ها هنا أن قطب و جاعته لن يدوا "نوذجا" واقعيا لا يسمّونه الثال أو النموذج إل
ف العودة إل سية "الصحابة" ،و هي كما ترى عزيزي القاريء مرد إعادة تقليد مرّة أُخرى لا يعيشه
العال السلمي من إستغراق ف الاضويّة ،إن جيل الصحابة هو أكثر الجيال إنطاطا و إثارة للجدل ،
و لكن ماذا نفعل مع من ين ظر إل الشياء بعي واحدة !! فال صحابة لعنوا بعضهم البعض "فقد كفّرت
عائشةُ عثمانا و لعن معاويةُ عل يَ بن أب طالب على النابر ـ أنظر :عائشة أم الؤمني لرتضى العسكري
و القيقة الغائبة لفرج فودة" ث قتلوا بعضهم بعضا ـ قُتل عثمان ث حرب المل و صفّي و قتل السي
و آله ذبا و حرق الكعبة و استباحة الدينة من قِبَل جيش يزيد و اعتداءه و اغتصاب جنوده لبنات الدينة
ـ و هذا اختصار سريع جدا لخلق جيل الصحابة الذي يستشهدون به دوما.
" كان القرآن وحده إذن هو الن بع الذي ي ستقون م نه ،ويتكيفون به ،ويتخرجون عل يه ،ول
يكـن ذلك كذلك لنـه ل يكـن للبشريـة يومهـا حضارة ،ول ثقافـة ،ول علم ،ول مؤلفات ،ول
درا سات ..كل ! ف قد كا نت هناك حضارة الرومان وثقافت ها وكتب ها وقانون ا الذي ما تزال أورو با
تعيش عل يه ،أو على امتداده .وكانت هناك ملفات الضارة الغريقية ومنطقها وفلسفتها وفنها ،
وهـو مـا يزال ينبوع التفكيـ الغربـ حتـ اليوم .وكانـت هناك حضارة الفرس وفنهـا وشعرهـا
وأسـاطيها وعقائدهـا ونظـم حكمهـا كذلك .وحضارات أخــرى قاصـية ودانيـة :حضارة النـد
وحضارة الصي إل "..معال ص .10
إن حصر العقل البشري ف منهج معيّن هو أول الطوات نو عبودية النّاس لغي ال ،و استخفاف
الرّجل ـ أي قطب ـ بنجزات الضارات هو إشارات واضحة إل أن هذا النهج أو النطق يريد القضاء
92
على أ يّ تعايش بشري قائم على الرض ،و أنم يعادون "الضارة" ما دامت ليست ف صالهم ،كما
أن الطاعة العمياء هو الساس لذه النظرية الديدة القدية ـ فهي تستمد كل دعائمها من الوهابية ـ
بعن أنا ل تتلف ف دكتاتوريتها عن النظمة القومية ،و أعتقد أن عبد الناصر لو ل يُعدم سيّد قطب
لرأينا قطب يعدم الخرين بتهمة "ال ّردّة" أو "الكُفر" أو "الرطقة" ،يقول قطب:
" إن منهج التلقي للتنفيذ والعمل هو الذي صنع اليل الول ـ يقصِد ال صّحابة ـ .ومنهج
التل قي للدرا سة والتاع هو الذي خرّج الجيال ال ت تل يه .و ما من شك أن هذا العا مل الثا ن كان
عاملً أساسيًا كذلك ف اختلف الجيال كلها عن ذلك اليل الميز الفريد" معال ص .13
فالطاعة العمياء و التّقليد و العزلة هي الّت تلق "اليل الثال" حسب ما يراه قطب ،و أن عصور
الترجة و مدارس العقل من شيعة و معتزلة و حت سنّة ،ل تساوي ف نظره يوما من أيام "الفتوحات" و
الستعمار السلمي للبلدان ،و لكن هنا يدر بنا أيضا ملحظة هؤلء بشكل ساذج تاما مع أطروحة
الدين ،فالدين هو أحد مكوّنات الشخصيّة و ليس الكوّن الوحيد ،كما أنّ للدّين حدودا يقف عندها ،
و من ضمنها مالت البداع العلمي و الفنّي ،فالدّين لديه حدود ل يستطيع أن يتخطّاها ،بل إن قطب
يعل من السلم أقرب إل السّحر حيث يقول:
" لق ـد كان الر جل ح ي يد خل ف ال سلم يلع على عتب ته كل ماض يه ف الاهل ية .كان
ل كل النفصال عن حياته
يشعر ف اللحظة الت ييء فيها إل السلم أنه يبدأ عهداً جديدًا ،منفص ً
ال ت عاش ها ف الاهل ية .وكان ي قف من كل ما عهده ف جاهلي ته مو قف ال ستريب الشاك الذر
التخوف ،الذي ي س أن كل هذا ر جس ل ي صلح لل سلم ! وبذا الح ساس كان يتل قى هَدْي
السلم الديد ،فإذا غلبته نفسه مرة ،وإذا اجتذبته عاداته مرة ،وإذا ضعف عن تكاليف السلم
مرة ..شعر ف الال بالث والطيئة ،وأدرك ف قرارة نفسه أنه ف حاجة إل التطهر ما وقع فيه ،
وعاد ياول من جديد أن يكون على وفق الَدْي القرآن" معال ص .14
93
و هذا يُناقض الحاديث و الواقع ،فكم من أُناس كانوا جيدين و مثاليي مع السلم أو بدونه ،
يقول ال نب م مد :خيار كم ف الّاهليّة خيار كم ف ال سلم"! إ ما الفكرة ال ت يُحدّث نا عن ها ق طب ف هي
تذكّرنا بالدراما الصرية الت تصور الصحابة على أنّهم "ملئكة"! .و معلوم أن النسان هو مركّب مُعقّد
أيـ ماولة فوقيـة لتحويله إل "ملك" هـي ماولة فاشلة و غيـ
مـن الرغبات و النوات و الدّوافـع ،و ّ
مد ية ،الن سان يتكا مل حين ما ي صل على شروط التكا مل ،را تب جيّ د ،سكن مضمون ،زو جة أو
زوج مناسب ،حريّة ،و إحترام كرامته كإنسان ،إن السلم يعيش الن ف أزمة حقيقية ،فقد أصبح
أداة قمـع و غيـ قابـل للحوار ،فضل عـن تويله إل "عقيدة غزو و حرب" ل تنتهـي ،كمـا أن العال
سنّي ل يلك مؤسسة شبيهة بالفاتيكان أو الرجعية الشيعية الّت تتعاطى بالشأن العا ّم ،بالتال فإن العال
ال ّ
السنّي يترنح الن بسبب فوضى "الفتاوى" ،كما أن الفقيه السنّي عرف عنه تأرييا أنه "فقيه السلطان"
أو الاكم ،حتّى أن الفقيه السنّي كان يبحث عن حلّ فقهي لكي يامع "أمي الؤمني"! غلمه و هو
مرتاح الضّمي ،بل إن ماولت القاعدة ،و قطب واحد من هؤلء ،لتخطّي هذه الصورة النمطية باءت
بالفشل ،و القاعدة هي التّابع الشاغب لل سعود ،ففي الوقت الّذي كان فيه بن لدن يُصدِر فتاوى
"التكفي" بق آل سعود ،كان ال سّعوديون يدعمون نظام طالبان دبلوماسيا و سياسيا و كانت الملكة
العربية السعودية إحدى ثلث دول إعترفت بنظام طالِبان التابع لبن لدن.
إن ق طب ينت قد كثيا ما ي سمّيه "تقال يد الجت مع الاهلي" بين ما تظهِر لغ ته هذه بأنّه ير فض كل
"تقل يد غ ي إ سلمي"! أ ما التقل يد ال سلمي و الغباء ال سلمي و الظلم ال سلمي ،فكله مقبول ل نه
مصور ف كلمة "إسلم ـ حسب الفهم الوهّاب طبعا" ،إن سيد قطب يؤمن فقط بسيد قطب و كأن
هناك عالا خاصّا بسيد قطب ،يقول قطب:
" ن ن اليوم ف جاهل ية كالاهل ية ال ت عا صرها ال سلم أو أظلم .كل ما حول نا جاهل ية ..
تصـورات الناس وعقائدهـم ،عاداتمـ وتقاليدهـم ،موارد ثقافتهـم ،فنونمـ وآدابمـ ،شرائعهـم
94
وقوانين هم .ح ت الكث ي م ا ن سبه ثقا فة إ سلمية ،ومرا جع إ سلمية ،وفل سفة إ سلمية ،وتفكيًا
إسلميًا ..هو كذلك من صنع هذه الاهلية !!" معال ص .15
أو بالحرى يا سيد قطب فإن "الياة" كلها "جاهلية" ،و النتيجة الطبيعية لذا الفكر الريض هو
"النتحار بالقنابل" و توزيع الوت ،إن الب الروحي لطالبان و القاعدة ليس "أُسامة بن لدن" ،بل هو
قطب الريض بوس خلق متمع يناسب ذوقه الريض ،إنه بصراحة يرفض أيّ نوع من التّسوية أو اللول
الوسطى ،بل ل بد من اليمنة على الجتمعات و إلغائها ،إ نّ فكرته الّت استمدّها هنا من قراءاته الدّينية
جيدة ف أصل فكرته القائلة " :بأنّ ل فرق بي طاغوت فارسي أو رومان أو عرب"! لكن الشكال يعود
ثانية حينما نسأل :ما هو "الطاغوت"!! و طبعا تكون الجابة الدّائمة :أنّه كُل قانون ل يكون مصدره
الشريعـة"! بالتال فكلمـة "طاغوت" ل علقـة لاـ بالطغاة أو السـتبدّين ،بـل إنمـ ــ أي الوهابيـة و
الصوليون التطرّفون ـ يف سّرونا بأنّها :كُل قانون ل يُستمَ ّد من الشريعة"! بعن أن الاكم مهما كان
مستبدا غشوما هو "حاكم شرعي" ما دام يُطبق مظاهِر الشريعة و حدودها ،سواء كان هذا الاكِم هو
"بن سعود" " ،بن لدن" أو "بن العاهرة" ـ مع إحترامنا و تقديرنا لكل العاهرات فهُنّ أشرف من هؤلء
الطغاة ـ بالتال بدل من ال ستفادة من أمثال هذه اليات ف د فع الظلم و تق يق العدالة و ال ساواة ،
تول النّص الدّين إل عائق حقيقي أمام تديث العال السلمي.
من هنا نلحظ مدى الدور السلب الّذي يلعبه قطب و أمثاله ف نشر المود الفكري و العقلي ،
بعن أن النّص الّذي هو من الُفترض أنّه يصلُح لكُل زمان و مكان ،ل يعُد يصلح إل لياة القرن السّابع
اليلدي ،دون ماولة إياد معان جديدة كامنة ف ما وراء النّص.
ياول قطب ف أن يصف ف كتابه بعض العلقات النسية بي الرجل و الرأة ف العصر الاهلي
ف حديث نقله عن عائشة بنت أب بكر ،ليُظهر لنا مثل على مدى النطاط اللقي الّذي كان سائدا
آنذاك "معال ص ."24 – 23لكـن هذه الحاولة باءت بالفشـل ،لن حقيقـة الزواج ل تتحقـق فـ
الجتمعات ال سلمية ،و الزواج ك ما يشتر طه الفقهاء هو "ر ضا الطرف ي" ،بع ن أ نه يُنا سب الزواج
95
الدن الديث ،لكن الزواج "السلمي" الرائج الن هو اغتصاب مُغلّف بشرعيّة كاذبة ،فغالبا ما ترضخ
الرأة لزوجها بكم المر الواقع.
" وتطهرت النفوس والخلق ،وزكت القلوب والرواح ،دون أن يتاج المر حت للحدود
والتعازير الت شرعها ال -إل ف الندرة النادرة -لأن الرقابة قامت هناك ف الضمائر ،ولأن الطمع
ف ر ضى ال وثوا به ،والياء والوف من غض به وعقا به ،قد قا ما مقام الرقا بة ومكان العقوبات"
معال ص .25
ألَم أ قل ل كم أن الر جل يلُم! إن كل فترة التار يخ ال سلمي الثال ل تز يد على عام ي ،هذا لو
أخذ نا ال سألة بدءا ب كم النّب م مد و إل ح ي وفا ته ،فطوال حك مه أو إدار ته ل ي كن له ش يء من
السـلطة الدنيويـة ،كالشرطـة و السـجون و جنـ الضرائب ،بـل إن حكـم النـب ممـد كان أقرب إل
ك ف أ نه أقام أيّا من هذه الدود الشرع ية
"الطري قة ال سويسرية" م نه بلفاءه ،ح ت أن ق طب نف سه ش ّ
حينما قال ، ":دون أن يتاج المر حت للحدود والتعازير الت شرعها ال -إل ف الندرة النادرة" و
هذه الندرة النادرة ربّما كانت من الحاديث الّت يُشك با ،و لنّ السلم أصبح يتدخل ف كُل صغية
و كبية ف حياة الناس "معال ص "27فإنّه تول إل ثِقل حقيقي على كاهل الجتمعات الّت تؤمن به.
يتهكم قطب على الوليات التحدة لنا ل تستطع منع المر ،بينما نح السلم ف منعها بعد أن
نزلت فيها ثلث آيات متتالية ،إنا واحدة أُخرى من الحاولت البائسة الّت يطرحها ف كتابه ،فمقارنة
مت مع متعدد الديان و الحزاب و النتماءات ف منت صف القرن العشر ين بجت مع آ خر ي سبقه ب ـ 14
قرنا و يعان من الهل و العزلة ،هي حقّا مقارنة غي ناجحة أو موفـقة ،كما أننا ل نلك تعدادا أو
إحصاءات لجتمع النب حت نعرف أ نّ هذا المر تقق أم ل !! بل إن عمر بن الطاب كان يذهب إل
الصلة و هو سكران.
96
إذا كان قطب يريد حقا أن يكم الرض "شرع ال"!! و من دون أن يتحكم إنسان ف البشر ،
ب يُف سّر لم ما يشكل من نصوص ،و بدون ذلك نعود إل فعليه و على الؤمني بنهجه أن يبحثوا عن ن ّ
الشكال الول و هو "تكّم البشر بالبشر" ،إذ سنعود إل حيث بدأنا و هو :من يِلك صلحية التفسي
و الفتوى"! و قراءة ب سيطة و متأنيّة لدونات ق طب و جا عة القاعدة تظ هر بوضوح أن النبوة و الع صمة
لدى هؤلء تتص بقطب و بن لدن و من على منهجهم الرهاب و الجرامي ،و أ نّ متمعهم "الثال"!
الزعوم كان منهج "طالبان" الّذي يكره الياة و البشر.
إن ق طب يُل غي دور الع قل تاما ،و يل غي المال أيضا ،فعلى الم يع أن يط يع اليان مه ما كان
هذا اليان قبيحا أو قاسيا و غي واقعي ،يقول قطب:
" إن نظام ال خ ي ف ذا ته ،ل نه من شرع ال ..ولن يكون شرع العب يد يوما كشرع ال ..
ول كن هذه لي ست قاعدة الدعوة .إن قاعدة الدعوة أن قبول شرع ال وحده أيّا كان ،ور فض كل
شرع غيه أيّا كان ،هو ذاته السلم ،وليس للسلم مدلول سواه ،فمن رغب ف السلم ابتداء
فقـد فصـل ف القضيـة ،ول يعـد باجـة إل ترغيبـه بمال النظام وأفضليتـه ..فهذه إحدى بديهيات
اليان !" معال ص .34
فل حاجة للناس ـ حسب عقله الريض ـ ف نظام دقيق يساوي بي مواطنيه و يوفر لم كل كلّ
الاجات النسانية ،فالهم هو اللد و القطع و الذّبح و تميش الرأة و الحتفاظ با ف البيت كحيوان
مف يد جن سيا و ط بخ الطعام و توف ي الستقرار للمواطن ي "الحاربي" الذ ين سينشرون رعب ال سلم و
سياراته الفخ خة ف العال أج ع! الك يد أي ضا أن ق طب هو عن صري من الطراز الول ،ف هو جا ّد ف
التهجم على النظمة الديقراطية و حت الشوعية ،لكنه صامت صمت القبور عن انتقاد أي نظام عرب
أو إ سلمي ،ال سعودية على و جه التحد يد ،و هذا يع ن أن الشرقي ي و العرب هم ملئ كة فوق الن قد
مهما أخطأوا ،أمّا الغربيون فهم ـ حسب قطب ـ أعداء يب احتقارهم و حربم مهما أبدعوا.
إن صلحية السلم لكل زمان و مكان ـ حسب نظرية قطب ـ تكمن ف البقاء على الجتمع
جاهل و متخلفـا و تصـاغ هذه الهالة و التخلف تتـ عنوان "الفطرة" ،بالتال ل يصـلح السـلم
97
للمجتمعات العقل ية و الثق فة و اّل ت ل تترك موضو عا دون أن تشب عه جدل ،إ نّ هذا ال سلم "البدوي"
القا سي ل ي عد ي صلح ح ت لل صحراء العرب ية نف سها ،ف قد امتلت ال صحراء بعلئم الضارة من أبن ية و
خدمات و اتّصالت ،و أعتقد أن قطب هو ملهم أبشع نظرية دينية ف التاريخ "تنظيم القاعدة" حيث
يقول:
" وإ نه ل ن الضروري ل صحاب الدعوة ال سلمية أن يدركوا طبي عة هذا الد ين ومنه جه ف
الركة على هذا النحو الذي بينَّاه .ذلك ليعلموا أن مرحلة بناء العقيدة الت طالت ف العهد الكي
على هذا الن حو ،ل ت كن منعزلة عن مرحلة التكو ين العملي للحرك ـة ال سلمية ،والبناء الواق عي
للجماعـة السـلمة .ل تكــن مرحلة تلقّيـ " النظريـة " ودراسـتها ! ولكنهـا كانـت مرحلة البناء
القاعدي للعقيدة وللجماعـة وللحركـة وللوجود الفعلي معا ..وهكذا ينبغـي أن تكون كلمـا أريـد
إعادة هذا البناء مرة أخرى" معال ص .34
فإنم سيطيحون بالديقراطية "الكافرة ـ حسب تعبيهم"! و يولون هذه البلدان إل قواعد "لداية البشر
إل الذبح و سيارات التفخيخ".
إن أبغض شيء إل قطب و القاعدة هو "العقل" و استخدام النطق و إعمال الذّهن ،يقول قطب:
" وخطـأ أي خطـأ -بالقياس إل السـلم -أن تتبلور العقيدة فـ صـورة " نظريـة " مردة
للدراسة الذهنية ..العرفية الثقافية ..بل خطر أي خطر كذلك .
إن القرآن ل يقض ثلثة عشر عاما كاملة ف بناء العقيدة بسبب أنه كان يتنل للمرة الول ..
كل ! فلو أراد ال لنزل هذا القرآن جلة واحدة ،ث ترك أ صحابه يدر سونه ثل ثة ع شر عاما ،أو
أكثر أو أقل ،حت يستوعبوا " النظرية السلمية " .
ول كن ال -سبحانه -كان ير يد أمرا آ خر ،كان ير يد منهجا معينا متفردا .كان ير يد بناء
جاعة وبناء حركة وبناء عقيدة ف وقت واحد" معال ص .34
و من الواضح أنّ قطب يعتب حديث القرآن و النب ممد عن "العقل" و "أول اللباب ـ العقول"
هو م ض هراء و أكاذ يب ل صلة ل ا بالوا قع ،و تذكّرت و أ نا أقرأ عبارات ق طب شعارا من شعارات
"حزب البعث الدكتاتوري" الّذي كان يُردّد :نفّذ و ل تناقش"! فالطاعة العمياء هي الساس الول لذا
الن هج التفجيي ،و ن ن نطرح ه نا سؤال :إذا ل ي كن ال سلم خاض عا للذ هن و الع قل و الن طق ؟!
فكيف تسنّى ليل النب ممد و لقطب و جاعته أن يعرفوا أ نّ السلم ح قّ أو باطل ؟! الكيد أنم ل
يلكون هذا الواب لنم بجرد أن يعترفوا و لو بدور بسيط للعقل فإن نظريّتهم تنهار ف الال ،و لنم
يؤمنون فقط بـ"العقيدة الهيمنة" فمن الطبيعي أن يرفضوا أي دور للعقل أو الوار ،حت مع السلمي ،
فالشي عة و العتزلة و الوارج و الحد ية القاديان ية هم ممو عة "كفّار"! ينتظرون ف طابور الختيار ب ي
"الذّبح أو السلم"! هذا فضل عن اليهود و السيحيي و البوذيي و ..إل ،بعن أن بضعة مليي فقط
من البشرية ستتمكن من الياة ف ظل النظرية ،بينما يُرسل 6مليار إنسان إل الوت!.
99
إن كلمات "الواقعية" " ،الياة" " ،الركة" و "الراك الجتماعي" الّت يرددها قطب ،ليست إل
كلمات ل عل قة ل ا بالعا ن ،فبمجرد أن ر فض "الذ هن" و "الع قل" أل غى أي فارق حقي قي ب ي دي نه و
أديان الخر ين ،و تكون النتي جة أن البشر ية ستفن لو ف كر اليهود و ال سيحيون و البوذيون ف صياغة
أديان م على ن ط هذه النظر ية الّ ت تؤ من بدون الرّجوع إل أي ُأ سس عقلن ية و فرض قناعات ا بالقوة ل
بالع قل و الك مة ،بل ستحل ال صيبة بال سلمي لن الشرق و الغرب يلكان مئات القنا بل النوو ية الّ ت
ستمحو هذه الشعوب ف غضون ساعات ،يقول قطب:
" إن الت صور الٍ سلمي لللوه ية ،وللوجود الكو ن ،وللحياة ،وللن سان ..ت صور شا مل
كامل .ولكنه كذلك تصور واقعي إياب .وهو يكره -بطبيعته -أن يتمثل ف مرد تصور ذهن
معر ف ،لن هذا يالف طبيعته وغاي ته .وي ب أن يتم ثل ف أنا سى ،و ف تنظ يم حي ،و ف حر كة
واقع ية ..وطريق ته ف التكون أن ين مو من خلل النا سى والتنظ يم ال ي والر كة الواقع ية ،ح ت
يكتمل نظريا ف نفس الوقت الذي يكتمل فيه واقعيا -ول ينفصل ف صورة " النظرية " بل يظل
مثلً ف صورة " الواقع " الركي "..معال ص .36
هرب قطب من "العقل" و "النطق" إل "عقل و منطق" آخر هو بالتال نقيض النقيض ،إذ وجد
أيـ حيوان ،فلجـأ مرة أُخرى إل "تصـوّر" ،و طبعـا ل
أن الل عقليـة سـتعن أنـه ل فارق بينـه و بيـ ّ
ي ستخدم كل مة "من طق" الّ ت يكره ها ،و هذا الت صور ل يُفهَم إل على أ نه " ضد الع قل" أو "من طق الل
منطق" ،كما أن إسلمه هو ضد كل ما يترم "الخر" ،و كأن قطب و أتباعه أرادوا أن يقوموا بدور
"ال" فيزيلوا الخرين ـ مع أن ال تاور مع الشيطان حسب القرآن و أعطاه مهلة للف السني ـ و
بالتال ينعكـس "توحيـد الُلوهيـة" على "توحيـد الكومـة و العقيدة" ،و مـن الطـبيعي أن تنقسـم هذه
التنظيمات السلموية و تقتل بعضها البعض ـ أفغانستان مثال ـ لن كل أحد منهم يعتب نفسه وكيل
ل و ميطا بالقيقة الكاملة.
100
ل كن لغة قطب ل تنجو من صيغة التّشكيك ،و هو ل يشعر با ،فكلمة "تصوّر" هي أضعف
مدلول من كلمة "نظرية" أو "منطق" ،فالتّصوّر هو نوع من الظن بعن أنه "جزئي" ،و يدث التّناقض
حينما يصف قطب هذا "التّصوّر السلمي"! بأنه :شامل كامل "..و هذا يُناقض مفهوم و مدلول كلمة
"تصوّر" ،إنا و بشكل أوضح كلمات "شاعر" خيال ،يريد أن يوّل أوهامه إل واقع ،و قطب يضع
نفسه ف ضمن هذه "النخبة ال ّربّانيّة" الّت تفكر بالنهج اللي الشّامل و الكامل ،يقول:
" إن وظيفة النهج الربان أن يعطينا -نن أصحاب الدعوة السلمية -منهجا خاصا للتفكي
،نبأ به من روا سب منا هج التفك ي الاهل ية ال سائدة ف الرض ،وال ت تض غط على عقول نا ،
وتترسب ف ثقافتنا ..فإذا نن أردنا أن نتناول هذا الدين بنهج تفكي غريب عن طبيعته ،من مناهج
التفك ي الاهل ية الغال بة ،ك نا قد أبطل نا وظيف ته ال ت جاء ليؤدي ها للبشر ية ،وحرم نا أنف سنا فر صة
اللص مـن ضغـط النهـج الاهلي السـائد فـ عصـرنا ،وفرصـة اللص مـن رواسـبه فـ عقولنـا
وتكويننا" معال ص .38
And )it is) a Quran which We have divided )into parts), in order
that you might recite it to men at intervals. And We have revealed
.it by stages. sorah of Israe 106
إن أول كلمات تراثيّة يستشهد با قطب ف كتابه ،هي كلمات "إبن قيّم الوزيّة" أحد مؤسسي
الف كر الرها ب ال سلفي ،و ذلك ف ف صل كت به عن "الِهاد" معال ص 50و من خلل هذا الف صل
يتضح أ نّ غاية النظرية و نايتها تتلخص ف كلمتي "السلم أو القتال"! بالتّال و كما قلنا سابقا أن ل
فائدة من الوار مع هؤلء ،بل على العال التحضر حربم بالفكر و السّلح إل أن يتم القضاء عليهم.
نعود إل مسألة إياد إصلح داخل هذه الركات السلمية ،فهناك جلة شروط ل بُد و أن تتوفر لكي
ينضموا إل الراك السياسي ،و القتباس هنا يتعلق بإخوان مصر ،و قد طرحها الخوانيون أنفسهم:
"-1 :إعلن الماعة أن الدستور هو الرجعية العليا للنظام السياسي -2 ،أن نعلن الماعة عن رغبتها أن
تكون حزبا سياسيا شرعيا وليس جاعة دينية -3 ،أن البلان هو الهة الوحيدة للتشريع ف البلد-4 ،
أنا مثل أى حزب شرعي تؤمن بأن الوصول إل السلطة والكم يتم عن طريق الصندوق النتخاب وليس
عن طريق أى أسلوب آخر -5 ،أنا لو فرضنا و وصلت للحكم فإنا تلتزم بعدم الخلل بقواعد الكم
الديقراطى القائم على تداول السلطة لن يلك الغلبية و استحقها من خلل الصندوق النتخاب و كافة
الو سائل الديقراط ية التعارف علي ها -6 .أن ا تلتزم بكا فة الواث يق و العاهدات و التفاقات القليم ية و
الدولية الت وقعتها الكومات الصرية متعاقبة" التاريخ السري ص 50
هذه النقاط ستشكل فعل ـ لو حدث ذلك طب عا ـ خطوة أ ساسية أول تف تح البواب ن و التغي ي ف
أناط الفكر السائد و القائم على اليمنة و رفض الخر ،إذ ليس هناك من هو ف حاجة إل الرية كما
هم "أي ال سلميون" ف حا جة لر ية الت عبي ،ل كن الشكلة مرة أخرى هو ف سيادة الن هج ال سلمي
التقليدي التطرف و الذي يع تب الرب و الواج هة أ ساسا و ال سلم و التفا هم ا ستثناءا ،و اعتناق سيد
ق طب للمذ هب الوها ب هو الذي ر سخ عقيدة التكف ي و الكراه ية لدى ال سلميي و جعل هم ف حرب
دائمة ضد التغيي و ضد الداخل و الارج ،كما أن إعدام سيد قطب من قِبل نظام عبد الناصر ،جعله
شهيدا ف أعي أنصاره من الرهابيي و التطرفي ،و لو ل يُعدم لات كأي منون أو معتوه متطرف.
102
يقول الفكر متار قاسم و هو أحد الشاركي ف منتدى (السلم و الصلح : )2005
" وح ت هذه اللح ظة ل يُعلن الخوان صراحة ،ما إذا كا نت فتوى مف ت الما عة قد نُ سِخَت أو ح ت
ُنقّحَت أم مازالت سارية الفعول ،علوة أن ال جج ال ت يذكر ها أن صار التيار الدي ن ال سياسي من وا قع
الن صوص .تتجا هل حقي قة أن الب شر هم الذ ين يطبقون الن صوص ويف سرونا ح سب مقتضيات الحوال
وأن مكتـب الرشاد (أعلى سـلطة فـ الماعـة) ل يعتمـد هذه الرؤى التقدمـة كموقـف اسـتراتيجي
للجماعة ،فهناك نصوص مغايرة يقول با بعض مناظريهم وتثي البلبلة حول وجهات نظرهم القيقية مع
السـلم ،فل نعتقـد أن أحدا لديـه مشكلة وإنا الشكلة مـع بعـض اجتهادات وقناعات مثلي اللـ
ال سلمي .فالشكال ية ك يف نؤ صل حقوق القباط على أرض ية الواط نة تارييا وقانونيا؟ إن هذه عمل ية
معقدة تتاج إل مبادرات خل قة من كل الطراف .وإعادة هند سة البن ية التشريع ية والقانون ية لتخل يق
انتخابات سياسية تعل القتراع العام على أسس الكفاءة والوهبة والبامج .وساعتها يكن أن يعزز العمل
ال سياسي والد ن قيادات جديدة بعيدة عن سيطرة الؤ سسات الدين ية ورجال الكهنوت .أ ما النك تة ال ت
أضحكتنا فهي أن السيد ممود غزلن ربا ل يدري أن السيحية ترم شرب المر وأكل النير ،وعلى
هذا فإن تنازل ته بالن سبة للقباط ف هذا الجال ستذهب أدراج الرياح .على ممود غزلن أن يقرأ قليلً
ف العهد القدي .إذا أراد أن يتحدث عن حقوق السيحيي ،أو ييب عن العضلة الت تتناقض مع رؤيته
ال ستنية .لاذا ل ير شح الخوان عدد من القباط على قوائم هم ف انتخابات 2005؟ أو يدعموا عدد
من الشخ صيات القبط ية البارزة كم ن مكرم عب يد أو من ي فخري ع بد النور؟ مرد سؤال نطر حه ق بل
انتخابات 2010أو ربا قبلها بكثي" .ص 97و 98
إن تعامل السلميي مع القليات غي السلمية ل زال ين ّم عن "تسامح مصطنع" أو بعبارة أوضح يبدو
لنا أن هذا التسامح "و هو لدّ الن تسامح إعلمي فقط" يُقدّم و كأنه هبة أو منّة ينّها السلمون على
الخرين ،كما أن صيغة الطالبة بـ"حاكم مسلم"!! هو أحد أخطر مظاهر الفاشية السلمية ،و مؤخرا
ف العراق و عند ما عب الر جع الشي عي العلى ال سيد ال سيستان عن قبوله برئ يس "م سيحي" للعراق ،
خرجت تظاهرات سنية مطالبة بإدراج "أن الاكم يب أن يكون مسلما".
لربا ل يكن من الغريب ،قبل خسة قرون من الن ،أن تدفع أقلية أو مموعة دينية أو عرقية جزية أو
ضريبة للدولة أو السلطة ،لكن ف عصر ل يعد فيه أحد يستطيع العيش منعزل دون التعامل مع الغي و
خلق مساواة حقيقية بي الواطني لتطوير مفهوم الدولة و أن مسألة النة و النار و يوم الساب هي من
حق ال وحده و ليس لحد أن يعل من نفسه وكيل ل ،ل بد من تغيي هذه العقلية ،فمن جهة يُصرّ
السلميون على ما يُسمّى بالكم السلمي بجة "أن السلمي أكثرية" دون اللتفات إل أن السلمي
103
هـم أقليـة فـ العال ،فالكاثوليـك وحدهـم يعادلون العال السـلمي ،هذا فضل عـن البوتسـتانت و
الرثودوكس و الديان الخري كالبوذيي و الندوس و اليهود ،بالضافة إل الل دينيي و اللحدين.
السلميون ف العراق
يشكل العراق أحد أهم دول النطقة الشرق أوسطية ،من هنا فطنت الوليات التحدة إل أهية بدأ التغيي
ف النطقة من خلل العراق ،و مشكلة عراق ما بعد صدام تكمن ف هيمنة تيارين إسلميي متعاديي
"الشيعي ـ السن" و ظهور معادلة أخرى ف الساحة العراقية ،و أعتقد أن الساحة الكردية أيضا ستشهد
انسارا للتيار العلمان ـ أو الذي يدّعي العلمانية ـ و طغيان التطرف السلمي بسبب إخفاق العلمانية
و اللبال ية ف تق يق رفاه ية للمواطني ،ك ما أن كلّ التجارب ال ستبدادية الفاش ية الطائف ية قامت ت ت
شعار "العلمان ية" أو الفهوم الوط ن للدولة العراق ية و هذا ما شوّه كل مة "علمان ية" ف الع قل العرا قي و
جعله يُنظر بعي الرّيبة و الشّك إل كلّ من يدعوا إل فصل الدّين عن النظام السّياسي.
من هنا كان ردّ الفعل الشعب باتاه احتضان السلميي "الشيعة منهم خصوصا" ،لكنن أعتقد أن التيار
السـلمي الشيعـي "حزب الدعوة السـلمية" تديدا ،قـد خطـى خطوات جبارة باتاه الديقراطيـة فـ
العراق ،صحيح أن هذا التيار ال سلمي الشي عي يوي متطرف ي ،ل كن ال ط العام من سجم مع مفاه يم
الدولة الديقراطيـة "النتخاب" " ،حريـة العقيدة و التعـبي" " ،حريـة التظاهـر السـلمي" و أيضـا "حريـة
التجارة" ،ك ما أن اعتراف "الجلس العلى للثورة السلمية ف العراق" الّذي تول إل "الجلس العلى
ال سلمي العرا قي" بتداول ال سّلطة سلميا و عب الدّيقراط ية و حذف كل مة "ثورة" من شعار الزب و
اتّخاذه الرجعية النجفيّة العراقيّة كقدوة ،كل هذا كان خطوات جيّدة بالرغم أنّي كنت أُفضّل لو كان تّ
تغي ي ف قمّة الرم للمجلس أ سوة بزب الدّعوة الّذي انت خب نوري الال كي أمي نا عا ما للحزب خل فا
لبراهيم العفري ترسيخا للديقراطية ،بينما التيار السلمي السن "العرب و الكردي" يعتب الديقراطية
نوعا من الكفر و الروج عن السلم ،باستثناء تول طفيف ف الزب السلمي العراقي باتاه النظومة
الديقراطية.
الشكلة الت يعيش ها العراق الن هو كيف نفض الشتباك الدين و القومي ،فالصراع ليس حصرا بي
سنة و شيعة كما يظن كثيون ،فحت الصراع القومي ف العراق يرتدي زيّا دينيا و يسخّر "الدين" لصال
العصابات القومية و الليشيات العنصرية الت تريد "استعادة"!! مناطق متلة من قبل قومية أخرى كانت
نظريتها العنصرية تكم العراق ذات يوم ،لقد أخطأ الجتمع الدول خطأ كبيا حينما منع "شيعة العراق"
من تشكيل حكومة ـ فهم الغلبية و الغلبية هي الت تكم مع مراعاة حقوق القليات ـ لكن عندما
حُ شر الخرون حشرا ف الكو مة ت ت شعار "حكو مة الوحدة الوطن ية" ،شاع مفهوم خاط يء لدى
104
الطراف السـياسية ،و هـو أن العراق "كعكـة" يبـ أن يقتسـمها الميـع ،و كان هذا نقطـة لصـال
القاعدة و حركات الرهاب الخرى ،إذ أوجد هذا شرخا كبيا ف كيان الدولة العراقية و كأن الشيعة
"مشكوك ف ولئهم الوطن"!! حسب الفهوم الديد السائد.
تتسم الركات السلمية الشيعية بيولا الوطنية ،لكنها تتفاوت ف ذلك بسبب قوّة الِس الدّين (و قد
أشارت السـيدة Phebe Marrإل هذه النقطـة عـب تقريـر خاص أصـدرته لصـال معهـد السـلم
المري كي و التقر ير متو فر على الو قع ، ) www.usip.orgفحزب الدعوة ال سلمية معروف ع نه
أ نه أك ثر تركيزا على الا نب الوط ن "النتماء إل العراق" من سائر الركات ك ـ"الجلس العلى" و
"التيار الصـدري" ،بالرغـم مـن وجود بقايـا لفكار الاضـي الميـة و رغـم أن حزب الدعوة خطـى
خطوات مه مة ف الن سجام مع آليات الديقراط ية ف عراق ما ب عد الطا حة بصدام ،ل كن هذا الزب
يتاج إل الزيد من التطوير و أعتقد أن هذا ما سيحدث تراكميا عب المارسة السياسية.
و ما يُهمن هنا الن هو مراجعة سريعة لطروحات الصدر الول ،و أنا لن أنطلق ف النقد إل و أنا أعلم
اليقي أن السيد الشهيد الصدر الول لو كان حيا لرحب بكل نقد ،إنطلقا من فهم الط الشيعي العام
ل سألة تطو ير الفكار كنوع من مار سة الجتهاد العقلي و حر صا منّي على أن أُف يد الخوة ف "حزب
الدعوة السلمية" باتاه تنشيط المارسة الديقراطية ف داخله و دفعا لسيادة "التقليد" و المود ،و نن
نعلم أن العل مة اللّي " ال سن بن يو سف الط هر (ت 726قام بن قد أفكار و اجتهادات العل مة ن صي
الدين الطوسي رغم عظمته الفقهية لكي ل يسود "التقليد" و بفضل عمله هذا استمرت ظاهرة الجتهاد
ف الو سط الشي عي ،ف ح ي تو قف ال سنيون ف إعمال عقول م و فضّلوا التقل يد ،ف في كتا به القيّم
"فلسـفتنا" يطرح الصـدر نقدا سـريعا للرأسـالية الغربيـة ،بينمـا كان نقده يكاد يكون مفصـّل للنظاميـ
"الشتراكي" و "الشيوعي" ،و هي إشارة واضحة إل أن سلبيات "النظم الغربية الديقراطية الرأسالية" ل
تكاد تُقارن بالنظم "الشتراكية الشيوعية الدكتاتورية" ،و انصر نقد الصدر الول للحضارة الغربية ف
جزئية هي "دور الدين ف الدولة"!! ،لكن يبدو ل أنه هو نفسه ـ أي الصدر الول ـ ل يكن مقتنعا
بنقده للغرب.
يقول ممد باقر الصدر ف كتابه "فلسفتنا" عن النظام الرأسال الديقراطي :
" هذا النظام الذي أطاح بلون مـــــــــــــــــــــــــــن
الظلم ف الياة القت صادية ,وبال كم الدكتاتوري ف الياة ال سياسية .وبمود الكني سة و ما إلي ها ف
الياة الفكريــــة ,وهيــــأ مقاليــــد الكــــم والنفوذ لفئة حاكمــــة
105
جديدة حلت ملــ الســابقي ,وقامــت بنفــس دورهــم الجتماعــي فــ أســلوب
جديد.
و قد قا مت الديقراط ية الرأ سالية على اليان بالفرد إيا نا ل حد له .وبان م صاله الا صة بنف سها
تكفـــل ــــ بصـــورة طبيعيـــة ــــ مصـــلحة الجتمـــع فـــ متلف
اليادين" ص .13
فال سيد ال صدر ها ه نا يكاد يزم أن النظام الغر ب يكاد يكون القرب إل ذات الن سان بف ضل توفيه
للحريات ال ساسية و ال ت تكاد تتحرك ف إطار ها ال طبيعي "الفِطري" و الذي ي نع احتكار فئة معي نة من
الناس أن تتكر ال و الدين و القيقة لنفسها ،و أن مفهوم "الظلم" و "العدل" يبقى مسألة نسبية ـ ما
ل ترج عن الد الطبيعي ـ فالعدام لبعض مرتكب الرائم الكبى ،هو أمر طبيعي و ل غبار عليه ف
ب عض الجتمعات ،بين ما تع تب متمعات أُخرى أن العدام عقو بة جديرة باللغاء و أن إلغاء الياة أف ظع
من الرية الرتكبة ،كما أن الجتمعات السلمية نفسها تتفاوت ف هذا الشأن ،ففي بعض البلدان ند
أن "الزواج الؤ قت" أو "الت عة" مقبولة اجتماع يا و تع تب حل لكث ي من الشا كل الخلق ية ،بين ما ن د
متم عا إ سلميا آ خر يعتب ها أمرا مشي نا و ظال ا ،و ل ست ه نا ب صدد مناق شة الوضوع من ح يث الدلة
الفقهية الشرعية ،لكننا نناقش الوضوع من حيث نسبية الخلق.
و يل خص ال صدر أهداف النظام الديقرا طي ف حا ية الُ سس الرب عة " ال سياسية ,والقت صادية,
والفكرية ,والشخصية" فلسفتنا ص . 14
و هي ك ما ترى من أ ساسيات أو الثوا بت النطق ية و الواقع ية ال ت يقوم علي ها أي مت مع ،فالر ية
السياسية تكفل حق العمل السياسي و الزب للجميع ،و الرية القتصادية تنع أي طرف من احتكار
السـوق و بالتال تتحكـم الريات الخرى بالسـوق مـن حيـث الوضوح و كشـف الفسـاد أو جوانـب
الق صور ،بين ما تقوم الر ية الفكر ية على أ ساس أن من حق كل الفكار أن تتنا فس ما ل تل جأ إل
الو سائل غ ي الفكر ية ك ـ"الع نف" أو "الكراه" أو أي نوع من التهد يد ،و هو ال مر الذي ل ت ستطع
القيام به أي دولة دين ية "إ سلمية أو م سيحية أو أي د ين آ خر" ،من ه نا كان من الت مي أن تكون
الرأسالية الديقراطية ـ رغم عيوبا ـ أفضل نظام عرفه التاريخ.
يقول الصدر ـ الصدر السابق ص :14
" فالرية السياسية ـ يعن ف النظام الديقراطي ـ تعل لكل فرد كلما مسموعا ورأيا مترما
فــــــــــــــــــــ تقريــــــــــــــــــــر
106
الياة العا مة لل مة :و ضع خطط ها ,ور سم قوانين ها ,وتعي ي ال سلطات القائ مة لمايت ها .وذلك لن
ــــألة
ــــا ,مسـ
ــــم فيهـ
ــــة ,والهاز الاكـ
ــــي للمـ
النظام الجتماعـ
ـعادته
ـا ف ـ سـ
ـر تأثيا حاسـ
ـا ,وتؤثـ
ـن أفرادهـ
ـل فرد مـ
ـا ًل مباشرا بياة كـ
ـل اتصـ
تتصـ
أو شقائه ,فمــن الطــبيعي حينئذ أن يكون لكــل فرد حــق الشاركــة فــ بناء النظام
والكم.
وإذا كانــت الســألة الجتماعيــة ـــ كمــا قلنــا مســألة حياة أو موت ,ومســألة
سعادة أو شقاء للمواطني ,الذين تسري عليهم القواني والنظمة العامة...
فمـــن الطـــبيعي ,أيضا أن ل يباح الضطلع بســـؤوليتها لفرد ,أو لجموعـــة
خاصـة مـن الفراد ــ مهمـا كانـت الظروف ــ مـا دام ل يوجـد الفرد الذي يرتفـع فـ
نزاهة قصده ورجاحة عقله ,على الهواء والخطاء.
فل بــد إذن مــن إعلن الســاواة التامــة فــ القوق الســياسية بيــ الواطنيــ
كا فة ,لن م يت ساوون ف ت مل نتائج ال سألة الجتماع ية ,والضوع لقتضيات ال سلطات التشريع ية
والتنفيذيـــــة .وعلى هذا الســـــاس قام حـــــق التصـــــويت ومبدأ
ـن
ـه ـ ـ عـ
ـلطاته وشعبـ
ـل سـ
ـم ـ ـ بكـ
ـن انبثاق الهاز الاكـ
النتخاب العام ,الذي يضمـ
أكثرية الواطني".
إذا كنا نبحث ها هنا ،كما فعل السيد الصدر ،عن الفرد الذي يرتفع "ف نزاهته" فوق الهواء و
الخطاء ؟!! فإن هذا الش خص أو النوع من الفرد ل يو جد إل ف مت مع "الدي نة الفاضلة" الثال ية ال ت
خلقها أفلطون و الفاراب و أربابما من الفلسفة الالي ،و لكن النسان الواقعي يبقى صاحب هوى
و شهوة و رغبات ،بل إن ال سيد ال صدر نف سه ف كتا به اقت صادنا يو ضح أن مر كز حر كة التار يخ هو
"حُبّ الذّات" قبل أن يكون النس ـ حسب نظرية فرويد ـ أو القتصاد ـ حسب كارل ماركس ـ
،بالتال فإن أفضل ما يكن للنسان أن يقوم به هنا هو إياد آليات لتنظيم العلقة بي "الفراد" و إياد
نوع من الرقابة الجتماعية و الشعبية على الفراد التنفذين ف القرار و من هنا ند أن العلقة بي الاكم
و الحكوم ف النظام الديقرا طي ل تعدو كون ا عل قة أخرى ب ي فرد ين ،بل إن الفرد ال سئول أك ثر
عرضة للهانة و النقد من الواطن العادي ،كون السئولية تعن إلغاء أي نوع من الصانة.
يقول الصدر "الصدر السابق ص :"15 – 14
107
" والر ية القت صادية ترت كز على اليان بالقت صاد ال ر ,وتقرر ف تح ج يع البواب ,وتيئة كل
ـــــادي .فيباح
ـــــ الجال القتصـ
ـــــن فـ
ـــــن ...أمام الواطـ
الياديـ
التملك للســتهلك وللنتاج معا ,وتباح هذه اللكيــة النتاجيــة التــ يتكون منهــا
رأس الال مــن غيــ حــد وتقييــد ,وللجميــع على حــد ســواء .فلكــل فرد مطلق
الريــة فــ إنتاج أي أســلوب وســلوك أي طريــق ,لكســب الثروة وتضخيمهــا,
ومضاعفاتا ,على ضوء مصاله ومنافعه الشخصية.
وف زعم بعض الدافعي عن هذه الرية القتصادية أن قواني القتصاد السياسي ,الت تري على
أصــــول عامــــة بصــــورة طبيعيــــة ,كفيلة بســــعادة الجتمــــع
وحفظ التوازن القتصادي فيه ...وإن الصلحة الشخصية ,الت هي الافز
القوي والدف القيقي للفرد ف عمله ونشاطه ,هي خي ضمان للمصلحة الجتماعية العامة وإن
ــــاوي
ــــة لتسـ
ــــوق الرة ,نتيجـ
ــــ السـ
ــــس الذي يقوم فـ
التنافـ
ـق روح
ـي وحده لتحقيـ
ـادية ,يكفـ
ـة القتصـ
ـن الريـ
ـم مـ
ـن ف ـ حقهـ
النتجي ـ والتجريـ
العدل والنصــاف ,فــ شتــ التفاقات والعاملت .فالقوانيــ الطبيعيــة للقتصــاد
ل ــ فـ حفـظ السـتوى الطـبيعي للثمـن ,بصـورة تكاد أن تكون آليـة,
تتدخـل ــ مث ً
وذلك أن الثمـــن إذا ارتفـــع عـــن حدوده الطبيعيـــة العادلة ,انفـــض الطلب
بكـــم القانون الطـــبيعي الذي يكـــم بأن ارتفاع الثمـــن يؤثـــر فـــ انفاض
الطلب ,وانفاض الطـــب بدوره يقوم بتخفيـــض الثمـــن ,تقيقا لقانون طـــبيعي
آخر ,ول يتركه حت ينخفض به إل مستواه السابق ويزول الشذوذ بذلك".
نود هـا هنـا أن نعقّــب على كلم الشهيـد الصـدر الول بالقول أن هذا النقـد النظري يقوم على
افتراض هو ناتج عن مقارنة خاطئة بي الشيوعية كـ"آيدولوجيا" تدعي و تزعم الكمال الطلق و تتعامل
مع الواقع و الجتمع بشمولية ل تتلف كثيا عن النظم الدينية و اليانية الت تنظر إل الجتمع و علقاته
القتصادية و السياسية بفوقية واضحة ،بينما الرأسالية كنظام ديقراطي ل تدّعي أن القواني و العلقات
الرأسالية كاملة و ل عيب فيها ،لكن النظام الرأسال الغرب الذي يرتكز على الرية و حقوق النسان ،
يقوم بإزالة كل ما هو قبيح و شائن ف العلقة الرأسالية من خلل حاية الستهلك و الطبقة الفقية عب
فرض ضرائب كبية على الرساميل الضخمة لتتحول إل نفقات للرعاية الجتماعية و الضمانات التعددة
"كضمان ال سكن و ال صحة و توف ي مقومات الياة ال ساسية" ،فالرأ سالية التطر فة ف القي قة لي ست
108
موجودة ف ما هو مطبق ف النظمة الديقراطية ،فكثي من الدول الرأسالية ،كالملكة التحدة البيطانية
و السويد و النروج و غيها ،أضافت إل قوانينها تعديلت عدة للق توازن بي حرية التجارة و التبادل
القتصادي و بي حقوق الفراد و مكونات الجتمع ،مع ملحظة أن الطبقية ـ خصوصا ف مظاهرها
البشعة ـ تكاد أو أنا فعل اختفت ف الدول الغربية ،بينما الطبقية موجودة و بشكل سافر ف النظمة
الفوضوية و الشرقية السلمية و الشتراكية.
و يضيف الصدر قائل:
" والتنافس يقتضي ـ بصورة طبيعية ـ تديد أثان البضائع وأجور العمال والستخدمي بشكل
عادل ,ل ظلم فيـــــــه ول إجحاف .لن كـــــــل بائع أو منتـــــــج
ــة
ــبب منافسـ
ــض أجور عماله ,بسـ
ــه ,أو تفيـ
ــع أثان بضائعـ
ــن رفـ
ــى مـ
يشـ
الخرين له من البائعي والنتجي ".الصدر السابق ص .15
إن التنافـس القتصـادي ل يري هكذا فـ الدول الغربيـة ،إذ ل يكفـي أن نطلع على النظريات
القتصـادية الكتوبـة و السـطرة فـ كتـب ،و نكـم عليهـا كمـا فعـل الفلسـفة القدماء الذيـن كانوا
يستعملون "النظر و الستنتاج العقلي" دون متاب عة الفكرة ف أجواء تطبيقها على أرض الواقع و ف ظل
الحيط القانون للتطبيق ،من هنا ن د أن هناك ا سنتاجا متلفا عن أي قضية إذا كانت نتيجة عن ن ظر
مض ،بينما تكون نتيجة الستنتاج متلفة ف ظل التجربة و التطبيق الواقعي ،من هنا تتلف الديقراطية
الرأسالية عن الجتمعات و النظمة الشمولية ف كونا تطرح كل الواضيع و الشاكل على بساط البحث
و النقد و عب كافة وسائل العلم الرة ،و مهما قيل عن تبعية وسائل العلم هذه لهات رأسالية ،
يبقى هناك إعلم آخر تابع للدولة و لصال أخرى منافسة تعطي الجال الفسيح للتعبي.
إن اللئ مة ب ي النظام الرأ سال الديقرا طي القائم على ح فظ حقوق الفرد و ب ي ال سلم كحر ية
اختيار فردية ،سيشكل التحدي الرئيسي و الواقعي لستقبل العلقة بي إشكالية الدين و الدولة ف العال
السلمي و العراق على وجه التحديد ،و من خلل رؤيتنا إل أن رؤية الصدر ـ و هو مؤسس حزب
الدعوة ـ للرأسالية الديقراطية ل تكن تنم عن مواجهة ،فيما يبدو كونه اختلفا جذريا عن الرؤية الت
طرحها المينيون تاه الغرب و الوليات التحدة تديدا ،و يبدو من هنا لاذا استطاع حزب الدعوة أن
يُكيّف الصال العراقية مع مصال الوليات التحدة و الغرب الذي قاد عملية التغيي.
يقول الصدر بعد انتهائه من سرد السس الت قام عليها النظام الرأسال الغرب:
109
" هذه هــي الديقراطيــة الرأســالية فــ ركائزهــا الســاسية ,التــ قامــت مــن
ـل
ـم .فـ ظـ
ـن الشعوب والمـ
ـبيلها كثيـ مـ
ـد فـ سـ
ـن الثورات ,وجاهـ
ـا جلة مـ
اجلهـ
قادة كانوا حيــ يعــبون عــن هذا النظام الديــد ويعدونمــ بحاســنه ,يصــفون
النة ف نعيمها وسعادتا ,وما تفل به من انطلق وهناء وكرامة وثراء .وقد أجريت عليها بعد ذلك
عدة مـــــن التعديلت ,غيـــــ أناـــــ ل تســـــ جوهرهـــــا
بالصميم ,بل بقيت متفظة بأهم ركائزها وأسسها ".فلسفتنا ص .16
إن هذه العبارات و أن بدى من خلل ا ب عض "التحا مل" أو عدم الر ضا ،إل أن ا ل ت نم عن ر فض
قطعي و كلي ،بل يُظهر أن السيد الصدر الول يتلف مع النظومة الغربية الديقراطية الرأسالية ف بعض
الوارد ،فالسلم يؤمن بالسوق الرة و إن فرض عليها بعض القيود الانعة للحتكار ،و إن كنت أعتقد
أنه ل توجد صيغة أو نظرية متكاملة لا يكن تسميته "إقتصادا إسلمية"؟ فهذا يتوقف على ما يرج به
الباحث من آراء قد يتقبلها البعض و يرفضها آخرون ،بل إن السلمي ـ حالم حال كل التديني ،
وجدوا ف ظل النظام الديقراطي الرأسال حرية و كرامة أكثر من الدول "السلمية" نفسها.
و لكـن يبقـى السـيد الصـدر الول يطرح موضوع "اللّ السـلمي" كبحـث عـن هويـة أو إنتماء
للمنطقة ،دون أن يُطرح السؤال الهم و هو :لاذا يطرح السلميون دينهم كـ"بديل" لكل شيء ،و
لاذا نعل "القتصاد السلمي" كندّ و خصم للقتصاد الرأسال ،بينما الرأسالية ل تدّعي أو تزعم أنا
"رأسالية مسيحية" أو "يهودية"!! فلماذا ل يقُم السلميون ،من ضمنهم السيد الصدر الول ،بلق
ظروف إقتصادية و بنفس النسق و الطوط العامة لذه النظرية "السلمية" دون صبغها بالصبغة الدينية ،
و قد أوقع نا هؤلء الباحثون ف إشكال كبي آ خر ،فعند ما طرح كل الفكر ين ال سلميي م مد با قر
ال صدر و سيد قُطُب ـ ر غم أ ن أش كك ف أن يكون سيد ق طب مفكرا ـ نظر ية "ف شل الضارة
الغربيـة"! فهـم بالتال ل يضعوا بديل حقيقيـا لذا الفشـل الفترض ،ماـ سـيعن أخيا أننـا سـنرى أهـل
واشنطن أو لندن ـ و هم مسيحيون يفخرون بدينهم و غي مستعدين للتخلي عنه ـ يلجأون إل الفقهاء
و اللية لتسيي حياتم الديدة "السعيدة"!!
من الوا ضح أي ضا ،أ نه ل يك في ،ل كي ن ضع أُ سس دولة متكاملة ،أن نُ ـنظــر لطروحات
"إقتصادية" دون أن يكون هناك وضوح ف تركيبة العمل العملية السياسية أو آليات تبادل السلطة بالطرق
السلمية ،الهم ها هنا هو أن أي دولة دينية لن تنجح مهما كان اقتصادها قويا ،طبعا من ناحية التنظي
ف كل نظر ية هي قو ية إل أن يُث بت الوا قع ناح ها أو فشل ها ،من هذا الا نب ن د أن هج ي الد ين +
110
الديقراطية أو بعبارة أُخرى ما نستطيع تسميته بنظرية "الديقراطية الدينية" ل حظ لا من النجاح ،مثاله
الدولة الدينية ف إيران ،فالدولة بطبعها ل بُد و أن تنحاز إل أحد الطرفي ،إما الدين أو الديقراطية ،
لن آليات الديقراطيـة لن تعمـل مـا دامـت مصـبوغة بالديـن ،فالديـن ل بـد أن يبدي الدولة ببعـض
مظاهره ،كبعض الظاهر السيحية ف الغرب ،لكن ل يكنه أن يطغى على الدولة و مثل الدولة ها هنا
مثل "السيارة" الت تتاج إل "بعض" الزيت لتعمل ،لكن ما أن يتم إغراقها بالزيت حت تتوقف كليا.
من ه نا كا نت الدولة "العلمان ية" هي حلّ و سط ب ي اختلف الديان و الذا هب و ح ت اليان و
اللاد ،فالنظام العلما ن العتدل ـ من أمثلة النظ مة العلمان ية العتدلة الوليات التحدة و بريطان يا ـ
قادر على ا ستيعاب الم يع و الع مل على جلب النف عة ل م ،بين ما ن د النظ مة الدين ية و اليدولوج ية
الشموليـة "أمثلة :إيران ،أفغانسـتان طالبان ،عراق البعـث و غيهـا" ل تنتـج إل الزيـد مـن الفرقـة و
النقسام.
يقول السيد الصّدر :
" وكان مــن جراء هذه الاديــة التــ زخــر النظام بروحهــا أن أقصــيت الخلق
مـــن الســـاب ,ول يلحـــظ لاـــ وجود فـــ ذلك النظام ,أو بالحرى تبدلت
مفاهيمهـــا ومقاييســـها ,وأعلنـــت الصـــلحة الشخصـــية كهدف أعلى ,والريات
ـه العال
ـج بـ
ـا ضـ
ـر مـ
ـن ذلك أكثـ
ـأ عـ
ـلحة .فنشـ
ـق تلك الصـ
ـيلة لتحقيـ
ـا كوسـ
جيعـ
الديث من من وكوارث ,ومآسي ومصائب.
وقــد يدافــع أنصــار الديقراطيــة الرأســالية ,عــن وجهــة نظرهــا فــ الفرد
ومصــاله الشخصــية قائليــ أن الدف الشخصــي بنفســه يقــق الصــلحة
الجتماعية ,وأن النتائج الت تققها الخلق بقيمها الروحية تقق ف الجتمع الديقراطي الرأسال,
ـــع
ـــق الدوافـ
ـــن طريـ
ـــل عـ
ـــق الخلق بـ
ـــن طريـ
ـــن ل عـ
لكـ
الاصــة وخدمتهــا .فإن النســان حيــ يقوم بدمــة اجتماعيــة يقــق بذلك
مصــلحة شخصــية أيضا ,باعتباره جزءا للمجتمــع الذي ســعى فــ ســبيله ,وحيــ
ينقــذ حياة شخــص تعرضــت للخطــر فقــد أفاد نفســه أيضا ,لن حياة الشخــص
سوف تقوم بدمة للهيئة الجتماعية فيعود عليه نصيب منها ,وإذن فالدافع الشخصي والس النفعي
يكفيان لتأميـــــ الصـــــال الجتماعيـــــة وضماناـــــ ,مـــــا
دامت ترجع بالتحليل إل مصال خاصة ومنافع فردية" ـ فلسفتنا ص .19
111
ما يعني ن ف هذا ال نص الذي اقتب سناه ،هو أن ال سيد ال صدر يب قى ،كو نه إ سلميا ،يب حث عن
"الثال" ف عال الواقع ،فالنظام الديقراطي عب ترسيخه لفاهيم "الرية" على كافة الستويات ،يترك
الباب مفتو حا ف سبيل رق يّ الجت مع روح يا و ماد يا ،بعبارة أخرى فإ نه ل ي كن أن ترت قي الخلق و
الروحانيات دون سدّ رغبات الن سان و حاج ته الاد ية ،فعند ما يقوم الجت مع ،أي مت مع ،بلّ كلّ
الشاكل الادية و النفسية عب القضاء على مسبّباتا من طغيان الكم أو الغنياء ،عندها ستجد أن الفراد
و الماعات سيبحثون و بلء إرادتم و حريتهم عن الراحة النفسية سواء عب الدين و طقوسه أو العمل
اليي.
إن الدا فع الشخ صي و الفردي يش كل لُ بّ و أ ساس كل نتاج إن سان ،الد ين ،الن ظم ال سياسية و
الجتماعية و الفردية ،و بالقابل ،فحينما انتقد السيد الصدر هيمنة فكرة إلغاء الفرد ف سبيل الماعة
ـ كما هو معروف ف الفلسفة الاركسية و الشتراكية الشعبية ،إل أنه عاد لينتقد جعل "الفرد" كغاية
ل كل النظام الرأ سال الديقرا طي ،إذ يب قى الشكال هو " :هل من حل و سط"؟! و الواب الوا ضح ،
الظا هر لدّ الن من كل التجارب ال سياسية ،أ نه ل ح ّل و سط ،ف قد رأي نا بشا عة الن ظم الشمول ية
ك ـ"نظام الب عث" " ،الشيوع ية ف التاد ال سوفيت" " ،نظا ما إيران و طالبان أفغان ستان" ،بين ما تتو فر
الر ية التا مة ف كل النظ مة الديقراط ية الرأ سالية ،طب عا با ستثناء ب عض القوان ي الديدة ال ت حدّت ،
كحدّ أدن ،من بعض الريات بعد ظهور النعة النتحارية ف السلم السياسي ،خصوصا بعد أحداث
11سبتمب أيلول.
إن كل نظام سياسي ،ب ا ف يه الديقرا طي الرأ سال ،ل يلو من عيوب و مفا سد و ضُ عف إدارة
أحيا نا ،و ك ما قال رئ يس وزراء بريطان يا ال سيد تشر شل :الديقراط ية هي أف ضل أ سوأ الن ظم ال سياسية
."..و هذا يعن أن هذه النُظُم حالا حال صانعها النسان ،مليئة بالعيوب و النواقص ،و لكنها تتطور
عب التاريخ نو الفضل و الحسن.
ياول ال سيد ال صدر بعد ها أن يلّل "نظر يا" ليخرج ل نا با ستنتاج يُظ هر عي با ـ رب ا يبدو ف نظره
أساسيا ف صميم النظام الديقراطي الرأسال حيث يقول:
ــائلها
ــالها ومسـ
" فأول تلك اللقات :تكــم الكثريــة فــ القليــة ومصـ
اليويــة .فإن الريــة الســياسية كانــت تعنــ أن وضــع النظام والقوانيــ وتشيتهــا
ـت زمام
ـة ملكـ
ـة ف ـ المـ
ـل الكثريـ
ـور أن الفئة الت ـ تثـ
ـة ,ولنتصـ
ـق الكثريـ
ـن حـ
مـ
الكــم والتشريــع ,وهــي تمــل العقليــة الديقراطيــة الرأســالية ,وهــي عقليــة
112
مادية خالصة ف اتاهها ,ونزعاتا وأهدافها وأهوائها فماذا يكون مصي الفئة الخرى؟ أو ماذا ترتقب
للقليــــة مــــن حياة فــــ ظــــل قوانيــــ تشرع لســــاب
الكثريــة ولفــظ مصــالها؟! ,وهــل يكون مــن الغريــب حينئذ إذا شرعــت
الكثريــة القوانيــ على ضوء مصــالها خاصــة ,وأهلت مصــال القليــة واتهــت
ال تقيــق رغباتاــ اتاهــا محفــا بقوق الخريــن؟ فمــن الذي يفــظ لذه القليــة
كياناــ اليوي ويذب عــن وجههــا الظلم ,مــا دامــت الصــلحة الشخصــية هــي
مسألة كل فرد وما دامت الكثرية ل تعرف للقيم الروحية والعنوية مفهوما ف عقليتها الجتماعية ؟؟
وبطبيعــــة الال ,إن التحكــــم ســــوف يبقــــى فــــ ظــــل النظام
كما كان ف السابق وأن مظاهر الستغلل والستهتار بقوق الخرين ومصالهم ...ستحفظ ف الو
الجتما عي لذا النظام كحال ا ف الجواء الجتماع ية القدي ة .وغا ية ما ف الوضوع من فرق :ان
الســــــــــــــــــتهتار بالكرامــــــــــــــــــة
النســانية كان مــن قبــل أفراد بأمــة ,وأصــبح فــ هذا النظام مــن الفئات التــ
ل مــن
تثــل الكثريات بالنســبة إل القليات ,التــ تشكــل بجموعهــا عددا هائ ً
البشر ".فلسفتنا ص .21 – 20
و ن ن ها ه نا سنحاول أن نرج بن قد موضو عي لذا الرأي ،و أجزم بأن ال سيد ال صدر لو كان
حاضرا بيننا الن و قرأ هذا النقد التوا ضع لفكاره لرحب به و برحابة صدر ،فغاية كل فكرة هي أن
تلق أفكارا أُخرى.
لو تابعنا تطبيقات النظمة الديقراطية و أكثرها قائم على أساس أن الغلبية هي الت تكم ،إل أن
هذا ل يع ن قط أن القل ية تبتلع من ق بل الكثر ية ،سواء كا نت هذه القليات دين ية أو عرق ية ،إل أن
حقوق القليات تبقى مثبّتة ف دساتي هذه الدول و خصوصا أن حقوق القليات تصبح جزءا من حقوق
الشعب ب كل أفراده ،فقد انت قل ب نا ال سيد ال صدر من نقد مفهوم "الفرد" إل مفهوم آ خر كان عل يه أن
يُفرِد له بابا أو فصل خاصا مستقل به و هو موضوع الكثرية و القلية.
و الانب الخر الهم الذي يظهر بوضوح ف كل النظمة الديقراطية الرأسالية و الت هي الن من
أقوى أنظمـة العال و فـ كافـة الجالت ،أن كـل النظمـة السـياسيّة غيـ الديقراطيـة ،تعيـش مشكلة
الكثر ية و القل ية ،و ح ت التاد ال سوفيت تف تت ب سبب شعور القليات القوم ية بالظلم و الضظهاد ،
بينما دولة ديقراطية متعددة القوميات كـ"سويسرا" راسخة على الرض منذ 500عام ،عموما فإن
113
النظام الديقرا طي و ل نه يُل غي كل الفوارق الطبق ية و الدين ية و القوم ية ف هو يُل غي الشعور بالضطهاد و
بأك ثر الو سائل سلميّة ،فمثل لو نظر نا إل مشكلة التفر قة العن صرية ال ت كا نت موجودة ف الوليات
التحدة إل ناية الستّينيّات ،لو كنت هذه الشكلة موجودة ف أي دولة أخرى لكانت كفيلة بإنيارها و
تقسيمها.
و من الهم هنا أيضا أن نوضح نقطة مهمة ،ل توجد هناك و ف كل العال نظام ديقراطي قومي أو
دين ،و عندما يدخل الشعور الدين أو القومي ف صلب أي نظام فإنه يبدأ بتفكيكه ،مثاله "يوغسلفيا
التادية سابقا" " ،الدولة اللبنانية" ،و الهم هنا هو الثال العراقي الذي امتل دستوره بالشاعر الدينية و
القوم ية ،و لذا ال سبب ت د العراق و هو الذي خرج من أب شع نظام عر فه التار يخ ،أ نه غ ي م ستقر و
منظم بسبب صراع الويات.
و السيد الصدر ف عباراته هذه يبدو و كأنه يعل من كلّ حكومة منتخبة ديقراطيا ،و هذا يتم ُكلّ
أربعـة سـنوات أو خسـة ،و كأناـ سـتأت بدسـتور جديـد ،مـع أن دسـاتي هذه الدول الديقراطيـة
ك ـ"الد ستور المري كي الذي يز يد عمره عن مائ ت عام" ل يتغ ي إل قليل جدا و ب عد أن يطلع علي ها
أغلبية الشعب و تصل على موافقة ف استفتاء عام ،ملحظة أخرى مهمة :هي أن العسكر الديقراطي
قد رسم لنفسه خطوطا عامة من خلل قرارات الُمم التحدة و منظمات حقوق النسان ،بالتال فمهما
تغيّرت هذه الدساتي فمن المنوع عليها خرق حقوق الفراد أو الريات و القليات و يبدو ل أن السيد
ال صدر و هو ي صف ل نا م ساويء النظام الرأ سال الديقرا طي و كأ نه يع ن بدايات ظهور هذا النظام ف
القرون 17و 18و 19و ليس ما تخض عنه العال بعد الرب العالية الثانية ،و مقصدُنا هذا يتجلّى
ف استطراده التال:
"ول يت ال مر و قف ع ند هذا ال د ,إذا لكا نت الأ ساة هي نة ,ولكان ال سرح يت فل بالضحكات
أكثـــر ماـــ يعرض مـــن دموع ,بـــل أن المـــر تفاقـــم واشتـــد حيـــ
برزت الســألة القتصــادية مــن هذا النظام بعــد ذلك ,فقررت الريــة القتصــادية
على هذا النحـــو الذي عرضناه ســـابقا ,وأجازت متلف أســـاليب الثراء وألوانـــه
مهمــا كان فاحشا ,ومهمــا كان شاذا فــ طريقتــه وأســبابه ,وضمنــت تقيــق مــا
أعلنت عنه .ف الوقت الذي كان العال يتفل بانقلب صناعي كبي ,والعلم يتمحض عن ولدة اللة
الت قلبت وجه الصناعة وكسحت الصناعات اليدوية ونوها" فلسفتنا ـ ص .21
114
فطبيعي أن يكون النظام الرأسال قبيحا و سيئا ،و هذا الوصف أطلقه الشيوعيون بشكل أكثر تطرفا
،و ل كن الرأ سالية ال ت نتحدث عن ها ه نا تتحرك ف ظل الديقراط ية و حقوق الن سان ،و فعل ،فإن
الرأ سالية "القبي حة" تّ تميل ها بف عل الديقراط ية و حقوق الن سان و حا ية ال ستهلك من ا ستغلل غ ي
أخلقي ،و كم من مواطني ف هذه الدول حصلوا على مليي الدولرات على سبيل التعويض من قِبل
شركات أنتجت بضاعة كان فيها نوع من الضرر للفرد أو الجتمع.
يقول السيد الصدر:
" ,فانكشــف اليدان عــن ثراء فاحــش مــن جانــب القليــة مــن أفراد المــة,
منــ أتاحــت لمــ الفرص وســائل النتاج الديــث وزودتمــ الريات الرأســالية
غيــ الحدودة بضمانات كافيــة لســتثمارها واســتغللا إل أبعــد حــد ,والقضاء باــ
على كثيــ مــن فئات المــة التــ اكتســحت اللة البخاريــة صــناعتها ,وزعزعــت
ل للصــمود فــ وجــه التيار ,مــا دام أرباب الصــناعات
حياتاــ ,ول تدــ ســبي ً
الديثــة مســلحي بالريــة القتصــادية وبقوق الريات القدســة كلهــا ,وهكذا
خل اليدان إل من تلك الصفوة من أرباب الصناعة والنتاج ,وتضاءلت الفئة الوسطى واقتربت إل
الســــتوى العام النخفــــض ,وصــــارت هذه الكثريــــة الحطمــــة
ت ت رح ة تلك ال صفوة ,ال ت ل تف كر ول ت سب إل على الطري قة الديقراط ية الرأ سالية .و من
الطــــبيعي حينئذ ان ل تدــــ يــــد العطــــف والعونــــة إل هؤلء,
لتنشلهــم مــن الوة وتشركهــم فــ مغانهــا الضخمــة .ولاذا تفعــل ذلك؟! مــا دام
القياس اللقــي هــو النفعــة واللذة ,ومــا دامــت الدولة تضمــن لاــ مطلق الريــة
فيمــا تعمــل ,ومــا دام النظام الديقراطــي الرأســال يضيــق بالفلســفة العنويــة
للحياة ومفاهيمها الاصة؟!" فلسفتنا ص .21
مقارنة بسيطة بي حقوق الطبقة العمالية و الهن البسيطة و بي الطبقة العمالية ف ظل الديقراطية
الرأسالية ،تُظهر با ل يقبل أدن شك ،الفارق الشاسع و الكبي بي الالتي ،فالضمانات الجتماعية و
ال صحية و دور الرعا ية ف بلدان أمري كا ،اليابان ،بريطان يا ،الدول ال سكندنافية ،تظ هر أ نه ل ي عد
النتمون إل الطب قة الو سطى و الفقية "إن كان يوز أن ن سميها بالفقية" ل تعُد تأ به بالغنياء و در جة
غناهم ما دام النظام العام يكفل لم حياة مضمونة ،و إل فلماذا تتجه كل أو أك ثر خطوط اللجوء نو
هذه البلدان ؟! أليس ذلك عائدا للمستوى العيشي المتاز الذي يصل عليه مواطنوا تلك الدول.
115
فمن جهة ينتقد السيد الصدر تلك القلية الت تتحكم و "تسيّر" القتصاد ،و قبلها بقليل كان ينتقد
"تكّم" الكثرية بالقلية ،و هذا تناقض كما أظن ،إذ يبقى أكثرية الشعب قادرين على تسليم مقاليد
ال كم إل من ي ثل م صالهم ،و من ال هم ه نا ملح ظة أن ال ساسية ال ت قام علي ها الجت مع الغر ب
"الصلحة" أو "النفعة" الت انتقدها الصدر ،هي إحدى أهم ركائز الفقه و الدين السلمي و معروفة
تلك القاعدة الفقه ية ال ت ات فق علي ها أرباب ج يع الذا هب و القائلة :أن هدف الشري عة ال ساسي هو
جلب النفعة و درء الفسدة"!! مع ملحظة أن هذه العبارة است ِغلّت من قبل فقهاء السلطان بشكل بشع.
من جُملة تلك النتقادات ال ت وجه ها ال سيد ال صدر هو ت كم القل ية "الرأ سالية" ب سياسية الدولة
لتمكّن ها ماد يا ،و يبدو ل أ نه ا ستعار هذه النتقادات من جلة النقاط ال ت وجه ها "كارل مار كس" و
"إنلز" إل النظام الرأسال الغرب ،يقول السيد الصدر:
ـاواة ف ـ
ـر .فالسـ
ـل آخـ
ـد بشكـ
ـن جديـ
ـة مـ
ـياسي للمـ
ـا يتبلور الق ـ السـ
" وهنـ
القوق الســياسية بيــ أفراد الواطنيــ ,وإن ل تحــ مــن ســجل النظام ,غيــ أناــ
ل تعـــد بعـــد هذه الزعازع إل خيالً وتفكيا خالصـــا .فإن الريـــة القتصـــادية
حيــ تســجل مــا عرضناه مــن نتائج ,تنتهــي إل النقســام الفظيــع الذي مــر فــ
العرض ,وتكون هي السيطرة على الواقف والاسكة بالزمام ,وتقهر الرية السياسية أمامها .فإن الفئة
الرأســــالية بكــــم مركزهــــا القتصــــادي مــــن الجتمــــع,
وقدرتاــ على اســتعمال جيــع وســائل الدعايــة ,وتكنهــا مــن شراء النصــار
والعوان ...تيمن على تقاليد الكم ف المة ,وتتسلم السلطة لتسخيها ف مصالها والسهر على
مآرباــــــ ,ويصــــــبح التشريــــــع والنظام الجتماعــــــي خاضعا
لســيطرة رأس الال ,بعــد أن كان الفروض فــ الفاهيــم الديقراطيــة أنــه مــن حــق
المــة جعاء .وهكذا تعود الديقراطيــة الرأســالية فــ نايــة الطاف حكما تســتاثر
بــه القليــة ,وســلطانا يمــي بــه عدة مــن الفراد كيانمــ على حســاب الخريــن,
بالعقلية النفعية الت يستوحونا من الثقافة الديقراطية الرأسالية" فلسفتنا ص .22
و الواقع الغرب يعكس صورة متلفة لتصورات كانت نتاج تفكي مض غي متّصل بالواقع التجريب ،
فالتاد الورو ب و أمري كا هي دول أو تكتلت أك ثر تا سكا من تلك ال ت ت سيّر نف سها بن ظم أُخرى ،
كمـا أننـا ل نسـمع حتـ الن أن تمعات سـياسية لاـ وزناـ كانـت تعارض هذه النظمـة الديقراطيـة
الرأ سالية من خارج أراضي ها ،بع ن أن أ كب دل يل على أن هذه النظ مة منبث قة عن شعوب ا هو أن ا
116
استوعبت كل أنواع العارضة ،ما دامت تعتمد على الرأي و النقاش الر ،ما يعن أن توقعاتنا عن إنيار
أو "إضمحلل" الضارة الغربية متجسدة ف الديقراطية الرأسالية ليست بصحيحة ،كما أن تول الغرب
ـ ،بـل تنظيمـا عقلنيـا حياديـا
إل كونـه الطرف القوى حضاريـا ل يكـن نتاج صـدفة أو شأن إعتباطي ا
"علمانيا +إنسانيا" للحياة و الواقع.
ك ما أن فكرة ر فض القتداء بال خر "الغرب = ال سيحي +اليهودي" جعلت من الف كر ال سلمي
يدور حول الذات أو ال نا الغل قة ال ت تر يد إبداع جد يد مقا بل ال خر و تفرض قيمومت ها على ال خر ،
يقول السيد الصدر:
ـن
ـ ويذعـ
ـان الوروبـ
ـح على حياة النسـ
ـلمي ينفتـ
ـذ العال السـ
ـا أخـ
" حينمـ
لمامتــه الفكريــة وقيادتــه لوكــب الضارة بد ًل عــن إيانــه برســالته الصــيلة
وقيمومتهـــا على الياة البشريـــة بدأ يدرك دوره فـــ الياة ضمـــن إطار التقســـيم
ــم العال على
ــ قسـ
ــ حيـ
ــان الوروبـ
ــه النسـ
التقاليدي لبلد العال الذي درج عليـ
أســاس الســتوي القتصــادي للبلد وقدرتــه النتجــة إل بلد راقيــة اقتصــاديا وبلد
فقية أو متخلفــة اقتصــاديا وكانــت بلد العال الســلمي كلهــا مــن القســم الثانــ
الذي كان يبــ عليــه فــ منطــق النســان الوروبــ أن يعترف بإمامــة البلد
الراقية ويفسح الجال لا لكي تنفث روحها فيه وتطط له طريق الرتفاع.
وهكذا دشــن العال الســلمي حياتــه مــع الضارة الغريــب بوصــفه مموعــة
مــن البلد الفقية اقتصــاديا ووعــى مشكلتــه على أســاس أناــ هــي التخلف
القتصــادي عــن مســتوي البلد التقدمــة الذي أتاح لاــ تقدمهــا القتصــادي
زعامـة العال ولقنتـه تلك البلد القتدمـة أن السـلوب الوحيـد للتغلب على هذه الشكلة واللتحاق
ــــ
ــــان الوروبـ
ــــو اتاذ حياة النسـ
ــــة هـ
ــــب البلد التقدمـ
بركـ
تربــة رائدة وقائدة وترســّم خطوات هذه التجربــة لبناء اقتصــاد كامــل شامــل
قادر على الرتفاع بالبلد الســـلمية التخلفـــة إل مســـتوي الشعوب الوروبيـــة
117
و ألانيا أو روسيا القيصرية دول ديقراطية ،ففترة الصراع على الستعمرات ل تكن قد شهدت اكتمال
و نضوج الديقراطية ،و ف عصرنا الال فإن الغرب يستفيد من ثروات الخرين ليس عب الغزو أو ما
كان يُسمّى "الستعمار" ،بل عب الاجة الطبيعية ،بعن أن الخرين هم دوما ف حاجة لتسويق ثرواتم
الطبيعية و الصناعية ،ما سيخلق اكتمال اقتصاديا دون أن تُطلق رصاصة واحدة ،كما أن دخول الغرب
إل دول العال الثالث الفقي ل يكن كل ما فيه سلبيا ـ اللهم إل ف نظر السلميي ـ فلو ل التحول
ال صناعي و الديقرا طي ما كان للشرق ال سلمي أن يُف كر و لو ح ت مرد تفك ي ف مراج عة اللل ف
أنظمته السياسية ،بل و حت الفقهية.
بل إن أكب نظام رأسال ف العال "الوليات التحدة المريكية" ل يُعرف عنها أنا كانت أو أصبحت
دولة "إسـتعمارية" و كانـت على الكثـر دولة شبـه منعزلة حتـ بدايـة الرب العاليـة الثانيـة ،و هذا
الستنتاج ـ أن ُكلّ دولة رأسالية ل بُدّ أن تكون استعمارية ـ يصل للمفكر حينما يدرس السائل و
يكم عليها من الانب الادّي فقط ،بل إن هناك دورا كبيا للدين ف هذه الدول ،و هذا مال يتناهى
إل عقولنا إذا حكمنا على الغرب من خلل نتاجاته القتصادية فقط أو عب إنتاجه السينمائي و الدرامي.
كما أن هناك نظرية سائدة بي الفكرين السلميي مفادها أن الغرب توسع و استعمر البلدان بفعل
سيادة "الن ظم الديقراط ية الرأ سالية" ،بين ما الوا قع معكوس تا ما ،إذ كان تعا مل الغرب مع ال خر من
خلل مـا سـّي بــ"الروب الصـليبية" أو اسـتعمار البلدان خلل القرون الوسـطى ،هذه الحتكاكات
جعلت الغرب يدرس هذه الشعوب و يفهم و يستوعب ثقافاتا و أديانا ما خلق تطورا على مراحل نتج
منها ظهور العلمانية أو مفهوم "الكومة الحايدة" الت ل تتحيّز باتاه أي دين أو قومية.
يقول السيد الصدر:
ـل هذه
ـبيعي لثـ
ـن الطـ
ـة .ومـ
ـة خالصـ
ـة ماديـ
ـألة بذهنيـ
" وهكذا تدرس السـ
الذهن ية ال ت ل يرت كز نظام ها على الق يم الروح ية واللق ية ,ول يتعرف مذهب ها الجتما عي بغا ية إل
إسعاد هذه الياة الحدودة بختلف التع والشهوات...
119
ان ترى ف هذ ين ال سببي مبرا وم سوغا منطقيا للعتداء على البلد الم نة ,وانتهاك كرامت ها
والسيطرة على مقدراتا ومواردها الطبيعية الكبى واستغلل ثرواتا لترويج البضائع الفائضة .فكل
ذلك أمـــــــــــــــر معقول وجائز فـــــــــــــــ عرف
الصال الفردية الت يقوم على أساسها النظام الرأسال والقتصاد الر.
وينطلق من هنا عملق الادة يغزو ويارب ,ويقيد ويكبل ,ويستعمر ويستثمر ,إرضاء للشهوات
وإشباعا للرغبات.
فانظـــر ماذا قاســـت النســـانية مـــن ويلت هذا النظام ,باعتباره ماديا فـــ
روحــه وصــياغته وأســاليبه وأهدافــه ,وإن ل يكــن مركزا على فلســفة مددة تتفــق
مع تلك الروح والصياغة ,وتنسجم مع هذه الساليب والهداف كما العنا إليه؟!!" فلسفتنا ص .23
القيقة أن الدول الديقراطية هي آخر الدول الت تشنّ الروب ضد الخرين و هي ل تفعل ذلك إل
إذا كان هناك تديـد مدق ،فالوليات التحدة المريكيـة ل تدخـل الرب العاليـة الثانيـة إل جانـب
بريطانيا ضد ألانيا و اليابان إل عندما تعرضت لتهديد دولتي دكتاتوريتي ،المباطورية اليابانية و ألانيا
الناز ية اللتان أعلن تا عن نيّته ما على كل مقومات النظ مة الديقراط ية ،و ل أعرف ما الذي يق صده
العلمة الصدر بعبارة "البلد المنة" هل كان يقصد "المباطورية العثمانية" الت ل يكن لا همّ سوى
جع الضرائب من الشعب الائع و بناء التكايا و الوامع !! أم كان يعن بلدا أخرى ل نسمع عنها ربّما
!! و إذا كان طرف ما ير يد أن ي ستشهد با ستعمار بريطان يا لله ند و يعزو تلف النود إل البيطاني ي ،
ف هو ا ستشهاد غ ي نا جح لن هناك أ سبابا أخرى إضاف ية لتخلف ال ند من ب عض النوا حي و أ نا ها ه نا
لست بصدد تبئة البيطانيي كليا ،إذ ل تلو سياسة من أخطاء ،لكن الديانتي "الندوس ـ الؤمنون
بالطبق ية" و "ال سلمون الذ ين يتعاطون بالع نف" ه ا أ حد أ هم أ سباب التخلف الندي ،و لو ل ت كن
بريطان يا هي ال ت ت كم ش به القارة الند ية ،ل ا كا نت ال ند لتصبح ديقراطية و هي ذلك البلد العروف
بتعدده الثن و الدين.
إن هذا هو غا ية النتقاد الذي قدم له ال سيد ال صدر تاه الديقراط ية الرأ سالية و هي ل تكاد تُقارن
بالقسم الكب من الكتاب "فلسفتنا" و الذي دحض فيه الشيوعية و ركيزتا الشتراكية ،و نعم ما فعل
ف هذا الانب ،و لكن هناك نقاط أُخرى أوردها ف كتابه "اقتصادنا" حول نوع العلقة بي ما يُسمّى
"العال السلمي" و "الدول الصناعية الوربية" حدّدها ف النقاط التّالية:
ـة
ـة الراقيـ
ـة الشعوب الوروبيـ
ـياسية الت ـ تثلت ف ـ مارسـ
ـة السـ
" الول :التبعيـ
120
من ه نا ن د أن لوم الغرب و تميله أ سباب تلف العال ال سلمي ل يس موضوع يا ،خ صوصا و أن
الهم ،لفهم أسباب التخلف ،هو مراجعة التركيبة اليو سياسية و النظومة الفقهية الت عاشها السلمون
و حول ا إل تقل يد أع مى غ ي قا بل للن قد أو التغي ي "أن روح التحري كا نت ع صب الياة ف ع صر
ال سلم الذ هب ب ي حوال 750و 1250ميلد ية .و ف العراق ،قلب المباطور ية ال سلمية ،
كان السيحيون يعملون جنبا ال جنب مع السلمي لترجة الفلسفة الغريقية واحيائها .وف اسبانيا ،
الطرف الغرب لشارف السلم ،قام السلمون بتطوير ما يسميه مؤرخ من جامعة يال "ثقافة تسامح"
مع اليهود" اللل ف السلم ـ إرشاد منجي ص .54و لو استمرت تلك الناهج العقلنية لرأينا علقة
متلفة بي الشرق السلمي التطور و الغرب التطور ،لكن ما حدث هو العكس.
أ ما النق طة الُخرى حول التبع ية القت صادية ال ت نشأت ف ظل الدول ال سلمية ال ت تكو نت خلل
القرن العشر ين ،ف هي تبع ية منطق ية ،بل إن تبع ية إ سبانيا إل العال ال سلمي كا نت أقرب شب ها ب ا
يُصطلح عليه بالستعمار لنّ الفاتي الدد فرضوا حت لغتهم على الحكومي ،فلماذا ل يستطع الشرق
ال سلمي التخلص من هذه التبع ية؟! و هل كان بقدور هم أن يفعلوا شيئا من هذا القب يل ،و ال سألة
الطروحة ها هنا تشبه وضع العربة أمام الصان ،فالسلمون كانوا أصل متخلفي و ل يكن لديهم أصل
ش يء إ سه "إقت صاد" ،بالتال ل ي كن الغرب با جة إل أن يعل هم تابع ي له ،بل هم ساروا ف طر يق
التبعية لعدم امتلكهم أيا من أسباب التطور.
إن سبيل التطور و القتصاد الناجح ليس مسألة أمور فنية فقط ،كامتلك أدوات التوزيع و النتاج ،
بل هو يعتمد أساسا على "النسان" و وزنه القِيَمي و حريّته ،فل إقتصاد ناجح بدون أفراد أحرار ،و
لذا ال سبب كا نت نتي جة كل القت صاديات ال صناعية غ ي الديقراط ية "التاد ال سوفيت ،المباطور ية
اليابانية و ألانيا النازية" هو النيار و الفشل ،و لو كان السيد الصدر أرهق عقله العبقري البّار ف خلق
ديقراطيـة فـ عمـق الفكـر السـلمي ،لكان باسـتطاعته حينهـا أن يتحدث عـن إقتصـاد قوي فـ بلد
122
السلمي.
ف النقطة الثالثة و الت تتعلق بحاولت ذاتية لهل البلد السلمية ف تطبيق ذات النهج الوروب و
ماولة منافسته فيما بعد و هذه الحاولت الت انتهت على ما يبدو بالفشل ـ و للسف ل يضرب لنا
الشه يد ال صدر أي مثال واق عي ـ و يعزو ال سبب إل اتاذ هم ذات الن هج الغر ب الرأ سال ،غ ي أن
الصورة ل تكتمل ،و كما قلنا ،فالسألة ليست "افتقار إل أدوات أو آليات القتصاد الناجح" بقدر ما
هو مشكلة "الستعمار الداخلي" و حكومات القليات الستبدة الت ترص على إبقاء الشعب فقيا لكي
ل يتمرد على الطبقة الاكمة ،و كان الصدر نفسه ضحية لحد أناط الكم الطائفية الستبدادية ،و أنا
حقا حائر ف ترك السيد الصدر إشكال خطيا كهذا دون أن يبحثه و بعمق.
و السيد الصدر يشي إل أن العلقة "السيئة" بي الشعوب السلمة و الدول الوروبية الستعمارية ل
ت ستطع ال سي باتاه التكا مل بسبب الش كّ من نيات الخر الذي كان م ستعمرا ذات يوم ،يقول السيد
الصدر:
ــلمي
ــ العال السـ
ــة فـ
ــه المـ
ــي الاص الذي تعيشـ
" فهناك مثلً الشعور النفسـ
تاه الســتعمار الذي يتســم بالشــك والتام والوف نتيجــة لتاريــخ مريــر طويــل
ـــن النكماش لدى
ـــراع ،فإن هذا الشعور خلق نوعا مـ
ـــتغلل والصـ
ـــن السـ
مـ
المــة عــن العطيات التنظيميــة للنســان الوروبــ وشيئا مــن القلق تاه النظمــة
الســتمدة مــن الوضاع الجتماعيــة فــ بلد الســتعمرين وحســاسية شديدة ضدهــا
وهذه السـاسية تعـل تلك النظمـة حتـ لو كانـت صـالة ومسـتقلة عـن السـتعمار
مــن الناحيــة الســياسية غيــ قادرة على تفجيــ طاقات المــة وقيادتاــ فــ معركــة
البناء فل بــد للمــة إذن بكــم ظروفهــا النفســية التــ خلقهــا عصــر الســتعمار
ـي
ـاس نظام اجتماعـ
ـة على أسـ
ـا الديثـ
ـم نضتهـ
ـه أن تقيـ
ـل بـ
ـا يتصـ
ـا تاه مـ
وانكماشهـ
123
أ سلحة إل حزب ال و حر كة حاس الرهاب ية ،و أخيا الز مة ال ت تتعلق ببنامج إيران النووي ،فلم
يعد العال يصدق تصريات التهدئة اليرانية بعد كل التصريات النارية للمرشد "علي الامنئي" و رئيس
جهوريّته "ناد".
ـ لترسـيخ أيّـ إقتصـاد ،يقول السـيد
ك ما أن تكيـم "الشريعـة" و "الحكام ال سلمية" ليـس كافي ا
الصدر:
وخلفا لذلك ل يواجـــه النظام الســـلمي هذا التعقيـــد ول ينـــ بتناقـــض
مـن ذلك القبيـل بـل إنـه إذا وضـع موضـع التطـبيق سـوف يدـ فـ العقيدة الدينيـة
ــ إطاره لن
ــة فـ
ــة الوضوعـ
ــاعدا على إناح التنميـ
ــبيا له وعاملً مسـ
ــندا كـ
سـ
أســاس النظام الســلمي أحكام الشريعــة الســلمية وهــي أحكام يؤمــن الســلمون
عادة بقدســيتها وحرمتهــا ووجوب تنفيذهــا يفــ عقيدتمــ الســلمية وإيانمــ
بأن السلم دين نزل من الشماء على خات النبيي (ص).
ـم
ـذ لتنظيـ
ـج التـ تتخـ
ـل فـ ناح الناهـ
ـم العوامـ
ـن أهـ
ـب فـ أن مـ
ـن ريـ
ـا مـ
ومـ
الياة الجتماعية احترام الناس لا وإيانم بقها ف التنفيذ والتطبيق" إقتصادنا ص .12
فما دامت التنمية "مؤطّرة" و "مقولبة" وفق قواني معينة ،فذلك ليس إل عصيّ أُخرى موضوعة ف
الدواليب القتصادية ،فما يُسمّى بـ"الشريعة" هي غالبا آراء شخصية تعود إل الفقيه أو رجل الدّين و
بالتال فهي مليئة بالراء التعددة و الت تناقض بعضها بعضا و ل تتفق إل نادرا جدا ،و أعتقد أن مايُطلق
عليه السيد الصدر تعبي "القتصاد السلمي" يعن با دائرة أوسع من الذهب الشيعي ،و الذاهب السّنّيّة
وحدها تتناقض بي بعضها البعض و يُكف ـِر أحدُها الخر ،فكيف لذه الذاهب أن تتفق مع النظرية
الشيع ية و هي ل تت سامح بين ها فضل عن غي ها ،الشكلة ها ه نا أ نه من ال طأ أن نعا مل ال سوق و
القتصاد و قوانينه و كأننا نتعامل مع آلة مدّدة التاهات و العمل ،دون أن نربط هذه الثقافة بعوامل
126
الجتمع الثقافة و الدينية و السياسية ،فإذا مان دين أو مذهب من الذاهب يتعامل مع التجارة و القتصاد
نظرة مليئة بالذر و الوف ماـ يسـمّيه البعـض "الختراق أو الغزو الثقافـ"!! أو الوف و الرص على
"هوية ا ُلمّة و أخلقها" ،فإن هذه القتصاد مكوم عليه بالفشل مقدّما و ل يكن له إل أن ينتهي بالفشل
الذريع و العودة إل نقطة الصفر.
و ال مر ال هم ال خر ،هو إغفال حقوق القليات الّ ت ل تؤ من ب ـ"القت صاد ال سلمي" من غ ي
ال سلمي و اللحد ين ،إذ يؤ من الوا طن ال سيحي و اليهودي أن ل مشكلة ـ مثل ـ ف ب يع ال مر و
ال سكرات ،بين ما ال سلميون ينعون ا ،بل و يُعاقبون علي ها ،و هناك سبب آ خر للح كم على أن أي
إقتصـاد "إسـلمي" بالفشـل ،هـو عدم تثيله لكـل قطاعات الجتمـع ،فهناك فـ بلداننـا السـلمية
مسيحيون ،يهود ،صابئة ،و حت ملحدون ل يؤمنون بأي دين فضل عن السلم ،و علينا أن ل نغفل
أي ضا أن نا سنخسر ا ستثمارا كبيا ل ستثمرين من دول بعيدة قد يدون ف قوانين نا "الفقه ية" سدا أمام
استثمار أموالم ،بينما القتصاد الرّ يوف ـِر حت للمتدين أن يتعامل مع الخرين وفق شريعته و دينه ،
كأن يتعا مل مع بنوك ل تتعا مل بالر با ،و هو ما أقر ته بنوك عال ية جذ با لر ساميل التدين ي ،م ا أف قد
"البنوك السلمية" أي ميزة على تلك الرأسالية.
يقول السيد الصدر:
" وهــب أن تربــة للتنميــة القتصــادية على أســاس مناهــج القتصــاد الوروبــ
اســتطاعت أن تقضــي على العقيدة الدينيــة وقوتاــ الســلبية تاه تلك الناهــج فإن
هذا ل يكفــــي للقضاء على كــــل البناء العلوي الذي قام على أســــاس تلك العقيدة
عـب تاريـخ طويـل امتـد أكثـر مـن أربعـة عشـر قرنا وسـاهم على درجـة كـبية فـ
ــا أن
ــلمي .كمـ
ــل العال السـ
ــان داخـ
ــي والفكري للنسـ
ــن الطار النفسـ
تكويـ
القضاء على العقيدة الدينيــة ل يعنــ إياد الرضيــة الوروبيــة لتلك الناهــج التــ
127
نحــت على يــد النســان الوروبــ لناــ وجدت الرضيــة الصــالة لاــ والقادرة
على التفاعل معها" إقتصادنا ص .12
ل يكن لنا أن نستخدم هذه النظرة العقائدية ف تليلنا للنظام القتصادي الرأسال ،لسبب بسيط ،و
هو أن الرأ سالية ل تتب ن أي آيدولوج ية أ صل ،ف هي لي ست "م سيحية" أو "يهود ية" ،و قد تعدّى هذا
النظام الغرب كمركـز و انتشـر فـ دول جنوب شرق آسـيا "اليابان" " ،كوريـا النوبيـة" " ،تايوان" و
"ماليزيا" ،و حت "جهورية الصي الشعبية" الّت تتبنّى "الشتراكية" هي "رأسالية مُقنّعة" ،فلماذا يدخل
الميع و بنجاح ف هذه التجربة و نكون نن الستثناء؟!.
و لاذا ل ن قل أن الرض ية الناج حة تتو فر لناح التجر بة ف بلد نا إذا أضف نا إل "الرأ سالية" نظا ما
ديقراطيا كامل يقوم على التعددية الزبية و الفكرية و العقائدية.
و كإضا فة توضيح ية حول اختلف الرض ية البشر ية و النف سية ف التعا مل مع القت صاد ب ي "العال
السلمي" و "الغرب" يقول:
" فهناك فــ الواقــع أخلقيــة إســلمية تعيــش بدرجــة وأخرى داخــل العال
السلمي وهناك أخلقية القتصاد الوروب الت واكبت الضارة الغربية الديثة ونسجت لا روحها
العامة ومهدت لنجاحها على الصعيد القتصادي.
والخلقيتان تتلفان اختلفا جوهريا فــــــ التاه والنظرة والتقييــــــم وبقدر
مــا تصــلح أخلقيــة النســان الغربــ الديــث لناهــج القتصــاد الوروبــ تتعارض
أخلقيــة إنســان العال الســلمي معهــا وهــي أخلقيــة راســخة ل يكــن اســتئصال
جذورها بجرد تييع العقيدة الدينية" إقتصادنا ص 12ـ .13
أود أن أضيف إل ما قاله السيد الشهيد نقطة أهم تتعلق بالفوارق بيننا و بي الغرب ،إن الفارق بي
الرضيتي ليست مرد اختلف دين و عقائدي ،فالختلف الكثر تذّرا هنا هو أن متمعاتنا ل تؤمن
128
بالرية و كل مواطن يعل من نفسه "ضابط مابرات" يتجسس على الخرين ،رغم أن السيد الصدر
وضع نصاب عينيه هذا الختلف ،ليس لنه يرفض التجربة القتصادية لجرد العاطفة ،بل لنه يعتقد
أن نا لن ن ستطيع النجاح ف ما أساه "العركة ضد التخلف" ما ل نستجب للشروط الوضوع ية و مراعاة
النطق السائد ف متمعاتنا ،لكنن أعتقد أنّ هذا ما سيزيد الشكلة تعقيدا و سيعن هروبا للمام ،لننا ما
ل نعلم متمعات نا و مواطني نا ثقا فة "الر ية" و "احترام الرأي ال خر" ،فإن كل مشروع إقت صادي مكوم
عل يه بالف شل ،ك ما أن نا إذا تعامل نا مع عقل ية متمع نا بال ستجابة لشرو طه الضي قة ،فإن ذلك يع ن أن نا
نشجّع متمعنا على أن يوغل ف تع صّبه و انغلقه و سنخسر الوقت أكثر من أي شيء ،فل بأس من أن
يتعرض نا متمع نا "ال سلمي" لضر بة ثقاف ية ،يف يق من ها قو يا و واع يا ،فذلك أف ضل من النعزال على
طريقة النود المر الذين انقرضوا أو كادوا بجرد رؤيتهم للنسان البيض.
يقول السيد الصدر:
" إن النســـان الوروبـــ ينظـــر إل الرض دائما ل إل الســـماء وحتـــ
الســيحية بوصــفها الديــن الذي آمــن بــه هذا النســان مئات الســني ل تســتطع أن
تتغلب على النعــة الرضيــة فــ النســان الوروبــ بــل بد ًل عــن أن ترفــع
نظره إل الســماء اســتطاع هــو أن يســتنل إله الســيحية مــن الســماء إل الرض
ويسده ف كائن أرضي" إقتصادنا ص .13
سيّد الصّدر من خللا أن يعل "أوروبا" مكانا له
أود ها هنا أن أعلق على هذه العبارات الت حاول ال ّ
ظرو فه و عقلي ته الا صة التلئ مة مع "الرأ سالية" كنظام ،بالتال و ل ّن الن سان الورو ب ذو من طق
"أرضي ـ مادّي" ،فقد حول السيحية من دين ساوي إل دين أرضي ،و حقيقة أنن مستغرب من هذا
الستنتاج ،فالديان الّت كانت قائمة على "التثليث" و "نزول إبن الله إل الرض و موته فداءا للبشرية"
،هذه العقائد و الثقافات الّتـ سـبقت السـيحيّة ،كانـت سـائدة فـ الشّرق الوسـط " ،الكنعانيّون" ،
129
"الفراعنة" " ،البابليون" ..و "عودة إيزيس إل الياة" ف الساطي الفرعونية كانت أشهر من أي أُسطورة
أُخرى ،بالتال فإن فرض نط معي من التفكي على بقعة أرضية ما ليس بالستنتاج السليم ،خذ مثل
أديان الشرق القدية كعبادة "عشتار" " ،رع" " ،بعل" و غيها من اللة ،كانت تتسم بفلت جنسيّة
جاع ية يُشارك في ها آلف الن ساء و الرجال من غ ي حرج ،بل إن الحتفال بالتحول ال صّيفي ف "با بل
القدي ة" كان ي صاحبه احتفالت تتخلل ها علقات جن سية و بش كل عل ن ،ل كن طبي عة شعوب النط قة
تغيت منذ ظهور ال ّد الدّين الول "اليهودية" ثّ "السيحية و السلم" ليتحول الشرقي إل شخص متلف
تا ما ،بين ما حدث ف الغرب ع كس ذلك تا ما ح يث أن "ال نس" و الياة الاد ية هي من أك ثر المور
الطبيعية ف الياة.
إذا لاذا حدث ذلك؟ أعت قد أن لل مر عل قة ب ـ"ردود الف عل" ،فالشرق و حين ما كان يتعا مل مع
موضوعة "النس" على أنا "متعة" ل أكثر ،أصابه و من خلل أجيال من الوعظ و التقريع ردّ فعل غي
متناسب ،بعن أنه بدل من تنظيم هذه العلقة النسية للستفادة من ميزاتا و دفع أضرارها ،حولا إل
"حرام" و "منوع" و ت تضييقها ف أضيق الدود ،ما جعل شخصية الشرقي "السلم تديدا" شخصية
إنطوائ ية و "مكبو تة" .أ ما ف الغرب ف قد حدث الع كس ،ف قد كان الورو ب القد ي يع يش ف مت مع
تسـوده القِيَم العشائريـة و القبليـة ،ثـ انتقـل مـن العشية التـ تضيّق على السـائل الخلقيـة إل نظام
"الكنيسة" و "البابوية" الت تعاملت بصرامة مع مسألة العفة و كانت النتيجة أن حصلت ردّة فعل قوية و
معاكسة باتاه الرية الطلقة.
و أخشى ،بل هذا ما نرجوه ،أن الشرق السلمي ـ و هم ليسوا استثناء ف القواني البشرية ـ
سيحدث له ردّ فعل ماثل باتاه التخلص من كل تقليد و إعادة دور العقل ف صياغة الفاهيم الدينية و
الجتماعية.
سيّد الصدر:
يقول ال ّ
" كمــا أن انقطاع الصــلة القيقــة للنســان الوروبــ بال تعال ونظرتــه إل
130
ــن
ــة عـ
ــه أي فكرة حقيقيـ
ــن ذهنـ
ــماء انتزع مـ
ــن النظرة إل السـ
الرض بد ًل عـ
قيمومــة رفيعــة مــن جهــة أعلى أو تديدات تفرض عليــه مــن خارج نطاق ذاتــه
وهيأه ذلك نفســيا وفكريا لليان بقــه فــ الريــة وغمره بفيــض مــن الشعور
بالســتقلل والفرديــة المــر الذي اســتطاعت بعــد هذا أن تترجهــ إل اللغــة
ـفي فلســفة كــبى فــ تاريــخ أوروبــا
الفلســفية أو تعــب عنــه على الصــعيد الفلسـ
الديثــة وهــي الوجوديــة إذ توجــت تلك الشاعــر التــ غمرت النســان الوروبــ
الديث بالصيغة الفلسفية فوجد فيها إنسان أوروبا الديث أماله وأحاسيسه ".إقتصادنا ص .14
إن مسألة اللاد ف الغرب و تول التيار الثقاف و العقائدي الغرب نو رفض "الدّين" ف تفسيه الذي
حاول اليمنة باتاه تعليل كل شيء ،ليس مسألة تتعلق بينات أو مورّثات النسان الوروب و الغرب ،
بل هي تتعلق بالدور ال سّلب الذي لعبه الدين ف القرون الوسطى و خصوصا هيمنة "البابوية" ف روما و
استغلل رجال الدين لسم السيح و الكرسي الرسول ف روما للحصول على الزيد من السلطة و النفوذ
و وقف أي نوع من العقلنية يصطدم مع مصال الكليوس و الجامع الكنسية ،و كان من الطبيعي أن
تظهر حركة الصلح الدّين ( )Religion Reformationخلل القرن 16اليلدي ،إنقلب
على إثره العال الورو ب إل مع سكرين ،كاثولي كي و بروتي ستانت ،و ن تج عن صراع الفكرت ي "نزع
السلطة عن البابوية مقا بل هيمنتها الشاملة" سقوط ملي ي القتلى و الرحى ،بل إن ر بع سكان ألانيا
كانوا قد قتلوا بفعل هذه الرب ف بداية القرن 17و بالتال كان من الطبيعي أن يتوصل العقل الوروب
إل صياغة جديدة لدور الدين ف الياة ،صحيح أن التعامل مع الدين كان يتحول ف فترة من الفترات
إل تعامل متطرف ضد الدين بسبب التراكم ال سّيء الذي تركه الدين ف تاريخ العقل الوروب ،و ل
يع ن هذا أن الغرب أو أورو با تديدا ل تاول الب حث عن نظر ية بديلة ،فكا نت أن تناز عت القوم ية
ـ أيضـا كا نت
الشوفين ية "الناز ية و البلشف ية" على ال سيطرة و اليم نة على الع قل الوروبـ ،و مقابله ا
131
"الشيوعية الاركسية" تاول تقدي نفسها كبديل للفراغ الذي تركه الدين ،أثبتت القومية فشلها خلل
الرب العال ية الثّان ية و اندحار الناز ية التلر ية ،ث تل ها التاد ال سوفيت و الع سكر الشر قي ف نايات
القرن العشرين ،و استقر المر أخيا ،ف التنظي الوروب لفهوم "الدولة" ،على أن تكون الدولة جهازا
ل سن حظ الاليات العرب ية و السلمة ف
مايدا للح كم و ل يش ِعرَ أي موا طن بأن هناك تييزا ضده ،و ُ
أوروبـا و الغرب أن السـلطة هناك ل تقيـس المور بقاييـس دينيّة ،و إل لكانوا ُطرِدوا مـن هناك منـذ
أحداث 11سبتمب 2001و تفجيات لندن و مدريد.
إذا فالع قل الورو ب ،حاله كحال كل مت مع إن سان ،يع كس طوال تاري ه ردود فِ عل معي نة على
مواضيع خارجية معينة ،فل يكن لنا أن ناري النازية فنقول أن لكل عرق أو شعب تركيبة جينية مُعيّنة
تعله يف كر بطري قة ما "يبدو ال مر كحتم ية عقائد ية" م ا يو صلنا إل القرار بنظر ية "نيت شة" ال ت انت هت
بالف كر اللا ن إل الزب القو مي الشترا كي "النازي" ليقود هم هتلر ن و الوت الشا مل .بل إن ردود
الف عل البشر ية ف الر فض الف يف أو الر فض العن يف و التطرف يب قى نتي جة لتراكمات معيّ نة و يتو قف
أيضا على نوع و درجة التجربة الت ت خوضها.
لكن السّيد الصدر بالقابل و حينما يدثنا عن تركيبة الفرد "السلم" ف متمعه ل يبدو لنا إن كان يذمّ
الفهم السيء للدين إل حدّ أن الكسل كان يقنع بلباس التقوى و الزهد ،بالتال يبدو لنا السلم الشرقي
كائنا أقرب إل عال الموات و ل يلك رغبة حقيقية ف الياة و هو بانتظار الوت على ك ّل حال ،و ل
يَهمّ بعد ذلك ما إذا كان الكم الذي يعيش ف ظله هذا السلم ،ديقراطيا أم دكتاتوريا إستبداديا! لنه
فقد الرغبة ف الياة على كُ ّل حال.
سيّد الصدر:
يقول ال ّ
ــن قوة أغراء
ــلم حددت مـ
ــان السـ
ــ مزاج النسـ
ــة فـ
ــة العميقـ
" وهذه الغيبيـ
الادة للنســان الســلم وقابليتهــا لثارتــه المــر الذي يتجــه بالنســان فــ العال
الســلمي حيــ يتجرد عــن دوافــع معنويــة للتفاعــل مــع الادة وإغرائه باســتثمارها
132
إل موقف سلب تاهها يتخذ شكل الزهد تارة والقناعة أخرى والكسل ثالثة.
وقــد روّضتــه هذه الغيبيــة على الشعور برقابــة غيــ منظورة قــد تعــب فــ وعــي
ـد تعـب فـ ذهـن مسـلم
ـؤولية صـرية بيـ يدي ال تعال وقـ
السـلم التقـي عـن مسـ
آخــر عــن ضميــ مدّد وموجّـه وهــي على أي حال تبتعــد بإنســان العال الســلمي
عــن الحســاس بالريــة الشخصــية والريــة الخلقيــة بالطريقــة التــ أحــس باــ
النسان الوروب" .إقتصادنا ص .16
هذه العبارات ذات الغزى ،تو ضح ل نا و إل أبعـد الدود ،مدى ذوبان "الفرد" كذات إنسـانية فـ
نقيضهـا "الماعـة" ،بالتال فالشبـه بيـ متمعاتنـا السـلمة و متمعات اليوان "النحـل" " ،الزنابيـ" ،
"النمل" و غيها ،شبها كبيا ،هذا إن ل تكن متمعاتنا أكثر جودا ،فالنحل و منذ آلف السني ينفذ
مهامه بشكل آل متكرّر و دون أن يطرأ عليها أي تغيي يُذكر ،بالتال فل أمل من تغيي أو تطوير هكذا
متمع ،و ل داعي أيضا أن يرهق الفكّرون أنفسهم ف خلق "فلسفات إقتصادية" ،بينما ثنائيا الفرد و
الجتمع ل يلكان الرغبة ف الياة ،و هي الرغبة الساس لي إقتصاد ،و كما قال الصدر حرفيا "و هي
ـ يق صد ضم ي و ع قل ال سلم ـ على أي حال تبت عد بإن سان العال ال سلمي عن الح ساس بالر ية
الشخصية و الرية الخلقية بالطريقة الت أحس با النسان الوروب"!! إنا كلمات كبية و مؤلة و
ت سّ القي قة ،و بين ما كان من النت ظر أن تتحول إ صهارات ثقا فة ر فض الظلم و الطغيان ال ت زرع ها
السي بن علي و روّاها بدمائه و أبناءه ف عمق عالنا السلمي إل ثورة "عقلية" و أساسا لرية تعل
من الن سان إن سانا ي ب الياة لنف سه و لغيه ،إل أن الؤمن ي بالثورة رضخوا للعقل ية القائ مة و خلقوا
لجتمعات م "ثوا بت" و "هويات" و "تقال يد" ي ب الدفاع عن ها ك ما دا فع أ بو سفيان عن ِق يم العشية و
القبيلة " ،هُبل" " ،اللت" " ،ال ُعزّى".
القتصاد الطروح من قبل السيد الصدر كبنامج متكامل ،ل يكن تطبيقه إل ف ظل شعب فيلسوف
133
يكون أفراده نسخا أخرى تشبه عبقرية الصدر و هذا غي مكن طبعا ،و قبل أن نتحدث عن أي إقتصاد
ل يلك حرية ليبدي رأيه ف أبسط مشاكله الياتية فضل عن السياسيّة و القتصاديّة ،لذلك كان الول
لو كا نت صيغة الب حث الذي صاغه الشه يد ال صدر ت ت عنوان "حريّت نا" ق بل أن تكون "فل سفتنا" أو
"إقتصادنا" ،إذ أن التعايش مع الطغاة من قبل هذه المة "السلمية"! هو أكب دليل على فشل هذه المة
،و بالطبـع فإن الصـدر ل يسـتطع أن يكون مثلهـم و فض ّل الوت حرّا على أن يعيـش ذليل لطاغيـة
سفـاح.
يقول السيد الصدر:
" وقـــد عزز فكرة الماعـــة لدى النســـان الســـلم الطار
134
العاليــ لرســالة الســلم الذي ينيــط بملة هذه الرســالة مســؤولية وجودهــا عاليا
وامتدادهــا مــع الزمان والكان فإن تفاعــل إنســان العال الســلمي على مــر التاريــخ
ـة
ـه الشعور بالعاليـ
ـخ ف ـ نفسـ
ـة يرسـ
ـة البشريـ
ـة على الماعـ
ـة منفتحـ
ـالة عاليـ
ـع رسـ
مـ
والرتباط بالماعــة .وهذه الخلقيــة التــ يعيشهــا إنســان العال الســلمي إذا
ـة
ـا ف ـ النهجـ
ـتفادة منهـ
ـن السـ
ـة يكـ
ـة مائلة ف ـ كيان المـ
ـفها حقيقـ
ـا بوصـ
لحظناهـ
للقتصــاد داخــل العال الســلمي ووضعــه فــ إطار يواكــب تلك الخلقيــة
ـاد الوروب ـ
ـج القتصـ
ـة مناهـ
ـت أخلقيـ
ـا كانـ
ـك كمـ
ـع وتريـ
ـبح قوة دفـ
ـي تصـ
لكـ
الديث عاملً كبيا ف إناح تلك الناهج لا بينهما من انسجام" إقتصادنا ص .17 – 16
فليعذر ن ال سلميون و حزب الدعوة خ صوصا إن أبد يت تفّظا ت على ت عبي "أُمّة" ،ف هي تبدو ل
كلمة ضبابية و غي واضحة ،كما أن الواقع ينفيها ،فامتدادا من إندونيسيا و حت موريتانيا و مال ،ل
تو جد دولة إ سلمية تع يش نو عا حقيق يا من ال ستقرار و الن سجام ،و إن و جد ش يء من ذلك ف هو
ظاهري و ي في ت ته كثيا من الق سر و الكراه ،بع ن أ نه إتاد يتجاوز ح ت الجبار إل "الرهاب" ،
بينما العراق الديد الذي يتم صياغته بعد الطاحة بالطاغية صدّام ،فهو ياول خلق أول تربة من نوعها
،و ل كن ها ه نا ل بد من إتاد إجباري "ب صيغ قانون ية" و ل يس التاد الجباري على طري قة الدول
العربية الطائفية.
فمنطقت نا تفت قد "النسجام القائم على الرية" ،و ل إن سجام بدون الديقراطية و حرية الختيار ،و
أي إن سجام يظ هر إل ال سطح ت ت حراب الدكتاتور ية و أنظ مة البول يس هو إن سجام كاذب و ينفرط
عقده بجرد ض عف الدكتاتور أو مو ته ،من ه نا كان اللزم لتوف ي بيئة إقت صادية التهيئة ل ا عب توف ي
الرية و اختيار "صيغة تعايش" بي الشعوب يكون التفكي الرّ أساسها ،أما النسجام الدين و الذهب
أو القومي فهو إنسجام "صوري" ل "جوهري" ناتج عن إختيار حرّ للفراد الذين يشكلون الجموع.
135
إن العلقة بي النسان و البيئة يربطها معتقده و أُلوب فهمه للبيئة و الجتمع ،فاللحد الادّي الّذي ل
يؤمن بأي شيء عدا القواني الادية ،ينتهي الال به إل أن يكون هو الخر جزءا من الحيط الامد و
الغي إنسان ،و النسان الوغل ف التدين أيضا يثل الانب السلب القابل للملحد ،إذ غالبا ما يكون
هؤلء التديّنون إنطوائي ي و منغلق ي و ك سال "ت ت شعار التّو كل على ال" ،ل كن يب قى هذا الوضوع
شأنا شخصيا ،إذ ل يكن ليّ أحد أن يفرض هذه القناعة أو تلك على الرأسال "صاحب رأس الال" ،
ل كن ف الضارة الغرب ية ـ و تديدا ف النموذج المري كي ـ ن د اللّك و الغنياء ي تبعون بلي ي
الدولرات لصـال الكنائس ،و حتـ السـاجد ،و العمال اليي ّة كالنفاق على الشرديـن و الذيـن
يتاجون الساعدة ،و هذا ما يؤكد أن النظام الديقراطي الرأسال قد تطى تدّي "الغراق ف الا ّديّة" و
استطاع خلق علقة بي أصحاب الموال و العمل اليي.
يقول السيد الصدر:
ــن أن تؤدي إل
ــل الرض يكـ
ــماء قبـ
ــلمي إل السـ
ــان العال السـ
" فنظرة إنسـ
موقــف ســلب تاه الرض ومــا فــ الرض مــن ثروات وخيات يتمثــل فــ
الزهــد أو القناعــة أو الكســل إذا فصــلت الرض عــن الســماء وأمــا إذا ألبســت
الرض إطار الســماء وأعطــي العمــل مــع الطبيعــة صــفة الواجــب ومفهوم العبادة
فســوف تتحول تلك النظرة الغيبيــة لدى النســان الســلم إل طاقــة مركــة وقوة
دفــع نوــ الســاهة بأكــب قدر مكــن فــ رفــع الســتوى القتصــادي .وبدلً عمــا
يســه اليوم الســلم الســلب مــن برود تاه الرض أو مــا يســه الســلم النشيــط
الذي يتحرك وفــق أســاليب القتصــاد الرــ أو الشتراكــي مــن قلق نفســي فــ
أكثــر الحيان ولو كان مســلما متميعا ســوف يولد انســجام كامــل بيــ نفســية
إنسان العال السلمي ودوره الياب الرتقب ف عملية التنمية" إقتصادنا ـ ص .17
136
إ نّ كلم ال سيد ال صدر ها ه نا يبدو ل و كأ نه ا ستشراف لقي قة العل قة الوا جب إياد ها ب ي القِيَم
الدينيّة و القتصاديّة الدنيويّة ،المر الذي سيحقق للمجتمع هدفي أساسيي ها :أول :تنشيط التجارة و
حركتها السريعة ف تبادل رؤوس الموال و الرباح .ثانيا :توفي الال للعمل اليي و الدمات الساسيّة
من طعام و مأوى للمسحوقي أو الذين ل ينجحوا ف الياة .لكن يبقى المر ها هنا هو م سألة تنظيم
قواني ل تتغلف بغلف الدين ،بعن أن أي قواني يُصاحبها خطاب دين أو وعظ ،تُقابَل عادة بالرفض
و التهرب ،و لنه ل يوجد إنسان كامل ،و حت أؤلئك الّذين رافقوا النبياء كانوا بشرا لم رغبات و
شهوات و حتـ أن كثيا منهـم أطاع الشيطان ،إذا ل يكـن لنـا أن نتّهـم إقتصـادا مـن القتصـادات ،
كالرأساليّة هنا ،بأنا فاشلة ل نّ بعض الغنياء و الترفي ترّبوا من دفع الضّريبة للدولة ،و حت ف إيام
النب ممد عُرف أحد السلمي و هو "ثعلبة" بأنه بل و ل يدفع الزكاة و بالتال تركه النب ممد و قرر
أن ل يكلّمه إل أن مات ثعلبة و كان عقابه الوحيد هو أن النب ممدا ل يُكلّمه.
إن الصدر ف ماولته خلق علقة ماثلة بي الرأسال "السلم" و القواني الطبيعية و البيئيّة ،قد نح إل
حدّ كبي ف فهم العلقة بي القتصاد و خدمة الجتمع ،لكن يبقى الشكال ها هنا هو :هل من المكن
وضع رقابة فوقية "دينية" على القتصاد؟ القيقة أن الجتمع الشيعي اليران كان أقوى حينما كان يُدير
تار ته و تعامل ته ف ظل نظام الشاه الذي كان قد ف تح أبواب القت صاديّات ال كبى أمام اليراني ي ،و
كانت الدارس الدينية ف إيران تصل على مليي الدولرات من التبعات و ال صّدَقات ،لكن منذ ثورة
1979و هيمنة النظام الدين ،تراجعت مداخيل الدّولة اليرانية و راحت بعض مدارس الدولة "الدّينية"
تتلقى أموال حكومية ل تستحقها بالفهوم الدّين ،بعن أنه ل يوز لم أصل التّصرف بذه الموال لنا
تعود للقطاع العام.
إن الظّن بأن إقتصادا "إسلميا" قائما على الباديء الخلقية سيكون ناجحا ،هو ظنّ خاطيء ،فما
أسهل على تاجر أو رأسال أنان أن يُطيل اللّحية و يمل مسبحة و يتم سّح بالكعبة و القرآن و يذرف
دموع "التقوى و الورع" ،ل كن ف ال سّوق و التعا مل البا شر ل تده يتلف عن عن أ سوأ الراب ي و
137
الترك ية الال ية و ال ت ضم نت مشار كة "إ سلميّي" ف ال سلطة مقا بل الفاظ على "علمانيّة" و حياديّة
الدولة ،و فعل فم نذ خروج الزب من العراق ف نا ية ال سبعينيات و لوءه إل إيران و الغرب ،فإ نّ
الدعوة دخل ف خلفات مع "النظام الدّين ف إيران" حول استقلليته السياسية و ت سّكه باليار الوطن
العراقي ،لكنن أستثن و أتفظ على "الصدريي ـ جاعة مُقتدى الصدر" الّذين شوهوا حزب الدّعوة
عـب تبنيهـم الطاب التطرف ،و مهمـا حاول "البعثيون" و آخرون يريدون إزاحـة هذا الزب مـن
الشار كة ،و ر غم تف ـظات على كث ي موا قف و آراء حزب الدعوة ،إ ّل أ نه و للحقي قة أك ثر ت سّكا
بالبامج الوطنية من كثي من الحزاب الت ترفع "شعار" الوطنية و العلمانية و هي ليست إل عصابات
وراثية.
العراق الذي تشكّل ب عد تريره من نظام الب عث و ح كم صدام ف 2003هو بيئة خ صبة لن شر
الديقراط ية ،ر غم ك ّل ما يري من أعمال إرهاب ية يشن ها بعثيون من أن صار النظام القد ي و سلفيي
تكفييي "الركة الوهابية" و أحزاب قومية و طائفية ل تتمكن بعد من فهم الديقراطية ،و الصح أنا
ل تريد التعامل بالديقراطية كونا تؤمن بالـ"قوميّة" على نسق "حزب البعث" إل أنا قد تكون منتمية
إل قوميّة أُخرى غ ي عربيّة ،و الشكلة ال ت يعيش ها العراقيون الن ،بالضا فة إل الفلتان الم ن ،هو
د ستورهم الل يء بالثغرات و الذي سيتسبب م ستقبل ـ و أر جو أن أكون مطئا ـ ف إفشال العمل ية
السياسية برمّتها و بالتال دخول العراق ف نفق مظلم ،فالعراق ،كما وصف البعض دستوره الديد ،
خلطة مثية للعجب و للشئزاز ف آن واحد ،فل هو دولة علمانية و ل إسلمية دينية ،و ل هو فدرالية
أو مركز ية أو حت مؤلّف منه ما ،إ نه باختصار د ستور موزّع على هيئات سياسية معيّنة ،و إضا فة إل
التشوهات الينيـة التـ أضافهـا القوميون "العرب و غيـ العرب" إل هذا الدسـتور حول هويـة العراق
"القومية" ،عمل السلميون إيضا ـ سنّيّهم و شيعيّهم ـ على تشويه الدستور بإضافة نصوص دينية
يتلف ف تفسيها حت أصحاب الذهب الواحد.
من ال صعب ،إن ل ي كن من ال ستحيل ،إقا مة نظام ديقرا طي را سخ و قوي ،ف ظل سلطة مركز ية
139
هزيلة و صوريّة و ل تلك سلطة فعل ية ،و أيّ مراج عة للنظ مة الفدرال ية العاليّة ،تظهر ل نا و بوضوح
أهية تقوية الركز للحفاظ على التناسق بي القاليم و الحافظات ،و لكن هذه الدولة تسي بصعوبة لنّ
كـل طرف كوّن لنفسـه نظريّة كاملة و شاملة عـن مفهوم الدّولة فـ العراق و لكـي تتناسـق الدولة مـع
"مفهوم ها" لدى كل حزب ،ل ُبدّ من البدء من الصفر ،فال سلمي يدعو إل الديقراط ية و الر ية
مضافا إليها عبارة "و ..لكن" ،فمن إحترام "السلم" مرورا بـ"ثوابت السلم" ثّ "شخصيات التاريخ
السلمي"! ،تصبح الديقراطية و الرية مرد كلمات رنّانة ،و نفس الشيء يدث مع الحزاب الؤمنة
بالصـراع القومـي و بناء دولة داخـل الدولة ،إذ ل يوز التطاول على "الُويّة القوميّة" و واجـب هـو
"إحترام الناضلي" الوجودين ف السلطة و أن الوطن العراقي نفسه حافل بالعداء !! ..إن الديقراطية
ليسـت مرّد انتخابات ــ رغـم أهيّة النتخابات الرّة و النيهـة ــ إل أن هناك حريّات تعتـب مـن
أساسيّات حقوق النسان و الواطنة و ل تستطيع أي أكثريّة أو أقلية أن تُلغي هذه القوق كونا قائمة
بذاتا.
و سـنواصل نقـد جوانـب أخرى مـن أُطروحات الصـّدر الفكريـة و سـنركز الن على ماهيّة الفرد فـ
الجتمعات السلمة.
الفــــــــــرد و الدّولـــــــــــــــــــة
""المجي" هو أيضا متمدن بعن هام من معان الدنية ،لنه يُعن بنقل تراث القبيلة إل أبنائه -وما
تراث القبيلة إل مموعة النظمة والعادات القتصادية والسياسية والعقلية واللقية ،الت هذبتها أثناء
جهادها ف سبيل الحتفاظ بيات ا على هذه الرض والستمتاع بتلك الياة ،ومن الستحيل ف هذا
الصدد أن نلتزم حدود العلم ،لننا حي نطلق على غينا من الناس اسم "المج" أو "التوحشي" فقد
ل نعب ب ثل هذه اللفاظ عن حقيقة موضوعية قائمة ،بل نعب با عن حب نا العارم لنفسنا ل أك ثر؛
وعن انقباض نفوسنا وانكماشها إذا ما ألقينا أنفسنا إزاء ضروب من السلوك تتلف عما ألفناه؛ فل
شك أن نا نب خس من قي مة هات يك الشعوب ال ساذجة ال ت ت ستطيع أن تعلم نا كثيا جدا من الود
140
وحسن اللق؛ فلو أننا أحصينا أسس الدنية ومقوماتا لوجدنا أن المم العُريانة قد أنشأتا أو أدركتها
جيعا إل شيئا واحدا ،ول تترك ل نا شيئا نضي فه سوى تذ يب تلك ال سس والقومات لو ا ستثنينا فن
الكتا بة ،و من يدري فلعل هم كذلك كانوا يوما متحضر ين ث نفضوا عن أنف سهم تلك الضارة ل ا
لسوه فيها من شقاء النفس؛ وعلى ذلك فينبغي أن نكون على حذر حي
تستعمل ألفاظا مثل "هجي" و "متوحش" ف إشارتنا إل "أسلفنا الذين يعاصروننا اليوم"؛ ولقد آثرنا
أن ن ستعمل كل مة "بدائي" لندل على كل القبائل ال ت ل تت خذ الي طة ،أو ل تكاد تتخذ ها ،ب يث
تدخـر القوت لليام العجاف ،والتـ ل تسـتخدم الكتابـة أو ل تكاد تسـتخدمها؛ وفـ مقابـل ذلك،
سنطلق لفظ التمدن على القوام الت ف وسعها أن تكتب ،وأن تدخر ف أيام يسرها ليام عسرها" ـ
قصة الضارة للكاتبي الكبيين ول و آرييل ديورانت .ج 1ص 18ـ .19
يُمثّل الفرد قمّة الوجود الن سان ،فالما عة هي تعدد الفراد ،و الن سان كمخلوق ي مل ف داخله
تصـوره الاص للحياة و الجتمـع و كـل النتـج البشري ،و مهمـا تشابتـ قناعـة جاعـة أو ديـن مـن
الديان ،يبقى الفرد ف داخله ـ ذاته ـ ُحرّا ف أن يؤمن أو ل يؤمن ،يُصدّق أو ل يصدّق ،فهو مالك
نفسه ،و أرى "سارتر" مقا فعل حينما يؤكد أن النسان هو الّذي يلق ما يؤمن به ،فشخص ما قد
يكون مؤمنا بدين من الديان إل حدّ أنه مستعد أن يوت ف سبيله ،ث تث تولت فكرية لديه فيصبح
هذا التديّن "ماركسيا" مثل و يصف الدّين الّذي كان يؤمن به بالمس أش ّد اليان بأنه :أفيون الشّعوب
!"..ث نراه مستعدا أيضا أن يوت ف سبيل "الاركسية" كما كان مستعدا بالمس أن يوت ف سبيل ل
!!..و ف كل الالتي فإنه كان يعتقد أنه قد توصّل إل القيقة الكاملة.
إ ّن النسان ف جوهره هو "مموعة ردود أفعال" و هو ف الوقت نفسه ل يقوم بردّ الفعل اعتباطيا أو آليا!
بل إن النسان ـ كل إنسان ـ لديهِ رغبة ما نو شيء ما ،سواء تعلق ذلك الشّيء بذاته أو بحيطه ،و
هو لكي يصل إل كمال الذّات "النا الباقة" فإنه يبحث عن وسائل للوصول إل هذا الكمال الّذي يراه
الفرد كمال ،و هو ما قد ل يكون كذلك ف نظر آخر ،فالصول على مرتبة دينية أو القيام بفرض دين
أو قتل أحدهم ف سبيل ال !! يبدو ف عي التدين "كمال" و بريقا لذاته العطشة للفضل ،بينما يتقر
الاركسي "مثل" كلّ ذلك و يعتب الكمال ف أن يصبح "رفيقا" ف حزب يساري أو يقتل عدوا من أعداء
الثورة و الطبقة الكادحة!!.
إن الن سان هو ذا ته سواء كان فردا من قبيلة تع يش ف أك ثر الجتمعات رجعية أو بروفي سورا ف أر قى
جامعات العال ،يب قى يتلك الرغبات و الطموح و أن يكون أف ضل من غيه متازا ع ما سواه ،و يت فق
141
معي السيد الصدر ف كتابه "اقتصادنا" إذ يعل "حُبّ الذّات" مركا للتاريخ ،فالنسان و لنه يب ذاته
و هو شعور مغروس ف نفسه ،فإنه ينافس الخرين ف هذه الياة و كأنه لن يوت ،و حت عندما يؤمن
بالدّين فذلك لنه يبحث لنفسه ـ ذاته ـ عن اللود و النبعاث من الوت الّذي سيعتريه حتما ،بعد
ك ّل هذا الوضوح ف مركزية "الفرد" و كونه أساس كلّ متمع ،ل بُ ّد من أن نقوم بترسيخ هذا الحرك
التاريي الضخم.
***
تتّ سم متمعات نا الشرق ية ال سلمية بكون ا تتلك غريزة أك ثر من امتلك ها الع قل ،و الغريزة قد ت صيب
أحيانا ،لكنها تطيء أكثر منها حي تصيب ،و الغريزة غالبا ما تعجب بالبة الوروثة من الاضي و
ترى ف عملهم ،حتّى و إن كان "منطقا عقليا" ،غريزة مقدسة ل يوز التجاوز أو التحاور حولا بنطق
"النقد" الباحث عن مواطن الصابة و الطأ ،بالتال يسر الفكر ـ الذي أبدع الفكرة ـ ل ّن ما كان
ينتظره الفكّر من تطوير لفكرته ل يتحقق بل تّ إضافة إنازه الفكري إل قائمة "القدّسات" الّت ل تقبل
النقاش أو الن قد ،من ه نا كان من وا جب الفكّر ين الع مل على ن قد أفكار البدع ي ،خ صوصا لؤلئك
الّذين تتعلق منجزاتم بجتمعاتنا الّت تعان المرّين من التخلف و الهل و التقليد.
مشكلت نا مع القدّس ـ كشرقي ي ـ تك من ف أنّه غ ي قا بل للمناق شة و الوار ،و القائ مة الشرق ية
للممنوع عن الناقشة تتمحور ف ثلث كما يصنفها بعض الفكّرين "الدّين" " ،ال سّياسة" و "النس" ،
لذلك ن د الشر قي يب قى يدور ف دائرة مفر غة و هو ياول أن يكون "مفكّرا" دون ال س بالقد سات ،
بينما الغرب يفكر بصوت عال دون أن يشى من ماكم التفتيش أو تمة الرطقة و الكفر فتكون الصيلة
سلسلة من النازات الفكرية و الجتماعية ،كما أن أغلب الكُتّاب و الباحثي الشرقيي يقومون بإنشاء
أباث ـ هذا إذا جاز أن نسميها أباثا ـ تقوم على تجيد و تعظيم الفكر و فكرته أو العكس ف أن
يقوم الباحث بتسفيهه و تسخيفه و الط من شأن فكرته ،فليس هناك موقف متوازن للغريزة ،بل هي
تبقى مسألة شهوة و ذوق ،فيصوّر العال على ما هو يريده و يشتهيه ل على حقيقته و واقعه.
عندما قرأت كتاب "فلسفتنا" أول مرة تأثرتُ كثيا و أدركت أن مؤلفه "الشهيد الصدر الول" حل ف
نفسه علما و فكرا جّا ،لكنن و بعد سنوات من البحث و الدّراسة وجدت أن هناك خلل هائل ف نط
التفكي السائد ،حت على مستوى القمم الفكرية من مرتبة الشهيد الصدر ،و القيقة أن تميش "الفرد"
كقيمة حقيقية و موضوعية يعل النجَز الفكري يبقى شبيها بأناط الفلسفات الشتراكية و الشّيوعيّة و
القوميّة ،بل إن عنوان كتابيه الشهورين "فلسفتنا" و "اقتصادنا" ينطلق من منطق التحدّث بلسان الماعة
أو الدّيانة و ا ُلمّة ،ما يعطي انطباعا بأنّ ماهيّتنا و هُويّتنا هي "جاعيّة" ل علقة لا بضامي "الفرد" لن
142
لسان التفكي و العقل النظري "فلسفتنا" ل يقوم إل على "روح الماعة" و تعريفه هو الماعة نفسها ،
و كذلك المر بالنّسبة للعقل التطبيقي "اقتصادنا" الّذي ل يوجد ف حيّز الواقع إل عب الماعة.
إن أ ساس الديان و الن طق الفل سفي ـ ح ت اللادي من ها ـ إن ا هو الن سان كفرد أول ،بين ما تأ ت
الما عة ف تعريفات ا كح صيلة لقناعات الفراد ،فإبراه يم و نوح و مو سى و عي سى و م مد هم أفراد
روّجوا و دعوا لفكار معينة و بنشوء أفراد كُثُر يؤمنون بذه الفكار نتجت المم كمجاميع أفراد يتفقون
على إيان مُعيّن ،و المر يتكرر ف الدول و النظمة السياسيّة الّت تتفق شعوبا على "عقد اجتماعي" ما
يتنازل بوجبه الفراد عن جزء من حريّتهم لفظ هذه الريّة.
و ح يث يكون "الفرد" ت ت الق مع و حي ثُ يُم نع من إبداء رأ يه دون خوف ،ل يكون للجما عة أيّ
ل ّر عن الفكار و العتقدات ،تكون الماعة مرد قيمة ،لنه و نتيجة لقمع الفراد و منعهم من التعبي ا ُ
كتلة بشريّة ل قي مة ل ا ،أو بت عبي آ خر "ج سدا بل روح" ،إن حقوق الفرد ل تع ن بال من الحوال
إلغاء الماعة البشرية ،لكن حاجات و حقوق الماعة ل تتلك السبقية على حقوق الفرد ،ل ّن الفرد
ي جاعة ،و التركيز على و إن ت صّن بالماعة و الدولة ،إل أن الفرد هو الليّة و العنصر الساسي ل ّ
الفرد لن يعن مُطلقا إثارة ما قد يسمّيه البعض "أنانيّة شخصية" لنّ التركيز على الماعة هو أخطر كونه
سيحول الكتلة البشريّة إل طا عة أفراد معدود ين و من ثُ مّ طا عة الفرد الوا حد "النانيّة العظ مى" الّ ت
تتج سّد ف الاكم الُستَب ّد ،سواء حكم بالق اللي كما ف الدّولة الدّينيّة أو فلسفة قائمة على اللاد
"النموذج الشّيوعي" أو النظرية القومية العنصريّة "نوذج هتلر و صدام" ،إن الانع من هيمنة النانيّة ف
الجت مع الديقرا طي القائم على أ ساس الفرد و حقو قه كو نه الغا ية من كل "فكرة" كالد ين و الدولة و
الوطنيـة ،هـو وجود مموع أنانيّات تتحـد و تتنازل عـن هيمنتهـا بفعـل التعامـل اليومـي و التداخـل
الوظي في ،ك ما أن هذه النظ مة الديقراطيّة تت يح للدّ ين ،ر غم فصله عن ال سّياسة ،بأن يقوم بتهذ يب
النسان و جعله كائنا حرّا و فعال و النموذج المريكي أصدق مثال على ذلك.
**********
من خلل هذه الُقدّمة أود أن أشي إل أن تعاملنا مع ميطنا كبشر ل بُدّ أن يقوم على أساس أنّ الفرد هو
الساس و النطلق للفكرة و لليان الدّين أيضا ،و لو فرضنا جدل أ ّن الدّين هو مسألة "وراثة" ـ كما
يريد الشايخ و النغلقون فكريّا ـ إذا لكان لزاما على الخرين رفض دعوة النب ممد مُقدّما كون هذه
أنـ
الدعوة كانـت تتعارض و تناق ِض عقائد و موروثات و تقاليـد العرب و الشّعوب الُخرى ،كمـا ّ
سهُم لن يعود ف إمكانم دعوة الخر ين إل دينهم ،فالر ية الفكرية الشخصية و الماعيّة السلمي أنفُ ُ
تشكل العنصر الساس لي متمع ناجح.
143
و أنا هنا عندما أقوم بنقد "فلسفتنا" و "اقتصادنا" ل أريد من الخرين أن ينظروا إل الوضوع بنظار قدي
حينما كانوا يعتبون النقد مسألة "مشاعر" تتعلق بالكراهية أو الحبّة ،فعندما تبّ شخصا ـ حسب
العقلية القدية ـ ل يكنك أن تنتقده ،و هذا مكن ف السائل الجتماعيّة و الشخصيّة ،لكنه مرفوض
حين ما يتعلق الوضوع بنظر ية فل سفية أو اجتماع ية و غي ها من ال سائل الّ ت تتدا خل مع الن ظم العا مة و
اليكلية السياسيّة ،و "كلمة حق عند سلطان جائر" تثّل قمّة الكمال النسان بتشجيع الناس و الفراد
على إبداء الرأي ضد من يرفض تعدد الرأي "الاكم الائر" ،و سواء كان الحتكر للسلطة "شخصا" ،
"جا عة" ،أو "فكرة" ! فأ نّ الن قد يثّل الغا ية و الحرك الّذي سوف يتب عه سلسلة من عمليات الن قد
التوا صلة و الّ ت سيُقضى بوجب ها على "احتكار" ال سلطة من أي طرف ،و كثيا ما يُتحف نا الُفكّرون
ال سلميّون بالد يث عن "الحتكار القت صادي" و لكنّ هم يتجاهلون "الحتكار ال سّياسي" رّب ما لنّ هم
يُدركون مسبقا أنّهم أيضا يدّعون احتكار القيقة.
ُصـرّ الفكرونإن أزمـة عالنـا الشّرقـي السـلمي ليسـت أزمـة "هويـة" أو بثـ عـن "الذّات" كمـا ي ِ
ال سلميّون ،و الصدر وا حد منهم ،بقدر ما هي مشكلة ترت بط بالكينو نة و ال صّيورة ف آن وا حد ،
فن حن نطرح الكث ي من "العظ مة" و "الدور ال ساسي" لضارت نا الزعو مة و لكن نا ل ن د أمثلة لنجزات
ت ستحق الذّ كر ل ف الا ضي و ل ف الا ضر ،بالتال فإن ال ستقبل هو مرد فراغ ،إ نّ أز مة حضارت نا
تتمحور حول نق طة أ ساسيّة تتعلق ب ا كل الوضوعات و الشكاليات اللح قة و هي "حُريّة الفرد" ،و
هذه الكلمة طالا بقيت دون جواب فإن "حضارتنا ـ لحظ العقل المعي" ستبقى تدور ف فلك من
السئلة الفارغة الّت ل جواب لا ،لن أفراد هذه الماعة تدور ف أفلكها بشكل قلق و مسيّر ف أغلب
الحيان و النتيجة هي عجز ف كُلّ الجالت.
يعيش "أفراد" متمعنا حالة من التناقض النطقي التواصل ،فبينما ينشأ الفرد على ثقافة تُلقّنه أن "السلم"
هو دين التكامل و أنه الل ال سّحري لكل الشكالت و ينع الظلم ،يد ف الواقع نقيضا لكل ذلك ،
فبدءا بال ستبداد ال سياسي و مرورا با ستبداد الباء و هيم نة الرّجال على النّ ساء و التفاوت الطب قي من
حيث الثّراء الفاحش و الفقر الدقع و أخيا الظلم الجتماعي و فقدان الريّة ،هذه ال صّورة الل منطقيّة
جعلت الفرد السلم و الشّرقي تديدا يعيش منطق "الل منطق".
ذات مرّة سألن صديق :هل السلمون قابلون لن يصبحوا ديقراطيي ؟؟ فأجبته :لقد كان السلمون قبل
1000عام أكثر قابليّة للديقراطية !!"..و بقدر ما كان هو مذهول للجواب كنت مطمئنا لذا الواب
،فقبل ألف عام كانت حضارتنا تتيح "للفرد" أن يكوّن نط حياته و تفكيه ،و كنا ند ـ كما نقرأ ف
التاريخ ـ مالس يتناظر فيها الفكّرون ،اللحد و التدين و السنّي و الشيعي و السلم و غي السلم ،بل
144
كان من الطبيعي أن يسأل أحدهم و ف ملس عام عن مسائل خطية أعتقد أنا لو طُرحت الن لكان
كفيل أن ت صدر بقّه فتوى ق تل ،و كا نت مواض يع العلقات ب ي الرّجال و الن ساء رائ جة ف الجالس
العامّة.
و ل كي نف هم مكا نة "الفرد" ف م مل النظر ية ال سلمية ك ما وضع ها ال صّدر الول ،ل بد ل نا من أن
ندرس و نتابع ما طرحه ف كتابيه "فلسفتنا" و "اقتصادنا" ،و أول إشكال يواجهنا ف تعامله مع قضية
"الفرد" و "الما عة" تك من ف أ نه صنّف الفرد ـ و هو جزء من كلّ ـ إل فرد ينت مي إل مت مع
"شرقي" " ،إسلمي" ،و آخر "غرب" " ،مسيحي" " ،يهودي" و "ملحد" ،و من ثُ مّ انتقل إل جعل
الشرقي حالة خاصّة تتلف عن الخر الغرب ،و اعتب النسان السلم الشرقي "متدينا" بالفطرة أو بالطبع
،ما يع ن أن النموذج الديقراطي اللبال ل يكن أن ينسجم مع "الفرد" و "الجتمع" الشّرقيي ،و هو
ك ف صحته ،فالنسان هو النسان ل يتلف إل باختلف الظروف الوضوعيّة. ش ّ
استنتاج ن ُ
يقول الشهيد الصّدر ف معرض حديثه عن النظام الرأسال الديقراطي:
ــــــــــــــــــــــــــن
" .هذا النظام الذي أطاح بلون مـ
الظلم ف الياة القت صادية ,وبال كم الدكتاتوري ف الياة ال سياسية .وبمود الكني سة و ما إلي ها ف
الياة الفكريــــة ,وهيــــأ مقاليــــد الكــــم والنفوذ لفئة حاكمــــة
جديدة حلت ملــ الســابقي ,وقامــت بنفــس دورهــم الجتماعــي فــ أســلوب
جديد.
وقد قامت الديقراطية الرأسالية على اليان بالفرد إيانا ل حد له .وبان مصاله الاصة بنفسها
تكفـــل ــــ بصـــورة طبيعيـــة ــــ مصـــلحة الجتمـــع فـــ متلف
الياديــن ...وان فكرة الدولة إناــ تســتهدف حايــة الفراد ومصــالهم الاصــة,
فل يوز أن تتعدى حدود هذا الدف ف نشاطها ومالت عملها" فلسفتنا.
حقيق هنا بأن نطرح السؤال :إذا كان النجز الغرب فيما يتعلق بالياة القتصاديّة و إلغاء الدّكتاتورية
و م نع ا ستغلل الد ين ل صال فئة من النّاس ،كلّ هذه النجزات إذا ل ت كن كاف ية و ب قي ل نا ش يء من
"حبّ النقد" لجرد النقد ! فل معن لي برامج سياسية ،خصوصا و أنه ل يوجد ف باطن التاريخ و ل
ي ع يب ،و ك ما سبق و قل نا قي ف الا ضر الّذي نعي شه دولة أو نظام سياسي "مثال" ل يو جد ف يه أ ّ
أباث أخرى ،فإن الع قل الفلسـفي ال سلمي يف كر دو ما ف الثاليّات ،و يب قى اهتمامـه من صبّا على
البحث عن "التقى" و "النقى" و "الكثر عدالة و ورعا" ،بينما الواقع بلف ذلك ،و حتّى لو وافق
145
الجادل بأن النّب "مثل موسى و ممد" الّذي يقف على رأس هرم السلطة هو "مثال"! فإن الحيطي به ل
يكونوا كذلك ،فكـم مـن مالفات و تعديات على حقوق خاصـة أو عامـة ،كذلك المـر بالنسـبة إل
الئ مة ،بل إن إ بن عباس " و هو أخلص خلصاء المام علي ،ارت كب مالفات مال ية أغض بت الن سان
الثال علي بن أ ب طالب ،و ربّ ما يكون من الث ي أي ضا لو قل نا أن عليّا ل ي كم حقي قة لن متم عه و
الّذي كان يع يش حالة إنيار إخلق ية ف تعر يف العل قة ب ي الا كم و الحكوم ،ل ي ستطع ا ستيعاب
عظمة شخصيّة عل ّي بل و أصرّ على اضطهاد رجل نزيه وجد نفسه ف قمّة السلطة ،و المر الخر ها
هنا هو أ نّ البحث الّذي طرحه الصّدر ليس بثا حول "تاريخ أنظمة الكم" ،بل ماولة فكريّة للوصول
إل أف ضل صيغة ح كم أو نظام ح كم أو ع قد اجتما عي ينا سب ظروف الشّعوب الشرقيّة ال سلمية ،
خصوصا و أنّه مهّد لكتابه "فلسفتنا" بالديث عن أهيّة النظام الجتماعي ،يقول السّيّد الصّدر:
" ويتقا سم العال اليوم ـ كلم ال سيد ال صدر يع ن أوا سط القرن العشر ين و ل يس القرن الال ـ
إثنان مــــــن هذه النظمــــــة الربعــــــة .فالنظام الديقراطــــــي
ـو
ـي هـ
ـن الرض ,والنظام الشتراكـ
ـبية مـ
ـة كـ
ـم ف ـ بقعـ
ـاس الكـ
ـو أسـ
ـال هـ
الرأسـ
الســائد فــ بقعــة كــبية أخرى .وكــل مــن النظاميــ يلك كيانا ســياسيا عظيما,
يميـه فـ صـراعه مـع الخـر ،ويسـلحه فـ معركتـه البارة التـ يوضهـا أبطاله فـ
سبيل الصول على قيادة العال ,وتوحيد النظام الجتماعي فيه".
إن غالب ية مضام ي كتاب يه "فل سفتنا" و "اقت صادنا" تتمحور حول فكرة "خلق مع سكر آ خر لل صّراع مع
العسكرين الشّيوعي و الديقراطي" و هو أمر ل يعُد ف المكان الديث عنه منذ إنيار العسكر الشّيوعي
الشتراكي عام 1991م و تول العال ليس نو "القطب المريكي الوحد" كما قد يُطلق عليه البعض!
لكننا نفضل أن نسمّيه القطب الديقراطي القائم على "حريّات الفرد" و إن كانت الوليات التحدة أبرز
الدافعي عن هذه الباديء.
و هنا يقف السلميّون على مفترق طرق ،فإمّا أن يبذلوا ك ّل الهود باتاه ترسيخ العلقة بي الدّين و
الريات الفرديّة و الماعية و التصال مع الديقراطية و تعدد الراء ! أو البقاء ف ظل النطق القدي الّذي
يؤمن بيمنة الدّين على الياة و تديد الرية و تقييدها بقيود ،بالتال هيمنة "نط واحد" من التفكي على
ال سّاحة الفكريّة ،و الِثال اليرا ن خ ي نوذج ،ف في ظل هذا النظام يتردّد شعار "العدالة" و "الر ية"
بكثرة ،لكن لكل الصطلحي تعريف مُحدّد و مُقيّد ما يعن "حريّة" شكليّة صورية و غي حقيقية.
سيّد الصّدر:
يقول ال ّ
146
" وأمــا النظام الشيوعــي والســلمي فوجودهاــ بالفعــل فكري خالص ,غيــ أن
النظام الســلمي مــر بتجربــة مــن أروع النظــم الجتماعيــة وانحهــا ,ثــ
عصــفت بــه العواصــف بعــد إن خل اليدان مــن القادة البدئييــ أو كاد ,وبقيــت
التجربة ف رحة أناس ل ينضج السلم ف نفوسهم ,ول يل أرواحهم بروحه وجوهرة فعجزت عن
الصـــــــمود والبقاء ,فتقوض الكيان الســـــــلمي ,وبقـــــــي نظام
الســلم فكرة فــ ذهــن المــة الســلمية ،وعقيدة فــ قلوب الســلمي ,وأملً
يســعى إل تقيقــه أبناؤه الجاهدون .وأمــا النظام الشيوعــي فهــو فكرة غيــ مربــة
ح ت الن تر بة كاملة ,وإن ا تت جه قيادة الع سكر الشترا كي اليوم إل تيئة جو اجتما عي له ب عد أن
عجزت عــــن تطــــبيقه حيــــ ملكــــت زمام الكــــم فأعلنــــت
النظام الشتراكي وطبقته كخطوة إل الشيوعية القيقة" فلسفتنا.
إ نّ النظامي "الشيوعي ـ الشتراكي" و "الشتراكي ـ السلمي" ليسا إ ّل حلما مثاليا غي قابل
للتطبيق ،و نن هنا سنطلق على "السلميّة" صفة "الشتراكية" لنا بالفعل تتكون من متمع "اللئكة"
و هو ما ل ينط بق إ ّل على تارب صغية مدودة بدود الصادر التاريية ،و الّت قد تتلف ف وصف
أي تربة بأنا خيّرة أو شريرة ،فما يراه السلمون مثل "مثاليا" و خيا كامل ،ينظر إليه غي السلمي ـ
قطاع ل بأس به على القل ـ على أنه تربة شريرة و قمعية ،فمجتمعات النبياء ،موسى ،السيح و
ممد ،هي تارب ف قيد الاضي و ليست تارب واقعيّة معاشة الن ،خصوصا و أننا نعيش الن ف
ل نس البشري ، ع صر العول ة و تعدد و سائل الت صال و طب عا من ال ستحيل فرض نظريّة بعين ها على ا ّ
باستثناء الديقراطية الّت تنظر بنظرة "نسبيّة" إل كل القضايا.
إن الترابط بي الفرد كذات مهمة ف الجتمع و العلمانية كنظام حكم هو ترابط حيوي ضروري ،
لنّ الفرد ملوق على أنه ح ّر ف تفكيه و معتقده و أقوى النظمة و أكثرها بوليسية ل تستطيع أن تقهره
وعيهـ الذّاتـ ،فالفرد موّل مـن ال أن يكون حرّا ،و قهـر حريّتـه هـو أمـر
قناعات الفرد الوجودة فـ ِ
طاريء اخترعه البشر عب مراحل تكون الدولة بفهومها العاصر ،من هنا تثّل العلمانية العتدلة جوهر
ك ّل اللول الو سطى ب ي كلّ الديان و العتقدات و ح ت اليديولوجيّات القوميّة ،فل بدّ إذا من خلق
ظروف موضوع ية لياد أرض ية ل كم علما ن ي مي حقوق الفراد و بالتال يتم تع كل فرد بري ته ف
إيطار قانون يمي السلم الهلي.
147
فأن نفصل الدين عن النظومة السّياسيّة ل يعن فصل الدين عن الياة! بل هو منع و فصل بي الدين
و من يريد احتكاره و نن ل نستطيع أن نلوم رأي السّيّد الصدر حينما يقول:
"وإذن فمســالة اليان بال وانبثاق الياة عنــه ,ليســت مســألة فكريــة خالصــة
ل علقــة لاــ بالياة ,لتفصــل عــن مالت الياة ويشرع لاــ طرائقهــا ودســاتيها,
مــع اغفال تلك الســالة وفصــلها ,بــل هــي مســألة تتصــل بالعقــل والقلب والياة
جيعا" فلسفتنا.
فالسألة هنا ليست إن كنا نؤمن بال عن عدمه ،هذا الوقف العلمان جاء كنتيجة طبيعية لتجارب
ُمرّة و مؤل ة ف ت سخي الد ين من قِبَل أقل ية للهيم نة عاشت ها و ل تزال شعوب تعا ن من ها ف آ سيا و
أفريقيا ،و سبق لوربا أن عانت قبل الصلح الدين و قبل وضع الدين ف مكانه الصحيح ،إن الفرق
ب ي ال سلم و ال سيحية وا ضح ف هذا الجال ،فال سيحية كا نت دو ما فكرة مب سطة و من ال سهل
إصلحها ،أما السلم فقد ارتبط دوما بشمولية تستوعب كل تفاصيل الياة ،خصوصا و أن التراكم
الفقهي ،أجيال الصحابة و الذاهب الربعة عند السنة ،و الكم الائل من الروايات عن النب و الئمة
الثن عشر ف التراث الفقهي الشيعي الّت تتدخل ف كل مالت الياة ،كُ ّل هذا كان له تأثي سلب ف
عل قة الدّ ين بالدّولة ،غ ي أن هناك نق طة أ مل وحيدة ف الو سط الشي عي و هو ف صل تقد يس الئ مة
الع صومي عن أؤلئك الفقهاء "الجتهد ين" الذ ين هم غ ي مع صومي مع مُلح ظة أ ّن عامّة الش عب و
الفئات غي الُثقّفة ف الوسط الشّيعي تُقدّس "ال سّيّد ـ و هو سليل النّب ممّد من أبناء فاطمة" تقديسا
مبالغا في ِه ،من هنا كان الصلح يد نفسه أمام ك مّ هائل من النصوص القدّسة الت ل تقبل التأويل و
من ثّ كان "الجتهاد" ،ح ت ف الدر سة الشيع ية يدور ف فلك الثوا بت و ل ي كن لرا جع الشّي عة من
الروج عن هذه الُ ُطرْ التّقليديّة و الّت أصبحت ُسنّة ُتتّبع نتيجة التّراكم.
إن هناك فرقا كبيا بي أن نؤمن بال و بي أن نستغل اسم ال لفرض هيمنتنا و تفسينا الاص على
الخرين ،و من ثّ نفرض الماعة على الفرد و نلغي فهمه و دوره الصيل ف رفض أو قبول الدين ،و
من ه نا فل يس تغ ن ال سلميي بالر ية ل يس إل أغن ية يغنون ا و ي كن أن نضيف ها إل الغا ن التاري ية
كـ"طلع البدر علينا" فهي مض وهم ،إن الرية ف الفكر السلم الوجود الن ل تعن إل أن يكون
الرء حرّا ف دائرة ضيقة ،و هذا يشبه ربط القط ببلٍ قصي ث تركه حرا ف تلك البقعة الضيقة ،فأي
حرية تلك الت تقتل بتهمة "الرتداد" أو "الكفر البواح" أو "رجم الزان" و "قطع اليدي و الرجل" من
لرّيّات الفرديّة و الجتماع ية و
خلف !.و القي قة أ نّ ال سيحيّة كا نت أي ضا عائ قا ف و جه التّطور و ا ُ
149
كا نت الكني سة الكاثوليك ية تُعاقِب الخالف ي و الهرطق ي بأق سى العقوبات كالرق أو النّ في أو التّو بة
ت ت التّعذ يب ،ل كن م نذ ظهور ال صلح الدّي ن على أيدي مار تن لو ثر و كال فن و تر سيخ مدر سة
العقلنيّة Rationalismتولت أوربا و الغرب إل متمعات متوازنة ،يعيش فيها الؤمن التديّن إل
جانب اللحد الّذي ل يلتزم بشيء سوى القانون ،و من هنا ندرك أهيّة بدء عملية الصلح من خلل
إصلح الفكر الدّين و تميش التطرفي الّذين يريدون علوّا ف الرض.
إ ّن الفكرة الت ل تنهض بنفسها و ل تستغن عن "القيادات الؤمنة" لكي تنجح! ليست إل نظريات
طوباوية غي قابلة للتطبيق ،لنا ببساطة مفروضة من أعلى ،و السلم حينما ينظر للعلى يد "الاكم"
و "السلطان" و "الرئيس" أول ،ث يأت ال بالرتبة الثانية ،إن فرض منهج يؤمن بأسلوب مدد للحياة
هو ـ عدى كو نه دكتاتور ية ـ تد خل ف حياة الناس ال ت ي ب أن ت سي بشكل ها ال طبيعي ،ك ما أن
الديقراطية ل تنظر إل الجتمع من أعلى و من منطلق "البوة" بل من منطلق "الخوة" و "الساواة" بي
كل الواطني على اختلف أديانم و جنسهم "الذكر و النثى" أو قومياتم.
من الوا ضح أن ال سيد الشه يد ال صدر غ ي راض عن هذه العادلة ح ت عند ما ياول الد يث عن ها
بشكل حيادي:
ألوان الضغط والتحديد .فهو يلك إرادته وتطويرها وفقا لرغباته الاصة ,مهما
ما ل تصطدم بسيطرة الخرين على سلوكهم .فالد النهائي الذي تقف عنده
150
الرية الشخصية لكل فرد :حرية الخرين .فما ل يسها الفرد بسوء فل جناح
عليه أن يكيف حياته باللون الذي يلو له ويتبع متلف العادات والتقاليد" الصدر فلسفتنا.
ك فيها ،إذ ل يوجد متمع ف فما يظنه السيد الصدر ضررا يترتب من سلوك "الفرد" مسألة ل ش ّ
العال و التار يخ ُكلّه ل يت سبب أفراده أو مكونا ته بأيذاء بع ضه الب عض با ستثناء أن الجتمعات تتلف ف
درجـة و حجـم الشاكـل و نوعهـا ،لكـن الفلسـفة الغربيـة ل تنظـر إل الوضوع و الشكال مـن هذه
الزاو ية ،لن الُشرّعي الغربيي وجدوا أن الفرد ف حريته الا صة ل يتسبب بف ساد و إشكالت بالقدر
الذي يتر تب عن التد خل ف حيا ته الشخصية ،ث من قال أن الن ظم الغرب ية و الديقراط ية ل تتدخل ف
سلوك الفراد حينما يُخشى وقوع الضرر ،فمن العروف أن من حق الدولة أن تتدخل إذا كان فرد من
الفراد يتسـبب بأيذاء أفراد آخريـن ،و كنماذج على ذلك يتعرض الباء الذيـن يسـيئون لبنائهـم أو
أيـ كان إل عقوبات و غرامات زاجرة ،و كذلك يدخـل هؤلء فـ علج نفسـي لتغييـ زوجاتمـ أو ّ
السلوك العنيف و القضاء على أسبابه.
ترى ما القبيح أو الشي ف أن يعتقد الرء ما يشاء ؟ أم أن عقلنا "السلمي" يأب إل أن يعيش ف
ن ط وا حد من التفك ي ! هذا على ال قل ما يبدو ل و إل فلماذا يهرب الم يع طالب ي اللجوء إل الدول
الديقراطية الرأسالية ؟ مشكلة العقل السلمي أنه يقيس المور و يكم عليها من خلل "العقل النظري"
فقط ،و التعامل مع البحوث و النظريات كأنا قرآن مطبّق حرفيا ،مع أن هذه البحوث عليها إضافات
و تطبيقات أخرى يضفي الجتمع عليها نظريته و قناعته ف النهاية ،ففي ظل الرية يتعايش الفكر الادّي
و الدّي ن ،بين ما ينت هي تد خل الد ين ف تفا صيل ال كم بفقدان الر ية ،من الؤ سف ح قا أن الع قل
السلمي ل يستوعب الرية و الديقراطية إل من خلل إطار ضيق جدا.
و لكي يكون العقل حرّا ف حكمه على الوضوعات و القضايا ،عليه النظر إل الوضوع من خارج
ل من دا خل الذات ،فال كم من الداخل هو تصيل حاصل و إعادة إنتاج لفكار م سبقة ،و معروف
ـّة" بإجاعلدى السـلميي أن الدّور فلسـفيا باطـل ،مثال على ذلك نسـتعي مسـألة أخـذ الفقهاء "السّن
الفقهاء كمصدر للتشريع و حي يستدلون بنصوص شرعية يأتون بأحاديث آحاد و عندما يُطرح السؤال
حول "حجّيّة أحاديث الحاد" يعودون إل الستدلل بالجاع الذي يعتمد أصل ف ضمن ما يعتمد عليه
على أحاد يث الحاد ،و كذلك ال مر بالن سبة إل اليان بال سلم أو ال سيحية أو أي دي ٍن آ خر ،إذ ل
ي كن للمؤ من بال سلم أن يفرض رأ يه على الخر ين إ ستنادا إل آ ية قرآن ية أو حد يث لن هناك من ل
يؤمن بقدسيّة هذه النصوص أصل.
151
من الهم هنا أن يفترض السلمي لنفسه موقفا نسبيا من كل القضايا ،صحيح أن من حقّه أن يدافع
عن امتلكه القيقة الطل قة ـ و هي مطلقة حسب رأ يه هو ـ و لكن حين ما يفرض نظريّته هو عن
الد ين فإ نه يع طي الخر ين ال ق ف أن يفرضوا عل يه ما يرو نه صوابا و ح قا ،مشكلة الر ية أن ا غ ي
واضحة الدود على الغلب رغم أن الفرد يشعر با ،فالرية ليست أمرا مادّيّا يكن التعامل معه حسب
الكيف و الكم و الدود ،بل هي أمر نظري يتوقف على الثقافة و الدين و أمور أخرى ،فقد يضيّقها
دين ما بينما يرحب با دين آخر بشكل أكثر تساما.
ففي ظل رفض "الفكر السلمي" ف أغلبه لفاهيم الرية الديثة و حظ السلمي على قتل "الرتد"
أو الذي ين كر ثاب تا دين يا و م نع ال سلمة من الزواج بغ ي ال سلم و ثقا فة الع نف ،كل هذه المور ت عل
الدين يقف موقفا سلبيا من مفاهيم الريّة النسانية و من كرامة الفرد الّت ل تعن ف الماعة إل تشابه
الصورة بينما هي متج سّدة ف الفرد و ل حقيقة لا بدون الفرد ،و ما دام الفرد ل يتلكها فالماعة ل
تلك أي كرامة إذ ل قيمة لكونا أل و هو الفرد.
فلننظر إل بعض آراء الشهيد الصدر:
" والدف القيقي للفرد ـ يتحدث هنا عن النظام الرأسال الديقراطي ـ ف عمله ونشاطه ,هي خي
ضمان للمصلحة الجتماعية العامة
تتدخل ـ مثلً ـ ف حفظ الستوى الطبيعي للثمن ,بصورة تكاد أن تكون آلية,
بكم القانون الطبيعي الذي يكم بأن ارتفاع الثمن يؤثر ف انفاض
الطلب ,وانفاض الطب بدوره يقوم بتخفيض الثمن ,تقيقا لقانون طبيعي
152
والصلحة الشخصية تفرض على الفرد دائما التفكي ف كيفية ازادة النتاج وتسينه,
مع تقليل مصاريفه ونفقاته .وذلك يقق مصلحة الجتمع ,ف نفس
والتنافس يقتضي ـ بصورة طبيعية ـ تديد أثان البضائع وأجور العمال والستخدمي
يشى من رفع أثان بضائعه ,أو تفيض أجور عماله ,بسبب منافسة
من اللحظ أنّ النظام الديقراطي الرأسال الّذي يورد السيد الصدر نظرياته بصيغة التّشكيك ،كما فعل
مع النظر ية الارك سيّة و إن كان نقده للمارك سيّة أقوى و أك ثر صرامة ،قد ن حت هذه الديقراطيّات
فعل و على أرض الوا قع ف خلق متمعات تت سم بالر ية و رخص ال سعار و خ فض م ستويات الفقر و
الالة هذه فإن النظرية الرأسالية الديقراطيّة لن تعان من أي نكسة "دوغماتية" عقائدية كونا ل تاول
تف سي كل ش يء ،ك ما فعلت النظريّة الشّيوعيّة أو ال سلميّة ،فالديقراط ية و لن ا ن سبيّة ت ضع أمام ها
احتمالت الطأ و الشطط لنا أصل قائمة على عقليّة نقديّة ل تستبعد أي احتمال أو نظريّة من البحث
و التحقيق و هي ليست نظريّة قائمة على "مقدّس" تتقوم بنجاحه أو فشله فالنظرية السلميّة و الاركسيّة
كلها تويان "مقدسات" إذا ما ش كّ فيها العقل البشري تاوت النظرية من الساس ،بينما الديقراطية
لدي ها مقد سات ب سيطة تتلئم حتّى مع جو هر الديان كقد سيّة الن سان "و ن صوص تكر ي ب ن آدم ل
حصر لا ف الكتب القدّسة" و قدسيّة الريّة و حق التعبي عن الرأي بدون خوف.
ألوان الضغط والتحديد .فهو يلك إرادته وتطويرها وفقا لرغباته الاصة ,مهما
ما ل تصطدم بسيطرة الخرين على سلوكهم .فالد النهائي الذي تقف عنده
الرية الشخصية لكل فرد :حرية الخرين .فما ل يسها الفرد بسوء فل جناح
عليه أن يكيف حياته باللون الذي يلو له ويتبع متلف العادات والتقاليد
والشعائر والطقوس الت يستذوقها ,لن ذلك مسالة خاصة تتصل بكيانه
وحاضره ومستقبله ,وما دام يلك هذا الكيان فهو قادر على التصرف فيه كما
يشاء ".فلسفتنا
سبق ل نا و أن ناقش نا موضوع الفرد ف ال سلم و مقارن ته بالفرد ف النظام الرأ سال الديقرا طي ،ل كن
الشكال الّذي يطرحه الصدر اتاه "حرية الفرد" ف النظام الغرب ليس إشكال قويا أصيل ،بقدر ما يثل
ف جوهره اختل فا ف نظرة الد ين إل الفرد ،فالريّة الفرديّة الغربيّة هي أي ضا نتاج دي ن ،بع ن أن
ال سيحيّة ا ستوعبت هذه ال ساحة الائلة من الريّة الفرديّة كون ا ل تتلك شري عة مف صّلة بين ما ال سلم
يُمثّل ف شريعته الفصّلة و الّت أُضيف إليها تراكم تراثي هائل ،ل يسمح بوجود حريّة كبية للفرد ،من
هنا فإ نّ هذه النمطيّة الغربيّة ليست ضدّ الدين بقدر ما هي تسيد لساحات فراغ كبية تركتها السيحيّة
للعقل لكي يله ،يضيف السيد الصدر:
" ..وليست الرية الدينية ـ ف رأي الرأسالية الت تنادي با ـ إل تعبيا عن الرية
154
الحنا إليه ـ هو :أن مصال الجتمع بصال الفراد .فالفرد هو القاعدة الت
اجلها جلة من الثورات ,وجاهد ف سبيلها كثي من الشعوب والمم .ف ظل
النة ف نعيمها وسعادتا ,وما تفل به من انطلق وهناء وكرامة وثراء .وقد أجريت
حت آخر كلمة بقي نقد ال سّيّد الصدر للحرية الفرديّة الغربيّة نقدا "نظريا" ل ينطبق على التطبيق الواقعي
الوجود على الرض ،و كان من الفضل ـ و ليته فعل ـ لو أنه قام ببحث فلسفي نقدي عن "الفرد و
الرية ف السلم" حيث أ نّ إشكاليّة الفرد مقابل الدولة هي أحد ركائز الفوضى العقلية و السياسية الّت
يعيش ها العال ال سلم الن ،فمقا بل الدولة ي ضع الفرد ال سلم نف سه كبد يل ل ا ،و الفار قة هي أن هذا
يدث ف الوقت عينه حي تقوم الدولة بإلغاء الفرد كوجود فعّال و مهم ،و الطي ف الوضوع هو أ نّ
الفرد "ال سلم" ين ظر دو ما إل الدولة على أن ا "شرّ" و "عدو" ي ب الذر م نه ،و هذا ير جع إل طبي عة
تكو ين الفرد "ال سلم" ف الشرق الو سط تديدا ب سبب البيئة و الثقا فة البدو ية ،و هي نق يض الدولة و
155
تنتمي إل عقلية "ما قبل الدّولة" ،خصوصا و أن هذه الدّولة الّت تشكلت فيما بعد عهد الستعمار أو
هيمنة الغرب رفعت شعار "الدّولة العلمانيّة" و ف الوقت نفسه أبقت الفراد يعانون من الكثي من القيود
الخلق ية و ال سّياسيّة ،مّا ت سبّب ف خلق قطي عة ب ي هذا الفرد الّذي أ خذ يعا ن اغترا با ف وط نه و
انفصاما نكدا بينه و بي الدولة الت تكمه.
إشكال ية الفرد و الجت مع و الدولة ف شرق نا "ال سلم" تك من ف أنّه قد تّ تكي يف كُ ّل ش يء ليتلئم مع
عقليت نا "البدو ية" " ،العشائر ية و القبل ية" ،و مراج عة ب سيطة لباث الدكتور الرحوم "علي الوردي" و
أباث "ممد عابد الابري" ف نقده "العقل العرب" تظهر ذلك بوضوح ،مع ملحظة أن السألة تتعدى
العرب لتشمل "الكراد" و "التركمان" و "الفرس" و غيهم ،بل إن الدّين نفسه تكيّف أو ُكيّ فَ ليصبح
ملئما لثقافة "التّنازع" الّت ت سّد قمة البداوة القائمة على صراع البقاء ،و من الطبيعي ف بيئة كهذه أن
تسود النظمة القوميّة العنصرية الّت ل تفكّر إل بنطق الصراع و إبادة الخر ،من هنا كان من الهم أن
ن ّل هذه الشكالية الطية و الّت تثّل العضلة الساسية لتخلفنا.
إن ثنائية "الدّين" و "القومية" تثل ال سّرطاني الّذين ينهشان عقل الشرقي "السلم" ،فالدّين بدل من أن
يُنبّه الفرد إل أن يكون حذرا فـ أن ل يقبـل بيمنـة أحـد على حريّتـه الفكريّة و القتصـادية و حتـ
الجتماعية ،حال إل سبب آخر من السباب الكثية الّت ألغت طابع "الفردانيّة" ف السلم ،و بالتّال
أ صبح لز ما على الفرد "ال سلم" أن يُل غي ذا ته ف سبيل الخر ين ،و حين ما يُل غي كلّ فرد نف سه تكون
النتي جة أنّ نا نل غي الجت مع الّذي يقوم أ ساسا على الفراد ،ك ما أ نّ الن عة القوم ية "و هو ال مر الّذي ل
يتوقف على العرب وحدهم" تلغي كل القضايا الفردية و الجتماعية ف سبيل القضايا الّت ت ّم الاكم
"الطاغية" و حثالته ،فالنعة القومية هي نزعة "حيوانية" قدية تعود إل أيام كان النسان يتصارع مع
الطبيعة و الناس الخرين من أجل البقاء ،بعن آخر أنا تثّل إحدى طرق التفكي الّت تعود إل عصر
"ما قبل الدّولة"! و لكنها خلقت من نفسها مظهرا حداثيّا ،كما ف التجربتي النازيّة ف ألانيا و البعثيّة ف
العراق ،فمن خلل منطق تفكيكي بسيط نستطيع أن نستنتج أ ّن "القومية" هي نزعة تقف بالضّد من
مفهوم "الواطنة" ف الدّولة الديثة.
إ نّ منطق السلميي ف نقدهم للمفهوم الغرب لقوق الفرد يضعهم ف مأزق حقيقي ،فمن جهة حي
يرفض الفكّرون السلميون ـ و التقاطع هنا يقع بشكل مباشر على السلميي الّذين ل يفصلون بي
الدّين و السّياسة و السّيّد الصدر واحد منهم ـ الفهوم الغرب للحريّة ،يقعون ف مواجهة حقيقيّة أخرى
156
إل مو الدولة من الجتمع ,حي تتحقق العجزة وتعم العقلية الماعية كل
البشر ,فل يفكر الميع إل ف الصلحة الادية للمجموع وأما قبل ذلك ,ما
خالصا ,فهو حكم ديقراطي ف حدود دائرة العمال ,وديكتاتوري بالنسبة إل العموم .وقد
عللوا ذلك بأن الديكتاتورية العمالية ف الكم ضرورية ف كل الراحل ,الت تطويها
جديد" فلسفتنا.
فهذه "العقلية الماعية" الّت طرحها الاركسيّون ل تتلف إل قليل و من النّاحية "الطّوباويّة" فقط عمّا
يطرحه السلميّون عن "الفرد الدجّن" و الّذي ل يُفكر ف ذاته ،و هذا المر واضح ما طرحه ال سّيّد
الصدر ف كتابه "اقتصادنا" ،حيث يقول:
" ومــن مظاهــر النقصــان البارزة فــ الفرضيــة الاركســية ،تناســي العوامــل
الفيزيولوجيــة والســيكولوجية والفيزيائيــة ،وإهال دورهــا فــ التاريــخ ،مــع
أناــ قــد تكون فــ بعــض الحاييــ ذات تأثيــ كــبي فــ حياة الجتمــع وكيانــه
157
ــه
ــه وكفاءاتـ
ــة ،وعواطفـ
ــه العلميـ
ــ تدد للفرد اتاهاتـ
ــي التـ
ــ هـ
العام ،لناـ
الاصـــة ،تبعا لاـــ تتحفـــه بـــه مـــن تركيـــب عضوي خاص ،وهذه التاهات
والعواطـــف والكفاءات ،التـــ تتلف فـــ الفراد وفقا لتلك العوامـــل ،وتســـاهم
ف صنع التاريخ ،وتقوم بأدوار إيابية متفاوتة ف حياة الجتمع" ـ اقتصادنا.
فإذا كانت "الاركسيّة" قد ترنّحت كفلسفة شوليّة بفعل هذا اللل الفلسفي و لكننا أيضا سنُعقّب
على أُطروحات السّيّد الصّدر لحقا فيما يتعلق بأمثِلته على ما أساه "دور الفرد" ف نقده المتاز للشيوعية
،فحينما نعترف كمفكّرين بدور الفرد ف الجتمع ل يعود لنا حينها و بعد أن نسفنا النظرية الاركسيّة
أن نضـع خطوطـا حراء أمام حريّة الفرد دون أن تكون هذه الطوط قائمـة على أُسـس منطقيـة تثـل
ضرورات عقليّة ،و حينما نسمح بوضع قيود مددا على الريّة الفرديّة ،نكون قد فتحنا الباب لنظريّة
شوليّة أُخرى لتحِل مل الاركسيّة و القوميّة ،من هنا نتفق مع الغرب ف أن مساويء الريات الفردية
هي أقلّ بكثي من مساويء خنق الريّات و تقييدها بقيود دينية أو قومية أو نظريّة أُخرى.
ث يُضيف السيد الصدر:
" فكلنـــا نعلم بالدور التارييـــ ،الذي لعبتـــه مواهـــب نابليون العســـكرية،
وشجاعته الفريدة ،ف حياة أوروبا.
وكلنــا نعلم بيوعــة لويــس الامــس عشــر ،وآثارهــا التارييــة خلل حرب
ـتطاعت امرأة
ـد اسـ
ـا .فقـ
ـب النمسـ
ـا إل جانـ
ـا فرنسـ
ـ خاضتهـ
ـبع ،التـ
ـنوات السـ
السـ
ـــــــــــــــع
واحدة ،كمدام(بومبادور) ،أن تلك إرادة اللك ،وبالتال أن تدفـ
ـفرت
ـة الت ـ أسـ
ـب الوخيمـ
ـ ،وتمّـل العواقـ
ـا ف ـ حرباـ
ـع النمسـ
ـا للشتراك مـ
فرنسـ
عنها.
ــ
ــة ،فـ
ــة غرام خاصـ
ــن حادثـ
ــ عـ
ــ ،الذي نمـ
ــا نعلم بالدور التارييـ
وكلنـ
158
حياة ملك انليزي كهنري ،إذ أدت تلك الادثــــة إل انفصــــال العائلة الالكــــة،
وبالتال انكلترا كلها ،عن الذهب الكاثوليكي.
وكلنــا نعلم مــا فعلتــه عاطفــة البوة ،التــ دفعــت بعاويــة بــن أبــ ســفيان،
إل اتاذ كــل الســاليب المكنــة ،لخــذ البيعــة لبنــه يزيــد ،المــر الذي عبّر
ف وقته عن توّل حاسم ،ف الجرى السياسي العام.
فهــل كان التاريــخ ســيتم بنفــس الصــورة التــ وجدت فعلً ،لو ل يكــن
ل عســـكريا حديديا ،ول يكـــن لويـــس ذائبا مســـتسلما لحظياتـــه،
نابليون رج ً
ول يعشــق هنري(آن بوليــ) ،ول تســيطر عاطفــة خاصــة على معاويــة بــن أبــ
سفيان ".اقتصادنا.
المثلة الّت طرحها ال سّيّد ال صّدر هنا صحيحة و تتفق مع ما ذهب إليه من أهّيّة "الفرد" ف حركة
التاريخ ،لكنها كلّها ذات سة واحدة و هي أ نّ كل هؤلء الّذين استشهد بم هم "حُكّام" و ليسوا من
تنط بق علي هم صفتهم "الشعبيّة" خ صوصا و أن أفراد الجت مع هم أ هم من أفراد الطبقات الاك مة أو
الزبيّة ،ل قد كان الا كم الفرد مه ما و مور يا ف الغرب إل أن بز غت الديقراط ية و طر حت نف سها
كبديل عن الطغيان و أصبح صوت الواطن "الفرد" مهما ف نظام يقوم أساسا على أهية الصوت الواحد
ف أي انتخاب.
لكن الفرد الستبد ل يزال مهيمنا ف شرقنا السلم ،و نتج عن السلم السياسي تارب سيئة و فاشلة
كالتجربة اليرانية و طالبان أفغانستان و النظام الوراثي السعودي ،و لكن الهم ف أي بث هو أن ننظر
إل قي مة الفرد ف التجر بة اليران ية "السلمية"! دون تلك ال سّعودية ،لن ال سعودية ليس ل ا أي نظريّة
فلسفية للحكم اللهم إل "حكم العائلة" و هيمنة العرف القبلي ،بينما النظام اليران يطرح نفسه على أنه
مشروع "ديقراطيـة إسـلمية" قائمـة على "فقـه" دينـ كعذر للق تربـة تتلك لنفسـها جذورا فـ هذا
الجت مع الّذي يض طر دائ ما أن يكون متديّ نا ،و ل أدري من أي نظر ية ي ستمد ال سلميون هذا الطرح
بأن "الشرقي" متدين أصل ،و ليت شِعري هل أن "الشرقي" يرِ ثُ التديّن مع مورّات الباء و الجداد!
159
إن العل قة ب ي العلمانيّة و ال سلم هي التّحدّي القي قي الّذي يشهده العال ال سلم الن ،و الشكلة
كما أرى و أعتقد هي أن السلمي عموما و السلميي خصوصا ينظرون إل ماهيّة العلمانيّة و جوهرها
من خلل رؤيت هم لعلمان ية أوا سط القرن العشر ين و بال خص التجربت ي التّركيّة و التّون سيّة ،و ه ا
تربتان وقفتا بالضّد من الرّيّة الدّينيّة ،ما يعن أن السلميي هم أوّل من سيفقد هالتهم القدسة .لكنّن
أيضا أتفهم أسباب التطرف العلمان الّذي وجِد ف الدّولتي و التجربة التركية على وجه الصوص ،فلو
160
ل تربة ترك يا العلمان ية خلل السبعي سنة الاضية ،ما كنّا لنشهد تربة حزب التنمية و العدالة الّذي
وائم بي التديّن كقناعة شخصيّة و المارسة العلمانية ف الُكُم.
من ال هم ه نا أن نلق ما أ ستطيع ت سميته بالفرد العلما ن الّذي ل يتنا قض عب علماني ته مع مت مع
"متدين" مثل ،إن العلمان هو روح كُلّ الفلسفات و الديان لذلك فهو وحده القادر على جلب "ثقافة
السلم" إل الجتمع ،فالعلمان و إن بدا متشككا ف نظر التديني إلّ إنّه و من خلل شكّه على الطريقة
"الدّيكارت ية" يك نه أ نّ ي صل إل القي قة ،و أ نا أعت قد أن ال سلم نف سه كد ين ي سمح بنوع من هذه
التّشكيكية كخطوة أول للوصول إل العن الجل ف النّص القدّس ،لذلك ند ف عُرف الفقهاء و ف
كافّة مذاهبهم عبارات مثل "و ال أعلم"! أو "و ال أعلم براده"! و غيها من العبارات الّت تضع تساؤل
ديكارتيّا كنوع من عدم اليقي تاه القاصد القيقة للنص تاه كلّ مسألة فقهيّة أو عقليّة.
إنطلقا من هذه النقطة العميقة و الشك كوسيلة لليقي ،تكمن علمانية السلم الّت يكن للمسلمي
البناء عليها ،فالعلمان السلم يستطيع أ نّ يُشكّك ف إي رأي فقهي ،خصوصا تلك الراء القائمة على
أيـ ت ّل عـن إيانـه الاص ،و بجموع الفراد العلمانييـ يكون
الدلة الظني ّة ،دون أن يكون هناك ّ
الجت مع "ال سلم الشّر قي" قد حقّق الطوة الول ف إقا مة النظام الدّيقرا طي ف و سط عال إ سلمي ل
ي سبق له أن اخ تب الديقراطيّة بفهوم ها الد يث و القي قة اّل ت ي ب أن نعترف ب ا أ ّن م صطفى كمال
"مؤسس تركيا الديثة" قدّم للسلم أجل هدية حينما حرّره من ملل الكهنوت و من تلعب السلطة
الزّمنيّة و الدّنيويّة به ،بالتال كان الفرد ال سلم ف ترك يا حرّا ف تأمّ ل النّص القدّس دون هيم نة طب قة
رجال الدين الفاسدين.
يقول السيد الصدر ف "لحة فقهية تهدية لدستور المهورية السلمية ف إيران":
" إن الدولة ظاهرة اجتماع ية أ صيلة ف حياة الن سان .و قد نشأت هذه الظاهرة على يد ال نبياء
ور سالت ال سماء ،واتذت صيغتها ال سوية ،ومار ست دور ها ال سليم ف قيادة الجت مع الن سان
وتوجيهه من خلل ما حققه النبياء ف هذا الجال من تنظيم اجتماعي قائم على أساس الق والعدل
161
يستهدف الفاظ على وحدة البشرية وتطوير نوها ف مسارها الصحيح" .ترى هل حقا نشأت الدولة
بفعل رجالت الدين أي النبياء و القديسي!! أم أن الدولة هي ظاهرة بشرية نتجت من حاجة النسان
إل الما ية و الفاظ على متلكا ته و شخ صه! و ا ستشهاه بال ية { :كان الناس أ مة واحدة فب عث ال
النبيي مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالق ليحكم بي الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف
ف يه إل الذ ين أوتوه من ب عد ما جاءت م البينات بغيا بين هم فهدى ال الذ ين آمنوا ل ا اختلفوا ف يه من
الق بإذنه وال يهدي من يشاء إل صراط مستقيم} [البقرة .]213 :ل يقوم دليل بد ذاته على أن
ال نبياء هم من أ سس الدولة ،بل قد يكون الع كس هو ال صحيح ،بع ن أن ال نبياء ظهروا ليدوا عن
الناس ظلم الدولة و تيزها ضد مواطنيها ،و أحسب أن الدّولة ككائن وجِ َد ف لظة تاريية معينة دون
أن يدركها مواطنوها ككائن ،بل ولِدت كقبيلة كبية استطاعت استيعاب مموعة من القبائل ،و أن
اللك ية الشخ صية و الرب ال ت جل بت الز يد من الملك كا نا أ حد أ هم أ سباب نشوء الدولة كتنظ يم
إنسان ـ أنظر (قصة الضارة ـ ول ديورانت ـ الزء الول).
و الب حث ال هم و الّذي ل ي ستطيع ال سلميون إثبا ته هو :ما هي الدلة التاري ية ال ت تث بت أن
"النبياء" و الدّوافع الرّوحية هي الت كانت الساس الوّل لنشاء الدّولة إذ ل يكفي استدللم باليات
و الحاد يث و هي القابلة أ صل أن يكون ل ا أك ثر من تأو يل و مع ن دون أن ي صلوا على ألة تاري ية
ملموسة كالخطوطات أو أي شيء يصلح للستدلل التاريي ،و معلوم أن الدولة ل تكون ضرورة إل
حينما يصل الجتمع البشري إل درجة معينة من الكمال و تشابك الرّغبات و الصال و تناقضها و حاجة
الما عة إل تذل يل العقبات أو د فع الخطار ،و الدولة ككائن حين ما وُجِدَت كا نت نقي ضا للفرد ف
جا نب من جوانب ها الت سلطية هذا الفرد الّذي كان أك ثر حُريّة ف متمعات ما ق بل الدولة ،ل كن الفرد
استعاد الانب الياب من علقته بالدّولة الكائن المثل للجماعة حيث أصبحت الدّولة تقوم على الفرد
الذي ينـح بركتـه للدولة مـن خلل تصـويته لاـ ،بالتال فإن الدولة الليبالي ّة الديثـة تقوم على كل
الطرفي ،صوت الفرد و الفراد الّذين يُكوّنون كتل و أحزابا لتوجيه مسارها السياسي و الجتماعي و
السياسي.
إ نّ الفرد يبدع و يُت قن عمله و يكون إيابيّة أك ثر م نه سلبيّة حين ما يُدرك قي مة ذا ته و أ نه ل يس مرد
صِفر من الصفار الّت يستوعبها رقم ما ،و مهما كان هيجل و ماركس قادرين على إلغاء أهيّة الفرد
عب الستدلل الفلسفي ،و كذلك يفعل السلميّون و لكن عب طريقة أُخرى ،إلّ أن اللبالية الغربية و
عب ناحاتا كونا نظاما طبيعيا أثبتت عب جانبها التطبيقي أن الفرد هو الساس الّذي تقوم عليه الدّولة و
162
مهما كان الفرد ذاتيّا ف تفكيه فإنه يلجأ إل الدّولة شاء أم أب لنا إحدى حاجاته الساسيّة حالا حال
الاء و الواء و الطعام ،و هو ر غم ضرورة هذه الا جة إل أ نه قادر على أن يُعطي ها حجمها و نوع ها و
ضعفها و قوتا ،فالدّولة الّت يكوّنا أفراد أقوياء الرادة ـ بعن أنّهم يعشقون حريّتهم القيدة بقانون ـ
فإنّـ هذه الدّولة تكون خفيفـة تاه مواطنيهـا و ثقيلة و مُهمّة تاه غيهـا مـن الدّول ،فالفرد و الفرديـة
ك صفة عامّة هي الّ ت ت ستطيع أن تكون نواة دولة حقيقيّة ،و نا ية التار يخ ـ النظريّة الّ ت خرج ب ا
فوكوياما ـ تأ ت من هذا الانب ،بع ن أ ّن دولة "الفرد" يكاد يكون الثال الخي للدولة التكاملة ،و
نن هنا أضفنا عبارة التّشكيك للمانة العلمية ،فقد يرج علينا العلم بنظريات أفضل و أكثر تطورا ما
نن عليه الن.
سيّد ال صّدر ف ماولة فكريّة م نه إل إياد حل أو توازن للنعت ي الادّيّة و الرّوحيّة اللت ي
يقول ال ّ
تتصارعان ف النسان:
" السلوب الول :هو تركيز التفسي الواقعي للحياة ,وإشاعة فهمها ف
لونا الصحيح ,كمقدمة تهيدية إل حياة أخروية ,يكسب النسان فيها من السعادة على
نفس الوقت الذي يقق فيه أهدافه الجتماعية الكبى .فالدين يأخذ بيد
فيه ,الت تقق رضا ال تعال ,لن ذلك يدخل ف حساب ربه الشخصي,
ما دام كل عمل ونشاط ف هذا اليدان يعوض عنه بأعظم العوض وأجله.
وتفسيها "..فلسفتنا.
163
سيّد ال صّدر تنبثق منه جلة إشكالت حقيقيّة ،ذلك أنّه أسلوب هذا الُسلوب الول الّذي طرحه ال ّ
"إ سلمي" ب ت و ل يس له نظرة تتجاوز الدّ ين ال سلمي ،مع ملح ظة أ نّ ل كل د ين مفاهي مه و
دينـ بعينـه دون الخـر ،فاليان و الضّلل و الكفـر هـي
مصـطلحاته الاصـة الّتـ يتداولاـ أفراد كُلّ ٍ
مصطلحات تتداولا الديان الثلث ،اليهودية ،السيحيّة و السلم ،و لكن لكل منها تعريفه الاص ،
ي درجة من النجاح لرأينا دينا ما يستوعب الخرين ف جناته ،فاليهود ل يدعون فلو كان لذا النهج أ ّ
ص بم ،أما السيحيون فرغم أحدا إل جنتهم و ل يُحذّرون أحدا من جحيمهم لن دينهم هو شيء خا ّ
ت سامهم و ا ستيعابم للخر ين ف حيات نا الدّنيو ية إل أن الخر ين الّذ ين ل يؤمنون بال سيح كمخلص
سوف يدخلون جهنم مهما قاموا بأعمال جليلة ،و السلم أخطر من هذا الانب ،فهو يرفض الخرين
فـ الدّنيـا و الخرة و ل مال لي يهودي أو نصـران أو أي ديـن آخـر فـ اللود مـن دون أن يدخـل
السلم ،و ل يرج على هذا إل قلّة قليلة كالرحوم علي الشّريعت الّذي كان يؤمن بأنه سيلتقي ف الّنّة
بأستاذه السيحي.
و ال هم ه نا ،و هو خط ي بنظري ،أ نّ هذا ال سلوب إحالة خطية ل سألة اللص الشّخ صي إل
السّلطة أو الدّولة ،مع أن الدّين هو شأن شخصي بت ل يستطيع أي سلطان زمن أو أرضي ،و ل يق
لذا ال سلطان أ صل ،أن يت صرف ف م سألة تتعلق بال وحده و م سألة اليان لي ست بضا عة تُباع ف
سوبرماركت أو م ل للبقالة و ل ي كن ل يّ ميزان أر ضي أن يزن ا ،و ف رأ يي أ نّ هذه العبارات هي
دعوة مُقنّعة إل ولية الفقيه ،و هي النّظريّة الّت تكاد تدم البيت اليران على رؤوس ساكنيه.
و يُضيف السّيّد الصّدر:
للحياة ,فان الفهم الادي للحياة يعل النسان بطبيعته ل ينظر إل إل ميدانه
الاضر وحياته الحدودة ,على عكس التفسي الواقعي للحياة الذي يقدمه
السلم ,فانه يوسع من ميدان النسان ,ويفرض عليه نظرة أعمق إل
" وأما السلوب الثان الذي يتخذه الدين ,للتوفيق بي الدافع الذات
والقيم أو الصال الجتماعية فهو التعهد بتربية اخلقية خاصة ,تعن بتغذية
النسان روحيا ,وتنمية العواطف النسانية والشاعر اللقية فيه .فان ف طبيعة
النسان ـ كما العنا سابقا ـ طاقات واستعدادات ليول متنوعة ,بعضها ميول مادية
وبعضها ميول معنوية تتفتح وتنمو بالتربية والتعاهد ,ولجل ذلك كان من
الطبيعي للنسان ـ إذا ترك لنفسه ـ أن تسيطر عليه اليول الادية لنا تتفتح بصورة
والدين باعتباره يؤمن بقيادة معصومة مسددة من ال ,فهو يوكل أمر تربية النسانية
اللقية والثل الت يربيه الدين على احترامها ويستبسل ف سبيلها ,ويزيح عن
165
" وكل نظام اجتماعي ل ينبثق عن ذلك الفهم والحساس فهو إما نظام
الضاعفات وأشد الخطار ,وأما نظام يبس ف الفرد نزعته ويشل فيه طبيعته
والفراد ونزعاتم ,بل يتعرض الوجود الجتماعي للنظام دائما للنتكاس على
يد منشئه ما دام هؤلء ذوي نزعات فردية أيضا ,وما دامت هذه النعات تد
166
لا ـ بكبت النعات الفردية الخرى وتسلم القيادة الاسة ـ ما ًل واسعا وميدانا
إ ّن حقوق الفرد ل تتعارض مع حقوق الجت مع ،فل يس من حق الفرد ،عقل ،أن يروّج بضا عة تؤذي
صحة الجتمع أو تدد أمنه و استقراره ،لكن مسألة صحة الجتمع يب أن ل تتناول الخلقيات إل
بشكل مدود و مُقنّن لن الخلقيّات أيضا مرتبطة بالريّات العقليّة و الدّينيّة ،لكن القيود على السائل
الخلقية يب أن يتم حي يتعلق المر بفرد "قاصِر" أو غي مؤهّل عقل لكي ل يتم استغلله ،و كمثال
على ذلك شرّعت كثي من الدّول الغربيّة قواني تنع استغلل الطفال أو غي الؤهّلي عقل ،إ ّن العقل
ـ الّذي هو أ حد أُ سُس الديان الثّلث با ستثناء الذ هب الوهّا ب ـ هو معيار ال كم القانو ن الّذي
يُقرّر أن الفرد الفلن يتلك حقّ الُريّة أم أ ّن من واجب السّلطة كممثّل للعقل المعي أن تتدخّل لمايته
،و ن ن ل ن سمع و ل نرى أو نقرأ عن أي دولة أو نظام سقط و انار ب سبب اعتماده مبدأ "الريّة" ،
باستثناء المباطورية الرومانية و الّت ل يكن قد تبلور فيها عقل جعي من خلل أفراد يُدركون ماهية
الُريّة الّ ت يتلكون ا أو وظي فة النظام ،ك ما أن الُريّة الفر طة أي ضا ل ت كن ال سّبب الوح يد ف سقوط
المباطورية الرومانية ،بل كانت أسباب أُخرى كالصراعات الدّينيّة و موجات الشعوب الببرية كالون
و الوندال و القوط الّت غزت المباطوريّة و دمّرتا ،إضافة إل الفساد الّذي نر ف الدولة.
سيّد الصّدر:
ث يضيف ال ّ
" وكل فهم معنوي للحياة وإحساس خلقي با ل ينبثق عنهما نظام كامل
للحياة يسب فيه لكل جزء من الجتمع حسابه ,وتعطى لكل فرد حريته الت
هذبا ذلك الفهم والحساس ,والت تقوم الدولة بتحديدها ف ظروف الشذوذ عنهما ...
كونا تلطيفا للجو وتفيفا من الويلت وليست علجا مدودا وقضاءً حاسا
على أمراض الجتمع ومساوئه .وإنا يشاد البناء الجتماعي التماسك على فهم معنوي
167
من اللحظ أن تدخّل الدّولة ف حريّة الفرد واضحة كُل الوضوح ف هذه العبارات ،فمن يا ترى يُقرّر
أن هذه الدود أو تلك تعن خروجا على النظام الطّبيعي ،ل بُ ّد ها هنا أيضا من فقيه أو مُعمّم يُقرر تلك
الدود ،و من جديد نن أمام تربة أُخرى شبيهة بتجربة الكنيسة الكاثوليكية حينما فرضت نفسها على
الدولة و النظام ،و لو ل أن السـيح ل يأتـ إل بشريعـة خفيفـة لكانـت الكاثوليكيـة نسـخة غربيّة مـن
السلم الذي يسود ف بلدنا الن ،بل إن كلمة "الروح" الّت يُردّدها السلميون و من ضمنهم ال سّيّد
الصّدر هي مصطلح مُلغز و يصلُح أن يكون لهُ ألف تفسي و تفسي ،بل إن شخصا ما قد يرى ف المر
أو الكحول علجا أو مرجا لشاكله الرّوحيّة و هي نفسها الّت حرّمها السلم ،و المر نفسه يتكرر مع
سائر السائل الخلقية ،و أجزم أن السلم كان سيكون أخف وطئا على الديقراطية لو أنه امتلك تراثا
فقهيا أخف ،و لربا يصدق الديث النبوي القائل:
"اختلف أمّ ت رح ة"! بع ن أن تعدد الراء قد يف تح م ستقبل لقبول التعدّديّة ال سّياسيّة و الجتماعيّة ،
ل كن تب قى الشكلة أن كل طرف من هذه الطراف الختل فة يعت قد أ نه يت كر القي قة و أن الباق ي إل
جحيم.
سيّد الصّدر:
يقول ال ّ
" وهذا هو السلم ف أخصر عبارة وأروعها .فهو عقيدة معنوية وخلقية,
ينبثق عنها نظام كامل للنسانية ,يرسم لا شوطها الواضح الحدد ,ويضع لا
اللقي با ,وتعتب الفاهيم اللقية أوهاما خالصة خلقتها الصال الادية,
168
والعامل القتصادي هو اللق لكل القيم والعنويات وترجى بعد ذلك سعادة للنسانية,
تبدل البشر ال أجهزة ميكانيكية يقوم على تنظيمها عدة من الهندسي الفنيي" .فلسفتنا.
إن ال سألة ك ما يشرح ها ال صّدر الول ها ه نا تتعلق بال سلم وحده و أن هذا النظام "النظري" ل كي
يتحقق له النجاح ـ و النجاح بقياس العقل هو أن تظى النظرية برضا الغلبيّة ـ يب أن يؤمن به كُ ّل
النّاس و البشريّة أجع و هذا غي مكن عقل ،فهو حي طرح هذه النظريّة السلمية فقد طرحها باتاه
إصلح "النسانيّة" و إنقاذها ،لكن التناقض الّذي يطرح نفسه ذاتيا هنا هو "ما معن أن يتزعم دين من
الديان إصـلح البشريـة"!! و لاذا ل تكون هناك نظريـة فوق دينيـة أو عرقيـة قوميّة لكـي تصـل على
النجاح ،و النتي جة و كردّ ف عل للح كم الدّي ن أن النعات الدّينيّة "التطر فة" ستطرح نف سها و نكون
كب شر معرض ي لرب عاليّة "دين ية" تكون أخ طر من كل الروب الّ ت مرّت بالبشريّة لن ا هذه الرة
"حرب عاليّة مُقدّسة" و ليس من شيء أقدس عند النسان من يقتُل نفسه ليصل إل اللود.
و ليس بِدَعا من القول أنّ النّزعات الدّينيّة تنامت بشكل خطي منذ الثّورة اليرانية ، 1979و ربّما كان
الغرب مظوظـا حينهـا فقـد هيأت ثورة اللل فرصـة كُبى لسـقاط الشّيوعيّة ،لكـن هذه النظريـة
"ال سلموية" قد خل قت دف عا هائل باتاه ال صراع الدّي ن ،بل إ نّ الوليات التحدة نف سها مهددة الن
بالتحول إل دولة مسيحية كردود فعل من الرهاب السلمي.
إ ّن النظرية السلمية ل تعدو أن تكون نظية خصميها الكبيين "الشّيوعيّة" و "القوميّة" ،فهي تدّعي
أناـ تفسـي كامـل و شامـل لكـل تفاصـيل الياة ،بدءا بالكـم و انتهاءا بأصـغر و أدق تفاصـيل الياة
الشّخصيّة ،و لو أنّ مطالب السلميي اقتصرت على طلب "حاية" من نوع ما لطقوس و شعائِر دينيّة و
لريّة العتقاد الدّين !! لكان أمرا معقول و مقبول ،لكنهم هنا يُطالبون بلق "دولة شوليّة" تتدخّل ف
لرّيّة لكنها تقمعها من جهة أُخرى ،يقول السّيّد الصدر مُعقّبا على القتباس السابق:
كُ ّل شيء ،تتغن با ُ
" وقد حل السلم الشعل التفجر بالنور ,بعد أن بلغ البشر درجة خاصة
من الوعي ,فبشر بالقاعدة العنوية واللقية على أوسع نطاق وأبعد مدى,
169
ورفع على أساسها راية إنسانية ,وأقام دولة فكرية ,أخذت بزمام العال ربع
قرن ,واستهدفت إل توحيد البشر كله ,وجعه على قاعدة فكرية واحدة ترسم أسلوب
ولذلك فليس الوعي السياسي للسلم وعيا للناحية الشكلية من الياة الجتماعية
فحسب ,بل هو وعي سياسي عميق ,مرده إل نظرة كلية كاملة نو الياة والكون والجتماع
ف كلمات سابقة شبّه الن سان ف التجر بة الغرب ية بالجهزة أو اللة ،بع ن أن الادّيّة ستطبع الجت مع
بطابع واحد و تعل الميع يفقدون أحاسيسهم و علقاتم كبشر ،لكن ها هنا نن مع إعلن صريح
بأ ّن على الجت مع أن يتحوّل إل جا عة من الرّوحانيّ ي و الغرق ف "الشعائر و الطّقوس" الدّينيّة و الّ ت
ستنتهي حتما بنمط واحد من التفكي و يكون الفرد أو الفراد مرّد تكرار مُمِلّ للعقل الدّين السّائد ،بل
إن عباراته واضحة ل تتمل التّأويل ف جعل السلم دينا و نظريّة شُموليّة ل أمل معها ف أي تعدّديّة
فكريّة ،و أ يّ م سّ بذه النهجيّة "الشّموليّة" سُي َردّ عليها بنظرية تآمر أكيدة ،لن أ يّ نقد للمُعتقدات
ال سّائدة سيكون مواجهة مع الدّولة و مع ال ،و هذان خصمان كفيلن بإفشال أي عملية نقد ،إ نّ ج ّر
الُقدّس إل سـاحة الدّولة و النظام السـياسي كفيـل بالقضاء على الطرفيـ ،فالدّيـن سـيتحول حينهـا إل
"كهنوت" يول حياة الجتمع إل سجن تت الرّقابة ،و الدّولة إل أداة بيدِ هذا "الكهنوت".
و مهما نظّروا و نظّرنا للمسألة الدينية و ربطناها بعوامل اقتصاديّة و اجتماعية ،فلن نرج إل بيمنة فريق
صغي "نبة من العمامات" شبيهة بن خب الشيوعيّة و النظريّات القوميّة الّ ت تن ظر للخر دو ما على أ نه
170
والكون ول مرتكزا على فهم كامل لقيمها الت تتصل بالياة الجتماعية وتؤثر فيها.
وهو لذا ليس مبدأ بالعن الدقيق للفظ البدأ ,لن البدأ عقيدة ف
فهذه الكلمات عبارات صرية واض حة ل ل بس في ها ف أن الدّيقراطيّة القائ مة على الريات الفرديّة و
الجتماعيّة ليست نظرية "شوليّة" و هي بذا العن ل تفرض نفسها على أحد و ل تقوم بوضع تفاصيل
حياة الخرين و حياة الجتمع لنا "شخصيّة مايدة" و هي بذا العن ل تفرض دينا أو معتقدا على أحد
،اللهـم إلّ أن تفرض على الّميـع مفهوم واحدا هـو "حريّة العتقـد و حريّة الرادة" ،و حتـ تلك
القرارات التشدّدة تاه الدّين كانت ردّ فعل طبيعي من العلمانيي تاه اليمنة "باسم ال و الدّين" بعن
أوضح أن العلمانيّة القيقيّة ليست ضدّ الدّين بقدر ما هي ض ّد استغلل طرف ما للقداسة الدّينيّة للهيمنة
على السّلطة و الجتمع ،ففي تركيا العثمانيّة كان شيخ السلم ـ و هو أعلى سلطة فقهيّة ف الدّولة ـ
يُفت حسب هوى ال سّلطان العُثمان و حاشيته و حريه ،فكان ي ّل للسلطان مثل أن يقتُل كلّ إخوته و
حسب "فتوى شرعيّة" لكي يصل انتقال سليم للسلطة ،بل إ نّ أحد سلطي آل عثمان قتل 19من
إخوته ف يوم واحد لكي ل ينافسه أحد على السلطة و بفتوى شرعيّة (أنظر كتاب :شرفنامة ج ، )1و
ند أن كاتبا "إسلمويّا" مثل زياد ممود أبو غنيمة ل يد أي عيب ف أن يكتب مقال مطول ف تبير
كل هذه الرائم.
و لكن يا ترى هل تتاج "الدّولة" بفهوم ها العام إل فلسفة شاملة تلك كل الجوبة لكل السئلة!! و
سهُ يُقرّ بذلك ـ ضعي فا و حقيا ضئيل ف هذا
لاذا يكون هذا ضرور يا ما دام الن سان ـ و الدّ ين نف ُ
الكون الل متناهي!! و ما علقة بناء الدّولة كشبكة علقات ضخمة بفاهيم و صياغات دينيّة متلفة من
دين إل آخر و من شخص إل شخص! و لاذا ل تكون الدّولة كائنا غي مقدس بالشكل الّذي تكون فيه
أقرب إل شر كة علقات عامّة من ها ب ـ"وك يل ل على الرض" ،و ياول ال سيد ال صّدر حين ما يبدأ
171
بناقشة الفكر الفلسفي للماركسيّة أن يبدأ من حيث بدأ كل الفلسفة الديثون الّذين يبنون الفلسفة على
م صادر الدراك البشري للمعر فة ،ل كن ال طأ ُكلّ ال طأ هو أن ال سّيّد ال صّدر و ب عد أن ن قض النظريّة
الاركسيّة "الشّموليّة" طرح مكانا نظريّة شوليّة أخطر ،فالشّيوعيّة نظرية مادّيّة و من السهل هدمها لنا
ل ت ستند إ ّل على ز عم تاري ي بأ ّن الن سان الول كان "شيوع يا" و ل يتلك أفراده إل ما يتا جه ،أ ما
النظرية السلميّة فهي "مقدّسة" و من الطر العبث معها.
سيّد الصّدر:
يقول ال ّ
" تدور حول العرفة النسانية مناقشات فلسفية حادة تتل مركز رئيسيا ف الفلسفة
وخاصة الفلسفة الديثة ,فهي نقطة النطلق الفلسفي لقامة فلسفة متماسكة عن الكون
وإحدى تلك الناقشات الضخمة هي الناقشة الت تتناول مصادر العرفة ومنابعها
للكيان الفكري البار الذي تلكه البشرية فتجيب بذلك على هذا السؤال:
كيف نشأت العرفة عند النسان ,وكيف تكونت حياته العقلية بكل ما تزخر به من أفكار
الفكر والدراك؟؟
إن النسان ـ كل إنسان ـ يعلم أشياء عديدة ف حياته وتتعدد ف نفسه الوان من
بعضها عن بعض ,فيستعي النسان بعرفة سابقة على تكوين معرفة جديدة.
والسألة هي أن نضع يدنا على اليوط الولية للتفكي ,على الينبوع العام للدراك
إ نّ الب حث عن فل سفة متكاملة متما سكة ل غموض في ها و ل تنا قض و ت يب على كُ ّل سؤال!! هو
ضرب من اليال ،بل إنّه ل يقلّ خيال عن أي نظرية مادّيّة ـ ف مفهوم مادّيّة القرن العشرين ـ الّت
آمنت أنّ النسان حلّ ملّ ال ،فالنسان ليس إنسانا طالا ل يكن هذا الكائن الليء بالخطاء و العيوب
و الهل "كلّما زاد علمي ،زاد علمي بهلي" ،من هنا فإن أي ماولة للق تكامل من نوع ما هو بد
ذاته نقص ،فالنظريات العلمية و الفلسفية ف تغيّر مُستمر يواكب اطلع النسان و تو سّع ثقافته ،فقد
شكّ حينما اتّسعت معرفته و مداركه ،ث عاد إل سارع النسان إل الدّين ف عصور الظلم ،ث بدأ ي ُ
الشّ كّ ف ثقافته و نظريّاته العلمية منذ ظهور نسبية أينشتاين ف منتصف القرن العشرين و عادت نزعة
التّديّن بقوة ،لكن هل أن هذا سيستمر و كأنا التميّة النهائيّة للتاريخ؟ أم أن ثّة تارب بشرية ستعيد
ردّات الفعل القويّة ضد الدّين ،هذا يتوقف على أسلوب تعاملنا و ملئمتنا بي الدّين كمُقدّس متكامل و
النسان ككائن جاهل قد يُسيء إل نفسه عب الستخدام الاطيء للدّين و النظام السّياسي ،النسان ف
طبعه كائن مبّ للحريّة و النطلق ،حتّى الُتديّن الّذي يطمع ف الّنّة هو طامع ف حُريّة جنسيّة و تلّل
من الخلق سيحصل عليهِ حينما يصل على اللود.
من يُج سّد هذا ال ّد ين أو ذاك ،فال سلم مثل ل يس ل هُ وجود خار جي عن ال سلمي و با ستطاعة هؤلء
إظهاره جيل أو قبيحا ،متساما أو عنيفا.
هناك حالة تنافُر بي الطّرح العام ف كتاب "فلسفتنا" الّذي يبدأ بنقد الفرديّة ف الذهب الدّيقراطي الغرب
و العقليّة المعيّة التطر فة ف الارك سيّة ،إذ ينقُض ال سّيّد الصدر النظريّة الارك سيّة من الساس حين ما
يُشي إل أنا كمذهب ألغت الفرد و طموحاته و النسان بدون طموح و حب الذّات ل معن ل ُه ،لكنه
عاد و انتقد دور الفرد ف النظمة الغربيّة ف ماولة للق متمع يُزعَ مُ أنّه متوازن بي التطرفي ،لكن هذا
ل عن تطبيقاتا ،من هنا فإننا ندرك أ ّن التوازن الفقود ف التّوازن غي موجود ف النّظريّة السلميّة فض ً
النظام ال سلمي الزعوم يعود إل سببٍ ب سيط و هو أن للدّولة دورا ف تنشأة الفرد نشأةً دينيّة و الدّولة
غالبا ما تلجأ إل تبن نظريّة دينيّة بعينها أو تكييف الدّين بيث يُلئم ذوق و مصلحة الطبقة الاكمة و
امتيازاتا ،لذلك تُمثّل العلمانيّة الل النع لكل هذه التعقيدات و الفوضى الدّينيّة و ال سّياسيّة ،و لو أن
ال سلميي ل يُفكّروا عب نظريّة "ال صّراع" لربّ ما كان بإمكان م حين ها إخراج نظريات تتلئم و حا جة
حرّيّة بفهومها الغرب و إظهارها بظهر
النّاس للحريّة ،و الطأ الّذي وقع فيه ال سّيّد ال صّدر هو انتقاده لل ُ
ل ،هذا الطأ كرره ال صّدر الثان أيضا حينما كان سيّء" لجتمعاتنا الّت ل تعرف أو تذُق ا ُ
ل ّريّة أص ً "ال ّ
ينت قد الفهوم الغر ب للحريّة ف خط بة الم عة ف ظلّ نظام الب عث الّذي كان ل يعرف إلّ لُ غة الق هر و
تدمي أ يّ بوادر تفكي تعدّدي أو مؤمن بالُريّة ،و لو كان بديل القهر و الطّغيان هو قيام نظام ُحرّ على
النّمط الغرب لكان ذلك جديرا بالتّضحية و لكن ما العمل مع عقليّة تؤمن بالصّراع.
إ نّ ماولة إياد حلول لجتمع يئن تت وطأة الكبت و القهر و تعطيل عضلت التفكي ل يتمّ عب إياد
ث ديقراطي أو متسامح ،ل يكن أن "نظام شول" ،لن متمعات ل يتب أفرادها ا ُ
ل ّريّة و ليس لم ترا ٌ
لرّيّات الكاملة ،إن قضيّة التّوازن بي الفرد و الجتمع و الدّولة هي مسألة أساسيّة
تنجح بدون إطلق ا ُ
ل ّل أيّ إشكال ف واقعنا ،لكن التّوازن ف السائل العتباريّة ـ غي الادّيّة الحسوسة ـ هو أمر أقرب
إل ال ستحيل ،فالوضوع ل يس ب سيطا كأن تشتري وز نا معي نا من مادّة مأكولة أو مشرو بة !! بل هو
توازن قائم على فهـم فلسـفي ياول كشـف العلقات الخبوءة وراء مـا هـو موجود على أرض الواقـع ،
لكنّن أميل إل أُحَطّم هذا التّوازن لصال الفرد "فردنا" كردّ على مفهوم "فلسفتنا" ،ل نّ الجتمع و إن
خ سِر ف الظّاهِر بعضا من تفّظاته لصال الفرد! إل أ نّ الجتمع نفسه كـ"مموع أفراد" سيستفيد من
174
ح ّريّة أفراده ،و هذا يُشبه كمثال و تشبيه إعطاء دواء يُقويّ خليا السم فتكون النتيجة أ ّن السم كُلّه
ينشط بفعل نشاط خلياه.
طوال عِدّة صفحات مُتتالية ،يُناقِش ال سّيّد ال صّدر النظريات الفلسفيّة حول منابع العقل و الحساس من
ح يث ه َي م صادِر للعلم الن سان بحي طه بغ ية ال صول على ح كم واق عي على الشياء ،بدًأ من نظريّة
ا ُلثُل لـ"أفلطون" و مرورا بنظريات "ديكارت" و "كانت" حول إياد مبّرات فطريّة لبعض الفكار ،
و انتهاءا ب ـ"النظريّة الِ سّيّة" اّل ت روّج ل ا "باركلي" " ،هيوم" و نا صرها الشّيوعيّون و الارك سيّون ،
ل كن ال سّيّد ال صّدر ل يطرح سؤال أه ّم ،و هو ذات هُ المرُ الّذي فعله الارك سيون ،و ال سؤال هو :أّن نا
نطرح كلّ هذه النظريات جان با و ل شأن ل نا بقيمت ها أو بن صيبها من ال ق و البا طل ،ل كن أل يس هناك
جواب منط قي يقول أ نّ كلّ هذه تارب "شخ صيّة" و أ نّ ك ّل وا حد من هؤلء الفل سفة ،و ال صّدر
وا حد من هم ،قد رأى جان با ـ جزءا ـ قط عة ـ من القي قة و الوا قع الح يط ب نا كأفراد !! من غ ي
سبَ النطق و الديان الُمكن إذا إياد العقل الفلسفي الكّلّي و النّظام الّذي ل عيب فيه!! فالنسان و حَ َ
و التّار يخ ،حيثُ ما كان تكون الشاكِل ،و حيثُ ما تكون الشا كل يكون الن سان هناك ،بل إ ّن كل مة
"مُشكلة" ل وجود لا بِدون النسان ،و من الستحيل خلق متمع "الفلسفة" على نط نظريّة أفلطون
و الفاراب ف "جهوريّة الفلسفة" أو "أخلق الدينة الفاضِلة" لنّ هكذا مُدُن ل توجد إل ف عال خيال
ف رؤوس الالي فقط.
إذا كانت دولة من الدّول أو نظام من النظمة ال سّياسيّة و الجتماعيّة ل يلو من الشاكِل و شيء من
الفوضى ،فإن النظام الدّيقراطي اللبال الرّأسال هو أخفّ النظمة ضررا ،لنّه و ببساطة يترك للنسان
لرّيّة الّت رسخت ف شخصيّتهِ و يكون حينها أن يُعوّض عن مشاكله و يُعال أخطاء الدّولة و الجتمع با ُ
مرتاحا على القل و رغم كُلّ مشا ِكلِ هِ لنّ هُ يُفكّر ف إياد حلول لا من دون خوف أو رقابة ،و نب
هنا أ نّ نطرح سؤال ملحا لن يؤمنون بنهج موجّه كما هو حال القوميي و الاركسيي و السلميي:
فلماذا نفترض أ نّ الفرد ـ و هو ُج ْزءٌ من كُ ّل ـ سوف يكون خطرا على الجت مع و يدمّره !! بين ما
نتجاهل الاكنة أو اللة الضخمة "الدّولة" و الّت هي تسيد للمجتمع ،حينما تسحق الشّعب كُلّه عب
سح ِق أفراده و تدميهم لذابتهم ف الكُل ،إ نّ النسان ـ ككائن مُجرد ـ ل وجود له إل ف ميّلتنا ،
فمنذ الطّفولة و من خلل رؤيتنا التكرّرة للبشر و الفراد ،نكون تصوّرا اسه "النسان" ،و هذا التصور
كت صورنا لنوع البقر و ال صان و النبات ،هي مرّد عموميات أو تشابه الفراد ف صفات معينة ،كل
175
البشر يشتركون ف صفات كالوجه و النف و الذرُع و ما إل ذلك من صفات ،لكن ليس كّلهُم بيضا
أو سودا أو سُمرا ،و من هنا نكون فكرة مفادها أن الصفات بي الوجودات هي أشبه بالرم ،فالنسان
و الكلب و البلوط و البل هي أساء موجودات ،لكن بجرد أن نبدأ تصنيفا آخر فنتحدث عن الحياء
و المادات ،نكون قد حذف نا ال بل من الوضوع ليقت صر على الثل ثة الول ،و حين ما نتحدث عن
اليوان الوح يد الّذي يؤلف الك تب ،نكون قد أبقي نا على الن سان ف قط ،و من ال صعب على الفراد
إدراك هذه القارنات من دون قابليات عقلية و تربية اجتماعية ،فكان لزاما أن ننح ُكلّ فرد إمكانيّة إن
يوض تربته الذاتية لستكشاف الحيط أو أن يتجاهل ميطه باختياره الشخصي.
سيّد ال صّدر ما خل صته أن "الذ هب العقلي" هو ما ي ستند عل يه الفل سفة ال سلميون و أن
يقول ال ّ
"الذهب الِ سّي" هو ما استند عليه الاركسيون و فلسفة مادّيّون آخرون ،و كأ نّ كُ ّل الفلسفات غي
السلمية هي "ل عقليّة" أو تقف بالضّدّ من النطق العقلن ،و هذا خطأ بالتأكيد ،لنّه ل يوجد مُنظّر
فلسفي ل يزعم أنّه ياول أن يكون منطقه "عقلنيّا" و واقعيّا ،لكن العتراض يكمُن ف كيفيّة نظر هذا
الع قل إل الكون و الياة ،و حتّى النّازيّة الّ ت أرادت القضاء على كل ما ل ينت مي إل العرق الري و
البيض ،كان ي ْزعُم أنّه منطقي و عقلن تاما ،و لو كان السلميّون عقلنيي حقّا لكان عليهم إتاحة
لرّ و بدون رقا بة ،لكنّ هم لل سف ـ حال م حال الارك سيي ـ ينظرون إل لرّيّة الطل قة للتفك ي ا ُ
اُ
المور من أعلى و من فوق ،و ل ي كن أن يكون الرء عقلنيّا و منطقيّا مه ما ب ث ف الفل سفة لنّه
ببساطة ينظر إل العقل من فوق و من علياء.
سيّد الصدر حينما يتحدّث عن الاركسية و نقده لحاولتها فرض مفهوم واحد عام عن الادّة ونن مع ال ّ
إنكارها أيّ دور للعقل بعزل عن التجربة الادّيّة ،فهناك مساحات و طاقات مبوءة و مكنونة ف النسان
ل تستكشف بعد ،لكن هناك خطأ يوقع السلميّون أنفُسَهم في ِه و هو أنّهم يعزلون عال "الروحانيّات"
عن عالنا الواقعي ،مع أ نّ هناك أحاديث تروى عن النّب ممّد تعل من الرؤيا ال صّادقة ـ الحلم الّت
تستكشف الاضي أو الستقبل أو الاضر البعيد ـ جزءا من اثني و سبعي جزءا من النّبوة ،و هذا يبدوا
لول وهلة و كأ ّن النبوة هي أيضا عبقريّة خارقة تفوق الدّ الطّبيعي للعقل ،و مُن ُذ ظهور نسبيّة أينشتي
Einsteinتغيت نظرة العلماء إل الادّة و أ صبحت هناك شعرة رفي عة ب ي الادّة و الرّوح ،ف من كان
ي صدق أن هذا الكون ب كل ضخام ته كان ف ح جم ال ّذرّة ث تو سّع ح سب نظريّة النفجار ال كبي ،إن
ثنائيّة "الادّة" و "الرّوح" يب أن تُلغى أو تُطوّر إل نظريّة أكثر ثوريّة و أقدر على اللئمة بي كِلمَتي
176
لطالا كانت سبب خلف و تناقُ ضٍ بي البشر ،فل الاركسيّة البالية استطاعت بفاهيمها الرّجعيّة عن
الادّة و الكون و النسان أن تلق متمعا يلئم النسان الطبيعي ،و ل السلم الُسيّس الُوجّه بقادر على
ذلك ،فكله ا و ضع قانو نا عامّا و فرضَ هُ على الخر ين ،الارك سيّون مار سوا الدّكتاتوريّة ت ت شعار
"القانون الطّبيعي الادّي" و "ال صّراع الطب قي" ،بين ما يارس ال سلميّون هيمنت هم و سيطرتم ت ت
شعار "النّظام اللي" و "الولية الليّة" ،و لو تأملت قليل فلن تد فرقا حقيقيّا بي "مادّة ماركس" و
ب رفسنجان "ا ُلعَمّم" بالتجربة "الصّينيّة الشّيوعيّة"!!. "إله السلميي" ،من هنا ل نستغرب أن ُيعْ َ
ج َ
سيّد ال صّدر ف جلة من الباد يء الفل سفيّة كمحاول ته إياد توازن ب ي "التجر بة" قد ل نتلف مع ال ّ
كمقياس للحقائق و الباد يء العقليّة ال ساسيّة ـ بع ن أن للع قل مباد يء ثاب تة يق يس المور علي ها ـ
لكن نا نتلف م عه ف أن عددا من هذه الباد يء الفل سفيّة "العقليّة" من الم كن أن يُب ن علي ها إل ما ل
ناية ،و لو كانت هذه الباديء راسخة ف العقل البشري و لو كان العقل بنجاة من خداع الواس أو
الرّغبات لكان لزا ما أن ي صِلَ كُلّ العقلء إل ال ستنتاجات نفْ سِها ،و من جلة تلك الباد يء العقليّة ،
مبدأ عدم التنا قض ،هذا البدأ يع مل بشك ٍل مُحْكَم ف ال سائل الادّيّة اللمو سة أو ح ي تن ظر الذات إل
نفسها ،لكن ما أن يبدأ تعامل النسان مع ما هو غائب أو غيب ،حت يتعطّل هذا البدأ ،مثل حينما
ند السيحي يؤمن بأنّ ال واح ٌد ف ثَلثة أقانيم و ل يد ف نفسه مانعا أن يؤمن با هو متناقض لعقلنا ،
أو حينما يؤمن السلم بأن نب السلم هو "رح ٌة للعالي" ثّ يُعلن أن غي السلمي كلّهم ف جهنّم مهما
كانوا صالي! ،إذا ل يكن أن نعترض بالرفض أو القبول للمسائل العقائدية عب الفلسفة ،فحي ثُ يبدأ
سنّي التّقليدي" ـ تاما كما توماس أكويناس فيما بعد ـ اليان تتوقف الفلسفة ،لذلك ند الغزال "ال ّ
ط من شأن الفلسفة لنه رآها خطرا على إيانه التقليدي (نقد الطاب الدّين :نصر حامد أبو زيد أن يُ ّ
ص .)86
منطق يا ،كل إن سان فا ٍن و النتي جة النطقيّة أن ممدا أو غيه سيموت ،لك نّ ال سّيّد ال صّدر يؤ من بأن
المام الثّا ن ع شر المام الهدي ح يّ طوال 1100عام م ضت و هذا أم ٌر م كن إيانيّا لك نه م ستحيل
بنطقنا العلمي البشري ،و مهما حاول الفلسفة السلميّون فإنم لن يدوا مناصا من إياد مال متلف
سيّد ال صّدر أو جد عب فل سفته دورا للدّ ين ف الدّولة ’
للفل سفة عن مال اليان الدّي ن ،و بجرّد أ ّن ال ّ
يكون قد أدخل الهندس إل الستشفى ليعمل كطبيب هناك بعد دراسته الندسة طوال أعوام ’ و العكس
أيضا صحيح.
177
ط ف عالنا هذا إنّ العقل ل يكن له أن يُبهن على المور الدّينيّة الغيبيّة لسببٍ وجيه و هو أن العقل مُحا ٌ
بظا هر الادّة و تشكّلت ا و بالتّال ف هو ،على الغلب ،غ ي قادر على ا ستكشاف ما وراء هذه الادّة ،
صحيح أن رينيه ديكارت و من خِلل كتابه " "Meditationsبرهن على القيقة الفكريّة الساسية
"أنا أُفكّر إذا أنا موجود " I 'm thinking so I 'm existلكن حت هذه القيقة ل يكن أن نبن
عليها نظاما فلسفيا ينتهي بإلغاء هذه القيقة و هي أن من ح قّ النسان أن يُفكّر برّيّة و دون خوف ،
من ال هم فل سفيا أن نن ظر إل هذا ال ساس الفل سفي الدّيكار ت بعقلن ية دون أن ن سحب علي ها صفات
الثيولوجيا و الدّين إذ يُصنّف الُمور إل مُقدّس و غي مُقدّس فإنه غالبا ما ُي ّر "عباءة التّقديس" لتغطي ف
النهاية أشياء ل علقة لا بالدّين ،و كنموذج على ذلك ند أن "أهل ال سّنّة" ـ عبيد الكّام ـ انتقلوا
من تقديس النّب و القرآن إل تقديس ال صّحابة و البخاري و مسلم و أخيا قدّسوا بن ُأمَيّة و آل العبّاس
و آل عُثمان و آل سُعودْ و كُلّ الطغاة الاليي ،و الشّيعة انتقلوا من تقديس النّب و آل البيت إل تقديس
كُ ّل الراجع بل و كُل لبس عمامة.
إن الُ سُس النطقيّة الّ ت وضع ها ديكارت ث ب ن علي ها كا نت و جان بول سارتر و نظريّت هِ الوجود ية ،
ليست استنتاجات حتميّة ،و كلّما أضفنا إل "الكوجيتو" الدّيكارت استنتاجا فإنّ الستنتاج أو النتيجة ل
يرقى بالتأكيد إل درجة اليقي الذّات "أنا ُأفَكّر"! بل سيبقى النسان إبنا لبيئته و ميطِ ِه و سيبقى السلم
و السيحي و اليهودي كُلّ واحد يستند ف عقيدته على البدأ ذاته "أنا أُفكّر" ،لكن الفلسفة الناجحة و
الّت أرى أنا ستسود ف الستقبل هي أن القائق نسبيّة با فيها القيقة الدّينيّة ،هذا إذا كان الدّين قائما
فعل على حقي قة !! فال ّد ين ضروري بش كل عام ،ل كن ما أن توض ف تفا صيل الديان ح ت يعتور ها
التناقض و التّضاد و تصبح سبب خلف مع أ نّ الفروض "منطقيا" أن يكون العكس ،و لكي ينتصر أيّ
دين فإ ّن عليه أن ينتظر ظهور ملص مؤيّد بالعجزات يعلن صراحة أ نّ أحدا من هذه الديان حقيقي ،أو
لربّما يعلن أن كُلّ الديان هي من منبعٍ واحد و أ ّن هذا اللف ظاهري فقط.
الكونيّة !ّ"..ل يك في دليل لقا مة دولة دينيّة بقدر ما هو سبب فل سفي كا فٍ لعادة ال مل إل حياة
الناس ،و مـن خلل هذه القدمات الفلسـفيّة البسـيطة نعيـد اليان إل النّاس و فـ الوقـت نفسـه تعود
لنّة و النّار.
الفلسفة لتكون علما حياديّا حينما تبدأ خلفات النّاس الذهبيّة و الدّينيّة و توزيع النّاس بي ا ّ
إ ّن الفرد يُمثّل َحجَر الزّواية ف كُ ّل فلسفة ،فبدون التجربة الذاتيّة الشّخصيّة ل يكن للفلسفة أن توجد ،
الل هم إلّ إذا ا ستفاد الفيل سوف الفرد من خبات و أباث الخر ين و هم أفرا ٌد طبعا ،و كُلمّا كا نت
نزعة التّشكيك تتنامى!! كان فردٌ كسقراط أو ديكارت يستفيد من تربته الذّاتيّة ليُثبِ تْ أ نّ التّشكيك له
سهُ" و قي مة الوجودات كحقي قة
نا ية ،و القي قة الثّابِ تة الوحيدة "فل سفيّا" هي أنّ "النْ سان َيعْقِ ُل َنفْ َ
تتضائل بقدار ما تبتعد عن هذه القيقة ،فالنسان مُدرِ كٌ لذاته منذ وجوده ف هذا الكون ،بينما علمه
بالشياء ،ال و اللة و الرض و التربة و الزّراعة و التناسل و تربية البناء ..إل ،علمه بذه المور ف
تغيّر مستمر و سيبقى المر على هذا النوال إل أمدٍ بعيد.
و النسان هو كائن التحدّي ،فمنذ اللحظة الول لوجوده ف هذا العال و حت قبل أن يكون له إدرا ٌك
يُميّ ز به ب ي الشياء ،فإنّ هُ يع يش حالة التّحدي تاه الوت ـ إذ يُحاوِل البقاء ـ و تاه الُ سرة ـ إذ
غال با ما تُفرض على الن سان كر ها عقيدة أو ثقا فة أو منه ٌج قد ل يروق له أصل ـ و تاه الك بت ـ
كثيا ما تُفرض أخلقيات معيّ نة على الن سان لتجعله إنطوائ يا و سلبيا ـ و تاه رغبا ته ـ أحيا نا على
النسان أن يُضحي ببعض رغباته ف سبيل الخرين.
التحدي الهم و الخطر هو أن ياول النسان العثور على نفسه ،أين مكان أنا كفرد ف هذا العال ،و
ح ت الارك سية حلت سقوطها بنف سها ل نّ إ سم مار كس ـ و هو فرد ـ ط غى على ال مم الشيوع ية
لتصبح "ماركسية" و هذا دليل كاف ف أهية و جوهرية الفرد.
ثانيا ـ الرب الّت تمي اللكية و تلب الزيد من هذه الملك .بقي إضافة أمرٍ آخر ،فقد كان الفرد
شرّ و
س زعمٍ أُخِ َذ على أنّه بديهة عقلية و هو أن النسان بطبعه ينع إل ال ّ
مطما ف ظل الدّولة على أسا ِ
الضرار بالخرين ،بالتال كانت الدّولة تثّل الطبيب و الب الكيم الّذي يدرك مصلحة أبناءه "الرّعيّة"
أك ثر من هم ،ل كن الف ساد و الظلم التر تب على هذا الف هم و الذي كان سائدا و مهيم نا إل نا ية القرن
العشرين ،و أخذ يضعُف منذ أحداث 11سبتمب و تداعياتا ،أظهر أن ماطر إفساد الفراد و خرقهم
لرّيّة هو أفضل من أن تقوم الدولة الستبدة الّت تتمثل ف هيمنة "فرد" أو "أفراد" بكل القانون ف ظل ا ُ
ج شعوب كاملة ف أتون حروب و صراعات ل طائل منها ،من هنا كان الدراك بأن شيء و من ثّ ز ّ
الدولة "كوسيلة" لدارة العدل و اللكية و الدّفاع عن الماعة قد فقدت مشروعيتها لنا أفسدت اللكية
و حولت الرب إل أ مر مفروض بالكراه ،مع أن الرب ي ب أن ل تتجاوز الضرورة الق صوى و إل
فقدت مشروعيتها.
كذلك ال مر بالن سبة للد ين "ال سلم تديدا" ،إذ تول من و سيلة إل غا ية يُذ بح ف سبيلها اللف ،
فالدّين و بجة أنه جاء لفرض العدل و الساواة و حريّة العتقد ،أصبح سببا للفساد و النهب و التفرقة
العنصرية و تبيرا قذرا لبقاء السلطة الفاسدة .من هنا تثل ثُنائية "الدّولة الُستبدّة" و "الدّين التطرّف"
عجلتي تديران ماكنة التخلف ف العال السلمي ،و ما دام الدين ل يوفر التسامح و ال ّريّة فإنه أصبح
عالة ل علجا ،و لكن من أ يّ الطرفي نبدأ التغيي؟! من الدّولة تاه الدين ؟ كما ف التجربة التركيّة و
التّون سيّة .أم من الد ين إل الدولة ؟ و هذه التجر بة ل تتح قق ف العال ال سلم ل د الن ،بل إن الد ين
ال سلمي لدّ الن ُي ساهم ف هيم نة و طغيان الدولة على الفرد ،و ال سلميون ـ سُنّة و شي عة ـ
يُساهون ف إفشاء هذه النظرية الدّونية للفرد ،و استشهاداتنا بفقرات من مؤلفات السّيّد الصدر هي خي
مثال على ذلك.
إ نّ ماولت ال سّيّد الصدر ف نقده للنظرية التجريبية و الّت تنظر إل الثيولوجيا و علم اللهوت كأباث
يغلب عليها طابع "الجهول" أو الغيب الّذي يغلب عليه احتمال الصّدق و الكذب و أنّ السألة الغيبية ما
دا مت ل ت ضع للتجر بة و ال س فل يكن نا التعا مل مع ها على أن ا اليق ي الكا مل ،يأ ت ال سيد ال صدر
ماول تفن يد النظر ية التجريب ية عب توض يح أ سلوب عل مي صاغه التجر يبيون على أ ّن هذا ال سلوب أو
النّهج "التجريب" يناقض النهج التجريب نفسه ،و أ ّن النهج التجريب نفسه يستخلص حقائق ذهنية معيّنة
سيّد الصّدر مثال علميا على ذلك بالقول: حت قبل تعريضها للتجربة ،و ساق ال ّ
180
" ول أدري ماذا يقول الستاذ آير وأمثاله من الوضعيي عن القضايا الت
تتصل بعال الطبيعة ,ول يلك النسان القدرة على التثبت من صوابا أو
خطئها بالتجربة ,كما إذا قلنا (إن الوجه الخر للقمر الذي ل يقابل الرض
زاخر بالبال والوديان) فاننا ل نلك وقد ل يتاح لنا ف الستقبل أن نلك
المكانات التجريبية لستكشاف صدق هذه القضية أو كذبا بالرغم من أنا تتحدث عن
أننا نعلم جيعا أن العلم كثيا ما يطرح قضايا من هذا القبيل على صعيد
البحث قبل أن يلك التجربة الاسة بصددها ويظل يبحث عن ضوء ليسلطه
عليها حت يده ف ناية الطاف أو يعجز عن الظفر به ,فلماذا كل هذا الهد العلمي
هذه القضية ل يثبت صوابا خارجا عن منهج التجربة و الس ،كما أ ّن الفرق شاسع و كبي بي القضيّة
العلمية ـ الّت ل يترتب عليها أثر اجتماعي سياسي اقتصادي غالبا ـ و بي القضيّة الدّينيّة الّت يكن أن
تت سبب برب عال ية يدّ عي كُلّ طر فٍ ف يه أ نه "وك يل ال على الرض"! فقض ية أن يكون الو جه الظلم
للقمر متلفا عن الانب الخر أو ل !! ل يترتب عليه ما يترتب على القضية الدّينيّة الّت تقول مثل :أن
كُل تشريع ل ُيتّ إل الشريعة الليّة هو شرك و باطل" فمسألة كهذه يترتب عليها رفض القواني الدنيّة
،التنظيم السياسي الديث ،النتخاب الديقراطي و غيها من الباديء الديثة ،كما أن ادعاء العلماء
بأن الوجه الخر للقمر بأنه ل يتلف عن الوجه الخر يعود إل العطيات العلمية "التجريبية" السابقة ،
بع ن أن معلومات نا عن البيئة و الواء و التر بة و المتداد الغرا ف أنت جت ل نا معر فة بالا نب ال خر من
القمر.
181
إن ال سألة الدّينيّة ـ حين ما يع جز الع قل عن إثبات ا ـ ل تد خل ض من "الكذب" أو "الل حقي قة" لن
السألة الدينية تتخطى القاييس التجريبية العلمية الحسوسة إل اليتافيزيقي الذي يغلب عليه احتمال تعدد
الستنتاجات ،و للسبب نفسه وقع الغزال ف مأزق حقيقي حينما وجد أنه بي احتمالي ل ثالث لما ،
فإمّا أن يكون متديّنا مؤمنا!! أو منطقيا عقليا!! بعن أنه وجد أن العقل ـ رغم مدوديته ـ يصطدم
بالدين على أنه غي قابل للتصديق ،فانتهى به المر أن ألغى دور العقل عب تشكيكه بالحاسيس و كونا
ال صادر الوحيدة إل الع قل ،و هذا ل يس ب صحيح بدل يل أ نه نا قض نف سه عب ا ستدلله "منطقيّا"! على
بطلن "الن طق" و "الفل سفة" و هذه اللح ظة ال ساسية خرج ب ا الفيل سوف العظ يم "ا بن ر شد" ف ردّه
"تافت التهافت" ،إن السألة الدّينية تدخل دوما ف تعدد الحتمالت و احتمال أن يكون هناك أكثر من
نتيجة للقضيّة الدّينية الواحدة ،كما أ نّ الدّين لكونه تربة "شخصيّة" ل تتعدّى الفرد ل يكن للمجتمع
أن يتبنّى وج هة ن ظر واحدة و بالتّال تتو قف التجر بة الدّينيّة عن أن تكون عقل ية روحيّة لت صبح لت صبح
تقليدا اجتماعيـا مقيدة بتجربـة واحدة أو قليلة ،مـن هنـا تعود الدّولة كخصـمٍ للفرد لتهيمـن على كُلّ
تفاصيل حياتِه حت الشّخص ّي منها.
" وتاول الوضعية ف هذا الجال أن تستدرك ,فهي تقول أن الهم هو
المكان النطقي ل المكان الفعلي ,فكل قضية كان مكنا من الوجهة النظرية الصول
على تربة هادية بشأنا ,فهي ذات معن وجديرة بالبحث وإن ل
ونن نرى ف هذه الحاولة ,أن الوضعية قد استعارت مفهوما ميتافيزيقيا لتكميل بنائها
المكان النطقي الذي ميزته عن المكان الفعلي ,وإل فما هو العطى السي للمكان
فماذا يبقى للمكان النظري من معن غي مفهومه اليتافيزيقي الذي ل أثر له
على صورة الواقع الارجي ول تتلف العطيات السية تبعا له ,أفلم يصبح
مقياس الوضعية للكلم الفهوم ميتافيزيقيا ف ناية الشوط ,وبالتال كلما غي
إ ّن النظرية السطحية لعن كلمة "تربة" هو الّذي أدّى إل هذا الشكل من النقد الوجه إل ظاهر كلمة
"تربة"! إذ أن التجربة ل تعن ذلك النطق القدي القائل بأن التجربة ـ و هي أكب برهان ـ هي نتاج
الخ تبات ف قط ! ذلك أن هناك علو ما تريب ية خار جة عن نطاق "الخ تب" كغر فة ضي قة في ها ب عض
اليوانات أو الواد الكيميائيّة للح صول على نتائج ،و التار يخ خ ي مثال على ذلك ،صحيح أن التار يخ
أي ضا ـ و الدّ ين في ما ب عد ـ قد ان ضم ف ب عض جوان به إل الخ تب ،فأ صبح بالمكان إجراء اختبار
للحمض النووي ال ستخرج من القابر القدية بل و حت درجة القرا بة بي اليا كل العظمية و عمرها و
حالت ها ال صّحيّة ،ل كن هناك حقائق تاري ية ل ي كن أخضاع ها للتجر بة "كمخ تب" إنّ ما هي خاض عة
للمنهج التجريب "العقلي" ،فالتجربة هي منهج و منطق متكامل يكن التوصل إل حقيقته عب شروط و
ظروف معينة ،لكن الدّين و هو ذو بعدين أحدها أفقي تأريي و الخر عمودي "غيب" ل يكن التعامل
معه بواسطة الختب ،اللهم إل ف حالت نادرة كما عندما تّ فحص مطوطات دينيّة ف متبات متصة
لعر فة حيثيات ا ،ز من و مكان كتابت ها!! من ه نا ل ي كن للع قل الد يث أن يق بل أن ي صبح ال ّد ين أداة
احتكار للحقيقة مع أن القيقة الدّينيّة نسبية كأي حقيقة أخرى.
إ ّن الفلسفات الديثة ،سواء عمانوئيل كانظ أو سارتر و غيهم من الواقعيي إنا يستبعدون الدّين من
اليقينيات على الستوى الجتماعي و على مستوى الدّولة ،أمّا على مستوى الفرد و قناعة الشخص فهذا
ما ل يستطيع أحد إنكاره لنّ القناعة الشخصيّة ل يكن لحد أن يتحكم فيها باستثناء صاحبها فقط ،و
أعتقد أن الباث الرّوحيّة الّت قام با الفلسفة و الكماء الشّيعة و الشّيعة الساعيلية و التصوفون من
نط "إبن عرب" ف القرون الوسطى هي خي هدي ف هذا الجال (أنظر :تاريخ الفلسفة السلميّة ـ
هنري كوربان ـ أنظر أيضا :فلسفة التأويل عند إبن عرب لنصر حامد أبو زيد).
" فيه التجربة ,فهل نستطيع أن نكم على القضية الفلسفية بأنا غي ذات
والقضية الفلسفية تعكس ف أذهان أنصارها وخصومها على السواء صورا من
هذا القبيل .وما دامت هناك صورة تقذفها القضية الفلسفية ال أفكارنا فهناك
مال للصدق والكذب وبالتال هناك قضية كاملة جديرة بذا السم ف العرف النطقي,
شيئا موضوعيا خارج حدود الذهن واللفظ فالقضية صادقة وإل فهي كاذبة.
فالصدق والكذب ـ وبالتال الطابع النطقي للقضية ـ ليسا من معطيات التجربة لنقول عن
الذهن وبي أي شيء موضوعي ثابت خارج حدود الذهن واللفظ" فلسفتنا.
إن القض ية اّل ت ل تضع للتجر بة ل ي كن تصديقها بع ن من العان ،ذلك أن الدين و لكونه موضو عا
روحيا يفوق القواني الدنيويّة و لننا ل نستطيع أن نتذوق ـ إذا جاز ل استخدام هذا التعبي الصّوف ـ
تارب الخرين إل من خلل اللفاظ الداعة ـ حسب تعبي ابن عرب ـ لذلك تبقى مسألة التذوق ،
و هي روحية ل جسمانية ،مدودة ف ذات الشخص ،فبينما فهم الشّيعة و ال صّوفيّة عبارات و كلمات
"اللج" و "ابن الرّومي" و "ابن عرب" على أنا تنبع من عمق التقوى و الصلح بل و أنا تل ٍق من الل
العلى!! ن ظر آخرون ـ من سلفيي من أمثال ا بن تيميّة و إ بن ق يم الوز ية و سيّد ق طب ـ إل هذه
العبارات الصوفية على أنا كفر و زندقة يستوجب حت قطع الرقاب!! و إذا كانت القيقة الدّينيّة ظاهرة
للعيان العقلي إل هذا الدـ!! فلماذا انقسـم "التديّنون" ،ليـس فقـط فـ تفاصـيل التطـبيق بـل حتـ فـ
العقيدة ،إل حدّ جعل التاريخ السلمي ـ و السيحي و اليهودي أيضا ـ سلسلة من التصفيات كان
184
الدّ ين دو ما ي ستخدم بذريعت ها ،و ال ق يقال فإن الشّي عة و الت صوفون في ما ب عد سقطوا ضحا يا شعار
"حاية بيضة السلم"!! بالتّال كان على ال سّيّد الصدر التّنبه لذه القيقة التاريية الّت تثّل من تكرارها
"تربة" ملموسة كان من الفروض الستفادة منها!.
إن القضيّة الدّينية ،كالعودة إل الياة بعد الوت ،ل يكن إثباتا عب النطق الفلسفي التجريب و الوضعي
،و لكن لو أقمنا تعدادا ف أي مكان من العال لوجدنا أ نّ الكثريّة هي مؤمنة دوما بالياة الخرة! لكن
مع ذلك ند أنم لن يتفقوا على نوعيّة و تفاصيل هذه الياة ،بل حت داخل الدّين الواحد ـ السلم
سنّة يؤمنون بعذاب ال قب و لدي هم تفا صيل "مرع بة" بذا
مثل ـ ستجد فر قا جوهريّا ،فمثل ن د أ ّن ال ّ
الشأن ،بين ما يع تب الشّي عة و العتزلة أن هذا هو عذاب رو حي ل يت مل كل هذه التفا صيل ،و كذلك
المر ف وصف الياة الخرة ،فبينما يفرط السّنيّون ف اللذات النسيّة للخرة!! ند أ نّ السيحيي و
السـلمي الشّيعـة يضيفون قائليـ أن لذات الياة الخرة ليسـت مـن الصـّنف الدّنيوي ،أمـا الوسـويّون
"اليهود" فيلتزمون الصمت بذا الشأن.
إذا فإن القضيّة الدّينيّة مدودة بدود الرّوح و ل يس ف إمكان الل غة و هي نتاج و ضع مادّي ملموس ،
ليس ف إمكان هذه اللغة أن توصل إلينا التجربة الرّوحيّة دون أن تكون هناك أفهام متعددة و حت متلفة
تاه القضيّة الدّينيّة ،و ما حصل للمسلمي مع القرآن و لليهود مع التوراة و السفار و للمسيحيي مع
العهد الديد هو خي دليل على أ نّ الفهام و الذواق تتلف ف إستيعاب النص الواحد مع ملحظة أن
حدود الختلف تزداد كُلّما تو سّعت مساحة النصوص ،و أود أن أضيف ملحظة سريعة ها هنا حول
اختلف الف هم ال سّنّي الشّي عي للن صّ القدّس ،فال سّنّة لدي هم تو سّع أُف قي ف ف هم ال نص ،و هذا الف هم
الُفقي متوقف على عصرٍ بعينه ،بعن أنّه فهم مقصور على القرني السادس و السابع اليلديي ،الول
و الثّان الجريي ،بزيد من التوضيح نقول أنه توسع أفقي غي مفيد لنّه يوسع نظرتنا إل الفهم الفقهي
الدّين مق صورا على ذلك العصر أي قبل 14قرنا مضت ،أما الفهم الشّيعي العــامودي فهو فهم
ضيق من ح يث امتداده العامودي لك نه واسع من ح يث أنه يتدّ إل ثلث قرون لحقة مع ملح ظة أن
العامود الشّي عي الساعيلي يتد إل الاضر ،كما أن تضي يق التقديس ف الئمة الثن عشر أفضل من
تقديس عصور تاريية بأكملها.