You are on page 1of 2

‫سنوات الضياع‬

‫بعض الحداث تبدأ بدايات عادية ثم تتحول إلى أحداث غريبة‪.‬‬

‫في مدينة أنقرة التركية‪ ،‬وفي منطقة )بهتشلي إيفلر( ‪ ،‬كنت أسكن أنا و محمد وهببران و إيبباس أبببو‬

‫موسى في نفس الشقة‪ .‬وفي احدى المسيات‪ ،‬وبعد أن أنهينا امتحانات آخر السنة‪ ،‬كنا نجلببس أمببام‬
‫التلفاز مسترخين‪ ،‬نحاول التقاط أنفاسنا بعدما أنهينا آخر امتحان لنا في هذه سببنة المرهقببة‪ ،‬والحمببد‬

‫كل الحمد لله على أنها آخر سنة دراسية لنا في هذا البلد‪.‬‬

‫أخيرا هم ثقيل وانزاح عن ظهورنا‪ ،‬خمببس سببنوات مببن العنبباء‪.‬‬

‫سنوات الضياع ‪ ،‬تمر السببنة و ل نعببرف أننجببح فيهببا أم نرسببب‬


‫بسبب علمة أو علمتين‪ ،‬بلد غريب‪ ،‬لغة غريبة‪ ،‬أساليب تدريس‬

‫أغرب‪ ،‬ونظام نجبباح ورسببوب أغببرب مببن الجميببع‪ .‬كببان شببعور‬


‫بالضياع ملزما لنا على مر السببنوات الببتي قضببيناها‪ .‬علببى كببل‬

‫حال الحمد لله من جديد‪ .‬فالمور بخواتيمها‪ ،‬هي خير إن انتهببت‬

‫على خير‪.‬‬

‫اقترحت على صببديقاي أن نحتفببل بهببذه المناسبببة الرائعببة بببأن‬

‫نسببتأجر سببيارة سببياحية ونببذهب بهببا إلببى منطقببة ) القزلجببي‬

‫حمام( لنستمتع بالستحمام بالمياه المعدنية الساخنة وبالتببدليك‬

‫على الطريقة التركية‪ .‬حيث يستلمك دلك تركي فيذيقك شتى أنواع العذاب تحت عنوان )تدليك(!‬

‫في اليوم التالي وفي الساعة العاشرة صباحا دخل إياس أبو موسى إلببى غرفببتي وهببو يهببز بمفتبباح‬
‫السيارة السياحية المستأجرة‪ .‬تجهزنا وانطلقنا نحو المياه السبباخنة‪ ،‬كنببت أنظببر عبببر نافببذة السببيارة‬

‫أراقب عجلة الحياة و هي تدور في الخارج‪ .‬وكان طالب الطب محمد وهران يلعببن مببن خلببف نافببذته‬
‫نفس عجلة الحياة التي كنت أراقبها‪ ،‬وذلك بسبب شتلى ألوان العذاب الببتي ذاقهببا خلل هببذه السببنة‬

‫الدراسية‪ .‬أما ) الشوفور( أبو موسى فكان يدوس على دعسة البنزين و كأنه يريببد أن يسببنفر بحيبباته‬

‫من قبضة سنوات الضياع التي عشناها معا‪.‬‬

‫إن الطريق إلى )القزلجي حمام( معروفة لنا فهذه قد تكون المرة الخامسة بل لعلها السادسببة الببتي‬
‫نذهب بها إلى هذه المنطقة‪.‬‬

‫نسير ونسير في طريق جميل تكسوه الشجار ‪ ،‬أصبح نفق )تونالي حلمي( الطويل أمامنا‪ ،‬دخلنببا فيببه‬

‫وعندما خرجنا منه‪ ،‬استرعى انتباهنا شيء غريب جعل )الشوفير( أبو عيسي ينقببل قببدمه مببن دعسببة‬

‫البنزين إلى دعسة الفرامل‪.‬‬


‫نظرنا إلى وجوه بعضنا البعض ثم نظرنا عبر نوافذ السيارة إلى الخارج‪ .‬إن المنطقة بعد نفق )تونببالي‬

‫حلمي( والتي نحن بها الن ليست هي المنطقة ذاتها التي اعتدنا المرور بها‪.‬‬

‫نظرنا إلى الخلف‪ ،‬ثم نظرنا إلى وجوه بعضنا البعببض مببرة أخببرى ثببم إلبى الخلببف أيضبا‪ ...‬فلببم نجببد‬

‫النفق!‬

‫ترجلنا من السيارة واستوقفنا الكثير من المارة لسؤالهم عن الطريق إلى )القزلجببي حمببام( أو حببتى‬

‫عن طريق العودة إلى أنقرة‪ ،‬ولكن الجميع قد أجمعوا على أنه ل توجد مناطق بهذه السماء!‬

‫أسيد الحوتري‬

‫‪31-5-2011‬‬

You might also like