You are on page 1of 53

‫المدخل إلى علم‬

‫القراءات‬

‫إعداد خادم القرآن الكريم‬

‫محمد بن محمود حوا‬

‫(‪)1‬‬
)2(
)3(
)4(
‫مدخل إلى‬
‫علم القراءات‬

‫إعداد خادم القرآن الكري‬

‫محمد بن محمود حوا‬

‫(‪)5‬‬
‫فكرة عامة حول نزول القرآن‪:‬‬

‫توثيق النص القرآن والعناية به‪:‬‬

‫أولً‪ :‬العناية اللية بالقرآن‪:‬‬


‫أنـزل ال سبحانه القرآن الكري على خات النبياء ليكون آخر الكتب السماوية‪ ،‬وجعل‬
‫لذا القرآن من الصائص ما ل يكن لغيه من الكتب كالتوراة والنيل‪ ،‬وَأوْله عناية‬
‫خاصة ليكون ف منأى عن التحريف والتبديل الذي وقع للكتب السابقة‪.‬‬
‫ومن مظاهر هذه العناية اللية‪:‬‬
‫من استراق السمع‪ ،‬ورجهم بالشهب‪ ،‬قال تعال‬ ‫‪-1‬منع الن قبل بعثة النب‬
‫ونـزول القرآن‪ :‬وأنا لسنا‬ ‫مبا عن حال الن قبل مبعث النب‬
‫السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا‪ ،‬وأنا كنا نقعد منها مقاعد‬
‫[الن]‪ ،‬وقال تعال‪:‬‬ ‫للسمع فمن يستمع الن يد له شهابا رصدا‬
‫وما تنـزلت به الشياطي وما ينبغي لم وما يستطيعون إنّهم عن السمع‬
‫لعزولون [الشعراء] هذه الراسة الشددة كانت لعزل الن ومنعهم من‬
‫بواسطة المي جبيل‪.‬‬ ‫ساع القرآن قبل نـزوله إل النب‬
‫‪ ،‬قال تعال‪ :‬نـزل به‬ ‫‪-2‬إنـزال القرآن بواسطة أمي الوحي جبيل‬
‫الروح المي على قلبك لتكون من النذرين بلسان عرب مبي [الشعراء]‪.‬‬
‫‪-3‬تكفل ال سبحانه بفظ هذا القرآن إل أن يرث ال الرض ومن عليها‪ ،‬قال‬
‫تعال‪ :‬إنا نن نـزلنا الذكر وإنا له لافظون [الجر ‪.]9‬‬
‫‪-4‬تيسي القرآن للتلوة والفظ‪ ،‬حت حفظه اللف الؤلفة من السلمي ف كل‬
‫ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر‬ ‫عصر من العصور‪ ،‬قال تعال‪:‬‬
‫[القمر]‬
‫فكتاب هذا شأنه ل تكن يد التحريف لتصل إليه أو تنال منه‪ ،‬مهما بلغت مكانتها‪،‬‬
‫قال تعال‪ :‬ولو تقول علينا بعض القاويل لخذنا منه‬ ‫حت لو كانت يد النب‬
‫باليمي ث لقطعنا منه الوتي‪ ،‬فما منكم من أحد عنه حاجزين [الاقة]‪.‬‬

‫(‪)6‬‬
‫بالقرآن‪:‬‬ ‫ثانيا‪ :‬عناية النب‬
‫جسامة السؤولية وثقل المانة الت سيتحملها منذ اليام الول‬ ‫لقد أدرك رسول ال‬
‫[الزمل] فكان‬ ‫للدعوة‪ ،‬كيف ل وقد قال ال تعال له‪ :‬إنا سنلقي عليك قولً ثقيلً‬
‫حريصا كل الرص على ما ينـزل عليه من القرآن‪ ،‬يُعن به كل العناية‪ ،‬وفيما يلي‬
‫من الباحث نرى كيف كانت عناية النب بكتاب ال تعال‪.‬‬

‫حريصا كل‬ ‫‪ -1‬اهتمامه بالتلقي من جبيل ‪ .‬ومعارضته له‪ :‬لقد كان النب‬
‫الرص على حفظ ما يوحي به جبيل إليه‪ ،‬خشية أن ينسى شيئا منه‪ ،‬بل إنه ليتعجل‬
‫حفظه ويبادر إل أخذه ويسابق اللَك ف قراءته‪ ،‬فقال ال سبحانه وتعال له‪ :‬لترك به‬
‫لسانك لتعجل به إن علينا جعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ث إن علينا بيانه‬
‫[القيامة]‪ .‬فأمره ال سبحانه إذا جاءه اللَك بالوحي أن يستمع له‪ ،‬وتكفل له بأن يمعه له‬
‫ف صدره وأن ُييَسّره لدائه على الوجه الذي ألقاه إليه‪ ،‬وأن يبينه له ويفسره ويوضحه‪،‬‬
‫قال ابن عباس‪ :‬كان رسول ال إذا أنـزل عليه الوحي يلقى منه شدة‪ ،‬وكان إذا‬
‫نـزل عليه عرف ف تريكه شفتيه يتلقى ويرك به شفتيه‪ ،‬خشية أن ينسى أوله قبل أن‬
‫يفرغ من آخره‪ .‬فأنـزل ال عليه هذه اليات‪ ..‬فكان النب بعد ذلك إذا أتاه جبيل‬
‫أطرق فإذا ذهب قرأه كما وعده ال عز وجل(‪.)1‬‬
‫وقال سبحانه ف آية أخرى‪ :‬ول تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل‬
‫رب زدن علما [طه]‪.‬‬
‫‪ -2‬معارضة القرآن مع جبيل عليه السلم ف كل عام‪ ،‬حيث كان جبيل ينـزل للنب‬
‫ف رمضان من كل عام يدارسه القرآن‪ ،‬حت كان العام الذي توف فيه عارضه‬
‫القرآن مرتي‪.‬‬

‫‪ )(1‬ابن كثي‪ ،‬تفسي القرآن العظيم ‪.4/704‬‬

‫(‪)7‬‬
‫وتعليمهم القراءة والقراءة عليهم‪ :‬إن أعظم وظيفة‬ ‫بتلقي الصحابة‬ ‫‪ -3‬اهتمامه‬
‫هي تعليم الناس كتاب ربم‪ ،‬قال تعال‪ :‬هو الذي بعث ف الميي رسولً‬ ‫للرسول‬
‫منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والكمة وإن كانوا من قبل لفي‬
‫ضلل مبي ‪.‬‬
‫فما إن ينـزل عليه جبيل بالوحي حت يبلغه لصحابه ويقرأه عليهم فتتلقفه قلوبم‬
‫وعقولم‪ .‬قال تعال‪ :‬وقرآناَ فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونـزلناه تنـزيلً‬
‫[السراء]‪.‬‬
‫وكانت طريقته ف القراءة والكلم تساعد على حفظ كلمه‪ ،‬يقول أنس خادم النب‬
‫يصف حديثه وكلمه ‪ :‬كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلثا حت تفهم عنه(‪.)1‬‬
‫وكان يث أصحابه ويشجعهم على حفظ القرآن وتعلمه‪ ،‬قال ‪( :‬خيكم من‬
‫تعلم القرآن وعلمه)(‪ )2‬وكان يثن على القراء منهم‪ ،‬كقوله عن صحابته(أقرؤهم‬
‫أُب)( ‪ )3‬وقوله عن ابن مسعود ‪( :‬من أحب أن يقرأ القرآن غضا –وف رواية‬
‫رطبا‪ -‬كما أنـزل فليقرأه بقراءة ابن أم عبد)(‪ )4‬وكان يقدم أهل القرآن على غيهم ف‬
‫المارة والمامة وقيادة اليوش‪ ،‬بل وحت ف القب كما فعل مع شهداء أحد حيث كان‬
‫يقدم من كان أكثر أخذا للقرآن من صاحبه‪.‬‬
‫إضافة إل ترغيب أصحابه بفظ القرآن والتسابق فيه من خلل ذكر الثواب الذي أعده‬
‫ال لهل القرآن ما ل يتسع القام لذكره‪.‬‬

‫‪ -4‬اهتمامه بالسماع من الصحابة‪.‬‬


‫ل يكتف النب بتعليم الصحابة القرآن فقط‪ ،‬بل كان يتعاهد حفظهم للقرآن ويسمع‬
‫تلواتم‪ ،‬ويدثنا عن ذلك عبد ال بن مسعود إذ يقول‪ :‬قال ل رسول ال اقرأ‬

‫‪ )(1‬رواه البخاري‪ ،‬رقم‪.1/49 ،94،95 :‬‬


‫‪ )(2‬رواه البخاري رقم ‪ ،4739‬ج ‪ 4‬ص ‪.1919‬‬
‫‪ )(3‬رواه الترمذي رقم ‪ ،3790‬ج ‪/5‬ص ‪ ،664‬وقال حسن غريب‪.‬‬
‫‪ )(4‬أخرجه المام أحد ف مسنده ج ‪/4‬ص ‪ ،278‬والنسائي ف السنن الكبى رقم ‪،8256‬ج ‪/5‬ص ‪ ،71‬وابن‬
‫ماجةج ‪/1‬ص ‪ .49‬وابن خزية ف صحيحه ج ‪/2‬ص ‪.186‬‬

‫(‪)8‬‬
‫عليّ القرآن‪ .‬قلت يا رسول ال‪ :‬أقرأ عليك وعليك أنـزل؟ قال‪ :‬إن أحب أن أسعه من‬
‫غيي‪ .‬فقرأت عليه سورة النساء حت إذا جئت إل هذه الية‪ :‬فكيف إذا جئنا من كل‬
‫[النساء ‪ ]41‬قال حسبك الن‪ .‬فالتفت إليه‬ ‫أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلء شهيدا‬
‫فإذا عيناه تذرفان(‪ ،)1‬لاذا يب أن يسمع القرآن من غيه؟ ل بد أن السبب هو‬
‫التأكد من حسن أخذ الصحابة للقرآن وحفظهم وتلوتم له ‪.‬‬
‫وذات يوم كان يسي ف طرقات الدينة فسمع أبا موسى الشعري يقرأ القرآن فوقف‬
‫واستمع لقراءته‪ ،‬وف اليوم التال قال له لو رأيتن يا أبا موسى وأنا أسع قراءتك‬
‫البارحة‪ ،‬لقد أُعطيت مزمارا من مزامي آل داود‪ ،‬قال أبو موسى قلت‪ :‬أما وال يا رسول‬
‫ال لو علمت أنك تسمع لقراءت لبته لك تبيا)(‪.)2‬‬

‫‪ -5‬اتاذ كتاب للوحي‪:‬‬


‫لو أراد النب أن يكتفي ف توثيق القرآن بفظ أصحابه ودقتهم ف ذلك لكان كافيا لا‬
‫كانوا عليه من ضبط لكتاب ال تعال وحرص عليه‪ ،‬إل أنه ل يكتف بذلك بل كان‬
‫يتخذ كتابا للوحي‪ ،‬يكتبون كل ما ينـزل عليه من القرآن‪ ،‬وكان ف أول المر ينهى عن‬
‫قال‪( :‬ل‬ ‫كتابة غي القرآن حت ل يشتبه به شيء‪ ،‬فعن أب سعيد الدري أن النب‬
‫تكتبوا عن ومن كتب عن غي القرآن فليمحه)(‪ )3‬وف رواية الاكم ف الستدرك عن أب‬
‫سعيد الدري أن النب قال‪( :‬ل تكتبوا عن شيئا سوى القرآن‪ ،‬من كتب عن‬
‫شيئا سوى القرآن فليمحه)(‪.)4‬‬
‫ول ينتقل إل الرفيق العلى إل والقرآن كله مكتوب ف ما تيسر للصحابة من العظام‬
‫واللود والعسب واللخاف وغيها من أدوات الكتابة‪ .‬يقول زيد بن ثابت ‪ :‬كنا عند‬

‫‪ )(1‬رواه البخاري رقم ‪ ،4306‬ج ‪/4‬ص ‪.1673‬‬


‫‪ )(2‬رواه الاكم ف الستدرك‪.2/384 ،‬‬
‫‪ )(3‬رواه مسلم رقم ‪ 3004‬باب التثبت ف الديث وحكم كتابة العلم‪.‬‬
‫‪ )(4‬رواه الاكم‪ ،‬الستدرك‪.1/216 ،‬‬

‫(‪)9‬‬
‫رسول ال نؤلف القرآن من الرقاع(‪.)5‬قال البيهقي يشبه أن يكون أن الراد به تأليف ما‬
‫نـزل من اليات التفرقة ف سورها وجعها فيها بإشارة النب ‪.‬‬
‫إنا نن نـزلنا‬ ‫فاجتمع للقرآن حفظ الصدور وحفظ الصدور تقيقا لوعد ال سبحانه‬
‫الذكر وإنا له لافظون ‪.‬‬

‫‪ -6‬قراءة القرآن ف الصلوات والواعظ وخطب المعة‪:‬‬


‫كان النب يقرأ القرآن ف صلته ومواعظه وخطبه‪ ،‬ما جعل القرآن يتردد على أساع‬
‫أصحابه كثيا‪ ،‬وبالتال يتمكنون من حفظه من فم النب مباشرة فل يقتصر المر على‬
‫من يالسه وقت نـزول الوحي‪ ،‬بل يتد إل كل السلمي وقتذاك‪ ،‬فعن أم هشام بنت‬
‫كان يقرؤها كل‬ ‫إل على لسان رسول ال‬ ‫ق والقرآن الجيد‬ ‫حارثة ما أخذت‬
‫يوم جعة على النب إذا خطب الناس (‪.)1‬‬
‫بالطور وبالصافات وبالعراف‬ ‫وكان يقرأ ف العيدين بقاف واقتربت‪ .‬وقرأ‬
‫وغيها من سور القرآن الكري‪.‬‬

‫ثالثا‪:‬عناية الصحابة بالقرآن‪:‬‬


‫لقد كان النب خي قدوة لصحابه ف العناية بكتاب ال تعال‪ ،‬بل وكان خي مُرَبّ لم‬
‫على ذلك‪ ،‬حيث كان يشجعهم بكل الوسائل؛ على الخذ بكتاب ال تعال‪ ،‬والكثار‬
‫منه والعمل به‪ ،‬وكان الصحابة اليل الذي اختاره ال لصحبة نبيه ‪ .‬وأودع فيهم‬
‫من اليزات والصائص ما جعلهم أهلً لتحمل عبء الدعوة ونشر كتاب ال وسنة نبيه ف‬
‫أرجاء العمورة‪.‬‬

‫الدواعي للعناية بالقرآن الكري وحفظه عند الصحابة ‪.‬‬


‫‪ -1‬أنم أميون‪ -‬ف الغالب‪ -‬جعلهم يعتمدون بالدرجة الول على حافظتهم وذاكرتم‪.‬‬

‫‪ )(5‬رواه الترمذي ج ‪/5‬ص ‪ ،734‬وقال حديث حسن غريب‪ ،‬و الاكم ف الستدرك ج ‪ ،2/249‬وابن حبان ج‬
‫‪/1‬ص ‪.320‬‬
‫‪ )(1‬رواه مسلم ‪.3/13‬‬

‫(‪)10‬‬
‫‪ -2‬أن الصحابة كانوا مضرب الثل ف الذكاء واللعية وقوة الافظة حت كان بعضهم‬
‫يفظ ما يسمعه من أول مرة‪.‬‬
‫‪ -3‬بساطة حياتم واقتصارها على الضروريات فرّغ قلوبم وأذهانم للنشغال بكتاب ال‬
‫تعال وسنة نبيه ‪.‬‬
‫‪ -4‬حبهم الصادق ل ورسوله ‪ ،‬ما حلهم على تلقي كل ما يصدر عنه وحفظه‬
‫وترديده‪.‬‬
‫‪ -5‬بلغة القرآن الكري وإعجازه البيان‪ ،‬وذلك أن ال تدى بالقرآن أمة العرب وكافة‬
‫اللق‪ ،‬فكان ذلك داعيا لفظه وأخذه كما ل يؤخذ كتاب قبله ول بعده‪.‬لسيما وأن‬
‫من طبائع العرب أنم كانوا يتنافسون ف حفظ جيد النظوم والنثور‪.‬‬
‫‪ -6‬الترغيب ف القبال على القرآن الكري علما وعملً وحفظا وفهما وتعليما ونشرا‬
‫والتحذير والترهيب من إهاله والعراض عنه‪ .‬وأدلة ذلك كثية ل تصى‪.‬‬
‫‪ -7‬منـزلة القرآن الكري من الدين إذ هو أصل التشريع ومصدره‪.‬‬
‫‪ -8‬ارتباط كثي من كلم ال تعال بأسباب نـزول وهي وقائع وأحداث وأسئلة تثي‬
‫الهتمام وتساعد على الفظ‪.‬‬
‫‪ -9‬حكمة ال ورسوله ف التعليم جعلت كتاب ال تعال يستقر ف الذهان ويسهل‬
‫حفظه‪ ،‬فالقرآن جاء بأرقى أساليب اللغة العربية وتدرج نـزوله منجما وارتبط بكثي‬
‫من الوادث ودعمه بالدليل والجة وخاطب به العقول والضمائر‪.‬‬
‫‪ -10‬تلقي الصحابة القرآن الكري للعمل با فيه والهتداء بديه‪ ،‬يلون حلله ويرمون‬
‫ع العلم بالعمل يساعد على‬‫حرامه‪ ،‬ويعملون با فيه من نصح وإرشاد‪ ،‬ولشك أن إتْبا َ‬
‫الفظ‪.‬‬
‫‪ -11‬تشريع قراءة القرآن ف الصلة‪ ،‬فكان ل بد لن أراد أن يصلي – والصلة عمود‬
‫الدين‪ -‬أن يتعلم من القرآن ما تصح به صلته‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫مظاهر عناية الصحابة بالقرآن ف عهد النب‬
‫فقد كان الصحابة‬ ‫‪ :‬لا كان تعليم القرآن أول مهام الرسول‬ ‫‪ -1‬تعلمه من النب‬
‫القرآن ويفظونه‪ ،‬ويعملون با فيه‪ ،‬يقول‬ ‫خي تلميذ لي معلم‪ ،‬فكانوا يتلقون منه‬

‫(‪)11‬‬
‫عبد ال بن عمر‪( :‬لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى اليان قبل القرآن وتنـزل‬
‫السورة على ممد فنتعلم حللا وحرامها وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلمون‬
‫أنتم القرآن اليوم ولقد رأينا اليوم رجال يؤتى أحدهم القرآن قبل اليان فيقرأ ما بي فاتته‬
‫إل خاتته ما يدري ما آمره ول زاجره ول ما ينبغي أن يوقف عنده منه)(‪)1‬‬
‫‪ -2‬كتابة مصاحف خاصة بم‪ :‬لقد كان بعض الصحابة بعد أن يتلقى القرآن من النب‬
‫يذهب إل بيته فيكتب ما يفظه‪ ،‬ويكتب فيه تفسي بعض اليات‪ ،‬مثل ما كان يفعله‬
‫عبد ال بن مسعود حيث كان له مصحف خاص‪ ،‬وكذلك أب بن كعب ‪.‬‬
‫مالس يتدارسون‬ ‫‪ -3‬الجتماع على تدارس القرآن وحفظه‪ :‬كان لصحابة النب‬
‫فيها القرآن ويعلم بعضهم بعضا‪ ،‬ل سيما أهل الصفة منهم حيث كان هؤلء أضياف‬
‫السلم متفرغون لتلقي القرآن والسنة عن رسول ال والهاد معه‪ ،‬ومنهم أبو هريرة‬
‫وأبو سعيد الدري وغيهم من الصحابة الكرام ‪.‬‬
‫فهذا عبادة بن الصامت يعلم رجلً من أهل الصفة القرآن فيهدي إليه قوسا فقال له‬
‫النب صلى ال عليه وسلم إن سرك أن تطوق با طوقا من نار فاقبلها(‪ .)2‬فهذا الصحاب‬
‫من أهل الصفة رغم فقره وحاجته إل أنه يهدي قوسه لن علمه القرآن‪.‬‬

‫‪ -5‬جعه ف زمن أب بكر ‪:‬‬


‫كتب القرآن كاملً ف حياة النب لكنه ل يأمر بمعه ف مصحف‪ ،‬وذلك لا يلي‪:‬‬
‫‪-1‬أنه ل توجد الدواعي لكتابته كما وجدت ف عهد أب بكر أو عثمان‬
‫‪ ،‬وذلك لوجود النب وكثرة القراء‪ ،‬وعدم تيسر أدوات الكتابة‪.‬‬
‫‪-2‬أن الوحي كان ما زال ينـزل على النب فينسخ ما شاء ال من آية أو‬
‫آيات‪.‬‬
‫‪-3‬أن القرآن نـزل منجما ول ينـزل دفعة واحدة‪.‬‬

‫‪ )(1‬رواه الاكم ج ‪/1‬ص ‪ ،91‬والبيهقي ف السننج ‪/3‬ص ‪.20‬‬


‫‪ )(2‬رواه أبو داود‪ .‬وأما ني النب عبادة عن أخذ القوس مقابل التعليم فلنه تبع بتعليم الرجل فلم يستحق أجرة‪،‬‬
‫ولذلك أجاز العلماء أخذ الجرة على تعليم القرآن ل سيما لن شغله ذلك عن أمور معاشه وطلب رزقه‪.‬‬

‫(‪)12‬‬
‫‪-4‬أن ترتيب النـزول كان على حسب السباب‪ ،‬ف حي أن ترتيب‬
‫الصحف كان لعتبارات أخرى‪.‬‬
‫فلما انقضى نـزول القرآن بوفاة النب ألم ال اللفاء الراشدين ذلك وفاء بوعده‬
‫الصادق بضمان حفظه على هذه المة‪.‬‬
‫وقصة ذلك‪:‬‬
‫يرويها زيد بن ثابت فيقول فيما رواه عنه المام البخاري‪ :‬أرسل إل أبو بكر مقتل‬
‫أهل اليمامة فإذا عمر بن الطاب عنده‪ ،‬فقال أبوبكر‪ :‬إن عمر أتان فقال‪ :‬إن القتل قد‬
‫استحر بقراء القرآن وإن أخشى أن يستحر القتل بالقراء ف الواطن فيذهب كثي من‬
‫القرآن‪ ،‬وإن أرى أن تأمر بمع القرآن‪ .‬فقلت لعمر‪ :‬كيف تفعل شيئا ل يفعله رسول ال‬
‫؟ قال عمر وهو وال خي‪ .‬فلم يزل يراجعن حت شرح ال صدري لذلك ورأيت ف‬
‫ذلك الذي رأى عمر‪ .‬قال زيد‪ :‬قال أبو بكر ‪ :‬إنك شاب عاقل ل نتهمك وقد كنت‬
‫تكتب الوحي لرسول ال فتتبع القرآن فاجعه‪ ،‬فوال لو كلفون نقل جبل من البال‬
‫ما كان أثقل علي ما أمرن به من جع القرآن‪ .‬قلت‪ :‬كيف تفعلن شيئا ل يفعله رسول‬
‫ال قال هو وال خي‪ .‬فلم يزل أبو بكر يراجعن حت شرح ال صدري للذي شرح به‬
‫صدر أب بكر وعمر‪ .‬فتتبعت القرآن أجعه من العسب واللخاف وصدور الرجال‬
‫ووجدت آخر سورة التوبة مع أب خزية النصاري ل أجدها مع غيه لقد جاءكم‬
‫رسول حت خاتة براءة فكانت الصحف عند أب بكر حت توفاه ال ث عند عمر حياته‬
‫ث عند حفصة بنت عمر(‪.)1‬‬
‫من خلل هذا النص يظهر السبب الرئيسي الذي حل الصحابة على جع القرآن ف زمن‬
‫أب بكر‪ ،‬أل وهو اشتداد القتل ف قراء القرآن حيث قتل منهم ف حرب مسيلمة وحده‬
‫سبعي قارئا‪ ،‬فخشي عمر أن يضيع القرآن باستشهاد حلته من القراء الذين كانوا‬
‫يتسابقون إل ساحات الهاد ف سبيل ال تعال‪.‬‬
‫كما أن السباب الت حالت دون جع القرآن ف ومن النب ل يعد لا وجود‪ ،‬وبالتال‬
‫كان ل بد من جع كتاب ال ف مصحف صيانة له من الضياع‪.‬‬

‫‪ )(1‬رواه البخاري رقم‪ ،4701 :‬باب جع القرآن‪4/1907 ،‬‬

‫(‪)13‬‬
‫‪:‬‬ ‫آلية جع القرآن ف عهد أب بكر‬
‫‪ -1‬القتصار على ما كتب بي يدي النب وأُخِذ منه مباشرة‪ :‬أخرج ابن أب داود من‬
‫طريق يي بن عبد الرحن بن حاطب قال قدم عمر فقال من كان تلقى من رسول ال‬
‫شيئا من القرآن فليأت به وكانوا يكتبون ذلك ف الصحف واللواح والعسب وكان ل‬
‫يقبل من أحد شيئا حت يشهد شهيدان(‪.)1‬‬
‫وهذا يدل على أن زيدا كان ل يكتفي لجرد وجدانه مكتوبا حت يشهد به من تلقاه‬
‫ساعا مع كون زيد كان يفظ فكان يفعل ذلك مبالغة ف الحتياط‪ .‬قال ابن حجر‬
‫وكأن الراد بالشاهدين الفظ والكتاب(‪)2‬‬
‫وقال السخاوي ف جال القراء الراد أنما يشهدان على أن ذلك الكتوب كتب بي يدي‬
‫رسول ال أو الراد أنما يشهدان على أن ذلك من الوجوه الت نـزل با القرآن(‪.)3‬‬
‫قال أبو شامة وكان غرضهم أل يكتب إل من عي ما كتب بي يدي النب ل من مرد‬
‫الفظ قال ولذلك قال ف آخر سورة التوبة ل أجدها مع غيه أي ل أجدها مكتوبة مع‬
‫غيه لنه كان ل يكتفي بالفظ دون الكتابة‪.‬‬
‫قلت أو الراد أنما يشهدان على أن ذلك ما عرض على النب عام وفاته (‪.)4‬‬
‫يقول الليث بن سعد قال أول من جع القرآن أبو بكر وكتبه زيد وكان الناس يأتون زيد‬
‫بن ثابت فكان ل يكتب آية إل بشاهدي عدل وأن آخر سورة براءة ل توجد إل مع‬
‫خزية بن ثابت فقال‪ :‬اكتبوها فإن رسول ال جعل شهادته بشهادة رجلي فكتب وإن‬
‫(‪)5‬‬
‫عمر أت بآية الرجم فلم يكتبها لنه كان وحده‬
‫مزايا جع أب بكر للقرآن‪.‬‬
‫‪-1‬جعت القرآن على أدق وجوه البحث والتحري‪.‬‬
‫‪-2‬اقتصرت على ما ل تنسخ تلوته‪.‬‬

‫‪ )(1‬التقان ف علوم القرآن للسيوطي ج ‪/1‬ص ‪.162‬‬


‫‪)(2‬التقان ف علوم القرآن للسيوطي ج ‪/1‬ص ‪ .162‬وينظر فتح الباري‪ :‬ج ‪/9‬ص ‪.14‬‬
‫‪ )(3‬التقان ف علوم القرآن للسيوطي ج ‪/1‬ص ‪.162‬‬
‫‪)(4‬التقان ف علوم القرآن للسيوطي ‪.1/163‬‬
‫‪ )(5‬التقان ف علوم القرآن للسيوطي ‪.1/163‬‬

‫(‪)14‬‬
‫‪-3‬ظفرت بإجاع المة عليها وتواتر ما فيها‪.‬‬
‫وينبغي أن نلحظ هنا أن جع الصحف بأمر أب بكر ل يناف أن الصحابة كان لم‬
‫صحف أو مصاحف كتبوا فيها القرآن كله أو بعضه‪ ،‬لكنها ل تظفر با ظفرت به‬
‫الصحف الت أمر بمعها أبو بكر من العناية والتحري‪ ،‬ول يطعن ف ذلك ما روي من‬
‫أن عليا جع القرآن قبل أن يبايع أبا بكر‪ ،‬بل إن عليا نفسه يقول‪( :‬أعظم الناس أجرا‬
‫ف الصاحف أبو بكر‪ ،‬رحة ال على أب بكر‪ ،‬هو أول من جع كتاب ال)‪.‬‬

‫‪ -6‬نسخ القرآن ف عهد عثمان‬


‫أسبابه(‪:)1‬‬
‫اتسعت الفتوحات ف زمن عثمان واستبحر العمران وتفرق السلمون ف المصار والقطار‬
‫ونبتت ناشئة جديدة كانت باجة إل دراسة القرآن وطال عهد الناس بالرسول والوحي‬
‫والتنـزيل وكان أهل كل إقليم من أقاليم السلم يأخذون بقراءة من اشتهر بينهم من‬
‫الصحابة فأهل الشام يقرؤون بقراءة أب بن كعب وأهل الكوفة يقرؤون بقراءة عبد ال بن‬
‫مسعود وغيهم يقرأ بقراءة أب موسى الشعري فكان بينهم اختلف ف حروف الداء‬
‫ووجوه القراءة بطريقة فتحت باب الشقاق والنـزاع ف قراءة القرآن أشبه با كان بي‬
‫الصحابة قبل أن يعلموا أن القرآن نـزل على سبعة أحرف بل كان هذا الشقاق أشد‬
‫لبعد عهد هؤلء بالنبوة وعدم وجود الرسول بينهم يطمئنون إل حكمه ويصدرون جيعا‬
‫عن رأيه واستفحل الداء حت كفر بعضهم بعضا وكادت تكون فتنة ف الرض وفساد‬
‫كبي ول يقف هذا الطغيان عند حد بل كاد يلفح بناره جيع البلد السلمية حت الجاز‬
‫والدينة وأصاب الصغار والكبار على سواء‪.‬‬
‫أخرج ابن أب داود ف الصاحف من طريق أب قلبة أنه قال لا كانت خلفة عثمان جعل‬
‫العلم يعلم قراءة الرجل والعلم يعلم قراءة الرجل فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون حت‬
‫ارتفع ذلك إل العلمي حت كفر بعضهم بعضا فبلغ ذلك عثمان فخطب فقال أنتم عندي‬
‫تتلفون فمن نأى عن من المصار أشد اختلفا‪ .‬وصدق عثمان فقد كانت المصار‬
‫النائية أشد اختلفا ونـزاعا من الدينة والجاز وكان الذين يسمعون اختلف القراءات‬

‫‪ )(1‬ينظر‪ :‬مناهل العرفان‬

‫(‪)15‬‬
‫من تلك المصار إذا جعتهم الجامع أو التقوا على جهاد أعدائهم يعجبون من ذلك‬
‫وكانوا يعنون ف التعجب والنكار كلما سعوا زيادة ف اختلف طرق أداء القرآن‬
‫وتأدى بم التعجب إل الشك والداجاة ث إل التأثيم واللحاة‪.‬‬
‫وتيقظت الفتنة الت كادت تطيح فيها الرؤوس وتسفك الدماء وتقود السلمي إل مثل‬
‫اختلف اليهود والنصارى ف كتابم كما قال حذيفة لعثمان ف الديث الت قريبا أضف‬
‫إل ذلك أن الحرف السبعة الت نـزل با القرآن ل تكن معروفة لهل تلك المصار ول‬
‫يكن من السهل عليهم أن يعرفوها كلها حت يتحاكموا إليها فيما يتلفون إنا كان كل‬
‫صحاب ف إقليم يقرئهم با يعرف فقط من الروف الت نـزل عليها القرآن ول يكن بي‬
‫أيديهم مصحف جامع يرجعون إليه فيما شجر بينهم من هذا اللف والشقاق البعيد‬
‫لذه السباب والحداث رأى عثمان بثاقب رأيه وصادق نظره أن يتدارك الرق قبل‬
‫أن يتسع على الراقع وأن يستأصل الداء قبل أن يعز الدواء فجمع أعلم الصحابة وذوي‬
‫البصر منهم وأجال الرأي بينه وبينهم ف علج هذه الفتنة ووضع حد لذلك الختلف‬
‫وحسم مادة هذا النـزاع‬
‫فأجعوا أمرهم على استنساخ مصاحف يرسل منها إل المصار وأن يؤمر الناس بإحراق‬
‫كل ما عداها وأل يعتمدوا سواها وبذلك يرأب الصدع ويب الكسر وتعتب تلك‬
‫الصاحف العثمانية الرسية نورهم الادي ف ظلم هذا الختلف ومصباحهم الكشاف ف‬
‫ليل تلك الفتنة وحكمهم العدل ف ذاك النـزاع والراء وشفاءهم الناجع من مصيبة ذلك‬
‫الداء‬
‫آلية نسخ القرآن ف عهد عثمان ‪.‬‬
‫وشرع عثمان ف تنفيذ هذا القرار الكيم حول أواخر سنة أربع وعشرين وأوائل سنة‬
‫خس وعشرين من الجرة فعهد ف نسخ الصاحف إل أربعة من خية الصحابة وثقات‬
‫الفاظ وهم زيد بن ثابت وعبد ال بن الزبي وسعيد بن العاص وعبد الرحن بن الارث‬
‫بن هشام وهؤلء الثلثة الخيون من قريش وأرسل عثمان إل أم الؤمني حفصة بنت‬
‫عمر فبعثت إليه بالصحف الت عندها وهي الصحف الت جع القرآن فيها على عهد أب‬

‫(‪)16‬‬
‫بكر رضي ال عنه وأخذت لنة الربعة هؤلء ف نسخها وجاء ف بعض الروايات أن‬
‫الذين ندبوا لنسخ الصاحف كانوا اثن عشر رجل‬
‫وما كانوا يكتبون شيئا إل بعد أن يعرض على الصحابة ويُقرّوا أن رسول ال قرأ على هذا‬
‫النحو الذي نده الن ف الصاحف ‪.‬‬

‫النقل الصوت للقرآن‪:‬‬


‫رأينا فيما سبق كيف كانت العناية الكاملة بكتاب ال تعال‪ ،‬وكيف تعلمه صحابة النب‬
‫وكيف جعوه ف الصاحف ونسخوه‪ ،‬با تبقى من الحرف السبعة الت نزل با‬
‫القرآن‪.‬‬
‫وفيما يلي سنستعرض معن الحرف السبعة‬
‫علقة الحرف السبعة بالقراءات القرآنية‬

‫الحرف السبعة‪:‬‬

‫إثبات نزول القرآن على سبعة أحرف‪.‬‬


‫لقد ورد حديث (نزل القرآن على سبعة أحرف) من رواية جع من الصحابة‪ ،‬وهم‪ :‬أُب‬
‫بن كعب وأنس بن مالك وحذيفة بن اليمان وزيد بن أرقم وسرة بن جندب وسليمان بن‬
‫صرد وابن عباس وابن مسعود وعبد الرحن بن عوف وعثمان بن عفان وعمر بن الطاب‬
‫وعمرو بن أب سلمة وعمرو بن العاص ومعاذ بن جبل وهشام بن حكيم وأبو بكرة وأبو‬
‫جهم وأبو سعيد الدري وأبو طلحة النصاري وأبو هريرة وأبو أيوب فهؤلء واحد‬
‫وعشرون صحابيا‪ ،‬وقد نص أبو عبيد على تواتره‪.‬‬
‫وأخرج أبو يعلى ف مسنده أن عثمان قال على النب‪ :‬أذكر ال رجل سع النب‬
‫قال‪( :‬إن القرآن أنزل على سبعة أحرف كلها شاف كاف) لا قام‪ .‬فقاموا حت ل‬
‫يصوا فشهدوا بذلك‪ ،‬فقال‪ :‬وأنا أشهد معهم(‪.)1‬‬
‫ومن الحاديث الت وردت ف الحرف السبعة‪:‬‬
‫‪ )(1‬ممع الزوائد ‪ .7/152‬وقال رواه أبو يعلى ف الكبي وفيه راو ل يسم‪.‬‬

‫(‪)17‬‬
‫‪ -‬عن عمر بن الطاب قال‪ :‬سعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على غي‬
‫ما أقرؤها عليه‪ ،‬وكان رسول ال أقرأنيها‪ ،‬فكدت أن أعجل عليه‪ ،‬ث أمهلته حت‬
‫انصرف‪ ،‬ث لببته بردائه فجئت به رسول ال فقلت يا رسول ال‪ :‬إن سعت هذا يقرأ‬
‫سورة الفرقان على غي ما أقرأتنيها‪ ،‬فقال له رسول ال ‪ :‬اقرأ فقرأ القراءة الت سعته‬
‫‪( :‬هكذا‬ ‫‪( :‬هكذا أنزلت) ث قال ل‪ :‬اقرأ‪ ،‬فقرأت فقال‬ ‫يقرأ‪ ،‬فقال رسول ال‬
‫أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه)(‪.)1‬‬
‫‪( :‬إن هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف‪،‬‬ ‫قال‪ :‬قال رسول ال‬ ‫‪ -‬وعن أب هريرة‬
‫فاقرؤوا ول حرج‪ ،‬ولكن ل تتموا ذكر رحة بعذاب ول ذكر عذاب برحة)(‪.)2‬‬
‫قال‪( :‬أقرأن جبيل على حرف فراجعته فلم أزل‬ ‫عن النب‬ ‫‪ -‬عن ابن عباس‬
‫أستزيده حت انتهى إل سبعة أحرف)(‪.)3‬‬
‫‪ -‬عن أب بن كعب قال‪ :‬كنت ف السجد‪ ،‬فدخل رجل يصلي‪ ،‬فقرأ قراءة أنكرتا‬
‫عليه‪ ،‬ث دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه‪ ،‬فلما قضيا الصلة دخلنا جيعا على‬
‫رسول ال ‪ ،‬فقلت إن هذا قرأ قراءة أنكرتا عليه‪ ،‬ودخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة‬
‫سقِط ف نفسي من‬ ‫صاحبه‪ ،‬فأمرها رسول ال فقرءا‪ ،‬فحسّن النب شأنما‪ ،‬ف ُ‬
‫التكذيب ول إذ كنت ف الاهلية‪ ،‬فلما رأى رسول ال ما قد غشين ضرب ف‬
‫صدري ففِضت عرقا‪ ،‬وكأنا أنظر إل ال عز وجل فرقا‪ ،‬فقال يا أب‪( :‬أرسل إل أن اقرأ‬
‫القرآن على حرف‪ ،‬فرددت إليه أن هون على أمت‪ ،‬فرد إل الثانية أن اقرأه على‬
‫حرفي‪ ،‬فرددت إليه أن هون على أمت‪ ،‬فرددت إليه أن هون على أمت‪ ،‬فرد إل الثالثة‬
‫أن اقرأه على سبعة أحرف‪ ،‬ولك بكل ردة رددتكها مسأله تسألنيها‪ ،‬فقلت‪ :‬اللهم‬
‫اغفر لمت‪ ،‬اللهم اغفر لمت‪ ،‬وأخرت الثالثة‪ ،‬ليوم يرغب إل اللئق حت‬
‫إبراهيم)(‪.)4‬‬

‫‪ )(1‬البخاري ‪ 4/1909‬ومسلم (رقم ‪1/560 )818‬‬


‫‪ )(2‬رواه البيهقي ف السنن الصغرى ‪.1/567‬‬
‫‪ )(3‬رواه البخاري ‪ .3/1177‬ومسلم رقم(‪.1/516 )819‬‬
‫‪ )(4‬رواه مسلم رقم (‪.1/516 )520‬‬

‫(‪)18‬‬
‫‪ -‬عن أب بن كعب (أن النب كان عند أضاة بن غفار قال فأتاه جبيل فقال‪:‬‬
‫إن ال يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف‪ .‬فقال‪ :‬أسأل ال معافاته ومغفرته‪ ،‬وإن‬
‫أمت ل تطيق ذلك‪ .‬ث أتاه الثانية فقال‪ :‬إن ال يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفي‪.‬‬
‫فقال‪ :‬أسأل ال معافاته ومغفرته وإن أمت ل تطيق ذلك‪ .‬ث جاءه الثالثة فقال إن ال‬
‫يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على ثلثة أحرف‪ .‬فقال‪ :‬أسأل ال معافاته ومغفرته‪ ،‬وإن أمت‬
‫ل تطيق ذلك‪ .‬ث جاءه الرابعة فقال‪ :‬إن ال يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة‬
‫أحرف فأيا حرف قرأوا عليه فقد أصابوا)(‪.)1‬‬
‫‪ -‬وعن عمرو بن العاص أن رجل قرأ آية من القرآن فقال له عمرو بن العاص‪ :‬إنا‬
‫هي كذا وكذا لغي ما قرأ الرجل‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬هكذا أقرأنيها رسول ال ‪ .‬فخرجا إل‬
‫‪( :‬إن هذا القرآن نزل على‬ ‫رسول ال حت أتياه فذكرا ذلك له‪ ،‬فقال رسول ال‬
‫سبعة أحرف بأي ذلك قرأت أصبتم فل تاروا ف القرآن فإن الراء فيه كفر)(‪.)2‬‬
‫ث أحجار الراء فقال‬ ‫قال‪( :‬لقيت جبيل‬ ‫عن النب‬ ‫‪ -‬وعن حذيفة بن اليمان‬
‫يا جبيل إن أرسلت إل أمة أمية إل الشيخ والعجوز والغلم والارية والشيخ الذي ل‬
‫يقرأ كتابا قط فقال إن القرآن أنزل على سبعة أحرف)(‪.)3‬‬
‫‪( :‬أتان جبيل‬ ‫‪ -‬وعن عبد الرحن بن أب بكرة عن أبيه قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫وميكائيل فقعد جبيل عن يين وميكائيل عن يساري فقال جبيل بسم ال ‪ -‬ف‬
‫حديث السن وف حديث حاد‪ -‬يا ممد اقرأ القرآن على حرف‪ .‬فنظرت إل ميكائيل‬
‫فقال‪ :‬استزده‪ .‬فقلت‪ :‬زدن‪ .‬فقال‪ :‬بسم ال‪ ،‬اقرأه على حرفي‪ .‬فنظرت إل ميكائيل‬
‫فقال‪ :‬استزده‪ .‬فقلت‪ :‬زدن‪ .‬فقال‪ :‬بسم ال‪ ،‬اقرأه على ثلثة أحرف‪ ،‬فنظرت إل‬
‫ميكائيل فقال استزده فقلت زدن قال بسم ال اقرأه على خسة أحرف فنظرت إل‬
‫ميكائيل فقال استزده فقلت زدن قال بسم ال اقرأه على ستة أحرف فنظرت إل‬

‫‪ )(1‬رواه مسلم رقم(‪.1/562 )821‬‬


‫‪ )(2‬رواه البيهقي ف شعب اليان رقم(‪ .2/419 )2265‬وابن حبان ‪ .1/275‬وذكره ابن حجر ف الفتح (‬
‫‪ )9/26‬وقال إسناده حسن‪ .‬وعن أحد نوه ف السند ‪.4/169‬‬
‫‪ )(3‬مسند المام أحد بن حنبل ج ‪/5‬ص ‪ .405‬ونوه عند الترمذي ‪ 5/194‬وقال حسن صحيح‪ ،‬و ابن حبان‬
‫‪ ،3/14‬رقم(‪.)739‬‬

‫(‪)19‬‬
‫ميكائيل فقال استزده قلت زدن قال بسم ال اقرأه على سبعة أحرف)(‪ )1‬وف حديث‬
‫السن بن دينار‪( :‬فنظرت إل ميكائيل فسكت فعلمت أنه قد انتهى العدة فقال جبيل‬
‫اقرأه على سبعة أحرف كلهن شاف كاف ل يضرك كيف قرأت ما ل تتم رحة‬
‫بعذاب أو عذابا برحة) ف حديث السن وف حديث حاد‪( :‬ما ل تتم آية رحة بعذاب‬
‫أو آية عذاب بغفرة)‪.‬‬
‫‪ -‬وعن النّزال بن سبة قال سعت عبد ال بن مسعود قال‪ :‬سعت رجل قرأ آية سعت‬
‫فقال‪( :‬كلكما مسن فاقرآ)‬ ‫خلفها فأخذت بيده فأتيت به رسول ال‬ ‫من النب‬
‫قال‪( :‬فإن من كان قبلكم‬ ‫قال شعبة – أحد رواة الديث – أكب علمي أن النب‬
‫اختلفوا فأُهلكوا)(‪.)2‬‬
‫معن حديث الحرف السبعة‪.‬‬
‫قبل أن ندخل بيان الراد بالحرف السبعة ف الحاديث ل بد أن نشي إل مقدمات‬
‫ومعال ل بد منها ف للوصول إل فهم صحيح لذا الديث التواتر(‪.)3‬‬
‫‪ -1‬حديث نزول القرآن على سبعة أحرف بلغ حد التواتر‪ ،‬فصار قطعيا يب‬
‫العتقاد به‪ ،‬سواء علمنا الراد بالحرف السبعة أو ل نعلم‪ ،‬ومن أنكر نزول‬
‫القرآن على سبعة أحرف مع معرفته بذه الحاديث فقد كفر‪.‬‬
‫يقول المام الدان‪ :‬وجلة ما نعتقده من هذا الباب‪ ...‬ونذهب إليه ونتاره أن القرآن‬
‫منل على سبعة أحرف‪ ،‬كلها شاف كاف وحق وصواب‪ ،‬وأن ال تعال قد خي القراء‬
‫ف جيعها‪ ،‬وصوبم إذا قرؤوا بشيء منها‪ ،‬وأن هذه الحرف السبعة الختلف معانيها تارة‬
‫وألفاظها تارة مع اتفاق العن ليس فيها تضاد‪ ،‬ول تناف للمعن‪ ،‬ول إحالة ول فساد‪،‬‬
‫وأنا ل ندري حقيقة أي هذه السبعة الحرف كان آخر العرض‪ ،‬أو آخر العرض كان‬
‫ببعضها دون جيعها‪ ،‬وأن جيع هذه السبعة أحرف قد كانت ظهرت واستفاضت عن‬

‫‪ )(1‬رواه أحد ‪ .5/124‬وابن عبد الب ف التمهيد ‪ .5/286‬ونوه متصرا عند النسائي ف السنن الكبى رقم(‬
‫‪ .1/327 )1013‬وابن حبان رقم(‪ .3/2 )737‬ف ممع الزوائد ‪.7/151‬‬
‫‪ )(2‬رواه البخاري ‪.4/1929‬‬
‫‪ )(3‬ينظر‪ :‬مناهل العرفان للزرقان ‪ 1/147‬وما بعدها‪ .‬الدخل لب شهبة ‪ 156‬وما بعدها‪.‬‬

‫(‪)20‬‬
‫رسول ال ‪ ،‬وضبطتها المة على اختلفها عنه وتلقتها منه‪ ،‬ول يكن شيء منها‬
‫مشكوكا فيه ول مرتابا به)(‪)1‬‬
‫‪ -2‬أن الحاديث نصت على الكمة من تعدد الحرف‪ :‬وهي التيسي على‬
‫السلمي الذين نزل القرآن بلغتهم بالقرآن إذ كانوا قبائل كثية وبينهم‬
‫اختلف ف اللهجات ونبات الصوات وطريقة الداء وشهرة بعض اللفاظ‬
‫ف بعض الدلولت على رغم أن لسانم عرب‪ ،‬فلو أخذوا كلهم بقراءة القرآن‬
‫على حرف واحد لشق ذلك عليهم‪ ،‬وهذا المر واضح ف قول النب ف‬
‫(أسأل ال معافاته‬ ‫الديث‪( :‬فرددت إليه أن هون على أمت) وقوله‬
‫لقي جبيل فقال يا جبيل‬ ‫ومغفرته وإن أمت ل تطيق ذلك) ومن أنه‬
‫(إن أرسلت إل أمة أمية فيهم الرجل والرأة والغلم والارية والشيخ الفان‬
‫الذي ل يقرأ كتابا قط) ال‪.‬‬
‫‪ -3‬أن هذه الحرف كلها على اختلفها كلم ال تعال ل مدخل لبشر فيها‪ ،‬بل‬
‫بدليل قوله‬ ‫كلها نازلة من عنده تعال مأخوذ بالتلقي عن رسول ال‬
‫لكل من الختلفي بعد أن سع قراءته (هكذا أنزلت) وقول الخالف لصاحبه‬
‫(أقرأنيها رسول ال )‪ ،‬ولو صح لحد أن يغي ما شاء من القرآن برادفه أو‬
‫غي مرادفه لبطلت قرآنية القرآن وأنه كلم ال ولذهب العجاز‪ ،‬ولا تقق‬
‫إنا نن نزلنا الذكر وإنا له لافظون [الجر ‪.]9‬‬ ‫قوله سبحانه وتعال‬
‫وقال الذين ل يرجون لقاءنا ائت بقرآن غي هذا أو بدله‬ ‫وقوله سبحانه‪:‬‬
‫قل ما يكون ل أن أبدله من تلقاىء نفسي إن أتبع إل ما يوحى إل إن‬
‫أخاف إن عصيت رب عذاب يوم عظيم‪ .‬قل لو شاء ال ما تلوته عليكم‬
‫ول أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفل تعقلون [ يونس ‪-15‬‬
‫‪ ]16‬فل يوز لحد مهما كان أمره أن يبدل ف القرآن ويغي برادف أو‬
‫غي مرادف ما ل يكن نازلً على النب ‪ .‬ولو سلمنا بالثار الواردة‬

‫‪ )(1‬أبو عمرو الدان‪ ،‬الحرف السبعة‬

‫(‪)21‬‬
‫باستبدال كلمة برادفها فذلك ممول على الذن ف أول المر‪ ،‬ولكنه ل‬
‫يستمر‪ ،‬حيث كان المر الصريح بقول النب ‪( :‬اقرؤوا كما علمتم)‪.‬‬
‫‪ -4‬أن المة مية ف القراءة بأي حرف من هذه الحرف من غي إلزام بواحد‬
‫منها‪ ،‬ومن قرأ برف منها فقد أصاب‪ ،‬وليس لحد أن ينكر عليه‪ ،‬بدليل قوله‬
‫(فاقرؤوا ما تيسر منه) وقول جبيل‪( :‬فأيا حرف قرؤوا به فقد أصابوا)‪.‬‬
‫‪ -5‬أن هذه التوسعة ف نزول القرآن على سبعة أحرف مظهر من مظاهر التيسي‬
‫والتخفيف على المة‪ ،‬فل يوز أن تصي مصدر اختلف ونقمة‪ ،‬لقوله ‪:‬‬
‫عند‬ ‫(فل تاروا فيه فإن الراء فيه كفر) وكذلك تغي وجهه الشريف‬
‫اختلفهم مع قوله (إنا أهلك من قبلكم الختلف) وضربه ف صدر أُب بن‬
‫كعب حي جال باطره حديث السوء ف هذا الوضوع الليل‪ ،‬وعدم‬
‫موافقته لعمر وأُب وابن مسعود وعمرو بن العاص ف إنكارهم الشديد لن‬
‫خالفهم ف القراءة‪.‬‬
‫‪ -6‬أن الصحابة كانوا متحمسي ف الدفاع عن القرآن مستبسلي ف‬
‫الحافظة على التنيل‪ ،‬متيقظي لكل من يدث فيه حدثا‪ ،‬ولو كان عن طريق‬
‫الداء واختلف اللهجات‪ ،‬مبالغي ف هذه اليقظة حت ليأخذون ف هذا الباب‬
‫بالظنة‪ ،‬وينافحون عن القرآن بكل عناية وهة‪ ،‬وحسبك استدلل على ذلك‬
‫ما فعل عمر بصاحبه هشام بن حكيم على حي أن هشاما كان ف‬
‫واقع المر على صواب فيما يقرأ وأنه قال لعمر تسويغا لقراءته (أقرأنيها‬
‫رسول ال) لكن عمر ل يقنع‪ .‬بل لببه وساقه إل الحاكمة ول يتركه حت‬
‫قضى رسول ال لشام بأنه أصاب‪ ،‬قل مثل ذلك فيما فعل أب بن كعب‬
‫بصاحبه وما كان من ابن مسعود وعمرو بن العاص وصاحبيهما‪.‬‬
‫‪ -7‬أن الراد بالحرف ف الحاديث السابقة وجوه ف اللفاظ وحدها ل مالة‪،‬‬
‫بدليل أن اللف الذي صورته لنا الروايات الذكورة كان دائرا حول قراءة‬
‫اللفاظ ل تفسي العان مثل قول عمر إذا هو يقرؤها على حروف كثية ل‬
‫يقرئنيها رسول ال ث حكم الرسول أن يقرأ كل منهما وقوله هكذا‬

‫(‪)22‬‬
‫أنزلت وقوله (أي ذلك قرأت فقد أصبتم) ونو ذلك ول ريب أن القراءة أداء‬
‫اللفاظ ل شرح العان‪.‬‬

‫(سبعة أحرف) من حيث اللغة‪:‬‬ ‫معن قوله‬


‫الراد بالسبعة‪:‬‬
‫الراد با حقيقة العدد العروف ف الحاد بي الستة والثمانية‪ ،‬لن توارد النصوص على‬
‫العدد السبعة ل يعقل أن يكون غي مقصود‪ ،‬ل سيما إذا لحظنا أن الديث تناول قضية‬
‫ل يكن أن يكون الكلم فيها غامضا لتعلقها الباشر بالقرآن وطريقة نزوله‪.‬‬
‫الراد بالحرف‪ :‬الحرف جع حرف‪ ،‬ويطلق ف اللغة على معان كثية‪ :‬فالرف من كل‬
‫شيء طرفه وشفيه وحده‪ ،‬ومن البل أعله الحدد‪ ،‬وواحد حروف التهجي‪ ،‬والناقة‬
‫الضامرة أو الهزولة أو العظيمة‪ ،‬ومسيل الاء‪ .‬وعند النحاة‪ :‬ما جاء لعن ليس باسم ول‬
‫[الج ‪ ]11‬أي وجه‬ ‫ومن الناس من يعبد ال على حرف‬ ‫فعل‪ ،‬وقوله تعال‪:‬‬
‫واحد وهو أن يعبده على السراء ل على الضراء أو على شك أو على غي طمأنينة من أمره‬
‫أي ل يدخل ف الدين متمكنا (قال أبو عبيد‪ :‬قوله‪ :‬سبعة أحرف يعن سبع لغات من‬
‫لغات العرب وليس معناه أن يكون ف الرف الواحد سبعة أوجه‪ ،‬هذا ما ل يسمع به قط‬
‫ولكن يقول هذه اللغات السبع متفرقة ف القرآن فبعضه نزل بلغة قريش وبعضه بلغة‬
‫هوزان وبعضة بلغة هذيل وبعضه بلغة أهل اليمن وكذلك سائر اللغات ومعانيها ف هذا‬
‫كله واحد وما يبي لك ذلك قول بن مسعود فذكره قال وكذلك قال بن سيين وإنا هو‬
‫كقولك هلم تعال وأقبل ث فسره بن سيين فقال ف قراءة بن مسعود إن كانت إل زقية‬
‫واحدة وف قراءتنا صيحة واحدة والعن فيهما واحد وعلى هذا سائر اللغات)(‪.)1‬‬
‫وهذه العان الكثية تدل على أن لفظ الرف من قبيل الشترك اللفظي والشترك اللفظي‬
‫يراد به أحد معانيه الت تعينها القرائن وتناسب القام‪ ،‬وأنسب العان بالقام هنا ف‬
‫إطلقات لفظ الرف أنه الوجه‪.‬‬

‫‪ )(1‬السنن الكبى للبيهقي ‪.2/385‬‬

‫(‪)23‬‬
‫الراد بالحرف السبعة‪:‬‬
‫الحرف السبعة الت أنزلت على النب على نوعي‪:‬‬
‫‪-1‬مالف للرسم‪ .‬بزيادة أو نقص أو تقدي أو تأخي‪.‬‬
‫‪-2‬موافق للرسم ولو احتمالً‪ ،‬ولكنه متلف ف اللهجات‪.‬‬
‫يقول المام الهدوي فيما نقله عنه المام ابن الزري ف منجد القرئي‪( :‬الروف السبعة‬
‫الت أخب النب أن القرآن نزل عليها تري على ضربي‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬زيادة كلمة ونقص أخرى‪ ،‬وإبدال كلمة مكان أخرى وتقدم كلمة على أخرى‬
‫وذلك نو ما روي عن بعضهم (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضل من ربكم ف مواسم‬
‫الج) وروي عن بعضهم (حم سق) و (إذا جاء فتح ال والنصر) فهذا الضرب وأشباهه‬
‫متروك ل توز القراءة به‪ ،‬ومن قرأ بشيء منه غي معاند ول مادل عليه وجب على المام‬
‫أن يأخذه بالدب والضرب والسجن على ما يظهر له من الجتهاد‪.‬‬
‫فإن قرأ وجادل عليه‪ ،‬ودعا الناس إليه وجب عليه القتل(‪ )1‬لقول النب "الراء ف القرآن‬
‫كفر" ولجاع المة على اتباع الصحف الرسوم‪.‬‬
‫والضرب الثان‪ :‬ما اختلف القراء فيه من إظهار وإدغام وروم وإشام وقصر ومدة تفيف‬
‫وشد وإبدال حركة بأخرى وياء بتاء وواوٍ بفاء وما أشبه ذلك من الختلف التقارب‬
‫فهذا الضرب هو الستعمل ف زماننا هذا وهو الذي عليه خط مصاحف المصار‪ ،‬سوى‬
‫ما وقع ف حروف يسية‬
‫فثبت بذا أن القراءات الت نقرؤها هي بعض من الروف السبعة الت نزل عليها‬
‫القرآن)(‪.)2‬‬
‫أما معن حديث الحرف السبعة‪:‬‬
‫فقد تعددت أقول العلماء ف تفسي هذا الديث‪ ،‬حت بلغت أربعي قولً‪ ،‬ومن أشهر‬
‫هذه القوال‪:‬‬
‫القول الول‪ :‬أن الديث مشكل‪ ،‬لن لفظ الرف مشترك لفظي ل يدرى أي معانيه هو‬
‫الراد‪.‬‬
‫‪ )(1‬وذلك لنه يعتب مرتدا‪.‬‬
‫‪ )(2‬منجد القرئي ‪.183-182‬‬

‫(‪)24‬‬
‫وهذا القول مردود لوجود قرائن تدل على تعيي الراد من الحرف ف الحاديث‪ ،‬وهو‬
‫أي‬ ‫ومن الناس من يعبد ال على حرف‬ ‫الوجه‪ .‬ويشهد لذا الستعمال قوله تعال‬
‫على ضعف ف العبادة أو على وجه واحد‪ ،‬وهو أن يعبده ف السراء دون الضراء‪.‬‬
‫القول الثان‪ :‬أن الراد سبعة من العان التفقة بألفاظ متلفة‪ ،‬أو سبع لغات من لغات‬
‫العرب الشهورة ف كلمة واحدة‪ .‬وذلك مثل‪ :‬أقبل‪ ،‬وهلم‪ ،‬وتعال‪ ،‬وإلّ‪ ،‬ونوي‪،‬‬
‫وقصدي‪ ،‬وقرب‪ .‬وليس الراد من هذا الوجه أن كل كلمة تقرأ بسبع لغات‪ ،‬وإنا غاية ما‬
‫ينتهي إليه الختلف ف تأدية العن هو سبعة أوجه‪ .‬وقد نسب ابن عبد الب هذا القول‬
‫لكثر العلماء‪ ،‬واستدل له بديث أب بكرة الذي رواه أحد بسند جيد‪ ،‬وف آخره (حت‬
‫بلغ سبعة أحرف‪ ،‬قال كل شاف كاف‪ ،‬ما ل تلط آية عذاب برحة‪ ،‬أو رحة‬
‫بعذاب)(‪.)1‬‬
‫‪ ،‬قلت (سيعا عليما‪ .‬عزيزا حكيما‪ ،‬مال تلط آية‬ ‫وكذلك ما رواه أبو داود عن أُب‬
‫عذاب برحة أو رحة بعذاب) أبوداود‪ ،‬كتاب الصلة باب إنزال القرآن على سبعة‬
‫أحرف رقم ‪1477،1478‬‬
‫وعند أحد من حديث أب هريرة (أنزل القرآن على سبعة أحرف‪ ،‬عليما حكيما‪،‬‬
‫غفورا رحيما)(‪.)2‬‬
‫وعنده عن عمر (أن القرآن كله صواب مال تعل مغفرة عذابا أو عذابا مغفرة)(‪)3‬‬
‫القول الثالث‪ :‬قول المام ابن الزري‪:‬‬
‫وأما ابن الزري فيقول‪ :‬قد تتبعت صحيح القراءات وشاذها وضعيفها ومنكرها فإذا هي‬
‫يرجع اختلفها إل سبعة أوجه ل يرج عنها‬
‫‪ - 1‬وذلك إما ف الركات بل تغي ف العن والصورة نو البخل بأربعة أوجه ويسب‬
‫بوجهي‬
‫البقرة ‪37‬‬ ‫فتلقى ءادم من ربه كلمت‪2‬‬ ‫‪ - 2‬أو بتغي ف العن فقط نو‬

‫‪)(1‬رواه أحد ‪ ،5/41‬فيه زيد بن جدعان سيء الفظ كما قال اليثمي(‪ ،)7/151‬وبقية رجال السند رجال‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫‪)(2‬السند ‪ ،2/332‬صحح إسناده أحد شاكر ‪16/167‬‬
‫‪)(3‬رواه أحد ‪.4/30‬‬

‫(‪)25‬‬
‫برفع لفظ آدم ونصب لفظ كلمات وبالعكس‬
‫أو‬ ‫هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت‬ ‫‪ - 3‬وإما ف الروف بتغي العن ل الصورة نو‬
‫فتثبتوا ‪.‬‬ ‫تتلو ‪ .‬فتبينوا‬
‫‪ - 4‬وعكس ذلك أي تغيي الصورة ل العن نو بصطة و بسطة ونو‬
‫الصراط و السراط ‪.‬‬
‫فاسعوا ‪.‬‬ ‫‪ - 5‬أو بتغيالصورة والعن نو فامضوا‬
‫‪ - 6‬وإما ف التقدي والتأخي نو َفيَقتُلون ويُقتَلون بفتح ياء الضارعة مع بناء الفعل‬
‫للفاعل ف إحدى الكلمتي وبضمها مع بناء الفعل للمفعول ف الكلمة الخرى‬
‫‪ - 7‬أو ف الزيادة والنقصان كزيادة حرف نو أوصى و وصى أو زيادة كلمة‬
‫تري تتها النار ‪.‬‬ ‫نو‪ :‬تري من تتها النار و‬
‫فهذه سبعة ل يرج الختلف عنها‬
‫ونلحظ أن ابن الزري ل يذكر من أوجه الختلف ما كان من قبيل الصول‪ ،‬نو‬
‫صلة الاء والمالة والدغام والدود وغي ذلك‪ .‬رغم أنه نقل عن الهدوي أن أحد‬
‫ضرب اختلف الحرف السبعة هو الختلف ف الظهار والدغام والد ونو ذلك‬
‫كما مر معنا‪.‬‬
‫القول الرابع‪ :‬وهو قول المام أبو الفضل الرازي ف اللوائح‬
‫وهو أن الختلف ف الكلم ل يرج عن سبعة أوجه‪:‬‬
‫الول‪ :‬اختلف الساء من إفراد وتثنية وجع وتذكي وتأنيث‪ ،‬مثاله‪ :‬قوله سبحانه‬
‫[ الؤمنون‪ ]8 :‬قرىء هكذا لماناتم جعا‬ ‫والذين هم لمنـٰتهم وعهدهم راعون‬
‫وقرىء لمانتهم بالفراد‬
‫الثان‪ :‬اختلف تصريف الفعال من ماض ومضارع وأمر‪ ،‬مثاله‪ :‬قوله سبحانه‪ :‬فقالوا‬
‫ـعِد بي أسفارنا [ سبأ ‪]19‬قرىء هكذا بنصب لفظ ربنا على أنه منادى‬ ‫ربّنا ب ٰ‬
‫وبلفظ باعِد فعل (دعاء)‪ ،‬وقرىء هكذا (ربّنا بعّدَ) برفع (ربّ) على البتداء وبلفظ (بعّدَ)‬
‫فعل ماضيا مضعّف العي جلته خب ‪.‬‬

‫(‪)26‬‬
‫ول يضار كاتب ول شهيد‬ ‫الثالث‪ :‬اختلف وجوه العراب‪ ،‬مثاله‪ :‬قوله سبحانه‬
‫[البقرة ‪ ]282‬قرىء بفتح الراء وضمها‪ ،‬فالفتح على أن ل ناهية فالفعل مزوم بعدها‪،‬‬
‫أما الضم فعلى أن ل نافية فالفعل مرفوع بعدها ‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬الختلف بالنقص والزيادة‪ ،‬مثاله‪ :‬قوله سبحانه‪ :‬إن ال هو الغن الميد‬
‫بنقص كلمة‬ ‫إن ال الغن الميد‬ ‫[الديد ‪ ]24‬قرىء بذا اللفظ‪ ،‬وقرىء أيضا‬
‫(هو)‪.‬‬
‫[آل عمران ‪]195‬‬ ‫وقاتَلوا وقُتِلوا‬ ‫الامس‪ :‬الختلف بالتقدي والتأخي‪ ،‬مثاله‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫وقُتِلوا وقاتلوا‬ ‫قرىء‬
‫وانظر إل العظام كيف ننشزها‬ ‫السادس‪ :‬الختلف بالبدال‪ ،‬مثاله‪ :‬قوله سبحانه‬
‫بالراء‪.‬‬ ‫ننشرها‬ ‫[البقرة ‪ ]259‬بالزاي وقرىء‬
‫السابع‪ :‬اختلف اللغات (اللهجات) كالفتح والمالة والترقيق والتفخيم والظهار‬
‫والدغام ونو ذلك‪.‬‬
‫وهذا الذهب هو أوسع الذاهب الت اعتمدت على الستقراء‪ ،‬وقد قاربه كل القرب‬
‫مذهب المام ابن قتيبة والحقق ابن الزري والقاضي ابن الطيب‪ ،‬ول فرق بي آرائهم‬
‫وبي هذا الرأي إل اختلف ف طرق التتبع والستقصاء والتعبي‪ ،‬وزاد عليهم الرازي‬
‫بالوجه السابع‪ ،‬وهو اختلف اللهجات‪ .‬حت قال العلمة ابن حجر ما نصه (وقد أخذ أي‬
‫الرازي كلم ابن قتيبة ونقحه)(‪.)1‬‬
‫القول الرابع‪ :‬سبع لغات موزعة ف القرآن فقسم بلغة قريش وقسم بلغة هذيل وقسم بلغة‬
‫هوازن‪ ،‬وهكذا حت سبع لغات‪ .‬وقد رُ ّد هذا القول بأن عمر وهشام رضي ال عنهما‬
‫كلها قرشي ومع ذلك اختلفا ف القراءة كما سبق ذكره‪.‬‬
‫القول الامس‪ :‬أنا أوجه فصيحة من اللغات والقراءات الت نزل عليها القرآن‪ ،‬ل تزيد‬
‫عن سبعة ف الكلمة الواحدة‪ ،‬ول يلزم أن تبلغ الوجه هذا الد ف كل موضع من‬
‫القرآن‪.‬‬

‫‪ )(1‬فتح الباري ‪.9/29‬‬

‫(‪)27‬‬
‫القول الختار‪:‬‬
‫وإذا استصحبنا الكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف وهي التيسي‪ :‬فليس فيما ذكره‬
‫الرازي من أوجه اللف ما يقع به التيسي على المة إل الوجه السابع وهو اختلف‬
‫اللغات‪ ،‬فمن كانت لجته فيها الدغام يصعب عليه الكلم بغيها‪ ،‬وهكذا من كانت‬
‫لجته بالمالة أو بالتسهيل أوغي ذلك‪ .‬أما ما ذكره الرازي وغيه من الوجه فل أرى ف‬
‫التيان به صعوبة على القارئ وال أعلم‪.‬‬
‫قال الزرقان عن وجه اختلف اللهجات‪( :‬بل هذا قد يكون أول بالسبان وأحرى‬
‫بالرعاية ف باب التخفيف والتيسي لنه قد يسهل على الرء أن ينطق بكلمة من غي لغته‬
‫ف جوهرها ول يسهل عليه أن ينطق بكلمة من غي لغته نفسها بلهجة غي لجته وطريقة‬
‫ف الداء غي طريقته‬
‫ذلك لن الترقيق والتفخيم والمز والتسهيل والظهار والدغام والفتح والمالة ونوها ما‬
‫هي إل أمور دقيقة وكيفيات مكتنفة بشيء من الغموض والعسر ف النطق على من ل‬
‫يتعودها ول ينشأ عليها‪ ،‬واختلف القبائل العربية فيما مضى كان يدور على اللهجات ف‬
‫كثي من الالت وكذلك اختلف الشعوب السلمية وأقاليم الشعب الواحد منها الن‬
‫يدور ف كثي من الالت أيضا على اختلف اللهجات‪ ،‬وإذن فتخفيف ال على المة‬
‫بنول القرآن على سبعة أحرف ل يتحقق إل بلحظة الختلف ف هذه اللهجات‬
‫ونقل عن ابن قتيبة قوله‪ :‬ولو أراد كل فريق من هؤلء – أي قبائل العرب‪ -‬أن يزول عن‬
‫لغته وما جرى عليه اعتياده طفل ويافعا وكهل لشتد ذلك عليه وعظمت الحنة فيه ول‬
‫يكن إل بعد رياضة للنفس طويلة وتذليل للسان وقطع للعادة فأراد ال برحته ولطفه أن‬
‫(‪)1‬‬
‫يعل لم متسعا ف اللغات ومتصرفا ف الركات كتيسيه عليهم ف الدين)‬

‫‪ )(1‬مناهل العرفان في علوم القرآن ‪ -‬الزرقاني ج ‪/1‬ص ‪115‬‬

‫(‪)28‬‬
‫الكمة والفوائد من نزول القرآن على سبعة أحرف‪.‬‬
‫‪-1‬التخفيف على المة وإرادة التيسي با‪ ،‬وهذا واضح ف قول النب‬
‫(هوّن على أمت) (وإن أمت ل تطيق ذلك)‪.‬‬
‫‪-2‬إعجاز القرآن ف معانيه وأحكامه‪ ،‬فتنوع القراءات تبعه تنوع ف العان‪،‬‬
‫وزيادة ف الحكام‪.‬‬
‫‪-3‬الحرف السبعة حفظت لغة العرب من الضياع‪ ،‬لتضمنها خلصة هذه‬
‫اللغات‪.‬‬
‫‪-4‬ف الحرف السبعة دللة قاطعة على مصدر القرآن وصدقه‪ ،‬فمع كثرة‬
‫أوجه الختلف وتنوعها ليس فيه تضاد ول تناقض‪ ،‬بل كله يصدق بعضه‬
‫بعضا‪.‬‬
‫‪-5‬نزول القرآن على سبعة أحرف فيه بيان لفضل المة الحمدية بتلقيها‬
‫كتاب ربا والعتناء به ما يزيد ف أجور العاملي بكتاب ال تلوة وحفظا‬
‫ودراسة واستنباطا للحكام والعان‪.‬‬
‫‪-6‬الحرف السبعة خصيصة خاصة بالمة الحمدية‪ ،‬لن الكتب السابقة‬
‫كانت تنْزل على وجه واحد‪ ،‬وأُوكِل حفظها للمم السابقة‪ ،‬بينما نزل‬
‫القرآن على سبعة أحرف‪ ،‬وتكفل ل بفظه وصيانته وقيض له ف كل‬
‫عصر ومصر من يفظه ويتلوه ويعلّمه بأوجهه الختلفة‪.‬‬

‫مسألة‪ :‬هل الحرف السبعة موجودة الن ف الصاحف؟‬


‫للعلماء ف بقاء الحرف السبعة ف الصاحف ثلثة أقوال‪:‬‬
‫القول الول‪ :‬أن الحرف السبعة باقية كلها ف الصاحف الت نسخها عثمان ومن معه‬
‫من الصحابة‪ ،‬ودليلهم أنه ل يوز للمة أن تمل نقل شيء منها‪ ،‬وقد أجع الصحابة على‬
‫نقل الصاحف العثمانية من الصحف الت كتبها أبو بكر‪ ،‬وأجعوا على ترك ما سوى‬
‫ذلك‪.‬‬

‫(‪)29‬‬
‫يقول المام أبو عمرو الدان‪( :‬وأن أمي الؤمني عثمان رضي ال عنه ومن بالضرة من‬
‫جيع الصحابة قد أثبتوا جيع تلك الحرف ف الصاحف وأخبوا عن صحتها وأعلموا‬
‫بصوابا وخيوا الناس فيها كما كان صنع رسول ال‪ ....‬وأن عثمان رحه ال تعال‬
‫والماعة إنا طرحوا حروفا وقراءات باطلة غي معروفة ول ثابتة‪ ،‬بل منقولة عن الرسول‬
‫نقل الحاديث الت ل يوز إثبات قرآن وقراءات با)‪ .‬وهذا القول قول جاعة من الفقهاء‬
‫والقراء والتكلمي‪.‬‬
‫القول الثان‪ :‬أن الصاحف تشتمل على ما يتمله رسها من الحرف السبعة فقط‪ ،‬جامعة‬
‫للعرضة الخية‪ ،‬وهو قول جاهي العلماء وقد صوبه المام ابن الزري‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬أن الصحابة اقتصروا على حرف واحد من الحرف السبعة‪ ،‬وأثبتوه ف‬
‫الصاحف‪ .‬وهو قول ابن جرير الطبي ومن وافقه من العلماء‪.‬‬

‫القراءات القرآنية‪:‬‬

‫تعريف علم القراءات‪ ،‬تعريف القراءة‪ ،‬الرواية‪ ،‬الطريق‪.‬‬


‫تعريف القراءات‪ :‬القراءات جع قراءة‪ ،‬وهي مصدر من قرأ يقرأ قراءة وقرآنا‪.‬‬
‫واصطلحا‪ :‬القراءة‪ :‬هي كيفية أداء كلمات القرآن وحروفه‪.‬‬
‫تعريف علم القراءات‪ :‬هو علم يعن بكيقية أداء كلمات القرآن الكري واختلفها معزُوا‬
‫(أي منسوبا) إل ناقله(‪.)1‬‬
‫الرواية‪ :‬هي ما ينسب للراوي عن المام القارئ‪ ،‬مثل رواية قالون عن نافع‪ ،‬وحفص عن‬
‫عاصم‪.‬‬
‫الطريق‪ :‬هو ما ينسب للخذ من الراوي وإن نزل‪ ،‬مثل طريق الزرق عن ورش‪ ،‬أو‬
‫الصبهان عن ورش‪ ،‬أو عبيد بن الصباح عن حفص‪ ،‬ومثل طريق الشاطبية والدرة الضية‪،‬‬
‫وطريق طيبة النشر‪ .‬وهذه الطرق هي الت تؤخذ منها القراءات التواترة ف زماننا‪.‬‬
‫فيقال مثلً‪ :‬قراءة نافع برواية ورش طريق الزرق‪ .‬أو طريق الشاطبية‪.‬‬

‫‪ )(1‬ابن الزري‪ ،‬منجد القرئي‪ ،‬ومرشد الطالبي‪ ،‬ص ‪.3‬‬

‫(‪)30‬‬
‫وأما سبب تعدد هذه الطرق فقد أجاب عنه الشيخ على ممد الضباع ف رده على نفس‬
‫السؤال من الشيخ إبراهيم شحاته السمنودى حيث قال‪ :‬ـ‬
‫لا اجتمع رأى أهل المصار على اختيار القراء العشرة الشهورين وأخذوا ف تلقى‬
‫قراءاتم طبقة بعد طبقة إل أن دونوها بالتأليف‪.‬‬
‫ولا كان من واجب كل مؤلف أن ينسب كل قراءة إل صاحبها مع تعيي ناقليها عنه‬
‫طبقة بعد طبقة تقيقا لصحة سندها وعلوه وللمن من الوقوع ف التركيب‪ ،‬فبتعيي‬
‫الناقلي تعددت فروعهم إل كل مؤلف وبتكرار الفروع ف التآليف تعددت الطرق حت‬
‫بلغت على ما ف الكتب الت آل المر ف أخذ القراءات منها ف العصور الوسطى وهى‬
‫تسعون كتابا ذكرها ابن الزرى ف نشره زهاء عشرة آلف طريق‪.‬‬
‫أقول‪ :‬هذا قبل أن يؤلف ابن الزرى كتابه النشر ث قال الضباع‪ :‬ولا ألف المام ابن‬
‫الزرى كتابه الذكور اقتصر فيه على الفروع الت عل سندها وأكثر الؤلفون من ذكرها‬
‫فجمع فيه منها ألف طريق من سبعة وثلثي كتابا وذكر معها أيضا متارات ل يسبق‬
‫تدوينها وصح سندها وتوفرت شروطها‪.‬‬
‫فائدة ‪ :‬طرق الشاطبية والدرة ل تزيد عن واحد وعشرين طريقا لن لكل راو طريقا‬
‫واحدا ما عدا إدريس عن خلف ف اختياره فله طريقان ف الدرة ولذلك كانت تريراتا‬
‫سهلة وخفيفة‪.‬‬
‫أما طرق الطيبة فهى كما سبق زهاء ألف طريق لن لكل راو من الرواة العشرين‬
‫طريقي وكل طريق من طريقي ال‪ ،‬يقول ابن الزرى‪:‬باثني ف اثني وإل أربع‪ ::‬فهى‬
‫زهاء ألف طريق تمع ولذلك كانت تريراتا صعبة وطويلة‪ ،‬فبذل الحررون جهدهم‬
‫وحصروا اليات القرآنية وبينوا ما فيها من الوجه المنوعة والائزة من خلل هذه الطرق‬
‫ف تصانيفهم فجزاهم اله خيا‪.‬‬
‫هل كل ما ينسب للقراء السبعة أو العشرة ف كتب التفسي والنحو واللغة متواتر؟‬
‫فالواب عن ذلك‪ :‬ليس كل ما يراه القارئ ف كتب التفسي أو اللغة أو النحو من‬
‫قراءات منسوبة إل واحد من هؤلء القراء السبعه أو العشرة متواترا إل إذا كان مذكورا‬

‫(‪)31‬‬
‫ف كتاب النشر أو الشاطبية أو الدرة فقط‪ ،‬وما عدا ذلك فليس بتواتر ول يقال له قراءة‬
‫سبعية أو عشرية لنقطاع سندها عنهم‬

‫الصول (أصول القراءات)‪ :‬ويقصد با القواعد الطردة الت تنطبق على كل جزئيات‬
‫القاعدة‪ ،‬والت يكثر دورها ويتحد حكمها‪.‬‬
‫مثالا‪ :‬الستعاذة‪ ،‬البسملة‪ ،‬الدغام الكبي‪ ،‬هاء الكناية‪ ،‬الد والقصر‪ ،‬المزتي من كلمة‬
‫ومن كلمتي‪ ،‬المالة‪ ،‬إل‪.‬‬
‫الفرش ( الكلمات الفرشية)‪ :‬هي الكلمات الت يقل دورها وتكرارها‪ ،‬ول يتحد‬
‫حكمها‪ .‬وتسمى أيضا‪ :‬الفروع‪.‬‬
‫التحريرات‪:‬‬
‫التحرير ف اللغة يطلق على عدة معان منها‪ :‬التقوي‪ ،‬التدقيق‪ ،‬والحكام‪.‬يقال‪ :‬ترير‬
‫الكتاب وغيه‪ ،‬تقويه‪،‬وحرر الوزن‪ ،‬دققه وحرر الرمى إذا أحكمه‪،‬‬
‫واصطلحا‪ :‬تنقيح القراءة من أى خطأ أو خلل كالتركيب مثل‪ ,‬ويقال له التلفيق‪,‬‬
‫قال السخاوى ف جال القراء‪ :‬إن خلط هذه القراءات بعضها ببعض خطأ‪ .‬وقال‬
‫القسطلن شارح البخارى ف لطائفه‪ :‬يب على القارئ الحتراز من التركيب ف الطرق‬
‫وتييز بعضها من بعض وإل وقع فيما ليوز وقراءة ما ل ينل‪ ..‬وقال الشيخ مصطفى‬
‫الزميى‪ :‬التركيب حرام ف القرآن على سبيل الرواية ومكروه كراهة تري على ما حققه‬
‫أهل الدراية‪ ،‬فالتدقيق ف القراءات وتقويها والعمل على تييز كل رواية على حده من‬
‫طرقها الصحيحة‪ ،‬وعدم خلطها برواية أخرى‪ ،‬هو معن التحرير وفائدته‪،‬وفيه مافظة على‬
‫كلم ال من أن يتطرق إليه أى مرم أو معيب‪.‬‬

‫نشأة علم القراءات‪:‬‬


‫يكن تقسيم مراحل تطور علم القراءات إل الراحل التالية‪:‬‬

‫الرحلة الول‪ :‬القراءات ف زمن النبوة‪:‬‬


‫وتتميز هذه الرحلة با يلي‪:‬‬

‫(‪)32‬‬
‫‪-‬مصدر القراءات هو جبيل عليه السلم‪.‬‬
‫‪-‬العلم الول للصحابة هو رسول ال وهو الرجع لم فيما اختلفوا فيه من‬
‫أوجه القراءة‪.‬‬
‫‪-‬قيام بعض الصحابة بهمة التعليم مع رسول ال إما بأمر من رسول ال‬
‫أو بإقرار منه‪.‬‬
‫‪-‬ظهور طائفة من الصحابة تصصت بالقراءة (القراء) ومنهم سبعي قارئا قتلوا‬
‫ف بئر معونة‪ ،‬كما أن منهم (أبا بكر وعثمان وعلي بن أب طالب وأب بن‬
‫كعب وعبد ال بن مسعود وزيد بن ثابت وأبو موسى الشعري وأبو الدرداء)‬
‫وقد قال عنهم المام الذهب‪( :‬فهؤلء الذين بلغنا أنم حفظوا القرآن – أي‬
‫كامل‪ -‬ف حياة النب وأخذ عنهم عرضا‪ ،‬وعليهم دارت أسانيد قراءة‬
‫الئمة العشرة) (‪. )1‬‬

‫الرحلة الثانية‪ :‬القراءات ف زمن الصحابة رضي ال عنهم‪:‬‬


‫وحت ناية النصف الول من القرن الجري الول‬ ‫وتبدأ هذه الرحلة من وفاة النب‬
‫تقريبا‪ ،‬وتتميز هذه الرحلة با يلي‪:‬‬
‫‪-‬تتلمذ بعض الصحابة والتابعي على أئمة القراءة من الصحابة‪.‬‬
‫‪-‬بدأت تظهر أوجه القراءة الختلفة‪ ،‬وصارت تنقل بالرواية‪,‬‬
‫‪-‬تعيي الليفة عثمان قارئا لكل مصر معه نسخة من الصاحف الت نسخها‬
‫عثمان ومن معه‪ ،‬وكانت قراءة القارئ موافقة لقراءة الصر الذي أرسل إليه ف‬
‫الغلب‪ .‬حيث أرسل عثمان إل مكة (عبد ال بن السائب الخزومي) وأرسل‬
‫إل الكوفة (أبا عبد الرحن السلمي) وكان فيها قبله عبد ال بن مسعود من‬
‫أيام عمر ‪ ،‬وأرسل عامر بن قيس إل البصرة‪ ،‬والغية بن أب شهاب إل‬
‫الشام‪ ،‬وأبقى زيد بن ثابت مقرئا ف الدينة‪ ،‬وكان هذا ف حدود سنة ثلثي‬
‫للهجرة‪.‬‬

‫‪ )(1‬الذهب‪ ،‬معرفة القراء الكبار ‪.1/39‬‬

‫(‪)33‬‬
‫الرحلة الثالثة‪ :‬القراءات ف زمن التابعي وتابعي التابعي‪:‬‬
‫وتتد هذه الرحلة من بداية النصف الثان من القرن الول‪ ،‬وحت بداية عصر التدوين‬
‫للعلوم السلمية وتتميز هذه الرحلة با يلي‪:‬‬
‫‪-‬إقبال جاعة من كل مصر على تلقي القرآن من هؤلء القراء الذين تلقوه‬
‫بالسند عن رسول ال و توافق قراءتم رسم الصحف العثمان‪.‬‬
‫‪-‬تفرغ قوم للقراءة والخذ واعتنوا بضبط القراءة حت صاروا أئمة يقتدى بم‬
‫ف القراءة‪ ،‬وأجع أهل بلدهم على تلقي القراءة منهم بالقبول‪ ،‬ولتصديهم‬
‫للقراءة وملزمتهم لا وإتقانم نسبت القراءة إليهم وتيز منهم‪:‬‬
‫‪o‬ف الدينة‪ :‬أبو جعفر زيد بن القعقاع(ت ‪ )130‬وشيبة بن‬
‫نصاح(‪ )130‬ونافع بن أب نعيم (‪.)169‬‬
‫‪o‬وف مكة‪ :‬عبد ال بن كثي (‪ )120‬وحيد العرج (‪)130‬‬
‫وممد ابن ميصن (‪.)123‬‬
‫‪o‬وف الكوفة ‪:‬يي بن وثاب (‪ )103‬وعاصم بن أب النجود (‬
‫‪ )129‬وسليمان العمش (‪ )148‬وحزة الزيات (‪)156‬‬
‫وعلي الكسائي (‪.)189‬‬
‫‪o‬وف البصرة‪ :‬عبد ال بن أب إسحاق (‪ )129‬وعيسى بن عمر‬
‫(‪ )149‬وأبو عمرو بن العلء (‪ )154‬وعاصم الحدري (‬
‫‪ )128‬ويعقوب الضرمي (‪.)205‬‬
‫‪o‬وف الشام‪ :‬عبد ال بن عامر (‪ )118‬وعطية بن قيس الكلب‬
‫(‪ )121‬ويي بن الارث الذماري (‪.)145‬‬

‫الرحلة الرابع‪ :‬مرحلة التدوين‪:‬‬


‫ويكن إبراز جوانب هذه الرحلة با يلي‪:‬‬
‫‪-‬اختلف ف أول من دون القراءات‪ ،‬فقيل هو المام أبو عبيد القاسم بن سلم (‬
‫‪ )224‬وقيل أبو حات السجستان (‪ )225‬وهو رأي ابن الزري ‪ ،‬وقيل يي‬
‫بن يعمر (‪)90‬‬

‫(‪)34‬‬
‫‪-‬تسبيع السبة والقتصار عليهم‪ ،‬وأول من قام بذلك المام أبو بكر أممد بن‬
‫موسى بن ماهد (ت ‪ )324‬وكان لشهرته العلمية أثر كبي ف اشتهار‬
‫القراءات الشبع الت اختارها‪.‬‬
‫‪-‬بدأ ظهور وتبلور شروط القراءة الصحيحة وتييز الصحيح من الشاذ‪ .‬ويقال‬
‫بأن أول من ألف ف القراءات الشواذ هو ان ماهد أيضا حيث ألف كتابه‬
‫أساه (الشواذ) إل أن هذا الكتاب مفقود‪.‬‬
‫‪-‬الحتجاج للقراءات الصحيحة ف جوانبها اللغوية (صوتيا وصرفيا ونويا)‪.‬‬
‫‪-‬توال التأليف ف القراءات السبع‪ ،‬فألف مكي ابن أب طالب القيسي كتابيه‬
‫التبصرة والكشف‪ ،‬وألف أبو عمرو الدان (ت ‪)444‬التيسي ف القراءات‬
‫السبع وجامع البيان ونظم المام الشاطب (ت ‪ )590‬التيسي ف حرز المان‬
‫ووجه التهان(الشاطبية)‪.‬‬
‫‪-‬مرحلة إفراد القراءات ف مؤلفات خاصة با ‪ ،‬أو جع أقل من السبعة أو أكثر‬
‫من السبعة لدفع ما علق ف أذهان الكثيين من أن القراءات السبعة هي‬
‫الحرف السبعة‪ ،‬لبيان أن هناك قراءات أخرى غي السبعة الت جعها ابن‬
‫ماهد وهي قراءات مقبولة وصحيحة‪ ،‬وتوج ذلك وختم بكتاب ابن الزري‬
‫النشر ف القراءات العشر ومنظومته طيبة النشر ف القراءات العشر‪.‬‬

‫الرحلة العاصرة‪ :‬القراءات ف عصرنا‪:‬‬


‫لقد مر علم القراءات كغيه من العلوم السلمية بفترات ندر فيها طالبوه وقل راغبوه‪ ،‬إل‬
‫أنه وف هذا العصر بدأت نضة العلوم السلمية من جديد ومن بينها علم القراءات وكثر‬
‫الراغبون ف تعلم هذا العلم وتلقيه‪ ،‬وكما ظهرت التآليف الختلفة الت تسهل هذا العلم‬
‫وتقربه لطلبه إما بتهذيب وتقيق كتب السابقي أو بتأليف كتب معاصرة جديدة‪ .‬كما‬
‫ظهرت الذاعات والقنوات الفضائية التخصصة ف القرآن الكري‪ ،‬وأسست اليئات‬
‫والمعيات والجامع لنشر القرآن الكري وعلومه‪.‬‬
‫وأما عن انتشار القراءات ف العال السلمي‪:‬‬
‫فإن رواية حفص عن عاصم تنتشر ف معظم الدول السلمية ل سيما ف الشرق‪.‬‬

‫(‪)35‬‬
‫ورواية قالون ف ليبيا تونس وأجزاء من الزائر‪.‬‬
‫ورواية ورش ف الزائر والغرب وموريتانيا ومعظم الدول الفريقية‪.‬‬
‫ورواية الدوري عن أب عمرو ف السودان والصومال وحضرموت ف اليمن‪.‬‬
‫عرفنا فيما سبق من خلل تاريخ القراءات أن هناك شروطا للقراءة القبولة تيزها عن‬
‫غيها من القراءات وفيما يلي نبي هذه الشروط‪.‬‬

‫شروط القراءة القبولة (‪:)1‬‬


‫يشترط للقراءة الصحيحة توفر ثلثة شروط‪:‬‬
‫‪ -1‬موافقة وجه صحيح من اللغة العربية (قواعد النحو)‪.‬‬
‫‪ -2‬موافقة الرسم العثمان ولو احتمالً‪ ،‬مثل (ملك) تتمل (مالك)‪ ،‬ومثل (مكانتكم)‬
‫(مكاناتكم)‪.‬‬
‫‪ -3‬حصول التواتر‪ :‬وهو أن ينقلها عدد كبي يستحيل ف العادة اجتماعهم على الكذب‪.‬‬
‫ويعتب الشرطان الول والثان تبع للشرط الثالث‪ ،‬عند جهور من اشترط التواتر من‬
‫العلماء ومنهم ابن الزري ف قوله الول من قوليه‪.‬‬
‫بينما يرى جهور العلماء ومنهم أبو شامة وابن الزري ومكي ابن أب طالب وغيهم أنه‬
‫يكفي لصحة القراءة أن تكون مشهورة صحيحة السناد‪ ،‬إضافة إل شرطي‪ :‬موافقة‬
‫الرسم ووجه من أوجه النحو(‪ ،)2‬وبالتال يكون شرط موافقة اللغة والرسم أساسيان‪.‬‬
‫وكل القولي – فيما أراه وال أعلم ‪ -‬مؤداه واحد واللف بينهما لفظي‪ ،‬لن الرسم‬
‫منقول بالتواتر وممع عليه من قبل المة‪ ،‬كما أن القولي ف الواقع متفقان ف النتيجة على‬
‫قبول القراءات العشر كلها والقراءة با‪.‬‬
‫قال ابن الزري رحه ال تعال‪:‬‬
‫وكان للرسم احتمال يوي‬ ‫وكل ما وفق وجه نو‬
‫فهذه الثلثة الركان‬ ‫وصح إسنادا هو القرآن‬
‫شذوذه لو أنه ف السبعة‬ ‫وحيثما يتل ركن أثبت‬

‫‪ )(1‬منجد المقرئين ص ‪.79‬‬


‫‪ )(2‬مكي‪ ،‬البانة عن وجوه القراءات‪ ،‬ص ‪ .57‬ابن الزري‪ ،‬النشر‪.1/14 ،‬‬

‫(‪)36‬‬
‫القراءات العشر التواترة‪:‬‬
‫القراءات التواترة هي عشر قراءات‪ ،‬تنسب كل قراءة إل إمام من أئمة القراءة‪ ،‬وهذه‬
‫النسبة ليست نسبة اختراع وإياد ولكنها نسبة ملزمة وإتقان‪ ،‬ولكل قارئ راويان‪:‬‬
‫قراءة المام نافع الدن‪ .‬رواها عنه عيسى بن مينا‪(:‬قالون)‪ ،‬عثمان بن سعيد الصري‪:‬‬
‫(وَرش)‪.‬‬
‫قراءة المام عبد ال بن كثي الكي‪ :‬رواها عنه أحد بن عبد ال بن أب بزة (البزي)‬
‫ممد بن عبد الرحن الكي (قنبل)‪.‬‬
‫قراءة المام أب عمر بن العلء البصري‪ :‬رواها عنه حفص بن عمر (الدوري) وصال‬
‫بن زياد الرستب (السوسي)‪.‬‬
‫قراءة المام عبد ال بن عامر اليحصب الشامي‪ :‬رواها عنه‪ :‬هشام بن عمار الدمشقي‪،‬‬
‫وعبد ال بن أحد بن ذكوان‪.‬‬
‫قراءة المام عاصم بن أب النجود الكوف‪ :‬رواها عنه أبو بكر بن عياش الكوف (شعبة)‪،‬‬
‫حفص بن سليمان الغاضري‪.‬‬
‫قراءة المام حزة بن حبيب الزيات الكوف‪:‬رواها عنه خلف بن هشام بن ثعلب البزار‪،‬‬
‫وخلد بن خالد‪.‬‬
‫قراءة المام علي بن حزة الكسائي الكوف‪ :‬رواها عنه أبو الارث الليث بن خالد‬
‫البغدادي‪ ،‬وحفص بن عمر الدوري رواي أب عمر البصري‪.‬‬
‫قراءة المام أب جعفر يزيد بن القعقاع الدن‪ :‬رواها عنه عيسى بن وردان أبو الارث‬
‫الذاء‪ ،‬وسليمان بن مسلم بن جاز‪.‬‬
‫قراءة المام يعقوب بن إسحاق الضرمي البصري‪ :‬رواها عنه ممد بن التوكل‬
‫( ُر َويْس)‪ ،‬و َروْح بن عبد الؤمن‪.‬‬
‫قراءة المام خلف بن هشام البزار الكوف‪ :‬رواها عنه‪ :‬إسحاق بن إبراهيم بن عثمان‪،‬‬
‫وإدريس بن عبد الكري الداد‪.‬‬
‫القراءات الشاذة‪:‬‬
‫تعريف القراءة الشاذة‪ :‬هي القراءة الت اختل فيها ركن من أركان القراءة الثلثة‪.‬‬

‫(‪)37‬‬
‫وأشهر القراءات الشاذة أربعة‪:‬‬
‫قراءة ابن ميصن‪ :‬ممد بن عبد الرحن الكي‪.‬‬
‫قراءة يي اليزيدي‪ :‬أبو ممد بن البارك البصري‪.‬‬
‫قراءة السن البصري‪.‬‬
‫قراءة سليمان بن مهران العمش‪.‬‬

‫أنواع القراءات الشاذة‪:‬‬


‫‪ -1‬ما ورد آحادا وصح سنده‪ ،‬لكنه خالف رسم الصحف أو قواعد العربية‪.‬‬
‫‪ -2‬ما ل يصح سنده مع موافقته للرسم وقواعد النحو‪.‬‬
‫‪ -3‬القراءات الوضوعة الختلقة‪.‬‬
‫‪ -4‬القراءات التفسيية‪ :‬وهي الت سيقت على سبيل التفسي‪ ،‬مثل قراءة سعد (وله أخ أو‬
‫أخت من أم فلكل واحد منهما السدس) أو قراءة (والسارق والسارقة فاقطعوا أيانما)‪.‬‬
‫حكم القراءات الشاذة‪:‬‬
‫ل تعتب القراءات الشاذة قرآنا‪ ،‬ول يوز اعتقاد قرآنيتها‪ ،‬كما ل توز قراءتا ف الصلة أو‬
‫خارجها‪ .‬ويوز تعلمها وتعليمها وتدوينها ف الكتب وتوجيهها‪.‬‬
‫وما صح من القراءات الشاذة حجة عند الصوليي ف استنباط الحكام الشرعية‪.‬‬

‫العلقة بي الحرف السبعة والقراءات‪:‬‬


‫تقدم أن الحرف السبعة هي الكيفيات الختلفة الت نزل با القرآن الكري على قلب النب‬
‫الكري ‪ ،‬وأنه قد نسخ بعض الحرف ف العرضة الخية من العام الذي توف فيه النب‬
‫‪.‬‬
‫ومن هنا يكن القول بأن القراءات التواترة هي جلة ما تبقى من الحرف السبعة‪ .‬قال ابن‬
‫الزري‪( :‬الذي ل يشط فيه أن قراءة الئمة السبع والعشرة والثلثة عشر وما وراء ذلك‪:‬‬
‫بعض الحرف السبعة من غي تعيي)(‪.)1‬‬

‫() منجد القرئي ص ‪.181‬‬ ‫‪1‬‬

‫(‪)38‬‬
‫يقول المام البغوي‪( :‬جع ال تعال المة بسن اختيار الصحابة على مصحف واحد‪،‬‬
‫وهو آخر العرضات على رسول ال ‪ ،‬كان أبو بكر أمر بكتبته(‪ )1‬جعا بعدما كان‬
‫مفرقا ف الرقاع ليكون أصلً للمسلمي‪ ،‬يرجعون إليه ويعتمدون عليه‪ ،‬وأمر عثمان‬
‫بنسخه ف الصاحف‪ ،‬وجع القوم عليه‪ ،‬وأمر بتحريق ما سواه قطعا لادة اللف‪ ،‬فكان‬
‫ما يالف الط التفق عليه ف حكم النسوخ والرفوع‪ ،‬كسائر ما نسخ ورفع منه باتفاق‬
‫الصحابة‪ ،‬والكتوب بي اللوحي هو الحفوظ من ال عز وجل للعباد‪،‬وهو المام‬
‫للمة)(‪.)2‬‬
‫وذهب المام ابن جرير الطبي‪ :‬إل أن ما عليه الناس من القراءات ما يوافق خط‬
‫الصحف هو حرف واحد من الحرف السبعة‪ ،‬فتكون القراءات العشر على قوله بعض‬
‫حرف‬
‫وما استدل به لذا القول أن عثمان عندما أمر الكتاب بنسخ الصاحف أمرهم أن يكتبوه‬
‫بلسان قريش‪.‬‬
‫وقد فهم البعض هذا المر بأن اقتصار على حرف واحد هوإلغاء للحروف الخرى‬
‫والواب‪ :‬كما ذكر ابن الزري‪ :‬أن الصحف كتب على حرف واحد‪ ،‬لكن‪ :‬لكونه‬
‫جرد عن النقط والشكل احتمل أكثر من حرف‪ ،‬إذ ل يترك الصحابة إدغاما ول إمالة ول‬
‫ل ول نو ذلك ما هو باقي الحرف الستة وإنا تركوا ما كان قبل ذلك‬ ‫ل ول نق ً‬
‫تسهي ً‬
‫من زيادة كلمات ونقص أخرى‪ ،‬ونو ذلك ما كان مباحا لم القراءة به) (‪.)3‬‬

‫فوائد اختلف القراءات(‪)4‬‬


‫‪ -1‬جع المة السلمية الديدة على لسان واحد يوحد بينها وهو لسان قريش الذي‬
‫نزل به القرآن الكري والذي انتظم كثيا من متارات ألسنة القبائل العربية الت كانت‬
‫تتلف إل مكة ف موسم الج وأسواق العرب الشهورة فكان القرشيون يستملحون ما‬

‫‪ )(1‬لعل الصواب (بكتابته)‪.‬‬


‫‪ )(2‬ينظر‪ ،‬مقدمات ف علم القراءات‪ ،‬د ممد القضاة وآخرون‪ ،‬ص ‪39‬‬
‫‪ )(3‬منجد القرئي ص ‪.184‬‬
‫‪ )(4‬ينظر‪ :‬الزرقان‪ ،‬مناهل العرفان ‪151-1/148‬‬

‫(‪)39‬‬
‫شاؤوا ويصطفون ما راق لم من ألفاظ الوفود العربية القادمة إليهم من كل صوب‬
‫وحدب ث يصقلونه ويهذبونه ويدخلونه ف دائرة لغتهم الرنة الت أذعن جيع العرب لا‬
‫بالزعامة وعقدوا لا راية المامة وعلى هذه السياسة الرشيدة نزل القرآن على سبعة‬
‫أحرف يصطفي ما شاء من لغات القبائل العربية على نط سياسة القرشيي بل أوفق ومن‬
‫هنا صح أن يقال إنه نزل بلغة قريش لن لغات العرب جعاء تثلت ف لسان القرشيي بذا‬
‫العن وكانت هذه حكمة إلية سامية فإن وحدة اللسان العام من أهم العوامل ف وحدة‬
‫المة خصوصا أول عهد بالتوثب والنهوض‪.‬‬
‫‪ -2‬بيان حكم من الحكام‪ :‬كقوله سبحانه‪ :‬وإن كان رجل يورث كللة أو أمرأة‬
‫وله أخ أو أخت فلكل وحد منهما السدس [النساء ‪ ]12‬قرأ سعد بن أب وقاص (وله‬
‫أخ أو أخت من أم) بزيادة لفظ (من أم) فتبي با أن الراد بالخوة ف هذا الكم الخوة‬
‫للم دون الشقاء ومن كانوا لب وهذا أمر ممع عليه ‪ .‬ومثل ذلك قوله سبحانه ف‬
‫كفارة اليمي‪ :‬فكفرته إطعام عشرة مسكي من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتم‬
‫[الائدة ‪ ] 89‬وجاء ف قراءة (أو ترير رقبة مؤمنة) بزيادة لفظ مؤمنة‬ ‫أو ترير رقبة‬
‫فتبي با اشتراط اليان ف الرقيق الذي يعتق كفارة يي وهذا يؤيد مذهب الشافعي ومن‬
‫نا نوه ف وجوب توافر ذلك الشرط‪.‬‬
‫فاعتزلوا النساء‬ ‫‪ -‬ومنها المع بي حكمي متلفي بجموع القراءتي‪ ،‬كقوله تعال‪:‬‬
‫[البقرة ‪ ]222‬قرىء بالتخفيف والتشديد ف‬ ‫ف الحيض ول تقربوهن حت يطهرن‬
‫حرف الطاء من كلمة يطهرن ول ريب أن صيغة التشديد تفيد وجوب البالغة ف طهر‬
‫النساء من اليض لن زيادة البن تدل على زيادة العن‪ ،‬أما قراءة التخفيف فل تفيد هذه‬
‫البالغة ومموع القراءتي يكم بأمرين أحدها أن الائض ل يقربا زوجها حت يصل‬
‫أصل الطهر وذلك بانقطاع اليض‪ ،‬وثانيهما أنا ل يقربا زوجها أيضا إل إن بالغت ف‬
‫الطهر وذلك بالغتسال فل بد من الطهرين كليهما ف جواز قربان النساء وهو مذهب‬
‫الشافعي ومن وافقه أيضا‪.‬‬
‫‪ -‬ومنها الدللة على حكمي شرعيي ولكن ف حالي متلفي‪ :‬كقوله تعال ف بيان‬
‫فأغسلوا وجوهكم وأيديكم إل الرافق وأمسحوا برءوسكم وأرجلَكم إل‬ ‫الوضوء‬

‫(‪)40‬‬
‫[الائدة ‪ ]6‬قرىء بنصب لفظ (أرجلََكم) وبرها‪ ،‬فالنصب يفيد طلب غسلها‬ ‫الكعبي‬
‫لن العطف حينئذ يكون على لفظ (وجوهَكم) النصوب وهو مغسول والر يفيد طلب‬
‫مسحها لن العطف حينئذ يكون على لفظ (رؤوسَكم) الجرور وهو مسوح وقد بي‬
‫الرسول أن السح يكون للبس الف وأن الغسل يب على من ل يلبس الف‪.‬‬
‫‪ -‬ومنها دفع توهم ما ليس مرادا كقوله تعال‪ :‬يأيها الذين ءامنوا إذا نودي للصلوة من‬
‫يوم المعة فاسعوا إل ذكر ال [المعة ‪ ]9‬وقرىء (فامضوا إل ذكر ال) فالقراءة‬
‫الول يتوهم منها وجوب السرعة ف الشي إل صلة المعة ولكن القراءة الثانية رفعت‬
‫هذا التوهم لن الضي ليس من مدلوله السرعة‪.‬‬
‫‪ -‬ومنها بيان لفظ مبهم على البعض‪ ،‬نو قوله تعال‪ :‬وتكون البال كالعهن النفوش‬
‫[القارعة ‪ ]5‬وقرىء (كالصوف النفوش) فبينت القراءة الثانية أن العهن هو الصوف‪.‬‬
‫وإذا‬ ‫‪ -‬ومنها تلية عقيدة ضل فيها بعض الناس نو قوله تعال ف وصف النة وأهلها‬
‫[النسان ‪ ]20‬جاءت القراءة بضم اليم وسكون‬ ‫رأيت ث رأيت نعيما وملكا كبيا‬
‫اللم ف لفظ (وملكا كبيا) وجاءت قراءة أخرى بفتح اليم وكسر اللم ف هذا اللفظ‬
‫نفسه فرفعت هذه القراءة الثانية نقاب الفاء عن وجه الق ف عقيدة رؤية الؤمني ل‬
‫لن اللك اليوم ل الوحد‬ ‫تعال ف الخرة لنه سبحانه هو اللك وحده ف تلك الدار‬
‫[غافر ‪.]16‬‬ ‫القهار‬
‫واللصة أن تنوع القراءات يقوم مقام تعدد اليات‪ :‬وذلك ضرب من ضروب البلغة‬
‫يبتدىء من جال هذا الياز وينتهي إل كمال العجاز‪ ،‬أضف إل ذلك ما ف تنوع‬
‫القراءات من الباهي الساطعة والدلة القاطعة على أن القرآن كلم ال وعلى صدق من‬
‫جاء به وهو رسول ال فإن هذه الختلفات ف القراءة على كثرتا ل تؤدي إل تناقض ف‬
‫القروء وتضاد ول إل تافت وتاذل بل القرآن كله على تنوع قراءاته يصدق بعضه بعضا‬
‫ويبي بعضه بعضا ويشهد بعضه لبعض على نط واحد ف علو السلوب والتعبي وهدف‬
‫واحد من سو الداية والتعليم وذلك من غي شك يفيد تعدد العجاز بتعدد القراءات‬
‫والروف ومعن هذا أن القرآن يعجز إذا قرىء بذه القراءة ويعجز أيضا إذا قرىء بذه‬
‫القراءة الثانية ويعجز أيضا إذا قرىء بذه القراءة الثالثة وهلم جرا ومن هنا تتعدد العجزات‬

‫(‪)41‬‬
‫بتعدد تلك الوجوه والروف‪ ،‬ول ريب أن ذلك أدل على صدق ممد لنه أعظم ف‬
‫اشتمال القرآن على مناح جة ف العجاز وف البيان على كل حرف ووجه وبكل لجة‬
‫ليهلك من هلك عن بينة ويي من حي عن بينة وإن ال لسميع عليم‬ ‫ولسان‬
‫[النفال ‪.]42‬‬

‫من أين جاء اختلف القراءات‪ :‬وما هي الدوافع لختيار القراءات‪:‬‬


‫كما كان الدافع لمع القرآن ف زمن أب بكر وعثمان رضي ال عنهم هو صيانة كتاب‬
‫ال تعال‪ ،‬فإن ذلك أيضا كان وراء تديد القراءات الت يقرأ با‪.‬‬
‫يقول ابن الزري‪( :‬ث كثر الختلف أيضا فيما يتمله الرسم‪ ،‬وقرأ أهل البدع والهواء‬
‫با ل يل لحد من السلمي تلوته‪ ،‬فوضعوها من عند أنفسهم وفاقا لبدعهم‪ ،‬كم قال‬
‫من العتزلة وكلم ال موسى تكليما بنصب لفظ الللة‪ ،‬ومنالرافضة وما كنت‬
‫متخذ الضلي عضدا بفتح اللم يعنون أبا بكرو عمررضي ال عنهما‪.‬‬
‫فلما وقع ذلك ‪ :‬رأى السلمون أن يمعوا على قراءات أئمة ثقات‪ ،‬تردوا للقيام بالقرآن‬
‫العظيم‪ ،‬فاختاروا من كل مصر وجه إليه مصحف أئمةً مشهورين بالثقة والمانة ف النقل‬
‫وحسن الدين‪ ،‬وكمال العلم‪ ،‬أفنوا عمرهم ف القراء والقراءة واشتهر أمرهم وأجع أهل‬
‫مصرهم على عدالتهم فيما نقلوا وثقتهم فيما قرأوا ورووا وعلمهم با يقرئون ول ترج‬
‫قراءتم عن خط الصحف‬
‫وبعد أن عدد الئمة قال‪:‬‬
‫ث إن القراء بعد ذلك تفرقوا ف البلد‪ ،‬وخلفهم أمم بعد أمم‪ ،‬وكثر بينهم اللف‪ ،‬وقل‬
‫الضبط‪ ،‬واتسع الرق‪ ،‬فقام الئمة الثقات النقاد وحرروا وضبطوا وجعوا وألفوا على‬
‫حسب ما وصل إليهم أو صح لديهم‪..‬‬
‫فالذي وصل إلينا اليوم متواترا أو صحيحا مقطوعا به‪ :‬قراءات الئمة العشرة ورواتم‬
‫الشهورين) (‪. )1‬‬

‫‪ )(1‬منجد القرئي ‪.99-97‬‬

‫(‪)42‬‬
‫شبهات حول القراءات(‪:)1‬‬

‫الشبهة الول‪ :‬عدم تواتر القراءات‪:‬‬


‫زعم بعض من ل علم له ف القراءات ول يهر فيها بأنا غي متواترة‪ ،‬لنا منقولة بأسانيد‬
‫آحاد‪ ،‬ول يستطيع أحد أن يثبت تواترها‪ ،‬والبعض أثبت التواتر ف القراءات السبع ونفاه‬
‫عن القراءات الثلث التممة للعشر‪.‬‬
‫الواب‪:‬‬
‫التواتر‪ :‬هو أن ينقل الكلم جاعة تيل العادة اجتماعهم على الكذب من أول السند إل‬
‫منتهاه‪.‬‬
‫وهذا العن متحقق ف القراءات العشر إذ رواها عدد كبي من الصحابة‪ ،‬ورواها عنهم‬
‫التابعون ومن تبعهم‪ .‬ول تل المة ف عصر من العصور ول ف مصر من المصار عن جم‬
‫غفي ينقل القراءات ويرويها بالسناد التصل‪.‬‬
‫وأما الطعن ف تواتر القراءات الثلث‪ :‬فمردود أيضا لنا ل ترج عن القراءات السبع إل‬
‫ف حروف يسية‪ ،‬وقد ذكر ابن الزري رحه ال أساء عدد من أئمة القراءة قرؤوا‬
‫بالقراءات الثلث من زمنه إل أن وصل إل الئمة الثلثة‪ ،‬وعددهم ف كل طبقة ل يقل‬
‫عن الد العلى للتواتر‪ .‬وأئمة القراءات الثلث تلقوا القراءة عن أئمة القراءات السبع‪،‬‬
‫فإذا تواترت السبع لزم من تواترها تواتر الثلث‪.‬‬
‫ونسبة القراءات إل الئمة ل تعن أنه ل يرويها غيهم‪ ،‬بل قد رواها كثيون غيهم‪،‬‬
‫ولكنهم كانوا أبرز القراء وأكثرهم إتقانا وملزمة للقراءة الت رويت عنهم مع الثقة‬
‫والعدالة وحسن السية‪ ،‬ولذلك نسبت إليهم‪.‬‬
‫وبذا يتبي لنا أن هذه الشبهة ف غاية السقوط‪ ،‬وال تعال أعلم‪.‬‬
‫الشبهة الثانية‪ :‬مصدر اختلف القراءات هو رسم الصحف‪:‬‬
‫وذلك أن خلو رسم الصحف من النقط والشكل بالضافة إل ما ف رسم الصحف من‬
‫حذف وزيادة وإبدال‪ ،‬هو الذي جعل القراء يتلفون فيما بينهم‪ ،‬فمنهم من يقرأ (فتبينوا)‬
‫ومنهم من يقرأ (فتثبتوا) وغي ذلك‪..‬‬
‫‪ )(1‬ينظر‪ :‬الصدر السابق ص ‪231-223‬‬

‫(‪)43‬‬
‫الواب‪:‬‬
‫هذه الشبهة الباطلة يكذبا الواقع‪ ،‬وذلك أن هناك كلمات كثية جدا لو كان الرجع ف‬
‫اختلف القراءات إل الرسم لختلفوا فيها ولكنك تدهم متفقي على قراءتا بوجه واحد‬
‫رغم احتمال رسها لكثر من قراءة‪.‬‬
‫ولو تتبعنا أسانيد القراءات كلها لوجدناها تصل إل رسول ال ‪ ،‬فكل قارئ يقرأ وفق‬
‫ما تلقاه من شيخه حت يصل السناد إل رسول ال ‪ ،‬فمرجع الختلف إذا ليس‬
‫العتماد على الرسم وإنا على التلقي والشافهة‪ .‬ولا كتب عثمان الصاحف أرسل مع‬
‫كل مصحف قارئا ليقرئ الناس‪ ،‬ولو جاز استخراج القراءات الختلفة من الرسم لا‬
‫احتاج أن يرسل مع كل مصحف قارئا معلما‪.‬‬
‫و لو كان خلو الصاحف من الشكل والنقاط هو السبب ف تنوع القراءات واختلفها‬
‫لكانت كل قراءة يتملها رسم الصحف صحيحة معتبة قرآنًا‪ ،‬وواقع المر ليس كذلك‪،‬‬
‫إذ إن القراءات القرآنية من جهة قبولا تنقسم إل أقسام؛ فهناك القراءات مقبولة‪ ،‬وهناك‬
‫القراءات الردودة‪ ،‬وهذا التقسيم الذي اعتمده أرباب هذا العلم يدلل على أن أي قراءة ل‬
‫يُعتد با‪ ،‬ول تعتب قرآنًا إل إذا توفرت فيها شروط القبول الثلثة‪.‬‬
‫غاية ما ف المر أن خلو الصاحف من النقط والشكل سببا معينا للرسم لستيعاب‬
‫القراءات الختلفة ف الكلمة والواحدة وليس موجبا لختلف القراءات أو مصدرا من‬
‫مصادرها‪ .‬وال تعال أعلم‪.‬‬

‫الشبهة الثالثة‪ :‬جواز القراءة بالعن‪:‬‬


‫يزعم أصحاب هذه الشبهة أنه يوز استبدال لفظ مكان آخر ف القرآن الكري إذا كان‬
‫إن‬ ‫أنه كان يقرئ رجلً‬ ‫يؤدي العن نفسه‪ ،‬مستدلي با روي عن ابن مسعود‬
‫وكان الرجل يقول طعام اليتيم‪ ،‬فقال له ابن مسعود‪:‬‬ ‫شجرة الزقوم طعام الثيم‬
‫أتستطيع أن تقول طعام الفاجر‪ ،‬قال نعم‪ ،‬قال فقل‪.‬‬
‫الواب‪:‬‬
‫لو كانت القراءة بالعن حاصلة وجائزة لكان بي أيدينا اليوم مئات الصاحف‪.‬‬

‫(‪)44‬‬
‫ولذهب العجاز البيان من القرآن‪ ،‬إذ كل لفظ فيه مقدر ف موضعه ل يكن أن يسد‬
‫لفظ آخر مسده‪.‬‬
‫وأما الثر الروي عن ابن مسعود فهو ضعيف ل يصح الحتجاج به‪ ،‬يقول القرطب‪:‬‬
‫ولحجة ف هذا للجهال من أهل الزيغ أنه يوز إبدال حرف من القرآن بغيه‪ ،‬لن ذلك‬
‫إنا كان من عبد ال تقريبا للمتعلم وتوطئة منه للرجوع إل الصواب واستعمال الق‬
‫والتكلم بالرف على إنزال ال تعال وحكاية رسول ال (‪.)1‬‬

‫الشبهة الرابعة‪ :‬تناقض القراءات‪:‬‬


‫زعم الستشرق جولد زيهر‪ :‬وجود تناقض بي القراءات ف العن‪ ،‬واستدل على ذلك‬
‫بتناقض القراءتي ف سورة الروم غُلِبت الروم بالبناء للمجهول و سيَغلبون‬
‫بالبناء للمعلوم‪ ،‬والقراءة الثانية (غَلبت الروم) بالبناء للمعلوم (سيُغلبون) بالبناء للمجهول‪.‬‬
‫الواب‪:‬‬
‫أن القراءة التواترة ف هذه الية هي غُلبت الروم بالبناء للمجهول‪ ،‬أما القراءة الثانية‬
‫فهي قراءة شاذة غي متواترة‪ ،‬وبالتال ل تصلح لعارضة القراءة الول ول تعد قرآنا أصلً‪.‬‬
‫ولن يد جولد زيهر ول غيه من الغرضي ما يكن أن يكون مثالً لتعارض القراءات‪،‬‬
‫ولو كان من عند غي ال لوجدوا فيه اختلفا كثيا‬ ‫وصدق ال تعال إذ يقول‪:‬‬
‫[النساء ‪.]82‬‬
‫ومن يرجع إل كتب التفسي وكتب توجيه القراءات فسيى ما ف تلك القراءات من‬
‫إعجاز‪.‬‬

‫الشبهة الامسة‪ :‬إقرار بعض الصحابة بوجود اللحن ف كتابة الصحف‪:‬‬


‫يروى أن عثمان قال‪( :‬إن ف القرآن لنا ستقيمه العرب بألسنتها) ‪ ،‬وقال ابن عباس‬
‫حت تستأنسوا وتسلموا [النور ‪ ]27‬إن الكاتب أخطأ والصواب‬ ‫ف قوله تعال‬
‫حت تستأذنوا‪ ،‬وعن سعيد بن جبي أنه كان يقرأ والقيمي الصلة والؤتون ويقول‬
‫هو من لن الكتاب‪ ،‬وأن عائشة قالت لعروة ابن الزبي عن قوله تعال إن هذن‬

‫‪ )(1‬القرطب‪ ،‬الامع لحكام القرآن ‪.16/149‬‬

‫(‪)45‬‬
‫لسحرن [طه ‪ ]63‬وعن قوله تعال والقيمي الصلوة والؤتون الزكوة [ النساء‬
‫‪ ] 162‬وعن قوله تعال إن الذين أمنوا والذين هادوا والصبئون [ الائدة ‪.]69‬‬
‫فقالت يا بن أخي هذا من عمل الكتاب قد أخطئوا ف الكتاب‪.‬‬
‫روي عن أب خلف مول بن جح أنه دخل مع عبيد بن عمي على عائشة فقال جئت‬
‫يقرؤها قالت أية آية؟ قال‬ ‫أسألك عن آية ف كتاب ال كيف كان رسول ال‬
‫الذين يؤتون ما آتوا أو الذين يأتون ما أتوا‪ .‬قالت أيهما أحب إليك؟ قلت‪ :‬والذي‬
‫نفسي بيده لحداها أحب إل من الدنيا جيعا‪ .‬قالت أيهما؟ قلت الذين يأتون ما أتوا‪.‬‬
‫كذلك كان يقرؤها وكذلك أنزلت ولكن الجاء‬ ‫فقالت أشهد أن رسول ال‬
‫(حرف)‪.‬‬
‫والواب على هذه الشبهة‪:‬‬
‫‪-1‬أن هذه الخبار كلها ل تصح عمن نسبت إليهم‪ ،‬فهي ضعيفة ل تستحق‬
‫أن يرد عليها ومعارضة با ثبت بالتواتر ف قراءة القرآن ‪.‬‬
‫‪-2‬على فرض صحة الروايات الذكورة‪ :‬فإن كلمة لن تمل على معن‬
‫(الوجه) أو اللهجة كما ف حديث (اقرؤوا القرآن بلحون العرب) وليس‬
‫على معن الطأ‪.‬‬
‫‪-3‬أن قول عائشة (الجاء حرف) على فرض صحته هي بإسكان الراء وليس‬
‫بتشديدها‪ ،‬فهي تريد أن تقول إن الجاء أي رسم الصحف حرف من‬
‫الحرف السبعة‪.‬‬
‫‪-4‬أن هذه الرواية عم أم الؤمني عائشة معارضة با ورد من سؤالا عن هذا‬
‫الوضع من سورة الؤمنون قد ورد ف فيه حديث عائشة وسؤالا النب‬
‫عن معن الية‪( :‬أهم الذين يشربون المر ويسرقون قال‪( :‬ل يا بنت‬
‫الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يافون أل يقبل‬
‫منهم)(‪.)1‬‬

‫‪ )(1‬رواه الترمذي ‪ ،5/327‬والاكم ف الستدرك ‪.2/427‬‬

‫(‪)46‬‬
‫الشبهة السادسة‪ :‬مالفة بعض القراءات لقواعد العربية‪:‬‬
‫طعن عدد من علماء اللغة على بعض أوجه القراءات لخالفتها الشهور من مذهبهم‪.‬‬
‫الواب‪:‬‬
‫إن موافقة اللغة العربية ولو بوجه فصيح أو أفصح شرط من شروط القراءة القبولة‪ ،‬فكون‬
‫القراءة تالف الوجه الفصح ف اللغة ل يعن أنا تالف اللغة بالكلية‪ ،‬لن اللغة واسعة‬
‫فيها الشهور والضعيف والنادر والغريب‪ ،‬والَول بعلماء النحو أن يعلوا القراءات‬
‫التواترة حجة على العربية وحاكمة عليها وأساسا لا‪ .‬ل أن يعلوا قواعد اللغة أساسا‬
‫للقراءات‪.‬‬
‫والعجب كل العجب من بعض علماء النحو أنم يثبتون لغة ببيت أو عبارة قد ل يعرف‬
‫قائلها‪ ،‬ول صدق ناقلها‪ ،‬ول يثبتونا بالقراءات التواترة الت نقلها أئمة القراءة‪.‬‬
‫وعِلم ال سبحانه ميط باللغات كلها‪ ،‬وقد اختار منها لغة العرب لتكون لغة كتابه‪ ،‬فقال‬
‫فهل أحاط النحويون باللغة أكثر من إحاطة ال‬ ‫بلسان عرب مبي‬ ‫عن القرآن‬
‫سبحانه با حت يقولوا هذا وجه ل يصح ف اللغة مع أنه منقول بالتواتر؟ تعال ال عن‬
‫ذلك‪.‬‬

‫طرق تلقي القراءات ف عصرنا‪:‬‬

‫الفراد‪ :‬وهو أن يقرأ التلميذ على شيخه ختمة لكل راو أو لكل قارئ‪ ،‬وهكذا حت يتم‬
‫القراءات العشر‪.‬‬
‫وهذه الطريقة هي الصل ف القراء‪ ،‬ولكن لطول الزمن الذي تستغرقه القراءة ولضعف‬
‫المم توجه العلماء إل القراءة بطريقة المع‪.‬‬

‫(‪)47‬‬
‫المع‪ :‬هو أن يقرأ القارئ القطع القرآن بقراءاته الختلفة‪ ،‬فإذا انتهى منه انتقل إل مقطع‬
‫آخر‪ .‬وله عدة طرق‪:‬‬

‫طرق المع‪:‬‬

‫المع بالية‪ :‬وهو أن يدد القطع القرآن بآية واحدة‪ ،‬يستوف فيه القارئ خلف القراء‬
‫ث ينتقل إل قارئ آخر‪ .‬وهكذا ويبدأ ف كل آية بقالون ث بن يوافقه وهكذا‪.‬‬
‫جع الاهر بالية‪ :‬نفس الطريقة السابقة من حيث القطع لكنها تتلف بأن التلميذ إذا‬
‫انتهى بقارئ ف الية الول فإنه يبدأ به ف الية التالية‪.‬‬

‫المع بالوقف‪ :‬وهو أن يدد القطع القرآن بالوضع الذي يقف عليه القارئ‪ ،‬ويستوف‬
‫فيه أوجه القراءة‪ ،‬ث ينتقل إل القطع الذي يليه‪.‬‬
‫جع الاهر بالوقف‪ :‬نفس الطريقة السابقة من حيث القطع لكنها تتلف بأن التلميذ إذا‬
‫انتهى بقارئ ف القطع الول فإنه يبدأ به ف القطع التال‪.‬‬
‫قال ابن الزري‪:‬‬
‫يبدا بوجه من عليه وقفا‬ ‫فالاهر الذي إذا ما وقفا‬
‫متصرا مستوعبا مرتبا‬ ‫يعطف أقربا به فأقربا‬

‫ضابط القراءة بالمع‪ :‬مراعاة حسن الوقف والبتداء‪ ،‬والبعد عن التلفيق وتركيب‬
‫الوجه ف القراءة‪.‬‬
‫قال ابن الزري‪:‬‬
‫وغينا يتاره بالرف‬ ‫وجعنا نتاره بالوقف‬
‫ول ُيرَكّب وليُجد حسن الدا‬ ‫بشرطه فليع وقفا وابتدا‬

‫حكم التلفيق ف القراءة‪:‬‬

‫(‪)48‬‬
‫المع بالرف‪ :‬وهو أن يقرأ القارئ الية فإذا مر على كلمة فيها خلف كرر الكلمة‬
‫بسب أوجه اللف فيها ث يكمل القراءة لقارئ واحد‪ ،‬وهكذا‪.‬‬

‫طرق القراءات ف عصرنا‪:‬‬

‫التيسي ف القراءات السبع‪ :‬ألفه المام أبو عمرو الدان (التوف ‪ )444‬نسبة إل دانية‬
‫بالندلس‪ ،‬وقد اشتهر هذا الكتاب بالندلس شهرة عظيمة وصار الطلبة يفظونه ويروون‬
‫القراءات بضمنه‪.‬‬
‫وما زاد ف شهرة هذا الكتاب ما قام به المام الشاطب من نظم له ف منظمته حرز‬
‫المان‪.‬‬

‫مت الشاطبية (حرز المان ووجه التهان)‪:‬‬


‫منظومة لمية مكونة من ‪ 117‬بيتا‪ ،‬نظمها المام القاسم بن فيّه الشاطب الندلسي‬
‫التوف سنة ‪590‬هـ بصر‪ ،‬وأصله من مدينة شاطبة بالندلس‪ ،‬وقد ضمن الشاطب كتاب‬
‫التيسي للدان ف هذه النظومة وزاد عليه بعض اللفات‪ ،‬وهي ما عرف فيما بعد‬
‫بزيادات القصيد‪ ،‬أي ما زادته الشاطبية على التيسي‪ ،‬يقول الشاطب رحه ال‪:‬‬
‫فأجنت بعون ال منه مؤمل‬ ‫وف يسرها التيسي رمت اختصاره‬
‫فلفت حياء وجهها أن تفضل‬ ‫وألفافها زادت بنشر فوائد‬
‫ووجه التهان فاهنه متقبل‬ ‫وسيتها حرز المان تيمنا‬

‫وقد استخدم رحه ال تعال ف منظومته رموزا حرفية خاصة للدللة على أساء القراء‬
‫حيث رمز لكل قارئ برف‪ ،‬ولكل مموعة من القراء برمز‬
‫يقول رحه ال‪:‬‬
‫دليلً على النظوم أول أول‬ ‫جعلت أبا جاد على كل قارئ‬
‫مت تنقضي آتيك بالواو فيصل‬ ‫ومن بعد ذكري الرف أسي رجاله‬

‫(‪)49‬‬
‫والقصود بـ أبا جاد‪ ،‬هجاء الروف البدية (أبج‪ ،‬دهز‪ ،‬حطي ‪ ،‬كلم ‪ ،‬نصع‪ ،‬فضق‪،‬‬
‫رست ‪ ،‬ثخذ‪ ،‬ظغش)‪ .‬كل ثلثة حروف لقارىء وراوييه‪ ،‬والثاء للكوفيي‪ ،‬والاء لغي‬
‫نافع (وهم ستة قراء) والذال للكوفيي وابن عامر‪ ،‬والظاء للكوفيي وابن كثي‪ ،‬والغي‬
‫للكوفيي وأب عمرو‪ ،‬والشي لمزة والكسائي (الخوين)‪.‬‬
‫كما خص بعض مموعات القراء برموز كلمة وهي‪:‬‬
‫صحاب‪ :‬حفص وحزة والكسائي‪.‬‬ ‫صحبة‪ :‬شعبة وحزة والكسائي‪.‬‬
‫سا‪ :‬نافع وابن كثي وأبو عمرو‪.‬‬ ‫عم‪ :‬نافع وابن عامر‪.‬‬
‫نفر‪ :‬ابن كثي وأبو عمرو وابن عامر‪.‬‬ ‫حق‪ :‬ابن كثي وأبو عمرو‬
‫حرمي‪ :‬نافع وابن كثي (الرميان) حصن‪ :‬نافع والكوفيي‪.‬‬
‫وإذا سح له النظم بذكر اسم القارئ الصريح أو لقبه فإنه يسميه وف ذلك يقول‪:‬‬
‫به موضحا جيدا معما ومول‪.‬‬ ‫وسوف أسي حيث يسمح نظمه‬
‫وإذا اختص القارئ بذهب معي فإنه يصه بباب خاص مثل‪:‬‬
‫الدغام لب عمرو والوقف لمزة وهشام على المز‪ ،‬وف ذلك يقول‪:‬‬
‫فل بد أن يسمى فيدرى ويعقل‪.‬‬ ‫ومن كان ذا باب له فيه مذهب‬
‫واصطلح على ألفاظ عدها من الضداد ليكتفي بذكر أحد الضدين ولعرف الخر منه‪:‬‬
‫فيقول‪:‬‬
‫غن فزاحم بالذكاء لتفضل‪.‬‬ ‫وما كان ذا ضد فإن بضده‬
‫وقد مالت هذه النظومة شهرة عجيبة‪ ،‬فهي علوة على كونا منظومة عليمة قيمة‪ ،‬فهي‬
‫من عيون الشعر العرب وتتوى على وصايا جة لقارئ القرآن‪ ،‬ومنها قوله رحه ال‪:‬‬
‫تضر حظار القدس أنقى مغسل‬ ‫وعش سالا صدرا وعن غيبة فغب‬
‫كقبض على جر فتنجو من البَل‬ ‫وهذا زمان الصب من لك بالت‬
‫سحائبها بالدمع ديا وهطل‬ ‫ولو أن عينا ساعدت لتوكفت‬
‫فيا ضيعة العمار تشي سبهلل‬ ‫ولكنها عن قسوة القلب قحطها‬

‫من أشهر شروح الشاطبية‪:‬‬

‫(‪)50‬‬
‫فتح الوصيد ف شرح القصيد للمام علم الدين السخاوي (ت ‪)643‬وهو تلميذ المام‬
‫الشاطب‪.‬‬
‫إبراز العان من شرح حرز المان‪ .‬لب شامة القدسي وهو تلميذ السخاوي‪.‬‬
‫إرشاد الريد إل مقصود القصيد‪ ،‬للعلمة الحقق علي ممد الضباع‪ ،‬وله شرح آخر‬
‫متصر اسه (تقريب النفع ف القراءات السبع)‪.‬‬
‫الواف ف شرح الشاطبية للشيخ عبد الفتاح القاضي‪.‬‬
‫تقريب العان ف شرح حرز المان لكل من سيد لشي أبو الفرح‪ ،‬وخالد الافظ‪.‬‬

‫مت الدرة الضية ف القراءات الثلث‪:‬‬


‫منظمومة مكونة من (‪ )240‬بيت نظمها المام ابن الزري على وزن الشاطبية‪ ،‬ذكر‬
‫فيها قراءات الئمة الثلثة التممة للعشر وهي قراءة أب جعفر‪ ،‬وقراءة يعقوب الضرمي‪،‬‬
‫وقراءة خلف البزار(العاشر)‪ .‬وذلك كما كما ورد ف كتابه (تبي التيسي) ف القراءات‬
‫العشر الذي جع فيه الزري بي كتاب التيسي للدان والقراءات الثلث التممة للعشرة‪.‬‬
‫وجعل لكل واحد من هؤلء الثلثة أصلً من القراء السبع فجعل أصل أب جعفر نافعا‬
‫واعطاه رمزه ف النظم (أبج) وجعل أصل يعقوب أبا عمرو البصري وأعطاه رمزه ف النظم‬
‫(حطي) وجعل أصل خلف حزة وعطاه رمزه ف النظم (فضق)‪ .‬ول يذكر ف منظمته إل‬
‫ما خالف فيه هؤلء أصولم ف الشاطبية‬
‫فإن خالفوا أذكر وإل فأهل‬ ‫ورمزهم ث الرواة كأصلهم‬
‫ومن شروحها‪:‬‬
‫اليضاح على مت الدرة للزبيدي‪ ،‬وهو مطبوع بتحقيق عبد الرزاق علي موسى‪.‬‬
‫اليضاح لعبد الفتاح القاضي‪.‬‬
‫شرح الدرة للسمنودي‪.‬‬

‫كتاب النشر ف القراءات العشر‪:‬‬


‫كتاب حافل عظيم جع فيه ابن الزري خلف القراء العشر ف القرآن لكه بعد أن قدم‬
‫بقدمة نفيسة ف بيان فضل حلة القرآن وبيان جعه وحفظه وضوابط القراءة الصحيحة‬

‫(‪)51‬‬
‫وأقسام القراءات الشاذة ‪ ،‬وتعريفا موجزا بالقراء العشرة وطرقهم‪ ،‬وبي مصادره فيما‬
‫ذكره ف النشر من القراءات فيما صار يعرف (بأصول النشر) وقام الدكتور أين سويد مع‬
‫مموعة من الباحثي بتحقيق بعضها فيما ساه (سلسلة أصول النشر)‪.‬‬
‫وهذا الكتاب ل غن عنه لكل طالب ف علم التجويد والقراءة‪.‬‬
‫وقد اختصره ابن الزري ف كتاب أخر له ساه (تقريب النشر) وقام الشيخ زكريا‬
‫النصاري باخصار التقريب وساه (متصر تقريب النشر)‪.‬‬

‫مت طيبة النشر ف القراءات العشر‪:‬‬


‫منظومة ألفها المام ابن الزري ‪ ،‬عدد أبياتا (‪ )1015‬بيتا ‪ ،‬ضمنها كتابه النشر‪،‬‬
‫وجعلها على بر الرجز‪ ،‬واستخدم فيها رموز الشاطب واصطلحاته‪ ،‬إل فيما ليس ف‬
‫الشاطبية من القراء‪ ،‬وف ذلك يقول‪ ،‬بعد أن بي منهجه فيها‪:‬‬
‫ليسهل استحضار كل طالب‪.‬‬ ‫وكل ذا اتبعت فيه الشاطب‬
‫وللطيبة شروح كثية ‪ ،‬من أشهرها‪:‬‬
‫شرح ابن الناظم‪ ،‬أحد ابن الزري‪.‬‬
‫شرح النويري تلميذ ابن الزري‪.‬‬
‫ولا كانت الزرية قد حوت زهاء ألف طريق فقد احتاجت إل ترير تلك الوجه حت ل‬
‫يقع القارئ ف التركيب‪ ،‬ومن أشهر التحريرات‪:‬‬
‫عمدة العرفان للزميي‪.‬‬
‫الروض النضي للمتول‪.‬‬

‫التحريرات ف علم القراءات‪:‬‬


‫التحريرات‪:‬‬
‫التحرير ف اللغة يطلق على عدة معان منها‪ :‬التقوي‪ ،‬التدقيق‪ ،‬والحكام‪.‬يقال‪ :‬ترير‬
‫الكتاب وغيه‪ ،‬تقويه‪،‬وحرر الوزن‪ ،‬دققه وحرر الرمى إذا أحكمه‪،‬‬
‫واصطلحا‪ :‬تنقيح القراءة من أى خطأ أو خلل كالتركيب مثل‪ ,‬ويقال له التلفيق‪.‬‬

‫(‪)52‬‬
‫قال السخاوى ف جال القراء‪ :‬إن خلط هذه القراءات بعضها ببعض خطأ‪ .‬وقال‬
‫القسطلن شارح البخارى ف لطائفه‪ :‬يب على القارئ الحتراز من التركيب ف الطرق‬
‫وتييز بعضها من بعض وإل وقع فيما ليوز وقراءة ما ل ينل‪ ..‬وقال الشيخ مصطفى‬
‫الزميى‪ :‬التركيب حرام ف القرآن على سبيل الرواية ومكروه كراهة تري على ما حققه‬
‫أهل الدراية‪ ،‬فالتدقيق ف القراءات وتقويها والعمل على تييز كل رواية على حده من‬
‫طرقها الصحيحة‪ ،‬وعدم خلطها برواية أخرى‪ ،‬هو معن التحرير وفائدته‪،‬وفيه مافظة على‬
‫كلم ال من أن يتطرق إليه أى مرم أو معيب‪.‬‬
‫أشهر كتب التحريرات‪:‬‬
‫‪-1‬كن العان بتحرير حرز المان للشيخ سليمان المزوري‪ .‬وقام‬
‫المزوري بشرحه ف كتابه (الفتح الرحان شرج كن العان)‪.‬‬
‫‪-2‬متصر بلوغ المنية على نظم ترير الشاطبية للضباع‪.‬‬
‫‪-3‬عمدة العرفان للزميي‪( .‬للطيبة)‬
‫‪-4‬الروض النضي للمتول‪( .‬للطيبة) وقدجع بي الكتابي جال ممد الشرف‬
‫ف كتاب واحد أساه (تريرات الطيبة على ما جاء ف عمدة العرفان‪)...‬‬
‫‪-5‬فتح الكري ف ترير أوجه القرآن الكري للمتول‪.‬‬
‫‪-6‬شرح تنقيح فتح الكري للشيخ أحد الزيات‪.‬‬
‫‪-7‬حل الشكلت وتوضيح التحريرات ف القراءات لحمد عبد الرحن‬
‫الليجي‪.‬‬

‫(‪)53‬‬

You might also like