You are on page 1of 44

‫‪from : http://www.thequran.com/qurancommentspart1.

aspx‬‬
‫انظر أيضا أسباب النزول للمام أبو ‪http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?bid=153&cid=2#s4‬‬
‫الحسن علي الواحدي النيسابوري‬
‫تعلـــــيق علـى القـــــرآن‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫من يتلو القرآن بحسب ترتيبه التاريخي ‪ ،‬يلحظ تطورا ً واسعا ً في طرائق‬
‫الدعوة ‪ ،‬في أساليبها ومضامينها ‪،‬وإنه لبحث طريف أن ندرس طرائق‬
‫القرآن في تطور دعوته وأساليب هذه الدعوة وهذا الدرس يتطلب تحليلً‬
‫سريعا ً موجزا ً لسور القرآن نكتفي به خشية السهاب لنرى مدى العبقرية‬
‫والمعجزة في دعوة النبي العربي ‪.‬‬
‫في العهد المكي الول ‪:‬‬
‫نلمح في سور قصار‪ :‬بروقا ً ورعودا ً من الوعد والوعيد في الدعوة لليوم‬
‫الخر يستفتحها بأقسام غريبة موروثة من بيئته ‪.‬‬
‫في العهد المكي الوسيط ‪:‬‬
‫بين الهجرة الجماعية إلى الحبشة والهجرة الشخصية إلى الطائف ‪ ،‬نرى‬
‫وقد تروض النبي على الخطابة – عنصرا ً جديدا ً يصبح محور السور البياني‬
‫‪:‬القصص القرآني عن النبياء الولين عبرة للقوم الخرين ‪،‬في دعوة‬
‫التوحيد واسم الله فيها "الرحمن " ثم يتوارى اللقب في المدينة ‪.‬‬
‫في العهد المكي الخير ‪:‬‬
‫بين الهجرة إلى الطائف والهجرة إلى المدينة ‪،‬تمتزج المطالع والساليب‬
‫والمواضيع ‪:‬إنها فترة تردد واستطلع إلى الستقلل الطائفي والقومي‬
‫عن أهل الكتاب ‪،‬تمتاز بظاهرة المثال التي حاول النبي فيها القتداء‬
‫بأمثال النجيل والتفوق على أمثال العرب والعجم ‪.‬كل هذه في "وحدة تامة‬
‫"مع أهل الكتاب طيلة العهد بمكة ‪ .‬ثم كانت الهجرة الخيرة والكبرى إلى‬
‫المدينة بعد معاهدة العقبة الولى على حرب الحمر والسود من الناس كان‬
‫السلم في مكة دعوة دينية فصار في المدينة دولة دينية ‪.‬‬
‫تطور القرآن من دعوة للدين إلى دعوة للدولة فكان لبد له من بنائها من‬
‫داخل بتحديد اركان السلم وإصدار تشريع له ‪،‬ولبنائها من خارج بإعلن‬
‫الحرب المقدسة أي الجهاد ‪.‬‬
‫العهد الول المدني ‪:‬‬
‫عهد الدفاع المسلح يستقل القرآن عن أهل الكتاب بإنشاء السلم "أمة‬
‫وسطا ً " وكذلك جعلناكم أمة وسطا ً "( البقرة ‪ )143‬بين الكتابيين‬
‫والمشركين وبين اليهود والنصارى أنفسهم وسطا ً قي عقيدتها كقوله‬
‫"ألم ‪.‬الله ل إله إل هو الحي القيوم ‪.‬نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا ً لما بين‬
‫يديه من التوراة والنجيل (آل عمران ‪ ) 7-1‬ووسطا ً في شريعتها كقوله "‬
‫يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم‬
‫حكيم " (النساء ‪. ) 27-25‬‬

‫العهد الثاني المدني ‪:‬‬


‫يتم تأسيس دولة السلم بالهجوم المسلح على كل الجهات منذ فتح‬
‫الحديبية إلى موت الرسول في هذا العهد يدعو أهل الكتاب جميعا ً إلى كلمة‬
‫سواء كقوله "قل يا أها الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم "(آل‬
‫عمران ‪ ) 64‬في توحيد الحنيفية البراهيمية الكتابية كقوله " وما أمروا إل‬
‫ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ‪( " . .‬البينة رقم ‪ ) 5‬كما جاء بها النبي‬
‫المي خاتم النبيين ‪،‬من إسلم إبراهيم إلى موسى إلى عيسى إلى محمد‬
‫وفي التوراة والنجيل والقرآن كقوله في سورة التوبة آية ‪"111‬إن الله‬
‫اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل‬
‫الله فيقتلون ويُقتلون وعدا ً عليه حقا ً في التوراة والنجيل والقرآن " ‪.‬‬
‫طرائق خمس تتتابع وقد تتداخل والساليب فيها تتطور بحسب ظروف‬
‫وملبسات الدعوة القرآنية في عهودها الخمس‬

‫الترتيب التاريخي للقرآن‬


‫قال علي بن أبي طالب في حديث مشهور "لو اجتمعت النس والجن لما‬
‫أمكنهم أن يجمعوا القرآن الول فالول كما أنزل ‪.‬‬
‫إن القرآن الحالي مرتب على طريقة القدمين بحسب مبدأ الطول‬
‫والقصر ‪،‬في سوره أي فصوله ‪ :‬يبدأ بالسبع الطوال ‪،‬فالمئين ‪،‬فالمثاني ‪،‬‬
‫فالمفصل أي السور القصار وهناك خلف في أحاديثهم على تعيين سور كل‬
‫مجموعة من المجموعات الربع ‪.‬‬
‫وفي تاريخ جمع القرآن نجد بين الصحابة نزعتين ‪:‬نزعة آل البيت بزعامة‬
‫علي بن أبي طالب ‪،‬كانت تجمع القرآن بحسب تاريخ النزول ‪،‬ونرى ذلك في‬
‫ما تواتر من أخبار عن علي بن أبي طالب وعمن أخذ منه مثل حفيده جعفر‬
‫الصادق ‪،‬وتلميذه ابن عباس في مصحفيهما ‪ .‬ونزعة سائر الصحابة بزعامة‬
‫بني أمية والخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان واعتمدوا في تريتيب‬
‫مصاحفهم على نسق الطول والقصر كما ورد في مصحف أبي بن كعب‬
‫ومصحف ابن مسعود ‪.‬وفازت النزعة الموية في طريقة جمع القرآن على‬
‫النزعة العلوية في المصحف الميري كما فازت في الخلفة وقد أبعدت‬
‫خلفة آل البيت كما أسقط ترتيبهم للقرآن ‪،‬وذاك التنازع المزدوج يرقى‬
‫إلى زمن النبي ‪ :‬أخرج الترمذي والحاكم في المستدرك عن الحسن ابن‬
‫علي أن النبي رأي بني أمية على منبره فساءه ذلك ‪،‬فنزلت سورتا الكوثر‬
‫والقيامة ‪.‬‬
‫ولكن ترتيب المصحف العثماني يوافق ترتيب المصحف العلوي في عدد‬
‫السور وعدد آياتها وإن خالفه في مراعاة تاريخ النزول وأسماء السور على‬
‫ما نقل ابن النديم في كتابه الفهرست الذي قال فيه أنه رأى عند أبي يعلى‬
‫‪،‬حمزة الحسني مصحفا ً سقط منه أوراق بخط علي بن أبي طالب ويتوارثه‬
‫بنو حسن على مر الزمان ‪،‬وذكر ذلك أيضا ً السيوطي في كتابه التقان في‬
‫علوم القرآن ‪ .‬وما فازت الطريقة الموية في ترتيب القرآن على الطريقة‬
‫العلوية إل لستحالة الترتيب التاريخي ‪،‬بعد أن تفرق القرآن على حروف‬
‫مختلفة وقراءات مختلفة ولغات مختلفة أدت به إلى الفوضى واقتتال‬
‫المؤمنين عليه ولذلك نقلوا عن المام علي قوله ‪ :‬لو اجتمعت النس والجن‬
‫لما أمكنهم أن يجمعوا القرآن الول فالول كما أنزل ‪،‬وكان يحدوهم في‬
‫ذلك رغبة جامحة في إظهار تفوق القرآن في السبع الطوال على الشعر‬
‫الجاهلي ‪،‬ديوان العرب وعنوان فخرهم في المعلقات السبع ولذلك اجمعوا‬
‫على تصدير المصحف بها ‪،‬وأخرج ابن أشته في كتابه المصاحف ص‪ 32‬قوله‬
‫‪ :‬أمرعثمان أن يتابعوا الطوال فجعلت سورة النفال والتوبة في السبع‬
‫الطوال مع حذف البسملة بينهما ‪.‬‬
‫وفي السبع الطوال أيضا ً خلصة خلف الكتابيين والمشركين على نبوة‬
‫محمد ودعوته ومجمل عقيدة القرآن ولذلك نقلوا عن النبي هذا‬
‫الحديث‪":‬اعطيت مكان التوراة السبع الطوال ومكان الزبور المئين ومكان‬
‫النجيل المثاني وفضلت بالمفصل‬
‫واقع الــــقرآن الحـــالي ‪:‬‬
‫قام جدل عنيف بين المسلمين في هل الترتيب العثماني "توقيفي" أي‬
‫بأمر الرسول وهدايته متواتر عنه ‪،‬أم توفيقي باجتهاد الصحابة ‪.‬‬
‫قال السيوطي في التقان وعليه اجمعت المة ‪":‬أما ترتيب اليات في‬
‫السور فهو توقيفي ؛ وبلغ ذلك مبلغ التواتر فمن المتواتر أن ترتيب اليات‬
‫في السور توقيفي عن النبي وشذ عن هذا القول ما أخرجه أبي داوود في‬
‫كتابه المصاحف وأيده فيه ابن حجر العسقلني أنهم كانوا يؤلفون آيات‬
‫السور بإجتهادهم ‪.‬ومن المعقول الذي يثبت المنقول أن يكون ترتيب اليات‬
‫في السورة بإرشاد النبي ول يستبعد أن يكون فيه من اجتهاد الصحابة‬
‫عندما يُشكل عليهم المر كما كان يُشكل عليهم في لغات القرآن فيكتبونه‬
‫بلغة قريش ويشهد بذلك‬
‫‪ -1‬وجود آيات مدنية في سور مكية ‪،‬وبالعكس وهذا ل يرجع إلى التوقيف‬
‫بل إلى التوفيق‬
‫‪ -2‬من المتواتر أن سورة النفال من أول العهد بالمدينة والتوبة من آخر‬
‫العهد بها وجمعهما معا ً ليؤيده تاريخ ول يدعوا إليه منطق حتى ينسب إلى‬
‫النبي لسيما وقد اختلفوا في سابعة السبع الطوال فقضى بها عثمان في‬
‫المصحف المام وكذلك نقلت الخبار عن آخر اليات نزول ً أنها آية الدين أو‬
‫الربا ومع ذلك فقد وضعوها في سورة البقرة من أول العهد بالمدينة وقد‬
‫جاوب على هذه الشبهات الستاذ محمد عزة دروزة في كتابه القرآن المجيد‬
‫ص ‪ 108‬بما ل يزيل الشبهة لن تعارض اليات والحالات النفسية التي‬
‫تصفها يتنافى مع السيرة والمنطق‬
‫ً‬
‫أما ترتيب السور فهل هو توقيفي أيضا أم هو باجتهاد الصحابة هناك خلف‬
‫فجمهور العلماء قال أنه توفيقي ومن الواضح الثابت أنه بتوفيق الصحابة‬
‫لختلفهم في ترتيب مصاحفهم والقول الراجح أن ترتيب السور وتسميتها‬
‫هو من فعل الصحابة فترتيب السور الحالي إذن هو باجتهاد اللجنة العثمانية‬

‫نظـــــــــم القـــــرآن‬
‫ً‬ ‫كتابا‬ ‫يقول القرآن في الية ‪ 23‬من سورة الزمر‪ ":‬الله نزل أحسن الحديث‬
‫متشابها ً " إن أحسن الحديث فرع من فروع الفنون الدبية ؛ وهذه فرع من‬
‫الفنون الجميلة ‪.‬وهذه بدورها صفة من صفات الوجود ‪،‬فالوجود له صفات‬
‫جوهرية مثل الحقيقة والكمال والجمال ‪،‬والتعبير عن الجمال في جميع‬
‫نواحيه يسمى الفنون الجميلة فالتعبير عن الجمال بالصوت هو الموسيقى ‪،‬‬
‫والتعبير عن الجمال باللون يسمى التصوير ‪،‬والتعبير عن الجمال بالخط‬
‫يسمى النحت والتعبير عن الجمال بالكلم يسمى الدب والبيان بالمعنى‬
‫الواسع أو البلغة ‪ .‬فالعجاز البياني ناحية من الفنون الدبية وهذه فروع‬
‫من الفنون الجميلة ‪.‬لذلك فالعجاز البياني مهما سمى فهو ناحية محدودة‬
‫من تصوير جمال الوجود ‪.‬والعجاز البياني على ناحيتين ‪ :‬ناحية البيان وهو‬
‫العجاز بالتخصيص ‪،‬وناحية السلوب وهو العجاز الدبي على الطلق‬
‫‪.‬وسواء أخذنا العجاز البياني في معناه الخاص أم العام المقيد أم المطلق‬
‫فهو ل يشمل سائر الفنون الدبية وهو ل يشمل سائر الفنون الجميلة وهو‬
‫ل يشمل سائر صفات الوجود حتى يتصف بالعجاز اللهي وهذا ما يفتقر‬
‫إليه القرآن ‪،‬ونسمع اليوم الكثير من الكتاب يتحدثون عن العجاز البياني‬
‫للقرآن ويحصرون إعجاز القرآن في فصاحة لغته وبلغة نظمه ول مراء في‬
‫ذلك ‪.‬وقد بدا لقوم اليوم أن هذا العجاز البياني محدود في مبناه ومعناه‬
‫فالتمسوا له الشمول من كل وجه ‪،‬وحاولوا أن يجدوا إعجازا ً الهيا ً في‬
‫العقيدة وإعجازا ً الهيا ً في الشريعة واعجازا ً إلهيا ً في الفلسفة القرآنية ؛‬
‫وإعجازا ً إلهيا ً في العلم الحديث ولكن فاتهم جميعا ً أن تاريخ السلم يجهل‬
‫مثل هذا التفكير ومثل هذه المحاولت المفرطة وهذا التعبير فقد أجمعوا‬
‫قديما ً على أن إعجاز القرآن في نظمه ‪.‬قال ناشر بديع القرآن ‪ " :‬البلغة‬
‫بابان ‪ :‬السلوب والفنون الدبية وفي باب السلوب تدخل مباحث المعاني‬
‫والبيان والبديع في بعض فصوله وأقسامه في حين أن باب الفنون الدبية‬
‫جديد في جملته ‪،‬ولعل من نتائج ذلك العدول عن هذه السماء (المعاني‬
‫والبيان والبديع ) وضع البلغة وضعا ً كامل ً يشبه وضعها في الداب العالمية‬
‫‪.‬‬

‫ندع درس الفنون الدبية لنه ليس من شأن كتاب منزل يهدي إلى صراط‬
‫مستقيم أن يسلكها ؛ونترك درس إعجاز القرآن في عقيدته وشريعته‬
‫وصوفيته إلى مكان آخر في هذا البحث ونكتفي بدراسة أسلوب القرآن في‬
‫فصاحة لغته وبلغة نظمه تمهيدا ً لدراسة أطوار الدعوة القرآنية ‪.‬‬
‫نزول القرآن بالوحي ‪:‬هل كان باللفظ أم بالمعنى ‪-:‬‬

‫في التقان ج‪ 1‬ص ‪44‬فصل في معنى نزول القرآن أكان بالمعاني وحدها‬
‫أم باللفاظ والمعاني معا ‪ .‬ويقول الصفهاني ‪ :‬اتفق أهل السنة والجماعة‬
‫على أن كلم الله منزل ؛ واختلفوا في معنى النزال فمنهم من قال هو‬
‫إظهار القراءة ‪،‬ومنهم من قال أن الله ألهم كلمه جبريل وقال الطيبي‬
‫لعل نزول القرآن على النبي أن يتلقفه الملك من الله تلقفا ً روحانيا ً أو‬
‫يحفظه من اللوح المحفوظ فينزل به إلى النبي فيلقيه عليه ‪ .‬وقال القطب‬
‫الرازي ‪ :‬المراد بإنزال الكتب على الرسل أن يتلقفها الملك من الله تلقفاً‬
‫روحانيا ً أو يحفظها من اللوح المحفوظ وينزل بها يلقيها عليهم وقال غيره‬
‫‪ :‬في المنزل على النبي ثلثة أقوال ‪ :‬أحدها أنه اللفظ والمعنى ؛ والثاني‬
‫أن جبريل إنما نزل بالمعاني خاصة وأن النبي علم تلك المعاني وعبر عنها‬
‫بلغة العرب وتمسك قائل هذا بظاهرة قوله تعالى في سورة الشعراء آية‬
‫‪": 193‬ونزل به الروح المين على قلبك "والقول الثالث أن جبريل أُلقي‬
‫إليه المعنى وأنه عبر عن هذه اللفاظ بلغة العرب ‪.‬وقال الجويني كلم الله‬
‫المنزل قسمان قسم قاله الله لجبريل ‪:‬قل للنبي الذي أنت مرسل إليه ‪:‬‬
‫الله يقول ؛ففهم جبريل ما قاله ربه ثم نزل على النبي وقال له ما قاله‬
‫ربه ‪،‬وقسم آخر قال الله لجبريل ‪ " :‬اقرأ على النبي هذا الكتاب فنزل‬
‫جبريل بكلمة من الله من غير تغيير ‪.‬‬
‫إذن فالخلف قائم بين المسلمين أنفسهم في هل نزل القرآن بالمعاني‬
‫وحدها أو نزل بالمعاني واللفاظ معا ً ‪،‬ومن قال أن القرآن نزل بالمعاني‬
‫وحدها ‪،‬ل تثريب عليه فهو لم يزل من أهل السنة والجماعة ‪.‬وهذا هو‬
‫القول الفصل الذي يجمع بين التوراة والزبور والنبيين والحكمة والنجيل‬
‫والقرآن وإن اختلفت اللفاظ في التعبير عن ذلك التوحيد ‪.‬‬
‫ومن قول بعض علماء السلم لنزول القرآن بالمعاني دون اللفاظ ‪،‬ينتج‬
‫اشكال ضخم ‪ :‬إذا كان جبريل كما نقل السيوطي ‪":‬إنما نزل بالمعاني خاصة‬
‫وأن محمد اًعلم تلك المعاني وعبر عنها بلغة العرب ؛ أو أن جبريل ألقى‬
‫إليه المعنى ‪،‬وأن جبريل عبر باللفاظ عن المعنى بلغة العرب " فألفاظ‬
‫القرآن ليست من الله بل هي من محمد أو جبريل ‪ .‬وبما أن اعجاز القرآن‬
‫في ألفاظه ونظم هذه اللفاظ وأساليب بيانها ‪ ،‬فإعجاز القرآن ليس منزلً‬
‫على حد قولهم ‪.‬يؤيده الحديث المأثور ‪":‬أعطيت جوامع الكلم " لذلك‬
‫فإعجاز نظمه – مع التعبد بلفظه – قائم على النبي المين ل على الوحي‬
‫المبين‬
‫كيفيـــة نزول القــرآن وتأليــــفه‬
‫قال السيوطي في التقان ص ‪" : 70‬نزل القرآن منجما ً في عشرين سنة أو‬
‫ثلث وعشرين أو خمس وعشرين على حسب الخلف في مدة إقامة النبي‬
‫بمكة بعد البعثة ونزول القرآن منجما ً يعني أنه نزل مفرقا ً كل بضع آيات معاً‬
‫وذلك أن الوحي كان ينزل بالقرآن مبينا ً للحوادث الجارية التي تعاقبت على‬
‫حياة النبي من بعثته إلى وفاته وكان القرآن ينزل بحسب الحاجة ‪:‬خمس‬
‫آيات وعشر آيات وأكثر وأقل ‪،‬وقد صح نزول عشر آيات في قصة الفك‬
‫جملة في سورة النور من ‪ 21-11‬وصح نزول عشر آيات من سورة المؤمنين‬
‫جملة من ‪ 11– 1‬وصح نزول جملة واحدة كقوله في سورة النساء آية ‪" 95‬غير‬
‫أولي الضرر " كذلك قوله في سورة التوبة ‪" 28‬وإن خفتم عيلة " والحكمة‬
‫في نزول اليات قليلة العدد على هذا النحو هي أن يتمكن النبي من حفظها‬
‫وتعليمها للناس ‪،‬ومن إملئها على كتابه ليدونوها ولنزول القرآن حسب‬
‫الحوادث الجارية شواهد كثيرة جدا ً وهي كل القرآن تقريبا ً ‪.‬تجد مصداق ذلك‬
‫في كتبهم على (أسباب النزول للواقدي ) خصوصا ً في اليات التشريعية‬
‫التي كانت تنزل في الغالب جوابا ً لحوادث في المجتمع السلمي وأحياناً‬
‫كانت تنزل جوابا ً عن أسئلة يسألها بعض المؤمنين ؛وقليل ً ما كانت الحكام‬
‫مبتدئة ‪.‬وقلما ترى حكما ً لم يذكر له المفسرون حادثا ً أُنزل الحكم مرتبا ً عليه‬
‫‪.‬‬

‫قال أبو بكر النباري ‪:‬أنزل القرآن كله إلى سماء الدنيا ثم فرق في بضع‬
‫وعشرين فكانت السورة تنزل لمر يحدث والية جوابا ً لمستخبر ‪.‬مثال ذلك‬
‫ما نقله الواحدي أنزل الله في الكللة آيتين إحداهما في الشتاء وهي التي‬
‫في أول سورة النساء والخرى في الصيف وهي التي في آخر السورة‬
‫فتكون سورة النساء موزعة في النزول على سنة ‪.‬ومثال ذلك أيضا ً ما‬
‫أخبروا عن سورة براءة كان أول براءة قبل غزوة تبوك ‪،‬وآخرها بعدها‬
‫فتكون سورة براءة موزعة في النزول على سنة أيضا ً ولنا شهادة قرآنبية‬
‫من آخر العهد بالمدينة من تلقين اليات ‪ " :‬اذا ما أنزلت سورة قالوا ‪:‬أيكم‬
‫زادته هذه إيمانا ً “ ؟ التوبة ‪ 124‬أول يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو‬
‫مرتين ؟ ‪ ...‬وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض ‪ :‬هل يراكم من‬
‫أحد ؟ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم ؛ ( التوبة ‪ )128 -125‬فالفتنة مرة أو‬
‫مرتين في السنة كانت تحدث بمناسبة تنزيل السورة أو السورتين في العام‬
‫ونعلم أيضا ً أن تنزيل البقرة دام ثمانية عشر شهرا ً من الهجرة إلى غزوة‬
‫بدر ‪.‬‬

‫من ذلك نقدر أن نستنتج أن الكيفية الزمانية والوحدة التنظيمية في نظم‬


‫القرآن كانت في المدينة في كل عام سورة طويلة أو سورتين من المئين‬
‫والمثاني ‪.‬وقد تطول إحدى السور مثل البقرة فتتجاوز العام ‪.‬فكان كل ما‬
‫ينزل في سنة يجمع في سورة أو سورتين متوسطتين ‪.‬وطول السورة‬
‫المدنية وتعدد مواضيعها وتنوع أساليبها يوحي أيضا ً بذلك ‪،‬ولكن في مكة‬
‫تركوا السور مفصلة مقطعة ‪،‬ولم يجمعوها في وحدات زمانية تأليفية كل‬
‫سنة في سورة أو سورتين حتى كثر المكي المفصل فالمثاني فالمئين ‪.‬‬

‫قال الدكتور صبحي الصالح في كتابه مباحث في علوم القرآن ص ‪: 38‬‬


‫"ولقد شاءت الحكمة اللهية أن يظل الوحي متجاوبا ً مع النبي ‪.‬يعلمه كل‬
‫شيء شيئا ً جديدا ً ومتجاوبا ً مع الصحابة ليفاجئهم بتعاليمه وتشريعاته ‪،‬فكان‬
‫مظهر هذا التجاوب نزوله منجما ً بحسب الحاجة ‪ :‬خمس آيات وعشر آيات‬
‫وأكثر وأقل ‪،‬وقد أخرج ابن عساكر عن علي قوله ‪" :‬أنزل القرآن خمساً‬
‫خمسا ً إل سورة النعام ومن حفظ خمسا ً خمسا ً لم ينسه ‪.‬‬

‫ولنا على ذلك خير مثال في قصائد الشعر الجاهلي ‪.‬فالقصيدة عندهم من‬
‫السبعة أبيات إلى العشرة ‪.‬وإذا كانت مثل المعلقات فهي تشتمل على عدة‬
‫مواضيع كل موضوع قائم بذاته في نحو عشر أبيات وكما جمعت هذه‬
‫الوحدات الشعرية ‪،‬القصائد المتنوعة المواضيع المؤتلفة في النظم‬
‫والقافية كذلك جمعوا السور في وحدات متقاربة لتقارب الموضوع‬
‫والفاصلة ‪،‬ربما والزمن أيضا ً ؛ فالسور وحدات تأليفية تقابل وحدات زمنية ‪.‬‬

‫كان القرآن ينزل منجما ً ويحفظ أيضا ً منجما ً قال أبو عبد الرحمن السلمي ‪:‬‬
‫حدثنا الذين يقرأون القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما‬
‫أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يعلموا ما فيها‬
‫من العلم والعمل وقال أنس ‪ :‬كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جد في‬
‫أعيننا " رواه أحمد في المسند وقام ابن عمر على حفظ البقرة ثمان سنين‬
‫‪،‬قال أبو العالية ‪ :‬تعلموا القرآن خمس آيات خمس آيات فإن النبي كان‬
‫يأخذه من جبريل خمسا ً خمسا ً ‪.‬‬

‫إن هذا التنجيم في نزول القرآن وتأليفه هو ما يضفي على القرآن ظاهرة‬
‫التفكك في ربط أجزاء السورة واليات بعضها ببعض ‪.‬‬
‫وقد لمس القدمون هذا التفكك الظاهر بين مقاطع السور وآياتها فأوجدوا‬
‫علم المناسبة الذي يضع قواعد للروابط التي تربط السور واليات ‪ .‬وممن‬
‫أكثر من علم المناسبة المام فخر الدين الرازي فقال في تفسيره ‪" :‬أكثر‬
‫لطائف القرآن مودعة في الترتيبات والروابط ‪.‬‬

‫وقد عقد السيوطي فصل ً في كتابه التقان في علوم القرآن يعدد فيه بعض‬
‫الروابط ‪.‬فقال إن ارتباط الية بالية ‪،‬إما أن يكون ظاهرا ً لتعلق الكلم بعضه‬
‫ببعض أو لورود الثانية للولى على وجه التأكيد أو التقيد أو العتراض أو‬
‫البدل ‪.‬وهذا القسم ل كلم فيه وإما أن يكون باطنا ً ‪،‬فليظهر الرتباط بل‬
‫يظهر أن كل جملة مستقلة عن الخرى ‪.‬والمستقلة إما أن تكون معطوفة‬
‫بحرف من حروف العطف فلبد أن يكون بينهما جهة جامعة أو أما أن تكون‬
‫غير معطوفة فلبد من دعامة تؤذن باتصال الكلم وهذه هي الروابط حصراً‬
‫‪ ،‬وهي قرائن تؤذن بالربط ‪:‬‬

‫‪ .1‬رابط من عام إلى خاص أو بالعكس‬


‫‪ .2‬رابط عقلي أو حسي أو خيالي‬
‫‪ .3‬رابط التلزم الذهني كالسبب والمسبب ‪،‬أو العلة والمعلول‬
‫‪ .4‬رابط النظيرين أو التنظير أي إلحاق النظير بالنظير كقوله ‪":‬كما‬
‫أخرجك ربك من بيتك بالحق " ‪.‬‬
‫‪ .5‬رابط الضدين أو المضادة مثل الجمع بين حديث المؤمنين والكافرين‬
‫في مطلع سورة البقرة‬
‫‪ .6‬رابط الستطراد وهو ترك الكلم إلى آخر ثم العودة إلى الكلم السابق‬
‫مثال ذلك قوله " ولباس التقوى ذلك خير " عقب وصف نعم الله على آدم‬
‫وأيضا ً قوله ‪ " :‬لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا ً لله – ول الملئكة‬
‫المقربون " ‪.‬‬
‫‪ .7‬رابط حسن التخلص ‪ :‬أي ترك الكلم بالتدريج إلى كلم آخر دون العودة‬
‫إلى الول على وجه سهل دقيق المعنى بحيث ل يشعر السامع بالنتقال ‪.‬‬
‫‪ .8‬رابط النتقال من حديث إلى آخر تنشيطا ً للسامع مفصول ً بكلمة هذا أو‬
‫غيرها ويختلف عن حسن التخلص بالمفاجئة مثل ً سورة ص آية ‪ " 55‬هذا وان‬
‫للطاغين لشر مآب " ‪.‬‬
‫‪ .9‬رابط حسن المطلب ‪:‬التحول من حديث إلى حديث يجمع بينهما قرينة‬
‫معنوية ‪.‬‬
‫‪ .10‬القاعدة الساسية ‪،‬أو الرابط العام هو الغرض الذي سيقت له السورة‬
‫مع المقدمات التي تهيئه والنتائج التي تنتج منه مع النظر إلى مراتب تلك‬
‫المقدمات أو النتائج في القرب والبعد من الغرض المطلوب ‪.‬فهذا هو المر‬
‫الكلي المهيمن على حكم الربط بين جميع أجزاء القرآن والذي يبين وجه‬
‫النظم مفصل ً بين كل آية وآية في كل سورة ‪.‬‬

‫فهذه الروابط لمعرفة ترتيب اليي في السورة الواحدة ضرورية كضرورة‬


‫معرفة الضوابط لترتيب السور بحسب أزمنتها ‪.‬‬
‫ولكن على شرط تجنب الفراط في خلق القرآن المعنوية ليجاد الروابط‬
‫البيانية مما ينافي طبائع العرب ووقائع التاريخ ‪ .‬وقد غمز من هذا العلم أبو‬
‫العلء ووجد فيع تكلفا ً وقال ‪ :‬إن القرآن إنما ورد على القتضاب الذي هو‬
‫طريقة العرب من النتقال إلى غير ملئم ‪،‬وقال الشيخ عبد السلم ‪:‬‬
‫المناسبة علم حسن لكن يشترط في حسن ارتباط الكلم أن يقع في أمر‬
‫متحد مرتبط أوله بآخره ‪،‬فإن وقع على أسباب مختلفة لم يقع فيه ارتباط‬
‫ومن ربط هذا فهو متكلف بما ليقدر عليه إل بربط ركيك يصان عن مثله‬
‫حسن الحديث ‪،‬فضل ً عن أحسنه ‪،‬فإن القرآن نزل في نيف وعشر ين سنة‬
‫في أحكام مختلفة شرعت لسباب مختلفة ؛ وما كان كذلك ل يتأتى ربط‬
‫بعضه ببعض وهذا على العنون وهناك آيات أشكلت مناسبتها كما قبلها من‬
‫ذلك قوله في سورة القيامة "ل تحرك به لسانك لتعجل به " ؛ وفي سورة‬
‫طه آية ‪" 114‬ول تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه " وفي البقرة‬
‫" واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ؛ " وفي سورة الشورى وأمرهم بينهم‬
‫شورى "ثم "يسألونك عن الهلة "ثم "ولله المشرق والمغرب ‪.‬‬

‫العجــــاز في نظــم القـــرآن‬


‫أجمل وصف لنظم القرآن ما قاله عميد الدب العربي الدكتور طه حسين‬
‫في كتابه الشعر الجاهلي قال ‪ :‬كلم العرب شعر ونثر وقرآن ‪.‬فالقرآن‬
‫ليس بالشعر وليس بالنثر ؛إنه نثر وشعر معا ً ‪ :‬انه قرآن "وما علمناه الشعر‬
‫وما ينبغي له إن هو إل ذكر وقرآن مبين " ‪.‬قال الجاحظ ‪" :‬سمى الله كتابه‬
‫اسما ً مخالفا ً لما سمى العرب كلمهم على الجمل والتفصيل سمى جملته‬
‫قرآنا ً كما سموا ديوانا ً ‪،‬وبعضه سورة كقصيدة وبعضها آية كالبيت وآخرها‬
‫فاصلة كقافية وفاتهم أن هذه السماء الجديدة التي تصف القرآن جملة‬
‫وتفصيل منقولة عن العبرية بطريقة السريانية ‪.‬ولكنها ألفاظ تميز القرآن‬
‫عن سائر كلم العرب ‪.‬‬
‫وإذ قد ذكرنا شيئا ً عن لغة القرآن نكتفي الن بذكر شيء عن بيان القرآن‬
‫وبديعه وهما جوهر إعجازه ‪،‬وأفضل من كتب في إعجاز القرآن الباقلني‬
‫قال في وجوه إعجاز القرآن ‪ :‬الوجه الول في الخبار عن الغيوب والصدق‬
‫والصابة في ذلك كله ‪،‬وهذا سبقه إليه الكتاب المقدس ‪ .‬وأما الوجه الثاني‬
‫ما ذكرناه من إخباره عن قصص الولين وسير المتقدمين وهذا أيضا ً سبقه‬
‫إليه الكتاب المقدس ‪.‬فاما الكلم في الوجه الثالث وهو الذي بيناه من‬
‫العجاز الواقع في النظم والتأليف والرصف – وهذا هو العجاز حصرا ً –‬
‫فقد ذكرنا من هذا الوجه وجوها ً منها أننا قلنا أنه نظم خارج عن جميع‬
‫وجوه النظم المعتاد في كلمهم ومباين لساليب خطابهم ‪ .‬ومن ادعى ذلك‬
‫لم يكن له بد من أن يصح أنه ليس من قبيل الشعر ول السجع ول الكلم‬
‫الموزون غير المقفى لن قوما من قريش ادعوا أنه شعر وآخرين من قال‬
‫أن فيه شعر ومن أهل الملة من يقول أنه كلم مسجع إل أنه أفصح مما قد‬
‫اعتادوه من اسجاعهم ‪.‬ومنهم من يدعي أنه كلم موزون فل يخرج بذلك عن‬
‫أصناف ما يتعارفونه من الخطاب ‪.‬ثم يعقد فصل ً في نفي الشعر من القرآن‬
‫وآخر في نفي السجع من القرآن ‪.‬إذن فالعجاز في نظمه‬

‫وفي كتاب التقان للسيوطي فصول تبين مدى العجاز البياني في القرآن‬
‫منها ‪:‬‬

‫أول ً ‪ :‬معرفـة الوجوه والنظائر ‪:‬‬


‫قال السيوطي ‪":‬فالوجوه هي اللفظ المشترك الذي يستعمل في عدة‬
‫معان كلفظ المة ‪،‬والنظائر كاللفاظ المتواطئة ‪.‬وقيل النظائر في اللفظ‬
‫والوجوه في المعاني وقد جعل بعضهم ذلك من أنواع إعجازات القرآن مع‬
‫أنه ل شيء فيه يدل على العجاز فقد كانت الكلمة الواحدة تنصرف إلى‬
‫عشرين وجها ً وأكثر وأقل وأوجدوا لهذا النوع من العجاز حديثا ً جاء فيه ‪" :‬‬
‫لن تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها ً " من أمثثال ذلك "الهدى "‬
‫يأتي على سبعة عشر وجها ً منها ‪:‬الثبات والبيان والدين واليمان والدعاء ؛‬
‫وبمعنى النبي والقرآن والتوراة ‪ . . . .‬ألخ وكذلك كلمة الرحمة فقد وردت‬
‫على أوجه ‪ :‬السلم واليمان والجنة والمطر والنعمة والنبوة والقرآن‬
‫والنصر والمودة والمغفرة والعصمة ومن هذا القبيل نوع من اللفاظ تأتي‬
‫دائما ً بمعنى واحد إل في موضع يشذ عن القاعدة ‪:‬من ذلك كل ما في‬
‫القرآن من ذكر البروج فهي الكواكب إل في قوله ‪":‬ولو كنتم في بروج‬
‫مشيدة " فهي القصور الطوال الحصينة ‪.‬وكل ما فيه من "بخس "فهو‬
‫النقص إل قوله ‪:‬وشروه بثمن بخس "أي حرام وكل ما فيه من الزيغ " فهو‬
‫الميل إل قوله "وإذ زاغت البصار " أي شخصت ‪،‬وكل "سكينة "فيه فهي‬
‫الطمأنينة إل التي في قصة طالوت فهي شيء كرأس الهرة له جناحان‬
‫فهذا الشذوذ في اللفاظ والمعاني ينفي عن القرآن صفة العجاز إذكيف ل‬
‫يقدر الله أن يصرف كلماته بحيث ل يتأرجح المعني هنا وهناك ‪.‬‬

‫ثــانيـــا ً ‪ :‬الضمـــائر ‪:‬‬


‫يقولون أن استعمال الضمائر في القرآن إعجاز فقال السيوطي في‬
‫التقان ‪ :‬أصل وضع الضمير للختصار ولهذا قام قوله "أعد الله لهم مغفرة‬
‫وأجرا ً عظيماً" مكان خمس وعشرين كلمة لو أنى بها مظهرة ‪ ،‬وكذا قوله‬
‫‪":‬وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن " قال مكي ليس في كتاب الله آية‬
‫اشتملت على ضمائر أكثر منها ‪.‬وهذا يضعف الستدلل على إعجاز القرآن‬
‫ويذكر التقان لستعمال الضمائر قواعد لم يلتزم بها القرآن مثل ‪:‬‬

‫‪ .1‬عودة الضمير على أقرب المذكورين فقد اختلف في قوله ‪":‬أو لحم‬
‫خنزير فإنه رجس " فمنهم من أعاد الضمير إلى المضاف ومنهم من أعاده‬
‫إلى المضاف إليه وهذا ليصح في كلم الله ‪.‬‬
‫‪ .2‬الصل توافق الضمائر في المرجع حذرا ً من التشتيت ؛ولهذا جوز‬
‫بعضهم في قوله ‪" :‬أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم " أن الضمير‬
‫في الثاني للتابوت وفي الول لموسى وقد عاب ذلك الزمخشري في كتابه‬
‫الكشاف وجعله تنافرا ً مخرجا ً للقرآن عن إعجازه فقال‪:‬والضمائر كلها‬
‫راجعة إلى موسى ورجوع بعضها إليه وبعضها إلى التابوت فيه هجنة لما‬
‫يؤدي إليه من تنافر النظم الذي هو أم إعجاز القرآن ‪ .‬وقال ‪":‬ليؤمنوا بالله‬
‫ورسوله ويعزروه ويوقروه ويسبحوه " الضمائر لله تعالى وللرسول وقوله‬
‫أيضا ً في سورة الكهف ‪" :‬ول تستفت فيهم منهم أحدا ً "فإن ضمير فيهم‬
‫لصحاب الكهف ‪(،‬ومنهم ) لليهود وقال بذلك أبي ثعلب والمبرد أيضا ً ومثله‬
‫‪":‬ولما جاءت رسلنا لوطا ً سيء بهم ‪،‬وضاق بهم ذرعا ً " قال ابن عباس ‪:‬‬
‫ساء ظنا ً بقومه وضاق ذرعا ً بأضيافه وهذا خروج للضمير عن الصل ‪.‬‬
‫‪ .3‬جمع العاقلت ليعود عليه الضمير غالبا ً إل بصيغة الجمع سواء كان‬
‫للقلة أو للكثرة مثل ‪" :‬والوالدات يرضعن ‪ ،‬والمطلقات يتربصن " ؛ وورود‬
‫الفراد في قوله والزوابع مطهرة "ولم يقل مطهرات كما يجب أن يكون ‪.‬‬
‫‪ .4‬إذا اجتمع في الضمائر مراعاة اللفظ والمعنى بُديء باللفظ ثم‬
‫بالمعنى هذا هو الجادة في القرآن ‪ . . .‬ولم يُبح في القرآن البداءة بالحمل‬
‫على المعنى إل في موضع واحد " وقالوا ‪ :‬ما في بطون هذه النعام خالصة‬
‫لذكورنا ومحرم على أزواجنا " فأتت خالصة حمل ً على معنى (ما) ثم راعى‬
‫اللفظ فقال ‪":‬محرم" ‪.‬‬
‫‪ .5‬التذكير والتأنيث ‪ :‬التأنيث ضربان حقيقي وغير حقيقي فالحقيقي ل‬
‫تحذف تاء التأنيث من فعله غالبا ً ‪،‬وإما غير الحقيقي فالحذف مع الفصل‬
‫أحسن ‪ .‬وكل أسماء الجناس يجوز فيها التذكير حمل ً على الجنس والتأنيث‬
‫حمل ً على الجماعة كقوله " أعجاز نخل خاوية ‪ . . .‬أعجاز نخل منقعر ‪ . . .‬إن‬
‫البقر تشابه علينا وقريء تشابهت علينا ‪ . .‬السماء منفطر به ‪ . .‬زإذا‬
‫ة‪.‬‬‫السماء انفطرت ‪ . . . .‬جاءتها ريح عاصف ‪ . . .‬ولسليمان الريح عاصف ً‬
‫‪ .6‬وعلى قاعدة التعريف والتنكير جاء تساؤله عن الحكمة في تنكير أحد‬
‫وتعريف الصمد في قوله " قل هو الله أحد الله الصمد " ومن تلك‬
‫الستثناءات للقواعد العامة شيء كثير في القرآن وهذا يدحض القول بأن‬
‫القرآن معجز في نظمه وبيانه ‪.‬‬

‫ثــالثـــا ً ‪:‬المقدم والمؤخر ‪-:‬‬


‫قال السيوطي ‪ :‬أسباب التقديم وأسراره فيه حكمة إجمالية ‪ :‬الحكمة‬
‫الشائعة الذائعة في ذلك هي الهتمام ؛ قال سيبويه ‪ :‬يقدمون الذي بيانه‬
‫أهم ‪،‬وهم ببيانه أعنى ‪.‬وهذا الباب على نوعين منه ما أشكل معناه بحسب‬
‫الباطن ومنه ما أشكل معناه بحسب الظاهر وقد تعرض السلف لذلك في‬
‫آيات ‪ :‬فاخرج ابن أبي قتادة في قوله تعالى ‪":‬فلتعجبك أموالهم ول‬
‫أولدهم في الحياة الدنيا " قال ‪:‬هذا من تقديم الكلم وكان يجب أن تكون ‪:‬‬
‫"لتعجبك أموالهم ول أولدهم في الحياة الدنيا إنما يريد الله ليعذبهم بها‬
‫في الخرة ‪ .‬وأخرج عن ابن أبي قتادة أيضا ً في قوله ‪" :‬ولول كلمة سبقت‬
‫من ربك لكان لزاما ً وأجل مسمى" قال هذا من تقاديم الكلم والمفروض‬
‫أن تكون "لول كلمة وأجل مسمى لكان لزاماً ‪،‬وأخرج عن مجاهد قوله في‬
‫قوله تعالى "أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ً قيما ً " قال ‪:‬هذا من‬
‫التقديم والتأخير والمفروض أن تكون ‪" :‬أنزل على عبده الكتاب قيما ً ولم‬
‫يجعل له عوجا ً " وأخرج عن قتادة في قوله تعالى " إني متوفيك ورافعك‬
‫إلي "قال هذا من المقدم والمؤخر والمفروض أن تكون ‪" :‬إني رافعك إلي‬
‫ومتوفيك "‬
‫أخرج عن عكرمة في قوله تعالى "لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب‬
‫"قال هذا من التقديم والتأخير والمفروض أن تكون ‪" :‬لهم يوم الحساب‬
‫عذاب شديد بما نسوا " ‪.‬‬
‫وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله تعالى ‪" :‬ولول فضل الله عليكم‬
‫ورحمته لتبعتم الشيطان إل قليل ً "قال هذه الية مقدمة ومؤخرة‬
‫والمفروض أن تكون " أذاعوابه إل قليل ً منهم ولول فضل الله عليكم لم ينج‬
‫قليل ولكثير " ‪.‬‬
‫وأخرج عن ابن عباس في قوله تعالى "فقالوا أرنا الله جهرة "قال اذا‬
‫أرادوا الله فقد رأوه إنما قالوا " جهرة أرنا الله "قال هو مقدم ومؤخر‬
‫والمعنى أن سؤالهم كان جهرة " ‪.‬‬
‫ومنه ‪" :‬أفرأيت من اتخذ إلهه هواه "والمفروض أن تكون "أفرأيت من اتخذ‬
‫هواه إلهه " لن من اتخذ إلهه هواه ليس مذموم فقدم المفعول الثاني‬
‫للعناية به ‪.‬‬
‫ً‬
‫وليس التقديم والتأخير في بعض اليات فقط بل امتد أيضا إلى مقاطع من‬
‫القصة الواحدة من ذلك قوله في سورة البقرة "وإذ قتلتم نفسا ً فادارأتم‬
‫فيها " قال البغوي هذه أول القصة وإن كان مؤخرا ً في التلوة ‪.‬وقال‬
‫الواحدي كان الختلف في القانل قبل ذبح البقرة وغنما أخر في الكلم‬
‫لنه تعالى لما قال "إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة " علم المخاطبون أن‬
‫البقرة لتذبح إل للدللة على قاتل خفيت عينه عليهم فلما استقر هذا في‬
‫نفوسهم اتبع قوله "وإذ قتلتم نفسا ً فادارأتم فيها فسألتم موسى فقال‬
‫‪:‬إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ‪.‬‬

‫رابعــــا ً ‪ :‬الختــــلف والتناقـــض ‪-:‬‬


‫وهو ماختلفت الليات بينها وتناقضت مع بعضها والمفروض ان يكون كلم‬
‫الله منزه عن لنه يقول ‪ " :‬ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلفاً‬
‫كثيرا " ‪.‬‬
‫مثال ذلك ‪" :‬قوله "ثم لم تكن فتنتهم إل أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين‬
‫" يناقض قوله " وليكتمون الله حديثا ً " وقوله "فل أنساب بينهم يومئذ‬
‫وليتساءلون " يناقض قوله " وأقبل بعضهم على بعض يتسائلون " وقوله "‬
‫أئنكم لتكفرون بالذي خلق الرض في يومين ‪" . .‬فهنا يعني أن الرض‬
‫خلقت قبل السماء وهذا يناقض قوله " أم السماء بناها ‪.‬والرض بعد ذلك‬
‫دحاها " الذي معناه أن السماء خلقت قبل الرض ‪.‬‬
‫ومنها قوله "وكان الله عزيزا ً حكيما ً " فما شأنه يقول "وكان " ؟ وقد أخرج‬
‫ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس أن يهوديا ً قال له ‪" :‬أنكم تزعمون‬
‫أن الله كان عزيزا ً حكيما ً فكيف هو اليوم ؟ وينقل السيوطي أجوبة ابن‬
‫عباس والسدي والضحاك وأبي هريرة على هذه المتشابهات ثم يقول ‪:‬‬
‫"موضع آخر توقف عليه ابن عباس ‪:‬سأله رجل عن "يوم كان مقداره ألف‬
‫سنة "وعن يوم كان مقداره خمسين ألف سنة " ؟ فقال ابن عباس هما‬
‫يومان ذكرهما الله تعالى في كتابه الله أعلم بهما ؛ ما أدري ما هي ‪.‬‬

‫وقال الزركشي في البرهان للختلف أسباب ‪:‬‬


‫أحدهما وقوع المخبر به على أحوال مختلفة وتطويرات شتى كقوله في‬
‫خلق آدم من تراب ‪ :‬مرة يقول من حمإ مسنون ‪،‬ومرة يقول من طين‬
‫لزب ‪،‬ومرة يقول من صلصال كالفخار فهذه ألفاظ مختلفة في القرآن‬
‫لتتناسب مع كتاب موحى به من الله ومحكم ومفصل كمايقولون ‪.‬‬
‫وقوله في عصا موسى ‪" :‬فإذا هي ثعبان " وفي موضع آخر يقول "تهتز‬
‫كأنها جان " فهل هي ثعبان أم جان ؟‬
‫الثاني لختلف الموضع ‪.‬كقوله "وقفوهم انهم مسؤولون " وقوله‬
‫"فلنسألن الذين أرسل إليهم ‪،‬ولنسألن المرسلين " مع قوله " فيومئذ ل‬
‫يسأل عن ذنبه إنس ول جان " فقد فسره الحليمي بأنه اختلف السؤال‬
‫وحمله غيره على اختلف الماكن ‪.‬وكقوله "اتقوا الله حق تقاته مع قوله‬
‫"فاتقوا الله ما استطعنم " فقد قالوا أن الثانية ناسخة للولى ‪.‬‬
‫وقوله ‪":‬فإن خفتم أل تعدلوا فواحدة " مع قوله "ولن تستطيعوا أن تعدلوا‬
‫بين النساء ولو حرصتم " فالولى يفهم منها إمكان العدل والثانية تنفيه ‪.‬‬
‫وقوله " إن الله ل يأمر بالفحشاء " مع قوله "أمرنا مترفيها ففسقوا فيها "‬
‫‪.‬‬
‫الثالث ‪" :‬الختلف في جهتي الفعل كقوله ‪" :‬فلم تقتلوهم ولكن الله‬
‫قتلهم ‪.‬وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى "فقد أضيف القتل إليهم والرمي‬
‫إلى النبي ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬الختلف في الحقيقة والمجاز "وترى الناس سكارى وما هم‬
‫بسكارى " ‪.‬‬
‫الخامس الختلف بوجهين واعتبارين كقوله ‪" :‬فبصرك اليوم حديد " مع‬
‫قوله "خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي " ‪،‬وقوله "الذين آمنوا‬
‫وتطمئن قلوبهم بذكر الله " مع قوله " انما المؤمنون الذين إذا ذكر الله‬
‫وجلت قلوبهم " وللخروج من هذا المأزق قال السيوطي ‪ :‬إذا تعارضت الي‬
‫وتعذر فيها الترتيب والجمع طلب التاريخ وترك المتقدم بالمتأخر ويكون‬
‫ذلك ناسخا ً ‪ .‬لكن هل يقوم النسخ المذكور مقام محكم التنزيل المعجز ؟‬

‫وقال آخرون في جماع الختلف والتناقض ‪ :‬إن كل كلم صح أن يضاف‬


‫بعض ما وقع السم عليه إلى وجه من الوجوه فليس فيه تناقض ‪ .‬لكن‬
‫نقول هل يليق بأحكام الله ائتلفها فقط على وجه من الوجوه في محكم‬
‫التنزيل المعجز ؟‬
‫وقال القاضي أبو بكر ‪ :‬ل يجوز تعارض آي القرآن والثار وما يوجبه العقل‬
‫فلذلك لم يجعل قوله " الله خالق كل شيء " معارضا ً لقوله عن عيسى "‬
‫وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير " لقيام الدليل العقلي ‪ .‬لكن نقول هل‬
‫يجوز أن نجعل العقل حكما ً على محكم التنزيل المعجز ‪.‬‬
‫فالتفسير بأي وجه من الوجوه ‪،‬والتأويل بقيام الدليل العقلي ‪،‬واللجوء إلى‬
‫النسخ بالقرآن أو بالحديث أو بالجماع ل يليق بكلم الله المحكم المعجز‬
‫الذي بيانه إعجازه وإعجازه بيانه ‪.‬‬

‫خامســــا ً ‪ :‬اليـــات المتشابهــات‬


‫قال السيوطي ‪ " :‬القصد به إيراد القصة الواحدة في صور شتى وفواصل‬
‫مختلفة ‪.‬بل تأتي في موضع واحد مقدما ً وفي آخر مؤخرا ً كقوله في سورة‬
‫البقرة ‪" :‬وادخلوا الباب سجدا ً وقولوا حطة " وفي العراف يقول " وقولوا‬
‫حطة وادخلوا الباب سجدا ً " وقوله أيضا ً في البقرة " ما أهل به لغير الله "‬
‫وسائر القرآن " ما أهل لغير الله به " ‪.‬أو في موضع بزيادة وفي آخر بدونها‬
‫كقوله ‪:‬ويكون الدين لله " في سورة يس والبقرة ؛وفي سورة النفال "‬
‫يكون الدين كله لله " أو في موضع معرفا ً وفي آخر منكرا ً ؛وفي موضع‬
‫مفردا ً وآخر جمعا ً ‪.‬أو بحرف وفي آخر بحرف آخر ‪ .‬أو مدغما ً وفي آخر‬
‫مفكوكا ً وهذه أمثلة على ذلك ‪:‬‬
‫في البقرة يقول ‪" :‬هدى للمتقين " وفي لقمان يقول "هدى ورحمة‬
‫للمحسنين "‬
‫في البقرة يقول ‪" :‬وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكل منها " وفي‬
‫سورة العراف يقول ‪ " :‬فكل منها " بالفاء ‪.‬‬
‫في البقرة يقول ‪":‬واتقوا يوما ً ل تجزي نفسا عن نفس شيئا ول تنفعها‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫شفاعة ول يقبل منها عدل " وفي نفس السورة بعد ذلك يقول "‪. . .‬‬
‫وليقبل منها عدل ول تنفعها شفاعة ‪.‬‬
‫في البقرة "واذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون ‪. .‬‬
‫" وفي سورة إبراهيم يقول "ول يذبحون ‪ " . .‬وفي العراف يقول "يقتلون‬
‫"‪.‬‬
‫في البقرة يقول "ولن تمسنا النار إل أياما ً معدودة " وفي آل عمران يقول‬
‫" أياما ً معدودات " ‪.‬‬
‫في البقرة يقول " إن هدى الله هو الهدى " وفي آل عمران يقول " إن‬
‫الهدى هدى الله " ‪ .‬في القرة يقول " رب اجعل هذا بلدا ً آمنا ً " وفي‬
‫سورة إبراهيم يقول "اجعل هذا البلد آمنا ً " في البقرة يقول "قولوا آمنا‬
‫بالله وما أنزل إلينا " وفي آل عمران يقول "آمنا بالله وما أنزل إلينا "‬
‫وهناك الكثير من هذا القبيل ولكن نكتفي بهذا القدر لنرى ما يقوله أبو عبد‬
‫الله الرازي مبررا ً هذا الختلف فيقول ‪ :‬إن هذا كله من باب التفنن وتنويع‬
‫اللفاظ ‪.‬لكن هذا التفنن يجعل العجاز درجات وفي البيان تفاوتا ً فأين فيها‬
‫معجز البيان ؟ ‪.‬‬

‫العــهد القــرآني الول في مكـة‬

‫"العهــد المسيــحي "‬


‫م‬ ‫‪615‬‬ ‫منذ البعثة ‪ 610‬م ‪ -----‬حتى الهجرة إلى الحبشة‬

‫اذا تتبعنا سيرة موسى في التوراة نرى أنه بعد أن أخرج بني إسرائيل من‬
‫مصر ذهب بهم إلى برية سيناء ‪.‬وهناك أصعده الله إليه على جبل حوريب‬
‫‪.‬وعلى الجبل بين البروق والرعود ‪،‬والدخان والنار ‪،‬أوحى الله إلى عبده‬
‫الشريعة الموسوية وسلمه موجزها على "لوحي العهد " في الوصايا العشر‬
‫‪.‬ثم تاه الشعب أربعين سنة في الصحراء أتم فيها موسى تدريبهم على‬
‫توحيد الله ‪،‬وهيأهم لنشاء المة الجديدة والدولة الجديدة في الرض‬
‫الجديدة ‪.‬فالدين من توحيد وتشريع وطقوس واضح منذ اللحظة الولى‬
‫وظلت شريعة سيناء في كلماالعشر أعظم دستور أخلقي للبشرية على‬
‫مدى الدهور ‪.‬‬
‫وإذا استقرينا النجيل نرى أن الله يعلن في الردن بظهور رائع بعثة‬
‫المسيح الذي يسميه صوت جهير من السماء ‪" :‬هذا هو ابني الحبيب الذي به‬
‫سررت " مت ‪ 17: 3‬ثم يبدأ المسيح دعوته ‪،‬فيلتف حوله بعض التلميذ ‪،‬‬
‫وتتبعه الجموع من كل الجهات فيصعد بهم إلى جبل في الخليل ‪.‬وهناك في‬
‫العالي ‪،‬على عشب الربيع يلقي المسيح خطبته الولى التي تحوي دستور‬
‫النجيل الخالد ‪.‬فيه يعلن المسيح العقيدة الجديدة والشريعة الجديدة ‪،‬‬
‫والحياة المسيحية الجديدة ‪.‬وإذ الله أب خاص للمسيح وأب عام للبشر فهم‬
‫أبناء الله وأخوة بعضهم لبعض ‪،‬لذلك فالدين الجديد علقة أب بأبنائه وأبناء‬
‫بأبيهم السماوي ‪" :‬فكونوا كاملين كما أن أباكم السماوي هو كامل "مت ‪: 5‬‬
‫‪. 48‬وإذ الشريعة الجديدة محبة الله كأب والناس كأخوة ‪:‬وعلى هذا الساس‬
‫يطور وصايا الله العشر من العمال الخارجية إلى النيات والفكار "وإذن‬
‫فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم فافعلوه أنتم بهم ‪:‬فذلك هو الناموس‬
‫والنبياء " مت ‪ 12 : 6‬ثم طاف فلسطين من الشمال إلى الجنوب مرات ‪،‬مدة‬
‫ثلث سنوات تقريبا ً يعلم ويفسر هذا الدستور النجيلي ‪.‬‬

‫وها هو محمد الهاشمي القرشي ‪،‬بعد رحلت تجارية واستطلعية وبعد‬


‫انعكافات حنيفية نسكية مدة سنوات ‪،‬يُدعى "ليقرأ " الكتاب على العرب‬
‫‪:‬فلنقرأ الكتاب معه بصيغته الجديدة "القرآن " ‪ .‬وكان أول نزول للوحي‬
‫على محمد في غار حراء وتلقينه سورة القلم ؟ رؤيا ‪،‬لنه كان في سنة من‬
‫النوم ‪ . .‬ويفهم من مراجعة السيرة النبوية أنه كانت للوحي حالت ‪ . . .‬ولم‬
‫نر فيما بين أيدينا من مراجع ما يؤكد حالة تخاطب المباشر ‪ . . .‬وعن عائشة‬
‫‪" :‬من زعم أن محمدا ً رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية ؛ قالت " أو لم‬
‫تسمعوا ربكم يقول ‪":‬وما كان لبشر أن يكلمه الله إل وحيا ً أو من وراء‬
‫حجاب أو يرسل رسول فيوحي بإذنه ما يشاء " كانت الطريقة الولى من‬
‫نصيب عيسى والثانية من نصيب موسى والثالثة طريقة محمد ‪.‬ويذكر‬
‫المفسرون روايات على أن رؤية ملك الوحي كانت بالعين ؛ولكن التأمل‬
‫في آيات (النجم والنعام ) يدل على أن الرؤية كانت باللهام بدليل قوله ‪" :‬‬
‫ما كذب الفؤاد ما رأى " ورؤية الفؤاد غير رؤية العين بطبيعة الحال " ‪.‬‬
‫ولقد روي أن الدعوة بدأت سرية ‪ .‬وتواترت الروايات على أن محمدا ً قد‬
‫اتخذ له مركزا ً سريا ً منعزل ً في "دار الرقم بن أبي الرقم " يجتمع فيه هو‬
‫وأصحابه يقيمون الصلة ويتلون القرآن ‪.‬‬
‫ً‬
‫وهناك روايات تختلف على أوائل السور نزول تتنازع الفضل مطالع سور‬
‫العلق والقلم والمزمل والمدثر ‪" .‬ويصح أن تكون هذه قد نزلت وحدها‬
‫‪.‬ولبد أن تكون سور عدة قد نزلت قبل نزول بواقيها ‪ .‬وعلى هذا يمكن أن‬
‫يقال أن الخطوات الولى للدعوة كانت اتصال ً بالخصاء ‪ .‬ولقد روي فيما‬
‫روي أن ابدأت سرية إلى أن قوي السلم ونزلت آيتا الحجر ‪" :‬فاصدع بما‬
‫تؤمر واعرض عن المشركين " ‪.‬‬

‫دامت سرية الدعوة ثلث سنين تقريبا ً ‪.‬في هذه الثناء كانت تعتريه أزمات‬
‫نفسية حادة بلغت ذروتها في فترة فتور الوحي وانقطاعه عنه ‪.‬وقد ذكر‬
‫ابن إسحاق أن مدة انقطاع المحي كانت ثلث سنين ؛وفي قول ‪:‬أن المدة‬
‫سنتان ونصف ؛وفي قول ثالث أنها كانت أربعين يوما ً ‪.‬وفي قول رابع أنها‬
‫كانت خمسة عشر يوما ً ؛ وفي قول خامس أنها كانت أيام ‪ .‬ول يكاد التاريخ‬
‫الصحيح للسيرة النبوية في مكة يقف من أحداثها الثابتة إل على النزر‬
‫اليسير ‪ .‬ولعل أشد الفترات غموضا ً هي فترة انقطاع الوحي ‪ . . .‬ولقد قيل‬
‫أن النبي ضاق ضيقا ً شديدا ً بانقطاع الوحي عنه وأنه كان يهيم على وجهه‬
‫في الصحراء يناجي ربه ‪.‬وبلغ به المر مرة أن هم بإلقاء نفسه من قمة‬
‫جبل شاهق ‪.‬وقد انتهت هذه المحنة الشديدة بنزول سورة الضحى التي‬
‫تصف هذه الزمة النفسية ‪.‬ويفهم من هذا الظرف الذي نزلت فيه هذه‬
‫السورة كانت الثالثة (ل بل العاشرة أو الحادية عشر ة ) أي حين كان عمر‬
‫النبي ثلثة وأربعين عاما ً أو نحوها ‪".‬ولم ينقطع الوحي ولم يفتر طويل ً إل‬
‫هذه المرة " ‪.‬‬
‫أن "أول سورة أعلنها محمد بمكة كانت سورة النجم "(التقان ج‪ 1‬ص ‪) 25‬‬
‫وهي الثانية والعشرون في تاريخ التنزيل ‪:‬اذن ماقبلها كان من الدعوة‬
‫السرية ‪.‬وفي إعلن أول سورة من القرآن جاء حديث الغرانيق (النجم ‪. ) 20‬‬
‫ثم جاءه المر ‪":‬وانذر عشيرتك القربين " فصار يطوف جهرا ً على أقربائه‬
‫يدعوهم ‪.‬وتوسع في الدعوة كما أمر أخيرا ً "فاصدع بما تؤمر واعرض عن‬
‫المشركين "‪.‬وهكذا "بدأ محمد تبليغ دعوته في العام الرابع للبعثة "وبدأت‬
‫قريش بالمقاومة على أنواعها حتى انتهوا مع جماعة محمد القليلين‬
‫بالهجرة إلى الحبشة المسيحية ‪،‬في السنة الخامسة أو السادسة للبعثة‬
‫المحمدية ‪.‬‬
‫وسنرى أن العهد الول المكي (‪) 615-610‬مدة خمس سنين ونيف ما بين‬
‫البعثة والهجرة إلى الحبشة كان دعوة ليوم الدين ‪،‬في معرض المطالبة‬
‫بالصلح الجتماعي ‪ .‬وكان اسلوبها طريقة القسام الغريبة القومية‬
‫‪.‬ويظهر على سور الدعوة القرآنية في هذه الفترة دلئل التأثير المسيحي‬
‫الكثرية المشركة في مكة كانت اقلية كتابية في مجموعها مسيحية ‪،‬انتمى‬
‫إليها محمد يدعو بدعوتها حتى بلغ الذروة في سورة مريم التي حملها‬
‫أصحابه معهم إلى الحبشة النصرانية يتوددون بها إلى النجاشي بوحدة‬
‫اليمان التي تجمعهم ‪.‬‬

‫ســور العهد الول بمكــة‬

‫ومطلعها "إقرأ " دعوة‬ ‫‪96‬‬ ‫الســـورة الولى ‪ :‬العــلق ورقمها بالمصحف‬
‫محمد للقراءة ‪.‬‬
‫كان ذلك في الغالب سنة ‪610‬م ويقولون أنها سورة محكمة ل ناسخ فيها ول‬
‫منسوخ ‪.‬‬
‫تعليـــق ‪:‬‬
‫ليس في القرآن ما يمكن الستدلل به على أوليات القرآن نزول ً وكل ما‬
‫هناك روايات لسباب وظروف نزول آيات قرآنية تعد في تاريخ القرآن من‬
‫الوليات ‪.‬ومع أن أوثق الروايات وأكثرها اعتبارا ً وأخذا ً تذكر ان أول مانزل‬
‫من القرآن هو اليات الخمس من سورة العلق ؛فإن هناك روايات يذكر‬
‫بعضها أن هذا الول هو الفاتحة ‪.‬ويذكر بعضها أنه الضحى وبعضها يذكر أنه‬
‫اليات الولى من المدثر وبعضها يذكر أنه اليات الولى من المزمل ( محمد‬
‫عزة دروزة سيرة الرسول ج‪ 1‬ص ‪ ) 121‬فهناك خمس سور تتنازع مطالعها‬
‫أولية التنزيل ‪.‬‬
‫وسورة العلق التي بين أيدينا يمكن تقسيمها إلى أقسام من ‪: 5-1‬محمد‬
‫يُدعى إلى القراءة من ‪ 19 -6‬من زمن متأخر ‪،‬يدل على تغيير النظم‬
‫والفاصلة ‪.‬قيل نزل في عمه ابو جهل الذي نهاه عن الصلة في الكعبة ‪.‬‬
‫وأسباب النزول توحي بأن فيه ثلثة أجوبة على ثلث حملت من أحد الطغاة‬
‫(‪ 8-6‬ثم ‪ 16-9‬ثم ‪. ) 19-17‬‬
‫تعليــق ‪:‬‬
‫أل يوحي قوله "إقرأ " مرتين و"الذي علم " أن محمد كان يقرأ ويكتب ؟ أو‬
‫صار بهذه يقرأ ويكتب ‪" :‬إنه هو الكرم الذي كان من أهم نعمه عليه تعليمه‬
‫القراءة والكتابة ليهذب نفسه ويعلم ما لم يعمل (عبد المتعال الصعيدي‬
‫‪:‬النظم الفني في القرآن ص ‪ . . ) 356‬هل يوافق قوله خلق النسان من‬
‫علق جمع علقة وهي القطعة اليسيرة من الدم الغليظ ( الجللن ) – خلق‬
‫آدم من تراب أم خلق كل إنسان من نطفة ؟ وهل علم الله بالقلم الوحي‬
‫أم العلوم الطبيعية للنسان ك " خلق النسان من علق "؟ ‪ ،‬وقوله ‪":‬أن رآه‬
‫" أي رأى نفسه (الجللن ) ‪:‬تعبير غامض ‪ . . .‬ثم أن الوحي والتنزيل قذف‬
‫شفهي في روع النبي فما معنى قوله "إقرأ "‪ . . .‬علم بالقلم"؟ أل يوحي‬
‫بأنه يقرأ شيئا ً مكتوبا ً بالقلم ؟‬

‫بالمصحف "ما أنت بنعمة ربك‬ ‫الســـورة الثـانيــة ‪( :‬ن والقـلم )‪:‬ورقمها‬
‫‪68‬‬
‫بمجنون "‬
‫هذه السورة بها ستة أقسام من أزمنة مختلفة بمكة ‪.‬‬
‫من ‪ 7-1‬القسم الباكر ‪ :‬جواب على تهمتهم له بالجنون أي به جنَة ‪:‬خلقه‬
‫العظيم دليل العقل والهدى ‪.‬‬
‫من ‪ 16-8‬حملة من زمن متأخر على الوليد بن المغيرة لنه سمى القرآن‬
‫أساطير الولين ؛‬
‫من ‪ 33 -17‬قصة أصحاب جنة حرموا منها مساكين ‪،‬ويقولون أن هذه اليات‬
‫نزلت بالمدينة ‪.‬‬
‫من ‪ 47 -34‬قسم من العهد الثاني ‪ :‬هل الجنة للمسلمين أم للمشركين ؟‬
‫من ‪ 50 – 48‬قصة صاحب الحوت اصبر كما صبر يونس ؛‬
‫من ‪ 52 – 51‬يصف سحر بيان القرآن عليهم × ويرد على تهمة الجنون ‪.‬‬
‫نعــليق ‪:‬‬
‫نجد في اليات ‪ -47 – 37‬أن محمدا ً يفاضل المشركين ويفخر عليهم بدراسة‬
‫الكتاب وكتابة الغيب منه – وهل تتفق الية ‪ 45‬التي تقول "وأملي لهم أن‬
‫كيدي متين " شديد ل يطاق مع البسملة التي تستفتح السورة باسم‬
‫الرحمان الرحيم ؟وكيف يكلف بالسجود في الخرة من ل يستطيعه (آية ‪)42‬‬
‫ا‬

‫‪73‬‬‫الســـورة الثــالثــة ‪ :‬المزمــل ورقمها بالمصحف‬


‫جاء في التقان للسيوطي ‪ :‬أن أول السورة مكي ثم من ‪ 11 – 10‬مدني ثم‬
‫الية ‪ 20‬مدنية بأسلوبها الطويل ومضمونها( القتال)‪ .‬ولذلك قيل أن فيها‬
‫من الناسخ موضعان ومن المنسوخ ستة مواضع وهذه السورة تروي تطور‬
‫أوقات الصلة فقد بدأ بقيام الليل ثم بقيام الفجر ‪،‬ثم خفف عنه ثم نسخ‬
‫الليل في المدينة واكتفى بالصلوات الخمس النهارية بسبب ضرورات الحياة‬
‫والجهاد وهكذا بدأ راهبا ً وانتهى محاربا ً ‪.‬‬
‫تعلــيق ‪:‬‬
‫المزمل من بين السور الخمس الول في التنزيل _ لم يكن القرآن قد نزل‬
‫بعد فأي قرآن يدعى محمد إلى ترتيله ؟ هل يدعى إلى ترتيل "قراءة قرآن‬
‫بالسريانية والعبرية – من الكتاب المقدس حسب عادة النصارى إلى اليوم‬
‫في استفتاح تلوة أسفار الكتاب في الصلة "قراءة أو قرآن من سفر‬
‫النبي فلن " ؟ والية الولى "قم الليل إل قليل ً " نسخها قوله فيها "أو‬
‫انقص منه أو زد عليه " ثم نسخ هذا الناسخ بالية ‪ 20‬؛ أخرج الحاكم عن‬
‫عائشة أن التخفيف نزل بعد نزول صدر السورة بسنة وذلك حين فرض قيام‬
‫الليل في صدر السلم وفي المدينة نزل تخفيف على التخفيف ‪،‬وعن‬
‫عائشة أيضا ً ‪:‬افترض قيام الليل ثم نزل التخفيف "علم أن سيكون منكم‬
‫مرضى "فصار قيام الليل تطوعا ً بعد أن كان فرضا ً على الجميع ثم صار‬
‫نافلة للنبي وحده ‪ .‬أخيرا ً نسخت صلة النهار صلة الليل ‪.‬وحددت السنة‬
‫الصلوات الخمس النهارية فجاءت السنة تدل على أنه ل واجب إل تلك‬
‫الصلوات الخمس وهكذا فرض قيام الليل في مكة مثل الرهبان ونسخه في‬
‫المدينة وكذلك القول في قيام الليل لترتيل القرآن ‪ " :‬ورتل القرآن ترتيل‬
‫" نسخه بقوله ‪" :‬فاقرؤوا ما تيسر منه " ‪.‬‬

‫الســورة الــرابعة ‪ :‬المـــدثر وترتيبها في المصحف ‪74‬‬


‫فيها دعوة محمد إلى النذار ومطلعها وحده مبكر ‪،‬والقسام الخرى من‬
‫أزمنة مختلفة يدل عليها اختلف النظم والفاصلة ‪ .‬وهي سورة حكمة‬
‫وسياقها يدل على أنها سورتان الولى (من ‪ ) 30 -1‬والثانية (من ‪) 56 – 33‬‬
‫يفصل بينهما الية ‪ 31‬وهي مزيدة للتفسير ‪.‬‬
‫السورة الولى منها ‪:‬‬
‫من‪ 7-1‬دعوة النبي المدثر بالجلباب لستجلب الوحي"إلى مباشرة الدعوة ثم‬
‫وصف أخلقي للداعي‬
‫من ‪ 10 -8‬يوم الدين على الكافرين غير يسير ‪( .‬لحظ تغيير النظم ) ‪.‬‬
‫من ‪ 30- 11‬جملة مزدوجة على وليد بن المغيرة المخزومي ؟ (لحظ أيضاً‬
‫تغيير النظم والفاصلة ) – حملة لطيفة على عناده ضد القرآن (من ‪) 17 -11‬‬
‫ثم حملة عنيفة (من ‪ ) 30 – 18‬لنعته القرآن بالسحر ‪.‬‬
‫الية ‪ 31‬مزيدة لتفسير عدة ملئكة سقر وهي تختلف عن السورة بسياقها‬
‫ونظمها ‪،‬وفيها أيضا ً أن عدة ملئكة سقر تسعة عشر يستدرك فيقول "وما‬
‫يعلم جنود ربك إل هو "ويقرر بأن العدد كان للفتنة ‪.‬‬
‫السورة الثانية منها ‪:‬‬
‫من الية ‪ 37-32‬مطلع سورة مستقلة ‪:‬يقسم بالقمر والليل والصبح ‪.‬‬
‫من ‪ 50 -38‬سؤال أهل الجنة أهل سقر ما سلكهم فيها – (لحظ تغيير النظم‬
‫والفاصلة ) ‪.‬‬
‫من الية ‪ 56 – 51‬نفور أهل مكة من القرآن "كأنهم حمر مستنفرة فرت من‬
‫قسورة "وهذه اليات تعطي سبب نفور أهل مكة من القرآن أول أمرهم‬
‫لنه لم يكن صحفا ً منشرة مثل الكتاب الذي يتلونه أمامهم ؛الية فمن شاء‬
‫ذكره قيل نسخها قوله "وما تشاؤون إل أن يشاء الله " ‪.‬‬

‫الســـورة الخــامســة ‪ :‬الفاتحـــة وترتيبها في المصحف الولى (‪)1‬‬


‫الفاتحة والمعوذتان لم يعترف بهما ابن مسعود ولذلك جعلوهما فاتحة‬
‫القرآن وخاتمته وقد قال العلماء ومنهم فخر الدين الرازي وابن حجر‬
‫العسقلني في شرح البخاري واحمد وابن حيان والطبري وغيرهم أن ابن‬
‫مسعود كان ينكر كون الفاتحة والمعوذتان من القرآن وساءه جدا ً تغيير‬
‫المصاحف وزيادة هذه على مصحف عثمان ‪.‬مع ذلك لشك ان الفاتحة تمثل‬
‫صلة محمد مدى حياته بدليل أنها ظلت صلة أمته من بعده ‪.‬وفي طلب‬
‫محمد وأمته الهداية إلى الصراط المستقيم أبد الدهر سر مدهش بينما‬
‫الزبور يشكر الرحمن الرحيم على هداية موسى إلى صراطه (عرف موسى‬
‫طريقه) (مزمور ‪. ) 102‬‬
‫والفاتحة لها ‪ 25‬اسما ً منها أم الكتاب ‪،‬وأم القرآن ويكاد يتم الجماع على‬
‫أوليات الوحي‪،‬وعند الفاتحة يبدأ الخلف قيل أنها من أوائل النزول وقيل‬
‫أنها من المدينة ‪،‬وقيل نزلت مرتين ‪،‬مرة بمكة ومرة بالمدينة وقول رابع‬
‫أنها نزلت نصفين نصف في مكة ونصف في المدينة نقول بأنها مكية سوى‬
‫الية الخيرة "صراط الذين ‪" . . .‬فهي مزيدة من المدينة لما استقل محمد‬
‫عن أهل الكتاب – لن اسم الجللة فيها "الرحمان " ولهذا السبب عينه هي‬
‫من العهد الثاني بمكة بعد الهجرة إلى الحبشة حيث اسم الجللة الرحمان‬
‫ومنها انتقل إلى اليمن واليمامة حتى وصل الحجاز وبما انها تجمع في‬
‫بسملة واحدة اسماء الجللة عند العرب "الله الرحمان الرحيم "فهي من‬
‫زمن تطورت فيه الدعوة "من عشيرته القربين " إلى إيلف قريش والعرب‬
‫‪.‬وصيغة الجمع فيها "إياك نعبد " تعني أنها نزلت لما تألفت لمحمد جماعة‬
‫مؤمنة بحاجة إلى صلة جماعية ويرون أنها هي المعنية بهذا السم "السبع‬
‫المثاني " سورة الحجر آية ‪" 87‬ولقد آتيناك سبعا ً من المثاني والقرآن‬
‫العظيم " قال محمد هي الفاتحة كما رواه البخاري ومسلم وسياق الية‬
‫يجعلها تعدل القرآن كله ‪.‬وقد اختلفوا في هل تعد البسملة منها ‪:‬قال أكثر‬
‫أهل الكوفة سارت سبع آيات بالبسملة ؛وقال أكثر أهل المدينة هي سبع‬
‫آيات دون البسملة ‪،‬وقد نقل البيهقي عن الحسن ‪ :‬أنزل الله مائة وأربعة‬
‫كتب أودع علومها اربعة ‪:‬التوراة والنجيل والزبور والفرقان ؛ثم اودع علوم‬
‫التوراة والنجيل والزبور ؛الفرقان ثم أودع علوم الفرقان المفصل ثم اودع‬
‫عالمفصل فاتحة الكتاب فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع‬
‫الكتب المنزلة ‪.‬‬
‫ً‬
‫ومطلع السورة من الية ‪ 3-1‬فيها حمدا لله وثناء عليه بأسمائه وصفاته‬
‫ولفظ الرحمان هو اسم الجللة عند اهل الكتاب في شمال الجزيرة‬
‫وخصوصا ً في جنوبها وأدخله القرآن إلى الحجاز قال الطبري ‪ :‬زعم بعض‬
‫أهل الغباء أن العرب كانت لتعرف الرحمان ولم يكن ذلك في لغتها ولذلك‬
‫قال المشركون للنبي وما الرحمان ؟ أنسجد لما تأمرنا ( الفرقان آية ‪) 60‬‬
‫انكارا ً منهم لهذا السم قابل السراء آية ‪ 110‬وذهب المبرد وثعلب إلى أن‬
‫لفظ الرحمان عبراني وأصله بالخاء المعجمة (التقان ج‪ 1‬ص ‪ ) 140‬وقد ورد‬
‫فيالتوراة العبرية والسريانية والتلمود وانتشر بين العرب مع الدعوة الكتابية‬
‫‪.‬‬
‫اليات من ‪ 5-4‬فيها الصراط بالصاد المبدلة من السين التي هي الصل وعد‬
‫قراءة السين مخالفة للرسم والصل والصل في الصراط أيضا ً أن تكون‬
‫مؤنثة مثل كل اسماء الطريق وقد حكى النقاش وابن الجوزي أن الصراط‬
‫هوالطريق بلغة الروم (التقان ج‪ 1‬ص ‪ ) 140‬وهكذا فالفاتحة التي هي دعاء‬
‫إلى الله للهداية إلى الصراط المستقيم ‪،‬صلة كتابية لفظا ً ومعنى وتجدها‬
‫في المزمورين ‪ 148 ، 47‬من زبور داود واللذين كان يرددهما في صلتهم‬
‫في الحجاز ومكة اليهود والنصارى العرب ‪.‬‬
‫اليات من ‪ 7-6‬زيدتا على الفاتحة من المدينة عندما استقل محمد عن أهل‬
‫الكتاب قال الجللن "المغضوب عليهم هم اليهود والضالين هم النصارى "‬
‫ونكتة البدل إفادة أن المهتدين ليسوا يهودا ً ول نصارى ‪ ،‬والله اعلم‬
‫بالصواب " وفات الجللين أن القرآن يأمر محمد أن يقتدي بهدى أهل‬
‫الكتاب مثل آية النعام ‪ 90، 89‬والتي تقول ‪":‬أولئك الذين آتيناهم الكتاب‬
‫والحكم والنبوة ‪ " . . .‬أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده " فكيف يمكن‬
‫أن يصفهم بهذه الصفات ؟ والفاتحة مكية وفي مكة كانت الوحدة تامة بين‬
‫المسلمين والكتابيين وقد آمن معهم بما أنزل الله من كتاب كما جاء في‬
‫سورة الشورى آية ‪ 15‬والتي تقول ‪ " :‬فلذلك فادع واستقم كما أمرت ول‬
‫تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم ‪" . .‬‬
‫لذلك يرفض البيضاوي التفسير المرفوع بأن المغضوب عليهم اليهود‬
‫والضالون النصارى "ويتجه أن يقال ‪:‬المغضوب عليهم العصاة والضالين‬
‫الجاهلون بالله ‪.‬‬

‫الســورة السـادسـة ‪ :‬المسد أو تبت يدا وترتيبها في المصحف ‪111‬‬


‫دعاء على عمه أبي لهب ‪،‬وعلى زوجه أم جميل أخت أبي سفيان حمالة‬
‫الحطب والسورة محكمة ‪.‬‬

‫‪81‬‬‫الســورة الســـابعـة ‪ :‬التــكوير وترتيبها في المصحف‬


‫هي سورة من سورتين يدل عليهما اختلف النظم والفاصلة وفيها من‬
‫الناسخ موضع ومن المنسوخ موضع الولى منها ‪ :‬من الية ‪ 14-1‬تصور‬
‫مشهد الكون يوم القيامة والحساب على العمال والية ‪ 5‬التي تقول "وإذا‬
‫الوحوش حشرت " أي جمعت بعد بعثها ‪ :‬هل هذا تعليم على بعث الوحوش‬
‫وحشرها يوم الدين ؟ ووصف يوم الدين في هذه السورة يشبه وصفه في‬
‫سفر الرؤيا حيث جاء في السفر "والشمس قد اسودت كمسح الشعر‬
‫والقمر كله صار مثل الدم وتساقطت كواكب السماء على الرض (رؤ ‪:6‬‬
‫‪ ) 12‬كأن جبل ً عظيما ً متقدا ً بالنار ألقي في البحر (رؤ‪ )8: 8‬وأدرجت السماء‬
‫كما يطوى السفر (‪ ) 14 :9‬وكل جبل وجزيرة تزحزحا عن موضعهما (رؤ ‪: 6‬‬
‫‪ ) 17‬ومقابل ذلك (مت ‪. )29 : 24‬‬
‫الثانية منها ‪ :‬اليات من ‪ 29 – 15‬جواب على تهمة الجنون فيقسم بالخنس‬
‫والليل والصبح أن قرآن الحساب قول رسول كريم رآه بالفق المبين ل‬
‫قول جنة أو شيطان ‪.‬وهذا يخالف الحديث الصحيح في البخاري ومسلم ‪:‬من‬
‫حلف بغير الله فقد أشرك " ‪.‬‬
‫الســـورة الثـامنــة ‪ :‬سورة العــلى وترتيبها في المصحف‬
‫‪87‬‬
‫فيها من الناسخ موضع ول منسوخ فيها ‪.‬‬
‫اليات من ‪ 5-1‬يدعى محمد لتسبيح الله باسم العلى الذي من علمات علوه‬
‫أنه "أخرج المرعى " ؛لحظ جمع الهدى والمرعى والرب العلى ترجمة‬
‫أخرى لتعبير "الله أكبر " اسم إله التوحيد عند الساميين وقد دخل الحجاز‬
‫عن العبرية بطريق السريانية ‪.‬‬
‫اليات من ‪ 8 -6‬مقطع معترض من زمن متأخر ‪:‬نسيان النبي لبعض القرآن‬
‫ويقول البيضاوي ‪":‬سنقرئك فل تنسى " على لسان جبريل أو سنجعلك‬
‫قارئا ً بإلهام القراءة ويتضح من هذه الية أن محمد كان أو صار يقرأ ويعرف‬
‫القراءة وهذه الية ناسخة لقوله "ل تعجل بالقرآن قبل أن يقضى إليك‬
‫وحيه ‪.‬‬
‫اليات من ‪ 17 – 9‬فيها أنه يدعى إلى التذكير بأنه أفلح من صلى وأن الخرة‬
‫خير وأبقى هذا هو كل الوحي الجديد ‪،‬ومصدره صحف إبراهيم وموسى‬
‫يجمع فيها بين الحنيفية والكتاب ‪.‬‬

‫‪92‬‬‫الســورة التــاسعة ‪ :‬سورة الليل وهي محكمة وترتيبها في المصحف‬


‫فيها يقسم بالليل والنهار وخالق الذكر والنثى أن المحسن لليسرى‬
‫والبخيل للعسرى هي دعوة إلى الحسان وهي محكمة وهذه أول دعوة‬
‫للصلح الجتماعي وقيل نزلت في أبي بكر الصديق الذي أعتق بلل ً من‬
‫الضطهاد فهو التقى ومضطهد بلل هو الشقى ‪ . . .‬في الدعوة القرآنية‬
‫البأولى يفضل اسم الجللة العلى مثل ما جاء في سورة الليل آية ‪ 20‬التي‬
‫تقول ‪":‬إل ابتغاء وجه ربه العلى " وهي لغة من العلي مثل الكبر لغة من‬
‫الكبير وفي هذه السورة يجمع بين القسم بالخالق والقسم بالمخلوق الليل‬
‫والنهار ويستعمل " ما " الموصول للخالق ‪.‬‬

‫‪89‬‬ ‫الســورة العــاشـرة ‪ :‬الفجــر وترتيبها في المصحف‬


‫هذه سورة صغيرة من سور أو مقاطع سور متعددة يدل عليها اختلف‬
‫النظم والفاصلة وهي محكمة اليات من ‪ 5-1‬من سورة أولى ‪:‬يقسم بالفجر‬
‫وليال عشر ويسقط الجواب ‪.‬‬
‫اليات من ‪ 14-6‬من سورة ثانية قصص مقتضب من زمن متأخر ‪:‬عاد وثمود‬
‫وفرعون وفي الية ‪ 5،6‬يقول ‪" :‬ألم تر كيف فعل ربك بعاد ‪ .‬إرم ذات العماد‬
‫" إرم هنا اسم قبيلة أم إسم بلدة ؟ وإرم مضاف إليه أم بدل أم عطف‬
‫بيان ؟ والقراءة هل هي إرم أم أرم ؟ قال البيضاوي ‪":‬عاد يعني أولد عاد‬
‫بن عوص بن ارم بن سام قوم هود سموا باسم أبيهم ‪ .‬ارم ‪ :‬عطف بيان‬
‫لعاد على تقدير مضاف أي سبط ارم أو أهل ارم إن صح انه اسم بلدتهم‬
‫قيل بني شداد بن عاد على مثال الجنٌة ‪،‬في بعض صحاري عدن ‪،‬جنة‬
‫وسماها ارم ؛فلما تمت سار إليها بأهله فلما كان منها على مسيرة يوم‬
‫وليلة بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا ؛وقيل خرج في طلب إبله‬
‫فوقع عليها "فالمعنى المقصود قبيلة عاد بن ارم وظاهر النص يعني بلدة‬
‫ارم ‪.‬ومواطن قبائل ارم بلد الشام أي بلد سام وقد تكون البلدة الموصوفة‬
‫مدينة الشام ما لم يكن مجهول ً والحجر لل ثمود تعرف بالبتراء كلمة معربة‬
‫عن اليونانية وأصلها بالعبرية "سلع " (سفر الملوك الثاني ‪ 7 : 14‬وأشعيا ‪16‬‬
‫‪ ) 1:‬وقوله جابوا الصخر بالواد كقوله "وتنحتون من الجبال بيوتا ً " ‪.‬‬
‫اليات من ‪ 16-15‬من سورة ثالثة ليس النعيم كرامة من الله ول الفقر إهانة‬
‫وهي تعليم إنجيلي مأخوذ من قوله ‪ " :‬طوبى لكم أيها السالكين فإن لكم‬
‫ملكوت الله ‪ . . .‬ويل لكم أيها الغنياء فقد نلتم عزاءكم " ( لوقا ‪) 24، 20 : 6‬‬
‫‪.‬‬
‫من سورة رابعة ‪:‬يستفتح بكل ‪:‬إكرام اليتيم وإطعام‬ ‫‪20‬‬ ‫اليات من ‪– 17‬‬
‫المسكين ‪.‬‬
‫مجموعة مزدوجة الفواصل المتنوعة المختلف في النظم‬ ‫‪30‬‬ ‫اليات من ‪– 21‬‬
‫‪.‬‬

‫الســورة الحادية عشــرة ‪ :‬الضحى وترتيبها في المصحف ‪ 93‬وهي تعزية‬


‫للنبي بعد فتور الوحي فبعد نزول عشر سور فتر الوحي وانقطع أياما ً أو‬
‫شهورا ً أو ثلث سنين بحسب الروايات المختلفة حتى فكر محمد أخيرا ً في‬
‫النتحار ؛فجاءته تعزية السماء والسورة من سورتين يدل عليهما اختلف‬
‫الموضوع والنظم والفاصلة وهي محكمة ‪،‬وفي أسباب النزول للسيوطي‬
‫ص ‪ 54‬عن سبب فتور الوحي خبر غريب إذ يقول ‪ " :‬دخل جرو بيت الرسول‬
‫ومات تحت سريره قال الحافظ ابن حجر قصة ابطاء الوحي بسبب الجرو‬
‫مشهورة " ‪.‬‬
‫اليات من ‪ : 8-1‬سورة أولى ‪:‬يقسم الله بالليل والنهار أنه ما ترك نبيه‬
‫تشهد بذلك نعمه عليه وهذه اليات تصف حال محمد قبل البعثة ول نجد في‬
‫القرآن سواها وصفا ً لتلك الفترة وتدكر متابعة هداية محمد ‪" :‬ووجدك ضالً‬
‫فهدى " ‪ :‬أية هداية تقصد ؟ ‪ -‬كان محمدا ً قبل البعثة حنيفا ً أي موحداً‬
‫فلتقصد الية الهداية إلى التوحيد ‪ ،‬بل الهداية إلى اليمان الكامل بالكتاب‬
‫الذي نزل من قبل كما جاء في سورة الشورى آية ‪ 15‬إذ تقول ‪" :‬فلذلك‬
‫فادع واستقم كما أمرت ول تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب‬
‫‪ " . . .‬الذي يهدي به إلى صراط مستقيم كقوله في الشورى ‪ " 52‬وكذلك‬
‫أوحينا إليك روحا ً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ول اليمان ولكن جعلناه‬
‫نورا ً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم " بدليل‬
‫قوله أيضا ً في المر الصريح له ان يهتدي بهدى أنبياء الكتاب كما في النعام‬
‫‪ " 90‬أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ‪ " . . .‬فالقرآن المكي كله يصرح‬
‫بأن هداية محمد في بعثته كانت إلى اليمان بالكتاب المقدس ‪.‬‬
‫اليات من ‪ : 11-9‬سورة ثانية فيها تأديب للنبي أن ل يقهر اليتيم ول ينهر‬
‫السائل وهذا عكس ما جاء في سورة القلم حيث يقول ‪ " :‬وإنك لعلى خلق‬
‫عظيم " ‪.‬‬

‫الســورة الـثانيـة عشــرة ‪ :‬سورة الشـرح وترتيبها في المصحف ‪. 94‬‬


‫سورة صغيرة في ثلث سور يدل عليها اختلف النظم والفاصلة وهي من‬
‫المحكمات من السور ‪.‬‬
‫اليات من ‪ 4-1‬سورة بدون مطلع كما جرت العادة ولذلك عد بعضهم الشرح‬
‫والضحى سورة واحدة ولعل الوزر الموجود في سورة الشرح سببا ً لفتور‬
‫الوحي في سورة الضحى سببا ً أصوب من قصة الجرو السخيفة ‪ .‬وفي قوله‬
‫‪":‬الم نشرح لك صدرك " أهو شرح مجازي للصدر أم شرح حقيقي واقعي ؟‬
‫سيرة ابن هشام رأت فيه شرحا ً واقعيا ً فكانت السطورة في شق الملك‬
‫صدر النبي وغسله بالثلج لتطهيره وهذا الفهم ينقضه القرآن في قوله عن‬
‫كل مؤمن " شرح الله صدره للسلم " والية الثانية ‪":‬ووضعنا عنك وزرك‬
‫"تفسر معنى الشرح المجازي ‪ .‬وقوله ‪ ":‬ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض‬
‫ظهرك " ‪:‬ما هو هذا الوزر ؟ ‪ -‬هو ما ثقل عليه من فرطاته قبل البعثة‬
‫" (البيضاوي ) وهذا كقوله تعالى ‪ " :‬ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما‬
‫تأخر " (الجللن ) فالوزر قبل البعثة وبعدها في مكة والمدينة ‪.‬‬
‫اليات من ‪ 6-5‬مقطع مستقل ‪:‬إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا "‬
‫العسر كضيق الصدر والوزر المنقض للظهر عسرا ً تنكير للتفخيم والتعظيم‬
‫وعليه قول محمد ‪" :‬لن يغلب عسر يسرين " فإن العسر معرف فل يتعدد‬
‫سواء كان للعهد أو للجنس ويسرا ً منكرا ً يحتمل التعدد ويغاير ما أريد بالول‬
‫‪.‬‬
‫اليات من ‪ 8-7‬مقطع آخر مستقل ‪ :‬فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب "‬
‫ومعنى هذا كما يقول البيضاوي فرغت أي فرغت من التبليغ وقيل من‬
‫الغزو وقيل من الصلة فانصب بالعبادة والصلة ‪.‬‬

‫الســورة الـثالثـة عشرة ‪ :‬سورة العصر وترتيبها في المصحف‬


‫‪103‬‬
‫اليات من ‪ 2-1‬يقسم بالعصر أو الدهر على قراءة اخرى ‪.‬النسان لفي خسر‬
‫ان في مساعيهم – والتعريف للجنس والتنكير للتعظيم ‪.‬‬
‫الية ‪ 3‬إل الذين آمنوا ‪" . . .‬استثناء زيد من زمن آخر يدل عليه اختلف‬
‫النظم ‪.‬‬

‫‪100‬‬ ‫الســـورة الـرابعــة عشرة ‪ :‬سورة العاديات وترتيبها في المصحف‬


‫وهي فيها قسمان يختلفان نظما ً وقافية ‪.‬‬
‫اليات من ‪ 8-1‬يقسم الله بالخيل المغيرة وهذا منافي لما سبق وذكرناه أن‬
‫القل بد أن يكون بالله ‪":‬إن النسان لربه لكنود من طبعه الميل إلى الشر‬
‫والمتناع عن الخير ولندري ما وجه العجاز هنا في هذا القسم بالمقسوم‬
‫عليه ؟ وهل العجاز اللغوي في عطف الفعل "أثرن" على السم‬
‫"والعاديات " أو في رجع ضمير الجمع (إن ربهم ) إلى مفرد (أفل يعلم )؟‬
‫وهل العجاز النحوي في إضمار مفعول (أفل يعلم ) ؟وقال الجللن ‪" :‬‬
‫أعيد الضمير جمعا ً نظرا ً لمعنى النسان وهذه الجملة دلت على مفعول يعلم‬
‫أي ("أنٌا نجازيه ) ‪.‬‬

‫‪108‬‬‫الســـورة الـخامســة عشــرة ‪ -:‬سورة الكوثر وترتيبها في المصحف‬


‫وفيها ما هو مضاد أو متناقض مع خلق النبي الذي يقول " أدبني ربي‬
‫فأحسن تأديبي ‪،‬إذ أن السورة هي رد شتيمة على قائلها فقد عيره أحدهم‬
‫بعد موت ابنه القاسم ‪" ،‬بالبتر " أي المقطوع النسل فأجاب ‪ :‬أعطيناك‬
‫الكوثر فصلي لربك وانحر إن شانئك هو البتر أي معيرك هو البتر والسورة‬
‫محكمة ليس فيها من المتشابه شيء ‪.‬‬

‫الســــورة السـادسة عشـرة ‪ :‬اسورة التكاثر وترتيبها في المصحف ‪102‬‬


‫وهي حملة على تفاخرهم بنعيم الدنيا دون الخرة يأتي المجموع بفاصلة‬
‫والجواب بفاصلة أخرى مما يجعلهما سورتين في سورة واحدة ‪.‬‬
‫اليات من ‪ 2-1‬ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر ؛ هنا نجد المحافظة على‬
‫النظم رغم اختلف المعاني وهذا ما يضعف العجاز القرآني ‪.‬‬
‫اليات من ‪ 8-3‬جواب ملحق يؤكد خمس مرات لترون الجحيم وهي نفس‬
‫الية المقابلة للية ‪ 71‬من سورة مريم والتي تقول ‪ " :‬وإن منكم إل واردها‬
‫كان على ربك حتما ً مقضيا " والية ‪ 45‬من سورة الحجر فورود الجحيم أمر‬
‫مقضي حتى على المؤمنين وعلى الله ‪.‬‬
‫الســــورة الســابعـة عشرة ‪ :‬سورة الماعون وترتيبها في المصحف ‪107‬‬
‫وهي توحي بالكذب العملي في الدين ‪.‬‬
‫قال الجللن ‪":‬الثلث آيات الولى مكيوالبقية مدنية وهي من السور‬
‫المحكمة ‪.‬‬
‫اليات من ‪ 3-1‬نلمح الدعوة القرآنيت للصلح الجتماعي فلتزال الدعوة‬
‫أخلقية ‪.‬‬
‫اليات من ‪ 7-4‬سورة ثانية من المدينة ‪ :‬ويل للذين يغشون الكيل والوزن ‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫الســــورة الثـامنـة عشــرة ‪ :‬سورة الكافرون وترتيبها في المصحف‬


‫‪109‬‬
‫السورة هي جواب على سسؤال أو أو محاولة تحد سقط ولم يذكر وتأتي‬
‫هذه السورة مع سورة الفيل وقريش تروي أسباب النزول أن رهطا ً من‬
‫قريش أتوا محمدا ً فأغروه بالمال والنساء أن يتبعهم في دينهم عاما ً ويرجع‬
‫إلى دينه عاما ً "تعبد ما نعبد ونعبد ما تعبد ونشترك نحن وأنت في أمرنا كله‬
‫" فكانالجواب الول في الكافرون والجواب الثاني أسهل وأهون ‪:‬تحذير‬
‫على تهديدهم "بمثل أصحاب الفيل ثم يسمح ليلفهم بعبادة رب البيت ‪.‬‬

‫الســــورة التـاسعــة عشرة ‪ :‬سورة الفيل وترتيبها في المصحف ‪. 105‬‬


‫بعد أن أعلن محمد تبرأته من دينهم وشركهم أخذوا يهددونه فأجاب على‬
‫تهديدهم محذرا ً بمثل أصحاب الفيل والسورة أيضا ً جواب سقطت حادثته‬
‫المسببة إليه ‪ .‬وهذه السورة فيها كلمات غير عربية مأخوذة من لغة الفرس‬
‫مثل أبابيل ل مفرد لها ؛"وسجيل" الطين المطبوخ وهذا ما قاله الجللين ‪.‬‬

‫الســــورة العشــرون ‪ :‬سورة الفلق وترتيبها في المصحف ‪ 113‬في هذه‬


‫السورة يتعوذ محمد من شر الظلم ‪،‬ومن شر السواحر ‪ ،‬النفاثات في العقد‬
‫‪،‬ومن شر الحاسد ‪.‬‬
‫قيل بأن مصحف أبي ومصحف ابن مسعود لم يحويا المعوذتين ( الفلق‬
‫والناس ) وكان ابن مسعود يمحهما من المصاحف ‪ .‬واختلف في مكيتهما ‪.‬‬
‫وقيل في أسباب النزول للسيوطي أنهما نزلتا بالمدينة لما سحر اليهود‬
‫محمدا ً ‪،‬فتعوذ بهما فصحا من السحر ‪ .‬ولكن أسلوبهما المكي ظاهر ‪،‬وهما‬
‫على الغالب من فترة القسام والتعاويذ الغريبة في القرآن ولما يتخلص‬
‫محمد بعد من رواسب الماضي وأثقال بيئته إلى التوحيد الخالص ‪.‬‬

‫الســــورة الحـاديـة والعشرون ‪ :‬سورة الناس وترتيبها في المصحف‬


‫‪114‬‬
‫أي آخر المصحف وفيها يتعوذ محمد من شر الوسواس الخناس الذي‬
‫يوسوس في صدور الجنة والناس وتختلفان عن سائر القرآن بموضوعهما‬
‫ونظمهما مما يدع مجال ً لشبهة ابن مسعود في صحتهما ولذلك جعلوهما‬
‫في آخر المصحف ‪ . . .‬قال الجللن "من الجنة والناس " بأن للشيطان‬
‫الموسوس أنه جني وإنسي كقوله في سورة المائدة آية ‪ " 111‬شياطين‬
‫النس والجن " أو من الجنة بيان له ‪،‬والناس عطف عليه – تركيب الية‬
‫غامض يحتمل معاني شتى ‪:‬ول يفهم من هذه التعابير هللشيطان روح أم‬
‫جني أم إنسي ؛ قد يكون تعبير سورة المائدة مجازيا ً أما في سورة الناس‬
‫فهو موضوعي ‪:‬كيف يكون الشيطان جنيا ً وإنسيا ً وهو روح محض ؟‬

‫‪112‬‬ ‫الســــورة الثـانيـة والعشرون ‪ :‬سورة الخلص وترتيبها في المصحف‬


‫"قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوءًا أحد " ‪.‬‬
‫جاء في (أسرار التنزيل ) للبازري ص ‪: 231‬قيل المشهور في كلم العرب‬
‫أن الحد يستعمل بعد النفي و(الواحد ) بعد الثبات ‪:‬فكيف جاء هنا بعد‬
‫الثبات ؟ قلنا قد اختار أبو عبيد أنهما بمعنى واحد وأن غلب استعمال أحد‬
‫في النفي ‪ .‬ويجوز أن يكون العدول هنا عن الغالب رعاية للفواصل كما جاء‬
‫في التقان ج‪ 1‬ص ‪ 147‬وعندي أنه نقل تعريب اليهود العرب للتعبير‬
‫العبراني في صلة فاتحتهم كما وردت في التوراة في سفر التثنية أصحاح‬
‫‪ : 6‬والعدد ‪ " 4‬يهوه أحد" ويهوه تعني لفظا ً "هو الله " نميل إلى جعل‬
‫السورة من العهد الثاني بمكة ‪.‬ثم لماذا نكر صفة أحد وعرف صفة الصمد ؟‬
‫ربما للسبب ذاته ‪.‬هذا أول إعلن إيجابي عن التوحيد القرآني ‪.‬جاءت بعده‬
‫للحال ثورة المشركين عليه والعهد الول كان هذا العلن تصريحا ً عابراً‬
‫وهو موجه ضد المشركين ل ضد الكتابيين الذين كان معهم في مكة في‬
‫وحدة تامة ‪ .‬ونلحظ أن مطلع هذا العلن هو مطلهع صلة التوحيد في‬
‫التوراة التي كبنو إسرائيل يرددونها حيثما رحلوا وحلوا ‪ " :‬إسمع يا إسرائيل‬
‫الرب إلهك رب واحد " وفي اللغة العبرية والسريانية ولغة سورة الخلص‬
‫نجد اللفظ ذاته " رب واحد " ‪.‬‬

‫الســــورة الـثالثـة والعشرون ‪ :‬سورة النجم وترتيبها في المصحف ‪. 53‬‬


‫نقل السيوطي في اتقانه "ج‪ 1‬ص ‪" " 25‬أخرج الواحدي أن أول سورة أعلنها‬
‫محمد بمكة ‪ :‬النجم " إذن إلى الن كانت الدعوة سرية وإعلن التوحيد سلباً‬
‫في الكافرين وإيجابا ً في الخلص كلن سريا ً قبل نزول سورة النجم ‪.‬‬
‫والنجم سورة من ستة سور أو مقاطع مختلفة قد تجمعها الفاصلة‬
‫المتقاربة ‪،‬ولكن تختلف بالسلوب والنظم والموضوع وتمتاز هذه السورة‬
‫بإقحام آيات مدنية طويلة جدا ً ‪،‬على السياق الذي تتنافر معه بالنظم آية ‪، 23‬‬
‫‪. 32، 31‬‬

‫السورة الولى ‪:‬من اليات ‪ : 8 _ 1‬رؤيا "شديد القوى " بالفؤاد ‪،‬وهو بالفق‬
‫العلى ثم عند سدرة المنتهى ‪،‬والسؤال هنا هل كانت رؤيا ملك الوحي‬
‫بالبصر أم بالبصيرة ؟ شهادة ال"ما كذب الفؤاد ما رأى " تعني أنها كانت‬
‫بالخيال والبصيرة ‪.‬‬
‫أما سدرة المنتهى فقد أجمع المفسرون أن سدرة المنتهى في السماء‬
‫‪.‬ويقول المستشرق اليطالي "كيتاني " أنها عند جنة المأوى قرب مكة‬
‫وفي الكامل للهذلي أن قاب قوسين موضع قرب مكة (التقان ج‪ 1‬ص ‪24‬‬
‫سطر ‪ ) 9‬وهكذا تكون السماء الثلثة ‪ :‬قاب قوسين ‪،‬وجنة المأوى ‪،‬وسدرة‬
‫المنتهى أسماء أماكن على الرض في جوار مكة ل في السماء ويدل على‬
‫ذلك ما قاله البيضاوي أن قوله "نزلة أخرى " فعلة من النزول اشعارا ً بأن‬
‫الرؤيا في هذه المرة أيضا ً كانت بنزول ودنو ل بصعود ونزول ‪.‬‬

‫السورة الثانية ‪ :‬من اليات ‪ 25 -9‬حملة على اللت والعزى ومناة – قصة‬
‫الغرانيق جواب أول بعد قصة الغرانيق ‪ :‬ألكم الذكر وله النثى ؟ يقطعه‬
‫جواب ثان ربما من المدينة ‪ :‬إن هي إل أسماء ؛ ‪.‬‬
‫قصة الغرانيق ‪ - :‬قال ابن كثير في تفسيرسورة النجم أن النبي قرأ على‬
‫مجلس من قريش (أفرأيتم اللت والعزى ومناة الثالثة الخرى ) فألقى‬
‫الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى ففرحوا‬
‫بذلك " ويقول السيوطي " قال المشركون ‪:‬ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم‬
‫فسجد وسجدوا " وقال الحافظ ابن حجر ‪":‬كثرة الطرق تدل على أن للقصة‬
‫أصل ً " ‪ .‬والنص القرآني يتطلب جوابا ً على "أفرأيتم " ؛فالجملة مبتورة ل‬
‫جواب فيها للسؤال ربما كان الجواب فيها ما ألقاه الشيطان على لسانه ‪،‬‬
‫وهذا كله يضعف إعجاز القرآن وأنه منزل من عند الله لن الله كان عليه أن‬
‫يحكم آياته فكيف سمح للشيطان أن يلقي على محمد ما هو مشابه‬
‫للوحي ؟ ‪.‬‬

‫السورة الثالثة ‪ :‬من الية ‪ 30– 26‬حملة ثانية من زمن متأخر على المشركين‬
‫"الذين ل يؤمنون بالخرة " لجعل آلهتهم ملئكة ؛ ‪.‬‬

‫تشريع من المدينة ‪ :‬المحسنون هم الذين‬ ‫‪32‬‬ ‫–‬ ‫‪31‬‬ ‫السورة الرابعة ‪ :‬من الية‬
‫يجتنبون كبائر الثم والفواحش إل اللمم ‪،‬ل الذين يزكون أنفسهم ‪ :‬من‬
‫تقصد هل تقصد اليهود ؟‬

‫السورة الخامسة من الية ‪ : 56 -33‬سورة مستقلة ل تزر وازرة وزر أخرى ؛‬


‫ما سببها ؟ "والكثر أنها نزلت في الوليد بن المغيرة " والية " أن ليس‬
‫للنسان إل ما سعى " فيها أقوال منها من قال مع ابن عباس أن الية‬
‫منسوخة بقوله " والذين آمنوا واتبعتهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم‬
‫" ومنهم من قال أنها محكمة ‪.‬‬

‫السورة السادسة ‪ :‬من الية ‪ 63 – 57‬وهي سورة مستقلةبنظم مختلف‬


‫وفاصلة مختلفة ‪ :‬أزفت الزفة وهنا في سورة النجم يصرح مرتين بمصادر‬
‫القرآن ‪ :‬إنه جملة من زبر الولين (العلى) وتفصيل ً في صحف إبراهيم‬
‫وموسى (النجم ‪ ) 37‬لذلك فهو نذير من النذر الولى (نجم ‪. ) 56‬‬

‫الســــورة الـرابعـة والعشرون ‪ :‬سورة عبس وترتيبها في المصحف‬


‫‪80‬‬
‫وفيها تأديب النبي على عمل عمله ل يليق بنبي أن يعمله ‪.‬‬
‫هذه السورة مجموعة متفرقات كما يدل عليها تغيير القافية ‪.‬‬
‫من اليات من ‪ 10-1‬مقطع مستقل ‪:‬عبارة عن عتاب للنبي الذي عبس في‬
‫وجه أعمى وتولى عنه ‪،‬وتصدى لمن استغنى من صناديد قريش ‪.‬‬
‫اليات من ‪ 23 -11‬ثم من ‪ 42 – 38‬مقطعان تجمعهما وحدة القافية في سورة‬
‫مستقلة ‪:‬دعوة لليمان بهذه التذكرة عن يوم الدين ‪.‬‬
‫اليات من ‪ 31 – 24‬مقطع مستقل بقافية مختلفة ‪ :‬برهان القيامة مثل‬
‫النبات يخرج من الحب وبرهانه من خلق النسان من نطفة ‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫الســــورة الخامــسة والعشرون ‪ :‬سورة القدر وترتيبها في المصحف‬


‫‪97‬‬
‫في هذه السورة أول تصريح عن زمن نزول القرآن ‪ :‬إنا أنزلناه في ليلة‬
‫القدر وهي خير من ألف شهر وعن كيفية نزوله في هذه الليلة ‪:‬نزل‬
‫بواسطة الملئكة والروح كما يتنزلون بإذن ربهم من كلمر والسورة محكمة‬
‫‪.‬‬
‫في قوله أنزلناه في ليلة القدر لم يعود الضمير ؛على القرآن وليس من‬
‫قرينة لفظية أو معنوية تدل عليه في السورة كلها فهو مطلع مبتور – وما‬
‫هو سر نزول القرآن في الليل ؟ ولو كان في ليلة القدر إذ ليس في نزول‬
‫القرفي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ميزة لنه نزل مع ما ينزل‬
‫فيها من كل أمر "أي قضاء الله من خير وشر لتلك السنة " (الجللن ص‬
‫‪. ) 123‬‬
‫في الية ‪ 4‬اختلف النظم فيها عن سائر السور يدل على أنها فريدة من‬
‫زمن آخر ‪،‬يؤيد ذلك تعارضها مع الية ‪" : 5‬سلم هي حتى مطلع الفجر "‬
‫فكيف تكون ليلة القضاء بالشر أيضا ً إذ كل أمر من خير أو شر ينزل فيها ‪.‬‬
‫ولهم في تفسير نزول القرآن تفسيرا ً غريبا ً ‪ .‬قال الجللن ‪ " :‬نزل جملة‬
‫واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ثم نجمه جبريل‬
‫تنجيما ً أو نجوما ً على النبي مدة عشرين سنة ونيف ‪،‬فجعل لنزول القرآن‬
‫على محمد وسطاء ومراتب وأوقاتا ً مختلفة فأين العجاز في ذلك ؟ ‪.‬‬

‫الســــورة السادسـة والعشـرون ‪ :‬سورة الشمس وترتيبها في المصحف‬


‫‪91‬‬
‫اليات من ‪ 10-1‬تحريض بإقسام على الطريقة القومية وهل من العجاز أن‬
‫يقسم الخالق بالمخلوق مثل الشمس والقمر والليل والنهار والسماء‬
‫والرض والنفس وأن يقسم بسبعة أقسام لتوكيد أمر بديهي ؟ وأن تسقط‬
‫ل م القسم في قوله "قد أفلح " وهنا يقول الجللين ‪ :‬سقطت لم القسم‬
‫لطول الكلم – كأن لم القسم أطول من ثمانية آيات القسم ذاته ؛ويستعمل‬
‫(ما) بدل ً من (من) في باقي السماء والرض وخلق النفس ‪.‬‬
‫اليات من ‪ 16 -11‬فيها تحريض آخر بمثل قصة ناقة صالح وثمود وفي الية ‪8‬‬
‫‪:‬الله يلهم كل نفس فجورها وتقواها – فكيف تقدر النفس التي ألهمها الله‬
‫فجورها أن تتزكى وتتنقى ؟‬
‫ول يرد في هذا الذكر الول لقصة ثمود نبيهم صالح ثم الية ‪ 15‬لمن يرجع‬
‫الضمير ؟ هل للعائد إليه في عقروها أي الناقة كما يقتضي سياق الكلم أم‬
‫للسم المشتق الفعل دمدم ؟وفي الية ‪ 16‬أي عاقبة يخشى الله ‪:‬عاقبة‬
‫الناقة أم ثمود ام الدمدمة ؟ولم اختلف العائد في الضمائر المتعاقبة دون‬
‫قرينة تظهره ؟‬

‫الســــورة السـابعـة والعشرون ‪ :‬سورة البروج وترتيبها في المصحف ‪. 85‬‬


‫هذه السورة وحدة تامة بالنظم والقافية ‪،‬فاتحة وخاتمة ‪،‬ولكن يفصل فيها‬
‫بين قصة أصحاب الخدود وبين حديث جنود فرعون وثمود خبر فتنة‬
‫المؤمنين والمؤمنات الذي يختلف معنى ونظما ً وقافية ‪.‬‬
‫قصة أصحاب الخدود قصة مسيحية بحتة نزلت في نصارى نجران عندما‬
‫تنصروا غزاهم ذو نواس اليهودي من حمير فحفر أخدود ووضع الذين لم‬
‫يرتدوا إلى اليهوديت وأشعل فيهم النار وذلك سنة ‪ 523‬وقال بذلك‬
‫البيضاوي في تفسير سورة البروج وكان هذا الضطهاد سبب احتلل‬
‫الحبشة الثاني لليمن وتوجد في هذا الحدث ماعدا القرآن قصة حبشية‬
‫وأخرى سريانية وأخرى رومية ‪،‬فهذه السورة تدل على وحدة اليمان في‬
‫العهد الول بمكة بين محمد والنصارى فهو يعطي استشهادهم مثلً‬
‫للمسلمين ‪،‬وبطش الله بالمضطهدين عبرة للمشركين ‪،‬وما كان القرآن‬
‫ليذكر هذه القصة في العهد الثاني عندما كان يتعامل مع علماء اليهود‬
‫ويستشهد بهم ‪ ،‬وقيل جواب القسم "قتل أصحاب الخدود " على تقدير‬
‫"لقد قتل" والظهر أنه جواب محذوف ‪.‬وقد يفهم معنى "اليوم الموعود "‬
‫أنه يوم القيامة ولكن ما معنى "شاهد ومشهود " ؟‬
‫قوله ‪:‬هل أتاك حديث الجنود ة"فرعون وثمود " ما معنى هذا البدل "فرعون‬
‫وثمود " من الجنود ؟ وأصلها "هل أتاك حديث الجنود ‪،‬جنود فرعون وثمود‬
‫"؟‬
‫في اليات من ‪ 22 – 19‬الكفار يكذبون بهذا الحديث وهو قرآن مجيدفي لوح‬
‫محفوظ ‪ .‬وهنا نقول ما هو اللوح المحفوظ ؟ إنه معنى واحد في القرآن‬
‫والكتاب المقدس ‪.‬وتوسع مجازي في التلمود والحديث فكلمة لوح مأخوذة‬
‫من العبرية (المتوكلي ‪ :‬للسيوطي )‪.‬ولحظ دقة التعبير القرآني "هو لوح "‬
‫نكرة ل معرفة وتنص التوراة أن كلمات الله العشر كانت على لوح محفوظ‬
‫في التابوت ‪،‬لذلك فهي القرآن المجيد من التوراة المفضل على سواه من‬
‫الكتاب (تثنية ‪، 5-1 : 10‬قابل ملوك الول ‪ 9: 8‬والرسالة إلى العبرانيين ‪– 3 :9‬‬
‫‪ ) 4‬حقيقة اللوح المحفوظ كما جاءت بها التوراة والنجيل وجاء بها القرآن‬
‫أيضا ً "ذكر من معه ومن قبله " وتوسع اليهود في تلمودهم فقال رابي‬
‫شمعون بن لقيش في مدراش كاللوحان هم الوصايا العشر (خروج ‪– 24‬‬
‫‪ ) 12‬والوصية هي المشنه التي كتبت لتعلمهم الجمارا وقد أوحى بها الله‬
‫جميعا ً لموسى في سيناء " وزادوا أن الله قلق اللوح المحفوظ مع سبعة‬
‫أشياء يوم خلق العالم ‪ .‬وانتشر هذا القصص في البيئة الحجازية وانتقل إلى‬
‫الحديث فأضفوه على القرآن وجعلوا "لوحه في الهواء فوق السماء‬
‫السابعة ‪،‬طوله ما بين السماء والرض وعرضه ما بين المشرق والمغرب ؛‬
‫وهو من درة بيضاء ‪ .‬قاله ابن عباس (الجللن ) ‪.‬‬

‫وهي‬ ‫الســــورة الثــامنة والعشرون ‪ :‬سورة التين وترتيبها في المصحف‬


‫‪95‬‬
‫تصور حاللبشرية بعد خطية آدم ‪.‬‬
‫هنا يقسم الله بالتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد المين ‪،‬وتجانس‬
‫اللفاظ والقسام يقتضي تفسيالتين والزيتون بأنهما جبلن بالشام ‪،‬‬
‫بالرض المقدسة يقال لهما بالسريانية "طور تينا ‪،‬وطور زيتا "‬
‫( الزمخشري في الكشاف تفسير سورة التين ) والقسم بالجبال المقدسة‬
‫قسم كتابي مثل القسم بالكتاب المقدس قوله في سورة الطور ‪" :‬‬
‫والطور وكتاب مسطور " من هنا قالوا أنه يقسم بمهابط الوحي الثلثة‬
‫للنجيل والتوراة والقرآن ‪.‬‬
‫قوله ‪" :‬لقد خلقنا النسان في أحسن تقويم ‪.‬ثم رددناه أسفل سافلين "‬
‫فالله أقسم أنه خلق النسان في أكمل عقل ودين وعلم ‪،‬وذكر أنه انحرف‬
‫عن هذا فرده أسفل سافلين (النظم الفني في القرآن للباقلني ص‪) 355‬‬
‫أليس في هذا التعليم القرآني إشارة إلى تعليم النصرانية عن الخطية‬
‫الدمية السارية في الجنس البشري ‪،‬إذ تعريف النسان دليل الجنس كله ‪.‬‬

‫‪106‬‬ ‫الســــورة التاسعــة والعشرون ‪ :‬سورة قريش وترتيبها في المصحف‬


‫وفيها إباحة محمد لقريش أن يعبدوا رب البيت ‪.‬‬
‫على أثر إعلن القطيعة العربية لمحمد وقومه "لكم دينكم ولي دين " سورة‬
‫الكافرون وإعلن التوحيد الخالص كما جاء في سورة الخلص بدأت حملة‬
‫اضطهاد على المسلمين ستضطرهم إلى الهجرة إلى الحبشة النصرانية ‪.‬‬
‫فتساهل محمد مع إيلف قريش في عبادة رب البيت التي تقبل معنى‬
‫توحيديا ً ‪،‬وبقي هذا التساهل في سورة قريش ‪ .‬وكان قد تساهل معهم في‬
‫الستشفاع بالغرانيق العلى ‪،‬وهذا ل يأتلف مع التوحيد الخالص ‪،‬فسقط من‬
‫سورة النجم ‪ -.‬وقيل أن سورتي الفيل وقريش كانتا واحدة ‪.‬‬
‫هذه السورة تدلنا على مصدر زعامة قريش التجارية ووالدينية ‪:‬رحلة الشتاء‬
‫والصيف وعبادة رب البيت واسم رب البيت أسم يطلق أيضا ً على المعبود‬
‫عند النباط في كعبة ذي الشرى ؛ثم لم تالكعبة من الصنام فكيف يسمح‬
‫لقريش بعبادة رب الكعبة ؟ ‪.‬‬

‫الســــورة الثـلثـون ‪ :‬سورة القارعة وترتيبها في المصحف ‪. 101‬‬


‫هذه السورة تصور وزن العمال يوم القيامة فيوم القيامة هو نفسه يوم‬
‫القارعة والزفة ‪،‬والحاقة ‪،‬والصاخة وفيها يكون ميزان توزن به أعمال‬
‫الخير والشر ‪ .‬هذه السورة مثال على أسلوب من أساليب القرآن المكي‬
‫‪:‬الفخيم الحسي ‪،‬والتضخاللفظي ‪ .‬وصف القرآن ليوم الدين لم يتطور بعد ‪،‬‬
‫فالحساب وزن في ميزان لحسنات النسان وسيئاته ‪،‬ويقيصر العقاب على‬
‫(عيشة راضية أو نار حامية ) ‪.‬‬

‫‪75‬‬ ‫الســــورة الحـادية والثــلثون ‪ :‬سورة القيامة وترتيبها في المصحف‬


‫وفيها سؤال ‪ :‬أيان يوم القيامة ‪،‬وهي سورة من ست مقاطع بأداة استفتاح‬
‫مختلفة ‪،‬وقوافي مختلفة ‪.‬فهل هذه المقاطع بواقي سور سقطت ‪،‬أم هي‬
‫سورة من نظم جديد ؟‬
‫الحرف ل وكل في اليات " ‪ "20،26 ،12، 1،2‬أدوات استفتاح وجواب القسم‬
‫محذوف وفي اليات ‪ 16،19‬على من يعود الضمير ؟يقولون للقرآن مع أنه ل‬
‫ذكر له ؛ فغموض الضمائر يخلق عدم العجاز ‪.‬‬
‫‪104‬‬ ‫الســــورة الثانية والثـــلثون ‪ :‬سورة الهمزة ترتيبها في المصحف‬
‫وهي دعوة إلى الزهد وفي معرض ذم المال ‪.‬‬
‫وهي أيضا ً حملة على أكابر قريش المجرمين ‪" :‬ويل لكل همزة لمزة "‬
‫فلتقصد شخصا ً بعينه وتفهم هذه الجملة بعد فشل النبي في تساهله في‬
‫قصة الغرانيق وفي عبادة رب البيت وأسم الحطمة هو نفسه الهاوية كما‬
‫في القارعة ونار حامية وهي تقابل قول النجيل في لوقا‪” 6:24‬ويل لكم‬
‫أيها الغنياء " وويلت علماء الناموس كما جاء في مت ‪. 27‬‬
‫الســــورة الثـالثة والثـلثون ‪ :‬سورة المرسلت وترتيبها في المصحف ‪77‬‬
‫وفيها مطلعان مستقلن ألحقا بالسورة وعشرة مقاطع يستفتحها بالويل‬
‫للمكذبين وفي هذه الفترة تروض النبي على الخطابة لكن السورة من نظم‬
‫يختلف عن سوها ويقربها من الشعر المنثور مثل الية ‪" 15‬ويل يومئذ‬
‫للمكذبين " فهي تصلح لزمة لكل المقاطع ونحن نظنهما مطلعا ً لكل مقطع‬
‫بسبب وحدة الروي مع ما بعدها بخلف ما قبلها لذلك ترد بقبل آخر مقطع‬
‫ل بعده وأقسام الستفتاح في هذه السورة يعطي عنها البيضاوي ثلث‬
‫تفاسير والرازي والطبري خمسة زعندنا أن القسم يختلف كلما عطف‬
‫بالفاء وهذا المقطع مأخوذ من الزبور ‪ " :‬باركي يا نفسي الرب ‪ " . .‬الجاعل‬
‫الرياح رسل ً له (مزمور ‪ ) 103‬وفي اليات من ‪ 44– 40‬أول وصف قرآني‬
‫لسعادة السماء ‪ :‬انها أكل وشرب في جنة غناء ذات ظلل وعيون تختلف‬
‫عن صحراء الحجاز ‪.‬وقد يكون الوصف مجازيا ً لفهام العراب ‪.‬‬

‫الســــورة الرابــعة والثلثون ‪ :‬سورة ق وترتيبها في المصحف ‪ 50‬وهي‬


‫سورتان ممزوجتان من عهدين مختلفين تجمعهما مجانسة القافية فيها من‬
‫المنسوخ آيتان ‪ .‬أول السورة "ق والقرآن المجيد " مطلع مبتور تدل عليه‬
‫وحدة الروي والقسم ذاته وهنا نجد القسم بالقرآن مثل القسم بالكتاب‬
‫فهو من العهد الثاني كذلك الدعوت إلى التوحيد واسم الجللة الرحمان‬
‫وهل القسم بالقرآن المجيد قسم حقيقي ؟ قد يكون ذلك ولكن يومها لم‬
‫يجمع القرآن ولم تجر بعد عادة القسم به حتى يقصد القرآن ذاته ‪.‬بل هو‬
‫قسم كتابي ‪:‬كان اليهود يقسمون بالمقرا وهو كلمة قرآن بالعبرية فأخذ‬
‫عنهم الكلمة والقسم بها ‪ .‬في هذه السورة ظاهرتان جديدتان ‪:‬القسم‬
‫بالقرآن لول مرة وذكر الرحمن لول مرة ‪.‬‬
‫في اليات من ‪ 3-2‬نجد محمد إلى الن ليعتبر محمد ذاته سوى منذر أو مذكر‬
‫‪ ،‬والية ‪" 21‬بصرك اليوم حديد " تناقض قوله في سورة طه آية ‪" 124‬ومن‬
‫أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكى ونحشره يوم القيامة أعمى "‬
‫وتعارضها الية "خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي " ‪.‬‬
‫الية ‪ 39‬فيها ثلث منسوخات ‪" :‬فاصبر على ما يقولون " ‪ :‬نسخه بآية‬
‫السيف التي تقول ‪":‬جاهد الكفار والمشركين واغلظ عليهم " وقوله‬
‫"وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب " منسوخة بحديث‬
‫صحيح عن محمد من أنه ل يجب على أحد إل خمس صلوات نهارية ‪ .‬وقوله‬
‫"وأدبار السجود " بين العلماء فيه اختلف وقيام الليل للصلة دليل على‬
‫دوام التأثير المسيحي على محمد فالعادة مسيحية ل عربية ول يهودية ‪.‬‬

‫الســــورة الخـامسة والثلثون ‪ :‬سورة البلد وترتيبها في المصحف ‪. 90‬‬


‫في هذه السورة ثلثة أقسام بموضوع مختلف وقافية مختلفة وروي مختلف‬
‫‪.‬‬
‫اليات من ‪ 7-1‬يقول ‪ " :‬ل أقسم بهذا البلد ‪ .‬وأنت حل بهذا البلد ‪ .‬ووالد وما‬
‫ولد ‪ .‬لقد خلقنا النسان في كبد ‪،‬وقولهل أقسم ظاهر القول النفي وفي‬
‫سورة التين "يقسم بهذا البلد المين " ‪ :‬لذلك فهو يقصد القسم "فل "‬
‫زائدة وفيها لبس فما وجه الزيادة التي فيها إبهام ؟ نقول ليست زائدة بل‬
‫هي أداة استفتاح للتنبيه مثل "كل" ‪ .‬وقسمه بهذا البلد التي هي مكة ولم‬
‫تكن قد طهرت من الصنام بعد فهل يحل القسم التوحيدي بها ؟ إنما هي‬
‫ل أي مقيم‬‫عادة قومية جرى عليها ‪ .‬وقوله وأنت حل بهذا البلد "بمعنى حا ُ‬
‫والية معترضة ليحل القسم بعاصمة الشرك ‪ .‬ووالد وما ولد "‪:‬لحظ "ما"‬
‫للعاقل ومن هما ؟ قال البيضاوي الوالد آدم أو إبراهيم ‪،‬وما ولد ذريته أو‬
‫محمد ولشيء في التعبير يدل على هذا التفسير ‪ .‬إنما هو قسم مسيحي‬
‫عربي بالله وعيسى جرى فيه على عادة بعض قومه المسيحيين كما في‬
‫القسم بالبلد الحرام ‪:‬فجمع القسم المسيحي إلى القسم القومي وهذا من‬
‫دلئل التأثير المسيحي على بيئة محمد وعلى القرآن ‪.‬‬

‫‪86‬‬ ‫الســــورة السـادسـة والثلثون ‪ :‬سورة الطارق وترتيبها في المصحف‬


‫هذه السورة فيها قسمان بروي مختلف ‪،‬وفيها من المنسوخ موضع ول‬
‫ناسخ فيها ‪.‬‬
‫في قوله في هذه السورة " إنه لقول فصل وما هو بالهذل " لمن يعود‬
‫الضمير ؟ في انه – قالوا للقرآن ؛ والنص ليذكر سوى إمهال الكافرين ‪.‬‬
‫تنبيـــه ‪:‬‬
‫ليس الترتيب السابق للسور بقاطع فقد يختلف وقد تتداخل وينزل بعض‬
‫من سورة قبل بعض ‪.‬‬
‫بعض مقاطع من سور العهد الثالث بحسب ترتيب المسلمين ‪،‬هي من العهد‬
‫الول كما يدل عليها أسلوبها وموضوعها مثل ‪ :‬الصافات والجاثية والذاريات‬
‫والغاشية والطور والحاقة والنازعات والنفطار والنشقاق – خصوصا ً في‬
‫اليات التي يستفتحها بالقسام القومية ‪.‬‬

‫جاء في التقان (ج‪ 1‬ص ‪ ) 18‬أن سورة مريم مما حمل إلى الحبشة فقد صح‬
‫أن جعفر ابن أبي طالب قرأها على النجاشي – أخرجه أحمد في مسنده‬
‫"فهي ذروة التأثير المسيحي ‪ .‬لذلك فالسور مثل القمر وص والعراف‬
‫والجن ويس والفرقان وفاطر ومريم هي سور فترة انتقال من العهد الول‬
‫إلى العهد الثاني حيث يقدم الدعوة إلى التوحيد على الدعوة إلى يوم الدين‬
‫في أسلوب القصص القرآني الذي ظهر سحره في قصص سورة مريم ‪.‬‬

‫التقان في علوم القرآن جزء ‪ 1‬ص‪14‬‬


‫وفيه كان‬ ‫‪26-21‬‬
‫الستاذ عبد المتعال الصعيدي في كتابه ‪:‬النظم الفني للقرآن ص‬
‫العلويون يتوارثون مصحف علي‬
‫التقان في علوم القرآن ج‪ 1‬ص ‪ 63‬وقد سقط أول براءة مع البسملة‬
‫محمد عزة دروزة القرآن المجيد ص ‪68‬‬
‫التقان ج‪ 1‬ص ‪66‬‬
‫ابن الخطيب في الفرقان ص ‪، 46‬الصعيدي النظم الفني ص ‪7‬‬
‫محمد أبو زهرة ‪:‬مصادر الفقه السلمي‬
‫إبن أبي الصبع في المقدمة ص ‪22‬‬
‫التقان للسيوطي ج‪ 1‬ص ‪64‬‬
‫التقان ج‪ 1‬ص‪22‬‬
‫التقان ج‪ 2‬ص ‪38‬‬
‫من هذا التكلف الفصل الذي عقده السيوطي بعد فصله على علم المناسبة في "مناسبة‬
‫فواتح السور وخواتمها ج‪ 2‬ص‪ 111‬يذكرها بالنسبة إلى ترتيب السور الحالي على نسق‬
‫الطول والقصر ل على حسب الترتيب التاريخي‬
‫ج‪ 1‬ص‪51‬‬ ‫التقان للسيوطي‬
‫التقان في علوم القرآن للسيوطي ج‪ 1‬ص ‪142‬‬
‫التقان ج‪ 1‬ص ‪178‬‬
‫الكشاف للزمخشري تفسير سورة القصص‬
‫التقان في علوم القرآن ج‪ 2‬ص ‪114‬‬
‫محمد صبيح في ‪:‬عن القرآن ص ‪36 -31‬‬
‫محمد صبيح ‪ :‬عن القرآن ص ‪37‬‬
‫السيوطي في التقان ج‪ 1‬ص ‪24‬‬
‫محمد عزت دروزة ‪:‬سيرة الرسول ج‪ 1‬ص ‪148‬‬
‫محمد صبيح ‪:‬عن القرآن ص ‪43 -40‬‬
‫دروزة ‪ :‬سيرة الرسول ج‪ 1‬ص‪122‬‬
‫التقان ج‪ 1‬ص‪12‬‬
‫التقان ج‪ 2‬ص ‪106‬‬

‫تعليــــق على العــهد الول بمكـــة‬

‫أوائل الدعوة عند كل نبي ذات قيمة فريدة لنها تدل على بواعث تلك‬
‫الدعوة ‪،‬وعلى أهدافها الولى وعلى موضوعها الساسي ‪ .‬وهذا التعليق‬
‫على العهد الول بمكة يتناول أسلوب القرآن الول وموضوعه وصلته‬
‫بالكتاب الذي نزل من قبل ‪.‬‬
‫قال البيهقي عن الحسن في (شعب اليمان ) ‪" :‬أنزل الله مئة وأربعة‬
‫كتب ‪،‬أودع علومها أربعة ‪:‬التوراة والزبور والنجيل والفرقان ‪.‬ثم أودع علوم‬
‫التوراة والزبور والنجيل ‪:‬الفرقان – ثم أودع علوم الفرقان ‪:‬المفصل ثم‬
‫أودع علوم المفصل ‪:‬الفاتحة ؛فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير‬
‫جميع الكتب المنزلة "‪.‬‬
‫وروى وائلة عن النبي قال ‪" :‬أعطيت مكان التوراة السبع الطوال ‪،‬ومكان‬
‫الزبور المئين ‪،‬ومكان النجيل المثاني ‪،‬وفضلت بالمفصل " ‪.‬‬
‫فالفصل يعني سور القرآن القصيرة وأكثرها في العهد الول بمكة ‪،‬وبه‬
‫فضل النبي المي على سائر النبياء ‪،‬والقرآن على سائر الكتب المنزلة من‬
‫التوراة إلى الزبور إلى النجيل‪،‬لنه كما يقولون أودع جميع علومها فقام‬
‫مقامها ‪.‬‬
‫وها نحن قد استقرينا ستا ً وثلثين سورة من بينها الفاتحة ‪،‬وجميعها من‬
‫أوائل ما نزل من القرآن ‪:‬فهل وجدت في هذه السور ‪،‬وفي هذا المفصل‬
‫علوم التوراة والزبور والنجيل ؟ بل هل وجدت فيها ما يميز القرآن المكي‬
‫من قصص ‪،‬وما يميز القرآن المدني من تشريع ؟‬
‫فليس فيها من عقيدة جديدة ؛‬
‫وليس فيها من شريعة جديدة ؛‬
‫وليس فيها من دين جديد بتعليمه أو بطريقته ؛‬
‫قال الشيخ سيد قطب في كتابه التصوير الفني للقرآن ص ‪ " : 21‬وإننا‬
‫لننظر فلنجد فيها إل القليل من تلك الغراض التي يراها الباحثين أكبر‬
‫مزايا للقرآن ‪:‬إننا اذا استثنينا اشارة سريعة إلى خلق النسان من نطفة ‪،‬‬
‫وتنويع الشكال واللوان في سورة فاطر ‪،‬وخلق النسان من ماء دافق‬
‫يخرج من بين الصلب والترائب في سورة الطارق ‪ ،‬لنجد علوما ً كونية في‬
‫هذه السور على وجه الجمال ‪.‬وكذلك لنجد التشريع ‪.‬ولنجد النبوات ‪.‬ولكننا‬
‫نجد في هذه السور كما نجد في سواها من السور المدنية والمكية على‬
‫السواء مثال لذلك الجمال الفني الذي ضربنا عنه المثال ‪.‬‬
‫جمالها الفني رائع لينكر ‪.‬ولكن هل الجمال الفني والعجاز البياني هو‬
‫الدين النهائي ‪،‬والحقيقة الخالدة والشريعة المنقذة التي كانت البشرية‬
‫تنتظرها ‪،‬على فترة من الرسل ‪،،‬وبعد المسيح والنجيل ‪،‬من "خاتمة النبياء‬
‫والمرسلين " ‪.‬‬
‫لقد كانت البشرية تنتظر في مطلع القرآن ‪،‬الجامع لعلوم التوراة والنجيل‬
‫والزبور اعلن دستور ايمان ‪،‬وشرعةأخلق أسمى مما جاء به موسى في‬
‫"الكلمات العشر " في بدء التنزيل في سيناء ‪.‬وستبقى شرعة الخلق‬
‫النسانية مدى الدهر ‪.‬‬
‫كانت البشرية على فترة من الرسل والمسيح تنتظر في "المفصل" و‬
‫"الفاتحة " – اللذين بهما فضل النبي العربي عمن سواه من المرسلين –‬
‫إيمانا ً جديدا ً يجدد علقات الخالق بالمخلوق ‪،‬والمخلوق بالخالق ‪،‬وأخيه‬
‫المخلوق ‪،‬أفضل من الدعائم التي وضعها المسيح في خطابه الول‬
‫التأسيسي على الجبل فقد ختم المسيح أنبياء الكتاب بإعلن دين جديد ‪،‬‬
‫مبني على عقيدة جديدة وشريعة جديدة وحياة دينية جديدة ‪:‬علم ان الله ‪،‬‬
‫ن لله‬ ‫فوق كل صفاته أب للنسان ‪،‬والنسان بعد المسيح ليس عبدا ً بل هو إب ُ‬
‫؛فحول الدين الذي هو علقة المخلوق بالخالق من علقة عبد بسيده الخالق‬
‫إلى علقة الب الذي في السماوات بأبنائه الذين على الرض ؛وعلقة‬
‫النسان بالله إلى علقة ابن بأبيه السماوي ‪.‬لذلك فالشريعة التي تربط‬
‫المخلوق بالخالق أو المخلوق بأخيه المخلوق هي شريعة المحبة البنوية‬
‫والخوية ‪:‬فجعل المحبة روح التشريع النجيلي منذ أول عظة ‪ .‬وصهر الحياة‬
‫المسيحية كما في فاتحة النجيل "أبانا الذي في السموات " ‪ :‬بأن يتقدس‬
‫اسم الله الب فينا ‪،‬وأن يأتي ملكوته فينا ‪،‬وأن تكون مشيئته فينا ‪،‬وذلك‬
‫كله كما في السماء كذلك على الرض ؛ وأسس الحياة الدينية الجديدة على‬
‫اليمان بهذه البوة ال لهية ‪،‬وهذه البنوة النسانية ؛ وعلى العمل بهذه‬
‫المحبة البنوية لله ‪،‬والخوية للنسان كل إنسان ‪ .‬وأعطى مثال الحياة‬
‫المسيحية النجيلية المبنية على تلكما العقيدة والشريعة ‪،‬هاتين القاعدتين‬
‫ن كونوا كاملين كما أن أباكم السماوي هو كامل‬ ‫الذهبيتين ‪" :‬فأنتم إذ ً‬
‫" (مت ‪" ) 48 : 5‬وإذن كل ماتريدون أن يفعل الناس بكم فافعلوه أنتم أيضاً‬
‫بهم ‪:‬فذلك هو الناموس والنبياء "(مت ‪ ) 6:12‬فهل في " المفصل"ما يغني‬
‫عما في النجيل أو ينسخه كما يقولون ؟وهل "الجمال الفني " في "‬
‫المفصل" أفضل وأجمل من الحياة الدينية التي يدعو اليها النجيل ؟ ‪.‬‬
‫فاتحة القرآن تحمد الله على أنه رب العالمين ‪ ،‬الرحمان الرحيم ‪،‬ملك يوم‬
‫الدين وفاتحة "النجيل " تقول ‪" :‬أبانا الذي في السموات " تصف الرحمن‬
‫الرحيم أنه "أبانا" وتصف رب العالمين وملك يوم الدين أنه "الذي في‬
‫السموات " أي ربا ً على العالمين وسيدا ً يوم الدين ‪.‬‬
‫فاتحة القرآن تطلب الهداية إلى الصراط المستقيم ‪.‬وفاتحة النجيل تطلب‬
‫وتفصل أن "يتقدس اسم الب السماوي ‪،‬ويأتي ملكوته " وتكون مشيئته –‬
‫كما في السماء كذلك على الرض "‪ .‬أجل فاتحة القرآن رائعة ولكنها ل‬
‫تغني عن فاتحة النجيل ‪.‬فالقرآن تصديق وتفصيل للنجيل وليس ناسخا ً أو‬
‫مكمل ً له ‪.‬‬
‫وهذا ما حمل العلمة بشئون وتاريخ الديان جولد تسيهر في كتابه العقيدة‬
‫والشريعة في السلم ص‪ 5‬ترجمة علماء الزهر على القول ‪" :‬محمد لم‬
‫يبشر بجديد من الفكار ‪،‬كما لم يمدنا أيضا ً بجديد فيما يتصل بعلقة النسان‬
‫بما هو فوق حسه وشعوره وباللنهاية ‪،‬وقد علق علماء الزهر عليه بالقول‬
‫‪ :‬جاء على فترة من الرسل وغواية وعمى من المم والناس في شرك‬
‫وعبادات باطلة فهدى الناس وسن لهم الله على لسانه بما أوحى إليه ما‬
‫كان فيه شفاء لهم وإخراج لهم من الظلمات إلى النور " ونقول ‪ :‬إن هداية‬
‫الناس عمل عظيم ‪،‬ولكن هل في الهداية هدى جديد ؟هذا ما يعنيه جولد‬
‫تسيهر ‪ .‬لكن هذا وذاك لينقصان من القيمة النسبية للقرآن وطرافته‬
‫الدينية ‪.‬‬
‫وهكذا فليس من جديد في الدعوة القرآنية الولى – كما يرى سيد قطب‬
‫وأمثاله – سوى الجمال الفني ‪.‬وهذا الجمال الفني المعجز ما هو أسلوبه ؟ ‪.‬‬
‫اسلوب القرآن المكي الول يمتاز بعدة طرائق ‪:‬منها المناداة مثل قوله في‬
‫المزمل ‪:‬يا أيها المزمل " وقوله في المدثر " يا أيها المدثر " ؛ومنها‬
‫السؤال بأنواعه البيانية ‪ :‬مثل قوله "أرأيت الذي يكذب بالدين " ؟ألم تر‬
‫كيف فعل ربك بأصحاب الفيل "‪" . .‬وما أدراك ما القارعة " ؟ ‪" . .‬وما أدراك‬
‫ما الحاقة " ؟ "وما أدراك ما ليلة القدر " ؟ ؛ ألم يعلم بأن الله يرى " ألخ ‪.‬‬
‫ولكن اسلوب السور القرآنية الولى الذي يميزها عن سواها من كل العهود‬
‫هو تلك القسام القومية الغريبة ‪ :‬إنه يقسم بكل الشياء إل بإله التوحيد ‪.‬‬
‫وقد جاء في التقان للسيوطي ج‪ 2‬ص ‪ 106‬القسم في خمس عشرة سورة ‪:‬‬
‫أقسم فيها بالملئكة (والصافات صفا ً ) وسورتان بالفلك ( والسماء ذات‬
‫البروج ؛ والسماء والطارق ؛) وست سور بلوازمها ‪( :‬والنجم ؛ )قسم بالثريا‬
‫‪( ،‬والفجر ؛ ) بمبدأ النهار ‪( ،‬والشمس ؛ ) بآية النهار ‪( ،‬والليل ) بشطر‬
‫الزمان ‪( ،‬والضحى ؛ )بشطر النهار ‪ ( ،‬والعصر ؛ ) بشطر الخر ‪ ،‬أو بجملة‬
‫الزمان ؛ وسورتان بالهواء الذي هو أحد العناصر (والذاريات ؛) ( والمرسلت‬
‫؛) وسورة بالتربة التي هي منها أيضا ً وهي (والطور ؛ ) وسورة بالنبات‬
‫(والتين والزيتون ؛) وسورة بالحيوان الناطق وهي (والنازعات غرقا ً ؛ )‬
‫وسورة بالبهيم وهي ( والعاديات ضبحا ً ؛) ‪ .‬فهل من الجمال الفني‬
‫والعجاز اللهي أن يقسم الخالق بمخلوقاته ؟ ‪.‬‬
‫كانت عبادة العرب القدمين فلكية ‪،‬يعبدون الشمس والقمر والكواكب ‪،‬‬
‫ويخشعون لها ولمظاهلرها الباهرة من ليل ونهار وفجر وعصر وضحى‬
‫ومساء ‪ ،‬وكانوا يقسمون بها تقربا ً وزلفى ‪ .‬قال عن ملكة سبأ "وجدتها‬
‫وقومها يسجدون للشمس من دون الله " (سبأ ‪ ) 24‬ولما تحولوا من الوثنية‬
‫للشرك فالتوحيد ظلت رواسب الوثنية في تعابيرهم وأقسامهم ودخلت‬
‫الدب ولغة الكهان والعرافين ‪.‬ولما نزل القرآن الول اتبع النبي طريقة‬
‫قومه في الدب الديني ‪،‬فأقسم معهم ‪،‬وهو"أول المسلمين " بكل الخلئق‬
‫سوى الخالق ؛قال السيوطي في التقان ج‪ 2‬ص‪"، 135‬ان العرب كانت تعظم‬
‫هذه الشياء وتقسم بها فنزل القرآن على ما يعرفون "‬
‫لكن هل في اتباع طريقتهم الدبية في القسام الوثنية جمال السلوب‬
‫وكمال التنزيل ؟‬
‫جاء في النبيين على لسان أشعياء ‪" :‬إني أنا الله وليس آخر ؛بذاتي أقسمت‬
‫‪،‬ومن فمي خرج الصدق ‪،‬كلمة ل ترجع ‪ :‬إنها لي ستجثوا كل ركبة ؛ وبي‬
‫سيقسم كل إنسان " (أشع ‪ ) 23: 45‬فالقسم دليل اليمان والعبادة ‪،‬والقسم‬
‫بالله شهادة توحيد والقسم بغير الله انحراف عن التوحيد ‪.‬‬
‫ورد في رسائل الحواريين الملهمة ‪ " :‬إن الناس يقسمون بما هو أعظم‬
‫منهم ‪،‬وينقضي كل خصام بينهم بالقسم ‪ ".‬فإنه لما وعد الله إبراهيم ‪،‬إذ لم‬
‫يكن له أعظم يقسم به ‪،‬أقسم بنفسه ‪،‬قائل ً ‪ " :‬إني لباركنك بركة وأكثرك‬
‫تكثيرا ً " ( عب ‪ ) 13،14: 6‬فهذا هو الكلم الذي يليق بالخالق ‪.‬وكان المسيح‬
‫إذا أراد التوكيد والجزم يقول ‪ :‬الحق ؛ الحق أقول لكم ؛"(مت ‪ 18 : 5‬و‪ 26‬؛‪: 6‬‬
‫‪ 2‬و‪ ) 16‬او يكتفي بالتوكيد ‪" :‬أما أنا فأقول لكم " فهذه هي القسام التي‬
‫تليق بالخالق ‪.‬‬
‫ً‬
‫لذلك حرم المسيح كل قسم إل بالله ‪ " :‬أيضا سمعتم أنه قيل للقدماء ‪:‬ل‬
‫تحنث ‪،‬بل اوف للرب أقسامك ‪ .‬وأما أنا فأقول لكم ل تحلفوا البتة ‪،‬ل‬
‫بالسماء لنها كرسي الله ‪،‬ول بالرض لنها موطيء قدميه ‪،‬ول بأورشليم‬
‫لنها مدينة الملك العظيم ‪ .‬ول تحلف برأسك ‪،‬لنك ل تقدر أن تجعل شعرة‬
‫واحدة بيضاء أو سوداء ‪ .‬بل ليكن كلمكم ‪ :‬نعم نعم ‪،‬ل ل وما زاد على ذلك‬
‫فهو من الشرير ‪( .‬مت ‪.) 37 -33 : 5‬‬
‫قال أيضا ً جولد تسيهر بحسب ترجمة علماء الزهر ‪ " :‬لقد كانت السور‬
‫الولى في النزول على الشكل الذي تعود الكهان القدماء وضع نبوآتهم فيه‬
‫؛ ولو جاء في شكل آخر ‪،‬لما رضي أي عربي أن يرى فيه قرآنا ً موحى به من‬
‫الله " فأجاب سيد قطب في كتابه التصوير الفني في القرآن ص‪ 17‬قائل ً ‪:‬‬
‫"لننظر في السورة الولى سورة العلق ‪،‬إنها تضم خمس عشرة فاصلة‬
‫قصيرة ‪ ،‬ربما يلوح في أول المر أنها تشبه "سجع الكهان " أو "حكمة‬
‫السجاع " مما كان معروفا ً عند العرب إذ ذاك ‪.‬ولكن العهد في هذه وتلك‬
‫أنها جمل متناثرة ل رابط بينها ول اتساق فهل هذا هو الشأن في سورة‬
‫العلق ؟ الجواب ل ؛فهذا نسق متساوق يربط فواصله تناسق داخلي دقيق "‬
‫‪ .‬وفات الستاذ أن اليات الخمس الولى من زمن‪،‬وما بعدها من زمن آخر‬
‫يختلف موضوعا ً ونظماً‪.‬قال دروزة في سيرة الرسول ج‪ 1‬ص ‪" : 122‬تراتيب‬
‫السور القرآنية المأثورة جميعها تضع سورة العلق أول السور ‪،‬بسبب أولية‬
‫آياتها الخمس على الرجح ؛ لن مضمون اليات التالية يدل على أنها تأخرت‬
‫عنها وقتا ً ما ‪ ،‬إذ احتوت صورة لمواقف أحد الطغاة من النبي ‪ .‬ول يعقل‬
‫هذا ال بعد أن تلقى النبي المر بالدعوة وسار في تنفيذ المر شوطا ً ما " ‪.‬‬
‫وكذلك القول عن اليات الربع الولى من سورة القلم وما يليها من حملة‬
‫شديدة على بعض الزعماء ‪ ،‬وعن اليات السبع الولى من سورة المزمل‬
‫"وأن ما بعدها نزل متأخرا ً عنها أو عن اليات السبع الولى من سورة‬
‫المدثر ‪،‬واليات التالية لها التي تحتوي حملة على زعيم جاحد ‪ . . .‬وإذا صح‬
‫نزول اليات الولة من السور الثلث السابقة – العلق والقلم والمزمل –‬
‫لحدتها يكون التساق قد تم " ‪.‬‬
‫وعليه نقل السيوطي قول أحد العلماء ‪" :‬يشترط في حسن ارتباط الكلم‬
‫أن يقع في أمر متحد مرتبط أوله بآخره ؛ فإن وقع على أسباب مختلفة لم‬
‫يقع فيه ارتباط ‪ .‬ومن ربط ذلك فهو متكلف بما ل يقدر عليه إل بربط ركيك‬
‫يصان عن مثله حسن الحديث فضل ً عن أحسنه " ‪ .‬وأنت رأيت أن سور العهد‬
‫الول ل تشكل كل منها وحدة تامة بل هي كما يقول دروزة في سيرة‬
‫الرسول ج‪ 1‬ص ‪" 125‬مجموعات " متداخلة بعضها في بعض في زمن النزول‬
‫"مثل سور العلى والشمس والليل والعصر والخلص والعاديات والتين‬
‫والتكاثر والقارعة ألخ الخ هي التي نزلت ‪ . . .‬قبل اليات التالية لمطالع‬
‫السور الربع الولى – العلق والقلم والمزمل والمدثر – اذا صح ذلك القول‬
‫بأن هذه المطالع نزلت منفصلة ومبكرة عن بواقيها ؟ " وهو صحيح يدل‬
‫عليه اختلف الومضوع والنظم ‪،‬ويظهر من ذلك أن التفكك وقلة التناسق‬
‫في المجموعات القرآنية كان ملحوظا ً منذ زمن النبي ‪ .‬جاء في أسباب‬
‫النزول للسيوطي ‪" :‬أخرج ابن اسحاق وابن جرير من طريق سعيد أو‬
‫عكرمة عن ابن عباس قال ‪ :‬أتى النبي ‪.‬سلم بن مشكم في عامة يهود‬
‫سماهم فقالوا ‪ :‬كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا ؟ وأن هذا الذي جئت به ل‬
‫نراه متناسقا ً كتناسق التوراة فأنزل علينا كتابا ً نعرفه ‪ ،‬وإل جئناك بمثل ما‬
‫تأتي به ‪.‬فأنزل الله ( أول تحد بالقرآن ) ‪" :‬قل لئن اجتمعت النس والجن‬
‫على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ل يأتون بمثله " ( السراء ‪ ) 88‬قال الجللن‬
‫‪" :‬ل يأتون بمثله ‪ :‬في الفصاحة والبلغة – ل في التناسق ‪.‬‬
‫مع ذلك فقد سحر القرآن الول العرب ‪ ،‬ولم يجدوا ما يصفونه به سوى‬
‫كلمة "سحر " وإلى الن يسحر السامعين بإيقاعه وأسلوبه ‪ .‬ولكنه على حد‬
‫قولهم " إن هو إل سحر يؤثر " ( المدثر ‪ ) 24‬وظل سادة مكة يلحقونه‬
‫بهذه التهمة " يعرضوا ويقولوا ‪ :‬سحر مستمر " ( القمر ‪ ) 2‬حتى تحول عن‬
‫طريقة قومه في أقسامهم الغريبة إلى أسلوب أهل الكتاب في العهد‬
‫الثاني كما سنرى ‪.‬‬

‫ظــاهــرة الــقرآن المكــي العـامــة‬

‫في القرآن المكي كله ظاهرة عامة فما بين القرآن والكتاب انتساب ونسب‬
‫وهذا النتساب إلى الكتاب وأهله ‪،‬وهذا النسب القائم بين القرآن والكتاب‬
‫يجعل من أمم التوحيد المنزل أمة واحدة " إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا‬
‫ربكم فاعبدون " (النبياء ‪ ) 92 :‬ويكرر التأكيد بقوله في سورة المؤمنون ىية‬
‫‪ " 53‬وان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون " ‪.‬‬
‫منذ سورة القلم يشير في معرض الرد على المشركين بقوله " أم لكم‬
‫كتاب فيه تدرسون إن لكم فيه لما تخيرون ‪ . . .‬أم عندهم الغيب فهم‬
‫يكتبون " ؟ فهناك كتاب يدرس ‪ ،‬وغيب عنه يكتب ؛ ويصرح في سورة‬
‫الحاقة آية ‪ " 38‬فل أقسم بما تبصرون وما لتبصرون ‪ ،‬انه لقول رسول‬
‫كريم ؛ وما هو بقول شاعر ‪،‬قليل ً ما تؤمنون ؛ ول بقول كاهن قليل ً ما‬
‫تذكرون ؛ تنزيل من رب العالمين " وهذا التنزيل بواسطة رسول كريم‬
‫يذكر لنا مصادره في كل سانحة ‪:‬منذ سورة العلى يقول ‪ " :‬إن هذا‬
‫(القرآن)لفي الصحف الولى ‪،‬صحف إبراهيم وموسى " (العلى ‪)18‬‬
‫وبخصوص صحف إبراهيم التي كان الحنفاء يعتمدون عليها فإننا لنعرفها‬
‫‪.‬ومن هذه الشارة نرى تطور النبي من الحنيفية إلى الكتابية ‪.‬إن القرآن‬
‫في صحف الولى جملة وتفصيل ً ‪ " :‬أولم ينبأ بما في صحف موسى‬
‫وإبراهيم الذي وفى ‪.‬أل تزر وازرة وزر أخرى ‪،‬وأن ليس للنسان إل ما‬
‫سعى ‪،‬وأن يعيه سوف يرى " (النجم ‪ ) 42 -37‬وأخبار القرون الماضية هي‬
‫أيضا ً في الكتاب ‪ " :‬وكل شيء فعلوه في الزبر " أي زبر الولين ‪،‬كتبهم‬
‫كالتوراة والنجيل " (الجللن ) ومعجزة محمد التي تؤيده وتشهد له أنه بلغ‬
‫قومه ما في تلك الصحف الولى ‪" :‬قالوا ‪:‬لول يأتينا بآية من ربه ؟ ‪ -‬أولم‬
‫تأتهم بينة ما في الصحف الولى ؟ " (طه ‪ ) 133‬إذن ما بين القرآن والكتاب‬
‫صلة انتساب ونسب ؛ وسيظل يردد ذلك طيلة العهد بمكة إنه تنزيل من زبر‬
‫الولين كقوله في سورة الشعراء آيات من (‪" :) 196-192‬وإنه لتنزيل رب‬
‫العالمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين ‪.‬وإنه لفي زبر‬
‫الولين" ‪ .‬وكيف يكون تنزيل رب العالمين ‪،‬ومع ذلك فهو في زبر الولين ؟‬
‫"‪ -‬هذا سر النبي ظل يستفتح على المشركين بقوله ‪ " :‬وما آتيناهم من‬
‫كتب يدرسونها " ( سبأ ‪ . ) 44:‬وإذا اتهموه شتى التهم يجيب ‪" :‬أم عندهم‬
‫الغيب فهم يكتبون " (الطور ‪ . ) 43-30 :‬وإذا شك هو من نفسه يقال له ‪" :‬‬
‫فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك‬
‫لقد جاءك الحق من ربك فل تكنن من الممترين "( يونس ‪ ) 94 :‬ويأتيه المر‬
‫صراحة "أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة ‪ . . .‬أولئك الذين هدى‬
‫الله فبهداهم اقتده " (النعام ‪ ) 90:‬وظل حتى النهاية يصرح بأن القرآن‬
‫"بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إل‬
‫الظالمون " (العنكبوت ‪ )49:‬وهذا النتساب والنسب يجعل من أمم التوحيد‬
‫أمة واحدة ‪،‬فترى منذ البدأ صراعا ً بين النزعة القومية والنزعة الكتابية في‬
‫السلوب الذي يتحرر من طريقة قومه إلى طريقة أهل الكتاب ‪.‬‬
‫ونلحظ في القرآن المكي أنه يذكر الكتاب على العموم ‪،‬وأهل الكتاب على‬
‫العموم ‪،‬دون تمييز بين الكتب المنزلة ‪،‬والمم الكتابية المختلفة ‪ .‬ذاك شأن‬
‫القرآن المدني ‪،‬ونرى حينا ً ميل ً ظاهرا ً إلى المسيحية ‪،‬وحينا ً ميل ً أظهر إلى‬
‫الموسوية بقى علينا أن نحدد تأثير كل نزعة عليه ‪،‬ونلمس أن التأثير‬
‫المسيحي هو الغالب في العهد الول بمكة ‪.‬‬

‫عصر محمد وبيئته قبل بعثتــه ‪ :‬حنيفية كتابية مسيحية ‪.‬‬


‫البيئة المسيحية في مكة ‪- :‬‬

‫يوم بعثة النبي العربي ونزول القرآن كان في مكة الشرك الحاكم المتحكم‬
‫أقلية موحدة ‪.‬فالوثنية العربية القديمة كانت قد زالت من الوجود في مكة‬
‫والحجاز والجزيرة بكاملها ‪،‬ولم يبق منها سوى مظاهرها في مراسيم الحج‬
‫إلى الكعبة ‪،‬وفي تعابير الكلم كالقسام الفلكية الغريبة ‪ .‬أمست الوثنية‬
‫شركا ً أي عبادة الله الحد مع غيره من خلقه ‪ .‬وذاك الشرك كان في انحلل‬
‫فهو شرك ظاهري أكثر منه حقيقي ‪ .‬فقد كانت روح التوحيد تتغلغل في‬
‫طبقات الشعب بفضل الدعوات اليهودية والمسيحية ‪،‬وماانبثق عنهما من‬
‫حنيفية ‪، ،‬حتى شاع التوحيد الكتابي وشع ‪ .‬قال الدكتور جواد علي ‪" :‬‬
‫فعبادة أهل مكة هي عبادة محمد ‪،‬وتوحيدهم توحيد إسلمي أو توحيد قريب‬
‫من التوحيد السلمي " ‪.‬‬
‫وقد استخلص الستاذ دروزة من آيات القرآن والثار السلمية أن أكثرية‬
‫الموحدين في مكة كانوا مسيحيين ‪.‬‬
‫قال في كتابه ‪:‬عصر النبي وبيئته قبل البعثة الفصل الثالث ص ‪: 103-97‬‬
‫فهذه اليات يمكن أن تلهمنا ما يلي ‪ )1 :‬أنه كان في مكة أناس من أهل‬
‫الكتب السماوية وكانوا من جملة من اتصل بهم محمد ودعاهم إلى التصديق‬
‫برسالته ومتابعته ‪ )2 .‬أنهم لم يكونوا قليلين ‪ .‬وأن منهم من كان ذا سعة‬
‫وثروة تمكنه من النفاق في سبيل البر والخير ‪ .‬كما أن منهم من ىكان‬
‫قوي النفس والشخصية بحيث ل يبالي بلوم زعماء قريش على متابعتهم‬
‫للنبي مثل ً قوله في سورة القصص آيات من ‪ " 55 – 52‬الذين آتيناهم الكتاب‬
‫من قبله ىهم به يؤمنون ‪ .‬وإذ يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا‬
‫كنا من قبله مسلمين ‪ " . . . .‬وهذا وذاك يلهمان أن منهم من كان أرقى‬
‫طبقة من أرقاء وغلمان في خدمة الزعماء والتجار وملك أيمانهم ‪ )3 .‬أن‬
‫منهم من كان متميزا ً في ثقافته ومعارفه الدينية بحيث كان اهل ً للرجوع‬
‫اليه واستشهاده في أمر رسالة محمد ‪.‬وأن هذا الفريق لم يكن نكرة في‬
‫أوساط مكة بل كان موضع اعتماد وثقة من العرب أو أهل مكة ‪،‬ومرجع‬
‫استفتاآتهم في المور والمعارف الدينية والدنيوية ‪ )4 .‬أنهم على العموم‬
‫كانوا رقيقي العاطفة دمثي الخلق ثابتين فيما يعتقدون أنه الحق ولو لقوا‬
‫في سبيل ذلك العنت ‪،‬جريئين في إظهار عقيدتهم ‪ ،‬وأن منهم من كان‬
‫مجادل ً حجاجا ً بل ومتطرفا ً في الجدل والحجاج ‪ )5 .‬إن إيراد قصتي ولدة‬
‫يحيى وعيسى في سورة مريم وإيراد خبر انكسار الروم النصارى مع بشرى‬
‫انتصارهم بعد قليل (سورة الروم ) والجدل في أمر حقيقة عيسى ورسالته‬
‫يمكن أن يلهم أن الكتابيين الذين انطوت اليات على ملهمات وجودهم في‬
‫مكة هم أو أكثرهم من النصارى ‪ .‬ومن المرجح كثيرا ً أن من هؤلء من كان‬
‫عربي الجنس مستقرا ً في مكة أو مترددا ً عليها من اليمن وأطراف الجزيرة‬
‫الشمالية حيث كانت النصرانية سائدة بين حضر العرب وقبائلهم والتصال‬
‫مستمر ‪ .‬والذي نرجحه أن أفراد الجالية الجنبية المقيمين في مكة هم من‬
‫النصارى الروم والسريان والسوريين ‪ . . . .‬للعمال الصناعية حيناً‬
‫والتجارية حينا ً والتبشير حينا ً آخر ‪. .‬‬
‫ونرجح أن عددهم لم يكن يتجاوز المئات القليلة ( مئات قليلة من صناع‬
‫وتجار ومبشرين أل يكفون لعمل انقلب توحيدي في مكة مع الزمن ؟؟ ) ‪. .‬‬
‫‪ .‬وإذا كنا قد رجحنا أن الكتابيين والجانب كلهم أو جلهم نصارى ‪ ،‬فإن هذا‬
‫ل يعني كذلك أنه لم يكن في مكة إسرائيليون " ‪.‬‬
‫وسترسل جواد على في المفصل فيقول في صفحة ‪" : 425‬أما النصرانية‬
‫فقد وصلنا في الستدلل إلى القول بوجود جالية أعجمية نصرانية في‬
‫مكة ‪،‬واحتمال وجود جالية أعجمية نصرانية في يثرب أيضا ً ‪،‬وبترجيح وجود‬
‫عرب متنصرين مستقرين في بيئتي النبي وعصره وإذا كان مدى انتشار‬
‫النصرانية في بيئة النبي الخاصة ضيقا ً فإن هذا ليعني أن تأثيرها كان‬
‫ضعيفا ً فيها ‪ .‬فنحن نعتقد أن النصرانية كانت كاليهودية مصدرا ً من مصادر‬
‫المعارف والفكار الدينية التي كانت عند عرب الحجاز والتي استدللنا عليها‬
‫بآيات كثيرة أوردناها ‪ . . .‬دلئل على ما كان عند عرب الحجاز ‪،‬وعرب مكة‬
‫خاصة من إلمام غير يسير بالنصرانية وعقائدها وقصصها وإشكالت ولدة‬
‫المسيح وبنوته وصلبه وما كان فيها من مذاهب وآراء ‪ .‬وطبيعي أن يكون‬
‫لهذا كله رد فعل في نفوسهم ومعارفهم وعقولهم وعقائدهم ‪ . . .‬وأن‬
‫مشركي مكة ذهبوا اليه إلى أن محمد نفسه قد تعلم وتأثر بهم على ما‬
‫حكته عنهم آيتا النحل ‪ " 103‬ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر ‪" . . . .‬‬
‫وآية الفرقان ‪" 4‬وقال الذين كفروا إن هذا إل إفك افتراه وأعانه عليه قوم‬
‫آخرون ‪ . " . .‬وأن لننسى كذلك تلك اللوف المؤلفة من متنصرة العرب‬
‫الذين كان الحجازيون خاصة يغدون ويروحون اليهم في أسفارهم ورحلتهم‬
‫التجارية ويخالطونهم مخالطة الشقيق ويتزوجون منهم ويتفاهمون معهم‬
‫بلسانهم القومي المشترك ‪ .‬وأن لننسى أن كثيرا ً منهم كانوا يشهدون‬
‫موسم الحج وأسولقه ‪،‬ومنهم من كان يبشر ويخطب كقس بن ساعدة وان‬
‫الصلت والتقاليد القبلية كانت تجمع النصراني من العرب برابطة الباء‬
‫والجداد جمعا ً وثيقا ً تتصل أواصره وتستمر مظاهره ‪ .‬وأن كثير من العرب‬
‫غير النصارى وخاصة الحجازيون يصهرون إلى العرب النصارى وبالعكس‬
‫فتزداد هذه الواصر والمظاهر قوة ولحمة ‪ .‬وان كل هذا من شأنه أن يهيء‬
‫لعرب الحجاز الفرص الكثيرة للطلع والستماع والدرس والتأثر "ولقد‬
‫استلهمنا من ذلك أن من بين الذين اتصلوا بمحمد عربا ً كما أن غير العرب‬
‫كانوا يفهمون العربية ‪ .‬والقرائن القرآنية تلهمنا منجهة ‪،‬والتاريخ المتصل‬
‫بالمشاهدة من جهة أخرى يخبرنا بأن ألوفا ً مؤلفة من العرب كانوا نصارى ‪،‬‬
‫ومنهم البدو ومنهم الحضر ‪ ،‬وأنهم كان لهم دول وشأن على مسرح بلد‬
‫الشام والعراق ‪،‬ولهم أساقفهم ورهبانهم وقسيسوهم وكنائسهم وأديرتهم‬
‫الكثيرة ‪ .‬واستتباعا ً لهذا فإن من السائغ أن يقال أنه لبد من أن يكون بعض‬
‫أسفار العهد القديم والجديد إن لم يكن جميعها ‪،‬قد ترجمت إلى العربية‬
‫قبل السلم ‪،‬وضاعت فيما ضاع من آثار عربية مدونة في غمرات الثورات‬
‫والفتن والفتوح ‪ .‬ونرى أن هذا هو الذي يستقيم مع وجود عشرات اللف‬
‫من العرب النصارى والف الرهبان والقسيسين العرب ‪،‬ومئات الكنائس‬
‫والديار العربية ‪.‬‬
‫‪)2‬بيئة محمد الشخصية كانت على الغالب حنيفية مسيحية ‪:‬‬
‫قوله "ووجدك عائل ً فأغنى " أغناه الله بزواجه من السيدة خديجة بنت‬
‫خويلد بن أسد بن عبد العزى ‪ .‬وقد ترملت مرتين ‪ .‬تقول السيرة ‪" :‬وكانت‬
‫خديجة يومئذ من أوسط نساء قريش نسبا ً وأعظمهن شرفا ً وأكثرهن مال ً "‬
‫تزوجها محمد وتزوج تجارتها معها ‪.‬وقضى محمد قبل بعثته خمسة عشر‬
‫عاما ً زوجا ً للتاجرة القرشية الكبيرة ‪ .‬ويصف القرآن في اعتزاز نعمة الله‬
‫الكبرى على قريش في قوله في سورة قريش فيقول ‪ " :‬ليلف قريش‬
‫‪.‬إيلفهم ‪.‬رحلة الشتاء والصيف ‪ " . . .‬رحلة الشتاء إلى اليمن والصيف إلى‬
‫الشام تلك الرحلت التجارية والستطلعية والثقافية التي قام بها محمد‬
‫تاجرا ً مرموقا ً في مال خديجة قبل زواجه وبعده ‪ .‬وفي تلك الرحلت‬
‫الطويلة الممتعة ‪،‬طالما أشبع محمد نهمه ‪،‬مثل الحنفاء ‪،‬في الستطلع إلى‬
‫التوحيد الكتابي الذي كان يستلفت نظر عقول العرب الناضجة ‪ .‬وتخص كل‬
‫السير محمدا ً باتصالته بالحبار والرهبان في تلك الرحلت ‪،‬فتنقل سيرة‬
‫ابن هشام خبر رحلة الفتى محمد مع عمه أبي طالب إلى الشام والتقائه‬
‫بالراهب بحيرى في بصرى حوران "وكان إليه علم أهل النصرا نية فقال‬
‫بحيرى في الفتى القول الجميل ‪ .‬وتنقل أيضا ً خبر التقائه في كهولته ‪،‬في‬
‫إحدى رحلته التجارية للسيدة خديجة ‪،‬بالراهب نسطور ‪.‬وفي لقاء الراهبين‬
‫تجري أحاديث الدين ‪ .‬وفي تردد محمد المتواصل فتى وكهل ً ‪،‬على الرهبان ‪،‬‬
‫ميل ظاهر إلى المسيحية كما يظهره القرآن المكي في هذا العهد ‪.‬‬
‫"ولننسى كما قدمنا أن كثيرا ً من النصارى كانوا يشهدون موسم الحج‬
‫وأسواقه ومنهم من كان يبشر فيه ويخطب كقس ابن ساعدة " اسقف‬
‫نجران ‪ .‬وقد نقل المسعودي تلك الذكرى الحارة التي حفظها النبي من‬
‫سماعه خطيب العرب والنصرانية المشهور ‪ .‬وذكرى حارة بعد طول المدى‬
‫تدل على مدى التأثر الشديد بدعوة اسقف نجران في عكاظ ‪.‬‬
‫والثار كلها تدل على اصطفاء محمد قبل البعثة وبعدها عصبة من‬
‫النصارى ‪،‬ل للهو والعبث ‪،‬بل للختلء والتأمل ‪ .‬قال محمد صبيح في تعليق‬
‫على ذلك في كتابه سيرة الرسول ص‪ " : 123‬لم يقل أحد أن محمدا ً لم يكن‬
‫يعلم شيئا ً من أمر هذه اللغات (الجنبية ) التي تأثرت بها مكة ‪ ،‬وأمر هذه‬
‫الثقافات التي ذابت فيها ‪ .‬بل أكثر من هذا فإن لدينا من الحوادث ما يؤكد‬
‫اتصال محمد وهو في مكة بهؤلء الجانب الذين كانوا يقيمون فيها ‪ ،‬وكان‬
‫يزورهم ويطيل صحبتهم ‪ .‬فقد روي عن عبيد الله بن مسلم قال ‪ :‬كان لنا‬
‫غلمان روميان يقرآن كتابا ً لهما بلسانهما فكان النبي يمر بهما فيقوم‬
‫فيسمع منهما ‪ .‬وروي عن ابن إسحاق أن محمد كثيرا ً ما كان يجلس عند‬
‫المروة إلى سبيعة – غلم نصراني يقال له جبر – عبد لبني الحضرمي ‪ .‬وعن‬
‫ابن عباس ان النبي كان يزور وهو في مكة أعجميا ً اسمه بلعام ‪ ،‬وكان‬
‫المشركون يرونه يدخل عليه ويخرج من عنده ‪ .‬وفي رواية أخرى أن غلماً‬
‫(كان لحويطب بن عبد العزى ) قد أسلم وحسن إسلمه ‪،‬اسمه عائش أو‬
‫يعيش ‪ ،‬وكان صاحب كتيب وقيل هو جبر ‪،‬وقيل هما إثنان جبر ويسار ‪،‬كانا‬
‫يصنعان السيوف بمكة ويقرآن التوراة والنجيل فكان رسول الله إذا مر‬
‫عليهما وقف يسمع ما يقرآن ‪ . .‬الخ ‪.‬واذن فقد كان محمد يسمع ما يقرأ‬
‫في الكتب بلغة غير لغة مكة ‪ ،‬وكان يفهم ما يتلى عليه ‪.‬‬
‫وأخرج الستاذ دروزة في سيرة الرسول ج‪ 1‬ص ‪ 16‬من ملهمات القرآن في‬
‫سورة النحل آية ‪ 103‬تحكي دعوى الكفار أن شخصا ً أجنبيا ً معينا ً كان يعلم‬
‫النبي ‪" :‬ولقد نعلم أنهم يقولون ‪ :‬انما يعلمه بشر ؛ ‪ -‬لسان الذي يلحدون‬
‫اليه أعجمي ‪،‬وهذا لسان عربي مبين " ‪.‬والية تنفي جحود نزول الوحي‬
‫ولتنفي اتصال ً ما بينه وبين أحد أفراد الجالية الجنبية كما هو ظاهر ‪.‬‬
‫والمتبادر أن الجاحدين لم يكونوا ليقولوا ما قالوه لو لم يروا أو يعرفوا أن‬
‫محمد كان يتردد على شخص من أفراد هذه الجالية في مكة ‪،‬هو أهل علم‬
‫وتعليم ديني وله وقوف على الكتب الدينية السماوية ‪ .‬وفي سورة الفرقان‬
‫آية ‪ " 4‬قال الذين كفروا ‪:‬إن هذا إل إفك افتراه ‪،‬وأعانه عليه قوم آخرون "‬
‫إنما تنفي دعوة الستعانة ول تنفي اتصال ً أو صحبة بين محمد وفريق من‬
‫الناس كما أن تعبير قوم آخرون "يلهم أن المنسوب اليهم أكثر من واحد ‪.‬‬
‫والذي يتبادر إلى الذهن أن الكفار لم يكونوا ليقولوا ماقالوه مما حكته الية‬
‫لو لم يروا أو يعرفوا أن محمد كان حلقة أو رفاق يجتمعون إليه ويجتمع‬
‫إليهم ويتحدثون في المور الدينية ‪.‬وليس من المستبعد – إن لم نقل من‬
‫المرجح – أن هذا كان قبل البعثة ثم امتد إلى ما بعدها ‪ .‬وأن يكون من هؤلء‬
‫الرفاق أفراد من الجالية الكتابية الذين آمنوا بالنبي ‪.‬واندمجوا في دعوته ‪،‬‬
‫وممن كانت تعنيهم تلك اليات المكية ‪ .‬وقد ذكرت الروايات أسماء عدد من‬
‫هؤلء بين المسلمين كسلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلل الحبشي ‪.‬‬
‫إذن كان محمد ورفاقه المثقفون من فتيان قريش يجتمعون حلقات مع‬
‫رفاقهم المثقفين من النصارى العرب والعاجم ‪،‬قبل البعثة وبعدها ‪،‬‬
‫يتحدثون في المور الدينية والمسيحية ‪.‬وهذه الحلقات الدينية تظهر لنا‬
‫استعداد محمد الفطري الى الستطلع الديني ‪،‬والميل إلى الثقافة‬
‫المسيحية ‪ .‬فقد ثبت لنا ترجيح تردده على بعض الكتابيين ‪ ،‬ووجود حلقة‬
‫رفاق له يجتمع إليهم من الكتابيين وغيرهم ‪،‬وجريان الحديث بينه وبينهم‬
‫في أمور دينية وثقافية متنوعة ‪.‬فهذه دائرة ضيقة وخاصة كما هو واضح ‪،‬بل‬
‫قد تكون حلقة من حلقات اعتكافاته ورياضاته الروحية ‪.‬‬
‫والقرآن والحديث والسيرة تشهد أن محمدا ً كان قبل بعثته من أولئك‬
‫الموحدين الذين تأثروا بالتوحيد الكتابي ‪،‬ولكن لم يدخلوا في نصرانية أو‬
‫يهودية ‪،‬بل ظلوا مستقلين في توحيدهم ‪،‬حنفاء لله ‪.‬قال الستاذ دروزة‬
‫أيضا ً ‪ " :‬والذي نعتقده وهو ما وصلنا اليه ونرى أن اليات القرآنية تلهمه ‪:‬‬
‫ان النبي كان من هؤلء الفراد الذين أنفوا من تقاليد الباء الشركية‬
‫والجاهلية ‪،‬واعتنقوا فكرة الوحدانية وأخذوا يعبدون الله على ملة إبراهيم‬
‫‪.‬أو ما ظنوه كذلك ‪،‬أو أخذوا يبحثون عنها ولم يعتنقوا اليهودية ول النصرانية‬
‫‪ . . .‬وأنه أي محمد كان كذلك منذ أن نضج شبابه ‪ .‬وأن اقترانه بخديجة‬
‫ساعده على التفرغ لتجاهه وحياته الروحية ‪ ،‬هذه التي كان من مظاهرها‬
‫تلك الرياضات أو العتكافات الروحية السنوية في رمضان وفي غار حراء‬
‫خاصة " إلى أن اهتدى " ووجدك ضال ً فهدى " ‪.‬‬
‫فمحمد لم يكن أمي بل كان تاجرا ً دوليا ً ‪،‬ومثقفا ومطلعا مثل رفاقه من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قريش ومن أهل الكتاب وباحثا ً دينيا ً يسأل عن التوحيد الكتابي ‪،‬وحنيفاً‬
‫يتعاطى الرياضات النسكية والعتكافات الروحية ذو ميل ظاهر للمسيحية ‪.‬‬
‫وقد آن لنا أن نتخلص من الوهم المتوارث منذ أجيال في وصف النبي‬
‫العربي بالمية أي جهل القراءة والكتابة ‪،‬والبتعاد عن كل ثقافة كان القول‬
‫ض من كرامته النبوية ‪ .‬أجل يسمي القرآن محمد‬ ‫بثقافة محمد الواسعة غ ُ‬
‫"النبي المي " في العراف ‪ 157‬ولكن ليس بحسب اللغة ‪،‬ولكن بحسب‬
‫اصطلح الكتابيين "ذلك بأنهم قالوا ‪ :‬ليس علينا في الميين سبيل " (آل‬
‫عمران ‪ . ) 75‬والمعنى صريح في القرآن ‪ :‬يقول عن نفسه " هو الذي بعث‬
‫في الميين رسول ً منهم ‪ . . .‬يعلمهم الكتاب والحكمة " (الجمعة‪ )2‬ويميز‬
‫صريحا ً بين الفريقين ‪ " :‬وقل للذين أوتوا الكتاب والميين ‪ :‬أأسلمتم ؟ فإن‬
‫أسلموا فقد اهتدوا (آل عمران ‪ )20‬وهناك آيات (يوسف ‪ ")3‬نحن نقص عليك‬
‫أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين‬
‫"وفي العنكبوت ‪" 48‬وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولتخطه بيمينك ‪" . .‬‬
‫والنساء ‪ . . . " 113‬وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم‬
‫وكان فضل الله عليك عظيما ً " كل هذه اليات حملت على ما يبدوا على‬
‫نفي الكتساب العلمي عن النبي قبل البعثة ‪،‬بل على بذل الجهد في هذا‬
‫النفي وتوكيده ‪ .‬ونحن ل نرى حكمة أو ضرورة تحمل هؤلء العلماء على‬
‫نفي الكتساب العلمي عن النبي قبل بعثته وبذل الجهد في هذا النفي ‪.‬‬
‫كما أننا لنرى هذه اليات تتعارض مع صحة القول بأن النبي قد اكتسب‬
‫معارف كثيرة مما كانت تحتويه الكتب الدينية وغيرها ‪،‬من مباديء وأسس‬
‫وتشريعات وقصص ومما كان يدور على ألسنة الناس في مثل ذلك كتابيين‬
‫كانوا أو غير كتابيين ‪،‬بسبب تلك التصالت التي تلهم وقوعها اليات‬
‫القرآنية ‪ ،‬وبسبب الرحلت التي اجمعت الروايات على أن النبي قد قام‬
‫بها ؛ وبسبب وقوعه في بيئة تلم الماما ً غير يسير بهذه المعارف ‪ . . .‬وليس‬
‫من الطبيعي ول من المعقول أن يبقى النبي في عزلة أو غفلة عن هذا كله‬
‫‪ . .‬فإن هذا يناقض طبائع الشياء "وفاتهم أن أنبياء الكتاب المقدس كانوا‬
‫مثقفين ‪،‬ويتقنون الكتاب ‪،‬والشعر النبوي والعهد الجديد يقول عن موسى‬
‫سيد الشريعة ‪ " :‬تأدب بحكمة المصريين كلها " في بيت فرعون (أع ‪) 22 :7‬‬
‫وليس في هذا غضاضة على كرامته النبوية ‪.‬بل قد هيأه الله بثقافته العالية‬
‫إلى تحرير شعبه من عبودية مصر ‪ .‬وكذلك هيأ محمدا ً بتجارته الدولية‬
‫وثقافته الواسعة ‪،‬وانعكافاته الحنيفية ‪،‬واتصالته المسيحية وبيئته العائلية ‪.‬‬

‫‪ .1‬هل كانت بيئة محمد العائلية بعد زواجه مسيحية ؟‬

‫رأينا أن صحبة محمد وأترابه من قريش ‪،‬كانت مع المسيحيين والن نلج‬


‫حرم عائلته بعد زواجه ونتساءل ‪ :‬ماهي أميال محمد وخديجة الدينية قبل‬
‫البعثة ؟‬
‫والسؤال ناتج من سورة الضحى آية ‪ 8-7‬التي تقرن هداية محمد بزواجه من‬
‫خديجة فيقول ‪ " :‬ووجدك ضال ً فهدى ‪ ،‬ووجدك عائل ً فأغنى " ‪.‬‬
‫هداية محمد الولى بعد زواجه من خديجة وقبل البعثة كانت إلى الحنيفية‬
‫أي إلى التوحيد المستقل على طريقة الحنفاء ‪ .‬والفضل في هذه الهداية‬
‫بعد الله وميل محمد الفطري يرجع إلى البيئة العائلية الموحدة التي دخلها‬
‫بزواجه من خديجة ‪ .‬ومن مظاهر هذه الهداية الولى ‪،‬حلقات البحث الدينية‬
‫التي كان يعقدها هو ورفاقه من قريش مع صحبة لهم من الكتابيين ‪ ،‬ومن‬
‫مظاهرها ‪،‬تلك الرياضات الروحية والنعكافات النسكية على طريقة الرهبان‬
‫‪،‬بعيدا ً عن ضوضاء المدينة ‪،‬مدة شهر رمضان في غار حراء ‪ .‬وهذه الهداية‬
‫الولى هيأت محمدا ً إلى سماع صوت السماء بهداية أسمى تذكرها سورة‬
‫الضحى ‪ :‬فالسورة قرآن ‪،‬فلتذكر هداية غير التوحيد المنزل ‪ :‬هل في الثار‬
‫والقرآن قرائن تعين على تحديد نوع هذه الهداية الثانية ؟‬
‫في عائلة النبي شخص قلما يقدرون دوره في هداية النبي وبعثته ‪ :‬عنينا به‬
‫ورقة بن نوفل ابن عم السيدة خديجة ‪،‬ونسيب النبي ‪ .‬يذكر صحيح البخاري‬
‫في حديث عن عائشة أن ورقة كان نصرانيا ً قرأ الكتب وترجم منها إلى‬
‫العربية ‪ .‬فهو عالم في النصرانية ومترجم للتوراة والنجيل إلى العربية‬
‫ومن يترجم كتب دينه إلى بني قومه يكون أول داعية لهذا الدين في بيئته ‪.‬‬
‫ففي جوار ورقة بن نوفل تثقف محمد بثقافته النصرانية ‪.‬وليس من‬
‫الطبيعي ول من المعقول أن يصرف ورقة نسيبه إلى غير النصرانية ‪.‬‬
‫وكانت خلواتهما تدور على التوحيد المسيحي ودور المسيح في هذا‬
‫التوحيد ‪،‬واختصاص المسيح دون سائر النبياء والمرسلين بتأييد روح الله له‬
‫كما في البقرة ‪ " 87‬ولقد آتينا موسى الكتاب ‪،‬وقفينا من بعد بالرسل ‪،‬‬
‫وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس " من ورقة تعلم محمد‬
‫أن المسيح رسول الله ‪،‬ولكن ليس كسائر الرسل ‪ ،‬بل المسيح الرسول هو‬
‫كلمة الله وروح الله كما جاء في سورة النساء آية ‪ " 70‬انما المسيح عيسى‬
‫ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه " ‪.‬‬
‫ويثبت لنا هذه التلقينات ما رواه البخاري عن فزع خديجة بالفطرة والعادة‬
‫الما رجع محمد خائفا ً بعد رؤياه في غار حراء ‪،‬إلى الفقيه المسيحي ابن‬
‫عمها ورقة تروي له ما جرى لزوجها في خلوته الصوفية ‪ " :‬فانطلقت به‬
‫خديجة حتى أتت ورقة ابن نوفل بن أسد ابن عبد العزى ‪،‬ابن عم خديجة‬
‫وكان امرأ ً قد تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني ويكتب من‬
‫النجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب ؛ وكان شيخا ً كبيرا ً قد عمي – فقالت‬
‫له خديجة ‪ :‬يا ابن عم ‪،‬اسمع من ابن أخيك ‪ .‬فقال ورقة ‪ :‬يا ابن أخي ماذا‬
‫ترى ؟ فاخبره محمد خبر ما رأى فقال له ورقة ‪ :‬هذا الناموس الذي نزل‬
‫على موسى ‪ " . . .‬ووعد الفقيه المسيحي محمدا ً بمساعدته في دعوته ضد‬
‫الضطهاد المنتظر " لم يأت رجل قط بمثل ما جئت إل عودي " ‪ .‬ولقي‬
‫ورقة محمد مرة أخرى عند الكعبة فشجعه أن يثبت دعوته ‪ .‬فمضى فيها‬
‫محمد وورقة يسانده وينصحه ‪ .‬فللفقيه المسيحي فضل كبير في تطمين‬
‫النبي عند بعثته ‪،‬وفي نصرته في دعوته ‪ .‬وينتهي حديث عائشة بهذه الكلمة‬
‫‪ " :‬ثم لم ينشب ورقة أن توفى وفتر الوحي " مما يجعل علقة بين فتور‬
‫الوحي وموت ورقة ‪،‬وبالنتيجة بين حرارته ونصرة ورقة ‪ .‬فهذا الرجوع في‬
‫أعظم المور إلى ورقة ‪،‬والطمئنان به دليل على أن التصالت العائلية بين‬
‫محمد والعالم المسيحي مترجم النجيل إلى العربية ‪،‬كانت متواصلة صميمة‬
‫‪ .‬ول شك في أن ورقة ‪،‬بعد الله هو الذي حمل محمد على الهداية التي‬
‫تذكرها سورة الضحى ‪ ،‬وغلى الطمئنان إليها ‪:‬فهل يشجع عالم مسيحي‬
‫محمدا ً على الدعوة لغير التوحيد المسيحي ؟ ‪.‬‬
‫هداية محمد في سورة الضحى ‪:‬‬
‫في حديث عن عائشة نقله البخاري (ج‪ ) 3 : 1‬وغيره أن محمدا ً وهو ناسك‬
‫في غار حراء ‪،‬رأى رؤيا ‪ :‬اهتدى بها إلى التوحيد الخالص ‪ .‬وقد قص القرآن‬
‫في سورة النجم تلك الرؤيا وفي سورة الضحى أوضح معناها "ووجدك ضالً‬
‫فهدى " كانت هداية محمد الولى إلى الحنيفية قبل بعثته – فما الهداية‬
‫التي تذكرها سورة الضحى ؟ ليست الحنيفية التي كان عليها بعد زواجه‬
‫وقبل بعثته كما يشهد بذلك تحنفه في الغار من كل عام ‪ :‬ولم تكن إلى‬
‫اليهودية لن الثار العربية لتذكر مناسك لليهود بين العرب ‪ .‬ولم تكن إلى‬
‫السلم القرآني لنه لم يكن بعد ‪،‬ولم يكن القرآن قد نزل بعد ‪ .‬والقرآن‬
‫المكي كله صريح كل الصراحة بأن محمد قد اهتدى إلى التوحيد الكتابي‬
‫بحسب طريقة المسيحية ‪ .‬ودعوة محمد الولى وطريقة القرآن الولى‬
‫كانت مسيحية رهبانية ‪.‬‬

‫التوحيد المسيحي بين الميين ‪:‬‬


‫ورب معترض يقول ‪ :‬ليس في القرآن المكي من عقائد النصرانية الخاصة‬
‫شيء ‪،‬وفي القرآن المدني ينقضها ويكفرها ‪:‬فأية مسيحية في هداية محمد‬
‫الولى ودعوته ؟ ‪.‬‬
‫سفر أعمال الرسل يوضح لنا أن الدعوة المسيحية في البيئات الوثنية أو‬
‫المشركة أو البدائية كانت إلى التوحيد المسيحي قبل أن تتطرق إلى‬
‫العقائد الخاصة ‪.‬وسار المسيحيون على هذه الخطة وقد كان لهم في‬
‫طريقة الرسل قدوة حسنة ‪.‬والرسول الحواري الذي ترك لنا كتابات فيها‬
‫بعض التفصيل هو الرسول بولس ‪ .‬وينقل كتاب (أعمال الرسل ) خطابين‬
‫لبولس ‪،‬هما مثال كل دعوة توحيدية ‪،‬وهما نسخة طبق الصل من دعوة‬
‫القرآن قبل القرآن ب‪ 600‬سنة ‪ .‬الخطاب الول في بيئة شعبية ‪ ،‬في‬
‫مقعداً‬
‫(لسترا) من آسيا الصغرى ‪ .‬خطب فيهم بولس يدعوهم ‪،‬وشفى ُ‬
‫بمعجزة تؤيد دعوته ؛فبلغ الحماس في الشعب وكاهن زفس مبلغه فأرادوا‬
‫أن يضحوا لهما ‪ :‬فلما سمع بذلك الرسولن برنابا وبولس مزقا ثيابهما ووثبا‬
‫نحو الجميع صارخين قائلين ‪:‬أيها الرجال لماذا تفعلون هذا ؟ نحن أيضا ً بشر‬
‫تحت اللم مثلكم نبشركم أن ترجعوا من هذه الباطيل إلى الله الحي الذي‬
‫خلق السماء والرض والبحر وكل ما فيها ‪.‬الذي في الجيال الماضية ترك‬
‫جميع المم يسلكون في طرقهم مع أنه لم يترك نفسه بل شاهد وهو يفعل‬
‫خيرا ً يعطينا من السماء أمطارا ً وأزمنة مثمرة ويمل قلوبنا طعاما ً وسروراً‬
‫وبقولهما هذا كفا الجموع بالجهد عن أن يذبحوا لهما ( أعمال ‪– ) 18-15 : 14‬‬
‫أليس في هذه الكلمات جوهر الدعوة المكية القرآنية كلها ‪،‬من توحيد‬
‫ودلئل وقصص ؟ اليس فيها خصيصا ً اظهار بشرية الرسول كما يؤكد‬
‫القرآن مرارا ً وتكرارا ً ؟ والخطاب الثاني في بيئة مثقفة في نادي آثينا‬
‫(أريوس باغوس ) فوقف بولس في وسطهم وقال ‪" :‬أيها الرجال الثينيون‬
‫؛أراكم من كل وجه كأنكم متدينون كثيرا ‪ .‬لنني بينما كنت أجتاز وأنظر إلى‬
‫معبوداتكم ‪.‬وجدت أيضا ً مذبحا ً مكتوبا ً عليه ‪" :‬لله مجهول " فالذي تتقونه‬
‫وأنتم تجهلونه ‪،‬هذا أنا أنادي لكم به ‪ .‬الله الذي خلق العالم وكل مافيه ‪،‬هذا‬
‫إذ هو رب السماء والرض ‪،‬ل يسكن في هياكل مصنوعة باليادي ول يُخدم‬
‫بأيادي الناس كأنه محتاج إلى شيء ‪،‬إذ هو يعطي الجميع حياة ونفسا ً وكل‬
‫شيء ‪ .‬وصنع من دم واحد كل أمة من الناس يسكنون على كل وجه‬
‫الرض ‪ ،‬وحتم بالوقات المعينة وبحدود مسكنهم ‪ ،‬لكي يطلبوا الله لعلهم‬
‫يلتمسونه فيجدوه ‪،‬مع أنه عن كل واحد منا ليس بعيدا ً ‪،‬لننا به نحيا ونتحرك‬
‫ونوجد كما قال بعض شعرائكم أيضا‪ ،‬لننا أيضا ً ذريته ‪،‬فإذ نحن ذرية الله‬
‫لينبغي أن نظن أن اللهوت شبيه بذهب أو فضة أو حجر نقش صناعة‬
‫واختراع إنسان ‪،‬فالله الن يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا‬
‫متغاضيا ً عن أزمنة الجهل لنه أقام يوما ً هو فيه مزمع أن يدين المسكونة‬
‫بالعدل ‪،‬برجل واحد قد عينه مقدما ً للجميع إيمانا ً إذ أقامه من الموات ‪،‬ولما‬
‫سمعوا بالقيامة من الموات كان البعض يستهزئون والبعض يقول ‪:‬‬
‫"سنسمع منك عن هذا أيضاً" ( أعمال ‪. ) 32 -22 : 17‬‬
‫ونلحظ هنا أن استعمال بولس للفظ الجاهلية هنا هو جملة من قرائن بين‬
‫دعوة بولس بين المييين ودعوة محمد للعرب ‪.‬‬
‫لم يعترض زعماء أثينا وأدباؤهم على تعليم التوحيد ‪،‬بل انتفضوا واستهزأوا‬
‫وقاطعوا الخطاب لما سمعوا الدعوة ليوم الدين ‪ .‬وهذا هو موقف زعماء‬
‫مكة "المل " من دعوة محمد ‪ :‬لم يقاوموه لدعوة التوحيد بقدر ما قاوموه‬
‫لدعوة يوم الدين كما تفصله السور المكية كلها ‪ .‬فما بين بولس ومحمد ‪،‬‬
‫عن طريق الرهبان السائحين في العربية ‪،‬انتساب ونسب في الدعوة إلى‬
‫التوحيد المسيحي وطريقتها وبراهينها وتعابيرها ‪ .‬وظلت هذه الدعوة‬
‫وطريقتها خطة المسيحيين والرهبان في عهد الفترة ما بين محمد‬
‫والمسيح عند الميين من عرب وعجم ‪.‬‬
‫هذا هو التوحيد الكتابي الذي كان يدعوا إليه بحيرى ونسطور وورقة بن‬
‫نوفل بين العرب وإلى هذا التوحيد الكتابي كانت هداية محمد كما يتضح ذلك‬
‫من القرآن المكي كله " ما كنت تدري ما الكتاب ول الغيمان ‪،‬ولكن جعلناه‬
‫(الكتاب) نورا ً نهدي به من نشاء من عبادنا ‪ :‬وإنك لتهدي إلى صراط‬
‫مستقيم ‪ ،‬صراط الله الذي له ما في السموات وما في الرض " (الشورى‬
‫‪ ) 52‬ولكلمة الهداية هنا لها قراءتان على المعلوم أو المجهول وقراءة‬
‫لتُهدي أنسب مع جهل النبي الكتاب واليمان به قبل الهداية اليه الهداية‬
‫كانت إلى الكتاب الول الذي نزل من قبل بدليل قوله أيضا ً عن أنبياء الكتاب‬
‫" وهديناهم إلى صراط مستقيم ‪:‬ذلك هدى الله يهدي من يشاء من عباده ‪. .‬‬
‫‪ .‬أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة – فإن يكفر بها هؤلء (أي أهل‬
‫مكة ) فقد وكلنا بها قوما ً ليسوا بها بكافرين أولئك الذين هدى الله‬
‫فبهداهم اقتده " (النعام ‪ ) 90-89‬وكلمة قوما ً في هذه الية تجعلنا نسأل‬
‫من هم هؤلء القوم ؟ قال الجللن "هم المهاجرين والنصار " وهذا تفسير‬
‫يتناقض مع سياق النص إذ لم يكن محمد قد هاجر بعد ولم يكن هناك أنصار‬
‫فالية مكية في سورة بمجموعها مكية ‪ .‬وهل يُطلب من النبي أن يقتدي‬
‫بالمهاجرين والنصار أم العكس هو الصحيح ؟ ومتى كان المهاجرين‬
‫والنصار قيمين على التوراة ؟ ويطلب القرآن مرارا ً من محمد أن يسأل‬
‫الذين يقرؤن الكتاب من قبله فهل هؤلء كانوا المهاجرين والنصار ؟ يجب‬
‫أن يقتدي محمد بهدى أهل الكتاب وأنبيائه ليصل إلى الصراط المستقيم –‬
‫فل أوضح ول أصرح – وآية الشك ترفع كل شك "فإن كنت في شك مما‬
‫أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق فل تكونن‬
‫من الممترين ( يونس ‪، )94‬وهذا الحق في التنزيل القرآني هو تصديق‬
‫الكتاب وتفصيله ‪ " :‬وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن‬
‫تصديق الذي بين يديه ( أي قبله ) وتفصيل الكتاب ‪،‬لريب فيه من رب‬
‫العالمين ( يونس ‪ ) 37‬وهذا التصديق وهذا التفصيل هما " آيات بيناتفي‬
‫صدور الذين أوتوا العلم "أي علماء أهل الكتاب ‪ .‬فهداية محمد كانت اليمان‬
‫بالكتاب مثل قوله " وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب " ( الشورى ‪) 15‬‬
‫والنضمام إلى الكتابيين الذين في مكة وكلهم أو جلهم من النصارى ‪" :‬‬
‫وأمرت أن أكون من المؤمنين " فاهتدى وهدى ‪.‬‬
‫كانت دعوة محمد الولى عائلية (زوجته خديجة ‪،‬وابن عمه على بن أبي‬
‫طالب ) وأفرادية ودامت سرية مدة ثلث سنوات وكانت الدعوة أخلقية إلى‬
‫التوبة والحسان ‪،‬كما بدأت دعوة المسيح كما في متى ‪ 17 : 4‬وانتهت هذه‬
‫الفترة بنزول الوحي وموت ورقة بن نوفل فهام على وجهه في الصحراء‬
‫"وغدا مرارا ً أن يتردى من على جبل ‪ . .‬فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا‬
‫لمثل ذلك ‪ . . .‬فتعزى بسورة الضحى فحمي الوحي وتتابع "كما يقول‬
‫حديث البخاري ‪.‬‬
‫ووسع دائرة دعوته ‪ .‬حينئذ جاء النذار بيوم الدين لرهاب الغنياء المشركين‬
‫قيل ‪ :‬أن أول سورة أعلنها محمد بمكة كانت سورة النجم " وهي الثانية‬
‫والعشرون في تاريخ النزول ‪،‬فكل ما قبلها هو من الدعوة السرية ‪،‬حتى‬
‫سورتي (الخلص والكافرون ) وفي إعلن أول سورة من القرآن جاء حديث‬
‫الغرانيق " ‪.‬‬
‫قال البيضاوي في تفسيره لسورة النجم ‪ " :‬قيل تمنى لحرصه على إيمان‬
‫قومه أن ينزل عليه ما يقربهم إليه واستمر به ذلك حتى كان في ناديهم‬
‫فنزلت عليه سورة النجم " والنجم " فأخذ يقرأها فلما بلغ "أفرأيتم اللت‬
‫والعزى ‪،‬ومناة الثالثة الخرى " وسوس إليه الشيطان حتى سبق لسانه إليه‬
‫سهوا ً ‪،‬الى أن قال ‪ " :‬تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى " ففرح‬
‫به المشركون حتى شايعوه بالسجود كما سجد في آخرها ‪،‬بحيث لم يبق في‬
‫المسجد مؤمن ول مشرك إل سجد ‪ .‬ثم نبهه جبريل فاغتم به ‪ .‬فعزاه الله‬
‫بهذه الية " وما أرسلنا من قبلك من رسول ول نبي إل إذا تمنى ألقى‬
‫الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله‬
‫حكيم عليم "( الحج ‪. )52‬‬
‫عندما جهر محمد بالدعوة تودد إلى صناديد قريش على حساب الضعفاء كما‬
‫يتضح من سورة عبس آيات من ‪ 9-5‬فيقول ‪ " :‬عبس وتولى أن جاءه العمى‬
‫؛أما من استغنى فأنت له تصدى ؛ أما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت‬
‫عنه تلهى " فأدبه الله فاستقام وجهر بالتوحيد الخالص سلبا ً في سورة‬
‫(الكافرون) وإيجابا ً في سورة (الخلص ) فقامت قيامة مل قريش عليه‬
‫فحاول مهادنتهم فمدح أمجادهم القومية والدينية مثل عام الفيل ( سورة‬
‫الفيل ) وتسامح في عبادة رب هذا البيت كعبة مكة ‪،‬ولم تطهر بعد من‬
‫الصنام ( سورة قريش ) فشعر القوم بخطورة الرجل فناصبوه العداء ‪.‬‬
‫ولكن لم يتمكنوا من النبي ول من زعماء الصحابة كأبي بكر وعثمان‬
‫لمكانتهم في قومهم بل نالوا المستضعفين بالذى والفتنة فنصحهم النبي‬
‫بالهجرة إلى الحبشة النصرانية بقيادة جعفر بن أبي طالب وزودهم بسورة‬
‫مريم ‪،‬دستور ايمانهم المسيحي إلى النجاشي ملك الحبشة المسيحي ‪.‬‬
‫تلك بيئة النبي العامة والشخصية والعائلية ؛ وتلك كانت هدايته الولى في‬
‫بعثته مهتديا ً وهاديا ً ‪ .‬فما كانت دعوة القرآن الولى – كانت كما نقرؤها في‬
‫ست وثلثين أو أربع وأربعين سورة ‪،‬من العلق إلى مريم ‪،‬دعوة إلى الصلح‬
‫الجتماعي في معرض النذار ‪.‬‬
‫إذن كانت دعوة القرآن الولى للصلح الجتماعي فهي دعوة أخلقية ‪ .‬فلم‬
‫تكن في العهد الول عقائدية وتشريعية كدعوة موسى في " الكلمات العشر‬
‫" التي نزلت في سيناء " أو كدعوة المسيح في خطابه الول على الجبل‬
‫بحضور جماهير الشعب من بلدان اليهودية والجليل " ‪ .‬فالشهادة بفرعيها‬
‫وأركان السلم المنظمة لن تظهر إل في المدينة ‪ ،‬والدعوة الصريحة‬
‫للتوحيد قبل كل شيء ل تأتي إل بعد الهجرة إلى الحبشة ‪،‬في العهد الثاني‬
‫‪.‬‬
‫كانت المادية التجارية والدينية في نظام رأسمالي فاحش وربا ظالم ‪ ،‬حيث‬
‫التلهي بالخمر والميسر والنساء شغل المترفين ‪ ،‬وحيث كبرياء الجاهلية من‬
‫تحكم الغنياء بالفقراء حتى اليتيم والرملة والرقيق وابن السبيل ‪،‬من‬
‫المميزات السائدة في المجتمع المكي والحجازي الذي يسوده بحسب لغة‬
‫عصرنا ‪،‬نظام الرأسمالية والقطاع والطبقات وما ينتج عنه من ترك الصلة‬
‫وذكر الخرة ‪ .‬فأخذ محمد – الذي كان يتيما ً وعائل ً كما في سورة الضحى‬
‫يشكو منه ويدعو إلى الصلح الجتماعي على أساس ديني ‪ " ،‬لن العرب ل‬
‫‪.‬‬ ‫يحصل لهم الملك إل بصبغة دينية‬
‫هذه الدعوة الجتماعية الدينية لنصاف المحرومين في معرض الذم بالغنياء‬
‫الذين لرحمة فيهم ‪ ،‬والحملة على التلهي بالدنيا دون الخرة ‪ ،‬وإهمال ذكر‬
‫يوم الدين للعبرة والغيرة – لم تكن دعوة عربية أو يهودية أو مجوسية نفروا‬
‫منها " كأنهم حمُر مستنفرة فرت من قسورة " (المدثر ‪ ) 56‬إنما كانت دعوة‬
‫مسيحية ورهبانية ول يسع المجال هنا أن نعدد كتب المسيحيين ومواعظ‬
‫الرهبان في عهد الفترة بين المسيح ومحمد وخصوصا ً رهبان سوريا ‪،‬وفي‬
‫الطليعة مواعظ افرام السوري التي كانت على كل لسان ‪ .‬فهذه الدعوة‬
‫المسيحية كان يقوم بها الرهبان السائحون في طول البلد وعرضها ‪،‬‬
‫والذين طالما اجتمع إليهم النبي ‪ .‬فلما اهتدى بالتوحيد الكتابي دعى‬
‫بدعوتهم ‪ .‬فكانت ثورة محمد الولى اجتماعية أكثر منها دينية فحارب النبي‬
‫الغنياء فاضطهدوه ودافع عن المحرومين فاتبعوه ‪ " :‬وما نراك اتبع إل‬
‫الذين هم أراذلنا " ( هود ‪ ) 27‬ولو دعا محمد إلى التوحيد ‪،‬دون التعرض‬
‫للصلح الجتماعي كما كان يفعل الحنفاء لما ثار عليه "أعزاء " مكة فلم‬
‫تكن الحرب الشعواء التي شنها أسياد مكة على النبي حتى اضطروه‬
‫وجماعته إلى هجرات ثلث ‪،‬ناجمة عن تعلقهم بدين أجدادهم ؛بل لن‬
‫المباديء التي نادى بها بين العرب كانت تهدد مصالح أولئك السياد ‪.‬‬
‫وقد شرح الستاذ دروزة في كتابه سيرة الرسول ج‪ 1‬ص ‪ 169-162‬شرحاً‬
‫جميل ً أسباب ثورة "مل " قريش على محمد فقال ‪ :‬لعل من أهم السباب‬
‫الصلية ما كان للزعامة من دور خطير في المجتمع العربي حيث كان‬
‫الزعماء وخاصة الغنياء – وكثيرا ً ما كان التلزم بين الغني والزعامة في هذا‬
‫المجتمع – يتمتعون بنفوذ السيادة ‪ .‬فلما أخذ النبي يدعو بدعوته ‪ ،‬ولم يكن‬
‫بعد قد جاوز سن الشباب كثيرا ً كما لم يكن بارزا ً في مجال الزعامة ‪،‬بغتوا‬
‫وعظم عليهم ان يروه داعية يستجاب كما ىجاء في سورة الزخرف آية ‪31‬‬
‫التي تقول ‪ " :‬وقالوا لول نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم "‬
‫وكذلك سورة فاطر آية ‪ . " 42‬ويمكن أن يدخل في هذه السباب ما كان من‬
‫قوة رسوخ عصبية التقاليد في المجتمع العربي ‪،‬وما استهدفته الدعوة من‬
‫هدم كثير من تقاليد العرب الصلية والفرعية أو تعديلها ‪ ،‬كالشرك على‬
‫أنواعه وكالعصبية الجتماعية الضيقة ‪ . . .‬إذ كانت هذه الهداف مما احتوته‬
‫السور والفصول القرآنية الولى ‪،‬ثم استمر بدون تراخ أو انقطاع إلى آخر‬
‫العهد بمكة ‪.‬‬
‫ولعل من أهم السباب التي نشأت من طبيعة الدعوة السلمية والتي تتصل‬
‫بالتقاليد القائمة ‪،‬خوف الزعامة القرشية وأغنياء مكة معا ً على ما كان لهم‬
‫ولمكة من مركز ومنافع أدبية ومادية عظيمة بسبب وجود بيت الله في مكة‬
‫وسدانتهم له ‪.‬فقد كان هذا البيت مثابة وأمنا ً لجميع العرب على اختلف‬
‫أديانهم وقبائلهم ‪،‬يأتونه من كل فج وصوب ويقيمون حوله أسواقهم ‪ .‬كما‬
‫كانوا يعتبرون قريشا ً إماما ً لهم في المور الدينية والدنيوية وكان ذلك‬
‫الخوف ناشئا ً من أن نجاح الدعوة الجديدة سيكون سببا ً لنصراف الناس عن‬
‫مكة والحج ‪ ،‬وتجهم العرب لمكة وأهلها كما تلهم آية ‪ 57‬من سورة القصص‬
‫حيث تقول ‪ " :‬وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أولم نمكن لهم‬
‫حرما ً آمنا ً يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا ً من لدنا ولكن أكثرهم ل يعلمون‬
‫"‬
‫إذن فالدعوة للصلح الجتماعي في معرض الدعوة ليوم الدين كانتا سبب‬
‫الثورة على محمد ‪.‬‬
‫كما كان يفعل الدعاة المسيحيون خصوصا ً الرهبان منهم ‪،‬فعل محمد‬
‫العربي في تأسيس الصلح الجتماعي على أساس الصلح الديني بالدعوة‬
‫إلى يوم الدين والنذار به حتى التهويل به في كل سانحة ‪،‬وهذا الخوف من‬
‫يوم الدين ‪،‬مع الدعوة إلى الزهد كان على أساس الرهبانية الولى ‪.‬‬
‫الدعوة ليوم الدين يهودية مسيحية قرآنية ‪:‬فهي اليمان بالله الحد لنه ملك‬
‫يوم الدين ‪.‬‬
‫إن القرآن المكي يذكر الكتاب المقدس جملة وتفصيل ‪ :‬فل يرد فيه اسم‬
‫التوراة والنجيل ؛حتى في سورة مريم المسيحية يذكر المسيح ورسالته‬
‫بقوله ‪ " :‬آتاني الكتاب وجعلني نبيا ً " ويذكر اليهود والنصارى جملة بهذا‬
‫السم " أهل الكتاب " وليس أشرف منه لن كتاب الله واحد وقد جعلهم‬
‫الله وحده لذلك فدعوة القرآن المكية لليمان بالله واليوم الخر مشتركة‬
‫بين الكتاب والنجيل والقرآن ‪.‬ولكن صفة يوم الدين في القرآن المكي كله‬
‫وخصوصا ً في العهد الول منه إنجيلية مسيحية رهبانية أكثر منها توراتية‬
‫يهودية تلمودية ‪ ،‬لذلك نصف هذا العهد بالعهد المسيحي في القرآن ‪،‬‬
‫والدعوة للتوحيد في القرآن المكي كله وخصوصا ً في العهد الثاني منه ‪،‬‬
‫توراتية يهودية تلمودية خصوصا ً لستشهاده المتواتر في تلك الفترة ببني‬
‫إسرائيل ‪،‬أكثر منها مسيحية ‪،‬لذلك نصف العهد الثاني بأنه العهد السرائيلي‬
‫في القرآن وفيه سورة باسمهم "سورة بني إسرائيل أو السراء " ‪.‬وليس‬
‫في هذه الوصاف من مساس بالتنزيل والعجاز لن القرآن ذاته يصف‬
‫نفسه بأنه " تصديق الكتاب وتفصيله " ز فدعوة القرآن ليوم الدين دعوة‬
‫إنجيلية مسيحية رهبانية ‪.‬صحيح أن الدعوة ليوم الدين كانت أيضا ً يهودية‬
‫ولكنها تلمودية أكثر منها توراتية وغزت التلمود بتأثير النصرانية ‪ .‬فالنجيل‬
‫يذكر أن طائفة الصدوقيين الجالسة على كرسي موسى كانت تنكر البعث‬
‫( متى ‪ ) 23 :22‬وفي التلمود ليست محور الصلح الديني وغاية الصلح‬
‫الخلقي كما كانت الحال عند رهبان عيسى ‪ ،‬وكما هو الواقع في القرآن ‪.‬‬
‫ومن الدلئل أن ملك الموت في التلمود هو إبليس ‪،‬بينما هو ملك الله في‬
‫النصوص المسيحية والسلمية ‪ .‬والنجيل يحصر الحساب في يوم الدين في‬
‫الحساب على المعاملة النسانية والمحبة الخوية (متى ‪ ) 45-31 : 25‬وفي‬
‫عهد الفترة بين المسيح ومحمد نجد عند أئمة النصارى نزعتين في وصف‬
‫يوم الدين نزعة المحبة والثقة البنوية بالله والمسيح الديان ‪،‬ونزعة الخوف‬
‫من يوم الله الرهيب يوم الحساب والغضب ( رو ‪ ) 5: 2‬وسادت نزعة الخوف‬
‫بين الرهبان الذين اشاعوها في أوساط الشعب وديار العرب ‪.‬وهذه النزعة‬
‫المرعبة هي التي تسو د القرآن من "يوم يجعل الولدان شيبا " ‪ " ،‬تذهب‬
‫فيه كل مرضعة عما أرضعت " ‪.‬‬

‫دعوة القرآن الولى مسيحية أيضا ً في طريقتها ‪:‬‬


‫لقد كانت دعوة القرآن الولى مسيحية في موضوعها ‪ :‬النذار بيوم الدين‬
‫في معرض الصلح الجتماعي ‪ .‬وهي أيضا ً مسيحية في طريقتها ‪ :‬مثل‬
‫الدعوة للزهد ‪ ،‬والدعوة للتوبة ‪،‬والدعوة للصلة ‪.‬‬
‫الدعوة للزهد ‪:‬‬
‫ليست دعوة الزهد من أخلق البيئة العربية ‪،‬بل هي عندهم مثل دعوة الخرة‬
‫" وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الولين " (النحل ‪. ) 24‬‬
‫وليست يهودية فقد ورث اليهود عن التوراة أن خيرات الرض دليل رضى‬
‫الله وبركة السماء ‪،‬كما كان يعتقد زعماء مكة والمدينة ‪ " :‬فأما النسان إذا‬
‫ما ابتله ربه فأكرمه ونعمه فيقول ‪ :‬ربي أكرمن ‪،‬وإذا ما ابنله فقدر عليه‬
‫رزقه فيقول ربي أهانن " ( الفجر ‪ ) 16-15‬كل ليس نعيم الدنيا كرامة ول‬
‫الفقر فيه إهانة وفي المدينة بجوار اليهود سنسمع صوتا ً معاكسا ً يقول في‬
‫سورة المائدة آية ‪ " 5‬اليوم أحل لكم الطيبات ‪ " . . .‬ويقول في نفس‬
‫السورة آية ‪ " 87‬يا أيها الذين آمنوا ل تحرموا طيبات ما أحل الله لكم‬
‫"ولكن في مكة في بيئته الخاصة التي نشأ فيها دعا إلى الزهد ودعوة الزهد‬
‫عنده فيها صدى النجيل ‪.‬‬
‫ً‬
‫في القرآن يقول ‪ " :‬وتأكلون التراث أكل ً لما وتحبون المال حبا جما‬
‫" (الفجر ‪ ) 20-19‬ويقول في سورة العلى " بل تؤثرون الحياة الدنيا‬
‫والخرة خير وأبقى " وفي النجيل يقول ‪ " :‬لكن اطلبوا أول ً ملكوت الله‬
‫وبره وهذا كله يزاد لكم " القرآن يقول في سورة التكاثر آية ‪ " 1،2‬ألهاكم‬
‫التكاثر حتى زرتم المقابر " يقول البيضاوي معلقا ً على هذه اليات ‪" :‬معناه‬
‫الهاكم التكاثر بالموال والولد إلى أن متم وقبرتم مضيعين أعماركم في‬
‫طلب الدنيا ‪ ،‬عما هو أهم وهو السعي لخراكم " ويقول القرآن في سورة‬
‫التغابن آية ‪ " : 15‬إنما أموالكم وأولدكم فتنة والله عنده أجر عظيم " ثم‬
‫يقول في الكهف ‪ " : 7‬إنا جعلنا ما على الرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن‬
‫عمل " وأيضا ً يقول في سورة العلق آية ‪ " 6،8‬كل إن النسان ليطغى أن رآه‬
‫استغنى إن إلى ربك الرجعى " لذلك قال " ويل لكل همزة لمزة الذي جمع‬
‫مال ً وعدده ‪،‬يحسب أن ماله أخلده ‪:‬كل لينبذن في الحطمة " وفي النجيل‬
‫يقول في متى ‪ " : 19 : 6‬لتكنزوا لكم كنوزا ً على الرض حيث يفسد‬
‫السوس والصدأ ‪ .‬وحيث ينقب السارقون ويسرقون ‪ .‬بل اكنزوا لكم كنوزاً‬
‫في السماء حيث ل يفسد سوس ول صدأ " ‪ -‬والعاقبة الحسنى للزهد‬
‫والتقوى نجدها في سورة الليل آيات ‪ 20، 18، 6،7، 5‬التي تقول ‪ " :‬فأما من‬
‫أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى ‪ . . .‬وسيجنبها التقى‬
‫الذي يؤتي ماله يتزكى ‪ . . .‬إل ابتغاء وجه ربه العلى " وتأتي النصيحة أيضاً‬
‫للنبي في قوله في سورة طه آية ‪ " 131 :‬ولتمدن عينيك إل ما متعنا به‬
‫أزواجا ً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى " وفي‬
‫النجيل يقول في متى ‪ " 29 : 19‬وكل من ترك بيوتا ً أو أخوة أو أخوات أو أباً‬
‫أو أما ً أو امرأةً أو أولدا ً أو حقول ً من أجل اسمي (وجه ربه العلى ) يأخذ‬
‫مئة ضعف ويرث الحياة البدية " ‪.‬‬
‫لقد كان رهبان عيسى يطوفون سوريا والعربية يدعون دعوة الزهد خشية‬
‫الخرة النجيلية وطالما أنصت محمد إليهم فتى وكهل ً ؛ولما نزل القرآن‬
‫في عهده الول نزل بدعوة الزهد الرهبانية وسيتحول عنها في المدينة كما‬
‫سبق وأشرنا إليه في سورة المائدة ‪.‬‬

‫التقان في علوم القرآن للسيوطي ج‪ 2‬ص‬


‫‪106‬‬
‫محمد عزة دروزة ‪ :‬القرآن المجيد ص ‪68‬‬
‫العقيدة والشريعة في السلم ص‪3‬‬
‫التقان في علوم القرآن ج‪ 2‬ص ‪108‬‬
‫المفصل في تاريخ العرب قبل السلم للدكتور جواد علي ج‪ 5‬ص ‪424‬و ‪428‬‬
‫جواد علي ‪:‬عصر النبي وبيئته قبل البعثة ص‪457‬‬
‫سيرة ابن هشام تحقيق مصطفى السقا ج‪ 1‬ص ‪199 – 191‬‬
‫دروزة ‪ :‬عصر النبي وبيئته قبل البعثة ص ‪97‬‬
‫دروزة ‪ :‬سيرة الرسول ج‪ 1‬ص‪42‬‬
‫ة من يجهل القراءة والكتابة ‪،‬ولكن اصطلحا ً كما في لغة القرآن عن اليهود‬ ‫المي ‪،‬لغ ً‬
‫والنصارى ‪:‬المي هو من ل كتاب له‬
‫دروزة في سيرة الرسول ج‪ 1‬ص ‪39-38‬‬
‫صحيح البخاري ج‪ 1‬ص‪3‬‬
‫يوسف دره الحداد ‪ :‬القرآن والكتاب ج‪ 2‬ص ‪413‬‬
‫يوسف درة الحداد ‪ :‬القرآن والكتاب ج‪ 2‬ص ‪415‬‬
‫"الحكم "لفظ عبراني يعني "الحكمة " وبذلك قال البيضاوي وفي الثلثة "الكتاب والحكم‬
‫النبوة "تقسيم الكتابيين لسفار الكتاب بتعبيرهم ذاته‬
‫يوسف درة الحداد ‪ :‬القرآن والكتاب ج‪ 2‬ص ‪415‬‬
‫البخاري ج‪ 2‬ص ‪210– 208‬‬
‫البخاري ج‪ 1‬ص ‪4‬‬
‫البخاري ج‪ 4‬ص ‪137‬‬
‫التقان للسيوطي ج‪ 1‬ص ‪25‬‬
‫القرآن والكتاب ليوسف دره الحداد ج‪ 2‬ص ‪417‬‬
‫سييرة ابن هشام ج‪ 1‬ص ‪339‬‬
‫مقدمة ابن خلدون ص ‪269‬‬
‫الرازي في تفسير سورة مريم‬
‫‪---------------------------------------------------------------‬‬
‫‪from : http://www.thequran.com/qurancommentspart1.aspx‬‬
‫‪ http://www.al-eman.com/islamlib/viewchp.asp?bid=153&cid=2#s4‬انظر أيضا أسباب‬
‫النزول للمام أبو الحسن علي الواحدي النيسابوري‬
‫‪---------------------------------------------------------------‬‬

You might also like