You are on page 1of 46

‫العائدون إلى‬

‫الله‬
‫مجموعة من قصص التائبين ‪ ،‬من مشاهير‬
‫وعلماء ودعاة وغيرهم يرونها بأنفسهم‬

‫جمعها‬
‫محمد بن عبدالعزيز المسند‬

‫المجموعة الثانية‬
‫(‪ )1‬توبة الفكر سيد قطب رحه ال(‪)1‬‬

‫ف قرية صغي ف صعيد مصر ولد سيد قطب رحه ال‪ ،‬ونشأ ف أسرة متدينة متوسطة الثراء‪،‬‬
‫وقد حرص والداه على تفيظه القرآن الكري ف صغره‪ ،‬فما أتّ العاشرة إل وقد حفظه كاملً‬
‫‪..‬‬

‫ول ا بلغ التا سعة عشرة عاش فترة من الضياع‪ ،‬و صفها بنف سه بأ نه كا نت (فترة إلاد) ح يث‬
‫قال‪( :‬ظللت ملحدا أحد عشر عاما حت عثرت على الطريق إل ال‪ ،‬وعرفت طمأنينة اليان‪.‬‬
‫وفس سسنة ‪1948‬م غادر سسيد القاهرة متوجها إل أمريكسا فس بعثسة لوزارة العارف آنذاك‪،‬‬
‫فكانت تلك الرحلة هي بداية الطريق الديد الذي هداه ال إليه‪ ،‬ووفقه لسلوكه والسي فيه‪.‬‬
‫كان سفره على ظهر باخرة عبت به البحر التوسط والحيط الطلسي‪ ...‬وهناك على ظهر‬
‫الباخرة‪ ،‬جرت له عدة حوادث أثرت ف حيا ته في ما ب عد‪ ،‬وحددت له طري قه‪ ،‬ولذلك ما إن‬
‫غادر الباخرة ف اليناء المري كي الذي و صل إل يه‪ ،‬و ما إن وطئت قدماه أرض أمري كا ح ت‬
‫كان قد عرف طريقه‪ ،‬وحدد رسالته‪ ،‬ورسم معال حياته ف الدنيا الديدة‪.‬‬
‫والن… لنترك الديث لسيد ليخبنا عما حدث له على ظهر السفينة يقول‪:‬‬
‫(منذ حوال خ سة ع شر عاما… كنا ستة ن فر من النت سبي إل ال سلم‪ ،‬على ظ هر سفينة‬
‫م صرية ت خر ب نا عباب الحيط الطل سي إل نيويورك‪ ،‬من ب ي عشر ين ومائة را كب وراك بة‬
‫ليس فيهم مسلم‪.‬‬
‫وخطر لنا أن نقيم صلة المعة ف الحيط على ظهر السفينة!‬
‫وال يعلم أنه ل يكن بنا أن نقيم الصلة ذاتا أكثر ما كان بنا حاسة دينية إزاء مبشر كان‬
‫يزاول عمله على ظهر السفينة‪ ،‬وحاول أن يزاول تبشيه معنا!‬
‫و قد ي سر ل نا قائد ال سفينة ‪-‬وكان إنليزيا‪ -‬أن نق يم صلتنا‪ ،‬و سح لبحارة ال سفينة وطهات ا‬
‫وخدم ها ‪-‬وكل هم نوبيون م سلمون‪ -‬أن ي صلي من هم مع نا من ل يكون ف (الد مة) و قت‬
‫الصلة‪.‬‬

‫‪ ) (1‬انظر كتاب (شيد قطب‪...‬من القرية إلى المشنقة) لعادل حمودة‪.‬‬


‫وقد فرحوا بذا فرحا شديدا إذ كانت هذه هي الرة الول الت تقام فيها صلة المعة على‬
‫ظهر السفينة‪.‬‬
‫وقمت بطبة المعة‪ ،‬وإمامة الصلة‪ ،‬والركاب الجانب معظمهم متحلقون‪ ،‬يرقبون صلتنا!‬
‫س كثيون منهسم يهنئوننسا على ناح (القداس)!! فقسد كان هذا أقصسى مسا‬ ‫وبعسد الصسلة جاءن ا‬
‫يفهمونه من صلتنا‪.‬‬
‫ول كن سيدة من هذا ال شد ‪-‬عرف نا في ما ب عد أن ا يوغ سلفية م سيحية (‪)2‬هار بة من جح يم‬
‫(تيتسو) وشيوعيتسه‪ -‬كانست شديدة التأثسر والنفعال‪ ،‬تفيسض عيناهسا بالدمسع‪ ،‬ول تتمالك‬
‫مشاعره… جاءت ت شد على أيدي نا برارة وتقول ‪ -‬ف إنليز ية ضعي فة‪ -‬إن ا ل تلك نف سها‬
‫من التأثر العميق بصلتنا هذه‪ ،‬وما فيها من خشوع‪ ،‬ونظام وروح… ال (‪)3‬‬
‫وبعد ذلك كله… وف ظلل هذه الالة اليانية‪ ،‬راح سيد ياطب نفسه قائل‪:‬‬
‫(أأذهب إل أمريكا وأسي فيها سي البتعثي العاديي‪ ،‬الذين يكتفون بالكل والنوم‪ ،‬أم لبدّ‬
‫من التميز بسمات معينة؟!‬
‫و هل غ ي ال سلم والتم سك بآدا به‪ ،‬واللتزام بناه جه ف الياة و سط العمعان الترف الزوّد‬
‫بكل وسائل الشهوة واللذة الرام؟‪)...‬‬
‫قال‪ :‬ورأيت أن أكون الرجل الثان‪( ،‬السلم اللتزم)‪ ،‬وأراد ال أن يتحنن هل أنا صادق فيما‬
‫اتهت إليه أم هو مرد خاطرة؟!‬
‫وكان ابتلء ال ل بعد دقائق من اختياري طريق السلم‪ ،‬إذ ما إن دخل تُ غرفت حت كان‬
‫الباب يقرع… وفتح تُ… فإذا أ نا بفتاة هيفاء جيلة‪ ،‬فار عة الطول‪ ،‬ش به عار ية‪ ،‬يبدو من‬
‫مفا تن ج سمها كل ما يغري… وبدأت ن بالنليز ية قائلة‪ :‬هل ي سمح ل سيدي بأن أكون‬
‫ضيفة عنده هذه الليلة؟‬
‫فاعتذر تُ بأن الغرفة معدة لسرير واحد‪ ،‬وكذا السرير لشخص واحد… فقالت‪ :‬وكثيا ما‬
‫يتسع السرير الواحد لثني!!‬

‫‪ )(2‬المسيح عليه السلم‪ ،‬بريء منهم‪ ،‬بعد أن حرفوا دينهم والصحيح أن يقال نصرانية‪.‬‬
‫‪) (3‬الظلل ‪.1786 ،3‬‬
‫واضطررت أمام وقاحت ها وماولت ها الدخول عنوة لن أد فع الباب ف وجه ها لت صبح خارج‬
‫الغر فة‪ ،‬و سعت ارتطام ها بالرض الشب ية ف ال مر‪ ،‬ف قد كا نت ممورة… فقلت‪ :‬ال مد‬
‫ل… هذا أول ابتلء… وشعر تُ باعتزاز ونشوة‪ ،‬إذ انت صرت على نف سي… وبدأت ت سي‬
‫ف الطريق الذي رسته لا(‪…)4‬‬
‫ول قد وا جه سيد رح ه ال ابتلءات كثية ب عد ذلك ولك نه تغلّب علي ها وانت صر على نف سه‬
‫المارة بالسوء!‬
‫ول ا و صل إل أمري كا‪ ،‬يدث نا ع ما رأى فيقول‪ :‬ول قد ك نت ‪ -‬ف أثناء وجودي ف الوليات‬
‫التحدة المريك ية‪ -‬أرى رأي الع ي م صداق قول ال تعال‪( :‬فل ما ن سوا ما ذكروا به فتح نا‬
‫عليهم أبواب كل شيء حت إذا فرحوا با أوتوا أخذناهم بغتةً فإذا هم مُبلسون)‪( .‬سورة‬
‫النعام الية ‪.)44‬‬
‫فإن الش هد الذي تر سه ال ية مش هد تد فق كل ش يء من اليات والرزاق بل ح ساب‪ ،‬ل‬
‫يكاد يتمثل ف الرض كلها كما يتمثل هناك!‬
‫وكنست أرى غرور القوم بذا الرخاء الذي هسم فيسه… وشعورهسم بأنسه وَقسف على الرجسل‬
‫البيض… وطريقة تعاملهم مع اللوني ف عجرفة مرذولة‪ ،‬وف وحشية كذلك بشعة… وف‬
‫صلف على أهل الرض كلهم‪ ،‬كن تُ أرى هذا كله فأذكر هذه الية… وأتوقع سنة ال…‬
‫وأكاد أرى خطواتا وهي تدبّ إل الغافلي(‪.)5‬‬
‫وب عد سنتي قضاه ا سيد ف أمري كا‪ ،‬عاد رح ه ال إل م صر… ولك نه عاد رجلً آ خر…‬
‫رجلً مؤمنا ملتزما صاحب رسالة ودعوة وغاية‪.‬‬
‫رحم ال سيدا وأسكنه فسيح جناته وعفا عنا وعنه‪.‬‬

‫‪ ) (4‬انظر (أمريكا من الداخل بمنظار سيد قطب)‪ ،‬للدكتور صلح الخالدي‪.‬‬


‫‪ ) (5‬الظلل ‪ 1091 ،2‬باختصار‪.‬‬
‫(‪ )2‬توبة الشرطيي شهدا إعدام سيد قطب رحه ال (‪)6‬‬

‫إن ف بذل العلماء والدعاة وال صلحي أنف سهم ف سبيل ال حياة للناس‪ ،‬إذا علموا صدقهم؛‬
‫وإخلصهم ل عز وجلّ‪.‬‬
‫ومن هؤلء الدعاة والفكرين‪( ..‬سيد قطب) رحه ال‪ ،‬فقد كان لقتله أثر بالغ ف نفوس من‬
‫عرفوه وعلموا صدقه‪ ،‬ومنهم اثنان من النود الذين كُلفّوا براسته وحضروا إعدامه‪.‬‬
‫يروي أحدها القصة فيقول‪:‬‬
‫هناك أشياء ل تكن نتصورها هي الت أدخلت التغيي الكلي على حياتنا‪..‬‬
‫ف ال سجن الر ب ك نا ن ستقبل كل ليلة أفرادا أو مموعات من الشيوخ والشباب والن ساء‪،‬‬
‫ويقال ل نا‪ :‬هؤلء من الو نة الذ ين يتعاونون مع اليهود ولبدّ من ا ستخلص أ سرارهم‪ ..‬ول‬
‫سبيل إل ذلك إل بأشدّ العذاب‪ .‬وكان ذلك كافيا لتمزيق لومهم بأنواع السياط والعصي‪..‬‬
‫ك نا نف عل ذلك ون ن مُوقنون إن نا نؤدي واجبا مقدّ سا… إل أن نا ما لبث نا أن وجد نا أنف سنا‬
‫أمام أشياء ل ن ستطع ل ا تف سيا‪ ،‬ل قد رأي نا هؤلء (الو نة)‪ ،‬موا ظبي على ال صلة أثناء الل يل‬
‫وتكاد ألسنتهم ل تفتر عن ذكر ال حت عند البلء‪.‬‬
‫بل إن بعض هم كان يوت ت ت و قع ال سياط‪ ،‬أو أثناء هجوم الكلب الضار ية علي هم‪ ،‬و هو‬
‫مبتسمون على الذكر‪.‬‬
‫ومسن هنسا… بدأ الشسك يتسسرب إل نفوسسنا… فل يعقسل أن يكون مثسل هؤلء الؤمنيس‬
‫الذاكرين من الائني التعاملي مع أعداء ال‪.‬‬
‫واتفق تُ أنا وأخي هذا سرا على أن نتجنب إيذائهم ما وجدنا إل ذلك سبيل‪ .‬وأن نقدم لم‬
‫كل ما نستطيع من العون‪.‬‬

‫)) مجلة الدعوة السعودية‪ /‬العدد ‪ /1028‬بقلم‪ :‬محمد المجذوب‪ ،‬باختصار‪.‬‬ ‫‪6‬‬
‫ومن فضل ال علينا أن وجودنا ف ذلك السجن ل يستمر طويلً… وكان آخر ما كُلفنا به‬
‫من عمل هو حراسة الزنزانة الت أفرد فيها أحدهم وقد وصفوه لنا بأنه أخطرهم جيعا‪ ،‬أو أنه‬
‫رأسهم الفكر وقائدهم الدبر (‪)7‬‬
‫وكان قد بلغ به التعذيب إل حد ل يعد قادرا معه على النهوض‪ ،‬فكانوا يملونه إل الحكمة‬
‫العسكرية الت تنظر ف قضيته‪.‬‬
‫وذات ليلة جاءت الوا مر بإعداده للمشن قة‪ ،‬وأدخلوا عل يه أحد الشيوخ!!! ليذكره ويع ظه!!!‬
‫وف ساعة مبكرة من الصباح التال‪ ،‬أخذت أنا وأخي بذراعيه نقوده إل السيارة الغلقة الت‬
‫سبقنا إلي ها ب عض الحكوم ي الخر ين… وخلل لظات انطل قت ب نا إل مكان العدام…‬
‫ومن خلفنا بعض السيارات العسكرية تمل النود الدججي بالسلح للحفاظ عليهم…‬
‫وف مثل لح البصر أخذ كل جندي مكانه الرسوم متضنا مسدسه الرشاش‪ ،‬وكان السئولون‬
‫هناك قد هيئوا كل شيء… فأقاموا من الشانق مثل عدد الحكومي… وسيق كل منهم إل‬
‫مشن قة الحددة‪ ،‬ث ل فّ حبل ها حول عن قه‪ ،‬وانت صب با نب كل واحدة (العشماوي) الذي‬
‫ينتظر الشارة لزاحة اللوح من تت قدمي الحكوم‪ ..‬ووقف تت كل راية سوداء الندي‬
‫الكلف برفعها لظة التنفيذ‪.‬‬
‫كان أه يب ما هنالك تلك الكلمات ال ت ج عل يوجه ها كل من هؤلء الهيئ ي للموت إل‬
‫إخوانه‪ ،‬يبشره بالتلقي ف جنة اللد‪ ،‬مع ممد وأصحابه‪ ،‬ويتم كل عبارة الصيحة الؤثرة‪:‬‬
‫ال أكب وال المد‪.‬‬
‫ف هذه اللحظات الرهيبة سعنا هدير سيارة تقترب‪ ،‬ث ل تلبث أن سكت مركها‪ ،‬وفتحت‬
‫البوا بة الحرو سة‪ ،‬ليند فع من خلل ا ضا بط من ذوي الر تب العال ية‪ ،‬و هو ي صيح باللد ين‪:‬‬
‫مكانكم!‬
‫ث تقدم نو صاحبنا الذي ل نزل إل جواره على جانب الشنقة‪ ،‬وب عد أن أمر الضابط بإزالة‬
‫الرباط عن عينه‪ ،‬ورفع البل عن عنقه‪ ،‬جعل يكلمه بصوت مرتعش‪:‬‬

‫‪ ) (7‬هو سيد رحمه ال‬


‫يا أخي‪ ..‬سيد‪ ..‬إن قادم إليك بدية الياة من الرئيس الليم الرحيم‪ ،‬كلمة واحدة تدليها‬
‫بتوقيعك‪ ،‬ث تطلب ما تشاء لك ولخوانك هؤلء‪.‬‬
‫ول ينت ظر الواب‪ ،‬وف تح الكراس الذي بيده و هو يقول‪ :‬اك تب يا أ خي هذه العبارة ف قط‪:‬‬
‫(لقد كنت مطئا وإن أعتذر‪.)...‬‬
‫ورفسع سسيد عينسه الصسافيتي‪ ،‬وقسد غمرت وجهسه ابتسسامة ل قدرة لنسا على وصسفها‪ ..‬وقال‬
‫للضابط ف هدوء عجيب‪ :‬أبدا‪ ..‬لن أشتري الياة الزائلة بكذبة لن تزول!‬
‫قال الضابط بلهجة يازجها الزن‪ ...‬ولكنه الوت يا سيد‪.‬‬
‫وأجاب سيد‪ ( :‬يا مرحبا بالوت ف سبيل ال‪ ،)..‬ال أكب!! هكذا تكون العزة اليانية‪ ،‬ول‬
‫يبق مال للستمرار ف الوار‪ ،‬فأشار الضابط للعشماوي بوجوب التنفيذ‪.‬‬
‫وسرعان ما تأرجح جسد سيد رحه ال وإخوانه ف الواء‪ ...‬وعلى لسان كل منهم الكلمة‬
‫ال ت ل ن ستطيع ل ا ن سيانا‪ ،‬ول نش عر قط ب ثل وقع ها ف غ ي ذلك الو قف‪( ،‬ل إله إل ال‪،‬‬
‫ممد رسول ال‪)...‬‬
‫وهكذا كان هذا الشهد سببا ف هدايتنا واستقامتنا‪ ،‬فنسأل ال الثبات‪.‬‬
‫(‪ )3‬توبة الغن البيطان الشهور (كات ستيفن ) (‪)8‬‬

‫رفض كل مغريات الدنيا بكل شهرتا وشهواتا‪ ،‬هرب من هجي هذا العال إل وهج اليان‪،‬‬
‫فوجد ف يه الناء والطمأني نة… إنا قصة الفنان البيطان الذي ضربت شهرته الفاق‪( ،‬كات‬
‫ستيفنسز)‪ ،‬الذي أصبح اسه فيما بعد (يوسف إسلم)‪ .‬ها هو يرويها بنفسه ف هذه السطو‬
‫البليغة التعبي‪ ،‬البالغ التأثي فيقول‪:‬‬
‫(ولدتُ ف لندن قلب العال الغرب‪...‬‬
‫ولدتُ ف عصر التلفزيون وارتياد الفضاء‪..‬‬
‫ت ف يه التكنولوج يا إل الق مة ف بلد معروف بضار ته ف بريطان يا‪..‬‬‫ولد تُ ف ع صر و صل ْ‬
‫ترعرع تْ ف هذا الجتمع‪ ،‬وتعلمت ف مدرسة (كاثوليكية)‪ ،‬حيث علمتنْي الفهوم السيحي‬
‫(الن صران)‪ ،‬للحياة والعقيدة‪ ،‬وعر فت ما يفترض أن أعر فه عن ال‪ ،‬و عن ال سيح (عل يه‬
‫السلم)‪ ،‬والقدر والي والشر‪.‬‬
‫حدثون كثيا عن ال‪ ،‬وقليلً عن السيح‪ ،‬وأقلّ من ذلك عن الروح القدس‪.‬‬
‫كانت الياة حول ماديّة تنصبّ من كل أجهزة العلم‪ ،‬حيث كانوا يعلموننا بأن الغن هو‬
‫الثروة القيقية‪ ،‬والفقر هو الضياع القيقي‪ ،‬وأن المريكي هو الثل للغن‪ ،‬والعال الثالث هو‬
‫الثل للفقر والجاعة والهل والضياع!!‬
‫ولذلك لبدّ أن أختار طريق الغن‪ ،‬وأسلك مسلكه‪ ،‬لعيش حياة سعيدة‪ ،‬وأفوز بنعيم الياة‪،‬‬
‫ولذا فقد بنيت فلسفة الياة على أل علقة لا بالدين‪ ،‬وانتهجت هذه الفلسفة‪ ،‬لدرك سعادة‬
‫النفس‪.‬‬
‫وبدأت أن ظر إل و سائل النجاح‪ ،‬وكا نت أ سهل طري قة أن أشتري (جيتارا)‪ ،‬وأؤلف ب عض‬
‫الغان‪ ،‬وألنها‪ ،‬وأنطلق بي الناس‪ ،‬وهذا ما فعلته بالفعل باسم (كات ستيفنسز)‪.‬‬
‫وخلل فترة ق صية ح يث ك نت ف الثام نة عشرة من عمري‪ ،‬كان ل ثان ية شرائط م سجلة‪،‬‬
‫وبدأت أقدم الكثي من العروض‪ ،‬وأجع الكثي من الال حت وصلت إل القمة!!‬
‫‪ ) (8‬المجلة العربية‪ /‬العدد ‪.104‬‬
‫وعندما كنتُ ف القمة‪ ،‬كنت أنظر إل أسفل‪ ،‬خوفا من السقوط!! وبدأ القلق ينتابن‪ ،‬وبدأت‬
‫أشرب زجاجة كاملة ف كل يوم‪ ،‬لستجمع الشجاعة كي أغن‪ ،‬كنت أشعر أن الناس حول‬
‫يلبسون أقنعة‪ ،‬ول أحد يكشف عن وجهه القناع ‪-‬قناع القيقة!!‬
‫كان لبدّ من النفاق‪ ،‬حت تبيع وتكسب ‪-‬وحت تعيش!!‬
‫س إل‬
‫وشعرت أن هذا ضلل‪ ،‬وبدأت أكره حياتس واعتزلت الناس وأصسابن الرض‪ ،‬فنقلت ُ‬
‫الستشفى مريضا بالسل‪ ،‬وكانت فترة الستشفى خيا ل حيث إنا قادتن إل التفكي‪.‬‬
‫كان عندي إيان بال‪ ،‬ولكن الكنيسة ل تعرّفن ما هو الله‪ ،‬وعجزت عن إيصال حقيقة هذا‬
‫الله الذي تتحدث عنه!!‬
‫كانت الفكرة غامضة وبدأت أفكر ف طريقي إل حياة جديدة‪ ،‬وكان معي كتب عن العقيدة‬
‫والشرق‪ ،‬وك نت أب ث عن ال سلم والقي قة‪ ،‬وانتاب ن شعور أن أت ه إل غا ية مّا‪ ،‬ول كن ل‬
‫أدرك كنهها ول مفهومها‪ ..‬ول أقتنع أن أظل جالسا خال الذهن‪ ،‬بل بدأت أفكر وأبث عن‬
‫السعادة الت ل أجدها ف الغن‪ ،‬ول ف الشهرة‪ ،‬ول ف القمة‪ ،‬ول ف الكنيسة‪ ،‬فطرقت باب‬
‫(البوذية والفلسفة الصينية)‪ ،‬فدرستها‪ ،‬وظننت أن السعادة هي أن تتنبأ با يدث ف الغد حت‬
‫تتج نب شروره‪ ،‬ف صرت قدريّا‪ ،‬وآم نت بالنجوم‪ ،‬والتن بؤ بالطالع‪ ،‬ولكن ن وجدت ذلك كله‬
‫هُراء‪.‬‬
‫ث انتقلت إل الشيوع ية‪ ،‬ظنّا م ن أن ال ي هو أن نق سم ثروات هذا العال على كل الناس‪،‬‬
‫ولكننس شعرت أن الشيوعيسة ل تتفسق مسع الفطرة‪ ،‬فالعدل أن تصسل على عائد مهودك‪ ،‬ول‬
‫يعود إل جيب شخص آخر‪.‬‬
‫ث اتهت إل تعاطي العقاقي الهدئة‪ ،‬لقطع هذه السلسلة القاسية من التفكي والية‪.‬‬
‫وبعد فترة أدركت أنه ليست هناك عقيدة تعطين الجابة‪ ،‬وتوضح ل القيقة الت أبث عنها‪،‬‬
‫ويئست حيث ل أكن آنذاك أعرف شيئا عن السلم‪ ،‬فبقيت على معتقدي‪ ،‬وفهمي الول‪،‬‬
‫الذي تعلمته من الكنيسة حيث أيقنت أن هذه العتقدات هراء‪ ،‬وأن الكنيسة قليلً منها‪.‬‬
‫عدت إليها ثانيةً وعكفت من جديد على تأليف الوسيقي‪ ،‬وشعرت أنا هي دين‪ ،‬ول دين ل‬
‫سواها!!‬
‫وحاولت الخلص لذا الد ين‪ ،‬ح يث حاولت إياد التأل يف الو سيقي‪ ،‬وانطلقا من الف كر‬
‫الغرب الستمد من تعاليم الكنيسة الذي يوحي للنسان أنه قد يكون كاملً كالله إذا أتقن‬
‫عمله أو أخلص له وأحبه!!‬
‫و ف عام ‪1975‬م حد ثت العجزة‪ ،‬ب عد أن قدّم ل شقي قي ال كب ن سخة من القرآن الكر ي‬
‫هدية‪ ،‬وبقيت معي هذه النسخة حت زرت القدس ف فلسطي‪ ،‬ومن تلك الزيارة بدأت أهتم‬
‫بذلك الكتاب الذي أهدان يه أ خي‪ ،‬والذي ل أعرف ما بداخله وماذا يتحدث ع نه‪ ،‬ث ب ثت‬
‫عن ترجة للقرآن الكري بعد زيارت للقدس‪ ،‬وكان الرة الول الت أفكر فيها عن السلم‪،‬‬
‫فال سلم ف ن ظر الغرب يُع تب عن صريا عرقيا وال سلمون أغراب أجا نب سواء كانوا عربا أو‬
‫أتراكا‪ ،‬ووالديّ كانا من أصل يونان‪ ،‬واليونان يكره التركي السلم‪ ،‬لذلك كان الفروض أن‬
‫أكره القرآن الذي يديسن بسه التراك بدافسع الوراثسة‪ ،‬ولكنس رأيست أن أطلع عليسه ‪-‬أي على‬
‫ترجته‪ -‬فل مانع من أن أرى ما فيه‪.‬‬
‫و من أول وهلة شعرت أن القرآن يبدأ بس (بسم ال) وليس باسم غي ال‪ ،‬وعبارة (بسم ال‬
‫الرحن الرحيم) كانت مؤثرة ف نفسي‪ ،‬ث تستمر فاتة الكتاب‪( :‬المد ل رب العالي‪ )،‬كل‬
‫المد ل خالق العالي‪ ،‬ورب الخلوقات‪.‬‬
‫وح ت ذلك الو قت كا نت فكر ت ضئيلة عن الله‪ ،‬ح يث كانوا يقولون ل‪ :‬إن ال الوا حد‪،‬‬
‫مقسم إل ثلثة‪ ،‬كيف؟!! ل أدري‪.‬‬
‫وكانوا يقولون ل إن إلنا ليس إله اليهود‪!!...‬‬
‫أمسا القرآن الكريس‪ ،‬فقسد بدأ بعبادة ال الواحسد رب العاليس جيعا‪ ،‬مؤكدا وحدانيسة الالق‪،‬‬
‫فليس له شريك يقتسم معه القوة‪ ،‬وهذا أيضا مفهوم جديد‪ ،‬ث كنت أفهم قبل معرفت بالقرآن‬
‫الكريس‪ ،‬أن هناك مفهوم اللئمسة والقوى القادرة على العجزات‪ ،‬أمسا الن فبمفهوم السسلم‪،‬‬
‫ال وحده هو القادر على كل شيء‪.‬‬
‫واقترن ذلك باليان باليوم الخسر وأن الياة الخرة خالدة‪ ،‬فالنسسان ليسس كتلة مسن اللحسم‬
‫تتحول يوما ما إل رماد ك ما يقول علماء الياة‪ ..‬بل ما تفعله ف هذه الياة يدد الالة الت‬
‫ستكون عليها ف الياة الخرة‪.‬‬
‫القرآن هو الذي دعان للسلم‪ ،‬فأجبت دعوته‪ ،‬أما الكنسية الت حطمتن وجلبتْ ل التعاسة‬
‫والعناء فهسي التس أرسسلتْن لذا القرآن‪ ،‬عندمسا عجزت عسن الجابسة على تسساؤلت النفسس‬
‫والروح‪.‬‬
‫ول قد لح ظت ف القرآن‪ ،‬شيئا غريبا‪ ،‬هو أ نه ل يش به با قي الك تب‪ ،‬ول يتكوّن من مقا طع‬
‫وأوصاف تتوافر ف الكتب الدينية الت قرأتا‪ ،‬ول يكن على غلف القرآن الكري اسم مؤلف‪،‬‬
‫ولذا أيقنت بفهوم الوحي الذي أوحى ال به إل هذا النب الرسل‪.‬‬
‫لقسد تسبي ل الفارق بي نه وبيس النيسل الذي كتسب على أيدي مؤلفيس متلفيس من قصسص‬
‫متعددة‪.‬‬
‫حاولت أن أبث عن أخطاء ف القرآن الكري‪ ،‬ولكن ل أ جد‪ ،‬كان كله منسجما مع فكرة‬
‫الوحدانية الالصة (‪.)9‬‬
‫وبدأت أعرف ما هو السلم‪.‬‬
‫ل يكن القرآن رسالة واحدة‪ ،‬بل وجدت فيه كل أساء النبياء الذين شرفهم وكرمهم ال ول‬
‫يفرق ب ي أحد منهم‪ ،‬وكان هذا الفهوم منطقيا‪ ،‬فلو أنك آمنت بنب دون آخر فإنك تكون‬
‫قد دمرت وحدة الرسالت‪.‬‬
‫و من ذلك ال ي فهم تُ ك يف ت سلسلت الر سالت م نذ بدء اللي فة‪ ،‬وأن الناس على مدى‬
‫التاريخ كانوا صنفي‪ :‬إما مؤمن‪ ،‬وإما كافر‪.‬‬
‫لقد أجاب القرآن على كل تساؤلت‪ ،‬وبذلك شعرت بالسعادة‪ ،‬سعادة العثور على القيقة‪.‬‬
‫وبعد قراءة القرآن الكري كله‪ ،‬خلل عام كامل‪ ،‬بدأت أطبق الفكار الت قرأتا فيه‪ ،‬فشعرت‬
‫ف ذلك الوقت أنن السلم الوحيد ف العال‪.‬‬
‫ث فكرتّ ك يف أكون م سلما حقيقيا؟ فات هت إل مسجد لندن‪ ،‬وأشهرت إسلمي‪ ،‬وقلت‬
‫(أشهد أن ل إله إل ال وأن ممدا عبده ورسوله)‪.‬‬
‫ح ي ذلك أيق نت أن ال سلم الذي اعتنق ته ر سالة ثقيلة‪ ،‬ول يس عملً سهلً ينت هي بالن طق‬
‫بالشهادتي‪.‬‬

‫‪) (9‬الخ يوسف قرأ ترجمة معاني القرآن‪ ،‬ولم يقرأ القرآن بلغته التي نزل بها‪ ،‬فكيف لو قرأ لغته التي نزل بها من عند ال؟‬
‫لقد ولدتّ من جديد! وعرفتُ إل أين أسي مع إخوان من عباد ال السلمي‪ ،‬ول أقابل أحدا‬
‫من هم من ق بل‪ ،‬ولو قابلت م سلما يُحاول أن يدعو ن لل سلم لرف ضت دعو ته ب سبب أحوال‬
‫ال سلمي الزر ية‪ ،‬و ما تشو هه أجهزة إعلم نا ف الغرب‪ ،‬بل ح ت أجهزة العلم ال سلمية‬
‫كثيا ما تشوه القائق ال سلمية‪ ،‬وكثيا ما ت قف وتؤ يد افتراءات أعداء ال سلم‪ ،‬العاجز ين‬
‫عن إصلح شعوبم الت تدمرها الن المراض الخلقية‪ ،‬والجتماعية وغيها!!‬
‫ل قد اته تُ لل سلم من أف ضل م صادره‪ ،‬و هو القرآن الكر ي‪ ،‬ث بدأت أدرس سية الر سول‬
‫صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬وك يف أ نه ب سلوكه و سننه‪ ،‬علّم ال سلمي ال سلم‪ ،‬فأدر كت الثروة‬
‫الائلة ف حياة الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وسننه‪ ،‬لقد نسيت الوسيقى‪ ،‬وسألت إخوان‪:‬‬
‫هل أستمر؟ فنصحون بالتوقف‪ ،‬فالوسيقى تشغل عن ذكر ال‪ ،‬وهذا خطر عظيم‪.‬‬
‫لقسد رأيست شابا يهجرون أهلهسم‪ ،‬ويعيشون فس جسو الغانس والوسسيقى‪ ،‬وهذا ل يرضاه‬
‫السلم‪ ،‬الذي يث على بناء الرجال‪.‬‬
‫أما الليي الت كسبتها من عملي السابق (وهو الغناء) فوهبتها كلها للدعوة السلمية)‪ .‬هذه‬
‫هي قصة الغن البيطان الشهور‪ ،‬كات ستيفن (يوسف إسلم) الذي رفض الشهرة والليي‪،‬‬
‫بعد أن هداه ال إل طريق الق‪ ،‬نديها إل جيع الفناني والغني ف عالنا العرب والسلمي‪،‬‬
‫بل ف العال أجع‪ ،‬لعلها تكون عبة للمعتبين‪ ،‬وذكرى للذاكرين‪.‬‬
‫(‪ )4‬توبة المثلة هناء ثروت)(‪)10‬‬

‫هناء ثروت مثلة مشهورة‪ ،‬عا شت ف (الع فن الف ن) فترة من الزمان‪ ،‬ولكن ها عر فت الطر يق‬
‫بعد ذلك فلزمته‪ ،‬فأصبحت تبكي على ماضيها الؤل‪.‬‬
‫تروي قصتها فتقول‪:‬‬
‫أنيست أعمال النليسة عصسر ذلك اليوم‪ ،‬وبعسد أن اطمأننست على أولدي‪ ،‬وقسد بدءوا فس‬
‫استذكار دروسهم‪ ،‬جلست ف الصالة‪ ،‬وهمت بتابعة ملة إسلمية حبيبة إل نفسي‪ ،‬ولكن‬
‫شيئا ما شد انتبا هي‪ ،‬أره فت سعي ل صوتٍ ينب عث من إحدى الغرف‪ .‬وبالذات من حجرة‬
‫ابنت الكبى‪ ،‬الصوت يعلو تارة ويغيب بعيدا تارةً أخرى‪.‬‬
‫ن ضت بتع جل ل ستبي ال مر‪ ،‬ث عدت إل مكا ن با سة عند ما رأيت صغيت م سكة بيد ها‬
‫ملدا أنيقا تدور به الغرفة فرحة‪ ،‬وهي تلحّن ما تقرأ‪ ،‬لقد أهدتْها إدارة الدرسة ديوان (أحد‬
‫شوقي)‪ ،‬لتفوقها ف دراستها‪ ،‬وف لجة طفولية مرحة كانت تردد‪:‬‬
‫والغسوان يغسرهسن الثنسسسساء‬ ‫خسدعوها بقسولسم حسنسساء‬
‫ل أدري لاذا أخذت ابن ت ف تكرار هذا الب يت‪ ،‬لعله أعجب ها‪ ..‬وأخذ تُ أردده مع ها‪ ،‬و قد‬
‫انفجر تْ مدامعي تأثرا وانفعالً‪ .‬أناملي الراعشة تضغط بالنديل الورقي على الكرات الدمعية‬
‫التهطلة كي ل تفسد صفحات اعتدت تدوين خواطري وذكريات ف ثناياها‪ ،‬وصوت ابنت ل‬
‫يزال يردد بيت شوقي‪:‬‬
‫(خدعوها)؟!‬
‫نعم‪ ،‬لقد مُورستْ عليّ عمليات خداع‪ ،‬نصبتها أكثر من جهة‪.‬‬
‫تعود جذور الأ ساة إل سنوات كن تُ في ها الطفلة البيئة لبو ين م سلمي‪ ،‬كان من الفروض‬
‫عليه ما ا ستشعار ال سئولية تاه ودي عة ال لديه ما ‪-‬ال ت هي أ نا‪ -‬بتعهدي بالترب ية وح سن‬
‫التوجيه وسلمة التنشئة‪ ،‬لغدو بق مسلمة كما الطلوب‪ ،‬ولكن أسأل ال أن يعفو عنهما‪.‬‬

‫‪ ) (10‬مجلة المة‪ /‬العدد ‪ /62‬بعنوان‪ :‬مهاجرة إلى ال‪ .‬وقد نشرت هذه القصة أيضا باختصار في مجلة لبنانية‪ ،‬وقد قامت هذه المجلة بنشر صور هذه‬
‫الممثلة قبل الحجاب وبعده!!!‬
‫كا نا من صرفي‪ ،‬كل وا حد منه ما لعمله‪ ،‬فأ ب ‪-‬بطبي عة الال‪ -‬دائما خارج الب يت ف كدح‬
‫متوا صل تاركا ع بء ال سرة ل مي ال ت كا نت بدور ها موز عة الهتمامات ما ب ي عمل ها‬
‫الوظيفي خارج النل وداخله‪ ،‬إل جانب تلبية احتياجاتا الشخصية والاصة‪ ،‬وبالطبع ل أجد‬
‫الرعاية والعتناء اللزمي حت تلقفتن دور الضانة‪ ،‬ولّا أبلغ الثالثة من عمري‪.‬‬
‫ك نت أع يش ف قلق وتو تر وخوف من كل ش يء‪ ،‬فانع كس ذلك على ت صرفات الفوضو ية‬
‫الثائرة ف الرحلة البتدائية ف ماولة لذب النتباه إل شخصي الهمل (أُسريّا) بيد أن شيئا ما‬
‫أخذ يلفت النظار إل بشكل متزايد‪.‬‬
‫أجل‪ ،‬فقد حبان ال جالً‪ ،‬ورشاقة‪ ،‬وحنجرة غريدة‪ ،‬جعلت معلمة الوسيقى تلزمن بصفة‬
‫شبه دائمة‪ ،‬تستعيدن الدوار الغنائية ‪-‬الراقصة منها والستعراضية‪ -‬الت أشاهدها ف التلفاز‪،‬‬
‫حت عدوت أف ضل من تقوم با ف الفلت الدر سية‪ ،‬ول أزال أحتفظ ف ذاكر ت بأحداث‬
‫ت فيه لتفوقي ف الغناء والرقص والتمثيل على مستوى الدارس البتدائية ف بلدي‪،‬‬ ‫يوم كُرّم ُ‬
‫احتضنتن (الم ليليان)‪ ،‬مديرة مدرست ذات الوية الجنبية‪ ،‬وغمرتن بقبلتا قائلة لزميلة لا‬
‫فقد نحنا ف مهمتنا‪ ،‬إنا ‪-‬وأشارت إلّ‪ -‬من نتاجنا‪ ،‬وسنعرف كيف نافظ عليها لتكمل‬
‫رسالتنا!! (‪)11‬‬
‫لقد صور ل خيال الساذج آنذاك أن سأبقى دائما مع تلك العلمة وهذه الديرة‪ ،‬وأسعدن أن‬
‫أجد بعضا من حنان افتقدته‪ ،‬وإن كنت قد لحظتُ أن عطفهما من نوع غريب‪ ،‬تكشفت ل‬
‫أبعاده ومراميه بعدئذ‪ ،‬وأفقت على حقيقة هذا الهتمام الستورد!!‬
‫صراحة‪ ،‬ل أستطيع نكران مدى غبطت ف تلك السني الفائتة‪ ،‬وأنا أدرج من مرحلة لخرى‪،‬‬
‫خاصة بعد أن تبنان أحد مرجي الفلم السينمائية كفنانة (!!) دائما وسط اهتمام إعلمي‬
‫كبي ب!‬
‫كما أخذت تفخر أمي بابنتها الوهوبة (!!) أمام معارفها‪ ،‬وصويباتا‪ ،‬وتكاد تتقافز سرورا‬
‫وهي تلي صوري على شاشة التلفاز‪ ،‬جليسها الدائم‪.‬‬
‫كا نت تتلك ن نشوة مك سرة‪ ،‬وأ نا أر فل ف الزياء الفاخرة والجوهرات النفي سة وال سيارات‬
‫الفار هة‪ ،‬كا نت تطرب ن القابلت‪ ،‬والتعليقات ال صحفية‪ ،‬ورؤ ية صوري اللو نة‪ ،‬و هي ت تل‬
‫‪ ) (11‬صدق ال إذ يقول‪( :‬يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين)‪ .‬آل عمران‪ ،‬الية ‪.)100‬‬
‫أغلفسة الجلت‪ ،‬وواجهات الحلت‪ ،‬حتس وصسل بس المسر إل أن تعاقسد معسي متعهدو‬
‫العلنات والدعايات‪ ،‬لستخدام اسي ‪-‬اسي فقط‪ -‬لترويج مستحضراتم وبضائعهم!‬
‫كانت حيات بعمومها موضع العجاب والتقليد ف أو ساط الراهقات‪ ،‬وغ ي الراهقات على‬
‫ال سواء‪ ،‬وبالقا بل كان تأل قي هذا مو طن ال سد والغية ال ت شب أوار ها ف نفوس زميلت‬
‫اله نة ‪-‬إن صح الت عبي‪ -‬وب صورة أك ثر ع ند من و صل ب ن قطار الع مر إل مطات التر هل‪،‬‬
‫والنطفاء‪ ،‬وقسد أخفقست عمليات التجميسل فس إعادة نضارة شبابنس‪ ،‬فانصسرفن إل تعاطسي‬
‫الخدرات‪ ،‬ول يتبق من دنياهن سوى التشبث بذه الجواء العطنة‪ ،‬وقد لُفظْن كبقايا هياكل‬
‫ميتة ف طريقها إل الزوال‪.‬‬
‫قد تتساءل صغيت‪ :‬وهل كنت سعيدة حقا يا أمي؟!!‬
‫ابن ت البي بة ل تدري بأ ن ك نت قط عة من الشقاء والل‪ ،‬ف قد عرف تُ وع شت كل ما ي مل‬
‫قاموس البئوس والعاناة من معانٍ وأحداث(‪!)12‬‬
‫إنسانة واحدة عاشت أحزان‪ ،‬وترفقت بعذابات رحلة الشقاء (البهرجة)‪ ،‬وعلى الرغم من أنا‬
‫شقيقة والدت إل أنا تتلف عنها ف كل شيء‪ ،‬ويكفيها أنا امرأة فاضلة‪ ،‬وزوجة مؤمنة‪ ،‬وأم‬
‫صالة‪.‬‬
‫كن تُ ألأ إليها بي الي والخر‪ ،‬أتزود من نصائحها وأخضع لتحذيراتا‪ ،‬وأرتضي وسائلها‬
‫لتقوي اعوجاجي‪ ،‬وهي تاول فتح مغاليق قلب ومسارب روحي بكلماتا القوية ومشاعرها‬
‫الانية‪ ،‬ولكن ‪-‬والق يُقال‪ -‬كان شيطان يتغلب على الانب الطيب الضئيل ف نفسي لقلة‬
‫إيانس‪ ،‬وضعسف إرادتس‪ ،‬وتعلقسي بالظاهسر‪ ،‬وعلى الرغسم مسن هذا العال ل يكسن بالسستطاع‬
‫إسكات الصوت الفطري الصاهل‪ ،‬النبعث ف صحراء قلب القرور‪.‬‬
‫بات مألوفا رؤيت ساهة واجة‪ ،‬وقد أصبحتُ دمية يلهو با أصحاب الدارس الفكرية ‪-‬على‬
‫اختلل انتماءات ا العقائد ية‪ -‬لترو يج أغراض هم ومرامي هم عن طر يق أمثال من الخدوع ي‬
‫والخدوعات‪ ،‬واستبدالنا بن هم أكثر إخلصا‪ ،‬أو إذا شئت (عمالة)‪ ،‬ف هذا الوسط الطر‪،‬‬
‫والسئول عن الكثي من توجهات الناس الفكرية‪.‬‬

‫‪ ) (12‬هذا هو حال أولك الفنانين والفنانات!! شقاء وتعاسة وبؤس ومعاناة‪ ،‬وإن بلغوا ما بلغوا من الشهرة والغنى‪.‬‬
‫وجدت نفسي شيئا فشيئا أ سقط ف عزلة نفسية قائ ظة‪ ،‬زاد عليها نفوري من أجواء الو سط‬
‫الفن ‪-‬كما يُد عى‪ !! -‬معر ضة عن جلساته و سهراته ال صاخبة ال ت يُرت كب فيها الكث ي من‬
‫التفاهات والماقات باسم الفن أو الزمالة!!‬
‫ل يدث أن أبطلت التعا مل مع عقلي ف ساعات خلو ت نف سي‪ ،‬وأ نا أحاول تد يد ال هة‬
‫السئولة عن ضياعي وشقائي‪ ،‬أهي التربية السرية الاطئة؟ أم التوجيه الدرسي النحرف؟ أم‬
‫هي جناية وسائل العلم؟ أم كل ذلك معا؟!!‬
‫لقد توصلت ‪-‬أيامها‪ -‬إل تصميم وعزم يقتضي تنيب أولدي ‪-‬مستقبلً‪ -‬ما ألقاه من تعاسة‬
‫مهمسا كان الثمسن غاليا إذ يكفسي الجتمسع أنس قُدمست ضحيسة على مذبسح الهال والتآمسر‬
‫والشهوات‪ ،‬أو كما تقول خالت‪ :‬على دين الشيطان‪.‬‬
‫وفجأة‪ ،‬التقينا على غي ميعاد‪.‬‬
‫كان مثلي‪ ،‬دفعتسه نزوات الشباب ‪-‬كمسا علمست بعدئذ‪ -‬إل هذا الوسسط ليصسبح نما!‬
‫‪-‬وعذرا فهذه اصطلحاتنا آنذاك‪ -‬ومع ذلك كان يفضل تأدية الدوار الادة ‪-‬ولو كانت‬
‫ثانوية‪ -‬نافرا من التعامل مع الدوار النسائية‪.‬‬
‫ومرة احتفلت الوسساط الفنيسة والعلميسة بزيارة أحسد مشاهيس (هوليوود) لاس‪ ،‬واضطررت‬
‫يومها لتقدي الكثي من الجاملت الت تتمها مناسبة كهذه!!‪ ،‬وانتهزت فرصة تبادل الدوار‬
‫وتسللت إل مكان هادئ للتقاط أنفاسي‪ ،‬لحته جالسا ف مكان قريب من‪ ،‬شجعن صمته‬
‫الشارد أن أقتحم عليه عزلته‪.‬‬
‫سألته ‪-‬بدون مقدمات‪ -‬عن رأيه ف الرأة لعرف كيف أبدأ حديثي معه‪.‬‬
‫أجاب ن باقتضاب أن الر جل ر جل‪ ،‬والرأة امرأة‪ ،‬ول كل مكا نه الاص‪ ،‬و فق طبيعته ال ت خلق‬
‫عليها‪.‬‬
‫استرسلت ف التحادث معه‪ ،‬وقد أدهشن وجود إنسان عاقل ف هذا الوسط!… ٍفهمت من‬
‫كلمه أنه سيضحي ‪-‬غي آ سف‪ -‬بالثراء والشهرة التح صلي له من التمث يل‪ ،‬وسيبحث عن‬
‫عمل شريف نافع‪ ،‬يستعيد فيه رجولته وكرامته‪.‬‬
‫لظتها قفز إل خاطري سؤال عرفت الياء القيقي وأنا أطرحه عليه‪.‬‬
‫ل يشأ أن يرجن يومها‪ ،‬ولكن ما وعيت من حديثه قوله‪] :‬إذا تزوجت فتكون زوجت أمّا‬
‫وزوجا بكل معن الكلمة‪ ،‬فاهة مسئولياتا وواجباتا‪ ،‬وستكون لنا رسالة نؤديها نو أولدنا‬
‫لينشئوا على الفضيلة والسستقامة‪ ،‬كمسا أمسر ال‪ ،‬بعيدا عسن الزالق والنعطفات‪ ،‬وقسد عرفست‬
‫مرارة السقوط وخبت تعاريج الطريق[‪.‬‬
‫وقال كلما أك ثر من ذلك‪ :‬أي قظ فّ ال صوت الفطري الرائق‪ ،‬يدعو ن إل معراج طا هر من‬
‫ق حط القاع الزائف إل نور ال ق ال صيب وأح سستُ أ ن أمام ر جل ي صلح لن يكون أبا‬
‫لولدي‪ ،‬على خلف الكثي من التقيتُ‪ ،‬ورفضت القتران بم‪.‬‬
‫وبعد فترة‪ ،‬شاء ال وتزوجنا‪.‬‬
‫وكالعادة كان زواج نا ق صة الو سم ف أجهزة العلم التعددة‪ ،‬ح يث تع يش دائما على م ثل‬
‫هذه الخبار‪.‬‬
‫ولكن الفاجأة الت أذهلت الميع كانت بإعلننا ‪-‬بعد زيارتنا للراضي القدسة‪-‬عن تطليق‬
‫حياة الفراغ والضياع والسوء‪ ،‬وأن سألتزم بالجاب‪ ،‬وسائر السلوكيات ال سلمية الطلوبة‬
‫إل جا نب تكر يس اهتما مي لملك ت الطاهرة ‪-‬بي ت الؤ من‪ -‬لرعا ية زو جي وأولدي طبقا‬
‫لتعاليم ال ورسوله‪.‬‬
‫أما زوجي فقد أكرمه ال بسن التفقه ف دينه‪ ،‬وتعليم الناس ف السجد‪.‬‬
‫أولدي الحباء ل يعرفوا بعد أن أباهم ف عمامته‪ ،‬وأمهم ف جلبابا‪ ،‬كانا ضالي فهداها ال‪،‬‬
‫وأذاقهما حلوة التوبة واليان‪.‬‬
‫خال ت الؤم نة ذر فت دموع ها فر حة‪ ،‬و هي ترى ثرة اهتمام ها ب ف اليام الوال‪ ،‬ول تزال‬
‫الن تتضنن كما لو كنت صغية‪ ،‬وتسأل ال ل الصب والثبات أمام حلت التشهي والنكاية‬
‫التس اسستهدفت إغاظتس بعرض أفلمسي السسافرة التس اقترفتهسا أيام جاهليتس‪ ،‬على أن أعاود‬
‫الرتكاس ف ذاك المأ اللهب وقد نان ال منه‪.‬‬
‫ومسن الضحسك أن أحسد النتجيس‪ ،‬عرض على زوجسي أن أقوم بتمثيسل أفلم‪ ،‬وغناء أشعار‪،‬‬
‫يلصقون با مسمى (دينية) !!!(‪ )13‬ول يعلم هؤلء الساكي أن إسلمي يربأ ب عن مزاولة ما‬
‫يدش كرامت أو يناف عقيدت‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬لقد كانت هجرت ل‪ ،‬وإل ال‪ ،‬وعندما تكب براعمي الؤمنة‪ ،‬سيدركون إن شاء ال لِمَ‬
‫وكيف كنت؟! وتندفع صغيت إل حجري بعد الستئذان‪ ،‬وأراها تضع بي يد يّ الديوان‪،‬‬
‫ت سألن بله جة الوا ثق من نف سه أن أتا بع ما حف ظت من ق صيد‪ ،‬وق يل أن أث بت ب صري على‬
‫الصفحة الطلوبة‪ ،‬اندفعتْ ف تسميعها‪:‬‬
‫والغسوان يغسرهسن الثنسسسساء‬ ‫خسدعوها بقسولسم حسنسساء‬

‫‪ )(13‬من أساليب الشيطان وأعوانه في الغواء التدرج‪ ،‬قال تعالى‪( :‬يا أيها الذين آمنوا ل تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء‬
‫والنكر) فالواجب الحذر من ذلك‪.‬‬
‫(‪ )5‬توبة الراقصة هالة الصاف (‪)14‬‬

‫روت الفنانة الراقصة‪ ،‬العروفة‪ ،‬هالة الصاف‪ ،‬قصة اعتزالا الفن وتوبتها‪ ،‬والراحة النفسية الت‬
‫وجدتا عندما عادت إل بيتها وحياتا‪ ،‬وقالت‪ :‬بأسلوب مؤثر عب لقاء صحفي معها‪:‬‬
‫(ف أحد اليام كنت أؤدي رقصة ف أحد فنادق القاهرة الشهورة‪ ،‬شعرت وأنا أرقص بأنن‬
‫عبارة عن جثة‪ ،،‬دمية تتحرك بل معن‪ ،‬ولول مرة أشعر بالجل وأنا شبه عارية‪ ،‬أرقص أمام‬
‫الرجال ووسط الكؤوس‪.‬‬
‫تركت الكان‪ ،‬وأسرعت وأنا أبكي ف هستييا حت وصلت إل حجرت وارتديت ملبسي‪.‬‬
‫انتابن شعور ل أحسه طيلة حيات مع الرقص الذي بدأته منذ كان عمري ‪ 15‬سنة‪ ،‬فأسرعت‬
‫لتوضأ وصليت‪ ،‬وساعتها شعرت لول مرة بالسعادة والمان‪ ،‬ومن يومها ارتديت الجاب‬
‫على الرغم من كثرة العروض‪ ،‬وسخرية البعض‪.‬‬
‫أديت فريضة الج‪ ،‬ووقفت أبكي لعل ال يغفر ل اليام السوداء‪.)..‬‬
‫وتت تم ق صتها الؤثرة قائلة‪( :‬هالة ال صاف ما تت ود فن مع ها ماضي ها‪ ،‬أ ما أ نا فا سي سهي‬
‫عابدين‪ ،‬أم كري‪ ،‬ربة بيت‪ ،‬أعيش مع ابن وزوجي‪ ،‬ترافقن دموع الندم على أيام قضيتها من‬
‫عمري بعيدا عن خالقي الذي أعطان كل شيء‪.‬‬
‫إن ن الن مولودة جديدة‪ ،‬أش عر بالراحلة والمان ب عد أن كان القلق والزن صديقي‪ ،‬بالر غم‬
‫من الثراء والسهر واللهو)‪.‬‬
‫وتضيف‪( :‬قضيت كل السني الاضية صديقة للشيطان‪ ،‬ل أعرف سوى اللهو الرقص‪ ،‬كنت‬
‫أعيش حياة كريهة حقية‪ ،‬كنت دائما عصبية‪ ،‬والن أشعر أنن مولودة جديدة‪ ،‬أشعر أنن ف‬
‫يد أمينة تنو علي وتباركن‪ ،‬يد ال سبحانه وتعال)‪.‬‬

‫‪ ) (14‬المجلة العربية‪ :‬العدد ‪.140‬‬


‫(‪ )6‬توبة شاب أسرف على نفسه بالعاصي(‪)15‬‬

‫ضيف نا هذه الرة شاب له ق صة طويلة‪ ،‬ل يدع مع صية إل فعل ها‪ ،‬ول كبية إل ارتكب ها‪ ،‬كل‬
‫ذلك بثا عن السعادة‪ ،‬ولكنه ل يد إل الشقاء والتعاسة‪.‬‬
‫أغل قت ف وج هه ج يع البواب إل باب وا حد‪ ،‬باب ال الذي ل يُغلق‪ .‬فل جأ إل ال وعاد‬
‫إليه‪ ،‬وهنا وجد السعادة الت كان يبحث عنها‪ ،‬التقيت به فحدثن بقصته فقال‪:‬‬
‫نشأت ف بيت (عادي) من بيوت السلمي‪ ،‬وكنت أصلي الصلة العتادة‪ ،‬أرى الناس يذهبون‬
‫إل السجد فأذهب معهم‪ ،‬ول أكن ‪-‬لصغر سن‪ -‬أدرك قيمة الصلة وأهيتها‪.‬‬
‫ول ا كبت قليلً اشترى ل والدي سيارة ‪-‬وك نت آنذاك ف بدا ية الرحلة الثانو ية‪ -‬فكا نت‬
‫بداية النطلق‪.‬‬
‫وجاء دور رفقاء ال سوء‪ ،‬ليقضوا على ما تب قى لد يّ من خ ي وفضيلة و صلح!! ف قد تعرف تُ‬
‫على مموعة منهم‪ ،‬وكنتُ الوحيد من بينهم الذي يلك سيارة‪ ،‬فتوليتُ القيادة‪ ،‬وكنت أغدو‬
‫بم وأروح‪ ،‬فصار كل واحد منا يظهر ما يوحي به إليه شيطانه من الفكار والبتكارات‪ ،‬ف‬
‫فن الختطاف والخدرات‪ ،‬وغيها من الفنون‪ ...‬فبدأت شيئا فشيئا أتعلم هذه المور‪.‬‬
‫انتقل نا من ال ي الذي ك نا ف يه‪ ،‬إل حي آ خر‪ ،‬وهناك وجدتّ مموعةً أخرى من الشباب‬
‫فت سلمت القيادة أيضا‪ ،‬ف ما ترك تُ مع صية إل ارتكبت ها ابتداءً من العا صي ال صغية وانتهاءً‬
‫بالخدرات والسكرات حت وصل بنا الال بثا عن شرب المور ف نار رمضان‪ ،‬كنا نفعل‬
‫ذلك كله بثا عن السعادة الوهومة‪.‬‬
‫كن تُ من أ شد الناس عداو ًة وبغضا للملتزم ي الط يبي‪ ،‬وكان ف الارة ر جل يقال له‪( :‬ع بد‬
‫الوا حد) كن تُ أ شد الناس عداوةً له‪ ،‬ل نه كان من الجتهد ين ف ن صح الشباب ف (الارة)‪،‬‬
‫فكان هدفنا هو إيذاء هذا الرجل‪ ،‬وقد حاولنا كثيا ولكن ل ند إل ذلك سبيلً‪.‬‬

‫‪ ) (15‬هذه القصة رواها لي هذا الشاب بنفسه‪.‬‬


‫مرّ تْ أعوام طويلة‪ ،‬وأ نا على هذه الال‪ ،‬ب ي الخدرات والشكلت الخلق ية‪ ،‬وغي ها ح ت‬
‫ت راتب صرفته كله ف‬ ‫أن ترك تُ الدراسة واته تُ إل العمل‪ ،‬فإذا جاء آخر الشهر وتسلم ُ‬
‫الخدرات‪.‬‬
‫وبعد فترة‪ ،‬م نّ ال على أخي الصغر بالداية‪ ،‬فكان قدوة لنا ف البيت ف حسن التعامل‪ ،‬كنا‬
‫نضايقه وندده!! ونذره! من مصاحبة عبد الواحد وغيه من الشباب الطيبي‪ ،‬بل كنا ننعه‬
‫من تطبيق بعض شعائر السلم الظاهرة كإعفاء اللحية‪ ،‬وتقصي الثياب‪ ،‬فكان يُقابل إساءتنا‬
‫هذه بالحسسان‪ ،‬ويردّ علينسا بكلمات طيبسة مثسل (إن شاء ال) و(جزاكسم ال خيا) ونوهسا‪،‬‬
‫فبدأتُ أشعر بارتياح نوه لسن معاملته‪ ،‬وكانت هذه بداية التحول‪.‬‬
‫ث جاء بعد ذلك دور الشيخ عبد الواحد‪ ،‬فقد كان يتهد ف نصحنا‪ ،‬ويكثر من ذلك‪ ،‬فكنا‬
‫نثي عليه الشكلت‪ ،‬وناول تشويه سعته‪ ،‬واتامه با هو منه براء كذبا وبتانا‪.‬‬
‫وف يوم من اليام أشار علي بعض الزملء ‪-‬وكان ذلك ف بداية التزامه‪ -‬أن نذهب إل مكة‬
‫لداء العمرة‪ ،‬وبعد رجوعنا من العمرة كن تُ أنا وأصحاب متمعي ف أحد الشوارع‪ ،‬فمرّ بنا‬
‫الشيخ عبد الواحد بسيارته‪ ،‬فأخذنا نسبّه ونشتمه ونطلق عليه اللفاظ البذيئة فوقف‪ ،‬ث عاد‬
‫إلي نا فقل نا هذه فر صة فلبدّ من ضر به والقضاء عل يه‪ ،‬فنل الش يخ من سيارته‪ ،‬وبادر قائلً‪:‬‬
‫السلم عليكم‪ ،‬ث أقبل عل يّ وعانقن وضمن إل صدره وقال‪( :‬المد ل على السلمة وتقبل‬
‫وتغيتس ملمسح‬
‫ْ‬ ‫فخجلتس خجلً شديدا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ال منسا ومنسك‪ ،‬مسا شاء ال‪ ،‬أخذت عمرة؟‪..)..‬‬
‫وجهي‪ ،‬ث سلّم على بقية الصحاب‪ ،‬وسألم عن أحوالم‪ ،‬وكأنه ل يسمع كلمةً واحدةً ما‬
‫قلناه‪ ،‬ومضى ف طريقه‪ ،‬فأخذنا نتلوم‪ ،‬وكل واحد منا يقول للخر‪ :‬أنت السبب‪ ،‬ومن تلك‬
‫اللحظة بدأنا نتم بذا الرجل ونقدره‪ ،‬ونترمه‪ ،‬وتغيت نظرتنا له‪.‬‬
‫وبعد فترة‪ ،‬رغبتُ ف اللتحاق بالعسكرية‪ ،‬فاضطررتُ إل إجراء عملية جراحية‪ ،‬لعلة ب‪.‬‬
‫ودخلتُ الستشفى‪ ،‬فكان رفقاء السوء يزورونن فيؤذونن بشرب الدخان والكلم البذيء‪.‬‬
‫و ف القا بل كان الش يخ ع بد الوا حد يزور ن‪ ،‬هو وب عض أ صحابه‪ ،‬فكانوا يُقبّلون رأ سي‪،‬‬
‫ويُسمعونن كلمات ملؤها التفاؤل والمل‪ ،‬فأصبحتُ أشعر بارتياح لزيارتم وجلوسهم معي‪.‬‬
‫و ف إحدى الزيارات‪ ،‬سألن أحد هم عن نو مي‪ ،‬فأ خبتم أ ن ل أنام إل بخدر طب‪ ،‬وأن‬
‫عندي ب عض الجلت وال صحف والق صص أقرأ في ها فل يأتي ن النوم‪ ،‬فقال ل أحد هم‪ :‬ل يس‬
‫فطلبتس منهسم مصسحفا فأعطونس‪ ،‬وفس تلك الليلة قرأت سسورة البقرة‬ ‫ُ‬ ‫لك علج إل القرآن‪،‬‬
‫كاملةً‪ ،‬فن مت مباشرةً‪ ،‬و ف الليلة الثان ية‪ ،‬قرأت سورة آل عمران‪ ،‬فنم تُ كذلك‪ ،‬ث سألون‬
‫بعد ذلك عن حال ونومي فأخبتم بأن أصبحتُ أنام بارتياح‪.‬‬
‫خرج تُ من الستشفى‪ ،‬ومع أن كنت أشعر بارتياح شديد لؤلء الشباب الطيبي اللتزمي‪،‬‬
‫إل أن مازلتُ مع أولئك الشرار البثاء‪.‬‬
‫وف يوم من اليام‪ ،‬كن تُ على موعد مع فعل معصية‪ ،‬وكان ذلك الوعد ف مكان بعيد‪ ،‬ف‬
‫منط قة أخرى‪ ،‬ول أ كن ب عد قد ا ستعدت كا مل صحت ب عد تلك العمل ية‪ ،‬ولك ن خاطرت‪،‬‬
‫فرك بت سيارت وانطلق تُ متوجها إل تلك النط قة‪ ،‬و ف الطر يق انفجر تُ إحدى العجلت‬
‫بقوة‪ ،‬فاضطررتُ إل الروج عن الطريق‪ ،‬والدخول ف منطقة رملية‪.‬‬
‫كن تُ ف تلك اللحظات أش عر بأل شد يد من آثار تلك العمل ية الراح ية ال ت ل تزال آثار ها‬
‫باقية‪ ،‬حت أن أكاد أعجز عن حل نفسي‪ ،‬وبصعوبة نزل تُ من السيارة وحاولت أن أرفعها‪،‬‬
‫ولك ن كل ما رفعت ها سقطت‪ ،‬حاولت مرارا ول كن دون جدي‪ ،‬فل ما يئ ست‪ ،‬وق فت على‬
‫جانب الطريق وحاولت أن أستعي بعض الارة‪ ،‬ولكنهم ل يقفوا لساعدت‪.‬‬
‫اقترب تِ الش مس من الغروب‪ ،‬وأح سستُ بأ ن وح يد ف هذا الكان الو حش‪ ،‬فضاق تْ ب‬
‫الدنيا‪ ،‬ول أدر ما أفعل‪ ،‬وهنا ل أجد من ألتجئ إليه إل ال الواحد الحد‪ ،‬ومن غي شعور‪،‬‬
‫جثوت على ركب ت‪ ،‬ومددت ك في إل ال ‪ -‬عز و جل‪ -‬فدعو ته ف تلك اللحظات أن يُفرج‬
‫ه ي ويك شف كرب ت‪ ..‬ول ي كن ذلك عن إخلص منّ ولكن ها الفطرة‪ .‬وعد تُ إل سيارت‬
‫وبعسد عدة ماولت تكنست بعون ال مسن رفعهسا‪ ،‬وقمست بتبديسل العجلة التالفسة وأخرجست‬
‫السيارة وقد أوشكت الشمس على الغروب‪.‬‬
‫وبعد هذا كله ل أتعظ بل واصلتُ سيي طمعا ف فعل تلك العصية‪ ،‬ولكن ال عصمن منها‬
‫ح يث فا تَ الو عد‪ ،‬ف صليتُ الغر بَ هناك ث عدتّ من ح يث أتي تُ‪ ،‬وبدأ أولئك الشباب‬
‫الطيبون يكثرون من زيارت‪ ،‬ويُلحون عل يّ ف حضور مالسهم‪ ،‬فكنت أتردد عليهم وأجلس‬
‫معهم‪ ،‬فكانت رائحة الدخان تفوح من ثياب‪ ،‬ومن فمي‪ ،‬فلم يظهروا ل انزعاجهم من ذلك‪،‬‬
‫بل كانوا يقتربون من ويرحبون ب ث (يطيّبونن)‪ ،‬ويسحون علي يديّ من دهن العود‪ ،‬فكنت‬
‫أستغرب عملهم هذا ومعاملتهم الطيبة‪.‬‬
‫كن تُ أجلس مع هم من ب عد صلة الغرب إل العشاء‪ ،‬وب عد صلة العشاء أعود إل أ صحاب‬
‫الخر ين (ال سيئي)‪ ،‬فأجلس مع هم إل الف جر فل أ سع من هم إل ال سب والش تم والكلمات‬
‫البذيئة واللفاظ النابيسة‪ ،‬واسستمر الال على ذلك‪ ،‬أجلس مسع هؤلء وهؤلء‪ ،‬مسع ارتياحسي‬
‫لولئك الطيبي لا أسعه منهم‪.‬‬
‫ث جاء تْ الضربةُ القاضيةُ‪ ،‬فقد بدأ تُ أخطط للزواج‪ ،‬فتقدم تُ لطبة فتاة ملتزمة‪ ،‬فخدع تُ‬
‫أهل ها وأقنعت هم بأ ن شاب صال‪ ،‬أ صلي وأخاف ال‪ ،‬ول كن الفتاة رفض تُ إل شابًا ملتزما‪،‬‬
‫وحاولت إقناعهسا‪ ،‬ولكنهسا أصسرتْ على موقفهسا‪ ،‬وقالت‪ :‬لن أقبسل إل شابا ملتزما‪ ،‬وكان‬
‫مظهري ل يوحي بأن شاب ملتزم‪ ،‬فأصبتُ بصدمة عنيفة‪ ،‬وقلت ف نفسي‪ :‬ما معن (شاب‬
‫ملتزم)؟!‬
‫وعدتّ إل البيت‪ ،‬وأنا أفكر ف قولا‪ ،‬وأقول ف نفسي‪ :‬لاذا ل أكون شابا ملتزما؟ وكان ال‬
‫ألم ن ف تلك اللح ظة أن أكون كذلك‪ ...‬فذهب تُ إل الش يخ ع بد الوا حد‪ ،‬وأ خبته بأ ن‬
‫سوف أبدأ حياة جديدة‪ ،‬وأكون شابا مستقيما‪.‬‬
‫بدأتس حياةً جديد ًة فابتعدت ّ عسن رفقاء السسوء‪ ،‬الذيسن كانوا هسو سسبب شقائي‬
‫ُ‬ ‫وبالفعسل‬
‫وتعاسي‪ ،‬وأصبحتُ شابّا ملتزما‪ ،‬وال سبحانه أعانن على ذلك‪ ،‬والن قد مضى على التزامي‬
‫‪-‬ول المد‪ -‬خس سنوات تقريبا‪.‬‬
‫فأسأل ال أن يثبتن وإياكم على دينه‪ ،‬إنه سيع ميب‪.‬‬
‫(‪ )7‬توبة فتاة متبجة(‪)16‬‬

‫إن الفرق ب ي الرأة التحج بة الطاهرة‪ ،‬والرأة التب جة ال سافرة‪ ،‬كالفرق ب ي الوهرة الثمي نة‬
‫الصونة وبي الوردة الت ف قارعة الطريق‪.‬‬
‫فالرأة الحجبة مصونة ف حجابا‪ ،‬مفوظة من أيدي العابثي‪ ،‬وأعينهم‪.‬‬
‫أما الرأة التبجة السافرة‪ ،‬فإنا كالوردة على جانب الطريق‪ ،‬ليس لا من يفظها أو يصونا‪،‬‬
‫فسرعان ما تتد إليها أيدي العابثي‪ ،‬فيعبثون با‪ ،‬ويستمتعون بمالا بل ث ن حت إذا ذبل تْ‬
‫وماتتْ‪ ،‬ألقوها على الرض‪ ،‬ووطئها الناس بأقدامهم‪.‬‬
‫فماذا تتارين أخت السلمة؟ أن تكون جوهرة ثينة مصونة‪ ،‬أم وردة على قارعة الطريق؟‬
‫وإليك أخت السلمة هذه القصة‪ ،‬لفتاة كانت من التبجات‪ ،‬فتابت إل ال‪ ،‬وعادت إليه‪ ،‬فها‬
‫هي تروي قصتها فتقول‪:‬‬
‫(نشأ تُ ف بي تٍ متر فٍ و ف عائلة متر فة‪ ،‬ول ا كبتُ قليلً بدأ تُ أرتدي الجاب‪ ،‬وك نت‬
‫أرتد يه على أ نه من العادات والتقال يد ل على أ نه من التكال يف الشرع ية الواج بة ال ت يثاب‬
‫فاعلها‪ ،‬ويعاقب تاركها‪ ،‬فكنتُ أرتديه بطريقة تعلن أكثر فتنةً وجالً‪.‬‬
‫أما معظم وقت فكنتُ أقضيه ف ساع لو الديث الذي يزيدن بعدا عن ال وغفلة‪.‬‬
‫أ ما الجازات ال صيفية فكنّا نقضي ها خارج البلد‪ ،‬وهناك ك نت أل قي الجاب جانبا وأنطلق‬
‫سافرة متبجة‪ )17( ،‬وكأن ال ل يران إل ف بلدي‪ ،‬وكأنه ل يراقبن هناك‪.‬‬
‫وفس إحدى الجازات سسافرنا إل الارج‪ ،‬وقدّر ال علينسا بادث توفس فيسه أخسي الكسب‪،‬‬
‫وأصيب بعض الهل بكسور والم‪ ،‬ث عدنا إل بلدنا‪.،‬‬
‫ت كلما تذكرته أشعر بوف شديد ورهبة‪ ،‬إل أن ذلك‬ ‫كان هذا الادث هو بداية اليقظة‪ ،‬كن ُ‬
‫ل يغي من سلوكي شيئا‪ ،‬فما زلتُ أتساهل بالجاب‪ ،‬وألبس اللبس الضيقة‪ ،‬وأستمع إل ما‬
‫ل ينفع من لو الديث‪.‬‬

‫‪ ) (16‬هذه القصة كتبتها لي هذه التائبة بنفسها‪.‬‬


‫‪ ) (17‬هذا حال بعض الفتيات اللتي يسافرن إلى الخارج‪ ،‬فالويل لهن من رب السماوات والرض‪ ،‬الذي يراهن في كل مكان‪.‬‬
‫فكنس ينصسحنن ويرضسن على‬ ‫والتحقتس بالامعسة‪ ،‬وفيهسا تعرفست على أخوات صسالات‪ّ ،‬‬
‫ُ‬
‫هدايت‪.‬‬
‫وف ليلة من الليال ألقيت بنف سي على فراشي‪ ،‬وبدأت أستعرض سجل حيات الافل باللهو‬
‫واللغو والسفور والبعد عن ال سبحانه وتعال‪ ،‬فدعوت رب والدموع تل عين أن يهدين وأن‬
‫يتوب عليّ‪.‬‬
‫وقررتس أن أواظسب على حضور الندوات والحاضرات‬‫ُ‬ ‫وفس الصسباح‪ ،‬ولدتّ مسن جديسد‪،‬‬
‫والدروس الت تقام ف مصلى الامعة‪.‬‬
‫ألقتس إحدى الخوات ماضرة عسن الجاب‬ ‫ْ‬ ‫وبدأت ‪-‬فعلً‪ -‬بالضور‪ ،‬وفس إحدى الرات‬
‫وكررت الوضوع نفسه ف يوم آخر‪ ،‬فكان له الثر الكبي على نفسي وبعدها ‪-‬وال المد‪-‬‬
‫تبتُ إل ال‪ ،‬والتزمتُ بالجاب الشرعي‪ ،‬الذي أشعر بسعادة كبية وأنا أرتديه)‪.‬‬
‫(‪ )8‬توبة فتاة من ضحايا الغزو الفكري(‪)18‬‬

‫تقول هذه التائبة‪:‬‬


‫(ك نت ل أ صلي إل نادرا‪ ،‬منهم كة ف قراءة ما ل ينفع ن‪ ،‬ومطال عة ما ل يفيد ن‪ ،‬منشغلة‬
‫بسماع ما يغضب ال عز وجل‪ ..‬غارقة ف عال العاصي‪.‬‬
‫كانت بداية الداية عندما دخلتُ الطبخ ذات مرة واخترقت يدي‪ ،‬فأخذت أبكي‪ ،‬واستغفرتُ‬
‫ال‪ ،‬وأح سست بأ نه عقاب ل وتذك ي بنار جه نم ال ت هي أ شد حرا‪ ،‬فأخذت أ صلي تلك‬
‫الليلة‪ ،‬وأ ستغفر ال‪ ،‬وداو مت على ال صلة‪ ،‬ولك ن ل أ كن أخ شع ف صلت‪ ،‬ل ن مازلت‬
‫مصرة على ذنوب السابقة‪ ،‬فكنت أصلي صلة جافة بل روح‪ ،‬أرك عُ وأسجد دون استشعار‬
‫ل ا أقرأه من آيات أو أقوله من أدع ية‪ ،‬لن قل ب متلئ بالعا صي‪ ،‬ول يس ف يه م ل لذ كر ال أو‬
‫الشوع ف الصلة‪.‬‬
‫كانت إحدى صديقات تلح عليّ دائما ف حضور مالس الذكر‪ ،‬ولكنن كنت أرفض وأترب‬
‫منها‪.‬‬
‫عليس صسديقت فذهبست معهسا مرغمةً‪ ،‬وكانست الحاضرة عسن الصسلة‪،‬‬ ‫وذات مرة ألتس ّ‬
‫فأحسسستُ أنس باجسة لذا الوضوع‪ ،‬خاصسة حيس أخذت ِس الحاضرة تشرح قوله تعال‪( :‬إن‬
‫الصلة تنهى عن الفحشاء والنكر) فقالت‪ :‬إن الصلة تعل النسان أو الصلي يبتعد عن كل‬
‫فاحشة وكل منكر‪ ،‬فهي تنهاه عنه‪ ،‬وهذه حقيقة أثبتها ال تعال‪ ،‬ولكنا ند أن أغلب الصلي‬
‫ل تنهاهم صلتم عن الفحشاء والنكر‪ ،‬بل إن أحدهم ليفكر ف صلته ماذا سيفعل بعد قليل‪،‬‬
‫فصلته ل تنهه عن النكر‪ ،‬وهذا دليل على أن الصلة ناقصة‪ ،‬فعليه أن يراجع نفسه‪ ،‬هل نقص‬
‫من خشوعها‪،‬؟ هل نقص من اطمئنانا؟ هل استشعر وتدبر كل ما يقرأ ويقول؟ إل آخر ما‬
‫قالت‪:‬‬
‫فوقع تْ كلمات ا عل يّ كالاء البارد على الظ مأ‪ ،‬فهذا ما أح سه وأفتقده‪ ،‬و من تلك اللح ظة‪،‬‬
‫أخذت أستشعر كل ما أقرأه‪ ،‬حت سورة الفاتة اكتشف تُ فيها معا نٍ ل أكن أستشعرها من‬
‫‪ ) (18‬هذه القصة كتبتها لي هذه التائبة بنفسها‪.‬‬
‫ودعوتس لذه الحاضرة فس ظهسر‬
‫ُ‬ ‫قبسل‪ ،‬فحمدت ال على أن هدانس إل الصسراط السستقيم‪،‬‬
‫الغيب‪ ...‬واقتدي تُ با فأصبحت من الدعاة إل ال‪ ،‬لعل ال أن ينفع بكلمات ويفتح با قلوبا‬
‫غلفا‪ ،‬وآذانا صما‪ ،‬والمد ل رب العالي‪.‬‬
‫(‪ )9‬توبة شاب رأى الوت بعينيه(‪)19‬‬

‫شاب مسن ضحايسا رفقاء السسوء‪ ،‬كانست له صسولت وجولت فس عال الضياع والخدرات‪،‬‬
‫حد ثت ف حيا ته حاد ثة أيقظ ته من غفل ته‪ ،‬وأعاد ته إل خال قه‪ ،‬التقي تُ به ف أ حد م ساجد‬
‫الرياض‪ ،‬فحدثن عن قصته‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫نشأ تُ ف ب يت متد ين جدّا‪ ،‬ف حي من أحياء مدي نة الرياض‪ ،‬والدي رح ه ال كان شد يد‬
‫التدين‪ ،‬فلم يكن يسمح بدخول شيء من آلت اللهو والفساد إل البيت‪.‬‬
‫ومض تِ اليام‪ ،‬وتاوزت مرحلة الطفولة البيئة‪ ،‬ولا بلغت الرابعة عشرة من عمري ‪-‬وكنت‬
‫ف السنة الثانية من الرحلة التوسطة‪ -‬حدث ف حيات حادث كان سببا ف تعاست وشقائي‬
‫فترة من الز من‪ ،‬ف قد تعر فت على (شلة) من رفقاء ال سوء‪ ،‬فكانوا ينتظرون الفر صة النا سبة‬
‫ليقاعي ف شباكهم (‪.)20‬‬
‫وجاءت الفرصة الناسبة‪ ،‬فترة المتحانات‪ ،‬فجاءون ببوب بيضاء منبهة‪ ،‬فكنت أسهر عددا‬
‫وانتهتس‬
‫ِ‬ ‫مسن الليال التواليات فس الذاكرة دون أن يغلبنس نعاسسٌ‪ ،‬أو أشعسر باجسة إل نوم‪،‬‬
‫المتحانات‪ ،‬ونحتُ بتفوق!!‬
‫وتعبتس تعبا‬
‫ُ‬ ‫وبعسد المتحانات داومست على تعاطسي هذه البوب البيضاء‪ ،‬فأرهقنس السسهر‪،‬‬
‫شديدا‪ ،‬فجاءنس أولئك (الشياطيس)‪ ،‬وقدموا ل فس هذه الرة حبوبا حراء (مدرات)‪ ،‬وقالوا‬
‫ب ل النوم والراحة‪ ،‬ول أكن ‪-‬لصغر سن‪ -‬أدرك حقيقة هذه‬ ‫ل‪ :‬إنا تطرد عن السهر وتل ُ‬
‫اللعبة‪ ،‬وهذا التآمر وهذا الكر البيث من هؤلء الشياطي‪ ،‬شياطي النس‪.‬‬
‫أخذت أتعاطى هذه البوب المراء يوميا وبالعشرات‪ ،‬وبقي تُ على هذه الال ثلث سنوات‬
‫تقريبا أو أكثسر‪ ،‬وفشلت فس دراسست‪ ،‬ول أتكسن مسن إتام الرحلة التوسسطة مسن الدراسسة‬
‫والصول على الشهادة‪ ،‬فصرتُ أنتقل من مدرسة إل مدرسة عليّ أحصل عليها‪ ،‬ولكن دون‬

‫‪ ) (19‬هذه القصة رواها لي هذا الشاب بنفسه‪.‬‬


‫‪ ) (20‬مصاحبة الشرار من أعظم السباب التي تؤدي إلى النحراف والفساد والبعد عن ال والوقوع في المعاصي والذنوب وربما الكفر‪ ،‬وبالمقابل فإن‬
‫مصاحبة الخيار من أعظم أسباب الهداية والصلح والقرب من ال‪ .‬فالواجب الحذر من رفقاء السوء‪.‬‬
‫جدوى‪ ،‬وبعد هذا الفشل الذريع الذي كان سببه هذه البوب الشؤومة‪ ،‬فكر تُ ف النتقال‬
‫إل مدينة أخرى‪ ،‬حيث يقيم عمي وأولده ف ماولة أخية لتام الدراسة‪.‬‬
‫وف ليلة من ليال الشتاء البادة ‪-‬وكان والدي قد اشترى سيارة جديدة‪ -‬أخذت هذه السيارة‬
‫دون علم والدي‪ ،‬واته تُ إل تلك الدي نة‪ ،‬وكن تُ أح ل ف ج يب كم ية كبية من البوب‬
‫المراء‪.‬‬
‫وف الطريق توقفت عند بعض الصحاب‪ ،‬وف تلك الليلة أسرفتُ ف تناول هذه البوب حت‬
‫أصبحتُ ف وضع يرثى له‪.‬‬
‫وقبيل الفجر‪ ،‬ركبتُ السيارة وانطلقت ف طريقي‪ ،‬وما هي إل دقائق حت غبتُ عن الدنيا ول‬
‫أفق إل وأنا ف الستشفى ف حالة سيئة‪ ،‬قد كسرت ساقي اليمن‪ ،‬وأصبحت بروح كثية‪،‬‬
‫ب عد أن مك ثت ف غر فة النعاش ثا نٍ وأربع ي ساعةً‪ ،‬ف قد كان حادثا شنيعا ح يث دخل تُ‬
‫بسيارت تت سيارة نقل كبية‪ ،‬ومن رحة ال ب أن كتب ل الياة‪ ،‬ومنحن فرصة جديدة‪،‬‬
‫لعلي أتوب وأقلع عمّا أنا فيه‪ ،‬ولكن شيئا من ذلك ل يدث‪.‬‬
‫نقلت من الستشفى إل بيت والدي بالرياض‪ ،‬وف البيت كنت أتعاطى هذه البوب النكدة‪.‬‬
‫قد تسألن وتقول‪ :‬كيف تصل على هذه البوب‪ ،‬وأنت على فراش الرض؟‬
‫فأقول‪ :‬لقسد كان أولئك الشياطيس يأتون إلّ فس البيست فيعرضون علي بضاعتهسم‪ ،‬فأشتري‬
‫منهم‪ ،‬بالرغم من حالت السيئة‪.‬‬
‫بقيتُ على هذه الال أياما‪ ،‬حت أحسست بتحسن بسيط‪ ،‬وكانت فكرة السفر تراودن حت‬
‫تلك اللحظة أملً ف إكمال دراست التوسطة‪.‬‬
‫و ف ع صر أ حد اليام‪ ،‬وب عد أن تناولت كم ية كبية من هذه البوب‪ ،‬خر جت أتو كأ على‬
‫عكازي وأخذت أبث عن سيارة تنقلن إل الدينة‪ ،‬حاولت أن أوقف عددا من السيارات إل‬
‫أن أحدا ل يقسف ل‪ ،‬فذهبست إل موقسف سسيارات الجرة واسستأجرت سسيارة أوصسلتن إل‬
‫هناك‪.‬‬
‫وهناك‪ ،‬بادرت بالتسجيل ف إحدى الدارس التوسطة بعد جهود بذلا عمي وغيه ف قبول‪،‬‬
‫وحصلتُ على شهادة الكفاءة‪ ،‬وكنت أثناء الدراسة مستمرا على تعاطي السكرات‪ ،‬إل أنن‬
‫ترك تُ الخدرات ووقع تُ ف الشراب (ال مر)‪ ،‬و ف الو قت نف سه ك نت أقوم بترو يج تلك‬
‫البوب المراء‪ ،‬وبيعها بسعر مضاعف‪ ،‬ول أكن أدرك فداحة هذا المر وخطورته‪ ،‬فقد كان‬
‫هي جع الال ‪-‬أسأل ال أن يتوب عليّ‪.-‬‬
‫ث وقع تُ بعد ذلك ف الشيش وأدمته‪ ،‬وكنت أتعاطاه عن طريق التدخي‪ ،‬فكنت أذهب إل‬
‫الدرسة وأنا ف حالة هستيية فأرى الناس من حول كأنم ذباب أو حشرات صغية‪ ،‬لكن ل‬
‫أكن أتعرض لحد‪ ،‬لن الذي يتعاطى هذا البلء يكون جبانا ياف من كل شيء‪.‬‬
‫بقيت على هذه الال سنتي تقريبا‪ ،‬وكنت آنذاك أسكن بفردي ف بيت يقع ف مكان ناءٍ ف‬
‫طرف البلد‪.‬‬
‫و ف يوم من اليام جاء ن اثنان من شياط ي ال نس الذ ين أعرف هم ‪-‬وكان أحد هم متزوجا‪-‬‬
‫فأوقفست سسيارت وركبست معهسم‪ ،‬وكان ذلك بعسد صسلة العصسر‪ ،‬فأخذنسا ندور وندور فس‬
‫شوارع البلد‪.‬‬
‫وبعد جولة دامت عدة ساعات‪ ،‬أوقفون عند سيارت‪ ،‬فركبتها واتهت إل البيت فلم أستطع‬
‫الوصول إليه‪ ،‬فقد كنت ف حالة سكر شديد‪.‬‬
‫ظللت مدة ساعتي أو أكثر أبث عن البيت فلم أجده!!!‬
‫وف ناية الطاف وبعد جهد جهيد وجدته‪ ...‬فلما رأيته فرح تُ فرحا شديدا‪ ،‬فلما هم تُ‬
‫بالنول من السيارة أحسستُ بأل شديد جدا ف قلب‪ ،‬وبصعوبة بالغة نزلت ودخلت البيت‪،‬‬
‫وف اللحظات تذكرت الوت‪.‬‬
‫ن عم‪ ،‬وال أي ها الخوة ل قد تذكر تُ الوت كأ نه أما مي ير يد أن يه جم عل يّ‪ ،‬ورأ يت أشياء‬
‫عجيبة أعجز عن وصفها الن فقم تُ مسرعا ومن غي شعور‪ ،‬ودخلت دورة الياه وتوضأت‪،‬‬
‫وب عد خرو جي من الدورة عدتّ وتوضأت ثان ية‪ ..‬ث أ سرعت إل إحدى الغرف و كبت‬
‫ودخلت ف ال صلة‪ ،‬وأتذ كر أ ن قرأت ف الرك عة الول بالفات ة‪ ،‬و ( قل هو ال أ حد) ول‬
‫أتذكر ما قرأته ف الركعة الثانية‪.‬‬
‫الهم أنن أديت تلك الصلة بسرعة شديد قبل أن أموت!!‬
‫وألقيست بنفسسي على الرض‪ ،‬على جنسب اليسسر‪ ،‬واسستسلمت للموت‪ ،‬فتذكرت تلك‬
‫اللحظات أن ن سعت أن ال يت من الف ضل أن يو ضع على جن به الي ن فتحولت إل ال نب‬
‫الين‪ ،‬وأنا أحس بأن شيئا ما يهز كيان هزا عنيفا‪.‬‬
‫ومرت ف خاطري صور متلح قة من سجل حيا ت الا فل بالضياع والجون‪ ،‬وأيق نت أن‬
‫روحي قد أوشكت على الروج‪.‬‬
‫ومرّت لظات كنست أنتظسر فيهسا الوت‪ ،‬وفجأة حرّكتُس قدمسي فتحركتسْ‪ ،‬ففرحتُس بذلك‬
‫فرحا شديدا‪ ،‬ورأيت بصيصا من المل يش عّ من بي تلك الظلمات الالكة‪ ،‬فقمت مسرعا‬
‫وخرجت من البيت وركبت سيارت‪ ،‬وتوجهت إل بيت عمي‪.‬‬
‫دفعت الباب ودخلت‪ ،‬فوجدتم متمعي يتناولون طعام العشاء‪ ،‬فألقيت بنفسي بينهم‪.‬‬
‫قام عمي فزعاٍ وسألن‪ :‬ما بك؟!!‬
‫فقلت له‪ :‬إن قلب يؤلن‪.‬‬
‫فقام أ حد أبناء عمي‪ ،‬وأخذن إل ال ستشفى‪ ،‬وف الطريق أ خبته بال وأنن قد أسرفت ف‬
‫تعا طي ذلك البلء‪ ،‬وطلب تُ م نه أن يذ هب ب إل طبيب يعر فه‪ ،‬فذ هب ب إل م ستوصف‬
‫أهلي‪ ،‬فلما ك شف عل ّي ال طبيب و جد حالت ف غاية السوء حيث بلغت ن سبة الكحول ف‬
‫جسمي ‪ ،%94‬فامتنع عن علجي‪ ،‬وقال لبدّ من حضور رجال الشرطة‪ ،‬وبعد ماولت‬
‫مسستمرة وإلاح شديسد وإغراءات وافسق على علجسي‪ ،‬فقاموا بتخطيسط للقلب ثس بدءوا‬
‫بعلجي‪.‬‬
‫كان والدي ف ذلك الوقت موجودا ف تلك الدينة‪ ،‬فلما علم أن ف الستشفى جاء ليزورن‪،‬‬
‫وقد رأيته وقف فوق رأسي فلما شم رائحت ضاق صدره فخرج ول يتكلم‪.‬‬
‫أمض يت ليلة ت ت العلج‪ ،‬وق بل خرو جي ن صحن ال طبيب بالبتعاد عن الخدرات‪ ،‬وأ خبن‬
‫بأن حالت سيئة جدا‪.‬‬
‫وخرجت من الستشفى‪ ،‬وأحسست بأن قد منحت حياة أخرى جديدة‪ ،‬وأراد ال ب خيا‪،‬‬
‫فكنت فيما بعد كلما شمت رائحة الشيش أصابن مثل ما أصابن ف تلك الليلة وتذكرت‬
‫الوت‪ ،‬فأط فئ ال سيجارة‪ ،‬وكن تُ كل ما ن ت بالل يل أش عر بأن أحدا يوقظ ن ويقول ل‪ :‬قم‪،‬‬
‫فأ ستيقظ وأ نا أنت فض من الوف‪ ،‬فأتذ كر الوت وال نة والنار وال قب‪ ،‬ك ما ك نت أتذ كر‬
‫صساحبي ل مسن رفقاء السسوء لقيسا حتفهمسا قبسل وقست قصسي‪ ،‬فأخاف أن يكون مصسيي‬
‫كم صيها‪ ،‬فك نت أقوم آ خر الل يل فأ صلي ركعت ي ‪-‬ول أ كن أعرف صلة الو تر ف ذلك‬
‫ال ي‪ -‬ث بدأت أحا فظ على ال صلوات الفرو ضة‪ ،‬وكن تُ كل ما ش مت رائ حة الش يش أو‬
‫الدخان أتذكر الوت فأتركهما‪.‬‬
‫وبقيت على هذه الال أربعة أشهر أو أكثر حت قيض ال ل أجد الشباب الصالي فالتقطن‬
‫من بي أولئك الشرار‪ ،‬وأخذن معه إل مكة الكرمة لداء العمرة‪ ،‬وبعدها ول المد تبت‬
‫إل ال وعدت إليه‪.‬‬
‫ون صيحت للشباب ال سلم أن يذروا كل الذر من شياط ي ال نس‪ ،‬ورفقاء ال سوء‪ ،‬الذ ين‬
‫كانوا سببا ف شقاقي وتعاست سنوات طويلة‪ ،‬ولول رأفة ال ورح ته حيث أنقذن من ب ي‬
‫أيديهم لكنت من الاسرين‪.‬‬
‫وأسال ال أن يتوب عليّ‪ ،‬وعلى جيع الذنبي والعاصيي إنه توّاب رحيم‪.‬‬
‫(‪ )10‬توبة امرأة مغربية بعد إصابتها بالسرطان وشفائها منه ف بيت‬
‫ال(‪)21‬‬

‫(ليلى اللوة) امرأة مغربية‪ ،‬أصيبت بالرض البيث (السرطان)‪ ،‬فعجز الطباء عن علجها‪،‬‬
‫ففقدت المل إل بال الذي ل تكن تعرفه من قبل‪ ،‬فتوجهت إليه ف بيته الرام‪ ،‬وهناك كان‬
‫الشفاء‪ ،‬والن ‪-‬عزيزي القارئ‪ -‬أتركسك مسع الخست ليلى لتروي تفاصسيل قصستها بنفسسها‪،‬‬
‫فتقول‪:‬‬
‫م نذ ت سع سنوات أ صبتُ برض خط ي جدا‪ ،‬و هو مرض ال سرطان‪ ،‬والم يع يعرف أن هذا‬
‫السسم ميسف جدا وهناك فس الغرب ل نسسميه السسرطان‪ ،‬وإناس نسسميه (الغول) أو (الرض‬
‫البيث)‪.‬‬
‫أصبتُ بالتاج الي سر‪ ،‬وكان إيان بال ضعيفا جدا‪ ،‬كن تُ غافلة عن ال تعال‪ ،‬وك نت أظن‬
‫أن جال الن سان يدوم طوال حيا ته‪ ،‬وأن شبا به و صحته كذلك‪ ،‬و ما ك نت أ ظن أبدا أ ن‬
‫سأصاب برض خطي كالسرطان‪ ،‬فلما أصبتُ بذا الرض زلزلن زلزالً شديدا‪ ،‬وفكرت ف‬
‫الروب‪ ،‬ولكن إل أين؟! ومرضي معي أينما كنت‪ ،‬فكرت ف النتحار‪ ،‬ولكن كن تُ أحب‬
‫زو جي وأولدي‪ ،‬و ما فكرت أن ال سيعاقبن إذا انتحرت‪ ،‬ل ن كنست غافلة عن ال ك ما‬
‫أسلفت‪.‬‬
‫وأراد ال سبحانه وتعال أن يهدين بذا الرض‪ ،‬وأن يهدين ب كثيا من الناس فبدأت المور‬
‫تتطور‪.‬‬
‫لا أصبتُ بذا الرض رحلت إل بلجيكا‪ ،‬وزرت عددا من الطباء هناك‪ ،‬فقالوا لزوجي لبدّ‬
‫من إزالة الثدي‪ ..‬وب عد ذلك ا ستعمال أدو ية حادّة تُ سقط الش عر وتز يل الرموش والا جبي‪،‬‬
‫ت رفضا كليا‪ ،‬وقلت‪ :‬إ ن‬‫وتع طي ل ية على الو جه‪ ،‬ك ما ت سقط الظا فر وال سنان‪ ،‬فرفض ُ‬
‫أفضل أن أموت بثديي وشعري وكل ما خلق ال ب ول أشوّه‪ ،‬وطلب تُ من الطباء أن يكتبوا‬

‫‪ ) (21‬هذه القصة نقلتها من شريط مسجل بصوتها هي‪( .‬باختصار)‪.‬‬


‫س‬
‫س إل الغرب‪ ،‬واسستعملتُ الدواء فلم يؤثسر علىّ ففرحت ُ‬ ‫ل علجا خفيفا ففعلوا‪ .‬فرجعت ُ‬
‫بذلك‪ ،‬وقلت ف نفسي‪ :‬لعل الطباء قد أخطئوا‪ ،‬وأن ل أصب برض السرطان‪.‬‬
‫ول كن ب عد ستة أش هر تقريبا‪ ،‬بدأت أش عر بن قص ف الوزن‪ ،‬لو ن تغ ي كثيا وك نت أ حس‬
‫باللم‪ ،‬كا نت م عي دائما‪ ،‬فن صحن طب يب ف الغرب أن أتو جه إل بلجي كا‪ ،‬فتوج هت إل‬
‫هناك‪.‬‬
‫وهناك‪ ،‬كا نت ال صيبة‪ ،‬ف قد قال الطباء لزو جي‪ :‬إن الرض قد ع مّ‪ ،‬وأ صيبت الرئتان‪ ،‬وأن م‬
‫الن ليس لديهم دواء لذه الالة‪ ..‬ث قالوا لزوجي من الحسن أن تأخذ زوجتك إل بلدها‬
‫حت توت هناك‪.‬‬
‫ُفجِ عَ زو جي ب ا سع‪ ،‬وبدلً من الذهاب إل الغرب ذهب نا إل فرن سا ح يث ظن نا أن نا سنجد‬
‫العلج هناك‪ ،‬ولكنسا ول ندس شيئا‪ ،‬وأخيا حرصسنا على أن نسستعي بأحسد هناك لدخسل‬
‫الستشفى وأقطع ثديي وأستعمل العلج الاد‪.‬‬
‫لكن زوجي يذكر شيئا كنا قد نسيناه‪ ،‬وغفلنا عنه طوال حياتنا‪ ،‬لقد ألم ال زوجي أن نقوم‬
‫بزيارة إل بيت ال الرام‪ ،‬لنقف بي يديه سبحانه ونسأله أن يكشف ما بنا من ضرّ‪ ،‬وذلك‬
‫ما فعلنا‪.‬‬
‫خرجنا من باريس ونن نلل ونكب‪ ،‬وفرح تُ كثيا لنن لول مرة سأدخل بيت ال الرام‪،‬‬
‫وأرى الكعبة الشرفة‪ ،‬واشتريتُ مصحفا من مدينة باريس‪ ،‬وتوجهنا إل مكة الكرمة‪.‬‬
‫وصلنا إل بيت ال الرام‪ ،‬فلما دخلنا ورأي تُ الكعبة بكي تُ كثيا لنن ندمت على ما فاتن‬
‫من فرائض و صلة وخشوع وتضرع إل ال‪ ،‬وقلت‪ :‬يا رب‪ ..‬لقسد ا ستعصى عل جي على‬
‫الطباء‪ ،‬وأنت منك الداء ومنك الدواء‪ ،‬وقد أغلق تْ ف وجهي جيع البواب‪ ،‬وليس ل إل‬
‫بابك فل تغلقه ف وجهي وطف تُ حول بيت ال‪ ،‬وكنت أسأل ال كثيا بأن ل ييبن‪ ،‬وأن‬
‫يذلن‪ ،‬وإن ييّر الطباء ف أمري‪.‬‬
‫وك ما ذكرت آنفا‪ ،‬ف قد ك نت غافلة عن ال‪ ،‬جاهلة بد ين ال‪ ،‬فك نت أطوف على العلماء‬
‫والشايخ الذين كانوا هناك‪ ،‬وأسألم أن يدلون على كتب وأدعية سهلة وبسيطة حت أستفيد‬
‫منهسا‪ ،‬فنصسحون كثيا بتلوة كتاب ال والتضلع مسن ماء زمزم ‪-‬والتضلع هسو أن يشرب‬
‫النسان حت يشعر أن الاء قد وصلى أضلعه‪ -‬كما نصحون بالكثار من ذكر ال‪ ،‬والصلة‬
‫على رسوله صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫شعرت براحة نفسية واطمئنان ف حرم ال‪ ،‬فطلب تُ من زوجي أن يسمح ل بالبقاء ف الرم‪،‬‬
‫وعدم الرجوع إل الفندق‪ ،‬فأذن ل‪.‬‬
‫وف الرم كان بواري بعض الخوات الصريات والتركيات كنّ يرينن أبكي كثيا‪ ،‬فسألنن‬
‫عن سبب بكائي فقلت‪ :‬لنن وصلتُ إل بيت ال‪ ،‬وما كنت أ ظن أن سأحبه هذا ال ب‪،‬‬
‫وثانيا لنن مصابة بالسرطان‪.‬‬
‫فلزمن ن ول ي كن يفارقن ن‪ ،‬فأ خبتن أن ن معتك فة ف ب يت ال‪ ،‬فأ خبن أزواج هن ومك ثن‬
‫معي‪ ،‬فكنا ل ننام أبدا‪ ،‬ول نأكل من الطعام إل القليل‪ ،‬لكنا كنا نشرب كثيا من ماء زمزم‪،‬‬
‫والنب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬يقول‪( :‬ماء زمزم لا شرب له)‪ ،‬إن شربتَه لتشفى شفاك ال‪ ،‬وإن‬
‫شربته لظمأك قطعه ال‪ ،‬وإن شربته مستعيذا أعاذك ال‪ ،‬فقطع ال جوعنا‪ ،‬وكنا نطوف دون‬
‫انقطاع‪ ،‬حيسث نصسلي ركعتيس ثس نعاود الطواف‪ ،‬ونشرب مسن ماء زمزم ونكثسر مسن تلوة‬
‫القرآن‪ ،‬وهكذا كنا ف الليل والنهار ل ننام إل قليلً‪ ،‬عندما وصلتُ إل بيت ال كنت هزيلة‬
‫جدا‪ ،‬وكان ف ن صفي العلى كث ي من الكويرات والورام‪ ،‬ال ت تؤ كد أن ال سرطان قد ع مّ‬
‫جسمي العلى‪ ،‬فك نّ ينصحنن أغسل نصفي العلى باء زمزم‪ ،‬ولكن كنت أخاف أن ألس‬
‫تلك الورام والكويرات‪ ،‬فأتذ كر ذلك الرض فيشغل ن ذلك عن ذ كر ال وعباد ته‪ ،‬فغ سلته‬
‫دون أن ألس جسدي‪.‬‬
‫وف اليوم الامس ألّ عل ّي رفيقات أن أمسح جسدي بشيء من ماء زمزم فرفض تُ ف بداية‬
‫المسر‪ ،‬لكنس أحسسستُ بقوة تدفعنس إل أن آخسذ شيئا مسن ماء زمزم وأمسسح بيدي على‬
‫ج سدي‪ ،‬فخ فت ف الرة الول‪ ،‬ث أح سست بذه القوة مرة ثان ية‪ ،‬فترددت ول كن ف الرة‬
‫الثال ثة ودون أن أش عر أخذت يدي وم سحت ب ا على ج سدي وثد يي الذي كان ملوءا كله‬
‫دما وصديدا وكويرات‪ ،‬وحدث ما ل يكن ف السبان‪ ،‬كل الكويرات ذهبت ول أجد شيئا‬
‫ف جسدي‪ ،‬ل ألا ول دما ول صديدا‪.‬‬
‫فاندهشتُ ف أول المر‪ ،‬فأدخلت يدي ف قميصي لبث عما ف جسدي فلم أجد شيئا من‬
‫تلك الورام‪ ،‬فارتعش تُ‪ ،‬ول كن تذكر تُ أن ال على كل ش يء قد ير‪ ،‬فطل بت من إحدى‬
‫رفيقا ت أن تل مس ج سدي‪ ،‬وأن تب حث عن هذه الكويرات‪ ،‬ف صحن كل هن دون شعور‪ :‬ال‬
‫أكب ال أكب‪.‬‬
‫ت الفندق‪ ،‬فلما وقف تُ أمامه مزق تُ قميصي وأنا أقول‪ ،‬انظر‬
‫فانطلق تُ لخب زوجي‪ ،‬ودخل ُ‬
‫رحة ال‪ ،‬وأخبته با حدث فلم يصدق ذلك‪ ،‬وأخذ يبكي ويصيح بصوت عا ٍل ويقول‪ :‬هل‬
‫علم تِ أن الطباء أق سموا على مو تك ب عد ثل ثة أ سابيع ف قط؟ فقلت له‪ :‬إن الجال ب يد ال‬
‫سبحانه وتعال ول يعلم الغيب إل ال‪.‬‬
‫مكثنا ف بيت ال أسبوعا كاملً‪ ،‬فكنت أحد ال وأشكره على نعمه الت ل تُحصى‪ ،‬ث زرنا‬
‫السجد النبوي بالدينة النورة ورجعنا إل فرنسا‪.‬‬
‫وهناك حار الطباء ف أمري واندهشوا وكادوا يُجنّون‪ ،‬و صاروا ي سألونن هل أ نت فل نة؟!‬
‫فأقول لم‪ :‬نعم –بافتخار‪ -‬وزوجي فلن‪ ،‬وقد رجعت إل رب‪ ،‬وما عدت أخاف من شيء‬
‫إل من ال سبحانه‪ ،‬فالقضاء قضاء ال‪ ،‬والمر أمره‪.‬‬
‫فقالوا ل‪ :‬إن حالتك غريبة جدا وإن الورام قد زالت‪ ،‬فلبد من إعادة الفحص‪.‬‬
‫أعادوا فحصي مرة ثانية فلم يدوا شيئا وكنت من قبل ل أستطيع التنفس من تلك الورام‪،‬‬
‫ولكن عندما وصلت إل بيت الرام وطلبت الشفاء من ال ذهب ذلك عن‪.‬‬
‫بعد ذلك كنتُ أبث عن سية النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وعن سية أصحابه رضي ال عنهم‬
‫وأبكي كثيا‪ ،‬كنت أبكي ندما على ما فاتن من حُب ال ورسوله‪ ،‬وعلى تلك اليام الت‬
‫قضيتها بعيدة عن ال عز وجل‪ ،‬وأسأل ال أن يقبلن وأن يتوب عليّ وعلى زوجي وعلى‬
‫جيع السلمي‪.‬‬
‫(‪ )11‬توبة تت المواج (‪)22‬‬

‫شاب ع شق الب حر وأح به‪ ،‬ول جل ذلك اشترى مركبا ليب قى ف الب حر أطول و قت م كن‪،‬‬
‫كيف ل وقد أصبح الوج النغمة الالة الت يب أن يسمعها دائما‪.‬‬
‫كان يتنه مع أصدقائه فأراد ال به خيا فحدثتِ الفاجأة يقول‪ :‬م‪ .‬ص‪ .‬ر‪:‬‬
‫كنت ذات يوم ف البحر مع قارب وحيدا‪ ،‬أقطع المواج وكان الوقت قد قارب على الغرب‪،‬‬
‫وأنا أحب أن أبقى منفردا ف هذه الساعة بالذات‪ ،‬أعيش مع أحلمي‪ ،‬وأقضي أجل أوقات‬
‫مع الطياف‪ ،‬وأ نا وح يد على الاء الزرق‪ ،‬وفجأة حدث ما ل ي كن ف ال سبان‪ ،‬ورأ يت‬
‫القارب وقد اعتلن‪ ،‬وأصبحت بي الاء أصارع المواج والوت معا‪.‬‬
‫ل أستطع أن ألتزم بقارب النجاة أو بالطوق العد لثل هذه الالت‪ ،‬صرخت بأعلى صوت‪ :‬يا‬
‫رب أنقذن‪ ،‬صدرتْ هذه الصيحة من أعماق قلب‪ ،‬ول أدر بنفسي‪.‬‬
‫غبست عسن الوعسي‪ ..‬اسستيقظت‪ ،‬أ َجلْت بصسري ينسة ويسسرة‪ ،‬رأيست رجا ًل كثييسن يقولون‪:‬‬
‫(المد ل‪ ،‬إنه حي ل يت)‪ ،‬ومنهم اثنان قد لبسا ملبس البحر‪.‬‬
‫قالوا ل‪( :‬المد ل الذي ناك من الغرق)‪ ،‬ل قد شار فت على اللك‪ ،‬ول كن إرادة ال كا نت‬
‫لك رحة ومنقذا‪.‬‬
‫ل أتذكر ما مضى ف تلك الادثة إل ندائي لرب‪.‬‬
‫دارت ب الدن يا مرة أخرى‪ ،‬وأ صبحت أحدث نف سي‪ ،‬لاذا تا ف ر بك؟ لاذا تع صيه؟ كان‬
‫الواب‪ :‬الشيطان والنفس‪ ،‬والدنيا كانت تصرفن عن ذكر ال!!‬
‫أفقت من دواري‪ ،‬قلت للحاضرين‪ :‬هل دخل وقت العشاء؟ قالوا‪ :‬نعم‪.‬‬
‫ق مت ب ي ده شة الضور‪ ،‬توضأت و صليت‪ ،‬قلت‪ :‬واعجبا هل حقي قة أ ن أ صلي؟! ل أ كن‬
‫أؤدي هذه ال صلوات ف حيا ت إل مرات قليلة جدا‪ ،‬وفوق ذلك رح ن ر ب وأكرم ن بوده‬
‫ومنّه‪.‬‬
‫عاهدتُ رب أن ل أعصيه أبدا‪ ،‬وإن أزلن الشيطان أستغفر‪ ،‬فإن رب غفور رحيم‪.‬‬
‫‪ ) (22‬جريد البلد‪ :‬إعداد‪ :‬عبد العزيز الحمدان‪.‬‬
‫وبقيت متخوفا أل يقبل ال توبت حت قرأت هذه الية (إن ال ل يغفر أن يُشرك به ويغفر ما‬
‫دون ذلك لن يشاء)‪.‬‬
‫وتذكرت قول ال نب صلى ال عل يه و سلم‪( ،‬إن التو بة تبّ ما قبل ها)‪ ...‬فاطمأ نت نف سي‪،‬‬
‫واستكانت‪ ،‬وعرفت أن ال جواد كري يفرح بتوبة عبده مهما بلغت ذنوبه‪.‬‬
‫أسأل ال أن يتوب عليّ وعليكم وعلى السلمي أجعي‪ ،‬إنه سيع ميب‪.‬‬
‫واغرورقت عينها بالدموع وانفجر باكياُ حت أبكانا معه‪.‬‬
‫(‪ )12‬توبة شاب بعد ساعه موعظة (‪)23‬‬

‫الوعسظ أسسلوب مسن أسساليب التأثيس والدعوة إل ال‪ ،‬ولقسد كان رسسول ال صسلى ال عليسه‬
‫خرجتس مسن قلب صسادق فإناس تترق‬ ‫ْ‬ ‫وسسلم‪ ،‬يتخول أصسحابه بالوعظسة‪ ،‬فإن الوعظسة إذا‬
‫الوا جز وت صل إل القلوب‪ ،‬فتكون كالغ يث يُ صيب أرضا مي تة فته تز وت يا بإذن ال‪ ،‬وفي ما‬
‫يلي قصة شاب كان على موعد مع فعل الرام‪ ،‬فسمع موعظة من بعيد لمستْ شغاف قلبه‬
‫فاستيقظ من غفلته وعاد إل ال يروي قصته فيقول‪ :‬أنا شاب نشأ تُ ف بيت (مسلم)‪ ،‬ولكنه‬
‫كان إ سلما (وراثيا) ل ي كن أهلي يثون ن على الطا عة واتباع شرع ال وين صحونن بذلك‪،‬‬
‫ولكنهم كانوا يتحمسون لنصحي ‪-‬وأحيانا تديدي‪ -‬إذا أنا تلفت عن الدرسة أو عصيتهم‬
‫ف المور الدنيوية (‪ )24‬وما ل شك فيه أن من كان هذا حاله فسوف يتجه إل الاوية‪ ،‬وهذا‬
‫ما حدث ل‪ ،‬فل قد ابتل يت ب صحبة رفقاء سوء زينوا ل الفوا حش والنكرات‪ ،‬وأوقعو ن ف‬
‫معاصي ال‪.‬‬
‫فكنا نسخر من أهل الدين والصلح ونستهزئ بم!!! ومع استهزائنا بم كنا نفعل الوبقات‬
‫وكبائر الذنوب عل أنه من الرجولة والبطولة‪ ،‬وندفع كل ما نلك ف سبيل ذلك ولو آل المر‬
‫ب نا إل ال سجن‪ ،‬وك نا مع ذلك نتعا طي الخدرات وال سكرات‪ ،‬أ ما ال صلة فلم ن كن نعرف ها‬
‫أبدا أبدا‪ ،‬وك نت إذا دخلت دورات الياه التاب عة للم سجد ي ستغرب الناس دخول إلي ها‪ ،‬ل ا‬
‫عرفوا عن من الشر والفساد وعدم الستقامة‪.‬‬
‫وفس ليلة مسن الليال وفس وقست صسلة العشاء كنست قريبا مسن أحسد السساجد‪ ،‬وعلى موعسد‬
‫للجلوس مع بعض (الصبيان)‪ ،‬فإذا بصوت مؤثر ينطلق من مكب الصوت من ذلك السجد‪،‬‬
‫يتحدث عن ال نة والنار‪ ،‬والوت وال قب‪ ،‬فأح سست أن ذلك ال صوت ياطب ن ويهز ن هزّا‬

‫‪ ) (23‬هذه القصة كتبها لي هذا الشاب بنفسه‪.‬‬


‫‪ ) (24‬هذا واقع كثير من السر وللسف الشديد‪ ،‬والواجب على الباء أن يحرصوا على تربية أولدهم تربية إسلمية وأن يختاروا لهم الرفقاء الصالحين‪،‬‬
‫وإل فإن العاقبة وخيمة‪.‬‬
‫عنيفا وكأ نه يقول ل‪ :‬أي ها الغا فل‪ ،‬أ ما ت ستحي من ال؟ أ ما تاف من الوت أن يأت يك بغ تة‬
‫وأنت على هذه الال؟ انتبه‪ ،‬انتبه‪ ،‬فتأثرت بذلك‪ ،‬وشعرت بوف شديد ورهبة‪.‬‬
‫ومضت تلك الليلة‪.‬‬
‫و ف ال غد وب عد أن أذن الؤذن ل صلة العشاء‪ ،‬ق مت وتوضأت واغت سلت ودخلت ال سجد‪،‬‬
‫وبدأ الشيخ ف حديثه وكنتُ ف طرف الصف‪ ،‬فبدأت بالبكاء على نفسي وعلى ما مضى من‬
‫عمري من التفر يط ف حق ال و حق الوالد ين‪ ،‬وب عد أن أد يت ال صلة رج عت إل الب يت‬
‫مبكرا‪ ،‬فاستبشر أهلي خيا‪ ،‬فلم يكن من عادت أن أرجع إل البيت إل ف منتصف الليل أو‬
‫آخره‪.‬‬
‫و من ذلك ال ي تُب تُ إل ال‪ ،‬ورج عت إل يه‪ ،‬وأ نا أد عو ال أن يثبت ن وإيا كم‪ ،‬وأن يغ فر ل نا‬
‫وللشيخ الذي كان ‪-‬بعد ال‪ -‬سببا ف إنقاذي من اللك‪.‬‬
‫(‪ )13‬توبة فتاة من عال الزياء إل كتب العلم والعقيدة (‪)25‬‬
‫إن إفساد الرأة السلمة وإخراجها من دينها من أهم ما يسعى إليه أعداء السلم باسم (ترير‬
‫الرأة)‪ ،‬ذلك أن الرأة هي الدرسة الت تترب فيها الجيال وتتخرج‪ ،‬وبفسادها تفسد الجيال‪.‬‬
‫يقول (يوبه) الأسون سنة ‪1879‬م‪:‬‬
‫(تأكدوا تاما أننا لسنا منتصرين على الدين إل يوم تشاركنا الرأة فتمشي ف صفوفنا)‪ ،‬ولكي‬
‫تشي الرأة ف صفوفهم أخذوا ييكون الؤامرات‪ ،‬والخططات ليلً ونارا‪ ،‬ومنها إشغال الرأة‬
‫بالتوافسه مسن المور كالهتمام الزائد باللباس والزينسة والتجمسل‪ ،‬وإغراق السسواق بجلت‬
‫الزياء التخ صصة ال ت ت مل ف طيات ا آ خر ما تفتّق عن العبقر ية اليهود ية (‪ )26‬من الزياء‬
‫العار ية الفاتنة‪ ،‬و(الوديلت) الرخي صة الاج نة الت تتناف مع ما أ مر ال به الرأة من الشمة‬
‫والعفاف والستر‪ ،‬وقد قال‪ :‬رسول ال صلى ال عليه وسلم‪( :‬من تشبه بقوم فهو منهم)‪.‬‬
‫والن سنقف قليلً مع إحدى الخوات‪ ،‬لتحدثنا عن رحلتها مع عال الزياء والمال الزائف‬
‫إل عال آخر‪ ،‬عال الكتب وطلب العلم‪ ،‬فتقول‪:‬‬
‫عش تُ بداية حيات ف ضلل وضياع وغفلة‪ ،‬بي سهر على معاصي ال‪ ،‬وتأخي للصلة عن‬
‫وقتها‪ ،‬ونوم وخروج إل الدائق والسواق‪ ،‬ومع ذلك كله فقد كنت أصلي أصوم‪ ،‬وأحاول‬
‫أن ألتزم بأوامر الشرع الت تعلمتها منذ نعومة أظفاري‪ ،‬حت أن ‪-‬ف الرحلة التوسطة‪ -‬كنت‬
‫أعدّ ملتز مة بالن سبة لغيي من الفتيات الخريات‪ ،‬ول كن حب الرأة للزي نة والمال والشهرة‬
‫وميلها الغريزي إليه كان من أكب مداخل الشيطان عليّ‪.‬‬
‫فقد كن تُ مفتونة جدّا بالناقة وح بّ ابتكار (الوديلت) الت قد يستصغرها البعض ويقول‪:‬‬
‫إنا ليست بعصية‪ ،‬ولكن أقول‪ :‬إنا قد تكون من أكب العاصي‪ ،‬فقد كانت هي وقت كله‪،‬‬
‫كنست أفكسر فيهسا عنسد الطعام والشراب والنوم والسسفر‪ ،‬وأثناء الصسص الدرسسية‪ ،‬حتس‬

‫‪ ) (25‬هذه القصة كتبتها لي هذه التائبة بنفسها‪.‬‬


‫‪( )(26‬بيوت الزياء الكبرى يهودية وكذلك بيوت الزينة‪ ،‬واليهود يكسبون مها كسبا مضاعفا‪ ،‬يكسبون أرباحا خيالية ل تدرها الصناعات الخرى‪،‬‬
‫ويكسبون سريان الفساد كالسم في مجتمع الميين (غير اليهود)‪( .‬محمد قطب‪ /‬مذاهب فكرية ص ‪ ،150‬الهامش‪.‬‬
‫الختبارات‪ ،‬مع حر صي الشد يد على الذاكرة والتفوق ح يث ك نت من الوائل على الرحلة‬
‫بكاملها‪.‬‬
‫وأعظم من ذلك‪ ،‬أن مثل هذه المور التافهة كانت تشغل تفكيي حت ف الصلة والوقوف‬
‫ب ي يدي ال‪ ،‬فإذا انتهي تُ من ال صلة بدأت ف و صف الود يل الذي فكرت به ف ال صلة‬
‫لخت‪ ،‬وهي كذلك‪.‬‬
‫وحزتس على إعجاب الكثيات مسن بنات‬ ‫ْ‬ ‫وأذكسر مرة أنس حضرت زواجا لحدى قريباتس‪،‬‬
‫جيلي من إطراء ومديح بطريقة اللبس ما زاد من غروري‪ ،‬وجعلن أتسر وأتأل لِ مَ ل ألبس‬
‫أفضل لحوز على مديح أكثر‪ ،‬وأخذت أتسر لدة سنة تقريبا‪.‬‬
‫قسد تسستغربون ذلك‪ ،‬ولكسن هذا كله بسسبب الصسديقات النحلت اللتس كنست أختارهنسّ‪،‬‬
‫فكنت بالنسبة لن ملتزمة‪.‬‬
‫و ف نا ية الرحلة الثانو ية ي سر ال ل طر يق الدا ية‪ ،‬ف قد ك نت أذ هب أثناء الختبارات إل‬
‫مصلى الدرسة لذاكر مع صديقات‪ ،‬فأجد هناك بعض حلقات العلم فأجلس إليها وأستمع أنا‬
‫وزميل ت‪ ،‬فأ ثر ذلك فّ‪ ،‬م ا جعل ن ب عد التخرج ودخول الام عة ألت حق بق سم الدرا سات‬
‫السلمية‪.‬‬
‫وف الامعة‪ ،‬تعرف تُ على أخوات صالات‪ ،‬وبفضل ال ث بفضل أخوات الصالات ومالس‬
‫الذكر واللاح ف الدعاء أعانن ال على أن استبدل حب الدنيا بطلب العلم‪ ،‬حت أن أنسى‬
‫حاجت للطعام والشراب مع طلب العلم‪ ،‬ول أزكي نفسي ولكن ال يقول‪( :‬وأما بنعمة ربّك‬
‫فحدّث)‪ .‬سورة الضحى الية ‪.11‬‬
‫كما أصبحت بعد اللتزام أشعر بسعادة تغمر قلب فأقول‪ :‬بأنه يستحيل أن يكون هناك إنسان‬
‫أ قل م ن التزاما أن يكون أ سعد م ن‪ ،‬ولو كا نت الدن يا كل ها ب ي عين يه‪ ،‬ولو كان من أغ ن‬
‫الناس‪.‬‬
‫وهكذا تت رحلت من السهر على الفيديو والفلم الاجنة إل كتب العقيدة والديث وأباث‬
‫الفقه‪.‬‬
‫و من النوم إل الظهية إل هدي ال نب صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬ف النوم فالن سان ما سب على‬
‫وقته‪ ،‬وعليه استغلل كل دقيقة‪ ،‬فإذا كنت ف وضع ل يسمح ل بطلب العلم فلسان ل يفتر‬
‫‪-‬وال المد‪ -‬من ذكر ال والستغفار‪.‬‬
‫وف التام أسأل ال ل ولميع السلمي والسلمات الداية والثبات‪ ..‬فأكثر ما ساعدن على‬
‫الثبات ‪-‬بعد توفيق ال‪ -‬هو إلقائي للدروس ف الصلى‪ ،‬بالضافة إل قراءت عن النة بأن فيها‬
‫مسا ل عيس رأت ول أذن سسعت ول خطسر على قلب بشسر‪ ،‬مسن اللباس والمال والزينسة‪،‬‬
‫والسواق‪ ،‬والزيارات بي الناس‪ ،‬وهذه من أحب الشياء إل قلب‪.‬‬
‫فكنت كلما أردت أن أشتري شيئا من اللبس الت تزيد على حاجت أقول‪ :‬ألبسها ف الخرة‬
‫أفضل‪.‬‬
‫فتذكري للجنة ونعيمها من أكثر السباب الرغبة ل ف ترك ملذات الدنيا طمعا ف الصول‬
‫عليها كاملةً ف الخرة بإذن ال‪.‬‬
‫و من أك ثر ال سباب الرغ بة ل ف ترك العا صي تذكري لل صراط‪ ،‬وأهوال يوم القيا مة‪ ،‬وأن‬
‫العمال تعرض على ال أمام جيع اللئق‪ ،‬وهناك تكون الفضيحة‪.‬‬
‫(‪ )14‬توبة شاب كان يتعرض للنساء (‪)27‬‬
‫إنا قصة مؤثرة‪ ،‬يرويها أحد الغيورين على دين ال‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫خرجست ذات يوم بسسيارت لقضاء بعسض العمال‪ ،‬وفس إحدى الطرق الفرعيسة الادئة قابلنس‬
‫شاب يركب سيارة صغية‪ ،‬ل يرن‪ ،‬لنه كان مشغولً بلحقة بعض الفتيات ف تلك الطريق‬
‫الالية من الارّة‪.‬‬
‫كن تُ مسرعا فتجاوزته‪ ،‬فلما سرت غي بعيد قلت ف نفسي‪ :‬أأعود فأنصح ذلك الشاب! أم‬
‫أمضي ف طريقي وأدعه يفعل ما يشاء؟‬
‫ت المر الول‪.‬‬‫وبعد صراع داخلي دام عدة ثوانٍ فقط اختر ُ‬
‫عد تُ ثانية‪ ،‬فإذا به قد أوقف سيارته وهو ينظر إليهن ينتظر منهن نظرة أو التفاته‪ ،‬فدخلن ف‬
‫أحد البيوت‪.‬‬
‫أوقفت سيارت بوار سيارته‪ ،‬نزلت من سيارت واتهت إليه‪ ،‬سلمت عليه أولً‪ ،‬ث نصحته‬
‫فكان ما قلته له‪ :‬تيل أن هؤلء الفتيات أخواتك أو بناتك أو قريباتك فهل ترضى لحد من‬
‫الناس أن يلحقهن أو يؤذيهن؟‬
‫ك نت أتدث إل يه وأ نا أش عر بش يء من الوف‪ ،‬ف قد كان شابّا ضخما متلئ ال سم‪ ،‬كان‬
‫يستمع إلّ وهو مطرق الرأس‪ ،‬ل ينبس ببنت شفة‪.‬‬
‫َتس إلّ‪ ،‬فإذا دمعسة قسد سسالتْ على خده‪ ،‬فاسستبشرتُ خيا‪ ،‬وكان ذلك دافعا ل‬ ‫وفجأة الف َ‬
‫لوا صلة الن صيحة‪ ،‬ل قد زال الوف م ن تاما‪ ،‬وشددتّ عل يه ف الد يث ح ت رأ يت أ ن قد‬
‫أبلغت ف النصيحة‪.‬‬
‫ث ودّع ته لك نه ا ستوقفن‪ ،‬وطلب م ن أن أك تب له ر قم هات في وعنوا ن‪ ،‬وأ خبن أ نه يع يش‬
‫فراغا نفسيا قائلً‪ ،‬فكتبتُ له ما أراد‪.‬‬
‫وبعد أيام جاءن ف البيت‪ ،‬لقد تغي وجهه وتبدل تْ ملمه‪ ،‬فقد أطلق ليته وشعّ نور اليان‬
‫من وجهه‪.‬‬

‫‪ ) (27‬هذه القصة رواها لي أحد الخوة فكتبتها ثم عرضتها على صاحبها فأجازها‪.‬‬
‫جلستُ معه‪ ،‬فجعل يدثن عن تلك اليام الت قضاها ف (التسكع) ف الشوارع والطرقات‬
‫وإيذاء ال سلمي وال سلمات‪ ،‬فأخذت أ سليه‪ ،‬وأ خبته بأن ال سبحانه وا سع الغفرة‪ ،‬وتلوت‬
‫عل يه قوله تعال‪ ( :‬قل يا عباد يَ ال أ سرفوا على أنف سهم ل تقنطوا من رح ة ال إن ال يغ فر‬
‫الذنوب جيعا إ نه هو الغفور الرح يم)‪ .‬سورة الز مر‪ ،‬ال ية ‪ .53‬فانفرج تْ أ سارير وج هه‪،‬‬
‫واستبشر خيا‪ ،‬ث ودعن وطلب من أن أردّ الزيارة‪ ،‬فهو ف حاجة إل من يعينه على السي ف‬
‫الطريسق السستقيم‪ ،‬فوعدتسه بالزيارة‪ ،‬مضست اليام وشُغلت ببعسض مشاغسل الياة الكثية‪،‬‬
‫وجعلت أسوّف ف زيارته‪ .‬وبعد عدة أيام‪ ،‬وجدت فرصة وذهبت إليه‪.‬‬
‫طرقت الباب‪ ،‬فإذا بشيخ كبي يفتح الباب وقد ظهرت عليا آثار الزن والسى‪ ،‬إنه والده‪.‬‬
‫صمَتَ برهةً‪ ،‬ث قال بصوت خافت‪ :‬يرحه ال‬ ‫سألته عن صاحب‪ ،‬أطرق برأسه إل الرض‪ ،‬و َ‬
‫ويغفر له‪ ،‬ث استطرد قائل‪ :‬حقا إن العمال بالواتيم‪.‬‬
‫ث أخذ يدثن عن حاله وكيف أنه كان مفرطا ف جنب ال بعيدًا عن طاعة ال‪ ،‬فمنّ ال عليه‬
‫بالداية قبل موته بأيام‪ ،‬لقد تداركه ال برحته قبل فوات الوان‪.‬‬
‫ت ال أن أبذل النصيحة لكل مسلم‪.‬‬ ‫فلما فرغ من حديثه عزيته ومضيت‪ ،‬وقد عاهد ُ‬
‫(‪ )15‬توبة فتاة ف العشرين(‪)28‬‬

‫أ‪ .‬ه س‪ .‬فتاة ف العشر ين من عمر ها‪ ،‬أراد ال ب ا خيا فوفق ها للتو بة والدا ية‪ ،‬تروي ق صتها‬
‫فتقول‪:‬‬
‫كا نت حيا ت أش به بياة الاهل ية‪ ،‬على الر غم من أ ن اب نة أناس مافظ ي ومتم سكي بالق يم‬
‫والبادئ السلمية‪ ،‬كنت ل أحافظ على أوقات الصلة‪ ،‬حت أن صلة الفجر ل أصلّيها إل‬
‫بعد الساعة العاشرة‪.‬‬
‫أرى اخوتس يسسهرون فس رمضان لقيام الليسل وقراءة القرآن‪ ،‬وأنسا أحيسي الليسل بالسسهر على‬
‫أشرطة الفيديو والنظر إل ما يغضب ال‪.‬‬
‫و ف ليلة من الليال وب عد أن آو يت إل فرا شي رأ يت في ما يرى النائم أ ن مع ممو عة من‬
‫ال صديقات (قرينات ال سوء)‪ ،‬وك نا نل عب كعادت نا‪ ،‬فمر تْ من أما مي جنازة فجل ست أن ظر‬
‫إليها‪ ،‬وكنّ ياولن صدّي عنها‪ ،‬حاولت أن ألق با فلم أستطع‪ ،‬فركضت وركضت إل أن‬
‫وصلت إليها‪ ،‬وبعد مرورنا بطريق وعر عجز تُ عن مواصلة الطريق‪ ،‬فوجد تُ غرفة صغية‬
‫مظل مة‪ ،‬دخلت ها وقلت‪ :‬ما هذه؟ قالوا ل هذا قبك‪ ،‬هذا م صيك‪ ،‬عند ها أردتّ أن أتدارك‬
‫عمري فصرخت بأعلى صوت أريد مصحفا‪ ،‬أريد أن أصلي‪ ،‬أريد أن أخرج دمعة تنجين من‬
‫عذاب ال الليم‪.‬‬
‫فجاء صوت من خلفي قائل‪ :‬هيهات هيهات‪ ،‬انقضى عمرك وأنت منهمكة باللذات‪.‬‬
‫وفجأة استيقظت من نومي على صوت المام ف صلة الفجر وهو يتلو قوله تعال‪( :‬أل يأن‬
‫للذين آمنوا أن تشع قلوبم لذكر ال‪ ،‬وما نزل من الق)‪ .‬سورة الديد الية ‪.16‬‬
‫سبحان ال‪ ،‬شريط حيات أخذ ينطوي أمامي‪ ،‬وقد تداركتن نعمة رب بأن جعلن أوب إليه‬
‫قبل الوفاة‪ ،‬فلله المد والنّة‪.‬‬

‫‪ ) (28‬هذه القصة كتبتها لي هذه التائبة بنفسها‪.‬‬

You might also like