You are on page 1of 32

‫العائدون إلى‬

‫الله‬
‫مجموعة من قصص التائبين ‪ ،‬من مشاهير‬
‫وعلماء ودعاة وغيرهم يرونها بأنفسهم‬

‫جمعها‬
‫محمد بن عبدالعزيز المسند‬

‫المجموعة الخامسة‬
‫توبة عال هندي من شتم المام الجدد ممد بن عبد الوهاب‬
‫(رحه ال الميع)‬
‫قال الش يخ العال العلّ مة م مد بن إبراه يم آل الش يخ مف ت الديار ال سعودية ف ع صره رح ة ال عل يه‪:‬‬
‫حدثنا عبد الرحن البكري النجدي ‪-‬وهو من طلب العلم التجار الذين يذهبون إل الند للتكسب وربا‬
‫م كث هناك الش هر‪ -‬قال‪ :‬ك نت بوار م سجد ف ال ند‪ ،‬وكان ف هذا ال سجد عال كل ما فرغ من‬
‫تدريسه رفع يديه ولعن الشيخ ممد بن عبد الوهاب‪ ،‬وإذا خرج من السجد مرّ ب‪ ،‬وقال‪( :‬أنا أجيد‬
‫العربية‪ ،‬لكن أحب أن أسعها من أهلها)‪ ..‬ويشرب من عندي ماءً باردا‪ ،‬فأهن ما يفعل ف درسه من‬
‫سب الش يخ‪ ..‬قال‪ :‬فاحتل تُ عل يه بأن دعو ته‪ ،‬وأخذت كتاب التوح يد للش يخ م مد بن ع بد الوهاب‬
‫‪-‬رح ه ال‪ ،-‬ونزع تُ ديباج ته (غل فه) ووضع ته على ر فٍ ف منل ق بل ميئه ل كي يراه‪ ،‬فل ما ح ضر‬
‫قلت‪ :‬أتأذ ن ل أن آ ت ببطي خة؟ فذه بت‪ ،‬فل ما رج عت إذا هو يقرأ ف يه وي هز رأ سه‪ ،‬فقال‪ :‬ل ن هذا‬
‫الكتاب؟ ‪-‬وقد أعجبه‪ -‬ث قال‪ :‬هذه التراجم ‪-‬يعن تراجم الكتاب‪ -‬تشبه تراجم البخاري ‪-‬رحه ال‪-‬‬
‫هذا وال نفس البخاري!! فقلت‪ :‬ل أدري‪ ،‬ث قلت‪ :‬أل نذهب للشيخ الغزوي لنسأله –وكان صاحب‬
‫مكت بة وعال بالك تب‪ -‬فدخل نا عل يه‪ ،‬فقل تُ للغزوي‪ :‬كان عندي أوراق سألن الش يخ من هي له؟ فلم‬
‫أعرف‪ ،‬ففهم الغزوي ما أريده‪ ،‬فنادى مَن يأت بكتاب مموعة التوحيد‪ ،‬فأتى با‪ ،‬فقابل بينهما فقال‪:‬‬
‫هذا لح مد بن ع بد الوهاب‪ ..‬فقال العال الندي مغضبا وب صوت عالٍ‪ :‬الكا فر؟!‪ ..‬ف سكتنا‪ ،‬و سكت‬
‫قليلً‪ ،‬ث هدأ عضبه فاسترجع‪ ..‬ث قال‪ :‬إن كان هذا الكتاب له فقد ظلمناه‪ ..‬ث إنه صار كل يوم يدعو‬
‫له ويدعو معه تلميذه‪ ،‬وتفرق تلميذه له ف الند‪ ،‬فكانوا إذا فرغوا من القراءة دعوا جيعا للشيخ ممد‬
‫بن عبد الوهاب ‪-‬رحه ال‪.-‬‬
‫قال الشيخ العلمة ممد بن إبراهيم تعليقا على هذه القصة‪:‬‬
‫(إن العماية الكبى كلها من النتسبي إل السلم‪ ،‬وإن الداعي إل ال أن يدعو إل العقائد أول‪ ،‬ل إل‬
‫العمال الظاهرة كالصلة والزكاة والصيام والج‪.)..‬‬
‫وقال‪( :‬ومع السف‪ ..‬أهل التوحيد والدعوة قليل فيهم هذا أو معدوم) (‪)1‬‬

‫‪ ) 1‬انظر فتاوى الشيخ ممد بن إبراهيم رحه ال‪ ،‬الجلد الول السألة الـ ‪ 14‬وهي بعنوان‪( :‬جهل الكثي بدعوة الشيخ ممد عبد الوهاب‪.‬‬
‫توبة الشيخ عبد الرحن الوكيل من ضللت الصوفية إل أنوار العقيدة السلفية(‪)2‬‬

‫أثر عن شيخ من مشائخ الطرق الصوفية أنه قال‪ :‬كل الطرائق الصوفية باطلة‪ ،‬وإنا هي صناعة للحتيال‬
‫وأكل أموال الناس بالباطل‪ ،‬وتسخيهم واستعبادهم ( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫و قد صدق و هو كذوب‪ ،‬و من قُدّر له الدخول ف ب عض هذه الطرق سيدرك ذلك ل مالة ل سيما إن‬
‫كان ذا عقل ذكي وقلب نيّر‪.‬‬
‫والشيخ عبد الرحن الوكيل من خاض ف هذه الستنقعات السنة‪ ،‬وتلوث بشيء منها حت هيأ ال له‬
‫بنه وكرمنه من أخرجه منها‪ ،‬وقد سجّل قصته بنفسه لتكون عبة للغافلي بل الغفلي فقال‪:‬‬
‫(المد ل وحده وبعد‪ :...‬فإنه قد كانت ل بالتصوف صلة؛ هي صلة العبة بالأساة‪ .‬فهنالك ‪-‬حيث‬
‫كان يدرج ب ال صبا ف مدار جه ال سحرية‪ ،‬وت ستقبل الن فس كل صروف القدار بالفر حة الطروب‪-‬‬
‫هنالك تت شفوف السحار الوردية من ليال القرية الوادعة الالة جثم على صدري صنم صغي يعبده‬
‫ت منهم الباه‪ ،‬وتدلت الفون‪ ،‬ومشى الرم ف‬ ‫خ تغضن ْ‬ ‫كثي من شيوخ القرية‪ ،‬كنت أجلس بي شيو ٍ‬
‫ل يتراءون تت وصوصة السراج الافت أوها مَ‬ ‫أيديهم خفقات حزينة راعشة‪ ،‬وف أجسادهم نولً ذاب ً‬
‫رجا ٍء ضيّعتْه اليبة‪ ،‬وبقايا آمال عصف اليأس‪.‬‬
‫كانت ترانيم الشيوخ ‪-‬ومن بينها صوت الصب‪ -‬تتهدج تت أضواء السحر بالتراتيل الوثنية‪ ،‬وما زلت‬
‫أذكر أن صلوات ابن مشيش ومنظمة الدردير كانتا أحب التراتيل إل أولئك الشيوخ‪ ،‬ومازلت أذكر أن‬
‫أصموات الشيوخ كانمت تَشْرُق بالدموع‪ ،‬وتئن فيهما الهات حيم كانوا ينطقون ممن الول‪( :‬اللهـم‬
‫انشلن من أوحال التوحيد) (!!!) ومن الثانية‪( :‬وجُد ل بجمع المع منك تفضل) (!!!)‪...‬‬
‫يا للصب الغرير التعس السكي !! فما كان يدري أنه بذه الصلوات الجوسية يطلب أن يكون هو ال‬
‫هوية وماهية وذاتا وصفةً‪ ،‬ما كان يدري ما التوح يد الذي يضرع إل ال أن ينشله من أوحاله‪ ،‬ول ما‬
‫جع المع الذي يبتهل إل ال أن ين به عليه‪.‬‬
‫ويشب الصب فيذهب إل طنطا ليتعلم‪ ،‬وليتفقه ف الدين‪ ،‬وهناك سعت الكبار من الشيوخ يقسمون لنا‬
‫أن (البدوي) قطب القطاب‪ ،‬يُصرّف من شئون الكون‪ ،‬ويدبر من أقداره وغيوبه الفية‪ ..‬فتجرأ تُ مرة‬
‫فلذتم بالرعمب‬
‫ُ‬ ‫فسمألتُ خائفا مرتعدا‪ :‬وماذا يفعمل ال؟؟!! فإذا بالشيمخ يهدرغضبا‪ ،‬ويزمرم حنقا‬
‫والصمت؛ وقد استشعرت من سؤال وغضب الشيخ أنن لطّخت لسان برية ل تُكتَبْ لا مغفرة‪ ،‬ولِمَ‬
‫‪ ) 2‬انظر مقدمة كتاب تنبيه الغب إل تكفي ابن عرب‪ ،‬وكتاب الفكر الصوف لعبد الرحن عبد الالق ص ‪ ،480‬ط ‪ 3‬باختصار وتصرف‬

‫‪ ) 3‬انظر الفكر الصوف ص ‪ ،470‬ط ‪.3‬‬


‫ل؟ والشيخ هذا‪ ،‬كبي‪ ،‬جليل الشأن والطر‪ ،‬ما كنتُ أستطيع أبدا أن أفهم أن مثل هذا الشيخ الشيب‬
‫‪-‬الذي يسمائل عنمه الوت‪ -‬يرضمى بالكفمر‪ ،‬أو يتهوك ممع الضلل والكذب‪ ،‬فصمدّق الشاب شيخمه‬
‫وكذّب ما كان يتلو ق بل من آيات ال‪ ( :‬ث استوى على العرش يدبر ال مر ما من شف يع إل من بعد‬
‫إذنه)‪( .‬يونس‪)!!( )3 :‬‬
‫كنتُ أقرأ ف الكتب الت ندرسها‪ :‬أن الصوف فلنا غسلتْه اللئكة‪ ،‬وأن فلنا كان يصلي كل أوقاته ف‬
‫الكعبمة فم حيم كان يسمكن جبمل قاف‪ ،‬أو ُجزُر الواق الواق(!!!) وأن رسمول ال ‪-‬صملى ال عليمه‬
‫و سلم‪ -‬مدّ يده من ال قب و سلم على الرفا عي (!!) وأن فلنا عذب ته اللئ كة ل نه ح فظ القرآن وال سنة‬
‫وعمل با فيهما‪ ،‬لكنه ل يفظ كتاب الوهرة ف التوحيد (!!) وأن مذهبنا ف الفقه هو الق وحده‪،‬‬
‫لنه أحاديث حذفت أسانيدها (!!)‪ ..‬كنتُ أقرأ كل هذا وأصدّقه وأؤمن به‪ ،‬وما كان يكن إل أن أفعل‬
‫هذا‪.‬‬
‫كن تُ أقول ف نف سي‪ :‬لو ل ت كن هذه الك تب حقا ما دُرّ ست ف الز هر‪ ،‬ول در سها هؤلء الرمون‬
‫الحبار‪ ،‬ول أخرجتها الطابع (!!)‪.‬‬
‫وتوج طنطا بالوفود‪ ،‬وتعج بالمي بيت الطاغوت الكب من حدب وصوب‪ ،‬ويلس الشاب ف حلقة‬
‫يذ كر في ها ال صوفية ا سم بنّات النوف‪ ،‬ورجّات الرداف ووثن ية الدفوف‪ ،‬وأ سع مُن شد القوم ي صيح‬
‫راقصا‪( :‬ول صنم ف الدير أعبد ذاته) فتتعال أصوات الدراويش طروبة الصيحات‪( :‬إيوه كِدَه اكفر‪،‬‬
‫اك فر يا مر ب) فأرى على وجوه القوم فرحا وثنيا را قص ال ث ب ا سعوا من الن شد الكا فر‪ ،‬ث سألت‬
‫شيخنا‪ :‬يا سيدي الشيخ‪ ،‬ما ذلك الصنم العبود؟! فيزم الشيخ شفتيه ث يقول‪( :‬انته لسه صغي) (!!)‬
‫وسكتّ قليلً‪ ،‬ولكن الكفر ظل يضج بالنعيق فكنت أستمع إل النشد وهو يقيء‪( :‬سلكت طريق الدير‬
‫ف البد ية) (و ما الكلب والن ير إل إل نا) فأ سئل نف سي ف ع جب وحية وذهول‪ :‬ما الكلب؟ ما‬
‫الن ير؟ ما الد ير؟‪ ..‬ح ت رأي تُ ب عض شيو خي الكبار يطوفون بذه المآت يشربون (القر فة) ويهنئون‬
‫البدال والناب والوتاد (!!!) بولد القطب سيدهم‪( ،‬السيد البدوي)‪.‬‬
‫ومضى من عمر الشباب سنوات‪ ،‬فأصبحت طالبا ف كلية أصول الدين‪ ،‬فدرستُ أوسع كتب التوحيد‬
‫ت منها كل شيء إل حقيقة التوحيد‪ ،‬بل ما زادتن دراستها إل قلقا حزينا‪ ،‬وحية‬ ‫‪-‬هكذا تسمى‪ -‬فوعي ُ‬
‫مسكينة‪.‬‬
‫ودار الزمن فأصبحت طالبا ف شعبة التوحيد والفلسفة‪ ،‬ودرست فيها التصوف‪ ،‬وقرأت ف كتاب صنفه‬
‫أستاذ من أستاتذت رأي ابن تيمية ف ابن عرب‪ ،‬فسكنت نفسي قليلً إل ابن تيمية وكنت قبل أراه ضالّ‬
‫مضلً‪ ،‬فبهذا البهتان الثيم نعته الدردير!!‬
‫وكانمت عندي لبمن تيميمة كتمب‪ ،‬بيمد أنم كنمت أرهمب مطالعتهما خشيمة أن أرتاب فم الولياء‬
‫‪-‬الزعومي‪ -‬كما قال ل بعض شيوخي من قبل!! وخشية أن أضل ضلل ابن تيمية (!!)‪ .‬لكن هذه‬
‫الرة تشجعت وقرأتا‪ ،‬واستغرقتُ ف القراءة؛ فأنعم ال عل ّي بصبح مشرق هتك عن حُجُب الليل الذي‬
‫كن تُ فيه‪ ،‬فاستقر ب القرار عند جاعة أنصار السنة الحمدية‪ ،‬فكأنا لقي تُ با الواحة الندية بعد دو يٍ‬
‫ملتهب الجي‪ ،‬فقد دُعيت من قِبل الماعة على لسان منشئها فضيلة والدنا الشيخ ممد بن حامد الفقي‬
‫إل تدبر الق والدى من الكتاب والسنة على فهم سلفنا الصال ‪-‬رضي ال عنهم‪ -‬أجعي‪.‬‬
‫ارتفعتم الغشاوة عمن عين ّ‪ ،‬فبهرنم النور‬
‫ْ‬ ‫وبدأتم أقرأ ولكمن هذه الرة بتدبر وتعمن‪ ،‬ورويدا رويدا‬
‫ُ‬
‫وكنتم ممن قبمل ‪-‬بسمحر‬
‫ُ‬ ‫السمماوي؛ رأيمت النور نورا‪ ،‬واليان إيانا‪ ،‬والقم حقا‪ ،‬الضلل ضللً‪،‬‬
‫الت صوف‪ -‬أرى ف الش يء ع ي نقي ضه؛ فأؤ من بالشرك توحيدا‪ ،‬وبالك فر إيانا‪ ،‬وبالاد ية ال صماء من‬
‫الوثنية روحانية عليا‪ ،‬فأدرك تُ حينئذٍ أن التصوف دين الوثنية والجوسية‪ ،‬دين ينسب الربوبية واللية‬
‫إل كل زندي قٍ‪ ،‬وكل مرم‪ ،‬وكل جرية!! دين يرى ف إبليس وفرعون وعجل السامري وأوثان الاهلية‬
‫أربابا‪ ،‬وإل ة تي من على القدر ف أزله وأبده!! د ين يرى ف كل ش يء إلا يُع بد‪ ،‬وربا يلق ما يشاء‬
‫ويتار‪ ،‬دين يقرر أن حقيقة التوحيد السى هي اليان بأن ال ‪-‬سبحانه‪ -‬عي كل شيء!!! دين يقول‬
‫عن اليف الت يتأذى منها النت‪ ،‬وعن الراثيم الت تفتك سومها بالبشرية إنا هي الله‪ ،‬وسبحان ربنا‬
‫ما أحلمه‪.‬‬
‫هذه هي ال صوفية‪ ،‬ول سان حاله يقول‪ :‬لِ مَ هذا الكدح والهاد والن صب والعبود ية؟ لِ َم هذا و كل فرد‬
‫من كم ف حقيق ته هو الرب‪ ،‬و هو الله؟ ‪-‬تعال ال ع ما يقولون‪ -‬أل فأطلقوا غرائز كم البي بة ودعو ها‬
‫تعش ف الغاب‪ ،‬وحوشا ضارية‪ ،‬وأفاعي فتاكة‪..‬‬
‫وأنمت يما بنم الشرق؛ دعوا السمتعمر الغاصمب يسمومكم السمف والوان‪ ،‬ويلطمخ شرفكمم بالضعمة‪،‬‬
‫وعزتكم بالذل الهي‪ ،‬دعوه يهتك ما تمون من أعراض‪ ،‬ويدمر ما تشيدون من معالٍ‪ ،‬وينسف كل ما‬
‫اسستم من أماد‪ ،‬ث الثموا ‪-‬ضارعي‪ -‬خناجره وهي تزق منكم الحشاء‪ ،‬واهتفوا لسياطه وهي تشوي‬
‫منكم اللود‪ ،‬فما ذلك الستعمر عند الصوفية سوى ربم‪ ،‬تعيّن ف صورة مستعمر‪.‬‬
‫دعوا الواخي مفتحة البواب‪ ،‬مهدة الفجاج‪ ،‬ومباءات البغاء تفتح ذراعيها لكل شريد من ذئاب البشر‪،‬‬
‫وحانات المور تط غى على قد سية ال ساجد‪ ،‬وارفعوا فوق الذرى من ت ال يف‪ ،‬ث خروا ل ا ساجدين‪،‬‬
‫م سبّحي با سم ا بن عر ب وأ سلفه وأخل فه‪ ،‬ف قد أباح ل كم أن تعبدوا الي فة‪ ،‬وأن تتو سلوا إل عبادت ا‬
‫بالرية!!‬
‫ذلكم هو دين التصوف ف وسائله وغاياته‪ ،‬وتلك هي روحانيته العليا‪)..‬‬
‫هذا بعض ما سجله لنا الشيخ عبد الرحن رحه ال‪ ،‬وهو كلم وا فٍ ل يتاج إل تعليق سائلي الول‬
‫جل وعز أن يهدي ضال السلمي إل الق الواضح البي إنه ول ذلك‪.‬‬

‫توبة شاب قبل موته بلحظات ف السجد (‪)4‬‬


‫حقا ما أتعس النسان حي تستبد به عاداته وشهواته فينطلق معها إل آخر مدى‪.‬‬
‫لقد استعبدت ممدا الطيئة والنوة فأصبح منقادا لا‪ ،‬ل يلك نفسه‪ ،‬ول يستطيع تريرها؛ فحرفته إل‬
‫حيمث ل يلك لنفسمه القياد؛ إل حيمث اللك‪ ..‬فكان يسمارع إل انتهاك اللذات‪ ،‬ومقارفمة النكرات؛‬
‫فوصل إل حال بلغ فيها الفزع منتهاه‪ ،‬والقلق أقصاه‪ ..‬يتبدى ذلك واضحا على قسمات وجهه ومياه‪.‬‬
‫ل يركع ل ركع ًة منذ زمن ‪ .‬ول يعرف للمسجد طريقا‪ ..‬كم من السني مضت وهو ل يصلّ‪ ..‬يس‬
‫بالرج وال جل إذا ما مرّ با نب م سجد الن صار ‪-‬م سجد ال ي الذي يقط نه‪ -‬لكأ ن بئذ نة ال سجد‬
‫تاطبه معاتبة‪ :‬مت تزورنا‪...‬؟؟‬
‫كيما يفوح القلب بالتقى‪..‬‬
‫كيما تس راحةً‪ ..‬ما لا انتها‪..‬‬
‫كيما تذوق لذة الرجا‪....‬‬
‫ليشرق الفؤاد بالسنا‪..‬‬
‫لتستني الورح بالدى‪...‬‬
‫‪..‬مت تتوب؟؟‪ ..‬مت تؤوب؟؟‪..‬‬
‫فما يكون منه إل أن يطرق رأسه خجلً وحياءً‪.‬‬
‫شهر رمضان‪ ..‬حيث تصفد مردة الشياطي‪ ،‬صوت الق يدوي ف الفاق مالئا الكون رهبةً وخشوعا‪..‬‬
‫وصوت ينبعث من مئذنة مسجد النصار‪ ...‬وصوت حزين يرتل آيات الذكر الكيم‪ ..‬إنا الراحة‪ ..‬إنا‬
‫الصلة‪ ..‬صلة التروايح‪.‬‬
‫وكالعادة؛ ير ممد بانب السجد ل يلوي على شيء‪ .‬أحد الشباب الطيبي يستوقفه‪ ،‬ويتحدث معه ث‬
‫يقول له‪ :‬ما رأيك أن ندرك الصلة؟ هيّا‪ ،‬هيّا بنا بسرعة‪.‬‬
‫أراد ممد العتذار لكن الشاب الطيب مضى ف حديثه مستعجلً‪ ..‬كانت روح ممد تغدو كعصفور‬
‫صغي ينتشي عند الصباح‪ ،‬أو بلله رقراق الندى‪ ..‬روحه تريد أن تشق طريقها نو النور بعد أن أضناها‬
‫التجوال ف أقبية الضلل‪.‬‬

‫‪ ) 4‬حدثن با أحد الخوة الثقات‪ ،‬وقد سعها من فم إمام السجد بنفسه‪.‬‬


‫قال ممد‪ :‬ولكن ل أعرف ل دعاء الستفتاح ول التحيات‪ ..‬منذ زمن ل اصلّ‪ ،‬لقد نسيتها‪.‬‬
‫‪-‬كل يا ممد ل تنسها؛ بل أنسيتها بفعل الشيطان وحزبه الاسرين‪ ..‬نعم لقد أنسيتها‪.‬‬
‫وب عد إ صرار من الشاب الط يب‪ ،‬يدلف م مد ال سجد ب عد فراق طو يل‪ .‬فماذا ي د‪..‬؟ عيونا غ سلتها‬
‫الدموع‪ ،‬وأذبلتها العبادة‪ ..‬وجوها أنارتا التقوى‪ ..‬مصلي قد حلّقوا ف أجواء اليان العبقة‪..‬‬
‫كا نت قراءة المام حزي نة متر سلة‪ ..‬ف صوته رع شة ت ز القلوب‪ ،‬ولول مرة ب عد فراق يقارب ال سبع‬
‫سني‪ ،‬يلق م مد ف ذلك ال و‪ ...‬ب يد أ نه ل ي ستطع إكمال ال صلة‪ ..‬امتل قل به ره بة‪ ..‬ترا جع إل‬
‫اللف‪ ،‬استند إل سارية قريبة منه‪ ..‬تنهد بسرة ماطبا نفسه‪ :‬بال كيف يفوتن هذا الجر العظيم؟!‬
‫أ ين أ نا من هذه الطمأني نة وهذه الرا حة؟! ث انرط ف بكاء طو يل‪ ..‬ها هو يب كي‪ ..‬يب كي ب كل قل به‪،‬‬
‫يبكي نفسه الضائعة‪ ..‬يبكي حيته وتيهه ف بيداء وقفار موحشة‪ ..‬يبكي أيامه الاضية‪ ..‬يبكي مبارزته‬
‫البار بالوزار‪!...‬‬
‫كان قلبه تترق‪ ..‬فكأنا جرة استقرت بي ضلوعه فل تكاد تبو إل لتثور مرة أخرى وتلتهب فتحرقه‪..‬‬
‫إنا حرقة العاصي‪ ...‬أنا حرقة الثام‪.‬‬
‫لك ال أيها الذنب النيب‪ ،‬كم تقلبت ف لظى العصيان‪ ،‬بينما روحك كانت تكتوي يظمأ الشوق إل‬
‫سلوك طريق اليان‪!..‬‬
‫كان يب كي ‪-‬ك ما يقول المام‪ -‬كبكاء الثكلى‪ ..‬ل قد أخذتْه مو جة ألٍ وند مٍ أرجف تْ عقله فطبع تْ ف‬
‫ذهنه أن ال لن يغفر له‪.‬‬
‫تلّق الناس حوله‪ ..‬سألوه ع ما دهاه‪ ..‬فلم ي شأ ان ييب هم‪ ..‬ف قط كان يع يش تلك اللحظات مع نف سه‬
‫الزينة‪ ..‬التعبة‪ ،‬الت أتعبها التخبط ف سراديب اللك‪.‬‬
‫ف داخله بركان ندمٍ وألٍ‪ ،‬ل يستطع أحدٌ من الصلي إخاده‪ ..‬فانصرفوا لكمال صلتم‪..‬‬
‫وهنا يأت عبد ال‪ ،‬وبعد ماولت؛ جاء صوت ممد متهدجا‪ ،‬ينم عن ثورة مكبوتة‪ :‬لن يغفر ال ل‪..‬‬
‫لن يغفر ال ل‪ ..‬ث عاد لبكائه الطويل‪..‬‬
‫أ خذ ع بد ال يهون عل يه قائل‪ :‬يا أ خي‪ ،‬إن ال غفور رح يم‪ ..‬إن ال يب سط يده بالل يل ليتوب م سيء‬
‫النهار‪ ،‬ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل‪.‬‬
‫هنا يرفع ممد رأسه وعيناه مضلتان بالدموع‪ ..‬ونبات صوته أصداء عميقة‪ ..‬عميقة الغور قنوطا من‬
‫رحة ال‪ ،‬قائل‪ :‬بشهقات كانت تتردد بي الفينة والخرى‪ :‬كل؛ لن يغفر ال ل‪ ..‬لن يغفر ال ل‪..‬‬
‫ثم سم َكتَ ليسمترد أنفاسمه؛ وليخرج ممن خزانمة عمره ماحوت ممن أخبار‪ ..‬وعاد الصموت مرة أخرى‬
‫متحشرجا يرمي بالسئلة التائهة الباحثة عن فرار‪ ..‬كان صوته ينف بالزن‪ ..‬بالوجع‪ ..‬ث أردف قائل‪:‬‬
‫أنت ل تتصور عظيم جرمي‪ ..‬وعظم الذنوب الت تراكمتْ على قلب‪ ..‬ل ‪..‬ل‪ ..‬لن يغفر ال ل‪ ،‬فأنا ل‬
‫أص ّل منذ سبع سنوات!!!‬
‫ويأب عبد ال إل أن يقنع ممدا بسعة عفو ال ورحته‪ ،‬فها هو يعاود نصحه قائل‪ :‬يا أخي‪ ،‬احد ال‬
‫أ نك ل ت ت على هذه الال‪ ..‬يا أ خي إن ال ‪ -‬سبحانه وتعال‪ -‬يقول‪ ( :‬يا ا بن آدم‪ ،‬إ نك لو أتيت ن‬
‫بقراب الرض خطايا ث لقيتن ل تشرك ب شيئا؛ لتيتك بقرابا مغفرة)‪ ،‬ث إن قنوطك من رحة ال‬
‫عز وجل أعظم من عصيانك له‪ ..‬ث أخذ يتلو عليه آيات الرحة والرجاء‪ ،‬وأحاديث التوبة‪ ،‬وكرم ال‬
‫وجوده ف قبول التائبي‪ ..‬ولكأن به قد أيقظ ف نفس ممد بارقة أمل‪ ،‬فيحس ممد أن باب التوبة فد‬
‫انفرج عن فتحة ضيقة يستطيع الدخول فيها‪.‬‬
‫وهنا تكسرت أمواج قنوط ممد العاتية على شطآن نصائح عبد ال الغالية‪ ،‬فشعر بثقل هائل يناح عن‬
‫كاهله‪ ..‬فيخف جناحه‪ ،‬وترفرف روحه‪ ،‬تريد التحليق ف العال الديد‪ ..‬ف عال الوبة والتوبة‪!..‬‬
‫ها هو ذا صدره أرضا بكرا يستقبل أول غرسة من النصائح الثمرة‪ ..‬تلك النصائح الت نشرت المان‬
‫والطمأنينة والرجاء ف نفس م مد كما ين شر ال طر ‪-‬بإذن ال‪ -‬الخضرار على و جه الصحاري الفقرة‬
‫الجدبة‪!..‬‬
‫وها هو ذا عبد ال يعرض عليه أمرا‪ :‬ما رأيك يا أخي الكري أن تذهب إل دورة الياه لتغتسل‪ ..‬لتريح‬
‫نفسك‪ ..‬ولتبدأ حياة جديدة‪..‬‬
‫ف ما كان من م مد إل أن وا فق ناشدا الرا حة‪ ..‬وأ خذ يغت سل‪ ،‬ويغ سل من قل به كل أدران الذنوب‬
‫وقذارتا الت علقت به‪ ..‬لقد غسل قلبه هذه الرة‪ ،‬ومله بعان مادتا من نور‪..‬‬
‫وسارا نو السجد‪ ،‬وما زال المام يتلو آيات ال‪ ..‬تتحرك با شفتاه‪ ،‬وتفو لا قلوب الصلي‪.‬‬
‫وأخذا يتحدثان ‪ ..‬وصمدرت الكلمات ممن شفتم عبمد ال رصمينة تفوح منهما رائحمة الصمدق والقم‬
‫والمل‪ ،‬بريئة من كل بتان‪..‬‬
‫وهز ممدا الديث فكأنا عثر على كن قد طال التنقيب عنه‪ !..‬ث أخذ يدث نفسه‪ :‬أين أنا من هذا‬
‫الطريق‪..‬؟ أين أنا من هذا الطريق‪..‬؟‪ ..‬المد ل غص با حلقه من جرّاء دموع قد تفجرت من عينيه‪..‬‬
‫سار والدموع تن ساب على وجنت يه‪ ،‬فحاول أن ير سم ابت سامة على شفت يه‪ ،‬ب يد أن ا ابت سامة منو قة قد‬
‫امتقع لونا؛ فنسيت طريقها إل وجهه؛ فضاعت‪..‬‬
‫قال‪ :‬عسى ال أن يغفر ل ‪-‬إن شاء ال‪.-‬‬
‫فبادره عبد ال‪ :‬بل قل اللهم اغفر ل واعزم ف السألة يا رجل‪.‬‬
‫واتها صوب السجد‪ ،‬ونفس ممد تزداد تطلعا وطمعا ف عفو ال ورضاه‪..‬‬
‫دخل السجد ولسان حاله يقول‪ :‬اللهم اغفر ل‪ ..‬اللهم ارحن‪ ..‬يا إلي قد قضيت حيات ف النحدر‪..‬‬
‫وها أنذا اليوم أحاول الصعود‪ ،‬فخذ بيدي يا رب العالي‪..‬‬
‫يا أرحم الرحي‪ ..‬إن ذنوب كثية ‪ ..‬ولكن رحتتك أوسع‪..‬‬
‫ودخل ف الصلة وما زال يبكي‪ ..‬الذنوب القدية تداعى بناؤها‪ ..‬وخرج من قلب النقاض والغبار قلبا‬
‫ناصعا مضيئا باليان‪!..‬‬
‫وأخذ يبكي‪ ..‬وازداد بكاؤه‪ ..‬فأبكى من حوله من الصلي‪ ..‬توقف المام عن القراءة‪ ،‬ول يتوقف ممد‬
‫عن البكاء‪ ..‬قال المام‪ :‬ال أكب وركع‪ ..‬فركع الصلون وركع ممد‪ ..‬ث رفعوا جيعا بعد قول المام‪:‬‬
‫سع ال لن حده‪ ..‬لكن ال أراد أن ل يرتفع ممد بسده‪ ..‬بل ارتفعتْ روحه إل بارئها‪ ..‬فسقط جثة‬
‫هامدة‪..‬‬
‫وب عد ال صلة‪ ..‬حركوه‪ ..‬قلبوه‪ ..‬أ سعفوه عل هم أن يدركوه‪ ..‬ول كن (إذا جاء أجل هم فل ي ستأخرون‬
‫ساعة ول يستقدمون)‪.‬‬
‫توبة النجل الكب لطلل مداح‬
‫(عبد ال) هو النجل الكب لطلل مداح؛ م نّ ال عليه بالداية فسلك سبيل الؤمني‪ ،‬روى قصة توبته‬
‫ورجوعه إل ال فقال‪:‬‬
‫كان ل عالي الاص‪ ،‬وهوايت الت تتمثل ف نظم الكلمات الغنائية‪ ،‬والغناء كذلك‪ .‬كانت حيات تسي‬
‫ت الدنيا تلبس ثوب تربص وخوف من الجهول‪ .‬كان‬ ‫على هذا النوال‪ ،‬وحي وقعت أزمة الليج وجد ُ‬
‫الناس أش به بأ صحاب الفُلك‪ ،‬و من هؤلء من عاد ب عد النجاة ليف سد ف الرض‪ ،‬ومن هم من صدق ما‬
‫عاهد ال عليه‪.‬‬
‫أذ كر ف تلك الو نة ‪-‬إضافةً إل تلك الشا عر‪ -‬أن شبابا جيد ين كانوا يزورون أ َخوَ يّ رأ فت وأح د‪،‬‬
‫ت كلما غي الكلم‪ ،‬وتفكيا غي التفكي‪ .‬هناك سعت لول‬ ‫وعندما أتيحت ل فرصة مالستهم وجد ُ‬
‫مرة عن النس بال‪ ،‬والنوم البكر‪ ،‬وترك ما ل يعن‪ ،‬ومعان الطمأنينة الت لستها بعد ذلك‪ ،‬وأصبحت‬
‫أحرص عليها فأجدها ف صلة الماعة وف تلك القراءات النافعة‪.‬‬
‫ل أحد يعلم كم أصبح يسرن زيارة أولئك الرفاق وكم يرين كلمهم‪.‬‬
‫ف تلك اليام ‪-‬وقد بدأت النفس تفو إل السجد‪ ،‬والكوث فيه‪ -‬سأل عن والدي فأخبتْه أمي أنن ف‬
‫السجد‪ ،‬وأنن أنو ف تفكيي ف اتاه آخر أفضل‪ ،‬فجاء والدي إل السجد ‪-‬وكنا ف صلة الغرب‪-‬‬
‫فصلى معنا ث سألن عن أحوال فأخبته‪.‬‬
‫فرح الوالد ب ودعا ل بي‪ .‬لقد كان والدي من شجعوا رأفت وممدا كثيا‪.‬‬
‫وعن سؤالٍ عن العوائق الت تعترضه قال‪:‬‬
‫من الطبيعي أن تنهض العوائق‪ ،‬ولعل أشدها رفقاء السوء الذين عشت معهم زمنا بتفكي واحد ورؤية‬
‫واحدة‪ ،‬وماولت بعضهم إعادت إل سابق عهدي بشكل أو بآخر‪.‬‬
‫أذ كر ذات م ساء أنه ات صل ب أحد هم قائل‪ :‬خ ي يا أبا طلل؟!! ‪ ..‬شدة وتزول‪ ..‬مرض وتشفى منه‬
‫قريبا!!!‬
‫وعن رأيه ف شباب الصحوة قال‪:‬‬
‫الشباب اليّر أراه نتاج الشعور بالرارة‪ ،‬ونتاج ماض ال مة ال ت عا شت وتع يش و سط عداء خار جي‬
‫ظاهر‪.‬‬
‫أما أخوه الصغر (رأفت) فقد سبقه إل طريق الداية‪ ،‬وله قصة أخرى يدثنا عنها فيقول‪:‬‬
‫كان لن ظر أ خي م مد بثو به الق صي وذها به الدؤوب إل ال سجد ال ثر ال كبي على نف سي؛ إذ كثيا ما‬
‫كنتُ أراه ف تأهبه ذاك وهو يتجه لداء صلة الفجر فيما كنتُ أعود أنا من سهري خارج النل‪ .‬كان‬
‫ممد أقربنا وأبرنا بوالديه وأحبنا إليهما‪ ،‬إضافةً إل تفوقه ف الدراسة كذلك‪.‬‬
‫ويقول‪ :‬وبعبث الشباب كنا نؤذيه ممدا مستغلي سننا الكب فكان يقابل أذيتنا بالصب الميل‪ ،‬ل بل‬
‫كان يدعونا إل الصلة‪ ،‬ول أخفي عليكم أنن على الرغم من عنادي كن تُ أستجيب له من الداخل‪،‬‬
‫وكانت الوالدة تدعونا بإصرار لداء الصلة‪ ،‬وتعمل جاهدةً ‪-‬حفظها ال‪ -‬لتربيتنا تربية حسنة‪.‬‬
‫ث وقفتُ ‪-‬ول المد‪ -‬برفقة صالة دلتن على الي‪ ،‬وأخذتْ بيدي إل طريق الدى والنور‪.‬‬
‫كانت هذه العوامل متمعة هي الت أخرجتن من عال إل عال بفضل ال وتوفيقه‪ .‬وها أنذا وال المد‬
‫أعيش حياةً سعيدةً إن شاء ال‪ ،‬وأرشف من شهد الياة ما ل يعرفه الخرون ولن يعرفوه إل بالعبودية‬
‫القة ل‪ ،‬والنقياد لوامره‪ .‬هناك حيث النس بال والشعور بلوة القرب منه سبحانه‪.‬‬
‫انتهى الوار مع الخوين التائبي‪ ،‬فسبحان من بيده قلوب العباد يقلبها كيف يشاء ( )‬
‫‪5‬‬

‫توبة شيوعي (‪)6‬‬

‫قال سيد قطب رح ه ال تعال‪( :‬إن أقصى مدى أتصوره للمد الشيوعي لن يتجاوز جيلنا هذا الذي‬
‫نن فيه وأوائل اليل القادم إذا سارت المور سيتا الالية) ( )‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫هذا ما ت صوره سيد رح ه ال ق بل ما يقارب من ثلث ي عاما‪ ،‬فلم ت ضِ سنوات معدودة ح ت كا نت‬
‫الشيوعية قد سقطت وأفلس أصحابا‪.‬‬
‫وأترككم الن مع صاحبنا ليوي لنا رحلته من الشيوعية مرورا بالصوفية وانتها ًء بالعقيدة السلفية النقية‪،‬‬
‫يقول‪:‬‬
‫ّدتم كثيا ممن الشباب ‪-‬ممن النسمي‪ -‬فم الحزاب الشيوعيمة‪،‬‬ ‫كنمت شيوعيا داعيا إل اللاد‪ ،‬جن ُ‬
‫وترقي تُ ف مراتب ها ح ت و صلتُ إل مرتب ٍة عاليةٍ‪ ،‬ث تبيَن ل سخف هذه العقيدة وهذا الف كر وضلله‬
‫ومصادمته للفطرة النسانية‪ ،‬فقرر تُ تركه إل غي رجعة‪ ،‬فبحث تُ عن السلم فوجدته ‪-‬بسب فمهي‬
‫الوراثي‪ -‬عند التصوفة؛ فاعتنق تُ الطريقة السمانية‪ ،‬ومؤسسها ف الصل من طيبة الطيبة‪ ،‬ومقرها الن‬
‫ت أهها‪ ،‬وكنت‬ ‫بالسودان‪ ،‬وهذه الطريقة تعتقد من العقائد الكفرية ما ال به عليم‪ ،‬ولا مؤلفات درس ُ‬

‫‪ ) 5‬انظر جريدة السلمون العدد‪.456 :‬‬


‫‪ ) 6‬كتبها ل بنفسه‪.‬‬
‫‪ ) 7‬نو متمع إسلمي ص ‪ 39‬ط ‪.6‬‬
‫متُ صمنعا‪ ،‬وفرح أهلي وأصمدقائي ممن الطرق الخرى بتركمي للحزب الشيوعمي‬ ‫أعتقدُ أنم قمد أحس ن‬
‫واختياري لطريقة آبائي وأجدادي‪ ،‬وترقي تُ ف هذه الطريقة حت وصلتُ إل مرتبة (شيخ) وأُجز تُ ف‬
‫أ خذ الع هد على الريد ين (!!)‪ ،‬وإرشاد العباد من الن سي‪ ،‬وإعطاء الوراد البتد عة‪ ،‬وعلج الر ضى ]‬
‫الن[ ‪ ...‬ال‪.‬‬
‫وحصلتْ ل بعض الوارق للعادة فكنتُ أظنها ‪-‬والناس كذلك‪ -‬تكريا من ال وهي ف القيقة إضلل‬
‫الشيطان وتلبيسهم‪.‬‬
‫ت ممن الزب الشيوعمي كثرة الطلع والدال‪ ،‬الممر الذي‬ ‫ول أجمد حرجا أن أقول أننم قمد اسمتفد ُ‬
‫جعلن أتطاول وأقرأ ‪-‬لجرد النقد‪ -‬كتاب (صيانة النسان من وسوسة الشيخ دحلن)‪ ،‬وهو كتاب قيم‬
‫ف الرد على الت صوفة والرافي ي‪ ،‬فكا نت النتي جة تر كي للطري قة ال سمانية‪ ،‬وبدأ تُ أقرأ ف ك تب مَن‬
‫كنت أبغضهم بغضي للشيطان أو أشد‪ ،‬وهم الن من أحب الناس إلّ كشيخ السلم ابن تيمية وابن‬
‫الق يم وا بن ع بد الوهاب علي هم رح ة ال جيعا وغيه من أ صحاب العقيدة ال سلفية النق ية‪ ،‬وال مد ل‬
‫الذي هدا ن لذا و ما كن تُ لهتدي لو ل أن هدا ن ال‪ ،‬وإ ن بذه النا سبة أن صح إخوا ن ال سلمي ل‬
‫سميما ممن ابتلوا باتباع هذه الطرق وهذه الحزاب بأن يُعملوا عقولمم ويتجردوا للحمق‪ ،‬ويذروا ممن‬
‫الدجاجلة والخرف ي‪ ،‬ول يقولوا ك ما قال أ هل الاهل ية‪( :‬إ نا وجد نا آبائ نا على أ مة وإ نا على آثار هم‬
‫مهتدون)‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫وال الادي إل سواء السبيل‪.‬‬

‫‪ ) 8‬يراجع ف موضوع الصوفية كتاب (الفكر الصوف ف ضوء الكتاب والسنة) لبعد الرحن عبد الالق‪.‬‬
‫توبة قبوري (‪)9‬‬

‫قال ابن القيم رحه ال‪( :‬ومن أعظم مكائد الشيطان الت كاد با أكثر الناس‪ ،‬وما نا منها إل من ل يرد‬
‫ال فتن ته؛ ما أوحاه قديا وحديثا إل حز به وأوليائه من الفن تة بالقبور‪ ،‬ح ت آل ال مر في ها إل أن عُ بد‬
‫ت أوثانا‪ ،‬وبُنيت عليها الياكل والنصاب‪ )...‬إل أن قال‪:‬‬ ‫أربابا من دون ال‪ ،‬وعُبدت قبورهم واتذ ْ‬
‫ت غلة التخذين لا عيدا؛ وقد نزلوا عن الكوار والدواب إذا رأوها من مكان بعيد‪ ،‬فوضعوا‬ ‫(فلو رأي َ‬
‫وارتفعتم أصمواتم بالضجيمج‪ ،‬وتباكوا حتم تسممع لمم‬ ‫ْ‬ ‫لام الباه‪ ،‬وقبّلوا الرض وكشفوا الرؤوس‪،‬‬
‫النشيج‪ ،‬ورأوا أنم قد أربوا ف الربح على الجيج‪ ،‬فاستغاثوا بن ل يُبدي ول يُعيد‪ ،‬ونادوا‪ ..‬ولكن من‬
‫مكان بعيد‪ ،‬حت إذا دنوا منها صلوا عند القب ركعتي‪ ،‬ورأوا أنه قد أحرزوا من الجر فوق أجر من‬
‫صلى إل القبلتي‪ ،‬فتراهم حول القب رُكّعا سُجّدا يبتغون فضلً من اليت ورضوانا‪ ،‬وقد ملئوا أكفّهم‬
‫خي بة وخ سرانا‪ ،‬فلغ ي ال بل للشيطان ما يُراق هناك من ال عبات‪ ،‬ويرت فع من ال صوات‪ ،‬ويُطلب من‬
‫ال يت الاجات‪ ،‬ويُ سأل من تفيج الكُربات‪ ،‬وإغناء ذوي الفاقات‪ ،‬ومعافاة أول العاهات والبليات‪ ،‬ث‬
‫انثنوا بعد ذلك حول القب طائفي تشبيها له بالبيت الرام‪ ،‬ث أخذوا ف التقبيل والستلم‪ ،‬أرأيت الجر‬
‫السود وما يُفعل به وفدُ بيت ال الرام؟ ث عفّروا لديه تلك الباه والدود‪ ،‬الت يعلم ال أنا ل تُغفّر‬
‫مثل بي يديه ف السجود‪ ،‬ث قرّبوا لذلك الوثن القرابي‪ ،‬وكانت صلتم ونسكهم وقربانم لغي ال رب‬
‫العالي‪.)..‬‬
‫إل أن قال رحه ال‪( :‬هذا ول نتجاوز فيما حكيناه عنهم‪ ،‬ول استقصينا جيع بدعهم وضللم؛ إذ هي‬
‫فوق ما يطر بالبال‪ ،‬أو يدور ف اليال‪ ،‬وهذا كان مبدأ عبادة الصنام ف قوم نوح‪) ( )...‬‬
‫‪10‬‬

‫أخي القارئ‪ :‬بعد هذه القدمة الرائعة والت ل أجد مزيدا عليها؛ أتركك الن مع صاحب القصة ليحدثنا‬
‫عن رحلته‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫نشأت ف متمع قبوري وبيئة قبورية قي قرية من قرى باكستان كانت تسمى (مدينة الولياء) لكثرة ما‬
‫في ها من الضر حة والقبور‪ ...‬م نذ نعو مة أظفاري ك نت أرى والدي ووالد ت وإخو ت الكبار و سائر‬
‫ت ب م السفاهة إل أن‬ ‫أقربائي‪ ،‬بل سائر مَ نْ ف قريتنا يذهبون إل ما يسمى بالول أو ال سيد‪ ،‬حت بلغ ْ‬
‫يذهبوا إل غر فة خال ية‪ ،‬في ها سرير ل يس عل يه أ حد‪ ،‬ويزعمون أ نه ضر يح الول ال ي الذي ل يوت‪،‬‬

‫‪ ) 9‬حدثن با بنفسه‪..‬‬
‫‪ ) 10‬إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان لب القيم ج ‪ 1‬ص ‪ 182/194‬باختصار وتصرف‪ .‬وهو كتاب عظيم جدير بكل مسلم أن يقرأه‪.‬‬
‫وينسون قول ال عز وجل‪( :‬إن تدعوهم ل يسمعوا دعائكم ولو سعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة‬
‫يكفرون بشرككم ول ينبئك مثل خبي)‪.‬‬
‫كنت أشاركهم ف شركهم وطقوسهم وخرافاتم‪ ،‬حت أصبحت تلك الرافات عقيدة راسخة ف قلب‪،‬‬
‫والرسول صلى ال عليه وسلم يقول‪( :‬كل مولود يولد على الفطرة‪ ،‬فأبواه يهودانه‪ )..‬الديث‪.‬‬
‫فلو مِتّ على هذه العقيدة لكن تُ من أ هل النار‪( :‬إ نه من يُشرك بال ف قد حرّم ال عل يه النةَ ومأواه‬
‫النار وما للظالي من أنصار)‪.‬‬
‫فكنتم أربّي أولدي على هذه‬
‫ُ‬ ‫ظللتم على هذه العقيدة الشركيمة حتم بعمد أن أصمبحتُ زوجا وأبا‪،‬‬
‫ُ‬
‫العقيدة‪ ..‬أحل هم إل ضر يح الول الزعوم فأحلق ش عر أحد هم هناك تقربا و تبكا(!!!)‪ ،‬وأح ل م عي‬
‫الدايا والقربات والذبائح والنذور‪ ،‬وأرش الاء على القب‪...‬‬
‫ولئن كان غين متعلما‪ ،‬ف قد كن تُ أميا جاهلً‪ ،‬ح ت ي سّر ال ل القدوم إل هذه البلد‪ .‬مه بط الو حي‬
‫ومنبع الرسالة‪ ،‬فلم أجد فيها ما كن تُ معتادا عليه من الضرحة والقبور ومظاهر الشرك‪ ،‬ومع ذلك ل‬
‫أف كر ف تغي ي عقيد ت الباطلة‪ ،‬كن تُ متعلقا بتلك الضر حة وإن كا نت بعيدة ع ن‪ ،‬ول يس أع جب من‬
‫ذلك أن ن ل أ كن أ صلي ال صلوات الفرو ضة‪ ،‬بل ح ت الم عة ل أحضر ها‪ ،‬وأد خن بشرا هة‪ ،‬وأرتك بُ‬
‫كثيا من الحرمات‪ !..‬فليس بعد الكفر ذنبا‪.‬‬
‫ويشاء ال عزّ وجلّ أن ألتق َي بأحد الدعاة الباكستانيي مَن الذين درسوا ف هذه البلد‪ ،‬وبعد ماورات‬
‫ل استطاع أن ينتشلن من أوحال الشرك وغَوره السحيق‪ ،‬إل رياض التوحيد ف علو سامق‪،‬‬ ‫ل تدم طوي ً‬
‫ح يث ا ستنشقت عبي اليان ال صحيح‪ ،‬و ها أنذا اليوم أن ظر إل أهلي وقو مي من هذا العلو‪ ،‬أ مد ل م‬
‫يدي‪ ،‬أحاول انتشالم من مستنقعات الشرك السنة‪( :‬ومن يشرك بال فكأنا خرّ من السماء فتخطفه‬
‫الطي أو توي به الريح ف مكان سحيق)‪.‬‬
‫توبة السفاح (‪)11‬‬

‫هكذا كان يُلقب لكثرة جرائ مه‪ ،‬ال ت ل ت قف ع ند حد‪ ،‬ف قد كان مضرب ال ثل ف الرية والرهاب‪،‬‬
‫ال كل يره به ويا فه‪ ،‬كان الناس يقولون‪ :‬لو ا ستقام الع صاة والجرمون كل هم ما ا ستقام فلن ‪-‬يعنو نه‪-‬‬
‫فسبحان من بيده قلوب العباد‪ ..‬من كان يُصدّق أن مثل هذا القلب القاسي َسيَِليْنُ ف يوم من اليام؟!‬
‫ض بعد موتا قد بينا لكم اليات لعلكم‬
‫لكنها إرادة ال عزّ وجلّ‪ ،‬ومشيئته‪( :‬اعْلَ ُموْا أن ال ييي الر َ‬
‫تعقلون)‪ ،‬وقد روى ل قصته كاملة يوم أن هداه ال‪ ،‬فإذا فيها أمور عظام تقشعر منها البدان‪ ،‬وتتعض‬
‫لولا القلوب‪ ،‬اقتصرت منها على ما يسن ذكره ف مثل هذا القام‪ ،‬قال عفا ال عنا وعنه‪:‬‬
‫تو ف والدي ق بل أن أ ت التا سعة من عمري‪ ،‬وك نت أ كب أولده فانتقل تْ أ مي إل ب يت أبي ها (جدي‬
‫ت بينهم كاللقيط‪ ،‬الذي ل يعرف‬ ‫لمي)‪ ،‬أما أنا فاستقر ب القام عند أعمامي‪ ،‬ف بيت جدّي لب‪ ،‬كن ُ‬
‫نسبه‪ ،‬أو كاليتيم على مائدة اللثام‪ ،‬بل لقد كن تُ كذلك‪ ،‬وكأنم ل يسمعوا قول ال عز و جل‪( :‬فأمّا‬
‫اليتيمَ فل َت ْق َهرْ) أو ما ورد ف الثر‪( :‬خي بيت ف السلمي فيه يتيم يُحسن إليه‪ ،‬وشر بيت ف السلمي‬
‫بيت فيه يتيم يُساء إليه)‪.‬‬
‫ت المر اقتصر على ذلك؛ بل كانت التهم دائما توجه إلّ‪ ..‬بالسرقة‪ ..‬والفساد‪ ...‬وغي ذلك‪ ،‬ف‬ ‫ولي َ‬
‫الوقت الذي كنت فيه أشد الاجة إل العطف والنان واليد الرحيمة الشفقة‪ ،‬كنت أرى الباء وهم‬
‫يقبلون أبناءهم ويلعبونم‪ ،‬ويشترون لم اللوى واللّعب والثياب الديدة‪ ،‬أما أنا‪ ...‬فتدمع عين‪،‬‬
‫ويتقطع قلب ألا وحسرة‪.‬‬
‫أصبحتُ أكره كل من حول‪ ..‬انتظر اللحظة السانة لنتقم من الميع‪.‬‬
‫ت التمردَ‪ ..‬تلفتّ يينا وشالً فلم أجد إل رفقاء السوء‪ ،‬فانرط تُ‬
‫وحي بلغ تُ سن الامسة عشرة بدأ ُ‬
‫مع هم ف غي هم‪ ،‬وتعلم تُ من هم التدخيَن وال سهرَ إل أوقات متأخرة‪ ،‬وعلم ع مي أن ن أ صبحتُ مدخنا‬
‫فضربن دون مفاهة وطردن من البيت وكأنه ينتظر هذه اللحظة‪ ،‬فلجأ تُ إل بيت جدي لمي حيث‬
‫تق يم والد ت‪ ،‬ول ت كن والد ت مع اخوت ا ف ب يت جدي أح سن حالً م ن‪ ،‬ف قد كانوا يعاملون ا هي‬
‫ت عليها وأنا‬
‫الخرى كالادمة ف البيت فهي الت تطبخ وتنظف وتغسل و‪ ...‬ول أنسى مرة أنن دخل ُ‬
‫ف أوج انراف وهي تبكي ألا وتقول‪ :‬يا بن‪ ،‬اعقل وعد إل رشدك‪ ،‬وابث لك عن وظيفة تنقذن با‬
‫من هذا العذاب‪ ،‬فلم أكن ألقي لا بالً‪.‬‬

‫‪ ) 11‬رواها ل بنفسه‪.‬‬
‫وعلمتُ مع أخوال ف الزراعة والرث تت الضرب والتهديد‪ ،‬فضاقتْ ب الدنيا‪ ،‬فاقترضتُ من والدت‬
‫بعض الال‪ ،‬فاشتري تُ به سيارة‪ ،‬وتوظفتّ ف إحدى الشركات‪ ،‬فتعرف تُ على رفقاء جدد عرّفون على‬
‫الخدرات وأنواع أخرى من الشرور‪ ،‬فلما علم تْ والدت أصابا ال ُم والزن والرض‪ ،‬وفزعَ تْ إل عمي‬
‫وخال لنصحي وإنقاذي قبل فوات الوان‪ ،‬لكنهم انالوا عليّ ضربا وما هكذا تكون النصيحة؛ فلم أزدد‬
‫إل بعدا وتردا وتاديا ف النراف‪ ،‬وعرفتُ طريق الروب من البيت‪ ،‬فكنتُ أقضي وقت كله مع رفقاء‬
‫السوء‪ ،‬ول أعد أفرق بي اللل والرام‪ ،‬أما العقوق وقسوة القلب فقد بلغت فيها حدا ل يوصف‪..‬‬
‫وأذكر مرة أنن دخل تُ على والدت وهي تبكي وقد أعياها الرض وشحب وجهها ‪-‬فشتمتها‪ ،‬وقذفتها‬
‫بكلم جارح جدا وخرج تُ‪ ،‬وكأن شيئا ل يكن‪ ،‬أسأل ال أن يعفو عن بنه وكرمه‪ ..‬فل كِ ال يا أمي‬
‫البيبة‪ ،‬ما ذنبك؟ وقد ربيتين وأنفق تِ عل يّ‪ ،‬وربا كانت هدايت بسبب دعوة صالة ف جوف الليل‬
‫خرجتْ من قلبك الطاهر‪( ..‬قتل النسان ما أكفره)‬
‫بنقموده حت ينممال به الوطممر‬ ‫أغمرى امرؤ يوممُا غلمما جاهلً‬
‫ولك المدارهم والواهممر والدرر‬ ‫قال ائتنممي بفؤاد أممك يا فتمى‬
‫والقلب أخرجمه وعماد على الثمر‬ ‫فمضمى وأغمد خنجرا ف صدرهما‬
‫فتمدحرج القلبُ الخضمب إذ عثمر‬ ‫لكنمه من فرط دهشتمه همموى‬
‫طعنمما سيبقى عبمرة لن اعتممب‬ ‫فاستلّ خنجمره ليطعن نفسمممه‬
‫تطعمن فؤادي مرتمي علمى الثمر‬ ‫ف بُنميّ ل‬
‫نمماداه قلب الم‪ :‬كُ ّ‬
‫ت بالغناء والعزف على العود ‪-‬وكان صوت جيلً‪ ..-‬ث بالتفحيط وما يصاحبه من أمور ل‬ ‫واشتهر ُ‬
‫تفى على الكثيين حت أُطلِ َق علىّ لقب السفاح لكثرة الرائم الت كنت أقوم با‪ ،‬فكان ل يركب معي‬
‫إل الكبار الذين ل يافون على أنفسهم‪ ،‬أما البقية فكانون يلوذون بالفرار‪.‬‬
‫ت ال سجن مرات عديدة‪ ،‬فل ما أراد ال هداي ت ه يأ لذلك ال سباب؛ ف قد كان ل صديق عز يز‪،‬‬ ‫ودخل ُ‬
‫كن تُ أحبه كثيا‪ ،‬فقد كان جيل الوجه‪ ،‬بي الطلعة‪ ،‬فلم تكن هذه الحبة ف ال‪ ،‬بل كانت مع ال‪،‬‬
‫ف سألت ع نه يوما فق يل ل إ نه أد خل ال ستشفى ف العنا ية الركزة‪ ،‬و هو ف حالة خطرة جدا من جرّاء‬
‫حادث مروع‪ ،‬فانطلقتُ مسرعا لزيارته‪ ،‬فلما رأيته ل أكد أعرفه؛ فقد ذهب جاله وباؤه‪ ،‬وصار منظره‬
‫ميفا مفزعا‪ ،‬فكنت كلما رأيته أبكي من هول ما أرى‪!..‬‬
‫فلم تض أيام معدودة حت قيل أنه مات‪ ،‬فبكيتُ يومي كاملي خوفا من الوت فكان هذا الدث فاتة‬
‫خي ل‪ ،‬وكن تُ عندما أتوضأ أحس براحة نفسية عظيمة‪ ،‬وأتذكر الوت وسكراته وشدائده فأعزم على‬
‫التوبة إل ال قبل حلول الجل‪.‬‬
‫وأل قى ال ف نف سي ب عض العا صي كل ها‪ ،‬وح بب إلّ اليان والع مل ال صال‪ ،‬فجمّع تُ ما عندي من‬
‫أشرطة الغناء والباطل وذهبتُ إل مكتب الدعوة فاستبدلتها بأشرطة إسلمية نافعة‪.‬‬
‫أما والدت البيبة فقد عدتّ إليها‪ ،‬وأخذتا معي معززةً مكرمةً‪ ،‬وطلبت منها العفو والسماح‪ ،‬فبك تْ‬
‫فرحا و سرورا‪ ،‬و َحمِدَ تِ ال عزّ وجلّ على هداي ت‪ ،‬ف ما كا نت ت ظن أن ذلك سيحدث ف يوم من‬
‫اليام‪.‬‬
‫ولكن هل تركن رفقاء السوء؟؟‬
‫كل‪ ،‬بل كانوا يزورون ن‪ ،‬ويدعون ن إل الرجوع ما كن تُ عل يه ف الا ضي‪ ،‬ويقولون ل‪ :‬ل تو سوس‪،‬‬
‫ار جع إل ال فن‪ ،‬أ ين العزف؟ أ ين الشهرة؟ أ ين‪ ...‬وأخذوا يذكرون ن بالعود والغناء والتفح يط والمور‬
‫الت أستحي من ذكرها‪ ،‬بل إن بعضهم ‪-‬والعياذ بال‪ -‬ل يستح أن يعرض نفسه عل يّ مقابل الرجوع!!‬
‫فأي ضلل أعظم من هذا الضلل؟‪.‬‬
‫ومض تْ شهور فغر ن أ حد ال سفهاء ودعا ن إل جل سة عود؛ فعز فت؛ ل ن ك نت حد يث ع هد بالتزام‪،‬‬
‫وبدأتُ أضعف شيئا فشيئا‪ ،‬حت عدتُ إل ساع الغناء‪ ،‬وذات ليلة رأيت فيما يرى النائم أن ملك الوت‬
‫قد هجم عل يّ‪ ،‬فأخذتُ أذكر ال‪ ،‬وأحاول النطق بالشهادة‪ ،‬فحلف تُ بال إن أصبحتُ حيا أن أتوب إل‬
‫ال توبة نصوحا ول أنصح أحدا بفردي‪ ،‬لن الول قد غرن‪ ،‬فلما أصبح الصباح قم تُ بتحطيم جيع‬
‫أشرطة الغناء‪ ،‬وقصّرتُ ثوب‪ ،‬وعزمتُ على الستقامة القة‪ ،‬وقد مضى على ذلك الن أربع سنوات ول‬
‫المد والنّة‪.‬‬
‫أ ما حال ب عد التو بة فإ ن أش عر الن ب سعادة ل يعلم ها إل ال‪ ،‬و قد أشرق وج هي بنور الطا عة وذ هب‬
‫سواده وظلمته‪ ،‬وأحبن من كان يبغضن أيام الغفلة‪ ،‬أما والدت البيبة فقد شفيَتْ من جيع المراض ول‬
‫المد‪.‬‬
‫وما زادن فرحا وسرورا ما أجابن به أحد العلماء حينما سألته عن ذنوب السابقة فقال‪ :‬إن ال قد وعد‬
‫بتبديل سيئات التائبي حسنات‪ ،‬فلله المد والنة الذي ل يعل منيت قبل توبت‪..‬‬
‫مايكل جاكسون ف صندوق القمامة (‪)12‬‬
‫توبة شاب من ضحايا التغريب‬
‫الدينمة فم أمسميات الصميف الارة‪ ..‬الضواء تتلل‪ ..‬روائح (الشاورمما) تنبعمث على مفارق الشوارع‬
‫العريضة‪ ..‬البعض يشي بطوات وئيدة أمام الواجهات الزجاجية‪ ..‬البعض الخر مسرع الطى‪..‬‬
‫سيارة (ا سبور) حراء ينب عث من ها صخب لو سيقى غرب ية متناغ مة مع صوت ماي كل جاك سون تأ خذ‬
‫جانبا على الرصيف بوار مل لبيع الشرطة الغربية‪ ..‬نزل منها شاب دون العشرين قد قص شعره على‬
‫الطريقة الغربية‪ ..‬يلبس نظارة سوداء‪ ..‬وأثناء انطلقه إل الحل ‪-‬وهو يدندن مع النغام الت تنبعث من‬
‫سيارته‪ -‬اصطدم برجل من الارة‪ ،‬كث اللحية‪ ،‬بي الطلعة‪..‬‬
‫(هل مطوع)‪ ..‬قالا بشيء من اللمبالة‪ ،‬مزوجة بنبات من الستخفاف‪!..‬‬
‫نظر إليه الشيخ بابتسامة يشوبا شيء من الستغراب‪ ..‬لنظر سيارته‪ ..‬لقصة شعره‪ ..‬ث أشار إل الصورة‬
‫الت على صدره متسائل‪ :‬ما هذا يا بن؟!‬
‫‪-‬هذا مايكل‪ ...‬أل تعرف جاكسون‪..‬؟!!‬
‫‪-‬ل يصل ل الشرف من قبل‪( .‬قال الشيخ ذلك تنمزلً‪ ،‬وإل فأي شرف يناله الرء ف معرفة أمثال‬
‫هؤلء؟؟؟!)‪.‬‬
‫قال الشاب مفتخرا‪ :‬هذا الذي يغ ن ف ال سيارة‪ ..‬رد الش يخ‪ :‬رب ا قد سعت به‪ ،‬ولك نه ل يعني ن‪ .‬ث‬
‫استطرد الشيخ قائل‪ :‬هل تعرف ماذا يقول؟!‬
‫أجاب الشاب‪ :‬صراحة؛ ل أعرف‪..‬فر ّد عليه الشيخ بشيء من الدية‪ :‬تعال معي لعرّفك ماذا يقول‪...‬‬
‫وم ضى م عه الش يخ بطوات متز نة إل سيارته المراء‪ ..‬وجلس إل جواره ف الع قد الما مي‪ ،‬وأ خذ‬
‫يترجم له كلمات الغنية‪ ..‬مقطعا‪ ...‬حت الكورس‪.‬‬
‫هنا أحس هذا الشاب بالنزامية أمام لغة الشيخ الوقور‪ ..‬وهو الذي انطبع ف ذهنه غي ذلك‪ ..‬أحس‬
‫بأن شخصيته ذات الرتوش الغربية أشبه بسيارته المراء‪ ..‬الرقعة باللصقات الفرنية‪..‬‬
‫وبينما هو غارق ف تفكيه‪ ،‬إذ سع صوت الشيخ يقول‪ :‬إن الشخصية السلمية هي الشخصية السوية‪،‬‬
‫وإن ال سلم ال ق هو الذي يع تز بشخ صيته‪ ،‬ول ير ضى أن يكون تابعا مقلدا لغيه‪ ،‬بل متبوعا شا مخ‬
‫الرأس مرفوع البي‪.‬‬
‫تتم الشاب بصوت خافت وهو مطرق الرأس‪ :‬نعم‪.‬‬
‫‪ ) 12‬جريدة الدينة ‪ ،9380‬بلقم عبد الرحن عبد الوهاب (بتصرف)‪.‬‬
‫سأله الشيخ‪ :‬هل تقرأ القرآن؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قرأته ف رمضان الاضي‪.‬‬
‫فأخرج الشيخ من جيبه مصحفا‪ ،‬وقال‪ :‬خذ هذا يا بن‪ ..‬إنا تيا المة بعقيدتا‪..‬‬
‫عاد الشاب إل البيمت‪ ..‬دخمل غرفتمه‪ ..‬اسمترجع اهتماماتمه التم كانمت تدور فم فلك الديمد ممن‬
‫العطورات‪ ..‬الديد من الوديلت‪ ..‬الديد من أشرطة مايكل جاكسون وديس روسس و‪....‬غيهم‬
‫كثي‪ ..‬أحس أن هذا العال ليس عاله‪ ...‬وأنه ل يلق لذا‪...‬‬
‫أحضر كرتونة كبية‪ ...‬جع فيها هذه الشياء وكأنه يكفن ماضيه إل البد‪ ..‬ليبدأ صفحة جديدة‪ ..‬ث‬
‫نادى خادمه وقال ف لجة حازمة‪ :‬ارمِ بذا كله ف صندوق القمامة‪..‬‬
‫نظر إليه الادم مندهشا‪ ...‬أين؟؟!‬
‫قال‪ :‬ف القمامة‪..‬‬
‫‪ -‬متأكد؟؟!!‬
‫‪ -‬نعم‬
‫توبة متأخرة(‪ )13‬توبة قاتل‬

‫السد داء وبيل‪ ،‬ومرض قاتل‪ ..‬بسببه لُعن إبليس وطُرد من رحة ال‪ ..‬وبسببه وقع تْ أول جرية قتلٍ‬
‫على وجه الرض‪ ،‬كما سطرها ال ف كتابه الكري‪ ،‬ف قصة ابن آدم عليه السلم‪..‬‬
‫و قد سُئل ال سن الب صري رح ه ال‪َ :‬أيَح سِد الؤم نُ؟ قال‪ :‬ما أن ساك لخوة يو سف! ولذا أ مر ال‬
‫بالستعاذة من السد كما ف قوله تعال‪( :‬ومن شر حاس ٍد إذا حسد)‪.‬‬
‫أتمدري على ممن أسممأت الدب‬ ‫أل قمل لمن كان لمي حاسمدا‬
‫لنك لمم تمرضِ ل ممما وهمب‬ ‫أسمأت علمى ال فممي فعلمه‬
‫وق صتنا هذه شبي هة بق صة اب ن آدم‪ ،‬وفي ها عبة ل كل حا سد‪ ،‬يقول صاحبها و هو يذرف دموع الندم‬
‫خلف القضبان الديدية‪:‬‬
‫كانت القرية هادئة‪ ،‬والناس منصرفي إل أعمالم‪ ،‬فل تسمع إل صياح الطفال وصراخهم‪ ،‬وهم يلعبون‬
‫ويتراكضون ف براءة متناهية؛ ما يضفي على القرية الوادعة جوا من المن والمان‪..‬‬
‫أ نا وا بن جارنا م مد ك نا صديقي متلزم ي‪ ،‬بل كروح ي ف ج سد وا حد‪ ،‬ل نكاد نفترق أبدا‪ ،‬ف قد‬
‫و صلتْ ال صداقة بين نا إل در جة أن شباب القر ية إذا رأوا أحد نا ي شي بفرده سألوه عن توأ مه‪ ،‬ل ا قد‬
‫ألفوه منا‪.‬‬
‫وظللنا على هذه الال إل أن وصلنا إل الرحلة الثانوية‪ ..‬ف ذلك الوقت شاركنا ‪-‬مع شباب القرية‪-‬‬
‫ل طيبا ف أواسط الع مر‪ ،‬ومعه عائلته‬ ‫ف ن قل أثاث جارنا الديد إل دا خل منله‪ ..‬كان هذا الار رج ً‬
‫الكونة من زوجته وبنت واحدة‪.‬‬
‫وما إن بدأ تْ الزيارات التبادلة بي نساء القرية وزوجة هذا الار الديد‪ ،‬حت بدأ أهال القرية ف مدح‬
‫ت أنا وممد من بي من استمع لتلك الروايات‪.‬‬ ‫جال ابنة جارنا وكمال خلقها‪ ،‬وكن ُ‬
‫وصارت هذه الفتاة بعد حوال سنة من إقامتها مع أسرتا حلم أكثر شباب القرية‪ ،‬وكن تُ أنا وممد ف‬
‫مقد مة من يراود نا م ثل هذا اللم‪ ،‬لعل قة أ سرتنا الوطيدة بأ سرتا‪ ،‬ح يث ك نا ن ستطيع تت بع أخبار هذه‬
‫الفتاة أو ًل بأول‪.‬‬
‫ل أ كن أظ هر ل صديقي م مد شيئا عن حب لتلك الفتاة لح ساسي أ نه رب ا كان ي مل ن فس الشعور‬
‫والرغبة ف الرتباط با‪ ،‬لكنه ل يكن يفكر مثل تفكيي‪ ..‬فقد أخذ ي ّد ويتهد ف دراسته حت التحق‬

‫‪ ) 13‬المة السلمية ‪( ،32‬بتصرف)‪.‬‬


‫بالامعمة ث ترج بتفوق‪ ،‬ما جعل أهل القرية يذكرونه بكل خي ( )‪ ،‬بينما ل يذكرن أحد بسبب‬
‫‪14‬‬

‫فشلي ورسوب التكرر ف الثانوية ما اضطر والدي إل سحب أوراقي من الدرسة للعمل معه ف الحل‬
‫التجاري الذي يتلكه‪.‬‬
‫وحي بلغن إعجاب ممد بذه الفتاة‪ ،‬وعزمه على التقدم لطبتها؛ بدأ السد يغلي ف داخلي‪ ،‬وتغي تْ‬
‫ب اللوس معه بكثرة‪ ،‬وأقدم تبيرات واهية لترب من لقائه‪ ..‬كل ذلك‬ ‫معاملت له كثيا فأصبحتُ أتن ُ‬
‫ت أنا ف نظرهم ل شيء‪.‬‬ ‫بسبب تفوقه‪ ،‬الذي يتحدث عنه أهل القرية‪ ،‬بينما أصبح ُ‬
‫وجاءت اللح ظة الا سة‪ ..‬وتقدم م مد للزواج من ها‪ ..‬ف سمعت الزغار يد تنطلق من بيت ها‪ ،‬فأح سستُ‬
‫كأن صاعقة وقع تْ على رأ سي‪ ،‬ول ي عد سرا اتفاق أ هل العرو سي على إتام إجراءات الزواج خلل‬
‫شهر واحد‪..‬‬
‫كان الدم يغلي ف عرو قي‪ ..‬ل قد أ صبح توأ مي رجلً متميزا بعل مه ع ن‪ ،‬بين ما ويلت الف شل تتعقب ن‪،‬‬
‫وتول بين وبي ما كنت أتناه وأحلم به منذ ثان سنوات‪.‬‬
‫أح سست أن ممدا سرقها م ن‪ ..‬فجعل تُ كل ه ي أن أثار م نه بأ ية و سيلة ح ت أط فئ نار ال قد ال ت‬
‫اشتعلتْ ف صدري‪ ...‬وتلكن الشيطان بشكل ل أتيله من قبل فقمت بشراء مسدس ملته بالطلقات‪..‬‬
‫وف ليلة الزفاف دخل تُ على ممد متظاهرا بتهنئته‪ ..‬وعلى حي غِرة؛ أخرج تُ مسدسَ الغدر من جيب‬
‫لطلق عليه أربعة أعية نارية استقرتْ ف صدره‪!!!...‬‬
‫ويضمج الكان‪ ،‬وتتلط الصموات‪ ،‬ويسمقط مممد بيم أهله مضرجا بدمائه‪ ..‬وتصمطبغ ثيابمه البيضاء‬
‫الناصعة البياض بدمه الحر القان‪ ،‬ويتحول الفرح إل حزن‪ ..‬ويُسدل الستار عن مشهد مبكٍ حزين‪..‬‬
‫أعوذ بال من الشيطان الرجيم‪( :‬ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب ال عليه‬
‫ولعنه وأعده له عذابا عظيما)‪.‬‬
‫أما الجرم الثيم فقد ت إلقاء القبض عليه‪ ،‬وها هو الن يدثكم من خلف القضبان‪ ،‬والدموع تتساقط‬
‫من عينيه‪ ..‬نعم‪ ،‬تتساقط من عينّ ندما على ما اقترفته ف حق صديق طفولت الذي ل يؤذين يوما من‬
‫اليام‪ ..‬ولكن‪ ،‬بعد فوات الوان هل ينفع الندم؟‬
‫كممل ممما أرجوه أن يطهرنمم القصمماص مممن خطيئتمم‪ ،‬ويتقبلنمم ال عنده مممن التائبيمم‪.‬‬

‫‪ ) 14‬التفوق العملي وحده ل يكفي ما ل يصاحبه دين وخلق‪.‬‬


‫توبة عاق (‪)15‬‬
‫بدأ هذا التائب حديث بقوله‪:‬‬
‫كم تمل م ن الكث ي‪ ،‬و سعتهما أك ثر من مرة وه ا يطيبان خا طر بعضه ما‪ :‬إ نه شاب طائش‪ ،‬وعند ما‬
‫يتزوج‪ ،‬ويرزقه ال بأولد سوف يدرك ما قدمناه له‪.‬‬
‫قال ذلك بصعوبة‪ ،‬ودموعه تكاد تنقه‪ ...‬ث واصل حديثه قائل‪:‬‬
‫والداي اللذان فعل الكثي من أجلي‪ ...‬وعندما كبتُ‪ ،‬وكبا؛ ل أكن أطيق نظرة لوم أو عتاب منهما‪..‬‬
‫ت على عقو قي ل ما‪ ،‬وظل متعلق ي بال مل ف أن أتغ ي ب عد الزواج‪ ..‬وفعلً تغي تُ‪ ،‬ول كن إل‬ ‫وظلل ُ‬
‫السوأ؛ فقد ابتليتُ بزوجة مغرورة متعجرفة‪ ،‬كانت تتعال حت على لغتنا العربية‪ ،‬فنادرا ما كانت تنطق‬
‫بكلمة منها‪ ،‬إذ كان يلو لا أن تتحدث بالنليزية‪ ،‬وبلهجة أمريكية!!‪.‬‬
‫تغاضيت عنها كثيا وأنا أراها تتقر أمي وأب‪ ..‬وأتذكر الن كيف كانت تبسهما ف إحدى غرف‬
‫النل بعيدا عن أعي صديقاتا‪ !!...‬ومع ذلك ل يبديا أي اعتراض أو شكوى‪.‬‬
‫ف غضبَ زوجت‪ ،‬ما شجعها على التمادي ف إذلل أب وأمي‪ ،‬والتفرد ب‪.‬‬ ‫ف أنن كنتُ أخا ُ‬
‫وأعتر ُ‬
‫وف إحدى ليال العام النصرم خرج تُ أنا وزوجت وطفلي الوحيد للنهة‪ ..‬وأظنكم تدركون من سياق‬
‫كلمي أنن ل أجرؤ على اقتراح أخذ أب وأمي معنا‪ ..‬وها من جانبهما قد اعتادا هذا الهال التعمد‬
‫من قبلنا‪..‬‬
‫وف تلك الليلة‪ ،‬عدتّ إل النل لجد أب بفرده‪ ..‬ولا سألته عن والدت عرفتُ التفاصيل الخزية‪...‬‬
‫ل قد شعر تْ والد ت ‪ -‬ف تلك الليلة‪ -‬بأحشائ ها تتق طع ‪ ..‬طرق أ ب باب أ حد اليان فقام بمل ها إل‬
‫أقرب مستشفى‪ ..‬الطبيب قرر أن حالتها خطية‪ ،‬ولبدّ من بقائها ف غرفة العناية الركزة‪.‬‬
‫ل أستمع إل باقي القصة من فم أب الواهي؛ فقد جذبتن زوجت من ثوب‪ ،‬وأغلقتْ باب غرفتنا ف وجه‬
‫أب‪ ..‬وقالت‪ :‬لنستريح الن‪ ،‬وف الصباح نذهب إليها‪!!..‬‬
‫وف الصباح‪ ..‬كان الوت أسبق‪..‬‬
‫صُدمتُ حي علمتُ أن والدت قد فارقت الياة‪ ..‬استدرتُ زوجت‪ ..‬طلقتها‪.‬‬
‫والن‪ ،‬أكرس ما بقي من عمري لدمة أب وولدي الصغي‪ ..‬وأدعو ال من كل قلب أن يرحم أمي‪،‬‬
‫ويغفر ل زلت‪..‬‬

‫‪ ) 15‬المة السلمية ‪3/6/1413‬هـ‪ ،‬يوسف الزهران‪( ..‬بتصرف)‪.‬‬


‫ن عم أ نا نادم أ شد الندم‪ ..‬ول كن هل يع يد الندم والد ت إل ق يد الياة كي أ صحح غلط ت‪ ،‬وأعوض ما‬
‫فات؟‬

‫توبة شاب بعد ساع شريط (‪)16‬‬

‫(إن الشريط السلمي وسيلة عظيمة من وسائل الدعوة‪ ،‬وإن استعمالك لذا الشريط جزء من الدعوة‬
‫ت ومن ل تعرف‪ ،‬فلعل ال أن ينفع به) بذه العبارة‬ ‫إل ال عز وجل‪ ،‬فبادر بإساع هذا الشريط من عرف َ‬
‫ص وعاصية‪،‬‬ ‫يتم بعض أصحاب التسجيلت السلمية مواد أشرطتهم‪ ..‬وهي عبارة طيبة‪ ..‬فكم من عا ٍ‬
‫وكم من مرم‪ ،‬وكم من فاجر هداه ال وفتح على قلبه بعد ساع شريط‪ ،‬سع فيه عن النة والنار أو‬
‫القب وأهوال الخرة أو غي ذلك ما ييي القلب‪ ،‬ويوقظ الضمي‪...‬‬
‫وصاحبنا هذا هو واحد من هؤلء الغافلي‪ ..‬درس ف أمريكا‪ ..‬وعاد بقلب مظلم‪ ،‬قد عصفتْ فيه رياح‬
‫الهواء والشبهات‪ ،‬فأطفأ تْ سراج اليان ف قلبه‪ ،‬واقتلع تْ ما فيه من جذور الي والصلح والدى‪،‬‬
‫إل أن جاء من بذر‪ ،‬فيه بذرة طيبة‪ ،‬أنبتت نباتا طيبا بإذن ال‪.‬‬
‫يقول هذا التائب‪ :‬ل أ كن أط يق الصلة‪ ،‬وحينما أ سع الؤذن وهو ينادي‪ :‬حي على الصلة‪ ،‬حي على‬
‫الفلح‪ ،‬أخرج بسيارت هائما على وجهي إل غي وجهةٍ حت ينتهي وقت الصلة ث أعود إل النل‪،‬‬
‫تاما كالشيطان عندما يسمع النداء للصلة فيول وله ضراط‪ ،‬كما ثبت ذلك ف الديث الشريف‪.‬‬
‫و ف يوم من اليام خرج تُ كعاد ت أه يم على وج هي‪ ..‬وع ند إحدى الشارات الرور ية‪ ،‬و قف با نب‬
‫شاب بي الطلعة ‪-‬وكانت أصوات الوسيقى الصاخبة تنبعث من سيارت بشكل ملفت‪ .. -‬ن ظر إلّ‬
‫مبتسما ث سلم عليّ وقال‪ :‬ما أجل هذه الغنية‪ ،‬هل يكنن استعارة هذا الشريط؟‪..‬‬
‫عجب تُ لطلبه‪ ..‬ولكن نظرا لعجابه بالوسيقى الت أسعها‪ ،‬أخرج تُ له الشريط وقذف تُ به إليه‪ ..‬عند‬
‫ذلك ناولن شريطا آخر‪ ،‬بدلً عنه‪ ،‬وقال‪ :‬استمع لذا الشريط‪.‬‬
‫الشريط كان للشيخ ناصر العمر‪ ،‬بعنوان‪( :‬السعادة بي الوهم والقيقة)‪ ..‬ل أسع باسم هذا الشيخ من‬
‫قبل‪ ..‬قل تُ ف نفسي‪ :‬لعله أحد الفناني الغمورين‪ ..‬كدتّ أحذف بالشريط من النافذة‪ ،‬ولكن؛ نظرا‬
‫ت استماع الشرطة الت معي ف السيارة؛ قلتُ‪ :‬لستمع إل هذا الشريط فلعله يعجبن‪..‬‬ ‫لن قد ملل ُ‬

‫‪ ) 16‬رواها أحد الخوة وقد سعها من التائب نفسه‪.‬‬


‫وبدأ الشيخ يتكلم‪ ..‬فح مد ال وأث ن عل يه‪ ،‬ث ث منّى بالصلة على رسوله ‪ -‬صلى ال عليه و سلم‪.. -‬‬
‫أنصتّ قليلً‪ ،‬فإذا بالشيخ يروي قصصا عن أشخاص كن تُ أعتقد أنم ف قمة السعادة‪ ،‬فإذا هو يثبت‬
‫بالدلة والباهي أنم ف غاية التعاسة‪..‬‬
‫كنت مشدودا لسماع هذه القصص‪ ..‬وقد انتصف الشريط‪ ..‬فحار ف ذهن سؤال ل أجد له جوابا‪ :‬ما‬
‫الطريق إذا إل السعادة الق!!‪.‬‬
‫فإذا بالواب يأت جليا من الشيخ ف النصف الثان من الشريط‪ ..‬ل أستطيع اختصار ما قاله الشيخ جزاه‬
‫ال خيا‪ ،‬فبإمكانكم الرجوع إل الشريط والستماع إليه مباشرةً‪.‬‬
‫ومنذ ذلك اليوم بدأ تُ بالبحث عن أشرطة الشيخ ناصر العمر‪ ،‬وأذكر أنن ف ذلك السبوع استمعتُ‬
‫إل أكثر من عشرة من ماضرات الشيخ ودروسه‪ ..‬وأثناء ترددي على ملت التسجيلت السلميمة‬
‫سعتُ عن الشائخ والعلماء والدع ماة الفضلء الخر ين ‪-‬و هم كث ي وال مد ل‪ ،‬ل أسمتطيع ح صر‬
‫أ سائهم‪ ..-‬فظلل تُ أتابع الديد للكثي من هم‪ ،‬وأحرص على حضور ماضراتم ودروسهم‪ ..‬كل ذلك‬
‫ول أ كن قد التزم تُ بع ُد التزاما حقيقيا‪ ..‬وب عد حوال أرب عة أش هر من التاب عة الثي ثة لذه الشر طة؛‬
‫هدان ال عز وجل‪..‬‬
‫توبة شاب ذكي من شتم أصحاب النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪)17(-‬‬
‫يقول الول عز وجل ف مكم التنمزيل‪( :‬والسابقون الولون من الهاجرين والنصار والذين اتبعوهم‬
‫بإحسان رضي ال عنهم ورضوا عنه وأعد لم جنات تري تتها النار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز‬
‫العظيم)‪] .‬سورة التوبة[ ‪) ( 100 :‬‬
‫‪18‬‬

‫ويقول الصطفى ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪( -‬ل تسبوا أصحاب فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل‬
‫أُحدٍ ذهبا؛ ما بلغ ُمدّ أحدهم‪ ،‬ول نصيفه ) متفق على صحته‪:‬‬
‫فلول همم ما كان ف الرض مسلمم‬ ‫أولئك أتبماع النبممي وحزبمممه‬
‫فيما لئممي ف حبهمم وولئهمم‬ ‫ولكمن همم فيها بدور وأنمممم‬
‫بأي كتماب؟‪ ..‬أم بأيمة حجممة؟‬ ‫تأممل ‪ -‬هداك ال‪ -‬مَن همو ألموَمُ‬
‫وما العمار إل بغضهمم واجتنابمم‬ ‫ترى حبهممم عمارٌ علمي وتنقمم‬
‫وحب عداهمم‪ ،‬ذاك عمار ومأثمممُ‬
‫ل يس عجبا أن ت سمع ملحدا أو يهوديا أو ن صرانيا يش تم أ صحاب ر سول ال ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪-‬‬
‫وينتق صهم‪ ،‬وإن ا الع جب أن يدث هذا م ن يد عي ال سلم‪ ،‬وين طق بالشهادت ي‪ ،‬ث يت خذ من شتم هم‬
‫وبغضهم دينا ومذهبا‪ ،‬ولو أعمل هؤلء عقولم‪ ،‬وفكروا بتجرد‪ ،‬لعلموا أن الطعن فيهم طعن ف رسول‬
‫ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬فهو الذي تول تربيتهم وإعدادهم‪ ،‬ليكونوا قادة الدنيا وسادتا‪ ،‬فعاشوا ف‬
‫وارتدتم قبائل العرب عمن ديمن‬
‫ْ‬ ‫كنفمه الدافمئ‪ ،‬ونلوا ممن معينمه الصماف‪ ،‬ولام اختاره ال إل جواره‪،‬‬
‫ال سلم‪ ،‬قام أ بو ب كر ال صديق ‪-‬ر ضي ال ع نه‪ -‬قوم ته العظي مة‪ ،‬وم عه سائر ال صحابة الكرام‪ ،‬وقا تل‬
‫الرتدين حت أخضعهم لدين ال‪ ،‬وقال قولته الشهورة‪ :‬وال لو منعون عقا ًل كانوا يؤدونه إل رسول ال‬
‫‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬لقاتلتهم على منعه‪ .‬فدان تْ له الزيرة‪ ،‬وعاد إليها المن والمان بعد حروب‬
‫طاحنة‪ ،‬استشهد فيها كث ي من الصحابة الطهار رضوان ال علي هم أجع ي‪ ،‬فك يف يقال ب عد ذلك إن‬
‫الصحابة قد ارتدوا جيعا؟! هذا من أعجب العجب‪ ،‬وأمل الحال‪!..‬‬
‫وبثل هذا ل عجب قص عليّ هذا الشباب قصته فقال‪:‬‬

‫‪ ) 17‬رواها ل بنفسه‪.‬‬
‫‪ ) 18‬قال ابن كثي رحه ال عند تفسي لذه الية‪( :‬أخب ال العظيم أنه قد رضي عن السابقي الولي من الهاجرين والنصار‪ ،‬والذي اتبعوهم بإحسان؛ فيا ويل من أبغضهم أو‬
‫سبهم‪ ،‬أو أبغض أو سب بعضهم‪ ،‬ول سيما سيد الصحابة بعد رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وخيهم وأفضلهم؛ أعن الصدّيق الكب‪ ،‬والليفة العظم أبا بكر بن أب قحافة‬
‫‪-‬رضي ال عنه‪ ،-‬فإن بعض الطوائف الخذولة‪ ،‬يُعادون أفضل الصحابة ويبغضونم ويسبونم ‪-‬عياذا بال من ذلك‪ ،-‬وهذا يدل على أن عقولم معكوسة‪ ،‬وقلوبم منكوسة‪ ،‬فأين‬
‫هؤلء من اليان بالقرآن‪ ،‬إذ يسبون مَن رضي ال عنهم؟!! وأما أهل السنة‪ ،‬فإنم يترضون عمن رضي ال عنه‪ ،‬ويسبون من سبه ال‪ ،‬ويوالون من يوال ال‪ ،‬ويعادون من يعادي‬
‫ال‪ ،‬وهم متبعون ل مبتدعون‪ ،‬ويقتدون ول يبتدون‪ ،‬ولذا هم حزب ال الفلحون‪ ،‬وعباده الؤمنون) انتهى كلمه رحه ال (بتصرف بسيط)‪.‬‬
‫أ نا شاب عر ب‪ ،‬أ سرت و قبيلت كل ها تعت نق مذهبا غ ي مذ هب أ هل ال سنة والما عة‪ ،‬هاجر تُ إل هذه‬
‫البلد للعممل عام ‪1401‬همم‪ ،‬ول يتجاوز عمري آنذاك الامسمة عشرة‪ ..‬بدأ التحول فم حياتم يوم أن‬
‫التح قت بإحدى الدارس الليلة ل حو الم ية بدي نه جدة‪ ..‬ل ي كن مد ير الدر سة آنذاك يعلم باعتقادي‬
‫الباطل‪ ،‬فكان يثن عل ّي وعلى ذكائي‪ ،‬وبالفعل؛ فقد كان ترتيب الول على جيع الطلب‪.‬‬
‫كان الدرسون والطلب يؤدون صلة العشاء جاعة ف ساحة الدرسة‪ ،‬فكن تُ أترب‪ ،‬وأتعمد الروج‬
‫خفيةً حت ل يعلم ب أحد‪ !!..‬وبكم نشأت الطائفية فقد امتل قلب حقدا وكراهيةً لصحاب رسول ال‬
‫‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وعلمن أهلي أن أصحاب الذاهب الربعة الت تنتسب لهل السنة؛ كلهم كفرة‬
‫وخارجون عن اللة‪ ..‬ل يؤمنون بإمام الزمان!! ول يدينون دين السلم‪ ..‬ويتخبطون ف ظلمات الكفر‬
‫والضلل‪ ..‬ول يهتدون سبيلً‪ !!..‬أي وال هذه هي القيقة الؤلة‪.‬‬
‫ت عند ما أشا هد زملئي ف الدر سة ي صلون‪ ،‬أش عر بإح ساس أن م على ال ق‪ ،‬ف هم أف ضل م ن‪..‬‬ ‫كن ُ‬
‫يصلون‪ ،‬ويتحدثون عن الدين عن علم ودراية‪ ،‬ومعرفة مقرونة بالدلة الشرعية من الكتاب والسنة‪ ،‬أما‬
‫أنا‪...‬‬
‫و ف ذات يوم‪ ،‬قابل ن أ حد الخوة الط يبي ‪-‬و هو زم يل ل ف الف صل الذي أدرس ف يه‪-‬قابل ن خارج‬
‫السجد‪ ..‬فإذا بضربات قلب تشتد‪ ،‬ولسان ينعقد عن الجابة‪ ..‬ماذا أقول له؟؟ هو يظن أنن على دينه‪،‬‬
‫ت معه‬‫فبمَ أجبيه ف هذا الوقف الرج؟‪ ..‬لقد أصابن ذعر شديد لن ل أملك الجة لقارعته‪ ،‬وإذا ذهب ُ‬
‫إل السجد فقد يصل الب إل أهلي فيؤذونن‪ ،‬فالسألة معتقد‪.‬‬
‫ث إ ن ل أعرف من صلتم شيئا‪ ،‬فماذا أ صنع لو دخلت ال سجد؟!! هذه حقي قة أقول ا ب كل صدق‪،‬‬
‫أسأل ال أن يغفر ل جيع ذنوب؟‬
‫ولك ن ل أ جد بدا من العتراف أمام ذلك الخ‪ ،‬فأ خبتُه بأن مذهب نا ل ي يز ل ال صلة خلف ( سُن)‬
‫ك ما كان يلقنّ ن أهلي‪ ..‬فتع جب ذلك الخ من قول‪ ،‬ث جذب ن بقوة‪ ،‬وأدخل ن ال سجد‪ ..‬و صليتُ‬
‫معهم‪ ،‬ول أدري كيف صليتُ!!!‬
‫بعد ذلك‪ ،‬كن تُ أذهب إل بيت أحد أقربائي فأسأله كثيا من مذهبنا؛ فوجدته من أجهل الناس‪ ،‬رغم‬
‫أنه يعتب من العالي بذلك الدين أو الذهب‪ ..‬كان ييبن بعنف‪ ،‬ويكثر من الوقيعة ف أهل السنة بأقذع‬
‫الشتائم والسباب‪ ،‬ويرميهم بأقسى التهم‪ ..‬ما جعلن أتذ خطا معاكسا لا هو عليه‪.‬‬
‫دخلتم مرحلة ممن الشمك القاتمل‬
‫ُ‬ ‫وبدأتم أقرأ عمن السملم على خوف‪ ،‬ثم‬
‫ُ‬ ‫وتوجهتم إل الكتبات‪،‬‬
‫ُ‬
‫استمرتْ أكثر من خس سنوات تقريبا‪ ..‬ل أذق خللا طعم النوم إل قليلً‪ ..‬ول أبالغ إذا قلتُ إن وزن‬
‫ت إل اقتناع تام‬
‫قد انفض قريبا من خسة وعشرين كيلو جرام‪ ..‬فما زلتُ على هذه الال‪ ،‬حت توصل ُ‬
‫بأن ما كن تُ عليه ما هو إل باطل وضلل‪ ..‬فدخلت بعدها مرحلة جديدة من الكتمان الشديد‪ ،‬خوفا‬
‫من الهل ومن بطشهم‪ ..‬فكنت أذه بُ إل الساجد للصلة سرا‪ ..‬ث بدأ تُ أستمع إل خطب ودروس‬
‫ب عض الشيوخ الفضلء‪ ،‬من هم الش يخ ح سن أيوب رح ه ال ف م سجد العمودي‪ ..‬وأتا بع الد يد من‬
‫الك تب والشر طة ال سلمية‪ ..‬أ ستمع وأقرأ بش غف‪ ..‬وحفظ تُ من كتاب ال ما شاء ال أن أح فظ‪..‬‬
‫ت ال سعادة قل ب‪ ..‬وأصبحتُ أ جد ط عم النوم والرا حة‪ ..‬وأح سستُ أ نه ي ب عل يّ أن أع مل من‬
‫فدخل ْ‬
‫أجل تعريف الناس بالدين الصحيح‪ ..‬لا لحظتُه من بُعد الكثيين عن تعاليم هذا الدين‪.‬‬
‫خلل هذه الفترة ل يعلم بال أحد سوى بعض الخوة اللتزمي من أبناء هذا البلد‪ ،‬إل أن ‪-‬وللسف‬
‫الشديد‪ -‬ل أجد منهم رغم التزامهم التشجيع الكاف‪( .‬أسأل ال أن يغفر لنا جيعا)‪.‬‬
‫ث كانت عودت إل بلدي عقب أزمة الليج‪ ..‬وهناك؛ كان الزلزال العظيم الذي كان يعصف ب لو ل‬
‫فضل ال ورحته‪ ،‬قال تعال‪( :‬الـم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم ل يُفتنون ولقد فتنّا‬
‫الذ ين من قبل هم فَلَيعلمنّ ال الذ ين صدقوا ولَيَعل من الكاذب ي)‪ .‬سمورة العنكبوت‪ ..2:‬ل قد علم أهلي‬
‫بال مر‪ ..‬بل ال قبيلة كل ها‪ ..‬وكعادة القبائل هناك ف التم سك بأعراف ها وتقاليد ها‪ ..‬رأوا أ نه قد لق هم‬
‫العار من جراء ما فعل تُ‪ ،‬فتعرضوا ل بأنواع من الذى والضايقات‪ ..‬ووصل بم المر إل أن أجبون‬
‫على تطل يق زوج ت ال ت رزق ن ال من ها بولد ين‪ ..‬وجردو ن من كل ما أمل كه عن طريق ها‪ ..‬هددو ن‬
‫بالضرب مرة‪ ..‬ومرة بالقتل‪ ..‬وأخرى بالطرد من البلد‪ ..‬وتقق لم ما أرادوا؛ فقد قام والدي بطردي‬
‫من البلد ف يوم عيد الفطر البارك‪ ،‬وإهدار دمي‪ ،‬لن ل أصلّ معهم صلة العيد‪ ،‬وصليتُ مع جاعة‬
‫السلمي من أهل السنة‪.‬‬
‫(وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنّكم من أرضنا أو لتعودنّ ف ملتنا فأوحى إليهم لنهلكنّ الظالي‬
‫ض من بعدهم ذلك لن خاف مقامي وخاف وعيد)‪.‬‬
‫ولَنُسكننّكم الر َ‬
‫ت فيها أناسا صالي‪ ،‬ل‬ ‫وخرج تُ من بلدت ‪-‬مسقط رأسي‪ ..‬ومنشأ صباي‪ -‬إل منطقة أخرى جاور ُ‬
‫يدخروا وسعا ف مساعدت ‪-‬جزاهم ال عن كل خي‪.-‬‬
‫هذه هي ق صة باخت صار شد يد‪ ..‬ولن أترا جع ‪-‬بإذن ال‪ -‬عن قراري أبدا‪ ،‬ول قد قل تُ ل م ك ما قال‬
‫الصطفى ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬لا جاءه عمه أبو طالب يساومه من طرف الشركي لكي يتخلى عن‬
‫هذا الدين‪ ،‬ويعطونه ما يريد‪ ،‬فقال لم‪( :‬وال لو وضعوا الشمس ف يين والقمر ف يساري‪ ،‬على أن‬
‫أترك هذا الديمن؛ مما تركتمه حتم يظهره ال‪ ،‬أو أهلك دونمه)‪ ..‬لن أسماوم رغمم الغريات الكثية التم‬
‫قدموها ل‪ ..‬ورغم مفارقت لهلي ووطن‪ ،‬والالة القتصادية السيئة الت أم ّر با‪ ..‬لن أتراجع أبدا‪ ،‬بل‬
‫سوف أع مل ب كل ج هد وإخلص ‪-‬بشيئة ال‪ -‬ف الدعوة إل ال‪ ،‬وك شف أ ستار الظلم للم سلمي؛‬
‫ت بالف عل‪ ،‬وك سبتُ ب عض الن صار لشرع ال ول‬ ‫ليوا الطر يق ال صحيح أمام هم واضحا‪ ...‬ول قد بدأ ُ‬
‫المد‪ ،‬خصوصا بعد ظهور الصحوة السلمية ف كل قطر وناحية‪..‬‬
‫هذا وأسأل ال أن يرزقن وإياكم الخلص والتوفيق والسداد‪ ..‬إنه ول ذلك‪..‬‬
‫أخوكم‪ /‬أبو صلح الدين‬
‫وبعد‪ ،‬فإن ‪-‬بذه الناسبة‪ -‬أو جه كلمة إل نف سي‪ ،‬وإل كل مسلم وم سلمة‪ ،‬بل إل كل إن سان على‬
‫وجه الرض (أيا كان دينه ومذهبه وعقيدته)‪ ،‬أدعوهم فيها إل التفكي وإعادة النظر فيما يعتقدونه من‬
‫معتقدات‪ ،‬ويملونه من أفكار‪ ،‬بتجرد وإخلص‪ ،‬وبذل الهد ف معرفة الق حيثما كان‪ ،‬والتحرر من‬
‫عبودية الوى والتبعية والتعصب العمى‪ ،‬وتقليد الباء والجداد‪( :‬وإذا قيل لم اتبعوا ما أنزل ال قالوا‬
‫بل نت بع ما ألفي نا عل يه آبائ نا أوَ لو كان آبائ هم ل يعقلون شيئا ول يهتدون)‪( .‬البقرة‪ )17:‬فإن ال ق‬
‫واحد ل يتعدد‪ ،‬ولبدّ للباحث عن الق من الطلع على آراء الخرين من مصادرها الصلية‪ ،‬والنظر‬
‫بتجرد وإخلص‪ ،‬ممع التضرع إل ال عمز وجمل وطلب الدايمة منمه سمبحانه‪( :‬والذيـن جاهدوا فينـا‬
‫لنهدينّهم سُبُلنا وإن ال لع الحسني) (العنكبوت‪.)69 :‬‬
‫من غيمر بممواب ول استئممذان‬ ‫العلمم يدخمل قلب كمل موفممق‬
‫إحمدٌ ولممو جُمعمت لمه الثقلن‬ ‫والق ركممن ل يقمموم لممدّه‬
‫بأي كتماب؟‪ ..‬أم بأيمة حجممة؟‬ ‫تأممل ‪-‬هداك ال‪ -‬مَن همو ألم َومُ‬
‫توبة شاب ماجن (‪)19‬‬

‫الشباب هم عماد ال مة وذخيت ا ال ية‪ ،‬وأمل ها الرت قب‪ ،‬وم ستقبلها النشود‪ ،‬لذا؛ فإن العداء ل يألون‬
‫جهدا ف تط يم نفوس الشباب وهدم أخلق هم بش ت ال سبل والو سائل‪ ..‬يقول ال ستشرق شاتلي‪( :‬وإذا‬
‫أردت أن تغزوا السلم وتكسروا شوكته‪ ،‬وتقضوا على هذه العقيدة الت قضتْ على كل العقائد السابقة‬
‫ت السبب الول والرئيس لعزة السلمي وشوخهم‪ ،‬وسيادتم وغزوهم للعال‪..‬‬ ‫واللحقة لا‪ ،‬والت كان ْ‬
‫إذا أردتم غزو هذا السملم‪ ،‬فعليكمم أن توجهوا جهود هدمكمم إل نفوس الشباب السملم والممة‬
‫ال سلمية؛ بإما تة روح العتزاز باضي هم وتاري هم وكتاب م‪ :‬القرآن‪ ،‬وتويل هم عن كل ذلك بوا سطة‬
‫نشر ثقافتكم وتاريكم‪ ،‬ونشر روح الباحية‪ ،‬وتوفي عوامل الدم العنوي‪ ،‬وحت لو ل ند إل الغفلي‬
‫منهم والسذج والبسطاء لكفانا ذلك‪ ،‬لن الشجرة يب أن يتسبب ف قطعها أحد أغصانا‪.) ()..‬‬
‫‪20‬‬

‫وما كان للعداء أن يققوا شيئا لو تسك السلمون بدينهم وصبوا عليه‪ ،‬لن ال يقول‪( :‬وإن تصبوا‬
‫ميط) (آل عمران‪)120 :‬‬ ‫وتتقوا ل يضركم كيدهم شيئا إن ال با يعملون‬
‫يقول هذا التائب‪:‬‬
‫كن تُ ف ضلل وضياع وفجور‪ ،‬تربي تُ كسائر الناس على طاعة الوالدين‪ ،‬لكن ل أكن أعرف الصلة‬
‫وكذلك سائر العبادات إل رياءً‪ ...‬تعلمتُ التدخي ف سن مبكرة‪ ،‬فكنتُ أدخن كثيا‪ ..‬ل أكن أعرف‬
‫عن قضا يا ال سلمي شيئا؛ الل هم إل القض ية الفل سطينية‪ ..‬وع ند درا ست ف الام عة تعرف تُ على شاب‬
‫أبيض ذي لية سوداء صغية‪ ،‬ل تفارق البتسامة مياه‪ ..‬ل أدري لاذا كن تُ أكر هُ هذا الشا بَ وأحقد‬
‫عليه‪ ..‬ربا لنه كان دائما ينصحن‪ ،‬ويثّن على ترك التدخي‪ ،‬وكل ما يُغضب ال‪..‬‬
‫ت عليها حت‬‫وف يوم من اليام‪ ،‬حضر إل الامعة وبيده بعض النشورات عن الجاهدين‪ ،‬وما أن اطلع ُ‬
‫سَرَتْ ف نفسي رعشةٌ وقشعريرةٌ ل أد ِر لا سببا‪ ،‬لكنها سرعان ما زالت بعد دقائق معدودة‪..‬‬
‫وذات يوم‪ ،‬كان الو قت ع صرا وكن تُ أ ستمع إل أغن ية ف الذياع‪ ،‬و صوت الؤذن يل جل ف الفاق‬
‫مناديا لصلة العصر‪ ،‬ولكن‪:‬‬
‫إذا تعمالمى‪ ،‬ول الذان آذانُ‬ ‫فمل الذان أذان فممي منارته‬

‫‪ ) 19‬رواها أحد زملئه‪ ،‬وقد سعها منه بنفسه‪.‬‬


‫‪ ) 20‬انظر‪ :‬كتاب (الغارة على العال السلمي)‪.‬‬
‫كن تُ أ نا والدار متشاب ي ف الق سوة والمود وعدم الجا بة‪ ...‬وب عد انتهاء الغن ية‪ ،‬جاءت الخبار‪،‬‬
‫فأ ستمع إلي ها وإل أخبار ال سلمي ف البو سنة والر سك و ما يتعرضون له من الق تل والتشر يد؛ فلم أل قِ‬
‫لذلك بالً‪.‬‬
‫وف الصباح‪ ،‬ذهب تُ إل الامعة كالعادة‪ ،‬فقابلن أحد رفقاء السوء‪ ،‬وعرض عل يّ (فلما) خليعا فأخذتُه‬
‫م سرورا‪ ،‬و سهرتُ تلك الليلة لشاهد ته‪ ،‬وهكذا ف كل صباح ك نا نتبادل هذه الفلم الدمرة بين نا ف‬
‫الامعة وللسف الشديد‪ !!..‬فكيف يكن للمسلمي أن يتقدموا على أعدائهم وهذا حال شبابم‪.‬‬
‫وجاء اليوم الوعود‪ ،‬فإذا بذلك الشاب الذي كن تُ ل أطي قه يأتي ن ويقول ل‪ :‬هل تر يد فلما؟ فقل تُ له‬
‫متعجبا‪ :‬أعندك؟!‪ ..‬قال‪ :‬نعم‪ .‬قلتُ‪ :‬هات‪.‬‬
‫ت على هذا الفيلم‬ ‫وأخذ تُ الفلم‪ ،‬و ف الو قت الذي كن تُ أقضيه ف ال سهر لشاهدة تلك الفلم؛ سهر ُ‬
‫الديد الذي ل أدري ما متواه‪ ..‬كنتُ أظنه كتلك الفلم الت أعرفها‪ ..‬ولكن كانت الفاجأة‪.‬‬
‫تسجيلت قرطبة السلمية تقدم‪:‬‬
‫الصليــب يتحـــدى‬
‫كان هذا هو عنوان الشريط‪..‬‬
‫ث توالت ب عد ذلك ال صور الفز عة‪ ..‬دماء‪ ...‬أشلء‪ ..‬أج ساد مز قة‪ ..‬أعضاء متناثرة‪ ...‬ن ساء ثكال‪..‬‬
‫أطفال حيارى‪ ...‬دمار وخراب‪....‬‬
‫يطمول بمه على الديمن النحيمب‬ ‫أحملّ الكفمر بالسملم ضيممما‬
‫وسيمف قاطمع ودمث صبيممبُ‬ ‫فحق ضائممع وحممىً مبمماح‬
‫ومسلمممة لما حمرمُ سليممب‬ ‫وكمم ممن مسلم أمسمى سليبمما‬
‫علمى مرابمه نُسمب الصليممب‬ ‫وكمم ممن مسجمد جعلموه ديرا‬
‫لطفممل ف مفارقممه الشيممبُ‬ ‫أممور لمو تأملهمممن طفممل‬
‫وعيمش السلميممن إذا يطيممبُ‬ ‫ت بكل ثغمممر‬ ‫أتسبمى السلمما ُ‬
‫يدافممع عنممه شبممان وشيبُ‬ ‫أمما ل والسمملم حمممممقُ‬
‫أجيبمموا ال ويكمم‪ ..‬أجيبمموا‬ ‫فقمل لمذوي البصمائر حيث كانوا‬
‫ل أتالك نفسي من البكاء‪ ..‬أحسستُ برعشة تسري ف أوصال‪ ..‬كنتُ أتيل نفسي واحدا من هؤلء‪،‬‬
‫و قد ذُب ت من الور يد إل الور يد‪ ،‬ورُ سم على صدري ال صليب‪ ..‬يا إل ي‪ ..‬ألذه الدر جة بلغ ال قد‬
‫ال صليب على هؤلء الغُزّل‪ ،‬ل لش يء‪ ..‬إل لن م م سلمون‪..‬؟؟!! (و ما نقموا من هم إل أن يؤمنوا بال‬
‫العزيز الميد)‪.‬‬
‫ل أن تلك الليلة من شدة الوف‪ ..‬استلقيتُ على فراشي وأنا ل أدري ماذا أصنع‪ ..‬نظر تُ من حول‪،‬‬
‫فإذا بضوء الق مر الا فت قد ت سرب من خلل النافذة‪ ،‬وأل قى بأشع ته الفض ية على طاولة مك تب الذي‬
‫ت بعض أوراقه من الهال‪ ..‬فأسرعتُ إل أخذه‬ ‫أذاكر عليه‪ ..‬وإذا ب ألح مصحفي القدي الذي تقطع ْ‬
‫وبدأتُ أقرأ فيه حت وصلتُ إل آية الكرسي من سورة البقرة‪( ..‬ال ل إله إل هو الي القيوم ل تأخذه‬
‫سنة ول نوم‪ )..‬فتوقف تُ عن القراءة ث انمر ْ‬
‫ت عيناي بالدموع‪ ،‬فلم أتوقف عن البكاء إل على صوت‬
‫الؤذن وهو يلجل ف الفاق‪ ..( ..‬ال أكب‪ ..‬ال أكب‪ .. )..‬فقمتُ مسرعا‪ ،‬وذهبتُ إل السجد خائفا‬
‫ترت عد فرائ صي‪ ..‬فدخل تُ دورة الياه‪ ،‬فوجد تُ شيخا كبيا يتو ضأ‪ ،‬فطلب تُ م نه أن يعلم ن الوضوء‬
‫والصلة‪ ،‬وكانت تلك الادثة هي نقطة التحول ف حيات‪..‬‬

‫رسائل العائدين إل ال‬

‫من فلسطي الحتلة‪ ..‬من جوار بيت القدس‪ ،‬كتب إلّ الخ‪ ....‬هذه الرسالة‪:‬‬
‫(أعر فك على نف سي‪ :‬شاب م سلم من ب يت القدس‪ ،‬قرأت كتا بك‪] :‬العائدون إل ال[ و قد تأثر تُ به‬
‫كثيا‪ ..‬وق صت تبدأ م نذ ال صغر‪ ،‬ح ي دعا ن أ ب إل الذهاب إل ال سجد‪ ،‬ح يث تقام دورات رياض ية‬
‫لتقوية أجسام الشباب السلم‪ ،‬للدفاع عن أنفسهم ف مواجهة بن صهيون‪ ،‬إضافةً إل الدورات العقدية‬
‫واليان ية‪ ،‬لتقو ية اليان‪ ،‬الذي هو ال سلح الول ف الزمات‪ ..‬دعا ن أ ب إل ال سجد ول ي كن هو‬
‫يصلي آنذاك‪ ،‬وكأنه يقول ل‪ :‬يا بن‪ ،‬لقد مضى زمننا‪ ،‬وهذا زمنكم‪ ،‬وإن العركة الت بيننا وبي بن‬
‫صهيون‪ ،‬معركة عقائدية وليست قومية أو وطنية أو‪ ..‬ال‪ ،‬كما يريد البعض تصويرها‪ ،‬معركة تنطلق من‬
‫الساجد ل من بيوت المم‪...‬‬
‫كان أ ب آنذاك ‪ -‬ف الو قت الذي يدعو ن ف يه إل الذهاب إل ال سجد‪ -‬يلس هو وج يع ال هل‪ ،‬وأ نا‬
‫معهم ف بعض الحيان‪ ،‬أمام شاشة التلفاز (!!!) وما أدراك ما التلفاز‪ ،‬حت اعتاد تْ قلوبنا رؤية النكر‪،‬‬
‫وألفناه‪ ..‬وح ي بلغ تُ سن الراهقة ازداد تعلقي بالسجد‪ ،‬وأصبحتُ ف صراع مرير ب ي صوت ال ق‬
‫وصوت الباطل‪ ،‬وأثر ذلك ف دراست‪ ،‬حيث مل التفكي ذهن وعقلي‪..‬‬
‫و ف ذات ليلة‪ ،‬عدتّ إل غرف ت متعبا‪ ،‬فوجدتّ كتابا على مك تب‪ ..‬مدد تُ يدي إليه‪ ..‬حل ته‪ ..‬قرأ ُ‬
‫ت‬
‫عنوانه‪ :‬العائدون إل ال‪ ..‬شدّن هذا العنوان‪ ،‬فما تركته إل بعد أن أكمل تُ قراءتَه‪ ..‬والمد ل‪ ،‬أت تْ‬
‫من بعده الداية‪..‬‬
‫وأنا الن وأنا أسطر هذه السطور‪ ،‬قد عقدتّ النية على اللتزام الق بإذن ال‪ ،‬وأن أجاهد نفسي على‬
‫مرضاة ال‪ ،‬وكل ما أتناه هو الستشهاد ف سبيل ال على ثرى فلسطيننا السليبة‪.‬‬
‫ومن جزائر السلم كتب إلّ الخ أبو أمامة‪ ..‬هذه الكلمات‪:‬‬
‫من طالب علم يز عم أ نه يل بس ثوب اللتزام‪ ،‬و هو خال عه م نذ زمان‪ ..‬من شاب تائه حائر عبث تْ به‬
‫الشهوات واللذات‪ ،‬وا ستدرجه الشيطان؛ ح ت كاد يعم يه عن نور اليان‪ ..‬إل أخ كر ي‪ ..‬أهدي هذه‬
‫التح ية العطرة الارة ال ت ت سوقها ماري الدموع عب موجات الث ي‪ ،‬إل هناك‪ ..‬و ما أدراك ما هناك‪..‬‬
‫حيث مهبط الوحي‪ ،‬ومهوى الفئدة‪..‬‬
‫لقد كن تُ ضالً فهدان ال‪ ..‬تربي تُ ف أسرة مافظة‪ ،‬ووالدي جزاه ال خيا كان إماما‪ ،‬لكن إسلمي‪،‬‬
‫كان وراثيا‪ ،‬ل يلو من الشرك والبدع والضللت‪ ..‬أ سأله ال أن يغ فر ل‪ ،‬ل ن كل ما تذكرتّ تلك‬
‫اليام‪ ،‬أعض على أصابع الندم‪..‬‬
‫ت أقوم بأعمال قد ي ستحي‬ ‫ت وو صلتُ سن الراه قة؛ بدأ ُ‬ ‫نشأ تُ وتربي تُ على ذلك‪ ،‬وب عد أن كب ُ‬
‫ت معي‪ ،‬وظلتْ تعيقن‪ ،‬إل‬ ‫الشيطان من فعلها‪ ،‬ث زعمتُ أن التزمت بشرع ال‪ ،‬ولكن تلك القبائح بقي ْ‬
‫ت بقراءت ا‪ ،‬ف ما إن‬
‫أن أعار ن أخ ل قادم من أرض الرم ي الشريف ي‪ ،‬سلسلة العائدون إل ال‪ ،‬فبدأ ُ‬
‫ت بكاءً شديدا على ما فاتن من عمر ف‬ ‫قرأتُ قصتي أو ثلث حت شعرتُ أن كيان قد تزعزع‪ ،‬وبكي ُ‬
‫معصية ال‪ ،‬وشعرتُ بسعادة تغمرن من جديد‪ ..‬أسأل ال أن يثبتن وإياكم على الق البي‪..‬‬
‫ومن الزائر أيضا بعث إلّ الخ عبد الميد‪ ..‬برسالة يقول فيها‪:‬‬
‫أر فع قل مي وأ سطر ل كم هذه الر سالة من كل أعماق قل ب أبشر كم في ها بداي ت إل ال صراط ال ستقيم‬
‫بسبب قراءت للجزاء الثلثة الول من هذا الكتاب‪ ،‬وهذه هي القصة‪:‬‬
‫فأنا شاب جزائري من هواة الرسلة‪ ،‬مسلم بالوراثة‪ ،‬تعرف تُ على كثي من الشباب والشابات(!!) عن‬
‫طريق ركن التعارف ف بعض الجلت الساقطة‪ ،‬وشاء ال أن أتعر فَ على شاب من بلد الرمي اسه‬
‫غلم حسي‪ ،‬فلول مرة بعثَ ل بجموعة من الكتب ومنها كتاب (العائدون إل ال)‪ ،‬فبعثتُ له برسالة‬
‫شكر‪ ،‬ث بعثَ ل بجموعة أخرى‪ ،‬فلما رأى ذلك أفراد عائلت فرحوا ب كثيا‪ ،‬وخاصة والدي‪ ،‬فبدأتُ‬
‫أطالع هذه الكتب وخاص ًة (العائدون إل ال)‪ ،‬فوجد تُ فيه مفتاح التوبة‪ ،‬وخرج تُ من طريق الظلمات‬
‫إل الطريق الستقيم‪ ،‬وأنا نادم على أيام ماضية قضيتها بعيدا عن ال‪...‬‬

You might also like