You are on page 1of 62

‫بنات الملكة‬

‫خالد بن إبراهيم الصقعب‬


‫الشرف العام على موقع الريانة‬
‫القدمة‬

‫إن المد ل نمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن‬
‫سيئات أعمالنا ‪ ،‬من يهده ال فل مضل له ومن يضلل فل هادي له ‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال‬
‫وحده ل شريك له وأشهد أن ممداَ عبده ورسوله ‪.‬‬
‫سلِمُونَ } آل عمران ‪102‬‬ ‫{يَا َأّيهَا الّذِينَ آمَنُواْ اّتقُواْ اللّهَ حَقّ تُقَاتِ ِه وَلَ تَمُوتُنّ إِ ّل َوأَنتُم مّ ْ‬
‫س اّتقُواْ َرّبكُمُ الّذِي خََل َقكُم مّن ّن ْفسٍ وَا ِح َدةٍ وَ َخلَ َق ِمْنهَا َزوْ َجهَا َوَبثّ ِمْنهُمَا رِجَالً‬ ‫{يَا َأّيهَا النّا ُ‬
‫َكثِيا َونِسَاء وَاّتقُواْ اللّ َه الّذِي تَسَاءلُونَ بِ ِه وَالَرْحَامَ إِنّ اللّهَ كَانَ عََلْيكُمْ رَقِيبا } النساء ‪1‬‬
‫{ يَا َأّيهَا الّذِينَ آمَنُوا اّتقُوا اللّ َه وَقُولُوا َقوْ ًل سَدِيدا(‪ُ )70‬يصْلِحْ َلكُمْ َأعْمَاَلكُمْ َويَ ْغفِرْ َلكُمْ ُذنُوَبكُمْ‬
‫َومَن يُطِعْ اللّ َه وَ َرسُولَهُ َفقَدْ فَازَ َفوْزا عَظِيما(‪( } )71‬الحزاب ‪ :‬من الية ‪)71-70‬‬

‫أما بعد ‪:‬‬


‫(شنشنمة نعرفهما ممن أخزم ) فهني ليسنت بطريقنة جديدة ‪ ،‬تلكنم هني شنشننة قذف‬
‫الحصننات الغافلت منن خلل روايات هابطنة يراد منن خللان تثنبيط دعاة القن وخلخلة‬
‫فضائل الجت مع‪ ،‬ل جد يد! فل قد ات م الفاكون زورا وبتانا ر مز الط هر والعفاف أم الؤمن ي‬
‫عائشة ‪ -‬رضي ال عنها ‪ -‬بعرضها‪ ،‬من أجل إعاقة مسية الدعوة‪ ،‬وهاهي الصورة تتكرر !‬
‫ل قد ح ي ال سلم العراض وج عل حفظ ها من أن تد نس بواق عة أو قذف من الضروريات‬
‫المس ف الشريعة الباركة ‪ ،‬ومن هنا جاء باب حد الزنا وباب حد القذف ‪ ،‬وكم أحكم‬
‫الفقهاء وعلماء الشري عة إغلق باب الن يل من العراض‪ ،‬و من ج يل ما قالوا ‪ ( :‬و من قذف‬
‫أهل بلدة أو جاعة عزر ول حد )‪ .‬ول يتلف الفقهاء ف إيقاع حد التعزيز وإنا وقع اللف‬
‫هل يعزر من قذف أهل بلد بعدد من قذفهم أم يكون الد واحدا ؟‬
‫لذا ف من ف عل ذلك لزم إقا مة حد التعز يز عل يه ف كل حال‪ ،‬وهذا الكلم ل يس من بنيات‬
‫الفكار بل هو قول جهابذة أهل العلم والذين يرد إليهم القول حال اللف ‪.‬‬
‫و من غر يب ما يتشدق به هؤلء أن هذه الروايات ت كي واقعا صحيحا فيقال نص‬
‫الفقهاء رحهم ال على إقامة حد التعزيز على من قذف أهل بلدة ولو كان يُتصور منهم الزنا‪،‬‬
‫فكينف إذا كان هذا الجتمنع يغلب على نسنائه أننن صنائمات قائمات حافظات للغينب بان‬
‫حفظ ال‪ ،‬والواقع يشهد بذلك بمد ال ول نقول لؤلء إل كما قال ال تعال‪ (( :‬قُلْ مُوتُواْ‬
‫بِغَيْظِ ُكمْ)) (آل عمران‪.)119:‬‬
‫من ه نا و من هذا النطلق جاءت هذه الر سالة وال ت هي بعنوان " بنات المل كة " قطعا‬
‫للطريق على من ياول إعادة الكرة مرة ثانية للمز نساء منطقة أخرى‪ ،‬من باب " أتواصوا به‬
‫"‪ ،‬وهذه الر سالة توي ق صصا وضاءة ل ا عل يه غالب ن سائنا ب مد ال‪ ،‬و هي ق صص واقع ية‬
‫وليسنت برجنم الغينب كمنا يفعنل أولئك ول عجنب‪ ،‬فالقن واضنح أبلج‪ ،‬والباطنل خرص‬
‫وظنون‪ ،‬بل هو كذب وافتراء‪ ،‬وتلك بضاعتهم مزجاة وبضاعتنا رائجة بمد ال‪(( ،‬بَلْ نَ ْقذِفُ‬
‫بِاْلحَقّ عَلَى الْبَاطِ ِل فََيدْمَغُ ُه فَإِذَا ُه َو زَاهِقٌ )) (النبياء‪. ) 18:‬‬
‫ونن ل ندعي أن متمعنا متمع ملئكي‪ ،‬بل نقول إنه إذا بلغ الاء قلتي ل يمل البث!‬
‫نسنأل ال تعال أن ينفنع بذه الرسنالة منن قرأهنا‪ ،‬وأن يزي منن سناهم فن إخراجهنا‬
‫وطباعتها وتوزيعها خي الزاء وال أعلم‪.‬‬

‫كتبه‬
‫خالد بن إبراهيم الصقعب‬
‫الشرف العام على موقع الريانة‬
‫تهيد‬

‫إن الرأة العا صرة والت سنتحدث عن ب عض ال صور النا صعة من حيات ا‪ ..‬هي ال ت قال‬
‫في ها ال نب عل يه ال صلة وال سلم‪ (( :‬الدن يا متاع وخ ي متعا ها الرأة ال صالة )) رواه المام‬
‫مسلم‪..‬‬

‫هذه الرأة الصالة الت يقرّر الشرع أنا من خي متاع الدنيا ما زالت بمد ل تعال على‬
‫مر العصور حاضرة وظاهرة‪ ..‬فالشارع ل يقصرها على وقت دون آخر ‪..‬‬

‫إن ما دعان للحديث حول هذا الوضوع أمور منها‪:‬‬

‫‪ -1‬إنصاف الرأة ف حديثنا عنها‪ ،‬وهذا من العدل الذي أمر ال تعال به ف قوله تعال‪:‬‬
‫(( وَإِذَا قُلُْتمْ فَا ْع ِدلُواْ )) (النعام‪.)152:‬‬

‫‪ -2‬أننا جيعا ل نرتضي تعميم حكم النراف على جيع النساء وفيهن من لا القدح‬
‫العلّى ف السبق إل اليات والدعوة إليها‪..‬‬

‫‪ -3‬تثبيت الصالات وخاصة من يعشن ف بيوت ل تت لللتزام بصلة بل قد تكون ف‬


‫هذا البيت مثار للسخرية والستهزاء‪ ..‬نذكر ذلك لنقول لذه ولغيها مع كِ ف الطريق كثر‬
‫بمد ال تعال فإن السافر يأنس ف السفر بصاحبه ‪.‬‬

‫‪ -4‬نداء للفتاة ال ت لن ت ستقيم على شرع ال تعال لنقول ل ا من خلل ذلك " دون كِ‬
‫هذه النماذج من اليات يعشن معنا وبيننا حت ل تقول للداعية إذا ضربت لكِ شيئا من سي‬
‫الصحابيات والتابعيات‪ :‬أولئك يعشن ف غي الزمن الذي نعيش فيه ‪..‬‬
‫‪ -5‬إغاظة للشائني والناوئي للمرأة لنقول لم ‪ :‬مهما بذلتم جهدكم لعل الرأة ألعوبة‬
‫ف أيديكم‪ ،‬فإن ف نساءنا خي كثي بمد ال تعال لن تؤثر فيها سهامكم الواهية ‪ ..‬ول شك‬
‫أن إغا ظة هؤلء قر بة يتقرب ب ا الع بد إل ر به وال تعال يقول‪َ (( :‬ولَ يَ َطؤُو نَ َموْطِئا يَغِي ظُ‬
‫الْكُفّارَ َولَ يَنَالُونَ ِمنْ َع ُدوّ نّيْلً ِإلّ كُِتبَ لَهُم بِهِ َعمَلٌ صَالِحٌ )) (التوبة‪.)12 :‬‬

‫صهِمْ عِبْ َرةٌ لُّأ ْولِي ا َللْبَابِ }يوسف ‪111‬‬


‫صِ‬‫{لَقَدْ كَا َن فِي قَ َ‬

‫لقد جاء نسق هذه الرسالة من خلل قصص وقفت عليها جيعا حت تأكدت من صحة‬
‫حدوثها ووقوعها‪ ..‬بل لعل ما يُبشّر به أنه ورد إل عدد ليس بالقليل من القصص ما يدل‬
‫على وجود الي الكثي بمد ال تعال ف نسائنا‪..‬‬

‫وإن ا عمدت إل أ سلوب الق صة لن الترب ية ف الق صة من هج ربّا ن‪ ،‬ك ما قال ال تعال‬
‫(( َوكُنلّ نّقُصّ َعلَيْكَ ِمنْ أَنبَاء الرّ ُسلِ مَا نُثَّبتُ بِ ِه ُفؤَادَكَ)) (هود‪.)120:‬‬

‫ولن إيراد القصة أسلوب ومنهج نبوي كري ‪ ،‬كما ورد ف حديث أب هريرة أن النب‪-‬‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ -‬قال‪ (( :‬حدثوا عن بن إسرائيل ول حرج )) متفق عليه‪.‬‬

‫وما زال سلف المة يأنسون بذكر القصص ويتناقلونا فيما بينهم حت قال أبو حنيفة‬
‫رح ه ال " الكايات عن العلماء وما سنهم أ حب إل من كث ي من الف قه لن ا آداب القوم‬
‫وأخلقهم "‪.‬‬

‫وقال آخر‪ ( :‬استكثروا من الكايات فإنا درر وربا كانت فيها الدرة اليتيمة )‪.‬‬

‫أخ ت الكري ة‪ :‬هي صور ح ية وق عت على أرض الوا قع لي ست بكلم إنشائي ج يل من‬
‫منظومة يب أن نفعل كذا ول يب أن تفعل كذا‪ ،‬وصدق من قال‪ :‬فعل رجل ف ألف رجل‬
‫أبلغ من قول ألف رجل لرجل !‬
‫هني قصنص حرصنت أن تكون منن القصنص التربوينة اليانينة الادفنة ‪ ،‬تمنل الفكرة‬
‫السامية ‪ ،‬والدف النبيل ‪ ،‬والبدأ الفاضل ‪ ،‬ولقد عمدت كما يظهر للقارئة إل أن تكون هذه‬
‫القصص من خلل ظروف متعددة‪ ،‬فهذه ف الهاد‪ ،‬وأخرى ف الصب‪ ،‬وأخرى ف قيام الليل‪،‬‬
‫وهكذا دواليك‪..‬‬

‫على أن ن سأذكر ت ت كل عنوان ق صة‪ ،‬ورب ا عمدت إل ذ كر ق صتي ول أز يد على‬


‫ذلك‪ ..‬وما يدر التنبيه عليه أن هذه القصص إنا حصلت لنساء ف هذا الوقت‪ ..‬بل حرصت‬
‫على أن يكن من الشابات حت تتحقق القدوة وال الستعان ‪..‬‬
‫‪1‬‬
‫عاشقة الهاد‬

‫تقول ف رسالتها الت سطرتا بيدها‪ ،‬وقد قمت باختصارها لطولا مع الحافظة على بنية‬
‫القصة الساسية‪..‬‬
‫لقد كنت أسع با وأراها رمزا رائعا بل إنن وضعتها لدفا أتن أن أصل إليه‪ ..‬أتدرون‬
‫ما هي‪ ..‬إنا " الشهنادة " ‪ ..‬؟! القتل ف ساحة العركة ‪ ..‬عندما كنت أرى صور القتلى‬
‫الذيننن نسننبهم بإذن ال شهداء ‪ ..‬كان داخلي يضننج بالفكار واليالت والدعوات‬
‫والبتهالت ‪ ..‬أتذ كر ذات مرة عند ما ك نت ف الرحلة الثانو ية ك نت مع إحدى الزميلت‬
‫نتحدث ولعلك تعرف ي ما يؤرق بنات هذه الرحلة‪ ،‬فك نا نتحدث عن ف ت الحلم ‪ ..‬فل ما‬
‫جاء دوري قلت لزميلت‪ :‬سأتكلم بشرط أل تبي أحدا بذلك‪ ..‬وأل تضحكي عليّ ساخرة‬
‫‪ ..‬قالت أحاول ‪ ..‬قلت أتن أن أتزوج شهيدا‪..‬‬
‫صرخت ضاحكة ث قالت‪ :‬أتريدين اللص منه قبل ميئه ؟!‬
‫كاننت نفسني وال الذي ل إله إل هنو تتوّق دائما إل الهاد والعارك والشهادة على‬
‫الرغم من كون من أسرة صارمة نوعا ما ‪ ..‬ف وسط ل يشجع هذه التوجهات‪ ،‬ولعله يراها‬
‫من إضاعة الوقت أو التزمّت إل أن هاجس هذه المور كان يعيش بداخلي‪..‬‬
‫قلبّت نظري ف كث ي من أشر طة الهاد‪ ..‬ل أخفي كم سرا أن ال مر جدا شا سع ب ي‬
‫القيقة والصورة‪..‬‬
‫ف القيقة خوف وظلم‪ ..‬جوع وعطش‪ ..‬برد وصقيع‪ ..‬رصاص وقنابل وألغام‪ ..‬أسر‬
‫وتعذيب وتشويه‪ ..‬هذا طريح وهذا جريح‪..‬‬
‫أمنا فن الصنورة فالمنر على خلف ذلك ‪ ..‬مشاهند ومقاطنع ‪ ..‬وحصنيلة القتلى كذا‬
‫والرحى كذا ث ينتهي كل شيء‪..‬‬
‫ومع ذلك كانت النفس وما زالت تتمن الهاد‪ ..‬تركها القارئ بصوته الرنّان وهو يتلو‬
‫قول ال تعال‪َ (( :‬ولَ َتحْ سَبَنّ اّلذِي َن قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ الّل هِ أَ ْموَاتا َبلْ َأحْيَاء عِندَ رَّبهِ مْ ُي ْرزَقُو نَ‬
‫فَرِحِيَ بِمَا آتَاهُ مُ الّل هُ مِن َفضْلِ هِ وَيَ سْتَْبشِرُونَ بِالّذِي نَ لَ مْ يَ ْلحَقُواْ بِهِم مّ نْ َخلْ ِفهِ مْ َألّ َخوْ فٌ‬
‫عَلَْي ِهمْ َولَ ُهمْ َيحْزَنُونَ )) ( آل عمران‪. )170،169:‬‬
‫والخر أتأمل قوله وهو يترنّم ‪:‬‬
‫هذي بساتي النان تزينت *** للخاطبي فأين من يرتاد‬
‫والخر حي ينشد أمام صديقه القتول‪:‬‬
‫فإن ل نلتقي ف الرض يوما *** وفرق بيننا كنأس الننونِ‬
‫فموعدنا غدا فني دار خلن ٍد *** با يي النون مع النونِ‬
‫هنل أحسنستم الن بعنن منا أتكلم عننه‪ ..‬وهنل أدركتنم نوع الشعور الذي اجتاح‬
‫نفسي‪..‬تعالوا الن لحدثكم عن شيء ف نظري‪ ،‬قد يساوي حجم ما ذكرت‪ ..‬وتعب ما‬
‫أسلفت‪ ..‬ومشقة ما وصفت‪ ..‬ولذة ما تيلت‪ ..‬وعاقبة ما تعلمون وقد علمتم‪..‬‬
‫إن الياة كل ها ساحة للجهاد‪ ..‬إن حيات نا كل ها هي ميدان القتال‪ ..‬أل يس كذلك ‪ ..‬أو‬
‫ليس أعدائنا كثر ؟!‬
‫إبليس والدنيا ونفسي والوى *** ما حيلت وكلهم أعدائي‬
‫تعالوا معي لنعيش بروح الجاهد ونفسه‪ ،‬بل لنكن هو بشحمه ولمه‪ ..‬مع إطللة كل‬
‫فجرٍ نع مل ك ما يع مل الجا هد ‪ ..‬نغت سل ‪ ..‬نتح نط ‪ ..‬نرج ون ضع ف أذهان نا أن نا قد ل‬
‫نعود‪..‬‬
‫دعونا ننقل كل أمور حياتنا إل ساحات الهاد حت مصطلحاتنا وكلماتنا‪..‬‬
‫أردت أن أقوم بعمنل دعوي قوبلت بالرفنض ‪ ..‬هذا جبنل اعترض طريقني كينف‬
‫سأتاوزه‪ ..‬أق فز فو قه با ستخدام طائرة أو أحاول صعوده وإن شق‪ ..‬عدّ ت فوق ظهري ‪..‬‬
‫حل ثقيل ‪ ..‬لكن سوف أصعد‪ ..‬نعم بإذن ال سوف أصعد‪..‬‬
‫أردت أن أقوم بعمنل‪ ..‬قوبلت بردة فعنل معاكسنة ‪ ..‬هذه رصناصة موجهنة ‪ ..‬كينف‬
‫أتقيها ؟!‬
‫إن كان بإمكا ن لضرب يد ها ق بل أن ترمي ن فعلت‪ ..‬وإن ل لخ فض رأ سي قليلً‪..‬‬
‫كيف‪ ..‬أتاوز‪ ..‬أصفح ‪ ..‬أبلعها‪..‬‬
‫أرد نا أن ن شن حلة ف الطائرات لتوز يع ب عض العونات الروح ية الضرور ية‪ ..‬قوبل نا‬
‫بالدبابات الضادة للطائرات‪ ..‬رُفضنت الفكرة ‪ ..‬جلسننا‪ ..‬ل يأس‪ ..‬لنحاول أن نتصندى‬
‫للقنابل ونتجاوز ذلك‪ ..‬إن ل نفعل ذلك لنخفف قليلً من سرعة الطيان حت نعرف من أين‬
‫نُقذف‪ ..‬إن ل ي صل ذلك لنغ ي اتاه الطائرات بدل أن يكون باتاه العاصمة فلي كن إل أهم‬
‫الدن أو إحداها‪ ..‬الغرض أن تتحقق الطائرات هدفها وتوصل حولتها إل من ينتظرها بل وف‬
‫أشد التعطش لا‪..‬‬
‫م نذ دخل نا هذه الب هة والقذائف تنهال علي نا والر صاصات موج هة إلي نا‪ ..‬والذي نفوس‬
‫اللئق بيده أن هذا لن يضعف همنا بل على العكس من ذلك‪ ..‬كلما زادت زدنا‪ ..‬ث إن ما‬
‫يد فع هم نا اليق ي بتلك العاملة ال ت ن ن نط بق بنود ها‪ ..‬معاملة مع رب كر ي‪ ..‬يُد خل ف‬
‫ال سهم الوا حد الثل ثة إل ال نة‪ ..‬إن هذا يدفع نا أن نكون جيعا جنود جب هة واحدة‪ ..‬كل نا‬
‫نبّ يدا واحدة‪ ..‬ومن يتخلف عنا لن نقول له إل ما علمنا عليه إل خيا ولكننا سنذكره بأن‬
‫ال فضل الجاهدين على القاعدين درجة‪..‬‬
‫لن نغتر يوما بكثرة بإذن ال‪ ..‬حي يُنادى يا خيل ال اركب ‪ ..‬حي على الهاد‪ ..‬هي‬
‫إل العمل‪ ..‬هيا إل طلب العلم ‪ ..‬هيا إل التناصح ‪ ..‬هيا إل العمل الدعوي‪ ..‬سنهب كلنا‬
‫سنهب حت لو كانت بيد إحدانا ما تتزود به‪ ..‬ستأكل ث تأكل أخرى ث تنظر إليها وتقول‪:‬‬
‫إنا لياة طويلة إن بقيت حت آكلها‪ ..‬وترمي با ث تضي ‪..‬‬
‫أأ ضل أك تب أم فهم تم ما أع ن‪ ..‬إن ا لذة الع يش باحت ساب‪ ..‬لذة الهاد والجاهدة‪..‬‬
‫اللذة الت تقود إل لذة أروع‪ (( :‬وَالّذِينَ جَا َهدُوا فِينَا لََنهْدِيَّنهُمْ سُُبلَنَا )) (العنكبوت‪.)69:‬‬
‫إل أن تقول ف ناية قصتها‪:‬‬
‫ما زال قل مي ير يد التد فق ليتحدث عن الهاد‪ ..‬ول كن حان الن و قت الع مل فلعلّي‬
‫أعود إليكم يا من عشتم معي حقيقةً‪ ..‬أعود مرة أخرى قريبا لنقل لكم بعض ما يري ف‬
‫الساحات أي ف ساحات الوغى‪..‬‬
‫انتهت قصتها ‪ ..‬وفقها ال تعال‪.‬‬
‫تعليق‪:‬‬
‫بقي أن تعلمي أخت الكرية أن هذه الفتاة ليست بطالبة ف كلية شرعية بل هي طالبة ف‬
‫كلية علمية ‪ ..‬بل تعيش مع ذلك ف بيت يعج باللهي والنكرات ‪ ..‬ولكن رؤيا فيها رؤى‬
‫حسنة فقد رئيت كأنا على فرس وعليها ثياب بيض فعبّرها أحد الذين ييدون تعبي الرؤى‬
‫فقال ‪ :‬هذه يُكتب لا الشهادة بإذن ال وإن ل تطأ رجلها أرض الهاد ‪..‬‬
‫ل أقول ذلك فتنة لصاحبة القصة ‪ ..‬بل أقول لا العمال بالواتيم ‪ ..‬وصدق النب صلى‬
‫ال عليه وسلم حيث قال‪ (( :‬من سأل ال الشهادة بصدق بلّغه ال منازل الشهداء وإن مات‬
‫على فراشه ))‪.‬‬
‫لقد فهمت هذه الفتاة للجهاد ‪ ..‬ف وقت غابت فيه عن كثي من الناس معان الهاد‬
‫وحقيقة الهاد !!‬
‫‪2‬‬
‫‪1‬‬
‫خنساء هذا العصر‬

‫سافرت إل مدينة جدة ف مهمة رسية ‪ ..‬وف الطريق فوجئت بادث سيارة ‪ ..‬يبدو أنه‬
‫و قع لي نه ‪ ..‬ك نت أول من و صل إل يه ‪ ..‬أوق فت سيارت واندف عت م سرعا إل ال سيارة‬
‫الصطدمة ‪..‬‬
‫تسستها ف حذر ‪ ..‬نظرت إل داخلها ‪ ..‬حدّقتُ النظر ‪ ..‬خفقات قلب تنبض بشدة ‪..‬‬
‫ارتعشت يداي ‪ ..‬تسمّرت قدماي ‪ ..‬خنقتن العبة ‪..‬‬
‫ترقرقت عيناي بالدموع ‪ ..‬ث أجهشت بالبكاء ‪..‬‬
‫منظر عجيب ‪ ..‬وصورة تبعث الشجن ‪..‬‬
‫كان قائد السيارة ملقىً على مقودها ‪ ..‬جثة هامدة ‪ ..‬وقد شبص بصره إل السماء ‪..‬‬
‫رافعا سبابته ‪ ..‬و قد أف تر ثغره عن ابت سامة جيلة ‪ ..‬ووج هه ت يط به ل ية كثي فة ‪ ..‬كأ نه‬
‫الشمس ف ضحاها ‪ ..‬والبدر ف سناه ‪..‬‬
‫العج يب ‪ ..‬أن طفل ته ال صغية كا نت ملقاة على ظهره ‪ ..‬مي طة بيدي ها على عن قه ‪..‬‬
‫ولقد لفظت أنفاسها وودعت الياة ‪..‬‬
‫ل إله إل ال ‪..‬‬
‫ل أر ميتنة كمثنل هذه اليتنة ‪ ..‬طهنر وسنكينة ووقار ‪ ..‬صنورته وقند أشرقنت شسن‬
‫الستقامة على مياه ‪ ..‬منظر سبابته الت ماتت توحّد ال ‪ ..‬جال ابتسامته الت فارق با الياة‬
‫‪ ..‬حلّقت ب بعيدا بعيدا ‪..‬‬
‫تفكرت ف هذه الات ة ال سنة ‪ ..‬ازدح ت الفكار ف رأ سي ‪ ..‬سؤال يتردد صداه ف‬
‫أعماقني ‪ ..‬يطرق بشدة ‪ ..‬كينف سنيكون رحيلي !! ‪ ..‬على أي حال سنتكون خاتتن ؟!‬
‫يطرق بشدة ‪ ..‬يزّق ح جب الغفلة ‪ ..‬تنه مر دموع الش ية ‪ ..‬ويعلو صوت النح يب ‪ ..‬من‬
‫رآن هناك ضن أن أعرف الرجل ‪ ..‬أو أن ل به قرابة ‪..‬‬

‫‪ - 1‬وقد نشرت هذه القصة في مجلة حياة في العدد الثامن من شهر ذي الحجة لعام ‪ 1421‬هـ‬
‫كنت أبكي بكاء الثكلى ‪ ..‬ل أكن أشعر بن حول !! ‪..‬‬
‫ازداد عجنب ‪ ..‬حين انسناب صنوتا يمنل برودة اليقين ‪ ..‬لمنس سنعي وردّنن إل‬
‫شعوري ‪..‬‬
‫يا أخي ل تبك عليه إنه رجل صال ‪ ..‬هيا هيا ‪ ..‬أخرجنا من هناك وجزاك ال خيا‬
‫إلتف تُ إلي ها فإذا امرأة تق بع ف القعدة اللف ية من ال سيارة ‪ ..‬ت ضم إل صدرها طفل ي‬
‫صغيين ل يُمسا بسوء ‪ ،‬ول يصابا بأذى ‪..‬‬
‫كانت شامة ف حجابا شوخ البال ‪ ..‬هادئة ف مصابا منذ أن حدث لم الدث !!‬
‫ل بكاء ول صياح و ل عويل ‪ ..‬أخرجناهم جيعا من السيارة ‪ ..‬من رآن ورآها ضن‬
‫أن صاحب الصيبة دونا ‪..‬‬
‫ت را ضٍ بقضاء ال وقدره‬‫قالت ل نا و هي تتفقد حجاب ا وتستكمل حشمتها ‪ ..‬ف ثبا ٍ‬
‫" لو سحتم أحضروا زو جي وطفل ت إل أقرب م ستشفى ‪ ..‬و سارعوا ف إجراءات الغ سل‬
‫والدفن ‪ ..‬واحلون وطفليّ إل منلنا جزاكم ال خي الزاء " ‪..‬‬
‫بادر ب عض الح سني إل ح ل الر جل وطفل ته إل أقرب م ستشفى ‪ ..‬و من ث إل أقرب‬
‫مقبة بعد إخبار ذويهم ‪..‬‬
‫وأما هي فلقد عرضنا عليها أن تركب مع أحدنا إل منلا ‪ ..‬فردّت ف حياء وثبات " ل‬
‫وال ‪ ..‬ل أركب إل ف سيارة فيها نساء " ‪ ..‬ث انزوت عنا جانبا ‪ ..‬وقد أمسكت بطفليها‬
‫الصغيين ‪ ..‬ريثما نلب بغيتها ‪ ..‬وتتحقق أمنيتها ‪..‬‬
‫استجبنا لرغبتها ‪ ..‬وأكبنا موقفها ‪..‬‬
‫مرّ الو قت طويلً ‪ ..‬ون ن ننت ظر على تلك الال الع صيبة ‪ ..‬ف تلك الرض اللء ‪..‬‬
‫و هي ثاب تة ثبات البال ‪ ..‬ساعتان كاملتان ‪ ..‬ح ت مرّت ب نا سيارة في ها ر جل وأ سرته ‪..‬‬
‫أوقفناهم ‪ ..‬أخبناه خب هذه الرأة ‪ ..‬وسألناه أن يملها إل منلا ‪ ..‬فلم يانع ‪..‬‬
‫عدت إل سيارت ‪ ..‬وأنا أعجبُ من هذا الثبات العظيم ‪..‬‬
‫ثبات الرجنل على ديننه واسنتقامته فن آخنر لظات الياة ‪ ..‬وأول طرينق الخرة ‪..‬‬
‫وثبات الرأة على حجابا وعفافها ف أصعب الواقف ‪ ..‬وأحلك الظروف ‪ ..‬ث صبها صب‬
‫البال ‪..‬‬
‫إنه اليان ‪ ..‬إنه اليان ‪..‬‬
‫{يُثَبّ تُ اللّ هُ اّلذِي نَ آمَنُواْ بِالْ َقوْ ِل الثّابِ تِ فِي اْلحَيَاةِ الدّنْيَا َوفِي الخِ َرةِ وَُيضِلّ اللّ هُ الظّاِلمِيَ‬
‫وَيَفْعَلُ الّلهُ مَا َيشَاءُ } إبراهيم ‪27‬‬

‫تعليق ‪:‬‬
‫ال أكب ‪ ..‬هل نفروا ف هذه الرأة صبها وثباتا ‪ ..‬أم نفروا فيها حشمتها وعفافها ‪..‬‬
‫وال لقد جعت هذه الرأة الجد من أطرافه ‪..‬‬
‫إنه موقف يعجز عنه أشداء الرجال ‪ ..‬ولكنه نور اليان واليقي ‪..‬‬
‫أي ثباتٍ ‪ ..‬وأي صبٍ ‪ ..‬وأي يقي أعظم من هذا !!!‬
‫وإن ن لر جو أن يتح قق في ها قول ال تعال ‪ { :‬وََبشّرِ ال صّابِرِينَ * اّلذِي نَ إِذَا أَ صَابَتْهُم‬
‫مّصِيبَ ٌة قَالُواْ إِنّا لِلّهِ وَإِنّنا ِإلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَنئِكَ عَلَْيهِمْ صََلوَاتٌ مّن رّّبهِمْ َورَ ْحمَةٌ وَأُولَنئِكَ‬
‫ُهمُ اْل ُمهْتَدُونَ }البقرة ‪156‬‬
‫‪3‬‬
‫دحداحة هذه المة‬

‫هي قصة لمرأة تلك منلً فسيحا ‪ ..‬لكن قلبها قد تعلق بنازل الخرة وهذا هو ما‬
‫يؤكده موقفها ‪..‬‬
‫فقد أرّقها ما تعانيه دار القرآن الكري ف حيّها ‪ ..‬لكون هذه الدار ف مدرسة للبنات ما‬
‫يتعذر م عه ا ستعمال كا فة مرا حل الدر سة ‪ ..‬ف ما كان من ها إل وأن تبعت بنل ا وقفا على‬
‫دار تف يظ القرآن الكر ي ‪ ..‬ل قد كان هذا الب يت ي ثل ل ا م صدر رزق كا نت تقوم بتأجيه‬
‫والستفادة من ثنه للنفاق على نفسها وعلى غيها ‪..‬‬
‫والذي نف سي بيده لقند ت صورت موقف ها ‪ ..‬فتذكرت حين ها أ با الدحداح ف ق صته‬
‫الشهورة كما ف حديث أنس الذي رواه المام أحد أن رجلً قال ‪ :‬يا رسول ال إن لفلن‬
‫نلةُ وإن أقيم حائطي با فأْمُرْه أن يعطين تلك النخلة حت أقيم حائطي با ‪ ،‬فقال النب صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ " :‬أعطه إياها بنخلة ف النة " ‪ ،‬فأب ذلك الرجل ‪ ،‬قال ‪ :‬فأتاه أبو الدحداح‬
‫ر ضي ال ع نه فقال ‪ :‬بع ن نل تك بائ طي ‪ ،‬قال ‪ :‬فف عل ذلك الر جل ‪ ،‬فأ تى ال نب صلى ال‬
‫عل يه و سلم فقال ‪ :‬يا ر سول ال ابت عت النخلة بائ طي فاجعل ها له ( أي لذلك الر جل الذي‬
‫يريد أن يقيم حائطه عليها ) فقد أعطيتُكَها يا رسول ال ‪ ،‬فقال النب صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫" كم من عذق رداح ل ب الدحداح ف ال نة "! ‪ ،‬قال ‪ :‬فأ تى امرأ ته فقال ‪ :‬يا أم الدحداح‬
‫اخرجي من الائط فإن بعته بنخلة ف النة ‪ ،‬فقالت " ربح البيع " أو كلمة تشبه هذه ‪..‬‬
‫وال ل نلك إل أن نقول حسن ظنٍ بال تعال ‪ ..‬ربح البيع أيتها الرأة الصالة نسبك‬
‫كذلك ول نزكي على ال أحدا ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ل أدري ما ال صانع ب !‬

‫ف يوم من اليام ‪ ..‬كنت جاسا ف مكتب ‪ ..‬فإذا بظرف يمل إل ‪ ..‬فتساءلت ‪ :‬يا‬
‫ترى ما بداخل هذا الظرف ؟‬
‫أهي مشكلة لسرة فقية ؟‬
‫أم بث علمي ؟‬
‫فقلت لعي أفتح الظرف ليتبي ل ما بداخله وأقطع تلك الفكار والواجس ‪..‬‬
‫فل ما فت حت الظرف فإذا بعي ن ت قع على ذ هب وموهرات ‪ ..‬ث شاهدت مع ها ر سالة‬
‫مغلقنة ‪ ..‬فسنارعت بقراءة منا بداخلهنا ‪ ..‬لتعرف على سنر الذهنب والجوهرات ‪ ..‬فإذا‬
‫بامرأة تو صين بإي صاله إل جهات خي ية لتتول توزي عه على م ستحقيه ف مشارق الرض‬
‫ومغاربا ‪ ..‬ث تقول بعد ذلك ‪:‬‬
‫كغيي من الفتيات ك نت أنت ظر زوجا يطرق باب نا ‪ ..‬وهذا هو ما ح صل ث تزو جت‬
‫ولكنن ال تعال ل يقدر ل هذا الزواج أن يسنتمر ‪ ..‬والمند ل على كنل حال ‪ ..‬ل أملك‬
‫وال من حطام الدنيا إل هذا ‪ ..‬ل أدري ما ال ما صانع ب بعد ذلك ‪ ..‬ول يقدر ال لعبده‬
‫إل خيا ‪..‬‬
‫تأملت حال أخوا ت ال سلمات‪ ..‬و ما يتعر ضن له من فت نة ف الد ين ‪ ..‬وه تك ف‬
‫العراض ‪ ..‬وصدٍ عن سبيل ال ‪ ..‬فحمدت ال على ما أنا فيه من خي وعافية ‪ ..‬وهاهو ما‬
‫أملكه بل هو كل شيء وأرجو ال تعال أن يلف علي خيا ‪..‬‬

‫تعليق ‪:‬‬
‫قلت أسأل ال تعال أن يفرج كربت كِ ‪ ،‬وأن يعل ل كِ من كل ضيق مرجا وأن يلف‬
‫عليكِ ما أنفقتِ ‪...‬‬
‫‪5‬‬
‫‪2‬‬
‫أسية طلب العلم‬

‫به عر فت أن للحياة هدفا أ سى ‪ ،‬ي سعى الن سان من أجله ‪ ،‬أيام وليال ت ر علي هي‬
‫وال غنائم بالعلم ‪ ،‬إذا انقضى يوم منها ل أستفد فيه من فنونه هو ليس من أيامي ‪ ..‬ليس من‬
‫عمري ‪ ..‬نعم لقد علمن تدراسه كيف هي الياة وأنسها ‪ ..‬أنسها بال تعال ‪ ..‬وتدارس قال‬
‫ال ‪ ..‬قال رسوله صلى ال عليه وسلم ‪..‬‬
‫أنس الياة ‪ ..‬قال أحد ‪ ..‬رجح ابن تيميه رحه ال ‪ ..‬صوّب الشيخ ابن باز ‪ ..‬رجح‬
‫الشيخ ممد رحهم ال تعال ‪..‬‬
‫أنس الياة ‪ ..‬ف هذه السألة خلف بي أهل العلم ‪..‬‬
‫لذة الياة وبجت ها ‪ ..‬حدث نا فلن عن فلن ‪ ..‬كان ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‬
‫يفعل كذا ‪ ..‬رأيت رسول ال عليه الصلة والسلم يفعل مثله ‪..‬‬
‫لذة الوقات وبجتها ‪ ..‬بعد صلة الفجر وأنا أترنّم مراجعة لبعض التون الت حفظتها‬
‫‪ ..‬فتارة مع منظومة السعدي ف القواعد الفقهية ‪:‬‬
‫المد ل العلي الرفقِ – وجامع الشياء والفرّقِ‬
‫ث أنتقل إل رحيق الصطلح ‪ ..‬عب منظومة البيقون ‪:‬‬
‫أبدأ بالمد مصليا على – ممد خي نب أرسل‬
‫فأقفز ف ذهن إل النظومة الرحبية ف الفرائض الرددة ‪:‬‬
‫أول ما تستفتح القال ‪ -‬بذكر حد ربنا تعال‬
‫وهذه ورقات تشت مل على أ صول من أ صول الف قه ‪ ..‬وهكذا دوال يك ‪ ..‬ح ت طلوع‬
‫الش مس ‪ ..‬ل إله إل ال ‪ ..‬ك يف ي د ر جل أو شاب م ن هم من أ هل ال صلح أ نس الياة‬
‫بغيهنا ‪ ..‬وقند هُيئت لمن السنباب ‪ ..‬ولول أن ال تعال قال { َولَ تََتمَّن ْواْ مَا َفضّلَ اللّهُنبِهِن‬
‫بَ ْعضَكُمْ َعلَى بَعْضٍ } النساء ‪32‬‬

‫‪ - 2‬هذه الرسالة من إحدى الخوات وقد كتبت العنوان بـ ‪ :‬هكذا وجدت ( العلم )‪.‬‬
‫لتمنيت أن أكون شابا لجالس أهل العلم وآنس بصحبتهم ‪..‬‬
‫ل أكتم كم سرا إذا قلت ل كم أ نه ينتاب ن ف كث ي من الحيان أثناء مُدار ست لب عض‬
‫الفنون كأن روحني ترفرف إل السنماء ‪ ..‬أي وال وبل مبالغنة ‪ ..‬ول أدري لاذا ‪ ..‬حتن‬
‫ربطت ذلك يوما بقوله صلى ال عليه وسلم " إن اللئكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا‬
‫با يصنع "‬
‫فقلت ف نفسي هل أكون كأهل العلم ‪ ..‬هل أكون كأهل العلم وطلبته ف ذلك ‪ ..‬لعل‬
‫ذلك يكون ولو بحبة العلم والرغبة ف تصيله وإن ل أبلغ مدهم ول نصيبهم ‪..‬‬
‫وال إن ل ما يقارب خسة أشهر أو تزيد وأنا أشتهي الروج مع أهلي للنهة السبوعية‬
‫للمزر عة أو الب‪ ،‬فأننا أحنب تأمنل الشجار والثمار ومياه السنواقي ‪ ..‬ول كن لن ذلك اليوم‬
‫يتوا فق مع و قف در سي عل مي أحضره ل أ ستطع ذلك بل ل أو ثر على هذا الدرس شيئا ‪..‬‬
‫ومع أن أهلي قد يرجون مرة أخرى ف اليوم الذي يليه لكن ل أستطيع الروج لناء بعض‬
‫العمال حت ل يؤثر تركها علي مراجعة العلم وكتابته ف بقية السبوع ‪.‬‬
‫لقند ك نت أقرأ قصنة ذلك الر جل الذي يقول ‪ :‬بقينت سني أشتري الري سة ول أقدر‬
‫عليها لن وقت بيعها ف وقت ساع الدرس ‪ ..‬لقد كنت أقرأ هذه العبارة مردة حت تقق ل‬
‫ذلك على أرض الواقع بنة من ال وفضل ‪..‬‬
‫بل وال ل قد فقدت يوما ملدا من الجلدات و قد نفدت هذه الن سخة من الكتبات ‪..‬‬
‫فاغتممت لذلك غما كثيا ‪ ..‬حت أشفقت علي أخوات ‪ ..‬لا أصابن فأخذن يبحثن معي عنه‬
‫فلم أستفد ف ذلك اليوم ‪ ..‬فلما وجدته بمد ال سجدت ل تعال مباشرة ‪..‬‬
‫إنن ل أستطيع مفارقة الكتب الجلدة ‪ ..‬ل ف حضر ول ف سفر ‪ ..‬فكنا إذا أردنا سفرا‬
‫سألن الهل عن حقيبت ‪ ..‬لنا تتاج إل مكان أوسع ‪ ..‬فكل التاع بعدها أهون كما يقول‬
‫أهلي ذلك !!‬
‫وكنت بمد ال تعال ل أحل فيها شي من حطام الدنيا إل ما ندر ولكنها لكتب الت ل‬
‫أستطيع أن أفارقها ‪..‬‬
‫وذات يوم أراد الهل الروج ‪ ..‬فدخل علي أخي بعد أن أحس أن ف البيت أحدا من‬
‫أفراد العائلة ‪ ..‬ف مر على مكتب ت كالعادة ؟! فوجد ن جال سة قد آن ست الك تب وحش ت ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬فلنة ألن ترجي معنا كالعادة ‪ ..‬فقلت نعم ‪..‬‬
‫فقال و هو يقلب نظره ف مكتب ت ي نة وي سرة فقال ل فل نة ‪ ..‬قلت ن عم ‪ ..‬قال ‪ :‬أن تِ‬
‫تعيشي ف عال آخر ‪ ..‬فقلت أجل ‪ ..‬أجل ‪ ..‬أخي إن العلم أنيس ف وحشة ‪ ..‬وصديق ف‬
‫الغربة ‪ ..‬وفوق ذلك فيه رضا الرحن وهو طريق دخول النان ‪..‬‬
‫أجل ‪ ..‬سعادت ف مكتبت ومع كتب ‪ ..‬وال إن هذه السعادة تضيق إذا فارقتهما حت‬
‫أرجع إليها ‪..‬‬
‫لست وال مبالغة لكنها القيقة ‪ ..‬أكتب لكم ذلك لعل ف قصت تكون العظة والعبة‬
‫لن ضيعوا أوقاتم وأقبلوا على قراءة كل شي إل قراءة كتب أهل العلم ‪ ..‬أسأل ال أن يسن‬
‫ل ولكم الاتة ‪..‬‬

‫تعليق ‪:‬‬
‫هل سعتم بأ سية للعلم كهذه ‪ ..‬ل قد ذكرت ن وال هذه الفتاة بإقبال ا على العلم بأ ساء‬
‫ب نت أ سد الفرات ‪ ..‬وراب عة ب نت ممود ال صفهانية ‪ ..‬وزلي خة ب نت إ ساعيل الشاف عي ‪..‬‬
‫وغيهن ما يضيق القام عن حصرهن ‪..‬‬
‫إنا رسالة لتلك الفتاة الت عكفت على قراءة القصص الابطة ‪ ..‬والجلت الفاسدة ‪..‬‬
‫فشتان بي من تعكف على قال ال وقال رسوله صلى ال عليه وسلم ومن تعكف على قال‬
‫الشيطان وأعوانه وجنوده !! نسأل ال السلمة والعافية ‪..‬‬
‫‪6‬‬
‫وف الليل لن شأن آخر‬

‫يدثن أحد الخوة من طلب العلم يقول ‪ :‬كان لدي مموعة من الخوات الكريات ‪..‬‬
‫أقوم بتدريسهن بعض التون العلمية ف مركز من الراكز النسائية ‪..‬‬
‫يقول ‪ :‬أقدم أ حد الشباب الخيار لطبة واحدة من هن ‪ ..‬وف ليلة زواجها ‪ ..‬بل وب عد‬
‫صلة العشاء ‪ ..‬وبينما أنا ف مكتبت ‪ ..‬وإذا با تتصل علي ‪ ..‬فقلت ف نفسي ‪ :‬خيا إن شاء‬
‫ال تعال ‪..‬‬
‫وإذا با تسأل عن حديث النب صلى ال عليه وسلم الذي رواه أبو هريرة أن النب عليه‬
‫ال صلة وال سلم قال " ر حم ال رجلً قام من الل يل ف صلّى فأي قظ امرأ ته فإن أ ب ن ضح ف‬
‫وجه ها الاء ور حم ال امرأة قا مت من الل يل ف صلّت فأيق ظت زوج ها فإن أ ب نض حت ف‬
‫وجهه الاء " ‪..‬‬
‫أتدرون لاذا تسأل ؟ ‪ ..‬هي تسأل هل من الستحسن أن أقوم بأمر زوجي بصلة الليل‬
‫ولو كانت أول ليلة معه ‪..‬‬
‫يقول هذا الخ ‪ :‬فأجبتها با فتح ال علي ‪..‬‬
‫فقلت ف نفسي ‪ :‬سبحان ال تسأل عن قيام الليل ف هذه الليلة وعن إيقاظ زوجها ‪..‬‬
‫ومن رجالنا من ل يشهد صلة الفجر ف ليلة الزفاف ! ‪ ..‬ول أملك وال دمعة سقطت من‬
‫عين فرحا بذا الوقف الذي إذا دلّ على شيء فإنا يدل على الي الؤصل ف أعماق نسائنا‬
‫‪..‬‬
‫حت يقول ‪ :‬كنت أظن أن النساء جيعا ههن ف تلك الليلة زينتهن ول غي ‪..‬‬
‫وأحد ال تعال أن ال خيّب ظن ف ذلك وأران ف أمت من نساءنا من هتها ف الي‬
‫عالية ‪..‬‬
‫وهذه والدة إحدى الفتيات تقول ‪:‬‬
‫ابنت عمرها سبعة عشر فقط ‪ ،‬ليست ف مرحلة الشباب فقط لكنها مع ذلك ف مرحلة‬
‫الراهقة ‪ ..‬حبيبها الليل كما تقول والدتا ‪ ..‬تقوم إذا ج نّ الليل ‪ ..‬ل تدع ذلك ل شتاء ول‬
‫صيفا ‪ ..‬طال الليل أم قصر ‪ ..‬تبكي ‪ ..‬لطالا سعت خرير الاء على أثر وضوءها ‪ ..‬ل أفقد‬
‫ذلك ليلة واحدة ‪ ..‬و هي مع ذلك تقوم ف كل ليلة بزأ ين من القرآن ‪ ..‬بل قد عاهدت‬
‫نفسها على ذلك إن ل تزد فهي ل تنقص ‪ ..‬إنا تتم القرآن ف الشهر مرتي ف صلة الليل‬
‫فقط ‪ ..‬كنت أرأف لالا ‪-‬كما تقول والدتا ‪ -‬لكنن وجدت أن أنسها وسعادتا إنا هو‬
‫بقيام الليل ‪ ..‬فدعوت ال لا أن يثبتها على قولا الثابت ف الياة الدنيا وف الخرة وأن يسن‬
‫لنا ولا الاتة ‪..‬‬

‫تعليق ‪:‬‬
‫يا أيت ها الفتاة ‪ ..‬دون كِ هذه الفتاة ‪ ..‬عمر ها سبعة ع شر عاما وتقوم الل يل ‪ ..‬لاذا ؟!‬
‫لقراءة كتاب ال ‪ ..‬للصننلة ‪ ..‬لسننؤال ال سننبحانه وتعال ‪ ..‬للتهجنند ‪ ..‬للدعاء ‪..‬‬
‫أفل تكون ل كِ قدوة أيت ها الفتاة ال ت طالا قم تِ الل يل ‪ ..‬ل كن لي شي ‪ ..‬إن كِ تقوم ي مع‬
‫بالغ ال سف لحادثة الشباب ومعاكستهم ‪ ..‬فهل أيتها البار كة ‪ ..‬لق تِ بركب ال صالات‬
‫‪ ..‬واقتديتِ بذه الفتاة ‪..‬‬
‫أسأل ال تعال لكِ ذلك ‪..‬‬
‫‪7‬‬
‫المة العالية‬

‫تشربتُ حب الدعوة إل ال تعال ‪ ..‬هي كالدم تري ف عروقي ‪ ..‬ل أستطيع أن‬
‫أتناسى ذلك أو أنساه ‪ ..‬نعم ‪ ..‬أنا امرأة ضعيفة كما أعلم من نفسي ويشي إل كثي من‬
‫الناس ‪ ..‬بل أنا امرأة من جنس النساء لكنن كنت أعلم أن من أساسيات النجاح ف الدعوة‬
‫التوكل على ال ‪..‬‬
‫كنت أتأمل قول ابن القيم رحه ال تعال ‪ ..‬وهو يتكلم عن أرفع مقامات التوكل‬
‫حيث يقول ‪:‬‬
‫أرفع مقامات التوكل ‪ :‬التوكل على ال ف الدعوة إل ال سبحانه وتعال ‪ ..‬وهو‬
‫توكل النبياء والصالي ومن سار على نجهم من الدعاة والصلحي ‪..‬‬
‫فقلت ف نفسي ‪ :‬حسب ال ونعم الوكيل ‪..‬‬
‫ع الّنخْلَةِ‬
‫جذْ ِ‬
‫كنت أتأمل أمر ال تعال لري عليها السلم ف قوله تعال {وَهُزّي ِإلَيْكِ ِب ِ‬
‫ك رُطَبا جَنِيّا }مري ‪25‬‬
‫ُتسَاِقطْ عَلَْي ِ‬
‫فقلت ف نفسي ‪ :‬سبحان ال كيف لري عليها السلم ‪ ..‬وهي الرأة الضعيفة كحال‬
‫‪ ..‬بل هي منهكة ف أضعف أحوالا ف حالة ماض ل تستطيع الراك ‪ ..‬يأمرها ال تعال أن‬
‫تز النخلة ‪ ..‬وهي قلقة مضطربة ‪ ..‬وتز النخلة ‪..‬‬
‫سبحان ال ‪ ..‬النخلة الت هي من أصلب الشجار وجذوعها ‪ ..‬من أقوى الخشاب‬
‫‪ ..‬ومع ذلك جاءها المر اللي بأن تز النخلة اتاذا للسباب ‪ ..‬فتأت النتيجة وهي تساقط‬
‫الرطب ‪..‬‬
‫حينها علمت أن علي فعل السباب والتوكل على ال ‪ ..‬والذي هيأ لري عليها السلم‬
‫أن يتساقط عليها ذلك الرطب ‪ ..‬فسيهيئ ال ل ثرة دعوت إن شاء ال ‪ ..‬ولعل ال سبحانه‬
‫وتعال بكمته وإرادته أراد أن يتحن صبي ف ذلك ‪ ..‬ليتحول هذا المر من واقع نظري إل‬
‫واقع عملي ‪..‬‬
‫تزوجت بمد ال تعال ‪ ..‬وانتقلت مع زوجي إل عمله خارج الملكة ‪ ..‬وحلت‬
‫معي هم الدعوة ف أول أيامي هناك ‪..‬‬
‫مع ظروف الياة الزوجية ‪ ..‬وغربة الهل والديار وفقد الوالدين والرحم ‪ ..‬انقلبت‬
‫حيات رأسا على عقب ‪ ..‬فتذكرت حينها غربة إبراهيم ف قومه ‪ ..‬ويوسف ف السجن ‪..‬‬
‫وممد عليه الصلة والسلم وهو يهاجر من مكة إل الدينة ‪..‬‬
‫وما زاد الطي بلة أن زوجي قد حكم علي أل أخرج من النل ‪ ..‬فعرضت عليه أن‬
‫أجع نساء الي ف منل ‪ ..‬فوافق مشكورا على ذلك ‪ ..‬فاتصلت عليهن فجمعت النساء ف‬
‫منل وقد كنا من الاليات السلمة ‪ ..‬كان العدد ل يتجاوز الربع ‪ ..‬استضفتهن ف بيت ‪..‬‬
‫مع الفاوة والتكري ‪ ..‬ووال الذي ل إله إل هو ما أردت من خلل ذلك إل للدعوة إل ال‬
‫تعال ‪..‬‬
‫اقترحت عليهن بعد اجتماعي أو ثلثة ‪ ..‬أن نتلو شيئا من كتاب ال تعال ‪ ..‬وافقن‬
‫على ذلك ‪ ..‬ويتبع ذلك إلقاء درس تربوي ‪ ..‬زاد العدد بمد ال تعال على مراحل ‪ ..‬حت‬
‫استقر على أربعي امرأة ‪..‬‬
‫حان وقت العودة إل بلدي ‪ ..‬وقد كنت قبل ذلك أبذل غاية جهدي ف تعليمهن‬
‫وتربيتهن بمد ال سبحانه وتعال ‪ ..‬ووال الذي ل إله إل هو لا حان وقت العودة إل بلدي‬
‫ل آسى على شي ف ذلك البلد الذي يعج بالفضائح والنكرات إل على هذا الدرس ‪..‬‬
‫ودعتهن على أمل العودة ‪ ..‬حت ل يتفككن وتضعف هتهن ‪ ..‬وقد كنت أعلم أن لن أعود‬
‫‪..‬‬
‫عينت واحدة من الخوات على هذا الدرس ‪ ..‬فكانت تُسمّع لن ما يطلب حفظه ‪..‬‬
‫وأكون وأنا ف بلدي قد أعددت الدرس ث أرسله بالفاكس ‪ ..‬لتقوم هذه الخت بقراءته على‬
‫الخوات ‪ ..‬مع قيامي بالتصال عليهن بي الفينة والخرى ‪ ..‬لطمئن على حفظهن ‪ ..‬وإن‬
‫كان هذا قد كلفن بعض العباء الالية ولكن ذلك يهون ف سبيل الدعوة إل ال تعال ‪..‬‬
‫وقد مكثت على هذه الال بمد ال تعال ما يقرب من سنتي ‪ ..‬أحل لذا الدرس ها‬
‫عظيما ‪ ..‬وأنا أتصور حال أولئك النسوة وما يعشن فيه من فتنة ل يعلمها إل ال سبحانه‬
‫وتعال ‪..‬‬
‫وما زاد هي وغمي أن الخت القائمة عليهن هناك اعتذرت على الواصلة لظروفها ‪..‬‬
‫فأصابن وال من الم ما ال به عليم ‪ ..‬ولكن ال تعال قريب من دعاه ‪ ..‬لأت إل ال تعال‬
‫أن يقيّض ل سببا كما قيّضه لري عليها السلم ‪..‬‬
‫حت جاء الفرج من ال تعال بافتتاح مركز إسلمي ف ذلك البلد ‪ ..‬ولاجة هذا‬
‫الركز إل نساء اتصلت علي القائمة على الركز وهي من الخوات الفاضلت تطلب من‬
‫ضمهن إل الركز ‪ ..‬فكان كذلك بمد ال تعال ‪..‬‬
‫وهكذا انتقل الدرس ‪ ..‬من درس ف بيت إل منهج ف مركز ‪ ..‬وما زال إل الن‬
‫بمد ال تعال يسي من حسن إل أحسن ‪ ..‬بل ما زلت بمد ال على اتصال بن حت هذه‬
‫اللحظة ‪..‬‬
‫من هنا يتضح أن من يبتعد عن الدعوة ‪ ..‬ويتخاذل عن التقدي والعمل للدعوة ‪..‬‬
‫ويُبعد نفسه حت من صفوف الستقيمي الصلحي ‪ ..‬إنا ذلك هو عجز وخور ‪ ..‬وضعف‬
‫وتواضع مصطنع ‪..‬‬
‫فالدين لن خدم الدين ‪ ..‬فعلى الرء أن يسعى إل الي جهده وليس على الرء أن تتم‬
‫القاصد ‪..‬‬
‫منا النداء وعلى ال البلغ وعلى الديك الصياح وليس عليه أن يطلع الصباح !!‬
‫وهو أول وآخرا كما تقول الخت تشبها بالدعاة والصلحي عسى ال أن يعلنا منهم‬
‫" ومن تشبه بقوم فهو منهم "‬
‫‪8‬‬
‫الكلومة‬

‫أنا ل أفقد ولدا أو زوجا قريبا أبكي عليه ‪ ..‬وليت المر كان كذلك لكان المر‬
‫أهون ‪ ..‬أنا فتاة ل أتزوج بعد ‪ ..‬ف ريعان شباب ‪ ..‬لست أدري من أين أبدأ ‪ ..‬وإل أي حد‬
‫أنتهي ‪..‬‬
‫الكلمات تتصارع ف ثغري ‪ ..‬والدموع تنسال على خدي ‪ ..‬لتخبكم بقيقة طالا‬
‫حبستها بي أنياط قلب ‪ ..‬لقد عشت حياة النسيابية ‪ ..‬لست باجة إل تفاصيل هذه الياة‬
‫فقد سعتم بذلك كثيا ‪..‬‬
‫هي حياة تبدأ بالجلت الابطة ‪ ..‬وتنهت بالعاكسات الاتفية ‪ ..‬وما يتبع ذلك أعرف‬
‫أن ذلك ليس هو الطلوب من إيراد هذه القصة ‪ ..‬ولكن سأحدثكم عن توبت ‪ ..‬وهي جانب‬
‫مشرق من الوانب الشرقة ف حياة الرأة السلمة ‪ ..‬كيف ل وباب التوبة مفتوح ‪ ..‬وليس‬
‫العجب من التوبة ولكن الانب الشرق ف هذا هو حرقة الذنب الذي وجدته ف صدري ‪..‬‬
‫حت زلزل ذلك كيان ‪ ..‬نعم أقول ذلك وهي كلمات عابرة ‪ ..‬لكنها بقلب جروح نازفة ‪..‬‬
‫لقد وال هجرتن السعادة ‪ ..‬وظلت تعاتبن المانة ‪ ..‬حت ضاقت ب الرض با‬
‫رحبت ‪ ..‬فصارت كوابيس الحلم تددن ‪ ..‬لقد كنت أقرأ قول اله تعال {وَعَلَى الثّلَثَةِ‬
‫سهُمْ وَظَنّواْ أَن لّ‬
‫اّلذِينَ ُخلّفُواْ حَتّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَْي ِه ُم الَ ْرضُ ِبمَا رَحَُبتْ َوضَاَقتْ عَلَْي ِهمْ أَن ُف ُ‬
‫مَ ْلجَأَ مِنَ اللّهِ ِإلّ ِإلَيْهِ ُثمّ تَابَ عَلَْي ِهمْ لِيَتُوبُواْ إِنّ اللّهَ ُه َو الّتوّابُ الرّحِيمُ } التوبة ‪..118‬‬
‫قرأتا وال حينما منّ ال علي بالداية ‪ ..‬ووال الذي ل إله إل هو كأنن أقرأ هذه الية‬
‫ف أول مرة ‪ ..‬لطالا قرأت قصة الغامدية ‪ ..‬فكنت أقول ف نفسي من الذي دفعها لتقدي‬
‫نفسها فداء !! ‪..‬‬
‫وبعد أن من ال علي بالتوبة عرفت لا فعلت ذلك ‪ ..‬ووال الذي ل إله إل هو لطالا‬
‫تينت إقامة الد ليتاح ضميي ‪ ..‬أنا بمد ال تعال ل أصل إل حد الزنا بل ول رآن من‬
‫أحدثه ‪ ..‬لكن هذا الذنب بفرده قطّع نياط قلب ‪ ..‬أحد ال تعال لقد حلتن حرقت على‬
‫الذنب أن استبدلت تصدير وتميل الرسائل الغرامية ف جوف الليل ‪ ..‬إل تميل وجهي‬
‫بدموع التوبة ‪..‬‬
‫ما أروع هذه الدموع من دموع ‪ ..‬وما أجلها من عبات ‪ ..‬لقد غسلت فيها هوم‬
‫حيات ‪ ..‬وآثار الذنوب والعاصي ‪ ..‬حت تبدلت بنور الطاعة ‪ ..‬ولذة الداية ‪..‬‬
‫أنا الن داعية إل ال تعال بلسان وقلمي ‪ ..‬يرقن الذنب إل أن يعلن أسطر حروف‬
‫النكسار ف لسان وقلمي ‪ ..‬بعد أن كنت أمل الصحف والجلت بكتابات ساخطة ‪..‬‬
‫أصبحت بعد ذلك أتدّى كل من يعزف على أوتار الكتابة لتحرير الرأة السلمة ‪ ..‬وسأظل‬
‫ف صراع معهم حت ينصر ال السلم والسلمي ‪ ..‬وأخيا ل أستطيع أن أصف لكم واحة‬
‫الراحة ف قلب ولكن يكفي أن أقول لكم إن ولدت من جديد ‪..‬‬

‫أختكم ‪ :‬التائبة‬
‫‪9‬‬
‫الاتة السنة‬

‫قصة عجيبة ‪ ..‬حدثن با زوج هذه الرأة ‪..‬‬


‫القصة لشابة ف الثلثة والثلثي من عمرها ‪ ..‬وقد حدثت ف عام ‪ 1418‬هن كما‬
‫يدثن زوجها بذلك ‪..‬‬
‫ل أكتمكم سرا إذا قلت لكم لقد وال ضاقت عليّ حروف اللغة على سعة معانيها‬
‫حال كتابة هذه القصة ‪ ..‬الت أحسست أنن أكتبها باندفاع ‪ ..‬وأقولا الن باندفاع ‪..‬‬
‫يقول زوجها ‪ :‬زوجت لا ف الي سهم ‪ ..‬تعيش هم الدعوة إل ال تعال ‪ ..‬حت كان‬
‫هها أن تنطلق إل الدعوة إل ال تعال خارج أرض الملكة ‪ ..‬وأنا بمد ال تعال أعيش هذا‬
‫الم ‪..‬‬
‫اتفقت أنا وهي على الروج إل الدعوة ‪ ..‬لدة شهر وقد تزيد على ذلك ‪..‬‬
‫ف ذلك اليوم ‪ ..‬كانت تتكلم عن الدعوة بشوق وحاس ‪ ..‬كانت هذه عادتا ‪..‬‬
‫لكنن لحظت عليها ف ذلك اليوم مزيد اهتمام ‪ ..‬وفجأة ‪ ..‬بدأت توصينا على الولد ‪..‬‬
‫وف تلك الليلة أحسّت بتعب ‪ ..‬ذهبت با أثر ذلك إل الستشفى ‪ ..‬ث ت تنويها لجراء‬
‫الفحوصات ‪..‬‬
‫الفحوصات تثبت أن كل شي سليم ‪ ..‬وكان دخولا للمستشفى ف ليلة الثلثاء ‪..‬‬
‫من الغد أي يوم الربعاء والمر ل يدعوا إل القلق ‪ ..‬لكن من معها ف الغرفة يسمعنها‬
‫كثيا تردد قول ال تعال {وَاصْبِرْ نَ ْفسَكَ َمعَ اّلذِينَ َيدْعُونَ رَّبهُم بِالْ َغدَاةِ وَالْعَشِيّ يُرِيدُونَ‬
‫وَ ْجهَهُ َولَا تَ ْعدُ عَيْنَاكَ عَْن ُهمْ تُرِي ُد زِينَ َة اْلحَيَاةِ الدّنْيَا َولَا ُت ِطعْ َمنْ أَغْ َفلْنَا قَلْبَهُ عَن ِذكْرِنَا وَاتّبَعَ‬
‫َهوَاهُ َوكَانَ أَمْرُ ُه فُرُطا }الكهف ‪28‬‬
‫وف يوم الميس ‪ ..‬وبعدما صلّت صلة الضحى ‪ ..‬اتصلت علي تطلب من أن‬
‫أسامها إن كان بدر منها تقصي ‪ ..‬تذكر ذلك وهي تردد الشهادة كثيا ‪..‬‬
‫ذهبت إل الستشفى مسرعا ‪ ..‬وكان الوقت ضحى ول يسمح بالزيارة ف ذلك‬
‫الوقت ‪ ..‬فاتصلت عليها من صالة النتظار ‪ ..‬وإذا هي تردد الشهادة ث تقول ل إله إل ال ‪..‬‬
‫إن للموت سكرات ‪ ..‬أشهد أن الوت حق ‪ ..‬وأن النة حق وأن النار حق وأن الساعة حق‬
‫وأن النبيون حق ‪..‬‬
‫أغلقت ساعة الاتف على أثر ذلك ‪ ..‬وحاولت بالسؤولي مرة أخرى ‪ ..‬لكنهم‬
‫رفضوا أن أقوم بزيارتا ‪..‬‬
‫طلبتُ الطبيب ‪ ..‬فقال زوجتك ليس فيها شي ‪ ..‬لكنها تتاج إل تويلها إل‬
‫مستشفى الصحة النفسية ‪ ..‬فلول مرة كما يقول الطبيب امرأة تكون ف سكرات الوت‬
‫وتقول هذا الكلم !! ‪ ..‬زوجتك ليس فيها شي ‪..‬‬
‫يقول زوجها ‪ ..‬ف أثناء حديثي مع الطبيب فاضت روحها ‪ ..‬بعدما تلت قوله تعال‬
‫{وَاصْبِرْ نَ ْفسَكَ َمعَ اّلذِينَ َيدْعُو َن رَّبهُم بِالْغَدَاةِ وَالْ َعشِيّ يُرِيدُونَ وَ ْج َههُ َولَا تَ ْعدُ عَيْنَاكَ عَْن ُهمْ‬
‫تُرِيدُ زِينَةَ اْلحَيَاةِ الدّنْيَا َولَا تُ ِطعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ِذكْرِنَا وَاتَّبعَ َهوَاهُ وَكَانَ أَمْرُ ُه فُرُطا }‬
‫الكهف ‪28‬‬
‫ث نطقت بالشهادة ‪ ..‬فتوفيت رحها ال تعال كما تذكر النسوة الالسات معها ‪..‬‬
‫يقول زوجها ‪ :‬رؤيا فيها بمد ال تعال منامات كثية ‪ ..‬وتكاد تتفق الرؤى أنا ف‬
‫قصر فسيح ‪ ..‬وعليها ثوب أخضر ‪ ..‬بالة طيبة وحالة حسنة ‪..‬‬

‫تعليق ‪:‬‬
‫رحكِ ال أيتها الرأة وأسكنكِ فسيح جناتك ‪ ..‬وهنيئا ث هنيئا لك هذه الاتة السنة‬
‫‪ ..‬فأين هذه من تلك الت تردد الغان الساقطة ف سكرات موتا ؟!‬
‫‪10‬‬
‫حكايت مع الصدقة‬

‫كنت أرى زمن الاديات قد طغى فتملكن اليأس ‪ ،‬حت جاءتن هذه القصة فانبعث‬
‫ف المل ‪ ،‬روعة هذه القصة ف بساطتها ‪ ،‬ل تظن أن صاحبة هذه القصة تلك الليي ‪،‬‬
‫كل ‪ ،‬جال هذه القصة بإيثار هذه الفتاة ‪ ،‬وال لقد تذكرت وأنا أقرأ هذه القصة ‪ ،‬موقف‬
‫عائ شة أم الؤمن ي ر ضي ال تعال عن ها ‪ ،‬حين ما أنف قت ف يوم وا حد ألف در هم و هي‬
‫صائمة ‪ ،‬فقالت ل ا خادمت ها ‪ :‬لو أبقي تِ ل نا ما نف طر به اليوم ‪ ،‬فقالت عائ شة ر ضي ال‬
‫تعال عنها ‪ " :‬لو ذكرتن لفعلت " ‪ ..‬ولعلي ل أطيل عليكم لترككم مع قصة هذه الفتاة‬
‫حيث تقول ‪:‬‬

‫اسعون ول تعجبوا ‪ ،‬فلي مع الصدقة شأ ٌن عجيب ‪ ،‬إنن أعيش معها حياة الراحة‬
‫واللذة وال سعادة ‪ ،‬كم أحب ها ‪ ،‬ل أعلم شيئا يأ نس الن سان بتفري قه إل ال صدقة ‪ ،‬فأن سنا‬
‫مع شر الناس ف ال مع ل التفر يق لكن ن مع ال صدقة أ جد ال مر بلف ذلك ‪ ،‬أ نا ل ستُ‬
‫ب صاحبة أر صدة ف البنوك ‪ ،‬وأ سرت لي ست بذات الثراء ‪ ،‬ح ت ت سد حاج ت ‪ ،‬ن عم ‪ ،‬أ نا‬
‫طالبة ف الكلية ‪ ،‬قد تتعجبون لتقول بعد هذه القدمة ‪ ،‬من أين لكِ الال ؟!‬
‫لقول ل كم ‪ :‬إن ا مكافأة الكل ية على قلت ها ‪ ،‬فأ نا باجة إل ما تتا جه كل فتاة من‬
‫ملبمس ‪ ،‬ومذكرات ومصمروف يوممي ‪ ،‬وغيم ذلك ممن متطلبات الفتاة ‪ ،‬إل أن حمب‬
‫لل صدقة ن ر كل رغبات الياة ‪ ،‬ن عم ف نا ية كل ش هر أنت ظر هذه الكافأة على أ حر من‬
‫المر ‪ ،‬لدي قائمة لساء بعض السر الفقية ‪ ،‬أقتسم أنا وإياهم هذه الكافأة ‪ ،‬نعم ‪ ،‬وال‬
‫ل قد كن تُ أقت في أخبار اليتا مى وال ساكي ‪ ،‬ك ما يقت في العطشان أ ثر الاء ‪ ،‬والذي نفوس‬
‫اللئق بيده ‪ ،‬إن ن ل أملك نف سي إذا جاء ن م سكي ي د يده ‪ ،‬أش عر حين ها باضطراب‬
‫حت أسد خلته ‪ ،‬لقد استلفتُ ف يوم من اليام مبلغا من الال ‪ ،‬لسدد أجار منل أسرة‬
‫فقية ‪ ،‬وما كنت أعلم أن ورائي سوى هذه الكافأة ‪ ،‬ف يوم من اليام جاءتن مسكينة تد‬
‫يدها ‪ ،‬فلم أجد ما أعطيها إياه ‪ ،‬ضاقت علي الرض با رحبت ‪ ،‬لأ تُ إل رب قائلة ‪ :‬يا‬
‫ال ‪ ،‬قلب تُ نظري ف سية القدوة وال سوة م مد بن ع بد ال على أف ضل ال صلة وأ ت‬
‫التسليم ‪،‬فإذا ف سيته أنه كان إذا عرض له متاج آثره على نفسه ‪ ،‬تارةً بطعامه ‪ ،‬وتارةً‬
‫ت ثوبا متواضعا كن تً قد قم تً بتجهيزه‬
‫بلبا سه ‪ ،‬وحين ما و صلتً إل هذا ال د ‪ ،‬تذكر ً‬
‫لزواجِ أخي ‪ ،‬فسارعت إل بيعه ث قمتُ بدفع ثنه كامل لذه السائلة ‪ ،‬كنتُ أعلم أن من‬
‫سيته عليه الصلة والسلم ‪ ،‬أنه ربا نزع رداءه وتصدق به ‪ ،‬تني تُ حينها أن لو كن تُ‬
‫ارتدي تُ هذا الثوب ‪ ،‬لنزعمه لذه ال سكينة ح ت تكت مل صورة القتداء ‪ ،‬عمد تُ ب عد‬
‫ذالك إل ثو بٍ من ثيا ب ال سابقة ‪ ،‬ولب سته ف زواج أ خي ‪ ،‬وكن تُ أن ظر إل الفتيا تِ ف‬
‫بثوبم ممن هذه الثياب ‪ ،‬ل لرتديمه ‪ ،‬ولكمن ‪ ،‬حتم أبيعمه‬
‫ٍ‬ ‫لوظفرتم‬
‫ِ‬ ‫الفمل وأقول ‪ :‬آه‬
‫وأت صدق بثم نه ‪ ،‬ل قد كن تُ أ ستلم م صروف اليو مي من والدي ‪ ،‬ث أختلس لقيمات من‬
‫إفطار البيت وآكلها ‪ ،‬ث أتصدق بصروف ‪ ،‬ول أذكر أنن تلفتُ عن ذالك يوما واحدا ‪،‬‬
‫أقسمُ لكم بال أن أجدُ لذةٍ لذالك ل تعادلا لذّة ‪..‬‬

‫هذه هي حيات مع الصدقة ‪ ،‬فأين أنتم يا أرباب الموال ؟!‬

‫جربوا هذا الطريق حينها ستجدون سعادةً هي أعظم من سعادة كثرة الال ‪...‬‬
‫تعليق ‪:‬‬

‫بارك ال ف مال كِ أيت ها الفتاة ال صالة ‪ ،‬وأخلف علي كِ ما أنفق تِ ‪ ،‬وإن ن أذ كر‬
‫نفسي وإخوان بديث الصطفى عليه الصلة والسلم الذي يقول فيه ‪ ( :‬ما من يو ٍم يصبح‬
‫ط منفقا خلفا ‪ ،‬ويقول الخر ‪ :‬اللهم‬
‫به العباد إل وملكانِ ينلن فيقول أحدها ‪ :‬اللهم أع ِ‬
‫أعطِ مسكا تلفا ) رواه البخاري من حديث أب هريرة رضي ال تعال عنه ‪...‬‬
‫‪11‬‬
‫ففيهما فجاهد‬
‫رأى ابن عمر رضي ال عنهما رجلً قد حل أمه على رقبته ‪ ،‬وهو يطوف با حول‬
‫الكعبة ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا ابن عمر أتران جازيتها ؟! قال ‪ :‬ول بطلقةٍ واحدةٍ من طلقاتا ‪ ،‬ولكن‬
‫قد أحسنت وال يثيبكَ على القليلِ كثيا ‪ ...‬ليس بكثيٍ بر الولد بوالديه ‪ ،‬ولكننا ف زمنٍ‬
‫قلّ فيه الوفاء ‪ ،‬فكم وكم نسمع من تنكر لكثي من البناء لوالديهم ‪ ،‬ولكن قصة فتاتنا‬
‫هذه تعيدُ ل نا ال مل ‪ ،‬و ف ال مة خيٌ كثيٌ ب مد ال تعال ‪ ،‬هي ق صة فتاة تع يش مع عائلةٍ‬
‫قوامها الم والب والخ وثلث بنات هي إحداهن ‪ ،‬تزوجت البنات الثلث ‪ ،‬ولكن بعد‬
‫فترة طلقت واحدة منهن ‪ ،‬ولعلّ ال تعال أراد با خيا ‪ ،‬قدّر ال بعد ذلك وفاة الخ ‪ ،‬ث‬
‫تبعه الب ‪ ،‬ول يبقى ف البي تِ سوى الم وهذه البنت الطلقة ‪ ،‬هنا يبدأ المتحان ‪ ،‬تقدم‬
‫رجل لطبة هذه الفتاة ‪ ،‬فوافقت بشر طِ أن تبقى مع أمها ‪ ،‬وأن يأتيها ف يومها ف بي تِ‬
‫والدت ا ‪ ،‬واف قَ على ذلك و ت الزواج ‪ ،‬فقا مت هذه الب نت على خد مة والدت ا ‪ ،‬من تيئة‬
‫الطعام والشراب وغسميل ملبسمها ‪ ،‬ومما يتبمع ذلك ‪ ،‬كانمت تقول ‪ :‬أجمد لذة وأنسما‬
‫و سعادةً ف ذلك ‪ ،‬ك يف ل وطعا مي ضرع ها ‪ ،‬وبي ت حجر ها ‪ ،‬ومر كب ف صباي يدا ها‬
‫و صدرها وظهر ها ‪ ،‬أحاطت ن ورعت ن ‪ ،‬كا نت توع لش بع ‪ ،‬وت سهر لنام ‪ ،‬كا نت ب‬
‫ط عن الذى ‪ ،‬أول من عرف تُ هو اسها ‪ ،‬كن تُ أحسبُ‬
‫رحيمة ‪ ،‬وب شفيقة ‪ ،‬كانت تي ُ‬
‫كل الي عند ها ‪ ،‬وك نت أ ظن أن ال شر ل ي صل إل إذا ضمتن إل صدرها ‪ ،‬أو لظت ن‬
‫بعينها ‪ ،‬يا إلي ‪ ،‬هل أقدر بعد ذالك على رد دينها ؟!‬
‫كن تُ أقول ف نفسي ‪ :‬آ هٍ لق ساة القلوب الذين تنكروا لبائ هم وأمهات م ‪ ،‬كبت‬
‫فكنتم آتيهما بسمجادتا ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫والدتم كمما تقول هذه الفتاة ‪ ،‬وكانمت ل تعرف الوقات ‪،‬‬
‫وأخب ها بدخول الو قت ‪ ،‬ث أجلس أر قب صلتا ل صحح ل ا أخطاء ها ح ت تنت هي ‪،‬‬
‫أصبحت أمي بعد ذالك ل تقدر على الركة ‪ ،‬فكنت أحلها وأقوم بتنظيفها وإزالة الذى‬
‫عن ها ‪ ،‬بعد ما أ صبحت ل ت سك البول والغائط ‪ ،‬أفعلُ كل ذالك ب مد ال تعال بنف سٍ‬
‫راضي ٍة مطمئنة ‪ ،‬مع معانات للم الملِ وأوجاعه ‪ ،‬كنت أقول ف نفسي ‪ :‬هو دي نٌ أقوم‬
‫بسداده ‪ ،‬وكنت أشتري لا ما تتاجه عن طريق رجلٍ ث أقوم بعد ذالك بسداده مت ما‬
‫توفر الال ‪ ،‬فالال ل يعلمها إل ال تعال ‪ ،‬دامت أمي على هذه الال سبع سنوات حت‬
‫توفا ها ال تعال ‪ ،‬قا مت أختاي لخرا جي من النل لبي عه ‪ ،‬ول كن ال تعال سخر ل هذا‬
‫الرجل ‪ ،‬فاشترى ل مسكنا ‪ ،‬وقد رزق تُ منه بابني أحد ال تعال على أن رزقن برها ‪،‬‬
‫فقمد تفوقما فم دراسمتهما ‪ ،‬والتحقما بلق تفيمظ القرآن الكريم ‪ ،‬فهمما ممن الشباب‬
‫ال صالي ‪ ،‬وأ صبحا يتناوبان على الذهاب ب إل ب يت ال الرام ‪ ،‬وفوق ذالك ‪ ،‬رزق ن‬
‫ال تعال مبة الناس ‪ ،‬وأحسبُ أن ذالك من بركة بري بوالدت ‪.‬‬

‫فهل سعتم بقصت يا من تنكرت لفضلِ والديكم ؟! كن تُ وال الذي ل إله إل هو‬
‫أرى النة تت قدميها ‪ ،‬ما كن تُ أرى ل بكبي عملٍ أطمع بسببه دخول النة غي هذا ‪،‬‬
‫مع أنن بمد ال تعال ‪ ،‬فتاة ملتزمة ‪ ،‬ولا ل ؟! أليست النة تت أقدام المهات ‪ ،‬كما‬
‫أ خب بذالك ال صادق ال صدوق عل يه ال صلة وال سلم ‪ ،‬ن عم ‪ ،‬ل قد بك يت وال بكاءً مرا‬
‫حال وفاتا ‪ ،‬ليس جزعا من قضاء ال وقدره ‪ ،‬ولكن كنتُ أتأمل قصة الارث الكلب لا‬
‫بكى ف جنازة أمه ‪ ،‬فقيل له تبكي ؟ قال ‪ :‬ولَ ل أبكي وقد أغلق عن بابا من أبواب النة‬
‫"‬
‫إن ن أبعث ها ل كم ر سالة أي ها البناء ‪ :‬بروا آباء كم وأمهات كم ‪ ،‬و ستجدون ال نس‬
‫والسعادة الت وجدتا ‪ ،‬ولكنن فقدتا بوفاة والدت رحها ال تعال ‪ ،‬والت أرى أنا آخر‬
‫معقلٍ من معاقل السعادة فقد هوى من بي يدي ‪ ،‬ما أسعدكم يا من تعيشون بي ظهران‬
‫والديكم ‪ ،‬وأنتم بم بررة ‪ ،‬وما أقساكم يا من تلكون القصور والدور وآبائكم وأمهاتكم‬
‫ف دور العجزة يأوون وي سكنون ‪ ،‬آ هٍ لو أ ستطيع أن أظ فر بأ حد هؤلء ‪ ،‬الذ ين يقطنون‬
‫دور العجزة لستجلب سعادة طارت من بي يدي ‪.‬‬

‫يا قوم ‪ :‬ما أحسبُ أنه فاتن من بر والدي إل ما كان من حجر ابن الجب يصنع‬
‫مع أ مه ‪ ،‬ف قد كان يل مس فراش أ مه بيده فيت هم غل ظَ يده ‪ ،‬فيتقلب عل يه على ظهره فإذا‬
‫أمن أن يكون عليه شيء أضجعها ‪ ،‬كنتُ أتن لو قرأتُ هذا قبل وفاة أمي ‪ ،‬لصنعت ذلك‬
‫معها ولكن عزائي أنن ما زل تُ بوالدي بارة ‪ ،‬حت بعد وفاتما ‪ ،‬فأنا أدع لما وأتصدق‬
‫عنهما ‪ ،‬وأصلُ أحبابما وعسى ال أن يعفو عن ‪.‬‬

‫تعليق ‪:‬‬

‫ما أجل صنيعكِ أيتها الفتاة ‪ ،‬وإن لذكر قصتك لرسلها رسالة مطلب للقيام بق‬
‫الوالد ين و هي ر سالة ع تب ل ن ق صروا ف حقوق الباء والمهات ‪ ،‬ولنقول ل م على إ ثر‬
‫ذالك ‪ :‬الدين مردود ‪ ،‬وإنكَ ل تن من الشوك العنب ‪...‬‬
‫‪12‬‬
‫هذه هي الصابرة‬
‫الكلم عن ال صب يط يب ‪ ،‬ك يف ل و هو يبي ل نا من خلله معادن النا سِ ‪ ،‬وقوة‬
‫إيانم ‪ ،‬وصبهم ورضاهم با قسمه ال وقدره ‪.‬‬

‫ولا رأيتُ الدهر يؤذن صرفه *** بتفريق ما بين وبي البائب‬
‫رجعتُ إل نفسي فوطنتها على *** ركوبِ جيل الصب عند النوائب‬
‫ومن صحب الدنيا على سوء فعلها *** فأيامه مفوفة بالصائب‬
‫فخذ خلسةً من كل يوم تعيشه *** وكن حذرا من كامنات العواقب‬
‫وال لو نطق الصب لقال ‪ :‬هذه هي الصابرة ‪ ...‬لطالا وصفت الرأة بالزع واللع ‪،‬‬
‫ل كن مع اليان ينت قل ذلك إل صبٍ ور ضا ‪ ،‬امرأت نا هذه ‪ ،‬ل ا مع ال صبِ شأن عج يب ‪،‬‬
‫تقول إحدى الخوات فم رسمالتها ‪ :‬همي قصمة لمرأة وقفمت على فصمولا ‪ ،‬هذه الرأة‬
‫تزو جت ‪ ،‬وانتظرت أك ثر من عشر ين عاما ‪ ،‬تنت ظر على إ ثر ذلك ريانةً لقلب ها ‪ ،‬تنت ظر‬
‫مولودا يشنف سعها بلفظ المومة ‪ ،‬ولكن ‪ ،‬ل يقدر ال تعال لا من ذلك الزوج أولدا ‪،‬‬
‫طلبت النفصال عن هذا الزوج ‪ ، ،‬مع حبها الشديد له ‪ ،‬لكن عاطفة المومة لديها سيالة‬
‫‪ ،‬انفصلت عن زوجها وتزوجت بآخر ‪ ،‬فوهبها النعم التفضل بعد طول مدةٍ مولودا ذكرا‬
‫‪ ،‬وفم أثناء حلهما ‪ ،‬طلقهما هذا الرجمل ‪ ،‬فوضعمت حينهما قرة عينهما ‪ ،‬بعمد طول ترقمب‬
‫وانتظار ‪ ،‬وحينهما تقدم لام الكثيم ممن الطاب ‪ ،‬ولكنهما رفضتهمم جيعا لتربم ولدهما ‪،‬‬
‫عكفت على تربيته ‪ ،‬لقد علقت فيه آمالا ‪ ،‬ورأت فيه بجة الدنيا وزينتها ‪ ،‬انصرفت إل‬
‫خدمته ف ليلها ونارها ‪ ،‬غذته بصحتها ‪ ،‬ونته بزالا ‪ ،‬وقوته بضعفها ‪ ،‬كانت تاف عليه‬
‫من رقة النسيم ‪ ،‬وطني الذباب ‪ ،‬كانت تؤثره على نف سها بالغذاء والراحة ‪ ،‬أصبح هذا‬
‫الولد قلب ها النا بض ‪ ،‬تع يش م عه وتأ كل م عه ‪ ،‬وتشرب م عه ‪ ،‬تؤن سه ‪ ،‬تاز حه ‪ ،‬تنتظره‬
‫وتودعه ‪ ،‬حي يذهب ف الجالس وبي القارب يلوا لا الديث بطرائفه ونوادره ‪ ،‬تب‬
‫البشائر والعطيات ل كل من يبشر ها بنجا حه أو قدو مه من سفره ‪ ،‬ول ا ل و هو وحيد ها‬
‫وثرة فؤادها ‪.‬‬
‫تعمد اليام والشهور لترى فلذة كبدهما يكمب رويدا رويدا ‪ ..‬كمب ذالك الطفمل ‪،‬‬
‫وأ صبح شابا ياف عا ‪ ،‬وا ستوى عوده ‪ ،‬واش تد عظ مه ‪ ،‬كا نت ت قف أما مه مزهوة شام ة ‪،‬‬
‫كا نت تا هد على إعانته على الطاعة ‪ ،‬ك يف ل ‪ ،‬و هي ك ما تقول ال خت ‪ :‬عر فت م نذ‬
‫الصغر بطول قيامها وتجدها ‪ ،‬ل تدخل ملسا إل وتذكر ال وتنهى فيه عن فحش القول‬
‫أو البذاءة ‪ ،‬وهي مع ذلك من أهل الصلة والصدقة ‪ ،‬لطالا تاقت نفسها أن تسمع صوت‬
‫وحيدها يؤم الصلي ف السجد الرام ‪ ،‬لكم تنت أن يعل ال له شأن يعز به دينه ‪ ،‬لقد‬
‫كا نت كثيا ما تتلي بنف سها ف أوقات الجابة تدعو رب ا ‪ ،‬و كم كان ا سه ي سيطر على‬
‫دعائها ‪.‬‬

‫ل تنامُ إل بعد أن ينام ‪ ،‬ث تقوم مرة أخرى وتدخل عليه لتعيد غطاءه ‪ ،‬وتصلح حاله‬
‫‪ ،‬تفعل ذلك ف الليلة الواحدة أكثر من مرة ‪.‬‬

‫ال أكب ‪ ،‬مبلغ النانِ ومنتهاه ! أحسبُ أنكم تقولون كفى ‪ ،‬فقد أبلغتِ ف الوصف‬
‫والثناء ‪ ،‬لستِ وال ببالغة ‪ ،‬فهذه حالا مع ولدها ‪.‬‬

‫عزمت على تزويه ‪ ،‬لترى ولده وحفيدها ‪ ،‬بدأت تبحث له عن عروس ‪ ،‬ث سعت‬
‫إل تق سيم منل ا إل ق سمي ‪ ،‬العلوي له ‪ ،‬وال سفلي ل ا ‪ ،‬دخلت عل يه ف يوم من اليام‬
‫كالعادة ‪ ،‬نادته ل يرد عليها ‪ ،‬خفق قلبها ‪ ،‬رفعت يده فسقطت من يدها ‪ ،‬هزته بقوة ‪ ،‬ل‬
‫يتحرك ‪ ،‬بادرت بالتصمال على قريمب لام ‪ ،‬حضمر على عجمل ‪ ،‬فحمله إل السمتشفى ‪،‬‬
‫أحست أن ف المر شيئا ‪ ،‬لكنها على أمل ‪ ،‬فماذا عملت ‪ ،‬لقد كان من أمرها عجبا !!‬
‫توضأت ث يمت شطر سجادتا ‪ ،‬وسألت ربا أن يتار لا الية الباركة ‪ ،‬وصلت ‪ ،‬وبعد‬
‫سويعات ‪ ،‬وإذا وحيدها قد مات ‪ ،‬نعم ‪ ،‬بعد أربعي سنة ‪ ،‬عشرون سنة ترقبه ‪ ،‬وأخرى‬
‫مثلها تربيه ‪ ،‬ضاع ذالك ف لظة واحدة ‪ ،‬وما كان منها حينما بلغها الب ‪ ،‬إل أن قالت‬
‫‪ :‬وحيدي مات ‪ ،‬ث ا سترجعت ‪ ،‬ث رددت كثيا ‪ :‬ال مد ل ‪ ،‬ال مد ل ‪ ،‬ال مد ل‪، ..‬‬
‫تقولا بثبات وصب ‪ ،‬ل تندب ول تصرخ ‪ ،‬ول تشق جيبا أو تلطم خدا ‪.‬‬
‫هذه هي ثرة اليان تظ هر ف أ شد الوا قف وأ صعبها وأحلك ها ‪ ،‬كان و قع ال صدمة‬
‫شديدا على كل من عرف ‪ ،‬بعض قريباتا يبكي أمامها ليس لفقد الولد ‪ ،‬ولكن رأفةً بالا‬
‫‪ ،‬كا نت تنها هن بزم وهدوء ‪ ،‬وتقول بلهجت ها ‪ :‬ما هذا البال ‪ ،‬ر ب أعطا ن إياه ‪ ،‬أ نا‬
‫راضية والمد ل أنا ل تكن ف دين ‪.‬‬

‫ل أكمب ‪ ،‬لقمد ضربمت أروع المثلة فم الصمب والرضما ‪ ،‬إل أن بعمض النفوس‬
‫الضعي فة ‪ ،‬من الل ت يهلن الت سليم والر ضا بالقدر ‪ ،‬ل ي ستوعب موقف ها ‪ ،‬ف من قائلة ‪:‬‬
‫لعل ها أ صيبت بالة نف سية ‪ ،‬و من قائلةٍ ‪ :‬هي ذاهلة ول ت ستوعب بعدُ وفا ته ‪ ،‬و ف تلك‬
‫الليلة الت مات فيها فلذة كبدها ‪ ،‬حان وقت طعام العشاء ‪ ،‬فكان من أمرها عجبا ‪ ،‬امتنع‬
‫الكثي عن تناوله ‪ ،‬أما هي فقد مدت يدها إل الطعام وهي تقول ‪ :‬وال ليس ل رغبة فيه ‪،‬‬
‫ولكن مددتُ يدي رضا بقضاء ال وقدره ‪.‬‬

‫ال أكب ‪ ،‬ما أعظم موقفها ‪ ،‬لقد كانت تشعر بالرقة ‪ ،‬لكن على سجادتا بي يدي‬
‫رب ا تناج يه وتد عو لوليد ها ‪ ،‬ن عم ‪ ،‬فقدت فلذة كبد ها ‪ ،‬لكن ها ف الو قت نف سه الؤم نة‬
‫الراضية ‪ ،‬لقد حول صبها ورضاها مع حسن ظنها بال تعال حول هذه الحنة إل منحة ‪،‬‬
‫حينها يكون لا حسن العقب ف الدارين بإذن ال "‬

‫تعليق ‪:‬‬

‫أما أنا فأرد تُ أن أعلق على مو قف هذه الصابرة فأعيتن اليلة ‪ ،‬فترك تُ لكم هذه‬
‫القصة على سجيتها ‪ ،‬لتتأملوها وتستلهموا منها العبة والعظة ‪...‬‬
‫‪13‬‬
‫أترجة البيت‬
‫ورد ف حد يث أ ب مو سى الشعري ر ضي ال تعال ع نه ‪ ،‬أن ال نب صلى ال عل يه‬
‫وعلى آله وسملم قال ‪ ( :‬الؤممن الذي يقرأ القرآن ويعممل بمه كالترجمة ‪ ،‬طعمهما طيمب‬
‫وريها طيب ‪ ،‬والؤمن الذي ل يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة طعمها طيب ول ريح لا ‪،‬‬
‫وم ثل النا فق الذي يقرأ القرآن كالريا نة ري ها ط يب وطعم ها مر ‪ ،‬وم ثل النا فق الذي ل‬
‫يقرأ القرآن كالنظلة ل يس ل ا ر يح و طعم ها مر ) رواه البخاري وم سلم ‪ ..‬أل ما أروع‬
‫الفتاة حي تكون مع القرآن قراء ًة وتدبرا وعمل !! أترجة البيت ‪ ...‬هذه لا مع القرآن‬
‫شأن عجيب ‪.‬‬

‫لنقرأ سويا رسالتها والت توجهها إل الفتيات وقد عنونت لا بقولا ‪ ( :‬أتريدين لؤلؤا‬
‫‪ ..‬اغطسمي فم البحمر ) تقول هذه الخمت ‪ :‬اسمتعذبت يوما الديمث عمن كتاب ال‬
‫فجلست أقطف زهيات لا رحيق ‪ ،‬قصصا أستنشقها ‪ ،‬ولهديها لن تاقت نفسها لفظ‬
‫كتاب ال تعال ‪ ،‬وتعل مه والشتغال به ‪ ،‬ن عم وال ‪ ،‬ا ستعذبت حديثا ع من فا قت عذو بة‬
‫ألفا ظه وبد يع نظ مه ‪ ،‬امرأَ الق يس إذا ر كب ‪ ،‬وزهيا إذا ر غب ‪ ،‬والع شى إذا طرب ‪،‬‬
‫والنابغة إذا رهب ‪ ،‬تدور نفسكِ مع وعدٍ ووعيد ‪ ،‬وتويف وتديد ‪ ،‬وتذيب وتأديب ‪،‬‬
‫بمل وإخبارٍ بغيمب ‪ ،‬حِكَم بالغمة وقصمص واعظمة ‪ ،‬إذا لح لكِم زخرف الدنيما الفانم ‪،‬‬
‫ْسمنُ َمقِيلً }‬
‫ّسمَتقَرّا وَأَح َ‬
‫َصمحَابُ اْلجَّنةِ يَ ْومَِئذٍ خَ ْيرٌ م ْ‬
‫تأتيكم {أ ْ‬
‫ِ‬ ‫ونعيمهما الباق الادع ‪،‬‬
‫الفرقان ‪. 24‬‬

‫إذا أوذي تِ ف سبيل ال تراءت ل كِ {ال * أَحَ سِبَ النّا سُ أَن يُ ْترَكُوا أَن َيقُولُوا آمَنّ ا‬
‫وَ ُهمْ لَا ُيفْتَنُونَ }العنكبوت ‪2‬‬

‫ك القر يب والبع يد ‪ ،‬سلوت ب م {قَالَ‬


‫ك الدن يا ب ا رح بت و صد عن ِ‬
‫إذا ضاقت علي ِ‬
‫إِّنمَا أَشْكُو بَثّي وَ ُحزْنِي إِلَى ال ّلهِ وََأعْ َلمُ ِمنَ ال ّلهِ مَا لَ َتعْ َلمُونَ }يوسف ‪86‬‬
‫ويفف وطأته بل ويزيله حت ما يبقى منه شيء ‪ ،‬قول أهل النة { وَقَالُوا اْلحَ ْمدُ لِلّ هِ‬
‫حزَنَ إِنّ رَبّنَا َل َغفُورٌ شَكُورٌ * اّلذِي أَحَلّنَا دَارَ اْل ُمقَا َمةِ مِن َفضْلِهِ لَا َيمَسّنَا‬
‫ب عَنّا اْل َ‬
‫اّلذِي َأذْهَ َ‬
‫فِيهَا َنصَبٌ وَلَا َي َمسّنَا فِيهَا ُلغُوبٌ } سورة فاطر‬

‫يسمرح ذهنكِم إل عهمد الصمحابة والنمب صملى ال عليمه وعلى آله وسملم معهمم ‪،‬‬
‫فتت صورين حال م وكأن كِ تنظر ين إلي هم ‪{ ،‬لَ َقدْ رَضِ يَ اللّ هُ عَ ِن الْ ُمؤْمِنِيَ إِ ْذ يُبَايِعُونَ َ‬
‫ك تَحْ تَ‬
‫الشّ َج َر ِة }الفتح ‪18‬‬

‫جدُو نَ فِي‬
‫{وَاّلذِي نَ تََبوّؤُوا الدّارَ وَالِْإيَا َن مِن قَبْ ِلهِ مْ ُيحِبّو نَ مَ نْ هَا َجرَ إِلَ ْيهِ مْ وَلَا َي ِ‬
‫صةٌ }الشر ‪9‬‬
‫سهِمْ وَلَوْ كَانَ ِب ِهمْ َخصَا َ‬
‫صدُورِ ِهمْ حَا َجةً ّممّا أُوتُوا وَيُؤِْثرُو َن عَلَى أَن ُف ِ‬
‫ُ‬

‫صدَقُوا‬
‫بل يطي قلب كِ شوقا لرؤيتهم ‪ ،‬حينها فتأملي قوله تعال {مِ نَ اْلمُ ْؤمِِنيَ رِجَالٌ َ‬
‫مَا عَا َهدُوا اللّ َه عَلَيْ هِ َفمِنْهُم مّ ن قَضَى َنحْبَ هُ َومِنْهُم مّ ن يَنَت ِظرُ وَمَا َبدّلُوا تَ ْبدِيلً }الحزاب‬
‫‪23‬‬
‫بل طريق الدعوة والتعليم ‪ ،‬يسليه ويصبه ‪{ ،‬وَا صِْبرْ َنفْ سَكَ مَ عَ اّلذِي نَ َي ْدعُو نَ رَّبهُم‬
‫بِاْل َغدَاةِ وَاْل َعشِيّ ُيرِيدُونَ وَ ْج َههُ وَلَا َت ْعدُ عَيْنَا َك عَ ْن ُهمْ ُترِيدُ زِيَنةَ اْلحَيَا ِة الدّنْيَا }الكهف ‪28‬‬

‫إذا ضجرتِ من أمرِ أولدكِ أو أهلكِ بالصلة وأحسستِ باللل جاءتكِ {وَْأ ُمرْ أَهْ َلكَ‬
‫بِالصّلَاةِ وَاصْطَِب ْر عَلَ ْيهَا }طه ‪132‬‬

‫{وَكَانَ َي ْأمُرُ أَهْ َلهُ بِالصّلَاةِ وَالزّكَاةِ وَكَا َن عِندَ رَّبهِ َمرْضِيّا }مري ‪55‬‬

‫فيتجدد نشاطكِ ‪..‬‬

‫لعل الديث استعذبكِ فازدد تِ شوقا لقراءته ‪ ،‬بل ‪ ،‬ستزدادين شوقا لفظه ‪ ،‬لكن‬
‫ق بل أن تذ هب لتقرئي وتف ظي تعطري ب ا قطف تِ ل كِ من زهيات هي موا قف لقاءا تٍ‬
‫وحافظات ‪:‬‬
‫هذه ق صة لحدا هن ‪ ،‬و ف الر كب ر كب كث ي ب مد ال تعال ‪ ،‬هي ق صة لمرأة‬
‫متزوجة ‪ ،‬ذات أولد ‪ ،‬أرقها اجتماع عائلتها على القيل والقال وغي ذالك ‪ ،‬ما ل تسلم‬
‫منه الجالس الت ني عنها الي وأبعد ‪ ،‬فكرت كثيا كيف تمع شتات هذه القلوب !!‬
‫وهل يتار من يريد الي والادي هو ال ‪ ،‬حينها قالت ف نفسها ‪:‬‬

‫وأي شيء أعظم من كتاب ال ‪ ،‬هذا الكتاب الذي جع ال به شتات العرب ‪ ،‬تآخى‬
‫الهاجرون والنصار والوس والزرج بسببه ‪ ،‬كتاب يهدي ول يضل ‪ ،‬يمع ول يفرق ‪،‬‬
‫حينهما عزممت على جعهمن على مائدة القرآن ‪ ،‬وأنعمم بام ممن مائدة ‪ ،‬وفم أول اجتماع‬
‫طرحت هذا الوضوع على كبيات المع ‪ ،‬فتحججن بأنن اجتمعن للمؤانسة والحادثة ‪،‬‬
‫فراجعمت نفسمي ‪ ،‬حينهما عاهدتام على عدم اليأس فكرت كثيا ‪ ،‬فوجدت أن المهات‬
‫مبولت على حب من أحسن على صغارهن ‪ ،‬فعرضت عليهن ف الجتماع القادم افتتاح‬
‫حلقةٍ لبناتن الصغيات ‪ ،‬رحب بالفكرة ‪ ،‬ليأم نّ على القل إزعاجهن وعبثهن ولو لبعض‬
‫الو قت ‪ ،‬جعتهن مع إحضار ب عض الوائز ‪ ،‬حين ها دفعت المهات إل من هن أ كب سنا‬
‫لتعليمهن القرآن ‪ ،‬وشيئا فشيئا ‪ ،‬بدأ يكبُ هذا الدرس قم تُ برعايته بمد ال تعال ‪ ،‬كما‬
‫تر عى الم وليد ها ‪ ،‬رعي ته طفلً رضي عا ‪ ،‬فشابا ‪ ،‬لك نه لن يش يخ بإذن ال تعال ‪ ،‬م ضى‬
‫على هذا الدرس ما يقرب من ثانية أعوام ‪ ،‬نتمع عليه ف السبوع مرة واحدة ‪ ،‬ولعلكم‬
‫تتساءلون عن ثرته بعد ذلك ‪ ،‬فإليكم شيئا من ذلك ‪:‬‬

‫أربعون طالبة يدرسن من خلل حلق أربع ت تقسيمهن على مستويات ‪ ،‬حت ليخيل‬
‫للرائي والغر يب عن ذلك الجتماع أن ذالك الجتماع مدر سة لتحف يظ القرآن ب مد ال‬
‫تعال ‪ ،‬ل ينته المر عند ذالك الد ‪ ،‬بل كان من ثار ذلك بمد ال تعال طالبتان حفظن‬
‫من خلل هذه اللقة أربعة عشر جزءا ‪ ،‬وثلث طالبات حفظن تسعة عشر جزءً ‪ ،‬والبقية‬
‫الباق ية ما ب ي ثل ثة أجزاء وأرب عة وخ سة ‪ ،‬وك فى ثرة لذا الدرس أن المهات أ صبحن‬
‫يترنن بزء وجزأين ف وقتٍ ُكنّ فيه ل يسن الفاتة ‪.‬‬
‫وما زالت هذه الخت بمد ال تعال ترعى هذه النبتة بل وأضافت إل ذالك در سٍ‬
‫علمي لدة نصف ساعة من كل أسبوع ف ذالك الجتماع بأحد طلبة العلم من مارمها ‪،‬‬
‫ومازال الر كب ي سي ت فه عنا ية ال ورعاي ته ‪ ،‬ي سي بثقةٍ واطمئنان ‪ ،‬ف و سط المواج‬
‫وقتم تعانم فيمه السمر ممن الشتات والتفرق عمن طريمق الجتماعات ‪ ،‬ل‬
‫العاتيمة ‪ ،‬فم ٍ‬
‫ع جب ‪ ،‬هو القرآن ‪ ،‬و من غ ي القرآن ي ستطيع أن ي مع تلك القلوب ويؤلف بين ها !!‬
‫فنحمد ال على ذالك ونسأله الزيد ‪..‬‬
‫‪14‬‬
‫أمهاتنا والقرآن‬
‫نشرت ملة الدعوة قصتي لمرأتي كان من أمرها عج بٌ ‪ ،‬الول ‪ :‬لمرأة كانت‬
‫ف السابعة والمسي من عمرها ‪ ،‬بدأت بفظ القرآن وعمرها خسون سنة ‪ ،‬فقد ذهبت‬
‫كما تقول هذه الباركة إن شاء ال تعال ‪ ،‬لتسجيل بناتا ف دار تفيظ القرآن ‪ ،‬وقد لفت‬
‫نظرها نساء كبيات ف السن يدرسن ف هذه الدار ‪ ،‬فقررت اللتحاق بذه الدار ومن ث‬
‫بدأت بالفمظ ‪ ،‬والعجيمب أيهما الخوة والخوات أن عندهما فم البيمت كمما تقول هذه‬
‫ال خت ثان ية ع شر فردا هي تقوم على خدمت هم ول خاد مة لدي ها ‪ ،‬وكا نت ك ما تقول ‪:‬‬
‫ت ستغل و قت الرا حة ل فظ كتاب ال ‪ ،‬وكا نت م ا ساعدها على ذالك و صية معلمت ها ‪،‬‬
‫فكانت توصيها بقول ال تعال ‪{ :‬وَاّتقُواْ ال ّلهَ وَُيعَ ّلمُ ُكمُ }البقرة ‪282‬‬

‫ث تذكر أن القرآن كما تقول أعطان قوة ف البدن وبركةً ف الوقت ‪.‬‬

‫ب من ها الخرى ‪ ،‬ف قد حف ظت كتاب ال ‪ ،‬وعمر ها أرب عة و ستون عاما ‪،‬‬


‫وأعج ُ‬
‫نعم ‪ ،‬أربعة وستون عاما ‪ ،‬تقول عن نفسها ‪:‬‬
‫كان والداي رحه ما ال تعال من حف ظة كتاب ال تعال ‪ ،‬وقد حر صا على تعليم نا‬
‫إياه م نذ صغرنا ول سيما الوالد ل نه كان م يد للقراءة الجودة ‪ ،‬فكان ف فترة الض حى‬
‫والظهمر يععلمنما القراءة ‪ ،‬ولام أصمبح عمري اثنم عشمر عامما ختممت القرآن نظرا ‪ ،‬ثم‬
‫واظبت على قراءته حسب ما أقدر عليه يوميا ‪ ،‬وبعدما تزوجت كنت أقرأ جزئي أو أكثر‬
‫ول أفرط ف هذه الداو مة ح ت ب عد أن أن بت الولد وكثرت م سؤولياتم ‪ ،‬فك نت أت ي‬
‫الوقت الذي ل شغل ل فيه لستغله بالقراءة ‪ ،‬كب أبنائي وتزوجوا ‪ ،‬كنت أجلس كل يوم‬
‫فترة الظ هر أقرأ ‪ ،‬فل ما رأت ابن ت اهتما مي ‪ ،‬أشارت علي أن أبذل جهدي ل فظ ما أقدر‬
‫علي ها ‪ ،‬فاع تبت رأي ها بثا بة الن صيحة ‪ ،‬سعيت للع مل ب ا ك ما تقول ‪ ،‬وعلى إثرِ تلك‬
‫النصيحة ‪ ،‬بدأت بالفظ بمد ال تعال ‪ ،‬كنت أجلس ظهر كل يوم أقرأ سورة وأرددها‬
‫ف كل وقت ‪ ،‬وأقرأها ف الصلة ول أنتقل منها حت أحفظها تاما ‪ ،‬بقيت على هذا أربع‬
‫سنوات ‪ ،‬أت مت خلل ا ح فظ سبعة ع شر جزءً ‪ ،‬وخلل هذه الفترة ‪ ،‬فت حت عند نا ف‬
‫ال ي دار لتحف يظ القرآن الكر ي ‪ ،‬ف سجلت ب ا ‪ ،‬وراج عت ع ند العل مة ما حف ظت ‪ ،‬ث‬
‫واصملت الفمظ ‪ ،‬وخلل عاميم أنيمت الجزاء التبقيمة منمه ‪ ،‬نعمم ‪ ،‬واجهتنم بعمض‬
‫ال صعوبات ‪ ،‬ك صعوبة ال فظ لتقدم ال سن ‪ ،‬ولكن ن ل أ ستكن ول أ مل أمام هذه العق بة ‪،‬‬
‫فرجائي بال واسع ‪ ،‬وقلب كان منغرقا بذه المنية العظيمة ‪ ،‬وبفضله ومنته تققت ل ‪.‬‬

‫وهمل تظنون أيهما الخوة والخوات أن هةم هذه الرأة توقفمت عنمد هذا الدم ‪،‬‬
‫كل ‪ ،‬ف قد أ صبحت ك ما تقول معل مة ف ال سجد تدرس ن ساء ال ي طيلة أيام ال سبوع ‪،‬‬
‫عدا يوم الربعاء ف هي تذ هب إل دار التحف يظ ح ت ترا جع حفظ ها ع ند العلمات هناك ‪،‬‬
‫حت تقول هذه الخت ‪ :‬لقد أخذ الفظ والتدريس جل وقت ول أعد أخرج من البيت‬
‫للزيارات إل قليل ‪ ،‬إذا كان هناك واجب لبد من تأديته كزيارة مريضة مثل ‪ ،‬حت تقول‬
‫‪ :‬وأظن أن هذا أمر طيب لن مالس النساء فارغة ل خي فيها ‪ ،‬ث توجه نصيحتها للنساء‬
‫قائلة ‪:‬‬
‫أوصيهن أن يوجهن اهتمامهن لكتاب ال عز وجل ففيها الي الكثي ‪.‬‬

‫تعليق ‪:‬‬

‫ل أخفيكم سرا أنه تلكن شعور أن المة ما زالت بي ‪ ،‬ووال الذي ل إله إل هو‬
‫لقد وصل إل عدد ليس باليسي من أخبار الافظات ‪ ،‬فقلت ف نفسي ‪ :‬أمة تتعلق مربية‬
‫الجيال فيها بكتاب ربا إنا لمة خي !‬

‫أيت ها الم ‪ :‬ل يولن بين كِ وب ي كتاب ر بك كب ول أولد ف قد سعتِ من أخبار‬


‫الكبيات عجبا ‪.‬‬

‫و يا فتاة ال سلم ‪ :‬دون كِ هذه النماذج ‪ ،‬يا من تتحجج ي ب سوء ال فظ ومشا غل‬
‫الولد إن اللص كل اللص ف التمسك بكتاب ال العظيم ففيه الفرج والخرج ‪ ،‬مع‬
‫سنة النب صلى ال عليه وآله وسلم وصدق القائل حيث يقول ‪:‬‬
‫وليس اغتراب الدين إل كما ترى *** فهل بعد هذا الغتراب إياب‬
‫ول يبقى للراجي سلمة دينه *** سوى عزلة فيها الليس كتاب‬
‫كتاب حوى كل العلوم وكل ما *** حواه من العلم الشريف صواب‬
‫فإن رمت تاريا رأيت عجائبا *** ترى آدم إذ كان وهو تراب‬
‫ول قيت هابيل قتيل شقيقه *** يواريه لا أن أراه غراب‬
‫وتنظر نوحى وهو ف الفلك قد طغى *** على الرض من ماء السماء عباب‬
‫وإن شئت كل النبياء وقومهمُ *** وما قال كل منهُم وأجابُ‬
‫وجنات عدن حورها ونعيمها *** ونار با للمشركي عذاب‬
‫فتلك لرباب التقى وهذه *** لكل شقي قد حواه عقاب‬
‫وإذ ترد الوعظ الذي إن عقلته *** فإن دموع العي عنه جواب‬
‫تده وما تواه من كل منهل *** وللروح منه مطعم وشراب‬
‫وإن رمت إبراز الدلة ف الذي *** تريد فما تدعوا إليه تاب‬
‫تدل على التوحيد فيه قواطع *** با قطعت للملحدين رقاب‬
‫وما مطلب إل وفيه دليله *** وليس عليه للذكي حجاب‬
‫وفيه الدواء من كل داء فثق به *** فوال ما عنه ينوب كتاب‬
‫يريك صراطا مستقيما وغيه *** مفاوز جهلٍ كلها وشعاب‬
‫يزيد على مر الليدين حدة *** فألفاظه مهما تلوت عذاب‬
‫وآياته ف كل حي طرية *** وتبلغ أقصى العمر وهي كعاب‬
‫وفيه هدى للعالي ورحة *** وفيه علوم جة وثواب‬

‫يا فتاة السلم ‪ :‬كون كالترجة ‪ ،‬ل أريدك أن تكون كالتمرة ‪ ،‬وإنن أعيذك بال‬
‫أن تكونم كالريانمة أو النظلة ‪ ،‬تلك همي التم ل تقرأ كتاب ربام حينمما هجرتمه ‪،‬‬
‫واسمتبدلت ذالك بالجلت السماقطة والروايات الابطمة ‪ ،‬حتم عل على قلبهما الران‬
‫فأصبحت ل تعرف معروفا ول تنكر منكرا ‪ ،‬وال تعال الستعان ‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫قتيلة المة‬

‫هذه مشاعر فتاة مهمومة ‪ ،‬أرقها ما تعانيه أمة السلم ‪ ،‬من قتل وتشريد ف مشارق‬
‫الرض ومغاربا ‪ ،‬حيث تقول ف رسالتها ‪:‬‬

‫بادئ ذي بدء أكتب لكم يا من تقرأون رسالت فأقول ‪:‬‬

‫الوقائع ومداولة اليام مك ل يطئ ‪ ،‬وميزان ل يظلم ‪ ،‬ففي تقلب الدهر عجائب ‪،‬‬
‫و ف تغ ي الحوال موا عظ ‪ ،‬القوي ل ي ستمر أ بد الد هر قو يا ‪ ،‬والضع يف ل يب قى طول‬
‫الياة ضعي فا ‪ ،‬فهذا آدم عل يه ال سلم ت سجد له اللئ كة ‪ ،‬ث ب عد بر هة يرج من ال نة ‪،‬‬
‫وإبراه يم عل يه ال سلم أراد به قو مه كيدا فكانوا هم ال سفلي ‪ ،‬وأضرموا نارا لر قه ‪،‬‬
‫فكا نت بردا و سلما على إبراه يم ‪ ،‬ن عم ‪ ،‬معا شر الخوة ‪ ،‬إن من تأ مل صروف الدن يا‬
‫ورياح التغييم ‪ ،‬وأمواج التقلبات ‪ ،‬ل يفجمع عنمد نزول البلء ول يفرح بعا جل الرخاء ‪،‬‬
‫كم من أمة ضعيفة نضت بعد قعود ‪ ،‬وتركت بعد خود ‪ ،‬وكم من قرية بطرت معيشتها‬
‫فزالت ممن الوجود ‪ ،‬ذالك كلم جيمل ‪ ،‬سمعته ممن أحمد الدعاة ولول مثمل هذا لتمنيمت‬
‫الزوال من الوجود ‪...‬‬
‫أنا يا قوم فتاة مهمومة ‪ ،‬ل على ثوب أفسده الياط كما تصوروننا معاشر الرجال ‪،‬‬
‫ل كن حال أ مة ال سلم أهت ن ‪ ،‬وقط عت نياط قل ب ن ذالك القلب يضطرب إذا أ صيب‬
‫السملمون بنازلة ‪ ،‬يسمكن ويفمق إذا تقمق للمسملمي انتصمار ‪ ،‬أفرح بانتصمار يققمه‬
‫ال سلمون ‪ ،‬ك ما يفرح أحد كم بقدوم مولود وغائب ‪ ،‬وأحزن لزي ة ال سلمي ك ما يزن‬
‫أحد كم لف قد حبيب أو قر يب ‪ ،‬أ نا أقوم وأنام على هم ال سلم وال سلمي وأ صحو على‬
‫ذلك ‪ ،‬دون كم شيئا من مشاعري ‪:‬شر يط أحرق فؤادي ‪ ،‬هذا الشر يط ل يس شريطا من‬
‫أشرطة الرخص والنا ‪ ،‬إنا هو شريط يثل هوم أمة ‪ ،‬شريط يتحدث عن مأساة الشعب‬
‫الشيشان ‪ ،‬يصف مشاهد ويسد جراحات عميقة ‪ ،‬بعمق جراحهم ومعاناتم ‪ ،‬لقد قطع‬
‫هذا الشر يط نياط قل ب ‪ ،‬ح ت ظلل تُ أب كي بكاءً حارا ‪ ،‬من أول الشر يط لخره ‪ ،‬ح ت‬
‫تورم وج هي وغارت عيناي فلو د خل دا خل علي لقال ‪ :‬مات ل ا م يت ‪ ،‬و ما يدري أن م‬
‫أموات ل ميت واحد ‪ ،‬ألسنا من قال فيهم النب صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬مثل الؤمني ف‬
‫تواد هم وتراح هم وتعاطف هم كم ثل ال سد الوا حد إذا اشت كى م نه عضوا تدا عى له سائر‬
‫السد بالمى والسهر ) ؟!‬

‫دونكم شيئا من مشاعري ‪ ...‬كلما شاهدت جثثا جاعية لخواننا ف الدين ‪ ،‬رأيتها‬
‫تغطمى بنمرق ( بسماط ) ذكرتنم بنمارق تلس عليهما الشابات ممن طالبات الكليات ‪،‬‬
‫يتجاذبمن فيمه أطرف الديمث الفارغ ‪ ،‬ويقضيم الفراغ بالتفاهات إن ل تكمن الحرمات ‪،‬‬
‫ويتفل سفن ب كل ما هو ز يف من لون ش عر ولون عين ي وحركات م ستعارة ‪ ،‬أنواع من‬
‫الل هي ت سد ذالك القلب الل هي ‪ ،‬فكا نت مقار نة حادة ‪ ،‬أحد ثت جرحا ف قل ب ‪ ،‬ف يا‬
‫ليت صويبات النمارق يوقظن ذالك القلب الفارغ ‪...‬‬
‫دونكم شيئا من مشاعري ‪ ..‬آلم سببها غلم ‪ ...‬ممد الدرة ‪ ،‬ذالك الغلم البيء‬
‫قتلتم قتله ‪ ،‬حتم إن ملذات يوممي‬
‫ُ‬ ‫‪ ،‬فكلمما شاهدت الفلم الذي يعرض بشاعمة قتله ‪،‬‬
‫السابقة أجدها ف خاطري تتكدر ‪ ،‬فإذا با آية من فوق سبع سوات ‪ ،‬تفف هذه اللوعة ‪:‬‬
‫{ َومَا َيعْ َلمُ جُنُودَ رَبّكَ إِلّا هُوَ }الدثر ‪31‬‬

‫فحسبتُ أن هذه الشاعر الت شعرها العال السلمي أجع ‪ ،‬ما هي إل جندٌ من جنود‬
‫ال تعال ‪ ،‬الذين أولم بدءً من ذالك الغلم وآخرهم عندما ينطق الجر ‪.‬‬

‫دونكم شيئا من مشاعري ‪ ...‬فتاة فلسطينية رأيتها ف شريط فيديو تساق كالنعجة‬
‫أمام علجي يهوديي ‪ ،‬وكن تُ أفه مُ مشاعرها ‪ ،‬لنا مهما يكن امرأةٌ مثلي ‪ ،‬تشي منهارة‬
‫العنويات والقرى ‪ ،‬ثم نظرت إل الصمورة ‪ ،‬فاجتممع فيهما ضعمف الرأة وقهمر الرجال ‪،‬‬
‫ومذلة الوقف ‪ ،‬فصرختُ صرخةً أبكتن طويلً وأحدثت جرحا عميقا ف قلب ‪ ،‬وذكرتن‬
‫بقول الشاعر‪:‬‬

‫رب وا معتصماه انطلقت *** مل أفواه الصبايا اليتم‬

‫لمست أساعهم لكنها *** ل تلمس نوة العتصم‬

‫دون كم شيئا من مشاعري ‪ ...‬تفرح ن وتزن ن ‪ ...‬عي ن ف قح طٍ على كل أمرٍ من‬


‫أمور الدنيما لكنهما عندمما يصم السملم ‪ ،‬مدرارٌ بفضمل العزيمز الغفار ‪ ،‬كمم تفرحنم‬
‫انتصمارات السملم ‪ ،‬وتدخمل السمرور إل نفسمي ‪ ،‬وكمم تزننم أمور الذلن للممة ‪،‬‬
‫دعواتم فم صملت دونام أشعمر ( اللهمم أعمز السملم والسملمي ‪ ،‬واخذل الشرك‬
‫والشركي ) ‪ ،‬أنا يا قوم أعيش بمد ال ف أم نٍ وأمان ونعمة ‪ ،‬ولكنن وال الذي ل إله‬
‫إل هو قتيلة المة ‪....‬‬
‫‪16‬‬
‫لن توت أمة فيها مثل هذه ‪...‬‬

‫كم ن ستعذب الد يث عن الدعوة إل ال تعال ‪ ،‬و كم نأ سى على ذلك ‪ ،‬ت ستعذب‬
‫ذلك لن الدعوة طريق النبياء ‪ ،‬ولا ل وفيها حياة المة ‪ ،‬ونأسى على ذالك لقصور المة‬
‫ف هذا الانب ‪ ،‬ولكن مع ذالك فالبشائر تلوح ف الفق ‪ ،‬ول ل ورحم المة ولود بمد‬
‫ال تعال ‪ ،‬نعمم ‪ ،‬تلك البشائر تلوح فم الفمق فم وقمت ضعفمت الكواهمل عمن حلم‬
‫التكال يف ‪ ،‬وا ستثقلت أعباء ال جد ‪ ،‬وغلبت ها سنة من النوم والك سل ‪ ،‬و مع ذالك فأ مة‬
‫السلم أمة ل توت أبدا ‪ ،‬أما لاذا ؟!‬

‫فلن ر سالة هذه ال مة و حي من ال سماء ‪ ،‬ولي ست و حي الوع والطا مع ‪ ،‬أوحا ها‬


‫رب نا الذي خلق الوت والياة ‪ ،‬وج عل الظلمات والنور ‪ ،‬وكان م ا أو حى إلي نا ‪{ :‬وَلْتَكُن‬
‫ُمم‬
‫َنم اْلمُن َكرِ وَُأوْلَممئِكَ ه ُ‬
‫ْنم ع ِ‬
‫ُوفم وَيَ ْنهَو َ‬
‫ُونم بِاْل َم ْعر ِ‬
‫ُونم إِلَى اْلخَ ْيرِ وَيَ ْأ ُمر َ‬
‫ُمم ُأ ّمةٌ َيدْع َ‬
‫مّنك ْ‬
‫اْل ُمفْ ِلحُونَ }آل عمران ‪104‬‬

‫ول ي كن أن يتح قق هذا النداء إل بأ مة داع ية ت ستشعر ال ي وتع مل من أجله ‪ ،‬بل‬


‫وتضحمي بكمل غالٍ ونفيمس ممن أجمل ذالك ‪ ،‬نعمم أيهما الكرام ‪ ،‬لعمل ممن سمر عظممة‬
‫السلم ‪ ،‬هذه البشائر الت تلوح ف الفق بي الفينة والخرى ‪ ،‬ولنقرأ شيئا من ذلك من‬
‫خلل ق صة هذه الفتاة و قد وق فت على ف صولا ‪ ،‬ب عد أن كت بت ل إحدى الخوات عن‬
‫قصتها حيث تقول ‪:‬‬
‫همي فتاة ممن الفتيات الصمالات الصملحات ‪ ،‬نسمبها كذلك ول نزكمي على ال‬
‫أحدا ‪ ،‬تمل هم الدعوة إل ال تعال معها ف كل مكان ‪ ،‬فهي ل تنفك عن الدعوة إل ال‬
‫على كل حال ‪ ،‬تتأل لواقع أمتها ‪ ،‬هذه الفتاة تقدم لطبتها شاب معه زوجة أخرى لكنها‬
‫مريضة ‪ ،‬تذكر هذه الخت ‪ :‬أنا مترددة ليس بسبب أنه معه زوجة أخرى ‪ ،‬بل هي تطمع‬
‫بالعدد لتتفرغ ف بعض اليام للدعوة إل ال تعال ‪ ،‬وإنا الذي جعلها تتردد هو أنا تطمع‬
‫أن تشاركها ف زوجها أخ تٍ لا ف ال تعال فتسي معها جنبا إل جنب ف الدعوة إل ال‬
‫تعال بل تذ كر عن ها هذه ال خت أن ا تقول ‪ :‬وال إ ن جعلت هذه ال خت هدفا أ سعى‬
‫لطبت ها لزوج ال ستقبل إن شاء ال تعال ‪ ،‬لي ست هي وال عوا طف ‪ ،‬وإن ا هو هم أحله‬
‫على عات قي ‪ ،‬وأ نا أ عي ما أقول ‪ ،‬وال لطال ا رددت قول ال تعال ‪ { :‬وَاجْعَل لّي َوزِيرا‬
‫مّ نْ أَهْلِي * هَارُو نَ أَخِي * ا ْش ُددْ بِ هِ َأزْرِي * وَأَ ْشرِكْ هُ فِي َأ ْمرِي * كَ يْ نُ سَّبحَكَ كَثِيا *‬
‫وََنذْ ُكرَكَ كَثِيا * إِنّكَ كُنتَ بِنَا َبصِيا * قَالَ َقدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى }‬

‫وأرجو ال تعال أن يتحقق ذلك ل ‪ ،‬ما تقق لوسى بقوله ‪ { :‬قَالَ َقدْ أُوتِي تَ سُؤَْلكَ‬
‫يَا مُوسَى }‬

‫نعم وال ‪ ،‬أريدها معينة ل على الدعوة ‪ ،‬وأريد أن أعينها على الدعوة إل ال تعال ‪.‬‬

‫ثم تقول هذه الخمت ‪ :‬إن هذه الخمت حدثتنم أن صمديقتها رأت فّ رؤيما مرتيم‬
‫متتاليت ي و قد سألت عن ها من ي يد ت عبي الرؤى ‪ ،‬فحاول أن يع مي علي ‪ ،‬فقلت أ سألك‬
‫وأجب ن ‪ ،‬أتعبي ها كذا وكذا ‪ ،‬و هو ذالك ال م الذي أحله ‪ ،‬قال ‪ :‬ن عم ‪ ،‬قل تُ ‪ :‬ول ا ل‬
‫تصارحن ‪ ،‬قال ‪ :‬كنت أخشى من التفريق بينكما ‪ ،‬فقلت ف نفسي ‪ :‬عن هذا كنت أبث‬
‫‪ ،‬انتهى ما كتبته هذه الخت وفقها ال تعال ‪..‬‬
‫تعليق ‪:‬‬

‫ل قد أردت أن أ عب عن هذا الو قف فأع جم ل سان عن البيان ‪ ،‬غ ي أ ن قلت ‪ :‬لن‬


‫توت أمة فيها مثل هذه النماذج !!‬
‫‪17‬‬
‫قليلة التاع كثية البكة‬

‫ما أج ل الد يث عن الدعوة إل ال تعال ‪ ،‬و ما أحلى ال سي ف ركاب ا ‪ ،‬دون كم ما‬


‫كتبته إحدى الخوات عن قصة امرأة أشرب قلبها حب الدعوة إل ال تعال حيث تقول ‪:‬‬
‫عنوان رنان ‪ ،‬وصمدر لقصميدة حزينمة اجترتام أوتار الفسمدين ‪ ،‬وعزفمت ألانام أقلم‬
‫العلمانيي ‪ ،‬وتراقصت أمامها طوابي النهزمي ‪ ،‬إنا صورة الرأة اللهية العابثة ‪ ،‬الت ما‬
‫إن يقرّ قرارها ف البيت ‪ ،‬حت تطي مرة أخرى لهثة خلف الطام ‪ ،‬وقد خلفت وراءها‬
‫أسمرة متداعيمة الركان ‪ ،‬متراكبمة الحزان ‪ ،‬قمد أسملمت قيادهما لمرأة غربيمة ‪ ،‬أسمتها‬
‫الاد مة ‪ ،‬أو صورة لال كة أخرى جعلت من نف سها غرض النظرات ‪ ،‬وهدفا رخي صا ف‬
‫كمل الجلت ‪ ،‬طمرت معال وجههما تتم ركام اللوان ‪ ،‬وأخذت فم كمل وادٍ تيمم بل‬
‫عنوان ‪ ،‬تبحث عن مدها الفقود وعزها الؤود ‪ ،‬وما باءت إل بوان ‪.‬‬

‫رويدكم يا بن قومي ‪ ،‬ليست هذه من أعن ‪ ،‬وليست هي من أريد ‪ ،‬هذه الصورة‬


‫الت تقدم لنا من خلل الشرطة والحاضرات ‪ ،‬ل تثلنا معاشر النساء الفضليات ‪ ،‬لستُ‬
‫من يلقي القول جزافا ‪ ،‬فهمتنا للخي عالية ‪ ..‬ودونكم شيئا من أخبارنا ‪..‬‬
‫هي ق صة لمرأة أعرف ها تام العر فة ‪ ،‬هي امرأة لكن ها لي ست كالن ساء ‪ ،‬الكادحات‬
‫الكالات ‪ ،‬بل ملكة متوجة ‪ ،‬خرية قسم أصول الدين من جامعة المام ممد بن سعود‬
‫رحه ال تعال ‪ ،‬وهي متزوجة ‪ ،‬تدير شؤون ملكتها بنفسها ‪ ،‬ترعى حق ال تعال ‪ ،‬وحق‬
‫زوج ها وأهله ‪ ،‬تقوم على خدمتهم وتر عى شئونم صابرة متسبة ‪ ،‬تقوم بأعباء النل ول‬
‫خاد مة ‪ ،‬مع قيام ها ب ق أم زوج ها ال سنة ‪ ،‬ل كن ‪،‬ل يه نأ ل ا بال و هي تر قب ال سالكي‬
‫والسالكات ف طريق الدعوة إل ال تعال ‪ ،‬نعم ‪ ،‬كانت ترقبهم بطرف حزين ‪ ،‬نعم ‪ ،‬ل‬
‫ي كن ليه نأ ل ا بال و هي ل تدلُ بدلو ها ب ي دلء الداعيات إل ال تعال ‪ ،‬لتأ خذ على إ ثر‬
‫ذلك ن صيبها من ال ي ‪ ،‬كا نت تاول أن ت د ل ا موض عا ‪ ،‬ف ما كا نت لتر ضى الع يش ف‬
‫السافل دون العال يتراوح لا قول الشاعر ‪:‬‬

‫وما للمرء خي ف حياة *** إذا ما عد من سقط التاع‬

‫ولكمن هذه الرغبمة اصمطدمت برفمض زوجهما لروجهما إل مياديمن الدعوة على‬
‫اختلف ها ‪ ،‬ل كن ما زال ال م ف قلب ها ي كب وي كب مع مرور اليام ‪ ،‬فعز مت على ال ضي‬
‫على شق الطر يق مه ما تو غل ف الوعورة ‪ ،‬ل كن مع ر ضا زوج ها ‪ ،‬وفكرةً ب عد فكرة ‪،‬‬
‫وخاطرةً ب عد خاطرة ‪ ،‬و مع الدعاء والتضرع هدا ها ال عز و جل إل فكرةٍ وضاءة ت مع‬
‫فيها بي رضا خالقها ورضا زوجها ‪ ،‬إنا الدعوة بالراسلة ‪ ،‬هي وسيلة ل تتاج إل كبي‬
‫جهد ‪ ،‬و مع ذالك فهي عظيمة النفع وال ثر ‪ ،‬ولكن تصدت لفكرتا عقبة كؤود كادت‬
‫تتهاوى عليها قوارب الحلم ‪ ،‬إنا الادة عصب الياة ‪ ،‬من أين لا تأمي مستلزمات هذه‬
‫الرسائل ‪ ،‬مع قيمة إرسالا ؟ لكن العبد إذا صدقت نيته صدقه ال تعال ‪:‬‬

‫أرى نفسي تتوق إل أمور *** وتقصر دون مبلغها بعض حال‬

‫فنفسي ل تتطاوعن ببخلٍ *** ومال ل يبلغن العال‬


‫ثم عادت إل التفكيم والدعاء مرة أخرى ‪ ،‬فطريمق النمبياء تريده بأي ثنم ‪ ،‬حينهما‬
‫تذكرت قصة أم الساكي ‪ ،‬الت قالت عنها عائشة رضي ال تعال عنها ‪ " :‬كانت صناع‬
‫اليدين تعمل بيديها وتتصدق "‬

‫فاتذت من صنع يديها عملً يدر عليها ربا وإن قل ‪ ،‬فالشأن كل الشأن ف البكة ‪،‬‬
‫حين ها تو صلت إل ما تتا جه ‪ ،‬ف هي تتاج إل جهاز للحا سب الل ‪ ،‬مع طابع ته ‪ ،‬وآلة‬
‫تصوير ‪ ،‬وجهاز للفاكس ‪ ،‬ولكن من أين ذلك ؟؟‬

‫فتأملت ذهبا عندها ‪ ،‬ووجدت أن قيمته يكفي بعض ما تتاجه ‪ ،‬فكلمت زوجها بذالك‬
‫فأكمل لا البلغ مع قلة ذات اليد ‪ ،‬حينها بدأت بطباعة بعض الرسائل ‪ ،‬مقابل مبلغ مادي‬
‫تتقاضاه ‪ ،‬ث ت ستثمر ث ن ذالك ف الدعوة إل ال عز و جل ‪ ،‬وكان من نتاج ذالك مئة‬
‫وعشرون رسالة دعوية ‪ ،‬تصلت على عناوينها من خلل إذاعة القرآن الكري ‪ ،‬تتراوح‬
‫هذه الرسائل ما بي مطوية وكتب صغية ومتوسطة تتعلق بوضوعات العقيدة الصحيحة ‪،‬‬
‫وهي ما كانت ترص عليه ‪ ،‬ث هي مع ذلك تقوم بشراء بعض الكتيبات من مكاتب توعية‬
‫الاليات وتقوم بنشر ها على ال طبيبات والمرضات ف ال ستوصفات وال ستشفيات ‪ ،‬ح ت‬
‫أخذت رسائل السترشدين تتوافد على غرفتها الصغية ‪ ،‬فهذا يطلب مصحفا وآخر كتابا‬
‫وآخر مطوية ‪ ،‬كان جهد القل ‪ ،‬مع ذلك فكم أحيا ال بذا العمل اليسي قلوبا غافلة ‪،‬‬
‫وأنار بصمائر مسمتغرقة ‪ ،‬كانمت ر سائل خيم ونور رائعمة ‪ ،‬وأروع منهما اليدان اللتان قمد‬
‫مته ما و صاغتهما أحرفا من نور تض يء لل سالكي الطر يق ‪ ..‬وتوا صل ال خت حديث ها‬
‫قائلة ‪:‬‬

‫هذا هو ال هد وإن قل ‪ ،‬فالد ين ين صر ب نا أو بدون نا ‪ ،‬فإن بذل نا أ صبنا العزة ‪ ،‬وإن منع نا‬
‫أخذنا بالوان وكل واحد منا على ثغرٍ من ثغور السلم ‪.‬‬
‫الاتة‬

‫وب عد إيراد هذه الق صص ي ق ل كل واحدٍ م نا أن يت ساءل ‪ :‬بأي ش يء بل غت هؤلء‬


‫لكم أيتهما الفتاة أن تسمأل هذا السمؤال ‪ ،‬أعرف مما يول فم‬
‫النسموة هذا البلغ ؟! يقم ِ‬
‫خاطركِ وكأنكِ تقولي ‪ :‬كيف بلغن هذا البلغ ؟؟ هن فتيات مثلي ‪ ،‬لطالا تنيت أن أكون‬
‫مثلهن ‪ ،‬نعم ‪ ،‬مازال نداء الفطرة ينادين ‪ ،‬يصرخ ف أعماقي ‪ ،‬أسع هذا النداء بوضوح ‪،‬‬
‫ألتف تُ إل هذا الصوت ‪ ،‬لكن حجب الغفلة كثيفة ‪ ،‬أريد أزالته ‪ ،‬حت أرى صاحبة النداء‬
‫لرجع إليها ‪.‬‬

‫ما أروعكِ أيتها الفتاة الصالة ‪ ،‬نعم أقول ذلك وأنا الفتاة التبجة ‪ ،‬وأنا العاكسة ‪،‬‬
‫وأ نا ال ت ا ستبدلت كتاب رب ا بأ صوات الناعق ي والناعقات ‪ ،‬أ نا الشاردة عن ال أقول ا‬
‫بلئ فمي ‪ ،‬ما أروع كِ أيتها الية ‪ ..‬كن تُ أراك رمزا رائعا وما زلت أصدقكِ القول فقد‬
‫ت شيئا من خبكِ ‪ ،‬كم أنا باجة إلي كِ ‪ ،‬مدي‬
‫ازددت ف عين رفعةً ومكانة ‪ ،‬حينما سع ُ‬
‫إل يدك لتسملكِ بام سمبيل النجاة ‪ ،‬أحمس الن بانكشاف حجمب الغفلة ‪ ،‬فقمد وجدت‬
‫الصوت فهيا بارك ال فيك دلين على طريق الي لسلكه ‪ ،‬ل وقت للتأخي والتسويف ‪.‬‬

‫حينها يأتيها الواب من الية الصالة ‪:‬‬

‫أخي ت ‪ :‬إن طر يق ذلك الجاهدة ‪ ،‬أل ت سمعي إل قول ال تعال ‪{ :‬وَاّلذِي نَ جَا َهدُوا‬
‫حسِنِيَ }العنكبوت ‪69‬‬
‫فِينَا لََن ْهدِيَّنهُمْ سُبُلَنَا وَإِنّ ال ّلهَ َلمَعَ اْل ُم ْ‬

‫نعم أخية ‪ ،‬يعجبنا كغينا برج الياة الدنيا ‪ ،‬وزينتها ‪ ،‬لكننا آثرن ما عند ال على‬
‫الياة الفان ية ‪ ،‬ن عم أخ ية ‪ ،‬ن ن ف هذا الز من أحوج ما نكون إل الجاهدة ‪ ،‬عدة الهاد‬
‫لي ست مدا فع ول طائرات ‪ ،‬بل عدة ذالك سلح اليان ‪ ،‬به نقا تل ون صول ونول ‪ ،‬به‬
‫نكر ونفر ‪ ،‬لسنا يا أخية من يتول يوم الزحف ‪ ،‬إل لنتحرف إل قتال أو لنتحيز إل فئة ‪.‬‬
‫أعداءنا كثر ‪ ،‬إبليس والوى والنفس وشياطي النس والن ‪ ،‬يا أخية ‪ ،‬هيا احلي‬
‫السلح ‪ ،‬قد تقولي أي سلح !! فأقول ل كِ ‪ ،‬هو ف نداءات ل كِ فأرعن سعكِ يا رعاك‬
‫ال تعال ‪..‬‬

‫حينها يأتيها الواب مرة ثانية ‪ :‬إن طريق ذالك القرآن يا أخية ‪ ،‬فهو حبل ال التي‬
‫والنور ال بي ‪ ،‬من ت سك به ع صمه ال تعال ‪ ،‬و من اتب عه أناه ال تعال ‪ ،‬و من د عا إل يه‬
‫هدي إل صراط م ستقيم ‪ ،‬ن عم ‪ ،‬إ نه يزرع اليان ‪ ،‬ويز كي الن فس‪ ،‬إن ا آيات تنل بردا‬
‫وسلما على قلب الؤمن ‪ ،‬فل تعصف فيه فتنة ‪ ،‬حينها يطمئن القلب بذكر ال تعال ‪ ،‬إنه‬
‫يرد على الشبهات التم يثيهما أعداء السملم ممن الكفار والنافقيم ‪ ،‬نعمم ‪ ،‬إذا هممت‬
‫ِنم‬
‫ْنم م ْ‬
‫َاتم َي ْغضُض َ‬
‫بإطلق نظري إل الرام ‪ ،‬وإذا القرآن ربانم بقوله تعال {وَقُل لّ ْلمُ ْؤمِن ِ‬
‫حفَ ْظنَ ُفرُوجَ ُهنّ }النور ‪31‬‬
‫أَْبصَارِ ِهنّ وََي ْ‬

‫ّاسم مَن‬
‫ِنم الن ِ‬
‫وإذا هممت بسمماع رقيمة الشيطان ‪ ،‬إذا القرآن يُربينم بقوله { َوم َ‬
‫َيشَْترِي َلهْوَ اْلحَدِيثِ لُِيضِ ّل عَن سَبِيلِ ال ّلهِ }لقمان ‪6‬‬

‫َعم‬
‫ْنم بِاْلقَوْلِ فَيَ ْطم َ‬
‫ضع َ‬‫خ َ‬
‫وإذا هممت بالضوع بالقول ‪ ،‬إذا القرآن يُربينم ‪ { :‬فَلَا َت ْ‬
‫اّلذِي فِي قَلِْبهِ َمرَضٌ }الحزاب ‪32‬‬

‫وإذا هممت بالغيبمة ‪ ،‬فإذا القرآن يُربينم ‪ { :‬وَلَا َيغْتَب ّب ْعضُكُم َبعْضا }الجرات‬
‫‪12‬‬
‫وإذا تقاعسمت عمن قيام الليمل ‪ ،‬وإذا القرآن يهمز أعماق قلبم بوصمف ربم لعباده‬
‫جعُو نَ * وَبِالْأَ ْسحَارِ هُ مْ يَ سَْت ْغ ِفرُونَ }الذاريات ‪17‬‬
‫الؤمن ي {كَانُوا قَلِيلً مّ نَ اللّيْلِ مَا َي ْه َ‬
‫‪18‬‬
‫حين ها أ هب من فرا شي لناجاة ال تعال ‪ ،‬ك نت أقرأ ف و صف ال نة فيط ي قل ب‬
‫شوقا إلي ها ‪ ،‬وكنت أقرأ ف و صف النار فيط ي قلب فزعا من ها ‪ ،‬ل تعجب من ذالك إن ا‬
‫تربية القرآن ‪ ،‬فقول ل كيف حالكِ مع القرآن يا أخية ؟!‬

‫ث يأتيها الواب مرة ثالثة ‪ :‬إنه طريق ذلك الدعاء ‪ ،‬نعم ‪ ،‬فالدعاء أكرم شيء على‬
‫ال تعال ‪ ،‬هو طريق إل الصب ف سبيل ال تعال ‪ ،‬وصدق ف اللجأ وتفويض المور إليه‬
‫والتوكل عليه ‪.‬‬

‫يا أخ ية ‪ :‬ك يف حال كِ مع الدعاء ؟ إن هذه العبادة سهلة مي سورة مطلقا ‪ ،‬لي ست‬
‫بقيدة بكان ول زمان ول حال ‪ ،‬وإن كانت تتأكد ف بعض الوقات وف بعض الماكن ‪،‬‬
‫فالدعاء ف الليل والنهار وف الب والبحر والو ‪ ،‬والسفر والضر ‪ ،‬وحال الغن والفقر ‪،‬‬
‫والرض والصحة ‪ ،‬والسر والعلنية ‪ ،‬فالدعاء وأي وال وظيفة العمر ‪ ،‬وهي مع السلم ف‬
‫أول منازل العبود ية ‪ ،‬وأو سطها وآخر ها ‪ ،‬ليع يش الع بد دائما ف حال اللتجاء والفتقار‬
‫لالقه وموله سبحانه وتعال ‪ ،‬وملزمة الدعاء أخذ بأسباب رفع البلء ‪ ،‬ودفع الشقاء ‪،‬‬
‫كما قال تعال ‪ { :‬وََأ ْدعُو رَبّي َعسَى أَلّا أَكُونَ ِب ُدعَاء رَبّي َشقِيّا }مري ‪48‬‬

‫يا أخ ية ‪ :‬كم من بلء ُردّ ب سبب الدعاء ‪ ..‬و كم من م صيبة كشف ها ال بالدعاء ‪،‬‬
‫وكم من ذنب ومعصية غفرها ال تعال بالدعاء ‪ ،‬فهو حرز للنفس من الشيطان ‪ ،‬وترس‬
‫لرد الصعاب ‪ ،‬وقد قال تعال { وَلَْيأْ ُخذُواْ ِحذْرَ ُهمْ وَأَسْ ِلحََتهُمْ }النساء ‪102‬‬

‫يا أخية ‪ :‬ما أحوجنا فيه إل الدعاء ف وقت كثرت فيه الفت وادلمت ‪ ،‬يا أخية ‪ :‬يا‬
‫م‪،‬‬
‫م عمن ال تعال ‪ ،‬قمد تقوليم دعوت فلم يسمتجب ل ‪ ،‬فأقول لك ِ‬
‫ممن شردت ِ‬
‫نن ندعو ال ف كل كرب ث ننساه عند كشف الكروب ‪:‬‬

‫كيف نرجو إجابة لدعاء *** قد سددنا طريقها بالذنوب‬

‫ث يأتيها الواب مرة رابعة ‪ ،‬يا أخية ‪ :‬إنه الوت ‪ ..‬وكفى بالوت واعظا و زاجرا ‪:‬‬
‫إن البيب من الحباب متلس *** ل ينع الوت بواب ول حر‬

‫فكيف تفرح بالدنيا ولذتا ‪ *** ..‬يامن يعد عليه اللفظ والنفس‬

‫أصبحت يا غافل ف النقص منغمسا *** وأنت دهرك ف اللذات منغمس‬

‫ل يرحم الوت ذا جهر لغرته *** ول الذي كان منه العلم يقتبس‬

‫يا أخية ‪ :‬إن المر أكب ما تتصورين ‪ ،‬نعم ‪ ،‬وبعد هذا القب ‪ ،‬وبعد ذلك الشر ‪،‬‬
‫ث ال ساب وال صراط ‪ ،‬ث ل ندري إل أي الدار ين ن سي ‪ ،‬يا أخ ية هذا هو طريق نا فه يا‬
‫جاهدي واصمبي ‪ ،‬والأي إل ال بالدعاء ‪ ،‬وابتعدي عمن مواطمن الفتم والنكرات ‪،‬‬
‫وتذكري الوت ل يغيب ل كِ على بال ‪ ،‬ما زالت يدي ف يد كِ ‪ ،‬لن أدع كِ ما حييت بإذن‬
‫ال تعال ‪.‬‬

‫هذا هو الذي أو صلن لذا أيت ها البار كة ‪ ،‬ل يأت ذلك من فراغ ‪ ،‬بل كان ذلك‬
‫ثرة صمب وماهدة ومكابدة ‪ ،‬فلقمد علممت أن النمة حفمت بالكاره ‪ ،‬وأن النار حفمت‬
‫بالشهوات ‪ ،‬فيما غيوم الغفلة تقشعمي ‪ ،‬ويما قلوب الشفقيم اخشعمي ‪ ،‬و يما جوارح‬
‫التهجدين اسجدي لربك واركعي ‪ ،‬وبغي جنان اللد أيها المم العالية ل تقنعي ‪ ،‬فطوب‬
‫لن أجاب وأصاب ‪ ،‬وويل لن طرد عن الباب ‪.‬‬

‫يا أخية ‪ :‬أل إنا الدنيا بقاؤها قليل ‪ ،‬وعزيزها ذليل ‪ ،‬وغنيها فقي ‪ ،‬شابا يهرم ‪،‬‬
‫وحيها يوت ‪ ،‬أين سكانا الذين بنوا مرابع ها ‪ ..‬وشققوا أنارها ‪ ..‬وغرسوا أشجارها ‪..‬‬
‫وأقاموا فيهما أياما يسمية ‪ ،‬وغرتمم بصمحبتها ‪ ،‬وغروا بنشاطهمم ‪ ،‬فارتكبوا العاصمي ‪،‬‬
‫حدثين ما صنع التراب بأبدانم ؟‪ ..‬والرمل بأجسامهم ؟‪ ..‬والديدان بأوصالم ولومهم‬
‫وعظامهم ؟‪..‬‬

You might also like