You are on page 1of 20

‫وأقبلت نفحات النان‬

‫عادل بن عبدالعزيز الحلوي‬

‫‪1‬‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫المد ل الذي جعل شهر رمضان غرة وجه العام ‪ ،‬أجزل فيه الفضائل والنعام ‪ ،‬وفضل‬
‫أيامه على سائر اليام ‪ ،‬جعله لعقد شهور العام واسطة النظام ‪.‬‬
‫عمر ليله بالقيام ‪ ،‬وناره بالصيام ‪.‬‬
‫أحده سبحانه وأشكره ‪ ،‬وفق من شاء من عباده للطاعات ‪ ،‬فتح لم أبوابا وسهل لم‬
‫أسبابا ‪.‬‬
‫وأصلي وأسلم على خي من صلى وصام ‪ ،‬وبكى من خشية ربه حي قام ‪.‬‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وصحبه أول الي والنعام ‪ ،‬ومن تبعهم بإحسان صلة دائمة‬
‫ما تعاقبت الليال واليام ‪.‬‬
‫أحبت ف ال ‪..‬‬
‫إن رحة ال تعال بعباده تيئة مواسم الطاعات والقربات ‪ ،‬ليتزودوا منها بالباقيات‬
‫الصالات ‪ ،‬ويأخذوا عدتم منها قبل المات ‪ ،‬فكم هو رحيم بعباده كري جواد معطاء‬
‫‪.‬‬
‫ومن أجل هذه الواسم موسم رمضان ‪ ،‬ذلك الشهر الذي جعله زمن فريضة عظيمة ‪،‬‬
‫وعبادة جليلة ‪ ،‬إنه مكان الركن الرابع من أركان السلم –الصيام‪.-‬‬
‫وجعله وقت نزول القرآن ‪َ { :‬شهْ ُر رَ َمضَانَ اّل ِذيَ أُنزِ َل فِيهِ الْقُرْآنُ ُهدًى لّلنّاسِ وَبَيّنَاتٍ‬
‫مّ َن اْلهُدَى وَالْفُرْقَانِ } البقرة ‪185‬‬
‫ف هذه الليلة الباركة ‪.‬‬
‫و ف ملس من مالس الب والفضل والحسان نلس مع هذه الوجوه الطاهرة ف لقاء‬
‫عنوانه‬

‫‪2‬‬
‫(وأقبلت نفحات النان)‬
‫وقد انتظم ف هذا الدرس ست عناصر ‪:‬‬
‫ـ أعرف قدر زمانك‪.‬‬
‫_كيف كان النب صلى ال عليه وسلم وسلفنا الصال‪.‬‬
‫ـ كنوز رمضان وثرات الصيام ‪.‬‬
‫ـ وقفة ماسبة على أبواب الشهر ‪.‬‬
‫ـ أل يرق القلب ‪.‬‬
‫ـ رمضان والنطلقة الكبى ‪.‬‬
‫أيها الحبة ‪:‬‬
‫ينبغي للمسلم الؤمن أن يقدر هذه الواسم حق قدرها ‪ ،‬يستشعر بقلبه فضيلتها ‪،‬‬
‫فرمضان موسم مبارك ‪ ،‬أيامه فاضلة ‪ ،‬ولياليه مباركه ‪ ،‬كان رسول ال يبشر أصحابه‬
‫بقدومه فيقول ‪:‬‬
‫" إذا كان أول ليله من ليال رمضان صفدت الشياطي ومردة الن ‪ ،‬وغلقت أبواب‬
‫النار ‪ ،‬فلم يفتح منها باب ‪ ،‬وفتحّت أبواب النان فلم يغلق منها باب ‪ ،‬وينادي منادٍ ‪:‬‬
‫يا باغي الي أقبل ‪ ،‬ويا باغي الشر أقصر ‪ ،‬ول عتقاء من النار ‪ ،‬ذلك كل ليله " رواه‬
‫الترمذي ‪.‬‬
‫جعل ال بينه وبي النار خندقا كما بي السماء والرض ‪.‬‬

‫قال النذري –رحه ال تعال‪: -‬‬


‫وقد ذهبت طوائف من العلماء إل أن هذه الحاديث جاءت ف فضل الصوم ف الهاد‬
‫‪ ،‬و ذهبت طائفة إل أن كل الصوم ف سبيل ال إذا كان خالصا لوجه ال تعال ‪.‬أ‪.‬هـ‬
‫فاخلص ف العمل أيها العبد البارك ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫اعرف قدر زمانك‪ .‬ففي رمضان" ل عند كل فطر عتقاء " رواه أحد‬
‫وعن أب سعيد الدري قال ‪ :‬قال رسول ال ‪ " :‬إن ل تبارك وتعال عتقاء ف‬
‫كل يوم وليلة ‪ ،‬إن ل تبارك وتعال عتقاء ف كل يوم وليلة ‪ ،‬وإن لكل مسلم ف كل‬
‫يوم وليلة دعوة مستجابة " رواه الترمذي وهو ف صحيح الترغيب‬
‫فهذه بعض فضائل هذا الوسم البارك ‪:‬‬
‫ـ تفتيح أبواب النان ‪.‬‬
‫ـ إغلق أبواب النيان ‪.‬‬
‫‪ -‬ل عتقاء ف كل يوم وليلة ‪ ،‬وعند كل فطر ‪.‬‬
‫‪ -‬للصائم دعوة ل ترد ‪.‬‬
‫‪-‬من صام رمضان إيانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ‪ ،‬وأيضا من قام ‪-‬رمضان‬
‫إيانا واحتسابا غفر له ما تقدم ‪.‬‬
‫‪ "-‬الصوم حاجز عن النار "‬
‫‪ -‬كل عمل ابن آدم له إل الصوم فإنه عطاء من الرب الكري ‪ ،‬وما ظنك برب كري‬
‫وهاب ‪.‬‬
‫شهر يفوق على الشهور بليلة *** من ألف شهر فضلت تفضـيلً‬
‫طوب لعبد صح فيه صيامه *** ودعا الهيمن بكرة وأصيــل‬
‫ل للــه تبتــيل‬ ‫وبليلة قــد قام يتم ورده *** متبتـــ ً‬

‫تأمل كيف كان رسول ال يتفي بذا الوسم ‪ ،‬ولك فيه أعظم أسوة ‪.‬‬
‫إذ قال ربك ‪{ :‬لَقَدْ كَا نَ لَكُ ْم فِي رَ سُولِ اللّ هِ ُأ ْسوَةٌ حَ سَنَةٌ لّمَن كَا نَ يَ ْرجُو اللّ هَ وَالَْيوْ مَ‬
‫الْآخِرَ وَ َذكَرَ اللّهَ كَثِيا }الحزاب ‪2 1‬‬

‫‪4‬‬
‫يدل على هذا حديث ابن عباس " كان رسول ال أجود الناس " وجوده كما يقول ابن‬
‫الق يم بم يع أنواع الود ‪ :‬بالال والبدن والو قت والاه والعلم والتعل يم ‪ ،‬والدللة على‬
‫الي ‪.‬‬
‫يت في بليال هذا الش هر البارك يقطع ها بالتلوة والقيام ‪ ،‬وغالب قيا مه كان منفردا ‪،‬‬
‫وذلك لرحته بالمة خشية أن يفرض القيام على أمته ‪.‬‬

‫تأمل كيف كان قيامه ف رمضان ‪-:‬‬


‫يقول أبو ذر ‪ " :‬كنا مع النب فلم يقم بنا حت بقي سبع من الشهر ‪ ،‬فقام بنا حت‬
‫ذهب ثلث الليل ‪ ،‬ث ل يقم بنا ف السادسة وقام بنا ف الامسة حت ذهب بنا شطر‬
‫الليل أي نصفه ‪ .‬تأمل ‪ ..‬ث ل يقم بنا ف الرابعة ‪ ،‬وقام بنا ف الثالثة حت خشينا أن‬
‫يفوتنا الفلح ( يعن السحور ) ‪.‬رواه أهل السنن‬
‫وهذا حذيفة يقول ‪ :‬صليت مع رسول ال ليلة ف رمضان قال ‪ :‬فقرأ بالبقرة ث‬
‫بالنساء ث آل عمران ‪ ،‬ل ير بآية تويف إل وقف وسأل ‪ ،‬قال ‪ :‬فما صلى الركعتي‬
‫حت جاءه بلل فآذنه بالصلة ‪ ،‬أي صلة الفجر " أخرجه المام أحد ‪.‬‬
‫فك يف حال نا مع صلة القيام والتراو يح ن ن على ال بركعات ل اطمئنان في ها ول‬
‫خشوع ‪ ،‬ول تبتل ول خضوع ‪ ،‬فصار أحدنا ل هو الذي صلى ففاز بالثواب ‪ ،‬ول هو‬
‫الذي ترك فاعترف بتقصيه وسَلم من العجاب ‪.‬‬
‫أ ين ن ن من حال ال سلف الذ ين كانوا يعظمون هذه العبادة ‪ ،‬كانوا ي صلون ويقومون‬
‫حت يعتمدون على العصي من طول القيام ‪.‬‬
‫كان علي بن عبدال بن عباس يسجد كل يوم ألف سجدة ‪ ،‬فسمي السجاد ‪.‬‬
‫وسعيد بن جب يتم القرآن ف ركعةٍ ف جوف الكعبة ‪.‬‬
‫وكان عروة بن الزبي ـ رحه ال ـ يقرأ كل يوم ربع القرآن ف الصحف ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫قال العتمر بن سليمان ‪ :‬مكث أب سليمان التميمي ـ رحه ال ـ أربعي سنة يصوم‬
‫يوما ويفطر يوما ‪ ،‬وكان يصلي صلة الفجر بوضوء العشاء الخرة ‪.‬‬
‫قال مع مر ‪ " :‬صلى على جانب سليمان التميمي ـ رح ه ال ـ بعد العشاء الخرة‬
‫ف سمعته يقرأ ف صلته ‪ " :‬تبارك الذي بيده اللك " ح ت أ تى على هذه ال ية ‪ " :‬فل ما‬
‫رأوه زلفـة سـيئت وجوه الذيـن كفروا " فجعـل يرددهـا حتـ خـف أهـل السـجد‬
‫وان صرفوا ‪ ،‬ث خر جت إل بي ت ‪ ،‬فل ما رج عت إل ال سجد لوذن الف جر فإذا سليمان‬
‫التميمي ف مكانه كما تركته البارحة !! وهو واقف يردد هذه الية ل ياوزها ‪.‬‬
‫قال أبو إسحاق السباعي ـ رحه ال ـ ذهبت الصلة من !! ( أي لا ضعفت وكب‬
‫سـن ) وضعفـت ورق عظمـي ‪ ،‬إنـ اليوم أقوم فـ الصـلة فمـا اقرأ إل البقرة وآل‬
‫عمران !! ‪ ،‬وكان رح ه ال قد ض عف على القيام ‪ ،‬فكان ل يقدر أن يقوم إل ال صلة‬
‫حت يقام ‪ ،‬فإذا أقاموه فاستتم قائما قرأ ألف آية وهو قائم ‪.‬‬
‫وهل كانت صلتم صلة الغافلي اللهي كحالنا اليوم ‪ ..‬اسع طرفا من أخبارهم ‪.‬‬
‫ـ قال يعمر بن بشر ‪ :‬أتيت باب عبدال بن البارك ـ رحه ال ذات ليلة بعد العشاء‬
‫فوجدته يصلي وهو يقرأ قوله تعال ‪ ( :‬إذا السماء انفطرت ) حت بلغ ( يا أيها النسان‬
‫ما غرك بربك الكري ) فوقف عندها يرددها إل أن ذهب وقت من الليل فانصرفت ث‬
‫رج عت غل يه ل ا طلع الف جر فإذا هو ل يزال يردد ها ‪ ،‬فل ما رأى الف جر قد طلع قال ‪:‬‬
‫حلمك وجهلي !! حلمك وجهلي !! فانصرفت وتركته ‪.‬‬
‫ـ قام الع بد ال صال ‪ :‬سعيد بن جبي ـ رح ه ال ـ ذات ليلة ي صلي من الل يل فقرأ‬
‫( وامتازوا اليوم أيها الجرمون ) ‪ ،‬فأخذ يرددها حت أصبح ‪.‬‬
‫ـ قام العبد الصال ‪ :‬سعيد بن جبي ـ رحه ال ـ ذات ليلة يصلي من الليل فمر بذه‬
‫اليـة ( واتقوا يوما ترجعون فيـه إل ال ) فرددهـا بضعا وعشريـن مرة ‪ ،‬وكان يبكـي‬
‫بالليل حت عمش ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ـ كان العبد الصال علي بن الفضيل بن عياض ـ رحه ال ـ يصلي من الليل حت‬
‫مـا يقدر أن يأوي إل فراشـه إل حبوا !! ثـ يلتفـت إل أبيـه ويقول ‪ :‬يـا أبـت سـبقن‬
‫التعبدون !!‬
‫ـ قيل للعبد الصال ‪ :‬يزيد بن هارون ـ رحه ال ـ وكان ذو عيني جيلتي فعمي‬
‫من كثرة بكائه من الليل ‪ ،‬يا أبا خالد ما فعلت العينان الميلتان ؟!! فقال ‪ :‬ذهب بما‬
‫بكاء السـحار !! ‪ ،‬ولاـ سـئل عـن حزبـه ( أي ورده بالليـل ) قال ‪ :‬وأنام مـن الليـل‬
‫شيئا ؟!! إذا ل أنام ال عين ‪.‬‬
‫ـ عن عبدا لرحن بن عجلن قال ‪ :‬بت عند الربيع بن خيثم ـ رحه ال ـ ذات ليلة‬
‫سبَ اّلذِي نَ اجتر حوا ال سّيّئَاتِ أّن ّنجْعََلهُ مْ كَاّلذِي نَ‬
‫فقام يصلي ‪ ،‬فمر بذه الية ‪{ :‬أً مْ حَ ِ‬
‫آمَنُوا وَ َعمِلُوا ال صّالِحَاتِ َسوَاء ّمحْيَاهُم وَ َممَاتُهُ مْ سَاء مَا َيحْ ُكمُو نَ }الاث ية ‪، 2 1‬‬
‫فمكث ليلته حت اصبح ما ياوز هذه الية إل غيها ببكاء شديد ‪.‬‬
‫ـ كان الربيع بن خيثم ـ رحه ال ـ إذا قام بالليل يصلي تناديه أمه مشقة عليه وتقول‬
‫له ‪ :‬يا بن أل تنام ؟ فيقول لا ‪ :‬يا أماه من جن عليه الليل وهو ياف البيات حق له أل‬
‫ينام ‪.‬‬
‫ـ قال عطاء الرا سان ـ رح ه ال ـ تب عت مالك بن دينار ـ رح ه ال ذات ليلة‬
‫فرأيته لا دخل بيته استقبل القبلة وقام ف مرابه وأخذ يصلي ما شاء ال أن يصلي ‪ ،‬ث‬
‫أ خذ بلحي ته وج عل يقول ‪ :‬يا رب إذا جعت الول ي والخرين فحرم شي بة مالك على‬
‫النار ‪ ،‬فما زال يرددها حت طلع الفجر ‪.‬‬
‫هكذا كانوا يعيشون بالطاعات ‪ ،‬يتلذذون بالقربات ‪.‬‬
‫فلله درهم ‪ ،‬من خلق ‪ ،‬أصبحوا حججا على من جاء بعدهم ‪.‬‬
‫هذا حالم مع القيام ف غي رمضان ‪ ،‬فكيف ت ظن حالم ف ليال رمضان ‪ ،‬لقد كانوا‬
‫يقومون الليال ف رمضان حت يعتمدون على العصي من طول القيام ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫كانوا إذا قرأ القارئ البقرة ف ثان ركعات عدوا ذلك تفيفا ‪ ،‬فليت شعري كيف لو‬
‫رأوا قيامنا وصلتنا ‪.‬‬
‫كانوا يعظمون رمضان ل يكاد أحدهم يرج من السجد يفظ صيامه ‪ ،‬ولك أن تتخيل‬
‫زمانم وزماننا ‪.‬‬
‫كيف كانت شوارعهم وبيوتم وقت ذاك ‪ ،‬إذ يشون فساد صيامهم ‪ ،‬فك يف حال‬
‫شوارعنا وبيوتنا اليوم ؟‬
‫ولك أن تتخيـل كيـف كان حال أهـل زمانمـ وهـم قـد وصـفوا بالصـلح والتقوى‬
‫وقارن بينهم وبي أهل زمانم ‪.‬‬
‫ل تعرضن بذكرهم ف ذكرهم *** ليس الصحيح إذا مشى كالقعد‬

‫‪8‬‬
‫رمضان وكنوزه العظيمة‬
‫أحبت ف ال ‪..‬‬
‫إن شرائع ال كاملة ‪ ،‬فال شرع الصيام لكم عظيمة ‪ ،‬وغايات كرية‬
‫من أعظم ها‪ :‬تق يق العبود ية ال قة ل ‪ ،‬فالع بد يترك طعا مه وشرا به وشهو ته من أ جل‬
‫ال ‪ ،‬لن ال أمره بذلك ‪ ،‬وهذا من أعظم الدلئل على اليان ‪.‬‬
‫فهو ما ترك هذه الشياء إل لعل مه أن ال فرض عليه ويؤ من ايضاأن ال يعوضه خيا‬
‫منها ف الدنيا والخرة ‪ ،‬بل انظر على الديث القدسي ‪:‬‬
‫" ترك طعامه وشرابه من أجلي "‬
‫من حكمه‪ :‬تقيق التقوى ‪:‬ـ‬
‫وأنعم با من خلة وأكرم با من نعمة ‪ ،‬والتقي عبدا أطاع ربه وموله ‪ ،‬وابتعد عن‬
‫مساخطه وما ل يرضاه ‪ ،‬سعى ف تقيقها ‪ ،‬وجاهد ف تصيلها وما اتقى ال من‬
‫ترك لنفسـه العنان ‪ ،‬ل يلجمهـا بلجام التقوى ‪ ،‬ولذا قال ‪ " :‬مـن ل يدع قول الزور‬
‫والعمل به فليس له حاجة أن يدع طعامه وشرابه " رواه البخاري‬
‫" ورب صائم ليس له من صيامه إل الوع والعطش ‪ ،‬ورب قائم ليس له من قيامه إل‬
‫السهر "‬
‫كم هي الثمار عظي مة عند ما تتأ ثر القلوب بال صيام ‪،‬فترى الل سنة قد ك فت عن‬
‫الرام ‪ ،‬وترى البصار قد غضت عن الرمات وترى اليدي قد حفظت عن الثام ‪.‬‬
‫كـم يتدرب الصـائم ويتعلم الخلص فـ رمضان ‪ ،‬ولذا قيـل‪ :‬أعظـم العمال التـ‬
‫يظهر فيها الخلص – الصيام‪. -‬‬
‫لن ال صائم يلو وحده ل يراه أ حد ‪ ،‬و مع ذلك ل ترؤ نف سه على الطعام والشراب‬
‫لعلمه بنظر ال عليه ومراقبته لربه جل وعل ‪.‬‬
‫استحضر أيها الصائم قول الصطفى ‪ " :‬من صام رمضان إيانا واحتسابا غفر له ما‬
‫تقدم من ذنبه " متفق عليه‬

‫‪9‬‬
‫صمْ لن ال فرض عل يك ال صيام ‪،‬‬
‫فأ نت ل ت صوم لن الناس حولك صائمون ‪ ،‬بل ُ‬
‫واحتسب الجر والثواب على ذي اللل والكرام ‪.‬‬
‫من أثر الصيام ما يدثه التخفيف من الطعام والشراب من صفاء الروح وسو النفس‬
‫وعلوها ‪ ،‬ولذا قيل للمام أحد ‪ " :‬أيشع القلب والبدن شبعان ؟ قال ‪ :‬ما أظن ذلك ‪.‬‬
‫فال صائم و قد ح بس نف سه عن الطعام والشراب ترف عت نف سه و صفت رو حه وش عر‬
‫بالرقة ‪ ،‬وتنعم بالنس ‪.‬‬
‫ويضاف إل التخفيف من الطعام والشراب التقليل من الخالطة للخرين ‪ ،‬ومن فعل‬
‫ذلك يرجـى له التلذذ بالطاعات والتنعـم بالقربات ‪ ،‬ولكننـا بأحبتـ نصـوم مـن الطعام‬
‫والشراب نارا ونتخـم العدة ليلً فل نرى خشوعا ‪ ،‬ول نشعـر بروحانيـة الصـيام فـ‬
‫نفوسنا ‪.‬‬
‫وإذا كان أهل التربية يرون أن الرء يفف من مالطة الناس ف سائر الوقات ‪ ،‬فكيف‬
‫َاتـ } البقرة ‪1 8 4‬‬
‫بذه الوقات الباركـة التـ هـي كمـا سـاها ال { أَيّاما مّعْدُود ٍ‬
‫جديرا بالعقل أن يرص على حفظ وقته بالكثار من اللوس ف بيت ال ‪.‬‬
‫ف الصيام التمرن على ضبط النفس والسيطرة عليها عند النغات والثيات ‪.‬‬
‫وف الديث " فإن سابه أحد أو شاته فليقل إن امرؤ صائم "‬
‫ف رمضان يتذ كر ال صائم الفقراء والحتاج ي الذ ين ل يدون طعاما ي سد جوعت هم‬
‫ويروي عطشهم ‪.‬‬
‫كان عمر بن عبدا لعزيز ليشبع وقت خلفته فيقال له ‪ :‬يا أمي الؤمني‪ :‬لا ل تشبع ؟‬
‫فيقول ‪ :‬حت ل أنسى الوعى ‪.‬‬
‫إن الرء إذا شعـر بأل الخريـن ل ينسـاهم ‪ ،‬فالصـائم رباـ ذاق أل الوع فتذكـر‬
‫الائعي ‪.‬‬
‫فرأف بم ورحهم وجعل لم من ماله حظ ونصيب ‪ ،‬وهذا رسول ال أجود الناس‬
‫وأجود ما يكون ف رمضان " رواه البخاري ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫أبواب وقفة ماسبة على الشهر أحبت ف ال ‪..‬‬
‫لن قف اليوم ون ن على مشارف هذا الش هر البارك وق فة م صارحة وما سبة ‪ .‬لنتذ كر‬
‫حال نا ف رمضان الا ضي ‪ ،‬هل كلن حال مر ضي ‪ ،‬ك يف كان حفظ نا لل صيام ‪ ،‬ك يف‬
‫كان حالنا عند القيام ؟‬
‫هل كنا نتلذذ بالصيام نشعر بالنس والفرح عند ساعات الفطار ‪.‬‬
‫هل كنت من تؤثر السهر الطويل وتتلذذ بكثرة الركوع وطول السجود ؟‬
‫هل كنت تنتظر صلة التراويح بفارغ الصب ‪ ،‬أي الرجلي أنت أخي البارك ‪:‬‬
‫{ أَمّنْ ُه َو قَاِنتٌ آنَاء اللّيْلِ سَاجِدا َوقَائِما َيحْ َذرُ الْآخِ َرةَ وَيَرْجُو رَ ْحمَ َة رَبّهِ } الزمر ‪. 9‬‬
‫هل كنت عند تلوة اليات وساعها كما وصف ال أهل اليات ؟‬
‫شوْ نَ رَّبهُ مْ‬
‫خَ‬‫حدِي ثِ كِتَابا مَّتشَابِها مّثَانِ يَ تَ ْقشَعِرّ مِْن هُ ُجلُودُ اّلذِي نَ َي ْ‬
‫{اللّ هُ نَزّلَ َأحْ سَنَ اْل َ‬
‫ُثمّ َتلِيُ جُلُودُهُ مْ َوقُلُوبُهُ مْ ِإلَى ِذكْرِ اللّ هِ َذلِ كَ ُهدَى اللّ هِ َي ْهدِي ِب هِ مَ نْ َيشَاءُ وَمَن ُيضْلِلْ‬
‫اللّ ُه فَمَا لَهُ ِمنْ هَادٍ }الزمر ‪2 3‬‬
‫عن أم سعيد بن علق مه " قالت " كان داود الطائي ـ رح ه ال ـ جارا ل نا ‪ ،‬فك نت‬
‫اسع بكاؤه عامة الليل ل يهدأ ‪ ،‬ولربا ترن ف السحر بشيء من القرآن ‪ ،‬فأرى أن جيع‬
‫نعيم الدنيا قد جع ف ترنيمه تلك الساعة ‪.‬‬
‫كان العبد الصال داود الطائي ـ رحه ال ـ يي الليل بالصلة والبكاء والناجاة ‪ ،‬ث‬
‫يق عد بذاء القبلة فيقول ‪ :‬يا سواد لليلة ل تض يء ؟!! و يا ب عد سفر ل ينق ضي ‪ ،‬و يا‬
‫خلوتك ب تقول ‪ :‬داود أل تستح؟!!‬
‫قال أبو سلمان الداران ـ رحه ال ـ ربا أقوم خس ليال متوالية بآية واحدة ‪ ،‬أرددها‬
‫وأطالب نف سي بالع مل في ها ‪ ،‬ولول أن ال تعال ي ن علي بالغفلة ل ا تعد يت تلك ال ية‬
‫طول عمري ‪ ،‬لن ل ف كل تدبر علما جديدا والقرآن ل تنقضي عجائبه !!‬
‫كان السري السبطي ـ رحه ال ـ إذا جن عليه الليل وقام يصلي دافع البكاء أول‬
‫الليل ‪ ،‬ث دافع ‪ ،‬ث دافع ‪ ،‬فإذا غلبه المر أخذ ف البكاء والنحيب ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫أوصيك أخي البارك ‪..‬‬
‫أوصيك أخت الباركة ‪..‬‬
‫أن نتهد ف تصيل هذه اللذة ‪ ،‬وإذا ل نصل عليها ف أيام وليال رمضان فمت نصل‬
‫عليها ؟‬
‫قال بعض السلف‪:‬‬
‫" مساكي أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا ألذ ما فيها ‪ ،‬قيل‪ :‬ما ألذ ما فيها ؟ قال ‪:‬‬
‫النس بال والتلذذ بطابه والوقوف بي يديه "‬
‫رمضان فرصة عظيمة لزالة وحشة قلوبنا ‪.‬‬
‫إذا قمت إل صلتك فتذكر عظمة هذا القام ‪.‬‬
‫وإنـ أوصـيك إذا كنـت إماما أن تعظـم هذه السـئولية وتصـلي بالناس بشوع ‪،‬‬
‫وأوصيك إذا كنت مأموما أن تبحث عما فيه صلح قلبك ‪ ،‬جاء أناس إل المام فقالوا‬
‫له‪ :‬يـا إمام هـل يوز للمصـلي أن يترك مسـجد اليـ ويذهـب إل إمام آخـر ؟ فقال ‪:‬‬
‫أبث عما فيه صلح قلبك ‪.‬‬
‫حرك قلبك عند ساع مواعظ ال ‪ ،‬أل يقل ربنا ‪ { :‬يَا أَّيهَا النّا سُ قَدْ جَاءتْكُم ّموْعِ َظةٌ‬
‫ّهـ‬
‫الصـدُورِ وَ ُهدًى َورَ ْحمَةٌ لّ ْل ُمؤْمِنِيَ ( ‪ )5 7‬قُلْ بِ َفضْلِ الل ِ‬
‫ُمـ وَشِفَاء لّمَا فِي ّ‬
‫مّنـ رّبّك ْ‬
‫يونس ‪ 5 7‬ـ ‪5 8‬‬ ‫جمَعُونَ ( ‪} )5 8‬‬
‫وَبِرَ ْحمَتِ ِه فَِبذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ ُهوَ خَيْرٌ ّممّا َي ْ‬
‫ولك ف ر سول ال ‪ ،‬ف ها هو ي ر على ا بن م سعود وم عه صاحبان ‪ ،‬في ستوقفهم ا بن‬
‫م سعود ب صوته الندي وترتيله ال سجي ‪ ،‬في قف وي سمع وينت ظر طويلً كل ذلك تلذذا‬
‫بسماع اليات ‪.‬‬
‫كم ي سعد الرء عند ما يرى الموع الؤم نة ت فد على بيوت ال مبكرة تنت ظر صلة‬
‫التراو يح ‪ ،‬كم ت سعد الع ي و هي ترى التنا فس على ال صفوف الول ف هذه العبادة ‪،‬‬
‫فأين أنت منهم يا رعاك ال ‪ ،‬أل تكن الصلة قرة عي نبيك ؟‬
‫فأين هي من قلبك ؟‬

‫‪12‬‬
‫تذكر حال السلف ‪ ،‬يقول أحدهم وال ما خرجت من صلة إل واشتقت إل ما بعدها‬
‫‪.‬‬
‫يا و يح قلوب نا و يا وح شة النفوس و يا بعد ها عن موا طن الرحات ‪ ..‬أي ها البارك ‪..‬‬
‫أيتها الباركة ‪..‬‬
‫ها هو شهر رمضان حل ‪ ،‬وها هي موا طن الرحات قربت ‪ ،‬فكيف سيكون حالك‬
‫مع القيام ؟‬
‫كيف كان حالنا مع القرآن الكري ‪ ،‬ورمضان هو شهر القرآن ‪ ،‬تأمل ف حال السلف ‪.‬‬
‫ل قد كان ال سلف يعظمون كلم ال ‪ ،‬ول يقدمون عل يه كلم ‪ ،‬هذا على الدوام ‪ ،‬أ ما‬
‫فـ رمضان فلهـم فيـه شأن آخـر ‪ ،‬كانوا يتركون كتـب العلم " أقول كتـب العلم " ل‬
‫جرائد عصرنا وصحف وقتنا ‪ ،‬كم مرة ختمت أخي القرآن ف رمضان الاضي ؟‬
‫كيف كان حال سلفنا الصال ‪ ،‬كان للشافعي ف كل يوم وليلة من رمضان ختمتي ‪.‬‬
‫وقد تقول ل ‪ ..‬ذاك زمان سلف ‪ ،‬وأقول هذه حجة الباطلي الكسال ‪ ،‬إن ف زماننا‬
‫أيها الخوة من يتمون القرآن ف كل يوم وليلة مرة ‪.‬‬
‫وأعرف رجلً فـ جاعـة مسـجدي يتـم فـ رمضان كـل ثلث ‪ ،‬وقال ل ‪ ..‬لو أن‬
‫بصري يساعدن لتمت كل يوم ختمه وله تارته وأعماله‪..‬‬
‫إذا حالنا كان مع القرآن ف رمضان الاضي ل يسر ‪ ،‬فهل نستمر على ذلك ؟‬
‫تذكر أن القرآن شفيعا لصحابه يوم القيامة بنطوق حديث الصطفى‬
‫" فإنه يأت يوم القيامة شفيعا لصحابه "‬
‫ولقد اجتمع لك ف رمضان شفيعان كريان ‪ ..‬القرآن والصيام ‪.‬‬
‫وإن كتاب ال أوثـــق شافـــع وأغنــــــ غناءٍ واهبا متفضل‬

‫ــــــه تمل‬
‫وخيــ جليــس ل يلــ حديثــه وترداده يزداد فيـ‬

‫وحيـث الفتـ يرتاع فـ ظلماتـه مــن القــب يلقاه ســنا متهلل‬

‫‪13‬‬
‫ل وروضةً ومــن أجلة فــ ذروة العــز يتلي‬
‫هنالك يهنيـــــه مقي ً‬

‫ــيبه واجدر بـه سـؤالً إليهـا موصـل‬


‫ــ إرضائه لبـ‬
‫ــد فـ‬
‫يناشـ‬

‫ــل حال مبجل‬


‫ــ كـ‬
‫فيــا أيهــا القارئ بــه متمســكا مُجلً له فـ‬

‫هنيئا مرئيا والداك عليهمــــــا ملبــس أنوار مــن التاج واللي‬

‫ــفوة الل‬
‫ــل ال والصـ‬
‫فمـا ظنكـم بالنجـل عنـد جزائه أولئك أهـ‬

‫ـل‬
‫ـ جاء القرآن مفصـ‬
‫ـم باـ‬
‫أولو الب والحسـان والصـب والتقـى حلهـ‬

‫وأريدك يـا رعاك ال أن تعيـش مـع القرآن بقلبـك وتدبره تدبر الباحـث عـن النجاة‬
‫وحسبك أن ال قال ‪ { :‬إِنّ هَـذَا الْقُرْآ نَ ِي ْهدِي لِلّتِي هِ يَ َأ ْقوَ مُ وَيَُبشّ ُر الْ ُمؤْمِنِيَ اّلذِي نَ‬
‫يَ ْعمَلُونَ الصّاِلحَاتِ أَنّ َلهُمْ َأجْرا كَبِيا } السراء ‪9‬‬
‫تدبر وأ نت تقرأ هذا القرآن ن عم أ هل ال نة {ياعبادي ل َخوْ فٌ عَلَيْكُ مْ َولَ أَنتُ مْ‬
‫َتحْزَنُونَ }الزخرف ‪6 8‬‬
‫ِينـ آمَنُوا بِآيَاتِن َا َوكَانُوا‬
‫تدبر هذا النداء الكريـ الذي يطمئن النفوس مـن هـم {اّلذ َ‬
‫مُ سِْلمِيَ }الزخرف ‪ ، 6 9‬ما هي البشارة ؟ " ادْخُلُواْ اْلجَنّةَ " ث تنت قل بك اليات‬
‫على مش هد آ خر ‪ ،‬مش هد العذاب والنكال والزي {إِنّ اْلمُجْرِمِيَ فِي َعذَا بِ َجهَنّ مَ‬
‫خَاِلدُونَ }الزخرف ‪7 4‬‬
‫جع لم بي اللود واليأس من الرحة ‪ ،‬لاذا دخلوا هنا ‪ ،‬ما الذي أوجب عليهم الدخول‬
‫{ وَمَا ظََلمْنَا ُهمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَن ُفسَ ُهمْ يَظِْلمُونَ }النحل ‪1 1 8‬‬
‫ك قَالَ إِنّكُم‬
‫‪ ،‬ث اسع هذه الية ‪{ :‬وَنَا َدوْا يَا مَالِ كُ {وَنَا َدوْا يَا مَالِ كُ لِيَقْ ضِ عَلَيْنَا رَبّ َ‬
‫مّاكِثُونَ }الزخرف ‪ 7 7‬قَالَ إِنّكُم مّاكِثُونَ }الزخرف ‪7 7‬‬

‫‪14‬‬
‫ماذا يريدون من مالك خازن النار ؟ لِيَقْ ضِ عَلَيْنَا رَبّ كَ ‪ ،‬يطلبون الوت ‪ ،‬ف هل يابوا ؟‬
‫نعـم يابوا ‪ ،‬ولكـن بواب يلع مـا على قلوبمـ إل اليأس ‪ ،‬قال {لَ َقدْ جِئْنَاكُم بِاْلحَقّ‬
‫َولَكِنّ َأكْثَ َركُمْ لِ ْلحَقّ كَارِهُونَ }الزخرف ‪7 8‬‬
‫مر حى أي ها البارك ‪ ..‬مر حى أيت ها البار كة ‪ ،‬وأن تم تقربون القرآن ‪ ،‬وعيشوا مع هذه‬
‫اليات ‪ ،‬وبذا نستمتع بالقرآن ‪ ،‬إن كثي منا يقرأ القرآن ولكنه يرج بشاهد ‪ ،‬ويسمع‬
‫أغنية ‪ ،‬أين أنت من القرآن ؟‬
‫كيف كان حالنا مع الذكر ‪ ،‬كيف كان حالنا مع الب والصلة ‪ ،‬كيف كان حالنا مع‬
‫الود والصدقة وتفطي الصائمي ‪ ،‬رمضان موسم للصدقة والنفاق أل يكن نبيك أجود‬
‫الناس ‪ ..‬تش به به ‪ ،‬هذه كا نت حقي قة أحوال نا لل سنوات الاض ية ف هل سنبقى على هذا‬
‫الال ؟‬
‫لقد كنا دائما ندث أنفسنا بانتهاز فرصة رمضان ‪ ،‬فها هو رمضان قادم ‪ ،‬فما عسانا‬
‫فاعلون ؟ رمضان يطل علينا هلله بعد أيام ‪ ،‬فأي رمضان يكون رمضانك هذه الرة ؟‬
‫* هل هو رمضان السوفي الكسال ؟‬
‫* أم هو رمضان السارعي الجدين ؟‬
‫* هل هو رمضان الصيام والقيام القيقي ؟‬
‫* أم هو رمضان صيام العادة وقيام الكسال ؟‬
‫* هل هو رمضان الفظ على الوارح والركان؟‬
‫* أم هو رمضان الضياع ومشاهدة السلسلت والفلم ؟ أيها الحبة ‪..‬‬
‫أل يعتصر ف قلب كل مؤمن ومؤمنة يدون شدته ف صدورهم ووطأته على نفوسهم‬
‫‪.‬‬
‫انه شبح العلم ‪ ..‬نعم العلم وبالتحديد الوسائل العلمية الرئية الت صارت تكثف‬
‫جهودها وتشد جنودها وترص صفوفها من أجل شغل الوقات الفاضلة ف هذا الشهر‬
‫الكري ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫لقد تسابقت تلك القنوات تسابق غي شريف وتتنافس تنافسا غي كري لصد الناس عما‬
‫ينفعهم ‪.‬‬
‫أيع قل ياعقلء قومي أن يصي هذا الشهر الكري عند الحروم ي شهرا يتضاعف فيه‬
‫الفسق والعصيان؟‬
‫أيعقل أن تتضاعف الهود من أجل تويل شهرا تتنل الرحات إل شهر الفن والتمثيل‬
‫والطيش والسفه؟‬
‫نعم وال لقد صار ‪.‬‬
‫ماذا أصاب الناس ؟ وما الذي دهاهم ؟‬
‫أزهدوا ف الثواب والجر ؟ أرغبوا ف هذه الواسم العظيمة بالسيئات والوزار ؟‬
‫أل يكفهم ماعليه الناس اليوم من ضعف ف اليان وكسل‬
‫عـن الطاعات حتـ راحوا يفسـدون على الناس موسـهم الكريـ ببـث أفلم سـاقطة‬
‫وم سلسلت هاب طة وفواز ير مف سدة ‪ ،‬وأغان ماج نة ‪ ،‬أل ب عد للقائم ي علي ها و سحقا‬
‫وتبا لم وقبحا ‪.‬‬
‫إنم يهاجون أياما مباركة ‪.‬‬
‫أيها الصالون ‪ ..‬إنم يريدون إفساد ليالينا الفاضلة ‪ ،‬يتسابقون ف إقامة السابقات الت‬
‫ل يفوز إل القلة النادرة ‪ ،‬فهـل نفتـح بيوتنـا وقلوبنـا وقلوب أبنائنـا لمـ ؟ لقـد أبان ال‬
‫ُمـ‬
‫ُوبـ عَلَيْك ْ‬
‫ّهـ يُرِيدُ أَن يَت َ‬
‫هدف أهـل الوى والشهوات فـ آياتـه البينات فقال ‪ { :‬وَالل ُ‬
‫شهَوَاتِ أَن َتمِيلُواْ مَيْلً عَظِيما }النساء ‪2 7‬‬
‫وَيُرِيدُ اّلذِينَ يَتّبِعُونَ ال ّ‬
‫أين ذهب بك عقلك أيها الصائم القائم ؟ يوم تضيع هذا الوسم أمام شاشات ساقطة‬
‫ومشاهد مزية ‪ ،‬إن سائلك أخي ومشدد عليك ف السالة فل يد نفسك عليّ شيء ‪.‬‬
‫ما الذي تنيه من اللوس خلف تلك الشاشات ؟‬
‫هل ترج بزيادة اليان أم ضعفه ؟ هل تد من نفسك اندفاعا لفعل العروف والتسابق‬
‫إل مرضى الرحن ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫فوقوفا أيها الباركون ف وجه ذلك الشر والشبح القاتل والفسد الطي ‪.‬‬
‫إن رمضان أيامه قليلة وساعاته تطوى سريعا‪ ،‬وهو وال أكرم أن يضيع ف مباح فضلً‬
‫عن مرم ‪.‬‬
‫تذكر ذهاب الشهر وانصرام أيامه الت لن تعود عليك إل بعد عام كامل ‪ ،‬كم يوت‬
‫فيه من إنسان ‪ ،‬فادعوا من هذا الكان الشريف أن تغلق كل ما يصدك عن ذكر ال ‪،‬‬
‫تفرغ لطاعة ربك ‪ ،‬واجعل رمضان بابا تلج منه إل اليات ‪.‬‬
‫ل تدع لولئك اللصوص فرصة أن يسرقوا منك أغلى ما تلك وهو هذا الوقت الثمي‬
‫وقلبك السليم ‪.‬‬

‫رمضان والنطلقة الكبى ‪-:‬‬


‫ل زلت أذكر تلك الليلة الت جاءن فيها ذلك الشاب بعد أن انتهينا من صلة التراويح‬
‫‪ ،‬فقال بنشوة وفرح ‪ ،‬أشهد ك أن تائب عائد إل ال تعال ‪...‬‬
‫فقلت له ‪ :‬أبشر بي يوم مر عليك منذ ولدت ‪.‬‬
‫نعم ‪ ..‬أيها الخوة والخوات ‪..‬‬
‫ل قد كان رمضان سبب لدا ية كث ي من الناس تأثرت نفو سهم بالطاعات وخش عت‬
‫قلوب م لليات ‪ ،‬فتغيت أحوال م وتبدلت أو صافهم فقربوا ب عد الب عد ‪ ،‬واجتهدوا ب عد‬
‫الكسـل ‪ ،‬انشرحـت صـدورهم للطاعات بعـد أن كانـت ضيقـة ‪ ،‬وسـارعت نفوسـهم‬
‫لحاب ال بعد أن كانت نافرة ‪ ،‬فكم هي رحة ال واسعة ‪ ،‬وكم هي أنعم على عباده‬
‫متوالية ‪.‬‬
‫رمضان فر صة عظي مة لتبد يل الحوال ‪ ،‬رمضان فر صة ل ن كان مق صرا ف ال صلة أن‬
‫يافظ عليها ‪.‬‬
‫رمضان فرصة لن هجر القرآن أن يعود إل كتاب ربه ‪.‬‬
‫رمضان فرصة لن تلبس ببعض العاصي والحرمات أن يتركها ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫رمضان فرصة لن كان بينه وبي أحد قطيعة أن يصل من قطع ‪.‬‬
‫رمضان فرصة لن تكاسل عن بعض النوافل أن يتهد ف فعلها ‪.‬‬
‫ـاد‬
‫ـن الفسـ‬
‫لتطهي ـ القلوب مـ‬ ‫أتــى رمضان مزرعــة العباد‬
‫وزادك فاتذه للمعاد‬ ‫ـــــه قولً وفعلً‬ ‫فأد حقوقـ‬
‫تأوهـــا نادما يوم الصـــاد‬ ‫فمـن زرع البوب ومـا سـقاها‬

‫جاء رمضان أيها الحبة ليقول ‪:‬‬


‫قــد قرُبــت أيام الصــالة‬ ‫ـا‬
‫ـه عنـ‬‫ـن طالت غيبتـ‬ ‫ـا مـ‬
‫يـ‬
‫قـد أقبلت أيام التجارة الرابةـ‬ ‫يــا مــن دامــت خســارته‬

‫يا معرضا ‪..‬يامعرضا‬


‫** كم ينادى ‪ ..‬حي على الفلح وأنت خاسر‪..‬‬
‫** كم تدعى إل الصلح وأنت على الفساد مثابر ‪..‬‬
‫** يدعى أهل الجتهاد فيجيبون‪ .‬وأنت عن الجابة نافر ‪..‬‬
‫** كم وصل الحباب إل مولهم وأنت بقد م البطالة عاثر ‪..‬‬
‫** فجد أخي هذه مواسم اليات فاغتنمها وبادر ‪..‬‬
‫** وهذا إبّان الزرع فهل للخي أنت بادر ؟ ‪.‬‬
‫** هذا شهر رجوع النفوس البقة ‪..‬‬
‫** وهذا شهر صيانة النفوس عن الآث اللحقة ‪..‬‬
‫** هذا شهر اغتنام اليات والسابقة ‪..‬‬
‫** فطوب لن تلقاه ف توبة صادقة ‪..‬‬
‫** وشر إل فضائله بعزية واثقة ‪.‬‬
‫نادي ربك أيها السكي وقل ‪..‬‬

‫‪18‬‬
‫فلقـد علمـت بأن عفوك أعظـم‬ ‫يـا رب ‪ ..‬إن عظمـت ذنوبـ كثرة‬
‫فبمــن يلوذ ويســتجي الجرم‬ ‫ــــنا‬ ‫إن كان ل يرجوك إل مسـ‬
‫فإذا رددت يدي فمـن ذا يرحـم ؟‬ ‫أدعوك يـا ربـ كمـا أمرت تضرعا‬
‫ـلم‬
‫ـل عفوك ثـ إنـ مسـ‬ ‫وجيـ‬ ‫مــا ل إليــك وســيلة إل الدعاء‬

‫يا مضيع الزمان فيما ينقص اليان ‪ ..‬رمضان يناديك ‪.‬‬


‫يـــا معرضا عـــن الرباح متعرضا للحســـرات ‪ ..‬رمضان يناديـــك‬
‫مت تنتبه من رقادك أيها الوسنان ؟ ‪ ،‬مت تفيق لنفسك أيها الكسلن ‪ ،‬أما ترى قوافل‬
‫العائديـن ‪ ،‬أل تكرى تجـد التهجديـن ؟ ‪ ،‬وتسـمع تلوة التاليـ ‪ ، .‬وأنيـ الذنـبي ‪،‬‬
‫وا ستغفار ال ستغفرين ‪ ،‬أ ما ف قل بك حياة لتغت نم موا سم اليات ؟ ‪ ،‬أول يس عندك ه ة‬
‫لتبادر قبل المات ؟ ‪.‬‬
‫أحبت ‪ ..‬تذكروا من صاموا معنا ف العوام الاضية وقاموا ‪ ..‬أين هم الن ؟ إنم ف‬
‫لود الرض قد غيبوا ‪ ،‬وعن العمال قد منعوا ‪ ،‬كل واحد منهم قد أمّل أن يعيش حت‬
‫يدرك رمضان ‪ ،‬ولكـن عمره انقضـى ‪ ،‬فتذكـر نعمـة اله عليـك إذ أبقاك وبعدهـم ‪،‬‬
‫وتركك ‪ ،‬وأخذهم ‪.‬‬
‫ـــن ورد الوت بدّ‬ ‫ـــا مـ‬ ‫مـ‬ ‫ــــتعد‬ ‫قُــــل للمفرط يسـ‬
‫ومـــا مضـــى ل يســـتردّ‬ ‫ـــر الشباب‬ ‫ـــد أخلق الدهـ‬ ‫قـ‬
‫صــي مــن له البطــش الشدّ‬ ‫أو مـــا ياف أخـــو العـــا‬
‫ـــــــه خطوب ل تدّ‬ ‫فيـ‬ ‫يوما يعايــــن موقفــــا‬
‫فــــ لوه والمــــر جدّ‬ ‫ــــ‬ ‫ــــل الفتـ‬ ‫فإلم يشتغـ‬
‫وحادي الوت يدّ‬ ‫يــا مــن يؤمــل أن يقيــم بــه‬
‫على مــــؤ ملهــــا وتغدو‬ ‫وتروح داعيــــــــة النون‬
‫ــب ولدّ‬‫ــه قـ‬ ‫ــم ودونـ‬
‫ــ‬ ‫يتال فــــ ثوب النعيـــــ‬

‫‪19‬‬
‫ــــ فـــــ المال مدّ‬
‫ثـ‬ ‫والعمـــر يقصـــر كـــل يوم‬

‫أخي ‪..‬‬
‫إن بقاؤك حتـ تدرك رمضان نعمـة ‪ ،‬فكيـف تقابلهـا ؟ وإن اتعاظـك بقـبك حجـة ‪،‬‬
‫فكيف تنصرف عنها ؟‬
‫وليـس على القامـة مـن سـبيل‬ ‫ــل‬ ‫ــل الطويـ‬ ‫ــر بالمـ‬ ‫إلم تغـ‬
‫فمـا بعـد الشيـب سـوى الرحيـل‬ ‫فدع عنـــك التعلل بالمانـــ‬
‫وكـم أفنيـ قبلك مـن خليـل‬ ‫ـــــل أن تدوم على الليال‬ ‫أتأمـ‬
‫مــن اليام جيلً بعــد جيــل‬ ‫ومــا زالت بنات الدهــر تغنــ‬

‫‪20‬‬

You might also like