Professional Documents
Culture Documents
وبدعها
محمد ناصر الدين اللباني
1
بسم الله الرحمن الر حيم
إن الحمد ل ،نحمده ونستعينه ،ونستغفره ،ونعوذ بال من شرور أنفسنا ،وسيئات أعمالنا ،
من يهده ال فل مضل له ،ومن يضلل فل هادي له ،وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله {.يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال حق تقاته ول تموتن إل وأنتم
مسلمون } {،يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما
رجال كثيرا ونساء واتقوا ال الذي تساء لون به والرحام إن ال كان عليكم رقيبا} {،يا أيها
الذين آمنوا اتقوا ال وقولوا قول سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع ال
ورسوله فقد فاز فوزا عظيما }.
أما بعـــد ،فان أصدق الحديث كتاب ال ،وأحسن الهدي هدي محمد ،وشر المور
محدثاتها ،وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضللة ،وكل ضللة في النار .
وقد قال ال عزوجل {:تبارك الذي بيده الملك وهوعلى كل شئ قدير،الذي خلق الموت والحياة
ليبلوكم أيكم أحسن عمل وهو العزيز الغفور}.) 2 (.وقال{:كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر
والخير فتنة وإلينا ترجعون } ( . ) 3
وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :مالي وللدنيا؟ما أنا في الدنيا إل كراكب استظل تحت
شجرة،ثم راح وتركها ".1
ثم إنه " لما كان هديه صلى ال عليه وسلم في الجنائز خير الهدي مخالفا لهدي سائر المم ،
مشتمل على الحسان لسيت ،ومعاملته بما ينفعه في قبره ،ويوم معاده،وعلى الحسان إلى أهله
وأقاربه ،وعلى إقامة عبودية الحي ،فيها يعامل به ،الميت ،وكان من هديه في لجنائز ،إقامة
العبودية للرب تبارك وتعالي على أكمل الحوال والحسان إلى الميت ،وتجهيزه إلى ال على
أحسن أحواله وأفضلها ،ووقوفه ،ووقوف أصحابه صفوفا يحمدون ال ،ويستغفرون له ويسألونه
المغفرة والرحمة ،والتجاوز عنه،ثم المشي بين يديه إلى أن يودعه حفرته ،ثم يقوم هو وأصحابه
بين يديه على قبره ،سائلين له التثبيت أحوج ما كان إليه .ثم يتعاهده بالزيارة إلى قبره ،والسلم
عليه ،والدعاء له ،كما يتعاهد الحي صاحبه في دارلدنيا.
فأول ذلك ،تعاهده في مرضه وتذكيره الخرة ،وأمرهبالوصية والتوبة ،وأمر من حضره
بتلقينه شهادة أن ل إله إل ال لتكون آخر كلمه .
ثم النهي عن عادة المم التي ل تؤمن بالبعث والنشور،من لطم الخدود ،وشق الثياب،وحلق
الرؤوس،ورفع الصوت بالندب والنياحة وتوابع ذلك .وسن الخشوع للميت،والبكاء الذي ل
صوت معه،وحزن القلب،وكان يفعل ذلك ،ويقول":تدمع العين ،ويحزن القلب،ول نقول إل ما
يرضي الرب ".
وسن لمته الحمد والسترجاع ،والرضى عن ال ،ولم يكن ذلك منافيا لدمع العين ،وحزن
القلب ،ولذلك كان أرضى الخلق في قضائه وأعظمم له حمدا ،وبكى مع ذلك يوم مات ابنه
-1حديث صحيح ،وهو مخرج في " تخريج فقه السيرة للغزالي " (ص 478الطبعة الرابعة )،وفي " الحاديث الصحيحة " ( رقم ) 438
ولذلك أوردته في كتابي " صحيح الجامع الصغير وزيادته " يسر ال تعالى إتمامه بمنه وفضله .
2
إبراهيم ،رأفة منه ورحمة للولد ،ورقة عليه ،والقلب ممتلى باالرضى عن ال عزوجل وشكره
،واللسان مشتغل بذكره وحمده ".2
ولما كان كثير من الناس اليوم بعيدين كل البعد عن -هديه ال صلى ال عليه وسلم في العبادات
كلها ،ومنها (( الجنائز )) بسبب انصرافهم عن دراسة العلم ،ول سيما علم الحديث والسنة ،
وانكبابهم على العلوم المادية ،والعمل لجمع المال ،فقد طلب مني بعض العزاء بمناسبة وفاة
إحدى قريباته يوم الجمعة الواقع في 11ربيع الخر سنة 1373هـأن أضع رسالة مختصرة في
" آداب الجنائز في السلم " ،ليقوم هو أو غيره بطبعها وتوزيعها على المجتعين للتعزية في
أيامها المعتادة عند هم ،مغتنما فرصة اجتماعهم لتعريفهم بسنة نبهيم حتى يستنوا بها ،ويهتدوا
بهديها ويستنيروا بنورها .ومع أنني كنت قد باشرت تأليف بعض المصنفات الخرى ،فقد
وعدته خيرا ،لما في ذلك من التعاون على إحياء السنة ،وإماتة البدعة،فسارعت إلى تحقيق
رغبته،جاز طلبته .ولكني ما كدت أشرع في ذلك ،حتى تبين لي أن المر أبعد من أن يتحقق
بتلك السرعة،وأوسع من أن يجمع في رسالة توزع على الناس في مثل تلك المناسبة ،ذلك لن
آداب الجنائز وأحكامها كثيرة جدا ،وقسم كبير منها مما اختلفت فيه أقوال العلماء ،وتضاربت
حوله الراء ،فمنهم من يحرم شيئا ،والخر يبيحه ،ومنهم من يوجب شيئا ،والخر ل يجيزه
،ومنهم من يراه سنة ،وآخر يراه بدعة ،وهكذا ........كما هو الشأن في كثير من المسائل
الخرى ،في أكثر أبواب الشريعة ،مصداقا لقول ال تعالى { ول يزالون مختلفين إل من رحم
ربك } .
لذلك كان لبد قبل كل شئ من جمع مفردات مسائل ((الجنائز )) ثم دراستها دراسة دقيقة ،
وتتبع أدلة المختلف عليه منها ،ونقدها على ضوء علمي(( أصول الحديث)) و(( أصول الفقه)) ،
واختيار الراجح منها ،دون أي تحيز لمذهب معين ،أو تأثر بعادة سيطرت حتى صارت كأنها
دين يجب أن يتبع !
ومما ل يخفى على أهل العلم الذين مارسوا التأليف أن تحقيق مثل هذا العمل ،يتطلب سعيا
حثيثا ،وجهدا بليغا وصبرا جميل وزمنا مديدا ،وبعد إنجازه يمكن تأليف الرسالة المطلوبة
بصورة تطمئن إليها النفس وينشرح لها الصدر ،ويعظم بها النفع .
لذلك فقد ذكرت للخ المشار إليه خلصة هذا معتذرا ،فقبل عذري جزاء ال خيرا ،ولكنه عاد
يطلب مني الشروع في هذا العمل ،وحضني عليه ،وبالغ فيه راجيا منه خيرا كثيرا .
فاستخرت ال تعالى ،وانكببت على الدراسة ،والمراجعة ،قرابة ثلثة أشهر ،أعمل فيها ليل
نهارا ،إل ما لبد منه من العمل في مهنتي ،والنوم الذي ل غنى عنه لراحة جسمي ،حتى
تمكنت من إعداد هذا الكتاب الذي بين يدي القارئ الكريم .ولقد كان يتطلب من الوقت أكثر مما
قدر له ،لول أن قسما كبيرا من مسائله وأحاديثه قد كان محققا عندي في بعض تصانيفي،ولذلك
تراني أحيل عليها في بعض المواطن منه .
2من كلم ابن القيم رحمه ال في " الفصل الول من الجنائز " من " زاد المعاد " ( ) 197 / 1وتمامه " :ولما ضاق هذا المشهد ،والجمع
بين المرين على بعض العارفين ،يوم مات ولده ،جعل يضحك ! فقيل له ،أتضحك في هذه الحالة ؟ ! فقال :ان ال تعالى قضى
بقضاء ،فأحببت أن أرضى بقضائه .فأشكل هذا على جماعة من أهل العلم ،فقالوا كيف يبكى رسول ال صلى ال عليه وسلم يوم مات
إبنه إبراهيم ،وهو أرضي الحلق عن ال ،ويبلغ الرضى بهذا العارف إلى أن يضحك ! فسمعت شيخ السلم ابن تيمية يقول :هدي نبينا
صلى ال عليه وسلم كان أكمل من هدي هذا العارف ،أعطى العبودية حقها ،فاتسع قلبه للرضى عن ال ورحمة الولد والرقة عليه ،فحمد
ال ورضي عنه في قضائه ،وبكى رحمة ورأفة ،فحملته الرأفة على البكاء ،وعبوديته ال ،ومحبته ال الرضى والحمد .وهذا العارف
ضاق قلبه عن اجتماع المرين ولم يتسع باطنه لشهودهما ،والقيام بهما ،فشغلته عبودية الرضى عن عبودية الرحمة والرأفة " .
3
ولقد حاولت أن أستقصي فيه كل ما له علقة بموضوعه من المسائل التي لها دليل من الكتاب
والسنة،وأعرضت مما كان مستنده مجرد الرأي ،لن الموضوع تعبدي محضى،ل مجال للقياس
تذكر عادة في " باب الجنازة " من عامة كتب الفقه ،مثل الوصية ،وعلمات حسن ( خاتمة ،
فيه ،إل ما ل بد منه من القياس الجلي .وأوردت في أوله بعض الفصول والمسائل التي ل
ونحو ذلك ،وبعضه قد ل يذكر فيها أصل ،مثل الفصل ( 5و 8و ، ) 9والمسألة ( ، ) 30والفقرة
( ج ود ) من المسألة ( ) 74والمسألة ( 98و 99 105و 107و 113و ) 125والفقرة ( ) 7من مسألة (
) 128مع أهميتها وكثرة ابتلء الناس بها ،وتواتر الحاديث فيها ،والفقرة ( ) 10منها .
واستوحيت ترتيبه من الواقع ،فافتتحته بفصل :
(- 1ما يجب على المريض ) من الرضى بالقضاء والصبر على القدر وترك تمني الموت وأداء
الحقوق .والوصية والشهاد عليها . . .
ثم - 2( :تلقين المحتضر ) وما على من حضره من التلقين وأمره بالشهادة .
ثم (-3ما على الحاضرين بعد موته ) من غمض عينيه .والدعاء له وتغطيته .والتعجيل بتجهيزه
.والمبادرة لقضاء دينه .
ثم (- 4ما يجوز للحاضرين وغيرهم ) من كشف وجهه وتقبيله والبكاء عليه .
ثم (- 5ما يجب على أقارب الميت ) من الصبر والرضا بالقدر ،وال سترجاع ،وإحداد المرأة
على زوجها .ثم
ثم (- 6ما يحرم عليهم )من النياحة وضرب الخدود وشق الجيوب ،وغير ذلك كنعيه على المنائر
ثم ( - 7النعي الجائز ) .
ثم ( - 8علمات حسن الخاتمة ) .
ثم ( - 9ثناء الناس على الميت ).
ثم ( - 10غسل الميت ) .وهكذا إلى الدفن وزيارة القبور .
وختمته بفصل خاص ببدع الجنائز .أستوعبت فيه جميع ما وقفت عليه من البدع منصوصا
عليه في كتاب من كتب أهل العلم قديما وحديثا .عازيا كل بدعة إلى موضعها من كتبهم .وما
لم يعز إليهم .فهو مما يحكم المنهج العلمي في أصول البدع أنه منها .ولكني لم أر من نص ،
منهم عليها .وكثير منها من بدع العصر الحاضر .
وإني لسأل ال تبارك وتعالى .أن ينفع بهذا الكتاب كل من قرأه .ويكتب لي أجره .ومثله لمن
كان سبب تأليفه .ولمن قام على طبعه .إنه سميع مجيب .دمشق 24محرم سنة 1388هـ.3
3وكان منتظرا صدور الكتاب في 1385بعد أن سبكت الحروف واعد للطبع ولكن توقف مطابع المكتب السلمي من ذي القعدة 1384
حتى منتصف ربيع الول 1388حال دون ذلك .وال على المستعان كل حال .
الناشر
4
أحكام الجنائز
وبدعها
5
()1
ما يجب على المريض
- 1على المريض أن يرضى بقضاء ال ،ويصبر على قدره ،ويحسن الظن بربه ،ذلك خير
له ،قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :عجبا لمر المؤمن ،إن أمره كله خير،وليس ذاك
لحد إل للمؤمن ،إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ،وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا
له " .وقال صلى ال عليه وسلم " :ل يموتن أحدكم إل وهو يحسن الظن بال تعالى " .رواهما
مسلم والبيهقي وأحمد .
- 2وينبغي عليه أن يكون بين الخوف والرجاء ،يخاف عقاب ال على ذنوبه ،ويرجو رحمة
ربه ،لحديث أنس " :أن النبي صلى ال عليه وسلم دخل على شاب وهو بالموت ،فقال :كيف
تجدك ؟ قال :وال يارسول ال إني أرجو ال ،وإني أخاف ذنوبي ،فقال رسول ال صلى ال
عليه وسلم:ل يجتعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن،إل أعطاه ال ما يرجو،وأمنه مما يخاف
".أخرجه،الترمذي وسنده حسن ،وابن ماجه،وعبد ال بن أحمد في " زوائد الزهد "( ص ) 25 / 24
وابن أبي الدنيا كما في " الترغيب "(. )141 / 4
- 3ومهما اشتد به المرض ،فل يجوز له أن يتمنى الموت ،لحديث أم الفض رضي ال عنها
" :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم دخل عليهم ،وعباس عم رسول ال يشتكي ،فتمنى
عباس الموت ،فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم :يا عم !ل تتمن الموت ،فانك إن كنت
محسنا ،فأن تؤخر تزداد إحسانا إلى إحسانك خير لك ،وإن كنت مسيئا فأن تؤخر فتستعتب من
إساءتك خير لك ،فلتتمن الموت ".أخرجه الحاكم ( )1/339وقال " :صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي .
وإنما هو على شرط البخاري فقط ،وأخرجه الشيخان والبهقي ( )3/377وغيرهم من حديث أنس مرفوعا نحوه ،وفيه :
"فإن كان ل بد فاعل فليقل :الهم أحيي ما كانت الحياة خيرا لي:وتوفي إذا كانت الوفاة خيرا لي".
- 4وإذا كان عليه حقوق فليؤدها إلى ،أصحابها ،إن تيسر له ذلك .وإل أوصى بذلك ،فقد
قال صلى ال عليه وسلم " :من كانت عنده مظلمة لخيه من عرضه 4أو ماله ،فليؤدها إليه ،
قبل أن يأتي يوم القيامة ل يقبل فيه دينار ول درهم " إن كان له عمل صالح أخذ منه ،وأعطي
صاحبه ،وإن لم يكن له عمل صالح ،أخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه ".أخرجه البخاري والبيهتي
( )3/369وغيرهما .
وقال صلى ال عليه وسلم ":أتدرون ما المفلس ؟ قالوا :المفلس فينا من ل دراهم له ول متاع،
فقال :إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلة وصيام وز كاة ،ويأتي قدشم هذا ،وقذف ،هذا،
وأكل مال هذا ،وسفك دم هذا،وضرب هذا ،فيعطى هذا ،من حسناته ،وهذا من حسناته.فإن فنيت
حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ،ثم طرح في النار"رواه مسلم ()18 /8
وقال صلى ال عليه وسلم أيضا " :من مات وعليه دين ،فليس ثم دينار ول درهم ،ولكنها
الحسنات والسيئات".أخرجه الحاكم ( )2/27والسياق له وابن ماجه وأحمد ()82-2/70من طريقين عن ابن عمر ،والول
صحيح كما قال الحاكم ووافقه الذهبي ،والثاني حسن كما قال المنذري ( ، )3/34ورواه الطبراني في الكبير بلفظ :
" الدين دينان ،فمن مات وهو ينوي قضاءه فأنا وليه ،ومن مات وهو ل ينوي قضاءه ،فذاك
الذي يؤخذ من حسناته ،ليس يومئذ دينار ول درهم ". 5
4العرض :موضع المدح والذم من النسان سواء كان في نفسه أو من يلزمه أمره " نهاية " .
5وهو حديث صحيح بما قبله ،وبحديث عائشة التي في آخر المسألة ( . ) 17
6
وقال جابر بن عبد ال رضي ال عنهما " :لما حضر أحد ،دعاني أبي من الليل ،فقال :ما
أراني إل مقتول في أول من يقتل من أصحاب صلى ال عليه وسلم ،وإني ل أترك بعدي أعز
على منك غير نفس رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وإن على دينا فاقض ،واستوص باخوتك
خيرا.فأصبحنا،فكان أول قتيل " ......الحديث .أخرجه البخاري .
- 5ول بد من الستعجال بمثل هذه الوصية لقوله صلى ال عليه وسلم " :ما حق امرئ مسلم
يبيت ليلتين ،وله شئ يريد أن يوصي فيه إل ووصيته مكتوبة عند رأسه " .
قال ابن عمر " :ما مرت على ليلة منذ سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ذلك إل
وعندي وصيتي " .رواه الشيخان وأصحاب السنن وغيرهم .
- 6ويجب أن يوصي لقربائه الذين ل يرثون منه ،لقوله تبارك وتعالى {:كتب عليكم إذا حضر
أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والقربين بالمعروف حقا على المتقين} (.البقرة .)180:
– 7وله أن يوصي بالثلث من ماله ،ول يجوز الزيادة عليه ،بل الفضل أن ينقض منه لحديث
سعد بن أبي وقاص رضي ال عنه قال ":كنت مع رسول ال صلى ال عليه وسلم في حجة
الوداع ،فمرضت مرضا أشفيت منه على الموت ،فعادني رسول ال صلى ال عليه وسلم فقلت
:يا رسول ال إن لي مال كثيرا ،وليس يرثي إل ابنة لي ،أفأوصي بثلثي مالي ؟ قال :ل .قال
:قلت :بشطر مالي ؟ قال :ل.قلت :فثلث مالي ؟ قال :الثلث ،والثلث كثير ،إنك يا سعد !
أن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون الناس ( وقال بيده ) ،إنك يا سعد لن
تنفق نفقة تبتغي بها وجه ال تعالى إل أجرت عليها ،حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك (.قال :
فكان بعد الثلث جائزا )" .أخرجه أحمد ( ) 1524والسياق له والشيخان والزيادتان لمسلم وأصحاب السنن .
وقال ابن عباس رضي ال عنه ":وددت أن الناس عضوا من الثلث إلى الربع في الوصية ،لن
النبي صلى ال عليه وسلم قال :الثلث كثير ".أخرجه أحمد()2076 ،2029والشيخان والبيهقي( )6/269وغيرهم.
- 8ويشهد على ذلك رجلين عدلين مسلمين ،فان لم يوجدا فرجلين من غير المسلمين على أن
يستوسق منهما عند الشك بشهادتهما حسبما جاء بيانه ،في قول ال تبارك تعالي{ يا أيها الذين
آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اتنان ذوا عدل منكم أو آخران من
غيركم إن أنتم ضربتم في الرض فأصابتكم مصيبة الموت ،تحبسونهما من بعد الصلة فيقسمان
بال إن ارتبتم ل نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ول نكتم شهادة ال ،إنا إذا لمن الثمين .فإن
عثر على أنهما استحقا إثما 6فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الوليان .فيقسمان
بال لثسهادتنا أحق من شهادتهما ،ما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين .ذلك أدنى أن يأتوا باالشهادة
على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم ،والتقوا ال واسمعوا ،وال ل يهدي القوم
الفاسقين } (.المائدة .) 108 - 106
- 9وأما الوصية للوالدين والقربين الذين يرثون من الموصي ،فل تجوز ،لنها منسوخة بآية
الميراث ،وبين ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم أتم البيان في خطبته في حجة الوداع فقال :
6أي فإن اتفق الطلع على أن الشاهدين المقسمين استحقا إثما بالكذب والكتمان في الشهادة ،أو بالخيانة وكتمان شئ من التركة في حالة
ائتمانهما عليها فالواجب ،أو فالذي يعمل لحقاق الحق هو أن ترد اليمين إلى الورثة بأن يقوم رجلن آخران مقامهما من أولياء الميت
الوارثين له ،الذين استحق ذك الثم بالجرام عليهم ،والخيانة لهم .كذا في " تفسير المنار " ،وراجع تمام البحث فيه ( . ) 222 / 7
7
7
" إن ال قد أعطى كل ذي حق حقه ،فل وصية لوارث " أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه والبيهقي (/ 6
)264وأشار لتقويته ،وقد أصاب ،فإن إسناده حسن ،وله شواهد كثيرة عند البيهقي و " مجمع الزوائد "( . " )212 / 4
- 10ويحرم الضرار في الوصية ،كأن يوصي بحرمان بعض الورثة من حقهم من الرث ،
أو يفضل بعضهم على بعض فيه ،لقوله تبارك وتعالى {:للرجال نصيب مما ترك الوالدان
والقربون ....مما قل أو كثر نصيبا مفروضا ) 12 - 6 ( }..وفي الخيرة منها {:من بعد وصية
يوصي بها أو دين غير مضار ،وصية من ال ،وال عليم حليم } .ولقوله صلى ال عليه وسلم
" :ل ضرر ،من ضار ضاره ال ،ومن شاقه ال " .أخرجه الدار قطني ( )522والحاكم ( )58 -2/57عن
أبي سعيد الخدري ،ووافق الذهبي الحاكم :على قوله " صحيح على شرط مسلم " والحق أنه حديث حسن كما قال النووي في "
الربعين " وابن تيمية في " الفتاوى "( )3/262لطرقه وشواهده الكثيرة ،وقد ذكرها الحافظ ابن رجب في" شرح الربعين" (ص
)219،220ثم خرجتها في " إرواء الغليل " رقم )888
- 11والوصية الجائرة باطلة مردودة ،لقوله صلى ال عليه وسلم " :من أحدث في أمرنا هذا
ما ليس منه فهو رد " .أخرجه الشيخان في " صحيحيهما " وأحمد وغيرهم .ولحديث عمران
بن حصين " :أن رجل أعتق عند موته ستة رجلة 8فجاء ورثته من العراب،فأخبر وارسول ال
صلى ال عليه وسلم بما صنع ،قال:أو فعل ذلك ! ؟ قال :لو علمنا إن شاء ال ما صلينا عليه ،
قال:فأقرع بينهم فأعتق منهم اثنين،ورد أربعة في الرق " .أخرجه أحمد ( )4/446ومسلم بنحوه وكذا
الطحاوي والبيهقي وغيرهم .
- 12ولما كان الغالب على كثير من الناس في هذا الزمان البتداع في دينهم ،ول سيما فيما
يتعلق بالجنائز ،كان من الواجب أن يوصي المسلم بأن يجهز ويدفن على السنة عمل بقوله
تعالى { :يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ،وقودها الناس والحجارة ،عليها ملئكة
غلظ شداد ،ل يعصون ال ما أمرهم ،ويفعلون ما يؤمرون} ( سورة التحريم . )6:
ولذلك كان أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم يوصون بذلك ،والثار عنهم بما ذكرنا
كثيرة ،فل بأس من القتصار على بعضها :
أ -عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أن أباه قال في مرضه الذي مات فيه ":ألحدوا لي لحدا ،
وانصبوا علي اللبن نصبا ،كما صنع برسول ال صلى ال عليه وسلم ".أخرجه مسلم والبيهقي (407 /3
) وغيرهما .
ب -عن أبي بردة قال ":أوصى إبو موسى رضي ال عنه حين حضره الموت قال :إذا انطلقتم
بجنازتي فأسرعوا بي المشي،ول تتبعوني بمجمر ،ول تجعلن على لحدي شيئا يحول بيي وبين
التراب ،ول تجعلن على قبري بناء ،وأشهدكم أني برئ من كل حالقة ،أو سالقة،أو خارقة ،
قالوا ،سمعت فيه شيئا ؟ قال:نعم،من رسول ال صلى ال عليه وسلم " أخرجه أحمد ( )4/397والبيهقي
( )3/395بهذا التمام ،وابن ماجه بسند حسن .
ج -عن حذيفة قال " :إذا أنا مت فل تؤذنوا بي أحدا ،فإني أخاف أن يكون نعيا ،وإني سمعت
رسول ال صلى ال عليه وسلم ينهي عن النعي " .أخرجه الترمذي ( )129 /2وقال " :حديث حسن " ،ورواه
غيره بنحوه وسيأتي في " النعي " وفي الباب آثار أخرى تأتي في المسألة ( . ) 47
7فالناسخ إنما هو القرآن ،والسنة إنما هي مبينة لذلك كما ذكرنا ،وكما هو واضح من خطبته صلى ال عليه وسلم خلفا لما يظنه كثيرون
أن الحديث هو الناسخ ،ثم استغل ذلك بعض المعاصرين فزعموا أن حديث الحاد ينسخ القرآن فقد عرفت الجواب ،وهو أن الناسخ إنما
هو القرآن ،ولو سلمنا أن الناسخ إنما هو الحديث ،فهو صالح للنسخ اتفاقا ،لن العلماء جميعا تلقوه بالقبول .على أنه حديث متواتر ،كما
يعلم ذلك من وقف على طرقه الكثيرة المبثوثة في دواوين السنة ومسانيدها .ولعلنا نوفق ل ستخراجها وتحقيق الكلم عليها في جزء مفرد .
ثم جمعت طرقه وخرجتها في " إرواء الغليل " رقم ( ) 16فجاوزت طرقه العشرة ،عن ثمانية من الصحابة بعضها صحيح وبعضها حسن
وبعضها منجبر الضعف .
8
جمع ( رجل )
8
ولما سبق قال النووي رحمه ال تعالى في " الذكار " " :ويستحب له استحبابا مؤكدا أن
يوصيهم باجتناب ما جرت العادة به من البدع في الجنائز ،ويؤكد العهد بذلك " .
***********************
9
()2
نلقين المحتضر
- 13فإذا حضره الموت ،فعلى من عنده أمور :
أ -أن يلقنوه الشهادة ،لقوله صلى ال عليه وسلم " :لقنوا موتا كم ل إله إل ال ( ،من كان
آخر كلمه ل إله إل ال عند الموت دخل الجنة يوما من الدهر ،وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه) "
.وكان يقول " :من مات وهو يعلم أنه ل إله إل ال دخل الجنة " ،وفي حديث آخر " :من مات
9
ل يشرك بال شيئا دخل الجنة ".أخرجها مسلم في صحيحه ،والزيادة في الحديث الول عند ابن حبان( 719موارد )
ب ،ج -أن يدعوا له ،ول يقولوا في حضوره إل خيرا ،لحديث أم سلمة رضي ال عنها قالت:
قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :إذا حضرتم المريض أو الميت ،فقولوا خيرا ،فإن الملئكة
يؤمنون على ما تقولون " أخرجه مسلم والبيهقي ( ) 384 / 3وغيرهما .
- 14وليس التلقين ذكر الشهادة بحضرة الميت وتسميعها إياه ،بل هو أمره بأن يقولها خلفا
لما يظن البعض ،والدليل حديث أنس رضي ال عنه " :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم عاد
رجل من النصار ،فقال :يا خال ! قل :ل إله إل ال ،فقال :أخال أم عم ؟ فقال :بل خال ،
فقال :فخير لي أن أقول :ل إله إل ال؟ فقال النبي صلى ال عليه وسلم :نعم ".أخرجه المام أحمد
( ) 268 ، 154 ، 152 / 3بإسناد صحيح على شرط مسلم .
- 15وأما قراءة سورة ( يس ) عنده ،وتو جيهه نحو القبلة فلم يصح فيه حديث ،بل كره سعيد
بن المسيب توجيهه إليها ،وقال " :أليس الميت امرأ مسلما !؟ "وعن زرعة بن عبد الرحمن أنه
شهد سعيد بن المسيب في مرضه وعنده أبو سلمة بن عبد الرحمن فغشي على سعيد ،فأمر أبو
سلمة أن سلمة أن يحول فراشه إلى الكعبة .فأفاق ،فقال :حولتم فراشي ! ؟ فقالوا نعم ،فنظر
10
إلى أبي سلمة فقال :أراه بعلمك ؟ فقال :أنا أمرتهم!فأمر سعيد أن يعاد فراشه.إخرجه ابن أبي
شيبة في " المصنف " ( ) 76 / 4بسند صحيح عن زرعة .
- 16ول بأس في أن يحضر المسلم وفاة الكافر ليعرض السلم عليه ،رجاء .أن يسلم ،لحديث
أنس رضي ال عنه قال " :كان غلم يهودي يخدم النبي صلى ال عليه وسلم فمرض ،فأتاه النبي
صلى ال عليه وسلم يعوده ،فقعد عند رأسه ،فقال له :أسلم ،فنظر إلى أبيه وهو عنده ؟ فقال
له أطع أبا القاسم صلى ال عليه وسلم فأسلم ،فخرج النبي صلى ال عليه وسلم وهو يقول :
الحمد ل الذي أنقذه من النار ( ،فلما مات ،قال :صلوا على صاحبكم ) " .أخرجه البخاري والحاكم
والبيهقي وأحمد ( )280,260 ،175،227 /3والزيادة له في رواية .
9ولها شاهد من حديث معاذ بن جبل ،وسنده حسن كما بينته في " إرواء الغليل " ( ) 679وسيأتي لفظه في علمات حسن الخاتمة " المسألة . " 25
10الصل ( :علمك ) ولعل الصواب ما أثبتنا .
10
()3
ما على الحاضرين بعد موته
- 17فإذا قضى وإسلم الروح ،فعليهم عدة أشياء :
أ ،ب -أن يغمضوا عينيه ،وبدعوا له أيضا لحديث أم سلمة قالت " :دخل رسول ال صلى
ال عليه وسلم على أبي سلمة ،وقد شق بصره ،فأغمضه ثم قال :إن الروح إذا قبض تبعه
البصر ،فضج ناس من أهله فقال :ل تدعوا على أنفسكم إل بخير ،فان الملئكة يؤمنون على
ما تقولون ،ثم قال :اللهم اغفر لبي سلمة ،وارفع درجته في المهديين ،واخلفه في عقبه في
الغابرين،واغفر لنا وله يا رب العالمين،وافسح له في قبره ،ونور له فيه ".أخرجه مسلم وأحمد()6/297
والبيهقي )3/334وغيرهم .
ج -أن يغطوه بثوب يستر جميع بدنه لحديث عائشة رضي ال عنها :
" أن رسول ال صلى ال عليه وسلم حين توفي سجي ببرد حبرة " .أخرجه الشيخان في صحيحيهما
والبيهقي ( ) 385 /3وغيرهم .
د -وهذا في غير من مات محرما ،فإما المحرم ،فإنه ل يغطى رأسه ووجهه لحديث ابن عباس
قال " :بينما رجل واقف بعرفة ،إذ وقع عن راحلته فوقصته ،أو قال :فأقعصته ،فقال النبي
صلى ال عليه وسلم :اغسلوه بماء وسدر ،وكفنوه في ثوبين ( وفي رواية :في ثوبيه ) ول
تحنطوه ( وفي رواية :ول تطيبوه) ،ول تخمروا رأسه ( ول وجهه )،فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا "
.أخرجه الشيخان في " صحيحيهما "وأبو نعيم في " المستخرج " ( ق )140-139والبيهقي ()3/390وليست الزيادة عند البخاري
هـ -أن يعجلوا بتجهيزه وإخراجه إذا بان موته ،لحديث أبي هريرة رضي ال عنه مرفوعا ":
أسرعوا بالجنازة".الحديث ،وسيأتي بثمامه في الفصل (.)47وفي الباب حديثان آخران أصرح من هذا،ولكنهما ضعيفان
ولذلك أعرضنا عنهما. 11
و -أن يدفنوه في البلد الذي مات فيه ،ول ينقلوه إلى غيره ،لنه ينافي السراع المأمور به في
حديث أبي هريرة المتقدم ،ونحوه حديث جابر بن عبد ال رضي ال عنهما قال ":لما كان يوم
أحد ،حمل القتلى ليدفنوا بالبقيع ،فنادى منادي رسول ال صلى ال عليه وسلم :إن رسول ال
صلى ال عليه وسلم يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم -بعدما حملت أمي أبي وخالي
عديلين ( 12وفي رواية :عادلتهما ) ( على ناضح ) لتدفنهم تفي البقيع -فردوا ( وفي رواية قال
:فرجعناهما مع القتلى حيث قتلت ) ".أخرجه أصحاب السنن الربعة وابن حبان في صحيحه ( -196موارد)
11أما الحديث الول فهو عن ابن عمر مرفوعا ولفظه " :إذا مات أحدكم فل تحبسوه ،وأسرعوا به إلى قبره ،وليقرأ رأسه بفاتحة البقرة ،رجليه بخاتمتها " .
أخرجه الطبراني " المعجم الكبيز " ( ) 2 / 208 / 3والخلل في " القراءة عند القبود ( " ،ق ) 2 / 25من طريق يحي بن عبد ال بن الضحاك البابلي ثنا
أيوب بن نهيك الحلبي الزهري -مولى آل سعد بن أبي وقاص -قال :سمعت عطاء بن أبي رباح المكي قال :سمعت ابن عمر قال :فذكره .قلت :وهذا سند
ضعيف وله علتان :الول :البابلتي -ضعيف كما قال الحافظ في " التقريب " .الثانية :شيخه أيوب بن نهيك ،فانه أشد ضعفا منه ،ضعفه أبو حاتم وغيره ،
وقال الزدي :متروك .وقال أبو زرعة :منكر الحديث .وساق له الحافظ في " اللسان " حديثا آخر ظاهر النكاره من طريق يحيى بن عبد ال ثنا أيوب عن
مجاهد عن ابن عمر مرفوعا .ثم قال " :ويحي ضعيف ،لكنه ل يحتمل هذا " ثم قال ! :فإذا عرفت هذا فالعجب من الحافظ حيث قال في " الفتح " ( / 3
) 143في حديث الطبراني هذا " :إسناده حسن " ! ونقله عنه الشوكاني في " نيل الوطار " ( ) 309 / 3وقره ! وأما الهيثمي فقال " المجمع " ( . ) 44 / 3
" رواه الطبراني في الكبير ،وفيه يحيى بن عبد ال البابلتي وهو ضعيف " .وفاته أن فيه أيوب بن نهيك وهو شرمنه كما سبق .وأما الحديث الثاني فهو عن
حصين بن وحوح " :أن طلحة بن البراء مرض ،فأتاه النبي صلى ال وسلم يعوده ،فقال :إني ل أرى طلحة إل قد حدث به الموت ،فآذنوني به حتى أشهده
فأصلي عليه ،وعجلوه ،فانه ل ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله " .
أخرجه أبو داود والبيهقي ( ، ) 387 - 386 / 3وفيه عروة -ويقال عزرة -ابن سعيد النصاري عن أبيه ،وكلهما مجهول كما قال الحافظ في " التقريب "
.ثم إن الستدلل بحديث أبي هريرة على ما ذكرنا إنما هو بناء على أن المراد ب ( أسرعوا ) السراع بتجهيزها ،وأما على القول بأن المراد السراع بحملها
إلى قبرها ،فل يتم الستلل به .وهذا القول هو الذي استظهره القرطبي ثم النووي ،وقوى الحافظ القول الول بالحديثين الذين تكلمنا عنهما آنفا ،ول يخفى ما
فيه .
12أي شددتهما على جنبتي البعير كا لعديلين .
11
والرواية الخرى له ،وأحمد ( )380-3/297والبيهقي ( )4/57بإسناد صحيح ،وقال الترمذي " :حديث حسن صحيح " والزيادة
لحمد في رواية يأتي لفظها في المسألة الفصل(. )80
ولذلك قالت عائشة لما مات أخ لها بوادي الحبشة فحمل من مكانه ":ما أجد في نفسي ،أو يحزني
13
في نفسي إل أني وددت أنه كان دفن في مكانه" أخرجه البيهقي بسند صحيح .
ز -أن يبادر بعضهم لقضاء دينه من ماله ،ولو أتى عليه كله ،فإن لم يكن له مال فعلى الدولة
أن تؤدي عنه إن كان جهد في قضائه،فإن لم تفعل ،وتطوع بذلك بعضهم جاز،وفي ذلك أحاديث:
الول :عن سعد بن الطول رضي ال عنه ":أن أخاه مات وترك ثلثمائة درهم ،وترك عيال ،
قال :فأردت أن أنفقها على عياله ،قال :فقال لي النبي صلى ال عليه وسلم :إن أخاك محبوس
بدينه ( فاذهب ) فاقض عنه ( فذهبت فقضيت عنه،ثم جئت ) قلت:يارسول ال،قد قضيت عنه إل
دينار ين ادعتهما امرأة ،وليست لها بينة ،قال أعطها فإنها محقة (،وفي رواية :صادقة ) ".
أخرجه ابن ماجه ( ) 82 /2وأحمد ( ) 5/7 ،136 /4والبيهقي ( )142 /10وأحد إسناديه صحيح ،والخر مثل إسناد ابن ماجه
،وصححه البوصيري في " الزوائد " ! وسياق الحديث والرواية الثانية للبيهقي وهي والزيادات لحمد في رواية .
الثاني :عن سمرة بن جندب " .أن النبي صلى ال عليه وسلم صلى على جنازة ( وفي رواية
:صلى الصبح ) فلما انصرف قال :أههنا من آل فلن أحد ؟ ( فقال رجل :هو ذا ) ،قال :فقام
رجل بحر إزاره من مؤخر الناس ( ثلثا ل بحيبه أحد ) ( ،فقا له النبي صلى ال عليه وسلم :
ما منعك في المرتين الولين أن تكون أجبتي ؟ ) أما إني لم أفوه باسمك إل لخير ،إن فلنا -
لرجل منهم -مأسور بدينه ( عن الجنة ،فان شئتم فافدوه ،وإن فأسلموه إلى عذاب ال ) ،فلو
14
رأيت أهله ومن يتحرون أمره قاموا فقضوا عنه ( ،حتى ما أحد يطلبه بشئ ) " أخرجه أبو داود (/2
)84والنسائي ( )2/233والحاكم ( )2/25،26والبهقي ( )6/4/76والطيالسي في مسنده (رقم )891،892وكذا أحمد (13 ،5/11
)،20بعضهم عن الشعبي عن سمرة ،وبعضهم أدخل بينهما سمعان بن مشنج ،وعلى الوجه الثاني صحيح فقط .
والرواية الخرى للمسندين،والزيادة الول والثانية للحاكم ،وكذا الثالثة والخامسة ،وللبيهقي الثانية،ولحمد الثالثة
والرابعة،وللطيالسي الخامسة ،وله ولحمد وأبي داود السادسة .
الثالث عن جابر بن عبد ال قال:
" مات رجل ،فغسلناه وكفناه وحنطناه ،ووضعناه لرسول ال صلى ال عليه وسلم حيث توضع
الجنائز،عند مقام جبريل ،ثم آذنا رسول ال صلى ال عليه وسلم بالصلة عليه ،فجاء معنا ،
( فتخطى ) خطى ،ثم :قال لعل على صاحبكم دينا ؟ قالوا نعم ديناران ،فتخلف ( ،قال :
صلوا على صاحبكم ) ،فقال له رجل منا يقال له إبو قتادة :يا رسول ال هما علي ،فجعل رسول
ال صلى ال عليه وسلم يقول:هما عليك وفي مالك ،والميت منهما برئ ؟ فقال :نعم ،فصلى
عليه فجعل رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا لقي إبا قتادة يقول ( :وفي رواية ثم لقيه من الغد
فقال ):ما صنعت الديناران ؟ ( قال :يارسول ال إنما مات أمس ) حتى كان آخر ذلك ( وفي
الرواية الخرى :ثم لقيه من الغد فقال :ما فعل الديناران؟ ) قال :قد فضيتهما يا رسول ال ،
15
قال الن حين بردت عليه جلده " .أخرجه الحاكم ( )58 /2والسياق له والبيهقي ( )75-6/74والطيالسي ( 167
)3وأحمد ( )3/330بإسناد حسن كما قال الهيثمي ( )3/39وأما الحاكم فقال " :صحيح السناد " ! ووافقه الذهبي !
والرواية الخرى مع الزيادات عندهم جميعا إل الحاكم ،إل الزيادة الثانية فهي للطيالسي وحده .
**********************
13قال النووي في " الذكار " " :وإذا أوصى بأن ينقل إلى بلد آخر ل تنفذ وصيته ،فان النقل حرام على المذهب الصحيح المختار الذي قاله الكثرون ،
وصرح به المحققون " .
14وله شاهد من حديث ابن عباس ،رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( ق ) 2 / 156بسند ضعيف .
15أي بسبب رفع العذاب عنه بعد وفاء ديه .
12
تنبيهان
- 1أفاد هذا الحديث أن قضاء أبي قتادة للدين كان بعد صلة النبي صلى ال عليه وسلم على
الميت.وهذا مشكل ،فقد صح عن أبي قتادة نفسه أنه قضاه قبل الصلة كما سيأتي ذكره في
المسألة ( )55فقرة(و)،فان لم تحمل القصة على التعدد فرواية أبي قتادة أصح من حديث جابر،لن
فيه عبد ال بن محمد عقيل،وفيه كلم ،وهو حسن الحديث فيما لم يخلف فيه ،وأما مع المخالفة
فليس بحجة،وال أعلم .
- 2أفادت هذه الحاديث أن الميت ينتفع بقضاء الدين عنه ،بولو كان من غير ولده ،وأن
القضاء يرفع العذاب عنه،فهي من جملة المخصصات لعموم قوله تبارك وتعالى (:وأن ليس
للنسان إل ما سعى ) ولقوله صلى ال عليه وسلم ":إذا مات النسان النقطع عمله إل من ثلث
"..الحديث رواه مسلم والبخاري في الدب المفرد وأحمد،ولكن القضاء عنه شئ والتصدق عنه
شئ آخر ،فانه أخص من التصدق،وإل فالحاديث التي وردت في التصدق عنه ،إنما موردها
في صدقة الولد عن الوالدين،وهو من كسبهما بنص الحديث ،فل يحوز قياس الغريب عليهما ،
لنه قياس مع الفارق مع الفارق كما هو ظاهر،ول قياس الصدقة على القضاء ،لنها أعم منه
كما ذكرنا ،ولعلنا نتكلم عن هذه المسألة بشئ من التفصيل في آخر الكتاب إن شاء ال تعالى .
الحديث الرابع :عن جابر أيضا .
" أن أباه استشهد يوم أحد ،وترك ست بنات،وترك عليه دينا ( ثلثين وسقا ) (،فاشتد الغرماء في
حقوقهم ) ،فلما حضره جداد النخل ،أتيت رسول ال صلى ال عليه وسلم فقلت :يارسول ال قد
علمت أن والدي استشهد يوم أحد وترك عليه دينا كثيرا ،وإني أحب أن يراك الغرماء ،قال :
اذهب فبيدر كل تمر على حدة ،ففعلت ،ثم دعوت ( ،فغدا علينا حين أصبح ) ،فلما نظرو إليه
أغروا بي تلك الساعة ،فلما رأى ما يصنعون أطاف حول أعظمها بيدرا ثلثا ( ودعا في ثمرها
بالبركة ) ،ثم جلس عليه ،ثم قال :ادع أصحابك ،فما زال يكيل لهم ،حتى أدى ال أمانة والدي،16
وانا وال راض أن يؤدي ال أمانة والدي ،ول أرجع إلى أخواتي بتمرة ،فسلمت وال البيادر
كلها حتى اني أنظر إلى البيدر الذي عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم كأنه لم ينقص تمرة
واحدة (،فوافيت مع رسول ال صلى ال عليه وسلم اللمغرب ،فذكرت ذلك له فضحك ،فقال :
ائت أبا بكر وعمر فأخبرهما،فقال :لقد علمنا إذ صنع رسول ال صلى ال عليه وسلم ما صنع
أن سيكون ذلك" .
أخرجه البخاري ( )46، 462/ 6 ، 171،319، 46/ 5والسياق مع الزيادات له،ورواه بنحوه أبو داود ( )15 /2والنسائي ( 2
)127،128 /والدارمي ( )25-22/ 1وابن ماجه ( )83-2/82والبيهقي ( )6/64وأحمد ()391،397 ،373 ,313،365 /3
مطول ومختصرا .وفيه عند أحمد زيادات كثيرة،لم أوردها خشية الطالة .
الخامس عنه أيضا قال :
"كان رسول ال صلى عليه وسلم يقوم فيخطب ،فيحمد ال ،ويثي عليه بما هو أهل له ،ويقول
:من يهده ال فل مضل له ،ومن يضلل فل هادي له ،إن خير الحديث كتاب ال وخير الهدي
هدي محمد ،وشر المور محدثاتها ،وكل محدثة بدعة (وكل بدعة ضللة ،وكل ضللة في النار)
،وكان إذا ذكر الساعة احمرت عيناه،وعل صوته واشتد غضبه ،كأنه منذر جيش ( يقول )
17
:صبحكم ومساكم،من ترك مال فلورثته ،ومن ترك ضياعا أو دينا فعلي ،وإلي ،وأنا ( أ )
16أي وصيته إياه بقضاء الدين عنه ،أنطر حديثه في ذلك في الفصل الول من المسألة الرابعة .
17أي عيال ،قال ابن الثير " :وأصله مصدر ضاع يضيع ضياعا ،فسمى العيال يالمصدر كما تقول :من مات وترك فقراً ،أي فقراء"
13
ولى ( بـ ) المؤمنين ( وفي رواية :بكل مؤمن من نفسه ) " .أخرجه مسلم ( )3/11والنسائي ()1/234
والبيهقي في " السنن " ( )214 -132 /3وفي " السمائك والصفات " ( ص ) 82وأحمد ()371- 338 ،311 ،296 /3
والسياق له،وإبو نعيم في " الحلية " ( ، ) 189 / 3والزيادة الولى له،وللنسائي والبيهقي وإسنادها صحيح على شرط مسلم ،
والزيادة الثانية له وللبيهقي ،والثالثة والرابعة لحمد ،والرواية الثانية لمسلم .
وفي الباب عن أبي هريرة عند الشيخين وغيرهما ،وسيأتي حديثه في المسألة( )55فقره (و)
الحدث الثاني .
السادس :عن عائشة رضي ال عنها قالت :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :من حمل
من أمتي دينا ،ثم جهد في قضائه فمات ولم يقضه فأنا وليه " .أخرجه أحمد ( )6/74وإسناده صحيح على
شرط الشيخين .وقال المذري ( " : )3/33رواه أحمد بإسناد جيد وأبو يعلى والطبراني في الوسط " ونحوه في " المجمع " (/4
18
)132إل أنه قال " :ورجال أحمد رجال الصحيح "
************************
18وعزاه الشوكاني ( ) 21 / 4لبن ماجه وهم ،فاني لم أجده عنده بعد مزيد البحث عنه ،ولم يورده النابلسي في " الذخائر " ولو كان عنده لعزاه إليه المذري
،ولما أورده الهيثمي في " المجمع " كما هو المعروف عند المشتغلين بهذا العلم الشريف .
14
()4
ما يجوز للحاضرين وغيرهم
- 18ويجوز لهم كشف وجه الميت وتقبيله،والبكاء عليه ثلثة أيام،وفي ذلك أحاديث:
الول :عن جابر بن عبد ال رضي ال عنهما قال ":لما قتل أبي،جعلت أكشف الثوب عن وجهه
أبكي ،ونهوني ،والنبي صلى ال عليه وسلم ل ينهاني ( ،فأمر به النبي صلى ال عليه وسلم
فرفع ) ،فجعلت عمي فاطمة تبكي ،فقال النبي صلى ال عليه وسلم تبكين ،أول تبكين ،مازالت
الملئكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه".أخرجه الشيخان والنسائي والبيهقي وأحمد ()3/298والزيادة لمسلم والنسائي.
الثاني :عن عائشة رضي ال عنها قالت " :أقبل أبوبكر رضي ال عنه على فرسه من مسكنه
بـ ( السنح ) حتى نزل فدخل على المسجد (،وعمر يكلم الناس ) فلم يكلم الناس حتى دخل على
عائشة رضي ال عنها،فتيمم النبي صلى ال عليه وسلم وهو مسجى ببردة جرة،فكشف عن
وجهه ،ثم أكب عليه فقبله ( بين عينيه ) ،ثم بكى فقال:بأبي أنت وأمي يا نبي ال " ل يجمع ال
عليك موتتين ،أما الموتة التي عليك فقد متها ،وفي رواية :لقد مت الموتة التي ل تموت بعدها".
أخرجه البخاري ( )89/ 3والنسائي ( )261 -260/ 1والزيادة له في رواية ،وابن حبان في صحيحه ( )2155والبيهقي (/3
) 406وغيرهما .
الثالث :عن عائشة أيضا " :أن النبي صلى ال عليه وسلم دخل على عثمان بن مظعون وهو
ميت ،فكشف في وجهه ،ثم أكب عليه فقبله ،وبكى حتى رأيت الدموع تسيل على وجنتيه ".
أخرجه الرمذي ( )135 / 2وصححه والبيهقي وغيرهما ،وله شاهد بإسناد حسن يراجع في " مجمع الزوائد " (.)20 / 3
الرابع :عن أنس رضى ال عنه قال ":دخلنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم أبي سيف-
وكان ظئرا19البراهيم عليه السلم،فأخذ رسول ال صلى ال عليه وسلم إبراهيم فقبله وشمه،ثم
دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه ،فجعلت عينا رسول ال صلى ال عليه وسلم
تذرفان ،فقال له عبد الرحمن بن عوف:وأنت يا رسول ال؟فقال:يا ابن عوف!إنها رحمة ،ثم
أتبعها بأخرى فقال :إن العين تدمع ،والقلب يحزن ،ول نقول إل ما يرضي ربنا ،وإنا بفراقك
يا إبراهيم لمحزونون " .أخرجه البخاري ( )35 /3ومسلم والبيهقي ( )4/69بنحوه .
الخامس :عن عبد ال بن جعفر رضي ال عنه ":أن النبي صلى ال عليه وسلم أمهل آل جعفر
ثلثا أن يأتيهم ،ثم أتاهم فقال :ل تبكوا على أخي بعد اليوم " . .الحديث .
رواه أبو داود ( )2/124والنسائي ( )2/292وإسناده صحيح على شرط مسلم ،وأخرجه أحمد بأتم منه ،وسيأتي لفظه في
" التعزية " .إن شاء ال تعالى .
*******************
15
()5
ما يجب على أقارب الميت
- 19ويجب على أقارب الميت يبلغهم خبرو وفاته أمران :
الول :الصبر والرضا بالقدر لقوله تعالى{:ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من ال
موال والنفس والثمرات وبشر الصابرين .الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا :إنا ل وإنا إليه
راجعو ن .أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ,وأولئك هم المهتدون} (.البقرة )157 – 155 :
،ولحديث أنس بن مالك رضي ال عنه قال " :مر رسول ال صلى ال عليه وسلم بامرأة عند
قبر وهي تبكي،فقال لها :اتقي ال واصبري ،فقالت :إليك عني ،فانك لم تصب بمصيبتي! قال:
ولم تعرفه !فقيل لها :هو رسول ال صلى ال عليه وسلم ! فأخذها مثل الموت ،فأتت باب رسول
ال صلى ال عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين ،فقالت :يا رسول ال إني لم أعرفك ،فقال رسول
ال صلى ال عليه وسلم :إن الصبر عند أول الصدمة " أخرجه البخاري ( )116 -115 /3ومسلم(-3/40
)41والبيهقي ()4/65والسياق له .والصبر على وفاة الولد له أجر .عظيم ،وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة أذكر بعضها :
أول " :ل يموت لحد من المسلمين ثلثة من تالولد فتمسه النار إل تحلة القسم " .أخرجه الشيخان
والبيهقي ( )67/4عن أبي هريرة .
ثانيا " :مامن مسلمين يموت لهما ثلثة من الولد لم يبلغوا الحنث إل أدخلهم ال وأبويهم الجنة
بفضل رحمته ،قال :ويكونون على باب من أبواب الجنة ،فيقال لهم :ادخلوا الجنة ،فيقولون
:حتى يجئ أبوانا ،فيقال لهم:ادخلوا الجنة أنتم وأبوا كم بفضل رحمة ال ".أخرجه النسائي ()265 /1
والبيهقي ( )4/68وغيرهما عنه ،وسنده صحيح على شرط الشيخين .
ثالثا " :أيما امرأة مات لها ثلثة من الولد كانوا حجابا من النار ،قالت امرأة :واثنان ؟ قال :
واثنان " .أخرجه البخاري ( )3/94ومسلم والبيهقي ( )4/67عن أبي سعيد الخدري رضي ال عنه .
رابعا " :إن ال ل يرضى لعبده المؤمن إذا ذهب بصفيه من أهل الرض فصبر واحتسب بثواب
دون الجنة ".أخرجه النسائي ( )264 /1عن عبد ال بن عمرو بسند حسن .
المر الثاني :مما يجب على القارب :السترجاع ،وهو أن يقول ( :إنا ل وإنا إليه راجعون )
كما جاء في الية المتقدمة ،ويزيد عليه قوله " :اللهم اجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها "
لحديث أم سلمة رضي ال عنها قالت :سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول :
" ما من مسلم تصبه مصيبة فيقول ما أمره ال ( إنا ل وإنا إليه راجعون ) اللهم اجرني في
معيبتي وأخلف لي خيرا منها إل أخلف ال له خيرا منها .قالت :فلما مات أبو سلمة قلت :أي
المسلمين خير من أبي سلمة ،أول بيت هاجر إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم ثم إني قلتها ،
فأخلف ال لي رسول ال صلى ال عليه وسلم قالت :أرسل إلي رسول ال صلى ال عليه وسلم
حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له ،فقلت :إن لي بنتا وأنا غيور ،فقال :أما ابنتها فندعو ال أن
يغنيها عنها،وأدعو ال أن يذهب بالغيرة " .أخرجه مسلم ( )3/37والبيهقي ( )4/65وأحمد (. )6/309
- 20ول ينافي الصبر أن تمتنع المرأة من الزينة كلها ،حدادا على وفاة ولدها أو غيره إذا لم
تزد على ثلثة أيام ،إل على زوجها ،فتحد أربعة أشهر وعشرا ،لحديث زينب بنت أبي سلمة
قالت " :دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى ال عليه وسلم فقالت :سمعت رسول ال صلى
ال عليه وسلم يقول " :ل يحل لمرأة تؤمن بال واليوم الخر ( أن ) تحد على ميت فوق
ثلث ،إل على زوج أربعة أشهر وعشرا " ثم دخلت على زينب بنت جحش-حين توفي أخوها
16
فدعت بطيب فمست ،ثم قالت :مالي بالطيب من حاجة،غير أني سمعت رسول ال صلى ال
عليه وسلم يقول " ..فذكرت الحديث.أخرجه البخاري (.)401 -400/400 9 ،114 / 3
- 21ولكنها إذا لم تحد على غير زوجها ،إرضاء للزوج وقضاء لوطره منها،فهو أفضل لها،
ويرجى لهما من وراء ذلك خير كثير كما وقع لم سليم وزوجها أبي طلحة النصاري رضي
ال عنهما ،ول بأس من أن أسوق هنا قصتهما في ذلك -على طولهما -لما فيها من الفوائد
والعظات والعبر ،فقال أنس رضي ال عنه " :قال مالك أبو أنس لمرأته أم سليم -وهي أم
أنس : -إن هذا الرجل -يعني النبي صلى ال عليه وسلم يحرم الخمر -فانطلق حتى أتى الشام
فهلك هناك فجاء أبو طلحة ،فخطب أم سليم ،في كلمها في ذلك ،فقالت :يا أبا طلحة ! ما مثلك
يرد ،ولكنك امرؤ كافر ،وأنا امرأة مسلمة ل يصلح لى أن أتزوجك ! فقال :ما ذاك دهرك ،
قالت :وما دهري قال :الصفراء والبيضاء ! قالت :فإني ل أربد صفراء ول بيضاء ،أريد
منك السلم ( ،فإن تسلم فذاك مهري ،ول أسألك غيره ) ،قال :فمن لي بذلك ؟ قالت :لك بذلك
رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فانطلق أبو طلحة يريد النبي صلى ال عليه وسلم ورسول ال
صلى ال عليه وسلم جالس في أصحابه،فلما رآه قال:جاءكم أبو طلحة غرة السلم بين عينيه ،
فأخبر رسول ال صلى ال عليه وسلم بما قالت أم سليم،فتزوجها على ذالك،قال ثابت ( وهو
البناني أحد رواة القصة عن أنس ) فما بلغنا أن مهرا كان أعظم منه أنها رضيت السلم مهرا ،
فتزوجها وكانت امرأة مليحة العينين ،فيها صغر ،فكانت معه حتى ولد له بني ،وكان يحبه
أبو طلحة حبا شديدا .ومرض الصبي ( مرضا شديدا ) ،وتواضع أبو طلحة لمرضه أو تضعضع
له ( ،فكان أبو طلحة يقوم صلة الغداة يتوضأ ،ويأتي النبي صلى ال عليه وسلم فيصلى معه ،
ويكون معه إلى قريب من نصف النهار،ويجئ يقيل ويأكل ،فإذا صلى الظهر تهيأ وذهب ،فلم
يجئ إلى صلة العتمة ) فانطلق أبو طلحة عشية إلى النبي صلى ال عليه وسلم ( وفي رواية :
إلى المسجد ) ومات الصبي فقالت أم سليم :ل يتعين إلى أبي طلحة أحد ابنه حتى أكون أنا الذي
أنعاه له ،فهيأت الصبي ( فسجت عليه ) ،ووضعته ( في جانب البيت ) ،وجاء أبو طلحة من
عند رسول ال صلى ال عليه وسلم حتى دخل عليها ( ومعه ناس من أهل المسجد من أصحابه )
فقال :كيف ابني ؟ فقالت :يا أبا طلحة ماكان منذ اشتكى أسكن منه الساعة ( وأرجو أن يكون قد
استراح!) فأتته بعشائه ( فقربته إليهم فتعشوا،وخرج القوم ) (،قال فقال إلى فراشه فوضع رأسه
) ،ثم قامت فتطيبت ( ،وتصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك ) ( ،ثم جاءت حتى دخلت
معه الفراش ،فما هو إل أن وجد ريح الطيب كان منه ما يكون من الرجل إلي أهله ) ( ،فلما
كان آخر الليل ) قالت :يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوما أعاروا قوما علية لهم ،فسألو هم إياها
أكان لهم أن يمنعو هم ؟ فقال :ل،قالت فإن ال عزوجل كان أعارك ابنك عارية ،ثم قبضه إليه،
فاحتسب واصبر!فغضب ثم قال:تركتني حتى إذا وقعت بما وقعت بما وقعت به نعيت إلي ابني!
( فاسترجع ،وحمد ال ) ( ،فلما أصبح اغتسل ) ،ثم غدا إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم
( فصلى معه ) فأخبره ،فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ،بارك ال لكما في غابر ليلتكما ،
فثقلت منت ذلك الحمل ،وكانت أم سليم تسافر مع النبي صلى ال عليه وسلم ،تخرج إذا خرج ،
وتدخل معه إذا دخل ،وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا ولدت فأتوني بالصبي ( ،قال :
فكان رسول ال صلى ال عليه وسلم في سفر وهي معه ،وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم
إذا أتى المدينة من سفر ل يطرقها طروقا ،فدنوا من المدينة ،فضربها المخاض ،واحتبس عليها
أبو طلحة ،وانطلق رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فقال أبو طلحة :يا رب إنك لتعلم أنه يعجبني
17
أن أخرج مع رسولك إذا خرج ،وأدخل معه إذا دخل ،وقد احتبست بما ترى ،قال :تقول أم
سليم :يا أبا طلحة ما أجد الذي كنت أد فانطلقا قال :وضربها المخاض حين قدموا ) ،فولدت
غلما ،وقالت لبنها أنس ( :يا أنس ! ل يطعم شيئا حتى تغدوا به إلى رسول ال صلى ال
عليه وسلم (،وبعثت معه بتمرات ) ،قال :فبات يبكي ،وبت مجنحا 20عليه ،أكالئه حتى
أصبحت ،فغدوت إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم ) (،وعليه بردة ) ،وهو يسم إبلء أو
غنما ( قدمت عليه ) ،فلما نظر إليه ،قال لنس :أولدت بنت ملحان ؟ قال :نعم (،فقال :رويدك
أفرغ لك ) ،قال:فألقى ما في يده ،فتناول الصبي وقال ( :أمعه شئ ؟ قالوا :نعم ،تمرات ) ،
فأخذ النبي صلى ال عليه وسلم ( بعض ) التمر ( فمضغهن ،ثم جمع يزاقه ) ( ،ثم فغز فاه ،
وأوجره إياه ) ،فجعل يحنك الصبي ،وجعل الصبي يتلمظ ( :يمص بعض حلوة التمر وريق
رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فكان أول من فتح أمعاء ذلك الصبي على21ريق رسول اللله
صلى ال عليه وسلم فقال :انظروا إلى حب النصار التمر (،قال :قلت :يارسول ال سمه ،قال):
22
( فمسح وجهه) وسماه عبد ال (،فما كان في النصار شاب أفضل منه) ،قال :فحرج منه رجل
كثير ،واستشهد عبد ال بفارس ) ".أخرجه الطيالسي (رقم )2056والسياق له ،ومن طريقه البيهقي (66-4/65
وابن حبان ( )725وأحمد ( )290 ، 287 ، 196 ،106،181 -105 /3والزيادات كلها له كما سيأتي ،ورواه البخاري (/3
)133 -132ومسلم ( ) 175 -174 /6مختصرا مقتصرا على قصة وفاة الصبي ،وروى النسائي ( )87 /2قسما من أوله ،
والزيادة الولى له ،والسادسة والثامنة والخامسة عشر والسادسة عشر للبخاري ،والتاسعة عشر والثانية والعشرون لمسلم ،
وسائرها لحمد كما سبق .
وقد عنيت عناية خاصة بجمع روايات هذه القصة وألفاظها ،لما فيها من روعة وجللة ،وليأخذ
القارئ عنها فكرة جامعة صادقة ،وذلك تتم العبرة والفائدة .
*********************
20مائل
21كذا الصل ،ولعل حرف ( على ) مقحم من بعض النساخ .
22جمع راجل ،وهو ضد الفارس .
18
()6
ما يحرم على أقارب الميت
- 22لقد حرم رسول ال صلى ال عليه وسلم أمرا كان ول يزال بعض الناس يرتكبونها إذا
مات لهم ميت ،فيجب معرفتها ل جتنابها ،فل بد من بيانها :
أ -النياحة ، 23وفيها أحاديث كثيرة :
".1أربع في أمتي من أمر الجاهلية ،ل يتركونهن :الفخر في الحساب ،والطعن في
النساب ،والستسقاء بالنجوم ،والنياحة.وقال:النائحة إذا لم تتب قبل موتها ،تقام يوم
القيامة وعليها سربال من قطران ،ودرع من جرب " .رواه مسلم ( ) 45 / 3والبيهقي (
)4/63من حديث أبي مالك الشعري .
".رواه مسلم ( الميت " .2اثنتان في الناس هما بهم كفر :الطعن في النسب ،والنايحة على
)1/58والبيهقي ( ) 63 / 4وغيرهما من حديث هريرة .
بن زيد،فقال ".3لما مات ابراهيم ابن رسول ال صلى ال عليه وسلم صاح أسامة
رسول ال صلى ال عليه وسلم ليس هذا مني،وليس بصائح حق ،القلب يحزن ،
والعين تدمع ،ول يغضب الرب "رواه ابن حبان ( )743والحاكم ( )382 /1عن أبي هريرة بسند
حسن .
.4عن أم عطية قالت ":أخذ علينا رسول ال صلى ال عليه وسلم مع البيعة أل ننوح،فما
وفت منا امرأة ( تعني من المبايعات ) إل خمس،أم سليم ،أم العلء ،وابنة أبي سبرة
امرأة معاذ ،أو ابنة أبي سبرة ،وامرأة معاذ ".رواه البخاري ( )137 /3ومسلم ( )46 /3واللفظ
له،والبيهقي ( )62 /4وغيرهم.
.5عن أنس بن مالك ":أن عمر بن الخطاب لما طعن عولت عليه حفصة ،فقال:يا
حفصد أما حفصة أما سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول :المعول عليه
يعذب؟!وعول عليه وفي أخرى (:في قبره ) بما نيح عليه " .أخرجه البخاري ومسلم والسياق
له والبيهقي ( ) 73 - 72 / 4وأحمد ( رقم ) 386 ، 254 ، 334 ، 315 ، 290 ، 288 ، 268من طرق عن
عمر مطول ومختصرا ،وروى ابن حبان في " صحيحه " ( . ) 741قصة حفصة فقط .
".6إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه "وفي رواية ":الميت يعذب في قبره بما نيح عليه ".
أخرجه الشيخان وأحمد من حديث ابن عمر ،والرواية الخرى لمسلم وأحمد ورواه ابن حبان في صحيحه()742
من حديث عمران بن حصين نحو الرواية الولى.
24
أخرجه البخاري ( ) 126 / 3ومسلم ( 3 ".7من ينح عليه يعذب بما نيح عليه ( يوم القيامة ) "
) 45 /والبيهقي ( )72 / 4وأحمد ( . ) 255 ، 252 ، 245 /4
23وهو أمر زائد على البكاء .قال ابن ابن العربي " :النوح ما كانت الحاهلية تفعل ،كان النساء يقفن متقابلت يصحن ،ويحثين التراب على روءسهن
ويضربن وجوههن " نقله البي على مسلم .
24في هذا الحديث بيان أن البكاء المذكور في الحديث الذي قبله ،ليس المراد به مطلق البكاء ،بل بكاء خاص وهو النياحة ،وقد أشار إلى هذا حديث عرم
المتقدم في الرواية الثانية وهو قوله " :ببعض بكاء . " . . .ثم إن ظاهر هذا الحديث واللذين قبله مشكل ،لنه يتعارض مع بعض أصول الشريعة وقواعد ها
المقررة في مثل قوله تعالى " :ول تزر وازرد وزر أخرى " ،وقد اختلف العلماء في الجواب عن ذلك على ثمانيد أقوال ،وأقربها إلى الصواب قولن :
الول :ما ذهب إليه الجمهور ،وهو أن الحديث محمول على من أوصى بالنوح عليه ،أو لم يوص بتركه مع علمه بأن الناس يفعلونه عادة .ولهذا قال عبد ال
بن المبارك " :إذا كان ينهاهم في حياته ففعلوا شيئا من ذلك بعد وفاته ،لم يكن عليه شئ " .1والعذاب عند هم بمعنى العقاب .والخر :أن معنى " أي يتألم
بسماعه بكاء أهله ويرق لهم ويحزن ،وذلك في البرزخ ،وليس يوم القيامة .وإلى هذا ذهب محمد بن جرير الطبري وغيره ،ونصره ابن تيمية وابن القيم
وغيرهما .قالوا " :ليس المراد أن ال يعاقبه ببكاء الحي عليه ،والعذاب أعم من العقاب كما في قوله " :السفر قطعة من العذاب " ،وليس هذا عقابا على
ذنب ،وإنما هو تعذيب وتألم " .2 .وقد يؤيد هذا قوله في الحديث ( " : ) 6 ، 5في قبره " .وكنت أميل إلى هذا المذهب برهة من الزمن ،ثم بدا لي أنه
ضعيف لمخالفته للحديث السابع الذي قيد العذاب بأنه " يوم القيامة " . ،عندهم بين هذا القيد والقيد الخر في قوله " في قبره " ،بل يضم أحدهما إلى الخر ،
وينتج أنه يعذب في قبره ،ويوم القيامة .وهذا بين إيشاء ال تعالى .
ً - 1عمدة القارئ ( . ) 74 / 4
ً -2أنظر كلم ابن تيمية في " مجموعة الرسائل المنيرية " ( ) 209 / 2وابن القيم في " التهذيب " ( . ) 293 - 290 / 4
19
.8عن النعمان بن بير قال":أغمي على عبد ال بن رواحة رضي ال عنه ،فجعلت أخته
عمرة تبكي:واجبله،واكذا،واكذا ،تعدد عليه،فقال حين أفاق :ما قلت شيئا إل قيل لي
،كذلك!؟ فلما مات لم تبك عليه ".أخرجه البخاري والبهقي ( . ) 64 / 4
وفي الباب أحاديث أخرى ،نذكرها في الفقرة التية إن شاء ال تعالى
ب ،ج -ضرب الخدود ،وشق الجيوب لقوله صلى ال عليه وسلم " :ليس منا من تلطم
الخدود ،وشق الجيوب ،ودعى بدعوى الجاهلية " .رواه البخاري ( ) 129 ، 128 - 127 / 3ومسلم ( 1
) 70 /وابن الجارود ( ) 257والبيهقي ( ) 64 - 63 / 4وغيرهم من حديث ابن مسعود .
د -حلق الشعر ،لحديث أبي بردة بن أبي موسى قال " :وجع أبو موسى وجعا فغشي عليه ،
ورأسه في حجر امرأة من أهله ،فصاحت امرأة من أهله ،فلم يستطع أن يرد عليها شيئا ،فلما
أفاق قال :إنا برئ ممن برئ منه رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فان رسول ال صلى ال عليه
25
وسلم برئ من الصالقة ،والحالقة ،والشاقة " .أخرجه البخاري ( )3/129ومسلم ( )1/70والنسائي ()263 /1
والبيهقي ( . ) 64 / 4
هـ -نشر الشعر ،لحديث امرأة من المبايعات قالت " :كان فيما أخذ علينا رسول ال صلى ال
عليه وسلم في المعروف الذي أخذ علينا أن ل نعصيه فيه،وأن لنخمش وجها ول ندعو ويل،ول
نشق جيبا،وأن ل ننشر شعرا ".أخرجه إبو داود ( ) 59 / 2ومن طريقه البيهقي ( ) 64 / 4بسند صحيح .
و -إعفاء بعض الرجال لحاهم أياما قليلة حزنا على ميتهم،فإذا مضت عادوا إلى حلقها ! فهذا
العفاء في معنى نشر الشعر كما هو ظاهر،يضاف إلى ذلك أنه بدعة ،وقد قال صلى ال عليه
وسلم":كل بدعة ضللة ،وكل ضللة في النا".رواه النسائي والبيهقي في "السماء والصفات"بسند صحيح عن جابر
ر -العلن عن موته على رؤوس المنائر ونحوها،لنه من النعي،وقد ثبت عن حذيفة بن
اليمان أنه ":كان إذا مات له الميت قال :ل تؤذنوا به أحدا ،إني أخاف أن يكون نعيا،إني سمعت
رسول ال صلى ال عليه وسلم ينهى عن النعي ".أخرجه الترمذي ( ) 129 /2وحسنه ،وابن ماجه ( 450 / 1
) وأحمد ( ) 406 / 5والسياق له والبيهقي ( ، ) 74 / 4وأخرج المرفوع منه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( ) 97 / 4
وإسناده حسن كما قال الحافظ في " الفتح " .
والنعي لغة :هو الخبار بموت الميت ،فهو على هذا يشمل كل إخبار ،ولكن قد جاءت أحاديث
صحيحة تدل على جواز نوع من الخبار ،وقيد العلماء بها مطلق النهي ،وقالوا :إن المراد
بالنعي العلن الذي يشبه ما كان عليه أهل الجاهلية من الصياح على أبواب البيوت والسواق
كما سيأتي ،ولذلك قلت :
********************************
20
()7
النعي الجائز
- 23ويجوز إعلن الوفاة إذا لم يقترن به ما يشبه نعي الجاهلية وقد يجب ذلك إذا لم يكن عنده
من يقوم بحقه من الغسل والتكفين والصلة عليه ونحو ذلك ،وفيه أحاديث :
الول :عن أبي هريرة ":أن رسول ال صلى ال عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات
فيه ،خرج إلى المصلى ،فصف بهم وكبر أربعا " .أخرجه الشيخان وغيرهما ،وسيأتي ذكره بجميع زياداته
من مختلف طرقه في المسألة ( ) 60الحديث السابع .
الثاني :عن أنس قال :قال النبي صلى ال عليه وسلم " :أخذ الرواية زيد فأصيب ،بثم أخذ
جعفر فأصيب ،ثم أخذها عبد ال بن رواحة فأصيب -وإن عيني رسول ال صلى ال عليه
وسلم لتذرفان -ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له ".أخرجه البخاري وترجم له والذي وقبله
بقوله " :باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه " .
وقال الحافظ " :وفائدة هذاه الترجمة الشارة إلى أن النعي ليس ممنوعا كله،وإنما نهى عما كان
أهل الجاهلية يصنعونه ،فكانوا يرسلون من يعلن بخبر موت الميت على أبواب الدور قلت :
وإذا كان هذا مسلما ،فالصياح بذلك رؤوس المنائر يكون نعيا من باب أولى ،ولذلك جز منابه في
الفقرة التي قبل هذه ،وقد يقترن به أمور أخرى هي في ذاتها محرمات أخر ،مثل أخذ الجرة
على هذا الصياح ! ومدح الميت بما يعلم أنه ليس كذلك ،كقولهم " :الصلة على فخر الماجد
المكرمين ،وبقية السلف الكرام الصالحين ! " ......
-24ويستحب للمخبر أن يطلب من الناس أن يستغفروا للميت لحديث أبي قتادة رضي ال عنه
قال " :بعث رسول ال صلى ال عليه وسلم جيش المراء عليكم زيد بن حارثة ،فإن أصيب
زيد فجعفر بن أبي طالب ،فإن أصيب جعفر فعبد ال بن رواحة النصاري ،فوثب جعفر فقال
:بأبي أنت وأمي يارسول ال ما كنت أرهب أن تستعمل علي زيدا ،قال :امضه فإنك ل تدري
أي ذلك خير ،فانطلقوا ،فلبثوا ما شاء ال ،ثم إن رسول ال صلى ال عليه وسلم صعد المنبر،
وأمر أن ينادي الصلة ب جامعة ،فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم :ناب خير ،أو ثاب
خير -شك عبد الرحمن -يعني ابن مهدي ) ، -أل أخبر كم عن جيشكم هذا الغازي ؟ إنهم
انطلقوا فلقوا العدو ،فأصيب زيد شهيدا ،فاستغفروا له -فاستغفر له الناس -ثم أخذ اللواء جعفر
بن أبي طالب ،فشد على القوم حتى قتل شهيدا ،أشهد له بالشهادة ،فاستغفروا له ،ثم أخذ اللواء
عبد ال بن رواحة ،فأثبت قدميه حتى قتل شهيدا ،فاستغفروا له ،ثم أخذا اللواء خالد بن الوليد
-ولم يكن من المراء ،بهو أمر نفسه -ثم رفع رسول ال صلى ال عليه وسلم أصبعيه فقال
:اللهم هو سيف من سيوفك ،فانصره -فمن يومئذ سمي خالد سيف ال -ثم قال :انفروا فأمدوا
إخوانكم ،ول يتخلفن أحد :فنفر الناس في حر شديد مشاة وركبانا ".أخرجه أحمد ()301 -5/299،300
وإسناده حسن .
وفي الباب عن أبي هريرة وغيره في قوله صلى ال عليه وسلم لما نعي للناس النجاشي " :
26
استغفروا لخيكم "وسيأتي في المسألة ( )60ص 88- 87
********************
26ومما سبق تعلم أن قول الناس اليوم في بعض البلد " :الفاتحة على روح فلن " مخالف للسنة المذكورة ،فهو بدعة بل شك ،ل سيما والقراءة ل تصل إلى
الموتى على القول الصحيح كما سيأتي تفصيله إن شاء ال تعالى .
21
()8
علمات حسن الخاتمة
- 25ثم إن الشارع الحكيم قد جعل علمات بينات يستدل بها على حسن الخاتمة - .كتبها ال
تعالى لنا بفضله ومنه -فأيما امرئ مات بإحداها كانت بشارة له ،ويا لها من بشارة .
الولى :نطقه بالشهادة عند الموت وفيه أحاديث .
".1من كان آخر كلمه ل إله إل ال دخل الجنة ".أخرجه الحاكم وغيره بسند حسن
عن معاذ .وله شاهد من حديث أبي هريرة تقدم في " اللقين " فقرة ( أ ) ص 10
.2عن طلحة بن عبيد ال رضي ال عنه قال " :رأى عمر طلحة بن عبيد ال ثقيل ،
فقال :مالك يا أبا فلن ؟ لعلك ساءتك امرأة عمك يا إبا فلن ؟ قال :ل ( -وأثنى
على أبي بكر ) إل أني سمعت من رسول ال صلى ال عليه وسلم حديثا ما منعني
أن أسأله عنه إل القدرة عليه حتى مات ،سمعته يقول :إني لعلم كلمة ل يقولها
عبد عند موته إل أشرق لها لونه ،ونفس ال عنه كربته ،قال :فقال عمر :إني
لعلم ماهي ! قال :وما هي ؟ قال :تعلم كلمة أعظم من كلمة أمر بها عمه عند
الموت :ل إله ال ؟ قال طلحة :صدقت ،هي وال هي " .أخرجه المام أحمد ( رقم
) 1384وإسناده صحيح ،وابن حبان ( ) 2بنحوه ،والحاكم ( ) 351 ، 350 / 1والزيادة له ،وقال "
صحيح على شرطهما " ووافقه الذهبي .
وفي الباب أحاديث ذكرت في " التلقين " .
الثانية :الموت برشح الحبين،لحديث بريدة بن الخصيب رضي ال عنه " :أنه كان بخراسان ،
فعاد أخا له وهو مريض ،فوجده بالموت ،وإذا هو بعرق جبينه ،فقال :ال أكبر ،سمعت رسول
ال صلى ال عليه وسلم يقول :موت المؤمن بعرق الجبين " .أخرجه أحمد ( )5/357،360والسياق له ،
والنسائي ( )1/259والترمذي ( )2/128وحسنه ،وابن ماجه ( )444-443 /1وابن حبان( )730والحاكم( )1/761والطيالسي (
)808وقال الحاكم " :صحيح عل شرط مسلم " ووافقه الذهبي ! وفيه نظر ل مجال لذكره هنا ،ل سيما وأن أحد إسنادي
النسائي صحيح على شرط البخاري .
وله شاهد من حديث عبد ال بن مسعود رضي ال عنه .رواه الطبراني في " الوسط " و "
الكبير " ورجاله ثقات رجال الصحيح ،كما في " المجمع " ( . ) 325 / 2
الثالثة :الموت ليلة الجمعة أو نهارها ،لقوله صلى ال عليه وسلم ":ما من مسلم يموت يوم
الجمعة ،أليلة الجمعة،إل وقاه ال فتنة القبر " .أخرجه أحمد ()6646-6582من طريقين عن عبد ال بن عمرو ،
والترمذي من أحد الوجهين ،وله شواهد عن أنس وجابر بن عبد ال ،وغيرهما ،فالحديث بمجموع طرقه حسن أو صحيح.27
الرابعة :الستشهاد في ساحة القتال ،قال ال تعالى {:ول تحسبن الذين قتلوا في سبيل ال أمواتا
،بل أحياء عند ربهم يرزقون .فرحين بما آتاهم ال من فضله ،ويستبشرون بالذين لم يلحقوا
بهم من خلفهم أل خوف عليهم ول هم يحزنون .يستبشرون بنعمة من ال وفضل ،وأن ال ل
يضيع أجر المؤمنين} ( ال عمران . ) 169 :
وفي ذلك أحاديث :
".1للشهيد عند ال ست خصال :يغفر له في إول دفعة من دمه ،ويرى مقعده من
الجنة ،ويجار من عذاب القبر،ويأمن الفزع الكبر،ويحلى حلية اليمان ،ويزوج
من الحور العين ،ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه ".أخرجه الترمذي ( )3/17وصححه ،
22
وابن ماجه ( )184 /2وأحمد ()131وإسناده صحيح ،ثم أخرجه ()4/200من حديث عبادة بن الصامت ومن
حديث قيس الجذامي ( )4/200وإسنادهما صحيح أيضا .
.2عن رجل من أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم " :أن رجل قال :يارسول ال
ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إل الشهيد ؟ قال :كفى ببارقة السيوف على
رأسه فتنة " .رواه النسائي ( )1/289وعنه القاسم السرقسطي في " الحديث " ( )2/165/1وسنده
صحيح .
( تنبيه ):ترجى هذه الشهادة لمن سألها مخلصا من قلبه ولو لم يتيسر له الستشهاد في المعركة
،بدليل قوله صلى ال عليه وسلم " :من سأل ال الشهادة بصدق ،بلغه ال منازل الشهداء وإن
مات على فراشه ".أخرجه مسلم ( )2/49والبيهقي ( )9/169عن أبي هريرة .وله في "المستدرك " ( )77 /2شواهد .
الخامسة :الموت غازيا في سبيل ال ،وفيه حديثان :
".1ما تعدون الشهيد فيكم ؟ قالوا :يارسول ال من قتل في سبيل ال فهو شهيد ،
قال :إن شهداء أمتي إذا لقليل ،قالوا :فمن هم يارسول ال ؟ قال :من قتل في
سبيل ال فهو شهيد ،ومن مات في سبيل ال فهو شهيد ومن مات في الطاعون
28
فهو شهيد ،ومن ما في البطن فهو شهيد ،والغريق شهيد " .أخرجه مسلم ()6/51
وأحمد ( )2/522عن أبي هريرة .وفي الباب عن عمر عند الحاكم ( )2/109والبيهقي .
" .2من فصل ( أي خرج ) في سبيل ال فمات أو قتل فهو شهيد ،بأو وقصه
فرسه أو بعيره ،أو لدغته هامة ،أو مات على فراشه بأي حتف شاء ال فإنه
شهيد وإن له الجنة " .أخرجه أبو داود ( )1/391والحاكم ( )78 /2والبيهقي ( )166 /9من حديث
أبي مالك الشعري ،وصححه الحاكم ،وإنما هو حسن فقط .
السادسة :الموت بالطاعون ،وفيه أحاديث :
.1عن حفصة بنت سيرين :قال لي أنس بن مالك :بم مات يحيى بن أبي عمرة ؟
قلت :بالطاعون،فقال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :الطاعون شهادة لكل
مسلم " .أخرجه البخاري ( )157 - 156 / 10والطيالسي ( ) 2113وأحمد ( ، 223 ، 20 2 ،150 /3
. )265 - 258
.2عن عائشة أنها سألت رسول ال صلى ال عليه وسلم عن الطاعون ؟ فأخبرها نبي
ال صلى ال عليه وسلم" :انه كان عذابا يبعثه ال على من يشاء ،فجعله ال رحمة
للمؤمنين ،فليس من عبد يقع الطاعون ،فيمكث في بلده صابرا يعلم أنه لن يصيبه إل
ماكتب ال له ،إل كان له مثل أجر الشهيد .أحرجه البخاري()158-10/157والبيهقي (
)3/376وأحمد()6/64،145،252
" .3يأتي الشهداء والتوفون بالطاعون ،فيقول أصحاب الطاعون :نحن شهداء ،
فيقال :انظروا فإن كانت جراحهم كجراح الشهداء تسيل دما ريح المسك ،فهم
شهداء ،فيجدونهم كذلك " .أخرجه المام أحمد ( ) 185 / 4والطبراني في " الكبير " ( مجموع / 6
)2 / 55بسند حسن كما قال الحافظ ( ) 159 / 10عن عتبة بن عبد السلمي رضي ال عنه .
وله شاهد من حديث العرباض بن سارية رضي ال عنه أخرجه النسائي ( )2/63وأحمد ( )129 ،128 /4والطبراني وحسنه
الحافظ أيضا ،وهو حسن في الشواهد .
وفي الباب عن أبي هريرة،وتقدم في " الفقرة الخامسة " الحديث الول ،ويأتي أيضا في" الثامنة
والتاسعة ،وعن عبادة ويأتي في " العاشرة ".
السابعة :الموت بداء البطن ،وفيه حديثان :
28أي بداء البطن وهو الستسقاء وانتفاخ البطن .وقيل :هو السهال ،وقيل :الذي يشتكي بطنه .
23
...".1ومن مات في البطن فهو شهيد ".رواه مسلم وغيره ،وتقدم بتمامه في " الخامسة " .
.2عن عبد ال بن يسار قال " :كنت جالسا وسليمان بن صرد وخالد بن عرفطة ،فذ
كروا رجل توفي،مات ببطنه ،فإذا هما يشتهيان أن يكونا شهداء جنازته فقال أحمد
هما للخر :ألم يقل رسول ال صلى ال عليه وسلم " :من يقتله بطنه فلن يعذب في
قبره " ؟ فقال الخر :بلى وفي رواية " صدقت " .أخرجه النسائي ( ) 289 / 1والترمذي ( 2
) 160 /وحسنه ،وابن حبان في صحيحه ( رقم - 728موارد ) والطيالسي ( ) 1288وأحمد ( ) 262 / 4
وسنده صحيح .
الثامنة والتاسعة :الموت بالغرق والهدم ،لقوله صلى ال عليه وسلم " :الشهداء خمسة :
المطعون ،والمبطون ،وصاحب الهدم ،والشهيد في سبيل ال " .أخرجه البخاري ( ) 34 - 33 / 6
ومسلم ( ) 51 / 6والترمذي ( ) 159 / 2وأحمد ( ) 533 ، 325 / 2من حديث أبي هريرة .
العاشرة :موت المرأة في نفاسها بسبب ولدها،لحديث عبادة بن الصامت " :إن رسول ال
صلى ال عليه وسلم عاد عبد ال بن رواحة قال :فما تحوز 29له عن فراشه ،فقال :أتدري من
شهداء أمتي؟ قالوا :قتل المسلم شهادة ،قال :إن شهداء أمتي إذا لقليل ! قتل المسلم شهادة ،
والطاعون شهادة والمرأة يقتلها ولدها جمعاء 30شهادة ( ،يجرها ولدها بسرره 31إلى الجنة ) " .
أخرجه إحمد ( ) 323 / 5 - 201 / 4والدارمي ( ) 208 / 2والطيالسي ( ) 582وإسناده صحيح .
وله في " المسند " ( ) 328 ، 317 ، 315 / 4طرق أخرى .
وفي الباب عن صفوان بن إمية عند الدارمي والنسائي( )1/289وأحمد (. ) 466-)465 /6
وعن عقبه بن عامر 7عند النسائي ( . ) 63 - 62 / 2
وعن راشد بن حبيش عند أحمد ( ، ) 289 / 3ورجاله ثقات ،وقال المذري في " الترغيب " ( " : ) 201 / 2إسناده وفيه
الزيادة وهي في حديث عبادة عند الطيالسي وأحمد .
وعن جابر بن عتبك ويأتي لفطه في الفقرة التية :
32
الحادية عشر ،والثانية عشر:الموت بالحرق،وذات الجنب وفيه أحاديث ،أشهرها عن جابر
بن عتيك مرفوعا " :الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل ال :المطعون شهيد ،والغرق شهيد ،
وصاحب ذات الجنب شهيد ،والحرق شهيد ،والذي يموت تحت الهدم شهيد ،والمرأة تموت
33
شهيدة " .أخرجه مالك ( )233-1/232وإبو داود ( )2/26والنسائي ( )1/261وابن ماجه ()186 -185 /2 بجمع
وابن حبان في صحيحه ( -1616موارد)والحاكم ()352 /1وأحمد ( )5/446وقال الحاكم " :صحيح السناد "! ووافقه الذهبي!
ولست أشك في صحة متنه ،لن له شواهد كثيرة ،تقدم أكثرها وروي الطبراني من حديث ربيع النصاري مرفوعا به نحوه
دون ذكر الهدم .قال المنذري وتبعه الهيثمي ( " : )300 /5ورواته مجتج بهم في الصحيح " .
وروى أحمد ( )7 15 /4من حديث عقبة بن عامر مرفوعا بلفظ " :الميت من ذات الجنب شهيد " .
وسنده حسن في الشواهد ،وقا جاءت هذه الجملد في بعض طرق حديث أبي هريرة المتقدم في " الخامسة " 7أخرجه أحمد (
)442 -2/441وفيه محمد بن اسحاق وهو مدلس وقد عنعنه .
الثالثة عشر :الموت بداء السل لقوله صلى ال عليه وسلم ":القتل في سبيل ال شهادة ،والنفساء
34
شهادة ،والحرق شهادة والغرق شهادة ،والسل شهادة ،والبطن شهادة ".قال في "مجمع الزوائد " (2/317
": )301-رواه الطبراني في الوسط ،وفيه مندل بن علي ،وفيه كلم كثير وقد وثق ".فقد زاد فيه أحمد في رواية له" :والسل " .
24
ورجاله موثقون ،وحسنه المنذري كما سبق ،وله شاهد آخر في " المجمع " .
الرابعة عشر :الموت في سبيل الدفاع عن المال المراد غصبه ،وفيه أحاديث :
".1من قتل دون ماله ( ،وفي رواية :من أريد ماله بغير حق فقاتل ،فقتل ) فهو
شهيد " .أخرجه البخاري ( ) 93 / 5ومسلم ( ) 87 / 1وإبو داود ( )2/285والنسائي ()2/173
والترمذي ( ) 315 /2وصححه وابن ماجه ( ) 123 / 2وأحمد ( ) 6829 ، 6823 ، 68 16كلهم بالرواية
الثانية إل البخاري ومسلم فبالولى ،وهي رواية للنسائي والترمذي وأحمد ( ) 6822عن عبد ال بن عمرو .
وفي الباب عن سعيد بن زيد ،ويأتي في الخامسة عشرة :
.2عن أبي هريرة رضي ال عنه قال ":جاء رجل إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم،
فقال :يارسول ال أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال :فل تعطه مالك ،قال:
أرأيت إن قاتلني؟قاتله،قال:أرأيت إن قتلني،قال :فأنت شهيد ،قال :أرأيت إن قتلته ؟
قال :هو في النار ".أخرجه مسلم (،)1/87وأخرجه النسائي ()2/173وأحمد ()360-1/339من طريق
أخرى عنه.
رضي ال عنه " .جاء رجل إلى النبي صلى ال عليه وسلم فقال : .3عن مخارق
الرجل يأتيي فيريد مالي؟ قال :ذكره بال ،قال فإن لم يذكر؟ قال :فاستعن عليه
السلطان ،قال :فإن نأى السلطان عني (وعجل علي) ؟ قال :قاتل دون ملك حتى
تكون من شهداء الخرة ،إو تمنع مالك ".أخرجه النسائي وأحمد ()5/294،294،295والزيادة له
وسنده صحيح على شرط مسلم .
الخامسة عشر،والسادسة عشر :الموت في سبيل الدفاع عن الدين والنفس ،وفيه حديثان :
".1من قتل دون ماله فهو شهيد ،ومنت قتل دون أهله فهو شهيد ،ومن قتل دون دينه
فهو شهيد ،بومن قتل دون دمه فهو شهيد " .أخرجه أبو داود ( ) 275 / 2والنسائي والترمذي (
) 316 / 2وصححه ،وأحمد ( ) 1653 ) 1652عن سعيد بن زيد ،وسنده صحيح .
35
" .2من قتل دون مظلمته فهو شهيد " .أخرجه النسائي ( ) 174 - 173 / 2من حديث سويد بن
مقرن ،وأحمد ( ) 2780من حديث ابن عباس ،وإسناده صحيح إن سلم من النقطاع بين سعد بن ابراهيم ابن
عبد الرحمن بن عوف وابن عباس ،لكن أحد الطريقين يقوى الخرى ،وفي الولى من لم يوثقه غير ابن حبان .
السابعة عشرة :الموت مرابطا في سبيل ال ،ونذكر فيه حديثين :
".1رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه،وإن مات جرى عليه عمله الذي كان
يعمله ،وأجري عليه رزقه،وأمن الفتان ".رواه مسلم ( )6/51والنسائي ( ) 62 /2والترمذي (
)3/18والحاكم ( )2/80وأحمد ( ) 441 ،5/440من حديث سلمان الفارسي ،ورواه الطبراني وزاد ":وبعث يوم
القيامة شهيدا ".لكن في سنده من لم يعرفهم الهيثمي في " مجمعه " (،)5/290وسكت عليه المنذري في" ترغيبه " (
. ) 2/150
".2كل ميت يختم على عمله إل الذي مات مرابطا في سبيل ال ،فإنه ينمى له عمله
إلى يوم القيامة ،ويأمن فتنة القبر " .أخرجه إبو داود ( ) 391 / 1والترمذي ( ) 2 / 3
وصححه ،والحاكم ( ) 144 / 2وأحمد ( ) 20 / 6من حديث فضالة بن عبيد ،وقال الحاكم " :صحيح على
شرط الشيخين " !
الثامنة عشر :الموت على عمل صالح لقوله صلى ال عليه وسلم " من قال :ل إله إل ال ":من
قال :ل إله إل ال ابتغاء وجه ال ختم له بها دخل الجنة ،ومن صام يوما ابتغاء وجه ال ختم له
بها دخل الجنة ،ومن تصدق بصدقة ابتغاء وجه ال ختم له بها دخل الجنة" أخرجه أحمد ( )5/391عن
حذيفة قال ":سندت :النبي صلى ال عليه وآله وإلى صدري فقال " فذكره .وإسناده صحيح ،قال المنذري ( ")2/61ل بأس به".
) 35قلت :وهذا بإطلقه يشمل النواع الربعة المذكورة في الحديث الول وغيرها .
25
*******************
26
()9
ثناء الناس على الميت
- 26والثناء بالخير على الميت من جمع من المسلمين الصادقين ،أقلهم اثنان ،من جيرانه
العارفين به من ذوي الصلح والعلم موجب له الجنهة ،وفيه أحاديث :
.1عن أنس رضي ال عنه قال " :مر على النبي صلى ال عليه وسلم بجنازة ،فأثنى
عليها خيرا (،وتتابعت اللسن بالخير ) (،فقالوا :كان -ما علمنا -يجب ال ورسوله
) ،فقال نبي ال صلى ال عليه وسلم :وجبت وجبت وجبت،ومر بجنازة فأثني عليها
شرا (،وتتابعت اللسن لها بالشر) ( ،فقالوا :بئس المرء كان في دين ال ) ،فقال نبي
ال صلى ال عليه وسلم :وجبت وجبت وجبت ،فقال عمر :فدى لك أبي وإمي ،مر
بجنازة فأثني عليها شرا ،فقلت :وجبت وجبت وجبت ؟ فقال رسول ال صلى ال
عليه وسلم " :من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة ،ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له
النار ( ،الملئكة شهداء ال في السماء ،و ) أنتم شهداء ال في الرض ،أنتم شهداء
ال في الرض،أنتم شهداء ال في الرض ( ،وفي رواية :والمؤمنون شهداء ال في
الرض ) (،إن ال ملئكة تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير والشر )
".أخرجه البخاري ( )193 -192 /5 ،178 -177 /3ومسلم ( )53 /3والنسائي ( )1/273والترمذي ()2/158
وصححه ،وابن ماجه ( )454 /1والحاكم ( ) 377 / 1والطيالسي ( ) 2062وأحمد ( 197 ، 186 ، 179 / 3
) 281 ، 245 ، 211 ،من طرق عن أنس ،والسياق لمسلم ،والرواية الخرى لين ماجه ،ورواية لحمد
والبخاري ،والزيادات كلها إل التي قبل الخيرة ل حمد ،وللبخاري وللبخاري الولى منها،وللحاكم الخيرة
وصححها ،ووافقه الذهبي ،وهو كما قال .وأخرجه أبو داود ( ) 72 / 2والنسائي وابن ماجه والطيالسي (
)2388وأحمد ( ) 528 ، 498 ،2/261،466،470من طريقين عن أبي هريرة ،والزيادة الخيرة للنسائي
عنه ،وإسنادها صحيح ،والطريق الخرى إسنادها حسن .
.2عن أبي السود الديلي قال " :أتيت المدينة ،وقد بها مرض ،وهم يموتون موتا
ذريعا ،فجلست إلى عمر ابن الخطاب رضي ال عنه ،فمرت جنازة ،فأثنى خيرا ،
فقال عمر :وجبت ،وفقلت :ما وجبت يا أمير المؤمنين ؟ قال :قلت كما قال النبي
صلى ال عليه وسلم :أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله ال الجنة ،قلنا :وثلثة
قال :وثلثة قال :قلنا واثنان ؟ قال :واثنان،ثم لم نسأله في الواحد ".أخرجه البخاري
والنسائي والترمذي وصححه البيهقي ( ) 75 / 4والطيالسي (رقم )23وأحمد (رقم . ) 204 ،129
" .3مامن مسلم يموت فيشهد له أربعة من أهل أبيات جيرانه الذنيين أنهم ل يعلمون
منه إل خيرا ،إل قال ال تعالى وتبارك :قد قبلت قولكم ،أو قال :بشهادتكم ،
36
وغفرت له مال تعلمون " أخرجه أحمد ( )242 /3والحاكم ( )378 /1وقال " :صحيح على شرط مسلم
" ووافقه الذهبي !
وله شاهد من حديث أبي هريرة :
أخرجه أحمد ( ) 408 / 2وفيه شيخ من أهل العلم لم يسم ،والراوي عنه عبد الحميد ابن جعفر الزيادي ولم أجد له ترجمة .
36إعلم أن مجموع هذه الحاديث الثلثة يدل هذه الشهادة ل تختص بالصحابة ،بل هي أيضا لمن بعدم من المؤمنين الذين هم على طريقهم في اليمان والعلم
والقدق وبهذا جزم الحافظ ابن حجر في " الفتح " فليراجع كلمه من شاء المزيد من اليان .ثم إن تقييد الشهادة بأربع في الحديث الثالث ،الظاهر أنه كان قبل
حديث عمر قبله ،ففيه الكتفاء بشهادة اثنين ،وهو العمدة .هذا ،وأما قول بعض الناس عقب صلة الجنازة " :ما تشهدون فيه .اشهدوا له بالخير " !
فيجيبونه بقولهم صالح .أو من أهل الخير ،ونحو ذلك ،فليس هو المراد بالحديث قطعا ،بل هو بدعة قبيحة ،لنه لم يكن من عمل السلف ،ولن الذين
يشهدون بذلك ل يعرفون الميت في الغالب ،بل قد يشهدون بخلف ما يعرفون استجابة لرغبة طالب الشهادة بالخير ،ظنا منهم أن ذلك ينفع الميت ،وجهل
منهم بأن الشهادة النافعة إنما هي التي توافق الواقع في نفس المشهود له ،كما يدل على ذلك قوله في الحديث الول " إن ل ملئكة تنطق على ألسنة بني آدم بما
في المرء من الخير والشر " .
27
وله شاهد آخر مرسل عن بشر بن كعب .
أخرجه أبو مسلم الكجي كما في " الفتح " ( . ) 179 / 3
الوفاة عند الكسوف
- 27وإذا اتفق وفاة أحد مع انكساف الشمس أو القمر ،فل يدل ذلك على شئ ،واعتقاد أنه
يدل على عظمة المتوفي من خرافات الجاهلية التي أبطلها رسول ال صلى ال عليه وسلم يوم
مات ابنه ابراهيم عليه السلم ،وانكسفت الشمس فخطب الناس وحمد ال
وأنثى عليه ،ثم قال " :أما بعد ،أيها الناس ،إن أهل الجاهلية كانوا يقولون إن الشمس والقمر
ل يخسفان إل لموت عظيم ،وإنهما آيتان من آيات ال ،ل ينخسفان لموت أحد ول لحياته ،
ولكن يخوف ال به عباده ،فإذا رأيتم شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكره .ودعائه واستغفاره ،
وإلى الصدقة والعتاقة والصلة في المساجد حتى تنكشف " .هذا السياق ملتقط من جملة أحاديث
سقتها في كتاب لي في " صلة الكسوف " تكلمت فيه على طرقها وألفاظها ،ثم جمعت في آخره
خلصتها في سياق واحد وهذا القدر منه .وجله في " الصحيحين " " والسنن " .
********************
28
()10
غسل الميت
-28فإذا مات الميت وجب على طائفة من الناس أن يبادروا إلى غسله ،أما المبادرة فقد سبق
دليلها في الفصل الثالث( المسألة 17الفقرة هـ ) ( ، .ص ) 13وأما وجوب الغسل فلمره صلى ال عليه وسلم به في
غير ما حديث :
.1اغسلوه بماء وسدر " ...وقد مضى لفظه بتمامه وتخريجه في المسألة المشار إليها ( فقره د) (،ص
)13 -12
.2قوله صلى ال عليه وسلم في ابنته زينب رضي ال عنها " :اغسلنها ثلثا ،أو
خمسا،أو سبعا،أو أكثر من ذلك " ...الحديث ويأتي بتمامه وتخريجه في المسألة
التالية .
– 29ويراعي في غسله المور التية :
أول :غسله ثلثا فأكثر على ما يرى القائمون على غسله .
ثانيا :أن تكون الغسلت وترا .
ثالثا :أن يقرن مع بعضها سدر،أو ما يقوم مقامه في التنظيف ،كالشنان والصابون .
رابعا :أن يخلط مع آخر غسلة منها شئ من الطيب ،والكافور أولى .
خامسا :نقض الضفائر وغسلها جيدا .
سادسا :تسريح شعره .
سابعا :بجعله ثلث ضفائر للمرأة وإلقاؤها خلفها .
ثامنا :البدء بميامنه ومواضع الوضوء منه .
تاسعا :أن يتولى غسل الذكر الرجال ،والنثى النساء إل ما استثني كما بيانه .
والدليل على هذه المور حديث أم عطية رضي ال عنها قالت " :دخل علينا النبي صلى ال
عليه وسلم ،ونحن نغسل ابنته ( زينب ) ،فقال :اغسلنها ثلثا ،أو خمسا ( أو سبعا ) ،أو أكثر
من ذلك ،إن رأيتن ذلك ( ،قالت :قلت :وترا ؟ قال :نعم ) ،واجعلن في الخرة كافورا أو
شيئا من كافور،فإذا فرغتن فآذني ،فلما فرغنا آذناه ،فألقى إلينا حقوه 37فقال :أشعرنها 38إياه
( تعني إزاره ) (،قالت :ومشطناها ثلثة ( قرون ) ( ،وفي رواية:نقضنه ثم غسلنه ) ( فضفرنا
شعرها ثلثة أثلث:قرنيها وناصيتها ) وألقيناها ) ( ،قالت :وقال لنا:ابدأن بميامنها ومواضع
الوضوء منها ) ".أخرجه البخاري ()104-3/99ومسلم( )48 -47 /3وأبو داود( ) 61 -2/60والنسائي()267 -1/266
والترمذي ()131-2/130وابن ماجه ()1/445وابن الجارود ()258،259واحمد ()408-4076 ،85 -5/84وقال الترمذي :
" حديث حسن صحيح ،والعمل على هذا عند أهل العلم " .والرواية الثانية للبخاري والنسائي،والزيادة الول
لمسلم ،والثانية له والبخاري وأبي داود والنسائي ،والثالثة للنسائي ،وللشيخين معناها،والرابعة للبخاري
وأبي داود والخامسة له ولمسلم والنسائي وابن ماجه وأحمد ،والسادسة للشيخين وأحمد ،والسابعة للبخاري
وأبي داود والنسائي وأحمد ،والخيرة لجميعهم .
عاشرا :أن يغسل بخرقة أو نحوها تحت ساتر لجسمه بعد تجريده من ثيابه كلها ،فانه كذلك
كان العمل على عهد النبي صلى ال عليه وسلم كما يفيده حديث عائشة رضي ال عنها " :لما
أرادوا غسل البيي صلى ال عليه وسلم قالوا :وال ما ندري ،أنجرد رسول ال صلى ال عليه
37أي إزاره .قال ابن الثير " :والصل في الحقو معقد الزار ،وجمعه أحق وأحقاء ،ثم سمى بها الزار للمجاورة " .
38أي اجعلنه شعارها ،والشعار الثوب الذي الذي يلي الجسد لنه يلي شعره .
29
وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا ،أم نغلسه وعليه ثيابه ؟ فلما اختلفوا ألقى ال عليهم النوم ،
حتى مامنهم رجل إل وذقنه في صدره ،ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت ،ل يدرون من هو :أن
اغسلوا النبي صلى ال عليه وسلم وعليه ثيابه ،فقاموا إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم
فغسلوه،وعليه قميصه يصبون الماء فوق القميص ويد لكونه بالقميص ،دون أيديهم ،وكانت
عائشة تقول :لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله إل نساؤه " .أخرجه أبو داود ( )2/60وابن
الجارود في" المنتقى " ( )257والحاكم ( )60-3/59وصححه على على شرط مسلم ! والبيهقي ( )3/387والطيالسي ( رقم
)1530وأحمد ( )6/726بسند صحيح ،وروى ابن ماجه ( )1/446منه قول عائشة في آخره " :لو استقبلت" ..ورواه ابن
حبان في صحيحه ( ) 2156
حادي عشر :ويستثني مما ذكر في ( رابعا ) المحرم،فإنه ل يجوزتطييبه لقوله في الحديث الذي
سبقت الشارة إليه قريبا ":ل تحنطوه ،وفي رواية :ول تطيبوه..فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا".
أخرجه الشيخان وغيرهما كما تقدم ص 13 - 12
ثاني عشر :ويستثنى أيضا مما ورد في ( تاسعا) الزوجان فإنه يجوز لكل منهما أن يتولى غسل
الخر ،إذ ل دليل يمنع منه ،والصل الجواز،ول سيما وهو مؤيد بحديثين :
.1عن عائشة رضي ال عنها قالت " :لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل
النبي صلى ال عليه وسلم غير نسائه "39أخرجه ابن ماجه ،ورواه أبو داود وغيره في آخر حديثها
المتقدم قريبا في غسل النبي صلى ال عليه وسلم .
.2عنها أيضا قالت " :رجع إلي رسول ال صلى ال عليه وسلم من جنازة بالبقيع ،وأنا
أجد صداعا في رأسي ،وأقول :وارأساه فقال :بل انا وارأساه ما ضرك لومت قبلي
فغسلتك ،وكفنتك ،ثم صليت عليك ودفنتك " .أخرجه أحمد ( )228 /6والدارمي ( - 37 / 1
) 38وابن ماجه ( ) 448 /1وابن هشام في " السيرة " ( - ) 366 / 2بولق ) والدار قطني ( ) 192والبيهقي
( ، ) 396 / 3وفيه عندهم جميعا محمد بن اسحاق وقد عنعنه ،إل في رواية ابن هشام فقد صرح بالتحديث
فثبت الحديث ،والحمد ل .على أن الحافظ ابن حجر قد ذكر في " التلخيص " ( ) 125 / 5الطبعة المنيرية ) انه
تابعه عليه صالح بن كيسان عند أحمد والنسائي .قلت :هو عند أحمد ( ) 4 14 / 6لكن ليس فيه التصريح
بالغسل ،فتراجع رواية النسائي فلعله فيها ،فإني لم أر الحديث في سننه الصغرى ،فلعله في الكبرى له .
ثالث عشر :أن يتولى غسله من كان أعرف بسنة الغسل ،لسيما إذا كان من أهله وأقاربه ،
لن الذين تولوا غسله صلى ال عليه وسلم كانوا كما ذكرنا ،فقد قال علي رضي ال عنه " :
غسلت رسول ال صلى عليه وسلم ،فجعلت أنظر ما يكون من الميت فلم أر شيئا ،وكان طيبا
حيا وميتا ،صلى ال عليه وسلم " .أخرجه ابن ماجه ( ) 447 / 1والحاكم ( ) 362 / 1والبيهقي ( ) 388 / 3
وإسناده صحيح كما قال في " الزوائد " ( ق ) 1 / 92وقال الحاكم " :صحيح على شرط الشيخين " .
وتعقبه الذهبي بقوله " :قلت :فيه انقطاع " .
قلت :وهذا مما لوجه له ،فإن الحديث من رواية معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن
علي .وهذا سند متصل معروف رواية بعضهم عن بعض،أما معمر عن الزهري،والزهري عن
سعيد فأشهر من أن يذكر ،وأما رواية سعيد عن علي فموصولة أيضا كما أشار إلى ذلك الحافظ
في " التهذيب " .بل ذهب إلى أنه سمع من عمر أيضا40وفي مرسل الشعبي أنه غسل النبي صلى
ال عليه وسلم مع علي رضي ال عنه الفضل ،يعني ابن العباس وأسامة بن زيد .أخرجه أبو داود (
) 2/69وسنده صحيح مرسل .
وله شاهد من حديث ابن عباس .
39قال البيهقي " :فتلهفت على ذلك ،ول يتلهف :إل على ما يجوز " .قلت :والجواز هو قول المام أحمد كما رواه أبو داود في " مسائله " ص . 149
40قلت :وفيما ذكره في عمر نظر ،ل يتسع المجال الن لبيانه ،وأما سماعه من علي فهو صحيح ،وذلك أن وفاة علي رضي ال عنه كانت سنة أربعين ،
وكان لسعيد يومئذ من العمر ثمان وعشرون سنة فأين النقطاع ! .
30
أخرجه أحمد ( ) 358 3بسند ضعيف .
- 30ولمن تولى غسله أجر عظيم بشرطين اثنين :
الول :أن يستر عليه ،ول يحدث بما قد يرى من المكروه ،لقوله صلى ال عليه وسلم " :من
غسل مسلما فكتم عليه غفر له ال أربعين مرة ،ومن حفر له فأجنه أجري عليه كأجر مسكن
أسكنه إياه إلى يوم القيامة،ومن كفنه كساه ال يوم القيامة من سندس واستبرق الجنة ".أحرجه الحاكم
( ) 362 ، 354 / 1والبيهقي ( ) 395 / 3من حديث أبي رافع رضي ال عنه ،وقال الحاكم :
" صحيح على شرط مسلم " .ووافقه الذهبي ،وهو كما قال .وقد رواه الطبراني في " الكبير "
بلفظ " :أربعين كبيرة " .
وقال المنذري ( ) 171 / 4وتبعه الهيثمي ( " : ) 21 / 3رواته محتج بهم في الصحيح " .وقال الحافظ ابن حجر في "
الدراية " ( " : ) 40 1إسناده قوي " .
الثاني :أن يبتغي بذلك وجه ال ،ل يريد به جزاء ول شكورا ول شيئا من أمور الدنيا ،لما
تقرر في الشرع أن ال تبارك وتعالى ل يقبل من العبادات إل ماكان خالصا لوجهه الكريم ،
والدلة على ذلك من الكتاب والسنة كثيرة جدا .أجتزئ هنا بذكر ستة منها :
.1قوله تباك وتعالى {:قل إنما أنا بشر مثلكم يوحز إلى أنما إلهكم إله واحد ،فمن كان
يرجو لقاء ربه فليعمل عمل صالحا ،ول يشرك بعبادة ربه أحد } ( الكهف ، ) 110 :أي
:ل يقصد بها غير وجه ال تعالى :
.2قوله أيضا {:وما أمروا إل ليعبدوا ال مخلصين له الدين }( البينة) 5 :
.3قوله صلى ال عليه وسلم ":إنما العمال بالنيات ،وإنما لكل امرئ ما نوى،فمن كانت
هجرته إلى ال سوله ،فهجرته إلى ال ورسوله ،ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها،
أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " .أخرجه البخاري في أول " صحيحه "ومسلم
وغيرهما عن عمر بن الخطاب رضي ال عنه
.4قوله أيضا ":بشر هذه المة بالسناء والتمكين في البلد والنصر والرفعة في الدين ،
ومن عمل منهم بعمل الخرة للدنيا ،فليس له في الخرة نصيب " .أخرجه أحمد وابنه في
زوائد " المسند " ( ) 134 / 5وابن حبان في " صحيحه " ( موارد ) والحاكم ( ) 311 / 4وقال ":صحيح
السناد " .ووافقه الذهبي ،وأقره المنذري ( . ) 31 / 1قلت :وإسناد عبد ال صحيح
على شرط البخاري :
.5عن أبي أمامة رضي ال عنه قال " :جاء رجل إلى النبي صلى ال عليه وسلم فقال :
أرأيت رجل غزا يلتمس الجر والذكر ماله ؟ فقال :ل شئ له ،فأعادها ثلث مرات
،يقول له رسول ال صلى ال عليه وسلم ل شئ له ،ثم قال:إن ال ل يقبل من العمل
إل ما كان له خالصا وابتغي وجهه ".أخرجه النسائي ( ) 59 / 2وإسناده جيد كما قال المنذري ( / 1
. ) 24
.6قوله صلى ال عليه وسلم " :قال ال عز وجل :أنا أغنى الشر كاء عن الشرك ،
فمن عمل لي عمل أشرك فيه غيري فأنا منه برئ ،وهو للذي أشرك " .رواه ابن ماجه
في " الزهد " من حديث أبي هريرة واسناده صحيح شرط مسلم ،وقد أخرجه في " صحيحه " ( ) 223 / 8حوه .
- 31ويستحب لمن غسله يغتسل لقوله صلى ال عليه وسلم " من غسل ميتا فليغتسل ،ومن
حمله فليتوضأ " .أخرجه أبو داود ( ) 63 - 62 / 2والترمذي ( ) 132 / 2وحسنه ،وابن حبان في صحيحه ( - 751
موارد ) والطيالسي ( ) 2314وأحمد ( . ) 472 ، 454 ، 433 ، 280
31
من طرق عن أبي هريرة،وبعض طرقه حسن،وبعضه صحيح على شرط مسلم،41وقد ساق له
ابن القيم في " تهذيب السنن "إحدى عشر طريقا عنه ،ثم قال " :وهذه الطرق تدل على أن
الحديث محفوظ " .
قلت :وقد صححه ابن القطان ،وكذا ابن حرم في " المحلى " ( ) 25 - 23 / 2 ، 250 / 1والحافظ في
" التلخيص " ( - 134 / 2منيرية )
وقال :وظاهر المر يفيد الوجوب ،وإنما لم نقل به لحديثين :
الول :قوله صلى ل عليه وسلم ":ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه ،فإن ميتكم ليس
بنجس ،فحسبكم أن تغسلوا أيديكم ".أخرجه الحاكم ()1/386والبيهقي ()3/398من حديث ابن عباس وقال الحاكم :
" صحيح على شرط البخاري " ووافقه الذهبي ! وإنما هو حسن السناد كما قال الحافظ في "
التلخيص " لن فيه عمرو بن عمرو ،وفيه كلم ،وقد قال الذهبي نفسه في " الميزان " بعد أن
ساق أقوال الئمة فيه " :حديثه صالح حسن " .
الثاني :قول ابن عمر رضي ال عنه " كنا نغسل الميت ،فمنا من يغتسل ومنا من ل يغتسل "
أخرجه الدار فطني ( ) 191والخطيب في تاريخه ( ) 424 / 5باسناد صحيح كما قال الحافظ ،وأشار إلى ذلك المام أحمد ،
فقد روى الخطيب عنه أنه حض ابنه عبد ال على كتابة هذا الحديث .
-32ول يشرع غسل الشهيد قتيل المعركة ،ولو اتفق أنه كان جنبا ،وفي ذلك أحاديث :
الول :عن جابر قال :قال النبي صلى ال عليه وسلم " :ادفنوهم في دمائهم -يعني يوم أحد -
ولم يغسلهم ( .وفي رواية ) فقال :أنا شهيد على هؤلء ،لفوهم في دمائهم ،فإنه ليس جريح
يجرح ( في ال ) إل جاء وجرحه يوم القيامة يدمي ،لونه لونن الدم ،وريحه ريح المسك " .
أخرجه البخاري ( ) 165 / 3بالرواية الولى وأبو داود ( ) 60 / 2والنسائي ( ) 278 - 277 / 1والترمذي ( ) 147 / 2
وصححه ،وابن ماجه ( ) 462 - 461 / 1والبيهقي ( ) 10 / 4والرواية الخرى له وكذا ابن سعد في " الطبقات " ( ج 3ق
1ص ) 7والزيادة له ،وإسناده صحيح على شرط مسلم .ولها ،أي الرواية الخرى طريق أخرى في المسند ( ) 296 / 3
من رواية ابن جابر عن جابر مرفوعا بلفظ :
" ل تغسلوهم ،فإن كل جرح يفوح مسكا يوم القيامة،ولم يصل عليهم " .وإسناده صحيح إن كان
ابن جابر هو عبد الرحمن ،وأما إذا كان ومحمدا أخا عبد الرحمن فإنه ضعيف ،ولم يترجح
عندي أيهما المراد هنا .وأما الشو كاني فقال في " نيل الوطار " ( " : ) 25 / 4إنها رواية ل
مطعن فيها " .ولها طريق ثالث،اخرجه احمد ( )432-5/431من رواية عبد ال بن ثعلبة ابن صعير ،وله رؤية،ولم يثبت
له سماع فهو مرسل صحابي فهو حجة ،وإسناده إليه صحيح ،وقد وصله البيهقي ( ) 11 / 4من حديثه عن جابر .
الثاني :عن أبي برزة أن النبي صلى ال عليه وسلم كان في مغزى له ،فأفاء ال عليه ،فقال
ل صحابه :هل تفقدون من أحد ؟ قالوا :نعم ،فلنا ،وفلنا ،وفل وثم قال :هل تفقدون من حد:
؟ قالوا :ل :قال :لكني أفقد جليبيبا ،فاطلبوه ،فطلب في القتلى ،فو جدوه إلى جنب سبعة
قتلهم ،ثم قتلوه ! فأتي النبي صلى ال عليه وسلم ،فوقف عليه فقال :قتل سبعة ثم قتلوه ! هذا
مني ،وأنا مني وأنا منه ( ،قالها مرتين أو ثلثا ) ( ،ثم قال بذراعيه هكذا فبسطهما ) ،قال :
فوضعه على ساعديه ،ليس له سرير إل ساعدي النبي صلى ال عليه وسلم قال :فحفر له ووضع
في قبره ،لم يذكر غسل " .أخرجه مسلم ( ) 152 /7والسياق له ،والطيالسي ( ) 924والزيادتان له ،وأحمد ( /4
) 425 ، 421والبيهقي ( . ) 21 / 4
الثالث :عن أنس " :أن شهداء أحد لم يغسلوا ،ودفنوا بدمائهم ،ولم يصل عليهم ( غير حمزة
)
" .أخرجه أبو داود ( ) 59 / 2والزيادة له وللحاكم ويأتي لفظه -والترمذي ( ) 139 - 138 / 2وحسنه وابن سعد ( 3ق
1ص ) 8والحاكم ( ) 366 - 365 / 1والبيهقي ( ) 11 - 10 / 4وأحمد ( ) 128 / 3وقال الحاكم :
41وقد بينت ذلك بيانا شافيا في كتابي " الثمر المستطاب " " -كتاب الغسل " .
32
بعد " صحيح على شرط مسلم " .ووافقه الذهبي .وقال النووي في " المجموع "
( ) 265 / 5
ماعزاه لبي داود وحدة " :إسناده حسن أو صحيح " .
قلت :هو عندي حسن ،على أنه على شرط مسلم .
الرابع :عن عبد ال بن الزبير في قصة أحد واستشهاد حنظلة بن أبي عامر ،قال :فقال رسول
ال صلى ال عليه وسلم " :إن صاحبكم تغسله الملئكة ،فاسألوا صاحبته " ،فقالت :خرج وهو
42
جنب لما سمع الهائعة فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ":لذلك غسلته الملئكة ".أخرجه ابن
حبان في " صحيحه " والحاكم ( ) 204 / 3والبيهقي ( ) 15 / 4بإسناد جيد كما قال النووي في موضع من " المجموع " ( 5
) 260 /ثم نسي ذلك فقال بعد ( " : ) 263 / 5وذكرنا أنه حديث ضعيف "! فجل من ل ينسى،وقال
الحاكم ":صحيح على شرط مسلم " ! وأقره الذهبي !
الخامس :عن ابن عباس قال " :أصيب حمزة بن عبد المطلب وحنظلة بن الراهب ،وهما
جنب ،فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم :رأيت الملئكة تغسلهما " .رواه الطبراني في " الكبير
" ( ) 1489 / 3وإسناده حسن ،كما قال الهيثمي في " المجمع " ( ، ) 23 / 3ورواه الحاكم ( ) 195 / 3دون ذكر حنظلة ،
وقال " :صحيح السناد " وتعقبه الذهبي فأصاب ،لكن له شاهد مرسل قوي أخرجه ابن سعد ( ج 3ق 1ص ) 9عن الحسن
البصري مرفوعا مثله .
قلت :وسنده صحيح رجاله كلهم ثقات ،وفيه رد على الحافظ ،فإنه وصف حديث ابن عباس
بالغرابة ،لنه ذكر فيه حمزة مع أنه قال في سنده :إنه ل بأس به ،كما حكاه الشو كاني عنه
( ، ) 26 / 4فالظاهر أن الحافظ رحمه ال لم يقف على هذا الشاهد.43
*****************
42هي الصوت الذي تفزع عنه ،وتخاف منه " .نهاية " .
43واعلم أن وجه دللة الحديث على عدم مشروعية غسل الشهيد الجنب ،هو ما ذكره الشافعية وغيرهم أنه لو كان واجبا لما سقط بغسل الملئكة ،ولمر النبي
صلى ال عليه وسلم بغسله ،لن المقصود منه تعبد الدمي به ،انظر" المجموع " ( )5/263و "ونيل الوطار" ( .)4/26
33
()11
تكفين الميت
- 23وبعد الفراغ من غسل الميت،يجب تكفينه ،لمر النبي صلى ال عليه وسلم بذلك في حديث
المحرم الذي وقصته الناقة...":وكفنوه ."......متفق عليه ،وقد تقدم بتمامه في الفصل( )3فقرة( د)(.ص -12
)13
- 34والكفن أو ثمنه من مال الميت ،ولو لم يخلف غيره لحديث خباب بن الرث قال ":هاجرنا
مع رسول ال صلى ال عليه وسلم في سبيل ال ،نبتغي وجه ال ،فوجب أجرنا على ال ،فمنا
من مضى لم يأكل من أجره شيئا ،منهم مصعب بن عمير،قتل يوم أحد ،فلم يوجد له شئ ،
( وفي رواية :ولم يترك ) إل نمرة،فكنا إذا وضعناها على رأسه خرجت رجله ،وإذا وضعناها
على رجليه خرج رأسه ،فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم :ضعوها مما يلي رأسه ( وفي
رواية :غطوا بها رأسه ) ،واجعلوا على رجليه الذخر، 44ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها "
،أي :يجتنيها .أخرجه البخاري()3/110ومسلم ()3/45والسياق له .وابن الجارود في " المنتقي " ( )260والترمذي ()357
وصححه والنسائي()1/269والبيهقي()3/401وأحمد ()6/695والرواية الثانية له وللترمذي .وروى منه أبو داود ()2/14،62
قوله في مصعب ":قتل يوم أجد...الخ والرواية الثالثة له وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف أخرجه البخاري وغيره .
- 35وينبغي أن يكون الكفن طائل سابغا يستر جميع بدنه لحديث جابر بن عبد ال رضي ال
عنه " .أن النبي صلى ال عليه وسلم خطب يوما فذ كر رجل من أصحابه قبض فكفن غير
طائل ،وقبر ليل ،فزجر النبي صلى ال عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه إل
أن يظطر إنسان إلى ذلك وقال النبي صلى ال عليه وسلم " :إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه (
إن استطاع ) " .أخرجه مسلم ( ) 50 / 3وابن الجارود ( ) 268وأبو داود ( ) 62 / 2وأحمد ( ) 329 ، 295 / 3
وروى الجملة الخيرة منه الترمذي ( ) 133 / 2وابن ماجه من حديث أبي قتادة ،وقال الترمذي :
" حديث حسن ".قلت:بل هو حديث صحيح،فإن إسناده عن جابر صحيح ، 45فكيف إذا انضم إليه
حديث أبي قتادة ؟ وعزاه صديق حسن خان في " الروضة الندية " ( )164 /1لمسلم فوهم .
والزيادة لحمد في رواية له .قال العلماء":والمراد بإحسان الكفن نظافته وكثافته وستره ،وتوسطه
،وليس المراد به السرف فيه والمغالة ،ونفاسته " .
واما اشتراط النووي كونه من جنس لباسه في الحياة لأفخر منه ول أحقر ففيه نظر عندي ،إذا
أنه مع كونه مما ل دليل عليه ،عليه،فقد يكون لباسه في الحياة نفيسا ،أو حقيرا ،فكيف يجعل
كفنه من جنس ذلك ! ؟
- 36فإن ضاق الكفن عن ذلك ،ولم يتيسر السابغ ،ستر به رأسه وما طال من جسده ،وما
بقي منه مكشوفا جعل عليه شئ من الذخر أو غيره من الحشيش ،وفيه حديثان :
الول :عن خباب بن الرت في قصة مصعب وقوله في نمرته ":ضعوها مما يلي رأسه ( وفي
رواية :غطوا بها رأسه )واجعلوا على رجليه الذخر " متفق عليه ،وتقدم بتمامه في المسألة ( (،)34ص )57
الثاني :عن حارثة بن مضرب قال ":دخلت على خباب وقد اكتوى ( في بطنه) سبعا ،فقال لول
أني سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ":ل يتمنين أحدكم الموت " لتمنيته .ولقد رأيتني
مع رسول ال صلى ال عليه وسلم ل أملك درهما ،وإن في جانب بيتي الن لربعين ألف درهم
!ثم أتى بكفنه ،فبلما رآه بكى وقال :ولكن حمزة لم يوجد له كفن إل بردة ملحاء ،إذا جعلت على
44بكسر الهمزة والخاء -حشيش معروف طيب الرائحة .
45وله طريق أخرى عن جابر ،أخرجه هو والذي قبله الحاكم في " المستدرك " ( ، ) 369 - 1وسنده صحيح .
34
رأسه قلصت عن قدميه ،وإذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه ،وجعل على قدميه الذخر "
أخرجه أحمد ()6/395بهذا التمام ،وإسناره صحيح ،والترمذي دون قوله :ثم أتى بكفنه"..وقال ":حديث حسن صحيح" .وروى
الشيخان وغيرهما من طريق أخرى النهي عن نمي الموت .وله شاهد من حديث أنس ،نذكره إن شاء ال في المسألة التالية .
- 37وإذا قلت الكفان ،وكثرت الموتى ،جاز تكفين الجماعة منهم في الكفن الواحد ،ويقدم
أكثرهم قرآنا إلى القبلة ،لحديث أنس رضي ال عنه قال " :لما كان يوم أحد ،مر رسول ال
صلى ال عليه وسلم بحمزة بن عبد المطلب ،وقد جدع ومثل به ،فقال :لو ل أن صفية ( في
نفسها لـ) تركته ( حتى تأكله العافية )،46حتى يحشره ال من بطون الطير والسباع ،فكفنه في
نمرة (،وكانت ) إذا خمرت رأسه بدت رجله وإذا خمرت رجله بدا رأسه،فخمر رأسه ،ولم
يصل على أحد من الشهداء غيره ،وقال :أنا شاهد عليكم اليوم ( ،قال :وكثرت القتلى،وقلت
الثياب ،قال ):وكان يجمع الثلثة والثنين في قبر واحد،ويسأل أيهم أكثر قرآنا ،فيقدم في اللحد،
47
.وكفن الرجلين والثلثة في الثوب الواحد " .أخرجه أبو داود( )2/59والترمذي( )139-2/138وحسنه ،وابن
سعد (ج 3ق 1ص )8والحاكم ( )366-1/365والسياق له وعنه البيهقي ( )11-4/10وأحمد ( )3/128والزيادات له ،وقال
الحاكم" :صحيح على شرط مسلم " ،ووافقه الذهبي ،وإنما هو حسن فقط كما سبق في الثالث من المسألة (( ،. )32ص )53
- 38ول يجوز نزع ثياب الشهيد الذي قتل فيها ،بل يدفن وهي عليه لقوله صلى ال عليه وسلم
في قتلى أحد " :زملوهم في ثيابهم " .أخرجه أحمد ( ) 431 / 5بهذا اللفظ ،وفي رواية له " :زملوهم بدمائهم " .
وكذلك أخرجه النسائي ( ، ) 282 / 1وعزاه الشو كاني ( ) 34 / 4لبي داود فوهم .وفي الباب عن جابر وأبي برزة
وأنس ،فانظر المسألة ( ) 32الحديث الول والثاني والثالث ( ، .ص ) 53 - 52
-39ويستحب تكفينه بثوب واحد أو أكثر فوق ثيابه ،كما فعل رسول ال صلى ال عليه وسلم
بمصعب بن عمير وحمزة بن عبد المطلب ،وتقدمت قصتهما في المسألة ( ،)34،36،37وفي الباب قصتان
أخريان :
الولى :عن شداد بن الهاد ":أن رجل من العراب ،جاء إلى النبي صلى ال عليه وسلم فآمن به
واتبعه ،ثم قال :أهاجر معك ،فأوصى به النبي صلى ال عليه وسلم بعض أصحابه ،فلما كانت
غزوة (خيبر) غنم النبي صلى ال عليه وسلم (فيها) شيئا ،فقسم ،وقسم له ،فأعطى أصحابه ما قسم
له ،وكان يرعى ظهرهم ،فلما جاءهم دفعوه إليه ،فقال :ما هذا ؟ قالوا :قال :قسمته لك قال:
ما على هذا تبعتك ،ولكن اتبعتك على أن أرمي إلى ههنا -وأشار إلى حلقه-بسهم فأموت ،فأدخل
الجنة ،فقال :إن تصدق ال يصدقك ،فلبثوا قليل ،ثم نهضوا في قتال العدو ،فأتي به النبي صلى
ال عليه وسلم يحمل ،قد أصابه سهم حيث أشار ،فقال النبي صلى ال عليه وسلم أهو هو؟ قالوا:
نعم،قال:صدق ال فصدقه ،ثم كفنه النبي صلى ال عليه وسلم في جبة النبي صلى ال عليه وسلم
،ثم قدمه فصلى عليه ،فكان فيما ظهر من صلته :اللهم هذا عبدك ،خرج مهارجرا في سبيلك
،فقتل شهيدا ،أنا شهيد على ذلك ".أخرجه النسائي( )1/277والطحاوي في " ( )1/291والحاكم ()596- 3/595
والبيهقي ( . ) 16 - 15 / 4
قلت :وإسناده صحيح ،رجاله كلهم على شرط مسلم ما عدا شداد بن الهاد لم يخرج له شيئا ،ول
ضير ،فإنه صحابي معروف،وأما قول الشو كاني في " نيل الوطار " ( )3/37تبعا للنووي في "
المجموع " ( :) 565 / 5إنه تابعي! فوهم واضح فل يغتر به .
46هي السباع والطير التي تقع على الجيف كلها ،ويجمع على العوافي .
47قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال " :معنى الحديث أنه كان يقسم الثوب الواحد بين الجماعة ،فيكفن كل واحد ببعضه للضرورة ،وإن لم يستر إل بعض
بدنه ،يدل عليه تمام الحديث أنه كان يسأل عن أكثرهم قرآنا فيقدمه في اللحد ،فلو أنهم في ثوب واحد جملة لسأل عن أفضلهم قبل ذل كي ل يؤدي إلى نقض
التكفين وإعادته .ذكره في " عون المعبود " ( ، ) 165 / 3وهذا التفسير هو الصواب ،وأما قول من فسره على ظاهره فخطأ مخالف لسياق القصة كما بينه
ابن تيمية ،وأبعد منه عن الصواب من قال :معنى ثوب واحد قبر واحد ! لن هذا منصوص عليه في الحديث فل معنى لعادته .
35
الثانية :عن الزبير بن العوام رضي ال عنه قال :فكره النبي صلى ال عليه وسلم أن تراهم،
فقال :المرأة المرأة ! قال :فتوسمت أنها أمي صفية ،فخرجت أسعى إليها ،فأدر كتها قبل أن
تنتهي إلى القتلى ،قال:فلدمت 48في صدري ،وكانت امرأة جلدة ،قالت :إليك ل أرض لك ،
فقلت :إن رسول صلى ال عليه وسلم عزم عليك ،فوقفت ،وأخرجت ثوبين معها ،فقالت :
هذان ثوبان جئت بهما لخي حمزة ،فقد بلغي مقتله ،فكفنه فيهما ،قال :فجئنا بالثوبين لنكفن
فيهما حمزة ،فإذا إلى جنبه رجل من النصار قتيل ،قد فعل به كما فعل بحمزة ،فوجدنا
غضاضة وحياء أن نكفن حمزة في ثوبين ،والنصاري لكفن له ،فقلنا :لحمزة ،ثوب ،
وللنصاري ثوب ،فقدر ناهما فكان أحدهما أكبر من الخر ،فأقر عنا بينهما،فكفنا كل واحد
منهما في الثوب الذي صار له ".أخرجه أحمد ( )1418والسياق له بسند حسن .والبيهقي ( )401 /3وسنده صحيح
-40والمحرم يكفن في ثوبيه اللذين مات فيهما لقوله صلى ال عليه وسلم في المحرم الذي
وقصته الناقة ... " :وكفنوه في ثوبيه ( اللذين أحرم فيهما ) . " . .وتقدم بتمامه في الفصل ( ) 3فقرة( د)
،ص ) 13 - 12وهذه الزيادة رواها النسائي وكذا الطبراني في " المعجم الكبير " ( ق )2 / 165مر طريقين عن عمرو بن
دينار عن ابن جبير عن ابن عباس .وهذا سند صحيح .
- 41ويستحب في الكفن أمور :
الول :البياض ،لقوله صلى ال عليه وسلم " :البسوا من ثيابكم البياض ،فانها خير ثيابكم ،
وكفنوا فيها " .أخرجه أبو داود ( )2/176والترمذي ( )2/132وصححه ،وابن ماجه ( )1/449والبيهقي ( )3/245وأحمد
( ، )3426والضياء في " المختارة " ( )60/229/2وقال الحاكم " :صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي وهو كما قال.وله
شاهد من حديث سمرة بن جندب.
أخرجه النسائي ( )268 /1وابن الجارود ( )260والبيهقي ( )403 -3/402وغيرهم قلت :وسنده صحيح أيضا كما قال الحاكم
والذهبي والحافظ في " فتح الباري " ( . ) 105 / 3
الثاني :كونه ثلثة أثواب ،لحديث عائشة رضي ال عنها قالت " :إن رسول ال صلى ال
عليه وسلم كفن في ثلثة أثواب يمانية بيض سحولية ،من كرسف ،ليس فيهن قميص ،ول
عمامة ( أدرج فيها إدراجا ) " .أخرجه الستة ،وابن الجارود ( )259والبيهقي ( )3/399وأحمد (، 118 ،6/40،93
) 264 ، 231 ، 221 ، 203 ، 192 ، 165والزيادة له .
الثالث :أن يكون أحدها ثوب حبرة 49إذا تيسر ،لقوله صلى ال عليه وسلم " :إذا توفي أحدكم فوجد شيئا ،فليكفن في ثوب
حبرة " .أخرجه أبو داود ( ) 61 / 2ومن طريقه البيهقي ( ) 403 / 3ومن طريق وهب بن منبه عن جابر مرفوعا .
قلت :وهذا سند صحيح عندي ،وهو كذلك عند المزي وأما الحافظ فقال في " التلخيص " من وجد سعة ،فليكفن في ثوب
حبرة " .50وسنده صحيح لول عنعنة أبي الزبير .
الرابع :تبخيرة ثلثا ،لقوله صلى ال عليه وسلم " :إذا جمرتم الميت ،فأجمروه ثلثا " .
أخرجه أحمد ( )3/331وابن أبي شيبة ( )4/92وابن حبان في " صحيحه "( -752موارد)والحاكم ()1/355والبيهقي ()3/405
قال الحاكم " :صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي،وهو كما قال ،وصححه الووي أيضا في " المجموع " ( . )5/196وهذا
الحكم ،ل يشمل المحرم لقوله صلى ال عليه وسلم في المحرم الذي وقصته الناقة " . . .ول تطيبوه . " . . .وقد مضى
بتمامه مع تخريجه في المسألة ( ) 17فقرة ( د ) ( ص . ) 53 - 52
- 42ول يجوز المغالة في الكفن ،ول الزيادة فيه على الثلثة لنه خلف ما كفن ل سيما
والحي أولى به ،قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :إن ال كره لكم ثلثا :قيل وقال ،
48أي :ضربت ودفعت
49بكسر الحاء المهملة وفتح الموحدة ما كان من البرود مخططا .
50اعلم أنه ل تعارض بين الحديث الول في " البياض " " :وكفنوا فيها موتا كم " .لمكان التوفيق بينهما بوجه من وجوه الجمع الكثيرة المعلومة عند
العلماء ،ويخطر في بالي الن منها وجهان :الول :أن تكون الحبرة بيضاء مخططة ،وهذا إذا كان الكفن ثوبا واحدا ،وأما إذا كان أكثر فالجمع أيسر وهو
الوجه التي .الثاني :أن يجعل كفن واحد حبرة ،وما بقي أبيض ،وبذلك يعمل بالحديثين معا .وبهذا قال الحنفية ،ودليلهم هذا الحديث ،وليس هو الحديث
الذي عزاه الحافظ لبي داود عن جابر أنه عليه السلم كفن في ثوبين وبرد حبرة .وقال :إسناده حسن ،فإن هذا لم يستدلوا به بل ل وجود له عند أبي داود ،
بل عنده عن عائشة في حديثها وهو الثاني قالت :أتي بالبر لكنهم ردوه ولم بكفنوه فيه وسنده صحيح .
36
51
وإضاعة المال ،وكثرة السؤال " .أخرجه البخاري ( ) 266 / 3ومسلم ( ) 131 / 5وأحمد ( ، 246 / 4
) 254 ، 250 ، 249من حديث المغيرة بن شعبة .وله شاهد من حديث أبي هريرة رضي ال عنهما .أخرجه مسلم .
52
. - 43والمرأة في ذلك كالرجل ،إذا ل دليل على التفريق
***************************
51ويعجبني بهذه المناسبة ما قاله العلمة أبو الطيب في " الروضة الندية " ( " ) 165 / 1وليس تكثير الكفان والمغالة في أثمانها بمحمود ،فإنه لول ورود
الشرع به لكان من إضاعة المال ،لنه ل ينتفع به الميت ،ول يعود نفعه على الحي ،ورحم ال أبا بكر الصديق حيث قال " :إن الحي أحق بالجديد " ،لما
قيل له عند تعيينه لثوب من أبوابه في كفنه " :إن هذا خلق " .والحديث الذي فيه أن النبي صلى ال عليه وسلم كفن في في سبعة أثواب ،منكر تفرد به من
وصف بسوء الحفظ فراجعه في " نصب الراية " ( . ) 262 - 261 / 2
52وأما حديث ليلى بنت قائف الثقفية في تكفين ابنته ( ص ) في خمسة أبواب فل يصح إسناده ،لن فيه نوح بن حكيم الثقفي وهو مجهول كما قال الحافظ ابن
حجر وغيره وفيه علة أخرى بينها الزيلعي في " نصب الراية " ( . ) 258 / 2
37
( ) 12
حمل الجنازة واتباعها
-44ويجب حمل اجنازة واتباعها ،وذلك من حق الميت المسلم على المسلمين ،وفي ذلك أحاديث
،أذكر اثنين منها :
الول :قوله صلى ال عليه وسلم " :حق المسلم ( وفي رواية :يجب المسلم على أخيه ) خمس:
رد السلم ،وعيادة المريض ،واتباع الجنائز ،وإجابة الدعوة ،وتشميت العاطس ".أخرجه البخاري
( )3/88والسياق له ،ومسلم ( )7/3بالرواية الثانية وابن ماجه ( )1/439وابن الجارود ( )261وأحمد (،)2/372،412،540
وقال في رواية له " :ست " .وزاد ":وإذا استنصحك فانصح له " ،وهي رواية لمسلم أيضا ،أخرجوه كلهم من حديث أبي هريرة.
وفي الباب عن البراء بن عازب عند الشيخين وغيرهما .
أخرجه ابن أبي شيبة في "الثاني :قوله أيضا " :عودوا المريض،واتبعوا الجنائز،تذكر كم الخرة " .
المصنف " ( ) 73 / 4والبخاري في " الدب المفرد " ( ص ) 75وابن حبان في " صحيحه " ( - 709موارد ) والطيالسي (
) 224 / 1وأحمد ( ) 48 ، 32 ، 27 / 3والبغوي في " شرح السنة " ( )1 /166 / 1من حديث أبي سعيد الخدري .قلت :
وإسناده حسن .وله شاهد من حديث عوف بن مالك بدون الجملة الخيرة .رواه الطبراني .راجع " المجمع " ( . ) 299 /2
- 44واتباعها على مرتبتين :
الولى :اتباعها من عند أهلها حتى الصلة عليها .
والخرى :اتباعها من عند أهلها حتى يفرغ من دفنها .وكل منهما فعل رسول ال صلى ال
عليه وسلم ،فروى أبو سعيد الخدري رضي ال عنه قال " :كنا مقدم النبي صلى ال عليه وسلم
( يعني المدينة) ،إذا حضر منا الميت آذنا النبي صلى ال عليه وسلم ،فحضره واستغفر له ،حتى
إذا قبض ،انصرف النبي صلى ال عليه وسلم ومن معه حتى يدفن ،وربما طال حيس ذلك على
النبي صلى ال عليه وسلم ،فلما خشينا مشقة ذلك عليه ،قال بعض القوم لبعض :لو كنا ل نؤذن
النبي صلى ال عليه وسلم بأحد حتى يقبض ،فإذا قبض آذناه ،فلم يكن عليه في ذلك مشقة ول
خبس ،ففعلنا ذلك ،وكنا نؤذنه بالميت بعد أن يموت ،فيأتيه فيصلي عليه ،فربما انصرف ،
وربما مكث حتى يدفن الميت ،فكنا على ذلك حينا ،ثم قلنا لو لم يشخص النبي صلى ال عليه
وسلم ،وحملنا جنازتنا إليه حتى يصلي عليه عند بيته لكان ذلك أرفق به ،فكان ذلك المر إلى
اليوم ".أخرجه ابن حبان في صحيحه (-753مورد) والحاكم ( )365-364-1/353وعنه البيهقي ( )3/74وأحمد ()3/66
بنحوه ،وقال الحاكم" :صحيح على شرط الشيخين "!وإنما هو صحيح فقط ،لن فيه سعيد بن عبيد بن السباق ،ولم يخرجا له شيئا.
- 45ول شك في أن المرتبة الخرى أفضل من الولى لقوله صلى ال عليه وسلم " :من شهد
الجنازة(من بيتها )(،وفي رواية من ابتع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا) حتى يصلى عليها فله قيراط
،ومن شهد ها حتى تدفن ( ،وفي الرواية الخرى :يفرغ منها) فله قيراطان (من الجر) ،قيل:
( يارسول ال ) وما القيراطان ؟ قال :مثل الجبلين العظيمين (.وفي الرواية الخرى :كل قيراط
مثل أحد ) " .أخرجه البخاري ( ) 154 ، 150 / 3 ، 90 - 89 / 1ومسلم ( ) 52 - 51 / 3وأبو داود ( - 63 / 2
) 64والنسائي ( ) 282 / 1والترمذي ( ) 150 / 2وصححه ،وابن ماجه ( ) 468 - 467 / 1وابن الجارود ( ) 261
والبيهقي ( ) 413 - 412 / 3والطيالسي ( ) 2581وأحمد ( ، 493 474 ، 470 ، 458 ، 401 ، 320 ، 246 ، 233 / 2
) 531 ، 521من طرق كثيرة عن أبي هريد رضي ال عنه .
والرواية الثانية للبخاري والنسائي وأحمد .والزيادة الولى لمسلم وأبي داود وغيرها ،
والزيادتان الخريان للنسائي .وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة رضي ال عنهم .
الول :عن ثوبان عند مسلم والطيالسي ( )985وأحمد (.)284-283-277،282 -5/276
الثاني والثالث :عن البراء بن غازب لث :عن البراء بن عازب وعبد ال بن مغفل ،عند النسائي وأحمد (. )4/86،294
38
الرابع :عن أبي سعيد الخدري .رواه أحمد ( )3/20،27،97من طريقين عنه.وله شواهد أخرى ذكرها الحافظ في " الفتح "
( . ) 153 / 3
وفي بعض الشواهد عن أبي هريرة زيادات مفيدة لعله من المستحسن ذكرها :
" وكان ابن عمر يصلي عليها ،ثم ينصرف ،فلما بلغه حديث أبي هريرة قال (:أكثر علينا أبو
هريرة ( ،وفي رواية :فتعاظمه ) ) (،فإرسل خبابا إلى عائشة يسألها عن قول أبي هريرة ثم
يرجع إليه فيخبره ما قالت ،وخذ ابن عمر قبضة من حصى المسجد يقلبها في يده حتي رجع
إليه الرسول ،فقال :قالت عائشة:صدق أبو هريرة،فضرب ابن عمر بالحصى الذي كان في يده
الرض ثم قال) :لقد فرطنا في قراريط كثيرة (،فبلغ ذلك أبا هريرة فقال:إنه لم يكن يشغلني عن
رسول ال صلى ال عليه وسلم صفقة السوق،ول غرس الودي،53إنما كنت ألزم النبي صلى ال
عليه وسلم لكلمة يعلمنيها،وللقمة يطعمنيها )(،فقال له ابن عمر:أنت يا أبا هريرة كنت ألزمنا
لرسول ال صلى ال عليه وسلم وأعلمنا بحديثه ) ".هذه الزيادات كلها لمسلم ،إل الخيرة ،فهي لحمد (-2/2
) 387 ، 3وكذا سعيد بن منصور بإسناد صحيح كما قال الحافظ في " الفتح " ،والتي قبلها للطيالسي وسندها صحيح على شرط
مسلم ،والزيادة الثانية للشيخين ،والرواية الثانية فيها للترمذي وأحمد .
والزيادة الخيرة صريحة بأن ابن عمر رضي ال عنه اتصل عنه اسصل بنفسه بأبي
هريرة،ويؤيده ما في رواية لمسلم وغيره بلفظ:فقال ابن عمر :أبا هر انظر ما تحدث عن رسول
ال عليه وسلم،فقام إليه أبو هريرة حتى انطلق به إلى عائشة،فقال لها ،يا أم المؤمنين أنشدك
بال أسمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ( :فذكر الحديث ) ،فقالت :اللهم نعم ،فقال
أبو هريرة :إنه لم يكن . .الخ .فظاهر هذا كله يخالف رواية أنه أرسل خبابا إلى ابن عمر .
وجمع الحافظ ابن حجر بين الروايتين بأن الرسول لما رجع إلى ابن عمر يخبر عائشة بلغ ذلك
أبا هريرة ،فمشى إلى ابن عمر فأسمعه ذلك من عائشة مشافهة .ولبي هريرة رضي ال عنه
حديث آخر في فضل شهود الجنازة ،قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :من أصبح
منكم اليوم صائما ؟ قال أبو بكر :أنا ،قال :من عاد منكم اليوم مريضا ؟ قال أبو بكر :أنا ،
قال :من شهد منكم اليوم جنازة ؟ قال أبو بكر :أنا قال :من أطعم اليوم مسكينا ؟ قال أبو بكر
:أنا ،قال صلى ال عليه وسلم :ما اجتمعت هذه الخصال في رجل في يوم إل دخل الجنة " .
أخرجه مسلم في " صحيحه " ( ) 110 / 7 ، 92 / 3والبخاري في " الدب المفرد " ص 75
- 46وهذا الفضل في اتباع الجنائز ،إنما هو للرجال دون النساء لنهي النبي صلى ال عليه
وسلم لهن عن اتباعها ،وهو ني تنزيه ،فقد قالت أم عطية رضي ال عنها ":كنا ننهى ( وفي
رواية :نهانا رسول ال صلى ال عليه وسلم ) عن اتباع الجنائز ،ولم يعزم علينا ".أخرجه البخاري
( )329،3/162-1/328ومسلم ( )3/47والسياق له ،وأبو داود ()2/63وابن ماجه ( ) 487 /1وأحمد ( )6/408،409وكذا
البيهقي ( ) 77 / 4والسماعيلي والرواية الخرى له ،وهي رواية للبخاري تعليقا .
-47ول يجوز أن تتبع الجنائز ،بما يخالف الشريعة ،وقد جاء النص فيها على أمرين :رفع
الصوت بالبكاء ،واتباعها بالبخور ،وذلك في وقوله صلى ال عليه وسلم ":ل تتبع الجنازة
بصوت ول نار" .أخرجه أبو داود ( )2/64وأحمد ( )2/427،528،532من حديث أبي هريرة .وفي سنده من لم يسم ،
لكنه يتقوى بشواهده المرفوعة ،وبعض الثار الموقوفة .
قال أما الشواهد ،فعن جابر عن النبي صلى ال عليه وسلم نهى أن يتبع الميت صوت أو نار ،
الهيثمي ( " : ) 29 / 3رواه أبو يعلى ،وفيه من لذكر له " .
39
أخرجه وعن ابن عمر قال " :نهى رسول ال صلى ال عليه وسلم أن تتبع جنازة معها رانة " .
ابن ماجه ( )480 -479 / 1وأحمد ()5668من طريقين عن مجاهد عنه .وهو حسن بمجموع الطريقين .
وعن أبي موسى في النهي عن اتباع الميت بمجمر .وقد تقدم لفظه في المسألة()21فقرة(ب) (،ص )8
وأما الثار،فعن عمرو بن العاص أنه قال في وصيته " :فإذا أنا مت فل تصحبني نائحة ول
نار " .أخرجه مسلم ( ) 78 / 1وأحمد ( . ) 199 / 4
وعن أبي هريرة أنه قال حين حضره الموت ":ل تضربوا علي فسطاطا ،ول تتبعوني بمجمر
( وفي رواية :بنار ) " .رواه أحمد وغيره بسند صحيح كما يأتي بعد مسألة ،الحديث الثاني .
- 48ويلحق بذلك رفع الصوت بالذكر أمام الجنازة ،لنه بدعة ،ولقول قيس ابن عباد " :كان
أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم يكرهون رفع الصوت عند الجنائز " .أخرجه البيهقي ( ) 74 / 4
بسند رجاله ثقات .
ولن فيه تشبها بالنصارى فإنهم يرفعون أصواتهم بشئ من أنا جيلهم وأذكارهم مع التمطيط
والتلحين والتحزين.54
وأقبح من ذلك تشييعها بالعزف على اللت الموسيقية أما مها عزفا حزينا كما يفعل في بعض
البلد السلمية تقليدا للكفار .وال المستعان .
- 49ويجب السراع في السيربها ،سيرا دون الرمل ،وفي ذلك أحاديث :
الول " :أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها ،وإن تكن غير ذلك فشر تضعونه عن
رقابكم ".أخرجه الشيخان ،والسياق لمسلم ،وأصحاب السنن الربعة ،وصححه الترمذي وأحمد ()488 ،2/240،280
والبيهقي ( )21 /4من طرق عن أبي هريرة ،وله حديث آخر بنحو التي .
الثاني " :إذا وضعت الجنازة ،واحتملها الرجال على أعناقهم ،فإن كانت صالحة قالت :قدموني
( قدموني ) ،وإن كانت غير صالحة قالت :يا ويلها أين يذهبون بها ! ؟يسمع صوتها كل شئ إل
النسان ،ولو سمعه ( لـ ) صعق " .أخرجه البخاري ( )3/142والنسائي ( )1/270والبيهقي وأحمد ()3/41،58
عن أبي سعيد الخدري رضي ال عنه .
والزيادة للنسائي ،وللبيهقي منهما الولى ،ولحمد الخرى.
ويشهد للزيادة الولى حديث أبي هريرة أنه قال حين حضره الموت " :ل تضربوا علي
فسطاطا،ول تتبعوني بمجمر،وأسر عوا بي،فإني سمعت رسول ال صلى اله عليه وسلم يقول " :
إذا وضع الرجل الصالح على سريره ،قال :قدموني " ...الحديث نحوه ،دون قوله يسمع
صوتها ...أخرجه النسائي وابن حبان في صحيحه ( ) 764والبيهقي والطيالسي ( رقم ) 2336وأحمد ( 274 ، 292 / 2
) 500 ،بإسناد صحيح على شرط مسلم .
الثالث :عن عبد الرحمن بن جوشن قال " :كنت في جنازة عبد الرحمن بن سمرة،فجعل زياد
ورجال من مواليه يمشون على أعقابهم أمام السرير ،ثم يقولون :رويدا رويدا بارك ال
فيكم:فلحقهم أبو بكرة في بعض سكك المدينة فحمل عليهم بالبغلة ،وشد عليهم بالسوط ،وقال :
خلوا ! والذي أكرم وجه أبي القاسم صلى ال عليه وسلم لقد رأيتنا على عهد رسول ال صلى
ال عليه وسلم لنكاد أن نرمل بها رمل " .أخرجه أبو داود ( ) 65 / 2والنسائي ( ) 271 / 1والطحاوي ( / 1
54قال النووي رحمه ال تعالى في " ال ذكر " ( ص " : ) 203واعلم أن الصواب والمختار وما كان عليه السلف رضي ال عنهم السكوت في حال السير مع
الجنازة ،فل يرفع صوت بقراءة ول ذكر ول غير ذلك .والحكمة فيه ظاهرة ،وهي أنه أسكن لخاطره وأجمع لفكره فيما يتعلق بالجنازة ،وهو المطلوب في
هذا الحال ،فهذا هو الحق ،ول تغتر بكثرة من يخالفه ،فقد قال أبو علي الفضيل بن عياض رضي ال عنه ما معناه " :إلزم طرق الهدي ول يضرك قلة
السالكين ،وإياك وطرق الضللة ول تغتر بكثرة الهالكين " .وقد روينا في سنن البيهقي ما يقتضي ما قلته ( يشير إلى قول فيس بن عباد ) .وأما ما يفعله
الجهلة من القراءة على الجنازة بدمشق وغير ها من القراءة بالتمطيط وإخراج الكلم عن مواضعه فحرام بإجماع العلماء ،وقد أو ضحت قبحه وغلظ تحريمه
وفسق من تمكن من إنكاره فلم ينكره في كتاب " آداب القراءة " .وال المستعان " .
40
) 276والحاكم ( ) 255 / 1والبيهقي ( ) 22 / 4والطيالسي ( ) 883وأحمد ( ) 38 - 36 / 5قال الحاكم " :صحيح " .
55
ووافقه الذهبي ،ومن قبله النووي في " المجموع " ( ) 272 / 5
- 50ويجوز المشي أمامها وخلفها ،وعن يمينها ويسارها ،على أن يكون قريبا منها ،إل الراكب
فيسير خلفها ،لقوله صلى ال عليه وسلم " :الراكب ( يسير ) خلف الجنازة،والماشي حيث شاء
منها( ،خلفها وأمامها ،وعن يمينها ،وعن يسارها ،قريبا منها ) ،والطفل يصلى عليه (،ويدعى
لوالديه بالمغفرة والرحمة ) " .أخرجه أبو داود ( )2/65والنسائي ( )276-1/275والترمذي ( )2/144وابن ماجه ( 1
)458 ،451/والطحاوي ( )1/278وابن حبان في " صحيحه " ( ) 769والبيهقي ( ) 25 ، 84والطيالسي () 702 -701
وأحمد ( ) 252 ، 249 ، 249 - 248 ، 247 / 4من حديث المغيرة بن شعبة ،وقال الترمذي " :حديث حسن صحيح " .
وقال الحاكم " :صحيح على شرط البخاري ".ووافقه الذهبي .وهو كما قال .والسياق للنسائي
وأحمد في رواية .
والزيادات الثلث لبي داود والحاكم والطيالسي ،ولحمد الوليان منها ،وللبيهقي الثالثة .وقال
أبو داود وابن حبان ":السقط " بدل " الطفل "وهو رواية للحاكم والبيهقي وأحمد ،وعزاها الحافظ
في " التلخيص " ( )5/147للترمذي أيضا ،وهو وهم فإنما لفظه عنده كلفظ الجماعة .
- 51وكل من المشي أمامها وخلفها ،ثبت عن رسول ال صلى ال عليه وسلم فعل ،كما قال
أنس بن مالك رضي ال عنه ":أن رسول ال صلى ال عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون
أمام الجنازة وخلفها " .أخرجه الطحاوي ( ) 278 / 1من طريقين عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن .قلت :وهذا
سند صحيح على شرط الشيخين.56
- 51لكن الفضل المشي خلفها ،لنه مقتضى قوله صلى ال عليه وسلم " :واتبعو الجنائز " ،
وما في معنا ه مما تقدم في المسألة ( )43أول هذا الفصل .ويؤيده قول علي رضي ال عنه" :
المشي خلفها أفضل من المشي أمامها ،كفضل صلة الرجل في جماعة على صلته فذا " .
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( ) 101 / 4والطحاوي ( ) 279 / 1والبيهقي ( 25 9 / 4وأحمد ( ) 754وكذا ابن
حزم في " المحلى " ( ) 165 / 5وسعيد بن منصور من طريقين عنه ،قال الحافظ ( ) 143 / 3في أحدهما " :وإسناده
57
حسن ،وهو موقوف له حكم المرفوع ،لكن حكى الثرم عن أحمد أنه تكلم في إسناده " .قلت :لكنه يتقوى بالطريق الخر .
-52ويجوز الركوب بشرط أن يسير وراء ها لقوله صلى ال عليه وسلم " :الراكب يسير خلف
الجنازة . " . .وقد مضى ذلك بتمامه في المسألة ( . ) 50لكن الفضل المشي ،لنه المعهور
عنه صلى ال عليه وسلم ،ولم يرد أنه ركب معها بل قال ثوبان رضي ال عنه " :إن رسول
ال صلى ال عليه وسلم أتي بدابة وهو مع الجنازة فأبى أن يركبها ،فلما انصرف أتي بدابة
فركب ،فقيل له ؟ فقال :إن الملئكة كانت تمشي فلم أكن لركب وهم يمشون ،فلما ذهبوا
ركبت " .أخرجه أبو داود ( ) 65 - 64 / 2والحاكم ( ) 355 / 1والبيهقي ( ) 23 / 4وقال الحاكم " :صحيح على
شرط الشيخين " .ووافقه الذهبي وهو كما قال .
55وقال فيه ( " : ) 271 / 5واتفق العلماء على استحباب السراع بالجنازة إل أن يخاف من السراع انفجار الميت أو تغيره ونحوه فيتأتي " .قلت :ظاهر
المر الوجوب ،وبه قال ابن حزم ( ، ) 155 - 154 / 5ولم نجد دليل يصرفه إلى الستحباب ،فوقفنا عنده .وقا لبن القيم في" زاد المعاد " ":وأما دبيب
الناس اليوم خطوة فبدعة مكروهة ،مخالفة للسنة ،ومتضمنة للتشبه بأهل الكتاب اليهود ".
56قلت :وأما ما في " الجوهر النقي " ( " : ) 25 / 4وفي مصنف عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال " :ما مشى رسول ال ( ص ) حتى
مات ،إل خلف الجنازة " .وهذا سند صحيح على شرط الجماعة " .فأقول :كيف وهو مرسل :فإن طاووسا تابعي وقد أرسله ،والمرسل ليس حجة عندهم ،
وقد عارضه حديث أنس الصحيح ،وأعله الشوكاني ( ) 62 / 4ايضا بالرسال ،ولكنه قال " :لم أقف عليه في شئ من كتب الحديث "
57تنبيه،قال الشوكاني عقب كلمته السابقة " :وحكى في البحر عن الثوري أنه قال :الراكب يمشي خلفها ،والماشي أما مها .ويدل لما قاله حديث المغير ة
المقدم أن النبي صلى ال عليه وسلم قال " :الراكب خلف الجنازة ،والماشي أما مها قريبا منها عن يمينها أو عن يسارها .أخرجه أصحاب السنن وصححه
ابن حبان والحاكم ،وهذا مذهب قوي . " . . .قلت :كل فإن الحديث بهذا اللفظ رواه أحمد من طريق المبارك بن فضالة ،وفيه ضعف وقد زاد غيره فقال " :
خلفها وأمامها " . . .كما تقدمت الشارة إليها ،وقد رواها المبارك أيضا عند الطيالسي ،فوجب الخذ بها ،وهي نص في التخيير ل في تفضيل التقدم عليها ،
ومن الغريب أن هذه الزيادة ذكرها صاحب المنتقى في المكان الذي أشار إليه الشوكاني نفسه بقوله آنفا " المتقدم " ثم هو ذهل عنها .
41
-53وأما الركوب بعد النصراف عنها فجائز ،بدون كراهة لحديث ثوبان المذكور آنفا ،ومثله
حديث جابر بن سمرة رضي ال عنه قال " :صلى رسول ال صلى ال عليه وسلم على ابن
الدحداح ( ونحن شهود ) ( ،وفي رواية:خرج على جنازة ابن الدحداح ( ماشيا) ) ،ثم أتي بفرس
عري ،فعقله رجل فر كبه (حين انصراف) ،فجعل يتوقص به،58ونحن نتبعه نسعى خلفه (،وفي
رواية :حوله ) قال:فقال رجل من القوم :إن النبي صلى ال عليه وسلم قال:كم من عذق معلق
أو مدلى في الجنة لبن الدحداح " .أخرجه مسلم ( )61-2/60والسياق له،وأبو داود ( )2/65والنسائي ()1/284
والترمذي ( ) 138 /2وصححه ،والبيهقي ( ) 23 - 22 / 4والطيالسي ( ) 761 -760وأحمد ( )99،102- 98 /5من
طرق عن سماك بن حرب عنه .والرواية الثانية للنسائي ،والزيادة فيها للترمذي في إحدى روايتيه ،ومعناها للطيالسي .
والرواية الثالثة لبي داود والترمذي ،ولمسلم والبيهقي وأحمد في رواية لهم .والزيادة الولى للنسائي والخرى لبي داود.59
- 54وأما حمل الجنازة على عربة أو سيارة مخصصة للجنائز ،وتشييع المشيعين لها وهم في
السيارات،فهذه الصورة ل تشرع البتة،وذلك لمور :
الول :أنها من عادات الكفار،وقد تقرر في الشريعة أنه ل يجوز تقليدهم فيها .وفي ذلك
أحاديث كثيرة جدا ،كنت أستوعبتها وخرجتها في كتابي " حجاب المرأة المسلمة في الكتاب
والسنة " ،بعضها في المر والحض على مخالفتهم في عباداتهم وأزيائهم وعاداتهم،وبعضها من
فعله صلى ال عليه وسلم في مخالفتهم في ذلك ،فمن شاء الطلع عليها فليرجع إليه.60
الثاني :أنها بدعة في عبادة،مع معارضتها للسنة العملية في حمل الجنازة ،وكل ماكان كذلك
من المحدثات ،فهو ضللة اتفاقا .
الثالث :أنها تفوت الغاية من حملها وتشييعها ،وهي تذكر الخرة ،كما نص على ذلك رسول
ال صلى ال عليه وسلم في الحديث المتقدم في أول هذا الفصل بلفظ ... " :واتبعوا الجنائز
تذكركم الخرة " .أقول :إن تشييعها على تلك الصورة مما يفوت على الناس هذه الغاية
الشريفة تفويتا كامل أو دون ذلك ،فإنه ممال يخفى على البصير أن حمل الميت على العناق ،
ورؤية المشيعين لها وهي على رؤوسهم ،أبلغ في تحقيق التذكر والتعاظ من تشييعها على
الصورد المذكورة ،ول أكون مبالغا إذا قلت :إن الذي حمل الوربيين عليها إنما هو خوفهم
من الموت وكل ما يذكر به ،بسبب تغلب المادة عليهم ،وكفرهم بالخرة !
الرابع :أنها سبب قوي لتقليل المشيعين لها والراغبين في الحصول على الجر الذي سبق
ذكره في المسألة ( )45من هذا الفصل،ذلك لنه ليستطيع كل أحد أن يستأجر سيارة ليشيعها "
الخامس :أن هذه الصورة ل تتفق من قريب ولمن بعيد مع ما عرف عن الشريعة المطهرة
السمحة من البعد عن الشكليات والرسميات،ل سيما في مثل هذا المر الخطير:الموت !والحق
أقول:إنه لو لم يكن في هذه البدعة إل هذه المخالفة ،لكفى ذلك في ردها فكيف إذا انضم إليها ما
سبق بيانه من المخالفات والمفاسد وغير ذلك مما ل أذكره !
- 55والقيام لها منسوخ ،وهو على نوعين :
58أي يثب ويقارب الخطو .
59وهي نص في أنه صلى ال عليه وسلم ركب انصرافه من الجنازة ،وقد خفي هذا على أبي الطيب صديق حسن خان فاستدل في " الروضة " ( ) 173 / 1
على أن المشبع للجنازة مخير بين أن يمشي أمامها أو خلفها بهذا الحديث فقال :إن الصحابة كانوا يمشون حول جنازة ابن الدحداح ! وهذا خطأ من وجهين :
الول :أنه ليس في الحديث ما ذكره ،بل هو صريح في أنهم كانوا يمشون حول النبي صلى ال عليه وسلم ،ول تلزم بين المرين كما هو ظاهر .الثاني :أن
ذلك كاف عند النصراف من الجنازة كما سبق ،ولعل سبب الوهم رواية عمربن موسى بن الوجيه عن سماك به بلفظ " :رأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم
مع جنازة ثابت بن الدحداح على فرص أغر محجل تحته ،ليس عليه سرج ،مع الناس وهم حوله قال :فنزل رسول ال صلى ال عليه وسلم فصلى عليه ثم
جلس حتى فرغ منه ،ثم قام فقعد على فرسه ثم انطلق يسير حوله الرجال " .أخرجه أحمد ( ، ) 99 / 5فهذا صريح في الركوب أثناء تشييعها أيضا ،ولكنه
بهذا السياق باطل لن عمر ابن موسى هذا كان يضع الحديث فل يحتج به عند الموافقة فكيف عند المخالفة !
60وقد قام بطبعه " المكتب السلمي " ثانية ،وفيها إضافات لم ترد في الطبعة السابقة .
42
أ -قيام الجالس إذا مرت به .
ب -وقيام المشيع لها عند انتهائها إلى القبر حتى توضع على الرض .والدليل على ذلك
حديث علي رضي ال عنه ،وله ألفاظ :
الول " :قام رسول ال صلى ال عليه وسلم للجنازة فقمنا،ثم جلس فجلسنا" .أخرجه مسلم ()59 /3
وابن ماجه ( )468 /1والطحاوي ( )1/383والطيالسي ( ) 150وأحمد رقم ( . ) 1167 ، 1094 ، 631
الثاني " :كان يقوم في الجنائز ،ثم جلس بعد " .رواه مالك ( ) 332 / 1وعنه الشافعي في " الم " ( / 1
) 247وأبو داود ( . ) 64 / 2
الثالث :من طريق واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ قال":شهدت جنازة في بني سلمة ،فقمت ،فقال
لي نافع بن جبير :اجلس فإني سأخبرك في هذا بثبت ثنى مسعود بن الحكم الزرقي أنه سمع
علي بن أبي طالب رضي ال عنه برحبة الكوفة وهو يقول " :كان رسول ال صلى ال عليه
وسلم أمرنا بالقيام في الجنازة ،ثم جلس بعد ذلك ،وأمرنا بالجلوس".أخرجه الشافعي وأحمد ()627
والطحاوي ( )1/282وابن حبان في " صحيحه " هذا الوجه بلفظ آخر وهو .
الرابع " :قام رسول ال صلى ال عليه وسلم مع الجنائز حتى توضع ،وقام الناس معه ،ثم قعد
بعد ذلك ،وأمر هم بالقعود " .الخامس :من طريق اسماعيل بن مسعود 61بن الحكم الزرقي
عن أبيه قال " :شهدت جنازة بالعراق ،فرأيت رجال قياما نيتظرون أن توضع ،ورأيت علي
ابن أبي طالب رضي ال عنه يشير إليهم أن اجلسوا ،فإن النبي صلى ال عليه وسلم قد أمرنا
62
بالجلوس بعد القيام " .أخرجه الطحاوي ( ) 282 / 1بسند حسن .
- 56ويستحب لمن حملها أن يتوضأ ،لقوله صلى ال عليه وسلم ":من غسل ميتا فليغتسل ،
ومن حمله فليتوضأ " .وهو حديث صحيح ،كما تقدم بيانه في المسألة ( . ) 31
****************************
61وقع في الصل " اسماعيل بن الحكم بن مسعود " والصواب ما أثبت ،وكأنه انقلب على الطابع ،أو بعض النساخ .
62قلت :هذا اللفظ والذي قبله صريحان في أن القيام لها حتى توضع داخل في النهي ،وأنه منسوخ ،فقول صديق حسن خان في " الروضة " ( ) 176 / 1
بعد أن قرر منسوخية القيام لها إذا مرت " :وأما قيام الناس خلفها حتى توضع على حتى توضع على الرض فمحكم لم ينسخ " .فهذا خطأ بين ،لمخالفته لما
ذكرنا من اللفظين ،والظاهر أنه لم يقف عليهما .
43
( ) 13
الصلة على الجنازة
-57والصلة على الميت المسلم فرض كفاية ،لمره صلى ال عليه وسلم بها في أحاديث أذكر
منها حديث زيد بن خالد الجهني " :أن رجل من أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم توفي يوم
خيبر ،فذكروا ذلك لرسول ال صلى ال عليه وسلم فقال " :صلوا على صاحبكم " ،فتغيرت
وجوه الناس لذلك ،فقال " :إن صاحبكم غل في سبيل ال " ،ففتشنا متاعه فوجدنا خرزا من
خرز اليهود ل يساوي درهمين ! ".أخرجه مالك في " الموطأ " ( )2/14وأبو داود ( )1/425والنسائي ( )278 /1
وابن ماجه ( )2/197وأحمد ( )5/192-4/114بإسناد صحيح ،وقال الحاكم " :صحيح على شرطهما " ،وفيه نظر بينته في "
التعليقات الجياد على زاد المعاد " .وفي الباب عن أبي قتادة ويأتي حديثه في المسألة الية ص 82وعن أبي هريرة فيها ،ص 84
-58ويستثنى من ذلك شخصان فل تجب الصلة عليهما :
الول :الطفل الذي لم يبلغ ،لن النبي صلى ال عليه وسلم لم يصل على ابنه ابراهيم عليه السلم
،قالت عائشة رضي ال عنها " :مات ابراهيم بن النبي صلى ال عليه وسلم وهو ابن ثمانية
عشر شهرا ،فلم يصل عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم ".أخرجه أبو داود ( )2/166ومن طريقه حزم (
) 158 / 5وأحمد ( ) 267 / 6وإسناده حسن ،كما قال الحافظ في " الصابة " ،وقال ابن حزم " :هذا خبر صحيح " !.63
الثاني :الشهيد ،لن النبي صلى ال عليه وسلم لم يصل على شهداء أحد وغيرهم ،وفي ذلك
ثلثة أحاديث سبق ذكرها في المسألة ( ( ، ) 32ص .) 2 5
ولكن ذلك ل ينفي مشروعية الصلة عليهما بدون وجوب كما يأتي من الحاديث فيهما في
المسألة التالية :
- 59وتشرع الصلة على من يأتي ذكرهم :
الول :الطفل ،ولو كان سقطا ( وهو الذي يسقط من بطن أمه قبل تمامه ) وفي ذلك حديثان :
...".1والطفل ( وفي رواية:السقط ) يصلى عليه،ويد عى لوالديه بالمغفرة والرحمة".رواه
أبو داود والنسائي وغيرهما بسند صحيح،وقد سبق بتمامه في المسألة ()50
.2عن عائشة رضي ال عنها قالت ":أتي رسول ال صلى ال عليه وسلم بصبي من
صبيان النصار،فصلى عليه،قالت عائشة :فقلت :طوبى لهذا ،عصفور من
عصافير الجنة ،لم يعمل سوة ،ولم يدركه .قال:أو غير ذلك يا عائشة ؟ خلق ال
عزوجل الجنة ،وخلق لها أهل ،وخلقهم ،في أصلب آبائهم .وخلق النار وخلق لها
64
أهل ،وخلقهم في أصلب آبائهم " أخرجه مسلم ( )8/55والنسائي ( )1/276وأحمد ( )6/208واللفظا
للنسائي ،وإسناده صحيح،رجاله كلهم ثقات رجال مسلم ،غير شيخه عمرو بن منصور ،وهو ثقة ثبت .
والظاهر أن السقط إنما يصلي عليه إذا كان قد نفخت فيه الروح ،وذلك إذا استكمل أربعة
أشهر ،ثم مات ،فإما إذا سقط قبل ذلك ،لنه ليس بميت كما ل يخفى .وأل ذلك حديث عبد ال
بن مسعود رضي ال عنه مرفوعا " :أن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين ،يوما ،ثم
63قلت :والصواب ما قاله الحافظ ،فقد ذكر ابن القيم في " زاد المعاد " ( ) 203 / 1عن المام أحمد أنه قال " :هذا حديث منكر " ،ولعله يعني " حديث
فرد " فإن هذا منقول عنه في بعض الحاديث المعروفة الصحة .واعلم أنه ل يخدج في ثبوت الحديث أنه روي عنه صلى ال عليه وسلم أنه صلى على ابنه
ابراهيم .لن ذلك لم يصح عنه وإن جاء من طرق ،فهي كلها معلولة اما بالرسال ،وإما بالضعف الشديد ،كما تراه مفصل في " نصب الراية " ( 279 / 2
، ) 280 -وقد روى أحمد ( ) 281 / 3عن أنس أنه سئل :صلى رسول ال صلى ال عليه وسلم على ابنه ابراهيم ؟ قال :ل أدري .وسنده صحيح .ولو كان
صلى عليه ،لم يخف ذلك على أنس إن شاء ال ،وقد خدمه عشر سنين .
64قال النووي رحمه ال تعالى " :أجمع من يعتقد بن من علماء المسلمين على أن من ما من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة ،والجواب عن هذا لحديث
أنه لعله نهاها عن المسارعة إل يالقطع من غير دليل ،أو قال ذلك قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة " .وأجاب السندي في حاشيته على النسائي بجواب
آخر خلصته :أنه إنما أنكر عليها الجزم بالجنة لطفل معين .قال :ول يصبح الجزم في مخصوص لن إيمان البوين تحقيقا غيب ،وهو المناط عند ال تعالى
.
44
يكون علقة مثل ذلك ،ثم يكون مضغة مثل ذلك ،ثم يبعث إليه ملكا . . .ينفخ فيه الروح " .
متفق عليه .واشترط بعضهم أن يسقط حيا ،لحديث " :إذا استهل السقط صلي عليه وورث " .
ولكنه حديث ضعيف ل يحتج به ،كما بينه العلماء.65
الثاني :الشهيد ،وفيه إحاديث كثيرة ،أكتفي بذكر بعضها
.1عن شداد بن الهاد " :أن رجل من العراب جاء إلى النبي صلى ال عليه وسلم آمن
به واتبعه ،ثم قال :أهاجر معك . .فلبثوا قليل ،ثم نهضوا في قتال العدو ،فأتي به
النبي صلى ال عليه وسلم " . .ثم كفنه النبي صلى ال عليه وسلم في جبته ،ثم قدمه
فصلى عليه ." . .أخرجه النسائي وغيره بسند صحيح ،وقد مضى بتمامه المسألة (
( )39ص . )61
.2عن عبد ال الزبير " :أن رسول ال صلى اله عليه وسلم أمر يوم أحد بحمزة فسجي
ببردة،ثم صلى عليه فكبر تسع تكبيرات ،ثم أتي بالقتلى يصفون ،ويصلي عليهم .
وعليه معهم " .أخرجه الطحاوي في " معاني الثار " ( )1/290وإسناده حسن .رجاله كلهم
ثقات معروفون ،وابي اسحاق قد صرح بالحديث .وله شواهد كثيرة ذكرت بعضها في " التعليقات الجياد " في
المسألة( . ) 75
.3عن أنس بن مالك رضي ال عنه " :أن النبي صلى ال عليه وسلم مر بحمزة وقد مثل
به وأيضا،على أحد من الشهداء غيره.يعني شهداء أحد" . 66أخرجه أبو داود بسند
حسن ،وهو مختصر حديثه المتقدم المسألة (( . )37ص . )58 -57
.4عن عقبة بن عامر الجهني " :أن النبي صلى ال عليه وآله وسلم خرج يوما فصلى
على أهل أحد صلته على الميت[ بعد ثمان سنين ] [ كالمودع للحياء والموات ] ،ثم
انصرف إلى المنبر [ فحمد ال وأثنى ] عليه !فقال:إني فرط لكم،وأنا شهيد عليكم ،
[ وإن موعدكم الحوض ] وإني وال لنظر إلى حوضي الن [ ،وإن عرضه كما بين
أيلة إلى الجحفة ] - ،وإني أعطيت مفاتيح خزائن الرض ،أو مفاتيح الرض واني
وال ما أخاف عليكم أن وتشركوا بعدي ولكن أخاف عليكم [ الدنيا ] أن تتنافسوا فيها
[وتقتتلوا فتهلكوا هلك من كان قبلكم ] قال :فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول ال
صلى ال عليه وسلم ] " .أخرجه البخاري ( 280 - 279 / 7 - 64 / 3و ) 302ومسلم ( ) 67 / 7
وأحمد ( ، ) 154 ، 153 ، 149 4والسياق للبخاري ،والزيادة الولى والثانية والسادسة والسابعة له ،ولمسلم
الثانية والخامسة وما وراءها ولحمد الولى إلى الرابعة .رواه البيهقي ( ) 14 / 4وعنده الزيادات كلها إل
الثالثة والخامسة .وأخرجه الطحاوي ( ) 290 / 1وكذا النسائي ( ) 277 / 1والدارقطني ( ص ) 197
67
مختصرا ،وعند الدارقطني الزيادة الولى
الثالث :من قتل في حد من حدود ال،لحديث عمران بن حصين "أن امرأة من جهينة أتت نبي ال
صلى ال عليه وسلم وهي حبلى من الزنى،فقالت :يا نبي ال أصبت حدا فأقمه علي،فدعا نبي ال
صلى ال عليه وسلم وليها ،فقال:أحسن إليها ،فإذا وضعت فأتني بها ،ففعل ،فأمر بها نبي ال
65انظر " نصب الراية " ( ) 277 / 2و " التلخيص " ( ) 147 - 146 / 5و " المجموع " ( ، ) 255 / 5وكتابي " نقد التاج الجامع للصول الخمسة "
( رقم ، ) 293وإنما صح الحديث بدون ذكر الصلة فيه ،كما حققته في " إرواء الغليل " ( ) 1704يسر ال طبعه .
) 66لعله يعني الصلة على غيره استقلل ،فل ينبغي الصلة على غيره مقرونا معه كما في الحديث الذي قبله ،ول يعارض هذان الحديثان بحديث جابر
المتقدم أنه صلى ال عليه وسلم لم بصل على شهداء أحد لنه ناف ،والمثبت مقدم على المنافي ،وانظر التفصيل في " نيل الوطار " .
67قد يقول قائل :لقد ثبت في هذه الحاديث مشروعية الصلة على الشهداء ،والصل أنها واجبة فلماذا ل يقال بالوجوب ! قلت :لما سبق ذكره في المسألة (
. ) 58ونزيد علي ذلك هنا فنقول :لقد استشهد كثير من الصحابة في غزوة بدر وغيرها ،ولم ينقل أن النبي صلى ال عليه وسلم ،صلى عليهم ولو فعل لنقلوه
عنه .فدل ذلك أن الصلت عليهم غير واجبة .ولذلك قال ابن القيم في " تهذيب السنن " ( ( : ) 295 / 4والصواب في المسألة أنه مخير بين الصلة عليهم
وتركها لمجئ .الثار بكل واحد من المرين وهذا إحدى الروايات عن المام أحمد ،وهي الليق بأصوله ومذهبه " قلت :ولشك أن الصلة عليهم أفضل من
الترك إذا تيسرت لنها دعاء وعبادة .
45
صلى ال عليه وآله وسلم فشكت عليها ثيابها ،ثم أمر بها فرجمت ،ثم صلى عليها ،فقال له عمر:
تصلي عليها يا نبي ال وقد زنت؟ فقال :لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة
لوسعتهم،وهل وجدت توبة أفضل من أن جاءت بنفسها ل تعالى ؟ " أخرجه مسلم ( )5/121وأبو داود (
)2/233والنسائي ( )1/278والترمذي ( )2/325وصححه ،والدارمي ( )2/180والبيهقي (18 /4و . )19ورواه ابن ماجه (
2/116و )117مختصرا
الرابع :الفاجر المنعث في المعامي والمحارم ،مثل تارك الصلة والزكاة مع اعترافه بوجوبهما
،والزاني ومدمن الخمر ،ونحوهم من الفساق فإنه يصلي عليهم ،إل أنه ينبغي لهل العلم
والدين أن يدعوا الصلة عليهم ،عقوبة وتأديبا لمثالهم ،كما فعل النبي صلى ال عليه وسلم .
وفي ذلك أحاديث :
.1عن أبن قتادة قال " :كان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا دعي لجنازة سأل عنها،
فان أثني عليها خير قام فصلى عليها ،وإن أثني عليها غير ذلك قال لهلها شأنكم
بها،ولم يصل عليها "أخرجه أحمد ( )301 ،5/399،300والحاكم ( )36 /1وقال " :صحيح على شرط
الشيخين "،وواففه الذهبي .وهو كما قال .
.2عن جابر بن سمرة قال " مرض رجل ،فصيح عليه ،فجاء جاره إلى رسول ال
صلى ال عليه وسلم فقال :إنه قد مات ،قال :وما يدريك ؟ قال :أنا رأيته ،قال
رسول ال :إنه لم يمت ،قال :فرجع فصيح عليه ،فقالت امرأته ،انطلق إلى
رسول ال صلى ال عليه وسلم " فأخبره فقال الرجل :اللهم العنه ! قال :ثم انطلق
الرجل فرآه قد نحر نفسه بمشقص ،فانطلق النبي صلى ال عليه وسلم فأخبره أنه
مات ،فقال ما يدريك ؟ قال :رأيته ينحر نفسه بمشقص معه ! قال :أنت رأيته ؟
قال :نعم ،قال :إذا ل أصلي عليه .أخرجه بهذا التمام أبو داود ( ) 65 / 2باسناد صحيح على
شرط مسلم .وأخرجه .سملم ( )3/66مختصرا ،وكذا النسائي ( )1/279والترمذي ( )2/161وابن ماجه (
)1/465والحاكم ( )1/364والبيهقي ( )4/19والطيالسي( )779وأحمد ( 5/87و 91و 92و 97 - 96,94و 102و
)107وقال الترمذي ":هذا حديث حسن ،وقد اختلف أهل العلم في هذا زرارة فقال
بعضهم :يصلي على كل من صلى للقبلة ،وعلى قاتل النفس وهو قول سفيان
الثوري وإسحاق " وقال أحمد :ل يصلي المام على قاتل النفس ،ويصلي عليه غير
المام " وقال شيخ السلم ابن تيمية في " الختيارات " ( ص ": )52ومن امتنع من
الصلة على أحدهم ( يعني القاتل والناس والمدين الذي ليس له وفاء ) زجرا لمثاله
عن مثل فعله كان حسنا ،ولو امتنع في الظاهر ،ودعا له في الباطن ،ليجمع بين
المصلحتين كان أولى من تفويت إحداهما " .
.3عن زيد بن خالد في حديث امتناع النبي صلى ال عليه وسلم من الصلة على الغال
وقوله لصحابه " :صلوا على صاحبكم..إن صاحبكم غل في سبيل ال!.أخرجه
أصحاب السنن بسند صحيح على ما سبق بيانه عند المسألة (. )57
الخامس :المدين الذي لم يترك من المال ما يقضي به دينه فإنه يصلى عليه ،وإنما ترك رسول
ال صلي ال عليه وسلم الصلة عليه في أول المر ،وفيه أحاديث :
.1عن سلمة بن الكوع قال ":كنا جلوسا عند النبي صلى ال عليه وسلم إذ أتي بجنازة
فقالوا :صل عليها ،فقال :هل عليه دين؟ قالوا :ل ،قال :فهل ترك شيئا ؟ قالوا :
ل ،فصلى عليه.ثم أتي بجنازة أخرى فقالوا :يارسول ال صل عليها،قال:هل عليه
دين؟قيل:نعم،قال فهل ترك شيئا؟ قالوا :ثلثة دنانير [ قال :فقال بأصابعه ثلث كيات
46
] ،فصلى عليها .ثم أتي بالثالثة ،فقالوا:صل عليه ،قال :هل ترك شيئا ؟ قالوا :ل ،
قال:هل عليه دين ؟ قالوا:ثلثة دنانير ،قال :صلوا على صاحبكم ،قال [ رجل من
النصار يقال له،أبو قتادة :صل عليه يارسول ال وعلي دينه ".أخرجه البخاري (،3/368
369و )374وأحمد ( )4/47،50والزيادة له .وروى منه النسائي ( )1/278القصة الثالثة .
.2عن أبي قتادة رضي ال عنه نحو القصة الثالثة في حديث سلمة في الكوع وروي
الذي قبله ،وفيه ":أرأيت إن قضيت عنه أتصلي عليه؟ قال :إن قضيت عنه بالوفاء
صليت عليه،قال:فذهب أبو قتادة فقضى عنه ،فقال :أوفيت ما عليه ؟ قال نعم ،فدعا
رسول ال صلى ال عليه وسلم فصلى عليه" .أخرجه النسائي ( )1/378والترمذي ()2/161
والدارمي ( )2/263وابن ماجه ( )2/75وأحمد ()5/297،301،302،304،311والسياق له وإسناده صحيح على
شرط مسلم ،وليس عند الخرين ذهاب أبي قتادة ووفاءه للدين ثم صلة النبي صلى ال عليه وسلم عليه .
.3عن جابر رضي ال عنه نحوها وزاد في آخره :فلما فتح ال على رسوله قال :أنا
أولى بكل مؤمن من نفسه ،ومن ترك دينا فعلي قضاؤه ،ومن ترك مال فلورثته
".رواه أبو داود ( )2/85والنسائي ( )1/278بإسناد صحيح على شرط الشيخين وله طريق أخرى عن جابر بزيادة
أخرى ،وقد تقدم .
.4عن أبي هريرة ":أن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان يؤتى بالرجل الميت عليه
الدين ،فيسأل :هل ترك لدينه من قضاء ؟ فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه،وإل
فل :قال :صلوا على صاحبكم ،فلما فتح ال عليه الفتوح قال . :أنا أولى بالمؤمنين
من أنفسهم [ في الدنيا والخرة ،إقرؤوا إن شئتم ( :النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم )
] ،فمن توفي وعليه دين [ ولم يترك وفاء ] فعلي قضاؤه ،ومن ترك مال فهو لورثته
" .أخرجه البخاري ( )9/425-4/376ومسلم( )62 /5والنسائي( )1/379وابن ماجه( )2/77والطيالسي (
)2338وأحمد(2/399و ،)453والسياق المسلم،والزيادتان للبخاري ،ولحمد الولى منهما .
وأخرج منه ما هو من كلمه الترمذي ( )3/178وصححه ،والدارمي ( )2/263والطيالسي ( )2524وأحمد (، 318 ،2/287
)464،527 ،335،356،399،450، 334بنحوه ،وهو رواية مسلم وكذا البخاري بالفاظ متقاربة8/420(.و )12/7،22،40من
طرق كثيرة عن أبي هريرة.
وقال أبو بشر يونس بن حبيب راوي مسند الطيالسي عقب الحديث " :سمعت أبا الوليد-يعني
الطيالسي-يقول:بذا نسخ تلك الحاديث التي جاءت على الذي عليه الدين "
السادس :من قبل دفن أن يصلى عليه ،أو صلى عليه بعضهم دون بعض ،فيصلون عليه في قبره
،على أن يكون المام في الصورة الثانية ممن لم يكن صلى عليه .وفي ذلك أحاديث
.1عن عبد ال بن عباس رضي ال عنهما قال " :مات رجل -وكان رسول ال صلى ال
عليه وسلم يعوده-فدفنوه بالليل ،فلما أصبح أعلموه ،فقال :ما منعكم أن تعلموني ؟ قالوا
:كان الليل ،وكانت الظلمة ،فكرهنا أن نشق عليك قبره ،فأتى قبره فصلى عليه [،قال :فأمنا،
وصفنا خلفه ] [ ،وأنا فيهم ] [،وكبر أربعا ] " أخرجه البخاري ( )92-3/91وابن ماجه ( )1/266والسياق له ،
ورواه مسلم ( )56-5/53مختصرا وكذا النسائي( )1/284والترمذي ( )8/142وابي الجارود في " ا لمنتقى "()266
والبيهقي ( )3/45،46والطيالسي ( )2687وأحمد(رقم ،)3134 ،1962،2554والزيادة الولى لهم "وللبخاري وفي رواية (
)3/146،147،159والزيادتان الخيرتان له وللبيهقي ،ولمسلم والنسائي الخيرة .
.2عن أبي هريرة رضي ال عنه" :أن امرأة سوداء كانت تقم ( وفي رواية تلتقط الخرق
والعيدان من ) المسجد ،فماتت،ففقدها النبي صلى ال عليه وسلم،فسأل عنها بعد أيام ،فقيل
له انها ماتت ،فقال:هل كنتم اذنتموني؟( قالوا :ماتت من الليل ودفنت،وكرهنا أن نوقظك )،
( قال:فكأنهم صغروا أمرها .فقال دلوني على قبرها فدلوه (،فأتى قبرها فصلى عليها ) ثم
47
قال [ :قال ثابت ( أحد رواة الحديث) :عند ذاك أو في حديث آخر] :إن هذه القبور مملوءة
ظلمة على أهلها ،وإن ال عز وجل منورها لهم بصلتي عليهم ".أخرجه البخاري (1/438،439،44
)3/159-0ومسلم ( )3/56وأبو داود ()2/68وابن ماجه ( )465 /1والبيهقي ( )4/47والسياق لهما،والطيالسي ()2446
وأحمد ( )388/406 ،2/353من طريق ثابت البناني عن أبي رافع عنه .
وإنما اثرت السياق المذكور لن رواية لم ترد في أن الميت امرأة ،بينما تردد الراوي عند
الخرين في كونه امرأة أو رجل ،والشك فيه من ثابث أو من أبي رافع كما جزم به الحافظ بن
حجر ،وترجح عندنا أنه امرأة من وجوه :
الول :أن اليقين مقدم على الشك .
الثاني :أن في رواية للبخاري بلفظ" :أن امرأة أو رجل كانت تقم المسجد ،ول أراه إل امرأة
".فقد ترجح عند الراوي أنه امرأة .
الثالث :إن الحديث ورد من طريق أخر عن أبي هريرة لم يشك ال روي فيها:ولفظها " :فقد
النبي امرأة سوداء كانت تلتقط الخرق والعيدان من المسجد ،فقال :أين فلنة ؟ قالوا :ماتت ".
وذكر الحديث هكذا ساقه البيهقي ( )4/32-440 /2من طريق العلء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه .وهكذا أخرجه ابي خزيمة
في " صحيحه " كما في " الفتح " .
والزيادة الولى للبيهقي وإبن خزيمة ،وشطرها الول لحمد ،والثانية لمسلم والبيهقي في رواية
وللبخاري معناها ،ولبي داود " والمسندين" الشطر الثاني منها ،والزيادة الثالثة للبيهقي والرابعة
له في رواية ولمسلم وكذا أحمد ،وعنده الزيادة من قول ثابت ،وهي عند البيهقي أيضا .
وقد رجح الحافظ تبعا للبيهقي أن الزيادة الرابعة مدرجة في الحديث وأنها من مراسيل ثابت .
وخالفهما ابن الترحماني ،فذهب إلى أنها مسندة من رواية أبي رافع عن أبي هريرة " لنه كذلك
في صحيح مسلم ،لكن قول ثابت هذا يؤيد ما ذهب إليه الولن .ويقويه أن الحديث ورد من
رواية ابن عباس أيضا وليسن فيه هذه الزيادة أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (. )3/128/2
نعم ثبتت هذه الزيادة أو معناها مسندة في حديث آخر وهو :
.3عن يزيد بن ثابت -وكان أكبر من زيد -قال " :خرجنا مع إلنبي صلى ال عليه وسلم[
ذات يوم ] فلما ورد البقيع " فإذا هو بقبر جديد ،فسأل عنه " فقالوا :فلنة ( مولة بني فلن )،
قال :فعرفها وقال :أل آذنتموني بها ؟ قالوا [ :ماتت ظهرا ،و ] كنت قائل صائما فكرهنا
أن نؤذيك،قال :فل تفعلوا ،ل أعرفن،ما مات منكم ميت ماكنت بين أظهركم إل اذنتموتي به
،فإن صلتي عليه رحمه "،ثم أبي القبر،فصففنا خلفه فكبر عليه أربعا " أخرجه النسائي ( 284 /1
) وابن ماجه ( ) 466 ، 465 / 1وابن حبان في صحيحه ( - 759موارد ) والبيهقي ( ، ) 48 / 4والسياق لبن
ماجه ،والزيادات للنسائي ،وإسناده عند الجميع صحيح على شرط مسلم .
.4عن بعض أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم:أن رسول ال صلى ال عليه وسلم،كان
يعود مرضى مساكين المسلمين وضعفائهم:ويتبع جنائزهم ول يصلي عليهم غيره ،وأن
امرأة مسكينة من أهل العوالي طال سقمها ،فكان رسول ال صلى ال عليه وسلم سأل
عنها من حضرها من جيرانها "وأمرهم أن ل يدفنوها إن حدث بها حدث فيصلي عليها،
فتوفيت تلك المرأة ليل واحتملوها فأتوا بها مع الجنائز أو قال :موضع الجنائز عند مسجد
رسول ال صلى ال عليه وسلم68ليصلي عليها رسول ال صلى ال عليه وسلم كما أمرهم
فوجدوه قد نام بعد صلة العشاء" فكرهوا أن يهجدوا69رسول ال صلى ال عليه وسلم من
68هو شرقي المسجد النبوي ،وهو اليوم الرض الممتدة مع طول المسجد من من الشمال إلي الجنوب بجانب باب النساء
69بم يوقضوا وهو من الضداد .
48
نومه فصلوا عليها.ثم انطلقوا بها ،فلما أصبح رسول ال صلى ال عليه وسلم سأل عنها
من حضره من جيرانها ،فأخبروه خبرها،وانهم كررهوا ان يهجدوا رسول ال صلى ال
عليه وسلم لها فقال لهم رسول ال صلى ال عليه وسلم :ولم فعلتم ؟ انطلقوا ،فانطلقوا
مع رسول ال صلى ال عليه وسلم حتى قاموا على قبرها فصفوا وراء رسول ال صلى
ال عيه وسلم كما يصف للصلة على الجنازة فصلى عليها رسول ال صلى ال عليه
وسلم وكبر أربعا كما يكبر على الجنائز "أخرجه البيهقي()4/48بإسناد صحيح ،والنسائي (1/280
)281،مختصرا
السابع :من مات في بلد ليس فيها من يصلي عليه ،صلة الحاضر ،فهذا يصلي عليه طائفة
من المسلمين صلة الغائب ،لصلة النبي صلى ال عليه وسلم على النجاشي وقد رواها جماعة
من أصحابه يزيد بعضهم على بعض ،وقد جمعت أحاديثهم فيها ،ثم سقتها في سياق واحد تقريبا
للفائدة .والسياق لحديث أبي هريرة ":إن رسول ال صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم
نعى للناس [ وهو بالمدينة ] النجاشي [ أصحمه ] [ صاحب الحبشة ] في اليوم الذي مات فيه :
[ قال :إن أخا قد مات ( وفي رواية:مات اليوم عبد ل صالح ) [ بغير أرضكم ] [ فقوموا فصلوا
عليه ] [ ،قالوا :من هو ؟قال النجاشي ] [ وقال :استغفروا لخيكم ] ،قال :فخرج بهم إلى المصلى
( وفي رواية :البقيع ) [ ثم تقدم فصفوا خلفه ] [ صفين ] [ ،قال :فصففنا خلفه كما يصف على
الميت وصلينا عليه كما يصلى على الميت ] [ وما تحسب الجنازة إل موضوعة بين يديه ] [ قال
:فأمنا وصلى عليه ] ،وكبر ( عليه ) أربع تكبيرات ".أخرجه البخاري ( )155،157 ،3/90،145ومسلم (
)3/54واللفظ له وأبو داود ( )2/68،69والنسائي ( )1/265،280وابن ماجه ( )1/467والبيهقي ()4/49والطيالسي ()2300
وأحمد ( )438،439،479،529 ،2/241،280،289،348من طرق عن أبي هريرة .والزيادة الولى للنسائي وأحمد ،والثانية
للبخاري والثالثة لبن ماجة،والسابعة للشيخين والنسائي وأحمد،والعاشرة ،الشطر الثاني منها لحمد وهي عنده بتمامها عن غير
أبي هريرة كا يأتي ،والزيادة الخيرة لمسلم .وروى منه الترمذي ( )2/140وصححه أن النبي صلى ال عليه وسلم صلى على
النجاشي فكبر أربعا وهو رواية للطيالسي (. )2296
.1ثم أخرجه البخاري ( ) 146 ، 145 / 3ومسلم والنسائي والبيهقي والطيالسي في ( ) 1681وأحمد ( ، 319 ، 295 / 3
) 400 ، 369 ، 363 ، 361 ، 355من طرق حديث جابر رضي ال عنه .والزيادة الثانية والثالثة والرابعة للشيخين
وأحمد،وله الخامسة والسادسة ،ولمسلم والنسائي التاسعة ،وللنسائي الجملة الولى من الزيادة العاشرة .والزيادة الثانية عشر لمسلم
وأحمد .
.2ثم أخرجه مسلم والنسائي والترمذي ( )2/149وصححه ابن ماجه وابن حبان والبيهقي والطيالسي ( )749وأحمد (
)4/433,431،439،441،446عن عمران وفيه الزيادة الرابعة عندهم جميعا،والعاشرة عند الطيالسي والنسافي والترمذي
وأحمد،وعنده التي بعدها وكذا ابن حبان .
.3ثم أخرجه ابن ماجه والطيالسي ( )1068وأحمد ( )4/7عن حذيفة بن أسير وفيه عندهم الزيادة الرابعة والخامسة .وكذا
عندهم السادسة :إل الطيالسي .
.4ثم رواه ابن ماجه وأحمد()5/376-4/64عن مجمع بن حارثة النصاري وقال البوصيري في " الزوائد " ".إسناده صحيع
" ،ورواه ثقات ".وفيه الزيادة الرابعة "وعن ابن ماجه التاسعة.
.5ثم رواه الترمذي وابن ماجه عن عبد ال .بن عمر مثل حديث أبو هريرة المختصر عند الترمذي .وإسناده صحيح أيضا
.6ثم أخرجه أحمد ( )263-4/264عن جرير بن عبد ال مرفوعا بلفظ " إن أخاكم النجاشي قد مات فاستغفروا له . 70وإسناده
حسن .وأعلم أن هذا الذي ذكرناه من الصلة على الغائب " هو الذي ل يتحمل الحديث غيره ،ولهذا سبقنا إلى اختيارة ثلة
من محققي المذاهب ،وإليك خلصة من كلم ابن القيم رحمة ال في هذا الصدد ،قال في " زاد المعاد " (: )1/205،206
70قلت :في هذه الحاديث دليل من وجوه لتخفى على أن النجاشي أصحمة كان مسلما ،ويؤيد ذلك أنه جاء النص الصريح عنه بتصديقه بنبوته صلى ال عليه
وسلم ،فقال إبو موسى الشعري رضي ال عنه " :أمرنا رسول ال صلى ال عليه وسلم أن ننطلق إلى أرض النجاشي -فذكر القصة وفيها -وقال النجاشي :
أشهد أنه رسول ال ،وأنه الذي بشر به عيسى بن مريم ،ولول ما أنا فيه من الملك لتيته حتى أحمل نعليه " .أخرجه أبو داود والبيهقي باسناد صحيح كما قال
البيهقي فيما نقله العراقي في " تخريج الحياء " ( ) 200 / 2وله " شاهد من حديث أبن مسعود .أخرجه الطيالسي ( ، ) 346وله شواهد أخرى في مسند
أحمد ( 290 / 5و ) 292
49
" ولم يكن من هديه صلى ال عليه وسنته الصلة على كل ميت غائب ،فقد مات خلق كثير من
المسلمين وهو غيب ،فلم يصل عليهم ،وصح عنه أنه صلى على النجاشي صلته على
الميت ،فاختلف في ذلك على ثلثة طرق :
.1أن هذا تشريع وسنة للمة الصلة على كل غائب وهذا قول الشافعي وأحمد
.2وقال ،أبو حنيفة ومالك :هذا خاص به ،وليس ذلك لغيره .
.3وقال شيخ السلم ابن تيمية :
الصواب أن الغائب إن مات ببلد لم يصل عليه فيه ،صلي عليه صلة الغائب كما صلى النبي
صلى ال عليه وسلم على النجاشي لنه مات ببن الكفار،ولم يصل عليه وإن صلي عليه حيث
مات لم صل عليه صلة الغائب ،لن الفرض سقط بصلة المسلمين عليه ،والنبي صلى ال
عليه وسلم صلى على الغائب وتركه كما وفعله وتركه سنة .وهذا له موضع وال أعلم .
والقوال ثلثة في مذهب أحمد ،وأصححها هذا التفصيل قلت :واختار هذا بنص المحققين من
الشافعية فقال الخطابي في " معالم السنن " ما نصه :قلت :النشجاشي رجل مسلم قد آمن برسول
ال صلى ال عليه وسلم وصدقه على نبوته " .إل أنه كان يكتم إيمانه والمسلم إذا مات وجباء
المسلم إذا مات وجب على المسلمين أن يصلوا عليه :إل أنه كان بين ظهراني أهل ،الكفر،ولم
يكن بحضرته من يقوم بحقه في الصلة عليه ،فلزم رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يفعل
ذلك،إذ هو نبيه ووليه وأحق الناس به .فهذا -وال أعلم -هو السبب الذي دعاه إلى الصلة
عليه بظاهر الغيب .
فعلى هذا إذا مات المسلم ببلد من البلدان ،وقد قضى حقه في الصلة عليه ،فانه ل يصلي عليه
من كان في بلد آخر غائبا عنه ،فإن علم أنه لم يصل عليه لعائق أو مانع عذر كأن السنة أن
يصلى عليه ول يترك ذلك لبعد المسافة .
فأذا ،صولوا عليه أستقبلوا القبلة ،ولم يتوجهوا إلى بلد الميت إن كان في غير جهة القبلة .
وقد ذهب بعض العلماء العلماء الى كراهة الميت الغائب ،وزعموا أن النبي صلى ال عليه
وسلم كان مخصوصا بهذا الفعل ،إذ كان في حكم المشاهسد للنجاشي .لما روي :في بعض
الخبار " أنه " قد سويت له أعلم الرض ،حتى كان يبصر مكانه " 71وهذا تأويل فاسد لن
رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا فعل شيئا من أفعال الشريعة ،كان علينا .متابعته واليتساء
به ،والتخصيص ل يعلم في أل بدليل .ومما يبين ذلك أنه صلى ال عليه وسلم خرج بالناس
إلى المصلى فصف بهم ،فصلوا معه ،فعلم أن هذا التأويل فاسد،وال أعلم .
وقد استحسن الروياني -هو شافعي أيضا ما ذهب إليه الخطابي " وهو مذهب أبي داود أيضا
فإنه ترجم للحديث في " سننه " بقوله " باب في الصلة على المسلم بموت في بلد الشرك " :
واختار ذلك من المتأخرين العلمة المحقق الشيخ صالح المقبلي كما في " نيل الوطار " ()43 /4
واستدل لذلك بالزيادة الني وقعت ني بعض ظرق الحديث " :إن أخاكم قد مات بغير أرضكم ،
فقوما فصلوا عليه " وسندها على شرط الشيخين .
ومما يؤيد عدم مشروعية الصلة على كل غائب أنه لما مات الخلفاء الراشدون وغيرهم لم
يصل أحد من المسلمين عليهم صلة الغائب .ولو فعلوا لتواتر النقل بذلك عنهم .فقابل هذا .
بما عليه كثير من المسلمين اليوم من الصلة على كل غائب لسيما إذا كان له ذكر وصيت ،
71وذكر النووي في " المجموع " ( ) 253 / 5أن هذا الخبر من الخيالت ! ثم ذكر حديث العلء بن زيدل في طي الرض للنبي صلى ال عليه وسلم ،حتى
ذهب فصلى على معاوية في تبوك وقال أنه حديث ضعيف ضعفة الحافظ منهم البخاري والبيهقي .
50
ولو من الناحية السياسية فقط ول يعرف بصلح أو خدمة للسلم " ولو كان مات في الحرم
المكى وصلى عليه اللف المؤلفة في موسم الحج صلة الحاضر ،قابل ما ذكرنا بمثل هذه
الصلة تعلم يقينا أنها من البدع التي ل يمتري فيها عالم بسننه صلى ال عليه وسلم ومذهب
السلف رضي في ال عنهم .
72
-60وتحرم الصلة والستغفار والترحم على الكفار والمنافقين لقول ال تبارك وتعالى{ ول
تصل على أحد منهم مات أبدا ،ول تقم على إنهم كفروا بال ورسوله وماتوا وهم فاسقون } .
[ سورة التوبة . ] 84 :
وسبب نزول الية ماروى عبد ال بن عمر وأبوه والسياق له قال " :لما مات عبد ال بن أبي
سلول دعى له رسول ال صلى ال عليه وسلم ليصلى عليه ،فلما قام رسول ال صلى ال عليه
وسلم وثبت إليه [ حتى قمت في صدره ] [،فأخذت بثوبه ] فقلت:يارسول ال أتصلي على [ عدو
ال ] ابن أبي وقد قال يوم كذا وكذا وكذا !؟ أعدد عليه قوله [73أليسم-قد نهاك ال أن تصلي على
المنافقين فقال ] :استغفر ال لهم أو ل تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر ال لهم)]
فتبسم رسول ال صلى ال عليه وسلم وقال :أخر عني يا عمر ! فلما أكثرت عليه قال :إني
خيرت فاخترت [ .قد قيل لي ( :استغفر لهم أو ل تستغفر لهم .إن تستغنر لهم سبعين مرة فلن
74
يغفر ال لهم ) لو أعلم أني إن زدت على السبعين غفر له لزدت عليها [ ،قال :إنه منافق ]
قال :فصلى عليه رسول ال ،صلى ال عليه وسلم [75وصلينا معه ] [.ومشى صلى ال عليه
وسلم معه فقام على قبره حتى فرغ منه ] ثم انصرف فلم يمكث إل يسيرا حتى نزلت اليتان من
براءة {:ول تصل على أحد منهم مات أبدا}...إلى{ وهم فاسقون} [،قال ( :فما صلى رسول ال
صلى ال عليه وسلم بعده على منافق ول قام على قبره حتى قبضه ال ) ،قال : -فعجبت بعد
من من جرأتي على رسول ال صلى ال عليه وسلم يومئذ ] وال ورسوله أعلم .أخرجه البخاري (
) 270 / 8 - 177 / 3والنسائي ( ) 279 / 1والترمذي ( ) 118 ، 117 / 3وأحمد ( رقم ) 95عن عمر والزيادة الولى
والثالثة والخامسة والثمنة والتسعة لحمد والترمذي وصححه والزيادات الخرى للبخاري إل السادسة فهي لمسلم " وللبخاري
من حديث ابن عمر والزيادة الثانية للطبري كما في " الفتح " .
ثم أخرجه البخاري(8/286ج )10/218-270ومسلم ( )121 ،8/120-7/116والنسائي( )1/269والترمذي ( )3/118،119
وابن ماجه ()1/464،465والبيهقي (-، )3/402أحمد ( )4680من حديث ابن عمر وفيه من الزيادة الثانية والسادسة .
وعن المسيب بن حرن رضي ال عنه قال" :لما حضرت أبا طالب الوفاة "جاءه رسول ال فوجد
عنده أبا جهل ،وعبد ال ابن أبي أمية ،والمغيرة فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم :يا عم
إنك أعظم الناس علي حقا ،وأحسنهم عندي يدا .ولنت أعظم علي حقا من والدي ،فـ [ لإله
إل ال ،كلمة أشهد لك بها عند ال ،فقال أبو جهل وعبد ال بن أمية :يا أبا طالب .أترغب
72هم الذين يبطنون الكفر ويظهرون السلم ،وإنما يتبين كفرهم .بما يترشح من كلمتهم من الغمز في بعض أحكام الشريعة وأشتهجانها ،وزعمهم أنها
مخالفة للعقل والذوق ! وقد أشار إلى هذه الحقيقة ربنا تبارك في قوله ( :أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج ال أضغانهم .ولو نشاء لريناكهم
فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول ،وال يعلم أعمالكم ) ،وأمثال هؤلء المنافقين كثير في عصرنا الحاضر ،وال المستعان .
73يشير بذلك إلى مثل قوله ( :ول تنفقوا على من عند رسول لى ال حتى ينفضوا ) وقوله ( ليخرجن العز منها الذل ) .
74قال الحافظ ابن حجر رحمه ال في " فتح الباري " ( " : ) 270 /8إنما جزم عمر أنه منافق جريا على ما يطلع من أحواله ،وإنما لم يأخذ النبي صلى ال
عليه وسلم بقوله :وصلي بقوله :وصلي عليه إجراء له علي ظاهر حكم السلم ،واصتصحابا لظاهر الحكم ،ولما فيه من إكرام ولده الذي تحققت صلحيته
ومصلحة الستئلف لقومه ودفع المفسدة ،وكان النبي صلى ال عليه وسلم أول المر يصبر على أذى المشركين ويعفو ويصفح ،ثم أمر بقتال لمشركين ،
فاستمر صفحه وعفوه عمن يظهر السلم ولو كان باطنه على خلف ذلك لمصلحة الستئلف وعدم التنفير عنه ،ولذلك قال " :ل يتحدث الناس أن محمدا
يقتل أصحابه " ،فلما حصل الفتح ،ودخل المشركون في السلم،وقل أهل الكفر وذلوا،أمر بمجاهرة المنافقين وحملهم على حكم مر الحق ،ولسيما وقد كان
ذلك قبل نزول النهي الصريح عن الصلة على المنافقين وغير ذلك مما أمر فيه .بمجاهرتهم وبهذا التقرير يندفع الشكال عما وقع في هذه القصة بحمد ال
تعالى " .
75قلت :وإنما .صلى عليه بمدما أدخل في حفرته وأخرج منها بأمره صلى ال عليه وسلم ،وألبسه قميصه كما سيأتي في المسألة (.) 94
51
عن ملة عبد المطلب فلم يزل رسول ال صلى ال عليه وسلم يعرضها عليه ويعيد [ ان ] 76له
تلك المقالة ،حتى قال أبو طالب آخر ماكلهم :هو على ملة عبد المطلب وأبي أن يقول:ل إله
إل ال [ قال :لول أن تعيرني قريش -يقولون :إن ما حمله على ذلك الجزع -لقررت بها
عينك ! ( فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم :أما وال لستغفرن لك ما لم أنه عنك ( فأخذ
المسلمون يستغفرون لموتاهم الذين ماتوا وهم مشركون ،فأنزل ال عز وجل { :ماكان للنبي
والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب
الجحيم } ،وأنزل ال في أبي طالب " فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم {:إنك ل تهدي من
أحببت ولكن ال يهدي من يشاء ،وهو أعلم بالمهتدين } !! أخرجه البخاري (،8/274 -7/154-3/173
) 411 ، 410ومسلم والنسائي ( )286 /1وأحمد ( )433 /5وابن جرير في تفسيره ( )27 /11والسياق له وكذا مسلم ،
والزيادة الثانية له في بعض الصول كما ذكره الحافظ عن القرطبي ويشهد لها رواية البخاري وغيره بمعناها .
ووردت القصة من حديث أبي هريرة باختصار عند مسلم والترمذي ( ) 159 / 4وحسنه ،وعندهما الزيادة الثالثة ،والحاكم (
335 / 2و ) 336وصححه ووافقه الذي ،وله الزيادة الولى ،وهي عند ابن جرير أيضا من حديث سعيد بن المسيب
مرسل ،ولكنه في حكم الموصول .لنه هو الذي روى الحديث عن المسيب ابن حزن وهو والده .
ووردت أيضا من حديث جابر .
أخرجه الحاكم أيضا وصححه ووافقه الذهبي .وفيه الزيادة الرابعة وهي عند ابن جرير مرسل عن مجاهد وعن عمرو بن دينار.
وعن علي رضى ال عنه قال :
" سمعت رجل يستغفر لبويه وهما مشركان ،فقلت :تستغتر لبوبك وهما مشركان !؟ تج فقال:
[ أليس قد استغفر إبراهيم وهو مشرك ؟ قال :فذكرت ذلك للنبي صلى ال عليه وسلم !؟ فنزلت:
{ ماكان للة والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم
أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم 77لبيه إل عن موعدة وعدها إياه " فلما تبين له أنه
عدو ل تبرأ منه " إن إبراهيم لواه حليم } أخرجه النسائي ( )11/28والترمذي ( )4/120وحسنه ابن جرير (
،)11/28والحاكم ()2/335وأحمد ( )771،1085والسياق له وإسناده حسن " وقال الحاكم "صحيح السناد" .ووافقه الذهبي.78
قال النووي رحمه ال تعالى في " المجموع " (: )5/144،258
"الصلة على الكافر،والدعاء له بالمغفرة حرام،بنص القرآن والجماع".79
-61وتجب الجماعة في صلة الجنارة كما يجب في الصلوات المكتوبة ،بدليل في :
الول :مداومة النبي صلى ال عليه وسلم عليها .
الخر :قوله صلى ال عليه وسلم " :صلوا كما رأيتموتي أصلي " .أخرجه البخاري .
ول يعكر على ما ذكرنا صلة الصحابة على النبي صلى ال عليه وسلم فرادى لم يؤمهم أحد ،
لنها قضية خاصة ،ل يدرى وجهها ،فل يجوز من أجلها أن نترك ما واضب عليه صلى ال
عليه وسلم طيلة حياته المباركة،ل سيما والقضية المذكورة لم ترد بإسناد صحيح تقوم به الحجة،
52
وإن كانت رويت من طرق يقوي بعضها80فإن أمكن الجمع بينها وبين ما ذكرنا من هديه صلى
ال عليه وسلم في التجميع في الجنازة فبها ،وإل فهديه هو المقدم " لنه أثبت وأهدى .
81
فإن صلوا عليها فرادى سقط الفرض،وأثموا بترك الجماعة،وال أعلم
- 62وأقل ما ورد في انعقاد الجماعة فيها ثلثة ،ففي حديث عبد ال بن أبي طلحة " :أن
طلحة دعا رسول ال صلى ال عليه وسلم إلى عمير بن أبي طلحة حين توفي فأتاه رسول ال
صلى ال عليه وسلم فصلى عليه في منزلهم ،فتقدم رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وكان أبو
طلحة وراء وأم سليم وراء أبي طلحة ،ولم يكن معهم غيرهم " .أخرجه الحاكم ( )1/365وعنه البيهقي (
)4/30:31وقال الحاكم " :هذا صحيح على شرط الشيخين ،وسنة غريبة في إباحة صلة النساء على الجنائز" ووافقه الذهبي .
وأقول :إنما هو على شرط مسلم وحده لن فيه عمارة بن غزية .ولم يخرج له البخاري إل
تعليقا .والحديث قال الهيثمي في " المجمع " ( " ،:)3/34رواه الطبراني في " الكبير " ورجاله رجال الصحيح " .وله شاهد
من حديث أنس بمعناه .أخرجه المام أحمد (. )217 /2
-63وكلما كثر الجمع كان أفضل للميت وأنفع لقوله صلى ال عليه وسلم " :مامن ميت تصلي
عليه أمة من المسلمين في يبلغون مائة كلهم يشفعون له،إل شفعوا فيه ".وفي حديث آخر " :غفر
له " .أخرجه مسلم ( )3/53والنسائي ( )1/281،282والترمذي وصححه ( )2/143،144والبيهقي ( )4/30والطيالسي (
)1526وأحمد ( )6/32،40،97،231من حديث عائشة باللفظ الول .
ومسلم والنسائي والبيهقي وأحمد ( )3/266من حديث أنس ،وابن ماجه ( )1/453من حديث أبي هريرة باللفظ الخر ،وإسناده
صحيح على شرط الشيخين .
وقد يغفر للميت ولو كان العدد أقل من مائة إذا كانوا مسلمين لم يخالط توحيدهم شئ من الشرك
لقوله " :مامن رجل مسلم يموت ،فيقوم على جنازته أربعون رجل ،ل يشركون بال شيئا إل
شفعهم ال فيه ".أخرجه مسلم وأبو داود ( )2/64وابن ماجه والبيهقي وأحمد ( )2509من حديث ابن عباس .ورواه
النسائي وأحمد ( )6/331،334من حديث ميمونة زوج النبي مختصرا وسنده حسن .
-64ويستحب أن يصفوا وراء المام ثلثة صفوف82فصاعدا لحديثين رويا في ذلك :
الول :عن أبي أمامة قال " :صلى رسول ال صلى ال عليه وسلم على جنازة ومعه سبعة نفر
فجعل ثلثة صفا،واثنين صفا واثنين صفا " .رواه الطبراني في" الكبير " ،قال الهيثمي في "
المجمع " ( " )3/432وفيه ابن لهيعة " وفيه كلم " .قلت :وذلك من قبل حفظه لتهمة له في
نفسه ،فحديثه في الشواهد ل بأس به،ولذلك أوردته مستشهدا به على الحديث التي ،وهو :
الثاني :عن مالك بن هبيرة قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :مامن مسلم يموت
فيصلي عليه ثلثة صفوف من المسامير إل أوجب ( وفي لفظ :إل غفر له ) " .قال ( :يعني
مرثد بن عبد ال اليزني) ":فكان مالك إذا استتارره ،أهل الجنازة جزأهم ثلثة صفوف للحديث "
.أخرجه أبو داود ( )2/63والسياق له "والترمذي ( )2/143وابن ماجه ( )1/454والحاكم ( )362،363 /1والبيهقي ()4/30
وأحمد ( )4/79واللفظ الخر له وكذا في رواية للبيهقي والحاكم وقال ":صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي!وقال الترمذي
وتبعه النووي في " المجموع " ( " : )5/212حديث حسن " وأقره إلحافظ في " الفتح " (،)3/145وفيه عندهم جميعا محمد بن
اسحاق وهو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث ولكنه هنا قد عنعن .فل أدري وجه تحسينهم للحديث فكيف التصحيح ! ؟
80أخرح البيهقي في سننه ( ) 30 / 4منها حديثين ،وأحدهما عن أبن ماجه ( ، ) 500 ، 498 / 1وروى أحمد ( ) 81 / 5حديثا ثالثا وسكت عليه الحافظ في
" التلخيص " ( ، ) 187 / 5ورجاله ثقات رجال مسلم غير أبي عسيم ،قال البغوي " :ل أدري له صحبة أم ل " ،وفي الباب أحاديث إخرى ،أخرجها
الحاظ في الباب المذكور ثم قال " :قال ابن دحية :الصحيح أن المسلمين صلوا عليه أفرادا ،ل يؤمهم أحد ،وبه جزم الشافعي ،قال :وذلك لعظم رسول ال
صلى ال عليه وسلم -بأبي هو وأمي -وتنافسهم في أن ل يتولى المامة في الصلة عليه واحد وال أعلم .
81وقال النووي في " المجموع " ( " : ) 314 /5تجوز صلة الجنازة فرادى بل خلف والسنة أن تصل جماعة للحاديث المشهورة في الصحيح في ذلك مع
إجماع المسلمين "
82قال الشوكاني ( " : ) 47 - 4وأقل ما يسمى صفا رجلن ،ولحد لكثره "
53
-65وإذا لم يوجد مع المام غير رجل واحد ،فإنه ل يقف حذاءه كما هو النسة في سائر
الصلوات بل يقف خلف المام،للحديث المتقدم في المسأله ( ، )33وفيه " :فتقدم رسول ال صلى
ال عليه وسلم وكان أبو طلحة وراءه وأم سليم وراء أبي طلحة ولم يكن معهم غيرهم " .
- 66والوالي أو نائبة احق بالمامة فيها من الولي لحديث أبي حازم قال ":إني الشاهد يوم
مات الحسن بن علي.فرأيت الحسين بن علي يقول إني لسعيد بن العاص-يطعن في عنقه ويقول
83
-:تقدم فلول أنها سنة ما قدمتك "( وسعيد أمير على المدينة يومئذ ) وكان بينهم شئ ".أخرجه
الحاكم( )3/171والبيهقي ( )4/28وزاد في آخره " :فقال أبو هريرة أتنفسون على ابن نبيكم بتربة تدفنونه فيها وقد سمعت رسول
ال يقول :من أحبهما فقد أحبني ،ومن أبغضهما فقد أبغضني . ،وأخرجه أحمد أيضا ( )531 /2بهذه الزيادة ،ولكنه لم يسق
قصة تقديم سعيد للصلة ،وإنما أشار إليها بقوله " :فذكر القصة " .ثم قال الحاكم " :صحيح السناد ".ووافقه الذهبي .
والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " ( )3/31بتمامه مع الزيادة ثم قال" :رواه الطبراني في(الكبير)والبزار ورجاله موثقون" .
وعزاه الحافظ في " التلخيص " ( )5/275إليهما مقرونا مع البيهقي وقال ؟ " فيه سالم بن أبي حفصة ضعيف ،لكن رواه النسائي
وابي ماجه من وجه آخر عن أبي حازم بنحوه ،وقال ابن المنذر في " الوسط " .ليس في الباب أعلى منه ،لن جنازة الحسن
84
حضرها جماعة كثيرة من الصحابة وغيرهم " .قلت :هذا كلم الحافظ وفي بعضه نظر ثراه في الحاشية .
- 67فإن لم يحضر الوالي أو نائبه ،فالحوط بالمامة أقررهم لكتاب ال ،ثم على الترتيب
الذي ورد ذكره في قوله صلى ال عليه وسلم " :يؤم القوم أقرؤهم لكتاب ال " فإن كانوا في
القراءة سواء ،فأعلمهم بالسنة :فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم سلما فإن كانوا في الهجرة
سواء سواء فأقدمهم سلما ل يؤمن الرجل في سلطانه ،ول يقعد في بيته على تكرمته إل بإذنه ".
أخرجه مسلم ( )2/133وغيره من أصحاب السنن والمسانيد من حديث أبي مسعود البدري النصاري ،وقد خرجه في " صحيح
أبي داود " (رقم . )594،598
ويؤمهم القرأ ولو كان غلما لم يبلغ الحلم لحديث عمرو بن سلمة " :أنهم ( يعني قومه ) وفدوا
على النبي صلى ال عليه وسلم ،فلما أرادوا أن ينصرفوا قالوا :يارسول ال من يؤمنا ؟ قال :
أكثركم جمعا للقرآن أو أخذا للقرآن ،فلم يكن أحد من القوم جمع ما جمعت ،فقدموني وأنا غلم
،وعلى شملة لي .قال:فما شهدت مجمعا من جرم إل كنت إمامهم ،وكنت أصلي على جنائزهم
إلى يومنا هذا ".أخرجه أبو داود والبيهقي بإسناد صحيح ،وأصله في البخاري ولكن ليس فيه موضع الشاهد ،وهو رواية
لبي داود ،وقد خرجته في " صحيح أبي داود " رقم (599و )602
83له رؤية ،قبض النبي .صلى ال عليه وسلم وله تسع سنين ،وكان حليما وقورا ،ومن أشراف قريش وهو أحد الذين كتبوا المصحف لعثمان ،وكان
استعمله على الكوفة ،وغزا بالناس طبرستان وأستعمله معاوية على المدينة ،مات في قصره بالعرصة على ثلثة أميال من المدينة سنة ( ، ) 58ودفن بالبقيع
.
84وذلك من وجهين :الول :إطلقه الضعف على ابن أبي حفصة ينافي ماقاله في ترجمته من " التقريب " " :صدوق ،إل أنه شيعي غال " .قلت :فإذا كان
صدوقا فحديثه حسن على أقل الدرجات ،ول يضره أنه شيعي كما تقرر في علم المصطلح ويقوي حديثه هذا أن البيهقي أخرجه في رواية له من طريق
اسماعيل بن رجاء الزبيدي قال :أخبرني من شهد الحسين بن علي حين مات . . .فذكر الحديث باختصار ،وفي قول الحسين لسعيد " :تقدم فلول أنها سنة ما
قدمتك " .واسماعيل هذا ثقة ،وقد تابع ابن أبي حفضة ،فهي متابعة قوية ،وإن لم يسم فيها من شاهد القصة .فقد سماه سالم كما رأيت وغيره أيضا كما يشير
إلى ذك قول الحافظ " لكن رواه النسائي وابن ماجه " . . .لكن فيه ما يأتي وهو :الثاني :أنني لم أقف على الحديث في " الجنائز " سنن النسائي وابن ماجه ،
ولم يورده النابلسي في " الذخائر " في مسند الحسين ول في منسد .أبي حازم .وال أعلم .
وقد أورد ابن حزم في " المحلى " ( ) 441 / 5هذه القصة بصيغة الجزم يضعفها مع أنه لم يأخذ بمادنت عليه من الحكم فقال ؟ " قلنا :لم ندع لكم إجماعا
فتعارضونا بهذا ،ولكن إذا تنازع المة وجب الرد إلى القرآن والسنة ،وفي القرآن والسنة ما أوردنا " .قلت :وكأن ابن حزم رحمه ال ل يرى أن قول
الصحابي " السنة كذا " في حكم المرفوع ،وهذا خلف المتقرر في الصولين أن ذك في حكم المرفوع ،وهو الصواب إن شاء ال .وسيأتي .زيادة بيان لهذا
في المسألة ( . ) 73وأما ما أشار إليه ابن حزم من القرآن والسنة " فيعني قوله تعالى ( وأولوا الرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب ال ) ،وقوله صلى ال
عليه وسلم في الحديث التي في المسألة التالية " ول يؤمن الرجل في أهله " كما في رواية به إبن حزم على أن الحق بالصلة على الميت الولياء ،ول يخفى
أنه استدلل بالعموم ،ودلينا وهو حديث الحسين رضي ال عنه خاص ،وهو مقدم كما هو مقرر في الصول ،ولذلك ذهب إلى ما ذكرنا جمهور العلماء كأبي
حنيفة ومالك وأحمد وأسحاق وابن المنذر والشافعي في قوله القديم كما في " المجموع " ( . ) 217 / 5ثم أستدركت فقلت :إن الحديث ل عموم له فيما نحن
فيه ،لن معناه :ل يصلين أحد إماما بصاحب البيت في بيته ،وهذا بين من مجموع روايات الحديث ،ففي رواية لمسلم " :ول يؤمن الرجل في أهله " وفي
أخرى له " ول تؤمن الرجل في أهله ول في سلطانه " فهذا حجة على أبن حزم لن الظاهر أيضا أن المراد به السلطان الذي إليه ولية أمور الناس .والظاهر
أيضا أنه مقدم على غيره ولو كان أكثر منه قرآنا .انظر الشوكاني ( . ) 134 / 3
54
-68إذا اجتمعت جنائز عديدة من الرجال والنساء ،صلي عليها صلة واحدة ،وجعلت الذكور
-ولو كانوا صغارا -مما يلي المام ،وجنائز الناث مما يلي القبلة ،وفي ذلك أحاديث :
الول :عن نافع عن ابن عمر " :أنه صلى 85على تسع جنائز جميعا ،فجعل الرجال يلون
المام والنساء يلين القبلة ،فصفهن صفا واحدا ووضعت جنازة أم كلثوم بنت علي امرأة عمر
بن الخطاب وابن لها يقال له :زيد،وضعا جميعا،والمام يومئذ سعيد بن العاص،وفي :الناس
ابن عباس وأبو هريرة وأبو سعيد وأبو قتادة ،فوضع الغلم مما يلي المام " فقال رجل :
فأنكرت ذلك ،فنظرت إلى ابن عباس وأبي هريرة وأبي سعيد وأبي قتادة ،فقلت :ماهذا قالوا :
هي السنة " .أخرجه النسائي ( )1/280وابن الجارود في " المنتقى "( )267،268والدارقطني ( )194والبيهقي (.)4/33
قل :وإسناد النسائي وابن الجارود صحيح على شرط الشيخين،واقتصر الحافظ في " التلخيص" ( )5/276عاى عزوه لبن
الجارود وحده وقال ( :وإسناده صحيح ) .وأما النووي فقال ( " : ) 224 / 5رواه البيهقي بإسناد حسن " !
الثاني :عن عمار مولى الحارث بن نوفل "أنه شهد جنازة أم كلثوم وابنها ،فجعل الغلم مما يلى
المام [ ووضعت المرأة وراءه،فصلى عليها] ،فانكرت ذلك ،وفي القوم ابن عباس وأبو سعيد
الخدري وأبو قتادة وأبو هريرة [،فسألتهم عن ذلك ]،فقالوا ،هذه السنة ".أخرجه أبو داود ()2/66
والسياق له ،ومن طريقه البيهقي ( )4/33والنسائي ( )1/280والزيادتان له وإسناده صحيح على شرط مسلم ،وقال النووي (
" : )5/224وإسناده صحيح ،وعمار هذا تابعي مولى لبني هاشم ،واتفقوا على توثيقه " .وقال البيهقي :
" ورواه حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار دون كيفية الوضع بنحوه ،وذكر أن المام كان ابن عمر .قال :وكان في القوم
الحسن والحسين وأبو هريرة ،ونحو من ثمانين من أصحاب محمد صلى ال عليه وسلم .ورواه الشعبي فذكر كيفية الوضع بنحوه
،وذكر أن المام كان ابن عمر ،ولم يذكر السؤال ،قال :وخلفه ابن الحنفية والحسين وابن عباس،وفي رواية :عبد ال بن جعفر)
- 69ويجوز أن يصلى على كل واحدة من الجنائز صلة ،لنه الصل ،ولن النبي صلى ال
عليه وسلم فعل ذلك في شهداء أحد ،وفي ذلك حديثان :
الول :عن عبد ال بن الزبير،وتقدم في المسألة ( ، )59الحديث ( )2ص 82
الثاني :عن ابن عباس قال ":لما وقف رسول ال صلى ال عليه وسلم على حمزة .أمر به فهيئ
إلى القبلة ،ثم كبر عليه تسعا ،ثم جمع إليه الشهداء ،كلما أتي بشهيد وضع إلى حمزة ،فصلى
عليه ،وعلى الشهداء معه حتى صلى عليه ،وعلى الشهداء اثنين وسبعين صلة " أخرجه الطبراني في
معجمه الكببر()3/107،108من طريق محمد بن اسحاق حدثني.محمد بن كعب القرظي والحكم بن عتيبة عن مقسم ومجاهد عنه
قلت :وهذا سند جيد ،رجاله كلهم ثقات .،وقد صرح فيه محمد بن اسحاق بالتحديث ،فزالت شبهة تدليسه .ويبدو أن المام
السهيلي والحافظ ابن حجر لم يقفا على هذا السناد ،فقد قال الحافظ في " التلخيص " (: )5/153،154
" وفي الباب أيضا حديث ابن عباس ،رواه ابن اسحاق قال :حدثني من ل أتهم عن مقسم
مولى ابن عباس عن ابن عباس ( ..قلت :فذكر الحديث نحوه إل أنه قال " :سبعا " بدل " تسعا
" ،ثم قال ) :قال السهيلي :إن كان الذي أبهمه ابن اسحاق هو الحسن بن عمارة ،فهو ضعيف
،وإل فمجهول لحجة فيه .انتهى .
قلت :والحامل للسهيلي على ذلك ،ما وقع في مقدمة " مسلم " عن شعبة أن الحسن ابن عمارة
حدثه عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس " أن النبي صلى ال عليه وسلم صلى على قتلى أحد "
فسألت الحكم ؟ فقال لم يصل عليهم " انتهى .لكن حديث ابن عباس روي من طرق أخرى " . .
.قلت :ثم ذكر بعضها ،وليس منها طريق الطبراني هذه ،وهي تدل على أن المبهم في تلك
الرواية ليس مجهول ول ضعيفا ،بل هو ثقة معروف ،وهو محمد بن كعب القرظي أو الحكم
85قلت :يعني إماما كما " يدل عليه السياق ،وصرح بذلك البيهقي في رواية له في الحديث التي بعده كما سنذكر هناك .ول يعارض هذا قوله فيما بعد " :
والمام يومئذ سعيد بن العاص " لن المراد أنه كان هو المير قال الحافظ " يحمل أن ابن عمر أم بهم حقيقة بإذن سعيد بن العاص ،ويحمل قوله " أن المام
كان سعيد بن العاص " يعني المير جمعا بين الروايتين .
55
بن عتيبة ،أو كلهما معا ،ول يخدع على هذا قول الحكم في رواية مسلم " لم يصل عليهم "
لجواز أن الحكم نسي " ماكان حدث به كما وقع مثله لغيره في غير ما حديث ،ولو سلمنا جدل
أن إنكار الحكم لحديثه يقدح في صحته عنه ،فل نسلم أن ذلك يقدح في صحة الحديث نفسه
86
مادام أنه رواه ثقة آخر هو القرظي ،وهذا واضع إن شاء ال تعالى .
- 70وفي الصلة على الجنازة في المسجد ،لحديث عائشة رضي ال عنها قالت " :لما توفي
سعد بن أبي وقاص أرسل أزواج النبي صلى ال عليه وسلم أن يمروا بجنازته في المسجد
فيصلين عليه ففعلوا ،فوقف به على حجرهن يصلين عليه ،أخرج به من باب الجنائز الذي كان
إلى المقاعد ،فبلغهن أن الناس عابوا ذلك ،وقالوا :هذه بدعة ، ،ما كانت الجنائز يدخل بها
إلى المسجد ! فبلغ ذلك عائشة ،فقالت :ما أسرع الناس إلى أن يعيشوا مال علم لهم به ،عابوا
علينا أن يمر بجنازة في المسجد [ ،وال ] ما صلى رسول ال صلى ال عليه وسلم على سهيل
بن بيضاء [ وأخيه ] إل في جوف المسجد " أخرجه مسلم ( )3/63من طريقين عنها وأصحاب السنن وغيرهم ،
وقد خرجته في " أحكام المساجد " من كتابي " الثمر المستطاب " والزيادات لمسلم إل الولى فهي للبيهقي (. )4/51
- 71لكن الفضل الصلة عليها خارج المسجد في مكان معد للصلة على الجنائز كما كان
المر على عهد النبي صلى ال عليه وسلم ،وهو الغالب على هديه فيها " وفي ذلك أحاديث :
الول :عن ابي عمر رضي ال عنه ".أن اليهود جاؤوا إلى النبي صلى ال عليه وسلم برجل
87
منهم .وإمرأة زنيا ،فأمر بهما فرجما ،قريبا من موضع الجنائز عند المسجد " أخرجه البخاري (3
" )/155وترجم له ،وللحديث الرابع التي بـ " باب الصلة على الجنائز بالمصلى والمسجد " .
الثاني :عن جابر قال " :مات رجل منا ،فغسلناه..ووضعناه لرسول ال صلى ال عليه وسلم
حيث توضع الجنائز عند مقام جبريل ،ثم آذنا رسول ال بالصلة عليه فجاء معنا..فصلى عليه"..
أخرجه الحاكم وغيره ،وتقدم بتمامه في المسألة ( )17الحديث الثالث من الفقرة ( ز ) ( ،ص )16وفي الباب عن بعض
أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم.وقال حديثه في المسألة( )59الحديث( )4من ( الساد س)(،ص .)89
الثالث :عن محمد بن عبد ال بن جحش ،قال " :كنا جلوس بفناء المسجد حيث توضع الجنائز
ورسول ال صلى ال عليه وسلم جالس بين ظهرانينا فرفع رسول ال صلى ال عليه وسلم
بصره إلى السماء "..أخرجه أحمد ( )5/289والحاكم ( )2/24وقال " :صحيح السناد " .ووافقه الذهبي في " تلخيصه "
وأقره المنذري في " ترغيبه " ( ، )3/34وفيه أبو كثير مولى محمد بن جحش ،أورده ابن أبي حاتم ( )4/2/429,430ولم يذكر
فيه جرحا ول تعديل ،وكذلك قال الهيثمي في " المجمع " ( " : )4/127مستور " ولم يورده ابن حبان في " الثقات " ومع ذلك فقد
قال فيه الحافظ في " التقريب " " ثقة " ! وذكر في " التهذيب " انه روى عنه جماعة من الثقات وأنه ولد في حياة النبي صلى ال
عليه وسلم فمثله " ،حسن الحديث إن شاء ال تعالى ،لسيما في الشواهد .
الرابع :عن أبي هريرة رضي ال عنه " :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم نعى النجاشي في
اليوم الذي مات فيه ،خرج إلى المصلى ،فصف بهم وكبر أربعا "..أخرجه الشيخان وغيرهما
بألفاظ وزيادات كثيرة وقد تقدم .ذكرها مجموعة في سياق وأحد مع زيادات أخرى في
أحاديث ،جماعة آخرين من الصحابة ،وقد بينت ذلك في المسألة ( )59الحديث السابع ( ،ص
)90-89
86قال النووي في " المجموع " ( . ) 225 - 5واتفقوا على أن الفضل أن يفرد كل واحد بصلة ،إل صاحب " التتمة " فجزم بأن الفضل أن يصلي عليم
دفعة واحدة .لن فيه تعجيل الدفن وهو مأمور به .والمذب الول ،لنه أكثر عمل ،وأرجى للقبول وليس هو تأخيرا كثيرا " وال أعلم .
87قال الحافظ في الفتح " : ،إن مصلى الجنائز كان لصقا بمسجد النبي صلى ال عليه وسلم من ناحية المشرق " .وقال في موضع آخر ( " ) 108 - 12
والمصلى المكان الذي كان يصلى عنده العيد والجنائز وهو من ناحية بقيع الغرقد "
56
والحديث ترجم له البخاري بما دل عليه من الصلة في المصلى كما سبق ذكره في الحديث
الول. 88
- 73ول تجوز الصلة عليها بين القبور ،لحديث أنس بن مالك رضي ال عنه " .أن النبي
صلى ال عليه وسلم نهى أن يصلى على الجنائز بين القبور ".أخرجه العرابي في " معجمه " (ق )235/1
والطبراني في " المعجم الوسط " ( )1/80/2ومن طريقه الضياء المقدسي في " الحاديث المختارة " ( -79/2مسند أنس) وقال
الهيثمي في " المجمع " ( " : )3/36وإسناده حسن " .
قلت :وله طريق أخرى عن أنس ،عند الضياء يتقوى الحديث بها .وروى أبو بكر ابن أبي شيبة في " المصنف " ()2/185
وأبو بكر بن الثرم كما في " الفتح الباري " للحافظ ابن رجب الحنبلي ( -65/81/1الكواكب )
عن أنس " :كان يكره أن يبنى مسجدا بين القبور " . .ورجاله ثقات رجال الشيخين ويشهد
للحديث ما تواتر عن النبي صلى ال عليه وسلم من النهي عن اتخاذ القبور مساجد ،وقد ذكرت
ما ورد في ذلك في أول كتابي " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " وسأذكر بعضها في
المسألة ( 128فقرة ) 9
- 74ويقف المام وراء رأس الرجل ،ووسط المرأة ،وفيه حديثان :
الول :عن أبي غالب الخياط قال " :شهدت أنس بن مالك صلى على جنازة رجل ،فقام عند
رأسه ( ،وفي روواية :رأس السريز ) فلما رفع ،أتى بجنازة امرأة من قريش أو من
النصار ،فقيل له :با أبا حمزة هذه جنازة فلنة ابنة فلن فصل عليها ،فصلى عليها،فقام
89
وسطها(،وفي رواية :عند عجيزتها ،وعليها نعش أخضر ) وفينا العلء بن زياد العدوي ،فلما
رأى اختلف قيامه على الرجل والمرأة قال :يا أبا حمزة هكذا كان رسول ال صلى ال عليه
وسلم يقوم حيث قمت ،ومن المرأة حيث قمت قال :نعم ،قال :فالتفت إلينا العلء فقال:احفظوا
) أخرجه أبو داود ( )2/66،67والترمذي ( )2/146وحسنه .وابن ماجه والطحاوي ( )1/283والبيهقي ( )4/32والطيالسي (رقم
)2149وأحمد ( )3/118،204والسياق له ،أخرجوه كلهم من طريق همام بن يحيى عن أبي غالب ،غير أبي داود ،فأخرجه
من طريق عبد الوارث -وهو ابن سعيد -عنه ،وكذا أخرجه الطحاوي في رواية له مختصرا .
وإسناده من الطريقين صحيح ،رجالهما رجال الصحيحين غير .أبي طالب وهو ثقة كما في " التقريب "للحافظ ابن حجر،فالعجب
منه كيف ذكر في شرح الحديث التي عن سمرة من"الفتح " ()3/157أن البخاري أشار إلى تضعيف هذا الحديث،ثم سكت على
ذلك ولم يتعقبه بشئ !
90
والرواية الثانية للطيالسي والبيهقي من طريق أحمد .والرواية الثالثة لبي داود،وهي عند المذكورين بنحوها دون لفظ "أخضر"
88قلت :ومن الغرائب موقف الحافظ البيهقي من هذه السنة أعني الصلة على الجنازة في المصلى ،فإنه لم يعقد لها في كتابه الكبير " السنن الكبرى " بابا
خاصا مع كثرة الحاديث الواردة فيه كما رأيت ،مع انه عقد بابا مفردا للصلة عليها في المسجد مع أنه ليس في ال حديث عائشة ،ثم جرى عل سننه بعض
الشافعية في مختصراتهم فأغفلوا الصلة عليها في المصلى ،كالنووي رحمه ال في " منهاج الطالبين " ( ق ) 2 - 34فقال " :وتجوز الصلة عليه في
المسجد " ،ولو أنه أضاف إلى ذك نحو قوله " وتسن الصلة عليها في المصلى " لصاب ،وقد عكس ذلك الباجوري في حاشية على ابن القاسم فقال - 1 ( :
" : ) 424ويسن أن تكون الصلة عليه بمسجد " ! ثم لم يذكر الصلة عليها في المصلى ! ! والحق ما ذكرنا من السنية مع القول بجواز الصلة عليها في
المسجد لحديث عائشة وحمله على أنه لمر عارض بعيد ،لنه لو كان كذلك لما خفي على السيدة عائشة ومن ممها من أمهات المؤمنين ،ولما طلبن إدخال
الجنازة إلى المسجد دون عذر .وهذا بين إن شاء ال تعالى .
89كتبه أبو نصر .وهو من ثقات التابعين ،وكان من عباد أهل البصرة وقرائهم مات سنة أربع وتسعين
90قلت :وعند أبي داود زيادة أخرى ل بد من ذكرها وبيان حالها وهي " :قال أبو غالب :فسألت عن صنيع في قيامه على المرأة عند عجيزتها .فحدثوني أنه
إنما كان لنه لم تكن النعوش ،فكان يقوم المام حيال عجيزتها يسترها من القوم " .فهذا للتعليل مردود من وجوه :الول :أنه صادر من مجهول ،وما كان
كذلك فل قيمة له .الثاني :أنه خلف ما فعله راوي الحديث نفسه وهو أنس رضي ال عنه ،فإنه وقف وسطها مع كونها في النعش ،ودل ذلك على بطلن ذلك
التعليل .ويؤيده الوجه التي وهو :الثالث :أنه خلف ما فهمه الحاضرون لصلة أنس ،ومنهم العلء بن زياد العدوي ،فإنه لما استفهم من أنس هذه السنة
التفت إلى أصحابه وقال لهم " :احفطوا " فلو كانت معللة بتلك العلة التي تعود السنة بالبطال لما اهتم العلء بها هذا الهتمام البالغ -وأمر أصحابه بحفظها ،
وهذا ظاهر والحمد ل .ولذك لم يلتفت جمهور العلماء إلى هذا التأويل ،فذهبوا إلى ما دل عليه الحديث من الوقوف عند رأس الرجل ،ووسط المرأة .ومنهم
المام الشافعي وأحمد وأسحاق كما في " المجموع " ( ) 225 / 5قال الشوكاني ( " : ) 57 - 4وهو الحق " .قلت :واختاره بعض الحنفية ،بل هو قول
لبى حنيفة نفسه كما في " الهداية " ( ) 462 / 1وأبي يوسف أيضا كما في " شرح المعاني " ( ) 284 / 1للمام الطحاوي ورجحه على قولهما الخر وهو
" يقوم من الرجل والمرأة بحذاء
الصدر " ! وهو قول المام محمد أيضا وعليه الحنفية ،واحتج لهم في " الهداية " بقوله " لنه موضع القلب ،وفيه نور اليمان ،فيكون القيام عنده إشارة إلى
الشفاعة ليمانه " ثم ذكر قول أبي حنيفة الول وأنه احتج بقول أنس " هو السنة " فأجاب عنه صاحب " الهداية " بقوله " :قلنا تأويله :إن جنازتها لم تكن
منعوشة فحال بينها وبينهم " .قلت :قد عرفت مما سبق بطلن هذا التأويل ،ثم لو سلم لهم " فما هي حجتهم في مخالفتهم الحديث في شطره الول وهو
57
الثاني :عن سمرة بن جندب قال " :صليت خلف النبي صلى ال عليه وسلم ،وصلى على أم
كعب ماتت وهي نفساء ،فقام رسول ال صلى ال عليه وسلم للصلة عليها وسطها".أخرجه البخاري
( )157-6/153ومسلم ( )3/60والسياق له وأبو داود ( )2/67والنسائي ( )280 /1والترمذي ( )2/147وصححه،وابن ماجه (
)1/455وابن الجارود ( )267والطحاوي ( )1/280والبيهقي ( )4/34والطيالسي ( )902وأحمد ( )5/1914والحديث واضح
الدللة على السنة أن يقف المام حذاء وسط المرأة وهو بمعنى حديث أنس " :عند عجيزتها ".بل هذا مما يزيده وضوحا فإنه
أصرح في الدللة على المراد من حديث سمرة .
- 75ويكبر عليها اربعا أو خمسا ،إلى تسع تكبيرات ،كل ذلك ثبت عن النبي صلى ال عليه
وسلم فأيها فعل أجزأه ،والولى التنويع ،فيفعل هذا تارة ،وهذا تارة ،كما هو الشأن في أمثاله
مثل أدعية الستفتاح وصيغ التشهد والصلوات البراهيمية ونحوها ،وإن كان لبد من التزام
نوع واحد منها فهو الربع لن الحاديث فهيا أكثر ،وإليك بيان ذلك :
أ-أما الربع ففيها أحاديث عن جماعة من الصحابة
الول :عن أبي هريرة ،وقد مضى حديثه في المسألة (( )59السابع) في الصلة على النجاشي
وأنه صلى ال عليه وسلم كبر عليه أربعا(ص )89
الثاني :عن ابن عباس،ومضى في المسألة المشار إليها في حديث الصلة على الرجل الذي دفن
ليل .في (السادس) ،الحديث () 87 ( ) -1
الثالث :عن يزيد بن ثابت في صلته صلى ال عليه وسلم على مولة لبني فلن في قبرها وهو
في المكان المشار إليه بعد حديث ابن عباس بحديث.
الرابع :عن بعض أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم في صلته صلى ال عليه وسلم على
المرأة المسكينة في قبرها ،وحديثها مذكور عقب حديث يزيد بن ثابت المشار إليه آنفا .
الخامس :عن أبي أمامة 91رضي ال عنه قال " :السنة في الصلة على الجنازة أن يقرأ في
التكبيرة الولى بأم القرآن مخافتة ،ثم يكبر ثلثا ،والتسليم عند الخرة ".أخرجه النسائي ()1،281
وعنه ابن حزم ( )5/129بإسناد صحيح كما قال الحافظ في " الفتح " ،وسبقه النووي في " المجموع " ()5/33
وزاد " :علي شرط الشيخين " .وأخرجه الطحاوي ى ( )1/288بنحوه وزاد في آخر الحديث :
قال الزهري :فذكرت الذي أخبرني أبو أمامة من ذلك لمحمد بن سويد الفهري ،فقال :وأنا سمعت الضحاك
بن قيس يحدث عن حبيب بن مسلمة 92في الصلة على الجنازة مثل الذي حدثك أبو أمامة " .وإسنادها صحيح
أيضا،وهي عند النسائي ،ولكن لم يجاوز بها الضحاك بن قيس ،وكذلك رواه الشافعي بزيادة في متنه كما
يأتي في المسإلة ( )79ص (. )121،122
السادس :عن عبد ال بن أبي أوفى قال " إن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان يكبر أربعا " أخرجه
البيهقي ( ) 35 / 4بسند صحيح في أثناء حديث يأتي بتمامه في المسألة
ب -وأما الخمس فلحديث عبد الرحمن بن أبي ليلى قال ":كان زيد بن أرقم يكبر على جنائزنا
أربعا ،وإنه كبر على جنازة خمسا ،فسألته فقال :كان رسول ال صلى ال عليه وسلم
يكبرها ( ،فل أتركها ( لحد بعده ) أبدا ) "أخرجه مسلم( )3/56وأبو داود( )2/67،68والنسائي( )1/281والترمذي
( )2/140وابن ماجه ()1/458والطحاوي ( )1/285والبيهقي ()4/36والطيالسي ()674وأحمد ( )4/367،368،372عنه .
الوقوف حذاء رأس الرجل ،فقالوا هم :بل يقف حذاءه وليت شعري ما الذي يحملهم على الجهر بمخالفة السنة بمثل هذه التعليلت الباطلة وقولهم " :لنه
موضع القلب . .ائتهم قالوا بها في قول لهم ،أفل اخذوا به كما فعل الطحاوي رحمه ال فيكونون اصابوا السنة واخذوا بقول الئمة في آن واحد ومع هذه
المخالفة الصريحة لهذه السنة وغيرها مما ياتي التشبيه عليه ينسبون من يتمهم بانهم يقدمون الرأي على السنة إلى التعصب عليهم .
91ليس هو أبو أمامة الباهلي ،الصحابي المشهور ،بل هذا آخر معروف بكنيته أيضا واسمه أسعد وقيل سعد بن سعد بن حنيف النصاري معدود في
الصحابة ،له رؤية ولم يسمع من النبي صلى ال عليه وسلم ،فالحديث من مراسيل الصحابة ،وهي حجة .
92هو حبيب بن مسلمة بن مالك الفهري المكي ،وكان يسمى حبيب الروم لكثرة دخوله عليهم مجاهدا
مختلف في صحبته ،قال الحافظ " والراجح ثبوتها لكنه كان صغيرا "
58
ثم أخرجه الطحاوي والدار قطني ( )191،192وأحمد ( )370: 4من طرق أخرى عنه به نحوه ،والزيادة لهم والتي فيها للدار
قطني ،وقال الترمذي " :حديث حسن صحيح ،وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا من أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم
وغيرهم ،رأوا التكبير على الجنازة خمسا ،وقال أحمد واسحاق:إذا كبر المام على الجنازة خمسا فإنه يتبع المام " .
ج -وأما لست والسبع ،ففيها بعض الثار الموقوفة ،ولكنها في حكم الحاديث المرفوعة ،
لن بعض كبار الصحابة أتى بها على مشهد من الصحابة دون أن يعترض عليه أحد منهم .
الول :عن عبد ال بن معقل " :أن علي بن أبي طالب صلى على سهل بن حنيف ،فكبر عليه
ستا ،ثم التفت إلينا ،فقال:إنه بدري "،قال الشعبي " :وقدم علقمة من الشام فقال لبن مسعود :إن
اخوانك بالشام يكبرون على جنائز هم خمسا ،فلو وقتم لنا وقتا نتابعكم عليه ،93فأطرق عبد ال
ساعة ثم قال:انظروا جنائزكم فكبروا علهيا ماكبر أئمتكم،ل وقت ول عدد " .أخرجه ابن حزم في "
المحلى " ( )5،126بهذا التمام ،وقال " :وهذا إسناد غاية في الصحة ".
قلت :وقد أخرج منه قصة علي رضي ال عنه أبو داود في مسائله عن المام أحمد (ص )152والطحاوي ( )1/287والحاكم
( )3/409والبيهقي ( )4/36وسندهم صحيح على شرط الشيخين ،وهي عند البخاري في " المغزلي " ( )7/253دون قوله "
ستا " ..وقصة ابن مسعود أخرجها الطحاوي والبيهقي ( )4/37نحوه .
الثاني :عن عبد خير قال " :كان علي رضي ال عنه يكبر على أهل بدر ستا ،وعلى أصحاب
النبي صلى ال عليه وسلم خمسا ،وعلى سائر الناس أربعا ".أخرجه الطحاوي والدار قطني ( )191ومن
طريقه البيهقي ( )4/37وسنده صحيح رجاله ثقات كلهم .
الثالث :عن موسى بن عبد ال بن يزيد " .أن عليا صلى على أبي قتادة فكبر عليه سبعا ،وكان
بدريا "أخرجه الطحاوي والبيقهي ( )4/36بسند صحيح على شرط مسلم -لكن أعله البيهقي بقوله " :إنه غلط ،لن أبا قتادة
رضي ال عنه بقي علي رضي ال عنه مدة طويلة ".ورده الحافظ في " التلخيص" ( )1665بقوله ":قلت :وهذه علة غير قادحة
،لنه قد قيل :إن أبا قتادة مات في خلفه علي ،وهذا هو الراجح وسبقه إلى هذا ابن التركماني في " الجوهر النقي " فراجعه.94
د -وأما التسع ،ففيه حديثان :
الول :عن عبد ال بن الزبير ":أن النبي صلى ال عليه وسلم صلى على حمزة فكبر عليه تسع
95
تكبيرات . " ..وقد مضى بتمامه وتخريجه في ( الثاني ) من المسألة ( () 59ص .) 82
الثاني :عن عبد ال بن عباس قال ":لما وقف رسول ال صلى ال عليه وسلم على حمزة ...أمر
به فهيى إلى القبلة ،ثم كبر عليه تسعا" ...وتقدم أيضا في المسألة ( ) 69الحديث الثاني(،ص . )104
- 76ويشرع له أن يرفع يديه في التكبيرة الولى ،وفيه حديثان :
93أي حددتهم لنا عددا مخصوصا ،كما يستفاد من " النهاية " وعليه فقوله في آخر الثر " ول عدد " تفسير وبيان لقوله " ل وقت " .
94قلت :فهذه آثار صحيحه عن الصحابة تدل على أن العمل بالخمس والست تكبيرات الستمر إلى ما بعد النبي صلى ال عليه وسلم خلفا لمن ادعى الجماع
على الربع فقط ،وقد حقق القول في بطلن هذه الدعوى ابن حزم في " المحل " ( . ) 125 - 124 / 5
95وهذا العدد هو أكثر ما وقفنا عليه في التكبير على الجنازة ،فيوقف عنده ول يزاد عليه ،وله أن ينقص منه إلى الربع وهو أقل ما ورد .قال ابن القيم في "
زاد المعاد " بعد أن ذكر بعض ما أوردناه من الثار والخبار " :وهذه آثار صحيحة ،فل موجب للمنع منها ،والنبي صلى ال عليه وسلم لم يمنع مما زاد
على الربع ،بل فعله هو وأصحابه من بعده " .قلت :وقد استدل المانعون من الزيادة على الربع بأمرين :
الول :الجماع ،وقد تقدم بيان خطأ ذلك .الثاني :ما جاء في بعض الحاديث " كان آخر ما كبر رسول ال صلى ال عليه وسلم على الجنازة أربعا " .
والجواب :أنه حديث ضعيف ،له طرق بعضا أشد ضعفا من بعض ،فل يصلح التمسك به لرد الثابت عنه صلى ال عليه وسلم بالسانيد الصحيحة المستفيضة
،قال الحافظ في " التلخيص " ( ) 167 / 5ومن قبله الحازمي في " العتبار " ( ص ) 95والبيهقي في " السنن " ( " : ) 3 / 74روى من غير وجه كلها
ضعيفة " .وأما ما جاء في " المجمع " ( " : ) 35 / 3وعن ابن عباس رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم صلى على قتلى أحد فكبر تسعا تسعا
،ثم سبعا سبعا ،ثم أربعا أربعا حتى لحق بال .رواه الطبراني في الكبير والوسط وإسناده حسن " .فهو مردود من وجهين :الول :أنه مخالف لقول الحافظ
ابن حجر ومن قبله من الئمة الذين صرحوا بأن طرق الحديث كلها ضعيفة الثاني :أن الحديث أخرجه الطبري في " المعجم الكبير ( ) 2 / 120 / 3وإسناده
هكذا :حدثنا أحمد بن القاسم الطائي بشر بن الوليد الكندي ثنا أبو يوسف القاضي حدثني نافع بن عمر قال سمعت عطاء بن أبي رباح عن يحدث ابن عباس به .
قلت :وهذا إسنداد ل يحسن مثله فإن فيه ثلث فيه ثلث علل :
الولى :أبو يوسف القاضي وهو يعقوب بن إبراهيم ضعفه ابن المبارك وغيره ووصفه القلس بأنه كثير الخطأ .الثانية :ضعف بشير بن الوليد الكندي ،فانه
كان قد خوف .الثالثة :المخالفة في سنده فقد أخرجه الطبراني ( ) 1 / 119 / 3والحازمي في العتبار " ( ) 95عن جماعة قالوا عن نافع أبي هرمز عن
عطاء عن ابن عباس به إلى أن قال " :أهل بدر " بدل " بدل " فتلى أحده ،وهكذا أورده الهيثمي وقال " :وفيه نافع أبو هرمز وهو ضعيف " .قلت :بل هو
ضعيف جدا ،كذبه ان بن معين ،وقال أبو حاتم " :متروك ،ذاهب الحديث " .قلت ،فهو آفة الحديث ،وهو الذي رواه عن عطاء ،وما وقع في الطريق
الول أنه نافع بن عمر -وهو ثقة -وهم من بعض رواته والراجح أنه الكندي الذي كان خرف كما عرفت .
59
الول :عن أبي هريرة " :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم كبر على جنازة فرفع يديه في
أول تكبيرة ،ووضع اليمنى على اليسري " .أخرجه الترمذي()2/165والدار قطني ( )192والبيهقي (.)284
وأبو الشيخ في " طبقات الصبهانيين" (ص )262بسند ضعيف ،لكن يشهد له الحديث التي وهو
الثاني :عن عبد ال بن عباس " أن رسول ال كان يرفع يديه على الجنازة في أول تكبيرة ،ثم
ل يعود " .أخرجه الدار قطني بسند رجاله ثقات غير الفضل بن السكن فإنه مجهول ،وسكت
عنه ابن التركماني في " الجوهر النقي " (! )4/44
ثم قال الترمذي عقب الحديث الول :هذا حديث غريب ،واختلف أهل العلم في هذا،فرأى أكثر
أهل العلم من أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم وغيرهم أن يرفع الرجل يديه في كل تكبيرة ،
وهو قول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق .وقال بعض أهل العلم :ل يرفع يديه إل في
أول مرة ،وهو قول الثوري وأهل الكوفة ،وذكر عن ابن المبارك أنه قال في الصلة على
الجنازة :ل يقبض بيمينه على شماله ،ورأي بعض أهل العلم أن يقبض على شماله كما يفعل
في الصلة ".وفي المجموع " للنووي (" :)5/232قال ابن المنذري في كتابه "الشراف والجماع ":
أجمعوا على أنه يرفع في أول تكبيرة ،واختلفوا في سائرها ".96
-77ثم يضع يده اليمني على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد ،ثم يشد بينهما على صدره ،
وفي ذلك أحاديث لبد أن أذكر بعضها :
الول :عن أبي هريرة مرفوعا في حديثه المتقدم آنفا .." :ووضع اليمني على اليسري " .وهو
وإن كان ضعيف السناد ،فإن معناه صحيح بشهادة الحاديث التية فإنها بإطلقها تشمل صلة
الجنازة كما تشمل كل ما سوى المكتوبات من الصلوات كالستسقاء والكسوف وغيرها .
الثاني :عن سهل بن سعد قال " :كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد على ذراعة اليسري
في الصلة " أخرجه مالك في " الموطأ " ( )1/174ومن طريقه البخار ()2/178والسياق له،وكذا المام محمد في " الموطأ "
( )156وأحمد ( )5/336والبيهقي ( . ) 28 / 2
الثالث :عن ابن عباس رضي ال عنه قال :سمعت نبي ال صلى ال عليه وسلم يقول " :إنا
معشر النبياء أمرنا بتعجيل فطرنا ،وتأخير سحورنا ،وأن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلة
" .أخرجه ابن حبان في " صحيحه " (-885موارد) والطبراني في " الكبير " وفي " الوسط "()1-1/10ومن طريقهما الضياء
المقدسي في " المختارة " ( . )1/174( . )63/10/2وله طريق أخرى عن ابن عباس .أخرجه الطبراني في " الكبير " والضياء
المقدسي بسند صحيح ،وله شواهد ذكركتها في تخريج كتابنا " صفة صلة النبي صلى ال عليه وسلم " .
الرابع :عن طاووس قال " :كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يضع اليمني على يده اليسري
،ثم يشد بهما على صدره وهو في الصلة " .أخرجه أبو داود ( )1/121بسند جيد عنه .وهو وإن كان
مرسل فهو حجة عند الجميع ،أما من يحتج منهم بالمرسل إطلقا فظاهر -وهم جمهور
العلماء ،وأما من ل يحتج به إل إذا روى موصول ،أو كان له شواهد ،فلن لهذا شاهدين :
96قلت :ولم نجد في السنة ما يدل على مشروعية الرفع في غير التكبيرة الولى ،فل نرى مشرعية ذلك ،وهو مذهب الحنفية وغيرهم ،واختاره الشوكاني
وغيره من المحققين ،وإليه ذهب ابن حزم فقال " : )128 /5( :وأما رفع اليدي فإنه لم يأت عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه رفع في شئ من تكبيرة الجنازة
إل في أول تكبيرة فقط ،فل يجوز فعل ذلك ،لنه عمل في الصلة لم يأت به نص ،وإنما جاء عنه عليه السلم أنه كبر ورفع يديه في كل خفض ،ورفع ،
وليس فيها رفع وخفض ،والعجب من قول أبي حنيفة برفع اليدي في كل تكبيرة في صلة الجنازة،ولم يأت قط عن النبي صلى ال عليه وسلم ،ومنعه من رفع
اليدي في كل خفض ورفع في سائر الصلوات ،وقد صح عن النبي صلى ال عليه وسلم " .قلت :وما عزاه إلى أبي حنيفة روى في كتب الشراح من
الحنفية ،فل تغير بما جاء في الحاشية على "نصب الراية ( )2/285من التعجب من هذا . .العزو وهو اختيار كثير من أئمة بلخ منهم كما في " المبسوط "
للسرخسي ( ، ) 64 / 2لكن العمل عند الحنفية على خلف ذلك ،وهو الذي جزم به السرخسي ،ولكنهم يرون رفع اليدي في تكبيرات الزوائد في صلة
العيدين مع أنها ل أصل لها أيضا عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ! وانظر " المحلى " ( . )83 / 5نعم روى البهقي ( )4/44بسند صحيح عن ابن عمر أنه
كان يرفع يديه على كل تكبيرة من تكبيرات الجنازة .فمن كان يظن أنه ل يفعل ذلك إل بتوقيف من النبي صلى ال عليه وسلم،فله أن يرفع،وقد ذكري
السرخسي عن ابن عمر خلف هذا،وذلك مما ل نعرف له أصل له أصل في كتب الحديث.
60
الول :عن وائل بن حجر،:أنه رأى النبي صلى ال عليه وسلم يضع يمينه على شماله ثم
وضعهما على صدره ".رواه ابن خزيمة في صحيحه كما في" نصب الراية "(،)1/314وأخرجه البيهقي في سننه()2/30
من طريقين عنه يقوي أحدهما الخر
الثاني :عن قبيصة بن هلب عن أبيه قال:رأيت النبي صلى ال عليه وسلم ينصرف عن يمينه
وعن يساره ،ورأيته -قال -يضع هذه على صدره ،وصف يحيى(هو ابن سعيد) اليمني على
اليسري فوق المفصل".أخرجه أحمد ( )5/226بسند رجاله ثقات رجال مسلم غير قبيصة هذا،وقد وثقه العجلي وابن حبان
،لكن لم يرو عنه،غير سماك بن حرب وقال ابن المديني والنسائي "مجهول "وفي" التقريب" أنه مقبول.
قلت :فمثله حديثه حسن في الشواهد ،ولذلك قال الترمذي بعد أن خرج له من هذا الحديث أخذ
الشمال باليمين :
" حديث حسن " .
فهذه ثلثة أحاديث في أن السنة الوضع على الصدر .ول يشك من وقف على مجموعها في أنها
صالحة للستدلل على ذلك.وأما الوضع تحت السرة فضعيف اتفاقا كما قال النووي والزيلعي
وغيرهما :وقد بينت ذلك في التخريج المشار إليه آنفا .
97
-78ثم يقرأ عقب التكبيرة الولى فاتحة الكتاب وسورة لحديث طلحة بن عبد ال بن عوف قال
:صليت خلف ابن عباس رضي ال عنه على جنازة ،فقرأ بفاتحة الكتاب ( وسورة ،وجهر
حتى أسمعنا ،فلما فرغ أخذت بيده ،فسألته ؟ فـ ) قال ( :إنما جهرت ) لتعلموا أنا سنة
( وحق ) " .أخرجه البخاري ( )3/158وأبو داود ( )2،68والنسائي ( )1/281والترمذي ( )2/142وابن الجارود في "
المنتفى " ( )264والدار قطني ( )191والحاكم (. )386-1/358
والسياق للبخاري ،والزيادة الولى للنسائي،وسندها صحيح ،ولبن الجارود منها ذكر السورة ،
ولهما الثالثة بالسند الصحيح ،وللحاكم الثانية من طريق أخرى عن ابن عباس بسند حسن .
وفي الباب عن جماعة من الصحابة ،يأتي حديث أحدهم في المسألة التي بعد هذه ثم قال الترمذي
عقب الحديث " :هذا حديث حسن صحيح ،والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب
النبي صلى ال عليه وسلم وغيرهم ،يختارون أن يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الولى ،وهو
قول الشافعي وأحمد وإسحاق ،وقال بعض أهل العلم :ل يقرأ في الصلة على الجنازة ،إنما هو
الثناء على ال:والصلة على نبيه صلى ال عليه وسلم ،والدعاء للميت ،وهو قول الثوري وغيره
97فيه إشارة إلى عدم مشروعية دعاء الستفتاح ،وهو مذهب الشافعية وغيرهم ،وقال أبو داود في المسائل " ( . ) 153سمعت أحمد سئل عن الرجل يستفتح
على الجنازة :سبحانك ! . . .قال :ما سمعت " .
61
من أهل الكوفة ".98ثم إن الزيادة الولى في الحديث قد رواها أبو يعلى ايضا في " مسنده " كما
في " المجموع " للنووي ( )5/234وقال " :إسناده صحيح ".وأقره الحافظ في " التلخيص "(.)5/165
واستدل النووي بهذه الزيادة على استحباب سورة قصيرة ،وليس في الحديث ما يدل على كونها
قصيرة ،فلعل الدليل على ذلك ما تقدم من طلب الستعجال بالجنازة إلى قبرها ،وال أعلم.
- 79ويقرأ سرا ،لحديث أبي أمامة بن سهل قال " :السنة في الصلة على الجنازة أن يقرأ
في التكبيرة الولى بأم القرآن مخافتة .ثم يكبر ثلثا ،والتسليم عند الخرة ".أخرجه النسائي وغيره
بسند صحيح كما تقدم في المسألة ( )74الحديث الخامس من الفقرة (أ) . )111( ،
-80ثم يكبر التكبيرة،ويصلي على النبي صلى ال عليه وسلم ،لحديث أبي أمامة المذكور أنه
أخبره رجل من أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم ":أن السنة في الصلة على الجنازة أن يكبر
المام ،ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الولى سرا في نفسه ،ثم يصلي على النبي صلى ال
عليه وسلم ،ويخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات ( الثلث )،ل يقرأ في شئ منهم ،ثم يسلم سرا
في نفسه (حين ينصرف (عن يمينه)،والسنة أن يفعل من وراءه مثلما فعل إمامه)".أخرجه الشافعي في"
الم ( )240-1/239ومن طريقه البيهقي()4/39وابن الجارود()265عن الزهري عن أبي أمامة وقال الزهري في آخره
" حدثني محمد الفهري عن الضحاك بن قيس أنه قال مثل قول أبي أمامة " .قال الشافعي رحمه
ال ":وأصحاب النبي صلى ال عليه وسلم ل يقولن بالسنة والحق إل لسنة رسول ال صلى ال
عليه وسلم إن شاء ال تعالى" .وأخرجه الحاكم ( )1/360وعنه البيهقي إل أنه قال ":أخبرني رجال من أصحاب النبي
صلى ال عليه وسلم " .والباقي نحوه ،وفيه الزيادتان .وزاد في إسناده الثاني " حبيب بن مسلمة " كما تقدم في رواية الطحاوي
في المسألة المشار إليه آنفا (. )74
ثم زاد الحاكم ":قال الزهري :حدثني بذلك أبو أمامة وابن المسيب يسمع فلم ينكر ذلك عليه "
وقال " :صحيح على شرط الشيخين "ووافقه الذهبي وهو كما قال .وظاهر قوله بعد أن ذكر
القراءة " ثم يصلى على النبي صلى ال عليه وسلم إنما تكون بعد التكبيرة الثانية لقبلها ،لنه لو
كان ها لم تقع في التكبيرات بل قبلها ،كما هو واضح ،وبه قالت الحنفية والشافعية وغيرهم ،
خلفا لبن حزم ( د )129/والشوكاني ( . )3/53
98قلت :وهذا الحديث وما في معناه حجة عليهم ،ل يقال :ليس فيه التصريح بنسبة ذلك إلى النبي صلى ال عليه وسلم لننا نقول :أن قول الصحابي من السنة
كذا .مسند مرفوع إلى النبي صلى ال عليه وسلم على أصح القوال حتى عند الحنفية ،بل قال النووي في " ،المجموع " ( " : ) 232 / 5إنه المذهب
الصحيح الذي قاله جمهور العلماء من أصحابنا في الصول وغيرهم من الصوليين والمحدثين " .قلت وبهذا جزم المحقق ابن الهمام في " التحرير " ،وقال
شارحه ابن أمير حاج ( " : ) 224 / 2وهذا قول أصحابنا المتقدمين ،وبه أخذ صاحب الميزان والشافعية وجمهور المحدثين " .قلت :وعليه فمن العجائب أن
ل يأخذ الحنفية بهذا الحديث مع صحته ومجيئه من غير ما وجه ،ومع صلحيته لثبات السنة على طريقتهم وأصولهم ! فقال المام محمد في " الموطأ
" ( ص " : ) 175ل قراءة على الجنازة ،وهو قول أبي حنيفة " .ومثله في " المبسوط " للسرخسي ( . ) 64 / 2ولما رأي بعض المتأخرين منهم بعد هذا
القول عن الصواب ،ومجافاته عن الحديث ،قال بجواز قراءة الفاتحة بشرط أن ينوي بها الدعاء والثناء على ال ! وإنما اشترطوا ذلك توفيقا منهم -بزعمهم -
بين الحديث وقول إمامهم ،فكأن قوله حديث آخر صحيح ،ينبغي قرنه مع الحديث الصحيح ثم الجمع بينهما ! ومع أن
أن هذا الشرط باطل في نفسه لعدم وروده ،فإنه يبطله ثبوت قراءة السورة مع الفاتحة في الحديث وهي مطلقة ل يمكن اشتراط ذلك الشرط فيها أيضا ! وعندهم
عجيبة أخرى ! وهي قولهم " أن قراء سبحانك -بعد التكبيرة الولى من سنن الصلة على الجنازة " ! مع أنه ل أصل لذلك في السنة كما تقدم التنبيه على ذلك
في الحاشية ( ص ، ) 119فقد جمعوا بين إثبات مال أصل له في السنة وإنكار مشروعية ما ورد فيها ! ! فإن قلت :قد قال المحقق ابن الهمام في " فتح القدير
" ( " : ) 459 / 1قالوا :ل يقرأ الفاتحة ،إل أن يقرأها بنية الثناء ،ولم تثبت القراءة عن رسول ال صلى ال عليه وسلم " .فأقول :وهذا القول من مثل هذا
المحقق أعجب من كل ما سبق ،فإن ثبوت القراءة عنه صلى ال عليه وسلم مما ل يخفى على مثله مع وروده في " صحيح البخاري " وغيره مما سبق بيانه ،
ولذلك فإنه يغلب على الظن أنه يشير بذلك إلى أن الحديث ل ينهض دليل على إثبات القراءة لقوله فيه " سنة " بناء على الخلف الذي سبق أن ذكرناه ،فإن
كان المبر كما فهذه عجبية أخرى ،فإن مذهبه أو قول الصحابي سنة في حكم المسند المرفوع إلى النبي صلى ال عليه وسلم ،كما تقدم نقله من كتابه " التحير
" ،وقد جروا على ذلك في فروعهم ،فخذ مثل على ذلك المسألة التية .قال في " الهداية " " .إذا حملوا الميت على السرير أخذوا بقوائمه الربعة ،بذلك
وردت السنة ،وقال الشافعي :السنة أن فقال ابن الهمام في صدد الرد على ما نسبوه إلى الشافعي :
" قد صح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم خلف ما ذهبوا إليه " .ثم ساق من طريق أبي عبيدة عن أبيه عبد ال بن مسعود قال " :من اتبع الجنازة فليأخذ
بجوانب السرير كلها فإنه من السنة " .رواه ابن ماجه ( ) 451 / 1والبيهقي ( ، ) 20 - 194قال ابن همام " :فوجب الحكم بأن هذا هو السنة ،وإن خلفه
إن تحقق من بعض السلف فلعارض " .فانظر كيف جعل قول ابن مسعود " من السنة " في حكم المرفوع ،ولم يجعل قول ابن عباس كذلك ! فهل مصدر هذا
التناقض السهو أم التعصب للمذهب عفانا ال منه ؟ ! وهذا على فرض صحة ذلك عن ابن مسعود ،فكيف وهو غير صحيح ،لنه منقطع ،أبو عبيدة لم يدرك
أباه كما في " الجوهر النقي " للتركماني الحنفي ولذلك أعرضت عن إيراد هذه السنة المزعومة في كتابنا هذا ،كما أعرضنا عن مقابلها المنسوب للشافعي لعدم
وروده
62
وأما صيغة الصلة على النبي صلى ال عليه وسلم في الجنازة فلم أقف عليها في شئ من
الحاديث الصحيحة،99فالظاهر أن الجنازة ليس لها صيغة خاصة ،بل يؤتى فيها بصيغة من
الصيغ الثابتة في التشهد في المكتوبة.100
-81ثم يأتي ببقية التكبيرات ،ويخلص الدعاء فيها للميت ،لحديث أبي أمامة المتقدم انفا ،وقوله
101
صلى ال عليه وسلم":إذا صليتم على الميت ،فأخلصوا له الدعاء" أخرجه أبو داود ( )2/68وابن ماجه (1
)/456وابن حبان في " صحيحه " و (-754موارد) والبيهقي ( )4/40من حديث أبي هريرة وصرح ابن اسحاق بالتحديث عند
ابن حبان .
- 82ويدعوا فيها بما ثبت عنه صلى ال عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول":
اللهم اغفر له وارحمه ،وعافه واعف عنه ،وأكرم نزله ،ووسع مدخله،واغسله بالماء والثلج
والبرد،ونقه من الخطايا كما نقيت ( وفي رواية :كما ينقي الثوب البيض من الدنس ،وأبدله دارا
خيرا من داره ،وأهل خيرا من أهله ،وزوجا ( وفي رواية :زوجة) خيرا من زوجه ،وأدخله
الجنة ،وأعذه من عذاب القبر ،ومن عذاب النار،قال :فتمنيت أن أكون أنا ذلك الميت".أخرجه مسلم
( )60-3/59والنسائي ( )1/271وابن ماجه ( )1/4256وابن الجارود ( )265 -264والبيهقي ( )4/40والطيالسي ()999
وأحمد (6/23و )28والسياق لمسلم ،والرواية الثانية له في رواية ،وهي لسائرهم إل أحمد ،وله والبيهقي الرواية الثالثة .
وفي رواية ابن ماجه والطيالسي أن الميت كان رجل من النصار،لكن في سندها فرج بن فضالة وهو ضعيف عن عصمة بن
راشد وهو مجهول .
والحديث أخرجه الترمذي ( )2/141مختصرا وقال " :حديث حسن صحيح ،وقال محمد بن اسماعيل -يعني البخاري -أصح
شئ في هذا الباب هذا الحديث " .
الثاني :عن أبي هريرة رضي ال عنه.أن رسول ال صلى ال عليه وسلم " كان إذا صلى على
جنازة يقول:اللهم اغفر لحينا وميتنا،وشاهدنا وغائبنا ،وصغيرنا وكبيرنا ،وذكرنا وأنثانا ،اللهم
من أحييته منا فأحيه على السلم ،ومن توفيته منا فتوفه على اليمان ،اللهم ل تحرمنا أجره ،
ول تضلنا بعده " .أخرجه ابن ماجه ( )1/456والبيهقي ( )4/41من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة عنه .
وأبو داود ( )2/68والترمذي ( )2/141وابن حبان في صحيحه (-757موارد) والحاكم ( )358 /1والبيهقي أيضا وأحمد (
)2/368من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة به نحوه ،دون قوله " اللهم ل تحرمنا " ...فهي عند أبي داود وحده ،
وصرح يحيى بالتحديث عند الحاكم ثم قال " :صحيح على شرط الشيخين ".ووافقه الذهبي ،وهو كما قال،وأعل بما ل يقدح .
وليحبي فيه إسناد ان آخران ،عند أحمد ( )4/170،308والبيهقي .وللحديث شاهد من حديث ابن عباس نحوه .رواه الطبراني
في " الكبير " .
الثالث :عن واثلة بن السقع قال":صلى رسول ال صلى ال عليه وسلم على رجل من المسلمين،
فأسمعه يقول :اللهم إن فلن ابن فلن في ذمتك وحبل جوارك ،فقه فتنة القبر ،وعذاب النار ،
وأنت أهل الوفاء والحق ،فاغفر له وارحمه،إنك الغفور الرحيم"أخرجه أبو داود()2/68وابن ماجه ()1/456
وابن حبان في صحيحه ( )758وأحمد( )3/471بإسناد صحيح إن شاء ال تعالى ،وقد أورده ابن القيم فيما حفظ من دعائه صلى
ال عليه وسلم ،وسكت عليه النووي في " المجموع " .
99روى عن ابن مسعود صيغة قريبة من الصلة البراهيمية ،لكن سندها ضعيف جدا ،فل يشتغل به ،وقد ساقها السخاوي في " القول البديع " ص ( - 153
) 154وابن القيم في " جلء الفهام " ،وقال ( " : ) 255فالمستحب أن يصلي عليه صلى ال عليه وسلم في الجنازة كما يصلي عليه في التشهد لن النبي
صلى ال عليه وسلم علم ذلك أصحابه لما سألوه عن كيفية الصلة عليه "
100وهي سبع صيغ أوردتها في " صفة صلة النبي صلى ال عليه وسلم " .وقد طبعه المكتب السلمي ،الطبعة الثالثة وفيها زيادات هامة .ثم طبع الطبعة
الرابعة
101قال السندي :أي خصوه بالدعاء ،وقال المناوي " :إي ادعوا له بإخلص وحضور قلب ،لن المقصود بهذه الصلة إنما هو الستغفار والشفاعة للميت ،
وإنما يرجي قبولها عند توفر الخلص والبتهال ،ولهذا شرع في الصلة عليه من الدعاء ما لم يشرع مثله في الدعاء للحي ،قال ابن القيم :هذا يبطل قول
من زعم أن الميت ل ينتفع بالدعاء " .قلت :وفي رواية الحاكم من حديث أبي أمامة المتقدم " ويخلص الصلة في التكبيرات الثلث " فالصلة هنا بمعنى
الدعاء بدليل الرواية الولى " ويخلص الدعاء " لن أصل معنى الصلة في اللغة الدعاء ،فمن غرائب التفسير ما في " القول البديع " ( ص " ) 152ويخلص
الصلة أي يرفع صوته في صلته بالتكبيرات الثلث "
63
الرابع :عن يزيد بن ركانة بن المطلب قال":كان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا قام للجنازة
ليصلي عليها قال " :اللهم عبدك وابن أمتك احتاج إلى رحمتك،وأنت غني عن عذابه ،إن كان
محسنا فزد في حسناته،إن كان مسيي ا فتجاوز عنه" (.ثم يدعوا ما شاء ال أن يدعو)".أخرجه الحاكم
( )1/359وقال " :إسناده صحيح ،ويزيد بن ركانة وأبو ركانة صحابيان ".ووافقة الذهبي ،ورواه الطبراني في " الكبير" بالزيادة
كما في " المجمع "()4/33/34وابن قانع كما في " الصابة ".
وله شاهد من طريق سعيد المقبري أنه سأل أبا هريرة :كيف تصلي على الجنازة فقال :أنا لعمر
ال أخبرك ،أتيعها من أهلها ،فإذا وضعت كبرت وحمدت ال ،وصليت على نبيه ،ثم أقول :اللهم
إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك:كان يشهد أن ل إله أل أنت،وأن محمدا عبدك ورسولك ،وأنت
أعلم به ،اللهم إن كان محسنا فزد في حسناته،وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته ،اللهم ل تحرمنا
أجرة،ول تفتنا بعده ".أخرجه مالك()227-1وعنه محمد بن الحسن( )165-164وإسماعيل القاضي في " فضل الصلة
صلى ال عليه وسلم " رقم 27 )93( 5وسنده موقوف صحيح جدا ،وقد ساق الهيثمي منه الدعاء مرفوعا من حديث أبي هريرة
وقال :رواه أبو يعلى ورجاله ورجال الصحيح " .وقد تقدم بلفظ آخر فيه الجملة الخيرة منه ،وهو النوع( الثاني ) ( ص ) 124
- 83والدعاء بين التكبيرة الخيرة والتسليم مشروع ،لحديث أبي يعفور عن عبد ال بن أبي
أوفى رضي ال عنه قال " :شهدته وكبر على جنازة أربعا ،ثم قام ساعة -يعني -يدعوا ،ثم
قال:أتروني كنت أكبر خمسا؟ قالوا:ل،قال:إن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان يكبر أربعا "
.أخرجه البيهقي ( )35-4بسند صحيح .ثم أخرجه هو ( )4/42،43وابن ماجة ()1/457والحاكم ( )360 /1وأحمد ()383-4
من طريق إبراهيم الهجري عن أبن أبي أوفي به ،إل أنه أنه رفعه إلى النبي صلى ال عليه وسلم ( ،وزاد بعد قوله:إن رسول
ال صلى ال عليه وسلم كان يكبر أربعا :ثم يمكث ساعة فيقول ما شاء ال أن يقول ،ثم سلم " وقال الحاكم :
" هذا حديث صحيح ،وابراهيم لم ينقه عليه بحجة " .قلت :بلي ،ولذلك تعقبه الذهبي بقوله :قلت ضعفوا ابراهيم " .
قلت :وذلك لسوء حفظه ،وقد أشار إلى ذلك الحافظ بقوله في " التقريب " لين الحديث ،رفع موقوفات ".102
- 84ثم يسلم تسليمتين مثل تسليمه في الصلة المكتوبة إحداهما عن يمينه،والخرى عن يساره
لحديث عبد ال بن مسعود رضي ال عنه قال ":ثلث خلل كان رسول ال صلى ال عليه وسلم
يفعلهن تركهن الناس،إحداهن التسليم على الجنازة مثل التسليم في الصلة " .أخرجه البيقهي ()4/43
بإسناد حسن ،وقال النووي (": )5/239إسناد جيد" وفي " مجمع الزوائد " ( " :)3/34رواه الطبراني في " الكبير "ورجاله ثقات"
وقد ثبت في " صحيح مسلم " وغيره عن ابن مسعود أن النبي صلى ال عليه وسلم كان يسلم
تسليمتين في الصلة ،فهذا يبين أن المراد بقوله في الحديث الول ":مثل التسليم في الصلة "
أي التسليمتين المعهودتين .ويحتمل أنه يعني بالضافة إلى ذلك أنه كان يسلم تسليمة واحدة أيضا
،بالنظر إلى أن ذلك كان من سنته صلى ال عليه وسلم في الصلة أيضا ،أي أنه صلى ال عليه
وسلم كان تارة يسلم تسليمتين وتارة تسليمة واحدة لكن الول أكثر ،غير أن هذا الحتمال فيه بعد
102فوائد :الولى :قال الحافظ في " التلخيص " ( " : ) 1825قال بعض العلماء اختلف الحاديث في الدعاء على الجنازة محمول على أنه كان يدعو على
ميت بدعاء ،وعلى آخر بغيره ،والذي أمر به أصل الدعاء " .الثانية :قال الشوكاني في " نيل الوطار " ( " : ) 4 55إذا كان المصلي عليه طفل استحب
أن يقول المصلي :اللهم اجعله لنا سلفا وفرطا وأجرا ،روى ذلك البيهقي من حديث أبي هريرة ،وروى مثله سفيان في " الجامعة " عن الحسن " .
قلت :حديث أبي هريرة عند البيهقي إسناده حسن ،ول بأس في العمل به في مثل هذا الموضع ،وإن كان موقوفا ،إذا لم يتخذ سنه ،بحيث يؤدي ذلك الى
الظن إنه عن النبي صلى ال عليه وسلم ،والذي أختاره أن يدعو في الصلة على الطفل بالنوع ( الثاني ) لقوله فيه " :وصغيرنا . . .اللهم ل تحرمنا أجره ،
ول تضلنا بعده " .وقد ذهب المام أحمد إلى استحباب الدعاء في هذا الموطن ،كما رواه أبو داود في " المسائل " ( ) 153عنه ،وهو مذهب الشافعية ،
واستدل لهم النووي في " المجموع " ( ) 239 /5بحديث الهجري المذكور أعله ، ،والستدلل بما قبله أقوى ،وهو حجة على الحنفية حيث قالوا " :ثم يكبر
الرابعة ويسلم من غير ذكر بينهما " .الثالثة :وذهبت الشافعية أيضا الى وجوب مطلق الدعاء ،للميت لحديث أبي هريرة المتقدم . . " :فأخلصوا له الدعاء " .
وهذا حق ،ولكنهم خصوه بالتكبيرة الثالثة واعترف النووي بانه مجرد دعوى فقال ( " : ) 236 / 5ومحل هذا الدعا التكبيرة الثالثة ،وهو واجب فيها ،ل
يجزي في غيرها بل خلف ،وليس لتخصيصه بها دليل واضح ،واتفقوا على أنه ل يتعين لها دعاء " .قلت :لكن إيثار ما تقدم من أدعيته صلى ال عليه
وسلم على ما استحسنه بعض الناس ،مما ل ينبغي أن يتردد فيه مسلم ،فان خير الهدى هدى محمد صلى ال عليه وسلم .ولذلك قال الشوكاني ( " : ) 55 / 4
واعلم أنه قد وقع في كتب الفقه ذكر أدعيه غير المأثورة عنه صلى ال عليه وسلم والتمسك بالثابت عنه أولى " .قلت :بل اعتقد أنه واجب على من كان على
علم بما ورد عنه صلى ال عليه وسلم ،فالعدول عنه حينئذ يخشي أن يحق فيه قول ال تبارك وتعالى ( :أتستبد لون الذي هو ادني بالذي هو خير )
64
لن التسليمة الواحدة وإن كانت ثابتة عنه ،صلى ال عليه وسلم لكن لم يروها ابن مسعود فل
يظهر أنها تدخل في قوله المذكور " مثل التسليم في الصلة ".وال أعلم .
وللحديث شاهد ،يرويه شريك عن إبراهيم الهجري قال" :أمنا عبد ال بن أبي أوفى على جنازة
ابنته فمكث ساعة ،حتى ظننا أنه سيكبر خمسا ثم سلم عن يمينه وعن شماله،فلما انصرف قلنا له
:ما هذا ؟ قال :إني لأزيدكم على مارأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم يصنع،أو هكذا صنع
رسول ال صلى ال عليه وسلم .أخرجه البيهقي ( )4/43وسنده ضعيف من أجل الهجري كم تقدم في المسألة السابقة
وقد صح عنه من طريق أخرى بعضه مرفوعا ،وبعضه موقوفا ،كما ذكرنا هناك ،وروى أحمد في " مسائل أبي داود عنه " (
)153عن عطاء بن السائب قال:
" رأيت ابن أبي أوفى صلى على جنازة فسلم تسليمة (واحدة) " لكن إسناده ضعيف فيه أبو وكيع الجراح بن مليح،وهو يضعيف
واتهمه بعضهم .وقد ذهب لى التسليمتين الحنفية كما في " المبسوط " (،)2/65أحمد في رواية عنه كما في " النصاف "(
103)2/525والشافعية كما في " شرح ابن قاسم الغزي " (-1/431باجوري) وقال ":لكن يستحب زيادة ورحمه ال وبركاته".
-85ويجوز القتصار على التسليمة الولى فقط،لحديث أبي هريرة رضي ال تعالى عنه " :أن
رسول ال صلى ال عليه وسلم صلى على جنازة ،فكبر عليها أربعا ،وسلم تسليمة واحدة " .
أخرجه الدار قطني ( )191والحاكم ( )1/360وعنه البيهقي ( )4/43من طريق أبي العنبس عن أبيه عنه .
قلت :واسناده حسن كما بينته في " التعليقات الجياد " .
ويشهد له مرسل عطاء بن السائب أن رسول ال صلى ال عليه وسلم سلم على الجنازة تسليمة واحدة .
أخرجه البيهقي معلقا .ويقويه عمل جماعة من الصحابة به،فقد قال الحاكم عقبه ":قد صحت الرواية فيه عن علي بن أبي طالب،
وعبد ال بن عمر ،وعبد ال ابن عباس،وجابر بن عبد ال،وعبد ال،وعبد ال بن أبي أوفى،وأبي هريرة أنهم كانوا يسلمون على
الجنازة تسليمه واحدة " .
قلت :وقد وافقه الذهبي،وأسند البيهقي غالب هذه الثار،وزاد فيهم "واثلة ابن السقع وأبي إمامة وغيرهم ".وفي اطلق الصحة
على رواية ابن أبي إوفى نظر عندي ،لن في سندها الجراح بن مليح وهو ضعيف كما سبق قريبا ،إل أن يكون وقع للحاكم من
طريق أخرى ،وذلك مما ل أظنه ،وإلى هذه الثار ذهب المام أحمد في المشهور عنه ،وقال أبو داود (":)153سمعت أحمد
سئل عن التسليم على الجنازة؟قال:هكذا،ولوى عنقه عن يمينه( وقال :السلم عليكم ورحمة ال ) " .قلت وزيادة " وبركاته " في
هذه التسليمة مشروعة خلفا لبعضهم،لثبوتها في بعض طرق حديث ابن مسعود المتقدم في التسليمتين في الفريضة ،ومثلها في
هذه المسألة صلة الجنازة كما سبق،وذكر ابن قاسم الغزي في شرحه استحبابها هنا في التسليمتين ،ورد ذلك عليه الباجوري في
حاشيته( )1/431فذهب إلى عدم مشروعيتها هنا ول في الفريضة والصواب ما ذكرنا .
-86والسنة أن يسلم في الجنازة سرا،المام ومن وراءه في ذلك سواء ،لحديث أبي أمامة
المتقدم في المسألة بلفظ " :ثم يسلم سرا في نفسه حين ينصرف ،والسنة أن يفعل من وراءه
مثلما فعل إمامة " .وله شاهد موقوف ،أخرج البيهقي ( )4/43عن ابن عباس أنه :
" كان يسلم في الجنازة تسليمة خفية " .وإسناده حسن .ثم روى عن عبد ال بن عمر أنه ":
كان إذا صلى على الجنائز يسلم حتى يسمع من يليه ".وإسناده صحيح.104
- 87ول تجوز الصلة على الجنازة في الوقات الثلثة التي تحرم الصلة فيها إل لضرورة ،
لحديث عقبة بن عامر رضي ال عنه قال " :ثلث ساعات كان رسول ال صلى ال عليه وسلم
ينهانا أن نصلي فيهن ،أو أن نقبر فيهن موتانا :حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع ،وحين
يقوم قائم الظهرة حتى تميل الشمس ،وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب " .أخرجه مسلم (
) 208 / 2وأبو عوانة في صحيحه ( ) 368 / 1وأبو داود ( ) 66 / 2والنسائي ( ) 283 / 1والترمذي ( ) 144 / 2
وصححه ،وابن ماجه ( ) 463 / 1والبيهقي ( ) 32 / 4والطيالسي ( رقم ) 1001وأحمد ( ) 152 / 5من طريق علي بن
رباح عنه .وزاد البيهقي :
103ومن المبالغات قول ابن المبارك " :من سلم على الجنازة بتسليمتين فهو جاهل جاهل .رواه أبو داود في " المسائل " ( )154بسند صحيح عنه
104قلت :وكأنه لختلف هذين الثرين اختلفت اقوال الحنابلة في هذه المسألة ،فجاء في النصاف ( " : ) 523 / 5قال في " الفروع " :ظاهر كلم
الصحاب أن المام يجهر بالتسليم ،وظاهر كلم ابن الجوزي أنه يسر " .ثم نقل عن " المذهب " و " مسبوك الذهب " ما يشهد لكلم ابن الجوزي .وهو
الرجح لحديث أبي أمامة
65
" قال :قلت لعقبة :أيدفن بالليل؟قال:نعم،قد دفن أبو بكر بالليل ".وإسنادها صحيح.105
*****************************
105الحديث بعمومه يشمل الصلة على الجنازة ،وهو الذي فهمه الصحابة فروي مالك في " الموطأ " ( )228 / 1ومن طريقه البيهقي عن محمد بن أبي
حرملة أن زينب بنت أبي سلمة توفيت وطارق أمير المدينة ،فأتي بجنازتها بعد صلة الصبح ،فوضعت بالبقيع قال :وكان طارق يغلس بالصبح ،قال ابن
أبي حرملة:فسمعت عبد ال بن عمر يقول لهل إما أن تصلوا على جنازتكم الن،وإما أن تتركوها حتى ترتفع الشمس ،وسنده صحح على شرط الشيخين .ثم
روى مالك عن ابن عمر قال :يصلى على الجنازة بعد العصر وبعد الصبح إذا صليتا لوقتهما .وسنده صحيح أيضا.وروى البيهقي بسند جيد عن ابن جريج
أخبرني زياد أن عليا أخبره أن جنازة وضعت في مقبرة أهل البصرة حين اصفرت الشمس ،فلم يصل عليها حتى غربت الشمس:فأمر أبو برزة المنادي ينادي
بالصلة ثم أقامها ،فتقدم أبو برزة فصلى بهم المغرب،وفي الناس أنس بن مالك ،وأبو برزه من النصار من أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم ،ثم صلوا
على الجنازة .قال الخطابي في " المعالم " ( )4/327ما ملخصه:واختلف الناس في جواز الصلة على الجنازة والدفن في هذه الساعات الثلث،فذهب أكثر أهل
العلم إلى كراهة الصلة عليها في هذه الوقات،وهو قول عطاء والنخعي والوزاعي والثوري وأصحاب الرأي وأحمد وإسحاق ،والشافعي يرى الصلة والدفن
أي ساعة من ليل أو نهار ،وقول الجماعة أولى لموافقته الحديث " .قلت :ومنه تعلم أن دعوى النووي جواز هذه الصلة بالجماع .وهم منه رحمه ال
66
()14
الدفن وتوابعه
- 88ويجب دفن الميت ولو كان كافرا ،وفي حديثان :
الول :عن جماعة من أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم منهم أبو طلحة النصاري ،والسياق
له " :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجل من صناديد قريش
(،فجروا بأرجلهم ) فقذفوا في طوى106من أطواء بدر خبيث مخبث ( بعضهم على بعض ) ( .إل
ما كان من أمية بن خلف فإنه انتفخ في درعه فملها ،فذهبوا يحركوه فتزايل107فأقروه ،وألقوا
عليه ماغيبه من التراب والحجارة ) ،وكان صلى ال عليه وسلم إذا ظهر على قوم أقام
بالعرصة 108ثلث ليال ،فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد رحلها ،ثم مشى واتبعه
أصحابه ،وقالوا :ما نرى ينطلق إل لبعض حاجته ،حتى قام على شفة الركي109فجعل ينادي
بأسمائهم وأسماء آبائهم ( وقد جيفوا ) (:يا أبا جهل بن هشام ويا عتبة بن ربيعة،ويا شيبة بن
ربيعة ،ويا وليد بن عتبة ) ،أيسر كم أنكم أطعتم ال ورسوله؟فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا،
فهل وجدتهم ما وعدكم ربكم حقا ؟ قال (:فسمع عمر قول النبي صلى ال عليه وسلم ) ،فقال :
يا رسول ال ال ما تكلم من أجساد ل أرواح لها ( ،وهل يسمعون ؟ يقول ال عزوجل :إنك ل
تسمع الموتي ) ،فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم :والذي نفسي محمد بيده ما أنتم بأسمع لما
أقول منهم (،وال )( إنهم الن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم لهو الحق ) ،وفي رواية ،إنهم الن
ليسمعون ) (غير أنهم ل يستطيعون أن يردوا علي شيئا ،قال قتادة :أحياهم ال ( له )حتى أسمعهم
قوله ،توبيخا وتصغيرا ،ونقمة ،وحسرة وندما " .قلت رواه جماعة من الصحابة ،وهذه رواية
بعضهم ،وهم :
الول :أبو طلحة النصاري ،يرويه قتادة قال :ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة به .
أخرجه البخاري ( )241-7/240واللفظ له ومسلم ( )8/164وأحمد ( )4/129والزيادة الخامسة له ،وهي على شرط مسلم ،
وأخرجه النسائي أيضا ( ، )1/293لكنه لم يذكر في سنده أبا طلحة ،وهو رواية لمسلم ( )8/163وأحمد (3/104،145،182:21
)287 -9وعنده الزيادة الولى والسابعة ،وإسنادهما صحيح على شرط مسلم ،وعندهم -أعني الثلثة -الزيادة الرابعة
والخامسة ،إل أنهم قالوا " :أمية بن خلف " بدل " وليد بن عتبة " وهو خطأ من بعض الرواة ،لن أمية لم يكن في البئر كما
تدل عليه الزيادة الثانية ،وهي في حديث عائشة كما يأتي بسند حسن ،وعندهم أيضا الزيادة السادسة والعاشرة ،ولحمد الحادية
عشر .
الثاني:عمر بن الخطاب ،رواه عنه أنس أيضا بنحوه ،وفيه الزيادة الثانية.أخرجه مسلم والنسائي وأحمد
(رقم . )182
الثالث :عبد ال بن عمر ،وله الرواية الثانية،وفيه الزيادة التاسعة .أخرجه البخاري (-7/242.242
)243وأحمد (رقم )4864،4958،6145وفي رواية له " :فذكر ذلك لعائشة ،فقالت :وهل -يعني ابن عمر
، -انما قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ،إنهم الن " ...وإسنادها حسن ،وفيها الزيادة
الثانية أيضا كما تقدم .وأعلم أن العلماء صوبوا رواية ابن عمر رضي ال عنه أن النبي صلى
ال عليه وسلم قال " :إنهم الن ليسمعون " ،وردوا قولها فيه " وهل "،لنه مثبت وهي نافية،
ولنه لم يتفرد بذلك بل تابعة أبوه عمر وأبو طلحة كما تقدم ،وغيرهما كما في " الفتح " فراجعه
67
إن شئت التفصيل .والحق أن ما رواه الجماعة صواب ،وما روته عائشة كذلك،وكل ثقة ول
تناقض بين الروايتن ،فتضم إحداهما إلى الخرى كما فعلنا في سياق الحديث.ثم أخرجه أحمد (
)6/276وابن هشام في " السيرة " ()2/74بسند حسن،وفيه الزيادة الثالثة.
الثاني :عن علي رضي ال عنه قال " :لما توفي أبو طالب ،أتيت النبي صلى ال عليه وسلم
فقلت :إن عمك الشيخ ( الضال ) قد مات ( فمن يواريه ؟ ) ،فقال :اذهب فواره ،ثم ل تحدث
شيئا حتي تأتيني ( :فقال :إنه مات مشركا،110فقال :إذهب فواره ) قال :فواريته ثم أتيته ،
قال:إذهب فاغتسل ثم ل تحدث شيئا حتى تأتيني ،قال :فاغتسلت ،ثم أتيته ،قال :فدعا لي
بدعوات ما يسرني أن لي بها حمر النعم وسودها.قال :وكان علي إذا غسل الميت اغتسل " .
أخرجه أحمد (رقم )807وابنه في زوائد " المسند " (رقم )1074من طريق أبي عبد الرحمن السلمي عنه .قلت :وسنده
صحيح .
وأخرجه أبو داود ( )2/70والنسائي ( )283-1/282والبيهقي ( )3/398وأحمد أيضا (رقم )759من طريق أبي إسحاق :
سمعت ناجية بن كعب يحدث عن علي به نحوه .والزيادات لحمد إل الثانية فللنسائي .
111
وإسناده صحيح أيضا ،رجاله كلهم ثقات رجال الصحيحين غير ناجية بن كعب ،قال العجلي في " الثقات " " :كوفي تابعي
ثقة " .وقال الحافظ في " التقريب " :ثقة " .وأما قول النووي في " المجموع " ( : ) 181 / 5
" رواه أبو داود وغيره ،وإسناده ضعيف " .فهو مردود ،ول ندري وجهه إل أن يريد أنه من رواية أبي إسحاق وهو السبيعي
،فإنه كان تغير لما كبر .فإن كان هذا ،فالجواب من وجهين :
الول :أنه من رواية سفيان الثوري عنه ،وهو من أثبت الناس فيه ،كما في " التهذيب " .
الثاني :أنه لم يتفرد به ،بل جاء من الطريق الولى كما سبق ،وكأن النووي رحمه ال لم يقف عليها أو لم يستحضرها حين
تكلم على الحديث ،ولعله اعتمد في تضعيفه على البيهقي ،فقد قال الحافظ في " التلخصى " ( )150-5/149بعد أن عزاه لحمد
وأبي داود
والنسائي وابن أبي شيبة وأبي يعلى والبزار والبيهقي من طريق أبي إسحاق " ..ومدار كلم البيهقي على أنه ضعيف ،ول يتبين
وجه ضعفه ،وقد قال الرافعي انه حديث ثابت مشهور ،قال ذلك في أمالية " .
وعزاه في " الفتح " ( )7/154لبن خزيمة أيضا وابن الجارود .112
- 89ول يدفن مسلم مع كافر ،ول كافر مع مسلم،بل يدفن المسلم في مقابر المسلمين ،الكافر في
مقابر المشركين ،كذلك كان المر على عهد النبي صلى ال عليه وسلم ،واستمر إلى عصرنا
هذا ،ومن الدلة على ذلك حديث بشير بن الخصاصية قال " :بنا أماشي رسول ال صلى ال
عليه وسلم ( آخذا بيده ) .فقال :يا ابن الخصاصية ما ( أصبحت ) تنقم على ال ؟113أصبحت
تماشي رسول ال ( قال :أحسبه قال :آخذا بيده) ،فقلت ( :يا رسول ال بأبي وأمي) ما (أصبحت)
أنقم على ال شيئا،كل خير فعل بي ال .فأتي على قبور المشركين فقال :لقد سبق هؤلء بخير
110هذا صريح في أن أبا طالب مات كافرا مشركا ،وفي الباب أحاديث كثيرة ،منها حديث سعيد بن حزن المتقدم في المسألة ( ، ) 60وقد قال الحافظ بن
شرحه له " :ووقفت على جزء جمعه بعض أهل الرفض أكثر فيه من الحاديث الواهية الدالة على إسلم أبي طالب ،ول يثبت من ذلك شئ ،وبال التوفيق ،
وقد لخصت ذلك في ترجمة أبي طالب من كتاب الصابة " .
111رتبه العلمة علي بن عبد الكافي السبكي على حروف المعجم ،وعندنا منه نسخة منسوخة عن نسخة نسخت عن أصل محفوظ في مكتبة الوقاف السلمية
بحلب ،ثم قابلت نسختي بالصل ومنها نقلت وذاك شئ اخر.نعم إن ثبتت الرواية التية فل مناص من التسليم بما سبق عن الحافظ،فقد قال عقب كلمه المذكور
" :قلت :وقع عند ابن أبي شيبة في مصنفه بلفظ " :فقلت :إن عمك الشيخ الكافر قد مات فما ترى فيه ؟ قال :أرى أن تغسله وتجنه " ،وقد ورد من وجه
آخر أنه غسله ،رواه ابن سعد عن الواقدي " .قلت :أما الواقدي فمتروك متهم بالكذب ،فل قيمة لزيادته ،وأما زيادة ابن أبي شيبة " أن تغسله " فهي منكرة
أيضا لنه أخرجها ( ) 142 / 4من طريق الجلح عن الشعبي مرسل .وهو مع إرساله فإن الجلح فيه ضعيف ،فل حجة في زيادته أيضا .
112فائدة :هذا الحديث أورده البيهقي في باب المسلم يغسل ذا قرابته من المشركين ويتبع جنازته ويدفنه ول يصلي عليه " .وأنت ترى أنه ليس في الحديث ما
ترجم له من الغتسال فقال الحافظ تعليقا على كلمه " :تنبيه .ليس في شئ من طرق هذا الحديث التصريح بأنه غسله إل أن يؤخذ ذلك من قوله " :فأمرني
فاغتسلت فإن الغتسال شرع من غسل الميت ،ولم يشرع من دفنه .ولم يستدل البيهقي وغيره إل على الغتسال من غسل الميت ،وقد وقع عند أحمد أيضا
وابنه كما تقدم ،ويستغرب من الحافظ كيف خفي عليه ذلك ،ل سيما وهو قد عزي الحديث لحمد كما رأيت ثم إن قوله " :ولم يشرع الغتسال من دفنه " ،
فيه نظر ،لن لقائل أن يقول :أن الحديث ظاهر الدللة على مشروعية ذلك ،ول ينافيه الزيادة التي وقعت في آخر الحديث ،لنها جملة مستأنفة ،ل علقة لها
بما قبلها ،أعني أنه ل دليل في الحديث أن عليا إنما كان يغتسل من غسل الميت ،لمره صلى ال عليه وسلم إياه بالغسل في الحديث بل هذا شئ
113إنما قال له عليه السلم هذا لن بشيرا رضي ال عنه كان أظهر شيئا من التضجر بسبب بعده عن دار قومه فقد روى الطبراني في " الكبير " والوسط "
عن بشير نفسه قال " :أتيت النبي صلى ال عليه وسلم فلحقته بالبقيع فسمعته يقول :السلم على أهل الديار من المؤمنين وانقطع شسعي ،فقال :انعش قدمك ،
فقلت :يا رسول ال طالت عزوبتي ونأيت عن دار قومي فقال :يا بشير أل تحمد ال الذي أخذ بناصيتك من بين ربيعة ،قوم يرون لو ل أنهم انكفت الرض
بمن عليها .قال الهيثمي في " المجمع " ( : ) 60 / 3ورجاله ثقات "
68
كثير ،وفي رواية :خيرا كثيرا) ثلث مرات .ثم أتى على قبور المسلمين ،فقال :لقد أدرك هؤلء
خيرا كثيرا ،ثلث مرات فبينما هو يمشي إذ حانت منه نظرة ،فإذا هو برجل يمشي بين القبور
عليه نعلن ،فقال :يا حاصب السبتيتين ويحك ألق سبتيتك ،فنظر فل عرف الرجل رسول ال
صلى ال عليه وسلم خلع نعليه فرمي بهما " .أخرجه أبو داود ( )2/72والنسائي ( )1/288وابن ماجة ()1/474
وابن أبي شيبة( )4/170والحاكم( )1/373والسياق له ومن طريقه البيهقي()4/80والطيالسي ( )1123وأحمد ()5/83،83،224
والزيادات له ،والثانية للبيهقي وليست في المستدرك ،وروي الطحاوي()1/293منه قصة الرجل صاحب السبتيتين وقال الحاكم :
" صحيح السناد " .ووافقه الذهبي ،وأقره الحافظ في " الفتح " ( )3/160وروى ابن ماجه عن عبد ال عثمان وهو البصري
شعبة أنه قال :حديث جيد ونقل ابن القيم في " تهذيب السنن " ( )4/343عن المام أحمد أنه قال :اسناده جيد .وقال النووي
في " المجموع " " : )5/312( :اسناده حسن " .
واحتج به ابن حزم ( )5/142،143على أنه ل يدفن مسلم مع مشرك .وفي مكان آخر ،احتج به على تحريم المشي بالنعال بين
القبور كما سيأتي في التعليق على المسألة (. )126
-90والسنة الدفن في المقبرة ،لن النبي صلى ال عليه وسلم كان يفن الموتى في مقبرة البقيع ،
كما تواترت الخبار بذلك ،وتقدم بعضها في مناسبات شتى أقربها حديث ابن الخصاصية الذي
سقته في المسألة السابقة ،ولم ينقل عن أحد من السلف أنه دفن في غير المقبرة ،إل ما تواتر
أيضا أن النبي صلى ال عليه وسلم دفن في حجرته ،وذلك من خصوصياته عليه السلة
والسلم ،كما دل عليه حديث عائشة رضي ال عنها :قالت " :لما قبض رسول ال صلى ال
عليه وسلم اختلفوا في دفنه ،فقال أبو بكر :سمعت من رسول ال صلى ال عليه وسلم شيي ا
ما نسيتة قال " :ما قبض ال نبيا إل في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه " ،فدفنوه في موضع
فراشه " .أخرجه الترمذي ( )2/129وقال " :حديث غريب ،وعبد الرحمن بن أبي بكر المليكي
يضعف من قبل حفظه " .قلت :لكنه حديث ثابت بما له من الطرق والشواهد :
أ -أخرجه ابن ماجه ()1/498،499وابن سعد( )2/71وابن عدي في الكامل "(ق )94/2من طريق ابن عباس عن أبي بكر .
ب -وابن سعد وأحمد (رقم )27من طريقين منقطعين عن أبي بكر .
ج -ورواه مالك ( )1/230وعنه ابن سعد بلغا .
د -ورواه ابن سعد بسند صحيح عن أبي بكر مختصرا موقوفا ،وهو في حكم المرفوع ،وكذلك رواه الترمذي في " الشمائل
" ( )2/272في قصة وفاته صلى ال عليه وسلم ،قال الحافظ ابن حجر (: )1/420
" واسناده صحيح ،لكنه موقوف ،والذي قبله أصرح في المقصود ،وإذا حمل دفنه في بيته
على الختصاص لم يبعد نهي غيره عن ذلك ،بل هو متجه ،لن استمرار الدفن في البيوت
ربما صيرها مقابر ،فتصير الصلة فيها مكروهة " وقد استنبط البخاري الكراهة من قوله صلى
ال عليه وسلم " :اجعلو في بيوتكم من صلتكم ،ول تتخذوها قبورا " .أورده في " باب كراهية
الصلة في المقابر " من حديث ابن عمر ،فقال الحافظ " :ولفظ حديث أبي هريرة عند مسلم
أصرح من حديث الباب ،وهو قوله " :ل تجعلو بيوتكم مقابر "،فإن ظاهره يقتضي النهي عن
الدفن في البيوت مطلقا " .
- 91ويسثني مما سبق الشهداء في المعركة ،فإنهم يدفنون في مواطن استشهادهم ول ينقلون
إلى المقابر لحديث جابر رضي ال عنه قال " :خرج رسول ال صلى ال عليه وسلم من المدينة
إلى المشركين ليقاتلهم ،وقال أبي عبد ال :يا جابر ابن عبد ال ل عليك أن تكون في نظاري
أهل المدينة حتى تعلم إلى ما يصير أمرنا ،فإني وال لو ل أني أترك بنات لي بعدي لحببت أن
تقتل بين يدي ،قال :فبينما أنا في النظارين إذ جاءت عمتي بأبي وخالي عادلتهما على ناضح ،
فدخلت بهما المدينة لتدفنهما في مقابرنا -إذ لحق رجل ينادي :أل إن رسول ال صلى ال عليه
69
وسلم يأمركم أن ترجعوا بالقتلي فتدفنوها في مصارعها حيث قتلت فرجعنا بهما فدفناهما حيث
قتل ".أخرجه أحمد ( )398-3/397بسند صحيح ،وبعضه عند أبي داود وغيره مختصرا وقد تقدم في المسألة (17ص )14
- 92ول يجوز الدفن في الحوال التية إل لضرورة :
أ -الفن في الوقات الثلثة لحديث عقبة بن عامر المتقدم ( ،ص )130بلفظ " :ثلث ساعات كان
رسول ال صلى ال عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن ،أو أن نقبر فيهن موتانا ،حين تطلع
الشمس بازغة حتى ترتفع ،وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس ،وحين تضيف الشمس
للغروب حتى تغرب " .والحديث ظاهر الدللة على ما ذكرنا ،وقد ذهب لى ذلك ابن حزم في "
المحلى "( )115-5/114وغيره من العلماء . ،ومن التأويلت البعيدة ،بل الباطلة قول بعضهم " :
قوله ( :نقبر) أي نصلي " قال أبو الحسن السندي":ول يخفى أنه معنى بعيد ،ل ينساق إليه الذهن
من لفظ الحديث ،قال بعضهم " يقال :قبره إذا دفنه ،ول يقال :قبره إذا صلى عليه " .
114
والقرب أن الحديث يميل إلى قول أحمد وغيره أن الدفن مكروه في هذه الوقات "
ب .في الليل لحديث جابر رضي ال عنه":أن النبي صلى ال عليه وسلم ذكر رجل من أصحابه
قبض فكفن في كفن غير طائل وقبر ليل ،فزجر البني صلى ال عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل
حتى يصلى عليه ،إل أن يضطر إنسان إلى ذلك " أخرجه مسلم وغيره وقد سبق في المسألة (35ص )56
والحديث ظاهر الدللة على ما ذكرنا ،وهو مذهب أحمد رحمه ال في رواية عنه ذكرها في "
النصاف " ( )2/547قال ":ل يفعله إل لضرورة ،وفي أخرى عنه :يكره ".قلت :والول أقرب
لظاهر قوله " زجر " فانه أبلغ في النهي من لفظ " نهى " الذي يمكن حمله على الكراهة،على أن
115
الصل فيه التحريم،ول صارف له إلى الكراهة.
114قلت :وقد رد ذلك التأويل المام النووي أيضا ،ولكنه في سبيل بيان ذلك وقع في تأويل آخر يشبه هذا وادعي دعوى غير ثابتة فقال في " شرح مسلم " " :
قال بعضهم إن المراد بالقبر صلة الجنازة ،وهذا ضعيف ،لن صلة الجنازة ل تكره في هذا الوقت بالجماع ،فل يجوز تفسير الحديث بما يخالف الجماع ،
بل الصواب أن معناه تعمد تأخير الدفن إلى هذه الوقات ،كما يكره تعمد تأخير العصر إلى اصفرار الشمس بل عذر . . .فأما إذا وقع الدفن في هذه الوقات
بل تعمد فل يكره " .قلت :وهذا تأويل ل دليل عليه ،والحديث مطلق يشمل المتعمد وغيره ،فالحق عدم جواز الدن ولو لغير متعمد ،فمن أدركته فيها
فليتريث حتى يخرج وقت الكراهة .وأما ادعاؤه أن صلة الجنازة ل تكره في مثل هذا الوقات بالجماع فوهم منه رحمه ال ،فالمسألة خلفية والصواب فيها
الكراهة خلف الجماع المزعوم ،وقد سبق بيان ذلك في المسألة ( ) 89تعليقا عليها ( ص ) 130
115لكن يشكل على ما ذكرنا قوله في الحديث " حتى يصلى عليه " .فإنه يدل بظاهره أيضا على جواز الدفن ليل بعد الصلة لنها هي الغاية من النهي ،فإذا
حصلت ارتفع النهي ،لكن يرد عليه قوله " إل أن يضطر إنسان إلى ذلك " فإن إسم الشارة فيه يعود إلى المنهي عنه وهو الفدن ليل قبل الصلة إل عند
الضرورة فيجوز .وهذا بعيد جدا ،لن من السهل أن نتصور اضطرار المشيعين للدفن ليل لسباب كثيرة كما سيأتي عن ابن حزم ولكننا ل نتصور في وجه
من الوجوه أن يضطروا لدفنه دون أن يصلو عليه ،ومما يزيده بعدا أن هذا المعنى يجعل قيد " الليل " عديم الفائدة ،إذ الدفن قبل الصلة ،كما ل يجوز ليل ،
فكذلك ل يجوز نهارا ،فإن جاز ليل لضرورة جاز نهارا من أجلها ول فرق ،فما فائدة التقييد ب " الليل " حينئذ .ل شك أن الفائد ل تظهر بصورة قوية إل إذا
رجحنا ما استظهرناه أو ل من عدم جواز الدفن ليل وبيان ذلك :أن الدفن ليل وبيان ذلك :أن الدفن في الليل مظنة قلة المصلين على الميت ،فنهي عن الدفن
ليل حتى يصلي عليه نهارا ،لن الناس في النهار أنشط في الصلة عليه ،وبذلك تحصل الكثرة من المصلين عليه ،هذه الكثرة التي هي من مقاصد الشريعة
وأرجي لقبول شفاعتهم في الميت كما سبق بيانه في " المسألة ( ( ، ) 63ص ) 96قال النووي :في " شرح مسلم " " :وأما النهي عن القبر ليل حتى يصلى
عليه ،فقيل سببه أن الدفن نهارا يحضره كثير من الناس ويصلون عليه ول يحضره في الليل إل أفراد ،وقيل لنهم كانوا يفعلون ذلك لرداءة الكفن ،فل يتبين
في الليل ،وى ( يده أول الحديث وآخره ،قال القاضي :العلتان صحيحتان ،قال :والظاهر أن النبي صلى ال عليه وسلم قصدهما معا ،قال :وقد قيل غير
هذا " .قلت :فإذا عرف أن العلة قلة المصلين وخشية رداءة الكفن ،ينتج من ذلك أنه لو صلي عليه نهارا ،ثم تأخر دفنه لعذر إلى الليل أنه ل مانع من دفنه فيه
لنتفاء العلة وتحقق الغاية وهي كثرة المصلين ،وعليه فهل يجوز التأخر بدفن الميت في النهار تحصيل للغاية المذكورة ،استحسن ذلك الصنعاني في " سبل
السلم " ( ، ) 166 / 2ولست إرى ذلك لن العلة المذكورة مقيدة فل يجوز تعديتها إلى النهار لوجود الفارق الكبير بين الظرفين ،فإن القلة في الليل أمر
طبيعي ،بخلف النهار فالكثرة فيه هي الطبيعي ،ثم إن هذه الكثرة ل حد لها فكلما تؤخر بالميت زادت الكثرة ،ولذلك نرى بعض المترفين الذين يحبون
الظهور رياء وسمة ،ولو على حساب الميت قد يؤخرونه اليوم واليومين ليحضر الجنازة أكبر عدد ممكن من المشيعين .فلو قيل بجواز ذلك لدي إلى مناهضة
الشارع في أمره بالسراع بالجنازة على ما سبق بيانه في المسألة ( ( ) 17ص ) 13بعلة الكثرة التي ل ضابط لها .بعد هذا يتبين لنا الجواب عن الشكال
الذي أو ردته في قوله " حتى يصلى عليه " إذ أنه ظهر أن المراد حتى يصلى عليها نهارا لكثرة الجماعة ،كي تبين أن إسم الشارة في قوله " إل أن يضطر
إنسان إلى ذلك " يعود إلى الدفن ليل ولو مع قلة المصلين ،ل إلى الدفن مع ترك الصلة عليه إطلقا ،فليتأمل فإنه حقيق بالتأمل .ثم قال النووي في " شرح
مسلم " " :وقد اختلف العلماء في الدفن في الليل ،فكرهه الحسن البصري إل لضرورة ،وهذا الحديث مما يستدل له به ،وقال جماهير العلماء من السلف
والخلف :ل يكره واستدولو بأن أبا بكر الصديق رضي ال عنه وجماعة من السلف دفنوا ليل من غير إنكار ،وبحديث المرأة السوداء :والرجل الذي كان يقم
المسجد فتوفي بالليل فدفنوه ليل ،وسألهم النبي صلى ال عليه وسلم عنه فقالوا :توفي ليل فدفناه في الليل ،فقال :أل اذنتموني ،قالوا :كانت ظلمة ولم ينكر
عليهم ،وأجابوا عند هذا الحديث أن النهي كان لترك الصلة ،ولم ينه عن مجرد الدفن بالليل ،ما وإنما لترك الصلة أو لقلة المصلين أو عن إساءة الكفن أو
عن المجموع كما سبق " .قلت :والجواب الول وهو أن النهي كان لترك الصلة ،ل يصح ،لنه لو كان كذلك لم يكن ثمة فرق بين الدفن ليل أو نهارا كما
سبق بيانه ،بل الصواب أن النهي إنما كان للمرين اللذين سبقا في كلم القاضي ،ولذلك اختار ابن حزم أنه ل يجوز أن يدفن أحد ليل إل عن ضرورة .
70
- 93فإن اضطرار لدفنه ليل ،جاز ولو مع استعمل المصباح والنزول به في القبر ،لتسهيل
عملية الدفن ،والدليل حديث ابن عباس " :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أدخل رجل قبره
ليل،وأسرج في قبره " .أخرجه ابن ماجه ( )464 /1والترمذي ( )2/157بأتم منه وقال " :حديث حسن " .قلت :يعني
أنه حسن لغيره ،وهذا اصطلح خاص للترمذي أنه إذا قال " :حديث حسن " فإنما يريد الحسن لغيره كما نص عليه هو نفسه
في " العلل " ،المذكورة في آخر كتابه،وقد جاء له شاهد كما يأتي،وعليه فل يرد على تحسين الترمذي نقد ابن القطان إياه الذي
حكاه صاحب " تحفة الحوذي ".أما الشاهد فهو من حديث جابر بن عبد ال.أخرجه أبو داود ( )2/63والحاكم ( )1/368والبيهقي
( )4/53وقال الحاكم " :صحيح على شرط مسلم " .ووافقه الذهبي وزاد عليهما النووي فقال في " المجموع " (" : )5/302
رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم !
" قلت :وكل ذلك خطأ ،فإن مدار إسناده على محمد بن مسلم الطائفي،وهو وإن كان ثقة في نفسه ،فقد كان ضعيفا في حفظه ،
ولذلك لم يحتج الشيخان به ،وإنما روى له البخاري تعليقا ،ومسلم استشهادا ،ومن العجائب أن الحاكم والذهبي على علم ببعض
هذا ،فقد ذكر المزي أن الطائفي هذا ليس له في مسلم إل حديثا واحدا ،قال الحافظ ابن حجر ":وهو متابعه عنده،كما نص عليه
الحاكم " وكذلك صرح الذهبي في ترجمته من " الميزان " أن مسلما روى له متابعة .وله شاهد آخر من حديث أبي ذر نحوه .
أخرجه الحاكم بسند فيه رجل لم يسم ،وبقية رجاله ثقات .
- 94ويجب إعماق القبر ،وتوسيعه وتحسينه ،وفيه حديثان :
الول :عن هشام بن عامر قال " :لما كان يوم أحد ،أصيب من أصيب من المسلمين ،وأصاب
الناس جراحات (،فقلنا :يا رسول ال،الحفر علينا لكل إنسان شديد ) (،فكيف تأمرنا)،فقال :احفروا
وأوسعوا ( وأعمقوا ) ( وأحسنوا ) ،وادفنوا الثنين والثلثة في القبر ،وقدموا أكثرهم قرآنا (،قال
:فكان أبي ثالث ثلثة ،وكان أكثرهم قرآنا،فقدم ) " .أخرجه أبو داود ( )2/70والنسائي ( ) 284 -283 /1
والترمذي ( ) 36 / 3والبيهقي ( ) 34 / 4وأحمد ( ، ) 20 ، 19 / 4وابن ماجه مختصرا .
والسياق للنسائي ،والزيادات كلها له في رواية ،وكذا هي عند أحمد دون الولى ،ولبي داود والبيهقي الثالثة ،وللترمذي وابن
ماجه والبيهقي الرابعة ،وللترمذي الخامسة وقال " :حديث حسن صحيح " .
قلت :ومدار سنده على حميد بن هلل ،وقد رواه عنه أيوب السختياني على ثلثة وجوه :
الول :عنه عن هشام بن عامر .
الثاني :عنه عن أبي الدهماء عن هشام .
الثالث :عنه عن سعد بن هشام عن أبيه هشام .
وقد تابعه على الوجه الول سليمان بن المغيرة عن حميد به .أخرجه تابعه على الوجه الول
سليمان بن المغيرة عن حميد به .أخرجه النسائي والبيهقي ( )3/413وأحمد .وتابعه على الوجه الثالث جرير بن
حازم ثنا حميد بن هلل عن سعد بن هشام بن عامر أخرجه الثلثة المذكورن وكذا أبو داود وعنه البيهقي (. )3/414
وهذا الوجه أرجح عندي لهذه المتابعة ،وهي أرجح من المتابعة الولى لوجهين :
أول :أن سليمان بن المغيرة احتج به مسلم دون البخاري ،فروي له مقرونا بغيره ،بخلف
جرير بن حازم فقد احتج به مسلم والبخاري .
ثانيا :أن فيه زيادة من ثقة ،وهي معتبرة فكان من المرجحات .وعلى هذا فإسناد الحديث صحيح
كما قال الترمذي وهو على شرط الشيخين .
الثاني :عن رجل من النصار قال :خرجنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم في جنازة رجل
من النصار ،وأنا غلم مع أبي ،فجلس رسول ال صلى ال عليه وسلم على حفيرة القبر ،فجعل
يوصي ( وفي رواية :يومئ إلى )الحافر ويقول :أوسع من قبل الرأس ،وأوسع من قبل الرجلين
واستدل على ذلك بهذا الحديث ،ثم أجاب عن الحاديث الواردة في الدفن ليل ،وما في معناها من الثار بقوله ( : ) 115 - 114 / 5وكل من دفن ليل منه
صلى ال عليه وسلم ومن أزواجه ومن أصحابه رضي ال عنهم ،فإنما ذلك لضرورة أو جبت ذلك من خوف الحر على من حضر -وهو بالمدينة شديد -أو
خوف تغير أو غير ذلك مما يبيح الدفن ليل ،ول يحل لحد أن يظن بهم رضي ال عنهم خلف ذلك " .ثم روى كراهة الدفن ليل عن سعيد بن المسيب ،
وأقول :ومن الجائز أن بعض من دفن ليل كانوا صلوا عليه نهارا ،وحينئذ فل تعارض على ما سبق بيانه ،وذلك هو الواقع في حقه صلى ال عليه وسلم ،
فإنهم صلوا عليه يوم الثلثاء ثم دفنوه ليلة الربعاء كما ذكر ابن هشام في سيرته ( ) 314 / 4عن ابن اسحاق .وال أعلم .
71
116
،لرب عذق له في الجنة " .أخرجه أبو داود ( )2/83والبيهقي ( ، )3/414والرواية الخرى له وأحمد ()5/408
والسياق له ،وإسناده صحيح كما قال النووي في " المجموع " ( )5/286والحافظ في " التلخيص " (. )5/201
- 95ويجوز في القبر اللحد117والشق لجريان العمل عليهما في عهد النبي صلى ال عليه
وسلم ،ولكن الول أفضل ،وفي ذلك أحاديث :
الول:عن أنس بن مالك قال":لما توفي النبي صلى ال عليه وسلم كان بالمدينة رجل يلحد ،وآخر
يضرح ،فقالوا:نستخير ربنا،ونبعث إليهما ،فأيهما سبق تركناه ،فأرسل إليهما،فسبق صاحب اللحد
فلحدوا للنبي صلى ال عليه وسلم ".أخرجه ابن ماجه( )1/472والطحاوي ( )4/45وأحمد(.)3/99
قلت :وسنده حسن كما قال الحافظ في " التلخيص " ( . )5/204وله شاهدان :
الول :عن ابن عباس.أخرجه ابن ماجه()1/298وأحمد( )39،3358وابن سعد()2/2/72والبيهقي ()3/407
والخر :عن عائشة "رواه ابن ماجه وابن سعد ،وإسناده كل منهما ضعيف كما قال الحافظ .
لكن للول منهما طريق أخرى بلفظ " :دخل قبر النبي:صلى ال عليه وسلم العباس ،وعلي
والفضل ،وسوى لحده رجل من النصار،وهو الذي سوى لحود قبور الشهداء يوم بدر ".أخرجه
الطحاوي في "مشكل الثار "()4/47وابن الجارود()268وابن حبان()2161وإسناده صحيح،ولبن عباس حديث آخر في اللحد من
قوله صلى ال عليه وسلم يأتي بعد حديث،وشاهد من حديث علي يأتي في المسألة(()97ص . )147
الثاني :عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال ":ألحدوا لي لحدا،وانصبوا علي اللبن
نصبا كما صنع برسول ال صلى ال عليه وسلم".أخرجه مسلم()2/61والنسائي وأحمد (.)1489،1601،1602
الثالث :عن ابن عباس أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :اللحد لنا ،والشق لغيرنا ".
أخرجه أبو داود ( )2/69والنسائي ( )1/283والترمذي ( )2/152وابن ماجه ( )4711والطحاوي ( )4/48والبيهقي ()3/408
بسند ضعيف كما قال الحافظ ( )5/203وصححه ابن السكن .
قلت ولعله لشواهده وطرقه التي منها :عن جرير مرفوعا مثله .رواه ابن ماجه والطحاوي والبيهقي والطيالسي ( )669وأحمد (
)4/357،359،362عن عثمان بن عمير أبي اليقظان عن زاذان عنه .
وعثمان هذا ضعيف كما قال الحافظ ،لكن رواه الطحاوي من طريق ثان وأحمد من طريقين آخرين ،فهذه طرق أربعة لحديث
118
جرير يقوي بعضها ،فإذا ضمت إلى حديث ابن عباس شدت من عضده وارتقي إلى درجة الحسن بل الصحيح
-119 98ول بأسن من أن يدفن فيه اثنان أو أكثر عند الضرورة ،ويقدم إلى إفضلهم ،وفيه
أحاديث :
الول :عن جابر بن عبد ال قال ":كان النبي صلى ال عليه وسلم يجمع بين الرجلين (والثلثة )
من قتل أحد في ثوب واحد 120ثم يقول :أيهم أكثر أخذا للقرآن ؟فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في
اللحد[ قبل صاحبه] وقال:أنا شهيد على هؤلء يوم القيامة ،وأمر بدفنهم في دمائهم ،ولم يغسلوا
121
ولم يصل عليهم (،قال جابر :فدفن أبي وعمي يومئذ في قبر واحد )".أخرجه البخاري (-3/163
)165،169،7/300والنسائي ( )1/277والترمذي ( )2/147وصححه وابن ماجه ( )1/461وابن الجارود ( )270والبيهقي (
)4/14وأحمد (، )5/431والزيادة الثالثة له ،وللبخاري معناها ،وله والبيهقي الثانية ،ولبن ماجه الثالثة ،وعزاها الشوكاني (
)4/25للترمذي فوهم .وفي الشطر الثاني من الحديث زيادة تقدمت في المسألة (( ، )32ص )54
116قلت :وظاهر المر في الحديثين يفيد وجوب ما ذكر فيهما من العماق والتوسعة والحسان ،والمعروف عن الشافعية وغيرهم استحباب العماق ،وأما
ابن حزم فقد صرح في " المحلى " ( ) 116 / 5بفرضيته ،واختلفوا في حد العماق على أقوال تراها في " المجموع " أو غيره .
117بفتح اللم وبالضم وسكون الحا هو الشق في عرض القبر من جهة القبلة ،والشق هو الضريح وهو أن يحفر إلى أسفل كالنهر .
118قال النووي في " المجموع " ( " : ) 287 - 5أجمع العلماء أن الدفن في اللحد والشق جائز ان ،لكن إن كانت الرض صلبة ل ينهار ترابها فاللحد أفضل
لما سبق من الدلة ،وإن كانت رخوة تنهار فالشق أفضل "
119لقد انتقل رقم المسائل من 95الى 98لستدراك خطأ بالترقيم فعذرا ،
120يعنى في قطعة منه ،ولو لم يستر جيمع بدنه ،انظر التعليق ( ) 2ص 60
121ظاهر أنه يعني أخا أبيه ،وليس كذلك بل أراد عمرو بن الجموح المذكور في الحديث بعده ،وكان صديق والدجابر وزوج أخته هند بنت عمرو ،وكأن
جابرا سماه عمه تعظيما كما قال الحافظ في " الفتح " وساق اثارا تؤيد ذلك فراجعه ( ) 168 / 3
72
الثاني :عن أبي قتادة أنه حضر ذلك ،قال " :أتي عمرو بن الجموع إلى رسول ال صلى ال
عليه وسلم فقال :يا رسول ال أرأيت إن قتلت في سبيل ال حتى أقتل أمشي برجلي هذه صحيحة
في الجنة ؟ وكانت رجله عرجاء ،فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم :نعم ،فقتلوا يوم أحد :
هو وابن أخيه ومولى لهم ،فمر عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال :كأني أنظر إليك
تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة ،فأمر رسول ال صلى ال عليه وسلم بهما وبمولهما ،
فجعلوا في قبر واحد " .أخرجه أحمد ()5/299بسند حسن كما قال الحافظ (.)3/168وفي الباب عن هشام بن عامر،
122
ومضي حديثه في المسأله ( )93الحديث الول ( ،ص )141وعن أنس بن مالك ،وتقدم في المسألة ((،)37ص ) 60-)59
- 99ويتولى إنزال الميت ولو كان أنثى -الرجال دون النساء لمور :
الول :أنه المعهود في عهد النبي صلى ال عليه وسلم ،وجرى عليه عمل المسلمين حتى اليوم
ويأتي فيه حديث أنس في المسألة (. )99
الثاني :أن الرجال أقوى على ذلك ،
الثالث :لو تولته النساء أفضى ذلك إلى انكشاف شئ من أبدانهن أمام الجانب وهو غير جائز .
- 100وأولياء الميت أحق بإنزاله ،لعموم قوله تعالى{ وأولوا الرحام 123بعضهم أولى ببعض
في كتاب ال } ( .النفال . ) 75 :ولحديث علي رضي ال عنه قال " :غسلت رسول ال صلى ال
عليه وسلم ،فذهبت أنظر ما يكون من الميت ،فلم أر شيئا ،وكان طيبا حيا وميتا ،وولي دفنه
وإجنانه دون الناس أربعة :علي والعباس والفضل وصالح مولى رسول ال صلى ال عليه وسلم
،ولحد لرسول ال لحدا ،ونصب عليه اللبن عليه اللبن نصبا " .أخرجه الحاكم ( )1/362وعنه البيهقي (
)4/53بسند صحيح ،وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي .
وله شاهد من حديث ابن عباس سبق ذكره في المسألة (( ، )94ص )145-144وشاهد آخر عن الشعبي مرسل ،ولم يذكر
صالحا مولى رسول ال صلى ال عليه وسلم .
أخرجه أبو داود ( )2/69بسند صحيح عنه .
وله عن مرحب أو ابن أبي مرحب " أنهم ( يعني عليا والفضل وأخاه ) أدخلوا معهم عبد الرحمن
بن عوف ،فلما فرغ علي قال :إنما يلي الرجل أهله " .
ومرحب أو ابن أبي مرحب مختلف في صحبته. 124
وعن عبد الرحمن بن أبزي قال ":صليت مع عمر بن الخطاب على زينب بنت جحش بالمدينة ،
فكبر أربعا ثم أرسل إلى أزواج النبي صلى ال عليه وسلم :من يأمرون أن يدخلها القبر ؟ قال :
وكان يعجبه أن يكون هو الذي يلي ذلك :فأرسلن إليه :انظر من كان يراها في حال حياتها فليكن
هو الذي يدخلها القبر ،فقال عمر :صدقتن ".أخرجه الطحاوي ( )305-3/304والبيهقي ( )3/53بسند صحيح .
- 101ويجوز للزوج أن أن يتولى بنفسه دفن زوجته،لحديث عائشة رضي ال تعالى عنها قالت
" :دخل على رسول ال صلى ال عليه وسلم في اليوم الذي بدئ فيه،فقلت ،وارسأاه ،فقال :
وددبت أن ذلك كان وأنا حي ،فهيتأت ك ودفنتك ،قالت:فقلت غيري :كأني بك في ذلك اليوم
عروسا ببعض نسائك قال:وأنا وارأساه ادعي لي أباك وأخاك حتي أكتب لبي بكر كتابا فإني
أخاف أن يقول قائل ويتمنى متمن :أنا أولى وبأبي ال عزوجل والمؤمنون إل أبا بكر ".أخرجه
122قلت :وفي هذه الحاديث فضيلة ظاهرة لقارئ القرآن ،قال الحافظ في " الفتح ( " : ) 166 - 3ويلحق به أهل الفقه والزهد وسائر وجوه الفضل " ،وقال
الشافعي في " الم " ( " : ) 245 - 1ويدفن في موضع الضرورة من الضيق والعجلة الميتان والثلثة في القبر ،ويكون الذي للقبلة منهم أفضهلم وأسنهم ،
ول أحب أن تدفن المرأة مع الرجل على حال ،وإن كانت ضرورة ول سبيل إلى غيرها كان الرجل أمامها ،وهي خلفه ،ويجعل بين الرجل والمرأة في القبر
حاجز من تراب " .
123وهم الب وآباؤه ،والبن وأبناؤه :ثم الخوة الشقاء ،ثم الذين للب ،ثم بنوهم ،ثم العمام للب والم ثم للب ثم بنوهم ،ثم كل ذي رحم محرمه .كذا
في " المحلى " ( ، ) 143 / 5ونحوه في " المجموع " ( ) 290 / 5
124قلت :وهو والذي قبله من مرسل الشعبي ،شاهد قوي لحديث علي رضى ال عنه .
73
أحمد ( ) 144 / 6بإسناد صحيح على شرط الشيخين ،وهو في " صحيح البخاري " بنحوه (، )102 ،10/101ومسلم ()7/110
125
مختصرا ،وله طريق أخرى عن عائشة تقدم ( ص )50
- 102لكن ذلك مشروط بما إذا كان لم يطإ تلك الليلة ،وإل لم يشرع له دفنها ،وكان غيره
هو الولى بدفنها ولو أجنبيا بالشرط المذكور،لحديث أنس بن مالك رضي ال عنه قال " :شهدنا
ابنة لرسول ال صلى ال عليه وسلم،ورسول ال صلى ال عليه وسلم جالس على القبر فرأيته
126
الليلة ( أهله ) ؟ فقال أبو طلحة ( :نعم ) عينيه تدمعان ثم قال :هل منكم من رجل لم يقارف
أنا يا رسول ال ! قال :فانزل ،قال فنزل في قبرها ( فقبرها ) " .وفي رواية عنه " :أن رقية
رضي ال عنها لما ماتت قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ،ل يدخل القبر رجل قارف"الليلة"
أهله ،فلم يدخل عثمان بن عفان رضي ال عنه القبر ) .أخرج الرواية الولى البخاري في " صحيحه " (
)162 ،3/122والطحاوي في " المشكل " ( )3/304والحاكم ( )4/47والبيهقي ( )4/53وأحمد ( )3/126،228والسياق له ،
وعنده الزيادة الثانية في رواية له ،وعند الطحاوي والحاكم الولى ،والبخاري الخيرة .
وأخرج الرواية الثانية أحمد ( )270-3/229والطحاوي ( )3/202والحاكم ( )4/47وابن حزم ( )5/145من طريق أخرى عن
أنس ،والسياق لحمد ،والزيادة للحاكم وقال " :حديث صحيح على شرط مسلم " .
وهو كما قال،وأقره الذهبي،إل أن بعض الئمة قد استنكر منه تسميته البنت "رقية "فقال البخاري
في التاريخ الوسط " :
"ما أدري ما هذا ؟ فإن رقية ماتت والنبي صلى ال عليه وسلم ببدر لم يشهدها " .ورجح الحافظ
في " الفتح " أن الوهم فيه من حماد بن سلمة ،وأنها أم كلثوم زوج عثمان ،فراجعه ،وهو الذي
جزم به الطحاوي في " المشكل " وقال " " وكانت وفاتها في سنة تسع من الهجرة ".127
-103والسنة إدخال الميت من مؤخر القبر،لحديث أبي إسحاق قال ":أوصي الحارث أن يصلي
عليه عبد ال بن يزيد،فصلى عليه،ثم أدخله القبر من قبل رجلي القبر وقال :من السنة ".أخرجه ابن
أبي شيبة في " المصنف "( )4/130وأبو داود( )2/69ومن طريقه البيهقي( )4/54وقال :
هذا إسناد صحيح ،وقد قال " :هذا من السنة " فصار من المسند " .
قلت :ثم روى له شواهد من حديث ابن عباس وغيره ، :وقال " :هذا هو المشهور فيما بين أهل الحجاز " .
ثم ساق حديثين في أن النبي صلى ال عليه وسلم أدخل من قبل القبلة ،وضعفهما ،وهو كما ذكر ،وقد أعل الشافعي رحمه ال
تعالى الحديث الثاني منهما من جهة متنه أيضا بحجة أنه غير ممكن عمليا ،فقال في" الم " (: )1/241
" أخبرني الثقات من أصحابنا أن قبر النبي صلى ال عليه وسلم على يمين الداخل من البيت ل
صق بالجدار ،والجدار الذي اللحد لجنبه قبلة البيت ،وأن لحده تحت الجدار،فكيف يدخل معترضا
واللحد لصق بالجدار ،ل يقف عليه شئ،ول يمكن إل أن يسل سل ،أو يدخل من خلف القبلة،
وأمور الموتى وإدخالهم من المور المشهورة عندنا لكثرة الموت ،وحضور الئمة ،وأهل الثقة،
وهو من المور العامة التي يستغني فيها عن الحديث ،ويكون الحديث فهيا كالتكليف بعموم
معرفة الناس لها ،ورسول ال صلى ال عليه وسلم والمهاجرون والنصار بين أظهرنا بين
125وقد ذهب إلى جواز دفن الرجل لزوجته الشافعية ،بل قالوا :إنه أحق بذلك من أوليائها الذين ذكرنا وعكس ذلك ابن حزم فجعله بعدهم في الحقية ،ولعله
القرب لما سبق من عموم الية
126أي يجامع كما في " النهاية " ،واستبعد هذا التفسير الطحاوي بدون أي دليل ،فل يلتفت إليه
127قال النووي في " المجموع " ( " : ) 289 / 5هذا الحديث من الحاديث التي يحتج بها في كون الرجال هم الذين يتوا عن الدفن وإن كان الميت امرأة ،قال
:ومعلوم أن أبا طلحة رضي ال عنه أجنبي عن بنات النبي صلى ال عليه وسلم ،ولكنه كان من صالحي الحاضرين ،ولم يكن هناك رجل محرم إل النبي
صلى ال عليه وسلم ،فلعله كان له عذر في نزول قبرها ،وكذا زوجها ،ومعلوم أنها أختها فاطمة وغيرها من محارمها وغيرهن هناك ،فدل على أنه ل
مدخل للنساء في إدخال القبر والدفن " .وقال الحافظ في " الفتح " :في الحديث البعيد ايثار البعيد العهد عن الملذ في مواراة الميت ولو كان امرأة على الب
والزوج ،وقيل :إنما اثره بذلك لنها كانت صنعته ،وفيه نظر ،فإن ظاهر السياق أنه اختاره لذلك لكونه لم يقع منه في تلك الليلة جماع " .قلت :والحديث
ظاهر الدللة على ما ترجمنا له ،وبه قال ابن حزم رحمه ال ( ، ) 145 - 144 / 5ومن الغرائب أن عامة كتب الفقه التي كنت وقفت عليها ،أو راجعتها بهذه
المناسبة لم تتعرض لهذه المسألة ،ل نفيا ول إثباتا ،وهذا دليل من أدلة كثيرة على أنه ل غنى للفقيه عن كتب السنة خلفا لما يظنه المتعصبة للمذاهب أن كتب
الفقه تغني عن كتب الحديث بل وعن كتاب ال تبارك وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا ،أنظر " سلسلة لحاديث
الحاديث الصحيحة " ( ج 1ص 129 - 128طبع المكتب السلمي ) .
74
أظهرنا بنقل العامة عن العامة ل يختلفون في ذلك أن الميت يسل سل،ثم جاءنا آت128من غير
بلدنا يعلمنا كيف ندخل الميت129ثم لم يعلم ( كذا الصل ،وفي " المجموع " نقل عن " الم " ( لم
يرض ) ( ولعله الصواب ) حتى روى عن حماد عن ابراهيم أن النبي صلى ال عليه وسلم أدخل
معترضا " .ثم ساق الشافعي حديث ابن عباس وغيره أن رسول ال صلى ال عليه وسلم سل
من قبل رأسه .قلت :ورجاله ثقات رجال الشيخين غير شيخ الشافعي وهو مجهول لم يسم ،لن
الشافعي قال " :أخبرنا الثقة عن عمرو عن عطاء عنه " .وعن ابن سيرين قال ":كنت مع أنس
في جنازة فأمر بالميت فسل من قبل رجل القبر" .أخرجه أحمد ()4081وابن أبي شيبعة ()4/130وسنده صحيح
-104ويجعل الميت في قبره على جنبه اليمين ،ووجهه قبالة القبلة ،ورأسه ورجاله إلى يمين
القبلة ويسارها ،على هذا جرى عمل أهل السلم من عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم إلى
يومنا هذا وهكذا كل مقبرة على ظهر الرض ،كذا في " المحلى " ( )173 /5وغيره .
- 105ويقول الذي يضعه في لحده ":بسم ال ،وعلى سنة رسول ال،أو :ملة رسول ال صلى
ال عليه وسلم " .والدليل عليه حديث ابن عمر ":أن النبي صلى ال عليه وسلم كان إذا وضع
الميت في القبر قال (:وفي لفظ :أن النبي صلى ال عليه وسلم قال :أذا وضعتم موتاكم في القبور
فقولوا) :بسم ال ،وعى سنة (وفي رواية :ملة) رسول ال".أخرجه أبو داود( )2/70والترمذي ()2/152،153
وابن ماجه ( )1/470وابن حبان في " صحيحه " ( )773والحاكم( )1/366والبيهقي( )4/55وأحمد (رقم )4990،5233،6111
من طريقين عن ابن عمر .
واللفظ الول لبي داود وابن ماجه وابن السني ،واللفظ الخر للباقين ،وأما الرواية الخرى فهي للترمذي وابن ماجه
والحاكم ،ورواية لحمد ،ومعناهما واحد ،وقال الترمذي " :حديث حسن " .
وقال الحاكم ووافقه الذهبي " :صحيح على شرط الشيخين " .
قلت :وهو كما قال :ول يضره رواية بعضهم له موقوفا لمرين :
الول :أن الذي رفعه ثقة ،وهي زيادة منه ،فيجب قبولها ويؤيده
المر الثاني :أنه روي مرفوعا من الطريق الخر .أو يقول " :بسم ال ،وبال ،وعلى ملة
رسول ال صلى ال عليه وسلم " .لحديث البياضي رضي ال عنه عن رسول ال صلى ال
عليه وسلم أنه قال " :الميت إذا وضع في قبره :فليقل الذين يضعونه حين يوضع في اللحد :باسم
ال ،وبال على ملة رسول ال صلى ال عليه وسلم ".إخرجه الحاكم شاهدا للحديث الذي قبله .وإسناده حسن
- 106ويستحب لمن عند القبر أن يحثو من التراب ثلث حثوات بيديه جميعا بعد الفراغ من سد
اللحد ،لحديث أبي هريرة ":أن رسول ال صلى ال عليه وسلم صلى على جنازة ثم آتي الميت
فحتى عليه من قبل رأسه ثلثا".أخرجه ابن ماجه ( )1/474بإسناد قال ( " : )5/292جيد " .لكن قال الحافظ ":ظاهره
الصحة " .ثم ذكر أنه معلول بعنعقة بعض رواته كما بينته في " التعليقات الجياد "،لكن الحديث قوي بما له من الشواهد ،وقد
128هو حماد بن أبي سليمان من شيوخ أبي حنيفة كما في " فتح القدير " وغيره ،وأقول :بل الظاهر أنه أبو حنيفة نفسه بدليل قول الشافعي التي " :حتى
روى عن حماد " فهذا صريح أنه غير حماد وإنما هو أبو حنيفة .
129وما دل عليه هذا الحديث الموقوف ثم المرفوع قبله هو مذهب أحمد وعليه أكثر أصحابه كما في " النصاف " ( ) 544 / 2خلفا لحنفية ك ما سبق في
كلم الشافعي ،واحتج لهم ابن الهمام بحديث ابن عباس أنه صلى ال عليه وسلم دخل قبرا . .فأخذه من قبل القبلة . . .رواه الترمذي وقال " :حديث حسن " .
قال ابن الهمام ( " : ) 470 / 1من أن فيه الحجاج بن أرطاة ومنها ل بن خليفة ،وقد اختلفوا فيهما ،قال :ذلك يحط الحديث عن درجة الصحيح ،ل الحسن "
.قلت :بل ذلك يحطه عن درجة الحسن لن الحجاج مدلس وقد عنعنه ،وحديث المدلس المعنعن غير مقبول عند العلماء وهو أحد الحديثين اللذين ضفهما
البيهقي كما سبقت الشارة الى ذلك في أول المسألة ،ولذلك أنكر النووي ( ) 295 / 5على الترمذي تحسينه إياه فقال " :ل يقبل قول الترمذي فيه :إنه حسن
لن الحجاج بن أرطاة ضعيف باتفاق المحدثين " .وقال الزيلعي ) 300 / 2 ( :بعد أن حكى قول الترمذي " :وأنكر عليه لن مداره على حجاج بن أرطاة ،
وهو مدلس ولم يذكر سماعا ،ومنهال ضعفه ابن معين " . . .قلت :فهذا هو الحق عند من ينصف أن هذا الحديث ضعيف وحديث عبد ال بن يزيد صحيح ،
ومن الغرائب أن ابن الهمام سلم بصحته ،ولكنه رده من أصله بحجة أنه فعل صحابي ظن السنة ذلك ! يقول هذا مع أن مذهبه أن قول الصحابي ،السنة كذا في
معنى الحديث المسند كما نقلناه عنه في المسألة (( )77ص )120وراجع المسإلة ( ()73ص )109،110فقيه رد على نوع آخر من التعصب وتخطئة الصحابة
بدون حجة !
75
ذكرها الحافظ في " تلخيص الحبير"( )5/222فليراجعها من شاء،ثم تبى نلي أن العلل المشار إليه غير قادح،كما حققته في
الرواء (.130)743
- 107ويسن بعد الفراغ من دفنه أمور :
الول :أن يرفع القبر عن الرض قليل نحو شبر ،ول يسوى بالرض ،وذلك ليتميز فيصان
ول يهان لحديث جابر رضي ال عنه ":أن النبي صلى ال عليه وسلم ألحد له لحد ،ونصب
اللبن نصبا ،ورفع قبره من الرض نحوا من شبر ".رواه ابن حبان في " صحيحه " ( )2160والبيهقي (
)3/410وإسناده حسن .
وله شاهد عن صالح بن أبي صالح قال " ،رأيت قبر رسول ال صلى ال عليه وسلم شبرا أو
نحو شبر " .رواه أبو داود في " المراسيل " .
ويؤيده ما سيأتي من النهي عن الزيادة على التراب الخارج من القبر ،فإن من المعلوم أنه يبقى
بعد الدفن على القبر التراب الذي أخرج من القبر ،فإن من المعلوم أنه يبقى بعد الدفن على
القبر التراب الذي أخرج من اللحد الذي شغله جسم الميت ،وذلك يساوي القدر المذكور في
الحديث تقريبا .131
الثاني :أن يجعل مسنما ،لحديث سفيان التمار قال ":رأيت قبر النبي صلى ال عليه وسلم
( وقبر أب بكر وعمر ) مسنما " .أخرجه البخاري ( )199-3/198والبيهقي ( . )4/3ورواه ابن أبي شيبة وأبو نعيم
في " المستخرج " كما في " التلخيص " والزيادة لهما .
ول يعارض ذلك ما روى عن القاسم قال " :دخلت على عائشة فقلت :يا أمة آكشفى لي عن
قبر النبي صلى ال عليه وسلم وصاحبيه رضي ال عنهما ،فكشفت لي عن ثلثة قبور ل
مشرفة ول لطئعة ،مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء " .أخرجه أبو داود ( )2/70والحاكم ()1/369
وعنه البيهقي ( )4/3وابن حزم ( )5/134من طريق عمرو بن عثمان بن هاني عن القاسم به ،وقال الحاكم " :صحيح السناد "
! ووافقه الذهبي ! وأما البيهقي فقال " :إنه أصح من حديث سفيان التمار " ! ! وقد رد عليه ابن التركماني " :هذا خلف
اصطلح أهل هذا الشأن ،بل حديث التمار أصح لنه مخرج في صحيح البخاري ،وحديث القاسم لم يخرج في شئ من الصحي"
قلت :هذا الرد ل يكفي قد يكون إسناد الحديث المخالف لحديث البخاري أصح وأقوى من سند
البخاري ،فل يتم ترجيح حديث التمار إل ببيان علة حديث القاسم أو على القل بيان إنه دونه
في الصحة ،وهو الواقع هنا فإن علته عمرو بن عثمان ابن هانئ ،وهو مستور كما قال الحافظ
في "التقريب" ولم يوثقه أحد ألبتة ،فتصحيح الحاكم لحديثه من تساهله المعروف ،ومتابعة الذهبي
له من أوهامه الكثيرة التي ل تخفى على من تتبع كلمه في " تلخيص المستدرك " .
130وأما استحباب بعض المتأخرين من الفقهاء أن يقول في الحثية الولى ( منها خلقناكم ) ،وفي الثانية ( وفيها نعيدكم ) ،وفي الثالثة ( ومنها نخرجكم تارة
أخرى ) فل أصل له في شئ من الحاديث التي أشرنا إليها في العلى :وأما قول النووي ( : ) 294 - 293 / 5وقد يستدل له بحديث أبي أمامة رضي ال
عنه قال " :لما وضعت أم كلثوم بنت رسول ال صلى ال عليه وسلم في القبر قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ( :منها خلقنا كم ،وفيها نعيدكم ،ومنها
تخريجكم تارة أخرى ) " ،رواه المام أحمد من رواية عبيد ال بن زحر عن علي بن زيد بن جدعان عن القاسم ،وثلثتهم ضعفاء لكن يستأنس بأحاديث
الفضائل وإن كانت ضعيفة السناد ،ويعمل ها في الترغيب والترهيب ،وهذا مها ،وال أعلم " .فالجواب عليه من وجه :الول :أن الحديث ليس فيه
التفصيل المزعوم استحبابه فل حجة فيه أصل لو صح سنده .الثاني :أن التفصيل المذكور لم يثبت في الرع أنه من فضائل العمال حتى يقال يعمل بهذا
الحديث لنه في فضائل العمال ،بل إن تجويز العمل به معناه إثبات مشروعية عمل بحديث ضعيف وذلك ل يجوز لن المشروعية أقل درجاتها الستحباب :
وهو حكم م الحكام الخمسة التي ل تثبت إل بدليل صحيح ،ول يجدي فيها الضعيف باتفاق العلماء .الثالث أن الحديث ضعيف جدا ،بل هو موضوع في نقد
ابن حبان ،فإنه في " مسند أحمد " ( ) 254 / 5من طريق عبيد ال بن زحر عن علي بن يزيد ،وهو اللهاني وقول النووي " علي بن زيد بن جدعان " خطأ
،لمخالفته لما في " المسند " قال ابن حبان " :عبيد ال بن زحر ،يروي الموضوعات عن الثبات ،وإذا روى عن علي بن يزيد أتي بالطامات ،وإذا اجتمع
في إسناد خبر عبيد ال وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبد الرحمن لم يكن ذلك الخبر إل مما عملته أيديهم " ! ابن حجر في " تبيين العجب فيما ورد في فضل
رجب " .
131قال الشافعي في " الم " ( ) 246 - 245 / 1ما مختصره " :وأحب أن ل يزاد في القبر تراب من غيره ،لنه إذا زيد ارتفع جدا ،وإنما أحب أن يشخص
على وجه الرض شبرا أو نحوه " .ونقل النووي في " المجموع " ( ) 296 / 5اتفاق أصحاب الشافعي على استحباب الرفع ،بالقدر المذكور
76
ثم إنه لو صح فليس معارضا لحديث التمار لن قوله " مبطوح " ليس معناه مسطح بل ملقى فيه
البطحاء وهو الحصى الصغيرة كما في " النهاية "،وهو ظاهر في الخبر نفسه" :مبطوحة ببطحاء
العرصة الحمراء فهذا ل ينافي التسنيم،وبهذا جمع ابن القيم بين الحديثين فقال في " الزاد " :
"وقبره مسنم مبطوح ببطحاء العرصة ،الحمراء ،لمبني ول مطين ،وهكذا كان قبر صاحبيه ".
الثالث :أن يعلمه بحجر أو نحوه ليدفن إليه من يموت من أهله ،لحديث المطلب ابن أبي وادعة
رضي ال عنه قال " :لما مات عثمان بن مظعون أخرج بجنازته فدفن ،أمر النبي صلى ال
عليه وسلم رجل أن يأتيه بحجر فلم يستطع حمله ،فقام إليها رسول ال صلى ال عليه وسلم
وحسر عن ذراعية ،قال المطلب :قال الذي يخبرني عن رسول ال صلى ال عليه وسلم :كأني
أنظر إلى بياض ذراعي رسول ال صلى ال عليه وسلم حين حسر عنهما ،ثم حملها فوضعها
عند رأسه ،وقال :أتعلم بها قبر أخي ،وأدفن إليه من مات من أهلي ".أخرجه أبو داود ()2/69وعنه
البيهقي ( )3/412بسند حسن كما قال الحافظ ( ، )5/229والمطلب صحابي معروف أسلم يوم الفتح .وله شاهدان ذكرتهما في "
التعليقات الجياد " .
الرابع :أن ل يلقن الميت التلقين المعروف ليوم ،لن الحديث الوارد فيه ل يصح132بل يقف
على القبر بدعو له بالتثبيت ،ويستغفر له ،ويإمر الحاضرين بذلك لحديث عثمان بن عفان
رضى ال عنه قال ":كان النبي صلى ال عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال :
استغفروا لخيكم،وسلوا له التثبيت ،فإنه الن يسإل".أخرجه أبو داود ( )2/70والحاكم(1/370والبيهقي ()4/56
وعبد ال بن أحمد في " زوائد الزهد "(ص )129وقال الحاكم " :صحيح السناد " ،ووافقه الذهبي :وهو كما قال ،وقال
النووي ( " :5/292إسناده جيد " .
- 108ويجوز الجلوس عنده أثناء الدفن تذكير الحاضرين بالموت وما بعده ،لحديث البراء بن
عازب قال " :خرجنا مع النبي صلى ال عليه وسلم في جنازة رجل من النصار ،فانتهينا إلى
القبر ولما يلحد،فجلس رسول ال صلى ال عليه وسلم ( مستقبل القبلة ) ،وجلسنا حوله ،وكأن
على رؤوسنا الطير ،وفي يده عوده ينكت في الرض ( ،فجعل ينظر إلى السماء ،وينظر إلى
الرض ،وجعل يرفع بصره ويخفضه ،ثلثا ) ،فقال :استعيذوا بال من عذاب القبر ،مرتين ،
أو ثلثا ( ،ثم قال :اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ) ( ثلثا ) ،ثم قال :إن العبد المؤمن إذا
كان في انقطاع من الدنيا ،وإقبال من الخرة ،نزل إليه ملئكة من السماء ،بيض الوجوه ،
كأن وجوههم الشمس،معهم كفن من أكفان الجنة ،وحنوط133من حنوط الجنة ،حتى يجلسوا منه
مد البصر ،ثم يجيئ ملك الموت عليه السلم134حتى يجلس عند رأسه فيقول :أيتها النفس الطيبة
( وفي رواية :المطمئنة ) ،أخرجي إلى مغفرة من ال ورضوان،قال :فتخرج تسيل كما تسيل
القطرة من في السقاء،فيأخذها ( ،وفي رواية :حتى إذا خرجت روحه صلى ال عليه كل ملك
بين السماء والرض ،وكل ملك في السماء،وفتحت له أبواب السماء ،ليس من أهل باب إل
وهم يدعون ال أن يعرج بروحه من قبلهم ) ،فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى
يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن،وفي ذلك الحنوط ( ،فذلك قوله تعالى {:توفته رسلنا وهم ل
132وكذا قال ابن القيم في " زاد المعاد " ( ، ) 206 / 1وضعفه النووي وغيره كما ذكرته في " التعليقات الجياد " ،وقال الصنعاني في " سبل السلم " ( - 2
: ) 161ثم حققت القول فيه في " سلسلة الحاديث الضعيفة " ( " ) 599ويحتمل من كلم أئمة ل تحقيق أنه حديث ضعيف ،والعمل به بدعة ،ول يغتر
بكثرة من يفعله " .ويعجبني منه قوله " :والعمل به بدعة " ،وهذه حقيقة طالما ذهل عنها العلماء ،فإنهم يشرعون بمثل هذا الحديث كثيرا من المور
ويستحبونها اعتمادا منهم على قاعدة " يعمل بالحديث الضعيف في فضائل العمال " ولم يتنبهوا إلى أن محلها فيما ثبت بالكتاب والسنة مشروعيته وليس
بمجرد الحديث الضعيف ،وقد سبق لهذا مثال في التعليق ( ص . ) 153وأذكر إن للمام الشاطبي في " الموافقات " كلما جيدا حول هذه القاعدة فليراجع .
133بفتح المهملة ما يخلط من لطيب لكفان الموتى وأجسامهم خاصة .
134قلت :هذا هو اسمه في الكتاب والسنة (ملك الموت) ،وأما تسميته (بعزرائيل) فمما ل أصل له،خلفا لما هو المشهور عند الناس ،ولعله من السرائيليات!
77
يفرطون} ،ويخرج منها كأطيب نفحة مسلك وجدت على وجه الرض ،قال :فيصعدون بها فل
يمرون -يعن-بها على مل من الملئكة إل قالوا :ماهذا الروح الطيب ؟فيقولون :فلن ابن فلن
-بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا ،حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا ،فيستفتحون
له ،فيفتح لهم ،فيشيعه م نكل سماء مقربوها ،إلى المساء التي تليها ،حتى ينتهي به إلى السماء
السابعة ،فيقول ال عزوجل { :اكتبوا كتاب عبدي في عليين ،وما أدراك ما عليون :كتاب
مرقوم يشهده المقربون} ،فيكتب كتابه في عليين ،ثم يقال ):أعيدوه إلى الرض ،فإني ( وعدتهم
أني ) منها خلقتهم ،وفهيا أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى ،قال :فـ( يرد إلى الرض ،و)
تعاد روحه في جسده (،قال :فانه يسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه ) ( مدبرين).فيأتيه ملكان
( شديدا النتهار )فـ( ينتهرانه ،و) يجلسانه فيقولن له :من ربك ؟ فيقول :ربي ال ،فيقولن
له :ما دينك ؟ فيقول :ديني السلم فيقولن له :ما هذا الرجل الذي بعثت فيكم ؟ فيقول :هو
رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فيقولن له :وما عملك ؟ فيقول :قرأت كتاب ال فآمنت به ،
وصدقت ( ،فينتهره فيقول :من ربك ؟ ما دينك ؟من نبيك ؟وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن
،فذلك حين يقول ال عزوجل ( يثبت ال الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا ) ،فيقول :
ربي ال ،وديني السلم ،ونبيي محمد صلى ال عليه وسلم ،فينادي مناد في السماء :أن صدق
عبدي ،فافرشوه من الجنة ،وألبسوه م نالجنة ،وافتحوا له بابا إلى الجنة ،قال :فيإتيه من
روحها وطيبها ،ويفسح له في قبره مد بصره ،قال :ويأتيه ( وفي رواية :يمثل له )رجل حسن
الوجه ،حسن الثياب ،طيب الريح ،فيقول :ابشر بالذي يسرك (،ابشر برضوان من ال ،وجنات
فيها نعيم مقيم) ،هذا يومك الذي كنت توعد ،فيقول له ( :وأنت فبشرك ال بخير ) من أنت
فوجهك الوجه يجيئ بالخير ،فيقول :أنا عملك الصالح ( فوال ما علمتك إل كنت سريعا في
إطاعة ال ،بطيئا في معصية ال،فجزاك ال خيرا ) ،ثم يفتح له باب من الجنة ،وباب من
النار ،فيقال:هذا منزلك لو عصيت ،ال ،أبد لك ال به هذا فإذا رأى ما في الجنة قال :رب
عجل قيام الساعة ،كيما أرجع إلى أهل ومالي ( ،فيقال له :اسكن ) ،قال :وإن العبد الكافر(
وفي رواية :الفاجر )إذا كان في انقطاع من الدنيا،وإقبال من الخرة ،نزل إليه من السماء
ملئكة ( غلظ شداد )،سود الوجوه،معهم المسوح (135من النار) ،فيجلسون منه مد البصر ،ثم
يجيئ ملك الموت حتى يجلس عند رأسه ،فيقول :إيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من ال
وغضب ،قال:فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفو ( الكثير الشعب ) من الصوف
المبلول (،فتقطع معها العروق والعصب ) ( ،فيلعنه كل ملك بين السماء والرض ،وكل ملك في
السماء وتغلق أبواب السماء ،ليس من أهل باب إل وهم يدعون ال أل تعرج روحه من قبلهم )،
فيأخذها،فإذا أخذها ،لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ،وبخرج منها
كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الرض ،فيصعون بها ،فل يمرون بها على مل من
الملئكة إل قالوا :ما هذا الروح الخبيث ؟ فيقولون :فلن ابن فلن -بأقبح أسمائه التي كان
يسمى بها في الدنيا ،حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا فيستفتح له ،فل يفتح له ،ثم قرأ رسول
ال صلى ال عليه وسلم ( :ل تفتح لهم أبواب السماء ول يدخلون الجنة ،حتى يلج الجمل في سم
الخياط )136فيقول ال عزوجل {:اكتبوا كتابه في سجين ،في الرض السفلى } (،ثم يقال :أعيدوا
عبدي إلى الرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم ،وفيها أعيدهم ،ومنها أخرجهم تارة أخرى
135جمع المسح ،بكسر الميم ،وهو ما يلبس من نسيج الشعر على البدن تقشفا وقهرا للبدن .
136أي ثقب البرة ،والجملى هو الحيوان المعروف ،وهو ما أتى عليه تسع سنوات
78
) ،فتطرح روحه ( من السماء) طرحا (حتى تقع في جسده) ثم قرأ{ ومن يشرك بال ،فكأنما خر
من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق } ،فتعاد روحه في جسده ( ،قال
:فإنه ليسمع خفق نعال أصحابه إذا ولو عنه ) .ويأتيه ملكان ( شديدا النتهار،فينتهرانه،و )
يجلسانه ،فيقولن له :من ربك ؟ ( فيقول :هاه هاه137ل أدري ،فيقول له :ما دينك ؟ فيقول :
هاه هاه ل آدري ) ،فيقولن :فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم ) فل يهتدي لسمه ،فيقال
:محمد ! فيقول ) هاه هاه ل أدري ( سمعت الناس يقولون ذاك ! قال :فيقال :ل دريت ) ( ،ول
تلوت ) ،فينادي مناد من السماء أن كذب ،فافشروا له من النار ،وافتحوا له ا إلى النار ،
فيإتيه من حرها وسمومها ،ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلعه ،ويأتيه ( وفي رواية
:ويمثل له ) رجل قبيح الوجه ،قبيح الثياب ،منتن الريح ،فيقول :أبشر بالذي يسوؤك ،هذا
يومك الذي كنت توعد ،فيقول ( وأنت فبشرك ال بالشر ) من أنت ؟ فوجهك الوجه يجيئ بالشر
؟ فيقول :أنا عملك الخبيث ؟( فو ال ما علمت إل كنت بطيئا عن طاعة ال ،سريعا إلى مصية
ال ) (،فجزاك ال شرا ،ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة! لو ضرب بها جبل كان
ترابا ،فيضربه ضربة حتى يصير بها ترابا ،ثم يعيده ال كما كان ،فيضربه ضربة
أخرى،فيصيح صيحة يسمعه كل شئ إل الثقلين،ثم يفتح له باب من النار ،يمهد من فرش النار )
.فيقول :رب ل تقم الساعة " .أخرجه أبو داود ( )2/281والحاكم ( )40-1/37والطيالسي ( رقم 753وأحمد (4/287
،288و 288و 295و )296والسياق له والجري في " الشريعة " (. )370-367
وروى النسائي ( )1/282وابن ماجه ( )470-1/469القسم الول منه إلى قوله :وكأن على رؤوسنا الطير " .وهو رواية لبي
داود ( )2/70بأخصر منه وكذا أحمد ( )4/297وقال الحاكم " :صحيح على شرط الشيخين".
وأقره الذهبي ،وهو كما قال ،وصححه ابن القيم في "إعلم الموقعين"( "،)1/214تهذيب السنن "(،)4/337ونقل فيه تصحيحه عن
138
أبي نعيم وغيره
-109ويجوز إخراج الميت من القبر لغرض صحيح ،كما لو دفن قبل غسله وتكفينه ونحو ذلك
،لحديث جابر بن عبد ال قال:أتي رسول ال صلى ال عليه وسلم عبد ال بن أبي بعد ما أدخل
حفرته ،فأمر به فأخرج ،فوضعه على ركبتيه ،ونفث عليه من ريقه ،وألبسه قميصه ( قال جابر:
139
وصلى عليه ) ،فال أعلم ،وكان كسا عباسا قميصا )" أخرجه البخاري ()3/167والسياق مع الزيادة الخيرة
له،ومسلم ()8/120والنسائي ()1/284والزيادة الولى له ،وابن الجارود ()260والبيهقي ( )3/402وأحمد ( )3/381من طريق
عمرو بن دينار سمعه من جابر .
وله طريق أخرى :عن أبي الزبى عن جابر قال " :لما مات عبد ال بن أبي ،أتي ابنه النبي
صلى ال عليه وسلم فقال :يا رسول ال إن لم تأته لم نزل نعير بهذا ،فأتاه النبي صلى ال
137هي كلمة تقال في الضحك وفي اليعاد ،وقد تقال للتوجع ،وهو أليق بمعنى الحديث وال أعلم ،كذا في " الترغيب " .
138والزيادة الولى لبي داود وابن ماجه والحاكم ، ،والثانية لحمد والطيالسي ،والثالثة له والحاكم ،والرابعة لحد ،والخامسة ،وله السادسة والثامنة ،
والسابعة للحاكم ،والثامنة للطيالسي ،والتاسعة لحمد لبي داود والحادية عشر والثانية عشر للطيالسي ،والثالثة عشر لحمد والرابعة عشر الطيالسي
والخامسة عشر له وكذا أحمد ،والسادسة عشر له أيضا ولحمد نحوه ،وله السابعة عشر والثامنة عشر والتاسعة عشر والعشرون والواحدة والعشرون ،
والحاكم الخيرتان منها ،والثانية والعرون لحمد والثالثة والعشرون والخامسة والعشرون للحاكم ،والرابعة والشعرون للطيالسي والسادسة والعشرون
لحمد ،والسابعة والعشرون للطيالسي ،والثامنة والعشرون لبي داود ،والتاسعة والثلثون للطيالسي ، ،ولحمد الزيادات الباقية والثالثة والثلثون منها
للطيالسي ولفظها له وأما الرواية الثانية فهي للحاكم ،ولحمد الثالثة ،وللحاكم والطيالسي الرابعة والخامسة والسادسة .
139يعني بالحكمة التي من أجلها فعل صلى ال عليه وسلم ذلك بابن أبي مع كونه كان منافقا كما تقدم في المسألة ( ، ) 60والظاهر أن هذا كان قبل نزول قوله
تعالى ( ول تصل عل يأحد منهم مات أبدا ،ول تقم على قبره ) الية ،وحينئذ يمكن فهم الحكمة مما علقناه هناك .
يعني العباس بن عبد المطلب عن النبي صلى ال عليه وسلم ،وذلك يوم بدر ،لما أتي بالساري ،وأتى بالعباس ،ولم يكن عليه ثوب ،فوجدوا قميص عبد ال
بن أبي ،فكساه النبي صلى ال عليه وسلم إياه ،فلذلك ألبسه النبي صلى ال عليه وسلم قميصه ،هكذا ساقه البخاري في " الجهاد " ،فيمكن أن يكون هذا هو
السبب في لباسه
قميصه .ويمكن أن يكون السببب ما أخرجه البخاري أيضا في " الجنائز " أن ابن عبد ال المذكور قال :يا رسول ال ألبس أبي قميصك الذي يلي جلدك ،وفي
رواية أنه قال :اعطني قميصك أكفنه فيه -ويمكن أن يكون السبب هو المجموع :السؤال والمكافاة ،ول مانع من ذلك ،كذا في " نيل الوطار " ويمكن أن
يكون السبب هو المجموع :السؤال والمكافأة ،ول مانع ما ذلك .كذا في " نيل الوطار " ( . ) 97 - 4
79
عليه وسلم فوجده قد أدخل في حفرته ،فقال :أفل قبل إن تدخلوه؟ فأخرج من حفرته فتفل عليه
من قرنه إلى قدمه،وألبسه قميصه " .أخرجه أحمد ( )3/371والطحاوي في " المشكل " ( )1/14/15بسند على شرط
مسلم ،لكن أبو الزبير مدلس وقد عنعه .
- 110ول يستحب للرجل أن يحفر قبره قبل أن يموت ،فإن النبي صلى ال عليه وسلم لم
يفعل ذلك هو ول أصحابه ،والعبد ل يدري أين يموت ،وإذا كان مقصود الرجل الستعداد
للموت ،فهذا يكون من العمل الصالح .
كذا في " الختيارات العلمية " لشيخ السلم ابن تيمية رحمه ال تعالى .
*********************
80
()15
التعزية
- 111وتشرع تعزية أهل الميت ،140وفيه حديثان :
الول :عن قرة آلمزني رضي ال عنه قال " :كان نبي ال صلى ال عليه وسلم إذا جلس ،
يجلس إليه نفر من أصحابه،وفيهم رجل له ابن صغير ،يأتيه من خلف ظهره فيقعده بين يديه ( ،
فقال له النبي صلى ال عليه وسلم :تحبه ؟ فقال :يا رسول ال أحبك ال كما أحبه ! ) ،فهلك ،
فامتنع الرجل أن يحضر الحلقة ،لذكر ابنه ،فحزن عليه ،ففقده النبي صلى ال عليه وسلم ،
فقال :مالي ل أري فلنا ؟ فقالوا :يا رسول ال بنية الذي رأيته هلك ،فلقيه النبي صلى ال
عليه وسلم :فسأله عن بنيه ؟ فأخبره بأنه هلك ،فعزاه عليه ،ثم قال يا فلن ؟ أيما كان أحب
إليك :أن تمتع به عمرك ،أو ل تأتي غدا إلى باب من أبواب الجنة إلى وجدته قد سبقك إليه
يفتحه لك ؟ قال :يا نبي ال ! بل يسبقني إلى باب الجنة فيفتحها إلى ،لهو أحب إلى ،قال :
فذلك لك ( ،فقال رجل ( من النصار ) :يا رسول ال ( جعلني ال فداءك ة أله خاصة أو لكلنا ؟
قال :بل لكلكم ) " .أخرجه النسائي ( )1/296والسياق له ،وابن حبان في " صحيحه " ،والحاكم ( )1/384وأحمد (
)5/35وقال الحاكم " :صحيح السناد " ،ووافقه الذهبي ،وهو كما قال .
وأخرج النسائي أيضا ( )1/264نحوه ،وكذا البيهقي (4/59و )60إل أنه لم يسبق أوله بتمامه،وعنده الزيادات كلها إلى الولى .
وللحديث شاهد في " المجمع " (. )3/10
الثاني :عن أنس بن مالك رضي ال عنه عن النبي صلى ال عليه وسلم قال " :من عزي
أخاه المؤمن في مصبته كساه ال حلة خضراء يجبرها بها يوم القيامة ،قيل :يا رسول ال ما
يجبر ؟ قال :يغبط " .أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( )7/397وابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( . )15/91/1وله
شاهد عن طلحة بن عبيد ال بن كريز مقطوعا .
أخرجه ابن أبي سيبة في " المصنف " ( ، )4/164وهو حديث حسن بمجموع الطريقين كما بيته في " إرواء الغليل في تخريج
احاديث منار السبيل " رقم (. )756
واعلم أن الستدلل بهذين الحديثين -ل سيما الول منهما -على التعزية أولى من الستدلل عليها بحديث " :من عزى مصابا
فله مثل أجره "،وإن جرى عليه جماهير المصنفين ،لنه حديث ضعيف من جميع طرقه كما بينه النووي في " المجموع "(
)5/305والعسقلني في " التلخيص "()5/251وفي " إرواء الغليل " (رقم .)757
- 112ويعزيهم بما يظن أنه يسليهم،ويكف من حزنهم ،ويحملهم على الرضا والصبر ،مما
يثبت عنه صلى ال عليه وسلم ،إن كان يعلمه ويستحضره ،وإل فبما تيسر له من الكلم
الحسن الذي يحقق الغرض ول يخالف الشرع ،وفي ذلك أحاديث :
الول :عن أسامة بن زيد قال " :أرسلت إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم بعض ،بناته :
أن صبيا لها ،أبنا أو ابنة (،وفي رواية :أميمة بنت زينب)141قد احتضرت ،فاشهدنا ،قال فأرسل
إليها يقرأها السلم ويقول ":إن ل ما أخذ ،و ( ل ) ما أعطي ،وكل شئ عنده إلى أجل مسمى
فالتصبر ،ولتحتسب " .
فأرسلت تقسم عليه ( ليأتينها ) ،فقام،وقمنا ،فرفع الصبي إلى حجر -أو في حجر -رسول ال
صلى ال عليه وسلم ،ونفسه تقعقع ( كأنها في شنة ) وفي القوم سعد بن عبادة (،ومعاذ بن جبل):
وأبي ( بن كعب ) أحسب ( وزيد بن ثابت،ورجال ) ففاضت عينا رسول ال صلى ال عليه وسلم
،فقال له سعد :ما هذا يا رسول ال ( وقد نهيت عن البكاء ) ؟ قال (:إنما ) هذه رحمة يضعها
140وهي الحمل على الصبر بوعد الجر ،والدعاء للميت والمصاب .
141قلت :ثم عاشت أميمة هذه ( ويقال :أمامة ) حتى تزوجها علي بعد فاطمة رضي ال عنهم .
81
ال في قلوب من يشاء من عباده ،وإنما يرحم ال من عباده الرحماء " .أخرجه البخاري ()122-3/120
ومسلم ( )3/39وأبو داود ( )2/58والنسائي ()1/263وابن ماجه ( )1/280والبيهقي ( )69-68-4/65وأحمد (-206-5/204
)207والسياق له وكذا الرواية الثانية ،والزيادة الولى والسابعة والثامنة ،وهي جميعا عند البيهقي ،والزيادة الثانية للشيخين
والنسائي والبيهقي والثالثة لهم ،وكذا الرابعة والخامسة جميعا إل مسلما ،والسادسة للبخاري والنسائي .
قلت :وهذه الصيغة من التعزية وإن وردت فيمن شارف الموت فالتعزية بها فيمن قد مات أولى بدللة النص ،ولهذا قال
النووي في " الذكار " وغيره " :وهذا الحديث أحسن ما يعزي به " .
الثاني :عن بريدة بن الحصيب قال " :كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يتعهد النصار ،
ويعودهم ،ويسأل عنهم ،فبلغه عن امرأة من النصار مات ابنها وليس لها غيره وأنها جزعت
عليه جزعا شديدا ،فأتاها النبي صلى ال عليه وسلم ( ومعه أصحابه ،فلما بلغ باب المرإة ،
قيل للمرأة :إن نبي ال يريد أن يدخل ،يعزيها ،فدخل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال :
أما إنه بلغني أنك جزعت على ابنك ،فأمرها بتقوى ال وبالصبر ،فقالت :يا رسول ال ( مالي
ل أجزع و ) أني امرأة رقوب ل ألد ،ولم يكن لي غيره ؟ فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم:
الرقوب :الذي يبقى ولدها ،ثم قال :مامن امرئ أو امرأة مسلمة يموت لها ثلثة أولد[ يحتسبهم]
إل أدخله ال :بهم الجنة،فقال عمر [ وهو عن يمين النبي صلى ال عليه وسلم ] :بأبي أنت وأمي
واثنين ؟ قال:وأثنين ) .أخرجه الحاكم ( )1/384وقال (:صحيح السناد )،ووافقه الذهبي .
قالت :بل هو على شرط مسلم فان رجاله كلهم رجال صحيحه ،لكن أحدهم فيه ضعف من قبل حفظه .لكن ل ينزل حديثه هذا
عن رتبه الحسن .
والحديث أورده الهيثمي في (المجمع) ()3/8بنحوه والزيادات منه وقال(:رواه البزار ورجاله رجال الصحيح).
الثالث :قوله صلى ال عليه وسلم حينما دخل على أم سلمة رضي ال عنها عقب موت أبي سلمة
(:اللهم اغفر لبي سلمة،وارفع درجته في المهديين ،واخلفه في عقبه في الغابرين ،واغفر لنا
وله يا رب العالمين ،وافسح له في قبره ،ونور له فيه ) أخرجه مسلم وغيره ،وقد مضى بتمامه في المسألة
(( )17ص . )12
الرابع :قوله صلى ال عليه وسلم في تعزيته عبد ال بن جعفر في أبيه (:اللهم اخلف جعفرا في
أهله ،وبارك لعبد ال في صفقة يمينه ،قالها ثلث مرات ).أخرجه أحمد بسند صحيح في أثناء حديث يأتي
بتمامه في المسألة التالية.142
- 113ول تحد التعزية بثلثة أيام ل يتجاوزها ،بل متى رأى الفائدة في التعزية أتى بها ،فقد
ثبت عنه صلى ال عليه وسلم أنه عزى بعد الثلثة في حديث عبد ال بن جعفر رضي ال ثعالى
عنهما قال ( :بعث رسول ال صلى ال عليه وسلم جيشا استعمل عليهم زيد بن حارثة وقال :
فإن قتل زيد أو استشهد فأميركم جعفر ،فإن قتل أو استشهد فأميركم عبد ال بن رواحة ،فلقوا
العدو ،فأخذ الراية زيد فقاتل حتى قتل ،ثم أخذ الراية جعفر فقاتل حتى قتل ،ثم أخدها عبد ال
فقاتل حتى قتل،ثم أخذ الراية خالد بن الوليد ففتح ال عليه ،وأتى خبرهم النبي صلى ال عليه
وسلم ،فخرج إلى الناس فحمد ال وأثنى عليه وقال :إن اخوانكم لقوا العدو ،وإن زيدا أخذ
الراية فقاتل حتى قتل واستشهد ،ثم ...ثم ...ثم أخذ الراية سيف من سيوف ال خالد بن الوليد
ففتح ال عليه ،فأمهل ،ئم أمهل آل جعفر ثلثا أن يأتيهم ،ثم أتاهم فقال :ل تبكوا على أخي
بعد اليوم ،ادعوا لي ابني أخي ،قال :فجئ بنا كأنا أفرخ ،فقال :ادعو لي الحلق ،فجيئ
بالحلق ،فحلق رؤوسنا ثم قال :أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب .وأما عبد ال فشبيه خلقي
142وفي التعزية أحاديث أخرى ،ضربت صفحا عن ذكرها لضعفها ،وقد بينت ذلك في ( التعليقات الحياد ) منها حديث كتابة النبي صلى ال عليه وسلم إلى
معاذ بن جبل يعزيه بوفاة ابن له وهو موضوع كما قال الذهبي والعسقلني وغيرهما ،وذهل عن ذلك الشوكاني وتبعه صديق حسن خان فحسناه تبعا للحاكم !
فل يغتر بذلك ،فإن لكل جواد كبوة بل ،كبوات .
82
وخلقي ،ثم أخذ بيدي فأشالها فقال :اللهم اخلف جعفرا في أهله ،وبارك لعبد ال في صفقة
يمينه ،قالها ثلث مرات .قال :فجاءت أمنا فذكرت له يتمنا،وجعلت تفرح 143له ،فقال :العيلة
تخافين عليهم وأما وليهم في الدنيا والخرة!؟) .أخرجه أحمد (رقم )1750بإسناد صحيح على شرط مسلم ،ومن
طريقة الحاكم ( )298 /3قطعة منه،وروى أبو داود والنسائي منه قصة المهال ثلثا مع الحلق،وتقدم بعضه في المسألة ()18
(ص ، )21وقال الحاكم ( :صحيح السناد ) ،ووافقه الذهبي .
وللحديث شاهد ذكره في المسند ( )3/467وفيه ضعف .
وقد ذهب إلى ما ذكرنا من أن التعزية ل تحد بحد جماعة من أصحاب المام أحمد كما في (النصاف ) ( )564 /2وهو وجه
في المذهب الشافعي ،قالوا :لن الغرض الدعاء والحمل على الصبر والنهي عن الجزع ،وذلك يحصل مع طول الزمان .
حكاه إمام الحرمين وبه قطع أبو العباس ابن القاص من أئمتهم ،وإن أنكره عليه بعضهم فإنما ذلك من طريق المعروف من
المذهب ل الدليل .انظر ( المجموع ) (. )5/306
- 114وينبغي اجتناب أمرين وإن تتابع الناس عليهما :
أ -الجتماع للتعزية في مكان خاص كالدار أو المقبرة أو المسجد .
ب -اتخاذ أهل ،الميت الطعام لضيافة الواردين للعزاء .
144
وذلك لحديث جرير بن عبد ال البجلى رضي ال عنه قال ( :كنا نعد ( وفي رواية :نرى )
الجتماع إلى أهل الميت ،وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة ) .أخرجه أحمد (رقم )6905وابن ماجه (
)1/490والرواية الخرى له وإسناده صحيح على شرط الشيخين في ،وصححه النووي ( )5/320والبوصيري في (الزوائد)
-115وإنما السنة أن يصنع أقرباء الميت وجيرانه لهل الميت طعاما يشبعهم ،لحديث عبد ال
بن جعفر رضي ال عنه قال (:لما جاء نعي جعفر حين قتل قال النبي صلى ال عليه وسلم :
اصنعوا لل جعفر طعاما ،فقد أتاهم أمر يشغلهم،أو أتاهم ما يشغلهم) .أخرجه أبو داود ( )2/59والترمذي
( )2/134وحسنه وابن ماجه ( ، )1/490وكذا الشافعي في ( الم ) ( )247 /1والدار قطني ( )194،197والحاكم ()1/372
والبيهقي ( )4/61وأحمد ( )1/175وقال الحاكم ( :صحيح السناد ) .ووافقه الذهبي .
وصححه ابن السكن أيضا ،كما في ( التلخيص ) ( ، )5/253وهو عندي حديث حسن كما قال الترمذي ،فإن له شاهدا من
حديث أسماء بنت عميس ،وقد بينت ذلك في ( التعليقات الجياد ) .
وقد ( كانت عائشة تأمر بالتلبين للمريض ،وللمحزون على الهالك،وتقول:إني سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول (:
إن التلبينة تجم145فؤاد المريض وتذهب ببعض الحزن ).أخرجه البخاري( )120-10/119واللفظ له ومسلم( )7/26والبيهقي(4/6
)1وأحمد (.146)6/155
- 116ويستحب مسح رأس اليتيم وإكرامه ،لحديث عبد ال بن جعفر قال(:لو رأيتني وقثم وعبيد
ال بن عباس ونحن صبيان نلعب ،إذ مر النبي صلى ال عليه وسلم على دابة فقال :إرفعوا هذا
إلي ،قال فحملني أمامه ،وقال :لقثم :ارفعوا هذا إلي ،فحمله وراءه ،وكان عبيد ال أحب ألى
عباس من قثم ،فما استحى من عمه أن حمل قثما وتركه ،قال :ثم مسح على رأسي ثلثا ،وقال
كلما مسح :اللهم اخلف جعفرا في ولده ،قال:قلت لعبد ال:ما فعل قثم ؟ قال :،استشهد ،قال :
قلت :ال أعلم ورسوله بالخير ،قال :أجل ) .أخرجه أحمد ( )1760والسياق له والحاكم ( )1/372والبيهقي (
)4/60وإسناده حسن ،وقال الحاكم ( :صحيح ) ووافقه الذهبي .
143أي تغمه وتحزنه من أفرحه إذا غمه وأزال عنه الفرح ،وأفرحه الدين أثقله .
144قال النووي في ( المجموع ) ( ( : ) 306 / 5وأما الجلوس للتعزية ،فنص الشافعي والمصنف وسائر الصحاب على كراهته ،قالوا :يعني بالجلوس لها
أن يجتمع أهل الميت في بيت فيقصدهم من أراد التعزية ،قالوا :بل ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم فمن صادفهم عزاهم ،ول فرق بين الرجال والنساء في
كراهة الجلوس لها ) ونص المام الشافعي الذي أشار إليه النووي هو في كتاب ( الم ) ( ( : ) 248 / 1وأكره المآتم ،وهي الجماعة ،وإن لم يكن لهم بكاء ،
فإن ذلك يجدد الحزن ،ويكلف المؤنة ،مع ما مضي فيه من الثر ) .كأنه يشير إلى حديث جرير هذا ،قال النووي ( :واستدل له المصنف وغيره بدليل آخر
وهو أنه محدث ) .وكذا نص ابن الهمام في شرح الهداية ( ) 473 / 1على كراهة اتخاذ الضيافة من الطعام من أهل الميت وقال ( :وهي بدعة قبيحة ) .وهو
مذهب الحنابلة كما في ( النصاف ) ( . ) 565 / 2
145أي تريحه ،والتلبينة :حساء يعمل من دقيق أو نخالة ،وربما جعل فيها عسل .
146قال المام الشافعي في ( الم ) ( ( : ) 247 / 1وأحب لجيران الميت أو ذي القرابة أن يعملوا لهل الميت في يوم يموت وليلته طعاما يشبعهم ،فإن ذلك
سنة ،وذكر كريم .وهو من فعل أهل الخير قبلنا وبعدنا ) .ثم ساق الحديث المذكور عن عبد ال بن جعفر .
83
ما ينتفع به الميت
- 117وينتفع ،الميت من عمل غيره بأمور :
أول :دعاء المسلم له ،إذا توفرت فيه شروط القبول،لقول ال تبارك وتعالى {:والذين جاؤوا من
بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولخواننا الذين سبقونا باليمان ول تجعل في قلوبنا غل للذين آمنو
ربنا إنك رؤوف رحيم } [ .سورة الحشر . ] 10
وأما الحاديث فهي كثيرة جدا ،وقد سبق بعضها ،ويأتي بعضها في زيارة القبور ،ودعاء
النبي صلى ال عليه وسلم لهم ،وأمره بذلك .ومنها قوله صلى ال عليه وسلم ( :دعوة المرء
المسلم لخيه بظهر الغيب مستجابة ،عند رأسه ملك موكل ،كلما دعا لخيه بخير ،قال الملك
الموكل به :آمين ولك بمثل ) .أخرجه مسلم ( )8/86،87والسياق له ،وأبو داود ( )1/240وأحمد ( )6/452من
حديث أبي الدرداء : .بل ،إن صلة الجنازة جلها شاهد لذلك ،لن غالبها دعاء للميت .واستغفار له ،كما تقدم بيانه .
ثانيا :قضاء ولي الميت صوم النذر عنه ،وفيه أحاديث :
الول :عن عائشة رضي ال عنها أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال (:من مات وعليه
صيام،صام عنه وليه ).أخرجه البخاري ( )4/156ومسلم ( )3/155وأبو داود ( ، )376 /1ومن طريقه البيهقي ()6/279
والطحاوي في مشكل الثار ( )3/140،141وأحمد (. )6/69
الثاني :عن ابن عباس رضي ال عنه ( :أن امرأة ركبت البحر فنذرت.إن ال تبارك وتعالى
أنجاها أن تصوم شهرا ،فأنجاها ال عز وجل ،فلم تصم حتى ماتت ،فجاءت قرابة لها [ إما
أختها أو ابنتها ] إلى النبي صلى ال عليه وسلم ،فذكرت ذلك له،فقال [ :أرأيتك لو كان عليها
دين كنت تقضينه ؟قالت :نعم .قال :فدين ال أحق أن يقضى] [ ،فـ] اقض [ عن أمك ] ) .أخرجه
أبو داود ( )2/81والنسائي ( )2/143والطحاوي ( )3/140والبيهقي ( )4/255،256،10/85والطيالسي ( )2630وأحمد (1861
)،1970،3137،3224،3420والسياق مع الزيادة الثانية له ،وإسناده [ صحيح على شرط الشيخين ،والزيادة الولى لبي داود
والبيهقي .
وأخرجه البخاري ( )159-4/158ومسلم ( )3/156والترمذي ( )43-2/42وصححه،وابن ماجه ( )1/535بنحوه ،وفيه عندهم
جميعا الزيادة الثانية ،وعند مسلم الخيرة .
الثالث :عنه أيضا ( .أن سعد بن عبادة رضي ال عنه استفتى رسول ال صلى ال عليه وسلم
فقال:إن أمي ماتت وعليها نذر ؟ فقال :اقضه عنها ).أخرجه البخاري ( )494 ،5/400ومسلم ( )6/76وأبو
داود ( )2/81والنسائي ( )2/130،144والترمذي ( )2/375وصححه البيهقي ( )278،10/85 /4/256،6والطيالسي ()2717
وأحمد (.147)47 /6 ،1893،3049
147قلت :وهذه الحاديث صريحة الدللة في مشروعية صيام الولي عن الميت صوم النذر ،إل أن الحديث الول يدل بإطلقه على شئ زائد على ذلك وهو أنه
يصوم عنه صوم الفرض أيضا .وقد قال به الشافعية ،وهو مذهب ابن حزم ( ) 8 ، 2 / 7وغيرهم .وذهب إلى الول الحنابلة ،بل هو نص المام أحمد ،
فقال أبو داود في ( المسائل ) ( ( : ) 96سمعت أحمد بن حنبل قال :ل يصام عن الميت إل في النذر ) .وحمل أتباعه الحديث الول على صوم النذر ،بدليل
ما روت عمرة :أن أمها ماتت وعليها من رمضان فقالت لعائشة :أقضيه عنها ؟ قالت :ل بل تصدقي عنها مكان كل يوم نصف صاع على كل مسكين .
أخرجه الطحاوي ( ) 142 / 3وابن حزم ( ) 4 / 7واللفظ له بإسناد قال ابن التركماني ( :صحيح ) وضعفه البيهقي ثم العسقلني ،فإن كانا أرادا تضعيفه من
هذا الوجه ،فل وجه له ،وإن عنيا غيره ،فل يضره ،وبدليل ما روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال ( :إذا مرض الرجل في رمضان ،ثم مات ولم
يصم ،أطعم عنه وثم يكن عيه قضاء وإن كان عليه نذر قضى عنه وليه ) .أخرجه أبو داود بسند صحيح على شرط الشيخين ،وله طريق آخر بنحوه عند ابن
حزم ( ) 7 / 7وصحح إسناده .وله طريق ثالث عند الطحاوي ( ، ) 142 / 3لكن الظاهر أنه سقط من متنة شئ من الناسخ أو الطابع ففسد المعنى .قلت :
وهذا التفصيل الذي ذهبت إليه أم المؤمنين :وحبر المة أبن عباس رضي ال عنهما وتابعهما إمام السنة أحمد بن حنبل هو الذي تطمئن إليه إلنفس ،وينشرح
له الصدر ،وهو أعدل القوال في هذه المسألة وأوسطها وفيه إعمال لجميع الحاديث دون رد لي واحد منها ،مع الفهم الصحيح لها خاصة الحديث الول
منها ،فلم تفهم منه أم المؤمنين ذلك الطلق الشامل لصوم رمضان ،وهي راويته ،ومن المقرر أن رأوي الحديث أدرى بمعنى ما روى ،ل سيما إذا كان ما
فهم هو الموافق لقواعد الشريعة وأصولها ،كما هو الشأن هنا ،وقد بين ذلك المحقق ابن القيم رحمه ال تعالى ،فقال في ( إعلم الموقعين ) ( ) 554 / 3بعد
أن ذكر الحديث وصححه :
"فطائفة حملت هذا على عمومه وإطلقه ،وقالت :يصام عنه النذر والفرض .وأبت طائفة ذلك وقالت :ل يصام عنه نذر ول فرض ،وفصلت طائفة فقالت :
يصام عنه النذر دون الفرض الصلي .وهذا قول ابن عباس وأصحابه ،وهو الصحيح ،لن فرض الصيام جار مجرى الصلة ،فكما ل يصلي أحد عن أحد ،
ول يسلم أحد عن أحد فكذلك الصيام ،وأما النذر فهو التزام في الذمة بمنزلة الدين ،فيقبل قضاء الولي له كما يقضي دينه ،وهذا محض الفقه .وطرد هذا أنه ل
يحج عنه ،ول يزكي عنه إل إذا كان معذورا بالتأخير كما يطعم الولي عمن أفطر في رمضان لعذر ،فأما المفر من غير عذر أصل فل ينفعه أداء غيره
لفرائض ال التي فرط فيها ،وكان هو المأمور بها أبتلء وامتحانا دون الولي ،فل تنفع توبة أحد عن أحد ،ول إسلمه عنه ،ول أداء الصلة عنه ول غيرها
84
ثالثا :قضاء الدين عنه من أي شخص وليا كان أو غيره ،وفيه أحاديث كثيرة سبق ذكر الكثير
منها في المسألة ( . ) 17
رابعا :ما يفعله الولد الصالح من العمال الصالحة ،فإن لوالديه مثل أجره ،دون أن ينقص من
أجره شئ ،لن الولد من سعيهما وكسبهما ،وال عز وجل يقوله { :وأن ليس للنسان إل ما
سعى} ،وقال رسول اللهصلى ال عليه وسلم ( :إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ،وإن ولده من
كسبه ).أخرجه أبو داود ( )2/108والنسائي ( )2/211والترمذي ( )2/287وحسنه،والدارمي ( )2/247وابن ماجه (-2/2
)430والحاكم ( )2/46والطيالسي ( )1580وأحمد ( )6/41،126،127،162،173،193،201،202،220وقال الحاكم:
( صحيج على شرط الشيخين ) ،ووافقه الذهبي ،وهو خطأ من وجوه ل يتسع المجال يانها :
وله شاهد من حديث عبد ال بن عمرو .
رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد ( )2/179،204،214بسند حسن .
ويؤيد ما دلت عليه الية والحديث ،أحاديث خاصة وردت في انتفاع الوالد بعمل ولده الصالح كالصدقة والصيام والعتق
ونحوه ،وهي هذه :
الول :عن عائشة رضي ال عنها (.أن رجل قال:إن أمي افتلتت148نفسها[ ولم توص] ،وأظنها لو
تكلمت تصدقت ،فهل لها أجر إن تصدقت عنها [ ولي أجر ] ؟ قال :نعم [ ،فتصدق عنها] )
.أخرجه البخاري ( )400-3/198،5/399ومسلم ( )3/81،5/73ومالك في (الموطأ ) ( )2/228وأبو داود ( )2/15والنسائي (
)2/129وابن ماجه ( )2/160والبيهقي ( )278-4/62،6/277وأحمد (. )6/51
والسياق للبخاري في إحدى روايتيه ،والزيادة الخيرة له في الرواية الخرى ،وابن ماجه ،وله الزيادة الثانية ،ولمسلم الولى .
الثاني :عن ابن عباس رضي ال عنه (.أن سعد بن عبادة-أخا بني ساعدة-توفيت أمه وهو غائب
عنها ،فقال :يا رسول ال إن أمي توفيت ،وأنا غائب عنها ،فهل ينفعها إن تصدقت بشئ
149
عنها ؟قال :نعم ،قال :فإني أشهدك أن حائط المخراف صدقة عليها) .أخرجه البخاري (5/297،301،3
)07وأبو داود ( )2/15والنسائي ( )2/130والترمذي ( )2/25والبيهقي ( )6/278وأحمد ( )3508-3504-3080والسياق له
الثالث :عن أبي هريرة رضي ال عنه ( :أنه رجل قال للنبي صلى ال عليه وسلم :إن أبي
مات وترك مال ولم يوص فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه ؟ قال :نعم ) .أخرجه مسلم ()5/73
والنسائي ( )2/129وابن ماجه ( )2/160والبيهقي ( )6/278وأحمد (. ) 2/371
الرابع :عن عبد ال بن عمرو ( :أن العاص بن وائل السهمي أوصى أن يعتق عنه مائة رقبة ،
فأعتق ابنه هشام خمسين رقبة ،وأراد ابنه عمرو أن يعتق عنه الخمسين الباقية ،قال :حتى
أسأل رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فأتى النبي صلى ال عليه وسلم فقال :يا رسول ال إن
أبي أوصى أن يعتق عنه مائة رقبة ،وإن هشاما أعتق عنه خمسين ،وبقيت عليه خمسون ،
أفأعتق عنه؟فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم (:إنه لو كان مسلما فأعتقتم أو تصدقتم عنه ،أو
من فرائض ال تعالى التي فرط فيها حتى مات " .قلت : :وقد زاد ابن القيم رحمه ال هذا البحث توضيحا وتحقيقا في ( تهذيب السنن ) ( ) 282 - 279 / 3
فليراجع فإنه مهم .
148بضم المثناة وكسر اللم ،أي سلبت ،على ما لم يسم فاعله ،أي ماتت فجأة .
149أي المثمر ،سمي بذلك لما يخرف منه أي يجي من الثمرة .
85
حججتم عنه بلغه ذلك (،وفي رواية) :فلو كان أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك ).150
(أخرجه أبو داود في آخر(الوصايا)()2/15والبيهقي()6/279والسياق له،وأحمد(رقم )6704والرواية الخرى له،وإسنادهم حسن.
خامسا :ما خلفه من يعده من آثار صالحة وصدقات جارية ،لقوله تبارك وتعالى {:ونكتب ما
قدموا وآثارهم } ،وفيه أحاديث :
الول :عن ابي هريرة رضى ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال (:إذا مات النسان
152
انقطع عنه عمله151إل من ثلثة [أشياء] ،إل من صدقة جارية ،أو علم ينتفع به ،أو ولد صالح
يدعو له ).أخرجه مسلم ()5/73والسياق له والبخاري في(الدب المفرد) (ص )8وأبو داود ( )2/15والنسائي ()2/129
والطحاوي في ( المشكل ) ( )1/85والبيهقي( )6/278وأحمد ( ، )2/372والزيادة لبي داود والبيهقي .
150قال الشوكاني في ( نيل الوطار ) ( ( : ) 79 / 4وأحاديث الباب تدل على أن الصدقة من الولد تلحق الوالدين بعد موتهما بدون وصية منهما ،ويصل
إليهما ثوابها ،فيخصص بهذه الحاديث عموم قوله تعالى ( وأن ليس للنسان إل ما سعى ) .ولكن ليس في أحاديث الباب إل لحوق الصدقة من الولد ،وقد
ثبت أن ولد النسان من سعيه فل حاجة إلى دعوى التخصيص ،وأما من غير الولد فالظاهر من العموميات القرآنية أنه ل يصل ثوابه إلى الميت ،فيوقف
عليها ،حتى يأتي دليل يقتضي تخصيصحها ) .قلت :وهذا هو الحق الذي تقضيه القواعد العلمية ،أن الية على عمومها وأن ثواب الصدقة وغيرها يصل من
الولد إلى الوالد لنه من سعيه بخلف غير الولد ،لكن قد نقل النووي وغيره الجماع على أن الصدقة تقع عن الميت ويصله ثوابها ،هكذا قالوا ( الميت )
فأطلقوه ولم يقيدوه بالوالد ،فإن صح هذا الجماع كان مخصصا مومات
التي أشار إليها الشوكاني فيها يتعلق بالصدقة ،ويظل ما عداها داخل في العموم كالصيام وقراءة القرآن ونحوهما من العبادات ،ولكنني في شك كبير من
صحة الجماع المذكور ،وذلك لمرين :الول :أن الجماع بالمعنى الصولي ل يمكن تحققه في غير المسائل التي علمت من الدين بالضرورة ،كما حقق
ذلك العلماء الفحول ،كابن حزم في ( أصول الحكام ) والشوكاني في ( إرشاد الفحول ) والستاذ عبد الوهاب خلف في كتابه ( أصول الفقه ) وغيرهم ،وقد
أشار إلى ذلك المام أحمد في كلمته المشهورة في الرد على من أدعى الجماع -ورواها عنه أبنه عبد ال بن أحمد في ( المسائل ) .الثاني :أنني سيرت كثيرا
من المسائل التي نقلوا الجماع فيها ،فوجدت الخلف فيها معروفا ! بل رأيت مذهب الجمهور على خلف دعوى الجماع فيها ،ولو شئت أن اورد المثلة
على ذلك لطال الكلم وخرجنا به عما نحن بصدده .فحسبنا الن أن نذكر بمثال واحد ،وهو نقل النووي الجماع على أن صلة الجنازة ل تكره في الوقات
المكروهة ! مع أن الخلف فيها قديم معروف ،وأكثر أهل العلم على خلف الجماع المزعوم ،كما سبق تحقيقه في المسألة ( ، ) 87ويأتي لك مثال آخر
قريب إن شاء ال تعالى
وذهب بعضهم إلى قياس غير الوالد على الوالد ،وهو قياس باطل من وجوه :الول :أنه مخالف العموميات القرآنية كقوله تعالى ( ومن تزكى فإنما يتزكي
لنفسه ) وغيرها من اليات التي علقت الفلح ودخول الجنة بالعمال الصالحة ،ول شك أن الوالد يزكي نفسه بتربيته لولده وقيامه على فكان له أجر ه بخلف
غيره .الثاني :أنه قياس مع الفارق إذا تذكرت إن الشرع جعل الولد من كسب الوالد كما سبق في حديث عائشة فليس هو كسبا لغيره ،وال عز وجل يقول :
( كل نفس بما كسبت رهينة ) ويقول ( لها ما كسبت ،وعليها ما اكتسبت ) .وقد قال الحافظ ابن كثير في تفسير قوله عز وحل ( وأن ليس للنسان إل ما
سعى ) ( :أي كما ل يحمل عليه وزر غيره ،كذلك ل يحصل من الجر إل ما كسب هو لنفسه .ومن هذه الية الكريمة استنبط الشافعي رحمه ال ومن اتبعه
أن القراءة ل يصل إهداه ثوابها إلى الموتى لنه ليس من عملهم ول كسبهم ،ولهذا لم يندب إليه رسول ال صلى ال عليه وسلم أمته ،ول حثهم عليه ،ول
أرشدهم إليه بنص ول ايماء ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي ال عنهم ،ولو كان خيرا لسبقونا إليه ،وباب القربات يقتصر فيه على النصوص ول
يتصرف فيه بأنواع القيسة والراء ) وقال العز بن عبد السلم في ( الفتاوى ) ( - 2 / 24عام ( : ) 1692ومن فعل طاعة ال تعالى ،ثم أهدى ثوابها إلى
حي أو ميت ،لم ينتقل ثوابها إليه ،إذ ( ليس للنسان إل ما سعى ) ،فإن شرع في الطاعة ناويا أن يقع عن الميت لم يقع عنه ،إل فيما استثناه الشرع كالصدقة
والصوم والحج ) .وما ذكره ابن كثير عن الشافعي رحمه ال تعالى هو قول أكثر العلماء وجماعة من ،الحنفية كما نقله الزبيدي في ( شرح الحياء ) (/10
[ . ) 369قلت :ومما بسق تعلم بطلن الجماع الذي ذكره ابن قدامة في ( المغني ) ( ) 569 / 2على وصول ثواب القراءة إلى الموتى ،وكيف ل يكون
باطل ،وفي مقدمة المخالفين المام الشافعي رحمه ال تعالى .وهذا مثال آخر من أمثلة ما ادعى فيه الجماع وهو غير صحيح ،وقد سبق التنبيه على هذا
قريبا ]
الثالث :أن هذا القياس لو كان صحيحا ،لكان من مقتضاء استحباب إهداء الثواب إلى الموتى ولو كان كذلك لفعله السلف ،لنهم أحرس على الثواب منا بل
ريب ،ولم يفعلوا ذلك كما سبق في كلم ابن كثير ،فدل هذا على ان القياس المذكور غير صحيح ،وهو المراد .وقد قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال
تعالى في ( الختيارات العلمية ) ( ص ( : ) 54ولم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعا أو صاموا تطوعا أو حجوا تطوعا ،أو قروؤا القرآن يهدون ثواب
ذلك إلى أموات المسلمين ،فل ينبغي العدول عن طريق السلف فإنه أفضل وأكمل ) .وللشيخ رحمه ال تعالى قول آخر في المسألة ،خالف فيه ما ذكره آنفا عن
السلف ،فذهب إلى أن الميت ينتفع بجميع العبادات من غيره ! .وتبنى هذا القول وانتصر له ابن القيم رحمه ال تعالى في كتابه ( الروح ) بما ل يهض من
القياس الذي سبق بيان بطلنه قريبا ،وذلك على خلف ما عهدناه منه رحمه ال من ترك التوسع في القياس في المور التعبدية المحضة ل سيما ما كان عنه
على خلف ما جرى عليه السلف الصالح رضي ال عنهم وقد أورد خلصة كلمه العلمة السيد محمد رشيد رضا في ( تفسير المنار ) ( ) 270 - 254 / 8
ثم رد عليه ردا ا
قويا ،فليراجعه من شاء أن يتوسع في المسألة . .وقد استغل هذا القول كثير من المبتدعة ،واتخذوه ذريعة في محاربة السنة ،واحتجوا بالشيخ وتلميذه على
أنصار السنة وأتباعها ،وجهل أولئك المبتدعة أو تجاهلوا أن أنصار السنة ،ل يقلدون في دين ال تعالى رجل بعينة كما يفعل اولئك ! ول يؤثرون على الحق
الذى تبين لهم قول أحد من العلماء مهما كان اعتقادهم حسنا في علمه وصلحه ،وأنهم إنما ينظرون إلى القول ل إلى القائل ،وإلى الدليل ،وليس إلى التقليد ،
جاعلين نصب أعينهم قول امام دار الهجرة ( ما منا من أحد إل رد ورد عليه إل صاحب هذا القبر ) ! وقال ( :كل أحد يؤخذ من قوله ويرد إل صاحب هذا
القبر ) .وإذا كان من المسلم به عند أهل العلم أن لكل عقيدة أو رأى يتبناه في هذه الحياة أثرا في سلوكه إن خيرا فخير ،وإن شرا فشر ،فإن من المسلم به
أيضا ،أن الثر يدل على المؤثر ،وأن أحدهما مرتبط بالخر ،خيرا أو شرا كما ذكرنا ،وعلى هذا فلسنا نشك أن لهذا القول أثرا سيئا في من يحمله أو يتبناه ،
من ذلك مثل أن صاحبه يتكل في تحصيل الثواب والدرجات العاليات على غيره ،لعلمه أن الناس يهدون الحسنات مئات المرات في اليوم الواحد إلى جميع
المسلمين الحياء منهم والموات ،وهو واحد منهم ،فلماذا ل يستغني حينئذ بعمل غيره عن سعيه وكسبه ! .ألست ترى مثل أن بعض المشايخ الذين يعيشون
على كسب بعض تلمذتهم ،ل يسعون بأنفسهم ليحصلوا على قوت يومهم بعرق جبينهم وكد يمينهم ! .وما السبب في ذلك إل أنهم استغنوا عن ذلك بكسب
غيرهم ! فاعتمدوا عليه وتركوا العمل ،هذا أمر مشاهد في الماديات ،معقول في المعنويات كما هو الشأن في هذه المسألة .وليت أن ذلك وقف عندها ،ولم
يتعدها إلى ما هو أخطر منها ،فهناك قول بجواز الحج عن الغير ولو كان غير معذور كأكثر الغنياء التاركين للواجبات فهذا القول يحملهم على التساهل في
86
الثاني :عن أبي قتادة قال:قال رسول ال صلى ال عليه وسلم (:خير ما يخلف الرجل من بعده
ثلث :ولد صالح يدعو له ،وصدقة تجري يبلغه أجرها ،وعلم يعمل به من بعده ).أخرجه ابن ماجه
()1/106وابن حبان في ( صحيحه )(رقم )84،85والطبراني في (المعجم الصغير) (ص )79وابن عبد البر في (جامع بيان
العلم) ()1/15وإسناده صحيح كما قال المنذري في (الترغيب)()1/58
الثالث :عن أبي هريرة أيضا قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم(:إن مما يلحق المؤمن من
عمله وحسناته بعد موته ،علما علمه ونشره .وولدا صالحا تركه ،ومصحفا ورثه ،أو مسجدا بناه
،أو بيتا لبن السبيل بناه ،أو نهرا أجراه ،أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من
بعد موته ).أخرجه ابن ماجه ( )1/106بإسناد حسن ،ورواه ابن خزيمة في ( صحيحه ) أيضا والبيهقي كما قال المنذري .
الرابع :عن جرير بن عبد ال رضي ال عنه قال (:كنا عند رسول ال صلى ال عليه وسلم في
صدر النهار،فجاءه أقوام حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء،متقلدي السيوف [،وليس عليهم أزر
ول شئ غيرها ] عامتهم من مضر،بل كلهم من مضر ،فتمعر ( وفي رواية :فتغير -ومعناهما
واحد ) وجه رسول ال صلى ال عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة ،فدخل،ثم خرج،فأمر بلل
فأذن وصلى [ الظهر ،ثم صعد منبرا صغيرا ] ،ثم خطب [ فحمد ال وأثنى عليه ] فقال [ :أما
بعد فإن ال أنزل في كتابه ] {:يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ،وخلق منها
زوجها ،وبث منهما رجال كثيرا ونساء ،واتقوا ال الذي تساءلون به والرحام،إن ال كان
عليكم رقيبا } ،والية التي في ( الحشر ) { :ويا أيها الذين آمنوا }اتقوا ال ولتنظر ننسى ما قدمت لغد
واتقوا ال ،إن ال خبير بما تعملون { .ول تكونوا كالذين نسوا ال فأنساهم أنفسهم أولئك هم
الفاسقون .ل يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة ،أصحاب الجنة هم الفائزون } .تصدقوا
قبل أن يحال بينكم وبين الصدقة ] ،تصدق رجل من ديناره ،من درهمه ،من ثوبه ،من صاع
بره [ ،من شعيره ] ،من صاع تمره ،حتى قال [ :ول يحقرن أحدكم شيئا من الصدقة ] ،ولو
بشق تمرة [،فأبطؤوا حتى بان في وجهه الغضب ]،قال :فجاء رجل من النصار بصرة [من ورق
( وفي رواية :من ذهب ) ] كادت كفه تعجز عنها ،بل قد عجزت [ فناولها رسول ال صلى ال
عليه وسلم وهو على منبره ] [ فقال :يا رسول ال هذه في سبيل ال ] [،فقبضها رسول ال صلى
ال عليه وسلم ] [ ،قام أبو بكر فأعطى ،ثم قام عمر فأعطى،ثم قام المهاجرون والنصار
فأعطوا] ،ثم تتابع الناس [ في الصدقات ] [ ،فمن ذي دينار ،ومن ذي درهم ،ومن ذي ،ومن
ذي ] حتى رأيت كومين من طعام وثياب،حتى رأيت وجه رسول ال صلى ال عليه وسلم يتهلل
كأنه مذهبة فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم :من سن في السلم سنة حسنة فله أجرها ،و
[مثل] أجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شئ ،ومن سن سنة في السلم
سيئة كان عليه وزرها.و[مثل] وزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شئ ،
الحج والتقاعس عنه ،لنه يتعلل به ويقول في باطنه :يحجون عني بعد موتي ! بل إن ثمة ما هو أضر من ذلك ،وهو القول بوجوب إسقاط الصلة ،عن
الميت التارك لها ! فإنه من العوامل الكبيرة على ترك بعض المسلمين للصلة ،لنه يتعلل بأن الناس يسقطونها عنه بعد وفاته ! إلى غير ذلك من القوال التي
ل يخفى سوء أثرها علي المجتمع ،فمن الواجب على العالم الذي يريد الصلح أن ينبذ هذه القوال لمخالفتها نصوص الشريعة ومقاصدها الحسنة .وقابل أثر
هذه القوال بأثر قول الواقفين عند النصوص ل يخرجون عنها بتأويل أو قياس تجد الفرق كالشمس .فإن من لم يأخذ بمثل القوال المشار إليها ل يعقل أن يتكل
على غيره في العمل والثواب ،لنه يرى أنه ل ينجيه إل عمله ،ول ثواب له إل ما سعى إليه هو بنفسه ،بل المفروض فيه أن يسعى ما أمكنه إلى أن يخلف
من بعده أثرا حسنا يأتيه أجره ،وهو وحيد في قبره ،بدل تلك الحسنات المرهومة ،وهذا من السباب الكثيرة في تقدم السلف وتأخرنا ،ونصر ال إياهم ،
وخذلنه إيانا ،نسأل ال تعالى أن يهدينا كما هداهم ،وينصرنا كما نصرهم .
151أي فائدة عمله وتجديد ثوابه ،قال الخطابى في ( المعالم ) ( :فيه دليل على أن الصوم والصلة وما دخل في معناهما من عمل البدان ل تجري فيها النيابة
وقد يستدل ،به من يذهب إلى أن من حج عن ميت فإن الحج في الحقيقة اللحاج دون المحجوج عنه ،وإنما يلحقه الدعاء ،ويكون له الجر في المال الذي
أعطى إن كان حج عنه بمال ) .
152قيد بالصالح لن الجر ل يحصل من غيره ،وأما الوزر فل يلحق بالوالد من سيئة ولده إذا كان نيته في تحصيل الخير ،وإنما ذكر الدعاء له تحريضا على
الدعاء لبيه ،ل لنه قيد ،لن الجر يحصل للوالد من ولده الصالح ،كلها عمل عمل صالحا ،سواء أدعا لبيه أم ل ،كمن غرس شجرة يحصل له من أكل
ثمرتها ثواب سواء أدعا له من أكلها أم لم يدع ،وكذلك الم .كذا في ( مبارق الزهار في شرح مشارق النوار ) ابن الملك .
87
[ ثم تلى هذه الية { :ونكتب ما قدموا وآثارهم}] [ ،قال :فقسمه بينهم ] ) .أخرجه مسلم (3/88،89،8/6
)1،62والنسائي ( )355،356 /1والدارمي( )1/126،127والطحاوي .في ( المشكل ) ()1/93،97والبيهقي ()4/175،176
والطيالسي ( )670وأحمد ( )4/357،358،359،360،361،362وابن أبي حاتم أيضا في ( تفسيره ) ،كما في ابن كثير (
)3/565والزيادة التي قبل الخيرة له ،وإسنادها صحيح ،وللترمذي ( )3/377وصححه وابن ماجه ( )1/90الجملتان اللتان قبل
الزيادة المشار إليها مع الزيادتين فيهما .
وأما الزيادة الولى فهي للبيهقي ،وما بعدها إلى الرابعة له ولمسلم ،والخامسه حتى الثامنة للبيهقي ،وعند الطيالسي الخامسة ،
والتاسعة للدارمي وأحمد ،ولمسلم نحوها وكذا الطيالسي وأحمد أيضا ،والعاشرة والثانية عشر والخامسة عشر والتاسعة عشر
للبيهقي ،والحادية عشر والسابعة عشر للطحاوي وأحمد ،والرابعة عشر للطيالسي ،والسادسة عشر والسابعة عشر لمسلم
والترمذي وأحمد وغيرهم .والرواية الثانية للنسائي والبيهقي :والثالثة للطحاوي وأحمد
88
زيارة القبور :
- 118وتشرع زيارة القبور للتعاظ بها وتذكر الخرة شريطة أن ل يقول عندها ما يغضب
الرب سبجانه وتعالى كدعاء المقبور والستغاثة به من دون ال تعالى ،أو تزكيته والقطع له
بالجنة ،ونحو ذلك ،وفيه أحاديث .
الول:عن بريدة بن الحصيب رضي ال عنه قال:قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ( :إني كنت
نهيتكم عن زيارة القبور،فزوروها [،فإنها تذكركم الخرة] [،ولتزدكم زيارتها خيرا ] [،فمن أراد أن
يزور فليزر ،ول تقولوا هجرا] ) أخرجه مسلم ( )53/6،6/82وأبو داود ( )2/72،131ومن طريقة البيهقي ()4/77
والنسائي ()285،286،2/329،330 /1وأحمد ( )356،361، 5/350،355والزيادة الولى والثانية له ،ولبي داود الولى
بنحوها وللنسائي الثانية والثالثة .قال النووي رحمه ال في ( المجموع ) (:)310 /5
والهجر :الكلم الباطل،وكان النهي أول لقرب عهدهم من الجاهلية فربما كانوا يتكلمون بكلم
الجاهلية الباطل ،فلما استقرت قواعد السلم ،وتمهدت أحكامه ،واشتهرت معالمه أبيح لهم
الزيارة ،واحتاط صلى ال عليه وسلم بقوله (:ول تقولوا هجرا ) .
قلت :ول يخفي أن ما يفعله العامة وغيرهم عند الزيارة من دعاء الميت والستغاثة به وسوال
ال بحقه .لهو من أكبر الهجر والقول الباطل ،فعلى العلماء أن يبينوا لهم حكم ال في ذلك ،
ويفهموهم الزيارة المشروعة والغاية منها .وقد قال الصنعاني في ( سبل السلم) ( )2/162عقب
أحاديث في الزيارة والحكمة منها(:الكل دال على مشروعية زيارة القبور وبيان الحكمه فيها،
وأنها للعتبار،...-فإذا خلت من هذه لم تكن مرادة شرعا) .
الثاني :عن أبي سعيد الخدري قا:قال رسول ال صلى ال عليه وسلم (:إني نهيتكم عن زيارة
القبور فزوروها،فإن فيها عبرة [.ول تقولوا ما يسخط الرب]).أخرجه أحمد( )66، 3/38،63والحاكم (
)375-1/374وعنه البيهقي()4/77ثم قال(:صحيح على شرط مسلم )،ووافقه الذهبي وهو كما قال .ورواه البزار أيضا والزيادة
له كما في( مجمع الهيثمي )( )3/58وقال (:وإسناده رجاله رجال الصحيح).
قلت :وهي عند أحمد بنحوها من طريق أخرى ،وإسنادها ل بأس به في المتابعات ،ولها شاهد من حديث عبد ال بن عمرو
بلفظ البزار .أخرجه الطبراني في ( المعجم الصغير ) (ص )183ورجاله موثقون .
الثالث :عن أنس بن مالك قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم (:كنت نهتكم عن زيارة
القبور أل فزوروها فإنها ترق القلب ،وتدمع العين ،وتذكر الخرة ،ول تقولوا هجرا ) .أخرجه
الحاكم ( )1/376بسند حسن ،ثم رواه ( )1/375،376وأحمد ( )3/237،250من طريق أخرى عنه بنحوه ،وفيه ضعف .وفي
الباب عن أبي هريرة رضي ال عنه ،وسيأتي .
- 119والنساء كالرجال في استحباب زيارة القبور ،لوجوه :
الول :عموم قوله صلى ال عليه وسلم( ..فزوروا القبور) فيدخل فيه النساء ،وبيانه :أن النبي
صلى ال عليه وسلم لما نهى عن زيارة القبور في أول المر .فل شك أن النهي كان شامل
للرجال والنساء معا ،فلما قال ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور ) كان مفهوما أنه كان يعني
الجنسين ضرورة أنه يخبرهم عما كان في أول المر من نهي الجنسين ،فإذا كان المر كذلك ،
كان لزاما أن الخطاب في الجملة الثانية من الحديث وهو قوله (:فزوروها )إنما أراد به الجنسين
أيضا.ويؤيده أن الخطاب في بقية الفعال المذكورة في زيادة مسلم في حديث بريدة المتقدم آنفا :
( ونهيتكم عن لحوم الضاحي فوق ثلث فأمسكوا ما بدا لكم ،ونهيتكم عن النبيذ إل في سقاء
فاشربوا في السقية كلها ول تشربوا مسكرا ) ،أقول :فالخطاب في جميع هذه الفعال موجه إلى
الجنسين قطعا ،كما هو الشأن في الخطاب الول ( :كنت :نهيتكم ) ،فإذا قيل بأن الخطاب في
89
قوله (فزوروها) خاص بالرجال ،اختل نظام الكلم وذهبت طراوته،المر الذي ل يليق بمن أوتي
جوامع الكلم ،ومن هو أفصح من نطق بالضاد،صلى ال عليه وسلم ،ويزيده تأييدا الوجوه التية:
الثاني :مشاركتهن الرجال في العلة التي من أجلها شرعت زيارة القبور(:فإنها ترق القلب وتدمع
العين ) وتذكر الخرة ) .
الثالث :أن النبي صلى ال عليه وسلم قد رخص لهن في زيارة القبور ،في حديثين حفظتهما لنا
أم المؤمنين عائشة رضي ال عنها :
- 1عن عبد ال بن أبي مليكة (:أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر ،فقلت لها :يا أم المؤمنين
من أين أقبلت ؟ قالت :من قبر عبد الرحمن بن أبي بكر ،فقلت لها :أليس كان رسول ال صلى
ال عليه وسلم نهى عن زيارة القبور ؟قالت :نعم :ثم أمر بزيارتها ).وفي رواية عنها( أن رسول
ال صلى ال عليه وسلم رخص في زيارة القبور ) .أخرجه الحاكم ( )1/376وعنه البيهقي ( )4/78من طريق
بسطام بن مسلم عن أبي التياح يزيد بن حميد عن عبد ال بن أبي مليكة ،والرواية الخرى لبن ماجه()1/475
قلت :سكت عنه الحاكم،وقال الذهبي ( صحيح ) ،وقال البوصيري في ( الزوائد ) ( ( : )988/1إسناده صحيح رجاله
ثقات ).وهو كما قال .وقال الحافظ العراقي في (تخريج الحياء) ((:)4/418رواه ابن أبي الدنيا في (القبور) والحاكم بإسناد جيد
153
)
- 2عن محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب أنه قال يوما :أل أحدثكم عني وعن أمي ؟ فظننا
أنه يريد أمه التي ولدته ،قال :قالت عائشة :أل أحدثكم عني وعن رسول ال صلى ال عليه
وسلم ؟ قلنا :بلى :قالت (:لما كانت ليلتي المتي كان النبي صلى ال عليه وسلم فيها عندي ،
انقلب فوضع رداءه ،وخلع نعليه ،فوضعهما عند رجليه ،وبسط طرف إزاره على فراشه ،
فاضطجع ،فلم يلبث إل ريثما ظهر أنه قد رقدت ،فأخذ رداءه رويدا ،وانتعل رويدا ،وفتح
الباب [رويدا] ،فخرج ،ثم أجافه رويدا ،فجعلت درعي في رأسي واختمرت :وتقنعت
إزاري، 154ثم انطلقت على اثره حتى جاء البقيع ،فقام فأطال القيام ،ثم رفع يديه ثلث مرات ،
ثم انحرف فانحرفت ،وأسرع فأسرعت .فهرول فهرولت .فأحضر فأحضرت ،فسبقته ،
فدخلت ،فليس إل أن اضجعت ،فدخل فقال ،مالك يا عائش155حشيا 156رابية ؟قالت :قلت :ل
شئ [ يا رسول ال ] ،قال :لتخبرني أو ليخبرني اللطيف الخبير ،قالت :قلت :يا رسول ال
بأبي أنت وأمي ،فأخبرته [ الخبر ] ،قال :فأنت السواد الذي رأيت أمامي ؟ قلت :نعم ،
فلهزني في صدري لهزة 157أوجعتي ،ثم قال :أظننت أن يحيف ال عليك ورسوله !؟ قالت
:مهما يكتم الناس يعلمه ال [ ،قال ] :نعم قال فان جبريل أتاني حين رأيت فناداني -فأخفاه منك
153قلت :وقد أعله ابن القيم بشئ عجيب ،والخرى بل شئ ! فقال في ( تهذيب السنن ) ( ( : ) 350 / 4وأما رواية البيهقي فهي من رواية بسطام بن مسلم ،
ولو صح ،فعائشة تأولت ما تأول غيرها من دخول النساء ) ! قلت :وبسطام ثقة بدون خلف أعلمه ،فل وجه لغمز ابن القيم له ،والسناد صحيج ل شبهة فيه
.ول يعله ما أخرجه الترمذي ( ) 157 / 2من طريق ابن جريج عن عبد ال ابن أبي مليكة قال :توفي عبد الرحمن بن أبي بكر ب ( الحبشي ) ( مكان بينه
وبين مكة اثنا عشر ميل ) فحمل إلى مكة فدفن فيها ،فلما قدمت عائشة أتت قبر عبد الرحمن بن أبى بكر فقالت :وكنا كندماني جذيمة حقبة من الدهر حتى قيل
:لن يتصدعا فلما تفرقتا كأني ومالكا لطول اجتماع لم نبت ليلة معا ثم قالت :وال لو حضرتك ما دفنت إل حيث مت ،ولو شهدتك ما زرتك ) وكذا أخرجه ابن
أبي شيبة في ( المصنف ) ( ، ) 140 / 4واستدركه الهيثمي فأورده في ( المجمع ) وقال ( : ) 60 / 3 ( :رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال
الصحيح ) ،فوهم في الستدراك لخراج الترمذي له ،ورجاله رجال الشيخين لكن ابن جريح مدلس وقد عنعنه .فهي علة الحديث ،ومع ذلك فقد ادعى ابن
القيم ( ) 349 / 4أنه ( المحفوظ مع ما فيه ) .كذا قال ،بل هو منكر لما ذكرنا ولنه مخالف لرواية يزيد بن حميد وهو ثقة ثبت عن ابن أبي مليكة ،ووجه
المخالفة ظاهرة من قوله ( ولو شهدتك ما زرتك ) فانه صريح في أن سبب الزيارة إنما هو عدم شهودها وفاته ،فلو شهدت ما زارت ،بينما حديث ابن حميد
صريح في أنها زارت لن النبي صلى ال عليه وسلم أمر بزيارة القبور ،فحديثه هو المحفوظ خلف ما ذهب إليه ابن القيم رحمه ال تعالى .وأما ما ذكره من
تأول عائشة فهو محتمل ،ولكن الحتمال الخر وهو أنها زارت بتوقيف منه صلى ال عليه وسلم أقوى بشهادة حديثها التي .
154بغير باء التعدية ،بمعنى لبست إزاري فلهذا عدي بنفسه .
155يجوز في ( عائش ) فتح إلشين وضمها ،وهما وجهان جاريان في كل المرخمات .
156بفتح المهملة وإسكان المعجمة معناه وقع عليك الحشا وهو الربو والتهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه من ارتفاع النفس وتواتره .وقول ( :رابية ) أي
مرتفعة البطن .
157اللهز :الضرب بجمع الكف في الصدر .
90
،فأجبته ،فأخفيته منك ،ولم يكن ليدخل عليك،وقد وضعت ثيابك وظننت أن قد رقدت ،فكرهت
أن أو فظك .وخشيت أن تستوحشي -فقال :إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم ،
قالت :قلت:كيف أقول لهم يا رسول ال ؟قال :قولي :السلم على أهل الديار من المؤمنين
والمسلمين ،ويرحم ال المستقدمين منا والمستأخرين ،وإنا إن شاء ال بكم للحقون ) .أخرجه مسلم
158
( )3/14والسياق له والنسائي ( )161 -160،160 /2 ،1/286وأحمد ( )6/221والزيادات له إل الولى والثالثة فإنها للنسائي
الرابع :إقرار النبي صلى ال عليه وسلم المرأة التي رآها عند القبر في حديث أنس رضي ال
عنه ( :مر رسول ال صلى ال عليه وسلم بامرأة عند قبر وهي تبكي ،فقال لها :اتقي ال
واصبري ) ..رواه البخاري وغيره ،وقد مضى بتمامه في المسألة (( )19ص ، ) 22وترجم له ( باب زيارة القبور ) ،
قال الحافظ في ( الفتح ) ( :وموضع الدللة منه أنه صلى ال عليه وسلم لم ينكر على المرأة قعودها عند القبر ،وتقريره
حجة ) .وقال العيني في ( العمدة ) (: )3/76
( وفيه جواز زيارة القبور مطلقا ،سواء كان الزائر رجل أو امرأة :وسواء كان المزور مسلما
أو كافرا ،لعدم الفصل في ذلك ) .
وذكر نحوه الحافظ أيضا في آخر كلمه على الحديث فقال عقب قوله(لعدم الستفصال في ذلك):
(قال النووي :وبالجواز قطع الجمهور ،وقال صاحب الحاوي :ل تجوز زيارة قبر الكافر
وهو غلط .159انتهى ) .
وما دل عليه الحديث من جواز زيارة المرأة هو المتبادر من الحديث ،ولكن إنما يتم ذلك إذا
كانت القصة لم تقع قبل النهي ،وهذا هو الظاهر ،إذا تذكرنا ما أسلفناه من بيان أن النهي كان
في مكة ،وأن القصة رواها أنس وهو مدني جاءت به أمه أم سليم إلى النبي صلى ال عليه وسلم
حين قدم المدينة ،وأنس ابن عشر سنين،فتكون القصة مدنية ،فثبت أنها بعد النهي .فتم الستدلل
بها على الجواز ،وأما قول ابن القيم في ( تهذيب السنن ) ( ( : ) 350 / 4وتقوى ال ،فعل ما
أمر به وترك ما نهى عنه ،ومن جملتها النهي عن الزيارة ) .فصحيح لو كان عند المرأة علم
بنهي النساء عن الزيارة وأنه استمر ولم ينسخ ،فحينئذ يثبت قوله ( :ومن جملتها النهي عن
الزيارة ) أما وهذا غير معروف لدينا فهو استدلل غير صحيح،ويؤيده أنه لو كان النهي ل يزال
158والحديث استدل به الحافظ في ( التلخيص ) ( ) 248 / 5على جواز الزيارة للنساء وهو ظاهر الدللة عليه ،وهو يؤيد أن الرخصة شملهن مع الرجال ،
لن هذه القصة إنما كانت في المدينة ،لما هو معلوم أنه صلى ال عليه وسلم بنى بعائشة في المدينة ،والنهي إنما كان في أول المر في مكة ،ونحن نجزم بهذا
وإن كنا ل نعرف تاريخا يؤيد ذلك ،لن الستنتاج الصحيح يشهد له ،وذلك من قوله صل ال عليه وسلم ( :كنت نهيتكم ) إذ ل يعقل في مثل هذا النهي أن
يشرع في العهد المدني ،دون العهد المكي الذي كان أكثر ما شرع فيه من الحكام إنما هو فيما يتعلق بالتوحيد والعقيدة ،والنهي عن الزيارة من هذا القبيل لنه
من باب سد الذرائع ،وتشريعه إنما يناسب العهد المكي لن الناس كانوا فيه ،حديتي عهد بالسلم ،وعهدهم بالشرك قريبا ،فنهاهم صلى ال عليه وسلم عن
إلزيارة لكي ل تكون ذريعة إلى الشرك ،حتى إذا استقر التوحيد في قلوبهم ،وعرفوا ما ينافيه من أنواع الشرك أذن لهم الزيارة ،وأما أن يدعهم طيلة العهد
المكي على عادتهم في الزيارة ،ثم ينهاهم عنها في المدينة فهو بعيد جدا عن حكمة التشريح ،ولهذا جزمنا بأن النهي إنما كان تشريعه في مكة ،فإذا كان كذلك
فأذنه لعائشة بالزيارة في المدينة دليل واضح على ما ذكرنا ،فتأمله فانه شئ انقدح في النفس ،ولم أر من شرحه على هذا الوجه ،فان أصبت فمن ال ،وإن
أخطأت فمن نفسي .وأما استدلل صاحب رسالة ( وصية شرعية ) على ذلك بقوله ( ص ( : ) 26وقد أقر الرسول صلى ال عليه وسلم ابنته فاطمة رضي ال
عنها على زيارة قبر عمها حمزة رضي ال عنه ) .فهو استدلل باطل ،لن القرار المذكور ل أصل له في شئ من كتب السنة ،وما أظنة إل وهما من
ألمولف ،فإن المروي عنها رضي ال عنها إنما هو زيارة فقط ليس في ذكر للقرار المزعوم أصل ،ومع ذلك فل يثبت ذلك عنها ،فإنه من رواية سليمان بن
داود عن جعفر بن محمد عن أبيه على بن الحسين عن أبيه أن فاطمة بنت النبي صلي ال عليه وسلم كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده
.هكذا أخرجه الحاكم ( ) 377 / 1ومن طريقه البيهقي ( ) 78 / 4وقال ( :كذا قال ،وقد قيل عن سليمان بن داود عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه دون
ذكر على بن الحسين عن أبيه فيه ،فهو منقطع ) .وقال الحاكم ( :رواته عن آخرهم ثقات ) ! ورده الذهبي بقوله ( :قلت :هذا منكر جدا ،وسليمان ضعيف )
.قلت :وأنا أظنه سليمان بن داود بن قيس الفراء المدني ،قال أبو حاتم ( شيخ ل أفهمه فقط كما ينبغي ) وقال الزدي ( :تكلم فيه ) ولهذا أورده الذهبي في
( الضعفاه ) ،وحكى قول الزدي المذكور ،فل تغتر بسكوت الحافظ على هذا الثر في ( التلخيص ) ( ص ، ) 167وإن تابعه عليه الشوكاني كما هي عادته
في ( نيل الوطار ) ( ! ! ) 95 / 4على أنه وقع عند الول ( على بن الحسين عن على ) ،فجعله من مسند علي رضي ال عنه وإنما هو من رواية ابنه
الحسين رضي ال عنهما ،كما عند الحاكم ،أو من رواية جعفر بن محمد عن أبيه كما في رواية البيهقي المعلقة ،فلعل ما في ( التلخيص ) وهو قوله ( عن
علي ) محرف عن ( عن أبيه ) .وسقط هذا كله عند الصنعاني في ( سبل السلم ) ( ) 151 / 2فعزاه للحاكم من حديث علي بن الحسين أن فاطمة . . .ثم قال
( :قلت :وهو حديث مرسل ،فإن علي بن الحسين لم يدرك فاطمة بنت محمد ) ! والحديث إنما هو من حديث علي بن الحسين عن أبيه على ما سبق بيانه .
159قلت :والدليل عليه في المسألة التية .
91
مستمرا لنهاها رسول ال صلى ال عليه وسلم عن الزيارة صراحة وبين ذلك لها ،ولم يكتف
بأمرها بتقوى ال بصورة عامة ،وهذا ظاهر إن شاء ال تعالى .
- 120لكن ل يجوز لهن الكثار من زيارة القبور والتردد عليها ،لن ذلك قد يفضي بهن إلى
مخالفة الشريعة ،من مثل الصياح والتبرج واتخاذ القبور مجالس للنزهة ،وتضييع الوقت في
الكلم الفارغ ،كما هو مشاهد اليوم في بعض ،البلد السلمية ،وهذا هو المراد -إن شاء
ال -بالحديث المشهور ( :لعن رسول ال صلى ال عليه وسلم ( وفي لفظ :لعن ال ) زوارات
القبور ).وقد روي عن جماعة من الصحابة :أبو هريرة ،حسان بن ثابت ،وعبد ال ابن عباس.
-1أما حديث أبي هريرة ،فهو من طريق عمر بن أبي سلمة عن أبيه عنه.أخرجه الترمذي (-2/156
تحفة) وابن ماجه ( )1/478وابن حبان )789والبيهقي ( )4/78والطيالسي ( -1/171ترتيبه) وأحمد ( ، )2/337واللفظ الخر
للطيالسي والبيهقي ،وقال الترمذي:
(حديث حسن صحيح ،وقد رأى بعض أهل العلم أن هذا كان قبل أن يرخص النبي في زيارة
القبور.فلما رخص دخل في رخصته الرجال والنساء،وقال بعضهم :إنما كره زيارة القبور في
النساء لقلة صبرهن وكثرة جزعهن ) .
قلت :ورجال إسناد الحديث ثقات كلهم ،غير أن في عمر بن أبي سلمة كلما لعل حديثه ل
ينزل به عن مرتبة الحسن،لكن حديثه هذا صحيح لما له من الشواهد التية .
- 2وأما حديث حسان بن ثابت ،فهو من طريق عبد الرحمن بن بهمان عن عبد الرحمن بن
ثابث عن أبيه به.أخرجه ابن أبي شيبة ( )4/141وابن ماجه ( )1/478والحاكم ( )1/374والبيهقي وأحمد ( )2/243وقال
البوصيري في ( الزوائد ) ( ق ( : )98/2إسناده صحيح ،رجاله ثقات ) .
كذا قال ،وابن بهمان هذا لم يوثقه غير ابن حبان والعجلي ،وهما معروفان بالتساهل في
التوثيق ،وقال ابن المديني فيه ( :ل نعرفه ) ،ولذا قال الحافظ في ( التقريب ) ( :مقبول ) يعني
عند المتابعة ،ولم أجد له متابعا ،لكن الشاهد الذي قبله وبعده في حكم المتابعة ،فالحديث مقبول.
- 3وأما حديث ابن عباس ،فهو من طريق أبي صالح عنه باللفظ الول إل أنه قال ( :زائرات
القبور )وفي رواية ( زوارات ).أخرجه ابن أبي شيبة()4/140وأصحاب السنن الربعة و ابن حبان()788والحاكم
والبيهقي والطيالسي والرواية الخرى لهما،وأحمد(رقم ) 2030،2603،2986،3118وقال الترمذي (:حديث حسن،وأبو صالح
هذا مولى أم هاني بنت أبي طالب واسمه باذان،ويقال:باذام).
قلت :وهو ضعيف بل اتهمه بعضهم ،وقد أوردت حديثه في ( سلسلة الحاديث الضعيفة ) لزيادة تفرد بها فيه ،وذكرت
بعض أقوال الئمة في حاله فيراجع (. )223
فقد تبين من تخريج الحديث أن المحفوظ فيه إنما هو بلفظ (( زوارات)) لتفاق حديث أبي هريرة
وحسان عليه وكذا حديث ابن عباس في رواية الكثرين،على ما فيه من ضعف فهي إن لم
تصلح للشهادة فل تضر،كما ل يضر في التفاق المذكور الرواية الخرى من حديث ابن عباس
كما هو ظاهر،وإذا كان المر كذلك فهذا اللفظ ((زوارات ))إنما يدل على لعن النساء اللتي
يكثرن الزيارة .بخلف غيرهن فل يشملهن اللعن ،فل يجوز حينئذ أن يعارض بهذا الحديث ما
سبق من الحاديث الدالة على استحباب الزيارة للنساء ،لنه خاص وتلك عامة .فيعمل بكل
منهما في محله ،فهذا الجمع أولى من دعوى النسخ ،وإلى نحو ما ذكرنا ذهب جماعة من العلماء
،فقال القرطبي (:اللعن المذكور في الحديث إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة
من المبالغة ،ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج .وما ينشأ من
الصياح ونحو ذلك وقد يقال :إذا أمن جميع ذلك فل مانع من الذن لهن ،لن تذكر الموت
يحتاج إليه الرجال والنساء )
92
.قال الشوكاني في ( نيل الوطار )(( : )4/95وهذا الكلم هو الذي ينبغي اعتماده في الجمع بين أحاديث الباب المتعارضة في
الظاهر ).160
- 121ويجوز زيارة قبر من مات على غير السلم للعبرة فقط .وفيه حديثان:
الول :عن أبي هريرة قال ( :زار النبي صلى ال عليه وسلم قبر أمه.فبكى :وأبكى من
حوله ،فقال :استأذنت ربي في أن أستغفر لها ،فلم يؤذن لي ،واستأذنته في أن أزور قبرها
فأذن لي ،فزوروا القبور فإنها تذكر الموت ) .أخرجه مسلم ( )3/65وأبو داود ( )2/72والنسائي ( )1/286وابن
ماجه ( )1/476( )1/476والطحاوي ( )3/189والحاكم ( )376-1/375وعنه البيهقي ( )4/76وأحمد (. )2/441
رواية الثاني :عن بريدة رضي ال عنه قال (:كنا مع النبي صلى ال عليه وسلم [ في سفر،وفي
:في غزوة الفتح ] .فنزل بنا ونحن معه قريب من ألف راكب ،فصلى ركعتين ،ثم أقبل علينا
بوجهه وعيناه تذرفان ،فقام إليه عمر بن الخطاب،فقداه بالب والم ،يقول :يا رسول ل مالك ؟
قال :إني سألت ربي عز وجل في الستغفار لمي ،فلم يأذن لي،فدمعت عيناي رحمة لها من
النار [،واستأذنت ربي في زيارتها فأذن لي ] ،وإني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها،
ولتزدكم زيارتها خيرا ) .أخرجه أحمد ( )5/355،357،359وابن أبي شيبة ( )4/139والرواية الخرى لهما وإسنادها
عند ابن أبي شيبة صحيح ،والحاكم ( )1/376وكذا ابن حبان ( )791والبيهقي ( )4/76والزيادة الولى لها :والرواية الخرى
فيها لمن سبق ذكره ،والزيادة الخرى للحاكم وقال ( :صحيح على شرط الشيخين ) ووافقه الذهبي ،وهو كما قال :ورواه
الترمذي مختصرا وصححه،وروى مسلم وغيره منه الذن بالزيارة فقط كما تقدم في المسألة(118ص )178الحديث الول .161
والمقصود من زيارة القبور شيئان :
-1انتفاع الزائر بذكر الموت والموتى ،وأن مآلهم إما إلى جنة وإما إلى نار وهو الغرض الول
من الزيارة ،كما يدل عليه ما سبق من الحاديث .
-2نفع الميت والحسان إليه بالسلم عليه،والدعاء والستغفار له،وهذا خاص بالمسلم ،وفيه
أحاديث :
الول :عن عائشة رضي ال عنها (:أن النبي صلى ال عليه وسلم كان يخرج إلى البقيع ،فيدعو
لهم ،فسألته عائشة عن ذلك ؟ فقال :إني أمرت أن أدعو لهم ) .أخرجه أحمد ( )6/252بسند صحيح
على شرط الشخين .ومعناه عند مسلم وغيره من طريق أخرى مطول ،وقد مضى بتمامه في المسألة ( . ) 119
الثاني :عنها أيضا قالت ( :كان رسول ال صلى ال عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول ال
صلى ال عليه وسلم يخرج من آخر الليل فيقول :السلم عليكم [ أهل ] دار قوم مؤمنين ،وإنا
وإياكم وما توعدن غدا مؤجلون ،وإنا إن شاء ال بكم لحقون ،اللهم اغفر لهل بقيع الغرقد ) .
أخرجه مسلم ( )3/63والنسائي ( )1/287وابن السني ( )585والبيهقي ( )4/79وأحمد ( )6/180وليس عنده الدعاء بالمغفرة
( والزيادة له ولبن السني .
160وإلى هذا الجمع ذهب الصنعاني أيضا في ( :سبل السلم ) ،ولكنه استدل للجواز بأدلة فيها نظر فأحبت أن أنبه عليها ،أول :حديث الحسين بن علي
رضي ال عنهما ( أن فاطمة بنت النبي صلى ال عليه وسلم كانت تزرو قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي ) .أخرجه الحاكم ( ) 377 / 1وعنه
البيهقي ( ) 78 / 4وقال ( وهو منقطع ،وسكت عليه الحافظ في ( التلخيص ) ( ) 248 / 5وتبعه الصنعاني ! وسكوت هذين واقتصار البيهقي علي إعلله
بالنقطاع قد يوهم أنه سالم من علة أخرى .وليس كذلك كما سبق بيانه قريبا .ثانيا :حديث البيهقي في ( شعب اليمان ) مرسل ( :من زار قبر الولدين أو
أحدهما في كل جمعة عفو له وكتب بارا ) .سكت عليه الصنعاني أيضا .وهو ضعيف جدا بل هو موضوع ،وليس هو مرسل فقط كما ذكر الصنعاني ،بل هو
معضل لن الذي رفعه إنما هو محمد بن النعمان وليس تابعيا ،قال إلعراقي في ( تخريج الحياء ) ( ( : ) 418 / 4رواه ابن أبى الدنيا وهو معضل ،محمد بن
النعمان مجهول ) .قلت :وهو تلقاه عن يحيى بن العلء البجلي بسنده عن أبى هريرة أخرجه الطبراني في الصغير ( ) 199ويحيي كذبه وكيع وأحمد ،وقال
ابن أبى حاتم ( ) 209 / 2عن أبيه ( :الحديث منكرا جدا ،كأنه موضوع ) .
161قال النووي في شرح حديث أبى هريرة الول ( :فيه جواز زيارة المشركين في الحياة ،وقبورهم بعد الوفاة ،لنه إذا جازت زيارتهم بعد الوفاة ،ففي
الحياة أولى .وفيه النهي عن الستغفار للكفار ،قال عياض :سبب زيارته صلى ال عليه وسلم قبرها أنه قصد قوة الموعظة والذكرى بمشاهدة قبرها ،ويؤيده
قوله صلى ال عليه وسلم :فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت ) .
93
الثالث :عنها أيضا في حديثها الطويل المشار إليه قريبا قالت ( :كيف أقول لهم يا رسول ال ؟
قال :قولي :السلم على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ،ويرحم ال المستقدمين منا
والمستأخرين وإنا إن شاء ال بكم للحقون ).أخرجه مسلم وغيره.
الرابع :عن بريدة قال ( :كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر ،
فكان قائلهم يقول :السلم عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ،وإنا إن شاء ال [ بكم ]
للحقون [ ،أنتم لنا فرط ،ونحن لكم تبع ] ،أسأل ال لنا ولكم العافية ) .أخرجه مسلم ( )3/65والنسائي
وابن ماجه ( ، )1/469وكذا ابن أبي شيبة) ( )4/138وابن السني في ( )582والبيهقي وأحمد ( ،)5/353،359،360والزيادتان
لهم جميعا حاشا ابن ماجه ومسلما .والزيادة الثانية ،أخرجها ابن أبي شيج من حديث علي وإسناده صحيح ،ومن حديث سلمان
( وإسناده حسن ) وكلهما موقوف عليهما .
الخامس :عن أبي هريرة ( :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنى المقبرة فقال :السلم
عليكم دار قوم مؤمنين ،وإنا إن شاء ال بكم ل حقون ،وددت أنا قد رأينا إخواننا ،قالوا :أو
لسنا إخوانك يا رسول ال .قال [ بل ] أنتم أصحابي ،وأخواننا الذين يأتون بعد [ ،وأنا فرطهم
على الحوض ] ،فقالوا كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول ال :فقال أرأيتم لو أن
رجل له خيل غر162محجلة ،بين ظهري خيل دهم بهم163أل يعرف خيله ؟ قالوا بلى يا رسول
ال.قال:فأنهم يأتون[ يوم القيامة ] عرا محجلين من الوضوء [ .يقولها ثلثا ] ،وأنا فرطهم على
الحوض .أل ليذادن رجال [ منكم ] عن حوضي كما يذاد البعير الضال ،أناديهم :أل هلم [ أل
هلم ] .فيقال :إنهم قد بذلوا بعدك [ ،ولم يزالوا يرجعون على أعقابهم ] ،فأقول [ :أل ] ،سحقا
سحقا ) .اخرجه مسلم ( )151-1/150ومالك ( )50-1/49والنسائي ( )1/35وابن ماجه( )580 /2والبيهقي( )4/78وأحمد (
)2/300،408والزيادات كلها له إل الخيرتين فإنها لبن ماجه ،ولمالك الثلثة الولى مع السادسة ،وللنسائي الولى والثالثة .
وفي الباب عن بشير بن الخصاصية ،وقد ذكرت لفظه في التعليق على المسألة (( ، )88ص )135وعن ابن عباس ،وفيه
ضعف كما يأتي التنبيه عليه في خاتمة المسألة التية بعد مسألة ،وعن عمر وغيره ،وفيها ضعف كما بينه الحافظ الهيثمي في
( المجمع ) (. )3/60
-122وأما قراءة القرآن عند زيارتها ،فمما ل أصل له في السنة ،بل الحاديث المذكورة في
المسألة السابقة تشعر بعدم مشروعيتها ،إذ لو كانت مشروعة ،لفعلها رسول ال صلى ال عليه
وسلم وعلمها أصحابه ،ل سيما وقد سألته عائشة رضي ال عنها-وهي من أحب الناس إليه
صلى ال عليه وسلم-عما تقول إذا زارت القبور؟ فعلمها السلم والدعاء .ولم يعلمها أن تقرأ
الفاتحة أو غيرها من القرآن،فلو أن القراءة كانت مشروعة لما كتم ذلك عنها ،كيف وتأخير
البيان عن وقت الحاجة ل يجوز كما تقرر في علم الصول ،فكيف بالكتمان ،ولو أنه صلى ال
عليه وسلم علمهم شيئا من ذلك لنقل إلينا،فإذ لم ينقل بالسند الثابت دل على أنه لم يقع.ومما يقوي
عدم المشروعية قوله صلى ال عليه وسلم (:ل تجعلوا بيوتكم مقابر،فإن الشيطان يفر من البيت
الذي يقرأ فيه سورة البقرة ) أخرجه مسلم ( )2/188والترمذي ( )4/42وصححه وأحمد ()378،388 ،2/284،337
من حديث أبي هريرة .
الصغير) . وله شاهد من حديث الصلصال بن الدلهمس .رواه البيهقي في (الشعب) كما في(الجامع
فقد أشار صلى ال عليه وسلم إلى أن القبور ليست موضعا للقراءة شرعا ،فلذلك حض على
قراءة القرآن في البيوت ونهي عن جعلها كالمقابر التي ل يقرأ فيها ،كما أشار في الحديث
الخر إلى أنها ليست موضعا لصلة أيضا ،وهو قوله (( :صلوا في بيوتكم ،ول تتخذوها
قبورا )) .أخرجه مسلم ( )2/187وغيره عن ابن عمر ،وهو -عند البخاري بنحوه ،وترجم له بقوله :بـ( باب كراهية
162بضم فتشديد جمع الغر ،وهو البيض الوجه ( .محجلين ) اسم مفعول من التحجيل ،والمحجلل من الدواب التي قوائمها بيض .
163بضمتين أو بسكون الثاني وهو الشهر للزدواج ،وهو تأكيد ( دهم ) جمع أدهم وهو السود .
94
الصلة في المقابر ) فأشار به إلى أن حديث ابن عمر يفيد كراهة الصلة في المقابر،فكذلك حديث أبي هريرة يفيد كراهة قراءة
القرآن في المقابر،ول فرق.164ولذلك كان مذهب جمهور السلف كأبي حنيفة ومالك وغيرهم165كراهة للقراءة عند القبور ،وهو
قول المام أحمد فقال أبو داود في مسائله ( ص ((: ) 158سمعت أحمد سئل عن القراءة عند القبر؟ فقال :ل)).
- 123ويجوز رفع اليد في الدعاء لهما ،لحديث عائشة رضي ال عنها قالت ( :خرج رسول
ال صلى ال عليه وسلم ذات ليلة ،فأرسلت بريرة في أثره لتنظر أين ذهب ! قالت :فسلك نحو
بقيع الغرقد ،فوقف في أدنى البقيع ثم رفع يديه،ثم انصرف ،فرجعت إلي بريرة ،فأخبرتني ،فلما
أصبحت سألته ،فقلت :يارسول ال أين خرجت الليلة ؟ قال :بعثت إلى أهل البقيع لصلي عليهم)
.أخرجه أحمد ( ، )6/92وهو في (الموطأ ) ( )240-1/239وعنه النسائي ( )1/287بنحوه ،لكن ليس فيه رفع اليدين ،
وإسناده حسن .وقد ثبت رفع اليدين في قصة أخرى لعائشة رضي ال عنها تقدمت في المسألة (. )119
- 124ولكنه ل يستقبل القبور حين الدعاء لها ،بل الكعبة ،لنهيه صلى ال عليه وسلم عن
الصلة إلى القبور كما سيأتي ،والدعاء مخ الصلة ولبها كما هو معروف فله حكمها ،وقد قال
صلى ال عليه وسلم ( :الدعاء هو العبادة ،ثم قرأ { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } .أخرجه ابن
المبارك في ( الزهد ) ( )10/151والبخاري في ( الدب المفرد ) رقم ( )714وأبو داود ( -1/551بشرح العون ) والترمذي (
)4/178،223وابن ماجه ( )429-2/428وابن حبان ( )2396والحاكم ( )1/491وابن منده في ( التوحيد ) (ق )69/1وأحمد (
)4/167،271،276،277وقال الحاكم ( :صحيح السناد ) ووافقه الذي وهو كما قال ،وقال الترمذي ( :حديث حسن
صحيح ) .
164وقد استدل جماعة من العلماء بالحديث على ما استدل به البخاري ،وأيده الحافظ في شرحه ،وقد ذكرت كلمه في المسألة التية ( رقم 128فقره ) 7
165ذكره عنهم شيخ السلم ابن تيمية في ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) ( ص ) 128وقال ( :ول يحفظ عن الشافعي نفسه في هذه
المسألة كلم ،وذلك لن ذلك كان عنده بدعة ،وقال مالك :ما عملت أحدا يفعل ذلك ،فعلم أن الصحابة ،والتابعين ما كانوا يفعلونه ) .وقال في ( الختيارات
العملية ) ( ص ( ) 53والقراءة على الميت بعد موته بدعة ،بخلف القراءة على المحتضر فإنها تستحب ب ( ياسين ) ) .قلت :لكن حديث قراءة ياسين
ضعيف كما تقدم ( ص ) 11والستحباب حكم شرعي ،ول يثبا بالحديث الضعيف كما هو معلوم من كلم ابن تيمية نفسه في بعض مصناته وغيرها .وأما
جاء في ( كتاب الروح ) لبن القيم ( ص : ) 13قال الحلل :وأخبرني الحسن بن أحمد الوارق :ثنا علي ابن موسى الحداد -وكان صدوقا -قال :كنت مع
أحمد بن جنبل ومحمد بن قدامة الجوهري في جنازة ،فلما دفن الميت جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر ،فقال له أحمد :يا هذا إن القراءة عند القبر بدعة ! فلما
خرجت من المقابر ،قال محمد بن قدامة لحمد بن حنبل :يا أبا عبد ال ما تقول في مبشر الحلبي ؟ قال :ثقة ،قال :كتبت عنه شيئا ؟ قال :نعم ،قال :
فأخبرني مبشر عن عبد الرحمن بن العلء بن اللجلج ( ،الصل :الحلج وهو خطأ ) عن أبيه أنه أوصي إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة
وخاتمتها،وقال:سمعت ابن عمر يوصي بذلك.فقال له أحمد :فارجع وقل للرجل :يقراء ).فالجواب عنه من وجوه:
الول :إن في ثبوت هذه القصة عن أحمد نظر ،لن شيخ الحلل الحسن بن أحمد الوراق لم أجد ترجمة فيما عندي الن من كتب الرجال ،وكذلك شيخه علي
بن موسى الحداد لم أعرفه ،وإن قيل في هذا السند أنه كان صدوقا ،فإن الظاهر أن القائل هو الوارق هذا ،وقد عرفت حاله .
الثاني ،إنه إن ثبت ذلك عنه فإنه أخص مما رواه أبو داود عنه ،وينتج من الجمع بين الروايتين عنه أن مذهبه كراهة القراءة عند القبر إل عند الدفن .
الثالث :أن السند بهذا الثر ل يصح عن ابن عمر ،ولو فرض ثبوته عن أحمد ،وذلك لن عبد الرحمن ابن العلء بن اللجلج معدود في المجهولين ،كما
يشعر بذلك قول الذهبي في ترجمته من ( الميزان ) ( :ما روي عنه سوى مبشر هذا ) ،ومن طريقة رواه ابن عساكر ( ) 2 / 399 / 13وأما توثيق ابن حيان
إياه فمما ل يعتد به لما اشهر به من التساهل في التوثيق ،ولذلك لم يعرج عليه الحافظ في ( التقريب ) حين قال في المترجم ( :مقبول ) يعني عند المتابعة وإل
فلين الحديث كما نص عليه في المقدمة ،ومما يؤيد ما ذكرنا أن الترمذي مع تساهله في التحسين لما أخرج له حديثا آخر ( ) 128 / 2وليس له عنده سكت
عليه ولم يحسنه !
الرابع :أنه لو ثبت سنده كل عن ابن عمر ،فهو موقوف لم يرفعه إلى النبي صلى ال عليه وسلم فل حجة فيه أصل .ومثل هذا الثر ما ذكره ابن القيم أيضا
( ص ( : ) 14وذكر الحلل عن الشعبي قال :كانت النصار إذا مات لهم الميت اختلفوا إلى قبره يقرؤون القرآن ) .فنحن في شك من ثبوت ذلك عن الشعبي
بهذا اللفظ خاصة ،فقد رأيت السيوطي قد أورده في ( شرح الصدور ) ( ص ) 15بلفظ ( :كانت النصار يقرؤون عند الميت سورة البقرة ) .قال ( :رواه
ابن أبي شيبة والمروزي ) أورده في ( باب ما يقول النسان في مرض الموت ،وما يقرأ عنده ) .ثم رأيته في ( المصنف ) لبن أبى شيبة ( ) 74 / 4وترجم
له بقوله ( :باب ما يقال عند المريض إذا حضر ) " .فتبين أن في سنده مجالدا وهو ابن سعيد قال الحافظ في ( التقريب ) ( :ليس بالقوي ،وقد تغيير في آخر
عمره ) .فظهر بهذا أن الثر ليس في القراءة عند القبر بل عند الحتضار ،ثم هو على ذلك ضعيف السناد .وأما حديث ( من مر بالمقابر فقرأ ( قل هو ال
أحد ) إحدى عشر مرة ثم وهب أجره للموأت أعطي من الجر بعدد الموات ) .فهو حديث باطل موضوع ،رواه أبو محمد الحلل في ( القراءة على
القبور ) ( ق ) 2 / 201والديلمي عن نسخة عبد ال بن أحمد بن عامر عن أبيه عن علي الرضا عن آبائه ،وهي نسخة موضوعة باطلة ل تنفك عن وضع
عبد ال هذا أو وضع أبيه ،كما قال الذهبي في ( الميزان ) وتبعه الحافظ ابن حجر في ( اللسان ) ثم السيوطي في ( ذيل الحاديث الموضوعة ) ،وذكر له هذا
الحديث وتبعه ابن عراق في ( تنزيه الشريعة المرفوعة ،عن الحاديث الشيعة الموضوعة ) .ثم ذهل السيوطي عن ذلك فأورد الحديث في ( شرح الصدور )
( ص ) 130برواية أبي محمد السمرقندي في ( 1فضائل قل هو ال أحد ) وسكت عليه ! نعم قد أشار قبل ذلك إلى ضعفه ،ولكن هذا ل ،يكفي فإن الحديث ،
موضوع باعترافه فل يجزي القتصار على تضعيفه كما ل يجوز السكوت عنه ،كما صنع الشيخ إسماعيل العجلوني في ( كشف الخفاء ) ( ) 382 - 2فإنه
عزاه للرافعي في تاريخه وسكت عليه ! مع أنه وضع كتابه المذكرر للكشف ( عما اشتهر من الحاديث على ألسنة الناس ) ! ثم إن سكوت أهل الختصاص
عن الحديث قد يوهم من ل علم عنده به أن الحديث مما يصلح للحتجاج به أو العمل به في فضائل العمال كما يقولون ،وهذا ما وقع لهذا الحديث ،فقد رأيت
بعض الحنيفة قد احتج بهذا الحديث للقراءة عند القبور وهو الشيخ الطهطاوي على ( مراقي الفلح ) ( ص ! ) 117وقد عزاه هذا إلى الدار قطني ،وأظنة
وهما ،فإني لم أجد غيره عزاه إليه ،ثم إن المعروف عند المشتغلين بهذا العلم أن العزو إلى الدار قطني مطلقا يراد به كتابه ( السنن ) ،وهذا الحديث لم أره
فيه .وال أعلم .
95
ورواه أبو يعلى من حديث البراءة بن عازب كما في (( الجامع الصغير )) .وفي الباب عن أنس بن مالك مرفوعا بلفظ :
(( الدعاء مخ العبادة )) .أخرجه الترمذي ( )2234وقال ( :حديث غرب من هذا الوجه ل نعرفه إل من حديث ابن لهيعة ) .
قلت :وهو ضعيف لسوء حفظه ،فيستشهد به إل ما كان من رواية أحد العبادلة عنه فيحتج به
حينئذ ،وليس هذا منها ،لكن معناه صحيح بدليل حديث النعمان.قال الطيبي في شرحه :
( أتى بضمير الفصل والخبر المعرف باللم [ هو العبادة ] ليدل على الحصر ،وأن العبادة ليست
غير الدعاء .وقال غيره :المعنى هو من اعظم العبادة فهو كخبر( الحج عرفة ) أي ركنه
الكبر ،وذلك لدللته على أن فاعله يقبل بوجهه إلى ال ،معرضا عما سواه ،لنه مأمور به ،
وفعل المأمور عبادة،وسماه عبادة ليخضع الداعي ويظهر ذلته ومسكنته وافتفاره،إذ العبادة ذل
وخضوع ومسكنة ) .ذكره المناوي في ( الفيض).
قلت :فإذا كان الدعاء من أعظم العبادة فكيف يتوجه به إلى غير الجهة التي أمر باستقبالها في
الصلة ،ولذلك كان من المقرر عند العلماء المحققين أن(ل يستقبل بالدعاء إل ما يستقبل بالصلة)
.قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال تعالى في ( اقتضاء الصراط المستقيم ،مخالفة أصحاب
الجحيم ) ( ص : ) 175
((وهذا أصل مستمر أنه ل يستحب للداعي أن يستقبل إل ما يستحب أن يصلي إليه ،أل ترى أن
الرجل لما نهي عن الصلة إلى جهة المشرق وغيرها فإنه ينهى أن يتحرى استقبالها وقت
الدعاء .ومن الناس من يتحرى وقت دعائه استقبال الجهة التي يكون فيها الرجل الصالح ،سواء
كانت في المشرق أو غيره ،وهذا ضلل بين ،وشر واضح ،كما أن بعض الناس يمتنع من
استدبار الجهة التي فيها بعض الصالحين،وهو يستدبر الجهة التي فيها بيت ال .وقبر رسول ال
صلى ال عليه وسلم !وكل هذه الشياء من البدع التي تضارع دين النصارى )) .
وذكر قبل ذلك بسطور عن المام أحمد وأصحاب مالك أن المشروع استقبال القبلة بالدعاء حتى
عند قبر النبي صلى ال عليه وسلم بعد السلم عليه .وهو مذهب الشافعية أيضا ،فقال النووي
في ( المجموع ) ( : ) 311 / 5
وقال المام أبو الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني -وكان من الفقهاء المحققين -في كتابه
في (( الجنائز )) ( :ول يستلم القبر بيده :ول يقبله ).قال (:وعلى هذا مضت السنة) .قال :واستلم
القبور وتقبيلها الذي يفعله العوام الن من المبتدعات المنكرة شرعا ،ينبغي تجنب فعله ،وينهى
فاعله ) قال (:فمن قصد السلم على ميت سلم عليه من قبل وجهه،وإذا أراد الدعاء تحول عن
موضعه ،واستقبل القبلة ).وهو مذهب أبي حنيفة أيضا،فقال شيخ السلم في ( القاعدة الجليلة ،
في التوسل والوسيلة )( ص :) 125
( ومذهب الئمة الربعة :مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم من أئمة السلم أن الرجل
إذا سلم على النبي صلى ال عليه وسلم ،وأراد أن يدعو لنفسه فإنه يستقبل القبلة ،واختلفوا في
وقت السلم عليه ،فقال الثلثة مالك والشافعي وأحمد :يستقبل الحجرة ويسلم عليه من تلقاء
وجهه ،وقال أبو حنيفة :ل يستقبل الحجرة وقت السلم كما ل يستقبلها وقت الدعاء باتفاقهم ،
تم في مذهبه قولن :قيل:يستدبر الحجرة ،وقيل يجعلها عن يساره .فهذا نزاعهم في وقت السلم
.وأما في وقت الدعاء فلم يتنازعوا في أنه إنما يستقبل القبلة ،ل الحجرة ) .وسبب الختلف
المذكور إنما هو من قبل أن الحجرة المكرمة لما كانت خارجة عن المسجد ،وكان الصحابة
96
يسلمون عليه لم يكن يمكن أحدا أن يستقبل وجهه صلى ال عليه وسلم ويستدبر القبلة ، 166كما
صار ذلك ممكنا بعد دخولها في المسجد بعد الصحابة،فالمسلم منهم إن استقبل القبلة صارت
الحجرة عن يساره ،وإن استقبلوا الحجرة ،كانت القبلة عن يمينهم وجهة الغرب من خلفهم ،
قال شيخ السلم في ( الجواب الباهر ) ( ص ) 14بعد أن ذكر هذا المعنى :
( وحينئذ فإن كانوا يستتقبلونه ويستدبرون الغرب فقول الكثرين أرجح ،وإن كانوا يستقبلون
القبلة حينئذ ويجعلون الحجرة عن يسارهم فقول أبي حنيفة أرجح )
قلت :لقد ترك الشيخ رحمه ال المسألة معلقة ،فلم يبت في أنهم كانوا يستقبلونها ،أو يستقبلون
القبر وكأن ذلك لعدم وجود رواية ثابتة عنهم في ذلك ،ولكن لو فرض أنهم كانوا يستقبلونه ،فقد
علمت أنهم في هذه الحالة كانوا يستدبرون الغرب ل القبلة ،لعدم إمكان ذلك في زمانهم ،وسبق
أن الكثرين يقولون باستقبال وجهه صلى ال عليه وسلم أيضا عند السلم عليه ،وهذا يستلزم
استدبار القبلة .المر الذي نقطع أنه لم يقع في عهد الصحابة كما سلف ،فهذا أمر زائد على
استقبال الحجرة ،ول بد له من دليل .لثباته ،فهل له من وجود ؟ذلك مما ل أعرفه ،ول رأيت
أحدا من العلماء تعرض لهذا ،سواء في خصوص قبر الرسول صلى ال عليه وسلم أو في
القبور عامة .نعم ،استدل بعضهم على ذلك بحديث ابن عباس قال :
( مر رسول ال صلى ال عليه وسلم بقبور المدينة ،فأقبل عليهم بوجهه ،فقال :السلم عليكم
يا أهل القبور ،يغفر ال لنا ولكم ،أنتم سلفنا ونحن على الثر ) .أخرجه الترمذي ()2/156والضياء في
( المختارة )()58/192/1من طريق الطبراني وقال الترمذي (:حسن غريب).
.وقال ابن حبان ( :ردئ قلت :في سنده قابوس بن أبي ظبيان قال النسائي (( :ليس بالقوي
))
الحفظ ،ينفرد عن أبيه بما ل أصل له ) .
قلت :وهذا من روايته عن أبيه ،فل يحتج به ،ولعل تحسين الترمذي لحديثه هذا إنما هو
باعتبار شواهده،فإن معناه ثابت في الحاديث الصحيحة وقد مضى قريبا ذكر قسم طيب منها ،
إل أن قوله (:فأقبل عليهم بوجهه ) منكر لتفرد هذا الضيف به .
إذا عرفت هذا ،فقد قال الشيخ علي القاري في ( مرقاة المفاتيح ) (: )2/407
( فيه دللة على أن المستحب في حال السلم على الميت أن يكون وجهه لوجه الميت وأن
يستمر كذلك في الدعاء أيضا ،وعليه عمل عامة المسلمين ،خلفا لما قاله ابن حجر من أن
السنة عندنا أنه في حالة الدعاء يستقبل القبلة كما علم من أحاديث أخر في مطلق الدعاء ) .
قلت :وفي هذا الستدلل نظر ظاهر ،إذ ليس في الحديث إل إقباله صلى ال عليه وسلم بوجهه
على القبور ،وأما القبال على وجوه الموتى ،فشئ آخر وهو يحتاج إلى نص آخر غير هذا،
وهو مما ل أعرفه .
فالحق أن الحديث لو ثبت سنده لكان دليل واضحا على أن المار بالقبور يستقبلها بوجهه حين
السلم عليها والدعاء لها ،كيفما كان الستقبال ،وحسبما يتفق دون قصد لوجوه الموتى ،أما
والسند ضعيف كما سبق بيانه فل يصلح للستدلل به أصل.
ول ينافي ما تقدم عن المام مالك من عدم مشروعية استقبال الحجرة عند الدعاء الحكاية التي
جاء فيها أن مالكا لما سأله المنصور العباسي عن استقبال الحجرة ،أمره بذلك ،وقال :هو
وسيلتك ووسيلة أبيك آدم ،لنها حكاية باطلة ،مكذوبة على مالك ،وليس لها إسناد معروف ،
166وأما ما رواه اسماعيل القاضي في ( فضل الصلة على النبي صلى ال عليه وسلم ) ( رقم 101بتحقيقي وطبع المكتب السلمي ) عن ابن عمر ( أنه كان
يأتي النبي صلى ال عليه وسلم فيضع ،يده على قبره ويستدبر القبلة ثم يسلم عليه ) فضعيف منكر كما بينه في التعليق عليه .
97
ثم هي خلف الثابت المنقول عنه بأسانيد الثقات في كتب أصحابه كما ذكره إسماعيل في إسحاق
القاضي وغيره .
ومثلها ما ذكروا عنه أنه سئل عن أقوام يطيلون القيام مستقبلي الحجرة يدعون لنفسهم فأنكر
مالك ذلك ،وذكر أنه فمن البدع التي لم يفعلها الصحابة والتابعون لهم بإحسان ،وقال ( ل
167
يصلح آخر هذه المة إل ما أصلح أولها )
- 125وإذا زار قبر الكافر فل يسلم عليه ،ول يدعو له ،بل يبشره بالنار ،كذلك أمر رسول
ال صلى ال عليه وسلم في حديث سعد بن أبي وقاص قال (:جاء أعرابي إلى النبي صلى ال
عليه وسلم فقال :إن أبي كان يصل الرحم ،وكان ،وكان ،فأين هو ؟ قال :في النار ،فكأن
العرابي وجد من ذلك ،فقال :يارسول ال ! فأين أبوك ؟ قال ( :حيثما مررت بقبر كافر
فبشره بالنار ) .قال :فأسلم العرابي بعد ،فقال :لقد كلفني رسول ال صلى ال عليه وسلم
تعبا !ما مررت بقبر كافر إل بشرته بالنار) .أخرجه الطبراني في ( المعجم الكبير ) ( )1/191/1وابن السني في
(عمل اليوم والليلة) رقم ( )588والضياء المقدسي في ( الحاديث المختارة ) ( )1/333بسند صحيح ،وقال الهيثمي (-1/117
( : )118رواه البزار والطبراني في الكبير ،ورجاله رجال الصحيح ) .
وقد أخرجه ابن ماجه ( )477-1/476من هذا الوجه لكنه جعله من مسند عبد ال ابن عمر ،وقال البوصيري في ( الزوائد ) (ق
( : )98/2إسناده صحيح ،رجاله ثقات ) .
قلت :لكنه شاذ،والمحفوظ أنه من مسند سعد كما بينته في( سلسلة الحاديث الصحيحة ) ( . ) 18
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ(:إذا مررتم بقبورنا وقبوركم من أهل الجاهلية
،فأخبروهم أنهم من أهل النار ) .رواه ابن السني في ( اليوم والليلة ) (رقم )587بسند فيه يحيى بن يمان وهو سيئ
الحفظ عن محمد بن عمر ،ولم أعرفه عن أبي سلمة عنه .لكن الظاهر انه ( ابن عمرو ) بفتح العين وسكون الميم ثم واو بعد
الراء ،سقط من الطابع حرف الواو .وهو حسن الحديث .
وما ذكرنا في هذه المسألة هو مذهب الحنابلة كما في ( كشاف القناع ) ()2/134وغيره من كتبهم .
- 126ول يمشي بين قبور المسلمين في نعليه،لحديث بشيرين الحنظلية قال ( :بينما أماشي
رسول ال صلى ال عليه وسلم ...أتى على قبور المسلمين ...فبينما هو يمشي إذ حانت منه
نظرة ،فإذا هو برجل يمشي بين القبور عليه نعلن،فقال :يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك ،
فنظر ،فلما عرف الرجل رسول ال صلى ال عليه وسلم خلع نعليه ،فرمى بهما )أخرجه أصحاب
168
السنن وغيرهم ،وقد مضى بتمامه في المسألة ()88
- 127ول يشرع وضع الس ونحوها من الرياحين والورود على القبور،لنه لم يكن من فعل
السلف ،ولو كان خيرا لسبقونا إليه "وقد قال ابن عمر رضي ال عنهما (:كل بدعة ضللة،وإن
169
رآها الناس حسنة ) .رواه ابن بطة في(البانة عن أصول الديانة) ( )2/112/2واللكائي في ( السنة ) ()1/21/1
98
موقوفا بإسناد صحيح ،والهروي في (ذم الكلم) ( )1 /2/36مرفوعا ،وما أراه إل وهما .وإنما يصح منه مرفوعا الشطر
الول منه وقد مضى حديث جابر .
ما يحرم عند القبور
- 128ويحرم عند القبور ما يأتي :
- 1الذبح لوجه ال،لقوله صلى ال عليه وسلم (:لعقر في السلم )،قال عبد الرزاق بن همام :
( كانو يعقرون عند القبر بقرة أو شاة ).أخرجه ( أبو داود ( )2/71وقول عبد الرزاق له ،والبيهقي ( )4/57وأحمد
( )3/197وإسناده صحيح على شرط الشيخين .170
- 2رفعها زيادة على التراب الخارج منها .
الترمذي ( ) 103 / 1عقب هذا ( :وصدق الحطابي ،وقد ازداد العامة إصرارا على هذا العمل الذي ل أصل له ،وغلوا فيه ،خصوصا في بلد مصر ،
تقليدا للنصارى ،حتى صاروا يضعون الزهور على القبور ،ويتهادونها بينهم ،فيضعها الناس على قبور أقاربهم ومعارفهم تحية لهم ،ومجاملة للحياء ،
وحتى صارت عادة شبيهة بالرسمية في المجاملت الدولية ،فتجد الكبراء من المسلمين إذا نزلوا بلدة من بلد أوربا ذهبوا إلى قبور عظمائها أو إلى قبر من
يسمونه ( الجندي المجهول ) ووضعوا عليها الزهور ،وبعضهم يضع الزهور الصناعية التي ل نداوة فيها تقليدا للفرنج ،واتباعا لسنن من قبلهم ،ول ينكر
ذلك عليهم العلماء أشباه العامة ،بل تراهم أنفسهم يضعون ذلك في قبور موتاهم ،ولقد علمت أن أكثر الوقاف التي تسمى أوقافا خيرية موقوف ريعها على
الخوص والريحان الذي يوضع على القبور وكل هذه بدع ومنكرات ل أصل لها في الدين ،ول سند لها من الكتاب والسنة ،ويجب على أهل العلم أن ينكررها
وأن بطلوا هذه العادات ما استطاعوا ) . .قلت :ويؤيد كون وضع الجريد على القبر خاص به ،وأن التخفيف لم يكن من أجل نداوة شقها أمور :
أ -حديث جابر رضي ال عنه الطويل في ( صحيح مسلم ) ( ) 236 - 231 / 8وفية قال صلى ال عليه وسلم ( :إني مررت بقبرين يعذبان ،فأحببت
بشفاعتي أن يرد عنهما ما دام الغصنان رطبين ) .فهذا صريح في أن رفع العذاب إنما هو بسبب شفاعته صلى ال عليه وسلم ودعائه ل بسبب النداوة ،وسواء
كانت قصة جابر هذه هي عين قصة ابن عباس المتقدمة كما رجحه العيي وغيره ،أو غيرها كما رجحه الحافظ في ( الفتح ) ،أما على الحتمال الول
فظاهر ،وأما على الحتمال الخر ،فلن النظر الصحيح يقتضي أن تكون العلة واحدة في القصتين للتشابه الموجود بينهما ،ولن كون النداوة سببا لتخفيف
العذاب عن الميت مما ل يعرف شرعا ول عقل ،ولو كان المر كذلك لكان أخف الناس عذابا إنما هم الكفار الذين يدفنون في مقابر أشبه ما تكون بالجنان
لكثرة ما يزرع فيها من النباتات والشجار التي تظل مخضرة صيفان شتاء ! يضاف إلى ما سبق أن بعض العلماء كالسيوطي قد ذكروا أن سبب تأثير النداوة
في التخفيف كونها تسبح ال تعالى ،قالوا :فإذا ذهبت من العود ويبس انقطع ،تسبيحه ! فإن هذا التعليل مخالف لعموم قوله تبارك وتعالى ( :وإن من شئ إل
يسبح بحمده ،ولكن ل تفقهون تسبيحهم ) .
ب -في حديث ابن عباس نفسه ما يشير إلى أن السر ليس في النداوة ،أو بالحرى ليست هي السبب في تخفيف العذاب ،وذلك قوله ( ثم دعا بعسيب فشقه
اثنين ) يعني طول ،فإن من المعلوم أن شقه سبب لذهاب النداوة من الشق ويبسه بسرعة ،فتكون مدة التخفيف أقل مما لو لم يشق ،فلو كانت هي العلة لبقاه
صلى ال عليه وسلم بدون شق ولوضع عل كل قبر عسيبا أو نصفه على القل ،فإذا لم يفعل دل على أن النداوة ليست هي السبب ،وتعين أنها علمة على مدة
التخفيف الذي أذن ال به استجابة لشفاعة نبيه صلى ال عليه وسلم كما هو مصرح به في حديث جابر ،وبذلك يتفق الحديثان في تعيين السبب ،وإن احتمل
اختلفهما في الواقعة وتعددها .فتأمل هذا ،فإنما هو شئ انقدح في نفسي ،ولم أجد من نص عليه أو أشار إليه من العلماء ،فإن كان صوابا فمن ال تعالى وإن
كان خطأ فهو مي ،واستغفره من كل ما ل يرضيه .
ج -لو كانت النداوة مقصودة بالذات ،لفهم ذلك السلف الصالح ولعملوا بمقتضاه ،ولوضعوا الجريد والس ونحو ذلك على القبور عند زيارتها ،ولو فعلوا
لشهر ذلك عنهم ،ثم نقله الثقات إلينا ،لنه من المور التي تلفت النظر ،وتستدعي الدواعي نقله ،فإذ لم ينقل دل على أنه لم يقع ،وأن التقرب به إلى ال
بدعة ،فثبت المراد .وإذا تبين هذا ،سهل حينئذ فهم بطلن ذلك القياس الهزيل الذى نقله السيوطي في ( شرح الصدور ) عمن لم يسمعه ( :فإذا خفف عنهما
بتسبيح الجريدة فكيف بقراءة المومن القرآن ؟ قال :وهذا الحديث أصل في غرس الشجار عند القبور ) قلت :فيقال له ( :أثبت العرش ثم انقش ) ( ،وهل
يستقيم الظل واعوج ) ؟ القياس صحيحا لبادر إليه السلف لنهم أحرص على الخير منا .فدل ما تقدم على أن وضع الجريد على القبر خاص به صلى ال عليه
وسلم ،وأن السر في تخفيف العذاب عن القبرين لم يكن في نداوة العسيب بل في شفاعته صلى ال عليه وسلم ودعائه لهما ،وهذا مما ل يمكن وقوعه مرة
أخرى بعد انتقاله صلى ال عليه وسلم إلى الرفيق العلى ول لغيره من بعده صلى ال عليه وسلم ،لن الطلع على عذاب القبر من خصوصياته عليه الصلة
والسلم ،وهو من الغيب الذي ل يطلع عليه إل الرسول كما جاء في نص القرآن ( عالم الغيب فل يظهر على غيبه أحدا إل من ارتضى من رسول ) واعلم أنه
ل ينافى ما بينا ما أورده السيوطي في ( شرح الصدور ) ( ( : ) 131وأخرج ابن عساكر من طريق حماد بن سلمة عن قتادة أن أبا برزة السلمي رضي ال
عنه كان يحدث أن رسول ال صلى ال عليه وسلم مر على قبر وصاحبه يعذب ،فأخذ جريدة فغرسها في القبر ،وقال :عسى أن يرفه عنه ما دامت رطبة .
وكان أبو برزة يوصي :إذا مت فضعوا في قبري معي جريدتين .قال :فمات في مفازة بين ( كرمان ) و ( قومس ) ،فقالوا :كان يوصينا أن تضع في قبره
جريدين وهذا مو ضع ل نصيبهها فيه ،فينما هم كذلك إذ طلع عليهم ركب من قبل ( سجستان ) ،فأصابوا معهم سعفا ،فأخذوا جريدتين ،فوضعوهما معه في
قبره .وأخرج ابن سعد عن مورق قال :أوصى بريدة أن تجعل في قبره جريدتان ) .قلت :ووجه عدم المنافاة ،أنه ليس في هذين الثرين -على فرض
التسليم بثبوتهما معا -مشروعية وضع الجريد عند زيارة القبور ،الذي ادعينا بدعيتة عدم عمل السلف به ،وغاية ما فيهما جعل الجريدتين مع الميت في قبره
،وهي قضية أخرى ،وإن كانت كالتي قبلها في عدم المشروعية لن الحديث الذي رواه أبو برزة كغيره من الصحابة ل يدل على ذلك ،ل سيما والحديث فيه
وضع جريدة واحدة ،وهو أوصى بوضع جريدتين في قبره على أن الثر ل يصح إسناده ،فقد أخرجه الخطيب في تاريخ ( بغداد ) ( ) 182 183 / 1ومن
طريقه أخرجه ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) في آخر ترجمة نضلة بن عبيد بن أبي برزة السلمي عن الشاه بن عمار قال :ثنا أبو صالح سليمان بن صالح
الليثي قال :أنبأنا النضر بن المنذز بن ثعلبة العبهدي عن حماد بن سلمة به .قلت :فهذا إسناد ضعيف ،وله علتان :الولى :جهالة الشاه والنضر فإني لم أجد
لهما ترجمة .والخرى :عنعنة قتادة فإنهم لم يذكروا له رواية عن أبي برزة ،ثم هو مذكور بالتدليس فيخشى من عنعنته في مثل إسناده هذا .
وأما وصية بريدة ،فهي ثابتة عنه ،قال ابن سعد في ( الطبقات ) ( ج 7ق 1ص : ) 4أخبرنا عفان بن مسلم قال :ثنا حماد بن سلمة ،قال :أخبرنا عاصم
الحول قال :قال مورق :أوصى بريدة السلمي أن توضع في قبره جريدتان .فكان أن مات بأدنى خراسان فلم توجد إل في جوالق حمار .وهذا سند صحيح ،
وعلقه البخاري ( ) 173 / 3مجزوما .قال الحافظ في شرحه ( :وكان بريدة حمل الحديث على عمومه ،ولم يره خاصا بذينك الرجلين ،قال ابن رشيد :
ويظهر من تصرف البخاري أن ذلك خاص بهما ،فلذلك عقبه بقول ابن عمر :إنما يظله عمله ) .قلت :ول شك أن ما ذهب إليه البخاري هو الصواب لما
سبق بيانه ،ورأي بريدة ل حجة فيه ،لنه رأى والحديث ل يدل عليه حتى لو كان عاما ،فإن النبي صلى ال عليه وسلم لم يضع الجريدة في القبر ،بل عليه
كما سبق .و ( خير الهدى هدى محمد ) .
99
- 3طليها بالكلس ونحوه .
- 4الكتابة عليها .
- 5البناء عليها .
- 6القعود عليها .
وفي ذلك أحاديث :
الول :عن جابر رضي ال عنه قال ( :نهى رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يجصص
القبر ،وأن يقعد عليه،وأن يبى عليه [،أو يزاد عليه ] [،أو يكتب عليه] ) .أخرجه مسلم ( )3/62وأبو داود (
)2/71والنسائي ( )285،286-1/284والترمذي ( )2/155وصححه ،والحاكم ()1/370والبيهقي()4/4وأحمد (،3/295،332
.)399 ،339والزيادتان لبي داود والنسائي،وللبيهقي الولى.
والثانية عند الترمذي والحاكم وصحح إسنادها ووافقه الذهبي .وأعلها المنذري ( )4/341وغيره بالنقطاع بين سليمان بن
موسى وجابر .لكن هذا بالنظر لطريق أبي داود وغيره ،وإل فقد أخرجها الحاكم من طريق ابن جريج عن أبي الزبير عن
جابر .وهذا سند على شرط مسلم .وقد صرح ابن جريج عنده بسماعه من أبي الزبير وهذا من جابر ،فزال بذلك شبهة
تدليسهما ،ومن هذا الوجه جاءت الولى عند من ذكرنا ،وقال النووي ( ( : )5/296وإسنادها صحيح ) .ثم استدل بها على
أنه يستحب أن ل يزاد القبر على التراب الذي أخرج منه وقال ( :قال الشافعي :فإن زاد فل بأس ،قال أصحابنا :معناه أنه
ليس بمكروه ) .
قلت :وهذا خلف ظاهر النهي فإن الصل فيه التحريم ،فالحق ما قاله ابن حزم في ( المحلى ) ( : ) 33 / 5
( ول يحل أن يبنى القبر،ول أن يجصص،ول أن يزاد على ترابه شئ ويهدم كل ذلك ) .
وهو ظاهر قول المام أحمد ،فقال أبو داود في ( المسائل ) ( ص : ) 158
(سمعْت أحمد قال:ل يزاد على القبر من تراب غيره،إل أن يسوى بالرض فل يعرف .فكأنه
رخص إذ ذاك ) .
لكن ذكر في ( النصاف ) ( )2/548عنه الكراهة فقط ! وقال المام محمد في ( الثار ) (ص : )45
( أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال :كان يقال :ارفعوا القبر حتى يعرف أنه قبر فل
يوطأ .قال محمد :وبه نأخذ ،ول نرى أن يزاد على ما خرج منه ،ونكره أن يجصص ،أو
يطين ،أو يجعل عنده مسجدا أو علما ،أو يكتب عليه ،ويكره الجر أن يبنى به ،أو يدخله
القبر،ول نرى برش الماء عليه بأسا ،وهو قول أبي حنيفة ) .
قلت :ويدل الحديث بمفهومه على جواز رفع القبر،بقدر ما يساعد عليه التراب الخارج منه ،
وذلك يكون نحو شبر ،فهو موافق للنص المتقدم في المسألة ( ) 107
وأما التجصيص فهو من ( الجص ) وهو الكلس .والمراد الطلي به قال في (القاموس ) (:وجصص
الناء مله ،والبناء طله بالجص ) .
ولعل النهي عن التجصيص من أجل أنه نوع زينة كما قال بعض المتقدمين .وعليه فما حكم
تطيين القبر ؟ للعلماء فيه قولن :
الول :الكراهة ،نص عليه المام محمد فيما نقلته آنفا عنه ،والكراهة عنده للتحريم إذا أطلقت
.وبالكراهة قال أبو حفص من الحنابلة كما في ( النصاف ) ()2/549
170وقال شيخ السلم في ( القتضاء ) ( .ص ( : ) 182وأما الذبح هناك -يعني عند القبور -فمنهي عنه مطلقا ذكره أصحابنا وغيرهم لهذا الحديث .قال
أحمد في رواية المروزي : -قال النبي صلى ال عليه وسلم :ل عقر في السلم .كانوا إذا مات لهم الميت تحروا جزءورا على قبره ،فنهى النبي صلى ال
عليه وسلم عن ذلك .وكره أبو عبد ال أكل لحمه .قال أصحابنا :وفي معنى هذا ما يفعله كثير من أهل زماننا في التصدق عند القبر بخبز أو نحوه ) وقال
النووي في ( المجموع ) ( ( : ) 320 / 5وأما الذبح والعقر عند القبر فمذموم لحديث أنس هذا ،رواه أبو داود والترمذي وقال :حسن صحيج ) .قلت :وهذا
إذا كان الذبح هناك ل تعالى وأما إذ كان لصاحب القبر كما يفعله بعض الجهال فهو شرك صريح ،وأكله حرام وفسق كما قال تعالى ( ول تأكلوا مما لم يذكر
اسم ال عليه وإنه لفسق ) .أي والحال أنه كذلك بأن ذبح لغير ال ،إذ هذا قو الفسق هنا كما ذكره ال تعالى بقوله ( أو فسقا أهل لغير ال به ) ،كما في
( الزواجر ) ( ) 171 / 1للفقيه الهيتمى .وقال ( :لعن ال ( وفي رواية :ملعون ) من ذبح لغير ال ) .أخرجه أحمد ( رقم ) 2917 ، 2915 ، 2817بسند
حسن عن ابن عباس ،ومسلم ( ) 84 / 6عن علي نحوه .
100
والخر :أنه ل بأس به .حكاه أبو داود ( )158عن المام أحمد .وجزم به في ( النصاف ) .وحكاه الترمذي
( )2/155عن المام الشافعي ،قال النووي عقبه ( :ولم يتعرض جمهمور الصحاب له ،فالصحيح أنه لكراهة فيه كما نص
عليه ،ولم يرد فيه نهي ) .
قلت:ولعل الصواب التفصيل على نحو ما يأتي:إن كان المقصود من التطين المحافظة على القبر
وبقائه مرفوعا قدر ما سمح به الشرع ،وأن ل تنسفة الرياح ول تبعثره المطار ،فهو جائز
بدون شك لنه يحقق غاية مشروعة .ولعل هذا هو وجه من قال من الحنابلة أنه يستحب .وإن
كان المقصود الزينة ونحوها مما ل فائدة فيه فل يجوز لنه محدث .وأما الكتابة ،فظاهر الحديث
تحريمها .وهو ظاهر كلم المام محمد ،وصرح الشافعية والحنابلة بالكراهة فقط ! وقال
النووي (: )5/298
( قال أصحابنا :وسواء كان المكتوب على القبر في لوح عند رأسه كما جرت عادة بعض الناس
،أم في غيره ،فكله مكروه لعموم الحديث ) .
واستثنى بعض العلماء كتابة اسم الميت ل على وجه الزخرفة ،بل للتعرف قياسا على وضع
النبي صلى ال عليه وسلم الحجر على قبر عثمان بن مظعون كما تقدم في المسألة المشار إليها
آنفا ( ص . ) 155قال الشوكاني ( :وهو من التخصيص بالقياس وقد قال به الجمهور ،ل أنه قياس في مقابلة النص كما قال
في ( ضوء النهار ) ،ولكن الشأن في صحة هذا القياس ) .والذي أراه .وال أعلم .
أن القول بصحة هذا القياس على اطلقه بعيد ،والصواب تقييده بما إذا كان الحجر ل يحقق
الغاية التي من أجلها وضع رسول ال صلى ال عليه وسلم الحجر ،أل وهي التعرف عليه ،
وذلك بسبب كثرة القبور مثل وكثرة الحجار المعرفة ! فحينئذ يجوز كتابة السم بقدر ما تتحقق
به الغاية المذكورة .وال أعلم .وأما قول الحاكم عقب الحديث ( :ليس العمل عليه ،فإن أئمة
المسلمين من الشرق إلى الغرب مكتوب على قبورهم وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف ) .
فقد رده الذهبي بقوله ( :ما قلت طائل ،ول نعلم صحابيا فعل ذلك ،وإنما هو شئ أحدثه بعض
التابعين فمن بعدهم -ولم يبلغهم النهي ) .
الثاني :عن أبي سعيد وهو الخدري ( أن النبي صلى ال عليه وسلم نهى أن يبنى على القبر) .
أخرجه ابن ماجه()374-1/473بسند رجاله جميعا رجال الصحيح ،إل أنه منقطع،فقد قال البوصيري في ( الزوائد ) (ق )97/2
( :رجاله ثقات ،إل أنه منقطع ،القاسم برن مخيمرة لم يسمع من أبي سعيد )
قلت:فقول السندي في حاشية ابن ماجه (:وفي الزوائد :إسناده صحيح ،ورجاله ثقات ) ،وهم ل أدري ممن هو ؟ ورواه أبو
يعلى بلفظ (:نهى نبي ال صلى ال عليه وسلم أن يبنى على القبور،أو يقعد عليها ،أو يصلى عليها ) قال الهيثمي في (مجمع
الزوائد ) ( ( : )3/61ورجاله ثقات ) .
الثالث :عن أبي الهياج السدي قال (:قال لي على بن أبي طالب :أل ابعثك على ما بعثني
عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم أن ل تدع تمثال [رواية :صورة ] [في بيت] إل طمسته ،ول
قبرا مشرفا إل سويته).أخرجه مسلم( )3/61وأبو داود ( )2/70والنسائي()51/28و الترمذي ()154-2/153حسنه،
والحاكم ( )1/369والبيهقي()4/3والطيالسي في(رقم )155وأحمد(رقم )1064 ،741من طريق أبي وائل عنه ،والطبراني في
( المعجم الصغير )(ص )29من طريق أبي إسحاق عنه .وله في مسند الطيالسي(رقم )96وأحمد (رقم )683،689 ،657،658
171
طريقان آخر ان عن علي رضي ال عنه
171قال الشوكاني رحمه ال تعالى ( ) 72 / 4في شرح هذا الحديث ( :فيه أن السنة أن القبر ل يرفع رفعا كبيرا من غير فرق بين من كان فاضل ومن كان
غير فاضل .والظاهر أن رفع القبور زيادة على القدر المأذون فيه محرم .وقد صرح بذلك أصحاب أحمد ،وجماعة الشافعي ومالك .قال :ومن رفع القبور
الداخل تحت الحديث دخول أولياء القبب والمشاهد المعمورة على القبور ،وأيضا هو من اتخاذ القبور مساجد ،وقد لعن النبي صلى ال عليه وسلم فاعل ذلك
كما سيأتي .وكم قد نشأ عن تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها السلم .منها اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للصنام ،وعظم ذلك فظنوا أنها
قادرة على جلب النفع ودفع الضرر ،فجعلوها مقصدا لطلب قضاء الحوائج ،وملجا لنجاح المطالب ،وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم ،وشدوا إليها
الرحال وتمسحوا واستغاثوا .وبالجملة أنهم لم يدعوا شيئا مما كانت الجاهلية تفعله بالصنام إل فعلوه ! فإنا ل وإنا إليه راجعون ،ومع هذا المنكر الشنيع
والكفر الفظيع ل نجد من يغضب ل ،ويغار حمية للدين الحنيف ،ل عالما ول متعلم ،ول أميرا ول وزيرا ول ملكا ،وقد توارد إلينا من الخبار ما ل يشك
معه أن كثيرا من هؤلء القبوريين أو أكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمه حلف بال فاجرا ،فإذا قيل له بعد ذلك :احلف بشيخك ومعتقدك الولي
101
الرابع :عن ثمامة بن شفي قال (:خرجنا مع فضالة بن عبيد إلى أرض الروم ،وكان عامل
لمعاوية على الدرب ( ،وفي رواية :غزونا أرض الروم ،وعلى ذلك الجيش فضالة بن عبيد
النصاري ) ،فأصيب ابن عم لنا [ بـ ] ( رودس )172فصلى عليه فضالة ،وقام على حفرته حتى
واراه،فلما سوينا عليه حفرته قال :أخفوا عنه ( ،وفي الرواية الخرى :خففوا عنه ) 173فإن
رسول ال صلى ال عليه وسلم كان يأمرنا بتسوية القبور ).أخرجه أحمد ( )6/18بالروايتين وإسناده حسن ،
وابن أبي شيبة ()138-4/135بالرواية الخرى .
ورواه مسلم ( )3/61وأبو داود ( )2/70والنسائي ( )1/285والبيهقي ( )3-4/2من طريق أخرى عن ثمامة نحوه أخصر منه ،
وهو رواية لحمد ( )6/21ولفظها عنده :
( سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول :سووا قبوركم بالرض ) .
وفي سنده ابن لهيعة وهو سئ الحفظ .
وأما الحديث المشهور على اللسنة بلفظ (:خير القبور الدوارس ) فل أصل له في شئ من كتب
السنة ،وهو بظاهره منكر،لن القبر ل ينبغي أن يدرس،بل ينبغي أن يظل ظاهرا مرفوعا عن
الرض قدر شبر كما سبق،ليعرف فيصان ول يهان ،ويزار ول يهجر .
ثم إن الظاهر من حديث فضالة ( كان يأمرنا بتسوية القبور ) تسويتها بالرض بحيث ل ترفع
إطلقا ،وهذا الظاهر غير مراد قطعا ،بدليل أن السنة الرفع قدر شبر كما مرت الشارة إليه
سابقا ،ويؤيد هذا من الحديث نفسه قول فضالة ( خففوا ) أي التراب ،فلم يأمر بإزالة التراب عنه
بالكلية ،وبهذا فسره العلماء انظر ( المرقاة ) (. )2/372
الخامس :عن أبي هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال (:لن يجلس أحدكم على جمرة
فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس ( وفي رواية :يطأ ) على قبر ) .خرجه مسلم
( )3/62وأبو داود ( )2/71والنسائي ( )1/287وابن ماجه ( )1/484( )1/484والبيهقي ( )4/79وأحمد (، 389، 311 /2
، )444والرواية الخرى إحدى روايتيه (. )2/528
السادس :عن عقبة بن عامر رضي ال عنه قال:قال رسول ال صلى ال عليه وسلم( :لن أمشي
على جمرة أو سيف ،أو أخصف نعلي برجلي174أحب إلي من أن أمشي على قبر مسلم ،وما
أبالي أوسط القبور قضيت حاجتي أو وسط السوق).أخرجه ابن أبي شيبة ( )4/133وابن ماجه ( )1/474بإسناد
صحيح كما قال البوصيري في ( الزوائد ) (ق ، )98/1وقال المنذري في ( الترغيب ) :إنه جيد .
السابع :عن أبي مرثد الغنوي قال :سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ( :ل تصلوا
إلى القبور،ول تجلسوا عليها ) .اخرجه مسلم ( )3/62واصحاب السنن الثلثة وغيرهم ،وله شاهد من حديث ابن
عباس أخرجه الضياء المقدسي في ( الحاديث المختارة ) وقد تكلمت على إسناده في ( تخريج صفة صلة النبي صلى ال عليه
وسلم ثم في ( تحذير الساجد ) (ص . )21
الفلني ! تلعثم وتلكأ وأبي واعترف بالحق ! وهذا من أبين الدلة الدالة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال :إنه تعالى ثاني اثنين ،أو ثالث كلثة .فيا
علماء الدين ويا ملوك المسلمين أي رزء للسلم أشد من الكفر ،وأي بل .لهذا الدين أضر عليه من عبادة غير ال ،وأى مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل
هذه المصيبة ،وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك واجبا ؟ !
ولكن ل حياة لمن تنادي لقد أسمعت لو ناديت حيا
ولكن أنت تنفخ في رماد ولو نارا نفخت بها أضاءت
وللشوكاني رحمه ال تعالى رسالة لطيفة نافعة في هذا الباب أسماها ( شرح الصدور في تحريم رفع القبور ) مطبوعة في المجموعة المنيرية ( . )76 -62 / 1
172جزيرة معروفة في البحر البيض المتوسط ،جنوب غرب تركيا .
173هي بمعنى الرواية التي قبلها ،إل أن هذه عديت بالتشديد وتلك باللف .
174أي وذلك أمر صعب شديد إن أمكن .
102
وفي هذه الحاديث الثلثة دليل على تحريم الجلوس والوطأ على قبر المسلم ،وهو مذهب جمهور العلماء على ما نقله الشوكاني
( )4/57وغيره ،لكن حكى النووي والعسقلني عنهم الكراهة فقط ،وهو نص المام الشافعي في ( الم ) 175وكذلك نص المام
محمد في ( الثار ) ( ص )45على الكراهة وقال ( :وهو قول أبي حنيفة ) .
قلت :والكراهة عندهما إذا أطلقت فهي للتحريم ،وهذا أقرب إلى الصواب من القول بالكراهة فحسب ،والحق القول بالتحريم
لنه الذي ينص عليه حديث أبي هريرة وعقبة .لما فيهما من الترهيب الشديد ،وبهذا قال جماعة من الشافعية ،منهم النووي ،
وإليه ذهب الصنعاني في ( سبل السلم ) (، )1/210ومال الفقيه ابن حجر الهيتمى في ( الزواجر ) ( )1/143إلى أنه كبيرة ،
لما أشرنا إليه من الوعيد الشديد ،وليس ذلك عن الصواب ببعيد .
- 7الصلة إلى القبور للحديث المتقدم آنفا
( ل تصلوا إلى القبور ) ..وفيه دليل على تحريم الصلة إلى القبر لظاهر النهي ،وهو اختيار
النووي ،فقال المناوي في ( فيض القدير ) شارحا للحديث ( :اي مستقبلين إليها ،لما فيه من
التعظيم البالغ ،لنه من مرتبة المعبود ،فجمع -يعنى الحدبث بتمامه-بين النهي عن الستخفاف
بالتعظيم ،والتعظيم البليغ ) ثم قال في موضع آخر ( :فإن ذلك مكروه ،فإن قصد إنسان التبرك
بالصلة في ثلك البقعة فقد ابتدع في الدين ما لم يأذن به ال ،والمراد كراهة التنزيه ،قال النووي
:كذا قال أصحابنا ،ولو قيل بتحريمه لظاهر الحديث لم يبعد .ويؤخذ من الحديث النهي عن
الصلة في المقبرة ،فهو مكروه كراهة تحريم ) .
وينبغي أن يعلم أن التحريم المذكور إنما هو إذا لم يقصد بالستقبال تعظيم القبور ،وإل فهو
شرك،قال الشيخ علي القاري في ( المرقاة ) ( )2/372في شرحه لهذا الحديث (:ولو كان هذا
التعظيم حقيقة للقبر ولصاحبه لكفر المعظم ،فالتشبه به مكروه ،وينبغي أن يكون كراهة
تحريم ،وفي معناه بل أولى منه :الجنازة الموضوعة .وهو مما ابتلي به أهل مكة ،حيث
يضعون الجنازة عند الكعبة ثم يستقبلون إليها ) .
- 8الصلة عندها ولو بدون استقبال ،وفيه أحاديث :
الول :عن أبي سعيد الخدري رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :
( الرض كلها مسجد إل المقبرة والحمام ) .أخرجه أصحاب السنن الربعة إل النسائي -وغيرهم بسند صحيح
على شرط الشيخين كما قال الحاكم ووافقه الذهبي ،وأعل بالرسال ،وليس بشئ ،ولو سلم به فقد جاء من طريق أخرى سالمة
من الرسال وهي على شرط مسلم ،وقد فصلت القول في ذلك في ( الثمر المستطاب ) في المبحث السادس من ( الصلة ) .
الثاني :عن آنس ( أن النبي صلى ال عليه وسلم نهى عن الصلة بين القبور ) .قال في ( المجمع ) (
( )2/27رواه البزار ورجاله رجال الصحيح ) .
قلت :ورواه ابن العرابي في معجمه ( )235/1والطبراني في ( الوسط ) ()1/280والضياء المقدسي في(الحاديث المختارة)
( )79/2وزادوا ( :على الجنائز ) .
الثالث :عن ابن عمر عن النبي صلى ال عليه وسلم قال ( :اجعلوا في بيوتكم من صلتكم ،
ول تتخذوها قبورا ).أخرجه البخاري ( )1/420ومسلم ( )2/187وأحمد (رقم ) 6045 ، 4653 ،4511
الرابع :عن أبي هريرة قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ( :ل تجعلوا بيوتكم مقابر ،
إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ) .أخرجه مسلم .وقد ترجم اري للحديث
الثالث بقوله ( :باب كراهية الصلة في المقابر ) .
وبين وجه ذلك الحافظ في شرحه فقال ما مختصره ( :استنبط من قوله في الحديث (:ل تتخذوها
قبورا ) أن القبور ليست بمحل للعبادة ،فتكون الصلة فيها مكروهة ،وقد نازع السماعيلي
) 175قال الشافعي رحمه ال ( ( : ) 246 / 1وأكره وطأ القبر والجلوس والتكاء عليه ،إل أن ل يجد الرجل السبيل إلى قبر ميته إل بأن يطأه فذلك موضع
ضرورة ،فأرجو حينئذ أن يسعه إن شاء ال تعالى ،وقال بعض أصحابنا :ل بأس بالجلوس عليه ،وإنما نهي عن الجلوس عليه للتغوط ! وليس هذا عندنا كما
قال ،وإن كان نهي عنه للمذهب فقد نهي عنه مطلقا لغير المذب ) .وكان الشافعي رحمه ال يشير إلى إلمام مالك رحمه ال فإنه صرح في ( الموطأ ) بالتأويل
المذكور ،ول شك في بطلنه كما بينه النووي فيما نقله الحافظ ( . ) 174 / 3
103
المصنف في هذه الترجمة فقال :الحديث دال على كراهة الصلة في القبر ل في المقابر :قات :
قد ورد بلفظ المقابر كما رواه مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ ( ل تجعلوا بيوتكم مقابر ) ،وقال
ابن التين :تأوله البخاري على كراهة الصلة في المقابر :وتأوله جماعة على أنه إنا فيه الندب
إلى الصلة في البيوت ،إذ الموتى ل يصلون ،كأنه قال :ل تكونوا كالموتى الذين ل يصلون
في بيوتهم وهي القبور ،قال :فأما جواز الصلة في المقابر أو المنع منه فليس في الحديث ما
يؤخذ منه ذلك .قلت إن أراد أنه ل يؤخذ منه بطريق المنطوق فمسلم .وإن أراد نفي ذلك مطلقا
فل ،فقد قدمنا وجه استنباطه ،وقد نقل ابن المنذر عن أكثر أهل العلم أنهم استدلوا بهذا الحديث
على أن المقبرة ليست بموضع للصلة .وكذا قال البغوي في ( شرح السنة ) والخطابي ) .
قلت :وهذا هو الرجح أن الحديث يدل على أن المقبرة ليست موضعا للصلة ،ل سيما بلفظ
أبي هريرة فهو أصرح في الدللة ،وقول السماعيلي :يدل على كراهة الصلة في القبر ل في
المقابر ،مع مخالفته الصريحة لحديث أبي هريرة ،فل يحسن حمل حديث ابن عمر عليه ،لن
الصلة في القبر غير ممكنة عادة ،فكيف يحمل كلم الشارع عليه ! ؟ وقول ابن التين ( :هو
من شراح (( صحيح البخاري )) واسمه عبد الواحد ) (( الموتى ل يصلون )) .ليس بصحيح ،
لنه لم يرد نص في الشرع بنفي ذلك ،وهو من المور الغيبية التي ل ينبغي البت فيها إل بنص
،وذلك مفقود ،بل قد جاء ما يبطل إطلق القول به ،وهو صلة موسى عليه الصلة والسلم
في قبره كما رآه رسول ال صلى ال عليه وسلم ليلة أسري به على ما رواه مسلم في((
صحيحه)) ،وكذلك صلة النبياء عليهم الصلة والسلم مقتدين به في تلك الليلة كما ثبت في ((
الصحيح)) بل ثبت عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال( :النبياء أحياء في قبورهم يصلون)
أخرجه أبو يعلى باسناد جيد ،وقد خرجته في ( الحاديث الصحيحة ) ( . )622بل قد جاء عنه صلى ال عليه وسلم ما
هو أعم مما ذكرنا ،وذلك في حديث أبي هريرة في سؤال الملكين للمؤمن في القبر (:فيقال له اجلس ،فيجلس قد
مثلت له الشمس وقد آذنت للغروب ،فيقال له :أرأيتك هذا الذي كان فيكم ما تقول فيه ؟ وماذا
تشهد عليه ؟ فيقول :دعوني حتى أصلي ،فيقولن :إنك ستفعل ) .
أخرجه ابن حبان في ( صحيحه) ( )781والحاكم ( )380-1/379وقال ( صحيح على شرط مسلم ) ووافقه الذهبي ! وإنما هو
حسن فقط ،لن فيه محمد بن عمرو ولم يحتج به مسلم وإنما روى له مقرونا أو متابعة .
فهذا الحديث صريح في أن المؤمن أيضا يصلي في قبره ،فبطل بذلك القول بأن الموتى ل
يصلون ،وترجح أن المراد بحديث ابن عمر أن المقبرة ليست موضعا للصلة ،وال أعلم .
وقد دل الحديث وما ذكر معه على كراهة الصلة في المقبرة ،وهي للتحريم لظاهر النهي في
بعضها ،وذهب بعض العلماء إلى بطلن الصلة فيها لن النهي يدل على فساد النهي عنه ،
وهو قول ابن حزم ،واختاره شيخ السلم ابن تيمية ،والشوكاني في (( نيل الوطار )) (، )2/112
وروى ابن حزم ( )28-27 /4عن المام أحمد أنه قال(:من صلى في مقبرة أو إلى قبر أعاد أبدا ) 176ثم
إن كراهة الصلة في المقبرة تشمل كل مكان منها سواء كان القبر أمام المصلي أو خلفه أو عن
يمينه ،أو عن يساره ،لن النهي مطلق ،ومن المقرر في علم الصول أن المطلق يجرى على
176ثم قال ابن حزم ( :وكره إلصلة إلى القبر وفي المقبرة وعلى القبر أبو حنيفة والوزاعي وسفيان ولم ير ماك بذلك بأسا ! واحتج له بعض مقلديه بأن
رسول ال صلى ال عليه وسلم صلى على قبر المسكينة السوداء ! قال ابن حزم ( :وهذا عجب ناهيك به أن يكون هؤلء القوم يخالفون هذا الخبر فيما جاء
فيه ،فل يجيزون أن نصلى صلة الجنازة على من دفن ،ثم يستبيحون ما ليس فيه أثر منه ول إشارة ،مخالفة للسنن الثابتة .قال :كل هذه الثار حق ،فل
تحل الصلة حيث ذكرنا إل صلة الجنازة فإنها تصلى في المقبرة ،وعلى القبر الذي قد دفن صاحبه كما فعل رسول ال صلى ال عليه وسلم ،نحرم ما نهى
عنه ،ونعد من التقرب إلى ال تعالى أن نفعل ! مثل ما فعل فأمره ونهيه حق ،وفعله حق ،وما عدا ذلك فباطل ) .قلت :وفيما قاله في صلة الجنازة نظر ،
لنه ل نص على جوزها في المقبرة ولو كان ابن حزم من القائلين فالقياس لقلنا أنه قاس ذلك على الصلة على القبر :ولكنه يقول ببطلن القياس من أصله ،
وصلة الجنازة في المقبرة خلف السنة التي لم تأت إل بصلتها في المصلى وفي المسجد كما سبق بيانه في محله ،بل قد جاء النهي الصريح عن الصلة
عليها بين القبور كما في رواية في حديث أنس المذكور في هذا الفصل ،وهو الحديث الثاني منه .
104
إطلقه حتى يأتي ما يقيده ،ولم يرد هنا شئ من ذلك،وقد صرح بما ذكرنا بعض فقهاء الحنفية
وغيرهم كما يأتي ،فقال شيخ السلم ابن تيمية في ( الختبارات العلمية ) ( ص ( : ) 25ول تصح
الصلة في المقبرة ول إليها ،والنهي عن ذلك إنما هو سد لذريعة الشرك وذكر طائفة من
أصحابنا أن القبر والقبرين ل يمنع من الصلة ،لنه ل يتناوله اسم المقبرة ،وإنما المقبرة ثلثة
قبور فصاعدا .وليس في كلم أحمد وعامة أصحابه هذا الفرق ،بل عموم كلمهم وتعليلهم
واستدللهم يوجب منع الصلة عند قبر واحد من القبور ،وهو الصواب ،والمقبرة كل ما قبر
فيه ،ل أنه جمع قبر .وقال أصحابنا :وكل ما دخل في اسم المقبرة مما حول القبور ل يصلى
فيه ،فهذا يعين أن المنع يكون متناول لحرمة القبر المنفرد وفنائه المضاف إليه .وذكر المدي
وغيره :أنه ل تجوز الصلة فيه أي المسجد الذي قبلته إلى القبر حتى يكون بين الحائط وبين
المقبرة حائل آخر .وذكر بعضهم :هذا منصوص أحمد ) .
وفي كلم الشيخ رحمه ال التصريح بأن علة النهي عن الصلة في المقبرة إنما هي سد
الذريعة ،وهذا أحد قولي العلماء في ذلك ،والقول الخر أن العلة إنما هي نجاسة أرض المقبرة
! وهما قولن في مذهب الحنفية ،وقد نظر ابن عابدين في ( الحاشية ) ( )1/352في الثاني
منهما ،وذلك لن الستحالة مطهرة عندهم ،فكيف تكون هذه العلة صحيحة!؟ ول شك عندنا أن
القول الول هو الصحيح،وقد بين ذلك شيخ السلم في كتبه ،واستدل له بما ل تجده عند
غيره،فراجع مثل كتابه ( اقتضاء الصراط المستقيم ) (،)152،193وعليه مشى في (الحانية ) من
كتب الحنيفة،وأشار إليه الطحاوي في حاشيته على (مراقي الفلح) فقال عند قول الشارح ( وتكره
الصلة في المقبرة) ( ( )1/208بتثليث الباء ،لنه تشبه باليهود والنصارى ،قال صلى ال عليه
وسلم :لعنة ال على اليهود والنصارى ،اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ،وسواء كانت فوقه أو
خلفه أو تحت ما هو واقف عليه .ويستثنى مقابر النبياء عليهم السلم فل تكره الصلة فيها
مطلقا منبوشة أو ل ،بعد أن ل يكون القبر في جهة القبلة ،لنهم أحياء في قبورهم ) ! قلت :
وهذا الستثناء باطل ظاهر البطلن ،كيف وهو يناقض العلة التي ذكرها والحديث الذي استدل
به عليها ،وكيف يصح مثل هذا الستثناء والحاديث مستفيضة في لعن أهل الكتاب ل تخاذ
قبور أنبيائهم مساجد ثم صح أن النبي صلى ال عليه وسلم نهانا عن ذلك،فالنهي منصب على
اتخاذ قبور إلنبياء مباشرة ،وغيرهم يلحق بهم ،فكيف يعقل استثناؤهم !؟ والحق أن مثل هذا
الستثناء إنما يتمشى مع القول الثاني أن العلة النجاسة وقبور النبياء بل شك طاهرة لنهم كما
قال عليه السلم ( :إن ال حرم على الرض أن تأكل أجساد النبياء ) ،ولكن هذه العلة باطلة
وما بني على باطل فهو باطل.177
- 9بناء المساجد عليها .
وفيه أحاديث :
الول :عن عائشة وعبد ال بن عباس معا قال (:لما نزل برسول ال صلى ال عليه وسلم طفق
يطرح خميصة له على وجهه ،فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه ،فقال :وهو كذلك -.لعنة ال
على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد،يحذر [ مثل] ما صنعوا ) .أخرجه البخاري (
)1/422،6/386،8/116ومسلم ( )2/67والنسائي ( )1/115والدارمي ( )1/326والبيهقي ( )4/80وأحمد (34،229 /1/218،6
، )،275والزيادة لمسلم والدارمي وغيرهما .
177وقد فصلت القول في خطأ الطحاوئي وتناقصه في الستثناء المذكور في كتابي ( الثمر المستطاب في تمه السنة والكتاب ) .
105
الثاني :عن عائشة رضي ال عنها قالت :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم في مرضه الذي
لم يقم منه ( :لعن ال اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) .قالت :فلول ذاك أبرز
قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا.أخرجه البخاري ( )8/114 ،198 ،3/156وأبو عوانة ( )2/399وأحمد (6/80،
. )121،255وله عنده ( )6/146،252طريق آخر عنها .
الثالث :عن أبي هريرة قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ( :قاتل ال اليهود ( وفي
رواية :لعن ال اليهود والنصارى ) اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ).أخرجه البخاري ( )1/422ومسلم وأبو
عوانة ( )2/400وأبو داود ( )2/71والبيهقي ()4/80وأحمد( )518، 2/284،366،396،453والرواية الثانية له ولمسلم وأبي
عوانة ،وهي من طريق أخرى عن أبي هريرة .
الرابع :عنه عن النبي صلى ال عليه وسلم (:اللهم ل تجعل قبري وثنا،لعن ال قوما اتخذوا
قبور أنبيائهم مساجد ) .أخرجه أحمد ( )2/246وابن سعد في ( الطبقات ) ( )2/362وأبو نعيم في ( الحلية ) (
)7/317بإسناد صحيح ،وأما قول الهيثمي ،في ( مجمع الزوائد ) ( ( : )23رواه أبو يعلى ،وفيه إسحاق بن أبي إسرائيل وفيه
كلم لوقفه في القرآن ،وبقية رجاله ثقات ) .
فقيه نظر من وجوه :
.1إنه اقتصر على أبي يعلى في العزو فأوهم أنه ليس في ( مسند أحمد ) وليس كذلك
كما عرفت .
.2أن إسحاق المذكور ثقة ،ووقفه في القرآن ل بجرحه كما هو مقرر في المصطلح ،
.3أنه لم يتفرد به ،فهو عند أحمد من غير طريقه ،فالحديث صحيح لشك فيه .
وله شاهد مرسل .أخرجه مالك في ( الموطأ ) ( )186-1/185بسند صحيح .وروي موصول عن
أبي سعيد الخدري .
الخامس :عن جندب قال :سمعت النبي صلى ال عليه وسلم قبل أن يموت بخمس يقول [ :قد
كان لي فيكم أخوة وأصدقاء ،و ] إني أبرأ إلى ال أن يكون لي منكم خليل ،فإن ال تعالى قد
اتخذني خليل ،كما اتخذ إبراهيم خليل ،ولو كنت متخذا من امتي خليل ،ل تخذت أبا بكر
خليل ،أل وإن من كان قبلكم كانو يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ،أل فل تتخذوا
القبور مساجد ،إني أنها كم عن ذلك ) .أخرجه مسلم ( )68-2/67دون سائر الستة ،ونسبه الشوكاني ()2/114
للنسائي أيضا ،فلعله يعني ( السنن الكبرى ) له ،ولم ينسبه في ( الذخائر ) إل لمسلم وحده ،نعم أخرجه عوانة في
( صحيحه ) ( )2/401والزيادة له.
السادس :عن عبد ال بن مسعود قال :سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول :
( إن من شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء ،ومن يتخذ القبور مساجد ) .أخرجه أحمد (رقم
)3844،4143،4144،4342بإسناد في حسنين عنه .ورواه ابن أبي شيبة وابن حبان في ( صحيحه ) ،وقال ابن تيمية :
( إسناده جيد ) .وذهل الهيثمي عن كونه في المسند فقال ( ( : )2/27رواه الطبراني في (( الكبير )) وإسناده حسن ) .
السابع :عن عائشة قالت ( :لما كان مرض النبي صلى ال عليه وسلم ،تذاكر بعض نسائه
كنيسة بأرض الحبشة يقال لها ( مارية ) -وقد كانت أم سلمة وأم حبيبة قد أتتا أرض الحبشة -
فذكرن من حسنها وتصاويرها.قالت:فقال النبي صلى ال عليه وسلم :إن أولئك إذا كان فيهم
الرجل الصالح [ فمات ] بنوا على قبره مسجدا ،ثم صوروا فيه تلك الصور ،أولئك شرار
الخلق عند ال [ يوم القيامة ] ) .أخرجه البخاري ( )1/416،422ومسلم ( )67-2/66والنسائي ( )1/115وكذا أبو
عوانة ()401-2/400والبيهقي()4/80والسياق لهما ،وأحمد ()6/51وابن أبي شيبة (،)4/140والزيادتان له للشيخين وغيرهما.
وفي الباب أحاديث أخرى عن جماعة آخرين من الصحابة ،أوردتها في(تحذير الساجد من اتخاذ
القبور مساجد ) وهي تدل دللة قاطعة على أن اتخاذ القبور مساجد)
حرام لما فيها من لعن المتخذين ،ولذلك قال الفقيه الهيتمي في ( الزواجر ) (: )121-1/120
106
( الكبيرة الثالثة والتسعون اتخاذ القبور مساجد ) .ثم ساق بعض الحاديث المتقدمة وغيرها مما
ليس على شرطنا ثم قال ( :وعد هذه من الكبائر وقع في كلم بعض الشافعية ،وكأنه أخذ ذلك
مما ذكره من هذه الحاديث ،ووجهه واضح ،لنه لعن من فعل ذلك بقبور أنبيائه .وجعل من
فعل ذلك بقبور صلحاثه شر الخلق عند ال يوم القيامة ،ففيه تحذير لنا كما في رواية ( يحذر ما
صنعوا ) ،أي يحذر أمته بقوله لهم ذلك من أن يصنعوا كصنع أولئك،فيلعنوا كما لعنوا ..قال
بعض الحنابلة :قصد الرجل الصلة عند القبر متبركا بها عين المحادة ل ورسوله ،وإبداع دين
لما يأذن به ال ل نهي عنها ثم إجماعا ،فإن أعظم المحرمات وأسباب الشرك الصلة عندها ،
واتخاذها مساجد ،أو بناؤها عليها ،والقول بالكراهة محمول على غير ذلك،إذ ل يظن بالعلماء
تجويز فعل تواتر عن النبي صلى ال عليه وسلم لعن فاعله ،وتجب المبادرة لهدمها وهدم القباب
التي على القبور إذ هي أضر من مسجد الضرار لنها أسست على معصية رسول ال صلى ال
عليه وسلم ،لنه نهى عن ذلك ،وأمر صلى ال عليه وسلم بهدم القبور المشرفة ،وتجب إزالة
كل قنديل أو سراج على قبر ،ول يصح وقفه ونذره .انتهى ) .
هذا والتخاذ المذكور في الحاديث المتقدمة يشمل عدة أمور :
الول :الصلة إلى القبور مستقبل لها .
الثاني :السجود على القبور .
الثالث :بناء المساجد عليها .
والمعنى الثاثي ظاهر من التخاذة والخر مع دخولهما فيه ،فقد جاء النص عليهما في بعض
الحاديث المتقدمة ،وفصلت القول في ذلك وأوردت أقوال العلماء مستشهدا بها في كتابنا
الخاص(تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد) وذكرت فيه تاريخ إدخال القبر النبوي في
المسجد الشريف ،وما فيه من المخالفة للحاديث المتقدمة وأن الصلة مع ذلك ل تكره فيه
خاصة ،فمن شاء بسط القول في ذلك كله فليرجع إليه .
- 10اتخاذها عيدا ،تقصد في أوقات معينة ،ومواسم معروفة،للتعبد عندها ،أو يرها .لحديث
أبي هريرة رضي ال عنه قال:قال رسول ال صلى ال عليه وسلم (:ل تتخذوا قبري عيدا.ول
تجعلوا بيوتكم قبورا ،وحيثما كنتم فصلوا علي ،فإن صلتكم تبلغني) .أخرجه أبو داود ( )1/319وأحمد (
)2/367بإسناد حسن ،وهو على شرط مسلم ،وهو صحيح مما له من طرق وشواهد .
فله طريق أخرى عن أبي هريرة ،عند أبي نعيم في ( الحلية ) ()6/283
وله شاهد مرسل بإسناد قوي عن سهيل قال (:رآني الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عند
القبر ،فناداني وهو في بيت فاطمة يتعشى ،فقال :هلم إلى العشاء ،فقلت :ل أريده .فقال :مالي
رأيتك عند القبر ؟ فقلت :سلمت على النبي صلى ال عليه وسلم ،فقال ( :إذا دخلت المسجد
فسلم ) ثم قال :إن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ( :ل تتخذوا قبري عيدا ،ول تتخذوا
بيوتكم قبورا ،وصلوا علي ،فإن صلتكم تبلغني حيثما كنتم ،لعن ال اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم
مساجد ).ما أنتم ومن بالندلس إل سواء .رواه سعيد بن منصور كما في ( القتضاء ) لبن تيمية
،وهو عند الشيخ اسماعيل بن اسحاق القاضي في( فضل الصلة على النبي صلى ال عليه وسلم
178
) (رقم )30دون قوله ( لعن ال اليهود ) ...وكذا رواه ابن أبي شيبة ( )4/140مقتصرا على المرفوع منه فقط .
وله شاهد آخر بنحو هذا من طريق علي بن الحسين عن أبيه عن جده مرفوعا .أخرجه اسماعيل
القاضي (رقم )20وغيره .انظر ( تحذير الساجد ) ( )99-98والحديث دليل على تحريم اتخاذ قبور
178قام بنشره لول مرة المكتب السلمي بتحقيقنا ،فيطلب منه .
107
النبياء والصالحين عيدا .قال شيخ السلم ابن تيمية في ( القتضاء ) (ص ( : )156-155ووجه
الدللة أن قبر النبي صلى ال عليه وسلم أفضل قبر على وجه الرض وقد نهى عن اتخاذه عيدا
،فقبر غيره أولى بالنهي كائنا من كان ،ثم قرن ذلك بقوله صلى ال عليه وسلم:ول تتخذوا بيوتكم
قبورا) أي ل تعطلوها عن الصلة فيها والدعاء والقراءة ،فتكون بمنزلة القبور فأمر بتحري
العبادة في البيوت ،ونهى عن تحريها عند القبور،عكس ما يفعله المشركون من النصارى ومن
تشبه بهم.قال:فهذا أفضل التابعين من أهل بيته علي بن الحسين رضي ال عنهم،نهى ذلك الرجل
أن يتحرى الدعاء عند قبره صلى ال عليه وسلم،واستدل بالحديث الذي سمعه من أبيه الحسين
عن جده علي .وهو أعلم بمعناه من غيره ،فتبين أن قصده أن يقصد الرجل القبر للسلم عليه
ونحوه عند غير دخول المسجد ،ورأى أن ذلك من الدعاء ونحوه اتخاذ له عيدا .وكذلك ابن
عمه حسن بن حسن شيخ أهل بيته كره اتخاذه عيدا .فانظر هذه السنة كيف أن مخرجها من
أهل المدينة وأهل البيت الذين لهم من رسول ال صلى ال عليه وسلم قرب النسب وقرب الدار
لنهم إلى ذلك أحوج من غيرهم فكانوا له أضبط .
والعيد إذا جعل اسما للمكان فهو المكان الذي يقصد الجتماع فيه وإتيانه للعبادة عنده أو لغير
العبادة ،كما أن المسجد الحرام ومنى ومزدلفة وعرفة جعلها ال عيدا مثابة للناس ،يجتمعون
فيها وينتابونها للدعاء والذكر والنسك .وكان للمشركين أمكنة ينتابونها للجتماع عندها ،فلما
جاء السلم محا ال ذلك كله .وهذا النوع من المكنة يدخل فيه قبور النبياء والصالحين ) .
ثم قال الشيخ ( ص : ) 181 - 175
( ولهذا كره مالك رضي ال عنه وغيره من أهل العلم لهل المدينة ،كلما دخل أحدهم المسجد أن
يجبئ فيسلم على قبر النبي صلى ال عليه وسلم وصاحبيه.قال:وإنما يكون ذلك لحدهم إذا قدم .
من سفر ،أو أراد سفرا ونحو ذلك ،ورخص بعضهم في السلم عليه إذا دخل المسجد للصلة
ونحوها ،وأما قصده دائما للصلة والسلم فما علمت أحدا رخص به ،لن ذلك نوع من اتخاذه
عيدا ..مع أنه قد شرح لنا إذا دخلنا المسجد أن نقول ( السلم عليك أيها النبي ورحمة ال
وبركاته ) 179كما نقول ذلك في آخر صلتنا .قال :فخاف مالك وغيره أن يكون فعل ذلك عند
القبر كل ساعة نوعا من اتخاذ القبر .عيدا .وأيضا فإن ذلك بدعة ،فقد كان المهاجرون والنصار
على عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي ال عنهم يجيئون إلى المسجد كل يوم لعلمهم
رضي ال عنهم بما كان النبي صلى ال عليه وسلم يكرهه من ذلك وما نهاهم عنه ،وانهم
يسلمون عليه حين دخول المسجد والخروج منه ،وفي التشهد كما كانوا يسلمون عليه كذلك في
حياته ،وما أحسن ما قال مالك :لن يصلح آخر هذه المة إل ما أصلح أولها ،ولكن كلما ضعف
تمسك المم بعهود أنبيائهم ،ونقص إيمانهم ،عوضوا ذلك بما أحدثوه من إلبدع والشرك وغيره
لهذا كرهت المة استلم القبر وتقبيله .وبنوه بناء منعوا الناس أن يصلوا إليه ،قال :
وقد ذكرنا عن أحمد وغيره أنه أمر من سلم على النبي وصاحبيه ثم أراد أن يدعو أن ينصرف
فيستقبل القبلة ،وكذلك أنكر ذلك من العلماء المتقدمين كما لك وغيره ،ومن المتأخرين مثل أبي
الوفاء بن عقيل وأبي الفرج ابن الجوزي ،وما أحفظ ل عن صحابي ول عن تابعي ول عن
إمام معروف أنه استحب قصد شئ من القبور للدعاء عنده،ول روى أحد في ذلك شيئا،ل عن
179قلت :لم أر هذه الصيغة في شئ من الحاديث الواردة في آداب الدخول إلى المسجد والخروج منه ،وأخذها من مطلق قوله ( :إذا دخل أحدكم المسجد
فليسلم على النبي صلى ال عليه وسلم . . .الحديث أخرجه أبو عوانة في صحيحه ( ) 414 / 1وأبو داود في سننه ( رقم ، ) 465فمما ل يخفى بعده ،ل سيما
وقد جاءت الصيغة في حديت فاطمة رضي ال عنها بلفظ ( السلم على رسول ال ،اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ) .أخرجه القاضي اسماعيل ( - 82
) 84وغيره .وانظر ( نزل البرار ) ( . ) 72و ( الكلم الطيب ( رقم 63بتحقيقي وضع المكتب السلمي ) .
108
النبي صلى ال عليه وسلم .ول عن أصحابه ول عن أحد من الئمة المعروفين ،وقد صنف
الناس في الدعاء وأوقاته وأمكنته وذكروا فيه الثار ،فما ذكر أحد منهم في فضل الدعاء عندها
شئ من القبور حرفا واحدا فيما أعلم ،فكيف يجوز والحالة هذه أن يكون الدعاء عندها أجوب
وأفضل ،والسلف تنكره ول تعرفه وتنهى عنه ول تأمر به !؟ قال :وقد أوجب اعتقاد استجابة
الدعاء عندها وفضله أن تنتاب لذلك وتقصد ،وربما اجتمع عندها اجتماعات كثيرة في مواسم
معينة .وهذا بعينه هو الذي نهى عنه النبي صلى ال عليه وسلم بقوله ( :ل تتخذوا قبري عيدا )
.قال :حتي إن بعض القبور يجتمع عندها في يوم من السنة ،ويسافر إليها إما في المحرم أو
رجب أو شعبان أو ذي الحجة أو غيرها .وبعضها يجتمع عندها في يوم عاشوراء ،وبعضها
في يوم عرفة ،وبعضها في النصف من شعبان .وبعضها في وقت آخر .بحيث يكون لها يوم
من السنة تقصد فيه .ويجتمع عندها فيه .كما تقصد عرفة ومزدلفة ومنى في أيام معلومة من
السنة ،وكما يقصد مصلى المصر يوم العيدين .بل ربما كان الهتمام بهذه الجتماعات في
الدين والدنيا أهم وأشد ومنها ما يسافر إليه من المصار في وقت معين ،أو وقت غير معين
لقصد الدعاء عنده والعبادة هناك،كما يقصد بيت ال الحرام لذلك وهذا السفر ل أعلم بين
المسلمين خلفا في النهي عنه .قال :
ومنها ما يقصد الجتماع عنده في يوم معين من السبوع .وفي الجملة هذا الذي يفعل عند هذه
القبور هو بعينه الذي نهى عنه رسول ال صلى ال عليه وسلم بقوله (:ل تتخذوا قبري عيدا )فإن
اعتياد قصد المكان المعين في وقت معين عائد بعود السنة أو الشهر أو السبوع هو بعينه معنى
العيد ،ثم ينهى عن دق ذلك وجله،وهذا هو الذي تقدم عن المام أحمد إنكاره.قالت (يعني أحمد ):
وقد أفرط الناس في هذا جدا وأكثروا .وذكر ما يفعل عند قبر الحسين .ثم قال الشيخ :
ويدخل في هذا ما يفعل بمصر عند قبر نفيسة وغيرها .وما يفعل بالعراق عند القبر الذي يقال :
إنه قبر علي رضي ال عنه ،وقبر الحسين وحذيفة بن اليمان و ...و ...وما يفعل عند قبر أبي
يزيد البسطامي إلى قبور كثيرة في أكثر بلد السلم ل يمكن حصرها .قال :
واعتياد قصد هذه القبور في وقت معين ،والجتماع العام عندها في وقت معين هو أتخاذها عيدا
كما تقدم ول أعلم بين المسلمين أهل العلم في ذلك خلفا .ول يغتر بكثرة العادات الفاسدة فإن
هذا من التشبه بأهل الكتابين الذي أخبرنا النبي صلى ال عليه وسلم أنه كائن في هذه المة .
وأصل ذلك إنما هو اعتقاد فضل الدعاء عندها ،وإل فلو لم يقم هذا العتقاد في القلوب ل نمحى
ذلك كله.فإذا كان قصدها يجر هذه المفاسد كان حراما كالصلة عندها وأولى ،وكان ذلك فتنة
للخلق ،وفتحا لباب الشرك ،وإغلقا لباب اليمان ) .
قلت .ومما يدخل في ذلك دخول أوليا ما هو مشاهد اليوم في المدينة المنورة،من قصد الناس دبر
كل صلة مكتوبة في قبر النبي صلى ال عليه وسلم :للسلم عليه والدعاء عنده وبه ،ويرفعون
أصواتهم لديه ،حتى ليضج المسجد بهم،ول سيما في موسم الحج حتى لكأن ذلك من سنن الصلة
! بل إنهم ليحافظون عليه أكثر من محافظتهم على السنن وكل ذلك يقع من مرأى ومسمع من
ولة المر ،ول أحد منهم ينكر ،فإنا ل وإنا إليه راجعون ،ووا أسفاء على غربة الدين
وأهله ،وفي مسجد النبي صلى ال عليه وسلم الذي ينبغي أن يكون أبعد المساجد بعد المسجد
الحرام عما يخالف شريعته عليه الصلة والسلم .
109
هذا ،وقد سبق في كلم شيخ السلم ابن تيمية أن بعض أهل العلم رخص في إتيان القبر
الشريف للسلم عليه إذا دخل المسجد للصلة ونحوها .وكأن ذلك يفيد عدم الكثار والتكرار
بدليل قوله عقب ذلك ( :وأما قصده دائما للصلة والسلم فما علمت أحدا رخص فيه ) .
قلت :وهذا الترخيص الذي نقله الشيخ عن بعض أهل العلم هو الذي رواه ونعتمد عليه بشرط
القيد المذكور ،فيجوز لمن بالمدينة إتيان القبر الشريف للسلم عليه صلى ال عليه وسلم ،أحيانا،
لن ذلك ليس ،من اتخاذه عيدا كما هو ظاهر ،والسلم عليه وعلى صاحبيه مشروع بالدلة
العامة ،فل يجوز نفي المشروعية مطلقا لنهيه صلى ال عليه وسلم عن اتخاذ قبره عيدا ،لمكان
الجمع بملحظة الشرط الذي ذكرنا ،ول يخرج عليه أننا ل نعلم أن أحدا من السلف كان يفعل
ذلك ،لن عدم العلم بالشئ ل يستلزم العلم بعدمه كما يقول العلماء ،ففي مثل هذا يكفي لثبات
مشروعته الدلة العامة مادام أنه ل يثبت ما يعارضها فيما نحن فيه .على أن شيخ السلم قد
ذكر في ( القاعدة الجليلة ) ( ص 80طبع المنار ) عن نافع أنه قال :كان ابن عمر يسلم على القبر ،
رأيته مائة مرة أو أكثر يجيئ إلى القبر فيقول :السلم على النبي صلى ال عليه وسلم ،السلم
على أبي بكر ،السلم على أبي ،ثم ينصرف فان ظاهره أنه كان يفعل ذلك في حالة القامة ل
السفر ،لن قوله ( مائة مرة ) ،مما يبعد حمل هذا الئر على حالة السفر ..
- 11السفر إليها :
وفيه أحاديث :
الول :عن أبي هريرة عن النبي صلى ال عليه وسلم قال (:ل تشد الرحال إل إلى ثلثة مساجد
:المسجد الحرام،ومسجد الرسول صلى ال عليه وسلم ومسجد القصى ).
وفي رواية عنه بلفظ ( :إنما يسافر إلى ثلثة مساجد :مسجد الكعبة ،ومسجدي ،ومسجد إيلياء)
.أخرجه البخاري باللفظ الول ،ومسلم باللفظ الخر من طريق ثان عنه ،وأخرجه من الطريق الول أصحاب السنن وغيرهم .
وله طريق ثالث عند أحمد ( )2/501والدارمي ()1/330وقد خرجت الحديث مبسوطا في (الثمر المستطاب).
الثاني :عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول (:ل تشد
( وفي لفظ :ل تشدوا ) الرحال إل إلى ثلثة مساجد :مسجدي هذا ،والمسجد الحرام ،
والمسجد القصى ) .أخرجه الشيخان وغيرهما ،وله عنه أربعة طرق أوردتها في المصدر السابق واللفظ الخر لمسلم
.
والطريق الرابعة :يرويها شهر بن حوشب ،وعنه اثنان :
أحدهما :ليث بن أبي سليم عنه قال (:لقينا أبا سعيد ونحن نريد الطور،فقال :سمعت رسول ال
صلى ال عليه وسلم يقول :ل تعمل المطي إل ) ...الحديث .
والخر :عبد الحميد بن بهرام عنه قال(:سمعت أبا سعيد الخدري وذكرت عنده صلة الطور ،
فقال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :ل ينبغي للمطي أن تشد رحاله إلى مسجد يبتغى فيه
الصلة غير المسجد الحرام).الحديث .أخرجهما أحمد (. ) 3/93،64
وشهر ضعيف،وقد تفرد بهذه الزيادة ( إلى مسجد يبتغي فيه الصلة ) فهي منكرة لعدم ورودها
في الطرق الخرى عن أبي سعيد ،حتى ول في طريق ليث عن شهر ،وكذلك لم ترد في
الحاديث الخرى،وهي ثمانية وغالبها لها أكثر من طريق واحد،وقد سقتها كلها في ( الثمر
المستطاب ) فعدم ورود هذه الزيادة في شئ من هذه الحاديث على كثرتها وتعدد مخارجها
لكبر دليل على نكارة الزيادة وبطلنها .فهي من أوهام شهر بن حوشب أو الراوي عنه عبد
110
الحميد ،فإن فيه بعض الضعف من قبل حفظه ،وقال الحافظ في ترجمة شهر من ( التقريب ) :
( صدوق كثير الوهام ) .
الثالث :عن أبي بصرة الغفاري أنه لقي أبا هريرة وهو جاء ،فقال :من أين أقبلت ؟ قال :أقبلت
من الطور ،صليت فيه ،قال :أما إني لو أدركتك لم تذهب ،إني سمعت رسول ال صلى ال
عليه وسلم يقول ( :ل تشد الرحال إل إلى ثلثة مساجد :المسجد الحرام ،ومسجدي هذا ،
والمسجد القصى ) .أخرجه الطيالسي ( )1348وأحمد ( )6/7والسياق له ،وإسناده صحيح .وله عند أحمد طريقان
آخران ،إسناد الول منهما حسن ،والخر صحيح .
وأخرجه مالك والنسائي والترمذي وصححه من الطريق الثالث ،إل أن أحد الرواة أخطأ في سنده فجعله من مسند بصرة بن أبي
بصرة .وفي متنه حيث قال ( :لتعمل المطي ) .
الرابع :عن قزعة قال ( :أردت الخروج إلى الطور فسألت ابن عمر ،فقال :أما علمت أن النبي
صلى ال عليه وسلم قال ( :ل تشد الرحال إل إلى ثلثة مساجد :المسجد الحرام ،ومسجد النبي
صلى ال عليه وسلم والمسجد القصى ) ،ودع عنك الطور فل تأته ) .أخرجه الزرقي ( في أخبار مكة
) (ص )304بإسناد صحيح رجاله رجال الصحيح ،وأورد المرفوع منه الهيثمي في ( المجمع ) ( )4/4وقال (:رواه الطبراني
في الكبير والوسط ورجاله ثقات).
وفي هذه الحاديث تحريم السفر إلي موضع من المواضع المباركة ،مثل مقابر النبباء
والصالحين ،وهي وإن كانت بلفظ النفي ( ل تشد ) ،فالمراد النهي كما قال الحافظ ،على وزن
قوله تعالى ( :فل رفث ول فسوق ول جدال في الحج ) ،وهو كما قال الطيبي ( :هو أبلغ من
صريح النهي ،كأنه قال :ل يستقيم أن يقصد بالزيارة إل هذه البقاع لختصاصها بما اختصت به)
قلت :ومما يشهد لكون النفي هنا بمعنى النهي رواية لمسلم في الحديث الثاني ( :ل تشدوا ) .ثم
قال الحافظ :
( قوله (:إل إلى ثلثة مساجد )،الستثناء مفرغ ،والتقدير ل تشد الرحال إلى موضع ،ولزمه
منع السفر إلى كل موضع غيرها ،لن المستثنى منه في المفرغ مقدر بأعم العام ،ولكن يمكن
أن يكون المراد بالعموم هنا المخصوص ،وهو المسجد ) .
قلت :وهذا الحتمال ضعيف،والصواب التقدير الول .لما تقدم في حديث أبي بصرة وابن
عمر من أنكار السفر إلى الطور .ويأتى بيانه ،ثم قال الحافظ :
( وفي هذا الحديث فضيلة هذه المساجد ،ومزيتها على غيرها لكونها مساجد النبياء ،ولن
الول ،قبلة الناس ،وإليه حجهم ،والثاني كان قبلة المم السالفة ،والثالث أسس على التقوى .
( قال ) :
واختلف في شد الرحال إلى غيرها كالذهاب إلى زيارة الصالحين أحياء وأمواتا ،وإلى المواضع
الفاضلة ،لقصد التبرك بها ،والصلة فيها،فقال الشيخ أبو محمد الجويني ( 180يحرم شد الرحال
إلى غيرها عمل بظاهر الحديث ) ،وأشار القاضي حسين إلى اختياره ،وبه قال عياض وطائفة
،ويدل عليه ما رواه أصحاب السنن من إنكار أبي بصرة الغفاري على أبي هريرة خروجه إلى
الطور ،وقال له ( :لو أدركتك قبل أن تخرج ما خرجت ) ،واستدل بهذا الحديث ،فدل على
أنه يرى حمل الحديث على عمومه ،ووافته أبو هريرة .والصحيح عند إمام الحرمين وغيره
من الشافعية أنه ل يحرم ،وأجابوا عن الحديث بأجوبة :
180هو عبد ال بن يوسف شيخ الشافعية ووالد إمام الحرمين عبد الملك بن عبد ال ،كان إماما في التفسير والفقه والدب .مات سنة ( . ) 438
111
.1منها أن المراد أن الفضيلة التامة إنما هي شد الرحال إلى هذه المساجد بخلف
غيرها فإنه جائز ،وقد وقع في رواية لحمد سيأتي ذكرها بلفظ ( :ل ينبغي للمطي
أن تعمل ) وهو لفظ ظاهر في غير التحريم .
.2ومنها أن النهي مخصوص بمن نذر على نفسه الصلة في مسجد من سائر
المساجد غير الثلثة ،فإنه ل يجب الوفاء به .قاله ابن بطال .
.3ومنها أن المراد حكم المساجد فقط ،وأنه ل تشد الرحال إلى مسجد من المساجد
للصلة فيه غير هذه الثلثة ،وأما قصد غير المساجد لزيارة صالح أو قريب أو
صاحب ،أو طلب عالم أو تجارة أو نزهة ،فل يدخل في النهي ،ويؤيده ما روى
أحمد من طريق شهر بن حوشب قال :سمعت أبا سعيد -وذكرت عنده الصلة في
الطور -فقال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ( :ل ينبغي للمطي أن تشد
رحاله إلى مسجد تبتغى فيه الصلة غير المسجد الحرام،والمسجد
القصى،ومسجدي) .وشهر حسن الحديث ،وإن كان فيه بعض الضعف ) .
قلت :لقد تساهل الحافظ رحمه ال تعالى في قوله في شهر أنه حسن الحديث ،مع أنه قال فيه
في (( التقريب )) (( :كثير الوهام )) كما سبق ،ومن المعلوم أن من كان كذلك فحديثه ضعيف ل
يحتج به ،كما قرره الحافظ نفسه في ( شرح النخبة )
ثم هب أنه حسن الحديث،فإنما يكون كذلك عند عدم المخالفة ،أما وهو قد خالف جميع الرواة
الذين رووا الحديث عن أبي سعيد ،والخرين الذين رووه عن غيره من الصحابة كما تقدم بيانه
،فكيف يكون حسن الحديث مع هذه المخالفة !؟ بل هو منكر الحديث في مثل هذه الحالة ،دون
أي شك أو ريب .أضف إلى ذلك أن قوله في الحديث ( إلى مسجد ) مما لم يثبت عن شهر نفسه
فقد ذكرها عنه عبد الحميد ولم يذكرها عنه ليث بن أبي سليم ،وهذه الرواية عنه أرجح لموافقتها
لروايات الثقات كما عرفت .
وأيضا فإن المتأمل في حديثه يجد فيه دليل آخر على بطلن ذكر هذه الزيادة فيه ،وهو قوله :
أن أبا سعيد الخدري احتج بالحديث على شهر لذهابه إلى الطور .فلو كان فيه هذه الزيادة التي
تخص حكمه بالمساجد دون سائر المواضع الفاضلة ،لما جاز لبي سعيد رضي ال عنه أن
يحتج به عليه ،لن الطور ليس مسجدا .وإنما هو الجبل المقدس الذي كلم ال تعالى موسى
عليه ،فل يشمله الحديث لو كانت الزيادة ثابتة فيه.ولكان استدلل أبي سعيد به والحالة هذه
وهما ،ل يعقل أن يسكت عنه شهر ومن كان معه .فكل هذا يؤكد بطلن هذه الزيادة ،وأنها ل
أصل لها عن رسول ال صلى ال عليه وسلم فثبت مما تقدم أنه ل دليل يخصص الحديث
بالمساجد ،فالواجب البقاء على عمومه الذي ذهب إليه أبو محمد الجويني ومن ذكر معه .وهو
الحق .
بقي علينا الجواب على جوابهم الول والثاني ،فأقول :
- 1إن هذا الجواب ساقط من وجهين :
الول :أن اللفظ الذي احتجوا به ( ل ينبغي )..غير ثابث في الحديث لنه تفرد به شهر وهو
ضعيف كما سبق بيانه .
الثاني :هب أنه لفظ ثابت ،فل نسلم أنه ظاهر في غير التحريم ،بل العكس هو الصواب ،
والدلة على ذلك من الكتاب والسنة كثيرة ،أجتزئ ببعضها :
112
}[ الفرقان] 18:أ-قوله تعالى {:قالوا :سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك أولياء
ب-قوله صلى ال عليه وسلم ( :ل ينبغي أن يعذب بالنار إل رب النار ) .رواه أبو داود ( )2675من
حديث ابن مسعود ،والدارمي ( )2/222من حديث أبي هريرة .
ج (-ل ينبغي لصديق أن يكون لعانا ) .رواه مسلم .
د (-إن الصدقة ل تنبغي لل محمد . ) ..رواه مسلم .
هـ (-ل ينبغي لعبد أن يقول :إنه خير من يونس بن متى ) .رواه البخاري .
الثالث :هب أنه ظاهر في غير التحريم ،فهو يدل على الكراهة ،وهم ل يقولون بها ،ففي
(( شرح مسلم )) للنووي ( :الصحيح عند أصحابنا أنه ل يحرم ول يكره ) ! .فالحديث حجة
عليهم على كل حال .
- 2إن هذا الجواب كالذي قبله ساقط العتبار،لنه ل دليل على التخصيص ،فالواجب البقاء على
العموم ل سيما وقد تأيد بفهم الصحابة إلذين روا الحديث أبي بصرة ،وأبي هريرة ،وابي عمر ،
وأبي سعيد إن صح عنه -فقد استدلوا جميعا به على المنع من السفر إلى الطور،وهم أدرى
بالمراد منه من غيرهم ،ولذلك قال الصنعاني في (( سبل السلم )) (: )2/251
( وذهب الجمهور إلى أن ذلك غير محرم ،واستدلوا بما ل ينهض ،وتأولوا أحاديث الباب
بتأويل بعيدة ،ول ينبغي التأويل إل بعد أن ينهض على خلف ما أولوه الدليل ) زاد عقبه (( فتح
العلم )) (: )1/310
( ول دليل،والحاديث الواردة في الحث على الزيارة النبوية وفضيلتها ليس فيها المر بشد
الرحل إليها ،مع أنها كلها ضعاف أو موضوعات ،ل يصلح شئ منها للستدلل ،ولم يتفطن
أكثر الناس للفرق بين مسألة الزيارة وبين مسألة السفر إليها ،فصرفوا حديث الباب عن منطوقه
الواضح بل دليل يدعو إليه ) .
قلت :وللغفة المشار إليها اتهم الشيخ السبكي عفا ال عنا وعنه شيخ السلم ابن تيمية بأنه ينكر
زيارة القبر النبوي ولو بدون شد رحل ،مع أنه كان من القائلين بها ،والذاكرين لفضلها وآدابها
،وقد أورد ذلك في غير ما كتاب من كتبه الطيبة 181وقد تولى بيان هذه الحقيقة ،ورد تهمة
السبكي العلمة الحافظ محمد بن عبد الهادي في مؤلف كبير أسماه ( الصارم المنكى في الرد
على السبكي ) :نقل فيه عن ابن تيمية النصوص الكثيرة في جواز الزيارة بدون السفر إليها .
وأورد فيه الحاديث الواردة في فضلها ،وتكلم عليها مفصل ،وبين ما فيها من ضعف ووضع ،
وفيه فوائد أخرى كثيرة ،فقهية وحديثية وتاريخية ،حري بكل طالب علم أن يسعى إلى الطلع
عليها .
ثم إني النظر السليم يحكم بصحة قول من ذهب إلى أن الحديث على عمومه ،لنه إذا كان
بمنطوقه يمنع من السفر إلى مسجد غير المساجد الثلثة ،مع العلم بأن العبادة في أي مسجد
أفضل منها في غير المسجد ،وقال صلى ال عليه وسلم (:أحب البقاع إلى ال المساجد ) حتى
ولو كان ذلك المسجد هو المسجد الذي أسس على التقوى أل وهو مسجد قباء الذي قال فيه
رسول ال صلى ال عليه وسلم (:صلة في مسجد قباء كعمرة ) ،إذا كان المر كذلك فلن
يمنع الحديث من السفر إلى غيرها من المواطن أولى وأحرى ،ل سيما إذا كان المقصود إنما
هو مسجد بني على قبر نبي أو صالح ،من أجل الصلة فيه والتعبد عنده .وقد علمت لعن من
181مثل كتابه ( مناسك الحج ) ( ) 390 / 3من ( مجموعة الرسائل الكبرى ) .
113
فعل ذلك ،فهل يعقل أن يسمح الشارع الحكيم بالسفر إلى مثل ذلك ويمنع من السفر إلى مسجد
قباء !؟
والخلصة :إن ما ذهب إليه أبو محمد الجويني الشافعي وغيره من تحريم السفر إلى غير
المساجد الثلثة من المواضع الفاضلة ،هو الذي يجب المصير إليه ،فل جرم اختاره كبار
العلماء المحققين المعروفين باستقللهم في الفهم ،وتعمقهم في الفقه عن ال ورسوله أمثال
شيخي السلم ابن تيمية وابن القيم رحمهم ال تعالى ،فإن لهم البحوث والكثيرة النافعة في هذه
المسألة الهامة ،ومن هؤلء الفاضل الشيخ ولي ال الدهلوي ،ومن كلمه في ذلك ما قال في ((
الحجة البالغة )) (: )1/192
( كان أهل الجاهلية يقصدون مواضع معظمة بزعمهم يزورونها ويتبركون بها ،وفيه من
التحريف والفساد ما ل يخفى ،فسد صلى ال عليه وسلم الفساد ،لئل يلحق غير الشعائر
بالشعائر ،ولئل يصير ذريعة لعبادة غير ال ،والحق عندي أن القبر ،ومحل عبادة ولي من
الولياء والطور كل ذلك سواء في النهي ) .
ومما يحسن التنبيه عليه في خاتمة هذا البحث أنه ل يدخل في النهي السفر للتجارة وطلب العلم ،
فإن السفر إنما هو لطلب تلك الحاجة حيث كانت ل لخصوص المكان ،وكذلك السفر لزيارة
الخ في ال فإنه هو المقصود كما قال شيخ السلم ابن تيمية في ( الفتاوي ) (. )2/186
- 12إيقاد السرج عندها .
والدليل على ذلك غدة أمور :
أول :كونه بدعة محدثة ل يعرفها السلف الصالح ،وقد قال صلى ال عليه وسلم ( :كل بدعة
ضللة ،وكل ضللة في النار ) .رواه النسائي وأبن خزيمه في ( صحيحه ) بسند صحيح .
ثانيا :أن فيه إضاعة للمال وهو منهي عنه بالنص كما تقدم في المسألة ( 42ص . )64
ثالثا :أن فيه تشبها بالمجوس عباد النار ،قال ابن حجر الفقيه في ( الزواجر) (:)1/134
( صرح أصحابنا بحرمة السراج على القبر وإن قل ،حيث لم ينتفع به مقيم ول زائر ،وعللوه
بالسراف وإضاعة المال ،والتشبه بالمجوس ،فل يبعد في هذا أن يكون كبيرة)
قلت :ولم يورد بالضافة إلى ما ذكر من التعليل دليلنا الول ،مع أنه دليل وارد ،بل لعله أقوى
الدلة ،لن الذين يوقدون السرج على القبور إنما يقصدون بذلك التقرب إلى ال تعالى -
زعموا ،ول يقصدون النارة على المقيم أو الزائر ،بدليل إيقادهم إياها والشمس طالعة في
رابغة النهار ! فكان من أجل ذلك بدعة ضللة .
فإن قيل :فلماذا لم تستدل بالحديث المشهور الذي رواه أصحاب السنن وغيرهم عن ابن عباس :
( لعن ال زائرات القبور ،والمتخذين عليها المساجد والسرج ) .
وجوابي عليه :أن هذا الحديث مع شهرته ضعيف السناد ،ل تقوم به حجة ،وإن تساهل كثير
من المصنفين فأوردوه في هذا الباب وسكتوا عن علته ،كما فعل ابن حجر في ( الزواجر) ،ومن
قبله العلمة ابن القيم في (( زاد المعاد)) ،واغتر به جماهير السلفيين وأهل الحديث فاحتجوا به
في كتبهم ورسائلهم ومحاضراتهم .وقد كنت انتقدت ابن القيم من أجل ذلك فيما كنت علقته على
كتابه ،وبينت علة الحديث مفصل هناك ،ثم في ( سلسلة الحاديث الضعيفة ) ( رقم ، )223ثم رأيث ابن القيم
في ( تهذيب السنن ) ( )4/342نقل عن عبد الحق الشبيلي أن في سند الحديث باذام صاحب الكلبي وهو عندهم ضعيف جدا ،
وأقره ابن القيم ،فالحمد ل على توفيقه .
114
وأما الجملة الولى من الحديث فصحيحة لها شاهدان من حديث أبي هريرة وحسان ابن ثابت أوردتهما في المسألة ( 119ص
. )185،186
وأما الجملة الثانية فهي صحيحة أيضا متواترة المعنى ،وقد ذكرت في هذا الفصل في المسألة
السابعة سبعة أحاديث صحيحة تشهد لها .
- 13كسر عظامها .
والدليل عليه قوله صلى ال عليه وسلم ( :إن كسر عظم المؤمن ميتا ،مثل كسره حيا ) .أخرجه
أبو داود ( )2/69وابن ماجه ( )1/492والطحاوي في ( المشكل ) ( )2/108وابن حبان في ( صحيحه ) (رقم 776موارد) وابن
الجارود في ( المنتقى ) ( ص ) 551والدار قطني في سننه ( )367والبيهقي ( )4/58وأحمد ()6/58،105،168،200،264
واللفظ له ،وأبو نعيم في ( الحلية ) ( )7/95والخطيب في ( تاريخ بغداد ) ( )120 :12/106،13من طرق عن عمرة عنها .
قلت :وبعض طرقه صحيح على شرط مسلم ،وقواه النووي في ( المجموع ) ( ، )5/300وقال ابن القطان ( :سنده حسن )
كما في ( المرقاة ) (. )2/380
وله طريقان آخران عن عائشة رضي ال عنها .
الول :عند أحمد (: )6/100
والخر :عند الدار قطني ( . ) 367
وله شاهد من حديث أم سلمة .أخرجه ابن ماجه 182وزاد في آخره ( :في الثم ) .
لكن إسناده ضعيف ،وهي عند الدار قطني في الحديث الول في بعض طرقه من الوجه الول
.لكن الظاهر أنها مدرجة في الحديث ،فإن في رواية أخرى له بلفظ :
( يعني في الثم ) .
فهذا ظاهر في أن هذه الزياذة ليست من الحديث بل هي من تفسير بعض الرواة ،ويؤيده رواية
لحمد بلفظ :
( قال :يرون أنه في الثم .قال عبد الرزاق أظنه قول داود ) .
قلت :يعني داود بن قيس ،وهو شيخ عبد الرزاق فيه .ومن الظاهر أن هذا التفسير هو المراد
من الحديث ،وبه جزم الطحاوي وعقد له بابا خاصا في ( مشكله ) ،فليراجعه من شاء .
والحديث دليل على تحريم كسر عظم الميت المؤمن ،ولهذا جاء في كتب الحنابلة ( :ويحرم
قطع شئ من أطراف الميت ،وإتلف ذاته ،وإحراقه ،ولو أوصى به ) .
كذا في ( كشاف القناع ) ( ، )2/127ونحو ذلك في سائر المذاهب بل جزم ابن حجر الفقيه في ( الزواجر ) ( )1/134بأنه من
الكبائر ،قال :
183
) ( لما علمت من الحديث أنه ككسر عظم الحي
ويستفاد من الحديث :
182وعزاه في ( المام ) لمسلم ورد عليه كما في ( فيض القدير ) و ( المام ) كتاب عظيم جدا في الحكام لبن دقيق العيد ،قال الذهبي ( :ولو كمل تصنيفه
وتبييضه لجاء في خمسة عشر مجلدا ) .
183وبالغت الحنابلة في ذلك حتى قالوا كما في ( الكشاف ) ( ( : ) 130 / 2وإن ماتت حامل بمن يرجى حياته حرم شق بطنها من أجل الحمل ،مسلمة كانت
أو ذمية ،لما فيه من هتك حرمة متيقنة ،لبقاء حياة موهومة ،لن الغالب والظاهر أن الولد ل يعيش ،واحتج أحمد على ذلك في رواية أبي داود بما روت
عائشة . ) . . .قلت : .ثم ذكر الحديث ونص أبي داود في ( المسائل ) ( ص ( : ) 150سمعت أحمد سئل عن المرأة تموت والولد يتحرك في بطنها أيشق
عنها ؟ قال :ل ،كسر عظم الميت ككسره حيا ) .وعلق عليه السيد محمد رشيد رضا فقال ( :والستدلل به على ترك الجنين الحي في بطن أمه يموت مطلقا
فيه غرابة من وجهين :أحدهما :أن شق البطن ليس فيه كسر عظم للميت .وثانيهما :أن الجنين إذا كان تام الخلق ،وأخرج من بطن أمه بشقه فإنه قد يعيش
كما وقع مزارا ،فههنا إنقاذه ،وحفط حياته ،مع حفظ كرامة أمه بناء على أن شق البطن ككسر العظم .ول شك أن الول أرجج ،على أن شق البطن بمثل هذا
السبب ل يعد إهانة للميت كما هو ظاهر في عرف الناس كلهم .فالصواب قول من يوجب شق البطن وإخراجه إذا رجح الطبيب حياته بعد خروجه ،وقد صرح
بهذا بعضهم ) .وقال في منار السبيل ( : ) 178 / 1وان خرج بعضه حيا شق للباقي لتيقن حياته بعد ان كانت متوهمة .قلت :وما اختاره السيد رحمه ال
تعالى هو الصح عند الشفعية كما قال النووي ( ) 301 / 5وعزأه لقول أبي حنيفة وأكثر الفقهاء ،وهو مذهب ابن حزم ( ) 167 - 166 / 5وهو الحق إن
شاء ال تعالى .
115
- 1حرمة نبش قبر المسلم لما فيه من تعريض عظامه للكسر ،ولذلك كان بعض السلف
يتحرج من أن يحفر له في مقبرة يكثر الدفن فيها ،قال المام الشافعي في( الم) ( : ) 245 / 1
( أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال :ما أحب أن أدفن بالبقيع ! لن أدفن في غيره
أحب ألي ،إنما هو أحد رجلين ،إما ظالم ،فل أحب أن أكون في جواره ،وإما صالح فل
أحب أن ينبش في عظامه ،قال :وإن أخرجت عظام ميت أحببت أن تعاد فتدفن ) .وقال
النووي في ( المجموع ) ( )5/303ما مختصره :
( ول يجوز نبش القبر لغير سبب شرعي باتفاق الصحاب ،ويجوز بالسباب الشرعية كنحو ما
سبق ( في المسألة ،) 109ومختصره :أنه يجوز نبش القبر إذا بلى الميت وصار ترابا ،وحينئذ يجوز
دفن غيره فيه .ويجوز زرع تلك الرض وبناؤها ،وسائر وجوه النتفاع والتصرف فيها باتفاق
الصحاب ،وهذا كله إذا لم يبق للميت أثر من عظم وغيره ،ويختلف ذلك باختلف البلد
والرض .ويعتمد فيه قول أهل الخبرة بها):
قلت :ومنه تعلم تحريم ما ترتكبه بعض الحكومات السلمية من درس بعض المقابر السلمية
ونبشها من أجل التنظيم العمراني ،دون أي مبالة بحرمتها،أو اهتمام بالنهي عن وطئها وكسر
عظامها ونحو ذلك .ول يتوهمن من أحد ،أن التنظيم المشار إليه يبرر مثل هذه المخالفت ،
كل ،فإنه ليس من الضروريات ،وإنما هي من الكماليات التي ل يجوز بمثلها إلعتداء على
الموات ،فعلى الحياء أن ينظموا أمورهم ،دون أن يؤذوا موتاهم .
ومن العجائب التي تلفت النظر ،أن ترى هذه الحكومات تحترم الحجار والبنية القائمة على
بعض الموتى أكثر من احترامها للموات أنفسهم .فإنه لو وقف في طريق التنظيم المزعوم
بعض هذه البنية من القباب أو الكنائس ونحوها تركتها على حالها ،وعدلت من أجلها خارطة
التنظيم إبقاء عليها ،لنهم يعتبرونها من الثار القديمة! وأما قبور الموتى أنفسهم فل تستحق
عندهم ذلك التعديل ! بل إن بعض تلك الحكومات لتسعى فيما علمنا -إلى جعل القبور خارج
البلدة ،والمنع من الدفن في القبور القديمة -وهذه مخالفة أخرى في نظري ،لنها تفوت على
المسلمين سنة زيارة القبور ،لنه ليس من السهل على عامة الناس أن يقطع المسافات الطويلة
حتى يتمكن من الوصول إليها ،ويقوم بزيارتها والدعاء لها !
والحامل على هذه المخالفات -فيما أعتقد -إنما هو التقليد العمى لوروبا المادية الكافرة ،
التي تريد أن تقضي على كل مظهر من مظاهر اليمان بالخرة ،وكل ما يذكر بها ،وليس هو
مراعاة القواعد الصحية كما يزعمون ،ولو كان ذلك صحيحا لبادروا إلى محاربة السباب التي
ل يشك عاقل في ضررها مثل بيع الخمور وشربها ،والفسق والفجور على اختلف اشكاله
وأسمائه ،فعدم اهتمامهم بالقضاء على هذه المفاسد الظاهرة ،وسعيهم إلى إزالة كل ما يذكر
بالخرة وإبعادها عن أعينهم أكبر دليل على أن القصد خلف ما يزعمون ويعلنون ،وما تكنه
صدورهم أكبر .
- 2أنه ل حرمة لعظام غير المؤمنين ،لضافة العظم إلى المؤمن في قوله ( :عظم المؤمن) ،
فأفاد أن عظم الكافر ليس كذلك ،وقد أشار إلى هذا المعنى الحافظ في (الفتح) بقوله :
184
( يستفاد منه أن حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته )
116
ومن ذلك يعرف الجواب عن السؤال الذي يتردد على ألسنة كثير من الطلب في كليات الطب ،
وهو :هل يجوز كسر العظام لفحصها وإجراء التحريات الطبية فيها ؟ والجواب :ل يجوز ذلك
في عظام المؤمن ،ويجوز في غيرها ،ويؤيده ما يأتي في المسألة التالية :
- 129ويجوز نبش قبور الكفار ،لنه ل حرمة لها كما دل عليه مفهوم الحديث السابق ،
ويشهد له حديث أنس بن مالك رضي ال عنه قال (:قدم النبي صلى ال عليه وسلم المدينة فنزل
أعلى المدينة في حي يقال لهم :بنو عمرو بن عوف ،فآنام فيهم أربع عشرة ليلة ،ثم أرسل
إلى بني النجار فجاؤوا متقلدي السيوف كأني أنظر إلى النبي صلى ال عليه وسلم على راحلته
وأبو بكر ردفه ،ومل من بني النجار حوله ،حتى أتى بفناء أبي أيوب ،كان يحب أن يصلي
حيث أدركته الصلة ،ويصلي في مرابض الغنم ،وكان أمر ببناء المسجد ،فأرسل إلى مل من
بنى النجار ،فقال :يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا ،قالوا :ل وال ل نطلب ثمنه إل إلى
ال ،قال :فكان فيه قبور المشركين ،وخرب ونخل ،فأمر النبي صلى ال عليه وسلم بقبور
المشركين فنبشت ،ثم بالحرب فسويت ،وبالنخل فقطع فصفوا النخل قبلة المسجد ،وجعل
عضاديته الحجارة ،وجعلوا ينقلون الصخر وهم يرتجزون ،والنبي صلى ال عليه وسلم معهم ،
وهو يقول [ ،وهو ينقل اللبن :
هذا أبر ربنا وأطهر ] هذا الحمال 185ل حمال خيبر
فاغفر للنصار والمهاجرة . اللهم ل خير إل خير الخرة
وفي رواية من حديث عائشة رضي ال عنها :
فارحم النصار والمهاجرة ) . اللهم إن الجر أجر الخرة
أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث أنس ،والسياق له ،والبخاري من حديث عائشة ،وما بين القوسين من حديثها ،وقد
أخرجت الحديثين في ( الثمر المستطاب ) .
قال الحافظ في (( الفتح )) :
( وفي الحديث جواز التصرف في المقبرة المملوكة بالهبة والبيع ،وجواز نبش القبور الدارسة
إذا لم تكن محترمة ،وجواز الصلة في مقابر المشركين بعد نبشها وإخراج ما فيها وجواز بناء
المساجد في أماكنها ) .
**********************************************
185بالكسر من الحمل ،والذي يحمل من خبير التمر ،أي أن هذا في الخرة أفضل من ذاك وأحمد عاقبة ،كأنه جمع حمل ( بكسر الميم ) أو حمل ( بفتح
الميم ) ،ويجوز أن يكون مصدر حمل أو حامل ،كما في ( النهاية ) .
186وجرت المباشرة بطبعه عام 1385ولكن قدر ال توقف الطبع في إحدى مطابع المكتب السلمي مدة ثلث سنوات وانتهى طبعه في شعبان سنة ، 1388
وال اسأل ان يكتب السداد والتوفيق لهذا المكتب وصاحبه .
117
بدع الجنائز
118
بدع الجنائز
وإني تتميما لفائدة الكتاب ،رأيت أن أتبعه بفصل خاص ببدع الجنائز ،كي يكون المسلم منها
على حذر ويسلم له عمله على السنة وحدها ،والشاعر الحكيم يقول :
لكــن لتوقـيه عرفت الشر ل للشر
من الشر يقع فيه ومن ل يعرف الخير
وفي حديث حذيفة بن اليمان قال (:كان الناس يسألون رسول ال صلى ال عليه وسلم عن الخير
،وكنت أسأل عن الشر مخافة أن يدركني ) .أخرجه البخاري ( )13/29وغيره .
ولول أن الفصل المشار إليه كانت مادته جاهزة عندي ،لما اتسع وقتي الن لجمهعا وإلحاقها
بالكتاب ،ولكنها حاضرة عندي ،وهي جزء من مادة واسعة كنت شرعت في جمعها منذ سنة
فأكثر لؤلف منها كتابا حافل يجمع مختلف البدع الدينية يصلح أن يكون كالقاموس لها ،
استخرجتها من عشرات الكتب ،وكان قد بقي علي قراءة بضعة كتب أخرى لنصرف بعد ذلك
إلى ترتيبها جميعها وتأليفها ،ولكني صرفت عنها ،فاغتنمت هذه المناسبة واستخرجتها مما
عندي من المادة الفصل المذكور ،ورتبته على الترتيب الذي في النية أن يكون أصله عليه كما
ستراه ،وهو أني أنقل البدعة من الكتاب الذي استخرجتها منه بنصه أو معناه ،ثم أعقبها
بالشارة إلى رقم الجزء والصفحة منه ،فإن لم أعقبها بشئ ،فذلك إشارة الى أنها مني ،وأدى
إليها علمي أنها من البدع ،وهي قليلة جدا بالنسبة لمادة الفصل الغزيرة أو الكتاب .
وقبل الشروع في سردها لبد من ذكر القواعد والسس التي بني عليها هذا الفصل ،تبعا للصل
فأقول :إن البدعة المنصوص على ضللتها من الشارع هي :
أ -كل ما عارض السنة من القوال أو الفعال أو العقائد ولو كانت عن اجتهاد .
ب -كل أمر يتقرب إلى ال به ،وقد نهى عنه رسول ال صلى ال عليه وسلم .
ج -كل أمر ل يمكن أن يشرع إل بنص أو توقيف ،ول نص عليه ،فهو بدعة إل ما كان عن
صحابي .
د -ما ألصق بالعبادة من عادات الكفار .
هـ -ما نص على استحبابه بعض العلماء سيما المتأخرين منهم ول دليل عليه .
و -كل عبادة لم تأت كيفيتها إل في حديث ضعيف أو موضوع .
ز -الغلو في العبادة .
ح -كل عبادة أطلقها الشارع وقيدها الناس ببعض القيود مثل المكان أو الزمان أو صفة أو عدد
وتفصيل القول على هذه الصول محله الكتاب المستقل إن شاء ال تعالى .فلنشرع الن في
المقصود ،فأقول :
*************
119
قبل الوفاة
.1اعتقاد بعضهم أن الشياطين يأتون المحتضر على صفة أبويه في زي يهودي
ونصراني حتى يعرضوا عليه كل ملة ليضلوه ( .قال ابن حجر الهيتمي في
( الفتاوى الحديثية ) نقل عن السيوطي ( :لم يرد ذلك ) ) .
.2وضع المصحف عند رأس المحتضر .
187
.3تلقين الميت القرار بالنبي وأئمة أهل البيت عليهم السلم
.4قراءة سورة ( يس ) على المحتضر ( .انظر المسألة . ) 15
.5توجيه المحتضر إلى القبلة (.أنكره سعيد بن المسيب كما في ( المحلى ) ()5/174
ومالك كما في ( المدخل ) ( )230-229/ 3ول يصح فيه حديث .
**************************
120
بعد الوفاة
،والشهيد ومن وجب قتله فاغتسل 188
- 6قول الشيعة ( :الدمي ينجس بالموت إل المعصوم
189
( انظر الحديث الول من المسألة ) 31 قبل قتله فقتل لذلك السبب بعينه )
- 15جعل التراب في عيني الميت والقول عند ذلك (:ل يمل عين ابن آدم إل التراب)( المدخل
. )3/261
( منه )3/276 - 16ترك أهل الميت الكل حتى يفرغوا من دفنه .
)) )) - 17التزام البكاء حين الغداء والعشاء )) )) )) )) ))
- 18شق الرجل الثوب على الب والخ(190انظر الحديث المتقدم في(الفقرة ب،ج)من المسألة )22
- 19الحزن على الميت سنة كاملة ل يختضب النساء فيها بالحناء ول يلبسن الثياب الحسان
ول يتحلين،فإذا انقضت السنة عملن ما يعهد منهن من النقش والكتابة الممنوع في الشرع ،يفعلن
ذلك هن ومن التزمن الحزن معهن ويسمون ذلك بـ ( فك الحزن ) ( المدخل . )3/277
- 20إعفاء بعضهم عن لحيته حزنا على الميت ( .انظر المسألة (( 22فقرة )) و )
- 21قلب الطنافس والسجاجيد وتغطية المرايا والثريات .
- 22ترك النتفاع بما كان من الماء في البيت في زير أو غيره ،ويرون أنه نجس ،ويعللون
ذلك بأن روح الميت إذا طلعت غطست فيه ! ( المدخل ) .
- 23إذا عطس أحدهم على الطعام يقولون له كلم فلنا أو فلنة ممن يجب من الحياء باسمه
-ويعللون ذلك لئل يلحق بالميت ! ( منه )
- 24ترك أكل الملوخية والسمك مدة حزنهم على ميتهم ( .منه . )3/281
- 25ترك أكل اللحوم والمعلق المشوية والكبة .
- 26قول المتصوفة:من بكى على هالك خرج عن طريق أهل المعارف!( تلبيس إبليس لبن الجوزي
ص ،342-340انظر الحاديث في المسألة . )18
121
القبر (.المدخل - 27ترك ثياب الميت بدون غسل إلى اليوم الثالث بزعم أن ذلك يرد عنه عذاب
(. )3/276
- 28قول بعضهم :إن من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة يكون له عذاب القبر ساعة
واحدة ،ثم ينقطع عنه العذاب ول يعود إلى يوم القيامة ( .حكاه الشيخ علي القاري في ( شرح الفقه الكبر )
( ص )96ورده ،وانظر الحديث تحت الفقرة ( الثالة ) من المسألة . )25
- 29قول آخر :المؤمن العاصي ينقطع عنه عذاب القبر يوم الجمعة وليلة الجمعة ول يعود
إليه إلى يوم القيامة .191
- 30العلن عن وفاة الميت من على المنائر 246-245 /3(.من المدخل) وراجع المسألة ( 22فقرة ز )
- 31قولهم عند إخبار أحدهم بالوفاة :الفاتحة على روح فلن ( .انظر المسألة ) 24
**************************
191نقله الشيخ علي القاري في ( شرح الفقه الكبر ) ( ص ) 91ورده بقوله ( :إنه باطل ) وأوضح منه في البطلن القول الخر :إن عذاب القبر يرفع عن
الكافر يوم الجمعة وشهر رمضان بحرمة النبي صلى ال عليه وسلم .حكاه الشيخ أيضا ورده .
122
غسل الميت
(.المدخل - 32وضع رغيف وكوز ماء في الموضع الذي غسل فيه الميت ثلث ليال بعد موته
. )3/276
- 33إيقاد السراج أو القنديل في الموضع الذي غسل فيه الميت ثلث ليال من غروب الشمس
إلى طلوعها ،وعند بعضهم سبع ليال ،وبعضهم يزيد على ذلك ويفعلون مثله في الموضع الذي
مات فيه ( .منه )
- 34ذكر الغاسل ،ذكرا من الذكار عند كل عضو يغسله ( .منه . ) 329 / 3
- 35الجهر بالذكر عند غسل الجنازة وتشييعها (.الخادمي في( شرح الطريقة المحمدية)()4/22
- 36سدل شعر الميتة من بين ثدييها ( .انظر حديث أم عطية في المسألة . ) 28
************
123
الكفن والخروج بالجنازة
- 37نقل الميت إلى أماكن بعيدة لدفنه عند قبور الصالحين كأهل البيت ونحوهم.
- 38قول بعضهم :إن الموتى يتفاخرون في قبورهم بالكفان وحسنها ويعللون ذلك بأن من
192
( المدخل ) 277 / 3 كان من الموتى في كفنه دناءة يعايرونه بذلك
- 39كتابة اسم الميت وأنه يشهد الشهادتين ،واسماء أهل البيت عليهم السلم بتربة الحسين
193
عليه السلم إن وجدت وإلقاء ذلك في الكفن !
194
- 40كتابة دعاء على الكفن
- 41تزيين الجنازة ( .الباعث على إنكار البدع والحوادث لبي شامة ص . ) 67
- 42حمل العلم أمام الجنازة .
- 43وضع العمامة على الخشبة ( .صرح ابن عابدين في ( الحاشية ) ( ) 806 / 1بكراهة هذا وكذا الذي
قبله ) .ويلحق به الطربوش وإكليل العروس وكل ما يدل على شخصية الميت .
- 44حمل الكاليل والس والزهور وصورة الميت أمام الجنازة !
- 45ذبح الخرفان عند خروج الجنازة تحت عتبة الباب (.البداع في مضار البتداع للشيخ علي محفوط
ص )114واعتقاد بعضهم أنه إذا لم يفعل ذلك مات ثلثة من أهل الميت !
الخبز(.المدخل ! )267-266 - 46حمل الخبز والخرفان أمام الجنازة وذبحها بعد الدفن وتفريقها مع
- 47اعتقاد بعضهم أن الجنازة إذا كانت صالحة خف ثقلها على حامليها وأسرعت
- 48إخراج الصدقة مع الجنازة (.الختيارات العملية ص 53وكشاف القناع .) 134 / 2ومنه إسقاء العرقسوس
والليمون ونحوه .
- 49التزام البدء في حمل الجنازة باليمين .
( المدونة . ) 176
- 50حمل الجنازة عشر خطوات من كل جانب من جوانبها الربعة. 195
- 51البطاء في السير بها ( .الباعث لبي شامة ص ،67 ،51زاد المعاد )1/299
196
- 52التزاحم على النعش ( .المخلى لبن حزم ) 178 / 5
- 53ترك القتراب من الجنازة ( .الباعث ص . ) 67
- 54ترك إلنصات في الجنازة ( .منه وحاشية ابن عابدين .) 810 / 1هذا النص يشمل رفع الصوت
بالذكر كما في الفقرة بعدها ،وتحدث الناس بعضهم مع بعض ،ونحو ذلك .
192قلت :روي شئ من هذا في بعض الحاديث الضعيفة ،وأقربها إلى هنا حديث جابر :أحسنوا كفن موتاكم فإنهم يتباهون ويتزاورون بها في قبورهم .رواه
الديلمي وفي سنده جماعة لم أعرفهم ،وبنحوه حديثان آخران ذكرهما ابن الجوزي في ( الموضوعات ) وتعقبه السيوطي في ( الللي) ( )2/234بما ل يجدى .
193عليه المامية كما في ( مفتاح الكرامة ) ( . ) 456 - 455 / 1
194وقد شرع ذلك بعضهم قياسا على كتابة ( :ل ) في إبل الزكاة ! ورده في ( التراتيب الدارية ) ( ) 440 / 1نقل عن ( المحتار على الدر المختار ) كذا في
نقل عنه وسقط مني أو الطابع لفظة ( رد ) لن الكتاب باسم ( رد المحتار ) والبحث المذكور في المجلد الول منه ( . ) 848 - 847 / 1
195واستدل لذلك بعض الفقهاء بحديث ( :من حمل جنازة أربعين خطوة كفرت عنه أربعين كبيرة ) نقله في البحر الرائق ( ) 208 - 207 / 2عن ( البدائع ) .
وفي ( شرح المنية ) ( :رواه أبو بكر النجاد ) كما في الحاشية ( ) 833 / 1وهكذا يتناقله بعفهم عن بعض دون أن يشيروا إلى حالة الحديث وهو ل يصح لن
فيه على بن أبي سارة وهو ضعيف وهذا الحديث مما أنكر عليه كما قال الذهبي ولذلك جعلناه من ( موضوعات الجامع الصغير ) ومع هذا فالحديث ل يدل على
هذه البدعة فتنبه .
196ثم روى عن قتادة :شهدت جنازة فيها أبو السوار -هو حريث بن حسان العدوي -فازدحموا على السرير فقال أبو السوار :أترون هؤلء أفضل أو
أصحاب محمد ملى ال عليه وسلم ! كان الرجل منهم إذا رأى محمل حمل ،وإل اعتزل ولم يؤذ أحدا .
124
- 55الجهر بالذكر أو بقراءة القرآن أو البردة أو دلئل الخيرات ونحو ذلك ( .البداع ص ،110
اقتضاء الصراط المستقيم ص ،57العتصام للمام الشاطبي ( 1/372شرح الطريقة المحمدية 114 /1وانظر المسألة . )48
( السنن والمبتدعات للشيخ - 56الذكر خلف الجنازة بالجللة أو البردة أو الدلئل والسماء الحسنى ،
محمد بن أحمد خضر الشقيري ص . ) 67
- 57القول خلفها ( :ال أكبر ال أكبر ،أشهد أن ال يحيي ويميت وهو حي ل يموت ،سبحان
من تعزز بالقدرة والبقاء ،وقهر العباد بالموت والفناء ). 197
- 58الصياح خلف الجنازة بـ (:استغفروا له يغفر ال لكم ) ونحوه (.المدخل ،2/221البداع ص . )113
- 59الصياح بلفظ ( الفاتحة ) عند المرور بقبر أحد الصالحين ،وبمفارق الطرق .
198
- 60قول المشاهد للجنازة ( :الحمد ل الذي لم يجعلني من السواد المخترم )
- 61اعتقاد بعضهم أن الجنازة إذا كانت صالحة تقف عند قبر الولي عند المرور به على
الرغم من حامليها .
- 62القول عند رؤيتها (:هذا ما وعدنا ال ورسوله ،وصدق ال ورسوله ،اللهم زدنا إيمانا
199
وتسليما )
****************************
125
الصلة عليها
- 71الصلة على جنائز المسلمين الذين ماتوا في أقطار الرض صلة الغائب بعد الغروب
من كل يوم ( .الختيارات ،53المدخل ،4/214السنن . )67
- 72الصلة على الغائب مع العلم أنه صلى عليه في موطنه (.انظر المسألة 59فقرة ( السابع ) ) .
- 73قول بعضهم عند الصلة عليها(:سبحان من قهر عباده بالموت ،وسبحان الحي الذي ل
يموت ) ( .السنن والمبتدعات . )66
- 74نزع النعلين عند الصلة عليها ولو لم يكن فيهما نجاسة ظاهرة ثم الوقوف عليهما !
- 75وقوف المام عند وسط الرجل وصدر المرأة ( .انقر المسألة . ) 73
- 76قراءة دعاء الستفتاح ( .انظر التعليق على المسألة 77ص . ) 119
- 77الرغبة عن قراءة الفاتحة وسورة فيها ( .انظر التعليق على المسألة السابقة ص )120
200
- 78الرغبة عن التسليم فيها .
- 79قول البعض عقب الصلة عليها بصوت مرتفع :ما تشهدون فيه ؟ فيقول الحاضرون
كذلك :كان من الصالحين .ونحوه ! ( البداع ،108السنن 66وراجع المسألة 26ص . ) 44
****************************
200هو من متفردات المامية عن سائر المسلمين كما في ( مفتاح الكرامة ) ( ) 483 / 1من كتبهم .
126
الدفن وتوابعه
- 80ذبح الجاموس عند وصول الجنازة إلى المقبرة قبل دفنها وتفريق اللحم على من حضر .
( البداع . ) 114
وضع دم الذبيحة التي ذبحت عند خروج الجنازة من الدار في قبر الميت . - 81
الذكر حول سرير الميت قبل دفنه ( .السنن . ) 67 - 82
الذان عند إدخال الميت في قبره ( .حاشية ابن عابدين ) 837 / 1 - 83
انزال الميت في القير من قبل رأس القبر ( .راجع المسألة 103ص . ) 150 - 84
جعل شئ من تربة الحسين عليه السلم مع الميت عند إنزاله في القبر لنها أمان من كل - 85
201
خوف
فرش الرمل تحت الميت لغير ضرورة ( .المدخل . ) 261 / 3 - 86
جعل الوسادة أو نحوها تحت رأس الميت في القبر .
( منه . ) 260 / 3 - 87
رش ماء الورد على الميت في قبره ( .المدخل . ) 222 / 2 ، 262 / 3 - 88
202
اهالة الحاضرين التراب بظهور الكف مسترجعين ! - 89
قراءة ( :منها خلقناكم ) في الحثوة الولى ،و ( فيها نعيدكم ) في الثانية ،و ( ومنها - 90
نخرجكم تارة أخرى ) في الثالثة ( .راجع المسألة . ) 106
- 91القول في الحثوة الولى :بسم ال ،وفي الثانية :الملك ل ،وفي الثالثة :القدرة ل ،وفي
الرابعة :العزة ل :وفي الخامسة :العفو والغفران ل ،وفي السادسة :الرحمة ل ،ثم يقرأ في
السابعة قوله تعالى ( :كل من عليها فان ) الية .ويقرأ قوله تعالى ( :منها خلقناكم ) الية .
- 92قراءة السبع سور :الفاتحة والمعوذتان والخلص وإذا جاء نصر ال وقل يا أيها
الكافرون وإنا أنزلناه :وهذا الدعاء :اللهم إني أسألك باسمك العظيم ،وأسألك باسمك الذي هو
قوام الدين ،واسألك ....وأسألك .....وأسألك....وأسألك باسمك الذي إذا سئلت به اعطيت وإذا
203
دعيت به أجبت،رب جبرائيل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل....الخ .كل ذلك عند دفن الميت.
- 93قراءة فاتحة الكتاب عند رأس الميت ،وفاتحة البقرة عند رجليه .204
- 94قراءة القرآن عند إهالة التراب على الميت ( المدخل . ) 263 - 262 / 3
- 95تلقين الميت ( .السنن ، 67سبل السلم للصنعاني وانظر المسألة 103ص ) 154
- 96نصب حجرين على قبر المرأة ( .نيل الوطار للشوكاني . ) 73 / 4
- 97الرثاء عقب دفن الميت عند القبر ( .البداع . ) 125 - 124
- 98نقل الميت قبل الدفن أو بعده الى المشاهد الشريفة (.راجع المسألة 106ص . )159
205
127
( المدخل )278 /3 - 99السكن عند الميت بعد دفنه في بيت في التربة أو قربها .
- 100امتناعهم من دخول البيت إذا رجعوا من الدفن حتى يغسلو أطرافهم من أثر الميت (.منه
. ) 276 / 3
- 101وضع الطعام والشراب على القبر ليأخذه الناس .
- 102الصدقة عند القبر ( .القتضاء 183كشف القناع . ) 134 / 2
206
- 103صب الماء على القبر من قبل رأسه ،ثم يدور عليه ،وصب الفاضل على وسطه !
**************************
128
التعزية وملحقاتها
- 104التعزية عند القبور ( .حاشية ابن عابدين . ) 843 / 1
- 105الجتماع في مكان للتعزية ( .زاد المعاد ،1/304سفر السعادة للفيروز ابادي ص ،57إصلح المساجد
عن البدع والعوائد للقاسمي ص ،181 -180وراجع المسألة 110ص . )161
- 106تحديد التعزية بثلثة أيام .
( راجع المسألة 113ص . )165
- 107ترك الفرش التي تجعل في بيت الميت لجلوس من يأتي الى التعزية ،فيتركونها كذلك
حتى تمضى سبعة أيام ثم بعد ذلك يزيلونها ( .المدخل . )280 -279 /3
- 108التعزية بـ ( أعظم ال لك الجر ،وألهمك الصبر ،ورزقنا وإياك الشكر فإن أنفسنا
واموالنا وأهلينا وأولدنا من مواهب ال عز وجل الهنية ،وعواريه المستودعة ،متعك به في
غبطة وسرور وقبضه منك بأجر كبير :الصلة والرحمة والهدى ان احتسبته ،فاصبر ،ول يحبط
جزعك أجرك فتندم ،واعلم أن الجزع ل يرد شيئا ول يدفع حزنا وما هو نازل ،فكأن قد).207
- 109التعزية بـ ( :إن في ال عزاء من كل مصيبة ،وخلفا من كل فائت ،فبال فثقوا ،
واياه فارجوا ،فإنما المحروم من حرم الثواب ).208
- 110اتخاذ الضيافة من الطعام من أهل الميت ( .تلبيس ابليس ،341فتح القدير لبن الهمام ، 473 /1
المدخل ،276 - 275 /3إصلح المساجد ،181وراجع المسألة . )114
(.الخادمي في شرح - 111اتخاذ الضيافة للميت في اليوم الول والسابع والربعين وتمام السنة
الطريق المحمدية ،4 322المدخل . )279 - 278 /3 ،114 /2
- 112اتخاذ الطعام من أهل الميت أول خميس .
- 113إجابة دعوة أهل الميت إلى الطعام (.المام محمد البركوي في ( جلء القلوب . ) ) 77
- 114قولهم :ل يرفع مائدة الطعام الليالي الثلث ال الذي وضعها (.المدخل . )3/276
- 115عمل الزلبية أو شراؤها وشراء ما تؤكل به في اليوم السابع (.المدخل .)3/292
- 116الوصية باتخاذ الطعام والضيافة يوم موته أو بعده ،وباعطاء دراهم معدودة لمن يتلو
القرآن لروحه أو يسبح له أو يهلل ( .الطريقة المحمدية . ) 325 / 4
- 117الوصية بأن يبيت عند قبره رجال أربعين ليلة أو أكثر أو أقل ( .منه . )326 /4
-118وقف الوقاف سيما النقود لتلوة القرآن العظيم أو لن يصلي نوافل أو لن يهلل أو
يصلي على النبي صلى ال عليه وسلم ويهدي ثوابه لروح الواقف أو لروح من زاره(.منه .)4/323
- 119تصدق ولي الميت له قبل مضى الليلة الولى بشئ مما تيسر له فان لم بجد صلى
ركعتين يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وآية الكرسي مرة،وسورة التكاثر عشر مرات فإذا فرغ
قال(:اللهم صليت هذه الصلة وتعلم ما أردت بها ،اللهم ابعث ثوابها إلى قبر فلن الميت ) !.209
207استحسهما في ( شرح الشرعة ) ( ص ) 263 ، 562وغيره .والول روي عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه عزى به معاذ بن جبل في ابنه ،لكنه حديث
موضوع ،والخر روى من تعزية الخضر بوفاته صلى ال عليه وسلم لهل بيته صلى ال عليه وسلم وهو ضعيف كما تقدم التنيه عليهما في التعليق على
المسألة ( 112ص . ) 165
208استحسهما في ( شرح الشرعة ) ( ص ) 263 ، 562وغيره .والول روي عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه عزى به معاذ بن جبل في ابنه ،لكنه حديث
موضوع ،والخر روى من تعزية الخضر بوفاته صلى ال عليه وسلم لهل بيته صلى ال عليه وسلم وهو ضعيف كما تقدم التنيه عليهما في التعليق على
المسألة ( 112ص . ) 165
129
- 120التصدق عن الميت بما كان يحب الميت من الطعمة !
- 121التصدق عن روح الموتى في الشهر الثلثة رجب وشعبان ورمضان.
- 122إسقاط الصلة ( .إصلح المساجد ( ) 283 - 281راجع التعليق ص 174مسألة . ) 113
- 123القراءة للموات وعليهم(.السنن ، )65 -63وانظر ( المسألة 117ص 173والمسألة 122ص . ) 191
- 124السبحة للميت ( .منه . ) 65 ، 11
- 125العتاقة له ( .منه ).210
- 126قراءة القرآن له وختمه عند قبره ( .سفر السعادة ، 57المدخل )267 ،266 /1
- 127الصبحة لجل ،الميت :وهي تبكيرهم إلى قبر ميتهم الذي دفنوه بالمس هم وأقاربهم
ومعارفهم ( .المدخل ،3 278 ،114 -113 /2إصلح المساجد )271 -270
- 128فرش البسط وغيرها في التربة لمن يأتي إلى الصبحة وغيرها (.المدخل )3/278
- 129نصب الخيمة على القبر ( .منه ) .
- 130البيات عند القبر أربعين ليلة أو أقل أو أكثر ( .جلء القلوب . ) 83
- 131تأبين الميت ليلة الربعين أو عند مرور كل سنة المسمى بالتذكار(.البداع )125
- 132حفر القبر قبل الموت استعدادا له ( .انظر المسألة . ) 110
***************************
209ومن الغرائب أن الكتاب الذى نقلت عنه هذه البدعة وهو ( شرح الشرعة ) ( ص ) 568قال ( :والسنة أن يتصدق ولي الميت . . .الخ ) ول أصل لهذا في
السنة قطعا فلعله يعني سنة المشايخ ،كما فسر بهذا بعض المحشين قول أحد الشراح :أن من السنة التلفظ بالنية عند الدخول في الصلة !
210وقال :وحديث ( :من قرأ قل هو ال أحد ألف مرة فقد اشترى نفسه من النار ) موضوع .
130
زيارة القبور
- 133زيارة القبور بعد الموت ثالث يوم ويسمونه الفرق ،وزيارتها على رأس أسبوع ،ثم
في الخامس عشر ،ثم في الربعين ،ويسمونها الطلعات ،ومنهم من يقتصر على الخيرتين .
( نور البيان في الكشف عن بدع آخر الزمان ص . ) 54 - 53
(.والحديث الوارد فيه موضوع كما تقدم قبيل المسألة 121ص . )187 - 134زيارة قبر البوين كل جمعة
- 135قولهم إن الميت إذا لم يخرج إلى زيارته ليلة الجمعة بقي خاطره مكسورا بين الموتي
ويزعمون أنه يراهم إذا خرجوا من سور البلد ( .المدخل . ) 277 / 3
- 136قصد النساء الجامع الموي غلس السبت الى الضحى لزيارة المقام اليحيوي وزعمهم
أن الدأب على هذا العمل أربعين سبتا لما ينوي له ! ( إصلح المساجد ) 230
- 137قصد قبر الشيخ ابن عربي أربعين جمعة بزعم قضاء الحاجة !
- 138زيارة القبور يوم عاشوراء ( .المدخل . ) 290 / 1
- 139زيارتها ليلة النصف من شعبان وايقاد النار عندها (.تلبيس ابليس 429المدخل )1/310
- 140ذهابهم إلى المقابر في يومي العيدين ورجب وشعبان ورمضان (.السنن . )104
- 141زيارتها يوم العيد ( .المدخل ، 286 / 1البداع ، 135السنن . ) 71
- 142زيارتها بوم الثنين والخميس .
-143وقوف بعض الزائرين قليل بغاية الخشوع عند الباب كأنهم بستأذنون!ثم يدخلون(البداع )99
- 144الوقوف أمام القبر واضعا يديه كالمصلي ثم يجلس ( .منه ) .
- 145التيمم لزيارة القبر .
- 146صلة ركعتين عند الزيارة يقرأ في كل ركعة الفاتحة وآية الكرسي مرة ،وسورة
211
الخلص ثلثا ،ويجعل ثوابها للميت !
- 147قراءة الفاتحة للموتى ( .تفسير المنار . ) 268 / 8
212
- 148قراءة ( يس ) على المقابر
- 149قراءة { قل هو ال أحد} إحدى عشرة مرة (.حديثها موضوع كما مر في آخر المسألة 122ص ) 193
213
-150الدعاء بقوله:اللهم إني أسألك بحرمة محمد صلى ال عليه وسلم!أن لتعذب هذا الميت
- 151السلم عليها بلفظ ( :عليكم السلم ) بتقديم ( عليكم ) على ( السلم ) ( والسنة عكس ذلك كما
214
في جميع الحاديث الواردة في الباب وقد تقدمت في المسألة ) 121
211ذكره في ( شرح الشرعة ) ( ص ) 570بقوله ( :والسنة في الزيارة أن يبدأ فيتوضأ ويصلي ركعيتن يقرأ في كل ركعة . . .الخ ) ! وليس في السنة شئ
من هذا بل فيها تحريم قصد الصلة عند القبور كما سبق ،وانظر ما علقناه قريبا .
212وحديث ( :من دخل المقابر فقرأ سورة ( يس ) خفف ال عنهم وكان لهم بعدد من فيما حسنات ) ل أصل في شئ من كتب السنة ،والسيوطي لما أورده في
( شرح الصدور ) ( ص ) 130لم يزد في تخريجه على قوله ( :أخرجه عبد العزيز صاحب الخلل بسنده عن أنس ) ! ثم وقفت على سنده فإذا هو إسناد هالك
كما حققته في ( الحاديث الضعيفة ) ( . ) 1291
213أورده البركوي في ( أحوال أطفال المسلمين ) ( ص ) 229فقال ( :وفي الخبر :من زار قبر مؤمن وقال :اللهم اني أسألك . . .الخ رفع ال عنه العذاب
إلى يوم ينفخ في الصور ) ! وهذا حديث باطل ل أصل له في شئ من كتب السنة ول أدري كيف استجاز البركوي رحمه ال نقله دون عزوه لحد من المحدثين
مع ما فيه من التوسل المبتدع والمحرم والمكروه تحريما عنده كما قرر ذلك في رسالته المذكورة ( ص . ) 352
214وشبهة القائل بهذه البدعة ومنهم شارح ( الشرعة ) ( ص ) 750حديث جابر بن سليم قال :لقيت رسول ال صلى ال عليه وسلم . . .فقلت عليك السلم ،
فقال :عليك السلم تحية الميت ! . .الحديث .أخرجه أبو داود ( ) 179 / 2والترمذي ( 120 / 2طبع بولق ) والحاكم ( ) 186 / 4وصححه ووافقة الذهبي
وهو كما قال .قال الخطابي :
131
-152القراءة على مقابر أهل الكتاب {:زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا ،قل:بلى وربي لتبعثن} .
215
الية
- 153الوعظ على المنابر والكراسي في المقابر في الليالي المقمرة
(.المدخل . )1/268
216
- 154الصياح بالتهليل بين القبور
217
- 155تسمية من يزور بعض القبور حاجا !
- 156إرسال السلم إلى النبياء عليهم السلم بواسطة من يزورهم !
- 157انصراف النساء يوم الجمعة لمزارات في الصالحية (بدمشق) وشاركهن في لك الرجال
على طبقاتهم ( .إصلح المساجد . )231
- 158زيارة آثار النبياء التي بالشام مثل مغارة الخليل عليه السلم ،والثار الثلثة التي بجبل
قاسيون في غربي الربوة ( .تفسير الخلص . ) 169
- 159زيارة قبر الجندي المجهول أو الشهيد المجهول !
- 160أهداء ثواب العبادات كالصلة وقراءة القرآن إلى أموات المسلمين(.راجع التعليق على المسألة
117ص . )173
- 161إهداء ثواب العمال إليه صلى ال عليه وسلم (.القاعدة الجليلة ،32،111الختيارات العلمية ، 54
شرح عقيدة الطحاوي ( ) 387 -386تفسير المنار . ) 308 - 304 ،270 ،254 ،249 /8
- 162إعطاء أجرة لمن يقرأ القرآن ويهديه للميت .
( فتاوى شيخ السلم ) 354
- 163قول القائل :إن الدعاء يستجاب عند قبور النبياء والصالحين ( الفتاوى ) .
- 164قصد القبر للدعاء عنده رجاء الجابة ( .الختيارات العلمية ) 50
- 165تغشية قبور النبياء والصالحين وغيرهم (.منه ،55المدخل (،3/278البداع )96-95
218
- 166اعتقاد بعضهم أن القبر الصالح إذا كان في قرية أنهم ببركته يرزقون وينصرون ،
ويقولون :إنه خفير البلد ،كما يقولون :السيدة نفيسة خفيرة القاهرة ،والشيخ رسلن خفير
دمشق وفلن وفلن خفراء بغداد وغيرها ( .الرد على الخنائي ) 82
- 167اعتقادهم في كثير من أضرحة الولياء اختصاصات كاختصاصات الطباء ،فمنهم من
ينفع في مرض العيون ،ومنهم من يشفي من مرض الحمى (..البداع .) 266
- 168قول بعضهم :قبر معروف الترياق المجرب ( ،الرد على البكري )233 -232
- 169قول بعض الشيوخ لمريده :إذا كانت لك إلى ال حاجة فاستغث بي أو قال :استغث
عند قبري ( .منه )
( وإنما قال ذلك القول منه إشارة إلى ما جرت به العادة منهم في تحية الموات -يعني في الجاهلية - -إذ كانوا يقدمون اسم الميت على الدعاء وهو مذكور في
أشعارهم كقول الشاعر
ورحمته ما شاء أن يترحما عليك سلم ال قيس بن عاصم
فالسنة ل تختلف في تحية الحياه والموأت .وأيده ابن القيم في ( التهذيب ) وعلي القارئ في ( المرقاة ) ( 406 / 2و ) 479فراجعهما .
215استحبه في ( شرح الشرعة ) ( ص ) 568ول أصل له في السنة ،بل فيها خلفه فراجع ( المسألة ) 125
216لقد رأيت ذلك من أحدهم غير مرة يقف صباح كل يوم قبيل طلوع الشمس قائما على قبر .فجمع بين محرم وبدعة ! !
217قال شيخ السلم في ( الختيارات ) ( ( : ) 181ويعزر من يسمي من زار القبور والمشاهد حاجا إل أن يسمى حاجا بقيد كحاج الكفار والضالين ،ومن
سمى زيارة ذلك حجا أو جعل له مناسك فانه ضال مضل وليس لحد أن يفعل في ذلك ما هو من خصائص حج البيت ) .
218وفي حاشية عابدين ( ) 839 / 1ان ذلك مكروه .يعني كراهة تحريم .
132
- 170تقديس ما حول قبر الولي من شجر وحجر واعتقاد أن من قطع شيئا من ذلك يصاب
بأذى .
-171قول بعضهم:من قرأ آية الكرسي واستقبل جهة الشيخ عبد القادر الكيلني وسلم عليه
سبع مرات يخطو مع كل تسليمة خطوة إلى قبره قضيت حاجته !( الفتاوى )309 /4
- 172رش الماء على قبر الزوجة المتوفاة عن زوجها الذي تزوج بعدها زاعمين أن ذلك
يطفئ حرارة الغيرة ! ( البداع . ) 265
-173السفر إلى زيارة قبور النبياء والصالحين(.الفتاوى ،1/118،122،4/315مجموعة الرسائل الكبرى
، 3952الرد على البكري 233البداع ،)101-100الرد على الخنائي ( .45،123،124،124،219،384وراجع المسألة /128
. )11
- 174الضرب بالطبل والبواق والمزامير والرقص عند قبر الخليل عليه السلم تقربا إلى ال
( .المدخل . ) 246 / 4
-زيارة الخليل عليه السلم من داخل البناء .
( منه . ) 245 / 4 175
-بناء الدور في القبور والسكن فيها ( .منه . ) 252 - 251 / 1 176
-جعل الرخام أو ألواحا من الخشب عليها ( .منه )273 ،272 /3 177
-جعل الدرابزين على القبر ( .منه . ) 272 / 3 178
-تزيين القبر ( .شرح الطريقة المحمدية . )115 ،114 /1 179
-حمل المصحف إلى المقبرة والقراءة منه على الميت( .تفسير المنار عن أحمد )8/267 180
-جعل المصاحف عند القبور لمن يقصد قراءة القرآن هناك (.الفتاوى ،1/174الختيارات . )53 181
-تخليق حيطان القبر وعمده ( .الباعث لبي شامة . )14 182
-تقديم عرائض الشكاوى وإلقاوها داخل الضريح زاعمين أن صاحب الضريح يفصل فيها 183
( البداع ،98القاعدة الجليلة . )14
ربط الخرق على نوافذ قبور الولياء ليذكروهم ويفضوا حاجتهم . - 184
دق زوار الولياء توابيتهم وتعلقهم بها ( .البداع . ) 100 - 185
القاء المناديل والثياب على القبر بقصد التبرك ( .المدخل . ) 263 / 1 - 186
امتطاء بعض النسوة على أحد القبور واحتكاكها بفرجها عليه لتحبل ! - 187
استلم القبر وتقبيله (.القتضاء ، 176العتصام ،134،140 /2إغاثة اللهفان لبن القيم ، 194 /1 - 188
219
البركوى في أطفال المسلمين ، 234الباعث ،70البداع ) 90
-إلصاق البطن والظهر بجدار القبر .
( الباعث . ) 70 189
-إلصاق بدنه أو شئ من بدنه بالقبر،أو بما يجاور القبر من عود ونحوه (.الفتاوى . )310 /4 190
-تعفير الخدود عليها ( .الغاثة ) 198 - 194 / 1 191
-الطواف بقبور النبياء والصالحين ( .مجموعة الرسائل الكبرى ، 2/372البداع ) 90 192
219وقد أنكر ذلك الغزالي في ( الحياء ) ( ) 244 / 1وقال ( :انه عادة النصارى واليهود ) .وراجع المسألة ( 124ص . ) 195
133
- 193التعريف عند القبر ،وهو قصد قبر بعض من يحسن به الظن يوم عرفة والجتماع
العظيم عند قبره كما في عرفات ( .القتضاء . ) 148
- 194الذبح والتضحية عنده ( .منه ، 182الختيارات ، 53نور البيان . ) 72
- 195تحري استقبال الجهة التي يكون فيها الرجل الصالح وقت الدعاء ( .القتضاء 175الرد على
البكري . ) 266
- 196المتناع من استدبار الجهة التي فيها بعض الصالحين
( منه )
(القاعدة الجليلة 127-126 ،17
220
- 197قصد قبور النبياء والصالحين للدعاء عندهم رجاء الجابة
الرد على البكري )57-27الرد على الخنائي 24الختيارات العلمية 50الغاثة ) 217 - 202 -2011
- 198قصدها للصلة عندها .
( الرد على الخنائي ، 124القتضاء ) 139
- 199قصدها للصلة إليها(.الرد على البكري 71القاعدة الجليلة ،126-125الغاثة 198-1/194الخادمي على
الطريقة . )4/322
- 200قصدها للذكر والقراءة والصيام والذبح .
( القتضاء )181،154
-201التوسل إلى ال تعالى بالمقبور ( .الغاثة ،217 ،202 -201 /1السنن )10
- 202القسام به على ال ( .تفسير سورة الخلص لبن تيمية ) 174
( القاعدة - 203أن يقال للميت أو الغائب من النبياء والصالحين :ادع ال أو أسأل ال تعالى
، 124زيارة القبور له ، 109 ، 108الرد على البكري . ) 57
( القاعدة - 204الستغاثة بالميت منهم كقولهم :يا سيدي فلن أغثني أو انصرني على عدوي
،124 ،17 ،14الرد على البكري ،144 ،56 ،38 ،31 -30السنن ) 124
- 205اعتقاد أن الميت يتصرف في المور دون ال تعالى !
( السنن . ) 118
- 206العكوف عند القبر والمجاورة عنده ( .القتضاء . )210 ،183
-207الخروج من زيارة المقابر التي يعظمونها على القهقرى ! ( المدخل ،4/238السنن )69
- 208قول بعض المدروشين الوافدين إلى المدن لخصوص زيارة قبور من بها من الولياء
والموات عند إرادة الوبة إلى بلدهم :الفاتحة لجميع سكان هذه البلدة سيدي فلن وسيدي فلن
،ويسميهم ويتوجه إليهم ويشير ويمسح وجهه ! ( منه . ) 69
- 209قولهم :السلم عليك يا ولي ال ،الفاتحة زيادة في شرف النبي صلى ال عليه وسلم
والربعة القطاب والنجاب والوتاد وحملة الكتاب والغواث ! وأصحاب السلسلة وأصحاب
التعريف والمدركين بالكون وسائر أولياء ال على العموم كافة جمعا يا حي يا قيوم ،ويقرأ
الفاتحة ويمسح وجهه بيديه وينصرف بظهره! ( منه ) .
- 210رفع القبر والبناء عليه ( .القتضاء 63تفسير سورة الخلص 170سفر السعادة . 57شرح الصدور
للشوكاني 66شرح الطريقة المحمدية . )115 ،1/114
- 211التوصية بأن يبنى على قبره بناء .
( الخادمي على الطريقة المحمدية . )4/326
- 212تجصيص القبور ( .الغاثة ، 198 - 196 / 1الخادمي على الطريقة ) 4/324
220قال في ( الغاثة ) ( ) 218 / 1وغيرها ( :والحكاية المنقولة عن الشافعي :أنه كان يقصد الدعاء عند قبر أبي حنيفة من الكذب الظاهر ) .وقال شيخ
السلم في الفتاوى ( ( : ) 318 ، 311 ، 310 / 4ويقرب من ذلك تحري الصلة والدعاء قبلي شرقي جامع دمشق عند الموضع الذي يقال أنه قبر هود ،
والذي عليه العلماء أنه قبر معاوية بن أبي سفيان .أو عند المثال الخشب الذى تحته رأس يحيي بن زكريا ) .
134
-213نقش اسم الميت وتاريخ موته على القبر (.المدخل ،272 /3الذهبي في تلخيص المستدرك ،الغاثة (/1
، )196 198الخادمي على الطريقة ،4/322البداع ، 95المسألة 128فقرة . ) 6 -1
(تفسير سورة الخلص ،192القتضاء ،158 ،6الرد - 214بناء المساجد والمشاهد على القبور والثار .
على البكري ، 233البداع . ) 99
(.البداع ،9الفتاوى ،4/311 ،178 ،2/186القتضاء - 215اتخاذ المقابر مساجد بالصلة عليها وعندها
،52راجع المسألة 128فقرة 8و . ) 9
عليه(.إصلح المساجد ،181المسألة 128فقرة )9 -216دفن الميت في المسجد ،أو بناء مسجد
- 217استقبال القبر في الصلة مع استدبار الكعبة ! ( القتضاء . ) 218
- 218اتخاذ القبور عيدا(.منه ،148الغاثة ،193 -1/190البداع 90-85وراجع الفقرة 10من المسألة . ) 128
- 219تعليق قنديل على القبر ليأتوه فيزورونه ( .المدخل ، 278 ، 273 / 3الغاثة ، 198 - 194
الطريقة المحمدية ، 236 / 4البداع ، 88المسألة المشار إليها آنفا فقرة (( ل )) )
نذر الزيت والشمع لسراج قبر أو جبل أو شجرة (.الصلح 233-232والقتضاء . ) 151 - 220
- 221قصد أهل المدينة زيارة القبر النبوي كلما دخلوا المسجد أو خرجوا منه (.الرد على
221
الخنائي ،151،156،217،218-24،150الشفافي حقوق المصطفى للقاضي عياض (، )2/79المسألة المتقدمة فقرة )10
- 222السفر لزيارة قبره صلى ال عليه وسلم .
( انظر البدعة رقم )172العلمة
- 223زيارته صلى ال عليه وسلم في شهر رجب .
- 224التوجه إلى جهة القبر الشريف عند دخول المسجد والقيام فيه بعيدا عن القبر بغاية
222
( انظر البدعة ) 194 الخشوع واضعا يمينه على يساره كأنه في الصلة !
- 225سؤاله صلى ال عليه وسلم الستغفار وقراءة آية {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم}الية ( .الرد
على الخنائي ،216 ،165 ،164السنن . ) 68
التوسل به صلى ال عليه وسلم .
أنظر البدع 203 - 200 - 226
القسام به على ال تعالى . - 227
الستغاثة به من دون ال تعالى . - 228
( البداع في مضار قطعهم شعورهم ورميها في القنديل الكبير القريب من التربة النبوية . - 229
البتداع ، 166الباعث . ) 70
- 230التمسح بالقبر الشريف .
( المدخل 263 / 1السنن ، 69البداع . ) 166
- 231تقبيله ( .منهما ) .
- 232الطواف به ( مجموعة الرسائل الكبرى ،2/10،13المدخل ،1/263البداع ، 166السنن ، 69الباعث )22370
- 233إلصاق البطن والظهر بجدار القبر الشريف ( .البداع ،166الباعث . ) 70
- 234وضع اليد على شباك حجرة القبر الشريف وحلف أحدهم بذلك بقوله :وحق الذي
وضعت يدك على شباكه وقلت :الشفاعة يا رسول ال !
221وقد كره مالك ذلك فقال ( :لم يبلغني عن أول هذه المة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك ،ويكره إل لمن جاء من سفر أو أراده ) .كذا نقله القاضي عيض .
222وقد رأيت ذلك سنة 68فقف شعري لكثرة من يفعل ذلك سيما من الغرباء .
223ونقل عن ابن الصلح أنه قال ( :ول يجوز أن يطاف بالقبر الشريف ) .
135
( القاعدة الجليلة 125الرد على - 235أطالة القيام عند القبر النبوي للدعاء لنفسه مستقبل ،الحجرة .
البكري ،282 ،232 ،125مجموعة الرسائل الكبرى . ) 391 /2
والمنبر (.الباعث 70 - 236تقربهم إلى ال بأكل التمر الصيحاني في الروضة الشريفة بين القبر
البداع . ) 166
( مجموعة - 237الجتماع عند قبر النبي صلى ال عليه وسلم لقراءة ختمة وإنشاد قصائد .
الرسائل الكبرى . ) 398 / 2
- 238الستسقاء بالكشف عن قبر النبي صلى ال عليه وسلم أو غيره من النبياء والصالحين
( 224.الرد على البكري . ) 29
- 239إرسال الرقاع فيها الحوائج إلى النبي صلى ال عليه وسلم .
- 240قول بعضهم :انه ينبغي أن ل يذكر حوائجه ومغفرة ذنوبه بلسانه عند زيارة قبره
225
صلى ال عليه وسلم لنه أعلم منه بحوائجه ومصالحه !
-241قوله:ل فرق بين موته صلى ال عليه وسلم وحياته في مشاهدته لمته ومعرفته بأحوالهم
226
ونياتهم وتحسراتهم وخواطرهم !
وهذا آخر ما تيسر جمعه من بدع الجنائز ،وبه يتم الكتاب ،والحمد ل على توفيقه وأسأله
تعالى المزيد من فضله .وأن يرزقني محبة لقائه عند مفارقة هذه الدنيا الفانية إلى الدار البدية
الخالدة ( ،مع الذين أنعم عليهم من النبين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) .
***********************
خاتمة الطبع
جرت المباشرة بطبعه عام 1385ولكن قدر ال تبارك وتعالى توقف الطبع في إحدى مطابع
المكتب السلمي مدة ثلث سنوات وانتهي طبعه في رمضان سنة ، 1388فالحمد ل الذي
بنعمته تتم الصالحات .
224قلت :وأما ما روى أبو الجوزاء أوس بن عبد ال قال :قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلى عائشة فقالت :أنظروا قبر النبي صلى ال عليه وسلم
فاجعلوا منه كوة إلى السماء حتى ل يكون بينه وبين السماء سقف ،قال :ففعلوا فمطرنا مطرا حتى نبت العشب ،وسمنت البل حتى تفتقت من الشحم فسمي
عام الفتق ) فل يصح ،أخرجه الدارمي في سننه ( ) 44 - 43 / 1وفيه أبو النعمان وهو محمد بن الفضل المعروف بعارم وقد كان اختلط في آخر عمره كما
قال العقيلي وغيره من أهل الحديث .وقال شيخ السلم في الرد على البكري ( ص ( : ) 68وما روي عن عائشة رضي ال عنها من فتح الكوة من قبره إلى
السماء لينزل المطر فليس بصحيح ول يثبت إسناده .قال :ومما يبين كذب هذا أنه في مدة حياة عائشة لم يكن للبيت كوة بل كان بعضه باقيا كما كان على عهد
النبي صلى ال عليه وسلم بعضه مسقوف وبعضه مكشوف وكانت الشمس تنزل فيه كما ثبت في الصحيحين عنها أن النبي صلى ال عليه وسلم كان يصلي
العصر والشمس في حجرتها لم يظهر الفيء بعد ) .
225ومما يوسف له أن هذه البدعة واللتين بعدها قد نقلتها من ( كتاب المدخل ) لبن الحاج ( ) 264 ، 259 / 1حيث أوردها مسلما بها كأنها من المور
المنصوص عليها في الشريعة ! وله من هذا النحو أمثلة كثيرة سبق بعضها دون التنبيه على أنها منه ،وسنذكر قسما كبيرا منها في الكتاب الخاص بالبدع إن
شاء ال تعالى ،وقد تعجب من ذلك لما عرف أن كتابه هذا مصدر عظيم في التنصيص على مفردات البدع وهذا الفصل الذي ختمت به الكتاب شاهد عدل على
ذلك ،ولكنك إذا علمت أنه كان في علمه مقلدا لغيره ،ومتأثرا إلى حد كبير بمذاهب الصوفية وخزعبلتها يزول عنك العجب وتزداد يقينا على صحة قول مالك
( :ما منا من أحد إل رد ورد عليه الصاحب هذا القبر ) ،صلى ال عليه وسلم .
226قال شيخ السلم في ( الرد على البكري ) ( ص ( ، ) 31ومنهم من يظن أن الرسول أو الشيخ يعلم ذنوبه وحوائجه وإن لم يذكرها وأنه يقدر على غفرانها
وقضاء حوائجه ويقدر على ما يقدر ال ،ويعلم ما يعلم ال ،وهؤلء قد رأيتهم وسمعت هذا منهم وعنهم شيوخ يقتدى بهم ،ومفتين وقضاة ومدرسين ! ) وال
المستعان ،ول حول ول قوة إل بال .
136
وإياه تعالى أسأل ،أن يكتب السداد والتوفيق لهذا المكتب وصاحبه الستاذ الفاضل الخ زهير
الشاويش ،وأن ييسر له الستمرار في طبع الكتب النافعة من تراث سلفنا الصالح ،وما جرى
مجراها ،إنه سميع مجيب.
137