You are on page 1of 137

‫أحكام الجنائز‬

‫وبدعها‬
‫محمد ناصر الدين اللباني‬

‫‪1‬‬
‫بسم الله الرحمن الر حيم‬
‫إن الحمد ل ‪ ،‬نحمده ونستعينه ‪ ،‬ونستغفره ‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا ‪ ،‬وسيئات أعمالنا ‪،‬‬
‫من يهده ال فل مضل له ‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له ‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‬
‫وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ‪ {.‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال حق تقاته ول تموتن إل وأنتم‬
‫مسلمون } ‪ {،‬يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما‬
‫رجال كثيرا ونساء واتقوا ال الذي تساء لون به والرحام إن ال كان عليكم رقيبا}‪ {،‬يا أيها‬
‫الذين آمنوا اتقوا ال وقولوا قول سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع ال‬
‫ورسوله فقد فاز فوزا عظيما }‪.‬‬
‫أما بعـــد ‪ ،‬فان أصدق الحديث كتاب ال ‪ ،‬وأحسن الهدي هدي محمد ‪ ،‬وشر المور‬
‫محدثاتها ‪ ،‬وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضللة ‪ ،‬وكل ضللة في النار ‪.‬‬
‫وقد قال ال عزوجل‪ {:‬تبارك الذي بيده الملك وهوعلى كل شئ قدير‪،‬الذي خلق الموت والحياة‬
‫ليبلوكم أيكم أحسن عمل وهو العزيز الغفور}‪.) 2 (.‬وقال‪{:‬كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر‬
‫والخير فتنة وإلينا ترجعون } ( ‪. ) 3‬‬
‫وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬مالي وللدنيا؟ما أنا في الدنيا إل كراكب استظل تحت‬
‫شجرة‪،‬ثم راح وتركها "‪.1‬‬
‫ثم إنه " لما كان هديه صلى ال عليه وسلم في الجنائز خير الهدي مخالفا لهدي سائر المم ‪،‬‬
‫مشتمل على الحسان لسيت ‪ ،‬ومعاملته بما ينفعه في قبره ‪ ،‬ويوم معاده‪،‬وعلى الحسان إلى أهله‬
‫وأقاربه ‪،‬وعلى إقامة عبودية الحي ‪ ،‬فيها يعامل به ‪ ،‬الميت ‪،‬وكان من هديه في لجنائز ‪ ،‬إقامة‬
‫العبودية للرب تبارك وتعالي على أكمل الحوال والحسان إلى الميت ‪ ،‬وتجهيزه إلى ال على‬
‫أحسن أحواله وأفضلها ‪،‬ووقوفه ‪ ،‬ووقوف أصحابه صفوفا يحمدون ال ‪،‬ويستغفرون له ويسألونه‬
‫المغفرة والرحمة ‪،‬والتجاوز عنه‪،‬ثم المشي بين يديه إلى أن يودعه حفرته ‪،‬ثم يقوم هو وأصحابه‬
‫بين يديه على قبره ‪،‬سائلين له التثبيت أحوج ما كان إليه ‪ .‬ثم يتعاهده بالزيارة إلى قبره‪ ،‬والسلم‬
‫عليه‪ ،‬والدعاء له ‪،‬كما يتعاهد الحي صاحبه في دارلدنيا‪.‬‬
‫فأول ذلك‪ ،‬تعاهده في مرضه وتذكيره الخرة ‪،‬وأمرهبالوصية والتوبة ‪،‬وأمر من حضره‬
‫بتلقينه شهادة أن ل إله إل ال لتكون آخر كلمه ‪.‬‬
‫ثم النهي عن عادة المم التي ل تؤمن بالبعث والنشور‪،‬من لطم الخدود ‪ ،‬وشق الثياب‪،‬وحلق‬
‫الرؤوس‪،‬ورفع الصوت بالندب والنياحة وتوابع ذلك ‪ .‬وسن الخشوع للميت‪،‬والبكاء الذي ل‬
‫صوت معه‪،‬وحزن القلب‪،‬وكان يفعل ذلك ‪ ،‬ويقول‪":‬تدمع العين‪ ،‬ويحزن القلب‪،‬ول نقول إل ما‬
‫يرضي الرب "‪.‬‬
‫وسن لمته الحمد والسترجاع ‪ ،‬والرضى عن ال ‪ ،‬ولم يكن ذلك منافيا لدمع العين ‪،‬وحزن‬
‫القلب ‪ ،‬ولذلك كان أرضى الخلق في قضائه وأعظمم له حمدا ‪ ،‬وبكى مع ذلك يوم مات ابنه‬

‫‪ -1‬حديث صحيح ‪ ،‬وهو مخرج في " تخريج فقه السيرة للغزالي " (ص ‪ 478‬الطبعة الرابعة )‪،‬وفي " الحاديث الصحيحة " ( رقم ‪) 438‬‬
‫ولذلك أوردته في كتابي " صحيح الجامع الصغير وزيادته " يسر ال تعالى إتمامه بمنه وفضله ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫إبراهيم ‪ ،‬رأفة منه ورحمة للولد ‪ ،‬ورقة عليه ‪ ،‬والقلب ممتلى باالرضى عن ال عزوجل وشكره‬
‫‪ ،‬واللسان مشتغل بذكره وحمده "‪.2‬‬
‫ولما كان كثير من الناس اليوم بعيدين كل البعد عن ‪ -‬هديه ال صلى ال عليه وسلم في العبادات‬
‫كلها ‪ ،‬ومنها (( الجنائز )) بسبب انصرافهم عن دراسة العلم ‪،‬ول سيما علم الحديث والسنة ‪،‬‬
‫وانكبابهم على العلوم المادية ‪ ،‬والعمل لجمع المال ‪ ،‬فقد طلب مني بعض العزاء بمناسبة وفاة‬
‫إحدى قريباته يوم الجمعة الواقع في ‪ 11‬ربيع الخر سنة ‪1373‬هـأن أضع رسالة مختصرة في‬
‫" آداب الجنائز في السلم " ‪ ،‬ليقوم هو أو غيره بطبعها وتوزيعها على المجتعين للتعزية في‬
‫أيامها المعتادة عند هم ‪ ،‬مغتنما فرصة اجتماعهم لتعريفهم بسنة نبهيم حتى يستنوا بها ‪ ،‬ويهتدوا‬
‫بهديها ويستنيروا بنورها ‪ .‬ومع أنني كنت قد باشرت تأليف بعض المصنفات الخرى ‪ ،‬فقد‬
‫وعدته خيرا ‪ ،‬لما في ذلك من التعاون على إحياء السنة ‪،‬وإماتة البدعة‪،‬فسارعت إلى تحقيق‬
‫رغبته‪،‬جاز طلبته ‪.‬ولكني ما كدت أشرع في ذلك ‪،‬حتى تبين لي أن المر أبعد من أن يتحقق‬
‫بتلك السرعة‪،‬وأوسع من أن يجمع في رسالة توزع على الناس في مثل تلك المناسبة ‪ ،‬ذلك لن‬
‫آداب الجنائز وأحكامها كثيرة جدا ‪ ،‬وقسم كبير منها مما اختلفت فيه أقوال العلماء ‪ ،‬وتضاربت‬
‫حوله الراء ‪ ،‬فمنهم من يحرم شيئا ‪ ،‬والخر يبيحه ‪ ،‬ومنهم من يوجب شيئا ‪ ،‬والخر ل يجيزه‬
‫‪ ،‬ومنهم من يراه سنة ‪ ،‬وآخر يراه بدعة ‪ ،‬وهكذا ‪ ........‬كما هو الشأن في كثير من المسائل‬
‫الخرى ‪ ،‬في أكثر أبواب الشريعة ‪ ،‬مصداقا لقول ال تعالى { ول يزالون مختلفين إل من رحم‬
‫ربك } ‪.‬‬
‫لذلك كان لبد قبل كل شئ من جمع مفردات مسائل ((الجنائز )) ثم دراستها دراسة دقيقة ‪،‬‬
‫وتتبع أدلة المختلف عليه منها ‪ ،‬ونقدها على ضوء علمي(( أصول الحديث)) و(( أصول الفقه)) ‪،‬‬
‫واختيار الراجح منها ‪ ،‬دون أي تحيز لمذهب معين ‪،‬أو تأثر بعادة سيطرت حتى صارت كأنها‬
‫دين يجب أن يتبع !‬
‫ومما ل يخفى على أهل العلم الذين مارسوا التأليف أن تحقيق مثل هذا العمل ‪ ،‬يتطلب سعيا‬
‫حثيثا ‪ ،‬وجهدا بليغا وصبرا جميل وزمنا مديدا ‪ ،‬وبعد إنجازه يمكن تأليف الرسالة المطلوبة‬
‫بصورة تطمئن إليها النفس وينشرح لها الصدر ‪ ،‬ويعظم بها النفع ‪.‬‬
‫لذلك فقد ذكرت للخ المشار إليه خلصة هذا معتذرا ‪ ،‬فقبل عذري جزاء ال خيرا ‪،‬ولكنه عاد‬
‫يطلب مني الشروع في هذا العمل ‪ ،‬وحضني عليه ‪ ،‬وبالغ فيه راجيا منه خيرا كثيرا ‪.‬‬
‫فاستخرت ال تعالى ‪ ،‬وانكببت على الدراسة ‪ ،‬والمراجعة ‪ ،‬قرابة ثلثة أشهر ‪ ،‬أعمل فيها ليل‬
‫نهارا ‪ ،‬إل ما لبد منه من العمل في مهنتي ‪ ،‬والنوم الذي ل غنى عنه لراحة جسمي ‪ ،‬حتى‬
‫تمكنت من إعداد هذا الكتاب الذي بين يدي القارئ الكريم ‪ .‬ولقد كان يتطلب من الوقت أكثر مما‬
‫قدر له ‪ ،‬لول أن قسما كبيرا من مسائله وأحاديثه قد كان محققا عندي في بعض تصانيفي‪،‬ولذلك‬
‫تراني أحيل عليها في بعض المواطن منه ‪.‬‬

‫‪ 2‬من كلم ابن القيم رحمه ال في " الفصل الول من الجنائز " من " زاد المعاد " ( ‪ ) 197 / 1‬وتمامه ‪ " :‬ولما ضاق هذا المشهد ‪ ،‬والجمع‬
‫بين المرين على بعض العارفين ‪ ،‬يوم مات ولده ‪ ،‬جعل يضحك ! فقيل له ‪ ،‬أتضحك في هذه الحالة ؟ ! فقال ‪ :‬ان ال تعالى قضى‬
‫بقضاء ‪ ،‬فأحببت أن أرضى بقضائه ‪ .‬فأشكل هذا على جماعة من أهل العلم ‪ ،‬فقالوا كيف يبكى رسول ال صلى ال عليه وسلم يوم مات‬
‫إبنه إبراهيم ‪ ،‬وهو أرضي الحلق عن ال ‪ ،‬ويبلغ الرضى بهذا العارف إلى أن يضحك ! فسمعت شيخ السلم ابن تيمية يقول ‪ :‬هدي نبينا‬
‫صلى ال عليه وسلم كان أكمل من هدي هذا العارف ‪ ،‬أعطى العبودية حقها ‪ ،‬فاتسع قلبه للرضى عن ال ورحمة الولد والرقة عليه ‪ ،‬فحمد‬
‫ال ورضي عنه في قضائه ‪ ،‬وبكى رحمة ورأفة ‪ ،‬فحملته الرأفة على البكاء ‪ ،‬وعبوديته ال ‪ ،‬ومحبته ال الرضى والحمد ‪ .‬وهذا العارف‬
‫ضاق قلبه عن اجتماع المرين ولم يتسع باطنه لشهودهما ‪ ،‬والقيام بهما ‪ ،‬فشغلته عبودية الرضى عن عبودية الرحمة والرأفة " ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ولقد حاولت أن أستقصي فيه كل ما له علقة بموضوعه من المسائل التي لها دليل من الكتاب‬
‫والسنة‪،‬وأعرضت مما كان مستنده مجرد الرأي‪ ،‬لن الموضوع تعبدي محضى‪،‬ل مجال للقياس‬
‫تذكر عادة في " باب الجنازة " من عامة كتب الفقه ‪ ،‬مثل الوصية ‪ ،‬وعلمات حسن ( خاتمة ‪،‬‬
‫فيه ‪ ،‬إل ما ل بد منه من القياس الجلي ‪ .‬وأوردت في أوله بعض الفصول والمسائل التي ل‬
‫ونحو ذلك ‪ ،‬وبعضه قد ل يذكر فيها أصل ‪ ،‬مثل الفصل ( ‪ 5‬و ‪ 8‬و ‪ ، ) 9‬والمسألة ( ‪ ، ) 30‬والفقرة‬
‫( ج ود ) من المسألة ( ‪ ) 74‬والمسألة ( ‪ 98‬و ‪ 99 105‬و ‪ 107‬و ‪ 113‬و ‪ ) 125‬والفقرة ( ‪ ) 7‬من مسألة (‬
‫‪ ) 128‬مع أهميتها وكثرة ابتلء الناس بها ‪ ،‬وتواتر الحاديث فيها ‪ ،‬والفقرة ( ‪ ) 10‬منها ‪.‬‬
‫واستوحيت ترتيبه من الواقع ‪ ،‬فافتتحته بفصل ‪:‬‬
‫(‪- 1‬ما يجب على المريض ) من الرضى بالقضاء والصبر على القدر وترك تمني الموت وأداء‬
‫الحقوق ‪ .‬والوصية والشهاد عليها ‪. . .‬‬
‫ثم ‪- 2( :‬تلقين المحتضر ) وما على من حضره من التلقين وأمره بالشهادة ‪.‬‬
‫ثم (‪-3‬ما على الحاضرين بعد موته ) من غمض عينيه ‪.‬والدعاء له وتغطيته ‪.‬والتعجيل بتجهيزه‬
‫‪ .‬والمبادرة لقضاء دينه ‪.‬‬
‫ثم (‪- 4‬ما يجوز للحاضرين وغيرهم ) من كشف وجهه وتقبيله والبكاء عليه ‪.‬‬
‫ثم (‪- 5‬ما يجب على أقارب الميت ) من الصبر والرضا بالقدر ‪ ،‬وال سترجاع ‪ ،‬وإحداد المرأة‬
‫على زوجها ‪ .‬ثم‬
‫ثم (‪- 6‬ما يحرم عليهم )من النياحة وضرب الخدود وشق الجيوب ‪،‬وغير ذلك كنعيه على المنائر‬
‫ثم (‪ - 7‬النعي الجائز ) ‪.‬‬
‫ثم ( ‪ - 8‬علمات حسن الخاتمة ) ‪.‬‬
‫ثم ( ‪ - 9‬ثناء الناس على الميت )‪.‬‬
‫ثم ( ‪ - 10‬غسل الميت )‪ .‬وهكذا إلى الدفن وزيارة القبور ‪.‬‬
‫وختمته بفصل خاص ببدع الجنائز ‪ .‬أستوعبت فيه جميع ما وقفت عليه من البدع منصوصا‬
‫عليه في كتاب من كتب أهل العلم قديما وحديثا ‪ .‬عازيا كل بدعة إلى موضعها من كتبهم ‪ .‬وما‬
‫لم يعز إليهم ‪ .‬فهو مما يحكم المنهج العلمي في أصول البدع أنه منها ‪ .‬ولكني لم أر من نص ‪،‬‬
‫منهم عليها ‪ .‬وكثير منها من بدع العصر الحاضر ‪.‬‬
‫وإني لسأل ال تبارك وتعالى ‪ .‬أن ينفع بهذا الكتاب كل من قرأه ‪ .‬ويكتب لي أجره ‪ .‬ومثله لمن‬
‫كان سبب تأليفه ‪ .‬ولمن قام على طبعه ‪ .‬إنه سميع مجيب ‪ .‬دمشق ‪ 24‬محرم سنة ‪ 1388‬هـ‪.3‬‬

‫محمد ناصر الدين اللباني‬

‫‪ 3‬وكان منتظرا صدور الكتاب في ‪ 1385‬بعد أن سبكت الحروف واعد للطبع ولكن توقف مطابع المكتب السلمي من ذي القعدة ‪1384‬‬
‫حتى منتصف ربيع الول ‪ 1388‬حال دون ذلك ‪ .‬وال على المستعان كل حال ‪.‬‬
‫الناشر‬

‫‪4‬‬
‫أحكام الجنائز‬
‫وبدعها‬

‫‪5‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ما يجب على المريض‬
‫‪ - 1‬على المريض أن يرضى بقضاء ال ‪ ،‬ويصبر على قدره ‪ ،‬ويحسن الظن بربه ‪ ،‬ذلك خير‬
‫له ‪ ،‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬عجبا لمر المؤمن ‪ ،‬إن أمره كله خير‪،‬وليس ذاك‬
‫لحد إل للمؤمن ‪ ،‬إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ‪ ،‬وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا‬
‫له " ‪ .‬وقال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ل يموتن أحدكم إل وهو يحسن الظن بال تعالى " ‪ .‬رواهما‬
‫مسلم والبيهقي وأحمد ‪.‬‬
‫‪ - 2‬وينبغي عليه أن يكون بين الخوف والرجاء ‪ ،‬يخاف عقاب ال على ذنوبه ‪ ،‬ويرجو رحمة‬
‫ربه ‪ ،‬لحديث أنس ‪ " :‬أن النبي صلى ال عليه وسلم دخل على شاب وهو بالموت ‪ ،‬فقال ‪ :‬كيف‬
‫تجدك ؟ قال ‪ :‬وال يارسول ال إني أرجو ال ‪ ،‬وإني أخاف ذنوبي ‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪:‬ل يجتعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن‪،‬إل أعطاه ال ما يرجو‪،‬وأمنه مما يخاف‬
‫"‪.‬أخرجه‪،‬الترمذي وسنده حسن ‪ ،‬وابن ماجه‪،‬وعبد ال بن أحمد في " زوائد الزهد "( ص ‪) 25 / 24‬‬
‫وابن أبي الدنيا كما في " الترغيب "(‪. )141 / 4‬‬
‫‪ - 3‬ومهما اشتد به المرض ‪ ،‬فل يجوز له أن يتمنى الموت ‪ ،‬لحديث أم الفض رضي ال عنها‬
‫‪ " :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم دخل عليهم ‪ ،‬وعباس عم رسول ال يشتكي ‪ ،‬فتمنى‬
‫عباس الموت ‪ ،‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬يا عم !ل تتمن الموت ‪،‬فانك إن كنت‬
‫محسنا‪ ،‬فأن تؤخر تزداد إحسانا إلى إحسانك خير لك ‪ ،‬وإن كنت مسيئا فأن تؤخر فتستعتب من‬
‫إساءتك خير لك ‪ ،‬فلتتمن الموت "‪.‬أخرجه الحاكم (‪ )1/339‬وقال ‪ " :‬صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي ‪.‬‬
‫وإنما هو على شرط البخاري فقط ‪ ،‬وأخرجه الشيخان والبهقي (‪ )3/377‬وغيرهم من حديث أنس مرفوعا نحوه ‪ ،‬وفيه ‪:‬‬
‫"فإن كان ل بد فاعل فليقل ‪:‬الهم أحيي ما كانت الحياة خيرا لي‪:‬وتوفي إذا كانت الوفاة خيرا لي"‪.‬‬
‫‪ - 4‬وإذا كان عليه حقوق فليؤدها إلى ‪ ،‬أصحابها ‪ ،‬إن تيسر له ذلك ‪ .‬وإل أوصى بذلك ‪ ،‬فقد‬
‫قال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬من كانت عنده مظلمة لخيه من عرضه‪ 4‬أو ماله ‪ ،‬فليؤدها إليه ‪،‬‬
‫قبل أن يأتي يوم القيامة ل يقبل فيه دينار ول درهم " إن كان له عمل صالح أخذ منه ‪ ،‬وأعطي‬
‫صاحبه ‪ ،‬وإن لم يكن له عمل صالح ‪ ،‬أخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه "‪.‬أخرجه البخاري والبيهتي‬
‫(‪ )3/369‬وغيرهما ‪.‬‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم ‪ ":‬أتدرون ما المفلس ؟ قالوا ‪:‬المفلس فينا من ل دراهم له ول متاع‪،‬‬
‫فقال ‪:‬إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلة وصيام وز كاة ‪،‬ويأتي قدشم هذا ‪،‬وقذف‪ ،‬هذا‪،‬‬
‫وأكل مال هذا‪ ،‬وسفك دم هذا‪،‬وضرب هذا ‪،‬فيعطى هذا‪ ،‬من حسناته‪ ،‬وهذا من حسناته‪.‬فإن فنيت‬
‫حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ‪،‬ثم طرح في النار"رواه مسلم (‪)18 /8‬‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم أيضا‪ " :‬من مات وعليه دين ‪،‬فليس ثم دينار ول درهم ‪ ،‬ولكنها‬
‫الحسنات والسيئات"‪.‬أخرجه الحاكم (‪ )2/27‬والسياق له وابن ماجه وأحمد (‪)82-2/70‬من طريقين عن ابن عمر‪ ،‬والول‬
‫صحيح كما قال الحاكم ووافقه الذهبي ‪ ،‬والثاني حسن كما قال المنذري (‪ ، )3/34‬ورواه الطبراني في الكبير بلفظ ‪:‬‬
‫" الدين دينان ‪ ،‬فمن مات وهو ينوي قضاءه فأنا وليه ‪،‬ومن مات وهو ل ينوي قضاءه ‪ ،‬فذاك‬
‫الذي يؤخذ من حسناته ‪ ،‬ليس يومئذ دينار ول درهم "‪. 5‬‬

‫‪ 4‬العرض ‪ :‬موضع المدح والذم من النسان سواء كان في نفسه أو من يلزمه أمره " نهاية " ‪.‬‬
‫‪ 5‬وهو حديث صحيح بما قبله ‪ ،‬وبحديث عائشة التي في آخر المسألة ( ‪. ) 17‬‬

‫‪6‬‬
‫وقال جابر بن عبد ال رضي ال عنهما ‪ " :‬لما حضر أحد ‪ ،‬دعاني أبي من الليل ‪ ،‬فقال ‪ :‬ما‬
‫أراني إل مقتول في أول من يقتل من أصحاب صلى ال عليه وسلم ‪،‬وإني ل أترك بعدي أعز‬
‫على منك غير نفس رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإن على دينا فاقض ‪ ،‬واستوص باخوتك‬
‫خيرا‪.‬فأصبحنا‪،‬فكان أول قتيل‪ " ......‬الحديث ‪ .‬أخرجه البخاري ‪.‬‬
‫‪ - 5‬ول بد من الستعجال بمثل هذه الوصية لقوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ما حق امرئ مسلم‬
‫يبيت ليلتين ‪ ،‬وله شئ يريد أن يوصي فيه إل ووصيته مكتوبة عند رأسه " ‪.‬‬
‫قال ابن عمر ‪ " :‬ما مرت على ليلة منذ سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ذلك إل‬
‫وعندي وصيتي " ‪ .‬رواه الشيخان وأصحاب السنن وغيرهم ‪.‬‬
‫‪ - 6‬ويجب أن يوصي لقربائه الذين ل يرثون منه ‪،‬لقوله تبارك وتعالى‪ {:‬كتب عليكم إذا حضر‬
‫أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والقربين بالمعروف حقا على المتقين}‪ (.‬البقرة ‪.)180:‬‬
‫‪– 7‬وله أن يوصي بالثلث من ماله ‪ ،‬ول يجوز الزيادة عليه ‪ ،‬بل الفضل أن ينقض منه لحديث‬
‫سعد بن أبي وقاص رضي ال عنه قال ‪ ":‬كنت مع رسول ال صلى ال عليه وسلم في حجة‬
‫الوداع ‪ ،‬فمرضت مرضا أشفيت منه على الموت ‪ ،‬فعادني رسول ال صلى ال عليه وسلم فقلت‬
‫‪ :‬يا رسول ال إن لي مال كثيرا ‪،‬وليس يرثي إل ابنة لي‪ ،‬أفأوصي بثلثي مالي ؟ قال ‪ :‬ل ‪ .‬قال‬
‫‪ :‬قلت ‪ :‬بشطر مالي ؟ قال ‪ :‬ل‪.‬قلت ‪ :‬فثلث مالي ؟ قال ‪ :‬الثلث ‪ ،‬والثلث كثير ‪ ،‬إنك يا سعد !‬
‫أن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون الناس ( وقال بيده ) ‪ ،‬إنك يا سعد لن‬
‫تنفق نفقة تبتغي بها وجه ال تعالى إل أجرت عليها ‪ ،‬حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك ‪(.‬قال ‪:‬‬
‫فكان بعد الثلث جائزا )" ‪.‬أخرجه أحمد ( ‪ ) 1524‬والسياق له والشيخان والزيادتان لمسلم وأصحاب السنن ‪.‬‬
‫وقال ابن عباس رضي ال عنه ‪ ":‬وددت أن الناس عضوا من الثلث إلى الربع في الوصية ‪ ،‬لن‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم قال ‪:‬الثلث كثير "‪.‬أخرجه أحمد(‪)2076 ،2029‬والشيخان والبيهقي(‪ )6/269‬وغيرهم‪.‬‬
‫‪ - 8‬ويشهد على ذلك رجلين عدلين مسلمين ‪ ،‬فان لم يوجدا فرجلين من غير المسلمين على أن‬
‫يستوسق منهما عند الشك بشهادتهما حسبما جاء بيانه ‪،‬في قول ال تبارك تعالي{ يا أيها الذين‬
‫آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اتنان ذوا عدل منكم أو آخران من‬
‫غيركم إن أنتم ضربتم في الرض فأصابتكم مصيبة الموت ‪،‬تحبسونهما من بعد الصلة فيقسمان‬
‫بال إن ارتبتم ل نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ول نكتم شهادة ال ‪ ،‬إنا إذا لمن الثمين ‪ .‬فإن‬
‫عثر على أنهما استحقا إثما‪ 6‬فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الوليان ‪ .‬فيقسمان‬
‫بال لثسهادتنا أحق من شهادتهما ‪،‬ما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين ‪.‬ذلك أدنى أن يأتوا باالشهادة‬
‫على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم ‪ ،‬والتقوا ال واسمعوا ‪ ،‬وال ل يهدي القوم‬
‫الفاسقين }‪ (.‬المائدة ‪.) 108 - 106‬‬
‫‪ - 9‬وأما الوصية للوالدين والقربين الذين يرثون من الموصي ‪ ،‬فل تجوز ‪ ،‬لنها منسوخة بآية‬
‫الميراث ‪ ،‬وبين ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم أتم البيان في خطبته في حجة الوداع فقال ‪:‬‬

‫‪ 6‬أي فإن اتفق الطلع على أن الشاهدين المقسمين استحقا إثما بالكذب والكتمان في الشهادة ‪ ،‬أو بالخيانة وكتمان شئ من التركة في حالة‬
‫ائتمانهما عليها فالواجب ‪ ،‬أو فالذي يعمل لحقاق الحق هو أن ترد اليمين إلى الورثة بأن يقوم رجلن آخران مقامهما من أولياء الميت‬
‫الوارثين له ‪ ،‬الذين استحق ذك الثم بالجرام عليهم ‪ ،‬والخيانة لهم ‪ .‬كذا في " تفسير المنار " ‪ ،‬وراجع تمام البحث فيه ( ‪. ) 222 / 7‬‬

‫‪7‬‬
‫‪7‬‬
‫" إن ال قد أعطى كل ذي حق حقه ‪ ،‬فل وصية لوارث " أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه والبيهقي (‪/ 6‬‬
‫‪ )264‬وأشار لتقويته ‪ ،‬وقد أصاب ‪ ،‬فإن إسناده حسن ‪ ،‬وله شواهد كثيرة عند البيهقي و " مجمع الزوائد "( ‪. " )212 / 4‬‬
‫‪ - 10‬ويحرم الضرار في الوصية ‪ ،‬كأن يوصي بحرمان بعض الورثة من حقهم من الرث ‪،‬‬
‫أو يفضل بعضهم على بعض فيه ‪ ،‬لقوله تبارك وتعالى ‪ {:‬للرجال نصيب مما ترك الوالدان‬
‫والقربون ‪ ....‬مما قل أو كثر نصيبا مفروضا‪ ) 12 - 6 ( }..‬وفي الخيرة منها ‪ {:‬من بعد وصية‬
‫يوصي بها أو دين غير مضار ‪ ،‬وصية من ال ‪ ،‬وال عليم حليم } ‪ .‬ولقوله صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ " :‬ل ضرر ‪ ،‬من ضار ضاره ال ‪ ،‬ومن شاقه ال " ‪ .‬أخرجه الدار قطني (‪ )522‬والحاكم (‪ )58 -2/57‬عن‬
‫أبي سعيد الخدري ‪ ،‬ووافق الذهبي الحاكم ‪ :‬على قوله " صحيح على شرط مسلم " والحق أنه حديث حسن كما قال النووي في "‬
‫الربعين " وابن تيمية في " الفتاوى "( ‪ )3/262‬لطرقه وشواهده الكثيرة ‪،‬وقد ذكرها الحافظ ابن رجب في" شرح الربعين" (ص‬
‫‪ )219،220‬ثم خرجتها في " إرواء الغليل " رقم ‪)888‬‬
‫‪ - 11‬والوصية الجائرة باطلة مردودة ‪ ،‬لقوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬من أحدث في أمرنا هذا‬
‫ما ليس منه فهو رد " ‪ .‬أخرجه الشيخان في " صحيحيهما " وأحمد وغيرهم ‪ .‬ولحديث عمران‬
‫بن حصين ‪ " :‬أن رجل أعتق عند موته ستة رجلة‪ 8‬فجاء ورثته من العراب‪،‬فأخبر وارسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم بما صنع ‪ ،‬قال‪:‬أو فعل ذلك ! ؟ قال ‪:‬لو علمنا إن شاء ال ما صلينا عليه ‪،‬‬
‫قال‪:‬فأقرع بينهم فأعتق منهم اثنين‪،‬ورد أربعة في الرق " ‪.‬أخرجه أحمد (‪ )4/446‬ومسلم بنحوه وكذا‬
‫الطحاوي والبيهقي وغيرهم ‪.‬‬
‫‪ - 12‬ولما كان الغالب على كثير من الناس في هذا الزمان البتداع في دينهم ‪ ،‬ول سيما فيما‬
‫يتعلق بالجنائز ‪ ،‬كان من الواجب أن يوصي المسلم بأن يجهز ويدفن على السنة عمل بقوله‬
‫تعالى ‪ { :‬يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ‪ ،‬وقودها الناس والحجارة ‪ ،‬عليها ملئكة‬
‫غلظ شداد ‪،‬ل يعصون ال ما أمرهم ‪ ،‬ويفعلون ما يؤمرون} ( سورة التحريم ‪. )6:‬‬
‫ولذلك كان أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم يوصون بذلك ‪ ،‬والثار عنهم بما ذكرنا‬
‫كثيرة ‪ ،‬فل بأس من القتصار على بعضها ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أن أباه قال في مرضه الذي مات فيه ‪ ":‬ألحدوا لي لحدا ‪،‬‬
‫وانصبوا علي اللبن نصبا ‪ ،‬كما صنع برسول ال صلى ال عليه وسلم "‪.‬أخرجه مسلم والبيهقي (‪407 /3‬‬
‫) وغيرهما ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬عن أبي بردة قال ‪ ":‬أوصى إبو موسى رضي ال عنه حين حضره الموت قال ‪:‬إذا انطلقتم‬
‫بجنازتي فأسرعوا بي المشي‪،‬ول تتبعوني بمجمر ‪ ،‬ول تجعلن على لحدي شيئا يحول بيي وبين‬
‫التراب ‪،‬ول تجعلن على قبري بناء ‪ ،‬وأشهدكم أني برئ من كل حالقة ‪ ،‬أو سالقة‪،‬أو خارقة ‪،‬‬
‫قالوا ‪ ،‬سمعت فيه شيئا ؟ قال‪:‬نعم‪،‬من رسول ال صلى ال عليه وسلم " أخرجه أحمد (‪ )4/397‬والبيهقي‬
‫(‪ )3/395‬بهذا التمام ‪ ،‬وابن ماجه بسند حسن ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬عن حذيفة قال ‪ " :‬إذا أنا مت فل تؤذنوا بي أحدا ‪ ،‬فإني أخاف أن يكون نعيا ‪،‬وإني سمعت‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ينهي عن النعي " ‪.‬أخرجه الترمذي ( ‪ )129 /2‬وقال ‪ " :‬حديث حسن "‪ ،‬ورواه‬
‫غيره بنحوه وسيأتي في " النعي " وفي الباب آثار أخرى تأتي في المسألة ( ‪. ) 47‬‬

‫‪ 7‬فالناسخ إنما هو القرآن ‪ ،‬والسنة إنما هي مبينة لذلك كما ذكرنا ‪ ،‬وكما هو واضح من خطبته صلى ال عليه وسلم خلفا لما يظنه كثيرون‬
‫أن الحديث هو الناسخ ‪ ،‬ثم استغل ذلك بعض المعاصرين فزعموا أن حديث الحاد ينسخ القرآن فقد عرفت الجواب ‪ ،‬وهو أن الناسخ إنما‬
‫هو القرآن ‪ ،‬ولو سلمنا أن الناسخ إنما هو الحديث ‪ ،‬فهو صالح للنسخ اتفاقا ‪ ،‬لن العلماء جميعا تلقوه بالقبول ‪ .‬على أنه حديث متواتر ‪ ،‬كما‬
‫يعلم ذلك من وقف على طرقه الكثيرة المبثوثة في دواوين السنة ومسانيدها ‪ .‬ولعلنا نوفق ل ستخراجها وتحقيق الكلم عليها في جزء مفرد ‪.‬‬
‫ثم جمعت طرقه وخرجتها في " إرواء الغليل " رقم ( ‪ ) 16‬فجاوزت طرقه العشرة ‪ ،‬عن ثمانية من الصحابة بعضها صحيح وبعضها حسن‬
‫وبعضها منجبر الضعف ‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫جمع ( رجل )‬

‫‪8‬‬
‫ولما سبق قال النووي رحمه ال تعالى في " الذكار " ‪ " :‬ويستحب له استحبابا مؤكدا أن‬
‫يوصيهم باجتناب ما جرت العادة به من البدع في الجنائز ‪ ،‬ويؤكد العهد بذلك " ‪.‬‬
‫***********************‬

‫‪9‬‬
‫(‪)2‬‬
‫نلقين المحتضر‬
‫‪ - 13‬فإذا حضره الموت ‪ ،‬فعلى من عنده أمور ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬أن يلقنوه الشهادة ‪ ،‬لقوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬لقنوا موتا كم ل إله إل ال ‪ ( ،‬من كان‬
‫آخر كلمه ل إله إل ال عند الموت دخل الجنة يوما من الدهر ‪،‬وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه) "‬
‫‪ .‬وكان يقول ‪ " :‬من مات وهو يعلم أنه ل إله إل ال دخل الجنة " ‪ ،‬وفي حديث آخر ‪" :‬من مات‬
‫‪9‬‬
‫ل يشرك بال شيئا دخل الجنة "‪.‬أخرجها مسلم في صحيحه ‪،‬والزيادة في الحديث الول عند ابن حبان(‪ 719‬موارد )‬
‫ب ‪ ،‬ج ‪ -‬أن يدعوا له ‪،‬ول يقولوا في حضوره إل خيرا ‪،‬لحديث أم سلمة رضي ال عنها قالت‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ " :‬إذا حضرتم المريض أو الميت ‪،‬فقولوا خيرا ‪،‬فإن الملئكة‬
‫يؤمنون على ما تقولون " أخرجه مسلم والبيهقي ( ‪ ) 384 / 3‬وغيرهما ‪.‬‬
‫‪ - 14‬وليس التلقين ذكر الشهادة بحضرة الميت وتسميعها إياه ‪ ،‬بل هو أمره بأن يقولها خلفا‬
‫لما يظن البعض ‪ ،‬والدليل حديث أنس رضي ال عنه ‪ " :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم عاد‬
‫رجل من النصار ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا خال ! قل ‪ :‬ل إله إل ال ‪ ،‬فقال ‪ :‬أخال أم عم ؟ فقال ‪ :‬بل خال ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬فخير لي أن أقول ‪ :‬ل إله إل ال؟ فقال النبي صلى ال عليه وسلم ‪ :‬نعم "‪.‬أخرجه المام أحمد‬
‫( ‪ ) 268 ، 154 ، 152 / 3‬بإسناد صحيح على شرط مسلم ‪.‬‬
‫‪ - 15‬وأما قراءة سورة ( يس ) عنده ‪ ،‬وتو جيهه نحو القبلة فلم يصح فيه حديث ‪،‬بل كره سعيد‬
‫بن المسيب توجيهه إليها ‪ ،‬وقال ‪ " :‬أليس الميت امرأ مسلما !؟ "وعن زرعة بن عبد الرحمن أنه‬
‫شهد سعيد بن المسيب في مرضه وعنده أبو سلمة بن عبد الرحمن فغشي على سعيد ‪ ،‬فأمر أبو‬
‫سلمة أن سلمة أن يحول فراشه إلى الكعبة ‪ .‬فأفاق ‪ ،‬فقال ‪ :‬حولتم فراشي ! ؟ فقالوا نعم ‪ ،‬فنظر‬
‫‪10‬‬
‫إلى أبي سلمة فقال ‪ :‬أراه بعلمك ؟ فقال ‪ :‬أنا أمرتهم!فأمر سعيد أن يعاد فراشه‪.‬إخرجه ابن أبي‬
‫شيبة في " المصنف " ( ‪ ) 76 / 4‬بسند صحيح عن زرعة ‪.‬‬
‫‪ - 16‬ول بأس في أن يحضر المسلم وفاة الكافر ليعرض السلم عليه ‪،‬رجاء ‪.‬أن يسلم ‪،‬لحديث‬
‫أنس رضي ال عنه قال ‪" :‬كان غلم يهودي يخدم النبي صلى ال عليه وسلم فمرض ‪،‬فأتاه النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم يعوده ‪ ،‬فقعد عند رأسه ‪ ،‬فقال له ‪ :‬أسلم ‪ ،‬فنظر إلى أبيه وهو عنده ؟ فقال‬
‫له أطع أبا القاسم صلى ال عليه وسلم فأسلم ‪ ،‬فخرج النبي صلى ال عليه وسلم وهو يقول ‪:‬‬
‫الحمد ل الذي أنقذه من النار ‪ ( ،‬فلما مات ‪ ،‬قال ‪ :‬صلوا على صاحبكم ) " ‪.‬أخرجه البخاري والحاكم‬
‫والبيهقي وأحمد (‪ )280,260 ،175،227 /3‬والزيادة له في رواية ‪.‬‬

‫‪ 9‬ولها شاهد من حديث معاذ بن جبل ‪ ،‬وسنده حسن كما بينته في " إرواء الغليل " ( ‪ ) 679‬وسيأتي لفظه في علمات حسن الخاتمة " المسألة ‪. " 25‬‬
‫‪ 10‬الصل ‪ ( :‬علمك ) ولعل الصواب ما أثبتنا ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ما على الحاضرين بعد موته‬
‫‪ - 17‬فإذا قضى وإسلم الروح ‪ ،‬فعليهم عدة أشياء ‪:‬‬
‫أ ‪ ،‬ب ‪ -‬أن يغمضوا عينيه ‪ ،‬وبدعوا له أيضا لحديث أم سلمة قالت ‪ " :‬دخل رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم على أبي سلمة ‪ ،‬وقد شق بصره ‪ ،‬فأغمضه ثم قال ‪ :‬إن الروح إذا قبض تبعه‬
‫البصر ‪ ،‬فضج ناس من أهله فقال ‪ :‬ل تدعوا على أنفسكم إل بخير ‪ ،‬فان الملئكة يؤمنون على‬
‫ما تقولون ‪ ،‬ثم قال‪ :‬اللهم اغفر لبي سلمة‪ ،‬وارفع درجته في المهديين‪ ،‬واخلفه في عقبه في‬
‫الغابرين‪،‬واغفر لنا وله يا رب العالمين‪،‬وافسح له في قبره ‪،‬ونور له فيه "‪.‬أخرجه مسلم وأحمد(‪)6/297‬‬
‫والبيهقي ‪ )3/334‬وغيرهم ‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن يغطوه بثوب يستر جميع بدنه لحديث عائشة رضي ال عنها ‪:‬‬
‫" أن رسول ال صلى ال عليه وسلم حين توفي سجي ببرد حبرة " ‪.‬أخرجه الشيخان في صحيحيهما‬
‫والبيهقي ( ‪ ) 385 /3‬وغيرهم ‪.‬‬
‫د ‪ -‬وهذا في غير من مات محرما ‪،‬فإما المحرم ‪،‬فإنه ل يغطى رأسه ووجهه لحديث ابن عباس‬
‫قال ‪ " :‬بينما رجل واقف بعرفة ‪ ،‬إذ وقع عن راحلته فوقصته ‪ ،‬أو قال ‪ :‬فأقعصته ‪ ،‬فقال النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ :‬اغسلوه بماء وسدر ‪ ،‬وكفنوه في ثوبين ( وفي رواية ‪ :‬في ثوبيه ) ول‬
‫تحنطوه ( وفي رواية ‪:‬ول تطيبوه) ‪،‬ول تخمروا رأسه ( ول وجهه )‪،‬فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا "‬
‫‪.‬أخرجه الشيخان في " صحيحيهما "وأبو نعيم في " المستخرج " ( ق ‪)140-139‬والبيهقي (‪)3/390‬وليست الزيادة عند البخاري‬
‫هـ ‪ -‬أن يعجلوا بتجهيزه وإخراجه إذا بان موته ‪ ،‬لحديث أبي هريرة رضي ال عنه مرفوعا ‪":‬‬
‫أسرعوا بالجنازة‪".‬الحديث ‪ ،‬وسيأتي بثمامه في الفصل (‪.)47‬وفي الباب حديثان آخران أصرح من هذا‪،‬ولكنهما ضعيفان‬
‫ولذلك أعرضنا عنهما‪. 11‬‬
‫و‪ -‬أن يدفنوه في البلد الذي مات فيه ‪ ،‬ول ينقلوه إلى غيره ‪ ،‬لنه ينافي السراع المأمور به في‬
‫حديث أبي هريرة المتقدم ‪ ،‬ونحوه حديث جابر بن عبد ال رضي ال عنهما قال ‪ ":‬لما كان يوم‬
‫أحد ‪ ،‬حمل القتلى ليدفنوا بالبقيع ‪،‬فنادى منادي رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم ‪ -‬بعدما حملت أمي أبي وخالي‬
‫عديلين‪ ( 12‬وفي رواية ‪ :‬عادلتهما ) ( على ناضح ) لتدفنهم تفي البقيع ‪ -‬فردوا ( وفي رواية قال‬
‫‪ :‬فرجعناهما مع القتلى حيث قتلت ) "‪.‬أخرجه أصحاب السنن الربعة وابن حبان في صحيحه (‪ -196‬موارد)‬

‫‪ 11‬أما الحديث الول فهو عن ابن عمر مرفوعا ولفظه ‪ " :‬إذا مات أحدكم فل تحبسوه ‪ ،‬وأسرعوا به إلى قبره ‪ ،‬وليقرأ رأسه بفاتحة البقرة ‪ ،‬رجليه بخاتمتها " ‪.‬‬
‫أخرجه الطبراني " المعجم الكبيز " ( ‪ ) 2 / 208 / 3‬والخلل في " القراءة عند القبود ‪ ( " ،‬ق ‪ ) 2 / 25‬من طريق يحي بن عبد ال بن الضحاك البابلي ثنا‬
‫أيوب بن نهيك الحلبي الزهري ‪ -‬مولى آل سعد بن أبي وقاص ‪ -‬قال ‪ :‬سمعت عطاء بن أبي رباح المكي قال ‪ :‬سمعت ابن عمر قال ‪ :‬فذكره ‪ .‬قلت ‪ :‬وهذا سند‬
‫ضعيف وله علتان ‪ :‬الول ‪ :‬البابلتي ‪ -‬ضعيف كما قال الحافظ في " التقريب " ‪ .‬الثانية ‪ :‬شيخه أيوب بن نهيك ‪ ،‬فانه أشد ضعفا منه ‪ ،‬ضعفه أبو حاتم وغيره ‪،‬‬
‫وقال الزدي ‪ :‬متروك ‪ .‬وقال أبو زرعة ‪ :‬منكر الحديث ‪ .‬وساق له الحافظ في " اللسان " حديثا آخر ظاهر النكاره من طريق يحيى بن عبد ال ثنا أيوب عن‬
‫مجاهد عن ابن عمر مرفوعا ‪ .‬ثم قال ‪ " :‬ويحي ضعيف ‪ ،‬لكنه ل يحتمل هذا " ثم قال ‪ ! :‬فإذا عرفت هذا فالعجب من الحافظ حيث قال في " الفتح " ( ‪/ 3‬‬
‫‪ ) 143‬في حديث الطبراني هذا ‪ " :‬إسناده حسن " ! ونقله عنه الشوكاني في " نيل الوطار " ( ‪ ) 309 / 3‬وقره ! وأما الهيثمي فقال " المجمع " ( ‪. ) 44 / 3‬‬
‫" رواه الطبراني في الكبير ‪ ،‬وفيه يحيى بن عبد ال البابلتي وهو ضعيف " ‪ .‬وفاته أن فيه أيوب بن نهيك وهو شرمنه كما سبق ‪ .‬وأما الحديث الثاني فهو عن‬
‫حصين بن وحوح ‪ " :‬أن طلحة بن البراء مرض ‪ ،‬فأتاه النبي صلى ال وسلم يعوده ‪ ،‬فقال ‪ :‬إني ل أرى طلحة إل قد حدث به الموت ‪ ،‬فآذنوني به حتى أشهده‬
‫فأصلي عليه ‪ ،‬وعجلوه ‪ ،‬فانه ل ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله " ‪.‬‬
‫أخرجه أبو داود والبيهقي ( ‪ ، ) 387 - 386 / 3‬وفيه عروة ‪ -‬ويقال عزرة ‪ -‬ابن سعيد النصاري عن أبيه ‪ ،‬وكلهما مجهول كما قال الحافظ في " التقريب "‬
‫‪ .‬ثم إن الستدلل بحديث أبي هريرة على ما ذكرنا إنما هو بناء على أن المراد ب‍ ( أسرعوا ) السراع بتجهيزها ‪ ،‬وأما على القول بأن المراد السراع بحملها‬
‫إلى قبرها ‪ ،‬فل يتم الستلل به ‪ .‬وهذا القول هو الذي استظهره القرطبي ثم النووي ‪ ،‬وقوى الحافظ القول الول بالحديثين الذين تكلمنا عنهما آنفا ‪ ،‬ول يخفى ما‬
‫فيه ‪.‬‬
‫‪ 12‬أي شددتهما على جنبتي البعير كا لعديلين ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫والرواية الخرى له ‪،‬وأحمد (‪ )380-3/297‬والبيهقي (‪ )4/57‬بإسناد صحيح ‪ ،‬وقال الترمذي ‪" :‬حديث حسن صحيح " والزيادة‬
‫لحمد في رواية يأتي لفظها في المسألة الفصل(‪. )80‬‬
‫ولذلك قالت عائشة لما مات أخ لها بوادي الحبشة فحمل من مكانه‪ ":‬ما أجد في نفسي‪ ،‬أو يحزني‬
‫‪13‬‬
‫في نفسي إل أني وددت أنه كان دفن في مكانه" أخرجه البيهقي بسند صحيح ‪.‬‬
‫ز ‪ -‬أن يبادر بعضهم لقضاء دينه من ماله ‪ ،‬ولو أتى عليه كله ‪،‬فإن لم يكن له مال فعلى الدولة‬
‫أن تؤدي عنه إن كان جهد في قضائه‪،‬فإن لم تفعل ‪،‬وتطوع بذلك بعضهم جاز‪،‬وفي ذلك أحاديث‪:‬‬
‫الول ‪:‬عن سعد بن الطول رضي ال عنه‪ ":‬أن أخاه مات وترك ثلثمائة درهم ‪ ،‬وترك عيال ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬فأردت أن أنفقها على عياله ‪ ،‬قال ‪ :‬فقال لي النبي صلى ال عليه وسلم ‪:‬إن أخاك محبوس‬
‫بدينه ( فاذهب ) فاقض عنه ( فذهبت فقضيت عنه‪،‬ثم جئت ) قلت‪:‬يارسول ال‪،‬قد قضيت عنه إل‬
‫دينار ين ادعتهما امرأة ‪ ،‬وليست لها بينة ‪،‬قال أعطها فإنها محقة ‪ (،‬وفي رواية ‪:‬صادقة ) "‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجه (‪ ) 82 /2‬وأحمد ( ‪ ) 5/7 ،136 /4‬والبيهقي (‪ )142 /10‬وأحد إسناديه صحيح ‪ ،‬والخر مثل إسناد ابن ماجه‬
‫‪ ،‬وصححه البوصيري في " الزوائد " ! وسياق الحديث والرواية الثانية للبيهقي وهي والزيادات لحمد في رواية ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬عن سمرة بن جندب ‪ " .‬أن النبي صلى ال عليه وسلم صلى على جنازة ( وفي رواية‬
‫‪ :‬صلى الصبح ) فلما انصرف قال ‪ :‬أههنا من آل فلن أحد ؟ ( فقال رجل ‪ :‬هو ذا ) ‪،‬قال ‪ :‬فقام‬
‫رجل بحر إزاره من مؤخر الناس ( ثلثا ل بحيبه أحد ) ‪ ( ،‬فقا له النبي صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫ما منعك في المرتين الولين أن تكون أجبتي ؟ ) أما إني لم أفوه باسمك إل لخير ‪ ،‬إن فلنا ‪-‬‬
‫لرجل منهم ‪ -‬مأسور بدينه ( عن الجنة ‪ ،‬فان شئتم فافدوه ‪ ،‬وإن فأسلموه إلى عذاب ال ) ‪،‬فلو‬
‫‪14‬‬
‫رأيت أهله ومن يتحرون أمره قاموا فقضوا عنه ‪ ( ،‬حتى ما أحد يطلبه بشئ ) " أخرجه أبو داود (‪/2‬‬
‫‪ )84‬والنسائي (‪ )2/233‬والحاكم (‪ )2/25،26‬والبهقي (‪ )6/4/76‬والطيالسي في مسنده (رقم ‪ )891،892‬وكذا أحمد (‪13 ،5/11‬‬
‫‪ )،20‬بعضهم عن الشعبي عن سمرة ‪ ،‬وبعضهم أدخل بينهما سمعان بن مشنج ‪ ،‬وعلى الوجه الثاني صحيح فقط ‪.‬‬
‫والرواية الخرى للمسندين‪،‬والزيادة الول والثانية للحاكم‪ ،‬وكذا الثالثة والخامسة ‪ ،‬وللبيهقي الثانية‪،‬ولحمد الثالثة‬
‫والرابعة‪،‬وللطيالسي الخامسة‪ ،‬وله ولحمد وأبي داود السادسة ‪.‬‬
‫الثالث عن جابر بن عبد ال قال‪:‬‬
‫" مات رجل ‪،‬فغسلناه وكفناه وحنطناه ‪ ،‬ووضعناه لرسول ال صلى ال عليه وسلم حيث توضع‬
‫الجنائز‪،‬عند مقام جبريل‪ ،‬ثم آذنا رسول ال صلى ال عليه وسلم بالصلة عليه‪ ،‬فجاء معنا ‪،‬‬
‫( فتخطى ) خطى ‪ ،‬ثم ‪ :‬قال لعل على صاحبكم دينا ؟ قالوا نعم ديناران ‪ ،‬فتخلف ‪ ( ،‬قال ‪:‬‬
‫صلوا على صاحبكم ) ‪ ،‬فقال له رجل منا يقال له إبو قتادة ‪:‬يا رسول ال هما علي‪ ،‬فجعل رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم يقول‪:‬هما عليك وفي مالك‪ ،‬والميت منهما برئ ؟ فقال ‪ :‬نعم ‪ ،‬فصلى‬
‫عليه فجعل رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا لقي إبا قتادة يقول‪ ( :‬وفي رواية ثم لقيه من الغد‬
‫فقال‪ ):‬ما صنعت الديناران ؟ ( قال‪ :‬يارسول ال إنما مات أمس ) حتى كان آخر ذلك ( وفي‬
‫الرواية الخرى ‪ :‬ثم لقيه من الغد فقال ‪ :‬ما فعل الديناران؟ ) قال ‪ :‬قد فضيتهما يا رسول ال ‪،‬‬
‫‪15‬‬
‫قال الن حين بردت عليه جلده " ‪ .‬أخرجه الحاكم (‪ )58 /2‬والسياق له والبيهقي (‪ )75-6/74‬والطيالسي ( ‪167‬‬
‫‪ )3‬وأحمد ( ‪ )3/330‬بإسناد حسن كما قال الهيثمي (‪ )3/39‬وأما الحاكم فقال ‪ " :‬صحيح السناد " ! ووافقه الذهبي !‬
‫والرواية الخرى مع الزيادات عندهم جميعا إل الحاكم ‪ ،‬إل الزيادة الثانية فهي للطيالسي وحده ‪.‬‬

‫**********************‬
‫‪ 13‬قال النووي في " الذكار " ‪ " :‬وإذا أوصى بأن ينقل إلى بلد آخر ل تنفذ وصيته ‪ ،‬فان النقل حرام على المذهب الصحيح المختار الذي قاله الكثرون ‪،‬‬
‫وصرح به المحققون " ‪.‬‬
‫‪ 14‬وله شاهد من حديث ابن عباس ‪ ،‬رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( ق ‪ ) 2 / 156‬بسند ضعيف ‪.‬‬
‫‪ 15‬أي بسبب رفع العذاب عنه بعد وفاء ديه ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫تنبيهان‬
‫‪ - 1‬أفاد هذا الحديث أن قضاء أبي قتادة للدين كان بعد صلة النبي صلى ال عليه وسلم على‬
‫الميت‪.‬وهذا مشكل ‪ ،‬فقد صح عن أبي قتادة نفسه أنه قضاه قبل الصلة كما سيأتي ذكره في‬
‫المسألة (‪ )55‬فقرة(و)‪،‬فان لم تحمل القصة على التعدد فرواية أبي قتادة أصح من حديث جابر‪،‬لن‬
‫فيه عبد ال بن محمد عقيل‪،‬وفيه كلم ‪،‬وهو حسن الحديث فيما لم يخلف فيه‪ ،‬وأما مع المخالفة‬
‫فليس بحجة‪،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫‪ - 2‬أفادت هذه الحاديث أن الميت ينتفع بقضاء الدين عنه ‪ ،‬بولو كان من غير ولده ‪،‬وأن‬
‫القضاء يرفع العذاب عنه‪،‬فهي من جملة المخصصات لعموم قوله تبارك وتعالى ‪ (:‬وأن ليس‬
‫للنسان إل ما سعى ) ولقوله صلى ال عليه وسلم ‪ ":‬إذا مات النسان النقطع عمله إل من ثلث‬
‫‪"..‬الحديث رواه مسلم والبخاري في الدب المفرد وأحمد‪،‬ولكن القضاء عنه شئ والتصدق عنه‬
‫شئ آخر‪ ،‬فانه أخص من التصدق‪،‬وإل فالحاديث التي وردت في التصدق عنه ‪ ،‬إنما موردها‬
‫في صدقة الولد عن الوالدين‪،‬وهو من كسبهما بنص الحديث ‪،‬فل يحوز قياس الغريب عليهما ‪،‬‬
‫لنه قياس مع الفارق مع الفارق كما هو ظاهر‪،‬ول قياس الصدقة على القضاء ‪ ،‬لنها أعم منه‬
‫كما ذكرنا‪ ،‬ولعلنا نتكلم عن هذه المسألة بشئ من التفصيل في آخر الكتاب إن شاء ال تعالى ‪.‬‬
‫الحديث الرابع ‪ :‬عن جابر أيضا ‪.‬‬
‫" أن أباه استشهد يوم أحد ‪ ،‬وترك ست بنات‪،‬وترك عليه دينا ( ثلثين وسقا )‪ (،‬فاشتد الغرماء في‬
‫حقوقهم )‪ ،‬فلما حضره جداد النخل ‪ ،‬أتيت رسول ال صلى ال عليه وسلم فقلت ‪ :‬يارسول ال قد‬
‫علمت أن والدي استشهد يوم أحد وترك عليه دينا كثيرا ‪ ،‬وإني أحب أن يراك الغرماء ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫اذهب فبيدر كل تمر على حدة ‪ ،‬ففعلت ‪ ،‬ثم دعوت ‪ ( ،‬فغدا علينا حين أصبح ) ‪ ،‬فلما نظرو إليه‬
‫أغروا بي تلك الساعة ‪ ،‬فلما رأى ما يصنعون أطاف حول أعظمها بيدرا ثلثا ( ودعا في ثمرها‬
‫بالبركة ) ‪،‬ثم جلس عليه‪ ،‬ثم قال ‪:‬ادع أصحابك ‪،‬فما زال يكيل لهم ‪،‬حتى أدى ال أمانة والدي‪،16‬‬
‫وانا وال راض أن يؤدي ال أمانة والدي ‪ ،‬ول أرجع إلى أخواتي بتمرة‪ ،‬فسلمت وال البيادر‬
‫كلها حتى اني أنظر إلى البيدر الذي عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم كأنه لم ينقص تمرة‬
‫واحدة‪ (،‬فوافيت مع رسول ال صلى ال عليه وسلم اللمغرب ‪ ،‬فذكرت ذلك له فضحك ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫ائت أبا بكر وعمر فأخبرهما‪،‬فقال‪ :‬لقد علمنا إذ صنع رسول ال صلى ال عليه وسلم ما صنع‬
‫أن سيكون ذلك" ‪.‬‬
‫أخرجه البخاري (‪ )46، 462/ 6 ، 171،319، 46/ 5‬والسياق مع الزيادات له‪،‬ورواه بنحوه أبو داود ( ‪ )15 /2‬والنسائي ( ‪2‬‬
‫‪ )127،128 /‬والدارمي (‪ )25-22/ 1‬وابن ماجه (‪ )83-2/82‬والبيهقي (‪ )6/64‬وأحمد (‪)391،397 ،373 ,313،365 /3‬‬
‫مطول ومختصرا ‪ .‬وفيه عند أحمد زيادات كثيرة‪،‬لم أوردها خشية الطالة ‪.‬‬
‫الخامس عنه أيضا قال ‪:‬‬
‫"كان رسول ال صلى عليه وسلم يقوم فيخطب ‪ ،‬فيحمد ال ‪ ،‬ويثي عليه بما هو أهل له ‪ ،‬ويقول‬
‫‪ :‬من يهده ال فل مضل له ‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له ‪ ،‬إن خير الحديث كتاب ال وخير الهدي‬
‫هدي محمد‪ ،‬وشر المور محدثاتها‪ ،‬وكل محدثة بدعة (وكل بدعة ضللة ‪،‬وكل ضللة في النار)‬
‫‪،‬وكان إذا ذكر الساعة احمرت عيناه‪،‬وعل صوته واشتد غضبه ‪ ،‬كأنه منذر جيش ( يقول )‬
‫‪17‬‬
‫‪:‬صبحكم ومساكم‪،‬من ترك مال فلورثته ‪ ،‬ومن ترك ضياعا أو دينا فعلي ‪ ،‬وإلي ‪ ،‬وأنا ( أ )‬

‫‪ 16‬أي وصيته إياه بقضاء الدين عنه ‪ ،‬أنطر حديثه في ذلك في الفصل الول من المسألة الرابعة ‪.‬‬
‫‪ 17‬أي عيال ‪ ،‬قال ابن الثير‪ " :‬وأصله مصدر ضاع يضيع ضياعا ‪ ،‬فسمى العيال يالمصدر كما تقول ‪:‬من مات وترك فقراً ‪ ،‬أي فقراء"‬

‫‪13‬‬
‫ولى ( بـ ) المؤمنين ( وفي رواية ‪ :‬بكل مؤمن من نفسه ) " ‪.‬أخرجه مسلم (‪ )3/11‬والنسائي (‪)1/234‬‬
‫والبيهقي في " السنن " (‪ )214 -132 /3‬وفي " السمائك والصفات " ( ص ‪ ) 82‬وأحمد (‪)371- 338 ،311 ،296 /3‬‬
‫والسياق له‪،‬وإبو نعيم في " الحلية " ( ‪ ، ) 189 / 3‬والزيادة الولى له‪،‬وللنسائي والبيهقي وإسنادها صحيح على شرط مسلم ‪،‬‬
‫والزيادة الثانية له وللبيهقي ‪ ،‬والثالثة والرابعة لحمد ‪ ،‬والرواية الثانية لمسلم ‪.‬‬
‫وفي الباب عن أبي هريرة عند الشيخين وغيرهما‪ ،‬وسيأتي حديثه في المسألة( ‪ )55‬فقره (و)‬
‫الحدث الثاني ‪.‬‬
‫السادس ‪ :‬عن عائشة رضي ال عنها قالت ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬من حمل‬
‫من أمتي دينا ‪ ،‬ثم جهد في قضائه فمات ولم يقضه فأنا وليه " ‪ .‬أخرجه أحمد (‪ )6/74‬وإسناده صحيح على‬
‫شرط الشيخين ‪ .‬وقال المذري (‪ " : )3/33‬رواه أحمد بإسناد جيد وأبو يعلى والطبراني في الوسط " ونحوه في " المجمع " (‪/4‬‬
‫‪18‬‬
‫‪ )132‬إل أنه قال ‪ " :‬ورجال أحمد رجال الصحيح "‬

‫************************‬

‫‪ 18‬وعزاه الشوكاني ( ‪ ) 21 / 4‬لبن ماجه وهم ‪ ،‬فاني لم أجده عنده بعد مزيد البحث عنه ‪ ،‬ولم يورده النابلسي في " الذخائر " ولو كان عنده لعزاه إليه المذري‬
‫‪ ،‬ولما أورده الهيثمي في " المجمع " كما هو المعروف عند المشتغلين بهذا العلم الشريف ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫(‪)4‬‬
‫ما يجوز للحاضرين وغيرهم‬
‫‪- 18‬ويجوز لهم كشف وجه الميت وتقبيله‪،‬والبكاء عليه ثلثة أيام‪،‬وفي ذلك أحاديث‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن جابر بن عبد ال رضي ال عنهما قال‪ ":‬لما قتل أبي‪،‬جعلت أكشف الثوب عن وجهه‬
‫أبكي ‪ ،‬ونهوني ‪ ،‬والنبي صلى ال عليه وسلم ل ينهاني‪ ( ،‬فأمر به النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫فرفع ) ‪،‬فجعلت عمي فاطمة تبكي‪ ،‬فقال النبي صلى ال عليه وسلم تبكين ‪ ،‬أول تبكين ‪ ،‬مازالت‬
‫الملئكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه"‪.‬أخرجه الشيخان والنسائي والبيهقي وأحمد (‪)3/298‬والزيادة لمسلم والنسائي‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬عن عائشة رضي ال عنها قالت ‪ " :‬أقبل أبوبكر رضي ال عنه على فرسه من مسكنه‬
‫بـ ( السنح ) حتى نزل فدخل على المسجد ‪ (،‬وعمر يكلم الناس ) فلم يكلم الناس حتى دخل على‬
‫عائشة رضي ال عنها‪،‬فتيمم النبي صلى ال عليه وسلم وهو مسجى ببردة جرة‪،‬فكشف عن‬
‫وجهه ‪ ،‬ثم أكب عليه فقبله ( بين عينيه ) ‪،‬ثم بكى فقال‪:‬بأبي أنت وأمي يا نبي ال " ل يجمع ال‬
‫عليك موتتين ‪،‬أما الموتة التي عليك فقد متها ‪ ،‬وفي رواية ‪:‬لقد مت الموتة التي ل تموت بعدها"‪.‬‬
‫أخرجه البخاري (‪ )89/ 3‬والنسائي (‪ )261 -260/ 1‬والزيادة له في رواية ‪ ،‬وابن حبان في صحيحه ( ‪ )2155‬والبيهقي (‪/3‬‬
‫‪ ) 406‬وغيرهما ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬عن عائشة أيضا ‪ " :‬أن النبي صلى ال عليه وسلم دخل على عثمان بن مظعون وهو‬
‫ميت ‪ ،‬فكشف في وجهه ‪ ،‬ثم أكب عليه فقبله ‪ ،‬وبكى حتى رأيت الدموع تسيل على وجنتيه "‪.‬‬
‫أخرجه الرمذي ( ‪ )135 / 2‬وصححه والبيهقي وغيرهما ‪ ،‬وله شاهد بإسناد حسن يراجع في " مجمع الزوائد " (‪.)20 / 3‬‬
‫الرابع ‪ :‬عن أنس رضى ال عنه قال ‪ ":‬دخلنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم أبي سيف‪-‬‬
‫وكان ظئرا‪19‬البراهيم عليه السلم‪،‬فأخذ رسول ال صلى ال عليه وسلم إبراهيم فقبله وشمه‪،‬ثم‬
‫دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه ‪ ،‬فجعلت عينا رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫تذرفان ‪ ،‬فقال له عبد الرحمن بن عوف‪:‬وأنت يا رسول ال؟فقال‪:‬يا ابن عوف!إنها رحمة‪ ،‬ثم‬
‫أتبعها بأخرى فقال ‪ :‬إن العين تدمع ‪ ،‬والقلب يحزن ‪ ،‬ول نقول إل ما يرضي ربنا ‪ ،‬وإنا بفراقك‬
‫يا إبراهيم لمحزونون " ‪ .‬أخرجه البخاري ( ‪ )35 /3‬ومسلم والبيهقي ( ‪ )4/69‬بنحوه ‪.‬‬
‫الخامس ‪:‬عن عبد ال بن جعفر رضي ال عنه ‪ ":‬أن النبي صلى ال عليه وسلم أمهل آل جعفر‬
‫ثلثا أن يأتيهم ‪ ،‬ثم أتاهم فقال ‪ :‬ل تبكوا على أخي بعد اليوم ‪ " . .‬الحديث ‪.‬‬
‫رواه أبو داود (‪ )2/124‬والنسائي (‪ )2/292‬وإسناده صحيح على شرط مسلم ‪ ،‬وأخرجه أحمد بأتم منه ‪ ،‬وسيأتي لفظه في‬
‫" التعزية " ‪ .‬إن شاء ال تعالى ‪.‬‬

‫*******************‬

‫‪ 19‬أي زوج مرضعة إبراهم عليه السلم ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫(‪)5‬‬
‫ما يجب على أقارب الميت‬
‫‪ - 19‬ويجب على أقارب الميت يبلغهم خبرو وفاته أمران ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬الصبر والرضا بالقدر لقوله تعالى‪{:‬ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من ال‬
‫موال والنفس والثمرات وبشر الصابرين ‪ .‬الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا ‪ :‬إنا ل وإنا إليه‬
‫راجعو ن‪ .‬أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ‪ ,‬وأولئك هم المهتدون} ‪ (.‬البقرة ‪)157 – 155 :‬‬
‫‪ ،‬ولحديث أنس بن مالك رضي ال عنه قال ‪ " :‬مر رسول ال صلى ال عليه وسلم بامرأة عند‬
‫قبر وهي تبكي‪،‬فقال لها ‪ :‬اتقي ال واصبري ‪ ،‬فقالت ‪:‬إليك عني ‪،‬فانك لم تصب بمصيبتي! قال‪:‬‬
‫ولم تعرفه !فقيل لها‪ :‬هو رسول ال صلى ال عليه وسلم ! فأخذها مثل الموت ‪،‬فأتت باب رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين ‪ ،‬فقالت ‪:‬يا رسول ال إني لم أعرفك ‪ ،‬فقال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬إن الصبر عند أول الصدمة " أخرجه البخاري (‪ )116 -115 /3‬ومسلم(‪-3/40‬‬
‫‪)41‬والبيهقي (‪)4/65‬والسياق له ‪.‬والصبر على وفاة الولد له أجر ‪.‬عظيم ‪،‬وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة أذكر بعضها ‪:‬‬
‫أول ‪" :‬ل يموت لحد من المسلمين ثلثة من تالولد فتمسه النار إل تحلة القسم " ‪.‬أخرجه الشيخان‬
‫والبيهقي (‪ )67/4‬عن أبي هريرة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ " :‬مامن مسلمين يموت لهما ثلثة من الولد لم يبلغوا الحنث إل أدخلهم ال وأبويهم الجنة‬
‫بفضل رحمته ‪ ،‬قال ‪ :‬ويكونون على باب من أبواب الجنة ‪ ،‬فيقال لهم ‪ :‬ادخلوا الجنة ‪ ،‬فيقولون‬
‫‪ :‬حتى يجئ أبوانا ‪ ،‬فيقال لهم‪:‬ادخلوا الجنة أنتم وأبوا كم بفضل رحمة ال "‪.‬أخرجه النسائي (‪)265 /1‬‬
‫والبيهقي (‪ )4/68‬وغيرهما عنه ‪ ،‬وسنده صحيح على شرط الشيخين ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ " :‬أيما امرأة مات لها ثلثة من الولد كانوا حجابا من النار ‪ ،‬قالت امرأة ‪ :‬واثنان ؟ قال ‪:‬‬
‫واثنان " ‪.‬أخرجه البخاري (‪ )3/94‬ومسلم والبيهقي (‪ )4/67‬عن أبي سعيد الخدري رضي ال عنه ‪.‬‬
‫رابعا ‪ " :‬إن ال ل يرضى لعبده المؤمن إذا ذهب بصفيه من أهل الرض فصبر واحتسب بثواب‬
‫دون الجنة "‪.‬أخرجه النسائي (‪ )264 /1‬عن عبد ال بن عمرو بسند حسن ‪.‬‬
‫المر الثاني ‪ :‬مما يجب على القارب ‪ :‬السترجاع ‪،‬وهو أن يقول ‪ ( :‬إنا ل وإنا إليه راجعون )‬
‫كما جاء في الية المتقدمة ‪،‬ويزيد عليه قوله‪ " :‬اللهم اجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها "‬
‫لحديث أم سلمة رضي ال عنها قالت ‪ :‬سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪:‬‬
‫" ما من مسلم تصبه مصيبة فيقول ما أمره ال ( إنا ل وإنا إليه راجعون ) اللهم اجرني في‬
‫معيبتي وأخلف لي خيرا منها إل أخلف ال له خيرا منها ‪ .‬قالت ‪ :‬فلما مات أبو سلمة قلت ‪ :‬أي‬
‫المسلمين خير من أبي سلمة ‪ ،‬أول بيت هاجر إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم ثم إني قلتها ‪،‬‬
‫فأخلف ال لي رسول ال صلى ال عليه وسلم قالت ‪ :‬أرسل إلي رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له‪ ،‬فقلت ‪:‬إن لي بنتا وأنا غيور‪ ،‬فقال ‪ :‬أما ابنتها فندعو ال أن‬
‫يغنيها عنها‪،‬وأدعو ال أن يذهب بالغيرة "‪ .‬أخرجه مسلم (‪ )3/37‬والبيهقي (‪ )4/65‬وأحمد (‪. )6/309‬‬
‫‪ - 20‬ول ينافي الصبر أن تمتنع المرأة من الزينة كلها ‪ ،‬حدادا على وفاة ولدها أو غيره إذا لم‬
‫تزد على ثلثة أيام ‪ ،‬إل على زوجها ‪ ،‬فتحد أربعة أشهر وعشرا ‪ ،‬لحديث زينب بنت أبي سلمة‬
‫قالت ‪ " :‬دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى ال عليه وسلم فقالت ‪ :‬سمعت رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم يقول ‪ " :‬ل يحل لمرأة تؤمن بال واليوم الخر ( أن ) تحد على ميت فوق‬
‫ثلث ‪ ،‬إل على زوج أربعة أشهر وعشرا " ثم دخلت على زينب بنت جحش‪-‬حين توفي أخوها‬

‫‪16‬‬
‫فدعت بطيب فمست ‪ ،‬ثم قالت ‪ :‬مالي بالطيب من حاجة‪،‬غير أني سمعت رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم يقول‪ " ..‬فذكرت الحديث‪.‬أخرجه البخاري (‪.)401 -400/400 9 ،114 / 3‬‬
‫‪ - 21‬ولكنها إذا لم تحد على غير زوجها ‪ ،‬إرضاء للزوج وقضاء لوطره منها‪،‬فهو أفضل لها‪،‬‬
‫ويرجى لهما من وراء ذلك خير كثير كما وقع لم سليم وزوجها أبي طلحة النصاري رضي‬
‫ال عنهما‪ ،‬ول بأس من أن أسوق هنا قصتهما في ذلك ‪ -‬على طولهما ‪ -‬لما فيها من الفوائد‬
‫والعظات والعبر ‪ ،‬فقال أنس رضي ال عنه ‪ " :‬قال مالك أبو أنس لمرأته أم سليم ‪ -‬وهي أم‬
‫أنس ‪ : -‬إن هذا الرجل ‪-‬يعني النبي صلى ال عليه وسلم يحرم الخمر ‪ -‬فانطلق حتى أتى الشام‬
‫فهلك هناك فجاء أبو طلحة ‪ ،‬فخطب أم سليم ‪ ،‬في كلمها في ذلك ‪ ،‬فقالت ‪:‬يا أبا طلحة ! ما مثلك‬
‫يرد ‪ ،‬ولكنك امرؤ كافر ‪ ،‬وأنا امرأة مسلمة ل يصلح لى أن أتزوجك ! فقال ‪ :‬ما ذاك دهرك ‪،‬‬
‫قالت ‪ :‬وما دهري قال ‪ :‬الصفراء والبيضاء ! قالت ‪ :‬فإني ل أربد صفراء ول بيضاء ‪ ،‬أريد‬
‫منك السلم‪ ( ،‬فإن تسلم فذاك مهري ‪،‬ول أسألك غيره ) ‪ ،‬قال ‪ :‬فمن لي بذلك ؟ قالت ‪ :‬لك بذلك‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪،‬فانطلق أبو طلحة يريد النبي صلى ال عليه وسلم ورسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم جالس في أصحابه‪،‬فلما رآه قال‪:‬جاءكم أبو طلحة غرة السلم بين عينيه ‪،‬‬
‫فأخبر رسول ال صلى ال عليه وسلم بما قالت أم سليم‪،‬فتزوجها على ذالك‪،‬قال ثابت ( وهو‬
‫البناني أحد رواة القصة عن أنس ) فما بلغنا أن مهرا كان أعظم منه أنها رضيت السلم مهرا ‪،‬‬
‫فتزوجها وكانت امرأة مليحة العينين ‪ ،‬فيها صغر ‪ ،‬فكانت معه حتى ولد له بني ‪ ،‬وكان يحبه‬
‫أبو طلحة حبا شديدا ‪.‬ومرض الصبي ( مرضا شديدا ) ‪،‬وتواضع أبو طلحة لمرضه أو تضعضع‬
‫له ‪ ( ،‬فكان أبو طلحة يقوم صلة الغداة يتوضأ ‪ ،‬ويأتي النبي صلى ال عليه وسلم فيصلى معه ‪،‬‬
‫ويكون معه إلى قريب من نصف النهار‪،‬ويجئ يقيل ويأكل ‪ ،‬فإذا صلى الظهر تهيأ وذهب ‪ ،‬فلم‬
‫يجئ إلى صلة العتمة ) فانطلق أبو طلحة عشية إلى النبي صلى ال عليه وسلم ( وفي رواية ‪:‬‬
‫إلى المسجد ) ومات الصبي فقالت أم سليم‪ :‬ل يتعين إلى أبي طلحة أحد ابنه حتى أكون أنا الذي‬
‫أنعاه له ‪ ،‬فهيأت الصبي ( فسجت عليه ) ‪ ،‬ووضعته ( في جانب البيت ) ‪ ،‬وجاء أبو طلحة من‬
‫عند رسول ال صلى ال عليه وسلم حتى دخل عليها ( ومعه ناس من أهل المسجد من أصحابه )‬
‫فقال ‪ :‬كيف ابني ؟ فقالت ‪:‬يا أبا طلحة ماكان منذ اشتكى أسكن منه الساعة ( وأرجو أن يكون قد‬
‫استراح!) فأتته بعشائه ( فقربته إليهم فتعشوا‪،‬وخرج القوم )‪ (،‬قال فقال إلى فراشه فوضع رأسه‬
‫) ‪ ،‬ثم قامت فتطيبت ‪ ( ،‬وتصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك ) ‪ ( ،‬ثم جاءت حتى دخلت‬
‫معه الفراش ‪ ،‬فما هو إل أن وجد ريح الطيب كان منه ما يكون من الرجل إلي أهله ) ‪ ( ،‬فلما‬
‫كان آخر الليل ) قالت ‪ :‬يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوما أعاروا قوما علية لهم ‪ ،‬فسألو هم إياها‬
‫أكان لهم أن يمنعو هم ؟ فقال ‪ :‬ل‪،‬قالت فإن ال عزوجل كان أعارك ابنك عارية‪ ،‬ثم قبضه إليه‪،‬‬
‫فاحتسب واصبر!فغضب ثم قال‪:‬تركتني حتى إذا وقعت بما وقعت بما وقعت به نعيت إلي ابني!‬
‫( فاسترجع ‪ ،‬وحمد ال ) ‪ ( ،‬فلما أصبح اغتسل ) ‪ ،‬ثم غدا إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫( فصلى معه ) فأخبره ‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬بارك ال لكما في غابر ليلتكما ‪،‬‬
‫فثقلت منت ذلك الحمل ‪ ،‬وكانت أم سليم تسافر مع النبي صلى ال عليه وسلم ‪،‬تخرج إذا خرج ‪،‬‬
‫وتدخل معه إذا دخل ‪ ،‬وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا ولدت فأتوني بالصبي ‪ ( ،‬قال ‪:‬‬
‫فكان رسول ال صلى ال عليه وسلم في سفر وهي معه ‪ ،‬وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫إذا أتى المدينة من سفر ل يطرقها طروقا ‪،‬فدنوا من المدينة ‪ ،‬فضربها المخاض ‪،‬واحتبس عليها‬
‫أبو طلحة ‪،‬وانطلق رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪،‬فقال أبو طلحة ‪:‬يا رب إنك لتعلم أنه يعجبني‬

‫‪17‬‬
‫أن أخرج مع رسولك إذا خرج ‪ ،‬وأدخل معه إذا دخل ‪،‬وقد احتبست بما ترى‪ ،‬قال ‪ :‬تقول أم‬
‫سليم ‪ :‬يا أبا طلحة ما أجد الذي كنت أد فانطلقا قال ‪ :‬وضربها المخاض حين قدموا ) ‪ ،‬فولدت‬
‫غلما ‪ ،‬وقالت لبنها أنس ‪ ( :‬يا أنس ! ل يطعم شيئا حتى تغدوا به إلى رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ (،‬وبعثت معه بتمرات ) ‪ ،‬قال ‪ :‬فبات يبكي ‪ ،‬وبت مجنحا‪ 20‬عليه ‪ ،‬أكالئه حتى‬
‫أصبحت ‪ ،‬فغدوت إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم ) ‪ (،‬وعليه بردة ) ‪ ،‬وهو يسم إبلء أو‬
‫غنما ( قدمت عليه )‪ ،‬فلما نظر إليه ‪ ،‬قال لنس‪ :‬أولدت بنت ملحان ؟ قال ‪:‬نعم ‪ (،‬فقال ‪:‬رويدك‬
‫أفرغ لك ) ‪ ،‬قال‪:‬فألقى ما في يده ‪ ،‬فتناول الصبي وقال ‪ ( :‬أمعه شئ ؟ قالوا ‪ :‬نعم ‪ ،‬تمرات ) ‪،‬‬
‫فأخذ النبي صلى ال عليه وسلم ( بعض ) التمر ( فمضغهن ‪،‬ثم جمع يزاقه ) ‪ ( ،‬ثم فغز فاه ‪،‬‬
‫وأوجره إياه ) ‪ ،‬فجعل يحنك الصبي ‪ ،‬وجعل الصبي يتلمظ ‪ ( :‬يمص بعض حلوة التمر وريق‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فكان أول من فتح أمعاء ذلك الصبي على‪21‬ريق رسول اللله‬
‫صلى ال عليه وسلم فقال ‪:‬انظروا إلى حب النصار التمر ‪(،‬قال ‪ :‬قلت ‪:‬يارسول ال سمه ‪،‬قال‪):‬‬
‫‪22‬‬
‫( فمسح وجهه) وسماه عبد ال ‪ (،‬فما كان في النصار شاب أفضل منه) ‪،‬قال ‪:‬فحرج منه رجل‬
‫كثير ‪ ،‬واستشهد عبد ال بفارس ) "‪.‬أخرجه الطيالسي (رقم ‪ )2056‬والسياق له ‪ ،‬ومن طريقه البيهقي (‪66-4/65‬‬
‫وابن حبان (‪ )725‬وأحمد (‪ )290 ، 287 ، 196 ،106،181 -105 /3‬والزيادات كلها له كما سيأتي ‪ ،‬ورواه البخاري (‪/3‬‬
‫‪ )133 -132‬ومسلم (‪ ) 175 -174 /6‬مختصرا مقتصرا على قصة وفاة الصبي ‪ ،‬وروى النسائي (‪ )87 /2‬قسما من أوله ‪،‬‬
‫والزيادة الولى له ‪ ،‬والسادسة والثامنة والخامسة عشر والسادسة عشر للبخاري ‪ ،‬والتاسعة عشر والثانية والعشرون لمسلم ‪،‬‬
‫وسائرها لحمد كما سبق ‪.‬‬
‫وقد عنيت عناية خاصة بجمع روايات هذه القصة وألفاظها ‪ ،‬لما فيها من روعة وجللة ‪ ،‬وليأخذ‬
‫القارئ عنها فكرة جامعة صادقة ‪ ،‬وذلك تتم العبرة والفائدة ‪.‬‬

‫*********************‬

‫‪ 20‬مائل‬
‫‪ 21‬كذا الصل ‪ ،‬ولعل حرف ( على ) مقحم من بعض النساخ ‪.‬‬
‫‪ 22‬جمع راجل ‪ ،‬وهو ضد الفارس ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫(‪)6‬‬
‫ما يحرم على أقارب الميت‬
‫‪- 22‬لقد حرم رسول ال صلى ال عليه وسلم أمرا كان ول يزال بعض الناس يرتكبونها إذا‬
‫مات لهم ميت‪ ،‬فيجب معرفتها ل جتنابها ‪ ،‬فل بد من بيانها ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬النياحة‪ ، 23‬وفيها أحاديث كثيرة ‪:‬‬
‫‪ ".1‬أربع في أمتي من أمر الجاهلية ‪،‬ل يتركونهن‪ :‬الفخر في الحساب ‪،‬والطعن في‬
‫النساب‪ ،‬والستسقاء بالنجوم ‪ ،‬والنياحة‪.‬وقال‪:‬النائحة إذا لم تتب قبل موتها ‪ ،‬تقام يوم‬
‫القيامة وعليها سربال من قطران ‪ ،‬ودرع من جرب " ‪.‬رواه مسلم ( ‪ ) 45 / 3‬والبيهقي (‬
‫‪ )4/63‬من حديث أبي مالك الشعري ‪.‬‬
‫"‪.‬رواه مسلم (‬ ‫الميت‬ ‫‪ " .2‬اثنتان في الناس هما بهم كفر ‪ :‬الطعن في النسب ‪،‬والنايحة على‬
‫‪ )1/58‬والبيهقي ( ‪ ) 63 / 4‬وغيرهما من حديث هريرة ‪.‬‬
‫بن زيد‪،‬فقال‬ ‫‪ ".3‬لما مات ابراهيم ابن رسول ال صلى ال عليه وسلم صاح أسامة‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ليس هذا مني‪،‬وليس بصائح حق ‪ ،‬القلب يحزن ‪،‬‬
‫والعين تدمع ‪ ،‬ول يغضب الرب "رواه ابن حبان ( ‪ )743‬والحاكم ( ‪ )382 /1‬عن أبي هريرة بسند‬
‫حسن ‪.‬‬
‫‪.4‬عن أم عطية قالت ‪ ":‬أخذ علينا رسول ال صلى ال عليه وسلم مع البيعة أل ننوح‪،‬فما‬
‫وفت منا امرأة ( تعني من المبايعات ) إل خمس‪،‬أم سليم ‪ ،‬أم العلء ‪،‬وابنة أبي سبرة‬
‫امرأة معاذ ‪ ،‬أو ابنة أبي سبرة ‪ ،‬وامرأة معاذ "‪.‬رواه البخاري ( ‪ )137 /3‬ومسلم ( ‪ )46 /3‬واللفظ‬
‫له‪،‬والبيهقي ( ‪ )62 /4‬وغيرهم‪.‬‬
‫‪.5‬عن أنس بن مالك‪ ":‬أن عمر بن الخطاب لما طعن عولت عليه حفصة ‪ ،‬فقال‪:‬يا‬
‫حفصد أما حفصة أما سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ :‬المعول عليه‬
‫يعذب؟!وعول عليه وفي أخرى‪ (:‬في قبره ) بما نيح عليه " ‪ .‬أخرجه البخاري ومسلم والسياق‬
‫له والبيهقي ( ‪ ) 73 - 72 / 4‬وأحمد ( رقم ‪ ) 386 ، 254 ، 334 ، 315 ، 290 ، 288 ، 268‬من طرق عن‬
‫عمر مطول ومختصرا ‪ ،‬وروى ابن حبان في " صحيحه " ( ‪ . ) 741‬قصة حفصة فقط ‪.‬‬
‫‪".6‬إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه "وفي رواية‪ ":‬الميت يعذب في قبره بما نيح عليه "‪.‬‬
‫أخرجه الشيخان وأحمد من حديث ابن عمر ‪ ،‬والرواية الخرى لمسلم وأحمد ورواه ابن حبان في صحيحه(‪)742‬‬
‫من حديث عمران بن حصين نحو الرواية الولى‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫أخرجه البخاري ( ‪ ) 126 / 3‬ومسلم ( ‪3‬‬ ‫‪ ".7‬من ينح عليه يعذب بما نيح عليه ( يوم القيامة ) "‬
‫‪ ) 45 /‬والبيهقي ( ‪ )72 / 4‬وأحمد ( ‪. ) 255 ، 252 ، 245 /4‬‬

‫‪ 23‬وهو أمر زائد على البكاء ‪ .‬قال ابن ابن العربي ‪ " :‬النوح ما كانت الحاهلية تفعل ‪ ،‬كان النساء يقفن متقابلت يصحن ‪ ،‬ويحثين التراب على روءسهن‬
‫ويضربن وجوههن " نقله البي على مسلم ‪.‬‬
‫‪ 24‬في هذا الحديث بيان أن البكاء المذكور في الحديث الذي قبله ‪ ،‬ليس المراد به مطلق البكاء ‪ ،‬بل بكاء خاص وهو النياحة ‪ ،‬وقد أشار إلى هذا حديث عرم‬
‫المتقدم في الرواية الثانية وهو قوله ‪ " :‬ببعض بكاء ‪ . " . . .‬ثم إن ظاهر هذا الحديث واللذين قبله مشكل ‪ ،‬لنه يتعارض مع بعض أصول الشريعة وقواعد ها‬
‫المقررة في مثل قوله تعالى ‪ " :‬ول تزر وازرد وزر أخرى " ‪ ،‬وقد اختلف العلماء في الجواب عن ذلك على ثمانيد أقوال ‪ ،‬وأقربها إلى الصواب قولن ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬ما ذهب إليه الجمهور ‪ ،‬وهو أن الحديث محمول على من أوصى بالنوح عليه ‪ ،‬أو لم يوص بتركه مع علمه بأن الناس يفعلونه عادة ‪ .‬ولهذا قال عبد ال‬
‫بن المبارك ‪ " :‬إذا كان ينهاهم في حياته ففعلوا شيئا من ذلك بعد وفاته ‪ ،‬لم يكن عليه شئ "‪ .1‬والعذاب عند هم بمعنى العقاب ‪ .‬والخر ‪ :‬أن معنى " أي يتألم‬
‫بسماعه بكاء أهله ويرق لهم ويحزن ‪ ،‬وذلك في البرزخ ‪ ،‬وليس يوم القيامة ‪ .‬وإلى هذا ذهب محمد بن جرير الطبري وغيره ‪ ،‬ونصره ابن تيمية وابن القيم‬
‫وغيرهما ‪ .‬قالوا ‪ " :‬ليس المراد أن ال يعاقبه ببكاء الحي عليه ‪ ،‬والعذاب أعم من العقاب كما في قوله ‪ " :‬السفر قطعة من العذاب " ‪ ،‬وليس هذا عقابا على‬
‫ذنب ‪ ،‬وإنما هو تعذيب وتألم " ‪ .2 .‬وقد يؤيد هذا قوله في الحديث ( ‪ " : ) 6 ، 5‬في قبره " ‪ .‬وكنت أميل إلى هذا المذهب برهة من الزمن ‪ ،‬ثم بدا لي أنه‬
‫ضعيف لمخالفته للحديث السابع الذي قيد العذاب بأنه " يوم القيامة " ‪ . ،‬عندهم بين هذا القيد والقيد الخر في قوله " في قبره " ‪ ،‬بل يضم أحدهما إلى الخر ‪،‬‬
‫وينتج أنه يعذب في قبره ‪ ،‬ويوم القيامة ‪ .‬وهذا بين إيشاء ال تعالى ‪.‬‬
‫ً‪ - 1‬عمدة القارئ ( ‪. ) 74 / 4‬‬
‫ً‪ -2‬أنظر كلم ابن تيمية في " مجموعة الرسائل المنيرية " ( ‪ ) 209 / 2‬وابن القيم في " التهذيب " ( ‪. ) 293 - 290 / 4‬‬

‫‪19‬‬
‫‪.8‬عن النعمان بن بير قال‪":‬أغمي على عبد ال بن رواحة رضي ال عنه ‪،‬فجعلت أخته‬
‫عمرة تبكي‪:‬واجبله‪،‬واكذا‪،‬واكذا ‪ ،‬تعدد عليه‪،‬فقال حين أفاق ‪ :‬ما قلت شيئا إل قيل لي‬
‫‪ ،‬كذلك!؟ فلما مات لم تبك عليه "‪.‬أخرجه البخاري والبهقي ( ‪. ) 64 / 4‬‬
‫وفي الباب أحاديث أخرى ‪ ،‬نذكرها في الفقرة التية إن شاء ال تعالى‬
‫ب ‪ ،‬ج ‪ -‬ضرب الخدود ‪ ،‬وشق الجيوب لقوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ليس منا من تلطم‬
‫الخدود ‪ ،‬وشق الجيوب ‪ ،‬ودعى بدعوى الجاهلية " ‪ .‬رواه البخاري ( ‪ ) 129 ، 128 - 127 / 3‬ومسلم ( ‪1‬‬
‫‪ ) 70 /‬وابن الجارود ( ‪ ) 257‬والبيهقي ( ‪ ) 64 - 63 / 4‬وغيرهم من حديث ابن مسعود ‪.‬‬
‫د‪ -‬حلق الشعر ‪ ،‬لحديث أبي بردة بن أبي موسى قال ‪ " :‬وجع أبو موسى وجعا فغشي عليه ‪،‬‬
‫ورأسه في حجر امرأة من أهله ‪ ،‬فصاحت امرأة من أهله ‪ ،‬فلم يستطع أن يرد عليها شيئا ‪ ،‬فلما‬
‫أفاق قال ‪:‬إنا برئ ممن برئ منه رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪،‬فان رسول ال صلى ال عليه‬
‫‪25‬‬
‫وسلم برئ من الصالقة ‪ ،‬والحالقة ‪ ،‬والشاقة " ‪.‬أخرجه البخاري (‪ )3/129‬ومسلم (‪ )1/70‬والنسائي (‪)263 /1‬‬
‫والبيهقي ( ‪. ) 64 / 4‬‬
‫هـ‪ -‬نشر الشعر ‪ ،‬لحديث امرأة من المبايعات قالت ‪ " :‬كان فيما أخذ علينا رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم في المعروف الذي أخذ علينا أن ل نعصيه فيه‪،‬وأن لنخمش وجها ول ندعو ويل‪،‬ول‬
‫نشق جيبا‪،‬وأن ل ننشر شعرا "‪.‬أخرجه إبو داود ( ‪ ) 59 / 2‬ومن طريقه البيهقي ( ‪ ) 64 / 4‬بسند صحيح ‪.‬‬
‫و‪ -‬إعفاء بعض الرجال لحاهم أياما قليلة حزنا على ميتهم‪،‬فإذا مضت عادوا إلى حلقها ! فهذا‬
‫العفاء في معنى نشر الشعر كما هو ظاهر‪،‬يضاف إلى ذلك أنه بدعة ‪ ،‬وقد قال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪":‬كل بدعة ضللة‪ ،‬وكل ضللة في النا"‪.‬رواه النسائي والبيهقي في "السماء والصفات"بسند صحيح عن جابر‬
‫ر ‪ -‬العلن عن موته على رؤوس المنائر ونحوها‪،‬لنه من النعي‪،‬وقد ثبت عن حذيفة بن‬
‫اليمان أنه ‪":‬كان إذا مات له الميت قال ‪:‬ل تؤذنوا به أحدا ‪ ،‬إني أخاف أن يكون نعيا‪،‬إني سمعت‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ينهى عن النعي "‪.‬أخرجه الترمذي (‪ ) 129 /2‬وحسنه ‪ ،‬وابن ماجه ( ‪450 / 1‬‬
‫) وأحمد ( ‪ ) 406 / 5‬والسياق له والبيهقي ( ‪ ، ) 74 / 4‬وأخرج المرفوع منه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( ‪) 97 / 4‬‬
‫وإسناده حسن كما قال الحافظ في " الفتح " ‪.‬‬
‫والنعي لغة ‪ :‬هو الخبار بموت الميت ‪ ،‬فهو على هذا يشمل كل إخبار ‪،‬ولكن قد جاءت أحاديث‬
‫صحيحة تدل على جواز نوع من الخبار ‪ ،‬وقيد العلماء بها مطلق النهي ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬إن المراد‬
‫بالنعي العلن الذي يشبه ما كان عليه أهل الجاهلية من الصياح على أبواب البيوت والسواق‬
‫كما سيأتي ‪ ،‬ولذلك قلت ‪:‬‬

‫********************************‬

‫‪ 25‬هي التي ترفع صوتها عند الفجيعة بالموت‬

‫‪20‬‬
‫(‪)7‬‬
‫النعي الجائز‬
‫‪ - 23‬ويجوز إعلن الوفاة إذا لم يقترن به ما يشبه نعي الجاهلية وقد يجب ذلك إذا لم يكن عنده‬
‫من يقوم بحقه من الغسل والتكفين والصلة عليه ونحو ذلك ‪ ،‬وفيه أحاديث ‪:‬‬
‫الول ‪:‬عن أبي هريرة ‪ ":‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات‬
‫فيه ‪ ،‬خرج إلى المصلى ‪ ،‬فصف بهم وكبر أربعا " ‪.‬أخرجه الشيخان وغيرهما ‪ ،‬وسيأتي ذكره بجميع زياداته‬
‫من مختلف طرقه في المسألة (‪ ) 60‬الحديث السابع ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬عن أنس قال ‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وسلم‪ " :‬أخذ الرواية زيد فأصيب ‪ ،‬بثم أخذ‬
‫جعفر فأصيب ‪ ،‬ثم أخذها عبد ال بن رواحة فأصيب ‪ -‬وإن عيني رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم لتذرفان ‪-‬ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له "‪.‬أخرجه البخاري وترجم له والذي وقبله‬
‫بقوله ‪ " :‬باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه " ‪.‬‬
‫وقال الحافظ ‪ " :‬وفائدة هذاه الترجمة الشارة إلى أن النعي ليس ممنوعا كله‪،‬وإنما نهى عما كان‬
‫أهل الجاهلية يصنعونه ‪ ،‬فكانوا يرسلون من يعلن بخبر موت الميت على أبواب الدور قلت ‪:‬‬
‫وإذا كان هذا مسلما‪ ،‬فالصياح بذلك رؤوس المنائر يكون نعيا من باب أولى ‪،‬ولذلك جز منابه في‬
‫الفقرة التي قبل هذه ‪ ،‬وقد يقترن به أمور أخرى هي في ذاتها محرمات أخر ‪ ،‬مثل أخذ الجرة‬
‫على هذا الصياح ! ومدح الميت بما يعلم أنه ليس كذلك ‪ ،‬كقولهم ‪ " :‬الصلة على فخر الماجد‬
‫المكرمين ‪ ،‬وبقية السلف الكرام الصالحين ‪! " ......‬‬
‫‪ -24‬ويستحب للمخبر أن يطلب من الناس أن يستغفروا للميت لحديث أبي قتادة رضي ال عنه‬
‫قال ‪ " :‬بعث رسول ال صلى ال عليه وسلم جيش المراء عليكم زيد بن حارثة ‪،‬فإن أصيب‬
‫زيد فجعفر بن أبي طالب ‪ ،‬فإن أصيب جعفر فعبد ال بن رواحة النصاري ‪ ،‬فوثب جعفر فقال‬
‫‪ :‬بأبي أنت وأمي يارسول ال ما كنت أرهب أن تستعمل علي زيدا ‪ ،‬قال ‪ :‬امضه فإنك ل تدري‬
‫أي ذلك خير ‪ ،‬فانطلقوا ‪ ،‬فلبثوا ما شاء ال ‪ ،‬ثم إن رسول ال صلى ال عليه وسلم صعد المنبر‪،‬‬
‫وأمر أن ينادي الصلة ب جامعة ‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬ناب خير ‪ ،‬أو ثاب‬
‫خير ‪ -‬شك عبد الرحمن ‪ -‬يعني ابن مهدي ) ‪ ، -‬أل أخبر كم عن جيشكم هذا الغازي ؟ إنهم‬
‫انطلقوا فلقوا العدو ‪ ،‬فأصيب زيد شهيدا ‪ ،‬فاستغفروا له ‪-‬فاستغفر له الناس ‪-‬ثم أخذ اللواء جعفر‬
‫بن أبي طالب ‪ ،‬فشد على القوم حتى قتل شهيدا ‪ ،‬أشهد له بالشهادة ‪ ،‬فاستغفروا له ‪،‬ثم أخذ اللواء‬
‫عبد ال بن رواحة ‪ ،‬فأثبت قدميه حتى قتل شهيدا ‪ ،‬فاستغفروا له ‪ ،‬ثم أخذا اللواء خالد بن الوليد‬
‫‪ -‬ولم يكن من المراء ‪ ،‬بهو أمر نفسه ‪ -‬ثم رفع رسول ال صلى ال عليه وسلم أصبعيه فقال‬
‫‪ :‬اللهم هو سيف من سيوفك ‪ ،‬فانصره ‪-‬فمن يومئذ سمي خالد سيف ال ‪-‬ثم قال ‪ :‬انفروا فأمدوا‬
‫إخوانكم ‪ ،‬ول يتخلفن أحد‪ :‬فنفر الناس في حر شديد مشاة وركبانا "‪.‬أخرجه أحمد (‪)301 -5/299،300‬‬
‫وإسناده حسن ‪.‬‬
‫وفي الباب عن أبي هريرة وغيره في قوله صلى ال عليه وسلم لما نعي للناس النجاشي ‪" :‬‬
‫‪26‬‬
‫استغفروا لخيكم "وسيأتي في المسألة ( ‪ )60‬ص ‪88- 87‬‬

‫********************‬

‫‪ 26‬ومما سبق تعلم أن قول الناس اليوم في بعض البلد ‪ " :‬الفاتحة على روح فلن " مخالف للسنة المذكورة ‪ ،‬فهو بدعة بل شك ‪ ،‬ل سيما والقراءة ل تصل إلى‬
‫الموتى على القول الصحيح كما سيأتي تفصيله إن شاء ال تعالى ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫(‪)8‬‬
‫علمات حسن الخاتمة‬
‫‪- 25‬ثم إن الشارع الحكيم قد جعل علمات بينات يستدل بها على حسن الخاتمة ‪ - .‬كتبها ال‬
‫تعالى لنا بفضله ومنه ‪ -‬فأيما امرئ مات بإحداها كانت بشارة له ‪ ،‬ويا لها من بشارة ‪.‬‬
‫الولى ‪ :‬نطقه بالشهادة عند الموت وفيه أحاديث ‪.‬‬
‫‪ ".1‬من كان آخر كلمه ل إله إل ال دخل الجنة "‪.‬أخرجه الحاكم وغيره بسند حسن‬
‫عن معاذ ‪ .‬وله شاهد من حديث أبي هريرة تقدم في " اللقين " فقرة ( أ ) ص ‪10‬‬
‫‪.2‬عن طلحة بن عبيد ال رضي ال عنه قال ‪ " :‬رأى عمر طلحة بن عبيد ال ثقيل ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬مالك يا أبا فلن ؟ لعلك ساءتك امرأة عمك يا إبا فلن ؟ قال ‪ :‬ل ‪ ( -‬وأثنى‬
‫على أبي بكر ) إل أني سمعت من رسول ال صلى ال عليه وسلم حديثا ما منعني‬
‫أن أسأله عنه إل القدرة عليه حتى مات ‪ ،‬سمعته يقول ‪ :‬إني لعلم كلمة ل يقولها‬
‫عبد عند موته إل أشرق لها لونه ‪ ،‬ونفس ال عنه كربته ‪ ،‬قال ‪ :‬فقال عمر ‪ :‬إني‬
‫لعلم ماهي ! قال ‪ :‬وما هي ؟ قال ‪ :‬تعلم كلمة أعظم من كلمة أمر بها عمه عند‬
‫الموت ‪ :‬ل إله ال ؟ قال طلحة ‪ :‬صدقت ‪ ،‬هي وال هي " ‪ .‬أخرجه المام أحمد ( رقم‬
‫‪ ) 1384‬وإسناده صحيح ‪ ،‬وابن حبان ( ‪ ) 2‬بنحوه ‪ ،‬والحاكم ( ‪ ) 351 ، 350 / 1‬والزيادة له ‪ ،‬وقال "‬
‫صحيح على شرطهما " ووافقه الذهبي ‪.‬‬
‫وفي الباب أحاديث ذكرت في " التلقين " ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬الموت برشح الحبين‪،‬لحديث بريدة بن الخصيب رضي ال عنه ‪ " :‬أنه كان بخراسان ‪،‬‬
‫فعاد أخا له وهو مريض ‪ ،‬فوجده بالموت ‪ ،‬وإذا هو بعرق جبينه ‪،‬فقال ‪:‬ال أكبر ‪،‬سمعت رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ :‬موت المؤمن بعرق الجبين " ‪.‬أخرجه أحمد ( ‪ )5/357،360‬والسياق له ‪،‬‬
‫والنسائي (‪ )1/259‬والترمذي (‪ )2/128‬وحسنه ‪ ،‬وابن ماجه (‪ )444-443 /1‬وابن حبان(‪ )730‬والحاكم(‪ )1/761‬والطيالسي (‬
‫‪ )808‬وقال الحاكم ‪ " :‬صحيح عل شرط مسلم " ووافقه الذهبي ! وفيه نظر ل مجال لذكره هنا ‪ ،‬ل سيما وأن أحد إسنادي‬
‫النسائي صحيح على شرط البخاري ‪.‬‬
‫وله شاهد من حديث عبد ال بن مسعود رضي ال عنه ‪ .‬رواه الطبراني في " الوسط " و "‬
‫الكبير " ورجاله ثقات رجال الصحيح ‪ ،‬كما في " المجمع " ( ‪. ) 325 / 2‬‬
‫الثالثة ‪ :‬الموت ليلة الجمعة أو نهارها ‪ ،‬لقوله صلى ال عليه وسلم‪ ":‬ما من مسلم يموت يوم‬
‫الجمعة ‪،‬أليلة الجمعة‪،‬إل وقاه ال فتنة القبر "‪ .‬أخرجه أحمد (‪)6646-6582‬من طريقين عن عبد ال بن عمرو ‪،‬‬
‫والترمذي من أحد الوجهين ‪ ،‬وله شواهد عن أنس وجابر بن عبد ال ‪ ،‬وغيرهما ‪ ،‬فالحديث بمجموع طرقه حسن أو صحيح‪.27‬‬
‫الرابعة ‪ :‬الستشهاد في ساحة القتال ‪ ،‬قال ال تعالى ‪{:‬ول تحسبن الذين قتلوا في سبيل ال أمواتا‬
‫‪ ،‬بل أحياء عند ربهم يرزقون ‪ .‬فرحين بما آتاهم ال من فضله ‪ ،‬ويستبشرون بالذين لم يلحقوا‬
‫بهم من خلفهم أل خوف عليهم ول هم يحزنون ‪ .‬يستبشرون بنعمة من ال وفضل ‪ ،‬وأن ال ل‬
‫يضيع أجر المؤمنين} ( ال عمران ‪. ) 169 :‬‬
‫وفي ذلك أحاديث ‪:‬‬
‫‪ ".1‬للشهيد عند ال ست خصال ‪:‬يغفر له في إول دفعة من دمه ‪،‬ويرى مقعده من‬
‫الجنة‪ ،‬ويجار من عذاب القبر‪،‬ويأمن الفزع الكبر‪،‬ويحلى حلية اليمان‪ ،‬ويزوج‬
‫من الحور العين‪ ،‬ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه "‪.‬أخرجه الترمذي (‪ )3/17‬وصححه ‪،‬‬

‫‪ 27‬راجع " تحفة الحوذي "‬

‫‪22‬‬
‫وابن ماجه (‪ )184 /2‬وأحمد (‪)131‬وإسناده صحيح‪ ،‬ثم أخرجه (‪)4/200‬من حديث عبادة بن الصامت ومن‬
‫حديث قيس الجذامي (‪ )4/200‬وإسنادهما صحيح أيضا ‪.‬‬
‫‪.2‬عن رجل من أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬أن رجل قال ‪ :‬يارسول ال‬
‫ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إل الشهيد ؟ قال ‪ :‬كفى ببارقة السيوف على‬
‫رأسه فتنة " ‪ .‬رواه النسائي ( ‪ )1/289‬وعنه القاسم السرقسطي في " الحديث " ( ‪ )2/165/1‬وسنده‬
‫صحيح ‪.‬‬
‫( تنبيه )‪:‬ترجى هذه الشهادة لمن سألها مخلصا من قلبه ولو لم يتيسر له الستشهاد في المعركة‬
‫‪ ،‬بدليل قوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬من سأل ال الشهادة بصدق ‪،‬بلغه ال منازل الشهداء وإن‬
‫مات على فراشه "‪.‬أخرجه مسلم (‪ )2/49‬والبيهقي (‪ )9/169‬عن أبي هريرة ‪.‬وله في "المستدرك " (‪ )77 /2‬شواهد ‪.‬‬
‫الخامسة ‪ :‬الموت غازيا في سبيل ال ‪ ،‬وفيه حديثان ‪:‬‬
‫‪ ".1‬ما تعدون الشهيد فيكم ؟ قالوا ‪ :‬يارسول ال من قتل في سبيل ال فهو شهيد ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬إن شهداء أمتي إذا لقليل ‪ ،‬قالوا ‪ :‬فمن هم يارسول ال ؟ قال ‪ :‬من قتل في‬
‫سبيل ال فهو شهيد ‪ ،‬ومن مات في سبيل ال فهو شهيد ومن مات في الطاعون‬
‫‪28‬‬
‫فهو شهيد ‪ ،‬ومن ما في البطن فهو شهيد ‪ ،‬والغريق شهيد " ‪.‬أخرجه مسلم (‪)6/51‬‬
‫وأحمد (‪ )2/522‬عن أبي هريرة ‪ .‬وفي الباب عن عمر عند الحاكم ( ‪ )2/109‬والبيهقي ‪.‬‬
‫‪ " .2‬من فصل ( أي خرج ) في سبيل ال فمات أو قتل فهو شهيد ‪ ،‬بأو وقصه‬
‫فرسه أو بعيره ‪ ،‬أو لدغته هامة ‪ ،‬أو مات على فراشه بأي حتف شاء ال فإنه‬
‫شهيد وإن له الجنة " ‪.‬أخرجه أبو داود ( ‪ )1/391‬والحاكم ( ‪ )78 /2‬والبيهقي (‪ )166 /9‬من حديث‬
‫أبي مالك الشعري ‪ ،‬وصححه الحاكم ‪ ،‬وإنما هو حسن فقط ‪.‬‬
‫السادسة ‪ :‬الموت بالطاعون ‪ ،‬وفيه أحاديث ‪:‬‬
‫‪.1‬عن حفصة بنت سيرين ‪ :‬قال لي أنس بن مالك ‪ :‬بم مات يحيى بن أبي عمرة ؟‬
‫قلت ‪ :‬بالطاعون‪،‬فقال ‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬الطاعون شهادة لكل‬
‫مسلم " ‪ .‬أخرجه البخاري ( ‪ )157 - 156 / 10‬والطيالسي ( ‪ ) 2113‬وأحمد ( ‪، 223 ، 20 2 ،150 /3‬‬
‫‪. )265 - 258‬‬
‫‪.2‬عن عائشة أنها سألت رسول ال صلى ال عليه وسلم عن الطاعون ؟ فأخبرها نبي‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬انه كان عذابا يبعثه ال على من يشاء ‪،‬فجعله ال رحمة‬
‫للمؤمنين‪ ،‬فليس من عبد يقع الطاعون ‪،‬فيمكث في بلده صابرا يعلم أنه لن يصيبه إل‬
‫ماكتب ال له‪ ،‬إل كان له مثل أجر الشهيد ‪.‬أحرجه البخاري(‪)158-10/157‬والبيهقي (‬
‫‪)3/376‬وأحمد(‪)6/64،145،252‬‬
‫‪ " .3‬يأتي الشهداء والتوفون بالطاعون ‪ ،‬فيقول أصحاب الطاعون ‪ :‬نحن شهداء ‪،‬‬
‫فيقال ‪ :‬انظروا فإن كانت جراحهم كجراح الشهداء تسيل دما ريح المسك ‪ ،‬فهم‬
‫شهداء ‪ ،‬فيجدونهم كذلك " ‪ .‬أخرجه المام أحمد ( ‪ ) 185 / 4‬والطبراني في " الكبير " ( مجموع ‪/ 6‬‬
‫‪ )2 / 55‬بسند حسن كما قال الحافظ ( ‪ ) 159 / 10‬عن عتبة بن عبد السلمي رضي ال عنه ‪.‬‬
‫وله شاهد من حديث العرباض بن سارية رضي ال عنه أخرجه النسائي ( ‪ )2/63‬وأحمد ( ‪ )129 ،128 /4‬والطبراني وحسنه‬
‫الحافظ أيضا ‪ ،‬وهو حسن في الشواهد ‪.‬‬
‫وفي الباب عن أبي هريرة‪،‬وتقدم في " الفقرة الخامسة " الحديث الول ‪ ،‬ويأتي أيضا في" الثامنة‬
‫والتاسعة ‪ ،‬وعن عبادة ويأتي في " العاشرة "‪.‬‬
‫السابعة ‪ :‬الموت بداء البطن ‪ ،‬وفيه حديثان ‪:‬‬
‫‪ 28‬أي بداء البطن وهو الستسقاء وانتفاخ البطن ‪ .‬وقيل ‪ :‬هو السهال ‪ ،‬وقيل ‪ :‬الذي يشتكي بطنه ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪...".1‬ومن مات في البطن فهو شهيد "‪.‬رواه مسلم وغيره ‪،‬وتقدم بتمامه في " الخامسة " ‪.‬‬
‫‪ .2‬عن عبد ال بن يسار قال ‪ " :‬كنت جالسا وسليمان بن صرد وخالد بن عرفطة ‪ ،‬فذ‬
‫كروا رجل توفي‪،‬مات ببطنه ‪،‬فإذا هما يشتهيان أن يكونا شهداء جنازته فقال أحمد‬
‫هما للخر ‪ :‬ألم يقل رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬من يقتله بطنه فلن يعذب في‬
‫قبره " ؟ فقال الخر ‪ :‬بلى وفي رواية " صدقت " ‪ .‬أخرجه النسائي ( ‪ ) 289 / 1‬والترمذي ( ‪2‬‬
‫‪ ) 160 /‬وحسنه ‪ ،‬وابن حبان في صحيحه ( رقم ‪ - 728‬موارد ) والطيالسي ( ‪ ) 1288‬وأحمد ( ‪) 262 / 4‬‬
‫وسنده صحيح ‪.‬‬
‫الثامنة والتاسعة ‪ :‬الموت بالغرق والهدم ‪ ،‬لقوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬الشهداء خمسة ‪:‬‬
‫المطعون ‪ ،‬والمبطون ‪ ،‬وصاحب الهدم ‪ ،‬والشهيد في سبيل ال " ‪ .‬أخرجه البخاري ( ‪) 34 - 33 / 6‬‬
‫ومسلم ( ‪ ) 51 / 6‬والترمذي ( ‪ ) 159 / 2‬وأحمد ( ‪ ) 533 ، 325 / 2‬من حديث أبي هريرة ‪.‬‬
‫العاشرة ‪ :‬موت المرأة في نفاسها بسبب ولدها‪،‬لحديث عبادة بن الصامت ‪ " :‬إن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم عاد عبد ال بن رواحة قال ‪ :‬فما تحوز‪ 29‬له عن فراشه ‪ ،‬فقال ‪ :‬أتدري من‬
‫شهداء أمتي؟ قالوا ‪:‬قتل المسلم شهادة ‪ ،‬قال ‪ :‬إن شهداء أمتي إذا لقليل ! قتل المسلم شهادة ‪،‬‬
‫والطاعون شهادة والمرأة يقتلها ولدها جمعاء‪ 30‬شهادة ‪ ( ،‬يجرها ولدها بسرره‪ 31‬إلى الجنة ) " ‪.‬‬
‫أخرجه إحمد ( ‪ ) 323 / 5 - 201 / 4‬والدارمي ( ‪ ) 208 / 2‬والطيالسي ( ‪ ) 582‬وإسناده صحيح ‪.‬‬
‫وله في " المسند " ( ‪ ) 328 ، 317 ، 315 / 4‬طرق أخرى ‪.‬‬
‫وفي الباب عن صفوان بن إمية عند الدارمي والنسائي( ‪ )1/289‬وأحمد (‪. ) 466-)465 /6‬‬
‫وعن عقبه بن عامر ‪ 7‬عند النسائي ( ‪. ) 63 - 62 / 2‬‬
‫وعن راشد بن حبيش عند أحمد ( ‪ ، ) 289 / 3‬ورجاله ثقات ‪ ،‬وقال المذري في " الترغيب " ( ‪ " : ) 201 / 2‬إسناده وفيه‬
‫الزيادة وهي في حديث عبادة عند الطيالسي وأحمد ‪.‬‬
‫وعن جابر بن عتبك ويأتي لفطه في الفقرة التية ‪:‬‬
‫‪32‬‬
‫الحادية عشر ‪ ،‬والثانية عشر‪:‬الموت بالحرق‪،‬وذات الجنب وفيه أحاديث ‪ ،‬أشهرها عن جابر‬
‫بن عتيك مرفوعا ‪ " :‬الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل ال ‪ :‬المطعون شهيد ‪ ،‬والغرق شهيد ‪،‬‬
‫وصاحب ذات الجنب شهيد ‪ ،‬والحرق شهيد ‪ ،‬والذي يموت تحت الهدم شهيد ‪ ،‬والمرأة تموت‬
‫‪33‬‬
‫شهيدة " ‪ .‬أخرجه مالك (‪ )233-1/232‬وإبو داود (‪ )2/26‬والنسائي (‪ )1/261‬وابن ماجه (‪)186 -185 /2‬‬ ‫بجمع‬
‫وابن حبان في صحيحه (‪ -1616‬موارد)والحاكم (‪)352 /1‬وأحمد (‪ )5/446‬وقال الحاكم ‪ " :‬صحيح السناد "! ووافقه الذهبي!‬
‫ولست أشك في صحة متنه ‪ ،‬لن له شواهد كثيرة ‪ ،‬تقدم أكثرها وروي الطبراني من حديث ربيع النصاري مرفوعا به نحوه‬
‫دون ذكر الهدم ‪.‬قال المنذري وتبعه الهيثمي (‪ " : )300 /5‬ورواته مجتج بهم في الصحيح " ‪.‬‬
‫وروى أحمد ( ‪ )7 15 /4‬من حديث عقبة بن عامر مرفوعا بلفظ ‪ " :‬الميت من ذات الجنب شهيد " ‪.‬‬
‫وسنده حسن في الشواهد ‪،‬وقا جاءت هذه الجملد في بعض طرق حديث أبي هريرة المتقدم في " الخامسة " ‪ 7‬أخرجه أحمد (‬
‫‪ )442 -2/441‬وفيه محمد بن اسحاق وهو مدلس وقد عنعنه ‪.‬‬
‫الثالثة عشر ‪:‬الموت بداء السل لقوله صلى ال عليه وسلم ‪ ":‬القتل في سبيل ال شهادة ‪،‬والنفساء‬
‫‪34‬‬
‫شهادة ‪،‬والحرق شهادة والغرق شهادة‪ ،‬والسل شهادة ‪،‬والبطن شهادة "‪.‬قال في "مجمع الزوائد " (‪2/317‬‬
‫‪": )301-‬رواه الطبراني في الوسط ‪،‬وفيه مندل بن علي ‪،‬وفيه كلم كثير وقد وثق "‪.‬فقد زاد فيه أحمد في رواية له‪" :‬والسل " ‪.‬‬

‫‪ 29‬بالحاء المهملة والواو المشددة ‪ ،‬أي ‪ :‬تنحى ‪.‬‬


‫‪ 30‬هي التي تموت ‪ ،‬وفي بطنها ولد ‪ .‬انظر كلم " النهاية " في التعليق التي قريبا ‪.‬‬
‫‪ 31‬السرة ما يبقى بعد القطع مما تقطعه القابلة ‪ ،‬والسرر ما تقطعه ‪ ،‬وهو السر بالضم أيضا ‪.‬‬
‫‪ 32‬هي ورم حار يعرض في الغشاء المستبطن للضلع ‪.‬‬
‫‪ 33‬في " النهاية " ‪ " :‬إي تموت وفي بطنها ولد ‪ ،‬وقيل التي تموت بكرا ‪ ،‬والجمع بالضم بمعنى المجموع ‪ ،‬كذخر بمعنى المذخور ‪ ،‬وكسر الكسائي الجيم ‪،‬‬
‫والمعنى أنها ماتت مع شئ مجموع فيها غير منفصل عنها من حمل أو بكارة " قلت ‪ :‬والمراد هنا الحمل قطعا بدليل الحديث المتقدم في " العاشرة " بلفظ "‬
‫يقتلها ولدها جمعاء " ‪.‬‬
‫‪ 34‬بفتحتين ‪ ،‬وكذا ( الغرق ) ب ‪ ،‬كما في " حاشية المسند " ( ق ‪ ) 1 / 301‬مكتبة شيخ السلم في المدينة‬

‫‪24‬‬
‫ورجاله موثقون ‪ ،‬وحسنه المنذري كما سبق ‪ ،‬وله شاهد آخر في " المجمع " ‪.‬‬
‫الرابعة عشر ‪ :‬الموت في سبيل الدفاع عن المال المراد غصبه ‪ ،‬وفيه أحاديث ‪:‬‬
‫‪ ".1‬من قتل دون ماله ‪ ( ،‬وفي رواية ‪ :‬من أريد ماله بغير حق فقاتل ‪ ،‬فقتل ) فهو‬
‫شهيد " ‪ .‬أخرجه البخاري ( ‪ ) 93 / 5‬ومسلم ( ‪ ) 87 / 1‬وإبو داود (‪ )2/285‬والنسائي (‪)2/173‬‬
‫والترمذي (‪ ) 315 /2‬وصححه وابن ماجه ( ‪ ) 123 / 2‬وأحمد ( ‪ ) 6829 ، 6823 ، 68 16‬كلهم بالرواية‬
‫الثانية إل البخاري ومسلم فبالولى ‪ ،‬وهي رواية للنسائي والترمذي وأحمد ( ‪ ) 6822‬عن عبد ال بن عمرو ‪.‬‬
‫وفي الباب عن سعيد بن زيد ‪ ،‬ويأتي في الخامسة عشرة ‪:‬‬
‫‪.2‬عن أبي هريرة رضي ال عنه قال‪ ":‬جاء رجل إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬يارسول ال أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال‪ :‬فل تعطه مالك‪ ،‬قال‪:‬‬
‫أرأيت إن قاتلني؟قاتله‪،‬قال‪:‬أرأيت إن قتلني‪،‬قال ‪:‬فأنت شهيد ‪ ،‬قال ‪:‬أرأيت إن قتلته ؟‬
‫قال ‪ :‬هو في النار "‪.‬أخرجه مسلم (‪،)1/87‬وأخرجه النسائي (‪)2/173‬وأحمد (‪)360-1/339‬من طريق‬
‫أخرى عنه‪.‬‬
‫رضي ال عنه ‪ " .‬جاء رجل إلى النبي صلى ال عليه وسلم فقال ‪:‬‬ ‫‪.3‬عن مخارق‬
‫الرجل يأتيي فيريد مالي؟ قال ‪ :‬ذكره بال ‪،‬قال فإن لم يذكر؟ قال ‪ :‬فاستعن عليه‬
‫السلطان‪ ،‬قال‪ :‬فإن نأى السلطان عني (وعجل علي) ؟ قال ‪:‬قاتل دون ملك حتى‬
‫تكون من شهداء الخرة ‪،‬إو تمنع مالك "‪.‬أخرجه النسائي وأحمد (‪)5/294،294،295‬والزيادة له‬
‫وسنده صحيح على شرط مسلم ‪.‬‬
‫الخامسة عشر‪،‬والسادسة عشر‪ :‬الموت في سبيل الدفاع عن الدين والنفس‪ ،‬وفيه حديثان ‪:‬‬
‫‪ ".1‬من قتل دون ماله فهو شهيد ‪،‬ومنت قتل دون أهله فهو شهيد ‪ ،‬ومن قتل دون دينه‬
‫فهو شهيد ‪ ،‬بومن قتل دون دمه فهو شهيد " ‪ .‬أخرجه أبو داود ( ‪ ) 275 / 2‬والنسائي والترمذي (‬
‫‪ ) 316 / 2‬وصححه ‪ ،‬وأحمد ( ‪ ) 1653 ) 1652‬عن سعيد بن زيد ‪ ،‬وسنده صحيح ‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫‪ " .2‬من قتل دون مظلمته فهو شهيد " ‪.‬أخرجه النسائي ( ‪ ) 174 - 173 / 2‬من حديث سويد بن‬
‫مقرن ‪ ،‬وأحمد ( ‪ ) 2780‬من حديث ابن عباس ‪ ،‬وإسناده صحيح إن سلم من النقطاع بين سعد بن ابراهيم ابن‬
‫عبد الرحمن بن عوف وابن عباس ‪ ،‬لكن أحد الطريقين يقوى الخرى ‪ ،‬وفي الولى من لم يوثقه غير ابن حبان ‪.‬‬
‫السابعة عشرة ‪ :‬الموت مرابطا في سبيل ال ‪ ،‬ونذكر فيه حديثين ‪:‬‬
‫‪".1‬رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه‪،‬وإن مات جرى عليه عمله الذي كان‬
‫يعمله ‪ ،‬وأجري عليه رزقه‪،‬وأمن الفتان "‪.‬رواه مسلم (‪ )6/51‬والنسائي ( ‪ ) 62 /2‬والترمذي (‬
‫‪ )3/18‬والحاكم (‪ )2/80‬وأحمد (‪ ) 441 ،5/440‬من حديث سلمان الفارسي ‪ ،‬ورواه الطبراني وزاد ‪ ":‬وبعث يوم‬
‫القيامة شهيدا "‪.‬لكن في سنده من لم يعرفهم الهيثمي في " مجمعه " (‪،)5/290‬وسكت عليه المنذري في" ترغيبه " (‬
‫‪. ) 2/150‬‬
‫‪ ".2‬كل ميت يختم على عمله إل الذي مات مرابطا في سبيل ال ‪ ،‬فإنه ينمى له عمله‬
‫إلى يوم القيامة ‪ ،‬ويأمن فتنة القبر " ‪ .‬أخرجه إبو داود ( ‪ ) 391 / 1‬والترمذي ( ‪) 2 / 3‬‬
‫وصححه ‪ ،‬والحاكم ( ‪ ) 144 / 2‬وأحمد ( ‪ ) 20 / 6‬من حديث فضالة بن عبيد ‪ ،‬وقال الحاكم ‪ " :‬صحيح على‬
‫شرط الشيخين " !‬
‫الثامنة عشر ‪:‬الموت على عمل صالح لقوله صلى ال عليه وسلم " من قال ‪:‬ل إله إل ال ‪ ":‬من‬
‫قال ‪ :‬ل إله إل ال ابتغاء وجه ال ختم له بها دخل الجنة ‪،‬ومن صام يوما ابتغاء وجه ال ختم له‬
‫بها دخل الجنة ‪،‬ومن تصدق بصدقة ابتغاء وجه ال ختم له بها دخل الجنة" أخرجه أحمد (‪ )5/391‬عن‬
‫حذيفة قال ‪ ":‬سندت ‪:‬النبي صلى ال عليه وآله وإلى صدري فقال " فذكره ‪.‬وإسناده صحيح ‪ ،‬قال المنذري (‪ ")2/61‬ل بأس به"‪.‬‬

‫‪ ) 35‬قلت ‪ :‬وهذا بإطلقه يشمل النواع الربعة المذكورة في الحديث الول وغيرها ‪.‬‬

‫‪25‬‬
*******************

26
‫(‪)9‬‬
‫ثناء الناس على الميت‬
‫‪ - 26‬والثناء بالخير على الميت من جمع من المسلمين الصادقين ‪ ،‬أقلهم اثنان ‪ ،‬من جيرانه‬
‫العارفين به من ذوي الصلح والعلم موجب له الجنهة ‪ ،‬وفيه أحاديث ‪:‬‬
‫‪.1‬عن أنس رضي ال عنه قال‪ " :‬مر على النبي صلى ال عليه وسلم بجنازة ‪ ،‬فأثنى‬
‫عليها خيرا‪ (،‬وتتابعت اللسن بالخير )‪ (،‬فقالوا ‪ :‬كان ‪ -‬ما علمنا ‪ -‬يجب ال ورسوله‬
‫) ‪ ،‬فقال نبي ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬وجبت وجبت وجبت‪،‬ومر بجنازة فأثني عليها‬
‫شرا‪ (،‬وتتابعت اللسن لها بالشر) ‪ ( ،‬فقالوا ‪:‬بئس المرء كان في دين ال ) ‪ ،‬فقال نبي‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬وجبت وجبت وجبت ‪ ،‬فقال عمر ‪ :‬فدى لك أبي وإمي ‪ ،‬مر‬
‫بجنازة فأثني عليها شرا ‪ ،‬فقلت ‪ :‬وجبت وجبت وجبت ؟ فقال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ " :‬من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة ‪ ،‬ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له‬
‫النار ‪ ( ،‬الملئكة شهداء ال في السماء ‪ ،‬و ) أنتم شهداء ال في الرض ‪ ،‬أنتم شهداء‬
‫ال في الرض‪،‬أنتم شهداء ال في الرض‪ ( ،‬وفي رواية ‪ :‬والمؤمنون شهداء ال في‬
‫الرض ) ‪ (،‬إن ال ملئكة تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير والشر )‬
‫"‪.‬أخرجه البخاري (‪ )193 -192 /5 ،178 -177 /3‬ومسلم (‪ )53 /3‬والنسائي (‪ )1/273‬والترمذي (‪)2/158‬‬
‫وصححه ‪ ،‬وابن ماجه (‪ )454 /1‬والحاكم ( ‪ ) 377 / 1‬والطيالسي ( ‪ ) 2062‬وأحمد ( ‪197 ، 186 ، 179 / 3‬‬
‫‪ ) 281 ، 245 ، 211 ،‬من طرق عن أنس ‪ ،‬والسياق لمسلم ‪ ،‬والرواية الخرى لين ماجه ‪ ،‬ورواية لحمد‬
‫والبخاري ‪ ،‬والزيادات كلها إل التي قبل الخيرة ل حمد ‪ ،‬وللبخاري وللبخاري الولى منها‪،‬وللحاكم الخيرة‬
‫وصححها ‪،‬ووافقه الذهبي ‪ ،‬وهو كما قال ‪ .‬وأخرجه أبو داود ( ‪ ) 72 / 2‬والنسائي وابن ماجه والطيالسي (‬
‫‪ )2388‬وأحمد ( ‪ ) 528 ، 498 ،2/261،466،470‬من طريقين عن أبي هريرة ‪ ،‬والزيادة الخيرة للنسائي‬
‫عنه ‪ ،‬وإسنادها صحيح ‪ ،‬والطريق الخرى إسنادها حسن ‪.‬‬
‫‪ .2‬عن أبي السود الديلي قال ‪ " :‬أتيت المدينة ‪ ،‬وقد بها مرض ‪ ،‬وهم يموتون موتا‬
‫ذريعا ‪ ،‬فجلست إلى عمر ابن الخطاب رضي ال عنه ‪ ،‬فمرت جنازة ‪ ،‬فأثنى خيرا ‪،‬‬
‫فقال عمر ‪ :‬وجبت ‪ ،‬وفقلت ‪ :‬ما وجبت يا أمير المؤمنين ؟ قال ‪ :‬قلت كما قال النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله ال الجنة ‪ ،‬قلنا ‪ :‬وثلثة‬
‫قال ‪ :‬وثلثة قال ‪ :‬قلنا واثنان ؟ قال ‪ :‬واثنان‪،‬ثم لم نسأله في الواحد "‪.‬أخرجه البخاري‬
‫والنسائي والترمذي وصححه البيهقي ( ‪ ) 75 / 4‬والطيالسي (رقم ‪ )23‬وأحمد (رقم ‪. ) 204 ،129‬‬
‫‪ " .3‬مامن مسلم يموت فيشهد له أربعة من أهل أبيات جيرانه الذنيين أنهم ل يعلمون‬
‫منه إل خيرا ‪ ،‬إل قال ال تعالى وتبارك ‪ :‬قد قبلت قولكم ‪ ،‬أو قال ‪ :‬بشهادتكم ‪،‬‬
‫‪36‬‬
‫وغفرت له مال تعلمون " أخرجه أحمد (‪ )242 /3‬والحاكم (‪ )378 /1‬وقال ‪" :‬صحيح على شرط مسلم‬
‫" ووافقه الذهبي !‬
‫وله شاهد من حديث أبي هريرة ‪:‬‬
‫أخرجه أحمد ( ‪ ) 408 / 2‬وفيه شيخ من أهل العلم لم يسم ‪ ،‬والراوي عنه عبد الحميد ابن جعفر الزيادي ولم أجد له ترجمة ‪.‬‬

‫‪ 36‬إعلم أن مجموع هذه الحاديث الثلثة يدل هذه الشهادة ل تختص بالصحابة ‪ ،‬بل هي أيضا لمن بعدم من المؤمنين الذين هم على طريقهم في اليمان والعلم‬
‫والقدق وبهذا جزم الحافظ ابن حجر في " الفتح " فليراجع كلمه من شاء المزيد من اليان ‪ .‬ثم إن تقييد الشهادة بأربع في الحديث الثالث ‪ ،‬الظاهر أنه كان قبل‬
‫حديث عمر قبله ‪ ،‬ففيه الكتفاء بشهادة اثنين ‪ ،‬وهو العمدة ‪ .‬هذا ‪ ،‬وأما قول بعض الناس عقب صلة الجنازة ‪ " :‬ما تشهدون فيه ‪ .‬اشهدوا له بالخير " !‬
‫فيجيبونه بقولهم صالح ‪ .‬أو من أهل الخير ‪ ،‬ونحو ذلك ‪ ،‬فليس هو المراد بالحديث قطعا ‪ ،‬بل هو بدعة قبيحة ‪ ،‬لنه لم يكن من عمل السلف ‪ ،‬ولن الذين‬
‫يشهدون بذلك ل يعرفون الميت في الغالب ‪ ،‬بل قد يشهدون بخلف ما يعرفون استجابة لرغبة طالب الشهادة بالخير ‪ ،‬ظنا منهم أن ذلك ينفع الميت ‪ ،‬وجهل‬
‫منهم بأن الشهادة النافعة إنما هي التي توافق الواقع في نفس المشهود له ‪ ،‬كما يدل على ذلك قوله في الحديث الول " إن ل ملئكة تنطق على ألسنة بني آدم بما‬
‫في المرء من الخير والشر " ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫وله شاهد آخر مرسل عن بشر بن كعب ‪.‬‬
‫أخرجه أبو مسلم الكجي كما في " الفتح " ( ‪. ) 179 / 3‬‬
‫الوفاة عند الكسوف‬
‫‪ - 27‬وإذا اتفق وفاة أحد مع انكساف الشمس أو القمر ‪ ،‬فل يدل ذلك على شئ ‪ ،‬واعتقاد أنه‬
‫يدل على عظمة المتوفي من خرافات الجاهلية التي أبطلها رسول ال صلى ال عليه وسلم يوم‬
‫مات ابنه ابراهيم عليه السلم ‪ ،‬وانكسفت الشمس فخطب الناس وحمد ال‬
‫وأنثى عليه ‪ ،‬ثم قال ‪ " :‬أما بعد ‪ ،‬أيها الناس ‪ ،‬إن أهل الجاهلية كانوا يقولون إن الشمس والقمر‬
‫ل يخسفان إل لموت عظيم ‪ ،‬وإنهما آيتان من آيات ال ‪ ،‬ل ينخسفان لموت أحد ول لحياته ‪،‬‬
‫ولكن يخوف ال به عباده ‪ ،‬فإذا رأيتم شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكره ‪ .‬ودعائه واستغفاره ‪،‬‬
‫وإلى الصدقة والعتاقة والصلة في المساجد حتى تنكشف " ‪ .‬هذا السياق ملتقط من جملة أحاديث‬
‫سقتها في كتاب لي في " صلة الكسوف " تكلمت فيه على طرقها وألفاظها ‪ ،‬ثم جمعت في آخره‬
‫خلصتها في سياق واحد وهذا القدر منه ‪ .‬وجله في " الصحيحين " " والسنن " ‪.‬‬

‫********************‬

‫‪28‬‬
‫(‪)10‬‬
‫غسل الميت‬
‫‪-28‬فإذا مات الميت وجب على طائفة من الناس أن يبادروا إلى غسله ‪ ،‬أما المبادرة فقد سبق‬
‫دليلها في الفصل الثالث( المسألة ‪ 17‬الفقرة هـ )‪ ( ، .‬ص ‪ ) 13‬وأما وجوب الغسل فلمره صلى ال عليه وسلم به في‬
‫غير ما حديث ‪:‬‬
‫‪.1‬اغسلوه بماء وسدر‪ " ...‬وقد مضى لفظه بتمامه وتخريجه في المسألة المشار إليها ( فقره د) ‪(،‬ص‬
‫‪)13 -12‬‬
‫‪ .2‬قوله صلى ال عليه وسلم في ابنته زينب رضي ال عنها‪ " :‬اغسلنها ثلثا ‪،‬أو‬
‫خمسا‪،‬أو سبعا‪،‬أو أكثر من ذلك ‪ " ...‬الحديث ويأتي بتمامه وتخريجه في المسألة‬
‫التالية ‪.‬‬
‫‪ – 29‬ويراعي في غسله المور التية ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬غسله ثلثا فأكثر على ما يرى القائمون على غسله ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أن تكون الغسلت وترا ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬أن يقرن مع بعضها سدر‪،‬أو ما يقوم مقامه في التنظيف ‪ ،‬كالشنان والصابون ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬أن يخلط مع آخر غسلة منها شئ من الطيب ‪ ،‬والكافور أولى ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬نقض الضفائر وغسلها جيدا ‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬تسريح شعره ‪.‬‬
‫سابعا ‪ :‬بجعله ثلث ضفائر للمرأة وإلقاؤها خلفها ‪.‬‬
‫ثامنا ‪ :‬البدء بميامنه ومواضع الوضوء منه ‪.‬‬
‫تاسعا ‪ :‬أن يتولى غسل الذكر الرجال ‪ ،‬والنثى النساء إل ما استثني كما بيانه ‪.‬‬
‫والدليل على هذه المور حديث أم عطية رضي ال عنها قالت ‪ " :‬دخل علينا النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬ونحن نغسل ابنته ( زينب ) ‪ ،‬فقال ‪ :‬اغسلنها ثلثا ‪ ،‬أو خمسا ( أو سبعا ) ‪ ،‬أو أكثر‬
‫من ذلك ‪ ،‬إن رأيتن ذلك ‪ ( ،‬قالت ‪ :‬قلت ‪ :‬وترا ؟ قال ‪ :‬نعم ) ‪ ،‬واجعلن في الخرة كافورا أو‬
‫شيئا من كافور‪،‬فإذا فرغتن فآذني ‪ ،‬فلما فرغنا آذناه ‪ ،‬فألقى إلينا حقوه‪ 37‬فقال‪ :‬أشعرنها‪ 38‬إياه‬
‫( تعني إزاره ) ‪ (،‬قالت ‪ :‬ومشطناها ثلثة ( قرون ) ‪ ( ،‬وفي رواية‪:‬نقضنه ثم غسلنه ) ( فضفرنا‬
‫شعرها ثلثة أثلث‪:‬قرنيها وناصيتها ) وألقيناها ) ‪ ( ،‬قالت ‪ :‬وقال لنا‪:‬ابدأن بميامنها ومواضع‬
‫الوضوء منها ) "‪.‬أخرجه البخاري (‪)104-3/99‬ومسلم(‪ )48 -47 /3‬وأبو داود(‪ ) 61 -2/60‬والنسائي(‪)267 -1/266‬‬
‫والترمذي (‪)131-2/130‬وابن ماجه (‪)1/445‬وابن الجارود (‪)258،259‬واحمد (‪)408-4076 ،85 -5/84‬وقال الترمذي ‪:‬‬
‫" حديث حسن صحيح ‪ ،‬والعمل على هذا عند أهل العلم " ‪ .‬والرواية الثانية للبخاري والنسائي‪،‬والزيادة الول‬
‫لمسلم ‪ ،‬والثانية له والبخاري وأبي داود والنسائي ‪ ،‬والثالثة للنسائي ‪ ،‬وللشيخين معناها‪،‬والرابعة للبخاري‬
‫وأبي داود والخامسة له ولمسلم والنسائي وابن ماجه وأحمد ‪ ،‬والسادسة للشيخين وأحمد ‪ ،‬والسابعة للبخاري‬
‫وأبي داود والنسائي وأحمد ‪ ،‬والخيرة لجميعهم ‪.‬‬
‫عاشرا ‪ :‬أن يغسل بخرقة أو نحوها تحت ساتر لجسمه بعد تجريده من ثيابه كلها ‪ ،‬فانه كذلك‬
‫كان العمل على عهد النبي صلى ال عليه وسلم كما يفيده حديث عائشة رضي ال عنها ‪ " :‬لما‬
‫أرادوا غسل البيي صلى ال عليه وسلم قالوا ‪ :‬وال ما ندري ‪ ،‬أنجرد رسول ال صلى ال عليه‬

‫‪ 37‬أي إزاره ‪ .‬قال ابن الثير ‪ " :‬والصل في الحقو معقد الزار ‪ ،‬وجمعه أحق وأحقاء ‪ ،‬ثم سمى بها الزار للمجاورة " ‪.‬‬
‫‪ 38‬أي اجعلنه شعارها ‪ ،‬والشعار الثوب الذي الذي يلي الجسد لنه يلي شعره ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا ‪ ،‬أم نغلسه وعليه ثيابه ؟ فلما اختلفوا ألقى ال عليهم النوم ‪،‬‬
‫حتى مامنهم رجل إل وذقنه في صدره ‪،‬ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت ‪،‬ل يدرون من هو ‪:‬أن‬
‫اغسلوا النبي صلى ال عليه وسلم وعليه ثيابه ‪،‬فقاموا إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫فغسلوه‪،‬وعليه قميصه يصبون الماء فوق القميص ويد لكونه بالقميص ‪ ،‬دون أيديهم ‪ ،‬وكانت‬
‫عائشة تقول ‪ :‬لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله إل نساؤه " ‪.‬أخرجه أبو داود (‪ )2/60‬وابن‬
‫الجارود في" المنتقى " (‪ )257‬والحاكم (‪ )60-3/59‬وصححه على على شرط مسلم ! والبيهقي ( ‪ )3/387‬والطيالسي ( رقم‬
‫‪ )1530‬وأحمد (‪ )6/726‬بسند صحيح ‪ ،‬وروى ابن ماجه ( ‪ )1/446‬منه قول عائشة في آخره ‪ " :‬لو استقبلت‪" ..‬ورواه ابن‬
‫حبان في صحيحه ( ‪) 2156‬‬
‫حادي عشر ‪:‬ويستثني مما ذكر في ( رابعا ) المحرم‪،‬فإنه ل يجوزتطييبه لقوله في الحديث الذي‬
‫سبقت الشارة إليه قريبا ‪":‬ل تحنطوه ‪،‬وفي رواية ‪:‬ول تطيبوه‪..‬فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا"‪.‬‬
‫أخرجه الشيخان وغيرهما كما تقدم ص ‪13 - 12‬‬
‫ثاني عشر ‪ :‬ويستثنى أيضا مما ورد في ( تاسعا) الزوجان فإنه يجوز لكل منهما أن يتولى غسل‬
‫الخر ‪ ،‬إذ ل دليل يمنع منه ‪ ،‬والصل الجواز‪،‬ول سيما وهو مؤيد بحديثين ‪:‬‬
‫‪.1‬عن عائشة رضي ال عنها قالت ‪ " :‬لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم غير نسائه "‪39‬أخرجه ابن ماجه ‪ ،‬ورواه أبو داود وغيره في آخر حديثها‬
‫المتقدم قريبا في غسل النبي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪.2‬عنها أيضا قالت ‪ " :‬رجع إلي رسول ال صلى ال عليه وسلم من جنازة بالبقيع ‪ ،‬وأنا‬
‫أجد صداعا في رأسي ‪ ،‬وأقول ‪ :‬وارأساه فقال ‪ :‬بل انا وارأساه ما ضرك لومت قبلي‬
‫فغسلتك ‪ ،‬وكفنتك ‪ ،‬ثم صليت عليك ودفنتك " ‪.‬أخرجه أحمد ( ‪ )228 /6‬والدارمي ( ‪- 37 / 1‬‬
‫‪ ) 38‬وابن ماجه ( ‪ ) 448 /1‬وابن هشام في " السيرة " ( ‪ - ) 366 / 2‬بولق ) والدار قطني ( ‪ ) 192‬والبيهقي‬
‫( ‪ ، ) 396 / 3‬وفيه عندهم جميعا محمد بن اسحاق وقد عنعنه ‪ ،‬إل في رواية ابن هشام فقد صرح بالتحديث‬
‫فثبت الحديث ‪ ،‬والحمد ل ‪ .‬على أن الحافظ ابن حجر قد ذكر في " التلخيص " ( ‪ ) 125 / 5‬الطبعة المنيرية ) انه‬
‫تابعه عليه صالح بن كيسان عند أحمد والنسائي ‪ .‬قلت ‪ :‬هو عند أحمد ( ‪ ) 4 14 / 6‬لكن ليس فيه التصريح‬
‫بالغسل ‪ ،‬فتراجع رواية النسائي فلعله فيها ‪ ،‬فإني لم أر الحديث في سننه الصغرى ‪ ،‬فلعله في الكبرى له ‪.‬‬
‫ثالث عشر ‪ :‬أن يتولى غسله من كان أعرف بسنة الغسل ‪ ،‬لسيما إذا كان من أهله وأقاربه ‪،‬‬
‫لن الذين تولوا غسله صلى ال عليه وسلم كانوا كما ذكرنا ‪ ،‬فقد قال علي رضي ال عنه ‪" :‬‬
‫غسلت رسول ال صلى عليه وسلم ‪ ،‬فجعلت أنظر ما يكون من الميت فلم أر شيئا ‪ ،‬وكان طيبا‬
‫حيا وميتا ‪ ،‬صلى ال عليه وسلم " ‪ .‬أخرجه ابن ماجه ( ‪ ) 447 / 1‬والحاكم ( ‪ ) 362 / 1‬والبيهقي ( ‪) 388 / 3‬‬
‫وإسناده صحيح كما قال في " الزوائد " ( ق ‪ ) 1 / 92‬وقال الحاكم ‪ " :‬صحيح على شرط الشيخين " ‪.‬‬
‫وتعقبه الذهبي بقوله ‪ " :‬قلت ‪ :‬فيه انقطاع " ‪.‬‬
‫قلت ‪:‬وهذا مما لوجه له‪ ،‬فإن الحديث من رواية معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن‬
‫علي ‪.‬وهذا سند متصل معروف رواية بعضهم عن بعض‪،‬أما معمر عن الزهري‪،‬والزهري عن‬
‫سعيد فأشهر من أن يذكر‪ ،‬وأما رواية سعيد عن علي فموصولة أيضا كما أشار إلى ذلك الحافظ‬
‫في " التهذيب " ‪.‬بل ذهب إلى أنه سمع من عمر أيضا‪40‬وفي مرسل الشعبي أنه غسل النبي صلى‬
‫ال عليه وسلم مع علي رضي ال عنه الفضل ‪ ،‬يعني ابن العباس وأسامة بن زيد ‪.‬أخرجه أبو داود (‬
‫‪ ) 2/69‬وسنده صحيح مرسل ‪.‬‬
‫وله شاهد من حديث ابن عباس ‪.‬‬
‫‪ 39‬قال البيهقي ‪ " :‬فتلهفت على ذلك ‪ ،‬ول يتلهف ‪ :‬إل على ما يجوز " ‪ .‬قلت ‪ :‬والجواز هو قول المام أحمد كما رواه أبو داود في " مسائله " ص ‪. 149‬‬
‫‪ 40‬قلت ‪ :‬وفيما ذكره في عمر نظر ‪ ،‬ل يتسع المجال الن لبيانه ‪ ،‬وأما سماعه من علي فهو صحيح ‪ ،‬وذلك أن وفاة علي رضي ال عنه كانت سنة أربعين ‪،‬‬
‫وكان لسعيد يومئذ من العمر ثمان وعشرون سنة فأين النقطاع ‪! .‬‬

‫‪30‬‬
‫أخرجه أحمد ( ‪ ) 358 3‬بسند ضعيف ‪.‬‬
‫‪- 30‬ولمن تولى غسله أجر عظيم بشرطين اثنين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أن يستر عليه ‪ ،‬ول يحدث بما قد يرى من المكروه ‪ ،‬لقوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬من‬
‫غسل مسلما فكتم عليه غفر له ال أربعين مرة ‪،‬ومن حفر له فأجنه أجري عليه كأجر مسكن‬
‫أسكنه إياه إلى يوم القيامة‪،‬ومن كفنه كساه ال يوم القيامة من سندس واستبرق الجنة "‪.‬أحرجه الحاكم‬
‫( ‪ ) 362 ، 354 / 1‬والبيهقي ( ‪ ) 395 / 3‬من حديث أبي رافع رضي ال عنه ‪ ،‬وقال الحاكم ‪:‬‬
‫" صحيح على شرط مسلم " ‪ .‬ووافقه الذهبي ‪ ،‬وهو كما قال ‪ .‬وقد رواه الطبراني في " الكبير "‬
‫بلفظ ‪ " :‬أربعين كبيرة " ‪.‬‬
‫وقال المنذري ( ‪ ) 171 / 4‬وتبعه الهيثمي ( ‪ " : ) 21 / 3‬رواته محتج بهم في الصحيح " ‪ .‬وقال الحافظ ابن حجر في "‬
‫الدراية " ( ‪ " : ) 40 1‬إسناده قوي " ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬أن يبتغي بذلك وجه ال ‪ ،‬ل يريد به جزاء ول شكورا ول شيئا من أمور الدنيا ‪ ،‬لما‬
‫تقرر في الشرع أن ال تبارك وتعالى ل يقبل من العبادات إل ماكان خالصا لوجهه الكريم ‪،‬‬
‫والدلة على ذلك من الكتاب والسنة كثيرة جدا ‪ .‬أجتزئ هنا بذكر ستة منها ‪:‬‬
‫‪.1‬قوله تباك وتعالى ‪ {:‬قل إنما أنا بشر مثلكم يوحز إلى أنما إلهكم إله واحد ‪ ،‬فمن كان‬
‫يرجو لقاء ربه فليعمل عمل صالحا ‪ ،‬ول يشرك بعبادة ربه أحد } ( الكهف ‪ ، ) 110 :‬أي‬
‫‪ :‬ل يقصد بها غير وجه ال تعالى ‪:‬‬
‫‪.2‬قوله أيضا ‪ {:‬وما أمروا إل ليعبدوا ال مخلصين له الدين }( البينة‪) 5 :‬‬
‫‪.3‬قوله صلى ال عليه وسلم‪ ":‬إنما العمال بالنيات ‪،‬وإنما لكل امرئ ما نوى‪،‬فمن كانت‬
‫هجرته إلى ال سوله‪ ،‬فهجرته إلى ال ورسوله‪ ،‬ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها‪،‬‬
‫أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " ‪ .‬أخرجه البخاري في أول " صحيحه "ومسلم‬
‫وغيرهما عن عمر بن الخطاب رضي ال عنه‬
‫‪.4‬قوله أيضا‪ ":‬بشر هذه المة بالسناء والتمكين في البلد والنصر والرفعة في الدين ‪،‬‬
‫ومن عمل منهم بعمل الخرة للدنيا ‪ ،‬فليس له في الخرة نصيب " ‪ .‬أخرجه أحمد وابنه في‬
‫زوائد " المسند " ( ‪ ) 134 / 5‬وابن حبان في " صحيحه " ( موارد ) والحاكم ( ‪ ) 311 / 4‬وقال ‪ ":‬صحيح‬
‫السناد " ‪ .‬ووافقه الذهبي ‪ ،‬وأقره المنذري ( ‪. ) 31 / 1‬قلت ‪ :‬وإسناد عبد ال صحيح‬
‫على شرط البخاري ‪:‬‬
‫‪.5‬عن أبي أمامة رضي ال عنه قال ‪ " :‬جاء رجل إلى النبي صلى ال عليه وسلم فقال ‪:‬‬
‫أرأيت رجل غزا يلتمس الجر والذكر ماله ؟ فقال ‪ :‬ل شئ له ‪ ،‬فأعادها ثلث مرات‬
‫‪ ،‬يقول له رسول ال صلى ال عليه وسلم ل شئ له ‪ ،‬ثم قال‪:‬إن ال ل يقبل من العمل‬
‫إل ما كان له خالصا وابتغي وجهه "‪.‬أخرجه النسائي ( ‪ ) 59 / 2‬وإسناده جيد كما قال المنذري ( ‪/ 1‬‬
‫‪. ) 24‬‬
‫‪ .6‬قوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬قال ال عز وجل ‪ :‬أنا أغنى الشر كاء عن الشرك ‪،‬‬
‫فمن عمل لي عمل أشرك فيه غيري فأنا منه برئ ‪ ،‬وهو للذي أشرك " ‪ .‬رواه ابن ماجه‬
‫في " الزهد " من حديث أبي هريرة واسناده صحيح شرط مسلم ‪ ،‬وقد أخرجه في " صحيحه " ( ‪ ) 223 / 8‬حوه ‪.‬‬
‫‪ - 31‬ويستحب لمن غسله يغتسل لقوله صلى ال عليه وسلم " من غسل ميتا فليغتسل ‪ ،‬ومن‬
‫حمله فليتوضأ " ‪ .‬أخرجه أبو داود ( ‪ ) 63 - 62 / 2‬والترمذي ( ‪ ) 132 / 2‬وحسنه ‪ ،‬وابن حبان في صحيحه ( ‪- 751‬‬
‫موارد ) والطيالسي ( ‪ ) 2314‬وأحمد ( ‪. ) 472 ، 454 ، 433 ، 280‬‬

‫‪31‬‬
‫من طرق عن أبي هريرة‪،‬وبعض طرقه حسن‪،‬وبعضه صحيح على شرط مسلم‪،41‬وقد ساق له‬
‫ابن القيم في " تهذيب السنن "إحدى عشر طريقا عنه‪ ،‬ثم قال ‪ " :‬وهذه الطرق تدل على أن‬
‫الحديث محفوظ " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وقد صححه ابن القطان ‪ ،‬وكذا ابن حرم في " المحلى " ( ‪ ) 25 - 23 / 2 ، 250 / 1‬والحافظ في‬
‫" التلخيص " ( ‪ - 134 / 2‬منيرية )‬
‫وقال ‪ :‬وظاهر المر يفيد الوجوب ‪ ،‬وإنما لم نقل به لحديثين ‪:‬‬
‫الول ‪:‬قوله صلى ل عليه وسلم ‪":‬ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه ‪،‬فإن ميتكم ليس‬
‫بنجس ‪،‬فحسبكم أن تغسلوا أيديكم "‪.‬أخرجه الحاكم (‪)1/386‬والبيهقي (‪)3/398‬من حديث ابن عباس وقال الحاكم ‪:‬‬
‫" صحيح على شرط البخاري " ووافقه الذهبي ! وإنما هو حسن السناد كما قال الحافظ في "‬
‫التلخيص " لن فيه عمرو بن عمرو ‪ ،‬وفيه كلم ‪ ،‬وقد قال الذهبي نفسه في " الميزان " بعد أن‬
‫ساق أقوال الئمة فيه ‪ " :‬حديثه صالح حسن " ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬قول ابن عمر رضي ال عنه " كنا نغسل الميت ‪،‬فمنا من يغتسل ومنا من ل يغتسل "‬
‫أخرجه الدار فطني ( ‪ ) 191‬والخطيب في تاريخه ( ‪ ) 424 / 5‬باسناد صحيح كما قال الحافظ ‪ ،‬وأشار إلى ذلك المام أحمد ‪،‬‬
‫فقد روى الخطيب عنه أنه حض ابنه عبد ال على كتابة هذا الحديث ‪.‬‬
‫‪-32‬ول يشرع غسل الشهيد قتيل المعركة‪ ،‬ولو اتفق أنه كان جنبا ‪ ،‬وفي ذلك أحاديث ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن جابر قال ‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ادفنوهم في دمائهم‪ -‬يعني يوم أحد ‪-‬‬
‫ولم يغسلهم ‪ ( .‬وفي رواية ) فقال ‪ :‬أنا شهيد على هؤلء ‪ ،‬لفوهم في دمائهم ‪ ،‬فإنه ليس جريح‬
‫يجرح ( في ال ) إل جاء وجرحه يوم القيامة يدمي ‪ ،‬لونه لونن الدم ‪ ،‬وريحه ريح المسك " ‪.‬‬
‫أخرجه البخاري ( ‪ ) 165 / 3‬بالرواية الولى وأبو داود ( ‪ ) 60 / 2‬والنسائي ( ‪ ) 278 - 277 / 1‬والترمذي ( ‪) 147 / 2‬‬
‫وصححه ‪ ،‬وابن ماجه ( ‪ ) 462 - 461 / 1‬والبيهقي ( ‪ ) 10 / 4‬والرواية الخرى له وكذا ابن سعد في " الطبقات " ( ج ‪ 3‬ق‬
‫‪ 1‬ص ‪ ) 7‬والزيادة له ‪ ،‬وإسناده صحيح على شرط مسلم ‪ .‬ولها ‪ ،‬أي الرواية الخرى طريق أخرى في المسند ( ‪) 296 / 3‬‬
‫من رواية ابن جابر عن جابر مرفوعا بلفظ ‪:‬‬
‫" ل تغسلوهم ‪ ،‬فإن كل جرح يفوح مسكا يوم القيامة‪،‬ولم يصل عليهم " ‪ .‬وإسناده صحيح إن كان‬
‫ابن جابر هو عبد الرحمن ‪ ،‬وأما إذا كان ومحمدا أخا عبد الرحمن فإنه ضعيف ‪ ،‬ولم يترجح‬
‫عندي أيهما المراد هنا ‪ .‬وأما الشو كاني فقال في " نيل الوطار " ( ‪ " : ) 25 / 4‬إنها رواية ل‬
‫مطعن فيها " ‪.‬ولها طريق ثالث‪،‬اخرجه احمد ( ‪ )432-5/431‬من رواية عبد ال بن ثعلبة ابن صعير ‪ ،‬وله رؤية‪،‬ولم يثبت‬
‫له سماع فهو مرسل صحابي فهو حجة ‪ ،‬وإسناده إليه صحيح ‪ ،‬وقد وصله البيهقي ( ‪ ) 11 / 4‬من حديثه عن جابر ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬عن أبي برزة أن النبي صلى ال عليه وسلم كان في مغزى له ‪ ،‬فأفاء ال عليه ‪ ،‬فقال‬
‫ل صحابه ‪:‬هل تفقدون من أحد ؟ قالوا ‪ :‬نعم ‪ ،‬فلنا ‪،‬وفلنا ‪ ،‬وفل وثم قال ‪:‬هل تفقدون من حد‪:‬‬
‫؟ قالوا ‪ :‬ل ‪ :‬قال ‪ :‬لكني أفقد جليبيبا ‪ ،‬فاطلبوه ‪ ،‬فطلب في القتلى ‪ ،‬فو جدوه إلى جنب سبعة‬
‫قتلهم ‪ ،‬ثم قتلوه ! فأتي النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فوقف عليه فقال ‪ :‬قتل سبعة ثم قتلوه ! هذا‬
‫مني ‪ ،‬وأنا مني وأنا منه ‪ ( ،‬قالها مرتين أو ثلثا ) ‪ ( ،‬ثم قال بذراعيه هكذا فبسطهما ) ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫فوضعه على ساعديه ‪،‬ليس له سرير إل ساعدي النبي صلى ال عليه وسلم قال ‪:‬فحفر له ووضع‬
‫في قبره ‪ ،‬لم يذكر غسل "‪ .‬أخرجه مسلم (‪ ) 152 /7‬والسياق له ‪ ،‬والطيالسي ( ‪ ) 924‬والزيادتان له ‪ ،‬وأحمد ( ‪/4‬‬
‫‪ ) 425 ، 421‬والبيهقي ( ‪. ) 21 / 4‬‬
‫الثالث ‪ :‬عن أنس ‪ " :‬أن شهداء أحد لم يغسلوا ‪،‬ودفنوا بدمائهم ‪،‬ولم يصل عليهم ( غير حمزة‬
‫)‬
‫" ‪ .‬أخرجه أبو داود ( ‪ ) 59 / 2‬والزيادة له وللحاكم ويأتي لفظه ‪ -‬والترمذي ( ‪ ) 139 - 138 / 2‬وحسنه وابن سعد ( ‪ 3‬ق‬
‫‪ 1‬ص ‪ ) 8‬والحاكم ( ‪ ) 366 - 365 / 1‬والبيهقي ( ‪ ) 11 - 10 / 4‬وأحمد ( ‪ ) 128 / 3‬وقال الحاكم ‪:‬‬
‫‪ 41‬وقد بينت ذلك بيانا شافيا في كتابي " الثمر المستطاب " ‪ " -‬كتاب الغسل " ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫بعد‬ ‫" صحيح على شرط مسلم " ‪ .‬ووافقه الذهبي ‪ .‬وقال النووي في " المجموع "‬
‫( ‪) 265 / 5‬‬
‫ماعزاه لبي داود وحدة ‪ " :‬إسناده حسن أو صحيح " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هو عندي حسن ‪ ،‬على أنه على شرط مسلم ‪.‬‬
‫الرابع ‪:‬عن عبد ال بن الزبير في قصة أحد واستشهاد حنظلة بن أبي عامر ‪ ،‬قال ‪ :‬فقال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إن صاحبكم تغسله الملئكة ‪ ،‬فاسألوا صاحبته " ‪ ،‬فقالت ‪:‬خرج وهو‬
‫‪42‬‬
‫جنب لما سمع الهائعة فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ":‬لذلك غسلته الملئكة "‪.‬أخرجه ابن‬
‫حبان في " صحيحه " والحاكم ( ‪ ) 204 / 3‬والبيهقي ( ‪ ) 15 / 4‬بإسناد جيد كما قال النووي في موضع من " المجموع " ( ‪5‬‬
‫‪ ) 260 /‬ثم نسي ذلك فقال بعد ( ‪ " : ) 263 / 5‬وذكرنا أنه حديث ضعيف "! فجل من ل ينسى‪،‬وقال‬
‫الحاكم‪ ":‬صحيح على شرط مسلم " ! وأقره الذهبي !‬
‫الخامس ‪ :‬عن ابن عباس قال ‪ " :‬أصيب حمزة بن عبد المطلب وحنظلة بن الراهب ‪ ،‬وهما‬
‫جنب ‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬رأيت الملئكة تغسلهما " ‪ .‬رواه الطبراني في " الكبير‬
‫" ( ‪ ) 1489 / 3‬وإسناده حسن ‪ ،‬كما قال الهيثمي في " المجمع " ( ‪ ، ) 23 / 3‬ورواه الحاكم ( ‪ ) 195 / 3‬دون ذكر حنظلة ‪،‬‬
‫وقال ‪ " :‬صحيح السناد " وتعقبه الذهبي فأصاب ‪ ،‬لكن له شاهد مرسل قوي أخرجه ابن سعد ( ج ‪ 3‬ق ‪ 1‬ص ‪ ) 9‬عن الحسن‬
‫البصري مرفوعا مثله ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وسنده صحيح رجاله كلهم ثقات ‪ ،‬وفيه رد على الحافظ ‪ ،‬فإنه وصف حديث ابن عباس‬
‫بالغرابة ‪ ،‬لنه ذكر فيه حمزة مع أنه قال في سنده ‪ :‬إنه ل بأس به ‪ ،‬كما حكاه الشو كاني عنه‬
‫( ‪ ، ) 26 / 4‬فالظاهر أن الحافظ رحمه ال لم يقف على هذا الشاهد‪.43‬‬

‫*****************‬

‫‪ 42‬هي الصوت الذي تفزع عنه ‪ ،‬وتخاف منه ‪ " .‬نهاية " ‪.‬‬
‫‪ 43‬واعلم أن وجه دللة الحديث على عدم مشروعية غسل الشهيد الجنب ‪ ،‬هو ما ذكره الشافعية وغيرهم أنه لو كان واجبا لما سقط بغسل الملئكة ‪ ،‬ولمر النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم بغسله ‪ ،‬لن المقصود منه تعبد الدمي به ‪ ،‬انظر" المجموع " (‪ )5/263‬و "ونيل الوطار" ( ‪.)4/26‬‬

‫‪33‬‬
‫(‪)11‬‬
‫تكفين الميت‬
‫‪- 23‬وبعد الفراغ من غسل الميت‪،‬يجب تكفينه‪ ،‬لمر النبي صلى ال عليه وسلم بذلك في حديث‬
‫المحرم الذي وقصته الناقة‪...":‬وكفنوه ‪."......‬متفق عليه ‪ ،‬وقد تقدم بتمامه في الفصل(‪ )3‬فقرة( د)‪(.‬ص ‪-12‬‬
‫‪)13‬‬
‫‪ - 34‬والكفن أو ثمنه من مال الميت ‪،‬ولو لم يخلف غيره لحديث خباب بن الرث قال‪ ":‬هاجرنا‬
‫مع رسول ال صلى ال عليه وسلم في سبيل ال ‪،‬نبتغي وجه ال ‪ ،‬فوجب أجرنا على ال ‪ ،‬فمنا‬
‫من مضى لم يأكل من أجره شيئا ‪ ،‬منهم مصعب بن عمير‪،‬قتل يوم أحد ‪ ،‬فلم يوجد له شئ ‪،‬‬
‫( وفي رواية ‪ :‬ولم يترك ) إل نمرة‪،‬فكنا إذا وضعناها على رأسه خرجت رجله ‪ ،‬وإذا وضعناها‬
‫على رجليه خرج رأسه ‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬ضعوها مما يلي رأسه ( وفي‬
‫رواية ‪ :‬غطوا بها رأسه ) ‪،‬واجعلوا على رجليه الذخر‪، 44‬ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها "‬
‫‪،‬أي ‪:‬يجتنيها ‪.‬أخرجه البخاري(‪)3/110‬ومسلم (‪)3/45‬والسياق له ‪ .‬وابن الجارود في " المنتقي " (‪ )260‬والترمذي (‪)357‬‬
‫وصححه والنسائي(‪)1/269‬والبيهقي(‪)3/401‬وأحمد (‪)6/695‬والرواية الثانية له وللترمذي‪ .‬وروى منه أبو داود (‪)2/14،62‬‬
‫قوله في مصعب‪ ":‬قتل يوم أجد‪...‬الخ والرواية الثالثة له وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف أخرجه البخاري وغيره ‪.‬‬
‫‪ - 35‬وينبغي أن يكون الكفن طائل سابغا يستر جميع بدنه لحديث جابر بن عبد ال رضي ال‬
‫عنه ‪ " .‬أن النبي صلى ال عليه وسلم خطب يوما فذ كر رجل من أصحابه قبض فكفن غير‬
‫طائل ‪ ،‬وقبر ليل ‪ ،‬فزجر النبي صلى ال عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه إل‬
‫أن يظطر إنسان إلى ذلك وقال النبي صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه (‬
‫إن استطاع ) " ‪ .‬أخرجه مسلم ( ‪ ) 50 / 3‬وابن الجارود ( ‪ ) 268‬وأبو داود ( ‪ ) 62 / 2‬وأحمد ( ‪) 329 ، 295 / 3‬‬
‫وروى الجملة الخيرة منه الترمذي ( ‪ ) 133 / 2‬وابن ماجه من حديث أبي قتادة ‪ ،‬وقال الترمذي ‪:‬‬
‫" حديث حسن "‪.‬قلت‪:‬بل هو حديث صحيح‪،‬فإن إسناده عن جابر صحيح‪ ، 45‬فكيف إذا انضم إليه‬
‫حديث أبي قتادة ؟ وعزاه صديق حسن خان في " الروضة الندية " ( ‪ )164 /1‬لمسلم فوهم ‪.‬‬
‫والزيادة لحمد في رواية له‪ .‬قال العلماء‪":‬والمراد بإحسان الكفن نظافته وكثافته وستره‪ ،‬وتوسطه‬
‫‪ ،‬وليس المراد به السرف فيه والمغالة ‪ ،‬ونفاسته " ‪.‬‬
‫واما اشتراط النووي كونه من جنس لباسه في الحياة لأفخر منه ول أحقر ففيه نظر عندي ‪ ،‬إذا‬
‫أنه مع كونه مما ل دليل عليه ‪،‬عليه‪،‬فقد يكون لباسه في الحياة نفيسا ‪ ،‬أو حقيرا ‪ ،‬فكيف يجعل‬
‫كفنه من جنس ذلك ! ؟‬
‫‪ - 36‬فإن ضاق الكفن عن ذلك ‪ ،‬ولم يتيسر السابغ ‪ ،‬ستر به رأسه وما طال من جسده ‪،‬وما‬
‫بقي منه مكشوفا جعل عليه شئ من الذخر أو غيره من الحشيش ‪ ،‬وفيه حديثان ‪:‬‬
‫الول ‪:‬عن خباب بن الرت في قصة مصعب وقوله في نمرته‪ ":‬ضعوها مما يلي رأسه ( وفي‬
‫رواية ‪ :‬غطوا بها رأسه )واجعلوا على رجليه الذخر " متفق عليه ‪،‬وتقدم بتمامه في المسألة (‪ (،)34‬ص ‪)57‬‬
‫الثاني ‪:‬عن حارثة بن مضرب قال ‪ ":‬دخلت على خباب وقد اكتوى ( في بطنه) سبعا ‪ ،‬فقال لول‬
‫أني سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪ ":‬ل يتمنين أحدكم الموت " لتمنيته ‪.‬ولقد رأيتني‬
‫مع رسول ال صلى ال عليه وسلم ل أملك درهما ‪،‬وإن في جانب بيتي الن لربعين ألف درهم‬
‫!ثم أتى بكفنه ‪،‬فبلما رآه بكى وقال ‪:‬ولكن حمزة لم يوجد له كفن إل بردة ملحاء ‪ ،‬إذا جعلت على‬
‫‪ 44‬بكسر الهمزة والخاء ‪ -‬حشيش معروف طيب الرائحة ‪.‬‬
‫‪ 45‬وله طريق أخرى عن جابر ‪ ،‬أخرجه هو والذي قبله الحاكم في " المستدرك " ( ‪ ، ) 369 - 1‬وسنده صحيح ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫رأسه قلصت عن قدميه ‪،‬وإذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه‪ ،‬وجعل على قدميه الذخر "‬
‫أخرجه أحمد (‪)6/395‬بهذا التمام‪ ،‬وإسناره صحيح ‪،‬والترمذي دون قوله ‪ :‬ثم أتى بكفنه‪"..‬وقال ‪":‬حديث حسن صحيح" ‪.‬وروى‬
‫الشيخان وغيرهما من طريق أخرى النهي عن نمي الموت ‪ .‬وله شاهد من حديث أنس ‪،‬نذكره إن شاء ال في المسألة التالية ‪.‬‬
‫‪ - 37‬وإذا قلت الكفان ‪ ،‬وكثرت الموتى ‪ ،‬جاز تكفين الجماعة منهم في الكفن الواحد ‪ ،‬ويقدم‬
‫أكثرهم قرآنا إلى القبلة ‪ ،‬لحديث أنس رضي ال عنه قال ‪ " :‬لما كان يوم أحد ‪ ،‬مر رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم بحمزة بن عبد المطلب ‪ ،‬وقد جدع ومثل به ‪ ،‬فقال ‪ :‬لو ل أن صفية ( في‬
‫نفسها لـ) تركته ( حتى تأكله العافية )‪،46‬حتى يحشره ال من بطون الطير والسباع ‪،‬فكفنه في‬
‫نمرة ‪ (،‬وكانت ) إذا خمرت رأسه بدت رجله وإذا خمرت رجله بدا رأسه‪،‬فخمر رأسه‪ ،‬ولم‬
‫يصل على أحد من الشهداء غيره ‪،‬وقال ‪ :‬أنا شاهد عليكم اليوم ‪ ( ،‬قال ‪ :‬وكثرت القتلى‪،‬وقلت‬
‫الثياب ‪ ،‬قال‪ ):‬وكان يجمع الثلثة والثنين في قبر واحد‪،‬ويسأل أيهم أكثر قرآنا ‪ ،‬فيقدم في اللحد‪،‬‬
‫‪47‬‬
‫‪.‬وكفن الرجلين والثلثة في الثوب الواحد " ‪.‬أخرجه أبو داود(‪ )2/59‬والترمذي(‪ )139-2/138‬وحسنه‪ ،‬وابن‬
‫سعد (ج ‪3‬ق ‪1‬ص ‪ )8‬والحاكم (‪ )366-1/365‬والسياق له وعنه البيهقي (‪ )11-4/10‬وأحمد (‪ )3/128‬والزيادات له ‪ ،‬وقال‬
‫الحاكم‪" :‬صحيح على شرط مسلم " ‪،‬ووافقه الذهبي ‪،‬وإنما هو حسن فقط كما سبق في الثالث من المسألة (‪( ،. )32‬ص ‪)53‬‬
‫‪ - 38‬ول يجوز نزع ثياب الشهيد الذي قتل فيها ‪،‬بل يدفن وهي عليه لقوله صلى ال عليه وسلم‬
‫في قتلى أحد ‪ " :‬زملوهم في ثيابهم " ‪.‬أخرجه أحمد ( ‪ ) 431 / 5‬بهذا اللفظ ‪ ،‬وفي رواية له ‪ " :‬زملوهم بدمائهم " ‪.‬‬
‫وكذلك أخرجه النسائي ( ‪ ، ) 282 / 1‬وعزاه الشو كاني ( ‪ ) 34 / 4‬لبي داود فوهم ‪ .‬وفي الباب عن جابر وأبي برزة‬
‫وأنس ‪ ،‬فانظر المسألة ( ‪ ) 32‬الحديث الول والثاني والثالث ‪ ( ، .‬ص ‪) 53 - 52‬‬
‫‪ -39‬ويستحب تكفينه بثوب واحد أو أكثر فوق ثيابه ‪ ،‬كما فعل رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫بمصعب بن عمير وحمزة بن عبد المطلب ‪،‬وتقدمت قصتهما في المسألة ( ‪،)34،36،37‬وفي الباب قصتان‬
‫أخريان ‪:‬‬
‫الولى ‪:‬عن شداد بن الهاد ‪":‬أن رجل من العراب ‪،‬جاء إلى النبي صلى ال عليه وسلم فآمن به‬
‫واتبعه ‪،‬ثم قال ‪:‬أهاجر معك ‪،‬فأوصى به النبي صلى ال عليه وسلم بعض أصحابه ‪،‬فلما كانت‬
‫غزوة (خيبر) غنم النبي صلى ال عليه وسلم (فيها) شيئا ‪،‬فقسم ‪،‬وقسم له‪ ،‬فأعطى أصحابه ما قسم‬
‫له ‪ ،‬وكان يرعى ظهرهم ‪ ،‬فلما جاءهم دفعوه إليه ‪ ،‬فقال ‪ :‬ما هذا ؟ قالوا ‪ :‬قال ‪:‬قسمته لك قال‪:‬‬
‫ما على هذا تبعتك ‪،‬ولكن اتبعتك على أن أرمي إلى ههنا ‪-‬وأشار إلى حلقه‪-‬بسهم فأموت‪ ،‬فأدخل‬
‫الجنة ‪،‬فقال ‪:‬إن تصدق ال يصدقك ‪ ،‬فلبثوا قليل ‪،‬ثم نهضوا في قتال العدو ‪،‬فأتي به النبي صلى‬
‫ال عليه وسلم يحمل ‪،‬قد أصابه سهم حيث أشار ‪،‬فقال النبي صلى ال عليه وسلم أهو هو؟ قالوا‪:‬‬
‫نعم‪،‬قال‪:‬صدق ال فصدقه ‪،‬ثم كفنه النبي صلى ال عليه وسلم في جبة النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫‪،‬ثم قدمه فصلى عليه ‪ ،‬فكان فيما ظهر من صلته ‪ :‬اللهم هذا عبدك ‪ ،‬خرج مهارجرا في سبيلك‬
‫‪،‬فقتل شهيدا ‪،‬أنا شهيد على ذلك "‪.‬أخرجه النسائي(‪ )1/277‬والطحاوي في " (‪ )1/291‬والحاكم (‪)596- 3/595‬‬
‫والبيهقي ( ‪. ) 16 - 15 / 4‬‬
‫قلت ‪:‬وإسناده صحيح ‪،‬رجاله كلهم على شرط مسلم ما عدا شداد بن الهاد لم يخرج له شيئا ‪ ،‬ول‬
‫ضير ‪ ،‬فإنه صحابي معروف‪،‬وأما قول الشو كاني في " نيل الوطار " (‪ )3/37‬تبعا للنووي في "‬
‫المجموع " ( ‪:) 565 / 5‬إنه تابعي! فوهم واضح فل يغتر به ‪.‬‬

‫‪ 46‬هي السباع والطير التي تقع على الجيف كلها ‪ ،‬ويجمع على العوافي ‪.‬‬
‫‪ 47‬قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال ‪ " :‬معنى الحديث أنه كان يقسم الثوب الواحد بين الجماعة ‪ ،‬فيكفن كل واحد ببعضه للضرورة ‪ ،‬وإن لم يستر إل بعض‬
‫بدنه ‪ ،‬يدل عليه تمام الحديث أنه كان يسأل عن أكثرهم قرآنا فيقدمه في اللحد ‪ ،‬فلو أنهم في ثوب واحد جملة لسأل عن أفضلهم قبل ذل كي ل يؤدي إلى نقض‬
‫التكفين وإعادته ‪ .‬ذكره في " عون المعبود " ( ‪ ، ) 165 / 3‬وهذا التفسير هو الصواب ‪ ،‬وأما قول من فسره على ظاهره فخطأ مخالف لسياق القصة كما بينه‬
‫ابن تيمية ‪ ،‬وأبعد منه عن الصواب من قال ‪ :‬معنى ثوب واحد قبر واحد ! لن هذا منصوص عليه في الحديث فل معنى لعادته ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫الثانية ‪ :‬عن الزبير بن العوام رضي ال عنه قال ‪ :‬فكره النبي صلى ال عليه وسلم أن تراهم‪،‬‬
‫فقال ‪:‬المرأة المرأة ! قال ‪:‬فتوسمت أنها أمي صفية‪ ،‬فخرجت أسعى إليها ‪ ،‬فأدر كتها قبل أن‬
‫تنتهي إلى القتلى ‪ ،‬قال‪:‬فلدمت‪ 48‬في صدري ‪ ،‬وكانت امرأة جلدة ‪ ،‬قالت ‪ :‬إليك ل أرض لك ‪،‬‬
‫فقلت ‪ :‬إن رسول صلى ال عليه وسلم عزم عليك ‪ ،‬فوقفت ‪ ،‬وأخرجت ثوبين معها ‪ ،‬فقالت ‪:‬‬
‫هذان ثوبان جئت بهما لخي حمزة ‪ ،‬فقد بلغي مقتله ‪ ،‬فكفنه فيهما ‪ ،‬قال ‪ :‬فجئنا بالثوبين لنكفن‬
‫فيهما حمزة ‪ ،‬فإذا إلى جنبه رجل من النصار قتيل ‪ ،‬قد فعل به كما فعل بحمزة ‪ ،‬فوجدنا‬
‫غضاضة وحياء أن نكفن حمزة في ثوبين ‪ ،‬والنصاري لكفن له ‪ ،‬فقلنا ‪ :‬لحمزة ‪ ،‬ثوب ‪،‬‬
‫وللنصاري ثوب ‪ ،‬فقدر ناهما فكان أحدهما أكبر من الخر ‪ ،‬فأقر عنا بينهما‪،‬فكفنا كل واحد‬
‫منهما في الثوب الذي صار له "‪.‬أخرجه أحمد (‪ )1418‬والسياق له بسند حسن ‪ .‬والبيهقي (‪ )401 /3‬وسنده صحيح‬
‫‪ -40‬والمحرم يكفن في ثوبيه اللذين مات فيهما لقوله صلى ال عليه وسلم في المحرم الذي‬
‫وقصته الناقة ‪ ... " :‬وكفنوه في ثوبيه ( اللذين أحرم فيهما ) ‪. " . .‬وتقدم بتمامه في الفصل ( ‪ ) 3‬فقرة( د)‬
‫‪ ،‬ص ‪ ) 13 - 12‬وهذه الزيادة رواها النسائي وكذا الطبراني في " المعجم الكبير " ( ق ‪ )2 / 165‬مر طريقين عن عمرو بن‬
‫دينار عن ابن جبير عن ابن عباس ‪ .‬وهذا سند صحيح ‪.‬‬
‫‪ - 41‬ويستحب في الكفن أمور ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬البياض ‪ ،‬لقوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬البسوا من ثيابكم البياض ‪ ،‬فانها خير ثيابكم ‪،‬‬
‫وكفنوا فيها " ‪ .‬أخرجه أبو داود (‪ )2/176‬والترمذي (‪ )2/132‬وصححه ‪ ،‬وابن ماجه (‪ )1/449‬والبيهقي (‪ )3/245‬وأحمد‬
‫(‪ ، )3426‬والضياء في " المختارة " (‪ )60/229/2‬وقال الحاكم ‪ " :‬صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي وهو كما قال‪.‬وله‬
‫شاهد من حديث سمرة بن جندب‪.‬‬
‫أخرجه النسائي (‪ )268 /1‬وابن الجارود (‪ )260‬والبيهقي (‪ )403 -3/402‬وغيرهم قلت ‪ :‬وسنده صحيح أيضا كما قال الحاكم‬
‫والذهبي والحافظ في " فتح الباري " ( ‪. ) 105 / 3‬‬
‫الثاني ‪ :‬كونه ثلثة أثواب ‪ ،‬لحديث عائشة رضي ال عنها قالت ‪ " :‬إن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم كفن في ثلثة أثواب يمانية بيض سحولية ‪ ،‬من كرسف ‪ ،‬ليس فيهن قميص ‪ ،‬ول‬
‫عمامة ( أدرج فيها إدراجا ) " ‪ .‬أخرجه الستة ‪ ،‬وابن الجارود (‪ )259‬والبيهقي (‪ )3/399‬وأحمد (‪، 118 ،6/40،93‬‬
‫‪ ) 264 ، 231 ، 221 ، 203 ، 192 ، 165‬والزيادة له ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أن يكون أحدها ثوب حبرة‪ 49‬إذا تيسر ‪ ،‬لقوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إذا توفي أحدكم فوجد شيئا ‪ ،‬فليكفن في ثوب‬
‫حبرة " ‪ .‬أخرجه أبو داود ( ‪ ) 61 / 2‬ومن طريقه البيهقي ( ‪ ) 403 / 3‬ومن طريق وهب بن منبه عن جابر مرفوعا ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا سند صحيح عندي ‪ ،‬وهو كذلك عند المزي وأما الحافظ فقال في " التلخيص " من وجد سعة ‪ ،‬فليكفن في ثوب‬
‫حبرة "‪ .50‬وسنده صحيح لول عنعنة أبي الزبير ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬تبخيرة ثلثا ‪ ،‬لقوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إذا جمرتم الميت ‪ ،‬فأجمروه ثلثا " ‪.‬‬
‫أخرجه أحمد (‪ )3/331‬وابن أبي شيبة (‪ )4/92‬وابن حبان في " صحيحه "(‪ -752‬موارد)والحاكم (‪)1/355‬والبيهقي (‪)3/405‬‬
‫قال الحاكم ‪ " :‬صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي‪،‬وهو كما قال ‪ ،‬وصححه الووي أيضا في " المجموع " (‪ . )5/196‬وهذا‬
‫الحكم ‪ ،‬ل يشمل المحرم لقوله صلى ال عليه وسلم في المحرم الذي وقصته الناقة " ‪ . . .‬ول تطيبوه ‪ . " . . .‬وقد مضى‬
‫بتمامه مع تخريجه في المسألة ( ‪ ) 17‬فقرة ( د ) ( ص ‪. ) 53 - 52‬‬
‫‪ - 42‬ول يجوز المغالة في الكفن ‪ ،‬ول الزيادة فيه على الثلثة لنه خلف ما كفن ل سيما‬
‫والحي أولى به ‪ ،‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬إن ال كره لكم ثلثا ‪ :‬قيل وقال ‪،‬‬
‫‪ 48‬أي ‪ :‬ضربت ودفعت‬
‫‪ 49‬بكسر الحاء المهملة وفتح الموحدة ما كان من البرود مخططا ‪.‬‬
‫‪ 50‬اعلم أنه ل تعارض بين الحديث الول في " البياض " ‪ " :‬وكفنوا فيها موتا كم " ‪ .‬لمكان التوفيق بينهما بوجه من وجوه الجمع الكثيرة المعلومة عند‬
‫العلماء ‪ ،‬ويخطر في بالي الن منها وجهان ‪ :‬الول ‪ :‬أن تكون الحبرة بيضاء مخططة ‪ ،‬وهذا إذا كان الكفن ثوبا واحدا ‪ ،‬وأما إذا كان أكثر فالجمع أيسر وهو‬
‫الوجه التي ‪ .‬الثاني ‪ :‬أن يجعل كفن واحد حبرة ‪ ،‬وما بقي أبيض ‪ ،‬وبذلك يعمل بالحديثين معا ‪ .‬وبهذا قال الحنفية ‪ ،‬ودليلهم هذا الحديث ‪ ،‬وليس هو الحديث‬
‫الذي عزاه الحافظ لبي داود عن جابر أنه عليه السلم كفن في ثوبين وبرد حبرة ‪ .‬وقال ‪ :‬إسناده حسن ‪ ،‬فإن هذا لم يستدلوا به بل ل وجود له عند أبي داود ‪،‬‬
‫بل عنده عن عائشة في حديثها وهو الثاني قالت ‪ :‬أتي بالبر لكنهم ردوه ولم بكفنوه فيه وسنده صحيح ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪51‬‬
‫وإضاعة المال ‪ ،‬وكثرة السؤال " ‪ .‬أخرجه البخاري ( ‪ ) 266 / 3‬ومسلم ( ‪ ) 131 / 5‬وأحمد ( ‪، 246 / 4‬‬
‫‪ ) 254 ، 250 ، 249‬من حديث المغيرة بن شعبة ‪ .‬وله شاهد من حديث أبي هريرة رضي ال عنهما ‪ .‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ - 43‬والمرأة في ذلك كالرجل ‪ ،‬إذا ل دليل على التفريق‬

‫***************************‬

‫‪ 51‬ويعجبني بهذه المناسبة ما قاله العلمة أبو الطيب في " الروضة الندية " ( ‪ " ) 165 / 1‬وليس تكثير الكفان والمغالة في أثمانها بمحمود ‪ ،‬فإنه لول ورود‬
‫الشرع به لكان من إضاعة المال ‪ ،‬لنه ل ينتفع به الميت ‪ ،‬ول يعود نفعه على الحي ‪ ،‬ورحم ال أبا بكر الصديق حيث قال ‪ " :‬إن الحي أحق بالجديد " ‪ ،‬لما‬
‫قيل له عند تعيينه لثوب من أبوابه في كفنه ‪ " :‬إن هذا خلق " ‪ .‬والحديث الذي فيه أن النبي صلى ال عليه وسلم كفن في في سبعة أثواب ‪ ،‬منكر تفرد به من‬
‫وصف بسوء الحفظ فراجعه في " نصب الراية " ( ‪. ) 262 - 261 / 2‬‬
‫‪ 52‬وأما حديث ليلى بنت قائف الثقفية في تكفين ابنته ( ص ) في خمسة أبواب فل يصح إسناده ‪ ،‬لن فيه نوح بن حكيم الثقفي وهو مجهول كما قال الحافظ ابن‬
‫حجر وغيره وفيه علة أخرى بينها الزيلعي في " نصب الراية " ( ‪. ) 258 / 2‬‬

‫‪37‬‬
‫( ‪) 12‬‬
‫حمل الجنازة واتباعها‬
‫‪-44‬ويجب حمل اجنازة واتباعها ‪،‬وذلك من حق الميت المسلم على المسلمين ‪،‬وفي ذلك أحاديث‬
‫‪ ،‬أذكر اثنين منها ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬قوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬حق المسلم ( وفي رواية ‪:‬يجب المسلم على أخيه ) خمس‪:‬‬
‫رد السلم ‪ ،‬وعيادة المريض ‪ ،‬واتباع الجنائز ‪ ،‬وإجابة الدعوة ‪،‬وتشميت العاطس "‪.‬أخرجه البخاري‬
‫(‪ )3/88‬والسياق له ‪ ،‬ومسلم (‪ )7/3‬بالرواية الثانية وابن ماجه (‪ )1/439‬وابن الجارود (‪ )261‬وأحمد (‪،)2/372،412،540‬‬
‫وقال في رواية له‪ " :‬ست "‪ .‬وزاد ‪ ":‬وإذا استنصحك فانصح له " ‪،‬وهي رواية لمسلم أيضا ‪،‬أخرجوه كلهم من حديث أبي هريرة‪.‬‬
‫وفي الباب عن البراء بن عازب عند الشيخين وغيرهما ‪.‬‬
‫أخرجه ابن أبي شيبة في "‬‫الثاني ‪ :‬قوله أيضا ‪ " :‬عودوا المريض‪،‬واتبعوا الجنائز‪،‬تذكر كم الخرة " ‪.‬‬
‫المصنف " ( ‪ ) 73 / 4‬والبخاري في " الدب المفرد " ( ص ‪ ) 75‬وابن حبان في " صحيحه " ( ‪ - 709‬موارد ) والطيالسي (‬
‫‪ ) 224 / 1‬وأحمد ( ‪ ) 48 ، 32 ، 27 / 3‬والبغوي في " شرح السنة " ( ‪ )1 /166 / 1‬من حديث أبي سعيد الخدري ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫وإسناده حسن ‪ .‬وله شاهد من حديث عوف بن مالك بدون الجملة الخيرة ‪ .‬رواه الطبراني ‪ .‬راجع " المجمع " ( ‪. ) 299 /2‬‬
‫‪ - 44‬واتباعها على مرتبتين ‪:‬‬
‫الولى ‪ :‬اتباعها من عند أهلها حتى الصلة عليها ‪.‬‬
‫والخرى ‪ :‬اتباعها من عند أهلها حتى يفرغ من دفنها ‪ .‬وكل منهما فعل رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬فروى أبو سعيد الخدري رضي ال عنه قال ‪ " :‬كنا مقدم النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫( يعني المدينة) ‪ ،‬إذا حضر منا الميت آذنا النبي صلى ال عليه وسلم ‪،‬فحضره واستغفر له‪ ،‬حتى‬
‫إذا قبض ‪ ،‬انصرف النبي صلى ال عليه وسلم ومن معه حتى يدفن ‪،‬وربما طال حيس ذلك على‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم ‪،‬فلما خشينا مشقة ذلك عليه ‪،‬قال بعض القوم لبعض ‪ :‬لو كنا ل نؤذن‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم بأحد حتى يقبض ‪ ،‬فإذا قبض آذناه ‪ ،‬فلم يكن عليه في ذلك مشقة ول‬
‫خبس ‪ ،‬ففعلنا ذلك ‪ ،‬وكنا نؤذنه بالميت بعد أن يموت ‪ ،‬فيأتيه فيصلي عليه ‪ ،‬فربما انصرف ‪،‬‬
‫وربما مكث حتى يدفن الميت ‪ ،‬فكنا على ذلك حينا ‪ ،‬ثم قلنا لو لم يشخص النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪،‬وحملنا جنازتنا إليه حتى يصلي عليه عند بيته لكان ذلك أرفق به ‪ ،‬فكان ذلك المر إلى‬
‫اليوم "‪.‬أخرجه ابن حبان في صحيحه (‪-753‬مورد) والحاكم (‪ )365-364-1/353‬وعنه البيهقي (‪ )3/74‬وأحمد (‪)3/66‬‬
‫بنحوه ‪،‬وقال الحاكم‪" :‬صحيح على شرط الشيخين "!وإنما هو صحيح فقط ‪،‬لن فيه سعيد بن عبيد بن السباق ‪،‬ولم يخرجا له شيئا‪.‬‬
‫‪ - 45‬ول شك في أن المرتبة الخرى أفضل من الولى لقوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬من شهد‬
‫الجنازة(من بيتها )‪(،‬وفي رواية من ابتع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا) حتى يصلى عليها فله قيراط‬
‫‪ ،‬ومن شهد ها حتى تدفن ‪ ( ،‬وفي الرواية الخرى ‪ :‬يفرغ منها) فله قيراطان (من الجر) ‪ ،‬قيل‪:‬‬
‫( يارسول ال ) وما القيراطان ؟ قال ‪ :‬مثل الجبلين العظيمين‪ (.‬وفي الرواية الخرى ‪ :‬كل قيراط‬
‫مثل أحد ) " ‪ .‬أخرجه البخاري ( ‪ ) 154 ، 150 / 3 ، 90 - 89 / 1‬ومسلم ( ‪ ) 52 - 51 / 3‬وأبو داود ( ‪- 63 / 2‬‬
‫‪ ) 64‬والنسائي ( ‪ ) 282 / 1‬والترمذي ( ‪ ) 150 / 2‬وصححه ‪ ،‬وابن ماجه ( ‪ ) 468 - 467 / 1‬وابن الجارود ( ‪) 261‬‬
‫والبيهقي ( ‪ ) 413 - 412 / 3‬والطيالسي ( ‪ ) 2581‬وأحمد ( ‪، 493 474 ، 470 ، 458 ، 401 ، 320 ، 246 ، 233 / 2‬‬
‫‪ ) 531 ، 521‬من طرق كثيرة عن أبي هريد رضي ال عنه ‪.‬‬
‫والرواية الثانية للبخاري والنسائي وأحمد ‪ .‬والزيادة الولى لمسلم وأبي داود وغيرها ‪،‬‬
‫والزيادتان الخريان للنسائي ‪ .‬وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة رضي ال عنهم ‪.‬‬
‫الول ‪:‬عن ثوبان عند مسلم والطيالسي (‪ )985‬وأحمد (‪.)284-283-277،282 -5/276‬‬
‫الثاني والثالث ‪ :‬عن البراء بن غازب لث ‪:‬عن البراء بن عازب وعبد ال بن مغفل ‪،‬عند النسائي وأحمد (‪. )4/86،294‬‬

‫‪38‬‬
‫الرابع ‪:‬عن أبي سعيد الخدري ‪ .‬رواه أحمد (‪ )3/20،27،97‬من طريقين عنه‪.‬وله شواهد أخرى ذكرها الحافظ في " الفتح "‬
‫( ‪. ) 153 / 3‬‬
‫وفي بعض الشواهد عن أبي هريرة زيادات مفيدة لعله من المستحسن ذكرها ‪:‬‬
‫" وكان ابن عمر يصلي عليها ‪ ،‬ثم ينصرف ‪ ،‬فلما بلغه حديث أبي هريرة قال ‪ (:‬أكثر علينا أبو‬
‫هريرة ‪ ( ،‬وفي رواية ‪ :‬فتعاظمه ) )‪ (،‬فإرسل خبابا إلى عائشة يسألها عن قول أبي هريرة ثم‬
‫يرجع إليه فيخبره ما قالت ‪ ،‬وخذ ابن عمر قبضة من حصى المسجد يقلبها في يده حتي رجع‬
‫إليه الرسول ‪ ،‬فقال ‪:‬قالت عائشة‪:‬صدق أبو هريرة‪،‬فضرب ابن عمر بالحصى الذي كان في يده‬
‫الرض ثم قال‪) :‬لقد فرطنا في قراريط كثيرة‪ (،‬فبلغ ذلك أبا هريرة فقال‪:‬إنه لم يكن يشغلني عن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم صفقة السوق‪،‬ول غرس الودي‪،53‬إنما كنت ألزم النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم لكلمة يعلمنيها‪،‬وللقمة يطعمنيها )‪(،‬فقال له ابن عمر‪:‬أنت يا أبا هريرة كنت ألزمنا‬
‫لرسول ال صلى ال عليه وسلم وأعلمنا بحديثه ) "‪.‬هذه الزيادات كلها لمسلم ‪،‬إل الخيرة ‪ ،‬فهي لحمد (‪-2/2‬‬
‫‪ ) 387 ، 3‬وكذا سعيد بن منصور بإسناد صحيح كما قال الحافظ في " الفتح " ‪ ،‬والتي قبلها للطيالسي وسندها صحيح على شرط‬
‫مسلم ‪ ،‬والزيادة الثانية للشيخين ‪ ،‬والرواية الثانية فيها للترمذي وأحمد ‪.‬‬
‫والزيادة الخيرة صريحة بأن ابن عمر رضي ال عنه اتصل عنه اسصل بنفسه بأبي‬
‫هريرة‪،‬ويؤيده ما في رواية لمسلم وغيره بلفظ‪:‬فقال ابن عمر‪ :‬أبا هر انظر ما تحدث عن رسول‬
‫ال عليه وسلم‪،‬فقام إليه أبو هريرة حتى انطلق به إلى عائشة‪،‬فقال لها ‪ ،‬يا أم المؤمنين أنشدك‬
‫بال أسمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ ( :‬فذكر الحديث ) ‪ ،‬فقالت ‪ :‬اللهم نعم ‪ ،‬فقال‬
‫أبو هريرة ‪ :‬إنه لم يكن ‪ . .‬الخ ‪ .‬فظاهر هذا كله يخالف رواية أنه أرسل خبابا إلى ابن عمر ‪.‬‬
‫وجمع الحافظ ابن حجر بين الروايتين بأن الرسول لما رجع إلى ابن عمر يخبر عائشة بلغ ذلك‬
‫أبا هريرة ‪ ،‬فمشى إلى ابن عمر فأسمعه ذلك من عائشة مشافهة ‪ .‬ولبي هريرة رضي ال عنه‬
‫حديث آخر في فضل شهود الجنازة ‪ ،‬قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬من أصبح‬
‫منكم اليوم صائما ؟ قال أبو بكر ‪ :‬أنا ‪ ،‬قال ‪ :‬من عاد منكم اليوم مريضا ؟ قال أبو بكر ‪ :‬أنا ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬من شهد منكم اليوم جنازة ؟ قال أبو بكر ‪ :‬أنا قال ‪ :‬من أطعم اليوم مسكينا ؟ قال أبو بكر‬
‫‪ :‬أنا ‪ ،‬قال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬ما اجتمعت هذه الخصال في رجل في يوم إل دخل الجنة " ‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في " صحيحه " ( ‪ ) 110 / 7 ، 92 / 3‬والبخاري في " الدب المفرد " ص ‪75‬‬
‫‪ - 46‬وهذا الفضل في اتباع الجنائز ‪ ،‬إنما هو للرجال دون النساء لنهي النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم لهن عن اتباعها ‪ ،‬وهو ني تنزيه ‪ ،‬فقد قالت أم عطية رضي ال عنها ‪ ":‬كنا ننهى ( وفي‬
‫رواية ‪ :‬نهانا رسول ال صلى ال عليه وسلم ) عن اتباع الجنائز ‪ ،‬ولم يعزم علينا "‪.‬أخرجه البخاري‬
‫(‪ )329،3/162-1/328‬ومسلم (‪ )3/47‬والسياق له ‪،‬وأبو داود (‪)2/63‬وابن ماجه (‪ ) 487 /1‬وأحمد (‪ )6/408،409‬وكذا‬
‫البيهقي ( ‪ ) 77 / 4‬والسماعيلي والرواية الخرى له ‪ ،‬وهي رواية للبخاري تعليقا ‪.‬‬
‫‪ -47‬ول يجوز أن تتبع الجنائز ‪،‬بما يخالف الشريعة‪ ،‬وقد جاء النص فيها على أمرين‪ :‬رفع‬
‫الصوت بالبكاء ‪ ،‬واتباعها بالبخور ‪،‬وذلك في وقوله صلى ال عليه وسلم‪ ":‬ل تتبع الجنازة‬
‫بصوت ول نار"‪ .‬أخرجه أبو داود (‪ )2/64‬وأحمد (‪ )2/427،528،532‬من حديث أبي هريرة ‪ .‬وفي سنده من لم يسم ‪،‬‬
‫لكنه يتقوى بشواهده المرفوعة ‪ ،‬وبعض الثار الموقوفة ‪.‬‬
‫قال‬ ‫أما الشواهد ‪ ،‬فعن جابر عن النبي صلى ال عليه وسلم نهى أن يتبع الميت صوت أو نار ‪،‬‬
‫الهيثمي ( ‪ " : ) 29 / 3‬رواه أبو يعلى ‪ ،‬وفيه من لذكر له " ‪.‬‬

‫‪ 53‬بتشديد الياء صغار النخل ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫أخرجه‬ ‫وعن ابن عمر قال ‪ " :‬نهى رسول ال صلى ال عليه وسلم أن تتبع جنازة معها رانة " ‪.‬‬
‫ابن ماجه ( ‪ )480 -479 / 1‬وأحمد (‪)5668‬من طريقين عن مجاهد عنه ‪ .‬وهو حسن بمجموع الطريقين ‪.‬‬
‫وعن أبي موسى في النهي عن اتباع الميت بمجمر ‪.‬وقد تقدم لفظه في المسألة(‪)21‬فقرة(ب)‪ (،‬ص ‪)8‬‬
‫وأما الثار‪،‬فعن عمرو بن العاص أنه قال في وصيته ‪ " :‬فإذا أنا مت فل تصحبني نائحة ول‬
‫نار "‪ .‬أخرجه مسلم ( ‪ ) 78 / 1‬وأحمد ( ‪. ) 199 / 4‬‬
‫وعن أبي هريرة أنه قال حين حضره الموت‪ ":‬ل تضربوا علي فسطاطا‪ ،‬ول تتبعوني بمجمر‬
‫( وفي رواية ‪ :‬بنار ) " ‪ .‬رواه أحمد وغيره بسند صحيح كما يأتي بعد مسألة ‪ ،‬الحديث الثاني ‪.‬‬
‫‪ - 48‬ويلحق بذلك رفع الصوت بالذكر أمام الجنازة ‪،‬لنه بدعة ‪ ،‬ولقول قيس ابن عباد ‪ " :‬كان‬
‫أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم يكرهون رفع الصوت عند الجنائز " ‪ .‬أخرجه البيهقي ( ‪) 74 / 4‬‬
‫بسند رجاله ثقات ‪.‬‬
‫ولن فيه تشبها بالنصارى فإنهم يرفعون أصواتهم بشئ من أنا جيلهم وأذكارهم مع التمطيط‬
‫والتلحين والتحزين‪.54‬‬
‫وأقبح من ذلك تشييعها بالعزف على اللت الموسيقية أما مها عزفا حزينا كما يفعل في بعض‬
‫البلد السلمية تقليدا للكفار ‪ .‬وال المستعان ‪.‬‬
‫‪- 49‬ويجب السراع في السيربها ‪،‬سيرا دون الرمل ‪ ،‬وفي ذلك أحاديث ‪:‬‬
‫الول ‪ " :‬أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها‪ ،‬وإن تكن غير ذلك فشر تضعونه عن‬
‫رقابكم "‪.‬أخرجه الشيخان ‪ ،‬والسياق لمسلم ‪ ،‬وأصحاب السنن الربعة ‪ ،‬وصححه الترمذي وأحمد (‪)488 ،2/240،280‬‬
‫والبيهقي (‪ )21 /4‬من طرق عن أبي هريرة ‪ ،‬وله حديث آخر بنحو التي ‪.‬‬
‫الثاني ‪ " :‬إذا وضعت الجنازة ‪،‬واحتملها الرجال على أعناقهم ‪،‬فإن كانت صالحة قالت ‪ :‬قدموني‬
‫( قدموني ) ‪،‬وإن كانت غير صالحة قالت ‪ :‬يا ويلها أين يذهبون بها ! ؟يسمع صوتها كل شئ إل‬
‫النسان ‪،‬ولو سمعه ( لـ ) صعق " ‪ .‬أخرجه البخاري (‪ )3/142‬والنسائي (‪ )1/270‬والبيهقي وأحمد (‪)3/41،58‬‬
‫عن أبي سعيد الخدري رضي ال عنه ‪.‬‬
‫والزيادة للنسائي ‪ ،‬وللبيهقي منهما الولى ‪ ،‬ولحمد الخرى‪.‬‬
‫ويشهد للزيادة الولى حديث أبي هريرة أنه قال حين حضره الموت ‪ " :‬ل تضربوا علي‬
‫فسطاطا‪،‬ول تتبعوني بمجمر‪،‬وأسر عوا بي‪،‬فإني سمعت رسول ال صلى اله عليه وسلم يقول ‪" :‬‬
‫إذا وضع الرجل الصالح على سريره ‪ ،‬قال ‪ :‬قدموني‪ " ...‬الحديث نحوه ‪ ،‬دون قوله يسمع‬
‫صوتها ‪ ...‬أخرجه النسائي وابن حبان في صحيحه ( ‪ ) 764‬والبيهقي والطيالسي ( رقم ‪ ) 2336‬وأحمد ( ‪274 ، 292 / 2‬‬
‫‪ ) 500 ،‬بإسناد صحيح على شرط مسلم ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬عن عبد الرحمن بن جوشن قال ‪ " :‬كنت في جنازة عبد الرحمن بن سمرة‪،‬فجعل زياد‬
‫ورجال من مواليه يمشون على أعقابهم أمام السرير ‪ ،‬ثم يقولون ‪:‬رويدا رويدا بارك ال‬
‫فيكم‪:‬فلحقهم أبو بكرة في بعض سكك المدينة فحمل عليهم بالبغلة ‪ ،‬وشد عليهم بالسوط ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫خلوا ! والذي أكرم وجه أبي القاسم صلى ال عليه وسلم لقد رأيتنا على عهد رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم لنكاد أن نرمل بها رمل " ‪ .‬أخرجه أبو داود ( ‪ ) 65 / 2‬والنسائي ( ‪ ) 271 / 1‬والطحاوي ( ‪/ 1‬‬

‫‪ 54‬قال النووي رحمه ال تعالى في " ال ذكر " ( ص ‪ " : ) 203‬واعلم أن الصواب والمختار وما كان عليه السلف رضي ال عنهم السكوت في حال السير مع‬
‫الجنازة ‪ ،‬فل يرفع صوت بقراءة ول ذكر ول غير ذلك ‪ .‬والحكمة فيه ظاهرة ‪ ،‬وهي أنه أسكن لخاطره وأجمع لفكره فيما يتعلق بالجنازة ‪ ،‬وهو المطلوب في‬
‫هذا الحال ‪ ،‬فهذا هو الحق ‪ ،‬ول تغتر بكثرة من يخالفه ‪ ،‬فقد قال أبو علي الفضيل بن عياض رضي ال عنه ما معناه ‪ " :‬إلزم طرق الهدي ول يضرك قلة‬
‫السالكين ‪ ،‬وإياك وطرق الضللة ول تغتر بكثرة الهالكين " ‪ .‬وقد روينا في سنن البيهقي ما يقتضي ما قلته ( يشير إلى قول فيس بن عباد ) ‪ .‬وأما ما يفعله‬
‫الجهلة من القراءة على الجنازة بدمشق وغير ها من القراءة بالتمطيط وإخراج الكلم عن مواضعه فحرام بإجماع العلماء ‪ ،‬وقد أو ضحت قبحه وغلظ تحريمه‬
‫وفسق من تمكن من إنكاره فلم ينكره في كتاب " آداب القراءة " ‪ .‬وال المستعان " ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ ) 276‬والحاكم ( ‪ ) 255 / 1‬والبيهقي ( ‪ ) 22 / 4‬والطيالسي ( ‪ ) 883‬وأحمد ( ‪ ) 38 - 36 / 5‬قال الحاكم ‪ " :‬صحيح " ‪.‬‬
‫‪55‬‬
‫ووافقه الذهبي ‪ ،‬ومن قبله النووي في " المجموع " ( ‪) 272 / 5‬‬
‫‪- 50‬ويجوز المشي أمامها وخلفها ‪،‬وعن يمينها ويسارها ‪،‬على أن يكون قريبا منها ‪،‬إل الراكب‬
‫فيسير خلفها ‪ ،‬لقوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬الراكب ( يسير ) خلف الجنازة‪،‬والماشي حيث شاء‬
‫منها‪( ،‬خلفها وأمامها‪ ،‬وعن يمينها ‪ ،‬وعن يسارها ‪ ،‬قريبا منها ) ‪ ،‬والطفل يصلى عليه‪ (،‬ويدعى‬
‫لوالديه بالمغفرة والرحمة ) " ‪.‬أخرجه أبو داود (‪ )2/65‬والنسائي (‪ )276-1/275‬والترمذي (‪ )2/144‬وابن ماجه ( ‪1‬‬
‫‪ )458 ،451/‬والطحاوي (‪ )1/278‬وابن حبان في " صحيحه " ( ‪ ) 769‬والبيهقي ( ‪ ) 25 ، 84‬والطيالسي (‪) 702 -701‬‬
‫وأحمد ( ‪ ) 252 ، 249 ، 249 - 248 ، 247 / 4‬من حديث المغيرة بن شعبة ‪ ،‬وقال الترمذي ‪ " :‬حديث حسن صحيح " ‪.‬‬
‫وقال الحاكم ‪ " :‬صحيح على شرط البخاري "‪.‬ووافقه الذهبي ‪.‬وهو كما قال ‪.‬والسياق للنسائي‬
‫وأحمد في رواية ‪.‬‬
‫والزيادات الثلث لبي داود والحاكم والطيالسي ‪ ،‬ولحمد الوليان منها ‪ ،‬وللبيهقي الثالثة ‪ .‬وقال‬
‫أبو داود وابن حبان ‪ ":‬السقط " بدل " الطفل "وهو رواية للحاكم والبيهقي وأحمد‪ ،‬وعزاها الحافظ‬
‫في " التلخيص " (‪ )5/147‬للترمذي أيضا ‪ ،‬وهو وهم فإنما لفظه عنده كلفظ الجماعة ‪.‬‬
‫‪ - 51‬وكل من المشي أمامها وخلفها ‪،‬ثبت عن رسول ال صلى ال عليه وسلم فعل ‪ ،‬كما قال‬
‫أنس بن مالك رضي ال عنه ‪ ":‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون‬
‫أمام الجنازة وخلفها "‪ .‬أخرجه الطحاوي ( ‪ ) 278 / 1‬من طريقين عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن ‪ .‬قلت ‪ :‬وهذا‬
‫سند صحيح على شرط الشيخين‪.56‬‬
‫‪ - 51‬لكن الفضل المشي خلفها ‪ ،‬لنه مقتضى قوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬واتبعو الجنائز " ‪،‬‬
‫وما في معنا ه مما تقدم في المسألة (‪ )43‬أول هذا الفصل ‪ .‬ويؤيده قول علي رضي ال عنه‪" :‬‬
‫المشي خلفها أفضل من المشي أمامها ‪ ،‬كفضل صلة الرجل في جماعة على صلته فذا " ‪.‬‬
‫أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( ‪ ) 101 / 4‬والطحاوي ( ‪ ) 279 / 1‬والبيهقي ( ‪ 25 9 / 4‬وأحمد ( ‪ ) 754‬وكذا ابن‬
‫حزم في " المحلى " ( ‪ ) 165 / 5‬وسعيد بن منصور من طريقين عنه ‪ ،‬قال الحافظ ( ‪ ) 143 / 3‬في أحدهما ‪ " :‬وإسناده‬
‫‪57‬‬
‫حسن ‪ ،‬وهو موقوف له حكم المرفوع ‪ ،‬لكن حكى الثرم عن أحمد أنه تكلم في إسناده " ‪ .‬قلت ‪ :‬لكنه يتقوى بالطريق الخر ‪.‬‬
‫‪-52‬ويجوز الركوب بشرط أن يسير وراء ها لقوله صلى ال عليه وسلم‪ " :‬الراكب يسير خلف‬
‫الجنازة ‪ . " . .‬وقد مضى ذلك بتمامه في المسألة ( ‪ . ) 50‬لكن الفضل المشي ‪ ،‬لنه المعهور‬
‫عنه صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ولم يرد أنه ركب معها بل قال ثوبان رضي ال عنه ‪ " :‬إن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم أتي بدابة وهو مع الجنازة فأبى أن يركبها ‪ ،‬فلما انصرف أتي بدابة‬
‫فركب ‪ ،‬فقيل له ؟ فقال ‪ :‬إن الملئكة كانت تمشي فلم أكن لركب وهم يمشون ‪ ،‬فلما ذهبوا‬
‫ركبت " ‪ .‬أخرجه أبو داود ( ‪ ) 65 - 64 / 2‬والحاكم ( ‪ ) 355 / 1‬والبيهقي ( ‪ ) 23 / 4‬وقال الحاكم ‪ " :‬صحيح على‬
‫شرط الشيخين " ‪ .‬ووافقه الذهبي وهو كما قال ‪.‬‬

‫‪ 55‬وقال فيه ( ‪ " : ) 271 / 5‬واتفق العلماء على استحباب السراع بالجنازة إل أن يخاف من السراع انفجار الميت أو تغيره ونحوه فيتأتي " ‪ .‬قلت ‪ :‬ظاهر‬
‫المر الوجوب ‪ ،‬وبه قال ابن حزم ( ‪ ، ) 155 - 154 / 5‬ولم نجد دليل يصرفه إلى الستحباب ‪ ،‬فوقفنا عنده ‪ .‬وقا لبن القيم في" زاد المعاد "‪ ":‬وأما دبيب‬
‫الناس اليوم خطوة فبدعة مكروهة ‪ ،‬مخالفة للسنة ‪ ،‬ومتضمنة للتشبه بأهل الكتاب اليهود "‪.‬‬
‫‪ 56‬قلت ‪ :‬وأما ما في " الجوهر النقي " ( ‪ " : ) 25 / 4‬وفي مصنف عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال ‪ " :‬ما مشى رسول ال ( ص ) حتى‬
‫مات ‪ ،‬إل خلف الجنازة " ‪ .‬وهذا سند صحيح على شرط الجماعة " ‪ .‬فأقول ‪ :‬كيف وهو مرسل ‪ :‬فإن طاووسا تابعي وقد أرسله ‪ ،‬والمرسل ليس حجة عندهم ‪،‬‬
‫وقد عارضه حديث أنس الصحيح ‪ ،‬وأعله الشوكاني ( ‪ ) 62 / 4‬ايضا بالرسال ‪ ،‬ولكنه قال ‪ " :‬لم أقف عليه في شئ من كتب الحديث "‬
‫‪ 57‬تنبيه‪،‬قال الشوكاني عقب كلمته السابقة ‪ " :‬وحكى في البحر عن الثوري أنه قال ‪ :‬الراكب يمشي خلفها ‪ ،‬والماشي أما مها ‪ .‬ويدل لما قاله حديث المغير ة‬
‫المقدم أن النبي صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬الراكب خلف الجنازة ‪ ،‬والماشي أما مها قريبا منها عن يمينها أو عن يسارها ‪ .‬أخرجه أصحاب السنن وصححه‬
‫ابن حبان والحاكم ‪ ،‬وهذا مذهب قوي ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬كل فإن الحديث بهذا اللفظ رواه أحمد من طريق المبارك بن فضالة ‪ ،‬وفيه ضعف وقد زاد غيره فقال ‪" :‬‬
‫خلفها وأمامها ‪ " . . .‬كما تقدمت الشارة إليها ‪ ،‬وقد رواها المبارك أيضا عند الطيالسي ‪ ،‬فوجب الخذ بها ‪ ،‬وهي نص في التخيير ل في تفضيل التقدم عليها ‪،‬‬
‫ومن الغريب أن هذه الزيادة ذكرها صاحب المنتقى في المكان الذي أشار إليه الشوكاني نفسه بقوله آنفا " المتقدم " ثم هو ذهل عنها ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪-53‬وأما الركوب بعد النصراف عنها فجائز‪ ،‬بدون كراهة لحديث ثوبان المذكور آنفا ‪ ،‬ومثله‬
‫حديث جابر بن سمرة رضي ال عنه قال‪ " :‬صلى رسول ال صلى ال عليه وسلم على ابن‬
‫الدحداح ( ونحن شهود ) ‪ ( ،‬وفي رواية‪:‬خرج على جنازة ابن الدحداح ( ماشيا) ) ‪،‬ثم أتي بفرس‬
‫عري‪ ،‬فعقله رجل فر كبه (حين انصراف) ‪ ،‬فجعل يتوقص به‪،58‬ونحن نتبعه نسعى خلفه ‪ (،‬وفي‬
‫رواية ‪ :‬حوله ) قال‪:‬فقال رجل من القوم ‪ :‬إن النبي صلى ال عليه وسلم قال‪:‬كم من عذق معلق‬
‫أو مدلى في الجنة لبن الدحداح " ‪ .‬أخرجه مسلم (‪ )61-2/60‬والسياق له‪،‬وأبو داود (‪ )2/65‬والنسائي (‪)1/284‬‬
‫والترمذي (‪ ) 138 /2‬وصححه ‪ ،‬والبيهقي ( ‪ ) 23 - 22 / 4‬والطيالسي ( ‪ ) 761 -760‬وأحمد (‪ )99،102- 98 /5‬من‬
‫طرق عن سماك بن حرب عنه‪ .‬والرواية الثانية للنسائي ‪ ،‬والزيادة فيها للترمذي في إحدى روايتيه ‪،‬ومعناها للطيالسي ‪.‬‬
‫والرواية الثالثة لبي داود والترمذي ‪ ،‬ولمسلم والبيهقي وأحمد في رواية لهم ‪ .‬والزيادة الولى للنسائي والخرى لبي داود‪.59‬‬
‫‪ - 54‬وأما حمل الجنازة على عربة أو سيارة مخصصة للجنائز‪ ،‬وتشييع المشيعين لها وهم في‬
‫السيارات‪،‬فهذه الصورة ل تشرع البتة‪،‬وذلك لمور ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أنها من عادات الكفار‪،‬وقد تقرر في الشريعة أنه ل يجوز تقليدهم فيها ‪ .‬وفي ذلك‬
‫أحاديث كثيرة جدا ‪ ،‬كنت أستوعبتها وخرجتها في كتابي " حجاب المرأة المسلمة في الكتاب‬
‫والسنة " ‪ ،‬بعضها في المر والحض على مخالفتهم في عباداتهم وأزيائهم وعاداتهم‪،‬وبعضها من‬
‫فعله صلى ال عليه وسلم في مخالفتهم في ذلك ‪ ،‬فمن شاء الطلع عليها فليرجع إليه‪.60‬‬
‫الثاني ‪ :‬أنها بدعة في عبادة‪،‬مع معارضتها للسنة العملية في حمل الجنازة ‪ ،‬وكل ماكان كذلك‬
‫من المحدثات ‪ ،‬فهو ضللة اتفاقا ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أنها تفوت الغاية من حملها وتشييعها ‪ ،‬وهي تذكر الخرة ‪ ،‬كما نص على ذلك رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم في الحديث المتقدم في أول هذا الفصل بلفظ ‪ ... " :‬واتبعوا الجنائز‬
‫تذكركم الخرة " ‪ .‬أقول ‪ :‬إن تشييعها على تلك الصورة مما يفوت على الناس هذه الغاية‬
‫الشريفة تفويتا كامل أو دون ذلك ‪ ،‬فإنه ممال يخفى على البصير أن حمل الميت على العناق ‪،‬‬
‫ورؤية المشيعين لها وهي على رؤوسهم ‪ ،‬أبلغ في تحقيق التذكر والتعاظ من تشييعها على‬
‫الصورد المذكورة ‪ ،‬ول أكون مبالغا إذا قلت ‪ :‬إن الذي حمل الوربيين عليها إنما هو خوفهم‬
‫من الموت وكل ما يذكر به ‪ ،‬بسبب تغلب المادة عليهم ‪ ،‬وكفرهم بالخرة !‬
‫الرابع ‪ :‬أنها سبب قوي لتقليل المشيعين لها والراغبين في الحصول على الجر الذي سبق‬
‫ذكره في المسألة (‪ )45‬من هذا الفصل‪،‬ذلك لنه ليستطيع كل أحد أن يستأجر سيارة ليشيعها "‬
‫الخامس ‪:‬أن هذه الصورة ل تتفق من قريب ولمن بعيد مع ما عرف عن الشريعة المطهرة‬
‫السمحة من البعد عن الشكليات والرسميات‪،‬ل سيما في مثل هذا المر الخطير‪:‬الموت !والحق‬
‫أقول‪:‬إنه لو لم يكن في هذه البدعة إل هذه المخالفة ‪ ،‬لكفى ذلك في ردها فكيف إذا انضم إليها ما‬
‫سبق بيانه من المخالفات والمفاسد وغير ذلك مما ل أذكره !‬
‫‪ - 55‬والقيام لها منسوخ ‪ ،‬وهو على نوعين ‪:‬‬
‫‪ 58‬أي يثب ويقارب الخطو ‪.‬‬
‫‪ 59‬وهي نص في أنه صلى ال عليه وسلم ركب انصرافه من الجنازة ‪ ،‬وقد خفي هذا على أبي الطيب صديق حسن خان فاستدل في " الروضة " ( ‪) 173 / 1‬‬
‫على أن المشبع للجنازة مخير بين أن يمشي أمامها أو خلفها بهذا الحديث فقال ‪ :‬إن الصحابة كانوا يمشون حول جنازة ابن الدحداح ! وهذا خطأ من وجهين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أنه ليس في الحديث ما ذكره ‪ ،‬بل هو صريح في أنهم كانوا يمشون حول النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ول تلزم بين المرين كما هو ظاهر ‪ .‬الثاني ‪ :‬أن‬
‫ذلك كاف عند النصراف من الجنازة كما سبق ‪ ،‬ولعل سبب الوهم رواية عمربن موسى بن الوجيه عن سماك به بلفظ ‪ " :‬رأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫مع جنازة ثابت بن الدحداح على فرص أغر محجل تحته ‪ ،‬ليس عليه سرج ‪ ،‬مع الناس وهم حوله قال ‪ :‬فنزل رسول ال صلى ال عليه وسلم فصلى عليه ثم‬
‫جلس حتى فرغ منه ‪ ،‬ثم قام فقعد على فرسه ثم انطلق يسير حوله الرجال " ‪ .‬أخرجه أحمد ( ‪ ، ) 99 / 5‬فهذا صريح في الركوب أثناء تشييعها أيضا ‪ ،‬ولكنه‬
‫بهذا السياق باطل لن عمر ابن موسى هذا كان يضع الحديث فل يحتج به عند الموافقة فكيف عند المخالفة !‬
‫‪ 60‬وقد قام بطبعه " المكتب السلمي " ثانية ‪ ،‬وفيها إضافات لم ترد في الطبعة السابقة ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫أ ‪ -‬قيام الجالس إذا مرت به ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬وقيام المشيع لها عند انتهائها إلى القبر حتى توضع على الرض ‪ .‬والدليل على ذلك‬
‫حديث علي رضي ال عنه ‪ ،‬وله ألفاظ ‪:‬‬
‫الول ‪ " :‬قام رسول ال صلى ال عليه وسلم للجنازة فقمنا‪،‬ثم جلس فجلسنا" ‪.‬أخرجه مسلم (‪)59 /3‬‬
‫وابن ماجه (‪ )468 /1‬والطحاوي (‪ )1/383‬والطيالسي ( ‪ ) 150‬وأحمد رقم ( ‪. ) 1167 ، 1094 ، 631‬‬
‫الثاني ‪ " :‬كان يقوم في الجنائز ‪ ،‬ثم جلس بعد " ‪ .‬رواه مالك ( ‪ ) 332 / 1‬وعنه الشافعي في " الم " ( ‪/ 1‬‬
‫‪ ) 247‬وأبو داود ( ‪. ) 64 / 2‬‬
‫الثالث ‪:‬من طريق واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ قال‪":‬شهدت جنازة في بني سلمة‪ ،‬فقمت‪ ،‬فقال‬
‫لي نافع بن جبير‪ :‬اجلس فإني سأخبرك في هذا بثبت ثنى مسعود بن الحكم الزرقي أنه سمع‬
‫علي بن أبي طالب رضي ال عنه برحبة الكوفة وهو يقول ‪ " :‬كان رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم أمرنا بالقيام في الجنازة ‪ ،‬ثم جلس بعد ذلك ‪ ،‬وأمرنا بالجلوس"‪.‬أخرجه الشافعي وأحمد (‪)627‬‬
‫والطحاوي (‪ )1/282‬وابن حبان في " صحيحه " هذا الوجه بلفظ آخر وهو ‪.‬‬
‫الرابع ‪ " :‬قام رسول ال صلى ال عليه وسلم مع الجنائز حتى توضع ‪ ،‬وقام الناس معه ‪ ،‬ثم قعد‬
‫بعد ذلك ‪ ،‬وأمر هم بالقعود " ‪ .‬الخامس ‪ :‬من طريق اسماعيل بن مسعود‪ 61‬بن الحكم الزرقي‬
‫عن أبيه قال ‪ " :‬شهدت جنازة بالعراق ‪ ،‬فرأيت رجال قياما نيتظرون أن توضع ‪ ،‬ورأيت علي‬
‫ابن أبي طالب رضي ال عنه يشير إليهم أن اجلسوا ‪ ،‬فإن النبي صلى ال عليه وسلم قد أمرنا‬
‫‪62‬‬
‫بالجلوس بعد القيام " ‪ .‬أخرجه الطحاوي ( ‪ ) 282 / 1‬بسند حسن ‪.‬‬
‫‪ - 56‬ويستحب لمن حملها أن يتوضأ ‪ ،‬لقوله صلى ال عليه وسلم ‪ ":‬من غسل ميتا فليغتسل ‪،‬‬
‫ومن حمله فليتوضأ " ‪.‬وهو حديث صحيح ‪،‬كما تقدم بيانه في المسألة ( ‪. ) 31‬‬

‫****************************‬

‫‪ 61‬وقع في الصل " اسماعيل بن الحكم بن مسعود " والصواب ما أثبت ‪ ،‬وكأنه انقلب على الطابع ‪ ،‬أو بعض النساخ ‪.‬‬
‫‪ 62‬قلت ‪ :‬هذا اللفظ والذي قبله صريحان في أن القيام لها حتى توضع داخل في النهي ‪ ،‬وأنه منسوخ ‪ ،‬فقول صديق حسن خان في " الروضة " ( ‪) 176 / 1‬‬
‫بعد أن قرر منسوخية القيام لها إذا مرت ‪ " :‬وأما قيام الناس خلفها حتى توضع على حتى توضع على الرض فمحكم لم ينسخ " ‪ .‬فهذا خطأ بين ‪ ،‬لمخالفته لما‬
‫ذكرنا من اللفظين ‪ ،‬والظاهر أنه لم يقف عليهما ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫( ‪) 13‬‬
‫الصلة على الجنازة‬
‫‪-57‬والصلة على الميت المسلم فرض كفاية ‪،‬لمره صلى ال عليه وسلم بها في أحاديث أذكر‬
‫منها حديث زيد بن خالد الجهني ‪ " :‬أن رجل من أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم توفي يوم‬
‫خيبر ‪ ،‬فذكروا ذلك لرسول ال صلى ال عليه وسلم فقال ‪ " :‬صلوا على صاحبكم " ‪ ،‬فتغيرت‬
‫وجوه الناس لذلك ‪ ،‬فقال ‪ " :‬إن صاحبكم غل في سبيل ال " ‪ ،‬ففتشنا متاعه فوجدنا خرزا من‬
‫خرز اليهود ل يساوي درهمين ! "‪.‬أخرجه مالك في " الموطأ " (‪ )2/14‬وأبو داود (‪ )1/425‬والنسائي ( ‪)278 /1‬‬
‫وابن ماجه (‪ )2/197‬وأحمد ( ‪ )5/192-4/114‬بإسناد صحيح ‪ ،‬وقال الحاكم ‪ " :‬صحيح على شرطهما " ‪،‬وفيه نظر بينته في "‬
‫التعليقات الجياد على زاد المعاد " ‪.‬وفي الباب عن أبي قتادة ويأتي حديثه في المسألة الية ص ‪82‬وعن أبي هريرة فيها ‪،‬ص ‪84‬‬
‫‪-58‬ويستثنى من ذلك شخصان فل تجب الصلة عليهما ‪:‬‬
‫الول ‪:‬الطفل الذي لم يبلغ ‪،‬لن النبي صلى ال عليه وسلم لم يصل على ابنه ابراهيم عليه السلم‬
‫‪ ،‬قالت عائشة رضي ال عنها ‪ " :‬مات ابراهيم بن النبي صلى ال عليه وسلم وهو ابن ثمانية‬
‫عشر شهرا ‪،‬فلم يصل عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم "‪.‬أخرجه أبو داود (‪ )2/166‬ومن طريقه حزم (‬
‫‪ ) 158 / 5‬وأحمد ( ‪ ) 267 / 6‬وإسناده حسن ‪ ،‬كما قال الحافظ في " الصابة " ‪ ،‬وقال ابن حزم ‪ " :‬هذا خبر صحيح " !‪.63‬‬
‫الثاني ‪ :‬الشهيد ‪ ،‬لن النبي صلى ال عليه وسلم لم يصل على شهداء أحد وغيرهم ‪ ،‬وفي ذلك‬
‫ثلثة أحاديث سبق ذكرها في المسألة ( ‪ ( ، ) 32‬ص ‪.) 2 5‬‬
‫ولكن ذلك ل ينفي مشروعية الصلة عليهما بدون وجوب كما يأتي من الحاديث فيهما في‬
‫المسألة التالية ‪:‬‬
‫‪ - 59‬وتشرع الصلة على من يأتي ذكرهم ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬الطفل ‪ ،‬ولو كان سقطا ( وهو الذي يسقط من بطن أمه قبل تمامه ) وفي ذلك حديثان ‪:‬‬
‫‪...".1‬والطفل ( وفي رواية‪:‬السقط ) يصلى عليه‪،‬ويد عى لوالديه بالمغفرة والرحمة"‪.‬رواه‬
‫أبو داود والنسائي وغيرهما بسند صحيح‪،‬وقد سبق بتمامه في المسألة (‪)50‬‬
‫‪.2‬عن عائشة رضي ال عنها قالت‪ ":‬أتي رسول ال صلى ال عليه وسلم بصبي من‬
‫صبيان النصار‪،‬فصلى عليه‪،‬قالت عائشة ‪ :‬فقلت ‪ :‬طوبى لهذا ‪ ،‬عصفور من‬
‫عصافير الجنة ‪ ،‬لم يعمل سوة ‪ ،‬ولم يدركه ‪ .‬قال‪:‬أو غير ذلك يا عائشة ؟ خلق ال‬
‫عزوجل الجنة ‪ ،‬وخلق لها أهل ‪ ،‬وخلقهم ‪ ،‬في أصلب آبائهم ‪ .‬وخلق النار وخلق لها‬
‫‪64‬‬
‫أهل ‪،‬وخلقهم في أصلب آبائهم " أخرجه مسلم (‪ )8/55‬والنسائي (‪ )1/276‬وأحمد (‪ )6/208‬واللفظا‬
‫للنسائي‪ ،‬وإسناده صحيح‪،‬رجاله كلهم ثقات رجال مسلم‪ ،‬غير شيخه عمرو بن منصور ‪ ،‬وهو ثقة ثبت ‪.‬‬
‫والظاهر أن السقط إنما يصلي عليه إذا كان قد نفخت فيه الروح ‪ ،‬وذلك إذا استكمل أربعة‬
‫أشهر ‪ ،‬ثم مات ‪ ،‬فإما إذا سقط قبل ذلك ‪،‬لنه ليس بميت كما ل يخفى ‪.‬وأل ذلك حديث عبد ال‬
‫بن مسعود رضي ال عنه مرفوعا ‪ " :‬أن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين ‪ ،‬يوما ‪ ،‬ثم‬
‫‪ 63‬قلت ‪ :‬والصواب ما قاله الحافظ ‪ ،‬فقد ذكر ابن القيم في " زاد المعاد " ( ‪ ) 203 / 1‬عن المام أحمد أنه قال ‪ " :‬هذا حديث منكر " ‪ ،‬ولعله يعني " حديث‬
‫فرد " فإن هذا منقول عنه في بعض الحاديث المعروفة الصحة ‪ .‬واعلم أنه ل يخدج في ثبوت الحديث أنه روي عنه صلى ال عليه وسلم أنه صلى على ابنه‬
‫ابراهيم ‪ .‬لن ذلك لم يصح عنه وإن جاء من طرق ‪ ،‬فهي كلها معلولة اما بالرسال ‪ ،‬وإما بالضعف الشديد ‪ ،‬كما تراه مفصل في " نصب الراية " ( ‪279 / 2‬‬
‫‪ ، ) 280 -‬وقد روى أحمد ( ‪ ) 281 / 3‬عن أنس أنه سئل ‪ :‬صلى رسول ال صلى ال عليه وسلم على ابنه ابراهيم ؟ قال ‪ :‬ل أدري ‪ .‬وسنده صحيح ‪ .‬ولو كان‬
‫صلى عليه ‪ ،‬لم يخف ذلك على أنس إن شاء ال ‪ ،‬وقد خدمه عشر سنين ‪.‬‬
‫‪ 64‬قال النووي رحمه ال تعالى ‪ " :‬أجمع من يعتقد بن من علماء المسلمين على أن من ما من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة ‪ ،‬والجواب عن هذا لحديث‬
‫أنه لعله نهاها عن المسارعة إل يالقطع من غير دليل ‪ ،‬أو قال ذلك قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة " ‪ .‬وأجاب السندي في حاشيته على النسائي بجواب‬
‫آخر خلصته ‪ :‬أنه إنما أنكر عليها الجزم بالجنة لطفل معين ‪ .‬قال ‪ :‬ول يصبح الجزم في مخصوص لن إيمان البوين تحقيقا غيب ‪ ،‬وهو المناط عند ال تعالى‬
‫‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫يكون علقة مثل ذلك ‪ ،‬ثم يكون مضغة مثل ذلك ‪ ،‬ثم يبعث إليه ملكا ‪ . . .‬ينفخ فيه الروح " ‪.‬‬
‫متفق عليه ‪ .‬واشترط بعضهم أن يسقط حيا ‪ ،‬لحديث ‪ " :‬إذا استهل السقط صلي عليه وورث " ‪.‬‬
‫ولكنه حديث ضعيف ل يحتج به ‪ ،‬كما بينه العلماء‪.65‬‬
‫الثاني ‪ :‬الشهيد ‪ ،‬وفيه إحاديث كثيرة ‪ ،‬أكتفي بذكر بعضها‬
‫‪.1‬عن شداد بن الهاد ‪ " :‬أن رجل من العراب جاء إلى النبي صلى ال عليه وسلم آمن‬
‫به واتبعه ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬أهاجر معك ‪ . .‬فلبثوا قليل ‪ ،‬ثم نهضوا في قتال العدو ‪ ،‬فأتي به‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم " ‪ . .‬ثم كفنه النبي صلى ال عليه وسلم في جبته ‪ ،‬ثم قدمه‬
‫فصلى عليه ‪." . .‬أخرجه النسائي وغيره بسند صحيح ‪ ،‬وقد مضى بتمامه المسألة (‬
‫‪( )39‬ص ‪. )61‬‬
‫‪ .2‬عن عبد ال الزبير ‪ " :‬أن رسول ال صلى اله عليه وسلم أمر يوم أحد بحمزة فسجي‬
‫ببردة‪،‬ثم صلى عليه فكبر تسع تكبيرات‪ ،‬ثم أتي بالقتلى يصفون ‪ ،‬ويصلي عليهم ‪.‬‬
‫وعليه معهم " ‪ .‬أخرجه الطحاوي في " معاني الثار " ( ‪ )1/290‬وإسناده حسن ‪ .‬رجاله كلهم‬
‫ثقات معروفون ‪،‬وابي اسحاق قد صرح بالحديث ‪.‬وله شواهد كثيرة ذكرت بعضها في " التعليقات الجياد " في‬
‫المسألة( ‪. ) 75‬‬
‫‪.3‬عن أنس بن مالك رضي ال عنه‪ " :‬أن النبي صلى ال عليه وسلم مر بحمزة وقد مثل‬
‫به وأيضا‪،‬على أحد من الشهداء غيره‪.‬يعني شهداء أحد"‪ . 66‬أخرجه أبو داود بسند‬
‫حسن ‪ ،‬وهو مختصر حديثه المتقدم المسألة (‪( . )37‬ص ‪. )58 -57‬‬
‫‪.4‬عن عقبة بن عامر الجهني ‪ " :‬أن النبي صلى ال عليه وآله وسلم خرج يوما فصلى‬
‫على أهل أحد صلته على الميت[ بعد ثمان سنين ] [ كالمودع للحياء والموات ] ‪،‬ثم‬
‫انصرف إلى المنبر [ فحمد ال وأثنى ] عليه !فقال‪:‬إني فرط لكم‪،‬وأنا شهيد عليكم ‪،‬‬
‫[ وإن موعدكم الحوض ] وإني وال لنظر إلى حوضي الن‪ [ ،‬وإن عرضه كما بين‬
‫أيلة إلى الجحفة ] ‪ - ،‬وإني أعطيت مفاتيح خزائن الرض ‪ ،‬أو مفاتيح الرض واني‬
‫وال ما أخاف عليكم أن وتشركوا بعدي ولكن أخاف عليكم [ الدنيا ] أن تتنافسوا فيها‬
‫[وتقتتلوا فتهلكوا هلك من كان قبلكم ] قال‪ :‬فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ] " ‪ .‬أخرجه البخاري ( ‪ 280 - 279 / 7 - 64 / 3‬و ‪ ) 302‬ومسلم ( ‪) 67 / 7‬‬
‫وأحمد ( ‪ ، ) 154 ، 153 ، 149 4‬والسياق للبخاري ‪ ،‬والزيادة الولى والثانية والسادسة والسابعة له ‪ ،‬ولمسلم‬
‫الثانية والخامسة وما وراءها ولحمد الولى إلى الرابعة ‪ .‬رواه البيهقي ( ‪ ) 14 / 4‬وعنده الزيادات كلها إل‬
‫الثالثة والخامسة ‪ .‬وأخرجه الطحاوي ( ‪ ) 290 / 1‬وكذا النسائي ( ‪ ) 277 / 1‬والدارقطني ( ص ‪) 197‬‬
‫‪67‬‬
‫مختصرا ‪ ،‬وعند الدارقطني الزيادة الولى‬
‫الثالث‪ :‬من قتل في حد من حدود ال‪،‬لحديث عمران بن حصين "أن امرأة من جهينة أتت نبي ال‬
‫صلى ال عليه وسلم وهي حبلى من الزنى‪،‬فقالت‪ :‬يا نبي ال أصبت حدا فأقمه علي‪،‬فدعا نبي ال‬
‫صلى ال عليه وسلم وليها ‪،‬فقال‪:‬أحسن إليها‪ ،‬فإذا وضعت فأتني بها ‪ ،‬ففعل‪ ،‬فأمر بها نبي ال‬
‫‪ 65‬انظر " نصب الراية " ( ‪ ) 277 / 2‬و " التلخيص " ( ‪ ) 147 - 146 / 5‬و " المجموع " ( ‪ ، ) 255 / 5‬وكتابي " نقد التاج الجامع للصول الخمسة "‬
‫( رقم ‪ ، ) 293‬وإنما صح الحديث بدون ذكر الصلة فيه ‪ ،‬كما حققته في " إرواء الغليل " ( ‪ ) 1704‬يسر ال طبعه ‪.‬‬
‫‪ ) 66‬لعله يعني الصلة على غيره استقلل ‪ ،‬فل ينبغي الصلة على غيره مقرونا معه كما في الحديث الذي قبله ‪ ،‬ول يعارض هذان الحديثان بحديث جابر‬
‫المتقدم أنه صلى ال عليه وسلم لم بصل على شهداء أحد لنه ناف ‪ ،‬والمثبت مقدم على المنافي ‪ ،‬وانظر التفصيل في " نيل الوطار " ‪.‬‬
‫‪ 67‬قد يقول قائل ‪ :‬لقد ثبت في هذه الحاديث مشروعية الصلة على الشهداء ‪ ،‬والصل أنها واجبة فلماذا ل يقال بالوجوب ! قلت ‪ :‬لما سبق ذكره في المسألة (‬
‫‪ . ) 58‬ونزيد علي ذلك هنا فنقول ‪ :‬لقد استشهد كثير من الصحابة في غزوة بدر وغيرها ‪ ،‬ولم ينقل أن النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬صلى عليهم ولو فعل لنقلوه‬
‫عنه ‪ .‬فدل ذلك أن الصلت عليهم غير واجبة ‪ .‬ولذلك قال ابن القيم في " تهذيب السنن " ( ‪ ( : ) 295 / 4‬والصواب في المسألة أنه مخير بين الصلة عليهم‬
‫وتركها لمجئ ‪ .‬الثار بكل واحد من المرين وهذا إحدى الروايات عن المام أحمد ‪ ،‬وهي الليق بأصوله ومذهبه " قلت ‪ :‬ولشك أن الصلة عليهم أفضل من‬
‫الترك إذا تيسرت لنها دعاء وعبادة ‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم فشكت عليها ثيابها ‪،‬ثم أمر بها فرجمت‪ ،‬ثم صلى عليها‪ ،‬فقال له عمر‪:‬‬
‫تصلي عليها يا نبي ال وقد زنت؟ فقال ‪ :‬لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة‬
‫لوسعتهم‪،‬وهل وجدت توبة أفضل من أن جاءت بنفسها ل تعالى ؟ " أخرجه مسلم (‪ )5/121‬وأبو داود (‬
‫‪ )2/233‬والنسائي (‪ )1/278‬والترمذي (‪ )2/325‬وصححه‪ ،‬والدارمي (‪ )2/180‬والبيهقي (‪18 /4‬و ‪ . )19‬ورواه ابن ماجه (‬
‫‪2/116‬و ‪ )117‬مختصرا‬
‫الرابع ‪ :‬الفاجر المنعث في المعامي والمحارم ‪ ،‬مثل تارك الصلة والزكاة مع اعترافه بوجوبهما‬
‫‪ ،‬والزاني ومدمن الخمر ‪ ،‬ونحوهم من الفساق فإنه يصلي عليهم ‪ ،‬إل أنه ينبغي لهل العلم‬
‫والدين أن يدعوا الصلة عليهم ‪ ،‬عقوبة وتأديبا لمثالهم ‪ ،‬كما فعل النبي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫وفي ذلك أحاديث ‪:‬‬
‫‪.1‬عن أبن قتادة قال ‪ " :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا دعي لجنازة سأل عنها‪،‬‬
‫فان أثني عليها خير قام فصلى عليها ‪ ،‬وإن أثني عليها غير ذلك قال لهلها شأنكم‬
‫بها‪،‬ولم يصل عليها "أخرجه أحمد (‪ )301 ،5/399،300‬والحاكم (‪ )36 /1‬وقال‪ " :‬صحيح على شرط‬
‫الشيخين "‪،‬وواففه الذهبي‪ .‬وهو كما قال ‪.‬‬
‫‪.2‬عن جابر بن سمرة قال " مرض رجل ‪ ،‬فصيح عليه ‪ ،‬فجاء جاره إلى رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬إنه قد مات ‪ ،‬قال ‪ :‬وما يدريك ؟ قال ‪ :‬أنا رأيته ‪ ،‬قال‬
‫رسول ال ‪ :‬إنه لم يمت ‪ ،‬قال ‪ :‬فرجع فصيح عليه ‪ ،‬فقالت امرأته ‪ ،‬انطلق إلى‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم " فأخبره فقال الرجل ‪ :‬اللهم العنه ! قال ‪ :‬ثم انطلق‬
‫الرجل فرآه قد نحر نفسه بمشقص ‪ ،‬فانطلق النبي صلى ال عليه وسلم فأخبره أنه‬
‫مات ‪ ،‬فقال ما يدريك ؟ قال ‪ :‬رأيته ينحر نفسه بمشقص معه ! قال ‪ :‬أنت رأيته ؟‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬إذا ل أصلي عليه ‪ .‬أخرجه بهذا التمام أبو داود ( ‪ ) 65 / 2‬باسناد صحيح على‬
‫شرط مسلم ‪ .‬وأخرجه ‪ .‬سملم (‪ )3/66‬مختصرا ‪ ،‬وكذا النسائي (‪ )1/279‬والترمذي (‪ )2/161‬وابن ماجه (‬
‫‪ )1/465‬والحاكم (‪ )1/364‬والبيهقي (‪ )4/19‬والطيالسي(‪ )779‬وأحمد ( ‪5/87‬و ‪91‬و ‪92‬و ‪97 - 96,94‬و ‪102‬و‬
‫‪ )107‬وقال الترمذي ‪ ":‬هذا حديث حسن ‪ ،‬وقد اختلف أهل العلم في هذا زرارة فقال‬
‫بعضهم ‪ :‬يصلي على كل من صلى للقبلة ‪ ،‬وعلى قاتل النفس وهو قول سفيان‬
‫الثوري وإسحاق " وقال أحمد ‪ :‬ل يصلي المام على قاتل النفس ‪ ،‬ويصلي عليه غير‬
‫المام " وقال شيخ السلم ابن تيمية في " الختيارات " ( ص ‪ ": )52‬ومن امتنع من‬
‫الصلة على أحدهم ( يعني القاتل والناس والمدين الذي ليس له وفاء ) زجرا لمثاله‬
‫عن مثل فعله كان حسنا ‪ ،‬ولو امتنع في الظاهر ‪ ،‬ودعا له في الباطن ‪،‬ليجمع بين‬
‫المصلحتين كان أولى من تفويت إحداهما " ‪.‬‬
‫‪.3‬عن زيد بن خالد في حديث امتناع النبي صلى ال عليه وسلم من الصلة على الغال‬
‫وقوله لصحابه‪ " :‬صلوا على صاحبكم‪..‬إن صاحبكم غل في سبيل ال!‪.‬أخرجه‬
‫أصحاب السنن بسند صحيح على ما سبق بيانه عند المسألة (‪. )57‬‬
‫الخامس ‪ :‬المدين الذي لم يترك من المال ما يقضي به دينه فإنه يصلى عليه ‪ ،‬وإنما ترك رسول‬
‫ال صلي ال عليه وسلم الصلة عليه في أول المر ‪ ،‬وفيه أحاديث ‪:‬‬
‫‪.1‬عن سلمة بن الكوع قال‪ ":‬كنا جلوسا عند النبي صلى ال عليه وسلم إذ أتي بجنازة‬
‫فقالوا ‪ :‬صل عليها ‪ ،‬فقال‪ :‬هل عليه دين؟ قالوا‪ :‬ل ‪ ،‬قال ‪ :‬فهل ترك شيئا ؟ قالوا ‪:‬‬
‫ل ‪ ،‬فصلى عليه‪.‬ثم أتي بجنازة أخرى فقالوا‪ :‬يارسول ال صل عليها‪،‬قال‪:‬هل عليه‬
‫دين؟قيل‪:‬نعم‪،‬قال فهل ترك شيئا؟ قالوا‪ :‬ثلثة دنانير [ قال ‪ :‬فقال بأصابعه ثلث كيات‬

‫‪46‬‬
‫] ‪،‬فصلى عليها ‪ .‬ثم أتي بالثالثة‪ ،‬فقالوا‪:‬صل عليه ‪ ،‬قال ‪ :‬هل ترك شيئا ؟ قالوا ‪ :‬ل ‪،‬‬
‫قال‪:‬هل عليه دين ؟ قالوا‪:‬ثلثة دنانير‪ ،‬قال‪ :‬صلوا على صاحبكم ‪ ،‬قال [ رجل من‬
‫النصار يقال له‪،‬أبو قتادة ‪:‬صل عليه يارسول ال وعلي دينه "‪.‬أخرجه البخاري (‪،3/368‬‬
‫‪369‬و ‪ )374‬وأحمد (‪ )4/47،50‬والزيادة له ‪ .‬وروى منه النسائي (‪ )1/278‬القصة الثالثة ‪.‬‬
‫‪.2‬عن أبي قتادة رضي ال عنه نحو القصة الثالثة في حديث سلمة في الكوع وروي‬
‫الذي قبله ‪ ،‬وفيه ‪ ":‬أرأيت إن قضيت عنه أتصلي عليه؟ قال ‪ :‬إن قضيت عنه بالوفاء‬
‫صليت عليه‪،‬قال‪:‬فذهب أبو قتادة فقضى عنه ‪ ،‬فقال‪ :‬أوفيت ما عليه ؟ قال نعم ‪ ،‬فدعا‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فصلى عليه" ‪.‬أخرجه النسائي (‪ )1/378‬والترمذي (‪)2/161‬‬
‫والدارمي (‪ )2/263‬وابن ماجه (‪ )2/75‬وأحمد (‪)5/297،301،302،304،311‬والسياق له وإسناده صحيح على‬
‫شرط مسلم ‪،‬وليس عند الخرين ذهاب أبي قتادة ووفاءه للدين ثم صلة النبي صلى ال عليه وسلم عليه ‪.‬‬
‫‪.3‬عن جابر رضي ال عنه نحوها وزاد في آخره ‪ :‬فلما فتح ال على رسوله قال ‪ :‬أنا‬
‫أولى بكل مؤمن من نفسه ‪ ،‬ومن ترك دينا فعلي قضاؤه ‪ ،‬ومن ترك مال فلورثته‬
‫"‪.‬رواه أبو داود (‪ )2/85‬والنسائي (‪ )1/278‬بإسناد صحيح على شرط الشيخين وله طريق أخرى عن جابر بزيادة‬
‫أخرى ‪ ،‬وقد تقدم ‪.‬‬
‫‪.4‬عن أبي هريرة ‪":‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان يؤتى بالرجل الميت عليه‬
‫الدين‪ ،‬فيسأل ‪ :‬هل ترك لدينه من قضاء ؟ فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه‪،‬وإل‬
‫فل ‪ :‬قال ‪ :‬صلوا على صاحبكم ‪ ،‬فلما فتح ال عليه الفتوح قال ‪. :‬أنا أولى بالمؤمنين‬
‫من أنفسهم [ في الدنيا والخرة‪ ،‬إقرؤوا إن شئتم ‪ ( :‬النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم )‬
‫] ‪ ،‬فمن توفي وعليه دين [ ولم يترك وفاء ] فعلي قضاؤه ‪ ،‬ومن ترك مال فهو لورثته‬
‫" ‪ .‬أخرجه البخاري (‪ )9/425-4/376‬ومسلم(‪ )62 /5‬والنسائي(‪ )1/379‬وابن ماجه(‪ )2/77‬والطيالسي (‬
‫‪ )2338‬وأحمد(‪2/399‬و ‪ ،)453‬والسياق المسلم‪،‬والزيادتان للبخاري ‪،‬ولحمد الولى منهما ‪.‬‬
‫وأخرج منه ما هو من كلمه الترمذي (‪ )3/178‬وصححه‪ ،‬والدارمي (‪ )2/263‬والطيالسي (‪ )2524‬وأحمد (‪، 318 ،2/287‬‬
‫‪ )464،527 ،335،356،399،450، 334‬بنحوه‪ ،‬وهو رواية مسلم وكذا البخاري بالفاظ متقاربة‪8/420(.‬و ‪ )12/7،22،40‬من‬
‫طرق كثيرة عن أبي هريرة‪.‬‬
‫وقال أبو بشر يونس بن حبيب راوي مسند الطيالسي عقب الحديث ‪ " :‬سمعت أبا الوليد‪-‬يعني‬
‫الطيالسي‪-‬يقول‪:‬بذا نسخ تلك الحاديث التي جاءت على الذي عليه الدين "‬
‫السادس ‪:‬من قبل دفن أن يصلى عليه ‪،‬أو صلى عليه بعضهم دون بعض ‪،‬فيصلون عليه في قبره‬
‫‪ ،‬على أن يكون المام في الصورة الثانية ممن لم يكن صلى عليه ‪ .‬وفي ذلك أحاديث‬
‫‪.1‬عن عبد ال بن عباس رضي ال عنهما قال ‪ " :‬مات رجل ‪ -‬وكان رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم يعوده‪-‬فدفنوه بالليل‪ ،‬فلما أصبح أعلموه‪ ،‬فقال ‪ :‬ما منعكم أن تعلموني ؟ قالوا‬
‫‪:‬كان الليل‪ ،‬وكانت الظلمة ‪،‬فكرهنا أن نشق عليك قبره‪ ،‬فأتى قبره فصلى عليه‪ [،‬قال‪ :‬فأمنا‪،‬‬
‫وصفنا خلفه ]‪ [ ،‬وأنا فيهم ]‪ [،‬وكبر أربعا ] " أخرجه البخاري (‪ )92-3/91‬وابن ماجه (‪ )1/266‬والسياق له ‪،‬‬
‫ورواه مسلم (‪ )56-5/53‬مختصرا وكذا النسائي(‪ )1/284‬والترمذي (‪ )8/142‬وابي الجارود في " ا لمنتقى "(‪)266‬‬
‫والبيهقي (‪ )3/45،46‬والطيالسي (‪ )2687‬وأحمد(رقم ‪،)3134 ،1962،2554‬والزيادة الولى لهم "وللبخاري وفي رواية (‬
‫‪)3/146،147،159‬والزيادتان الخيرتان له وللبيهقي ‪ ،‬ولمسلم والنسائي الخيرة ‪.‬‬
‫‪.2‬عن أبي هريرة رضي ال عنه‪" :‬أن امرأة سوداء كانت تقم ( وفي رواية تلتقط الخرق‬
‫والعيدان من ) المسجد ‪ ،‬فماتت‪،‬ففقدها النبي صلى ال عليه وسلم‪،‬فسأل عنها بعد أيام ‪ ،‬فقيل‬
‫له انها ماتت ‪،‬فقال‪:‬هل كنتم اذنتموني؟( قالوا ‪:‬ماتت من الليل ودفنت‪،‬وكرهنا أن نوقظك )‪،‬‬
‫( قال‪:‬فكأنهم صغروا أمرها ‪.‬فقال دلوني على قبرها فدلوه ‪ (،‬فأتى قبرها فصلى عليها ) ثم‬

‫‪47‬‬
‫قال ‪ [ :‬قال ثابت ( أحد رواة الحديث) ‪:‬عند ذاك أو في حديث آخر] ‪:‬إن هذه القبور مملوءة‬
‫ظلمة على أهلها ‪ ،‬وإن ال عز وجل منورها لهم بصلتي عليهم "‪.‬أخرجه البخاري (‪1/438،439،44‬‬
‫‪ )3/159-0‬ومسلم (‪ )3/56‬وأبو داود (‪)2/68‬وابن ماجه (‪ )465 /1‬والبيهقي (‪ )4/47‬والسياق لهما‪،‬والطيالسي (‪)2446‬‬
‫وأحمد (‪ )388/406 ،2/353‬من طريق ثابت البناني عن أبي رافع عنه ‪.‬‬
‫وإنما اثرت السياق المذكور لن رواية لم ترد في أن الميت امرأة ‪ ،‬بينما تردد الراوي عند‬
‫الخرين في كونه امرأة أو رجل ‪ ،‬والشك فيه من ثابث أو من أبي رافع كما جزم به الحافظ بن‬
‫حجر ‪ ،‬وترجح عندنا أنه امرأة من وجوه ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أن اليقين مقدم على الشك ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬أن في رواية للبخاري بلفظ‪" :‬أن امرأة أو رجل كانت تقم المسجد‪ ،‬ول أراه إل امرأة‬
‫"‪.‬فقد ترجح عند الراوي أنه امرأة ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬إن الحديث ورد من طريق أخر عن أبي هريرة لم يشك ال روي فيها‪:‬ولفظها ‪ " :‬فقد‬
‫النبي امرأة سوداء كانت تلتقط الخرق والعيدان من المسجد ‪ ،‬فقال ‪ :‬أين فلنة ؟ قالوا ‪ :‬ماتت "‪.‬‬
‫وذكر الحديث هكذا ساقه البيهقي (‪ )4/32-440 /2‬من طريق العلء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه ‪ .‬وهكذا أخرجه ابي خزيمة‬
‫في " صحيحه " كما في " الفتح " ‪.‬‬
‫والزيادة الولى للبيهقي وإبن خزيمة ‪ ،‬وشطرها الول لحمد ‪ ،‬والثانية لمسلم والبيهقي في رواية‬
‫وللبخاري معناها ‪ ،‬ولبي داود " والمسندين" الشطر الثاني منها ‪،‬والزيادة الثالثة للبيهقي والرابعة‬
‫له في رواية ولمسلم وكذا أحمد ‪ ،‬وعنده الزيادة من قول ثابت ‪ ،‬وهي عند البيهقي أيضا ‪.‬‬
‫وقد رجح الحافظ تبعا للبيهقي أن الزيادة الرابعة مدرجة في الحديث وأنها من مراسيل ثابت ‪.‬‬
‫وخالفهما ابن الترحماني ‪ ،‬فذهب إلى أنها مسندة من رواية أبي رافع عن أبي هريرة " لنه كذلك‬
‫في صحيح مسلم ‪ ،‬لكن قول ثابت هذا يؤيد ما ذهب إليه الولن ‪ .‬ويقويه أن الحديث ورد من‬
‫رواية ابن عباس أيضا وليسن فيه هذه الزيادة أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (‪. )3/128/2‬‬
‫نعم ثبتت هذه الزيادة أو معناها مسندة في حديث آخر وهو ‪:‬‬
‫‪.3‬عن يزيد بن ثابت ‪ -‬وكان أكبر من زيد ‪ -‬قال ‪ " :‬خرجنا مع إلنبي صلى ال عليه وسلم[‬
‫ذات يوم ] فلما ورد البقيع " فإذا هو بقبر جديد‪ ،‬فسأل عنه " فقالوا ‪:‬فلنة ( مولة بني فلن )‪،‬‬
‫قال ‪ :‬فعرفها وقال ‪ :‬أل آذنتموني بها ؟ قالوا‪ [ :‬ماتت ظهرا ‪ ،‬و ] كنت قائل صائما فكرهنا‬
‫أن نؤذيك‪،‬قال ‪ :‬فل تفعلوا ‪،‬ل أعرفن‪،‬ما مات منكم ميت ماكنت بين أظهركم إل اذنتموتي به‬
‫‪ ،‬فإن صلتي عليه رحمه "‪،‬ثم أبي القبر‪،‬فصففنا خلفه فكبر عليه أربعا " أخرجه النسائي ( ‪284 /1‬‬
‫) وابن ماجه ( ‪ ) 466 ، 465 / 1‬وابن حبان في صحيحه ( ‪ - 759‬موارد ) والبيهقي ( ‪ ، ) 48 / 4‬والسياق لبن‬
‫ماجه ‪ ،‬والزيادات للنسائي ‪ ،‬وإسناده عند الجميع صحيح على شرط مسلم ‪.‬‬
‫‪.4‬عن بعض أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم‪:‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪،‬كان‬
‫يعود مرضى مساكين المسلمين وضعفائهم‪:‬ويتبع جنائزهم ول يصلي عليهم غيره ‪،‬وأن‬
‫امرأة مسكينة من أهل العوالي طال سقمها ‪ ،‬فكان رسول ال صلى ال عليه وسلم سأل‬
‫عنها من حضرها من جيرانها "وأمرهم أن ل يدفنوها إن حدث بها حدث فيصلي عليها‪،‬‬
‫فتوفيت تلك المرأة ليل واحتملوها فأتوا بها مع الجنائز أو قال ‪:‬موضع الجنائز عند مسجد‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪68‬ليصلي عليها رسول ال صلى ال عليه وسلم كما أمرهم‬
‫فوجدوه قد نام بعد صلة العشاء" فكرهوا أن يهجدوا‪69‬رسول ال صلى ال عليه وسلم من‬
‫‪ 68‬هو شرقي المسجد النبوي ‪ ،‬وهو اليوم الرض الممتدة مع طول المسجد من من الشمال إلي الجنوب بجانب باب النساء‬
‫‪ 69‬بم يوقضوا وهو من الضداد ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫نومه فصلوا عليها‪.‬ثم انطلقوا بها ‪ ،‬فلما أصبح رسول ال صلى ال عليه وسلم سأل عنها‬
‫من حضره من جيرانها ‪ ،‬فأخبروه خبرها‪،‬وانهم كررهوا ان يهجدوا رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم لها فقال لهم رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬ولم فعلتم ؟ انطلقوا ‪ ،‬فانطلقوا‬
‫مع رسول ال صلى ال عليه وسلم حتى قاموا على قبرها فصفوا وراء رسول ال صلى‬
‫ال عيه وسلم كما يصف للصلة على الجنازة فصلى عليها رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم وكبر أربعا كما يكبر على الجنائز "أخرجه البيهقي(‪)4/48‬بإسناد صحيح‪ ،‬والنسائي (‪1/280‬‬
‫‪ )281،‬مختصرا‬
‫السابع ‪ :‬من مات في بلد ليس فيها من يصلي عليه ‪ ،‬صلة الحاضر ‪ ،‬فهذا يصلي عليه طائفة‬
‫من المسلمين صلة الغائب ‪ ،‬لصلة النبي صلى ال عليه وسلم على النجاشي وقد رواها جماعة‬
‫من أصحابه يزيد بعضهم على بعض ‪،‬وقد جمعت أحاديثهم فيها ‪ ،‬ثم سقتها في سياق واحد تقريبا‬
‫للفائدة ‪ .‬والسياق لحديث أبي هريرة ‪ ":‬إن رسول ال صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم‬
‫نعى للناس [ وهو بالمدينة ] النجاشي [ أصحمه ] [ صاحب الحبشة ] في اليوم الذي مات فيه ‪:‬‬
‫[ قال ‪ :‬إن أخا قد مات ( وفي رواية‪:‬مات اليوم عبد ل صالح ) [ بغير أرضكم ] [ فقوموا فصلوا‬
‫عليه ] ‪ [ ،‬قالوا ‪ :‬من هو ؟قال النجاشي ] [ وقال ‪:‬استغفروا لخيكم ] ‪،‬قال‪ :‬فخرج بهم إلى المصلى‬
‫( وفي رواية ‪ :‬البقيع ) [ ثم تقدم فصفوا خلفه ] [ صفين ] ‪ [ ،‬قال ‪ :‬فصففنا خلفه كما يصف على‬
‫الميت وصلينا عليه كما يصلى على الميت ] [ وما تحسب الجنازة إل موضوعة بين يديه ] [ قال‬
‫‪ :‬فأمنا وصلى عليه ] ‪ ،‬وكبر ( عليه ) أربع تكبيرات "‪.‬أخرجه البخاري (‪ )155،157 ،3/90،145‬ومسلم (‬
‫‪ )3/54‬واللفظ له وأبو داود (‪ )2/68،69‬والنسائي (‪ )1/265،280‬وابن ماجه (‪ )1/467‬والبيهقي (‪)4/49‬والطيالسي (‪)2300‬‬
‫وأحمد (‪ )438،439،479،529 ،2/241،280،289،348‬من طرق عن أبي هريرة ‪.‬والزيادة الولى للنسائي وأحمد ‪ ،‬والثانية‬
‫للبخاري والثالثة لبن ماجة‪،‬والسابعة للشيخين والنسائي وأحمد‪،‬والعاشرة ‪ ،‬الشطر الثاني منها لحمد وهي عنده بتمامها عن غير‬
‫أبي هريرة كا يأتي ‪ ،‬والزيادة الخيرة لمسلم ‪ .‬وروى منه الترمذي (‪ )2/140‬وصححه أن النبي صلى ال عليه وسلم صلى على‬
‫النجاشي فكبر أربعا وهو رواية للطيالسي (‪. )2296‬‬
‫‪.1‬ثم أخرجه البخاري ( ‪ ) 146 ، 145 / 3‬ومسلم والنسائي والبيهقي والطيالسي في ( ‪ ) 1681‬وأحمد ( ‪، 319 ، 295 / 3‬‬
‫‪ ) 400 ، 369 ، 363 ، 361 ، 355‬من طرق حديث جابر رضي ال عنه ‪.‬والزيادة الثانية والثالثة والرابعة للشيخين‬
‫وأحمد‪،‬وله الخامسة والسادسة‪ ،‬ولمسلم والنسائي التاسعة ‪ ،‬وللنسائي الجملة الولى من الزيادة العاشرة ‪ .‬والزيادة الثانية عشر لمسلم‬
‫وأحمد ‪.‬‬
‫‪ .2‬ثم أخرجه مسلم والنسائي والترمذي (‪ )2/149‬وصححه ابن ماجه وابن حبان والبيهقي والطيالسي (‪ )749‬وأحمد (‬
‫‪)4/433,431،439،441،446‬عن عمران وفيه الزيادة الرابعة عندهم جميعا‪،‬والعاشرة عند الطيالسي والنسافي والترمذي‬
‫وأحمد‪،‬وعنده التي بعدها وكذا ابن حبان ‪.‬‬
‫‪.3‬ثم أخرجه ابن ماجه والطيالسي (‪ )1068‬وأحمد (‪ )4/7‬عن حذيفة بن أسير وفيه عندهم الزيادة الرابعة والخامسة ‪ .‬وكذا‬
‫عندهم السادسة ‪ :‬إل الطيالسي ‪.‬‬
‫‪.4‬ثم رواه ابن ماجه وأحمد(‪)5/376-4/64‬عن مجمع بن حارثة النصاري وقال البوصيري في " الزوائد "‪ ".‬إسناده صحيع‬
‫" ‪ ،‬ورواه ثقات "‪.‬وفيه الزيادة الرابعة "وعن ابن ماجه التاسعة‪.‬‬
‫‪.5‬ثم رواه الترمذي وابن ماجه عن عبد ال ‪ .‬بن عمر مثل حديث أبو هريرة المختصر عند الترمذي ‪ .‬وإسناده صحيح أيضا‬
‫‪.6‬ثم أخرجه أحمد (‪ )263-4/264‬عن جرير بن عبد ال مرفوعا بلفظ " إن أخاكم النجاشي قد مات فاستغفروا له‪ . 70‬وإسناده‬
‫حسن ‪ .‬وأعلم أن هذا الذي ذكرناه من الصلة على الغائب " هو الذي ل يتحمل الحديث غيره ‪ ،‬ولهذا سبقنا إلى اختيارة ثلة‬
‫من محققي المذاهب ‪ ،‬وإليك خلصة من كلم ابن القيم رحمة ال في هذا الصدد ‪ ،‬قال في " زاد المعاد " (‪: )1/205،206‬‬

‫‪ 70‬قلت ‪ :‬في هذه الحاديث دليل من وجوه لتخفى على أن النجاشي أصحمة كان مسلما ‪ ،‬ويؤيد ذلك أنه جاء النص الصريح عنه بتصديقه بنبوته صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬فقال إبو موسى الشعري رضي ال عنه ‪ " :‬أمرنا رسول ال صلى ال عليه وسلم أن ننطلق إلى أرض النجاشي ‪ -‬فذكر القصة وفيها ‪ -‬وقال النجاشي ‪:‬‬
‫أشهد أنه رسول ال ‪ ،‬وأنه الذي بشر به عيسى بن مريم ‪ ،‬ولول ما أنا فيه من الملك لتيته حتى أحمل نعليه " ‪ .‬أخرجه أبو داود والبيهقي باسناد صحيح كما قال‬
‫البيهقي فيما نقله العراقي في " تخريج الحياء " ( ‪ ) 200 / 2‬وله " شاهد من حديث أبن مسعود ‪ .‬أخرجه الطيالسي ( ‪ ، ) 346‬وله شواهد أخرى في مسند‬
‫أحمد ( ‪ 290 / 5‬و ‪) 292‬‬

‫‪49‬‬
‫" ولم يكن من هديه صلى ال عليه وسنته الصلة على كل ميت غائب ‪ ،‬فقد مات خلق كثير من‬
‫المسلمين وهو غيب ‪ ،‬فلم يصل عليهم ‪ ،‬وصح عنه أنه صلى على النجاشي صلته على‬
‫الميت ‪ ،‬فاختلف في ذلك على ثلثة طرق ‪:‬‬
‫‪.1‬أن هذا تشريع وسنة للمة الصلة على كل غائب وهذا قول الشافعي وأحمد‬
‫‪.2‬وقال ‪ ،‬أبو حنيفة ومالك ‪ :‬هذا خاص به ‪ ،‬وليس ذلك لغيره ‪.‬‬
‫‪.3‬وقال شيخ السلم ابن تيمية ‪:‬‬
‫الصواب أن الغائب إن مات ببلد لم يصل عليه فيه ‪ ،‬صلي عليه صلة الغائب كما صلى النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم على النجاشي لنه مات ببن الكفار‪،‬ولم يصل عليه وإن صلي عليه حيث‬
‫مات لم صل عليه صلة الغائب ‪ ،‬لن الفرض سقط بصلة المسلمين عليه ‪ ،‬والنبي صلى ال‬
‫عليه وسلم صلى على الغائب وتركه كما وفعله وتركه سنة ‪ .‬وهذا له موضع وال أعلم ‪.‬‬
‫والقوال ثلثة في مذهب أحمد ‪ ،‬وأصححها هذا التفصيل قلت ‪ :‬واختار هذا بنص المحققين من‬
‫الشافعية فقال الخطابي في " معالم السنن " ما نصه ‪ :‬قلت ‪:‬النشجاشي رجل مسلم قد آمن برسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم وصدقه على نبوته ‪ " .‬إل أنه كان يكتم إيمانه والمسلم إذا مات وجباء‬
‫المسلم إذا مات وجب على المسلمين أن يصلوا عليه ‪ :‬إل أنه كان بين ظهراني أهل ‪،‬الكفر‪،‬ولم‬
‫يكن بحضرته من يقوم بحقه في الصلة عليه ‪،‬فلزم رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يفعل‬
‫ذلك‪،‬إذ هو نبيه ووليه وأحق الناس به ‪ .‬فهذا ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬هو السبب الذي دعاه إلى الصلة‬
‫عليه بظاهر الغيب ‪.‬‬
‫فعلى هذا إذا مات المسلم ببلد من البلدان ‪،‬وقد قضى حقه في الصلة عليه ‪،‬فانه ل يصلي عليه‬
‫من كان في بلد آخر غائبا عنه‪ ،‬فإن علم أنه لم يصل عليه لعائق أو مانع عذر كأن السنة أن‬
‫يصلى عليه ول يترك ذلك لبعد المسافة ‪.‬‬
‫فأذا ‪ ،‬صولوا عليه أستقبلوا القبلة ‪ ،‬ولم يتوجهوا إلى بلد الميت إن كان في غير جهة القبلة ‪.‬‬
‫وقد ذهب بعض العلماء العلماء الى كراهة الميت الغائب ‪ ،‬وزعموا أن النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم كان مخصوصا بهذا الفعل ‪ ،‬إذ كان في حكم المشاهسد للنجاشي ‪ .‬لما روي ‪ :‬في بعض‬
‫الخبار " أنه " قد سويت له أعلم الرض ‪ ،‬حتى كان يبصر مكانه "‪ 71‬وهذا تأويل فاسد لن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا فعل شيئا من أفعال الشريعة ‪ ،‬كان علينا ‪ .‬متابعته واليتساء‬
‫به ‪ ،‬والتخصيص ل يعلم في أل بدليل ‪ .‬ومما يبين ذلك أنه صلى ال عليه وسلم خرج بالناس‬
‫إلى المصلى فصف بهم ‪ ،‬فصلوا معه ‪ ،‬فعلم أن هذا التأويل فاسد‪،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫وقد استحسن الروياني ‪ -‬هو شافعي أيضا ما ذهب إليه الخطابي " وهو مذهب أبي داود أيضا‬
‫فإنه ترجم للحديث في " سننه " بقوله " باب في الصلة على المسلم بموت في بلد الشرك " ‪:‬‬
‫واختار ذلك من المتأخرين العلمة المحقق الشيخ صالح المقبلي كما في " نيل الوطار " (‪)43 /4‬‬
‫واستدل لذلك بالزيادة الني وقعت ني بعض ظرق الحديث ‪ " :‬إن أخاكم قد مات بغير أرضكم ‪،‬‬
‫فقوما فصلوا عليه " وسندها على شرط الشيخين ‪.‬‬
‫ومما يؤيد عدم مشروعية الصلة على كل غائب أنه لما مات الخلفاء الراشدون وغيرهم لم‬
‫يصل أحد من المسلمين عليهم صلة الغائب ‪ .‬ولو فعلوا لتواتر النقل بذلك عنهم ‪ .‬فقابل هذا ‪.‬‬
‫بما عليه كثير من المسلمين اليوم من الصلة على كل غائب لسيما إذا كان له ذكر وصيت ‪،‬‬
‫‪ 71‬وذكر النووي في " المجموع " ( ‪ ) 253 / 5‬أن هذا الخبر من الخيالت ! ثم ذكر حديث العلء بن زيدل في طي الرض للنبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬حتى‬
‫ذهب فصلى على معاوية في تبوك وقال أنه حديث ضعيف ضعفة الحافظ منهم البخاري والبيهقي ‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫ولو من الناحية السياسية فقط ول يعرف بصلح أو خدمة للسلم " ولو كان مات في الحرم‬
‫المكى وصلى عليه اللف المؤلفة في موسم الحج صلة الحاضر ‪ ،‬قابل ما ذكرنا بمثل هذه‬
‫الصلة تعلم يقينا أنها من البدع التي ل يمتري فيها عالم بسننه صلى ال عليه وسلم ومذهب‬
‫السلف رضي في ال عنهم ‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫‪ -60‬وتحرم الصلة والستغفار والترحم على الكفار والمنافقين لقول ال تبارك وتعالى{ ول‬
‫تصل على أحد منهم مات أبدا ‪ ،‬ول تقم على إنهم كفروا بال ورسوله وماتوا وهم فاسقون } ‪.‬‬
‫[ سورة التوبة ‪. ] 84 :‬‬
‫وسبب نزول الية ماروى عبد ال بن عمر وأبوه والسياق له قال ‪ " :‬لما مات عبد ال بن أبي‬
‫سلول دعى له رسول ال صلى ال عليه وسلم ليصلى عليه ‪ ،‬فلما قام رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم وثبت إليه [ حتى قمت في صدره ]‪ [،‬فأخذت بثوبه ] فقلت‪:‬يارسول ال أتصلي على [ عدو‬
‫ال ] ابن أبي وقد قال يوم كذا وكذا وكذا !؟ أعدد عليه قوله‪ [73‬أليسم‪-‬قد نهاك ال أن تصلي على‬
‫المنافقين فقال ‪ ] :‬استغفر ال لهم أو ل تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر ال لهم)]‬
‫فتبسم رسول ال صلى ال عليه وسلم وقال ‪ :‬أخر عني يا عمر ! فلما أكثرت عليه قال ‪ :‬إني‬
‫خيرت فاخترت ‪ [ .‬قد قيل لي ‪ ( :‬استغفر لهم أو ل تستغفر لهم ‪ .‬إن تستغنر لهم سبعين مرة فلن‬
‫‪74‬‬
‫يغفر ال لهم ) لو أعلم أني إن زدت على السبعين غفر له لزدت عليها ‪ [ ،‬قال ‪ :‬إنه منافق ]‬
‫قال ‪ :‬فصلى عليه رسول ال ‪ ،‬صلى ال عليه وسلم‪ [75‬وصلينا معه ]‪ [.‬ومشى صلى ال عليه‬
‫وسلم معه فقام على قبره حتى فرغ منه ] ثم انصرف فلم يمكث إل يسيرا حتى نزلت اليتان من‬
‫براءة‪ {:‬ول تصل على أحد منهم مات أبدا‪}...‬إلى{ وهم فاسقون}‪ [،‬قال ‪ ( :‬فما صلى رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم بعده على منافق ول قام على قبره حتى قبضه ال ) ‪ ،‬قال ‪ : -‬فعجبت بعد‬
‫من من جرأتي على رسول ال صلى ال عليه وسلم يومئذ ] وال ورسوله أعلم ‪ .‬أخرجه البخاري (‬
‫‪ ) 270 / 8 - 177 / 3‬والنسائي ( ‪ ) 279 / 1‬والترمذي ( ‪ ) 118 ، 117 / 3‬وأحمد ( رقم ‪ ) 95‬عن عمر والزيادة الولى‬
‫والثالثة والخامسة والثمنة والتسعة لحمد والترمذي وصححه والزيادات الخرى للبخاري إل السادسة فهي لمسلم " وللبخاري‬
‫من حديث ابن عمر والزيادة الثانية للطبري كما في " الفتح " ‪.‬‬
‫ثم أخرجه البخاري(‪8/286‬ج ‪)10/218-270‬ومسلم (‪ )121 ،8/120-7/116‬والنسائي(‪ )1/269‬والترمذي ( ‪)3/118،119‬‬
‫وابن ماجه (‪)1/464،465‬والبيهقي (‪-، )3/402‬أحمد (‪ )4680‬من حديث ابن عمر وفيه من الزيادة الثانية والسادسة ‪.‬‬
‫وعن المسيب بن حرن رضي ال عنه قال‪" :‬لما حضرت أبا طالب الوفاة "جاءه رسول ال فوجد‬
‫عنده أبا جهل ‪ ،‬وعبد ال ابن أبي أمية ‪ ،‬والمغيرة فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬يا عم‬
‫إنك أعظم الناس علي حقا ‪ ،‬وأحسنهم عندي يدا ‪ .‬ولنت أعظم علي حقا من والدي ‪ ،‬فـ [ لإله‬
‫إل ال ‪ ،‬كلمة أشهد لك بها عند ال ‪ ،‬فقال أبو جهل وعبد ال بن أمية ‪ :‬يا أبا طالب ‪ .‬أترغب‬

‫‪ 72‬هم الذين يبطنون الكفر ويظهرون السلم ‪ ،‬وإنما يتبين كفرهم ‪ .‬بما يترشح من كلمتهم من الغمز في بعض أحكام الشريعة وأشتهجانها ‪ ،‬وزعمهم أنها‬
‫مخالفة للعقل والذوق ! وقد أشار إلى هذه الحقيقة ربنا تبارك في قوله ‪ ( :‬أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج ال أضغانهم ‪ .‬ولو نشاء لريناكهم‬
‫فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول ‪ ،‬وال يعلم أعمالكم ) ‪ ،‬وأمثال هؤلء المنافقين كثير في عصرنا الحاضر ‪ ،‬وال المستعان ‪.‬‬
‫‪ 73‬يشير بذلك إلى مثل قوله ‪ ( :‬ول تنفقوا على من عند رسول لى ال حتى ينفضوا ) وقوله ( ليخرجن العز منها الذل ) ‪.‬‬
‫‪ 74‬قال الحافظ ابن حجر رحمه ال في " فتح الباري " (‪ " : ) 270 /8‬إنما جزم عمر أنه منافق جريا على ما يطلع من أحواله ‪ ،‬وإنما لم يأخذ النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم بقوله ‪ :‬وصلي بقوله ‪ :‬وصلي عليه إجراء له علي ظاهر حكم السلم ‪،‬واصتصحابا لظاهر الحكم ‪ ،‬ولما فيه من إكرام ولده الذي تحققت صلحيته‬
‫ومصلحة الستئلف لقومه ودفع المفسدة ‪ ،‬وكان النبي صلى ال عليه وسلم أول المر يصبر على أذى المشركين ويعفو ويصفح ‪ ،‬ثم أمر بقتال لمشركين ‪،‬‬
‫فاستمر صفحه وعفوه عمن يظهر السلم ولو كان باطنه على خلف ذلك لمصلحة الستئلف وعدم التنفير عنه ‪ ،‬ولذلك قال ‪ " :‬ل يتحدث الناس أن محمدا‬
‫يقتل أصحابه " ‪ ،‬فلما حصل الفتح ‪ ،‬ودخل المشركون في السلم‪،‬وقل أهل الكفر وذلوا‪،‬أمر بمجاهرة المنافقين وحملهم على حكم مر الحق ‪ ،‬ولسيما وقد كان‬
‫ذلك قبل نزول النهي الصريح عن الصلة على المنافقين وغير ذلك مما أمر فيه ‪ .‬بمجاهرتهم وبهذا التقرير يندفع الشكال عما وقع في هذه القصة بحمد ال‬
‫تعالى " ‪.‬‬
‫‪ 75‬قلت ‪:‬وإنما ‪.‬صلى عليه بمدما أدخل في حفرته وأخرج منها بأمره صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وألبسه قميصه كما سيأتي في المسألة (‪.) 94‬‬

‫‪51‬‬
‫عن ملة عبد المطلب فلم يزل رسول ال صلى ال عليه وسلم يعرضها عليه ويعيد [ ان ]‪ 76‬له‬
‫تلك المقالة ‪ ،‬حتى قال أبو طالب آخر ماكلهم ‪ :‬هو على ملة عبد المطلب وأبي أن يقول‪:‬ل إله‬
‫إل ال [ قال ‪ :‬لول أن تعيرني قريش ‪ -‬يقولون ‪ :‬إن ما حمله على ذلك الجزع ‪ -‬لقررت بها‬
‫عينك ! ( فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أما وال لستغفرن لك ما لم أنه عنك ( فأخذ‬
‫المسلمون يستغفرون لموتاهم الذين ماتوا وهم مشركون ‪ ،‬فأنزل ال عز وجل ‪ { :‬ماكان للنبي‬
‫والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب‬
‫الجحيم } ‪ ،‬وأنزل ال في أبي طالب " فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ {:‬إنك ل تهدي من‬
‫أحببت ولكن ال يهدي من يشاء ‪ ،‬وهو أعلم بالمهتدين } !! أخرجه البخاري (‪،8/274 -7/154-3/173‬‬
‫‪ ) 411 ، 410‬ومسلم والنسائي ( ‪ )286 /1‬وأحمد ( ‪ )433 /5‬وابن جرير في تفسيره ( ‪ )27 /11‬والسياق له وكذا مسلم ‪،‬‬
‫والزيادة الثانية له في بعض الصول كما ذكره الحافظ عن القرطبي ويشهد لها رواية البخاري وغيره بمعناها ‪.‬‬
‫ووردت القصة من حديث أبي هريرة باختصار عند مسلم والترمذي ( ‪ ) 159 / 4‬وحسنه ‪ ،‬وعندهما الزيادة الثالثة ‪ ،‬والحاكم (‬
‫‪ 335 / 2‬و ‪ ) 336‬وصححه ووافقه الذي ‪ ،‬وله الزيادة الولى ‪ ،‬وهي عند ابن جرير أيضا من حديث سعيد بن المسيب‬
‫مرسل ‪ ،‬ولكنه في حكم الموصول ‪ .‬لنه هو الذي روى الحديث عن المسيب ابن حزن وهو والده ‪.‬‬
‫ووردت أيضا من حديث جابر ‪.‬‬
‫أخرجه الحاكم أيضا وصححه ووافقه الذهبي ‪.‬وفيه الزيادة الرابعة وهي عند ابن جرير مرسل عن مجاهد وعن عمرو بن دينار‪.‬‬
‫وعن علي رضى ال عنه قال ‪:‬‬
‫" سمعت رجل يستغفر لبويه وهما مشركان ‪ ،‬فقلت ‪:‬تستغتر لبوبك وهما مشركان !؟ تج فقال‪:‬‬
‫[ أليس قد استغفر إبراهيم وهو مشرك ؟ قال ‪ :‬فذكرت ذلك للنبي صلى ال عليه وسلم !؟ فنزلت‪:‬‬
‫{ ماكان للة والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم‬
‫أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم‪ 77‬لبيه إل عن موعدة وعدها إياه " فلما تبين له أنه‬
‫عدو ل تبرأ منه " إن إبراهيم لواه حليم } أخرجه النسائي (‪ )11/28‬والترمذي (‪ )4/120‬وحسنه ابن جرير (‬
‫‪ ،)11/28‬والحاكم (‪)2/335‬وأحمد (‪ )771،1085‬والسياق له وإسناده حسن " وقال الحاكم "صحيح السناد" ‪.‬ووافقه الذهبي‪.78‬‬
‫قال النووي رحمه ال تعالى في " المجموع " (‪: )5/144،258‬‬
‫"الصلة على الكافر‪،‬والدعاء له بالمغفرة حرام‪،‬بنص القرآن والجماع"‪.79‬‬
‫‪-61‬وتجب الجماعة في صلة الجنارة كما يجب في الصلوات المكتوبة ‪ ،‬بدليل في ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬مداومة النبي صلى ال عليه وسلم عليها ‪.‬‬
‫الخر ‪ :‬قوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬صلوا كما رأيتموتي أصلي " ‪ .‬أخرجه البخاري ‪.‬‬
‫ول يعكر على ما ذكرنا صلة الصحابة على النبي صلى ال عليه وسلم فرادى لم يؤمهم أحد ‪،‬‬
‫لنها قضية خاصة ‪ ،‬ل يدرى وجهها ‪ ،‬فل يجوز من أجلها أن نترك ما واضب عليه صلى ال‬
‫عليه وسلم طيلة حياته المباركة‪،‬ل سيما والقضية المذكورة لم ترد بإسناد صحيح تقوم به الحجة‪،‬‬

‫‪ 76‬أي أبو جهل وابن أبى أمية ‪.‬‬


‫‪ 77‬قلت ‪ :‬وهذا الستغفار إنما هو ما حكاه ال تعالى في أواخر سورة أبراهيم عنه ‪ ( :‬ربما أغفر ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ) ‪ ،‬وقد ذكر المفسررن‬
‫أن هذا الدعاء منه بعد وفاة أبيه وبعد هجرته إلى مكة كي يشهد بذلك سياق اليات التي وردت في اخرها الية المذكورة ‪ ،‬وعلى ذلك فيبني أن يكون التبين‬
‫المذكور في آية الستغفار إنما كان بعد وفاة أبيه أيضا وكان ذلك بإعلم ال تعالى إياه وقد ‪ .‬أخرج ابن أبي حاتم بسند صحيح كما قال السيوطي في " الفتاوى‬
‫" ( ‪ ) 419 / 2‬عن ابن عباس قال ‪ :‬ما زال أبراهيم يستغفر لبيه حتى مات فلما مات تبين له أنه عدو ال فلم يستغفر له " ‪.‬‬
‫‪ 78‬في هذا الحديث أن سبب نزول الية غير السبب المذكور في الحديث الذي قبله ‪ ،‬ول تعارض بينهما لجواز تعدد سبب النزول كما وقع ذلك في غير آية ‪ ،‬وقد‬
‫أيد هذا الحافظ في " الفتح " ( ‪. ) 412 / 8‬‬
‫‪ 79‬قلت ‪ :‬ومن ذلك تعلم خطأ بعض المسلمين اليوم من الترحم والترضي على بعض الكفار ويكثر ذلك من بعض أصحاب الجرائد والمجلت ‪ ،‬ولقد سمعت أحد‬
‫رؤساء العرب المعروفين بالتدين يترحم على ( ستالين ) الشيوعي الذي هو ومذهبه من أشد والد العداء على الدين ! وذك في كلمة ألقاها الرئيس المشار إليه‬
‫بمناسبة وفاة المذكور ‪ ،‬أذيعت بالراديو ! ول عجب من هذا هذا فقد يخفى على مثل هذا الحكم ‪ ،‬ولكن العحب من بعض الدعاة السلمين أن في مثل ذلك حيث‬
‫قال في رسالة له ‪ " :‬رحم ال برناردشو ‪ . " . . .‬وأخبرني بعض الثقات عن أحد المشايخ أنه كان يصلي على من مات من السماعيلية مع اعتقاده أنهم غير‬
‫مسلمين ‪ .‬لنهم ل يرون الصلة ول الحج ويبدون البشر ! ومع ذلك يصلي عليم نفاقا ومداهنة لهم ‪ .‬فإلى ال المشتكي وهو المستعان ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫وإن كانت رويت من طرق يقوي بعضها‪80‬فإن أمكن الجمع بينها وبين ما ذكرنا من هديه صلى‬
‫ال عليه وسلم في التجميع في الجنازة فبها ‪ ،‬وإل فهديه هو المقدم " لنه أثبت وأهدى ‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫فإن صلوا عليها فرادى سقط الفرض‪،‬وأثموا بترك الجماعة‪،‬وال أعلم‬
‫‪ - 62‬وأقل ما ورد في انعقاد الجماعة فيها ثلثة ‪ ،‬ففي حديث عبد ال بن أبي طلحة ‪ " :‬أن‬
‫طلحة دعا رسول ال صلى ال عليه وسلم إلى عمير بن أبي طلحة حين توفي فأتاه رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم فصلى عليه في منزلهم ‪ ،‬فتقدم رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وكان أبو‬
‫طلحة وراء وأم سليم وراء أبي طلحة ‪ ،‬ولم يكن معهم غيرهم " ‪ .‬أخرجه الحاكم (‪ )1/365‬وعنه البيهقي (‬
‫‪ )4/30:31‬وقال الحاكم ‪ " :‬هذا صحيح على شرط الشيخين ‪،‬وسنة غريبة في إباحة صلة النساء على الجنائز" ووافقه الذهبي ‪.‬‬
‫وأقول ‪ :‬إنما هو على شرط مسلم وحده لن فيه عمارة بن غزية ‪ .‬ولم يخرج له البخاري إل‬
‫تعليقا ‪ .‬والحديث قال الهيثمي في " المجمع " (‪ " ،:)3/34‬رواه الطبراني في " الكبير " ورجاله رجال الصحيح " ‪.‬وله شاهد‬
‫من حديث أنس بمعناه ‪ .‬أخرجه المام أحمد (‪. )217 /2‬‬
‫‪-63‬وكلما كثر الجمع كان أفضل للميت وأنفع لقوله صلى ال عليه وسلم ‪" :‬مامن ميت تصلي‬
‫عليه أمة من المسلمين في يبلغون مائة كلهم يشفعون له‪،‬إل شفعوا فيه "‪.‬وفي حديث آخر‪ " :‬غفر‬
‫له " ‪ .‬أخرجه مسلم (‪ )3/53‬والنسائي (‪ )1/281،282‬والترمذي وصححه (‪ )2/143،144‬والبيهقي (‪ )4/30‬والطيالسي (‬
‫‪ )1526‬وأحمد (‪ )6/32،40،97،231‬من حديث عائشة باللفظ الول ‪.‬‬
‫ومسلم والنسائي والبيهقي وأحمد (‪ )3/266‬من حديث أنس ‪ ،‬وابن ماجه (‪ )1/453‬من حديث أبي هريرة باللفظ الخر ‪ ،‬وإسناده‬
‫صحيح على شرط الشيخين ‪.‬‬
‫وقد يغفر للميت ولو كان العدد أقل من مائة إذا كانوا مسلمين لم يخالط توحيدهم شئ من الشرك‬
‫لقوله ‪ " :‬مامن رجل مسلم يموت ‪ ،‬فيقوم على جنازته أربعون رجل ‪ ،‬ل يشركون بال شيئا إل‬
‫شفعهم ال فيه "‪.‬أخرجه مسلم وأبو داود (‪ )2/64‬وابن ماجه والبيهقي وأحمد (‪ )2509‬من حديث ابن عباس ‪ .‬ورواه‬
‫النسائي وأحمد (‪ )6/331،334‬من حديث ميمونة زوج النبي مختصرا وسنده حسن ‪.‬‬
‫‪ -64‬ويستحب أن يصفوا وراء المام ثلثة صفوف‪82‬فصاعدا لحديثين رويا في ذلك ‪:‬‬
‫الول ‪:‬عن أبي أمامة قال‪ " :‬صلى رسول ال صلى ال عليه وسلم على جنازة ومعه سبعة نفر‬
‫فجعل ثلثة صفا‪،‬واثنين صفا واثنين صفا " ‪ .‬رواه الطبراني في" الكبير " ‪ ،‬قال الهيثمي في "‬
‫المجمع " (‪ " )3/432‬وفيه ابن لهيعة " وفيه كلم " ‪ .‬قلت ‪ :‬وذلك من قبل حفظه لتهمة له في‬
‫نفسه ‪،‬فحديثه في الشواهد ل بأس به‪،‬ولذلك أوردته مستشهدا به على الحديث التي ‪ ،‬وهو ‪:‬‬
‫الثاني ‪ :‬عن مالك بن هبيرة قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬مامن مسلم يموت‬
‫فيصلي عليه ثلثة صفوف من المسامير إل أوجب ( وفي لفظ ‪ :‬إل غفر له ) " ‪ .‬قال ‪ ( :‬يعني‬
‫مرثد بن عبد ال اليزني) ‪":‬فكان مالك إذا استتارره ‪ ،‬أهل الجنازة جزأهم ثلثة صفوف للحديث "‬
‫‪ .‬أخرجه أبو داود (‪ )2/63‬والسياق له "والترمذي (‪ )2/143‬وابن ماجه (‪ )1/454‬والحاكم (‪ )362،363 /1‬والبيهقي (‪)4/30‬‬
‫وأحمد (‪ )4/79‬واللفظ الخر له وكذا في رواية للبيهقي والحاكم وقال ‪ ":‬صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي!وقال الترمذي‬
‫وتبعه النووي في " المجموع " (‪ " : )5/212‬حديث حسن " وأقره إلحافظ في " الفتح " (‪،)3/145‬وفيه عندهم جميعا محمد بن‬
‫اسحاق وهو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث ولكنه هنا قد عنعن ‪ .‬فل أدري وجه تحسينهم للحديث فكيف التصحيح ! ؟‬

‫‪ 80‬أخرح البيهقي في سننه ( ‪ ) 30 / 4‬منها حديثين ‪ ،‬وأحدهما عن أبن ماجه ( ‪ ، ) 500 ، 498 / 1‬وروى أحمد ( ‪ ) 81 / 5‬حديثا ثالثا وسكت عليه الحافظ في‬
‫" التلخيص " ( ‪ ، ) 187 / 5‬ورجاله ثقات رجال مسلم غير أبي عسيم ‪ ،‬قال البغوي ‪ " :‬ل أدري له صحبة أم ل " ‪ ،‬وفي الباب أحاديث إخرى ‪ ،‬أخرجها‬
‫الحاظ في الباب المذكور ثم قال ‪ " :‬قال ابن دحية ‪ :‬الصحيح أن المسلمين صلوا عليه أفرادا ‪ ،‬ل يؤمهم أحد ‪ ،‬وبه جزم الشافعي ‪ ،‬قال ‪ :‬وذلك لعظم رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ -‬بأبي هو وأمي ‪ -‬وتنافسهم في أن ل يتولى المامة في الصلة عليه واحد وال أعلم ‪.‬‬
‫‪ 81‬وقال النووي في " المجموع " ( ‪ " : ) 314 /5‬تجوز صلة الجنازة فرادى بل خلف والسنة أن تصل جماعة للحاديث المشهورة في الصحيح في ذلك مع‬
‫إجماع المسلمين "‬
‫‪ 82‬قال الشوكاني ( ‪ " : ) 47 - 4‬وأقل ما يسمى صفا رجلن ‪ ،‬ولحد لكثره "‬

‫‪53‬‬
‫‪-65‬وإذا لم يوجد مع المام غير رجل واحد ‪،‬فإنه ل يقف حذاءه كما هو النسة في سائر‬
‫الصلوات بل يقف خلف المام‪،‬للحديث المتقدم في المسأله (‪ ، )33‬وفيه ‪ " :‬فتقدم رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم وكان أبو طلحة وراءه وأم سليم وراء أبي طلحة ولم يكن معهم غيرهم " ‪.‬‬
‫‪ - 66‬والوالي أو نائبة احق بالمامة فيها من الولي لحديث أبي حازم قال ‪ ":‬إني الشاهد يوم‬
‫مات الحسن بن علي‪.‬فرأيت الحسين بن علي يقول إني لسعيد بن العاص‪-‬يطعن في عنقه ويقول‬
‫‪83‬‬
‫‪ -:‬تقدم فلول أنها سنة ما قدمتك "( وسعيد أمير على المدينة يومئذ ) وكان بينهم شئ "‪.‬أخرجه‬
‫الحاكم(‪ )3/171‬والبيهقي (‪ )4/28‬وزاد في آخره‪ " :‬فقال أبو هريرة أتنفسون على ابن نبيكم بتربة تدفنونه فيها وقد سمعت رسول‬
‫ال يقول ‪ :‬من أحبهما فقد أحبني ‪،‬ومن أبغضهما فقد أبغضني ‪ . ،‬وأخرجه أحمد أيضا ( ‪ )531 /2‬بهذه الزيادة ‪ ،‬ولكنه لم يسق‬
‫قصة تقديم سعيد للصلة ‪ ،‬وإنما أشار إليها بقوله ‪ " :‬فذكر القصة " ‪ .‬ثم قال الحاكم ‪ " :‬صحيح السناد "‪.‬ووافقه الذهبي ‪.‬‬
‫والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (‪ )3/31‬بتمامه مع الزيادة ثم قال‪" :‬رواه الطبراني في(الكبير)والبزار ورجاله موثقون" ‪.‬‬
‫وعزاه الحافظ في " التلخيص " (‪ )5/275‬إليهما مقرونا مع البيهقي وقال ؟ " فيه سالم بن أبي حفصة ضعيف ‪ ،‬لكن رواه النسائي‬
‫وابي ماجه من وجه آخر عن أبي حازم بنحوه ‪ ،‬وقال ابن المنذر في " الوسط " ‪ .‬ليس في الباب أعلى منه ‪ ،‬لن جنازة الحسن‬
‫‪84‬‬
‫حضرها جماعة كثيرة من الصحابة وغيرهم " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا كلم الحافظ وفي بعضه نظر ثراه في الحاشية ‪.‬‬
‫‪ - 67‬فإن لم يحضر الوالي أو نائبه ‪ ،‬فالحوط بالمامة أقررهم لكتاب ال ‪ ،‬ثم على الترتيب‬
‫الذي ورد ذكره في قوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬يؤم القوم أقرؤهم لكتاب ال " فإن كانوا في‬
‫القراءة سواء ‪ ،‬فأعلمهم بالسنة ‪ :‬فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم سلما فإن كانوا في الهجرة‬
‫سواء سواء فأقدمهم سلما ل يؤمن الرجل في سلطانه ‪ ،‬ول يقعد في بيته على تكرمته إل بإذنه "‪.‬‬
‫أخرجه مسلم (‪ )2/133‬وغيره من أصحاب السنن والمسانيد من حديث أبي مسعود البدري النصاري ‪،‬وقد خرجه في " صحيح‬
‫أبي داود " (رقم ‪. )594،598‬‬
‫ويؤمهم القرأ ولو كان غلما لم يبلغ الحلم لحديث عمرو بن سلمة ‪ " :‬أنهم ( يعني قومه ) وفدوا‬
‫على النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فلما أرادوا أن ينصرفوا قالوا ‪ :‬يارسول ال من يؤمنا ؟ قال ‪:‬‬
‫أكثركم جمعا للقرآن أو أخذا للقرآن ‪ ،‬فلم يكن أحد من القوم جمع ما جمعت ‪ ،‬فقدموني وأنا غلم‬
‫‪ ،‬وعلى شملة لي ‪ .‬قال‪:‬فما شهدت مجمعا من جرم إل كنت إمامهم‪ ،‬وكنت أصلي على جنائزهم‬
‫إلى يومنا هذا "‪.‬أخرجه أبو داود والبيهقي بإسناد صحيح ‪ ،‬وأصله في البخاري ولكن ليس فيه موضع الشاهد ‪ ،‬وهو رواية‬
‫لبي داود ‪ ،‬وقد خرجته في " صحيح أبي داود " رقم (‪599‬و ‪)602‬‬

‫‪ 83‬له رؤية ‪ ،‬قبض النبي ‪ .‬صلى ال عليه وسلم وله تسع سنين ‪ ،‬وكان حليما وقورا ‪ ،‬ومن أشراف قريش وهو أحد الذين كتبوا المصحف لعثمان ‪ ،‬وكان‬
‫استعمله على الكوفة ‪ ،‬وغزا بالناس طبرستان وأستعمله معاوية على المدينة ‪ ،‬مات في قصره بالعرصة على ثلثة أميال من المدينة سنة ( ‪ ، ) 58‬ودفن بالبقيع‬
‫‪.‬‬
‫‪ 84‬وذلك من وجهين ‪ :‬الول ‪ :‬إطلقه الضعف على ابن أبي حفصة ينافي ماقاله في ترجمته من " التقريب " ‪ " :‬صدوق ‪ ،‬إل أنه شيعي غال " ‪ .‬قلت ‪ :‬فإذا كان‬
‫صدوقا فحديثه حسن على أقل الدرجات ‪ ،‬ول يضره أنه شيعي كما تقرر في علم المصطلح ويقوي حديثه هذا أن البيهقي أخرجه في رواية له من طريق‬
‫اسماعيل بن رجاء الزبيدي قال ‪ :‬أخبرني من شهد الحسين بن علي حين مات ‪ . . .‬فذكر الحديث باختصار ‪ ،‬وفي قول الحسين لسعيد ‪ " :‬تقدم فلول أنها سنة ما‬
‫قدمتك " ‪ .‬واسماعيل هذا ثقة ‪ ،‬وقد تابع ابن أبي حفضة ‪ ،‬فهي متابعة قوية ‪ ،‬وإن لم يسم فيها من شاهد القصة ‪ .‬فقد سماه سالم كما رأيت وغيره أيضا كما يشير‬
‫إلى ذك قول الحافظ " لكن رواه النسائي وابن ماجه ‪ " . . .‬لكن فيه ما يأتي وهو ‪ :‬الثاني ‪ :‬أنني لم أقف على الحديث في " الجنائز " سنن النسائي وابن ماجه ‪،‬‬
‫ولم يورده النابلسي في " الذخائر " في مسند الحسين ول في منسد ‪ .‬أبي حازم ‪ .‬وال أعلم ‪.‬‬
‫وقد أورد ابن حزم في " المحلى " ( ‪ ) 441 / 5‬هذه القصة بصيغة الجزم يضعفها مع أنه لم يأخذ بمادنت عليه من الحكم فقال ؟ " قلنا ‪ :‬لم ندع لكم إجماعا‬
‫فتعارضونا بهذا ‪ ،‬ولكن إذا تنازع المة وجب الرد إلى القرآن والسنة ‪ ،‬وفي القرآن والسنة ما أوردنا " ‪ .‬قلت ‪ :‬وكأن ابن حزم رحمه ال ل يرى أن قول‬
‫الصحابي " السنة كذا " في حكم المرفوع ‪ ،‬وهذا خلف المتقرر في الصولين أن ذك في حكم المرفوع ‪ ،‬وهو الصواب إن شاء ال ‪ .‬وسيأتي ‪ .‬زيادة بيان لهذا‬
‫في المسألة ( ‪ . ) 73‬وأما ما أشار إليه ابن حزم من القرآن والسنة " فيعني قوله تعالى ( وأولوا الرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب ال ) ‪ ،‬وقوله صلى ال‬
‫عليه وسلم في الحديث التي في المسألة التالية " ول يؤمن الرجل في أهله " كما في رواية به إبن حزم على أن الحق بالصلة على الميت الولياء ‪ ،‬ول يخفى‬
‫أنه استدلل بالعموم ‪ ،‬ودلينا وهو حديث الحسين رضي ال عنه خاص ‪ ،‬وهو مقدم كما هو مقرر في الصول ‪ ،‬ولذلك ذهب إلى ما ذكرنا جمهور العلماء كأبي‬
‫حنيفة ومالك وأحمد وأسحاق وابن المنذر والشافعي في قوله القديم كما في " المجموع " ( ‪ . ) 217 / 5‬ثم أستدركت فقلت ‪ :‬إن الحديث ل عموم له فيما نحن‬
‫فيه ‪ ،‬لن معناه ‪ :‬ل يصلين أحد إماما بصاحب البيت في بيته ‪ ،‬وهذا بين من مجموع روايات الحديث ‪ ،‬ففي رواية لمسلم ‪ " :‬ول يؤمن الرجل في أهله " وفي‬
‫أخرى له " ول تؤمن الرجل في أهله ول في سلطانه " فهذا حجة على أبن حزم لن الظاهر أيضا أن المراد به السلطان الذي إليه ولية أمور الناس ‪ .‬والظاهر‬
‫أيضا أنه مقدم على غيره ولو كان أكثر منه قرآنا ‪ .‬انظر الشوكاني ( ‪. ) 134 / 3‬‬

‫‪54‬‬
‫‪-68‬إذا اجتمعت جنائز عديدة من الرجال والنساء ‪ ،‬صلي عليها صلة واحدة ‪ ،‬وجعلت الذكور‬
‫‪ -‬ولو كانوا صغارا ‪ -‬مما يلي المام ‪ ،‬وجنائز الناث مما يلي القبلة ‪ ،‬وفي ذلك أحاديث ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن نافع عن ابن عمر ‪ " :‬أنه صلى‪ 85‬على تسع جنائز جميعا ‪ ،‬فجعل الرجال يلون‬
‫المام والنساء يلين القبلة ‪ ،‬فصفهن صفا واحدا ووضعت جنازة أم كلثوم بنت علي امرأة عمر‬
‫بن الخطاب وابن لها يقال له ‪ :‬زيد‪،‬وضعا جميعا‪،‬والمام يومئذ سعيد بن العاص‪،‬وفي ‪ :‬الناس‬
‫ابن عباس وأبو هريرة وأبو سعيد وأبو قتادة ‪ ،‬فوضع الغلم مما يلي المام " فقال رجل ‪:‬‬
‫فأنكرت ذلك ‪ ،‬فنظرت إلى ابن عباس وأبي هريرة وأبي سعيد وأبي قتادة ‪ ،‬فقلت ‪ :‬ماهذا قالوا ‪:‬‬
‫هي السنة "‪ .‬أخرجه النسائي (‪ )1/280‬وابن الجارود في " المنتقى "(‪ )267،268‬والدارقطني (‪ )194‬والبيهقي (‪.)4/33‬‬
‫قل ‪ :‬وإسناد النسائي وابن الجارود صحيح على شرط الشيخين‪،‬واقتصر الحافظ في " التلخيص" (‪ )5/276‬عاى عزوه لبن‬
‫الجارود وحده وقال ‪ ( :‬وإسناده صحيح ) ‪ .‬وأما النووي فقال ( ‪ " : ) 224 / 5‬رواه البيهقي بإسناد حسن " !‬
‫الثاني ‪ :‬عن عمار مولى الحارث بن نوفل "أنه شهد جنازة أم كلثوم وابنها‪ ،‬فجعل الغلم مما يلى‬
‫المام [ ووضعت المرأة وراءه‪،‬فصلى عليها] ‪ ،‬فانكرت ذلك ‪ ،‬وفي القوم ابن عباس وأبو سعيد‬
‫الخدري وأبو قتادة وأبو هريرة‪ [،‬فسألتهم عن ذلك ]‪،‬فقالوا ‪ ،‬هذه السنة "‪.‬أخرجه أبو داود (‪)2/66‬‬
‫والسياق له ‪ ،‬ومن طريقه البيهقي (‪ )4/33‬والنسائي (‪ )1/280‬والزيادتان له وإسناده صحيح على شرط مسلم‪ ،‬وقال النووي (‬
‫‪ " : )5/224‬وإسناده صحيح ‪ ،‬وعمار هذا تابعي مولى لبني هاشم ‪ ،‬واتفقوا على توثيقه " ‪ .‬وقال البيهقي ‪:‬‬
‫" ورواه حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار دون كيفية الوضع بنحوه ‪ ،‬وذكر أن المام كان ابن عمر ‪ .‬قال ‪ :‬وكان في القوم‬
‫الحسن والحسين وأبو هريرة ‪،‬ونحو من ثمانين من أصحاب محمد صلى ال عليه وسلم ‪.‬ورواه الشعبي فذكر كيفية الوضع بنحوه‬
‫‪،‬وذكر أن المام كان ابن عمر ‪،‬ولم يذكر السؤال ‪ ،‬قال ‪:‬وخلفه ابن الحنفية والحسين وابن عباس‪،‬وفي رواية ‪:‬عبد ال بن جعفر)‬
‫‪ - 69‬ويجوز أن يصلى على كل واحدة من الجنائز صلة ‪ ،‬لنه الصل ‪ ،‬ولن النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم فعل ذلك في شهداء أحد ‪ ،‬وفي ذلك حديثان ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن عبد ال بن الزبير‪،‬وتقدم في المسألة (‪ ، )59‬الحديث (‪ )2‬ص ‪82‬‬
‫الثاني ‪ :‬عن ابن عباس قال ‪":‬لما وقف رسول ال صلى ال عليه وسلم على حمزة ‪.‬أمر به فهيئ‬
‫إلى القبلة ‪ ،‬ثم كبر عليه تسعا ‪ ،‬ثم جمع إليه الشهداء ‪ ،‬كلما أتي بشهيد وضع إلى حمزة ‪ ،‬فصلى‬
‫عليه ‪،‬وعلى الشهداء معه حتى صلى عليه ‪،‬وعلى الشهداء اثنين وسبعين صلة " أخرجه الطبراني في‬
‫معجمه الكببر(‪)3/107،108‬من طريق محمد بن اسحاق حدثني‪.‬محمد بن كعب القرظي والحكم بن عتيبة عن مقسم ومجاهد عنه‬
‫قلت ‪ :‬وهذا سند جيد ‪،‬رجاله كلهم ثقات ‪.،‬وقد صرح فيه محمد بن اسحاق بالتحديث ‪ ،‬فزالت شبهة تدليسه ‪ .‬ويبدو أن المام‬
‫السهيلي والحافظ ابن حجر لم يقفا على هذا السناد ‪ ،‬فقد قال الحافظ في " التلخيص " (‪: )5/153،154‬‬
‫" وفي الباب أيضا حديث ابن عباس ‪ ،‬رواه ابن اسحاق قال ‪ :‬حدثني من ل أتهم عن مقسم‬
‫مولى ابن عباس عن ابن عباس‪ ( ..‬قلت ‪ :‬فذكر الحديث نحوه إل أنه قال ‪ " :‬سبعا " بدل " تسعا‬
‫" ‪ ،‬ثم قال ‪ ) :‬قال السهيلي ‪ :‬إن كان الذي أبهمه ابن اسحاق هو الحسن بن عمارة ‪ ،‬فهو ضعيف‬
‫‪ ،‬وإل فمجهول لحجة فيه ‪ .‬انتهى ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬والحامل للسهيلي على ذلك ‪ ،‬ما وقع في مقدمة " مسلم " عن شعبة أن الحسن ابن عمارة‬
‫حدثه عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس " أن النبي صلى ال عليه وسلم صلى على قتلى أحد "‬
‫فسألت الحكم ؟ فقال لم يصل عليهم " انتهى ‪ .‬لكن حديث ابن عباس روي من طرق أخرى ‪" . .‬‬
‫‪ .‬قلت ‪ :‬ثم ذكر بعضها ‪ ،‬وليس منها طريق الطبراني هذه ‪ ،‬وهي تدل على أن المبهم في تلك‬
‫الرواية ليس مجهول ول ضعيفا ‪ ،‬بل هو ثقة معروف ‪ ،‬وهو محمد بن كعب القرظي أو الحكم‬

‫‪ 85‬قلت ‪ :‬يعني إماما كما " يدل عليه السياق ‪ ،‬وصرح بذلك البيهقي في رواية له في الحديث التي بعده كما سنذكر هناك ‪ .‬ول يعارض هذا قوله فيما بعد ‪" :‬‬
‫والمام يومئذ سعيد بن العاص " لن المراد أنه كان هو المير قال الحافظ " يحمل أن ابن عمر أم بهم حقيقة بإذن سعيد بن العاص ‪ ،‬ويحمل قوله " أن المام‬
‫كان سعيد بن العاص " يعني المير جمعا بين الروايتين ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫بن عتيبة ‪ ،‬أو كلهما معا ‪ ،‬ول يخدع على هذا قول الحكم في رواية مسلم " لم يصل عليهم "‬
‫لجواز أن الحكم نسي " ماكان حدث به كما وقع مثله لغيره في غير ما حديث ‪ ،‬ولو سلمنا جدل‬
‫أن إنكار الحكم لحديثه يقدح في صحته عنه ‪ ،‬فل نسلم أن ذلك يقدح في صحة الحديث نفسه‬
‫‪86‬‬
‫مادام أنه رواه ثقة آخر هو القرظي ‪ ،‬وهذا واضع إن شاء ال تعالى ‪.‬‬
‫‪ - 70‬وفي الصلة على الجنازة في المسجد ‪ ،‬لحديث عائشة رضي ال عنها قالت ‪ " :‬لما توفي‬
‫سعد بن أبي وقاص أرسل أزواج النبي صلى ال عليه وسلم أن يمروا بجنازته في المسجد‬
‫فيصلين عليه ففعلوا ‪ ،‬فوقف به على حجرهن يصلين عليه ‪ ،‬أخرج به من باب الجنائز الذي كان‬
‫إلى المقاعد ‪ ،‬فبلغهن أن الناس عابوا ذلك ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬هذه بدعة ‪ ، ،‬ما كانت الجنائز يدخل بها‬
‫إلى المسجد ! فبلغ ذلك عائشة ‪ ،‬فقالت ‪ :‬ما أسرع الناس إلى أن يعيشوا مال علم لهم به ‪ ،‬عابوا‬
‫علينا أن يمر بجنازة في المسجد ‪ [ ،‬وال ] ما صلى رسول ال صلى ال عليه وسلم على سهيل‬
‫بن بيضاء [ وأخيه ] إل في جوف المسجد " أخرجه مسلم (‪ )3/63‬من طريقين عنها وأصحاب السنن وغيرهم ‪،‬‬
‫وقد خرجته في " أحكام المساجد " من كتابي " الثمر المستطاب " والزيادات لمسلم إل الولى فهي للبيهقي (‪. )4/51‬‬
‫‪ - 71‬لكن الفضل الصلة عليها خارج المسجد في مكان معد للصلة على الجنائز كما كان‬
‫المر على عهد النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وهو الغالب على هديه فيها " وفي ذلك أحاديث ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن ابي عمر رضي ال عنه ‪ ".‬أن اليهود جاؤوا إلى النبي صلى ال عليه وسلم برجل‬
‫‪87‬‬
‫منهم ‪ .‬وإمرأة زنيا ‪ ،‬فأمر بهما فرجما ‪ ،‬قريبا من موضع الجنائز عند المسجد " أخرجه البخاري (‪3‬‬
‫‪ " )/155‬وترجم له ‪ ،‬وللحديث الرابع التي بـ " باب الصلة على الجنائز بالمصلى والمسجد " ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬عن جابر قال ‪ " :‬مات رجل منا ‪ ،‬فغسلناه‪..‬ووضعناه لرسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫حيث توضع الجنائز عند مقام جبريل ‪،‬ثم آذنا رسول ال بالصلة عليه فجاء معنا‪..‬فصلى عليه‪"..‬‬
‫أخرجه الحاكم وغيره ‪،‬وتقدم بتمامه في المسألة (‪ )17‬الحديث الثالث من الفقرة ( ز ) ‪( ،‬ص ‪ )16‬وفي الباب عن بعض‬
‫أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم‪.‬وقال حديثه في المسألة(‪ )59‬الحديث(‪ )4‬من ( الساد س)‪(،‬ص ‪.)89‬‬
‫الثالث ‪ :‬عن محمد بن عبد ال بن جحش ‪،‬قال ‪ " :‬كنا جلوس بفناء المسجد حيث توضع الجنائز‬
‫ورسول ال صلى ال عليه وسلم جالس بين ظهرانينا فرفع رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫بصره إلى السماء‪ "..‬أخرجه أحمد (‪ )5/289‬والحاكم (‪ )2/24‬وقال ‪ " :‬صحيح السناد " ‪ .‬ووافقه الذهبي في " تلخيصه "‬
‫وأقره المنذري في " ترغيبه " (‪ ، )3/34‬وفيه أبو كثير مولى محمد بن جحش ‪،‬أورده ابن أبي حاتم (‪ )4/2/429,430‬ولم يذكر‬
‫فيه جرحا ول تعديل ‪،‬وكذلك قال الهيثمي في " المجمع " (‪ " : )4/127‬مستور " ولم يورده ابن حبان في " الثقات " ومع ذلك فقد‬
‫قال فيه الحافظ في " التقريب " " ثقة " ! وذكر في " التهذيب " انه روى عنه جماعة من الثقات وأنه ولد في حياة النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم فمثله ‪ " ،‬حسن الحديث إن شاء ال تعالى ‪ ،‬لسيما في الشواهد ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬عن أبي هريرة رضي ال عنه ‪ " :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم نعى النجاشي في‬
‫اليوم الذي مات فيه ‪ ،‬خرج إلى المصلى ‪ ،‬فصف بهم وكبر أربعا "‪..‬أخرجه الشيخان وغيرهما‬
‫بألفاظ وزيادات كثيرة وقد تقدم ‪ .‬ذكرها مجموعة في سياق وأحد مع زيادات أخرى في‬
‫أحاديث ‪ ،‬جماعة آخرين من الصحابة ‪ ،‬وقد بينت ذلك في المسألة (‪ )59‬الحديث السابع ‪ ( ،‬ص‬
‫‪)90-89‬‬

‫‪ 86‬قال النووي في " المجموع " ( ‪ . ) 225 - 5‬واتفقوا على أن الفضل أن يفرد كل واحد بصلة ‪ ،‬إل صاحب " التتمة " فجزم بأن الفضل أن يصلي عليم‬
‫دفعة واحدة ‪ .‬لن فيه تعجيل الدفن وهو مأمور به ‪ .‬والمذب الول ‪ ،‬لنه أكثر عمل ‪ ،‬وأرجى للقبول وليس هو تأخيرا كثيرا " وال أعلم ‪.‬‬
‫‪ 87‬قال الحافظ في الفتح ‪ " : ،‬إن مصلى الجنائز كان لصقا بمسجد النبي صلى ال عليه وسلم من ناحية المشرق " ‪ .‬وقال في موضع آخر ( ‪" ) 108 - 12‬‬
‫والمصلى المكان الذي كان يصلى عنده العيد والجنائز وهو من ناحية بقيع الغرقد "‬

‫‪56‬‬
‫والحديث ترجم له البخاري بما دل عليه من الصلة في المصلى كما سبق ذكره في الحديث‬
‫الول‪. 88‬‬
‫‪ - 73‬ول تجوز الصلة عليها بين القبور ‪ ،‬لحديث أنس بن مالك رضي ال عنه ‪ " .‬أن النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم نهى أن يصلى على الجنائز بين القبور "‪.‬أخرجه العرابي في " معجمه " (ق ‪)235/1‬‬
‫والطبراني في " المعجم الوسط " (‪ )1/80/2‬ومن طريقه الضياء المقدسي في " الحاديث المختارة " (‪ -79/2‬مسند أنس) وقال‬
‫الهيثمي في " المجمع " (‪ " : )3/36‬وإسناده حسن " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وله طريق أخرى عن أنس ‪ ،‬عند الضياء يتقوى الحديث بها ‪ .‬وروى أبو بكر ابن أبي شيبة في " المصنف " (‪)2/185‬‬
‫وأبو بكر بن الثرم كما في " الفتح الباري " للحافظ ابن رجب الحنبلي (‪ -65/81/1‬الكواكب )‬
‫عن أنس ‪ " :‬كان يكره أن يبنى مسجدا بين القبور " ‪ . .‬ورجاله ثقات رجال الشيخين ويشهد‬
‫للحديث ما تواتر عن النبي صلى ال عليه وسلم من النهي عن اتخاذ القبور مساجد ‪ ،‬وقد ذكرت‬
‫ما ورد في ذلك في أول كتابي " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " وسأذكر بعضها في‬
‫المسألة ( ‪ 128‬فقرة ‪) 9‬‬
‫‪- 74‬ويقف المام وراء رأس الرجل ‪ ،‬ووسط المرأة ‪ ،‬وفيه حديثان ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن أبي غالب الخياط قال ‪ " :‬شهدت أنس بن مالك صلى على جنازة رجل ‪ ،‬فقام عند‬
‫رأسه ‪ ( ،‬وفي روواية ‪ :‬رأس السريز ) فلما رفع ‪ ،‬أتى بجنازة امرأة من قريش أو من‬
‫النصار ‪،‬فقيل له‪ :‬با أبا حمزة هذه جنازة فلنة ابنة فلن فصل عليها‪ ،‬فصلى عليها‪،‬فقام‬
‫‪89‬‬
‫وسطها‪(،‬وفي رواية ‪:‬عند عجيزتها‪ ،‬وعليها نعش أخضر ) وفينا العلء بن زياد العدوي ‪ ،‬فلما‬
‫رأى اختلف قيامه على الرجل والمرأة قال ‪ :‬يا أبا حمزة هكذا كان رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم يقوم حيث قمت ‪ ،‬ومن المرأة حيث قمت قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪:‬فالتفت إلينا العلء فقال‪:‬احفظوا‬
‫) أخرجه أبو داود (‪ )2/66،67‬والترمذي (‪ )2/146‬وحسنه ‪ .‬وابن ماجه والطحاوي (‪ )1/283‬والبيهقي (‪ )4/32‬والطيالسي (رقم‬
‫‪ )2149‬وأحمد (‪ )3/118،204‬والسياق له ‪،‬أخرجوه كلهم من طريق همام بن يحيى عن أبي غالب ‪ ،‬غير أبي داود ‪ ،‬فأخرجه‬
‫من طريق عبد الوارث ‪ -‬وهو ابن سعيد ‪ -‬عنه ‪ ،‬وكذا أخرجه الطحاوي في رواية له مختصرا ‪.‬‬
‫وإسناده من الطريقين صحيح ‪،‬رجالهما رجال الصحيحين غير ‪ .‬أبي طالب وهو ثقة كما في " التقريب "للحافظ ابن حجر‪،‬فالعجب‬
‫منه كيف ذكر في شرح الحديث التي عن سمرة من"الفتح " (‪)3/157‬أن البخاري أشار إلى تضعيف هذا الحديث‪،‬ثم سكت على‬
‫ذلك ولم يتعقبه بشئ !‬
‫‪90‬‬
‫والرواية الثانية للطيالسي والبيهقي من طريق أحمد ‪.‬والرواية الثالثة لبي داود‪،‬وهي عند المذكورين بنحوها دون لفظ "أخضر"‬

‫‪ 88‬قلت ‪ :‬ومن الغرائب موقف الحافظ البيهقي من هذه السنة أعني الصلة على الجنازة في المصلى ‪ ،‬فإنه لم يعقد لها في كتابه الكبير " السنن الكبرى " بابا‬
‫خاصا مع كثرة الحاديث الواردة فيه كما رأيت ‪ ،‬مع انه عقد بابا مفردا للصلة عليها في المسجد مع أنه ليس في ال حديث عائشة ‪ ،‬ثم جرى عل سننه بعض‬
‫الشافعية في مختصراتهم فأغفلوا الصلة عليها في المصلى ‪ ،‬كالنووي رحمه ال في " منهاج الطالبين " ( ق ‪ ) 2 - 34‬فقال ‪ " :‬وتجوز الصلة عليه في‬
‫المسجد " ‪ ،‬ولو أنه أضاف إلى ذك نحو قوله " وتسن الصلة عليها في المصلى " لصاب ‪ ،‬وقد عكس ذلك الباجوري في حاشية على ابن القاسم فقال ‪- 1 ( :‬‬
‫‪ " : ) 424‬ويسن أن تكون الصلة عليه بمسجد " ! ثم لم يذكر الصلة عليها في المصلى ! ! والحق ما ذكرنا من السنية مع القول بجواز الصلة عليها في‬
‫المسجد لحديث عائشة وحمله على أنه لمر عارض بعيد ‪ ،‬لنه لو كان كذلك لما خفي على السيدة عائشة ومن ممها من أمهات المؤمنين ‪ ،‬ولما طلبن إدخال‬
‫الجنازة إلى المسجد دون عذر ‪ .‬وهذا بين إن شاء ال تعالى ‪.‬‬
‫‪ 89‬كتبه أبو نصر ‪ .‬وهو من ثقات التابعين ‪ ،‬وكان من عباد أهل البصرة وقرائهم مات سنة أربع وتسعين‬
‫‪ 90‬قلت ‪ :‬وعند أبي داود زيادة أخرى ل بد من ذكرها وبيان حالها وهي ‪ " :‬قال أبو غالب ‪ :‬فسألت عن صنيع في قيامه على المرأة عند عجيزتها ‪ .‬فحدثوني أنه‬
‫إنما كان لنه لم تكن النعوش ‪ ،‬فكان يقوم المام حيال عجيزتها يسترها من القوم " ‪ .‬فهذا للتعليل مردود من وجوه ‪ :‬الول ‪ :‬أنه صادر من مجهول ‪ ،‬وما كان‬
‫كذلك فل قيمة له ‪ .‬الثاني ‪ :‬أنه خلف ما فعله راوي الحديث نفسه وهو أنس رضي ال عنه ‪ ،‬فإنه وقف وسطها مع كونها في النعش ‪ ،‬ودل ذلك على بطلن ذلك‬
‫التعليل ‪ .‬ويؤيده الوجه التي وهو ‪ :‬الثالث ‪ :‬أنه خلف ما فهمه الحاضرون لصلة أنس ‪ ،‬ومنهم العلء بن زياد العدوي ‪ ،‬فإنه لما استفهم من أنس هذه السنة‬
‫التفت إلى أصحابه وقال لهم ‪ " :‬احفطوا " فلو كانت معللة بتلك العلة التي تعود السنة بالبطال لما اهتم العلء بها هذا الهتمام البالغ ‪ -‬وأمر أصحابه بحفظها ‪،‬‬
‫وهذا ظاهر والحمد ل ‪ .‬ولذك لم يلتفت جمهور العلماء إلى هذا التأويل ‪ ،‬فذهبوا إلى ما دل عليه الحديث من الوقوف عند رأس الرجل ‪ ،‬ووسط المرأة ‪ .‬ومنهم‬
‫المام الشافعي وأحمد وأسحاق كما في " المجموع " ( ‪ ) 225 / 5‬قال الشوكاني ( ‪ " : ) 57 - 4‬وهو الحق " ‪ .‬قلت ‪ :‬واختاره بعض الحنفية ‪ ،‬بل هو قول‬
‫لبى حنيفة نفسه كما في " الهداية " ( ‪ ) 462 / 1‬وأبي يوسف أيضا كما في " شرح المعاني " ( ‪ ) 284 / 1‬للمام الطحاوي ورجحه على قولهما الخر وهو‬
‫" يقوم من الرجل والمرأة بحذاء‬
‫الصدر " ! وهو قول المام محمد أيضا وعليه الحنفية ‪ ،‬واحتج لهم في " الهداية " بقوله " لنه موضع القلب ‪ ،‬وفيه نور اليمان ‪ ،‬فيكون القيام عنده إشارة إلى‬
‫الشفاعة ليمانه " ثم ذكر قول أبي حنيفة الول وأنه احتج بقول أنس " هو السنة " فأجاب عنه صاحب " الهداية " بقوله ‪ " :‬قلنا تأويله ‪ :‬إن جنازتها لم تكن‬
‫منعوشة فحال بينها وبينهم " ‪ .‬قلت ‪ :‬قد عرفت مما سبق بطلن هذا التأويل ‪ ،‬ثم لو سلم لهم " فما هي حجتهم في مخالفتهم الحديث في شطره الول وهو‬

‫‪57‬‬
‫الثاني ‪ :‬عن سمرة بن جندب قال ‪ " :‬صليت خلف النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وصلى على أم‬
‫كعب ماتت وهي نفساء ‪،‬فقام رسول ال صلى ال عليه وسلم للصلة عليها وسطها"‪.‬أخرجه البخاري‬
‫(‪ )157-6/153‬ومسلم (‪ )3/60‬والسياق له وأبو داود (‪ )2/67‬والنسائي (‪ )280 /1‬والترمذي (‪ )2/147‬وصححه‪،‬وابن ماجه (‬
‫‪ )1/455‬وابن الجارود (‪ )267‬والطحاوي (‪ )1/280‬والبيهقي (‪ )4/34‬والطيالسي (‪ )902‬وأحمد (‪ )5/1914‬والحديث واضح‬
‫الدللة على السنة أن يقف المام حذاء وسط المرأة وهو بمعنى حديث أنس ‪ " :‬عند عجيزتها "‪.‬بل هذا مما يزيده وضوحا فإنه‬
‫أصرح في الدللة على المراد من حديث سمرة ‪.‬‬
‫‪ - 75‬ويكبر عليها اربعا أو خمسا ‪ ،‬إلى تسع تكبيرات ‪ ،‬كل ذلك ثبت عن النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم فأيها فعل أجزأه ‪ ،‬والولى التنويع ‪ ،‬فيفعل هذا تارة ‪ ،‬وهذا تارة ‪ ،‬كما هو الشأن في أمثاله‬
‫مثل أدعية الستفتاح وصيغ التشهد والصلوات البراهيمية ونحوها ‪ ،‬وإن كان لبد من التزام‬
‫نوع واحد منها فهو الربع لن الحاديث فهيا أكثر ‪ ،‬وإليك بيان ذلك ‪:‬‬
‫أ‪-‬أما الربع ففيها أحاديث عن جماعة من الصحابة‬
‫الول ‪ :‬عن أبي هريرة ‪ ،‬وقد مضى حديثه في المسألة (‪( )59‬السابع) في الصلة على النجاشي‬
‫وأنه صلى ال عليه وسلم كبر عليه أربعا(ص ‪)89‬‬
‫الثاني ‪:‬عن ابن عباس‪،‬ومضى في المسألة المشار إليها في حديث الصلة على الرجل الذي دفن‬
‫ليل ‪ .‬في (السادس) ‪،‬الحديث (‪) 87 ( ) -1‬‬
‫الثالث ‪ :‬عن يزيد بن ثابت في صلته صلى ال عليه وسلم على مولة لبني فلن في قبرها وهو‬
‫في المكان المشار إليه بعد حديث ابن عباس بحديث‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬عن بعض أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم في صلته صلى ال عليه وسلم على‬
‫المرأة المسكينة في قبرها ‪ ،‬وحديثها مذكور عقب حديث يزيد بن ثابت المشار إليه آنفا ‪.‬‬
‫الخامس ‪ :‬عن أبي أمامة‪ 91‬رضي ال عنه قال ‪ " :‬السنة في الصلة على الجنازة أن يقرأ في‬
‫التكبيرة الولى بأم القرآن مخافتة ‪ ،‬ثم يكبر ثلثا ‪ ،‬والتسليم عند الخرة "‪.‬أخرجه النسائي (‪)1،281‬‬
‫وعنه ابن حزم (‪ )5/129‬بإسناد صحيح كما قال الحافظ في " الفتح " ‪ ،‬وسبقه النووي في " المجموع " (‪)5/33‬‬
‫وزاد ‪ " :‬علي شرط الشيخين " ‪ .‬وأخرجه الطحاوي ى (‪ )1/288‬بنحوه وزاد في آخر الحديث ‪:‬‬
‫قال الزهري ‪ :‬فذكرت الذي أخبرني أبو أمامة من ذلك لمحمد بن سويد الفهري ‪ ،‬فقال ‪ :‬وأنا سمعت الضحاك‬
‫بن قيس يحدث عن حبيب بن مسلمة‪ 92‬في الصلة على الجنازة مثل الذي حدثك أبو أمامة " ‪ .‬وإسنادها صحيح‬
‫أيضا‪،‬وهي عند النسائي ‪ ،‬ولكن لم يجاوز بها الضحاك بن قيس ‪ ،‬وكذلك رواه الشافعي بزيادة في متنه كما‬
‫يأتي في المسإلة (‪ )79‬ص (‪. )121،122‬‬
‫السادس ‪ :‬عن عبد ال بن أبي أوفى قال " إن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان يكبر أربعا " أخرجه‬
‫البيهقي ( ‪ ) 35 / 4‬بسند صحيح في أثناء حديث يأتي بتمامه في المسألة‬
‫ب ‪ -‬وأما الخمس فلحديث عبد الرحمن بن أبي ليلى قال ‪ ":‬كان زيد بن أرقم يكبر على جنائزنا‬
‫أربعا ‪ ،‬وإنه كبر على جنازة خمسا ‪ ،‬فسألته فقال ‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫يكبرها ‪ ( ،‬فل أتركها ( لحد بعده ) أبدا ) "أخرجه مسلم(‪ )3/56‬وأبو داود(‪ )2/67،68‬والنسائي(‪ )1/281‬والترمذي‬
‫(‪ )2/140‬وابن ماجه (‪)1/458‬والطحاوي (‪ )1/285‬والبيهقي (‪)4/36‬والطيالسي (‪)674‬وأحمد (‪ )4/367،368،372‬عنه ‪.‬‬

‫الوقوف حذاء رأس الرجل ‪ ،‬فقالوا هم ‪ :‬بل يقف حذاءه وليت شعري ما الذي يحملهم على الجهر بمخالفة السنة بمثل هذه التعليلت الباطلة وقولهم ‪ " :‬لنه‬
‫موضع القلب ‪ . .‬ائتهم قالوا بها في قول لهم ‪ ،‬أفل اخذوا به كما فعل الطحاوي رحمه ال فيكونون اصابوا السنة واخذوا بقول الئمة في آن واحد ومع هذه‬
‫المخالفة الصريحة لهذه السنة وغيرها مما ياتي التشبيه عليه ينسبون من يتمهم بانهم يقدمون الرأي على السنة إلى التعصب عليهم ‪.‬‬
‫‪ 91‬ليس هو أبو أمامة الباهلي ‪ ،‬الصحابي المشهور ‪ ،‬بل هذا آخر معروف بكنيته أيضا واسمه أسعد وقيل سعد بن سعد بن حنيف النصاري معدود في‬
‫الصحابة ‪ ،‬له رؤية ولم يسمع من النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فالحديث من مراسيل الصحابة ‪ ،‬وهي حجة ‪.‬‬
‫‪ 92‬هو حبيب بن مسلمة بن مالك الفهري المكي ‪ ،‬وكان يسمى حبيب الروم لكثرة دخوله عليهم مجاهدا‬
‫مختلف في صحبته ‪ ،‬قال الحافظ " والراجح ثبوتها لكنه كان صغيرا "‬

‫‪58‬‬
‫ثم أخرجه الطحاوي والدار قطني (‪ )191،192‬وأحمد (‪ )370: 4‬من طرق أخرى عنه به نحوه ‪ ،‬والزيادة لهم والتي فيها للدار‬
‫قطني ‪ ،‬وقال الترمذي ‪ " :‬حديث حسن صحيح ‪ ،‬وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا من أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫وغيرهم ‪ ،‬رأوا التكبير على الجنازة خمسا ‪ ،‬وقال أحمد واسحاق‪:‬إذا كبر المام على الجنازة خمسا فإنه يتبع المام " ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬وأما لست والسبع ‪ ،‬ففيها بعض الثار الموقوفة ‪ ،‬ولكنها في حكم الحاديث المرفوعة ‪،‬‬
‫لن بعض كبار الصحابة أتى بها على مشهد من الصحابة دون أن يعترض عليه أحد منهم ‪.‬‬
‫الول ‪ :‬عن عبد ال بن معقل ‪ " :‬أن علي بن أبي طالب صلى على سهل بن حنيف ‪ ،‬فكبر عليه‬
‫ستا ‪ ،‬ثم التفت إلينا ‪،‬فقال‪:‬إنه بدري "‪،‬قال الشعبي‪ " :‬وقدم علقمة من الشام فقال لبن مسعود ‪:‬إن‬
‫اخوانك بالشام يكبرون على جنائز هم خمسا‪ ،‬فلو وقتم لنا وقتا نتابعكم عليه‪ ،93‬فأطرق عبد ال‬
‫ساعة ثم قال‪:‬انظروا جنائزكم فكبروا علهيا ماكبر أئمتكم‪،‬ل وقت ول عدد "‪ .‬أخرجه ابن حزم في "‬
‫المحلى " ( ‪ )5،126‬بهذا التمام ‪ ،‬وقال ‪ " :‬وهذا إسناد غاية في الصحة "‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وقد أخرج منه قصة علي رضي ال عنه أبو داود في مسائله عن المام أحمد (ص ‪ )152‬والطحاوي (‪ )1/287‬والحاكم‬
‫(‪ )3/409‬والبيهقي (‪ )4/36‬وسندهم صحيح على شرط الشيخين ‪ ،‬وهي عند البخاري في " المغزلي " (‪ )7/253‬دون قوله "‬
‫ستا‪ " ..‬وقصة ابن مسعود أخرجها الطحاوي والبيهقي (‪ )4/37‬نحوه ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬عن عبد خير قال ‪ " :‬كان علي رضي ال عنه يكبر على أهل بدر ستا ‪،‬وعلى أصحاب‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم خمسا ‪ ،‬وعلى سائر الناس أربعا "‪.‬أخرجه الطحاوي والدار قطني (‪ )191‬ومن‬
‫طريقه البيهقي (‪ )4/37‬وسنده صحيح رجاله ثقات كلهم ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬عن موسى بن عبد ال بن يزيد ‪ " .‬أن عليا صلى على أبي قتادة فكبر عليه سبعا‪ ،‬وكان‬
‫بدريا "أخرجه الطحاوي والبيقهي (‪ )4/36‬بسند صحيح على شرط مسلم ‪ -‬لكن أعله البيهقي بقوله ‪ " :‬إنه غلط ‪ ،‬لن أبا قتادة‬
‫رضي ال عنه بقي علي رضي ال عنه مدة طويلة "‪.‬ورده الحافظ في " التلخيص" (‪ )1665‬بقوله ‪ ":‬قلت ‪ :‬وهذه علة غير قادحة‬
‫‪ ،‬لنه قد قيل ‪ :‬إن أبا قتادة مات في خلفه علي ‪،‬وهذا هو الراجح وسبقه إلى هذا ابن التركماني في " الجوهر النقي " فراجعه‪.94‬‬
‫د ‪ -‬وأما التسع ‪ ،‬ففيه حديثان ‪:‬‬
‫الول ‪:‬عن عبد ال بن الزبير‪ ":‬أن النبي صلى ال عليه وسلم صلى على حمزة فكبر عليه تسع‬
‫‪95‬‬
‫تكبيرات‪ . " ..‬وقد مضى بتمامه وتخريجه في ( الثاني ) من المسألة ( ‪ () 59‬ص ‪.) 82‬‬
‫الثاني ‪ :‬عن عبد ال بن عباس قال ‪":‬لما وقف رسول ال صلى ال عليه وسلم على حمزة‪ ...‬أمر‬
‫به فهيى إلى القبلة ‪ ،‬ثم كبر عليه تسعا‪" ...‬وتقدم أيضا في المسألة ( ‪) 69‬الحديث الثاني‪(،‬ص ‪. )104‬‬
‫‪ - 76‬ويشرع له أن يرفع يديه في التكبيرة الولى ‪ ،‬وفيه حديثان ‪:‬‬

‫‪ 93‬أي حددتهم لنا عددا مخصوصا ‪ ،‬كما يستفاد من " النهاية " وعليه فقوله في آخر الثر " ول عدد " تفسير وبيان لقوله " ل وقت " ‪.‬‬
‫‪ 94‬قلت ‪ :‬فهذه آثار صحيحه عن الصحابة تدل على أن العمل بالخمس والست تكبيرات الستمر إلى ما بعد النبي صلى ال عليه وسلم خلفا لمن ادعى الجماع‬
‫على الربع فقط ‪ ،‬وقد حقق القول في بطلن هذه الدعوى ابن حزم في " المحل " ( ‪. ) 125 - 124 / 5‬‬
‫‪ 95‬وهذا العدد هو أكثر ما وقفنا عليه في التكبير على الجنازة ‪ ،‬فيوقف عنده ول يزاد عليه ‪ ،‬وله أن ينقص منه إلى الربع وهو أقل ما ورد ‪ .‬قال ابن القيم في "‬
‫زاد المعاد " بعد أن ذكر بعض ما أوردناه من الثار والخبار ‪ " :‬وهذه آثار صحيحة ‪ ،‬فل موجب للمنع منها ‪ ،‬والنبي صلى ال عليه وسلم لم يمنع مما زاد‬
‫على الربع ‪ ،‬بل فعله هو وأصحابه من بعده " ‪ .‬قلت ‪ :‬وقد استدل المانعون من الزيادة على الربع بأمرين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬الجماع ‪ ،‬وقد تقدم بيان خطأ ذلك ‪ .‬الثاني ‪ :‬ما جاء في بعض الحاديث " كان آخر ما كبر رسول ال صلى ال عليه وسلم على الجنازة أربعا " ‪.‬‬
‫والجواب ‪ :‬أنه حديث ضعيف ‪ ،‬له طرق بعضا أشد ضعفا من بعض ‪ ،‬فل يصلح التمسك به لرد الثابت عنه صلى ال عليه وسلم بالسانيد الصحيحة المستفيضة‬
‫‪ ،‬قال الحافظ في " التلخيص " ( ‪ ) 167 / 5‬ومن قبله الحازمي في " العتبار " ( ص ‪ ) 95‬والبيهقي في " السنن " ( ‪ " : ) 3 / 74‬روى من غير وجه كلها‬
‫ضعيفة " ‪ .‬وأما ما جاء في " المجمع " ( ‪ " : ) 35 / 3‬وعن ابن عباس رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم صلى على قتلى أحد فكبر تسعا تسعا‬
‫‪ ،‬ثم سبعا سبعا ‪ ،‬ثم أربعا أربعا حتى لحق بال ‪ .‬رواه الطبراني في الكبير والوسط وإسناده حسن " ‪ .‬فهو مردود من وجهين ‪ :‬الول ‪ :‬أنه مخالف لقول الحافظ‬
‫ابن حجر ومن قبله من الئمة الذين صرحوا بأن طرق الحديث كلها ضعيفة الثاني ‪ :‬أن الحديث أخرجه الطبري في " المعجم الكبير ( ‪ ) 2 / 120 / 3‬وإسناده‬
‫هكذا ‪ :‬حدثنا أحمد بن القاسم الطائي بشر بن الوليد الكندي ثنا أبو يوسف القاضي حدثني نافع بن عمر قال سمعت عطاء بن أبي رباح عن يحدث ابن عباس به ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا إسنداد ل يحسن مثله فإن فيه ثلث فيه ثلث علل ‪:‬‬
‫الولى ‪ :‬أبو يوسف القاضي وهو يعقوب بن إبراهيم ضعفه ابن المبارك وغيره ووصفه القلس بأنه كثير الخطأ ‪ .‬الثانية ‪ :‬ضعف بشير بن الوليد الكندي ‪ ،‬فانه‬
‫كان قد خوف ‪ .‬الثالثة ‪ :‬المخالفة في سنده فقد أخرجه الطبراني ( ‪ ) 1 / 119 / 3‬والحازمي في العتبار " ( ‪ ) 95‬عن جماعة قالوا عن نافع أبي هرمز عن‬
‫عطاء عن ابن عباس به إلى أن قال ‪ " :‬أهل بدر " بدل " بدل " فتلى أحده ‪ ،‬وهكذا أورده الهيثمي وقال ‪ " :‬وفيه نافع أبو هرمز وهو ضعيف " ‪ .‬قلت ‪ :‬بل هو‬
‫ضعيف جدا ‪ ،‬كذبه ان بن معين ‪ ،‬وقال أبو حاتم ‪ " :‬متروك ‪ ،‬ذاهب الحديث " ‪ .‬قلت ‪ ،‬فهو آفة الحديث ‪ ،‬وهو الذي رواه عن عطاء ‪ ،‬وما وقع في الطريق‬
‫الول أنه نافع بن عمر ‪ -‬وهو ثقة ‪ -‬وهم من بعض رواته والراجح أنه الكندي الذي كان خرف كما عرفت ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الول ‪ :‬عن أبي هريرة ‪ " :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم كبر على جنازة فرفع يديه في‬
‫أول تكبيرة ‪ ،‬ووضع اليمنى على اليسري " ‪ .‬أخرجه الترمذي(‪)2/165‬والدار قطني (‪ )192‬والبيهقي (‪.)284‬‬
‫وأبو الشيخ في " طبقات الصبهانيين" (ص ‪ )262‬بسند ضعيف ‪ ،‬لكن يشهد له الحديث التي وهو‬
‫الثاني ‪ :‬عن عبد ال بن عباس " أن رسول ال كان يرفع يديه على الجنازة في أول تكبيرة ‪ ،‬ثم‬
‫ل يعود " ‪.‬أخرجه الدار قطني بسند رجاله ثقات غير الفضل بن السكن فإنه مجهول ‪ ،‬وسكت‬
‫عنه ابن التركماني في " الجوهر النقي " (‪! )4/44‬‬
‫ثم قال الترمذي عقب الحديث الول ‪ :‬هذا حديث غريب ‪ ،‬واختلف أهل العلم في هذا‪،‬فرأى أكثر‬
‫أهل العلم من أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم وغيرهم أن يرفع الرجل يديه في كل تكبيرة ‪،‬‬
‫وهو قول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق ‪ .‬وقال بعض أهل العلم ‪ :‬ل يرفع يديه إل في‬
‫أول مرة ‪ ،‬وهو قول الثوري وأهل الكوفة ‪ ،‬وذكر عن ابن المبارك أنه قال في الصلة على‬
‫الجنازة ‪ :‬ل يقبض بيمينه على شماله ‪ ،‬ورأي بعض أهل العلم أن يقبض على شماله كما يفعل‬
‫في الصلة "‪.‬وفي المجموع " للنووي (‪" :)5/232‬قال ابن المنذري في كتابه "الشراف والجماع "‪:‬‬
‫أجمعوا على أنه يرفع في أول تكبيرة ‪ ،‬واختلفوا في سائرها "‪.96‬‬
‫‪ -77‬ثم يضع يده اليمني على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد ‪ ،‬ثم يشد بينهما على صدره ‪،‬‬
‫وفي ذلك أحاديث لبد أن أذكر بعضها ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن أبي هريرة مرفوعا في حديثه المتقدم آنفا ‪.." :‬ووضع اليمني على اليسري "‪ .‬وهو‬
‫وإن كان ضعيف السناد ‪ ،‬فإن معناه صحيح بشهادة الحاديث التية فإنها بإطلقها تشمل صلة‬
‫الجنازة كما تشمل كل ما سوى المكتوبات من الصلوات كالستسقاء والكسوف وغيرها ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬عن سهل بن سعد قال ‪ " :‬كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد على ذراعة اليسري‬
‫في الصلة " أخرجه مالك في " الموطأ " (‪ )1/174‬ومن طريقه البخار (‪)2/178‬والسياق له‪،‬وكذا المام محمد في " الموطأ "‬
‫(‪ )156‬وأحمد (‪ )5/336‬والبيهقي ( ‪. ) 28 / 2‬‬
‫الثالث ‪ :‬عن ابن عباس رضي ال عنه قال ‪ :‬سمعت نبي ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ " :‬إنا‬
‫معشر النبياء أمرنا بتعجيل فطرنا ‪ ،‬وتأخير سحورنا ‪،‬وأن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلة‬
‫" ‪ .‬أخرجه ابن حبان في " صحيحه " (‪-885‬موارد) والطبراني في " الكبير " وفي " الوسط "(‪)1-1/10‬ومن طريقهما الضياء‬
‫المقدسي في " المختارة " (‪ . )1/174( . )63/10/2‬وله طريق أخرى عن ابن عباس ‪ .‬أخرجه الطبراني في " الكبير " والضياء‬
‫المقدسي بسند صحيح ‪ ،‬وله شواهد ذكركتها في تخريج كتابنا " صفة صلة النبي صلى ال عليه وسلم " ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬عن طاووس قال ‪ " :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يضع اليمني على يده اليسري‬
‫‪ ،‬ثم يشد بهما على صدره وهو في الصلة " ‪ .‬أخرجه أبو داود (‪ )1/121‬بسند جيد عنه‪ .‬وهو وإن كان‬
‫مرسل فهو حجة عند الجميع ‪،‬أما من يحتج منهم بالمرسل إطلقا فظاهر ‪ -‬وهم جمهور‬
‫العلماء ‪ ،‬وأما من ل يحتج به إل إذا روى موصول ‪ ،‬أو كان له شواهد ‪ ،‬فلن لهذا شاهدين ‪:‬‬

‫‪ 96‬قلت ‪ :‬ولم نجد في السنة ما يدل على مشروعية الرفع في غير التكبيرة الولى ‪ ،‬فل نرى مشرعية ذلك ‪ ،‬وهو مذهب الحنفية وغيرهم ‪ ،‬واختاره الشوكاني‬
‫وغيره من المحققين ‪ ،‬وإليه ذهب ابن حزم فقال ‪ " : )128 /5( :‬وأما رفع اليدي فإنه لم يأت عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه رفع في شئ من تكبيرة الجنازة‬
‫إل في أول تكبيرة فقط ‪ ،‬فل يجوز فعل ذلك ‪ ،‬لنه عمل في الصلة لم يأت به نص ‪ ،‬وإنما جاء عنه عليه السلم أنه كبر ورفع يديه في كل خفض ‪ ،‬ورفع ‪،‬‬
‫وليس فيها رفع وخفض ‪ ،‬والعجب من قول أبي حنيفة برفع اليدي في كل تكبيرة في صلة الجنازة‪،‬ولم يأت قط عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ومنعه من رفع‬
‫اليدي في كل خفض ورفع في سائر الصلوات ‪ ،‬وقد صح عن النبي صلى ال عليه وسلم " ‪ .‬قلت ‪ :‬وما عزاه إلى أبي حنيفة روى في كتب الشراح من‬
‫الحنفية ‪ ،‬فل تغير بما جاء في الحاشية على "نصب الراية (‪ )2/285‬من التعجب من هذا ‪ . .‬العزو وهو اختيار كثير من أئمة بلخ منهم كما في " المبسوط "‬
‫للسرخسي ( ‪ ، ) 64 / 2‬لكن العمل عند الحنفية على خلف ذلك ‪ ،‬وهو الذي جزم به السرخسي ‪،‬ولكنهم يرون رفع اليدي في تكبيرات الزوائد في صلة‬
‫العيدين مع أنها ل أصل لها أيضا عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ! وانظر " المحلى " ( ‪ . )83 / 5‬نعم روى البهقي (‪ )4/44‬بسند صحيح عن ابن عمر أنه‬
‫كان يرفع يديه على كل تكبيرة من تكبيرات الجنازة ‪ .‬فمن كان يظن أنه ل يفعل ذلك إل بتوقيف من النبي صلى ال عليه وسلم‪،‬فله أن يرفع‪،‬وقد ذكري‬
‫السرخسي عن ابن عمر خلف هذا‪،‬وذلك مما ل نعرف له أصل له أصل في كتب الحديث‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫الول ‪ :‬عن وائل بن حجر‪،:‬أنه رأى النبي صلى ال عليه وسلم يضع يمينه على شماله ثم‬
‫وضعهما على صدره "‪.‬رواه ابن خزيمة في صحيحه كما في" نصب الراية "(‪،)1/314‬وأخرجه البيهقي في سننه(‪)2/30‬‬
‫من طريقين عنه يقوي أحدهما الخر‬
‫الثاني ‪:‬عن قبيصة بن هلب عن أبيه قال‪:‬رأيت النبي صلى ال عليه وسلم ينصرف عن يمينه‬
‫وعن يساره ‪،‬ورأيته ‪ -‬قال ‪ -‬يضع هذه على صدره‪ ،‬وصف يحيى(هو ابن سعيد) اليمني على‬
‫اليسري فوق المفصل"‪.‬أخرجه أحمد (‪ )5/226‬بسند رجاله ثقات رجال مسلم غير قبيصة هذا‪،‬وقد وثقه العجلي وابن حبان‬
‫‪ ،‬لكن لم يرو عنه‪،‬غير سماك بن حرب وقال ابن المديني والنسائي "مجهول "وفي" التقريب" أنه مقبول‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬فمثله حديثه حسن في الشواهد ‪ ،‬ولذلك قال الترمذي بعد أن خرج له من هذا الحديث أخذ‬
‫الشمال باليمين ‪:‬‬
‫" حديث حسن " ‪.‬‬
‫فهذه ثلثة أحاديث في أن السنة الوضع على الصدر‪ .‬ول يشك من وقف على مجموعها في أنها‬
‫صالحة للستدلل على ذلك‪.‬وأما الوضع تحت السرة فضعيف اتفاقا كما قال النووي والزيلعي‬
‫وغيرهما ‪ :‬وقد بينت ذلك في التخريج المشار إليه آنفا ‪.‬‬
‫‪97‬‬
‫‪ -78‬ثم يقرأ عقب التكبيرة الولى فاتحة الكتاب وسورة لحديث طلحة بن عبد ال بن عوف قال‬
‫‪ :‬صليت خلف ابن عباس رضي ال عنه على جنازة ‪،‬فقرأ بفاتحة الكتاب ( وسورة ‪ ،‬وجهر‬
‫حتى أسمعنا ‪ ،‬فلما فرغ أخذت بيده ‪ ،‬فسألته ؟ فـ ) قال ‪ ( :‬إنما جهرت ) لتعلموا أنا سنة‬
‫( وحق ) " ‪.‬أخرجه البخاري (‪ )3/158‬وأبو داود (‪ )2،68‬والنسائي (‪ )1/281‬والترمذي (‪ )2/142‬وابن الجارود في "‬
‫المنتفى " (‪ )264‬والدار قطني (‪ )191‬والحاكم (‪. )386-1/358‬‬
‫والسياق للبخاري ‪ ،‬والزيادة الولى للنسائي‪،‬وسندها صحيح ‪ ،‬ولبن الجارود منها ذكر السورة ‪،‬‬
‫ولهما الثالثة بالسند الصحيح ‪ ،‬وللحاكم الثانية من طريق أخرى عن ابن عباس بسند حسن ‪.‬‬
‫وفي الباب عن جماعة من الصحابة ‪،‬يأتي حديث أحدهم في المسألة التي بعد هذه ثم قال الترمذي‬
‫عقب الحديث ‪" :‬هذا حديث حسن صحيح‪ ،‬والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم وغيرهم ‪ ،‬يختارون أن يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الولى‪ ،‬وهو‬
‫قول الشافعي وأحمد وإسحاق ‪ ،‬وقال بعض أهل العلم ‪ :‬ل يقرأ في الصلة على الجنازة ‪،‬إنما هو‬
‫الثناء على ال‪:‬والصلة على نبيه صلى ال عليه وسلم ‪،‬والدعاء للميت ‪،‬وهو قول الثوري وغيره‬

‫‪ 97‬فيه إشارة إلى عدم مشروعية دعاء الستفتاح ‪ ،‬وهو مذهب الشافعية وغيرهم ‪ ،‬وقال أبو داود في المسائل " ( ‪ . ) 153‬سمعت أحمد سئل عن الرجل يستفتح‬
‫على الجنازة ‪ :‬سبحانك ‪ ! . . .‬قال ‪ :‬ما سمعت " ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫من أهل الكوفة "‪.98‬ثم إن الزيادة الولى في الحديث قد رواها أبو يعلى ايضا في " مسنده " كما‬
‫في " المجموع " للنووي (‪ )5/234‬وقال ‪ " :‬إسناده صحيح "‪.‬وأقره الحافظ في " التلخيص "(‪.)5/165‬‬
‫واستدل النووي بهذه الزيادة على استحباب سورة قصيرة ‪،‬وليس في الحديث ما يدل على كونها‬
‫قصيرة ‪ ،‬فلعل الدليل على ذلك ما تقدم من طلب الستعجال بالجنازة إلى قبرها‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫‪ - 79‬ويقرأ سرا ‪ ،‬لحديث أبي أمامة بن سهل قال ‪ " :‬السنة في الصلة على الجنازة أن يقرأ‬
‫في التكبيرة الولى بأم القرآن مخافتة ‪ .‬ثم يكبر ثلثا ‪ ،‬والتسليم عند الخرة "‪.‬أخرجه النسائي وغيره‬
‫بسند صحيح كما تقدم في المسألة (‪ )74‬الحديث الخامس من الفقرة (أ) ‪. )111( ،‬‬
‫‪ -80‬ثم يكبر التكبيرة‪،‬ويصلي على النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬لحديث أبي أمامة المذكور أنه‬
‫أخبره رجل من أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم‪ ":‬أن السنة في الصلة على الجنازة أن يكبر‬
‫المام ‪،‬ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الولى سرا في نفسه ‪،‬ثم يصلي على النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬ويخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات ( الثلث )‪،‬ل يقرأ في شئ منهم ‪،‬ثم يسلم سرا‬
‫في نفسه (حين ينصرف (عن يمينه)‪،‬والسنة أن يفعل من وراءه مثلما فعل إمامه)"‪.‬أخرجه الشافعي في"‬
‫الم (‪ )240-1/239‬ومن طريقه البيهقي(‪)4/39‬وابن الجارود(‪)265‬عن الزهري عن أبي أمامة وقال الزهري في آخره‬
‫" حدثني محمد الفهري عن الضحاك بن قيس أنه قال مثل قول أبي أمامة " ‪ .‬قال الشافعي رحمه‬
‫ال‪ ":‬وأصحاب النبي صلى ال عليه وسلم ل يقولن بالسنة والحق إل لسنة رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم إن شاء ال تعالى"‪ .‬وأخرجه الحاكم (‪ )1/360‬وعنه البيهقي إل أنه قال ‪ ":‬أخبرني رجال من أصحاب النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم " ‪ .‬والباقي نحوه ‪ ،‬وفيه الزيادتان ‪ .‬وزاد في إسناده الثاني " حبيب بن مسلمة " كما تقدم في رواية الطحاوي‬
‫في المسألة المشار إليه آنفا (‪. )74‬‬
‫ثم زاد الحاكم ‪ ":‬قال الزهري ‪:‬حدثني بذلك أبو أمامة وابن المسيب يسمع فلم ينكر ذلك عليه "‬
‫وقال ‪ " :‬صحيح على شرط الشيخين "ووافقه الذهبي وهو كما قال ‪ .‬وظاهر قوله بعد أن ذكر‬
‫القراءة " ثم يصلى على النبي صلى ال عليه وسلم إنما تكون بعد التكبيرة الثانية لقبلها ‪ ،‬لنه لو‬
‫كان ها لم تقع في التكبيرات بل قبلها ‪ ،‬كما هو واضح ‪ ،‬وبه قالت الحنفية والشافعية وغيرهم ‪،‬‬
‫خلفا لبن حزم ( د‪ )129/‬والشوكاني ( ‪. )3/53‬‬
‫‪ 98‬قلت ‪ :‬وهذا الحديث وما في معناه حجة عليهم ‪ ،‬ل يقال ‪ :‬ليس فيه التصريح بنسبة ذلك إلى النبي صلى ال عليه وسلم لننا نقول ‪ :‬أن قول الصحابي من السنة‬
‫كذا ‪ .‬مسند مرفوع إلى النبي صلى ال عليه وسلم على أصح القوال حتى عند الحنفية ‪ ،‬بل قال النووي في ‪ " ،‬المجموع " ( ‪ " : ) 232 / 5‬إنه المذهب‬
‫الصحيح الذي قاله جمهور العلماء من أصحابنا في الصول وغيرهم من الصوليين والمحدثين " ‪ .‬قلت وبهذا جزم المحقق ابن الهمام في " التحرير " ‪ ،‬وقال‬
‫شارحه ابن أمير حاج ( ‪ " : ) 224 / 2‬وهذا قول أصحابنا المتقدمين ‪ ،‬وبه أخذ صاحب الميزان والشافعية وجمهور المحدثين " ‪ .‬قلت ‪ :‬وعليه فمن العجائب أن‬
‫ل يأخذ الحنفية بهذا الحديث مع صحته ومجيئه من غير ما وجه ‪ ،‬ومع صلحيته لثبات السنة على طريقتهم وأصولهم ! فقال المام محمد في " الموطأ‬
‫" ( ص ‪ " : ) 175‬ل قراءة على الجنازة ‪ ،‬وهو قول أبي حنيفة " ‪ .‬ومثله في " المبسوط " للسرخسي ( ‪ . ) 64 / 2‬ولما رأي بعض المتأخرين منهم بعد هذا‬
‫القول عن الصواب ‪ ،‬ومجافاته عن الحديث ‪ ،‬قال بجواز قراءة الفاتحة بشرط أن ينوي بها الدعاء والثناء على ال ! وإنما اشترطوا ذلك توفيقا منهم ‪ -‬بزعمهم ‪-‬‬
‫بين الحديث وقول إمامهم ‪ ،‬فكأن قوله حديث آخر صحيح ‪ ،‬ينبغي قرنه مع الحديث الصحيح ثم الجمع بينهما ! ومع أن‬
‫أن هذا الشرط باطل في نفسه لعدم وروده ‪ ،‬فإنه يبطله ثبوت قراءة السورة مع الفاتحة في الحديث وهي مطلقة ل يمكن اشتراط ذلك الشرط فيها أيضا ! وعندهم‬
‫عجيبة أخرى ! وهي قولهم " أن قراء سبحانك ‪ -‬بعد التكبيرة الولى من سنن الصلة على الجنازة " ! مع أنه ل أصل لذلك في السنة كما تقدم التنبيه على ذلك‬
‫في الحاشية ( ص ‪ ، ) 119‬فقد جمعوا بين إثبات مال أصل له في السنة وإنكار مشروعية ما ورد فيها ! ! فإن قلت ‪ :‬قد قال المحقق ابن الهمام في " فتح القدير‬
‫" ( ‪ " : ) 459 / 1‬قالوا ‪ :‬ل يقرأ الفاتحة ‪ ،‬إل أن يقرأها بنية الثناء ‪ ،‬ولم تثبت القراءة عن رسول ال صلى ال عليه وسلم " ‪ .‬فأقول ‪ :‬وهذا القول من مثل هذا‬
‫المحقق أعجب من كل ما سبق ‪ ،‬فإن ثبوت القراءة عنه صلى ال عليه وسلم مما ل يخفى على مثله مع وروده في " صحيح البخاري " وغيره مما سبق بيانه ‪،‬‬
‫ولذلك فإنه يغلب على الظن أنه يشير بذلك إلى أن الحديث ل ينهض دليل على إثبات القراءة لقوله فيه " سنة " بناء على الخلف الذي سبق أن ذكرناه ‪ ،‬فإن‬
‫كان المبر كما فهذه عجبية أخرى ‪ ،‬فإن مذهبه أو قول الصحابي سنة في حكم المسند المرفوع إلى النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬كما تقدم نقله من كتابه " التحير‬
‫" ‪ ،‬وقد جروا على ذلك في فروعهم ‪ ،‬فخذ مثل على ذلك المسألة التية ‪ .‬قال في " الهداية " ‪ " .‬إذا حملوا الميت على السرير أخذوا بقوائمه الربعة ‪ ،‬بذلك‬
‫وردت السنة ‪ ،‬وقال الشافعي ‪ :‬السنة أن فقال ابن الهمام في صدد الرد على ما نسبوه إلى الشافعي ‪:‬‬
‫" قد صح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم خلف ما ذهبوا إليه " ‪ .‬ثم ساق من طريق أبي عبيدة عن أبيه عبد ال بن مسعود قال ‪ " :‬من اتبع الجنازة فليأخذ‬
‫بجوانب السرير كلها فإنه من السنة " ‪ .‬رواه ابن ماجه ( ‪ ) 451 / 1‬والبيهقي ( ‪ ، ) 20 - 194‬قال ابن همام ‪ " :‬فوجب الحكم بأن هذا هو السنة ‪ ،‬وإن خلفه‬
‫إن تحقق من بعض السلف فلعارض " ‪ .‬فانظر كيف جعل قول ابن مسعود " من السنة " في حكم المرفوع ‪ ،‬ولم يجعل قول ابن عباس كذلك ! فهل مصدر هذا‬
‫التناقض السهو أم التعصب للمذهب عفانا ال منه ؟ ! وهذا على فرض صحة ذلك عن ابن مسعود ‪ ،‬فكيف وهو غير صحيح ‪ ،‬لنه منقطع ‪ ،‬أبو عبيدة لم يدرك‬
‫أباه كما في " الجوهر النقي " للتركماني الحنفي ولذلك أعرضت عن إيراد هذه السنة المزعومة في كتابنا هذا ‪ ،‬كما أعرضنا عن مقابلها المنسوب للشافعي لعدم‬
‫وروده‬

‫‪62‬‬
‫وأما صيغة الصلة على النبي صلى ال عليه وسلم في الجنازة فلم أقف عليها في شئ من‬
‫الحاديث الصحيحة‪،99‬فالظاهر أن الجنازة ليس لها صيغة خاصة ‪ ،‬بل يؤتى فيها بصيغة من‬
‫الصيغ الثابتة في التشهد في المكتوبة‪.100‬‬
‫‪ -81‬ثم يأتي ببقية التكبيرات ‪،‬ويخلص الدعاء فيها للميت ‪،‬لحديث أبي أمامة المتقدم انفا ‪،‬وقوله‬
‫‪101‬‬
‫صلى ال عليه وسلم‪":‬إذا صليتم على الميت ‪ ،‬فأخلصوا له الدعاء" أخرجه أبو داود (‪ )2/68‬وابن ماجه (‪1‬‬
‫‪)/456‬وابن حبان في " صحيحه " و (‪-754‬موارد) والبيهقي (‪ )4/40‬من حديث أبي هريرة وصرح ابن اسحاق بالتحديث عند‬
‫ابن حبان ‪.‬‬
‫‪ - 82‬ويدعوا فيها بما ثبت عنه صلى ال عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول‪":‬‬
‫اللهم اغفر له وارحمه ‪ ،‬وعافه واعف عنه‪ ،‬وأكرم نزله ‪ ،‬ووسع مدخله‪،‬واغسله بالماء والثلج‬
‫والبرد‪،‬ونقه من الخطايا كما نقيت ( وفي رواية ‪:‬كما ينقي الثوب البيض من الدنس ‪،‬وأبدله دارا‬
‫خيرا من داره ‪ ،‬وأهل خيرا من أهله ‪ ،‬وزوجا ( وفي رواية ‪ :‬زوجة) خيرا من زوجه ‪ ،‬وأدخله‬
‫الجنة ‪ ،‬وأعذه من عذاب القبر ‪،‬ومن عذاب النار‪،‬قال ‪:‬فتمنيت أن أكون أنا ذلك الميت"‪.‬أخرجه مسلم‬
‫(‪ )60-3/59‬والنسائي (‪ )1/271‬وابن ماجه (‪ )1/4256‬وابن الجارود (‪ )265 -264‬والبيهقي (‪ )4/40‬والطيالسي (‪)999‬‬
‫وأحمد (‪6/23‬و ‪ )28‬والسياق لمسلم ‪ ،‬والرواية الثانية له في رواية ‪ ،‬وهي لسائرهم إل أحمد ‪ ،‬وله والبيهقي الرواية الثالثة ‪.‬‬
‫وفي رواية ابن ماجه والطيالسي أن الميت كان رجل من النصار‪،‬لكن في سندها فرج بن فضالة وهو ضعيف عن عصمة بن‬
‫راشد وهو مجهول ‪.‬‬
‫والحديث أخرجه الترمذي (‪ )2/141‬مختصرا وقال ‪ " :‬حديث حسن صحيح ‪ ،‬وقال محمد بن اسماعيل ‪ -‬يعني البخاري ‪ -‬أصح‬
‫شئ في هذا الباب هذا الحديث " ‪.‬‬
‫الثاني ‪:‬عن أبي هريرة رضي ال عنه‪.‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم " كان إذا صلى على‬
‫جنازة يقول‪:‬اللهم اغفر لحينا وميتنا‪،‬وشاهدنا وغائبنا ‪ ،‬وصغيرنا وكبيرنا ‪ ،‬وذكرنا وأنثانا ‪ ،‬اللهم‬
‫من أحييته منا فأحيه على السلم ‪ ،‬ومن توفيته منا فتوفه على اليمان ‪ ،‬اللهم ل تحرمنا أجره ‪،‬‬
‫ول تضلنا بعده " ‪ .‬أخرجه ابن ماجه (‪ )1/456‬والبيهقي (‪ )4/41‬من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة عنه ‪.‬‬
‫وأبو داود (‪ )2/68‬والترمذي (‪ )2/141‬وابن حبان في صحيحه (‪-757‬موارد) والحاكم (‪ )358 /1‬والبيهقي أيضا وأحمد (‬
‫‪)2/368‬من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة به نحوه ‪ ،‬دون قوله " اللهم ل تحرمنا‪ " ...‬فهي عند أبي داود وحده ‪،‬‬
‫وصرح يحيى بالتحديث عند الحاكم ثم قال ‪ " :‬صحيح على شرط الشيخين "‪.‬ووافقه الذهبي ‪ ،‬وهو كما قال‪،‬وأعل بما ل يقدح ‪.‬‬
‫وليحبي فيه إسناد ان آخران ‪،‬عند أحمد (‪ )4/170،308‬والبيهقي ‪ .‬وللحديث شاهد من حديث ابن عباس نحوه ‪ .‬رواه الطبراني‬
‫في " الكبير " ‪.‬‬
‫الثالث ‪:‬عن واثلة بن السقع قال‪":‬صلى رسول ال صلى ال عليه وسلم على رجل من المسلمين‪،‬‬
‫فأسمعه يقول‪ :‬اللهم إن فلن ابن فلن في ذمتك وحبل جوارك ‪ ،‬فقه فتنة القبر ‪،‬وعذاب النار ‪،‬‬
‫وأنت أهل الوفاء والحق ‪،‬فاغفر له وارحمه‪،‬إنك الغفور الرحيم"أخرجه أبو داود(‪)2/68‬وابن ماجه (‪)1/456‬‬
‫وابن حبان في صحيحه (‪ )758‬وأحمد(‪ )3/471‬بإسناد صحيح إن شاء ال تعالى ‪،‬وقد أورده ابن القيم فيما حفظ من دعائه صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ ،‬وسكت عليه النووي في " المجموع " ‪.‬‬

‫‪ 99‬روى عن ابن مسعود صيغة قريبة من الصلة البراهيمية ‪ ،‬لكن سندها ضعيف جدا ‪ ،‬فل يشتغل به ‪ ،‬وقد ساقها السخاوي في " القول البديع " ص ( ‪- 153‬‬
‫‪ ) 154‬وابن القيم في " جلء الفهام " ‪ ،‬وقال ( ‪ " : ) 255‬فالمستحب أن يصلي عليه صلى ال عليه وسلم في الجنازة كما يصلي عليه في التشهد لن النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم علم ذلك أصحابه لما سألوه عن كيفية الصلة عليه "‬
‫‪ 100‬وهي سبع صيغ أوردتها في " صفة صلة النبي صلى ال عليه وسلم " ‪ .‬وقد طبعه المكتب السلمي ‪ ،‬الطبعة الثالثة وفيها زيادات هامة ‪ .‬ثم طبع الطبعة‬
‫الرابعة‬
‫‪ 101‬قال السندي ‪ :‬أي خصوه بالدعاء ‪ ،‬وقال المناوي ‪ " :‬إي ادعوا له بإخلص وحضور قلب ‪ ،‬لن المقصود بهذه الصلة إنما هو الستغفار والشفاعة للميت ‪،‬‬
‫وإنما يرجي قبولها عند توفر الخلص والبتهال ‪ ،‬ولهذا شرع في الصلة عليه من الدعاء ما لم يشرع مثله في الدعاء للحي ‪ ،‬قال ابن القيم ‪ :‬هذا يبطل قول‬
‫من زعم أن الميت ل ينتفع بالدعاء " ‪ .‬قلت ‪ :‬وفي رواية الحاكم من حديث أبي أمامة المتقدم " ويخلص الصلة في التكبيرات الثلث " فالصلة هنا بمعنى‬
‫الدعاء بدليل الرواية الولى " ويخلص الدعاء " لن أصل معنى الصلة في اللغة الدعاء ‪ ،‬فمن غرائب التفسير ما في " القول البديع " ( ص ‪ " ) 152‬ويخلص‬
‫الصلة أي يرفع صوته في صلته بالتكبيرات الثلث "‬

‫‪63‬‬
‫الرابع ‪ :‬عن يزيد بن ركانة بن المطلب قال‪":‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا قام للجنازة‬
‫ليصلي عليها قال‪ " :‬اللهم عبدك وابن أمتك احتاج إلى رحمتك‪،‬وأنت غني عن عذابه ‪ ،‬إن كان‬
‫محسنا فزد في حسناته‪،‬إن كان مسيي ا فتجاوز عنه"‪ (.‬ثم يدعوا ما شاء ال أن يدعو)"‪.‬أخرجه الحاكم‬
‫(‪ )1/359‬وقال ‪" :‬إسناده صحيح ‪،‬ويزيد بن ركانة وأبو ركانة صحابيان "‪.‬ووافقة الذهبي ‪ ،‬ورواه الطبراني في " الكبير" بالزيادة‬
‫كما في " المجمع "(‪)4/33/34‬وابن قانع كما في " الصابة "‪.‬‬
‫وله شاهد من طريق سعيد المقبري أنه سأل أبا هريرة ‪:‬كيف تصلي على الجنازة فقال ‪ :‬أنا لعمر‬
‫ال أخبرك ‪،‬أتيعها من أهلها ‪،‬فإذا وضعت كبرت وحمدت ال ‪،‬وصليت على نبيه ‪،‬ثم أقول‪ :‬اللهم‬
‫إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك‪:‬كان يشهد أن ل إله أل أنت‪،‬وأن محمدا عبدك ورسولك‪ ،‬وأنت‬
‫أعلم به ‪،‬اللهم إن كان محسنا فزد في حسناته‪،‬وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته ‪،‬اللهم ل تحرمنا‬
‫أجرة‪،‬ول تفتنا بعده "‪.‬أخرجه مالك(‪)227-1‬وعنه محمد بن الحسن(‪ )165-164‬وإسماعيل القاضي في " فضل الصلة‬
‫صلى ال عليه وسلم " رقم ‪27 )93( 5‬وسنده موقوف صحيح جدا ‪ ،‬وقد ساق الهيثمي منه الدعاء مرفوعا من حديث أبي هريرة‬
‫وقال ‪:‬رواه أبو يعلى ورجاله ورجال الصحيح " ‪.‬وقد تقدم بلفظ آخر فيه الجملة الخيرة منه ‪،‬وهو النوع( الثاني ) ( ص ‪) 124‬‬
‫‪- 83‬والدعاء بين التكبيرة الخيرة والتسليم مشروع ‪ ،‬لحديث أبي يعفور عن عبد ال بن أبي‬
‫أوفى رضي ال عنه قال ‪ " :‬شهدته وكبر على جنازة أربعا ‪ ،‬ثم قام ساعة ‪ -‬يعني ‪ -‬يدعوا ‪ ،‬ثم‬
‫قال‪:‬أتروني كنت أكبر خمسا؟ قالوا‪:‬ل‪،‬قال‪:‬إن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان يكبر أربعا "‬
‫‪.‬أخرجه البيهقي (‪ )35-4‬بسند صحيح‪ .‬ثم أخرجه هو (‪ )4/42،43‬وابن ماجة (‪)1/457‬والحاكم (‪ )360 /1‬وأحمد (‪)383-4‬‬
‫من طريق إبراهيم الهجري عن أبن أبي أوفي به ‪ ،‬إل أنه أنه رفعه إلى النبي صلى ال عليه وسلم ( ‪ ،‬وزاد بعد قوله‪:‬إن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم كان يكبر أربعا ‪ :‬ثم يمكث ساعة فيقول ما شاء ال أن يقول ‪ ،‬ثم سلم " وقال الحاكم ‪:‬‬
‫" هذا حديث صحيح ‪ ،‬وابراهيم لم ينقه عليه بحجة " ‪ .‬قلت ‪ :‬بلي ‪ ،‬ولذلك تعقبه الذهبي بقوله ‪ :‬قلت ضعفوا ابراهيم " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وذلك لسوء حفظه ‪ ،‬وقد أشار إلى ذلك الحافظ بقوله في " التقريب " لين الحديث ‪ ،‬رفع موقوفات "‪.102‬‬
‫‪ - 84‬ثم يسلم تسليمتين مثل تسليمه في الصلة المكتوبة إحداهما عن يمينه‪،‬والخرى عن يساره‬
‫لحديث عبد ال بن مسعود رضي ال عنه قال‪ ":‬ثلث خلل كان رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫يفعلهن تركهن الناس‪،‬إحداهن التسليم على الجنازة مثل التسليم في الصلة " ‪.‬أخرجه البيقهي (‪)4/43‬‬
‫بإسناد حسن ‪ ،‬وقال النووي (‪": )5/239‬إسناد جيد" وفي " مجمع الزوائد " (‪ " :)3/34‬رواه الطبراني في " الكبير "ورجاله ثقات"‬
‫وقد ثبت في " صحيح مسلم " وغيره عن ابن مسعود أن النبي صلى ال عليه وسلم كان يسلم‬
‫تسليمتين في الصلة ‪ ،‬فهذا يبين أن المراد بقوله في الحديث الول ‪ ":‬مثل التسليم في الصلة "‬
‫أي التسليمتين المعهودتين ‪.‬ويحتمل أنه يعني بالضافة إلى ذلك أنه كان يسلم تسليمة واحدة أيضا‬
‫‪ ،‬بالنظر إلى أن ذلك كان من سنته صلى ال عليه وسلم في الصلة أيضا ‪،‬أي أنه صلى ال عليه‬
‫وسلم كان تارة يسلم تسليمتين وتارة تسليمة واحدة لكن الول أكثر ‪،‬غير أن هذا الحتمال فيه بعد‬

‫‪ 102‬فوائد ‪ :‬الولى ‪ :‬قال الحافظ في " التلخيص " ( ‪ " : ) 1825‬قال بعض العلماء اختلف الحاديث في الدعاء على الجنازة محمول على أنه كان يدعو على‬
‫ميت بدعاء ‪ ،‬وعلى آخر بغيره ‪ ،‬والذي أمر به أصل الدعاء " ‪ .‬الثانية ‪ :‬قال الشوكاني في " نيل الوطار " ( ‪ " : ) 4 55‬إذا كان المصلي عليه طفل استحب‬
‫أن يقول المصلي ‪ :‬اللهم اجعله لنا سلفا وفرطا وأجرا ‪ ،‬روى ذلك البيهقي من حديث أبي هريرة ‪ ،‬وروى مثله سفيان في " الجامعة " عن الحسن " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬حديث أبي هريرة عند البيهقي إسناده حسن ‪ ،‬ول بأس في العمل به في مثل هذا الموضع ‪ ،‬وإن كان موقوفا ‪ ،‬إذا لم يتخذ سنه ‪ ،‬بحيث يؤدي ذلك الى‬
‫الظن إنه عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬والذي أختاره أن يدعو في الصلة على الطفل بالنوع ( الثاني ) لقوله فيه ‪ " :‬وصغيرنا ‪ . . .‬اللهم ل تحرمنا أجره ‪،‬‬
‫ول تضلنا بعده " ‪ .‬وقد ذهب المام أحمد إلى استحباب الدعاء في هذا الموطن ‪ ،‬كما رواه أبو داود في " المسائل " ( ‪ ) 153‬عنه ‪ ،‬وهو مذهب الشافعية ‪،‬‬
‫واستدل لهم النووي في " المجموع " ( ‪ ) 239 /5‬بحديث الهجري المذكور أعله ‪ ، ،‬والستدلل بما قبله أقوى ‪ ،‬وهو حجة على الحنفية حيث قالوا ‪ " :‬ثم يكبر‬
‫الرابعة ويسلم من غير ذكر بينهما " ‪ .‬الثالثة ‪ :‬وذهبت الشافعية أيضا الى وجوب مطلق الدعاء ‪ ،‬للميت لحديث أبي هريرة المتقدم ‪ . . " :‬فأخلصوا له الدعاء " ‪.‬‬
‫وهذا حق ‪ ،‬ولكنهم خصوه بالتكبيرة الثالثة واعترف النووي بانه مجرد دعوى فقال ( ‪ " : ) 236 / 5‬ومحل هذا الدعا التكبيرة الثالثة ‪ ،‬وهو واجب فيها ‪ ،‬ل‬
‫يجزي في غيرها بل خلف ‪ ،‬وليس لتخصيصه بها دليل واضح ‪ ،‬واتفقوا على أنه ل يتعين لها دعاء " ‪ .‬قلت ‪ :‬لكن إيثار ما تقدم من أدعيته صلى ال عليه‬
‫وسلم على ما استحسنه بعض الناس ‪ ،‬مما ل ينبغي أن يتردد فيه مسلم ‪ ،‬فان خير الهدى هدى محمد صلى ال عليه وسلم ‪ .‬ولذلك قال الشوكاني ( ‪" : ) 55 / 4‬‬
‫واعلم أنه قد وقع في كتب الفقه ذكر أدعيه غير المأثورة عنه صلى ال عليه وسلم والتمسك بالثابت عنه أولى " ‪ .‬قلت ‪ :‬بل اعتقد أنه واجب على من كان على‬
‫علم بما ورد عنه صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فالعدول عنه حينئذ يخشي أن يحق فيه قول ال تبارك وتعالى ‪ ( :‬أتستبد لون الذي هو ادني بالذي هو خير )‬

‫‪64‬‬
‫لن التسليمة الواحدة وإن كانت ثابتة عنه ‪،‬صلى ال عليه وسلم لكن لم يروها ابن مسعود فل‬
‫يظهر أنها تدخل في قوله المذكور " مثل التسليم في الصلة "‪.‬وال أعلم ‪.‬‬
‫وللحديث شاهد‪ ،‬يرويه شريك عن إبراهيم الهجري قال‪" :‬أمنا عبد ال بن أبي أوفى على جنازة‬
‫ابنته فمكث ساعة‪ ،‬حتى ظننا أنه سيكبر خمسا ثم سلم عن يمينه وعن شماله‪،‬فلما انصرف قلنا له‬
‫‪ :‬ما هذا ؟ قال ‪:‬إني لأزيدكم على مارأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم يصنع‪،‬أو هكذا صنع‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬أخرجه البيهقي (‪ )4/43‬وسنده ضعيف من أجل الهجري كم تقدم في المسألة السابقة‬
‫وقد صح عنه من طريق أخرى بعضه مرفوعا ‪ ،‬وبعضه موقوفا ‪ ،‬كما ذكرنا هناك ‪ ،‬وروى أحمد في " مسائل أبي داود عنه " (‬
‫‪)153‬عن عطاء بن السائب قال‪:‬‬
‫" رأيت ابن أبي أوفى صلى على جنازة فسلم تسليمة (واحدة) " لكن إسناده ضعيف فيه أبو وكيع الجراح بن مليح‪،‬وهو يضعيف‬
‫واتهمه بعضهم ‪ .‬وقد ذهب لى التسليمتين الحنفية كما في " المبسوط " (‪،)2/65‬أحمد في رواية عنه كما في " النصاف "(‬
‫‪ 103)2/525‬والشافعية كما في " شرح ابن قاسم الغزي " (‪-1/431‬باجوري) وقال‪ ":‬لكن يستحب زيادة ورحمه ال وبركاته"‪.‬‬
‫‪-85‬ويجوز القتصار على التسليمة الولى فقط‪،‬لحديث أبي هريرة رضي ال تعالى عنه ‪ " :‬أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم صلى على جنازة ‪ ،‬فكبر عليها أربعا ‪ ،‬وسلم تسليمة واحدة " ‪.‬‬
‫أخرجه الدار قطني (‪ )191‬والحاكم ( ‪ )1/360‬وعنه البيهقي (‪ )4/43‬من طريق أبي العنبس عن أبيه عنه ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬واسناده حسن كما بينته في " التعليقات الجياد " ‪.‬‬
‫ويشهد له مرسل عطاء بن السائب أن رسول ال صلى ال عليه وسلم سلم على الجنازة تسليمة واحدة ‪.‬‬
‫أخرجه البيهقي معلقا‪ .‬ويقويه عمل جماعة من الصحابة به‪،‬فقد قال الحاكم عقبه‪ ":‬قد صحت الرواية فيه عن علي بن أبي طالب‪،‬‬
‫وعبد ال بن عمر‪ ،‬وعبد ال ابن عباس‪،‬وجابر بن عبد ال‪،‬وعبد ال‪،‬وعبد ال بن أبي أوفى‪،‬وأبي هريرة أنهم كانوا يسلمون على‬
‫الجنازة تسليمه واحدة " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وقد وافقه الذهبي‪،‬وأسند البيهقي غالب هذه الثار‪،‬وزاد فيهم "واثلة ابن السقع وأبي إمامة وغيرهم "‪.‬وفي اطلق الصحة‬
‫على رواية ابن أبي إوفى نظر عندي ‪ ،‬لن في سندها الجراح بن مليح وهو ضعيف كما سبق قريبا ‪،‬إل أن يكون وقع للحاكم من‬
‫طريق أخرى ‪ ،‬وذلك مما ل أظنه ‪ ،‬وإلى هذه الثار ذهب المام أحمد في المشهور عنه ‪ ،‬وقال أبو داود (‪":)153‬سمعت أحمد‬
‫سئل عن التسليم على الجنازة؟قال‪:‬هكذا‪،‬ولوى عنقه عن يمينه( وقال ‪ :‬السلم عليكم ورحمة ال ) " ‪ .‬قلت وزيادة " وبركاته " في‬
‫هذه التسليمة مشروعة خلفا لبعضهم‪،‬لثبوتها في بعض طرق حديث ابن مسعود المتقدم في التسليمتين في الفريضة ‪،‬ومثلها في‬
‫هذه المسألة صلة الجنازة كما سبق‪،‬وذكر ابن قاسم الغزي في شرحه استحبابها هنا في التسليمتين ‪ ،‬ورد ذلك عليه الباجوري في‬
‫حاشيته(‪ )1/431‬فذهب إلى عدم مشروعيتها هنا ول في الفريضة والصواب ما ذكرنا ‪.‬‬
‫‪-86‬والسنة أن يسلم في الجنازة سرا‪،‬المام ومن وراءه في ذلك سواء ‪ ،‬لحديث أبي أمامة‬
‫المتقدم في المسألة بلفظ ‪" :‬ثم يسلم سرا في نفسه حين ينصرف ‪ ،‬والسنة أن يفعل من وراءه‬
‫مثلما فعل إمامة " ‪.‬وله شاهد موقوف ‪ ،‬أخرج البيهقي (‪ )4/43‬عن ابن عباس أنه ‪:‬‬
‫" كان يسلم في الجنازة تسليمة خفية " ‪ .‬وإسناده حسن ‪ .‬ثم روى عن عبد ال بن عمر أنه ‪":‬‬
‫كان إذا صلى على الجنائز يسلم حتى يسمع من يليه "‪.‬وإسناده صحيح‪.104‬‬
‫‪ - 87‬ول تجوز الصلة على الجنازة في الوقات الثلثة التي تحرم الصلة فيها إل لضرورة ‪،‬‬
‫لحديث عقبة بن عامر رضي ال عنه قال ‪ " :‬ثلث ساعات كان رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ينهانا أن نصلي فيهن ‪ ،‬أو أن نقبر فيهن موتانا ‪ :‬حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع ‪ ،‬وحين‬
‫يقوم قائم الظهرة حتى تميل الشمس ‪ ،‬وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب " ‪ .‬أخرجه مسلم (‬
‫‪ ) 208 / 2‬وأبو عوانة في صحيحه ( ‪ ) 368 / 1‬وأبو داود ( ‪ ) 66 / 2‬والنسائي ( ‪ ) 283 / 1‬والترمذي ( ‪) 144 / 2‬‬
‫وصححه ‪ ،‬وابن ماجه ( ‪ ) 463 / 1‬والبيهقي ( ‪ ) 32 / 4‬والطيالسي ( رقم ‪ ) 1001‬وأحمد ( ‪ ) 152 / 5‬من طريق علي بن‬
‫رباح عنه ‪ .‬وزاد البيهقي ‪:‬‬

‫‪ 103‬ومن المبالغات قول ابن المبارك ‪ " :‬من سلم على الجنازة بتسليمتين فهو جاهل جاهل ‪ .‬رواه أبو داود في " المسائل " (‪ )154‬بسند صحيح عنه‬
‫‪ 104‬قلت ‪ :‬وكأنه لختلف هذين الثرين اختلفت اقوال الحنابلة في هذه المسألة ‪ ،‬فجاء في النصاف ( ‪ " : ) 523 / 5‬قال في " الفروع " ‪ :‬ظاهر كلم‬
‫الصحاب أن المام يجهر بالتسليم ‪ ،‬وظاهر كلم ابن الجوزي أنه يسر " ‪ .‬ثم نقل عن " المذهب " و " مسبوك الذهب " ما يشهد لكلم ابن الجوزي ‪ .‬وهو‬
‫الرجح لحديث أبي أمامة‬

‫‪65‬‬
‫" قال ‪ :‬قلت لعقبة ‪ :‬أيدفن بالليل؟قال‪:‬نعم‪،‬قد دفن أبو بكر بالليل "‪.‬وإسنادها صحيح‪.105‬‬

‫*****************************‬

‫‪ 105‬الحديث بعمومه يشمل الصلة على الجنازة ‪ ،‬وهو الذي فهمه الصحابة فروي مالك في " الموطأ " ( ‪ )228 / 1‬ومن طريقه البيهقي عن محمد بن أبي‬
‫حرملة أن زينب بنت أبي سلمة توفيت وطارق أمير المدينة ‪ ،‬فأتي بجنازتها بعد صلة الصبح ‪ ،‬فوضعت بالبقيع قال ‪ :‬وكان طارق يغلس بالصبح ‪ ،‬قال ابن‬
‫أبي حرملة‪:‬فسمعت عبد ال بن عمر يقول لهل إما أن تصلوا على جنازتكم الن‪،‬وإما أن تتركوها حتى ترتفع الشمس ‪ ،‬وسنده صحح على شرط الشيخين ‪ .‬ثم‬
‫روى مالك عن ابن عمر قال ‪ :‬يصلى على الجنازة بعد العصر وبعد الصبح إذا صليتا لوقتهما ‪ .‬وسنده صحيح أيضا‪.‬وروى البيهقي بسند جيد عن ابن جريج‬
‫أخبرني زياد أن عليا أخبره أن جنازة وضعت في مقبرة أهل البصرة حين اصفرت الشمس ‪ ،‬فلم يصل عليها حتى غربت الشمس‪:‬فأمر أبو برزة المنادي ينادي‬
‫بالصلة ثم أقامها ‪،‬فتقدم أبو برزة فصلى بهم المغرب‪،‬وفي الناس أنس بن مالك ‪ ،‬وأبو برزه من النصار من أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ثم صلوا‬
‫على الجنازة ‪.‬قال الخطابي في " المعالم " (‪ )4/327‬ما ملخصه‪:‬واختلف الناس في جواز الصلة على الجنازة والدفن في هذه الساعات الثلث‪،‬فذهب أكثر أهل‬
‫العلم إلى كراهة الصلة عليها في هذه الوقات‪،‬وهو قول عطاء والنخعي والوزاعي والثوري وأصحاب الرأي وأحمد وإسحاق ‪،‬والشافعي يرى الصلة والدفن‬
‫أي ساعة من ليل أو نهار ‪ ،‬وقول الجماعة أولى لموافقته الحديث " ‪ .‬قلت ‪ :‬ومنه تعلم أن دعوى النووي جواز هذه الصلة بالجماع ‪ .‬وهم منه رحمه ال‬

‫‪66‬‬
‫(‪)14‬‬
‫الدفن وتوابعه‬
‫‪ - 88‬ويجب دفن الميت ولو كان كافرا ‪ ،‬وفي حديثان ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن جماعة من أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم منهم أبو طلحة النصاري ‪ ،‬والسياق‬
‫له ‪ " :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجل من صناديد قريش‬
‫‪ (،‬فجروا بأرجلهم ) فقذفوا في طوى‪106‬من أطواء بدر خبيث مخبث ( بعضهم على بعض ) ‪ ( .‬إل‬
‫ما كان من أمية بن خلف فإنه انتفخ في درعه فملها ‪ ،‬فذهبوا يحركوه فتزايل‪107‬فأقروه ‪ ،‬وألقوا‬
‫عليه ماغيبه من التراب والحجارة ) ‪ ،‬وكان صلى ال عليه وسلم إذا ظهر على قوم أقام‬
‫بالعرصة‪ 108‬ثلث ليال ‪ ،‬فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد رحلها ‪ ،‬ثم مشى واتبعه‬
‫أصحابه ‪ ،‬وقالوا ‪:‬ما نرى ينطلق إل لبعض حاجته ‪ ،‬حتى قام على شفة الركي‪109‬فجعل ينادي‬
‫بأسمائهم وأسماء آبائهم ( وقد جيفوا ) ‪ (:‬يا أبا جهل بن هشام ويا عتبة بن ربيعة‪،‬ويا شيبة بن‬
‫ربيعة‪ ،‬ويا وليد بن عتبة ) ‪،‬أيسر كم أنكم أطعتم ال ورسوله؟فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا‪،‬‬
‫فهل وجدتهم ما وعدكم ربكم حقا ؟ قال ‪ (:‬فسمع عمر قول النبي صلى ال عليه وسلم ) ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫يا رسول ال ال ما تكلم من أجساد ل أرواح لها ‪ ( ،‬وهل يسمعون ؟ يقول ال عزوجل ‪ :‬إنك ل‬
‫تسمع الموتي ) ‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬والذي نفسي محمد بيده ما أنتم بأسمع لما‬
‫أقول منهم‪ (،‬وال )( إنهم الن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم لهو الحق ) ‪،‬وفي رواية ‪،‬إنهم الن‬
‫ليسمعون ) (غير أنهم ل يستطيعون أن يردوا علي شيئا ‪،‬قال قتادة ‪ :‬أحياهم ال ( له )حتى أسمعهم‬
‫قوله ‪ ،‬توبيخا وتصغيرا ‪،‬ونقمة‪ ،‬وحسرة وندما " ‪ .‬قلت رواه جماعة من الصحابة ‪،‬وهذه رواية‬
‫بعضهم ‪ ،‬وهم ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أبو طلحة النصاري ‪ ،‬يرويه قتادة قال ‪ :‬ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة به ‪.‬‬
‫أخرجه البخاري (‪ )241-7/240‬واللفظ له ومسلم (‪ )8/164‬وأحمد (‪ )4/129‬والزيادة الخامسة له ‪ ،‬وهي على شرط مسلم ‪،‬‬
‫وأخرجه النسائي أيضا (‪ ، )1/293‬لكنه لم يذكر في سنده أبا طلحة ‪،‬وهو رواية لمسلم (‪ )8/163‬وأحمد (‪3/104،145،182:21‬‬
‫‪ )287 -9‬وعنده الزيادة الولى والسابعة ‪،‬وإسنادهما صحيح على شرط مسلم ‪ ،‬وعندهم ‪ -‬أعني الثلثة ‪ -‬الزيادة الرابعة‬
‫والخامسة ‪ ،‬إل أنهم قالوا ‪ " :‬أمية بن خلف " بدل " وليد بن عتبة " وهو خطأ من بعض الرواة ‪ ،‬لن أمية لم يكن في البئر كما‬
‫تدل عليه الزيادة الثانية ‪،‬وهي في حديث عائشة كما يأتي بسند حسن ‪ ،‬وعندهم أيضا الزيادة السادسة والعاشرة ‪ ،‬ولحمد الحادية‬
‫عشر ‪.‬‬
‫الثاني‪:‬عمر بن الخطاب‪ ،‬رواه عنه أنس أيضا بنحوه ‪ ،‬وفيه الزيادة الثانية‪.‬أخرجه مسلم والنسائي وأحمد‬
‫(رقم ‪. )182‬‬
‫الثالث ‪ :‬عبد ال بن عمر ‪ ،‬وله الرواية الثانية‪،‬وفيه الزيادة التاسعة ‪ .‬أخرجه البخاري (‪-7/242.242‬‬
‫‪ )243‬وأحمد (رقم ‪ )4864،4958،6145‬وفي رواية له ‪ " :‬فذكر ذلك لعائشة ‪ ،‬فقالت ‪ :‬وهل ‪ -‬يعني ابن عمر‬
‫‪ ، -‬انما قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬إنهم الن ‪ " ...‬وإسنادها حسن ‪ ،‬وفيها الزيادة‬
‫الثانية أيضا كما تقدم ‪ .‬وأعلم أن العلماء صوبوا رواية ابن عمر رضي ال عنه أن النبي صلى‬
‫ال عليه وسلم قال ‪ " :‬إنهم الن ليسمعون " ‪ ،‬وردوا قولها فيه " وهل "‪،‬لنه مثبت وهي نافية‪،‬‬
‫ولنه لم يتفرد بذلك بل تابعة أبوه عمر وأبو طلحة كما تقدم ‪ ،‬وغيرهما كما في " الفتح " فراجعه‬

‫‪ 106‬هي البئر التي طويت وثبتت بالحجارة لتثبت ول تنهار‬


‫‪ 107‬أي تفسخ وتفرقت أجزاؤه ‪.‬‬
‫‪ 108‬هي كل موضع واسع لبناء فيه ‪.‬‬
‫‪ 109‬أي طرف البئر‬

‫‪67‬‬
‫إن شئت التفصيل ‪.‬والحق أن ما رواه الجماعة صواب ‪ ،‬وما روته عائشة كذلك‪،‬وكل ثقة ول‬
‫تناقض بين الروايتن ‪ ،‬فتضم إحداهما إلى الخرى كما فعلنا في سياق الحديث‪.‬ثم أخرجه أحمد (‬
‫‪ )6/276‬وابن هشام في " السيرة " (‪)2/74‬بسند حسن‪،‬وفيه الزيادة الثالثة‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬عن علي رضي ال عنه قال ‪ " :‬لما توفي أبو طالب ‪ ،‬أتيت النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫فقلت ‪ :‬إن عمك الشيخ ( الضال ) قد مات ( فمن يواريه ؟ ) ‪ ،‬فقال ‪ :‬اذهب فواره ‪ ،‬ثم ل تحدث‬
‫شيئا حتي تأتيني ‪ ( :‬فقال ‪ :‬إنه مات مشركا‪،110‬فقال ‪:‬إذهب فواره ) قال ‪ :‬فواريته ثم أتيته ‪،‬‬
‫قال‪:‬إذهب فاغتسل ثم ل تحدث شيئا حتى تأتيني ‪ ،‬قال ‪ :‬فاغتسلت ‪ ،‬ثم أتيته ‪ ،‬قال ‪ :‬فدعا لي‬
‫بدعوات ما يسرني أن لي بها حمر النعم وسودها‪.‬قال ‪ :‬وكان علي إذا غسل الميت اغتسل " ‪.‬‬
‫أخرجه أحمد (رقم ‪ )807‬وابنه في زوائد " المسند " (رقم ‪ )1074‬من طريق أبي عبد الرحمن السلمي عنه ‪ .‬قلت ‪ :‬وسنده‬
‫صحيح ‪.‬‬
‫وأخرجه أبو داود (‪ )2/70‬والنسائي (‪ )283-1/282‬والبيهقي (‪ )3/398‬وأحمد أيضا (رقم ‪ )759‬من طريق أبي إسحاق ‪:‬‬
‫سمعت ناجية بن كعب يحدث عن علي به نحوه ‪ .‬والزيادات لحمد إل الثانية فللنسائي ‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫وإسناده صحيح أيضا ‪،‬رجاله كلهم ثقات رجال الصحيحين غير ناجية بن كعب ‪ ،‬قال العجلي في " الثقات " ‪ " :‬كوفي تابعي‬
‫ثقة " ‪ .‬وقال الحافظ في " التقريب "‪ :‬ثقة " ‪ .‬وأما قول النووي في " المجموع " ( ‪: ) 181 / 5‬‬
‫" رواه أبو داود وغيره ‪ ،‬وإسناده ضعيف " ‪ .‬فهو مردود ‪ ،‬ول ندري وجهه إل أن يريد أنه من رواية أبي إسحاق وهو السبيعي‬
‫‪ ،‬فإنه كان تغير لما كبر ‪ .‬فإن كان هذا ‪ ،‬فالجواب من وجهين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أنه من رواية سفيان الثوري عنه ‪ ،‬وهو من أثبت الناس فيه ‪ ،‬كما في " التهذيب " ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬أنه لم يتفرد به ‪ ،‬بل جاء من الطريق الولى كما سبق ‪ ،‬وكأن النووي رحمه ال لم يقف عليها أو لم يستحضرها حين‬
‫تكلم على الحديث ‪ ،‬ولعله اعتمد في تضعيفه على البيهقي ‪ ،‬فقد قال الحافظ في " التلخصى " (‪ )150-5/149‬بعد أن عزاه لحمد‬
‫وأبي داود‬
‫والنسائي وابن أبي شيبة وأبي يعلى والبزار والبيهقي من طريق أبي إسحاق‪ " ..‬ومدار كلم البيهقي على أنه ضعيف ‪ ،‬ول يتبين‬
‫وجه ضعفه ‪ ،‬وقد قال الرافعي انه حديث ثابت مشهور ‪ ،‬قال ذلك في أمالية " ‪.‬‬
‫وعزاه في " الفتح " (‪ )7/154‬لبن خزيمة أيضا وابن الجارود ‪.112‬‬
‫‪- 89‬ول يدفن مسلم مع كافر ‪،‬ول كافر مع مسلم‪،‬بل يدفن المسلم في مقابر المسلمين‪ ،‬الكافر في‬
‫مقابر المشركين ‪،‬كذلك كان المر على عهد النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬واستمر إلى عصرنا‬
‫هذا ‪ ،‬ومن الدلة على ذلك حديث بشير بن الخصاصية قال ‪ " :‬بنا أماشي رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ( آخذا بيده ) ‪ .‬فقال ‪ :‬يا ابن الخصاصية ما ( أصبحت ) تنقم على ال ؟‪113‬أصبحت‬
‫تماشي رسول ال ( قال ‪:‬أحسبه قال ‪:‬آخذا بيده) ‪،‬فقلت ‪ ( :‬يا رسول ال بأبي وأمي) ما (أصبحت)‬
‫أنقم على ال شيئا‪،‬كل خير فعل بي ال ‪ .‬فأتي على قبور المشركين فقال ‪ :‬لقد سبق هؤلء بخير‬
‫‪ 110‬هذا صريح في أن أبا طالب مات كافرا مشركا ‪ ،‬وفي الباب أحاديث كثيرة ‪ ،‬منها حديث سعيد بن حزن المتقدم في المسألة ( ‪ ، ) 60‬وقد قال الحافظ بن‬
‫شرحه له ‪ " :‬ووقفت على جزء جمعه بعض أهل الرفض أكثر فيه من الحاديث الواهية الدالة على إسلم أبي طالب ‪ ،‬ول يثبت من ذلك شئ ‪ ،‬وبال التوفيق ‪،‬‬
‫وقد لخصت ذلك في ترجمة أبي طالب من كتاب الصابة " ‪.‬‬
‫‪ 111‬رتبه العلمة علي بن عبد الكافي السبكي على حروف المعجم ‪،‬وعندنا منه نسخة منسوخة عن نسخة نسخت عن أصل محفوظ في مكتبة الوقاف السلمية‬
‫بحلب ‪ ،‬ثم قابلت نسختي بالصل ومنها نقلت وذاك شئ اخر‪.‬نعم إن ثبتت الرواية التية فل مناص من التسليم بما سبق عن الحافظ‪،‬فقد قال عقب كلمه المذكور‬
‫‪ " :‬قلت ‪ :‬وقع عند ابن أبي شيبة في مصنفه بلفظ ‪ " :‬فقلت ‪ :‬إن عمك الشيخ الكافر قد مات فما ترى فيه ؟ قال ‪ :‬أرى أن تغسله وتجنه " ‪ ،‬وقد ورد من وجه‬
‫آخر أنه غسله ‪ ،‬رواه ابن سعد عن الواقدي " ‪ .‬قلت ‪ :‬أما الواقدي فمتروك متهم بالكذب ‪ ،‬فل قيمة لزيادته ‪ ،‬وأما زيادة ابن أبي شيبة " أن تغسله " فهي منكرة‬
‫أيضا لنه أخرجها ( ‪ ) 142 / 4‬من طريق الجلح عن الشعبي مرسل ‪ .‬وهو مع إرساله فإن الجلح فيه ضعيف ‪ ،‬فل حجة في زيادته أيضا ‪.‬‬
‫‪ 112‬فائدة ‪ :‬هذا الحديث أورده البيهقي في باب المسلم يغسل ذا قرابته من المشركين ويتبع جنازته ويدفنه ول يصلي عليه " ‪ .‬وأنت ترى أنه ليس في الحديث ما‬
‫ترجم له من الغتسال فقال الحافظ تعليقا على كلمه ‪ " :‬تنبيه ‪ .‬ليس في شئ من طرق هذا الحديث التصريح بأنه غسله إل أن يؤخذ ذلك من قوله ‪ " :‬فأمرني‬
‫فاغتسلت فإن الغتسال شرع من غسل الميت ‪ ،‬ولم يشرع من دفنه ‪ .‬ولم يستدل البيهقي وغيره إل على الغتسال من غسل الميت ‪ ،‬وقد وقع عند أحمد أيضا‬
‫وابنه كما تقدم ‪ ،‬ويستغرب من الحافظ كيف خفي عليه ذلك ‪ ،‬ل سيما وهو قد عزي الحديث لحمد كما رأيت ثم إن قوله ‪ " :‬ولم يشرع الغتسال من دفنه " ‪،‬‬
‫فيه نظر ‪ ،‬لن لقائل أن يقول ‪ :‬أن الحديث ظاهر الدللة على مشروعية ذلك ‪ ،‬ول ينافيه الزيادة التي وقعت في آخر الحديث ‪ ،‬لنها جملة مستأنفة ‪ ،‬ل علقة لها‬
‫بما قبلها ‪ ،‬أعني أنه ل دليل في الحديث أن عليا إنما كان يغتسل من غسل الميت ‪ ،‬لمره صلى ال عليه وسلم إياه بالغسل في الحديث بل هذا شئ‬
‫‪ 113‬إنما قال له عليه السلم هذا لن بشيرا رضي ال عنه كان أظهر شيئا من التضجر بسبب بعده عن دار قومه فقد روى الطبراني في " الكبير " والوسط "‬
‫عن بشير نفسه قال ‪ " :‬أتيت النبي صلى ال عليه وسلم فلحقته بالبقيع فسمعته يقول ‪ :‬السلم على أهل الديار من المؤمنين وانقطع شسعي ‪ ،‬فقال ‪ :‬انعش قدمك ‪،‬‬
‫فقلت ‪ :‬يا رسول ال طالت عزوبتي ونأيت عن دار قومي فقال ‪ :‬يا بشير أل تحمد ال الذي أخذ بناصيتك من بين ربيعة ‪ ،‬قوم يرون لو ل أنهم انكفت الرض‬
‫بمن عليها ‪ .‬قال الهيثمي في " المجمع " ( ‪ : ) 60 / 3‬ورجاله ثقات "‬

‫‪68‬‬
‫كثير ‪ ،‬وفي رواية ‪:‬خيرا كثيرا) ثلث مرات‪ .‬ثم أتى على قبور المسلمين ‪،‬فقال ‪:‬لقد أدرك هؤلء‬
‫خيرا كثيرا ‪ ،‬ثلث مرات فبينما هو يمشي إذ حانت منه نظرة ‪ ،‬فإذا هو برجل يمشي بين القبور‬
‫عليه نعلن ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا حاصب السبتيتين ويحك ألق سبتيتك ‪ ،‬فنظر فل عرف الرجل رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم خلع نعليه فرمي بهما " ‪.‬أخرجه أبو داود (‪ )2/72‬والنسائي (‪ )1/288‬وابن ماجة (‪)1/474‬‬
‫وابن أبي شيبة(‪ )4/170‬والحاكم(‪ )1/373‬والسياق له ومن طريقه البيهقي(‪)4/80‬والطيالسي (‪ )1123‬وأحمد (‪)5/83،83،224‬‬
‫والزيادات له ‪،‬والثانية للبيهقي وليست في المستدرك ‪،‬وروي الطحاوي(‪)1/293‬منه قصة الرجل صاحب السبتيتين وقال الحاكم ‪:‬‬
‫" صحيح السناد " ‪ .‬ووافقه الذهبي ‪ ،‬وأقره الحافظ في " الفتح " (‪ )3/160‬وروى ابن ماجه عن عبد ال عثمان وهو البصري‬
‫شعبة أنه قال ‪ :‬حديث جيد ونقل ابن القيم في " تهذيب السنن " (‪ )4/343‬عن المام أحمد أنه قال ‪ :‬اسناده جيد ‪ .‬وقال النووي‬
‫في " المجموع " ‪ " : )5/312( :‬اسناده حسن " ‪.‬‬
‫واحتج به ابن حزم (‪ )5/142،143‬على أنه ل يدفن مسلم مع مشرك ‪ .‬وفي مكان آخر ‪ ،‬احتج به على تحريم المشي بالنعال بين‬
‫القبور كما سيأتي في التعليق على المسألة (‪. )126‬‬
‫‪ -90‬والسنة الدفن في المقبرة ‪،‬لن النبي صلى ال عليه وسلم كان يفن الموتى في مقبرة البقيع ‪،‬‬
‫كما تواترت الخبار بذلك ‪ ،‬وتقدم بعضها في مناسبات شتى أقربها حديث ابن الخصاصية الذي‬
‫سقته في المسألة السابقة ‪ ،‬ولم ينقل عن أحد من السلف أنه دفن في غير المقبرة ‪ ،‬إل ما تواتر‬
‫أيضا أن النبي صلى ال عليه وسلم دفن في حجرته ‪،‬وذلك من خصوصياته عليه السلة‬
‫والسلم‪ ،‬كما دل عليه حديث عائشة رضي ال عنها ‪ :‬قالت ‪ " :‬لما قبض رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم اختلفوا في دفنه ‪ ،‬فقال أبو بكر ‪ :‬سمعت من رسول ال صلى ال عليه وسلم شيي ا‬
‫ما نسيتة قال ‪ " :‬ما قبض ال نبيا إل في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه " ‪ ،‬فدفنوه في موضع‬
‫فراشه " ‪ .‬أخرجه الترمذي (‪ )2/129‬وقال ‪ " :‬حديث غريب ‪ ،‬وعبد الرحمن بن أبي بكر المليكي‬
‫يضعف من قبل حفظه " ‪ .‬قلت ‪ :‬لكنه حديث ثابت بما له من الطرق والشواهد ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬أخرجه ابن ماجه (‪)1/498،499‬وابن سعد(‪ )2/71‬وابن عدي في الكامل "(ق ‪)94/2‬من طريق ابن عباس عن أبي بكر ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬وابن سعد وأحمد (رقم ‪ )27‬من طريقين منقطعين عن أبي بكر ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬ورواه مالك (‪ )1/230‬وعنه ابن سعد بلغا ‪.‬‬
‫د ‪ -‬ورواه ابن سعد بسند صحيح عن أبي بكر مختصرا موقوفا ‪ ،‬وهو في حكم المرفوع ‪ ،‬وكذلك رواه الترمذي في " الشمائل‬
‫" (‪ )2/272‬في قصة وفاته صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬قال الحافظ ابن حجر (‪: )1/420‬‬
‫" واسناده صحيح ‪ ،‬لكنه موقوف ‪ ،‬والذي قبله أصرح في المقصود ‪ ،‬وإذا حمل دفنه في بيته‬
‫على الختصاص لم يبعد نهي غيره عن ذلك ‪ ،‬بل هو متجه ‪ ،‬لن استمرار الدفن في البيوت‬
‫ربما صيرها مقابر ‪ ،‬فتصير الصلة فيها مكروهة " وقد استنبط البخاري الكراهة من قوله صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ " :‬اجعلو في بيوتكم من صلتكم ‪ ،‬ول تتخذوها قبورا " ‪.‬أورده في " باب كراهية‬
‫الصلة في المقابر " من حديث ابن عمر ‪ ،‬فقال الحافظ ‪ " :‬ولفظ حديث أبي هريرة عند مسلم‬
‫أصرح من حديث الباب ‪ ،‬وهو قوله ‪ " :‬ل تجعلو بيوتكم مقابر "‪،‬فإن ظاهره يقتضي النهي عن‬
‫الدفن في البيوت مطلقا " ‪.‬‬
‫‪ - 91‬ويسثني مما سبق الشهداء في المعركة ‪ ،‬فإنهم يدفنون في مواطن استشهادهم ول ينقلون‬
‫إلى المقابر لحديث جابر رضي ال عنه قال ‪ " :‬خرج رسول ال صلى ال عليه وسلم من المدينة‬
‫إلى المشركين ليقاتلهم ‪ ،‬وقال أبي عبد ال ‪ :‬يا جابر ابن عبد ال ل عليك أن تكون في نظاري‬
‫أهل المدينة حتى تعلم إلى ما يصير أمرنا ‪ ،‬فإني وال لو ل أني أترك بنات لي بعدي لحببت أن‬
‫تقتل بين يدي ‪ ،‬قال ‪ :‬فبينما أنا في النظارين إذ جاءت عمتي بأبي وخالي عادلتهما على ناضح ‪،‬‬
‫فدخلت بهما المدينة لتدفنهما في مقابرنا ‪ -‬إذ لحق رجل ينادي ‪ :‬أل إن رسول ال صلى ال عليه‬

‫‪69‬‬
‫وسلم يأمركم أن ترجعوا بالقتلي فتدفنوها في مصارعها حيث قتلت فرجعنا بهما فدفناهما حيث‬
‫قتل "‪.‬أخرجه أحمد (‪ )398-3/397‬بسند صحيح ‪ ،‬وبعضه عند أبي داود وغيره مختصرا وقد تقدم في المسألة (‪17‬ص ‪)14‬‬
‫‪ - 92‬ول يجوز الدفن في الحوال التية إل لضرورة ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الفن في الوقات الثلثة لحديث عقبة بن عامر المتقدم ‪( ،‬ص ‪ )130‬بلفظ ‪" :‬ثلث ساعات كان‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن ‪،‬أو أن نقبر فيهن موتانا ‪،‬حين تطلع‬
‫الشمس بازغة حتى ترتفع ‪ ،‬وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس ‪ ،‬وحين تضيف الشمس‬
‫للغروب حتى تغرب " ‪ .‬والحديث ظاهر الدللة على ما ذكرنا ‪ ،‬وقد ذهب لى ذلك ابن حزم في "‬
‫المحلى "(‪ )115-5/114‬وغيره من العلماء‪ . ،‬ومن التأويلت البعيدة ‪ ،‬بل الباطلة قول بعضهم ‪" :‬‬
‫قوله ‪ ( :‬نقبر) أي نصلي " قال أبو الحسن السندي‪":‬ول يخفى أنه معنى بعيد ‪،‬ل ينساق إليه الذهن‬
‫من لفظ الحديث ‪ ،‬قال بعضهم " يقال ‪ :‬قبره إذا دفنه ‪ ،‬ول يقال ‪ :‬قبره إذا صلى عليه " ‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫والقرب أن الحديث يميل إلى قول أحمد وغيره أن الدفن مكروه في هذه الوقات "‬
‫ب ‪.‬في الليل لحديث جابر رضي ال عنه‪":‬أن النبي صلى ال عليه وسلم ذكر رجل من أصحابه‬
‫قبض فكفن في كفن غير طائل وقبر ليل ‪،‬فزجر البني صلى ال عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل‬
‫حتى يصلى عليه ‪ ،‬إل أن يضطر إنسان إلى ذلك " أخرجه مسلم وغيره وقد سبق في المسألة (‪35‬ص ‪)56‬‬
‫والحديث ظاهر الدللة على ما ذكرنا ‪ ،‬وهو مذهب أحمد رحمه ال في رواية عنه ذكرها في "‬
‫النصاف " (‪ )2/547‬قال‪ ":‬ل يفعله إل لضرورة ‪ ،‬وفي أخرى عنه ‪ :‬يكره "‪.‬قلت ‪ :‬والول أقرب‬
‫لظاهر قوله " زجر " فانه أبلغ في النهي من لفظ " نهى " الذي يمكن حمله على الكراهة‪،‬على أن‬
‫‪115‬‬
‫الصل فيه التحريم‪،‬ول صارف له إلى الكراهة‪.‬‬
‫‪ 114‬قلت ‪ :‬وقد رد ذلك التأويل المام النووي أيضا ‪ ،‬ولكنه في سبيل بيان ذلك وقع في تأويل آخر يشبه هذا وادعي دعوى غير ثابتة فقال في " شرح مسلم " ‪" :‬‬
‫قال بعضهم إن المراد بالقبر صلة الجنازة ‪ ،‬وهذا ضعيف ‪ ،‬لن صلة الجنازة ل تكره في هذا الوقت بالجماع ‪ ،‬فل يجوز تفسير الحديث بما يخالف الجماع ‪،‬‬
‫بل الصواب أن معناه تعمد تأخير الدفن إلى هذه الوقات ‪ ،‬كما يكره تعمد تأخير العصر إلى اصفرار الشمس بل عذر ‪ . . .‬فأما إذا وقع الدفن في هذه الوقات‬
‫بل تعمد فل يكره " ‪ .‬قلت ‪ :‬وهذا تأويل ل دليل عليه ‪ ،‬والحديث مطلق يشمل المتعمد وغيره ‪ ،‬فالحق عدم جواز الدن ولو لغير متعمد ‪ ،‬فمن أدركته فيها‬
‫فليتريث حتى يخرج وقت الكراهة ‪ .‬وأما ادعاؤه أن صلة الجنازة ل تكره في مثل هذا الوقات بالجماع فوهم منه رحمه ال ‪ ،‬فالمسألة خلفية والصواب فيها‬
‫الكراهة خلف الجماع المزعوم ‪ ،‬وقد سبق بيان ذلك في المسألة ( ‪ ) 89‬تعليقا عليها ( ص ‪) 130‬‬
‫‪ 115‬لكن يشكل على ما ذكرنا قوله في الحديث " حتى يصلى عليه " ‪ .‬فإنه يدل بظاهره أيضا على جواز الدفن ليل بعد الصلة لنها هي الغاية من النهي ‪ ،‬فإذا‬
‫حصلت ارتفع النهي ‪ ،‬لكن يرد عليه قوله " إل أن يضطر إنسان إلى ذلك " فإن إسم الشارة فيه يعود إلى المنهي عنه وهو الفدن ليل قبل الصلة إل عند‬
‫الضرورة فيجوز ‪ .‬وهذا بعيد جدا ‪ ،‬لن من السهل أن نتصور اضطرار المشيعين للدفن ليل لسباب كثيرة كما سيأتي عن ابن حزم ولكننا ل نتصور في وجه‬
‫من الوجوه أن يضطروا لدفنه دون أن يصلو عليه ‪ ،‬ومما يزيده بعدا أن هذا المعنى يجعل قيد " الليل " عديم الفائدة ‪ ،‬إذ الدفن قبل الصلة ‪ ،‬كما ل يجوز ليل ‪،‬‬
‫فكذلك ل يجوز نهارا ‪ ،‬فإن جاز ليل لضرورة جاز نهارا من أجلها ول فرق ‪ ،‬فما فائدة التقييد ب‍ " الليل " حينئذ ‪ .‬ل شك أن الفائد ل تظهر بصورة قوية إل إذا‬
‫رجحنا ما استظهرناه أو ل من عدم جواز الدفن ليل وبيان ذلك ‪ :‬أن الدفن ليل وبيان ذلك ‪ :‬أن الدفن في الليل مظنة قلة المصلين على الميت ‪ ،‬فنهي عن الدفن‬
‫ليل حتى يصلي عليه نهارا ‪ ،‬لن الناس في النهار أنشط في الصلة عليه ‪ ،‬وبذلك تحصل الكثرة من المصلين عليه ‪ ،‬هذه الكثرة التي هي من مقاصد الشريعة‬
‫وأرجي لقبول شفاعتهم في الميت كما سبق بيانه في " المسألة ( ‪ ( ، ) 63‬ص ‪ ) 96‬قال النووي ‪ :‬في " شرح مسلم " ‪ " :‬وأما النهي عن القبر ليل حتى يصلى‬
‫عليه ‪ ،‬فقيل سببه أن الدفن نهارا يحضره كثير من الناس ويصلون عليه ول يحضره في الليل إل أفراد ‪ ،‬وقيل لنهم كانوا يفعلون ذلك لرداءة الكفن ‪ ،‬فل يتبين‬
‫في الليل ‪ ،‬وى ( يده أول الحديث وآخره ‪ ،‬قال القاضي ‪ :‬العلتان صحيحتان ‪ ،‬قال ‪ :‬والظاهر أن النبي صلى ال عليه وسلم قصدهما معا ‪ ،‬قال ‪ :‬وقد قيل غير‬
‫هذا " ‪ .‬قلت ‪ :‬فإذا عرف أن العلة قلة المصلين وخشية رداءة الكفن ‪ ،‬ينتج من ذلك أنه لو صلي عليه نهارا ‪ ،‬ثم تأخر دفنه لعذر إلى الليل أنه ل مانع من دفنه فيه‬
‫لنتفاء العلة وتحقق الغاية وهي كثرة المصلين ‪ ،‬وعليه فهل يجوز التأخر بدفن الميت في النهار تحصيل للغاية المذكورة ‪ ،‬استحسن ذلك الصنعاني في " سبل‬
‫السلم " ( ‪ ، ) 166 / 2‬ولست إرى ذلك لن العلة المذكورة مقيدة فل يجوز تعديتها إلى النهار لوجود الفارق الكبير بين الظرفين ‪ ،‬فإن القلة في الليل أمر‬
‫طبيعي ‪ ،‬بخلف النهار فالكثرة فيه هي الطبيعي ‪ ،‬ثم إن هذه الكثرة ل حد لها فكلما تؤخر بالميت زادت الكثرة ‪ ،‬ولذلك نرى بعض المترفين الذين يحبون‬
‫الظهور رياء وسمة ‪ ،‬ولو على حساب الميت قد يؤخرونه اليوم واليومين ليحضر الجنازة أكبر عدد ممكن من المشيعين ‪ .‬فلو قيل بجواز ذلك لدي إلى مناهضة‬
‫الشارع في أمره بالسراع بالجنازة على ما سبق بيانه في المسألة ( ‪ ( ) 17‬ص ‪ ) 13‬بعلة الكثرة التي ل ضابط لها ‪ .‬بعد هذا يتبين لنا الجواب عن الشكال‬
‫الذي أو ردته في قوله " حتى يصلى عليه " إذ أنه ظهر أن المراد حتى يصلى عليها نهارا لكثرة الجماعة ‪ ،‬كي تبين أن إسم الشارة في قوله " إل أن يضطر‬
‫إنسان إلى ذلك " يعود إلى الدفن ليل ولو مع قلة المصلين ‪ ،‬ل إلى الدفن مع ترك الصلة عليه إطلقا ‪ ،‬فليتأمل فإنه حقيق بالتأمل ‪ .‬ثم قال النووي في " شرح‬
‫مسلم " ‪ " :‬وقد اختلف العلماء في الدفن في الليل ‪ ،‬فكرهه الحسن البصري إل لضرورة ‪ ،‬وهذا الحديث مما يستدل له به ‪ ،‬وقال جماهير العلماء من السلف‬
‫والخلف ‪ :‬ل يكره واستدولو بأن أبا بكر الصديق رضي ال عنه وجماعة من السلف دفنوا ليل من غير إنكار ‪ ،‬وبحديث المرأة السوداء ‪ :‬والرجل الذي كان يقم‬
‫المسجد فتوفي بالليل فدفنوه ليل ‪ ،‬وسألهم النبي صلى ال عليه وسلم عنه فقالوا ‪ :‬توفي ليل فدفناه في الليل ‪ ،‬فقال ‪ :‬أل اذنتموني ‪ ،‬قالوا ‪ :‬كانت ظلمة ولم ينكر‬
‫عليهم ‪ ،‬وأجابوا عند هذا الحديث أن النهي كان لترك الصلة ‪ ،‬ولم ينه عن مجرد الدفن بالليل ‪ ،‬ما وإنما لترك الصلة أو لقلة المصلين أو عن إساءة الكفن أو‬
‫عن المجموع كما سبق " ‪ .‬قلت ‪ :‬والجواب الول وهو أن النهي كان لترك الصلة ‪ ،‬ل يصح ‪ ،‬لنه لو كان كذلك لم يكن ثمة فرق بين الدفن ليل أو نهارا كما‬
‫سبق بيانه ‪ ،‬بل الصواب أن النهي إنما كان للمرين اللذين سبقا في كلم القاضي ‪ ،‬ولذلك اختار ابن حزم أنه ل يجوز أن يدفن أحد ليل إل عن ضرورة ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫‪ - 93‬فإن اضطرار لدفنه ليل ‪ ،‬جاز ولو مع استعمل المصباح والنزول به في القبر ‪ ،‬لتسهيل‬
‫عملية الدفن ‪ ،‬والدليل حديث ابن عباس ‪ " :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أدخل رجل قبره‬
‫ليل‪،‬وأسرج في قبره " ‪.‬أخرجه ابن ماجه (‪ )464 /1‬والترمذي (‪ )2/157‬بأتم منه وقال ‪ " :‬حديث حسن " ‪ .‬قلت ‪ :‬يعني‬
‫أنه حسن لغيره ‪ ،‬وهذا اصطلح خاص للترمذي أنه إذا قال ‪ " :‬حديث حسن " فإنما يريد الحسن لغيره كما نص عليه هو نفسه‬
‫في " العلل " ‪ ،‬المذكورة في آخر كتابه‪،‬وقد جاء له شاهد كما يأتي‪،‬وعليه فل يرد على تحسين الترمذي نقد ابن القطان إياه الذي‬
‫حكاه صاحب " تحفة الحوذي "‪.‬أما الشاهد فهو من حديث جابر بن عبد ال‪.‬أخرجه أبو داود (‪ )2/63‬والحاكم (‪ )1/368‬والبيهقي‬
‫(‪ )4/53‬وقال الحاكم ‪ " :‬صحيح على شرط مسلم " ‪ .‬ووافقه الذهبي وزاد عليهما النووي فقال في " المجموع " (‪" : )5/302‬‬
‫رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم !‬
‫" قلت ‪ :‬وكل ذلك خطأ ‪ ،‬فإن مدار إسناده على محمد بن مسلم الطائفي‪،‬وهو وإن كان ثقة في نفسه ‪ ،‬فقد كان ضعيفا في حفظه ‪،‬‬
‫ولذلك لم يحتج الشيخان به ‪،‬وإنما روى له البخاري تعليقا ‪ ،‬ومسلم استشهادا ‪ ،‬ومن العجائب أن الحاكم والذهبي على علم ببعض‬
‫هذا ‪ ،‬فقد ذكر المزي أن الطائفي هذا ليس له في مسلم إل حديثا واحدا ‪ ،‬قال الحافظ ابن حجر‪ ":‬وهو متابعه عنده‪،‬كما نص عليه‬
‫الحاكم " وكذلك صرح الذهبي في ترجمته من " الميزان " أن مسلما روى له متابعة ‪ .‬وله شاهد آخر من حديث أبي ذر نحوه ‪.‬‬
‫أخرجه الحاكم بسند فيه رجل لم يسم ‪ ،‬وبقية رجاله ثقات ‪.‬‬
‫‪ - 94‬ويجب إعماق القبر ‪ ،‬وتوسيعه وتحسينه ‪ ،‬وفيه حديثان ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن هشام بن عامر قال ‪ " :‬لما كان يوم أحد ‪،‬أصيب من أصيب من المسلمين ‪ ،‬وأصاب‬
‫الناس جراحات ‪ (،‬فقلنا‪ :‬يا رسول ال‪،‬الحفر علينا لكل إنسان شديد )‪ (،‬فكيف تأمرنا)‪،‬فقال‪ :‬احفروا‬
‫وأوسعوا ( وأعمقوا ) ( وأحسنوا ) ‪،‬وادفنوا الثنين والثلثة في القبر‪ ،‬وقدموا أكثرهم قرآنا ‪ (،‬قال‬
‫‪ :‬فكان أبي ثالث ثلثة ‪ ،‬وكان أكثرهم قرآنا‪،‬فقدم ) " ‪.‬أخرجه أبو داود (‪ )2/70‬والنسائي ( ‪) 284 -283 /1‬‬
‫والترمذي ( ‪ ) 36 / 3‬والبيهقي ( ‪ ) 34 / 4‬وأحمد ( ‪ ، ) 20 ، 19 / 4‬وابن ماجه مختصرا ‪.‬‬
‫والسياق للنسائي ‪ ،‬والزيادات كلها له في رواية ‪ ،‬وكذا هي عند أحمد دون الولى ‪ ،‬ولبي داود والبيهقي الثالثة ‪ ،‬وللترمذي وابن‬
‫ماجه والبيهقي الرابعة ‪ ،‬وللترمذي الخامسة وقال ‪ " :‬حديث حسن صحيح " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ومدار سنده على حميد بن هلل ‪ ،‬وقد رواه عنه أيوب السختياني على ثلثة وجوه ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عنه عن هشام بن عامر ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬عنه عن أبي الدهماء عن هشام ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬عنه عن سعد بن هشام عن أبيه هشام ‪.‬‬
‫وقد تابعه على الوجه الول سليمان بن المغيرة عن حميد به ‪ .‬أخرجه تابعه على الوجه الول‬
‫سليمان بن المغيرة عن حميد به ‪ .‬أخرجه النسائي والبيهقي (‪ )3/413‬وأحمد ‪ .‬وتابعه على الوجه الثالث جرير بن‬
‫حازم ثنا حميد بن هلل عن سعد بن هشام بن عامر أخرجه الثلثة المذكورن وكذا أبو داود وعنه البيهقي (‪. )3/414‬‬
‫وهذا الوجه أرجح عندي لهذه المتابعة ‪،‬وهي أرجح من المتابعة الولى لوجهين ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬أن سليمان بن المغيرة احتج به مسلم دون البخاري ‪ ،‬فروي له مقرونا بغيره ‪ ،‬بخلف‬
‫جرير بن حازم فقد احتج به مسلم والبخاري ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أن فيه زيادة من ثقة ‪،‬وهي معتبرة فكان من المرجحات ‪.‬وعلى هذا فإسناد الحديث صحيح‬
‫كما قال الترمذي وهو على شرط الشيخين ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬عن رجل من النصار قال ‪ :‬خرجنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم في جنازة رجل‬
‫من النصار ‪،‬وأنا غلم مع أبي ‪،‬فجلس رسول ال صلى ال عليه وسلم على حفيرة القبر‪ ،‬فجعل‬
‫يوصي ( وفي رواية ‪ :‬يومئ إلى )الحافر ويقول ‪:‬أوسع من قبل الرأس ‪ ،‬وأوسع من قبل الرجلين‬

‫واستدل على ذلك بهذا الحديث ‪ ،‬ثم أجاب عن الحاديث الواردة في الدفن ليل ‪ ،‬وما في معناها من الثار بقوله ( ‪ : ) 115 - 114 / 5‬وكل من دفن ليل منه‬
‫صلى ال عليه وسلم ومن أزواجه ومن أصحابه رضي ال عنهم ‪ ،‬فإنما ذلك لضرورة أو جبت ذلك من خوف الحر على من حضر ‪ -‬وهو بالمدينة شديد ‪ -‬أو‬
‫خوف تغير أو غير ذلك مما يبيح الدفن ليل ‪ ،‬ول يحل لحد أن يظن بهم رضي ال عنهم خلف ذلك " ‪ .‬ثم روى كراهة الدفن ليل عن سعيد بن المسيب ‪،‬‬
‫وأقول ‪ :‬ومن الجائز أن بعض من دفن ليل كانوا صلوا عليه نهارا ‪ ،‬وحينئذ فل تعارض على ما سبق بيانه ‪ ،‬وذلك هو الواقع في حقه صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫فإنهم صلوا عليه يوم الثلثاء ثم دفنوه ليلة الربعاء كما ذكر ابن هشام في سيرته ( ‪ ) 314 / 4‬عن ابن اسحاق ‪ .‬وال أعلم ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫‪116‬‬
‫‪،‬لرب عذق له في الجنة " ‪.‬أخرجه أبو داود (‪ )2/83‬والبيهقي (‪ ، )3/414‬والرواية الخرى له وأحمد (‪)5/408‬‬
‫والسياق له ‪ ،‬وإسناده صحيح كما قال النووي في " المجموع " (‪ )5/286‬والحافظ في " التلخيص " (‪. )5/201‬‬
‫‪ - 95‬ويجوز في القبر اللحد‪117‬والشق لجريان العمل عليهما في عهد النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬ولكن الول أفضل ‪ ،‬وفي ذلك أحاديث ‪:‬‬
‫الول‪:‬عن أنس بن مالك قال‪":‬لما توفي النبي صلى ال عليه وسلم كان بالمدينة رجل يلحد‪ ،‬وآخر‬
‫يضرح‪ ،‬فقالوا‪:‬نستخير ربنا‪،‬ونبعث إليهما‪ ،‬فأيهما سبق تركناه‪ ،‬فأرسل إليهما‪،‬فسبق صاحب اللحد‬
‫فلحدوا للنبي صلى ال عليه وسلم "‪.‬أخرجه ابن ماجه(‪ )1/472‬والطحاوي (‪ )4/45‬وأحمد(‪.)3/99‬‬
‫قلت ‪ :‬وسنده حسن كما قال الحافظ في " التلخيص " (‪ . )5/204‬وله شاهدان ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن ابن عباس‪.‬أخرجه ابن ماجه(‪)1/298‬وأحمد(‪ )39،3358‬وابن سعد(‪)2/2/72‬والبيهقي (‪)3/407‬‬
‫والخر ‪:‬عن عائشة "رواه ابن ماجه وابن سعد ‪ ،‬وإسناده كل منهما ضعيف كما قال الحافظ ‪.‬‬
‫لكن للول منهما طريق أخرى بلفظ ‪" :‬دخل قبر النبي‪:‬صلى ال عليه وسلم العباس ‪ ،‬وعلي‬
‫والفضل ‪ ،‬وسوى لحده رجل من النصار‪،‬وهو الذي سوى لحود قبور الشهداء يوم بدر "‪.‬أخرجه‬
‫الطحاوي في "مشكل الثار "(‪)4/47‬وابن الجارود(‪)268‬وابن حبان(‪)2161‬وإسناده صحيح‪،‬ولبن عباس حديث آخر في اللحد من‬
‫قوله صلى ال عليه وسلم يأتي بعد حديث‪،‬وشاهد من حديث علي يأتي في المسألة(‪()97‬ص ‪. )147‬‬
‫الثاني ‪:‬عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال‪ ":‬ألحدوا لي لحدا‪،‬وانصبوا علي اللبن‬
‫نصبا كما صنع برسول ال صلى ال عليه وسلم"‪.‬أخرجه مسلم(‪)2/61‬والنسائي وأحمد (‪.)1489،1601،1602‬‬
‫الثالث ‪:‬عن ابن عباس أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬اللحد لنا ‪ ،‬والشق لغيرنا "‪.‬‬
‫أخرجه أبو داود (‪ )2/69‬والنسائي (‪ )1/283‬والترمذي (‪ )2/152‬وابن ماجه (‪ )4711‬والطحاوي (‪ )4/48‬والبيهقي (‪)3/408‬‬
‫بسند ضعيف كما قال الحافظ (‪ )5/203‬وصححه ابن السكن ‪.‬‬
‫قلت ولعله لشواهده وطرقه التي منها ‪ :‬عن جرير مرفوعا مثله ‪.‬رواه ابن ماجه والطحاوي والبيهقي والطيالسي (‪ )669‬وأحمد (‬
‫‪ )4/357،359،362‬عن عثمان بن عمير أبي اليقظان عن زاذان عنه ‪.‬‬
‫وعثمان هذا ضعيف كما قال الحافظ ‪ ،‬لكن رواه الطحاوي من طريق ثان وأحمد من طريقين آخرين ‪ ،‬فهذه طرق أربعة لحديث‬
‫‪118‬‬
‫جرير يقوي بعضها ‪ ،‬فإذا ضمت إلى حديث ابن عباس شدت من عضده وارتقي إلى درجة الحسن بل الصحيح‬
‫‪ -119 98‬ول بأسن من أن يدفن فيه اثنان أو أكثر عند الضرورة ‪ ،‬ويقدم إلى إفضلهم ‪ ،‬وفيه‬
‫أحاديث ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن جابر بن عبد ال قال‪ ":‬كان النبي صلى ال عليه وسلم يجمع بين الرجلين (والثلثة )‬
‫من قتل أحد في ثوب واحد‪ 120‬ثم يقول ‪ :‬أيهم أكثر أخذا للقرآن ؟فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في‬
‫اللحد[ قبل صاحبه] وقال‪:‬أنا شهيد على هؤلء يوم القيامة ‪ ،‬وأمر بدفنهم في دمائهم ‪ ،‬ولم يغسلوا‬
‫‪121‬‬
‫ولم يصل عليهم ‪ (،‬قال جابر ‪ :‬فدفن أبي وعمي يومئذ في قبر واحد )"‪.‬أخرجه البخاري (‪-3/163‬‬
‫‪)165،169،7/300‬والنسائي (‪ )1/277‬والترمذي (‪ )2/147‬وصححه وابن ماجه (‪ )1/461‬وابن الجارود (‪ )270‬والبيهقي (‬
‫‪ )4/14‬وأحمد (‪، )5/431‬والزيادة الثالثة له ‪ ،‬وللبخاري معناها ‪ ،‬وله والبيهقي الثانية ‪ ،‬ولبن ماجه الثالثة ‪ ،‬وعزاها الشوكاني (‬
‫‪ )4/25‬للترمذي فوهم ‪ .‬وفي الشطر الثاني من الحديث زيادة تقدمت في المسألة (‪( ، )32‬ص ‪)54‬‬

‫‪ 116‬قلت ‪ :‬وظاهر المر في الحديثين يفيد وجوب ما ذكر فيهما من العماق والتوسعة والحسان ‪ ،‬والمعروف عن الشافعية وغيرهم استحباب العماق ‪ ،‬وأما‬
‫ابن حزم فقد صرح في " المحلى " ( ‪ ) 116 / 5‬بفرضيته ‪ ،‬واختلفوا في حد العماق على أقوال تراها في " المجموع " أو غيره ‪.‬‬
‫‪117‬بفتح اللم وبالضم وسكون الحا هو الشق في عرض القبر من جهة القبلة ‪ ،‬والشق هو الضريح وهو أن يحفر إلى أسفل كالنهر ‪.‬‬
‫‪ 118‬قال النووي في " المجموع " ( ‪ " : ) 287 - 5‬أجمع العلماء أن الدفن في اللحد والشق جائز ان ‪ ،‬لكن إن كانت الرض صلبة ل ينهار ترابها فاللحد أفضل‬
‫لما سبق من الدلة ‪ ،‬وإن كانت رخوة تنهار فالشق أفضل "‬
‫‪ 119‬لقد انتقل رقم المسائل من ‪ 95‬الى ‪ 98‬لستدراك خطأ بالترقيم فعذرا ‪،‬‬
‫‪ 120‬يعنى في قطعة منه ‪ ،‬ولو لم يستر جيمع بدنه ‪ ،‬انظر التعليق ( ‪ ) 2‬ص ‪60‬‬
‫‪ 121‬ظاهر أنه يعني أخا أبيه ‪ ،‬وليس كذلك بل أراد عمرو بن الجموح المذكور في الحديث بعده ‪ ،‬وكان صديق والدجابر وزوج أخته هند بنت عمرو ‪ ،‬وكأن‬
‫جابرا سماه عمه تعظيما كما قال الحافظ في " الفتح " وساق اثارا تؤيد ذلك فراجعه ( ‪) 168 / 3‬‬

‫‪72‬‬
‫الثاني ‪ :‬عن أبي قتادة أنه حضر ذلك ‪ ،‬قال ‪ " :‬أتي عمرو بن الجموع إلى رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم فقال ‪:‬يا رسول ال أرأيت إن قتلت في سبيل ال حتى أقتل أمشي برجلي هذه صحيحة‬
‫في الجنة ؟ وكانت رجله عرجاء ‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬نعم ‪ ،‬فقتلوا يوم أحد ‪:‬‬
‫هو وابن أخيه ومولى لهم ‪ ،‬فمر عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬كأني أنظر إليك‬
‫تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة ‪ ،‬فأمر رسول ال صلى ال عليه وسلم بهما وبمولهما ‪،‬‬
‫فجعلوا في قبر واحد "‪ .‬أخرجه أحمد (‪)5/299‬بسند حسن كما قال الحافظ (‪.)3/168‬وفي الباب عن هشام بن عامر‪،‬‬
‫‪122‬‬
‫ومضي حديثه في المسأله (‪ )93‬الحديث الول ‪( ،‬ص ‪ )141‬وعن أنس بن مالك ‪ ،‬وتقدم في المسألة (‪(،)37‬ص ‪) 60-)59‬‬
‫‪- 99‬ويتولى إنزال الميت ولو كان أنثى ‪ -‬الرجال دون النساء لمور ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أنه المعهود في عهد النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وجرى عليه عمل المسلمين حتى اليوم‬
‫ويأتي فيه حديث أنس في المسألة (‪. )99‬‬
‫الثاني ‪ :‬أن الرجال أقوى على ذلك ‪،‬‬
‫الثالث ‪ :‬لو تولته النساء أفضى ذلك إلى انكشاف شئ من أبدانهن أمام الجانب وهو غير جائز ‪.‬‬
‫‪ - 100‬وأولياء الميت أحق بإنزاله ‪ ،‬لعموم قوله تعالى{ وأولوا الرحام‪ 123‬بعضهم أولى ببعض‬
‫في كتاب ال }‪ ( .‬النفال ‪ . ) 75 :‬ولحديث علي رضي ال عنه قال ‪ " :‬غسلت رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬فذهبت أنظر ما يكون من الميت ‪ ،‬فلم أر شيئا ‪ ،‬وكان طيبا حيا وميتا ‪ ،‬وولي دفنه‬
‫وإجنانه دون الناس أربعة ‪ :‬علي والعباس والفضل وصالح مولى رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ ،‬ولحد لرسول ال لحدا ‪ ،‬ونصب عليه اللبن عليه اللبن نصبا " ‪.‬أخرجه الحاكم (‪ )1/362‬وعنه البيهقي (‬
‫‪ )4/53‬بسند صحيح ‪ ،‬وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ‪.‬‬
‫وله شاهد من حديث ابن عباس سبق ذكره في المسألة (‪( ، )94‬ص ‪ )145-144‬وشاهد آخر عن الشعبي مرسل ‪ ،‬ولم يذكر‬
‫صالحا مولى رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫أخرجه أبو داود (‪ )2/69‬بسند صحيح عنه ‪.‬‬
‫وله عن مرحب أو ابن أبي مرحب " أنهم ( يعني عليا والفضل وأخاه ) أدخلوا معهم عبد الرحمن‬
‫بن عوف ‪ ،‬فلما فرغ علي قال ‪ :‬إنما يلي الرجل أهله " ‪.‬‬
‫ومرحب أو ابن أبي مرحب مختلف في صحبته‪. 124‬‬
‫وعن عبد الرحمن بن أبزي قال ‪":‬صليت مع عمر بن الخطاب على زينب بنت جحش بالمدينة ‪،‬‬
‫فكبر أربعا ثم أرسل إلى أزواج النبي صلى ال عليه وسلم ‪ :‬من يأمرون أن يدخلها القبر ؟ قال ‪:‬‬
‫وكان يعجبه أن يكون هو الذي يلي ذلك ‪:‬فأرسلن إليه ‪:‬انظر من كان يراها في حال حياتها فليكن‬
‫هو الذي يدخلها القبر ‪ ،‬فقال عمر ‪:‬صدقتن "‪.‬أخرجه الطحاوي (‪ )305-3/304‬والبيهقي (‪ )3/53‬بسند صحيح ‪.‬‬
‫‪ - 101‬ويجوز للزوج أن أن يتولى بنفسه دفن زوجته‪،‬لحديث عائشة رضي ال تعالى عنها قالت‬
‫‪" :‬دخل على رسول ال صلى ال عليه وسلم في اليوم الذي بدئ فيه‪،‬فقلت‪ ،‬وارسأاه ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫وددبت أن ذلك كان وأنا حي ‪،‬فهيتأت ك ودفنتك ‪،‬قالت‪:‬فقلت غيري‪ :‬كأني بك في ذلك اليوم‬
‫عروسا ببعض نسائك قال‪:‬وأنا وارأساه ادعي لي أباك وأخاك حتي أكتب لبي بكر كتابا فإني‬
‫أخاف أن يقول قائل ويتمنى متمن ‪ :‬أنا أولى وبأبي ال عزوجل والمؤمنون إل أبا بكر "‪.‬أخرجه‬

‫‪ 122‬قلت ‪ :‬وفي هذه الحاديث فضيلة ظاهرة لقارئ القرآن ‪ ،‬قال الحافظ في " الفتح ( ‪ " : ) 166 - 3‬ويلحق به أهل الفقه والزهد وسائر وجوه الفضل " ‪ ،‬وقال‬
‫الشافعي في " الم " ( ‪ " : ) 245 - 1‬ويدفن في موضع الضرورة من الضيق والعجلة الميتان والثلثة في القبر ‪ ،‬ويكون الذي للقبلة منهم أفضهلم وأسنهم ‪،‬‬
‫ول أحب أن تدفن المرأة مع الرجل على حال ‪ ،‬وإن كانت ضرورة ول سبيل إلى غيرها كان الرجل أمامها ‪ ،‬وهي خلفه ‪ ،‬ويجعل بين الرجل والمرأة في القبر‬
‫حاجز من تراب " ‪.‬‬
‫‪ 123‬وهم الب وآباؤه ‪ ،‬والبن وأبناؤه ‪ :‬ثم الخوة الشقاء ‪ ،‬ثم الذين للب ‪ ،‬ثم بنوهم ‪ ،‬ثم العمام للب والم ثم للب ثم بنوهم ‪ ،‬ثم كل ذي رحم محرمه ‪ .‬كذا‬
‫في " المحلى " ( ‪ ، ) 143 / 5‬ونحوه في " المجموع " ( ‪) 290 / 5‬‬
‫‪ 124‬قلت ‪ :‬وهو والذي قبله من مرسل الشعبي ‪ ،‬شاهد قوي لحديث علي رضى ال عنه ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫أحمد ( ‪ ) 144 / 6‬بإسناد صحيح على شرط الشيخين ‪ ،‬وهو في " صحيح البخاري " بنحوه (‪، )102 ،10/101‬ومسلم (‪)7/110‬‬
‫‪125‬‬
‫مختصرا ‪ ،‬وله طريق أخرى عن عائشة تقدم ( ص ‪)50‬‬
‫‪ - 102‬لكن ذلك مشروط بما إذا كان لم يطإ تلك الليلة ‪ ،‬وإل لم يشرع له دفنها ‪ ،‬وكان غيره‬
‫هو الولى بدفنها ولو أجنبيا بالشرط المذكور‪،‬لحديث أنس بن مالك رضي ال عنه قال ‪" :‬شهدنا‬
‫ابنة لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪،‬ورسول ال صلى ال عليه وسلم جالس على القبر فرأيته‬
‫‪126‬‬
‫الليلة ( أهله ) ؟ فقال أبو طلحة ‪ ( :‬نعم )‬ ‫عينيه تدمعان ثم قال ‪ :‬هل منكم من رجل لم يقارف‬
‫أنا يا رسول ال ! قال ‪ :‬فانزل ‪ ،‬قال فنزل في قبرها ( فقبرها ) " ‪ .‬وفي رواية عنه ‪ " :‬أن رقية‬
‫رضي ال عنها لما ماتت قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪،‬ل يدخل القبر رجل قارف"الليلة"‬
‫أهله ‪ ،‬فلم يدخل عثمان بن عفان رضي ال عنه القبر ) ‪ .‬أخرج الرواية الولى البخاري في " صحيحه " (‬
‫‪ )162 ،3/122‬والطحاوي في " المشكل " (‪ )3/304‬والحاكم (‪ )4/47‬والبيهقي (‪ )4/53‬وأحمد (‪ )3/126،228‬والسياق له ‪،‬‬
‫وعنده الزيادة الثانية في رواية له ‪ ،‬وعند الطحاوي والحاكم الولى ‪ ،‬والبخاري الخيرة ‪.‬‬
‫وأخرج الرواية الثانية أحمد (‪ )270-3/229‬والطحاوي (‪ )3/202‬والحاكم (‪ )4/47‬وابن حزم (‪ )5/145‬من طريق أخرى عن‬
‫أنس ‪ ،‬والسياق لحمد ‪ ،‬والزيادة للحاكم وقال ‪ " :‬حديث صحيح على شرط مسلم " ‪.‬‬
‫وهو كما قال‪،‬وأقره الذهبي‪،‬إل أن بعض الئمة قد استنكر منه تسميته البنت "رقية "فقال البخاري‬
‫في التاريخ الوسط " ‪:‬‬
‫"ما أدري ما هذا ؟ فإن رقية ماتت والنبي صلى ال عليه وسلم ببدر لم يشهدها " ‪.‬ورجح الحافظ‬
‫في " الفتح " أن الوهم فيه من حماد بن سلمة ‪ ،‬وأنها أم كلثوم زوج عثمان ‪ ،‬فراجعه ‪ ،‬وهو الذي‬
‫جزم به الطحاوي في " المشكل " وقال " " وكانت وفاتها في سنة تسع من الهجرة "‪.127‬‬
‫‪-103‬والسنة إدخال الميت من مؤخر القبر‪،‬لحديث أبي إسحاق قال‪ ":‬أوصي الحارث أن يصلي‬
‫عليه عبد ال بن يزيد‪،‬فصلى عليه‪،‬ثم أدخله القبر من قبل رجلي القبر وقال‪ :‬من السنة "‪.‬أخرجه ابن‬
‫أبي شيبة في " المصنف "(‪ )4/130‬وأبو داود(‪ )2/69‬ومن طريقه البيهقي(‪ )4/54‬وقال ‪:‬‬
‫هذا إسناد صحيح ‪ ،‬وقد قال ‪ " :‬هذا من السنة " فصار من المسند " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ثم روى له شواهد من حديث ابن عباس وغيره ‪ ، :‬وقال ‪ " :‬هذا هو المشهور فيما بين أهل الحجاز " ‪.‬‬
‫ثم ساق حديثين في أن النبي صلى ال عليه وسلم أدخل من قبل القبلة ‪ ،‬وضعفهما ‪ ،‬وهو كما ذكر ‪ ،‬وقد أعل الشافعي رحمه ال‬
‫تعالى الحديث الثاني منهما من جهة متنه أيضا بحجة أنه غير ممكن عمليا ‪ ،‬فقال في" الم " (‪: )1/241‬‬
‫" أخبرني الثقات من أصحابنا أن قبر النبي صلى ال عليه وسلم على يمين الداخل من البيت ل‬
‫صق بالجدار ‪،‬والجدار الذي اللحد لجنبه قبلة البيت ‪،‬وأن لحده تحت الجدار‪،‬فكيف يدخل معترضا‬
‫واللحد لصق بالجدار ‪ ،‬ل يقف عليه شئ‪،‬ول يمكن إل أن يسل سل ‪،‬أو يدخل من خلف القبلة‪،‬‬
‫وأمور الموتى وإدخالهم من المور المشهورة عندنا لكثرة الموت ‪،‬وحضور الئمة ‪،‬وأهل الثقة‪،‬‬
‫وهو من المور العامة التي يستغني فيها عن الحديث ‪ ،‬ويكون الحديث فهيا كالتكليف بعموم‬
‫معرفة الناس لها ‪ ،‬ورسول ال صلى ال عليه وسلم والمهاجرون والنصار بين أظهرنا بين‬
‫‪ 125‬وقد ذهب إلى جواز دفن الرجل لزوجته الشافعية ‪ ،‬بل قالوا ‪ :‬إنه أحق بذلك من أوليائها الذين ذكرنا وعكس ذلك ابن حزم فجعله بعدهم في الحقية ‪ ،‬ولعله‬
‫القرب لما سبق من عموم الية‬
‫‪ 126‬أي يجامع كما في " النهاية " ‪ ،‬واستبعد هذا التفسير الطحاوي بدون أي دليل ‪ ،‬فل يلتفت إليه‬
‫‪ 127‬قال النووي في " المجموع " ( ‪ " : ) 289 / 5‬هذا الحديث من الحاديث التي يحتج بها في كون الرجال هم الذين يتوا عن الدفن وإن كان الميت امرأة ‪ ،‬قال‬
‫‪ :‬ومعلوم أن أبا طلحة رضي ال عنه أجنبي عن بنات النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ولكنه كان من صالحي الحاضرين ‪ ،‬ولم يكن هناك رجل محرم إل النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فلعله كان له عذر في نزول قبرها ‪ ،‬وكذا زوجها ‪ ،‬ومعلوم أنها أختها فاطمة وغيرها من محارمها وغيرهن هناك ‪ ،‬فدل على أنه ل‬
‫مدخل للنساء في إدخال القبر والدفن " ‪ .‬وقال الحافظ في " الفتح " ‪ :‬في الحديث البعيد ايثار البعيد العهد عن الملذ في مواراة الميت ولو كان امرأة على الب‬
‫والزوج ‪ ،‬وقيل ‪ :‬إنما اثره بذلك لنها كانت صنعته ‪ ،‬وفيه نظر ‪ ،‬فإن ظاهر السياق أنه اختاره لذلك لكونه لم يقع منه في تلك الليلة جماع " ‪ .‬قلت ‪ :‬والحديث‬
‫ظاهر الدللة على ما ترجمنا له ‪ ،‬وبه قال ابن حزم رحمه ال ( ‪ ، ) 145 - 144 / 5‬ومن الغرائب أن عامة كتب الفقه التي كنت وقفت عليها ‪ ،‬أو راجعتها بهذه‬
‫المناسبة لم تتعرض لهذه المسألة ‪ ،‬ل نفيا ول إثباتا ‪ ،‬وهذا دليل من أدلة كثيرة على أنه ل غنى للفقيه عن كتب السنة خلفا لما يظنه المتعصبة للمذاهب أن كتب‬
‫الفقه تغني عن كتب الحديث بل وعن كتاب ال تبارك وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا ‪ ،‬أنظر " سلسلة لحاديث‬
‫الحاديث الصحيحة " ( ج ‪ 1‬ص ‪ 129 - 128‬طبع المكتب السلمي ) ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫أظهرنا بنقل العامة عن العامة ل يختلفون في ذلك أن الميت يسل سل‪،‬ثم جاءنا آت‪128‬من غير‬
‫بلدنا يعلمنا كيف ندخل الميت‪129‬ثم لم يعلم ( كذا الصل ‪ ،‬وفي " المجموع " نقل عن " الم " ( لم‬
‫يرض ) ( ولعله الصواب ) حتى روى عن حماد عن ابراهيم أن النبي صلى ال عليه وسلم أدخل‬
‫معترضا " ‪ .‬ثم ساق الشافعي حديث ابن عباس وغيره أن رسول ال صلى ال عليه وسلم سل‬
‫من قبل رأسه ‪ .‬قلت ‪:‬ورجاله ثقات رجال الشيخين غير شيخ الشافعي وهو مجهول لم يسم ‪ ،‬لن‬
‫الشافعي قال ‪ " :‬أخبرنا الثقة عن عمرو عن عطاء عنه " ‪ .‬وعن ابن سيرين قال‪ ":‬كنت مع أنس‬
‫في جنازة فأمر بالميت فسل من قبل رجل القبر" ‪.‬أخرجه أحمد (‪)4081‬وابن أبي شيبعة (‪)4/130‬وسنده صحيح‬
‫‪-104‬ويجعل الميت في قبره على جنبه اليمين ‪ ،‬ووجهه قبالة القبلة ‪ ،‬ورأسه ورجاله إلى يمين‬
‫القبلة ويسارها ‪ ،‬على هذا جرى عمل أهل السلم من عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم إلى‬
‫يومنا هذا وهكذا كل مقبرة على ظهر الرض ‪ ،‬كذا في " المحلى " (‪ )173 /5‬وغيره ‪.‬‬
‫‪- 105‬ويقول الذي يضعه في لحده‪ ":‬بسم ال ‪ ،‬وعلى سنة رسول ال‪،‬أو ‪:‬ملة رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم " ‪ .‬والدليل عليه حديث ابن عمر ‪ ":‬أن النبي صلى ال عليه وسلم كان إذا وضع‬
‫الميت في القبر قال ‪(:‬وفي لفظ ‪:‬أن النبي صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬أذا وضعتم موتاكم في القبور‬
‫فقولوا) ‪:‬بسم ال ‪،‬وعى سنة (وفي رواية‪ :‬ملة) رسول ال"‪.‬أخرجه أبو داود(‪ )2/70‬والترمذي (‪)2/152،153‬‬
‫وابن ماجه (‪ )1/470‬وابن حبان في " صحيحه " (‪ )773‬والحاكم(‪ )1/366‬والبيهقي(‪ )4/55‬وأحمد (رقم ‪)4990،5233،6111‬‬
‫من طريقين عن ابن عمر ‪.‬‬
‫واللفظ الول لبي داود وابن ماجه وابن السني ‪ ،‬واللفظ الخر للباقين ‪ ،‬وأما الرواية الخرى فهي للترمذي وابن ماجه‬
‫والحاكم ‪ ،‬ورواية لحمد ‪ ،‬ومعناهما واحد ‪ ،‬وقال الترمذي ‪ " :‬حديث حسن " ‪.‬‬
‫وقال الحاكم ووافقه الذهبي ‪ " :‬صحيح على شرط الشيخين " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهو كما قال ‪ :‬ول يضره رواية بعضهم له موقوفا لمرين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أن الذي رفعه ثقة ‪ ،‬وهي زيادة منه ‪ ،‬فيجب قبولها ويؤيده‬
‫المر الثاني ‪ :‬أنه روي مرفوعا من الطريق الخر ‪ .‬أو يقول ‪ " :‬بسم ال ‪ ،‬وبال ‪ ،‬وعلى ملة‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم " ‪ .‬لحديث البياضي رضي ال عنه عن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم أنه قال ‪" :‬الميت إذا وضع في قبره‪ :‬فليقل الذين يضعونه حين يوضع في اللحد‪ :‬باسم‬
‫ال ‪ ،‬وبال على ملة رسول ال صلى ال عليه وسلم "‪.‬إخرجه الحاكم شاهدا للحديث الذي قبله ‪.‬وإسناده حسن‬
‫‪- 106‬ويستحب لمن عند القبر أن يحثو من التراب ثلث حثوات بيديه جميعا بعد الفراغ من سد‬
‫اللحد ‪،‬لحديث أبي هريرة ‪":‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم صلى على جنازة ثم آتي الميت‬
‫فحتى عليه من قبل رأسه ثلثا"‪.‬أخرجه ابن ماجه (‪ )1/474‬بإسناد قال (‪ " : )5/292‬جيد " ‪.‬لكن قال الحافظ‪ ":‬ظاهره‬
‫الصحة " ‪.‬ثم ذكر أنه معلول بعنعقة بعض رواته كما بينته في " التعليقات الجياد "‪،‬لكن الحديث قوي بما له من الشواهد‪ ،‬وقد‬

‫‪ 128‬هو حماد بن أبي سليمان من شيوخ أبي حنيفة كما في " فتح القدير " وغيره ‪ ،‬وأقول ‪ :‬بل الظاهر أنه أبو حنيفة نفسه بدليل قول الشافعي التي ‪ " :‬حتى‬
‫روى عن حماد " فهذا صريح أنه غير حماد وإنما هو أبو حنيفة ‪.‬‬
‫‪ 129‬وما دل عليه هذا الحديث الموقوف ثم المرفوع قبله هو مذهب أحمد وعليه أكثر أصحابه كما في " النصاف " ( ‪ ) 544 / 2‬خلفا لحنفية ك ما سبق في‬
‫كلم الشافعي ‪ ،‬واحتج لهم ابن الهمام بحديث ابن عباس أنه صلى ال عليه وسلم دخل قبرا ‪ . .‬فأخذه من قبل القبلة ‪ . . .‬رواه الترمذي وقال ‪ " :‬حديث حسن " ‪.‬‬
‫قال ابن الهمام ( ‪ " : ) 470 / 1‬من أن فيه الحجاج بن أرطاة ومنها ل بن خليفة ‪ ،‬وقد اختلفوا فيهما ‪ ،‬قال ‪ :‬ذلك يحط الحديث عن درجة الصحيح ‪ ،‬ل الحسن "‬
‫‪ .‬قلت ‪ :‬بل ذلك يحطه عن درجة الحسن لن الحجاج مدلس وقد عنعنه ‪ ،‬وحديث المدلس المعنعن غير مقبول عند العلماء وهو أحد الحديثين اللذين ضفهما‬
‫البيهقي كما سبقت الشارة الى ذلك في أول المسألة ‪ ،‬ولذلك أنكر النووي ( ‪ ) 295 / 5‬على الترمذي تحسينه إياه فقال ‪ " :‬ل يقبل قول الترمذي فيه ‪ :‬إنه حسن‬
‫لن الحجاج بن أرطاة ضعيف باتفاق المحدثين " ‪ .‬وقال الزيلعي ‪ ) 300 / 2 ( :‬بعد أن حكى قول الترمذي ‪ " :‬وأنكر عليه لن مداره على حجاج بن أرطاة ‪،‬‬
‫وهو مدلس ولم يذكر سماعا ‪ ،‬ومنهال ضعفه ابن معين ‪ " . . .‬قلت ‪ :‬فهذا هو الحق عند من ينصف أن هذا الحديث ضعيف وحديث عبد ال بن يزيد صحيح ‪،‬‬
‫ومن الغرائب أن ابن الهمام سلم بصحته ‪ ،‬ولكنه رده من أصله بحجة أنه فعل صحابي ظن السنة ذلك ! يقول هذا مع أن مذهبه أن قول الصحابي ‪ ،‬السنة كذا في‬
‫معنى الحديث المسند كما نقلناه عنه في المسألة (‪( )77‬ص ‪)120‬وراجع المسإلة (‪ ()73‬ص ‪ )109،110‬فقيه رد على نوع آخر من التعصب وتخطئة الصحابة‬
‫بدون حجة !‬

‫‪75‬‬
‫ذكرها الحافظ في " تلخيص الحبير"(‪ )5/222‬فليراجعها من شاء‪،‬ثم تبى نلي أن العلل المشار إليه غير قادح‪،‬كما حققته في‬
‫الرواء (‪.130)743‬‬
‫‪ - 107‬ويسن بعد الفراغ من دفنه أمور ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أن يرفع القبر عن الرض قليل نحو شبر ‪،‬ول يسوى بالرض ‪ ،‬وذلك ليتميز فيصان‬
‫ول يهان لحديث جابر رضي ال عنه ‪ ":‬أن النبي صلى ال عليه وسلم ألحد له لحد ‪ ،‬ونصب‬
‫اللبن نصبا ‪،‬ورفع قبره من الرض نحوا من شبر "‪.‬رواه ابن حبان في " صحيحه " (‪ )2160‬والبيهقي (‬
‫‪ )3/410‬وإسناده حسن ‪.‬‬
‫وله شاهد عن صالح بن أبي صالح قال ‪ " ،‬رأيت قبر رسول ال صلى ال عليه وسلم شبرا أو‬
‫نحو شبر " ‪ .‬رواه أبو داود في " المراسيل " ‪.‬‬
‫ويؤيده ما سيأتي من النهي عن الزيادة على التراب الخارج من القبر ‪ ،‬فإن من المعلوم أنه يبقى‬
‫بعد الدفن على القبر التراب الذي أخرج من القبر ‪ ،‬فإن من المعلوم أنه يبقى بعد الدفن على‬
‫القبر التراب الذي أخرج من اللحد الذي شغله جسم الميت ‪ ،‬وذلك يساوي القدر المذكور في‬
‫الحديث تقريبا ‪.131‬‬
‫الثاني ‪ :‬أن يجعل مسنما ‪ ،‬لحديث سفيان التمار قال ‪ ":‬رأيت قبر النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫( وقبر أب بكر وعمر ) مسنما " ‪ .‬أخرجه البخاري (‪ )199-3/198‬والبيهقي (‪ . )4/3‬ورواه ابن أبي شيبة وأبو نعيم‬
‫في " المستخرج " كما في " التلخيص " والزيادة لهما ‪.‬‬
‫ول يعارض ذلك ما روى عن القاسم قال ‪ " :‬دخلت على عائشة فقلت ‪ :‬يا أمة آكشفى لي عن‬
‫قبر النبي صلى ال عليه وسلم وصاحبيه رضي ال عنهما ‪ ،‬فكشفت لي عن ثلثة قبور ل‬
‫مشرفة ول لطئعة ‪ ،‬مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء " ‪ .‬أخرجه أبو داود (‪ )2/70‬والحاكم (‪)1/369‬‬
‫وعنه البيهقي (‪ )4/3‬وابن حزم (‪ )5/134‬من طريق عمرو بن عثمان بن هاني عن القاسم به ‪ ،‬وقال الحاكم ‪ " :‬صحيح السناد "‬
‫! ووافقه الذهبي ! وأما البيهقي فقال ‪ " :‬إنه أصح من حديث سفيان التمار " ! ! وقد رد عليه ابن التركماني ‪ " :‬هذا خلف‬
‫اصطلح أهل هذا الشأن ‪،‬بل حديث التمار أصح لنه مخرج في صحيح البخاري ‪،‬وحديث القاسم لم يخرج في شئ من الصحي"‬
‫قلت ‪ :‬هذا الرد ل يكفي قد يكون إسناد الحديث المخالف لحديث البخاري أصح وأقوى من سند‬
‫البخاري ‪ ،‬فل يتم ترجيح حديث التمار إل ببيان علة حديث القاسم أو على القل بيان إنه دونه‬
‫في الصحة ‪،‬وهو الواقع هنا فإن علته عمرو بن عثمان ابن هانئ‪ ،‬وهو مستور كما قال الحافظ‬
‫في "التقريب" ولم يوثقه أحد ألبتة ‪،‬فتصحيح الحاكم لحديثه من تساهله المعروف ‪ ،‬ومتابعة الذهبي‬
‫له من أوهامه الكثيرة التي ل تخفى على من تتبع كلمه في " تلخيص المستدرك " ‪.‬‬

‫‪ 130‬وأما استحباب بعض المتأخرين من الفقهاء أن يقول في الحثية الولى ( منها خلقناكم ) ‪ ،‬وفي الثانية ( وفيها نعيدكم ) ‪ ،‬وفي الثالثة ( ومنها نخرجكم تارة‬
‫أخرى ) فل أصل له في شئ من الحاديث التي أشرنا إليها في العلى ‪ :‬وأما قول النووي ( ‪ : ) 294 - 293 / 5‬وقد يستدل له بحديث أبي أمامة رضي ال‬
‫عنه قال ‪ " :‬لما وضعت أم كلثوم بنت رسول ال صلى ال عليه وسلم في القبر قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬منها خلقنا كم ‪ ،‬وفيها نعيدكم ‪ ،‬ومنها‬
‫تخريجكم تارة أخرى ) " ‪ ،‬رواه المام أحمد من رواية عبيد ال بن زحر عن علي بن زيد بن جدعان عن القاسم ‪ ،‬وثلثتهم ضعفاء لكن يستأنس بأحاديث‬
‫الفضائل وإن كانت ضعيفة السناد ‪ ،‬ويعمل ها في الترغيب والترهيب ‪ ،‬وهذا مها ‪ ،‬وال أعلم " ‪ .‬فالجواب عليه من وجه ‪ :‬الول ‪ :‬أن الحديث ليس فيه‬
‫التفصيل المزعوم استحبابه فل حجة فيه أصل لو صح سنده ‪ .‬الثاني ‪ :‬أن التفصيل المذكور لم يثبت في الرع أنه من فضائل العمال حتى يقال يعمل بهذا‬
‫الحديث لنه في فضائل العمال ‪ ،‬بل إن تجويز العمل به معناه إثبات مشروعية عمل بحديث ضعيف وذلك ل يجوز لن المشروعية أقل درجاتها الستحباب ‪:‬‬
‫وهو حكم م الحكام الخمسة التي ل تثبت إل بدليل صحيح ‪ ،‬ول يجدي فيها الضعيف باتفاق العلماء ‪ .‬الثالث أن الحديث ضعيف جدا ‪ ،‬بل هو موضوع في نقد‬
‫ابن حبان ‪ ،‬فإنه في " مسند أحمد " ( ‪ ) 254 / 5‬من طريق عبيد ال بن زحر عن علي بن يزيد ‪ ،‬وهو اللهاني وقول النووي " علي بن زيد بن جدعان " خطأ‬
‫‪ ،‬لمخالفته لما في " المسند " قال ابن حبان ‪ " :‬عبيد ال بن زحر ‪ ،‬يروي الموضوعات عن الثبات ‪ ،‬وإذا روى عن علي بن يزيد أتي بالطامات ‪ ،‬وإذا اجتمع‬
‫في إسناد خبر عبيد ال وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبد الرحمن لم يكن ذلك الخبر إل مما عملته أيديهم " ! ابن حجر في " تبيين العجب فيما ورد في فضل‬
‫رجب " ‪.‬‬
‫‪ 131‬قال الشافعي في " الم " ( ‪ ) 246 - 245 / 1‬ما مختصره ‪ " :‬وأحب أن ل يزاد في القبر تراب من غيره ‪ ،‬لنه إذا زيد ارتفع جدا ‪ ،‬وإنما أحب أن يشخص‬
‫على وجه الرض شبرا أو نحوه " ‪ .‬ونقل النووي في " المجموع " ( ‪ ) 296 / 5‬اتفاق أصحاب الشافعي على استحباب الرفع ‪ ،‬بالقدر المذكور‬

‫‪76‬‬
‫ثم إنه لو صح فليس معارضا لحديث التمار لن قوله " مبطوح " ليس معناه مسطح بل ملقى فيه‬
‫البطحاء وهو الحصى الصغيرة كما في " النهاية "‪،‬وهو ظاهر في الخبر نفسه‪" :‬مبطوحة ببطحاء‬
‫العرصة الحمراء فهذا ل ينافي التسنيم‪،‬وبهذا جمع ابن القيم بين الحديثين فقال في " الزاد " ‪:‬‬
‫"وقبره مسنم مبطوح ببطحاء العرصة ‪،‬الحمراء ‪ ،‬لمبني ول مطين ‪،‬وهكذا كان قبر صاحبيه "‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أن يعلمه بحجر أو نحوه ليدفن إليه من يموت من أهله ‪ ،‬لحديث المطلب ابن أبي وادعة‬
‫رضي ال عنه قال ‪ " :‬لما مات عثمان بن مظعون أخرج بجنازته فدفن ‪ ،‬أمر النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم رجل أن يأتيه بحجر فلم يستطع حمله ‪ ،‬فقام إليها رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫وحسر عن ذراعية ‪ ،‬قال المطلب‪ :‬قال الذي يخبرني عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬كأني‬
‫أنظر إلى بياض ذراعي رسول ال صلى ال عليه وسلم حين حسر عنهما ‪ ،‬ثم حملها فوضعها‬
‫عند رأسه ‪ ،‬وقال ‪ :‬أتعلم بها قبر أخي ‪،‬وأدفن إليه من مات من أهلي "‪.‬أخرجه أبو داود (‪)2/69‬وعنه‬
‫البيهقي (‪ )3/412‬بسند حسن كما قال الحافظ (‪ ، )5/229‬والمطلب صحابي معروف أسلم يوم الفتح ‪ .‬وله شاهدان ذكرتهما في "‬
‫التعليقات الجياد " ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬أن ل يلقن الميت التلقين المعروف ليوم ‪ ،‬لن الحديث الوارد فيه ل يصح‪132‬بل يقف‬
‫على القبر بدعو له بالتثبيت ‪ ،‬ويستغفر له ‪ ،‬ويإمر الحاضرين بذلك لحديث عثمان بن عفان‬
‫رضى ال عنه قال ‪ ":‬كان النبي صلى ال عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال ‪:‬‬
‫استغفروا لخيكم‪،‬وسلوا له التثبيت ‪،‬فإنه الن يسإل"‪.‬أخرجه أبو داود (‪ )2/70‬والحاكم(‪1/370‬والبيهقي (‪)4/56‬‬
‫وعبد ال بن أحمد في " زوائد الزهد "(ص ‪ )129‬وقال الحاكم ‪ " :‬صحيح السناد " ‪ ،‬ووافقه الذهبي ‪ :‬وهو كما قال ‪ ،‬وقال‬
‫النووي (‪ " :5/292‬إسناده جيد " ‪.‬‬
‫‪ - 108‬ويجوز الجلوس عنده أثناء الدفن تذكير الحاضرين بالموت وما بعده ‪ ،‬لحديث البراء بن‬
‫عازب قال ‪ " :‬خرجنا مع النبي صلى ال عليه وسلم في جنازة رجل من النصار ‪،‬فانتهينا إلى‬
‫القبر ولما يلحد‪،‬فجلس رسول ال صلى ال عليه وسلم ( مستقبل القبلة ) ‪ ،‬وجلسنا حوله ‪ ،‬وكأن‬
‫على رؤوسنا الطير ‪،‬وفي يده عوده ينكت في الرض‪ ( ،‬فجعل ينظر إلى السماء ‪ ،‬وينظر إلى‬
‫الرض ‪ ،‬وجعل يرفع بصره ويخفضه ‪،‬ثلثا ) ‪ ،‬فقال ‪ :‬استعيذوا بال من عذاب القبر ‪ ،‬مرتين ‪،‬‬
‫أو ثلثا ‪ ( ،‬ثم قال ‪ :‬اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ) ( ثلثا ) ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬إن العبد المؤمن إذا‬
‫كان في انقطاع من الدنيا ‪ ،‬وإقبال من الخرة ‪ ،‬نزل إليه ملئكة من السماء ‪ ،‬بيض الوجوه ‪،‬‬
‫كأن وجوههم الشمس‪،‬معهم كفن من أكفان الجنة ‪ ،‬وحنوط‪133‬من حنوط الجنة ‪ ،‬حتى يجلسوا منه‬
‫مد البصر ‪ ،‬ثم يجيئ ملك الموت عليه السلم‪134‬حتى يجلس عند رأسه فيقول ‪:‬أيتها النفس الطيبة‬
‫( وفي رواية ‪ :‬المطمئنة ) ‪ ،‬أخرجي إلى مغفرة من ال ورضوان‪،‬قال ‪ :‬فتخرج تسيل كما تسيل‬
‫القطرة من في السقاء‪،‬فيأخذها ‪( ،‬وفي رواية ‪ :‬حتى إذا خرجت روحه صلى ال عليه كل ملك‬
‫بين السماء والرض ‪ ،‬وكل ملك في السماء‪،‬وفتحت له أبواب السماء ‪ ،‬ليس من أهل باب إل‬
‫وهم يدعون ال أن يعرج بروحه من قبلهم ) ‪ ،‬فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى‬
‫يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن‪،‬وفي ذلك الحنوط ‪ ( ،‬فذلك قوله تعالى ‪ {:‬توفته رسلنا وهم ل‬

‫‪ 132‬وكذا قال ابن القيم في " زاد المعاد " ( ‪ ، ) 206 / 1‬وضعفه النووي وغيره كما ذكرته في " التعليقات الجياد " ‪ ،‬وقال الصنعاني في " سبل السلم " ( ‪- 2‬‬
‫‪ : ) 161‬ثم حققت القول فيه في " سلسلة الحاديث الضعيفة " ( ‪ " ) 599‬ويحتمل من كلم أئمة ل تحقيق أنه حديث ضعيف ‪ ،‬والعمل به بدعة ‪ ،‬ول يغتر‬
‫بكثرة من يفعله " ‪ .‬ويعجبني منه قوله ‪ " :‬والعمل به بدعة " ‪ ،‬وهذه حقيقة طالما ذهل عنها العلماء ‪ ،‬فإنهم يشرعون بمثل هذا الحديث كثيرا من المور‬
‫ويستحبونها اعتمادا منهم على قاعدة " يعمل بالحديث الضعيف في فضائل العمال " ولم يتنبهوا إلى أن محلها فيما ثبت بالكتاب والسنة مشروعيته وليس‬
‫بمجرد الحديث الضعيف ‪ ،‬وقد سبق لهذا مثال في التعليق ( ص ‪ . ) 153‬وأذكر إن للمام الشاطبي في " الموافقات " كلما جيدا حول هذه القاعدة فليراجع ‪.‬‬
‫‪ 133‬بفتح المهملة ما يخلط من لطيب لكفان الموتى وأجسامهم خاصة ‪.‬‬
‫‪ 134‬قلت ‪ :‬هذا هو اسمه في الكتاب والسنة (ملك الموت) ‪ ،‬وأما تسميته (بعزرائيل) فمما ل أصل له‪،‬خلفا لما هو المشهور عند الناس ‪ ،‬ولعله من السرائيليات!‬

‫‪77‬‬
‫يفرطون} ‪،‬ويخرج منها كأطيب نفحة مسلك وجدت على وجه الرض ‪ ،‬قال ‪ :‬فيصعدون بها فل‬
‫يمرون ‪ -‬يعن‪-‬بها على مل من الملئكة إل قالوا ‪:‬ماهذا الروح الطيب ؟فيقولون ‪:‬فلن ابن فلن‬
‫‪-‬بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا ‪،‬حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا‪ ،‬فيستفتحون‬
‫له ‪ ،‬فيفتح لهم ‪ ،‬فيشيعه م نكل سماء مقربوها ‪ ،‬إلى المساء التي تليها ‪،‬حتى ينتهي به إلى السماء‬
‫السابعة ‪ ،‬فيقول ال عزوجل ‪{ :‬اكتبوا كتاب عبدي في عليين ‪ ،‬وما أدراك ما عليون ‪:‬كتاب‬
‫مرقوم يشهده المقربون} ‪ ،‬فيكتب كتابه في عليين ‪ ،‬ثم يقال )‪:‬أعيدوه إلى الرض ‪،‬فإني ( وعدتهم‬
‫أني ) منها خلقتهم ‪ ،‬وفهيا أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى ‪ ،‬قال ‪ :‬فـ( يرد إلى الرض ‪،‬و)‬
‫تعاد روحه في جسده‪ (،‬قال ‪:‬فانه يسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه ) ( مدبرين)‪.‬فيأتيه ملكان‬
‫( شديدا النتهار )فـ( ينتهرانه‪ ،‬و) يجلسانه فيقولن له ‪ :‬من ربك ؟ فيقول ‪ :‬ربي ال ‪ ،‬فيقولن‬
‫له ‪ :‬ما دينك ؟ فيقول ‪ :‬ديني السلم فيقولن له ‪ :‬ما هذا الرجل الذي بعثت فيكم ؟ فيقول ‪ :‬هو‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فيقولن له ‪ :‬وما عملك ؟ فيقول ‪ :‬قرأت كتاب ال فآمنت به ‪،‬‬
‫وصدقت ‪ ( ،‬فينتهره فيقول ‪ :‬من ربك ؟ ما دينك ؟من نبيك ؟وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن‬
‫‪ ،‬فذلك حين يقول ال عزوجل ( يثبت ال الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا ) ‪ ،‬فيقول ‪:‬‬
‫ربي ال ‪،‬وديني السلم ‪،‬ونبيي محمد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فينادي مناد في السماء ‪ :‬أن صدق‬
‫عبدي ‪ ،‬فافرشوه من الجنة ‪ ،‬وألبسوه م نالجنة ‪ ،‬وافتحوا له بابا إلى الجنة ‪ ،‬قال ‪ :‬فيإتيه من‬
‫روحها وطيبها ‪ ،‬ويفسح له في قبره مد بصره ‪ ،‬قال ‪ :‬ويأتيه ( وفي رواية ‪ :‬يمثل له )رجل حسن‬
‫الوجه ‪ ،‬حسن الثياب‪ ،‬طيب الريح ‪،‬فيقول ‪:‬ابشر بالذي يسرك ‪ (،‬ابشر برضوان من ال‪ ،‬وجنات‬
‫فيها نعيم مقيم)‪ ،‬هذا يومك الذي كنت توعد ‪ ،‬فيقول له ‪ ( :‬وأنت فبشرك ال بخير ) من أنت‬
‫فوجهك الوجه يجيئ بالخير ‪ ،‬فيقول ‪ :‬أنا عملك الصالح ( فوال ما علمتك إل كنت سريعا في‬
‫إطاعة ال ‪ ،‬بطيئا في معصية ال‪،‬فجزاك ال خيرا ) ‪،‬ثم يفتح له باب من الجنة‪ ،‬وباب من‬
‫النار ‪،‬فيقال‪:‬هذا منزلك لو عصيت ‪ ،‬ال ‪ ،‬أبد لك ال به هذا فإذا رأى ما في الجنة قال ‪ :‬رب‬
‫عجل قيام الساعة ‪ ،‬كيما أرجع إلى أهل ومالي ‪ ( ،‬فيقال له ‪ :‬اسكن ) ‪،‬قال‪ :‬وإن العبد الكافر(‬
‫وفي رواية ‪ :‬الفاجر )إذا كان في انقطاع من الدنيا‪،‬وإقبال من الخرة ‪ ،‬نزل إليه من السماء‬
‫ملئكة ( غلظ شداد )‪،‬سود الوجوه‪،‬معهم المسوح‪ (135‬من النار)‪ ،‬فيجلسون منه مد البصر ‪ ،‬ثم‬
‫يجيئ ملك الموت حتى يجلس عند رأسه ‪ ،‬فيقول ‪ :‬إيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من ال‬
‫وغضب ‪ ،‬قال‪:‬فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفو ( الكثير الشعب ) من الصوف‬
‫المبلول‪ (،‬فتقطع معها العروق والعصب )‪ ( ،‬فيلعنه كل ملك بين السماء والرض ‪ ،‬وكل ملك في‬
‫السماء وتغلق أبواب السماء ‪ ،‬ليس من أهل باب إل وهم يدعون ال أل تعرج روحه من قبلهم )‪،‬‬
‫فيأخذها‪،‬فإذا أخذها‪ ،‬لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ‪،‬وبخرج منها‬
‫كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الرض ‪ ،‬فيصعون بها ‪ ،‬فل يمرون بها على مل من‬
‫الملئكة إل قالوا ‪ :‬ما هذا الروح الخبيث ؟ فيقولون ‪ :‬فلن ابن فلن ‪ -‬بأقبح أسمائه التي كان‬
‫يسمى بها في الدنيا ‪ ،‬حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا فيستفتح له ‪ ،‬فل يفتح له ‪ ،‬ثم قرأ رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬ل تفتح لهم أبواب السماء ول يدخلون الجنة ‪،‬حتى يلج الجمل في سم‬
‫الخياط )‪136‬فيقول ال عزوجل ‪{:‬اكتبوا كتابه في سجين ‪،‬في الرض السفلى }‪ (،‬ثم يقال ‪:‬أعيدوا‬
‫عبدي إلى الرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم ‪ ،‬وفيها أعيدهم ‪ ،‬ومنها أخرجهم تارة أخرى‬
‫‪ 135‬جمع المسح ‪ ،‬بكسر الميم ‪ ،‬وهو ما يلبس من نسيج الشعر على البدن تقشفا وقهرا للبدن ‪.‬‬
‫‪ 136‬أي ثقب البرة ‪ ،‬والجملى هو الحيوان المعروف ‪ ،‬وهو ما أتى عليه تسع سنوات‬

‫‪78‬‬
‫) ‪ ،‬فتطرح روحه ( من السماء) طرحا (حتى تقع في جسده) ثم قرأ{ ومن يشرك بال ‪ ،‬فكأنما خر‬
‫من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق } ‪ ،‬فتعاد روحه في جسده ‪ ( ،‬قال‬
‫‪ :‬فإنه ليسمع خفق نعال أصحابه إذا ولو عنه ) ‪ .‬ويأتيه ملكان ( شديدا النتهار‪،‬فينتهرانه‪،‬و )‬
‫يجلسانه ‪ ،‬فيقولن له ‪ :‬من ربك ؟ ( فيقول ‪:‬هاه هاه‪137‬ل أدري‪ ،‬فيقول له ‪ :‬ما دينك ؟ فيقول ‪:‬‬
‫هاه هاه ل آدري ) ‪ ،‬فيقولن ‪ :‬فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم ) فل يهتدي لسمه ‪ ،‬فيقال‬
‫‪ :‬محمد ! فيقول ) هاه هاه ل أدري ( سمعت الناس يقولون ذاك ! قال ‪ :‬فيقال ‪ :‬ل دريت ) ‪ ( ،‬ول‬
‫تلوت ) ‪ ،‬فينادي مناد من السماء أن كذب ‪ ،‬فافشروا له من النار ‪ ،‬وافتحوا له ا إلى النار ‪،‬‬
‫فيإتيه من حرها وسمومها ‪ ،‬ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلعه ‪ ،‬ويأتيه ( وفي رواية‬
‫‪:‬ويمثل له ) رجل قبيح الوجه ‪ ،‬قبيح الثياب ‪ ،‬منتن الريح ‪ ،‬فيقول ‪ :‬أبشر بالذي يسوؤك ‪ ،‬هذا‬
‫يومك الذي كنت توعد ‪ ،‬فيقول ( وأنت فبشرك ال بالشر ) من أنت ؟ فوجهك الوجه يجيئ بالشر‬
‫؟ فيقول ‪ :‬أنا عملك الخبيث ؟( فو ال ما علمت إل كنت بطيئا عن طاعة ال ‪ ،‬سريعا إلى مصية‬
‫ال )‪ (،‬فجزاك ال شرا‪ ،‬ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة! لو ضرب بها جبل كان‬
‫ترابا ‪ ،‬فيضربه ضربة حتى يصير بها ترابا ‪،‬ثم يعيده ال كما كان ‪ ،‬فيضربه ضربة‬
‫أخرى‪،‬فيصيح صيحة يسمعه كل شئ إل الثقلين‪،‬ثم يفتح له باب من النار ‪ ،‬يمهد من فرش النار )‬
‫‪ .‬فيقول ‪:‬رب ل تقم الساعة " ‪.‬أخرجه أبو داود (‪ )2/281‬والحاكم (‪ )40-1/37‬والطيالسي ( رقم ‪753‬وأحمد (‪4/287‬‬
‫‪،288‬و ‪288‬و ‪295‬و ‪ )296‬والسياق له والجري في " الشريعة " (‪. )370-367‬‬
‫وروى النسائي (‪ )1/282‬وابن ماجه (‪ )470-1/469‬القسم الول منه إلى قوله ‪:‬وكأن على رؤوسنا الطير "‪ .‬وهو رواية لبي‬
‫داود (‪ )2/70‬بأخصر منه وكذا أحمد (‪ )4/297‬وقال الحاكم‪ " :‬صحيح على شرط الشيخين"‪.‬‬
‫وأقره الذهبي ‪،‬وهو كما قال ‪ ،‬وصححه ابن القيم في "إعلم الموقعين"(‪ "،)1/214‬تهذيب السنن "(‪،)4/337‬ونقل فيه تصحيحه عن‬
‫‪138‬‬
‫أبي نعيم وغيره‬
‫‪-109‬ويجوز إخراج الميت من القبر لغرض صحيح ‪ ،‬كما لو دفن قبل غسله وتكفينه ونحو ذلك‬
‫‪ ،‬لحديث جابر بن عبد ال قال‪:‬أتي رسول ال صلى ال عليه وسلم عبد ال بن أبي بعد ما أدخل‬
‫حفرته ‪،‬فأمر به فأخرج ‪،‬فوضعه على ركبتيه ‪،‬ونفث عليه من ريقه ‪،‬وألبسه قميصه ( قال جابر‪:‬‬
‫‪139‬‬
‫وصلى عليه ) ‪،‬فال أعلم ‪،‬وكان كسا عباسا قميصا )" أخرجه البخاري (‪)3/167‬والسياق مع الزيادة الخيرة‬
‫له‪،‬ومسلم (‪)8/120‬والنسائي (‪)1/284‬والزيادة الولى له ‪،‬وابن الجارود (‪)260‬والبيهقي (‪ )3/402‬وأحمد (‪ )3/381‬من طريق‬
‫عمرو بن دينار سمعه من جابر ‪.‬‬
‫وله طريق أخرى ‪ :‬عن أبي الزبى عن جابر قال ‪ " :‬لما مات عبد ال بن أبي ‪ ،‬أتي ابنه النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬يا رسول ال إن لم تأته لم نزل نعير بهذا ‪ ،‬فأتاه النبي صلى ال‬

‫‪ 137‬هي كلمة تقال في الضحك وفي اليعاد ‪ ،‬وقد تقال للتوجع ‪ ،‬وهو أليق بمعنى الحديث وال أعلم ‪ ،‬كذا في " الترغيب " ‪.‬‬
‫‪ 138‬والزيادة الولى لبي داود وابن ماجه والحاكم ‪ ، ،‬والثانية لحمد والطيالسي ‪ ،‬والثالثة له والحاكم ‪ ،‬والرابعة لحد ‪ ،‬والخامسة ‪ ،‬وله السادسة والثامنة ‪،‬‬
‫والسابعة للحاكم ‪ ،‬والثامنة للطيالسي ‪ ،‬والتاسعة لحمد لبي داود والحادية عشر والثانية عشر للطيالسي ‪ ،‬والثالثة عشر لحمد والرابعة عشر الطيالسي‬
‫والخامسة عشر له وكذا أحمد ‪ ،‬والسادسة عشر له أيضا ولحمد نحوه ‪ ،‬وله السابعة عشر والثامنة عشر والتاسعة عشر والعشرون والواحدة والعشرون ‪،‬‬
‫والحاكم الخيرتان منها ‪ ،‬والثانية والعرون لحمد والثالثة والعشرون والخامسة والعشرون للحاكم ‪ ،‬والرابعة والشعرون للطيالسي والسادسة والعشرون‬
‫لحمد ‪ ،‬والسابعة والعشرون للطيالسي ‪ ،‬والثامنة والعشرون لبي داود ‪ ،‬والتاسعة والثلثون للطيالسي ‪ ، ،‬ولحمد الزيادات الباقية والثالثة والثلثون منها‬
‫للطيالسي ولفظها له وأما الرواية الثانية فهي للحاكم ‪ ،‬ولحمد الثالثة ‪ ،‬وللحاكم والطيالسي الرابعة والخامسة والسادسة ‪.‬‬
‫‪ 139‬يعني بالحكمة التي من أجلها فعل صلى ال عليه وسلم ذلك بابن أبي مع كونه كان منافقا كما تقدم في المسألة ( ‪ ، ) 60‬والظاهر أن هذا كان قبل نزول قوله‬
‫تعالى ( ول تصل عل يأحد منهم مات أبدا ‪ ،‬ول تقم على قبره ) الية ‪ ،‬وحينئذ يمكن فهم الحكمة مما علقناه هناك ‪.‬‬
‫يعني العباس بن عبد المطلب عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وذلك يوم بدر ‪ ،‬لما أتي بالساري ‪ ،‬وأتى بالعباس ‪ ،‬ولم يكن عليه ثوب ‪ ،‬فوجدوا قميص عبد ال‬
‫بن أبي ‪ ،‬فكساه النبي صلى ال عليه وسلم إياه ‪ ،‬فلذلك ألبسه النبي صلى ال عليه وسلم قميصه ‪ ،‬هكذا ساقه البخاري في " الجهاد " ‪ ،‬فيمكن أن يكون هذا هو‬
‫السبب في لباسه‬
‫قميصه ‪ .‬ويمكن أن يكون السببب ما أخرجه البخاري أيضا في " الجنائز " أن ابن عبد ال المذكور قال ‪ :‬يا رسول ال ألبس أبي قميصك الذي يلي جلدك ‪ ،‬وفي‬
‫رواية أنه قال ‪ :‬اعطني قميصك أكفنه فيه ‪ -‬ويمكن أن يكون السبب هو المجموع ‪ :‬السؤال والمكافاة ‪ ،‬ول مانع من ذلك ‪ ،‬كذا في " نيل الوطار " ويمكن أن‬
‫يكون السبب هو المجموع ‪ :‬السؤال والمكافأة ‪ ،‬ول مانع ما ذلك ‪ .‬كذا في " نيل الوطار " ( ‪. ) 97 - 4‬‬

‫‪79‬‬
‫عليه وسلم فوجده قد أدخل في حفرته ‪ ،‬فقال‪ :‬أفل قبل إن تدخلوه؟ فأخرج من حفرته فتفل عليه‬
‫من قرنه إلى قدمه‪،‬وألبسه قميصه " ‪.‬أخرجه أحمد (‪ )3/371‬والطحاوي في " المشكل " (‪ )1/14/15‬بسند على شرط‬
‫مسلم ‪ ،‬لكن أبو الزبير مدلس وقد عنعه ‪.‬‬
‫‪ - 110‬ول يستحب للرجل أن يحفر قبره قبل أن يموت ‪ ،‬فإن النبي صلى ال عليه وسلم لم‬
‫يفعل ذلك هو ول أصحابه ‪ ،‬والعبد ل يدري أين يموت ‪ ،‬وإذا كان مقصود الرجل الستعداد‬
‫للموت ‪ ،‬فهذا يكون من العمل الصالح ‪.‬‬
‫كذا في " الختيارات العلمية " لشيخ السلم ابن تيمية رحمه ال تعالى ‪.‬‬

‫*********************‬

‫‪80‬‬
‫(‪)15‬‬
‫التعزية‬
‫‪ - 111‬وتشرع تعزية أهل الميت‪ ،140‬وفيه حديثان ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن قرة آلمزني رضي ال عنه قال ‪ " :‬كان نبي ال صلى ال عليه وسلم إذا جلس ‪،‬‬
‫يجلس إليه نفر من أصحابه‪،‬وفيهم رجل له ابن صغير ‪ ،‬يأتيه من خلف ظهره فيقعده بين يديه ‪( ،‬‬
‫فقال له النبي صلى ال عليه وسلم ‪ :‬تحبه ؟ فقال ‪ :‬يا رسول ال أحبك ال كما أحبه ! ) ‪ ،‬فهلك ‪،‬‬
‫فامتنع الرجل أن يحضر الحلقة ‪ ،‬لذكر ابنه ‪ ،‬فحزن عليه ‪ ،‬ففقده النبي صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬مالي ل أري فلنا ؟ فقالوا ‪:‬يا رسول ال بنية الذي رأيته هلك ‪ ،‬فلقيه النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ :‬فسأله عن بنيه ؟ فأخبره بأنه هلك ‪ ،‬فعزاه عليه ‪ ،‬ثم قال يا فلن ؟ أيما كان أحب‬
‫إليك ‪:‬أن تمتع به عمرك‪ ،‬أو ل تأتي غدا إلى باب من أبواب الجنة إلى وجدته قد سبقك إليه‬
‫يفتحه لك ؟ قال ‪:‬يا نبي ال ! بل يسبقني إلى باب الجنة فيفتحها إلى ‪ ،‬لهو أحب إلى ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫فذلك لك ‪ ( ،‬فقال رجل ( من النصار ) ‪ :‬يا رسول ال ( جعلني ال فداءك ة أله خاصة أو لكلنا ؟‬
‫قال ‪ :‬بل لكلكم ) " ‪.‬أخرجه النسائي (‪ )1/296‬والسياق له ‪ ،‬وابن حبان في " صحيحه " ‪ ،‬والحاكم (‪ )1/384‬وأحمد (‬
‫‪ )5/35‬وقال الحاكم ‪ " :‬صحيح السناد " ‪ ،‬ووافقه الذهبي ‪ ،‬وهو كما قال ‪.‬‬
‫وأخرج النسائي أيضا (‪ )1/264‬نحوه ‪،‬وكذا البيهقي (‪4/59‬و ‪ )60‬إل أنه لم يسبق أوله بتمامه‪،‬وعنده الزيادات كلها إلى الولى ‪.‬‬
‫وللحديث شاهد في " المجمع " (‪. )3/10‬‬
‫الثاني ‪ :‬عن أنس بن مالك رضي ال عنه عن النبي صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬من عزي‬
‫أخاه المؤمن في مصبته كساه ال حلة خضراء يجبرها بها يوم القيامة ‪ ،‬قيل ‪ :‬يا رسول ال ما‬
‫يجبر ؟ قال ‪ :‬يغبط " ‪.‬أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (‪ )7/397‬وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (‪ . )15/91/1‬وله‬
‫شاهد عن طلحة بن عبيد ال بن كريز مقطوعا ‪.‬‬
‫أخرجه ابن أبي سيبة في " المصنف " (‪ ، )4/164‬وهو حديث حسن بمجموع الطريقين كما بيته في " إرواء الغليل في تخريج‬
‫احاديث منار السبيل " رقم (‪. )756‬‬
‫واعلم أن الستدلل بهذين الحديثين ‪ -‬ل سيما الول منهما ‪-‬على التعزية أولى من الستدلل عليها بحديث ‪ " :‬من عزى مصابا‬
‫فله مثل أجره "‪،‬وإن جرى عليه جماهير المصنفين ‪ ،‬لنه حديث ضعيف من جميع طرقه كما بينه النووي في " المجموع "(‬
‫‪ )5/305‬والعسقلني في " التلخيص "(‪)5/251‬وفي " إرواء الغليل " (رقم ‪.)757‬‬
‫‪- 112‬ويعزيهم بما يظن أنه يسليهم‪،‬ويكف من حزنهم ‪،‬ويحملهم على الرضا والصبر ‪ ،‬مما‬
‫يثبت عنه صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬إن كان يعلمه ويستحضره ‪ ،‬وإل فبما تيسر له من الكلم‬
‫الحسن الذي يحقق الغرض ول يخالف الشرع ‪ ،‬وفي ذلك أحاديث ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن أسامة بن زيد قال ‪ " :‬أرسلت إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم بعض ‪ ،‬بناته ‪:‬‬
‫أن صبيا لها ‪ ،‬أبنا أو ابنة ‪ (،‬وفي رواية ‪:‬أميمة بنت زينب)‪141‬قد احتضرت‪ ،‬فاشهدنا ‪،‬قال فأرسل‬
‫إليها يقرأها السلم ويقول ‪ ":‬إن ل ما أخذ ‪ ،‬و ( ل ) ما أعطي ‪ ،‬وكل شئ عنده إلى أجل مسمى‬
‫فالتصبر ‪ ،‬ولتحتسب " ‪.‬‬
‫فأرسلت تقسم عليه ( ليأتينها ) ‪ ،‬فقام‪،‬وقمنا ‪ ،‬فرفع الصبي إلى حجر ‪ -‬أو في حجر ‪ -‬رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ونفسه تقعقع ( كأنها في شنة ) وفي القوم سعد بن عبادة ‪(،‬ومعاذ بن جبل‪):‬‬
‫وأبي ( بن كعب ) أحسب ( وزيد بن ثابت‪،‬ورجال ) ففاضت عينا رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ ،‬فقال له سعد ‪ :‬ما هذا يا رسول ال ( وقد نهيت عن البكاء ) ؟ قال ‪ (:‬إنما ) هذه رحمة يضعها‬

‫‪ 140‬وهي الحمل على الصبر بوعد الجر ‪ ،‬والدعاء للميت والمصاب ‪.‬‬
‫‪ 141‬قلت ‪ :‬ثم عاشت أميمة هذه ( ويقال ‪ :‬أمامة ) حتى تزوجها علي بعد فاطمة رضي ال عنهم ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫ال في قلوب من يشاء من عباده‪ ،‬وإنما يرحم ال من عباده الرحماء " ‪.‬أخرجه البخاري (‪)122-3/120‬‬
‫ومسلم (‪ )3/39‬وأبو داود (‪ )2/58‬والنسائي (‪)1/263‬وابن ماجه (‪ )1/280‬والبيهقي (‪ )69-68-4/65‬وأحمد (‪-206-5/204‬‬
‫‪ )207‬والسياق له وكذا الرواية الثانية ‪ ،‬والزيادة الولى والسابعة والثامنة ‪ ،‬وهي جميعا عند البيهقي ‪،‬والزيادة الثانية للشيخين‬
‫والنسائي والبيهقي والثالثة لهم ‪ ،‬وكذا الرابعة والخامسة جميعا إل مسلما ‪ ،‬والسادسة للبخاري والنسائي ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذه الصيغة من التعزية وإن وردت فيمن شارف الموت فالتعزية بها فيمن قد مات أولى بدللة النص ‪ ،‬ولهذا قال‬
‫النووي في " الذكار " وغيره ‪ " :‬وهذا الحديث أحسن ما يعزي به " ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬عن بريدة بن الحصيب قال ‪ " :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يتعهد النصار ‪،‬‬
‫ويعودهم ‪ ،‬ويسأل عنهم ‪ ،‬فبلغه عن امرأة من النصار مات ابنها وليس لها غيره وأنها جزعت‬
‫عليه جزعا شديدا ‪ ،‬فأتاها النبي صلى ال عليه وسلم ( ومعه أصحابه ‪ ،‬فلما بلغ باب المرإة ‪،‬‬
‫قيل للمرأة ‪ :‬إن نبي ال يريد أن يدخل ‪ ،‬يعزيها ‪ ،‬فدخل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال ‪:‬‬
‫أما إنه بلغني أنك جزعت على ابنك ‪ ،‬فأمرها بتقوى ال وبالصبر ‪ ،‬فقالت ‪ :‬يا رسول ال ( مالي‬
‫ل أجزع و ) أني امرأة رقوب ل ألد ‪،‬ولم يكن لي غيره ؟ فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫الرقوب ‪ :‬الذي يبقى ولدها ‪،‬ثم قال‪ :‬مامن امرئ أو امرأة مسلمة يموت لها ثلثة أولد[ يحتسبهم]‬
‫إل أدخله ال ‪ :‬بهم الجنة‪،‬فقال عمر [ وهو عن يمين النبي صلى ال عليه وسلم ]‪ :‬بأبي أنت وأمي‬
‫واثنين ؟ قال‪:‬وأثنين ) ‪.‬أخرجه الحاكم (‪ )1/384‬وقال‪ (:‬صحيح السناد )‪،‬ووافقه الذهبي ‪.‬‬
‫قالت ‪ :‬بل هو على شرط مسلم فان رجاله كلهم رجال صحيحه ‪ ،‬لكن أحدهم فيه ضعف من قبل حفظه ‪ .‬لكن ل ينزل حديثه هذا‬
‫عن رتبه الحسن ‪.‬‬
‫والحديث أورده الهيثمي في (المجمع) (‪)3/8‬بنحوه والزيادات منه وقال‪(:‬رواه البزار ورجاله رجال الصحيح)‪.‬‬
‫الثالث ‪:‬قوله صلى ال عليه وسلم حينما دخل على أم سلمة رضي ال عنها عقب موت أبي سلمة‬
‫‪(:‬اللهم اغفر لبي سلمة‪،‬وارفع درجته في المهديين ‪،‬واخلفه في عقبه في الغابرين ‪ ،‬واغفر لنا‬
‫وله يا رب العالمين ‪ ،‬وافسح له في قبره ‪ ،‬ونور له فيه ) أخرجه مسلم وغيره ‪ ،‬وقد مضى بتمامه في المسألة‬
‫(‪( )17‬ص ‪. )12‬‬
‫الرابع ‪ :‬قوله صلى ال عليه وسلم في تعزيته عبد ال بن جعفر في أبيه ‪ (:‬اللهم اخلف جعفرا في‬
‫أهله ‪ ،‬وبارك لعبد ال في صفقة يمينه ‪ ،‬قالها ثلث مرات )‪.‬أخرجه أحمد بسند صحيح في أثناء حديث يأتي‬
‫بتمامه في المسألة التالية‪.142‬‬
‫‪ - 113‬ول تحد التعزية بثلثة أيام ل يتجاوزها ‪،‬بل متى رأى الفائدة في التعزية أتى بها ‪ ،‬فقد‬
‫ثبت عنه صلى ال عليه وسلم أنه عزى بعد الثلثة في حديث عبد ال بن جعفر رضي ال ثعالى‬
‫عنهما قال ‪ ( :‬بعث رسول ال صلى ال عليه وسلم جيشا استعمل عليهم زيد بن حارثة وقال ‪:‬‬
‫فإن قتل زيد أو استشهد فأميركم جعفر ‪ ،‬فإن قتل أو استشهد فأميركم عبد ال بن رواحة ‪ ،‬فلقوا‬
‫العدو ‪ ،‬فأخذ الراية زيد فقاتل حتى قتل ‪ ،‬ثم أخذ الراية جعفر فقاتل حتى قتل ‪ ،‬ثم أخدها عبد ال‬
‫فقاتل حتى قتل‪،‬ثم أخذ الراية خالد بن الوليد ففتح ال عليه ‪ ،‬وأتى خبرهم النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬فخرج إلى الناس فحمد ال وأثنى عليه وقال ‪ :‬إن اخوانكم لقوا العدو ‪ ،‬وإن زيدا أخذ‬
‫الراية فقاتل حتى قتل واستشهد ‪ ،‬ثم‪ ...‬ثم‪ ...‬ثم أخذ الراية سيف من سيوف ال خالد بن الوليد‬
‫ففتح ال عليه ‪ ،‬فأمهل ‪ ،‬ئم أمهل آل جعفر ثلثا أن يأتيهم ‪ ،‬ثم أتاهم فقال ‪ :‬ل تبكوا على أخي‬
‫بعد اليوم ‪ ،‬ادعوا لي ابني أخي ‪ ،‬قال ‪ :‬فجئ بنا كأنا أفرخ ‪ ،‬فقال ‪ :‬ادعو لي الحلق ‪ ،‬فجيئ‬
‫بالحلق ‪ ،‬فحلق رؤوسنا ثم قال ‪ :‬أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب ‪ .‬وأما عبد ال فشبيه خلقي‬

‫‪ 142‬وفي التعزية أحاديث أخرى ‪ ،‬ضربت صفحا عن ذكرها لضعفها ‪ ،‬وقد بينت ذلك في ( التعليقات الحياد ) منها حديث كتابة النبي صلى ال عليه وسلم إلى‬
‫معاذ بن جبل يعزيه بوفاة ابن له وهو موضوع كما قال الذهبي والعسقلني وغيرهما ‪ ،‬وذهل عن ذلك الشوكاني وتبعه صديق حسن خان فحسناه تبعا للحاكم !‬
‫فل يغتر بذلك ‪ ،‬فإن لكل جواد كبوة بل ‪ ،‬كبوات ‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫وخلقي ‪ ،‬ثم أخذ بيدي فأشالها فقال ‪ :‬اللهم اخلف جعفرا في أهله ‪ ،‬وبارك لعبد ال في صفقة‬
‫يمينه ‪ ،‬قالها ثلث مرات ‪ .‬قال ‪ :‬فجاءت أمنا فذكرت له يتمنا‪،‬وجعلت تفرح‪ 143‬له ‪،‬فقال ‪ :‬العيلة‬
‫تخافين عليهم وأما وليهم في الدنيا والخرة!؟) ‪.‬أخرجه أحمد (رقم ‪ )1750‬بإسناد صحيح على شرط مسلم ‪ ،‬ومن‬
‫طريقة الحاكم (‪ )298 /3‬قطعة منه‪،‬وروى أبو داود والنسائي منه قصة المهال ثلثا مع الحلق‪،‬وتقدم بعضه في المسألة (‪)18‬‬
‫(ص ‪ ، )21‬وقال الحاكم ‪ ( :‬صحيح السناد ) ‪ ،‬ووافقه الذهبي ‪.‬‬
‫وللحديث شاهد ذكره في المسند (‪ )3/467‬وفيه ضعف ‪.‬‬
‫وقد ذهب إلى ما ذكرنا من أن التعزية ل تحد بحد جماعة من أصحاب المام أحمد كما في (النصاف ) (‪ )564 /2‬وهو وجه‬
‫في المذهب الشافعي ‪ ،‬قالوا ‪ :‬لن الغرض الدعاء والحمل على الصبر والنهي عن الجزع ‪ ،‬وذلك يحصل مع طول الزمان ‪.‬‬
‫حكاه إمام الحرمين وبه قطع أبو العباس ابن القاص من أئمتهم ‪ ،‬وإن أنكره عليه بعضهم فإنما ذلك من طريق المعروف من‬
‫المذهب ل الدليل ‪ .‬انظر ( المجموع ) (‪. )5/306‬‬
‫‪ - 114‬وينبغي اجتناب أمرين وإن تتابع الناس عليهما ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الجتماع للتعزية في مكان خاص كالدار أو المقبرة أو المسجد ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬اتخاذ أهل ‪ ،‬الميت الطعام لضيافة الواردين للعزاء ‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫وذلك لحديث جرير بن عبد ال البجلى رضي ال عنه قال ‪ ( :‬كنا نعد ( وفي رواية ‪ :‬نرى )‬
‫الجتماع إلى أهل الميت ‪ ،‬وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة ) ‪.‬أخرجه أحمد (رقم ‪ )6905‬وابن ماجه (‬
‫‪ )1/490‬والرواية الخرى له وإسناده صحيح على شرط الشيخين في ‪ ،‬وصححه النووي (‪ )5/320‬والبوصيري في (الزوائد)‬
‫‪-115‬وإنما السنة أن يصنع أقرباء الميت وجيرانه لهل الميت طعاما يشبعهم‪ ،‬لحديث عبد ال‬
‫بن جعفر رضي ال عنه قال ‪ (:‬لما جاء نعي جعفر حين قتل قال النبي صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫اصنعوا لل جعفر طعاما ‪،‬فقد أتاهم أمر يشغلهم‪،‬أو أتاهم ما يشغلهم)‪ .‬أخرجه أبو داود (‪ )2/59‬والترمذي‬
‫(‪ )2/134‬وحسنه وابن ماجه (‪ ، )1/490‬وكذا الشافعي في ( الم ) (‪ )247 /1‬والدار قطني (‪ )194،197‬والحاكم (‪)1/372‬‬
‫والبيهقي (‪ )4/61‬وأحمد (‪ )1/175‬وقال الحاكم ‪ ( :‬صحيح السناد ) ‪ .‬ووافقه الذهبي ‪.‬‬
‫وصححه ابن السكن أيضا ‪ ،‬كما في ( التلخيص ) (‪ ، )5/253‬وهو عندي حديث حسن كما قال الترمذي ‪ ،‬فإن له شاهدا من‬
‫حديث أسماء بنت عميس ‪ ،‬وقد بينت ذلك في ( التعليقات الجياد ) ‪.‬‬
‫وقد ( كانت عائشة تأمر بالتلبين للمريض ‪ ،‬وللمحزون على الهالك‪،‬وتقول‪:‬إني سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪(:‬‬
‫إن التلبينة تجم‪145‬فؤاد المريض وتذهب ببعض الحزن )‪.‬أخرجه البخاري(‪ )120-10/119‬واللفظ له ومسلم(‪ )7/26‬والبيهقي(‪4/6‬‬
‫‪ )1‬وأحمد (‪.146)6/155‬‬
‫‪- 116‬ويستحب مسح رأس اليتيم وإكرامه‪ ،‬لحديث عبد ال بن جعفر قال‪(:‬لو رأيتني وقثم وعبيد‬
‫ال بن عباس ونحن صبيان نلعب ‪،‬إذ مر النبي صلى ال عليه وسلم على دابة فقال ‪ :‬إرفعوا هذا‬
‫إلي‪ ،‬قال فحملني أمامه ‪ ،‬وقال ‪ :‬لقثم ‪ :‬ارفعوا هذا إلي‪ ،‬فحمله وراءه ‪ ،‬وكان عبيد ال أحب ألى‬
‫عباس من قثم ‪ ،‬فما استحى من عمه أن حمل قثما وتركه ‪ ،‬قال ‪:‬ثم مسح على رأسي ثلثا‪ ،‬وقال‬
‫كلما مسح ‪ :‬اللهم اخلف جعفرا في ولده ‪ ،‬قال‪:‬قلت لعبد ال‪:‬ما فعل قثم ؟ قال ‪ :،‬استشهد ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫قلت ‪ :‬ال أعلم ورسوله بالخير ‪ ،‬قال ‪ :‬أجل ) ‪.‬أخرجه أحمد (‪ )1760‬والسياق له والحاكم (‪ )1/372‬والبيهقي (‬
‫‪ )4/60‬وإسناده حسن ‪ ،‬وقال الحاكم ‪ ( :‬صحيح ) ووافقه الذهبي ‪.‬‬

‫‪ 143‬أي تغمه وتحزنه من أفرحه إذا غمه وأزال عنه الفرح ‪ ،‬وأفرحه الدين أثقله ‪.‬‬
‫‪ 144‬قال النووي في ( المجموع ) ( ‪ ( : ) 306 / 5‬وأما الجلوس للتعزية ‪ ،‬فنص الشافعي والمصنف وسائر الصحاب على كراهته ‪ ،‬قالوا ‪ :‬يعني بالجلوس لها‬
‫أن يجتمع أهل الميت في بيت فيقصدهم من أراد التعزية ‪ ،‬قالوا ‪ :‬بل ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم فمن صادفهم عزاهم ‪ ،‬ول فرق بين الرجال والنساء في‬
‫كراهة الجلوس لها ) ونص المام الشافعي الذي أشار إليه النووي هو في كتاب ( الم ) ( ‪ ( : ) 248 / 1‬وأكره المآتم ‪ ،‬وهي الجماعة ‪ ،‬وإن لم يكن لهم بكاء ‪،‬‬
‫فإن ذلك يجدد الحزن ‪ ،‬ويكلف المؤنة ‪ ،‬مع ما مضي فيه من الثر ) ‪ .‬كأنه يشير إلى حديث جرير هذا ‪ ،‬قال النووي ‪ ( :‬واستدل له المصنف وغيره بدليل آخر‬
‫وهو أنه محدث ) ‪ .‬وكذا نص ابن الهمام في شرح الهداية ( ‪ ) 473 / 1‬على كراهة اتخاذ الضيافة من الطعام من أهل الميت وقال ‪ ( :‬وهي بدعة قبيحة ) ‪ .‬وهو‬
‫مذهب الحنابلة كما في ( النصاف ) ( ‪. ) 565 / 2‬‬
‫‪ 145‬أي تريحه ‪ ،‬والتلبينة ‪ :‬حساء يعمل من دقيق أو نخالة ‪ ،‬وربما جعل فيها عسل ‪.‬‬
‫‪ 146‬قال المام الشافعي في ( الم ) ( ‪ ( : ) 247 / 1‬وأحب لجيران الميت أو ذي القرابة أن يعملوا لهل الميت في يوم يموت وليلته طعاما يشبعهم ‪ ،‬فإن ذلك‬
‫سنة ‪ ،‬وذكر كريم ‪ .‬وهو من فعل أهل الخير قبلنا وبعدنا ) ‪ .‬ثم ساق الحديث المذكور عن عبد ال بن جعفر ‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫ما ينتفع به الميت‬
‫‪ - 117‬وينتفع ‪ ،‬الميت من عمل غيره بأمور ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬دعاء المسلم له ‪،‬إذا توفرت فيه شروط القبول‪،‬لقول ال تبارك وتعالى ‪ {:‬والذين جاؤوا من‬
‫بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولخواننا الذين سبقونا باليمان ول تجعل في قلوبنا غل للذين آمنو‬
‫ربنا إنك رؤوف رحيم } ‪ [ .‬سورة الحشر ‪. ] 10‬‬
‫وأما الحاديث فهي كثيرة جدا ‪ ،‬وقد سبق بعضها ‪ ،‬ويأتي بعضها في زيارة القبور ‪ ،‬ودعاء‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم لهم ‪ ،‬وأمره بذلك ‪.‬ومنها قوله صلى ال عليه وسلم‪ ( :‬دعوة المرء‬
‫المسلم لخيه بظهر الغيب مستجابة ‪ ،‬عند رأسه ملك موكل ‪ ،‬كلما دعا لخيه بخير ‪ ،‬قال الملك‬
‫الموكل به ‪ :‬آمين ولك بمثل ) ‪.‬أخرجه مسلم (‪ )8/86،87‬والسياق له ‪ ،‬وأبو داود (‪ )1/240‬وأحمد (‪ )6/452‬من‬
‫حديث أبي الدرداء ‪ : .‬بل ‪ ،‬إن صلة الجنازة جلها شاهد لذلك ‪ ،‬لن غالبها دعاء للميت ‪ .‬واستغفار له ‪ ،‬كما تقدم بيانه ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬قضاء ولي الميت صوم النذر عنه ‪ ،‬وفيه أحاديث ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن عائشة رضي ال عنها أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ (:‬من مات وعليه‬
‫صيام‪،‬صام عنه وليه )‪.‬أخرجه البخاري (‪ )4/156‬ومسلم (‪ )3/155‬وأبو داود (‪ ، )376 /1‬ومن طريقه البيهقي (‪)6/279‬‬
‫والطحاوي في مشكل الثار (‪ )3/140،141‬وأحمد (‪. )6/69‬‬
‫الثاني ‪ :‬عن ابن عباس رضي ال عنه ‪ ( :‬أن امرأة ركبت البحر فنذرت‪.‬إن ال تبارك وتعالى‬
‫أنجاها أن تصوم شهرا ‪ ،‬فأنجاها ال عز وجل ‪ ،‬فلم تصم حتى ماتت‪ ،‬فجاءت قرابة لها [ إما‬
‫أختها أو ابنتها ] إلى النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فذكرت ذلك له‪،‬فقال ‪ [ :‬أرأيتك لو كان عليها‬
‫دين كنت تقضينه ؟قالت ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪:‬فدين ال أحق أن يقضى]‪ [ ،‬فـ] اقض [ عن أمك ] ) ‪ .‬أخرجه‬
‫أبو داود (‪ )2/81‬والنسائي (‪ )2/143‬والطحاوي (‪ )3/140‬والبيهقي (‪ )4/255،256،10/85‬والطيالسي (‪ )2630‬وأحمد (‪1861‬‬
‫‪ )،1970،3137،3224،3420‬والسياق مع الزيادة الثانية له ‪ ،‬وإسناده [ صحيح على شرط الشيخين ‪ ،‬والزيادة الولى لبي داود‬
‫والبيهقي ‪.‬‬
‫وأخرجه البخاري (‪ )159-4/158‬ومسلم (‪ )3/156‬والترمذي (‪ )43-2/42‬وصححه‪،‬وابن ماجه (‪ )1/535‬بنحوه ‪ ،‬وفيه عندهم‬
‫جميعا الزيادة الثانية ‪ ،‬وعند مسلم الخيرة ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬عنه أيضا ‪ ( .‬أن سعد بن عبادة رضي ال عنه استفتى رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫فقال‪:‬إن أمي ماتت وعليها نذر ؟ فقال ‪ :‬اقضه عنها )‪.‬أخرجه البخاري (‪ )494 ،5/400‬ومسلم (‪ )6/76‬وأبو‬
‫داود (‪ )2/81‬والنسائي (‪ )2/130،144‬والترمذي (‪ )2/375‬وصححه البيهقي (‪ )278،10/85 /4/256،6‬والطيالسي (‪)2717‬‬
‫وأحمد (‪.147)47 /6 ،1893،3049‬‬

‫‪ 147‬قلت ‪ :‬وهذه الحاديث صريحة الدللة في مشروعية صيام الولي عن الميت صوم النذر ‪ ،‬إل أن الحديث الول يدل بإطلقه على شئ زائد على ذلك وهو أنه‬
‫يصوم عنه صوم الفرض أيضا ‪ .‬وقد قال به الشافعية ‪ ،‬وهو مذهب ابن حزم ( ‪ ) 8 ، 2 / 7‬وغيرهم ‪ .‬وذهب إلى الول الحنابلة ‪ ،‬بل هو نص المام أحمد ‪،‬‬
‫فقال أبو داود في ( المسائل ) ( ‪ ( : ) 96‬سمعت أحمد بن حنبل قال ‪ :‬ل يصام عن الميت إل في النذر ) ‪ .‬وحمل أتباعه الحديث الول على صوم النذر ‪ ،‬بدليل‬
‫ما روت عمرة ‪ :‬أن أمها ماتت وعليها من رمضان فقالت لعائشة ‪ :‬أقضيه عنها ؟ قالت ‪ :‬ل بل تصدقي عنها مكان كل يوم نصف صاع على كل مسكين ‪.‬‬
‫أخرجه الطحاوي ( ‪ ) 142 / 3‬وابن حزم ( ‪ ) 4 / 7‬واللفظ له بإسناد قال ابن التركماني ‪ ( :‬صحيح ) وضعفه البيهقي ثم العسقلني ‪ ،‬فإن كانا أرادا تضعيفه من‬
‫هذا الوجه ‪ ،‬فل وجه له ‪ ،‬وإن عنيا غيره ‪ ،‬فل يضره ‪ ،‬وبدليل ما روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال ‪ ( :‬إذا مرض الرجل في رمضان ‪ ،‬ثم مات ولم‬
‫يصم ‪ ،‬أطعم عنه وثم يكن عيه قضاء وإن كان عليه نذر قضى عنه وليه ) ‪ .‬أخرجه أبو داود بسند صحيح على شرط الشيخين ‪ ،‬وله طريق آخر بنحوه عند ابن‬
‫حزم ( ‪ ) 7 / 7‬وصحح إسناده ‪ .‬وله طريق ثالث عند الطحاوي ( ‪ ، ) 142 / 3‬لكن الظاهر أنه سقط من متنة شئ من الناسخ أو الطابع ففسد المعنى ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫وهذا التفصيل الذي ذهبت إليه أم المؤمنين ‪ :‬وحبر المة أبن عباس رضي ال عنهما وتابعهما إمام السنة أحمد بن حنبل هو الذي تطمئن إليه إلنفس ‪ ،‬وينشرح‬
‫له الصدر ‪ ،‬وهو أعدل القوال في هذه المسألة وأوسطها وفيه إعمال لجميع الحاديث دون رد لي واحد منها ‪ ،‬مع الفهم الصحيح لها خاصة الحديث الول‬
‫منها ‪ ،‬فلم تفهم منه أم المؤمنين ذلك الطلق الشامل لصوم رمضان ‪ ،‬وهي راويته ‪ ،‬ومن المقرر أن رأوي الحديث أدرى بمعنى ما روى ‪ ،‬ل سيما إذا كان ما‬
‫فهم هو الموافق لقواعد الشريعة وأصولها ‪ ،‬كما هو الشأن هنا ‪ ،‬وقد بين ذلك المحقق ابن القيم رحمه ال تعالى ‪ ،‬فقال في ( إعلم الموقعين ) ( ‪ ) 554 / 3‬بعد‬
‫أن ذكر الحديث وصححه ‪:‬‬
‫"فطائفة حملت هذا على عمومه وإطلقه ‪ ،‬وقالت ‪ :‬يصام عنه النذر والفرض ‪ .‬وأبت طائفة ذلك وقالت ‪ :‬ل يصام عنه نذر ول فرض ‪ ،‬وفصلت طائفة فقالت ‪:‬‬
‫يصام عنه النذر دون الفرض الصلي ‪ .‬وهذا قول ابن عباس وأصحابه ‪ ،‬وهو الصحيح ‪ ،‬لن فرض الصيام جار مجرى الصلة ‪ ،‬فكما ل يصلي أحد عن أحد ‪،‬‬
‫ول يسلم أحد عن أحد فكذلك الصيام ‪ ،‬وأما النذر فهو التزام في الذمة بمنزلة الدين ‪ ،‬فيقبل قضاء الولي له كما يقضي دينه ‪ ،‬وهذا محض الفقه ‪ .‬وطرد هذا أنه ل‬
‫يحج عنه ‪ ،‬ول يزكي عنه إل إذا كان معذورا بالتأخير كما يطعم الولي عمن أفطر في رمضان لعذر ‪ ،‬فأما المفر من غير عذر أصل فل ينفعه أداء غيره‬
‫لفرائض ال التي فرط فيها ‪ ،‬وكان هو المأمور بها أبتلء وامتحانا دون الولي ‪ ،‬فل تنفع توبة أحد عن أحد ‪ ،‬ول إسلمه عنه ‪ ،‬ول أداء الصلة عنه ول غيرها‬

‫‪84‬‬
‫ثالثا ‪ :‬قضاء الدين عنه من أي شخص وليا كان أو غيره ‪ ،‬وفيه أحاديث كثيرة سبق ذكر الكثير‬
‫منها في المسألة ( ‪. ) 17‬‬
‫رابعا ‪ :‬ما يفعله الولد الصالح من العمال الصالحة ‪ ،‬فإن لوالديه مثل أجره ‪ ،‬دون أن ينقص من‬
‫أجره شئ ‪ ،‬لن الولد من سعيهما وكسبهما ‪ ،‬وال عز وجل يقوله ‪ { :‬وأن ليس للنسان إل ما‬
‫سعى}‪ ،‬وقال رسول اللهصلى ال عليه وسلم‪ ( :‬إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ‪ ،‬وإن ولده من‬
‫كسبه )‪.‬أخرجه أبو داود (‪ )2/108‬والنسائي (‪ )2/211‬والترمذي (‪ )2/287‬وحسنه‪،‬والدارمي ( ‪ )2/247‬وابن ماجه (‪-2/2‬‬
‫‪ )430‬والحاكم (‪ )2/46‬والطيالسي (‪ )1580‬وأحمد (‪ )6/41،126،127،162،173،193،201،202،220‬وقال الحاكم‪:‬‬
‫( صحيج على شرط الشيخين ) ‪ ،‬ووافقه الذهبي ‪ ،‬وهو خطأ من وجوه ل يتسع المجال يانها ‪:‬‬
‫وله شاهد من حديث عبد ال بن عمرو ‪.‬‬
‫رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد (‪ )2/179،204،214‬بسند حسن ‪.‬‬
‫ويؤيد ما دلت عليه الية والحديث ‪ ،‬أحاديث خاصة وردت في انتفاع الوالد بعمل ولده الصالح كالصدقة والصيام والعتق‬
‫ونحوه ‪ ،‬وهي هذه ‪:‬‬
‫الول ‪:‬عن عائشة رضي ال عنها‪ (.‬أن رجل قال‪:‬إن أمي افتلتت‪148‬نفسها[ ولم توص] ‪ ،‬وأظنها لو‬
‫تكلمت تصدقت ‪ ،‬فهل لها أجر إن تصدقت عنها [ ولي أجر ] ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ [ ،‬فتصدق عنها] )‬
‫‪.‬أخرجه البخاري (‪ )400-3/198،5/399‬ومسلم (‪ )3/81،5/73‬ومالك في (الموطأ ) (‪ )2/228‬وأبو داود (‪ )2/15‬والنسائي (‬
‫‪ )2/129‬وابن ماجه (‪ )2/160‬والبيهقي (‪ )278-4/62،6/277‬وأحمد (‪. )6/51‬‬
‫والسياق للبخاري في إحدى روايتيه ‪ ،‬والزيادة الخيرة له في الرواية الخرى ‪،‬وابن ماجه ‪ ،‬وله الزيادة الثانية ‪،‬ولمسلم الولى ‪.‬‬
‫الثاني ‪:‬عن ابن عباس رضي ال عنه‪ (.‬أن سعد بن عبادة‪-‬أخا بني ساعدة‪-‬توفيت أمه وهو غائب‬
‫عنها ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رسول ال إن أمي توفيت ‪،‬وأنا غائب عنها ‪،‬فهل ينفعها إن تصدقت بشئ‬
‫‪149‬‬
‫عنها ؟قال ‪:‬نعم ‪،‬قال ‪:‬فإني أشهدك أن حائط المخراف صدقة عليها) ‪.‬أخرجه البخاري (‪5/297،301،3‬‬
‫‪ )07‬وأبو داود (‪ )2/15‬والنسائي (‪ )2/130‬والترمذي (‪ )2/25‬والبيهقي (‪ )6/278‬وأحمد (‪ )3508-3504-3080‬والسياق له‬
‫الثالث ‪ :‬عن أبي هريرة رضي ال عنه ‪ ( :‬أنه رجل قال للنبي صلى ال عليه وسلم ‪ :‬إن أبي‬
‫مات وترك مال ولم يوص فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه ؟ قال ‪ :‬نعم ) ‪ .‬أخرجه مسلم (‪)5/73‬‬
‫والنسائي (‪ )2/129‬وابن ماجه (‪ )2/160‬والبيهقي (‪ )6/278‬وأحمد (‪. ) 2/371‬‬
‫الرابع ‪ :‬عن عبد ال بن عمرو ‪ ( :‬أن العاص بن وائل السهمي أوصى أن يعتق عنه مائة رقبة ‪،‬‬
‫فأعتق ابنه هشام خمسين رقبة ‪ ،‬وأراد ابنه عمرو أن يعتق عنه الخمسين الباقية ‪ ،‬قال ‪ :‬حتى‬
‫أسأل رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فأتى النبي صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬يا رسول ال إن‬
‫أبي أوصى أن يعتق عنه مائة رقبة ‪ ،‬وإن هشاما أعتق عنه خمسين ‪ ،‬وبقيت عليه خمسون ‪،‬‬
‫أفأعتق عنه؟فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪(:‬إنه لو كان مسلما فأعتقتم أو تصدقتم عنه‪ ،‬أو‬

‫من فرائض ال تعالى التي فرط فيها حتى مات "‪ .‬قلت ‪ : :‬وقد زاد ابن القيم رحمه ال هذا البحث توضيحا وتحقيقا في ( تهذيب السنن ) ( ‪) 282 - 279 / 3‬‬
‫فليراجع فإنه مهم ‪.‬‬
‫‪ 148‬بضم المثناة وكسر اللم ‪ ،‬أي سلبت ‪ ،‬على ما لم يسم فاعله ‪ ،‬أي ماتت فجأة ‪.‬‬
‫‪ 149‬أي المثمر ‪ ،‬سمي بذلك لما يخرف منه أي يجي من الثمرة ‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫حججتم عنه بلغه ذلك ‪(،‬وفي رواية)‪ :‬فلو كان أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك )‪.150‬‬
‫(أخرجه أبو داود في آخر(الوصايا)(‪)2/15‬والبيهقي(‪)6/279‬والسياق له‪،‬وأحمد(رقم ‪)6704‬والرواية الخرى له‪،‬وإسنادهم حسن‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬ما خلفه من يعده من آثار صالحة وصدقات جارية ‪ ،‬لقوله تبارك وتعالى ‪ {:‬ونكتب ما‬
‫قدموا وآثارهم } ‪ ،‬وفيه أحاديث ‪:‬‬
‫الول ‪:‬عن ابي هريرة رضى ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪(:‬إذا مات النسان‬
‫‪152‬‬
‫انقطع عنه عمله‪151‬إل من ثلثة [أشياء] ‪،‬إل من صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفع به ‪،‬أو ولد صالح‬
‫يدعو له )‪.‬أخرجه مسلم (‪)5/73‬والسياق له والبخاري في(الدب المفرد) (ص ‪ )8‬وأبو داود (‪ )2/15‬والنسائي (‪)2/129‬‬
‫والطحاوي في ( المشكل ) (‪ )1/85‬والبيهقي(‪ )6/278‬وأحمد (‪ ، )2/372‬والزيادة لبي داود والبيهقي ‪.‬‬

‫‪ 150‬قال الشوكاني في ( نيل الوطار ) ( ‪ ( : ) 79 / 4‬وأحاديث الباب تدل على أن الصدقة من الولد تلحق الوالدين بعد موتهما بدون وصية منهما ‪ ،‬ويصل‬
‫إليهما ثوابها ‪ ،‬فيخصص بهذه الحاديث عموم قوله تعالى ( وأن ليس للنسان إل ما سعى ) ‪ .‬ولكن ليس في أحاديث الباب إل لحوق الصدقة من الولد ‪ ،‬وقد‬
‫ثبت أن ولد النسان من سعيه فل حاجة إلى دعوى التخصيص ‪ ،‬وأما من غير الولد فالظاهر من العموميات القرآنية أنه ل يصل ثوابه إلى الميت ‪ ،‬فيوقف‬
‫عليها ‪ ،‬حتى يأتي دليل يقتضي تخصيصحها ) ‪ .‬قلت ‪ :‬وهذا هو الحق الذي تقضيه القواعد العلمية ‪ ،‬أن الية على عمومها وأن ثواب الصدقة وغيرها يصل من‬
‫الولد إلى الوالد لنه من سعيه بخلف غير الولد ‪ ،‬لكن قد نقل النووي وغيره الجماع على أن الصدقة تقع عن الميت ويصله ثوابها ‪ ،‬هكذا قالوا ( الميت )‬
‫فأطلقوه ولم يقيدوه بالوالد ‪ ،‬فإن صح هذا الجماع كان مخصصا مومات‬
‫التي أشار إليها الشوكاني فيها يتعلق بالصدقة ‪ ،‬ويظل ما عداها داخل في العموم كالصيام وقراءة القرآن ونحوهما من العبادات ‪ ،‬ولكنني في شك كبير من‬
‫صحة الجماع المذكور ‪ ،‬وذلك لمرين ‪ :‬الول ‪ :‬أن الجماع بالمعنى الصولي ل يمكن تحققه في غير المسائل التي علمت من الدين بالضرورة ‪ ،‬كما حقق‬
‫ذلك العلماء الفحول ‪ ،‬كابن حزم في ( أصول الحكام ) والشوكاني في ( إرشاد الفحول ) والستاذ عبد الوهاب خلف في كتابه ( أصول الفقه ) وغيرهم ‪ ،‬وقد‬
‫أشار إلى ذلك المام أحمد في كلمته المشهورة في الرد على من أدعى الجماع ‪ -‬ورواها عنه أبنه عبد ال بن أحمد في ( المسائل ) ‪ .‬الثاني ‪ :‬أنني سيرت كثيرا‬
‫من المسائل التي نقلوا الجماع فيها ‪ ،‬فوجدت الخلف فيها معروفا ! بل رأيت مذهب الجمهور على خلف دعوى الجماع فيها ‪ ،‬ولو شئت أن اورد المثلة‬
‫على ذلك لطال الكلم وخرجنا به عما نحن بصدده ‪ .‬فحسبنا الن أن نذكر بمثال واحد ‪ ،‬وهو نقل النووي الجماع على أن صلة الجنازة ل تكره في الوقات‬
‫المكروهة ! مع أن الخلف فيها قديم معروف ‪ ،‬وأكثر أهل العلم على خلف الجماع المزعوم ‪ ،‬كما سبق تحقيقه في المسألة ( ‪ ، ) 87‬ويأتي لك مثال آخر‬
‫قريب إن شاء ال تعالى‬
‫وذهب بعضهم إلى قياس غير الوالد على الوالد ‪ ،‬وهو قياس باطل من وجوه ‪ :‬الول ‪ :‬أنه مخالف العموميات القرآنية كقوله تعالى ( ومن تزكى فإنما يتزكي‬
‫لنفسه ) وغيرها من اليات التي علقت الفلح ودخول الجنة بالعمال الصالحة ‪ ،‬ول شك أن الوالد يزكي نفسه بتربيته لولده وقيامه على فكان له أجر ه بخلف‬
‫غيره ‪ .‬الثاني ‪ :‬أنه قياس مع الفارق إذا تذكرت إن الشرع جعل الولد من كسب الوالد كما سبق في حديث عائشة فليس هو كسبا لغيره ‪ ،‬وال عز وجل يقول ‪:‬‬
‫( كل نفس بما كسبت رهينة ) ويقول ( لها ما كسبت ‪ ،‬وعليها ما اكتسبت ) ‪ .‬وقد قال الحافظ ابن كثير في تفسير قوله عز وحل ( وأن ليس للنسان إل ما‬
‫سعى ) ‪ ( :‬أي كما ل يحمل عليه وزر غيره ‪ ،‬كذلك ل يحصل من الجر إل ما كسب هو لنفسه ‪ .‬ومن هذه الية الكريمة استنبط الشافعي رحمه ال ومن اتبعه‬
‫أن القراءة ل يصل إهداه ثوابها إلى الموتى لنه ليس من عملهم ول كسبهم ‪ ،‬ولهذا لم يندب إليه رسول ال صلى ال عليه وسلم أمته ‪ ،‬ول حثهم عليه ‪ ،‬ول‬
‫أرشدهم إليه بنص ول ايماء ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي ال عنهم ‪ ،‬ولو كان خيرا لسبقونا إليه ‪ ،‬وباب القربات يقتصر فيه على النصوص ول‬
‫يتصرف فيه بأنواع القيسة والراء ) وقال العز بن عبد السلم في ( الفتاوى ) ( ‪ - 2 / 24‬عام ‪ ( : ) 1692‬ومن فعل طاعة ال تعالى ‪ ،‬ثم أهدى ثوابها إلى‬
‫حي أو ميت ‪ ،‬لم ينتقل ثوابها إليه ‪ ،‬إذ ( ليس للنسان إل ما سعى ) ‪ ،‬فإن شرع في الطاعة ناويا أن يقع عن الميت لم يقع عنه ‪ ،‬إل فيما استثناه الشرع كالصدقة‬
‫والصوم والحج ) ‪ .‬وما ذكره ابن كثير عن الشافعي رحمه ال تعالى هو قول أكثر العلماء وجماعة من ‪ ،‬الحنفية كما نقله الزبيدي في ( شرح الحياء ) (‪/10‬‬
‫‪ [ . ) 369‬قلت ‪ :‬ومما بسق تعلم بطلن الجماع الذي ذكره ابن قدامة في ( المغني ) ( ‪ ) 569 / 2‬على وصول ثواب القراءة إلى الموتى ‪ ،‬وكيف ل يكون‬
‫باطل ‪ ،‬وفي مقدمة المخالفين المام الشافعي رحمه ال تعالى ‪ .‬وهذا مثال آخر من أمثلة ما ادعى فيه الجماع وهو غير صحيح ‪ ،‬وقد سبق التنبيه على هذا‬
‫قريبا ]‬
‫الثالث ‪ :‬أن هذا القياس لو كان صحيحا ‪ ،‬لكان من مقتضاء استحباب إهداء الثواب إلى الموتى ولو كان كذلك لفعله السلف ‪ ،‬لنهم أحرس على الثواب منا بل‬
‫ريب ‪ ،‬ولم يفعلوا ذلك كما سبق في كلم ابن كثير ‪ ،‬فدل هذا على ان القياس المذكور غير صحيح ‪ ،‬وهو المراد ‪ .‬وقد قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال‬
‫تعالى في ( الختيارات العلمية ) ( ص ‪ ( : ) 54‬ولم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعا أو صاموا تطوعا أو حجوا تطوعا ‪ ،‬أو قروؤا القرآن يهدون ثواب‬
‫ذلك إلى أموات المسلمين ‪ ،‬فل ينبغي العدول عن طريق السلف فإنه أفضل وأكمل ) ‪ .‬وللشيخ رحمه ال تعالى قول آخر في المسألة ‪ ،‬خالف فيه ما ذكره آنفا عن‬
‫السلف ‪ ،‬فذهب إلى أن الميت ينتفع بجميع العبادات من غيره ! ‪ .‬وتبنى هذا القول وانتصر له ابن القيم رحمه ال تعالى في كتابه ( الروح ) بما ل يهض من‬
‫القياس الذي سبق بيان بطلنه قريبا ‪ ،‬وذلك على خلف ما عهدناه منه رحمه ال من ترك التوسع في القياس في المور التعبدية المحضة ل سيما ما كان عنه‬
‫على خلف ما جرى عليه السلف الصالح رضي ال عنهم وقد أورد خلصة كلمه العلمة السيد محمد رشيد رضا في ( تفسير المنار ) ( ‪) 270 - 254 / 8‬‬
‫ثم رد عليه ردا ا‬
‫قويا ‪ ،‬فليراجعه من شاء أن يتوسع في المسألة ‪ . .‬وقد استغل هذا القول كثير من المبتدعة ‪ ،‬واتخذوه ذريعة في محاربة السنة ‪ ،‬واحتجوا بالشيخ وتلميذه على‬
‫أنصار السنة وأتباعها ‪ ،‬وجهل أولئك المبتدعة أو تجاهلوا أن أنصار السنة ‪ ،‬ل يقلدون في دين ال تعالى رجل بعينة كما يفعل اولئك ! ول يؤثرون على الحق‬
‫الذى تبين لهم قول أحد من العلماء مهما كان اعتقادهم حسنا في علمه وصلحه ‪ ،‬وأنهم إنما ينظرون إلى القول ل إلى القائل ‪ ،‬وإلى الدليل ‪ ،‬وليس إلى التقليد ‪،‬‬
‫جاعلين نصب أعينهم قول امام دار الهجرة ( ما منا من أحد إل رد ورد عليه إل صاحب هذا القبر ) ! وقال ‪ ( :‬كل أحد يؤخذ من قوله ويرد إل صاحب هذا‬
‫القبر ) ‪ .‬وإذا كان من المسلم به عند أهل العلم أن لكل عقيدة أو رأى يتبناه في هذه الحياة أثرا في سلوكه إن خيرا فخير ‪ ،‬وإن شرا فشر ‪ ،‬فإن من المسلم به‬
‫أيضا ‪ ،‬أن الثر يدل على المؤثر ‪ ،‬وأن أحدهما مرتبط بالخر ‪ ،‬خيرا أو شرا كما ذكرنا ‪ ،‬وعلى هذا فلسنا نشك أن لهذا القول أثرا سيئا في من يحمله أو يتبناه ‪،‬‬
‫من ذلك مثل أن صاحبه يتكل في تحصيل الثواب والدرجات العاليات على غيره ‪ ،‬لعلمه أن الناس يهدون الحسنات مئات المرات في اليوم الواحد إلى جميع‬
‫المسلمين الحياء منهم والموات ‪ ،‬وهو واحد منهم ‪ ،‬فلماذا ل يستغني حينئذ بعمل غيره عن سعيه وكسبه ‪ ! .‬ألست ترى مثل أن بعض المشايخ الذين يعيشون‬
‫على كسب بعض تلمذتهم ‪ ،‬ل يسعون بأنفسهم ليحصلوا على قوت يومهم بعرق جبينهم وكد يمينهم ‪ ! .‬وما السبب في ذلك إل أنهم استغنوا عن ذلك بكسب‬
‫غيرهم ! فاعتمدوا عليه وتركوا العمل ‪ ،‬هذا أمر مشاهد في الماديات ‪ ،‬معقول في المعنويات كما هو الشأن في هذه المسألة ‪ .‬وليت أن ذلك وقف عندها ‪ ،‬ولم‬
‫يتعدها إلى ما هو أخطر منها ‪ ،‬فهناك قول بجواز الحج عن الغير ولو كان غير معذور كأكثر الغنياء التاركين للواجبات فهذا القول يحملهم على التساهل في‬

‫‪86‬‬
‫الثاني ‪:‬عن أبي قتادة قال‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ (:‬خير ما يخلف الرجل من بعده‬
‫ثلث ‪ :‬ولد صالح يدعو له ‪،‬وصدقة تجري يبلغه أجرها ‪،‬وعلم يعمل به من بعده )‪.‬أخرجه ابن ماجه‬
‫(‪)1/106‬وابن حبان في ( صحيحه )(رقم ‪ )84،85‬والطبراني في (المعجم الصغير) (ص ‪)79‬وابن عبد البر في (جامع بيان‬
‫العلم) (‪)1/15‬وإسناده صحيح كما قال المنذري في (الترغيب)(‪)1/58‬‬
‫الثالث ‪:‬عن أبي هريرة أيضا قال ‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪(:‬إن مما يلحق المؤمن من‬
‫عمله وحسناته بعد موته ‪،‬علما علمه ونشره ‪.‬وولدا صالحا تركه ‪،‬ومصحفا ورثه ‪،‬أو مسجدا بناه‬
‫‪،‬أو بيتا لبن السبيل بناه ‪،‬أو نهرا أجراه ‪،‬أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من‬
‫بعد موته )‪.‬أخرجه ابن ماجه ( ‪ )1/106‬بإسناد حسن ‪ ،‬ورواه ابن خزيمة في ( صحيحه ) أيضا والبيهقي كما قال المنذري ‪.‬‬
‫الرابع ‪:‬عن جرير بن عبد ال رضي ال عنه قال‪ (:‬كنا عند رسول ال صلى ال عليه وسلم في‬
‫صدر النهار‪،‬فجاءه أقوام حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء‪،‬متقلدي السيوف ‪ [،‬وليس عليهم أزر‬
‫ول شئ غيرها ] عامتهم من مضر‪،‬بل كلهم من مضر ‪ ،‬فتمعر ( وفي رواية ‪ :‬فتغير ‪ -‬ومعناهما‬
‫واحد ) وجه رسول ال صلى ال عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة ‪ ،‬فدخل‪،‬ثم خرج‪،‬فأمر بلل‬
‫فأذن وصلى [ الظهر ‪ ،‬ثم صعد منبرا صغيرا ] ‪ ،‬ثم خطب [ فحمد ال وأثنى عليه ] فقال ‪ [ :‬أما‬
‫بعد فإن ال أنزل في كتابه ] ‪ {:‬يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ‪،‬وخلق منها‬
‫زوجها ‪ ،‬وبث منهما رجال كثيرا ونساء ‪ ،‬واتقوا ال الذي تساءلون به والرحام‪،‬إن ال كان‬
‫عليكم رقيبا } ‪ ،‬والية التي في ( الحشر ) ‪ { :‬ويا أيها الذين آمنوا }اتقوا ال ولتنظر ننسى ما قدمت لغد‬
‫واتقوا ال ‪ ،‬إن ال خبير بما تعملون ‪ { .‬ول تكونوا كالذين نسوا ال فأنساهم أنفسهم أولئك هم‬
‫الفاسقون ‪ .‬ل يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة ‪،‬أصحاب الجنة هم الفائزون } ‪ .‬تصدقوا‬
‫قبل أن يحال بينكم وبين الصدقة ] ‪ ،‬تصدق رجل من ديناره ‪ ،‬من درهمه ‪ ،‬من ثوبه ‪ ،‬من صاع‬
‫بره ‪ [ ،‬من شعيره ] ‪ ،‬من صاع تمره ‪ ،‬حتى قال ‪ [ :‬ول يحقرن أحدكم شيئا من الصدقة ] ‪،‬ولو‬
‫بشق تمرة‪ [،‬فأبطؤوا حتى بان في وجهه الغضب ]‪،‬قال ‪:‬فجاء رجل من النصار بصرة [من ورق‬
‫( وفي رواية ‪ :‬من ذهب ) ] كادت كفه تعجز عنها ‪ ،‬بل قد عجزت [ فناولها رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم وهو على منبره ] [ فقال ‪ :‬يا رسول ال هذه في سبيل ال ] ‪ [،‬فقبضها رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم ] ‪[ ،‬قام أبو بكر فأعطى ‪،‬ثم قام عمر فأعطى‪،‬ثم قام المهاجرون والنصار‬
‫فأعطوا]‪ ،‬ثم تتابع الناس [ في الصدقات ] ‪ [ ،‬فمن ذي دينار ‪ ،‬ومن ذي درهم ‪ ،‬ومن ذي ‪ ،‬ومن‬
‫ذي ] حتى رأيت كومين من طعام وثياب‪،‬حتى رأيت وجه رسول ال صلى ال عليه وسلم يتهلل‬
‫كأنه مذهبة فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬من سن في السلم سنة حسنة فله أجرها ‪ ،‬و‬
‫[مثل] أجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شئ ‪ ،‬ومن سن سنة في السلم‬
‫سيئة كان عليه وزرها‪.‬و[مثل] وزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شئ ‪،‬‬
‫الحج والتقاعس عنه ‪ ،‬لنه يتعلل به ويقول في باطنه ‪ :‬يحجون عني بعد موتي ! بل إن ثمة ما هو أضر من ذلك ‪ ،‬وهو القول بوجوب إسقاط الصلة ‪ ،‬عن‬
‫الميت التارك لها ! فإنه من العوامل الكبيرة على ترك بعض المسلمين للصلة ‪ ،‬لنه يتعلل بأن الناس يسقطونها عنه بعد وفاته ! إلى غير ذلك من القوال التي‬
‫ل يخفى سوء أثرها علي المجتمع ‪ ،‬فمن الواجب على العالم الذي يريد الصلح أن ينبذ هذه القوال لمخالفتها نصوص الشريعة ومقاصدها الحسنة ‪ .‬وقابل أثر‬
‫هذه القوال بأثر قول الواقفين عند النصوص ل يخرجون عنها بتأويل أو قياس تجد الفرق كالشمس ‪ .‬فإن من لم يأخذ بمثل القوال المشار إليها ل يعقل أن يتكل‬
‫على غيره في العمل والثواب ‪ ،‬لنه يرى أنه ل ينجيه إل عمله ‪ ،‬ول ثواب له إل ما سعى إليه هو بنفسه ‪ ،‬بل المفروض فيه أن يسعى ما أمكنه إلى أن يخلف‬
‫من بعده أثرا حسنا يأتيه أجره ‪ ،‬وهو وحيد في قبره ‪ ،‬بدل تلك الحسنات المرهومة ‪ ،‬وهذا من السباب الكثيرة في تقدم السلف وتأخرنا ‪ ،‬ونصر ال إياهم ‪،‬‬
‫وخذلنه إيانا ‪ ،‬نسأل ال تعالى أن يهدينا كما هداهم ‪ ،‬وينصرنا كما نصرهم ‪.‬‬
‫‪ 151‬أي فائدة عمله وتجديد ثوابه ‪ ،‬قال الخطابى في ( المعالم ) ‪ ( :‬فيه دليل على أن الصوم والصلة وما دخل في معناهما من عمل البدان ل تجري فيها النيابة‬
‫وقد يستدل ‪ ،‬به من يذهب إلى أن من حج عن ميت فإن الحج في الحقيقة اللحاج دون المحجوج عنه ‪ ،‬وإنما يلحقه الدعاء ‪ ،‬ويكون له الجر في المال الذي‬
‫أعطى إن كان حج عنه بمال ) ‪.‬‬
‫‪ 152‬قيد بالصالح لن الجر ل يحصل من غيره ‪ ،‬وأما الوزر فل يلحق بالوالد من سيئة ولده إذا كان نيته في تحصيل الخير ‪ ،‬وإنما ذكر الدعاء له تحريضا على‬
‫الدعاء لبيه ‪ ،‬ل لنه قيد ‪ ،‬لن الجر يحصل للوالد من ولده الصالح ‪ ،‬كلها عمل عمل صالحا ‪ ،‬سواء أدعا لبيه أم ل ‪ ،‬كمن غرس شجرة يحصل له من أكل‬
‫ثمرتها ثواب سواء أدعا له من أكلها أم لم يدع ‪ ،‬وكذلك الم ‪ .‬كذا في ( مبارق الزهار في شرح مشارق النوار ) ابن الملك ‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫[ ثم تلى هذه الية ‪ { :‬ونكتب ما قدموا وآثارهم}] ‪ [ ،‬قال ‪ :‬فقسمه بينهم ] ) ‪.‬أخرجه مسلم (‪3/88،89،8/6‬‬
‫‪ )1،62‬والنسائي (‪ )355،356 /1‬والدارمي(‪ )1/126،127‬والطحاوي ‪ .‬في ( المشكل ) (‪)1/93،97‬والبيهقي (‪)4/175،176‬‬
‫والطيالسي (‪ )670‬وأحمد (‪ )4/357،358،359،360،361،362‬وابن أبي حاتم أيضا في ( تفسيره ) ‪ ،‬كما في ابن كثير (‬
‫‪ )3/565‬والزيادة التي قبل الخيرة له ‪ ،‬وإسنادها صحيح ‪ ،‬وللترمذي (‪ )3/377‬وصححه وابن ماجه (‪ )1/90‬الجملتان اللتان قبل‬
‫الزيادة المشار إليها مع الزيادتين فيهما ‪.‬‬
‫وأما الزيادة الولى فهي للبيهقي ‪،‬وما بعدها إلى الرابعة له ولمسلم ‪ ،‬والخامسه حتى الثامنة للبيهقي ‪ ،‬وعند الطيالسي الخامسة ‪،‬‬
‫والتاسعة للدارمي وأحمد ‪ ،‬ولمسلم نحوها وكذا الطيالسي وأحمد أيضا ‪ ،‬والعاشرة والثانية عشر والخامسة عشر والتاسعة عشر‬
‫للبيهقي ‪ ،‬والحادية عشر والسابعة عشر للطحاوي وأحمد ‪ ،‬والرابعة عشر للطيالسي ‪ ،‬والسادسة عشر والسابعة عشر لمسلم‬
‫والترمذي وأحمد وغيرهم ‪ .‬والرواية الثانية للنسائي والبيهقي ‪ :‬والثالثة للطحاوي وأحمد‬

‫‪88‬‬
‫زيارة القبور ‪:‬‬
‫‪- 118‬وتشرع زيارة القبور للتعاظ بها وتذكر الخرة شريطة أن ل يقول عندها ما يغضب‬
‫الرب سبجانه وتعالى كدعاء المقبور والستغاثة به من دون ال تعالى ‪ ،‬أو تزكيته والقطع له‬
‫بالجنة ‪ ،‬ونحو ذلك ‪ ،‬وفيه أحاديث ‪.‬‬
‫الول‪:‬عن بريدة بن الحصيب رضي ال عنه قال‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ( :‬إني كنت‬
‫نهيتكم عن زيارة القبور‪،‬فزوروها‪ [،‬فإنها تذكركم الخرة]‪ [،‬ولتزدكم زيارتها خيرا ]‪ [،‬فمن أراد أن‬
‫يزور فليزر ‪،‬ول تقولوا هجرا] ) أخرجه مسلم (‪ )53/6،6/82‬وأبو داود (‪ )2/72،131‬ومن طريقة البيهقي (‪)4/77‬‬
‫والنسائي (‪)285،286،2/329،330 /1‬وأحمد (‪ )356،361، 5/350،355‬والزيادة الولى والثانية له ‪ ،‬ولبي داود الولى‬
‫بنحوها وللنسائي الثانية والثالثة ‪ .‬قال النووي رحمه ال في ( المجموع ) (‪:)310 /5‬‬
‫والهجر ‪ :‬الكلم الباطل‪،‬وكان النهي أول لقرب عهدهم من الجاهلية فربما كانوا يتكلمون بكلم‬
‫الجاهلية الباطل ‪ ،‬فلما استقرت قواعد السلم ‪ ،‬وتمهدت أحكامه ‪ ،‬واشتهرت معالمه أبيح لهم‬
‫الزيارة ‪ ،‬واحتاط صلى ال عليه وسلم بقوله ‪ (:‬ول تقولوا هجرا ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ول يخفي أن ما يفعله العامة وغيرهم عند الزيارة من دعاء الميت والستغاثة به وسوال‬
‫ال بحقه ‪ .‬لهو من أكبر الهجر والقول الباطل ‪،‬فعلى العلماء أن يبينوا لهم حكم ال في ذلك ‪،‬‬
‫ويفهموهم الزيارة المشروعة والغاية منها ‪.‬وقد قال الصنعاني في ( سبل السلم) (‪ )2/162‬عقب‬
‫أحاديث في الزيارة والحكمة منها‪(:‬الكل دال على مشروعية زيارة القبور وبيان الحكمه فيها‪،‬‬
‫وأنها للعتبار‪،...-‬فإذا خلت من هذه لم تكن مرادة شرعا) ‪.‬‬
‫الثاني ‪:‬عن أبي سعيد الخدري قا‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ (:‬إني نهيتكم عن زيارة‬
‫القبور فزوروها‪،‬فإن فيها عبرة‪ [.‬ول تقولوا ما يسخط الرب])‪.‬أخرجه أحمد(‪ )66، 3/38،63‬والحاكم (‬
‫‪)375-1/374‬وعنه البيهقي(‪)4/77‬ثم قال‪(:‬صحيح على شرط مسلم )‪،‬ووافقه الذهبي وهو كما قال ‪.‬ورواه البزار أيضا والزيادة‬
‫له كما في( مجمع الهيثمي )(‪ )3/58‬وقال ‪(:‬وإسناده رجاله رجال الصحيح)‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهي عند أحمد بنحوها من طريق أخرى ‪ ،‬وإسنادها ل بأس به في المتابعات ‪ ،‬ولها شاهد من حديث عبد ال بن عمرو‬
‫بلفظ البزار ‪.‬أخرجه الطبراني في ( المعجم الصغير ) (ص ‪ )183‬ورجاله موثقون ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬عن أنس بن مالك قال ‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ (:‬كنت نهتكم عن زيارة‬
‫القبور أل فزوروها فإنها ترق القلب ‪ ،‬وتدمع العين ‪ ،‬وتذكر الخرة ‪،‬ول تقولوا هجرا ) ‪.‬أخرجه‬
‫الحاكم (‪ )1/376‬بسند حسن ‪ ،‬ثم رواه (‪ )1/375،376‬وأحمد (‪ )3/237،250‬من طريق أخرى عنه بنحوه ‪ ،‬وفيه ضعف ‪ .‬وفي‬
‫الباب عن أبي هريرة رضي ال عنه ‪ ،‬وسيأتي ‪.‬‬
‫‪ - 119‬والنساء كالرجال في استحباب زيارة القبور ‪ ،‬لوجوه ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عموم قوله صلى ال عليه وسلم( ‪..‬فزوروا القبور) فيدخل فيه النساء ‪،‬وبيانه ‪ :‬أن النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم لما نهى عن زيارة القبور في أول المر ‪ .‬فل شك أن النهي كان شامل‬
‫للرجال والنساء معا ‪ ،‬فلما قال ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور ) كان مفهوما أنه كان يعني‬
‫الجنسين ضرورة أنه يخبرهم عما كان في أول المر من نهي الجنسين ‪ ،‬فإذا كان المر كذلك ‪،‬‬
‫كان لزاما أن الخطاب في الجملة الثانية من الحديث وهو قوله ‪ (:‬فزوروها )إنما أراد به الجنسين‬
‫أيضا‪.‬ويؤيده أن الخطاب في بقية الفعال المذكورة في زيادة مسلم في حديث بريدة المتقدم آنفا ‪:‬‬
‫( ونهيتكم عن لحوم الضاحي فوق ثلث فأمسكوا ما بدا لكم ‪ ،‬ونهيتكم عن النبيذ إل في سقاء‬
‫فاشربوا في السقية كلها ول تشربوا مسكرا ) ‪ ،‬أقول ‪:‬فالخطاب في جميع هذه الفعال موجه إلى‬
‫الجنسين قطعا ‪ ،‬كما هو الشأن في الخطاب الول ‪ ( :‬كنت ‪ :‬نهيتكم ) ‪ ،‬فإذا قيل بأن الخطاب في‬

‫‪89‬‬
‫قوله (فزوروها) خاص بالرجال ‪،‬اختل نظام الكلم وذهبت طراوته‪،‬المر الذي ل يليق بمن أوتي‬
‫جوامع الكلم ‪،‬ومن هو أفصح من نطق بالضاد‪،‬صلى ال عليه وسلم ‪،‬ويزيده تأييدا الوجوه التية‪:‬‬
‫الثاني ‪:‬مشاركتهن الرجال في العلة التي من أجلها شرعت زيارة القبور‪(:‬فإنها ترق القلب وتدمع‬
‫العين ) وتذكر الخرة ) ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أن النبي صلى ال عليه وسلم قد رخص لهن في زيارة القبور ‪ ،‬في حديثين حفظتهما لنا‬
‫أم المؤمنين عائشة رضي ال عنها ‪:‬‬
‫‪ - 1‬عن عبد ال بن أبي مليكة ‪ (:‬أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر ‪،‬فقلت لها ‪:‬يا أم المؤمنين‬
‫من أين أقبلت ؟ قالت ‪ :‬من قبر عبد الرحمن بن أبي بكر ‪،‬فقلت لها ‪ :‬أليس كان رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم نهى عن زيارة القبور ؟قالت ‪:‬نعم‪ :‬ثم أمر بزيارتها )‪.‬وفي رواية عنها( أن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم رخص في زيارة القبور ) ‪.‬أخرجه الحاكم (‪ )1/376‬وعنه البيهقي (‪ )4/78‬من طريق‬
‫بسطام بن مسلم عن أبي التياح يزيد بن حميد عن عبد ال بن أبي مليكة ‪ ،‬والرواية الخرى لبن ماجه(‪)1/475‬‬
‫قلت ‪ :‬سكت عنه الحاكم‪،‬وقال الذهبي ( صحيح ) ‪ ،‬وقال البوصيري في ( الزوائد ) (‪ ( : )988/1‬إسناده صحيح رجاله‬
‫ثقات )‪.‬وهو كما قال ‪ .‬وقال الحافظ العراقي في (تخريج الحياء) (‪(:)4/418‬رواه ابن أبي الدنيا في (القبور) والحاكم بإسناد جيد‬
‫‪153‬‬
‫)‬
‫‪ - 2‬عن محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب أنه قال يوما ‪:‬أل أحدثكم عني وعن أمي ؟ فظننا‬
‫أنه يريد أمه التي ولدته ‪ ،‬قال ‪ :‬قالت عائشة ‪ :‬أل أحدثكم عني وعن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ؟ قلنا ‪ :‬بلى ‪ :‬قالت ‪ (:‬لما كانت ليلتي المتي كان النبي صلى ال عليه وسلم فيها عندي ‪،‬‬
‫انقلب فوضع رداءه ‪ ،‬وخلع نعليه ‪ ،‬فوضعهما عند رجليه ‪ ،‬وبسط طرف إزاره على فراشه ‪،‬‬
‫فاضطجع ‪ ،‬فلم يلبث إل ريثما ظهر أنه قد رقدت ‪ ،‬فأخذ رداءه رويدا ‪ ،‬وانتعل رويدا ‪ ،‬وفتح‬
‫الباب [رويدا] ‪ ،‬فخرج ‪ ،‬ثم أجافه رويدا ‪،‬فجعلت درعي في رأسي واختمرت ‪:‬وتقنعت‬
‫إزاري‪، 154‬ثم انطلقت على اثره حتى جاء البقيع ‪ ،‬فقام فأطال القيام ‪ ،‬ثم رفع يديه ثلث مرات ‪،‬‬
‫ثم انحرف فانحرفت ‪ ،‬وأسرع فأسرعت ‪ .‬فهرول فهرولت ‪ .‬فأحضر فأحضرت ‪ ،‬فسبقته ‪،‬‬
‫فدخلت ‪ ،‬فليس إل أن اضجعت ‪ ،‬فدخل فقال ‪ ،‬مالك يا عائش‪155‬حشيا‪ 156‬رابية ؟قالت ‪ :‬قلت ‪:‬ل‬
‫شئ [ يا رسول ال ] ‪ ،‬قال ‪ :‬لتخبرني أو ليخبرني اللطيف الخبير ‪ ،‬قالت ‪ :‬قلت ‪:‬يا رسول ال‬
‫بأبي أنت وأمي ‪ ،‬فأخبرته [ الخبر ] ‪ ،‬قال ‪ :‬فأنت السواد الذي رأيت أمامي ؟ قلت ‪ :‬نعم ‪،‬‬
‫فلهزني في صدري لهزة‪ 157‬أوجعتي ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬أظننت أن يحيف ال عليك ورسوله !؟ قالت‬
‫‪:‬مهما يكتم الناس يعلمه ال ‪ [ ،‬قال ] ‪:‬نعم قال فان جبريل أتاني حين رأيت فناداني ‪ -‬فأخفاه منك‬
‫‪ 153‬قلت ‪ :‬وقد أعله ابن القيم بشئ عجيب ‪ ،‬والخرى بل شئ ! فقال في ( تهذيب السنن ) ( ‪ ( : ) 350 / 4‬وأما رواية البيهقي فهي من رواية بسطام بن مسلم ‪،‬‬
‫ولو صح ‪ ،‬فعائشة تأولت ما تأول غيرها من دخول النساء ) ! قلت ‪ :‬وبسطام ثقة بدون خلف أعلمه ‪ ،‬فل وجه لغمز ابن القيم له ‪ ،‬والسناد صحيج ل شبهة فيه‬
‫‪ .‬ول يعله ما أخرجه الترمذي ( ‪ ) 157 / 2‬من طريق ابن جريج عن عبد ال ابن أبي مليكة قال ‪ :‬توفي عبد الرحمن بن أبي بكر ب‍ ( الحبشي ) ( مكان بينه‬
‫وبين مكة اثنا عشر ميل ) فحمل إلى مكة فدفن فيها ‪ ،‬فلما قدمت عائشة أتت قبر عبد الرحمن بن أبى بكر فقالت ‪ :‬وكنا كندماني جذيمة حقبة من الدهر حتى قيل‬
‫‪ :‬لن يتصدعا فلما تفرقتا كأني ومالكا لطول اجتماع لم نبت ليلة معا ثم قالت ‪ :‬وال لو حضرتك ما دفنت إل حيث مت ‪ ،‬ولو شهدتك ما زرتك ) وكذا أخرجه ابن‬
‫أبي شيبة في ( المصنف ) ( ‪ ، ) 140 / 4‬واستدركه الهيثمي فأورده في ( المجمع ) وقال ‪ ( : ) 60 / 3 ( :‬رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال‬
‫الصحيح ) ‪ ،‬فوهم في الستدراك لخراج الترمذي له ‪ ،‬ورجاله رجال الشيخين لكن ابن جريح مدلس وقد عنعنه ‪ .‬فهي علة الحديث ‪ ،‬ومع ذلك فقد ادعى ابن‬
‫القيم ( ‪ ) 349 / 4‬أنه ( المحفوظ مع ما فيه ) ‪ .‬كذا قال ‪ ،‬بل هو منكر لما ذكرنا ولنه مخالف لرواية يزيد بن حميد وهو ثقة ثبت عن ابن أبي مليكة ‪ ،‬ووجه‬
‫المخالفة ظاهرة من قوله ( ولو شهدتك ما زرتك ) فانه صريح في أن سبب الزيارة إنما هو عدم شهودها وفاته ‪ ،‬فلو شهدت ما زارت ‪ ،‬بينما حديث ابن حميد‬
‫صريح في أنها زارت لن النبي صلى ال عليه وسلم أمر بزيارة القبور ‪ ،‬فحديثه هو المحفوظ خلف ما ذهب إليه ابن القيم رحمه ال تعالى ‪ .‬وأما ما ذكره من‬
‫تأول عائشة فهو محتمل ‪ ،‬ولكن الحتمال الخر وهو أنها زارت بتوقيف منه صلى ال عليه وسلم أقوى بشهادة حديثها التي ‪.‬‬
‫‪ 154‬بغير باء التعدية ‪ ،‬بمعنى لبست إزاري فلهذا عدي بنفسه ‪.‬‬
‫‪ 155‬يجوز في ( عائش ) فتح إلشين وضمها ‪ ،‬وهما وجهان جاريان في كل المرخمات ‪.‬‬
‫‪ 156‬بفتح المهملة وإسكان المعجمة معناه وقع عليك الحشا وهو الربو والتهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه من ارتفاع النفس وتواتره ‪ .‬وقول ‪ ( :‬رابية ) أي‬
‫مرتفعة البطن ‪.‬‬
‫‪ 157‬اللهز ‪ :‬الضرب بجمع الكف في الصدر ‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫‪ ،‬فأجبته ‪،‬فأخفيته منك‪ ،‬ولم يكن ليدخل عليك‪،‬وقد وضعت ثيابك وظننت أن قد رقدت ‪ ،‬فكرهت‬
‫أن أو فظك ‪.‬وخشيت أن تستوحشي ‪-‬فقال ‪:‬إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم ‪،‬‬
‫قالت ‪ :‬قلت‪:‬كيف أقول لهم يا رسول ال ؟قال ‪:‬قولي ‪:‬السلم على أهل الديار من المؤمنين‬
‫والمسلمين‪ ،‬ويرحم ال المستقدمين منا والمستأخرين ‪ ،‬وإنا إن شاء ال بكم للحقون ) ‪.‬أخرجه مسلم‬
‫‪158‬‬
‫(‪ )3/14‬والسياق له والنسائي (‪ )161 -160،160 /2 ،1/286‬وأحمد (‪ )6/221‬والزيادات له إل الولى والثالثة فإنها للنسائي‬
‫الرابع ‪ :‬إقرار النبي صلى ال عليه وسلم المرأة التي رآها عند القبر في حديث أنس رضي ال‬
‫عنه ‪ ( :‬مر رسول ال صلى ال عليه وسلم بامرأة عند قبر وهي تبكي ‪ ،‬فقال لها ‪ :‬اتقي ال‬
‫واصبري‪ ) ..‬رواه البخاري وغيره ‪ ،‬وقد مضى بتمامه في المسألة (‪( )19‬ص ‪ ، ) 22‬وترجم له ( باب زيارة القبور ) ‪،‬‬
‫قال الحافظ في ( الفتح ) ‪ ( :‬وموضع الدللة منه أنه صلى ال عليه وسلم لم ينكر على المرأة قعودها عند القبر ‪ ،‬وتقريره‬
‫حجة ) ‪ .‬وقال العيني في ( العمدة ) (‪: )3/76‬‬
‫( وفيه جواز زيارة القبور مطلقا ‪ ،‬سواء كان الزائر رجل أو امرأة ‪ :‬وسواء كان المزور مسلما‬
‫أو كافرا ‪ ،‬لعدم الفصل في ذلك ) ‪.‬‬
‫وذكر نحوه الحافظ أيضا في آخر كلمه على الحديث فقال عقب قوله(لعدم الستفصال في ذلك)‪:‬‬
‫(قال النووي ‪ :‬وبالجواز قطع الجمهور ‪ ،‬وقال صاحب الحاوي ‪ :‬ل تجوز زيارة قبر الكافر‬
‫وهو غلط‪ .159‬انتهى ) ‪.‬‬
‫وما دل عليه الحديث من جواز زيارة المرأة هو المتبادر من الحديث ‪ ،‬ولكن إنما يتم ذلك إذا‬
‫كانت القصة لم تقع قبل النهي ‪ ،‬وهذا هو الظاهر ‪ ،‬إذا تذكرنا ما أسلفناه من بيان أن النهي كان‬
‫في مكة ‪،‬وأن القصة رواها أنس وهو مدني جاءت به أمه أم سليم إلى النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫حين قدم المدينة ‪ ،‬وأنس ابن عشر سنين‪،‬فتكون القصة مدنية ‪،‬فثبت أنها بعد النهي ‪.‬فتم الستدلل‬
‫بها على الجواز ‪ ،‬وأما قول ابن القيم في ( تهذيب السنن ) ( ‪ ( : ) 350 / 4‬وتقوى ال ‪ ،‬فعل ما‬
‫أمر به وترك ما نهى عنه‪ ،‬ومن جملتها النهي عن الزيارة ) ‪ .‬فصحيح لو كان عند المرأة علم‬
‫بنهي النساء عن الزيارة وأنه استمر ولم ينسخ ‪ ،‬فحينئذ يثبت قوله ‪ ( :‬ومن جملتها النهي عن‬
‫الزيارة ) أما وهذا غير معروف لدينا فهو استدلل غير صحيح‪،‬ويؤيده أنه لو كان النهي ل يزال‬

‫‪ 158‬والحديث استدل به الحافظ في ( التلخيص ) ( ‪ ) 248 / 5‬على جواز الزيارة للنساء وهو ظاهر الدللة عليه ‪ ،‬وهو يؤيد أن الرخصة شملهن مع الرجال ‪،‬‬
‫لن هذه القصة إنما كانت في المدينة ‪ ،‬لما هو معلوم أنه صلى ال عليه وسلم بنى بعائشة في المدينة ‪ ،‬والنهي إنما كان في أول المر في مكة ‪ ،‬ونحن نجزم بهذا‬
‫وإن كنا ل نعرف تاريخا يؤيد ذلك ‪ ،‬لن الستنتاج الصحيح يشهد له ‪ ،‬وذلك من قوله صل ال عليه وسلم ‪ ( :‬كنت نهيتكم ) إذ ل يعقل في مثل هذا النهي أن‬
‫يشرع في العهد المدني ‪ ،‬دون العهد المكي الذي كان أكثر ما شرع فيه من الحكام إنما هو فيما يتعلق بالتوحيد والعقيدة ‪ ،‬والنهي عن الزيارة من هذا القبيل لنه‬
‫من باب سد الذرائع ‪ ،‬وتشريعه إنما يناسب العهد المكي لن الناس كانوا فيه ‪ ،‬حديتي عهد بالسلم ‪ ،‬وعهدهم بالشرك قريبا ‪ ،‬فنهاهم صلى ال عليه وسلم عن‬
‫إلزيارة لكي ل تكون ذريعة إلى الشرك ‪ ،‬حتى إذا استقر التوحيد في قلوبهم ‪ ،‬وعرفوا ما ينافيه من أنواع الشرك أذن لهم الزيارة ‪ ،‬وأما أن يدعهم طيلة العهد‬
‫المكي على عادتهم في الزيارة ‪ ،‬ثم ينهاهم عنها في المدينة فهو بعيد جدا عن حكمة التشريح ‪ ،‬ولهذا جزمنا بأن النهي إنما كان تشريعه في مكة ‪ ،‬فإذا كان كذلك‬
‫فأذنه لعائشة بالزيارة في المدينة دليل واضح على ما ذكرنا ‪ ،‬فتأمله فانه شئ انقدح في النفس ‪ ،‬ولم أر من شرحه على هذا الوجه ‪ ،‬فان أصبت فمن ال ‪ ،‬وإن‬
‫أخطأت فمن نفسي ‪ .‬وأما استدلل صاحب رسالة ( وصية شرعية ) على ذلك بقوله ( ص ‪ ( : ) 26‬وقد أقر الرسول صلى ال عليه وسلم ابنته فاطمة رضي ال‬
‫عنها على زيارة قبر عمها حمزة رضي ال عنه ) ‪ .‬فهو استدلل باطل ‪ ،‬لن القرار المذكور ل أصل له في شئ من كتب السنة ‪ ،‬وما أظنة إل وهما من‬
‫ألمولف ‪ ،‬فإن المروي عنها رضي ال عنها إنما هو زيارة فقط ليس في ذكر للقرار المزعوم أصل ‪ ،‬ومع ذلك فل يثبت ذلك عنها ‪ ،‬فإنه من رواية سليمان بن‬
‫داود عن جعفر بن محمد عن أبيه على بن الحسين عن أبيه أن فاطمة بنت النبي صلي ال عليه وسلم كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده‬
‫‪ .‬هكذا أخرجه الحاكم ( ‪ ) 377 / 1‬ومن طريقه البيهقي ( ‪ ) 78 / 4‬وقال ‪ ( :‬كذا قال ‪ ،‬وقد قيل عن سليمان بن داود عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه دون‬
‫ذكر على بن الحسين عن أبيه فيه ‪ ،‬فهو منقطع ) ‪ .‬وقال الحاكم ‪ ( :‬رواته عن آخرهم ثقات ) ! ورده الذهبي بقوله ‪ ( :‬قلت ‪ :‬هذا منكر جدا ‪ ،‬وسليمان ضعيف )‬
‫‪ .‬قلت ‪ :‬وأنا أظنه سليمان بن داود بن قيس الفراء المدني ‪ ،‬قال أبو حاتم ( شيخ ل أفهمه فقط كما ينبغي ) وقال الزدي ‪ ( :‬تكلم فيه ) ولهذا أورده الذهبي في‬
‫( الضعفاه ) ‪ ،‬وحكى قول الزدي المذكور ‪ ،‬فل تغتر بسكوت الحافظ على هذا الثر في ( التلخيص ) ( ص ‪ ، ) 167‬وإن تابعه عليه الشوكاني كما هي عادته‬
‫في ( نيل الوطار ) ( ‪ ! ! ) 95 / 4‬على أنه وقع عند الول ( على بن الحسين عن على ) ‪ ،‬فجعله من مسند علي رضي ال عنه وإنما هو من رواية ابنه‬
‫الحسين رضي ال عنهما ‪ ،‬كما عند الحاكم ‪ ،‬أو من رواية جعفر بن محمد عن أبيه كما في رواية البيهقي المعلقة ‪ ،‬فلعل ما في ( التلخيص ) وهو قوله ( عن‬
‫علي ) محرف عن ( عن أبيه ) ‪ .‬وسقط هذا كله عند الصنعاني في ( سبل السلم ) ( ‪ ) 151 / 2‬فعزاه للحاكم من حديث علي بن الحسين أن فاطمة ‪ . . .‬ثم قال‬
‫‪ ( :‬قلت ‪ :‬وهو حديث مرسل ‪ ،‬فإن علي بن الحسين لم يدرك فاطمة بنت محمد ) ! والحديث إنما هو من حديث علي بن الحسين عن أبيه على ما سبق بيانه ‪.‬‬
‫‪ 159‬قلت ‪ :‬والدليل عليه في المسألة التية ‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫مستمرا لنهاها رسول ال صلى ال عليه وسلم عن الزيارة صراحة وبين ذلك لها ‪ ،‬ولم يكتف‬
‫بأمرها بتقوى ال بصورة عامة ‪ ،‬وهذا ظاهر إن شاء ال تعالى ‪.‬‬
‫‪ - 120‬لكن ل يجوز لهن الكثار من زيارة القبور والتردد عليها ‪،‬لن ذلك قد يفضي بهن إلى‬
‫مخالفة الشريعة ‪ ،‬من مثل الصياح والتبرج واتخاذ القبور مجالس للنزهة ‪ ،‬وتضييع الوقت في‬
‫الكلم الفارغ ‪ ،‬كما هو مشاهد اليوم في بعض ‪ ،‬البلد السلمية ‪ ،‬وهذا هو المراد ‪ -‬إن شاء‬
‫ال ‪ -‬بالحديث المشهور ‪ ( :‬لعن رسول ال صلى ال عليه وسلم ( وفي لفظ ‪ :‬لعن ال ) زوارات‬
‫القبور )‪.‬وقد روي عن جماعة من الصحابة ‪ :‬أبو هريرة ‪ ،‬حسان بن ثابت ‪،‬وعبد ال ابن عباس‪.‬‬
‫‪-1‬أما حديث أبي هريرة ‪ ،‬فهو من طريق عمر بن أبي سلمة عن أبيه عنه‪.‬أخرجه الترمذي (‪-2/156‬‬
‫تحفة) وابن ماجه (‪ )1/478‬وابن حبان ‪ )789‬والبيهقي (‪ )4/78‬والطيالسي (‪ -1/171‬ترتيبه) وأحمد (‪ ، )2/337‬واللفظ الخر‬
‫للطيالسي والبيهقي ‪ ،‬وقال الترمذي‪:‬‬
‫(حديث حسن صحيح ‪ ،‬وقد رأى بعض أهل العلم أن هذا كان قبل أن يرخص النبي في زيارة‬
‫القبور‪.‬فلما رخص دخل في رخصته الرجال والنساء‪،‬وقال بعضهم ‪ :‬إنما كره زيارة القبور في‬
‫النساء لقلة صبرهن وكثرة جزعهن ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ورجال إسناد الحديث ثقات كلهم ‪ ،‬غير أن في عمر بن أبي سلمة كلما لعل حديثه ل‬
‫ينزل به عن مرتبة الحسن‪،‬لكن حديثه هذا صحيح لما له من الشواهد التية ‪.‬‬
‫‪ - 2‬وأما حديث حسان بن ثابت ‪ ،‬فهو من طريق عبد الرحمن بن بهمان عن عبد الرحمن بن‬
‫ثابث عن أبيه به‪.‬أخرجه ابن أبي شيبة (‪ )4/141‬وابن ماجه (‪ )1/478‬والحاكم (‪ )1/374‬والبيهقي وأحمد (‪ )2/243‬وقال‬
‫البوصيري في ( الزوائد ) ( ق ‪ ( : )98/2‬إسناده صحيح ‪ ،‬رجاله ثقات ) ‪.‬‬
‫كذا قال ‪ ،‬وابن بهمان هذا لم يوثقه غير ابن حبان والعجلي ‪،‬وهما معروفان بالتساهل في‬
‫التوثيق ‪ ،‬وقال ابن المديني فيه ‪ ( :‬ل نعرفه ) ‪ ،‬ولذا قال الحافظ في ( التقريب ) ‪ ( :‬مقبول ) يعني‬
‫عند المتابعة ‪،‬ولم أجد له متابعا ‪ ،‬لكن الشاهد الذي قبله وبعده في حكم المتابعة ‪،‬فالحديث مقبول‪.‬‬
‫‪ - 3‬وأما حديث ابن عباس ‪،‬فهو من طريق أبي صالح عنه باللفظ الول إل أنه قال ‪ ( :‬زائرات‬
‫القبور )وفي رواية ( زوارات )‪.‬أخرجه ابن أبي شيبة(‪)4/140‬وأصحاب السنن الربعة و ابن حبان(‪)788‬والحاكم‬
‫والبيهقي والطيالسي والرواية الخرى لهما‪،‬وأحمد(رقم ‪ ) 2030،2603،2986،3118‬وقال الترمذي ‪(:‬حديث حسن‪،‬وأبو صالح‬
‫هذا مولى أم هاني بنت أبي طالب واسمه باذان‪،‬ويقال‪:‬باذام)‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهو ضعيف بل اتهمه بعضهم ‪ ،‬وقد أوردت حديثه في ( سلسلة الحاديث الضعيفة ) لزيادة تفرد بها فيه ‪ ،‬وذكرت‬
‫بعض أقوال الئمة في حاله فيراجع (‪. )223‬‬
‫فقد تبين من تخريج الحديث أن المحفوظ فيه إنما هو بلفظ (( زوارات)) لتفاق حديث أبي هريرة‬
‫وحسان عليه وكذا حديث ابن عباس في رواية الكثرين‪،‬على ما فيه من ضعف فهي إن لم‬
‫تصلح للشهادة فل تضر‪،‬كما ل يضر في التفاق المذكور الرواية الخرى من حديث ابن عباس‬
‫كما هو ظاهر‪،‬وإذا كان المر كذلك فهذا اللفظ ((زوارات ))إنما يدل على لعن النساء اللتي‬
‫يكثرن الزيارة ‪.‬بخلف غيرهن فل يشملهن اللعن ‪،‬فل يجوز حينئذ أن يعارض بهذا الحديث ما‬
‫سبق من الحاديث الدالة على استحباب الزيارة للنساء ‪ ،‬لنه خاص وتلك عامة ‪ .‬فيعمل بكل‬
‫منهما في محله ‪،‬فهذا الجمع أولى من دعوى النسخ ‪،‬وإلى نحو ما ذكرنا ذهب جماعة من العلماء‬
‫‪ ،‬فقال القرطبي‪ (:‬اللعن المذكور في الحديث إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة‬
‫من المبالغة‪ ،‬ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج ‪ .‬وما ينشأ من‬
‫الصياح ونحو ذلك وقد يقال ‪ :‬إذا أمن جميع ذلك فل مانع من الذن لهن ‪،‬لن تذكر الموت‬
‫يحتاج إليه الرجال والنساء )‬

‫‪92‬‬
‫‪.‬قال الشوكاني في ( نيل الوطار )(‪( : )4/95‬وهذا الكلم هو الذي ينبغي اعتماده في الجمع بين أحاديث الباب المتعارضة في‬
‫الظاهر )‪.160‬‬
‫‪ - 121‬ويجوز زيارة قبر من مات على غير السلم للعبرة فقط ‪ .‬وفيه حديثان‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن أبي هريرة قال ‪ ( :‬زار النبي صلى ال عليه وسلم قبر أمه‪.‬فبكى ‪ :‬وأبكى من‬
‫حوله ‪ ،‬فقال ‪ :‬استأذنت ربي في أن أستغفر لها ‪ ،‬فلم يؤذن لي ‪ ،‬واستأذنته في أن أزور قبرها‬
‫فأذن لي ‪ ،‬فزوروا القبور فإنها تذكر الموت ) ‪.‬أخرجه مسلم (‪ )3/65‬وأبو داود (‪ )2/72‬والنسائي (‪ )1/286‬وابن‬
‫ماجه (‪ )1/476( )1/476‬والطحاوي (‪ )3/189‬والحاكم (‪ )376-1/375‬وعنه البيهقي (‪ )4/76‬وأحمد (‪. )2/441‬‬
‫رواية‬ ‫الثاني ‪ :‬عن بريدة رضي ال عنه قال‪ (:‬كنا مع النبي صلى ال عليه وسلم [ في سفر‪،‬وفي‬
‫‪ :‬في غزوة الفتح ] ‪ .‬فنزل بنا ونحن معه قريب من ألف راكب ‪ ،‬فصلى ركعتين ‪ ،‬ثم أقبل علينا‬
‫بوجهه وعيناه تذرفان ‪ ،‬فقام إليه عمر بن الخطاب‪،‬فقداه بالب والم ‪ ،‬يقول ‪:‬يا رسول ل مالك ؟‬
‫قال‪ :‬إني سألت ربي عز وجل في الستغفار لمي ‪،‬فلم يأذن لي‪،‬فدمعت عيناي رحمة لها من‬
‫النار‪ [،‬واستأذنت ربي في زيارتها فأذن لي ] ‪ ،‬وإني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها‪،‬‬
‫ولتزدكم زيارتها خيرا ) ‪ .‬أخرجه أحمد (‪ )5/355،357،359‬وابن أبي شيبة (‪ )4/139‬والرواية الخرى لهما وإسنادها‬
‫عند ابن أبي شيبة صحيح ‪ ،‬والحاكم (‪ )1/376‬وكذا ابن حبان (‪ )791‬والبيهقي (‪ )4/76‬والزيادة الولى لها ‪ :‬والرواية الخرى‬
‫فيها لمن سبق ذكره ‪ ،‬والزيادة الخرى للحاكم وقال ‪ ( :‬صحيح على شرط الشيخين ) ووافقه الذهبي ‪ ،‬وهو كما قال ‪ :‬ورواه‬
‫الترمذي مختصرا وصححه‪،‬وروى مسلم وغيره منه الذن بالزيارة فقط كما تقدم في المسألة(‪118‬ص ‪)178‬الحديث الول ‪.161‬‬
‫والمقصود من زيارة القبور شيئان ‪:‬‬
‫‪-1‬انتفاع الزائر بذكر الموت والموتى ‪ ،‬وأن مآلهم إما إلى جنة وإما إلى نار وهو الغرض الول‬
‫من الزيارة ‪ ،‬كما يدل عليه ما سبق من الحاديث ‪.‬‬
‫‪-2‬نفع الميت والحسان إليه بالسلم عليه‪،‬والدعاء والستغفار له‪،‬وهذا خاص بالمسلم‪ ،‬وفيه‬
‫أحاديث ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن عائشة رضي ال عنها ‪(:‬أن النبي صلى ال عليه وسلم كان يخرج إلى البقيع‪ ،‬فيدعو‬
‫لهم ‪ ،‬فسألته عائشة عن ذلك ؟ فقال ‪ :‬إني أمرت أن أدعو لهم ) ‪ .‬أخرجه أحمد (‪ )6/252‬بسند صحيح‬
‫على شرط الشخين ‪ .‬ومعناه عند مسلم وغيره من طريق أخرى مطول ‪ ،‬وقد مضى بتمامه في المسألة ( ‪. ) 119‬‬
‫الثاني ‪ :‬عنها أيضا قالت ‪ ( :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم يخرج من آخر الليل فيقول ‪ :‬السلم عليكم [ أهل ] دار قوم مؤمنين ‪ ،‬وإنا‬
‫وإياكم وما توعدن غدا مؤجلون ‪ ،‬وإنا إن شاء ال بكم لحقون ‪ ،‬اللهم اغفر لهل بقيع الغرقد ) ‪.‬‬
‫أخرجه مسلم (‪ )3/63‬والنسائي (‪ )1/287‬وابن السني (‪ )585‬والبيهقي (‪ )4/79‬وأحمد (‪ )6/180‬وليس عنده الدعاء بالمغفرة‬
‫( والزيادة له ولبن السني ‪.‬‬

‫‪ 160‬وإلى هذا الجمع ذهب الصنعاني أيضا في ‪ ( :‬سبل السلم ) ‪ ،‬ولكنه استدل للجواز بأدلة فيها نظر فأحبت أن أنبه عليها ‪ ،‬أول ‪ :‬حديث الحسين بن علي‬
‫رضي ال عنهما ( أن فاطمة بنت النبي صلى ال عليه وسلم كانت تزرو قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي ) ‪ .‬أخرجه الحاكم ( ‪ ) 377 / 1‬وعنه‬
‫البيهقي ( ‪ ) 78 / 4‬وقال ( وهو منقطع ‪ ،‬وسكت عليه الحافظ في ( التلخيص ) ( ‪ ) 248 / 5‬وتبعه الصنعاني ! وسكوت هذين واقتصار البيهقي علي إعلله‬
‫بالنقطاع قد يوهم أنه سالم من علة أخرى ‪ .‬وليس كذلك كما سبق بيانه قريبا ‪ .‬ثانيا ‪ :‬حديث البيهقي في ( شعب اليمان ) مرسل ‪ ( :‬من زار قبر الولدين أو‬
‫أحدهما في كل جمعة عفو له وكتب بارا ) ‪ .‬سكت عليه الصنعاني أيضا ‪ .‬وهو ضعيف جدا بل هو موضوع ‪ ،‬وليس هو مرسل فقط كما ذكر الصنعاني ‪،‬بل هو‬
‫معضل لن الذي رفعه إنما هو محمد بن النعمان وليس تابعيا ‪ ،‬قال إلعراقي في ( تخريج الحياء ) ( ‪ ( : ) 418 / 4‬رواه ابن أبى الدنيا وهو معضل ‪ ،‬محمد بن‬
‫النعمان مجهول ) ‪ .‬قلت ‪ :‬وهو تلقاه عن يحيى بن العلء البجلي بسنده عن أبى هريرة أخرجه الطبراني في الصغير ( ‪ ) 199‬ويحيي كذبه وكيع وأحمد ‪ ،‬وقال‬
‫ابن أبى حاتم ( ‪ ) 209 / 2‬عن أبيه ‪ ( :‬الحديث منكرا جدا ‪ ،‬كأنه موضوع ) ‪.‬‬
‫‪ 161‬قال النووي في شرح حديث أبى هريرة الول ‪ ( :‬فيه جواز زيارة المشركين في الحياة ‪ ،‬وقبورهم بعد الوفاة ‪ ،‬لنه إذا جازت زيارتهم بعد الوفاة ‪ ،‬ففي‬
‫الحياة أولى ‪ .‬وفيه النهي عن الستغفار للكفار ‪ ،‬قال عياض ‪ :‬سبب زيارته صلى ال عليه وسلم قبرها أنه قصد قوة الموعظة والذكرى بمشاهدة قبرها ‪ ،‬ويؤيده‬
‫قوله صلى ال عليه وسلم ‪ :‬فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت ) ‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫الثالث ‪ :‬عنها أيضا في حديثها الطويل المشار إليه قريبا قالت ‪ ( :‬كيف أقول لهم يا رسول ال ؟‬
‫قال ‪ :‬قولي ‪ :‬السلم على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ‪ ،‬ويرحم ال المستقدمين منا‬
‫والمستأخرين وإنا إن شاء ال بكم للحقون )‪.‬أخرجه مسلم وغيره‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬عن بريدة قال ‪ ( :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر ‪،‬‬
‫فكان قائلهم يقول ‪:‬السلم عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ‪ ،‬وإنا إن شاء ال [ بكم ]‬
‫للحقون ‪ [ ،‬أنتم لنا فرط ‪ ،‬ونحن لكم تبع ] ‪ ،‬أسأل ال لنا ولكم العافية ) ‪.‬أخرجه مسلم (‪ )3/65‬والنسائي‬
‫وابن ماجه (‪ ، )1/469‬وكذا ابن أبي شيبة) (‪ )4/138‬وابن السني في (‪ )582‬والبيهقي وأحمد (‪ ،)5/353،359،360‬والزيادتان‬
‫لهم جميعا حاشا ابن ماجه ومسلما ‪ .‬والزيادة الثانية ‪ ،‬أخرجها ابن أبي شيج من حديث علي وإسناده صحيح ‪ ،‬ومن حديث سلمان‬
‫( وإسناده حسن ) وكلهما موقوف عليهما ‪.‬‬
‫الخامس ‪ :‬عن أبي هريرة ‪ ( :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنى المقبرة فقال ‪ :‬السلم‬
‫عليكم دار قوم مؤمنين ‪ ،‬وإنا إن شاء ال بكم ل حقون ‪ ،‬وددت أنا قد رأينا إخواننا ‪ ،‬قالوا ‪ :‬أو‬
‫لسنا إخوانك يا رسول ال ‪ .‬قال [ بل ] أنتم أصحابي ‪ ،‬وأخواننا الذين يأتون بعد ‪ [ ،‬وأنا فرطهم‬
‫على الحوض ] ‪ ،‬فقالوا كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول ال ‪ :‬فقال أرأيتم لو أن‬
‫رجل له خيل غر‪162‬محجلة ‪ ،‬بين ظهري خيل دهم بهم‪163‬أل يعرف خيله ؟ قالوا بلى يا رسول‬
‫ال‪.‬قال‪:‬فأنهم يأتون[ يوم القيامة ] عرا محجلين من الوضوء ‪ [ .‬يقولها ثلثا ] ‪ ،‬وأنا فرطهم على‬
‫الحوض ‪ .‬أل ليذادن رجال [ منكم ] عن حوضي كما يذاد البعير الضال ‪ ،‬أناديهم ‪ :‬أل هلم [ أل‬
‫هلم ] ‪ .‬فيقال ‪ :‬إنهم قد بذلوا بعدك ‪ [ ،‬ولم يزالوا يرجعون على أعقابهم ] ‪ ،‬فأقول ‪ [ :‬أل ] ‪ ،‬سحقا‬
‫سحقا ) ‪ .‬اخرجه مسلم (‪ )151-1/150‬ومالك (‪ )50-1/49‬والنسائي (‪ )1/35‬وابن ماجه(‪ )580 /2‬والبيهقي(‪ )4/78‬وأحمد (‬
‫‪ )2/300،408‬والزيادات كلها له إل الخيرتين فإنها لبن ماجه ‪،‬ولمالك الثلثة الولى مع السادسة ‪ ،‬وللنسائي الولى والثالثة ‪.‬‬
‫وفي الباب عن بشير بن الخصاصية ‪ ،‬وقد ذكرت لفظه في التعليق على المسألة (‪( ، )88‬ص ‪ )135‬وعن ابن عباس ‪ ،‬وفيه‬
‫ضعف كما يأتي التنبيه عليه في خاتمة المسألة التية بعد مسألة ‪ ،‬وعن عمر وغيره ‪ ،‬وفيها ضعف كما بينه الحافظ الهيثمي في‬
‫( المجمع ) (‪. )3/60‬‬
‫‪-122‬وأما قراءة القرآن عند زيارتها ‪ ،‬فمما ل أصل له في السنة ‪ ،‬بل الحاديث المذكورة في‬
‫المسألة السابقة تشعر بعدم مشروعيتها ‪ ،‬إذ لو كانت مشروعة ‪ ،‬لفعلها رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم وعلمها أصحابه ‪ ،‬ل سيما وقد سألته عائشة رضي ال عنها‪-‬وهي من أحب الناس إليه‬
‫صلى ال عليه وسلم‪-‬عما تقول إذا زارت القبور؟ فعلمها السلم والدعاء ‪ .‬ولم يعلمها أن تقرأ‬
‫الفاتحة أو غيرها من القرآن‪،‬فلو أن القراءة كانت مشروعة لما كتم ذلك عنها ‪ ،‬كيف وتأخير‬
‫البيان عن وقت الحاجة ل يجوز كما تقرر في علم الصول ‪ ،‬فكيف بالكتمان ‪،‬ولو أنه صلى ال‬
‫عليه وسلم علمهم شيئا من ذلك لنقل إلينا‪،‬فإذ لم ينقل بالسند الثابت دل على أنه لم يقع‪.‬ومما يقوي‬
‫عدم المشروعية قوله صلى ال عليه وسلم ‪ (:‬ل تجعلوا بيوتكم مقابر‪،‬فإن الشيطان يفر من البيت‬
‫الذي يقرأ فيه سورة البقرة ) أخرجه مسلم (‪ )2/188‬والترمذي (‪ )4/42‬وصححه وأحمد (‪)378،388 ،2/284،337‬‬
‫من حديث أبي هريرة ‪.‬‬
‫الصغير) ‪.‬‬ ‫وله شاهد من حديث الصلصال بن الدلهمس ‪.‬رواه البيهقي في (الشعب) كما في(الجامع‬
‫فقد أشار صلى ال عليه وسلم إلى أن القبور ليست موضعا للقراءة شرعا ‪ ،‬فلذلك حض على‬
‫قراءة القرآن في البيوت ونهي عن جعلها كالمقابر التي ل يقرأ فيها ‪ ،‬كما أشار في الحديث‬
‫الخر إلى أنها ليست موضعا لصلة أيضا ‪ ،‬وهو قوله ‪ (( :‬صلوا في بيوتكم ‪ ،‬ول تتخذوها‬
‫قبورا )) ‪ .‬أخرجه مسلم (‪ )2/187‬وغيره عن ابن عمر ‪ ،‬وهو ‪ -‬عند البخاري بنحوه ‪ ،‬وترجم له بقوله ‪ :‬بـ( باب كراهية‬

‫‪ 162‬بضم فتشديد جمع الغر ‪ ،‬وهو البيض الوجه ‪ ( .‬محجلين ) اسم مفعول من التحجيل ‪ ،‬والمحجلل من الدواب التي قوائمها بيض ‪.‬‬
‫‪ 163‬بضمتين أو بسكون الثاني وهو الشهر للزدواج ‪ ،‬وهو تأكيد ( دهم ) جمع أدهم وهو السود ‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫الصلة في المقابر ) فأشار به إلى أن حديث ابن عمر يفيد كراهة الصلة في المقابر‪،‬فكذلك حديث أبي هريرة يفيد كراهة قراءة‬
‫القرآن في المقابر‪،‬ول فرق‪.164‬ولذلك كان مذهب جمهور السلف كأبي حنيفة ومالك وغيرهم‪165‬كراهة للقراءة عند القبور ‪ ،‬وهو‬
‫قول المام أحمد فقال أبو داود في مسائله ( ص ‪((: ) 158‬سمعت أحمد سئل عن القراءة عند القبر؟ فقال ‪:‬ل))‪.‬‬
‫‪ - 123‬ويجوز رفع اليد في الدعاء لهما ‪ ،‬لحديث عائشة رضي ال عنها قالت ‪ ( :‬خرج رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ذات ليلة ‪ ،‬فأرسلت بريرة في أثره لتنظر أين ذهب ! قالت ‪ :‬فسلك نحو‬
‫بقيع الغرقد ‪،‬فوقف في أدنى البقيع ثم رفع يديه‪،‬ثم انصرف‪ ،‬فرجعت إلي بريرة ‪ ،‬فأخبرتني‪ ،‬فلما‬
‫أصبحت سألته ‪،‬فقلت ‪:‬يارسول ال أين خرجت الليلة ؟ قال ‪:‬بعثت إلى أهل البقيع لصلي عليهم)‬
‫‪ .‬أخرجه أحمد (‪ ، )6/92‬وهو في (الموطأ ) (‪ )240-1/239‬وعنه النسائي (‪ )1/287‬بنحوه ‪ ،‬لكن ليس فيه رفع اليدين ‪،‬‬
‫وإسناده حسن ‪ .‬وقد ثبت رفع اليدين في قصة أخرى لعائشة رضي ال عنها تقدمت في المسألة (‪. )119‬‬
‫‪ - 124‬ولكنه ل يستقبل القبور حين الدعاء لها ‪ ،‬بل الكعبة ‪ ،‬لنهيه صلى ال عليه وسلم عن‬
‫الصلة إلى القبور كما سيأتي ‪ ،‬والدعاء مخ الصلة ولبها كما هو معروف فله حكمها ‪ ،‬وقد قال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬الدعاء هو العبادة ‪ ،‬ثم قرأ { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } ‪.‬أخرجه ابن‬
‫المبارك في ( الزهد ) (‪ )10/151‬والبخاري في ( الدب المفرد ) رقم (‪ )714‬وأبو داود (‪ -1/551‬بشرح العون ) والترمذي (‬
‫‪ )4/178،223‬وابن ماجه (‪ )429-2/428‬وابن حبان (‪ )2396‬والحاكم (‪ )1/491‬وابن منده في ( التوحيد ) (ق ‪ )69/1‬وأحمد (‬
‫‪ )4/167،271،276،277‬وقال الحاكم ‪ ( :‬صحيح السناد ) ووافقه الذي وهو كما قال ‪ ،‬وقال الترمذي ‪ ( :‬حديث حسن‬
‫صحيح ) ‪.‬‬

‫‪ 164‬وقد استدل جماعة من العلماء بالحديث على ما استدل به البخاري ‪ ،‬وأيده الحافظ في شرحه ‪ ،‬وقد ذكرت كلمه في المسألة التية ( رقم ‪ 128‬فقره ‪) 7‬‬
‫‪ 165‬ذكره عنهم شيخ السلم ابن تيمية في ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) ( ص ‪ ) 128‬وقال ‪ ( :‬ول يحفظ عن الشافعي نفسه في هذه‬
‫المسألة كلم ‪ ،‬وذلك لن ذلك كان عنده بدعة ‪ ،‬وقال مالك ‪ :‬ما عملت أحدا يفعل ذلك ‪ ،‬فعلم أن الصحابة ‪ ،‬والتابعين ما كانوا يفعلونه ) ‪ .‬وقال في ( الختيارات‬
‫العملية ) ( ص ‪ ( ) 53‬والقراءة على الميت بعد موته بدعة ‪ ،‬بخلف القراءة على المحتضر فإنها تستحب ب‍ ( ياسين ) ) ‪ .‬قلت ‪ :‬لكن حديث قراءة ياسين‬
‫ضعيف كما تقدم ( ص ‪ ) 11‬والستحباب حكم شرعي ‪ ،‬ول يثبا بالحديث الضعيف كما هو معلوم من كلم ابن تيمية نفسه في بعض مصناته وغيرها ‪ .‬وأما‬
‫جاء في ( كتاب الروح ) لبن القيم ( ص ‪ : ) 13‬قال الحلل ‪ :‬وأخبرني الحسن بن أحمد الوارق ‪ :‬ثنا علي ابن موسى الحداد ‪ -‬وكان صدوقا ‪ -‬قال ‪ :‬كنت مع‬
‫أحمد بن جنبل ومحمد بن قدامة الجوهري في جنازة ‪ ،‬فلما دفن الميت جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر ‪ ،‬فقال له أحمد ‪ :‬يا هذا إن القراءة عند القبر بدعة ! فلما‬
‫خرجت من المقابر ‪ ،‬قال محمد بن قدامة لحمد بن حنبل ‪ :‬يا أبا عبد ال ما تقول في مبشر الحلبي ؟ قال ‪ :‬ثقة ‪ ،‬قال ‪ :‬كتبت عنه شيئا ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫فأخبرني مبشر عن عبد الرحمن بن العلء بن اللجلج ‪ ( ،‬الصل ‪ :‬الحلج وهو خطأ ) عن أبيه أنه أوصي إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة‬
‫وخاتمتها‪،‬وقال‪:‬سمعت ابن عمر يوصي بذلك‪.‬فقال له أحمد ‪ :‬فارجع وقل للرجل ‪ :‬يقراء )‪.‬فالجواب عنه من وجوه‪:‬‬
‫الول ‪ :‬إن في ثبوت هذه القصة عن أحمد نظر ‪ ،‬لن شيخ الحلل الحسن بن أحمد الوراق لم أجد ترجمة فيما عندي الن من كتب الرجال ‪ ،‬وكذلك شيخه علي‬
‫بن موسى الحداد لم أعرفه ‪ ،‬وإن قيل في هذا السند أنه كان صدوقا ‪ ،‬فإن الظاهر أن القائل هو الوارق هذا ‪ ،‬وقد عرفت حاله ‪.‬‬
‫الثاني ‪ ،‬إنه إن ثبت ذلك عنه فإنه أخص مما رواه أبو داود عنه ‪ ،‬وينتج من الجمع بين الروايتين عنه أن مذهبه كراهة القراءة عند القبر إل عند الدفن ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أن السند بهذا الثر ل يصح عن ابن عمر ‪ ،‬ولو فرض ثبوته عن أحمد ‪ ،‬وذلك لن عبد الرحمن ابن العلء بن اللجلج معدود في المجهولين ‪ ،‬كما‬
‫يشعر بذلك قول الذهبي في ترجمته من ( الميزان ) ‪ ( :‬ما روي عنه سوى مبشر هذا ) ‪ ،‬ومن طريقة رواه ابن عساكر ( ‪ ) 2 / 399 / 13‬وأما توثيق ابن حيان‬
‫إياه فمما ل يعتد به لما اشهر به من التساهل في التوثيق ‪ ،‬ولذلك لم يعرج عليه الحافظ في ( التقريب ) حين قال في المترجم ‪ ( :‬مقبول ) يعني عند المتابعة وإل‬
‫فلين الحديث كما نص عليه في المقدمة ‪ ،‬ومما يؤيد ما ذكرنا أن الترمذي مع تساهله في التحسين لما أخرج له حديثا آخر ( ‪ ) 128 / 2‬وليس له عنده سكت‬
‫عليه ولم يحسنه !‬
‫الرابع ‪ :‬أنه لو ثبت سنده كل عن ابن عمر ‪ ،‬فهو موقوف لم يرفعه إلى النبي صلى ال عليه وسلم فل حجة فيه أصل ‪ .‬ومثل هذا الثر ما ذكره ابن القيم أيضا‬
‫( ص ‪ ( : ) 14‬وذكر الحلل عن الشعبي قال ‪ :‬كانت النصار إذا مات لهم الميت اختلفوا إلى قبره يقرؤون القرآن ) ‪ .‬فنحن في شك من ثبوت ذلك عن الشعبي‬
‫بهذا اللفظ خاصة ‪ ،‬فقد رأيت السيوطي قد أورده في ( شرح الصدور ) ( ص ‪ ) 15‬بلفظ ‪ ( :‬كانت النصار يقرؤون عند الميت سورة البقرة ) ‪ .‬قال ‪ ( :‬رواه‬
‫ابن أبي شيبة والمروزي ) أورده في ( باب ما يقول النسان في مرض الموت ‪ ،‬وما يقرأ عنده ) ‪ .‬ثم رأيته في ( المصنف ) لبن أبى شيبة ( ‪ ) 74 / 4‬وترجم‬
‫له بقوله ‪ ( :‬باب ما يقال عند المريض إذا حضر ) " ‪ .‬فتبين أن في سنده مجالدا وهو ابن سعيد قال الحافظ في ( التقريب ) ‪ ( :‬ليس بالقوي ‪ ،‬وقد تغيير في آخر‬
‫عمره ) ‪ .‬فظهر بهذا أن الثر ليس في القراءة عند القبر بل عند الحتضار ‪ ،‬ثم هو على ذلك ضعيف السناد ‪ .‬وأما حديث ( من مر بالمقابر فقرأ ( قل هو ال‬
‫أحد ) إحدى عشر مرة ثم وهب أجره للموأت أعطي من الجر بعدد الموات ) ‪ .‬فهو حديث باطل موضوع ‪ ،‬رواه أبو محمد الحلل في ( القراءة على‬
‫القبور ) ( ق ‪ ) 2 / 201‬والديلمي عن نسخة عبد ال بن أحمد بن عامر عن أبيه عن علي الرضا عن آبائه ‪ ،‬وهي نسخة موضوعة باطلة ل تنفك عن وضع‬
‫عبد ال هذا أو وضع أبيه ‪ ،‬كما قال الذهبي في ( الميزان ) وتبعه الحافظ ابن حجر في ( اللسان ) ثم السيوطي في ( ذيل الحاديث الموضوعة ) ‪ ،‬وذكر له هذا‬
‫الحديث وتبعه ابن عراق في ( تنزيه الشريعة المرفوعة ‪ ،‬عن الحاديث الشيعة الموضوعة ) ‪ .‬ثم ذهل السيوطي عن ذلك فأورد الحديث في ( شرح الصدور )‬
‫( ص ‪ ) 130‬برواية أبي محمد السمرقندي في ( ‪ 1‬فضائل قل هو ال أحد ) وسكت عليه ! نعم قد أشار قبل ذلك إلى ضعفه ‪ ،‬ولكن هذا ل ‪ ،‬يكفي فإن الحديث ‪،‬‬
‫موضوع باعترافه فل يجزي القتصار على تضعيفه كما ل يجوز السكوت عنه ‪ ،‬كما صنع الشيخ إسماعيل العجلوني في ( كشف الخفاء ) ( ‪ ) 382 - 2‬فإنه‬
‫عزاه للرافعي في تاريخه وسكت عليه ! مع أنه وضع كتابه المذكرر للكشف ( عما اشتهر من الحاديث على ألسنة الناس ) ! ثم إن سكوت أهل الختصاص‬
‫عن الحديث قد يوهم من ل علم عنده به أن الحديث مما يصلح للحتجاج به أو العمل به في فضائل العمال كما يقولون ‪ ،‬وهذا ما وقع لهذا الحديث ‪ ،‬فقد رأيت‬
‫بعض الحنيفة قد احتج بهذا الحديث للقراءة عند القبور وهو الشيخ الطهطاوي على ( مراقي الفلح ) ( ص ‪ ! ) 117‬وقد عزاه هذا إلى الدار قطني ‪ ،‬وأظنة‬
‫وهما ‪ ،‬فإني لم أجد غيره عزاه إليه ‪ ،‬ثم إن المعروف عند المشتغلين بهذا العلم أن العزو إلى الدار قطني مطلقا يراد به كتابه ( السنن ) ‪ ،‬وهذا الحديث لم أره‬
‫فيه ‪ .‬وال أعلم ‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫ورواه أبو يعلى من حديث البراءة بن عازب كما في (( الجامع الصغير )) ‪ .‬وفي الباب عن أنس بن مالك مرفوعا بلفظ ‪:‬‬
‫(( الدعاء مخ العبادة )) ‪ .‬أخرجه الترمذي (‪ )2234‬وقال ‪ ( :‬حديث غرب من هذا الوجه ل نعرفه إل من حديث ابن لهيعة ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهو ضعيف لسوء حفظه ‪ ،‬فيستشهد به إل ما كان من رواية أحد العبادلة عنه فيحتج به‬
‫حينئذ ‪ ،‬وليس هذا منها ‪ ،‬لكن معناه صحيح بدليل حديث النعمان‪.‬قال الطيبي في شرحه ‪:‬‬
‫( أتى بضمير الفصل والخبر المعرف باللم [ هو العبادة ] ليدل على الحصر ‪ ،‬وأن العبادة ليست‬
‫غير الدعاء ‪.‬وقال غيره ‪ :‬المعنى هو من اعظم العبادة فهو كخبر( الحج عرفة ) أي ركنه‬
‫الكبر ‪ ،‬وذلك لدللته على أن فاعله يقبل بوجهه إلى ال ‪ ،‬معرضا عما سواه ‪ ،‬لنه مأمور به ‪،‬‬
‫وفعل المأمور عبادة‪،‬وسماه عبادة ليخضع الداعي ويظهر ذلته ومسكنته وافتفاره‪،‬إذ العبادة ذل‬
‫وخضوع ومسكنة ) ‪.‬ذكره المناوي في ( الفيض)‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬فإذا كان الدعاء من أعظم العبادة فكيف يتوجه به إلى غير الجهة التي أمر باستقبالها في‬
‫الصلة ‪،‬ولذلك كان من المقرر عند العلماء المحققين أن(ل يستقبل بالدعاء إل ما يستقبل بالصلة)‬
‫‪ .‬قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال تعالى في ( اقتضاء الصراط المستقيم ‪ ،‬مخالفة أصحاب‬
‫الجحيم ) ( ص ‪: ) 175‬‬
‫((وهذا أصل مستمر أنه ل يستحب للداعي أن يستقبل إل ما يستحب أن يصلي إليه ‪ ،‬أل ترى أن‬
‫الرجل لما نهي عن الصلة إلى جهة المشرق وغيرها فإنه ينهى أن يتحرى استقبالها وقت‬
‫الدعاء ‪ .‬ومن الناس من يتحرى وقت دعائه استقبال الجهة التي يكون فيها الرجل الصالح ‪،‬سواء‬
‫كانت في المشرق أو غيره ‪ ،‬وهذا ضلل بين ‪ ،‬وشر واضح ‪ ،‬كما أن بعض الناس يمتنع من‬
‫استدبار الجهة التي فيها بعض الصالحين‪،‬وهو يستدبر الجهة التي فيها بيت ال ‪ .‬وقبر رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم !وكل هذه الشياء من البدع التي تضارع دين النصارى )) ‪.‬‬
‫وذكر قبل ذلك بسطور عن المام أحمد وأصحاب مالك أن المشروع استقبال القبلة بالدعاء حتى‬
‫عند قبر النبي صلى ال عليه وسلم بعد السلم عليه ‪ .‬وهو مذهب الشافعية أيضا ‪ ،‬فقال النووي‬
‫في ( المجموع ) ( ‪: ) 311 / 5‬‬
‫وقال المام أبو الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني ‪ -‬وكان من الفقهاء المحققين ‪ -‬في كتابه‬
‫في (( الجنائز )) ‪ ( :‬ول يستلم القبر بيده ‪ :‬ول يقبله )‪.‬قال ‪(:‬وعلى هذا مضت السنة) ‪ .‬قال‪ :‬واستلم‬
‫القبور وتقبيلها الذي يفعله العوام الن من المبتدعات المنكرة شرعا ‪ ،‬ينبغي تجنب فعله ‪ ،‬وينهى‬
‫فاعله ) قال‪ (:‬فمن قصد السلم على ميت سلم عليه من قبل وجهه‪،‬وإذا أراد الدعاء تحول عن‬
‫موضعه ‪ ،‬واستقبل القبلة )‪.‬وهو مذهب أبي حنيفة أيضا‪،‬فقال شيخ السلم في ( القاعدة الجليلة ‪،‬‬
‫في التوسل والوسيلة )( ص ‪:) 125‬‬
‫( ومذهب الئمة الربعة ‪:‬مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم من أئمة السلم أن الرجل‬
‫إذا سلم على النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وأراد أن يدعو لنفسه فإنه يستقبل القبلة ‪ ،‬واختلفوا في‬
‫وقت السلم عليه ‪ ،‬فقال الثلثة مالك والشافعي وأحمد ‪ :‬يستقبل الحجرة ويسلم عليه من تلقاء‬
‫وجهه ‪ ،‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬ل يستقبل الحجرة وقت السلم كما ل يستقبلها وقت الدعاء باتفاقهم ‪،‬‬
‫تم في مذهبه قولن ‪:‬قيل‪:‬يستدبر الحجرة ‪ ،‬وقيل يجعلها عن يساره ‪.‬فهذا نزاعهم في وقت السلم‬
‫‪ .‬وأما في وقت الدعاء فلم يتنازعوا في أنه إنما يستقبل القبلة ‪ ،‬ل الحجرة ) ‪.‬وسبب الختلف‬
‫المذكور إنما هو من قبل أن الحجرة المكرمة لما كانت خارجة عن المسجد ‪ ،‬وكان الصحابة‬

‫‪96‬‬
‫يسلمون عليه لم يكن يمكن أحدا أن يستقبل وجهه صلى ال عليه وسلم ويستدبر القبلة‪ ، 166‬كما‬
‫صار ذلك ممكنا بعد دخولها في المسجد بعد الصحابة‪،‬فالمسلم منهم إن استقبل القبلة صارت‬
‫الحجرة عن يساره ‪ ،‬وإن استقبلوا الحجرة ‪ ،‬كانت القبلة عن يمينهم وجهة الغرب من خلفهم ‪،‬‬
‫قال شيخ السلم في ( الجواب الباهر ) ( ص ‪ ) 14‬بعد أن ذكر هذا المعنى ‪:‬‬
‫( وحينئذ فإن كانوا يستتقبلونه ويستدبرون الغرب فقول الكثرين أرجح ‪ ،‬وإن كانوا يستقبلون‬
‫القبلة حينئذ ويجعلون الحجرة عن يسارهم فقول أبي حنيفة أرجح )‬
‫قلت ‪ :‬لقد ترك الشيخ رحمه ال المسألة معلقة ‪ ،‬فلم يبت في أنهم كانوا يستقبلونها ‪ ،‬أو يستقبلون‬
‫القبر وكأن ذلك لعدم وجود رواية ثابتة عنهم في ذلك ‪ ،‬ولكن لو فرض أنهم كانوا يستقبلونه ‪،‬فقد‬
‫علمت أنهم في هذه الحالة كانوا يستدبرون الغرب ل القبلة ‪ ،‬لعدم إمكان ذلك في زمانهم ‪،‬وسبق‬
‫أن الكثرين يقولون باستقبال وجهه صلى ال عليه وسلم أيضا عند السلم عليه ‪ ،‬وهذا يستلزم‬
‫استدبار القبلة ‪ .‬المر الذي نقطع أنه لم يقع في عهد الصحابة كما سلف ‪ ،‬فهذا أمر زائد على‬
‫استقبال الحجرة ‪،‬ول بد له من دليل ‪.‬لثباته ‪ ،‬فهل له من وجود ؟ذلك مما ل أعرفه ‪ ،‬ول رأيت‬
‫أحدا من العلماء تعرض لهذا ‪ ،‬سواء في خصوص قبر الرسول صلى ال عليه وسلم أو في‬
‫القبور عامة ‪ .‬نعم ‪ ،‬استدل بعضهم على ذلك بحديث ابن عباس قال ‪:‬‬
‫( مر رسول ال صلى ال عليه وسلم بقبور المدينة ‪ ،‬فأقبل عليهم بوجهه ‪ ،‬فقال ‪ :‬السلم عليكم‬
‫يا أهل القبور ‪ ،‬يغفر ال لنا ولكم ‪ ،‬أنتم سلفنا ونحن على الثر ) ‪ .‬أخرجه الترمذي (‪)2/156‬والضياء في‬
‫( المختارة )(‪)58/192/1‬من طريق الطبراني وقال الترمذي‪ (:‬حسن غريب)‪.‬‬
‫‪ .‬وقال ابن حبان ‪ ( :‬ردئ‬ ‫قلت ‪ :‬في سنده قابوس بن أبي ظبيان قال النسائي ‪ (( :‬ليس بالقوي‬
‫))‬
‫الحفظ ‪ ،‬ينفرد عن أبيه بما ل أصل له ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا من روايته عن أبيه ‪ ،‬فل يحتج به ‪ ،‬ولعل تحسين الترمذي لحديثه هذا إنما هو‬
‫باعتبار شواهده‪،‬فإن معناه ثابت في الحاديث الصحيحة وقد مضى قريبا ذكر قسم طيب منها ‪،‬‬
‫إل أن قوله‪ (:‬فأقبل عليهم بوجهه ) منكر لتفرد هذا الضيف به ‪.‬‬
‫إذا عرفت هذا ‪ ،‬فقد قال الشيخ علي القاري في ( مرقاة المفاتيح ) (‪: )2/407‬‬
‫( فيه دللة على أن المستحب في حال السلم على الميت أن يكون وجهه لوجه الميت وأن‬
‫يستمر كذلك في الدعاء أيضا ‪ ،‬وعليه عمل عامة المسلمين ‪ ،‬خلفا لما قاله ابن حجر من أن‬
‫السنة عندنا أنه في حالة الدعاء يستقبل القبلة كما علم من أحاديث أخر في مطلق الدعاء ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وفي هذا الستدلل نظر ظاهر ‪ ،‬إذ ليس في الحديث إل إقباله صلى ال عليه وسلم بوجهه‬
‫على القبور ‪ ،‬وأما القبال على وجوه الموتى ‪ ،‬فشئ آخر وهو يحتاج إلى نص آخر غير هذا‪،‬‬
‫وهو مما ل أعرفه ‪.‬‬
‫فالحق أن الحديث لو ثبت سنده لكان دليل واضحا على أن المار بالقبور يستقبلها بوجهه حين‬
‫السلم عليها والدعاء لها ‪ ،‬كيفما كان الستقبال ‪ ،‬وحسبما يتفق دون قصد لوجوه الموتى ‪ ،‬أما‬
‫والسند ضعيف كما سبق بيانه فل يصلح للستدلل به أصل‪.‬‬
‫ول ينافي ما تقدم عن المام مالك من عدم مشروعية استقبال الحجرة عند الدعاء الحكاية التي‬
‫جاء فيها أن مالكا لما سأله المنصور العباسي عن استقبال الحجرة ‪ ،‬أمره بذلك ‪ ،‬وقال ‪ :‬هو‬
‫وسيلتك ووسيلة أبيك آدم ‪ ،‬لنها حكاية باطلة ‪ ،‬مكذوبة على مالك ‪ ،‬وليس لها إسناد معروف ‪،‬‬

‫‪ 166‬وأما ما رواه اسماعيل القاضي في ( فضل الصلة على النبي صلى ال عليه وسلم ) ( رقم ‪ 101‬بتحقيقي وطبع المكتب السلمي ) عن ابن عمر ( أنه كان‬
‫يأتي النبي صلى ال عليه وسلم فيضع ‪ ،‬يده على قبره ويستدبر القبلة ثم يسلم عليه ) فضعيف منكر كما بينه في التعليق عليه ‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫ثم هي خلف الثابت المنقول عنه بأسانيد الثقات في كتب أصحابه كما ذكره إسماعيل في إسحاق‬
‫القاضي وغيره ‪.‬‬
‫ومثلها ما ذكروا عنه أنه سئل عن أقوام يطيلون القيام مستقبلي الحجرة يدعون لنفسهم فأنكر‬
‫مالك ذلك ‪ ،‬وذكر أنه فمن البدع التي لم يفعلها الصحابة والتابعون لهم بإحسان ‪ ،‬وقال ( ل‬
‫‪167‬‬
‫يصلح آخر هذه المة إل ما أصلح أولها )‬
‫‪- 125‬وإذا زار قبر الكافر فل يسلم عليه ‪ ،‬ول يدعو له ‪ ،‬بل يبشره بالنار ‪ ،‬كذلك أمر رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم في حديث سعد بن أبي وقاص قال‪ (:‬جاء أعرابي إلى النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم فقال ‪ :‬إن أبي كان يصل الرحم ‪ ،‬وكان ‪ ،‬وكان ‪ ،‬فأين هو ؟ قال ‪ :‬في النار ‪ ،‬فكأن‬
‫العرابي وجد من ذلك ‪ ،‬فقال ‪ :‬يارسول ال ! فأين أبوك ؟ قال ‪ ( :‬حيثما مررت بقبر كافر‬
‫فبشره بالنار ) ‪ .‬قال ‪ :‬فأسلم العرابي بعد ‪ ،‬فقال ‪ :‬لقد كلفني رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫تعبا !ما مررت بقبر كافر إل بشرته بالنار)‪ .‬أخرجه الطبراني في ( المعجم الكبير ) (‪ )1/191/1‬وابن السني في‬
‫(عمل اليوم والليلة) رقم (‪ )588‬والضياء المقدسي في ( الحاديث المختارة ) (‪ )1/333‬بسند صحيح ‪ ،‬وقال الهيثمي (‪-1/117‬‬
‫‪( : )118‬رواه البزار والطبراني في الكبير ‪ ،‬ورجاله رجال الصحيح ) ‪.‬‬
‫وقد أخرجه ابن ماجه (‪ )477-1/476‬من هذا الوجه لكنه جعله من مسند عبد ال ابن عمر ‪،‬وقال البوصيري في ( الزوائد ) (ق‬
‫‪ ( : )98/2‬إسناده صحيح ‪ ،‬رجاله ثقات ) ‪.‬‬
‫قلت ‪:‬لكنه شاذ‪،‬والمحفوظ أنه من مسند سعد كما بينته في( سلسلة الحاديث الصحيحة ) ( ‪. ) 18‬‬
‫وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ‪(:‬إذا مررتم بقبورنا وقبوركم من أهل الجاهلية‬
‫‪ ،‬فأخبروهم أنهم من أهل النار ) ‪.‬رواه ابن السني في ( اليوم والليلة ) (رقم ‪ )587‬بسند فيه يحيى بن يمان وهو سيئ‬
‫الحفظ عن محمد بن عمر ‪ ،‬ولم أعرفه عن أبي سلمة عنه ‪ .‬لكن الظاهر انه ( ابن عمرو ) بفتح العين وسكون الميم ثم واو بعد‬
‫الراء ‪ ،‬سقط من الطابع حرف الواو ‪.‬وهو حسن الحديث ‪.‬‬
‫وما ذكرنا في هذه المسألة هو مذهب الحنابلة كما في ( كشاف القناع ) (‪)2/134‬وغيره من كتبهم ‪.‬‬
‫‪ - 126‬ول يمشي بين قبور المسلمين في نعليه‪،‬لحديث بشيرين الحنظلية قال ‪ ( :‬بينما أماشي‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ...‬أتى على قبور المسلمين‪ ...‬فبينما هو يمشي إذ حانت منه‬
‫نظرة ‪ ،‬فإذا هو برجل يمشي بين القبور عليه نعلن‪،‬فقال ‪ :‬يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك ‪،‬‬
‫فنظر ‪ ،‬فلما عرف الرجل رسول ال صلى ال عليه وسلم خلع نعليه ‪،‬فرمى بهما )أخرجه أصحاب‬
‫‪168‬‬
‫السنن وغيرهم ‪،‬وقد مضى بتمامه في المسألة (‪)88‬‬
‫‪- 127‬ول يشرع وضع الس ونحوها من الرياحين والورود على القبور‪،‬لنه لم يكن من فعل‬
‫السلف ‪ ،‬ولو كان خيرا لسبقونا إليه "وقد قال ابن عمر رضي ال عنهما‪ (:‬كل بدعة ضللة‪،‬وإن‬
‫‪169‬‬
‫رآها الناس حسنة ) ‪.‬رواه ابن بطة في(البانة عن أصول الديانة) (‪ )2/112/2‬واللكائي في ( السنة ) (‪)1/21/1‬‬

‫‪ 167‬انظر ( قاعدة جليلة ) لبن تيمية ( ص ‪. ) 62 - 53‬‬


‫‪ 168‬قال الحافظ في ( الفتح ) ( ‪ ( : ) 160 - 3‬والحديث يدل على كراهة المشي بين القبور بالنعال ‪ ،‬وأغرب ابن حزم فقال ‪ :‬يحرم المشي بين القبور بالنعال‬
‫السبتية دون غيرها ! وهو جمود شديد ‪ .‬وأما قول الخطابي يشبه أن يكون النهي عنهما لما فيهما من الحيلء ‪ ،‬فإنه متعقب بأن ابن عمر كان يلبس النعال‬
‫السبتية ‪ ،‬ويقول ‪ :‬إن النبي صلى ال عليه وسلم كان يلبسها ‪ .‬وهو حديث صحيح ‪ .‬وقال الطحاوي ‪ ( :‬يحمل نهي الرجل المذكور على أنه كان في نعليه قذر ‪،‬‬
‫فقد كان النبي صلى ال عليه وسلم يصلي في نعليه ما لم ير فيهما أذى ) ‪ .‬قلت ‪ :‬وهذا الحتمال بعيد ‪ ،‬بل جزم ابن حزم ( ‪ ) 137 / 5‬ببطلنه ‪ ،‬وأنه من التقول‬
‫على ال ! والقرب أن النهي من باب احترام الموتى ‪ ،‬فهو كالنهي عن الجلوس على القبر التي في المسألة ( ‪ 128‬فقرة ‪ ، ) 6‬وعليه فل فرق بين النعلين‬
‫السبتيتين وغيرهما من النعال التي عليها شعر ‪ ،‬إذ الكل في مثابة واحدة في المشي فيها بين القبور ومنافاتها لحترامها ‪ ،‬وقد شرح ذلك ابن القيم في ( تهذيب‬
‫السنن ) ( ‪ ) 345 - 343 / 4‬ونقل عن المأم أحمد أنه قال ‪ ( :‬حديث بشير إسناده جيد ‪ ،‬أذهب إليه إل من علة ) ‪ .‬وقد ثبت أن المام أحمد كان يعمل بهذا‬
‫الحديث ‪ ،‬فقال أبو داود في مسائله ( ص ‪ ( : ) 158‬رأيت أحمد إذا تبع الجنازة فقرب من المقابر خلع نعليه ) ‪ .‬فرحمه ال ‪ ،‬ما كان أتبعه للسنة ‪.‬‬
‫‪ 169‬ول يعارض ما ذكرنا حديث ابن عباس في وضع النبي صلى ال عليه وسلم شقي جريدة النخل على القبرين وقوله ‪ ( :‬لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا ) ‪.‬‬
‫متفق عليه وقد خرجته في ( صحيح أبي داود ) ( ‪ . ) 15‬فإنه خاص به صلى ال عليه وسلم بدليل أنه لم يجر العمل به عند السلف ولمور أخرى يأتي بيانها ‪.‬‬
‫قال الخطابي رحمه ال تعالى في ( معالم السنن ) ( ‪ ) 27 / 1‬تعليقا على الحديث ‪ ( :‬إنه من التبرك بأثر النبي صلى ال عليه وسلم ودعائه بالتخفيف عنهما ‪،‬‬
‫وكأنه جعل مدة بقاء النداوة فيهما حدا لما وقعت به المسألة من تخفيف العذاب عنهما ‪ ،‬وليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطب معنى ليس في اليابس ‪،‬‬
‫والعامة في كثير من البلدان تغرس الحوص في قبور موتاهم ‪ ،‬وأراهم ذهبوا إلى هذا ‪ ،‬وليس لما تعاطوه من ذلك وجه ) ‪ .‬قال الشيخ أحمد شاكر في تعيلقه على‬

‫‪98‬‬
‫موقوفا بإسناد صحيح ‪ ،‬والهروي في (ذم الكلم) (‪ )1 /2/36‬مرفوعا ‪ ،‬وما أراه إل وهما ‪ .‬وإنما يصح منه مرفوعا الشطر‬
‫الول منه وقد مضى حديث جابر ‪.‬‬
‫ما يحرم عند القبور‬
‫‪ - 128‬ويحرم عند القبور ما يأتي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الذبح لوجه ال‪،‬لقوله صلى ال عليه وسلم‪ (:‬لعقر في السلم )‪،‬قال عبد الرزاق بن همام ‪:‬‬
‫( كانو يعقرون عند القبر بقرة أو شاة )‪.‬أخرجه ( أبو داود (‪ )2/71‬وقول عبد الرزاق له ‪ ،‬والبيهقي (‪ )4/57‬وأحمد‬
‫(‪ )3/197‬وإسناده صحيح على شرط الشيخين ‪.170‬‬
‫‪ - 2‬رفعها زيادة على التراب الخارج منها ‪.‬‬
‫الترمذي ( ‪ ) 103 / 1‬عقب هذا ‪ ( :‬وصدق الحطابي ‪ ،‬وقد ازداد العامة إصرارا على هذا العمل الذي ل أصل له ‪ ،‬وغلوا فيه ‪ ،‬خصوصا في بلد مصر ‪،‬‬
‫تقليدا للنصارى ‪ ،‬حتى صاروا يضعون الزهور على القبور ‪ ،‬ويتهادونها بينهم ‪ ،‬فيضعها الناس على قبور أقاربهم ومعارفهم تحية لهم ‪ ،‬ومجاملة للحياء ‪،‬‬
‫وحتى صارت عادة شبيهة بالرسمية في المجاملت الدولية ‪ ،‬فتجد الكبراء من المسلمين إذا نزلوا بلدة من بلد أوربا ذهبوا إلى قبور عظمائها أو إلى قبر من‬
‫يسمونه ( الجندي المجهول ) ووضعوا عليها الزهور ‪ ،‬وبعضهم يضع الزهور الصناعية التي ل نداوة فيها تقليدا للفرنج ‪ ،‬واتباعا لسنن من قبلهم ‪ ،‬ول ينكر‬
‫ذلك عليهم العلماء أشباه العامة ‪ ،‬بل تراهم أنفسهم يضعون ذلك في قبور موتاهم ‪ ،‬ولقد علمت أن أكثر الوقاف التي تسمى أوقافا خيرية موقوف ريعها على‬
‫الخوص والريحان الذي يوضع على القبور وكل هذه بدع ومنكرات ل أصل لها في الدين ‪ ،‬ول سند لها من الكتاب والسنة ‪ ،‬ويجب على أهل العلم أن ينكررها‬
‫وأن بطلوا هذه العادات ما استطاعوا ) ‪ . .‬قلت ‪ :‬ويؤيد كون وضع الجريد على القبر خاص به ‪ ،‬وأن التخفيف لم يكن من أجل نداوة شقها أمور ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬حديث جابر رضي ال عنه الطويل في ( صحيح مسلم ) ( ‪ ) 236 - 231 / 8‬وفية قال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬إني مررت بقبرين يعذبان ‪ ،‬فأحببت‬
‫بشفاعتي أن يرد عنهما ما دام الغصنان رطبين ) ‪ .‬فهذا صريح في أن رفع العذاب إنما هو بسبب شفاعته صلى ال عليه وسلم ودعائه ل بسبب النداوة ‪ ،‬وسواء‬
‫كانت قصة جابر هذه هي عين قصة ابن عباس المتقدمة كما رجحه العيي وغيره ‪ ،‬أو غيرها كما رجحه الحافظ في ( الفتح ) ‪ ،‬أما على الحتمال الول‬
‫فظاهر ‪ ،‬وأما على الحتمال الخر ‪ ،‬فلن النظر الصحيح يقتضي أن تكون العلة واحدة في القصتين للتشابه الموجود بينهما ‪ ،‬ولن كون النداوة سببا لتخفيف‬
‫العذاب عن الميت مما ل يعرف شرعا ول عقل ‪ ،‬ولو كان المر كذلك لكان أخف الناس عذابا إنما هم الكفار الذين يدفنون في مقابر أشبه ما تكون بالجنان‬
‫لكثرة ما يزرع فيها من النباتات والشجار التي تظل مخضرة صيفان شتاء ! يضاف إلى ما سبق أن بعض العلماء كالسيوطي قد ذكروا أن سبب تأثير النداوة‬
‫في التخفيف كونها تسبح ال تعالى ‪ ،‬قالوا ‪ :‬فإذا ذهبت من العود ويبس انقطع ‪ ،‬تسبيحه ! فإن هذا التعليل مخالف لعموم قوله تبارك وتعالى ‪ ( :‬وإن من شئ إل‬
‫يسبح بحمده ‪ ،‬ولكن ل تفقهون تسبيحهم ) ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬في حديث ابن عباس نفسه ما يشير إلى أن السر ليس في النداوة ‪ ،‬أو بالحرى ليست هي السبب في تخفيف العذاب ‪ ،‬وذلك قوله ( ثم دعا بعسيب فشقه‬
‫اثنين ) يعني طول ‪ ،‬فإن من المعلوم أن شقه سبب لذهاب النداوة من الشق ويبسه بسرعة ‪ ،‬فتكون مدة التخفيف أقل مما لو لم يشق ‪ ،‬فلو كانت هي العلة لبقاه‬
‫صلى ال عليه وسلم بدون شق ولوضع عل كل قبر عسيبا أو نصفه على القل ‪ ،‬فإذا لم يفعل دل على أن النداوة ليست هي السبب ‪ ،‬وتعين أنها علمة على مدة‬
‫التخفيف الذي أذن ال به استجابة لشفاعة نبيه صلى ال عليه وسلم كما هو مصرح به في حديث جابر ‪ ،‬وبذلك يتفق الحديثان في تعيين السبب ‪ ،‬وإن احتمل‬
‫اختلفهما في الواقعة وتعددها ‪ .‬فتأمل هذا ‪ ،‬فإنما هو شئ انقدح في نفسي ‪ ،‬ولم أجد من نص عليه أو أشار إليه من العلماء ‪ ،‬فإن كان صوابا فمن ال تعالى وإن‬
‫كان خطأ فهو مي ‪ ،‬واستغفره من كل ما ل يرضيه ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬لو كانت النداوة مقصودة بالذات ‪ ،‬لفهم ذلك السلف الصالح ولعملوا بمقتضاه ‪ ،‬ولوضعوا الجريد والس ونحو ذلك على القبور عند زيارتها ‪ ،‬ولو فعلوا‬
‫لشهر ذلك عنهم ‪ ،‬ثم نقله الثقات إلينا ‪ ،‬لنه من المور التي تلفت النظر ‪ ،‬وتستدعي الدواعي نقله ‪ ،‬فإذ لم ينقل دل على أنه لم يقع ‪ ،‬وأن التقرب به إلى ال‬
‫بدعة ‪ ،‬فثبت المراد ‪ .‬وإذا تبين هذا ‪ ،‬سهل حينئذ فهم بطلن ذلك القياس الهزيل الذى نقله السيوطي في ( شرح الصدور ) عمن لم يسمعه ‪ ( :‬فإذا خفف عنهما‬
‫بتسبيح الجريدة فكيف بقراءة المومن القرآن ؟ قال ‪ :‬وهذا الحديث أصل في غرس الشجار عند القبور ) قلت ‪ :‬فيقال له ‪ ( :‬أثبت العرش ثم انقش ) ‪ ( ،‬وهل‬
‫يستقيم الظل واعوج ) ؟ القياس صحيحا لبادر إليه السلف لنهم أحرص على الخير منا ‪ .‬فدل ما تقدم على أن وضع الجريد على القبر خاص به صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬وأن السر في تخفيف العذاب عن القبرين لم يكن في نداوة العسيب بل في شفاعته صلى ال عليه وسلم ودعائه لهما ‪ ،‬وهذا مما ل يمكن وقوعه مرة‬
‫أخرى بعد انتقاله صلى ال عليه وسلم إلى الرفيق العلى ول لغيره من بعده صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬لن الطلع على عذاب القبر من خصوصياته عليه الصلة‬
‫والسلم ‪ ،‬وهو من الغيب الذي ل يطلع عليه إل الرسول كما جاء في نص القرآن ( عالم الغيب فل يظهر على غيبه أحدا إل من ارتضى من رسول ) واعلم أنه‬
‫ل ينافى ما بينا ما أورده السيوطي في ( شرح الصدور ) ( ‪ ( : ) 131‬وأخرج ابن عساكر من طريق حماد بن سلمة عن قتادة أن أبا برزة السلمي رضي ال‬
‫عنه كان يحدث أن رسول ال صلى ال عليه وسلم مر على قبر وصاحبه يعذب ‪ ،‬فأخذ جريدة فغرسها في القبر ‪ ،‬وقال ‪ :‬عسى أن يرفه عنه ما دامت رطبة ‪.‬‬
‫وكان أبو برزة يوصي ‪ :‬إذا مت فضعوا في قبري معي جريدتين ‪ .‬قال ‪ :‬فمات في مفازة بين ( كرمان ) و ( قومس ) ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬كان يوصينا أن تضع في قبره‬
‫جريدين وهذا مو ضع ل نصيبهها فيه ‪ ،‬فينما هم كذلك إذ طلع عليهم ركب من قبل ( سجستان ) ‪ ،‬فأصابوا معهم سعفا ‪ ،‬فأخذوا جريدتين ‪ ،‬فوضعوهما معه في‬
‫قبره ‪ .‬وأخرج ابن سعد عن مورق قال ‪ :‬أوصى بريدة أن تجعل في قبره جريدتان ) ‪ .‬قلت ‪ :‬ووجه عدم المنافاة ‪ ،‬أنه ليس في هذين الثرين ‪ -‬على فرض‬
‫التسليم بثبوتهما معا ‪ -‬مشروعية وضع الجريد عند زيارة القبور ‪ ،‬الذي ادعينا بدعيتة عدم عمل السلف به ‪ ،‬وغاية ما فيهما جعل الجريدتين مع الميت في قبره‬
‫‪ ،‬وهي قضية أخرى ‪ ،‬وإن كانت كالتي قبلها في عدم المشروعية لن الحديث الذي رواه أبو برزة كغيره من الصحابة ل يدل على ذلك ‪ ،‬ل سيما والحديث فيه‬
‫وضع جريدة واحدة ‪ ،‬وهو أوصى بوضع جريدتين في قبره على أن الثر ل يصح إسناده ‪ ،‬فقد أخرجه الخطيب في تاريخ ( بغداد ) ( ‪ ) 182 183 / 1‬ومن‬
‫طريقه أخرجه ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) في آخر ترجمة نضلة بن عبيد بن أبي برزة السلمي عن الشاه بن عمار قال ‪ :‬ثنا أبو صالح سليمان بن صالح‬
‫الليثي قال ‪ :‬أنبأنا النضر بن المنذز بن ثعلبة العبهدي عن حماد بن سلمة به ‪ .‬قلت ‪ :‬فهذا إسناد ضعيف ‪ ،‬وله علتان ‪ :‬الولى ‪ :‬جهالة الشاه والنضر فإني لم أجد‬
‫لهما ترجمة ‪ .‬والخرى ‪ :‬عنعنة قتادة فإنهم لم يذكروا له رواية عن أبي برزة ‪ ،‬ثم هو مذكور بالتدليس فيخشى من عنعنته في مثل إسناده هذا ‪.‬‬
‫وأما وصية بريدة ‪ ،‬فهي ثابتة عنه ‪ ،‬قال ابن سعد في ( الطبقات ) ( ج ‪ 7‬ق ‪ 1‬ص ‪ : ) 4‬أخبرنا عفان بن مسلم قال ‪ :‬ثنا حماد بن سلمة ‪ ،‬قال ‪ :‬أخبرنا عاصم‬
‫الحول قال ‪ :‬قال مورق ‪ :‬أوصى بريدة السلمي أن توضع في قبره جريدتان ‪ .‬فكان أن مات بأدنى خراسان فلم توجد إل في جوالق حمار ‪ .‬وهذا سند صحيح ‪،‬‬
‫وعلقه البخاري ( ‪ ) 173 / 3‬مجزوما ‪ .‬قال الحافظ في شرحه ‪ ( :‬وكان بريدة حمل الحديث على عمومه ‪ ،‬ولم يره خاصا بذينك الرجلين ‪ ،‬قال ابن رشيد ‪:‬‬
‫ويظهر من تصرف البخاري أن ذلك خاص بهما ‪ ،‬فلذلك عقبه بقول ابن عمر ‪ :‬إنما يظله عمله ) ‪ .‬قلت ‪ :‬ول شك أن ما ذهب إليه البخاري هو الصواب لما‬
‫سبق بيانه ‪ ،‬ورأي بريدة ل حجة فيه ‪ ،‬لنه رأى والحديث ل يدل عليه حتى لو كان عاما ‪ ،‬فإن النبي صلى ال عليه وسلم لم يضع الجريدة في القبر ‪ ،‬بل عليه‬
‫كما سبق ‪ .‬و ( خير الهدى هدى محمد ) ‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫‪ - 3‬طليها بالكلس ونحوه ‪.‬‬
‫‪ - 4‬الكتابة عليها ‪.‬‬
‫‪ - 5‬البناء عليها ‪.‬‬
‫‪ - 6‬القعود عليها ‪.‬‬
‫وفي ذلك أحاديث ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن جابر رضي ال عنه قال ‪ ( :‬نهى رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يجصص‬
‫القبر ‪،‬وأن يقعد عليه‪،‬وأن يبى عليه‪ [،‬أو يزاد عليه ]‪ [،‬أو يكتب عليه] )‪ .‬أخرجه مسلم (‪ )3/62‬وأبو داود (‬
‫‪ )2/71‬والنسائي (‪ )285،286-1/284‬والترمذي (‪ )2/155‬وصححه‪ ،‬والحاكم (‪)1/370‬والبيهقي(‪)4/4‬وأحمد (‪،3/295،332‬‬
‫‪.)399 ،339‬والزيادتان لبي داود والنسائي‪،‬وللبيهقي الولى‪.‬‬
‫والثانية عند الترمذي والحاكم وصحح إسنادها ووافقه الذهبي ‪ .‬وأعلها المنذري (‪ )4/341‬وغيره بالنقطاع بين سليمان بن‬
‫موسى وجابر ‪ .‬لكن هذا بالنظر لطريق أبي داود وغيره ‪ ،‬وإل فقد أخرجها الحاكم من طريق ابن جريج عن أبي الزبير عن‬
‫جابر ‪ .‬وهذا سند على شرط مسلم ‪ .‬وقد صرح ابن جريج عنده بسماعه من أبي الزبير وهذا من جابر ‪ ،‬فزال بذلك شبهة‬
‫تدليسهما ‪ ،‬ومن هذا الوجه جاءت الولى عند من ذكرنا ‪ ،‬وقال النووي (‪ ( : )5/296‬وإسنادها صحيح ) ‪ .‬ثم استدل بها على‬
‫أنه يستحب أن ل يزاد القبر على التراب الذي أخرج منه وقال ‪ ( :‬قال الشافعي ‪ :‬فإن زاد فل بأس ‪ ،‬قال أصحابنا ‪ :‬معناه أنه‬
‫ليس بمكروه ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا خلف ظاهر النهي فإن الصل فيه التحريم ‪ ،‬فالحق ما قاله ابن حزم في ( المحلى ) ( ‪: ) 33 / 5‬‬
‫( ول يحل أن يبنى القبر‪،‬ول أن يجصص‪،‬ول أن يزاد على ترابه شئ ويهدم كل ذلك ) ‪.‬‬
‫وهو ظاهر قول المام أحمد ‪ ،‬فقال أبو داود في ( المسائل ) ( ص ‪: ) 158‬‬
‫(سمعْت أحمد قال‪:‬ل يزاد على القبر من تراب غيره‪،‬إل أن يسوى بالرض فل يعرف ‪ .‬فكأنه‬
‫رخص إذ ذاك ) ‪.‬‬
‫لكن ذكر في ( النصاف ) (‪ )2/548‬عنه الكراهة فقط ! وقال المام محمد في ( الثار ) (ص ‪: )45‬‬
‫( أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال‪ :‬كان يقال ‪ :‬ارفعوا القبر حتى يعرف أنه قبر فل‬
‫يوطأ ‪ .‬قال محمد ‪ :‬وبه نأخذ ‪ ،‬ول نرى أن يزاد على ما خرج منه ‪ ،‬ونكره أن يجصص ‪ ،‬أو‬
‫يطين ‪ ،‬أو يجعل عنده مسجدا أو علما ‪ ،‬أو يكتب عليه ‪ ،‬ويكره الجر أن يبنى به ‪ ،‬أو يدخله‬
‫القبر‪،‬ول نرى برش الماء عليه بأسا ‪ ،‬وهو قول أبي حنيفة ) ‪.‬‬
‫قلت ‪:‬ويدل الحديث بمفهومه على جواز رفع القبر‪،‬بقدر ما يساعد عليه التراب الخارج منه ‪،‬‬
‫وذلك يكون نحو شبر ‪ ،‬فهو موافق للنص المتقدم في المسألة ( ‪) 107‬‬
‫وأما التجصيص فهو من ( الجص ) وهو الكلس ‪.‬والمراد الطلي به قال في (القاموس )‪ (:‬وجصص‬
‫الناء مله ‪ ،‬والبناء طله بالجص ) ‪.‬‬
‫ولعل النهي عن التجصيص من أجل أنه نوع زينة كما قال بعض المتقدمين ‪ .‬وعليه فما حكم‬
‫تطيين القبر ؟ للعلماء فيه قولن ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬الكراهة ‪ ،‬نص عليه المام محمد فيما نقلته آنفا عنه ‪ ،‬والكراهة عنده للتحريم إذا أطلقت‬
‫‪ .‬وبالكراهة قال أبو حفص من الحنابلة كما في ( النصاف ) (‪)2/549‬‬

‫‪ 170‬وقال شيخ السلم في ( القتضاء ) ‪ ( .‬ص ‪ ( : ) 182‬وأما الذبح هناك ‪ -‬يعني عند القبور ‪ -‬فمنهي عنه مطلقا ذكره أصحابنا وغيرهم لهذا الحديث ‪ .‬قال‬
‫أحمد في رواية المروزي ‪ : -‬قال النبي صلى ال عليه وسلم ‪ :‬ل عقر في السلم ‪ .‬كانوا إذا مات لهم الميت تحروا جزءورا على قبره ‪ ،‬فنهى النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم عن ذلك ‪ .‬وكره أبو عبد ال أكل لحمه ‪ .‬قال أصحابنا ‪ :‬وفي معنى هذا ما يفعله كثير من أهل زماننا في التصدق عند القبر بخبز أو نحوه ) وقال‬
‫النووي في ( المجموع ) ( ‪ ( : ) 320 / 5‬وأما الذبح والعقر عند القبر فمذموم لحديث أنس هذا ‪ ،‬رواه أبو داود والترمذي وقال ‪ :‬حسن صحيج ) ‪ .‬قلت ‪ :‬وهذا‬
‫إذا كان الذبح هناك ل تعالى وأما إذ كان لصاحب القبر كما يفعله بعض الجهال فهو شرك صريح ‪ ،‬وأكله حرام وفسق كما قال تعالى ( ول تأكلوا مما لم يذكر‬
‫اسم ال عليه وإنه لفسق ) ‪ .‬أي والحال أنه كذلك بأن ذبح لغير ال ‪ ،‬إذ هذا قو الفسق هنا كما ذكره ال تعالى بقوله ( أو فسقا أهل لغير ال به ) ‪ ،‬كما في‬
‫( الزواجر ) ( ‪ ) 171 / 1‬للفقيه الهيتمى ‪ .‬وقال ‪ ( :‬لعن ال ( وفي رواية ‪ :‬ملعون ) من ذبح لغير ال ) ‪ .‬أخرجه أحمد ( رقم ‪ ) 2917 ، 2915 ، 2817‬بسند‬
‫حسن عن ابن عباس ‪ ،‬ومسلم ( ‪ ) 84 / 6‬عن علي نحوه ‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫والخر ‪ :‬أنه ل بأس به ‪.‬حكاه أبو داود (‪ )158‬عن المام أحمد ‪ .‬وجزم به في ( النصاف ) ‪.‬وحكاه الترمذي‬
‫(‪ )2/155‬عن المام الشافعي ‪ ،‬قال النووي عقبه ‪ ( :‬ولم يتعرض جمهمور الصحاب له ‪ ،‬فالصحيح أنه لكراهة فيه كما نص‬
‫عليه ‪ ،‬ولم يرد فيه نهي ) ‪.‬‬
‫قلت‪:‬ولعل الصواب التفصيل على نحو ما يأتي‪:‬إن كان المقصود من التطين المحافظة على القبر‬
‫وبقائه مرفوعا قدر ما سمح به الشرع ‪ ،‬وأن ل تنسفة الرياح ول تبعثره المطار ‪ ،‬فهو جائز‬
‫بدون شك لنه يحقق غاية مشروعة ‪ .‬ولعل هذا هو وجه من قال من الحنابلة أنه يستحب ‪ .‬وإن‬
‫كان المقصود الزينة ونحوها مما ل فائدة فيه فل يجوز لنه محدث ‪.‬وأما الكتابة ‪،‬فظاهر الحديث‬
‫تحريمها ‪ .‬وهو ظاهر كلم المام محمد ‪ ،‬وصرح الشافعية والحنابلة بالكراهة فقط ! وقال‬
‫النووي (‪: )5/298‬‬
‫( قال أصحابنا ‪ :‬وسواء كان المكتوب على القبر في لوح عند رأسه كما جرت عادة بعض الناس‬
‫‪ ،‬أم في غيره ‪ ،‬فكله مكروه لعموم الحديث ) ‪.‬‬
‫واستثنى بعض العلماء كتابة اسم الميت ل على وجه الزخرفة ‪،‬بل للتعرف قياسا على وضع‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم الحجر على قبر عثمان بن مظعون كما تقدم في المسألة المشار إليها‬
‫آنفا ( ص ‪. ) 155‬قال الشوكاني ‪ ( :‬وهو من التخصيص بالقياس وقد قال به الجمهور ‪ ،‬ل أنه قياس في مقابلة النص كما قال‬
‫في ( ضوء النهار ) ‪ ،‬ولكن الشأن في صحة هذا القياس ) ‪ .‬والذي أراه ‪ .‬وال أعلم ‪.‬‬
‫أن القول بصحة هذا القياس على اطلقه بعيد ‪ ،‬والصواب تقييده بما إذا كان الحجر ل يحقق‬
‫الغاية التي من أجلها وضع رسول ال صلى ال عليه وسلم الحجر ‪ ،‬أل وهي التعرف عليه ‪،‬‬
‫وذلك بسبب كثرة القبور مثل وكثرة الحجار المعرفة ! فحينئذ يجوز كتابة السم بقدر ما تتحقق‬
‫به الغاية المذكورة ‪ .‬وال أعلم ‪ .‬وأما قول الحاكم عقب الحديث ‪ ( :‬ليس العمل عليه ‪ ،‬فإن أئمة‬
‫المسلمين من الشرق إلى الغرب مكتوب على قبورهم وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف ) ‪.‬‬
‫فقد رده الذهبي بقوله ‪ ( :‬ما قلت طائل ‪ ،‬ول نعلم صحابيا فعل ذلك ‪ ،‬وإنما هو شئ أحدثه بعض‬
‫التابعين فمن بعدهم ‪ -‬ولم يبلغهم النهي ) ‪.‬‬
‫الثاني ‪:‬عن أبي سعيد وهو الخدري ( أن النبي صلى ال عليه وسلم نهى أن يبنى على القبر) ‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجه(‪)374-1/473‬بسند رجاله جميعا رجال الصحيح ‪ ،‬إل أنه منقطع‪،‬فقد قال البوصيري في ( الزوائد ) (ق ‪)97/2‬‬
‫‪ ( :‬رجاله ثقات ‪ ،‬إل أنه منقطع ‪ ،‬القاسم برن مخيمرة لم يسمع من أبي سعيد )‬
‫قلت‪:‬فقول السندي في حاشية ابن ماجه‪ (:‬وفي الزوائد ‪:‬إسناده صحيح ‪،‬ورجاله ثقات ) ‪ ،‬وهم ل أدري ممن هو ؟ ورواه أبو‬
‫يعلى بلفظ ‪ (:‬نهى نبي ال صلى ال عليه وسلم أن يبنى على القبور‪،‬أو يقعد عليها ‪ ،‬أو يصلى عليها ) قال الهيثمي في (مجمع‬
‫الزوائد ) (‪ ( : )3/61‬ورجاله ثقات ) ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬عن أبي الهياج السدي قال ‪ (:‬قال لي على بن أبي طالب ‪ :‬أل ابعثك على ما بعثني‬
‫عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم أن ل تدع تمثال [رواية ‪:‬صورة ] [في بيت] إل طمسته‪ ،‬ول‬
‫قبرا مشرفا إل سويته)‪.‬أخرجه مسلم(‪ )3/61‬وأبو داود (‪ )2/70‬والنسائي(‪)51/28‬و الترمذي (‪)154-2/153‬حسنه‪،‬‬
‫والحاكم (‪ )1/369‬والبيهقي(‪)4/3‬والطيالسي في(رقم ‪)155‬وأحمد(رقم ‪)1064 ،741‬من طريق أبي وائل عنه‪ ،‬والطبراني في‬
‫( المعجم الصغير )(ص ‪)29‬من طريق أبي إسحاق عنه‪ .‬وله في مسند الطيالسي(رقم ‪ )96‬وأحمد (رقم ‪)683،689 ،657،658‬‬
‫‪171‬‬
‫طريقان آخر ان عن علي رضي ال عنه‬
‫‪ 171‬قال الشوكاني رحمه ال تعالى ( ‪ ) 72 / 4‬في شرح هذا الحديث ‪ ( :‬فيه أن السنة أن القبر ل يرفع رفعا كبيرا من غير فرق بين من كان فاضل ومن كان‬
‫غير فاضل ‪ .‬والظاهر أن رفع القبور زيادة على القدر المأذون فيه محرم ‪ .‬وقد صرح بذلك أصحاب أحمد ‪ ،‬وجماعة الشافعي ومالك ‪ .‬قال ‪ :‬ومن رفع القبور‬
‫الداخل تحت الحديث دخول أولياء القبب والمشاهد المعمورة على القبور ‪ ،‬وأيضا هو من اتخاذ القبور مساجد ‪ ،‬وقد لعن النبي صلى ال عليه وسلم فاعل ذلك‬
‫كما سيأتي ‪ .‬وكم قد نشأ عن تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها السلم ‪ .‬منها اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للصنام ‪ ،‬وعظم ذلك فظنوا أنها‬
‫قادرة على جلب النفع ودفع الضرر ‪ ،‬فجعلوها مقصدا لطلب قضاء الحوائج ‪ ،‬وملجا لنجاح المطالب ‪ ،‬وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم ‪ ،‬وشدوا إليها‬
‫الرحال وتمسحوا واستغاثوا ‪ .‬وبالجملة أنهم لم يدعوا شيئا مما كانت الجاهلية تفعله بالصنام إل فعلوه ! فإنا ل وإنا إليه راجعون ‪ ،‬ومع هذا المنكر الشنيع‬
‫والكفر الفظيع ل نجد من يغضب ل ‪ ،‬ويغار حمية للدين الحنيف ‪ ،‬ل عالما ول متعلم ‪ ،‬ول أميرا ول وزيرا ول ملكا ‪ ،‬وقد توارد إلينا من الخبار ما ل يشك‬
‫معه أن كثيرا من هؤلء القبوريين أو أكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمه حلف بال فاجرا ‪ ،‬فإذا قيل له بعد ذلك ‪ :‬احلف بشيخك ومعتقدك الولي‬

‫‪101‬‬
‫الرابع ‪ :‬عن ثمامة بن شفي قال ‪ (:‬خرجنا مع فضالة بن عبيد إلى أرض الروم‪ ،‬وكان عامل‬
‫لمعاوية على الدرب ‪ ( ،‬وفي رواية ‪ :‬غزونا أرض الروم ‪ ،‬وعلى ذلك الجيش فضالة بن عبيد‬
‫النصاري ) ‪ ،‬فأصيب ابن عم لنا [ بـ ] ( رودس )‪172‬فصلى عليه فضالة ‪،‬وقام على حفرته حتى‬
‫واراه‪،‬فلما سوينا عليه حفرته قال ‪ :‬أخفوا عنه ‪ ( ،‬وفي الرواية الخرى ‪:‬خففوا عنه )‪ 173‬فإن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم كان يأمرنا بتسوية القبور )‪.‬أخرجه أحمد (‪ )6/18‬بالروايتين وإسناده حسن ‪،‬‬
‫وابن أبي شيبة (‪)138-4/135‬بالرواية الخرى ‪.‬‬
‫ورواه مسلم (‪ )3/61‬وأبو داود (‪ )2/70‬والنسائي (‪ )1/285‬والبيهقي (‪ )3-4/2‬من طريق أخرى عن ثمامة نحوه أخصر منه ‪،‬‬
‫وهو رواية لحمد (‪ )6/21‬ولفظها عنده ‪:‬‬
‫( سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ :‬سووا قبوركم بالرض ) ‪.‬‬
‫وفي سنده ابن لهيعة وهو سئ الحفظ ‪.‬‬
‫وأما الحديث المشهور على اللسنة بلفظ‪ (:‬خير القبور الدوارس ) فل أصل له في شئ من كتب‬
‫السنة ‪ ،‬وهو بظاهره منكر‪،‬لن القبر ل ينبغي أن يدرس‪،‬بل ينبغي أن يظل ظاهرا مرفوعا عن‬
‫الرض قدر شبر كما سبق‪،‬ليعرف فيصان ول يهان‪ ،‬ويزار ول يهجر ‪.‬‬
‫ثم إن الظاهر من حديث فضالة ( كان يأمرنا بتسوية القبور ) تسويتها بالرض بحيث ل ترفع‬
‫إطلقا ‪ ،‬وهذا الظاهر غير مراد قطعا ‪ ،‬بدليل أن السنة الرفع قدر شبر كما مرت الشارة إليه‬
‫سابقا ‪،‬ويؤيد هذا من الحديث نفسه قول فضالة ( خففوا ) أي التراب ‪ ،‬فلم يأمر بإزالة التراب عنه‬
‫بالكلية ‪ ،‬وبهذا فسره العلماء انظر ( المرقاة ) (‪. )2/372‬‬
‫الخامس ‪ :‬عن أبي هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ (:‬لن يجلس أحدكم على جمرة‬
‫فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس ( وفي رواية ‪ :‬يطأ ) على قبر ) ‪ .‬خرجه مسلم‬
‫(‪ )3/62‬وأبو داود (‪ )2/71‬والنسائي (‪ )1/287‬وابن ماجه (‪ )1/484( )1/484‬والبيهقي (‪ )4/79‬وأحمد (‪، 389، 311 /2‬‬
‫‪ ، )444‬والرواية الخرى إحدى روايتيه (‪. )2/528‬‬
‫السادس ‪:‬عن عقبة بن عامر رضي ال عنه قال‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪( :‬لن أمشي‬
‫على جمرة أو سيف ‪ ،‬أو أخصف نعلي برجلي‪174‬أحب إلي من أن أمشي على قبر مسلم ‪ ،‬وما‬
‫أبالي أوسط القبور قضيت حاجتي أو وسط السوق)‪.‬أخرجه ابن أبي شيبة (‪ )4/133‬وابن ماجه (‪ )1/474‬بإسناد‬
‫صحيح كما قال البوصيري في ( الزوائد ) (ق ‪ ، )98/1‬وقال المنذري في ( الترغيب ) ‪ :‬إنه جيد ‪.‬‬
‫السابع ‪ :‬عن أبي مرثد الغنوي قال ‪ :‬سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ ( :‬ل تصلوا‬
‫إلى القبور‪،‬ول تجلسوا عليها ) ‪.‬اخرجه مسلم (‪ )3/62‬واصحاب السنن الثلثة وغيرهم ‪ ،‬وله شاهد من حديث ابن‬
‫عباس أخرجه الضياء المقدسي في ( الحاديث المختارة ) وقد تكلمت على إسناده في ( تخريج صفة صلة النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم ثم في ( تحذير الساجد ) (ص ‪. )21‬‬

‫الفلني ! تلعثم وتلكأ وأبي واعترف بالحق ! وهذا من أبين الدلة الدالة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال ‪ :‬إنه تعالى ثاني اثنين ‪ ،‬أو ثالث كلثة ‪ .‬فيا‬
‫علماء الدين ويا ملوك المسلمين أي رزء للسلم أشد من الكفر ‪ ،‬وأي بل ‪ .‬لهذا الدين أضر عليه من عبادة غير ال ‪ ،‬وأى مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل‬
‫هذه المصيبة ‪ ،‬وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك واجبا ؟ !‬
‫ولكن ل حياة لمن تنادي‬ ‫لقد أسمعت لو ناديت حيا‬
‫ولكن أنت تنفخ في رماد‬ ‫ولو نارا نفخت بها أضاءت‬
‫وللشوكاني رحمه ال تعالى رسالة لطيفة نافعة في هذا الباب أسماها ( شرح الصدور في تحريم رفع القبور ) مطبوعة في المجموعة المنيرية ( ‪. )76 -62 / 1‬‬
‫‪ 172‬جزيرة معروفة في البحر البيض المتوسط ‪ ،‬جنوب غرب تركيا ‪.‬‬
‫‪ 173‬هي بمعنى الرواية التي قبلها ‪ ،‬إل أن هذه عديت بالتشديد وتلك باللف ‪.‬‬
‫‪ 174‬أي وذلك أمر صعب شديد إن أمكن ‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫وفي هذه الحاديث الثلثة دليل على تحريم الجلوس والوطأ على قبر المسلم ‪ ،‬وهو مذهب جمهور العلماء على ما نقله الشوكاني‬
‫(‪ )4/57‬وغيره ‪ ،‬لكن حكى النووي والعسقلني عنهم الكراهة فقط ‪ ،‬وهو نص المام الشافعي في ( الم )‪ 175‬وكذلك نص المام‬
‫محمد في ( الثار ) ( ص ‪ )45‬على الكراهة وقال ‪ ( :‬وهو قول أبي حنيفة ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬والكراهة عندهما إذا أطلقت فهي للتحريم ‪ ،‬وهذا أقرب إلى الصواب من القول بالكراهة فحسب ‪ ،‬والحق القول بالتحريم‬
‫لنه الذي ينص عليه حديث أبي هريرة وعقبة ‪ .‬لما فيهما من الترهيب الشديد ‪ ،‬وبهذا قال جماعة من الشافعية ‪ ،‬منهم النووي ‪،‬‬
‫وإليه ذهب الصنعاني في ( سبل السلم ) (‪، )1/210‬ومال الفقيه ابن حجر الهيتمى في ( الزواجر ) (‪ )1/143‬إلى أنه كبيرة ‪،‬‬
‫لما أشرنا إليه من الوعيد الشديد ‪ ،‬وليس ذلك عن الصواب ببعيد ‪.‬‬
‫‪ - 7‬الصلة إلى القبور للحديث المتقدم آنفا‬
‫( ل تصلوا إلى القبور‪ ) ..‬وفيه دليل على تحريم الصلة إلى القبر لظاهر النهي ‪ ،‬وهو اختيار‬
‫النووي ‪ ،‬فقال المناوي في ( فيض القدير ) شارحا للحديث ‪ ( :‬اي مستقبلين إليها‪ ،‬لما فيه من‬
‫التعظيم البالغ ‪ ،‬لنه من مرتبة المعبود ‪ ،‬فجمع ‪-‬يعنى الحدبث بتمامه‪-‬بين النهي عن الستخفاف‬
‫بالتعظيم ‪ ،‬والتعظيم البليغ ) ثم قال في موضع آخر ‪ ( :‬فإن ذلك مكروه ‪ ،‬فإن قصد إنسان التبرك‬
‫بالصلة في ثلك البقعة فقد ابتدع في الدين ما لم يأذن به ال ‪،‬والمراد كراهة التنزيه ‪،‬قال النووي‬
‫‪ :‬كذا قال أصحابنا ‪ ،‬ولو قيل بتحريمه لظاهر الحديث لم يبعد ‪ .‬ويؤخذ من الحديث النهي عن‬
‫الصلة في المقبرة ‪ ،‬فهو مكروه كراهة تحريم ) ‪.‬‬
‫وينبغي أن يعلم أن التحريم المذكور إنما هو إذا لم يقصد بالستقبال تعظيم القبور ‪ ،‬وإل فهو‬
‫شرك‪،‬قال الشيخ علي القاري في ( المرقاة ) (‪ )2/372‬في شرحه لهذا الحديث‪ (:‬ولو كان هذا‬
‫التعظيم حقيقة للقبر ولصاحبه لكفر المعظم ‪ ،‬فالتشبه به مكروه ‪ ،‬وينبغي أن يكون كراهة‬
‫تحريم ‪ ،‬وفي معناه بل أولى منه ‪ :‬الجنازة الموضوعة ‪ .‬وهو مما ابتلي به أهل مكة ‪ ،‬حيث‬
‫يضعون الجنازة عند الكعبة ثم يستقبلون إليها ) ‪.‬‬
‫‪ - 8‬الصلة عندها ولو بدون استقبال ‪ ،‬وفيه أحاديث ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن أبي سعيد الخدري رضي ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫( الرض كلها مسجد إل المقبرة والحمام ) ‪.‬أخرجه أصحاب السنن الربعة إل النسائي ‪ -‬وغيرهم بسند صحيح‬
‫على شرط الشيخين كما قال الحاكم ووافقه الذهبي ‪ ،‬وأعل بالرسال ‪ ،‬وليس بشئ ‪ ،‬ولو سلم به فقد جاء من طريق أخرى سالمة‬
‫من الرسال وهي على شرط مسلم ‪ ،‬وقد فصلت القول في ذلك في ( الثمر المستطاب ) في المبحث السادس من ( الصلة ) ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬عن آنس ( أن النبي صلى ال عليه وسلم نهى عن الصلة بين القبور ) ‪.‬قال في ( المجمع ) (‬
‫‪ ( )2/27‬رواه البزار ورجاله رجال الصحيح ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ورواه ابن العرابي في معجمه (‪ )235/1‬والطبراني في ( الوسط ) (‪)1/280‬والضياء المقدسي في(الحاديث المختارة)‬
‫(‪ )79/2‬وزادوا ‪ ( :‬على الجنائز ) ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬عن ابن عمر عن النبي صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬اجعلوا في بيوتكم من صلتكم ‪،‬‬
‫ول تتخذوها قبورا )‪.‬أخرجه البخاري (‪ )1/420‬ومسلم (‪ )2/187‬وأحمد (رقم ‪) 6045 ، 4653 ،4511‬‬
‫الرابع ‪ :‬عن أبي هريرة قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬ل تجعلوا بيوتكم مقابر ‪،‬‬
‫إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ) ‪ .‬أخرجه مسلم ‪ .‬وقد ترجم اري للحديث‬
‫الثالث بقوله ‪ ( :‬باب كراهية الصلة في المقابر ) ‪.‬‬
‫وبين وجه ذلك الحافظ في شرحه فقال ما مختصره ‪ ( :‬استنبط من قوله في الحديث ‪(:‬ل تتخذوها‬
‫قبورا ) أن القبور ليست بمحل للعبادة ‪،‬فتكون الصلة فيها مكروهة ‪ ،‬وقد نازع السماعيلي‬

‫‪ ) 175‬قال الشافعي رحمه ال ( ‪ ( : ) 246 / 1‬وأكره وطأ القبر والجلوس والتكاء عليه ‪ ،‬إل أن ل يجد الرجل السبيل إلى قبر ميته إل بأن يطأه فذلك موضع‬
‫ضرورة ‪ ،‬فأرجو حينئذ أن يسعه إن شاء ال تعالى ‪ ،‬وقال بعض أصحابنا ‪ :‬ل بأس بالجلوس عليه ‪ ،‬وإنما نهي عن الجلوس عليه للتغوط ! وليس هذا عندنا كما‬
‫قال ‪ ،‬وإن كان نهي عنه للمذهب فقد نهي عنه مطلقا لغير المذب ) ‪ .‬وكان الشافعي رحمه ال يشير إلى إلمام مالك رحمه ال فإنه صرح في ( الموطأ ) بالتأويل‬
‫المذكور ‪ ،‬ول شك في بطلنه كما بينه النووي فيما نقله الحافظ ( ‪. ) 174 / 3‬‬

‫‪103‬‬
‫المصنف في هذه الترجمة فقال ‪:‬الحديث دال على كراهة الصلة في القبر ل في المقابر ‪ :‬قات ‪:‬‬
‫قد ورد بلفظ المقابر كما رواه مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ ( ل تجعلوا بيوتكم مقابر ) ‪ ،‬وقال‬
‫ابن التين ‪ :‬تأوله البخاري على كراهة الصلة في المقابر ‪ :‬وتأوله جماعة على أنه إنا فيه الندب‬
‫إلى الصلة في البيوت ‪ ،‬إذ الموتى ل يصلون ‪ ،‬كأنه قال ‪ :‬ل تكونوا كالموتى الذين ل يصلون‬
‫في بيوتهم وهي القبور ‪ ،‬قال ‪ :‬فأما جواز الصلة في المقابر أو المنع منه فليس في الحديث ما‬
‫يؤخذ منه ذلك ‪ .‬قلت إن أراد أنه ل يؤخذ منه بطريق المنطوق فمسلم ‪ .‬وإن أراد نفي ذلك مطلقا‬
‫فل ‪ ،‬فقد قدمنا وجه استنباطه ‪ ،‬وقد نقل ابن المنذر عن أكثر أهل العلم أنهم استدلوا بهذا الحديث‬
‫على أن المقبرة ليست بموضع للصلة ‪ .‬وكذا قال البغوي في ( شرح السنة ) والخطابي ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا هو الرجح أن الحديث يدل على أن المقبرة ليست موضعا للصلة ‪ ،‬ل سيما بلفظ‬
‫أبي هريرة فهو أصرح في الدللة ‪ ،‬وقول السماعيلي ‪ :‬يدل على كراهة الصلة في القبر ل في‬
‫المقابر ‪ ،‬مع مخالفته الصريحة لحديث أبي هريرة ‪ ،‬فل يحسن حمل حديث ابن عمر عليه ‪ ،‬لن‬
‫الصلة في القبر غير ممكنة عادة ‪ ،‬فكيف يحمل كلم الشارع عليه ! ؟ وقول ابن التين ‪ ( :‬هو‬
‫من شراح (( صحيح البخاري )) واسمه عبد الواحد ) (( الموتى ل يصلون )) ‪ .‬ليس بصحيح ‪،‬‬
‫لنه لم يرد نص في الشرع بنفي ذلك ‪ ،‬وهو من المور الغيبية التي ل ينبغي البت فيها إل بنص‬
‫‪ ،‬وذلك مفقود ‪،‬بل قد جاء ما يبطل إطلق القول به ‪ ،‬وهو صلة موسى عليه الصلة والسلم‬
‫في قبره كما رآه رسول ال صلى ال عليه وسلم ليلة أسري به على ما رواه مسلم في((‬
‫صحيحه)) ‪ ،‬وكذلك صلة النبياء عليهم الصلة والسلم مقتدين به في تلك الليلة كما ثبت في ((‬
‫الصحيح)) بل ثبت عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال‪( :‬النبياء أحياء في قبورهم يصلون)‬
‫أخرجه أبو يعلى باسناد جيد ‪،‬وقد خرجته في ( الحاديث الصحيحة ) (‪ . )622‬بل قد جاء عنه صلى ال عليه وسلم ما‬
‫هو أعم مما ذكرنا ‪ ،‬وذلك في حديث أبي هريرة في سؤال الملكين للمؤمن في القبر ‪ (:‬فيقال له اجلس ‪ ،‬فيجلس قد‬
‫مثلت له الشمس وقد آذنت للغروب ‪ ،‬فيقال له ‪ :‬أرأيتك هذا الذي كان فيكم ما تقول فيه ؟ وماذا‬
‫تشهد عليه ؟ فيقول ‪ :‬دعوني حتى أصلي ‪ ،‬فيقولن ‪ :‬إنك ستفعل ) ‪.‬‬
‫أخرجه ابن حبان في ( صحيحه) (‪ )781‬والحاكم (‪ )380-1/379‬وقال ( صحيح على شرط مسلم ) ووافقه الذهبي ! وإنما هو‬
‫حسن فقط ‪ ،‬لن فيه محمد بن عمرو ولم يحتج به مسلم وإنما روى له مقرونا أو متابعة ‪.‬‬
‫فهذا الحديث صريح في أن المؤمن أيضا يصلي في قبره ‪ ،‬فبطل بذلك القول بأن الموتى ل‬
‫يصلون ‪ ،‬وترجح أن المراد بحديث ابن عمر أن المقبرة ليست موضعا للصلة ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫وقد دل الحديث وما ذكر معه على كراهة الصلة في المقبرة ‪ ،‬وهي للتحريم لظاهر النهي في‬
‫بعضها ‪ ،‬وذهب بعض العلماء إلى بطلن الصلة فيها لن النهي يدل على فساد النهي عنه ‪،‬‬
‫وهو قول ابن حزم ‪ ،‬واختاره شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،‬والشوكاني في (( نيل الوطار )) (‪، )2/112‬‬
‫وروى ابن حزم (‪ )28-27 /4‬عن المام أحمد أنه قال‪(:‬من صلى في مقبرة أو إلى قبر أعاد أبدا )‪ 176‬ثم‬
‫إن كراهة الصلة في المقبرة تشمل كل مكان منها سواء كان القبر أمام المصلي أو خلفه أو عن‬
‫يمينه ‪ ،‬أو عن يساره ‪ ،‬لن النهي مطلق ‪ ،‬ومن المقرر في علم الصول أن المطلق يجرى على‬
‫‪ 176‬ثم قال ابن حزم ‪ ( :‬وكره إلصلة إلى القبر وفي المقبرة وعلى القبر أبو حنيفة والوزاعي وسفيان ولم ير ماك بذلك بأسا ! واحتج له بعض مقلديه بأن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم صلى على قبر المسكينة السوداء ! قال ابن حزم ‪ ( :‬وهذا عجب ناهيك به أن يكون هؤلء القوم يخالفون هذا الخبر فيما جاء‬
‫فيه ‪ ،‬فل يجيزون أن نصلى صلة الجنازة على من دفن ‪ ،‬ثم يستبيحون ما ليس فيه أثر منه ول إشارة ‪ ،‬مخالفة للسنن الثابتة ‪ .‬قال ‪ :‬كل هذه الثار حق ‪ ،‬فل‬
‫تحل الصلة حيث ذكرنا إل صلة الجنازة فإنها تصلى في المقبرة ‪ ،‬وعلى القبر الذي قد دفن صاحبه كما فعل رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬نحرم ما نهى‬
‫عنه ‪ ،‬ونعد من التقرب إلى ال تعالى أن نفعل ! مثل ما فعل فأمره ونهيه حق ‪ ،‬وفعله حق ‪ ،‬وما عدا ذلك فباطل ) ‪ .‬قلت ‪ :‬وفيما قاله في صلة الجنازة نظر ‪،‬‬
‫لنه ل نص على جوزها في المقبرة ولو كان ابن حزم من القائلين فالقياس لقلنا أنه قاس ذلك على الصلة على القبر ‪ :‬ولكنه يقول ببطلن القياس من أصله ‪،‬‬
‫وصلة الجنازة في المقبرة خلف السنة التي لم تأت إل بصلتها في المصلى وفي المسجد كما سبق بيانه في محله ‪ ،‬بل قد جاء النهي الصريح عن الصلة‬
‫عليها بين القبور كما في رواية في حديث أنس المذكور في هذا الفصل ‪ ،‬وهو الحديث الثاني منه ‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫إطلقه حتى يأتي ما يقيده ‪ ،‬ولم يرد هنا شئ من ذلك‪،‬وقد صرح بما ذكرنا بعض فقهاء الحنفية‬
‫وغيرهم كما يأتي ‪ ،‬فقال شيخ السلم ابن تيمية في ( الختبارات العلمية ) ( ص ‪ ( : ) 25‬ول تصح‬
‫الصلة في المقبرة ول إليها ‪ ،‬والنهي عن ذلك إنما هو سد لذريعة الشرك وذكر طائفة من‬
‫أصحابنا أن القبر والقبرين ل يمنع من الصلة ‪ ،‬لنه ل يتناوله اسم المقبرة ‪ ،‬وإنما المقبرة ثلثة‬
‫قبور فصاعدا ‪ .‬وليس في كلم أحمد وعامة أصحابه هذا الفرق ‪،‬بل عموم كلمهم وتعليلهم‬
‫واستدللهم يوجب منع الصلة عند قبر واحد من القبور ‪ ،‬وهو الصواب ‪ ،‬والمقبرة كل ما قبر‬
‫فيه ‪ ،‬ل أنه جمع قبر ‪ .‬وقال أصحابنا ‪ :‬وكل ما دخل في اسم المقبرة مما حول القبور ل يصلى‬
‫فيه ‪ ،‬فهذا يعين أن المنع يكون متناول لحرمة القبر المنفرد وفنائه المضاف إليه ‪ .‬وذكر المدي‬
‫وغيره ‪:‬أنه ل تجوز الصلة فيه أي المسجد الذي قبلته إلى القبر حتى يكون بين الحائط وبين‬
‫المقبرة حائل آخر ‪ .‬وذكر بعضهم ‪ :‬هذا منصوص أحمد ) ‪.‬‬
‫وفي كلم الشيخ رحمه ال التصريح بأن علة النهي عن الصلة في المقبرة إنما هي سد‬
‫الذريعة ‪ ،‬وهذا أحد قولي العلماء في ذلك ‪ ،‬والقول الخر أن العلة إنما هي نجاسة أرض المقبرة‬
‫! وهما قولن في مذهب الحنفية ‪ ،‬وقد نظر ابن عابدين في ( الحاشية ) (‪ )1/352‬في الثاني‬
‫منهما ‪ ،‬وذلك لن الستحالة مطهرة عندهم ‪ ،‬فكيف تكون هذه العلة صحيحة!؟ ول شك عندنا أن‬
‫القول الول هو الصحيح‪،‬وقد بين ذلك شيخ السلم في كتبه ‪،‬واستدل له بما ل تجده عند‬
‫غيره‪،‬فراجع مثل كتابه ( اقتضاء الصراط المستقيم ) (‪،)152،193‬وعليه مشى في (الحانية ) من‬
‫كتب الحنيفة‪،‬وأشار إليه الطحاوي في حاشيته على (مراقي الفلح) فقال عند قول الشارح ( وتكره‬
‫الصلة في المقبرة) (‪ ( )1/208‬بتثليث الباء ‪ ،‬لنه تشبه باليهود والنصارى ‪ ،‬قال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ :‬لعنة ال على اليهود والنصارى ‪ ،‬اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ‪ ،‬وسواء كانت فوقه أو‬
‫خلفه أو تحت ما هو واقف عليه ‪ .‬ويستثنى مقابر النبياء عليهم السلم فل تكره الصلة فيها‬
‫مطلقا منبوشة أو ل ‪ ،‬بعد أن ل يكون القبر في جهة القبلة ‪ ،‬لنهم أحياء في قبورهم ) ! قلت ‪:‬‬
‫وهذا الستثناء باطل ظاهر البطلن ‪ ،‬كيف وهو يناقض العلة التي ذكرها والحديث الذي استدل‬
‫به عليها ‪ ،‬وكيف يصح مثل هذا الستثناء والحاديث مستفيضة في لعن أهل الكتاب ل تخاذ‬
‫قبور أنبيائهم مساجد ثم صح أن النبي صلى ال عليه وسلم نهانا عن ذلك‪،‬فالنهي منصب على‬
‫اتخاذ قبور إلنبياء مباشرة ‪ ،‬وغيرهم يلحق بهم ‪ ،‬فكيف يعقل استثناؤهم !؟ والحق أن مثل هذا‬
‫الستثناء إنما يتمشى مع القول الثاني أن العلة النجاسة وقبور النبياء بل شك طاهرة لنهم كما‬
‫قال عليه السلم ‪ ( :‬إن ال حرم على الرض أن تأكل أجساد النبياء ) ‪ ،‬ولكن هذه العلة باطلة‬
‫وما بني على باطل فهو باطل‪.177‬‬
‫‪ - 9‬بناء المساجد عليها ‪.‬‬
‫وفيه أحاديث ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن عائشة وعبد ال بن عباس معا قال ‪ (:‬لما نزل برسول ال صلى ال عليه وسلم طفق‬
‫يطرح خميصة له على وجهه ‪ ،‬فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه ‪ ،‬فقال ‪ :‬وهو كذلك ‪-.‬لعنة ال‬
‫على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد‪،‬يحذر [ مثل] ما صنعوا ) ‪ .‬أخرجه البخاري (‬
‫‪ )1/422،6/386،8/116‬ومسلم (‪ )2/67‬والنسائي (‪ )1/115‬والدارمي (‪ )1/326‬والبيهقي (‪ )4/80‬وأحمد (‪34،229 /1/218،6‬‬
‫‪ ، )،275‬والزيادة لمسلم والدارمي وغيرهما ‪.‬‬

‫‪ 177‬وقد فصلت القول في خطأ الطحاوئي وتناقصه في الستثناء المذكور في كتابي ( الثمر المستطاب في تمه السنة والكتاب ) ‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫الثاني ‪ :‬عن عائشة رضي ال عنها قالت ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم في مرضه الذي‬
‫لم يقم منه ‪ ( :‬لعن ال اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) ‪ .‬قالت ‪ :‬فلول ذاك أبرز‬
‫قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا‪.‬أخرجه البخاري (‪ )8/114 ،198 ،3/156‬وأبو عوانة (‪ )2/399‬وأحمد (‪6/80،‬‬
‫‪ . )121،255‬وله عنده (‪ )6/146،252‬طريق آخر عنها ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬عن أبي هريرة قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬قاتل ال اليهود ( وفي‬
‫رواية ‪ :‬لعن ال اليهود والنصارى ) اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )‪.‬أخرجه البخاري (‪ )1/422‬ومسلم وأبو‬
‫عوانة (‪ )2/400‬وأبو داود (‪ )2/71‬والبيهقي (‪)4/80‬وأحمد(‪ )518، 2/284،366،396،453‬والرواية الثانية له ولمسلم وأبي‬
‫عوانة ‪ ،‬وهي من طريق أخرى عن أبي هريرة ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬عنه عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪ (:‬اللهم ل تجعل قبري وثنا‪،‬لعن ال قوما اتخذوا‬
‫قبور أنبيائهم مساجد ) ‪ .‬أخرجه أحمد (‪ )2/246‬وابن سعد في ( الطبقات ) (‪ )2/362‬وأبو نعيم في ( الحلية ) (‬
‫‪)7/317‬بإسناد صحيح ‪ ،‬وأما قول الهيثمي ‪ ،‬في ( مجمع الزوائد ) (‪ ( : )23‬رواه أبو يعلى ‪ ،‬وفيه إسحاق بن أبي إسرائيل وفيه‬
‫كلم لوقفه في القرآن ‪ ،‬وبقية رجاله ثقات ) ‪.‬‬
‫فقيه نظر من وجوه ‪:‬‬
‫‪.1‬إنه اقتصر على أبي يعلى في العزو فأوهم أنه ليس في ( مسند أحمد ) وليس كذلك‬
‫كما عرفت ‪.‬‬
‫‪.2‬أن إسحاق المذكور ثقة ‪ ،‬ووقفه في القرآن ل بجرحه كما هو مقرر في المصطلح ‪،‬‬
‫‪.3‬أنه لم يتفرد به ‪ ،‬فهو عند أحمد من غير طريقه ‪ ،‬فالحديث صحيح لشك فيه ‪.‬‬
‫وله شاهد مرسل ‪.‬أخرجه مالك في ( الموطأ ) (‪ )186-1/185‬بسند صحيح ‪ .‬وروي موصول عن‬
‫أبي سعيد الخدري ‪.‬‬
‫الخامس ‪ :‬عن جندب قال ‪ :‬سمعت النبي صلى ال عليه وسلم قبل أن يموت بخمس يقول ‪ [ :‬قد‬
‫كان لي فيكم أخوة وأصدقاء ‪،‬و ] إني أبرأ إلى ال أن يكون لي منكم خليل ‪ ،‬فإن ال تعالى قد‬
‫اتخذني خليل ‪ ،‬كما اتخذ إبراهيم خليل ‪ ،‬ولو كنت متخذا من امتي خليل ‪ ،‬ل تخذت أبا بكر‬
‫خليل ‪ ،‬أل وإن من كان قبلكم كانو يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ‪ ،‬أل فل تتخذوا‬
‫القبور مساجد ‪ ،‬إني أنها كم عن ذلك ) ‪.‬أخرجه مسلم (‪ )68-2/67‬دون سائر الستة ‪ ،‬ونسبه الشوكاني (‪)2/114‬‬
‫للنسائي أيضا ‪ ،‬فلعله يعني ( السنن الكبرى ) له ‪ ،‬ولم ينسبه في ( الذخائر ) إل لمسلم وحده ‪ ،‬نعم أخرجه عوانة في‬
‫( صحيحه ) (‪ )2/401‬والزيادة له‪.‬‬
‫السادس ‪ :‬عن عبد ال بن مسعود قال ‪:‬سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪:‬‬
‫( إن من شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء ‪ ،‬ومن يتخذ القبور مساجد ) ‪ .‬أخرجه أحمد (رقم‬
‫‪ )3844،4143،4144،4342‬بإسناد في حسنين عنه ‪ .‬ورواه ابن أبي شيبة وابن حبان في ( صحيحه ) ‪ ،‬وقال ابن تيمية ‪:‬‬
‫( إسناده جيد ) ‪ .‬وذهل الهيثمي عن كونه في المسند فقال (‪ ( : )2/27‬رواه الطبراني في (( الكبير )) وإسناده حسن ) ‪.‬‬
‫السابع ‪ :‬عن عائشة قالت ‪ ( :‬لما كان مرض النبي صلى ال عليه وسلم ‪،‬تذاكر بعض نسائه‬
‫كنيسة بأرض الحبشة يقال لها ( مارية ) ‪ -‬وقد كانت أم سلمة وأم حبيبة قد أتتا أرض الحبشة ‪-‬‬
‫فذكرن من حسنها وتصاويرها‪.‬قالت‪:‬فقال النبي صلى ال عليه وسلم‪ :‬إن أولئك إذا كان فيهم‬
‫الرجل الصالح [ فمات ] بنوا على قبره مسجدا ‪ ،‬ثم صوروا فيه تلك الصور ‪ ،‬أولئك شرار‬
‫الخلق عند ال [ يوم القيامة ] ) ‪ .‬أخرجه البخاري (‪ )1/416،422‬ومسلم (‪ )67-2/66‬والنسائي (‪ )1/115‬وكذا أبو‬
‫عوانة (‪)401-2/400‬والبيهقي(‪)4/80‬والسياق لهما ‪ ،‬وأحمد (‪)6/51‬وابن أبي شيبة (‪،)4/140‬والزيادتان له للشيخين وغيرهما‪.‬‬
‫وفي الباب أحاديث أخرى عن جماعة آخرين من الصحابة ‪،‬أوردتها في(تحذير الساجد من اتخاذ‬
‫القبور مساجد ) وهي تدل دللة قاطعة على أن اتخاذ القبور مساجد)‬
‫حرام لما فيها من لعن المتخذين ‪ ،‬ولذلك قال الفقيه الهيتمي في ( الزواجر ) (‪: )121-1/120‬‬

‫‪106‬‬
‫( الكبيرة الثالثة والتسعون اتخاذ القبور مساجد ) ‪ .‬ثم ساق بعض الحاديث المتقدمة وغيرها مما‬
‫ليس على شرطنا ثم قال ‪ ( :‬وعد هذه من الكبائر وقع في كلم بعض الشافعية ‪ ،‬وكأنه أخذ ذلك‬
‫مما ذكره من هذه الحاديث ‪ ،‬ووجهه واضح ‪ ،‬لنه لعن من فعل ذلك بقبور أنبيائه ‪ .‬وجعل من‬
‫فعل ذلك بقبور صلحاثه شر الخلق عند ال يوم القيامة ‪ ،‬ففيه تحذير لنا كما في رواية ( يحذر ما‬
‫صنعوا ) ‪ ،‬أي يحذر أمته بقوله لهم ذلك من أن يصنعوا كصنع أولئك‪،‬فيلعنوا كما لعنوا‪ ..‬قال‬
‫بعض الحنابلة ‪:‬قصد الرجل الصلة عند القبر متبركا بها عين المحادة ل ورسوله ‪ ،‬وإبداع دين‬
‫لما يأذن به ال ل نهي عنها ثم إجماعا ‪،‬فإن أعظم المحرمات وأسباب الشرك الصلة عندها ‪،‬‬
‫واتخاذها مساجد ‪ ،‬أو بناؤها عليها ‪ ،‬والقول بالكراهة محمول على غير ذلك‪،‬إذ ل يظن بالعلماء‬
‫تجويز فعل تواتر عن النبي صلى ال عليه وسلم لعن فاعله ‪،‬وتجب المبادرة لهدمها وهدم القباب‬
‫التي على القبور إذ هي أضر من مسجد الضرار لنها أسست على معصية رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬لنه نهى عن ذلك ‪ ،‬وأمر صلى ال عليه وسلم بهدم القبور المشرفة ‪ ،‬وتجب إزالة‬
‫كل قنديل أو سراج على قبر ‪ ،‬ول يصح وقفه ونذره ‪ .‬انتهى ) ‪.‬‬
‫هذا والتخاذ المذكور في الحاديث المتقدمة يشمل عدة أمور ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬الصلة إلى القبور مستقبل لها ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬السجود على القبور ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬بناء المساجد عليها ‪.‬‬
‫والمعنى الثاثي ظاهر من التخاذة والخر مع دخولهما فيه ‪ ،‬فقد جاء النص عليهما في بعض‬
‫الحاديث المتقدمة ‪ ،‬وفصلت القول في ذلك وأوردت أقوال العلماء مستشهدا بها في كتابنا‬
‫الخاص(تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد) وذكرت فيه تاريخ إدخال القبر النبوي في‬
‫المسجد الشريف ‪،‬وما فيه من المخالفة للحاديث المتقدمة وأن الصلة مع ذلك ل تكره فيه‬
‫خاصة ‪ ،‬فمن شاء بسط القول في ذلك كله فليرجع إليه ‪.‬‬
‫‪- 10‬اتخاذها عيدا ‪ ،‬تقصد في أوقات معينة ‪،‬ومواسم معروفة‪،‬للتعبد عندها ‪،‬أو يرها‪ .‬لحديث‬
‫أبي هريرة رضي ال عنه قال‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ (:‬ل تتخذوا قبري عيدا‪.‬ول‬
‫تجعلوا بيوتكم قبورا ‪،‬وحيثما كنتم فصلوا علي ‪ ،‬فإن صلتكم تبلغني)‪ .‬أخرجه أبو داود (‪ )1/319‬وأحمد (‬
‫‪ )2/367‬بإسناد حسن ‪ ،‬وهو على شرط مسلم ‪ ،‬وهو صحيح مما له من طرق وشواهد ‪.‬‬
‫فله طريق أخرى عن أبي هريرة ‪ ،‬عند أبي نعيم في ( الحلية ) (‪)6/283‬‬
‫وله شاهد مرسل بإسناد قوي عن سهيل قال‪ (:‬رآني الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عند‬
‫القبر ‪ ،‬فناداني وهو في بيت فاطمة يتعشى ‪ ،‬فقال ‪:‬هلم إلى العشاء ‪،‬فقلت‪ :‬ل أريده ‪.‬فقال ‪ :‬مالي‬
‫رأيتك عند القبر ؟ فقلت ‪ :‬سلمت على النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬إذا دخلت المسجد‬
‫فسلم ) ثم قال ‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬ل تتخذوا قبري عيدا ‪ ،‬ول تتخذوا‬
‫بيوتكم قبورا ‪ ،‬وصلوا علي ‪،‬فإن صلتكم تبلغني حيثما كنتم ‪،‬لعن ال اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم‬
‫مساجد )‪.‬ما أنتم ومن بالندلس إل سواء ‪ .‬رواه سعيد بن منصور كما في ( القتضاء ) لبن تيمية‬
‫‪ ،‬وهو عند الشيخ اسماعيل بن اسحاق القاضي في( فضل الصلة على النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫‪178‬‬
‫) (رقم ‪ )30‬دون قوله ( لعن ال اليهود ‪ ) ...‬وكذا رواه ابن أبي شيبة (‪ )4/140‬مقتصرا على المرفوع منه فقط ‪.‬‬
‫وله شاهد آخر بنحو هذا من طريق علي بن الحسين عن أبيه عن جده مرفوعا‪ .‬أخرجه اسماعيل‬
‫القاضي (رقم ‪ )20‬وغيره ‪ .‬انظر ( تحذير الساجد ) (‪ )99-98‬والحديث دليل على تحريم اتخاذ قبور‬
‫‪ 178‬قام بنشره لول مرة المكتب السلمي بتحقيقنا ‪ ،‬فيطلب منه ‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫النبياء والصالحين عيدا ‪ .‬قال شيخ السلم ابن تيمية في ( القتضاء ) (ص ‪ ( : )156-155‬ووجه‬
‫الدللة أن قبر النبي صلى ال عليه وسلم أفضل قبر على وجه الرض وقد نهى عن اتخاذه عيدا‬
‫‪،‬فقبر غيره أولى بالنهي كائنا من كان ‪،‬ثم قرن ذلك بقوله صلى ال عليه وسلم‪:‬ول تتخذوا بيوتكم‬
‫قبورا) أي ل تعطلوها عن الصلة فيها والدعاء والقراءة ‪ ،‬فتكون بمنزلة القبور فأمر بتحري‬
‫العبادة في البيوت ‪ ،‬ونهى عن تحريها عند القبور‪،‬عكس ما يفعله المشركون من النصارى ومن‬
‫تشبه بهم‪.‬قال‪:‬فهذا أفضل التابعين من أهل بيته علي بن الحسين رضي ال عنهم‪،‬نهى ذلك الرجل‬
‫أن يتحرى الدعاء عند قبره صلى ال عليه وسلم‪،‬واستدل بالحديث الذي سمعه من أبيه الحسين‬
‫عن جده علي‪ .‬وهو أعلم بمعناه من غيره ‪ ،‬فتبين أن قصده أن يقصد الرجل القبر للسلم عليه‬
‫ونحوه عند غير دخول المسجد ‪ ،‬ورأى أن ذلك من الدعاء ونحوه اتخاذ له عيدا ‪ .‬وكذلك ابن‬
‫عمه حسن بن حسن شيخ أهل بيته كره اتخاذه عيدا ‪ .‬فانظر هذه السنة كيف أن مخرجها من‬
‫أهل المدينة وأهل البيت الذين لهم من رسول ال صلى ال عليه وسلم قرب النسب وقرب الدار‬
‫لنهم إلى ذلك أحوج من غيرهم فكانوا له أضبط ‪.‬‬
‫والعيد إذا جعل اسما للمكان فهو المكان الذي يقصد الجتماع فيه وإتيانه للعبادة عنده أو لغير‬
‫العبادة ‪ ،‬كما أن المسجد الحرام ومنى ومزدلفة وعرفة جعلها ال عيدا مثابة للناس ‪ ،‬يجتمعون‬
‫فيها وينتابونها للدعاء والذكر والنسك ‪ .‬وكان للمشركين أمكنة ينتابونها للجتماع عندها ‪ ،‬فلما‬
‫جاء السلم محا ال ذلك كله ‪.‬وهذا النوع من المكنة يدخل فيه قبور النبياء والصالحين ) ‪.‬‬
‫ثم قال الشيخ ( ص ‪: ) 181 - 175‬‬
‫( ولهذا كره مالك رضي ال عنه وغيره من أهل العلم لهل المدينة ‪،‬كلما دخل أحدهم المسجد أن‬
‫يجبئ فيسلم على قبر النبي صلى ال عليه وسلم وصاحبيه‪.‬قال‪:‬وإنما يكون ذلك لحدهم إذا قدم ‪.‬‬
‫من سفر ‪ ،‬أو أراد سفرا ونحو ذلك ‪،‬ورخص بعضهم في السلم عليه إذا دخل المسجد للصلة‬
‫ونحوها ‪ ،‬وأما قصده دائما للصلة والسلم فما علمت أحدا رخص به ‪ ،‬لن ذلك نوع من اتخاذه‬
‫عيدا‪ ..‬مع أنه قد شرح لنا إذا دخلنا المسجد أن نقول ( السلم عليك أيها النبي ورحمة ال‬
‫وبركاته )‪ 179‬كما نقول ذلك في آخر صلتنا ‪ .‬قال ‪ :‬فخاف مالك وغيره أن يكون فعل ذلك عند‬
‫القبر كل ساعة نوعا من اتخاذ القبر ‪.‬عيدا ‪.‬وأيضا فإن ذلك بدعة ‪،‬فقد كان المهاجرون والنصار‬
‫على عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي ال عنهم يجيئون إلى المسجد كل يوم لعلمهم‬
‫رضي ال عنهم بما كان النبي صلى ال عليه وسلم يكرهه من ذلك وما نهاهم عنه ‪ ،‬وانهم‬
‫يسلمون عليه حين دخول المسجد والخروج منه ‪ ،‬وفي التشهد كما كانوا يسلمون عليه كذلك في‬
‫حياته ‪،‬وما أحسن ما قال مالك ‪ :‬لن يصلح آخر هذه المة إل ما أصلح أولها ‪ ،‬ولكن كلما ضعف‬
‫تمسك المم بعهود أنبيائهم ‪ ،‬ونقص إيمانهم ‪ ،‬عوضوا ذلك بما أحدثوه من إلبدع والشرك وغيره‬
‫لهذا كرهت المة استلم القبر وتقبيله ‪.‬وبنوه بناء منعوا الناس أن يصلوا إليه ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫وقد ذكرنا عن أحمد وغيره أنه أمر من سلم على النبي وصاحبيه ثم أراد أن يدعو أن ينصرف‬
‫فيستقبل القبلة ‪ ،‬وكذلك أنكر ذلك من العلماء المتقدمين كما لك وغيره ‪ ،‬ومن المتأخرين مثل أبي‬
‫الوفاء بن عقيل وأبي الفرج ابن الجوزي ‪ ،‬وما أحفظ ل عن صحابي ول عن تابعي ول عن‬
‫إمام معروف أنه استحب قصد شئ من القبور للدعاء عنده‪،‬ول روى أحد في ذلك شيئا‪،‬ل عن‬
‫‪ 179‬قلت ‪ :‬لم أر هذه الصيغة في شئ من الحاديث الواردة في آداب الدخول إلى المسجد والخروج منه ‪ ،‬وأخذها من مطلق قوله ‪ ( :‬إذا دخل أحدكم المسجد‬
‫فليسلم على النبي صلى ال عليه وسلم ‪ . . .‬الحديث أخرجه أبو عوانة في صحيحه ( ‪ ) 414 / 1‬وأبو داود في سننه ( رقم ‪ ، ) 465‬فمما ل يخفى بعده ‪ ،‬ل سيما‬
‫وقد جاءت الصيغة في حديت فاطمة رضي ال عنها بلفظ ( السلم على رسول ال ‪ ،‬اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ) ‪ .‬أخرجه القاضي اسماعيل ( ‪- 82‬‬
‫‪ ) 84‬وغيره ‪ .‬وانظر ( نزل البرار ) ( ‪ . ) 72‬و ( الكلم الطيب ( رقم ‪ 63‬بتحقيقي وضع المكتب السلمي ) ‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم ‪ .‬ول عن أصحابه ول عن أحد من الئمة المعروفين ‪ ،‬وقد صنف‬
‫الناس في الدعاء وأوقاته وأمكنته وذكروا فيه الثار ‪ ،‬فما ذكر أحد منهم في فضل الدعاء عندها‬
‫شئ من القبور حرفا واحدا فيما أعلم ‪ ،‬فكيف يجوز والحالة هذه أن يكون الدعاء عندها أجوب‬
‫وأفضل ‪ ،‬والسلف تنكره ول تعرفه وتنهى عنه ول تأمر به !؟ قال ‪ :‬وقد أوجب اعتقاد استجابة‬
‫الدعاء عندها وفضله أن تنتاب لذلك وتقصد ‪ ،‬وربما اجتمع عندها اجتماعات كثيرة في مواسم‬
‫معينة ‪ .‬وهذا بعينه هو الذي نهى عنه النبي صلى ال عليه وسلم بقوله ‪( :‬ل تتخذوا قبري عيدا )‬
‫‪ .‬قال ‪ :‬حتي إن بعض القبور يجتمع عندها في يوم من السنة ‪ ،‬ويسافر إليها إما في المحرم أو‬
‫رجب أو شعبان أو ذي الحجة أو غيرها ‪ .‬وبعضها يجتمع عندها في يوم عاشوراء ‪ ،‬وبعضها‬
‫في يوم عرفة ‪ ،‬وبعضها في النصف من شعبان ‪ .‬وبعضها في وقت آخر ‪ .‬بحيث يكون لها يوم‬
‫من السنة تقصد فيه ‪.‬ويجتمع عندها فيه ‪ .‬كما تقصد عرفة ومزدلفة ومنى في أيام معلومة من‬
‫السنة ‪ ،‬وكما يقصد مصلى المصر يوم العيدين ‪ .‬بل ربما كان الهتمام بهذه الجتماعات في‬
‫الدين والدنيا أهم وأشد ومنها ما يسافر إليه من المصار في وقت معين ‪،‬أو وقت غير معين‬
‫لقصد الدعاء عنده والعبادة هناك‪،‬كما يقصد بيت ال الحرام لذلك وهذا السفر ل أعلم بين‬
‫المسلمين خلفا في النهي عنه ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫ومنها ما يقصد الجتماع عنده في يوم معين من السبوع ‪ .‬وفي الجملة هذا الذي يفعل عند هذه‬
‫القبور هو بعينه الذي نهى عنه رسول ال صلى ال عليه وسلم بقوله ‪(:‬ل تتخذوا قبري عيدا )فإن‬
‫اعتياد قصد المكان المعين في وقت معين عائد بعود السنة أو الشهر أو السبوع هو بعينه معنى‬
‫العيد ‪،‬ثم ينهى عن دق ذلك وجله‪،‬وهذا هو الذي تقدم عن المام أحمد إنكاره‪.‬قالت (يعني أحمد )‪:‬‬
‫وقد أفرط الناس في هذا جدا وأكثروا ‪ .‬وذكر ما يفعل عند قبر الحسين ‪ .‬ثم قال الشيخ ‪:‬‬
‫ويدخل في هذا ما يفعل بمصر عند قبر نفيسة وغيرها ‪ .‬وما يفعل بالعراق عند القبر الذي يقال ‪:‬‬
‫إنه قبر علي رضي ال عنه ‪ ،‬وقبر الحسين وحذيفة بن اليمان و‪ ...‬و‪ ...‬وما يفعل عند قبر أبي‬
‫يزيد البسطامي إلى قبور كثيرة في أكثر بلد السلم ل يمكن حصرها ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫واعتياد قصد هذه القبور في وقت معين ‪ ،‬والجتماع العام عندها في وقت معين هو أتخاذها عيدا‬
‫كما تقدم ول أعلم بين المسلمين أهل العلم في ذلك خلفا ‪.‬ول يغتر بكثرة العادات الفاسدة فإن‬
‫هذا من التشبه بأهل الكتابين الذي أخبرنا النبي صلى ال عليه وسلم أنه كائن في هذه المة ‪.‬‬
‫وأصل ذلك إنما هو اعتقاد فضل الدعاء عندها ‪ ،‬وإل فلو لم يقم هذا العتقاد في القلوب ل نمحى‬
‫ذلك كله‪.‬فإذا كان قصدها يجر هذه المفاسد كان حراما كالصلة عندها وأولى ‪،‬وكان ذلك فتنة‬
‫للخلق ‪،‬وفتحا لباب الشرك‪ ،‬وإغلقا لباب اليمان ) ‪.‬‬
‫قلت ‪.‬ومما يدخل في ذلك دخول أوليا ما هو مشاهد اليوم في المدينة المنورة‪،‬من قصد الناس دبر‬
‫كل صلة مكتوبة في قبر النبي صلى ال عليه وسلم ‪ :‬للسلم عليه والدعاء عنده وبه ‪ ،‬ويرفعون‬
‫أصواتهم لديه ‪،‬حتى ليضج المسجد بهم‪،‬ول سيما في موسم الحج حتى لكأن ذلك من سنن الصلة‬
‫! بل إنهم ليحافظون عليه أكثر من محافظتهم على السنن وكل ذلك يقع من مرأى ومسمع من‬
‫ولة المر ‪ ،‬ول أحد منهم ينكر ‪ ،‬فإنا ل وإنا إليه راجعون ‪ ،‬ووا أسفاء على غربة الدين‬
‫وأهله ‪ ،‬وفي مسجد النبي صلى ال عليه وسلم الذي ينبغي أن يكون أبعد المساجد بعد المسجد‬
‫الحرام عما يخالف شريعته عليه الصلة والسلم ‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫هذا ‪ ،‬وقد سبق في كلم شيخ السلم ابن تيمية أن بعض أهل العلم رخص في إتيان القبر‬
‫الشريف للسلم عليه إذا دخل المسجد للصلة ونحوها ‪ .‬وكأن ذلك يفيد عدم الكثار والتكرار‬
‫بدليل قوله عقب ذلك ‪ ( :‬وأما قصده دائما للصلة والسلم فما علمت أحدا رخص فيه ) ‪.‬‬
‫قلت ‪:‬وهذا الترخيص الذي نقله الشيخ عن بعض أهل العلم هو الذي رواه ونعتمد عليه بشرط‬
‫القيد المذكور ‪،‬فيجوز لمن بالمدينة إتيان القبر الشريف للسلم عليه صلى ال عليه وسلم ‪،‬أحيانا‪،‬‬
‫لن ذلك ليس ‪ ،‬من اتخاذه عيدا كما هو ظاهر ‪ ،‬والسلم عليه وعلى صاحبيه مشروع بالدلة‬
‫العامة ‪،‬فل يجوز نفي المشروعية مطلقا لنهيه صلى ال عليه وسلم عن اتخاذ قبره عيدا ‪ ،‬لمكان‬
‫الجمع بملحظة الشرط الذي ذكرنا ‪ ،‬ول يخرج عليه أننا ل نعلم أن أحدا من السلف كان يفعل‬
‫ذلك ‪ ،‬لن عدم العلم بالشئ ل يستلزم العلم بعدمه كما يقول العلماء ‪،‬ففي مثل هذا يكفي لثبات‬
‫مشروعته الدلة العامة مادام أنه ل يثبت ما يعارضها فيما نحن فيه ‪ .‬على أن شيخ السلم قد‬
‫ذكر في ( القاعدة الجليلة ) ( ص ‪ 80‬طبع المنار ) عن نافع أنه قال ‪ :‬كان ابن عمر يسلم على القبر ‪،‬‬
‫رأيته مائة مرة أو أكثر يجيئ إلى القبر فيقول ‪ :‬السلم على النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬السلم‬
‫على أبي بكر ‪ ،‬السلم على أبي ‪ ،‬ثم ينصرف فان ظاهره أنه كان يفعل ذلك في حالة القامة ل‬
‫السفر ‪ ،‬لن قوله ( مائة مرة ) ‪ ،‬مما يبعد حمل هذا الئر على حالة السفر ‪..‬‬
‫‪ - 11‬السفر إليها ‪:‬‬
‫وفيه أحاديث ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن أبي هريرة عن النبي صلى ال عليه وسلم قال ‪(:‬ل تشد الرحال إل إلى ثلثة مساجد‬
‫‪:‬المسجد الحرام‪،‬ومسجد الرسول صلى ال عليه وسلم ومسجد القصى )‪.‬‬
‫وفي رواية عنه بلفظ ‪( :‬إنما يسافر إلى ثلثة مساجد ‪ :‬مسجد الكعبة ‪ ،‬ومسجدي ‪ ،‬ومسجد إيلياء)‬
‫‪.‬أخرجه البخاري باللفظ الول ‪ ،‬ومسلم باللفظ الخر من طريق ثان عنه ‪ ،‬وأخرجه من الطريق الول أصحاب السنن وغيرهم ‪.‬‬
‫وله طريق ثالث عند أحمد (‪ )2/501‬والدارمي (‪)1/330‬وقد خرجت الحديث مبسوطا في (الثمر المستطاب)‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ (:‬ل تشد‬
‫( وفي لفظ ‪ :‬ل تشدوا ) الرحال إل إلى ثلثة مساجد ‪ :‬مسجدي هذا ‪ ،‬والمسجد الحرام ‪،‬‬
‫والمسجد القصى ) ‪ .‬أخرجه الشيخان وغيرهما ‪ ،‬وله عنه أربعة طرق أوردتها في المصدر السابق واللفظ الخر لمسلم‬
‫‪.‬‬
‫والطريق الرابعة ‪ :‬يرويها شهر بن حوشب ‪ ،‬وعنه اثنان ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬ليث بن أبي سليم عنه قال ‪ (:‬لقينا أبا سعيد ونحن نريد الطور‪،‬فقال ‪ :‬سمعت رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم يقول ‪ :‬ل تعمل المطي إل‪ ) ...‬الحديث ‪.‬‬
‫والخر ‪ :‬عبد الحميد بن بهرام عنه قال‪(:‬سمعت أبا سعيد الخدري وذكرت عنده صلة الطور ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬ل ينبغي للمطي أن تشد رحاله إلى مسجد يبتغى فيه‬
‫الصلة غير المسجد الحرام)‪.‬الحديث‪ .‬أخرجهما أحمد (‪. ) 3/93،64‬‬
‫وشهر ضعيف‪،‬وقد تفرد بهذه الزيادة ( إلى مسجد يبتغي فيه الصلة ) فهي منكرة لعدم ورودها‬
‫في الطرق الخرى عن أبي سعيد ‪ ،‬حتى ول في طريق ليث عن شهر‪ ،‬وكذلك لم ترد في‬
‫الحاديث الخرى‪،‬وهي ثمانية وغالبها لها أكثر من طريق واحد‪،‬وقد سقتها كلها في ( الثمر‬
‫المستطاب ) فعدم ورود هذه الزيادة في شئ من هذه الحاديث على كثرتها وتعدد مخارجها‬
‫لكبر دليل على نكارة الزيادة وبطلنها ‪ .‬فهي من أوهام شهر بن حوشب أو الراوي عنه عبد‬

‫‪110‬‬
‫الحميد ‪ ،‬فإن فيه بعض الضعف من قبل حفظه ‪ ،‬وقال الحافظ في ترجمة شهر من ( التقريب ) ‪:‬‬
‫( صدوق كثير الوهام ) ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬عن أبي بصرة الغفاري أنه لقي أبا هريرة وهو جاء ‪،‬فقال ‪:‬من أين أقبلت ؟ قال ‪ :‬أقبلت‬
‫من الطور ‪ ،‬صليت فيه ‪ ،‬قال ‪ :‬أما إني لو أدركتك لم تذهب ‪،‬إني سمعت رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم يقول ‪ ( :‬ل تشد الرحال إل إلى ثلثة مساجد ‪ :‬المسجد الحرام ‪ ،‬ومسجدي هذا ‪،‬‬
‫والمسجد القصى ) ‪ .‬أخرجه الطيالسي (‪ )1348‬وأحمد (‪ )6/7‬والسياق له ‪ ،‬وإسناده صحيح ‪ .‬وله عند أحمد طريقان‬
‫آخران ‪ ،‬إسناد الول منهما حسن ‪ ،‬والخر صحيح ‪.‬‬
‫وأخرجه مالك والنسائي والترمذي وصححه من الطريق الثالث ‪ ،‬إل أن أحد الرواة أخطأ في سنده فجعله من مسند بصرة بن أبي‬
‫بصرة ‪ .‬وفي متنه حيث قال ‪ ( :‬لتعمل المطي ) ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬عن قزعة قال ‪ ( :‬أردت الخروج إلى الطور فسألت ابن عمر ‪،‬فقال ‪:‬أما علمت أن النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬ل تشد الرحال إل إلى ثلثة مساجد ‪ :‬المسجد الحرام‪ ،‬ومسجد النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم والمسجد القصى ) ‪ ،‬ودع عنك الطور فل تأته ) ‪.‬أخرجه الزرقي ( في أخبار مكة‬
‫) (ص ‪ )304‬بإسناد صحيح رجاله رجال الصحيح ‪ ،‬وأورد المرفوع منه الهيثمي في ( المجمع ) (‪ )4/4‬وقال ‪(:‬رواه الطبراني‬
‫في الكبير والوسط ورجاله ثقات)‪.‬‬
‫وفي هذه الحاديث تحريم السفر إلي موضع من المواضع المباركة ‪ ،‬مثل مقابر النبباء‬
‫والصالحين ‪ ،‬وهي وإن كانت بلفظ النفي ( ل تشد ) ‪ ،‬فالمراد النهي كما قال الحافظ ‪ ،‬على وزن‬
‫قوله تعالى ‪ ( :‬فل رفث ول فسوق ول جدال في الحج ) ‪ ،‬وهو كما قال الطيبي ‪ ( :‬هو أبلغ من‬
‫صريح النهي ‪،‬كأنه قال ‪:‬ل يستقيم أن يقصد بالزيارة إل هذه البقاع لختصاصها بما اختصت به)‬
‫قلت ‪ :‬ومما يشهد لكون النفي هنا بمعنى النهي رواية لمسلم في الحديث الثاني ‪ ( :‬ل تشدوا ) ‪ .‬ثم‬
‫قال الحافظ ‪:‬‬
‫( قوله ‪ (:‬إل إلى ثلثة مساجد )‪،‬الستثناء مفرغ ‪ ،‬والتقدير ل تشد الرحال إلى موضع‪ ،‬ولزمه‬
‫منع السفر إلى كل موضع غيرها ‪ ،‬لن المستثنى منه في المفرغ مقدر بأعم العام ‪ ،‬ولكن يمكن‬
‫أن يكون المراد بالعموم هنا المخصوص ‪ ،‬وهو المسجد ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا الحتمال ضعيف‪،‬والصواب التقدير الول ‪ .‬لما تقدم في حديث أبي بصرة وابن‬
‫عمر من أنكار السفر إلى الطور ‪ .‬ويأتى بيانه ‪ ،‬ثم قال الحافظ ‪:‬‬
‫( وفي هذا الحديث فضيلة هذه المساجد ‪ ،‬ومزيتها على غيرها لكونها مساجد النبياء ‪ ،‬ولن‬
‫الول ‪ ،‬قبلة الناس ‪ ،‬وإليه حجهم ‪ ،‬والثاني كان قبلة المم السالفة ‪ ،‬والثالث أسس على التقوى ‪.‬‬
‫( قال ‪) :‬‬
‫واختلف في شد الرحال إلى غيرها كالذهاب إلى زيارة الصالحين أحياء وأمواتا‪ ،‬وإلى المواضع‬
‫الفاضلة ‪ ،‬لقصد التبرك بها ‪ ،‬والصلة فيها‪،‬فقال الشيخ أبو محمد الجويني‪ ( 180‬يحرم شد الرحال‬
‫إلى غيرها عمل بظاهر الحديث ) ‪ ،‬وأشار القاضي حسين إلى اختياره ‪ ،‬وبه قال عياض وطائفة‬
‫‪ ،‬ويدل عليه ما رواه أصحاب السنن من إنكار أبي بصرة الغفاري على أبي هريرة خروجه إلى‬
‫الطور ‪ ،‬وقال له ‪ ( :‬لو أدركتك قبل أن تخرج ما خرجت ) ‪ ،‬واستدل بهذا الحديث ‪ ،‬فدل على‬
‫أنه يرى حمل الحديث على عمومه ‪ ،‬ووافته أبو هريرة ‪ .‬والصحيح عند إمام الحرمين وغيره‬
‫من الشافعية أنه ل يحرم ‪ ،‬وأجابوا عن الحديث بأجوبة ‪:‬‬

‫‪ 180‬هو عبد ال بن يوسف شيخ الشافعية ووالد إمام الحرمين عبد الملك بن عبد ال ‪ ،‬كان إماما في التفسير والفقه والدب ‪ .‬مات سنة ( ‪. ) 438‬‬

‫‪111‬‬
‫‪.1‬منها أن المراد أن الفضيلة التامة إنما هي شد الرحال إلى هذه المساجد بخلف‬
‫غيرها فإنه جائز ‪ ،‬وقد وقع في رواية لحمد سيأتي ذكرها بلفظ ‪ ( :‬ل ينبغي للمطي‬
‫أن تعمل ) وهو لفظ ظاهر في غير التحريم ‪.‬‬
‫‪ .2‬ومنها أن النهي مخصوص بمن نذر على نفسه الصلة في مسجد من سائر‬
‫المساجد غير الثلثة ‪ ،‬فإنه ل يجب الوفاء به ‪ .‬قاله ابن بطال ‪.‬‬
‫‪.3‬ومنها أن المراد حكم المساجد فقط ‪ ،‬وأنه ل تشد الرحال إلى مسجد من المساجد‬
‫للصلة فيه غير هذه الثلثة ‪ ،‬وأما قصد غير المساجد لزيارة صالح أو قريب أو‬
‫صاحب ‪ ،‬أو طلب عالم أو تجارة أو نزهة ‪ ،‬فل يدخل في النهي ‪ ،‬ويؤيده ما روى‬
‫أحمد من طريق شهر بن حوشب قال ‪ :‬سمعت أبا سعيد ‪ -‬وذكرت عنده الصلة في‬
‫الطور‪ -‬فقال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬ل ينبغي للمطي أن تشد‬
‫رحاله إلى مسجد تبتغى فيه الصلة غير المسجد الحرام‪،‬والمسجد‬
‫القصى‪،‬ومسجدي)‪ .‬وشهر حسن الحديث ‪ ،‬وإن كان فيه بعض الضعف ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬لقد تساهل الحافظ رحمه ال تعالى في قوله في شهر أنه حسن الحديث ‪ ،‬مع أنه قال فيه‬
‫في (( التقريب )) ‪ (( :‬كثير الوهام )) كما سبق ‪ ،‬ومن المعلوم أن من كان كذلك فحديثه ضعيف ل‬
‫يحتج به ‪ ،‬كما قرره الحافظ نفسه في ( شرح النخبة )‬
‫ثم هب أنه حسن الحديث‪،‬فإنما يكون كذلك عند عدم المخالفة ‪،‬أما وهو قد خالف جميع الرواة‬
‫الذين رووا الحديث عن أبي سعيد ‪ ،‬والخرين الذين رووه عن غيره من الصحابة كما تقدم بيانه‬
‫‪ ،‬فكيف يكون حسن الحديث مع هذه المخالفة !؟ بل هو منكر الحديث في مثل هذه الحالة ‪ ،‬دون‬
‫أي شك أو ريب ‪ .‬أضف إلى ذلك أن قوله في الحديث ( إلى مسجد ) مما لم يثبت عن شهر نفسه‬
‫فقد ذكرها عنه عبد الحميد ولم يذكرها عنه ليث بن أبي سليم ‪،‬وهذه الرواية عنه أرجح لموافقتها‬
‫لروايات الثقات كما عرفت ‪.‬‬
‫وأيضا فإن المتأمل في حديثه يجد فيه دليل آخر على بطلن ذكر هذه الزيادة فيه ‪ ،‬وهو قوله ‪:‬‬
‫أن أبا سعيد الخدري احتج بالحديث على شهر لذهابه إلى الطور ‪ .‬فلو كان فيه هذه الزيادة التي‬
‫تخص حكمه بالمساجد دون سائر المواضع الفاضلة ‪ ،‬لما جاز لبي سعيد رضي ال عنه أن‬
‫يحتج به عليه ‪ ،‬لن الطور ليس مسجدا ‪ .‬وإنما هو الجبل المقدس الذي كلم ال تعالى موسى‬
‫عليه ‪ ،‬فل يشمله الحديث لو كانت الزيادة ثابتة فيه‪.‬ولكان استدلل أبي سعيد به والحالة هذه‬
‫وهما ‪ ،‬ل يعقل أن يسكت عنه شهر ومن كان معه ‪.‬فكل هذا يؤكد بطلن هذه الزيادة ‪ ،‬وأنها ل‬
‫أصل لها عن رسول ال صلى ال عليه وسلم فثبت مما تقدم أنه ل دليل يخصص الحديث‬
‫بالمساجد ‪ ،‬فالواجب البقاء على عمومه الذي ذهب إليه أبو محمد الجويني ومن ذكر معه ‪ .‬وهو‬
‫الحق ‪.‬‬
‫بقي علينا الجواب على جوابهم الول والثاني ‪ ،‬فأقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬إن هذا الجواب ساقط من وجهين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أن اللفظ الذي احتجوا به ( ل ينبغي‪ )..‬غير ثابث في الحديث لنه تفرد به شهر وهو‬
‫ضعيف كما سبق بيانه ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬هب أنه لفظ ثابت ‪ ،‬فل نسلم أنه ظاهر في غير التحريم ‪ ،‬بل العكس هو الصواب ‪،‬‬
‫والدلة على ذلك من الكتاب والسنة كثيرة ‪ ،‬أجتزئ ببعضها ‪:‬‬

‫‪112‬‬
‫}[ الفرقان‪] 18:‬‬‫أ‪-‬قوله تعالى ‪ {:‬قالوا ‪:‬سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك أولياء‬
‫ب‪-‬قوله صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬ل ينبغي أن يعذب بالنار إل رب النار ) ‪.‬رواه أبو داود (‪ )2675‬من‬
‫حديث ابن مسعود ‪ ،‬والدارمي (‪ )2/222‬من حديث أبي هريرة ‪.‬‬
‫ج‪ (-‬ل ينبغي لصديق أن يكون لعانا ) ‪ .‬رواه مسلم ‪.‬‬
‫د‪ (-‬إن الصدقة ل تنبغي لل محمد ‪ . ) ..‬رواه مسلم ‪.‬‬
‫هـ‪ (-‬ل ينبغي لعبد أن يقول ‪ :‬إنه خير من يونس بن متى ) ‪ .‬رواه البخاري ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬هب أنه ظاهر في غير التحريم ‪ ،‬فهو يدل على الكراهة ‪ ،‬وهم ل يقولون بها ‪ ،‬ففي‬
‫(( شرح مسلم )) للنووي ‪ ( :‬الصحيح عند أصحابنا أنه ل يحرم ول يكره ) ‪ ! .‬فالحديث حجة‬
‫عليهم على كل حال ‪.‬‬
‫‪- 2‬إن هذا الجواب كالذي قبله ساقط العتبار‪،‬لنه ل دليل على التخصيص‪ ،‬فالواجب البقاء على‬
‫العموم ل سيما وقد تأيد بفهم الصحابة إلذين روا الحديث أبي بصرة‪ ،‬وأبي هريرة ‪ ،‬وابي عمر ‪،‬‬
‫وأبي سعيد إن صح عنه ‪ -‬فقد استدلوا جميعا به على المنع من السفر إلى الطور‪،‬وهم أدرى‬
‫بالمراد منه من غيرهم ‪ ،‬ولذلك قال الصنعاني في (( سبل السلم )) (‪: )2/251‬‬
‫( وذهب الجمهور إلى أن ذلك غير محرم ‪ ،‬واستدلوا بما ل ينهض ‪ ،‬وتأولوا أحاديث الباب‬
‫بتأويل بعيدة ‪ ،‬ول ينبغي التأويل إل بعد أن ينهض على خلف ما أولوه الدليل ) زاد عقبه (( فتح‬
‫العلم )) (‪: )1/310‬‬
‫( ول دليل‪،‬والحاديث الواردة في الحث على الزيارة النبوية وفضيلتها ليس فيها المر بشد‬
‫الرحل إليها ‪،‬مع أنها كلها ضعاف أو موضوعات ‪ ،‬ل يصلح شئ منها للستدلل ‪ ،‬ولم يتفطن‬
‫أكثر الناس للفرق بين مسألة الزيارة وبين مسألة السفر إليها ‪ ،‬فصرفوا حديث الباب عن منطوقه‬
‫الواضح بل دليل يدعو إليه ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وللغفة المشار إليها اتهم الشيخ السبكي عفا ال عنا وعنه شيخ السلم ابن تيمية بأنه ينكر‬
‫زيارة القبر النبوي ولو بدون شد رحل ‪ ،‬مع أنه كان من القائلين بها ‪ ،‬والذاكرين لفضلها وآدابها‬
‫‪ ،‬وقد أورد ذلك في غير ما كتاب من كتبه الطيبة‪ 181‬وقد تولى بيان هذه الحقيقة ‪ ،‬ورد تهمة‬
‫السبكي العلمة الحافظ محمد بن عبد الهادي في مؤلف كبير أسماه ( الصارم المنكى في الرد‬
‫على السبكي ) ‪ :‬نقل فيه عن ابن تيمية النصوص الكثيرة في جواز الزيارة بدون السفر إليها ‪.‬‬
‫وأورد فيه الحاديث الواردة في فضلها ‪ ،‬وتكلم عليها مفصل ‪،‬وبين ما فيها من ضعف ووضع ‪،‬‬
‫وفيه فوائد أخرى كثيرة ‪ ،‬فقهية وحديثية وتاريخية ‪،‬حري بكل طالب علم أن يسعى إلى الطلع‬
‫عليها ‪.‬‬
‫ثم إني النظر السليم يحكم بصحة قول من ذهب إلى أن الحديث على عمومه ‪ ،‬لنه إذا كان‬
‫بمنطوقه يمنع من السفر إلى مسجد غير المساجد الثلثة ‪ ،‬مع العلم بأن العبادة في أي مسجد‬
‫أفضل منها في غير المسجد ‪ ،‬وقال صلى ال عليه وسلم ‪ (:‬أحب البقاع إلى ال المساجد ) حتى‬
‫ولو كان ذلك المسجد هو المسجد الذي أسس على التقوى أل وهو مسجد قباء الذي قال فيه‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ (:‬صلة في مسجد قباء كعمرة ) ‪ ،‬إذا كان المر كذلك فلن‬
‫يمنع الحديث من السفر إلى غيرها من المواطن أولى وأحرى ‪ ،‬ل سيما إذا كان المقصود إنما‬
‫هو مسجد بني على قبر نبي أو صالح ‪ ،‬من أجل الصلة فيه والتعبد عنده ‪ .‬وقد علمت لعن من‬

‫‪ 181‬مثل كتابه ( مناسك الحج ) ( ‪ ) 390 / 3‬من ( مجموعة الرسائل الكبرى ) ‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫فعل ذلك ‪ ،‬فهل يعقل أن يسمح الشارع الحكيم بالسفر إلى مثل ذلك ويمنع من السفر إلى مسجد‬
‫قباء !؟‬
‫والخلصة ‪ :‬إن ما ذهب إليه أبو محمد الجويني الشافعي وغيره من تحريم السفر إلى غير‬
‫المساجد الثلثة من المواضع الفاضلة ‪ ،‬هو الذي يجب المصير إليه ‪ ،‬فل جرم اختاره كبار‬
‫العلماء المحققين المعروفين باستقللهم في الفهم ‪ ،‬وتعمقهم في الفقه عن ال ورسوله أمثال‬
‫شيخي السلم ابن تيمية وابن القيم رحمهم ال تعالى ‪ ،‬فإن لهم البحوث والكثيرة النافعة في هذه‬
‫المسألة الهامة ‪ ،‬ومن هؤلء الفاضل الشيخ ولي ال الدهلوي ‪ ،‬ومن كلمه في ذلك ما قال في ((‬
‫الحجة البالغة )) (‪: )1/192‬‬
‫( كان أهل الجاهلية يقصدون مواضع معظمة بزعمهم يزورونها ويتبركون بها ‪ ،‬وفيه من‬
‫التحريف والفساد ما ل يخفى ‪ ،‬فسد صلى ال عليه وسلم الفساد ‪ ،‬لئل يلحق غير الشعائر‬
‫بالشعائر ‪،‬ولئل يصير ذريعة لعبادة غير ال ‪ ،‬والحق عندي أن القبر ‪ ،‬ومحل عبادة ولي من‬
‫الولياء والطور كل ذلك سواء في النهي ) ‪.‬‬
‫ومما يحسن التنبيه عليه في خاتمة هذا البحث أنه ل يدخل في النهي السفر للتجارة وطلب العلم ‪،‬‬
‫فإن السفر إنما هو لطلب تلك الحاجة حيث كانت ل لخصوص المكان ‪ ،‬وكذلك السفر لزيارة‬
‫الخ في ال فإنه هو المقصود كما قال شيخ السلم ابن تيمية في ( الفتاوي ) (‪. )2/186‬‬
‫‪ - 12‬إيقاد السرج عندها ‪.‬‬
‫والدليل على ذلك غدة أمور ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬كونه بدعة محدثة ل يعرفها السلف الصالح ‪،‬وقد قال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬كل بدعة‬
‫ضللة ‪ ،‬وكل ضللة في النار ) ‪ .‬رواه النسائي وأبن خزيمه في ( صحيحه ) بسند صحيح ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أن فيه إضاعة للمال وهو منهي عنه بالنص كما تقدم في المسألة ( ‪ 42‬ص ‪. )64‬‬
‫ثالثا ‪ :‬أن فيه تشبها بالمجوس عباد النار ‪،‬قال ابن حجر الفقيه في ( الزواجر) (‪:)1/134‬‬
‫( صرح أصحابنا بحرمة السراج على القبر وإن قل ‪،‬حيث لم ينتفع به مقيم ول زائر‪ ،‬وعللوه‬
‫بالسراف وإضاعة المال ‪،‬والتشبه بالمجوس ‪،‬فل يبعد في هذا أن يكون كبيرة)‬
‫قلت ‪ :‬ولم يورد بالضافة إلى ما ذكر من التعليل دليلنا الول ‪،‬مع أنه دليل وارد ‪ ،‬بل لعله أقوى‬
‫الدلة ‪،‬لن الذين يوقدون السرج على القبور إنما يقصدون بذلك التقرب إلى ال تعالى ‪-‬‬
‫زعموا ‪ ،‬ول يقصدون النارة على المقيم أو الزائر ‪ ،‬بدليل إيقادهم إياها والشمس طالعة في‬
‫رابغة النهار ! فكان من أجل ذلك بدعة ضللة ‪.‬‬
‫فإن قيل ‪ :‬فلماذا لم تستدل بالحديث المشهور الذي رواه أصحاب السنن وغيرهم عن ابن عباس ‪:‬‬
‫( لعن ال زائرات القبور ‪ ،‬والمتخذين عليها المساجد والسرج ) ‪.‬‬
‫وجوابي عليه ‪ :‬أن هذا الحديث مع شهرته ضعيف السناد ‪ ،‬ل تقوم به حجة ‪ ،‬وإن تساهل كثير‬
‫من المصنفين فأوردوه في هذا الباب وسكتوا عن علته ‪ ،‬كما فعل ابن حجر في ( الزواجر) ‪،‬ومن‬
‫قبله العلمة ابن القيم في (( زاد المعاد)) ‪،‬واغتر به جماهير السلفيين وأهل الحديث فاحتجوا به‬
‫في كتبهم ورسائلهم ومحاضراتهم ‪ .‬وقد كنت انتقدت ابن القيم من أجل ذلك فيما كنت علقته على‬
‫كتابه ‪ ،‬وبينت علة الحديث مفصل هناك ‪ ،‬ثم في ( سلسلة الحاديث الضعيفة ) ( رقم ‪ ، )223‬ثم رأيث ابن القيم‬
‫في ( تهذيب السنن ) (‪ )4/342‬نقل عن عبد الحق الشبيلي أن في سند الحديث باذام صاحب الكلبي وهو عندهم ضعيف جدا ‪،‬‬
‫وأقره ابن القيم ‪ ،‬فالحمد ل على توفيقه ‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫وأما الجملة الولى من الحديث فصحيحة لها شاهدان من حديث أبي هريرة وحسان ابن ثابت أوردتهما في المسألة (‪ 119‬ص‬
‫‪. )185،186‬‬
‫وأما الجملة الثانية فهي صحيحة أيضا متواترة المعنى ‪ ،‬وقد ذكرت في هذا الفصل في المسألة‬
‫السابعة سبعة أحاديث صحيحة تشهد لها ‪.‬‬
‫‪ - 13‬كسر عظامها ‪.‬‬
‫والدليل عليه قوله صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬إن كسر عظم المؤمن ميتا ‪ ،‬مثل كسره حيا ) ‪ .‬أخرجه‬
‫أبو داود (‪ )2/69‬وابن ماجه (‪ )1/492‬والطحاوي في ( المشكل ) (‪ )2/108‬وابن حبان في ( صحيحه ) (رقم ‪ 776‬موارد) وابن‬
‫الجارود في ( المنتقى ) ( ص ‪ ) 551‬والدار قطني في سننه (‪ )367‬والبيهقي (‪ )4/58‬وأحمد (‪)6/58،105،168،200،264‬‬
‫واللفظ له ‪ ،‬وأبو نعيم في ( الحلية ) (‪ )7/95‬والخطيب في ( تاريخ بغداد ) (‪ )120 :12/106،13‬من طرق عن عمرة عنها ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وبعض طرقه صحيح على شرط مسلم ‪ ،‬وقواه النووي في ( المجموع ) (‪ ، )5/300‬وقال ابن القطان ‪ ( :‬سنده حسن )‬
‫كما في ( المرقاة ) (‪. )2/380‬‬
‫وله طريقان آخران عن عائشة رضي ال عنها ‪.‬‬
‫الول ‪ :‬عند أحمد (‪: )6/100‬‬
‫والخر‪ :‬عند الدار قطني ( ‪. ) 367‬‬
‫وله شاهد من حديث أم سلمة ‪ .‬أخرجه ابن ماجه‪ 182‬وزاد في آخره ‪ ( :‬في الثم ) ‪.‬‬
‫لكن إسناده ضعيف ‪ ،‬وهي عند الدار قطني في الحديث الول في بعض طرقه من الوجه الول‬
‫‪ .‬لكن الظاهر أنها مدرجة في الحديث ‪ ،‬فإن في رواية أخرى له بلفظ ‪:‬‬
‫( يعني في الثم ) ‪.‬‬
‫فهذا ظاهر في أن هذه الزياذة ليست من الحديث بل هي من تفسير بعض الرواة ‪ ،‬ويؤيده رواية‬
‫لحمد بلفظ ‪:‬‬
‫( قال ‪ :‬يرون أنه في الثم ‪ .‬قال عبد الرزاق أظنه قول داود ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬يعني داود بن قيس ‪ ،‬وهو شيخ عبد الرزاق فيه ‪ .‬ومن الظاهر أن هذا التفسير هو المراد‬
‫من الحديث ‪ ،‬وبه جزم الطحاوي وعقد له بابا خاصا في ( مشكله ) ‪ ،‬فليراجعه من شاء ‪.‬‬
‫والحديث دليل على تحريم كسر عظم الميت المؤمن ‪ ،‬ولهذا جاء في كتب الحنابلة ‪ ( :‬ويحرم‬
‫قطع شئ من أطراف الميت ‪ ،‬وإتلف ذاته ‪ ،‬وإحراقه ‪ ،‬ولو أوصى به ) ‪.‬‬
‫كذا في ( كشاف القناع ) (‪ ، )2/127‬ونحو ذلك في سائر المذاهب بل جزم ابن حجر الفقيه في ( الزواجر ) ( ‪ )1/134‬بأنه من‬
‫الكبائر ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫‪183‬‬
‫)‬ ‫( لما علمت من الحديث أنه ككسر عظم الحي‬
‫ويستفاد من الحديث ‪:‬‬

‫‪ 182‬وعزاه في ( المام ) لمسلم ورد عليه كما في ( فيض القدير ) و ( المام ) كتاب عظيم جدا في الحكام لبن دقيق العيد ‪ ،‬قال الذهبي ‪ ( :‬ولو كمل تصنيفه‬
‫وتبييضه لجاء في خمسة عشر مجلدا ) ‪.‬‬
‫‪ 183‬وبالغت الحنابلة في ذلك حتى قالوا كما في ( الكشاف ) ( ‪ ( : ) 130 / 2‬وإن ماتت حامل بمن يرجى حياته حرم شق بطنها من أجل الحمل ‪ ،‬مسلمة كانت‬
‫أو ذمية ‪ ،‬لما فيه من هتك حرمة متيقنة ‪ ،‬لبقاء حياة موهومة ‪ ،‬لن الغالب والظاهر أن الولد ل يعيش ‪ ،‬واحتج أحمد على ذلك في رواية أبي داود بما روت‬
‫عائشة ‪ . ) . . .‬قلت ‪ : .‬ثم ذكر الحديث ونص أبي داود في ( المسائل ) ( ص ‪ ( : ) 150‬سمعت أحمد سئل عن المرأة تموت والولد يتحرك في بطنها أيشق‬
‫عنها ؟ قال ‪ :‬ل ‪ ،‬كسر عظم الميت ككسره حيا ) ‪ .‬وعلق عليه السيد محمد رشيد رضا فقال ‪ ( :‬والستدلل به على ترك الجنين الحي في بطن أمه يموت مطلقا‬
‫فيه غرابة من وجهين ‪ :‬أحدهما ‪ :‬أن شق البطن ليس فيه كسر عظم للميت ‪ .‬وثانيهما ‪ :‬أن الجنين إذا كان تام الخلق ‪ ،‬وأخرج من بطن أمه بشقه فإنه قد يعيش‬
‫كما وقع مزارا ‪ ،‬فههنا إنقاذه ‪ ،‬وحفط حياته ‪ ،‬مع حفظ كرامة أمه بناء على أن شق البطن ككسر العظم ‪ .‬ول شك أن الول أرجج ‪ ،‬على أن شق البطن بمثل هذا‬
‫السبب ل يعد إهانة للميت كما هو ظاهر في عرف الناس كلهم ‪ .‬فالصواب قول من يوجب شق البطن وإخراجه إذا رجح الطبيب حياته بعد خروجه ‪ ،‬وقد صرح‬
‫بهذا بعضهم ) ‪ .‬وقال في منار السبيل ( ‪ : ) 178 / 1‬وان خرج بعضه حيا شق للباقي لتيقن حياته بعد ان كانت متوهمة ‪ .‬قلت ‪ :‬وما اختاره السيد رحمه ال‬
‫تعالى هو الصح عند الشفعية كما قال النووي ( ‪ ) 301 / 5‬وعزأه لقول أبي حنيفة وأكثر الفقهاء ‪ ،‬وهو مذهب ابن حزم ( ‪ ) 167 - 166 / 5‬وهو الحق إن‬
‫شاء ال تعالى ‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫‪ - 1‬حرمة نبش قبر المسلم لما فيه من تعريض عظامه للكسر ‪ ،‬ولذلك كان بعض السلف‬
‫يتحرج من أن يحفر له في مقبرة يكثر الدفن فيها ‪،‬قال المام الشافعي في( الم) ( ‪: ) 245 / 1‬‬
‫( أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال ‪ :‬ما أحب أن أدفن بالبقيع ! لن أدفن في غيره‬
‫أحب ألي ‪ ،‬إنما هو أحد رجلين ‪ ،‬إما ظالم ‪ ،‬فل أحب أن أكون في جواره ‪ ،‬وإما صالح فل‬
‫أحب أن ينبش في عظامه ‪ ،‬قال ‪ :‬وإن أخرجت عظام ميت أحببت أن تعاد فتدفن ) ‪ .‬وقال‬
‫النووي في ( المجموع ) (‪ )5/303‬ما مختصره ‪:‬‬
‫( ول يجوز نبش القبر لغير سبب شرعي باتفاق الصحاب ‪،‬ويجوز بالسباب الشرعية كنحو ما‬
‫سبق ( في المسألة ‪،) 109‬ومختصره ‪:‬أنه يجوز نبش القبر إذا بلى الميت وصار ترابا ‪ ،‬وحينئذ يجوز‬
‫دفن غيره فيه ‪.‬ويجوز زرع تلك الرض وبناؤها ‪،‬وسائر وجوه النتفاع والتصرف فيها باتفاق‬
‫الصحاب ‪ ،‬وهذا كله إذا لم يبق للميت أثر من عظم وغيره ‪ ،‬ويختلف ذلك باختلف البلد‬
‫والرض ‪ .‬ويعتمد فيه قول أهل الخبرة بها)‪:‬‬
‫قلت ‪ :‬ومنه تعلم تحريم ما ترتكبه بعض الحكومات السلمية من درس بعض المقابر السلمية‬
‫ونبشها من أجل التنظيم العمراني ‪،‬دون أي مبالة بحرمتها‪،‬أو اهتمام بالنهي عن وطئها وكسر‬
‫عظامها ونحو ذلك ‪ .‬ول يتوهمن من أحد ‪ ،‬أن التنظيم المشار إليه يبرر مثل هذه المخالفت ‪،‬‬
‫كل ‪ ،‬فإنه ليس من الضروريات ‪ ،‬وإنما هي من الكماليات التي ل يجوز بمثلها إلعتداء على‬
‫الموات ‪ ،‬فعلى الحياء أن ينظموا أمورهم ‪ ،‬دون أن يؤذوا موتاهم ‪.‬‬
‫ومن العجائب التي تلفت النظر ‪،‬أن ترى هذه الحكومات تحترم الحجار والبنية القائمة على‬
‫بعض الموتى أكثر من احترامها للموات أنفسهم ‪.‬فإنه لو وقف في طريق التنظيم المزعوم‬
‫بعض هذه البنية من القباب أو الكنائس ونحوها تركتها على حالها ‪ ،‬وعدلت من أجلها خارطة‬
‫التنظيم إبقاء عليها ‪،‬لنهم يعتبرونها من الثار القديمة! وأما قبور الموتى أنفسهم فل تستحق‬
‫عندهم ذلك التعديل ! بل إن بعض تلك الحكومات لتسعى فيما علمنا ‪-‬إلى جعل القبور خارج‬
‫البلدة ‪،‬والمنع من الدفن في القبور القديمة‪ -‬وهذه مخالفة أخرى في نظري ‪ ،‬لنها تفوت على‬
‫المسلمين سنة زيارة القبور ‪ ،‬لنه ليس من السهل على عامة الناس أن يقطع المسافات الطويلة‬
‫حتى يتمكن من الوصول إليها ‪ ،‬ويقوم بزيارتها والدعاء لها !‬
‫والحامل على هذه المخالفات ‪ -‬فيما أعتقد ‪ -‬إنما هو التقليد العمى لوروبا المادية الكافرة ‪،‬‬
‫التي تريد أن تقضي على كل مظهر من مظاهر اليمان بالخرة ‪ ،‬وكل ما يذكر بها ‪ ،‬وليس هو‬
‫مراعاة القواعد الصحية كما يزعمون ‪ ،‬ولو كان ذلك صحيحا لبادروا إلى محاربة السباب التي‬
‫ل يشك عاقل في ضررها مثل بيع الخمور وشربها ‪ ،‬والفسق والفجور على اختلف اشكاله‬
‫وأسمائه ‪ ،‬فعدم اهتمامهم بالقضاء على هذه المفاسد الظاهرة ‪ ،‬وسعيهم إلى إزالة كل ما يذكر‬
‫بالخرة وإبعادها عن أعينهم أكبر دليل على أن القصد خلف ما يزعمون ويعلنون ‪ ،‬وما تكنه‬
‫صدورهم أكبر ‪.‬‬
‫‪ - 2‬أنه ل حرمة لعظام غير المؤمنين ‪،‬لضافة العظم إلى المؤمن في قوله ‪ ( :‬عظم المؤمن) ‪،‬‬
‫فأفاد أن عظم الكافر ليس كذلك ‪،‬وقد أشار إلى هذا المعنى الحافظ في (الفتح) بقوله ‪:‬‬
‫‪184‬‬
‫( يستفاد منه أن حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته )‬

‫‪ 184‬ذكره في ( الفيض ) ( ‪. ) 551 / 4‬‬

‫‪116‬‬
‫ومن ذلك يعرف الجواب عن السؤال الذي يتردد على ألسنة كثير من الطلب في كليات الطب ‪،‬‬
‫وهو ‪ :‬هل يجوز كسر العظام لفحصها وإجراء التحريات الطبية فيها ؟ والجواب ‪ :‬ل يجوز ذلك‬
‫في عظام المؤمن ‪ ،‬ويجوز في غيرها ‪ ،‬ويؤيده ما يأتي في المسألة التالية ‪:‬‬
‫‪ - 129‬ويجوز نبش قبور الكفار ‪ ،‬لنه ل حرمة لها كما دل عليه مفهوم الحديث السابق ‪،‬‬
‫ويشهد له حديث أنس بن مالك رضي ال عنه قال ‪ (:‬قدم النبي صلى ال عليه وسلم المدينة فنزل‬
‫أعلى المدينة في حي يقال لهم ‪ :‬بنو عمرو بن عوف ‪ ،‬فآنام فيهم أربع عشرة ليلة ‪ ،‬ثم أرسل‬
‫إلى بني النجار فجاؤوا متقلدي السيوف كأني أنظر إلى النبي صلى ال عليه وسلم على راحلته‬
‫وأبو بكر ردفه ‪ ،‬ومل من بني النجار حوله ‪ ،‬حتى أتى بفناء أبي أيوب ‪ ،‬كان يحب أن يصلي‬
‫حيث أدركته الصلة ‪ ،‬ويصلي في مرابض الغنم ‪ ،‬وكان أمر ببناء المسجد ‪ ،‬فأرسل إلى مل من‬
‫بنى النجار ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ل وال ل نطلب ثمنه إل إلى‬
‫ال ‪ ،‬قال ‪ :‬فكان فيه قبور المشركين ‪ ،‬وخرب ونخل ‪ ،‬فأمر النبي صلى ال عليه وسلم بقبور‬
‫المشركين فنبشت ‪ ،‬ثم بالحرب فسويت ‪،‬وبالنخل فقطع فصفوا النخل قبلة المسجد ‪ ،‬وجعل‬
‫عضاديته الحجارة ‪ ،‬وجعلوا ينقلون الصخر وهم يرتجزون ‪ ،‬والنبي صلى ال عليه وسلم معهم ‪،‬‬
‫وهو يقول ‪ [ ،‬وهو ينقل اللبن ‪:‬‬
‫هذا أبر ربنا وأطهر ]‬ ‫هذا الحمال‪ 185‬ل حمال خيبر‬
‫فاغفر للنصار والمهاجرة ‪.‬‬ ‫اللهم ل خير إل خير الخرة‬
‫وفي رواية من حديث عائشة رضي ال عنها ‪:‬‬
‫فارحم النصار والمهاجرة ) ‪.‬‬ ‫اللهم إن الجر أجر الخرة‬
‫أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث أنس ‪ ،‬والسياق له ‪ ،‬والبخاري من حديث عائشة ‪ ،‬وما بين القوسين من حديثها ‪ ،‬وقد‬
‫أخرجت الحديثين في ( الثمر المستطاب ) ‪.‬‬
‫قال الحافظ في (( الفتح )) ‪:‬‬
‫( وفي الحديث جواز التصرف في المقبرة المملوكة بالهبة والبيع ‪ ،‬وجواز نبش القبور الدارسة‬
‫إذا لم تكن محترمة ‪ ،‬وجواز الصلة في مقابر المشركين بعد نبشها وإخراج ما فيها وجواز بناء‬
‫المساجد في أماكنها ) ‪.‬‬

‫‪ ،‬وسبحانك اللهم وبحمدك ‪ ،‬أشهد أن‬ ‫))‬ ‫أحكام الجنائز‬


‫وهذا آخر ما وفق ال تعالى لجمعه من‬
‫((‬
‫ل إله إل أنت ‪ ،‬أستغفرك وأتوب إليك ) ‪.‬‬
‫‪186‬والحمد ال رب العالمين‬ ‫دمشق ‪ 1373 / 7 / 1‬وانتهى تبيضه ظهر الحد ‪1382 / 4 / 19‬‬

‫**********************************************‬

‫‪ 185‬بالكسر من الحمل ‪ ،‬والذي يحمل من خبير التمر ‪ ،‬أي أن هذا في الخرة أفضل من ذاك وأحمد عاقبة ‪ ،‬كأنه جمع حمل ( بكسر الميم ) أو حمل ( بفتح‬
‫الميم ) ‪ ،‬ويجوز أن يكون مصدر حمل أو حامل ‪ ،‬كما في ( النهاية ) ‪.‬‬
‫‪ 186‬وجرت المباشرة بطبعه عام ‪ 1385‬ولكن قدر ال توقف الطبع في إحدى مطابع المكتب السلمي مدة ثلث سنوات وانتهى طبعه في شعبان سنة ‪، 1388‬‬
‫وال اسأل ان يكتب السداد والتوفيق لهذا المكتب وصاحبه ‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫بدع الجنائز‬

‫‪118‬‬
‫بدع الجنائز‬
‫وإني تتميما لفائدة الكتاب ‪ ،‬رأيت أن أتبعه بفصل خاص ببدع الجنائز ‪ ،‬كي يكون المسلم منها‬
‫على حذر ويسلم له عمله على السنة وحدها ‪ ،‬والشاعر الحكيم يقول ‪:‬‬
‫لكــن لتوقـيه‬ ‫عرفت الشر ل للشر‬
‫من الشر يقع فيه‬ ‫ومن ل يعرف الخير‬
‫وفي حديث حذيفة بن اليمان قال ‪ (:‬كان الناس يسألون رسول ال صلى ال عليه وسلم عن الخير‬
‫‪ ،‬وكنت أسأل عن الشر مخافة أن يدركني ) ‪.‬أخرجه البخاري (‪ )13/29‬وغيره ‪.‬‬
‫ولول أن الفصل المشار إليه كانت مادته جاهزة عندي ‪ ،‬لما اتسع وقتي الن لجمهعا وإلحاقها‬
‫بالكتاب ‪ ،‬ولكنها حاضرة عندي ‪ ،‬وهي جزء من مادة واسعة كنت شرعت في جمعها منذ سنة‬
‫فأكثر لؤلف منها كتابا حافل يجمع مختلف البدع الدينية يصلح أن يكون كالقاموس لها ‪،‬‬
‫استخرجتها من عشرات الكتب ‪،‬وكان قد بقي علي قراءة بضعة كتب أخرى لنصرف بعد ذلك‬
‫إلى ترتيبها جميعها وتأليفها ‪ ،‬ولكني صرفت عنها ‪ ،‬فاغتنمت هذه المناسبة واستخرجتها مما‬
‫عندي من المادة الفصل المذكور ‪،‬ورتبته على الترتيب الذي في النية أن يكون أصله عليه كما‬
‫ستراه ‪ ،‬وهو أني أنقل البدعة من الكتاب الذي استخرجتها منه بنصه أو معناه ‪ ،‬ثم أعقبها‬
‫بالشارة إلى رقم الجزء والصفحة منه ‪،‬فإن لم أعقبها بشئ ‪ ،‬فذلك إشارة الى أنها مني ‪ ،‬وأدى‬
‫إليها علمي أنها من البدع ‪ ،‬وهي قليلة جدا بالنسبة لمادة الفصل الغزيرة أو الكتاب ‪.‬‬
‫وقبل الشروع في سردها لبد من ذكر القواعد والسس التي بني عليها هذا الفصل ‪ ،‬تبعا للصل‬
‫فأقول ‪:‬إن البدعة المنصوص على ضللتها من الشارع هي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬كل ما عارض السنة من القوال أو الفعال أو العقائد ولو كانت عن اجتهاد ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬كل أمر يتقرب إلى ال به ‪ ،‬وقد نهى عنه رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬كل أمر ل يمكن أن يشرع إل بنص أو توقيف ‪ ،‬ول نص عليه ‪،‬فهو بدعة إل ما كان عن‬
‫صحابي ‪.‬‬
‫د ‪ -‬ما ألصق بالعبادة من عادات الكفار ‪.‬‬
‫هـ‪ -‬ما نص على استحبابه بعض العلماء سيما المتأخرين منهم ول دليل عليه ‪.‬‬
‫و ‪ -‬كل عبادة لم تأت كيفيتها إل في حديث ضعيف أو موضوع ‪.‬‬
‫ز ‪ -‬الغلو في العبادة ‪.‬‬
‫ح ‪ -‬كل عبادة أطلقها الشارع وقيدها الناس ببعض القيود مثل المكان أو الزمان أو صفة أو عدد‬
‫وتفصيل القول على هذه الصول محله الكتاب المستقل إن شاء ال تعالى ‪ .‬فلنشرع الن في‬
‫المقصود ‪ ،‬فأقول ‪:‬‬

‫*************‬

‫‪119‬‬
‫قبل الوفاة‬
‫‪.1‬اعتقاد بعضهم أن الشياطين يأتون المحتضر على صفة أبويه في زي يهودي‬
‫ونصراني حتى يعرضوا عليه كل ملة ليضلوه ‪ ( .‬قال ابن حجر الهيتمي في‬
‫( الفتاوى الحديثية ) نقل عن السيوطي ‪ ( :‬لم يرد ذلك ) ) ‪.‬‬
‫‪ .2‬وضع المصحف عند رأس المحتضر ‪.‬‬
‫‪187‬‬
‫‪.3‬تلقين الميت القرار بالنبي وأئمة أهل البيت عليهم السلم‬
‫‪.4‬قراءة سورة ( يس ) على المحتضر ‪ ( .‬انظر المسألة ‪. ) 15‬‬
‫‪.5‬توجيه المحتضر إلى القبلة ‪ (.‬أنكره سعيد بن المسيب كما في ( المحلى ) (‪)5/174‬‬
‫ومالك كما في ( المدخل ) ( ‪ )230-229/ 3‬ول يصح فيه حديث ‪.‬‬

‫**************************‬

‫‪ 187‬انظر ( مفتاح الكرامة ) من كتب الشيعة ( ‪) 408 / 1‬‬

‫‪120‬‬
‫بعد الوفاة‬
‫‪ ،‬والشهيد ومن وجب قتله فاغتسل‬ ‫‪188‬‬
‫‪ - 6‬قول الشيعة ‪ ( :‬الدمي ينجس بالموت إل المعصوم‬
‫‪189‬‬
‫( انظر الحديث الول من المسألة ‪) 31‬‬ ‫قبل قتله فقتل لذلك السبب بعينه )‬

‫‪ - 7‬إخراج الحائض والنفساء والجنب من عنده !‬


‫!( المدخل لبن الحاج‬ ‫‪ - 8‬ترك الشغل ممن حضر خروج روح الميت حتى يمضي عليه سبعة أيام‬
‫‪. )277-3/276‬‬
‫‪ - 9‬اعتقاد بعضهم أن روح الميت تحوم حول المكان الذي مات ‪.‬‬
‫‪ - 10‬إبقاء الشمعة عند الميت ليلة وفاته حتى الصبح ‪ ( .‬المدخل ‪)3/236‬‬
‫‪ - 11‬وضع غصن أخضر في الغرفة التي مات فيها ‪.‬‬
‫‪ - 12‬قراءة القرآن عند الميت حتى يباشر بغسله ‪.‬‬
‫‪ - 13‬تقليم أظافر الميت وحلق عانته ‪ .‬المدونة للمام مالك ( ‪ )1/180‬مدخل ( ‪)3/240‬‬
‫)) )) ))‬ ‫‪ - 14‬إدخال القطن في دبره وحلقه وأنفه ! )) )) )) )) ))‬

‫‪- 15‬جعل التراب في عيني الميت والقول عند ذلك‪ (:‬ل يمل عين ابن آدم إل التراب)( المدخل‬
‫‪. )3/261‬‬
‫( منه ‪)3/276‬‬ ‫‪ - 16‬ترك أهل الميت الكل حتى يفرغوا من دفنه ‪.‬‬
‫)) ))‬ ‫‪ - 17‬التزام البكاء حين الغداء والعشاء )) )) )) )) ))‬

‫‪- 18‬شق الرجل الثوب على الب والخ‪(190‬انظر الحديث المتقدم في(الفقرة ب‪،‬ج)من المسألة ‪)22‬‬
‫‪ - 19‬الحزن على الميت سنة كاملة ل يختضب النساء فيها بالحناء ول يلبسن الثياب الحسان‬
‫ول يتحلين‪،‬فإذا انقضت السنة عملن ما يعهد منهن من النقش والكتابة الممنوع في الشرع ‪ ،‬يفعلن‬
‫ذلك هن ومن التزمن الحزن معهن ويسمون ذلك بـ ( فك الحزن ) ( المدخل ‪. )3/277‬‬
‫‪ - 20‬إعفاء بعضهم عن لحيته حزنا على الميت ‪ ( .‬انظر المسألة ‪ (( 22‬فقرة )) و )‬
‫‪ - 21‬قلب الطنافس والسجاجيد وتغطية المرايا والثريات ‪.‬‬
‫‪ - 22‬ترك النتفاع بما كان من الماء في البيت في زير أو غيره ‪،‬ويرون أنه نجس ‪ ،‬ويعللون‬
‫ذلك بأن روح الميت إذا طلعت غطست فيه ! ( المدخل ) ‪.‬‬
‫‪ - 23‬إذا عطس أحدهم على الطعام يقولون له كلم فلنا أو فلنة ممن يجب من الحياء باسمه‬
‫‪ -‬ويعللون ذلك لئل يلحق بالميت ! ( منه )‬
‫‪ - 24‬ترك أكل الملوخية والسمك مدة حزنهم على ميتهم ‪ ( .‬منه ‪. )3/281‬‬
‫‪ - 25‬ترك أكل اللحوم والمعلق المشوية والكبة ‪.‬‬
‫‪ - 26‬قول المتصوفة‪:‬من بكى على هالك خرج عن طريق أهل المعارف!( تلبيس إبليس لبن الجوزي‬
‫ص ‪ ،342-340‬انظر الحاديث في المسألة ‪. )18‬‬

‫‪ 188‬يعنى أئمة الشيعة فإنهم يعتقدون فيهم العصمة !‬


‫‪ 189‬نقل المصدر لسبق ( ‪ ) 153 / 1‬إجماع الشيعة عليه ! وهو يعارض الحديث المشار إليه ‪.‬‬
‫‪ 190‬هو مذهب المامية كما في ( مفتاح الكرامة ) ( ‪. ) 509 / 1‬‬

‫‪121‬‬
‫القبر‪ (.‬المدخل‬ ‫‪ - 27‬ترك ثياب الميت بدون غسل إلى اليوم الثالث بزعم أن ذلك يرد عنه عذاب‬
‫(‪. )3/276‬‬
‫‪ - 28‬قول بعضهم ‪ :‬إن من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة يكون له عذاب القبر ساعة‬
‫واحدة ‪ ،‬ثم ينقطع عنه العذاب ول يعود إلى يوم القيامة ‪ ( .‬حكاه الشيخ علي القاري في ( شرح الفقه الكبر )‬
‫( ص ‪ )96‬ورده ‪ ،‬وانظر الحديث تحت الفقرة ( الثالة ) من المسألة ‪. )25‬‬
‫‪ - 29‬قول آخر ‪ :‬المؤمن العاصي ينقطع عنه عذاب القبر يوم الجمعة وليلة الجمعة ول يعود‬
‫إليه إلى يوم القيامة ‪.191‬‬
‫‪ - 30‬العلن عن وفاة الميت من على المنائر ‪ 246-245 /3(.‬من المدخل) وراجع المسألة ‪ ( 22‬فقرة ز )‬
‫‪ - 31‬قولهم عند إخبار أحدهم بالوفاة ‪ :‬الفاتحة على روح فلن ‪ ( .‬انظر المسألة ‪) 24‬‬

‫**************************‬

‫‪ 191‬نقله الشيخ علي القاري في ( شرح الفقه الكبر ) ( ص ‪ ) 91‬ورده بقوله ‪ ( :‬إنه باطل ) وأوضح منه في البطلن القول الخر ‪ :‬إن عذاب القبر يرفع عن‬
‫الكافر يوم الجمعة وشهر رمضان بحرمة النبي صلى ال عليه وسلم ‪ .‬حكاه الشيخ أيضا ورده ‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫غسل الميت‬
‫‪ (.‬المدخل‬ ‫‪ - 32‬وضع رغيف وكوز ماء في الموضع الذي غسل فيه الميت ثلث ليال بعد موته‬
‫‪. )3/276‬‬
‫‪ - 33‬إيقاد السراج أو القنديل في الموضع الذي غسل فيه الميت ثلث ليال من غروب الشمس‬
‫إلى طلوعها ‪ ،‬وعند بعضهم سبع ليال ‪ ،‬وبعضهم يزيد على ذلك ويفعلون مثله في الموضع الذي‬
‫مات فيه ‪ ( .‬منه )‬
‫‪ - 34‬ذكر الغاسل ‪ ،‬ذكرا من الذكار عند كل عضو يغسله ‪ ( .‬منه ‪. ) 329 / 3‬‬
‫‪- 35‬الجهر بالذكر عند غسل الجنازة وتشييعها‪ (.‬الخادمي في( شرح الطريقة المحمدية)(‪)4/22‬‬
‫‪ - 36‬سدل شعر الميتة من بين ثدييها ‪ ( .‬انظر حديث أم عطية في المسألة ‪. ) 28‬‬

‫************‬

‫‪123‬‬
‫الكفن والخروج بالجنازة‬
‫‪ - 37‬نقل الميت إلى أماكن بعيدة لدفنه عند قبور الصالحين كأهل البيت ونحوهم‪.‬‬
‫‪ - 38‬قول بعضهم ‪ :‬إن الموتى يتفاخرون في قبورهم بالكفان وحسنها ويعللون ذلك بأن من‬
‫‪192‬‬
‫( المدخل ‪) 277 / 3‬‬ ‫كان من الموتى في كفنه دناءة يعايرونه بذلك‬
‫‪ - 39‬كتابة اسم الميت وأنه يشهد الشهادتين ‪ ،‬واسماء أهل البيت عليهم السلم بتربة الحسين‬
‫‪193‬‬
‫عليه السلم إن وجدت وإلقاء ذلك في الكفن !‬
‫‪194‬‬
‫‪ - 40‬كتابة دعاء على الكفن‬
‫‪ - 41‬تزيين الجنازة ‪ ( .‬الباعث على إنكار البدع والحوادث لبي شامة ص ‪. ) 67‬‬
‫‪ - 42‬حمل العلم أمام الجنازة ‪.‬‬
‫‪ - 43‬وضع العمامة على الخشبة ‪ ( .‬صرح ابن عابدين في ( الحاشية ) ( ‪ ) 806 / 1‬بكراهة هذا وكذا الذي‬
‫قبله ) ‪ .‬ويلحق به الطربوش وإكليل العروس وكل ما يدل على شخصية الميت ‪.‬‬
‫‪ - 44‬حمل الكاليل والس والزهور وصورة الميت أمام الجنازة !‬
‫‪ - 45‬ذبح الخرفان عند خروج الجنازة تحت عتبة الباب ‪ (.‬البداع في مضار البتداع للشيخ علي محفوط‬
‫ص ‪ )114‬واعتقاد بعضهم أنه إذا لم يفعل ذلك مات ثلثة من أهل الميت !‬
‫الخبز‪(.‬المدخل ‪! )267-266‬‬ ‫‪- 46‬حمل الخبز والخرفان أمام الجنازة وذبحها بعد الدفن وتفريقها مع‬
‫‪ - 47‬اعتقاد بعضهم أن الجنازة إذا كانت صالحة خف ثقلها على حامليها وأسرعت‬
‫‪ - 48‬إخراج الصدقة مع الجنازة ‪ (.‬الختيارات العملية ص ‪ 53‬وكشاف القناع ‪.) 134 / 2‬ومنه إسقاء العرقسوس‬
‫والليمون ونحوه ‪.‬‬
‫‪ - 49‬التزام البدء في حمل الجنازة باليمين ‪.‬‬
‫( المدونة ‪. ) 176‬‬
‫‪ - 50‬حمل الجنازة عشر خطوات من كل جانب من جوانبها الربعة‪. 195‬‬
‫‪ - 51‬البطاء في السير بها ‪ ( .‬الباعث لبي شامة ص ‪ ،67 ،51‬زاد المعاد ‪)1/299‬‬
‫‪196‬‬
‫‪ - 52‬التزاحم على النعش ‪ ( .‬المخلى لبن حزم ‪) 178 / 5‬‬
‫‪ - 53‬ترك القتراب من الجنازة ‪ ( .‬الباعث ص ‪. ) 67‬‬
‫‪ - 54‬ترك إلنصات في الجنازة ‪ ( .‬منه وحاشية ابن عابدين ‪.) 810 / 1‬هذا النص يشمل رفع الصوت‬
‫بالذكر كما في الفقرة بعدها ‪،‬وتحدث الناس بعضهم مع بعض‪ ،‬ونحو ذلك ‪.‬‬

‫‪ 192‬قلت ‪ :‬روي شئ من هذا في بعض الحاديث الضعيفة ‪ ،‬وأقربها إلى هنا حديث جابر ‪ :‬أحسنوا كفن موتاكم فإنهم يتباهون ويتزاورون بها في قبورهم ‪ .‬رواه‬
‫الديلمي وفي سنده جماعة لم أعرفهم ‪ ،‬وبنحوه حديثان آخران ذكرهما ابن الجوزي في ( الموضوعات ) وتعقبه السيوطي في ( الللي) (‪ )2/234‬بما ل يجدى ‪.‬‬
‫‪ 193‬عليه المامية كما في ( مفتاح الكرامة ) ( ‪. ) 456 - 455 / 1‬‬
‫‪ 194‬وقد شرع ذلك بعضهم قياسا على كتابة ‪ ( :‬ل ) في إبل الزكاة ! ورده في ( التراتيب الدارية ) ( ‪ ) 440 / 1‬نقل عن ( المحتار على الدر المختار ) كذا في‬
‫نقل عنه وسقط مني أو الطابع لفظة ( رد ) لن الكتاب باسم ( رد المحتار ) والبحث المذكور في المجلد الول منه ( ‪. ) 848 - 847 / 1‬‬
‫‪ 195‬واستدل لذلك بعض الفقهاء بحديث ‪ ( :‬من حمل جنازة أربعين خطوة كفرت عنه أربعين كبيرة ) نقله في البحر الرائق ( ‪ ) 208 - 207 / 2‬عن ( البدائع ) ‪.‬‬
‫وفي ( شرح المنية ) ‪ ( :‬رواه أبو بكر النجاد ) كما في الحاشية ( ‪ ) 833 / 1‬وهكذا يتناقله بعفهم عن بعض دون أن يشيروا إلى حالة الحديث وهو ل يصح لن‬
‫فيه على بن أبي سارة وهو ضعيف وهذا الحديث مما أنكر عليه كما قال الذهبي ولذلك جعلناه من ( موضوعات الجامع الصغير ) ومع هذا فالحديث ل يدل على‬
‫هذه البدعة فتنبه ‪.‬‬
‫‪ 196‬ثم روى عن قتادة ‪ :‬شهدت جنازة فيها أبو السوار ‪ -‬هو حريث بن حسان العدوي ‪ -‬فازدحموا على السرير فقال أبو السوار ‪ :‬أترون هؤلء أفضل أو‬
‫أصحاب محمد ملى ال عليه وسلم ! كان الرجل منهم إذا رأى محمل حمل ‪ ،‬وإل اعتزل ولم يؤذ أحدا ‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫‪ - 55‬الجهر بالذكر أو بقراءة القرآن أو البردة أو دلئل الخيرات ونحو ذلك ‪ ( .‬البداع ص ‪،110‬‬
‫اقتضاء الصراط المستقيم ص ‪ ،57‬العتصام للمام الشاطبي (‪ 1/372‬شرح الطريقة المحمدية ‪114 /1‬وانظر المسألة ‪. )48‬‬
‫( السنن والمبتدعات للشيخ‬ ‫‪ - 56‬الذكر خلف الجنازة بالجللة أو البردة أو الدلئل والسماء الحسنى ‪،‬‬
‫محمد بن أحمد خضر الشقيري ص ‪. ) 67‬‬
‫‪ - 57‬القول خلفها ‪ ( :‬ال أكبر ال أكبر ‪،‬أشهد أن ال يحيي ويميت وهو حي ل يموت ‪ ،‬سبحان‬
‫من تعزز بالقدرة والبقاء ‪ ،‬وقهر العباد بالموت والفناء )‪. 197‬‬
‫‪- 58‬الصياح خلف الجنازة بـ‪ (:‬استغفروا له يغفر ال لكم ) ونحوه‪ (.‬المدخل ‪،2/221‬البداع ص ‪. )113‬‬
‫‪ - 59‬الصياح بلفظ ( الفاتحة ) عند المرور بقبر أحد الصالحين ‪،‬وبمفارق الطرق ‪.‬‬
‫‪198‬‬
‫‪ - 60‬قول المشاهد للجنازة ‪ ( :‬الحمد ل الذي لم يجعلني من السواد المخترم )‬

‫‪ - 61‬اعتقاد بعضهم أن الجنازة إذا كانت صالحة تقف عند قبر الولي عند المرور به على‬
‫الرغم من حامليها ‪.‬‬
‫‪ - 62‬القول عند رؤيتها ‪ (:‬هذا ما وعدنا ال ورسوله ‪ ،‬وصدق ال ورسوله ‪ ،‬اللهم زدنا إيمانا‬
‫‪199‬‬
‫وتسليما )‬

‫‪ - 63‬اتباع الميت بمجمرة ‪ ( .‬المدونة ‪ 1/180‬وانظر المسألة ‪. )74‬‬


‫‪ - 64‬الطواف بالجنازة حول الضرحة ‪ ( .‬يعني أضرحة الولياء ‪ .‬البداع ‪) 109‬‬
‫‪ - 65‬الطواف بها حول البيت العتيق سبعا ‪ ( .‬المدخل ‪. ) 227 / 2‬‬
‫‪ - 66‬إلعلم بالجنائز على أبواب المساجد ‪ ( .‬المدخل ‪) 263 - 262 ، 221 / 2‬‬
‫‪- 67‬إدخال الميت من باب الرحمة في المسجد القصى ووضعه بين الباب والصخرة واجتماع‬
‫بعض المشايخ يقرؤون بعض الذكار ‪.‬‬
‫‪ - 68‬الرثاء عند حضور الجنازة في المسجد قبل الصلة عليها أو بعدها وقبل رفعها أو عقب‬
‫دفن الميت عند القبر ‪ ( .‬البداع ‪. )125 -124‬‬
‫‪ - 69‬التزام حمل الجنازة على السيارة وتشييعها على السيارات‪ ( .‬انظر المسألة ‪) 54‬‬
‫‪ - 70‬حمل بعض الموات على عربة المدفع ! ‪.‬‬

‫****************************‬

‫‪ 197‬استحبه في ( شرح شرعة السلم ) ! ( ص ‪. ) 665‬‬


‫‪ 198‬صرح في ( مفتاح الكرامة ) ( ‪ ) 471 - 46 / 91‬بأنه مستحب !‬
‫‪ 199‬أورده في شرح الشرعة ( ‪ ) 665‬تمام حديث أوله ‪ ( :‬الموت فزع فإذا رأيتم الجنازة فقوموا وقولوا فذكره ‪ .‬ول أعرفه بهذا التمام وأوله في المسند ( ‪/ 3‬‬
‫‪ ) 317‬والبيهقي ( ‪ ) 26 / 4‬من حديث جابر ورجاله ثقات والحاديث في المر بالقيام كثيرة وهي وإن كانت منسوخة كما سبق بيانه في محله ‪ ،‬فليس فيها هذه‬
‫الزيادة فدل على إنكارها ‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫الصلة عليها‬
‫‪ - 71‬الصلة على جنائز المسلمين الذين ماتوا في أقطار الرض صلة الغائب بعد الغروب‬
‫من كل يوم ‪ ( .‬الختيارات ‪ ،53‬المدخل ‪ ،4/214‬السنن ‪. )67‬‬
‫‪ - 72‬الصلة على الغائب مع العلم أنه صلى عليه في موطنه‪ (.‬انظر المسألة ‪ 59‬فقرة ( السابع ) ) ‪.‬‬
‫‪ - 73‬قول بعضهم عند الصلة عليها‪(:‬سبحان من قهر عباده بالموت ‪،‬وسبحان الحي الذي ل‬
‫يموت ) ‪ ( .‬السنن والمبتدعات ‪. )66‬‬
‫‪ - 74‬نزع النعلين عند الصلة عليها ولو لم يكن فيهما نجاسة ظاهرة ثم الوقوف عليهما !‬
‫‪ - 75‬وقوف المام عند وسط الرجل وصدر المرأة ‪ ( .‬انقر المسألة ‪. ) 73‬‬
‫‪ - 76‬قراءة دعاء الستفتاح ‪ ( .‬انظر التعليق على المسألة ‪ 77‬ص ‪. ) 119‬‬
‫‪ - 77‬الرغبة عن قراءة الفاتحة وسورة فيها ‪ ( .‬انظر التعليق على المسألة السابقة ص ‪)120‬‬
‫‪200‬‬
‫‪ - 78‬الرغبة عن التسليم فيها ‪.‬‬
‫‪ - 79‬قول البعض عقب الصلة عليها بصوت مرتفع ‪ :‬ما تشهدون فيه ؟ فيقول الحاضرون‬
‫كذلك ‪ :‬كان من الصالحين ‪ .‬ونحوه ! ( البداع ‪ ،108‬السنن ‪66‬وراجع المسألة ‪ 26‬ص ‪. ) 44‬‬

‫****************************‬

‫‪ 200‬هو من متفردات المامية عن سائر المسلمين كما في ( مفتاح الكرامة ) ( ‪ ) 483 / 1‬من كتبهم ‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫الدفن وتوابعه‬
‫‪ - 80‬ذبح الجاموس عند وصول الجنازة إلى المقبرة قبل دفنها وتفريق اللحم على من حضر ‪.‬‬
‫( البداع ‪. ) 114‬‬
‫وضع دم الذبيحة التي ذبحت عند خروج الجنازة من الدار في قبر الميت ‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪81‬‬
‫الذكر حول سرير الميت قبل دفنه ‪ ( .‬السنن ‪. ) 67‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪82‬‬
‫الذان عند إدخال الميت في قبره ‪ ( .‬حاشية ابن عابدين ‪) 837 / 1‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪83‬‬
‫انزال الميت في القير من قبل رأس القبر ‪ ( .‬راجع المسألة ‪ 103‬ص ‪. ) 150‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪84‬‬
‫جعل شئ من تربة الحسين عليه السلم مع الميت عند إنزاله في القبر لنها أمان من كل‬ ‫‪-‬‬ ‫‪85‬‬
‫‪201‬‬
‫خوف‬
‫فرش الرمل تحت الميت لغير ضرورة ‪ ( .‬المدخل ‪. ) 261 / 3‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪86‬‬
‫جعل الوسادة أو نحوها تحت رأس الميت في القبر ‪.‬‬
‫( منه ‪. ) 260 / 3‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪87‬‬
‫رش ماء الورد على الميت في قبره ‪ ( .‬المدخل ‪. ) 222 / 2 ، 262 / 3‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪88‬‬
‫‪202‬‬
‫اهالة الحاضرين التراب بظهور الكف مسترجعين !‬ ‫‪-‬‬ ‫‪89‬‬
‫قراءة ‪ ( :‬منها خلقناكم ) في الحثوة الولى ‪ ،‬و ( فيها نعيدكم ) في الثانية ‪ ،‬و ( ومنها‬ ‫‪-‬‬ ‫‪90‬‬
‫نخرجكم تارة أخرى ) في الثالثة ‪ ( .‬راجع المسألة ‪. ) 106‬‬

‫‪ - 91‬القول في الحثوة الولى ‪:‬بسم ال ‪ ،‬وفي الثانية ‪ :‬الملك ل ‪ ،‬وفي الثالثة ‪:‬القدرة ل ‪ ،‬وفي‬
‫الرابعة ‪ :‬العزة ل ‪ :‬وفي الخامسة ‪:‬العفو والغفران ل ‪ ،‬وفي السادسة ‪ :‬الرحمة ل ‪ ،‬ثم يقرأ في‬
‫السابعة قوله تعالى ‪ ( :‬كل من عليها فان ) الية ‪ .‬ويقرأ قوله تعالى ‪ ( :‬منها خلقناكم ) الية ‪.‬‬
‫‪ - 92‬قراءة السبع سور ‪ :‬الفاتحة والمعوذتان والخلص وإذا جاء نصر ال وقل يا أيها‬
‫الكافرون وإنا أنزلناه ‪ :‬وهذا الدعاء ‪ :‬اللهم إني أسألك باسمك العظيم ‪ ،‬وأسألك باسمك الذي هو‬
‫قوام الدين ‪ ،‬واسألك ‪ ....‬وأسألك ‪.....‬وأسألك‪....‬وأسألك باسمك الذي إذا سئلت به اعطيت وإذا‬
‫‪203‬‬
‫دعيت به أجبت‪،‬رب جبرائيل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل‪....‬الخ ‪.‬كل ذلك عند دفن الميت‪.‬‬
‫‪ - 93‬قراءة فاتحة الكتاب عند رأس الميت ‪ ،‬وفاتحة البقرة عند رجليه ‪.204‬‬
‫‪ - 94‬قراءة القرآن عند إهالة التراب على الميت ( المدخل ‪. ) 263 - 262 / 3‬‬
‫‪ - 95‬تلقين الميت ‪ ( .‬السنن ‪ ، 67‬سبل السلم للصنعاني وانظر المسألة ‪ 103‬ص ‪) 154‬‬
‫‪ - 96‬نصب حجرين على قبر المرأة ‪ ( .‬نيل الوطار للشوكاني ‪. ) 73 / 4‬‬
‫‪ - 97‬الرثاء عقب دفن الميت عند القبر ‪ ( .‬البداع ‪. ) 125 - 124‬‬

‫‪ - 98‬نقل الميت قبل الدفن أو بعده الى المشاهد الشريفة ‪ (.‬راجع المسألة ‪106‬ص ‪. )159‬‬
‫‪205‬‬

‫‪ 201‬كذا زعم في ( مفتاح الكرامة ) ! ( ‪. ) 497 / 1‬‬


‫‪ 202‬هو مذهب المامية كما في ( مفتاح الكرامة ) ( ‪ ، ) 499 / 1‬وكأنهم أرادوا بهذه الصورة مخالفة أهل السنة الذين يحتجون كما كان صلى ال عليه وسلم‬
‫يحثو بباطن الكفين ! راجع المسألة ‪ 103‬ص ‪. 151‬‬
‫‪ 203‬استحب هذا وما قبله في ( شرح الشرعة ) ( ص ‪ ، ) 568‬ومما يدل على أختراع هذا أن فيه ذكر اسم ( عزرائيل ) ول أصل له في السنة مطلقا كما سبق‬
‫التنبيه عليه ( ص ‪. ) 156‬‬
‫‪ 204‬روي هذا في حديث عن أبن عمر مرفوعا ‪ ،‬ضعفه الهيثمي ( ‪ . ) 45 / 3‬وروى عنه موقوفا وهو ضعيف أيضا كما سبق في المسألة ( ‪ 122‬ص ‪. ) 192‬‬
‫‪ 205‬هما من مذهب المامية كما في ( مفتاح الكرامة ) ( ‪) 500 ، 507 / 1‬‬

‫‪127‬‬
‫( المدخل ‪)278 /3‬‬‫‪ - 99‬السكن عند الميت بعد دفنه في بيت في التربة أو قربها ‪.‬‬
‫‪- 100‬امتناعهم من دخول البيت إذا رجعوا من الدفن حتى يغسلو أطرافهم من أثر الميت‪ (.‬منه‬
‫‪.‬‬ ‫‪) 276 / 3‬‬
‫‪ - 101‬وضع الطعام والشراب على القبر ليأخذه الناس ‪.‬‬
‫‪ - 102‬الصدقة عند القبر ‪ ( .‬القتضاء ‪ 183‬كشف القناع ‪. ) 134 / 2‬‬
‫‪206‬‬
‫‪ - 103‬صب الماء على القبر من قبل رأسه ‪ ،‬ثم يدور عليه ‪،‬وصب الفاضل على وسطه !‬

‫**************************‬

‫‪ 206‬هما من مذهب المامية كما في ( مفتاح الكرامة ) ( ‪) 500 ، 507 / 1‬‬

‫‪128‬‬
‫التعزية وملحقاتها‬
‫‪ - 104‬التعزية عند القبور ‪ ( .‬حاشية ابن عابدين ‪. ) 843 / 1‬‬
‫‪ - 105‬الجتماع في مكان للتعزية ‪ ( .‬زاد المعاد ‪ ،1/304‬سفر السعادة للفيروز ابادي ص ‪ ،57‬إصلح المساجد‬
‫عن البدع والعوائد للقاسمي ص ‪ ،181 -180‬وراجع المسألة ‪ 110‬ص ‪. )161‬‬
‫‪ - 106‬تحديد التعزية بثلثة أيام ‪.‬‬
‫( راجع المسألة ‪ 113‬ص ‪. )165‬‬
‫‪ - 107‬ترك الفرش التي تجعل في بيت الميت لجلوس من يأتي الى التعزية ‪ ،‬فيتركونها كذلك‬
‫حتى تمضى سبعة أيام ثم بعد ذلك يزيلونها ‪ ( .‬المدخل ‪. )280 -279 /3‬‬
‫‪ - 108‬التعزية بـ ( أعظم ال لك الجر ‪ ،‬وألهمك الصبر ‪،‬ورزقنا وإياك الشكر فإن أنفسنا‬
‫واموالنا وأهلينا وأولدنا من مواهب ال عز وجل الهنية ‪ ،‬وعواريه المستودعة ‪ ،‬متعك به في‬
‫غبطة وسرور وقبضه منك بأجر كبير ‪:‬الصلة والرحمة والهدى ان احتسبته ‪،‬فاصبر ‪،‬ول يحبط‬
‫جزعك أجرك فتندم ‪،‬واعلم أن الجزع ل يرد شيئا ول يدفع حزنا وما هو نازل ‪،‬فكأن قد)‪.207‬‬
‫‪ - 109‬التعزية بـ‪ ( :‬إن في ال عزاء من كل مصيبة ‪ ،‬وخلفا من كل فائت ‪ ،‬فبال فثقوا ‪،‬‬
‫واياه فارجوا ‪ ،‬فإنما المحروم من حرم الثواب )‪.208‬‬
‫‪ - 110‬اتخاذ الضيافة من الطعام من أهل الميت ‪ ( .‬تلبيس ابليس ‪ ،341‬فتح القدير لبن الهمام ‪، 473 /1‬‬
‫المدخل ‪ ،276 - 275 /3‬إصلح المساجد ‪ ،181‬وراجع المسألة ‪. )114‬‬
‫‪ (.‬الخادمي في شرح‬ ‫‪ - 111‬اتخاذ الضيافة للميت في اليوم الول والسابع والربعين وتمام السنة‬
‫الطريق المحمدية ‪ ،4 322‬المدخل ‪. )279 - 278 /3 ،114 /2‬‬
‫‪ - 112‬اتخاذ الطعام من أهل الميت أول خميس ‪.‬‬
‫‪ - 113‬إجابة دعوة أهل الميت إلى الطعام ‪ (.‬المام محمد البركوي في ( جلء القلوب ‪. ) ) 77‬‬
‫‪ - 114‬قولهم ‪ :‬ل يرفع مائدة الطعام الليالي الثلث ال الذي وضعها‪ (.‬المدخل ‪. )3/276‬‬
‫‪ - 115‬عمل الزلبية أو شراؤها وشراء ما تؤكل به في اليوم السابع‪ (.‬المدخل ‪.)3/292‬‬
‫‪ - 116‬الوصية باتخاذ الطعام والضيافة يوم موته أو بعده ‪ ،‬وباعطاء دراهم معدودة لمن يتلو‬
‫القرآن لروحه أو يسبح له أو يهلل ‪ ( .‬الطريقة المحمدية ‪. ) 325 / 4‬‬
‫‪ - 117‬الوصية بأن يبيت عند قبره رجال أربعين ليلة أو أكثر أو أقل ‪ ( .‬منه ‪. )326 /4‬‬
‫‪ -118‬وقف الوقاف سيما النقود لتلوة القرآن العظيم أو لن يصلي نوافل أو لن يهلل أو‬
‫يصلي على النبي صلى ال عليه وسلم ويهدي ثوابه لروح الواقف أو لروح من زاره‪(.‬منه ‪.)4/323‬‬
‫‪ - 119‬تصدق ولي الميت له قبل مضى الليلة الولى بشئ مما تيسر له فان لم بجد صلى‬
‫ركعتين يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وآية الكرسي مرة‪،‬وسورة التكاثر عشر مرات فإذا فرغ‬
‫قال‪(:‬اللهم صليت هذه الصلة وتعلم ما أردت بها ‪ ،‬اللهم ابعث ثوابها إلى قبر فلن الميت ) !‪.209‬‬

‫‪ 207‬استحسهما في ( شرح الشرعة ) ( ص ‪ ) 263 ، 562‬وغيره ‪ .‬والول روي عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه عزى به معاذ بن جبل في ابنه ‪ ،‬لكنه حديث‬
‫موضوع ‪ ،‬والخر روى من تعزية الخضر بوفاته صلى ال عليه وسلم لهل بيته صلى ال عليه وسلم وهو ضعيف كما تقدم التنيه عليهما في التعليق على‬
‫المسألة ( ‪ 112‬ص ‪. ) 165‬‬
‫‪ 208‬استحسهما في ( شرح الشرعة ) ( ص ‪ ) 263 ، 562‬وغيره ‪ .‬والول روي عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه عزى به معاذ بن جبل في ابنه ‪ ،‬لكنه حديث‬
‫موضوع ‪ ،‬والخر روى من تعزية الخضر بوفاته صلى ال عليه وسلم لهل بيته صلى ال عليه وسلم وهو ضعيف كما تقدم التنيه عليهما في التعليق على‬
‫المسألة ( ‪ 112‬ص ‪. ) 165‬‬

‫‪129‬‬
‫‪ - 120‬التصدق عن الميت بما كان يحب الميت من الطعمة !‬
‫‪ - 121‬التصدق عن روح الموتى في الشهر الثلثة رجب وشعبان ورمضان‪.‬‬
‫‪ - 122‬إسقاط الصلة ‪ ( .‬إصلح المساجد ‪ ( ) 283 - 281‬راجع التعليق ص ‪ 174‬مسألة ‪. ) 113‬‬
‫‪ - 123‬القراءة للموات وعليهم‪(.‬السنن ‪، )65 -63‬وانظر ( المسألة ‪117‬ص ‪173‬والمسألة ‪ 122‬ص ‪. ) 191‬‬
‫‪ - 124‬السبحة للميت ‪ ( .‬منه ‪. ) 65 ، 11‬‬
‫‪ - 125‬العتاقة له ‪ ( .‬منه )‪.210‬‬
‫‪ - 126‬قراءة القرآن له وختمه عند قبره ‪ ( .‬سفر السعادة ‪ ، 57‬المدخل ‪)267 ،266 /1‬‬
‫‪ - 127‬الصبحة لجل ‪ ،‬الميت ‪ :‬وهي تبكيرهم إلى قبر ميتهم الذي دفنوه بالمس هم وأقاربهم‬
‫ومعارفهم ‪ ( .‬المدخل ‪ ،3 278 ،114 -113 /2‬إصلح المساجد ‪)271 -270‬‬
‫‪ - 128‬فرش البسط وغيرها في التربة لمن يأتي إلى الصبحة وغيرها ‪(.‬المدخل ‪)3/278‬‬
‫‪ - 129‬نصب الخيمة على القبر ‪ ( .‬منه ) ‪.‬‬
‫‪ - 130‬البيات عند القبر أربعين ليلة أو أقل أو أكثر ‪ ( .‬جلء القلوب ‪. ) 83‬‬
‫‪ - 131‬تأبين الميت ليلة الربعين أو عند مرور كل سنة المسمى بالتذكار‪(.‬البداع ‪)125‬‬
‫‪ - 132‬حفر القبر قبل الموت استعدادا له ‪ ( .‬انظر المسألة ‪. ) 110‬‬

‫***************************‬

‫‪ 209‬ومن الغرائب أن الكتاب الذى نقلت عنه هذه البدعة وهو ( شرح الشرعة ) ( ص ‪ ) 568‬قال ‪ ( :‬والسنة أن يتصدق ولي الميت ‪ . . .‬الخ ) ول أصل لهذا في‬
‫السنة قطعا فلعله يعني سنة المشايخ ‪ ،‬كما فسر بهذا بعض المحشين قول أحد الشراح ‪ :‬أن من السنة التلفظ بالنية عند الدخول في الصلة !‬
‫‪ 210‬وقال ‪ :‬وحديث ‪ ( :‬من قرأ قل هو ال أحد ألف مرة فقد اشترى نفسه من النار ) موضوع ‪.‬‬

‫‪130‬‬
‫زيارة القبور‬
‫‪ - 133‬زيارة القبور بعد الموت ثالث يوم ويسمونه الفرق ‪ ،‬وزيارتها على رأس أسبوع ‪ ،‬ثم‬
‫في الخامس عشر ‪ ،‬ثم في الربعين ‪ ،‬ويسمونها الطلعات ‪ ،‬ومنهم من يقتصر على الخيرتين ‪.‬‬
‫( نور البيان في الكشف عن بدع آخر الزمان ص ‪. ) 54 - 53‬‬
‫‪(.‬والحديث الوارد فيه موضوع كما تقدم قبيل المسألة ‪ 121‬ص ‪. )187‬‬ ‫‪ - 134‬زيارة قبر البوين كل جمعة‬
‫‪ - 135‬قولهم إن الميت إذا لم يخرج إلى زيارته ليلة الجمعة بقي خاطره مكسورا بين الموتي‬
‫ويزعمون أنه يراهم إذا خرجوا من سور البلد ‪ ( .‬المدخل ‪. ) 277 / 3‬‬
‫‪ - 136‬قصد النساء الجامع الموي غلس السبت الى الضحى لزيارة المقام اليحيوي وزعمهم‬
‫أن الدأب على هذا العمل أربعين سبتا لما ينوي له ! ( إصلح المساجد ‪) 230‬‬
‫‪ - 137‬قصد قبر الشيخ ابن عربي أربعين جمعة بزعم قضاء الحاجة !‬
‫‪ - 138‬زيارة القبور يوم عاشوراء ‪ ( .‬المدخل ‪. ) 290 / 1‬‬
‫‪- 139‬زيارتها ليلة النصف من شعبان وايقاد النار عندها‪ (.‬تلبيس ابليس ‪429‬المدخل ‪)1/310‬‬
‫‪ - 140‬ذهابهم إلى المقابر في يومي العيدين ورجب وشعبان ورمضان‪ (.‬السنن ‪. )104‬‬
‫‪ - 141‬زيارتها يوم العيد ‪ ( .‬المدخل ‪ ، 286 / 1‬البداع ‪ ، 135‬السنن ‪. ) 71‬‬
‫‪ - 142‬زيارتها بوم الثنين والخميس ‪.‬‬
‫‪-143‬وقوف بعض الزائرين قليل بغاية الخشوع عند الباب كأنهم بستأذنون!ثم يدخلون(البداع ‪)99‬‬
‫‪ - 144‬الوقوف أمام القبر واضعا يديه كالمصلي ثم يجلس ‪ ( .‬منه ) ‪.‬‬
‫‪ - 145‬التيمم لزيارة القبر ‪.‬‬
‫‪ - 146‬صلة ركعتين عند الزيارة يقرأ في كل ركعة الفاتحة وآية الكرسي مرة ‪ ،‬وسورة‬
‫‪211‬‬
‫الخلص ثلثا ‪ ،‬ويجعل ثوابها للميت !‬
‫‪ - 147‬قراءة الفاتحة للموتى ‪ ( .‬تفسير المنار ‪. ) 268 / 8‬‬
‫‪212‬‬
‫‪ - 148‬قراءة ( يس ) على المقابر‬
‫‪ - 149‬قراءة { قل هو ال أحد} إحدى عشرة مرة ‪(.‬حديثها موضوع كما مر في آخر المسألة ‪122‬ص ‪) 193‬‬
‫‪213‬‬
‫‪-150‬الدعاء بقوله‪:‬اللهم إني أسألك بحرمة محمد صلى ال عليه وسلم!أن لتعذب هذا الميت‬
‫‪ - 151‬السلم عليها بلفظ ‪ ( :‬عليكم السلم ) بتقديم ( عليكم ) على ( السلم ) ( والسنة عكس ذلك كما‬
‫‪214‬‬
‫في جميع الحاديث الواردة في الباب وقد تقدمت في المسألة ‪) 121‬‬
‫‪ 211‬ذكره في ( شرح الشرعة ) ( ص ‪ ) 570‬بقوله ‪ ( :‬والسنة في الزيارة أن يبدأ فيتوضأ ويصلي ركعيتن يقرأ في كل ركعة ‪ . . .‬الخ ) ! وليس في السنة شئ‬
‫من هذا بل فيها تحريم قصد الصلة عند القبور كما سبق ‪ ،‬وانظر ما علقناه قريبا ‪.‬‬
‫‪212‬وحديث ‪ ( :‬من دخل المقابر فقرأ سورة ( يس ) خفف ال عنهم وكان لهم بعدد من فيما حسنات ) ل أصل في شئ من كتب السنة ‪ ،‬والسيوطي لما أورده في‬
‫( شرح الصدور ) ( ص ‪ ) 130‬لم يزد في تخريجه على قوله ‪ ( :‬أخرجه عبد العزيز صاحب الخلل بسنده عن أنس ) ! ثم وقفت على سنده فإذا هو إسناد هالك‬
‫كما حققته في ( الحاديث الضعيفة ) ( ‪. ) 1291‬‬
‫‪ 213‬أورده البركوي في ( أحوال أطفال المسلمين ) ( ص ‪ ) 229‬فقال ‪ ( :‬وفي الخبر ‪ :‬من زار قبر مؤمن وقال ‪ :‬اللهم اني أسألك ‪ . . .‬الخ رفع ال عنه العذاب‬
‫إلى يوم ينفخ في الصور ) ! وهذا حديث باطل ل أصل له في شئ من كتب السنة ول أدري كيف استجاز البركوي رحمه ال نقله دون عزوه لحد من المحدثين‬
‫مع ما فيه من التوسل المبتدع والمحرم والمكروه تحريما عنده كما قرر ذلك في رسالته المذكورة ( ص ‪. ) 352‬‬
‫‪ 214‬وشبهة القائل بهذه البدعة ومنهم شارح ( الشرعة ) ( ص ‪ ) 750‬حديث جابر بن سليم قال ‪ :‬لقيت رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ . . .‬فقلت عليك السلم ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬عليك السلم تحية الميت ‪ ! . .‬الحديث ‪ .‬أخرجه أبو داود ( ‪ ) 179 / 2‬والترمذي ( ‪ 120 / 2‬طبع بولق ) والحاكم ( ‪ ) 186 / 4‬وصححه ووافقة الذهبي‬
‫وهو كما قال ‪ .‬قال الخطابي ‪:‬‬

‫‪131‬‬
‫‪-152‬القراءة على مقابر أهل الكتاب ‪{:‬زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا ‪،‬قل‪:‬بلى وربي لتبعثن} ‪.‬‬
‫‪215‬‬
‫الية‬
‫‪ - 153‬الوعظ على المنابر والكراسي في المقابر في الليالي المقمرة‬
‫‪ (.‬المدخل ‪. )1/268‬‬
‫‪216‬‬
‫‪ - 154‬الصياح بالتهليل بين القبور‬
‫‪217‬‬
‫‪ - 155‬تسمية من يزور بعض القبور حاجا !‬
‫‪ - 156‬إرسال السلم إلى النبياء عليهم السلم بواسطة من يزورهم !‬
‫‪ - 157‬انصراف النساء يوم الجمعة لمزارات في الصالحية (بدمشق) وشاركهن في لك الرجال‬
‫على طبقاتهم ‪ ( .‬إصلح المساجد ‪. )231‬‬
‫‪ - 158‬زيارة آثار النبياء التي بالشام مثل مغارة الخليل عليه السلم ‪،‬والثار الثلثة التي بجبل‬
‫قاسيون في غربي الربوة ‪ ( .‬تفسير الخلص ‪. ) 169‬‬
‫‪ - 159‬زيارة قبر الجندي المجهول أو الشهيد المجهول !‬
‫‪ - 160‬أهداء ثواب العبادات كالصلة وقراءة القرآن إلى أموات المسلمين‪(.‬راجع التعليق على المسألة‬
‫‪ 117‬ص ‪. )173‬‬
‫‪ - 161‬إهداء ثواب العمال إليه صلى ال عليه وسلم‪ (.‬القاعدة الجليلة ‪ ،32،111‬الختيارات العلمية ‪، 54‬‬
‫شرح عقيدة الطحاوي ( ‪ ) 387 -386‬تفسير المنار ‪. ) 308 - 304 ،270 ،254 ،249 /8‬‬
‫‪ - 162‬إعطاء أجرة لمن يقرأ القرآن ويهديه للميت ‪.‬‬
‫( فتاوى شيخ السلم ‪) 354‬‬
‫‪ - 163‬قول القائل ‪ :‬إن الدعاء يستجاب عند قبور النبياء والصالحين ( الفتاوى ) ‪.‬‬
‫‪ - 164‬قصد القبر للدعاء عنده رجاء الجابة ‪ ( .‬الختيارات العلمية ‪) 50‬‬
‫‪ - 165‬تغشية قبور النبياء والصالحين وغيرهم ‪ (.‬منه ‪ ،55‬المدخل (‪،3/278‬البداع ‪)96-95‬‬
‫‪218‬‬

‫‪ - 166‬اعتقاد بعضهم أن القبر الصالح إذا كان في قرية أنهم ببركته يرزقون وينصرون ‪،‬‬
‫ويقولون ‪ :‬إنه خفير البلد ‪ ،‬كما يقولون ‪ :‬السيدة نفيسة خفيرة القاهرة ‪ ،‬والشيخ رسلن خفير‬
‫دمشق وفلن وفلن خفراء بغداد وغيرها ‪( .‬الرد على الخنائي ‪) 82‬‬
‫‪ - 167‬اعتقادهم في كثير من أضرحة الولياء اختصاصات كاختصاصات الطباء ‪ ،‬فمنهم من‬
‫ينفع في مرض العيون ‪ ،‬ومنهم من يشفي من مرض الحمى‪ (..‬البداع ‪.) 266‬‬
‫‪ - 168‬قول بعضهم ‪ :‬قبر معروف الترياق المجرب ‪( ،‬الرد على البكري ‪)233 -232‬‬
‫‪ - 169‬قول بعض الشيوخ لمريده ‪ :‬إذا كانت لك إلى ال حاجة فاستغث بي أو قال ‪ :‬استغث‬
‫عند قبري ‪ ( .‬منه )‬

‫( وإنما قال ذلك القول منه إشارة إلى ما جرت به العادة منهم في تحية الموات ‪ -‬يعني في الجاهلية ‪ - -‬إذ كانوا يقدمون اسم الميت على الدعاء وهو مذكور في‬
‫أشعارهم كقول الشاعر‬
‫ورحمته ما شاء أن يترحما‬ ‫عليك سلم ال قيس بن عاصم‬
‫فالسنة ل تختلف في تحية الحياه والموأت ‪ .‬وأيده ابن القيم في ( التهذيب ) وعلي القارئ في ( المرقاة ) ( ‪ 406 / 2‬و ‪ ) 479‬فراجعهما ‪.‬‬
‫‪ 215‬استحبه في ( شرح الشرعة ) ( ص ‪ ) 568‬ول أصل له في السنة ‪ ،‬بل فيها خلفه فراجع ( المسألة ‪) 125‬‬
‫‪ 216‬لقد رأيت ذلك من أحدهم غير مرة يقف صباح كل يوم قبيل طلوع الشمس قائما على قبر ‪ .‬فجمع بين محرم وبدعة ! !‬
‫‪ 217‬قال شيخ السلم في ( الختيارات ) ( ‪ ( : ) 181‬ويعزر من يسمي من زار القبور والمشاهد حاجا إل أن يسمى حاجا بقيد كحاج الكفار والضالين ‪ ،‬ومن‬
‫سمى زيارة ذلك حجا أو جعل له مناسك فانه ضال مضل وليس لحد أن يفعل في ذلك ما هو من خصائص حج البيت ) ‪.‬‬
‫‪ 218‬وفي حاشية عابدين ( ‪ ) 839 / 1‬ان ذلك مكروه ‪ .‬يعني كراهة تحريم ‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫‪ - 170‬تقديس ما حول قبر الولي من شجر وحجر واعتقاد أن من قطع شيئا من ذلك يصاب‬
‫بأذى ‪.‬‬
‫‪ -171‬قول بعضهم‪:‬من قرأ آية الكرسي واستقبل جهة الشيخ عبد القادر الكيلني وسلم عليه‬
‫سبع مرات يخطو مع كل تسليمة خطوة إلى قبره قضيت حاجته !( الفتاوى ‪)309 /4‬‬
‫‪ - 172‬رش الماء على قبر الزوجة المتوفاة عن زوجها الذي تزوج بعدها زاعمين أن ذلك‬
‫يطفئ حرارة الغيرة ! ( البداع ‪. ) 265‬‬
‫‪-173‬السفر إلى زيارة قبور النبياء والصالحين‪(.‬الفتاوى ‪ ،1/118،122،4/315‬مجموعة الرسائل الكبرى‬
‫‪، 3952‬الرد على البكري ‪ 233‬البداع ‪،)101-100‬الرد على الخنائي ‪( .45،123،124،124،219،384‬وراجع المسألة ‪/128‬‬
‫‪. )11‬‬
‫‪ - 174‬الضرب بالطبل والبواق والمزامير والرقص عند قبر الخليل عليه السلم تقربا إلى ال‬
‫‪ ( .‬المدخل ‪. ) 246 / 4‬‬
‫‪ -‬زيارة الخليل عليه السلم من داخل البناء ‪.‬‬
‫( منه ‪. ) 245 / 4‬‬ ‫‪175‬‬
‫‪ -‬بناء الدور في القبور والسكن فيها ‪ ( .‬منه ‪. ) 252 - 251 / 1‬‬ ‫‪176‬‬
‫‪ -‬جعل الرخام أو ألواحا من الخشب عليها ‪ ( .‬منه ‪)273 ،272 /3‬‬ ‫‪177‬‬
‫‪ -‬جعل الدرابزين على القبر ‪ ( .‬منه ‪. ) 272 / 3‬‬ ‫‪178‬‬
‫‪ -‬تزيين القبر ‪ ( .‬شرح الطريقة المحمدية ‪. )115 ،114 /1‬‬ ‫‪179‬‬
‫‪ -‬حمل المصحف إلى المقبرة والقراءة منه على الميت‪( .‬تفسير المنار عن أحمد ‪)8/267‬‬ ‫‪180‬‬
‫‪ -‬جعل المصاحف عند القبور لمن يقصد قراءة القرآن هناك‪ (.‬الفتاوى ‪،1/174‬الختيارات ‪. )53‬‬ ‫‪181‬‬
‫‪ -‬تخليق حيطان القبر وعمده ‪ ( .‬الباعث لبي شامة ‪. )14‬‬ ‫‪182‬‬
‫‪-‬تقديم عرائض الشكاوى وإلقاوها داخل الضريح زاعمين أن صاحب الضريح يفصل فيها‬ ‫‪183‬‬
‫( البداع ‪،98‬القاعدة الجليلة ‪. )14‬‬
‫ربط الخرق على نوافذ قبور الولياء ليذكروهم ويفضوا حاجتهم ‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪184‬‬
‫دق زوار الولياء توابيتهم وتعلقهم بها ‪ ( .‬البداع ‪. ) 100‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪185‬‬
‫القاء المناديل والثياب على القبر بقصد التبرك ‪ ( .‬المدخل ‪. ) 263 / 1‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪186‬‬
‫امتطاء بعض النسوة على أحد القبور واحتكاكها بفرجها عليه لتحبل !‬ ‫‪-‬‬ ‫‪187‬‬
‫استلم القبر وتقبيله ‪(.‬القتضاء ‪ ، 176‬العتصام ‪ ،134،140 /2‬إغاثة اللهفان لبن القيم ‪، 194 /1‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪188‬‬
‫‪219‬‬
‫البركوى في أطفال المسلمين ‪ ، 234‬الباعث ‪ ،70‬البداع ‪) 90‬‬
‫‪ -‬إلصاق البطن والظهر بجدار القبر ‪.‬‬
‫( الباعث ‪. ) 70‬‬ ‫‪189‬‬
‫‪-‬إلصاق بدنه أو شئ من بدنه بالقبر‪،‬أو بما يجاور القبر من عود ونحوه‪ (.‬الفتاوى ‪. )310 /4‬‬ ‫‪190‬‬
‫‪ -‬تعفير الخدود عليها ‪ ( .‬الغاثة ‪) 198 - 194 / 1‬‬ ‫‪191‬‬
‫‪ -‬الطواف بقبور النبياء والصالحين ‪ ( .‬مجموعة الرسائل الكبرى ‪ ، 2/372‬البداع ‪) 90‬‬ ‫‪192‬‬

‫‪ 219‬وقد أنكر ذلك الغزالي في ( الحياء ) ( ‪ ) 244 / 1‬وقال ‪ ( :‬انه عادة النصارى واليهود ) ‪ .‬وراجع المسألة ( ‪ 124‬ص ‪. ) 195‬‬

‫‪133‬‬
‫‪ - 193‬التعريف عند القبر ‪ ،‬وهو قصد قبر بعض من يحسن به الظن يوم عرفة والجتماع‬
‫العظيم عند قبره كما في عرفات ‪ ( .‬القتضاء ‪. ) 148‬‬
‫‪ - 194‬الذبح والتضحية عنده ‪ ( .‬منه ‪ ، 182‬الختيارات ‪ ، 53‬نور البيان ‪. ) 72‬‬
‫‪ - 195‬تحري استقبال الجهة التي يكون فيها الرجل الصالح وقت الدعاء ‪( .‬القتضاء ‪ 175‬الرد على‬
‫البكري ‪. ) 266‬‬
‫‪ - 196‬المتناع من استدبار الجهة التي فيها بعض الصالحين‬
‫( منه )‬
‫(القاعدة الجليلة ‪127-126 ،17‬‬
‫‪220‬‬
‫‪ - 197‬قصد قبور النبياء والصالحين للدعاء عندهم رجاء الجابة‬
‫الرد على البكري ‪ )57-27‬الرد على الخنائي ‪ 24‬الختيارات العلمية ‪ 50‬الغاثة ‪) 217 - 202 -2011‬‬
‫‪ - 198‬قصدها للصلة عندها ‪.‬‬
‫( الرد على الخنائي ‪ ، 124‬القتضاء ‪) 139‬‬
‫‪ - 199‬قصدها للصلة إليها‪(.‬الرد على البكري ‪ 71‬القاعدة الجليلة ‪ ،126-125‬الغاثة ‪ 198-1/194‬الخادمي على‬
‫الطريقة ‪. )4/322‬‬
‫‪ - 200‬قصدها للذكر والقراءة والصيام والذبح ‪.‬‬
‫( القتضاء ‪)181،154‬‬
‫‪ -201‬التوسل إلى ال تعالى بالمقبور ‪ ( .‬الغاثة ‪ ،217 ،202 -201 /1‬السنن ‪)10‬‬
‫‪ - 202‬القسام به على ال ‪ ( .‬تفسير سورة الخلص لبن تيمية ‪) 174‬‬
‫( القاعدة‬ ‫‪ - 203‬أن يقال للميت أو الغائب من النبياء والصالحين ‪ :‬ادع ال أو أسأل ال تعالى‬
‫‪ ، 124‬زيارة القبور له ‪ ، 109 ، 108‬الرد على البكري ‪. ) 57‬‬
‫( القاعدة‬ ‫‪ - 204‬الستغاثة بالميت منهم كقولهم ‪:‬يا سيدي فلن أغثني أو انصرني على عدوي‬
‫‪ ،124 ،17 ،14‬الرد على البكري ‪ ،144 ،56 ،38 ،31 -30‬السنن ‪) 124‬‬
‫‪ - 205‬اعتقاد أن الميت يتصرف في المور دون ال تعالى !‬
‫( السنن ‪. ) 118‬‬
‫‪ - 206‬العكوف عند القبر والمجاورة عنده ‪ ( .‬القتضاء ‪. )210 ،183‬‬
‫‪-207‬الخروج من زيارة المقابر التي يعظمونها على القهقرى ! ( المدخل ‪ ،4/238‬السنن ‪)69‬‬
‫‪ - 208‬قول بعض المدروشين الوافدين إلى المدن لخصوص زيارة قبور من بها من الولياء‬
‫والموات عند إرادة الوبة إلى بلدهم ‪ :‬الفاتحة لجميع سكان هذه البلدة سيدي فلن وسيدي فلن‬
‫‪ ،‬ويسميهم ويتوجه إليهم ويشير ويمسح وجهه ! ( منه ‪. ) 69‬‬
‫‪- 209‬قولهم ‪:‬السلم عليك يا ولي ال ‪ ،‬الفاتحة زيادة في شرف النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫والربعة القطاب والنجاب والوتاد وحملة الكتاب والغواث ! وأصحاب السلسلة وأصحاب‬
‫التعريف والمدركين بالكون وسائر أولياء ال على العموم كافة جمعا يا حي يا قيوم ‪ ،‬ويقرأ‬
‫الفاتحة ويمسح وجهه بيديه وينصرف بظهره! ( منه ) ‪.‬‬
‫‪ - 210‬رفع القبر والبناء عليه ‪ ( .‬القتضاء ‪ 63‬تفسير سورة الخلص ‪ 170‬سفر السعادة ‪ . 57‬شرح الصدور‬
‫للشوكاني ‪ 66‬شرح الطريقة المحمدية ‪. )115 ،1/114‬‬
‫‪ - 211‬التوصية بأن يبنى على قبره بناء ‪.‬‬
‫( الخادمي على الطريقة المحمدية ‪. )4/326‬‬
‫‪ - 212‬تجصيص القبور ‪ ( .‬الغاثة ‪ ، 198 - 196 / 1‬الخادمي على الطريقة ‪) 4/324‬‬
‫‪ 220‬قال في ( الغاثة ) ( ‪ ) 218 / 1‬وغيرها ‪ ( :‬والحكاية المنقولة عن الشافعي ‪ :‬أنه كان يقصد الدعاء عند قبر أبي حنيفة من الكذب الظاهر ) ‪ .‬وقال شيخ‬
‫السلم في الفتاوى ( ‪ ( : ) 318 ، 311 ، 310 / 4‬ويقرب من ذلك تحري الصلة والدعاء قبلي شرقي جامع دمشق عند الموضع الذي يقال أنه قبر هود ‪،‬‬
‫والذي عليه العلماء أنه قبر معاوية بن أبي سفيان ‪ .‬أو عند المثال الخشب الذى تحته رأس يحيي بن زكريا ) ‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫‪-213‬نقش اسم الميت وتاريخ موته على القبر ‪(.‬المدخل ‪،272 /3‬الذهبي في تلخيص المستدرك ‪ ،‬الغاثة (‪/1‬‬
‫‪ ، )196 198‬الخادمي على الطريقة ‪ ،4/322‬البداع ‪ ، 95‬المسألة ‪ 128‬فقرة ‪. ) 6 -1‬‬
‫(تفسير سورة الخلص ‪ ،192‬القتضاء ‪ ،158 ،6‬الرد‬ ‫‪ - 214‬بناء المساجد والمشاهد على القبور والثار ‪.‬‬
‫على البكري ‪ ، 233‬البداع ‪. ) 99‬‬
‫‪ (.‬البداع ‪ ،9‬الفتاوى ‪ ،4/311 ،178 ،2/186‬القتضاء‬ ‫‪ - 215‬اتخاذ المقابر مساجد بالصلة عليها وعندها‬
‫‪ ،52‬راجع المسألة ‪ 128‬فقرة ‪ 8‬و ‪. ) 9‬‬
‫عليه‪(.‬إصلح المساجد ‪،181‬المسألة ‪128‬فقرة ‪)9‬‬‫‪ -216‬دفن الميت في المسجد ‪ ،‬أو بناء مسجد‬
‫‪ - 217‬استقبال القبر في الصلة مع استدبار الكعبة ! ( القتضاء ‪. ) 218‬‬
‫‪ - 218‬اتخاذ القبور عيدا‪(.‬منه ‪،148‬الغاثة ‪ ،193 -1/190‬البداع ‪ 90-85‬وراجع الفقرة ‪ 10‬من المسألة ‪. ) 128‬‬
‫‪ - 219‬تعليق قنديل على القبر ليأتوه فيزورونه ‪ ( .‬المدخل ‪ ، 278 ، 273 / 3‬الغاثة ‪، 198 - 194‬‬
‫الطريقة المحمدية ‪ ، 236 / 4‬البداع ‪ ، 88‬المسألة المشار إليها آنفا فقرة (( ل )) )‬
‫نذر الزيت والشمع لسراج قبر أو جبل أو شجرة‪ (.‬الصلح ‪233-232‬والقتضاء ‪. ) 151‬‬ ‫‪- 220‬‬
‫‪ - 221‬قصد أهل المدينة زيارة القبر النبوي كلما دخلوا المسجد أو خرجوا منه ‪ (.‬الرد على‬
‫‪221‬‬
‫الخنائي ‪ ،151،156،217،218-24،150‬الشفافي حقوق المصطفى للقاضي عياض (‪، )2/79‬المسألة المتقدمة فقرة ‪)10‬‬
‫‪ - 222‬السفر لزيارة قبره صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫( انظر البدعة رقم ‪ )172‬العلمة‬
‫‪ - 223‬زيارته صلى ال عليه وسلم في شهر رجب ‪.‬‬
‫‪ - 224‬التوجه إلى جهة القبر الشريف عند دخول المسجد والقيام فيه بعيدا عن القبر بغاية‬
‫‪222‬‬
‫( انظر البدعة ‪) 194‬‬ ‫الخشوع واضعا يمينه على يساره كأنه في الصلة !‬
‫‪ - 225‬سؤاله صلى ال عليه وسلم الستغفار وقراءة آية {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم}الية ‪ ( .‬الرد‬
‫على الخنائي ‪ ،216 ،165 ،164‬السنن ‪. ) 68‬‬
‫التوسل به صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫أنظر البدع ‪203 - 200‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪226‬‬
‫القسام به على ال تعالى ‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪227‬‬
‫الستغاثة به من دون ال تعالى ‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪228‬‬
‫( البداع في مضار‬ ‫قطعهم شعورهم ورميها في القنديل الكبير القريب من التربة النبوية ‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪229‬‬
‫البتداع ‪ ، 166‬الباعث ‪. ) 70‬‬
‫‪ - 230‬التمسح بالقبر الشريف ‪.‬‬
‫( المدخل ‪ 263 / 1‬السنن ‪ ، 69‬البداع ‪. ) 166‬‬
‫‪ - 231‬تقبيله ‪ ( .‬منهما ) ‪.‬‬
‫‪ - 232‬الطواف به ( مجموعة الرسائل الكبرى ‪ ،2/10،13‬المدخل ‪ ،1/263‬البداع ‪، 166‬السنن ‪ ، 69‬الباعث ‪)22370‬‬
‫‪ - 233‬إلصاق البطن والظهر بجدار القبر الشريف ‪ ( .‬البداع ‪ ،166‬الباعث ‪. ) 70‬‬
‫‪ - 234‬وضع اليد على شباك حجرة القبر الشريف وحلف أحدهم بذلك بقوله ‪ :‬وحق الذي‬
‫وضعت يدك على شباكه وقلت ‪ :‬الشفاعة يا رسول ال !‬

‫‪ 221‬وقد كره مالك ذلك فقال ‪ ( :‬لم يبلغني عن أول هذه المة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك ‪ ،‬ويكره إل لمن جاء من سفر أو أراده )‪ .‬كذا نقله القاضي عيض ‪.‬‬
‫‪ 222‬وقد رأيت ذلك سنة ‪ 68‬فقف شعري لكثرة من يفعل ذلك سيما من الغرباء ‪.‬‬
‫‪ 223‬ونقل عن ابن الصلح أنه قال ‪ ( :‬ول يجوز أن يطاف بالقبر الشريف ) ‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫( القاعدة الجليلة ‪ 125‬الرد على‬ ‫‪ - 235‬أطالة القيام عند القبر النبوي للدعاء لنفسه مستقبل ‪ ،‬الحجرة ‪.‬‬
‫البكري ‪ ،282 ،232 ،125‬مجموعة الرسائل الكبرى ‪. ) 391 /2‬‬
‫والمنبر‪ (.‬الباعث ‪70‬‬ ‫‪ - 236‬تقربهم إلى ال بأكل التمر الصيحاني في الروضة الشريفة بين القبر‬
‫البداع ‪. ) 166‬‬
‫( مجموعة‬ ‫‪ - 237‬الجتماع عند قبر النبي صلى ال عليه وسلم لقراءة ختمة وإنشاد قصائد ‪.‬‬
‫الرسائل الكبرى ‪. ) 398 / 2‬‬
‫‪ - 238‬الستسقاء بالكشف عن قبر النبي صلى ال عليه وسلم أو غيره من النبياء والصالحين‬
‫‪ ( 224.‬الرد على البكري ‪. ) 29‬‬
‫‪ - 239‬إرسال الرقاع فيها الحوائج إلى النبي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ - 240‬قول بعضهم ‪ :‬انه ينبغي أن ل يذكر حوائجه ومغفرة ذنوبه بلسانه عند زيارة قبره‬
‫‪225‬‬
‫صلى ال عليه وسلم لنه أعلم منه بحوائجه ومصالحه !‬
‫‪ -241‬قوله‪:‬ل فرق بين موته صلى ال عليه وسلم وحياته في مشاهدته لمته ومعرفته بأحوالهم‬
‫‪226‬‬
‫ونياتهم وتحسراتهم وخواطرهم !‬
‫وهذا آخر ما تيسر جمعه من بدع الجنائز ‪ ،‬وبه يتم الكتاب ‪ ،‬والحمد ل على توفيقه وأسأله‬
‫تعالى المزيد من فضله ‪ .‬وأن يرزقني محبة لقائه عند مفارقة هذه الدنيا الفانية إلى الدار البدية‬
‫الخالدة ‪ ( ،‬مع الذين أنعم عليهم من النبين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) ‪.‬‬

‫***********************‬

‫خاتمة الطبع‬
‫جرت المباشرة بطبعه عام ‪ 1385‬ولكن قدر ال تبارك وتعالى توقف الطبع في إحدى مطابع‬
‫المكتب السلمي مدة ثلث سنوات وانتهي طبعه في رمضان سنة ‪ ، 1388‬فالحمد ل الذي‬
‫بنعمته تتم الصالحات ‪.‬‬

‫‪224‬قلت ‪ :‬وأما ما روى أبو الجوزاء أوس بن عبد ال قال ‪ :‬قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلى عائشة فقالت ‪ :‬أنظروا قبر النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫فاجعلوا منه كوة إلى السماء حتى ل يكون بينه وبين السماء سقف ‪ ،‬قال ‪ :‬ففعلوا فمطرنا مطرا حتى نبت العشب ‪ ،‬وسمنت البل حتى تفتقت من الشحم فسمي‬
‫عام الفتق ) فل يصح ‪ ،‬أخرجه الدارمي في سننه ( ‪ ) 44 - 43 / 1‬وفيه أبو النعمان وهو محمد بن الفضل المعروف بعارم وقد كان اختلط في آخر عمره كما‬
‫قال العقيلي وغيره من أهل الحديث ‪ .‬وقال شيخ السلم في الرد على البكري ( ص ‪ ( : ) 68‬وما روي عن عائشة رضي ال عنها من فتح الكوة من قبره إلى‬
‫السماء لينزل المطر فليس بصحيح ول يثبت إسناده ‪ .‬قال ‪ :‬ومما يبين كذب هذا أنه في مدة حياة عائشة لم يكن للبيت كوة بل كان بعضه باقيا كما كان على عهد‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم بعضه مسقوف وبعضه مكشوف وكانت الشمس تنزل فيه كما ثبت في الصحيحين عنها أن النبي صلى ال عليه وسلم كان يصلي‬
‫العصر والشمس في حجرتها لم يظهر الفيء بعد ) ‪.‬‬
‫‪ 225‬ومما يوسف له أن هذه البدعة واللتين بعدها قد نقلتها من ( كتاب المدخل ) لبن الحاج ( ‪ ) 264 ، 259 / 1‬حيث أوردها مسلما بها كأنها من المور‬
‫المنصوص عليها في الشريعة ! وله من هذا النحو أمثلة كثيرة سبق بعضها دون التنبيه على أنها منه ‪ ،‬وسنذكر قسما كبيرا منها في الكتاب الخاص بالبدع إن‬
‫شاء ال تعالى ‪ ،‬وقد تعجب من ذلك لما عرف أن كتابه هذا مصدر عظيم في التنصيص على مفردات البدع وهذا الفصل الذي ختمت به الكتاب شاهد عدل على‬
‫ذلك ‪ ،‬ولكنك إذا علمت أنه كان في علمه مقلدا لغيره ‪ ،‬ومتأثرا إلى حد كبير بمذاهب الصوفية وخزعبلتها يزول عنك العجب وتزداد يقينا على صحة قول مالك‬
‫‪ ( :‬ما منا من أحد إل رد ورد عليه الصاحب هذا القبر ) ‪ ،‬صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ 226‬قال شيخ السلم في ( الرد على البكري ) ( ص ‪ ( ، ) 31‬ومنهم من يظن أن الرسول أو الشيخ يعلم ذنوبه وحوائجه وإن لم يذكرها وأنه يقدر على غفرانها‬
‫وقضاء حوائجه ويقدر على ما يقدر ال ‪ ،‬ويعلم ما يعلم ال ‪ ،‬وهؤلء قد رأيتهم وسمعت هذا منهم وعنهم شيوخ يقتدى بهم ‪ ،‬ومفتين وقضاة ومدرسين ! ) وال‬
‫المستعان ‪ ،‬ول حول ول قوة إل بال ‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫وإياه تعالى أسأل ‪ ،‬أن يكتب السداد والتوفيق لهذا المكتب وصاحبه الستاذ الفاضل الخ زهير‬
‫الشاويش ‪ ،‬وأن ييسر له الستمرار في طبع الكتب النافعة من تراث سلفنا الصالح ‪ ،‬وما جرى‬
‫مجراها ‪،‬إنه سميع مجيب‪.‬‬

‫محمد ناصر الدين اللباني‬

‫‪137‬‬

You might also like