Professional Documents
Culture Documents
1
وكانت نسختي الخاصة من هذه الطبعة طيلة هذه المدة
في متناول يدي ،كلما عثرت على فائدة زائدة تناسب
موضوعهاه هعلقتهاه هعليهاه ه،ه هرجاءه هضمهاه هإليهاه هعنده هإعادة
طبعها مزيدة ومنقحة ،وبذلك توفر عندي زيادات كثيرة
هامة ،ولما طلب مني الستاذ الفضل زهير الشاويش
صاحب المكتب السلمي أن أقدمها إليه ليجدد طبعها ،
افتقدتها فلم أجدها ،ولما يئست منها أرسلت إليه نسخة
أخرىه هاستعرتهاه همن هبعضه هأصحابي هلتطبعه هكما ههي هعلى
قاعدة " :ما ل هيدرك كله ،ل هيترك جله " ،وبينما كان
أخي الستاذ زهير الشاويش يعد العدة لطبعها ،إذ عثرت
عليها بفضل الله تعالى وكرمه ،فبادرت بإرسالها إليه ،
بعد تهذيبها وتهيئتها للطبعة الثانية .
ولماه هكانه هلتأليفه هالرسالةه هالمذكورةه هيؤمئذه هظروف
خاصةه هوملبساته همعينةه ه،ه هاقتضته هالحكمةه هأنه هيكون
أسلوبها على خلف البحث الهادئ ،والستدلل الرصين ،
ذلكه هأنهاه هكانته هردا ًه علىه هأناسه هلمه هتعجبهمه هدعوتناه هإلى
الكتاب والسنة ،على منهج السلف الصالح ،وخطة الئمة
الربعة وغيرهم ممن اتبعوهم باحسان ،فبادؤونا بالتأليف
والرد ،وليته كان ردا ًه علميا ًه هادئا ًه ،إذن لقابلتهم بأحسن
منه ولكنه لم يكن كذلك ه مع السف ه بل كان مجردا ً عن
أي بحث علمي ،مملئا ًه بالسباب والشتائم وابتكار التهم
التيه هلمه هتسمعه همنه هقبله هلذلكه ه،ه هلمه هنره هيؤمئذه هأنه همن
الحكمة السكوت عنهم ،وتركهم ينشرون رسائلهم بين
الناس ،دون أن يكون لدى هؤلء مؤلف يكشف القناع
عما فيها من الجهل والتهم { ،ليهلك من هلك عن بينة
ي عن بينة } لذلك كان ل بد من الرد عليهم
1
ويحيى من ح ّ
بأسمائهم .
وعلى الرغم من أنني لم أقابل اعتداءهم وافتراءهم
بالمثله ه،ه هفقده هكانته هالرسالةه هعلىه هطابعهاه هالعلميه هرداً
مباشر عليهم ،وقد يكون فيها شئ من القسوة أو الشدة
فيه هالسلوبه هفيه هرأيه هبعضه هالناسه هالذينه هيتظاهرون
بامتعاظهم من الرد على المخالفين المفترين ،ويودون لو
سورة النفال الية . 42 1
2
أنهمه هتركواه هدونه هأنه هيحاسبواه هعلىه هجهلهمه هوتهمتهم
للبرياءه ه،ه همتوهمينه هأنه هالسكوته هعنهمه ههوه همنه هالتسامح
الذيه هقده هيدخله هفيه همثله هقولهه هتعالىه ه{ه هوإذاه هخاطبهم
الجاهلون قالوا سلما } وينسون أو يتناسون أن ذلك مما
2
3
اللعنون } وقوله صلى الله عليه وسلم " :من كتم علماً 1
4
هذا الموضوع كلم مفيد سيأتي نقله في المكان المناسب
إنشاء الله تعالى .
ومن المؤسف لكل مؤمن حقا ً أن كثيرا ً من المساجد
في البلد السورية وغيرها ل هتخلو من وجود قبر أو أكثر
فيها ،كأن الله تبارك وتعالى أمر بذلك ولم يلعن فاعله !
فكم تحسن الوقاف صنعا ً لو حاولت بحكمتها تطهير هذه
المساجد منها .
ولست أشك أن ليس من الحكمة في شئ مفاجأة
الرأي العام بذلك ،بل ل بد من إعلمه قبل كل شئ ،أن
القبره هوالمسجده هل هيجتمعانه هفيه هدينه هالسلمه ه،ه هكماه هقال
بعض العلماء العلم ،على ما سياتي ،وأن اجتماعهما
معا ً ينافي إخلص التوحيد والعبادة لله تبارك وتعالى ،هذا
الخلص الذي من أجل تحقيقه تبنى المساجد ،كما قال
تعالى { وأن المساجد لله فل تدعوا مع الله أحدا} .
1
5
:شبهات وجوابها . الفصل الرابع
الفصل الخامس :في حكمة تحريم بناء المساجد على
القبور .
الفصله هالسادسه ه ه ه ه:ه هفيه هكراهةه هالصلةه هفيه هالمساجد
المبنية على
القبور .
:في أن الحكم السابق يشمل جميع الفصل السابع
المساجد إل
المسجد النبوي .
وفيه هتضاعيفه ههذهه هالفصوله ه،ه هفصوله هاخرىه هفرعيةه ه،
تضمنت فوائد هامة نافعة إنشاء الله تعالى .
وقد سميت الرسالة :
( تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد )
ذلك ما كنت كتبت في مقدمة الطبعة الولى .
وإنيه هلسأله هاللهه هتباركه هوتعالىه هأنه هينفعه هالمسلمين
بهذه الطبعة أكثر من سابقتها ،وأن يتقبلها مني وسائر
عمليه هالصالحه هقبول ًه حسنا ًه ،ه هويجزيه هالقائمه هعلىه هطبعها
خيرا ً .دمشق في 23هجمادى الولى ه سنة 1392هه
ه ه ه ه ه ه ه ه محمد ناصر الدين
اللباني
الفصل الول
أحاديث النهي عن اتخاذ القبور مساجد .
1ه عن عائشة رضي الله عنها قالت :قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه :
"لعنه هاللهه هاليهوده هوالنصارىه هاتخذواه هقبوره هأنبيائهم
مساجد " .
6
خشيه هأنه هيتخذ قالته ه:ه هفلول ه هذاكه هأبرز هقبرهه هغيره هأنهه ه ُ
1
1أي كشف قبره صلى الله عليه وسلم ولم يتخذ عليه الحائل ،والمراد دفن خارج
بيته ،كذا في " فتح الباري " .
فائدة :قول عائشة هذا ،يدل دللة واضحة على السبب الذي من أجله دفنوا
النبي صلى الله عليه وسلم في بيته ،أل وهو سد الطريق على من عسى أن يبني
عليه مسجد ،فل يجوز والحالة هذه أن يتخذ ذلك حجة في دفن غيره صلى الله عليه
وسلم في البيت ،يؤيد ذلك أنه خلف الصل ،لن السنة الدفن في المقابر ،ولهذا
قال ابن عروة في " الكوكب الدري" (ق 1 /188تفسير :)548
" والدفن في مقابر المسلمين أعجب إلى أبي عبد الله ( يعني المام أحمد )
من الدفن في البيوت ،لنه أقل ضررا ً على الحياء من ورثته ،وأشبه بمساكن
الخرة ،وأكثر للدعاء له والترحم عليه ،ولم يزل أصحابه والتابعون ومن بعدهم
يقبرون في الصحارى .
فإن قيل :فالنبي صلى الله عليه وسلم قبر في بيته ،وقبر صاحبه معه ؟ قلنا :
قالت عائشة :إنما فعل ذلك لئل يتخذ قبره مسجدا ً ،ولن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يدفن أصحابه بالبقيع ،وفعله أولى من فعل غيره ،وإنما أصحابه رأوا تخصيصه
بذلك ولنه روي " :يدفن النبياء حيث يموتون " وصيانة لهم عن كثرة الطراق ،تمييزاً
له عن غيره " .
7
والعباس والفضل وأهله ووقع القوم في الحفر يحفرون
حيث كان الفراش . 1
2ه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم :
"قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
2
قال الحافظ ابن حجر " :وكأنه صلى الله عليه وسلم
علم أنه مرتحل من ذلك المرض ،فخاف أن يعظم قبره
كما فعل من مضى ،فلعن اليهود والنصارى إشارة إلى
ذم من يفعل فعلهم " .
قلت :يعني من هذه المة ،وفي الحديث التي ()6
التصريح بنهيهم عن ذلك ،
فتنبه .
5ه عن عائشة رضي الله عنها قالت :لما كان مرض
النبيه هصلىه هاللهه هعليهه هوسلمه هتذاكره هبعضه هنسائهه هكنيسة
بأرض الحبشة يقال لها :مارية ه وقد كانت أم سلمة وأم
حبيبة قد أتتا أرض الحبشة ه فذكرن من حسنها وتصاويرها
1قال ابن كثير :وهو منقطع من هذا الوجه ،فإن عمر مولى غفرة مع ضعفه لم يدرك
أيام الصديق .كذا في ( الجامع الكبير ) للسيوطي (1/ 3/147ه . ) 2
2رواه البخاري ( )2/422ومسلم وأبوعوانة أبو داود ( ) 2/71وأحمد (2/284و 366و 396و 453و
)518وأبو يعلى في " مسنده " ( )278/1والسراج والسهمي في " تاريخ جرجان " ()349
وابن عساكر ( )14/367/2عن سعيد بن المسيب عنه ،ومسلم أيضا ً عن يزيد بن الصم
عنه .وأخرجه عبدالرزاق في " مصنفه " ( )1589 /1/406من الوجه الول عنه ،ولكنه
أوقفه .
3ثوب خز أو صوف معلم .كذا في " النهاية " .
قلت :والمراد هنا الثاني ،لن الخز هو الحرير كما هو المعروف الن وهو حرام على
الرجال كما هو ثابت في النسة خلفا ً لمن يستحله ممن ل يقيم للسنة وزنا ً !.
1رواه البخاري (1/422و 6/386و )8/116ومسلم ( )67/ 2وأبو عوانة ( )1/399والنسائي (
)1/115والدارمي ( )1/326وأحمد (1/218و 6/34و 229و )275وابن سعد في "الطبقات " (
. ) 2/258ورواه عبد الرزاق في " المصنف " ( )406/1588/ 1عن ابن عباس وحده .
8
قالت [ :فرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه ] فقال
":ه هأولئكه هإذاه هكانه هفيهمه هالرجله هالصالحه هبنواه هعلىه هقبره
مسجدا ً ،ثم صوروا تلك الصور ،أولئك شرار الخلق عند
الله [ يوم القيامة ] " .
2
9
إلى 1
" قد كان لي فيكم إخوة وأصدقاء ،وإني أبراء
الله أن يكون لي فيكم
خليله ه،ه هوإنه هاللهه هعزه هوجله هقده هاتخذنيه هخليل ًه كماه هتخذ
إبراهيم خليل ًه ،ولو كنت متخذا من أمتي خليل ًه ،لتخذت
أبا بكر خليل ً ،أل [ وإن ] من كان قبلكم [ كانوا ] يتخذون
قبوره هأنبيائهمه هوصالحيهمه همساجده ه،ه هأل هفل هتتخذواه هالقبور
مساجد ،فإني أنهاكم عن ذلك " .
1
1أي امتنع من هذا وأنكره ،والخليل هو المنقطع إليه ،قيل :هو مشتق من الخلة ،
بفتح الخاء وهي الحاجة ،وقيل :من الخلة بضم الخاء وهي تخلل المودة في القلب ،
فنفى صلى الله عليه وسلم أن تكون حاجته وانقطاعه إلى غير الله تعالى " .شرح
مسلم " للنووي .
1رواه مسلم (67 /2ه )68وأبو عوانة ( )401 /1والسياق له والطبراني في " الكبير " (
)1/84/2ورواه ابن سعد ( )2/240مختصرا ً دون ذكر الخوة واتخاذ الخليل .
وله عنده ( )2/241شاهد من حديث أبي أمامة ،وله شاهد ثان أخرجه الطبراني
عن كعب بن مالك بسند ل بأس به كما قال ابن حجر الهيتمي في " الزواجر " ()1/120
وضعفه الحافظ نور الدين الهيثمي في " مجمع الزوائد " (. )9/45
2هرواه ابن أبي شيبة (ق 83/2 /2و ط ) 376 /2وإسناده صحيح على شرط مسلم .
3هبرود باليمن منسوبة إلى معافر وهي قبيلة باليمن " .نهاية " .
4ه رواه الطيالسي في مسنده (2/113من ترتيبه ) وأحمد ( )5/204والطبراني في "
الكبير " (ج 1ق ، )1 /22وسنده حسن في الشواهد ،وقال الشوكاني في " نيل
الوطار" (" )2/114سنده جيد" ! وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( " )2/27رجاله
موثقون " .
10
" أخرجوا يهود أهل الحجاز وأهل نجران من جزيرة
العربه ه،ه هواعلمواه هأنه هشراره هالناسه هالذيه هاتخذواه ه(ه هوفي
رواية :يتخذون ) قبور أنبيائهم مساجد " .
2 1
1وبين الروايتين فرق ظاهر ،فالرواية الولى تعني ناسا ً تقدموا ،وهم اليهود والنصارى
كما في الحاديث المتقدمة ،والرواية الخرى تعني من يسلك سبيلهم من هذا المة
ويؤيدها الحاديث (. )12 ،7 ،6
2
2هرواه احمد ( رقم )1694 ،1691والطحاوي في " مشكل الثار " ( )4/13وأبو يعلى ()57/1
وابن عساكر ( )8/367/2بسند صحيح ،وقال الهيثمي في " المجمع (: )5/325
" رواه أحمد بأسانيد (الصل بإسنادين ) ،ورجال الطريقين منها ثقات متصل
إسنادها ورواه أبو يعلى " .
قلت :وفي هذا الكلم نظر ظاهر ،لن مدار الطرق الثلث التي أشار إليها على
إبراهيم بن ميمون عن سعد بن سمرة ،إل أن الطريق الثالث أدخل بعض الرواة
بينهما إسحاق بن سعد بن سمرة وهو وهم كما بينه الحافظ في " التعجيل " ثم إنه
ليس فيه " واعلموا أن شرار الناس …) !
ثم هذا الحديث ذكره الهيثمي في مكان آخر ( )82 /2نحوه وقال :
" رواه البزار ورجاله ثقات " .وله شاهد مرسل عن عمر بن عبد العزيز
مرفوعا ً نحوه .رواه ابن سعد (. ) 254 /2
3
3ه رواه أحمد ( )186 ،5/184ورجاله ثقات غيرعقبة بن عبدالرحمن هو ابن أبي معمر وهو
مجهول كما في " التقريب " ول تغتر بقول الهيتمي ( " : )2/27رواه الطبراني في الكبير
ورجاله رجال موثقون " ما فعل الشوكاني ،فإنه قال ( " )2/114وسنده جيد " وذلك لن
قوله " موثقون " دون قوله " ثقات " فإن قولهم " موثقون " إشارة منهم إلى أن
بعض رواته ليس توثيقه قويا ً فكأن الهيثمي يشير إلى أن عقبة هذا إنما وثقه ابن حبان
فقط وأن توثيق ابن حبان غير موثوق به والله أعلم
وكون توثيق ابن حبان ل يوثق به مما ل يرتاب فيه المتضلعون في هذا العلم
الشريف ،وقد فصلت القول في ذلك في ردي على رسالة " التعقب الحثيث " للشيخ
عبدالله الحبشي وقد نشر في التمدن السلمي في مقالت متتابعة ،ثم نشر في
رسالة مستقلة تحت عنوان " الرد على التعقب الحثيث " فراجع (ص 18ه . )21على أن
قول القائل في حديث ما " رجاله ثقات " أو " رجاله رجال الصحيح " ،فليس معناه
أن إسناده صحيح كما بينته في غير هذا الموضع ،فانظر مثل ً " سلسلة الحاديث
الصحيحة " (طج 2ص 5ه طبع المكتب السلمي ) ،لكن الحديث صحيح لشواهده
المتقدمة
11
عن أبي هريرة قال :قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم " :اللهم ل تجعل قبري وثناً ،لعن الله قوما ً اتخذوا
1
" 1قال ابن عبد البر :الوثن الصنم ،يقول :ل تجعل قبري صنما ً يصلى ويسجد نحوه
ويعبد ،فقد اشتد غضب الله على من فعل ذلك ،وكان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يحذر أصحابه وسائر أمته من سوء صنيع المم قبلهم ،الذين صلوا إلى قبور
أنبيائهم ،واتخذوها قبلة ومسجدا ً ،كما صنعت الوثنية بالوثان التي كانوا يسجدون إليها
ويعظمونها ،وذلك الشرك الكبر ،وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرهم بما
في ذلك من سخط الله وغضبه ،وأنه مما ل يرضاه ،خشية عليهم من امتثال طرقهم
،وكان صلى الله عليه وسلم يحب مخالفة أهل الكتاب وسائر الكفار ،وكان يخاف
على أمته اتباعهم ،أل ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم على جهة التعبير والتوبيخ "
لتتبعن سنن الذين كانوا من قبلكم حذوا النعل بالنعل ،حتى إن أحدهم لو دخل جحر
ضب لدخلتموه ؟".
كذا في " فتح الباري " لبن رجب ( )65/90/2من " الكواكب " .
2رواه أحمد (رقم )7352وابن سعد (2/241ه )242والمفضل الجندي في " فضائل المدينة
" ( )66/1وأبو يعلى في " مسنده " ( )312/1والحميدي ( )1025وأبو نعيم في " الحلية " (
6/382و )7/317بسند صحيح .
وله شاهد مرسل رواه عبدالرزاق في " المصنف " ( )1/406/1587وكذا ابن أبي
شيبة ( )4/141عن زيد بن أسلم .وإسناده قوي .
وأخر اخرجه مالك في " الموطأ " ( )1/185وعنه ابن سعد (2/240ه )241عن عطاء
بن يسار مرفوعا ً .وسنده صحيح ،وقد وصله البزار عنه عن أبي سعيد الخدري
وصححه ابن عبدالبر مرسل ً وموصول ً فقال ":فهذا الحديث عند من قال بمراسيل
الثقات ،وعند من قال بالمسند ،لسناد عمر بن محمد له ،وهو ممن تقبل زيادته "
.انظر " تنوير الحوالك " للسيوطي .
وفيما قاله ابن عبدالبر في عمر هذا نظر ،فقد قال الحافظ ابن رجب في "
الفتح" :
" خرجه من طريقه البزار " وعمر هذا هو ابن صبهان ،جاء منسوبا ً في بعض
نسخ البزار ،وظن ابن عبد البر أنه عمر بن محمد العمري ،والظاهر أنه وهم ،وقد
روي نحوه من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة بإسناد فيه نظر " .
3رواه ابن خزيمة في " صحيحه " ( )2 /1/92وابن حبان (340و )341وابن أبي شيبة في "
المصنف " ( 4/140طبع الهند ) وأحمد ( رقم 3844و )4143والطبراني في " المعجم الكبير
" ( )3/77/1وأبو يعلى في " مسنده " ( )257/1وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " ()1/142
بإسناد حسن ،وأحمد أيضا ً (رقم )4342بسند آخر حسن بما قبله ،والحديث
بمحموعهما صحيح وقال شيخ السلم ابن تيمية في " منهاج السنة " ( )1311و"
القتضاء " (ص ": )185وإسناده جيد " وقال الهيثمي ( ": )2/27رواه الطبراني في
الكبير وإسناده حسن " .
12
13ه عن علي بن أبي طالب قال :
" لقيني العباس فقال :يا علي انطلق بنا إلى النبي صلى
الله عليه وسلم فإن كان لنا من المر شئ وإل أوصى بنا
الناسه ه،ه هفدخلناه هعليهه ه،ه هوهوه همغمىه هعليهه ه،ه هفرفعه هرأسه
فقال " :لعن الله اليهود اتخذوا قبور النبياء مساجد " .
زاد في رواية " :ثم قالها الثالثة " .
فلما رأينا ما به خرجنا ولم نسأله عن شئ .
1
الفصههل الثهههانههي
وفي اقتصاره في عزوه على الطبراني وحده قصور ظاهر ،مع أنه في المسند
في ثلثة مواضع منه كما أشرنا إليهما آنفا ً !
والشطر الول من الحديث رواه البخاري في صحيحه ( )13/15معلقا ً .
رواه ابن سعد ( )4/28وابن عساكر ( )12/172/2من طريقين عن عثمان ابن اليمان نا أبو 1
بكر ابن أبي عون أنه سمع عبدالله بن عيسى بن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن
جده أو قال :عن ابيه ،أو عن جده قال :سمعت علي بن أبي طالب يقول :
قلت :هذا إسناد حسن لول أنني لم أعرف أبا بكر هذا ،ولم يورده الدولبي وأبو أحمد
الحاكم في " الكنى " .
رواه ابن زنجويه في " فضائل الصديق " كما في " الجامع الكبير " (. )3/147/1 2
13
الذي يمكن أن يفهم من هذا التخاذ ،إنما هو ثلث
معان :
الول :الصلة على القبور ،بمعنى السجود عليها .
الثاني :السجود إليها واستقبالها بالصلة والدعاء .
الثالث :بناء المساجد عليها ،وقصد الصلة فيها .
أقوال العلماء في معنى التخاذ المذكور
وبكل واحد من هذه المعاني قال طائفة من العلماء ،
وجاءته هبهاه هنصوصه هصريحةه هعنه هسيده هالنبياءه هصلىه هالله
عليه وسلم .
أما الول ،فقال ابن حجر الهيتمي في " الزواجر " (
: )121 /1
" واتخاذ القبر مسجدا ُه معناه الصلة عليه ،أو
إليه "
فهذا نص منه على أنه يفهم التخاذ المذكور شاملً
لمعنيين ،أحدهما الصلة على القبر .
وقال الصنعاني في " سبل السلم " ( " : )1/214واتخاذ
القبور مساجد أعم من أن يكون بمعنى الصلة إليها ،أو
بمعنى الصلة عليها ".
قلت :يعني أنه يعم المعنيين كليهما ،ويحتمل انه
أراده هالمعانيه هالثلثةه ه،ه هوهوه هالذيه هفهمهه هالمامه هالشافعي
رحمه الله ،وسيأتي نص كلمه في ذلك ،ويشهد للمعنى
الول أحاديث :
الول :عن أبي سعيد الخدري " :أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم نهى أن يبنى على القبور ،أو يقعد
عليها ،أو يصلى عليها " .
1
الثاني :قوله صلى الله عليه وسلم " :ل تصلوا إلى
قبر ،ول تصلوا على قبر " .
2
1رواه أبو يعلى في " مسنده " (ق )2 /66وإسناده صحيح ،وقال الهيثمي (" : )3/61
ورجاله ثقات " .
2
2رواه الطبراني في " المعجم الكبير" ( )2 /3/145وعنه الضياء المقدسي في " المختارة
" عن عبدالله
كيسان عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا ً ،وقال المقدسي :
وعبدالله بن كيسان قال فيه البخاري :منكر الحديث ،قال أبو حاتم الرازي
ضعيف ،وقال النسائي
14
الثالث :عن أنس :أن النبي صلى الله عليه وسلم
نهى عن اار ه وسئل عن الصلة وسط القبور ه قال :ذكر
ليه هأنه هالنبيه هصلىه هاللهه هعليهه هوسلمه هقاله ه":ه هكانته هبنو
إسرائيل اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد فعلنهم الله تعالى "
. 4
ليس بالقوي " إل أني لما رأيت ابن خزيمة والبستي أخرجا له أخرجناه " .
قلت :لكن الحديث صحيح ،فإن له عند الطبراني ( ) 1 / 150 /3طريقا ًه آخر ،
خيرا ًه منه ههذهه هعنه هابنه هعباسه ه،ه هعلقهه هالبخاريه هفيه ه"ه هالتاريخه هالصغيره ه"ه ه(صه )163ه ه،
وشطره الول له شاهد من حديث أبي مرثد ،يأتي قريبا ً .
4رواه عبدالرزاق ( )1591وهو مرسل صحيح السناد ،وموضع الشاهد منه أن عمراً
استشهد بالحديث على النهي عن الصلة بين القبور ،فد على أنه يعني المعنى
المذكور .
1يعني :يلزم من السجود إليها بناء المساجد عليها ،كما يلزم من بناء المساجد عليها
السجود إليها وهذا امر واقع مشاهد .
رواه مسلم ( )3/62وأبو داود ( )1/71والنسائي ( )1/124والترمذي ( )2/154والطحاوي في 2
" شرح
المعاني " ( )1/296والبيهقي ( )3/435وأحمد ( )4/135وابن عساكر ( 2/1512و )2 /152من
حديث
أبي مرثد الغنوي ،وقال احمد ":إسناده جيد " .
وقول الشيخ سليمان حفي الشيخ محمد بن عبد الوهاب (رحمهم الله ف) في
حاشيته على " المقنع
(1ه ": )125متفق عليه " .وهم منه .
ثم عزاه (ص )281لمسلم وحده ،فأصاب :وله [ على علمه وفضله ] من مثل
هذا التخريج أوهام كثيرة جدا ً ،يجعل العتماد عليه في التخريج غير موثوق به ،وأنا
أضرب على ذلك بعض المثلة الخرى تنبيها ً لطلب العلم ونصحا ً لهم ،وإنما الدين
النصيحة .
15
قال الشيخ علي القاري في " المرقاة " ( )2/372معللً
النهي :
" لما فيه من التعظيم البالغ كأنه من مرتبة المعبود ،
ولوه هكانه ههذاه هالتعظيمه هحقيقةه هللقبره هأوه هلصاحبهه هلكفر
المعظم ،فالتشبه به همكروه ،هوينبغي انه تكونه كراهة
تحريمه ه،ه هوفيه همعناهه هبله هأولىه همنهه هالجنازةه هالموضوعة
( يعني قبلة المصلين ) ،وهو مما ابتلي به أهل مكة حيث
يضعون الجنازة عند الكعبة ثم يستقبلون إليها " .
قلته ه:ه هيعنيه هفيه هصلةه هالفريضةه هوهذاه هبلءه هعامه هقد
تعداه إلى بلد الشام والناضول وغيرها ،وقد وقفنا منذ
شهره هعلىه هصورةه هشمسيةه هقبيحةه هجدا ً ه تمثله هصفا ً ه من
المصلين ساجدين تجاه نعوش مصفوفة أمامهم فيها جثث
في باخرة . جماعة من التراك كانوا ماتوا غرقا ً
وبهذه المناسبة نلفت النظر إلى أن الغالب من هديه
صلىه هاللهه هعليهه هوسلمه ههوه هالصلةه هعلىه هالجنائزه هفيه ه"
المصلىه ه"ه هخارجه هالمسجده ه،ه هولعله همنه هحكمةه هذلكه هإبعاد
المصلينه هعنه هالوقوعه هفيه همثله ههذهه هالمخالفةه هالتيه هنبه
عليها العلّمة القاري رحمه الله .
ونحو الحديث السابق ما روى ثابت البناني عن أنس
رضي الله عنه قال :
1ه قال "ص "20روى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
ل تنتفعوا من الميتة بشئ ،رواه الدارقطني بإسناد جيد ".
قلت وهو حديث ضعيف ،وفي الصحيح ما يعارضه ،وعزوه للدراقطني وهم لم
أجد من سبقه إليه .
2ه قال "ص "28لقوله صلى الله عليه وسلم " :من استنجى من ريح فليس منا
" رواه الطبراني في " معجمه الصغير "
قلت وليس هذا في " المعجم " وأنا أخبر الناس به ه والحمد لله ه فإني خدمته
،ورتبته على مسانيد الصحابة وخرجت احاديثه ووضعت فهرسا ً جامعا ً لحاديثه .
ثم إن الحزم بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه نظر ،لنه من رواية
أبي الزبير عن جابر ،كما أخرجه الجرجاني ( )272وغيره ،وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه
.
3ه قال "ص " 29قال النبي صلى الله عليه وسلم :لخلوف فم الصائم …" .
رواه الترمذي .
قلت :وهو " صحيح البخاري " و " صحيح مسلم " !!
16
"كنته هأصليه هقريبا ًهه منه هقبره ه،ه هفرآنيه هعمره هبن
الخطاب ،فقال :القبر القبر .فرفعت بصري إلى السماء
وأنا أحسبه يقول :القمر !" .
1
1رواه أبو الحسن الدينوري في " حزء فيه محالس من أمالي أبي الحسن القزويني (ق
)3/1بإسناد صحيح ،وعلقه البخاري (1/437فتح ) ،ووصله عبدالرزاق ايضا ً في " مصنفه
" ( )1581/ /1/404وزاد " :إنما أقول القبر :ل تصل إليه ".
1أي تشاوروا .
17
قلت :هذه الرواية ه على إرسالها ه تدل على أمرين
اثنين :
أحدهما ه:ه هأنه هالسيدةه هعائشةه هفهمته همنه هالتخاذ
المذكور في الحديث انه يشمل المسجد الذي قد يدخل
فيه القبر ،فبالحرى أن يشمل المسجد الذي بني على
القبر .
الثاني :أن الصحابة أقروها على هذا الفهم ،ولذلك
رجعوا إلى رأيها فدفنوه صلى الله عليه وسلم في بيتها .
فهذاه هيدله هعلىه هأنهه هل هفرقه هبينه هبناءه هالمسجده هعلى
القبره ه ،أو هإدخال هالقبر هفي هالمسجد ه ،هفالكل هحرام هلن
المحذور واحد ،ولذلك قال الحافظ العراقي :
" فلو بنى مسجدا ً يقصد أن يدفن في بعضه
دخل في اللعنة ه ،بل يحرم الدفن في المسجد ،وإن
شرطه هانه هيدفنه هفيهه هلمه هيصحه هالشرطه هلمخالفةه هوقفه
مسجدا ً . 1
قلته ه:ه هوفيه ههذاه هإشارةه هإلىه هأنه هالمسجده هوالقبره هل
يجتمعان في دين السلم ،كما تقدم ،ويأتي .
ويشهد لهذا المعنى الحديث الخامس المتقدم بلفظ
:
" أولئك قوم إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على
قبره مسجدا ً ...أولئك شرار الخلق …) .
فهو نص صريح في تحريم بناء المسجد على قبور
النبياء والصالحين ؛ لنه صرح أنه
من أسباب كونهم من شرار الخق عند الله تعالى ويؤيده
حديث جابر رضي الله عنه قال " نهى رسول الله صلى
الله عليه وسلم ان يجصص القبر ،وأن يقعد عليه ،وأن
عليه " . يبنى 1
18
فإنه هبعمومه هيشمل هبناء هالمسجده هعلى القبره ه ،هكما
يشمل بناء القبة عليه ،بل الول أولى بالنهي ،كما ل
يخفى .
فثبته هأنه ههذاه هالمعنىه هصحيحه هأيضا ًهه يدله هعليهه هلفظ
( التخاذ ) ،وتؤيده الدلة الخرى .
أما شمول الحاديث للنهي عن الصلة في المساجد
المبنية على القبور فدللتها على ذلك أوضح ،وذلك لن
النهي عن بناء المساجد على القبور يستلزم النهي عن
الصلةه هفيهاه ه،ه همنه هبابه هأنه هالنهيه هعنه هالوسيلةه هيستلزم
النهي عن المقصود بها والتوسل بها إليه ،مثاله إذا نهى
الشارعه هعنه هبيعه هالخمره ه،ه هفالنهيه هعنه هشربهه هداخله هفي
ذلك ،كما ل يخفى ،بل النهي عن من باب أولى .
ومنه هالبينه هجدا ًه أنه هالنهيه هعنه هبناءه هالمساجده هعلى
القبور ليس مقصودا ً بالذات ،كما أن المر ببناء المساجد
في الدور والمحلت ليس مقصودا ًه بالذات ،بل ذلك كله
من أجل الصلة فيها ،سلبا ً أو إيجابا ً ،يوضح ذلك المثال
التيه ه:ه هلوه هأنه هرجل ً ه بنىه همسجدا ً ه فيه همكانه هقفره هغير
مأهول ،ول يأتيه أحد للصلة فيه ،فليس لهذا الرجل أي
أجره هفيه بنائهه هلهذاه هالمسجده ه ،هبله ههوه هعنديه هآثمه لضاعة
المال ،ووضعه الشئ في غير محله ! .
فإذاه هأمره هالشارعه هببناءه هالمساجده هفهوه هيأمره هضمناً
بالصلة فيها ،لنها هي المقصودة بالبناء ،وكذلك إذا نهى
عنه هبناءه هالمساجده هعلىه هالقبوره ه،ه هفهوه هينهىه هضمنا ًه عن
الصلة فيها ؛ لنها هي المقصودة بالبناء أيضا ً ،وهذا بين ل
يخفى على العاقل إن شاء الله تعالى .
بان " فيه عنعنة أبي الزبير " فإن ابن الزبير قد صرح بالتحديث عند مسلم وكذا احمد ،وما
أعتقد أن هذا يخفى على الكوثري ،ولكن يفعل ذلك عمدا ً شأن أهل الهواء قديما ً وحديثا ً ،
يضعفون الحاديث الصحيحة إذا كانت عليهم ،ويصححون الحاديث الضعيفة إذا كانت لهم !
والكوثري هذا مشهور بذلك عند أهل العلم ،وقد بينت شيئا ً من هذا في " الحاديث الضعيفة
والموضوعة وأثرها السئ في المة " (الحاديث 23و 24و )25فليراجع من شاء التأكد مما
نقول ،ويأتيك مثال آخر في هذا الكتاب .
ويؤيد صحة الحديث أنا أبا الزبير لم يتفرد به ،بل تبعه سليمان بن موسى عند أحمد
وغيره ،ولما صححه الترمذي قال " :وقد روي من غير وجه عن جابر " وتابعه أيضا ً أبو نضرة
عند ابن النجار في " ذيل تاريخ بغداد " (. )1/ 10/201
وله شاهد عن أم سلمة عند أحمد ،وآخر عند أبي سعيد كما في " الكواكب الدراري "
(ق 86ه 87تفسير . )548
19
ترجيح: :شمول: :الحديث: :للمعاني: :كلها: :وقول
الشافعي بذلك
وجملة ::القوله ه:ه هأنه هالتخاذه هالمذكوره هفي
الحاديث المتقدمة يشمل كل هذه المعاني الثلثة ،فهو
من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم ،وقد قال بذلك
المام الشافعي رحمه الله ،ففي كتابه " الم " ()246 /1
ما نصه :
": :وأكره: :أن: :يبنى: :على: :القبر
مسجد: :وأن: :يسوى: :،: :أو: :يصلى: :عليه،: :
وهو: :غير: :مسوى: :(: :يعني: :أنه: :ظاهر
معروف ) أو يصلى إليه ،قال وإن صلى
إليه أجزأه وقد أساء ،أخبرنا مالك أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
": :قاتل: :الله: :اليهود: :والنصارى: :اتخذوا
قبو ر أنبيائه م مساج د " :.قاله ه:ه هوأكرهه ههذا
للسنة والثار ،وأنه كره ه والله تعالى أعلم ه أن يعظم
أحد من المسلمين ،يعني يتخذ قبره مسجدا ً ،ولم تؤمن
في ذلك الفتنة والضلل على ما يأتي بعده " .
فقد استدل بالحديث على المعاني الثلثة التي ذكرها
في سياق كلمه ،فهو دليل واضح على أنه يفهم الحديث
على عمومه ،وكذلك صنع المحقق الشيخ على القارئ
نقل ًه عن بعض أئمة الحنفية فقال في " مرقاة المفاتيح
شرح مشكاة المصابيح " (: )1/45
"ه هسببه هلعنهمه ه:ه هإماه هلنهمه هكانواه هيسجدونه هلقبور
أنبيائهم تعظيما ً لهم ،وذلك هو الشرك الجلي ،وإما لنهم
كانواه هيتخذونه هالصلةه هللهه هتعالىه هفيه همدافنه هالنبياء
والسجود على مقابرهم والتوجه إلى قبورهم حالة الصلة
نظرا ًه منهمه هبذلكه هإلىه هعبادةه هاللهه هوالمبالغةه هفيه هتعظيم
النبياء ،ه وذلك ههو الشركه الخفي لتضمنه ما يرجع إلى
تعظيم مخلوق فيما لم يؤذن له ،فنهى النبي صلى الله
20
عليه وسلم أمته عن ذلك إما لمشابهة ذلك الفعل سنة
اليهوده ه،ه هأوه هلتضحيةه هالشركه هالخفيه ه.ه هكذاه هقالهه هبعض
الشراح من أئمتنا ،ويؤيده ما جاء في رواية :يحذر ما
صنعوا " .
قلت :والسبب الول الذي ذكره وهو السجود لقبور
النبياءه هتعظيما ًه لهمه هوإنه هكانه هغيره همستبعده هحصولهه همن
اليهوده هوالنصارىه ه،ه هفإنهه هغيره همتبادره همنه هقولهه هصلىه هالله
عليه وسلم " :اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " فإن ظاهره
أنهمه هاتخذوهاه همساجده هلعبادةه هالهه هفيهاه هعلىه هالمعاني
السابقة تبركا ًه بمن دفن فيها من النبياء ،وإن كان هذا
أدى بهم ه كما يؤدي بغيرهم ه إلى وقوعهم في الشرك
الجلي ذكره الشيخ القارئ .
*********
الفصل الثالث
اتخاذ المساجد على القبور
من الكبائر
بعده هأنه هتبينه هلناه همعنىه هالتخاذه هالوارده هفيه هالحاديث
المتقدمةه ه،ه هيحسنه هبناه هأنه هنقفه هقليل هعنده ههذهه هالحاديث
لنتعرف منها حكم التخاذ المذكور ،مسترشدين في ذلك
بما ذكره العلماء حوله فأقول :
إن كل من يتأمل في تلك الحاديث الكريمة يظهر له
بصورة ل هشك فيها أن التخاذ المذكور يحرم ،بل كبيرة
من الكبائر ،لن اللعن الوارد فيها ،ووصف المخالفين
بأنهم من شرار الخلق عند الله تبارك وتعالى ،ل هيمكن
أن يكون في حق من يرتكب ما ليس كبيرة كما ل يخفى .
مذاهب العلماء في ذلك
وقده هاتقفته هالمذاهبه هالربعةه هعلىه هتحريمه هذلكه ه،
ومنهم من صرح بأنه كبيرة
وإليك تفاصيل المذاهب في ذلك :
1ه مذهب الشافعية انه كبيرة
21
قال الفقيه ابن حجر الهيتمي في " الزواجر عن
اقتراف الكبائر
(: )1/120
"ه هالكبيرةه هالثالثةه هوالرابعةه هوالخامسةه هوالسادسة
والسابعة والثامنة والتسعون
اتخاذ القبور مساجد ،وإيقاد السرج عليها واتخاذها أوثانا ً ،
والطواف بها ،واستلمها ،والصلة إليها ".
ثم ساق بعض الحاديث المتقدمة وغيرها ،ثم قال
( ص :)111
" [ تنبيه ] :عد هذه الستة من الكبائر وقع في كلم
بعض الشافعية ،وكأنه
أخذه هذلكه همماه هذكرتهه همنه هالحاديثه ه،ه هووجهه هاتخاذه هالقبر
مسجدا ً منها واضح ،لنه لعن من فعل ذلك بقبور أنبيائه ،
وجعل من فعل ذلك بقبور صلحائه شر الخلق عند الله
تعالى يوم القيامة ،ففيه تحذير لنا كما في رواية " :يحذر
ما صنعوا " أي يحذر أمته بقوله لهم ذلك من أن يصنعوا
كصنع أولئك ،فيلعنوا كما لعنوا ،ومن ثم قال أصحابنا :
تحرم الصلة إلى قبور النبياء والولياء تبركا ًه وإعظاما ًه ،
ومثلها الصلة عليه للتبرك والعظام ،وكون هذا الفعل
كبيرة ظاهرة من الحاديث المذكورة لما علمت ،فقال
بعض الحنابلة :
ه ه ه " قصد الرجل الصلة عند القبر متبركا ًه به عين
المحادة لله ولرسوله صلى
الله عليه وسلم وابتداع دين لم يأذن به الله ،للنهي عنها
ثمه هإجماعا ًهه ،ه هفإنه هأعظمه هالمحرماته هوأسبابه هالشرك
الصلة عندها ،واتخاذها مساجد ،أو بناؤها عليها والقول
بالكراهة محمول على غير ذلك ،إذ ل يظن بالعلماء تجويز
فعل تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم لعن فاعله ،
ويجب المبادرة لهدمها ،وهدم القباب التي على القبور إذ
هي أضر من مسجد الضرار ،لنها أسست على معصية
رسول الله صلى الله عليه وسلم ،لنه نهى عن ذلك ،
وأمره هرسوله هاللهه هصلىه هاللهه هعليهه هوسلمه هبهدمه هالقبور
22
المشرفة ،وتجب إزالة كل قنديل أو سراج على قبر ،ول
يصح وقفه ونذره .انتهى " .
هذا كله كلم الفقيه ابن حجر الهيتمي ،وأقره عليه
المحقق اللوسي في " روح المعاني " ( ، ) 5/31وهو كلم
يدله هعلىه هفهمه هوفقهه هفيه هالدينه ه،ه هوقولهه هفيماه هنقلهه هعن
بعض الحنابلة :
" والقول بالكراهة محمول على غير ذلك "
كأنه يشير إلى قول الشافعي " وأكره أن يبنى على القبر
مسجد " ..الخ كلمه الذي نقلته بتمامه فيما سبق (ص )27
،ه هوعلىه ههذاه هأتباعهه همنه هالشافعيةه هكماه هفيه ه"ه هالتهذيبه ه"
وشرحهه ه"ه هالمجموعه ه"ه هومنه هالغريبه هأنهمه هيحتجونه هعلى
ذلكه هببعضه هالحاديثه هالمتقدمةه ه،ه همعه هأنهاه هصريحةه هفي
تحريم ذلك ،ولعن فاعله ،ولو أن الكراهة كانت عندهم
للتحريم لقرب المر ،ولكنها لديهم للتنزيه فكيف يتفق
القوله ه ه ه ه ه ه ه هب(ه هالكراهةه ه)ه همعه هتلكه هالحاديثه هالتي
يستدلون بها عليها ؟!
أقول هذاه ،وإن هكنت هل هأستبعد هحمل هالكراهة في
عبارة الشافعي المتقدمة خاصة على الكراهة التحريمية ؛
لنه هو المعنى الشرعي المقصود في الستعمال القرآني
،ول شك أن الشافعي متأثر بأسلوب القرآن غاية التأثر ،
فإذا وقفنا في كلمه على لفظ له معنى خاص في القرآن
الكريم وجب حمله عليه ،ل على المعنى المصطلح عليه
عنده هالمتأخرينه ه،ه هفقده هقاله هتعالىه ه{ه هوكرهه هإليكمه هالكفر
والفسوق والعصيان } وهذه كلها محرمات ،فهذا المعنى
1
23
وقتل النفس وغير ذلك ( :كل ذلك كان سيئه عند ربك
مكروها ً ) أي محرما ً .
1
3
بالحق ) . . .إلى قوله }ول تقف ما ليس لك به علم { 2
24
إلى آخر اليات ثم قال }:كل ذلك كان سيئه عند ركب
مكروها ً{ وفي الصحيح " أن الله عزوجل كره لكم قيل 4
25
على التمسك بالسنة بمعناها الصطلحي وهو ":من ترك
سنتي لم تنله شفاعتي " ،فأخطأوا مرتين .
الولى :نسبتهم الحديث إلى النبي صلى الله عليه
وسلم و ل أصل له فيما نعلم .
الثانية :تفسيرهم للسنة بالمعنى الصطلحي ،غفلة
منهم عن معناها الشرعي ،وما أكثر ما يخطئ الناس
فيما نحن فيه بسبب مثل هذه الغفلة !
ولهذا أكثر ما نبه شيخ السلوم ابن تيمية وتلميذه
ابن القيم رحمهم الله على ذلك ،وأمروا في تفسير
اللفاظ الشرعية بالرجوع إلى اللغة ل العرف ،وهذا في
الحقيقة أصل لما يسمونه اليوم ب" الدراسة التاريخية
لللفاظ " .
ويحسن بنا ان نشير إلى أن من أهم أغراض مجمع
اللغة العربية في الجمهورية العربية المتحدة في مصر "
وضع معجم تاريخي للغة العربية ،ونشر بحوث دقيقة في
تاريخ بعض الكلمات ،وما طرأ على مدلولتها من تغيير "
كما جاء في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون
ذي الرقم ( )1955( )434الخاص بشأن تنظيم مجمع اللغة
العربية (انظر " مجلة المجتمع " ج 8ص . )5فعسى أن
يقوم المجمع بهذا العمل العظيم ،ويعهد به إلى أيد عربية
مسلمة ،فإن أهل مكة أدرى بشعابها ،وصاحب الدار
أدرى بما فيها ،وبذلك يسلم هذا المشروع من كيد
المستشرقين ،ومكر المستعمرين .
:2مذهب الحنفية الكراهة التحريمية
والكراهة بهذا المعنى الشرعي قد قال به هنا
الحنفية فقال المام محمد تلميذ أبي حنيفة في كتابه "
الثار" (ص : )45
" ل نرى أن يزاد على ما خرج من القبر ،ونكره أن
يجصص أو يطين أو يجعل عنده مسجدا ً " .
والكراهة عن الحنفية إذا أطلقت فهي للتحريم ،كما
هو معروف لديهم ،وقد صرح بالتحريم في هذه المسألة
ابن الملك منهم كما يأتي .
3ه مذهب المالكية التحريم
26
وقال القرطبي في تفسيره ( )10/38بعد أن ذكر
الحديث الخامس :
" قال علماؤنا :وهذا يحرم على المسلمين أن يتخذوا
قبور النبياء والعلماء مساجد ".
:4مذهب الحنابلة التحريم
ومذهب الحنابلة التحريم أيضا ً كما في " شرح
المنتهى " ( )1/353وغيره ،بل نص بعضهم على بطلن
الصلة في المساجد المبنية على القبور ،ووجوب
هدهما ،فقال ابن القيم في " زاد المعاد " ( )3/22في صدد
بيان ما تضمنته غزوة تبوك من الفقه والفوائد ،وبعد أن
ذكر قصة مسجد الضرار الذي نهى الله تبارك وتعالى نبيه
أن يصلي فيه ،وكيف أنه صلى الله عليه وسلم هدمه
وحرقه قال :
" ومنها تحريق أمكنة المعصية التي يعصى الله
ورسوله صلى الله عليه وسلم فيها ،مسجد يصلى فيه ،
ويذكر اسم الله فيه ،لما كان بناؤه ضررا ً وتفريقا ً بين
المؤمنين ،ومأوى للمنافقين ،وكل مكان هذا شأنه
فواجب على المام تعطيله ،إما بهدم أو تحريق ،وإما 1
1قلت :مفهوم هذا أن ذلك ل يجب على غير المام ،ومثله من ينوب عنه ،وهذا هو
الذي يقتضيه النظر الصحيح ،لنه لو قام به غيره لترتب على ذلك مفاسد وفتن بين
المسلمين قد تكون أكبر من المصلحة التي يراد جلبها .
2روى الدولبي في " الكنى " ( )1/189عن إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف قال :رأيت
عمر أحرق بيت رويشد الثقفي حتى كأنه جمرة أو حمة وكان جارنا يبيع الخمر .وسنده
صحيح .ورواه عبدالرزاق عن صفية بنت ابي عبيد كما في " الجامع الكبيرة " ()3/204/1
وأبو عبيد في " الموال " (ص )103عن ابن عمر ،وسنده صحيح أيضا ً .
27
فويسقا ً ،وحرق قصر سعد لما احتجب عن الرعية ،1
لم يصح وقف هذا المسجد ،وعلى هذا فيهدم المسجد إذا
بني على قبر كما ينبش الميت إذا دفن في المسجد نص
على ذلك المام أحمد وغيره ،فل يجتمع في دين السلم
مسجد وقبر ،بل أيهما طرأ على الخر منع منه ،وكان
الحكم للسابق ،فلو وضعا معا ً لم يجز ،ول يصح هذا
الوقف ول يجوز ول تصح الصلة في هذا المسجد لنهي
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ولعنه من اتخذ
القبر مسجدا ً ،أو أوقد عليه سراجا ً فهذا دين السلم
4
1يعني باب القصر ،والقصة رواها عبد الله بن المبارك في " الزهد" ( )1 /179من "
الكواكب الدراري " تفسير (575ورقم 513ه 528ط) وأحمد (رقم )390بسند رجاله ثقات .
2متفق عليه من حديث أبي هريرة ،وهو مخرج في " صحيج أبي داود " (557و )558
( تنبيه ) :إن حديث الجمعة حديث آخر من رواية ابن مسعود مرفوعا ً ،أخرجه مسلم
دون البخاري .
3قلت :هذا وإن كان هو المعقول ،لكن السند بذلك لم يصح عنه صلى الله عليه
وسلم ،فإن فيه أبا معشر نجيح المدني وهو ضعيف لسوء حفظه ،بل حديثه هذا منكر
كما بينته في " تخريج المشكاة " ( )1073التحقيق الثاني .
يشيير إلى حديث ابن عباس " لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد 4
والسرج " رواه أبو داود وغيره ،ولكنه ضعيف السند ،وإن لهج بذكره كثير من
السلفيين ،فالحق أحق أن يقال وأن يتبع ،وممن ضعفه من المتقدمين المام مسلم
فقال في " كتاب التفصيل " :
" هذا الحديث ليس بثابت ،وأبو صالح باذام قد اتقى الناس حديثه ،ول يثبت له
سماع من ابن عباس " .
نفله ابن رجب في " الفتح " كما في " الكواكب " (. )65/82/1
وقد بينت ضعف هذا الحديث في " الحاديث الضعيفة والموضوعة
وأثرها السئ في المة " رقم ( )225وقد ذكرت هناك أن الحديث صحيح
لغيره ،إل اتخاذ السرج ،فإنه منكر لم يأت إل من هذا الطريق الضعيف .
وقد وقفت الن على خطأ فاحش حول هذا الحديث ،فجاء في كتاب
"القول المبين " لحد أفاضل العلماء المعاصرين السلفيين ما نصه (ص : )79
= " وهذا الحديث وإن كان في إسناده عند أصحاب السنن مقال ،فإن إسناده
عند الحاكم خال من هذا المقال ،لن طريق الحاكم غير طريقهم " !
قلت :والحديث مدراه عند الحاكم وغيره على أبي صالح عن ابن عباس ،وقد
قال الحاكم عقبه (: )1/374
" أبو صالح هو باذام ولم يحتجا به " .
قلت :وهو ضعيف عند جمهور الئمة ،ولم يوثقه إل العجلي وحده كما قال
الحافظ في التهذيب " ،والعجلي معروف بتساهله في التوثيق كابن حبان ولم
نجد للحديث طريقا ً آخرى لنشد عضده به بعد مزيد البحث عنه .
28
الذي بعث الله به رسوله ونبيه وغربته بين الناس كما ترى
!".
فتبين مما نقلناه عن العلماء أن المذاهب
الربعة متفقة على ما أفادته الحاديث المتقدمة ،من
تحريم بناء المساجد على القبور .وقد اتفاق العلماء على
ذلك اعلم الناس بأقوالهم ومواضع اتفاقهم واختلفهم ،أل
وهو شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله ،فقد سئل رحمه
الله بما نصه :
" هل تصح الصلة على المسجد إذا كان فيه قبر ؛
والناس تجتمع فيه لصلتي الجماعة والجمعة أم ل ؟ وهل
يمهد القبر ،أو يعمل عليه حاجز أو حائط ؟ فأجاب :
الحمدلله ،اتفق الئمة أنه ل يبنى مسجد على قبر ،
لن النبي صلى الله عليه وسلم قال ":إن من كان قبلكم
كانوا يتخذون القبور مساجد ،أل فل تتخذوا القبور مساجد
؛ فإني أنهاكم عن ذلك " .وأنه ل هيجوز دفن ميت في
مسجده هفإنه هكانه هالمسجده هقبله هالدفنه هغُي ّهر ه،ه هإماه هبتسوية
القبر ،وإما بنبشه إن كان جديدا ً ،وإن كان المسجد بني
على بعد القبر ،فإما أن يزال المسجد وإما تزال صورة
القبر ،فالمسجد الذي على القبر ل يصلى فيه فرض ول
نفل ،فإنه منهي عنه " كذا في الفتاوى له (. )2/192 ، /1/107
وقد تبنت دار الفتاء في الديار المصرية فتوى شيخ
السلم ابن تيمية هذه ،فنقلتها عنه في فتوى لها أصدرتها
تنص على عدم جواز الدفن في المسجد ،فليراجعها من
1
شاء في " مجلة الزهر " (ج 112ص 501و )503
وقال ابن تيمية في " الختيارات العلمية " (ص : )52
" يحرم السراج على القبور ،واتخاذ القبور المساجد
عليها ،وبينها ،ويتعين إزالتها ،ول هأعلم فيه خلفا ًه بين
العلماء المعروفين ".
ونقله ابن عروة الحنبلي في " الكواكب الدراري " (
)2/244/1وأقره .
ولعل المشار إليه ،عني بكلمه بعض الشواهد التي ذكرتها هناك لكن
هذه ليس فيها ذكر السراج أصل ً ،فهو وهم على وهم .
1وفي المجلة نفسها مقال آخر في تحريم البناء على القبورمطلقا فانظر ( مجلد سنة
1930ص 359وه . )364
29
وهكذا نرى أن العلماء كلهم اتفقوا على ما دلت عليه
الحاديث من تحريم اتخاذ المساجد على القبور ،فنحذر
المؤمنين من مخالفتهم ،والخروج عن طريقتهم ،خشية
أن يشملهم وعيد قوله عز وجل }ومن يشاقق الرسول
من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله
ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا{
2
********
الفصههههل الههرابهههع
شبهات وجوابها
قده هيقوله هقائله ه:ه هإذاه هكانه همنه هالمقرره هشرعا ًه تحريمه هبناء
المساجد على القبور ،فهناك أمور كثيرة تدل على خلف
ذلك وإليك بيانها :
أول ًه :ه هقولهه هتعالىه هفيه هسورةه هالكهفه ه}ه هقاله هالذين
غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا ًه { ه ،وجه دللة
1
الية على ذلك :أن الذين قالوا هذا القول كانوا نصارى ،
علىه هماهوه همذكوره هفيه هكتبه هالتفسيره ه،ه هفيكونه هاتخاذ
المسجده هعلىه هالقبره همنه هشريعتهمه ه،ه هوشريعةه همنه هقبلنا
شرعية لنا إذا حكاها الله تعالى ،ولم يعقبها بما يدل على
ردها كما في هذه الية الكريمة .
ثانيا ًه :ه هكونه هقبره هالنبيه هصلىه هاللهه هعليهه هوسلمه هفي
مسجده الشريف ،ولو كان ذلك ل يجوز لما دفنوه صلى
الله عليه وسلم في مسجده !
ثالثا ًه :صلة النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد
الخيف مع أن فيه قبر سبعين نبيا ً كما قال صلى الله عليه
وسلم !
30
رابعاً :ما ذكر في بعض الكتب أن قبر إسماعيل عليه
السلمه هوغيرهه هفيه هالحجره همنه هالمسجده هالحرامه ه،ه هوهو
أفضل مسجد يتحرى المصلى فيه .
خامسا ً :بناء أبي جندل رضي الله عنه مسجدا ً على
قبر أبي بصير رضي الله عنه في عهد النبي صلى الله
عليه وسلم كما جاء في " الستيعاب " لبن عبد البر .
سادسا ًهه :ههزعمهه ههبعضهمهه ههأنهه ههالمنعهه ههمنهه ههاتخاذ
القبورمساجد إنما كان لعلة خشية الفتتان ه ه بالمقبور ،
زالت برسوخ التوحيد في قلوب المؤمنين ،فزال المنع !
الجواب عن الشبهة الولى :
أما الشبهة الولى فالجواب عنها من ثلثة وجوه :
الوله ه:ه هأنه هالصحيحه هالمتقرره هفيه هعلمه هالصوله هأن
شريعة من قبلنا ليست شريعة لنا لدلة كثيرة منها قوله
1
أخرجه البخاري ومسلم ،وهو مخرج في " إرواه الغليل " (رقم . )285 2
31
التسليمه هفليسه هفيهاه هانهمه هكانواه همؤمنينه هصالحينه ه،
متمسكين بشريعة نبي مرسل ،بل الظاهر خلف ذلك ،
قاله هالحافظه هابنه هرجبه هفيه ه"ه هفتحه هالباريه هفيه هشرح
البخاري " ( ) 65/280من "الكواكب الدراري"ه ه"حديث لعن
1
1مخطوط في المكتبة الظاهرية بدمشق ،وهو كتاب عظيم جدا ً جمع نفائس نادرة من
كتب العلماء المتقدمين ورسائلهم التي لم يطبع أكثرها فيما علمت ،وأنا الن في صدد
إخراج هذه الكتب والرسائل في فهرس خاص أضعه لمجلدات هذا الكتاب الموجودة
في المكتبة وفي غيرها إن وفقت لذلك .ثم تم الستخراج المذكور من مجلدات
المكتبة ،فعسى الله أن يوفق للطلع على غيرها واستخراج ما فيها من الكنوز
1قلت وحكاهما أيضا ً ابن الجوزي في تفسيره " زاد المسير " (5/123ه طبعة المكتب
السلمي ) دون أن يرجح أحدهما على عادته .
32
إذا عرفت هذا ،فل هيصح الحتجاج بالية على وجه
من الوجوه ،وقال العلمة المحقق اللوسي في " روح
المعاني " ()5/31
" واستدل بالية على جواز البناء على قبور العلماء
واتخاذ مسجد عليها ،وجواز الصلة في ذلك ! وممن ذكر
ذلك الشهاب الخفاجي في حواشيه على البيضاوي ،وهو
قول باطل عاطل ،فساد كاسد فقد روي). . .
ثمه هذكره هبعضه هالحاديثه هالمتقدمةه ه،ه هوأتبعهاه هبكلم
الهيتمي في " الزواجر" مقرا ًه له عليه ،وقد نقلته فيما
سبق ،ثم نقل عنه في كتابه " شرح المنهاج " ما نصه :
" وقد أفتى جمع بهدم كل ما بقرافة مصر من البنية
،حتى قبة المام الشافعي عليه
الرحمة ،التي بناها بعض الملوك ،وينبغي لكل أحد هدم
ذلك ما لم يخش منه مفسدة ،فيتعين
الرفع للمام آخذا ً من كلم ابن الرفعة في الصلح ".انتهى
.
ثم قال المام اللوسي :
"ه هل هيقاله ه:ه هإنه هاليةه هظاهرةه هفيه هكونه هماه هذكره همن
ل بها ،فقد روي أنه صلى الله شرائع من قبلنا ،وقد استُد ِ َّ
عليهه هوسلمه هقاله ه:ه ه"ه همنه هنامه هعنه هصلةه هأوه هنسيهاه ه" .ه،
1
1قلت :هذا الحديث صحيح مخرج على الصحيحين فل يحن تصديره بقوله " روي " لنه
يدل على الضعف في اصطلح العلماء كما بينته في " صلة التروايح " (ص 63ه )64
فتنبه .
ثم إن الحديث مخرج عندي في " صحيح أبي داود " ( )461و(الرواء) (. )263
23سورة طه ،الية .14
33
ت هأنهه هعليهمع َه
س ِ
عليهه هوسلمه هكإنكارهه هعزه هوجله ه.ه هوقده ه َ
4
34
كهفهم مسجدا ً ،وهذا أقرب لظاهر اللفظ كما ل يخفى ،
وهذاهههههههههههههههههههههههههههههههههه ههههههههههههههههههههههههههههههههههكله
إنما يحتاج إليه على القول بأن أصحاب الكهف ماتوا بعد
عليهم ،وأما على القول بأنهم العثار
ناموا ناموا كما
أول ً فل يحتاج إليه على ما قيل .
1
1يشير إلى ما ذكره في أول الصفحة الولى من الصفحتين المشار إليهما وهو قوله :
" وعن الحسن أنه اتخذ ( يعني المسجد) ليصلى فيه أصحاب الكهف إذا
استيقظوا ".
قال اللوسي :
" وهذا مبني على أنهم لم يموتوا بل ناموا كما ناموا أول ً وإليه ذهب بعضهم ،
بل قيل :إنهم ل يموتون حتى يظهر المهدي ويكونوا من أنصاره .ول معول على ذلك
وهو عندي أشبه شئ بالخرافات ".
35
بعض هالمعاصرين هلكنه همنه هوجه هآخره همبتدعه همغايره هبعض
1
1هو الشيخ أبو الفيض أحمد الصديق الغماري في كتبابه المسمى " إحياء المقبور من
أدلة استحباب بناء المساجد والقباب على القبور "! وهذا الكتاب من أغرب ما ابتلى به
المسلمون في هذا العصر ،وأبعد ما يكون عن البحث العلمي النزيه ،فان المؤلف
يدعي ترك التقليد والعمل بالحديث الشريف ! فقد التقيت به منذ بضعة أشهر في
المكتبة الظاهرية ،وظهر لي من الحديث الذي جرى بيني وبينه أنه على معرفة بعلوم
الحديث ،وأنه يدعو للجتهاد ،ويحارب التقليد ،محاربة ل هوادة فيها ،وله ذلك بعض
المؤلفات كما قال لي ،ولكن الجلسة كانت قصيرة لم تمكني من أن أعرف اتجاهه
في العقيدة ،وإن كنت شعرت من بعض فقرات حديثه انه خلفي صوفي ،ثم تأكد
من ذلك بعد أن قرأت له هذا الكتاب وغيره ،حيث تبين لي أن يحارب أهل التوحيد ،
ويخالفهم في عقيدتهم مخالفة شديدة ،ويقول البدعة الحسنة ،وينتصر للمبتدعة !
ولم يستفد من دعواه الحتهاد إل النتصار للهواء وأهلها ،ما يفعل مجتهدوا الشيعة
تماماً! وإن شئت دليل على ما أقول ،فحسبك برهانا ً على ذلك هذا الكتاب " . . .
المقبور" ! فإن قبر كل الحاديث المتواترة في تحريم البناء المساجد على القبور الذي
قال به الئمة الفحول بل خلف يعرف بينهم ،فهو والحق يقال :جرئ ،ولكن في
محاربة الحق ! كيف ل وهو يرد كل ما ذكرناه من الحاديث واتفاق الئمة دون أي
حجة ،اللهم إل اتباع المتشابه من النصوص كآية الكهف هذه شانه في ذلك شأن
المبتدعة في در النصوص المحكمات بالمتشابه ،نعوذ بالله من الخذلن وسيأتيك من
كلمه بعض المثلة الخرى على ما ذكرنا ،والله المستعان .
36
المشهوره ه":ه هأل هإنيه هأوتيته هالقرآنه هومثلهه همعهه ه".ه هوفي
1
رواية ":أل إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله ".
فهذا الستدلل عندهم هههه والمستدل يزعم أنه منهم
! ههه باطل ظاهر البطلن ،لن الرد الذي نفاه ،قد وقع
في السنة المتواترة كما سيق ،فكيف يقول :إن الله
أقرهم ولم يرد عليهم ،مع أن الله لعنهم على لسان نبيه
صلى الله عليه وسلم ،فأي رد أوضح وأبين من هذا ؟! .
وم ا مث ل م ن يستد ل بهذ ه الي ة عل ى خل ف الحاديث
المتقدمة: :؛: :إل ::كمثل: :من: :يستدل: :على: :جواز: :صنع
التماثيل والصنام بقوله تعالى في الجن الذين كانوا
مذللي ن لسليمان علي ه السلم } :يعملون ل ه ما يشاء
ن كالجواب وقدور راسيات من محاريب وتماثيل وجفا ٍ
{ ::يستدل: :بها: :على: :خلف: :الحاديث: :الصحيحة: :التي 2
37
سبق بيانه في حديث عائشة وغيره ( ص 9ه ، )10ولكن وقع
بعدهمه هماه هلمه هيكنه هفيه هحسبانهم!ه هذلكه هأنه هالوليده هبن
عبدالملكه هأمره هسنةه هثمانه هوثمانينه هبهدمه هالمسجده هالنبوي
حجر أزواج رسول الله صلى الله عليه سولم إليه وإضافة ُ
،فأدخل فيه الحجرة النبوية حجرة عائشة ،فصار القبر
بذلك في المسجد ولم يكن في المدينة أحد من الصحابة 1
تاريخ ابن جرير (5/22ه )223وتاريخ ابن كثير (9/74ه )75 1
38
فكان بناء المسجد وإدخال الحجرة فيه فيما بين ذلكه ،
2
2قلت وإنما لم يسم الحافظ ابن عبدالهادي السنة التي وقع فيها ذلك لنها لم ترد في
رواية ثابتة على طريقة المحدثين ،وما نقلناه عن ابن جرير هو من رواية الواقدي وهو
متهم ،ورواية ابن شبة التية في كلم الحافظ ابن عبد الهادي مدارها على مجاهيل ،
وهم عن مجهول ! كما هو ظاهر ،فل حجة في شئ من ذلك ،وإنما العمدة على اتفاق
المؤرخين على أن إدخال الحجرة إلى المسجد كان في ولية الوليد ،وهذا القدر كاف
في إثبات أن ذلك كان بعد موت الصحابة الذين كانوا في المدينة حسبما بينه الحافظ
لكن يعكر عليه ما رواه أبو عبدالله الرازي في مشيخته ( ) 218/1عن محمد بن الربيع
الحيزري ":توفي سهل بن سعد بالمدينة هو ابن مائة سنة وكانت وفاته سنة إحدى
وتسعين وهو آخر من مات بالمدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .لكن
الجيزري هذا لم اعرفه ثم هو معضل ،وقد ذكر مثله الحافظ بن حجر في " الصابة
" ( )2/87عن الزهري من قوله فهو معضل أيضا ً أو مرسل ،ثم عقبه بقوله ":وقيل قبل
ذلك ،وزعم ابن أبي داود أنه مات بالسكندرية " ،وجزم في " التقريب " أنه مات
سنة 88فالله أعلم .
ً
وخلصة القول أنه ليس لدينا نص تقوم به الحجة على أن أحدا من الصحابة كان في
عهد عملية التغيير هذه ،فمن ادعى خلف ذلك فعليه الدليل ،فما جاء في شريح
مسلم " (5/13ه ) 14أن ذلك كان في عهد الصحابة ،لعل مستنده تلك الرواية المعضلة
أو المرسلة ،وبمثلها ل تقوم حجة ،على أنها أخص من الدعوى ،فإنها لو صحت إنما
تثبت وجود واحد من الصحابة حينذاك ،ل ( الصحابة ) .
وأما قول بعض من كتب في هذه المسألة بغير علم :
" فمسجد النبي صلى الله عليه وسلم منذ وسعه عثمان رضي الله عنه وأدخل
في المسجد ما لم يكن منه ،فصارت القبور الثلثة محاطة بالمسجد لم ينكر أحد من
السلف ذلك ".
فمن جهالتهم التي ل حدود لها ه ول أريد أن أقول :إنها من افتراءاتهم ه فإن
أحدا من العلماء لم يقل إن إدخال القبور الثلثة كان في عهد عثمان رضي الله عنه ،
بل اتفقوا على أن ذلك كان في عهد الوليد بن عبد الملك كما سبق ،أي بعد عثمان
بنحو نصف قرن ولكنهم يهرفون بما ل هيعرفون ذلك لن عثمان رضي الله عنه فعل
خلف ما نسبوا إليه ،فإنه لما وسع المسجد النبوي الشريف احترز من الوقوع في
مخالفة الحاديث المشار إليها ،فلم يوسع المسجد من جهة الحجرات ،ولم يدخلها
فيه ،وهذا عين ما صنعه سلفه عمر بن الخطاب رضي الله عنهم جميعا ً ،بل أشار هذا
إلى أن التوسيع من الجهة المشار إليها فيه المحذور المذكور في الحاديث المتقدمة
كما سيأتي ذلك عنه قريبا ً .
وأما قولهم ":ولم ينكر أحد من السلف ذلك ".
فنقول :وما أدراكم بذلك ؟ ! فإن من أصعب الشياء على العقلء إثبات نفي
شئه هيمكنه هأنه هيقعه هولمه هيعلمه ه،ه هكماه ههوه همعروفه هعنده هالعلماءه ه،ه هلنه هذلكه ه هيستلزم
الستقراء التام والحاطة بكل ما جرى ،وما قيل حول الحادثة التي يتعلق بها المر
المراد نفيه عنها ،وأنى لمثل هذا البعض المشار إليه أن يفعلوا ذلك لو استطاعوا ،ولو
أنهم راجعوا بعض الكتب لهذه المسألة لما وقعوا في تلك الجهالة الفاضحة ،
39
حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأدخل القبر
فيه ".
يتبينه هلناه همماه هأوردناهه هأنه هالقبره هالشريفه هإنماه هإدخل
إلىه هالمسجده هالنبويه هحينه هلمه هيكنه هفيه هالمدينةه هأحده همن
الصحابة وإن ذلك كان على خلف غرضهم الذي رموا إليه
حين دفنوه في حجرته صلى الله عليه وسلم ،فل هيجوز
لمسلم بعد أن عرف هذه الحقيقة أن يحتج بما وقع بعد
= ولو جدوا ما يحملهم على أن ل ينكروا ما لم يحيطوا بعلمه ،فقد قال الحافظ ابن
كثير في تاريخه (75ج ) 9بعد أن ساق قصة إدخال القبر النبوي في المسجد :
" ويحكي أن سعيد بن المسيب أنكر إدخال حجرة عائشة في المسجد كأنه خشي
أن يتخذ القبر مسجدا ً ".
وأنا ل يهمني كثيرا ً صحة هذه الرواية ،أو عدم صحتها ،لننا ل نبني عليها حكماً
شرعيا ً ،لكن الظن بسعيد بن المسيب وغيره من العلماء الذين أدركوا ذلك التغيير ،
أنهم أنكروا ذلك أشد النكار ،لمنافاته تلك الحاديث المتقدمة منافاة بينة ،وخاصة
منها رواية عائشة التي تقول ":فلول ذاك أبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا ً "
فما خشي الصحابة رضي الله عنهم قد وقع هه مع السف الشديد ه بإدخال القبر في
المسجد ،إذ لفارق بين أن يكونوا دفنوه صلى الله عليه وسلم حين مات في المسجد
ه وحاشاهم عن ذلك ه وبين ما فعله الذين بعدهم من إدخال قبره في المسجد بتوسيعه
،فالمحذور حاصل على كل حال كما تقدم عن الحافظ العراقي ،وشيخ السلم ابن
تيمية ،ويؤيد هذا الظن أن سعيد بن المسيب أحد رواة الحديث الثاني كما سبق ،فهل
اللئق بمن يعترف بعلمه وفضله وجرأته في الحق أن يظن به أنه أنكر على من خالف
الحديث الذي هو رواته ،أم أن ينسب إليه عدم إنكاره ذلك ،كما زعم هؤلء المشار
إليهم حين قالوا " لم ينكر أحد من السلف ذلك "
والحقيقة أن قولهم هذا يتضمن طعنا ً ظاهرا ً ه لو كانوا يعلمون ه في جميع السلف ،لن
إدخاله هالقبره هإلىه هالمسجده همنكره هظاهره هعنده هكله همنه هعلمه هبتلكه هالحاديثه هالمتقدمة
وبمعانيها ،ومن المحال أن ننسب إلى جميع السلف جهلهم بذلك ،فهم ،أو على القل
بعضهم يعلم ذلك يقينا ً ،وإذا كان المر كذلك فل بد من القول بأنهم أنكروا ذلك ،ولو
لم نقف فيه على نص ،لن التاريخ لم يحفظ لنا كل ما وقع ،فكيف يقال :إنهم لم
ينكروا ذلك ؟ اللهم غفرا .
ً
ومن جهالتهم قولهم عطفا على قولهم السابق :
وكذاه همسجده هبنيه هأمتهه هدخله هالمسلمونه هدمشقه همنه هالصحابةه هوغيرهمه هوالقبر
ضمن المسجد لمن ينكر أحد ذلك " !
إن منطق هؤلء عجيب غريب ! إنهم ليتوهمون أن كل ما يشاهدونه الن في
مسجد بني أمية كان موجودا ً في عهد منشئه الول الوليد بن عبد الملك ن فهل يقول
بهذا عاقل ؟! كل ل يقول ذلك غير هؤلء ! ونحن نقطع ببطلن قولهم ،وأن أحدا ً من
الصحابة والتابعين لم ير قبرا ً ظاهرا ً في مسجد بني أمية أو غيره ،بل غاية ما جاء فيه
بعض الروايات عن زيد بن أرقم بن واقد أنهم في أثناء العمليات وجدوا مغارة فيها
صندوق فيه سفط ( وعاء كامل ) وفي السفط رأس يحيى بن زكريا عليهما السلم ،
مكتوب عليه :هذا رأي يحيى عليه السلم ،فأمر به الوليد فرد إلى المكان وقال :
اجعلوا العمود الذي فوقه مغيرا ً من العمدة ،فجعل عليه عمود مسبك بسفط الرأس
.رواه أبو الحسن الربعي في فضائل الشام ( )33ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه (
ج 2ق ) 10/ 9وإسناده ضعيف جدا ً ،فيه إبراهيم بن هشام الغساني كذبه أبو حاتم وأبو
زرعة ،وقال الذهبي " متروك " .ومع هذا فإننا نقطع أنه لم يكن في المسجد صورة
قبر حتى أواخر القرن الثاني لما أخرجه الربعي وبن عساكر عن الوليد بن مسلم أنه
سئل أين بلغك رأس يحى بن زكريا ؟ قال :بلغني أنه ثم ،وأشار بيده إلى العمود
40
الصحابةه ه،ه هلنهه همخالفه هللحاديثه هالصحيحةه هوماه هفهم
الصحابة والئمة منها كما سبق بيانه ،وهو مخالف أيضاً
لصنيع عمر وعثمان حين وسعا المسجد ولم يدخل هالقبر
فيه ،ولهذا نقطع بخطأ ما فعله الوليد بن عبد الملك عفا
الله عنه ،ولئن كان مضطرا ًه إلى توسيع المسجد ،فإنه
كان باستطاعته أن يوسعه من الجهات الخرى دون أن
يتعرضه هللحجرةه هالشريفة ه ،هوقده هأشاره هعمره هبن هالخطاب
إلىه ههذاه هالنوعه همنه هالخطأه هحينه هقامه ههوه هرضيه هاللهه هعنه
بتوسيعه ههالمسجده ههمنه ههالجهاته ههالخرىه ههولمه ههيتعرض
للحجرة ،بل قال " إنه ل سبيل إليها " فأشار رضي الله
1
المسفط الرابع من الركن الشرقي ،فهذا يدل على أنه لم يكن هناك قبر في عهد
الوليد بن مسلم وقد توفي سنة أربع وتسعين ومائة .
وأما كون ذلك الرأس هو رأس يحى عليه السلم فل يمكن أن إثباته ،ولذلك =
ً ً
اختلف المؤرخون اختلفا كثيرا ،وجمهورهم على أن رأس يحيى عليه السلم مدفون
في مسجد حلب ليس في مسجد دمشق ،كما حققه شيخنا في الجازة العلمة محمد
راغب الطباخ في بحث له نشره في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق (ج 1ص 41ه
)1482تحت عنوان " رأس يحيى ورأس زكريا" فليراجعه من شاء .
ونحن ل يهمنا من الوجهة الشرعية ثبوت هذا أو ذاك ،سواء عندنا أكان الرأس
الكريم في هذا المسجد أو ذاك ،بل لو تقينا عدم وجوده في كل من المسجدين ،
فوجود صورة القبر فيهما كاف في المخالفة ،لن أحكام الشريعة المطهرة إنما تبنى
عل الظاهر ،ل الباطن كما هو معروف ،وسيأتي ما يشهد لهذا من كلم بعض العلماء
،وأشد ما تكون المخالفة إذا كان القبر في قبلة المسجد ،كما هو الحال في مسجد
حلب ،ول منكر لذلك من علمائها !.
واعلم أنه ل يجدي في رفع المخالفة أن القبر في المسجد ضمن مقصورة كما
زعم مؤلفوا الرسالة ،لنه على كل حال ظاهر ،ومقصود من العامة وأشباههم من
الخاصة بما ل هيقصد به إل هالله تعالى ،من التوجه إليه ،والستغاثة به من دون الله
تبارك وتعالى ،فظهور القبر هو سبب المحذور كما سيأتي عن النووي رحمه الله .
وخلصة الكلم أن قول من أشرنا إليهم أن قبر يحيى عليه السلم كان ضمن
المسجد الموي منذ دخل دمشق الصحابة وغيرهم لم ينكر ذلك أحد منهم إن هو إل
محض اختلق .
1انظر " طبقات ابن سعد " ( )4/21و " تاريخ دمشق " ل بن عساكر ( )8/478/2وقال
السيوطي في " الجامع الكبير " ( : )3/272/2وسنده صحيح إل أن سالما ً أبا النضر لم
يدرك عمر ،و" وفاء الوفاء " للسمهودي ( )1/343و " المشاهدات المعصومية عند قبر
خير البرية " للعلمة محمد سلطان العصومي رحمه الله تعالى (ص )43وهو مؤلف
رسالة هداية السلطان ‘إلى بلد اليابان " التي ادعى أحد الدكاترة أنها ليست له ،وإنما
لبعض إخواننا! مع أنني تناولتها منه هدية مطبوعة حين زرته في مكة في حجتي الولى
سنة 1368هه .
41
النبويه هفيه هالمسجده هالشريفه هاحتاطواه هللمره هشيئا ًه ماه ه،
فحاولوا تقليل المخالفة ما أمكنهم ،قال النووي في "
شرح مسلم " (: )5/14
" ولما احتاجت الصحابةه هوالتابعون إلى الزيادة في
2
2عزو هذا إلى الصحابة ل يثبت كما تقدم (ص 58ه )59فتنبه .
في هذا دليل واضح على أن ظهور القبر في المسجد ولو من وراء النوافذ والحديد 1
والبواب ل يزيل المحذور ،كما هو الواقع في قبر يحيى عليه السلم في مسجد بني
أمية في دمشق وحلب ،ولهذا نص أحمد على أن الصلة ل تجوز في المسجد الذي
قبلته إلى قبر ،حتى يكون بين حائط المسجد وبين المقبرة حائل آخر ،كما سيأتي ،
فكيف إذا كان القبر في قبلة المسجد من الداخل ودون جدار حائل ؟ ومن ذلك تعلم
أن قول بعضهم :
" إن الصلة في المسجد الذي به قبر كمسجد النبي صلى الله عليه وسلم
ومسجد بني أمية ل يقال إنها صلة في الجبانة ،فالقبر ضمن مقصورة مستقل بنفسه
عن المسجد ،فما المانع من الصلة فيه ".
فهذا قول لم يصدر عن علم وفقه ! لن المانع بالنسبة للمسجد الموي ل يزال
قائما ً وهو ظهور القبر من وراء المقصورة ،والدليل على ذلك قصد الناس للقبر
والدعاء عنده وبه والستغاثة به من دون الله ،وغير ذلك مما ل يرضاه الله ،والشارع
الحكيم إنما نهى عن بناء المساجد على القبور سدا ُ للذريعة ومنعا ً لمثل هذه المور
التي تقع عند هذا القبر كما سيأتي بيانه ،فما قيمة هذه المقصورة على هذا الشكل
المزخرف ،إنما هي نوع آخر من المنكر الذي يحمل الناس على معصية الله ورسوله
صلى الله عليه وسلم ،وتعظيم صاحب القبر بما يجوز شرعا ً ،مما هو مشاهد معروف
،وسبقت الشارة إلى بعضه .
ثم أل يكفي في إثبات المانع أن الناس يستقبلون القبر عند الصلة قصداً
وبدون قصد ،ولعل أولئك المشار إليهم وأمثالهم يقولون :ل مانع أيضا ً من هذا
الستقبال لوجود فاصل بين المصلين والقبر أل وهو نوافذ القبر وشبكته النحاسية
فنقول لو كان هذا المانع كافيا ً في المنع لما أحاطوا القبر النبوي الشريف بجدار مرتفع
مستدير ولم يكتفوا بذلك بل بنو جدارين بمنعون بهما من استقبال القبر .ولو كان
وراء الجدار المستدير ! وقد صح عن ابن جريج أنه قال :قلت لعطاء :أتكره أن تصلي
في وسط القبور ؟ أو في مسجد إلى قبر ؟ قال :نعم ،كان ينهى عن ذلك أخرجه
عبد الرزاق في " مصنفه " ( . )1/404فإذا كان هذا التابعي الجليل ( عطاء بن أبي
رباح ) لم يعتبر جدار المسجد فاصل ً بين المصلى وبين القبر وهو خارج المسجد ،فهل
يعتبر فاصل النوافذ والشبكة والقبر في المسجد ؟!
فهل في هذا ما يقنع أولئك الكاتبين بجهلهم وخطئهم ،وهجومهم على القول
بما ل علم لهم به ؟ لعل وعسى !
ً
وأما المسجد النبوي الكريم ،فل كراهة في الصلة فيه خلفا لما فتروه علينا ،
وسيأتي تفصيل القول فيه في " الفصل السابع " إن شاء الله تعالى .
42
فيصلي إليه العوام ،ويؤدي إلى المحذور ،ثم بنوا جدارين
من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا ،حتى
يتمكن أحد من استقبال القبر ".
ونقله هالحافظه هابنه هرجبه هفيه ه"ه هالفتحه ه"ه هنحوهه هعن
القرطبي كما في " الكوكب " ( ، ) 65/91/1وذكر ابن تيمية
في " الجواب الباهر " (ق :)9/2
سده هبابهاه ه،
"ه هأنه هالحجرةه هلماه هأدخلته هإلىه هالمسجده ه ُ
وبني عليها حائط آخر ،صيانة له صلى الله عليه وسلم أن
يتخذ بيته عيدا ً ،وقبره وثنا ً ".
قلته ه:ه هومماه هيؤسفه هلهه هأنه ههذاه هالبناءه هقده هبني
عليه منذ قرون ه إن لم يكن قد أزيل ه تلك القبة الخضراء
العالية ه هه ،ه ههوأحيط ه ههالقبر ه ههالشريف ه ههبالنوافذ ه ههالنحاسية
والزخارفه هوالسجفه ه،ه هوغيره هذلكه همماه هل هيرضاهه هصاحب
القبره هنفسهه هصلىه هاللهه هعليهه هوسلمه ه،ه هبله هقده هرأيته هحين
زرته هالمسجده هالنبويه هالكريمه هوتشرفته هبالسلمه هعلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم هسنةه 1368هه هرأيت هفي
أسفل حائط القبر الشمالي محرابا ًه صغيرا ًه ووراءه سدة
مرتفعةه هعنه هأرضه هالمسجده هقليل ًه ،ه هإشارةه هإلىه هأنه ههذا
المكان خاص للصلة وراء القبر! فعجبت حينئذ كيف ضلت
هذه الظاهرة الوثنية قائمة في عهد دولة التوحيد! أقول
هذاه همعه هالعترافه هبأننيه هلمه هأره هأحدا ًه يأتيه هذلكه هالمكان
للصلة فيه ،لشدة المراقبة من قبل الحرس الموكلين
علىه همنعه هالناسه همنه هيأتواه هبماه هيخالفه هالشرعه هعنده هالقبر
الشريف ،فهذا مما تشكر عليه الدولة السعودية ،ولكن
هذا ل يكفي ول يشفي ،وقد كنت قلت منذ ثلث سنوات
في كتابي " أحكام الجنائز وبدعها " (208من أصلي ):
" فالواجب الرجوع بالمسجد النبوي إلى عهده
السابق ،وذلك بالفصل بينه وبين القبر النبوي بحائط ،
على أني ل أريد أن يفوتني أن أنبه القراء الكرام على أن أولئك الكاتبين
يعترفون بكلمتهم السابقة في أن الصلة في المسجد الذي فيه قبر غير محاط
بمقصورة أنها صلة مكروهة لنتفاء العلة التي من أجلها نفوا الكراهة عن الصلة في
مسجد بني أمية بزعمهم ،فهل لهم أن يجهروا للناس باعترافهم هذا ؟ أم هو شئ
اضطرهم إلى القول به التهرب من معارضة الحاديث السابقة علنا ً وإن كانوا ل يدعون
الناس إلى العمل به لغاية ل تخفى على العقلء ؟!
43
يمتده همنه هالشماله هإلىه هالجنوبه هبحيثه هأنه هالداخله هإلى
المسجد ل هيرى فيه أي محالفة ل هترضى مؤسسه صلى
الله عليه وسلم ،اعتقد أن هذا من الواجب على الدولة
السعودية إذا كانت تريد أن تكون حامية التوحيد حقا ً ،وقد
سمعنا أنها أمرت بتوسيع المسجد مجددا ًه ،فلعلها تتبنى
اقتراحنا هذا ،وتجعل الزيادة من الجهة الغربية وغيرها ،
وتسد بذلك النقص الذي سيصيبه سعة المسجد إذا نفذ
القتراح ،أرجو أن يحقق الله ذلك على يدها ،ومن أولى
بذلك منها ؟)
ولكنه هالمسجده هوسعه همنذه هسنتينه هتقريبا ً ه دون
إرجاعهه هإلىه هماه هكانه هعليهه هفيه هعهده هالصحابةه ه،ه هوالله
المستعان .
44
" . . .قُب َِر سبعون نبيا ًه " وقال ":رواه البزار
ورجاله ثقات ".
وهذا قصور منه في التخريج ،فقد أخرجه الطبراني أيضاً
كما رأيت .
قلت :ورجال الطبراني ثقاته أيضا غير عبدانه بن
أحمده هوهوه هالهوازيه هكماه هذكره هالطبرانيه هفيه ه"ه هالمعجم
الصغير " (ص )136ولم أجد له ترجمة ،وهو غير عبدان بن
محمده هالمروزيه هوهوه همنه هشيوخه هالطبرانيه هأيضا ًه فيه ه"
الصغير " (ص )136وغيره ،وهو ثقة حافظ له ترجمة في "
تاريخ بغداد " ( )11/135و " تذكرة الحفاظ " ( )2/230وغيرها .
لكن في رجال هذا السناد من يروي الغرائب مثل
عيسى بن شاذان ،قال فيه ابن حبان في " الثقات " ":
يغرب " .
وإبراهيم بن طمهان ،قال فيه ابن عمار الموصلي :
ضعيف الحديث مضطرب الحديث ".
وهذاه هعلىه هإطلقهه هوإنه هكانه همردودا ًه علىه هابن
عمار ،فهو يدل على أن في حديث
ابن طهمان شيئا ً ،ويؤيده قول ابن حبان في " ثقات
أتباع التابعين " ( :)2/1
" أمره مشتبه ،له مدخل في الثقات ،ومدخل
في الضعفاء ،وق دروى أحاديث
مستقيمة تشبه أحاديث الثبات ،وقد تفر عن الثقات
بأشياء معضلن ،سنذكره إن شاء
اللهه هفيه هكتابه هالفصله هبينه هالنقلةه هإنه هقضىه هالله
سبحانه ذلك ،وكذلك كل شئ توقفنا في أمره
ممن له مدخل في الثقات ".
ولذلك قال فيه الحافظ ابن حجر في " التقريب" ":
ثقة يغرب " وشيخ منصور ه
وهو ابن المعتمر ه ثقة ،وقد روى له ابن طهمان
حديثا ً آخر في مشيخته ( ، )2 /244فالحديث من غرائبه ،أو
1
مصورة المكتب السلمي ه) فإذا هو يقول :حدثنا إبراهيم عن المستمر العروقي ثنا
45
وأناه هأخشىه هأنه هيكونه هالحديثه هتحرفه هعلى
أحدهما فقال ":قُبِر " بدل " صلى " لن
هذاه هاللفظه هالثانيه ههوه هالمشهوره هفيه هالحديثه ه،ه هفقد
أخرجه هالطبرانيه هفيه ه"ه هالكبيره ه()3/1551ه هبإسناده هرجالهه هثقات
عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا ً :
" صلى في مسجد الخيف سبعون نبيا ًه ) . . .
الحديث ،وكذلك رواه الطبراني في
" الوسط " (1/119/2هزوائده)ه هوعنه المقدسي في "
1
46
،كما بينته في كتابي الكبير " حجة الوداع " ( ولم
ينجز بعد ).
ثم رواه الزرقي (ص ) 38من طريق محمد بن
إسحاق قال :حدثني من ل أتهم عن
عبدالله بن عباس به موقوفا ً .فهذا هو المعروف في
هذا الحديث ،والله أعلم .
وجملةه هالقوله هأنه هالحديثه هضعيفه هل ههيطمئن
القلب لصحته ،فإن صح فالجواب عنه
من الوجه التي وهو :
الثاني :أن الحديث ليس فيه أن القبور ظاهرة
في مسجد الخيف ،وقد عقد
الزرقيه هفيه هتاريخه همكةه ه(ه 406هه )410ه هعدةه هفصوله هفي
وصف مسجد الخيف ،فلم يذكر أن
فيه قبورا ً بارزة ،ومن المعلوم أن الشريعة إنما تبنى
أحكامها على الظاهر ،فإذا ليس في
المسجده هالمذكوره هقبوره هظاهرةه ه،ه هفل ههمحظوره هفي
الصلة فيه البتة ،لن القبور مندرسة ول
يعرفها أحد ،بل لول ههذا الخبر الذي عرفت ضعفه
لم يخطر في بال أحد أن في أرضه
سبعين قبرا ً! ولذلك ل هيقع فيه تلك المفسدة التي
تقع عادة في المساجد المبنية على القبور
الظاهرة والمشرفة! .
الجواب عن الشبهة الرابعة
وأما ما ذكر في بعض الكتب أن قبر إسماعيل
عليه السلم وغيره في الحجر من المسجد
الحرام وهو أفضل مسجد يتحرى فيه ،فالجواب :
ل ههشكه هأنه هالمسجده هالحرامه هأفضله هالمساجد
والصلة فيه بمائة ألف صلة ،ولكن هذه الفضيلة أصلية
1
وقد خرجت بعض الحاديث الواردة فيذلك في " إرواء الغليل " (971و . )1129 1
47
ذلك ،فقد ضل ضلل ًه بعيدا ًه ،وجاء بما لم يقله أحد من
السلف الصالح رضي الله عنهم ،ول جاء به حديث تقوم
الحجة به .
فإن قيل :ل شك فيما ذكرت ،ودفن إسماعيل
فيه ل هيخالف ذلك ،ولكن أل هيدل هذا على القل على
عدم كراهية الصلة في المسجد الذي فيه قبر ؟
فالجواب :كل ثم كل ،وهاك البيان من وجوه :
الوله ه:ه هأنهه هلمه هيثبته هفيه هحديثه همرفوعه هأن
اسماعيل عليه السلم أو غيره من النبياء الكرام دفنوا
في المسجد الحرام ،ولم يرد شئ من ذلك في كتاب من
كتبه هالسنةه ه هالمعتمدةه هكالكتبه هالسنةه ه،ه هومسنده هأحمده ه،
ومعاجم الطبراني الثلثة وغيرها ضعيفا ً
بل موضوعا ً عند بعض المحققين ،وغاية ما وري في
1
نقل السيوطي في " التدريب " عن ابن الجوزي " قال : 1
" ما أحسن قول القائل :إذا رأيت الحديث يباين العقول ،أو يخالف المنقول ،
أو يناقض الصول ،فاعلم أنه موضوع .قال :ومعنى مناقضته للصول أن
يكون خارجا ً من دواوين السلم من المسانيد والكتب المشهورة ".
كذا في الباعث الحثيث " ( ص 85من الطبعة الثانية ).
48
أورده هالسيوطيه هفيه ه"ه هالجامعه ه"ه همنه هروايةه هالحاكم
في " الكنى " عن عائشة مرفوعا ً بلفظ :
" إن قبر إسماعيل في الحجر".
ههالوجهه هالثانيه ه:ه هأنه هالقبوره هالمزعومه هوجودهاه هفي
المسجد الحرام غير ظاهرة و ل هبارزة ،ولذلك ل هتقصد
من دون الله تعالى ،فل ضرر من وجودها في بطن أرض
المسجد ،فل يصح حينئذ الستدلل بهذه الثار على جواز
اتخاذ المساجد على قبور مرتفعة على وجه الرض لظهور
الفرقه هبينه هالصورتينه ه،ه هوبهذاه هأجابه هالشيخه هعلىه هالقاري
رحمه الله الله تعالى ،فقال في " مرقاة المفاتيح " ()1/456
بعد أن حكى قول المفسر الذي أشرت إليه في التعليق :
" وذكر غيره أن صورة قبر إسماعيل عليه السلم
في الحجر تحت الميزاب ،وأن في الحطيم بين الحجر
السود وزمزم قبر سبعين نبيا ً ".
قال القاري :
"ه هوفيهه هأنه هصورةه هقبره هإسماعيله هعليهه هالسلم
وغيره مندرسة فل يصلح الستدلل ".
وهذا جواب عالم نحرير ،وفقيه خريت ،وفيه
الشارةه هإلىه هماه هذكرناهه هآنفا ًه ،ه هوهوه هأنه هالعبرةه هفيه ههذه
المسألة بالقبور الظاهرة ،وأن ما في بطن الرض من
القبور ،فل يرتبط به حكم شرعي من حيث الظاهر ،بل
الشريعة تنزه عن مثل هذا الحكم ،لننا نعلم بالضرورة
والمشاهدة أن الرض كلها مقبرة الحياء ،كما قال تعالى
}:ألم نجعل الرض كفاتا * أحياء وأمواتا { .قال الشعبي
:
1
" بطنها لمواتكم ،وظهرها لحيائكم "
ومنه قول الشاعر :
الرحب تمل هذي قبورنا صاح
من عهد عاد؟ القبور فأين
أظن اديم الوطأ ما خفف
إل من هذه الجساد الرض
رويدا ً سر إن استطعت في الهواء
رواه الدولبي ( )1/129عنه ورجاله ثقات . 1
49
على رفات العباد اختيال ل
ومن البين الواضح أن القبر إذا لم يكن ظاهرا ً غير
معروفا ًه مكانه ،فل هيترتب من وراء ذلك مفسدة كما هو
مشاهده ه،ه هحيثه هترىه هالوثنياته هوالشركياته هإنماه هتقعه هعند
القبور المشرفة ،حتى ولو كانت مزورة ! ل هعند القبور
المندرسة ،ولو كانت حقيقة ،فالحكمة تقتضي التفريق
بين النوعين ،وهذا ما جاءت به الشريعة كما بينا سابقا ً ،
فل يجوز التسوية بينهما ،والله المستعان .
50
يا فلن! فاستله الخر ،وقال :أجل والله إنه لجيد ،لقد
جربت به ثم جربت ،فقال له أبو بصير أرني أنظر إليه ،
فأمكنه منه ،فضربه حتى برد وفر الخر حتى أتى المدينة
،فدخل المسجد بعده ،فقال له النبي صلى الله عليه
وسلمه هحينه هرآهه ه:ه هلقده هرأىه ههذاه هذعرا ًه ،ه هفلماه هانتهىه هإلى
النبي صلى الله عليه وسلم قال :قتل والله صاحبي ،
وإني لمقتول .فجاء أبو بصير ،فقال يا رسول الله قد
واللهه هوفىه هاللهه هذمتكه ه:ه هقده هرددتنيه هإليهمه هفأنجانيه هالله
منهمه ه،ه هفقاله هالنبيه هصلىه هاللهه هعليهه هوسلمه ه"ه هويله هامه
مسعر جرب ،لو كان معه أحد " فلما سمع ذلك علم أنه
سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر ،قال :وانفلت
منهم أبو جندل بن سهيل بن عمرو فلحق بأبي بصير . . .
وذكر موسى بن عقبة هذا الخبر في أبي بصير بأتم ألفاظاً
وأكمل سياقا قال . . . :وكتب رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى أبي جندل وأبي بصير ليقدما عليه ومن معهما
من المسلمين ،فقدم كتاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم على أبي جندل ،وأبو بصير يموت ،فمات وكتاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده يقرؤه ،فدفنه أبو
جندل مكانه ،وصلى عليه ،وبنى على قبر مسجدا ً ".
قلته ه:ه هفأنته هترىه هأنه ههذهه هالقصةه همدارهاه هعلى
الزهري فهي مرسلة على اعتبار انه تابعي صغير ،سمع
من أنس بن مالك رضي الله عنه ،وإل هفهي معضلة ،
وكيف ما كان المر فل هتقوم بها حجة ،على أن موضع
الشاهد همنها وهو هقوله ":وبنى على قبره همسجدا ًه " هل
يظهره همنه هسياقه هابنه هعبده هالبره هللقصةه هأنهه همنه همرسل
الزهري ،ول من رواية عبد الرزاق عن معمر عنه ،بل هو
من رواية موسى بن عقبة ،كما صرح به ابن عبد البر ،
لم يجاوزه ،وابن عقبة لم يسمع أحدا ً من الصحابة ،فهذه
الزيادة أعني قوله " وبنى على قبره مسجدا ً " معضلة ،
1
1ول تغتر أيها القارئ بما فعله هنا مؤلف " إحياء المقبور " فإنه ساق (ص )44القصة
التي أوردناها في العلى من طريق ابن عبد البر ،غير أن المؤلف حذف من كلمه "
وذكر موسى بن عقبة هذا الخبر " ووصل رواية عبد الرزاق عن الزهري برواية موسى
بن عقبة حتى صارتا كأنهما رواية واحدة وبدا للناظر في سياقه أن القصة بناء المسجد
على القبر هي من رواية عبد الرزاق عن الزهري ،وإنما هي من رواية موسى بن
عقبة بدون إسناد!
51
بل هي عندي منكرة ،لن القصة رواها البخاري في "
صحيحةه ه"ه ه(5/351ه )371ه هوأحمده هفيه ه"ه همسندهه ه"ه ه(ه 4/328ه )331
موصولة من طريق عبد الرزاق عن معمر قال :أخبرني
عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بها دون
هذه الزيادة ،وكذلك أوردها ابن إسحاق في " السيرة "
عنه هالزهريه همرسل ًه كماه هفيه ه"ه همختصره هالسيرةه ه"ه هلبن
هشام (3/331ه ، ) 339ووصله أحمد (4/323ه ) 326من طريق ابن
إسحاق عن الزهري عن عروة به مثل رواية معمر وأتم
وليسه هفيهاه ههذهه هالزيادةه ه،ه هوكذلكه هرواهه هابنه هجريره هفي
تاريخه (3/271ه ) 285من طريق معمر وابن إسحاق وغيرهما
عن الزهري به دون هذه الزيادة ،فدل ذلك كله على أنها
زيادة منكرة ؛ لعضالها ،عدم رواية الثقات لها .والله
الموفق .
الوجهه هالثانيه ه:ه هأنه هذلكه هلوه هصحه هلمه هيجزه هأنه هترده هبه
الحاديث الصريحة ،في تحريم بناء المساجد على القبور
لمرين :
أول ً :أنه ليس في القصة أن النبي صلى الله عليه
وسلم اطلع على ذلك وأقره .
ثانيا:أنهه هلوه هفرضناه هأنه هالنبيه هصلىه هاللهه هعليهه هوسلم
علمه هبذلكه هوأقرهه ه،ه هفيجبه هأنه هيحمله هذلكه هعلىه هأنهه هقبل
التحريم ،لن الحاديث صريحة في أن النبي صلى الله
عليه وسلم حرم ذلك في آخر حياته كما سبق ،فل يجوز
أنه هيتركه هالنصه هالمتأخره همنه هأجله هالنصه هالمتقدمه ههه هعلى
فرض صحته ه عند التعارض وهذا بين ل هيخفى ،نسأل
اتباع الهوى !. الله تعالى أن يحمينا من
الجواب عن الشبهة السادسة
وهي الزعم بأن المنع إنما كان لعلة ،وهي خشية
الفتتان بالمقبور ،وقد زالت ،فزال المنع !!
ثم وقفت على رواية موسى بن عقبة في " تاريخ ابن عساكر " ( )334/1 /8رواه
بإسنادين عن عنه عن ابن شهاب مرسل ً ومعضل ً بلفظ " :وجعل عند قبره مسجدا ً "
وهذا اللفظ ه لو صح ه أٌقل مخالفة ،لنه ليس نصا ً في أن البناء كان على القبر ،بل
عنده وشتان ما بينهما ،وليس فيه أيضا ً أن أبا جندل هو الذي بنى المسجد فتأمل .
52
ل ههأعلمه هأحدا ً ه منه هالعلماءه هذهبه هإلىه هالقوله هبهذه
الشبهةه ه،ه هإل همؤلفه ه"ه هإحياءه هالمقبوره ه"ه هفإنهه هتمسكه هبها
وجعلها عمدته في رد تلك الحاديث المتقدمة واتفاق المة
عليها ،فقال ما نصه ( ص 81ه : )19
" وأما النهي عن بناء المساجد على القبور ،فاتفقوا
علىه هتعليلهه هبعلتينه ه:ه هإحداهماه هأنه هيؤديه هإلىه هتنجيس
المسجد . . .وثانيهما وهو قول الكثرين بل الجميع حتى 1
53
الصنعاني ،وكالسراف في صرف المال فيما ل فائدة فيه
شرعا ً ،وغير ذلك مما قد يبدو للباحث الناقد .
وأما زعمه أن العلة انتفت برسوخ اليمان في نفوس
المؤمنين الخ .فهو زعم باطل أيضا ً وبيانه من وجوه :
الول :أن الزعم بني على أصل باطل ،وهو أن
اليمان بأنه الله هو المنفرد بالخلق ،واليجاد كاف في
تحقيقه هاليمانه هالمنجيه هعنده هاللهه هتباركه هوتعالىه ه،ه هوليس
كذلك ،فإن هذا التوحيد وهو المعروف عند العلماء بتوحيد
الربوبيةه ه،ه هكانه هيؤمنه هبهه هالمشركونه هالذينه هبعثه هإليهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى }:ولئن
سألتهم من خلق السماوات والرض ليقولن الله{ ،ومع
1
54
الجيلني رضي الله عنه . . .فإن عندنا بالمغرب من يقول
عن القطب الكبر ،مولنا عبد السلم ابن مشيش رضي
اللهه هعنهه هأنهه هالذيه هخلقه هالدينه هوالدنياه ه!ه هومنهمه همنه هقاله
والمطر نازل بشدة :يا مولنا عبدالسلم الطف بعبادك !
فهذا كفر!." . ..
قلت :فهذا الكفر أشد من كفر المشركين ،لن هذا
فيه التصريح بالشرك في توحيد الربوبية أيضا ً ،وهو مما ل
نعلم أنه وقع من المشركين أنفسهم ! وأما الشرك في
اللوهيةه هفهوه هأكثره هفيه هجهاله ههذهه هالمةه ههههه هول ههأقول
عوامهم!ه ههههه هفإذاه هكانه ههذاه هحاله هالمسلمينه هاليومه هوقبل
اليوم ،فكيف يقول هذا الرجل :
"ه هوقده هانتفته هالعلةه هبرسوخه هاليمانه هفيه هنفوس
المؤمنين ". . .؟!
وإذاه هكانه هيريده هب"المؤمنين"ه هالصحابةه هرضيه هالله
عنهم ،فل هشك أنهم كانوا مؤمنين حقا ً ،عالمين بحقيقة
التوحيده هالذيه هجاءهمه هبهه هرسوله هاللهه هصلىه هاللهه هعليه
وسلم ،ولكن الشريعة السلمية شريعة عامة أبدية ،فل
يلزم من هانتفاء العلة ههه ولو ثبت هههه بالنسبة إليهم أن
ينتفي الحكم بالنسبة لمن بعدهم ،لن العلة ل تزال قائمة
شاهد على ذلك . ،والواقع أصدق
الوجه الثاني :
علمت مما سبق من الحاديث أن النبي صلى الله عليه
وسلمه هحذره همنه هاتخاذه هالمساجده هعلىه هالقبوره هفيه هآخر
حياته ،بل في مرض موته ،فمتى زالت العلة التي ذكرها
؟ إن قيل :زالت عقب وفاته صلى الله عليه وسلم فهذا
نقض لما عليه جميع المسلمين أن خير الناس قرنه صلى
الله عليه وسلم ،لن القول بذلك يستلزم ه بناء على ما
سبق من كلمه ه أن اليمان لم يكن قد رسخ بعد في
نفوس الصحابة رضي الله عنهم ،وإنما رسخ بعد وفاته
صلىه هاللهه هعليهه هوسلمه ه!ه هولذلكه هلمه هتزله هالعلةه هوبقي
الحكم ،وهذا مما ل أتصور أحدا ً يقول به لوضوح بطلنه .
وإن قيل :زالت قبل وفاته صلى الله عليه وسلم ،قلنا :
55
وكيف ذلك وهو صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن ذلك
س من حياته ؟! ويؤيده : في آخر نََف ٍ
الوجهه هالثالثه ه:ه هأنه هفيه هبعضه هالحاديثه هالمتقدمة
باستمرار الحكم إلى قيام الساعة ،كالحديث (. )12
الوجهه هالرابعه ه:ه هأنه هالصحابةه هرضيه هاللهه هعنهمه هإنما
دفنوه في حجرته صلى الله عليه وسلم خشية أن يتخذ
قبره مسجدا ًه ،كما تقدم عن عائشة رضي الله عنها في
الحديث ( ، )4فهذه خشية إما أن يقال :إنها كانت منصبة
على الصحابة أنفسهم ،أو على من بعدهم ،فإن قيل
بالول ،قلنا فالخشية على من بعدهم أولى ،وإن قيل
بالثاني ،وهو الصواب عندنا ،فهو دليل قاطع على أن
الصحابةه هرضيه هاللهه هعنهمه هكانواه هل ههيرونه هزواله هالعلة
المستلزم زوال الحكم ،ل في عصرهم ول فيما بعدهم ،
فالزعم بخلف رأيهم ضلل بين .ويؤيده :
الوجه الخامس :أن العمل استمر من السلف على
هذا الحكم ونحوه ،مما يستلزم بقاء العلة السابقة ،وهي
خشية الوقوع في الفتنة والضلل ،فلو أن العلة المشار
إليها كانت منتفية لما استمر العمل على معلولها ،وهذا
على بي ّن ل يخفى والحمدلله ،وإليك بعض المثلة
ما ذكرنا :
1ه هعن هعبدالله هبن هشرحبيل هبن هحسنة هقال ه :هرأيت
عثمان بن عفان يأمر بتسوية القبور ،فقيل له ،هذا قبر
أم عمرو بنت عثمان ! فأمر به فسوي .
1
1رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( )4/138وأبو زرعة في " تاريخه " ()*( )66/2،121/2
بسند صحيح عن عبدالله هذا ،وقد أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (3/2/81ه
)82ولم يذكر فيه جرحا ً ول تعديل ً .
(*) مخطوطان قيمان ،الول محفوظ بعض مجلداته في المكتبة الظاهرية ،ويوجد
منه نسخة تامة في غيرها .والخر منه نسخة مصورة في المجمع العلمي العربي
بدمشق .
56
أل هأبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه
وسلم ؟ أن ل تدع تمثال ً إل طمسته ،ول قبرا ً مشرفا ً إل
سويته . 2
57
"ه هإنهه هخبره همتروكه هالظاهره هبالتفاقه ه،ه هلنه هالئمة
متفقون على كراهة تسوية القبر ،وعلى استحباب رفعه
قدر شبر "
قلته ه:ه هالعجبه هممنه هيدعيه هالجتهاده هويحرمه هالتقليد
كيف يصرف الحاديث ويتأولها حتى تتفق مع أقوال الئمة
بزعمه ،بينما الجتهاد الصحيح يقتضي عكس ذلك تماما!
علىه هأنه هالحديثه هل هينافيه هالتفاقه هالمذكوره ه،ه هلنهه هخاص
بالقبر المبني عليه فحينئذ يسوى بالرض كما سبق عن
الزهار ،واتفاق الئمة إنما هو في الصل الذي ينبغي أن
يراعىه هحينه هدفنه هالميته هفيرفعه هقليل ً ه ،ه هفهذاه هل ههيعنيه
الحديثه هكماه هأفادهه هالقارئه هرحمهه هفيماه هتقدمه هنقلهه هقريباً
في الحاشية (ص . )73
ثمه هنقله هالغماريه هفيه هتأويله هالحديثه هعنه هالشافعيةه هأنهم
قالوا :
" لم يرد تسويته بالرض ،وإنما أراد تسطيحه جمعاً
بين الحاديث ".
قلت :لو سلم هذا فهو دليل على الغمار ل له لنه
ل هيقوله هبوجوبه هتسطيحهه ه،ه هبله هيقوله هباستحبابه هرفعه
بدون حد وباستحباب البناء عليه قبة أو مسجد
ثم قال الغماري في الجواب الخير عن الحديث:
" وهو الصحيح عندنا أنه أراد قبور المشركين التي
كانواه هيقدسونهاه هفيه هالجاهليةه ه،ه هوفيه هبلده هالكفاره هالتي
افتتحها الصحابة رضي الله عنهم بدليل ذكر التماثيل معها
".
قلت :في بعض طرق الحديث عند أحمد أن بعث
علي هرضي هالله هعنه إنما كان إلى بعض نواحي هالمدينة
حين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ،فهذا
يبطل ما ادعاه من أن الرسال كان إلى بلد الكفار .
ثم إن موضع الشاهد من الحديث إنما هو بعث علي
أبا الهياج إلى تسوية القبور ،وكان رئيس الشرطة ،ففيه
دليل واضح على أن عليا ً وكذا عثمان رضي الله عنهما في
الثر المتقدم ه كانا يعلمان هذا الحكم بعد وفاته صلى الله
عليه وسلم خلفا ً لما زعمه الغماري .
58
3ه عن أبي بردة قال :أوصى أبو موسى حين حضره
الموت فقال :إذا انطلقتم بجنازتي فأسرعوا المشي ول
يتبعني مجمر ،ول تجعلوا في لحدي شيئا ً يحول بيني وبين
التراب ،ول هتجعلوا على قبري بناء وأشهدكم أنبي برئ
من كل حالقة ،أو سالقة ،أو خارقة ،قالوا أو سمعت
1
فيها شيئا ً؟ قال :نعم ،من رسول الله صلى الله عليه
وسلم . 2
5هه هعنه هإبراهيمه هأنهه هكانه هيكرهه هأنه هيجعله هعلىه هالقبر
مسجداً . 4
:ما هذا ؟ فقال :مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله
عليه وسلم ،فقال :هكذا هلك أهل الكتاب ،اتخذوا آثار
أنبيائهم بيعاً! من عرضت له منكم فيها الصلة ،فليصل ،
ومن لم يعرض له منكم فيه الصلة فل يصل " .
3
( الحالقة ) هي التي تحلق شرها عند المصيبة ( _ ،السالقة ) :التي ترفع صوتها ،ه 1
رواه ابن أبي شيبة ( )2/84/1وسنده صحيح على شرط الشيخين . 3
59
" بلغ عمر بن الخطاب أن ناسا ً يأتون الشجرة التي
بويع تحتها فأمر بها فقطعت ".
4
8هه هعنه هقزعةه هقاله هسألته هابنه هعمره ه:ه هآتيه هالطوره ه؟
فقال :دع الطور ول تأتها ،وقال :ل تشد الرحال إل إلى
ثلثة مساجد 1
قلت :رواه ابن أبي شيبة أيضا( )2/73/2ورجاله ثقات كلهم لكنه منقطع بين نافع وعمر 4
فلعل الواسطة بينهما عبد الله بن عمر رضي الله عنهما .
ثم استدركت فقلت :يبعد ذلك كله ما أخرجه البخاري فيه " صحيحه ه الجهاد"
من طريق أخرى عن نافع قال :قال ابن عمر رضي الله عنهما :
" رجعنا من العام المقبل :فما اجتمع اثنان على الشجرة التي بايعنا تحتها ،
كانت رحمة من الله " .يعني خفاءها عليهم .فهو نص على أن الشجرة لم يتبق معرفة
المكان يمكن قطعها من عمر ،فدل ذلك على ضعف رواية القطع الدال عليه النقطاع
الظاهر فيها نفسها ومما يزيدها ضعفا ما روى البخاري في " المغازي " من " صحيحه
" عن سعيد بن المسيب عن أبيه ====
قال " :لقد رأيت الشجرة ،ثم أتيتها بعد ،فلم أعرفها ".
ومن طريق طارق بن عبد الرحمن قال :
" انطلقت حاجا ً ،فمررت بقوم يصلون ،قلت :ما هذا المسجد قالوا :هذه
الشجرة حيث بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان فأتيت سعيد بن
المسيب ،فضحك فقال :حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسو الله صلى الله عليه
وسلم تحت الشجرة ،فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها .وفي
رواية :فعميت علينا فقال سعيد :إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يعلموها!
وعلمتموها أنتم! فأنتم أعلم !
أقول ،ولئن كنا خسرنا هذه الرواية المنقطعة كشاهد فيما نحن فيه من البحث
بعد التأكد من ضعفها ،فقد كسبنا ما هو أقوى منها ،مما يصلح دليل ً لما نحن فيه ،
وهو حديث المسيب هذا ،وحديث ابن عمر :فقد قال الحافظ في شرحه إياه :
" والحكمة في ذلك أن ل يحصل بها افتتان لما وقع تحتها من الخير ،فلو بقيت
لما أمن تعظيم بعض الجهال لها حتى ربما أفضى بهم المر إلى اعتقاد أن لها قوة نقع
أو ضر ،كما نراه الن مشاهدا ً فيما هو دونها ،وإلى ذلك أشار ابن عمر بقوله ":كانت
رحمة من الله " ،أي كان خفاؤها عليهم بعد ذلك رحمة من الله تعالى ".
قلت :ومن تلك الشجار التي أشار إليها الحافظ شجرة كنت رأيتها من أكثر
من عشر سنين شرقي مقبرة شهداء أحد خارج سورها ،وعليها خرق كثيرة ،ثم رأيتها
في موسم السنة الماضية (1371هه ) قد استأصلت من أصلها ،والحمدلله ،وحمى
المسلمين من شر غيرها من الشجر وغيره من الطواغيت التي تعبد من دون الله
تعالى .
1رواه ابن أبي شيبة أيضا( )2/83/2والزرقي في " أخبار مكة " (ص )304وإسناده صحيح
،وروى أحمد ( )6/8وأبو يعلى وابن منده في " التوحيد " (،26/1ه )2مثله عن ه أبي
بصرة الغفاري وهو صحيح أيضا ً ،خرجته في "سلسة الحاديث الصحيحة " أواخر المائة
الثالثة ،وفي " إررواء الغليل " رقم (. )970
60
أل أحدثك بحديث سمعته من أبي عن جدي رسول
اللهه هصلىه هاللهه هعليهه هوسلمه ه؟ه هقاله ه:ه ه"ه هل هتتخذواه هقبري
عيدا ًه ،ه هول هبيوتكمه هقبورا ًه ،ه هوصلواه هعليه ه،ه هفإنه هصلتكم
وتسليمكم تبلغني حيثما كنتم " .
1
)1همنه هطريقينه هعنه هسهيله هبنه هأبيه هسهيله هأنهه هرأىه هقبر 2
النبيه هصلىه هاللهه هعليهه هوسلمه هفالتزمهه هومسحه ه،ه هقاله ه:
فحصبني حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب فقال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :ل هتتخذوا بيتي
عيدا ً ول تتخذوا بيوتكم مقابر [ ،وصلوا علي حيثما كنتم ،
فإن صلتكم تبلغني ] " .
3
1ه أخرجه ابن أبي شيبة أيضا ( )2/83/2وعنه أبو يعلى في " مسنده " (ق )32/2
وإسماعيل القاضي في كتاب " فضل الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم " ،
الحديث 20من طبع المكتب السلمي ،ورواه الضياء ي " المختارة " ( )1/154من
طريق أبي يعلى والخطي في " الموضح " (. )2/30
وسنده مسلسل بأهل البيت رضي الله عنهم ،إل أن أحدهم ههه وهو علي بن
عمر مستور ،كما قال الحافظ في " التقريب " ".
ههه هذا والمصادر المذكورة قبله كلها مخطوطات ،وغالبها في المكتبة الظاهرية ، 2
يسمع صلة المصلين عليه ،فمن زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم يسمعها فقد
كذب عليه ،فكيف حال من يزعم أنه صلى الله عليه وسلم يسمع غيرها ؟!.
1رواه أبو داود ( )2042وأحمد ( )2/367بسند حسن ،ورواه أبو يعلى في " مسنده " (
، )4/1597مصورة الكتب من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب بسند فيه نظر .
61
11ه ورأى ابن عمر فسطاطاً هعلى قبر عبد الرحمن
2
2السفطاط بيت من شعر في " اللسان " وفي " الكواكب الدراري " ( ق 87/1تفسير
" : )548وكره أحمد أن يضرب على القبر فسطاط
3رواه البخاري تعليقا ً (. )2/98
رواه عبدالرزاق ( )3/418/6129وابن أبي شيبة ، 4/135والربعي في " وصايا العلماء " ( 4
5وإسناده ضعيف ،لكن له طرق أخرى عند ابن عساكر فهو بها صحيح .
6رواه ابن أبي شيبة أيضا ً ورجاله ثقات غير ثعلبة وهو ابن الفرات ،قال أبو حاتم
وأبوزرعة ":ل أعرفه " كما في " الجرح والتعديل " (/1/464ه .465
7رواه ابن سعد (. )5/142
1رواه الدولبي (1/134ه )135ورجاله ثقات غير سالم هذا فهو مجهول كما قال الذهبي
في " الميزان " والحلي الشيعي في " خلصة القوال " ( ص )108
2رواه ابن سعد ( )6/108بسند صحيح .
3الختلف إليها أي :إكثار التردد لزيارتها ،وهذا مستفاد من قوله صلى الله عليه
وسلم " اللهم ل تجعل قبري عيدا ً ".
62
ونحو ذلك ،فهذه المور كلها غير مشروعة عند السلف
الذينه هسميناهمه همنه هالصحابةه هوغيرهمه ه،ه هوذلكه هيدله هعلى
أنهم كانوا جميعا ًه يرون بقاء علة النهي عن بناء المساجد
علىه هالقبوره هوتعظيمهاه هبماه هلمه هيشرعه ه،ه هأل هوهيه هخشية
الضلل والفتتان بالموتى كما نص عليها المام الشافعي
رحمهه هاللهه هفيماه هسبقه ه،ه هبدليله هاستمرارهمه هعلىه هالقول
بالحكمه هالمعلوله هبهذهه هالعلةه ه،ه هفإنه هبقاءه هأحدهمه هيستلزم
بقاء الخر ،كما ل هيخفى ،وهذا بالنسبة لمن نص منهم
على كراهية بناء المساجد على القبور ظاهرا ً ،أما الذين
صرحواه هبالنهيه هعنه هغيره هذلكه ه،ه همثله هرفعه هالقبره هوضرب
الخيمةه هعليهه هونحوهه همماه هأجملناه هالكلمه هعليهه هآنفا ًه ،ه هفهم
يقولونه هببقاءه هالحكمه هالمذكوره همنه هبابه هأولىه ه،ه هوذلك
لوجهين :
الول :أن بناء المساجد على القبور أشد جرماً
من رفع القبور وضرب الخيام عليها ،لما ورد من اللعن
على البناء ،دون الرفع والضرب المذكور .
الثاني :أن المفروض في أولئك السلف الفهم
والعلم ،فإذا ثبت عن أحد منهم النهي عن شئ هو دون
ما نهى عنه الشارع ،ولم ينقل هذا النهي عن أحدهم ،
فنحن نقطع بأنه ينهى عنه أيضا ًه ،حتى ولو فرض عدم
بلوغ النهي إليه لن نهيه عما هو دون هذا يستلزم النهي
عنه من باب أولى ،كما ل يخفى .
فثبت أن القول بانتفاء العلة المذكورة وما بني
عليه كله باطل ،لمخالفته نهج السلف الصالح رضي الله
عنهم ،مع مصادمته للحاديث الصحيحة ،والله المستعان
.
63
64