You are on page 1of 451

‫‪ 1‬تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫تام النة ف التعليق على " فقه السنة‬

‫" تأليف ممد ناصر الدين اللبان‬

‫المد ل رب العالي ‪ ،‬والصلة والسلم على سيد الرسلي ‪ ،‬القائل فيما‬


‫جاء ف " الصحيحي " ‪ " :‬من يرد ال به خيأ يفقهه ف الدين " ‪ ،‬وعلى‬
‫آله وصحبه اليامي ‪ ،‬ومن تبعهم على فقههم وهديهم إل يوم الدين ‪.‬‬
‫أما بعد ‪ ،‬فهذه هي الطبعة الثانية لكتاب " تام النة ف التعليق على‬
‫فقه السنة " ‪ ،‬وقد مضي على الطبعة الول قرابة ربع قرن من الزمان ‪ ،‬ل‬
‫يتيسفر ل إعادة النظفر فيهفا ‪ ،‬وإعدادهفا للطبفب مرة أخرى ‪ ،‬إل فف هذه‬
‫الو نة الخية من ا ستقراري ف ( عمان ‪ -‬الردن ) ‪ ،‬ف قد تي سر ل ‪-‬‬
‫والمد ل ‪ -‬أن أطبع فيها بعض مؤلفات تت إشراف وتصحيحي مباشرة‬
‫‪ ،‬مع م ساعدة ب عض الوظف ي ف الكت بة ال سلمية ‪ ،‬وبذلك أتفادى أن‬
‫يقع فيها قليل أو كثي من الخطاء الفاحشة ‪ ،‬أو أن يسقط بعض السطور‬
‫من ها ع ند ت صحيحها أو ت صويرها دون إشراف دق يق علي ها ‪ ،‬و قد تك نا‬
‫ح ت الن أن نط بع ‪ -‬ت ت إشرأ ف ‪ -‬ب عض الؤلفات ‪ ،‬أذ كر على سبيل‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪2‬‬

‫الثال ‪ :‬الجلد الثالث من " سلسلة الحاد يث الضعي فة " ‪ ،‬والرا بع ت ت‬


‫الط بع ‪ ،‬والرا بع من " سلسلة الحاد يث ال صحيحة " ‪ ،‬والا مس ت ت‬
‫الطبع ‪ ،‬والمد ل الذى بنعمته تتم الصالات ‪.‬‬
‫ولذه ألطب عة الثان ية من " تام ال نة " مزا يا مه مة كثية ‪ ،‬أه ها أن ن‬
‫ضم مت إلي تا بض ية ما كان عندي من التعل يق ‪ ،‬و هي التعل يق على الزء‬
‫الثالث من الجزاء الصغية ألت كان " فقه السنة " طبع عليها أول المر ‪،‬‬
‫وهفو يبدأ بأول كتاب " الزكاة " ‪ ،‬وينتهفي بآخفر كتاب " الصفيام " ‪،‬‬
‫وبذه الضمي مة نكون قد علي نا على ن و ر بع " ف ته أل سنة " بف ضل ال‬
‫تبارك وتعال ‪ ،‬راجيا منه عزوجل أن بيسر ل تام التعليق عليه ‪ ،‬إذا نسأ‬
‫ال ف العمر ‪ ،‬وبارك ف الوقت ‪ ،‬أو على القل أن أجرد بقية ما فيه من‬
‫الحاديث الضعيفة والنكرة ‪ ،‬ليكون القراء على علم با ‪ ،‬ومعرفة بقيقة‬
‫قدر ال سائل ال ت أقي مت علي ها ‪ ،‬كم ثل الد يث الذكور ف أول كتاب‬
‫( النائز ) وهو يلي ( الصيام ) ‪ " : -‬اللهم إليك أشكو ضعف قوت " ‪.‬‬
‫‪ . .‬إل ‪ ،‬فإنفه ضعيفف على شهرتفه فف كتفب السفية ‪ ،‬ومفن هنفا أتفى‬
‫الؤلف ‪ ،‬وقد خرجته وبينت ضعفه ف " تريج فقه السية ( ص ‪) 131‬‬
‫‪ ،‬ث ف ( الضعيفة " ( ‪. ) 2933‬‬
‫وكحد يث ‪ " :‬العلم ثل ثة ‪ ،‬و ما سوى ذلك ف ضل ‪ :‬آ ية مك مة ‪" ،‬‬
‫و سنة قائ مة ‪ ،‬فري ضة عادلة " ‪ ،‬فإ نه ضع يف أي ضا ‪ ،‬وبا نه ف " تري بم‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪3‬‬

‫الشكاة " ( ‪ ) 239‬و ( الرواء ) ( ‪ ، ) 1664‬و ( ضعيفف أبف دأود‬


‫" ( ‪ ، ) 496‬وهو ف آخر كتاب من كتب " فقه السنة " ‪ ( .‬الفرائض )‬
‫‪ ،‬وبيف هذا وكتاب ( النائز ) كتفب أخرى فيهفا عشرات ‪ -‬إن ل أقفل‬
‫مئات ‪ -‬الحاديث الواهية ‪.‬‬
‫هذا ‪ ،‬ولعلي ل أفشي سرأ إذا ذكرت ما يأت ‪ :‬لقد كان أحد إخواننا‬
‫الامعيي اقترح علي أن أرسل إل الشيخ السيد سابق ‪ -‬تعاونا معه على‬
‫ألجفر وألعلم وتريف القائق ‪ -‬مقدمفة كتابف هذا ‪ ،‬مفع الزء الول ‪،‬‬
‫وها بط يدي ‪ ،‬وقيل الطبع ‪ ،‬فاستجبت لقتراحه ‪ ،‬وأرسلتهمامعه إليه ‪،‬‬
‫فبق يا لد يه أك ثر من سنة ‪ ،‬ث أعاد إل بوا سطة أ حد إخوان نا القيم ي ف‬
‫القاهرة الزء الذكور دون القد مة ! قد ك نت أ ستنسخت ن سخة من ها‬
‫احتياطا والمد ل تعال ‪.‬‬
‫رجع الزء إل دون أن يأتين من فضيلة الشيخ شئ ينبئن عن رأيه فيه‬
‫و ف القد مة ‪ ،‬ولذلك بادرت إل طبعه ما مع الزء الثا ن ف أول فر صة‬
‫سنحت ل يومئذ على اللة الكاتبة ‪ ،‬ث الساحبة ( ستانسل ) ‪.‬‬
‫وقد تبي ل من مقابلت بعض السائل ف الطبعة القدية الت وضعت‬
‫عليهفا " تام النفة " ببعفض الطبعات الديدة ‪ ،‬وباصفة منهفا طبعفة دار‬
‫الكتأب العر ب ‪ ،‬ذات الجلدات الثل ثة ‪ ،‬أن الش يخ ل ي ستفد من كتا ب‬
‫هذا شيئا يذكر ‪ ،‬ل فرق ف ذلك بي ما كنت أرسلته إليه ‪ ،‬أوما طبع منه‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪4‬‬

‫ب عد م عه ‪ ،‬ف قد لح ظت أن الخطاء الديث ية والفقه ية بقي مت ك ما هي‬


‫دون أي تعديل أو تغيي ‪ ،‬اللهم إل ف بعض السائل الحدودة جدأ ‪ ،‬فل‬
‫أدري أذلك لعدم تفرغفه لقراءة ذلك ‪ ،‬أم لعدم قناعتفه باف فيفه مفن النقفد‬
‫العل مي الالص ؟ ول عل القرب الول ‪ ،‬فإن ف كتا ب من القوا عد ال ت‬
‫يب على كل عال التزامها ‪ ،‬ومن السائل والحاديث ما ل يوز للعال‬
‫أن يرف باف دون أن يدد موقففه منهفا ‪ ،‬نقدا أو تأييدا ‪ ،‬تضعينفا أو‬
‫تصحيحا ‪ ،‬فيما لو وقف عليها كما سيى القراء من ذلك الكثي وألكثي‬
‫جدا ‪.‬‬

‫ولكن يول بين وبي الزم بذأ الحتمال أنن رأيته قد أستفاد من نقدي‬
‫إياه ف عدة موأضع ‪ ،‬نبهت على بعضها تعلجتا على الصفحات ( ‪ 44‬و‬
‫‪ 62‬و ‪ 104‬و ‪ 137‬و ‪ ، ) 145‬و من ذالك موق فه من م سألة الوضوء‬
‫من الحرم البل " فإنه ف الطبعة الت وضعت التعليق عليها كان قد أورد‬
‫على ترجيح المام النووي وجوب الوضوء منها ‪ ،‬إشكال يصرف ضعفاء‬
‫العلم ‪ ،‬ومقلدة الذاهب ‪ ،‬عن العمل بالديث ‪ ،‬فعقب على النووي بقوله‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪5‬‬

‫‪ " :‬إل أنه يقال ‪ :‬كيف خفي حديث جابر والباء على اللفاء الراشدين‬
‫‪ " . .‬إل ‪.‬‬
‫فرددت عليه با يبطل هذا الشكال من أصله ‪ ،‬كما ستراه ف مله ‪،‬‬
‫فكان من آثار ذلك أن الؤلف خ ضع لل حق ‪ -‬جزاه ال خيا ‪ -‬وحذف‬
‫الشكال الزعوم ‪ ،‬ولك نه ل ينوه ب ن كان ال سبب ف ذلك ! وث ة مثال‬
‫آ خر ‪ ،‬ف قد انتقد ته ف ت صديره لد يث ‪ " :‬أ حب الد ين إل ال النيف ية‬
‫ال سمحة " ب صيغة التمر يض ‪ ،‬الدالة على ض عف الد يث ‪ ،‬وبينفت أ نه‬
‫ح سن لغيه ‪ ،‬وألزم ته أن يقول بذلك ك ما ستراه ف ال صفحة ( ‪، ) 38‬‬
‫فإذا به يقع ف خطا جديد هو أفحش من الذي قبله من جهة ‪ ،‬وهو أنه‬
‫عزاه لسلم ‪ ،‬ول أصل له عنده ! ومع ذلك فهو دليل على أنه وقف على‬
‫نقدي إياه ف هذا الديث ‪ ،‬وأراد أن يصحح موقفه منه ‪ ،‬فكان ما رأيت‬
‫! والل صة ‪ :‬ل قد ك نت آ مل من الؤلف حف ظه ال تعال أن ي ستجيب‬
‫لرغب ت ‪ ،‬وي قق رجائي الذي أودع ته ف مقد مة الطب عة الول ‪ ،‬وأطلع ته‬
‫عليها قبلها ‪ -‬كما تقدم ‪ -‬وهو أن " يعيد النظر فيما كتب حت الن ‪،‬‬
‫ويصفحح الخطاء ألتف تفبينت له ‪ ،‬ويتريفث فف إصفدار أجزاء الكتاب‬
‫الخرى " ‪.‬‬
‫كنفت أرجفو ذلك منفه ‪ ،‬ولكفن خاب الرجاء ‪ ،‬ومضفى الرجفل فف‬
‫إصفدار بقيفة الكتاب على النهفج النتقفد الذي جرى عليفه فف الجزاء‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪6‬‬

‫الول ‪ ،‬دون أن يلتزم تلك القواعفد العلميفة التف كنفت أرسفلتها إليفه ‪،‬‬
‫ودون أي تعد يل أو تغي ي ف ‪ /‬صفحة ‪ / 7‬منه جه ! والعلم ‪ -‬ك ما هو‬
‫معروف ‪ -‬ف تقدم م ستمر ل يعرف للجمود مع ن ‪ ،‬و ف كل يوم ترج‬
‫الطا بع م صادر علم ية جديدة ل ت كن معرو فة ص من ق بل ‪ ،‬م ا ي ساعد‬
‫الباحثيف الحققيف على تسفي مؤلفاتمف وتنقيحهفا ‪ ،‬وتغذيتهفا بفوائد‬
‫جديدة ‪ ،‬وتقيقات ل تكن متيسرة للكثيين من قبل ! من أجل ذلك ‪،‬‬
‫فإ ن ل ا رأ يت " ف قه ال سنة " جامدا هكذا على مر ال سني ك ما وض عه‬
‫الؤلف ق بل ن و ن صف قرن من الزمان ‪ ،‬مع تكرر طب عه مرات ومرات ‪،‬‬
‫بدا ل أن أعيد النظر فيما عندي من " تام النة ف التعليق على فقه إلسنة‬
‫" ‪ ،‬فنقحتفه ‪ ،‬وزدت فيفه مسفائل عدة ‪ ،‬وفوائد جةف ‪ ،‬ذكرت أههفا فف‬
‫مطلع هذه الكل مة ‪ ،‬فكان ذلك كله من دوا عي إعادة طب عه ونشره على‬
‫الناس فف ثوبفه الديفد ‪ ،‬سفائل الول سفبحانه وتعال أن يعله وسفائر‬
‫مؤلفا ت عمل صالا ‪ ،‬ولوج هه خال صا ‪ ،‬وأن ل ي عل ل حد ف يه شيئا ‪.‬‬
‫و سبحانك الل هم وبمدك ‪ ،‬أش هد أن ل إله إل أ نت ‪ ،‬أ ستغفرك وأتوب‬
‫إليك ‪.‬‬
‫عمان ‪ 1 /‬رجب سنة ‪ 458‬ه‍ وكتب ممد ناصر الدين اللبان أبو عبد‬
‫الرحن‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪7‬‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬


‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪8‬‬

‫مقدمفة الطبعفة الول ‪ " :‬إن المفد ل نمده ونسفتعينه ونسفتغفره ‪،‬‬
‫ونعوذ بال من شرور أنف سنا ‪ ،‬و من سيئات أعمال نا ‪ ،‬من يهده ال فل‬
‫مضل له ‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له ‪.‬‬
‫وأشهفد أن ل إله إل ال وحده ل شريفك له ‪ ،‬وأشهفد أن ممدا‬
‫عبده ورسوله ‪.‬‬
‫" يفا أيهفا الذيفن آمنوا اتقوا ال حفق تقاتفه ول توتفن إل وأنتفم‬
‫مسلمون " ‪" .‬‬
‫يا أيها الناس اتقوا رلكم الذي خلقكم من نفس واحدة ‪ ،‬وخلق‬
‫من ها زوج ها و بث منه ما رجال كثيا ون ساء ‪ ،‬واتقوا ال الذي ت ساءلون‬
‫به والرحام إن ال كان عليكم رقيبا " ‪.‬‬
‫" يا أي ها الذ ين امنوا اتقوا ال وقولوا قول سديدا ‪ ،‬ي صلح ل كم‬
‫أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع ال ورسوله فقد فاز فوزا عظيما "‬
‫( ‪ ( * . ) 1‬هامش ) * ( ‪ ) 1‬هذه خطبة الاجة الت كان رسول ال "‬
‫صلى ال عليه وآله " يعلمها أصحابه ‪ ،‬وكان السلف يفتتحون با خطبهم‬
‫ف دروسهم وكتب هم ‪ ،‬ول فيها ر سالة لطي فة جعت فيها طرق حديث ها‬
‫وألفاظها ‪ ،‬وذكرت فيها فوائد تتناسب مع موضوعها ‪ ،‬وقد طبعت قريبا‬
‫على نفقة جعية التمدن السلمي بدمشق ‪ ،‬ث طبعها الكتب السلمي‬
‫طبعة ثانية جيلة ‪ ،‬مزيدة ومنقحة ‪ ) * ( .‬أما بعد ‪ ،‬فإن كتاب فقه السنة‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪9‬‬

‫للشيفخ سفيد سفابق مفن أحسفن الكتفب التف وقففت عليهفا ماف ألف فف‬
‫موضوعه ‪ ،‬ف حسن تبويب ‪ ،‬وسلسة أسلوب ‪ ،‬مع البعد عن العبارات‬
‫العقدة ال ت قل ما يلو من ها كتاب من ك تب الف قه ‪ ،‬ال مر الذي ر غب‬
‫الشباب السلم ف القبال عليه والتفقه ف دين ال به ‪ ،‬وفتح أمامهم آفاق‬
‫الب حث ف ال سنة الطهرة ‪ ،‬وحفز هم على ا ستخراج ما في ها من الكنوز‬
‫والعلوم ال ت ل ي ستغن عن ها م سلم أراد ال به خيا ك ما قال " صلى ال‬
‫عليه وآله " ‪ " :‬من يرد ال به خيأ يفقهه ف الدين " ‪ ،‬متفق عليه ‪ ،‬وهو‬
‫مرج فف " سفلسلة الحاديفث الصفحيحة " ( ‪ . ) 1194‬ولقفد كان‬
‫صدور هذا الكتاب ‪ -‬فيما أرى ‪ -‬ضرورة من ضرورات العصر الاضر ‪،‬‬
‫ث تفبي فيفه لكثيف مفن السفلمي أن ل ناة ماف هفم فيفه مفن النراف‬
‫فم إل بالرجوع إل‬ ‫فاق عليهف‬‫والختلف والنيار وتغلب الكفار والفسف‬
‫كتاب ال وسنة رسوله " صلى ال عليه وآله " ‪ ،‬يأخذون منها فقط ومن‬
‫القران أمور دينهم ومسائل فقههم ‪ ،‬فكان لذا ل بد لعامتهم من مصدر‬
‫قريب التناول ‪ ،‬يكن العتماد عليه ‪ ،‬والرجوع إليه حي يقتضيهم المر ‪،‬‬
‫ويغني هم عن الراجعات الكثية ف الو سوعات العديدة من أ جل م سائل‬
‫قليلة أو كثية ‪ .‬فكان أن أل م ال تعال ال ستاذ ال سيد سابق فأخرج ل م‬
‫هذا الكتاب " ف قه ال سنة " فقرب ل م الطر يق وأنار ل م ال سبيل جزاه ال‬
‫خيا ‪ . .‬من أجل ذلك كنت ول أزال أحض على اقتنائه وال ستفادة م ا‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪10‬‬

‫ف يه من ال سنة وال ق ‪ -‬وم نذ صدور الزء الول م نه من ال جم ال صغي‬


‫القد ي ‪ -‬كل را غب ف ال سنة ونا صر لل حق ‪ ،‬ح ت انتشرت ن سخه ب ي‬
‫صفوف إخوان نا ال سلفيي وغي هم ف دم شق وغي ها من البلد ال سورية‬
‫وغيها ‪ ،‬فكان من نتي جة ذلك أن توجهت إل من هم أ سئلة كثية ‪ ،‬عن‬
‫غ ي قل يل من ال سائل والحاد يث الواردة ف يه ‪ ،‬فك نت أجيب هم عن ها ب ا‬
‫أعلمه ‪ ،‬وكثيا ما كان الواب مالفأ لا ف الكتاب ‪ ،‬فقد كنت أضعف‬
‫كثيا من أحاديثه ‪ ،‬وأخطئ عديدا ملم من مسائله ‪ ،‬فلما رأى ذلك بعض‬
‫الغيور ين على ف قه ال سنة والري صي على نشر ها صحيحة ب ي صفوف‬
‫المفة اقترح على أن أسفجل مفا آخذه على الكتاب وأنشره بيف الناس ‪،‬‬
‫فاعتذرت عن ذلك أول ال مر ‪ ،‬ث ل ا تكرر الطلب ف يه ‪ ،‬وأل به كث ي‬
‫غيه رأيت أنه ل بد من إجابة طلبتهم وتقيق رغبتهم ‪ ،‬لا ف ذلك من‬
‫خدمة للكتاب ‪ ،‬بل الفكرة الت يملها ويدعو الناس إليها وهي " جعهم‬
‫على الكتاب والسنة ‪ ،‬والقضاء علن اللف وبدعة التعصب للمذاهب ‪.‬‬
‫‪ " . .‬ك ما صرح ف مقدم ته ‪ .‬وعلوة على ذلك فف يه تن يه للكتاب م ا‬
‫وقع فيه من الخطاء الفقهية والحاديث الضعيفة الت يتناف وجودها مع "‬
‫ف قه ال سنة " ‪ ،‬وبذا أكون قد حق قت شيئأ من الرغ بة ال ت كان أبدا ها‬
‫للطرفي أحد إخواننا لا ذهب إل مصر ‪ ،‬وهي التعاون ف سبيل الفكرة‬
‫الذكورة عن كثب وقرب ‪ ،‬ولكن حال دون ذلك عدة أسباب ‪ ،‬أهها ‪:‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪11‬‬

‫ب عد الدار ‪ ،‬وتعذر اللقاء ‪ ،‬فإذ قد فات ن ذلك ‪ ،‬فل أ قل من التعاون في ها‬


‫عن ب عد ‪ ،‬ل نه ك ما ق يل ‪ :‬ما ل يدرك كله ل يترك جله ‪ . .‬فل ما شرح‬
‫ال لذالك صدري ‪ ،‬واطمأن له قلب شرعت ف قراءة ما صدر من أجزاء‬
‫الكتاب قراءة إمعان وتدبر ‪ ،‬فكنت كلما تبي ل منه شئ يستحق ذكره‬
‫والتنبيه عليه سجلته عندي وعلقته ف وريقات ‪ ،‬فما أن انتهيت من التعليق‬
‫علي ها ح ت تأ كد لدي ضرورة ما صنعت ‪ ،‬ذلك لن ن وق فت في ها ب عد‬
‫هذه الدرا سة على أخطاء كثية ‪ ،‬بعض ها مه مة جدا ‪ ،‬ما ك نت أت صور‬
‫وجود ها في ها ‪ ،‬ولذلك فإ ن رأ يت أ نه ل بد من بيان ا ‪ ،‬و قد و فق ال ثه‬
‫لذلك وله المد والنة ‪ .‬ولعل من الفائدة أن أشي إل نوع تلك الخطاء‬
‫بصفورة مملة ‪ ،‬ليأخفذ القارئ عنهفا فكرة عامفة ‪ ،‬فتتفبي له أهيفة هذا‬
‫التعليق ‪ ،‬فأقول ‪ :‬يكن حصرهذه الخطاء على وجه التقريب فيما يلي ‪:‬‬
‫أحاديث كثية سكت الؤلف عليها وهي ضعيفة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬أحاديث أخرى قؤاها ‪ ،‬وهي عند التحقيق واهية ‪.‬‬
‫‪ – 3‬أحاديث ضعفها ‪ ،‬وهي صحيحة ‪ ،‬أو لا أسانيد أخرى صحيحة ‪.‬‬
‫‪ - 4‬أحاديث ينسبها لغي " الصحيحي " ‪ ،‬وهي فيهما أو ف أحدها ‪.‬‬
‫‪ - 5‬أحاديث يعزوها لحد " الصحيحي " وغيها ول أصل لا فيهما‪.‬‬
‫‪ - 6‬أحاديث يوردها ول وجود لا ف شئ من كتب السنة ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪12‬‬

‫‪ - 7‬سفوق الديفث مفن طريفق صفحاب يسفميه بروايفة جاعفة مفن‬


‫الحدثي ‪ ،‬وهو عند بعضهم عن صحاب آخر أو أكثر ‪.‬‬
‫‪ - 8‬عزوه الديث لخرجه ساكتا عليه ‪ ،‬مع أن مرجه الذي نسبه إليه‬
‫عقبه با يقدح ف صحته ‪.‬‬
‫‪ - 9‬عدم تتبعفه أدلة السفائل ‪ ،‬فكثيا مفا يسفوق السفائل دون دليفل‬
‫يؤيدها ‪ ،‬وأحيانا يتج لا بالقياس ‪ ،‬مع أنه يوجد فيها حديث صحيح ‪،‬‬
‫وتارة يستدل بالعموم ‪ ،‬وفيها دليل خاص ‪.‬‬
‫‪ - 10‬عدم استقصائه مسائل الفصل مثل " الغسال الستحبة " ونوها‬
‫‪.‬‬
‫‪ - 11‬إيراده ف ال سالة الواحدة أقوال متعار ضة دون أن ير جح إحدا ها‬
‫على الخرى ‪.‬‬
‫‪ - 12‬اضطراب رأيه ف بعض السائل ف الكان الواحد ‪ ،‬فيختار ف أول‬
‫البحث ما ينقضه ف خاتته ‪.‬‬
‫‪ - 13‬ترجي حه من القوال والراء التعار ضة مال ي ستحق الترج يح ‪،‬‬
‫لضعف دليله ‪ ،‬وقوة دليل مالفه ‪.‬‬
‫‪ - 14‬مالفته الديث الصحيح الذي ل معارض له من الديث ف غي‬
‫ما مسالة ‪ .‬وهذا النوع الخي من أنكرما وقع للمؤلف ‪ ،‬فإنه ل يتفق ف‬
‫شئ مع توجيه الؤلف ف الكتاب الناس إل ال خذ بالسنة ‪ ،‬ول سيما إذا‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪13‬‬

‫عرفت أن عذره ف الخالفة الشار إليها هو عدم أخذ المهور بالديث‬


‫ف بعض السائل ‪ ،‬أو عدم علمه بن عمل به ف مسألة أخرى ‪ ،‬وهذه هي‬
‫شبهة القلدين ف رد السنن وماربتها ‪ ،‬وسيأت كلم المام الشافعي الذي‬
‫يبطل هذه الشبهة ويستأصل شأفتها جزاه ال خيا ‪ .‬وقد يكون من نافلة‬
‫القول أن أذ كر أن ن ل أر يد بالتعل يق على الكتاب وبيان أخطائه أن أ حط‬
‫من قدره شيئا ‪ ،‬أو أبس من حقه ‪ ،‬بل إنا أريد النتصار للحق بالق ‪،‬‬
‫و صيانة " ف قه ال سنة " عن ال طأ ما أم كن فإن ذلك أد عى لقبال الناس‬
‫عليه والستفادة منه ‪ ،‬وأحرى أن يقطع ألسنة خصرم الفكرة عن التكلم‬
‫ف يه ‪ ،‬ب ق أو ببا طل ‪ ،‬فل عل الؤلف ‪ -‬زاده ال توفي قا ‪ -‬يع يد الن ظر في ما‬
‫ك تب ح ت الن وي صحح الخطاء ال ت تبينت له ‪ ،‬ويتر يث ف إ صدار‬
‫أجزاء الكتاب الخرى ( ‪ ، ) 1‬إل بعد أن ي تبي من صحتها وسلمتها‬
‫من الخطاء ويردها من الحاديث الضعي فة ‪ ،‬فإن ف الصحيح ما يغن‬
‫عن الضع يف ‪ .‬هذا ‪ ،‬وإن ن ل ا بدأت ف التعل يق على الكتاب ترددت ف‬
‫طريقة نقلي لكلمه أأنقله برمته أو بغالبه الذي يدل عليه ‪ ،‬أم أكتفي بنقل‬
‫طرفه الول الذي يشي إل تتمته كما هي العادة ف التعليقات ؟ فأخذت‬
‫الطري قة الول ‪ ،‬و هي وإن كا نت ت ستلزم شيئأ من التكرار بالن سبة ل ن‬
‫عنده ال صل " ف قه ال سنة " ‪ ،‬فإ نه أك ثر فائدة ووضو حا ل ن ل يس عنده‬
‫ال صل ‪ ،‬ل نه ي ستطيع أن يف هم الكلم النتقدة والد يث الض غف ون و‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪14‬‬

‫ذلك دون أن ير جع إل ال صل ‪ ،‬و قد سيته ‪ " :‬تام ال نة ف التعل يق على‬


‫ف قه ال سنة " ‪ .‬وال تعال أ سال أن يعله خال صا لو جه ال الكر ي ‪ ،‬وأن‬
‫ينفع به النفع العميم ‪ ،‬إنه سيع ميب ‪.‬‬
‫* * * * ( هامش ) * ( ‪ ) 1‬ك تب هذا ق بل صدور الكتاب كامل‬
‫بأجزائه الكبية ‪.‬‬
‫( * ) مقدمة علمية هامة ‪ :‬وقبل الشروع ف القصود ل بد من أن أقدم‬
‫ب ي يدي ذلك ب عض القوا عد ال ساسية ال ت ل ي ستغن عن معرفت ها من‬
‫كان يعنيه أمر التفقه ف السنة ‪ ،‬ولسيما أن طريقة التأليف تستلزم ذلك ‪،‬‬
‫ل كي نتم كن من الحالة إلي ها عند ما تأ ت منا سبتها ‪ ،‬وبذلك أو فر علي‬
‫وعلى القراء وق تا غ ي قل يل ‪ ،‬ونع في أنف سنا من كث ي من العادة ال ت ل‬
‫ضرورة إليهفا كمفا سفيى القارئ الكريف ‪ .‬القاعدة الول رد الديفث‬
‫الشاذ اعلم أن مفن شروط الديفث الصفحيح أن ل يكون شاذا ‪ ،‬فإن‬
‫تعر يف الد يث ال صحيح ع ند الحدث ي ‪ " :‬هو الد يث ال سند الذي‬
‫يتصفل إسفناده بنقفل العدل الضابفط عفن العدل الضابفط إل منتهاه ‪ ،‬ول‬
‫يكون شاذا ول معلل ‪ ،‬ف فى هذه الو صاف احتراز عن الر سل والنق طع‬
‫والشاذ ‪ ،‬ومفا فيفه علة قادحفة ماف فف روايتفه نوع جرح " ( ‪* . ) 1‬‬
‫( هامش ) * ( ‪ " ) 1‬مقدمة ابن الصلح " ( ص ‪ ) * ( . ) 8‬والديث‬
‫الشاذ ما رواه الث قة القبول مال فا ل ن هو أول م نه ‪ ،‬على ما هو العت مد‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪15‬‬

‫عند الحدثي ( ‪ ، ) 1‬وأوضح ذلك ابن الصلح ف " القدمة " ‪ ،‬فقال‬
‫ص ( ‪ " : ) 86‬إذا انفرد الراوي بشئ نظر فيه ‪ ،‬فإن كان ما انفرد به‬
‫مالفا لا رواه من هو أول منه بالفظ أو أضبط ‪ ،‬كان ما انفرد به شاذا‬
‫مردودأ ‪ ،‬وإن ل تكن فيه مالفة لا رواه غيه وإنا رواه هو ول يروه غيه‬
‫‪ ،‬فينظفر فف هذا الراوي إلنفرد ‪ ،‬فإن كان عدل حافظفا موثوقفأ وإتقانفه‬
‫وضبطه ‪ ،‬قبل ما انفرد به ‪ ،‬ول يقدح النفراد به ‪ ،‬وإن ل يكن من يوثق‬
‫بف ظه وإتقا نه لذلك الذي انفرد به ‪ ،‬كان انفراده خار ما له مزحز حا له‬
‫عن حيز الصحيح ‪ ،‬ث هو بعد ذلك دائر بي مراتب متفاوتة بسب الال‬
‫‪ ،‬فإن كان النفرد به غي بعيد من درجة الافظ الضابط القبول تفرده ‪،‬‬
‫ا ستحسنا حدي ثه ذلك ول ن طه إل قب يل الد يث الضع يف ‪ ،‬وإن كان‬
‫ف انفرد بفه وكان مفن قبيفل الشاذ النكفر ‪. " . .‬‬
‫فما‬
‫بعيدا مفن ذلك رددن ا‬
‫والشذوذ يكون فف السفند ‪ ،‬ويكون فف التف ولكفل منهمفا أمثلة كثية‬
‫سيأت التنبيه على بعضها ف مواطنها إن شاء ال تعال ‪.‬‬
‫•( هامش ) * ( ‪ " ) 1‬شرح النخبة " لبن حجر ‪ ( ،‬ص ‪13‬‬
‫‪ ) * ( . ) 14 -‬القاعدة الثانية رد الديث الضطرب علم ما‬
‫سفبق آنففا أن مفن شروط الديفث الصفحيح أن ل يكون‬
‫معلل ‪ ،‬فاعلم أن من علل الديث الضطراب ‪ ،‬وقد قالوا ف‬
‫و صف الد يث الضطرب ‪ " :‬هو الذي ت تك الروا ية ف يه ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪16‬‬

‫فيو يه بعض هم على و جه ‪ ،‬وبعض هم على و جه آ خر مالف‬


‫له ‪ ،‬وإن ا ن سميه مضطو با إذا ت ساول ف الروايتان ‪ ،‬أ ما إذا‬
‫ترجحفت إحداهاف بيفث ل تقاومهفا الخرى ‪ ،‬بأن يكون‬
‫راويها أحفظ أو أكثر صحبة للمروي عنه ‪ ،‬أو غي ذلك من‬
‫وجوه الترجيحات العتمدة ‪ ،‬فالكفم للراجحفة ‪ ،‬ول يطلق‬
‫عليفه حينئذ وصفف الضطرب ‪ ،‬ول له حكمفه ‪ .‬ثف قفد يقفع‬
‫الضطراب ف مت الديث وقد يقع ف السناد وقد يقع ذلك‬
‫ف راو وا حد ‪ ،‬و تد يقفع من رواة له جا عة ‪ ،‬والضطراب‬
‫موجب ضعف الديث ‪ ،‬لشعاره بانه ل يضبط " ( ‪ . ) 1‬ث‬
‫ضرب على ذلك مثل حديففث الطفف الذي قواه الؤلف ‪،‬‬
‫وسيأت الرد عليه بإذنه تعال ف فصل السترة ‪ ( * .‬هامش ) *‬
‫( ‪ " ) 1‬القدمة " ( ص ‪. ) 104 - 103‬‬
‫( * )القاعدة الثالثة رد الديث الدلس التدليس ثلثة أقسام ‪:‬‬
‫‪ - 1‬تدل يس ال سناد ‪ ،‬و هو أن يروي ع من لق يه ما ل ي سمعه م نه‬
‫موها أنه سعه ‪ ،‬وقد‬
‫يكون بينه ها وا حد أو أك ثر ‪ ،‬و من شأ نه أ نه ل يقول ف ذلك ‪ :‬أخب نا‬
‫فلن ‪ ،‬ول ‪ :‬حدثنفا ‪ ،‬ومفا أشبههفا ‪ ،‬وإناف يقول ‪ :‬قال فلن ‪ ،‬أو ‪ :‬عفن‬
‫فلن ‪ . .‬ونو ذلك من الصيغ الوهة للسماع ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪17‬‬

‫‪ - 2‬تدليس الشيوخ ‪ ،‬وهو أن يروي عن شيخ حديثا سعه منه فيسميه‬


‫أو يكنيه أو ينسبه أو يصفه با ل يعرف به كي ل يعرف ‪.‬‬
‫‪ - 3‬تدليس التسوية ‪ ،‬وهو أن يئ الدلس إل حديث سعه من شيخ‬
‫ثقفة ‪ ،‬وقفد سفعة ذلك الشيفخ الثقفة مفن شيفخ ضعيفف ‪ ،‬وذلك الشيفخ‬
‫الضعيف يرويه عن شيخ ثقة ‪.‬‬
‫فيعمد الدلس الذي سع الديث من الثقة الول فيسقط منه شيخ شيخه‬
‫الضع يف ‪ ،‬ويعله من روا ية شي خه الث قة عن الث قة الثا ن بل فظ مت مل ‪،‬‬
‫كالعنعنة ونوها ‪ ،‬فيصي السناد كله ثقات ‪ ،‬ويصرح هو بالتصال بينه‬
‫وبي شيخه لنه قد سعه منه فل يظهر حينئذ ف السناد ما يقتضي عدم‬
‫قبوله إل ل هل الن قد والعر فة بالعلل ‪ ،‬ولذلك كان شر اق سام التدل يس ‪،‬‬
‫ويتلوه الول ث الثان ( ‪. ) 1‬‬
‫وحكم من ثبت عنه التدليس إذا كان عدل أن ل يقبل منه إل ما صرح *‬
‫( هامش ) * ( ‪ ) 1‬انظر " القدمة " وشرحها للحافظ العراقي ‪ ( ،‬ص‬
‫‪ ) * ( ) 82 - 78‬فيه بالتحديث ‪ ،‬وبعضهم ل يقبل حديثه مطلقا ‪،‬‬
‫والصح الول كما قال الافظ ابن حجر ( ‪ ، ) 1‬على تفصيل لم ف‬
‫ذلك ‪ ،‬فلياجع من شاء كتب " الصطلح " ‪.‬‬
‫القاعدة الرابعفة رد حديفث الجهول قال الطيفب فف " الكفايفة " ( ص‬
‫‪ " : ) 88‬الجهول عند أصحاب الديث هو كل من ل يشتهر بطلب‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪18‬‬

‫العلم ف نف سه ول عر فه العلماء به ‪ ،‬و من ل يعرف حدي ثه إل من ج هة‬


‫راو واحد " ‪.‬‬
‫وأقفل مفا ترتففع بفه الهالة أن يروي عفن الرجفل إثنان فصفاعدا مفن‬
‫الشهوريفن بالعلم كذلك ‪ .‬قلت ‪ :‬إل أنفه ل يثبفت له خكفم العدالة‬
‫بروايتهما عنه ‪ ،‬وقد زعم قوم أن عدالته تثبت بذلك ‪.‬‬
‫ث ذكر فساد قولم ف باب خاص عقب هذا فلياجعه من شاء ‪.‬‬
‫فو العروف بجهول‬ ‫فد هف‬ ‫فه إل واحف‬ ‫قلت ‪ :‬والجهول الذي ل يرو عنف‬
‫العيف ‪ ،‬وهذه هفي الهالة التف ترتففع بروايفة اثنيف عنفه فأكثفر ‪ ،‬وهفو‬
‫الجهول الال والسفتور ‪ ،‬وقفد قبفل روايتفه جاعفة بغيف قيفد ‪ ،‬وردهفا‬
‫المهور كما ف " شرح النخبة " ( ص ‪ ) 24‬قال ‪ ( * :‬هامش ) * ( ‪1‬‬
‫) شرح النخبة ( ص ‪. ) 18‬‬
‫( * ) " والتحق يق أن روا ية ال ستور ونوه م ا ف يه الحتمال ل يطلق‬
‫القول بردها ول بقبولا ‪ ،‬بل يقال ‪ :‬هي موقوفة إل استبانة حاله ‪ ،‬كما‬
‫جزم به إمام الرمي " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وإن ا ي كن أن ي تبي ل نا حاله بأن يوث قه إمام معت مد ف توثي قه ‪،‬‬
‫وكأن الافظ ‪ ،‬أشار إل هذا بقوله ‪ :‬إن مهول الال هو الذي روى عنه‬
‫اثنان ف صاعدا ول يو ثق " ‪ ،‬وإن ا قلت ‪ " :‬معت مد ف توثي قه " لن هناك‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪19‬‬

‫بعض الحدثي ل يعتمد عليهم ف ذلك ‪ ،‬لنم شذوا عن المهور فوثقوا‬


‫الجهول ‪ ،‬منهم ابن حبان ‪ ،‬وهذا ما بينته ف القاعدة التالية ‪.‬‬
‫ن عم ي كن أن تق بل رواي ته إذا روى ع نه ج ع من الثقات ‪ ،‬ول ي تبي ف‬
‫حديثه ما ينكر عليه ‪ ،‬وعلى هذا عمل التأخرين من الفاظ كابن كثي‬
‫والعراقي والعسقلن وغيهم ‪.‬‬
‫( وانظر بعض المثلة فيما يأت ‪. ) 207 - 204‬‬
‫القاعدة الامسة عدم العتماد على توثيق ابن حبان قد علمت ما سبق‬
‫آن فا أن الجهول بق سميه ل يق بل حدي ثه ع ند جهور العلماء ‪ ،‬و قد شذ‬
‫عن هم ا بن حبان فق بل حدي ثه ‪ ،‬واح تج به وأورده ف " صحيحه " ‪ ،‬قال‬
‫الافظ ابن حجر ف " لسان اليزان " ‪ " :‬قال ابن حبان ‪ :‬من كان منكر‬
‫الديفث على قلتفه ل يوز تعديله إل بعفد السفب ‪ ،‬ولو كان منف يروي‬
‫الناكي ‪ ،‬ووافق الثقات ف الخبار ‪ ،‬لكان عدل مقبول الرواية ‪ ،‬إذ الناس‬
‫أقوالم على الصلح والعدالة حت يتبي منهم ما يوجب القدح [ فيجرح‬
‫ب ا ظ هر م نه من الرح ] ‪ ،‬هذا ح كم الشاه ي منالرواة ‪ ،‬فأ ما الجاه يل‬
‫الذين ل يرو عنهم إل الضعفاء فهم متروكون على الحوال كلها " ‪" .‬‬
‫الضعفاء " ( ‪ ) 193 - 192 / 2‬والزيادة مفن ترجةف عائذ ال‬
‫الجاشعي ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪20‬‬

‫ث قال الافظ ‪ " :‬قلت ‪ :‬وهذا الذي ذهب إليه ابن حبان من أن الرجل‬
‫إذا انتففت جهالة عينفه كان على العدالة حتف يتفبي جرحفه مذهفب‬
‫عجيفب ‪ ،‬والمهور على خلففه ‪ ،‬وهذا مسفلك ابفن حبان فف " كتاب‬
‫الثقات " الذي أل فه ‪ ،‬فإ نه يذ كر خل قا نص علي هم أ بو حا ت وغيه على‬
‫أن م مهولون ‪ ،‬وكان عند ابن حبان أن جهالة العي ترتفع برواية واحد‬
‫مشهور ‪ ،‬و هو مذ هب شي خه ا بن خزي ة ‪ ،‬ول كن جهالة حاله باق ية ع ند‬
‫غيه " ‪.‬‬
‫هذا كله كلم الافظ ‪.‬‬
‫و من عج يب أ مر ا بن حبان أ نه يورد ف الكتاب الذكور بناء على هذه‬
‫القاعدة الرجوحة جاعة يصرح ف ترجتهم بأنه " ل يعرفهم ول آباءهم "‬
‫! فقال ف الطبقة الثالثة ‪ " :‬سهل ‪ ،‬يروي عن شداد بن الاد ‪ ،‬روى عنه‬
‫أبو يعفور ‪ ،‬ولست أعرفه ‪ ،‬ول أدري من أبوه " ‪.‬‬
‫ومن شاء الزيادة ف المثلة فلياجع " الصارم النكي " ( ص ‪93 - 92‬‬
‫) ‪ ،‬وقد قال بعد أن ساقها ‪ " :‬وقد ذكر ابن حبان ف هذا الكتاب خلقا‬
‫كثيا من هذا الن مط ‪ ،‬وطريق ته ف يه أ نه كر من ل يعر فه برح وإن كان‬
‫مهول ل يعرف حاله ‪ ،‬وينب غي أن ينت به لذا ويعرف أن توث يق ا بن حبان‬
‫للرجل بجرد ذكره ف هذا الكتاب من أدن درجات التوثيق " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪21‬‬

‫ولذا ند الحققي من الحدثي كالذهب والعسقلن وغيها ل يوثقون‬


‫مفن تفرد بتوثيقفه ابفن حبان ‪ ،‬وسفتأت أمثلة كثية على ذلك عنفد الكلم‬
‫على الحاد يث الضعي فة ال ت و ثق الؤلف ‪ -‬أو من ن قل ع نه ‪ -‬رجال ا ‪،‬‬
‫مع أن فيها من تفرد ابن حبان بتوثيقهم من الجهولي ‪ .‬وما ينبغي التنبه‬
‫له أن قول ابن عبد الادي ‪" . :‬‬
‫وإن كان مهول ل يعرف حاله " ليس دقيقا ‪ :‬لنه يعطي بفهوم الخالفة‬
‫أن طريقة ابن حبان ف " ثقاته " أن ل يذكر فيه من كان مهول العي !‬
‫ول يس كذلك ‪ ،‬بدل يل قوله التقدم ف " سهل " ‪ " :‬ل ست أعر فه ‪ ،‬ول‬
‫أدري من أبوه " ‪.‬‬
‫ومثله ما يأت قريبا ‪.‬‬
‫وكذلك قول الافظ ‪ " :‬برواية واحد مشهور " يوهم أن ابن حجان ل‬
‫يوثق إل من روى عنه واحد مشهور ‪ :‬لنه إن كان يعن مشهورا بالقثة‬
‫كما هو الظاهر ‪ ،‬فهو مالف للواقع ف كثي من ثقاته ‪ ،‬وإن كان يعن‬
‫غ ي ذلك فهو ما ل قيمة له ‪ ،‬لنه إما ضعيف أو مهول ‪ ،‬ولكل منهما‬
‫رواة ف " كتاب الثقات " وإليك بعض المثلة من طبقة التابعي عنده ‪:‬‬
‫‪ - 1‬إبراه يم بن ع بد الرح ن العذري ‪ .‬قال ( ‪ " : ) 10 / 4‬يروي‬
‫الراسيل ‪ ،‬روى عنه معان بن رفاعة " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪22‬‬

‫ث ذكر له بإسناده عنه مرسل ‪ " :‬يرث هذا العلم من كل خلف عدوله ‪.‬‬
‫‪ . " . .‬الديث ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ومعان هذا قال الافظ نفسه فيه ‪ " :‬لت الديث " ‪.‬‬
‫وقال الذهب ‪ " :‬ليس بعمدة ‪ ،‬ول سيما أتى بواحد ل يدرى من هو ! "‬
‫‪ .‬يعن إبراهيم هذا ‪ ،‬فهو مهول العي ‪ ،‬وأشار ابن حبان إل هذا فقال ف‬
‫ترج ة معان من " الضعفاء " ( ‪ " : ) 36 / 3‬من كر الد يث ‪ ،‬يروي‬
‫مراسفيل كثية ‪ ،‬ويدث عفن أقوام ماهيفل ‪ ،‬ل يشبفه حديثفه حديفث‬
‫الثبات " ‪.‬‬
‫‪ - 2‬إبراهيم بن إساعيل ‪ .‬قال ( ‪ " : ) 15 - 14 / 4‬يروي عن أب‬
‫هريرة ‪ ،‬روى عنه الجاج بن يسار " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬الجاج هذا ‪ -‬ويقال فيه ‪ :‬ابن عبيد ‪ -‬قال الافظ فيه ‪ :‬فقال ‪:‬‬
‫" مهول " ‪.‬‬
‫وكذا قال قبله أ بو حا ت وغيه ك ما ف " ميزان " الذ هب ‪ ،‬وب ي و جه‬
‫ذلك فقال ‪ " :‬روى عنه ليث بن أب سليم وحده " ! وليث هذا ضعيف‬
‫متلط كما هو معروف حت عند ابن حبان ( ‪. ) 231 / 2‬‬
‫‪ - 3‬إبراهيم النصاري ‪ .‬قال ابن حبان ( ‪ " : ) 15 / 4‬يروي عن‬
‫مسلمة بن ملد ‪ . .‬روى ‪ .‬عنه ابنه إساعيل بن إبراهيم " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪23‬‬

‫قلت ‪ :‬وإساعيل هذا مهول كما قال الافظ ومن قبله أبو حات ‪ .‬فتبي‬
‫من هذا التحقيق أن ا بن حبان ترت فع جهالة العي عنده برواية وا حد ولو‬
‫كان ضعي فا أو مهول ‪ ،‬خل فا لظا هر كلم الا فظ التقدم ‪ ،‬وإن كان ل‬
‫يزم به ‪ ،‬فإ نه قال ‪ " :‬وكأن ا بن حبان ‪ ، " . .‬و هو أخذه من قول ا بن‬
‫حبان الذي نقله عنفه آنففا ‪ " :‬هذا حكفم الشاهيف مفن الرواة ‪ ،‬فأمفا‬
‫الجاهيل ‪ " . . .‬إل ‪ ،‬فهو منقوض بالثال الثان كما هو ظاهر ‪.‬‬
‫وبالملة ‪ ،‬فالهالة العين ية وحد ها لي ست جر حا ع ند ا بن حبان ‪ ،‬و قد‬
‫ف بذلك بعفد أن درسفت تراجفم كتابفه " الضعفاء " وقفد بلغ‬ ‫ازددت يقين ا‬
‫عدد هم قرا بة ألف وأربعمائة راو ‪ ،‬فلم أر في هم من ط عن ف يه بالهالة ‪،‬‬
‫اللهم إل أربعة منهم ‪ ،‬لكنه طعن فيهم بروايتهم الناكي وليس بالهالة ‪،‬‬
‫وهاك أساءهم وكلمه فيهم ‪:‬‬
‫‪ - 1‬حيد بن علي بن هارون القيسي ‪ .‬ذكر له ( ‪) 264 - 263 / 1‬‬
‫بعفض الناكيف ثف قال ‪ " :‬فل يوز الحتجاج بفه بعفد روايتفه مثفل هذه‬
‫الشياء عن هؤلء الثقات ‪ . .‬وهذا شيخ ليس يعرفه كثي أحد " ‪.‬‬
‫‪ - 2‬عبد ال بن أب ليلى النصاري ‪.‬‬
‫قال ( ‪ " : ) 5 / 2‬هذا رجل مهول ‪ ،‬ما أعلم له شيئا يرويه غي هذا‬
‫الرف النكر الذي يشهد إجاع السلمي قاطبة ببطلنه " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪24‬‬

‫‪ - 3‬عبد ال بن زياد بن سليم قال ( ‪ " : ) 7 / 2‬شيخ مهول ‪ ،‬روى‬


‫ع نه بق ية بن الول يد ‪ ،‬ل ست أح فظ له راو يا غ ي بق ية ‪ ،‬وبق ية قد ذكر نا‬
‫ضعففة فف أول الكتاب فل يتهيفا ل القدح فيفه ‪ ،‬على أن مفا رواه يبف‬
‫تركه على الحوال " ‪.‬‬
‫‪ - 4‬أ بو ز يد ‪ .‬قال ( ‪ ": ) 158 / 3‬أبو ز يد ‪ .‬يروي عن ا بن م سعود‬
‫مفا ل يتابفع عليفه ‪ ،‬ليفس يدرى مفن هفو ؟ ل يعرف أبوه ول بلده ‪،‬‬
‫والنسان إذا كان بذا النعت ث ل يرو إل خبا واحدا خالف فيه الكتاب‬
‫والسنة والجاع والقياس والنظر والرأي يستحق مانبته فيه ول يتج به "‬
‫‪.‬‬
‫ومن هنا قال ابن عبد الادي فيما تقدم ‪ " :‬وطريقته فيه أنه يذكر من ل‬
‫يعرفه برح ‪ ،‬وإن كان مهول ل يعرف حاله " ‪.‬‬
‫لكن الصواب أن يقال عنه ‪ " :‬ل يعرف عينه " للمثلة التقدمة ‪.‬‬
‫وال أعلم ‪.‬‬
‫واللصة أن توثيق ابن حبان يب أن يتلقى بكثي من التحفظ والذر‬
‫لخالفته العلماء ف توثيقه للمجهولي ‪.‬‬
‫لكن ليس ذلك على إطلقه كما بينه العلمة العلمي ف " التنكيل " ( ‪1‬‬
‫‪ ) 438 - 437 /‬مع تعليقي عليه ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪25‬‬

‫وراجع لذا البحث ردي على الشيخ البشي فإنه كثي العتماد على من‬
‫وثقه ابن حبان من الجهولي ( ص ‪. ) 21 - 18‬‬
‫وإن ما يب التنبيه عليه أيضا ‪ ،‬أنه ينبغي أن يضم إل ما ذكره العلمي‬
‫أمر آخر هام ‪ ،‬عرفته بالمارسة لذا العلم ‪ ،‬قل من نبه عليه ‪ ،‬وغفل عنه‬
‫جاه ي الطلب ‪ ،‬و هو أن من وثقه ابن حبان ‪ ،‬و قد روى عنه ج ع من‬
‫الثقات ‪ ،‬ول يأت با ينكر عليه ‪ ،‬فهو صدوق يتج به ‪.‬‬
‫وبناء على ذلك قويفت بعفض الحاديفث التف هفي مفن هذا القبيفل ‪،‬‬
‫كحد يث الع جن ف ال صلة ‪ ،‬فتو هم ب عض الناشئ ي ف هذا العلم أن ن‬
‫ناق ضت نف سي ‪ ،‬وجار يت ا بن حبان ف شذوذه ‪ ،‬وض عف هو حد يث‬
‫العجن ‪ ،‬وسيأت الرد عليه مفصل إن شاء ال ‪ ،‬مع ذكر عشرة أمثلة من‬
‫الرواة الذين وثقهم ابن حبان فقط ‪ ،‬وتبعه الافظان الذهب والعسقلن ‪،‬‬
‫فاطلب ذلك فف بثف " كيفيفة الرففع مفن السفجود " ( ص ‪- 197‬‬
‫‪. ) 207‬‬
‫القاعدة السفادسة قولمف ‪ :‬رجاله رجال الصفحيح ‪ ،‬ليفس تصفحيحا‬
‫للحد يث عل مت من القاعدة الول تعر يف الد يث ال صحيح ‪ ،‬وأن من‬
‫شرو طه أن ي سلم من العلل ال ت بعض ها الشذوذ والضطراب والتدل يس‬
‫ك ما تقدم بيا نه ‪ ،‬وعل يه فقول ب عض ا سحذثي ف حد يث ما ‪ " :‬رجاله‬
‫رجال ال صحيح " أو ‪ " :‬رجاله ثقات " أو ن و ذلك ل ي ساوي قوله ‪" :‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪26‬‬

‫إ سناده صحيح " فإن هذا يث بت وجود ج يع شروط ( ال صحة ال ت من ها‬


‫السفلمة مفن العلل ‪ ،‬بلف القول الول ‪ ،‬فإنفه ل يثبتهفا ‪ ،‬وإناف يثبفت‬
‫شرطا واحدا فقط وهو عدالة الرجال وثقتهم وبذا ل تثبت الصحة كما‬
‫ل يفى ‪.‬‬
‫وث ة ملح ظة أخرى ‪ ،‬و هي ‪ :‬أ نه قد ي سلم الد يث القول ف يه ذلك‬
‫القول من تلك العلل و مع ذلك فل يكون صحيحا ‪ ،‬ل نه قد يكون ف‬
‫السفند رجفل مفن رجال الصفحيح ولكفن ل يتبفئ بفه ‪ ،‬وإناف أخرج له‬
‫استشهادا أو مقرونا بغيه لضعف ف حفظه ‪ ،‬أو يكون من تفرد بتوثيقه‬
‫ف يشيف بعفض الحققيف إل ذلك بقوله ‪ " :‬ورجاله‬ ‫ابفن حبان ‪ ،‬وكثيا م ا‬
‫موثقون " إشارة إل أن ف توثيق بعضهم لينا ‪ ،‬فهذا كله ينع من أن تفهم‬
‫الصحه من لولم الذي ذكرنا ‪.‬‬
‫والؤلف كأنفه ل ينتبفه لذا كله ‪ ،‬فجرى فف كثيف مفن الحاديفث على‬
‫تصفحيحها لجرد قول البعفض فيهفا ذلك القول ‪ ،‬وسفنرى ف تضاعيفف‬
‫التعليق التنبيه على ذلك ‪.‬‬
‫ث زدت هذه القاعدة بيانا ف مقدمة كتاب " صحيح الترغيب والترهيب‬
‫" ( ص ‪ ) 46 - 39‬فراجعه فإنه مهم ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪27‬‬

‫القاعدة السابعة عدم العتماد على سكوت أب داود اشتهر عن أب داود‬


‫أنه قال ف حق كتابه " السنن " ‪ " :‬ما كان ف كتاب هذا من حديث فيه‬
‫وهن شديد بينته ‪ ،‬وما ل أذكر فيه شيئا فهو صال " ‪.‬‬
‫فاختلف العلماء ف ف هم مراده من قوله ‪ " :‬صال " فذ هب بعض هم إل‬
‫أنه أراد أنه حسن يتج به ‪.‬‬
‫وذهب آخرون إل أنه أراد ما هو أعم من ذلك ‪ ،‬فيشمل ما يتج به ‪،‬‬
‫وما يستشهد به ‪ ،‬وهو الضيف الذي ل يشتد ضعفه ‪.‬‬
‫وهذا هو ال صواب بقري نة قوله ‪ :‬و ما ف يه و هن شد يد بين ته ‪ ،‬فإ نه يدل‬
‫بفهومه على أن ما كان فيه وهن غي شديد ل يبي " ‪.‬‬
‫فدل على أنه ليس كل ما سكت عليه حسنا عنده ‪ ،‬ويشهد لذا وجود‬
‫أحاديث كثية عنده ل يشك عال ف ضعفها ‪ ،‬وهي ما سكت أبو داود‬
‫عليها ‪ ،‬حت إن النووي يقول ف بعضها ‪ :‬وإنا ل يصرح أبو داود بضعفه‬
‫لنه ظاهر " ‪.‬‬
‫و مع هذا ف قد جرى النووي رح ه ال على الحتجاج ب ا سكت ع نه أ بو‬
‫داود ف كث ي من الحاد يث ‪ ،‬ول يعرج في ها على مراج عة أ سانيدها ‪،‬‬
‫فوقع بسبب ذلك ف أخطاء كثية ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪28‬‬

‫وقد رجح هذا الذي فهمناه عن أب داود العلماء الحققون أمثال ابن منده‬
‫والذهب وابن عبد الادي وابن كثي ‪ ،‬وقد نقلت كلماتم ف مقدمة كتاب‬
‫" صحيح أب داود " ‪.‬‬
‫ث وقف ‪ 0‬ت على كلم الافظ ابن حجر ف هذه السألة ‪ ،‬وقد ذهب‬
‫فيفه إل هذا الذي ذكرناه وشرحفه واحتفج له باف ل تراه لغيه ‪ ،‬ولول‬
‫خش ية الطالة لنقل ته ه نا ‪ ،‬فأكت في بالحالة إل م صدره و هو " توض يح‬
‫الفكار لعان تنقيح النظار " ( ‪ ) 199 - 196 / 1‬للمام الصنعان ‪.‬‬
‫القاعدة الثام نة رموز ال سيوطي ف " الا مع ال صغي " ل يو ثق ب ا اشت هر‬
‫أيضا بي كثي من العلماء العتماد على رمز السيوطي للحديث بالصحة‬
‫والسن أو الضعف ‪ ،‬وتبعهم ف ذلك الشيخ السيد سابق ‪ ،‬ونرى أنه غي‬
‫سائغ لسببي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬طروء التحر يف على رموزه من الن ساخ ‪ ،‬فكثيا ما رأ يت الد يث‬
‫فيه مرموزا له بلف ما ينقله شارحه الناوي عن السيوطي نفسه ‪ ،‬وهو‬
‫إنا بنقل عن " الامع " بط مؤلفه ‪ ،‬كما صرح بذلك ف أوائل الشرح ‪،‬‬
‫و هو نف سه يقول ف يه ‪ :‬وأ ما ما يو جد ف ب عض الن سخ من الر مز إل‬
‫الصفحيح والسفن والضعيفف بصفورة رأس " صفاد وحاء وضاد " ‪ ،‬فل‬
‫ينب غي الوثوق به لغل بة تر يف الن ساخ ‪ ،‬على أ نه و قع له ذلك ف ب عض‬
‫دون بعض كما رأيته بطه " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪29‬‬

‫‪-2‬أن ال سيوطي معروف بت ساهله ف الت صحيح والتض يف ‪ ،‬فالحاد يث‬


‫الت صححها أو حسنها فيه ‪ ،‬قسم كبي منها ردها عليه الشارح الناوي ‪،‬‬
‫و هي تبلغ لئات إل ن ل ن قل أك ثر من ذلك ‪ ،‬وكذلك و قع ف يه أحاد يث‬
‫كثية موضوعة ‪ ،‬مع أنه قال ف مقدمته ‪ " :‬وصنته عما تفرد به وضاع أو‬
‫كذاب " ‪.‬‬
‫و قد تتبعت ها ب صورة سريعة ‪ ،‬و هي تبلغ اللف ‪ ،‬تز يد قليل أو تنقفص‬
‫كذلك ‪ ،‬وأر جو أن أو فق لعادة الن ظر في ها وإجراء قلم التحق يق علي ها‬
‫وإخراجها للناس ‪ ،‬ومن الغريب أن قسما غي قليل فيها شهد السيوطي‬
‫نفسه بوضعها ف غي هذا الكتاب ‪ ،‬فهذا كله يعل الثقة به ضيفة ‪ ،‬نسال‬
‫ال العصمة ‪.‬‬
‫ث يسر ال تبارك وتعال ‪ ،‬فجعلت " الامع الصغي وزيادته " السمى ب‍ "‬
‫الفتح الكبي ف ضم الزيادة إل الامع الصغي " قسمي ‪ " :‬صحيح الامع‬
‫‪) 6469‬‬ ‫‪ " . .‬و " ضع يف الا مع ‪ ، " . .‬وعدد أحاد يث هذا (‬
‫حدي ثا ‪ ،‬والوضوع من ها ( ‪ ) 980‬حدي ثا على و جه التقر يب ‪ ،‬و هو‬
‫مطبوع كالصحيح ‪ ،‬والمد ل تعال ‪.‬‬
‫القاعدة التاسعة سكوت النذري على الديث ف " الترغيب " ليس تقوية‬
‫له ال صل أ نه ل يوز إيراد الد يث الضع يف إل ببيان حاله ك ما سيأت‬
‫بيا نه ‪ ،‬ولذلك ي ظن بعض هم أن ما سكت عل يه النذري ف " الترغ يب‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪30‬‬

‫والتره يب " يدل على أ نه غ ي ضع يف عنده ‪ ،‬وعل يه جرى الش يخ ال سيد‬


‫سابق ف غي ما حديث ‪ ،‬وهو ذهول عن اصطلح النذري الذى صرح‬
‫به ف مقدمة الكتاب ‪ ،‬حيث قال رحه ال ( ص ‪ " : ) 4‬فإذا كان إسناد‬
‫الديث صحيحا أو حسنا أو ما قاربما صذرته بلفظة " عن " ‪ ،‬وكذلك‬
‫إذا كان مر سل ‪ ،‬أو منقط عا ‪ ،‬أو معضل ‪ ،‬أو ف إ سناده راو مب هم ‪ ،‬أو‬
‫ضعيف وثق ‪ ،‬أو ثقة ضعف ‪ ،‬وبقية رواة السناد ثقات ‪ ،‬أو فيهم كلم‬
‫ل يضفر ‪ ،‬أو روي مرفوعفا والصفحيح وقففه ‪ ،‬أو متصفل والصفحيح‬
‫إرساله ‪ ،‬أو كان إسناده ضعيفا لكن صححه أو حسنه بعض من خرجه‬
‫أصدره أيضا بلفظة " عن " ث أشي إل إرساله ‪ ،‬أو انقطاعه ‪ ،‬أو عضله ‪،‬‬
‫أو ذلك الراوي الختلف فيه ‪ ،‬فأقول ‪ ،‬رواه فلن من رواية فلن ‪ ،‬أو من‬
‫طريق فلن ‪ ،‬أو ف إسناده فلن ‪ ،‬أو نو هذه العبارة ‪.‬‬
‫وإذا كان ف السناد من قيل فيه ‪ :‬كذاب أو وضاع أو متهم ‪ ،‬أو ممع‬
‫على تر كه ‪ ،‬أو ضع فه ‪ ،‬أو ذا هب الد يث ‪ ،‬أو هالك ‪ ،‬أو ساقط ‪ ،‬أو‬
‫ليس بشئ ‪ ،‬أو ضعيف جدا ‪ ،‬أو ضعيف فقط ‪ ،‬أو ل أر فية توثيقا بيث‬
‫ل يتطرق إليه احتمال التحسي صدرته بلفظة " روي " ‪ ،‬ول أذكر ذلك‬
‫الراوي ول ما قيل فيه البتة ‪ ،‬فيكون للسناد الضعيف دللتان ‪ :‬تصديره‬
‫بلفظة " روي " ‪ ،‬وإهال الكلم عليه ف آخره " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪31‬‬

‫وقفد فصفلت القول على كلمفه هذا ‪ ،‬ومفا فيفه مفن الجال والغموض‬
‫والؤاخذات ف مقد مة " صحيح الترغ يب " فراجع ها فإن ا مه مة جدا ‪.‬‬
‫القاعدة العاشرة تقوية الديث بكثرة الطرق ليس على إطلقه من الشهور‬
‫عنفد أهفل العلم أن الديفث إذا جاء مفن طرق متعددة فإنفه يتقوى باف ‪،‬‬
‫ويصي حجة ‪ ،‬وإن كان كل طريق منها على انفراده ضعيفا ‪ ،‬ولكن هذا‬
‫ل يس على إطل قه ‪ ،‬بل هو مق يد عند الحقق ي من هم ب ا إذا كان ض عف‬
‫رواته ف متلف طرقه ناشئا من سوء حفظهم ‪ ،‬ل من تمة ف صدقهم أو‬
‫دينهفم ‪ ،‬وإل فإنفه ل يتقؤى مهمفا كثرت طرقفه ‪ ،‬وهذا مفا نقله الحقفق‬
‫الناوي ف " ف يض القد ير " عن العلماء ‪ ،‬قالوا ‪ " :‬وإذا قوي الض عف ل‬
‫ينجفب بوروده مفن وجفه آخفر وإن كثرت طرقفه ‪ ،‬ومفن ثف اتفقوا على‬
‫ضعف حديث ‪ " :‬من حفظ على أمت أربعي حديثا " ( ‪ ) 1‬مع كثرة‬
‫طرقه ‪ ،‬لقوة ضعفه ‪ ،‬وقصورها عن الب ‪ ،‬خلف ما خف ضعفه ‪ ،‬ول‬
‫يقصر الابر عن جبه ‪ ،‬فإنه ينجب ويعتضد " ‪.‬‬
‫وراجع لذا " قواعد التحديث " ( ص ‪ ، ) 90‬و " شرح النخبة " ( ص‬
‫‪ . ) 25‬وعلى هذا فل بفد لنف يريفد أن يقوي الديفث بكثرة طرقفه أن‬
‫يقف على * ( هامش ) * ( ‪ ) 1‬وهو مرج ف " الضعيفة " ( ‪) 4589‬‬
‫‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪32‬‬

‫( * ) رجال كفل طريفق منهفا حتف يتفبي له مبلغ الضعفف فيهفا ‪ ،‬ومفن‬
‫الؤ سف أن القل يل جدا من العلماء من يف عل ذلك ‪ ،‬ول سيما التأخر ين‬
‫منهم ‪ ،‬فإنم يذهبون إل تقوية الديث لجرد نقلهم ‪.‬‬
‫عن غي هم أن له طر قا دون أن يقفوا علي ها ‪ ،‬ويعرفوا ماه ية ضعف ها !‬
‫والمثلة على ذلك كثية ‪ ،‬مفن ابتغاهفا وجدهفا فف كتفب التخريفج ‪،‬‬
‫وباصة ف كتاب " سلسلة الحاديث الضعيفة " ‪.‬‬
‫القاعدة الاديفة عشرة ل يوز ذكفر الديفث الضعيفف إل مفع بيان‬
‫ضعففه لقفد جرى كثيف مفن الؤلفيف ول سفيما فف العصفر الاضفر على‬
‫اختلف مذاهب هم واخت صاصاتم على روا ية الحاد يث الن سوبة إل ال نب‬
‫صلى ال عليه وآله و سلم دون أن ينبهوا على الضيفة منها ‪ ،‬جهل من هم‬
‫بالسفنة ‪ ،‬أو رغبفة أو كسفل منهفم عفن الرجوع إل كتفب التخصفصي‬
‫فيها ‪ ،‬وبعض هؤلء ‪ -‬أعن التخصصي‬
‫يتساهلون ف ذلك ف أحاديث فضائل العمال خاصة ! قال أبو شامة (‬
‫‪ " : ) 1‬وهذا عند الحققي من أهل الديث وعند علماء الصول والفقه‬
‫خطأ ‪ ،‬بل ينبغي أن يبي أمره إن علم ‪ ،‬وإل دخل تت الوعيد ف قوله "‬
‫صلى ال عليه وآله " ‪ " :‬من حدث عن بديث يرى أنه كذب فهو أحد‬
‫الكاذبي " ‪ ،‬رواه مسلم " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪33‬‬

‫هذا حكم من سكت عن الحاديث الضعيفة ف الفضائل ! فكيف إذا *‬


‫( هامش ) ) * ( ‪ ) 1‬ف " الباعت على إنكار البدع والوادث " ( ص‬
‫‪ 33 ) * ( . ) 54‬كانت ف الحكام ونوها ؟ واعلم أن من يفعل‬
‫ذلك فهو أحد رجلي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬إفا أن يعرف ضعف تلك الحاديث ول ينبه على ضعفها ‪ ،‬فهو‬
‫غاش للمسلمي ‪ ،‬وداخل حتما ف الوعيد الذكور ‪.‬‬
‫قال ابن حئان ف كتابه " الضعفاء " ( ‪ ( : ) 8 - 7 / 1‬ف هذا الب‬
‫دل يل على أن الحدث إذا روى ما ل ي صح عن ال نب م ا تقول عل يه و هو‬
‫يعلم ذلك يكون كأحد الكاذبي ‪ ،‬على أن ظاهر الب ما هو أشد قال "‬
‫صلى ال عليه وآله " ‪ " :‬من روى عن حديثا وهو يرى أنه كذب ‪" . .‬‬
‫‪ -‬ول ي قل ‪ :‬إ نه تي قن أ نه كذب ‪ -‬ف كل شاك في ما يروي أ نه صحيح‬
‫أوغي صحيح داخل ف ظاهر خطاب هذا الب " ‪.‬‬
‫ونقله ابن ع بد الادي ف " الصارم الن كي " ( ص ‪، ) 166 - 165‬‬
‫وأقره ‪.‬‬
‫‪ - 2‬وإ ما أن ل يعرف ضعف ها ف هو آ ث أي ضا لقدا مه على ن سبتها إل يه‬
‫صلى ال عل يه وآله " دون علم ‪ ،‬و قد قال " صلى ال عل يه وآ له " ‪" :‬‬
‫كففى بالرء كذبفا أن يدث بكفل مفا سفع " ( ‪ ، ) 1‬فله حفظ مفن إثف‬
‫الكاذب على ر سول ال " صلى ال عل يه وآله " ‪ ،‬ل نه قد أشار " صلى‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪34‬‬

‫ال عليه وآله " أن من حدث بكل ما سعه ‪ -‬ومثله من كتبه ‪ -‬أنه واقع‬
‫ف الكذب عل يه " صلى ال عل يه وآله " مالة ‪ ،‬فكان ب سبب ذلك أ حد‬
‫الكاذبي ‪.‬‬
‫الول ‪ :‬الذي افتراه ‪ ،‬وال خر ‪ :‬هذا الذي نشره ! قال ا بن حئان أي ضا (‬
‫‪ " : ) 9 / 1‬ف هذا الب زجر للمرء أن يدث بكل ما سع حت يعلم‬
‫علم اليقي صحته "‬
‫‪ ( * .‬هامش ) * ( ‪ ) 1‬رواه مسلم ( رقم ‪ ) 5 :‬ف مقدمة " صحيحه‬
‫" ‪ ،‬وهو مرج ف " الصحيحة " ( ‪ ) * ( . ) 205‬وقد صرح النووي‬
‫بأن من ل يعرف ض عف الد يث ل ي ل له أن يه جم على الحتجاج به‬
‫من غي بث عليه بالتفتيش عنه إن كان عارفا ‪ ،‬أو بسؤال أهل العلم إن‬
‫ل يكن عارفا ( ‪. ) 1‬‬
‫ورا جع " التمه يد " ف مقد مة الضي فة ( ص ‪ . ) 12 - 10‬القاعدة‬
‫الثانية عشرة ترك العمل بالديث الضعيف ف فضائل العمال اشتهر بي‬
‫كثي من أهل العلم وطلبه أن الديث الضعيف يوز العمل به ف فضائل‬
‫العمال ‪.‬‬
‫ويظنون أنه ل خلف ف ذلك ‪.‬‬
‫كيف ل والنووي رحه ال نقل التفاق عليه ف أكثر من كتاب واحد‬
‫مفن كتبفه ؟ وفيمفا نقله نظفر بيف ‪ ،‬لن اللف فف ذلك معروف ‪ ،‬فإن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪35‬‬

‫بعض العلماء الحققي على أنه ل يعمل به مطلقا ‪ ،‬ل ف الحكام ول ف‬


‫الفضائل ‪.‬‬
‫قال الش يخ القا سي رح ه ال ف " قوا عد التحد يث " ( ص ‪" : ) 94‬‬
‫حكاه ابن سيد الناس ف " عيون الثر " عن يي بن معي ‪ ،‬ونسبه ف "‬
‫فتح الغيث " لب بكر بن العرب ‪ ،‬والظاهر أن مذهب البخاري ومسلم‬
‫ذلك أيضا ‪ . . .‬وهو مذهب ابن حزم ‪. " . . .‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا هفو القف الذي ل شفك فيفه عندي لمور ‪ :‬الول ‪ :‬أن‬
‫الد يث الضع يف إن ا يف يد ال ظن الرجوح ‪ ،‬ول يوز الع مل به اتفا قأ ‪،‬‬
‫فمن أخرج من ذلك العمل بالديث الضيف ف الفضائل * ( هامش ) *‬
‫( ‪ ) 1‬را جع " قوا عد التحد يث " ‪ ) * ( .‬ل بد أن يأ ت بدل يل ‪،‬‬
‫وهيهات ! الثا ن ‪ :‬أن ن أف هم من قول م ‪ . . . " :‬ف فضائل العمال " ‪،‬‬
‫أي العمال الت ثبتت مشروعيتها با تقوم الجة به شرعا ‪ ،‬ويكون معه‬
‫حديث ضعيف ‪ ،‬يسمى أجرا خاصا لن عمل به ‪ ،‬ففي مثل هذا يعمل به‬
‫ف فضائل العمال ‪ ،‬لنه ليس فيه تشريع ذلك العمل به ‪ ،‬وإنا فيه بيان‬
‫فضلء خاص يرجى أن يناله العامل به ‪.‬‬
‫وعلى هذا الع ن ح ل القول الذكور ب عض العلماء كالش يخ علي القاري‬
‫رح ه ال ‪ ،‬فقال ف " الرقاة " ( ‪ " : ) 381 / 2‬قوله ‪ :‬إن الد يث‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪36‬‬

‫الضع يف يع مل به ف الفضائل وإن ل يعت ضد إجا عا ك ما قاله النووي ‪،‬‬


‫مله الفضائل الثابتة من كتاب أو سنة " ‪.‬‬
‫وعلى هذا ‪ ،‬فالعمل به جائز إن ثبت مشروعية العمل الذي فيه بغيه ما‬
‫تقوم به الجة ‪ ،‬ولكن أعتقد أن جهور القائلي بذا القول ل يريدون منه‬
‫هذا العن مع وضوحه ‪ ،‬لننا نراهم يعملون بأحاديث ضعية ل يثبت ما‬
‫تضمنته من العمل ف غيه من الحاديث الثابتة ‪ ،‬مثل استحباب النووي‬
‫وتب عه الؤلف إجا بة الق يم ف كلم ت القا مة بق طه ‪ " :‬أقام ها ال وأدام ها‬
‫" ‪ ،‬مع أن الديث الوارد ف ذلك ضعيف كما سيأت بيانه ‪ ،‬فهذا قول ل‬
‫يثبت مشروعيته ف غي هذا الديث الضعيف ‪ ،‬ومع ذلك فقد استحبوا‬
‫ذلك مع أن الستحباب حكم من الحكام المسة الت ل بد لثباتا من‬
‫دليفل تقوم بفه الجفة ‪ ،‬وكفم هناك مفن أمور عديدة شرعوهفا للناس‬
‫وا ستحبوها ل م إن ا شرعو ها بأحاد يث ضعي فة ل أ صل ل ا تضقن ته من‬
‫العمفل فف السفنة الصفحيحة ‪ ،‬ول يتسفع القام لضرب المثلة على ذلك‬
‫وح سبنا ما ذكر ته من هذا الثال ‪ ،‬و ف الكتاب أمثلة كثية سيأت الت نبيه‬
‫عليها ف مواطنها إن شاء ال ‪.‬‬
‫على أن الهفم ههنفا أن يعلم الخالفون أن العمفل بالديفث الضعيفف فف‬
‫الفضائل ليس على إطلقه عند القائلي به ‪ ،‬فقد تال الافظ ابن حجرف "‬
‫تبيي العجب " ( ص ‪ " : ) 4 - 3‬اشتهر أن أهل العلم يتساهلون ف‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪37‬‬

‫إيراد الحاد يث ف الفضائل وإن كان في ها ضف ما ل ت كن موضو عة ‪،‬‬


‫وينب غي مع ذلك اشتراط أن يعت قد العا مل كون ذلك الد يث ضعي فا ‪،‬‬
‫وأن ل يشهر ذلك لئل يعمل الرء بديث ضيف فيشرع ما ليس بشرع ‪،‬‬
‫أو يراه ب عض الهال في ظن أ نه سنة صحيحة ‪ ،‬و قد صرح بع ن ذلك‬
‫ال ستاذ أ بو م مد بن ع بد السلم وغيه ‪ ،‬وليحذر الرء من دخوله ت ت‬
‫قوله " صلى ال عليه وآله " ‪ :‬امن حذث عن بديث يرى أنه كذب فهو‬
‫أحد الكاذبي " ‪ ،‬فكيف بن عمل به ؟ ! ول فرق ف العمل بالديث ف‬
‫الحكام أو ف الفضائل إذ الكل شرع " ‪.‬‬
‫فهذه شروط ثلثة مهمة لواز العمل به ‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن ل يكون موضوعا ‪.‬‬
‫‪ - 2‬أن يعرف العامل به كونه ضعيفا ‪.‬‬
‫‪ - 3‬أن ل يشهر العمل به ‪.‬‬
‫و من الؤ سف أن نرى كثيا من العلماء فضل عن العا مة مت ساهلي بذه‬
‫الشروط ‪ ،‬فهم يعملون بالديث دون أن يعرفوا صحته من ضعفه ‪ ،‬وإذا‬
‫عرفوا ضعفه ل يعرفوا مقداره ‪ ،‬وهل هو يسي أو شديد ينع العمل به ‪.‬‬
‫ث هم يشهرون الع مل به ك ما لو كان حدي ثا صحيحا ! ولذلك كثرت‬
‫العبادات ال ت ل ت صح ب ي ال سلمي ‪ ،‬و صرفتهم عن العبادات ال صحيحة‬
‫الت وردت بالسانيد الثابتة ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪38‬‬

‫ث ان هذه الشروط تر جح ما ذهب نا إل يه من أن المهور ل ير يد الع ن‬


‫الذي رجحناه آنففا ‪ ،‬لن هذا ل يشترط فيفه شفي ئى مفن هذه الشروط‬
‫كما ل يفى ‪.‬‬
‫ويبدو ل أن الافظ رحه ال ييل إل عدم جواز العمل بالضعيف بالعن‬
‫الرجوح لقوله فيمفا تقدم ‪ . . . " :‬ول فرق فف العمفل بالديفث فف‬
‫الحكام أو ف الفضائل ‪ ،‬إذ الكل شرع " ‪.‬‬
‫وهذا حفق لن الديفث الضعيفف الذي ل يوجفد مفا يعضده يتمفل أن‬
‫يكون كذبفا ‪ ،‬بفل هفو على الغالب كذب موضوع ‪ ،‬وقفد جزم بذلك‬
‫بعض العلماء فهو من يشمله قوله " صلى ال عليه وآله " ‪ . . . " :‬يرى‬
‫أنه كذب " ‪ ،‬أي يظهر أنه كذلك ‪.‬‬
‫ولذلك عقبه الا فظ بقوله ‪ " :‬فك يف ب ن ع مل به ؟ " ‪ ،‬ويؤ يد هذا ما‬
‫سبق نقله عن ابن حبان ف القاعدة الادية عشرة ‪.‬‬
‫" فكل شاك فيما يروي أنه صحيح أوغي صحيح ‪ ،‬داخل ف الب " ‪.‬‬
‫فنقول كما قال الافظ ‪ " :‬فكيف بن عمل به ‪ . .‬؟ ! " ‪.‬‬
‫فهذا توضيفح مراد الاففظ بقوله الذكور ‪ ،‬وأففا حهله على أنفه أراد‬
‫الديفث الوضوع وأنفه هفو الذي ل فرق فف العمفل بفه فف الحكام أو‬
‫الفضائل كما فعل بعض مشايخ حلب العاصرين ‪ ،‬فبعيد جدأ عن سياق‬
‫كلم الا فظ ‪ ،‬إذ هو ف الد يث الضع يف ل الوضوع ك ما ل ي فى !‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪39‬‬

‫ول ينا ف ما ذكر نا أن الا فظ ذ كر الشروط للع مل بالضع يف ك ما ظن‬


‫ذلك الشيخ لننا نقول ‪ :‬إنا ذكرها الافظ لولئك الذين ذكر عنهم أنم‬
‫يتسامون ف إيراد الحاديث ف الفضائل ما ل تكن موضوعة فكأنه يقول‬
‫لم ‪ :‬إذا رأيتم ذلك فينبغي أن تتقتدوا بذه الشروط ‪ ،‬وهذا كما فعلته أنا‬
‫ف هذه القاعدة ‪ ،‬والافظ ل يصرح بأنه معهم ف الواز بذه الشروط ‪،‬‬
‫ولسيما أنه أفاد ف آخر كلمه أنه على خلف ذلك كما بينا ‪ .‬وخلصة‬
‫القول أن الع مل بالد يث الضع يف ف فضائل العمال ل يوز القول به‬
‫على التفسي الرجوح ‪ ،‬إذ هو خلف الصل ول دليل عليه ‪ ،‬ول بد لن‬
‫يقول بفه أن يلحفظ بعيف العتبار الشروط الذكورة وأن يلتزمهفا فف‬
‫عمله ‪ ،‬وال الوفق ‪.‬‬
‫ث إن من مفاسد القول الخالف لا رجحناه أنه ير الخالفي إل تعدي‬
‫دائرة الفضائل إل القول بفه فف الحكام الشرعيفة ‪ ،‬بفل والعقائد أيضفا ‪،‬‬
‫وعندي أمثلة نثية على ذلك ‪ ،‬لكنف أكتففي منهفا بثال واحفد ‪ .‬فهناك‬
‫حد يث يأ مر بأن ي ط ال صلي ب ب يد يه خ طا إذا ل ي د سترة ‪ ،‬و مع أن‬
‫البيهقي والنووي ها من الذين صرحوا بضعفه فقد أجازا العمل به خلفا‬
‫لمامهمفا الشافعفي ‪ ،‬وسفيأت مناقشفة قولمفا فف ذلك عنفد الكلم على‬
‫الديث الذكور ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪40‬‬

‫ومفن شاء زيادة بيان وتفصفيل فف هذا البحفث الام فلياجفع مقدمفة "‬
‫صحيح الترغيب " ( ‪. ) 36 - 16 / 1‬‬
‫القاعدة الثالثة عشرة ل يقال ف الديث الضعيف ‪ :‬قال " صلى ال عليه‬
‫وآله " ‪ ،‬أو ‪ :‬ورد عنفه ‪ ،‬ونوف ذلك قال النووي فف " الجموع شرح‬
‫الهذب " ( ‪ " : ) 63 / 1‬قال العلماء الحققون من أ هل الد يث‬
‫وغي هم ‪ :‬إذا كان الد يث ضعي فا ل يقال ف يه ‪ :‬قال ر سول ال " صلى‬
‫ال عليه وآله " ‪ ،‬أو ‪ :‬فعل ‪ ،‬أو ‪ :‬أمر ‪ ،‬أو ‪ :‬نى ‪ ،‬أو ‪ :‬حكم ‪ ،‬وما أشبه‬
‫ذلك من صيغ الزم ‪ ،‬وكذا ل يقال ف يه ‪ :‬روى أ بو هريرة ‪ ،‬أو ‪ :‬قال ‪،‬‬
‫أو ‪ :‬ذكر ‪ . . .‬وما أشبهه ‪ ،‬وكذا ل يقال ذلك ف التابعي ومن بعدهم‬
‫فيما كان ضعيفا ‪ ،‬فل يقال ف شئ من ذلك بصيغة الزم ‪ ،‬و إنا يقال ف‬
‫هذا كله ‪ :‬روي عنه ‪ ،‬أو ‪ :‬نقل عنه ‪ ،‬أو ‪ :‬حكي عنه ‪ ، . .‬أو ‪ :‬يذكر ‪،‬‬
‫أو ‪ :‬يكى ‪ ، . .‬أو ‪ :‬يروى ‪ ،‬وما أشبه ذلك من صيغ التمريض وليست‬
‫من صيغ الزم ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬ف صيغ الزم موضو عة لل صحيح أو ال سن ‪ ،‬و صيغ التمر يض ل ا‬
‫سواها ‪.‬‬
‫وذلك أن صيغة الزم تقت ضي صحته عن الضاف إل يه ‪ ،‬فل ينب غي أن‬
‫يطلق إل في ما صح ‪ ،‬وإل فيكون الن سان ف مع ن الكاذب عل يه ‪ ،‬وهذا‬
‫الدب لذ به ال صنف ( ‪ ) 1‬وجاه ي الفقهاء من أ صحابنا وغي هم ‪ ،‬بل‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪41‬‬

‫جاه ي أ صحاب العلوم مطل قا ما عدا حذاق الحدث ي ‪ ،‬وذلك ت ساهل‬


‫قبيح منهم ‪ ،‬فإنم يقولون كثيا ف الصحيح ‪ " :‬روي عنه " وف الضيف‬
‫‪ " :‬قال " أو ‪ :‬روى فلن ‪ ،‬وهذا ح يد عن ال صواب " ‪ .‬قلت ‪ :‬ومؤلف نا‬
‫‪ -‬جزاه ال خيا ‪ -‬وإن كان قد حاد عن الصواب مع من حاد ع نه من‬
‫الماهي ‪ -‬كما سيأت بيان ذلك ف مواضه من التعليق عليه * ( هامش )‬
‫* ( ‪ ) 1‬أي ‪.‬‬
‫الشيازي ‪ ،‬صاحب " الهذب " ‪.‬‬
‫( * ) فإن ل رأ يا خا صأ في ما حكاه النووي عن العلماء ل بد ل من‬
‫الدلء به بذه النا سبة ‪ ،‬فأقول ‪ :‬إذا كان من ال سلم به شرعا أنه ينب غي‬
‫ماطبفة الناس باف يفهمون مفا أمكفن ‪ ،‬وكان الصفطلخ الذكور عفن‬
‫الحققيف ل يعرففه أكثفر الناس فهفم ل يفرقون بيف قول القائل ‪ " :‬قال‬
‫رسول ال ( ص ) " ‪ ،‬وقوله ‪ " :‬روي عن رسول ال ف سظطه " ‪ ،‬لقلة‬
‫الشتغلي بعلم السنة ‪ ،‬فإن أرى أنه ل بد من التصريح بصحة الديث أو‬
‫ضع فه دف عأ لليهام ك ما يش ي إل ذلك ر سول ال ( ص ) بقوله ‪ " :‬دع‬
‫ما يريبك إل مال يريبك " ‪.‬‬
‫رواه النسفائي والترمذي ‪ ،‬وهفو مرج فف " ارواء الغليفل " ( ‪) 2074‬‬
‫وغيه ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪42‬‬

‫القاعدة الراب عة عشرة وجوب الع مل بالد يث ال صحيح وإن ل يع مل به‬


‫أحد قال المام الشافعي رضي ال عنه ف " رسالته " الشهية ‪ " :‬إن عمر‬
‫بن الطاب ر ضى ال ع نه ق ضى ف البام ب مس عشرة ‪ ،‬فل ما و جد‬
‫كتاب آل عمرو بفن حزم وفيفه أن رسفول ال ( ص ) قال ‪ " :‬وفف كفل‬
‫إصبع ما هنالك عشر من البل " صاروا إليه ‪ ،‬قال ‪ :‬ول يقبلوا كتاب آل‬
‫عمرو بفن حزم ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬حتف يثبفت لمف أنفه كتاب رسفول ال‬
‫( ص ) ‪ .‬وف هذا الديث دللتان ‪ :‬إحداها قبول الب ‪ ،‬والخرى قبول‬
‫الب ف الوقت الذي يثبت فيه ‪ ،‬وإن ل يض عمل أحد من الئمة بثل‬
‫الب الذي قبلوا ‪ ،‬ودللة على أنه لو مضى أيضا عمل من أحد من الئمة‬
‫ث وجد عن النب ( ص ) خبا يالف عمله لترك عمله لب رسول ال ‪،‬‬
‫ودللة على أن حديث رسول ال ( ص ) يثبت بنفسه ل بعمل غيه بعده‬
‫"(‪.)1‬‬
‫القاعدة الامسفة عشرة أمفر الشارع للواحفد أمفر لميفع أفراد المفة إذا‬
‫خاطب الشارع الكيم فردا من المة أو حكم عليه بكم ‪ ،‬فهل يكون‬
‫هذا ال كم عا ما ف ال مة إل إذا قام دل يل التخ صيص ؟ أو يكون خا صأ‬
‫بذلك الخاطب ؟ ‪.‬‬
‫اختلف فف ذلك علماء الصفول ‪ ،‬والقف الول وهفو الذي رجحفه‬
‫الشوكان وغيه من الحققي ( ‪ ) 2‬قال ابن حزم ف " أصول الحكام‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪43‬‬

‫" ( ‪ " : ) 89 - 88 / 3‬وقد أيقنا أنه ( ص ) بعث إل كل من كان‬


‫حيا ف عصره ف معمور الرض من إنس أو جن ‪ ،‬وإل من يولد بعده إل‬
‫يوم القيا مة ‪ ،‬وليح كم ف كل ع ي وعرض يلق ها ال إل يوم القيا مة ‪،‬‬
‫فلما صح ذلك بإجاع المة التيقن القطوع به البتغ به إل النب جيلى ‪،‬‬
‫وبالنصوص الثابتة با ذكرنا من بقاء الدين إل يوم القيامة ولزومه النس‬
‫والن ‪ ،‬وعلمنا بضرورة الس أنه ل سبيل لشاهدته عليه السلم من يأت‬
‫بعده ‪ ،‬كان أمره ( ص ) لواحد من النوع وف واحد * ( هامش ) * ( ‪1‬‬
‫) " الرسالة " ( ص ‪ ) 422‬تقيق أحد شاكر ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬را جع أ صول الف قه للش يخ م مد الضرى ‪ ( ،‬ص ‪- 208‬‬
‫‪) * ( . ) 209‬‬
‫مفن النوع أمرا فف النوع كله ‪ ،‬وللنوع كله ‪ ،‬وبيف هذا أن مفا كان مفن‬
‫الشريعفة خاصفا لواحفد ولقوم فقفد بينفه عليفه السفلم نصفا وأعلمفه أنفه‬
‫خصوص ‪ ،‬كفعله ف الذعة بأب بردة بن نيار ‪ ،‬وأخبه عليه السلم أنه‬
‫ل تزئ عن أ حد بعده ‪ ،‬وكان أمره عل يه ال سلم للم ستحاضة أمرا ل كل‬
‫مستحاضة ‪ ،‬وإقامة ابن عباس وجابر عن يينه ف الصلة حكم على كل‬
‫مسلم ومسلمة يصلي وحده مع إمامه ‪ .‬ول خلف بي أحد ف أن أمره‬
‫ل صحابه ر ضي ال عن هم و هم حاضرون ‪ ،‬أ مر ل كل من يأ ت إل يوم‬
‫القيامة ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪44‬‬

‫ث شرع قي الرد على من خالف ف ذلك تأصيل أو تفريعا فراجعه ‪.‬‬


‫وهذا آخر ما اقتضت الصلحة إيراده الن من القواعد الديثية والفقهية ‪،‬‬
‫ومن الؤسف أن مؤلف " فقه السنة " ل يتقيد با ‪ ،‬أو ‪ -‬على القل ‪ -‬ل‬
‫يرعها حق رعايتها مع وثيق اتصالا بوضوع الكتاب كما رأيت ‪.‬‬
‫وسيأت بيان هذا كله ف مواضعه من هذا التعليق الفيد إن شاء ال تعال ‪،‬‬
‫أسأله تعال أن يعل الصواب حليفه ‪ ،‬وينفع به إخوان السلمي ف سائر‬
‫القطار إنه سيع ميب الدعاء ‪.‬‬
‫الؤلف دمشق ‪ 3‬شوال ‪ 1373‬ه‍ من ( القدمة ) قوله ‪ " :‬أما بعد ‪:‬‬
‫فهذا الكتاب يتناول مسائل من الفقه السلمي مقرونة بأدلتها من صريح‬
‫الكتاب وصحيح السنة " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذه الدعوى غالبيفة ‪ ،‬وإل فففي الكتاب كثيف مفن الحاديفث‬
‫الضعيففة ‪ ،‬بعضهفا سفكت عليهفا ‪ ،‬والبعفض الخفر ظنهفا صفحيحة أو‬
‫حسنة ‪ ،‬قلد ف ذلك غيه ‪ ،‬وهو واهم ف ذلك كله ‪ .‬وفيه أيضا غي قليل‬
‫من ال سائل ل يذ كر الدليل علي ها ‪ ،‬بل إن بعضها الدليل على خلفها ‪،‬‬
‫وسيأت تفصيل هذا الجال ف مواضعه اللئقة به إن شاء ال تعال ‪.‬‬
‫من ( تهيد ) قوله ت‬
‫عنوان ‪ :‬عموم الر سالة ‪ " :‬و ف البخاري من حد يث أ ب سعيد الدري‬
‫مرفوعا ‪ " :‬إن هذا الدين يسر ‪. " . " . .‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪45‬‬

‫قلت ‪ :‬فيفه أمران ‪ :‬الول ‪ :‬أن الديفث ليفس مفن حديفث أبف سفعيد‬
‫الدري ل ع ند البخاري ول ع ند غيه ‪ .‬وإن ا هو من حد يث سعيد بن‬
‫أب سعيد القبي عن أب هريرة ‪.‬‬
‫وف طبعة دار الكتاب العرب ‪ " :‬أب سعيد القبي " ‪ ،‬فهو خطأ آخر ‪،‬‬
‫فإنه من حديث ابنه سعيد عن أ ب هريرة ! ان ظر " فتح الباري " ( ‪/ 1‬‬
‫‪. ) 94‬‬
‫والخر ‪ :‬أن البخاري إنا رواه ف " اليان " بلفظ ‪ " :‬إن الدين يسر ‪.‬‬
‫‪ " .‬دون زيادة ‪ " :‬هذا " ‪.‬‬
‫وإن ا رواه بذه الزيادة الن سائي ف " اليان " أي ضا ‪ .‬وكذلك رواه ا بن‬
‫حبان وإسناده أصح ‪ ،‬كما بينه الافظ ف " الفتح " ‪ ،‬وله شواهد عنده ‪،‬‬
‫منها عن بريدة ‪ ،‬وهو مرج ف " ظلل النة ف تريج كتاب السنة " (‬
‫‪. ) 97 - 95‬‬
‫قوله ‪ " :‬وروي مرفوعا ‪ :‬أحب الدين إل ال النيفية السمحة " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬من القرر عند الحدث ي أن تصدير الديث ب صيغة " روي " إنا‬
‫هو إشارة إل أن الديث ضعيف ‪ ،‬وعليه جرى النذري ف " الترغيب "‬
‫ك ما سبق بيا نه ف قوا عد الكتاب ‪ ،‬و ما أعت قد إل أن الؤلف حف ظه ال‬
‫تعال يعلم هذا القرر ويذكره ( ‪ ، ) 1‬وعل يه ن ستطيع أن نقول ‪ :‬إ نه‬
‫لذ هب إل أن الد يث ضع يف ول يس كذلك بل هو حد يث ح سن ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪46‬‬

‫وكان يلزم الؤلف أن يسن إسناده لن الافظ صرح بتحسينه ف " الفتح‬
‫" فلعله ل يقف عليه ‪ ،‬فإن قيل ‪ :‬لعل الؤلف وقف عليه ول يره صوابا‬
‫لن الديث من رواية ممد بن إسحاق ‪ ،‬وهو مدلس ‪ ،‬وقد عنعنه ؟ ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا الواب صحيح ف الوا قع ‪ ،‬ول كن عهدي بالؤلف أ نه يقدم‬
‫رأي الافظ على ‪.‬‬
‫مفا يقتضيفه علم أصفول الديفث ! ! علمفت هذا منفه حيف كان ينشفر‬
‫فصول كتابه هذا ف ملة " الخوان السلمون ‪ ،‬الصرية فنشرت فيها ردا‬
‫على مقال له احتج فيه بديث علي الت ف " ما يرم على النب " بلفظ‬
‫‪ " :‬كان ل يجبه عن القرآن شئ ليس النا بة " ‪ ،‬وقد بينت ف الرد‬
‫الشار إليه ضعف هذا الديث حسبما يقتضيه علم الصول ‪ ،‬فكتب فيها‬
‫ردا علي خلصته أن الديث حسنه الافظ ابن حجر ! فكتبت رذا آخر‬
‫عليه خلصته أن الواب ليس على قواعد علم الديث بل هو مرد تقليد‬
‫ل يفيد ‪ ،‬ول ينفق ف باب الناظرة ‪ ،‬ولكن الجلة لمر ما ل تنشر ردي‬
‫هذا ‪ ،‬ولذلك فإنف ألزم الؤلف ‪ -‬حفظفه ال تعال ‪ -‬أن يسفن الديفث‬
‫بالطريقي ‪ :‬التقليد ‪ ،‬والبحث حسب القواعد ‪.‬‬
‫أ ما الول ‪ ،‬ف قد و ضح م ا سلف ‪ ،‬و هو ت سي الا فظ ل سناده ‪* .‬‬
‫( هامش ) * ( ‪ ) 1‬ث تبي ل بعد التتبع أنه ل يراع هذه القاعدة ‪ ،‬فكثيا‬
‫ما يصدر ما يصححه بقوله ‪ " :‬روي " ‪ ،‬فانظر مثل ( ص ‪. ) 121‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪47‬‬

‫( * ) وأما الخر ‪ :‬فهو أن الديث حسن لغيه ‪ ،‬لن له شاهدا من‬


‫حديفث أبف قلبفة الرمفى مرسفل بلففظ ‪ " :‬يفا عثمان إن ال ل يبعثنف‬
‫بالرهبانية ( مرتي أو ثلثة ) لن أحب الدين عند ال النيفية السمحة "‬
‫‪.‬‬
‫أخرجه ابن سعد ف " الطبقات " ( ج ‪ 3‬ق ‪ 1‬ص ‪. ) 287‬‬
‫ث وجدت له شاهدا آ خر من روا ية ع بد العز يز بن مروان بن ال كم‬
‫مرسل ‪ ،‬أخرجه أحد ف " الزهد ) ( ص ‪ 289‬و ‪ ) 310‬بسند صحيح‬
‫‪.‬‬
‫ث رأيت الؤلف قد وقع ف خطأ آخر غريب حول هذا الديث حيث‬
‫عزاه لسلم ف " الطبعة السادسة " سنة ( ‪ 76‬ه‍ ) ول أصل له ف مسلم !‬
‫وإنا رواه البخاري معلقا ‪ ،‬ووصله ف " الدب الفرد " وقد خرجته ف "‬
‫الصحيحة " ( ‪. ) 881‬‬
‫ومن ( التشريع السلمي أو ‪ :‬الفقه ) قوله تت رقم‬
‫‪ " : - 1‬وف الديث أن النيي ( ص ) نى عن الغلوطات " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬الزم بن سبته إل ال نب ( ص ) يو هم أن الد يث ثا بت ‪ ،‬ول يس‬
‫كذلك ‪ ،‬فانه من رواية عبد ال بن سعد عن الصنابي عن معارية بن أب‬
‫سفيان ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪48‬‬

‫أخر جه أ بو داود ‪ ،‬وأح د ‪ ،‬وغيه ا ‪ ،‬وع بد ال هذا ‪ ،‬قال دح يم ‪ " :‬ل‬


‫أعرفه " ‪.‬‬
‫وقال أبو حات ‪ " :‬مهول " ‪.‬‬
‫وقال الساجي ‪ " :‬ضعفه أهل الشام " ‪.‬‬
‫ولذلك أشار الافظ ف " التقريب " إل أنه لي الديث إذا تفرد ‪.‬‬
‫ول أجد له متابعا على هذا الديث ‪ ،‬فهو ضعيف ‪ ،‬وقد أعله الناوي ف‬
‫" فيض القدير ‪ ،‬با نقلناه عن الساجي والذين قبله ‪ ،‬فل يغتر بسكوت أب‬
‫داود عليه ول برمز السيوطي له بالسن لا ذكرناه ف القدمة ‪ ( :‬القاعدة‬
‫السابعة والثامنة ) ‪.‬‬
‫ومن ( الياه وأقسامها ) قوله تت رقم‬
‫‪ " : - 3‬لا روي من حديث علي رضي ال عنه أن رسول ال ( ص )‬
‫دعا بسجل من ماه زمزم فشرب منه وتوضأ ‪.‬‬
‫رواه أحد " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ف يه مؤاخذتان ‪ :‬الول ‪ :‬أ نه ل يس من روا ية أح د ‪ ،‬وإن ا هو من‬
‫زوائد ابنه عليه ( ‪. ) 76 / 1‬‬
‫والخرى ‪ :‬تصفديره بصفيغة ( روي ) الشعرة بالضعفف ينافف ( القاعدة‬
‫الثالثة عشرة ) التقدمة ‪ ،‬لن الديث إسناده حسن كما ف " إرواء الغليل‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪49‬‬

‫" ( رقم ‪ ، ) 13‬وصححه أحد شاكر رحه ال ف تعليقه على " السند "‬
‫( ‪ ، ) 564 / 19 / 2‬وقد صرح أنه من " الزوائد " ‪.‬‬
‫قوله ر قد كر حد يث ‪ " :‬إذا كان الاء قلت ي ل ي مل ال بث " ‪ " :‬رواه‬
‫المسة ‪ ،‬فهو مضطرب سندا ومتنا ‪. " . .‬‬
‫وأقول ‪ :‬كل ‪ ،‬بل هو حد يث صحيح ‪ ،‬و قد صححه ج ع ‪ ،‬من هم أ بو‬
‫جع فر الطحاوي الن في ‪ ،‬والضطراب الذي أشار إل يه إن ا هو ف ب عض‬
‫طر قه الضي فة ‪ ،‬ك ما بين ته ف " صحيح أ ب داود " ( ‪، ) 58 - 56‬‬
‫وأشرت إليه ف " إرواء الغليل " ( ‪ ) 23‬و ( ‪. ) 172‬‬
‫ن عم مفهوم الد يث معارض لعموم حد يث أ ب سعيد ‪ " :‬الاء طهور ل‬
‫ينجسه شئ " ‪ ،‬وعليه العتماد ف هذا الباب كما شرحه ابن القيم ف "‬
‫تذيب سنن أب داود " فلياجعه من شاء التحقيق ‪ ،‬فإنه بث عزيز هام ‪،‬‬
‫وكذلك راجع له " السيل الرار " للشوكان ( ‪. ) 55 / 1‬‬
‫ومن ( السؤر ) قوله تت رقم‬
‫‪ " : - 3‬لديث جابر رضي ال عنه عن النب ( ص ) سئل ‪ :‬أنتوضأ با‬
‫أفضلت المر ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬وبا أفضلت السباع كلها " ‪.‬‬
‫أخر جه الشاف عي والدارقط ن والبيه قي وقال ‪ :‬له أ سانيد إذا ضم بعض ها‬
‫إل بعض كانت قوية " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪50‬‬

‫قلت ‪ :‬هذا الديفث ضعيفف كمفا قال النووي فف " الجموع " ( ‪/ 1‬‬
‫‪ ، ) 173‬وتام كلمه ‪ " :‬وإنا ذكرت هذا الديث وإن كان ضعيفا‬
‫لكونه مثمهورأ ف كتب الصحاب ‪ ،‬وربا اعتمده بعضهم فنبهت عليه "‬
‫‪ .‬جزاه ال خيا ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وأما قول البيهقي الذكو فالظاهر من تريه للحديث ف " السنن‬
‫الكبى " ( ‪ ) 255 - 249 / 1‬أنه يعن أسانيده الدائرة على داود بن‬
‫الصي عن أبيه ‪ ،‬ومع أن هذه السانيد كلها ضعيفة كما يشي إل ذلك‬
‫كلم البيهقي نفسه ‪ ،‬فإن مدارها على داود الذكور عن أبيه عن جابر ‪.‬‬
‫وداود مفع كونفه مفن رجال الشيخيف فقفد ضعففه بعضهفم ‪ ،‬لكفن أبوه‬
‫ال صي ل ي الد يث ك ما ف " التقر يب " ‪ ،‬و قد أ سقطه ب عض الضعفاء‬
‫ف صار الد يث عن داود عن جابر ‪ ،‬ف صار سالا من ض عف أب يه ‪ ،‬ل كن‬
‫داود ل يدرك جابرا ‪ ،‬فعاد الديث منقطعا ! ث إن مت الديث منكر ‪،‬‬
‫لخالفته لديث القلتي ‪ ،‬لنه صدر جوابا لن سأله عن الاء وما ينوبه من‬
‫الدوأب وال سباع ؟ فقال ‪ " :‬إذا كان الاء قلت ي ل ي مل ال بث " ‪ ،‬و ف‬
‫رواية ‪ " :‬ل ينجس " ‪.‬‬
‫قال ا بن التركما ن ف " الو هر الن قي " ( ‪ " : ) 250 / 1‬وظا هر هذا‬
‫يدل على ناسة سؤر السباع ‪ ،‬إذ لول ذلك ل يكن لذا الشرط ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪51‬‬

‫فائدة ‪ ،‬ولكان التقييد به ضائعا " ‪ .‬وذكر النووي نوه ف " الجموع " (‬
‫‪. ) 173 / 1‬‬
‫ث قال السيد سابق ‪ " :‬وعن ابن عمر قال ‪ :‬خرج رسول ال ( ص ) ف‬
‫بعض أسفاره ‪ . .‬الديث ‪ ،‬رفيه ‪ :‬فقال له النب " صلى ال عليه وآله " ‪:‬‬
‫" يا صاحب القراة ل تبه ‪ ،‬هذا متكلف ‪ ،‬لا ما حلت بطونا ‪ ،‬ولنا ما‬
‫بقي شراب وطهور " ‪.‬‬
‫رواه الدارقطن " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا ضعيف أيضا ‪ ،‬فيه عند الدارقطن ( ‪ ) 26 / 1‬أيوب بن‬
‫خالد الران قال الافظ ‪ " :‬ضعيف " ‪ ،‬وهو مع ضعفه قد اضطرب ف‬
‫إسناده ‪ ،‬فمرة قال ‪ :‬نا ممد بن علوان عن نافع عن ابن عمر ‪.‬‬
‫ومرة قال ‪ :‬نا خطاب بن القاسم عن عبد الكري الزري عن نافع به ‪.‬‬
‫وابن علوان هذا قال الزدي ‪ " :‬متروك " ‪.‬‬
‫وخطاب بن القاسم ثقة لكنه اختلط قبل موته كما ف " التقريب " ‪.‬‬
‫على أن الراوي عن أيوب إ ساعيل بن ال سن الرا ن ل أعر فه ‪ .‬و قد‬
‫أشار الافظ ف " التلخيص " إل ضعف هذا الديث ‪ ،‬وتبعه الشوكان‬
‫ف " السيل الرار " ( ‪. ) 60 / 1‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪52‬‬

‫ث قال ‪ " :‬و عن ي ي بن سعيد أن ع مر خرج ف ي هب في هم عمرو بن‬


‫العاص ‪ . . .‬إل ‪ ،‬وف يه ‪ :‬فقال ع مر ‪ " :‬ل تب نا ‪ ،‬فانا نرد على ال سباع‬
‫وترد علينا " ‪.‬‬
‫رواه مالك ف " الوطا " ‪. " .‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا الثر ف " الوطأ " ( ‪ ) 46 / 1‬عن يعص بن سعيد عن‬
‫ممد بن ابراهيم بن الارث التيمي عن يي بن عبد الرحن بن حاطب‬
‫أن عمر ‪ . . .‬إل ‪.‬‬
‫فالثر من رواية يهص بن عبد الرحن عن عمر ‪ ،‬وليس من رواية يي‬
‫بن سعيد عنه كما وقع ف الكتاب ‪ ،‬فلعله سبق قلم من الؤلف ‪ ،‬أو سقط‬
‫من الطابع ‪.‬‬
‫وهكذا رواه البيهقي ( ‪ ) 250 / 1‬من طريق مالك ‪ ،‬والدارقطن ( ‪/ 1‬‬
‫‪ ) 22‬من طريق حاد ابن زيد ‪ :‬نايي بن سعيد به ‪.‬‬
‫ث إن هذا الثر ضعيف أيضا ل يثبت عن عمر ‪ ،‬لن ابن حاطب هذا ل‬
‫يدرك عمر ‪ ،‬فإنه ولد ف خلفة عثمان رضي ال عنهما ‪.‬‬
‫ولذلك جزم النووي ف " الجموع " ( ‪ ) 174 / 1‬بأ نه مر سل منق طع‬
‫‪ .‬ولكنه استدرك فقال ‪ " :‬ال أن هذا الرسل له شواهد تقؤيه ‪" .‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪53‬‬

‫قلت ‪ :‬يشي إل حديث جابر وابن عمر التقدمي ‪ ،‬وقد علمت ما فيهما‬
‫من الض عف ف ال سند ‪ ،‬والنكارة ف ال ت ‪ ،‬لخالفته ما لد يث القلت ي‬
‫فتذكر ‪.‬‬
‫ومفن ( النجاسفات ) قوله تتف الفقرة ( ‍ج ) ‪ " :‬عظفم اليتفة وقرئهفا‬
‫وظفرها وشعرها وريشها وجلدها وكل ما هو من جنس ذلك طاهر ‪،‬‬
‫لن الصل ف هذه ‪ .‬كلها الطهارة ول دليل على النجاسة " ‪.‬‬
‫فأقول ‪ :‬بلى ‪ ،‬قد قام الدل يل على نا سة جلد الي تة ف أحاد يث كث ي‬
‫معروففة كقوله ( ص ) ‪ " :‬إذا دبفغ الهاب فقفد طهفر " ‪ ،‬رواه مسفلم‬
‫وغيه ‪ .‬وغي ‪: 49‬‬
‫مرجفة فف " غايفة الرام فف تريفج أحاديفث اللل والرام " ( ‪- 25‬‬
‫‪. ) 29‬‬
‫وف " نيل الوطار " ( ‪ ) 54 - 53 / 1‬وغيه ‪ ،‬فل أدري ل أعرض‬
‫الؤلف عنها ؟ ! ومن الغريب حقا أنه ذكر ف الباب حديث ابن عباس ف‬
‫قصفة شاة مولة ميمونفة ‪ ،‬وفيفه قوله ( ص ) ‪ " :‬هل أخذتف إهاباف‬
‫فدبغتموه فانتفعتم به ؟ " ‪.‬‬
‫وهو صريح ف أن النتفاع به ل يكون إل بعد الدبغ ‪.‬‬
‫ولعله من عه من الحتجاج به قوله ‪ " :‬ول يس ف البخاري والن سائي ذ كر‬
‫الدباغ " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪54‬‬

‫وهذا ل يس ب شئ ع ند أ هل العلم ‪ ،‬لن ال كم للزائد ‪ ،‬ول سيما إذا كان‬


‫له شواهد كما سبق ‪ ،‬ولذا قال الافظ ف شرح حديث البخاري ( ‪/ 9‬‬
‫‪ : ) 658‬واستدل به الزهري بواز النتفاع بلد اليتة مطلقا ‪ ،‬سواء دبغ‬
‫أم ل يدبغ ‪ ،‬لكن صح التقييد من طرق أخرى بالدباغ " ‪.‬‬
‫ث رأيت الؤلف قد رجع إل الصواب ف آخر هذا الباب عند عنوان ‪" :‬‬
‫تطه ي جلد الي تة " ‪ ،‬واح تج بد يث م سلم التقدم ‪ ،‬ولك نه قال ‪ " :‬رواه‬
‫الشيخان " ‪ ،‬فو هم ! ث ذكر الؤلف من النجاسات الدم سواء كان دما‬
‫م سفوحا أم دم ح يض ‪ . . .‬ث قال ‪ " :‬وقال ال سن ‪ :‬ما زال ال سلمون‬
‫يصلون ف جراحاتم ‪ .‬ذكره البخار ي ‪. " . . .‬‬
‫ف هذا الفصل أمور ل يقق الؤلف القول فيها ل من الناحية الديثية ول‬
‫من الناحية الفقهية ‪.‬‬
‫‪ - 1‬أما الناحية الديثية ففيها ما يأت ‪ :‬الول ‪ :‬قوله ف أثر السن ‪:‬‬
‫ذكر ‪ .‬البخاري ‪ ،‬فاوهم أنه موصول عنده ‪.‬‬
‫لنه القصود اصطلحا عند إطلق العزو إليه ‪ ،‬وهو إنا رواه معلقا بغي‬
‫إسناد ‪ ،‬وقد وصله ابن أب شيبة بإسناد صحيح كما ف " الفتح " ‪/ 1 ( :‬‬
‫‪. ) 281‬‬
‫الثانف ‪ :‬قوله ‪ ( :‬وكان أبفو هريرة ل يرى بأسفا بالقطرة والقطرتيف فف‬
‫الصلة " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪55‬‬

‫سكت عليه فأوهم أنه ثابت عنه ‪ ،‬وليس كذلك ‪ ،‬فقد رواه ابن أب شيبة‬
‫ف " الصنف " ( ‪. ) 138 - 137 / 1‬‬
‫حدثنا شريك عن عمران بن مسلم عن ماهد عن أب هريرة ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا إسناد ضعيف ل يصح ‪ :‬شريك ‪ -‬وهو ابن عبد ال القاضي‬
‫‪ -‬ضعيف لسؤ حفظه ‪ ،‬وشيخه عمران بن مسلم ‪ ،‬يتمل أنه الفزاري‬
‫الكوف فقد ذكروا ف الرواة عنه شريكا ‪ ،‬ولكنهم ل يذكروا ف شيوخه‬
‫ماهدا ! والخفر ‪ :‬الزدي الكوفف ‪ ،‬فقفد ذكروا مفن شيوخفه ماهدا ‪،‬‬
‫ولكنهم ل يذكروا ف الرواة عنه شريكا ! فإن يكن الول فهو ثقة ‪ .‬دان‬
‫يكن الخر فرافضي خبيث ‪.‬‬
‫وال أعلم ‪ .‬ث هومع ضعفه مالف لا صح عن أب هريرة قال ‪ :‬ل وضوء‬
‫إل من حدث ‪.‬‬
‫رواه البخاري معل قا وو صله إ ساعيل القا ضي بإ سناد صحيح ك ما قال‬
‫الافظ وقد جاء مرفوعا بلفظ ‪ " :‬إل من صوت أو ريح " ‪ ،‬وهو مرج‬
‫ف " الشكاة " ( ‪ / 310‬التحقيق الثان ) ‪ ،‬و " الرواء " ( ‪145 / 1‬‬
‫و ‪ ، ) 153‬و " صحيح أب داود " ( ‪ ، ) 196‬ورواه مسلم بنحوه ‪.‬‬
‫ومالف أيضا لديث النصاري الذي قام يصت ف الليل ‪ ،‬فرماه الشرك‬
‫بسهم ‪ ،‬فوضه فيه ‪ ،‬فنعه حت رماه بثلثة أسهم ث ركع وسجد ومضى‬
‫ف صلته وهو يوج دما ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪56‬‬

‫ك ما عل قه البخاري وو صله أح د وغيه ‪ ،‬و هو مرج ف " صحيح أ ب‬


‫داود " ( ‪ ، ) 193‬وهو ف حكم الرفوع لنه ‪ .‬يستبعد عادة أن ل يظلع‬
‫ال نب ( ص ) على ذلك ‪ ،‬فلو كان الدم الكث ي ناق ضا لبي نه ( ص ) ‪ ،‬لن‬
‫تأخي البيان عن وقت الاجة ل يوز كما هو معلوم من علم الصول ‪.‬‬
‫وعلى فرض أن النفب ( ص ) خففي ذلك عليفه ‪ ،‬فمفا هوباف على ال‬
‫الذي ل تفى عليه خافية ف الرض ول ف ال سماء ‪ ،‬فلو كان ناقضا أو‬
‫ن سا لوحى بذلك إل نبيه ( ص ) كما هو ظا هر ل يفى على أ حد ‪.‬‬
‫وإل هذا ذهفب البخاري كمفا دل عليفه تعليقفه بعففر الثار التقدمفة ‪،‬‬
‫واستظهره ف " الفتح " وهو مذهب ابن حزم ( ‪. ) - 255 / 1‬‬
‫‪ - 2‬وأما من الناحية الفقهية ‪ ،‬ففيها ‪ :‬أول ‪ :‬التسوية بي دم اليض‬
‫وغيه مفن الدماء كدم النسفان ودم مأكول اللحفم مفن اليوان ‪ ،‬وهذا‬
‫خطأ بيق وذلك لمرين اثني ‪:‬‬
‫‪ - 1‬أنه ل دليل على ذلك من السنة بله الكتاب ‪ ،‬والصل براءة الذمة‬
‫إل نص ‪.‬‬
‫‪ - 2‬أ نه مالف ل ا ث بت ف ال سنة ‪ ،‬أ ما ب صوص دم الن سان ال سلم‬
‫فلحديث النصاري الذي صلى وهو يوج دما ‪ ،‬وقد مضى قريبا ‪.‬‬
‫وأما دم اليوان فقد صح عن ابن مسعود رضي ال عنه أنه نر جزورأ ‪،‬‬
‫فتلطخ بدمها وفرثها ث أقيمت الصلة فصلى ول يتوضأ ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪57‬‬

‫أخرجه عبد الرزاق ف " الصنف " ( ‪ ، ) 125 / 1‬وابن أب شيبة ( ‪/ 1‬‬
‫‪ ، ) 392‬والطبان ف " العجم الكبي " ( ‪ ) 4 28 / 9‬بسند صحيح‬
‫عنه ‪ ،‬ورواه البغوي ف " العديات " ( ‪. ) 2503 / 887 / 2‬‬
‫وروى عقبفه عفن أبف موسفى الشعري ‪ " :‬مفا أبال لو نرت جزورا‬
‫فتلطخت بفرث ودمها ‪.‬‬
‫ث صليت ول أمس ماء " ‪ ،‬وسنده ضعيف ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تفريقه ب ي الدم القليل والكث ي ‪ ،‬وهذا وإن كان مسبوقا إليه من‬
‫ب عض الئ مة ‪ ،‬فإ نه م ا ل دل يل عل يه من ال سنة ‪ ،‬بل حد يث الن صاري‬
‫يبطله كما هو ظاهر ‪.‬‬
‫ول يسفتدل الؤلف على هذا التفريفق بغيف أثفر أبف هريرة التقدم ‪ ،‬وقفد‬
‫عرفت ضعفه ‪ ،‬وإن ‪ /‬ضعفه ‪ ،‬وإن روي مرفوعا ففي إسناده متروك كما‬
‫ف " ن يل الوطار " ‪ ،‬و قد خرج ته ف " الضعي فة " ( ‪ ، ) 4386‬و قد‬
‫أجاد الرد على هذا التفر يق ا بن حزم رح ه ال ف آ خر الزء الول من "‬
‫الحلى ل فلياجعه من شاء ‪ ،‬وكذا القرطب وابن العرب ف تفسييهما ‪،‬‬
‫فانظر إن شئت " الامع لحكام القرآن " ( ‪ . ) 263 / 8‬ومن عجيب‬
‫أ مر الؤلف أ نه سوى ه نا ف النجا سة ب ي الدماء ول ي ستمن من ها دماء‬
‫اليوانات الأكولة اللحم ‪ ،‬وفرق فيما يأت بي بول الدمي النجس وبول‬
‫مفا يؤكفل لمفه مفن اليوانات ‪ ،‬فحكفم بطهارتفه تسفكا بالصفل ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪58‬‬

‫وا ستصحابا للباءة ال صلية ‪ ،‬فهل ت سك بذلك ه نا أي ضا ‪ ،‬لن الدل يل‬


‫واحد هنا وهناك ؟ ! ومن ( النجاسات ) قوله ف صدد عد النجاسات ‪:‬‬
‫" قئ الدمي ‪ . . .‬إل أنه يعفى عن يسيه " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ل يذ كر الؤلف الدل يل على ذلك ‪ ،‬الل هم إل قوله ‪ :‬إ نه ( مت فق‬
‫على نا سته ) ‪ ،‬وهذه دعوى منقو ضة ‪ ،‬ف قد خالف ف ذلك ا بن حزم ‪،‬‬
‫حيث صرح بطهارة قئ السلم ‪ ،‬راجع " الحلى " ( ‪ ، ) 183 / 1‬وهو‬
‫مذهب المام الشوكان ف " الدرر البهية " ‪ ،‬وصديق خان ف " شرحها‬
‫" ( ‪ ، ) 20 - 18 / 1‬حيث ل يذكرا ف ( النجاسات ) قئ الدمي‬
‫مطل قا ‪ ،‬و هو ال ق ‪ ،‬ث ذكرا أن ف نا سته خل فا ‪ ،‬ورج حا الطهارة‬
‫بقولمفا ‪ " :‬والصفل الطهارة ‪ ،‬فل ينقفل عنهفا إل ناقفل صفحيح ‪ ،‬ل‬
‫يعارضه ما يساويه أو يقدم عليه " ‪.‬‬
‫وذكر نؤ الشوكان أيضا ف " السيل الرار " ( ‪. ) 43 / 1‬‬
‫وهذا ال صل تد اعتمده الؤلف ف غ ي ما م سألة ‪ ،‬م ثل طهارة ابوال ما‬
‫يؤكل لمه ‪ ،‬وطهارة المر فيما ذكر هو بعد ‪ ،‬وهو أصل عظيم من‬
‫أ صول الف قه ‪ ،‬فل أدري ما الذي حله على تر كه ه نا ‪ ،‬مع أ نه ل يس ف‬
‫الباب ما يعارضه من النصوص الاصة ؟ وأما قوله ‪ " :‬ويعفى عن يسي‬
‫القفئ " ‪ ،‬فمجرد دعوى ل دليفل عليهفا ‪ ،‬ولو رجفع إل الصفل الذكور‬
‫لستراح ول يتج إليها ‪ .‬قوله تت رقم‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪59‬‬

‫‪ " : - 12‬وذهبت طائفة إل القول بطهارتا " ‪.‬‬


‫يعن ‪ :‬المر ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ي سن أن أذ كر ه نا أ ساء ب عض الئ مة الذ ين اختاروا هذا القول‬
‫مع شئ يسي من تراجهم ‪ ،‬حت ل يظن بم أحد أن ل شأن لم ف العلم‬
‫‪ ،‬ول قدم راسخة لم ف الفقه ‪ ،‬بينما لم ف ذلك القدح العلى ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ربيعه بن أب عبد الرحن العروف ب‍ " ربيعة الرأي " ‪ ،‬قال ف "‬
‫التهذيفب " ‪ " :‬أدرك بعفض الصفحابة والكابر مفن التابعيف ‪ ،‬وكان‬
‫صاحب الفتوى بالدي نة ‪ ،‬وكان يلس إل يه وجوه الناس بالدي نة ‪ ،‬وكان‬
‫يضر ف ملسه أربعون معتما ‪ ،‬وعنه أخذ مالك " ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الليث بن سعد الصري الفقيه ‪ ،‬إمام مشهور ‪ ،‬اعترف بفضله كبار‬
‫الئمة ‪ ،‬منهم المام مالك ف رسالة كتبها إليه ‪ ،‬بل قال المام الشافعي ‪:‬‬
‫" الليث أفقه من مالك ‪ ،‬إل أن أصحابه ل يقوموا به " ‪.‬‬
‫وقال ابن بكي ‪ " :‬الليث أفقه من مالك ‪ ،‬ولكن كانت الظوة لالك "‬
‫‪ - 3 .‬إساعيل بن يي الزن صاحب المام الشافعي ‪ ،‬وهو إمام متهد‬
‫منسوب إل الشافعي ‪ ،‬كما قال النووي ف " الجموع " ( ‪. ) 72 / 1‬‬
‫وغي هؤلء كثيون من التأخرين من البغداديي والقرويي ‪ ،‬رأوا جيعأ‬
‫أن المر طاهرة ‪ ،‬وأن الحرم إنا هو شربا كما ف " تفسي القرطب " (‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪60‬‬

‫‪ ، ) 88 / 6‬و هو الرا جح ‪ ،‬ولل صل الشار إل يه آن فا ‪ ،‬وعدم الدل يل‬


‫العارض ‪.‬‬
‫ومن ( فوائد تكثر الاجة إليها ) قوله تت رقم ‪ " : - 5‬إذا انصرف‬
‫الر جل من صلته فرأى على ثو به أو بد نه نا سة ل ي كن عال ا ب ا ‪. . .‬‬
‫فصلته صحيحة ول إعادة عليه " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬والدليفل على هذا القدر الذكور مفن كلمفه حديفث أبف سفعيد‬
‫الدري قال ‪ " :‬بينما رسول ال ( ص ) يصلي بأصحابه ‪ ،‬إذ خلع نعليه‬
‫فوضعه ما عن ي ساره ‪ ،‬فل ما رأى ذلك القوم ألقوا نعال م ‪ ،‬فل ما ق ضى‬
‫رسول ال لجيل صلته ‪ ،‬قال ‪ :‬ما حلكم على إلقائكم نعالكم ؟ قالوا ‪:‬‬
‫رأيناك ألقيت نعليك ‪ ،‬فالقينا نعالنا ‪ ،‬فقال رسول ال ( ص ) ‪ :‬إن جبيل‬
‫( ص ) أتا ن فأ خبن أن فيه ما قذرا ‪ ،‬وقال ‪ :‬إذا جاء أحد كم إل‬
‫السجد فلينظر فإن رأى ف نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما " ‪.‬‬
‫رواه أبو داود وأحد وغيها بسند صحيح ‪ ،‬وهو مرج ف " الرواء " (‬
‫‪ ، ) 284‬وقد ذكره الؤلف قبيل هذا الفصل ساكتا عليه !‬
‫ومن ( قضاء الاجة ) قوله تت رقم‬
‫‪ " : - 3‬الهر بالتسمية لديث أنس قال ‪ :‬كان النب ( ص ) إذا أراد أن‬
‫يدخل اللء ‪ ،‬قال ‪ :‬بسم ال ‪ ،‬اللهم إن أعوذ بك من البث والبائث‬
‫‪ .‬رواه الما عة " ‪ .‬قلت ‪ :‬و هم الؤلف حف ظه ال ف عزو الد يث بذا‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪61‬‬

‫ال سياق للجما عة ‪ ،‬إذ ل يس عند هم ول ع ند أ حد من هم ‪ " :‬ب سم ال " ‪،‬‬


‫وقد ساق الديث مد الدين ابن تيمية ف " النتقى " برواية " الماعة "‬
‫بلفظ ‪ " :‬كان إذا دخل اللء قال ‪ :‬إللهم ‪ ، " . . .‬ث قال ‪ " :‬ولسعيد‬
‫بن منصور ف " سننه " ‪ :‬كان يقول ‪ :‬بسم ال ‪ ،‬اللهم إن أعوذ بك من‬
‫البث والبائث " ‪.‬‬

‫فكأن مؤلف نقفل الديفث مفن " النتقفى " ‪ ،‬وفف أثناء النقفل لروايفة‬
‫الماعة منه انتقل بصره إل لفظة البسملة ف رواية سعيد فيه ‪ ،‬فكتبها ف‬
‫روايت هم ‪ ،‬ولي ست من ها ! وروا ية الما عة مر جة ف " الرواء " ( ر قم‬
‫‪ ، ) 51‬و " صحيح أب داود " ( ‪ ، ) 3‬وغيها ‪.‬‬
‫وثة وهم آخر ‪ ،‬فإن الؤلف كأنه تسامح ف رواية الديث بالعن ‪ ،‬فانه‬
‫قال ‪ :‬كان إذا أراد أن يدخفل ‪ ، " . . .‬فزاد لففظ ‪ " :‬أراد " مفن عنده ‪،‬‬
‫وليس يسن ذلك رواية ‪.‬‬
‫وأما رواية سعيد بزيادة البسملة ‪ ،‬فقد أخرجها ابن أب شيبة أيضا ف "‬
‫الصنف " ( ‪ ) 1 / 1‬من طريق أب معشر نيح عن عبد الئه بن أب طلحة‬
‫عن أنس نوه ‪.‬‬
‫وكذا رواه ابن أب حات ف " العلل " ( ‪. ) 64 / 1‬‬
‫وأبو معشر ضعيف ‪ ،‬فل تقبل منه هذه الزيادة ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪62‬‬

‫ويظهر ل أن الافظ ابن حجر ل يقف على هذه الزيادة ‪ ،‬فقد قال ف "‬
‫الف تح " ‪ " :‬و قد روى العمرى هذا الد يث من طر يق ع بد العز يز بن‬
‫الختار عن عبد العزيز بن صهيب ‪ -‬يعن عن أنس ‪ -‬بلفظ المر قال ‪" :‬‬
‫إذا دخلتم اللء فقولوا ‪ :‬بسم ال ‪ ،‬أعوذ بال من البث والبائث " ‪.‬‬
‫وإ سناده على شرط م سلم ‪ ،‬وف يه زيادة الت سمية ‪ ،‬ول أرها ف غ ي هذه‬
‫الرواية " ‪ .‬قلت ‪ :‬وير عندي شاذة لخالفتها لكل طريق الديث عن عبد‬
‫العزيز بن صهيب عن أنس ف " الصحيحي " وغيها من سبقت الشارة‬
‫إليهم ‪ .‬وقد رويت ف حديث آخر عن أنس من طريق قتادة عنه بلفظ ‪:‬‬
‫" هذه الشوش متضرة ‪ ،‬فإذا دخل أحدكم اللء فليقل ‪ :‬بسم ال " ‪.‬‬
‫لك نه ضع يف بذا ال سياق ‪ ،‬اضطرب ف يه ب عض الرواة ف سنده ومت نه ‪،‬‬
‫والصواب أنه من مسند زيد بن أرقم مرفوعا بلفظ ‪ " :‬إن هذه الشوش‬
‫متضرة ‪ ،‬فإذا أتفى أحدكفم اللء ‪ ،‬فليقفل ‪ :‬أعوذ بال مفن البفث‬
‫والبائث " ‪.‬‬
‫وإ سناده صحيح على ضرط البخاري ك ما بين ته ف " صحيح سنن أ ب‬
‫داود " برقم ( ‪. ) 4‬‬
‫وبالملة ‪ ،‬فذكر البسملة ف هذا الديث من طريقي عن أنس شاذ أو‬
‫منكر ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪63‬‬

‫ل كن قد جاء ما يدل على مشروع ية الت سميه ع ند دخول اللء ‪ ،‬و هو‬
‫حد يث علي ر ضي اللة ع نه مرفو عا بل فظ ‪ " :‬ستر ما ب ي أع ي ال ن‬
‫وعورات بن آدم إذا دخل أحدكم اللء أن يقول ‪ :‬بسم ال " ‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي ( ‪ – 504 / 2‬طبعة أحد شاكر ‪ ،‬وابن ماجه ( ‪/ 1‬‬
‫‪ ، ) 128 - 127‬وضعفه الترمذي ‪ ،‬لكن مال مغلطاي إل صحته ‪،‬‬
‫كما قال الناوي ‪ ،‬وله شاهد من حديث أنس عند الطبان من طريقي‬
‫عنه ‪ ،‬فالديث حسن على أقل الدرجات ‪ ،‬ث خرجت الديث وتكلمت‬
‫على طرقه ‪ ،‬وبينت ما لا وما عليها ف " الرواء " ( ‪ ، ) 50‬فلياجعه‬
‫من شاء ‪ .‬ث اعلم أ نه ل يس ف شئ من هذه الحاد يث أو غي ها ال هر‬
‫الذي ذكره الؤلف حفظه ال ‪ ،‬فاقتضى التنبيه ‪.‬‬
‫قوله تت رقم‬
‫‪ . . . " : - 4‬وحديث أب سعيد قال ‪ :‬سعت النب " صلى ال عليه‬
‫وآله " يقول ‪ " :‬ل يرج الرجلن يضربان الغائط كاشفي عن عورتيهما‬
‫يتحدثان ‪ ،‬فإن ال يقت على ذلك " ‪.‬‬
‫رواه أحدف ‪ ،‬وأبفو داود ‪ ،‬وابفن ماجفه ‪ .‬والديفث بظاهره يفيفد حرمفة‬
‫الكلم ‪ ،‬إل أن الجاع صرف النهي عن التحري إل الكراهة " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬الد يث ضع يف ل ي صح إ سناده ‪ ،‬وله علتان ‪ :‬الول ‪ :‬أ نه من‬
‫رواية عكرمة بن عمار عن يي بن أب كثي عن هلل بن عياض عنه ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪64‬‬

‫وقد طعن العلماء ف رواية عكرمة عن يي خاصة ‪ ،‬فقال أبو داود ‪ " :‬ف‬
‫حديثه عن يمص بن أب كثي أضطراب " ‪.‬‬
‫وقال الا فظ ف " التقر يب " ‪ " :‬صدوق ينلط ‪ ،‬و ف رواي ته عن ي ي‬
‫اضطراب ‪ ،‬ول يكن له كتاب " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ومن اضطرابه ف هذا الديث أنه مرة رواه عن يص عن هلل ‪،‬‬
‫ومرة أخرى قال ‪ :‬عن يي بن أ ب كثي عن أ ب سلمة عن أ ب هريرة ‪.‬‬
‫وكأ نه لذا قال النذري ف " الترغ يب " ب عد أن ذكره من حد يث أ ب‬
‫هريرة برواية الطبان ‪ " :‬إسناده لي " ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬أن هلل بن عياض ‪ ،‬قال النذري ‪ " :‬هو ف عداد الجهول ي "‬
‫‪ .‬وقال الذهب ‪ " :‬ل يعرف " ‪.‬‬
‫وقال الافظ ف " التقريب " ‪ " :‬مهول " ‪.‬‬
‫ولذلك أوردت الديفث فف كتابف " ضعيفف سفنن أبف داود " ( رقفم‬
‫‪ ، ) 3‬وقد تكلمت عليه فيه بتفصيل ‪.‬‬
‫ول يتنبه الشوكان ف " السيل " ( ‪ ) 68 / 1‬للعلة الول ‪ ،‬وأجاب عن‬
‫الخرى بأن هلل ذكره ا بن حبان ف " الثقات " ‪ ،‬وكأ نه ل ي ستحضر‬
‫كلم الافظ وغيه ف تساهل ابن حبان ف التوثيق ‪ ،‬ول تهيل من ذكرنا‬
‫للل هذا ‪ ،‬ويقال ‪ :‬عياض بن هلل ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪65‬‬

‫وهكذا أورده ا بن حبان ف " الثقات " ( ‪ ، ) 265 / 5‬ول يذ كر له‬


‫راويا غي يمى بن أب كثي ! فإذا ثبت ضعف الديث ‪ ،‬فل يوز إثبات‬
‫ال كم به ‪ ،‬بل ول إيراده إل مع بيان ضع فه ‪ ،‬على أن الذي أفه مه من‬
‫الديث النهي عن التحدث مع الخر حالة كشفهما عن عورتيهما ‪ ،‬وأما‬
‫الد يث بدون ك شف ف ما أرى الد يث يدل على الن هي ع نه لو صح ‪،‬‬
‫فليتأمل ‪ .‬قوله ف التعليق رقم‬
‫‪ " : - 5‬وهذا الوجه أصح من سابقه " ‪.‬‬
‫فأقول ‪ :‬هفو كذلك ‪ ،‬لول أنفه ل يظهفر فف فعله صفلى ال عليفه وآله‬
‫الخالف لقوله أنه فعل‬
‫ذلك تشريعا للناس ‪ ،‬كيف وهر أمر ل يكن الطلع عليه عادة كما ل‬
‫ي فى ؟ ! فال صواب القول بالتحر ي مطل قا ف ال صحراء والبنيان ‪ ،‬وهذا‬
‫الذي انتهى إليه الشوكان ف انيل الوطار " ‪ ،‬و " السيل الرار " ( ‪/ 1‬‬
‫‪ ، ) 69‬قال فيه ‪ " :‬وحقيقة النهي التحري ‪ ،‬ول يصرف ذلك ما روي‬
‫أنفه ( ص ) فعفل ذلك ‪ ،‬فقفد عرفناك أن فعله ( ص ) ل يعارض القول‬
‫الاص بالمة ‪ ،‬إل ‪ 9‬أن يدل دليل على أنه أراد القتداء به ف ذلك ‪،‬‬
‫وإل كان فعله خاصا به ‪.‬‬
‫وهذه السفألة مقررة فف الصفول ‪ ،‬مررة أبلغ تريفر ‪ ،‬وذلك هفو القف‬
‫كما ل يفى على منصف ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪66‬‬

‫ولو قدر نا أن م ثل هذا الف عل قد قام ما يدل على التأ سي به ف يه لكان‬


‫خاصا بالعمران ‪ ،‬فإنه رآه وهو ف بيت حفصة كذلك بي لبنتي " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ويعن أنه ل يقم الدليل الشار إليه ‪ ،‬فبقي الكم على عمومه ‪،‬‬
‫والفعل خاص به " صلى ال عليه وآله " ‪.‬‬
‫وأ ما قول ا بن ع مر ف حد يث مروان ال صفر الذي ذكره الؤلف ع قب‬
‫الديث السابق ‪ " :‬إنا نى عن هذا ف الفضاء ‪ ، " . . .‬فليس صريا ف‬
‫الرفع ‪ ،‬بل يكن أن يكون ذلك فهما منه لفعله ( ص ) ف بيت حفصة ‪،‬‬
‫فل ينهض دليل للتخصيص بالصحراء كما بينه الشوكان ‪ ،‬فلياجعه من‬
‫شاء ( ‪. ) 73 / 1‬‬
‫وإن م ا يؤ يد العموم الحاد يث ال ت وردت ف ال هي عن الب صق تاه‬
‫القبلة فف السفجد وخارجفه ‪ ،‬ومفن ذلك قوله ( ص ) ‪ " :‬مفن تففل تاه‬
‫القبلة جاء يوم القيامة وتفلته بي عينيه " ‪.‬‬
‫وهو مرج ف " الصحيحة " ( ‪ 222‬و ‪ ، ) 223‬وقد جزم النووي بالنع‬
‫ف كل حالة ‪ ،‬دا خل ال صلة وخارج ها ‪ ،‬و ف ال سجد أو غيه ‪ ،‬ك ما‬
‫نقلته عنه هناك ‪ ،‬وبه قال الصنعان ‪.‬‬
‫فإذا كان البصق تاه القبلة ف البنيان منهيا عنه مرما ‪ ،‬أفل يكون البول‬
‫والغائط تاه ها مر ما من باب أول ؟ ! فاع تبوا يا أول الب صار ! قوله‬
‫تت رقم‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪67‬‬

‫‪ . . . . " : - 7‬لديث قتادة عن عبد ال بن سرجس قال ‪ :‬نى رسول‬


‫ال ( ص ) أن يبال فف الحفر ‪ ،‬قالوا لقتادة ‪ :‬مفا يكفر مفن البول فف‬
‫الحر ؟ قال ‪ :‬إنا مسكن الن ‪.‬‬
‫رواه أحد ‪ ،‬وصححه ابن خزية وابن السكن " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬الديث ضعيف ‪ ،‬وتصحيح من صححه تساهل أو خطأ منهم ‪،‬‬
‫فإن له علة ت نع ال كم عل يه بال صحة ‪ ،‬و هي عنع نة قتادة ‪ ،‬فإ نه مدلس ‪،‬‬
‫فقد أورده ف " الدلسي " الافظ برهان الدين اللب ف " التبيي لساء‬
‫الدلسي " ‪ ،‬وقال ‪ " :‬إنه مشهور بالتدليس " ‪ ،‬وكذلك قال الافظ ابن‬
‫حجر ف " طبقات " الدل سي " ‪ ،‬وزاد ‪ " :‬وصفه به النسائي وغيه " ‪.‬‬
‫وأورده الا فظ ف " الرت بة الثال ثة " ‪ ،‬و هى ال ت خ صها ك ما قال ف "‬
‫القدمة " ‪ :‬ب‍ " من أكثر من التدليس ‪ ،‬فلم يتج به الئمة من أحاديثهم‬
‫إل با صرحوا فيه بالسماع ‪ ،‬ومنهم من رد حديثهم مطلقا ‪ ،‬ومنهم من‬
‫قبلهم " ‪ .‬هذا يقال فيما لوثبت ساغ قتادة من ابن سرجس ف الملة ‪،‬‬
‫و قد أثب ته علي ا بن الدي ن ‪ ،‬ونفاه غيه ‪ ،‬فقال الا كم ف " معر فة علوم‬
‫الديث " ( ص ‪ " : ) 111‬فليعلم صاحب الديث أن السن ل يسمع‬
‫مفن أبف هريرة ‪ . . .‬وأن قتادة ل يسفمع مفن صفحاب غيف أنفس " ‪.‬‬
‫فالديفث عنده منقطفع ‪ ،‬ومفع ذلك فقفد أورده فف " السفتدرك " ‪،‬‬
‫و صححه ‪ ،‬فكأ نه ذ هل عن علة الد يث ‪ ،‬ولذا ض تف ا بن التركما ن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪68‬‬

‫الد يث ‪ ،‬فقال ف " الو هر الن قي " ‪ " :‬قلت ‪ :‬روى ا بن أ ب حا ت عن‬
‫حرب بن إساعيل عن ابن حنبل قال ‪ :‬ما أعلم قتادة روى عن أحد من‬
‫أصحاب رسول ال ( ص ) إل عن أنس ‪ ،‬قيل له ‪ :‬فابن سرجس ؟ فكأنه‬
‫ل يره ساعا " ( ‪ . ) 1‬قوله تت رقم‬
‫‪ . . . " : - 9‬لديث عبد ال بن معقل ( كذا ‪ ،‬والصواب " منفل ) (‬
‫‪ ) 2‬أن النب ( ص ) ل قال ‪ :‬ل يبولن أحدكم ف مستحمه ث يتوضأ‬
‫فيه ‪ ،‬فان عامة الوسواس منه ‪.‬‬
‫رواه المسة " قلت ‪ :‬القول ف هذا الديث كالقول ف الذي قبله ‪ ،‬فإن‬
‫مدار هذا عند جيع مرجيه على السن البصري عن عبد ال بن مغفل ‪،‬‬
‫والسن البصري على جللة قدره فإنه من الشهورين بالتدليس كما قال‬
‫برهان الد ين الل ب ‪ ،‬وقال الا فظ ف " التقر يب " ‪ " :‬كان ير سل كثيا‬
‫ويدلس لا ‪ ،‬وقال الذهب ‪ " :‬كان كثي التدليس ‪ ،‬فإذا قال ف حديث ‪:‬‬
‫" عن فلن " ‪ ،‬ضعف احتجاجه ‪ ،‬ول سيما بن قيل ‪ :‬إنه ل يسمع منهم‬
‫‪ ،‬كأب هريرة وغيه " ‪.‬‬
‫وقد أشار الترمذي إل ضعف الديث ‪ ،‬فقال بعد أن خرجه ‪ " :‬حديث‬
‫غريب " كا ولذلك أوردته ف " ضعيف أب داود " ( رقم ‪. ) 7‬‬
‫لكن ف الباب حديث آخر بلفظ ‪ " :‬نى رسول ال ( ض ) أن يتشط‬
‫أحدنا كل يوم ‪ ،‬أو يبول ف مغتسله " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪69‬‬

‫( ها مش ) * ( ‪ ) 1‬ت نبيه ‪ :‬و قع هذا الد يث سهوا ف " صحيح ‪،‬‬


‫الترغ يب والتره يب " ( ر قم ‪ ، ) 150‬فين قل إل " ضع يف الترغ يب‬
‫والترهيب " ‪ ،‬وهو مرج ف " ضعيف أب داود " أيضا ( رقم ‪ ، ) 6‬و "‬
‫إرواء الغليل " ( ‪. ) 55 / 93 / 1‬‬
‫( ‪ ) 2‬صححت ف الطبعات التالية ‪.‬‬
‫( * ) أخرجه أبو داود وغيه بسند صحيح ‪ ،‬صححه جع كالعسقلن‬
‫وغيه ‪ ،‬وهو مرج ف " ح أب داود " ( ‪ ، ) 21‬فلو أن الؤلف احتج به‬
‫لصاب ! ث ذكر ف آداب قضاء الاجة ‪ " :‬أن ل يبول ف الاء الراكد أو‬
‫الارى " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬أما الاء الراكد ‪ ،‬فنعم ‪ ،‬لن الديث الوارد فيه صحيح ‪ ،‬أخرجه‬
‫م سلم وغيه ك ما ف الكتاب ‪ ،‬من حد يث جابر ‪ .‬وله شا هد أقوى م نه‬
‫من حديث أب هريرة ‪ ،‬رواه الشيخان ‪ ،‬وهو مرج ف " صحيح أب داود‬
‫" ( رقم ‪ 61‬و ‪. ) 62‬‬
‫ف الاء الاري فل ‪ ،‬لن الديفث أورده عقفب حديفث جابر قائل ‪" :‬‬ ‫أم ا‬
‫وعنه أن النب ( ص ) نى أن يبال ف الاء الاري ‪ .‬قال ف " ممع الزوائد‬
‫" ‪ :‬رواه الطبان ورجاله ثقات " ‪.‬‬
‫كذا قال ‪ ،‬وف يه من ل يعرف ‪ ،‬وآ خر مت هم ‪ ،‬وعنع نة أ ب الزب ي ‪ ،‬و قد‬
‫رواه الليث عنه بلفظ ‪ " :‬الدائم " ‪ ،‬رواه مسلم وغيه كما تقدم ‪ ،‬ورواية‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪70‬‬

‫الليث عنه صحيحة ‪ ،‬لنه ل يروي عنه إل ما صرح له بالسماع كما هو‬
‫معروف ‪ ،‬فهذا هو الحفوظ ف حديث جابر ‪.‬‬
‫وأما لفظ ‪ " :‬الاري " ‪ ،‬فهو منكر ‪ ،‬وقد بوب أبو عوانة لديث الليث‬
‫بقوله ‪ " :‬بيان ح ظر البول ف الاء الرا كد ‪ ،‬والدل يل على إبا حة البول ف‬
‫الاء الاري " ‪.‬‬
‫ف سقط بذا البيان إلاق الؤلف الاء الاري بالاء الرا كد ‪ ،‬وحدي ثه الذي‬
‫ا ستدل به ‪ ،‬قد ب سطت الكلم على نكار ته ف " الضعي فة ‪ " ،‬بر قم (‬
‫‪. ) 5227‬‬
‫( تنبيه ) ‪ :‬ث إن فبما عزاه الؤلف ل‍ " ممع الزوائد " أنه رواه الطبان ‪،‬‬
‫اخت صارا مل ‪ ،‬لن من ال صطلح ع ند العلماء أن إطلق العزو لل طبان‬
‫يع ن أ نه رواه ف " الع جم ال كبي " ‪ ،‬فإذا أرادوا غيه قيدوا العزو ‪ ،‬وهذا‬
‫ما فعله اليثمي ف " الجمع " ( ‪ ، ) 204 / 1‬فإنه قال ‪ " :‬رواه الطبان‬
‫ف " الوسط " ‪. " . . .‬‬
‫وكذلك قال النذري ف الترغيب ‪ .‬قوله تت رقم‬
‫‪ " : - 10‬قالت عائ شة ‪ :‬من حدث كم أن ر سول ال ( ص ) بال قائ مأ‬
‫فل تصدقوه ‪ ،‬ما كان يبول إل جالسا ‪.‬‬
‫رواه المسفة ال أبفا داود ‪ ،‬وقال الترمذي ‪ :‬وهفو أحسفن شفئ فف هذا‬
‫الباب وأصح " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪71‬‬

‫قلت ‪ :‬إ سناده عن عائ شة ضع يف ‪ ،‬ف يه شر يك ‪ -‬و هو ا بن ع بد ال‬


‫القاضي ‪ -‬وهو ضيف ل يتج با تفرد به كهذا الديث ‪ ،‬قال الانظ ف‬
‫" التقريب " ‪ " :‬صدوق يطئ كثيا ‪ ،‬تغي حفظه منذ ول القضاء " ‪.‬‬
‫وقول الترمذي ‪ " :‬هو أح سن شئ ‪ ، " . . .‬ل يف يد ح سنه فضل عن‬
‫صحته ‪ ،‬وإنا يعطي حسنا أو صحة نسبيا كما هو معروف عند من لم‬
‫عناية بذا العلم الشريف ‪.‬‬
‫ثف وجدت لشريفك متابعفا قويفا ‪ ،‬فصفح بذلك الديفث ‪ ،‬لكنفه ناف ‪،‬‬
‫وحديث حذيفة الذي بعد هذا ف الكتاب مثبت ‪ ،‬ومن العلوم أن الثبت‬
‫مقدم على النافف ‪ ،‬لن معفه زيادة علم ‪ ،‬فيجوز المران ‪ ،‬والواجفب‬
‫الحتراز من رشاش البول ‪ ،‬فبأيهما حصل وجب ‪.‬‬
‫وانظر إن شئت ( الرواء " ( ‪ ، ) 95 / 1‬و " الصحيحة " وأما حديث‬
‫‪ " :‬من الطإ أن يبل الر جل قائ ما " ‪ ،‬فل يصح مرفوعا ‪ .‬والصواب‬
‫موقوف ‪ ،‬وبيانه ف " الرواء " ( ‪. ) 59‬‬
‫وقول الشوكان ف " السيل " ( ‪ " : ) 67 / 1‬إن البول من قيام إذا ل‬
‫يكن مرمأ فهو مكروه كراهة شديدة " ‪ ،‬م ا ل يلتفت إليه ‪ .‬قوله تت‬
‫رقم‬
‫‪ " : - 10‬روي عن حذيفة أن النمي ظ انتهى إل سباطة قوم فبال‬
‫قائما ‪ . . .‬رواه الماعة " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪72‬‬

‫قلت ‪ :‬الديفث صفحيح بل شفك ‪ ،‬فتصفديره بقوله ‪ " :‬روي " ‪ ،‬يشعفر‬
‫بأ نه ض يف ك ما ات فق عل يه الحدثون ‪ ،‬فكان الوا جب أن يقال ‪ " :‬ورد‬
‫" ‪ ،‬أو نو ذلك ما يشعر بثبوت الديث ‪.‬‬
‫انظر القاعدة ( ‪ . ) 13‬قوله تت رقم‬
‫‪ : - 11‬اأن يزيل ما على السبيلي من النجاسات وجوبا بالجر ‪ . . .‬أو‬
‫بالاء فقط ‪ ،‬أوبما معأ " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ال مع ب ي الاء والجارة ف ال ستنجاء ل ي صح ع نه ( ص ) ‪،‬‬
‫فأخ شى أن يكون القول بال مع من الغلو ف الد ين ‪ ،‬لن هد يه ( ص )‬
‫الكتفاء بأحدهاف ‪ " ،‬وخيف الدي هدي ممفد ( ص ) ‪ ،‬وشفر المور‬
‫مدثاتا ‪. " . . .‬‬
‫وأما حديث جع أهل قباء بي الاء والجارة ‪ ،‬ونزول قوله تعال فيهم ‪:‬‬
‫* ( فيه رجال يتون أن يتطهروا ) * ‪ ،‬فضيف السناد ‪ ،‬ل يتج به ‪،‬‬
‫ضع فه النووي والا فظ وغيه ا ‪ ،‬وأ صل الدي كث ع ند أ ب داود وغيه‬
‫من حد يث أ ب هريرة دون ذ كر الجارة ‪ ،‬ولذلك أورده أ بو داود ف "‬
‫باب السفتنجاء بالاء " ‪ ،‬وله شواهفد كثية ‪ ،‬ليفس فف شفئ منهفا ذكفر‬
‫الجارة ‪ ،‬وقد بينت ذلك ف " صحيح سنن أب داود " ( رقم ‪* . ) 34‬‬
‫( هامش ) * ( ‪ ) 1‬وأما ما أخرجه البيهقي ( ‪ ) 106 / 1‬من طريق‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪73‬‬

‫عبد اللك بن عمر قال ‪ :‬قال علي بن أب طالب ‪ :‬إنم كانوا يبعرون بعرا‬
‫‪ ،‬وأنتم تثلطون ثلطا ‪ ،‬فأتبعوا الجارة الاء ‪.‬‬
‫ف هو مع أ نه موقوف ‪ ،‬فل ي صح ‪ ،‬ل نه منق طع ب ي ع بد اللك بن ع مر‬
‫وعلي ‪ ،‬فإنه ليس له رواية عنه ‪ ،‬ث هو مدلس ‪ ،‬ول يصرح بالسماع منه‬
‫‪/)*(.‬‬
‫قوله تت رقم‬
‫‪ . . . " : - 14‬لديث الكم بن سفيان أو سفيان بن الكم قال ‪:‬‬
‫كان النب " صلى ال عليه وآله " إذا بال توضأ ‪ ،‬وينتضح " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا الديفث ل يصفح متنفه ‪ ،‬لن فيفه اضطرابفا كثيا على نوف‬
‫عشرة وجوه لصها الافظ ف " التهذيب " ‪ ،‬وف ثبوت صحبة الكم‬
‫بن سفيان خلف ‪.‬‬
‫ل كن الد يث له شوا هد أوردت بعض ها ف " صحيح أ ب داود " ( ر قم‬
‫‪ ، ) 159‬منها حديث ابن عباس أن النب ( ص ) توضأ مرة ونضح فرجه‬
‫‪.‬‬
‫أخرجه الدارمي والبيهقي ‪ ،‬وسنده صحيح على شرط الشيخي ‪ ،‬فلو أن‬
‫الؤلف آ ثر هذا الد يث ل صحة إ سناده على ذلك ‪ ،‬أو على ال قل أشار‬
‫إليه ‪ ،‬لكان أحسن ‪ .‬قوله تت رقم‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪74‬‬

‫‪ " : - 15‬وروي من طرق ضعيفة أنه ( ص ) كان يقول ‪ " :‬المد ل‬


‫الذي أذهب عن الذى وعافان " ‪ ،‬وقوله ‪ " :‬المد ل الذي أذاقن لذته‬
‫‪ ،‬وأبقى ف قوته ‪ ،‬وأذهب عن أذاه " ‪.‬‬
‫فأقول ‪ :‬قوله ‪ " :‬من طرق ضعيفة " ليس دقيقا ف التعبي عن حال هذين‬
‫الديثيف ‪ ،‬فإن الول مفن حديفث أبف ذر ‪ ،‬ومفن حديفث أنفس ‪ ،‬وهاف‬
‫مرجان ف " الرواء " برقم ( ‪ ) 53‬بإسنادين ضعيفي ‪.‬‬
‫والخفر مفن حديفث ابفن عمفر ‪ ،‬وهفو مرج فف " الضعيففة " برقفم (‬
‫‪ . ) 4187‬وقد فصلت القول ف ذلك ف " الحاديث الضعيفة " برقم (‬
‫‪ ، ) 5658‬وبي نت أن حد يث أ ب ذر ف إ سناده جهالة واضطراب‬
‫واختلف ف الت ‪.‬‬
‫ث إن قوله ‪ " :‬من طرق ضعيفة " ‪ ،‬قد يشعر أن لكل من الديثي أكثر‬
‫من طريق واحد ‪ ،‬بيث يتوارد على ذهن القارئ ما يقال من أن الديث‬
‫الضيفف يتقوى بكثرة الطرق ‪ ،‬فيتوهفم أن هذا الذي يعنيفه الؤلف بقوله‬
‫الذكور ‪ " :‬من طرق ضعيفة " ‪ ،‬ولعله ل يقصد ذلك ‪ ،‬لا سبق بيانه ‪.‬‬
‫ومن ( سنن الفطرة ) قوله ف التعليق ‪ " :‬أحاديث المر بتان الرأة ضعيفة‬
‫‪ ،‬ل يصح منها شئ " ‪.‬‬
‫أقول ‪ :‬ليس هذا على إطلقه ‪ ،‬فقد صح قوله ( ص ) لبعض التانات ف‬
‫الدينة ‪ " :‬اخفضي ول تنهكي ‪ ،‬فإنه أنضر للوجه ‪ ،‬وأحظى للزوج " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪75‬‬

‫رواه أ بو داود ‪ ،‬والبزار ‪ ،‬وال طبان ‪ ،‬وغي هم ‪ ،‬وله طرق وشوا هد عن‬
‫ج ع من ال صحابة خرجت ها ف " ال صحيحة " ( ‪) 358 - 353 / 2‬‬
‫ببسط قد ل تراه ف مكان آخر ‪ ،‬وبينت فيه أن خت النساء كان معروفا‬
‫عند السلف خلفا لبعض من ل علم بالثار عنده‬
‫وإن ماف يؤكفد ذلك كله الديفث الشهور ‪ " :‬إذا التقفى التانان فقفد‬
‫و جب الغ سل " ‪ ،‬و هو مرج ف " الرواء " ( ر قم ‪ . ) 80‬قال المام‬
‫أحد رحه ال ‪ " :‬وف هذا دليل على أن النساء كن يت " ‪ .‬انظر " تفة‬
‫الودود ف أحكام الولود " ‪.‬‬
‫لبن القيم ( ص ‪ - 64‬هندية ) ‪.‬‬
‫ث قال ف التان ‪ " :‬ول يرد تديد وقت ‪ ،‬ول ما يفيد وجوبه " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫أ ما التحد يد فورد ف يه حديثان ‪ :‬الول ‪ :‬عن جابر أن ر سول ال ( ص )‬
‫عفق عفن السفن والسفي ‪ ،‬وختنهمفا لسفبعة أيام ‪ .‬رواه الطفبان فف "‬
‫العجم الصغي " ( ص ‪ ، 185‬بسند رجاله ثقات ‪ ،‬لكن فيه ممد بن أب‬
‫السرى العسقلن ‪ ،‬وفيه كلم من قبل حفظه ‪ ،‬والوليد بن مسلم يدلس‬
‫تدليس التسوية ( ‪ ) 1‬وقد عنعنه ‪.‬‬
‫والديث عزاه الافظ ف " الفتح " ( ‪ ) 282 / 10‬لب الشيخ والبيهقي‬
‫‪ ،‬وسكت عليه الافظ ‪ ،‬فلعله عندها من طريق أخرى ‪ .‬الثان ‪ :‬عن ابن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪76‬‬

‫عباس قال ‪ :‬سبعة من السنة ف الصب يوم السابع ‪ :‬يسمى ‪ ،‬ويت ‪. . .‬‬
‫الديث ‪.‬‬
‫رواه الطبان ف " الوسط " ( ‪ ، ) 562 / 334 / 1‬وقال اليثمي ف‬
‫" الجمع " ( ‪ " : ) 59 / 4‬رجاله ثقات " ‪ ،‬وأما الافظ ‪ ،‬فقال ف "‬
‫الف تح " ( ‪ " : ) 483 / 9‬أخر جه ال طبان ف الو سط ‪ ،‬و ف سنده‬
‫ضعف " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬و هو ال صواب ‪ ،‬لن ف سنده رواد بن الراح ‪ ،‬وف يه ض عف ‪،‬‬
‫كما ف الكاشف للذهب ‪ ،‬لكن أحد الديثي يقوي الخر ‪ ،‬إذ مرجهما‬
‫متلف ‪ ،‬وليس فيهما متهم ‪ ،‬وقد أخذ به الشافعية ‪ ،‬فاستحبوا التان يوم‬
‫السابع من الولدة كما ف " الجموع " ( ‪ ) 307 / 1‬وغيه ‪.‬‬
‫( هامش ) * ( ‪ ) 2‬هو شر أنواع التدليس ‪ ،‬وصورته أن يئ الدلس إل‬
‫حديفث سفعه مفن شيفخ ثقفة ‪ ،‬وقفد سفعه ذلك الشيفخ الثقفة مفن شيفخ‬
‫ضعيف ‪ ،‬وذلك الشيخ الضعيف يرويه عن شيخ ثقة ‪ ،‬فيعمد إلدس الذي‬
‫سع الديث من الثقة الول ‪ ،‬فيسقط منه شيخ شيخه الضعيف ‪ ،‬ويعله‬
‫من رواية شيخه الثقة ‪ ،‬عن الثقة الثان ‪ ،‬بلفظ متمل ‪ ،‬كالعنعة ونوها ‪،‬‬
‫فيصي السناد كله ثغات ‪ ،‬ويصرح هر بالتصال بينه وبي شيخه ‪ ،‬لنه‬
‫قد سعه م نه ‪ ،‬فل يظ هر حينئذ ف ال سناد ما يقت صي عدم قبوله ‪ ،‬إل‬
‫لهل النقد والعرفة بالعلل ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪77‬‬

‫كذا ف " شرح علوم الديث " للعراقي ( ص ‪. ) 78‬‬


‫وقد يسقط الدس شيخ الشيح ل لضعفه ‪ ،‬بل لصغر سنه ‪ ،‬يف عل ذلك‬
‫تسينا للحديث بزعمه ( * )‬
‫وأ ما ال د العلى للختان ‪ ،‬ف هو ق بل البلوغ ‪ ،‬قال ا بن الق يم ‪ " :‬ل يوز‬
‫للول أن يترك خت الصب حت ياوز البلوغ " ‪.‬‬
‫ان ظر " ت فة الودود ف أحكام الولود " له ( ص ‪ . ) 61 - 60‬وأ ما‬
‫ح كم التان فالرا جح عند نا وجو به ‪ ،‬و هو مذ هب المهور ‪ ،‬كمالك‬
‫والشافعي وأحد ‪ ،‬واختاره ابن القيم ‪ ،‬وساق ف التدليل على ذلك خسة‬
‫عشر وجها ‪ ،‬وهي ل ان كانت مفرداتا ل تنهض على ذلك ‪ ،‬فل شك‬
‫أن مموع ها ين هض به ‪ ،‬ول يت سع الجال ل سوقها جي عا هه نا ‪ ،‬فأكت في‬
‫منها بوجهي ‪: :‬‬
‫الول ‪ :‬قوله تعال ‪ ( * :‬ث أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا ) * ‪،‬‬
‫والتان من ملته ‪ ،‬كما ف حديث أب هريرة الذكور ف الكتاب ‪ ،‬وهذا‬
‫الوجه أحسن الجج ‪ ،‬كما قال البيهقى ‪ ،‬ونقله الافظ ( ‪) 281 / 10‬‬
‫‪ .‬الثان ‪ :‬أن التان من أظهر الشعائر الت يفرق با بي السلم والنصران ‪،‬‬
‫حت إن السلمي ل يكادون يعدون القلف منهم ‪.‬‬
‫ومن شاء الطلع على بقية الوجوه الشار إليها فلياجع كتاب " التحفة‬
‫" ( ص ‪. ) 60 - 53‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪78‬‬

‫ث ذكر تت رقم‬
‫‪ - 7‬حديث عطاء بن يسار ‪ ،‬قال ‪ " :‬أتى رجل النب ( ص ) ثائر الرأس‬
‫واللحيفة ‪ ،‬فأشار إليفه رسفول ال ( ص ) ‪ ،‬كأنفه يأمره بإصفلح شعره‬
‫وليته ‪ . " . . .‬رواه مالك ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬عطاء هذا تاب عي معروف ‪ ،‬فالد يث مر سل ضع يف ‪ ،‬و قد جاء‬
‫موصول من حديث جابر بلفظ آخر أت منه ‪ ،‬وليس فيه ذكر اللحية ‪.‬‬
‫رواه أبو داود وغيه ‪.‬‬
‫وهو مرج ف " الصحيحة " ( ‪. ) 493‬‬
‫ثف قال ‪ " :‬وعفن أبف قتادة ‪ :‬أنفه كان له جةف ضخمفة ‪ ،‬فسفأل النفب‬
‫( ص ) ؟ فأمره أن يسن إليها ‪ ،‬وأن يترجل كل يوم ‪.‬‬
‫رواه الن سائي ‪ ،‬ورواه مالك ف " الو طأ " بل فظ ‪ :‬قلت ‪ :‬إن ل ج ة ‪،‬‬
‫فأرجلها ؟ قال ‪ ( :‬نعم وأكرمها ) ‪.‬‬
‫فكان أبفو قتادة رباف دهنهفا فف اليوم مرتيف مفن أجفل قوله ( ص ) ‪:‬‬
‫( وأكرمها ) " ‪ .‬فأقول ‪ :‬هذا الديث ل يصح عن أب قتادة لنقطاع‬
‫إسناده ‪ ،‬واضطراب متنه ‪.‬‬
‫أما النقطاع فهو أن النسائي رواه ف " سننه " ( ‪ ) 292 / 2‬من طريق‬
‫عمر بن علي بن مقدم قال ‪ :‬حدثنا يي بن سعيد عن ممد بن النكدر‬
‫عن أ ب قتادة ‪ . . .‬وهذا إ سناد ظاهره ال صحة ‪ ،‬فإن رجاله ثقات رجال‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪79‬‬

‫الشيخي ‪ ،‬لكن له علة خفية ‪ ،‬وهي أن ابن مقدم هذا مع كونه ثقة فقد‬
‫كان يدلس تدليسفا غريبفا ‪ ،‬بينفه ابفن سفعد بقوله ‪ " :‬كان ثقفة ‪ ،‬وكان‬
‫يدلس تدليسفا شديدا ‪ ،‬يقول ‪ " :‬سفعت " و " حدثنفا " ‪ ،‬ثف يسفكت ‪،‬‬
‫فيقول ‪ :‬هشام بن عروة والعمش ‪. " . .‬‬
‫ولذلك قال الافظ ف " مقدمة الفتح " ( ص ‪ " : ) 431‬وعابوه بكثرة‬
‫التدليس ‪ ،‬ول أر له ف " الصحيح " إل ما توبع عليه " ‪.‬‬
‫ول يوث قه ف " التقر يب " ‪ ،‬فإ نه اقت صر على قوله ف يه ‪ " :‬وكان يدلس‬
‫شديدا " ‪.‬‬
‫فمثله ل يتج به ولو صرح بالتحديث ‪ ،‬إل إذا توبع ‪ ،‬فكيف إذا خولف‬
‫؟ ! فقد قال مالك ف روايته ( ‪ " : ) 624 / 3‬عن يي بن سعيد أن‬
‫أبا قتادة النصاري قال ‪ " . . .‬فذكره ‪.‬‬
‫فأسقط بي يي وأب قتادة ممد بن النكدر ‪ ،‬فصار منقطعا ‪ ،‬لن يي‬
‫ابن سعيد ‪ -‬وهو ابن قيس النصاري الدن ‪ -‬ل يدرك أبا قتادة ‪ ،‬ولذا‬
‫قال ال سيوطي ف " تنو ير الوالك " ‪ " :‬هو منق طع ‪ ،‬و قد أخر جه البزار‬
‫من طريق عمر بن علي القدمي عن يي ابن سعيد عن ممد بن النكدر‬
‫عن جابر " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪80‬‬

‫قلت ‪ :‬وهذه خلف روايفة النسفائي ‪ ،‬فإناف عفن أبف قتادة ‪ ،‬وهذه عفن‬
‫جابر ! فهذا اختلف آخر ف إسناده ‪ .‬وقد وجدت له طريقا أخرى عن‬
‫كل من أب قتادة وجابر ‪.‬‬
‫أما الطريق عن أب قتادة ‪ ،‬فقال الطبان ف " الوسط " ( رقم ‪) 4090‬‬
‫‪ :‬حدثنا علي بن سعيد الرازي قال ‪ :‬نا سليمان بن عمربن خالد الرقي‬
‫قال ‪ :‬ثنا يي ابن سعيد الموي عن ا بن جريج عن عطاء عن أب قتادة‬
‫عن ال نب ( ص ) قال ‪ " :‬من ات ذ شعرا فليح سن إل يه ‪ ،‬أو ليحل قه " ‪،‬‬
‫وكان أبو قتادة يرجل شعره غبا ‪.‬‬
‫وقال الطبان ‪ " :‬ل يروه عن ابن جريج إل يي بن سعيد الموي " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهو ثقة من رجال الشيخي ‪ ،‬وكذا من فوقه ‪ ،‬وإنا النظر في‬
‫دون م ‪ ،‬و قد قم ال اليث مي ف " الج مع " ( ‪ " : ) 164 / 5‬رواه‬
‫الطبان ف " الوسط " عن شيخه علي بن سعيد الرازي ‪ ،‬قال الدارقطن‬
‫‪ :‬ليس بالقوي ‪ ،‬وبقية رجاله رجال الصحيح " ‪.‬‬
‫كذا قال ! وسليمان بن عمر وأبوه ليسا من رجال " الصحيح " ‪ ،‬بل ول‬
‫من رجال " السنن الربعة " ‪ ،‬والول له ترجة ف " الرح والتعديل " (‬
‫‪ ) 131 / 1 / 2‬بكتابة أب حات عنه ‪.‬‬
‫وف " ثقات ابن حبان " ( ‪ ، ) 280 / 8‬وقال ‪ " :‬حدثنا عنه شيخنا‬
‫الضفر بفن أحدف بفن قيدهوز ب‍ " حران " ‪ -‬وغيه ‪ .‬مات سفنة تسفع‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪81‬‬

‫وأربع ي ومائت ي " ‪ .‬وأ ما أ بؤ ع مر بن خالد الر قي ‪ ،‬فلم أر له ترج ة إل‬


‫عند ابن حبان ترجة موجزة جدا ل طائل تتها ‪ ،‬فقد قال ( ‪) 444 / 8‬‬
‫‪ " :‬يروي عن موسى بن أعي ‪.‬‬
‫روى عنه ابنه سليمان بن عمر بن خالد " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬فهو ف عداد الجهولي ‪.‬‬
‫وال أعلم ‪.‬‬
‫ب قي الكلم على الطر يق الخرى عن جابر ‪ ،‬و هي ف القي قة تعود إل‬
‫الطريق الول الت رواها النسائي ‪ ،‬فقال الطبان ف " الوسط " أيضا (‬
‫‪ - 675 / 387 / 1‬الطبوعة ) ‪ :‬حدثنا أحد قال ‪ :‬حدثنا منصور بن‬
‫أب مزاحم قال ‪ :‬حدثنا إساعيل بن عياش عن يي بن سعيد النصاري‬
‫عن ممد بن النكدر عن جابر قال ‪ " :‬كان لب قتادة جة ‪ ،‬فسأل النب‬
‫( ص ) فيها ؟ فقال ‪ :‬أكرمها وادهنها " ‪.‬‬
‫وقال الطبان ‪ " :‬ل يروه عن يي إل إساعيل " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬إ ساعيل ث قة ‪ ،‬ولك نه ف روأي ته عن الجازي ي ضع يف ‪ ،‬وهذه‬
‫منها ‪ .‬ولكنه قد عه ابن مقدم كما تقدم ‪ ،‬إل أنه مدلس ‪ ،‬فمن المكن‬
‫أن يكون تلقاه عن إساعيل ث دلسه ‪ ،‬فل قيمة حينئذ لذه التابعة ‪ ،‬ولعله‬
‫لذلك جزم الطبان بأنه ل يروه عن يي إل إساعيل ‪.‬‬
‫وأل أعلم ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪82‬‬

‫وأما اضطراب الت فذلك ظاهر من الروايات التقدمة ‪ ،‬ويكن تلخيصها‬


‫بالوجوه التية ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬رواية النسائي الرفوعة ‪ :‬وأن يترجل كل يوم ‪.‬‬
‫الثان ‪ :‬رواية مالك ‪ :‬فكان أبو قتادة ربا دهنها ف اليوم مرتي ‪ .‬الثالث‬
‫‪ :‬رواية عطاء ‪ :‬وكان أبو قتادة يرجل شعره غبا ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬رواية إساعيل الرفوعة ‪ :‬أكرمها وادهنها ‪.‬‬
‫فهذا ‪ -‬كما ترى ‪ -‬اضطراب شديد ‪ ،‬ل يكن التوفيق بي هذه الوجوه‬
‫إل بترجيح وجه منها ‪ ،‬ول سبيل إل ذلك لضعف أسانيدها كما رأيت ‪،‬‬
‫فل بد من تلمس الرجح من خارجها ‪.‬‬
‫وقد وجدنا حديثي ‪ :‬الول ‪ :‬نى عن الترجل إل غبا ‪.‬‬
‫والخر ‪ :‬كان ينهانا عن الرفاه ‪ :‬الترجل كل يوم ‪.‬‬
‫وها مرجان ف " الصحيحة " ( ‪ 501‬و ‪ . ) 502‬ومن الواضمح أن‬
‫الول يبطل الوجه الول ويرجح عليه الوجه الثالث ‪.‬‬
‫وأن الد يث ال خر يؤ كد بطلن الو جه الول وأرجح ية الو جه الثالث ‪.‬‬
‫واللصة أن الروايتي اللتي ذكرها الؤلف عن أب قتادة وجابر منكرتان‬
‫سندا ومت نا ‪ ،‬فل يعت مد عليه ما ‪ ،‬ول يوز ال خذ ب ا فيه ما م ا يالف‬
‫الديثي الصحيحي الذكورين آنفا ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪83‬‬

‫أما المر بإكرام الشعر فهو ثابت ف عدة أحاديث ‪ ،‬وقد خرجت بعضها‬
‫ف الصدر السابق االصحيحة " ( ‪ 500‬و ‪ ، ) 501‬هو مقيد بالديثي‬
‫الشار إليهما كما هو ظاهر ‪.‬‬
‫وبال التوفيق ‪.‬‬
‫قوله ف تغيي الشيب بالناء ‪ " :‬قلت ‪ :‬وقد ورد ما يفيد كراهية الضاب‬
‫" ‪ .‬قلت ‪ :‬ل أ جد للمؤلف ف هذه الدعوى سلفا ‪ ،‬ول عل مت ل ا‬
‫أصل ‪ ،‬ولعله يعن ورود ذلك عن الصحابة ‪ ،‬والذي نقله الشوكان عنهم‬
‫ف " الن يل " ( ‪ ) 103 / 1‬إن ا هو الختلف ف الف ضل ‪ ،‬ول يس‬
‫الكراهة ‪ ،‬وعلى افتراض أ نه روي ذلك عن أحد منهم ‪ ،‬فل حجة فيه ‪،‬‬
‫لمرين ‪ :‬الول ‪ :‬أن الصحابة ل يتفقوا على ذلك ‪ ،‬بل منهم من خضب‬
‫كالشيخي رضي ال عنهما ‪ ،‬وهو ف " صحيح مسلم " وغيه ‪ ،‬ومنهم‬
‫من ترك ‪ ،‬والترك ل يدل على كرا هة الضاب ‪ ،‬بل على جواز تر كه ‪.‬‬
‫الثان ‪ :‬أنه مالف للثابت عنه ف قول وفعل ‪.‬‬
‫أما القول فقد ذكر الصنف فيه حديثي ‪.‬‬
‫وأما الفعل ‪ ،‬ففي " صحيح البخاري " وغيه من حديث أم سلمة رضي‬
‫ال عنها أنا أخرجت من شعر النب ( ص ) مضوبأ ‪ .‬وف معناه أحاديث‬
‫أخرى بوب لاف الترمذي فف " الشمائل الحمديفة " ‪ " :‬باب مفا جاء فف‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪84‬‬

‫خضاب رسفول اللة ( ص ) " ‪ ،‬فراجعهفا إن شئت فف كتابف " متصفر‬


‫الشمائل " ( ‪. ) 41 - 37 / 41‬‬
‫وإن كان يع ن ورود ذلك عن ال نب ( ص ) ك ما هو التبادر ‪ ،‬فنقول ‪:‬‬
‫إن كان يريفد مطلق الورود ‪ -‬أعنف سفواء كان صفحيحا أو ضعيففا ‪،‬‬
‫فمسلم ‪ .‬وإن كان يريد الصحيح كما هو التبادر من عبارته ‪ ،‬فمردود ‪،‬‬
‫لن غاية ما روي ف ذلك حديثان ‪ :‬أحدها ضعيف ‪ ،‬والخر ل أصل له‬
‫‪ .‬أما الول ‪ ،‬فحديث عبد الرحن بن حرملة أن ابن مسود كان يقول ‪:‬‬
‫" كان نب ال ( ص ) يكره عشر خلل ‪ :‬الصفرة يعن اللوق ‪ ،‬وتغيي‬
‫الشيب ‪ . . .‬الديث " ‪ .‬رواه أبو داود ( ‪ ، ) 197 / 2‬وأحد ( رقم‬
‫‪ ، ) 4179 ، 3774 ، 3605‬وعبد الرحن هذا قال ابن الدين فيه ‪:‬‬
‫" ل نعرفه من أصحاب ابن مسعود " ‪.‬‬
‫وقال البخاري ‪ " :‬ل يصح حديثه " ‪.‬‬
‫يعن هذا ‪ ،‬فقد ساقه الذهب عقب عبارة البخاري هذه ‪ ،‬ث قال الذهب ‪:‬‬
‫" وهذا منكر " ‪ ،‬ث سها الذهب عن هذأ ‪ ،‬فوافق ف " التلخيص " الاكم‬
‫على ت صحيحه للحد يث ف " ال ستدرك " ! وأ ما توث يق ا بن حبان لع بد‬
‫الرح ن هذا فل يع تد به ل ا ذكر ته ف " القد مة " ‪ ،‬ولذلك ل يلت فت إل‬
‫توثيقه لذا الرجل الذهب ف " اليزان " وألافظ ف " التقريب " ‪ ،‬حيث‬
‫أفاد أنه لي الديث ‪ ،‬وعليه فل يغتر بتصحيح الشيخ أحد ممد شاكر‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪85‬‬

‫لذأ الديث ‪ ،‬لنه بناه على توثيق ابن حبان للمذكور ‪ ،‬وكثيا ما يفعل‬
‫ذلك ‪ ،‬ويصحح أحاديث ل يسبق إل تصحيحها ‪ ،‬وقد كنت ناقشته ف‬
‫هذه السألة ف الدينة النورة وهو ف " الفندق " سنة ‪ 69‬ه‍ بعد موسم‬
‫ال ج ‪ ،‬ولك ن ل أ صل م عه إل نتي جة مع ال سف ‪ ،‬وال يرح نا وإياه ‪.‬‬
‫والديث الثان ‪ :‬عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه بلفظ ‪" :‬‬
‫من شاب شيبة فهي نور إل أن ينتفها أو يضبها " ‪.‬‬
‫هكذا أورده بعضهم ‪ ،‬وهو ف " سنن أب دأود " ‪ ،‬وألترمذي وحسنه ‪،‬‬
‫وابن ماجه ‪ ،‬من هذا الوجه ‪ ،‬لكن دون قوله ‪ " :‬إل أن ينتفها أو يضبها‬
‫" ‪ ،‬وكذلك هو ف " السند " ( ‪6962 ، 6937 ، 6675 ، 6672‬‬
‫‪. ) 6989 ،‬‬
‫و ف روا ية له ‪ " :‬ن ى ر سول ال ( ص ) عن ن تف الش يب ‪ ،‬وقال ‪ :‬هو‬
‫نور " ‪.‬‬
‫فهذا يدل على أن ذكفر الضاب فف الديفث ل أصفل له ‪ ،‬وتفد قال‬
‫الاففظ فف " الفتفح " بعفد أن سفاق الديفث باللففظ الول ‪ " :‬أخرجفه‬
‫الترمذي وحسنه ‪ ،‬ول أر ف شئ من طرقه الستثناء الذكور " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫ويستدرك عليه برواية أحد الت فيها ذكر النتف ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪86‬‬

‫وثة حديث ثالث مكن أن يؤخذ حكم الضاب من لفظه الطلق ‪ ،‬وهو‬
‫‪ :‬عن أم سليم مرفوعا ‪ " :‬من شاب شيبة ف السلم كانت له نورا ما ل‬
‫يغيها " ‪.‬‬
‫رواه الاكم ف " الكن " كما ف " الامع الصغي " ‪ ،‬ورمز لسنه كما‬
‫قال الناوي ف شر حه ‪ ،‬ول كن الن فس ل تطمئن لتح سي ال سيوطي له ل ا‬
‫عرف من تساهله ‪ ،‬فراجع " القدمة ‪ :‬القاعدة الثامنة " ‪ .‬ث وقفت على‬
‫سند الد يث ‪ ،‬و تبي ل أن ن ك نت على صواب ف عدم العتماد على‬
‫تسينه ‪ ،‬وقد كشفت عن علته ف " الصحيحة " تت الديث ( ‪1244‬‬
‫) ‪ ،‬وحكمفت بوضعفه ‪ ،‬فأوردتفه فف " ضعيفف الامفع الصفغي " (‬
‫‪ ، ) 5651‬وهو كتاب حافل بالحاديث الضعيفة والوضوعة ل مثيل له‬
‫‪ .‬وال الوفق ‪ .‬وخلصة القول ‪ ،‬أنه ل يوز معارضة ‪.‬‬
‫الحاديث الصحيحة التضمنة لواز الضاب واستحبابه بذه الحاديث‬
‫الضعيفة ‪ ،‬ولو صح شئ منها لوجب التوفيق بينها بوجه من وجوه المع‬
‫بي الحاديث وما أكثرها ‪ ،‬والوجه هنا أن يقال ‪ :‬إن التغيي الذكور ف‬
‫الديث الول والثالث هو النتف ‪ ،‬وهو منهي عنه صراحة ف رواية أحد‬
‫للحديث الثان ‪ .‬أو هو الضب بالسواد ‪ ،‬فإنه سنهي عنه ‪.‬‬
‫وبذا شرح الديثان ‪ ،‬انظر الطاب ف " العال " ‪ ،‬والناوي ف " الفيض‬
‫" ‪ ،‬وقال ابن القيم ف " تذيب السنن " ( ‪ " : ) 103 / 6‬والصواب أن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪87‬‬

‫الحاديفث فف هذا الباب ل اختلف بينهفا بوجفه ‪ ،‬فإن الذي نىف عنفه‬
‫الرسول ( ص ) من تغيي الشيب أمران ‪ :‬أحدها ‪ :‬نتفه ‪.‬‬
‫والثان ‪ :‬خضابه بالسواد كما تقدم ‪.‬‬
‫والذي أذن ف يه هو صبغه وتغييه بغ ي ال سواد كالناء وال صفرة ‪ ،‬و هو‬
‫الذي عمله الصحابة رضي ال عنهم " ‪.‬‬
‫قال ‪ " :‬وأمفا الضاب بالسفواد فكرهفه جاعفة مفن أهفل العلم ‪ ،‬وهفو‬
‫الصواب بل ريب لا تقدم ‪ ،‬وقيل للمام أحد ‪ :‬تكره الضاب بالسواد ؟‬
‫قال ‪ :‬إي وال ‪ .‬ورخفص فيفه آخرون ‪ ،‬ومنهفم أصفحاب أبف حنيففة ‪،‬‬
‫وروي ذلك عن ال سن وال سي ‪ ،‬وف ثبوته عنهم ن ظر ‪ ،‬ولو ث بت فل‬
‫قول لحد مع رسول ال ( ص ) ‪ ،‬وسنته أحق بالتباع ‪ ،‬ولو خالفها من‬
‫خالفهفا " ‪ .‬قلت ‪ :‬وللحاديفث التقدمفة فف الضف على الضاب كثفر‬
‫اشتغال ال سلف بذه ال سنة ‪ ،‬فترى الؤرخ ي ف الترا جم ل م يقولون ‪" :‬‬
‫وكان يضب " ‪ ،‬و " كان ل يضب " ‪ ،‬ول تزال هذه السنة معمول با‬
‫ف بعض البلد السلمية ‪ ،‬ول سيما الت ل تتأثر كثيأ بالدنية الغربية ‪،‬‬
‫وعاداتا السيئة ‪ .‬والق أنا سنة ثابتة مستمرة ‪ ،‬وقد جرى عمل السلف‬
‫عليها ‪ -‬كما تقدم ‪ -‬وتواردت الحاديث ف الض على العمل با ‪ ،‬فل‬
‫يوز للمسلمي أن يدثوا عرفا مالفا لا ‪ ،‬ولسيما مع بقاء علة الضاب‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪88‬‬

‫النصوص عليها ف حديث الماعة ‪ " :‬ان اليهود والنصارى ل يصبغون‬


‫فخالفوهم " ‪.‬‬
‫وهو مرج ف " غاية الرام ف تريج أحاديث اللل والرام " ( ‪) 104‬‬
‫‪ .‬ولذلك فإنا نقطع بأن ما ذهب إليه الؤلف من رجوع امر الضاب إل‬
‫العرف والعادة خطأ واضح ل يوز الغترار به ‪.‬‬
‫وال الوفق ‪.‬‬
‫وأعتقد أن الؤلف ‪ -‬عفا ال عن وعنه ‪ -‬قد فتح بذهبه هذا بابا واسعا‬
‫من الشر ل يكن غلقه إل بإعطاء أوامر النب ( ص ) وسنته التعبدية من‬
‫التقد ير والعتبار ما ت ستحق ‪ ،‬فإ نه إذا كان هو يرى ترك الضاب مع‬
‫ثبوته عنه ( ص ) فعل وأمرا لجرد مالفة ذلك لعادة السلمي اليوم ‪ ،‬فما‬
‫الذي ينع غي الؤلف ‪ -‬من ليس عنده من العلم بالسنة وقدرها ما عند‬
‫الؤلف ‪ -‬أن يتجاوز هذه السفألة إل غيهفا ‪ ،‬ومنهفا إل أخرى ‪ ،‬وييفز‬
‫ترك ها كل ها على الر غم من أمره ( ص ) ب ا وح ضه علي ها ‪ ،‬كل ذلك‬
‫لخالفتهفا لعادة السفلمي وأذواقهفم ؟ ! وأي مسفلمي ؟ مسفلمو القرن‬
‫العشر ين ؟ ! ل قد ك نا ول نزال نش كو من إعراض أك ثر ال سلمي عن‬
‫العمل بالديث تعصبا منهم لئمتهم ‪ ،‬ونشكو من مالفة بعض الصوفية‬
‫للوامر الشرعية لنا ‪ -‬بزعمهم ‪ -‬ل تتفق مع أذواقهم ‪ ،‬وإذا بنا اليوم ‪-‬‬
‫ون ن ند عي الغية على ال سلم والع مل بال سنة ‪ -‬أمام تع صب جد يد ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪89‬‬

‫وصوفية حديثة ‪ ،‬نقدم أذواقنا وعاداتنا ‪ ،‬ونتعصب لا على هديه ( ص )‬


‫وأمره دون أن يكون لنا ف ذلك قدوة في من سلف ‪ ،‬من امام يوثق بعل مه‬
‫وذو قه ! قرأت م نذ بض عة أيام كتاب " ال سلم ال صفى " ( ‪ ) 1‬ل حد‬
‫الكتاب الغيور ين * ( هامش ) * ( ‪ ) 1‬تأل يف م مد ع بد ال ال سمان ‪،‬‬
‫وهو ‪ -‬والق يقال ‪ -‬كتاب قيم قد عال فيه كثيا من السائل والقواعد‬
‫الت تم السلم ف العصر الاضر ‪ ،‬ولكنه عفا ال عنه قد اشتط كثيا ف‬
‫ب عض ما تدث ع نه ‪ ،‬ول ي كن ال صواب ف يه حلي فه ‪ ،‬م ثل م سالة إعفاء‬
‫اللحيفة التيفة ‪ ،‬ومثفل إنكاره شفاعتفه ( ص ) لهفل الذنوب ‪ ،‬وإنكاره‬
‫نزول عيسى وخروج الدجال والهدي ‪ .‬قد أنكر كل ذلك ‪ ،‬وزعم أنا "‬
‫ضللت مصنوعة " ‪ ،‬وأن الحاديث الت وردت فيها أحاديث آحاد ‪ ،‬ل‬
‫تبلغ حد التواتر ‪.‬‬
‫ونن نقول للستاذ كلمتي متصرتي ‪ ) * ( = :‬على السلم ‪-‬‬
‫ك ما يبدو ذلك من كتا به ‪ -‬والريصي على بقائه نقيا سليما ك ما كان‬
‫ف عهده ( ص ) ‪ ،‬فإذا به يقول ‪ -‬ب عد أن ساق أحاد يث صحيحة ف‬
‫ال مر بإعفاء اللح ية مال فة للمشرك ي ‪ -‬ما ن صه ‪ " :‬وال مر بإعفائ ها ل‬
‫يكن إل من قبل الندب ! وشأنا شأن كل الظاهر الشكلية الت ل يهتم‬
‫با السلم ‪ ،‬ول يفرضها على أتباعه ‪ ،‬بل يتركها لذواقهم ‪ ،‬وما تتطلبه‬
‫بيئات م وع صورهم " ! فان ظر لذا الغيور على أحكام ال سلم ك يف م قد‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪90‬‬

‫لن سف ال مر بإعفاء اللحية بأن حل ال مر با على الندب أول ‪ ،‬ث زعم‬


‫أن السفلم ترك هذا المفر الندوب لذواق السفلمي وبيئاتمف ‪ ،‬فإذا‬
‫استذوقوه فعلوه ‪ ،‬ل لنه أمر به ( ص ) ‪ ،‬بل لنه موافق * ( هامش ) *‬
‫‪ - 1‬دعواك أن الحاديث الشار إليها غي متواترة غي مقبولة منك ‪ ،‬ول‬
‫م ن سبقك إلي ها ‪ ،‬م ثل الش يخ شلتوت وغيه ‪ ،‬لن ا ل ت صدر من ذوي‬
‫الختصاص ف علم الديث ‪ ،‬ول سيما وقد خالفت شهادة التخصصي‬
‫ف يه كالا فط ا بن كث ي ‪ ،‬وا بن ح جر ‪ ،‬والشوكا ن ‪ ،‬وغي هم ‪ ،‬ح يث‬
‫صرحوا بأن حد يث النول متوا تر ‪ ،‬وذلك يتض من لوا تر حد يث خروج‬
‫الدجال من باب أول ‪ ،‬لن طر قه أك ثر ؟ ك ما ل ي فى على الشتغل ي‬
‫بذا العلم الشريفف ‪ ،‬وقفد كنفت جعفت فف بعفض الناسفبات الطرق‬
‫الصحيحة فقط لديث النول ‪ ،‬فجازوت العشرين طريقا عن تسعة عشر‬
‫صحابيا ‪ ،‬فهل التواتر غي هذا ؟‬
‫‪ - 2‬تق سيمك أ نت وغيك ‪ -‬أ يا كان ‪ -‬الحاد يث ال صحيحة إل‬
‫قسمي ‪ .‬قسم يب على السلم قبولا ‪ ،‬ويلزمه العمل با ‪ ،‬وهى أحاديث‬
‫الحكام ‪ ،‬ونوهفا ‪ .‬وقسفم ل يبف عليفه قبولاف والعتقاد باف ‪ ،‬وهفي‬
‫أحاديث العقائد وما يتعلق منها بالمور الغيبية ‪.‬‬
‫أقول ‪ :‬إن هذا تق سيم مبتدع ل أ صل ف كتاب ال ول ف سنة ر سوله‬
‫( ص ) ‪ ،‬ول يعر فه ال سلف ال صال ‪ ،‬بل عموم الدلة الوج بة للع مل‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪91‬‬

‫بالديث تقتضي وجوب العمل بالقسمي كليهما ‪ ،‬ول فرق ‪ ،‬فمن ادعى‬
‫التخصفيص فليتفضفل بالبيف مشكورا ‪ ،‬وهيهات هيهات ! ! ثف ألففت‬
‫رسالتي هامتي جدا ف بيان بطلن التقسيم الذكور ‪ ،‬الول ‪ " :‬وجوب‬
‫ال خذ بد يث الحاد ف العقيدة " ‪ ،‬والخرى ‪ " :‬الد يث ح جة بنف سه‬
‫ف العقائد والحكام " ‪.‬‬
‫( * ) لذوقهفم وعصفرهم ‪ ،‬وإن ل يسفتذوقوه ‪ ،‬تركوه غيف مباليف‬
‫بخالفتهم لمره ( ص ) ‪ ،‬ولو فرض أنه للندب ! وإن لخشى أن يكون‬
‫رأي الؤلف قري بأ من هذا ‪ ،‬وإل ف ما باله ل يتعرض لبيان ح كم العفاء‬
‫مع كثرة النصوص الت تتعلق به كما يأت بيانه ‪ ،‬بينما نراه قد جزم ببيان‬
‫حكم التان مع أنه ل نص فيه كما أشار إليه فيما تقدم مع الرد عليه ‪،‬‬
‫اللهفم إل تعليقفه على قوله ( ص ) ‪ " :‬وفروا اللحفى ‪ " : " . . .‬حلف‬
‫الفقهاء هذا المر على الوجوب ‪ ،‬وقالوا برمة حلق اللحية ‪ ، " . . .‬فإنه‬
‫ل يس صريا ف الت عبي عن رأ يه الشخ صي ‪ ،‬وبا صة أ نه يعلم أن مال فة‬
‫العفاء أكثفر وأظهفر مفن مالففة التان ‪ ،‬فإن كثيا مفن خاصفة العلماء‬
‫والشيوخ قفد ابتلوا بالوقوع فيهفا ‪ ،‬بفل وبالتزيفن والتجمفل باف ‪ ،‬بفل إن‬
‫بعضهم قد يتجرأ على الفتاء بواز حلقها ‪ ،‬ولسيما ف مصر الت يعيش‬
‫فيها السيد سابق والستاذ السمان ‪ ،‬فهذا وحده كان كافيا ف أن يمله‬
‫على بيان حكفم هذه الخالففة ‪ ،‬ولذلك فإنف أهتبفل هذه الفرصفة لبيف‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪92‬‬

‫حكم الشرع فيها ‪ ،‬وأستحسن أن يكون ذلك بالرد على تلك الفقرة الت‬
‫نقلتها عن كتاب " السلم الصفى " لشديد صلتها بالوضوع ‪ ،‬فأقول ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬ذكر أن المر بإعفاء اللحية للندب ‪ ،‬وقد سعنا هذا كثيا من غيه‬
‫‪ ،‬وإبطال لذه الدعوى أقول ‪ :‬هذا خلف ما تقرر ف " علم الصول " ‪:‬‬
‫أن الصفل فف أوامره ( ص ) الوجوب ‪ ،‬لقوله تعال ‪ " :‬فليحذر الذيفن‬
‫يالفون عن أمره أن ت صيبهم فت نة أو ي صيبهم عذاب أل يم " ‪ ،‬وغيه من‬
‫الدلة التف ل مال لذكرهفا الن ‪ ،‬والروج عفن هذا الصفل ل يوز إل‬
‫بدليل صحيح تقوم به الجة ‪ ،‬وحضرة الكاتب ل يأت بأي دليل يسوغ‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 81‬له خرو جه عن هذا ال صل ف هذه ال سألة ‪ ،‬الل هم إل‬
‫ادعاؤه أن ال سلم ل يه تم ب كل الظا هر الشكل ية ‪ . . .‬و مع أن ا دعوى‬
‫عارية عن الدليل ‪ ،‬فإنا منقوضة أيضا بأحاديث كثية ‪ ،‬وهو ف قولنا ‪:‬‬
‫ثانيا ‪ :‬زعم أن كل الظاهر الشكلية ل يهتم با السلم ‪ ،‬وأن اللحية منها‬
‫‪ .‬أقول ‪ :‬هذا الز عم با طل قط عا ‪ ،‬ل ي شك ف يه ذلك أي من صف متجرد‬
‫عن اتباع الوى بعد أن يقف على الحاديث التية ‪ ،‬وكلها صحيحة ‪:‬‬
‫‪ - 1‬عن ابن عباس قال ‪ " :‬لعن رسول ال ( ص ) التشبهي من الرجال‬
‫بالنساء ‪ ،‬والتشبهات من النساء بالرجال " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪93‬‬

‫‪ - 2‬عن عائشة أن جارية من النصار تزوجت ‪ ،‬وأنا مرضت ‪ ،‬فتمعط‬


‫شعرهفا ‪ ،‬فأرادوا أن يصفلوها ‪ ،‬فسفألوا النفب ( ص ) فقال ‪ " :‬لعفن ال‬
‫الواصلة والستوصلة " ‪.‬‬
‫‪ - 3‬عن ا بن م سعود مرفو عا ‪ " :‬ل عن ال الواشات وال ستوشات ‪،‬‬
‫والنامصات والتنمصات ‪ ،‬والتفلجات للحسن ‪ ،‬الغيات خلق ال " ‪.‬‬
‫‪ - 4‬عفن عبفد ال بفن عمرو قال ‪ :‬رأى رسفول ال ( ص ) علي ثوبيف‬
‫معصفرين فقال ‪ " :‬إن هذه من ثياب الكفار فل تلبسهما " ‪ .‬أخرج هذه‬
‫الحاديفث الشيخان فف " صفحيحيهما " ‪ :‬إل الخيف منهفا فتفرد بفه‬
‫م سلم ‪ ،‬و ير مر جة ف " آداب الزفاف " و " حجاب الرأة ال سلمة " ‪.‬‬
‫وفف الباب أحاديفث كثية جدا ‪ ،‬وهفى مادة كتاب ‪ " :‬اقتضاء الصفراط‬
‫الستقيم مالفة أصحاب الحيم " لشيخ السلم ابن تيمية ‪ ،‬فلياجعه من‬
‫شاء ‪ .‬فهذه ن صوص صرية تبي أن ال سلم تد اه تم بالظا هر الشكل ية‬
‫اهتماما بالغا إل درجة أنه لعن الخالف فيها ‪ ،‬فكيف يسوغ مع هذا أن‬
‫يقال ‪ :‬إن كل الظاهر ل يهتم با السلم ‪ . . .‬؟ !‬
‫إن كان حضرة الكاتب ل يطلع عليها ‪ ،‬فهو ف منتهى الغرابة ‪ ،‬إذ يرؤ‬
‫على الكتابة ف هذه السالة الت لا ما وراءها من الفروع الكثية لون أن‬
‫يراجع ولو مصدرا واحدا من مصادر السلم الساسية ! وإن كان اطلع‬
‫عليها ‪ ،‬فان أخشى أن يكون جوابه عنها أنا ل توافق الذوق ! أو يقول‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪94‬‬

‫‪ :‬ل يقرها الن طق ! كما قال ذلك ف مسألة نزول عيسى عليه السلم‬
‫( ص ‪ ، ) 75‬وحينئذ أعترف بأنه ل جواب إل الشكوى إل ال تعال ‪.‬‬
‫‪ . .‬ما سبق من النصوص يكن للمسلم الذي ل تفسد فطرته أن يأخذ‬
‫من ها أدلة كثية قاط عة على وجوب إعفاء اللح ية وحر مة حلق ها ‪ :‬أول ‪:‬‬
‫أمر الشارع بإعفائها ‪ ،‬والصل ف المر الوجوب ‪ ،‬فثبت الدعى ‪ .‬ثانيا ‪:‬‬
‫حرم تش به الرجال بالن ساء ‪ ،‬وحلق الر جل لي ته ف يه تش به بالن ساء في ما‬
‫هومن أظهر مظاهر أنوثتهن ‪ ،‬فثب حرمة حلقها ‪ ،‬ولزم وجوب اعفائها ‪.‬‬
‫ثالثفا ‪ :‬لعفن النامصفة ‪ -‬وهفي التف تنتفف شعفر حاجبيهفا أو غيف بقصفد‬
‫التجم يل ‪ -‬وعلل ذلك بأ نه تغي ي للق ال تعال ‪ ،‬والذي يلق لي ته إن ا‬
‫يفعل ذلك للحسن ‪ -‬زعم ‪ -‬وهو ف ذلك يغي خلقة ال تعال ‪ ،‬فهو ف‬
‫حكم النامصة تاما ول فرق إل ف اللفظ ‪ ،‬ول أعتقد أنه يوجد اليوم على‬
‫و جه الرض ظاهري ي مد على ظا هر الل فظ ‪ ،‬ول ي عن الن ظر ف الع ن‬
‫ف بعلة يقتضفي عدم المود عليفه‬ ‫القصفود منفه ‪ ،‬ولسفيما إذا كان مقرون ا‬
‫كقوله عليه السلم ههنا ‪ . . . " :‬للحسن ‪ ،‬الغيات خلق ال " ‪.‬‬
‫وثة دليل رابع ‪ ،‬وهو أنه ( ص ) جعل إعفاء اللحية من الفطرة ‪ ،‬كما‬
‫ج عل من ها قص الظفار وحلق العا نة ‪ ،‬وغ ي ذلك م ا رواه م سلم ف "‬
‫صحيحه " ‪ ،‬ففيه رد صريح على الكاتب ومن ذهب مذهبه أن اللحية من‬
‫أمور العادات ال ت يتلف ال كم في ها باختلف الزمان والع صور ! ذلك‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪95‬‬

‫لن الفطرة من المور ال ت ل تق بل شر عا التبدل مه ما تبدلت العراف‬


‫والعادات ‪ ( * :‬فطرة ال التف فطفر الناس عليهفا ل تبديفل للق ال ذلك‬
‫الدين القيم ولكن أكثر الناس ل يعلمون ) * ( ‪. ) 1‬‬
‫فإن خولف نا ف هذا أي ضا ‪ ،‬فإ ف ل أ ستبعد أن يأ ت يوم يو جد ف يه من‬
‫الشيوخ والكتاب التأثر ين بال و الفا سد الذي يعيشون ف يه ‪ ،‬و قد سرت‬
‫ف يه عادة إعفاء ش عر العا نة مكان حل قه وإعفاء اللح ية ! وإطالة الظا فر‬
‫كالوحوش ! ل أسفتبعد أن يأتف يوم يقول فيفه بعفض أولئك بواز هذه‬
‫المور الخالففة للفطرة بدعوى أن العصفر الذي هفم فيفه يسفتذوقها‬
‫وي ستحسنها ! وأن ا من الظا هر الشكل ية ال ت ل يه تم ب ا ال سلم ‪ ،‬بل‬
‫فن وراء ذلك ضياع‬ ‫فم ! ! يقولون هذا ‪ ،‬ولو كان مف‬ ‫فا لذواقهف‬ ‫يتركهف‬
‫الشخصية السلمية الت هي من مظاهر قوة المة ‪ ،‬فاللهم هداك ‪ .‬قوله ‪:‬‬
‫" وكان بعضهم ‪ -‬يعن الصحابة ‪ -‬يضب بالصفرة ‪ ،‬وبعضهم بالناء‬
‫والكتم ‪ ،‬وبعضهم بالزعفران ‪ ،‬وخضب جاعة منهم بالسواد " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫أما الصبغ بغي السواد فهو ثابت عنهم ‪ ،‬وهو الوافق لفعله ( ص ) وقوله‬
‫‪ .‬وأما قوله ‪ " :‬وخضب جاعة منهم بالسواد " ‪ .‬قلت ‪ :‬إن ثبت هذا‬
‫عن هم ‪ ،‬فل ح جة ف ذالك ‪ ،‬ل نه خلف ال سنة الثا بة ع نه ( ص ) فعل‬
‫وقول ‪ ،‬وقد قال تعال ‪ ( * :‬فإن تنازعتم ف شئ فردوه إل ال والرسول‬
‫‪ ، * ) . . .‬الية ( ‪. ) 2‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪96‬‬

‫ومن الثابت عن كبار الصحابة كأب بكر وعمر الصبغ * ( هامش ) * (‬


‫‪ ) 1‬سورة الروم ‪ ) 2 ( . 30 :‬سورة النساء ‪. 59 :‬‬
‫( * ) بالناء والكتم كما تقدم ‪ ،‬فالخذ به هو الواجب لوافقته للسنة ‪،‬‬
‫دون فعل من خالفهما من الصحابة الذين أشار إليهم الؤلف ‪ ،‬ول سيما‬
‫وف ثبوت ذلك عن بعضهم نظر كما تقدم عن ابن القيم رحه ال تعال ‪،‬‬
‫ولذلك قال النووي ف " الجموع " ( ‪ " : ) 294 / 1‬اتفقوا على ذم‬
‫خضاب الرأس أو اللح ية بال سواد ‪ ،‬وظا هر عبارات أ صحابنا أ نه مكروه‬
‫كراهة تنيه ‪ ،‬والصحيح ‪ ،‬بل الصواب ‪ ،‬أنه حرام ‪ ،‬ومن صرح بتحريه‬
‫صاحب " الاوي " ‪.‬‬
‫( قال النووي ) ‪ :‬ودليل تريه حديث جابر ‪ . " . . .‬ث ذكر حديثه‬
‫ال ت ف الكتاب بل فظ ‪ " :‬وجنبوه ال سواد " ‪ .‬ول كن الؤلف ‪ -‬ع فا ال‬
‫ع نا وع نه ‪ -‬تأوله تأويل أب طل به دلل ته ‪ ،‬ويأ ت الرد عل يه قري با بإذ نه‬
‫عزوجل ‪ .‬قوله ‪ " :‬ذكر الافظ ف " الفتح " عن ابن شهاب الزهري أنه‬
‫ف نففض الوجفه‬ ‫قال ‪ :‬كنفا نضفب بالسفواد إذا كان الوجفه حديدا ‪ ،‬فلم ا‬
‫والسنان تركناه " ‪.‬‬
‫فأقول ‪ :‬هذا إن ثبفت إسفناده إل الزهري فل حجفة فيفه لنفه مقطوع‬
‫موقوف عليفه ‪ ،‬ولو أنفه رفعفه ل يتفج بفه أيضفا لنفه يكون مرسفل ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪97‬‬

‫فالع جب من الؤلف ك يف يتعلق بثله ليد دللة حد يث جابر ال ت ب عد‬


‫هذا إن شاء ال تعال مع الرد عليه ‪.‬‬
‫ول قد أف صح الش يخ يو سف القرضاوي ف كتا به " اللل والرام " عن‬
‫الغرض من ذكره لذا الثر ف كتابه ‪ ،‬فإنه استشهد به على أن المر ف‬
‫قوله ( ص ) ‪ " :‬وجنبوه السفواد " ‪ ،‬خاص بالشيفخ الكفبي الذي عفم‬
‫الش يب رأ سه ولي ته ! و قد رددت عل يه ف " غا ية الرام " ( ص ‪- 83‬‬
‫‪ ، ) 84‬فلياجعه من شاء ‪.‬‬
‫قوله ‪ " :‬وأما حديث جابر فقال ‪ :‬جئ بأب قحافة ( والد أب بكر ) يوم‬
‫الفتح إل رسول ال ( ص ) وكأن رأسه ثغامة ‪ ،‬فقال رسول ال ( ص )‬
‫‪ " :‬اذهبوا به إل بعض ن سائه فلتغيه بشئ ‪ ،‬وجنبوه السواد " ‪ .‬رواه‬
‫الماعفة إل البخاري والترمذي ‪ ،‬فإنفه واقعفة عيف ‪ ،‬ووقائع العيان ل‬
‫عموم لا " ‪ .‬قلت ‪ :‬ل أرى أن الديث من " وقائع العيان الت ل عموم‬
‫ل ا " ‪ ،‬بل هو من باب " ال مر للوا حد أ مر لم يع ال مة أم ل ؟ " " ‪،‬‬
‫وال ق الول ك ما سبق بيا نه ف " القد مة ‪ :‬القاعدة ‪ . " 15‬ولذلك ل ا‬
‫حكى الشوكان ف " النيل " ( ‪ ) 105 / 1‬تفصي بعضهم من الديث‬
‫بأنه ليس ف حق كل أحد تعقبه بقوله ‪ " :‬بأنه مبن على أن حكمه على‬
‫الواحد ليس حكمأ على الماعة ‪ ،‬وفيه خلف معروف ف الصول " ‪،‬‬
‫واختار ف مكان آ خر ما رجحناه ‪ ،‬و قد نقلت كل مه ف ذلك هناك ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪98‬‬

‫ولذلك جرى العلماء على الحتجاج بذا الديفث على أنفه ليفس خاصفا‬
‫بأب قحافة ‪ ،‬وتقدم كلم النووي ف ذلك قريبا ‪.‬‬
‫ونوه كلم الا فظ ف " الف تح " ( ‪ 499 / 6‬و ‪. ) 354 / 10‬‬
‫فلياجعه من شاء ‪ .‬ويؤيد ما سبق أحاديث ‪:‬‬
‫‪ - 1‬عفن ابفن عباس قال ‪ :‬قال رسفول ال " صفلى ال عليفه وآله " ‪" :‬‬
‫يكون قوم فف آخفر الزمان يضبون بذا السفواد كحواصفل المام ل‬
‫يريون رائحة النة " ‪ .‬أخرجه أبو داود ‪ ،‬والنسائي ‪ ،‬وأحد ‪ ،‬والطبان‬
‫ف " الكبي " ‪ ،‬بسند صحيح ‪ ،‬وقال الافظ ف " الفتح " ‪ " :‬وصححه‬
‫ابن حبان ‪ ،‬وإسناده قوي ‪ ،‬إل أنه اختلف ف رفعه ووقفه ‪ ،‬وعلى تقدير‬
‫ترج يح وق فه فمثله ل يقال بالرأي ‪ ،‬فحك مه الر فع ‪ ،‬ولذا اختار النووي‬
‫أن الصبغ بالسواد يكره كراهة تري " ‪.‬‬
‫والديفث أورده اليثمفي فف " الجمفع " ( ‪ ) 161 / 5‬بلففظ ‪" :‬‬
‫يسودون أشعارهم ‪ ،‬ل ينظر ال إليهم " ‪ ،‬والباقي مثله ‪ ،‬ث قال ‪ " :‬رواه‬
‫الطبان ف الوسط ‪ ،‬وإسناده جيد " ‪ .‬وله شاهد من حديث ابن عمر‬
‫مرفوعا ‪ ،‬رواه أبو السن الخيمي ف " حديثه " ( ‪. ) 1 / 11 / 2‬‬
‫‪ - 2‬عن أب الدرداء مرفوعا ‪ " :‬من خضب بالسواد سود ال وجهه يوم‬
‫القيامة " ‪ .‬قال اليثمي ‪ " :‬رواه الطبان ‪ ،‬وفيه الوضي بن عطاء ‪ ،‬وثقه‬
‫أحد وابن معي ‪ ،‬وابن حبان ‪ ،‬وضعفه من هو دونم ف النلة ‪ ،‬وبقية‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪99‬‬

‫رجاله ثقات " ‪ .‬وقال الا فظ ( ‪ ) 292 / 10‬ب عد أن عزاه لل طبان‬


‫وابن أب عاصم ‪ " :‬وسنده لي " ‪.‬‬
‫‪ - 3‬عن أنس رضي ال تعال عنه قال ‪ " :‬كنا يوما عند النب ( ص ) ‪،‬‬
‫فدخلت عليهم اليهود ‪ ،‬فرآهم بيض اللحى ‪ ،‬فقال ‪ :‬ما لكم ل تغيون ؟‬
‫فقيل ‪ :‬إنم يكرهون ‪ ،‬فقال ف ( ص ) ‪ :‬ولكنكم غيوا ‪ ،‬وإياي والسواد‬
‫" ‪ ،‬قال اليثمى ‪ " :‬رواه الطبان ف " الوسط " ‪ ،‬وفيه ابن ليعة ‪ ،‬وبقية‬
‫رجاله ثقات ‪ ،‬وهو حديث حسن " ‪.‬‬
‫‪ - 4‬عن عبد ال بن عمر رفعه ‪ " :‬الصفرة خضاب الؤمن ‪ ،‬والمرة‬
‫خضاب السفلم ‪ ،‬والسفواد خضاب الكاففر " ‪ ،‬قال اليثمفي ‪ " :‬رواه‬
‫الطبان ‪ ،‬وفيه من ل أعرفه " ‪ .‬قلت ‪ :‬فهذه الحاديث من وقف عليها‬
‫ل يتردد ف الق طع بر مة الضاب بالسفواد على كفل أ حد ‪ ،‬و هو قول‬
‫جاعة من أهل العلم كما تقدم عن ابن القيم ‪ ،‬وقال ‪ " :‬إنه هو الصواب‬
‫بل ر يب " ‪ .‬وأ ما حد يث ‪ " :‬إن أح سن ما اختضب تم به لذا ال سواد ‪،‬‬
‫أر غب لن سائكم في كم ‪ ،‬وأه يب ل كم ف صدور عدو كم " ‪ .‬رواه ا بن‬
‫ماجه ( ‪ ، ) 382 / 2‬فإنه ضعيف السند ‪ ،‬فيه راويان ضعيفان ‪ ،‬وبيان‬
‫ذلك ف " الحاديث الضعيفة " ( ‪. ) 2972‬‬
‫ومن ( الوضوء ) قوله ف فضل الوضوء ‪ " :‬وعن أنس أن رسول ال ( ص‬
‫) قال ‪ ( :‬إن الصلة الصالة تكون ف الرجل يصلح ال با عمله كله ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪100‬‬

‫وطهور الرجل لصلته يكفر ال بطهوره ذنوبه ‪ ،‬وتبقى صلته له نافلة )‬


‫‪ .‬رواه أبو يعلى والبزار والطبان ف ( الوسط ) " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا حديث‬
‫منكر كما قال ابن عدي وابن حبان ‪ ،‬وقد أساء الؤلف بإيراده إياه مرتي‬
‫‪ :‬الول ‪ :‬أنه خرجه موها القراء ثبوته بسكوته عليه ‪ .‬والخرى ‪ :‬أن‬
‫هذا التخريج ليس منه ‪ -‬كسائر تريج كتابه ‪ -‬وإنا نقله عن " ترغيب‬
‫النذري " ( ‪ ، ) 95 / 1‬و " ممع اليثمي " ( ‪ ، ) 225 / 1‬وقد بينا‬
‫أ نه معلول بأ نه من روا ية بشار بن ال كم ‪ ،‬و هو مت فق على أ نه من كر‬
‫الد يث ل ي تج به إذا تفرد ‪ ،‬ك ما بين ته ف " الحاد يث الضعي فة " (‬
‫‪ ، ) 2999‬وبينت هناك أن الشطر الثان من الديث صحيح بشواهده ‪،‬‬
‫ومنهفا حديفث الصفنابي الذي فف الكتاب قبيفل هذا ‪ ،‬فلو أن الؤلف‬
‫أعرض عن ذكره لصاب ‪ ،‬وإل وجب أن يبي علته وأن ل يكتمها ‪ .‬ث‬
‫قال ف الفرض ال سادس من فرائض الوضوء ‪ " :‬ف الد يث ال صحيح ‪:‬‬
‫ابدأوا باف بدأ ال بفه " ‪ .‬قلت ‪ :‬الديفث بذا اللففظ شاذ غيف صفحيح ‪،‬‬
‫والحفوظ إنا بلفظ ‪ " :‬أبدأ " بصيغة الب ‪ ،‬وليس بصيغة المر ‪ .‬هكذا‬
‫رواه مسلم وغيه كما حققته ف " إرواء الغليل " ( ‪319 - 316 / 4‬‬
‫‪ ، ) 1120 /‬فراجعه ‪ .‬قوله ف الفرض السادس ‪ . . . " :‬فلم ينقل عنه‬
‫( ص ) أنه توضأ إل مرتبا " ‪ .‬قلت ‪ :‬تبع الؤلف ف هذا ابن القيم رحه‬
‫ال ‪ ،‬حيث صرح به ف " زاد العاد " ‪ ،‬وقد تعقبته ف " التعليقات الياد‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪101‬‬

‫" با أخرجه أحد ‪ ،‬ومن طريقه أبو داود عن القدام بن معدي كرب قال‬
‫‪ " :‬أت رسول ال ( ص ) بوضوء ‪ ،‬فتوضأ ‪ ،‬فغسل كفيه ثلثا ‪ ،‬ث غسل‬
‫وجهه ثلثا ‪ ،‬ث غسل ذراعيه ثلثا ‪ ،‬ث مضمض واستنشق ثلثا ‪ ،‬ومسح‬
‫برأسه وأذنيه ظاهرها وباطنهما ‪ ،‬وغسل رجليه ثلثا " ‪.‬‬
‫وسنده صحيح ‪ .‬وقال الشوكان ‪ " :‬إسناده صال " ‪.‬‬
‫وقفد أخرجفه الضياء فف " الختارة " ‪ ،‬وهفو يدل على عدم وجوب‬
‫الترتيب ‪ ،‬وأزيد هنا فأقول ‪ :‬إن النووي والافظ ابن حجر حسنا إسناده‬
‫‪ / .‬صفحة ‪ / 89‬ومن ( سنن الوضوء ) قوله ‪" :‬‬
‫‪ - 1‬التسمية ف أوله ‪ ،‬ورد ف التسمية للوضوء أحاديث ضعيفة ‪ ،‬لكن‬
‫مموعها يزيدها قوة تدل على أن لا أصل " ‪ .‬قلت ‪ :‬أقوى ما ورد فيها‬
‫حديث أب هريرة مرفوعا بلفظ ‪ " :‬ل صلة لن ل وضؤ له ‪ ،‬ول وضؤ‬
‫ل ن ل يذكر اسم ال عليه " ‪ .‬له ثلثة طرق وشواهد كثية أشرت إليها‬
‫ف " صحيح سنن أب داود " ( رقم ‪ ، ) 90‬فإذا كان الؤلف قد اعترف‬
‫بأن الديفث قوي ‪ ،‬فيلزمفه أن يقول باف يدل عليفه ظاهره ‪ ،‬أل وهفو‬
‫وجوب التسفمية ‪ ،‬ول دليفل يقتضفي الروج عفن ظاهره إل القول بأن‬
‫ال مر ف يه لل ستحباب ف قط ‪ ،‬فث بت الوجوب ‪ ،‬و هو مذ هب الظاهر ية ‪،‬‬
‫وإسفحاق ‪ ،‬وإحدى الروايتيف عفن أحدف ‪ ،‬واختاره صفديق خان ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪102‬‬

‫والشركان ‪ ،‬وهو الق إن شاء ال تعال ‪ ،‬وراجع له " السيل الرار " (‬
‫‪ . ) 77 - 76 / 1‬قوله تت رقم‬
‫‪ . . . " : - 2‬لديث عامر بن ربيعة قال ‪ :‬رأيت رسول ال ( ص ) ما‬
‫ل أحصي يتسوك وهو صائم ‪ .‬رواه أحد وأبو داود والترمذي " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫استدلله بالديث وسكوته عليه يوهم أنه حديث ثابت ‪ ،‬وليس كذلك ‪،‬‬
‫لن مدار سنده على عاصم بن عبد ال ‪ ،‬وهو ضعيف كما قال الافظ ف‬
‫" التقريب " ‪ ،‬وقد أشار البخاري ف " صحيحه " إل تضعيف الديث‬
‫حيث قال ‪ " :‬ويذكر عن عامر بن ربيعة ‪. " . . .‬‬
‫وتنا قض ف يه كلم الا فظ ف " التلخ يص " ‪ ،‬ف في مو ضع ح سنه ‪ ،‬و ف‬
‫آ خر ضع فه ‪ ،‬وهذا هو النا سب ‪ ،‬لز مه ف الكتاب الول ب ضف راوي‬
‫الديث ‪ ،‬وهو الق إن شاء ال تعال ‪ ،‬لذلك كنا نتمن أن يستدل على‬
‫ما ذ هب إل يه من ا ستحباب ال سواك لل صائم أول النهار وآخره بالباءة‬
‫الصلية ‪ ،‬وإذا أورد الديث أن يبي ضعفه ‪.‬‬
‫وقوله ‪ . . . " :‬لديث عائشة قالت ‪ :‬كان النب ( ص ) يستاك فيعطين‬
‫السواك لغسله ‪ ،‬فأبدأ به ‪ ،‬ث أغسله وأدفعه إليه ‪ .‬رواه أبو داود البيهقي‬
‫" ‪ .‬قلت ‪ :‬سكت عليه الؤلف تبعا لب داود ‪ ،‬ث النذري ف " متصره "‬
‫‪ ،‬و ف إ سناده كث ي بن عب يد رض يع عائ شة ‪ ،‬ول يوث قه أ حد غ ي ا بن‬
‫حبان ‪ ،‬وروى عنه جاعة ‪ ،‬وف " التقريب " ‪ " :‬مقبول " ‪ . . .‬فالديث‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪103‬‬

‫متمل للتحسي ‪ ،‬وقد حسنه النووي ‪ ،‬وقواه الافظ فاحتج به كما بينته‬
‫ف " صحيح أب داود " ( ‪ . ) 41‬وال أعلم ‪ .‬وقوله ‪ . . . " :‬لديث‬
‫عائشة رضي ال ‪ .‬عنها قالت ‪:‬‬
‫قلت ‪ :‬يا رسول ال ! الر جل يذهب فوه أيستاك ؟ قال ‪ :‬ن عم ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫كيفف يصفنع ؟ قال ‪ :‬يدخفل أصفبعه فف فيفة ‪ .‬رواه الطفبان " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫سكت عليه فأوهم بثبوته ‪ ،‬وليس بثابت ‪ ،‬فقد قال اليثمي ف " الجمع "‬
‫( ‪ " : ) 100 / 2‬رواه الطبان ف " الوسط " ‪ ،‬وفيه عيسى بن عبد‬
‫ال النصاري وهو ضعيف " ‪ .‬وساق له الذهب ف ترجته من " اليزان "‬
‫أحاديث ما أنكر عليه هذا أحدها ! وقال الافظ ف " التلخيص " ( ‪/ 1‬‬
‫‪ " : ) 383‬قلت ‪ :‬عيسى ضعفه ابن حبان ‪ ،‬وذكر له ابن عدي هذا‬
‫الديث من مناكيه " ‪ .‬قلت ‪ :‬وإذا عرفت ذلك تبي لك أن قول الؤلف‬
‫‪ " :‬ويسن ‪ ، " . . .‬منكر أيضا كما ل يفى ‪ .‬قوله ‪ " :‬ول يصح مسح‬
‫الرأس أك ثر من مرة " ‪ .‬قلت ‪ :‬بلى ‪ ،‬قد صح من حد يث عثمان ر ضي‬
‫ال ع نه أن ال نب ( ص ) م سح رأ سه ثل ثا ‪ ،‬أخر جه أ بو داود ب سندين‬
‫حسني ‪ ،‬وله إسناد ثالث حسن أيضا ‪ ،‬وقد تكلمت على هذه السانيد‬
‫بشئ من التفصيل ف " صحيح أب داود " ( رقم ‪ ، ) 98 ، 95‬وقد قال‬
‫الا فظ ف " الف تح " ‪ " :‬و قد روى أبو داود من وجه ي صحح أحده ا‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪104‬‬

‫ابن خزية وغيه ف حديث عثمان تثليث مسح الرأس ‪ ،‬والزيادة من الثقة‬
‫مقبولة " ‪.‬‬
‫وذ كر ف " التلخ يص " أن ا بن الوزي مال ف " ك شف الش كل " إل‬
‫تصحيح التكرير ‪ .‬قلت ‪ :‬وهو الق ‪ ،‬لن رواية الرة الواحدة وإن كثرت‬
‫ل تعارض روا ية التثل يث ‪ ،‬إذ الكلم ف أ نه سنة ‪ ،‬و من شأن ا أن تف عل‬
‫أحيانا وتترك أحيانا ‪ ،‬وهو اختيار ف " سبل السلم " ‪ ،‬فراجعه إن شئت‬
‫‪ .‬قوله تت رقم‬
‫‪ " : - 10‬أن النيي ( ص ) أت بثالث مد فتوضأ ‪ . " . . .‬رواه ‪ .‬ابن‬
‫خزية ‪ .‬قلت ‪ :‬الديث ف " بلوغ الرام " وغيه برواية ابن خزية بلفظ ‪:‬‬
‫" ثلثي " ‪ ،‬على التثنية ‪ ،‬وكذلك هو ف " مستدرك الاكم " و " سنن‬
‫البيه قي " ‪ ،‬فالظا هر أن ما ف الكتاب خ طأ مطب عي في صحح ‪ ،‬و قد قال‬
‫الصنعان ‪ " :‬فثلثا الد هوم أقل ما ورد أنه توضأ به ( ص ) ‪ ،‬وأما حديث‬
‫أ نه تو ضأ بثلث مد ‪ ،‬فل أ صل له ‪ . ،‬ث ط بع ‪ -‬وال مد ل ‪ " -‬صحيح‬
‫ابن خزية " ‪ ،‬فرأيت الديث فيه ( ‪ ) 118 / 2 6 / 1‬بلفظ التثنية ‪،‬‬
‫وهو مرج ف " صحيح أب داود " ( ‪ ، ) 84‬وبال التوفيق ‪.‬‬
‫قوله تت رقم‬
‫‪ " : - 13‬لديث أب هريرة أن النب ( ص ) قال ‪ :‬إن أمت يأتون يوم‬
‫القيامة غرا مجلي من آثار الوضوء ‪ ،‬فمن استطاع منكم أن يطيل غرته‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪105‬‬

‫فليفعفل ‪ .‬رواه أحدف والشيخان " ‪ .‬قلت ‪ :‬قوله فف الديفث ‪ " :‬فمفن‬
‫استطاع ‪ " . . .‬مدرج فيه من أحد رواته ‪ ،‬ليس من كلم النب ( ص )‬
‫كما ذكره غي واحد من الفاظ ‪ ،‬كما قال النذري ف " الترغيب " ( ‪1‬‬
‫‪ ، ) 92 /‬والديث عندهم من رواية نعيم بن الجمر عن أب هريرة ‪،‬‬
‫وقد بي أحد ف رواية له ( ‪ ) 523 - 334 / 2‬أنه مدرج ‪ ،‬فقال ف‬
‫آ خر الد يث ‪ " :‬فقال نع يم ‪ :‬ل أدري قوله ‪ " :‬من ا ستطاع أن يط يل‬
‫غر ته فليف عل " من قول ر سول ال " صلى ال عل يه وآله " ‪ ،‬أو من قول‬
‫أب هريرة ؟ " ‪ .‬وقال الافظ ف " الفتح " ‪ " :‬ل أر هذه الملة ف رواية‬
‫أحد من روى هذا الديث من الصحابة ‪ ،‬وهم عشرة ‪ ،‬ول من رواه عن‬
‫أب هريرة غي رواية نعيم هذه " ‪.‬‬
‫وكان ابن تيمية يقول ‪ :‬هذه اللفظة ل يكن أن تكون من كلمه ( ص )‬
‫فإن الغرة ل تكون ف اليد ‪ ،‬ل تكون إل ف الوجه ‪ ،‬وإطالته غي مكنة ‪،‬‬
‫إذ تد خل ف الرأس ‪ ،‬فل ت سمى تلك غرة ‪ ،‬كذا ف " إعلم الوقع ي " (‬
‫‪ . ) 316 / 6‬ذ كر ت ت " سنن الوضوء " ‪ " :‬الضم ضة ثل ثا ‪،‬‬
‫والستنشاق والستنثار ثلثا " ‪ .‬فأقول ‪ :‬إن كان يعن التثليث فيهما فهو‬
‫مسفلم ‪ ،‬وإن كان يعنف أصفل الذكورات ‪ -‬كمفا هفو الظاهفر ‪ -‬فهفو‬
‫مرفوض ‪ ،‬ل نه خلف الوا مر ال ت جاءت ف الحاد يث ال ت ذكر ها ‪،‬‬
‫فإنا تدل على وجوبا ‪ ،‬ولذلك قال الشوكان ف " السيل الرار " ( ‪1‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪106‬‬

‫‪ " : ) 81 /‬أقول ‪ :‬القول بالوجوب هو الق ‪ ،‬لن ال سبحانه قد أمر‬


‫ف كتا به العز يز بغ سل الو جه ‪ ،‬وم ل الضم ضة وال ستنشاق من جلة‬
‫الوجه ‪ .‬وقد ثبت مداومة النب ( ص ) على ذلك ف كل وضوء ‪ ،‬ورواه‬
‫ج يع من روى و ضو ( ص ) وب ي صفته ‪ ،‬فأفاد ذلك أن غ سل الو جه‬
‫الأمور به ف القرآن هو مع الضمضة والستنشاق ‪ .‬وأيضا قد ورد المر‬
‫بال ستنشاق وال ستنثار ف أحاد يث صحيحة ‪ . " . . .‬ث ذ كر حد يث‬
‫لقيط بن صبة ‪.‬‬
‫ث ذكر مثل ذلك ف تليل اللحية ( تت رقم ‪ ، ) - 6‬وهو الصواب ‪،‬‬
‫وينبغي أن يقال ذلك ف تليل الصابع أيضا لثبوت المر به عنه ( ص ) ‪.‬‬
‫وأقول تعقيبفا على كلم الاففظ ‪ :‬قفد رويفت تلك الملة مفن غيف هذه‬
‫الرواية التقدمة ‪ ،‬فأخرجه المام أحد ( ‪ ، ) 262 / 2‬من طريق ليث‬
‫عن كعب عن أب هريرة مرفوعا به ‪ .‬إل أن ليثا ‪ ،‬وهو ابن أب سليم ‪،‬‬
‫ضعيف ل يتج به إذا تفرد فكيف إذا خالف ؟ ! قوله تت رقم ‪: - 13‬‬
‫" عن أب زرعة أن أبا هريرة دعا بوضوء ‪ ،‬فتوضأ ‪ ،‬وغسل ذراعيه حت‬
‫جارز الرفقي ‪ ،‬فلما غسل رجليه جاوز الكعبي إل العقبي ( كذا ‪ ،‬وهو‬
‫خ طأ مطب عى وال صواب ‪ :‬ال ساقي ) ‪ .‬رواه أح د والشي خا ن " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫فيه ملحظتان ‪ :‬الول ‪ :‬أن اللفظ لحد ( ‪ ، ) 232 / 2‬فكان ينبغي‬
‫بيان ذلك ‪ ،‬وإسناده صحيح على شرط الشيخي ‪ .‬الثانية ‪ :‬أن مسلما ل‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪107‬‬

‫يرجه من رواية أب زرعة ‪ ،‬فل يوز عزوها إليه ‪ ،‬وإنا رواه من طريق‬
‫أب حازم عن أب هريرة متصرا ‪ ،‬ومن طريق نعيم بن الجمر عنه أت من‬
‫الروايتي ‪ ،‬ولفظه ‪ . . . " :‬ث غسل يده اليمن حت أشرع ف العضد ‪ ،‬ث‬
‫يده اليسرى حت أشرع ف العضد ‪ ،‬ث مسح رأسه ‪ ،‬ث غسل رجله اليمن‬
‫حت أشرع ف الساق ‪ ،‬ث غسل رجله اليسرى حت أشرع ف الساق ‪ ،‬ث‬
‫قال ‪ :‬هكذا رأيفت رسفول ال ( ص ) يتوضفأ ‪ ،‬وقال ‪ :‬قال رسفول ال‬
‫( ص ) ‪ :‬أن تم ال غر الحجلون يوم القيا مة من إ سباغ الوضوء ‪ ،‬ف من‬
‫استطاع ‪ . . .‬الديث " ‪ .‬وهكذا أخرجه أبو عوانة ف " صحيحه " ( ‪1‬‬
‫‪ ، ) 243 /‬ولكنه ل يصرح برفع الملة الخية إل النب " صلى ال‬
‫عليه وآله " ‪ ،‬وال أعلم ‪ .‬قوله ف الدعاء تت رقم‬
‫‪ " : - 15‬ل يثبت من أدعية الوضؤ شئ عن رسول ال ( ص ) غي‬
‫حديفث أبف موسفى الشعري قال ‪ :‬أتيفت رسفول ال ( ص ) بوضوء ‪،‬‬
‫فتو ضأ ‪ ،‬ف سمعته يد عو ‪ ،‬يقول ‪ " :‬الل هم اغ فر ل ذ نب ‪ ،‬وو سع ل ف‬
‫داري ‪ ،‬وبارك ل فف رزقفي " ‪ .‬فقلت ‪ :‬يفا رسفول ال ! سفعتك تدعفو‬
‫بكذا وكذا ‪ ،‬قال ‪ " :‬وهل تركن من شئ ؟ " ‪ .‬رواه النسائي وابن السن‬
‫بإ سناد صحيح " ‪ .‬قلت ‪ :‬ل نا على هذا مؤاخذات ‪ :‬الول ‪ :‬أن الد يث‬
‫ليس من أذكار الوضوء ‪ ،‬وإنا هو من أذكار الصلة ‪ ،‬بدليل رواية المام‬
‫أحد ف " السندا " ‪ ،‬وابنه عبد ال ف " زوائده " ‪ ،‬من طريق عبد ال بن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪108‬‬

‫ممد بن أب شيبة ‪ :‬ثنا معتمر بن سليمان عن عباد بن عباد عن أب ملز‬


‫عن أب موسى به متصرا بلفظ ‪ " :‬فتوضأ وصلى وقال ‪ :‬اللهم ‪، " . . .‬‬
‫وقد قال الافظ ف " أماليه على الذكار " ‪ :‬رواه الطبان ف " الكبي "‬
‫من رواية مسدد وعارم والقدمي كلهم عن معتمر ‪ ،‬ووقع ف روايتهم ‪" :‬‬
‫فتوضأ ث صلى ث قال ‪ ، " . . . :‬وهذا يدفع ترجة ابن السن حيث قال‬
‫‪ " :‬باب ما يقوله بي ظهران وضوئه " ‪ ،‬لتصريه بأنه قاله بعد الصلة ‪،‬‬
‫ويدفع احتمال كونه بي الوضوء والصلة ) ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬أنه أطلق عزوه للنسائي فأوهم أن الديث ف " سننه " ‪ ،‬لنه هو‬
‫الذي يفهم عند الشتغلي بالسنة عند الطلق ‪ ،‬ول يروه ف " السنن " ‪،‬‬
‫بفل فف " عمفل اليوم والليلة " كمفا صفرح بذلك النووي فف " الذكار‬
‫" ( ص ‪ ، ) 38‬فكان على الؤلف أن يقيده بذلك ‪ ،‬ول سيماإنه نقل‬
‫جل ما ف هذا الفصل عن النووي ‪ ،‬وإن ل يصرح بذلك ! ث رأيته ف "‬
‫عمل اليوم والليلة " للنسائي ( ‪ ، ) 80 / 172‬وترجم له با ترجم له‬
‫ابن السن ف " كتابه " ( ‪. ) 7‬‬
‫ومثفل هذا اليهام قفد تكرر مفن الؤلف كثيا ‪ ،‬ول أنبفه عليفه إل نادرا‬
‫لناسبة ما ‪ ،‬لنه ل فائدة كبى ف ذلك ‪ .‬الثالثة ‪ :‬جريه مع النووي على‬
‫تصحيح إسناده ! وليس كذلك ‪ ،‬بل هو ضعيف لنقطاعه ما بي أب ملز‬
‫وأ ب مو سى ك ما يأ ت بيا نه ‪ ،‬ول يتن به لذلك النووي و من تب عه ‪ ،‬وقو فا‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪109‬‬

‫منهم مع ظاهر إسناده ‪ ،‬فإنم ثقات جيعأ ‪ .‬قال الافظ ابن حجر ف "‬
‫المال " ‪ " :‬وأمفا حكفم الشيفخ ( يعنف المام النووي ) على السفناد‬
‫بالصحة ففيه نظر ‪ ،‬لن أبا ملز ل يلق سرة بن جندب ‪ ،‬ول عمران بن‬
‫حصي فيما قال ابن الدين ‪ ،‬وقد تأخرا بعد أب موسى ‪ ،‬ففي ساعه من‬
‫أب موسى نظر ‪ ،‬وقد عهد منه الرسال عمن يلقاه " ( ‪. ) 1‬‬
‫وقد وجدت للحديث علة أخرى ‪ ،‬وهي الوقف ‪ ،‬فقد أخرجه ابن أب‬
‫شيبة ف " الصنف " ( ‪ ) 297 / 1‬من طريق أب بردة قال ‪ :‬كان أبو‬
‫موسى إذا فرغ من صلته قال ‪ " :‬اللهم اغفر ل ذنب ‪ ،‬ويسر ل أمري ‪،‬‬
‫وبارك ل ف رز قي " ‪ .‬و سنده صحيح ‪ ،‬وهذا ير جح أن الد يث أ صله‬
‫موقوف ‪ ،‬وأنه ل يصح رفعه ‪ ،‬وأنه من أذكار الصلة لو صح ‪ .‬وقد غفل‬
‫عن هذا التحقيق العلق على " زاد العاد " ‪ ،‬فإنه صرح بأن سنده صحيح‬
‫تبعفا للنووي ‪ ،‬ثف تعقفب مؤلف " الزاد " الذي ذكفر الديفث فف أدعيفة‬
‫الصلة ‪ ،‬فقال ‪ " :‬ول نر من ذكره ف أدعية الصلة كما ذكر الصنف‬
‫" ! ! ن عم الدعاء الذي ف الد يث له شا هد ذكر ته ف " غا ية الرام‬
‫" ( ص ‪ ، ) 85‬فالدعاء به مطلقا غي مقيد بالصلة أو الوضوء حسن ‪،‬‬
‫ولذلك أوردته ف " صحيح الامع " ( ‪ ، ) 1276‬وغفل عن هذا بعض‬
‫إخواننفا ‪ ،‬فأورده فيمفا يقال فف الوضوء أو الصفلة ‪ -‬والشفك منف ‪-‬‬
‫فرسالته ل تطولا الن يدي ‪ .‬قوله تت رقم‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪110‬‬

‫‪ " : - 16‬رأما دعاء ‪ :‬اللهم اجعلن من التوابي واجعلن من التطهرين‬


‫‪ .‬فهي ف رواية الترمذي ‪ ،‬وقد قال ف الديث ‪ :‬وف إسناده اضطراب ‪،‬‬
‫ول يصح فيه شئ كبي " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا الكلم يوهففم أن الدعاء الذكور جاء ففف حديففث تفرد‬
‫بإخرا جه الترمذي ‪ ،‬وأعله بالضطراب ‪ ،‬والوا قع أن الد يث أ صله ع ند‬
‫مسفلم وغيه مفن حديفث عمفر ‪ ،‬وقفد ذكره الؤلف قبيفل هذا الكلم ‪،‬‬
‫وكذلك رواه الترمذي ‪ ،‬وزاد فيه * ( هامش ) * ( ‪ ) 1‬نقلته من " تفة‬
‫البرار بنكت الذكار " للسيوطي ‪ ،‬وهى نسخة خطية ف الكتبة العبيدية‬
‫بدمشق ( * ) ‪.‬‬
‫ب عد التهل يل هذا الدعاء ‪ ،‬ث أعله بالضطراب ك ما نقله ال صنف ع نه ‪،‬‬
‫وهول يريد به الزيادة وحدها ‪ ،‬بل الديث جلة ‪ ،‬وحينئذ يكون الصنف‬
‫قد ن قل نقل ي متناقض ي ‪ :‬ت صحيح م سلم للحد يث ‪ ،‬وتض يف الترمذي‬
‫له ‪ ،‬ث هو ل يرجح أحدها على الخر ‪.‬‬
‫والق أن الديث صحيح ‪ ،‬والضطراب الشار إليه ليس من الضطراب‬
‫الذي ي عل به الد يث ‪ ،‬ول يت سع الجال لبيان ذلك ‪ ،‬ف من شاء التح قق‬
‫ما نقول فلياجع تعليق الستاذ الشيخ أحد ممد شاكر على الترمذي (‬
‫‪ ، ) 83 - 77 / 1‬فقد جع فيه طرق الديث ‪ ،‬وبي أنه ل اضطراب‬
‫في ها ‪ .‬فإن ق يل ‪ :‬قد عرف نا أن الد يث صحيح ‪ ،‬ف ما حاله إ سناد هذه‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪111‬‬

‫الزيادة عنفد الترمذي ؟ قلت ‪ :‬إسفنادها صفحيح ‪ ،‬رجاله كلهفم ثقات ‪،‬‬
‫رجال مسلم ‪ ،‬غي شيخ الترمذي جعفر بن ممد بن عمران التغلب ‪ ،‬وهو‬
‫صدوق كما قال أبو حات ‪ .‬ث إن لا شواهد من حديث ثوبان عند ابن‬
‫السن ( رقم ‪ ، ) 30‬وابن عمر ‪ ،‬وأنس ‪ ،‬كما ذكره البيهقي ف " سننه‬
‫" ( ‪ ، ) 78 / 1‬ولذلك جزم ابن القيم ف " زاد العاد " ( ‪) 69 / 1‬‬
‫بثبوت الديث مع هذه الزيادة عن النب " صلى ال عليه وآله " ‪ .‬قوله ف‬
‫حديث أب سعيد الدري مرفوعا ‪ " :‬من توضأ فقال ‪ :‬سبحانك اللهم ‪.‬‬
‫‪ " . .‬إل ‪ " :‬رواه الطبان ف " الوسط " ‪ ،‬ورواته رواة الصحيح ‪،‬‬
‫والل فظ له ‪ ،‬ورواه الن سائي ‪ ،‬وقال ف آخره ‪ :‬خ تم عل يه با ت ‪. " . . .‬‬
‫قلت ‪ :‬فيفه مؤاخذات ‪ :‬الول ‪ :‬أطلق عزوه للنسفائي ‪ ،‬فأوهفم أنفه فف "‬
‫سننه " ‪ ،‬وليس كذلك ‪ ،‬وإنا أخرجه ف " عمل اليوم والليلة " كما قيده‬
‫النووي ‪ ،‬والافظ الزي ف " التحفة " ( ‪ / 3‬صفحة ‪، ) 447 / / 98‬‬
‫والعسقلن ‪ ،‬وهو فيه برقم ( ‪ 81‬و ‪ ، ) 82‬وأما عزو ابن القيم اياه ف‬
‫" الزاد " ل‍ " سنن النسائي " فوهم مض ل يتنبه له العلق عليه ‪ ،‬ث قصر‬
‫تقصيا فاحشا ف تريه ‪ ،‬فلم يعزه لغي ابن السن بسند ضعيف ! الثانية‬
‫‪ :‬أن النسائي قال ف الرفوع ‪ " :‬هذأ خطأ ‪ ،‬والصواب موقوف " ‪.‬‬
‫فكان ينبغي نقله عنه أداء للمانة ‪ ،‬ث الواب عن هذا العلل كما فعل‬
‫الا فظ بأ نه ف ح كم الرفوع ‪ ،‬ل نه ل يقال بجرد الرأي ‪ ،‬وبا صة أ نه‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪112‬‬

‫جاء مرفوعا من طرق أخرى كما هو مبي ف " الصحيحة " ( ‪) 2333‬‬
‫‪ .‬الثالثة ‪ :‬أن التخريج الذكور من رواية الطبان ‪ . .‬نقله من كتاب "‬
‫الترغ يب " للمنذري ( ‪ ، ) 105 / 1‬و قد قال ف آخره ‪ " :‬و صوب‬
‫وقفه على أب سعيد " ‪ .‬وكذلك قال اليثمي ف " ممع الزوائد " ( ‪/ 1‬‬
‫‪ . ) 239‬وقد عرفت الواب آنفا ‪ .‬وقد وقع لبعض العلماء حول هذا‬
‫الد يث أخطاء عجي بة ‪ ،‬ل أط يل الكلم بذكر ها ه نا ‪ ،‬وم ل ذلك ف‬
‫ال صدر ال سابق ‪ .‬وإل ته تعال هو الو فق ‪ .‬قوله ‪ " :‬و ما ب قي من تعا هد‬
‫موقي العيني وغضون الوجه ومن تريك الات ‪ ،‬ومن مسح العنق ‪ ،‬ل‬
‫نتعرض لذكره ‪ ،‬لن الحاد يث في ها ل تبلغ در جة ال صحيح ‪ ،‬وإن كان‬
‫يعمل با تتميما للنظافة " ‪ .‬قلت ‪ :‬العنق لمكر مل للنظافة ف الوضوء‬
‫شرعفا بلف الحال الخرى التف ذكرت قبله ‪ ،‬ولذلك فإنف ل أرى‬
‫جواز م سحه ف الوضوء ‪ ،‬إل بدل يل خاص ي صلح الحتجاج به ‪ ،‬و هو‬
‫مفقود كمفا أشار إليفه الصفنف ‪ ،‬وخلف هذا تشريفع بالرأي ل يوز ‪.‬‬
‫على أن تريك الات ل بد منه إذا كان ضيقا ‪ .‬وال ول التوفيق ‪ .‬ومن (‬
‫نوا قض الوضوء ) قوله ف صدد عد النوا قض ‪ - 6 ، 5 ، 4 " :‬ال ن‬
‫والذي والودي ‪ ،‬لقول ابن عباس ‪ :‬أما الن فهو الذي منه الغسل ‪ ،‬وأما‬
‫الذي والودي فقال ‪ :‬اغ سل ذكرك أو مذاكيك وتو ضأ وضوءك لل صلة‬
‫‪ .‬رواه البيهقي ف ( السنن ) " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا موقوف ‪ ،‬والستدلل به‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪113‬‬

‫وحده ‪ -‬مع أ نه متلف ف صلحيته للحتجاج به ‪ -‬يو هم أن ل يس ف‬


‫الرفوع ما يدل على ما دل عليه الوقوف ‪ ،‬ولو بالنسبة لبعض النواقض ‪،‬‬
‫ول يس كذلك ‪ ،‬ففي الذي أحاديث أشهرها حديث علي ا بن أ ب طالب‬
‫قال ‪ " :‬اسفتحييت أن أسفأل رسفول ال ( ص ) عفن الذي مفن أجفل‬
‫فاط مة ‪ ،‬فأمرت رجل ف سأله ‪ ،‬فقال ‪ :‬ف يه الوضوء " ‪ .‬أخر جه الشيخان‬
‫وغيه ا ‪ ،‬وهو مرج ف " صحيح أ ب داود " ( ‪ ، ) 200‬و " الرواء‬
‫" ( ‪ . ) 108‬قوله ف النوم الستغرق ‪ " :‬فإذا كان النائم جالسا مكنا‬
‫مقعد ته من الرض ‪ ،‬ل ينت قض وضوؤه ‪ ،‬وعلى هذا ي مل حد يث أ نس‬
‫قال ‪ :‬كان أصحاب رسول ال ( ص ) ينتظرون العشاء الخرة حت تفق‬
‫رؤو سهم ‪ ،‬ث ي صلون ول يتوضؤون ‪ .‬رواه الشاف عي وم سلم وأ بو داود‬
‫والترهذي ‪ ،‬ولفظ الترمذي من طريق شعبة ‪ :‬لقد رأيت أصحاب رسول‬
‫ال ( ص ) يوقظون للصفلة حتف لسفع لحدهفم غطيطفا ‪ ،‬ثف يقومون‬
‫فيصفلون ول يتوضؤون ‪ ،‬قال ابفن البارك ‪ :‬هذا عندنفا وهفم جلوس " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬قد ذكر الافظ ف " الفتح " ( ‪ ) 251 / 1‬نو كلم ابن البارك‬
‫هذا ‪ ،‬ث رده بقوله ‪ / :‬صفحة ‪ " / 100‬لكن ف " مسند البزار " بإسناد‬
‫صحيح ف هذا الديث ‪ :‬فيضعون جنوبم ‪ ،‬فمنهم من ينام ‪ ،‬ث يقومون‬
‫إل ال صلة " ‪ .‬قلت ‪ :‬وأخر جه أي ضا أ بو داود ف " م سائل المام أح د‬
‫" ( ص ‪ ) 318‬بلفظ ‪ " :‬كان أصحاب النب ( ص ) يضعون جنوبم‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪114‬‬

‫فينامون ‪ ،‬فمن هم من يتو ضأ ‪ ،‬ومن هم من ل يتو ضأ " ‪ .‬وإ سناده صحيح‬


‫على شرط الشيخي ‪ .‬فهذا اللفظ خلف اللفظ الول ‪ " :‬تفق رؤوسهم‬
‫" ‪ ،‬فإن هذا إنا يكون وهم جلوس كما قال ابن البارك ‪ ،‬فإما أن يقال ‪:‬‬
‫إن الديث مضطرب ‪ ،‬فيسقط الستدلل به ‪ ،‬وإما أن يمع بي اللفظي‬
‫‪ ،‬فيقال ‪ :‬كان بعضهفم ينام جالسفا ‪ ،‬وبعضهفم مضطجعفا ‪ ،‬فمنهفم مفن‬
‫يتوضأ ‪ ،‬ومنهم من ل يتوضأ ‪ ،‬وهذا هو القرب ‪ ،‬وحينئذ فالديث دليل‬
‫لنف قال ‪ :‬إن النوم ل ينقفض الوضوء مطلقفا ‪ ،‬وقفد صفح ذلك عفن أبف‬
‫موسى الشعري ‪ ،‬وابن عمر ‪ ،‬وابن السيب ‪ ،‬كما ف " الفتح " ‪ ،‬وهو‬
‫باللفظ الخر ل يكن حله على النوم مكنا مقعدته من الرض ‪ ،‬وحينئذ‬
‫فهو معارض لديث صفوان بن عسال الذكور ف الكتاب بلفظ ‪. . " :‬‬
‫‪ .‬ل كن من غائط وبول ونوم " ‪ ،‬فإنه يدل على أن النوم نا قض مطلقا‬
‫كالغائط والبول ‪ ،‬ول شك أنه أرجح من حديث أنس ‪ ،‬لنه مرفوع إل‬
‫النب ( ص ) ‪ ،‬وليس كذلك حديث أنس ‪ ،‬إذ من المكن أن يكون ذلك‬
‫ق بل إياب الوضوء من النوم ‪ .‬فال ق أن النوم نا قض مطل قا ‪ ،‬ول دل يل‬
‫ي صلح لتقي يد حد يث صفوان ‪ ،‬بل يؤيده حد يث علي مرفو عا ‪ " :‬وكاء‬
‫السه العينان ‪ ،‬فمن نام فليتوضأ " ‪ ،‬وإسناده حسن كما قال ذري النذري‬
‫والنووي وابن الصلح ‪ ،‬وقد بينته ف " صحيح أب داود " ( رقم ‪) 198‬‬
‫‪ ،‬ف قد أ مر " صلى ال عل يه وآله " كل نائم أن يتو ضأ ‪ .‬ول يع كر على‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪115‬‬

‫عمومه ‪ -‬كما ظن البعض ‪ -‬أن الديث أشار إل أن النوم ليس ناقضا ف‬


‫نفسه ‪ ،‬بل هو مظنة خروج شئ من النسان ف هذه الالة ‪ ،‬فإنا نقول ‪:‬‬
‫لا كان المر كذلك ‪ ،‬أمر ( ص ) كل نائم أن يتوضأ ‪ ،‬ولو كان متمكنا‬
‫‪ ،‬لنه عليه السلم أخب أن العيني وكاء السه ‪ ،‬فإذا نامت العينان ‪ ،‬انطلق‬
‫الوكاء ‪ ،‬كما ف حديث آخر ‪ ،‬والتمكن نائم ‪ ،‬فقد ينطلق وكاؤه ‪ ،‬ولو‬
‫ف بعض الحوال ‪ ،‬كأن ييل يينأ أو يسارا ‪ ،‬فاقتضت الكمة أن يؤمر‬
‫بالوضوء كل نائم ‪ .‬وال أعلم ‪ .‬وما اخترناه هو مذهب ابن حزم ‪ ،‬وهو‬
‫الذي مال إليه أبو عبيد القاسم بن سلم ف قصة طريفة حكاها عنه ابن‬
‫عبد الب ف " شرح الوطأ " ( ‪ ) 2 / 117 / 1‬قال ‪ " :‬كنت أفت أن‬
‫من نام جالسا ل وضؤ عليه حت قعد إل جنب رجل يوم المعة ‪ ،‬فنام ‪،‬‬
‫فخر جت م نه ر يح ! فقلت ‪ :‬قم فتو ضأ ‪ .‬فقال ‪ :‬ل أ ن ‪ .‬فقلت ‪ :‬بلى ‪،‬‬
‫وقد خرجت منك ريح تنقض الوضوء ! فجعل يلف بال ما كان ذلك‬
‫منفه ‪ ،‬وقال ل ‪ :‬بفل منفك خرجفت ! فزايلت مفا كنفت أعتقفد فف نوم‬
‫الالس ‪ ،‬وراعيفت غلبفة النوم ومالطتفه القلب " ‪ ( .‬فائدة هامفة ) ‪ :‬قال‬
‫الطا ب ف " غر يب الد يث " ( ق ‪ " : ) 2 / 32‬وحقي قة النوم هو‬
‫الغشية الثقيلة الت تجم على القلب فتقطعه عن معرفة المور الظاهرة ‪ .‬و‬
‫( الناعس ) ‪ :‬هو الذي رهقه ثقل فقطعه عن معرفة الحوال الباطنة " ‪.‬‬
‫وبعرفة هذه القيقة من الفرق بي النوم والنعاس تزول إشكالت كثية ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪116‬‬

‫ويتأ كد القول بأن النوم نا قض مطل قا ‪ .‬ول قد أنرف قلم الشوكا ن عن‬
‫ال صواب ه نا ف " ال سيل الرار " ‪ ،‬فإ نه ب عد أن قررو جه القول الدكور‬
‫ف وردت‬ ‫أح سن تقريفر ‪ ،‬عقفب عليفه بقوله ( ‪ " : ) 96 / 1‬ولكنه ا‬
‫أحاديث قاضية بأنه ل ينتقض الوضؤ بالنوم إل إذا نام مضطجعا ‪ ،‬وهي‬
‫تقوي بعضها بعضا كما أوضحت ذلك ف شرحي ل‍ " النتفى " ‪ ،‬فتكون‬
‫مقيدة لاف ورد فف نقفض مطلق النوم ‪ ،‬فل ينقفض إل نوم الضطجفع " !‬
‫وأنت إذا رجعت إل الشرح الذكور وجدته قد ذكر فيه ثلثة أحاديث ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬عن ابن عباس ‪ " :‬ليس على من نام ساجدا وضوء ‪ ، " . .‬ومع‬
‫أنه قد ذكر تضعيفه عن جع كث ي من الئ مة ‪ .‬وعن البيهقي أنه قال ‪:‬‬
‫أنكره جيع أئمة الديث على أب خالد الدالن ‪ .‬فقد حاول تقويته بقول‬
‫الذ هب ف " الع ن " ف الدال ن ‪ " :‬مشهور ح سن الد يث " ‪ .‬ول يس‬
‫ي فى على العارف بذا ال فن ‪ ،‬أن م ثل هذأ القول لو سلم به ‪ ،‬فل يف يد‬
‫تقو ية للحد يث ‪ ،‬و قد أج ع الحدثون التقدمون على إنكاره ك ما تقدم ‪،‬‬
‫فك يف و قد قال الا فظ ف الدال ن هذا ‪ " :‬صدوق ي طئ كثيا وكان‬
‫يدلس " ؟ ! والذهب نفسه قد ذكر هذا الديث ف ترجته من " اليزان "‬
‫ف جلة ما أنكر عليه ؟ ! فكيف وف إسناده علل ثلثة أخرى بينتها ف‬
‫كتاب " ضعيف أب داود " ( ‪ ، ) 25‬ذكر الشوكان نفسه منها الوقف ‪،‬‬
‫ولكنه مر عليها ! الثان ‪ :‬عن ابن عمرو مرفوعا نوه ‪ .‬قال الشوكان ‪" :‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪117‬‬

‫وف يه مهدي بن هلل ‪ ،‬و هو مت هم بو ضع الد يث ‪ .‬وع مر بن هارون‬


‫البلخي ‪ ،‬وهو متروك ‪ .‬ومقاتل بن سليمان ‪ ،‬وهو متهم " ‪ .‬الثالث ‪ :‬عن‬
‫حذي فة مرفو عا ‪ :‬قال البيه قي ‪ " :‬تفرد به ب ر بن كن يز و هو متروك ل‬
‫ي تج به " ‪ .‬فأ نت ترى أن هذه الحاد يث شديدة الض عف ‪ ،‬فل ين جب‬
‫ضعفها بجموعها ‪ ،‬كما هو معلوم عند الشوكان وغيه ‪ ،‬فل أدري ما‬
‫الذي حله على الخالفة ؟ ! قوله تت رقم ‪ " : - 4‬ويرى الحناف أن‬
‫مس الذكر ل ينقض الوضوء ‪ ،‬لديث طلق أن رجل سأل النب ( ص )‬
‫عن رجل يس ذكره هل عليه الوضوء ؟ فقال ‪ :‬ل ‪ ،‬إنا هو بضة منك ‪.‬‬
‫رواه الم سة ‪ ،‬و صححه ا بن حبان " ‪ .‬قلت ‪ :‬قوله ( ص ) ‪ " :‬إن ا هو‬
‫بضعة منك " ‪ ،‬فيه إشارة لطيفة إل أن الس الذي ل يوجب الوضوء إنا‬
‫هو الذي ل يقترن معه شهوة ‪ ،‬لنه ف هذه الالة يكن تشبيه مس العضو‬
‫بس عضو آخر من السم ‪ ،‬بلف ما إذا مسه بشهوة ‪ ،‬فحينئذ ل يشبه‬
‫مسه مس العضو الخر ‪ ،‬لنه ل يقترن عادة بشهوة ‪ ،‬وهذا أمر بي كما‬
‫ترى ‪ ،‬وعليه فالديث ليس دليل للحنفية الذين يقولون بأن الس مطلقا‬
‫ل ينقض الوضوء ‪ ،‬بل هو دليل لن يقول بأن الس بغي شهوة ل ينقض ‪،‬‬
‫وأما الس الشهوة فينقض ‪ ،‬بدليل حديث بسرة ‪ ،‬وبذا يمع بي الديثي‬
‫‪ ،‬وهو اختيار شيخ السلم ابن تيمية ف بعض كتبه على ما أذكر ‪ .‬وال‬
‫أعلم ‪ .‬ومن ( ما ل ينقض الوضوء ) قوله ف صدد عد ما ل ينقضه ‪" :‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪118‬‬

‫أكل لم البل ‪ ،‬وهو رأي اللفاء الربعة وكثي من الصحابة والتابعي ‪،‬‬
‫إل أنه صح الديث بالمر بالوضوء منه " ‪ .‬ث ذكره من حديث جابر بن‬
‫سرة والباء بن عازب ‪ ،‬ث قال ‪ " :‬وقال ا بن خزي ة ‪ :‬ل أر خل فا ب ي‬
‫علماء الديث أن هذا الب صحيح من جهة النقل ‪ ،‬لعدالة ناقليه ‪ .‬وقال‬
‫النووي ‪ :‬هذا الذهففب أقوى دليل ‪ ،‬إن كان المهور على خلفففه ‪.‬‬
‫انتهفى ‪ .‬إل أنفه يقال ‪ :‬كيفف خففي حديفث جابر والباء على اللفاء‬
‫الراشديفن والمهور العظفم مفن الصفحابة والتابعيف " ! قلت ‪ :‬هذا‬
‫الستفهام ل طائل تته بعد أن صح الديث عنه ( ص ) باعتراف الؤلف‬
‫‪ ،‬فل يوز تر كه مه ما كان الخالفون له ف العدد والنلة ‪ ،‬فإن حد يث‬
‫ر سول ال ( ص ) إن ا " يث بت بنف سه ل بع مل غيه من بعده " ك ما قال‬
‫المام الشافعفي على مفا سفبق فف " القدمفة ‪ :‬القاعدة ‪ . " 14‬وإنف‬
‫ل ستغرب جدا من الؤلف هذا القول ‪ ،‬ل نه ل يت فق ف شئ مع الغرض‬
‫الذي مفن أجله وضفع كتابفه هذا ‪ ،‬وهفو " جعف السفلمي على الكتاب‬
‫وال سنة ‪ ،‬والقضاء على اللف وبدعة التع صب للمذا هب " ‪ ،‬ك ما نص‬
‫هو عل يه ف " القد مة " ‪ ،‬بل إن قوله هذا تأي يد عملي للممقلدة الذ ين‬
‫يردون أحاديث الرسول ( ص ) بثل هذه الدعوى ف أئمتهم ! ( ‪. ) 1‬‬
‫* ( هامش ) * ( ‪ ) 1‬ث رأيت الؤلف ‪ -‬جزاه ال خيا ‪ -‬قد حذف من‬
‫طبع ته الديدة للكتاب ( ‪ ) 55 / 1‬هذا ال ستفهام ‪ ،‬تاو با م نه مع‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪119‬‬

‫إنكارنفا إياه ‪ .‬اثابفه ال ‪ ) * ( .‬أقبول ‪ :‬هذا على افتراض أن مفا ذكره‬


‫الؤلف عن اللفاء الراشد ين من مال فة الد يث ثا بت عن هم ‪ ،‬وإل فإ ن‬
‫أقول ‪ :‬أين السند الصحيح بذلك عنهم ؟ وهذا أقل ما يب على من يريد‬
‫أن يرد حديث رسول ال ( ص ) بخالفة غيه له ! ! وليس للمؤلف أي‬
‫دليل أو سند ف إثبات ذلك إل اعتماده على ما ذكره النووي ف " شرح‬
‫مسلم " أنه ‪ " :‬ذهب الكثرون إل أنه ل ينقض الوضوء ( يعن أكل لم‬
‫الزور ‪ ، ،‬ومنف ذهفب إليفه اللفاء الربعفة الراشدون ‪ . " . . .‬وهذه‬
‫الدعوى خطأ من النووي رحه ال ‪ ،‬قد نبه عليه شيخ السلم ابن تيمية‬
‫رحه ال ‪ ،‬فقال ف " القواعد النورانية " ( ص ‪ " : ) 9‬وأما من نقل عن‬
‫اللفاء الراشديفن أو جهور الصفحابة أنمف ل يكونوا يتوضؤون مفن لوم‬
‫ال بل ‪ ،‬ف قد غلط علي هم ‪ ،‬إن ا تو هم ذلك ل ا ن قل عن هم أن م ل يكونوا‬
‫يتوضؤون م ا م ست النار ‪ ،‬وإن ا الراد أن كل ما م ست النار ل يس سببا‬
‫عندهم لوجوب الوضوء ‪ ،‬والذي أمر به النب ( ص ) من الوضؤ من لوم‬
‫ال بل ل يس سببه مس النار ‪ ،‬ك ما يقال ‪ :‬كان فلن ل يتو ضأ من مس‬
‫الذكفر ‪ ،‬وإن كان يتوضفأ منفه إذا خرج منفه مذي " ‪ .‬قلت ‪ :‬ويؤ يد ما‬
‫ذكره ش يخ ال سلم ا بن تيم ية رح ه ال أن الطحاوي ( ‪، ) 41 / 1‬‬
‫والبيهقي ( ‪ ) 157 / 1‬رويا عن جابر بن عبد ال رضي ال عنه أن أبا‬
‫بكر الصديق وعمر بن الطاب أكل خبزا ولما فصليا ‪ ،‬ول يتوضيا ‪ .‬ث‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪120‬‬

‫أخرجا نوه عن عثمان ‪ ،‬والبيهقي عن علي ‪ .‬فأنت ترى أنه ليس ف هذه‬
‫الثار ذكر للحم البل البتة ‪ ،‬وإنا ذكر فيهااللحم مطلقا ‪ ،‬وهذا لو كان‬
‫عن رسول ال ( ص ) لو جب حله على غي ل م ال بل دف عا للتعارض ‪،‬‬
‫فك يف و هو عن غيه ( ص ) ‪ ،‬فحمله على غ ي ل م ال بل وا جب من‬
‫باب أول ‪ ،‬حل لعمالمف على موافقفة الشريعفة ‪ ،‬ل على مالفتهفا ‪،‬‬
‫ولذلك أورد إلطحاوي والبيه قي هذه الثار ف باب " الوضوء م ا م ست‬
‫النار " ‪ ،‬ول يورد ها البيه قي ف " باب التو ضؤ من لوم ال بل " ‪ ،‬وإن ا‬
‫قال فيه ‪ " :‬وروينا عن علي بن أب طالب وابن عباس ‪ :‬الوضوء ما خرج‬
‫ول يس م ا د خل ‪ ،‬وإن ا تال ذلك ف ترك الوضوء م ا م ست النار " ‪ .‬ث‬
‫روى البيهقي فيه بسنده عن ابن مسعود أنه أكل لم جزور ول يتوضأ ‪،‬‬
‫ث قال ‪ " :‬وهذا منقطع وموقوف ‪ ،‬وبثل هذا ل يترك ما ثبت عن رسول‬
‫ال ( ص ) " ‪ .‬قلت ‪ :‬وباصة أنه ثبت عن الصحابة خلفه ‪ ،‬فقال جابر‬
‫بن سرة رضي ال عنه ‪ :‬كنا نتوضأ من لوم البل ‪ ،‬ول نتوضأ من لوم‬
‫الغنم ‪ ،‬رواه ابن أب شيبة ف " الصنف " ( ‪ ) 46 / 1‬بسند صحيح عنه‬
‫و من ( ما ي ب له الوضوء ) قلت ‪ :‬ذ كر ف يه حد يث ‪ " :‬ل ي س القرآن‬
‫إل طاهر " من طريقي ‪ ،‬ث قال ‪ " :‬فالديث يدل على أنه ل يوز مس‬
‫الصفحف إل لنف كان طاهرا ‪ ،‬ولكفن الطاهفر لففظ مشترك يطلق على‬
‫الطا هر من الدث ال كب ‪ ،‬والطا هر من الدث ال صغر ‪ ،‬ويطلق على‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪121‬‬

‫الؤ من ‪ ،‬وعلى من ل يس على بد نه نا سة ‪ ،‬ول بد لمله على مع ي من‬


‫قري نة ‪ ،‬فل يكون الد يث ن صا ف م نع الحدث حد ثا أ صغر من مس‬
‫الصحف " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا الكلم اختصره الؤلف من كلم الشوكان على‬
‫الد يث ف " ن يل الوطار " ( ‪ ، ) 181 - 180 / 1‬و هو كلم‬
‫م ستقيم ل غبار عل يه ‪ ،‬إل قوله ف آخره ‪ " :‬فل يكون الد يث ن صا ف‬
‫م نع الحدث حد ثا أ صغر من مس ال صحف " فإ نه من كلم الؤلف ‪،‬‬
‫ومفهومه أن الديث نص ف منع الحدث حدثا أكب من مس الصحف ‪،‬‬
‫و هو على هذا غ ي من سجم مع سياق كل مه ‪ ،‬ل نه قال ف يه ‪ " :‬ول بد‬
‫لمله على معي من قرينة " ‪ ،‬فها هو قد حله على الحدث حدثا أكب ‪،‬‬
‫فأين القرينة ؟ ! فالقرب ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬أن الراد بالطاهر ف هذا الديث‬
‫هو الؤمن ‪ ،‬سواء أكان مدثا حدثا أكب أو أصغر أو حائضا أو على بدنه‬
‫ناسة ‪ ،‬لقوله ( ص ) ‪ " :‬الؤمن ل ينجس " ‪ ،‬وهو متفق على صحته ‪،‬‬
‫والراد عدم تك ي الشرك من م سه ‪ ،‬ف هو كحد يث ‪ " :‬ن ى عن ال سفر‬
‫بالقرآن إل أرض العدو " ‪ ،‬مت فق عل يه أي ضا ‪ ،‬و قد ب سط القول ف هذه‬
‫السالة الشوكان قي كتابه السابق ‪ ،‬فراجعه إن شئت زيادة التحقيق ث إن‬
‫الد يث قد خرجته من طرق ف " إرواء الغل يل " ( ‪ ، ) 122‬فلياجعه‬
‫من شاء ‪ .‬ومن ( ما يستحب له الوضوء ) قوله تت رقم ‪ " : - 1‬وعن‬
‫علي كرم ال وجهفه قال ‪ :‬كان رسفول ال ( ص ) يرج مفن اللء ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪122‬‬

‫فيقرئ نا القران ‪ ،‬وي كل مع نا الل حم ‪ ،‬ول ي كن يجزة عن القران شئ ‪،‬‬


‫ليس النابة ‪ .‬رواه المسة ‪ ،‬وصححه الترمذي وابن السكن " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫الترمذي معروف عند العلماء بتساهله ف التصحيح ‪ ،‬حت قال الذهب ف‬
‫ترج ة كث ي بن ع بد ال بن عمرو بن عوف من " اليزان " ‪ " :‬ولذا ل‬
‫يعتمد العلماء على تصحيحيه " ‪ .‬وكذلك ابن السكن ليس تصحيحه ما‬
‫إل يه ير كن ‪ ،‬ولذلك ل بد من الن ظر ف سند الد يث إذا صححه أ حد‬
‫هذ ين أو من كان مثله ما ف الت ساهل كا بن خزي ة وا بن حبان ‪ ،‬ح ت‬
‫يكون السلم على بصية من صحة حديث نبيه ( ص ) ‪ ،‬وقد وجدنا ف‬
‫الئمة من ضعف الديث من هم أعلى كعبا ف هذا العلم ‪ ،‬وأكثر عددا‬
‫من الترمذي وابن السكن ‪ ،‬فقال النووي ‪ " :‬خالف الترمذي الكثرون ‪،‬‬
‫فضعفوا هذا الديث " ‪ .‬وقال النذري ف " متصر السنن " ( ‪156 / 1‬‬
‫) ‪ " :‬وذكر أبو بكر البزار أنه ل يروى عن علي إل من حديث عمرو بن‬
‫مرة عن ع بد ال بن سلمة ‪ .‬وح كى البخاري عن عمرو بن مرة ‪ :‬كان‬
‫عبد ال ‪ -‬يعن ‪ :‬ابن سلمة ‪ -‬يدثنا فنعرف وننكر ‪ ،‬وكان قد كب ‪ ،‬ل‬
‫يتا بع على حدي ثه ‪ .‬وذ كر المام الشاف عي هذا الد يث وقال ‪ :‬ل ي كن‬
‫أ هل الد يث يثبتو نه ‪ .‬قال البيه قي ‪ :‬وإن ا تو قف الشاف عي ف ثبوت هذا‬
‫الديث لن مداره على عبد ال بن سلمة الكوف ‪ ،‬وكان قد كب وأنكر‬
‫من حديثه وعقله بعض النكر ‪ ،‬وإنا روى هذا الديث بعدما كب ‪ .‬قال‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪123‬‬

‫شع بة ‪ :‬وذ كر الطا ب أن المام أح د كان يو هن حد يث علي ويض عف‬


‫أمر عبد ال بن سلمة " ‪ .‬فهذا المام الشافعي وأحد والبيهقي والطاب‬
‫قد ضعفوا الد يث ‪ ،‬فقول م مقدم لوجوه ‪ :‬الول ‪ :‬أن م أعلم وأك ثر ‪.‬‬
‫الثا ن ‪ :‬أن م قد بينوا علة الد يث ‪ ،‬و هي كون راو يه قد تغ ي عقله ‪،‬‬
‫وحدث به ف حالة التغ ي ‪ ،‬فهذا جرح مف سر ‪ ،‬ل يوز أن ي صرف ع نه‬
‫النظر ‪ .‬الثالث ‪ :‬أنه قد عارضه حديث عائشة رضي ال عنها قالت ‪" :‬‬
‫كان ر سول ال ( ص ) يذ كر ال على كل أحيا نه " ‪ .‬رواه م سلم وأ بو‬
‫عوانة ف " صحيحيهما " ‪ ،‬فهو بعمومه يشمل حالة النابة وغيها كما‬
‫أن الذ كر يش مل القرآن وغيه ‪ .‬و قد ك نت قدي ا اعتر ضت على الؤلف‬
‫لحتجا جه بذا الد يث ‪ ،‬واحتج جت عل يه بنحو ما ذكرت ه نا ‪ ،‬ث رد‬
‫عل بأن الا فظ ح سنه ‪ ،‬فتعج بت وقتئذ ك يف قدم ت سي الا فظ على‬
‫تضيف هؤلء الئمة ‪ ،‬مع كون هذا التضعيف موافقا لقواعد علم الديث‬
‫من رد حد يث الختلط والتغ ي ‪ ،‬ك ما تقدم بيا نه ف القد مة ‪ / .‬صفحة‬
‫‪ / 110‬والن أعود فأذ كر ال ستاذ الفا ضل بذه القي قة ‪ ( * ،‬فإن‬
‫الذكرى تن فع الؤمن ي ) * ( ‪ . ) 1‬و قد زدت هذا الب حت بيا نا ف "‬
‫الرواء " ( ‪ ، ) 485‬ف من شاء ر جع إل يه ‪ .‬قوله ت ت ر قم ‪" : - 6‬‬
‫وروي عن ابن عمر قال ‪ :‬كان رسول ال ( ص ) يقول ‪ :‬من توضأ على‬
‫ط هر ك تب له ع شر ح سنات ‪ ،‬رواه أ بو داود والترمذي وا بن ما جه " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪124‬‬

‫قلت ‪ :‬هذا يو هم أن الترمذي ‪ -‬الذي من عاد ته أن يتكلم على الد يث‬


‫تصحيحا أو تضعيفا ‪ -‬قد سكت على هذا الديث ‪ ،‬وليس كذلك ‪ ،‬بل‬
‫صفرح عقفب تريهف بأن إسفناده ضعيفف ‪ .‬وقفد يعتذر عفن الؤلف بأنفه‬
‫استغن عن ذكره اختصارا مكتفيا بالشارة إل ضعف الديث بتصديره‬
‫إياه بقوله ‪ " :‬روي " ‪ .‬فأقول ‪ :‬هذا ل يكففي ‪ ،‬فإنفا مأمورون بخاطبفة‬
‫الناس على قدر مفا يفهمون ‪ ،‬والتصفدير الذكور أمفر اصفطلحي عنفد‬
‫الحدث ي ‪ ،‬قل يل من قراء هذا الكتاب من يعلم الق صود م نه أو يتن به له ‪،‬‬
‫حت الؤلف نفسه قد ذهل عن هذه القيقة حي نقل بعض الحاديث عن‬
‫الترغيب للمنذري مصدرة بذه اللفظة ‪ " :‬روي " ‪ ،‬وعقب ذلك بقوله ‪:‬‬
‫" سكت عنه النذري " ‪ ،‬مع أن النذري ضعفه بذا التصدير ! فإذا خفي‬
‫هذا على الؤلف نف سه ‪ ،‬فلن ي فى على قراء كتا به أول ‪ ،‬ول سيما أ نه‬
‫ل ي نص ف " القد مة " على أن له هذا ال صطلح ك ما ف عل النذري ف‬
‫مقد مة كتا به ‪ ،‬و قد نقلت كل مه ف مقد مة هذه التعليقات " القاعدة ‪:‬‬
‫‪ " 13‬فراجعها ‪ ،‬بل أنا ف شك من أن يكون الؤلف قد عن تضعيف‬
‫الديث بذا التصدير الذي تبع فيه النذري ‪ ،‬لا ذكرته * ( هامش ) * (‬
‫‪ ) 1‬را جع ال صفحة الول من هذه التعليقات ‪ ،‬وان ظر ما سيأت من‬
‫التعليق على ( ما يرم على النب ) ‪ ) * ( .‬آنفا ‪ ،‬ولا سيأت ف " الغسل‬
‫من غسل اليت " ‪ .‬ث إن الديث متفق على تضعيفه عند الحدثي ‪ ،‬وقد‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪125‬‬

‫ذكرت نصوصهم ف ذلك ف كتاب " ضعيف سنن أب داود " ( رقم ‪) 9‬‬
‫‪ ،‬ومنهفم النذري ‪ ،‬حيفث صفدره بصفينة ( روي ) ‪ ،‬وعنفه نقله الؤلف‬
‫بالرف الواحد !‬
‫هذا ‪ ،‬وتتميمفا للفائدة ‪ ،‬أذكفر مواضفع أخرى يسفتحب لاف الوضوء ل‬
‫يذكرها الؤلف ‪ ،‬وقد أوردتا ف " الثمر الستطاب ف فقه السنة والكتاب‬
‫" ومنه نقلت اللصة التية ‪ - 1 :‬الوضوء عند كل حدث ‪ ،‬لديث‬
‫بريدة بن الصيب قال ‪ " :‬أصبح رسول ال ( ص ) يوما ‪ ،‬فدعا بلل ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬يا بلل با سبقتن إل النة ؟ ! ان دخلت البارحة النة فسمعت‬
‫خشخشتك أمامى ؟ فقال بلل ‪ :‬يا رسول ال ! ما أذنت قط ال صليت‬
‫ركعتيف ‪ ،‬ول أصفابن حدث قفط إل توضأت عنده ‪ ،‬فقال رسفول ال "‬
‫صلى ال عل يه وآله " ‪ :‬لذا " ‪ .‬رواه الترمذي والا كم وا بن خزي ة ف "‬
‫صحيحه " ‪ ،‬وإ سناده صحيح على شرط م سلم ‪ ،‬واقت صر النذزي على‬
‫عزوه لبن خزية وحده ‪ ،‬وهو قصور ! ‪ - 2‬الوضوء من القئ ‪ ،‬لديث‬
‫معدان بفن أبف طلحفة عفن أبف الدرداء ‪ " :‬أن رسفول ال ( ص ) قاء ‪،‬‬
‫فأف طر ‪ ،‬فتو ضأ ‪ ،‬فلق يت ثولن ف م سجد دم شق ‪ ،‬فذكرت ذلك له ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬صدق ‪ ،‬أنا صببت له وضؤه " ‪ .‬أخرجه الترمذي ( ‪- 142 / 1‬‬
‫‪ ) 143‬وغيه با سناد صحيح ‪ ،‬والضطراب الذي و قع ف سنده ل‬
‫يعله ‪ ،‬لن حسينا العلم قد جوده كما قال الترمذي وأحد ‪ .‬راجع " نيل‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪126‬‬

‫الوطار " ( ‪ ، ) 164 / 1‬وتعليق الشيخ أحد ممد شاكر على الترمذي‬
‫و قد نص ش يخ ال سلم ا بن تيم ية ف " ممو عة الر سائل ال كبى " على‬
‫استحباب الوضوء من القئ ‪ ،‬لذا الديث ( ‪ - 3 . ) 234 / 2‬الوضوء‬
‫مفن حلف اليفت ‪ ،‬لقوله " صفلى ال عليفه وآله " ‪ " :‬مفن غسفل ميتفا‬
‫فليغت سل ‪ ،‬و من حله فليتو ضأ " ‪ .‬و هو حد يث صحيح جاء من طرق‬
‫بعض ها صحيح وبعض ها ح سن ك ما ذكر ته ف " إرواء الغل يل " ( ر قم‬
‫‪ ، ) 144‬وقواه ا بن الق يم وا بن القطان وا بن حزم والا فظ ‪ ،‬را جع "‬
‫التلخيص البي " ( ‪ . ) 134 / 2‬ث رأيت الؤلف قد احتج بالديث‬
‫على استحباب الغسل من غسل اليت فيما يأت من كتابه ‪ ،‬فكأنه ذهل‬
‫عن الستدلل به لا ذكرته هنا ‪ .‬ومن ( السح على الفي ) قوله تت‬
‫رقم ‪ " : - 2‬وعن الغية بن شعبة أن رسول ال ف ( ص ) توضأ ومسح‬
‫على الورب ي والنعل ي ‪ .‬رواه أح د والطحاوي وا بن ما جه والترمذي ‪،‬‬
‫وقال ‪ :‬حديث حسن صحيح ‪ ،‬وضعفه أبو داود " ‪ .‬قلت ‪ :‬قال أبو داود‬
‫ف " سننه " ب عد أن ساق الد يث ‪ " :‬كان ع بد الرح ن بن مهدي ل‬
‫يدث بذا الديث ‪ ،‬لن العروف عن الغية أن النب ( ص ) مسح على‬
‫الفيف " ‪ .‬قلت ‪ :‬فأنفت ترى أن أبفا داود إناف ضعففه ل لعلة فف سفند‬
‫الديفث ‪ ،‬بفل لخالفتفه للمعروف عفن الغية مفن مسفحه ( ص ) على‬
‫الفيف ‪ ،‬ول يففى على العاقفل أن هذا ليفس بعلة تقدح فف صفحة‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪127‬‬

‫الد يث ‪ ،‬لن ثبوت م سحه ( ص ) على الف ي ل ين في ثبوت م سحه‬


‫( ص ) على الوربي والنعلي ‪ ،‬فإذا روى هذا عن الغية ثقة ‪ ،‬وجب‬
‫ال خذ به لعدم منافا ته ل ا رواه غيه عن الغية من ال سح على الف ي ‪،‬‬
‫والوا قع أن رواة هذا الد يث كل هم رواة ثقات ‪ ،‬وإ سناده صحيح على‬
‫شرط البخاري ‪ ،‬وقد قال الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد ف " المام "‬
‫‪ " :‬ومن يصححه يعتمد بعد تعديل أب قيس ( راويه عن هذيل ) على‬
‫كونه ليس مالفا لرواية المهور مالفة معارضة ‪ ،‬بل هو أمر زائد على ما‬
‫رووه ‪ ،‬ول يعارضه ‪ ،‬ول سيما أنه طريق مستقل برواية هذيل عن الغية‬
‫ل يشارك الشهورات ف سندها " ‪ .‬وهذا هو تق يق القول ف الد يث‬
‫حسبما تقتضيه قواعد علم الديث ‪ ،‬فل تغتر با ينقل عن بعض العلماء‬
‫من تضيفه ‪ ،‬فإنه مبن على علة غي قادحة كما بينا ‪ ،‬ومن شاء ‪ .‬زيادة ف‬
‫التحق يق فليا جع تق يق ال ستاذ أح د م مد شا كر على " سنن الترمذي‬
‫" ( ‪ ، ) 168 - 167 / 2‬و " الروا " ( ‪ ، ) 101‬و " صحيح أب‬
‫داود " ( ‪ 147‬و ‪ . ) 148‬قوله أيضا عقب الديث السابق ‪ " :‬والسح‬
‫على الوربي كان هو القصود ‪ ،‬وجاء السح على النعلي تبعا " ‪ .‬قلت‬
‫‪ :‬قد يوهم هذا الكلم أن ال سح على النعل ي غي جائز ‪ ،‬ودفعا لذلك‬
‫أقول ‪ :‬قفد صفح عنفه ( ص ) السفح على النعليف اسفتقلل ‪ ،‬دون ذكفر‬
‫الورب ي من حد يث علي بن أ ب طالب ‪ ،‬وأوس بن أ ب أوس الثق في ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪128‬‬

‫وابن عمر ‪ ،‬وصححه ابن القطان كما ف " شرح علوم الديث " للعراقي‬
‫( ص ‪ ، ) 12‬وقد نكلمت على أسانيدها ف " صحيح سنن أب داود " (‬
‫ر قم ‪ 150‬و ‪ / . ) 156‬صفحة ‪ / 114‬فهذه الحاد يث تدل على‬
‫جواز السح على النعلي أيضا ‪ ،‬و قد ث بت ذلك عن بعض ال سلف أيضا‬
‫ك ما يأ ت قري با ‪ ،‬فف يه دل يل وا ضح على عدم اشتراط كون ال ف ساترا‬
‫لحل الفرض كما نقله الؤلف عن شيخ السلم ( ص ‪ . ) 106‬قوله ‪" :‬‬
‫يبطل السح على الفي ‪ ) 1 ( :‬انقضاء الدة ‪ ) 2 ( .‬النابة ‪) 3 ( .‬‬
‫نزع الفف " ‪ .‬قلت ‪ :‬المفر الثانف دليله حديفث صففوان ‪ -‬بفن عسفال‬
‫التقدم ف الكتاب ف ب ث ( نوا قض الوضوء ‪ /‬النوم ال ستغرق ) ‪ .‬وأ ما‬
‫المر الول والثالث فل دليل عليهما البتة ‪ ،‬ولذلك قال شيخ السلم ف‬
‫" الختيارات " ( ص ‪ " : ) 9‬ل ين قض وضوء الا سح على ال ف‬
‫والعما مة بنعه ما ‪ ،‬ول بانقضاء الدة ‪ ،‬ول ي ب عل يه م سح رأ سه ول‬
‫ش سمل قدم يه ‪ ،‬و هو مذ هب ال سن الب صري ‪ ،‬كإزالة الش عر الم سوح‬
‫على الصحيح من مذهب أحد وقول المهور " ‪ .‬قلت ‪ :‬وما ذكره عن‬
‫السن البصري علقه البخاري عنه ف " صحيحه " ( ‪ ، ) 225 / 1‬فقال‬
‫‪ " :‬وقال ال سن ‪ :‬إن أ خذ من شعره وأظفاره ‪ ،‬أو خلع خف يه ‪ ،‬فل‬
‫وضوء عل يه " ‪ .‬قال الا فظ ‪ " :‬التعل يق ع نه للم سألة الول و صله سعيد‬
‫بن منصور وابن النذر بإسناد صحيح ‪ ،‬وأما التعليق ع نه للمسألة الثانية‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪129‬‬

‫فو صله ا بن أ ب شيبة بإ سناد صحيح ‪ ،‬وواف قه على ذلك إبراه يم النخعي‬
‫وطاوس وقتادة وعطاء وبه كان يفت سليمان بن حرب وداود " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا مذهب علي بن أب طالب أيضا ‪ ،‬فقد أخرج البيهقي ( ‪/ 1‬‬
‫‪ ، ) 288‬والطحاوي ف " شرح العان " ( ‪ ، ) 58 / 1‬عن أب ظبيان‬
‫أنه رأى عليا رضي ال عنه بال قائما ‪ ،‬ث دعا باء ‪ ،‬فتوضأ ومسح على‬
‫نعل يه ‪ ،‬ث د خل ال سجد ‪ ،‬فخلع نعل يه ‪ ،‬ث صلى ‪ .‬زاد البيه قي ‪ " :‬فأم‬
‫الناس " ‪ .‬وإ سنادها صحيح على شرط الشيخ ي ‪ .‬وفيه دل يل على جواز‬
‫السح على النعلي ‪ ،‬وقد صح ذلك عن النب ( ص ) ف أحاديث سبقت‬
‫الشارة إلي ها ‪ .‬و من ( الغ سل ) قوله ت ت الفقرة ( أ ) من موجبا ته ‪" :‬‬
‫قال رسول ال ( ص ) ‪ :‬فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬أورده من حد يث ا بن عباس ف ق صة له مع ب عض أ صحابه من‬
‫التابعي ‪ ،‬وقد أخرجه الترمذي وابن ماجه وابن عبد الب ف " جامع العلم‬
‫" عنه مرفوعأ دون القصة ‪ ،‬وقال الترمذي ‪ " :‬حديث غريب " ‪ .‬يعن‬
‫ضع يف ‪ ،‬ون قل الناوي عن الا فظ العرا قي أ نه قال ‪ " :‬إ سناده ضع يف‬
‫جدا " ‪ .‬وهو كما قال ‪ ،‬وبيانه ف التعليق على " الشكاة " ( ‪. ) 217‬‬
‫وأ ما الق صة ‪ ،‬فلم أ قف الن على سندها للن ظر ف يه ‪ ،‬و ما أظن ها ت صح ‪،‬‬
‫وفيها نكارة ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪130‬‬

‫ومن ( ما يرم على النب ) قوله ‪ . . . " :‬ول مانع من مس ما اشتمل‬


‫على آيات من القران كالرسائل وكتب التفسي والفقه وغيها ‪ ،‬فإن هذه‬
‫ل تسمى مصحفا ول تثبت لا حرمته " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذأ الواب مبن على‬
‫القول بر مة مس ال صحف من ال نب ‪ ،‬وال صنف ل يذ كر دليل عل يه‬
‫ههنا ‪ ،‬ولكنه أشار ف " فصل ‪ :‬ما يب له الوضوء " أن الدليل هو قوله‬
‫( ص ) ‪ " :‬ل ي س القرآن إل طا هر " ‪ ،‬مع أ نه صرح هناك بأن لف ظة "‬
‫طاهر " مشترك يتمل معان شت ‪ ،‬وأنه ل بد من حله على معن معي‬
‫من قرينة ‪ ،‬ث حله هو على غي النب بغي قرينة ‪ ،‬وقد رددنا عليه هناك‬
‫با فيه كفاية ‪ ،‬وبينا الراد من الديث هناك ‪ ،‬وأنه ل يدل على تري مس‬
‫القرآن على الؤمن مطلقا ‪ .‬فراجعه ‪ .‬والباءة الصلية مع الذين قالوا بواز‬
‫مس القران من السلم النب ‪ ،‬وليس ف الباب نقل صحيح ييز الروج‬
‫ف ‪ .‬فتأمفل ‪ .‬قوله ‪ " :‬يرم على النفب أن يقرأ شيئا مفن القرآن عنفد‬
‫عنه ا‬
‫المهور ‪ .‬لد يث علي أن ر سول ال ( ص ) كان ل يج به عن القرآن‬
‫شئ ل يس النا بة ‪ .‬رواه أ صحاب ال سنن و صححه الترمذي وغيه ‪ .‬قال‬
‫الافظ ف " الفتح " ‪ :‬وضعف بعضهم بعض رواته ‪ ،‬والق أنه من قبيل‬
‫السن يصلح للحجة " ‪ .‬قلت ‪ :‬كل ‪ ،‬بل هو من قبيل الضعيف الذي ل‬
‫تقوم به ح جة ‪ ،‬ل نه تفرد به ع بد ال بن سلمة ‪ ،‬و قد كان تغ ي بآ خر‬
‫عمره باعتراف الافظ ابن حجر نفسه ف " التقريب " ‪ ،‬وف هذه الالة‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪131‬‬

‫كان قد حدث بذا الد يث ك ما سبق بيا نه ف ف صل ما ي ستحب له‬


‫الوضوء ‪ ، ،‬وهفي علة قويفة تورث شبهفة فف ثبوت الديفث ‪ ،‬تنفع مفن‬
‫الحتجاج به ‪ ،‬سيما وقد ثبت عن عائشة ما يعارضه ‪ ،‬وقد ذكرته ث ‪،‬‬
‫وليس له ما يشهد له من الطرق ما يصلح لتقويته مثل قول الؤلف عقبه ‪:‬‬
‫" وعنه قال ‪ :‬رأيت رسول ال ( ص ) توضأ ‪ ،‬ث قرأ شيئا من القرآن ‪ ،‬ث‬
‫قال ‪ " :‬هكذا ل ن ليس بنب ‪ ،‬فأما ال نب فل ‪ ،‬ول آية " ‪ .‬رواه أحد‬
‫وأبو يعلى وهذا لفظه ‪ ،‬قال اليثمي ‪ :‬رجاله موثقون " ‪ .‬قلت ‪ :‬فإن لذه‬
‫الطريق علتي ‪ :‬الضعف ‪ ،‬والوقف ‪.‬‬
‫أما الضعف فسببه أن ف سنده عامر بن السمط أبا الغريف ول يوثقه غي‬
‫ابن حبان ‪ ،‬وهو مشهور بالتساهل ف التوثيق كما بينته ف " القدمة " ‪،‬‬
‫وقد خالفه من هو أعرف بالرجال منه ‪ ،‬وهو أبو حات الرازي ‪ ،‬فقال ف‬
‫أب الغريف هذا ‪ " :‬ليس بالشهور ‪ . . .‬قد تكلموا فيه ‪ ،‬من نظراء أصبغ‬
‫بن نباتة " ‪.‬‬
‫وأ صبغ هذا ل ي الد يث ع ند أ ب حا ت ‪ ،‬ومتروك ع ند غيه ‪ ،‬ومن هم‬
‫الا فظ ا بن ح جر ‪ ،‬فث بت ضع فه ‪ .‬وأ ما الو قف ف قد أخر جه الدارقط ن‬
‫وغيه عن أب الغريف عن علي موقوفا عليه كما بينت ذلك ف " ضعيف‬
‫سنن أب داود " ( رقم ‪ . ) 131‬فقد عاد الديث إل أنه موقوف مع‬
‫ضعف إسناده ‪ ،‬فل يصلح شاهدا للمرفوع الذي قبله ‪ ،‬بل لعل هذا أصله‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪132‬‬

‫موقوف أي ضا ‪ ،‬أخ طأ ف رف عه ولف ظه ع بد ال ا بن سلمة ح ي رواه ف‬


‫حالة التغ ي ‪ ،‬وهذا مت مل ‪ ،‬ف سقط ال ستدلل بالد يث على التحر ي ‪،‬‬
‫ووجفب الرجوع إل الصفل ‪ ،‬وهفو الباحفة ‪ ،‬وهفو مذهفب داود‬
‫وأصحابه ‪ ،‬تج له ابن حزم ( ‪ ، ) 80 - 77 / 1‬ورواه عن ابن عباس‬
‫وسعيد بن السيب ‪ ،‬وسعيد بن جبي ‪ ،‬وإسناده عن هذا جيد ‪ ،‬رواه عنه‬
‫حاد بن أب سليمان قال ‪ :‬سألت سعيد بن جبي عن النب يقرأ ؟ فلم‬
‫يربفه بأسفا ‪ ،‬وقال ‪ :‬أليفس فف جوففه القرآن ؟ وقرن البغوي فف " شرح‬
‫السنة " ( ‪ ) 43 / 2‬مع القائلي بالواز عكرمة أيضا ‪ ،‬لكن ل يفى أن‬
‫ال مر ل يلو من كرا هة ‪ ،‬لد يث ‪ " :‬إ ن كر هت أن أذ كر ال إل على‬
‫طهر " ‪ .‬انظر " الصحيحة " ( ‪ . ) 834‬واللة أعلم ‪ .‬قوله ‪ " :‬يرم على‬
‫النفب أن يكفث ف السفجد ‪ ،‬لديفث عائشفة قالت ‪ :‬جاء رسفول ال‬
‫( ص ) ووجوه بيوت أصحابه شارعة ف السجد ‪ ،‬فقال ‪ " :‬وجهوا هذه‬
‫البيوت عن ال سجد ‪ . . .‬فإ ن ل أ حل ال سمجد لائض ول ل نب " ‪.‬‬
‫رواه أ بو داود ‪ .‬و عن أم سلمة قالت ‪ :‬د خل ر سول ال ( ص ) صرحة‬
‫هذا السفجد ‪ ،‬فنادى بأعلى صفوته ‪ " :‬إن السفجد ل يلف لائض ول‬
‫ل نب " ‪ .‬رواه ا بن ما جه وال طباف " ‪ .‬قلت ‪ :‬سوق الد يث على هذه‬
‫الصفورة يوهفم القارئ أنمفا حديثان بإسفنادين متغايريفن ‪ ،‬أحدهاف عفن‬
‫عائ شة ‪ ،‬وال خر عن أم سلمة ‪ ،‬ول يس كذلك ‪ ،‬بل ه ا حد يث وا حد‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪133‬‬

‫بإ سناد وا حد ‪ ،‬مدأره على ج سرة ب نت دجا جة ‪ ،‬اضطر بت ف رواي ته ‪،‬‬


‫فمرة قالت ‪ " :‬عن عائشة " ‪ ،‬ومرة ‪ " :‬عن أم سلمة " ‪ ،‬والضطراب ما‬
‫يو هن به الد يث ك ما هو معروف ع ند الحدث ي ‪ ،‬ل نه يدل على عدم‬
‫ضبفط الراوي وحفظفه ‪ .‬يضاف إل ذلك أن جسفرة هذه ل يوثقهفا مفن‬
‫يعتمفد على توثيقفه ‪ ،‬بفل قال البخاري ‪ " :‬عندهفا عجائب " ‪ .‬ولذلك‬
‫ض عف جا عة هذا الد يث ك ما قال الطا ب ‪ .‬وقال البيه قي ‪ " .‬ل يس‬
‫بالقوي ل ا " ‪ .‬وقال ع بد ال ق ‪ " :‬ل يث بت " ‪ .‬وبالغ ا بن حزم فقال ‪" :‬‬
‫إنه باطل " ( ‪ . ) 1‬وللحديث شاهدان ل ينهضان لتقويته ودعمه ‪ ،‬لن‬
‫ف أحده ا مترو كا ‪ ،‬و ف ال خر كذا با ‪ ،‬و قد خرجته ما وف صلت القول‬
‫فيهما ف " ضعيف سنن أب داود " ( رقم ‪ . ) 32‬والقول عندنا ف هذه‬
‫ال سألة من الناح ية الفقه ية كالقول ف مس القرآن من ال نب ‪ ،‬للباءة‬
‫الصفلية ‪ ،‬وعدم وجود مفا ينهفض على التحريف ‪ ،‬وبفه قال المام أحدف‬
‫وغيه ‪ .‬قال البغوي ف " شرح ال سنة " ( ‪ " : ) 46 / 2‬وجوز أح د‬
‫والز ن ال كث ف يه ‪ ،‬وض عف أح د الد يث ‪ ،‬لن راو يه أفلت مهول ‪،‬‬
‫وتأول ال ية على أن ( عابري ال سبيل ) هم ال سافرون ت صيبهم النا بة ‪،‬‬
‫فيتيممون ويصفلون ‪ ،‬وقفد روي ذلك عفن ابفن عباس " ‪ .‬قوله ‪ " :‬وعفن‬
‫يزيد بن حبيب أن رجال من النصار كانت أبوابم إل السجد ‪ ،‬فكانت‬
‫تصيبهم جنابة ‪ ،‬فل يدون الاء ول طريق إليه إل من السجد ‪ ،‬فأنزل ال‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪134‬‬

‫تعال ‪ ( * :‬ول جنبفا إل عابري سفبيل ) * ‪ ،‬رواه ابفن جريفر " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫كذا ف الصل ‪ " :‬ابن حبيب " ‪ ،‬ولعله خطأ مطبعي ‪ ،‬والصواب ‪ " :‬ابن‬
‫أ ب حبيب " ك ما ف " تف سي ا بن جر ير " ‪ ،‬وك تب الرجال ‪ ،‬و هو أ بو‬
‫رجاء الصفري ‪ ،‬وكان فقيهفا مفن ثقات التابعيف ‪ ،‬إل أنفه كان يرسفل ‪.‬‬
‫فهذه الرواية معللة بالرسال ‪ ،‬فل يفرح با ‪ ( * .‬هامش ) * ( ‪ ) 1‬قلت‬
‫‪ :‬وقد خفي هذا التحقيق على الشوكان ‪ ،‬فقوى حديث عائشة بديث‬
‫أم سلمة ! كما خفي عليه أن علة الديث جسرة هذه ! فانظر " السيل‬
‫الرار " ( ‪ ) * ( . ) 109 / 1‬ومن ( الغسال الستحبة ) قوله تت‬
‫رقم ‪ " : - 1‬و قد ذهب جاعة من العلماء إل القول بوجوب الغسل‬
‫للجمعفة ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬وهفو القف الذي ل ينبغفي العدول عنفه ‪ ،‬لن‬
‫الحاديث الدالة عليه أقوى إسنادا وأصرح ف الدللة من الحاديث الت‬
‫استدل با الخالفون على الستحباب ‪ ،‬فانظر مثل استدللم بديث عمر‬
‫الذكور ف الكتاب ‪ ،‬فإ نه ل ح جة ل م ف يه ‪ ،‬بل هو علي هم ‪ ،‬لن إنكار‬
‫عمر على رأس النب ف ذلك المع الافل على مثل ذلك الصحاب الليل‬
‫‪ ،‬وتقرير جيع الاضرين من الصحابة وغيهم لا وقع من ذلك النكار ‪،‬‬
‫ل و من أع ظم الدلة القاض ية بأن الوجوب كان معلو ما ع ند ال صحابة ‪،‬‬
‫ولو كان المفر عندهفم على عدم الوجوب لاف عول ذلك الصفحاب فف‬
‫العتذار على غيه ‪ ،‬فأي تقرير من عمر ومن حضر بعد هذا النكار ؟ !‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪135‬‬

‫وكذلك استدللم بديث أب هريرة ‪ " :‬من توضأ فأحسن الوضوء ‪. . .‬‬
‫" ‪ ،‬فقد أجاب عنه الافظ نفسه بقوله ف " الفتح " ‪ " :‬ليس فيه نفي‬
‫الغ سل ‪ ،‬و قد ورد من و جه آ خر ف ال صحيح بل فظ ‪ " :‬من اغت سل " ‪،‬‬
‫فيحت مل أن يكون ذ كر الوضوء ل ن تقدم غ سله على الذهاب فاحتاج إل‬
‫إعادة الوضوء " ‪ .‬وجلة القول أن الحاديفث الصفرحة بوجوب شسفمل‬
‫المعة فيها حكم زائد على الحاديث الفيدة لستحبابه فل تعارض بينها‬
‫‪ ،‬والواجب الخذ با تضمن الزيادة منها ‪ .‬وراجع تفصيل هذا البحث ف‬
‫" نيل الوطار " للشوكان ‪ ،‬و " الحلى " لبن حزم ‪.‬‬
‫قوله تت رقم‬
‫‪ " : - 3‬لا روي عن عمر قال ‪ :‬كنا نغسل اليت ‪ ،‬فمنا من يغتسل ‪،‬‬
‫ومنا من ل يغتسل ‪ .‬رواه الطيب بأسناد صحيح " ‪ .‬قلت ‪ :‬ل شك أن‬
‫إ سناده صحيح ‪ ،‬ل كن ت صديره بقوله ‪ " :‬روي " ‪ ،‬ل يت فق مع ما طلح‬
‫عليفه الحدثون مفن أن هذه الصفيغة ونوهفا إناف يصفدر باف الديفث‬
‫الضعيف ! فهذا يدلنا على أن الؤلف ل يراع هذا الصطلح ههنا ‪ ،‬فهل‬
‫يا ترى يرعاه حي يفمدر الديث بذه الصيغة ‪ ،‬ويكست عنه كما فعل‬
‫ف الديث التقدم ( ص ‪ ) 44‬؟ أنا ف شك من ذلك كما ذكرته هناك‬
‫‪ .‬وال أعلم ‪ .‬ث إن الؤلف تبع الافظ ابن حجر ف " التلخيص " أو من‬
‫ن قل ذلك ع نه ف اقت صار عزوه للخط يب ‪ ،‬يع ن ف " تاري ه " ‪ ،‬وذلك‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪136‬‬

‫يو هم أ نه ل يس ع ند من هو أعلى طب قة م نه ‪ ،‬وكتا به أش هر من كتا به ‪،‬‬


‫وليس كذلك ‪ ،‬فقد أخرجه الدارقطن أيضا ف " سننه " ( ص ‪، ) 191‬‬
‫وهفي فائدة أحببفت أن أنبفه عليهفا ‪ .‬وقوله ‪ " :‬ولاف غسفلت أسفاء بنفت‬
‫عم يس زوج ها أ با ب كر ال صديق ر ضي ال ع نه ح ي تو ف ‪ ،‬خر جت ‪،‬‬
‫ف سألت من حضر ها من الهاجر ين ‪ ،‬فقالت ‪ :‬إن هذا يوم شد يد البد ‪،‬‬
‫وأنفا صفائمة ‪ ،‬فهفل علي مفن غسفل ؟ تالوا ‪ :‬ل ‪ .‬رواه مالك " ‪ .‬قلط ‪:‬‬
‫ف ‪ . . .‬إل ‪ .‬يوهفم أن القصفة صفحيحة‬ ‫جزمفه بان أسفاء غسفلت زوجه ا‬
‫السناد ‪ ،‬وليس كذلك لنقطاعه ‪ ،‬فإن مالكا أخرجها ف " الوطإ " ( ‪1‬‬
‫‪ ) 223 - 222 /‬عن عبد ال بن أب بكر أن أساء بنت عميس غسلت‬
‫أ با ب كر ال صديق ح ي تو ف ث خر جت ‪ . . .‬وع بد ال بن أ ب ب كر هذا‬
‫ليس هو ابن أب بكر الصديق كما قد يترهم ‪ ،‬بل هو عبد ال بن أب بكر‬
‫بن ممد بن عمرو بن حزم النصاري ‪ ،‬وهو ثقة إمام من شيوخ مالك ‪،‬‬
‫ولكنه ل يدرك أساء بنت عميس ‪ ،‬فإن وفاتا قبل سنة خسي ‪ ،‬وولدة‬
‫ع بد ال ب عد سنة ستي ك ما ي ستفاد من " التهذ يب " وغيه ‪ .‬ولو صح‬
‫هذا الثر لكان ظاهر الدللة على وجوب هذا الغتسال كما هو مذهب‬
‫ابن حزم ‪ ،‬لنم إنا أفتوها بتركه لعذر البد الشديد مع كونا صائمة ‪،‬‬
‫فتأمفل ‪ ( .‬فائدة ) ‪ :‬ههنفا أغسفال ثابتفة ‪ ،‬ل يتعرض الؤلف لذكرهفا ‪،‬‬
‫فرأيت من الفائدة أن ل نغفلها ‪:‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪137‬‬

‫‪ - 1‬الغتسال عند كل جاع ‪ ،‬لديث أب رافع أن النب ( ص ) طاف‬


‫ذات يوم على نسفائه ‪ ،‬يغتسفل عنفد هذه وعنفد هذه ‪ ،‬قال ‪ :‬فقلت ‪ :‬يفا‬
‫رسفول ال ! أل تعله واحدا ؟ قال ‪ :‬هذأ أزكفى وأطيفب وأطهفر ‪ .‬رواه‬
‫أبو داود وغيه بإسناد حسن ‪ ،‬ولذلك أوردته ف " صحيح أب داود " ‪،‬‬
‫وذكرت فيه أن الافظ ابن حجر قواه ‪ ،‬واستدل به على ما ذكرنا ‪.‬‬
‫‪ - 2‬اغتسال الستحاضة لكل صلة ‪ ،‬أو للظهر والعصر جيعا غسل ‪،‬‬
‫وللمغرب والعشاء جيعا غسل ‪ ،‬وللفجر غسل ‪ ،‬لديث عائشة قالت ‪:‬‬
‫إن أم حبيبة استحيضت ف عهد رسول ال ( ص ) ‪ ،‬فأمرها بالغسل لكل‬
‫صلة ‪ . . .‬الد يث ‪ ،‬و ف روا ية عن ها ‪ " :‬ا ستحيضت امرأة على ع هد‬
‫ر سول ال ( ص ) فأمرت أن تع جل الع صر وتؤ خر الظ هر وتغت سل ل ما‬
‫غسفل واحدا ‪ ،‬وتؤخفر الغرب وتعجفل العشاء وتغتسفل لمفا غسفل ‪،‬‬
‫وتنت سل ل صلة ال صبح غ سل ‪ ،‬وإ سناد هذه الروا ية صحيح على شرط‬
‫الشيخ ي ‪ ،‬والول صحيح ف قط ك ما بينته ف " صحيح ال سنن " ( ر قم‬
‫‪ 300‬و ‪. ) 305‬‬
‫‪ - 3‬الغتسال بعد الغماء ‪ ،‬لديث عائشة رضي ال عنها قالت ‪ :‬ثقل‬
‫ر سول ال ( ص ) فقال ‪ :‬أ صلى الناس ؟ فقل نا ‪ :‬ل ‪ ،‬هم ينتظرو نك يا‬
‫فب ‪ .‬قالت ‪ :‬ففعلت ‪،‬‬ ‫فول ال ‪ .‬فقال ‪ :‬ضعوا ل ماء ف ف الخضف‬ ‫رسف‬
‫فاغتسل ‪ ،‬ث ذهب لينوء ‪ ،‬فأغمي عليه ‪ ،‬ث أفاق ‪ ،‬فقال ‪ :‬أصلى الناس ؟‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪138‬‬

‫فقلنفا ‪ :‬ل ‪ ،‬هفم ينتظرونفك يفا رسفول ال ‪ .‬فقال ‪ :‬ضعوا ل الاء فف‬
‫الخ ضب ‪ .‬قالت ‪ :‬ففعل نا ‪ ،‬فاغت سل ‪ ،‬ث ذ هب لينوء فأغ مي عل يه ‪ ،‬ث‬
‫أفاق ‪ ،‬قال ‪ :‬أ صلى الناس ؟ فقل نا ‪ :‬ل ‪ ،‬هم ينتظرو نك يا ر سول ال ‪.‬‬
‫فذكرت إرساله إل أب بكر وتام الديث ‪ .‬متفق عليه كما ف " النتقى "‬
‫‪ ،‬أورده ف " باب ‪ :‬غسل الغمى عليه إذا أفاق " ‪ .‬قال الشوكان ( ‪/ 1‬‬
‫‪ " : ) 212‬وقفد سفاقه الصفنف ههنفا للسفتدلل بفه على اسفتحباب‬
‫الغت سال للمغ مى عليه و قد فعله ال نب ( ص ) ثلث مرات ‪ ،‬وهو مثقل‬
‫بالرض ‪ ،‬فدل ذلك على تأكد استحبابه " ‪.‬‬
‫‪ - 4‬الغتسال من دفن الشرك ‪ ،‬لديث علي بن أب طالب أنه أتى النب‬
‫( ص ) فقال ‪ :‬إن أ با طالب مات ‪ ،‬فقال ‪ :‬اذ هب فواره ‪ ،‬فل ما واري ته ‪،‬‬
‫رجعت إليه ‪ ،‬فقال ل ‪ :‬اغتسل ‪ .‬أخرجه النسائي وغيه بسند صحيح ‪،‬‬
‫وله إ سناد آ خر صحيح أيضا ‪ ،‬وفيه زيادات ‪ ،‬و قد أوردته ف " البحث‬
‫" ( ‪ ، ) 79‬فقرة " ب " ‪ ،‬من كتاب " أحكام النائز " ‪ ،‬وقد فرغت منه‬
‫قريبا ‪ .‬ث طبع والمد ل الذي بنعمته تتم الصالات ‪.‬‬
‫ومن ( غسل الرأة ) قوله ‪ " :‬فعن عائشة أن أساء بنت يزيد سألت النب‬
‫( ص ) عن غسل الحيض ‪ ،‬قال ‪ :‬تأخذ إحداكن ماءها وسدرتا فتطهر‬
‫‪ . . .‬ث تأخذ فرصة مسكة فتطهر با ‪ .‬قالت أساء ‪ :‬وكيف تطهر با ؟‬
‫قال ‪ :‬سبحان ال تطهري ب ا ‪ . . .‬و سألته عن غ سل النا بة ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪139‬‬

‫تأخذين ماءك ‪ . . .‬فقالت عائشة ‪ :‬نعم النساء نساء النصار ‪ ،‬ل ينعهن‬
‫الياء أن يتفقهفن فف الديفن ‪ .‬رواه الماعفة إل الترمذي " ‪ .‬قلت ‪ :‬فيفه‬
‫وهان ‪ :‬الول ‪ :‬أن جاعفة الذكوريفن ل يرووا الديفث بتمامفه ‪ ،‬وإناف‬
‫رواه كذالك من بينهم مسلم وأبو داود وابن ماجه وأحد ( ‪147 / 6‬‬
‫‪ ) 148 -‬والسياق له ‪ .‬وأما بقية الماعة وهم البخاري والنسائي فإنا‬
‫أخرجا القسم الول منه دون السؤال عن غسل النابة ‪ ،‬وهذا القدر هو‬
‫الذي عزاه ف " النتقى " ( ‪ 218 - 217 / 1‬بشرح الشوكان ) لرواية‬
‫الما عة إل الترمذي ‪ .‬وروى الب خا ‪ .‬ري معل قا تول عائ ثة ف آخره ‪" :‬‬
‫نعم النساء ‪ ، " . . .‬فقال الافظ ف " شرحه " ( ‪ 84 / 1‬ا ) ‪ " :‬هذا‬
‫التعليق وصله مسلم ‪ . . .‬عن عائشة ف حديث أوله ‪ :‬أن أساء بنت يزيد‬
‫النصفاري سفألت النفب ( ص ) عفن غسفل الحيفض ‪ . " . . .‬فهذا ماف‬
‫يدلك على و هم ن سبته الد يث برم ته إل البخاري ‪ .‬و قد و قع ف هذا‬
‫الوهم الشيخ ممود السبكي أيضا ف " الدين الالص " ( ‪، ) 313 / 1‬‬
‫والظاهر أنما قلدا غيها فيه ‪.‬‬
‫الثان ‪ :‬أنه ليس عند أحد الذكورين من روى الديث متصرا أو تاما أن‬
‫السائلة هي أساء بنت يزيد ‪ ،‬بل هي عندهم أساء غي منسوبة ‪ ،‬وبعضهم‬
‫ل يسمها مطلقا ‪ ،‬اللهم إل ف رواية لسلم ( ‪ ، ) 180 / 1‬فإنه ساها ‪:‬‬
‫" أساء بنت شكل " ‪ ،‬وما تقدم عن الافظ أنا عند مسلم ‪ " :‬أساء بنت‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪140‬‬

‫يزيد النصاري " وهم منه رحه ال ‪ ،‬ولعله منشأ وهم الؤلف أو من نقل‬
‫هو عنه ‪ ،‬وال أعلم ‪ .‬ث إن الديث صريح ف التفريق بي غسل الرأة ف‬
‫اليفض ‪ ،‬وغسفلها مفن النابفة ‪ ،‬حيفت أكفد على الائض أن تبالغ فف‬
‫التدليك الشديد والتطهي ما ل يؤكد مثله ف غسلها من النابة ‪ ،‬كما أن‬
‫حد يث أم سلمة الذكور ف الكتاب دل يل على عدم وجوب الن قض ف‬
‫غ سلها من النا بة ‪ ،‬و هو الراد ف حد يث عب يد بن عم ي عن عائ شة ‪،‬‬
‫بقري نة اغت سالا مع ال نب ( ص ) ‪ ،‬فل تعارض ب ي الحاد يث على هذا‬
‫التف صيل ‪ . ،‬في جب الن قض ف ال يض ‪ ،‬ول ي ب ف النا بة خل فا ل ا‬
‫ذ هب إل يه ال صنف ‪ ،‬وعلى مذه به يلزم رد حد يث عائ شة بدون ح جة ‪،‬‬
‫ول يوز ‪ .‬و قد ذ هب إل التف صيل الذكور المام أح د ‪ ،‬و صححه ا بن‬
‫الق يم ف " تذ يب ال سنن " ‪ ،‬فراج عه ( ‪ ، ) 168 - 165 / 1‬و هو‬
‫مذهب ابن حزم ( ‪. ) 40 - 37 / 2‬‬
‫و من ( م سائل تتعلق بالغ سل ) قوله ‪ - 1 " :‬يزئ غ سل وا حد عن‬
‫حيض وجنابة ‪ ،‬أو عن جعة وعيد ‪ ،‬أو عن جنابة وجعة ‪ ،‬إذا نوى الكل‬
‫‪ ،‬لقول رسفول ال ( ص ) ‪ :‬وإناف لكفل امرئ مفا نوى " ‪ .‬قلت ‪ :‬الذي‬
‫يتبي ل أنه ل يزى ذلك ‪ ،‬بل ل بد من الغسل لكل ما يب الغسل له‬
‫غ سل على حدة ‪ ،‬فيغت سل للح يض غ سل ‪ ،‬وللجنا بة غ سل آ خر ‪ ،‬أو‬
‫للجنابة غسل ‪ ،‬وللجمعة غسل آخر ‪ ،‬لن هذه الغسال قد قام الدليل‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪141‬‬

‫على وجوب كل وا حد من ها على انفراده ‪ ،‬فل يوز توحيد ها ف ع مل‬


‫وا حد ‪ ،‬أل ترى أ نه لو كان عل يه قضاء ش هر رمضان أ نه ل يوز له أن‬
‫ينوي قضاءه مفع صفيامه لشهفر رمضان أداء ‪ ،‬وهكذا يقال فف الصفلة‬
‫ونو ها ‪ ،‬والتفر يق ب ي هذه العباداى وب ي الغ سل ل دل يل عل يه ‪ ،‬و من‬
‫ادعاه فليتف ضل بالبيان ‪ .‬وا ستدلل ال صنف بقوله ( ص ) ‪ " :‬وإن ا ل كل‬
‫امرئ ما نوى " ل وجه له ههنا ‪ ،‬وليس له العموم الذي نزع إليه الصنف‬
‫إذ الع ن ‪ :‬له ما نوى من الن ية ال صالة أو الفا سدة ف الع مل الشروع ‪،‬‬
‫بع ن أن الع مل الشروع ل يكون مقبول ع ند ال إل إذا كا نت الن ية ف يه‬
‫صالة ‪ ،‬بلف ما إذا كانت النية فاسدة ‪ .‬مثل أن يقصد به غي وجه ال‬
‫تعال ‪ ،‬فحينئذ ل يقبل عمله ‪ ،‬ويدلك على أن هذا هو الرأد من الديث‬
‫تا مه ‪ ،‬و هو ‪ " :‬إن ا العمال بالنيات ‪ ،‬وإن ا ل كل امرئ ما نوى ‪ ،‬ف من‬
‫كانت هجرته إل ال ورسوله ‪ ،‬فهجرته إل ال ورسوله ( وهذه هي النية‬
‫الصالة ) ‪ ،‬ومن كانت هجرته إل دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها ( وهذه‬
‫هي الن ية الفا سدة ) ‪ ،‬فهجر ته إل ما ها جر إل يه " ‪ .‬وخل صة القول أن‬
‫الديفث إناف يدل على صفلح العمفل الذي ثبفت فف الشرع جوازه إذا‬
‫اقتر نت به الن ية ال صالة ‪ ،‬وأ ما أ نه يدل على صلح ما ل يث بت جوازه‬
‫بدليل خاص لجرد اقترانه بالنية الصالة ‪ ،‬فل دليل فيه البتة ‪ ،‬وهذا بي ل‬
‫يفى ‪ .‬وقد عكس ابن حزم فاستدل بالديث على ما ذهبنا إليه ‪ ،‬فقال‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪142‬‬

‫ب عد أن ذ كر أن من أج نب يوم الم عة فل يز يه إل غ سلن ‪ ،‬ش سمل‬


‫ينوي به النابة ‪ ،‬وغسل آخر ينوي به المعة ‪ . . .‬إل ‪ .‬قال ( ‪43 / 2‬‬
‫) ‪ " :‬برهان ذلك قول ال تعال ‪ ( * :‬وما أمروا إل ليعبدوا ال ملصي‬
‫له الدين ) * ‪ ،‬وقول رسول ال ( ص ) ‪ " :‬إنا العمال بالنيات ‪ ،‬ولكل‬
‫امرئ ما نوى " ‪ ،‬ف صح يقي نا أ نه مأمور ب كل غ سل من هذه الغ سال ‪،‬‬
‫فإذ قد صح ذلك ‪ ،‬ف من البا طل أن يزئ ع مل عن عمل ي أو أك ثر ‪،‬‬
‫وصح يقينا أنه إن نوى أحد ما عليه من ذلك ‪ ،‬فإنا له بشهادة رسول ال‬
‫( ص ) الصادقة الذي نواه فقط ‪ ،‬وليس له ما ل ينوه ‪ ،‬فإن نوى بعمله‬
‫ذلك غسلي فصاعدا ‪ ،‬فقد خالف ما أمر به ‪ ،‬لنه مأمور بغسل تام لكل‬
‫وجه من الوجوه الت ذكرنا ‪ ،‬فلم يفعل ذلك ‪ ،‬والغسل ل ينقسم ‪ ،‬فبطل‬
‫عمله كله ‪ ،‬لقول رسول ال ( ص ) ‪ :‬من ع مل عمل ليس عليه أمر نا ‪.‬‬
‫فهورد " ‪ .‬ثف ذكفر ه ذهفب إل مفا اختاره مفن عدم الجزاء جاعفة مفن‬
‫السفلف من هم جابر بن زيفد وال سن وقتادة وإبراه يم النخ عي والكفم‬
‫وطاوس وعطاء وعمرو بن شعيب والزهري وميمون بن مهران ‪ ،‬قال ‪" :‬‬
‫وهفو قول داود وأصفحابنا " ‪ .‬وقفد سفاق الثار بذلك عنهفم فراجعهفا ‪،‬‬
‫ويسفن أن يلحفق بمف أبفو قتادة النصفاري رضفي ال عنفه ‪ ،‬فقفد روى‬
‫الاكم ( ‪ ) 282 / 1‬من طريق يمص بن أب كثي عن عبد ال بن أب‬
‫قتادة قال ‪ :‬د خل علي أ ب وأ نا أغت سل يوم الم عة ‪ ،‬فقال ‪ :‬غ سل من‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪143‬‬

‫جنابة أو للجمعة ؟ قال ‪ :‬قلت ‪ :‬من جنابة ‪ .‬قال ‪ :‬أعد غسل آخر ‪ ،‬فإن‬
‫سعط رسول ال ( ص ) يقول ‪ " :‬من اغتسل يوم المعة كان ف طهارة‬
‫إل المعفة الخرى " ‪ .‬وقال الاكفم ‪ " :‬حديفث صفحيح على شرط‬
‫الشيخيف " ‪ .‬ووافقفه الذهفب ! فلو كان أبفو قتادة يرى إجزاء الغسفل‬
‫الوا حد عن الغ سلي ل ا أمره بإعادة غ سل وا حد للجم عة ‪ ،‬بل لقال له ‪:‬‬
‫انو ف غسلك من النابة الغسل للجمعة أيضا ‪ .‬لكن ف صحة السناد‬
‫الذكور نظر ‪ ،‬لن يي بن أب كثي مدلس وقد عنعنه ‪ ،‬ث إن ف الطريق‬
‫إليه هارون بن مسلم العجلي ‪ ،‬وليس من رجال الشيخي ‪ ،‬بل ول روى‬
‫له أحد ‪ .‬من الستة شيئا ‪ ،‬وقد قال فيه الاكم عقب هذا الديث ‪ " :‬ثقة‬
‫‪ ،‬روى عنه أحد بن حنبل وعبد ال بن عمر القواريري " ‪.‬‬
‫وروى عنه جاعة آخرون ‪ ،‬وذكره ابن حبان ف " الثقات " ‪ ،‬وأخرج له‬
‫هو وابن خزية ف " صحيحيهما " كما ف " التهذيب " ‪ ،‬وقال ‪ :‬قال أبو‬
‫حا ت ‪ " :‬ف يه ل ي " ‪ .‬وقال ف " التقر يب " ‪ " :‬صدوق " ‪ .‬فالظا هر أ نه‬
‫حسن الديث على القل ‪ .‬وقد رواه من طريقه الطبان ف " الوسط "‬
‫كما ف " الجمع " ( ‪ ، ) 174 / 2‬وقال ‪ " :‬وفيه هارون بن مسلم ‪،‬‬
‫قال أبو حات ‪ :‬فيه لي ‪ .‬ووثقه الاكم وابن حبان ‪ ،‬وبقية رجاله ثقات "‬
‫‪/ .‬ث خرجته ف " الصحيحة " ( ‪ . ) 2321‬قوله ‪" :‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪144‬‬

‫‪ - 2‬إذا اغتسفل مفن النابفة ‪ ،‬ول يكفن قفد توضفأ ‪ ،‬يقوم الغسفل عفن‬
‫الوضوء قالت عائشفة ‪ :‬كان رسفول ال ( ص ) ل يتوضفأ بعفد الغسفل ‪.‬‬
‫وعن ابن عمر أنه قال لرجل قال له ‪ :‬إن أتوضأ بعد الغسل ؟ فقال له ‪:‬‬
‫لقد تعمقت " ‪ .‬قلت ‪ :‬ف هذا الستدلل نظر ‪ ،‬أما الثر عن ابن عمر ‪،‬‬
‫فموقوف ‪ ،‬ول ح جة ف يه إن صح ‪ ،‬ت الظا هر أن الراد م نه ما يراد من‬
‫الديث ‪ ،‬وهوأن السنة الوضوء قبل الغسل ل بعده ‪ ،‬بدليل حديثها الخر‬
‫‪ ،‬قالت ‪ " :‬كان رسفول ال ( ص ) إذا اغتسفل مفن النابفة غسفل يديفه‬
‫وتو ضأ وضوءه لل صلة ‪ ،‬ث اغت سل ‪ . . .‬الد يث " ‪ .‬أخر جه الشيخان‬
‫وغيها ‪ .‬ول شك أن من توضأ قبل الغسل ‪ ،‬ث بعده ‪ ،‬فهو تعمق ‪ ،‬ومن‬
‫اقتصر على الوضوء بعده فهو مالف للسنة ‪ ،‬فليس إذن ف حديث عائشة‬
‫أنفه ( ص ) كان ل يتوضفا فف الغسفل مطلقفا ‪ ،‬ولو كان كذلك لصفح‬
‫الستدلل به ‪ ،‬وإذ ل ‪ ،‬فل ‪ .‬فالول الستدلل بديث جابر بن عبد ال‬
‫‪ :‬أن أهفل الطائف قالوا ‪ :‬يفا رسفول ال ! إن أرضنفا أرض باردة ‪ ،‬فمفا‬
‫يزئ نا من غ سل النا بة ؟ فقال ر سول ال ( ص ) ‪ :‬أ ما أ نا فأفرغ على‬
‫رأسي ثلثا ‪ .‬رواه مسلم وغيه ‪ .‬وبه استدل البيهقي للمسألة ‪ ،‬فقال ف‬
‫" سننه " ( ‪ " : ) 177 / 1‬باب ‪ :‬الدليل على دخول الوضوء ف الغسل‬
‫‪ ، " . . .‬وهذا ظا هر من الد يث ‪ ،‬فإذا ضم إل يه حد يث عائ شة الذي‬
‫أورده الؤلف ‪ -‬وهو صحيح كما بينته ف " صحيح سنن أب داود " برقم‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪145‬‬

‫( ‪ - ) 244‬ين تج منه ما أ نه ( ص ) كان ي صلي بالغ سل الذي ل يتو ضأ‬


‫فيه ول بعده ‪ .‬وال أعلم ‪.‬‬
‫قوله ‪ " :‬وقال أبفو بكفر بفن العربف ‪ :‬ل يتلف العلماء أن الوضوء دا خل‬
‫ت ت الغ سل ‪ ،‬وأن ن ية طهارة النا بة تأ ت على طهارة الدث ‪. " . . .‬‬
‫قلت ‪ :‬بلى ‪ ،‬قد اختلف العلماء ف ذلك ‪ ،‬وابن العرب إنا قال ما علم ‪،‬‬
‫* ( وفوق كل ذي علم عليتم ) * ‪ ،‬فقد قال الافظ ف " الفتح " ‪1 ( 2‬‬
‫‪ " : ) 287 /‬ونقل ابن بطال الجاع على أن الوضوء ل يب مع النسل‬
‫‪ ،‬و هو مردود ‪ ،‬ف قد ذ هب جا عة ‪ ،‬من هم أ بو ثور وداود وغيه ا إل أن‬
‫الغ سل ل ينوب عن الوضوء للمحدث " ‪ .‬قال الشوكا ن عق به ‪ " :‬و هو‬
‫قول أك ثر العلماء ‪ ،‬وإل القول الول ‪ -‬أع ن ‪ :‬عدم وجوب الوضوء مع‬
‫الغ سل ودخول الطهارة ال صغرى ت ت ال كبى ‪ -‬ذ هب ز يد بن علي ‪،‬‬
‫ول شفك فف مشروعيفة الوضوء مقدمفا على الغسفل كمفا ثبتفت بذلك‬
‫الحاديث الصحيحة ‪ ،‬وأما الوجوب فلم يدل عليه دليل ‪ ،‬والفعل بجرده‬
‫ل ينتهفض للوجوب ‪ ،‬نعفم ‪ ،‬يكفن تأييفد القول الثانف بالدلة القاضيفة‬
‫بوجوب الوضوء " ‪ .‬قلت ‪ :‬وعدم الوجوب هو مذهب ابن حزم ‪ ،‬خلفا‬
‫لا قد يظن ‪ ،‬راجع الحلى ( ‪ . ) 28 / 2‬قوله ‪ - 4 " :‬ل بأس بدخول‬
‫المام إن سلم الداخل من النظر إل العورات ‪ ،‬وسلم من نظر الناس إل‬
‫عورته " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا الكلم بإطلقه يشمل كل من يدخل المام ‪ ،‬ولو‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪146‬‬

‫كان من الن ساء ‪ ،‬ول سيما أن الؤلف ل ي ستثنهن من ال كم الذكور ‪،‬‬


‫فعليفه أقول ‪ :‬ل يوز إشراك النسفاء فف هذأ الكفم ‪ ،‬بفل المام ‪-‬‬
‫والقصفود بفه مفا كان خارج الدار طبعفا ‪ -‬حرام عليهفن مطلقفا ‪ ،‬لقوله‬
‫( ص ) ‪ " :‬من كان يؤ من بال واليوم ال خر فل ‪ ،‬يد خل المام إل‬
‫بئزر ‪ ،‬ومفن كان يؤمفن بال واليوم الخفر فل يدخفل حليلتفه المام " ‪.‬‬
‫رواه الترمذي وحسفنه ‪ ،‬وله شواهفد كثية ‪ ،‬تراجفع فف " الترغيفب " ‪.‬‬
‫وعن أب الليح قال ‪ " :‬دخل نسوة من أهل الشام على عائشة رضي ال‬
‫عن ها ‪ ،‬فقالت ‪ :‬من أن ت ؟ قلن ‪ :‬من أ هل الشام ‪ ،‬قالت ‪ :‬لعل كن من‬
‫الكورة الت تدخل نساؤها المامات ؟ قلن ‪ :‬نعم ‪ .‬قالت ‪ :‬أما إن سعت‬
‫رسول ال ( ص ) يقول ‪ :‬ما من امرأة تلع ثيابا ف غي بيتها إل هتكت‬
‫ما بينها وبي ال تعال " ‪ .‬رواه أصحاب " السنن " الربعة إل النسائي ‪،‬‬
‫وإسناده صحيح على شرط الشيخي ‪ .‬وراجع " صحيح الترغيب " ( ‪1‬‬
‫‪ - 165 - 157 / 141 /‬طبعة مكتبة العارف الرياض ) ‪ ،‬وهي طبعة‬
‫جديدة منق حة ومزيدة ‪ .‬وأ ما ا ستثناء الري ضة والنف ساء ‪ ،‬ك ما جاء ف‬
‫حديث ابن عمرو عند أب داود وغيه فل يصح سنده كما هو مبي ف "‬
‫غاية الرام " ( ‪ ) 192‬وغيه ‪.‬‬
‫ومفن ( التيمفم ) قوله مسفتدل على إباحفة التيمفم لرح أو مرض ‪" :‬‬
‫لد يث جابر ر ضي ال ع نه قال ‪ :‬خرج نا ف سفر ‪ ،‬فأ صاب رجل م نا‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪147‬‬

‫حجر ‪ ،‬فشجه ف رأسه ‪ ،‬ث احتلم ‪ ،‬فسأل أصحابه ‪ . . .‬فقال ( ص ) ‪:‬‬


‫قتلوه قتل هم ال ‪ ،‬أل سألوا إذ ل يعلموا ‪ ،‬فإن ا شفاء ال عي ال سؤال ‪ ،‬إن ا‬
‫كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب على جرحه خرقة ‪ ،‬ث يسح عليه‬
‫ويغسل سائر جسده ‪ .‬رواه أبو داود وابن ماجه والدارقطن وصححه ابن‬
‫السكن " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا الديث ضعفه البيهقي والعسقلن وغيها ‪ ،‬لكن‬
‫له شاهد من حديث ابن عباس يرتقي به إل درجة السن ‪ ،‬لكن ليس فيه‬
‫قوله ‪ " :‬ويع صر ‪ . . .‬إل " ف هي زيادة ضعي فة منكرة لتفرد هذا الطر يق‬
‫الضعيف با ‪ .‬وراجع " التلخيص البي " ( ‪ 292 / 2‬و ‪ ، ) 295‬و "‬
‫بلوغ الرام " ‪ .‬و من هذا ي تبي أن احتجاج الؤلف بالد يث ه نا مت جه ‪،‬‬
‫بلف احتجاجه به ف " السح على البية " ‪ ،‬ويأت زيادة بيان هناك ‪.‬‬
‫قوله ‪ ( " :‬و ) إذا كان قادرا على اسفتعمال الاء ‪ ،‬لكنفه خشفي خروج‬
‫الوقت باستعماله ف الوضوء أو الغسل فإنه يتيمم ويصلي ول إعادة عليه "‬
‫‪ .‬قلت ‪ :‬والذي ي تبي ل خل فه ‪ ،‬ذلك ل نه من الثا بت ف الشري عة أن‬
‫التيمم إنا يشرع عند عدم وجود الاء بنص القرآن الكري ‪ ،‬وتوسعت ف‬
‫ذلك السنة الطهرة فأجازته لرض أو برد شديد كما ذكره الؤلف ‪ ،‬فأين‬
‫الدل يل على جوازه مع قدر ته على ا ستعمال الاء ؟ فإن ق يل ‪ :‬هو خش ية‬
‫خروج الوقت ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا وحده ل يصلح دليل ‪ ،‬لن هذا الذي خشي‬
‫خروج الو قت له حالتان ل ثالث ل ما ‪ :‬إ ما أن يكون ضاق عل يه الو قت‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪148‬‬

‫بكسفبه وتكاسفله ‪ ،‬أو بسفبب ل يلكفه مثفل النوم والنسفيان ‪ ،‬فففي هذه‬
‫الالة الثانية فالوقت يبتدئ من حي الستيقاظ أو التذكر بقدر ما يتمكن‬
‫من أداء الصلة فيه كما أمر ‪ ،‬بدليل قوله ف ‪ " :‬من نسي صلة أو نام‬
‫عنها فكفارتا أن يصليها إذا ذكرها " ‪.‬‬
‫أخرجه الشيخان وغيها واللفظ لسلم ‪ ،‬فقد جعل الشارع الكيم لذا‬
‫العذور وقتا خاصا به ‪ ،‬فهو إذا صلى كما أمر ‪ ،‬يستعمل الاء لغسله أو‬
‫وضوئه ‪ ،‬فليس يشى عليه خروج الوقت ‪ ،‬فثبت أنه ل يوز له أن يتيمم‬
‫‪ ،‬وهفو اختيار شيفخ السفلم ابفن تيميفة كمفا فف " الختيارات " ( ص‬
‫‪ ، ) 12‬وذكر ف " السائل الاردينية " ( ص ‪ ) 65‬أنه مذهب المهور‬
‫‪ .‬وأما ف الالة الول ‪ ،‬فمن السلم أنه ف الصل مأمور باستعمال الاء ‪،‬‬
‫وأ نه ل يتي مم ‪ ،‬فكذلك ي ب عل يه ف هذه الالة أن ي ستعمل الاء ‪ ،‬فإن‬
‫أدرك الصلة فبها ‪ ،‬وإن فاتته فل يلرمن إل نفسه ‪ ،‬لنه هو الذي سعى‬
‫إل هذه النتيجة ‪.‬‬
‫هذا هو الذي اطمأنت إليه نفسي ‪ ،‬وانشرح له صدري ‪ ،‬وإن كان شيخ‬
‫السلم وغيه قالوا ‪ :‬إنه يتيمم ويصلي ‪ ،‬وال أعلم ‪ .‬ث رأيت الشوكان‬
‫كأنه مال إل هذا الذي ذكرته ‪ ،‬فراجع " السيل الرار " ( ‪- 126 / 1‬‬
‫‪. ) 127‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪149‬‬

‫و من ( ال سح على ال بية ونو ها ) قوله ‪ " :‬يشرع ال سح على ال بية‬


‫ونوها ما يربط به العضو الريض لحاديث وردت ف ذلك ‪ ،‬وهي وإن‬
‫كانفت ضعيففة إل أن لاف طرقفا يشفد بعضهفا بعضفا ‪ ،‬تعلهفا صفالة‬
‫للستدلل با على الشروعية ‪ ،‬من هذه الحاديث حديث جابر أن رجل‬
‫أصفابه حجفر فشجفه فف رأسفه ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬تبفع الؤلف فف تقويفة‬
‫الديفث الصفنعان والشوكانف وغيهاف ‪ ،‬وهفو ذهول منهفم جيعفا عفن‬
‫القاعدة إل ت أوردت ا ف " القد مة ‪ :‬القاعدة ‪ ، " 10‬وال ت خل صتها أن‬
‫الديفث ل يقوى بكثرة الطرق إذا كان الضعفف فيهفا شديدأ ‪ ،‬وهذه‬
‫الحاديث من هذا القبيل ‪ ،‬وهي أربعة ‪ ،‬ول بأس من أن نبي عللها بشئ‬
‫مفن الختصفار ‪ :‬الول ‪ :‬حديفث جابر الذكور فف الكتاب ‪ ،‬وموضفع‬
‫الثا هد م نه قوله ‪ " :‬ويع صب ‪ ،‬أو يع صر على جر حه ‪ ، " . . .‬و قد بي نا‬
‫في ما تقدم أن هذه الملة منكرة ‪ ،‬فأغ ن عن العادة ‪ .‬الثا ن ‪ :‬عن على‬
‫قال ‪ :‬انكسرت إحدى زندف ‪ ،‬فسألت رسول ال ( ص ) ‪ ،‬فأمرن أن‬
‫أن أمسح على البائر ‪ .‬قال الافظ ابن حجر ف " بلوغ الرام " ‪ " :‬رواه‬
‫ابن ماجه بسند واه جدا " ‪ .‬وقال شارحه الصنعان ‪.‬‬
‫" والد يث أنكره ي ي بن مع ي وأح د وغيه ا ‪ ،‬قالوا ‪ :‬وذلك أ نه من‬
‫رواية عمرو بن خالد الواسطي ‪ ،‬وهو كذاب ‪ ،‬ورواه الدارقطن والبيهقي‬
‫مفن طريقيف أوهفى منفه ‪ ،‬قال النووي ‪ :‬اتففق الفاظ على ضعفف هذا‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪150‬‬

‫الديث ‪ :‬وقال الشافعي ‪ :‬لو عرفت إسناده بالصحة لقلت به ‪ ،‬وهذا ما‬
‫أسفتخي ال فيفه " ‪ .‬وقال ابفن أبف حاتف فف " العلل " عفن أبيفه ‪ " :‬هذا‬
‫حديث باطل ل أصل له " ‪ .‬الثالث ‪ :‬عن أب أمامة ‪ ،‬رواه الطبان ف "‬
‫العجفم الكفبي " ( ‪ ) 7597 / 154 / 8‬بإسفناده ‪ ،‬وقفد سفاقه فف "‬
‫ن صب الرا ية " ( ‪ ، ) 186 / 1‬وف يه ا سحاق بن داود ال صواف ش يخ‬
‫ال طبان ‪ ،‬ول أ جد له ترج ة ‪ ،‬وح فص بن ع مر ‪ -‬و هو العد ن ‪ -‬قال‬
‫الن سائي ‪ " :‬ل يس ث قة ‪ . ،‬الرا بع ‪ :‬عن ا بن ع مر أن ال نب ( ص ) كان‬
‫ي سح على البائر ‪ .‬أخر جه الدارقط ن وقال ‪ " :‬أ بو عمارة ( يع ن م مد‬
‫بن أح د بن الهدي أ حد روا ته ) ض يف جدا ‪ ،‬ول ي صح هذا الد يث‬
‫مرفو عا " ‪ .‬و قد رواه البيه قي ( ‪ ) 228 / 1‬عن ا بن ع مر موقو فا عل يه‬
‫بسند صحيح ‪ ،‬ث قال ‪ " :‬هو عن ابن عمر صحيح " ‪ .‬وقال البيهقي بعد‬
‫أن ساق الديث الثان من طريق الول وأشار إل طرقه الخرى وضعفها‬
‫كلها ‪ " :‬ول يثبت ف هذا الباب شئ ‪ ،‬وأصح ما روي فيه حديث عطاء‬
‫بن اب رباح الذي تقدم ‪ -‬يعن حديث جابر ‪ -‬وليس بالقوي ‪ ،‬وإنا فيه‬
‫قول الفقهاء من التابعي فمن بعدهم ‪ ،‬مع ما روينا عن ابن عمر ف السح‬
‫على العصفابة " ‪ .‬قلت ‪ :‬فأنفت ترى البيهقفي قفد اعتمفد فف الباب على‬
‫أقوال الفقهاء وأثر ابن عمر الشار إليه آنفا ‪ ،‬فلو كان الديث قويا بذه‬
‫الطرق ل ح تج البيه قي بذلك ‪ ،‬ل نه من القائل ي بتقو ية الد يث بكثرة‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪151‬‬

‫الطرق ‪ ،‬ولكنه ل يفعل مع احتياجه للحديث ‪ ،‬وذلك لشدة ضعف طرقه‬


‫كما بينا ‪ .‬ولذلك ذهب ا بن حزم إل أنه ل يشرع ال سح على البية ‪،‬‬
‫قال ( ‪ " : ) 75 - 74 / 2‬برهان ذلك قول ال تعال ‪ ( * :‬ل يكلف‬
‫ال نف سا إل و سعها ) * ‪ ،‬وقول ر سول ال ( ص ) ‪ " :‬إذا أمرت كم بأ مر‬
‫فأتوا منه ما استطعتم " ‪ ،‬فسقط بالقرآن والسنة كل ما عجز عنه الرء ‪،‬‬
‫وكان التعويض منه شرعا ‪ ،‬والشرع ل يلزم إل بقرآن أو سنة ‪ ،‬ول يأت‬
‫قرآن ول سنة بتعو يض ال سح على البائر والدواء من غ سل ما ل يقدر‬
‫على غسله ‪ ،‬فسقط القول بذلك " ‪ .‬ث ذكر عن الشعب ما يوافق قوله ‪،‬‬
‫ومثله عن داود وأ صحابه ‪ ،‬و هو ال ق إن شاء ال ‪ .‬وأجاب عن أ ثر ا بن‬
‫عمر التقدم بأنه فعل منه رضي ال عنه وليس إيابا للمسح عليها ‪ ،‬وقد‬
‫صح ع نه أ نه كان يد خل الاء ف با طن عين يه ف الوضوء والغ سل ‪ ،‬ول‬
‫يشرع ذلك ‪ ،‬فضل عن أن يكون فرضا ! ومن ( اليض ) قوله ف صدد‬
‫سفرد دماء اليفض ‪ ( " :‬د ) الكدرة ‪ :‬وهفي التوسفط بيف لون البياض‬
‫والسواد ‪ ،‬كالاء الوسخ ‪ ،‬لديث علقمة بن أي علقمة عن أمه مرجانة‬
‫مولة عائشفة رضفي ال عنهفا قالت ‪ :‬كانفت النسفاء يبعثفن إل عائشفة‬
‫بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة ‪ ،‬فتقول ‪ :‬ل تعجلن حت ترين القصة‬
‫البيضاء ‪ .‬رواه مالك وممد بن السن وعلقه البخاري " ‪ .‬قلت ‪ :‬مرجانة‬
‫هذه ل يوثقها غي ابن حبان ‪ ،‬لكن قد تابعتها عمرة عن عائشة بعناه ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪152‬‬

‫أخر جه البيه قي ( ‪ ، ) 336 / 1‬وإ سناده ح سن ( ‪ . ) 1‬والد يث وإن‬


‫كان موقوفا فله حكم الرفوع لوجوه ‪ ،‬أقواها أنه يشهد له مفهوم حديث‬
‫أم عطيفة الذكور فف الكتاب عقفب هذا بلففظ ‪ " :‬كنفا ل نعفد الصففرة‬
‫والكدرة ب عد الط هر شيئا " ‪ ،‬فإ نه يدل بطر يق الفهوم أن ن كن يع تبن‬
‫ف ‪ ،‬وهفو مذهفب المهور كمفا قال الشوكانف ‪.‬‬ ‫ذلك قبفل الطهفر حيض ا‬
‫وكنت قديا أرى أن اليض هو الدم السود فقط لظاهر حديث فاطمة‬
‫بنت أب حبيش رضي ال عنها الذكور ف الكتاب ‪ ،‬ث بدا ل وأنا أكتب‬
‫هذه التعليقات أن القف مفا ذكره السفيد سفابق ‪ :‬أنفه المرة والصففرة‬
‫والكدرة أيضفا قبفل الطهفر لذا الديفث وشاهده ‪ ،‬وبدا ل أيضفا أنفه ل‬
‫يعارضهما حديث فاطمة ‪ ،‬لنه وارد ف دم السمحاضة الت اختلط عليها‬
‫دم ال يض بدم ال ستحاضة ‪ ،‬ف هي ت يز ب ي دم ال ستحاضة ودم ال يض‬
‫بال سواد ‪ ،‬فإذا رأ ته تر كت ال صلة ‪ ،‬وإذا رأت غيه صلت ‪ ،‬ول يت مل‬
‫الديفث غيف هذا ‪ .‬وال أعلم ‪ ( * .‬هامفش ) * ( ‪ ) 1‬وانظفر " إرواء‬
‫الغليفل " ( ‪ ) * ( . ) 198 / 218 / 1‬ومفن ( السفتحاضة ) قوله ‪" :‬‬
‫وعن عكرمة بن حنة أنا كانت مستحاضة ‪ . . .‬رواه أبو داود والبيهقي‬
‫" ‪ .‬قلت ‪ :‬كذا فف الصفل ‪ " :‬عكرمفة بفن حنفة " ( ‪ ، ) 1‬وهفو خطفأ‬
‫مطبعي عجيب ! ولعل الصل ‪ " :‬عكرمة عن حنة " ‪ ،‬وهي بنت جحش‬
‫‪ ،‬لنه كذلك ف " سنن أب داود " ‪ ،‬فإن كان هذا هو الصل فما النكتة‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪153‬‬

‫مفن ذكفر عكرمفة فف سفنده والبتداء مفن عنده ‪ ،‬ول سفيما أنفه خلف‬
‫الختصار الذي جرى عليه الؤلف ف الكتاب ؟ ! ث إن " حنة " كذا هو‬
‫ف الصل أيضا بكسر اليم ‪ ،‬وكذلك تقدم ف بث اضة ‪ ،‬وهو خطأ ‪،‬‬
‫وال صواب ‪ " :‬ح نة " ب سكون ال يم ك ما ف " الغ ن " للش يخ الفت ن و "‬
‫القاموس " وغيهاف ‪ .‬ومفن ( الصفلة ) قوله تتف عنوان " منلتهفا فف‬
‫ال سلم " ‪ " :‬ن قل ع بد ال بن قرط قال ‪ :‬قال ر سول ال ( ص ) ‪ :‬أول‬
‫ما يا سب ‪ . . .‬رواه ال طبان " ‪ .‬قلت ‪ :‬نقله الؤلف من " الترغ يب "‬
‫وهو فيه هكذا من مسند عبد ال بن قرط ‪ ،‬وخالفه اليثمي ف " الجمع "‬
‫فجعله من م سند أ نس بن مالك ‪ ،‬وتب عه عل يه ال سيوطي ف " الا مع " ‪،‬‬
‫وهو الصواب ‪ ،‬فقد رواه بذا اللفظ الضياء القدسي ف مسند أنس من "‬
‫الحاديفث الختارة " مفن طريفق الطفبان وغيه ‪ ،‬وقفد خرجتفه فف "‬
‫الصفحيحة " ( ‪ . ) 1358‬ثف رأيتفه كذلك فف " العجفم الوسفط "‬
‫للطفبان ( ‪ - 101 - 100 / 3‬مصفورة الامعفة السفلمية ) رقفم (‬
‫‪ ) 2046‬بترقي مي ‪ ( * .‬ها مش ) * ( ‪ ) 1‬و ف طب عة الكتاب الديدة (‬
‫‪ " : ) 89 / 1‬عكر مة بت ح نة " ! ( * ) قوله ت ت ذ كر الحاد يث‬
‫الصفرحة بوجوب قتفل تارك الصفلة ‪ - 1 " :‬عفن ابفن عباس عفن النفب‬
‫( ص ) قال ‪ " :‬عرى السلم وقواعد الدين ثلثة ‪ ،‬عليهن أسس السلم‬
‫‪ ،‬من ترك واحدة من ها ف هو كا فر حلل الدم ‪ :‬شهادة أن ل إله إل ال ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪154‬‬

‫وال صلة الكتو بة ‪ ،‬و صوم رمضان " ‪ .‬رواه أ بو يعلى بإ سناد ح سن " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬أ نا ف شك كبي من ثبوت هذا الد يث عن ر سول ال ثه با ‪،‬‬
‫وال صنف إنا حسنه تب عا للمنذري ‪ ،‬وقد كنت قلت ف تعليقي عليه ما‬
‫نصفه ‪ " :‬وكذا قال اليثمفي فف " الجمفع " ( ‪ ، ) 48 / 1‬قلت ‪ :‬وفيفه‬
‫عندي نظر ‪ ،‬لنه من رواية عمرو بن مالك النكري ‪ ،‬ول يذكروا توثيقه‬
‫إل عفن ابفن حبان ‪ ،‬ومفع ذاك فقفد وصففه ابفن حبان بقوله ‪ " :‬يطفئ‬
‫ويغرب ‪ . ،‬وقال أيضا ‪ ( :‬يعتب حديثه من غي رواية ابنه عنه " ‪ .‬وكل‬
‫هذا يفيد أنه ل يتج با انفرد به ‪ ،‬ومنه تعلم قول الذهب فيما نقله الناوي‬
‫عن كتابه " الكبائر " ‪ " :‬هذا حديث صحيح " ‪ ،‬أنه غي صحيح ‪ .‬ولعله‬
‫إن صح إنا هو موقوف من قول ابن عباس ‪ ،‬ول سيما وقد تردد ف رفعه‬
‫ب عض التردد أ حد روا ته ‪ ،‬و هو حاد بن ز يد ‪ ،‬ح يث قال ‪ " :‬ول أعل مه‬
‫إل قد رفعه " ‪ ،‬وجزم برفعه أخوه سعيد بن زيد ‪ ،‬ليس بجة كما قال‬
‫السفعدي ‪ ،‬وقال النسفائي وغيه ‪ " :‬ليفس بلقوى " ‪ .‬وال أعلم ‪ .‬وأزيفد‬
‫هنا فأقول ‪ :‬إن توثيق ابن حبان وحده للراوي ما ل يوثق به كما بيناه ف‬
‫" القدمة " ‪ ،‬وهذا إذا اقتصر على ترثيقه ‪ ،‬فكيف إذا وصفه بأنه " يطئ‬
‫" ! ؟ ولذلك فإنه يغلب على الظن إن كان للحديث أصل عن ابن عباس‬
‫أنه موقوف عليه أخطأ النكري هذا فرفعه إل النب " صلى ال عليه وآله "‬
‫‪ .‬وال أعلم ( ‪ . ) 1‬و من ( صلة ال نب ) قوله ‪ :‬اف عن عمرو بن شع يب‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪155‬‬

‫عن أبيه عن جده قال ‪ :‬قال رسول ال ( ص ) ‪ " :‬مروا أولدكم بالصلة‬
‫و هم أبناه سبع ‪ . " . . .‬رواه أح د وأ بو داود وال كم وقال ‪ :‬صحيح‬
‫على شرط مسلم " ‪ .‬قلت ‪ :‬فيه إيهام أن الاكم صححه من هذا الطريق‬
‫على شرط مسفلم ‪ ،‬وليفس كذلك ‪ ،‬وعمرو بفن شعيفب ‪ . . .‬ليفس مفن‬
‫أ سانيد م سلم ‪ ،‬والوا قع أن للحد يث إ سنادين هذا أحده ا ‪ ،‬وال خر من‬
‫طريق عبد اللك بن الربيع بن سبة عن أبيه عن جده مرفوعأ نوه ‪ .‬وهذا‬
‫هو الذي قال فيه الاكم ‪ :‬صحيح على شرط مسلم ‪ ،‬فلو أن الؤلف بي‬
‫هذا لفاد فائدتيف ‪ :‬الول ‪ :‬دففع الوهفم الذكور ‪ .‬والثانيفة ‪ :‬تقويفة‬
‫الد يث بجيئه من الطر يق الخرى ‪ ،‬ول سيما والطر يق الول يضعف ها‬
‫ب عض العلماء ‪ ،‬وإن كان التحق يق أن ا طر يق ح سنة م تج ب ا ع ند أكابر‬
‫العلماء كأحد والبخاري وغيها ‪ .‬على أن السناد الثان ليس على شرط‬
‫مسلم ‪ ،‬لن عبد اللك بن الربيع إنا روى له مسلم متابعة كما بينته ف "‬
‫صحيح سنن أ ب داود " ( ر قم ‪ ( * . ) 58‬ها مش ) * ( ‪ ) 1‬وان ظر "‬
‫الضعيففة " ( ‪ ، ) 94‬ففيفه زيادة فائدة عمفا هفا ‪ ) * ( .‬ومفن ( تأكيفد‬
‫تعجيلها ف يوم الغيم ) قوله ‪ " :‬عن بريدة السلمي قال ‪ :‬كنا مع رسول‬
‫ال ( ص ) ف غزوة ‪ ،‬فقال ‪ :‬بكروا بال صلة ف اليوم الغ يم ‪ ،‬فإ نه من‬
‫فاتته صلة العصر فقد حبط عمله ‪ .‬رواه أحد وابن ماجه " ‪ .‬قلت ‪ :‬إنا‬
‫ي صح من هذا الد يث مرفو عا قوله ‪ " :‬من فات ته ‪ . . .‬إل " ‪ ،‬كذلك‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪156‬‬

‫أخرجفه البخاري وغيه ‪ .‬وأمفا باقفي الديفث فإناف هفو مفن قول بريدة‬
‫موقوففا عليفه ‪ ،‬أخطفأ أحفد رواة الديفث فرفعفه إل النفب ( ص ) ‪،‬‬
‫والحفوظ الول كما قال الافظ ف " التهذيب " ‪ ،‬وقد أوضحت ذلك‬
‫ف " التعل يق الرغ يب " ( ‪ ، ) 169 / 1‬ث ف " إرواء الغل يل " ( ر قم‬
‫‪ ) 255‬وهو مطبوع ‪ .‬ومن ( وقت العشاء ) قوله ‪ " :‬وأما وقت الواز‬
‫والضطرار ( يعن لصلة العشاء ) فهو متد إل الفجر ‪ ،‬لديث أب قتادة‬
‫قال ‪ :‬قال رسفول ال ( ص ) ‪ " :‬أمفا انفه ليفس فف النوم تفريفط ‪ ،‬إناف‬
‫التفريط على من ل يصل الصلة حت يئ وقت الصلة الخرى " رواه‬
‫م سلم ‪ .‬والد يث يدل على أن و قت كل صلة م تد إل دخول و قت‬
‫ال صلة الخرى إل صلة الف جر ‪ ،‬فإن ا ل ت تد إل الظ هر ‪ ،‬فإن العلماء‬
‫أجعوا على أن وقتهفا هفي بطلوع الشمفس " ‪ .‬قلت ‪ :‬تبفع الصفنف‬
‫الشوكا ن وغيه ف هذا ال ستدلل بذا الد يث ‪ ،‬ول دل يل ف يه على ما‬
‫ذهبوا إل يه ‪ ،‬إذ ليس ف عه بياد أوقأت ال صلة ‪ ،‬ول سيق من أ جل ذلك ‪،‬‬
‫وإنا لبيان إث من يؤخر الصلة حت يرجها عامدا عن وقتها مطلقا سواء‬
‫كان يعقبها صلة أخرى مثل العصر مع الغرب ‪ ،‬أو ل ‪ ،‬مثل الصبح مع‬
‫الظهر ‪ ،‬ويدل على ذلك أن الديث ورد ف صلة الفجر حي فاتته ( ص‬
‫) مع أ صحابه و هم نائمون ف سفر ل م ‪ ،‬وا ستعظم ال صحابة ر ضي اللة‬
‫عنهم وقوع ذلك من هم ‪ ،‬فقال ( ص ) لم ‪ " :‬أ ما لكم ف أسوة ؟ " ث‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪157‬‬

‫ذ كر الد يث ‪ .‬كذلك هو ف " صحيح م سلم " وغيه ‪ ،‬فلو كان الراد‬
‫من الديث ما ذهبوا إليه من امتداد وقمت كل صلة إل دخول الخرى‬
‫لكان نصفا صفريا على امتداد وقفت الصفبح إل وقفت الظهفر ‪ ،‬وهفم ل‬
‫يقولون بذلك ‪ ،‬ولذلك اضطروا إل استثناء صلة الصبح من ذلك ‪ ،‬وهذا‬
‫الستثناء على ما بينا من سبب الديث يعود عليه بالبطال ‪ ،‬لنه إنا ورد‬
‫ف خصوص صلة الصبح ‪ ،‬فكيف يصح استثناؤها ؟ ! فالق أن الديث‬
‫ل يرد من أ جل التحد يد ‪ ،‬بل لنكار تع مد إخراج ال صلة عن وقت ها‬
‫مطلقفا ‪ ،‬ولذلك قال ابفن حزم فف " الحلى " ( ‪ ) 178 / 3‬ميبفا على‬
‫اسفتدللم الذكور ‪ " :‬هذا ل يدل على مفا قالوه أصفل ‪ ،‬وهفم ممعون‬
‫معنا أن وقت صلة الصبح ل يتد إل وقت صلة الظهر ‪ ،‬فصح أن هذا‬
‫ال ب ل يدل على ات صال و قت كل صلة بو قت ال ت بعد ها ‪ ،‬وإن ا ف يه‬
‫معصية من أخر صلة إل وقت غيها فقط ‪ ،‬سواء أتصل آخر وقتها بأول‬
‫الثان ية أم ل يت صل ‪ ،‬ول يس ف يه أ نه ل يكون مفر طا أي ضا من أخر ها إل‬
‫خروج وقتها وإن ل يدخل وقت أخرى ‪ ،‬ول أنه يكون مفرطا ‪ ،‬بل هو‬
‫مسكوت عنه ف هذا الب ‪ ،‬ولكن بيانه ف سائر الخبار الت فيها نص‬
‫على خروج وقت كل صلة ‪ ،‬والضرورة توجب أن من تعدى بكل عمل‬
‫وفتفه الذي حده ال تعال لذلك العمفل ‪ ،‬فقفد تعدى حدود ال ‪ ،‬وقال‬
‫تعال ‪ ( * :‬ومن يتعد حدود ال فأولئك هم الظالون ) * " ‪ .‬وإذ قد ثبت‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪158‬‬

‫أن الد يث ل دل يل فيه على امتداد وقت العشاء إل الف جر ‪ ،‬فإنه يتح تم‬
‫الرجوع إل الحاد يث الخرى ال ت هي صرية ف تد يد و قت العشاء‬
‫مثل قوله ( ص ) ‪ " :‬ووقت صلة العشاء إل نصف الليل الوسط ‪" . .‬‬
‫‪ .‬رواه مسلم وغيه ‪ ،‬وقد مضى بتمامه ف الكتاب ‪ ،‬ويؤيده ما كتب به‬
‫ع مر بن الطاب إل أ ب مو سى الشعري ‪ . . . " :‬وأن صل العشاء ما‬
‫بينفك وبيف ثلث الليفل ‪ ،‬وإن أخرت فإل شطفر الليفل ‪ ،‬ول تكفن مفن‬
‫الغافلي " ‪ .‬أخرجه مالك والطحاوي وابن حزم ‪ ،‬و سنده صحيح ‪ .‬فهذا‬
‫الديث دليل واضح على أن وقت العشاء انا يتد إل نصف الليل فقط ‪،‬‬
‫وهو الق ‪ ،‬ولذلك اختاره الشوكان ف " الدرر البه ية " ‪ ،‬فقال ‪. . " :‬‬
‫‪ .‬وآ خر و قت صلة العشاء ن صف الل يل " ( ‪ ، ) 1‬وتب عه صديق ح سن‬
‫خان ف " شرحه " ( ‪ ، ) 70 - 69 / 1‬وقد روي القول به عن مالك‬
‫كما ف " بداية الجتهد " ‪ ،‬وهو اختيار جاعة من الشافعية كأب سعيد‬
‫الصفطخري وغيه ‪ .‬انظفر الجموع ( ‪ ( . ) 40 / 3‬فائدة ) ‪ :‬ينتهفي‬
‫الليل بطلوع الفجر الصادق وهو مذهب كافة العلماء ‪ ،‬كما ف الصدر‬
‫الذكور ‪ ( * .‬ها مش ) * ( ‪ ) 1‬وكذا ف " ال سيل الرار " أي ضا ( ‪/ 1‬‬
‫‪ ) * ( . ) 183‬ومن ( الوقات النهي عن الصلة فيها ) قوله تعليقا على‬
‫حديث عقبة بن عامر قال ‪ " :‬ثلث ساعات نانا رسول ال ( ص ) أن‬
‫نصلي فيهن أو أن نقب فيهن موتانا ‪ ، " . . .‬قال ‪ " :‬النهي عن الدفن ف‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪159‬‬

‫هذه الوقات مع نا ‪ .‬تع مد تأخ ي الد فن إل هذه الوقات ‪ ،‬فأ ما إذا و قع‬
‫الدففن بل تعمفد فف هذه الوقات فل يكره " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا نفص كلم‬
‫النووي فف " شرح صفحيح مسفلم " ‪ ،‬فلو عزاه إليفه كان أول ‪ ،‬ثف إن‬
‫الد يث مطلق ‪ ،‬وت صيصه بالتع مد ل دل يل عل يه ك ما بين ته ف " أحكام‬
‫النائز " البحث ( ‪ ، ) 83‬فالواجب تأخي دفن النازة حت يرج وقت‬
‫الكراهة ‪ ،‬إل إذا خيف تغي اليت ‪ .‬وهو قول النابلة كما ذكره الؤلف‬
‫ف كتاب النائز ‪ .‬ومن ( رأيهم ف الصلة عند طلوع الشمس وغروبا‬
‫واستوائها ) قوله ‪ " :‬واستثنوا ( يعن النفية ) عصر اليوم وصلة النازة‬
‫" ‪ .‬قلت ‪ :‬ا ستثناء ع صر اليوم صحيح ‪ ،‬وأ ما ا ستثناء صلة النازة فغ ي‬
‫م سلم ‪ ،‬إذ ل دل يل عل يه ‪ ،‬بل إطلق حد يث عق بة التقدم و ما ف معناه‬
‫يشمل ها ‪ ،‬ويؤيده أن ا بن ع مر كان ين هى عن ال صلة على النازة ع ند‬
‫طلوع الشمفس كمفا فف " الوطفإ " وغيه ‪ .‬والول أن يسفتثن الصفلة‬
‫الن سية أو ال ت نام عن ها ‪ ،‬في صليها إذا ذكر ها ف و قت الكرا هة لد يث‬
‫الشيخ ي الذكور ف الباب التقدم من الكتاب ‪ .‬ث إن ما ذكره الؤلف‬
‫مفن اسفتثناء بعفض الئمفة التطوع يوم الجمعفة وقفت السفتواء صفحيح‬
‫أيضا ‪ ،‬وفيه أحاديث كثية تراجع ف " زاد العاد " و " اعلم أهل العصر‬
‫بكم ركعت الفجر " للعظيم آبادي ‪ ،‬وغيها ‪.‬‬
‫ومن ( الذان ) قوله ‪ " :‬وهو واجب أو مندوب " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪160‬‬

‫قلت ‪ :‬عفل الؤلف حفظفه ال تعال ل تتفح له الفرصفة ليحقفق القول ‪،‬‬
‫ويفبي القف مفن القوليف ‪ ،‬وإل فإن القول بأن الذان مندوب ل نشفك‬
‫مطلقا ف بطلنه ‪ ،‬كيف وهو من أكب الشعائر السلمية الت كان عليه‬
‫الصلة والسلم إذا ل يسمعه ف أرض قوم أتاهم ليغزوهم وأغار عليهم ‪،‬‬
‫فإن سعه فيهم كف عن هم كما ثبت ف " ال صحيحي " وغيه ا ‪ ،‬وقد‬
‫ثبت المر به ف غي ما حديث صحيح ‪ ،‬والوجوب يثبت بأقل من هذا ‪،‬‬
‫فال ق أن الذان فرض على الكفا ية ‪ ،‬و هو الذي صححه ش يخ ال سلم‬
‫ابفن تيميفة فف " إلفتاوى " ( ‪ 68 - 67 / 1‬و ‪ ، ) 20 / 4‬بفل وعلى‬
‫النفرد ك ما يأ ت ‪ .‬و سنذكر دليل آ خر على الوجوب ف ب ث " صلة‬
‫الماعفة " ‪ ،‬وقفد ذكره الشوكانف فف " السفيل الرار " ( ‪- 196 / 1‬‬
‫‪ ) 197‬مفع أحاديفث أخرى ‪ ،‬وختفم ذلك بقوله ‪ " :‬والاصفل أنفه مفا‬
‫ينبغي ف مثل هذه العبادة العظيمة أن يتردد متردد ف وجوبا ‪ ،‬فإنا أشهر‬
‫من نار على علم ‪ ،‬وأدلت ها هي الش مس النية ‪ ،‬ث هذا الشعار ل ي تص‬
‫بصلة الماعة ‪ ،‬بل لكل مصل عليه أن يؤذن ويقيم ‪ ،‬لكن من كان ف‬
‫جاعفة كفاه أذان الؤذن لاف وإقامتفه ‪ .‬ثف الظاهفر أن النسفاء كالرجال ‪،‬‬
‫لنن شقائق الرجال ‪ ،‬والمر لم أمر لن ‪ ،‬ول يرد ما ينتهض للحجة ف‬
‫عدم الوجوب عليهن ‪ ،‬فإن الوارد ف ذلك ف أ سانيده م تر وكان ل ي ل‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪161‬‬

‫الحتجاج بمف ‪ ،‬فإن ورد دليفل يصفلح لخراجهفن فذاك ‪ ،‬وإل فهفن‬
‫كالرجال " ‪.‬‬
‫قوله ف حديث عبد ال بن زيد بن عبد ربه ف ابتداء شرع الذان ( ص‬
‫‪ " : ) 202 - 201‬رواه أحد " ! قلت ‪ :‬هذا يوهم أنه ل يروه أحد‬
‫من أهل السنن والصحاح ‪ ،‬وهو تقصي فاحش ‪ ،‬فقد أخرجه أبو داود ‪،‬‬
‫والدارمي ‪ ،‬وابن ماجه ‪ ،‬والدارقطن ‪ ،‬والبيهقي ‪ ،‬وابن خزية وابن حبان‬
‫ف " صحيحيهما " ( ‪ ، ) 1‬وإ سناده ح سن صحيح ك ما بين ته ف "‬
‫صحيح أب داود " ( ‪ ، ) 512‬وانظر " الشكاة " ( ‪ ( . ) 650‬فائدة )‬
‫‪ :‬قوله ف هذا الديث بعد أن ساق الذان ‪ " :‬ث استأخر غي بعيد ث قال‬
‫‪ :‬تقول إذا أقمت الصلة ‪ " . .‬إل ‪ .‬قلت ‪ :‬ف هذا دليل واضح على أن‬
‫السنة ف القامة ف موضع غي موضع الذان ‪ ،‬فقول ابن قدامة ف " الغن‬
‫" ( ‪ " : ) 427 / 1‬ويستحب أن يقيم ف موضع أذانه ‪ ،‬قال أحد ‪:‬‬
‫اأ حب إل أن يق يم ف مكا نه ‪ ،‬ول يبلغ ن ف يه شئ إل حد يث بلل ‪ :‬ل‬
‫تسفبقن بآميف " ‪ ،‬يعنف ‪ :‬لو كان يقيفم ف موضفع صفلته لاف خاف أن‬
‫يسبقه بالتأمي ‪ ،‬لن النب ( ص ) إنا كان يكب بعد فراغه من القامة ‪،‬‬
‫ولن القامة شرعت للعلم ‪ ،‬فشرعت ف موضعه ليكون أبلغ ف العلم‬
‫‪ .‬وقد دل على هذا حديث عبد ال بن عمر قال ‪ :‬كنا إذا سعنا القامة‬
‫توضأنا ث خرجنا إل الصلة " ‪ .‬فأقول ‪ :‬أما حديث ابن عمر فل دللة‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪162‬‬

‫فيه لا ذكره مطلقا ‪ ،‬لنه من المكن ساعه للقامة لقربه من السجد ‪،‬‬
‫وذلك ل ي ستلزم أن تكون القا مة ف مو ضع * ( ها مش ) * ( ‪ ) 1‬ث‬
‫رأيته ف الطبعات الديدة قد استدرك بعض هذه الصادر ‪.‬‬
‫( * )الذان كما هو ظاهر ‪ .‬واسناده حسن كما هو مبي ف " صحيح‬
‫أب داود ( ‪ ، ) 527‬بلف حديث بلل ‪ ،‬فإنه منقطع بي أب عثمان‬
‫وبلل ‪ ،‬ولذلك أورد ته ف " ضع يف أ ب داود " ( بر قم ‪ ، ) 167‬على‬
‫أنه لو صح فل دللة فيه أيضا على الدعوى ‪ .‬وما نقله عن المام أحد ‪،‬‬
‫ففيه نظر ‪ ،‬لنه ل يعن بقوله ‪ " :‬مكانه " الذان ‪ ،‬وإنا القيم ! يعن أنه‬
‫يقيم حيث هو ‪ ،‬ول يشي ‪ .‬قال عبد الكه بن أحد ف " مسائله " ( ‪61‬‬
‫‪ " : ) 220 /‬قلت لب ‪ :‬الرجل يشي ف القامة ؟ قال ‪ :‬أحب إل أن‬
‫يقيم مكانه ‪ " . . .‬إل ‪ .‬وقد وجدت بعض الثار تشهد لديث عبد ال‬
‫بن زيد ‪ ،‬فروى ابن أب شيبة ( ‪ ) 224 / 1‬عن عبد ال بن شقيق قال ‪:‬‬
‫من السنة الذان ف النارة ‪ ،‬والقامة ف السجد ‪ ،‬وكان عبد ال يفعله ‪.‬‬
‫و سنده صحيح ‪ .‬وروى ع بد الرزاق ( ‪ ) 506 / 1‬أن ع مر بن ع بد‬
‫العزيز بعث إل السجد رجال ‪ :‬إذا أقيمت الصلة فقوموا إليها ‪ .‬وسنده‬
‫صحيح أي ضا ‪ .‬و هو ظا هر ف أن القا مة كا نت ف ال سجد ‪ .‬قوله ‪" :‬‬
‫ويشرع للمؤذن التثو يب ‪ ،‬و هو أن يقول ف أذان ال صبح ب عد اليعلت ي ‪:‬‬
‫ال صلة خ ي من النوم ‪ ،‬قال أ بو مذورة ‪ " :‬يا ر سول ال علم ن سنة‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪163‬‬

‫الذان ‪ ،‬فعل مه ‪ ،‬وقال ‪ :‬فان كان صلة ال صبح قلت ‪ :‬ال صلة خ ي من‬
‫النوم ‪ ،‬ال صلة خ ي من النوم ‪ . " . . .‬رواه أح د وأ بو دارد " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫اناف يشرع التثويفب فف الذان الول للصفبح ‪ ،‬الذي يكون قبفل دخول‬
‫الوقت بنحو ربع ساعة تقريبا ‪ ،‬لديث ابن عمر رضي ال عنه قال ‪" :‬‬
‫كان ف الذان الول بعد الفلح ‪ :‬الصلة خي من النوم مرتي " ‪ .‬رواه‬
‫البيهقي ( ‪ ، ) 423 / 1‬وكذا الطحاوي ف " شرح العان " ( ‪82 / 1‬‬
‫) ‪ ،‬وإسناده حسن كما قال الافظ ‪ .‬وحديث أب مذورة مطلق ‪ ،‬وهو‬
‫يش مل الذان ي ‪ ،‬ل كن الذان الثا ن غ ي مراد ‪ ،‬ل نه جاء مقيدا ف روا ية‬
‫أخرى بلفظ ‪ " :‬وإذا أذنت بالول من الصبح فقل ‪ :‬الصلة خي من النوم‬
‫‪ .‬الصلة خي من النوم " ‪ .‬أخرجه أبو داود والنسائي والطحاوي وغيهم‬
‫‪ ،‬وهو مرج ف " صحيح أب داود " ( ‪ ، ) 516 - 510‬فاتفق حديثه‬
‫مع حد يث ا بن ع مر ‪ ،‬ولذا قال ال صنعان ف " سبل ال سلم " ( ‪/ 1‬‬
‫‪ ) 168 - 167‬ع قب ل فظ الن سائي ‪ " :‬و ف هذا تقي يد ل ا أطلق ته‬
‫الروايات ‪ .‬قال ابفن رسفلن ‪ :‬وصفحح هذه الروايفة ابفن خزيةف ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫فشرع ية التثو يب إن ا هي ف الذان الول للف جر ‪ ،‬ل نه ليقاظ النائم ‪،‬‬
‫وأما الذان الثان فإنه إعلم بدخول الوقت ‪ ،‬ودعاء إل الصلة ‪ .‬اه‍ من "‬
‫تر يج الزرك شي لحاد يث الراف عي " ‪ .‬وم ثل ذلك ف " سنن البيه قي‬
‫ال كبى " عن أ ب مذورة ‪ :‬أ نه كان يثوب ف الذان الول من ال صبح‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪164‬‬

‫بأمره ( ص ) ‪ .‬قلت ‪ :‬وعلى هذا ليفس " الصفلة خيف مفن النوم " مفن‬
‫ألفاظ الذان الشروع للدعاء إل الصلة والخبار بدخول وقتها ‪ ،‬بل هو‬
‫من اللفاظ الت شرعت ليقاظ النائم ‪ ،‬فهو كألفاظ التسبيح الخي الذي‬
‫اعتاده الناس ف هذه العصار التأخرة عوضا عن الذان الول " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫وإنا أطلت الكلم ف هذه السالة لريان العمل من أكثر الؤذني ف البلد‬
‫السلمية على خلف السنة فيها أول ‪ ،‬ولقلة من صرح با من الؤلفي‬
‫ثانيا ‪ ،‬فان جهورهم ‪ -‬ومن ورائهم السيد سابق ‪ -‬يقتصرون على إجال‬
‫القول في ها ‪ ،‬ول يبينون أ نه ف الذان الول من الف جر ك ما جاء ذلك‬
‫صراحة ف الحاد يث ال صحيحة ‪ ،‬خل فا للبيان التقدم من ا بن ر سلن‬
‫والصنعاف جزاها ال خيا ‪.‬‬
‫وم ا سبق ي تبي أن ج عل التمولب ف الذان الثا ن بد عة مال فة لل سنة ‪،‬‬
‫وتزداد الخال فة ح ي يعرضون عن الذان الول بالكل ية ‪ ،‬وي صرون على‬
‫التثو يب ف الثا ن ‪ ،‬ف ما أحرا هم بقوله تعال ‪ ( * :‬أت ستبدلون الذي هو‬
‫أدنف بالذي هفو خيف ) * ‪ ( * ،‬لو كانوا يعلمون ) * ‪ ( .‬فائدة ) ‪ :‬قال‬
‫الطحاوي بعد أن ذكر حديث أب مذورة وابن عمر التقدمي الصريي‬
‫ف التثوب ف الذان الول ‪ " :‬و هو قول أ ب حني فة وأ ب يو سف وم مد‬
‫رحهفم ال تعال " ‪ .‬قوله فف أذان الفجفر ‪ " :‬يشرع تقديهف على أول‬
‫الوقت إذا أمكن التمييز بي الذان الول والثان حت ل يقع الشتباه " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪165‬‬

‫قلت ‪ :‬ذلك مكن بي سر إذا التز مت السنة ال ت ميزت الذان الول بزيادة‬
‫جلة ‪ " :‬الصلة خي من النوم ( مرتي ) " كما تقدم ‪ .‬على أن هناك سنة‬
‫أخرى تزيفد المفر يسفرا ‪ ،‬ويفر أن يكون مؤذن الذان الول غيف مؤذن‬
‫الذان الثانف كمفا فف حديفث ابفن عمفر الذي ذكره الؤلف ‪ ،‬أخرجفه‬
‫الشيخان ‪ ،‬وله شواهد كثية ‪ ،‬خرجتها ف " الرواء " ( ‪ ، ) 219‬وهى‬
‫سنة متروكة أيضا ‪ ،‬فهنيئا لن وفقه ال تبارك وتعال لحيائها ‪ .‬قوله ‪" :‬‬
‫وروى الطحاوي والنسائي أنه ل يكن بي أذانه ( يعن ابن عمر ) وأذان‬
‫ا بن أم مكتوم إل أن ير قى هذا وينل هذا " ‪ .‬قلت ‪ :‬ل قد أب عد النج عة ‪،‬‬
‫وأ خل ب فن التخر يج ‪ ،‬فان هذه الروا ية قد جاءت ف " ال صحيحي " ف‬
‫حديث ابن عمر الشار إليه انفأ من حديث نافع عنه ‪ .‬انظر " الرواء " (‬
‫‪ . ) 236 / 1‬قوله ‪ " :‬فعن أنس أن النب ( ص ) قال ‪ :‬ل يرد الدعاء‬
‫بي الذان والقامة ‪ .‬رواه أبو داود والنساف والترمذي ‪ . . .‬وزاد ‪ :‬قالوا‬
‫‪ :‬فماذا نقول يا ر سول ال ؟ قال ‪ :‬سلوا ال الع فو والعاف ية ف الدن يا‬
‫والخرة " ‪ .‬قلت ‪ :‬الديفث صفحيح كمفا قال الترمذي ‪ ،‬وأمفا الزيادة‬
‫فضعي فة منكرة ‪ ،‬ف سندها ل مى بن اليمان وزيد الع مي وه ا ضيفان ‪،‬‬
‫وقد وقفت للحديث على أربعة طرق ذكرتا ف " الثمر الستطاب " ث ف‬
‫" إرواء الغليل " ( ‪ ، ) 244‬وليس ف شئ منها هذه الزيادة إل ف هذه‬
‫الطر يق الضعي فة ‪ ،‬فل يشرع الع مل ب ا ‪ ،‬ول يغ تر أ حد بكلم الشوكا ن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪166‬‬

‫ف هذا القام ‪ ،‬فإ نه ل ي عط الوضوع ح قه من التتبع والب حث ‪ .‬قوله ‪" :‬‬


‫وعن أم سلمة قالت ‪ :‬علمن رسول ال ( ص ) عند أذان الغرب ‪ :‬اللهم‬
‫هذا إقبال ليلك ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬سفكت عنفه الصفنف فأوهفم ثبوتفه ‪،‬‬
‫وليس كذلك ‪ ،‬فإنه حديث ضعيف ‪ ،‬وسكت عن تريه ‪ ،‬وليس بيد ‪،‬‬
‫و قد أخر جه الترمذي وغيه من طر يق أ ب كث ي مول أم سلمة عن ها ‪،‬‬
‫وقال الترمذي ‪ " :‬حد يث غر يب ‪ ،‬وأ بو كث ي ل نعر فه " ‪ ،‬ولذلك قال‬
‫النووي ‪ " :‬رواه أ بو داود والترمذي ‪ ،‬و ف إ سناده مهول " ‪ .‬فم ثل هذا‬
‫الديث ل يوز نشره بي المة إل مع بيان حاله من الضعف ‪ .‬قوله ‪ :‬ل‬
‫يستحب لن يسمع القامة أن يقول مثل ما يقول القيم إل عند قوله ‪" :‬‬
‫قد قا مت ال صلة " ‪ ،‬فإ نه ي ستحب أن يقول ‪ :‬أقام ها ال وأدام ها ‪ .‬ف عن‬
‫ب عض أ صحاب ال نب ( ص ) أن بلل أ خذ ف القا مة ‪ ،‬فل ما قال ‪ :‬قد‬
‫قامفت الصفلة ‪ ،‬قال النفب ( ص ) ‪ :‬أقامهفا ال وأدامهفا " ‪ .‬قلت ‪ :‬بفل‬
‫الستحب أن يقول كما يقول القيم ‪ " :‬قد قامت الصلة " ‪ ،‬لعموم قوله‬
‫( ص ) ‪ " :‬إذا سعتم الؤذن فقولوا مثلما يقول ‪ . " . . .‬وتصيصه بثل‬
‫هذا الديث ل يوز ‪ ،‬لنه حديث واه ‪ ،‬وقد ضعفه النووي والعسقلن‬
‫وغي هم ‪ ،‬ول يغ تر بقول صاحب " التاج الا مع لل صول " ‪ " :‬سنده‬
‫صال " ‪ ،‬لنه اغتر بسكوت أب داود عليه ‪ ،‬وقد بينا قيمة سكوت أب‬
‫داود على الديث ف " القدمة " ‪ ،‬فراجعها ‪ ،‬وقد بينت ما ف سنده من‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪167‬‬

‫العلل ف " ضعيف أب داود " ( ‪ ، ) 83‬ث ف " الرواء " ( ‪. ) 241‬‬
‫وبذه الناسففففبة أقول ‪ :‬إن كتاب " التاج " هذا ملئ جدا بالخطاء‬
‫العلمية ‪ ،‬وقد كنت نقدت الز الول منه منذ أكثر من عشر سني من‬
‫تأليفف هذا الكتاب ‪ ،‬ومسفودته موجودة عندي ‪ ،‬ولو تسفن لنفا نشره‬
‫لفعل نا ن صحا لل مة ‪ .‬قوله في ما ي ستحب للمؤذن ‪ - 4 " :‬أن يلتففت‬
‫برأسه وعنقه وصدره يينا ‪ . " . .‬قلت ‪ :‬أما تويل الصدر فل أصل له ف‬
‫السنة البتة ‪ ،‬ول ذكر له ف شئ من الحاديث الواردة ف تويل العنق ‪،‬‬
‫ولعله سبق قلم من الؤلف وإن كان استمر عليه ف كل طبعات الكتاب ‪،‬‬
‫ويؤيفد هذا الحتمال قوله عقبفه ‪ " :‬قال النووي فف هذه الكيفيفة ‪ :‬هفي‬
‫أصح الكيفيات ‪ .‬قال أبو جحيفة ‪ . " . .‬فإن النووي قال ف " الجموع‬
‫" ( ‪ ) 104 / 3‬ب عد حد يث الشيخ ي عن أ ب جحي فة الذي ذكره‬
‫الؤلف ‪ ،‬وف يه ‪ " :‬فجعلت أتت بع فاه هه نا وهه نا ‪ ،‬يي نا وشال " ‪ .‬و ف‬
‫روا ية أ ب داود ‪ " :‬فل ما بلغ ( جي على ال صلة حي على الفلح ) لوى‬
‫عنقه يينا وشال ‪ ،‬ول يستدر " ‪ ،‬وإسناده صحيح ‪.‬‬
‫ث قال ( ‪ " : ) 107 - 106 / 3‬والسنة أن يلتفت ف اليعلتي يينا‬
‫وشال ول ي ستدير ‪ ،‬ك ما ذكره ال صنف " ‪ .‬ث قال ‪ " :‬قال أ صحابنا ‪:‬‬
‫والراد باللتفات ‪ :‬أن يلوي رأسه وعنقه ‪ ،‬ول يول صدره عن القبلة ول‬
‫يزيل قدمه عن مكانا ‪ ،‬وهذا معن قول الصنف ‪ " :‬ول يستدير " ‪ .‬وهذا‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪168‬‬

‫هو ال صحيح الشهور الذي نص عل يه الشاف عي ‪ ،‬وق طع به المهور " ‪.‬‬


‫هذا من الناحية الفقهية ‪ ،‬وأما من الناحية الديثية ‪ ،‬فإن قوله ف رواية أب‬
‫داود ‪ " :‬وإسناده صحيح " ‪ ،‬غي صحيح ‪ ،‬لن فيه قيس بن الربيع ‪ ،‬وهو‬
‫ضعيف ‪ ،‬وتد تفرد بقوله ‪ " :‬ول يستدر " ‪ ،‬كما بينته ف " صحيح أب‬
‫داود ! ( ‪ ، ) 533‬وقد ثبتت الستدارة من رواية جع ‪ ،‬لكن الراد با‬
‫اللتفات يينا و يسارا كما شرحته هناك ‪ ،‬فأغن عن العادة ‪ .‬وما يسن‬
‫التنبيه عليه أيضا أنه ليس ف رواية البخاري قوله ‪ " :‬يينا وشال " ‪ ،‬وإنا‬
‫هو ع ند م سلم ف قط ‪ ،‬ك ما ك نت ذكرت ذلك ف تر يج الد يث ف "‬
‫إرواء الغليل " ( ‪ ، ) 233‬فعزو الؤلف تبعا للنووي للشيخي فيه تساهل‬
‫واضح ‪ ،‬وانظر إن شئت " فتح الباري " ( ‪ . ) 115 - 114 / 2‬قوله‬
‫‪ . . . " :‬وروى ابن النذر عن أنس أنه كان يقوم إذا قال الؤذن ‪ :‬قد‬
‫قامت الصلة " ‪ .‬قلت ‪ :‬ينبغي تقييد ذلك با إذا كان المام ف السجد ‪،‬‬
‫وعلى هذا ي مل حد يث أ ب هريرة ‪ :‬إن ال صلة كا نت تقام لر سول ال‬
‫( ص ) فيأخذ الناس مصافهم قبل أن يقوم النب ( ص ) مقامه ‪ .‬رواه‬
‫مسلم وغيه ‪ ،‬وهو مرج ف " صحيح اب داود " ( ‪ . ) 553‬وأما إذا ل‬
‫يكفن فف السفجد فل يقومون حتف يروه قفد خرج لقوله ( ص ) ‪ " :‬إذا‬
‫أقيمت الصلة فل تقوموا حت ترون قد خرجت " ‪ .‬متفق عليه واللفظ‬
‫ل سلم ‪ ،‬و هو مرج ف " صحيح أ ب داود " ( ‪ ) 552 - 550‬ان ظر‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪169‬‬

‫الشوكان ( ‪ . ) 162 / 3‬واعلم أنه ل علقة لذه السألة بتكبية المام‬


‫للحرام ‪ ،‬فإن عليفه بعفد قيام الناس أن يأمرهفم بسفد الفرج وتسفوية‬
‫الصفوف كما كان يفعل النب ( ص ) ‪ ،‬ثبت ذلك ف أحاديث كثية عنه‬
‫‪ ،‬و سيأت ف الكتاب بعض ها ‪ ،‬ح ت إذا رأى المام أن ال صفوف ا ستوت‬
‫كب ‪ .‬فما جاء ف " الثار " للمام ممد ( ص ‪ " : ) 13‬عن إبراهيم قال‬
‫‪ :‬إذا قال الؤذن ‪ ( :‬حي على الفلح ) فإ نه ينب غي للقوم أن يقوموا‬
‫في صفوا ‪ ،‬فإذا قال ‪ ( :‬قد قا مت ال صلة ) كب المام ‪ .‬قال م مد ‪ :‬و به‬
‫نأخفذ ‪ ،‬وهفو قول أبف حنيففة " ‪ .‬قلت ‪ :‬وعلى هذا كثيف مفن مقلدة‬
‫النفية ‪ ،‬وباصة ف البلد العجمية ‪ .‬فإن ف ذلك إضاعة للسنة الحمدية‬
‫كما سبقت الشارة إل ذلك آنفا ‪ ،‬وقريب منه اقتصار بعض الئمة على‬
‫قولمف ‪ " :‬اسفتووا ‪ ،‬اسفتووا " فقفط ! ! وهذه ذكرى ‪ ،‬والذكرى تنففع‬
‫الؤمن ي ‪ .‬قوله ‪ . . . " :‬و عن معاذ اله ن عن ال نب ( ص ) أ نه قال ‪" :‬‬
‫الفاء كل الفاء ‪ ،‬والك فر والنفاق من سع منادي ال ينادى يد عو إل‬
‫الفلح ول ييبه " ‪ .‬رواه أحد والطبان " ‪ .‬قلت ‪ :‬سكت عن الديث‬
‫فأوهم صحته ‪ ،‬وليس بصحيح ول حسن ‪ ،‬فإنه من طريق ابن ليعة عن‬
‫زبان بن فائد ‪ ،‬وكله ا ضع يف ‪ ،‬وإعلل اليث مي له بالثا ن منه ما ف قط‬
‫ق صور ‪ .‬قوله ‪ " :‬قال ابن ع مر ‪ :‬ل يس على الن ساء أذان ول إقامة ‪ .‬رواه‬
‫البيهقفي بإسفناد صفحيح " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا خطفأ فاحفش قلد فيفه الؤلف‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪170‬‬

‫الشوكان ف " نيل الوطار " ( ‪ ، ) 27 / 2‬وهذا قلد الافظ ابن حجر‬
‫ف " التلخيص " ( ‪ ، ) 211 / 1‬وذلك لنه من رواية عبد ال بن عمر‬
‫عن نا فع عن ا بن ع مر ‪ ،‬وع بد ال بن ع مر هو العمري ال كب ‪ ،‬و هو‬
‫ضعيف كما كنت بينت ف " الضعيفة " ( ‪ ، ) 270 / 2‬وخرجته من‬
‫طر يق " م صنف ع بد الرزاق " أي ضا من هذا الو جه ‪ ،‬فكأن م توهوا أن‬
‫عبد ال هو عبيد ال بن عمر فإنه ثقة ‪ ،‬وليس به ‪ .‬ث هو بظاهره مالف‬
‫لا رواه ابن أب شيبة ف " الصنف " ( ‪ ) 223 / 1‬بسند جيد عن وهب‬
‫بن كيسان قال ‪ :‬سئل ابن عمر هل على النساء أذان ؟ فغضب ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫ف أنىف عن ذ كر ال ؟ ! واحتفج به المام أح د كمفا ذكرت هناك ‪،‬‬ ‫أن ا‬
‫ورا جع كلم الشوكا ن التقدم قري با ‪ .‬قوله ‪ " :‬و عن عائ شة أن ا كا نت‬
‫تؤذن وتقيم ‪ ،‬وتؤم النساء ‪ ،‬وتقف وسطهن ‪ .‬رواه البيهقي " ‪ .‬قلت ‪ :‬ف‬
‫" السنن الكبى " ( ‪ 408 / 1‬و ‪ ) 131 / 3‬من طريق الاكم ‪ ،‬وهو‬
‫ف " الستدرك " ( ‪ ) 204 - 203 / 1‬وفيه ليث وهو ابن أب سليم ‪،‬‬
‫ومن طريقه عبد الرزاق ( ‪ ، ) 126 / 3‬وابن أب شيبة ( ‪) 223 / 1‬‬
‫دون اما مة الن ساء ‪ .‬ل كن هذه الزيادة تاب عه علي ها ا بن أ ب ليلى عن عطاء‬
‫عن عائشة ‪ ،‬أخرجه ابن أب شيبة ( ‪ . ) 89 / 2‬فأحدها يقوي الخر ‪،‬‬
‫ول ا طر يق أخرى من حد يث رائ طة النف ية أن عائ شة أ مت ن سوة ف‬
‫الكتو بة فأمت هن بين هن و سطا ‪ .‬أخر جه ع بد الرزاق ( ‪، ) 141 / 3‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪171‬‬

‫والدارقطن ( ‪ ، ) 404 / 1‬والبيهقي ( ‪ . ) 131 / 3‬وقال النووي ف‬


‫" الجموع " ( ‪ " : ) 199 / 4‬إسناده صحيح " ! كذا قال ‪ ،‬وأقره‬
‫الزيل عي ف " ن صب الرا ية " ( ‪ ، ) 31 / 2‬وأ ما الا فظ ف سكت عن‬
‫إسناده ف " التلخيص " ( ‪ ، ) 42 / 2‬وهو أقرب ‪ ،‬فإن رائطة هذه ل‬
‫أجد لا ترجة ‪ ،‬وف طبقتها ما ف " التهذيب " ‪ " :‬رائطة بنت مسلم ‪.‬‬
‫روت عن أبيها ‪ ،‬وعنها ابنها عبد ال بن الارث بن أبزى الكي " ‪ .‬وقال‬
‫الافظ ف " التقريب " ‪ " :‬ل تعرف " ‪ .‬فمن الحتمل أن تكون هي هذه‬
‫‪ ،‬أو غي ها ‪ ،‬فأ ن ل سنادها ال صحة ؟ ! ‪ .‬ول ا شا هد من روا ية حجية‬
‫بنت حصي قالت ‪ " :‬أمتنا أم سلمة ف صلة العصر قامت بيننا " ‪ .‬رواه‬
‫ع بد الرزاق أي ضا ‪ ،‬وا بن أ ب شي بة ( ‪ ، ) 88 / 2‬والبيه قي ‪ ،‬ورجاله‬
‫ثقات غ ي حجية هذه فلم أعرف ها ‪ ،‬و مع ذلك صححه النووي أي ضا !‬
‫وسكت الافظ عنه أيضا ‪ .‬لكن يقويه ما عند ابن أب شيبة من طريق‬
‫قتادة عن أم السن أنا رأت أم سلمة زوج النب " صلى ال عليه وآله "‬
‫تؤم الن ساء ‪ ،‬تقوم مع هن ف صفهن ‪ .‬قلت ‪ :‬وهذا إ سناد صحيح روا ته‬
‫ثقات معروفون من رجال الشيخي غي أم السن هذه ‪ ،‬وهو البصري ‪،‬‬
‫واسها خية مولة أم سلمة ‪ ،‬وقد روى عنها جع من الثقات ‪ ،‬ورمز لا‬
‫ف " التهذيب " بأنا من روى لا مسلم ‪ ،‬وذكرها ابن حبان ف " الثقات‬
‫" ( ‪ . ) 216 / 4‬وبالملة ‪ ،‬فهذه الثار صالة للعمل با ‪ ،‬ول سيما‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪172‬‬

‫وهفي مويدة بعموم قوله ( ص ) ‪ " :‬إناف النسفاء شقائق الرجال " ‪ ،‬كمفا‬
‫تقدم في ما نقلناه لك من كلم الشوكا ن ف " ال سيل الرار " فتذكره ‪،‬‬
‫فإ نه م هم ‪ .‬قوله ‪ . . . " :‬روى الثرم و سعيد بن من صور عن أ نس أ نه‬
‫دخل مسجدا قد صلوا فيه ‪ ،‬فأمر رجل فأذن بم وأقام فصلى بم جاعة‬
‫" ‪ .‬قلت ‪ :‬قد علقه البخاري ‪ ،‬ووصله البيهقي بسند صحيح عنه ‪ ،‬وقد‬
‫ي ستدل به بعض هم على جواز تعدد صلة الما عة ف ال سجد الوا حد ‪،‬‬
‫ول ح جة ف يه لمر ين ‪ :‬الول ‪ :‬أ نه موقوف ‪ .‬الثا ن ‪ :‬أ نه قد خال فه من‬
‫ال صحابة من هو أف قه م نه ‪ ،‬و هو ع بد ال بن م سعود ر ضي ال ع نه ‪،‬‬
‫فروى ع بد الرزاق ف " ال صنف " ( ‪ ، ) 3883 / 409 / 2‬وع نه‬
‫الطبان ف " العجم الكبي " ( ‪ ، ) 9380‬بسند حسن عن إبراهيم أن‬
‫علق مة وال سود أقبل مع ا بن م سعود إل ال سجد فا ستقبلهم الناس و قد‬
‫صلوا ‪ ،‬فرجع بما إل البيت ‪ . . .‬ث صلى بما " ‪ .‬فلو كانت الماعة‬
‫الثانية ف ال سجد جائزة مطلقا ‪ ،‬ل ا جع ا بن مسعود ف البيت ‪ ،‬مع أن‬
‫الفري ضة ف ال سجد أف ضل ك ما هو معلوم ‪ .‬ث وجدت ما يدل على أن‬
‫هذا الثر ف حكم الرفوع ‪ ،‬فانه يشهد له ما روى الطبان ف " الوسط‬
‫" ( ‪ - 4739‬بترقيمي ) عن عبد الرحن بن أب بكرة عن أبيه أن رسول‬
‫ال ( ص ) أقبل من نواحي الدينة يريد الصلة ‪ ،‬فوجد الناس قد صلوا ‪،‬‬
‫فمال إل منله ‪ ،‬فج مع أهله ‪ ،‬ف صلى ب م ‪ .‬وقال ‪ " :‬ل يروى عن أ ب‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪173‬‬

‫بكرة إل بذا السناد " ‪ .‬قلت ‪ :‬وهو حسن ‪ ،‬وقال اليثمي ( ‪) 45 / 2‬‬
‫‪ " :‬رواه الطبان ف " الكبي " و " الوسط " ‪ ،‬ورجاله ثقات " ‪ .‬ولعل‬
‫الما عة ال ت أقام ها أ نس ر ضي ال ع نه كا نت ف م سجد ل يس له إمام‬
‫راتفب ول مؤذن راتفب ‪ ،‬فإن إعادتاف فف مثفل هذا السفجد ل تكره لاف‬
‫ف وقففت عليفه مفن‬ ‫يأتف ‪ ،‬وبذلك يتففق الثران ول يتلفان ‪ .‬وأحسفن م ا‬
‫كلم الئمة ف هذه السألة هو كلم المام الشافعي رضي ال عنه ‪ ،‬ول‬
‫بأس من نقله مع شئ من الختصار ‪ ،‬ولو طال به التعليق ‪ ،‬نظرا لهيته ‪،‬‬
‫وغفلة أكثر الناس عنه ‪ ،‬قال رضي ال عنه ف " الم " ( ‪" : ) 136 / 1‬‬
‫وإن كان لرجل مسجد يمع فيه ‪ ،‬ففاتته الصلة ‪ ،‬فإن أتى مسجد جاعة‬
‫غيه كان أ حب إل ‪ ،‬لن ل يأ ته و صلى ف م سجده منفردا ‪ ،‬فح سن ‪،‬‬
‫وإذا كان للمسفجد إمام راتفب ‪ ،‬ففاتفت رجل أو رجال فيفه الصفلة ‪،‬‬
‫صلوا فرادى ‪ ،‬ول أحب أن يصلوا فيه جاعة ‪ ،‬فإن فعلوا أجزأتم الماعة‬
‫فيه ‪ ،‬وإنا كرهت ذلك لم لنه ليس ما فعل السلف قبلنا ‪ ،‬بل قد عابه‬
‫بعضهفم ‪ ،‬وأحسفب كراهيفة مفن كره ذلك م منهفم إناف كان لتفرقفة‬
‫الكلمة ‪ ،‬وأن يرغب رجل عن الصلة خلف إمام الماعة ‪ ،‬فيتخلف هو‬
‫و من أراد عن ال سجد ف و قت ال صلة ‪ ،‬فإذا قض يت دخلوا فجمعوا ‪،‬‬
‫فيكون بذا اختلف وتفرق الكلمة ‪ ،‬وفيهما الكروه ‪ ،‬وإنا أكره هذا ف‬
‫كل مسجد له إمام ومؤذن ‪ ،‬فأما مسجد بن على ظهر الطريق أو ناحية‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪174‬‬

‫ل يؤذن ف يه مؤذن را تب ‪ ،‬ول يكون له إمام را تب ‪ ،‬وي صلي فيه الارة ‪،‬‬
‫ويستظلون ‪ ،‬فل أكره ذلك ‪ ،‬لنه ليس فيه العن الذي وصفت من تفرق‬
‫الكلمة ‪ ،‬وأن يرغب رجال عن إمامة رجل فيتخذون إماما غيه ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫وإنا منعن أن أقول ‪ :‬صلة الرجل ل توز وحده وهو يقدر على جاعة‬
‫بال تفضيل النب ( ص ) صلة الماعة على صلة النفرد ‪ ،‬ول يقل ‪ :‬ل‬
‫تزي النفرد صلته ‪ ،‬وأ نا قد حفظ نا أن قد فا تت رجال م عه ال صلة ‪،‬‬
‫فصلوا بعلمه منفردين ‪ ،‬وقد كانوا قادرين على أن يمعوا ‪ ،‬وأن قد فاتت‬
‫الصلة ف الماعة قوما فجاؤوا السجد فصلى كل واحد منهم منفردا ‪،‬‬
‫و قد كانوا قادر ين على أن يمعوا ف ال سجد ‪ ،‬ف صلى كل وا حد من هم‬
‫منفردا ‪ ،‬وإنا كرهوا لئل يمعوا ف مسجد مرتي " ‪ .‬وما علقه الشافعي‬
‫عن الصحابة قد جاء موصول عن السن البصري قال ‪ " :‬كان أصحاب‬
‫ممد ( ص ) إذا دخلوا السجد وقد صلي فيه صلوا فرادى " ‪ .‬رواه ابن‬
‫أب شيبة ( ‪ . ) 223 / 2‬وقال أبو حنيفة ‪ " :‬ل يوز إعادة الماعة ف‬
‫مسجد له إمام راتب " ‪ .‬ونوه ف " الدونة " عن المام مالك ‪ .‬وبالملة‬
‫‪ ،‬فالمهور على كراهة إعادة الماعة ف السجد بالشرط السابق ‪ ،‬وهو‬
‫ال ق ‪ ،‬ول يعارض هذا الد يث الشهور ‪ " :‬أل ر جل يت صدق على هذا‬
‫فيصلي معه " ‪ ،‬وسيأت ف الكتاب ( ص ‪ ، ) 277‬فإن غاية ما فيه حض‬
‫الرسول ( ص ) أحد الذين كانوا صلوا معه ( ص ) ف الماعة الول أن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪175‬‬

‫يصلي وراءه تطوعا ‪ ،‬فهي صلة متنفل وراء مفترض ‪ ،‬وبثنا إنا هو ف‬
‫صفلة مفترض وراء الفترض ‪ ،‬فاتتهفم الماعفة الول ‪ ،‬ول يوز قياس‬
‫هذه على تلك لنفه قياس مفع الفارق مفن وجوه ‪ :‬الول ‪ :‬أن الصفورة‬
‫الول الختلف فيهفا ل تنقفل عنفه ( ص ) ل إذنفا ول تقريرا مفع وجود‬
‫القتضى ف عهده ( ص ) ‪ ،‬كما أفادته رواية السن البصري ‪.‬‬
‫الثا ن ‪ :‬أن هذه ال صورة تؤدي إل تفر يق الما عة الول الشرو عة ‪ ،‬لن‬
‫الناس إذا علموا أنمف تفوتمف الماعفة يسفتعجلون فتكثفر الماعفة ‪ ،‬وإذا‬
‫علموا أناف ل تفوتمف ‪ ،‬يتأخرون ‪ ،‬فتقفل الماعفة ‪ ،‬وتقليفل الماعفة‬
‫مكروه ‪ ،‬وليس شئ من هذا الحذور ف الصورة الت أقرها ‪ .‬رسول ال (‬
‫ص ) ‪ ،‬فثبفت الفرق ‪ ،‬فل يوز السفتدلل بالديفث على خلف التقرر‬
‫مفن هديفه " صفلى ال عليفه وآله " ‪ .‬وبعفد ‪ . .‬فإن هذا البحفث يتطلب‬
‫شرحا أوسع ل يتسع له هذا التعليق ‪ ،‬وف النية أن أجع ف ذلك رسالة ‪،‬‬
‫فعسفى أن أوففق لتحريرهفا إن شاء ال تعال ‪ .‬قوله ‪ " :‬الهفر بالصفلة‬
‫والسفلم على الرسفول " صفلى ال عليفه وآله " ‪ . . .‬مدث مكروه " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬مفهومه أن السرار با سنة ‪ ،‬فأين الدليل على ذلك ؟ فإن قيل ‪:‬‬
‫هو قوله ( ص ) ‪ " :‬إذا سعتم الؤذن فقولوا مثلما يقول ‪ ،‬ث صلوا علي ‪.‬‬
‫‪ ، " . .‬وقد مضى ف الكتاب ف فقرة ( الذكر عند الذان ) ‪ ،‬فالواب ‪:‬‬
‫ان الطاب فيه لل سامعي الأمورين بإجابة الؤذن ‪ ،‬ول يدخل فيه الؤذن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪176‬‬

‫نفسه ‪ ،‬وإل لزم القول بأنه ييب أيضا نفسه بنفسه ‪ ،‬وهذا ل قائل به ‪،‬‬
‫والقول به بدعة ف الدين ‪ .‬فإن قيل ‪ :‬فهل ينع الؤذن من الصلة عليه "‬
‫صفلى ال عليفه وآله " سفرا ؟ قلت ‪ :‬ل ينفع مطلقفا ‪ ،‬وإناف ينفع مفن أن‬
‫يلتزم ها ع قب الذان ‪ ،‬خش ية الزيادة ف يه ‪ ،‬وأن يل حق به ما ل يس م نه ‪،‬‬
‫وشعوى بي من نص عليه ( ص ) ‪ -‬وهو السامع ‪ -‬ومن ل ينص عليه ‪-‬‬
‫وهو الؤذن ‪ -‬وكل ذلك ل يوز القول به ‪ .‬فليتأمل ‪.‬‬
‫ومفن ( شروط الصفلة ) قوله فف بثف سفتر العورة بعفد أن سفاق أدلة‬
‫الفريق ي ‪ " :‬وللنا ظر ف هذا أن يتار أي الرأي ي ‪ ،‬وإن كان الحوط أن‬
‫يستر الصلي ما بي سرته إل ركبته ما أمكن ‪ . " . .‬قلت ‪ :‬فيه أمور ل‬
‫بفد مفن تريفر القول فيهفا ‪ :‬الول ‪ :‬أن الخفذ بالحوط ليفس بالمفر‬
‫الواجب ‪ ،‬ط نا هو من باب الورع ‪ ،‬وليس كل مكلف يرغب أن يكرن‬
‫ورعا كما ل يفى ‪ .‬الثان ‪ :‬أن الؤلف قيد ذلك بالصلة ‪ ،‬فمفهومه أن‬
‫ذلك ليس من الحوط خارج الصلة ‪ ،‬وفيه ما سيأت بيانه ‪ .‬الثالث ‪ :‬أن‬
‫الختيار الذي أشار إليفه ينبغفي أن يكون قائمفا على قواعفد علم اصفول‬
‫الفقفه ‪ ،‬لكفي ل يكون الختيار كيفيفا تابعفا للعادات والهواء ‪ .‬ومفن‬
‫الوا ضح لدى كل نا ظر ف الدلة ال ت ساقها الؤلف أن أدلة القائل ي بأن‬
‫الفخفذ ليفس بعورة فعليفة مفن جهفة ‪ ،‬ومبيحفة مفن جهفة أخرى ‪ .‬وأدلة‬
‫القائليف بأنفه عورة قوليفة مفن جهفة ‪ ،‬وحاظرة مفن جهفة أخرى ‪ .‬ومفن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪177‬‬

‫القواعد الصولية الت تساعد على الترجيح بي الدلة والختيار بعيدا عن‬
‫الرى والغرض قاعدتان ‪ :‬الول ‪ :‬الا ظر مقدم على الب يح ‪ .‬والخرى ‪:‬‬
‫القول مقدم على الفعل لحتمال الصرصية وغيها ‪ ،‬مع أن الفعل بعض‬
‫الدلة الشار إلي ها ل يظ هر في ها أ نه كان مق صودا متعمدأ كحد يث أ نس‬
‫وأ ثر أ ب ب كر ‪ .‬أض عف إل ذلك أن ا وقائع أعيان ل عموم ل ا ‪ ،‬بلف‬
‫الدلة القول ية ‪ ،‬ف هي شري عة عا مة ‪ ،‬وعلي ها جرى ع مل ال سلمي سلفا‬
‫وخل فا ‪ ،‬ب يث ل نعلم أن أحدا من هم كان ي شي أو يلس كاش فا عن‬
‫فخذ يه ك ما يف عل ب عض الكفار اليوم و من يقلد هم من ال سلمي الذ ين‬
‫يلبسون البنطلون الذي يسمونه ب‍ ( الشورت ) ‪ ،‬وهو ( التبان ) ف اللغة ‪.‬‬
‫ولذا ‪ ،‬فل ينبغي التردد ف كون الفخذ عورة ترجيحا للدلة القولية ‪ ،‬فل‬
‫جرم أن ذ هب إل يه أك ثر العلماء ‪ ،‬وجزم به الشوكا ف ف " ن يل الوطار‬
‫" ( ‪ ) 53 - 52 / 2‬و " السيل الرار " ( ‪. ) 161 - 160 / 1‬‬
‫ن عم ‪ ،‬ي كن القول بأن عورة الفخذ ين أ خف من عورة ال سوأتي ‪ ،‬و هو‬
‫الذي مال إليه ابن القيم ف " تذيب السنن " كما كنت نقلته عنه ف "‬
‫الرواء " ( ‪ . ) 301 / 1‬وحينئذ ‪ ،‬فمس الفخذ الذي وقع ف حديث‬
‫أب ذر ‪ ،‬والظاهر أنه من فوق الثوب ‪ ،‬ليس كمس السوأتي ‪ ،‬خلفا لا‬
‫قعقفع حوله ابفن حزم ‪ ،‬ونقله الؤلف عنفه وأقره ! بقفي شفئ ‪ ،‬وهوأن‬
‫الؤلف قرن الركبفة والسفرة مفع الفخفذ ‪ ،‬ثف ل يذكفر الدليفل عليهمفا ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪178‬‬

‫والواقع أنه ل يصح ف ذلك شئ كما بينه الشوكان ( ‪ ، ) 55 / 2‬بل‬


‫ينفى ذلك قوله ( ص ) ‪ " :‬ما بي السرة والركبة عورة " ‪ ،‬وهو حديث‬
‫حسن كما بينته ف " الرواء " ( ‪ 247‬و ‪ ) 271‬إل أحاديث أخرى‬
‫بعناه ‪ ،‬فراجع الشوكان إن شئت ‪ .‬ث قال ف تفسي قوله تعال ‪ ( * :‬ول‬
‫يبد ين زينت هن إل ما ظ هر من ها ) * ‪ " :‬أي ول يظهرن موا ضع الزي نة إل‬
‫الوجه والكفي كما جاه ذلك صحيحا عن ابن عباس وابن عمر وعائشة‬
‫" ‪ .‬قلت ‪ :‬انظر " حجاب الرأة السلمة " ( ص ‪ . ) 25 - 23‬وأزيد‬
‫هنا فأقول ‪ :‬روى ابن أب شيبة ف " الصنف " ( ‪ ) 283 / 4‬عن ابن‬
‫عباس ف تفسي الية الذكورة ‪ " :‬قال ‪ :‬الكف ورقعة الوجه " ‪ .‬وسنده‬
‫صحيح ‪ .‬وروى نوه عن ا بن ع مر ب سند صحيح أي ضا ‪ .‬فهذان الثران‬
‫الصفحيحان ماف يتوي حديفث عائشفة مرفوعفا ‪ " :‬ان الرأة إذا بلغفت‬
‫الحيض ل يصلح أن يرى منها إل هذا ‪ ،‬وأشار إل وجهه وكفيه " ‪ .‬وقد‬
‫شرحت ذلك ف الصدر الذكور آنفا با ل مزيد عليه ‪ ،‬وقد تاهل ذلك‬
‫كله بعض أهل الهواه فنسبونا إل ما ال يعلم أن برئ منه ‪ ،‬هداهم ال ‪.‬‬
‫ث قال ف حد يث أم سلمة ‪ :‬أت صلي الرأة ن درع وخار ‪ . . .‬إل ‪" :‬‬
‫رواه أبفو داود ‪ ،‬وصفح الئمفة وقففه ‪ ،‬وله حكفم الرفوع " ‪ .‬قلت ‪ :‬ل‬
‫ي صح إ سناده ل مرفو عا ول موقو فا ‪ ،‬لن مداره على أم م مد بن ز يد‬
‫وهي مهولة ل تعرف ‪ ،‬وبيانه ف " الرواء " ( ‪ ، ) 274‬و " ضيعف أب‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪179‬‬

‫داود " ( ‪ ، ) 98 - 97‬وخفيت هذه القيقة على الشوكان ف " نيل‬


‫الوطار " ( ‪ ، ) 58 / 2‬فرجح الرفع ‪ ،‬وغفل عن الهالة ‪ ،‬وأما ف "‬
‫السيل " ( ‪ ) 161 / 1‬فقال ‪ " :‬ل تقوم به حجة " ‪ .‬فأصاب ‪ ،‬لكنه‬
‫اضطرب كلمفه فف توجيهفه ‪ ،‬ول مال الن لبيانفه ‪ .‬ثف قال ‪ " :‬وعفن‬
‫عائشة أنا سئلت ف كم تصلي الرأة من الثياب ‪ . .‬ال " ‪ .‬قلت ‪ . :‬كذا‬
‫ذكره دون تريج وبيان لاله ‪ ،‬وقد أخرجه عبد الرزاق ف " الصنف " (‬
‫‪ ، ) 128 / 3‬و " ابن أب شيبة " ( ‪ ، ) 224 / 2‬من طريق مكحول‬
‫ع من سأل عائ شة ف كم ‪ . . .‬إل ‪ .‬قلت ‪ :‬ورجاله ثقات ‪ ،‬لك نه ف يه‬
‫الر جل الذي ل ي سم ب ي مكحول وعائ شة ‪ .‬ل كن روى ع بد الرزاق من‬
‫طريق أم السن قالت ‪ :‬رأيت أم سلمة زوج النب " صلى ال عليه وآله "‬
‫تصلي ف درع وخار ‪.‬‬
‫وإسناده صحيح ‪ .‬و ( الدرع ) ‪ :‬القميص ‪ .‬وروى مالك ف " الوطأ " (‬
‫‪ ، ) 160 / 1‬وعنه ابن أب شيبة ‪ ،‬والبيهقي ( ‪ ، ) 233 / 2‬عن عبيد‬
‫ال الولن ‪ -‬وكان يتيما ف حجر ميمونة ‪ -‬أن ميمونة كانت تصلي ف‬
‫الدرع والمار ليسى عليها إزار ‪ .‬وإسناده صحيح أيضا ‪ .‬وف الباب آثار‬
‫أخرى ماف يدل على أن صفلة الرأة فف الدرع والمار كان أمرا معروففا‬
‫لدي هم ‪ ،‬و هو أ قل ما ي ب علي هن ل ستر عورت ن ف ال صلة ‪ .‬ول ينا ف‬
‫ذلك ما روى ابن أب شيبة والبيهقي عن عمر بن الطاب رضي ال عنه‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪180‬‬

‫قال ‪ " :‬تصفلي الرأة فف ثلثفة أثواب ‪ :‬درع وخار وإزار " ‪ .‬وإسفناده‬
‫صحيح ‪ .‬وف طريق أخرى عن ابن عمر قال ‪ " :‬إذا صلت الرأة فلتصل‬
‫ف ثيابا كلها ‪ :‬الدرع والمار واللحفة " ‪ .‬رواه ابن أب شيبة ‪ ،‬وسنده‬
‫صحيح أيضا ‪ .‬فهذا كله ممول على الكمل والفضل لا ‪ .‬وال أعلم ‪.‬‬
‫قوله تت عنوان ‪ :‬ما يب من الثياب وما يستحب منها ‪ " :‬وعن بريدة‬
‫قال ‪ :‬ن ى ر سول ال ( ص ) أن ي صلي الر جل ف ‪ . . .‬سراويل ول يس‬
‫عليه رداء ‪ .‬رواه أبو داود والبيهقي " ‪ .‬قلت ‪ :‬واسناده حسن كما حققته‬
‫ف " صحيح أب داود " ( ‪. ) 646‬‬
‫وف الديث دللة على أنه يب على الصلي أن يستر من بدنه ما ليس‬
‫بعورة ‪ ،‬وهو القسم العلى منه ‪ ،‬وذلك إن وجد كما يدل عليه حديث‬
‫ا بن ع مر وغيه ‪ ،‬وظا هر الن هي يف يد بطلن ال صلة ‪ ،‬ويؤ كد ذلك قوله‬
‫( ص ) ‪ " :‬ل لي ل يصلي أحدكم ف الثوب الواحد ليس على عاتقه‬
‫( وف رواية ‪ :‬عاتقيه ‪ .‬وف أخرى ‪ :‬منكبيه ) منه شئ " ‪ .‬رواه الشيخان‬
‫وأبو داود وغيهم ‪ ،‬وهو مرج ف " الرواء " ( ‪ ) 275‬و " صحيح أب‬
‫داود " ( ‪ . ) 637‬قال الشوكان ف " نيل الوطار " ( ‪" : ) 59 / 2‬‬
‫و قد ح ل المهور هذا الن هي على التن يه ‪ ،‬و عن أح د ‪ :‬ل ي صح صلة‬
‫من قدر على ذلك فتركه ‪ .‬وعنه أيضا ‪ :‬تصح ويأث " ‪ .‬وأغرب ابن حزم‬
‫كعادته ف التمسك بظاهريته فقال ( ‪ " : ) 71 / 4‬وفرض على الرجل‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪181‬‬

‫إن صلى ف ثوب واسع أن يطرح منه على عاتقه أو عاتقيه ‪ ،‬فإن ل يفعل‬
‫بطلت صلته ‪ ،‬فإن كان ضي قا اتزر به وأجزأه ‪ ،‬كان م عه ثوب غيه أو‬
‫ل يكفن " ‪ .‬قلت ‪ :‬فوقفف مفع ظاهفر الديفث ‪ ،‬ول يوجفب الرداء إذا‬
‫استطاعه ‪ ،‬خلفا لديث بريدة هذا ‪ ،‬وحديث ابن عمر أيضا ‪ ،‬فكأنه ل‬
‫يقف عليهما ‪ .‬ومن غرائبه أنه ذكر ف السالة بعض الثار الت يدعم با‬
‫رأيه ‪ ،‬وليس فيها شئ من ذلك ‪ ،‬بل أحدها على خلفه ‪ ،‬وهوما ذكر‬
‫عن ممد بن النفية ‪ " :‬ل صلة لن ل يمر على عاتقيه ف الصلة " ‪.‬‬
‫فهذا لو صح ح جة عل يه ‪ ،‬ل نه أطلق ‪ ،‬ول يقيده بالثوب الوا حد ‪ ،‬ل كن‬
‫ف سنده أشعث وهو ابن سوار الكندي ‪ ،‬وهو ضعيف كما ف " التقريب‬
‫" ‪ ،‬ول يرجه ابن حزم ‪ ،‬وقد رواه ابن أب شيبة ف " الصنف " ( ‪/ 1‬‬
‫‪ . ) 349‬قوله ‪ " :‬كشف الرأس ف الصلة ‪ .‬روى ابن عساكر عن ابن‬
‫عباس أن النب ( ص ) كان ربا نزع قلنسوته فجعلها سترة بي يديه " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬الد يث ل ي صح ال ستدلل به على الك شف لوجه ي ‪ :‬الول ‪:‬‬
‫أنه حديث ضيف ‪ .‬ويكفي للدللة على ذلك تفرد ابن عساكر به ‪ ،‬وقد‬
‫كشفت عن علته ف " الضعيفة " ( ‪ . ) 2538‬الثان ‪ :‬أنه لو صح فل‬
‫يدل على الكشف مطلقا ‪ ،‬فإن ظاهره أنه كان يفعل ذلك عند عدم تيسر‬
‫ما ي ستتر به ‪ ،‬لن اتاذ ال سترة أ هم ‪ ،‬للحاد يث الواردة في ها ‪ .‬والذي‬
‫أراه ف هذه السألة أن الصلة حاسر الرأس مكروهة ‪ ،‬ذلك أنه من السلم‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪182‬‬

‫به ا ستحباب دخول ال سلم ف ال صلة ف اك مل هيئة إ سلمية للحد يث‬


‫التقدم ف الكتاب ‪ . . . " :‬فإن ال أحق أن يتزين له " ‪ ،‬وليس من اليئة‬
‫السنة ف عرف السلف اعتياد حسر الرأس والسي كذلك ف الطرقات ‪،‬‬
‫والدخول كذلك ف أماكن العبادات ‪ ،‬بل هذه عادة أجنبية ‪ ،‬تسربت إل‬
‫ك ثب من البلد ال سلمية حين ما دخل ها الكفار ‪ ،‬وجلبوا إلي ها عادات م‬
‫الفاسفدة ‪ ،‬فقلدهفم السفلمون فيهفا ‪ ،‬فأضاعوا باف وبأمثالاف مفن التقاليفد‬
‫شخ صيتهم ال سلمية ‪ ،‬فهذا العرض الطارئ ل ي صلح أن يكون م سوغا‬
‫لخالففة العرف السفلمي السفابق ول اتاذه حجفة لواز الدخول فف‬
‫ال صلة حا سر الرأس ‪ .‬وأ ما ا ستدلل ب عض إخوان نا من أن صار ال سنة ف‬
‫مصر على جواز قياسا على حسر الحرم ف الج ‪ ،‬فمن أبطل قياس قرأته‬
‫عفن هؤلء الخوان ‪ ،‬كيفف والسفر فف الجف شعية إسفلمية ‪ ،‬ومفن‬
‫مناسفكه التف ل تشاركفه فيهفا عبادة أخرى ‪ ،‬ولو كان القياس الذكور‬
‫صحيحا للزم القول بوجوب ال سر ف ال صلة ل نه وا جب ف ال ج ‪،‬‬
‫وهذا إلزام ل انفكاك ل م ع نه إل بالرجوع عن القياس الذكور ‪ ،‬ولعل هم‬
‫يفعلون ‪ .‬وكذلك استدلله بديث علي مرفوعا ‪ " :‬ائتوا الساجد حسرا‬
‫ومع صبي ‪ ،‬فإن العمائم تيجان ال سلمي " ‪ ،‬ا ستدلل واه ‪ ،‬لن الد يث‬
‫ضعيف جدا ‪ ،‬أعتقد أنه موضوع ‪ ،‬لنه من رواية ميسرة بن عبد ربه ‪،‬‬
‫وهفو وضاع باعتراففه ‪ ،‬وقال العراقفي ‪ " :‬متروك " ‪ .‬وقال الناوي فف "‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪183‬‬

‫شرح الامع الصغي " ‪ " :‬ومن ث رمز الؤلف لضعفه ‪ ،‬لكن يشهد له مأ‬
‫رواه ا بن ع سعاكر بل فظ ‪ :‬اثتوا ال ساجد ح سرا ومقنع ي فإن ذلك من‬
‫سيما السلمي " ‪ .‬قلت ‪ :‬ل يسق الناوي إسناده لينظر فيه ‪ ،‬وهل يصلح‬
‫شاهدا لذا الديث الوصوع أم ل ؟ وجلة القول أنه حديث ضعيف جدا‬
‫على أ قل الحوال ‪ ،‬فال ستدلل به غ ي جائز ‪ ،‬وال سكوت ع نه إ ث ‪ .‬ث‬
‫تبي ل أن الديث بلفظيه عند ابن عدي من طريق ذاك الوضاع ‪ ،‬ومن‬
‫طري قه ع ند ا بن ع ساكر بالل فظ ال خر ‪ ،‬أورده ال سيوطي ف " الا مع‬
‫الصغي " باللفظ الول من رواية ابن عدي ‪ .‬وف " الامع الكبي " باللفظ‬
‫الخر من رواية ابن عدي وابن عساكر ‪ ،‬فتوهم الناوي بأنه حديث آخر‬
‫بإسناد آخر ‪ ،‬فجعله شاهدا للول ! ومن الظاهر أنه ل يقف على إسناد‬
‫ا بن ع ساكر ‪ ،‬وإل ل ي قع م نه هذا اللط وال بط الذي قلد ته ف يه ل نة‬
‫تقيق " الامع الكبي " بجمع البحوث السلمية ( ‪ 32 / 31 / 1‬و‬
‫‪ ) 33‬ف مصر ! ولو فرضنا أن اللفظ الثان سال من مثل هذا الوضاع ‪،‬‬
‫فهو ليصلح شاهدا للول ‪ ،‬لن الشاهد ل ينفع ف الوضوع ‪ ،‬بل ول ف‬
‫الضع يف جدا ‪ ،‬و قد ذ كر الناوي نف سه ن و هذا ف غ ي هذا الد يث ‪،‬‬
‫فجل من ل ينسى ‪ .‬والديث قد خرجته ف " الضعيفة " ( ‪. ) 1296‬‬
‫وأما استحباب السر بنية الشوع فابتداع حكم ف الدين ل دليل عليه‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪184‬‬

‫إل الرأي ‪ ،‬ولو كان حقا لفعله رسول ال ( ص ) ‪ ،‬ولو فعله لنقل عنه ‪،‬‬
‫وإذ ل ينقل عنه دل ذلك أنه بدعة ‪ ،‬فاحذرها ‪.‬‬
‫وماف سفلف تعلم أن نففي الؤلف ورود دليفل بأفضليفة تغطيفة الرأس فف‬
‫ال صلة ل يس صوابا على إطل قه ‪ ،‬إل إن كان ير يد دليل خا صا ‪ ،‬ف هو‬
‫مستم ‪ ،‬ولكنه ل ينفي ورود الدليل العام على ما بيناه آنفا ‪ ،‬وهو التزين‬
‫للصفلة بالزي السفلمي العروف مفن قبفل هذا العصفر ‪ ،‬والدليفل العام‬
‫ح جة ع ند الم يع ع ند عدم العارض ‪ .‬فتأ مل ‪ .‬و من ( كيف ية ال صلة )‬
‫قوله تت رقم ‪ " : - 1‬عن عبد ال بن غنم أن أبا مالك الشعري جع‬
‫قومفه فقال ‪ " :‬قلت ‪ :‬فذكفر حديثفا طويل فيفه شفئ مفن صففة صفلته‬
‫( ص ) ‪ ،‬وأنه كان يصف الولدان خلف الرجال والنساء خلف الولدان ‪،‬‬
‫وفيه ذكر مالس التحابي ف ال وغبط النبياء لم ‪ . " . . .‬رواه أحد‬
‫وأ بو يعلى بإ سناد ح سن ‪ ،‬وال كم ‪ ،‬وقال ‪ :‬صحيح ال سناد " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫هذا التخر يج نقله الؤلف بالرف من " الترغ يب " ( ‪ ، ) 48 / 4‬ول‬
‫نرى تسفينه صفوابا ‪ ،‬لن مدار السفناد على شهفر بفن حوشفب ‪ ،‬وهفو‬
‫ضعيف لسوء حفظه واضطرابه ف رواياته كما يظهر ذلك لن تتبعها ‪ ،‬أو‬
‫اطلع على أقوال الئمة فيه ‪ ،‬وقد لصها الافظ ف " التقريب " بقوله ‪:‬‬
‫" صدوق كث ي الر سال والوهام " ‪ ،‬لذلك أوردت قط عة ال صف م نه ‪،‬‬
‫وهي عند أب داود ف " ضعيف سنن أب داود " ( رقم ‪ ، ) 105‬وسيأت‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪185‬‬

‫حديث آخر من رواية شهر يدل على ضفه واضطرابه ‪ ،‬فانظر تعليقنا على‬
‫" الذكار والدع ية ب عد ال سلم " في ما يأ ت ( ص ‪ . ) 229 - 228‬ث‬
‫إن قوله ‪ " :‬عبفد ال بفن غنفم " فيفه خطفأ ( ‪ ، ) 1‬والصفواب ‪ " :‬عبفد‬
‫الرح ن بن غ نم " ك ما ف " ال سند " ‪ ،‬وكذلك ذكره الؤلف ف مكان‬
‫آخر ‪ ،‬ولكنه قيد ‪ " :‬غنم " ‪ ،‬بالضم أيضا ‪ ،‬لنا هو بالفتح ‪ ،‬كما ف "‬
‫التقريب " ‪ .‬ومن ( فرائض الصلة ) قوله ف تريج حديث ‪ " :‬من صلى‬
‫صلة ل يقرأ فيها بأم القرآن ( وف رواية ‪ :‬بفاتة الكتاب ) ‪ ،‬فهي خداج‬
‫‪ ،‬هي خداج ‪ ،‬هي خداج ‪ ،‬غي تام " ‪ " :‬رواه أحد والشيخان " ‪ .‬قلت‬
‫‪ :‬فيفه مؤاخذتان ‪ :‬الول ‪ :‬أطلق العزو للشيخيف ‪ ،‬فأوهفم أنفه عنفد‬
‫البخاري فف " الصفحيح " وهفو خطفأ ‪ ،‬فإنفه ماف تفرد بفه مسفلم دون‬
‫البخاري ‪ ،‬ول عل سبب الو هم أن البخاري أخر جه ف " جز القراءة " ‪،‬‬
‫وف " أفعال العباد " فعزاه إليه هو أو من نقله عنه عزوا مطلقأ غي مقيد ب‍‬
‫" الزء " و " الفعال " ‪ ،‬فحصفل الطفأ ‪ ،‬لن العزو إليهمفا ل يعنف‬
‫الصفحة ‪ ،‬بلف العزو ل‍ " صفحيح البخاري " ‪ ،‬وهفو الراد عنفد إطلق‬
‫العزو للبخاري ف اصطلح العلماء ‪ ( * .‬هامش ) * ( ‪ ) 1‬وكذا وقع ف‬
‫كتاب " الدين والصلة على الذاهب الربعة " ( ص ‪ ، ) 137‬فل أدري‬
‫من القلد و من القلد ؟ ! وهذا ومثله من شؤم التقل يد وعدم الرجوع إل‬
‫المهات والصول ‪ .‬والخرى ‪ :‬أن لفظ ‪ " :‬فهي خداج هي خداج " ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪186‬‬

‫هو رواية لحد ( ‪ ، ) 285 / 2‬وف رواية أخرى له ‪ " :‬فهي خداج ‪،‬‬
‫ث هي خداج ‪ ،‬ث هي خداج " ‪ .‬وهى الطابقة لرواية مسلم ( ‪) 10 / 2‬‬
‫بلفظ ‪ " :‬فهي خداج ‪ ،‬يقولا ثلثا " ‪ .‬وأخرجه أبو داود وبقية أصحاب‬
‫" السنن " وغيهم ‪ ،‬وهو مرج ف " صحيح أب داود " ( ‪ . ) 779‬قوله‬
‫‪ " :‬وأقوى دليل لذا الذهب ( يعن الهر بالبسملة ) حديث نعيم الجمر‬
‫قال ‪ :‬صليت وراء أب هريرة فقرأ ‪ ( * :‬بسم ال الرحن الرحيم ) * ‪ ،‬ث‬
‫قرأ بأم القرآن ‪ . . .‬الديفث ‪ .‬وفف آخره قال ‪ :‬والذي نفسفي بيده إنف‬
‫لشبهكفم صفلة برسفول ال ( ص ) ‪ .‬رواه النسفائي وابفن خزيةف وابفن‬
‫حبان ‪ .‬قال الا فظ ف " الف تح " ‪ :‬و هو أ صح حد يث ورب ف ال هر‬
‫بالبسفملة " ‪ .‬قلت ‪ :‬ينبغفي أن يعلم أن عبارة الاففظ هذه ل تفيفد عنفد‬
‫الحدث ي أن الديث صحيح ‪ ،‬وإنا تع طي له صحة نسبية ‪ ،‬قال النووي‬
‫رح ه ال ‪ " :‬ل يلزم من هذه العبارة صحة الد يث ‪ ،‬فإن م يقولون ‪" :‬‬
‫هذا أ صح ما جاء ف الباب " ‪ ،‬وإن كان ضعي فا ‪ ،‬ومراد هم أرج حه أو‬
‫أقله ضع فا " ‪ . .‬قلت ‪ :‬ول عل الا فظ رح ه ال ل ي صحح الد يث لن‬
‫ب عض الحدث ي قد أ عل ذ كر الب سملة ف يه بالشذوذ ومال فة ج يع الثقات‬
‫الذين رووا الديث عن أب هريرة ول يذكروها فيه ‪ ،‬كما رواه الشيخان‬
‫وغيه ا من حد يث أ ب سلمة عن أ ب هريرة ‪ ،‬و قد أطال ف بيان ذلك‬
‫الزيلعفي فف " نصفب الرايفة " فراجعفه ( ‪ . ) 337 - 335 / 1‬وأقول‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪187‬‬

‫الن ‪ :‬إنه عند ابن خزية وغيه من طريق ابن أب هلل ‪ ،‬واسه سعيد ‪،‬‬
‫وكان اختلط ‪ ،‬و به أعللت الد يث ف التعل يق على " صحيح ا بن خزي ة‬
‫" ( ر قم ‪ - 499‬ط بع الك تب ال سلمي ) ‪ / .‬ث إن الد يث لو صح‬
‫فل يس ف يه الت صريح بال هر ب ا ‪ ،‬ول برفع ها إل ال نب ( ص ) ‪ ،‬وقول أ ب‬
‫هريرة ف آخره ‪ " :‬إ ن لشبه كم صلة بر سول ال ( ص ) " ‪ ،‬ل يلزم‬
‫م نه ر فع كل ما فعله أ بو هريرة ف يه ك ما ف صل ذلك ش يخ ال سلم ف "‬
‫الفتاوى " ( ‪ ، ) 81 / 1‬فراج عه ‪ .‬وال ق أ نه ل يس ف ال هر بالب سملة‬
‫حديث صريح صحيح ‪ ،‬بل صح عنه ( ص ) السرار با من حديث أنس‬
‫‪ ،‬و قد وق فت له على عشرة طرق ذكرت ا ف تر يج كتا ب " صفة صلة‬
‫النب ( ص ) " ‪ ،‬أكثرها صحيحة السانيد ‪ ،‬وف بعض ألفاظها التصريح‬
‫بأنه ( ص ) ل يكن يهر با ‪ ،‬وسندها صحيح على شرط مسلم ‪ ،‬وهو‬
‫مذ هب جهور الفقهاء ‪ ،‬وأك ثر أ صحاب الد يث ‪ ،‬و هو ال ق الذي ل‬
‫ريفب فيفه ‪ ،‬ومفن شاء التوسفع فف هذا البحفث فلياجفع " فتاوى شيفخ‬
‫ال سلم " ‪ ،‬ففي ها مق نع ل كل عا قل من صف ‪ .‬قوله ت ت عنوان ‪ :‬من ل‬
‫يسن فرض القراءة ‪ " :‬حديث رفاعة بن رافع أن النب ( ص ) علم رجل‬
‫الصلة ‪ ،‬فقال ‪ " :‬إن كان معك قرآن فاقرأ ‪ ،‬وإل فاحده وكبه وهلله ‪،‬‬
‫ث ار كع " ‪ .‬رواه أ بو داود والترمذي وح سنه " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا طرف من‬
‫حديث السئ صلته من رواية رفاعة رضي ال عنه ‪ ،‬وروايته لن ذكرهم‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪188‬‬

‫الؤلف ‪ ،‬وت سي الترمذي إياه دون ما ي ستحق إ سناده ‪ ،‬فإ نه صحيح ل‬


‫غبار عليه كما كنت نبهت على ذلك ف " صحيح أب داود " ( ‪) 807‬‬
‫‪ .‬ث هو شا هد قوي لد يث ا بن أ ب أو ف قال ‪ " :‬جاء ر جل إل ال نب‬
‫( ص ) فقال ‪ :‬إن ل أستطيع أن آخذ شيئا من القرآن ‪ ،‬فعلمن ما يزئن‬
‫‪ .‬فقال ‪ :‬قفل ‪ :‬سفبحان ال ‪ ،‬والمفد ل ‪ ،‬ول إله إل ال ‪ ،‬وال اكفب ‪،‬‬
‫ول حول ول قوة إل بال " ‪.‬‬
‫رواه أبو داود وغيه ‪ ،‬وصححه جع ‪ ،‬وإسناده حسن كما هو مبي ف "‬
‫إرواء الغليل " ( ‪ . ) 303‬وقد احتج المام أحد بديث رفاعة ف هذه‬
‫السألة كما رواه عنه ابنه عبد ال ف " مسائله " ( ‪ . ) 287 / 81‬قوله‬
‫ع ند ذكره أعضاء ال سجود ‪ " :‬وقال غي هم ‪ :‬ل يزئه ح ت ي سجد على‬
‫البهة والنف " ‪ .‬قلت ‪ :‬وهذا هو الق ‪ ،‬لقوله ( ص ) ‪ " :‬ل صلة لن‬
‫ل ي س أن فه الرض ما ي س ال بي " ‪ .‬و هو حد يث صحيح على شرط‬
‫البخاري كما قال الاكم والذهب ‪ ،‬وقد ورد من طرق عن عكرمة عن‬
‫ابن عباس مرفوعا كما بينته ف تريج " صفة الصلة " ‪ .‬قوله ف القعود‬
‫الخ ي وقراءة التش هد ف يه ‪ " :‬وأ نه قال للم سئ ف صلته ‪ :‬فإذا رف عت‬
‫رأ سك من آ خر سجدة ‪ ،‬وقعدت قدر التش هد ‪ ،‬ف قد ت ت صلتك " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ل أجد هذا اللفظ ف شئ من طرق حديث السئ صلته ‪ ،‬وقد‬
‫ك نت جعت ها ف أول " التخر يج " ‪ ،‬وإن ا جاء ف ب عض طر قه بل فظ ‪" :‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪189‬‬

‫فإذا جلست ف وسط الصلة فاطمئن وافترش فخذك اليسرى ‪ ،‬ث تشهد‬
‫" ‪ .‬أخر جه أ بو داود ( ‪ ) 137 / 1‬ب سند ح سن ‪ ،‬وف يه دل يل على‬
‫وجوب التش هد ف اللوس الول ‪ ،‬ولز مه وجوب اللوس له ‪ ،‬لن ما‬
‫ل يقوم الوا جب إل به ف هو وا جب ‪ ،‬وهذا بلف روا ية الكتاب ‪ ،‬فإن ا‬
‫قيدت تام الصلة بالقعود قدر التشهد ف اللوس الخي ‪ ،‬ومفهومه عدم‬
‫وجوب قراءة التشهد ‪ ،‬لكن هذا الفهوم ‪ -‬إن صح الديث ‪ -‬غي مراد‬
‫لد يث ا بن عباس الذي بعده ‪ :‬قوله ‪ " :‬قال ا بن قدا مة ‪ :‬و قد روي عن‬
‫ابن عباس أنه فقال ‪ :‬كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد ‪ . " . .‬قلت‬
‫‪ :‬فيه مؤاخذتان ‪ :‬الول ‪ :‬أن الديث من مسند ابن مسعود ل ابن عباس‬
‫‪ ،‬كذلك أخر جه الن سائي والدارقط ن والبيه قي ‪ ،‬وإ سناده صحيح على‬
‫شرط الشيخيف ‪ ،‬وصفححه الدارقطنف ‪ ،‬وكذا الاففظ فف " الفتفح " ‪.‬‬
‫الثان ية ‪ :‬ت صدير الد يث بقوله ‪ " :‬روي " الش عر بإن الد يث ض يف ‪،‬‬
‫وقد علمت أنه صحيح ! وهو مرج ف " الرواء " ( ‪ . ) 319‬قوله ف‬
‫السلم ‪ " :‬وعن وائل بن حجر قال ‪ :‬صليت مع رسول ال ( ص ) فكان‬
‫يسلم عن يينه ‪ :‬السلم عليكم ورحة ال وبركاته ‪ ،‬وعن شاله ‪ :‬السلم‬
‫علي كم ورح ة ال وبركا ته ‪ .‬قال الا فظ ا بن ح جر ف " بلوغ الرام " ‪:‬‬
‫رواه أبو داود بإسناد صحيح " ‪ .‬قلت ‪ :‬هو كما قال الافظ رحه ال ‪،‬‬
‫ل كن ل يس ف الن سخ ال ت وق فت علي ها من " سنن أ ب داود " زيادة ‪" :‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪190‬‬

‫وبركاتفه " فف التسفليمة الثانيفة ‪ ،‬وإناف هفي فف التسفليمة الول فقفط ‪،‬‬
‫وكذلك أخر جه الطيال سي من حد يث ا بن م سعود موقو فا ب سند رجاله‬
‫ثقات ‪ ،‬والطبان ف " الكبي " ( ‪ ) 10191‬مرفوعا ‪ ،‬ولذلك رجحت‬
‫ف " صفة صلة النب ( ص ) " أن ل تزاد هذه الزيادة ف التسليمة الثانية‬
‫حت تثبت بطريق تقوم به الجة ‪ .‬وقد خرجت الديت ف " الرواء " (‬
‫‪ ) 32 - 30 / 2‬و " صحيح أب داود " ( ‪. ) 915‬‬
‫ومن ( سنن الصلة ) قوله ‪ " :‬يستحب أن يرفع يديه ف أربع حالت ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬ع ند ت كبية الحرام ‪ . . .‬الثان ية والثال ثة ‪ :‬ع ند الركوع والر فع‬
‫منه ‪ . . .‬الرابعة ‪ :‬عند القيام إل الركعة الثالثة " ‪ .‬قلت ‪ :‬قد ثبت الرفع‬
‫ف التكبيات الخرى أيضا ‪ ،‬أما الرفع عند الوئي إل السجود والرفع منه‬
‫‪ ،‬ففيفه أحاديفث كثية عفن عشرة مفن الصفحابة ‪ ،‬قفد خرجتهفا فف "‬
‫التعليقات الياد " ‪ ،‬منهفا عفن مالك بفن الويرث أنفه رأى النفب ( ص )‬
‫رفع يديه ف صلته إذا ركع ‪ ،‬وإذا رفع رأسه من الركوع ‪ ،‬وإذا سجد ‪،‬‬
‫وإذا ر فع رأ سه من ال سجود ‪ ،‬ح ت ياذي ب ما فروع أذن يه ‪ .‬أخر جه‬
‫النسائي وأحد وابن حزم بسند صحيح على شرط مسلم ‪ ،‬وأخرجه أبو‬
‫عوانة ف " صحيحه " كما ف " الفتح " للحافظ ‪ ،‬ث قال ‪ " :‬وهو أصح‬
‫ما وق فت عل يه من الحاد يث ف الر فع ف ال سجود " ‪ .‬وأ ما الر فع من‬
‫الت كبيات الخرى ‪ ،‬فف يه عدة أحاد يث أن ال نب ( ص ) كان ير فع يد يه‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪191‬‬

‫عند كل تكبية ‪ .‬ول تعارض بي هذه الحاديث وبي حديث ابن عمر‬
‫التقدم ف الكتاب بل فظ " ‪ . . .‬ول يرفعه ما ب ي ال سجدتي " ل نه ناف‬
‫وهذه مثبة والثبت مقدم على الناف كما تقرر ف علم الصول ‪ .‬وقد ثبت‬
‫الرفع بي السجدتي عن جاعة من السلف ‪ ،‬منهم أنس رضي ال عنه ‪،‬‬
‫بل منهم ابن عمر نفسه ‪ ،‬فقد روى ابن حزم من طريق نافع عنه أنه كان‬
‫يرفع يديه إذا سجد وبي الركعتي ‪ .‬وإسناده قوي ‪ .‬وروى البخاري ف‬
‫جزء " رفع اليدين " ( ص ‪ ) 7‬من طريق سال بن عبد ال أن أباه كان‬
‫إذا رفع رأسه من السجود وإذا أراد أن يقوم رفع يديه ‪ .‬وسنده صحيح‬
‫على شرط البخاري ف الصحيح ‪ .‬وعمل بذه السنة المام أحد بن حنبل‬
‫‪ ،‬ك ما رواه الثرم ‪ ،‬وروي عن المام الشاف عي القول به ‪ ،‬و هو مذ هب‬
‫ا بن حزم ‪ ،‬فرا جع " الحلى " ‪ .‬قوله ‪ " :‬و قد جاء ف حد يث مالك بن‬
‫الويرث بلففظ ‪ :‬كفب ثف رففع يديفه ‪ .‬رواه مسفلم ‪ .‬وهذا يفيفد تقديف‬
‫التكفبية على رففع اليديفن ‪ .‬ولكفن الاففظ قال ‪ :‬ل أر مفن قال بتقديف‬
‫الت كبي على الر فع " ‪ .‬قلت ‪ :‬بلى ‪ ،‬هو قول ف مذ هب النف ية ‪ ،‬وب عد‬
‫صفحة الديفث فل عذر لحفد فف التوقفف عفن العمفل بفه ‪ ،‬ول سفيما‬
‫وللحد يث شا هد من روا ية أ نس ع ند الدارقط ن ( ص ‪ ، ) 113‬فال ق‬
‫العمل بذه اليئات الثلثة ‪ ،‬تارة بذه ‪ ،‬وتارة بذه ‪ ،‬وتارة بذه ‪ ،‬لنه أت‬
‫ف إتباعه عليه السلم ‪ .‬قوله ف أدعية الستفتاح ‪ ) 2 ( " :‬وعن علي قال‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪192‬‬

‫‪ :‬كان ر سول ال ( ص ) إذا قام إل الصلة كب ‪ ،‬ث قال ‪ :‬وجهت‬


‫وجهفي ‪ . . .‬رأنفا مفن السفلمي ‪ . .‬إل ‪ .‬رواه أح د ومسفلم والترمذي‬
‫فظ الترمذي فف " الدعوات " (‬ ‫فم " ‪ .‬قلت ‪ :‬ولفف‬‫فو داود وغيهف‬ ‫وأبف‬
‫‪ . . . " : ) 3419‬الصلة الكتوبة ‪ . " . . .‬وقال ‪ " :‬حديث حسن‬
‫صحيح " ‪ .‬وكذلك رواه أ بو عوا نة ف " صحيحه " ( ‪ 112 / 2‬و‬
‫‪ ، ) 205‬والدارقطن ( ‪ ، ) 297 / 1‬وسنده صحيح ‪ ،‬ورواته كلهم‬
‫ثقات كما قال أبو الطيب العظيم آبادي ف تعليقه عليه ‪ ،‬وهو على شرط‬
‫مسلم ‪ .‬واما قول الافظ ابن حجر ف " بلوغ الرام " بعد أن ساق رواية‬
‫م سلم الطل قة و هي الذكورة ع ند الؤلف ‪ " :‬و ف روا ية له أن ذلك ف‬
‫صلة الليل " ! وتبعه على ذلك الشوكان فقال ف " نيل الوطار " ( ‪2‬‬
‫‪ " : ) 161 /‬وأما مسلم فقيده بصلة الليل ‪ ،‬وزاد لفظ ‪ :‬من جوف‬
‫الل يل " ‪ .‬قلت ‪ :‬وهذا و هم كله ‪ ،‬فل يس ع ند م سلم ( ‪- 185 / 2‬‬
‫‪ ) 186‬القيد الذكور ‪ ،‬ول الزيادة الذكورة ‪ ،‬وإنا هي ف حديث ابن‬
‫عباس الذي ساقه ق بل هذا الد يث بد يث بل فظ ‪ " :‬كان يقول إذا قام‬
‫إل الصفلة مفن جوف الليفل ‪ :‬اللهفم لك المفد ‪ ، " . . .‬وهفو النوع‬
‫السابع ف الكتاب ‪ ،‬فكان الشوكان انتقل بصره إليه حي الكتابة ‪ ،‬فوقع‬
‫ف الطأ ‪ .‬وأما الافظ فلعل سبب وهه أن مسلما رحه ال أورد الديث‬
‫ف زمرة أحاديث قيام الليل ! ويبدو أن مثل هذا الوهم قدي ‪ ،‬فقد أشار‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪193‬‬

‫إليه شيخ السلم ابن تيمية ف آخر كلمه على هذا الديث من " الكلم‬
‫الطيب ‪ ( ،‬ص ‪ - 58‬بتحقيقي ) فإنه قال ‪ " :‬ويقال ‪ :‬إن هذا كان ف‬
‫قيام الل يل " ‪ .‬و قد عل قت عل يه ث ة بإياز منب ها على روا ية الترمذي هذه‬
‫وغيه ‪ ،‬وعلى و هم الا فظ وال صنعان والشوكا ن ‪ .‬ول قد أغرق هذا ف‬
‫الطأ ف كتابه الخر " السيل الرار " ( ‪ ، ) 224 / 1‬فقال ف حديث‬
‫مسلم ‪ " :‬إنه مقيد ف " صحيح مسلم " بصلة الليل ‪ ،‬وإن أطلقه غيه ‪،‬‬
‫فحمفل الطلق على القيفد متعيف " ! فكأنفه كتفب هذا مفن ذاكرتفه ول‬
‫يراجع " النيل " ‪ ،‬فإنه قال فيه ‪ " :‬وأخرجه أيضا ابن حبان وزاد ‪ " :‬وإذا‬
‫قام إل الصلة الكتوبة " ‪ ،‬وكذلك رواه الشافعي وقيده أيضا بالكتوبة ‪،‬‬
‫وكذا غيه ا ‪ ،‬وأما مسلم فقيده بصلة الليل ‪ . " . . .‬إل ما سبق نقله‬
‫عنه آنفا ‪ .‬واللصة ‪ ،‬أن الديث مقيد بالصلة الكتوبة عند غي مسلم‬
‫من سبق ذكره ‪ ،‬فتكون روايته مقيدة بالكتوبة ‪ ،‬ل بصلة الليل كما قال‬
‫الشوكان ‪ .‬وإذا كان ذلك مشروعا ف الفريضة ففي النافلة من باب أول‬
‫كما ل يفى على أول النهى ‪ .‬ث إن ف رواية لب عوانة وابن خزية ف "‬
‫صحيحه " ( رقم ‪ ، ) 462‬وهي رواقي أب داود وغيه بلفظ ‪ " :‬وأنا‬
‫أول ال سلمي " ‪ .‬وعل يه أك ثر روايات الد يث ك ما نب هت على ذلك ف‬
‫تعليقفي على " صففة الصفلة " ( ص ‪ . ) 84‬ويزداد قوة بوروده فف‬
‫حد يث آ خر مرج هناك ‪ .‬وإن ا نب هت على هذا ل ن رأ يت كلم أح د‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪194‬‬

‫شاكر ف تعليقه على هذا الديث ف " الروضة " بأن هذا اللفظ ل يرد !‬
‫فاقتضى التنبيه ‪ .‬وبناء عليه فل حرج على الصلي أن يقول ف توجهه ‪" :‬‬
‫وأ نا أول ال سلمي " ‪ ،‬ل إخبارا عن نف سه ‪ ،‬وإن ا اقتداء به عل يه ال صلة‬
‫والسفلم الذي اقتدى بأبيفه إبراهيفم الليفل عليفه الصفلة والسفلم ‪ ،‬مفع‬
‫إمكان أن يكون العن بيان السارعة ف المتثال لا أمر به كما بينته هناك‬
‫فراجعه ‪ ،‬أو " زاد العاد " ‪.‬‬
‫قوله ف ال ستعاذة ‪ " :‬وقال ا بن النذر ‪ :‬جاء عن ال نب ( ص ) أ نه كان‬
‫يقول قبل أعوذ بال من الشيطان الرجيم " ‪ .‬قلت ‪ :‬ل أقف على هذا ف‬
‫شئ من كتب السنة العروفة ‪ ،‬ال ما ف " مراسيل أب داود " عن السن‬
‫أن رسفول ال ( ص ) كان يتعوذ ‪ ،‬فذكره ‪ .‬وهذا مفع ضعففه لنفه مفن‬
‫مراسيل السن البصري ‪ ،‬فليس فيه أن هذه الصيغة كانت ف الصلة ‪،‬‬
‫فالفضل أن يستعيذ با ف حديث جبي بن مطعم ‪ ،‬وأن يزيد أحيانا ‪" :‬‬
‫ال سميع العل يم " ‪ ،‬ك ما ورد ف ب عض الحاد يث م ثل حد يث أ ب سعيد‬
‫الدري عند أب داود والترمذي وغيها بسند حسن ‪ ،‬وها مرجان ف "‬
‫الرواء " ( ‪ . ) 342‬ول يذكفر البيهقفي فف الباب غيهاف ‪ .‬قوله فف‬
‫مشروع ية ال ستعاذة ف الرك عة الول دون سائر الركعات ‪ " :‬الحوط‬
‫القتصفار على ما وردت به ال سنة ‪ ،‬وهفو السفتعاذة ق بل تراءة الرك عة‬
‫الول فقط " ‪ .‬قلت ‪ :‬السنة الشار إليها ليست صرية فيما ذكره الؤلف‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪195‬‬

‫‪ ،‬لن قول أ ب هريرة ف حدي ثه الذكور ف الكتاب ‪ " :‬ول ي سكت " ‪،‬‬
‫ل يس صريا ف أ نه أراد مطلق ال سكوت ‪ ،‬بل الظا هر أ نه أراد سكوته‬
‫السكتة العهودة عنده ‪ ،‬وهي الت فيها دعاء الستفتاح التقدم ف الكتاب‬
‫( ص ‪ ، ) 266‬و هي سكتة طويلة ‪ ،‬ف هي النف ية ف حدي ثه هذا ‪ ،‬وأ ما‬
‫سكتة التعوذ والب سملة فلطي فة ل يس ب ا الؤت لشتغاله بركة النهوض‬
‫للركعة ‪ ،‬وكان المام مسلما رحه ال أشار إل ما ذكرنا من أن السكتة‬
‫النفية ف هذا الديث هي الثبتة ف حديث أب هريرة التقدم ‪ ،‬فإنه ساق‬
‫الديث الشار إليه ‪ ،‬ث عقبه بذا ‪ ،‬وكلها عن أب هريرة ‪ ،‬والسند إليه‬
‫واحد ‪ ،‬فاحدها متمم للخر حت لكانما حديث واحد ‪ ،‬وحينئذ يظهر‬
‫أن الديث ليس على إطلقه ‪ ،‬وعليه نرجح مشروعية الستعاذة ف كل‬
‫ركعفة لعموم قوله تعال ‪ ( * :‬فإذا قرأت القران فاسفتعذ بال ) * ‪ ،‬وهفو‬
‫الصح ف مذهب الشافعية ‪ ،‬ورجحه ابن حزم ف " الحلى " ‪ .‬وال أعلم‬
‫‪ .‬قوله فف التأميف ‪ " :‬يسفن لكفل مصفل ‪ . .‬أن يقول ‪ :‬اميف بعفد قراءة‬
‫الفات ة ي هر ب ا ف ال صلة الهر ية ‪ ،‬وي سر ب ا ف ال سرية ‪ ،‬ف عن نع يم‬
‫الجمر قال ‪ :‬صليت وراء أب هريرة فقال ‪ :‬بسم ال الرحن الرحيم ‪ .‬ث‬
‫قرأ بأم القران ح ت إذا بلغ ‪ ( * :‬ول الضال ي ) * ‪ ،‬فقال ‪ :‬آم ي ‪ .‬وقال‬
‫الناس ‪ :‬آمي قلت ‪ :‬تقدم الديث ف البسملة ‪ ،‬وكما قلنا هناك أنه ليس‬
‫ف يه الت صريح بال هر بالب سملة ‪ ،‬فكذلك نقول هه نا أ نه ل يس ف يه ال هر‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪196‬‬

‫بالتأم ي ‪ ،‬ف هو دل يل على مطلق التأم ي ل على ال هر ب ا ‪ .‬قوله ‪ " :‬أ من‬
‫ابن الزبي ومن وراءه ‪ ،‬حت إن للمسجد للجة " ‪ .‬قلت ‪ :‬ليس ف تأمي‬
‫الؤت ي جهرا سوى هذا ال ثر ‪ ،‬ول ح جة ف يه ‪ ،‬ل نه ل يرف عه إل ال نب‬
‫( ص ) ‪ ،‬و قد جاءت أحاد يث كثية ف ج هر ال نب ( ص ) ‪ ،‬ول يس ف‬
‫شئ منها جهر الصحابة با وراءه ( ص ) ‪ ،‬ومن العلوم أن التأمي دعاء ‪،‬‬
‫والصل فيه السرار ‪ ،‬لقوله تعال ‪ ( * :‬ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه ل‬
‫يب العتدين ) * ‪ ،‬فل يوز الروج عن هذا الصل ال بدليل صحيح ‪،‬‬
‫و قد خرجنا عنه ف تأم ي المام جهرا لثبوته ع نه ( ص ) ‪ ،‬ووقفنا عنده‬
‫بصوص القتدين ولعله لذلك رجع الشافعي عن قوله القدي ‪ ،‬فقال ف "‬
‫الم " ( ‪ " : ) 65 / 1‬فإذا فرغ المام مفن قراءة القرآن ‪ ،‬قال ‪ :‬آميف ‪.‬‬
‫ورففع باف صفوته ‪ ،‬ليقتدي باف مفن خلففه ‪ ،‬فإذا قالاف قالوهفا ‪ ،‬وأسفعوا‬
‫أنفسفهم ‪ ،‬ول أحفب أن يهروا باف ‪ ،‬فإن فعلوا فل شفئ عليهفم " ‪ .‬ثف‬
‫خرجت أثر ابن الزبي الذكور ‪ ،‬وبينت صحته عنه تت الديث ( ‪952‬‬
‫) ف " الضعيفة " ‪ ،‬وأتبعته بأثر آخر صحيح أيضا عن أب هريرة أنه كان‬
‫ي هر ب‍ ( آم ي ) وراء المام وي د ب ا صوته ‪ ،‬فملت ث ة إل اتباعه ما ف‬
‫ذلك ‪ ،‬ث رأيت المام أحد قال به فيما رواه ابنه عبد ال عنه ف " مسائله‬
‫" ( ‪ . ) 259 / 72‬ث إن قوله ‪ " :‬يسن لكل مصل ‪ " . . .‬يناف ظاهر‬
‫قوله ( ص ) ‪ " :‬إذا أ من المام فأمنوا ‪ ، " . .‬و ما ف معناه م ا يأ ت ع ند‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪197‬‬

‫الؤلف ‪ ،‬فإنه يدل على وجوب التامي على الأموم ‪ ،‬واستظهره الشوكان‬
‫فف " النيفل " ( ‪ ، ) 187 / 2‬لكفن ل مطلقفا ‪ ،‬بفل مقيدا بأن يؤمفن‬
‫المام ‪ ،‬وأمفا المام والنفرد فمندوب فقفط ‪ .‬قال ‪ " :‬وحكفى ابفن بزيزة‬
‫عن ب عض أ هل العلم بوجو به على الأموم عمل بظا هر ال مر ‪ ،‬وأوجب ته‬
‫الظاهريفة على كفل مصفل " ‪ .‬قلط ‪ :‬ابفن حزم مفن أئمتهفم كمفا هفو‬
‫مشهور ‪ ،‬ول يوجبفه مطلقفا بالقيفد الذكور ‪ ،‬قال فف " الحلى " ( ‪/ 2‬‬
‫‪ " : ) 262‬وأمفا قول ( آميف ) ‪ ،‬فإنفه كمفا ذكرة يقوله المام والنفرد‬
‫ند با و سنة ‪ ،‬ويقول ا الأموم فر ضا ول بد " ‪ .‬قلت ‪ :‬في جب الهتمام به‬
‫وعدم التساهل بتركه ‪ .‬ومن تام ذلك موافقة المام فيه وعدم مسابقته ‪،‬‬
‫وهذا أمر قد أخل به جاهي الصلي ف كل البلد الت أتخ ل زيارتا ‪،‬‬
‫ويهرون فيهفا بالتأميف ‪ .‬فإنمف يسفبقون المام ‪ ،‬يبتدئون بفه قبفل ابتداء‬
‫المام ‪ ،‬ويعود السفبب فف هذه الخالففة الكشوففة ‪ ،‬إل غلبفة الهفل‬
‫عليهم ‪ ،‬وعدم قيام أئمة الساجد وغيهم من الدرسي والوعاظ بتعليمهم‬
‫وت نبيههم ‪ ،‬ح ت أ صبح قوله ( ص ) ‪ " :‬إذا أ من المام فأمنوا ‪ " . .‬ن سيا‬
‫منسيا عندهم ‪ ،‬إل من عصم ال ‪ ،‬وقليل ماهم ‪.‬‬
‫وال السفتعان ‪ .‬وقوله فف " التأميف " أيضفا ‪ " :‬وقال عطاء ‪ :‬أدركفت‬
‫مائتيف مفن الصفحابة فف هذا السفجد ‪ ،‬إذا قال المام ‪ :‬ول الضاليف ‪.‬‬
‫سعت لم رجة آمي " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪198‬‬

‫قلت ‪ :‬هو بذا اللفظ ضعيف ‪ ،‬أخرجه البيهقي ( ‪ ) 59 / 2‬من طريق‬


‫خالد ابن أب أنوف عنه ‪ .‬وخالد ف عداد الجهولي لنه ل يوثقه غي ابن‬
‫حبان ‪ ،‬و قد عل مت قي مة توثي قه ! ويأ ت قري با ته يل ا بن القطان لر جل‬
‫وثقه ابن حبان ‪ .‬ولكنه قد صح عن ابن الزبي متصرا كما ذكرت آنفا ‪.‬‬
‫و من ( هدي ر سول ال ( ص ) ف القراءة ب عد الفات ة ) قوله ف كيف ية‬
‫القراءة ب عد الفات ة ‪ " :‬و عن ا بن عباس أ نه قرأ الفات ة وآ ية من البقرة ف‬
‫كل رك عة ‪ .‬رواه الدارقط ن بإ سناد قوي " ‪ .‬قلت ‪ :‬أ ن له القوة ‪ ،‬وف يه‬
‫عند الدارقطن ف " سننه " ( ‪ ) 338 / 1‬سهل بن عامر البجلي وهو‬
‫ضع يف جدا ‪ ،‬قال البخاري ف " التار يخ ال صغي " ( ص ‪" : ) 226‬‬
‫من كر الد يث ‪ ،‬ل يك تب حدي ثه " ‪ .‬وقال ا بن أ ب حا ت ( ‪/ 1 / 2‬‬
‫‪ ) 202‬عن أبيه ‪ " :‬ضعيف الديث ‪ ،‬روى أحاديث بواطيل ‪ ،‬أدركته‬
‫بالكوفة ‪ ،‬وكان يفتعل الديث " ‪ .‬وأورده الذهب ف " الضعفاء " ‪ ،‬وقال‬
‫‪ " :‬رماه أبو حات بالكذب " ‪ .‬وخفي حاله على ابن حبان فذكره ف "‬
‫الثقات " ( ‪ ! ) 290 / 8‬وقوله فيها ‪ " :‬حبك إياها أدخلك النة " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا آخر قول البخاري الذي علقه ف " صحيحه " ‪ ،‬وكان ينبغي‬
‫على الؤلف ) أن يبينه ‪ ،‬و قد خرجت هذه العلقات ف " مت صر صحيح‬
‫البخاري " ( ‪ 1‬قوله ‪ " :‬وصلها ( يعن الفجر ) ب‍ ( الروم ) " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫نقله عن " زاد العاد " كما صرح ف مقدمة الفصل ‪ ،‬وقد قلت ف التعليق‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪199‬‬

‫عليه ما نصه ‪ " :‬قلت ‪ :‬ل يثبت هذا ‪ ،‬أخرجه النسائي ( ‪، ) 151 / 1‬‬
‫وأحد ( ‪ 363 / 5‬و ‪ ) 364‬من طريق عبد اللك بن عمي عن شبيب‬
‫أ ب روح عن ر جل من أ صحاب ال نب ( ص ) أ نه صلى صلة ال صبح ‪،‬‬
‫فقرا ( الروم ) ‪ ،‬فالتبس عليه ‪ ،‬فلما صلى قال ‪ :‬ما بال أقوام يصلون معنا‬
‫ل ي سنون الطهور ؟ ! فإن ا يل بس علي نا القرآن أولئك ‪ .‬و شبيب قذا هو‬
‫ابن نعيم ‪ ،‬ويقال ‪ :‬ابن أب روح ‪ ،‬وكنيته أبو روح المصي ‪ ،‬ذكره ابن‬
‫حبان فف " الثقات " ‪ ،‬وقال ابفن القطان ‪ :‬ل تعرف عدال ! ‪ .‬وفيفه علة‬
‫أخرى ‪ ،‬فأن ظر " الشكاة " ( ‪ ، ) 295‬و من ذلك نعلم أن من ح سن‬
‫سنده قدي ا وحدي ثا ف ما أح سن ‪ ،‬مع مال فة مت نه لظا هر قوله قعال ‪* :‬‬
‫( ومن أساء فعليها ) * ‪ .‬وال أعلم ‪ .‬قوله ف اقراءة بعد النرب ‪ " :‬ذكر‬
‫أبو داود ف حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال ‪ :‬ما من‬
‫الفصل سورة ‪ ،‬صغية ول كبية ‪ ،‬إل وقد سعت رسول ال ( ص ) يؤم‬
‫الناس ب ا ف الصلة الكتو بة " ‪ .‬قلت ‪ :‬هو من رواية ممد بن إسحاق‬
‫عن عمرو بن شعيب ‪ ،‬وابن إسحاق مدلس ‪ ،‬وقد عنعنه ‪ ،‬فالسند ضعيف‬
‫‪ .‬وهو ف " ضعيف أب داود " ( ‪ ، ) 144‬وقد غفل عن عنعنته العلق‬
‫على " زاد العاد " فح سن إ سناده ‪ .‬قوله ف قراءة سورة بعين ها ‪ " :‬وأ ما‬
‫قراءة أواخفر السفور وأوسفاطها فلم يففظ عنفه " ‪ .‬قلط ‪ :‬هذا بالنسفبة‬
‫لو ساط ال سور م سئم ‪ ،‬أ ما الوا خر فل ‪ ،‬ولذلك قلت ف " التعليقات‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪200‬‬

‫الياد " ‪ " :‬يستدرك عليه با ذكره الؤلف نفسه ( أعن ابن القيم ) ف "‬
‫رسالة الصلة " ( ص ‪ ، ) 207‬حيث قال ‪ " :‬ول ينقل أحد عنه أنه قرأ‬
‫آ ية من سورة أو بآخر ها إل ف سنة الف جر ‪ ،‬فإ نه كان يقرأ في ها بات ي‬
‫اليت ي ‪ ( * :‬قولوا آم نا بال و ما أنزل إلي نا ) * ال ية ‪ ( * ،‬قل يا أ هل‬
‫الكتاب تعالوا إل كلمة سواء بيننا وبينكم ) * الية ‪ . " .‬قلت ‪ :‬أخرجه‬
‫مسلم ( ‪ ، ) 161 / 2‬وغيه من حديث ابن عباس " ‪ .‬قلت ‪ :‬وقد ذكر‬
‫هذا الديث الؤلف ف الزء الثان من القطع الصغي تت عنوان ( سنة‬
‫الفجر ما يقرأ فيها ) ‪ ،‬فكان عليه أن يستدرك به على ما ذكره عن ابن‬
‫القيم ولو أن يشي إليه على القل ‪.‬‬
‫و من ( إطالة الرك عة الول ف " ال صبح " ) قوله ‪ " :‬كان ( ص ) يط يل‬
‫الرك عة الول على الثان ية ‪ ،‬و من كل صلة ‪ ،‬ورب ا بان يطيل ها ح ت ل‬
‫ي سمع و قع قدم " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا ل يرو ب صوص رك عة الف جر ‪ ،‬ول ف‬
‫كل صلة ‪ ،‬وإنا ف صلة الظهر فقط ‪ ،‬رواه أبو داود وأحد عن رجل‬
‫عن عبد ال بن أب أوف أن النب ( ص ) كان يقوم ف الركعة الول من‬
‫صلة الظهر حت ل يسمع وقع قدم ‪ .‬ث هو ضعيف لهالة الرجل الذي‬
‫ل ي سم ‪ ،‬ورا جع " ن يل الوطار " ( ‪ . ) 117 / 3‬ث خرج ته ف "‬
‫الرواء " ( ‪ ، ) 513‬وف " ضعيف أب داود " ( ‪ . ) 143‬قوله ‪" :‬‬
‫وهذا لن قرآن الف جر مشهود يشهده ال تعال وملئك ته " ‪ .‬قلت ‪ :‬أ ما‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪201‬‬

‫شهود اللئ كة ف صحيح ث ا بت ع نه ( ص ) ‪ ،‬وأ ما شهود ال تعال فلم‬


‫يرد إل ف حديث أب الدرداء مرفوعا أخرجه ابن نصر ف " قيام الليل " (‬
‫ص ‪ ، ) 36‬وابن جرير ف " التفسي " ‪ ،‬وف سنده زيادة عن ممد بن‬
‫كعب القرظي ‪ ،‬وزيادة منكر يث كما قال البخاري وغيه ‪ .‬وقد ذكر‬
‫الافظ ابن كثي ( ‪ ) 54 / 3‬أنه تفرد بذا الديث ‪ ،‬وساقه الذهب ف‬
‫ترجة زيادة ‪ ،‬ث عقبه بقوله ‪ " :‬فهذه ألفاظ منكرة ل يأت با غي زيادة "‬
‫‪ .‬قوله ‪ . . . " :‬النول اللي هل يدوم إل انقضاء صلة الصبح أو إل‬
‫طلوع الفجر ؟ وقد ورد فيه هذا وهذا " ‪ .‬يعن ب‍ " النول اللي " قوله (‬
‫ص ) ‪ " :‬ينل ال كفل ليلة إل السفماء الدنيفا ‪ ،‬حيف يبقفى ثلث الليفل‬
‫ال خر ‪ ،‬فيقول ‪ :‬من يدعو ن فأ ستجيب له ‪ ،‬من ي سألن فأعط يه ‪ ،‬من‬
‫يستغفرن فأغفر له ؟ " ‪ .‬وهو حديث صحيح متواتر ‪ ،‬جاء عن جع من‬
‫ال صحابة ‪ ،‬خر جت ق سما طي با من ها ف " الرواء " ( ‪ ، ) 450‬و "‬
‫صحيح أب داود " ( ‪ ، ) 1118‬زاد بعضهم ‪ " :‬حت ينفجر ( وف رواية‬
‫‪ :‬يطلع ) الفجر " ‪ .‬وقد كنت قلت ف " التعليقات الياد على زاد العاد‬
‫" ‪ " :‬لكن معظم الرواة اتفقوا على أنه يدوم إل طلوع الفجر كما قال‬
‫الافظ ف " الفتح " ( ‪ ، ) 24 / 3‬وأما دوامه إل صلة الفجر ‪ ،‬فلم‬
‫أ جد روا ية صرية تؤ يد ذلك ‪ ،‬ن عم ف روا ية للن سائي من حد يث أ ب‬
‫هريرة بل فظ ‪ " :‬ح ت تر جل الش مس " ‪ ،‬ف هي تتض من ما ذكره ال صنف‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪202‬‬

‫( أي ابن القيم ) ‪ ،‬لكنها رواية شاذة كما قال الافظ " ‪ .‬وأقول الن ‪:‬‬
‫لعل الطأ فيها من ممد بن إساعيل بن أب فديك ‪ ،‬فإنه عند النسائي ف‬
‫" عمل اليوم والليلة " ( رقم ‪ ، ) 486‬وابن خزية ف " التوحيد " ( ص‬
‫‪ ) 87 - 86‬من طريقه ‪ :‬حدثن ابن أب ذئب عن القاسم بن عباس عن‬
‫نافع ابن جبي عن أب هريرة ‪ .‬فإن ابن أب فديك وإن كان ثقة متجا به‬
‫ف " الصحيحي " ‪ ،‬فقد قال فيه ابن سعد ‪ " :‬كان كثي الديث ‪ ،‬وليس‬
‫بجة " ‪ ،‬ومن الحتمل أن يكون الطأ من شيخه القاسم بن عباس ‪ ،‬فإنه‬
‫مع كونه ثقة من رجال مسلم أيضا ‪ ،‬فقد لينه ممد ابن البقي الافظ ‪،‬‬
‫وقال ابفن الدينف ‪ " :‬مهول " كمفا فف " اليزان " ‪ .‬ولعفل هذا هفو‬
‫القرب ‪ ،‬فقد خالفه عمرو بن دينار ‪ -‬وهو الثقة الثبت ‪ -‬إسنادا ومتنا ‪،‬‬
‫فقال عن نا فع بن جبي بن مط عم عن أب يه مرفو عا بل فظ ‪ " :‬ح ت يطلع‬
‫الفجر " ‪ .‬أخرجه ابن خزية ف " التوحيد " ( ص ‪ ، ) 88‬وأحد ( ‪/ 4‬‬
‫‪ ، ) 81‬وغيها ‪ .‬وهو مرج ف كتاب " ظلل النة ف تريج السنة " (‬
‫‪ . ) 507‬ث وجدت روايت ي أخري ي ‪ :‬الول ‪ :‬بل فظ ‪ " :‬حت تطلع‬
‫الش مس " ‪ .‬أخر جه ا بن خزي ة أي ضا من طر يق إبراه يم الجري عن أ ب‬
‫الحوص رف عه ‪ .‬قلت ‪ :‬وهذا مع كو نه مر سل ف هو ضع يف ا من أ جل‬
‫إبراهيفم هذا ‪ ،‬وهفو ابفن مسفلم ‪ .‬قال الاففظ فف " التقريفب " ‪ " :‬ليف‬
‫الديفث ‪ ،‬رففع موقوفات " ‪ .‬والخرى بلففظ ‪ " :‬حتف يطلع الفجفر أو‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪203‬‬

‫ينصرف القارئ من صلة الفجر " ‪ .‬أخرجه الدارمي ( ‪) 347 - 346‬‬


‫وإبن خزية وأحد ( ‪ ) 504 / 2‬من طريق ممد بن عمرو عن أب سلمة‬
‫عن أب هريرة مرفوعا به ‪ .‬قلت ‪ :‬وهذا مع كونه قد شك فيه الراوي فهو‬
‫ما ل قبمة له ‪ ،‬فكيف وممد ابن عمرو فيه كلم من قبل حفظه ‪ ،‬فكيف‬
‫وقد خالفه الزهري ويي بن أب كثي عن أب سلمة بلفظ ‪ " :‬حت الفجر‬
‫" ‪ .‬بغي شك ‪ .‬رواه مسلم وغيه ‪ .‬وبالملة ‪ ،‬فل يصح ف الديث إل‬
‫هذا الل فظ الخ ي ‪ ،‬وعل يه كل الروايات ال صحيحة ف يه ‪ .‬وال سبحانه‬
‫وتعال أعلم ‪/ .‬‬
‫و من ( ما ي ستحب أثناء القراءة ) قوله ‪ " :‬قال النووي ‪ :‬ي سن ل كل من‬
‫قرأ ف ال صلة أو غي ها إذا مر بآ ية رح ة أن ي سأل ال تعال من فضله ‪،‬‬
‫وإذا مر ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬هذا إن ا ورد ف صلة الل يل ك ما ف حد يث‬
‫حذيفة الذكور ف الكتاب بعد قليل ‪ ،‬فمقتضى التباع الصحيح الوقوف‬
‫عند الوارد وعدم التوسع فيه بالقياس والرأي ‪ ،‬فإنه لو كان ذلك مشروعا‬
‫ف الفرائض أيضا لفعله ( ص ) ‪ ،‬ولو فعله لنقل ‪ ،‬بل لكان نقله أول من‬
‫نفل ذلك ف النوافل كما ل يفى ‪ .‬واعلم أنه ل يناقض هذا الذي ذكرته‬
‫هنا الصل الذي بنيت عليه فيما يأت شرعية الصلة على النب ( ص ) ف‬
‫التش هد الول ‪ ،‬ك ما ظن ب عض إخوان نا الجتهد ين ف خد مة الد يث‬
‫الشريفف ‪ -‬جزاه ال خيا ‪ -‬فف جلة مفا كتفب إل بتاريفخ ‪/ 8 / 2‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪204‬‬

‫‪ ، 1397‬وذلك لقيام دليل الفرق هنا ‪ ،‬وهو ما أشرت إليه بقول ‪" :‬‬
‫فإ نه لو كان ذلك مشرو عا ف الفرائض أي ضا لفعله ال نب ( ص ) ‪" . . .‬‬
‫إل ‪ ،‬وذلك لن ال مم والدوا عي تتو فر على ن قل مثله ‪ ،‬فلمال ين قل دل‬
‫على أنه ل يفعله ( ص ) ‪ .‬فوقفنا مع الدليل الانع هنا من الخذ بالصل‬
‫الشار إل يه ‪ ،‬فظ هر أ نه ل تنا قض وال مد ل ‪ ،‬وإن ا هو التم سك بالدل يل‬
‫اللزم بالتفريق بي السألتي ‪ .‬وال أعلم ‪ .‬قوله ‪ " :‬ويستحب لكل من قرأ‬
‫‪ ( * :‬أليس ال بأحكم الكمي ) * أن يقول ‪ :‬بلى ‪ ،‬وأنا على ذلك من‬
‫الشاهدين ‪ .‬وإذا قرأ ‪ ( * :‬أليس ذلك بقادر على أن يعب الوتى " ‪ ،‬قال‬
‫‪ :‬بلى أشهد ‪ .‬وإذا قرأ ‪ ( * :‬فبأي حديث بعده يؤمنون ) * ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫آمنت بال ‪ .‬وإذا قال ‪ ( * :‬سبح اسم ربك العلى ) * ‪ ،‬قال ‪ :‬سبحان‬
‫ر ب العلى " قلت ‪ :‬ل يبي ما إذا كان ذلك واردا أم ل ‪ ،‬و ما إذا كان‬
‫ثابتفا أم ل ؟ ولذلك أقول ‪ :‬أمفا جلة التسفبيح منفه فصفحيح ثابفت مفن‬
‫حديث ابن عباس وغيه ‪ ،‬وهو مرج ف " صحيح أب داود " ( ‪) 826‬‬
‫‪ .‬وأما ما قبله فهو من حديث أب هريرة مرفوعا بلفظ ‪ " :‬من قرأ منكم *‬
‫( والت ي والزيتون ) * ‪ ،‬فانت هى إل آخر ها ‪ ( * :‬أل يس ال بأح كم‬
‫الاكم ي ) * ‪ ،‬فلي قل ‪ :‬بلى ‪ " . .‬إل ‪ .‬أخر جه أ بو داود وغ يز ‪ ،‬وف يه‬
‫رجل ل يسم ‪ ،‬وبيانه ف " ضعيف أب داود " ( ‪ ، ) 156‬و " الشكاة "‬
‫( ‪ . ) 860‬لكن صح منه قوله ‪ " :‬بلى " ف اية ( القيامة ) ‪ ،‬رواه موسى‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪205‬‬

‫بفن أبف عائشفة قال ‪ :‬كان رجفل يصفلي فوق بيتفه ‪ ،‬وكان إذا قرأ ‪* :‬‬
‫( أل يس ذلك بقادر على أن يي الوتى ) * ‪ ،‬قال ‪ :‬سبحانك فبلى ‪.‬‬
‫فسألوه عن ذلك ؟ فقال ‪ :‬سعته من رسول ال " صلى ال عليه وآله " ‪.‬‬
‫أخر جه أ بو داود ب سند صحيح عن الر جل ‪ ،‬و هو صحاب ‪ ،‬وجهال ته ل‬
‫تضركما هو معروف عند العلماء ‪ ،‬ولذلك خرجته ف " صحيح أب داود‬
‫" ( رقم ‪ . ) 827‬قوله ف تعداد سنن الصلة ‪ ) 7 ( " :‬تكبيات الصلة‬
‫" ‪ .‬قلت ‪ :‬عد هذه التكبيات من السنن يناف أمر النب ( ص ) السئ‬
‫صلته با كما جاء ف رواية لب داود وغيه من حديث رفاعة بن رافع ‪،‬‬
‫وهو مرج ف " صحيح أب داود " ( ‪ ، ) 805 - 803‬فهي إذن واجبة‬
‫‪ ،‬ومؤيدة بعموم قوله ( ص ) ‪ " :‬صلوا كما رأيتمون أصلي " ‪.‬وقد قرر‬
‫المام الشوكا ن ف " ن يل الوطار " ( ‪ ) 224 - 222 / 2‬ث ف "‬
‫السيل الرار " أن الصل ف جيع المور الواردة ف حديث السئ صلته‬
‫الوجوى ‪ ،‬و قد نص الشوكا ن نف سه ف " الن يل " أن هذه الت كبيات م ا‬
‫جاء فيه ف بعض الروايات ‪ ،‬ث نسي ذلك ف " السيل " فذكرها ( ‪/ 1‬‬
‫‪ ) 228 - 227‬ف جلة السنن ! فسبحان رب ل يضل ول ينسى ‪ ،‬وقد‬
‫ذهفب إل الوجوب المام أحدف رحهف ال كمفا حكاه النووي فف "‬
‫الجموع " ( ‪ ) 397 / 3‬عنه ‪ ،‬واحتج له بالعموم السابق ‪ ،‬وخفي عليه‬
‫حديث السئ ‪ ،‬فإنه قال متجا عليه لذهبه ‪ " :‬ودليلنا على أحد حديث‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪206‬‬

‫السئ صلته ‪ ،‬فإن النب ( ص ) ل يأمره بتكبيات النتقال وأمره بتكبية‬


‫الحرام " ! فلم يتنبفه لروايفة أبف داود وغيه ‪ .‬ومفن ( القراءة خلف‬
‫المام ) قوله ‪ . . . " :‬السفكوت ل يلزهفا المام ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬هذا‬
‫التعبي قد يوهم مشروعية سكوى المام عقب الفاتة بقدر ما يقرأها من‬
‫وراءه ‪ ،‬لن عدم اللزوم ل ي ستلزم عدم الشروع ية مطل قا ك ما ل ي فى ‪،‬‬
‫ودفعا لذلك اليهام أقول ‪ :‬إن السكتة الذكورة بدعة ف الدين إذ ل ترد‬
‫مطل قا عن سيد الر سلي ‪ ،‬إن ا ورد ع نه سكتتان إحداه ا ب عد ت كبية‬
‫الحرام من أجل دعاء الستفتاح ‪ ،‬وقد مضى حديثها ف الكتاب عن أب‬
‫هريرة ‪ .‬وال سكته الثان ية رو يت عن سرة بن جندب واختلف الرواة ف‬
‫تعيين ها فقال بعض هم ‪ :‬هي ع قب الفات ة ‪ .‬وقال الكثرون ‪ :‬هي ع قب‬
‫الفراغ من القراءة كلها ‪ ،‬وهو الصواب كما بينته ف " التعليقات الياد "‬
‫‪ ،‬وغيه ‪ ،‬وراجع " رسالة الصلة " لبن القيم ‪.‬‬
‫على أن هذا الديث معلل عندي بالنقطاع ‪ ،‬لنه من رواية السن عن‬
‫سرة ‪ ،‬وهو وإن كان سع منه ف الملة ‪ ،‬فهو مدلس ‪ ،‬وقد عنعنه ‪ ،‬ول‬
‫يصرح بسماعه لذا الديث منه ‪ ،‬فثبت ضعفه ‪ .‬ث إنه ليس فيه التصريح‬
‫بأن السكتة كانت طويلة بذلك القدر ‪ ،‬فل متمسك فيه البتة للشافعية ‪،‬‬
‫فتأمل ‪ .‬وأما ما ذكره الشوكان ف " السيل الرار " ( ‪ ) 225 / 1‬أن‬
‫النب ( ص ) كان بعد فراغه من قراءة الفاتة يسكت سكتة طويلة ث يقرأ‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪207‬‬

‫السورة ‪ .‬فليس ف شئ من روايات الديث زيادة طويلة ‪ .‬وكأنه اختلط‬


‫عل يه نص الد يث بتف سي الطا ب إياه بقوله ‪ " :‬إن ا كان ي سكت ‪. . .‬‬
‫ليفرأ من خلفه " ‪ ،‬نقله عنه الشوكان ف النيل " ( ‪ ، ) 200 / 2‬ومن‬
‫الحتمل أنه تف سي م نه لروا ية لح د ‪ " :‬وإذا قال ‪ ( * :‬ول الضال ي ) *‬
‫سكت أيضا هنية " ‪ .‬وقد عرفت أن مل السكتة الثانية بعد الفراغ من‬
‫القراءة كلها ‪ ،‬على ضعف السناد ‪ .‬ث فصلت القول ف ذلك ف " إرواء‬
‫الغليل " ( ‪ . ) 288 - 284 / 2‬ومن ( هيئات الركوع ) قوله فيها ‪:‬‬
‫" الواجب ف الركوع مرد النناء ‪ ،‬بيث تصل اليدان إل الركبتي ‪،‬‬
‫ولكن السنة فيه ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬هذا ل يكفي ‪ ،‬بل ل بد من الطمئنان‬
‫الذي جاء ال مر به ف حد يث ال سئ صلته وغيه ‪ .‬و من العج يب أن‬
‫الؤلف ذكفر هذا فيمفا تقدم ( ص ‪ 25‬مفن كتابفه ) ‪ ،‬وذكفر بعففر‬
‫الحاديث الشار إليها فكأنه نسي ذلك كله عندما نقل هذا ‪ ،‬وهو ف "‬
‫الهذب وشرحه " ( ‪ . ) 406 / 31‬وال الستعان ‪.‬‬
‫وبذه النا سبة أقول ‪ :‬ي ب أن يعلم أن الطمئنان الوا جب ل ي صل ال‬
‫بتحتيق ما يأت ‪:‬‬
‫‪ - 1‬وضع اليدين على الركبتي ‪.‬‬
‫‪ - 2‬تفريج أصابع الكفي ‪.‬‬
‫‪ - 3‬مد الظهر ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪208‬‬

‫‪ - 4‬التمكي للركوع وإلكث فيه حت يأخذ كل عضو مأخذه ‪ .‬وهذا‬


‫كله ثابت ف روايات عديدة لديث السئ صلته ‪ ،‬وهو مرج ف " صفة‬
‫الصلة " ( ص ‪ - 134 - 133‬طبع المكتب السلمي ) ‪ .‬وقوله ‪" :‬‬
‫ف عن عق بة بن عمرو أ نه ر كع فجا ف يد يه ‪ ،‬وو ضع يد يه على ركبت يه ‪،‬‬
‫وفرج أ صابعه من وراء ركبت يه ‪ ،‬وقال ‪ :‬هكذا رأ يت ر سول ال ( ص )‬
‫يصلي ‪ .‬رواه أحد وأبو داود والنسائي " ‪ .‬قلت ‪ :‬مدار هذا الديث على‬
‫عطاء بن السائب ‪ ،‬وكان قد اختلط ‪ ،‬ول أجد أحدا من الرواة رواه عنه‬
‫قبل الختلط ‪ ،‬وف الباب ما يغن عنه مثل حديث أب حيد الذي أورده‬
‫الؤلف بعفد هذا فإن فيفه عنفد أبف داود والترمذي وصفححه بلففظ ‪" :‬‬
‫فو ضع يد يه على ركبت يه كأ نه قا بض عليه ما ‪ " . . .‬وث بت التفر يج ب ي‬
‫الصابع من فعله وأمره ( ص ) كما ذكرنا ف " صفة صلة النب ( ص )‬
‫‪.‬‬
‫ومفن ( الذكفر فيفه ) قوله ‪ " :‬فعفن عقبفة بفن عامفر قال ‪ :‬لاف نزلت ‪* :‬‬
‫( ف سبح با سم رئك العظ يم ) * ‪ ،‬قال لنا ال نب ( ص ) ‪ :‬اجعلوها ف‬
‫ركوعكفم ‪ .‬رواه أحدف وأبفو داود وغيهاف بإسفناد جيفد " ‪ .‬كذا قال ‪،‬‬
‫ونوه قول النووي ف " الجموع " ( ‪ " : ) 413 / 3‬رواه أ بو داود‬
‫وابن ماجه بإسناد حسن " ! وسكت عنه الافظ ف " التلخيص " ( ‪/ 1‬‬
‫‪ ، ) 242‬وف إسنادهم جيعا عم موسى بن أيوب ‪ ،‬واسه إياس بن عامر‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪209‬‬

‫الغافقي وليس بالعروف كما حققته ف " ضعيف أب داود " ( ‪- 152‬‬
‫‪ ، ) 153‬ث ف " إرواء الغليل " ( ‪ ، ) 334‬ولو صح الديث لدل على‬
‫وجوب التسفبيح ‪ ،‬وهذا خلف مفا قاله الؤلف مفن السفتحباب ‪.‬‬
‫وللحديفث تتمفة سفيذكرها الؤلف فف السفجود ! ثف قال ‪ " :‬يسفتحب‬
‫للمصلي إماما أو مأموما أو منفردا أن يقول عند الرفع من الركوع ‪ :‬سع‬
‫ال ل ن حده ‪ ،‬فإذا ا ستوى قائ ما ‪ . . .‬ف عن أ ب هريرة أن ال نب ( ص )‬
‫كان يقول ‪ :‬سع ال لن حده ‪ ،‬حي يرفع صلبه من الركعة ث يقول وهو‬
‫قائم ‪ :‬ربنا ولك ال مد ‪ .‬رواه أحد والشيخان " ‪ .‬قلت ‪ :‬و هر مرج ف‬
‫" الرواء " ( ‪ ) 331‬بزيادة كثية ف الصادر ‪ .‬وتأكيدا لا ذكره من‬
‫شول الستحباب للمأموم أقول ‪ :‬من الواضح أن ف هذا الديث ذكرين‬
‫اثن ي ‪ :‬أحده ا ‪ :‬قوله ‪ " :‬سع ال ل ن حده " ف اعتداله من الركوع ‪.‬‬
‫والخر ‪ :‬قوله ‪ " :‬ربنا ولك المد " إذا استوى قائما ‪.‬‬
‫فإذا ل يقل القتدي ذكر العتدال ‪ ،‬فسيقول مكانه ذكر الستواء ‪ ،‬وهذا‬
‫أمر مشاهد من جاهي الصلي ‪ ،‬فإنم ما يكادون يسمعون منه ‪ " :‬سع‬
‫ال لن حده " ‪ ،‬إل وسبقوه بقولم ‪ :‬ربنا ولك المد ‪ ،‬وف هذا مالفة‬
‫صرية للحديث ‪ ،‬فإن حاول أحدهم تنبها وقع ف مالفة أخرى ‪ ،‬وهي‬
‫إخلء العتدال من الذكر الشروع فيه بغي حجة ‪ .‬قال النووي رحه ال‬
‫( ‪ " : ) 420 / 3‬ولن الصلة مبنية على أن ل يفتر عن الذكر ف شئ‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪210‬‬

‫من ها ‪ ،‬فإن ل ي قل بالذكر ين ف الر فع والعتدال بقي أحد الال ي خاليا‬


‫عن الذ كر " ‪ .‬بل إن ن أقول ‪ :‬إن التسميع ف العتدال واجب على كل‬
‫م صل ‪ ،‬لثبوت ذلك ف حديث ال سئ صلته ‪ ،‬ف قد قال ( ص ) ف يه ‪" :‬‬
‫إنا ل تتم صلة أحدكم حت يسبغ الوضوء كما أمره اللة ‪ . .‬ث يكب ‪. .‬‬
‫ويركع حت تطمئن مفاصله وتسترخي ‪ ،‬ث يقول ‪ :‬سع ال لن حده ‪ ،‬ث‬
‫يسفتوي قائمفا حتف يقيفم صفلبه ‪ " . . .‬الديفث ‪ .‬أخرجفه أبفو داود‬
‫والنسائي والسياق له ‪ ،‬وغيها بسند صحيح ‪ .‬وهو مرج ف " صحيح‬
‫أب داود " ( ‪ . ) 804‬فهل يوز لحد بعد هذا أن يقول بأن التسميع ل‬
‫يب على كل مصل ؟ !‬
‫و من ( أذكار الر فع من الركوع والعتدال ) قوله ‪ " :‬و عن ع بد ال بن‬
‫أب أوف عن النب ( ص ) أنه كان يقول ‪ :‬وف لفظ ‪ :‬يدعو إذا رفع رأسه‬
‫من الركوع ‪ " :‬الل هم لك ال مد ملء ال سماء ‪ . . .‬الل هم طهر ن بالثلج‬
‫والبد ‪ . ) . . .‬رواه أح د وم سلم وأ بو داود وا بن ما جه " ‪ .‬قلت ‪ :‬ف يه‬
‫ملحظتان ‪ :‬الول ‪ :‬أ نه ل يس ع ند أ ب داود وا بن ما جه قوله ‪ " :‬الل هم‬
‫طهرن ‪ ، " . . .‬وإنا هي زيادة ف بعض طرقه عند الخرين ‪ .‬الثانية ‪:‬‬
‫أن هذه الزيادة ليس ف شئ من طرقها التصريح بأنه ( ص ) كان يقولا‬
‫بعد الرفع من الركوع ‪ ،‬بل هي مطلقة ‪ ،‬ولفظها عند مسلم وأحد ‪" :‬‬
‫كان يقول ‪ :‬الل هم لك ال مد ‪ . . .‬الل هم طهر ن ‪ . " . .‬وهكذا أخرج‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪211‬‬

‫هذه الزيادة الترمذي ( ‪ ، ) 272 / 4‬وصفححه ‪ .‬فتقييدهفا باف بعفد‬


‫الركوع يتاج إل دليل ‪ ،‬و قد جاءت الملة الول من هذا الديث عن‬
‫جا عة من ال صحابة بطرق صحيحة ‪ ،‬ول يس ف شئ من ها هذه الزيادة ‪،‬‬
‫ولذلك نرجح أنا ليست من أذكار ما بعد الركوع ‪ ،‬بلف ما قبلها ‪،‬‬
‫بل هي دعاء مطلق ‪ ،‬ولذلك ل أورد ها ف أذكار الركوع من كتا ب "‬
‫صفة صلة النب ( ص ) " ‪ ،‬خثية أن أزيد فيها ما ليس منها ‪ ،‬وإن كان‬
‫ابفن القيفم قفد فعفل ذلك ‪ ،‬ول يتنبفه لذلك العلقان على " زاده " ( ‪/ 1‬‬
‫‪ ) 221‬كالؤلف ‪ ،‬فتأمل ‪.‬‬
‫ومن ( كيفية الوي إل السجود والرفع منه ) قوله وقد ذكر حديث وائل‬
‫الت قريبا ‪ " :‬قال ابن القيم ‪ :‬هذا هو الصحيح ‪ . . .‬ول يرو ف فعله ما‬
‫يالف ذلك " ‪ .‬كذا قال ‪ ،‬وهذا الن في من أوها مه رح ه ال ‪ ،‬ف قد ذ كر‬
‫هو نفسه بعد نو صفحتي حديث ابن عمر الت وقال ‪ " :‬رواه لاكم‬
‫فف " السفتدرك " ‪ ،‬وقال ‪ :‬على شرط مسفلم " ‪ .‬وسفكت عنفه ‪ ،‬وهذا‬
‫معناه أنه ستم بصحته ‪ ،‬فالعجب منه كيف ينفي وروده ؟ ! وقد غفل عن‬
‫هذا أو تغافل عنه العلق على كتابه ‪ ،‬فقال متعقبا عليه نفيه بقوله ‪ " :‬بل‬
‫ث بت ذلك في فا رواه الا كم ‪ . " . . .‬ول قد كان الول به أن يرد نف يه‬
‫الذكور با أثبته هو نفسه بعد ‪ ،‬فإنه أقوى للحجة ‪ ،‬وأبعد عن التشوف‬
‫وهوى النففس ! وباصفة أنفه أعاد تريفج الديفث هناك أيضفا ! وأمفا‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪212‬‬

‫ت صحيح ا بن الق يم لد يث شر يك فل و جه له من الناح ية الديث ية ك ما‬


‫يأت بيانه ‪ ،‬ول من الناحية الفقهية لعارضته لديث ابن عمر الصحيح من‬
‫فعله ‪ ،‬ولديث أب هريرة الرفوع من أمره كما يأت بيانه ‪ .‬قوله ‪ " :‬وهو‬
‫( يعن وضع اليدين قبل الركبتي عند الوى ) قول أصحاب الديث " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهو الصواب لنه الذي ثبت عنه ( ص ) فعل وأمرا ‪ :‬أما الفعل‬
‫فمن حديث ابن عمر رضي ال عنه قال ‪ " :‬كان ( ص ) إذا سجد يضع‬
‫يدية قبل ركبتيه " ‪ .‬أخرجه جاعة منهم الاكم ‪،‬‬
‫وقال ‪ " :‬صحيح على شرط مسلم " ‪ ،‬ووافقه الذهب ‪ ،‬وهو كما قال ‪.‬‬
‫و صححه أي ضا ا بن خزي ة ( ‪ ، ) 627 / 318 / 1‬و هو مرج ف "‬
‫الرواء " ( ‪ . ) 78 - 77 / 2‬وأ ما ال مر ف من حد يث أ ب هريرة‬
‫مرفو عا بل فظ ‪ " :‬إذا سجد أحد كم فل يبك ك ما يبك البع ي ‪ ،‬ولي ضع‬
‫يد يه ق بل ركبت يه " ‪ .‬أخر جه أ بو داود والن سائي وجا عة ‪ ،‬وإ سناده ج يد‬
‫ك ما قال النووي والزرقا ن ‪ ،‬وقواه الا فظ ا بن ح جر ك ما يأ ت ‪ .‬و هو‬
‫مرج أيضا ف الصدر الذكور آنفا ( ‪ ، ) 78 / 2‬وف " صحيح أب داود‬
‫" ( ‪ . ) 789‬وليس لذين ابديثي ما يعارضهما إل حديث وائل بن‬
‫حجر الذي نقله الؤلف عن ابن القيم ‪ ،‬وهو حديث ضعيف ‪ ،‬لنه من‬
‫حديث شريك ‪ ،‬وهو ابن عبد ال القاضي ‪ ،‬وهو ضعيف سيئ الفظ ‪،‬‬
‫فل ي تج به إذا انفرد ‪ ،‬فك يف إذا خالف ؟ ولذلك قال الا فظ ف بلوغ‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪213‬‬

‫الرام ‪ " :‬إن حديث أب هريرة هذا أقوى من حديث وائل " ‪ .‬وذكر نوه‬
‫عبد الق الشبيلي ‪ ،‬فانظر " صفة الصلة " ( ص ‪ . ) 147‬ولقد أخطأ‬
‫ابن القيم ف " زاد العاد " خطأ بينا حي رجح حديث وائل على حديث‬
‫ابن عمرو أب هريرة ‪ ،‬كما أخطأ أخطاء أخرى ف هذه السألة قد قمت‬
‫بالرد عليه مفصل ف " التعليقات الياد على زاد العاد " وغيها ‪ ،‬ويسن‬
‫ب ه نا أن أضرب على ذلك مثل واحدا ‪ ،‬ل نه شد يد الت صال ب ا ن ن‬
‫فيه ‪ ،‬وبه يتضح معن قوله ( ص ) ‪ . . . " :‬فل يبك كما يبك البعي ‪،‬‬
‫ولي ضع يد يه ق بل ركبت يه " ‪ .‬ز عم ا بن ال يم رح ه ال ته أن الد يث انقلب‬
‫على الراوي ‪ ،‬وأن أصله ‪ " :‬وليضع ركبتيه قبل يديه " ‪ ،‬وإنا حله على‬
‫هذا ‪ ،‬ز عم آ خر له ‪ ،‬و هو قوله ‪ " :‬إن البع ي ي ضع يد يه ق بل ركبت يه " ‪،‬‬
‫قال ‪ " :‬فمقتضى النهي عن البوك كبوك البعي ‪ ،‬أن يضع الصلي ركبتيه‬
‫قبفل يديفه " ! وسفبب هذا كله أنفه خففي عليفه مفا ذكره علماء اللغفة‬
‫كالفيوز آبادي وغيه ‪ " :‬أن ركبت البعي ف يديه الماميتي " ‪ .‬ولذلك‬
‫قال الطحاوي ف " شرح معا ن الثار " ( ‪ " : ) 150 / 1‬إن البع ي‬
‫ركبتاه فف يديفه ‪ ،‬وكذلك فف سفائر البهائم ‪ ،‬وبنفو آدم ليسفوا كذلك ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬ل يبك على ركبتيه اللتي ف رجليه كما يبك البعي على ركبتيه‬
‫اللتي ف يديه ‪ ،‬ولكن يبدأ فيضع أول يديه اللتي ليس فيهما ركبتاه ‪ ،‬ث‬
‫يضع ركبت يه ‪ ،‬فيكون ما يف عل ف ذلك بلف ما يفعل البع ي " ‪ .‬وبذا‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪214‬‬

‫ظهر معن الديث ظهورا ل غموض فيه ‪ .‬والمد ل على توفيقه ‪ .‬ث إن‬
‫ظا هر ال مر بذه ال سنة يفيد وجوب ا ‪ ،‬و قد قال به ا بن حزم ف " الحلى‬
‫" ( ‪ ، ) 128 / 4‬وما نقله الؤلف عنه من الستحباب خطأ واضح ‪.‬‬
‫ولزم القول بالوجوب أن العكفس ل يوز ‪ ،‬ففيفه رد للتفاق الذي نقله‬
‫شيخ السلم ف " الفتاوى " ( ‪ ) 88 / 1‬على جواز المرين ! قلت ‪:‬‬
‫وهنا سنة مهجورة ينبغي التنبيه عليها للهتمام بفعلها ‪ ،‬وهي ما جاء ف‬
‫حديث أب حيد الساعدي ف عشرة من أصحاب النب ( ص ) أن رسول‬
‫ال ( ص ) كان ‪ . . .‬يهوي إل الرض مافيا يديه عن جنبيه ث يسجد ‪.‬‬
‫وقالوا جيعا ‪ :‬صدقت ‪ ،‬هكذا كان النب ( ص ) يصلي ‪ .‬رواه ابن خزية‬
‫ف " صحيحه " ( ‪ ) 318 - 317 / 1‬ب سند صحيح وغيه ‪ .‬إذا‬
‫عرففت هذا وتأملت معفي معنف ( الوي ) الذي هفو السفقوط مفع مافاة‬
‫اليد ين عن ال نبي ‪ ،‬تبي لك بوضوح ل غموض ف يه أن ذلك ل ي كن‬
‫عادة إل بتل قي الرض باليد ين ول يس بالركبت ي ‪ ،‬فف يه دل يل آ خر على‬
‫ف كيفيفة‬‫ضعفف حديفث وائل ‪ . . .‬وال تعال هفو الادي ‪ .‬قوله ‪ " :‬وأم ا‬
‫الرفع من السجود حي القيام إل الركعة الثانية فهو على اللف أيضا ‪.‬‬
‫فالستحب عند المهور أن يرفع يديه ث ركبتيه ‪ ،‬وعند غيهم يبدأ برفع‬
‫ركبتيه قبل يديه " ‪ .‬قلت ‪ :‬الق هذا الثان ‪ ،‬لديث مالك بن الويرث‬
‫أ نه كان يقول ‪ :‬أل أحدث كم عن صلة ر سول ال ( ص ) ‪ ،‬في صلي ف‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪215‬‬

‫غ ي و قت ال صلة ‪ ،‬فإذا ر فع رأ سه من ال سجدة الثان ية ف أول رك عة‬


‫استوى قاعدا ‪ ،‬ث قام ‪ ،‬فاعتمد على الرض ‪ .‬أخرجه اري‬
‫والشافعفي فف " الم " ‪ ،‬والسفياق له ‪ .‬فهذا نفص قفي أنفه ( ص ) كان‬
‫يعتمد بيديه على الرض ‪ ،‬وبه قال الشافعي ‪ .‬قال البيهقي ‪ " :‬وروينا عن‬
‫ابن عمر أنه كان يعتمد على يديه إذا نض ‪ ،‬وكذلك كان يفعل السن‬
‫وغي واحد من التابعي " ‪ .‬قلت ‪ :‬وحديث انن عمر رواه البيهقي بسند‬
‫جيد عنه موقوفا ومرفوعا كما بينته ف " الضعيفة " تت الديث ( ‪967‬‬
‫) ‪ ،‬وف " صفة الصلة " ‪ ،‬ويأت لفظه قريبا بإذن ال تعال ‪ .‬ورواه أبو‬
‫اسحاق الرب بسند صال مرفوعا عنه ‪ ،‬يرويه الزرق بن قيس ‪ :‬رأيت‬
‫ابن عمر يعجن ف الصلة ‪ :‬يعتمد على يديه إذا قام ‪ .‬فقلت له ؟ فقال ‪:‬‬
‫رأيت رسول ال ( ص ) يفعله ‪ .‬وهو حديث عزيز ‪ -‬كما ذكرت هناك‬
‫‪ -‬ل يذكره أ حد من الخرج ي التقدم ي من هم والتأخر ين ‪ ،‬ث سرقه‬
‫العلق على " الزاد " ‪ ،‬فنقله بالرف الوا حد من " ال صفة " متشب عا ب ا ل‬
‫يعط ‪ ،‬وكم له من مثل ذلك ف تعليقه هذا وغيه ! هدانا ال وإياه ‪ .‬قلت‬
‫‪ :‬ولزم هذه ال سنة ال صحيحة أن ير فع ركبت يه ق بل يد يه ‪ .‬إذ ل ي كن‬
‫العتماد على الرض ع ند القيام إل على هذه ال صفة ‪ .‬وهذا هو النا سب‬
‫للحاديث الناهية عن التشبه باليوانات ف الصلة ‪ ،‬وباصة حديث أب‬
‫هريرة التقدم ف الن هي عن البوك كبوك ال مل ‪ ،‬فإ نه ين هض معتمدا‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪216‬‬

‫على ركبت يه ك ما هو مشا هد ‪ ،‬فينب غي للم صلي أن ين هض معتمدا على‬


‫يديفه مالففة له ‪ .‬فتأمفل منصففا ‪ .‬وفف هذا الديفث مشروعيفة جلسفة‬
‫ال ستراحة ‪ ،‬ويأ ت الكلم علي ها قري با إن شاء ال تعال ‪ ( .‬ت نبيه ) ‪ :‬ث‬
‫رأيفت لبعفض الفضلء العاصفرين جزا فف كيفيفة النهوض فف الصفلة ‪،‬‬
‫ض عف ف يه حد يث الع جن ‪ ،‬ويؤ سفن أن أقول ‪ :‬ل قد كان ف ب ثه بعيدا‬
‫عن التحقيق العلمي ‪ ،‬والتجرد عن التعصب الذهب ‪ ،‬على خلف ما كنا‬
‫نظن به ‪ ،‬فإنه غلب عليه نقل ما يوافقه ‪ ،‬وطن ما يالفه ‪ ،‬أو إبعاده عن‬
‫موضعه الناسب له إن نقله ‪ ،‬بيث ل ينتبه القارئ لكونه حجة عليه ‪ ،‬ل‬
‫له ‪ ،‬وتوسفعه فف نقفد مفا يالففه ‪ ،‬وتشدده ‪ ،‬والتشكيفك فف دللتفه ‪،‬‬
‫وتساهله ف نقد ما يؤيده ‪ ،‬وإظهاره الديث الضعيف مظهر القوي بطرقه‬
‫‪ ،‬وليس له سوى طريقي واهيي أوهم القراء أنا خسة ‪ ،‬ث يطيل الكلم‬
‫جدا فف ذكفر مفردات ألفاظهفا حتف يوصفلها إل عشرة ‪ ،‬دون فائدة‬
‫تذكر ‪ ،‬سوى زيادة ف اليهام الذكور ‪ ،‬إل غ ي ذلك ما يطول الب حث‬
‫بالشارة إليه ‪ ،‬ول يتحمل هذا التعليق بسط الكلم فيه ‪ ،‬وضرب المثلة‬
‫عليه ! ولكن ل بد من ذكر بعضها حت يتيقن القراء ما ذكرته ‪ ،‬فاقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬حديث مالك بن الويرث ‪ ،‬اتفق العلماء جيعا على صحته ‪ ،‬وعلى‬
‫دللته على العتماد على اليدين عند النهوض ‪ ،‬حت الذين ل يأخذوا به ‪،‬‬
‫فإنم سلموا بدللته ‪ ،‬لكنهم ل يعملوا به ظنا منهم أنه كان لسنه ( ص )‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪217‬‬

‫وشيخوخته ! انظر " الغن " لبن قدامة القدسي ( ‪ . ) 569 / 1‬وأما‬
‫الفاضل الشار إليه فجاء بشئ ل يأت به الوائل ‪ ،‬فقال ( ص ‪" : ) 16‬‬
‫فهذا الد يث ال صحيح غ ي صريح بالعتماد على الرض باليد ين ‪ ،‬ف هو‬
‫يمفل لذلك ‪ ،‬وللعتماد على الركبتيف عنفد النهوض " ! يقول هذا مفن‬
‫عنده توهي نا م نه لدلل ته ‪ ،‬و هو يعلم أن الئ مة جي عا فهموه على خلف‬
‫زع مه ‪ ،‬من ع مل به من هم ‪ ،‬و من ل يع مل ك ما تقدم ‪ ،‬فهذا هو المام‬
‫الشاف عي العر ب القر شي يقول ف كتا به " الم " ( ‪ ) 101 / 1‬ب د أن‬
‫ساق الد يث ‪ " :‬وبذا تأ خذ ‪ ،‬فنأ مر من قام من سجود أو جلوس ف‬
‫ال صلة ‪ ،‬أن يعت مد على الرض بيد يه م غا اتبا عا لل سنة " ‪ .‬بل هذا هو‬
‫المام أح د الذي يقول بالنهوض على صدور القدم ي ‪ ،‬ل ا ذ كر حد يث‬
‫ابن الويرث ف " مسائل ابنه " ( ص ‪ ، ) 286 / 81‬ذكره بلفظ يبطل‬
‫بفه الحتمال الثانف ‪ ،‬وهفو ‪ . . . " :‬جلس قبفل أن يقوم ‪ ،‬ثف قام ‪ ،‬ول‬
‫ين هض على صدور قدم يه " ! وهذا هو الذي ل يف هم سواه كل عر ب‬
‫أصيل ل تداخله لوثة العجمة ! ! ‪ - 2‬قال بعد أن خرج ألفاظ حديث‬
‫ابن الويرث ‪ " :‬ليس ف شئ من ألفاظه لفظ ‪ " :‬بيديه " ‪ ،‬أي ‪ .‬فاعتمد‬
‫بيديه على الرض ‪ .‬وقد جزم بعض الحققي بأن هذه اللفظة ليست ف‬
‫شئ من روايات الديث ‪ ،‬كما استقرأه عبد اللة المي ‪ ،‬على ما ذكره‬
‫اللبان ف " الضعيفة " ‪ . " 392 / 2‬قلت ‪ :‬الذي ذكرته هناك حجة‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪218‬‬

‫عل يه ‪ ،‬لو أ نه ساقه بتما مه ‪ ،‬ولك نه يأ خذ م نه ما يشت هي ‪ ،‬ويعرض عن‬


‫البا قي ! وهذا هو نص كلم الم ي هناك ‪ " :‬وع ند الشاف عي ‪ :‬واعت مد‬
‫بيديفه على الرض ‪ ،‬ولكنف ل أجفد هذه الزيادة ‪ " :‬بيديفه " عنفد‬
‫الشافعي ‪ ،‬ول عند غيه ‪ ،‬وإن كان معناها هو التبادر من ( العتماد ) "‬
‫‪ .‬فتأمل كيف أخذ من كلم المي بعضه ‪ ،‬وترك البعض الخر الذي قال‬
‫به جيع العلماء الوافقون منهم والخالفون كما تقدم ‪ ،‬تركه لنه ينقض‬
‫احتماله الثانف الذي أيده بديفث وائل الذي اعترف هفو ( ص ‪) 24‬‬
‫بضعفه وانقطاعه ‪ ،‬مع أنه تفرد به الطريق الثان ‪ ،‬دون طرقه المسة عنده‬
‫! وبق ية الفا ظه العشرة لد يه ! وبد يث علي الذي اعترف أي ضا ( ص‬
‫‪ ) 29‬بضعفه ‪ ،‬لكنه جعله شاهدا لديث وائل ! ! ول يصلح للشهادة‬
‫لشدة ضعفه ‪ ،‬فإن فيه زيادا السوائي ‪ ،‬وهو مهول العي ‪ ،‬ل يرو عنه غي‬
‫عبد الرحن بن إسحاق الكوف ‪ ،‬وهو ضعيف اتفاقا ‪ ،‬كما قال النووي ‪،‬‬
‫ولذا قال البيهقفي فيفه ‪ " :‬متروك " ‪ .‬أي ‪ :‬شديفد الضعفف ‪ ،‬وهفو الذي‬
‫روى ع نه هذا الشا هد الزعوم ‪ .‬وأي ضا ف هو خاص بالقيام من الركعت ي‬
‫الوليي ‪ ،‬أي ‪ :‬التشهد ‪ .‬وحديث وائل ف النهوض من السجود ! ! مع‬
‫ضعفه ‪ ،‬ولكنه عاد فقا ‪ .‬ل‍ ( ص ‪ ) 99‬فيه ‪ " :‬حديث صحيح صريح ‪،‬‬
‫وحديث مالك صحيح غي صحيح " ! وهذا ما ل يسبق إليه من أحد من‬
‫أهل العلم ‪ ،‬مع تناقضه ف شطريه كما تقدم ويأت ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪219‬‬

‫‪ - 3‬ف الو قت الذي ي شر الحاد يث الضعي فة ك ما رأ يت لتأي د‬


‫الحتمال الثانف بزعمفه ‪ ،‬لتفسفي " العتماد على الرض " فف حديفث‬
‫مالك بن الويرث ‪ ،‬يتجاهل ما يرجح الحتمال الثاف للعتماد ‪ ،‬فيقول‬
‫( ص ‪ " : ) 17‬ويتأيد الحتمال الول بديث ابن عمر ف العجر ‪ -‬لو‬
‫صفح ‪ -‬وبفعله ‪ " . . .‬إل ‪ .‬حديفث العجفن تقدم لفظفه قريبفا ‪ ،‬ويأتف‬
‫الكلم عليه إن شاء ال ‪ ،‬والقصود هنا أنه يوهم القراء أنه ل يوجد فيما‬
‫صح من الرفوع عن ابن عمر ما يؤيد الحتمال الول ‪ ،‬والواقع خلفه ‪،‬‬
‫وهفو على علم بفه ‪ ،‬ومفع ذلك فهفو يشيف إليفه ( ص ‪ ) 38‬بعيدا عفن‬
‫موضعفه الناسفب له ‪ ،‬وأمفا هنفا فهفو ل يسفوق لفظفه ‪ ،‬بفل يوهفم أنفه‬
‫موقوف ‪ ،‬فإنه ذكر اعتماد ابن عمر على يديه برواية العمري الضعيف ‪.‬‬
‫ث قال ‪ " :‬وعند البيهقي ( ‪ ) 135 / 2‬اعتماده على الرض بيديه ‪ .‬قال‬
‫اللبانف ‪ :‬إسفناده جيفد ‪ ،‬رجاله ثقات ‪ ،‬كمفا فف " الضعيففة " ( ‪/ 2‬‬
‫‪ . " ) 392‬ول يسق لفظه هنا أيضا ‪ ،‬بل ساقه بعيدا عن البحث ( ص‬
‫‪ ) 85‬تشتي تا لدلل ته ال صرية الؤيدة لد يث مالك بن الويرث ! فإن‬
‫لفظفه مفن روايفة الزرق بفن قيفس قال ‪ " :‬رأيفت ابفن عمفر إذا قام مفن‬
‫الركعت ي اعت مد على الرض بيد يه ‪ ،‬فقلت لولده ولل سائه ‪ :‬لعله يف عل‬
‫هذا من الكب ؟ قالوا ‪ :‬ل ‪ ،‬ولكن هكذا يكون " ‪ .‬ث نقل الفاضل الشار‬
‫إل يه ع ن قول عق به ‪ " :‬قلت ‪ :‬وهذا إ سناد ج يد ‪ ،‬رجاله ثقات كل هم ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪220‬‬

‫فقوله ‪ " :‬هكذا يكون " ‪ ،‬صريح ف أن ا بن ع مر كان يف عل ذلك اتبا عا‬
‫ل سنة ال صلة ‪ ،‬ول يس ل سن أو ض عف " ‪ .‬ن قل هذا ع ن ت ت ب ثه ف‬
‫حديث العجن ‪ ،‬فأجاب عنه بقوله ‪ " :‬هذا يفيد العتماد فحسب ‪ ،‬وهذا‬
‫قد أفاده ‪ . . .‬حديث مالك بن الويرث ف وصفه لصلة النب ( ص ) ‪،‬‬
‫والسفألة ليسفت فف مشروعيفة العتماد على الرض ‪ ،‬ولكفن فف هيئتفه‬
‫و صفته ( الع جن ) " ‪ .‬فأقول ‪ :‬بلى ‪ ،‬ه ا م سالتان ‪ :‬مشروع ية العتماد‬
‫باليدين على الرض ‪ / ،‬صفحة ‪ / 201‬ومسألة العجن بما ‪ ،‬وكلتاها‬
‫داخلتان ت ت عنوان جزئك ‪ " :‬ف كيف ية النهوض ف ال صلة " ‪ ،‬ولول‬
‫ذاك ل تسؤد من " جزئك لا صفحات ف سرد حديث مالك وألفاظه ‪،‬‬
‫وحديفث وائل وطرقفه المسفة عندك ‪ ،‬وألفاظفه العشرة ‪ ،‬وفف أحدهفا‬
‫العتماد على الركبتي والفخذين ‪ ،‬خلفا لديث مالك ‪ ،‬ما حلك على‬
‫الت صريح بال شك ف دللة حد يث مالك على العتماد على اليد ين ك ما‬
‫تقدم نقله عنك ‪ ،‬فها أ نت قد رجعت من ح يث تدري ‪ ،‬أو ل تدري ‪،‬‬
‫إل العتراف بدللة حديفث مالك على العتماد على اليديفن ‪ ،‬وأنفه فف‬
‫ذلك م ثل حد يث ا بن ع مر هذا ‪ ،‬وأقررت قول نا بأ نه صريح ف أن ا بن‬
‫ع مر كان يف عل ذلك اتبا عا لل سنة ‪ ،‬ول يس ل سن أو ض عف ‪ ،‬فال مد ل‬
‫الذي المك الرجوع إل الصواب بعد التشكيك ‪ ،‬والهد الهيد ! ولكن‬
‫! هل ثبت الستاذ الفاضل على صوابه بعد أن وفقه ال إليه ؟ يؤسفن أن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪221‬‬

‫أقول ‪ :‬ل قد ر جع في ما ب عد إل القول بأن ا بن ع مر ف عل ذلك اضطرارا‬


‫لشيخوخته ( ص ‪ 72‬و ‪ ، ) 92‬فأنكر ما كان أقره من قبل كما تقدم‬
‫من شهادة ولد ابن عمر وجلسائه ‪ " :‬أنه ل يفعل ذلك من الكب ‪ ،‬ولكن‬
‫هكذا يكون " ‪ .‬واللة الستعان ‪ .‬لذلك ‪ ،‬فنحن نطالب الؤلف ‪ -‬ملصي‬
‫‪ -‬بالثبات على دللة حديث مالك على العتماد على اليدين ‪ ،‬وأن ذلك‬
‫ل يكن لعجز أو ضعف أو كب ‪ ،‬وإنا لنه السنة ‪ ،‬كما ف حديث ابن‬
‫عمر الذي أقر بصحته وصحة دللته ‪ ،‬وباصة أنن وقفت له على طريق‬
‫أخرى عن الزرق بن قيس قال ‪ " :‬رأيت ابن عمر ف الصلة يعتمد إذا‬
‫قام ‪ ،‬فقلت ‪ :‬مفا هذا ؟ قال ‪ :‬رأيفت رسفول ال ( ص ) يفعله " ‪ .‬رواه‬
‫الطبان ف " الوسط " ( ‪ - 3489‬بترقيمي ) ‪ / .‬صفحة ‪ / 202‬وأما‬
‫حديثه الخر ف العجن ‪ ،‬فنحن نبي خطأه ف تضعيفه إياه ‪ ،‬بيانا ل يدع‬
‫لعارف بذا الفن شكا ف خطئه ‪ ،‬فإنه قد أعله بعلتي ‪ :‬الول ‪ :‬يونس بن‬
‫بكي ‪ .‬والخرى ‪ :‬اليثم بن عمران العبسي ‪ .‬أما العلة الول فتمسك يها‬
‫باختلف العلماء فف يونفس توثيقفا وترياف ‪ ،‬ونقفل أقوالمف فف ذلك ‪،‬‬
‫واعتمد منها قول الافظ ابن حجر ‪ " :‬صدوق يطئ " ‪ .‬وفهم منه أنه‬
‫ضعيف إن ل يتابع ‪ ،‬وأعرض عن أقوال الوثقي من الئمة تقليدا منه لبن‬
‫حجر ‪ .‬والعجيب من أمره أنه قال بعد أن حكى عن ابن عدي أنه قال ‪:‬‬
‫" وثقه الئمة ‪ ، " . . .‬قال ‪ " :‬وانظر " اليزان " ‪ ،‬ومقدمة " الفتح " و‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪222‬‬

‫" العب " ‪ . " . . .‬فنظرنا ‪ ،‬وإذا ف خاتة ترجته من " اليزان " يقول‬
‫الذهب ‪ " :‬وهو حسن الديث " ! فهذا حجة عليه ل له كما هو ظاهر ‪،‬‬
‫فماذا ق صد ف إحال ته عل يه ؟ ! ويقول الا فظ ف " القد مة " ‪ " :‬متلف‬
‫فيفه ‪ ،‬وقال أبفو حاتف ‪ :‬مله الصفدق " ‪ .‬وهذا كالذي قبله ‪ ،‬فإن كونفه‬
‫متل فا ف يه ‪ ،‬ومله ال صدق ‪ ،‬يع ن أ نه ح سن الد يث ف علم ال صطلح ‪،‬‬
‫ويؤيفد ذلك أن الاففظ سفكت عفن أحاديفث له كثية ‪ ،‬يضرنف منهفا‬
‫حديث عائ شة ف أكل القئاء بالرطب ‪ ،‬فإنه سكت عنه ف " الفتح " ‪/‬‬
‫صفحة ‪ ، ) 573 / 9 ( / 203‬والؤلف يتج بسكوت الافظ كما‬
‫ذكر ( ص ‪ ) 27‬من " جزئه " ! ! ث رجعت إل االعب ‪ ،‬فإذا بالذهب‬
‫يتبن فيه قول ابن معي ‪ " :‬صدوق " ‪ .‬وهو أيضا بالعن التقدم ‪ ،‬أي أنه‬
‫ح سن الد يث ‪ .‬و من أ جل ذلك أورده الذ هب ف كتا به " معر فة الرواة‬
‫التكلم فيهم با ل يوجب الرد " ( ص ‪ ، ) 383 / 192‬وقال فيه ‪" :‬‬
‫صدوق ‪ ،‬قال ابن معي ‪ :‬مرجئ يتبع السلطان " ‪ .‬يشي إل أن ما قيل فيه‬
‫‪ ،‬فل يس طع نا ف صدقه ورواي ته ‪ ،‬وإن ا لرجائه وتردده على ال سلطان ‪،‬‬
‫وذلك ما ل يطعن به على حديثه كما هو معروف ف " الصطلح " ‪ ،‬وقد‬
‫أشار إل ذلك أبو زرعة حي سئل عنه ‪ :‬أي شئ ينكر عليه ؟ فقال ‪" :‬‬
‫أما ف الديث فل أعلمه " ‪ .‬واللصة ‪ :‬أن الؤلف ‪ -‬عفا ال عنا وعنه‬
‫‪ -‬ل يستفد شيئا من النقول التضاربة الت نقلها عن الثة ف يونس بن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪223‬‬

‫بك ي هذا ‪ ،‬ول هو ب ي و جه اختياره تضي فه إياه تقليدا ل بن ح جر ف "‬


‫التقر يب " ‪ ،‬على أن قوله ف يه ‪ " :‬صدوق ي طئ " ل يس ن صا ف تضعي فه‬
‫للراوي به ‪ ،‬فإننا نعرف بالمارسة والتتبع أنه كثيا ما يسن حديث من‬
‫قال ف يه م ثل هذه الكل مة ‪ ،‬وحد يث عائ شة مثال صال لذلك ‪ ،‬فلو أ نه‬
‫كان على معرفة بعلم الصطلح ‪ ،‬لبي وجه اختياره ‪ ،‬كان يقول مثل ‪" :‬‬
‫ال بح مقدم على التغد يل " ‪ ،‬فيقال ‪ :‬هذا ل يس على إطل قه ‪ ،‬بل هو‬
‫مقيد با إذا كان مفسرا وجارحا ‪ ،‬وقد أشار الذهب ف كلمته النقولة عن‬
‫" العرفة " أن ما جرح به ل يضره ‪ ،‬فتأمل هذا أيها القارئ ‪ ،‬يتبي لك‬
‫خطأ الرجل ف تضعيفه ليونس ‪ ،‬وأنه ل يصدر ‪ /‬صفحة ‪ / 204‬ذلك‬
‫م نه عن علم ومعر فة بذا العلم الشر يف ‪ .‬ويؤ كد لك ذلك ما سأذكره‬
‫فيما يأت ف الرد على علته الثانية ‪ ،‬وهي ‪ :‬العلة الخرى عنده ‪ :‬اليثم بن‬
‫عمران العبسي ‪ .‬لقد سود صاحبنا حولا عشر صفحات دون فائدة تذكر‬
‫‪ ،‬وا ستطرد أحيا نا ‪ -‬كعاد ته ف " جزئه " ‪ -‬ف ذ كر أمور ل عل قة ل ا‬
‫بالعلة الزعومة ‪ .‬وخلصة كلمه فيها ‪ ،‬أن اليثم هذا روى عنه خسة ‪،‬‬
‫ف هو مهول الال عنده ‪ ،‬و جل ما أورده أخذه من ب عض مؤلفا ت ‪ .‬ث‬
‫ذ كر كلم الا فظ ف " الل سان " ف ن قد م سلك ا بن حبان ف توث يق‬
‫الراوي ولو ل يرو عنه إل واحد ‪ .‬ث نقل عن مثل ذلك من مواضع من‬
‫كتب ‪ .‬وهذا حق ‪ ،‬ولكنه ل يستطع لداثة عهده بذا العلم أن يفرق بي‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪224‬‬

‫هذا ال سلك النت قد ‪ ،‬وب ي ما سلكته ف تقوية حديث الي ثم هذا لروا ية‬
‫الثقات المسة عنه ‪ .‬وقدم للقراء مثل ليبي لم تناقضي ‪ -‬بزعمه ‪ -‬ف‬
‫هذا الجال حديث معاذ ف القضاء ‪ ،‬وأن حكمت بنكارته بأمور ‪ ،‬منها‬
‫جهالة الارث بن عمرو مع توثيق ابن حبان إياه ‪ .‬فهو يتوهم أن كل من‬
‫وثقه ابن حبان ‪ ،‬فهو مهول ‪ ،‬إما عينا ‪ ،‬وإما حال ‪ .‬وهنا يكمن خلطه‬
‫وخطؤه الذي حله على القول ( ص ‪ ) 56‬بأن ن جار قي ا بن حبان ف‬
‫مسفلكه الذكور ‪ .‬والن أقدم الشواهفد الدالة على صفواب مسفلكي ‪،‬‬
‫وخطئه في ما رما ن به من أقوال أهل العلم ‪ - 1 .‬قال الذ هب ف ترجة‬
‫مالك بن الي الزبادي ‪ " :‬مله الصدق ‪ . . .‬روى عنه حيوة بن شريح ‪،‬‬
‫وابن وهب ‪ ،‬وزيد بن الباب ‪ ،‬ورشدين ‪ .‬قال ابن القطان ‪ :‬هو من ل‬
‫تثبت عدالته ‪ . . .‬يريد أنه ما نص أحد على أنه ثقة ‪ . . .‬والمهور على‬
‫أن من كان من الشايخ قد روى عنه جاعة ‪ ،‬ول يأت با ينكر عليه ‪ ،‬أن‬
‫حديثه صحيح " ‪ / .‬صفحة ‪ / 205‬وأقره على هذه القاعدة ف " اللسان‬
‫" ‪ ،‬وفاتما أن يذكرا أنه ف " ثقات ابن حبان " ( ‪ ، ) 460 / 7‬وف "‬
‫أتباع التابعي " ‪ ،‬كاليثم بن عمران هذا ! وبناء على هذه القاعدة ‪ -‬الت‬
‫منهفا كان انطلقنفا فف تصفحيح الديفث ‪ -‬جرى الذهفب والعسفقلن‬
‫وغيه ا من الفاظ ف توث يق ب عض الرواة الذ ين ل ي سبقوا إل توثيق هم‬
‫مطلقا ‪ ،‬فانظر مثل ترجة أحد بن عبدة الملي ف " الكاشف " للذهب ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪225‬‬

‫و " التهذ يب " للع سقلن ‪ .‬وأ ما الذ ين وثق هم ا بن حبان وأقروه ‪ ،‬بل‬
‫قالوا فيهم تارة ‪ " :‬صدوق " ‪ ،‬وتارة ‪ " :‬مله الصدق " ‪ ،‬وهي من ألفاظ‬
‫التعد يل ك ما هو معروف ‪ ،‬ف هم بالئات ‪ ،‬فأذ كر الن عشرة من هم من‬
‫حرف اللف على سبيل الثال ‪ ،‬من " تذ يب التهذ يب " ‪ ،‬ليكون القراء‬
‫على بينة من المر ‪ - 1 :‬أحد بن ثابت الحدري ‪ - 2 .‬أحد بن ممد‬
‫بن يي البصري ‪ - 3 .‬أحد بن مصرف اليامي ‪ - 4 .‬إبراهيم بن عبد‬
‫ال بن الارث المحي ‪.‬‬
‫‪ - 5‬إبراهيم بن ممد بن عبد اللة السدي ‪ - 6 .‬إبراهيم بن ممد بن‬
‫معاو ية بن ع بد ال ‪ - 7 .‬إ سحاق بن إبراه يم بن داود ال سواق ‪- 8 .‬‬
‫اساعيل بن إبراهيم البالسي ‪ - 9 .‬إساعيل بن مسعود بن الكم الزرقي‬
‫‪ - 10 .‬السود بن سعيد المدان ‪ .‬كل هؤلء ‪ ،‬وثقهم ابن حبان فقط‬
‫‪ .‬وقال فيهم الافظ ما ذكرته آنفا من عبارت الترثيق ‪ ،‬ووافقه ف ذلك‬
‫غيه من الفاظ ‪ ،‬ف بعضهم ‪ ،‬وف غيهم من أمثالم ‪ / ،‬صفحة ‪206‬‬
‫‪ /‬و من عاد ته أن يقول ف غي هم م ن وثق هم ا بن حبان ‪ ،‬م ن روى ع نه‬
‫الواحد والثنان ‪ " :‬مستور " ‪ ،‬أو ‪ " :‬مقبول " ‪ .‬كما حققته ف مو ضع‬
‫آخر ‪ .‬فأخشى ما أخشاه أن يبادر بعض من ل علم عنده إل القول ‪ :‬إن‬
‫الا فظ قد جارى ا بن حبان ف ت ساهله ف توث يق الجهول ي ! ك ما قال‬
‫مثله مؤلف " الزا ف كا تب هذه ال سطور " ل نه ل يعرف ‪ -‬ولو تقليدا‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪226‬‬

‫‪ -‬الفرق ب ي راو وآ خر م ن وثق هم ا بن حبان وحده ‪ ،‬أن عر فه ل يدرك‬


‫و جه التفر يق الذكور ‪ ،‬و هو ما ك نت أشرت إل يه ف تقو ية الي ثم بن‬
‫عمران راوي حديث العجن ‪ ،‬ونقله الؤلف الشار إليه ف " جزئه " بقونه‬
‫( ص ‪ " . ) 58‬إنه جعل رواية أولئك المسة عنه سببا لطمئنان النفس‬
‫لديثه " ‪ .‬ث رده بقوله ‪ " :‬والحاديث ل تصحح بالوجدان كالشأن ف‬
‫الرؤيفا " ! ! كذا قال ‪ -‬سفامه الد ‪ -‬فإنف ل أصفحح الديفث بجرد‬
‫الوجدان ‪ -‬ك ما قال ‪ -‬وإنا بالبحث الدقيق عن أصل الديث وإسناده‬
‫الذي فات على جيع من ألف ف تريج الحاديث كما اعترف به الؤلف‬
‫( ص ‪ 40‬و ‪ ، ) 41‬وف حال رواته ‪ ،‬وباصة منهم اليثم والرواة عنه ‪،‬‬
‫حت قام ف النفس الطمئنان لديثه ‪ ،‬وحسن الظن به ‪ ،‬كما يدل عليه‬
‫قول الافظ الشخاوي ف بث " من تقبل روايتة ومن ترد " ‪ ،‬مبينا وجه‬
‫فة مهول العدالة ( ‪ " : ) 299 - 298 / 1‬لن‬ ‫فل روايف‬‫فن قبف‬
‫قول مف‬
‫الخبار تبن على حسن الظن بالراوي " ‪ .‬قلت ‪ :‬ول سيما إذا كثر الرواة‬
‫الثقات عنه ‪ ،‬ول يظهر ف روايتهم عنه ما ينكر ‪ /‬صفحة ‪ / 207‬عليه ‪،‬‬
‫ك ما هو الشأن ف الي ثم ‪ ،‬قال ال سخاوي ‪ " :‬وكثرة روا ية الثقات عن‬
‫الشخص تقوي حسن الظن به " ‪ .‬فهذا هو وجه توثيق الذهب والافظ‬
‫لن سبق ذكر هم من تفرد بتوثيقهم ابن حبان ‪ ،‬وهم من جهة أخرى ل‬
‫يوثقون غيهفم مفن " ثقاتفه " ! وللعلمفة العلمفي اليمانف فف رده على‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪227‬‬

‫الكوثري كلم نفيس ف من وثقهم ابن حبان ‪ ،‬وأنم على خس درجات‬


‫‪ ،‬كلها معتمدة لديه إل الخية منها ‪ ،‬فمن شاء التفصيل رجع إليه ف "‬
‫التنك يل " مع تعلي قي عل يه ( ‪ . ) 438 - 437 / 1‬وجلة القول ‪ ،‬أن‬
‫صفاحب " الزا أخطفأ خطفأ ظاهرا فف تضعيففه لديفث ابفن عمفر فف‬
‫الع جن ‪ ،‬ل نه اعت مد ف يه على ب عض ما ق يل ف توث يق ا بن حبان ‪ ،‬ول‬
‫يعرف تف صيل القول ف ذلك الذي جرى عل يه ع مل الفاظ ‪ ،‬كالذ هب‬
‫والعسقلن ‪ ،‬وعلى نقول متناقضة ل يد له مرجا منها ال باعتماده على‬
‫ما يناسب تضعيفه للحديث منها ! وأفحش منه تشكيكه ف سنية العتماد‬
‫على اليدين عند النهوض مع ثبوته ف حديثي مرفوعي غي حديث العجن‬
‫‪ ،‬ف أحده ا الت صريح بالعتماد على اليد ين ‪ ،‬وال خر يلت قي م عه ع ند‬
‫العلماء ‪ ،‬ويؤيده ‪ .‬وبعد ‪ ،‬فإن مال نقد " الز " تفصيليا ‪ ،‬وإظهار ما فيه‬
‫مفن الخالفات لقوال العلماء واصفولم ‪ ،‬وتقويتفه مفا ل يصفح مفن‬
‫الديث ‪ ،‬واستشهاده ببعض القوال ‪ ،‬ووضعها ف غي موضعها ومبالغته‬
‫ف ب عض المور ‪ ،‬والتهو يل في ها ‪ ،‬مال وا سع جدا ‪ ،‬يتطلب بيان ذلك‬
‫من الوقت ما ل أجده الن ‪ ،‬فإن وجدته فيما يأت من اليام ‪ ،‬بادرت إل‬
‫بيانفه فف كتاب خاص ‪ ،‬وال تعال هفو السفتعان ‪ ،‬وعليفه التكلن ‪/ .‬‬
‫صفحة ‪ / 208‬ث قال ف هيئة السجود ‪ " :‬يستحب للساجد أن يراعي‬
‫ف سجوده ما يأ ت ‪ ) 1 ( :‬تك ي أن فه وجبه ته ويد يه من الرض مع‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪228‬‬

‫مافاتما عن جنبيه " ‪ .‬قلت ‪ :‬بل هذا كله من الواجبات الت جاء ذكرها‬
‫ف حديث السئ صلته ‪ ،‬وف غيه ‪ ،‬كما تراه موضحا مرجا ف " صفة‬
‫الصفلة " ( ص ‪ . ) 153 - 148‬ومفن ( مقدار السفجود وأذكاره )‬
‫قوله ف حديث عقبة ‪ . . . " :‬اجعلوها ف سجودكم " ‪ .‬وسنده جيد ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هفو تام الديفث التقدم ‪ ،‬وقفد بينفا هناك أن إسفناده ضعيفف ‪،‬‬
‫فتذكر ‪ .‬وقوله ‪ " :‬عن أنس قال ‪ :‬ما رأيت أحدا أشبه صلة برسول ال‬
‫( ص ) من هذا الغلم ‪ -‬يعن عمر بن عبد العزيز ‪ -‬فخررنا ف الركوع‬
‫ع شر ت سبيحات ‪ ،‬و ف ال سجود ع شر ت سبيحات ‪ ،‬رواه أح د وأ بو داود‬
‫والنسائي بإ سناد ج يد " ‪ .‬قلت ‪ :‬فيه نظرج لن مدار إ سناده على وهب‬
‫بن مانوس ‪ ،‬ول يوثقه غي ابن حبان ‪ ،‬ولذلك قال ابن القطان ‪ " :‬مهول‬
‫الال " ‪ .‬وقال الاففظ فف " التقريفب " ‪ " :‬مسفتور " ‪ .‬قوله ‪- 3 " :‬‬
‫و عن عائ شة أن ا فقدت الر سول ب ت من مضج عه ‪ ،‬فلم سته بيد ها و هو‬
‫ساجد ‪ ،‬وهو يقول ‪ " :‬رب أعط نفسي تقواها ‪ ،‬وزكها أنت خي من‬
‫زكاها ‪ ،‬أنت وليها ومولها ‪ . ،‬رواه أحد " ‪ .‬قلت ‪ :‬وإسناده ضعيف ‪،‬‬
‫لن فيه ( " السند " ‪ ) 209 / 6‬صال بن سعيد ‪ ،‬ل يرو ه عنه غي نافع‬
‫بن عمر ‪ ،‬فهو ف عداد الجهولي وإن وثقه ابن حبان ‪ / ،‬صفحة ‪/ 209‬‬
‫وال صحيح عن عائ شة ف هذا الباب النوع ( ‪ ) 6 ، 5‬م ا ف الكتاب ‪.‬‬
‫والدعاء الذكور صحيح ثا بت ع نه ( ص ) مطل قا غ ي مق يد بال سجود ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪229‬‬

‫وكذلك أخر جه م سلم ( ‪ ) 81 / 8‬ف حد يث لز يد بن أر قم ف دعائه‬


‫( ص ) الذي كان يدعفو بفه ‪ .‬قوله ‪ - 7 " :‬وكان ( ص ) يقول وهفو‬
‫ساجد ‪ :‬الل هم اغ فر ل خطيئ ت وجهلي ‪ ،‬وإ سراف ف أمري ‪ ،‬و ما أ نت‬
‫أعلم بفه منف ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬هكذا ذكره الؤلف دون عزو لحفد ‪،‬‬
‫وكأنه تبع ف ذلك ابن القيم حيث أورده كذلك ف " زاد العاد " ‪ ،‬ول‬
‫أعتقد أن أحدا رواه هكذا من أدعية السجود ‪ ،‬ول أجد أحدا أورده فيها‬
‫غ ي ا بن الق يم ‪ ،‬وأعت قد أ نه من أوها مه رح ه ال ‪ ،‬ف قد أخرج الد يث‬
‫الشيخان ف " صحيحيهما " من حد يث أ ب مو سى الشعري عن ال نب‬
‫( ص ) أنه كان يدعو بذا الدعاء ‪ .‬فذكره بتمامه ‪ ،‬إل أنه قال ‪ " :‬أنت‬
‫القدم وأنت الؤخر وأنت على كل شئ قدير " ‪ ،‬بدل قوله ‪ " :‬أنت إلي‬
‫ل إله إل أ نت ! ‪ ،‬هكذا أخرجاه مطل قا غ ي مق يد بال سجود ‪ ،‬و قد قال‬
‫الافظ ف شرحه ( ‪ " : ) 164 / 11‬ل أر ف شئ من طرقه مل الدعاء‬
‫بذلك " ‪ .‬وقفد جاء القسفم الخيف منفه مفن حديفث علي مقيدا باف بعفد‬
‫ال سلم ‪ ،‬و ف روا ية ‪ " :‬ب ي التش هد والت سليم " ‪ ،‬و قد ذكره الؤلف ف‬
‫مله ( ص ‪ . ) 321‬و ف الباب أذكار وأدعيفة أخرى تد ها ف " صففة‬
‫الصلة " ( ص ‪ . ) 156 - 153‬قوله ف صفة اللوس ب ي ال سجدتي‬
‫‪ " :‬فعن عائشة أن النب ( ص ) كان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمن‬
‫‪ .‬رواه البخاري وم سلم " ‪ .‬قلت ‪ :‬عزوه للبخاري خ طأ ‪ ،‬فإ نه من أفراد‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪230‬‬

‫م سلم ‪ ،‬و هو مرج ف " الرواء " ( ‪ ) 316‬و " صحيح أ ب داود " (‬
‫‪ ، ) 752‬وله علة بينتهفا وأجبفت عنهفا هناك ‪ / .‬صففحة ‪ / 210‬ومفن‬
‫( جلسفة السفتراحة ) قوله ‪ " :‬وقفد اختلف العلماء فف حكمهفا تبعفا‬
‫لختلف الحاديث ‪ ،‬ونن نورد ما لصه ابن القيم ف ذلك ‪، " . . .‬‬
‫ث ساقه ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا يو هم أن ف هذه ال سالة أحاد يث متعار ضة ول يس‬
‫كذلك ‪ ،‬بل كل ما ورد فيها مثبت لا ‪ ،‬ول يرد مطلقا أي حديث ينفيها‬
‫‪ ،‬غاية المر أنا ل تذكر ف بعض الحاديث ‪ ،‬وهذا ل يوجب الختلف‬
‫الدعى ‪ ،‬وإل للزم ادعاء مثله ف كل سنة ل تتفق عليها الحاديث ‪ ،‬وهذا‬
‫ل يقول به أحد ‪ .‬وقوله ‪ " :‬أن أبا أمامة سئل عن النهوض ؟ فقال ‪ :‬على‬
‫صفدور القدميف على حديفث رفاعفة " ‪ .‬قلت ‪ :‬الظاهفر مفن سفياق هذا‬
‫الكلم ف " الزاد " أن الراد ب‍ " أبا أمامة " هو المام أحد رحه ال ‪ ،‬ول‬
‫أجد ف شئ من كتب التراجم أنه يكن بأب أمامة ‪ ،‬أو أن له ولدا يدعى‬
‫أمامة ‪ .‬ث وجدت ف هامش النسخة الندية من " الزاد " ‪ :‬أن ف نسخة ‪:‬‬
‫أبا عبد ال ‪ .‬فلعله الصواب ‪ .‬ث إن قوله ‪ " :‬على حديث رفاعة " ‪ .‬يعن‬
‫به حديث رفاعة بن رافع ‪ ،‬قال عبد ال بن المام أحد ف مسائله ( ‪81‬‬
‫‪ " : ) 286 /‬سعت أ ب يقول ‪ :‬إن ذ هب ر جل إل حد يث مالك بن‬
‫الويرث ‪ -‬تقدم قريبا ‪ -‬فأرجوا أن ل يكون به بأس " ‪ .‬قلت ‪ :‬ث ذكر‬
‫جلسة الستراحة ‪ ،‬قال ‪ / :‬صفحة ‪ " / 211‬وكان حاد بن زيد يفعله "‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪231‬‬

‫‪ .‬قال ‪ " :‬وأذهب أنا إل حديث رفاعة بن رافع من طريق ابن عجلن ‪:‬‬
‫ث ا سجد ح ت تطمئن ساجدا ‪ ،‬ث ار فع ح ت تطمئن جال سا ‪ ،‬ث ا سجد‬
‫ح ت تطمئن ساجدا ‪ ،‬ث قم " ‪ .‬قلت ‪ :‬وهذا ل ح جة ف يه على ن في ما‬
‫ثبت ف حديث ابن الويرث وغيه ‪ ،‬إذ غاية ما فيه أن اللسة ل تذكر‬
‫فيه ‪ ،‬وهي سنة وليست بواجب ‪ ،‬فكيف تذكر ف حديث السئ صلته‬
‫الذي علمفه ( ص ) فيفه الواجبات دون السفنن والسفتحبات ‪ .‬راجفع "‬
‫الجموع " ( ‪ . ) 443 / 3‬وكأنفه لضعفف هذه الجفة رجفع المام‬
‫أحد ‪ ،‬رحه ال إل العمل بديث ابن الويرث وهو الق الذي ل شك‬
‫فيه ‪ .‬قوله ‪ " :‬وف حديث ابن عجلن ما يدل على أنه كان ينهض على‬
‫صدور قدم يه " ‪ .‬قلت ‪ :‬إن كان يع ن حد يث ا بن عجلن عن رفا عة‬
‫الذكور ف روا ية ع بد ال عن أح د التقد مة فل يس في ها ما ذ كر من‬
‫النهوض ‪ ،‬ثف هومفن تعليمفه ( ص ) للمسفئ صفلته ‪ ،‬وليفس مفن فعله‬
‫( ص ) كما تقدم ‪ .‬وإن كان يعن غيه فلم أعرفه ‪ ،‬وعلى الول فالعبارة‬
‫مشكلة ‪ ،‬لنا تفيد أن حديث رفاعة غي حديث ابن عجلن ‪ ،‬مع أنما‬
‫حديث واحد ‪ .‬فتأمل ‪ .‬قوله أيضا ‪ " :‬وسائر من وصف صلته ( ص )‬
‫ل يذكفر هذه اللسفة ‪ ،‬وإناف ذكرت فف حديفث أبف حيفد ومالك بفن‬
‫الويرث " ‪ .‬قلت ‪ :‬حد يث أ ب ح يد ف يه و صف صلة ال نب ( ص ) ‪-‬‬
‫وفي ها الل سة ‪ -‬بضرة عشرة من أ صحاب ال نب ( ص ) ‪ ،‬و ف آ خر ‪:‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪232‬‬

‫قالوا ‪ :‬صدقت ‪ ،‬هكذا كان ي صلي ( ص ) ‪ / .‬صفحة ‪ / 212‬أخر جه‬


‫أ صحاب ال سنن وغي هم ‪ ،‬و هو مرج ف " الرواء " ( ‪ ، ) 305‬فل يس‬
‫الديث من رواية أب حيد وابن الويرث فقط كما يوهه الكلم الذكور‬
‫عن ابن القيم ‪ ،‬وإنا معهما عشرة آخرون من أصحاب رسول ال ( ص )‬
‫الذ ين شاهدوا صلته ( ص ) ‪ ،‬وقل يل من ال سنن يتفق على روايت ها م ثل‬
‫هذا المفع الغفيف مفن الصفحابة رضفي ال عنهفم ‪ .‬إذ المفر كذلك ‪،‬‬
‫فيجفب الهتمام بذه اللسفة ‪ ،‬والواظبفة عليهفا رجال ونسفاء ‪ ،‬وعدم‬
‫اللتفات إل من يدعي أنه ( ص ) فعلها لرض أوسن ‪ ،‬لن ذلك يعن أن‬
‫الصخابة ما كانوا يفرقون بي ما يفعله ( ص ) تعبدا ‪ ،‬وما يفعله لاجة ‪،‬‬
‫وهذا باطل بداهة ‪ .‬قوله عن المام ابن القيم ‪ " :‬ولو كان هديه ( ص )‬
‫فعل ها دائ ما لذكر ها كل وا صف ل صلته " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا الكلم غر يب‬
‫جدا من مثل هذا المام ‪ ،‬فإن لزمه التهوين من شأن السنن كلها ‪ ،‬لنه‬
‫ل يس في ها سنة ي كن أن يقال ‪ " :‬ات فق على ذكر ها كل وا صف ل صلته‬
‫" ‪ ،‬يعلم ذلك من له عناية خاصة بتتبع السنن وطرقها ‪ ،‬ول أدري ‪ -‬وال‬
‫‪ -‬كيف ينقل الؤلف هذا الكلم وير عليه دون أن يعلق عليه بشئ يدل‬
‫على ما فيه من الطأ ما يدل على ارتضائه له وموافقته عليه ‪ ،‬فان ظر ما‬
‫يلز مه من توه ي ال سنن ال ت ساقها الؤلف ف كتا به ‪ ،‬فإن و ضع اليم ي‬
‫على الشمال مثل ‪ ،‬ودعاء التوجفه ‪ ،‬والسفتعاذة والتأميف ‪ ،‬والقراءة ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪233‬‬

‫والذكر ف الركوع ‪ ،‬والذكر ف السجود ‪ ،‬والصلة على النب ( ص ) ‪،‬‬


‫كل هذه السنن التع ل يذكرها أبو حيد ومن معه من الصحابة ف صنة‬
‫صفلته ( ص ) ‪ ،‬وكذلك ل يذكرهفا غيهفم ‪ ،‬أفيلزم مفن ذلك رد هذه‬
‫ال سنن ؟ ! الل هم ل ‪ ،‬ولذلك رد الا فظ قول ا بن الق يم هذا بقوله ف "‬
‫الفتفح " ‪ / :‬صففحة ‪ " / 213‬فيفه نظفر ‪ ،‬فإن السفنن التففق عليهفا ل‬
‫يستوعبها كل واحد من وصف ‪ ،‬وإنا أخذ مموعها من مموعهم " ‪.‬‬
‫وذ كر مثله الشوكا ن ( ‪ ، ) 226 / 2‬و هو ال ق الذي ل ر يب ف يه ‪.‬‬
‫قوله ‪ " :‬ومرد فعله ( ص ) ل ا ل يدل على أن ا من سنن ال صلة إل إذا‬
‫علم أنه فعلها سنة ‪ ،‬فيقتدى به فيها ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬قد علمنا أنه فعلها‬
‫ف مفن وجوه ‪ :‬الول ‪ :‬أن الصفل عدم العلة ‪ ،‬فمفن ادعاهفا‬ ‫سفنة وتشريع ا‬
‫فعل يه إثبات ا ‪ .‬الثا ن ‪ :‬أن أ حد رواة هذه ال سنة مالك بن الويرث و هو‬
‫راوي حديث ‪ " :‬صلوا كما رأيتمون أصلي " ‪ ،‬فحكايته لصفات صلة‬
‫رسول ال ( ص ) داخلة تت المر ‪ .‬انظر " الفتح " و " نيل الوطار "‬
‫‪ .‬الثالث ‪ :‬أنه رواها جاعة من الصحابة كما تقدم ف حديث أب حيد ‪،‬‬
‫ويستحيل عادة أن يفى عليهم أنه انا فعلها للحاجة لو كان المر كذلك‬
‫‪ ،‬ولو سفلمنا بإمكان ذلك عادة ‪ ،‬فإنفه ل يففى على النفب ( ص ) خفاء‬
‫ذلك عليهم ‪ ،‬وحينئذ كان ينبههم على ذلك ‪ ،‬فإذ ل يكن شئ ما ذكرنا‬
‫‪ ،‬فهو دليل واضح على أنه إنا فعلها للعبادة ل للحاجة ‪ .‬وال هو الوفق‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪234‬‬

‫‪ / .‬صففحة ‪ / 214‬ومفن ( صففة اللوس للتشهفد ) قوله ‪ :‬وقفد ذكفر‬


‫حديث وائل بن حجر ‪ :‬فرأيته يركها يدعو با ‪ " :‬رواه أحد " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫هذا تق صي فا حش ‪ ،‬يو هم أ نه ل يروه أ حد من أ هل " ال سنن " وأ هل "‬
‫الصفحاح " الذيفن التزموا الصفحة فف مصفنفاتم ‪ ،‬وليفس كذلك ‪ ،‬فقفد‬
‫أخرجه أبو داود ‪ ،‬والنسائي ‪ ،‬وابن الارود ف " النتقى " ‪ ،‬وابن خزية ‪،‬‬
‫وابفن حبان فف " صفحيحيهما " ‪ ،‬كمفا تراه مرجفا فف " صففة الصفلة‬
‫" ( ص ‪ ، ) 169‬و صححه ابن اللقن والنووي وابن الق يم ‪ ،‬وهو مرج‬
‫ف " صحيح أ ب داود " أي ضا ( ‪ ( " . ) 717‬ت نبيه ) ‪ :‬رأ يت بعض هم‬
‫يرك إ صبعه ب ي ال سجدتي ‪ ،‬وعمد ته ف ذلك أن ا بن الق يم ذكره ف "‬
‫زاد العاد " كما ذكر التحريك ف التشهد ‪ ،‬ول أعلم له فيه مستندا سوى‬
‫رواية شاذة ف حديث وائل هذا ‪ ،‬فوجب ترير القول ف ذلك ‪ ،‬فأقول ‪:‬‬
‫اعلم أن هذا الديث يرويه عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل ‪ .‬ويرويه‬
‫عن عاصم جع من الثقات ‪ ،‬وقد اتفقوا جيعا على ذكر رفع السبابة فيه ‪،‬‬
‫لكن هم انق سموا إل ثلث فئات من ح يث تعي ي مكان الر فع ‪ .‬الول ‪:‬‬
‫أطلق ول يدد الكان ‪ ،‬منهفم زائدة بفن قدامفة ‪ ،‬وبشفر بفن الفضفل ‪،‬‬
‫وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة ‪ ،‬لن كان ظاهر سياقهم يدل على أنه‬
‫ف التشهد ‪ .‬الثانية ‪ :‬صرحوا بأنه ف جلسة التشهد ‪ ،‬مهم ابن عيينة ف‬
‫روا ية للن سائي ( ‪ ، ) 173 / 1‬وشع بة ع ند ا بن خزي ة ف " صحيحه‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪235‬‬

‫" ( رقفم ‪ ) 697‬وأحدف ( ‪ / ، ) 319 / 4‬صففحة ‪ / 215‬وأبفو‬


‫الحوص عند الطحاوي ( ‪ ) 152 / 1‬والطبان ف " العجم الكبي " (‬
‫‪ 22‬ل ‪ ، ) 80 / 34‬وخالد عند الطحاوي ‪ ،‬وزهي بن معاوية وموسى‬
‫بن أب كثي وأبو عوانة ‪ ،‬ثلثتهم عند الطبان رقم ( ‪ 84‬و ‪ 89‬و ‪) 90‬‬
‫‪ .‬وخالف هؤلء جيعفا عبفد الرزاق فف روايتفه عفن الثوري ‪ ،‬فقال فف "‬
‫ف ( ‪، ) 317 / 4‬‬ ‫فه أحدف‬ ‫فنف " ( ‪ ، ) 2522 / 68 / 2‬وعنف‬ ‫الصف‬
‫وال طبان ف " الع جم ال كبي " ( ‪ : ) 81 / 34 / 22‬عن الثوري عن‬
‫عا صم بن كل يب عن أب يه قال ‪ " :‬رم قت ال نب ( ص ) فر فع يد يه ن‬
‫الصفلة حيف كفب ‪ [ . .‬وسفجد فوضفع يديفه حذو أذنيفه ] ‪ ،‬ثف جلس‬
‫فافترش رجله اليسفرى ‪ ،‬ثف وضفع يده اليسفرى على ركبتفه اليسفرى ‪،‬‬
‫وذراعفه اليمنف على فخذه اليمنف ‪ ،‬ثف أشار بسفبابته ‪ . . .‬ثف سفجد ‪،‬‬
‫فكانت يداه حذو أذنيه " ‪ .‬قلت ‪ :‬والسياق للمصنف ‪ ،‬والزيادة لحد ‪.‬‬
‫فذكره ال سجدة الثان ية ب عد الشارة بال سبابة خ طأ وا ضح لخالف ته لروا ية‬
‫كل من سبق ذكره من الثقات ‪ ،‬فإن م جي عا ل يذكروا ال سجدة ب عد‬
‫الشارة وبعض هم ذكر ها تبل ها ‪ ،‬و هو ال صواب يقي نا ‪ ،‬وإن ا ل يذكروا‬
‫معها السجدة الثانية اختصارا ‪ .‬وقد ذكرها زهي بن معاوية فقال ‪. . " :‬‬
‫ث سجد فوضع يديه حذاء أذنيه ‪ ،‬ث سجد فوضع يديه حذاء أذنيه ‪ ،‬ث‬
‫ت عد فافترش رجله الي سرى ‪ . .‬ث رأي ته يقول هكذا ‪ ،‬ور فع زه ي أ صبعه‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪236‬‬

‫السبحة " ‪ .‬رواه الطبان بالرقم التقدم آنفا ( ‪ . ) 84‬وقد يقول قائل ‪:‬‬
‫لقد ظهر بذا التحقيق خطأ ذكر التحريك بي السجدتي ‪ /‬صفحة ‪216‬‬
‫‪ /‬ظهورا ل يدع ريبفا لرتاب ‪ .‬ولكفن منف الطفأ ؟ أمفن الثوري الذي‬
‫خالف جيع الثقات ‪ ،‬أم من عبد الرزاق الذي أخطأ هو عليه ؟ فأقول ‪:‬‬
‫الذي أراه ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬أن الثوري برئ من هذا الطأ ‪ ،‬وأن العهدة فيه‬
‫على ع بد الرزاق ‪ ،‬وذلك ل سببي ‪ :‬الول ‪ :‬أن ع بد الرزاق وإن كان ث قة‬
‫حافظا ‪ ،‬فقد تكلم فيه بعضهم ‪ ،‬ولعل ذلك لا رأوا له من الوهام ‪ ،‬وقد‬
‫قال الا فظ ف آ خر ترج ته من " التهذ يب " ‪ " :‬وم ا أن كر على ع بد‬
‫الرزاق رواي ته عن الثوري عن عا صم بن عب يد ال عن سال عن أب يه أن‬
‫النب ( ص ) رأى على عمر ثوبا ‪ ،‬فقال ‪ :‬أجديد هذا أم غسيل ؟ الديث‬
‫‪ .‬قال الطبان ف " الدعاء " ‪ :‬رواه ثلثة من الفاظ عن عبد الرزاق وهو‬
‫ما وهم فيه عن الثوري " ‪ .‬قلت ‪ :‬ومن أنكر هذا على عبد الرزاق يي‬
‫بن مع ي ك ما رواه ا بن عدي ف " الكا مل " ( ‪ ، ) 1948 / 5‬فلي كن‬
‫حديث وائل من هذا القبيل ‪ .‬ويؤيده السبب التال ‪ :‬والخر ‪ :‬أنه خالفه‬
‫ع بد ال بن الول يد ع ند أح د ( ‪ ) 318 / 4‬وم مد بن يو سف الفريا ب‬
‫فروياه عن الثوري ‪ -‬ساعا منه ‪ -‬به ‪ ،‬دون ذكر السجدة بعد الشارة ‪.‬‬
‫فاتفاق هذ ين الثقت ي على مال فة ع بد الرزاق م ا ير جح أن ال طأ م نه ‪،‬‬
‫وليس من الثوري ‪ ،‬ول سيما والفرياب كان من تلمذة الئرري اللزمي‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪237‬‬

‫له ‪ ،‬فهفو أحففظ لديثفه مفن عبفد الرزاق ‪ ،‬وباصفة ومعفه عبفد ال بفن‬
‫الوليد ‪ ،‬وهو صدوق ‪ ( .‬تنبيه ) ‪ :‬لقد أخطأ ف حديث عبد الرزاق هذا‬
‫رجلن ‪ / :‬صفحة ‪ / 217‬أحده ا ‪ :‬العلق على " ال صنف " ‪ ،‬فإ نه قال‬
‫ف تريه ‪ " :‬أخرجه الربعة ال الترمذي وهق " ‪ .‬قلت ‪ :‬فغفل عما ف‬
‫سياق " الصنف " من الشذوذ ‪ ،‬ث أوهم أنه عند الذكورين بذا اللفظ‬
‫الشاذ الذي اعتمفد عليفه ابفن القيفم ‪ ،‬فأورد الديفث فف اللسفة بيف‬
‫السفجدتي كمفا تقدم ‪ .‬والخفر ‪ :‬العلق على " زاد العاد " ‪ ،‬فإنفه غففل‬
‫أي ضا عن صفنيع ابفن القيفم الشار إليفه آن فا ‪ ،‬وتاوب م عه ح ي خرج‬
‫الديث معلقا عليه بي السجدتي ‪ ،‬فعزاه لبعض من عزاه الرجل الول ‪،‬‬
‫وزاد فقال ‪ " :‬و صححه ا بن خزية وا بن حبان " ! و من غفلته البالغة أن‬
‫ا بن الق يم ل ا أعاد ذ كر التحر يك ف التش هد ( ‪ ) 242 / 1‬ل ير جه‬
‫العلق مطل قا ‪ ،‬فكأ نه اكت فى بتخري ه ال سابق ! ولو أ نه صاحبه التوف يق‬
‫لع كس ما صنع ‪ ،‬ولو ضع التخر يج ف الو ضع الثا ن دون الول ‪ .‬ولن به‬
‫القراء على مفا فف صفنيع ابفن القيفم مفن الطفإ ‪ ،‬ولكنهفا العجلة وقلة‬
‫التحتيق ‪ ،‬إل فيما تيسر له من التقليد ! ث قال ‪ " :‬قال البيهقي ‪ :‬يتمل‬
‫أن يكون الراد بالتحريك الشاز با ‪ ،‬ل تكرير تريكها ‪ ،‬ليكون موافقا‬
‫لرواية ابن الزبي أن النب ( ص ) كان يشي بإصبعه إذا دعا ‪ ،‬ل يركها ‪.‬‬
‫رواه أبو داود بإسناد صحيح ‪ .‬وذكره النووي " ‪ .‬قلت ‪ :‬بل السناد غي‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪238‬‬

‫صفحيح ‪ ،‬والحتمال الذكور خلف ظاهفر الديفث ‪ ،‬ولو ثبفت لكان‬


‫ي كن الع مل به مع البقاء على ظا هر حد يث وائل ‪ ،‬وي مع بينه ما بأ نه‬
‫كان تارة يرك وتارة ل يرك ‪ ،‬أو يقال ‪ :‬الثبفت مقدم على النافف ‪/ .‬‬
‫صفحة ‪ / 218‬و قد ض عف الد يث ا بن الق يم ف " الزاد " ‪ ،‬وحق قت‬
‫القول فيه ف " تريج صفة صلة النب ( ص ) " ‪ ،‬وف " ضعيف أب داود‬
‫" ( ‪ ، ) 175‬باف ل يدع مال للشفك فف ضعفه ‪ ،‬وخلصفة ذلك ‪ :‬أن‬
‫الديث من رواية ممد بن عجلن عن عامر بن عبد ال بن الزبي ‪ ،‬وابن‬
‫عجلن متكلم فيفه ‪ ،‬وقفد رواه عنفه أربعفة مفن الثقات دون قوله ‪ " :‬ل‬
‫يركهفا " ‪ ،‬وكذلك رواه ثقتان عفن عامفر ‪ ،‬فثبفت بذلك شذوذ هذه‬
‫الزيادة وضعفها ‪ ،‬وحسبك دللة على وهنها أن مسلما أخرج الديث (‬
‫‪ ) 90 / 2‬دونا من طريق ابن عجلن أيضا ! ولقد تغافل عن هذا كله‬
‫العلق على " زاد العاد " ‪ ،‬فجرى مع ظا هر ال سناد فح سنه ‪ ،‬وقواه ف‬
‫تعليقه على " شرح السنة " ( ‪ ، ) 178 / 3‬ومع أنه ذكر عقبه حديث‬
‫وائل ف التحريك وصححه ‪ ،‬فإنه ل ياول التوفيق بي الديثي ‪ ،‬كأنه ل‬
‫يهمه الناحية الفقهية ‪ ،‬ولذلك فهو ل يرك إصبعه ف تشهده ! وأضيف‬
‫هنا فائدة جديدة ف هذا الوضوع ‪ ،‬فأقول ‪ :‬لقد رأيت ف الونة الخية‬
‫الش يخ أح د الغماري يذ هب ف كتا به الذي صدر حدي ثا ‪ " :‬الدا ية ف‬
‫تريج أحاديث البداية " ‪ " :‬بداية الجتهد " ؟ يذهب فيه ( ‪- 136 / 3‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪239‬‬

‫فظ ‪،‬‬ ‫فا أن هذا اللفف‬‫فث وائل هذا ‪ ،‬مدعيف‬ ‫فف حديف‬ ‫‪ ) 140‬إل تضعيف‬
‫( التحريك ) ‪ ،‬إنا هو من تصرف الرواة ‪ ،‬لن أكثرهم ذكر فيه الشارة‬
‫فقط دون التحريك ! وف سفرت الخية للعمرة أول جادى الول سنة‬
‫‪ 1408‬ه‍ ‪ ،‬قدم إل أحد‬
‫الطلبه ‪ -‬وأنا ف جدة ‪ -‬رسالة مصورة عن " ملة الستجابة " السودانية‬
‫بعنوان ‪ " :‬البشارة ف شذوذ تر يك ال صبع ف التش هد وثبوت الشارة‬
‫" ‪ ،‬ل حد الطل بة اليماني ي ‪ ،‬و هو ف الملة موا فق للش يخ الغماري في ما‬
‫تقدم ذكره ‪ ،‬لك نه ت يز بالتو سع ف تر يج أحاد يث الشارة عن ب عض‬
‫الصحابة ‪ ،‬والروايات الكثية فيها ‪ /‬صفحة ‪ / 219‬عن عاصم بن كليب‬
‫عن أب يه عن وائل خا صة ‪ ،‬ومن ها روا ية زائدة بن قدا مة عن عا صم ‪،‬‬
‫ال صرحة بالتحر يك ‪ ،‬و قد أفرغ جهدأ ظاهرا ف تري ها كل ها ‪ ،‬مقرو نة‬
‫ببيان أجزاء و صفحات م صادرها ‪ ،‬م ا ير جى له ال جر والثو بة بال سن‬
‫عنفد ال تبارك وتعال ‪ .‬إل أننف أرى ‪ -‬والعلم عنفد ال تعال ‪ -‬أن تفرد‬
‫زائدة بالتصفريح بالتحريفك ماف ل يسفوغ الكفم على روايتفه بالشذوذ ‪،‬‬
‫للسباب الت بيانا ‪ .‬أول ‪ :‬تلقي العلماء لا بالتسليم بصحتها وقبولا ‪،‬‬
‫ح ت من الذ ين ل يعملوا ب ا ‪ ،‬كالبيه قي والنووي وغيه ا ‪ ،‬فإن م اتفقوا‬
‫جيعا على تأويلها وتفسيها ‪ ،‬سواء ف ذلك من صرح بالتصحيح أو من‬
‫سلم به ‪ ،‬وليس يفى على أحد أن التأويل فرع التصحيح ‪ ،‬ولول ذلك لا‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪240‬‬

‫تكلف البيه قي تأو يل التحر يك بالشارة ب ا دون تريك ها ك ما تقدم ‪،‬‬


‫ولستغن عن ذلك بإعللا بالشذوذ كما فعل الخ اليمان ! وباصة أن‬
‫البيهقي إنا حله على التأويل حديث ابن الزبي الصرح بعدم التحريك ‪،‬‬
‫بينما يرى اليمان أن حديث ابن الزبي شاذ ‪ ،‬وهو الق كما تقدم بيانه ‪،‬‬
‫فبقي حديث زائدة دون معارض سوى الروايات القتصرة على الشارة ‪،‬‬
‫ويأت الواب عنها ‪ .‬ثانيا ‪ :‬الشارة ف تلك الروايات ليست نصا ف نفي‬
‫التحريفك ‪ ،‬لاف هفو معهود فف السفتعمال اللغوي أنفه قفد يقترن معهفا‬
‫التحر يك ف كث ي من الحيان ‪ ،‬كم ثل لو أشار ش خص إل آ خر بع يد‬
‫ع نه ‪ ،‬أن اقترب إل ‪ ،‬أو أشار إل ناس قاموا له ‪ ،‬أن اجل سوا ‪ ،‬فل أ حد‬
‫يفهفم مفن ذلك أنفه ل يرك يده ! ومالنفا نذهفب بعيدا ‪ ،‬فإن خيف مثال‬
‫نقد مه للقارئ حد يث عائ شة ر ضي ال عن ها ف صلة ال صحابة خل فه‬
‫ف ‪ ،‬وهفو قاعفد ‪ ،‬فأشار إليهفم أن اجلسفوا ‪ .‬متففق عليفه ‪" .‬‬
‫( ص ) قيام ا‬
‫الرواء " ( ‪ ، ) 119 / 2‬وكفل ذي لب يفهفم منفه أن إشارتفه هذه ل‬
‫تكفن بجرد رفعفه يده ( ص ) مفا هفو الشأن ‪ /‬صففحة ‪ / 220‬فف رده‬
‫ال سلم على الن صار و هو ي صلي ! بل إن ا كا نت مقرو نة بالتحر يك ‪،‬‬
‫فإذن ل ينبغي أن نفهم من تلك الروايات أنا مالفة لرواية التحريك ‪ ،‬بل‬
‫قد تكون موافقة لا ‪ .‬وف اعتقادي أن هذا هو ملحظ من صحح الديث‬
‫وعمل به ‪ ،‬أو من سلم بصحته ‪ ،‬لكنه تأوله ‪ ،‬ول يقل بشذوذه ‪ .‬وإن ما‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪241‬‬

‫يؤكد ذلك أنه صحح عنه ( ص ) أنه كان يشي بإصبعه السبابة ف خطبة‬
‫المعة ‪ ،‬كما رواه مسلم وغيه ‪ ،‬وهو مرج ف " الرواء " ( ‪) 77 / 3‬‬
‫‪ ،‬و من التبادر م نه أن الق صود أ نه كان يرك ها إشارة للتوح يد ‪ ،‬ول يس‬
‫مرد الشارة دون تريك ‪ ،‬ويشهد لذلك رواية ابن خزية ف " صحيحه‬
‫" ( ‪ ) 351 / 2‬بسند فيه ضعف عن سهل بن سعد نو حديث عمارة‬
‫بلفظ ‪ " :‬وأشار بإصبعه السبابة يركها " ‪ .‬وترجم له ابن خزية بقوله ‪:‬‬
‫" باب إشارة الاطب بالسبابة على النب عند الدعاء ف الطبة ‪ ،‬وتريكه‬
‫إياهفا عنفد الشارة باف " ‪ .‬واللصفة ‪ :‬أن الشارة بالسفتحة ل ينافف‬
‫تريك ها ‪ ،‬بل قد يامعها ك ما تقدم ‪ ،‬فن صب اللف بينه ما غ ي سليم‬
‫لغة وفقها ‪ .‬ومن ذلك تعلم خطأ الخ اليمان ف جزمه بأن الشارة تنفي‬
‫التحر يك ‪ ،‬فقال ف حد يث ا بن ع مر ر ضي ال ع نه ‪ " :‬ل ي أ شد على‬
‫الشيطان من الديد ‪ ،‬يعن السبابة " ‪ " .‬هذا الديث ليس فيه تريك ‪،‬‬
‫بل أقول ‪ :‬أنن أدرى بعن الديث أم ابن عمر ؟ فقد وصف نافع صلة‬
‫ا بن ع مر بالشارة ل التحر يك " فأقول ‪ :‬ن عم ‪ ،‬ل يس ف يه تر يك ‪ ،‬ول‬
‫عك سه أي ضا ‪ ،‬وكله ا مت مل ‪ ،‬هذا ‪ /‬صفحة ‪ / 221‬هو ال ق ‪ ،‬وال‬
‫ي ب الن صاف ‪ .‬فحمله على أحده ا با جة إل دل يل ‪ ،‬و هو مع نا ك ما‬
‫قدمنفا ‪ .‬ن عم ‪ ،‬لو جاء صراحة عفن ا بن ع مر أ نه ل يرك إصفبعه لكان‬
‫مرجح ها لقوله ‪ ،‬وهيهات ! ثال ثا ‪ :‬وعلى افتراض أ نه صح عن ا بن ع مر‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪242‬‬

‫أو غيه التصريح بعدم التحريك ‪ ،‬فإننا نقول ف هذه الالة بواز المرين‬
‫‪ :‬التحريك وعدمه ‪ ،‬كما هو اختيار الصنعاف ف " سبل السلم " ( ‪/ 1‬‬
‫‪ ، ) 291 - 290‬وإن كان الر جح عندي التحر يك ‪ ،‬للقاعدة الفقه ية‬
‫‪ " :‬الث بت مقدم على النا ف " ‪ ،‬ولن وائل ر ضي ال ع نه كان له عنا ية‬
‫خاصة ف نقل صفة صلته ( ص ) ‪ ،‬ولسيما كيفية جلوسه ( ص ) ف‬
‫التشهد ‪ ،‬فقد قال ‪ " :‬قلت ‪ :‬لنظرن إل رسول ال ( ص ) كيف يصلي‬
‫؟ ‪ " . . .‬الديث ‪ .‬ث قال ‪ " :‬ث ق عد ‪ ،‬فافترش رجله الي سرى ‪ ،‬فوضع‬
‫كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى ‪ ،‬وجعل حد مرفقه الين على‬
‫فخذه اليم ن ‪ ،‬ث ق بض [ اثنت ي ] من أ صابعه ‪ ،‬فحلق حل قة ‪ ،‬ث ر فع‬
‫إ صبعه ‪ ،‬فرأي ته يرك ها يد عو ب ا ‪ .‬ث جئت ف زمان ف يه برد ‪ ،‬فرأ يت‬
‫الناس عليهفم الثياب ‪ ،‬ترك أيديهفم مفن تتف الثياب مفن البد " ‪ .‬رواه‬
‫أح د وغيه ‪ ،‬و هو ف " الرواء " ك ما تقدم ‪ .‬ف قد تفرد وائل ر ضي ال‬
‫عنه بذا الوصف الدقيق لتشهده ( ص ) ‪ ،‬فذكر فيه ما ل يذكره غيه من‬
‫الصحابة ‪ ،‬وهو ‪ :‬أول ‪ :‬مكان الرفق على الفخذ ‪ .‬ثانيا ‪ :‬قبض إصبعيه‬
‫والتحليفق بالوسفطى والبام ‪ .‬ثالثفا ‪ :‬رففع السفبابة وتريكهفا ‪ .‬رابعفا ‪:‬‬
‫ال ستمرار بالتحر يك إل آ خر الدعاء ‪ / .‬صفحة ‪ / 222‬خام سا ‪ :‬ر فع‬
‫اليدي تتف الثياب فف النتقالت ‪ .‬أقول ‪ :‬فمفن الطفأ اللي رد‬
‫التحريك الذكور فيها لتفرد زائدة بن قدامة به دون سائر أصحاب عاصم‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪243‬‬

‫بن كل يب ‪ ،‬وذلك لمر ين ‪ :‬الول ‪ :‬أن م رووا الشارة ‪ ،‬و هي ل تنا ف‬


‫التحر يك ك ما تقدم ‪ .‬ال خر ‪ :‬ث قة زائدة ‪ ،‬وشدة تثب ته ف رواي ته عن‬
‫شيوخه ‪ ،‬فإن الئمة مع إجاعهم على توثي قه ‪ ،‬واحتجاج الشيخي به ‪،‬‬
‫فقد قال ابن حبان فيه ف " الثقات " ( ‪ " : ) 340 / 6‬كان من الفاظ‬
‫الفتقنيف ‪ ،‬وكان ل يعفد السفماع حتف يسفمعه ثلث مرات ‪ ،‬وكان ل‬
‫يدث أحدا حتف يشهفد عنفه عدل أنفه مفن أهفل [ السفنة ] " ‪ .‬وقال‬
‫الدارقط ن ‪ " :‬من الثبات الئ مة " ‪ .‬وال سبحانه وتعال ول التوف يق ‪.‬‬
‫قوله ‪ " :‬فعن ني الزاعي قال ‪ :‬رأيت رسول ال وهو قاعد ف الصلة ‪.‬‬
‫‪ . .‬رافعا إصبعه السبابة ‪ ،‬وقد حناها شيئا وهو يدعو ‪ .‬رواه أحد وأبو‬
‫داود والنسائي رابن ماجه وابن خزية بإسناد جيد " ‪ .‬قلت ‪ :‬كل ‪ ،‬بل‬
‫هو ضع يف ال سناد لن ف يه مالك بن ن ي الزا عي ‪ ،‬و قد قال ف يه ا بن‬
‫القطان والذهفب ‪ " :‬ل يعرف حال مالك ‪ ،‬ول روى عفن أبيفه غيه " ‪.‬‬
‫وأشار الافظ ف " التقريب " إل أنه لي الديث ‪ / .‬صفحة ‪ / 223‬ول‬
‫أ جد ح ن ال صبع إل ف هذا الد يث ‪ ،‬فل يشرع الع مل به ب عد ثبوت‬
‫ضعفه ‪ ،‬وال أعلم ‪ .‬قوله ‪ " :‬ورأى الشافعية أن يشي بالصبع مرة واحدة‬
‫‪ ،‬وعنفد النفيفة ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬هذه التحديدات والكيفيات ل أصفل‬
‫ل شئ من ها ف ال سنة ‪ ،‬وأقرب ا لل صواب مذ هب النابلة ‪ ،‬لول أن م قيدوا‬
‫التحريك عند ذكر الللة ‪ ،‬ويبدو أنه ليس من أحد نفسه ‪ ،‬فقد ذكر‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪244‬‬

‫ا بن ها نئ ف " م سائله " ( ص ‪ ) 80‬أن المام سئل ‪ :‬هل يش ي الر جل‬


‫بإ صبعه ف ال صلة ؟ قال ‪ :‬ن عم ‪ ،‬شديدا ‪ .‬وظا هر حد يث وائل التقدم‬
‫الستمرار ف التحريك إل آخر التشهد دون أي قيد أو صفة ‪ .‬وقد أشار‬
‫إل ن و هذا الطحاوي ف " شرح العا ن " ( ‪ ( . ) 153 / 1‬فائدة ) ‪:‬‬
‫ل يذكر الؤلف كيف يلس الصلي ف التشهد ف الصلة الثنائية كالصبح‬
‫‪ ،‬أيفترش كمفا يقول أحدف ‪ ،‬أم يتورك كمفا يقول الشافعفي ؟ الصفواب‬
‫عندي الول لديث وائل بن حجر قال ‪ :‬أتيت رسول ال ( ص ) فرأيته‬
‫يرففع يديفه إذا افتتفح الصفلة ‪ . . .‬وإذا جلس فف الركعتيف أضجفع‬
‫اليسرى ‪ ،‬ونصب اليمن ‪ ،‬ووضع يده اليمن على فخذه اليمن ‪ ،‬ونصب‬
‫إصبعه للدعاء ‪ ،‬ووضع يده اليسرى على رجله اليسرى ‪ .‬أخرجه النسائي‬
‫( ‪ ) 173 / 1‬ب سند صحيح ‪ .‬فهذا ظا هر ف أن ال صلة ال ت و صفها‬
‫كانت ثنائية ‪ ،‬ويقويه حديث عائشة وابن عمر اللذين تقدما عند الؤلف‬
‫ف ( صفة اللوس بي السجدتي ) ‪ ،‬فثبت ما قلنا والمد ل ‪ / .‬صفحة‬
‫‪ / 224‬ومن ( التشهد الول ) قوله ف استحباب التخفيف فيه ‪ " :‬قال‬
‫ابن القيم ‪ :‬ل ينقل أنه ( ص ) صلى عليه وعلى آله ف التشهد الول ‪. .‬‬
‫‪ .‬و من ا ستحب ذلك فان ا فه مه من عمومات وإطلقات قد صح تبيي‬
‫موضعهفا وتقييدهفا بالتشهفد الخيف " ‪ .‬قلت ‪ :‬ل دليفل تقوم بفه الجفة‬
‫يصلح لتقييد العمومات والطلقات الشار إليها بالتشهد الول ‪ ،‬فهي على‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪245‬‬

‫عمومها ‪ ،‬وأقوى ما استدل به الخالفون حديث ابن مسعود المذكور ف‬


‫الكتاب ‪ ،‬و هو غ ي صحيح ال سناد لنقطا عه ك ما ذكره الؤلف ‪ ،‬و قد‬
‫ا ستوف ا بن الق يم رح ه ال أدلة الفريق ي ‪ ،‬وب ي ما ل ا و ما علي ها ف "‬
‫جلء الفهام ف الصلة على خي النام " ‪ ،‬فراجعه يظهر لك صواب ما‬
‫رجحناه ‪ .‬ث وق فت على ما ين في مطلق قول ا بن الق يم ‪ " :‬ل ين قل أ نه‬
‫( ص ) صلى عليه وعلى آله ف التشهد الول " ‪ ،‬وهو قول عائشة رضي‬
‫ال عنها ف صفة صلته ( ص ) ف الليل ‪ " :‬كنا نعد لرسول ال ( ص )‬
‫سفواكه وطهوره ‪ ،‬فيبعثفه ال فيمفا شاء أن يبعثفه مفن الليفل ‪ ،‬فيتسفوك‬
‫ويتوضأ ‪ ،‬ث يصلي تسع ركعات ل يلس فيهن إل عند الثامنة ‪ ،‬فيدعو‬
‫ربه ويصلي على نبيه ‪ ،‬ث ينهض ول يسلم ‪ ،‬ث يصلي التاسعة ‪ ،‬فيقعد ‪،‬‬
‫ث يمد ربه ويصلي على نبيه ( ص ) ويدعو ‪ ،‬ث يسلم تسليما يسمعنا ‪.‬‬
‫الديث ‪ .‬أخرجه أبو عوانة ف " صحيحه " ( ‪ ، ) 324 / 2‬وهو ف "‬
‫صحيح مسلم " ( ‪ ، ) 170 / 2‬لكنه ل يسق لفظه ‪ .‬ففيه دللة صرية‬
‫على أنه ( ص ) صلى على ذا ته ( ص ) ف التشهد الول ك ما صلى ف‬
‫التشهد الخر ‪ ،‬وهذه فائدة عزيزة فاستفدها ‪ ،‬وعض عليها بالنواجذ ‪/ .‬‬
‫صفحة ‪ / 225‬ول يقال ‪ :‬إن هذا ف صلة الليل ‪ ،‬لننا نقول ‪ :‬الصل‬
‫أن ما شرع ف صلة شرع ف غي ها دون تفر يق ب ي فري ضة أو نافلة ‪،‬‬
‫ف من ادعى الفرق فعليه الدل يل ‪ .‬ومن ( الدعاء بعد التش هد الخي وق بل‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪246‬‬

‫السلم ) قوله ‪ ) 6 ( :‬وعن شداد بن أوس قال ‪ :‬كان النب ( ص ) يقول‬


‫ف صلته ‪ :‬اللهم ان أسألك الثبات ف المر ‪ . . .‬رواه النسائي " ‪ .‬قلت‬
‫‪ :‬ظا هر إ سناده ال صحة ‪ ،‬ول كن ف يه علة قاد حة ‪ ،‬ف قد رواه الن سائي من‬
‫طريق حاد بن سلمة عن سعيد الريري عن أب العلء عن شداد ‪ .‬فهذا‬
‫رجاله كلهفم ثقات ‪ ،‬إل أنفه قفد رواه يزيفد بفن هارون والثوري عفن‬
‫الريري ‪ ،‬فأدخل بيف أبف العلء وشداد رجل مفن بنف حنظلة ‪ ،‬وهفو‬
‫مهول ‪ ،‬وهفو علة الديفث ‪ ،‬فتفبي ‪ .‬ثف ان الديفث مطلق ليفس مقيدا‬
‫بالتشهد ‪ .‬فتأمل ‪ .‬قوله ‪ ) 9 ( " :‬وعن ابن مسعود أن النب ( ص ) علمه‬
‫أن يقول هذا الدعاء ‪ :‬اللهفم ألف بيف قلوبنفا ‪ ،‬وأصفلح ذات بيننفا ‪. . .‬‬
‫رواه أبو داود " ‪ .‬قلت ‪ :‬عزوه لب داود خطأ ‪ ،‬فليس هو ف " سننه " ‪،‬‬
‫ول ذكره النابلسي ف أحاديث ابن مسعود من " ذخائره " ‪ ،‬والسيوطي‬
‫لا أوردة ف " الامع الصغي " عزاه للطبان والاكم فقط ‪ ،‬ولو كان ف‬
‫" ال سنن " لعزاه إل يه ‪ ،‬ول ا أورده اليث مي ف " م مع الزوائد " ‪ ،‬ل نه ل‬
‫يورد ف يه ما رواه أ حد ال ستة من الد يث ‪ .‬ث ان اليث مي قال ( ‪/ 10‬‬
‫‪ " : ) 179‬رواه الطبان ف " الكبي " والوسط " ‪ ،‬لسناد " الكبي "‬
‫ج يد " ‪ .‬و قد راج عت له كتاب " الدعاء " من ال ستدرك ‪ ،‬وكذا ترج ة‬
‫ابن مسعود من " الناقب " منه ‪ ،‬فلم أجده ‪ ،‬فلياجع ‪ / .‬صفحة ‪/ 226‬‬
‫ث وجدته ف " التشهد " من " سنن أب داود " ‪ ،‬وف " كتاب الصلة "‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪247‬‬

‫من " ال ستدرك " ( ‪ ) 265 / 1‬عن ابن مسعود بل فظ ‪ " :‬كان رسول‬
‫ال ( ص ) يعلمنا كلمات كما يعلمنا التشهد ‪ :‬اللهم ألف بي قلوبنا ‪. .‬‬
‫‪ .‬إل " ‪ .‬وقال الاكم ‪ " :‬صحيح على شرط مسلم " ‪ .‬ووافقه الذهب !‬
‫قلت ‪ :‬وف يه ن ظر ‪ ،‬لن ف إ سناده شر يك بن ع بد ال القا ضي ‪ ،‬و هو‬
‫ضع يف ل سوء حف ظه ‪ .‬وقال الا فظ ف يه ‪ " :‬صدوق ي طئ كثيا " و من‬
‫طريقه أخرجه الطبان ف " العجم الكبي " ( ‪) 10426 / 236 / 10‬‬
‫‪ ،‬فتجويد اليثمي لسناده ليس بيد ‪ ،‬وهو مرج ف " ضعيف أب داود "‬
‫( ‪ . ) 172‬قوله ‪ ) 11 ( " :‬وعن عمي بن سعد قال ‪ :‬كان ابن مسعود‬
‫يعلمن ما التش هد ‪ . . .‬رواه ا بن أ ب شي بة و سعيد بن من صور " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫كذا و قع ف يه " سعد " ف كل الطبعات ‪ ،‬و هو خ طأ ‪ ،‬وال صواب ‪" :‬‬
‫سعيد " ك ما ف ك تب الرجال ‪ ،‬و " ال صنف " ل بن أ ب شي بة ( ‪/ 1‬‬
‫‪ ، ) 297 - 296‬وهو عمي ا بن سعيد النخعي الصهبان ‪ ،‬وأ ما عم ي‬
‫بن سعد ‪ ،‬وهو النصاري ‪ ،‬فهو صحاب وليس به ‪ .‬ث إن عمي بن سعيد‬
‫ثقة من رجال الشيخ ي ‪ ،‬وكذلك من دو نه ‪ ،‬فال سناد صحيح ‪ .‬ث إنه‬
‫يبدو أن السياق لسعيد بن منصور ‪ ،‬فإنه ليس عند ابن أب شيبة قوله ‪" :‬‬
‫قال ‪ :‬ل يدع نب ‪ " . .‬إل ‪ .‬فلينظر ما حال إسناده ‪ .‬وزاد ابن أب شيبة‬
‫‪ / :‬صفحة ‪ ( * / 227‬ربنا إننا آمنا ( فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا‬
‫وتوف نا مع البرار ‪ [ .‬رب نا ] وات نا ما وعدت نا على ر سلك ول تز نا يوم‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪248‬‬

‫القيامة إنك ل تلف اليعاد ) ) * ‪ .‬ومن ( الذكار والدعية بعد السلم )‬


‫قوله تت رقم ( ‪ " : ) 6‬وعن علي أن النب ( ص ) قال ‪ " :‬من قرأ آية‬
‫الكرسي ف دبر الصلة الكتوبة كان ف ذمة ال إل الصلة الخرى " ‪.‬‬
‫رواه ال طبان بإ سناد ح سن " ‪ .‬كذا قال ‪ ،‬تقليدا م نه للمنذري واليث مي‬
‫وتبعهفم العلق على " الزاد " ( ‪ ! ) 304 / 1‬وقال الاففظ فف " نتائج‬
‫الفكار " ‪ " :‬حد يث غر يب ‪ ،‬و ف سنده ض عف " ‪ .‬قلت ‪ :‬و قد بي نت‬
‫ذلك ف " الضيفة " ( ‪ . ) 5135‬قوله ‪ ) 10 ( " :‬وصح أيضا أن يسبح‬
‫ف وعشريفن ‪ ،‬ويمفد مثلهفا ‪ ،‬ويكفب مثلهفا ‪ ،‬ويقول ‪ :‬ل إله إل ال‬ ‫خس ا‬
‫وحده ل شريك له ‪ ،‬له اللك وله المد ‪ ،‬وهو على كل شئ قدير مثلها‬
‫" ‪ .‬قلت ‪ :‬أ خذ هذه ال صفة من " زاد العاد " ‪ ،‬ول يعز ها ل حد ‪ .‬و هو‬
‫يشي بذلك إل حديث زيد بن ثا بت ‪ ،‬قال ‪ :‬أمروا أن يسبحوا دبر كل‬
‫صلة ثل ثا وثلث ي ‪ ،‬ويمدوا ثل ثا وثلث ي ‪ ،‬وي كبوا أرب عا وثلث ي ‪،‬‬
‫فأت رجل من النصار ف منامه ‪ ،‬فقيل له ‪ :‬أمركم رسول ال ( ص ) أن‬
‫تسفبحوا ‪ . . .‬؟ ( الديفث ) ‪ .‬قال ‪ :‬نعفم ‪ .‬قال ‪ :‬فاجعلوهفا خسفا‬
‫وعشر ين ‪ ،‬واجعلوا في ها التهل يل ‪ ،‬فل ما أ صبح أ تى ال نب ( ص ) فذ كر‬
‫ذلك له ‪ ،‬قال ‪ :‬اجعلوهفا كذلك ‪ .‬أخرجفه النسفائي ( ‪ ) 198 / 1‬عنفه‬
‫وعن ابن عمر نوه بسندين صحيحي ‪ / ،‬صفحة ‪ / 228‬وصحح الول‬
‫الترمذي ( ‪ ، ) 3410‬وابففن خزيةفف ( ‪ ، ) 752‬والاكففم ( ‪/ 1‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪249‬‬

‫‪ ، ) 253‬والذهفب ‪ .‬فقوله ‪ ( :‬التهليفل ) ‪ ،‬ل يتبادر منفه إل قوله ‪ ( :‬ل‬


‫إله إل ال ) ‪ ،‬فإنه الراد من اللغة كما ف " لسان العرب " ‪ ،‬والزيادة عليه‬
‫تتاج إل نص هنا ‪ ،‬وهو مفقود ‪ ،‬وهذا ما ل يتنبه له العلق على " الزاد‬
‫" ‪ ،‬فساق الديث وخرجه وكفى ‪ .‬فالظاهر أن القصود من الديث أن‬
‫يقول ‪ " :‬سبحان ال ‪ ،‬والمد ل ‪ ،‬ول إله إل ال ‪ ،‬وال أكب " ‪ ،‬خسا‬
‫وعشر ين ‪ ،‬ل يضره بأي هن بدأ ‪ .‬وال أعلم ‪ .‬قوله ‪ ) 13 ( " :‬و عن ع بد‬
‫الرح ن بن غ نم أن ال نب ( ص ) قال ‪ :‬من قال ق بل أن ين صرف ويث ن‬
‫رجليه من صلة الغرب والصبح ‪ :‬ل إله إل ال وحده ل شريك له ‪ ،‬له‬
‫اللك ‪ ،‬وله المد ‪ ،‬بيده الي ‪ ،‬يي وييت ‪ ،‬وهو على كل شئ قدير ‪.‬‬
‫‪ . .‬رواه أحد ‪ .‬وروى الترمذي نوه دون ذكر ‪ ( :‬بيده الي ) " ‪ .‬قلت‬
‫‪ :‬وقال الترمذي ‪ " :‬حسن غريب صحيح " ‪ .‬وف تصحيحه نظر ‪ ،‬لنه‬
‫من روا ية ش هر بن حو شب عن ع بد الرح ن بن غ نم ‪ -‬بالف تح على‬
‫ال صحيح ك ما تقدم عن الا فظ ( ص ‪ - ) 59‬و قد اضطرب ش هر ف‬
‫إ سناده ومت نه على ا بن غ نم ‪ :‬أ ما ال سناد ‪ ،‬فمرة يقول ‪ :‬عن ا بن غ نم‬
‫مرفوعا ‪ .‬وابن غنم متلف ف صحبته ‪ ،‬فهو مرسل ‪ .‬وهو رواية أحد (‬
‫‪ . ) 227 / 4‬ومرة يقول ‪ :‬عنفه عفن أبف ذر مرفوعفا ‪ ،‬وهفو روايفة‬
‫الترمذي وكذا النسفائي فف " عمفل اليوم والليلة " ( رقفم ‪ . ) 12‬وتارة‬
‫يقول ‪ :‬ع نه عن معاذ ‪ .‬و هو روا ية للن سائي ( ‪ . ) 126‬وأخرى يقون ‪:‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪250‬‬

‫عنه عن فاطمة رضي ال عنها ‪ ،‬وهو رواية لحد ( ‪ / / 6‬صفحة ‪229‬‬


‫‪ . ) 298 /‬فهذا اضطراب شديد من شهر يدل على ضعفه كما تقدم ‪،‬‬
‫ولذلك قال النسائي عقبه ‪ " :‬وشهر بن حوشب ضيعف ‪ ،‬سئل ابن عون‬
‫عن حد يث ش هر ؟ فقال ‪ :‬إن شهرانزكوه ( أي طعنوا عل يه وعابوه ) ‪،‬‬
‫وكان شع بة سيئ الرأي ف يه ‪ ،‬وتر كه ي ي القطان " ‪ .‬وأ ما ال ت ‪ ،‬فتارة‬
‫يذ كر صلة الف جر دون الغرب ‪ ،‬ك ما ف حد يث أ ب ذر ‪ .‬وتارة ي مع‬
‫بينه ما ‪ ،‬ك ما ف حد يث ا بن غ نم الر سل ‪ ،‬وحد يث فاط مة ‪ ،‬وأخرى‬
‫يذكر العصر مكان الغرب ‪ ،‬وذلك ف حديث معاذ ‪ ،‬وتارة يذكر " يي‬
‫وييت " ‪ ،‬وتارة ل يذكرها ‪ ،‬وتارة يزيد قبلها ‪ " :‬بيده الي " ‪ ،‬وتارة ل‬
‫يذكرهفا ‪ ،‬وتارة يذكفر ‪ " :‬قبفل أن ينصفرف ويثنف رجليفه " ‪ .‬وتارة ل‬
‫يذكر ها ‪ .‬وتارة يضطرب ف بيان ثواب ذلك ب ا ل ضرورة لبيا نه الن ‪.‬‬
‫وبالملة ‪ ،‬فهذا الضطراب ف إ سناده ومت نه لو صدر من ث قة ل تطمئن‬
‫النفس لديثه ‪ ،‬فكيف وهومن شهر الذي بالضعف اشتهر ؟ ! ومع هذا‬
‫كله فقفد وجدت لديفث ابفن غنفم هذا شواهفد تقويفه وتطمئن إلنففس‬
‫للعمل به مع كل الزيادات الت سبق بيانا ‪ ،‬جاءت ف أحاديث متفرقة ‪،‬‬
‫أوردتا ف " صحيح الترغيب والترهيب " ( ‪472 - 469 / 262 / 1‬‬
‫‪ /‬طب عة مكت بة العارف ‪ -‬الرياض ) ‪ ،‬وخر جت بعض ها ف " ال صحيحة‬
‫" ( ‪ ، ) 2563‬وال تعال ول التوف يق ‪ .‬ث قال ‪ ) 15 ( " :‬وروى أ بو‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪251‬‬

‫حات أن النب ( ص ) كان يقول عند انصرافه من صلته ‪ :‬اللهم أصلح ل‬


‫دين الذي هو عصمة أمري ‪ . . .‬إل ‪ . " .‬أقول ‪ :‬فيه أمور ‪ :‬الول ‪ :‬أنه‬
‫عزاه لب حات ‪ ،‬وهذه الكنية إذا أطلقت فالراد نها المام أبو ‪ /‬صفحة‬
‫‪ / 230‬حاتف الرازي ‪ ،‬واسفه ممفد بفن إدريفس ‪ ،‬ووالد عبفد الرحنف‬
‫صاحب " الرح والتعد يل " ‪ ،‬ول يس هو مرج هذا الد يث ‪ ،‬وإن ا هو‬
‫أبفو حاتف ابفن حبان البسفت ‪ ،‬فكان على الؤلف أن يصففه بشفئ يرففع‬
‫اللبفس ‪ ،‬ول سفيما وهفو قفد نقفل هذا التخريفج مفن " زاد العاد " لبفن‬
‫القيم ‪ ،‬وهو قد فعل ذلك ‪ ،‬فإنه قال ‪ " :‬وقد ذكر أبو حات ف " صحيحه‬
‫" ‪ . " . .‬فقوله ‪ " :‬فف صفحيحه " ‪ ،‬اختصفره الؤلف ‪ ،‬فوقفع اللبفس !‬
‫الثا ن ‪ :‬أ نه قد رواه من هو أعلى طب قة وأش هر من ا بن حبان ‪ ،‬أل و هو‬
‫الن سائي ف " ال سنن " ( ‪ ، ) 198 - 197 / 1‬و ف " اليوم والليلة " (‬
‫‪ ، ) 137‬وابن خزية ف " صحيحه " ( ‪ ، ) 745‬من طريق ابن وهب ‪:‬‬
‫أخبن حفص بن ميسرة عن موسى بن عقبة عن عطاء بن أب مروان عن‬
‫أبيه عن كعب أن صهيبا حدثه به مرفوعا ‪ :‬الثالث ‪ :‬أن ابن حبان رواه (‬
‫‪ - 541‬موارد ) من طر يق ا بن أ ب ال سري قال ‪ :‬قرئ على ح فص بن‬
‫مي سرة وأ نا أ سع ‪ :‬حدث ن مو سى بن عق بة ‪ . . .‬به ‪ .‬قلت ‪ :‬وا بن أ ب‬
‫السري ‪ -‬واسه ممد بن التوكل ‪ -‬ضعيف لكثرة أوهامه ‪ ،‬بلف ابن‬
‫وهب ‪ ،‬وهو عبد ال المام الافظ الثقة ‪ ،‬فكان ذكر الديث من رواية‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪252‬‬

‫هؤلء الذ ين رووه من طري قه أول من عزوه ل بن حبان ك ما ل ي فى ‪،‬‬


‫وهذا من شؤم التقل يد ‪ ،‬وعدم الرجوع إل ال صول ! ولذلك أ عل العلق‬
‫على " زاد العاد " ( ‪ ) 302 / 1‬هذا الديفث بابفن السفري الذكور ‪،‬‬
‫وخفيت عليه الطريق السالة منه عند أولئك الئمة ‪ ،‬ولو أنه أمعن النظر‬
‫لوجد العلة من تابعي الديت ‪ ،‬وهو أبو مروان والد عطاء ‪ ،‬قال النسائي‬
‫‪ " :‬ليفس بالعروف " ‪ .‬وأعتمده الذهفب فف " اليزان " و " الضعفاء " ‪،‬‬
‫لكفن ‪ /‬صفحة ‪ / 231‬انقلب عل يه المفر فقال ‪ " :‬روى عطاء بفن أ ب‬
‫مروان عن مو سى بن عق بة ع نه ‪ ،‬و هو والد عطاء " ! فأد خل ب ي ال بن‬
‫والب موسى ‪ ،‬وهو الراوي عن البن عن أبيه كما رأيت ‪ .‬وأما ف "‬
‫الكاشف " فقال فيه ‪ " :‬ثقة " ‪ .‬وكأنه تبع ف ذلك العجلي ‪ ،‬فإنه أورده‬
‫ف " ثقاته " ( ‪ ، ) 2038 - 510‬وكذلك ابن حبان ( ‪، ) 585 / 5‬‬
‫ول تطمئن النفس لتوثيقهما ‪ ،‬لا هو معروف من تساهلهما ‪ ،‬فنحن مع‬
‫قول النسائي الذي اعتمده الذهب ف كتابه حت ند ما ينقلنا منه ‪ .‬وقد‬
‫وجدت للحديث شاهدا من حديث أب برزة السلمي قال ‪ :‬كان رسول‬
‫ال ( ص ) إذا صلى ال صبح ‪ -‬قال ‪ :‬ول أعل مه إل قال ف سفر ‪ -‬ر فع‬
‫صوته ح ت ي سمع أ صحابه ‪ :‬الل هم أ صلح ‪ . . .‬الد يث ‪ .‬أخر جه ا بن‬
‫السن ف " عمل اليوم والليلة " ( ‪ 124‬و ‪ ) 509‬من طريق إسحاق‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪253‬‬

‫ا بن ي ي بن طل حة ‪ :‬حدث ن ا بن أ ب برزة ( و ف الو ضع ال خر ‪ :‬ا بن‬


‫بريدة ) السلمي عن أبيه به ‪ .‬قلت ‪ :‬وهذا اسناد ضعيف جدا ‪ ،‬إسحاق‬
‫هذا تر كه ج ع ‪ ،‬وأشار أ بو حا ت إل أ نه ل يع تب بدي ثه ‪ .‬يع ن لشدة‬
‫ضعفه ‪ ،‬فل يصلح للستشهاد به ‪ .‬نعم ‪ ،‬الديث كدعاء مطلق قد جاء‬
‫من حد يث أ ب هريرة إل قرله ‪ " :‬معا شي " ع ند م سلم ‪ .‬وقوله ‪ " :‬إ ن‬
‫أعوذ برضاك ‪ . . .‬إل ‪ :‬وأعوذ بك م نك " ‪ .‬هو من أدع ية ال سجود ‪.‬‬
‫وقد مضى ف الكتاب ‪ ،‬والباقي من أدعية العتدال من الركوع كما تقدم‬
‫‪ ،‬ودبر ال صلة أيضا ‪ / .‬صفحة ‪ / 232‬قوله ‪ ) 17 ( " :‬وروى أبو‬
‫داود والاكم أن النب ( ص ) كان يقول دبر كل صلة ‪ :‬اللهم عافن ف‬
‫بد ن ‪ . " . .‬قلت ‪ :‬ل أدري من أين جاء الؤلف بذا التخريج ‪ ،‬فإن ل‬
‫أجده بذا القيد ‪ " :‬دبر كل صلة " عند الذكورين ‪ ،‬ول بذا التمام عند‬
‫الاكفم ‪ ،‬وإليفك البيان ‪ :‬أول ‪ :‬أخرجفط أبفو داود فف " الدب " (‬
‫‪ ) 5090‬من طريق جعفر بن ميمون قال ‪ :‬حدثن عبد الرحن بن أب‬
‫بكرة أنه قال لبيه ‪ :‬يا أبة ! إن أسعك تدعو كل غداة ‪ " :‬اللهم عافن‬
‫ف بدن ‪ ،‬اللهم عافن ف سعي ‪ ،‬اللهم عافن ف بصري ‪ ،‬ل إله إل أنت "‬
‫‪ ،‬تعيدها ثلثا حي تصبح ‪ ،‬وثلثا حي تسي ؟ فقال ‪ :‬إن سعت رسول‬
‫ال ( ص ) يدعو بن ‪ ،‬فأنا أحب أن أست بسنته ‪ ،‬وتقول ‪ " :‬اللهم إن‬
‫أعوذ بك من الكفر والفقر ‪ ،‬اللهم إن أعوذ بك من عذاب القب ‪ ،‬ل إله‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪254‬‬

‫إل أنت " ‪ ،‬تعيدها ثلثا حي تصبح ‪ ،‬وثلثا حي تسي ‪ ،‬فتدعو بن ‪،‬‬
‫فأ حب أن أ ست ب سنته " ‪ .‬و من هذا الو جه أخر جه الن سائي ف " ع مل‬
‫اليوم والليلة " ( رقم ‪ ، ) 572 ، 22‬وعنه ابن السن ( رقم ‪، ) 67‬‬
‫وأحد ( ‪ ، ) 42 / 5‬وقال النسائي ‪ " :‬جعفر بن ميمون ليس بالقوي "‬
‫‪ .‬قلت ‪ :‬وهو متلف فيه ‪ .‬وقال الافظ ‪ " :‬صدوق يطئ " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫فالسناد حسن أو قريب من السن ‪ .‬ثانيا ‪ :‬أخرجه الاكم ( ‪) 35 / 1‬‬
‫متصرا جدأ من طريق أخرى ‪ :‬عن حاد ابن سلمة عن عثمان الشام عن‬
‫مسلم بن أب بكر عن أب بكرة قال ‪ :‬سعت ‪ /‬صفحة ‪ / 233‬رسول ال‬
‫" صلى ال عليه وآله " يقول ‪ " :‬اللهم إن أعوذ بك من الكفر والفقر‬
‫وعذاب ال قب " ‪ .‬وقال الا كم ‪ " :‬صحيح على شرط م سلم " ‪ ،‬وواف قه‬
‫الذهب ‪ ،‬وهو كما قال ‪ .‬وقد أخرجه النسائي ( ‪ 198 / 1‬و ‪315 / 2‬‬
‫) ‪ ،‬وعنه ابن السن ف " عمل اليوم والليلة " ( ‪ ، ) 109‬والاكم أيضا (‬
‫‪ ، ) 253 - 252 / 1‬وأحد ( ‪ 44 / 5‬و ‪ ) 36‬بأت منه عن مسلم‬
‫بن أ ب بكرة قال ‪ " :‬كان أ ب يقول ف دبر ال صلة ( فذكره ) ‪ ،‬فك نت‬
‫أقول ن ‪ ،‬فقال أ ب ‪ :‬أي ب ن ! ع من أخذت هذا ؟ قلت ‪ :‬ع نك ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫إن رسفول ال ( ص ) كان يقولنف دبر الصفلة " ‪ .‬قلت ‪ :‬فتفبي بذا‬
‫التخر يج والتحق يق أ نه ل يس ع ند الا كم من الد يث إل ال ستعاذة هن‬
‫الكفر والفقر وعذاب القب ‪ .‬وأن هذه الثلث هي الت كان ( ص ) يقولا‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪255‬‬

‫دبر الصفلة ‪ ،‬بلف الدعاء بالعافاة الذي عنفد أبف داود وغيه ‪ ،‬فليفس‬
‫مقيدا بالصلة ‪ .‬وال أعلم ‪ .‬قوله ‪ ) 19 ( " :‬وروى أحد وابن [ أب ]‬
‫شيبة وابن ماجه بسند فيه مهول عن أم سلمة أن النب ( ص ) كان يقول‬
‫إذا صلى ال صبح ح ي ي سلم ‪ ( :‬الل هم إ ن أ سألك عل ما ناف عا ‪ ،‬ورز قا‬
‫وا سعا ‪ ،‬وعمل متقبل ) " ‪ .‬قلت ‪ :‬ل كن أخر جه ال طبان ف " الع جم‬
‫الصغي " بإسناد جيد ليس فيه الجهول ‪ ،‬كما بينته ف " الروض النضي‬
‫" ( ‪ ( . ) 1199‬ت نبيه ) ‪ :‬سقطت أداة الكن ية ( أ ب ) من طبعات‬
‫الكتاب ‪ ،‬وهو ف " مصنف ابن ‪ /‬صفحة ‪ / 234‬أب شيبة " ( ‪/ 10‬‬
‫‪ ) 234‬من طريق الجهول ‪ .‬ومن ( التطوع ) قوله ف مشروعيته ‪" :‬‬
‫و عن أ ب أما مة أن ر سول ال ( ص ) قال ‪ " :‬ما أذن ال لع بد ف شئ‬
‫أف ضل من ركعت ي ي صليهما ‪ . " . . .‬رواه أح د والترمذي ‪ .‬و صححه‬
‫السيوطي " ‪ .‬قلت ‪ :‬إنا صححه السيوطي ف " الامع الصغي " بالرمز ‪،‬‬
‫و قد ذكرت ف القدمة أنه ل يعتمد عليه ف رموزه ‪ ،‬وبينت السبب ف‬
‫ذلك ‪ ،‬فراجعه ‪ .‬وهذا الديث من الشوهد على ما ذكرت ‪ ،‬فإن إسناده‬
‫ضعيف ‪ ،‬لنه من رواية بكر بن خنيس ‪ ،‬وفيه ضعف ‪ ،‬عن ليث بن أب‬
‫سفليم ‪ ،‬وقفد ضعففه مرجفه الترمذي ‪ ،‬فقال ‪ " :‬هذا حديفث غريفب ل‬
‫نعرفه إل من هذا الوجه ‪ ،‬وبكر بن خنيس تكلم فيه ابن البارك ‪ ،‬وتركه‬
‫ف آ خر أمره " ‪ .‬ث ب سطت القول على الد يث ف " سلسلة الحاد يث‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪256‬‬

‫الضعيفة " ( ‪ . ) 1957‬وقوله ‪ " :‬وقال مالك ف " الوطإ " ‪ :‬بلغن أن‬
‫النفب ( ص ) قال ‪ :‬اسفتقيموا ولن تصفوا ‪ ،‬واعلموا أن خيف أعمالكفم‬
‫الصلة ‪ ،‬ولن يافظ على الوضوء إل مؤمن " ‪ .‬قلت ‪ :‬ل يسن الصنف‬
‫صنعا حيث عزاه لالك بلغا دون سند ‪ ،‬وذلك يوهم أن الديث ضعيف‬
‫ل سند له ‪ ،‬مع أنه حديث صحيح جاء مسدا عن ثوبان رضى ال عنه ‪،‬‬
‫أخر جه أح د من ثل ثة طرق ع نه ‪ ،‬فلو أ نه ن سبه إل يه لكان أ صاب ‪/ .‬‬
‫صفحة ‪ / 235‬ث خرجت هذه الطرق مع شواهد للحديث ف " إرواء‬
‫الغليل " ( ‪ . ) 412‬قوله ف استحباب صلته ف البيت ‪ ) 2 ( " :‬وعند‬
‫أحد عن عمر أن رسول ال ( رسول ال ( ص ) قال ‪ :‬صلة الرجل ف‬
‫بيته تطوعا نور ‪ ،‬فمن شاء نور بيته " ‪ .‬قلت ‪ :‬إسناد الديث ضيف ‪ ،‬فيه‬
‫مهول ‪ ،‬وقد بينت ذلك ف " التعليق الرغيب " ( ‪ ، ) 159 / 1‬ث ف "‬
‫تريج الحاديث الختارة " ( ‪ . ) 249 - 248‬وقوله ‪ ) 3 ( " :‬وعن‬
‫عبد ال بن عمر قال ‪ :‬قال رسول ال ( ص ) ‪ " :‬اجعلوا من صلتكم ف‬
‫بيوتكفم ‪ ،‬ول تتخذوهفا قبورا " ‪ .‬رواه أحدف وأبفو داود " ‪ .‬قلت ‪ :‬لقفد‬
‫أبعد الصنف النجعة ‪ ،‬فالديث ف " الصحيحي " أيضا عن ابن عمر !‬
‫وهو مرج ف " صحيح أب داود " ( ‪ . ) 1027‬ومن ( أقسام التطوع )‬
‫قوله ‪ " :‬وروى البيهقي بإسناده أن أبا ذر رضي ال عنه صلى عددا كثيا‬
‫‪ ،‬فلما سلم قال له الحنف بن قيس ‪ :‬هل تدري انصرفت على شفع أم‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪257‬‬

‫على وتر ؟ قال ‪ . . . :‬إن سعت خليلي أبا القاسم ( ص ) يقول ‪ " :‬ما‬
‫من عبد يسجد ل سجدة إل رفعه با درجة ‪ ،‬وحط عنه با خطيئة " ‪.‬‬
‫رواه الدارمي ف " مسنده " بسند صحيح ‪ ،‬إل رجل اختلفوا ف عدالته "‬
‫‪ .‬قلت ‪ :‬ليت الصنف حفظه ال تعال سكت عن إسناد الدارمي بعد أن‬
‫عزاه للبيهقي ‪ ،‬فإن إشاده صحيح ليس فيه الرجل الختلف فيه ! وكذلك‬
‫أخر جه أح د ‪ .‬ث خرج ته مع شوا هد له ف " الرواء " ( ‪/ . ) 457‬‬
‫صفحة ‪ / 236‬ومن ( سنة الفجر ) قوله ف فضلها ‪ ) 2 ( " :‬وعن أب‬
‫هريرة أن رسول ال ( ص ) قال ‪ " :‬ل تدعوا ركعت الفجر وإن طردتكم‬
‫اليفل " ‪ .‬رواه أحدف وأبفو داود والبيهقفي والطحاوي " ‪ .‬قلت ‪ :‬فيفه‬
‫مؤاخذتان ‪ :‬الول ‪ :‬سفكت عفن الديفث ‪ ،‬وهفو ضيفف السفناد كمفا‬
‫صرح بذلك عبد الق الشبيلي ‪ ،‬وتبعه ابن القطان ‪ ،‬وأشار إليه البيهقي‬
‫حيث ذكره ف ( السنن الكبى " تعليقا بدون إسناد ‪ ،‬فقال ( ‪471 / 2‬‬
‫) ‪ " :‬وروى عن أب هريرة ‪ . " . . .‬فذكر الديث ‪ ،‬ولو صح لكان‬
‫بظاهره دليل لن يقول بوجوب سنة الفجر ‪ .‬الثانية ‪ :‬أطلق عزوه للبيهقي‬
‫فأوهم أنه موصول عنده ‪ ،‬وليس كذلك ‪ ،‬بل هو عنده دون إسناد كما‬
‫عرفت آنفا ‪ ،‬فينبغي أن يقال ف مثله ‪ " :‬والبيهقي تعليقا " ‪ ،‬ث إن حقه‬
‫أن يؤخفر عفن الطحاوي ‪ ،‬لن هذا أعلى طبقفة منفه ‪ .‬ثف تكلمفت على‬
‫الد يث ‪ ،‬وبي نت عل ته ف " الرواء " ( ‪ ، ) 438‬و " الضعي فة " (‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪258‬‬

‫‪ . ) 1533‬قوله ف تفيفها ‪ ) 2 ( :‬وعن عائشة قالت ‪ :‬كان رسول ال‬


‫( ص ) يصلي الركعتي قبل الغداة ‪ ،‬فيخففهما ‪ ،‬حت إن لشك أقرأ‬
‫فيهما بفاتة الكتاب أم ل ؟ رواة أحد وغيه " ‪ .‬قلت ‪ :‬من هذا " الغي‬
‫" ؟ ! الشيخان ف " صحيحيهما " ‪ ،‬فلو أن الصنف عزاه ‪ /‬صفحة ‪237‬‬
‫‪ /‬لما ‪ ،‬ث أشار لرواية غيها لصاب ‪ .‬والديث مرج ف " صحيح أب‬
‫داود " ( ‪ . ) 1141‬ث قال ‪ ) 3 ( " :‬وعنها قالت ‪ :‬كان قيام رسول‬
‫ال ( ص ) ف الركعتي قبل صلة الفجر قدر ما يقرأ فاتة الكتاب ‪ .‬رواه‬
‫أحد والنسائي والبيهقي ومالك والطحاوي " ‪ .‬قلت ‪ :‬عليه مؤاخذات ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬ل يس هو بذا الل فظ ع ند الن سائي والبيه قي ومالك ‪ ،‬بل بالل فظ‬
‫الذي قبله ! الثان ية ‪ :‬أ نه بذا الل فظ ضع يف لنقطا عه ‪ ،‬و به أعله مر جه‬
‫الطحاوي ‪ ،‬لنه من رواية ممد بن سيين عن عائشة ‪ ،‬ول يسمع منها‬
‫ك ما قال أ بو حا ت ‪ .‬الثال ثة ‪ :‬تأخيه لالك عن الن سائي والبيه قي خ طأ‬
‫أوضح من الذي سبق ‪ ،‬لللة مالك وشهرته ‪ ،‬وعلو طبقته ‪ ،‬ومثل هذا‬
‫الخلل من الؤلف كثي بيث يصعب التتبع ‪ .‬قوله ف ما يقرأ فيها ‪( " :‬‬
‫‪ ) 1‬عن عاثشة قالت ‪ :‬كان رسول ال ( ص ) يقرأ ف ركعت الفجر ب‍ ‪:‬‬
‫* ( قل يا أيها الكافرون ) * و * ( قل هو ال أحد ) * ‪ ،‬وكان يسر بما‬
‫‪ .‬رواه أحد والطحاوي " ‪ .‬قلت ‪ :‬إسناده ضعيف ‪ ،‬لنه منقطع كالذي‬
‫تبله ‪ ،‬وهو ف " مسلم " من حديث أب هريرة دون قوله ‪ " :‬وكان يسر‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪259‬‬

‫ب ما " ‪ ،‬و هو مرج ف " صحيح أ ب داود " ( ‪ / . ) 1142‬صفحة‬


‫‪ / 238‬ث قال ‪ ) 2 ( " :‬وعنها أن النب ( ص ) كان يقول ‪ " :‬نعم‬
‫السورتان ه ا ‪ ،‬كان يقرأ ب ما ف الركعت ي قبل الف جر ‪ ( * :‬قل يا أيها‬
‫الكافرون ) * و * ( قل هو ال أ حد ) * " ‪ .‬رواه أح د وا بن ما جه " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬كذا وقفع فف كفل الطبعات ‪ " :‬كان يقرأ ‪ ، " . . .‬وهفو خطفأ ‪،‬‬
‫وال صواب حذف فعفل ( كان ) ‪ ،‬فإن مفا بعده من تام قوله ( ص ) ‪" :‬‬
‫نعم السورتان ها يقرأ بما ‪ ، " . . .‬هكذا الديث عند ابن ماجه ( ‪/ 1‬‬
‫‪ - 351‬التاز ية ) ‪ ،‬وأح د ( ‪ ، ) 239 / 6‬وا بن خزي ة أي ضا ف "‬
‫صحيحه " ( ‪ ، ) 1114‬وابن حبان ( ‪ - 610‬موارد ) ‪ ( .‬تنبيه ) ‪:‬‬
‫وقع ف " ابن خزية " زيادة قبل الديث بلفظ ‪ " :‬كان يصلي أربعا قبل‬
‫الظهفر ‪ ،‬وركعتيف قبفل العصفر ل يدعهمفا ‪ ،‬قالت ‪ :‬وكان يقول ‪، " :‬‬
‫فذكر الديث ‪ .‬وهي عند أحد أيضا ‪ ،‬لكنه قال ‪ " :‬قبل الفجر " ‪ ،‬وهو‬
‫الصواب ‪ ،‬وما ف ابن خزية ‪ ،‬خطأ مطبعي ‪ ،‬وال أعلم ‪ .‬قوله ف الدعاء‬
‫ب عد الفراغ من ها ‪ " :‬قال النووي ف " الذكار " ‪ :‬روي نا ف كتاب ا بن‬
‫السن عن أب الليح ‪ . . .‬عن أبيه أنه صلى ركعت الفجر ‪ ،‬وأن رسول‬
‫ال ( ص ) صلى قريبا منه ركعتي خفيفتي ‪ ،‬ث سعه يقول وهو جالس ‪:‬‬
‫( اللهم رب جبائيل وإسرافيل وميكائيل وممد النب ( ص ) ‪ ،‬أعوذ بك‬
‫من النار ) ‪ ،‬ثلث مرات ‪ .‬وروي نا ف يه عن أ نس عن ال نب ( ص ) قال ‪:‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪260‬‬

‫( من قال صبيحة يوم المعة قبل صلة الغداة ‪ :‬أستغفر ال الذي ل إله‬
‫إل هو الي القيوم ‪ ،‬وأتوب إليه ‪ ،‬ثلث مرات ‪ ،‬غفر ال تعال ذنوبه ولو‬
‫كا نت م ثل ز بد الب حر ) " ‪ .‬قلط ‪ :‬الديثان ضعيفان جدا ل يوز الع مل‬
‫ب ما ح ت ع ند القائل ي بالع مل بالد يث الضع يف ف فضائل العمال ‪،‬‬
‫لشدة ضعفهمفا ‪ ،‬فيسفتنكر على النووي ‪ ،‬وبالتال على الؤلف إيرادهاف‬
‫لما ساكتي عليهما ‪ ،‬الوهم لواز العمل بما ‪ / ،‬صفحة ‪ / 239‬وإل‬
‫ف ما فائدة ذكره ا ؟ ! أ ما الد يث الول ‪ ،‬فإ نه ع ند ا بن ال سن ( ر قم‬
‫‪ ) 101‬من طريق يي بن أب زكريا النسائي ‪ -‬قال ابن حبان ‪ " :‬ل‬
‫توز الروا ية ع نه " ‪ -‬عن عباد بن سعيد ‪ -‬قال الذ هب ‪ " :‬ل شئ " ‪-‬‬
‫عن مبشر بن أب الليح ‪ -‬اتمه الافظ ابن حجر بديث منكر ‪ -‬فهو‬
‫إسناد ظلمات بعضها فوق بعض ! وأما الديث الثان ‪ ،‬فهو عنده ( رقم‬
‫‪ ) 81‬من طريق اسحاق بن خالد بن يزيد البالسي ‪ -‬قال ابن عدي ‪" :‬‬
‫روى غ ي حد يث من كر يدل على ضع فه " ‪ -‬عن ع بد العز يز بن ع بد‬
‫الرحن القرشي ‪ -‬اتمه المام أحد ‪ -‬عن خصيف ‪ -‬وهو ضيف لسوء‬
‫حفظه واختلطه ف آخره ‪ .‬ومن ( سنة الظهر ) قوله ف فضل الربع قبل‬
‫الظهر تت رقم ( ‪ " : ) 2‬وإذا صلى أربعا قبلها أو بعدها فالفضل أن‬
‫يسفلم بعفد كفل ركعتيف ‪ ،‬وإن كان يوز أن يصفليهما متصفلة بتسفليم‬
‫وا حد ‪ ،‬لقول ر سول ال ( ص ) ‪ " :‬صلة الل يل والنهار مث ن مث ن " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪261‬‬

‫رواه أ بو داود ب سند صحيح " ‪ .‬قلت ‪ :‬من شروط الد يث ال صحيح أن‬
‫ل يشذ راويه عن رواية الثقات الخرين للحديث ‪ ،‬وهذا الشرط ف هذا‬
‫الد يث مفقود ‪ ،‬لن الد يث ف " ال صحيحي " وغيه ا من طرق عن‬
‫ا بن ع مر دون ذ كر " النهار " ‪ ،‬وهذه الزيادة تفرد ب ا علي بن ع بد ال‬
‫الزدي عن ابن عمر دون سائر من رواه عن ابن عمر ‪ ،‬وقد قال الافظ‬
‫ف " الفتح " ما متصره ‪ " :‬إن أكثر أئمة الديث أعلوا هذه الزيادة بأن‬
‫الفاظ من أ صحاب ا بن ع مر ‪ /‬صفحة ‪ / 240‬ل يذكرو ها ع نه ‪،‬‬
‫وح كم الن سائي على راوي ها بأ نه أخ طأ في ها ‪ ،‬وروى ا بن و هب بإ سناد‬
‫قوي عن ابن عمر قال ‪ :‬صلة الليل والنهار مثن مثن ‪ .‬موقوف ‪ .‬فلعل‬
‫الزدي اختلط عليفه الوموف بالرفوع فل تكون هذه الزيادة صفحيحة‬
‫على طريقة من يشترط ف الصحيح أن ل يكون شاذا ‪ ،‬وقد روى ابن أب‬
‫ف أربعفا ) ‪ .‬وهذا ف "‬ ‫شي بة عن ا بن ع مر أنفه كان ي صلي بالنهار أربع ا‬
‫الصنف " ( ‪ ) 274 / 2‬بسند صحيح ‪ .‬قلت ‪ :‬فإن ل تثبت هذه الزيادة‬
‫‪ ،‬فمفهوم الديث الصحيح ‪ " :‬صلة الليل مثن مثن ‪ ، " . . .‬يدل على‬
‫أن صلة النهار ليست كذلك ‪ ،‬فتصلى أربعا متصلة ‪ ،‬كما قال النفية ‪،‬‬
‫قال الافظ ( ‪ " : ) 283 / 2‬وتعقب بأنه مفهوم لقب وليس بجة على‬
‫الراجفح " ‪ .‬قلت ‪ :‬ويؤيده صفلة النفب ( ص ) يوم فتفح مكفة صفلة‬
‫الض حى ثا ن ركعات ي سلم من كل ركعت ي ‪ ،‬و هو حد يث صحيح‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪262‬‬

‫أخرجه أبو داود ( ‪ ) 203 / 1‬بإسناد صحيح على شرطهما ‪ ،‬وهو ف "‬
‫الصحيحي " دون التسليم ‪ .‬وقال الافظ ف " الفتح " ( ‪" : ) 41 / 3‬‬
‫أخر جه ا بن خزية وفيه رد على من ت سك به ف صلتا مو صولة سواء‬
‫صلى ثان ركعات أو أ قل " ‪ .‬قلط ‪ :‬فهذا الد يث ي ستأنس به على أن‬
‫الف ضل الت سليم ب عد كل ركعت ي ف ال صلة النهار ية ‪ .‬وال أعلم ‪ .‬ث‬
‫وجدت للحديفث طرقفا أخرى وبعفض الشواهفد ‪ ،‬أحدهفا صفحيح ‪،‬‬
‫خرجتها ف " الروض النضي " ( ‪ ، ) 522‬فصح الديث والمد للة ‪،‬‬
‫ولذلك أوردته ف " صحيح أب داود " ( ‪ / . ) 1172‬صفحة ‪/ 241‬‬
‫قوله ف قضاء سنت الظهر ‪ " :‬وروى ابن ماجه عنها قالت ‪ :‬كان رسول‬
‫ال ( ص ) إذا فاتته الربع قبل الظهر صلهن بعد الركعتي بعد الظهر "‬
‫‪ .‬قلت ‪ :‬سكت عليه فأوهم صحته ‪ ،‬وليس بصحيح ‪ .‬لنه من رواية‬
‫قيس بن الربيع ‪ ،‬قال الافظ ف " التقريب " ‪ " :‬صدوق تغي لا كب ‪،‬‬
‫وأد خل عل يه اب نه ما ل يس من حدي ثه ‪ ،‬فحدث به " ! قلت ‪ :‬و قد تفرد‬
‫بقوله ف الديث ‪ " :‬ب عد الركعت ي " ‪ ،‬فهي زيادة منكرة ‪ ،‬لن الديث‬
‫رواه الترمذي دونما من طريق أخرى بسند صحيح عنها ‪ ،‬وهو الذي ف‬
‫الكتاب قبيفل هذا ‪ .‬ثف أكدت نكارة الديفث فف " الضعيففة " (‬
‫‪ ، ) 4208‬ونب هت ف يه على غفلة العلق على " الزاد " الذي ح سن‬
‫حديث ابن ماجه بديث الترمذي ‪ ،‬بدل أن يضعفه به ! ! ومن ( السنن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪263‬‬

‫غي الؤكدة ) قوله تت رقم ‪ " : - 1‬وأما القتصار على ركعتي فقط (‬
‫يعن قبل العصر ) ‪ ،‬فدليله عموم قوله ( ص ) ‪ :‬بي كل أذاني صلة " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬خفي على الؤلف ما أخرجه أبو داود ف " باب الصلة قبل العصر‬
‫" ‪ ،‬ومن طريقه الضياء القدسي ف " الختارة " ( ‪ 187 / 1‬من نسخة‬
‫الظاهرية الطية ) عن علي رضي ال عنه ‪ " :‬أن النب ( ص ) كان يصلي‬
‫قبل العصر ركعتي " ‪ .‬وقد قال النووي ف " الجموع " ( ‪" : ) 8 / 4‬‬
‫إسفناده صفحيح " ‪ .‬وأقول ‪ :‬هفو كذلك لول أنفه شاذ بذا اللففظ ‪،‬‬
‫والحفوظ بل فظ ‪ " :‬أر بع ركعات " ‪ .‬وبيا نه ف " ضع يف أ ب داود " (‬
‫‪ ، ) 235‬و " الروض النضي " ( ‪ / . ) 691‬صفحة ‪ / 242‬قوله تت‬
‫رقم ‪ " : - 2‬وف رواية لبن حبان أن النب ( ص ) صلى قبل الغرب‬
‫ركعتي " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذه الرواية منقطعة السناد ‪ ،‬منكرة الت ‪ ،‬والحفوظ‬
‫الروا ية الول ال ت ف الكتاب من حد يث البخاري بل فظ ‪ " :‬صلوا ق بل‬
‫الغرب ‪ ، " . .‬ولذلك جزم ابن القيم ف " زاد العاد " ‪ ،‬وابن حجر ف "‬
‫فتفح الباري " بأنفه ل ينقفل عنفه ( ص ) أنفه كان يصفلي الركعتيف قبفل‬
‫الغرب ‪ ،‬وغ فل عن هذا كله العلق على " الزاد " ‪ ،‬فقال ف حد يث ا بن‬
‫حبان ‪ ،‬وقد ذكره ف التعليق ( ‪ " : ) 312 / 1‬وإسناده صحيح " ! وقد‬
‫ك نت قلت مثله ف " ال صحيحة " ( ‪ ، ) 233‬ولعلي ك نت ال سبب ف‬
‫وقوعه ف هذا الطإ ‪ ،‬لنه كثي الستفادة من كتب وتقيقات وتريات‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪264‬‬

‫الكثية ‪ ،‬وقد ينقل بعضها بالرف الواحد ‪ ،‬دون أن يشي إل ذلك أدن‬
‫إشارة ‪ ،‬أو أن يذكرن بي ولو لرة واحدة ‪ ،‬كأنه ل يعلم قوله ( ص ) ‪:‬‬
‫" ل يشكر ال من ل يشكر الناس " ‪ ،‬بل هو كثي التعرض لنقدي لدن‬
‫منا سبة تعرض له ‪ ،‬وأ نا أر جو أن يكون البا عث له على ذلك حب ال ي‬
‫للمسلمي والنصح لم ‪ ،‬وليس الغية والسد ‪ ،‬نسأل ال السلمة ‪ .‬لكن‬
‫كنت أشرت هناك إل شذوذ هذه الرواية ‪ ،‬ومع ذلك فقد بدا ل أن فيها‬
‫انقطاعا ‪ ،‬فرأيت أن أبي ذلك بيانا شافيا أودعته ف " سلسلة الحاديث‬
‫الضعي فة " ( ‪ / . ) 5662‬صفحة ‪ / 243‬و من ( الو تر ) قوله ت ت‬
‫عنوان القنوت ف الو تر ‪ " :‬يشرع القنوت ف الو تر ف ج يع ال سنة ‪ .‬ل ا‬
‫رواه أحد وأهل السنن وغيهم من حديث السن بن علي رضي ال عنه‬
‫قال ‪ :‬علمن رسول ال ( ص ) كلمات أقولن ف الوتر ‪ " :‬اللهم اهدن‬
‫فيمن هديت ‪ . . .‬تباركت ربنا وتعاليت ‪ ،‬وصلى ال على النب ممد " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬عليه مؤاخذتان ‪ :‬الول ‪ :‬عزوه بذا التمام لؤلء الذكورين خطأ‬
‫‪ ،‬إذ إن قوله فف آخره ‪ " :‬وصفلى ال على النفب ممفد " ‪ . .‬تفرد بفه‬
‫الن سائي وحده دون م ! الثان ية ‪ :‬أن هذه الزيادة ف آخره ضعيفة ل تث بت‬
‫ك ما قال الا فظ ا بن ح جر والق سطلن والزرقا ن ‪ ،‬و ف سندها جهالة‬
‫وانقطاع ‪ .‬فراجع بيان ذلك إن شئت ف " التلخيص " و " شرح الواهب‬
‫" ‪ .‬لكننا ل نرى مانعا منها لريان عمل السلف با كما ذكرت ف "‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪265‬‬

‫تلخيص صفة الصلة " ‪ .‬قوله ‪ " :‬القنوت ف صلة الصبح غي مشروع‬
‫إل ف النوازل ‪ ،‬ففيها يقنت وف سائر الصلوات ‪ . . .‬ومذهب الشافعية‬
‫أن القنوت ف صلة الصبح ‪ . . .‬سنة " ‪ .‬قلت ‪ :‬ث ساق لم حديثي ‪،‬‬
‫أحده ا صحيح ‪ ،‬لك نه حله على قنوت النوازل ‪ ،‬و هو ال ق ‪ ،‬وال خر‬
‫صريح ف استمراره عليه السلم ف القنوت ف الفجر حت فارق الدنيا ‪.‬‬
‫ولك نه ضع فه ‪ ،‬و قد أ صاب ف هذا كله ‪ ،‬ولك نه كأ نه ترا جع عن ذلك‬
‫ح يث خ تم هذا الب حث بقوله ‪ " :‬ومه ما ي كن من شئ ‪ ،‬فإن هذا من‬
‫الختلف الباح الذي يسفتوي فيفه الفعفل والترك ( ! ) وإن كان خيف‬
‫الدي هدي ممد ( ص ) " ‪ / .‬صفحة ‪ / 244‬قلت ‪ :‬إن ل يكن هذا‬
‫تراجعا ‪ -‬وهذا ما نرجوه ‪ -‬فهو اضطراب شديد جدا ‪ ،‬إذ يقرر ف أول‬
‫البحث عدم مشروعية القنوت ف الفجر دائما ‪ ،‬ويؤكده أخيا بأن هديه‬
‫( ص ) ترك هذا القنوت ‪ ،‬فكيف يقول مع هذا وهو حق بل ريب ‪" :‬‬
‫يستوي فيه الفعل والترك " ‪ ،‬فليت شعري كيف يستوي الفعل وهو غي‬
‫مشروع ‪ ،‬مفع الترك ‪ ،‬وهفو الشروع ؟ ! وسفيأت للمؤلف نوهفا فف "‬
‫الهر بالقراءة ف صلة الكسوف والسرار با " ‪ ،‬فانظر ( ص ‪. ) 263‬‬
‫وهذا م ا يعل ن أق طع بأن الؤلف ل يع يد الن ظر في ما يك تب ‪ ،‬و هو من‬
‫أسفباب وقوع الخطاء الكثية فف كتابفه هذا ‪ ،‬وإل فأقفل الناس علمفأ‬
‫وفهما يتبي له هذا التناقض الواضح ‪ .‬ومن ( قيام الليل ) قوله فيما جاء‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪266‬‬

‫ف فضله من ال سنة ‪ ) 2 ( " :‬وقال سلمان الفار سي ‪ :‬قال ر سول ال‬


‫( ص ) ‪ :‬عليكم بقيام الليل ‪ ،‬فإنه دأب الصالي قبلكم ‪ ،‬ومقربة لكم‬
‫إل ربكفم ‪ ،‬ومكفرة للسفيئات ‪ ،‬ومنهاة عفن الثف ‪ ،‬ومطردة للداء عفن‬
‫السد " ‪ .‬قلت ‪ :‬يؤخذ عليه أمران ‪ :‬عدم تريه إياه ‪ ،‬وسكوته عن بيان‬
‫ضع فه ‪ ،‬و هو من روا ية ال طبان عن ع بد الرح ن بن سليمان برت أ ب‬
‫الوف عن الع مش عن أ ب العلء النوري عن سلمان ‪ .‬وع بد الرح ن‬
‫هذا ‪ ،‬قال أبو حات ‪ / :‬صفحة ‪ " / 245‬ل يتج به " ‪ .‬وقال ابن عدي‬
‫‪ " :‬عا مة أحادي ثه م ستقيمة ‪ ،‬و ف بعض ها إنكار " ‪ .‬ث ساق له هذا‬
‫الديث مشيا إل أن فيه نكارة ‪ .‬قال الذهب ‪ " :‬وأبو العلء ل أعرفه " ‪.‬‬
‫والد يث أخر جه الترمذي من طر يق أخرى من حد يث بلل وقال ‪" :‬‬
‫ول يصح من قبل إسناده " ‪ .‬قلت ‪ :‬وعلته أنه من رواية ممد بن سعيد ‪،‬‬
‫وهو الصلوب ‪ ،‬وهو كذاب ‪ ،‬قال أحد بن صال ‪ " :‬وضع أربعة آلف‬
‫حديث " ‪ .‬نعم ‪ ،‬الديث دون الملة الخية منه ‪ " :‬ومطردة للداء عن‬
‫السد " ‪ ،‬حسن أو صحيح ‪ ،‬فقد أخرجه الترمذي والاكم وغيها من‬
‫حد يث أ ب أما مة ‪ ،‬و صححه الا كم ‪ ،‬وواف قه الذ هب ‪ ،‬وح سنه البغوي‬
‫والافظ العراقي ‪ ،‬فلو أن الؤلف‬
‫آثره لكان أصفاب ‪ ،‬وهفو مرج فف " الرواء " ( ‪ ، ) 452‬و " الشكاة‬
‫" ( ‪ . ) 1227‬قال ‪ ) 3 ( :‬وقال سهل بن سعد ‪ :‬جاء جبيل إل النب‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪267‬‬

‫( ص ) ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا م مد ! عش ما شئت فإ نك م يت ‪ . . .‬واعلم أن‬


‫شرف الره من قيام الليل ‪ ،‬وعزه استغناؤه عن الناس " ‪ .‬قلت ‪ :‬القول ف‬
‫هذا كالذي قبله ‪ ،‬وقد رواه الطبان ‪ ،‬وف سنده زافر بن سليمان ‪ ،‬وهو‬
‫صفدوق كثيف الوهام كمفا ف " التقريفب " ‪ ،‬وقفد قال العقيلي ف هذا‬
‫الد يث ‪ / :‬صفحة ‪ " / 246‬ل يس له أ صل م سند " ‪ .‬ل كن روي من‬
‫حديث جابر أيضا ‪ ،‬وعلي بن أب طالب ‪ ،‬فهو بما حسن ‪ ،‬كما بينته ف‬
‫" ال صحيحة " ( ‪ . ) 831‬قوله ف آدا به ت ت ر قم ( ‪ " : ) 2‬ث يد عو‬
‫( يعن عند الستيقاظ ) با جاء عن رسول ال ( ص ) فيقول ‪ :‬ل إله إل‬
‫أنت سبحانك ‪ . . .‬وهب ل من لدنك رحة إنك أنت الوهاب " ‪ .‬قلت‬
‫‪ :‬فيه ما ف الديثي قبله ‪ ،‬وكأن الؤلف اغتر بقول النووي ف " الذكار‬
‫" ‪ " :‬رويناه ف " سنن أب داود " بإسناد ل يضعفه عن عائشة " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫وقد بينا ف القدمة أنه ل يوز أن يغتر بسكوت أب داود على الديث ‪،‬‬
‫فراجع ها ‪ ،‬وهذا الد يث من الشوا هد على ذلك ‪ ،‬فإن ف يه ع بد ال بن‬
‫الوليد ‪ ،‬وهو لي الديث كما قال الافظ ف " التقريب " ‪ ،‬وعمدته ف‬
‫ذلك الدارقطن ‪ .‬فإنه قال ‪ " :‬ل يعتب بديثه " ‪ ،‬وضعفه ‪ ،‬وأما ابن حبان‬
‫فوث قه ‪ ،‬فتو سط الا فظ بينه ما فلي نه ‪ ،‬فالع جب م نه ك يف ح سنه ف "‬
‫النتائج " ( ق ‪ ! ) 1 / 24‬وقوله ‪ " :‬ثف يقول ‪ :‬اللهفم لك المفد أنفت‬
‫نور السفماوات والرض ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬هذا مفن أدعيفة السفتفتاح فف‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪268‬‬

‫صلة الليل ‪ ،‬وقد صرحت بذلك رواية أب عوانة ف " صحيحه " وأب‬
‫داود لذا الدعاء ‪ ،‬و هو من حد يث ا بن عباس ‪ .‬و قد جاء مطل قأ ف "‬
‫الصحيحي " ‪ ،‬فأخذ به الصنف ههنا ‪ ،‬وأخذ برواية أب داود القيدة ف "‬
‫التو جه " ( ‪ ، ) 270 / 1‬و هو الصواب ‪ ،‬لن الق يد يق ضي على الطلق‬
‫كمفا تقرر ‪ /‬صففحة ‪ / 247‬فف علم الصفول ‪ ،‬فالخفذ بفه ههنفا غيف‬
‫صواب ‪ ،‬فلعله ظن أ نه حد يث آ خر ! قوله ف عدد ركعا ته ‪) 1 ( " :‬‬
‫فعن سرة بن جندب قال ‪ :‬أمرنا رسول ال ( ص ) أن نصلي من الليل ما‬
‫قفل أو كثفر ‪ .‬ونعفل آخفر ذلك وترا ‪ .‬رواه الطفبان والبزار " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫نقله الؤلف عفن " ممفع الزوائد " ( ‪ ، ) 252 / 2‬وإن ل يشفر إل‬
‫ذلك ‪ ،‬ول أدري ل ل ينقل تام كلمه عليه ‪ ،‬البي لاله ‪ ،‬وهو قوله ‪" :‬‬
‫وإسفناده ضعيفف " ؟ ! أو نقله مفن " الترغيفب " ( ‪ ، ) 217 / 1‬وقفد‬
‫صدره بقوله ‪ " :‬روي " ‪ ،‬مشعرا بضعفه كما نص عليه ف القدمة ‪ ،‬وف‬
‫إسناد البزار والطبان متهم بالوضع ‪ ،‬وضعفه البزار نفسه عقب الديث‬
‫‪ .‬لكن وجدت له متابعا وطريقا أخرى ‪ ،‬ل يتقوى الديث با لوهائها ‪،‬‬
‫وقد بينت ذلك ف " الضعيفة " ( ‪ . ) 5284‬قوله ‪ ) 2 ( " :‬ورري عن‬
‫أ نس ر ضي ال ع نه يرف عه إل ال نب ( ص ) ‪ ،‬قال ‪ :‬صلة ف م سجدي‬
‫تعدل بعشرة آلت صفلة ‪ . . .‬وأكثفر مفن ذلك كله الركعتان يصفليهما‬
‫العبد ف جوف الليل ‪ .‬رواه أبو الشيخ ابن حيان ف " كتاب الثواب " ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪269‬‬

‫و سكت عل يه النذري ف ( الترغ يب والتره يب ) " ‪ .‬قلت ‪ :‬كل ‪ ،‬بل‬


‫ضع فه بت صديره إياه بقوله ‪ " :‬روي " ‪ ،‬ك ما قد نص عل يه ف القد مة ‪،‬‬
‫ونقلت كلمه ف ذلك ف " القدمة " ‪ ،‬فراجعه ‪ .‬وف الديث نفسه ما‬
‫يدل على ضعفه ‪ ،‬فإن فيه أن الصلة ف مسجده ( ص ) بعشرة آلف ‪،‬‬
‫والثابت ف الحاديث الصحيحة أنا بألف صلة ‪ .‬ولذلك فالديث منكر‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 248‬قوله ‪ ) 3 ( " :‬و عن إياس بن معاو ية الز ن ر ضي ال‬
‫عنه أن رسول ال ( ص ) قال ‪ " :‬ل بد من صلة بليل ولو حلب شاة ‪،‬‬
‫وما كان بعد صلة العشاء فهو من الليل " ‪ .‬رواه الطبان ‪ ،‬ورواته ثقات‬
‫إل ممفد بفن إسفحاق " ‪ .‬قلت ‪ :‬نقله الؤلف مفن " الترغيفب " ‪ ،‬وفف‬
‫كلمه إشارة إل إعلل الديث ‪ ،‬لن ابن إسحاق مدلس ‪ ،‬فالظاهر أنه‬
‫قد عنع نه ‪ ،‬فإن كان صرح بالتحد يث فل يس ‪ ،‬بعلة ‪ .‬ل كن ف الدي ث‬
‫علة أخرى ‪ ،‬وهي الرسال ‪ ،‬فإن إياس بن معاوية ليس صحابيا ‪ ،‬بل هو‬
‫مفن صفغار التابعيف ‪ ،‬توفف سفنة ( ‪ 122‬س ) ‪ ،‬فالديفث ضعيفف بذا‬
‫اللفظ ‪ ،‬وهو بظاهره يفيد وجوب ما قل من صلة الليل ! ويغن عنه ف‬
‫الض عليها حديث ابن عباس الذي يتلوه ف الكتاب ‪ ،‬فقد قواه النذري‬
‫واليث مي ‪ .‬ث تأكدت م ا ا ستظهرته ح ي رأ يت الد يث ف " مع جم‬
‫ال طبان ال كبي " ( ‪ ) 787 / 271 / 1‬من طر يق م مد بن إ سحاق‬
‫معنعنا ‪ .‬وال ول التوفيق ‪ .‬وقد طبع هذا الجلد بمة وتقيق الخ الشيخ‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪270‬‬

‫حدي السلفي ‪ ،‬جزاه ال سبحانه وتعال خيا ‪ .‬وأما حديثه الخر رقم (‬
‫‪ ) 5‬فقد ضعفاه ‪ .‬وقد رواه أحد أيضا ف " الزهد " ( ص ‪ ، ) 16‬بسند‬
‫ضعيفف ‪ ،‬كمفا بينتفه فف " الضعيففة " ( ‪ ، ) 3912‬وخرجفت لسفه‬
‫حديفث ابفن عباس القوي مفن روايفة أبف يعلى ‪ / .‬صففحة ‪ / 249‬قوله‬
‫ت ت ر قم ‪ " : - 5‬والف ضل الواظ بة على إحدى عشرة رك عة أو ثلث‬
‫عشرة ركعة ‪ ،‬وهو مي بي أن يصلها ‪ ،‬وبي أن يقطعها ‪ ،‬قالت عائشة‬
‫رضي ال عنها ‪ :‬ما كان رسول ال ( ص ) يزيد ف رمضان ول ف غيه‬
‫على إحدى عشرة ركعة ‪ ،‬يصلي أربعأ فل تسأل عن حسنهن وطولن ‪.‬‬
‫‪ . .‬رواه البخاري ومسلم ‪ .‬ورويا أيضا عن القاسم بن ممد قال ‪ :‬سعت‬
‫عائ شة رضي ال عنها تقول ‪ :‬كانت صلة رسول ال ( ص ) من الليل‬
‫عشر ركعات ويوتر بسجدة " ‪ .‬قلت ‪ :‬وتام حديث القاسم عنها عندها‬
‫‪ " :‬ويركفع ركعتف الفجفر ‪ ،‬فتلك ثلث عشرة ركعفة " ‪ .‬فيؤخفذ على‬
‫الؤلف أمور ‪ :‬الول ‪ :‬أ نه خ ي ب ي الو صل والف صل ‪ ،‬و هو يف يد أن ل‬
‫تفا ضل ب ي المر ين ‪ ،‬مع أ نه ف ضل في ما سبق الف صل على الو صل ف‬
‫ال صلة النهار ية بدل يل ‪ " :‬صلة الل يل والنهار مث ن مث ن " ‪ ،‬فهذا يلز مه‬
‫نفس التفضيل ‪ ،‬فتأمل ‪ .‬مع أن ذكر النهار ف الديث شاذ ‪ ،‬لول الطرق‬
‫والشواهد الت سبق بيانا ‪ .‬الثان ‪ :‬أنه ل يذكر الدليل على الثلث عشرة‬
‫رك عة ‪ ،‬و هو من حديث عائ شة أي ضا قالت ‪ " :‬كان ر سول ال ( ص )‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪271‬‬

‫يصلي بالليل ثلث عشرة ركعة ‪ ،‬ث يصلي إذا سع النداء بالصبح ركعتي‬
‫خفيفت ي " ‪ .‬رواه البخاري ( ‪ 35 / 3‬بشرح الف تح ) ‪ ،‬من طر يق مالك‬
‫عن هشام بن عروة عن أبيه عنها ‪ .‬وكذلك أخرجه أحد ( ‪) 178 / 6‬‬
‫‪ .‬و ف روا ية له ( ‪ " : ) 230 / 6‬ويو تر من ذلك ب مس ل يلس ف‬
‫شئ من ها إل ف آخر ها " ‪ .‬وإ سنادها على شرط الشيخ ي ‪ / .‬صفحة‬
‫‪ / 250‬لك ن أرى أن قوله ‪ " :‬ثلث عشرة " خ طأ من هشام ‪ ،‬ل نه قد‬
‫خالففه الزهري عنفد مالك ( ‪ ، ) 141 / 1‬ومفن طريقفه مسفلم ( ‪/ 2‬‬
‫‪ ، ) 165‬وأبفو عوانفة ( ‪ ، ) 326 / 2‬فقال ‪ :‬عفن عروة ‪ " . .‬إحدى‬
‫عشرة " ‪ .‬وكذلك أخر جه البخاري ( ‪ ، ) 6 / 3‬وم سلم ‪ ،‬وأ بو عوا نة‬
‫من طرق أخرى عن الزهري به ‪ .‬و قد تاب عه عمران بن ما لك ‪ ،‬ويأ ت‬
‫لفظه ‪ ،‬وممد بن جعفر بن الزبي عن عروة به ‪ .‬بل هو رواية عن هشام‬
‫نفسه ‪ ،‬فقال ممد بن إسحاق ‪ :‬حدثن هشام ابن عروة بن الزبي وممد‬
‫بن جعفر بن الزبي ‪ ،‬ثلها حدثن عن عروة بن الزبي عن عاثشة زوج‬
‫النفب ( ص ) قالت ‪ " :‬كان رسفول ال ( ص ) يصفلي مفن الليفل ثلث‬
‫عشرة ركعة ‪ ،‬بركعتي بعد الفجر ‪ ،‬قبل الصبح إحدى عشرة ركعة ‪ ،‬من‬
‫الليل ست مثن مثن ‪ ،‬ويوتر بمس ل يقعد فيهن " ‪ .‬أخرجه أحد ( ‪/ 6‬‬
‫‪ ، ) 276‬وسنده جيد ‪ .‬فهذه الرواية تدل على أن هشاما كان يضطرب‬
‫ف رواية س الديث ‪ ،‬فتارة يعل ركعت سنة الفجر زيادة على " الثلث‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪272‬‬

‫عشرة " ‪ ،‬وتارة يعلهما منها ‪ ،‬وهذا هو الصواب ‪ ،‬لمرين ‪ :‬الول ‪ :‬أنه‬
‫مواففق لروايفة الثقات الخريفن عفن عروة ‪ .‬الثانف ‪ :‬أنفه مواففق للطرق‬
‫الخرى عن عائ شة ‪ ،‬م ثل روا ية القا سم عن ها ‪ ،‬فإن ا صرية بأن ا ثلث‬
‫عشرة بركعت الفجر ‪ .‬وقد تقدمت ‪ .‬ومثلها رواية أب سلمة عنها بلفظ ‪:‬‬
‫" كانت صلته ف شهر رمضان وغيه ثلث عشرة ركعة ‪ ،‬منها ركعتا‬
‫الف جر " ‪ .‬أخر جه م سلم ( ‪ . ) 167 / 2‬ونوه روا ية عمران عن عروة‬
‫بلففظ ‪ " :‬كان يصفلي ثلث عشرة ركعفة بركعتف الفجفر " ‪ / .‬صففحة‬
‫‪ / 251‬أخر جه م سلم ( ‪ ، ) 166 / 2‬وأح د ( ‪ . ) 222 / 6‬ن عم ‪،‬‬
‫قد يعارض هذا ما روى ع بد ال بن أ ب ق يس قال ‪ :‬سألت عائ شة ب كم‬
‫كان ر سول ال ( ص ) يو تر ؟ قالت ‪ :‬بأر بع وثلث ‪ ،‬و ست وثلث ‪،‬‬
‫وثان وثلث ‪ ،‬وعشفر وثلث ‪ ،‬ول يكفن يوتفر بأكثفر مفن ثلث عشرة‬
‫ركعة ‪ ،‬ول أنقص من سبع " ‪ .‬أخرجه أحد ( ‪ ، ) 149 / 6‬وأبو داود‬
‫( ‪ ، ) 214 / 1‬وسنده صحيح كما قال العراقي ف " تريج الحياء " ‪.‬‬
‫وجع بي هذه الرواية والروايات التقدمة عنها بأنا أخبت فيها عن حالته‬
‫( ص ) العتادة الغالبفة ‪ ،‬و ف هذه الروايفة أ خبت عن زيادة وقعفت ف‬
‫ب عض الوقات ‪ ،‬أو ض مت في ها ‪ ،‬ما كان يفت تح به صلته من ركعت ي‬
‫خفيفت ي ق بل الحدى عشرة ‪ .‬قلت ‪ :‬ويؤ يد هذا حد يث ز يد بن خالد‬
‫الهن قال ‪ :‬لرمقن صلة رسول ال ( ص ) الليلة ‪ ،‬فتوسدت عتبته أو‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪273‬‬

‫فسطاطه ‪ ،‬فصلى رسول ال ( ص ) ركعتي خفيفتي ‪ ،‬ث صلى ركعتي‬


‫طويلتي طويلتي طويلتي ‪ ،‬ث صلى ركعتي وها دون اللتي قبلهما ‪ ،‬ث‬
‫صلى ركعتي دون اللتي قبلهما ‪ ،‬ث صلى ركعتي دون اللتي قبلهما ( ث‬
‫صلى ركعتي دون اللتي قبلهما ) ‪ ،‬ث أوتر ‪ ،‬فذلك ثلث عشرة ركعة ‪.‬‬
‫أخرجه مسلم وأبو عوانة ف " صحيحيهما " ‪ ،‬وابن نصر ف " قيام الليل‬
‫" ( ص ‪ ، ) 48‬و ما ب ي القو سي ساقط من أ ب عوا نة ‪ ،‬وال سياق له ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ويتمل أن تكون الضميمة ركعت سنة العشاء البعدية أحيانا ‪ ،‬فإن‬
‫ل أذكر حديثا صريا ذكر فيه صلته عليه السلم للعشاء ‪ ،‬ث سنتها ‪ ،‬ث‬
‫الوتر بإحدى عثرة ركعة بله ثلث عشرة ركعة ‪ ،‬بل وقفت على ما يؤيد‬
‫هذا الحتمال ‪ ،‬وهو ما روى شرحبيل بن سعد أنه سع جابر بن عبد ال‬
‫يدث قال ‪ :‬أقبلنفا مفع رسفول ال ( ص ) مفن الديبيفة ‪ ،‬حتف إذا كنفا‬
‫بالسقيا قام رسول ال ( ص ) وجابر إل جنبه ‪ / ،‬صفحة ‪ / 252‬فصلى‬
‫العت مة ‪ ،‬ث صلى ثلث عشرة سجدة ‪ .‬رواه ا بن ن صر ورجاله ثقات إل‬
‫أن شرحبيفل بفن سفعد كان اختلط بآخره ‪ .‬وال أعلم ‪ .‬ومفن ( قيام‬
‫رمضان ) قوله فف عدد ركعاتفه ‪ " :‬وصفح أن الناس كانوا يصفلون على‬
‫عهفد عمفر وعثمان وعلي عشريفن ركعفة " ‪ .‬قلت ‪ :‬أمفا عفن عثمان فل‬
‫أعلم أحدا روى ذلك ع نه ‪ ،‬ولو ب سند ضع يف ‪ .‬وأ ما ع مر وعلي ‪ ،‬ف قد‬
‫روي ذلك عنهمفا بأسفانيد كلهفا معلولة ‪ ،‬كمفا فصفلت القول فف ذلك‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪274‬‬

‫تفصيل ل أعلم أن سبقت إليه ف كتاب " صلة التراويح " ‪ ،‬وبينت فيه‬
‫أن الروايات الواردة ف ذلك ير من النوع الذي ل يقوي بع ضه بع ضا ‪،‬‬
‫وأ نه لو صح شئ من ها فإن ا كان ذلك لعلة و قد زالت ‪ ،‬ل نه ل ي بق ف‬
‫الئمة من يطيل ف القراءة تلك الت كان عليها السلف حت يعدلوا عنها‬
‫إل تقصفي القراءة وتكثيف الركعات بدل التطويفل ‪ ،‬وأنفه ل إجاع على‬
‫العشر ين ‪ ،‬وأن الذي صح عن ع مر ر ضي ال ع نه بأ صح إ سناد مطا بق‬
‫لسنته ( ص ) الت روتا عائشة ف حديثها الذكور ف الكتاب ‪ ،‬فقد روى‬
‫مالك ف " الوطإ " عن السائب بن يزيد رضي ال عنه قال ‪ " :‬أمر عمر‬
‫بن الطاب أ ب بن ك عب وتي ما الداري أن يقو ما للناس بإحدى عشرة‬
‫ركعة ‪ ،‬قال ‪ :‬وكان القارئ يقرأ بالئي حت كنا نعتمد على العصي من‬
‫طول القيام ‪ ،‬ومفا كنفا ننصفرف إل فف بزوغ الفجفر " ‪ .‬وأثبفت فيفه أن‬
‫التزا مه ( ص ) بإحدى عشرة رك عة طيلة حيا ته البار كة دل يل قا طع على‬
‫أن الصلة ف الليل ليس نفل مطلقا كما يدعي الكثيون ‪ ،‬وأنه ل فرق‬
‫بي صلة الليل من حيث اثبات كونا صلة مقيدة وبي السنن الرواتب‬
‫و صلة الك سوف ‪ /‬صفحة ‪ / 253‬ونو ها ‪ ،‬فإن هذه إن ا ث بت كون ا‬
‫صلة مقيدة بلزم ته ( ص ) ل ا ‪ ،‬ول يس بنه يه عن الزيادة علي ها ‪ ،‬وأن‬
‫التمسك بالحاديث الطلقة أو العامة ف الض على الكثار من الصلة ل‬
‫يوز الزيادة على العدد الذي ل ير عليه عمله ( ص ) ‪ ،‬كما حققته ف "‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪275‬‬

‫صلة التراويح " ‪ ،‬ف بث هام ‪ ،‬دعمته ببعض النقول عن بعض الئمة‬
‫الفحول ‪ ،‬مؤداها أنه ل يوز التمسك بالطلقات الت جاءت مقيدة بعمله‬
‫( ص ) ‪ ،‬وقلت هناك ‪ " :‬وما مثل من يفعل ذلك إل كمن يصلي صلة‬
‫يالف با صلة النب ( ص ) ‪ . . .‬كما وكيفا ‪ ،‬متجا بتلك الطلقات ‪،‬‬
‫كمن يصلي مثل سنة الظهر خسا ( ‪ ، ) 1‬وسنة الفجر أربعا ‪ ،‬وكمن‬
‫يصلى بركوعي وسجدات ! ! وفساد هذا ل يفى على عاقل " ‪ .‬ونقلت‬
‫ق بل هذا الكلم عن الفق يه اليت مى أ نه ل يوز الزيادة والن قص ف الو تر‬
‫وسنة الظهر ‪ ،‬فراجع هذا وما لصته لك ف الكتاب الذكور ‪ ،‬فإنه مهم‬
‫جدا ‪ .‬وبذه الناسبة أقول ‪ :‬لقد ألف الشيخ إساعيل النصاري رسالة ف‬
‫الرد على الكتاب الشار إليه ‪ ،‬ل يكن فيها مع السف عند حسن الظن‬
‫به إنصافا وعلما ‪ ،‬فإنه مع تكلفه ف الرد ‪ ،‬واحتجاجه با يعلم هو أنه غي‬
‫ثابت ‪ ،‬ومكابرته ف رد الدلة الكثية الت احتججت با ف عدم الزيادة‬
‫على الحدى عشرة رك عة ‪ ،‬ول يتعرض ل ا بواب مطل قا ‪ ،‬ت سليكا م نه‬
‫لواقع الناس ف صلة إلتراويح ‪ ،‬وإرضاء منه للجمهور وغيهم ! فإنه زاد‬
‫على ذلك أنه افترى علي ما ل أقل ‪ ،‬تاما كما يفعل أهل الهواء والبدع‬
‫* ( هامش ) * ( ‪ ) 1‬سقطت من الطابع لفظة ‪ " :‬سنة " ‪ ،‬ففسره بعض‬
‫الغرض ي بأن الق صود فرض الظ هر ‪ ،‬وب ن عل يه ما أو حى إل يه هواه من‬
‫التهويل والتشهي ‪ ،‬و عطف سنة الفجر يؤكد السقط ‪ ،‬ول سيما وسنة‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪276‬‬

‫الظ هر قد ذكرت ق بل ذلك في ما نقل ته عن اليت مي ك ما ذكرت أعله ‪.‬‬


‫( * ) ‪ /‬صففحة ‪ / 254‬مفع أهفل السفنة ! فل بأس مفن ذكرهفا تنبيهفا‬
‫ف أنكرت الزيادة الذكورة تقليدا‬‫فر ( ص ‪ ) 5‬أننف‬ ‫وتذيرا ‪ :‬أول ‪ :‬ذكف‬
‫للمباركفوري ‪ ،‬وهذه الفرية يغن حكايتها عن تكلف الرد عليها وإبطالا‬
‫‪ ،‬لن القراء جي عا من الوافق ي والخالف ي وال حبي والبغض ي يعلمون‬
‫جي عا أن ن ل أقلد أحدا ف منه جي العل مي ‪ ،‬بل هو ال سبب ف ثوران‬
‫بعض الناس علي ‪ ،‬وفيهم بعض أهل العلم مع السف حسدا وبغيا ‪ .‬ثانيا‬
‫‪ :‬نسفب إل ( ص ‪ ) 15‬أننف ضعففت يزيفد بفن خصفيفة راوي عدد‬
‫العشرين عن عمر ‪ ،‬وبناء عليه سود عدة صفحات من رسالته ليثبت ل‬
‫‪ -‬زعم ‪ -‬بأقوال الئمة أنه ثقة ! وهو يعلم أنن غي مالف لم ف ذلك ‪،‬‬
‫فقد قلت ف كتاب الذكور ف صدد بيان وجوه ضعف العدد الذي رواه‬
‫عن ا بن ع مر ‪ " :‬الول ‪ :‬أن ا بن خ صيفة ‪ ،‬وإن كان ث قة ف قد قال ف يه‬
‫المام أحد ف رواية عنه ‪ :‬منكر الديث ‪ . " . . .‬ث أكدت كونه ثقة‬
‫عندي ف تام كل مي الشار إل يه ‪ ،‬فل دا عي لنقله ‪ ،‬ف من شاء ر جع إل يه‬
‫ليتأ كد من افتراء الش يخ علي ‪ .‬ثال ثا ‪ :‬ن سب إل أي ضا ( ص ‪ ) 22‬أن ن‬
‫احتججت برواية عيسى بن جارية عن جابر مثل حديث عائشة ف عدد‬
‫ركعات التراويفح ‪ ،‬والواقفع فف كتابف يكذبفه ‪ ،‬فإنف قلت فيفه بالرف‬
‫الوا حد ‪ " :‬و سنده ح سن ب ا قبله " ! ول قد حاولت ف نف سي أن أبرئ‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪277‬‬

‫الشيخ من هذه الفرية بأنه ل يفهم قيد " با قبله " ‪ ،‬ولكن استعظمت أن‬
‫اجزم بذلك ‪ ،‬خش ية أن أ قع أ نا في ما و قع هو ف يه ! ‪ /‬صفحة ‪/ 255‬‬
‫فاع تبوا يا أول الب صار ! راب عا ‪ :‬ن سبن أي ضا ( ص ‪ ) 41‬إل ته يل‬
‫ال سلف ال صال ! وهذا ف الوا قع أع ظم فريا ته علي ‪ ،‬لن سابقاتا تتعلق‬
‫بعلمي ‪ ،‬ومن المكن أن أخطئ ف بعض جوانبه ‪ ،‬ويكون هو مصيبا فيما‬
‫ن سب إل ‪ ،‬وإن ك نت أث بت ذ به ف يه ‪ ،‬وأ ما هذه الفر ية فتتعلق بعقيد ت‬
‫ودينف وفهمفي إياه على منهفج السفلف الصفال ‪ ،‬فأنفا ‪ -‬والمفد ل ‪-‬‬
‫معروف بي الناس جيعا أنن سلفي ‪ ،‬أدعو إل اتباع السلف الصال لسانا‬
‫وقلما ‪ ،‬ومن ذلك قول ف هذا الكتاب ‪ " :‬صلة التراويح " ‪ " :‬لو ثبتت‬
‫الزيادة على الحدى عشرة ركعة عن أحد اللفاء الراشدين أو غيهم من‬
‫فقهاء ال صحابة ل ا و سعنا إل القول بواز ها ‪ ،‬لعلم نا بفضل هم وفقه هم‬
‫وبعدهم عن البتداع ف الدين ‪ . " . . .‬فإذا ل تثبت الزي ادة با عنهم‬
‫عندي ‪ ،‬فتمسكت فقط با ثبت عن نب ( ص ) ‪ ،‬أفيكون جزائي أن أتم‬
‫بتجه يل ال سلف ؟ ! تال إن ا لحدى ال كب ‪ :‬وال تعال هو ال ستعان ‪.‬‬
‫( فائدة ) ‪ :‬قال المام ابن خزية ف " صحيحه " ( ‪ ) 194 / 2‬بعد أن‬
‫ذكر الحاديث الصحيحة ف عدد ركعاته ( ص ) ف الليل من تسع إل ‪،‬‬
‫ثلث عشرة ركعفة ‪ " :‬وهذا الختلف مفن جنفس الباح ‪ ،‬فجائز للمرء‬
‫أن يصلي أي عدد أحب من الصلة ما روي عن النب ( ص ) أنه صلهن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪278‬‬

‫‪ ،‬وعلى الصفة الت رويت عن النب " صلى ال عليه وآله " أنه صلها ل‬
‫حظر على أحد ف شئ منها " ‪ .‬فقوله ‪ " :‬ما روي عن النب ( ص ) ‪. .‬‬
‫‪ " .‬واضح أنه ل ييز الزيادة الت ل ترو ‪ /‬صفحة ‪ / 256‬عن النب ( ص‬
‫) ‪ ،‬وما يؤيد ذلك من صنيعه أنه ف أبواب قيام رمضان ‪ ،‬قال ف أحدها‬
‫( ‪ " : ) 341 / 3‬باب ذكر عدد صلة النب ( ص ) بالليل ف رمضان ‪،‬‬
‫والدل يل على أ نه ل ي كن يز يد ف رمضان على عدد الركعات ال ت كان‬
‫ي صليها ف غ ي رمضان " ‪ .‬ث ساق حد يث عائ شة بلفظ ي أحده ا ‪" :‬‬
‫كا نت صلته ثلث عشرة رك عة من ها ركع تا الف جر " ‪ .‬و من ( صلة‬
‫الضحى ) قوله بعد أن ذكر ف فضلها حديث ‪ " :‬قال ال عزوجل ‪ :‬ابن‬
‫آدم ‪ ،‬ل تعجزن عن أربع ركعات ف أول النهار أكفك آخره " ‪ " :‬رواه‬
‫أحد والترمذي وأبو داود والنسائي عن نعيم الغطفان بسند جيد ‪ ،‬ولفظ‬
‫الترمذي عفن رسفول ال ( ص ) ‪ . " . . . .‬قلت ‪ :‬هذا يوهفم أن جيفع‬
‫الذكور ين رووه عن نع يم ‪ ،‬ول يس كذلك ‪ ،‬وإن ا رواه ع نه من هم أح د‬
‫وأبفو داود ‪ ،‬وإسفناده صفحيح على شرط مسفلم كمفا فف " الرواء " (‬
‫‪ ، ) 462‬وصححه ابن حبان ( ‪ . ) 634‬وأما الترمذي فأخرجه باللفظ‬
‫الذي ذكره الؤلف مفن حديفث أبف الدرداء وأبف ذر ‪ ،‬وإسفناده حسفن‬
‫صحيح ‪ ،‬و هو مرج ف " الرواء " ( ‪ . ) 465‬وأ ما الن سائي فلم يرج‬
‫الد يث ف " سننه ال صغرى " الطبو عة ‪ ،‬فإذا كان العزو إل يه صحيحا ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪279‬‬

‫فلعله رواه ف " سننه الكبى " أو ف " عمل اليوم والليلة " ‪ ،‬ث تبي أنه‬
‫ليس فيه بعد أن طبع ‪ ،‬فلم يبق إل أنه ف الكبى ‪ ،‬وقد عزاه ( إليه الزي‬
‫ف " ت فة الشراف " ( ‪ / . ) 34 / 9‬صفحة ‪ / 257‬ف تبي أن الؤلف‬
‫اختصر تريج الديث اختصارا مل فأوهم أن له طريقا واحدا ‪ ،‬بينما له‬
‫أك ثر ‪ ،‬ويك ثر من هذا النوع من الخت صار ال خل مؤلف كتاب " التاج‬
‫الامع للصول " ‪ ،‬والمثلة عندي على ذلك كثية جدا ‪ ،‬وهذا الديث‬
‫منهفا ‪ ،‬حتف لكاد أقول ‪ :‬إن الؤلف نقفل تريهف منفه ‪ .‬قوله ‪) 4 ( " :‬‬
‫وعفن عبفد ال بفن عمرو قال ‪ :‬بعفث رسفول ال ( ص ) سفرية ‪ ،‬فغنموا‬
‫وأسرعوا الرج عة ‪ . . .‬فقال ر سول ال ( ص ) ‪ . . . " :‬من تو ضأ ‪ ،‬ث‬
‫غدا إل ال سجد ب سمته ال ضي ف هو أقرب منى ‪ ،‬وأك ثر غني مة وأو شك‬
‫رجعة " ‪ .‬رواه أحد والطبان ‪ ،‬وروى أبو يعلى نوه " ‪ .‬قلت ‪ :‬ف هذا‬
‫التخريج من الختصار الخل نو ما ذكرته آنفا ‪ ،‬فإن أبا يعلى إنا رواه‬
‫من حد يث أ ب هريرة ر ضي ال ع نه ‪ ،‬و هو أخر جه عن شي خه ا بن أ ب‬
‫شي بة ‪ ،‬وهذا رواه ف " ال صنف " ‪ ،‬و سنده صحيح على شرط م سلم ‪،‬‬
‫فكان من الواجب أن يضاف عقب قوله ‪ :‬نوه ‪ " :‬من حديث أب هريرة‬
‫" ‪ .‬وهو مرج ف " التعليق الرغيب " ( ‪ ، ) 235 / 1‬وان ظر " صحيح‬
‫الترغيب " ( رقم ‪ 663‬و ‪ . ) 664‬قوله ‪ ) 6 ( " :‬وعن أنس رضي ال‬
‫ع نه قال ‪ :‬رأ يت ر سول ال ( ص ) ف سفر صلى سبحة الض حى ثا ن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪280‬‬

‫ركعات ‪ ،‬فلما انصرف قال ‪ " :‬إن صليت صلة رغبة ورهبة ‪. " . . .‬‬
‫رواه أحد والنسائي والاكم وابن خزية وصححاه " ‪ .‬قلت ‪ :‬فيه شيئان‬
‫‪ :‬الول ‪ :‬أن الديث ليس ف " سنن النسائي الصغرى " ‪ ،‬وهي القصودة‬
‫عنفد إطلق العزو للنسفائي ‪ ،‬فكان الواجفب تقييفد العزو إليفه ب‍ " السفنن‬
‫ال كبى " ‪ ،‬فإ نه أخر جه ف يه ك ما ف " تعج يل النف عة " للحا فظ أ بن‬
‫حجر ‪ ،‬وليس له وجود ف النسخة الطبوعة ف الغرب من " عمل اليوم‬
‫والليلة " له ‪ / .‬صفحة ‪ / 258‬الثان ‪ :‬أن إسناده ل يصح ‪ ،‬وإن صححه‬
‫من ذكرها الؤلف ‪ ،‬لن فيه الضحاك بن عبد ال القرشي ‪ ،‬وهو ف عداد‬
‫الجهول ي ك ما يبدو ل ن را جع ترج ته ف " التعج يل " ‪ ،‬فلينظر ها من‬
‫شاء ‪ ،‬لكن الديث صحيح لشواهده دون الركعات ‪ ،‬فانظر " الصحيحة‬
‫" ( ‪ . ) 1724‬قوله ف حكمها ‪ " :‬فعن أب سعيد الدري قال ‪ :‬كان (‬
‫ص ) يصفلى الضحفى حتف نقول ‪ :‬ل يدعهفا ‪ ،‬ويدعهفا حتف نقول ‪ :‬ل‬
‫يصليها ‪ .‬رواه الترمذي وحسنه " ‪ .‬قلت ‪ :‬لكن ن سنده عطية العوف ‪،‬‬
‫وهو ضعيف لكثرة خطئه وتدليسه ‪ ،‬وهو خرج ف " الرواء " ( ‪) 460‬‬
‫‪ .‬قوله ف عدد ركعات ا ‪ " :‬و عن أم ها نئ أن ال نب ( ص ) صلى سبحة‬
‫الض حى ثا ن ركعات ي سلم من كل ركعت ي " ‪ .‬رواه أ بو داود بإ سناد‬
‫صحيح " ‪ .‬قلت ‪ :‬كذا قال النووي ف " الجموع " ( ‪ ) 39 / 3‬وزاد ‪:‬‬
‫" على شرط البخاري " ! وتبعفه على هذا الاففظ ابفن حجفر فف "‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪281‬‬

‫التلخ يص " ‪ ،‬و هو من أوهامه ما ‪ ،‬فإن ف ا سناده عياض بن ع بد ال ‪،‬‬


‫وهو الفهري الدن نزيل مصر ‪ ،‬قال الافظ نفسه ف " التقريب " ‪ " :‬فيه‬
‫ل ي " ‪ .‬ور مز له أ نه من رجال م سلم دون البخاري ! وكذلك ر مز له‬
‫الذهفب فف " الكاشفف " ‪ ،‬وأشار إل ضعففه بقوله ‪ " :‬وثفق ‪ .‬وقال أبفو‬
‫حاتف ‪ :‬ليفس بالقوي " ‪ .‬وكذا قال فف كتابفه " الضعفاء " ‪ / .‬صففحة‬
‫‪ / 259‬و من طري قه أخر جه ا بن خزي ة أي ضا ( ‪ ، ) 1234‬وإل يه عزاه‬
‫الافظ ف " الفتح " ( ‪ ، ) 53 / 3‬وسكت عنه ‪ ،‬ولكنه دعمه بقوله ‪" :‬‬
‫وف الطبان من حديث ابن أب أوف أنه صلى الضحى ركعتي ‪ ،‬فسألته‬
‫امرأ ته ؟ فقال ‪ :‬إن ال نب ( ص ) صلى يوم الف تح ركعت ي ‪ .‬و هو ممول‬
‫على أنه رأى من صلة النب ( ص ) ركعتي ‪ ،‬ورأت أم هانئ بقية الثمان‬
‫‪ ،‬وهذا يقوي أ نه صلها مف صولة ‪ .‬وال أعلم " ‪ .‬قلت ‪ :‬ل كن ف إ سناد‬
‫الطبان إلشعثاء ‪ ،‬قال اليثمي ( ‪ " : ) 238 / 2‬ول أجد من وثقها ول‬
‫جرح ها " ‪ .‬قلت ‪ :‬هي مهولة ‪ .‬و قد أشار إل ذلك الذ هب بقوله ف "‬
‫اليزان " ‪ " :‬تفرد عنها سلمة بن رجاء " ‪ .‬وصرح بذلك الافظ نفسه ‪،‬‬
‫فقال ف " التقر يب " ‪ " :‬ل تعرف " ‪ .‬فدع مه بديث ها لد يث أم ها نئ‬
‫واه ‪ .‬و من طريق ها أخر جه البزار أي ضا ( ‪ - 748 / 357 / 1‬ك شف‬
‫ال ستار ) ‪ / .‬صفحة ‪ / 260‬و من ( صلة الت سبيح ) قال ب عد أن ساق‬
‫حديثها ‪ " :‬قال الافظ ‪ :‬وقد روي هذا الديث من طرق كثية ‪ ،‬وعن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪282‬‬

‫جاعة من الصحابة ‪ . . .‬إل قوله ‪ :‬وشيخنا الافظ أبو السن القدسي‬


‫رح هم ال " ‪ .‬قلت ‪ :‬ال صطلح عل يه ع ند العلماء أ نه إذا أطلق " الا فظ‬
‫" ‪ ،‬فإنا الراد به أحد بن حجر العسقلن رحه ال ‪ ،‬وعليه جرى الؤلف‬
‫ف غ ي ما مو ضع ‪ ،‬وليس هو الراد به هه نا ‪ ،‬بل الا فظ النذري ‪ ،‬فإن‬
‫الكلم الذكور هو كل مه ف " الترغ يب " ( ‪ ، ) 238 / 1‬فكان على‬
‫الؤلف أن يقيده به دفعا لليهام ‪ ،‬و سيأت له مال فة أخرى من هذا النوع‬
‫ف أول " الزكاة " ( ص ‪ . ) 357‬ومن ( صلة الاجة ) قوله ‪ " :‬روى‬
‫أحد بسند صحيح عن أب الدرداء أن النب ( ص ) قال ‪ :‬من توضأ فأسبغ‬
‫الوضؤء ‪ ،‬ث صلى ركعتي يتممهما أعطاه ال ما سأل معجل أو مؤخرا "‬
‫‪ .‬قلت ‪ :‬أن له الصحة وف سنده رجل مهول ؟ ! فإنه ف " السند " ( ‪6‬‬
‫‪ ) 443 - 442 /‬من طريق ميمون أب ممد الرائى الميمي ‪ ،‬قال ابن‬
‫معيف ‪ " :‬ل أعرففه " ‪ .‬قال ابفن عدي ‪ " :‬فعلى هذا يكون مهول " ‪.‬‬
‫ولذلك قال الذهب ‪ " :‬ليعرف " ‪ / .‬صفحة ‪ / 261‬وراجع إن شئت "‬
‫اليزان " و " اللسان " و " ممع الزوائد " ( ‪ . ) 278 / 2‬ومن ( صلة‬
‫الكسوف ) قوله ‪ " :‬اتفق العلماء على أن صلة الكسوف سنة مؤكدة ف‬
‫حفق الرجال " والنسفاء " ‪ .‬قلت ‪ :‬فيفه أمران ‪ :‬الول ‪ :‬دعوى التفاق‬
‫منقو ضة ‪ ،‬ف قد قال أ بو عوا نة ف " صحيحه " ( ‪ " : ) 398 / 2‬بيان‬
‫وجوب صلة الكسوف " ‪ .‬ث ساق بعض الحاديث الصحيحة ف المر‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪283‬‬

‫باف كقوله ( ص ) ‪ " :‬فإذا رأيتموهفا فصفلوا " ‪ .‬وهفو ظاهفر صفنيع ابفن‬
‫خزيةف فف " صفحيحه " ‪ ،‬فإنفه قال فيفه ( ‪ " : ) 308 / 2‬باب المفر‬
‫بالصفلة عنفد كسفوف الشمفس والقمفر ‪ . " . . .‬وذكفر أيضفا بعفض‬
‫الحاديث ف المر با ‪ ،‬ومن العلوم من أسلوب ابن خزية ف " صحيحه‬
‫" أنه حي يكون المر عنده لغي الوجوب ‪ ،‬يبي ذلك ف أبواب كتابه ‪،‬‬
‫فالسألة فيها خلف ‪ ،‬ولذلك قال الافظ ف " الفتح " ( ‪: ) 527 / 2‬‬
‫" فالمهور على أن ا سنة مؤكدة ‪ ،‬و صرح أ بو عوا نة ف " صحيحه "‬
‫بوجوبا ‪ ،‬ول أره لغيه ‪ ،‬إل ما حكي عن ما أنه أجراها مرى المعة ‪،‬‬
‫ونقل الزين بن الني عن أب حنيفة أنه أوجبها ‪ ،‬وكذا نقل بعض مصنفي‬
‫النفية أنا واجبة ‪ . ،‬قلت ‪ .‬وهو الرجح دليل لا يأت ‪ / :‬صفحة ‪262‬‬
‫‪ /‬وال خر ‪ :‬أن القول ال سنية ف قط ف يه إهدار للوا مر الكثية ال ت جاءت‬
‫عنه ( ص ) ف هذه الصلة دون أي صارف لا عن دللتها الصلية ‪ ،‬أل‬
‫وهفو الوجوب ‪ .‬ومال إل هذا الشوكانف فف " السفيل الرار " ( ‪/ 1‬‬
‫‪ ، ) 323‬وأقره صديق خان ف " الرو ضة الند ية " ‪ ،‬و هو ال ق إن شاء‬
‫ال تعال ‪ .‬والعجب من ابن حزم أنه ل يتعرض ف كتابه " الحلى " لبيان‬
‫حكم هذه الصلة العظيمة ‪ ،‬وإنا تكلم فقط عن كيفبة صلتا بتفصيل‬
‫بالغ ‪ ،‬ولعله جاء ف يه ب ا ل ي سبق إل يه ‪ ،‬فشغله ذلك عن بيان مذ هب ف‬
‫حكمها ‪ .‬قوله ‪ " :‬وذهب أبو حنيفة إل أن صلة الكسوف ركعتان على‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪284‬‬

‫هيئة صفلة العيفد والمعفة ‪ ،‬لديفث النعمان بفن بشيف قال ‪ :‬صفلى بنفا‬
‫ر سول ال ( ص ) ف الك سوف ن و صلتكم ‪ ،‬ير كع وي سجد ركعت ي‬
‫ركعتي ‪ ،‬ويسأل ال حت تلت الشمس ‪ .‬وف حديث قبيصة اللل أن‬
‫ال نب ( ص ) قال ‪ " :‬إذا رأي تم ذلك ف صلوها كأحدث صلة صليتموها‬
‫مفن الكتوبفة " ‪ .‬رواه أحدف والنسفائي " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا الذهفب غيف‬
‫صحيح ‪ ،‬لن الديث ليس بصحيح ‪ ،‬فإنه مضطرب كما يأت ‪ ،‬ومالف‬
‫للحاديث الصحيحة الواردة ف الباب ‪ ،‬وقد ذكر الؤلف منها اثني ‪ ،‬فل‬
‫يلتفت إل ما يعارضهما ‪ .‬وقد حققت القول ف ذلك ف كتاب " كيف‬
‫صلى رسول ال ( ص ) صلة الكسوف " ألفته منذ سني ‪ ،‬وقد جعت‬
‫فيفه جيفع أحاديفث الكسفوف التف وقففت عليهفا ‪ ،‬وتتبعفت طرقهفا‬
‫وألفاظ ها ‪ ،‬وبي نت ما ي صح من ها و ما ل ي صح ‪ ،‬ث ختم ته بأن ذكرت‬
‫خلصة ما صح منها مزوجا بعضها ببعض على نسق كتاب " صفة صلة‬
‫النب ( ص ) من التكبي إل التسليم " ‪ ،‬يسر ال ل تبييضه وطباعته ‪ .‬وقد‬
‫حققت ف جلة ما حققت فيه أن حديث النعمان وقبيصة ها حديث ‪/‬‬
‫صففحة ‪ / 263‬واحفد ‪ -‬خلففا لاف يبدو مفن سفياق الصفنف لمفا ‪-‬‬
‫اضطرب ف روايته أبو قلبة ‪ ،‬فكان تارة يقول ‪ :‬عن النعمان بن بشي ‪،‬‬
‫وتارة ‪ :‬عن قبيصة اللل ‪ ،‬وتارة ‪ :‬عن النعمان ابن بشي أو غيه ‪ ،‬وتارة‬
‫‪ :‬عن قبيصة اللل أو غيه ‪ .‬وقد اضطرب ف متنه أيضا ‪ ،‬من ذلك قوله‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪285‬‬

‫‪ " :‬ركعتي ركعتي " ‪ ،‬زاد ف رواية ‪ " :‬وشال عنها " ‪ .‬وف أخرى ‪" :‬‬
‫ويسفلم " ‪ ،‬بدل ‪ " :‬ويسفأل عنهفا " ‪ .‬انظفر " ارواء الغليفل " ( ‪/ 3‬‬
‫‪ . ) 131‬ومن القرر ف علم مصطلح الديث أن الضطراب دليل على‬
‫ضعف الديث ‪ ،‬وعدم ضبط راويه له ‪ ،‬فكيف يصلح إذن أن يعارض به‬
‫الحاد يث ال صحيحة ؟ ! قوله ‪ " :‬ويوز ال هر بالقراءة وال سرار ب ا " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬التقرر أن صفلة الكسفوف إناف صفلها رسفول ال ( ص ) مرة‬
‫واحدة ‪ ،‬وقد صح أنه جهر با كما ف البخاري ‪ ،‬ول يثبت ما يعارضه ‪،‬‬
‫ولو ث بت لكان مرجو حا ‪ ،‬فك يف إذن ي سوي الؤلف ب ي ما صح ع نه‬
‫( ص ) من ال هر ‪ ،‬و ما ل يصح عنه من ال سرار ؟ ! و قد سبق له م ثل‬
‫هذا القول فف القنوت فف النوازل ‪ ،‬فتذكره ‪ / .‬صففحة ‪ / 264‬ومفن‬
‫( صلة ال ستسقاء ) قوله ت ت ر قم ( ‪ " : ) 1‬ي هر ف الول بالفات ة‬
‫وسبح اسم ربك العلى ‪ ،‬وف الثانية بالغاشية بعد الفاتة " ‪ .‬قلت ‪ :‬أما‬
‫الهر فيها فصحيح ثابت عنه ( ص ) ف حديث عبد ال بن زيد الذكور‬
‫فف الكتاب ‪ ،‬وهفو مرج فف " الرواء " ( ‪ . ) 133 / 3‬وأمفا تعييف‬
‫السورتي الذكورتي فل يصح عنه ( ص ) ‪ ،‬لن ف سنده ممد بن عبد‬
‫العزيز بن عمر الزهري ‪ ،‬وهو ضعيف جدا ‪ .‬انظر " تلخيص الستدرك "‬
‫للذهفب ‪ ،‬و " نصفب الرايفة " للزيلعفي ‪ ،‬و " إرواء الغليفل " ( ‪/ 3‬‬
‫‪ ، ) 134‬و " الضعيففة " ( ‪ . ) 5631‬فالصفواب أن يقرأ مفا تيسفر ل‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪286‬‬

‫يلتزم سورة معينة ‪ .‬ث قوله ‪ " :‬فإذا انتهى من الطبة حول الصلون جيعا‬
‫أرديت هم ‪ . . .‬راف عي أيدي هم مبالغ ي ف ذلك " ‪ .‬قلت ‪ :‬ف هذا الكلم‬
‫مسفألتان ل يذكفر الؤلف دليلهمفا ‪ :‬الول ‪ :‬تويفل الصفلي أرديتهفم ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬رفعهم اليدي ‪ .‬والدليل على الول حديث عبد ال بن زيد قال‬
‫‪ :‬قفد رأيفت رسفول ال ( ص ) حيف اسفتسقى لنفا أطال الدعاء وأكثفر‬
‫السفالة ‪ ،‬قال ‪ :‬ثف تول إل القبلة ‪ ،‬وحول رداءه ‪ ،‬فقلبفه ظهرا لبطفن ‪،‬‬
‫وتول الناس معه ‪ ،‬أخرجه أحد بسند قوي ‪ ،‬لكن ذكر تول الناس معه‬
‫شاذ كما حققته ف " سلسلة الحاديث الضعيفة " ( ‪ . ) 5629‬والدليل‬
‫على الثان ية حد يث أ نس ال ت ف الكتاب بر قم ( ‪ ، ) 2‬ف قد قال ف ‪/‬‬
‫صفحة ‪ / 265‬روا ية ‪ " :‬فر فع ر سول الة ( ص ) يد يه يد عو ‪ ،‬ور فع‬
‫الناس أيديهفم يدعون " ‪ .‬أخرجفه البخاري تعليقفا ‪ ،‬ووصفله البيهقفي‬
‫وغيه ‪ ،‬وليس فيه أنم بالغوا ف رفع اليدي ‪ ،‬وإنا ثبت ذلك عن رسول‬
‫ال ( ص ) وحده كما ف حديث عائشة ف الكتاب ‪ ،‬وحديث أنس ف "‬
‫الصحيحي " ‪ ،‬فأرى مشروعية البالغة ف الرفع للمام دون الؤتي ‪ .‬قوله‬
‫تت رقم ( ‪ . . . " : ) 1‬عن عمر بن عبد ال بن زيد الازن أن النب‬
‫( ص ) خرج بالناس يستسقي ‪ ،‬فصلى بم ركعتي جهر بالقراءة فيهما ‪.‬‬
‫‪ .‬الد يث ‪ .‬أخر جه الما عة " ‪ .‬قلت ‪ :‬ف هذا التخر يج م سامة ‪ ،‬فإن‬
‫الهر بالقراءة ف الديث ل يرجه مسلم ‪ ،‬وقد صرح بذلك الزيلعي ف‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪287‬‬

‫" ن صب الرا ية " ( ‪ ، ) 239 / 2‬وكذلك ل ير جه ا بن ما جه ‪ .‬ان ظر "‬


‫الرواء " ( ‪ . ) 664‬قوله ت ت ر قم ( ‪ " : ) 3‬ل ا رواه ا بن ما جه وأ بو‬
‫عوانة أن ابن عباس قال ‪ :‬جاء أعراب إل النب ( ص ) ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رسول‬
‫ال ل قد جئ تك من ع ند قوم ل يتزود ل م راع ‪ ،‬ول ي طر ل م ف حل ‪،‬‬
‫فصعد النب ( ص ) النب ‪ ،‬فحمد ال ‪ ،‬ث قال ‪ " :‬اللهم اسقنا غيثا مريئا‬
‫طبقا غدقا عاجل غي رائث " ‪ ،‬ث نزل ‪ . . .‬رواه ابن ماجه ‪ ،‬وأبو عوانة‬
‫‪ ،‬ورجاله ثقات ‪ ،‬وسفكت عليفه الاففظ فف ( التلخيفص ) " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫رجاله ثقات كما قال ‪ ،‬ولكن ل يلزم منه صحة السناد لا ذكرناه ف "‬
‫القدمة " ‪ ،‬فإن فيه علة تقدح ف صحته ‪ ،‬وهي أنه من رواية حبيب بن‬
‫أب ثابت عن ابن عباس ‪ ،‬وحبيب هذا كثي التدليس كما قال الافظ ف‬
‫" التقريب " ‪ ،‬والدلس ل يتج بديثه إذا عنعنه كما بيناه ف القدمة أيضا‬
‫‪ ،‬فمن صحح هذا ‪ /‬صفحة ‪ / 266‬الديث فقد ذهل عن علته ‪ ،‬واغتر‬
‫بظاهر إسناده ‪ ،‬فتنبه ‪ .‬قوله تت الدعية الواردة ف الستسقاء ‪) 1 ( " :‬‬
‫قال الشافعفي ‪ :‬وروي عفن سفال بفن عبفد ال عفن أبيفه يرفعفه إل النفب‬
‫( ص ) أ نه كان إذا ا ستسقى قال ‪ " :‬الل هم ا سقنا غي ثا مغي ثا ‪ . . .‬الل هم‬
‫إ نا ن ستغفرك إ نك ك نت غفارا ‪ ،‬فأر سل ال سماء علي نا مدرارا " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫الذي ف كتاب " الم " ( ‪ " : ) 222 / 1‬وروى سال ‪ ( . . .‬بذف ‪:‬‬
‫عن ) " ‪ ،‬والؤلف أثب ته تب عا ل بن الق يم ف " الزاد " ‪ ،‬وال سناد منق طع‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪288‬‬

‫ك ما ترى ‪ ،‬ول أ جد من و صله لين ظر ف يه ‪ .‬قوله ت ت ر قم ( ‪" : ) 3‬‬


‫ويقول ‪ :‬إذا زادت الياه وخ يف من كثرة ال طر ‪ " :‬الل هم سقيا رح ة ‪،‬‬
‫ول سقيا عذاب ول بلء ول هدم ول غرق ‪ ،‬اللهم على الظراب ومنابت‬
‫الش جر ‪ ،‬اللهم حوالينا ل علينا " ‪ .‬فكل ذلك صحيح ثابت عن النب "‬
‫صفلى ال عليفه وآله " ‪ .‬قلت ‪ :‬أمفا الدعاء الول فغيف صفحيح ‪ ،‬لن‬
‫الشافعي رواه عن إبراهيم بن ممد بسنده عن الطلب بن حنطب مرسل‬
‫‪ .‬أخرجفه البيهقفي ( ‪ ، ) 356 / 3‬وقال ‪ " :‬هذا مرسفل " ‪ .‬وبذا أعله‬
‫ف " النتقى " ‪ ،‬وتبعه شارحه الشوكان ( ‪ ، ) 9 / 4‬وهو إعلل قاصر‬
‫جدا ‪ ،‬لن إبراهيم بن ممد ‪ -‬وهو ابن أب يي السلمي الدن ‪ -‬متروك‬
‫متهم بالكذب ‪ ،‬ولعله لذلك ل يذكره أحد من جع ف الذكار والوراد‬
‫كالنوري والزري وابفن القيفم وغيهفم ‪ .‬وأمفأ مفا بعده فهفو فف "‬
‫الصحيحي " من حديث أنس الذكور ف الكتاب وهو مرج ف " الرواء‬
‫" ( ‪ ، ) 145 - 144 / 2‬قلت فيفه ‪ / :‬صففحة ‪ . . . " / 267‬مفن‬
‫طرق كثية عن أنس " ‪ ،‬وما ذاك إل لن شريكا الذي ذكره الؤلف من‬
‫طريقه فيه ضعف من قبل حفظه ‪ ،‬أشار إل ذلك الافظ ف " التقريب "‬
‫بقوله ‪ " :‬صدوق يطئ " ‪ .‬وهو شريك بن عبد ال بن أب ني الدن ‪،‬‬
‫و هو غ ي شر يك بن ع بد ال النخ عي الكو ف ‪ ،‬و هو مثله ف الض عف أو‬
‫أشد ‪ .‬ولذلك فإن آخذ على الؤلف أنه ساه ف تريه للحديث ‪ ،‬لنه‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪289‬‬

‫يوهم من ل علم عنده بطرق الديث أن فيه ضعفا من أجل شريك هذا ‪،‬‬
‫فتأمل ‪ .‬ومن ( سجود التلوة ) قوله ‪ " :‬عن ابن عمر قال ‪ :‬كان رسول‬
‫ال ( ص ) يقرأ علي نا القران ‪ ،‬فإذا مر بال سجدة كب و سجد و سجدنا ‪.‬‬
‫رواه أبو داود والبيهقي والكم ‪ ،‬وقال ‪ :‬صحيح على شرط الشيخي " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬فيه ملحظتان ‪ :‬الول ‪ :‬أن الديث ضعيف ‪ ،‬لن ف سنده عند‬
‫أب داود ‪ -‬وعنه رواه البيهقي ‪ -‬عبد ال بن عمر العمري ‪ ،‬وهو ضعيف‬
‫كمفا قال الاففظ فف " التلخيفص " ‪ ،‬ولذلك قال فف " بلوغ الرام " ‪" :‬‬
‫سنده ف يه ل ي " ‪ .‬وقال النووي ف " الجموع " ‪ " :‬إ سناده ضع يف " ‪.‬‬
‫وقد روى جع من الصحابة سجوده ( ص ) للتلوة ف كثي من اليات‬
‫ف مناسبات متلفة ‪ ،‬فلم يذكر أحد منهم تكبيه عليه السلم للسجود ‪،‬‬
‫ولذلك ن يل إل عدم مشروع ية هذا الت كبي ‪ .‬و هو روا ية عن المام أ ب‬
‫حنيفة رحه ال ‪ / .‬صفحة ‪ / 268‬الثانية ‪ :‬أن الاكم ليس ف روايته ‪" :‬‬
‫كب " ‪ ،‬وهو موضع الشاهد من الديث ‪ ،‬وهو إنا رواه من طريق عبيد‬
‫اللة بن عمر العمري وهو الصغر ‪ ،‬وهو ثقة ‪ ،‬بلف أخيه عبد ال الكب‬
‫‪ ،‬فهو ضعيف كما تقدم ‪ .‬والديث ف " الصحيحي " أيضا وغيها ‪،‬‬
‫من طر يق عب يد ال ال صغر ‪ ،‬ل ال كب ‪ ،‬ف هو من أدلة ضع فه ‪ ،‬وان ظر "‬
‫الرواء " ( ‪ 471‬و ‪ . ) 472‬وقوله ‪ " :‬وقال ع بد ال بن م سعود ‪ :‬إذا‬
‫قرأت سفجدة فكفب واسفجد ‪ ،‬وإذا رفعفت رأسفك فكفب " ‪ .‬كذا ذكره‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪290‬‬

‫دون أن يعزوه ل حد ‪ ،‬و ما وجدت من عزاه ل بن م سعود ‪ ،‬وإن ا عل قه‬


‫البيه قي ( ‪ ) 325 / 2‬لغيه ‪ ،‬فقال ‪ :‬ويذ كر عن الرب يع بن صبيح عن‬
‫ال سن الب صري أ نه قال ‪ :‬فذكره ‪ .‬والرب يع هذا قال الا فظ ‪ " :‬صدوق‬
‫سيئ الفظ " ‪ .‬وقد وجدت له أصل عن ابن مسعود من فعله ‪ .‬أخرجه‬
‫ابن أب شيبة ف " الصنف " ( ‪ ) 2 / 2‬من طريق عطاء بن السائب قال‬
‫‪ :‬كنا نقرأ على أب عبد الرحن السلمي ونن نشي ‪ ،‬فإذا مر بالسجدة‬
‫كب وأوما وسلم ‪ ،‬وزعم أن ابن مسعود كان يصنع ذلك ‪ .‬لكن عطاء بن‬
‫السائب كان اختلط ‪ .‬وروي عن أب الشهب والسن أنما قال ‪ " :‬إذا‬
‫قرأ الرجل السجدة ‪ ،‬فليكب إذا رفع رأسه ‪ ،‬وإذا سجد " ‪ .‬ورجاله ثقات‬
‫‪ ،‬لكن فيه هشيم عن مغية ‪ ،‬وها مدلسان ‪ / .‬صفحة ‪ / 269‬وأخرج‬
‫عن أ ب قل بة وا بن سيين أن ما قال ‪ " :‬إذا قرأ الر جل ال سجدة ف غ ي‬
‫الصلة قال ‪ :‬ال أكب " ‪ .‬قلت ‪ :‬وإسناده صحيح ‪ ،‬ورواه عبد الرزاق ف‬
‫" ال صنف " ( ‪ ) 5930 / 349 / 3‬بإ سنادآخر صحيح عنه ما نوه ‪.‬‬
‫ث روى الت كبي ع ند سجود التلوة هو والبيه قي عن م سلم بن ي سار ‪.‬‬
‫وإسناده صحيح ‪ .‬قوله ‪ " :‬مواضع السجود ف القرآن خسة عشر موضعا‬
‫‪ ،‬فعن عمرو بن العاص أن رسول ال ( ص ) قرأ خس عشرة سجدة ف‬
‫القرآن منها ثلث ف الفصل ‪ ،‬وف الج سجدتان ‪ .‬رواه أبو داود و ‪. .‬‬
‫و ‪ . .‬و ‪ . .‬وحسفنه النذري والنووي " ‪ .‬قلت ‪ :‬كل ‪ ،‬ليفس بسفن ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪291‬‬

‫لن فيه مهول ي ‪ ،‬ف قد قال الا فظ ف " التلخيص " ب عد أن ن قل ت سي‬
‫النذري والنووي للحديث ‪ " :‬وضعفه عبد ال ق وا بن قطان ‪ ،‬وفيه ع بد‬
‫النه بن مني ‪ ،‬وهو مهول ‪ ،‬والراوي عنه الارث بن سعيد العتقي ‪ ،‬وهو‬
‫ل يعرف أيضا ‪ .‬وقال ابن ماكول ‪ :‬ليس له غي هذا الديث " ‪ .‬ولذلك‬
‫اختار الطحاوي أن ليس ف الج سجدة ثانية قرب آخرها ‪ ،‬وهو مذهب‬
‫ا بن حزم ف " الحلى " ‪ ،‬قال ‪ " :‬لنه ل يصح فيها سنة عن رسول ال‬
‫( ص ) ‪ ،‬ول أج ع علي ها ‪ ،‬و صح عن ع مر ا بن الطاب واب نه ع بد ال‬
‫وأب الدرداء السجود فيها " ‪ .‬ث ذهب ابن حزم إل مشروعية السجود ف‬
‫السفجدات الخرى الذكورة فف ‪ /‬صففحة ‪ / 270‬الكتاب ‪ ،‬وذكفر أن‬
‫الع شر الول مت فق على مشروع ية ال سجود في ها ع ند العلماء ‪ .‬وكذلك‬
‫ح كى التفاق علي ها الطحاوي ف " شرح العا ن " ( ‪ ، ) 211 / 1‬إل‬
‫أ نه ج عل سجدة ( ف صلت ) بدل سجدة ( ص ) ‪ .‬ث أخر جا كله ا‬
‫بأسانيد صحيحة عن رسول ال ( ص ) أنه سجد ف ( ص ) و ( النجم )‬
‫و ( النشقاق ) و ( اقرأ ) ‪ .‬وهذه الثلث الخية من الف صل ال ت أش ي‬
‫إلي ها ف حد يث عمرو هذا ‪ .‬وبالملة ‪ ،‬فالد يث مع ض عف إ سناده قد‬
‫شهفد له اتفاق المفة على العمفل بغالبفه ‪ ،‬ومئف الحاديفث الصفحيحة‬
‫شاهدة لبقي ته إل سجدة ال ج الثان ية فلم يو جد ما يش هد ل ا من ال سنة‬
‫والتفاق ‪ ،‬إل أن ع مل ب عض ال صحابة على ال سجود فيها ‪ ،‬قد ي ستأنس‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪292‬‬

‫بذلك على مشراعيتيفا ‪ ،‬ول سفيما ول يعرف لمف مالف ‪ .‬وال أعلم ‪.‬‬
‫قوله فيمفا يشترط له ‪ " :‬وأمفا مفا رواه البيهقفي عنفه ( يعنف ابفن عمفر )‬
‫بإ سناد قال ف " الف تح " ‪ :‬إ نه صحيح ‪ .‬أ نه قال ‪ :‬ل ي سجد الر جل إل‬
‫وهو طاهر ‪ ،‬فيجمع ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬ف سنده عند البيهقي ( ‪325 / 2‬‬
‫) أبو سهل بشر بن أحد ‪ :‬ثنا داود ابن السي البيهقي ‪ .‬ول أجد لداود‬
‫ترجة فيما وقفت عليه من كتب التراجم ‪ ،‬فلعله ف بعض الكتب الت ل‬
‫تصل إلينا ‪ .‬نعم ‪ ،‬قد جاء ذكره ف إسنادين ساقهما الرجان ف " تاريخ‬
‫جرجان " ( ص ‪ 355‬و ‪ - 503‬ط بع بيوت ) ‪ .‬ث ط بع " سي أعلم‬
‫النبلء " للذهب ‪ ،‬فوجدته قد أورده فيه ( ‪ ، ) 579 / 13‬وقال فيه ‪" :‬‬
‫الحدث المام الث قة ‪ ،‬م سند ني سابور ‪ . .‬تو ف سنة ( ‪ . " ) 273‬وهذا‬
‫الثر ل يصححه الذهب ف " الهذب " متصر سنن البيهقي ‪ ،‬وإنا سكت‬
‫عليفه ‪ ،‬فال أعلم ‪ / .‬صففحة ‪ / 271‬قوله فف السفجود فف الصفلة ‪" :‬‬
‫وروى الكفم وصفححه على شرط الشيخيف عفن ابفن عمفر أن النيفي‬
‫( ص ) سجد ف الركعة الول من صلة الظهر ‪ ،‬فرأى أصحابه أنه قرأ‬
‫تنيل السجدة " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا الديث غي صحيح ‪ ،‬وإن صححه الاكم‬
‫ووافقه الذهب وتبعه الافظ ف " الفتح " والقسطلن والزرقان ‪ ،‬والسبب‬
‫ف هذا أن م نظروا إل ظا هر إ سناده ف صححوه ‪ ،‬ف قد رواه الا كم من‬
‫طريق يي بن سعيد عن سليمان التيمى عن أب ملز ‪ -‬عن ابن عمر ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪293‬‬

‫فهذا إسناد صحيح ف الظاهر ‪ ،‬لكنه منقطع ‪ ،‬بي ذلك غي يي بن سعيد‬


‫‪ ،‬فقال يزيد بن هارون ‪ :‬أنبأ سليهمان التيمي عن أ ب ملز ‪ -‬قال ‪ :‬ول‬
‫أ سعه من أ ب ملز ‪ -‬عن ا بن ع مر ‪ .‬أخر جه البيه قي ‪ ،‬وأح د ‪ ،‬وأ بو‬
‫داود ‪ ،‬والطحاوي ‪ .‬وقد بي معتمر بن سليمان أن الواسطة بي سليمان‬
‫التيمي وأب ملز رجل مهول ‪ ،‬فقال معتمر ‪ :‬عن أبيه عن رجل يقال له ‪:‬‬
‫أميفة ‪ ،‬عفن ابفن عمفر ‪ .‬أخرجفه البيهقفي وأبفو داود ‪ .‬وأميفة هذا مهول‬
‫اتفا قا ‪ ،‬فعاد الد يث إل أ نه عن مهول ‪ ،‬ول ح جة ف روا ية الجهول‬
‫عند الحدثي ‪ .‬وقد تنبه الافظ لذه العلة ف كتابه " التلخيص " ‪ ،‬فقال‬
‫ب عد أن ذ كر الد يث من طر يق أم ية ‪ " :‬لك نه ع ند الا كم بإ سقاطه ‪،‬‬
‫ودلت رواية الطحاوي على أنه ( يعن سليمان التيمي ) مدلس " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫ولذا ل يأخفذ المام أحدف بالديفث ‪ ،‬فقال أبفو داود فف " مسفائله " ‪/‬‬
‫صفحة ‪ ( / 272‬ص ‪ " : ) 38‬سعت أح د و سئل عن المام يقرأ ف‬
‫الظهفر السفجدة ؟ فقال ‪ :‬ل ‪ ،‬فذكفر له حديفث ابفن عمفر ‪ ،‬فقال ‪ :‬ل‬
‫يشمعه سليمان عن أب ملز ‪ ،‬وقال ‪ :‬بعضهم ل يقول فيه عن ابن عمر "‬
‫‪ .‬وهذه علة ثان ية قد أشار إلي ها المام أح د رح ه ال ‪ ،‬و هي الر سال ‪.‬‬
‫وجلة القول ‪ ،‬أن الديفث غيف صفحيح ‪ ،‬فل يوز السفتدلل بفه على‬
‫جواز السجود ف السرية ‪ .‬فالق ما ذهب إليه أبو حنيفة من الكراهة وهو‬
‫ظا هر كلم المام أح د الذكور آن فا ‪ .‬و من ( سجود ال سهو ) قوله ف‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪294‬‬

‫صدد بيان الواطن الت يشرع فيها السجود ‪ ) 3 ( " :‬عند نسيان التشهد‬
‫الول أو ن سيان سنة من سنن ال صلة ل ا رواه الما عة عن ا بن بي نة أن‬
‫النب ف ( ص ) صلى فقام ف الركعتي ‪ ،‬فسبحوا به ‪ ،‬فمضى ‪ ،‬فلما فرغ‬
‫مفن صفلته سفجد سفجدتي ثف سفلم " ‪ .‬قلت ‪ :‬ل يذكفر الدليفل على‬
‫مشروع ية ال سجود لن سيان سنة من سنن ال صلة ‪ ،‬وإلاق هذه ال سنن‬
‫بالتش هد الول ف هذا ال كم ل ي سوغ ‪ ،‬لمر ين ‪ :‬الول ‪ :‬أن التش هد‬
‫متلف ف وجوبه ‪ ،‬كما سبق بيانه ف مله من ( التشهد ) ‪ ،‬فل يوز أن‬
‫يلحؤ به ما هو متفق على سنيته دون وجوبه ‪ .‬الثان ‪ :‬أن الصواب فيه أنه‬
‫وا جب ل نه أ مر به ال سئ صلته ‪ ،‬فقال ( ص ) له ‪ " :‬فإذا جل ست ف‬
‫وسط الصلة فاطمئن ‪ ،‬وافترش فخذك اليسرى ‪ ،‬ث شهد " ‪ .‬أخرجه ابو‬
‫داود بسند حسن ‪ / .‬صفحة ‪ / 273‬فثبت أنه ل يوز اللاق الذكور ‪،‬‬
‫فل بد إذن من دل يل آ خر لشروعية ال سجود ف السنن ‪ ،‬و قد ا ستدل له‬
‫صديق خان ف " الرو ضة " بد يث ‪ " :‬ل كل سهو سجدتان " ‪ ،‬و هو‬
‫حديث حسن عندي ‪ ،‬رواه أبو داود وأحد وغيها ‪ .‬ث ذهب إل أنه ل‬
‫فرق ف الشروعية بي السنون والندوب ‪ ،‬فراجعه ( ‪130 - 129 / 1‬‬
‫) ‪ ،‬وسبقه إل ذلك الشوكان ف " السيل الرار " ( ‪275 - 274 / 1‬‬
‫) ‪ .‬لك نه صرح بالتفر يق ب ي ال سجود لترك وا جب في جب ‪ ،‬وترك سنة‬
‫فيسن ‪ ،‬فراجعه فإنه مهم ‪ .‬قوله بعد أن ذكر حديثي ف بناء الشاك على‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪295‬‬

‫اليقي ‪ " :‬وف هذين الديثي دليل لا ذهب إليه المهور من أنه إذا شك‬
‫ال صلي ف عدد الركعات ب ن على ال قل التي قن له ث ي سجد لل سهو " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ل كن قد جاء ع نه ( ص ) ما يدل على أن الديث ي الشار إليه ما‬
‫لي سا على إطلقه ما ‪ ،‬بل ه ا مقيدان ب ن ل يغلب على رأ يه شئ ‪ ،‬فهذا‬
‫هو الذي يبن على القل ‪ ،‬وأما من ظهر له الصواب ‪ ،‬ولو كان الكثر ‪،‬‬
‫فإنه يأخذ به ويبن عليه ‪ ،‬وذلك قوله " صلى ال عليه وآله " ‪ " :‬إذا شك‬
‫أحد كم ف صلته فليت حر ال صواب ( ف روا ية ‪ :‬فلين ظر أحرى ذلك إل‬
‫ال صواب ‪ .‬و ف أخرى ‪ :‬فلين ظر الذي يرى أ نه ال صواب ‪ .‬و ف أخرى ‪:‬‬
‫فليت حر أقرب ذلك من ال صراب ) ‪ ،‬فلي تم عل يه ‪ ،‬ث لي سلم ‪ ،‬ث ي سجد‬
‫سجدتي " ‪ .‬أخر جه الشيخان وأ بو عوا نة ف " صحاحهم " ‪ ،‬والروا ية‬
‫الثانيفة والثالثفة لمف إل البخاري ‪ ،‬والرابعفة للنسفائي ‪ ،‬وهفو عندهفم مفن‬
‫حديفث ابفن مسفعود رضفي ال عنفه ‪ .‬وقفد سفلم النووي رحهف ال بأن‬
‫الديفث ظاهفر الدللة على الخفذ بغالب الظفن ‪ ،‬وعدم القتصفار على‬
‫القل كما هو مذهب أب حنيفة ‪ .‬ولكن النووي رحه ‪ /‬صفحة ‪/ 274‬‬
‫ال تأول الديث وأخرجه عن ظاهره حت يتفق مع مذهبه ‪ ،‬فحمل قوله‬
‫فيفه ‪ " :‬فليتحفر " على الخفذ باليقيف الذي هفو القفل ! ول يففى على‬
‫الن صف ب عد هذا التأو يل ‪ ،‬بل بطل نه إذا أم عن الن ظر ف الروايات ال ت‬
‫ذكرت ا للحد يث م ثل قوله ‪ " :‬فلين ظر الذي يرى أ نه ال صواب " ‪ ،‬فإ نه‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪296‬‬

‫كال صريح ف ال خذ ب ا يغلب على رأ يه ‪ ،‬ويؤيده قوله ف حد يث أ ب‬


‫سعيد ‪ " :‬فلم يدر كم صلى " ‪ ،‬فإن مفهومه أن من ترى الصواب بعد‬
‫الشك حت درى كم صلى ‪ -‬أنه ليس له أن يبن على القل ‪ ،‬بل حكم‬
‫هذه ال سألة مسكوت ع نه ف هذا الد يث ‪ ،‬و قد تول بيا نه حديث ابن‬
‫مسعود ‪ ،‬حيث أمر ( ص ) فيه بالخذ با يظن أنه أقرب إل الصواب ‪،‬‬
‫سواء كان ال قل أو الك ثر ‪ ،‬ث ي سجد بعد الت سليم سجدتي ‪ .‬وأما ف‬
‫حالة الية وعدم الدراية ‪ ،‬فإنه يبن على القل ‪ ،‬ويسجد قبل التسليم ‪،‬‬
‫و ف هذا إشارة إل اختلف ما ف الديث ي من الف قه ‪ ،‬فتأ مل ‪ .‬وب عد ‪،‬‬
‫فإن هذه ال سالة تتاج إل كث ي من الب سط والشرح والتحق يق ‪ ،‬والجال‬
‫ل يتسع لذلك ‪ ،‬ولعل ما ذكرته ههنا يكفي ف بيان ما أردته من إثبات‬
‫وجوب الخذ بالظن الغالب إذا وجد ‪ ،‬وهو خلصة رسالة كنت ألفتها‬
‫ف هذه السألة رددت فيها على النووي بتفصيل ‪ ،‬وبينت فيها معن الشك‬
‫الذكور ف حديفث أبف سفعيد ‪ ،‬ومعنف التحري الوارد فف حديفث ابفن‬
‫مسعود ‪ ،‬وقد أوردت فيها من الفوائد ما ل يكاد يرجد ف كتاب ‪ ،‬منها‬
‫أن راوي حد يث البناء على ال قل ‪ ،‬أ بو سعيد ر ضى ال ع نه كان يف ت‬
‫بالخفذ بالتحرى ‪ ،‬ويرويفه عفن النفب ( ص ) ‪ ،‬وجعلت ذلك مفن الدلة‬
‫الكثية على صواب ما ذهب إليه لنفية ‪ ،‬ولكنه ل يفتن أن أنبه على أن‬
‫ما ذهبوا إليه من إبطال صلة من عرض له الشك لول مرة باطل ‪ ،‬وأن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪297‬‬

‫الصواب دخوله ف عموم الكم ‪ ،‬وغيها من الفوائد الت وفقن ال تعال‬


‫إليها ‪ ،‬وله المد والنة ‪ / .‬صفحة ‪ / 275‬ومن ( صلة الماعة ) قوله‬
‫‪ " :‬صفلة الماعفة سفنة مؤكدة " ‪ .‬قلت ‪ :‬لقفد تسفاهل الؤلف فف هذا‬
‫الكم ‪ ،‬فإن معن كونا سنة مؤكدة عند الفقهاء أنه يثاب فاعلها ‪ ،‬ول‬
‫يعاقب تاركها ‪ ،‬فكيف يصح هذا ف حق التخلفي عن صلة الماعة ‪،‬‬
‫وقد هم ( ص ) برق بيوتم عليهم كما ف الديث الرابع ف الكتاب ‪.‬‬
‫وقد قال ابن القيم ‪ " :‬ول يكن ليحرق مرتكب صغية ‪ ،‬فترك الصلة ف‬
‫الماعفة هفو مفن الكبائر " ‪ .‬بفل كيفف يصفح هذا مفع قوله فف ( ص )‬
‫للعمى ‪ " :‬أجب " ‪ ،‬مع أنه فوق كونه أعمى ‪ ،‬ليس له قائد يقوده إل‬
‫السجد كما ف الديث الثالث ‪ ،‬بل وف طريقه الشجار والحجار كما‬
‫ف ب عض الروايات ال صحيحة ف الد يث ‪ ،‬ف هل هناك ح كم اجت مع ف يه‬
‫مثل هذه القرائن الؤكدة للوجوب ‪ ،‬ومع ذلك يقال ‪ :‬هو ليس بواجب ؟‬
‫! وكذلك قوله ف الد يث ال سادس ‪ . " . . " :‬إل قد ا ستحوذ علي هم‬
‫الشيطان ‪ ، " . . .‬فهو من الدلة على وجوبا ‪ ،‬إذ إن من ترك سنة ‪ ،‬بل‬
‫السنن كلها ‪ ،‬مع الحافظة على الواجبات ‪ ،‬ل يقال فيه ‪ " :‬استحوذ عليه‬
‫الشيطان " ‪ ،‬كمفا يشيف إل ذلك حديفث العرابف ‪ " :‬دخفل النفة إن‬
‫صدق " ‪ ،‬وهذا ب ي ل ي فى ‪ .‬ويغلب على ظ ن أن الؤلف ح ي ك تب‬
‫هذه السألة كان متأثرا با قرأه ف " الوطار " للشوكان ف هذا البحث ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪298‬‬

‫فإنه عفا ال عن وعنه قد أجاب عن الحاديث القيدة للوجوب بأجوبة‬


‫تصرفها إل الندب ف زعمه ‪ ،‬ولكن من يعن النظر ف تلك الجوبة يعلم‬
‫ضعفها وتكلفها ‪ ،‬ول سيما والشوكان ل يتعرض للجابة عن كل أدلة‬
‫الوجوب ال ت من ها الدلث ال سادس ‪ ،‬ومن ها حد يث ‪ " :‬من ‪ /‬صفحة‬
‫‪ / 276‬سع النداء فلم ي به ‪ ،‬فل صلة له إل من عذر " ‪ ،‬و قد أورده‬
‫الؤلف ف الم عة ‪ ،‬وعل قت عل يه هناك ب ا ف يه كفا ية ‪ .‬بل سلم ف "‬
‫أبواب الذان " أنه دليل على وجوب الذان والقامة ‪ ،‬قال ‪ " :‬لن الترك‬
‫الذي هو نوع من ا ستحواذ الشيطان ‪ ،‬ي ب تن به " ‪ .‬قلت ‪ :‬روا ية أ ب‬
‫داود تدل على أن الراد بقوله ‪ " :‬ل تقام فيهفم الصفلة " ‪ ،‬أي ‪ :‬صفلة‬
‫الما عة ‪ ،‬والشوكا ن ف هم من الد يث ما ذكرناه ع نه ‪ ،‬لروا ية أح د له‬
‫بلفظ ‪ " :‬ما من ثلثة ل يؤذنون ‪ ،‬ول تقام فيهم الصلة ‪ ، " . . .‬وأنا ل‬
‫أف هم منه إل الما عة ‪ ،‬ولو سلمنا أن الراد العلم عن ها ب‍ " ال أ كب ال‬
‫أ كب ‪ . . .‬إل " ‪ ،‬فنقول للشوكا ن ‪ :‬إذا سلمت بأن الد يث دل يل على‬
‫وجوب الذان والقامة ‪ ،‬فهو دليل على وجوب الماعة من باب أول ‪،‬‬
‫لن الذان والقا مة بالن سبة للجما عة كالو سيلة مع الغا ية ‪ ،‬فإذا وج بت‬
‫الوسيلة ‪ ،‬فمن باب أول أن تب الغاية ‪ ،‬فتأمل ‪ .‬ومن أدلة الوجوب قوله‬
‫تعال ‪ ( * :‬وإذا كنت فيهم فأقمت لم الصلة فلتقم طائفة منهم معك ‪.‬‬
‫‪ ) .‬الية ‪ ،‬وذلك من وجهي ‪ :‬أحدها ‪ :‬أنه أمرهم بصلة الماعة معه‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪299‬‬

‫فف حال الوف ‪ ،‬وذلك دليفل على وجوباف حال الوف ‪ ،‬وهفو يدل‬
‫بطر يق الول على وجوب ا حال ال من ‪ .‬الثا ن ‪ :‬أ نه سن صلة الوف‬
‫جا عة ‪ ،‬و سوغ في ها ما ل يوز لغ ي عذر ‪ ،‬كا ستدبار القبلة ‪ ،‬والع مل‬
‫الكثيف ‪ ،‬فإنفه ل يوز لغيف عذر بالتفاق ‪ ،‬وكذلك مفارقفة المام قبفل‬
‫ال سلم ع ند المهور ‪ ،‬وكذلك التخلف عن متاب عة المام ك ما يتخلف‬
‫الصف الؤخر بعد ركوعه مع المام إذا كان العدو أمامهم ‪ .‬وهذه المور‬
‫ما تبطل الصلة با لو فعلت لغي عذر ‪ ،‬فلو ل تكن الماعة واجبة بل‬
‫م ستحبة ‪ ،‬لكان قد ‪ /‬صفحة ‪ / 277‬التزم ف عل مظور مب طل لل صلة ‪،‬‬
‫وتركت التابعة الواجبة ف الصلة لجل فعل مستحب ! مع أنه قد كان‬
‫من الم كن أن ي صلوا وحدا نا صلة تا مة ‪ ،‬فعلم أن ا واج بة ‪ .‬ذ كر هذا‬
‫الدل يل ف أدلة أخرى من الكتاب وال سنة ش يخ ال سلم ا بن إتيم ية ف "‬
‫الفتاوى " ( ‪ ، ) 369 - 363 / 2‬فمففن شاء الزيادة مففن اليضاح‬
‫فليجع إليها وإل " السائل الاردينية " ( ص ‪ . ) 92 - 90‬واعلم أنه ل‬
‫ينا ف القول بالوجوب ما تفيده ب عض الحاد يث من صحة صلة النفرد‬
‫مثل الديث الول والثان ف الكتاب إذ أفادا أن صلة النفرد صحيحة ‪،‬‬
‫حيث جعل له درجة واحدة ‪ ،‬لن هذا ل يناف الوجوب الذي من طبيعته‬
‫أن يكون أجره مضاعفا على أجر ما ليس بواجب ‪ .‬كما هو واضح ‪ .‬ث‬
‫قال ال سيد سابق ف تعلي قه على قوله ال سابق ‪ " :‬هذا ف الفرض ‪ ،‬وأ ما‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪300‬‬

‫الماعة ف النفل فهي مباحة ‪ ،‬سواء قل المع أو كثر ‪ . " . . .‬قلت ‪:‬‬
‫لكن عا مة شفله ( ص ) إنا كان يصليها منفردا ‪ ،‬ولذلك أرى أنه ل بد‬
‫مفن تقييفد الباحفة الذكورة ببعفض الحيان ‪ ،‬وإل فاعتياد الجتماع فف‬
‫النفل بدعة مالفة لديه ( ص ) الغالب ‪ ،‬كما حققه شيخ السلم ف "‬
‫الفتاوى " ( ‪ . ) 3 - 2 / 2‬قوله تتف عنوان ‪ :‬انعقاد الماعفة بواحفد‬
‫مع المام ‪ ،‬ب عد أن ساق حد يث من يت صدق على هذا في صلي م عه ‪" :‬‬
‫و قد ا ستدل الترمذي بذا الد يث على جواز أن ي صلي القوم جا عة ف‬
‫مسجد قد صلي فيه " ‪ .‬قلت ‪ :‬الديث أخص من الدعوى ‪ ،‬وقد سبق‬
‫بيان ذلك فيمفا قدمناه مفن التعليفق فف " الذان " ( ص " ‪" ) 157‬‬
‫وذكرت هناك نص كلم الشافعي ف كراهة الماعة الثانية ‪ ،‬فراجعه ‪/ .‬‬
‫صفحة ‪ / 278‬قوله ت ت عنوان ‪ :‬ال حق بالما مة ‪ ) 2 ( " :‬و عن ا بن‬
‫م سعود قال ‪ :‬قال ر سول ال ( ص ) يؤم القوم أقرؤ هم لكتاب ال ‪. . .‬‬
‫" ‪ .‬قلت ‪ :‬الصواب ‪ " :‬أب مسعود " ‪ ،‬واسه عقبة بن عمرو النصاري‬
‫البدري ‪ ،‬فالديث من مسنده عند جيع من خرجه ‪ .‬وقوله أيضا ‪ " :‬فعن‬
‫أب هريرة عن النب ( ص ) قال ‪ " :‬ل يل لرجل يؤمن بال واليوم الخر‬
‫أن يؤم قو ما إل بإذن م ‪ ،‬ول ي ص نف سه بدعوة دون م ‪ ،‬فإن ف عل ف قد‬
‫خانم " ‪ .‬رواه أبو داود " ‪ .‬قلت ‪ :‬إسناده ضعيف مضطرب ‪ ،‬فقيل فيه‬
‫‪ " :‬عفن أبف هريرة " ‪ ،‬وقيفل ‪ " :‬عفن ثوبان " ‪ .‬وقفد ذكره الؤلف مفن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪301‬‬

‫حديثه فيما سيأت متوها أنه حديث آخر ‪ ،‬وسنشي إل هذا هناك ‪ .‬ث إن‬
‫ف ال سند رجل ف عداد الجهول ي ‪ ،‬و قد بي نت ذلك كله ف " ضع يف‬
‫سنن أب داود " رقم ( ‪ . ) 13 ، 12‬وقد حكم ابن خزية على الشطر‬
‫الثان من الديث بالوضع ‪ ،‬وأقره ابن تيمية وابن القيم ‪ ،‬وذلك لن عامة‬
‫أحاد يث ال نب ( ص ) ف ال صلة ‪ -‬و هو المام ‪ -‬ب صيغة الفراد ‪ ،‬و قد‬
‫سفبق بعضهفا فف الكتاب ( ‪ ، ) 321 / 1‬فكيفف يصفح أن يكون ذلك‬
‫خيا نة ل ن أم هم ؟ ! وأ ما الش طر الول م نه ف قد جاء معناه ف أحاد يث‬
‫أخرى ‪ ،‬صفحح بعضهفا ابنفة نفسفه فف " صفحيحه " ( ‪، ) 11 / 3‬‬
‫وأوردها النذري ف " الترغيب " ( ‪ ، ) 171 - 175 / 1‬ويأت بعضها‬
‫ف الكتاب ‪ .‬وقد وجدت تصريه بتضعيف الشطر الثان منه ف الباب (‬
‫‪ ، ) 63 / 3 ( ) 128‬وذكر تته حديث السكتة التقدم عند الؤلف (‬
‫‪ ، ) 266 / 1‬ث أشار إل حد يث علي التقدم هناك بعده ‪ ،‬ث قال ا بن‬
‫خزيةف ‪ / :‬صففحة ‪ " / 279‬وهذا باب طويفل ‪ ،‬قفد خرجتفه فف كتاب‬
‫الكبي " ‪ .‬قلت ‪ :‬فالظاهر أن الوضع الذي عزاه ابن القيم إليه ‪ ،‬إنا ذكره‬
‫ف كتابه هذا " الكبي " ‪ ،‬وهو أصل " صحيح ابن خزية " ‪ ،‬كما يشتعر‬
‫بذلك قوله هذا ‪ ،‬وغيه ف غي موضع من " صحيحه " ‪ .‬وقد فات هذا‬
‫الشيخ الرناؤوط ف تعليقه على " زاد العاد " ( ‪ ، ) 264 / 1‬فقال ‪" :‬‬
‫ل ن د كلم ا بن خزي ة هذا ف " صحيحه " ع قب الد يث الذي ذكره‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪302‬‬

‫الصفنف ‪ ،‬فلعله فف مكان آخفر ‪ ،‬فإن ثبفت عنفه فإنفه ماف جانبفه فيفه‬
‫ال صواب ‪ ،‬فإن سند الد يث ل ينل عن رت بة ال سن ‪ ،‬ك ما يعلم من‬
‫ك تب الرح والتعد يل " ! قلت ‪ :‬الحالة ف التعرف على رت بة الد يث‬
‫على الكتب الشار إليها أمر عجيب غريب ل يصدر إل من ل معرفة له‬
‫بذا العلم الشريف ‪ ،‬فإنه من التفق عليه بي العارفي به أنه ل بد مع ذلك‬
‫من الرجوع إل قواعد " مصطلح الديث " الت تكن الباحث من كشف‬
‫العلل الت ل تعرف عادة من كتب الرجال ‪ ،‬ومنها الضطراب الذي هو‬
‫من أقسام الديث الضعيف ‪ ،‬وقد يكون راويه ثقة ‪ ،‬فكيف إذا كان غي‬
‫مشهور بالففظ والعدالة كمفا هفو الال فف راوي هذا الديفث ؟ ! ثف‬
‫رأيت الرجل كأنه كتب ما تقدم وهو غافل أيضا عما كتبه ف تعليقه على‬
‫" شرح ال سنة " ( ‪ ، ) 130 / 3‬فإ نه قال ف قول الترمذي ف حد يث‬
‫ثوبان ‪ " :‬حد يث ح سن " ‪ " :‬و هو ك ما قال إن شاء ال تعال ‪ ،‬فإن له‬
‫شوا هد تقو يه دون قوله ‪ " :‬ول يؤم قو ما في خص نف سه بالدعوة دون م ‪،‬‬
‫فإن فعل فقد خانم " ‪ .‬فهذا هو الصواب ‪ ،‬أن هذه الزيادة ل تصح ‪ ،‬بل‬
‫هي منكرة ‪ ،‬لخالفت ها ‪ /‬صفحة ‪ / 280‬لدع ية ال نب ( ص ) ال ت كان‬
‫يدعو ب ا ف الصلة ‪ ،‬وهو إمامهم ‪ ،‬وتقدم بعضها ‪ .‬وانظر بقيت ها ف "‬
‫مموع فتاوى ابفن تيميفة " ( ‪ . ) 119 - 116 / 23‬قوله فيمفن ل‬
‫تصح إمامتهم ‪ " :‬ل تصح إمامة معذور لصحيح ‪ ،‬ول لعذور مبتلى بغي‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪303‬‬

‫عذر عنفد جهور العلماء ‪ .‬وقالت الالكيفة ‪ :‬تصفح إمامتفه للصفحيح مفع‬
‫الكراهفة " ‪ .‬قلت ‪ :‬ل وجفه للكراهفة بله عدم الصفحة إذا توفرت فيفه‬
‫شروط ال حق بالما مة ‪ ،‬ول نرى فر قا بي نه وب ي الع مى الذي ل يك نه‬
‫الحتراز من البول احتراز البصي ‪ ،‬والقاعد العاجز عن القيام ‪ ،‬وهو ركن‬
‫‪ ،‬لن كل منهمفا قفد فعفل مفا يسفتطيع ‪ ،‬و * ( ل يكلف ال نفسفا إل‬
‫و سعها ) * ‪ .‬وللمام الشوكا ن ب ث هام ف صحة ال صلة وراء ال سلم‬
‫الفاسق ‪ ،‬وإلصب غي البالغ ‪ ،‬وناقص الضلة والطهارة وغيهم ‪ ،‬فراجعه‬
‫ف كتا به " ال سيل الرار " ( ‪ ، ) 255 - 247 / 1‬فإ نه نف يس جدا ‪.‬‬
‫قوله تتف عنوان ‪ :‬اسفتحباب انراف المام ‪ " : . . .‬وعنفد أحدف‬
‫والبخاري عفن أم سفلمة قالت ‪ :‬كان رسفول ال ( ص ) إذا سفلم قام‬
‫النساء حي يقضي تسليمه ‪ ،‬وهو يكث ف مكانه يسيا قبل أن يقوم ‪.‬‬
‫قالت ‪ :‬فنرى ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬أن ذلك كان ل كي ين صرف الن ساء ق بل أن‬
‫يدركهفن الرجال " ‪ .‬قلت ‪ :‬كذا وقفع فيفه ‪ " :‬قالت " ‪ ،‬أي أم سفلمة ‪،‬‬
‫وكذلك وقع ف " منتقى الخبار " ( ‪ - 265 / 2‬بشرح الشوكان ) ‪،‬‬
‫ومنفه نقله الؤلف ‪ ،‬وهفو خطفأ ‪ ،‬والصفواب ‪ " :‬قال " ‪ .‬كذا هفو عنفد‬
‫البخاري ف هذه الرواية ( ‪ ، ) 870 / 350 / 2‬وير من طريق إبراهيم‬
‫ا بن سعد عن الزهري عن ه ند ب نت الارث عن أم سلمة ‪ .‬و من هذا‬
‫الو جه رواه أح د ( ‪ ، ) 296 / 6‬دون قوله ‪ " :‬قال ‪ " . . .‬إل ‪ .‬وكذا‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪304‬‬

‫‪ /‬صفحة ‪ / 281‬رواه النسائي ( ‪ ، ) 196 / 1‬ومن طريقه ابن حزم ف‬


‫" إلحلى " ( ‪ ، ) 261 / 4‬و هو روا ية للبخاري ( ‪ ، ) 866‬وأ ب يعلى‬
‫( ‪ . ) 1644 / 4‬ورواه بتما مه الطيال سي ف " م سنده " ( ‪، ) 1604‬‬
‫ومن طريقه ابن خزية ف " صحيحه " ( ‪ ، ) 1719‬وصرح بالقائل فقال‬
‫‪ " :‬قال الزهري ‪ . " . . .‬وكذا رواه أبفو يعلى فف " مسفنده " ( ‪/ 4‬‬
‫‪ ، ) 1669‬والبغوي فف " شرح السفنة " ( ‪ ، ) 708 / 3‬وهفو روايفة‬
‫للبخاري ( ‪ 837‬و ‪ ، ) 849‬وأدرجفه معمفر عفن الزهري عنفد عبفد‬
‫الرزاق فف " الصفنف " ( ‪ ، ) 245 / 2‬وعنفه أحدف ( ‪، ) 310 / 6‬‬
‫وكذا أبفو داود فف " سفننه " ( ‪ - 955‬صفحيحه ) ‪ ،‬والبيهقفي ( ‪/ 2‬‬
‫‪ ، ) 183‬وهفو مفن أوهام عبفد الرزاق ‪ ،‬أو شيخفه معمفر ‪ .‬وبالملة ‪،‬‬
‫فهذه الزيادة ليست من قول أم سلمة رضي ال عنها ‪ ،‬وإنا هي من قول‬
‫الزهري ظنا منه رحه ال ‪ .‬ث إن قوله ف رواية الكتاب ‪ " :‬وهو يكث "‬
‫‪ ،‬ماف انقلب على صفاحب " النتقفى " ‪ ،‬واتطلى أمره على الشوكانف ‪،‬‬
‫وقلده الؤلف ! وال صواب ‪ " :‬وي كث هو " ‪ ،‬ك ما ف روا ية البخاري‬
‫الول ‪ ،‬وليس ف رواية أحد الختصرة قوله ‪ " :‬هو " ‪ .‬قوله تت عنوان‬
‫‪ :‬علو المام أو الأموم ‪ " - :‬فعفن أبف مسفعود النصفاري قال ‪ :‬نىف‬
‫ر سول ال ( ص ) أن يقوم المام فوق شئ والناس خلفه ‪ ،‬يع ن أسفل ‪.‬‬
‫رواه الدارقطنف وسفكت عنفه الاففظ فف التلخيفص " ‪ .‬قلت ‪ :‬وإسفناده‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪305‬‬

‫حسن ‪ ،‬وورد بسند صحيح عند أب داود وغيه ‪ ،‬وهو الذي ف كتاب‬
‫الؤلف عقفب هذا ‪ ،‬وهفو مرج فف " صفحيح أبف داود " ( ‪، ) 610‬‬
‫وانظر " الشكاة " ( ‪ . ) 1112‬قوله بعد أن ذكر بعض الثار ف الصلة‬
‫على ظ هر ال سجد وخار جه مقتد يا بالمام ‪ " :‬ال صل الواز ح ت يقوم‬
‫دليل النع " ‪ .‬نقله عن الشوكان ‪ / .‬صفحة ‪ / 282‬وأقول ‪ :‬يقابل هذه‬
‫الثار آثار أخرى عن عمر والشعب وإبر ‪ -‬اهيم ‪ ،‬عند ابن أب شيبة ( ‪2‬‬
‫‪ ، ) 223 /‬وعبفد الرزاق ( ‪ : ) 82 - 81 / 3‬أنفه ليفس له ذلك إذا‬
‫كان بينه وبي المام طريق ونوه ‪ .‬ولعل ما ف الثار الول ممول على‬
‫العذر ‪ ،‬كامتلء السفجد كمفا قال هشام بفن عروة ‪ " :‬جئت أنفا وأبف‬
‫مرة ‪ ،‬فوجدنا السجد قد امتل ‪ ،‬فصلينا بصلة المام ف دار عند السجد‬
‫بينهمفا طريفق " ‪ .‬رواه عبفد الرزاق ( ‪ ) 82 / 3‬بسفند صفحيح عنفه ‪.‬‬
‫ول يس باف على الفق يه أن إطلق القول بالواز ينا ف الحاد يث المرة‬
‫بوصل الصفوف وسد الفرج ‪ ،‬فل بد من التزامها والعمل با إل لعذر ‪،‬‬
‫ولذا قال ش يخ ال سلم ف " مموع الفتاوى " ( ‪ " : ) 410 / 23‬ول‬
‫يصف ف الطرقات والوانيط مع خلو السجد ‪ ،‬ومن فعل ذلك استحق‬
‫التأد يب ‪ ،‬ول ن جاء بعده تط يه ‪ ،‬ويد خل لتكم يل ال صفوف التقد مة ‪،‬‬
‫فإن هذا ل حرمفة له ‪ .‬قال ‪ :‬فإن امتل السفجد بالصففوف صففوا خارج‬
‫ال سجد ‪ ،‬فإذا ات صلت ال صفوف حينئذ ف الطرقات وال سواق صحت‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪306‬‬

‫صلتم ‪ .‬وأما إذا صفوا وبينهم وبي الصف الخر طريق يشي الناس فيه‬
‫ل تصفح صفلتم فف أظهفر قول العلماء ‪ .‬وكذلك إذا كان بينهفم وبيف‬
‫الصفوف حائط بيث ل يرون الصفوف ‪ ،‬ولكن يسمعون التكبي من غي‬
‫حاجة ‪ ،‬فإنه ل تصح صلتم ف الظهر ‪ ،‬وكذلك من صلى ف حانوته‬
‫والطر يق خال ل ت صح صلته ‪ ،‬ول يس له أن يق عد ف الانوت وينت ظر‬
‫اتصفال الصففوف بفه ‪ ،‬بفل عليفه أن يذهفب إل السفجد ‪ ،‬فيسفد الول‬
‫فالول فالول " ‪ / .‬صففحة ‪ / 283‬قوله تتف عنوان ‪ :‬اقتداء الأموم‬
‫بالمام ‪ " : . . .‬و قد تقدم حد يث صلة ال نب ( ص ) والناس يأتون به‬
‫مفن وراء الجرة يصفلون بصفلته " ‪ .‬قلت ‪ :‬يشيف إل حديفث عائشفة‬
‫التقدم عنده ف أول " قيام رمضان " ‪ ،‬ل كن ل يس ف يه ذ كر " الجرة " ‪،‬‬
‫و هو مرج ف " صحيح أ ب داود " ( ‪ ، ) 1243‬وإن ا ذلك ف روا ية‬
‫للبخاري ‪ .‬وإن ما ينبغي التنبيه عليه أنه ليس القصود من لفظ " الجرة "‬
‫ما يتبادر إل الذ هن لول وهلة ‪ ،‬و هو بي ته ( ص ) ‪ ،‬وإن ا ال صي الذي‬
‫كان ( ص ) يتجره بالل يل ف ال سجد ‪ ،‬ك ما أفاده الا فظ ا ستنادا إل‬
‫بعض الروايات ف هذا الديث ‪ ،‬فانظر كتاب " متصر صحيح البخاري‬
‫" ( رقم ‪ ، ) 398‬والتعليق عليه ‪ .‬وتت عنوان ‪ :‬من أم قوما يكرهونه ‪،‬‬
‫ذ كر حد يث ‪ " :‬ثللة ل يق بل ال من هم صلة ‪ :‬من تقدم قو ما و هم له‬
‫كارهون ‪ ،‬ور جل أ تى ال صلة دبارا ‪ ،‬ور جل اعت بد مرره " ‪ .‬رواه أ بو‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪307‬‬

‫داود وابن ماجه ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا إسناده ضعيف ‪ ،‬فيه مهول وآخر ضيف ‪،‬‬
‫كمفا تراه مبينفا فف " الشكاة " ( ‪ ، ) 1123‬و " ضعيفف أبف داود " (‬
‫‪ ، ) 92‬لكن الفقرة الول منه صحيحة ‪ ،‬لا شواهد ندة خرجتها ف "‬
‫صفحيح أبف داود " ( ‪ ، ) 607‬منهفا حديفث ابفن عباس الذي هفو فف‬
‫الكتاب قبله ‪ / .‬صفحة ‪ / 284‬ومن ( موقف المام والأموم ) وله تت‬
‫ر قم ( ‪ " : ) 2‬لد يث أ ب هريرة أن ال نب ( ص ) قال ‪ :‬و سطوا المام‬
‫و سدوا اللل ‪ .‬رواه أ بو داود " ‪ .‬قلت ‪ :‬وإ سناده ضع يف ف يه مهولن ‪،‬‬
‫وضعفه عبد الق الشبيلي ‪ ،‬وللشطر الثان شاهد من حديث أبن عمر‬
‫انظره إن شئت ف " الترغيب " ( ‪ ، ) 173 / 1‬ث خرجته ف " صحيح‬
‫أ ب داود " ( ‪ ، ) 672‬ووالول ف " ضع يف أ ب داود " ( ‪ . ) 106‬ث‬
‫قال ‪ " :‬وعن أنس قال ‪ :‬كان رسول ال ( ص ) يب أن يليه الهاجرون‬
‫‪ . . .‬رواه أحد وأبو داود " ‪ .‬قلت ‪ :‬عزوه لب داود خطأ إذ ل يروه ف‬
‫" سننه " ‪ ،‬والؤلف إن ا ن قل أحاد يث هذا الف صل من " النت قى " ‪ ،‬و قد‬
‫قال ف تريه ‪ " :‬رواه أحد وابن ماجه " ‪ .‬وهذا هو الصواب ‪ ،‬وإسناد‬
‫الد يث صحيح ‪ .‬قوله ‪ ) 3 ( " :‬مو قف ال صبيان والن ساء من الرجال ‪،‬‬
‫كان ر سول ال ( ص ) ي مل الرجال قدام الغلمان ‪ ،‬والغلمان خلف هم ‪،‬‬
‫والنسفاء خلف الغلمان ‪ .‬رواه أحدف وأبفو داود " ‪ .‬قلت ‪ :‬وإسفنادها‬
‫ضعيف ‪ ،‬فيه شهر ‪ ،‬وهو ضعيف كما سبق غي مرة ‪ .‬وف صف النساء‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪308‬‬

‫لوحدهم وراء الرجال أحاديث صحيحة ‪ ،‬وأما جعل الصبيان وراءهم فلم‬
‫أ جد ف يه سوى هذا الد يث ‪ ،‬ول تقوم به ح جة ‪ ،‬فل أرى بأ سا من‬
‫وقوف الصبيان مع الرجال إذا كان ف الصف متسع ‪ ،‬وصلة اليتيم مع‬
‫أ نس وراءه ( ص ) ح جة ف ذلك ‪ / .‬صفحة ‪ / 285‬قال ت ت ر قم ‪4‬‬
‫‪ -‬ف التعليق تفسيا لقوله ( ص ) ‪ " :‬زادك ال حرصا ول تعد " ‪ " :‬قيل‬
‫‪ :‬ل ت عد ف تأخ ي ال جئ إل ال صلة ‪ ،‬وق يل ‪ :‬ل ت عد إل دخولك ف‬
‫الصف وأنت راكع ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ل تعد إل التيان إل الصلة مسرعا " ‪" .‬‬
‫إذا يتم " إذا أتيتم الصلة فعليكم بالسكينة ‪ ،‬ول تأتوها وأنتم تسعون ‪،‬‬
‫فما أدركتم فصلوا ‪ ،‬وما فاتكم فأتوا " ‪ .‬متفق عليه ‪ .‬وأما القول الذي‬
‫قبله ‪ ،‬فل يصح ما يؤيده ‪ ،‬بل هو مالف لديث عطاء بن أب يسار أنه‬
‫سع عبد ال بن الزبي على النب يقول للناس ‪ :‬إذا دخل أحدكم السجد‬
‫والناس ركوع ‪ ،‬فلي كع ح ي يد خل ‪ ،‬ث ليدب راك عا ‪ ،‬ح ت يدخل ف‬
‫الصف ‪ ،‬فإن ذلك السنة ‪ ،‬قال عطاء ‪ :‬وقد رأيته هو يفعل ذلك ‪ .‬أخرجه‬
‫ابن خزية ( ‪ ، ) 1571‬والطبان ‪ ،‬والاكم وصححه ‪ ،‬ووافقه الذهب ‪،‬‬
‫و هو ك ما قال على ما بين ته ف " ال صحيحة " ( ‪ ، ) 229‬وجرى عل يه‬
‫ع مل ال سلف ‪ ،‬كأ ب ب كر وز يد بن ثا بت وا بن م سعود ‪ ،‬و قد خر جت‬
‫آثار هم ف ذلك هناك ‪ .‬وأ ما الد يث الخالف له ف هو ضع يف ‪ ،‬وله علة‬
‫خف ية بينت ها ف " الضعي فة " ( ‪ ، ) 977‬ولذا ل يأ خذ به المام أح د ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪309‬‬

‫بل أخذ بديث ابن الزبي ‪ ،‬كما يأت قريبا ‪ .‬قوله تعف رقم ‪" : - 4‬‬
‫قال ابن المام ‪ :‬وحل أئمتنا حديث وابصة على الندب ‪ ،‬رحديث علي‬
‫بن شيبان على ن في الكمال ‪ ،‬ليواف قا حد يث أ ب بكرة ‪ ،‬إذ ظاهره عدم‬
‫لزوم العاده لعدم أمره با " ‪ .‬قلت ‪ :‬ل تعارض بي الديثي من جهة ‪،‬‬
‫وحد يث أ ب بكرة من ج هة أخرى ‪ / ،‬صفحة ‪ / 286‬لن أ با بكرة ل‬
‫يصل ف الصف وحده ‪ ،‬فلم يأمره بالعادة ‪ ،‬والرجل الذكور ف الديثي‬
‫صفلى وراء الصفف وحده ‪ ،‬فأمره بالعادة ‪ ،‬فل معارضفة ‪ ،‬وبذا جعف‬
‫المام أحدف رحهف ال ‪ ،‬فقال أبفو داود فف " مسفائله " ( ص ‪" : ) 35‬‬
‫سعت أح د سئل عن ر جل ر كع دون ال صف ‪ ،‬ث م شى ح ت د خل‬
‫الصف ‪ ،‬وقد رفع المام قبل أن ينتهي إل الصف ؟ قال ‪ :‬تزئه ركعة ‪،‬‬
‫وإن صلى خلف الصف وحده أعاد الصلة " ‪ .‬قوله ت ت ر قم ‪" : - 5‬‬
‫وعن النعمان بن بشي قال ‪ :‬كان رسول ال ( ص ) يسوينا ف الصفوف‬
‫‪ . . .‬فقال ‪ :‬لتسفون صففوفكم أو ليخالففن ال بيف وجوهكفم ‪ .‬رواه‬
‫المسة وصححه الترمذي " ‪ .‬قلت ‪ :‬فيه عند أب داود زيادة كان يسن‬
‫بالؤلف نقلها ‪ ،‬لنا تبي سنة طالا غفل أكثر الصلي عنها ‪ ،‬وهي قول‬
‫النعمان ع قب الد يث ‪ " :‬فرأ يت الر جل يلزق منك به بن كب صاحبه ‪،‬‬
‫وركبتفه بركبفة صفاحبه ‪ ،‬وكعبفه بكعبفه " ‪ .‬وإسفناده صفحيح ‪ ،‬وعلقفه‬
‫البخاري ف " صحيحه " ‪ ،‬وأسند نوه عن أنس ‪ .‬وقوله ‪ " :‬روى البزار‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪310‬‬

‫ب سند ح سن عن ا بن ع مر قال ‪ :‬ما من خطوة أع ظم أجرا من خطوة‬


‫مشا ها ر جل إل فر جة ف ال صف ف سدها " ‪ .‬قلت ‪ :‬ف يه ثل ثة أخطاء ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬الد يث مرفوع ‪ ،‬و هو أوق فه ! الثا ن ‪ :‬عزاه للبزار ‪ ،‬ول ير جه‬
‫غي الطبان ! الثالث ‪ - :‬حسن إسناده ‪ ،‬وهو ضعيف ! ‪ /‬صفحة ‪287‬‬
‫‪ /‬ومنشفا الطأيفن الخييفن أنفه ل يتأمفل تام كلم اليثمفي فف تريفج‬
‫الديث ‪ ،‬فإنه أورده هكذا ‪ " :‬عن عبد ال بن عمر قال ‪ :‬قال رسول ال‬
‫( ص ) ‪ :‬خياركم ألينكم مناكب ف الصلة ‪ ،‬وما من خطوة ‪، " . . .‬‬
‫ث قال ‪ " :‬رواه الطبان ف ( الوسط ) كما ههنا ‪ ،‬والبزار خل قوله ‪" :‬‬
‫وما من خطوة ‪ " . .‬إل آخره ‪ .‬وإسناد البزار حسن ‪ ،‬وف إسناد الطبان‬
‫ليث بن حاد ضعفه الدارقطن " ‪ .‬وذكر النذري نوه ف " الترغيب " ‪،‬‬
‫وعزا رواية البزار لبن حبان ف " صحيحه " ‪ .‬فهذا الكلم منهما صريح‬
‫ف أن الش طر الثا ن من الد يث ‪ ،‬و هو الذي أورده الؤلف ‪ ،‬ل ير جه‬
‫البزار وأن سنده ضع يف ‪ .‬فتأ مل ‪ .‬ن عم قد وجدت للحد يث شاهد ين‬
‫يرتقي بما إل مرتبة السن ‪ ،‬كما بينته ف " الصحيحة " ( ‪، ) 2533‬‬
‫ولذلك أوردته ف اصحيح الترغيب والترهيب ‪ 501 ( ،‬و ‪ . ) 504‬ث‬
‫ذكر حديث جابر بن سرة هكذا ‪ " :‬أل تصفون كما تصف اللئكة ‪. .‬‬
‫‪ . " .‬كذا وقفع فف طبعات الكتاب ‪ ،‬بضفم التاء فف الفعليف على البناء‬
‫للمجهول ‪ ،‬ول أعلم له وجها ‪ ،‬فالرواية ف " صحيح مسلم " و " النتقى‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪311‬‬

‫" وغيهاف بفتحهفا ‪ ،‬بيفد أن الشوكانف قيده على الوجهيف ‪ ،‬فقال فف "‬
‫النيفل " ( ‪ " : ) 164 / 4‬بفتفح التاء الثناة مفن فوق ‪ ،‬وضفم الصفاد ‪،‬‬
‫وبضم أوله مبن للمفعول ‪ ،‬والراد الصف ف الصلة " ‪ / .‬صفحة ‪288‬‬
‫‪ /‬قوله تت رقم ‪ " : - 6‬وروى أبو داود وابن ماجه عن عائشة قالت ‪:‬‬
‫قال رسفول ال ( ص ) ‪ :‬إن ال وملئكتفه يصفلوت على الذيفن يصفلون‬
‫على ميامفن الصففوف " ‪ .‬قلت ‪ :‬الديفث بذا اللففظ غيف مفوظ عفن‬
‫عائ شة ك ما قال البيه قي ‪ ،‬وال صواب عن ها بل فظ ‪ " :‬على الذ ين ي صلون‬
‫الصفوف " ‪ ،‬وقد فصلت القول ف بيان علة الديث ف " ضعيف سنن‬
‫أ ب داود " ( ر قم ‪ ، ) 104‬و قد غ فل عن عل ته كل من ح سنه من‬
‫التقدمي والتأخرين ‪ ،‬كالعلق على " شرح السنة " للبغوي ( ‪374 / 3‬‬
‫) ‪ ،‬مفع أنفه نقفل معنف قول البيهقفي الذكور ‪ ،‬فكان عليفه أن يدفعفه‬
‫بالجة ‪ ،‬ل أن يمع بي النقيضي ! وقوله ‪ " :‬وعند أحد والطبان بسند‬
‫صحيح عن أب أمامة أن النب ( ص ) قال ‪ :‬إن ال وملئكته يصلون على‬
‫الصف الول ‪ .‬قالوا ‪ :‬يا رسول ال وعلى الثان ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬ل وجه‬
‫ألبتة لتصحيح إسناده ‪ ،‬لنه ‪ -‬كما ف " السند " ‪ -‬من طريق فرج ‪ :‬ا ‪:‬‬
‫ثنا لقمان عن أب أمامة ‪ .‬وفرج ضعيف كما قال الافظ ف " التقريب "‬
‫ول سيما أنه يرويه عن لقمان ‪ ،‬فقد سئل الدارقطن عن رواية فرج بن‬
‫فضالة عن لقمان ابن عامر عن أب أمامة ؟ فقال ‪ " :‬هذا كله غريب " ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪312‬‬

‫ولذلك ل يصفححه النذري ول اليثمفى ‪ ،‬فقال الول ‪ " :‬رواه أحدف‬


‫بإ سناد ل بأس به ‪ ،‬وال طبان وغيه " ‪ .‬كذا قال ‪ .‬وقال ال خر ‪ " .‬رواه‬
‫أح د وال طبان ف " ال كبي " ‪ ،‬ورجال أح د موثقون " ‪ .‬فف يه إشارة إل‬
‫أن توثيق بعض رجاله توثيق لي ‪ ،‬وليس هو إل فرج بن فضالة ‪ .‬ويغن‬
‫عنه حديث الباء بن عازب ف " صحيحي ابن خزية وابن حبان " ‪ .‬انظر‬
‫" صفحيح الترغيفب " ( ‪ / . ) 490‬صففحة ‪ / 289‬ومفن ( السفاجد )‬
‫قوله فف فضفل بنائهفا ‪ ) 2 ( " :‬وروى أحدف وابفن حبان والبزار بسفند‬
‫صفحيح عفن ابفن عباس أن النفب ( ص ) قال ‪ :‬مفن بنف ل مسفجدا ولو‬
‫كمف حص قطاة لبيض ها ‪ ،‬ب ن ال له بي تا ف ال نة " ‪ .‬قلت ‪ :‬كل ل يس‬
‫سنده صحيحا ‪ ،‬فإن ف يه ع ند أح د والبزار جابرا الع في ‪ ،‬و هو ضع يف‬
‫ك ما ف " الج مع " ‪ ،‬وا بن حبان إن ا رواه ( ر قم ‪ - 301‬موارد ) من‬
‫حديفث أبف ذر مرفوعفا بذا اللففظ دون قوله ‪ " :‬لبيضهفا " ‪ ،‬وكذلك‬
‫أخر جه البزار أي ضا ‪ ،‬والطحاوي ف " مش كل الثار " ‪ ،‬وال طبان ف "‬
‫العجفم الصفغي " بسفند صحيح ‪ .‬فالظاهفر أنفه اشتبفه على الؤلف أحفد‬
‫الديثي بالخر ‪ .‬وقد جاء الديث عن جاعة من الصحابة بنحو هذا ‪،‬‬
‫وقد خرجتها ف " الثمر الستطاب " ‪ ،‬وليس ف شئ منها هذه الزيادة ‪،‬‬
‫فهفي منكرة ‪ .‬قوله تتف عنوان ‪ :‬الدعاء عنفد التوجفه إليهفا ‪ ( " :‬د )‬
‫وروى أحد وابن خزية وابن ماجه وحسنه الافظ عن أب سعيد أن النب‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪313‬‬

‫( ص ) قال ‪ :‬إذا خرج الرجفل مفن بيتفه إل الصفلة فقال ‪ :‬اللهفم إنف‬
‫أسألك بق السائلي عليك ‪ ،‬وبق مشاي هذا ‪ ،‬فإن ل أخرج أشرا ‪. .‬‬
‫‪ . " .‬قلت ‪ :‬بك إ سناده ضع يف ‪ ،‬فإ نه من روا ية عط ية العو ف ‪ ،‬و هو‬
‫ضع يف ‪ ،‬و قد قال الا فظ ا بن ح جر ف ترج ته من " التقر يب " ‪" :‬‬
‫صدوق ي طئ كثيا ‪ ،‬كان شيع يا مدل سا " ‪ .‬قلت ‪ :‬و هو قد عن عن هذا‬
‫الديث عن أب سعيد ‪ ،‬ول يصرح بسماعه منه ‪ ،‬فهي علة ثانية ‪ ،‬فأن‬
‫لدي ثه ال سن ؟ ! ‪ /‬صفحة ‪ / 290‬ث وق فت له على علة ثال ثة ‪ ،‬و هي‬
‫الوقف ‪ ،‬فقد ذكر ابن أب حات ف " العلل " أنه رواه بعضهم عن عطية‬
‫عن أب سعيد موقوفا ‪ .‬وقال أبو حات ‪ " :‬إنه أشبه " ‪ .‬يعن بالصواب ‪،‬‬
‫ولذلك ضعفف النذري هذا الديفث فف " الترغيفب " ( ‪. ) 130 / 1‬‬
‫وقول الؤلف ‪ " :‬وح سنه الا فظ " ‪ ،‬أظ نه يع ن أ با ال سن القد سي ‪ .‬ا‬
‫نظفر " الترغيفب " ( ‪ . ) 265 / 2‬قوله فف دعاء الدخول إل السفجد‬
‫والروج منه ‪ " :‬اللهم صل على ممد ‪ ،‬اللهم اغفر ل ذنوب " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫ل نا على هذا ملحظتان ‪ :‬الول ‪ :‬ينب غى أن يضاف إل ال صلة على ال نب‬
‫ف ( ص ) هنا السلم عليه ( ص ) لثبوت المر به ف حديث أب هريرة‬
‫الذي منه نقل الؤلف الدعاء بالعصمة عند الروج ‪ ،‬وكذلك ثبت المر‬
‫الذكور من حديث أب حيد وأب أسيد ف " صحيح أب عوانة " ‪ .‬الثانية‬
‫‪ :‬أن الدعاء بالغفرة ف الوضع ي ل يرد ف حد يث صحيح ‪ ،‬وإن ا روي‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪314‬‬

‫من حديث فاطمة رضي ال عنها ‪ ،‬وهو مع أنه منقطع كما بينه مرجه‬
‫الترمذي ‪ ،‬فان الدعاء الذكور ف يه تفرد بذكره ف الد يث ل يث بن أ ب‬
‫سليم ‪ ،‬و هو ضع يف ‪ ،‬و قد تاب عه على روا ية أ صل الد يث إ ساعيل بن‬
‫علية ‪ ،‬وهو ثقة جليل ‪ ،‬ولكنه ل يذكر فيه هذا الدعاء ‪ ،‬فدل ذلك كله‬
‫على أنه ل يصح فيه ‪ ،‬وأنه منكر ‪ .‬ولذلك فإن أرى أنه ل يشرع التزامه‬
‫مع الدعية الصحيحة ‪ ،‬ول إيراده فيها ‪ ،‬ولسيما مع القطع بأنه من السنة‬
‫‪ ،‬فتأمفل ‪ ،‬وراجفع لذا " تريفج الكلم الطيفب " ( ‪ ، ) 66 - 63‬و "‬
‫الشكاة " ( ‪ 703‬و ‪ 731‬و ‪ ، ) 749‬و " صففحيح أبفف داود " (‬
‫‪ / . ) 484‬صفحة ‪ / 291‬قوله ف ف ضل ال سعي إليها ‪) 1 ( " : . . .‬‬
‫روى أح د والشيخان عن أ ب هريرة أن ال نب ( ص ) قال ‪ :‬من غدا إل‬
‫ال سجد وراح ‪ ،‬أ عد ال له ال نة نزل كل ما غدا أو راح " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا‬
‫لففظ أحدف فف " السفند " ( ‪ ، ) 509 / 2‬ويبدو ل أنفه قفد وقفع فيفه‬
‫اخت صار ي سي من ب عض رواة " ال سند " أ خل بالع ن الق صود م نه ‪ ،‬فإن‬
‫لف ظه ع ند م سلم ‪ " :‬من غدا إل ال سجد أو راح ‪ ،‬أ عد ال له ف ال نة‬
‫نزل كلما غدا أو راح " ‪ .‬وهكذا أخرجه أحد أيضا بالرف الواحد ف‬
‫" كتاب الزهد " ( ص ‪ ، ) 3‬وهو أول حديث منه ‪ ،‬وسنده سنده ف "‬
‫السند " ‪ ،‬ورواية البخاري نوه ‪ .‬ول يفى أن اعداد النة نزل ‪ ،‬هو غي‬
‫إعداد نزل في ها كل ما غدا أو راح ‪ ،‬فإن اللفظ ي يفيدان ضمان ال نة ل ن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪315‬‬

‫غدا أو راح ‪ ،‬ل كن الل فظ الثا ن يز يد على الول أن له منازل في ها على‬


‫عدد غدوه وروا حه ‪ .‬فتأ مل ‪ .‬ولذا ينب غي لس يشت غل بك تب ال سنة أن‬
‫يعفل عمدتفه على " الصفحيحي " ‪ ،‬لتفاق المفة عليهمفا ‪ ،‬واعتنائهفا‬
‫بروايته ما أك ثر من غيه ا من ك تب ال سنة الخرى ‪ .‬وقوله ‪ ( " :‬ب )‬
‫وروى أحد و ‪ . .‬و ‪ . .‬والترمذي وحسنه والكم حه عن أب سعيد أن‬
‫النب ( ص ) قال ‪ :‬إذا رأيتم الرجل يعتاد الساجد فاشهدرا له باليان ‪. .‬‬
‫‪ . " .‬قلت ‪ :‬ليس بصحيح ول حسن السناد ‪ ،‬لنه من طريق دراج أب‬
‫السفمح عفن أي اليثفم عفن أبف سفعيد ‪ ،‬ودراج هذا قال الاففظ فف "‬
‫التقريب " ‪ " :‬صدوق ‪ ،‬ف حديثه عن أب اليثم ضعف " ‪ .‬ولذلك تعقب‬
‫الذهب الاكم بقوله ‪ / :‬صفحة ‪ " / 292‬قلت ‪ :‬دراج كثي الناكي " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ومن مناكيه حديث ‪ " :‬أكثروا ذكر ال حت يقولوا ‪ :‬منون " !‬
‫أخر جه أح د ع قب هذا الد يث ع نه بإ سناده الذكور ‪ .‬وقوله ‪ ( " :‬د )‬
‫وروى الطبان والبزار بسند صحيح عن أب الدرداء أن النب ( ص ) قال‬
‫‪ :‬السجد بيت كل تقي ‪ ،‬وتكفل ال ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬ل أقف على سنده‬
‫لنظر فيه ‪ ،‬ول أجد من صرح بصحته ‪ ،‬والنذري نقل عن مرجه البزار‬
‫أنة قال ‪ " :‬إسناده حسن " ‪ ،‬فمن أين له الصحة ؟ ! ولعل الؤلف استلزم‬
‫صحته من قول اليث مي ف " الج مع " ‪ " :‬قلت ‪ :‬ورجال البزار كل هم‬
‫رجال الصحيح " ‪ ،‬وليس ذلك بلزم لسباب كثية ذكرتا ف القدمة ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪316‬‬

‫فراجعها ‪ .‬ث تبي ل بعد الوقوف على سنده ف " زوائد البزار " ( ‪434‬‬
‫) أن إسناده صحيح ‪ ،‬لكن ليس عنده قوله ‪ " :‬السجد بيت كل تقي " ‪،‬‬
‫وإنا هو عند الطبان وغيه ‪ ،‬وهو مرج ف " الصحيحة " ( ‪، ) 716‬‬
‫وأوردته ف " صحيح الترغيب " ( ‪ ) 326‬وف أفضل الساجد ذكر رواية‬
‫البيه قي عن جابر مرفو عا ‪ " :‬صلة ف ال سجد الرام مائة ألف صلة ‪،‬‬
‫و صلة ف م سجدي ألف صلة ‪ ،‬و ف ب يت القدس خ سمائة صلة " ‪.‬‬
‫ح سنه ال سيوطي ‪ .‬قلت ‪ :‬ف يه مؤاخذات ‪ :‬الول ‪ :‬اعتماده على ت سي‬
‫ال سيوطي للحد يث ‪ ،‬و هو إن ا ح سنه بالر مز له ‪ /‬صفحة ‪ / 293‬ك ما‬
‫صرح بذلك الناوي ف " الفيض " ‪ ،‬ورموزه ما ل يعتمد عليها كما نبهنا‬
‫على ذلك مرارا ل سباب ذكرت ا ف القد مة فراجع ها إن شئت ‪ ،‬وإن م ا‬
‫يؤكد ذلك أن هذا الديث بالذات قد ضعفه السيوطي نفسه صراحة ف‬
‫" الا مع ال كبي " ‪ ،‬وك شف ف يه عن عل ته فقال ‪ -‬جزاه ال خيا ‪" : -‬‬
‫وفيه إبراهيم بن أب حية ‪ ،‬واه " ‪ .‬يعن أنه شديد الضعف كما بينته ف "‬
‫الرواء " ( ‪ ) 343 / 4‬نقل عن أئ مة الرح والتعد يل ‪ .‬والثان ية ‪ :‬أ نه‬
‫سفكت عنفه ‪ ،‬فأوهفم ثبوتفه ‪ ،‬وهفو ضعيفف جدا ‪ ،‬كمفا ذكرت عفن‬
‫ال سيوطي آن فا ‪ .‬والثال ثة ‪ :‬أن ف معناه حدي ثا ا خر من روا ية أ ب الدرداء‬
‫إسناده أحسن حال من هذا ‪ ،‬حت إن اليثمي قال فيه ‪ " :‬حديث حسن‬
‫" ! فكان الجدر بالؤلف أن ينقفل هذا دون ذاك ‪ ،‬وإن كان تسفينه ل‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪317‬‬

‫ي سلم به النذري ف " ترغي به " ‪ ،‬والا فظ النا جي ف تعقي به عل يه ( ق‬


‫‪ ، ) 1 / 135‬وذلك لن فيفه ضعيففا ‪ ،‬وآخفر يهفم ‪ ،‬كمفا بينتفه فف "‬
‫الرواء " ( ‪ ، ) 1130‬فيب قى الد يث ضعي فا ل يتقوى بروا ية البيه قي‬
‫لشدة ضعفها كما علمت ‪ .‬وأما قول الناوى ف " التيسي " عقب رواية‬
‫البيهقي عن جابر ‪ " :‬وكذا الطبان عنه بإسناد حسن " ‪ .‬فهو من أوهامه‬
‫‪ ،‬بسبب عجلته ف تلخيص كلم اليثمي ‪ ،‬فإن هذا إنا عزاه للطبان من‬
‫حديث أب الدرداء ‪ ،‬وقال فيه ‪ " :‬حديث حسن " ‪ ،‬وقد ردوه عليه كما‬
‫تقدم ‪ ،‬واغتر به الشيخ الغماري ‪ ،‬فأورده ف " كنه " ( ‪2061 / 329‬‬
‫) ! ‪ /‬صفحة ‪ / 294‬ويزداد ضعفا أنه مالف لظاهر قوله ( ص ) جوابا‬
‫لس سأله عن الصلة ف بيت القدس أفضل ‪ ،‬أو مسجده " صلى ال عليه‬
‫وآله " ؟ ‪ " :‬صلة ف مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه ‪ ،‬ولنعم‬
‫الصلى أخرجه الاكم وصححه ‪ ،‬ووافقه الذهب ‪ ،‬وهو كما قال ‪ ،‬وهو‬
‫مرج ف " التعل يق الرغ يب " ( ‪ . ) 138 / 2‬وأما حد يث ‪ :‬إن ال صلة‬
‫ف بيت القدس بألف صلة ‪ ،‬فهو حديث منكر كما قال الذهب ‪ ،‬وهو‬
‫مرج فف " تذيفر السفاجد " ( ص ‪ ، ) 198‬و " ضعيفف أبف داود " (‬
‫‪ . ) 68‬و من ‪ :‬زخر فة ال ساجد ‪ ،‬قوله ت ت ر قم ( ‪ " : ) 1‬ول فظ ا بن‬
‫خزية ‪ :‬يأت على الناس زمان يتباهون بالساجد ‪ ،‬ث ل يعمرونا إل قليل‬
‫" ‪ .‬قلت ‪ :‬هو بذا اللفظ ضعيف ‪ ،‬وإن كان معناه مطابقا للواقع اليوم ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪318‬‬

‫وعل ته أ بو عا مر الراز ‪ ،‬و هو ضع يف لكثرة أوها مه ‪ ،‬وال صحيح الل فظ‬


‫الذي قبله ‪ ،‬وهفو مرج فف " صفحيح أبف داود " ( ‪ . ) 475‬ومفن ‪:‬‬
‫تنظيف ها وتطييب ها ‪ ،‬قوله ت ت ر قم ( ‪ " : ) 2‬عر ضت علي أجور أم ت‬
‫حتف القذاة يرجهفا الرجفل مفن السفجد ‪ .‬رواه أبفو داود والترمذي ‪،‬‬
‫وصححه ابن خزية " ‪ .‬قلت ‪ :‬إسناده ضعيف ‪ ،‬وله علتان ‪ ،‬وقد ضعفه‬
‫البخاري والترمذي والقرطب وغيهم ‪ ،‬وبيان ذلك ف " ضعيف أب داود‬
‫" ( ‪ ، ) 71‬وانظر " الشكاة " ( ‪ / . ) 725‬صفحة ‪ / 295‬قوله تت‬
‫عنوان ‪ :‬صيانتها ‪ " :‬وعند أحد بسند صحيح أن النب ( ص ) قال ‪ :‬إذا‬
‫تن خم أحد كم فليغ يب نام ته أن ت صيب جلد مؤ من أو ثو به فتؤذ يه " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬اقتصر الافظ على تسينه ‪ ،‬وهو الصواب ‪ ،‬لن ف إسناده ممد‬
‫ا بن إ سحاق ‪ ،‬و هو متكلم ف يه ‪ ،‬والتقرر أ نه ح سن الد يث إذا صرح‬
‫بالتحديث كما فعل هنا ‪ .‬ولعل الؤلف أخذ تصحيحه من قول اليثمي‬
‫فيفه ‪ " :‬رواه أحدف وأبفو يعلى ‪ ،‬ورجاله موثقون " ‪ .‬وليفس ذلك بلزم‬
‫كما سبقت الشارة إليه آنفا ‪ .‬قوله ف التعليق ‪ " :‬يتحتم على من أكلها‬
‫( يعنف الثوم ونوه ) البعفد عفن السفجد ومتمعات الناس حتف تذهفب‬
‫رائحت ها ‪ ،‬ويل حق ب ا الروائح الكري هة ‪ ،‬كالدخان رالتج شؤ والب خر " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا اللاق فيفه نظفر ‪ ،‬لن البخفر ونوه علة سفاوية ل إرادة ول‬
‫كسب للمرء فيها ‪ ،‬ول هو يلك إزالتها ‪ ،‬فكيف يلحق بالروائح الكريهة‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪319‬‬

‫الت هي بإرادته وكسبه ‪ ،‬وبإمكانه المتناع من تعاطي أسبابا أو القضاء‬


‫عليها ؟ ! والشارع الكيم إنا منع آكل الثوم وغيه من حضور الساجد‬
‫والصول على فضيلة الماعة ‪ :‬عقوبة له على عدب مبالته بإيذاء الؤمني‬
‫واللئكفة القربيف ‪ ،‬فل يوز أن يرم مفن هذه الفضيلة البرف ونوه لاف‬
‫ذكرناه من الفارق ‪ .‬ومن ‪ :‬إباحة الكل والشرب والنوم ‪ ،‬قوله ‪ " :‬وقال‬
‫عبد ال بن الارث ‪ :‬كنا نأكل على عهد رسول ال ( ص ) ف السجد‬
‫البفز واللحفم ‪ .‬رواه ابفن ماجفه بسفند حسفن " ‪ .‬قلت ‪ :‬بفل إسفناده‬
‫صحيح ‪ ،‬وكان الؤلف تبع ف تسينه صاحب " الزوائد " حيث قال ‪/ :‬‬
‫صفحة ‪ " / 296‬إ سناده ح سن ‪ ،‬ورجاله ثقات ‪ ،‬ويعقوب متلف ف يه !‬
‫‪ .‬قلت ‪ :‬ولو أن يعقوب تفرد به لكان حسنا كما قال ‪ ،‬ولكن ابن ماجه‬
‫رواه ع نه مقرو نا مع حرملة بن ي ي ‪ ،‬وحرملة ث قة ‪ ،‬و به ي صي ال سناد‬
‫صحيحا ‪ .‬ذ كر حد يث معاو ية بن قرة عن أب يه قال ‪ " :‬ك نا نن هى أن‬
‫ن صف ب ي ال سواري على ع هد ر سول ال ( ص ) ‪ ،‬ونطرد عن ها طردا ‪.‬‬
‫رواه ا بن ما جه و ف إ سناده ر جل مهول " ‪ .‬قلت ‪ :‬نقله عن " الن يل "‬
‫للشوكان ( ‪ ، ) 163 / 3‬وتام كلمه ‪ " :‬كما قال أبو حات " ‪ ،‬وهو‬
‫يعن هارون بن مسلم ‪ .‬فأقول ‪ :‬إنا قال أبو حات ما قال ‪ ،‬لنه ل يعرف‬
‫له راويا غي عمر بن سنان الصغدي ‪ ،‬ولذلك ل يذكر له غيه ‪ ،‬ولكن‬
‫الوا قع أ نه روى ع نه أي ضا ثل ثة من الثقات ‪ ،‬وكل هم رووا هذا الد يث‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪320‬‬

‫عنه ‪ .‬فقال أبو داود الطيالسي ف " مسنده " ( ‪ : ) 1073‬حدثنا هارون‬
‫أبو مسلم قال ‪ :‬حدثنا قتادة عن معاوية بن قرة به ‪ .‬ومن طريق الطيالسي‬
‫أخرجه الدولب ف " الكن " ( ‪ ، ) 113 / 2‬والبيهقي ( ‪) 104 / 3‬‬
‫‪ .‬وكذلك رواه ا بن ما جه ‪ ،‬لك نه قرن م عه الث قة الثا ن ‪ ،‬فقال ف " سننه‬
‫" ( ‪ : ) 1002‬حدثنا زيد بن أخزم أبو طالب ‪ :‬ثنا أبو داود وأبو قتيبة‬
‫قال ‪ :‬ثنا هارون بن مسلم به ‪ .‬وأبو قتيبة اسه سلم بن قتيبة ‪ ،‬وقد رواه‬
‫عنه ابن خزية أيضا ‪ ،‬ولكنه قرن به الثقة الثالث ‪ ،‬فقال ف " صحيحه " (‬
‫‪ : ) 1567‬نا يي بن حكيم ‪ :‬ثنا أبو قتيبة ‪ /‬صفحة ‪ / 297‬ويي بن‬
‫حاد عن هارون أب مسلم به ‪ .‬ومن طريق ابن خزية أخرجه ابن حبان (‬
‫‪ - 400‬موارد الظمآن ) ‪ ،‬والا كم ( ‪ ، ) 218 / 1‬من طر يق أخرى‬
‫عن سلم بن قتي بة وحده وقال ‪ " :‬صحيح ال سناد " ‪ .‬وواف قه الذ هب ‪.‬‬
‫فثبفت بذا التخريفج والتحقيفق أن هارون بفن مسفلم هذا معروف ليفس‬
‫بجهول ‪ ،‬وأن إسناده صحيح ‪ ،‬أو حسن على القل ‪ ،‬وهو صحيح قطعا‬
‫با قبله من حديث أنس ‪ ،‬وال أعلم ‪ .‬ومن ( الواضع النهي عن الصلة‬
‫فيها ) قوله تت رقم ‪ - 1‬الصلة ف القبة ‪ " :‬وعندها عن جندب بن‬
‫ع بد ال البجلي ‪ . . .‬إل " ‪ .‬قلت ‪ :‬عزوه إليه ما ‪ -‬ولج ن الشيخ ي ‪-‬‬
‫خطفأ ‪ ،‬فإن الديفث ماف تفرد بفه مسفلم دون البخاري كمفا فف " تففة‬
‫الشراف " وغيه ك‍ " النيل " ( ‪ ، ) 114 / 2‬وهو مرج ف " الرواء "‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪321‬‬

‫( ‪ . ) 318 / 1‬وقوله ‪ " :‬وعنه ( ص ) أنه قال ‪ :‬لعن ال زائرات القبور‬


‫‪ ،‬والتخذين عليها الساجد والسرج " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا الديث على شهرته‬
‫ضع يف ال سناد ‪ ،‬فإ نه من روا ية أ ب صال باذام عن ا بن عباس ‪ ،‬وباذام‬
‫ضعففه المهور ‪ ،‬بفل اتمفه بعضهفم بالكذب كمفا ذكرتفه فف " أحكام‬
‫النائز " ‪ ،‬وفصلته ف " التعليقات الياد " ‪ ،‬ويراجع له " تذيب السنن "‬
‫و " التلخيص " ‪ / .‬صفحة ‪ / 298‬نعم الديث صحيح لنيه بلفظ ‪. " :‬‬
‫‪ . .‬زوارات ‪ ، " . . .‬لن له شواهفد ‪ ،‬غيف " السفرج " ‪ ،‬فلم أجفد له‬
‫شاهدا ‪ ،‬فيبقفى على ضعففه ‪ .‬وقوله ‪ " :‬وعنفد النابلة كذلك إذا كانفت‬
‫تتوى على ثل ثة قبور فأك ثر ‪ ،‬أ ما ما في ها قب أو قبان فال صلة في ها‬
‫صحيحة مع الكراهة ‪ ،‬إن استقبل القب ‪ ،‬وإل فل كراهة " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا‬
‫قول بعض النابلة ول يرتضه شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،‬بل رده ‪ ،‬وذكر‬
‫عن عامة أصحاب أحد أنه ل فرق بي القبة فيها قب أو أكثر ‪ ،‬قال ف "‬
‫الختيارات العلم ية " ‪ " :‬ول ت صح ال صلة ف ال قبة ول إلي ها ‪ ،‬والن هى‬
‫عن ذلك إنا هو سد لذريعة الشرك ‪ ،‬وذكر طائفة من أصحابنا أن القب‬
‫والقفبين ل ينفع مفن الصفلة لنفه ل أصفحابة هذا الفرق ‪ ،‬بفل عموم‬
‫كلمهم وتعليلهم واستدللم يوجب منع الصلة عند قب واحد من القبور‬
‫‪ ،‬وهو الصواب ‪ .‬والقبة ما حول القبور ل يصلى فيه ‪ ،‬فهذا يعي أن ل‬
‫توز الصلة فيه ‪ ،‬أي السجد الذى قبلة إل القب حت يكون بي الائط‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪322‬‬

‫وبي القبة حائل آخر ‪ ،‬وذكر بعضهم ‪ :‬هذا منصوص أحد " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫وقد ذكر شيخ السلم ف " الفتاوى " وغيها اتفاق العلماء على كراهة‬
‫ال صلة ف ال ساجد البن ية على القبور وح كى بطلن ا في ها ف مذ هب‬
‫أحد ‪ ،‬وذلك مستفاد من أحاديث النهى عن اتاذ القبور مساجد وبنائها‬
‫عليها ‪ ،‬وهى مسألة هامة قد أغفلها عامة الفقهاء ‪ ،‬ولذلك أحببت أن أنبه‬
‫عليها ‪ ،‬وأن ل أخلى هذه ‪ /‬صفحة ‪ / 299‬التعليقات منها ‪ ،‬وقد فصلت‬
‫القول فيها ف " التعليقات الياد " و " أحكام النائز " و " تذير الساجد‬
‫من اتاذ القبور م ساجد " ‪ .‬قوله ‪ - 3 " :‬ال صلة ف الزبلة والجزرة‬
‫وقارعة الطريق وأعطان البل والمام وفوق الكعبة ‪ ،‬فعن زيد بن جبية‬
‫عن داود بن حصي عن ابن عمر أن النب ( ص ) نى أن يصلى ف سبعة‬
‫موا طن ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬فذ كر الوا ضع الذكورة ‪ ،‬ث ن قل عن الترمذي‬
‫تضعي فه الد يث ‪ ،‬وأقره على ذلك ‪ ،‬و هو ال صواب ك ما هو مبي ف "‬
‫الرواء " ( ‪ ، ) 287‬فعادت الدعوى بدون دليل صحيح ‪ ،‬فكان على‬
‫الؤلف أن يورد أحاديث أخرى صحيحة تشهد للحديث ‪ ،‬ولو ف بعض‬
‫مفردا ته ‪ :‬فمن ها قوله " صلى ال عل يه وآله " ‪ " :‬الرض كل ها م سجد ‪،‬‬
‫إل القفبة والمام " ‪ .‬أخرجفه أبفو داود والترمذي والاكفم والبيهقفي‬
‫وغيهم ‪ ،‬وإسناده عند بعضهم صحيح على شرط الشيخي ‪ ،‬وهو مرج‬
‫ف ال صدر ال سابق ‪ .‬ومن ها قوله " صلى ال عل يه وآله " ‪ " :‬إذا حضرت‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪323‬‬

‫الصلة فلم تدوا إل مرابض الغنم وأعطان البل فصلوا ف مرابض الغنم ‪،‬‬
‫ول تصلوا ف أعطان البل " ‪ .‬أخرجه أحد رالدارمي وابن ماجه وغيهم‬
‫بسفند صفحيح على شرط الشيخيف مفن حديفث أبف هريرة ‪ ،‬وفف معناه‬
‫أحاديفث أخرى خرجتهفا فف " الثمفر السفتطاب " ‪ .‬ول أعلم حديثفا‬
‫صفحيحا فف النهفي عفن الصفلة فف الواطفن الخرى ‪ ،‬ول يوز القول‬
‫يطلن ا في ها ال ب نص ع نه " صلى ال عل يه وآله " ‪ ،‬فليعلم ‪ / .‬صفحة‬
‫‪ / 300‬و من ( ال سترة أمام ال صلي ) قوله ف حكم ها ‪ " :‬ي ستحب‬
‫للم صلي أن ي عل ب ي يد يه سترة ‪ . " . . .‬أقول ‪ :‬القول بال ستحباب‬
‫ينا ف ال مر بال سترة ف عدة أحاد يث ذ كر الؤلف أحد ها ‪ ،‬و ف بعض ها‬
‫النهي عن الصلة إل غي سترة ‪ ،‬وبذا ترجم له ابن خزية ف " صحيحه‬
‫" ‪ ،‬فروى هو ومسلم عن ابن عمر مرفوعا ‪ " :‬ل تصل إل إل سترة ‪. .‬‬
‫‪ . " .‬وإن ما يؤكد وجوبا أنا سبب شرعي لعدم بطلن الصلة برور‬
‫الرأة البالغة والمار والكلب السود ‪ ،‬كما صح ذلك ف الديث ‪ ،‬ولنع‬
‫الار من الرور بي يديه ‪ ،‬وغي ذلك من الحكام الرتبطة بالسترة ‪ ،‬وقد‬
‫ذهب إل القول بوجوبا الشوكان ف " نيل الوطار " ( ‪ ، ) 2 / 3‬و "‬
‫ال سيل الرار " ( ‪ ، ) 176 / 1‬وهو الظا هر من كلم ابن حزم ف "‬
‫الحلى " ( ‪ . ) 15 - 8 / 4‬قوله تت رقم ‪ " : - 1‬وعن أب هريرة‬
‫قال ‪ :‬قال أ بو القاسم ( ص ) ‪ " :‬إذا صلى أحد كم فليج عل تلقاء وجهه‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪324‬‬

‫شيئا ‪ ،‬فإن ل ي د شيئا فلين صب ع صا ‪ ،‬فإن ل ي كن من ع صا فلي خط‬


‫خ طأ ‪ ،‬ول يضره ما مر ب ي يد يه " ‪ .‬رواه أح د وأ بو داود وا بن حبان‬
‫وصححه ‪ ،‬كما صححه أحد وابن الدين ‪ ،‬وقال البيهقي ‪ :‬ل بأس بذا‬
‫الد يث ف هذا ال كم إن شاء ال " ‪ .‬قلت ‪ :‬الد يث ض يف ال سناد ل‬
‫يصح ‪ ،‬وإن صححه من ذكرهم الؤلف ‪ ،‬فقد ضعفه غيهم ‪ ،‬وهم أكثر‬
‫عددا ‪ ،‬وأقوى حجة ‪ ،‬ول سيما وأحد قد اختلفت الرواية عنه فيه ‪ ،‬فقد‬
‫نقل الافظ ف " التهذيب " عنه أنه قال ‪ " :‬الط ضعيف " ‪ .‬وذكر ف "‬
‫التلخيص " ت صحيح أحد له نقل عن " ال ستذكار " لبن عبد الب ‪ ،‬ث‬
‫ع قب على ذلك بقوله ‪ " :‬وأشار إل ضع فه سفيان بن عيي نة والشاف عي‬
‫والبغوي وغيهم " ‪ / .‬صفحة ‪ / 301‬وف " التهذيب " أيضا ‪ " :‬وقال‬
‫الدارقط ن ‪ :‬ل ي صح ‪ ،‬ول يث بت ‪ .‬وقال الشاف عي ف سنن حرملة ‪ :‬ول‬
‫يط الصلي بي يديه خطأ ‪ ،‬إل أن يكون ذلك ف حديث ثابت فيتبع " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وقال مالك فف " الدونفة " ‪ " :‬الطف باطفل " ‪ .‬وضعففه مفن‬
‫التأخر ين ا بن ال صلح والنووي والعرا قي وغي هم ‪ ،‬و هو ال ق ‪ ،‬لن له‬
‫علتيف تنعان مفن الكفم بسفنه فضل عفن صفحته ‪ ،‬وهاف الضطراب‬
‫والهالة ‪ ،‬ونفي الضطراب كما ذهب إليه الافظ ف " بلوغ الرام " ل‬
‫يلزم منفه انتفاء الهالة كمفا ل يففى ‪ ،‬فكأنفه ذهفل عنهفا حيف حسفن‬
‫الديث ‪ ،‬وإل فقد اعترف هو ف " التقريب " بهالة راوييه أب عمرو بن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪325‬‬

‫ممد بن حريث وجده حريث ‪ .‬والعصوم من عصمه ال ‪ .‬وقد فصلت‬


‫القول فف علتف الديفث ‪ ،‬وذكرت أقوال العلماء الذيفن ضعفوه فف "‬
‫ضعيف سنن أب داود " ( رقم ‪ ، ) 107‬وقد مضى تثيل ابن الصلح به‬
‫للحديفث الشاذ فف القدمفة ‪ ،‬فراجفع القاعدة الول ‪ .‬وفف قول البيهقفي‬
‫الذي نقله الؤلف إشارة لطيفة إل تضعيف الديث حيث قيد قوله ‪ " :‬ل‬
‫بأس به " ب‍ " ف هذا ال كم " ‪ .‬فكأ نه يذ هب إل أن الد يث ف فضائل‬
‫العمال ‪ ،‬فل بأس بالديث فيها ‪ ،‬وكأن هذا هو مستند النووي ف قوله‬
‫ف " الجموع " ‪ " :‬الختار استحباب الط ‪ ،‬لنه وإن ل يثبت الديث ‪،‬‬
‫ففيه تصيل حري للمصلي ‪ ،‬وقد قدمنا اتفاق العلماء على العمل بالديث‬
‫الضعيف ف فضائل العمال ‪ ،‬دون اللل والرام ‪ ،‬وهذا من نو فضائل‬
‫العمال " ‪ / .‬صفحة ‪ / 302‬قلت ‪ :‬ويرد عل يه وعلى البيه قي قول‬
‫الشافعي النقول عن " التهذيب " ‪ ،‬فإنه صريح بأنه رضي ال عنه ل يرى‬
‫مشروع ية ال ط إل أن يث بت الد يث ‪ ،‬وهذا يدل على أ حد أمر ين ‪ :‬إ ما‬
‫أنه يرى أن الد يث ليس ف فضائل العمال بل ف الحكام ‪ ،‬وهذا هو‬
‫الظاهر من كلمه ‪ .‬وإما أنه ل يرى العمل بالديث الضعيف ف فضائل‬
‫العمال ‪ ،‬وهذا هو الق الذي ل شك فيه ‪ ،‬وقد بينت ذلك ف " القدمة‬
‫" ‪ .‬قوله ف تري الرور بي يدي الصلي وسترته ‪ " :‬وعن زيد بن خالد‬
‫أن النب ( ص ) قال ‪ :‬لو يعلم الار بي يدي الصلي ماذا عليه ‪ ،‬كان لن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪326‬‬

‫يقوم أربعي خريفا خي له من أن ير بي يديه ‪ .‬رواه البزار بسند صحيح‬


‫" ‪ .‬قلت ‪ :‬كل ‪ ،‬ليس بصحيح ‪ ،‬لن شروط الصحة ل تكتمل فيه ‪ ،‬فإن‬
‫منها السلمة من الشذوذ ‪ ،‬ول يسلم ‪ ،‬بل أخطأ أحد رواته ‪ ،‬وهو ابن‬
‫عيينفة فف موضعيف الول ‪ :‬جعفل الديفث مفن مسفند زيفد بفن خالد ‪،‬‬
‫وال صواب أ نه من م سند أ ب جه يم ك ما ف روا ية الما عة الذكورة ف‬
‫الكتاب قبل هذا ‪ ،‬وفيها التصريح بأن زيد بن خالد أرسل إل أب جهيم‬
‫يساله عن هذا الديث ‪ ،‬فزيد سائل فيه ‪ ،‬وليس براو له ‪ .‬الثان ‪ :‬قوله ‪:‬‬
‫" أربعي خريفا " ‪ ،‬فهذه الزيادة ‪ " :‬خريفا " خطأ من ابن عيية ‪ ،‬فإنه‬
‫رواه عن أ ب الن ضر عن ب سر بن سعيد ‪ ،‬وخال فه مالك و سفيان الثوري‬
‫فقال ‪ :‬قال أبفو النضفر ‪ " :‬ل أدري أقال ‪ :‬أربعيف يومفا ‪ ،‬أو شهرا ‪ ،‬أو‬
‫سنة ؟ " ‪ .‬وهو روا ية الما عة ‪ ،‬و هو روا ية أح د عن ا بن عيينة أي ضا ‪،‬‬
‫ف هي تقوي خ طأ روا ية البزار ع نه ‪ / .‬صفحة ‪ / 303‬قال الا فظ ف "‬
‫الفتح " ‪ " :‬فيبعد أن يكون الزم ( يعن قوله ‪ :‬خريفا ) والشك وقعا معا‬
‫ف راو وا حد ف حال واحدة " ‪ .‬ول عل م ستند الؤلف ف الت صحيح قول‬
‫النذري واليث مي ف الد يث ‪ " :‬رواه البزار ورجاله رجال ال صحيح " ‪.‬‬
‫ول مت كأ له ف هذا الب تة ك ما نبهناك مرارا وف صلنا ذلك ف القد مة ‪ .‬ث‬
‫قال ‪ " :‬قال ا بن حبان وغيه ‪ :‬التحر ي الذكور ف الد يث إن ا هو إذا‬
‫صلى الر جل إل سترة ‪ ،‬فأ ما إذا ل ي صل إل سترة فل يرم الرور ب ي‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪327‬‬

‫يديه ‪ ،‬واحتج أبو حات ( هو ابن حبان ) على ذلك با رواه ف " صحيحه‬
‫" عن الطلب بن أ ب ودا عة قال ‪ :‬رأ يت ال نب ح ي فرغ من طوا فه ف‬
‫حاش ية الطاف ف صلى ركعت ي ول يس بي نه وب ي الطواف ي أ حد ‪. " . . .‬‬
‫قلت ‪ :‬الديث الذكور ضعيف لنه من رواية كثي بن كثي بن الطلب ‪،‬‬
‫وقد اختلف عليه ف إسناده ‪ ،‬فقال ابن عيينة ‪ :‬عنه عن بعض أهله أنه سع‬
‫جده الطلب ‪ .‬وقال ابن جريج ‪ :‬أخبن كثي بن كثي عن أبيه عن جده‬
‫‪ .‬قال سفيان ‪ :‬فذهبت إل كثي ‪ ،‬فسألته ‪ ،‬قلت ‪ :‬حديث تدثه عن‬
‫أبيك ؟ قال ‪ :‬ل أسعه من أ ب ‪ ،‬حدثن بعض أهلي عن جدي الطلب ‪.‬‬
‫أخرجه أبو داود والبيهقي وقال ‪ " :‬وقد قيل عن ابن جريج عن كثي عن‬
‫أبيه قال ‪ :‬حدثن أعيان بن الطلب عن الطلب ‪ .‬ورواية ابن عيينة أحفظ‬
‫" ‪ .‬قلت ‪ :‬ومرجع هذه الرواية على بعض أهل كثي ‪ ،‬ول يسم ‪ ،‬فهو‬
‫مهول ‪ / ،‬صفحة ‪ / 304‬وساه ابن جريج ‪ " :‬كثي بن الطلب ‪ ،‬وهو‬
‫أيضفا مهول ‪ ،‬وتوثيفق ابفن حبان له ل يرجفه عفن الهالة ‪ ،‬وقفد أشار‬
‫الا فظ ف " التقر يب " إل أ نه ل ي الد يث ‪ .‬ث إن الد يث لو صح ل‬
‫ي كن ن صا في ما ا ستدل له ا بن حبان ‪ ،‬ل نه يت مل أن يكون جواز الرور‬
‫ب ي يدي ال صلي الذي ل يس أما مه سترة خا صا بال سجد الرام ‪ ،‬و قد‬
‫اسفتدل بعفض العلماء بفه على ذلك ‪ .‬وال أعلم ‪ .‬قوله فف حكمهفا ‪" :‬‬
‫ويرى النفية والالكية أن اتاذ السترة إنا يستحب للمصلي عند خوف‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪328‬‬

‫مرور أحفد ‪ . .‬لديفث ابفن عباس أن النفب ( ص ) ‪ .‬صفلى فف فضاء ‪،‬‬


‫ول يس ب ي يد يه شئ ‪ .‬رواه أح د ‪ ،‬وأ بو داود ‪ ،‬والبيه قي ‪ ،‬وقال ‪ :‬وله‬
‫شا هد أ صح من هذا عن الف ضل بن عباس " ‪ .‬فأقول ‪ :‬ف يه مؤاخذات ‪.‬‬
‫الول ‪ :‬أن التعليل الذكور مرد رأي ل دليل عليه ‪ ،‬وفيه إهدار للنصوص‬
‫الوجبة لتاذ السترة ‪ -‬وقد سبق ذكر بعضها ‪ -‬بجرد الرأي ‪ ،‬وهذا ل‬
‫يوز ‪ ،‬وباصة أنه يكن أن يكون الار من النس الذي ل يراه النسي ‪،‬‬
‫وهو الشيطان ‪ ،‬وقد جاء ذلك صريا من قوله وفعله عليه الصلة والسلم‬
‫‪ ،‬ف قد صح ع نه أ نه قال ‪ " :‬إذا صلى أحد كم إل سترة فليدن من ها ‪ ،‬ل‬
‫يقطفع الشيطان عليفه صفلته " ‪ .‬وهفو مرخ فف " الصفحيحة " (‬
‫‪ ، ) 1373‬وتأويل " الشيطان " بالنسي الار ماز ل مسوغ له ‪ ،‬إل‬
‫ض عف اليان بالغ يب ! و قد صح أن الشيطان أراد أن يف سد على ال نب‬
‫( ص ) صلته ‪ ،‬فمك نه ال م نه ‪ ،‬وخن قه ‪ ،‬ح ت و جد برد لعا به ب ي‬
‫إ صبعيه ‪ ،‬وقال ‪ / :‬صفحة ‪ " / 305‬وال لول دعوة أخي نا سليمان‬
‫لصبح موثقا يلعب به أهل الدينة " ‪ .‬والقصة ف مسلم ( ‪، ) 73 / 2‬‬
‫وعبد الرزاق ( ‪ ، ) 2338 / 24 / 2‬وأحد ( ‪ 413 / 1‬و ‪82 / 3‬‬
‫و ‪ 104 / 5‬و ‪ ، ) 105‬والطبان ف " الكبي " ( ‪ 224 / 2‬و ‪227‬‬
‫و ‪ ) 251‬عن غ ي وا حد من ال صحابة بألفاظ متقار بة ‪ .‬ان ظر " صفة‬
‫الصلة " ( ‪ . ) 74‬الثانية ‪ :‬أن حديث ابن عباس الذي استدل به ‪ ،‬ل‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪329‬‬

‫يصح من قبل إسناده ‪ ،‬فيه الجاج بن أرطاة ‪ ،‬وهو ضعيف مدلس ‪ ،‬وقد‬
‫عنع نه ‪ .‬و هو مرج عندي ف " الحاد يث الضعي فة " ( ‪ ) 5814‬مع‬
‫أحاد يث أخرى بعناه ‪ .‬الثال ثة ‪ :‬أ نه عزاه ل ب داود ‪ ،‬و هو خ طأ ‪ ،‬فل يس‬
‫هو عنده ‪ ،‬وإنا رواه نوه من حديث الفضل بن عباس الذي يأت الكلم‬
‫عل يه بعده ‪ .‬الراب عة ‪ :‬قوله ‪ :‬وقال البيه قي ‪ :‬وله شا هد بإ سناد أ صح من‬
‫هذا عن الف ضل بن عباس ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا من ت ساهل البيه قي رح ه اللة ‪،‬‬
‫لنه من رواية عباس بن عبيد ال ابن عباس عن الفضل بن عباس ‪ .‬وقد‬
‫قال الاففظ فف " التهذيفب " ‪ " :‬أعله ابفن حزم بالنقطاع ‪ ،‬قال ( ‪/ 4‬‬
‫‪ : ) 13‬إن عبا سا ل يدرك ع مه الف ضل ‪ .‬و هو ك ما قال ‪ .‬وقال ا بن‬
‫القطان ‪ :‬ل يعرف حاله " ‪ .‬وغفففل عففن هذه العلة ‪ ( ،‬النقطاع )‬
‫الشوكا ن ف " ن يل الوطار " ( ‪ ، ) 8 / 3‬وتب عه العلق على " شرح‬
‫السنة " ( ‪ / ! ) 461 / 2‬صفحة ‪ / 306‬قوله ‪ ) 7 ( " :‬ل يقطع‬
‫ال صلة شئ ‪ . . .‬لد يث أ ب داود عن أ ب الوداك قال ‪ :‬مر شاب من‬
‫قر يش ب ي يدي أ ب سعيد و هو ي صلى فدف عه ‪ ،‬ث عاد فدف عه ‪ ،‬ث عاد‬
‫فدف عه ‪ ،‬ثلث مرات ‪ .‬فل ما ان صرف قال ‪ :‬إن ال صلة ل يقطع ها شئ ‪،‬‬
‫ولكن قال الرسول ( ص ) ‪ :‬ادرؤوا ما استطعتم ‪ ،‬فإنه شيطان " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫الديث ضعيف ل يتج به ‪ ،‬لنه من رواية مالد بن سعيد عن أب الوداك‬
‫‪ ،‬ومالد ليف بالقوي ‪ ،‬وقفد تغيف فف آخفر عمره كمفا قال الاففظ فف "‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪330‬‬

‫التقريب " ‪ ،‬وقد اضطرب ف رواية هذا الديث ‪ ،‬فمرة أوقف قوله فيه ‪:‬‬
‫" إن الصلة ل يقطعها شئ " ‪ ،‬ول يرفعه إل النب ( ص ) كما ف رواية‬
‫الكتاب ‪ ،‬ومرة رفعهفا إليفه ( ص ) كمفا فف روايفة أخرى لبف داود ‪،‬‬
‫ولذلك ضعف الديث ابن حزم والنووي ‪ .‬ويؤيد ضعف هذه الملة منه‬
‫مرفو عة وموقو فة أن ق صة أ ب سعيد مع الشاب ف " ال صحيحي " من‬
‫طر يق أخرى عن أ ب سعيد دون هذه الملة ‪ ،‬فث بت أن ا منكرة ف هذا‬
‫الديث ‪ .‬نعم ‪ ،‬رويت هذه الملة من طرق أخرى عن بعض الصحابة ‪،‬‬
‫ولكنها كلها ضعيفة ‪ ،‬خلفا لبعض الحدثي العاصرين ‪ ،‬وقد بينت ذلك‬
‫ف " ضعيف سنن أب داود " ( رقم ‪ 116‬و ‪ ، ) 117‬وف " الضعيفة‬
‫" ( ‪ . ) 5661‬و قد صح ع نه ( ص ) ما يالف هذه الحاد يث‬
‫الضعي فة ‪ ،‬و هو قوله ( ص ) ‪ " :‬يق طع صلة الر جل ‪ -‬إذا ل ي كن ب ي‬
‫يديه قيد آخرة الرحل ‪ -‬المار والكلب السود والرأة " ‪ .‬أخرجه مسلم‬
‫وغ يبه من حد يث أ ب ذر ‪ ،‬و هو ف كتا ب " صحيح سنن أ ب داود‬
‫" ( رقم ‪ . ) 699‬ولو أن تلك الحاديث صحت لمكن التوفيق بينها‬
‫وبي هذا ‪ /‬صفحة ‪ / 307‬الديث الصحيح بصورة ل يبقى معها وجه‬
‫للتعارض أو دعوى النسخ ‪ ،‬وذلك بأن يقيد عموم تلك الحاديث بفهوم‬
‫هذا ‪ ،‬فنقول ‪ " :‬ل يقطفع الصفلة شفئ إذا كان بيف يديفه سفترة ‪ ،‬وإل‬
‫قطع ها الذكورات ف يه " ‪ ،‬بل إن هذا ال مع قد جاء من صوصا عل يه ف‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪331‬‬

‫رواية عن أب ذر مرفوعا بلفظ ‪ " :‬ل يقطع الصلة شئ إذا كان بي يديه‬
‫كآخر الرحل ‪ ،‬وقال ‪ :‬يقطع الصلة الرأة ‪ . " . . . .‬أخرجه الطحاوي‬
‫بسفند صفحيح ‪ .‬وبذا اتفقفت الحاديفث ‪ ،‬ووجبف القول بأن الصفلة‬
‫يقطعها الشياء الذكورة عند عدم السترة ‪ .‬وهو مذهب إمام السنة أحد‬
‫بن حن بل رح ه ال ‪ ،‬و هو اختيار ش يخ ال سلم ابن تيمية ‪ ،‬و قد قال ف‬
‫خاتة بث له ف هذه السألة ‪ " :‬والذين خالفوا أحاديث القطع للصلة ل‬
‫يعارضو ها إل بتضع يف بعض هم ‪ ،‬و هو تضع يف من ل يعرف الد يث ‪،‬‬
‫ك ما ذكر أصحابه ‪ ،‬أو بأن عارضوها بروايات ضعيفة عن ال نب ( ص )‬
‫أنه قال ‪ " :‬ل يقطع الصلة شئ " ‪ .‬أو با روي ف ذلك عن الصحابة ‪،‬‬
‫و قد كان ال صحابة متلف ي ف هذه ال سالة ‪ ،‬أو برأي ضع يف لو صح ل‬
‫يقاوم هذه الجة " ‪ .‬انظر كتابه " القواعد النورانية " ( ‪ ، ) 12 - 9‬و‬
‫" زاد العاد " ( ‪ / . ) 111 / 1‬صفحة ‪ / 308‬ومن ( ما يباح ف‬
‫الصلة ) قوله تت رقم ‪ " : - 2‬وعن أب الدرداء رضي ال عنه مرفوعا‬
‫‪ :‬يا أيها الناس إيكم واللتفات ‪ ،‬فإنه ل صلة للملتفت ‪ ،‬فإن غلبتم ف‬
‫التطوع فل تغلبف فف الفرائض ‪ .‬رواه أحدف " ‪ .‬قلت ‪ :‬فيفه مؤاخذتان ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أن الديث ف " السند " ( ‪ ) 443 - 442 / 6‬موقوف غي‬
‫مرفوع ‪ ،‬و سبب هذا ال طإ أن أحد ساق ب سنده عن أ ب الدرداء حديثا‬
‫مرفوعا تقدم الكلم عليه ( ص ‪ ، ) 262‬وجاء عقبه ‪ " :‬قال أبو الدرداء‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪332‬‬

‫‪ :‬يا أيها الناس إياكم واللتفات ‪ ، " . . .‬فلم ينتبه الؤلف لقوله ‪ " :‬قال‬
‫أبفو الدرداء " ‪ ،‬وظفن مقوله هذا مفن تام حديثفه الرفوع ‪ ،‬فتأمفل ‪.‬‬
‫والخرى ‪ :‬أن إسفناد الديفث ضعيفف فيفه رجفل مهول اتفاقفا ‪ ،‬وقفد‬
‫ذكرت أقوال العلماء فيه عند الكلم على الديث الشار إليه ‪ .‬نعم ‪ ،‬قد‬
‫أورد الديث النذري واليث مي برواية ال طبان عن أ ب الدرداء مرفوعا ‪،‬‬
‫ولكنهما ضعفاه ! قوله أيضا ‪ " :‬وعن أنس قال ‪ :‬قال ل رسول ال ( ص‬
‫) ‪ " :‬إياك واللتفات ف الصلة ‪ ،‬فإن اللتفات ف الصلة هلكة ‪ ،‬فإن‬
‫كان ل بد ف في التطوع ل ف الفري ضة " ‪ .‬رواه الترمذي و صححه " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬فيففه مؤاخذتان ‪ :‬الول ‪ :‬أن الترمذي ل يصففححه ‪ ،‬وليففس‬
‫تصحيحه ف أية نسخة من " سنن " الترمذي‬
‫كما قال مققه الفاضل أحد ممد شاكر ‪ ،‬بل ف بعض نسخه ‪ ،‬قال ‪/ :‬‬
‫صفحة ‪ " / 309‬هذا حديث حسن " ‪ ،‬وف بعضها ‪ " :‬هذا حديث‬
‫غر يب " ‪ ،‬و ف أخرى ‪ " :‬هذا حد يث ح سن غر يب " ‪ .‬وال صنف إن ا‬
‫ن قل ت صحيحه عن " النت قى " ‪ ،‬و هو و هم م نه في ما يظ هر ‪ ،‬ث رأ يت‬
‫النذري ذكفر فف " الترغيفب " أن التصفحيح فف بعفض نسفخ الترمذي ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬أن الديث ليس بصحيح ول حسن ‪ ،‬لنه من رواية علي بن زيد‬
‫بن جدعان عن سعيد بن إل سيب قال ‪ :‬قال أ نس بن مالك ‪ . . .‬وهذا‬
‫السناد ضعيف ‪ ،‬فيه علتان ‪ - 1 :‬ضعف علي بن زيد ‪ - 2 .‬النقطاع‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪333‬‬

‫بي ابن السيب وأنس ‪ .‬وقد أشار إل ذلك النذري ف " ترغيبه " ‪ .‬وقد‬
‫أعل الديث ابن القيم ف " الزاد " بالعلتي ‪ ،‬فل يغتر بقول من قال من‬
‫العاصرين ‪ " :‬السناد صحيح " ! قوله ‪ " :‬وعن أب ذر أن النب ( ص )‬
‫قال ‪ " :‬ل يزال ال مقبل على الع بد و هو ف صلته ما ل يلت فت ‪ ،‬فإذا‬
‫التفت انصرف عنه " ‪ .‬رواه أحد وأبو داود ‪ ،‬وقال ‪ :‬صحيح السناد " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ف يه ملحظتان ‪ :‬الول ‪ :‬أن أ با داود ل ي صححه ول يس ذلك من‬
‫عادله ‪ ،‬والت صحيح الذكور إن ا هو للحا كم ‪ ،‬ف قد أخرج الد يث ف "‬
‫الستدرك " ‪ ،‬وقال ‪ " :‬صحيح السناد " ‪ ،‬فالظاهر أنه سقط من الطابع‬
‫أو غيه ‪ " :‬والاكم " من التخريج ‪ ،‬وسيأت سقط آخر يشبه هذا قريبا ‪.‬‬
‫الثان ية ‪ :‬أن إ سناد الد يث غ ي صحيح ‪ ،‬لن ف يه أ با الحوص ‪ ،‬وف يه‬
‫جهالة ‪ /‬صفحة ‪ / 310‬ك ما قال النووي ف " الجموع " ‪ ،‬وأ عل‬
‫الد يث به ‪ .‬قوله ‪ " :‬ويؤيد هذا ما جاء عن ها أ نه كان ( ص ) ي صلي ‪،‬‬
‫فإذا استفتح إنسان الباب فتح الباب ما كان ف القبلة أو عن يينه أو عن‬
‫يسفاره ‪ ،‬ول يسفتدبر القبلة ‪ .‬رواه الدارقطنف " ‪ .‬قلت ‪ :‬هفو بذا اللففظ‬
‫ضعيف جدا ‪ ،‬لنه عند الدارقطن ( ص ‪ ) 194‬من طريق ممد بن حيد‬
‫‪ -‬وهو الرازي ‪ -‬وهو متهم بالكذب ‪ ،‬مع أنه حافظ ! وقد صح بلفظ‬
‫آ خر ع ند الن سائي وغيه ‪ ،‬وف يه ال شي الذي ا ستدل له به ‪ ،‬و هو الذي‬
‫ذكره الؤلف قبل هذا ‪ ،‬وهو مرج ف " الصحيحة " ( ‪ ، ) 2716‬فلو‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪334‬‬

‫أنه اقتصر عليه لكان أول ‪ .‬قوله ‪ ) 6 ( " :‬إلقاء السلم على الصلي ‪،‬‬
‫وماطب ته ‪ ،‬وأ نه يوز له أن يرد بالشارة على من سلم عل يه أو خاط به ‪،‬‬
‫فعن جابر بن عبد ال قال ‪ :‬أرسلن رسول ال ( ص ) ‪ . . .‬فأتيته وهو‬
‫يصلي على بعيه ‪ ،‬فكلمته ‪ ،‬فقال بيده هكذا ‪ . . .‬رواه أحد ومسلم " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وف رواية لسلم ( ‪ " : ) 71 / 2‬فسلمت عليه فأشار إل " ‪،‬‬
‫فهفي أصفرح فف الدللة على الطلوب ‪ ،‬فإيرادهفا كان هفو الول ‪ .‬قوله‬
‫تت رقم ‪ " : - 7‬فعن سهل بن سعد الساعدي عن النب ( ص ) قال ‪:‬‬
‫من نا به شئ ف صلته فلي قل ‪ :‬سبحان ال ‪ . . .‬رواه أح د وأ بو داود‬
‫والن سائي " ‪ .‬قلت ‪ :‬الد يث ف " ال صحيحي " أي ضا ف حد يث طو يل‬
‫عن سهل ‪ ،‬و قد م ضى ف الكتاب بتما مه ف ب ث " صلة الما عة "‬
‫( جواز انتقال المام والأموم ) ‪ ،‬فكأن الؤلف ذ هل ع نه ‪ / .‬صفحة‬
‫‪ / 311‬قوله ‪ ) 10 ( " :‬فعن ابن عباس أن النب ( ص ) صلى ف ثوب‬
‫وا حد يت قى بفضوله حر الرض وبرد ها ‪ .‬رواه أح د ب سند صحيح " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬كل ل يس ب صحيح ول ح سن ‪ ،‬فإن مدار طر قه على ح سي بن‬
‫عبد ال ابن عبيد ال بن عباس وهو ضعيف كما ف " الترقيب " ‪ ،‬راجع‬
‫" السند " ( ‪ 2320‬و ‪ 2385‬و ‪ 2760‬و ‪ 2940‬و ‪. ) 3327‬‬
‫والظاهر أن الؤلف استلزم صحة إسناده ‪ -‬كعادته ‪ -‬من قول اليثمي ف‬
‫تريه ( ‪ " : ) 48 / 2‬رواه أحد وأبو يعلى والطبان ف " الكبي " و "‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪335‬‬

‫الوسفط " ‪ ،‬ورجال أحدف رجال الصفحيح " ‪ .‬وليفس ذلك بلزم كمفا‬
‫نبهفت عليفه مرارا وبينتفه فف القدمفة ‪ ،‬هذا لو صفح قول اليثمفي إن ‪" :‬‬
‫رجال أح د رجال ال صحيح " ‪ .‬و هو غ ي صحيح ‪ ،‬ل ا ذكر ته آن فا أن‬
‫مداره على حسفي ‪ ،‬وليفس هفو مفن رجال " الصفحيح " ‪ ،‬البخاري أو‬
‫مسلم ‪ .‬قوله تت رقم ‪ " : - 11‬وكان ( ص ) يصلي ‪ ،‬فمر بي يديه‬
‫غلم ‪ ،‬فقال بيده هكذا ‪ ،‬فرجفع ‪ ،‬ومرت بيف يديفه جاريفة فقال بيده‬
‫هكذا ‪ ،‬فمضت ‪ ،‬فلما صلى رسول ال ( ص ) قال ‪ :‬هن أغلب ‪ .‬ذكره‬
‫المام أحد ‪ ،‬وهو ف السنن " ‪ .‬قلت ‪ :‬هكذا خرجه ابن القيم ف " الزاد‬
‫" ‪ . ،‬وعنه نقله الؤلف ‪ ،‬ولنا عليهما مؤاخذتان ‪ :‬الول ‪ :‬أن عزوه ل‍ "‬
‫ال سنن " ‪ ،‬يو هم أن ا ال سنن الرب عة ‪ ،‬والوا قع أ نه ل يروه من هم غ ي ا بن‬
‫ماجه ! الثانية ‪ :‬أن إسنادها ضعيف ‪ ،‬فيه من ل يعرف ‪ ،‬ولذلك ضعفه‬
‫ابن القطان والبوصيي ‪ / .‬صفحة ‪ / 312‬ث قال ‪ " :‬وكان يتنحنح ف‬
‫صلته ‪ ،‬قال علي بن أ ب طالب ‪ :‬كان ل من ر سول ال ( ص ) ساعة‬
‫آتيه في ها ‪ ،‬فإذا أتي ته ‪ . . .‬ي صلي تنح نح ‪ . . .‬ذكره الن سائي وأح د " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا الد يث ضع يف ل تقوم به ح جة ‪ ،‬وله ثلث علل ‪ :‬ض عف‬
‫راو يه ‪ ،‬واضطراب إ سناده ومت نه ‪ .‬ف في روا ية ‪ " :‬سبح " بدل " تنح نح‬
‫" ‪ ،‬ولذلك ضعفه البيهقي وغيه ‪ ،‬وقال النووي ف " الجموع " ‪" :‬‬
‫وضعفه ظاهر بي " ‪ .‬وقد أوضحت كلمه هذا فيما انتقدته على كتاب‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪336‬‬

‫" التاج " ‪ ،‬وراجع " ليص ( ‪ ، ) 116 / 4‬وتعليقي على " صحيح‬
‫ابن خزية " ( ‪ . ) 54 / 2‬وقوله ‪ " :‬وروى البزار عن ابن عباس أن النب‬
‫( ص ) قال ‪ :‬قال ال عزوجل ‪ :‬إنا أتقبل الصلة من تواضع با لعظمت‬
‫‪ . . .‬ومثله ف خلقي كمثل الفردوس ف النة " ‪ .‬قلت ‪ :‬سكت عليه‬
‫الؤلف ‪ ،‬فأوهم صحته ‪ ،‬وليس كذلك ‪ ،‬بل هو ضعيف جدا ‪ ،‬فقد ذكر‬
‫النذري واليثمي أن ف سنده عبد ال بن واقد الران ‪ ،‬قال الافظ ف "‬
‫التقريفب " ‪ " :‬إنفه متروك ‪ ،‬وكان أحدف يثنف عليفه ‪ ،‬وقال ‪ :‬لعله كفب‬
‫واختلط ‪ ،‬وكان يدلس " ‪ .‬قلت ‪ :‬وقد روي موقوفا ف " تاريخ البخاري‬
‫" بإ سناد ف يه جهالة ‪ ،‬ك ما بين ته ف " التعل يق الرغ يب على الترغ يب‬
‫والترهيب " ( ‪ ، ) 186 / 1‬فيحتمل أن يكون من السرائيليات ‪ ،‬رفعه‬
‫بعض الضعفاء ‪ .‬وال أعلم ‪ / .‬صفحة ‪ / 313‬ومن ( مكروهات الصلة‬
‫) قوله تت رقم ‪ " : - 1‬وعن أب ذر أن النب ( ص ) قال ‪ " :‬إذا قام‬
‫أحدكم إل الصلة ‪ ،‬فإن الرحة تواجهه ‪ ،‬فل يسح الصى " ‪ .‬أخرجه‬
‫أح د ‪ ،‬وأ صحاب ال سنن " ‪ .‬قلت ‪ :‬وف يه عند هم أ بو الحوص ‪ ،‬و هو‬
‫مهول ‪ .‬نعم ‪ :‬أخرجه الطياسى ف " مسنده " عن أب ذر متصرا ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫سألت ر سول ال " صلى ال عل يه وآله " عن كل شئ ح ت عن م سح‬
‫ال صى ؟ فقال ‪ :‬واحدة ‪ .‬و سنده صحيح ‪ .‬و هو ف " ال سند " ( ر قم‬
‫‪ ، ) 470‬ول يورده مرت به الش يخ ع بد الرح ن ال ساعات ف با به من "‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪337‬‬

‫من حة العبود " ‪ ،‬فكأ نه ذ هل ع نه أو ا ستغن ع نه بالروا ية الول ‪ ،‬ح يث‬


‫أورد ها ( ‪ ، ) 158 / 1‬فإن كان ف عل هذا ف هو ع يب كبي ف هذا‬
‫الكتاب ‪ ،‬ل نه من باب * ( أت ستبدلون الذي هو أد ن بالذي هو خ ي )‬
‫* ! وقوله ‪ " :‬وعن أم سلمة أن النب ( ص ) قال لغلم له يقال له ‪ :‬يسار‬
‫‪ ،‬وكان قد نفخ ف الصلة ‪ :‬ترب وجهك ال " ‪ .‬رواه أحد بإسناد جيد‬
‫" ‪ .‬قلت ‪ :‬كل ليس بيد ‪ ،‬فإن فيه عند أحد وغيه أبا صال مول آل‬
‫طلحة ‪ ،‬ول يعرف كما قال الذهب ‪ ،‬وأشار الافظ إل أنه لي الديث ‪.‬‬
‫ثف إن الصفواب فف ضبفط الديفث ‪ " :‬ترب وجهفك ل " ‪ ،‬كمفا فف "‬
‫ال سند " ‪ .‬ول عل ما ف الكتاب خ طأ مطب عي ‪ ،‬و قد صححه الؤلف ف‬
‫الطبعة الديدة ( ‪ / . ) 268 / 1‬صفحة ‪ / 314‬قوله تت رقم ‪: - 9‬‬
‫" وعن ثوبان أن النب ( ص ) قال ‪ :‬ثلث ل تل لحد أن يفعلهن ‪ :‬ل‬
‫يؤم ر جل قو ما في خص نف سه بالدعاء دون م فإن ف عل ف قد خان م ‪ ،‬ول‬
‫ين ظر ف قعر بيت قبل أن يستأذن فإن فعل فقد دخل ‪ ،‬ول يصلي وهو‬
‫حاقن حت يتخفف " ‪ .‬قلت ‪ :‬ليس بسن لن أسناده ضعيف مضطرب ‪،‬‬
‫وقد سبق بيان ذلك ‪ ،‬لكن الملة الخية منه لا شواهد أشرت إليها ف‬
‫" ضعيف أب داود " ( ‪ 11‬و ‪ ، ) 12‬وبعضها ف " سنن ابن ماجه " (‬
‫‪ . ) 618 - 616‬ومن ( صلة الريض ) قوله ‪ " :‬وعن جابر قال ‪ :‬عاد‬
‫النب ( ص ) مريضا ‪ ،‬فرآه يصلي على وسادة ‪ ،‬فرمى با ‪ ،‬وقال ‪ :‬صل‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪338‬‬

‫على الرض إن ا ستطعت ‪ ،‬وإل فأو مئ إياء ‪ ،‬واج عل سجودك أخ فض‬


‫من ركوعك ‪ .‬رواه البيهقي ‪ ،‬وصحح أبو حات وقفه " ‪ .‬قلت ‪ :‬لكن قد‬
‫تعقب أبا حات الافظ ف " التلخيص " بأن ثلثة من الثقات رووه مرفوعا‬
‫يشي إل أن الصواب رفعه ‪ ،‬وهو كما قال ‪ .‬لكن للحديث علة أخرى ‪،‬‬
‫وهي تدليس أب الزبي عن جابر كما ذكرته ف " تريج صفة صلة النب‬
‫( ص ) " ‪ ،‬إل أن له طرقا أخرى وشاهدا بسند صحيح عن ابن عمر ‪.‬‬
‫فل شك ف صحة ر فع الد يث إل ال نب ( ص ) ك ما بين ته هناك ‪ ،‬ث‬
‫خرجته ف " الصحيحة " ( ‪ / . ) 323‬صفحة ‪ / 315‬ومن ( صلة‬
‫الوف ) قوله تت رقم ‪ " : - 2‬فعن ابن مسعود قال ‪ :‬ث سلم وقام‬
‫هؤلء ‪ ،‬ف صلوا لنف سهم رك عة ث سلموا " ‪ .‬قلت ‪ :‬ل ير جه الؤلف ‪،‬‬
‫و هو من روا ية أ ب داود وأح د ‪ .‬ث هو ضعيف ال سناد ل نه من طر يق‬
‫خصيف ‪ ،‬وهو ضعيف ‪ ،‬عن أب عبيدة عن ابن مسعود ول يسمع منه ‪،‬‬
‫وهو مرج ف " الرواء " ( ‪ ، ) 49 / 3‬و " ضعيف أب داود " ( ‪229‬‬
‫‪ . ) 230 -‬قوله تت رقم ‪ - 3‬بعد أن ذكر حديث جابر ‪ " :‬وف‬
‫روايفة لحدف وأبف داود والنسفائي قال ‪ :‬صفلى بنفا النفب ( ص ) صفلة‬
‫الوف ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬هذه الروا ية لي ست من حد يث جابر ع ند من‬
‫عزاها إليهم ‪ ،‬بل من رواية أب بكرة ‪ ،‬وكذلك ذكره الجد ف " النتقى "‬
‫‪ ،‬وأبفو داود ل ي سند حديفث جابر مطل قا ‪ ،‬ل بذا الل فظ ‪ ،‬ول بغيه ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪339‬‬

‫واللفظ الول لحد ‪ ،‬وهو مرج ف " صحيح أب داود " ( ‪. ) 1135‬‬
‫قوله ب عد أن ذ كر حد يث ع بد ال بن أن يس ف صلة الطالب وقال ‪" :‬‬
‫رواه أح د وأبفو داود ‪ ،‬وحسفن الا فظ إ سناده " ‪ .‬قلت ‪ :‬و ف تسفينه‬
‫ن ظر ‪ ،‬ل نه من روا ية ا بن ع بد ال بن أن يس ‪ ،‬ول ي سم ‪ ،‬ولع بد ال هذا‬
‫أبناء عدة ‪ ،‬منهم الغقة وغيه ‪ ،‬وقد ذكر النذري أنه عبد ال بن عبد ال‬
‫بن أنس ‪ ،‬فإذا صح هذا فهو ف عداد الجهولي كما بينته ف " ضعيف‬
‫أب داود " ( ‪ ، ) 232‬ول وجدت له شاهدا لتقويته له ‪ ،‬وانظر " إرواء‬
‫الغل يل ( ‪ ) 589‬وال سبحانه وتعال أعلم ‪ / .‬صفحة ‪ / 316‬و من‬
‫( صلة السفر ) قوله ف قصر الصلة الرباعية ‪ " :‬فعن يعلى بن أمية قال ‪:‬‬
‫قلت لعمر بن الطاب ‪ .‬فقال ‪ :‬عجبت ما عجبت منه ‪ ،‬فذكرت ذلك‬
‫لرسول ال ( ص ) فقال ‪ " :‬صدقة تصدق ال با عليكم ‪ ،‬فاقبلوا صدقته‬
‫" ‪ .‬رواه الما عة " ‪ .‬قلت ‪ :‬الد يث ل يروه البخاري مطل قا ‪ ،‬و قد‬
‫صرح بذلك ف " النتقى " ‪ ،‬فقال ‪ " :‬رواه الماعة إل البخاري " ‪ .‬فلعل‬
‫اسفتثناء سفقط مفن الطابفع أو غيه ‪ .‬وقوله ‪ " :‬وعفن عائشفة قالت ‪" :‬‬
‫فرشت الصلة ركعتي ركعتي بكة ‪ ،‬فلما قدم رسول ال ( ص ) الدينة‬
‫زاد مع كل ركعتي ركعتي ال الغرب ‪ ،‬فإنا وتر النهار ‪ ،‬وصلة الفجر‬
‫لطول قراءتاف ‪ ،‬وكان إذا سفافر صفلى الصفلة الول " ‪ .‬رواه أحدف‬
‫والبيه قي وا بن حبان وا بن خزي ة ‪ ،‬ورجاله ثقات " ‪ .‬قلت ‪ :‬إن ا ي صدق‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪340‬‬

‫هذا التوثيق ‪ -‬وقد نقله من " ممع الزوائد " ( ‪ ) 154 / 2‬وعزاه لحد‬
‫‪ -‬على إسناد أحد ( ‪ 241 / 6‬و ‪ ، ) 265‬وأحد إسنادى البيهقي ( ‪3‬‬
‫‪ ، ) 145 /‬ولكنه منقطع بي عامر الشعب وعائشة ‪ .‬نعم ‪ ،‬رواية ابن‬
‫خزية ( ‪ ، ) 355‬وابن حبان ( ‪ ) 544‬موصولة ‪ ،‬فإنا عن الشعب عن‬
‫م سروق عن عائ شة ‪ .‬ل كن ف إ سنادها مبوب بن ال سن ‪ ،‬و هو غ ي‬
‫مبوب ف الرواية ‪ ،‬وهذا لقبه ‪ ،‬واسه ممد ‪ ،‬قال الافظ ف " التقريب "‬
‫‪ " :‬صدوق فيه لي " ‪ .‬ول ينفعه أنه تابعه بكار بن عبد ال بن ممد بن‬
‫سيين عند البيهقي ( ‪ ، ) 363 / 1‬لنه ضعيف جدا كما يدل على‬
‫ذلك ترجته ف " اليزان " و " الل سان " ‪ / ،‬صفحة ‪ / 317‬ومن ها قول‬
‫أ ب زر عة ي ه ‪ " :‬ذا هب الد يث ‪ ،‬روى أحاد يث مناك ي " ‪ .‬وف يه علة‬
‫أخرى ‪ ،‬و هي الراوي ع نه م مد بن سنان ‪ ،‬و هو القزاز الب صري ‪ ،‬و هو‬
‫ضع يف أي ضا ك ما ف " التقر يب " ‪ ،‬ولذلك فإن الا فظ ل ي صب ح ي‬
‫أورد الد يث ف " الف تح " ( ‪ ) 464 / 1‬ساكتا عل يه من روا ية ا بن‬
‫خزية وابن حبان والبيهقي ‪ ،‬وقلده ف ذلك الشوكان ( ‪، ) 250 / 1‬‬
‫كما هي غالب عادته ! ول سيما وابن خزية قد ضعفه بالنقطاع الذي‬
‫سبق بيانه ‪ ،‬فقال عقب الديث ‪ " :‬هذا حديث غريب ‪ ،‬ل يسنده أحد‬
‫أعل مه غ ي مبوب بن ال سن ‪ ،‬رواه أ صحاب داود فقالوا ‪ :‬عن الش عب‬
‫عن عائشة خل مبوب بن السن " ‪ .‬لكن وجدت لحبوب متابعا قويا‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪341‬‬

‫وشاهدا ح سنه الا فظ ‪ ،‬فبادرت إل إخراج الد يث ف " ال صحيحة " (‬


‫‪ ، ) 2814‬وقد رواه الشيخان من طريق عروة عن عائشة متصرا بلفظ‬
‫‪ " :‬فر ضت ال صلة ركعت ي ركعت ي ف ال ضر وال سفر ‪ ،‬فأقرت صلة‬
‫السفر ‪ ،‬وزيد ف صلة الضر " ‪ .‬وهو مرج ف " صحيح أب داود " (‬
‫‪ . ) 1082‬قوله بعد أن ذكر اللف ف حكم قصر الصلة ف السفر ‪:‬‬
‫" وقالت الالك ية ‪ :‬الق صر سنة مؤكدة آ كد من الما عة ‪ ،‬فإذا ل ي د‬
‫السافر مسافرا يقتدي به صلى منفردا على القصر ‪ ،‬ويكره اقتداؤه بالقيم‬
‫" ‪ .‬قلت ‪ :‬هذه الكراهة مع كونا عارية عن الدليل ‪ ،‬فهي خلف السنة‬
‫ال ت روا ها حب ال مة ع بد ال بن عباس ر ضي ال ع نه ‪ ،‬قال مو سى بن‬
‫سلمة ‪ " :‬ك نا مع ا بن عباس ب كة ‪ ،‬فقلت ‪ :‬إ نا إذا ك نا مع كم صلينا‬
‫أربعا ‪ ،‬وإذا رجعنا إل رحالنا صلينا ركعتي ؟ قال ‪ :‬تلك سنة أب القاسم‬
‫( ص ) " ‪ / .‬صفحة ‪ / 318‬أخرجة أحد بسند صحيح ‪ ،‬ورواه مسلم‬
‫وأبو عوانة وغيها متصرا ‪ ،‬وهو مرج ف " الرواء " ( ‪ . ) 571‬ث ان‬
‫الؤلف ل يبي الراجح من تلك القوال ف الكم كما هو شأنه ف كثي‬
‫من السائل ‪ ،‬والذي أقطع به أن الصواب قول من قال بوجوب القصر ‪،‬‬
‫لدلة كثية ل معارض لا ‪ ،‬ذكرها الشوكان ف " السيل الرار " ( ‪/ 1‬‬
‫‪ ، ) 307 - 306‬منها حديث عائشة الذي ذكرته قريبا ‪ " :‬فرضت‬
‫الصلة ركعتي ركعتي " الديث ‪ .‬أخرجه الشيخان ‪ .‬قال الشوكان ‪:‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪342‬‬

‫" ف من زاد فيها فهو ك من زاد على أر بع ف صلة ال ضر ‪ ،‬ول ي صح‬


‫التعلق ب ا روي عن ها أن ا كا نت ت تم ‪ ،‬فإن ذلك ل تقوم به ال جة ‪ ،‬بل‬
‫ال جة ف روايت ها ل ف رأي ها " ‪ .‬وقال الا فظ ف " التلخ يص " ( ‪/ 2‬‬
‫‪ " : ) 44‬وذكر عروة أنا تأولت كما تأول عثمان كما ف " الصحيح "‬
‫‪ ،‬فلو كان عندها عن النب ( ص ) رواية ل يقل عروة عنها أنا تأولت ‪،‬‬
‫و قد ثبفت ف " ال صحيحي " خلف ذلك " ‪ .‬قلت ‪ :‬يش ي ال ض عف‬
‫حديث الدارقطي عنها بلفظ ‪ " :‬قصر رسول ال " صلى ال عليه وآله "‬
‫ف ال سفر وأ ت " ‪ .‬فإ نه مع ض عف ا سناده مالف للحاد يث ال صحيحة‬
‫ال صرية ف ق صره ( ص ) لل صلة ف ال سفر ‪ ،‬و تد ذكرت بعض ها ف "‬
‫الرواء " ( ‪ ، ) 9 - 3 / 3‬وبينت علة الديث الذكور ‪ ،‬فليجع إليه‬
‫من شاء ‪ / .‬صفحة ‪ ( / 319‬تنبيه ) ‪ :‬حديث عائشة الشار إليه آنفا من‬
‫روا ية الشيخ ي من الحاد يث ال صحيحة ‪ ،‬ال ت ترأ ‪ ،‬بل تور الش يخ‬
‫الغمارى ف رسالته ‪ " :‬الصبح السافر ف أحكام السافر " ‪ ،‬فضعفها ‪ ،‬مع‬
‫اتفاق ال سلمي على صحته ‪ ،‬و قد رددت عل يه ذلك مفصفل ف الجلد‬
‫الشار إليه من " الصحيحة " آنفا ‪ .‬قوله ف مسافة القصر ‪ " :‬والتردد بي‬
‫الميال والفراسخ يدفعه ما ذكره أبو سعيد ‪ ،‬قال ‪ :‬كان رسول ال ( ص‬
‫) إذا سافر فر سخا يق صر ال صلة ‪ .‬رواه سعيد ا بن من صور ‪ ،‬وذكره‬
‫الافظ ف " التلخيص " ‪ ،‬وأقره بسكوته عليه " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪343‬‬

‫وأقول ‪ :‬لقفد اغتفر الؤلف بسفكوت الاففظ عليفه ! وسفبقه إل ذلك‬


‫ال صنعان ف " سبل ال سلم " ‪ ،‬والشوكا ن ف " ال سيل الرار " ( ‪/ 1‬‬
‫‪ ، ) 357‬وأما ف " نيل الوطار " فقد شك ف صحته ‪ ،‬فقال عقبه ( ‪3‬‬
‫‪ " : ) 176 /‬أورده الافظ ف " التلخيص " ‪ ،‬ول يتكلم عليه ‪ ،‬فإن‬
‫صح كان الفرسخ هو التيقن ‪ ،‬ول يقصر فيما دونه إذا كان يسمى سفرا‬
‫لغة أو شرعا " ‪ .‬وأقول ‪ :‬أن له الصحة ‪ ،‬وفيه أبو هارون العبدي ‪ ،‬قال‬
‫الا فظ ف " التقر يب " ‪ " :‬متروك ‪ ،‬ومن هم من كذ به " ‪ .‬و قد خر جت‬
‫الديث ف " الرواء " ( ‪ ، ) 15 / 3‬من رواية جع من الصنفي عنه ‪،‬‬
‫فلي جع إليه من شاء ‪ .‬و ف ذلك ما يؤ كد أ نه ل يوز الغترار ب سكوت‬
‫الافظ عن الديث ‪ ،‬وأن ذلك ل يعن ثبوته عنده ‪ ،‬حت ولو كان ذالك‬
‫ف الفتح على أنه أنظف منصفانه من الحاديث الضعيفة ‪ ،‬ولعله من أجل‬
‫ذلك ل يورد هذا الديث فيه ‪ . . .‬وال أعلم ‪ / .‬صفحة ‪ / 320‬ومن (‬
‫السفر يوم المعة ) ذكر أثرا ‪ " :‬عن عمر ‪ :‬إن المعة ل تبس عن سفر‬
‫‪ .‬وآخر عن أب عبيدة أنه سافر يوم المعة ‪ .‬وحديث عن الزهري أن‬
‫النب ( ص ) سافر يوم المعة " ‪ .‬قلت ‪ :‬وقد أخرجها كلها ابن أب شيبة‬
‫( ‪ ، ) 106 - 105 / 2‬وعبد الرزاق ( ‪ ، ) 251 - 250 / 3‬وأثر‬
‫ع مر له طريقان ع نه أحده ا صحيح ‪ ،‬و هو مرج ف " الضعي فة " ت ت‬
‫الديث ( ‪ . ) 219‬وأثر أب عبيدة منقطع ‪ .‬وحديث الزهري مرسل ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪344‬‬

‫ومعناه صحيح ما ل يسمع النداء ‪ ،‬فإذا سعه وجب عليه الضور ‪ ،‬وال‬
‫أعلم ‪ .‬ومن ( المع بي الصلتي ) قوله تت عنوان ‪ :‬المع ف الطر ‪:‬‬
‫" وروى البخاري أن النب ( ص ) جع بي الغرب والعشاء ف ليلة مطية‬
‫" ‪ .‬قلت ‪ :‬عزوه للبخاري خطأ ل رب فيه ‪ ،‬بل أشك أن يكون له أصل‬
‫ف شئ من كتب السنة التداولة اليوم ‪ ،‬فإن ل أذكر أف رأيت حديثا بذا‬
‫الع ن ‪ ،‬وقفد راجعفت الن مظانفه ‪ ،‬فلم أجده ‪ ،‬ولو كان له أ صل لكان‬
‫العلماء الحدثون أوردوه فف " باب جعف القيفم بصفر " ‪ ،‬ولاف لؤوا إل‬
‫الحتجاج بغيه ماف ليفس فف صفراحته ‪ ،‬كحديفث ابفن عباس التف فف‬
‫الكتاب فف المفع للحاجفة ‪ .‬ويسفتحيل عادة أن يففى عليهفم مثفل هذا‬
‫الديفث لو كان له أصفل ‪ ،‬فل أدرى كيفف تسفرب هذا الطفأ إل‬
‫الؤلف ؟ وغالب الظن أنه نقله من بعض كتب الفقه الت ل علم ‪ /‬صفحة‬
‫‪ / 321‬عندها بالديث وروايته ‪ ،‬وعندي ف ذلك أمثلة كثية أتربا إل‬
‫ما نن فيه قول الرافعي ف شرح الوجيز ‪ " :‬وروي عن ابن عمر أن النب‬
‫( ص ) جع بي الظهر والعصر للمطر " ‪ ،‬فرد عليه الافظ ف تريه ( ‪4‬‬
‫‪ ) 471 /‬بقوله ‪ " :‬ل يس له أ صل ‪ ،‬وأن ا ذكره البيه قي عن ابن ع مر‬
‫موقو فا عل يه ‪ ،‬وذكره ب عض الفقهاء عن ي ي بن وا ضح عن مو سى بن‬
‫عق بة عن نا فع ع نه مرفو عا " ‪ .‬فهذا يؤ يد أن الد يث ل أ صل له مطل قا‬
‫مرفو عا إل ال نب ( ص ) ‪ ،‬فك يف يكون له أ صل ف البخاري ‪ ،‬وي فى‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪345‬‬

‫فأله تعال‬‫فقلن وغيه ؟ ! هذا ل يكون أبدا ‪ .‬نسف‬ ‫فه العسف‬


‫على شارحف‬
‫العصفمة مفن الطفأ ‪ .‬ثف بدا ل احتمال آخفر ‪ ،‬وهفو أن الديفث فف "‬
‫البخاري " دون قوله ‪ " :‬ليلة مطية " ‪ ،‬لكفن فف آخره ‪ " :‬فقال أيوب ‪:‬‬
‫لعله ف ليلة مطية ‪ .‬قال ‪ :‬عسى " ‪ .‬والقائل الثان هو أبو الشعثاء راوي‬
‫الديث عن ابن عباس ‪ .‬وهذا كما ترى انا قاله له أبو الشعثاء احتمال ‪،‬‬
‫فلعل الصنف نقل الديث من حفظه دون أن يرجع فيه إل كتاب ‪ ،‬فوقع‬
‫فف الطفإ ‪ ،‬وأدخفل هذا القول فف صفلب الديفث ‪ ،‬فهفو مدرج على‬
‫ا صطلح ‪ -‬الحدث ي ‪ ،‬ويت مل أ نه تر جح عنده صواب هذا الحتمال ‪،‬‬
‫فكان ذلك مسفوغا عنده لذا الدراج ‪ ،‬وهذا وإن كان ل يسفوغ عنفد‬
‫أ هل العلم ‪ ،‬فإ نه يب طل ترجي حه أن م سلما روى الد يث عن ا بن عباس‬
‫بل فظ ‪ " :‬من غ ي خوف ول م طر " ‪ .‬قال الا فظ ‪ " :‬فانت فى أن يكون‬
‫المفع الذكور للخوف أو السففر أو الطفر " ‪ / .‬صففحة ‪ / 322‬قوله‬
‫تت عنوان ‪ :‬السفر ف السفينة و ‪ . .‬و ‪ " : . .‬وعن عبد ال بن أب عتبة‬
‫قال ‪ :‬صحبت جابر بن عبد ال وأبا سعيد الدرى وأبا هريرة ف سفينة ‪،‬‬
‫فصلوا قياما ف جاعة أمهم بعضهم ‪ ،‬وهم يقدررن على الد ( الشاطئ )‬
‫‪ .‬رواه سعيد بن منصور " ‪ .‬قلت ‪ :‬ورواه أيضا عبد الرزاق ( ‪582 / 5‬‬
‫) ‪ ،‬وابن أب شيبة ( ‪ ، ) 266 / 2‬والبيهقي ( ‪ ، ) 155 / 3‬إسناده‬
‫صحيح ‪ .‬ومن ( أدعية السفر ) قوله ‪ ) 3 ( " :‬عن ابن عباس ‪ :‬كان النب‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪346‬‬

‫( ص ) إذا أراد أن يرج إل سفر قال ‪ :‬اللهم أنت الصاحب ف السفر ‪،‬‬
‫والليفة ف الهل ‪ ،‬اللهم ان أعوذ بك من الضبنة ( ‪ . . . ) 1‬رواه أحد‬
‫والطبان والبزار بسند رجاله رجال الصحيح " ‪ .‬قلت ‪ :‬رووه جيعا من‬
‫طر يق ساك عن عكر مة عن ا بن عباس ‪ .‬وقال البزار ‪ " :‬ل نعل مه يروى‬
‫بذا اللفظ إل عن ساك عن عكرمة عن ابن عباس " ‪ .‬قلت ‪ :‬وساك ‪-‬‬
‫و هو ا بن حرب ‪ -‬صدوق من رجال م سلم ‪ ،‬ول كن رواي ته عن عكر مة‬
‫خا صة مضطر بة ‪ ،‬و قد تغ ي بأخرة ك ما ف " التقر يب " ‪ .‬ف هو إ سناد‬
‫ضع يف ‪ .‬و هو ع ند أح د ( ‪ 256 / 1‬و ‪ ، ) 300‬والبزار ( ‪/ 4‬‬
‫‪ ، ) 33‬والطبان ( ‪ ، ) 1173 / 280 / 11‬وكذا ابن أب شيبة (‬
‫‪ 358 / 10‬و ‪ ، ) 360‬لكن أكثره صحيح با قبله ‪ ( * .‬هامش ) * (‬
‫‪ ) 1‬الضبنة والضبنة ‪ :‬ما تت يدك من مال وعيال ‪ ،‬ومن تلزمك نفقته ‪.‬‬
‫ووقع ف " كشف الستار " ‪ " :‬الصيبة " ‪ ،‬وأظنها مرفة عن " الضبنة "‬
‫‪ / ) * ( .‬صفحة ‪ / 323‬قوله ‪ ) 5 ( " :‬وعن ابن عمر ‪ :‬كان رسول‬
‫ال ( ص ) إذا غزا أو سافر فأدر كه الل يل ‪ ،‬قال ‪ :‬يا أرض ! ر ب ور بك‬
‫ال ‪ . .‬رواه أحد وأبو داود " ‪ .‬قلت ‪ :‬ف إ سناده من ل يعرف ‪ ،‬وبيانه‬
‫ف " الضعيفة " ( ‪ ، ) 4837‬وف التعليق على " الكلم الطيب " ( رقم‬
‫‪ ، ) 180‬وزعم العلق على " شرح السنة " ( ‪ ) 147 / 5‬أن له شاهدا‬
‫من حديث عائشة وهم مض ‪ ،‬لنه مت آخر ‪ ،‬وهو الت بعد حديث مع‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪347‬‬

‫بيان ضع فه ‪ ،‬والع صوم من ع صمه ال ‪ .‬قوله ‪ ) 7 ( " :‬و عن عطاء بن‬


‫أب مروان عن أبيه ‪ . . .‬أن النب ( ص ) ل ير قرية يريد دخولا إل قال‬
‫حيف يراهفا ‪ " :‬اللهفم رب السفماوات السفبع ومفا أظللن ‪ . " . .‬رواه‬
‫الن سائي وا بن حبان وال كم و صححاه " ‪ .‬قلت ‪ :‬الد يث صحيح ل كن‬
‫من غي هذه الطريق ‪ ،‬فإن أبا مروان هذا ليس بالعروف كما قال النسائي‬
‫نفسه ‪ ،‬وكما كنت ذكرته ف التعليق على " الكلم الطيب " ( ‪، ) 178‬‬
‫ث وجدت النسائي قد أخرجه أيضا ف " عمل اليوم والليلة " ( ‪، ) 543‬‬
‫من غ ي هذه الطر يق ‪ ،‬ب سند صحيح ‪ ،‬ولذلك أودع ته ف " ال صحيحة‬
‫" ( ر قم ‪ ) 2759‬وذكرت خل صة ذلك ف تقي قي الثا ن ل‍ " الكلم‬
‫الط يب " ‪ ،‬وال مد ل الذي بنعم ته ت تم ال صالات ‪ .‬قوله ‪ ) 9 ( :‬و عن‬
‫عائشة ‪ :‬كان رسول ال ( ص ) إذا أشرف على أرض يريد دخولا قال ‪:‬‬
‫" اللهم إن أسالك من خي هذه وخي ما جعت فيها ‪ . " . .‬رواه ابن‬
‫السفن " ‪ .‬قلت ‪ :‬وإسفناده ضعيفف فيفه عيسفى بفن ميمون ‪ ،‬وهفو مول‬
‫القا سم بن م مد ‪ ،‬قال الا فظ ‪ " :‬ضع يف " ‪ .‬ولك نه قواه ف " تر يج‬
‫الذكار " بديفث ابفن عمفر الذي هفو قبفل ‪ /‬صففحة ‪ / 324‬هذا فف‬
‫الكتاب ‪ ،‬سفاقه مفن طريقيف ‪ :‬أحدهاف طريفق " الوسفط " الذي جود‬
‫إ سناده الؤلف ‪ ،‬و هو قول اليث هي ف " الج مع " ( ‪، ) 134 / 10‬‬
‫وان ظر " ا بن علن " ( ‪ ، ) 159 - 158 / 5‬و " ال صحيحة " (‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪348‬‬

‫‪ . ) 2759‬ومن ( المعة ) قوله تت رقم ‪ " : - 3‬أكثروا من الصلة‬


‫على يوم الم عة وليلة الم عة " ‪ .‬قلت ‪ :‬ذ كر الد يث ول ير جه ‪ ،‬ول‬
‫بي مرتبته ‪ .‬وقد أخرجه ابن عدى والبيهقي من حديث أنس ‪ ،‬وروى من‬
‫حد يث ا بن ع مر ‪ ،‬و عن صفوان بن سليم مر سل ‪ ،‬و هو بجموع ذلك‬
‫حسن كما بينته ف " الصحيحة ( ‪ ، ) 1407‬وهو صحيح دون ذكر "‬
‫ليلة المعفة " لديفث أوس الذى قبله ‪ ،‬وهفو مرج فف الصفدر الذكور‬
‫برقم ( ‪ . ) 1527‬قوله تت رقم ‪ " : - 4‬وعن ابن عمر أن النب ( ص‬
‫) قال ‪ " :‬من قرأ سورة الكهف ف يوم المعة سطع له نور من تت‬
‫قدمه إل عنان السماء ‪ ،‬يضئ له يوم القيامة ‪ ،‬وغفر له ما بي المعتي "‬
‫‪ .‬رواه ابن مردويه بسند ل بأس به " ‪ .‬قلت ‪ :‬هكذا قال النذرى ف "‬
‫الترغ يب " ( ‪ ، ) 261 / 1‬و هو مردود بقول الا فظ ا بن كث ي ف "‬
‫التفسي " ( ‪ " : ) 70 / 1‬إسناده غريب " ‪ .‬قلت ‪ :‬وذلك لن فيه خالد‬
‫بن سعيد بن أب مري ‪ ،‬وهو مهول العدالة ‪ ،‬قال ف " التهذيب " بعد أن‬
‫ن قل عن ابن حبان أنه ذكره ف " الثقات " ‪ / :‬صفحة ‪ " / 325‬وقال‬
‫ا بن الدي ن ‪ :‬ل نعرففه ‪ ،‬وسفاق له العقيلي خبا اسفتنكره ‪ ،‬وجهله ابفن‬
‫قطان " ‪ .‬ولذلك قال الافظ ‪ " :‬مقبول " ‪ .‬يعن عند التابعة ‪ ،‬وإل فلي‬
‫الد يث ‪ .‬و ف نقدي أن هذا الد يث من كر أي ضا ‪ ،‬لخالف ته لد يث أ ب‬
‫سعيد الذي قبلة ‪ ،‬وإسناده صحيح كما بينت ف " الصحيحة " ( ‪2651‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪349‬‬

‫) ‪ .‬قوله تت رقم ‪ - 6‬بعد أن ذكر حديث ابن مسعود مرفوعا ‪ " :‬إن‬
‫الناس يلسفون يوم القيامفة على قدر رواحهفم إل المعات ‪" : " . . .‬‬
‫رواه ابفن ماجفه والنذري " ‪ .‬كذا وقفع فف هذه الطبعفة وغيهفا ‪ ،‬وهفو‬
‫تريج غريب ‪ ،‬ويغلب على الظن أن فيه سقطا ‪ ،‬ولعل الصواب ‪. . " :‬‬
‫‪ .‬وحسنه النذري " ‪ ،‬فقد قال ف " الترغيب " ( ‪ " : ) 225 / 1‬رواه‬
‫ا بن ما جه ‪ ،‬وا بن أ ب عا صم ‪ ،‬وإ سنادها ح سن " ‪ .‬و هو ف نقدي غ ي‬
‫ح سن ‪ ،‬لن مداره على ع بد الج يد بن ع بد العز يز بن أ ب رواد ‪ ،‬وف يه‬
‫ض عف من ق بل حف ظه ‪ ،‬و ف " التقر يب " ‪ " :‬صدوق ي طئ ‪ ،‬وكان‬
‫مرجئا ‪ ،‬أفرط ابفن حبان فقال ‪ :‬متروك " ‪ .‬قلت ‪ :‬وقفد اضطرب عبفد‬
‫الج يد ف تعي ي شي خه ف هذا الد يث ‪ ،‬فقال مرة ‪ " :‬عن مع مر " ‪،‬‬
‫ومع مر ث قة ‪ .‬ومرة قال ‪ " :‬عن مروأن بن سال " ‪ ،‬ومروان هذا متروك‬
‫متهم بالو ضع ‪ .‬ومعلوم أن الضطراب علة ف الديث ‪ -‬ولو من ثقة ‪-‬‬
‫تنع الكم عليه بالسن ‪ ،‬فكيف إذا كان ضعيفا ؟ فتحسينه والالة هذه‬
‫أب عد ما يكون ‪ /‬صفحة ‪ / 326‬عن ال صواب ‪ ،‬ول يتن به لذه العلة‬
‫القاد حة العلق على " الزاد " ( ‪ ، ) 409 / 1‬فقلد من ح سنه ! و قد‬
‫خر جت الد يث وب سطت الكلم عل يه ف " الضعي فة " ( ‪، ) 2810‬‬
‫وأوجزته ف " ظلل النة ف تريج السنة " لبن أب عاصم ( ‪. ) 620‬‬
‫قوله ت‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪350‬‬

‫تت عنوان ‪ :‬مشروعية التنفل قبلها ‪ ) 1 ( :‬فعن ابن عمر رضي ال عنه‬
‫أنه كان يطيل الصلة قبل المعة ‪ ،‬ويصلي بعدها ركعتي ‪ ،‬ويدث أن‬
‫ر سول ال " صلى ال عل يه وآله " كان يف عل ذلك ‪ .‬رواه أ بو داود " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وإ سناده صحيح ‪ ،‬ل كن عنده ب عد قوله ركعت ي ‪ " :‬ف بي ته " ‪.‬‬
‫يعنف أن النفب ( ص ) كان يصفلي الركعتيف بعفد المعفة فف بيتفه ‪ ،‬ول‬
‫يصفليهما فف السفجد ‪ ،‬وهذا هفو الرفوع مفن الديفث كمفا يدل عليفه‬
‫روايات أخرى للحديث تأت ف الكتاب ‪ .‬وأما صلة ابن عمر قبل المعة‬
‫فموقوف عليفه كمفا بينفه أبفو شامفة فف " الباعفث على إنكار البدع‬
‫والوادث " ‪ ،‬وا بن الق يم ف " زاد العاد " وغيه ا ‪ ،‬و سيأت ف الكتاب‬
‫كلم ابن تيمية ف أنه ليس للجمعة سنة قبلية ‪ .‬فانظره ‪ ،‬وراجع لة رسالت‬
‫" الجوبة النافعة " ‪ / .‬صفحة ‪ / 327‬ومن ( من تب عليه ومن ل‬
‫ت ب عل يه ) قوله ‪ ) 6 ، 5 ( " :‬الد ين الع سر الذي ياف ال بس ‪،‬‬
‫والختفي من الكم الظال ‪ ،‬فعن ابن عباس رضي ال عنه أن النب ( ص )‬
‫قال ‪ " :‬من سع النداء فلم ي به فل صلة له إل من عذر " ‪ .‬قالوا ‪ :‬يا‬
‫رسفول ال ! ومفا العذر ؟ قال ‪ " :‬خوف أو مرض " ‪ .‬رواه أبفو داود‬
‫بإ سناد صحيح " ‪ .‬قلت ‪ :‬ف يه خطان ‪ :‬الول ‪ :‬أن إ سناد أ ب داود غ ي‬
‫صحيح ‪ ،‬لن ف يه أ با جناب و هو ضع يف ومدلس و قد عنع نه ك ما قال‬
‫الافظ ف " التلخيص " وضعفه النذرى أيضا ف " متصر السنن " ‪ .‬الثان‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪351‬‬

‫‪ :‬أن اللفظ الذكور ليس هو لب داود ‪ ،‬بل هو ملفق من روايتي إحداها‬


‫رواية أب داود ‪ ،‬ولفظها ‪ " :‬من سع النادي فلم ينعه من اتباعه عذر ‪-‬‬
‫قالوا ‪ :‬ومفا العذر ؟ قال ‪ :‬خوف أو مرض ‪ -‬ل تقبفل منفه الصفلة التف‬
‫صلى " ‪ .‬وبذا اللفظ والسد أخرجه الدارقطن أيضا والاكم ف رواية ‪.‬‬
‫والرواية الخرى لفظها ‪ " .‬من سع النداء فلم يبه ‪ ،‬فل صلة له إل من‬
‫عذر " ‪ .‬أخرجه ابن ماجه وغيه والاكم ‪ ،‬وقال ‪ " :‬صحيح على شرط‬
‫الشيخيف " ‪ ،‬ووافقفه الذهفب ‪ ،‬وهفو كمفا قال ‪ .‬ومفا أعتقفد أن الؤلف‬
‫ي ستجيز هذا التلفيق بي روايت ي ‪ ،‬ولسيما وإحداه ا ‪ /‬صفحة ‪/ 328‬‬
‫صحيحة والخرى ضعيفة ‪ ،‬وإنا هو التقليد وعدم الرجوع إل الصول ‪.‬‬
‫( تنبيه ) ‪ :‬هذا الديث اقتصر الؤلف على إيراده ههنا ف " المعة " ‪،‬‬
‫وكان يلزمه أن يورده أيضا ف " الماعة " ‪ ،‬لن لفظ " النداء " يشملهما‬
‫معأ ‪ ،‬وعليه نقول ‪ :‬والديث كما يدل على وجوب المعة وأنه ل يوز‬
‫التخلف عنهفا إل لعذر ‪ ،‬فكذلك هفو يدل على وجوب حضور صفلة‬
‫الما عة ‪ ،‬وأ نه ل يوز ترك ها إل لعذر ‪ ،‬ف هو ح جة على الؤلف ح يث‬
‫ذكر هناك أن ملة الماعة سنة مؤكدة ‪ ،‬ووجه ذلك أن الديث صريح‬
‫أ نه ل يوز التخلف عن ها إل لعذر ‪ ،‬ول يس هذا شأن ال سنة ‪ ،‬فإ نه يوز‬
‫ف بدون عذر الب تة ‪ ،‬اكتفاء بالقيام بالفرائض ف قط ‪ ،‬كمفا يدل على‬
‫تركه ا‬
‫ذلك إقرار النفب ( ص ) للعرابف على قوله ‪ " :‬وال ل أزيفد عليهفن ول‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪352‬‬

‫أنقفص " ‪ .‬وقوله ‪ " :‬أفلح الرجفل إن صفدق " ‪ ،‬أو ‪ " :‬دخفل النفة إن‬
‫صدق " ‪ ،‬فث بت من ذلك أن صلة الما عة واج بة ل يوز ترك ها إل‬
‫لعذر ‪ ،‬وهو الق كما سبق بيانه هناك ‪ .‬وأما تأويل بعض العلماء لقوله‬
‫فف الديفث ‪ " :‬فل صفلة له " ‪ ،‬أي ‪ :‬كاملة ‪ ،‬فإن أرادوا بذلك نففي‬
‫الوجوب كما هو الظاهر فهو باطل من وجهي ‪ :‬الول ‪ :‬قوله عقبه ‪" :‬‬
‫إل من عذر " ‪ ،‬فإن هذا ل يقال ف غي الواجب كما سبق بيانه ‪ .‬الثان ‪:‬‬
‫أن هذا التأويل غي معروف ف الشرع كما حققه شيخ السلم ابن تيمية‬
‫رحه ال ‪ ،‬ول بأس من أن أنقل كلمه متصرا لهيته ‪ ،‬قال رحه ال ف‬
‫" القواعد النورانية " ( ص ‪ " : ) 26‬وأما ما يقوله الناس ‪ :‬إن هذا نفي‬
‫للكمال ‪ .‬كقوله ‪ " :‬ل صلة لار السجد إل ف السجد " ( قلت ‪ :‬هذا‬
‫ليفس له إسفناد ثابفت ) ‪ .‬فيقال له ‪ :‬نعفم هفو لنففي ‪ /‬صففحة ‪/ 329‬‬
‫الكمال ‪ ،‬لكن لنفي كمال الواجبات ‪ ،‬أو لنفي كمال الستحبات ؟ فأما‬
‫الول فحق ‪ ،‬وأما الثان فباطل ل يوجد مثل ذلك ف كلم ال عزوجل‬
‫ول ف كلم رسول ال قط ‪ ،‬وليس بق ‪ ،‬فإن الشئ إذا كملت واجباته‬
‫فك يف ي صح نف يه ؟ ! وأي ضا ‪ ،‬فلو جاز لاز ن في صلة عا مة الول ي‬
‫والخر ين ‪ ،‬لن كمال ال ستحبات من أندر المور ‪ .‬وعلى هذا ف ما جاء‬
‫من نفي العمال ف الكتاب والسنة فإنا هو لنتفاء بعض واجباته كقوله‬
‫تعال ‪ ( * :‬فل وربك ل يؤمنون حت يكموك فيما شجر بينهم ) * الية‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪353‬‬

‫‪ .‬وقوله ‪ ( * :‬ويقولون آمنا بال وبالرسول وأطعنا ث يتول فريق منهم بن‬
‫بعفد ذلك ‪ ،‬ومفا أولئك بالؤمنيف ) * ‪ ،‬ونظائر ذلك كثية ‪ .‬ومفن ذلك‬
‫قوله ( ص ) ‪ " :‬ل إيان لنف ل أمانفة له " ‪ ،‬و " ل صفلة إل بفاتةف‬
‫الكتاب " ‪ ،‬و " من سع النداء ث ل ي ب من غ ي عذر فل صلة له " ‪.‬‬
‫ول ريب أن هذا يقتضي أن إجابة الؤذن النادي إل الصلة ف جاعة من‬
‫الواجبات ‪ .‬لكفن إذا ترك هذا الواجفب ‪ ،‬فهفل يعاقفب عليفه ويثاب على‬
‫فعله مفن الصفلة أم يقال ‪ :‬إن الصفلة باطلة ‪ ،‬عليفه إعادتاف كأنفه ل‬
‫يصلها ؟ هذا فيه نزاع بي العلماء " ‪ .‬اه‍ ‪ .‬لت‬
‫‪ :‬واختار ش يخ ال سلم ف غ ي هذا الكتاب البطلن ‪ ،‬واختر نا عد مه‬
‫لديث التفضيل على ما بينا ل صلة الماعة ‪ .‬وحله هو على العذور ‪،‬‬
‫وهو غي متبادر عندي ‪ .‬وال أعلم ‪ / .‬صفحة ‪ / 330‬قوله تت رقم (‬
‫‪ " : ) 7‬و عن أ ب مل يح عن أب يه أ نه ش هد ال نب ( ص ) ف يوم ج عة‬
‫وأصابم مطر ل تبتل أسفل نعالم ‪ ،‬فأمرهم أن يصلوا ف رحالم ‪ .‬رواه‬
‫أ بو داود وا بن ما جه " ‪ .‬قلت ‪ :‬ال سياق ل ب داود ‪ ،‬ولك نه زاد ب عد قوله‬
‫شهد النب ( ص ) ‪ " :‬زمن الديبية " ‪ ،‬وهي عند ابن ماجه أيضا ‪ ،‬فهي‬
‫تدل على أن القصة كانت ف السفر ‪ ،‬وقد صرح بذلك البيهقي ف رواية‬
‫له ‪ ،‬ومن العلوم أن ل جعة ف السفر ‪ ،‬وحينئذ فالديث ل يدل على أن‬
‫الطر عذر لترك المعة ‪ ،‬بل للجماعة ‪ .‬قوله ف آخر بث وقت المعة‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪354‬‬

‫مرجحا مذهب المهور أنه بعد الزوال نقل عن الافظ ‪ " :‬فروى ابن أب‬
‫شيبة عن سويد بن غفلة أنه صلى مع أب بكر وعمر حي زالت الشمس ‪.‬‬
‫وإ سناده قوي " ‪ .‬قلت ‪ :‬صدق سويد رح ه ال ‪ ،‬وأخ طأ الا فظ و من‬
‫قلده كالؤلف ومن قبله الشوكان ( ‪ ) 221 / 3‬ف استدللم بذا الثر‬
‫على ما ذكر نا ‪ ،‬مع أ نه ل يس ف يه ذ كر ل صلة الم عة ل ت صريأ ول‬
‫تلويا ‪ ،‬وهذا بناء على السياق الذي ذكره الافظ ونقلوه عنه ‪ ،‬وهو ف‬
‫" الفتح " ( ‪ ) 387 / 2‬كما نقلوا ‪ ،‬وهو من أخطائه العجيبة الت ل‬
‫أ ستطيع ت صور صدورها من مثله ‪ ،‬فإن هذا ال ثر ل تعلق له ه نا الب تة ‪،‬‬
‫وإنا بصلة الظهر ‪ ،‬كذلك وقع التصريح به عند ابن أب شيبة ‪ ،‬أخرجه‬
‫ب سنده ال صحيح عن ميمون بن مهران ‪ :‬أن سويد بن غفلة كان ي صلي‬
‫الظ هر ح ي تزول الش مس ‪ ،‬فأر سل إل يه الجاج ‪ :‬ل ت سبقنا ب صلتنا ‪.‬‬
‫فقال سويد ‪ :‬قد صليتها مع أب بكر وعمر هكذا ‪ ،‬والوت أقرب إل من‬
‫أن أدع ها ‪ .‬أورده ( ‪ ) 323 - 2 32 / 1‬ت ت باب ‪ ( :‬من كان‬
‫يصفلي الظهفر إذا زالت الشمفس ول يفبد باف " ‪ .‬إذا عرففت هذا ‪ ،‬فل‬
‫يصلح للمعارضة الدعاة ‪ ،‬لكن الافظ ذكر عقبه آثارا ‪ /‬صفحة ‪/ 331‬‬
‫أخرى بعناه عن ع مر وغيه من ال صحابة ‪ ،‬ل كن القي قة أ نه ل تعارض‬
‫بينها وبي أثر ابن سيدان ‪ ،‬كما ل تعارض بي الحاديث الوافقة لا ‪،‬‬
‫وبي الحاديث الوافقة له ‪ ،‬فالصحابة رضي ال عنهم تلقوا المرين عن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪355‬‬

‫رسول ال ( ص ) ‪ ،‬فكانوا ‪ -‬كما كان عليه السلم ‪ -‬يفعلون تارة هذا‬


‫وتارة هذا ‪ ،‬ك ما ذكر ته ف ر سالت " الجو بة الناف عة " ‪ ،‬و قد خر جت‬
‫في ها الحاد يث الرفو عة والثار الوقو فة ف المر ين ‪ ،‬و هي مطبو عة ‪،‬‬
‫فلياجع ها من شاء ‪ .‬ب قي شئ ‪ ،‬و هو جزم الؤلف بأن أ ثر ا بن سيدان‬
‫ضعيف ‪ ،‬وأيده بقول ابن حجر فيه ‪ " :‬تابعي كبي غي معروف العدالة "‬
‫‪ .‬و قد رددت عل يه ف الر سالة الذكورة ان فا ب ا خل صته أ نه روى ع نه‬
‫أربعة من الثقات ‪ ،‬وذكره ابن حبان ف " الثقات " ( ‪ ، ) 31 / 5‬وأزيد‬
‫هنا ‪ :‬والعجلي أيضا ف " الثقات " ( ‪ ، ) 820 / 258‬وقلت ثة ‪" :‬‬
‫إنه حسن الديث على طريقة بعض العلماء ‪ ،‬كابن رجب وغيه " ‪ .‬بل‬
‫هي طريقة الافظ أيضا كما تقدم بيانه ( ص ‪ . ) 207 - 204‬وال‬
‫أعلم ‪ .‬قوله ف العدد الذي تنعقد به المعة ‪ " :‬تصح باثني فأكثر ‪ ،‬لقوله‬
‫( ص ) ‪ :‬الثنان فما فوقهما جاعة " ‪ .‬قلت ‪ :‬ل يصح الستدلل به ‪،‬‬
‫لعدم ثبوته عنه ( ص ) كما بينته ف " الرواء " ( ‪ ، ) 489‬و " الشكاة‬
‫" ( ‪ ، ) 1081‬فالعتماد على ما ذكره الؤلف ب عد عن الشوكا ن ‪.‬‬
‫وراجع له " السيل الرار " ( ‪ ، ) 298 - 297 / 1‬فإنه بث هام قد‬
‫ل تده ف غيه ‪ / .‬صفحة ‪ / 332‬قوله ف أثر عمر ‪ :‬أن جتعوا حيثما‬
‫كشفم ‪ " :‬وهذا يشمفل الدن والقرى " ‪ .‬قلت ‪ :‬كذا قال الاففظ فف "‬
‫الفتح " ( ‪ ، ) 380 / 4‬وتبعه الشوكان ( ‪ ) 198 / 3‬أيضا ‪ ،‬وهو‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪356‬‬

‫أعم من ذلك ‪ ،‬فيشمل أهل الياه أيضا ‪ ،‬فقد روى ابن أب شيبة أيضا (‬
‫‪ ) 102 / 2‬عقب أثر عمر ‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنا ابن إدريس عن مالك قال ‪" :‬‬
‫كان أصحاب ممد ف هذه الياه بي مكة والدينة يمعون " ‪ .‬ويشهد له‬
‫أ ثر ا بن ع مر الذكور ف الكتاب آ خر هذا الب حث ‪ ،‬وقال ف يه ‪ " :‬رواه‬
‫عبد الرزاق بسند صحيح " ‪ .‬قلت ‪ :‬كذا قال الافظ ‪ ،‬وذكره الشوكان‬
‫دون أن ين سبه إل يه كغالب تاري ه ‪ ،‬وا ستشهد به الؤلف ‪ ،‬وف يه ما ل‬
‫يفى ‪ .‬وهو ف " مصنف عبد الرزاق " ( ‪ ، ) 5185 / 170 / 3‬عن‬
‫عبد ال بن عمر عن نافع عن ابن عمر ‪ . . .‬فذكره ‪ .‬كذا وقع فيه ‪" :‬‬
‫عبد ال " مكبا ‪ ،‬وهو ضعيف ‪ ،‬فلعل الصل " عبيد ال ‪ ،‬مصغرا ‪ ،‬وهو‬
‫ث قة ‪ ،‬بدل يل ت صحيح الا فظ ل سناده ‪ .‬وال أعلم ‪ .‬قوله ف آ خر ب ث‬
‫حكم الطبة نقل عن السوكان ‪ " :‬فالظاهر ما ذهب إليه السن البصري‬
‫وداود الظاهري والوينف مفن أن الطبفة مندوبفة فقفط " ‪ .‬قلت ‪ :‬بفل‬
‫الصواب وجوبا ‪ ،‬وما أجاب به الشوكان مردود ‪ ،‬وقد نا نوه صديق‬
‫خان ف " الرو ضة الند ية " و ف " الوع ظة ال سنة " ‪ ،‬فرددت عل يه ف‬
‫رسفالت " الجولة النافعفة " باف ل يدع اشكال على القول بوجوباف ‪.‬‬
‫فراج عه فإ نه م هم جدا ‪ .‬ث ذ كر حد يث جابر مرفو عا ‪ :‬كان إذا صعد‬
‫ال نب سلم ‪ ،‬وضع فه با بن لي عة ‪ ،‬ث ذكره من مر سل الش عب وعطاء ‪.‬‬
‫فأقول ‪ :‬هذان الرسفلن أخرجهمفا ابفن أبف شيبفة وعبفد الرزاق ‪ ،‬وهاف‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪357‬‬

‫يقويان ‪ /‬صفحة ‪ / 333‬حد يث جابر ‪ ،‬ول سيما و قد جرى ع مل‬


‫اللفاء عليه كما حققته ف " الصحيحة " ( ‪ ) 2076‬با ل تراه ف مكان‬
‫آ خر إن شاء ال تعال ‪ .‬قوله ف حد يث ‪ :‬كان إذا قام على ال نب ا ستقبله‬
‫أصحابه بوجوههم ‪ " :‬رواه ابن ماجه ‪ ،‬وهو وإن كان فيه مقال ‪ ،‬إل أن‬
‫الترمذي قال ‪ :‬العمل على هذا ‪ . " . .‬وأقول ‪ :‬الديث صحيح ‪ ،‬لن له‬
‫شواهد مرفوعة وموقوفة خرجتها ف " الصحيحة " أيضا ( ‪، ) 2080‬‬
‫وأحدها ف " الصحيحي " عن أب سعيد الدري قال ‪ " :‬جلس رسول‬
‫ال ( ص ) على النفب ‪ ،‬وجلسفنا حوله " ‪ .‬وهذه مفن السفنن التروكفة ‪،‬‬
‫فعلى الحبي لا إحياؤها ‪ ،‬حياهم ال تعال وبياهم ‪ ،‬وجعل النة مأوانا‬
‫ومأواهم بفضله وكرمه ‪ .‬قوله ف حديث أبئ هريرة ‪ " :‬كل كلم ل يبدأ‬
‫فيفه بالمفد ل فهفو أجذم " ‪ " :‬رواه أبفو داود وأحدف بعنفا " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫الديث ضعيف ‪ ،‬أسنده عن أب هريرة أحد من ل يوثق بفظه ‪ ،‬وخالفه‬
‫جع من الثقات ‪ ،‬فأرسلوه ‪ ،‬بل أعضلوه وقد أعله بذلك أبو داود نفسه ‪،‬‬
‫فقال عقبه ( ‪ " : ) 4840‬رواه يونس وعقيل وشعيب وسعيد بن عبد‬
‫العزيفز عفن الزهري عفن النفب ( ص ) مرسفل " ‪ .‬فكان على الؤلف أن‬
‫يذكر هذا عقب الديث أداة للمانة العلمية ‪ ،‬ولكن هذا من شؤم التقليد‬
‫‪ ،‬وعدم الرجوع إل الصول ‪ ،‬ولكن إذا كان ل يرجع إل الصل ‪ ،‬فما‬
‫باله ل ينقل ما ذكره الشوكان ف " نيل الوطار " ( ‪ ، ) 224 / 3‬أن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪358‬‬

‫النسائي والدارقطن أعله أيضا بالرسال ‪ ،‬وهو إنا نقل الديث وتريه‬
‫م نه أو ‪ /‬صفحة ‪ / 334‬من مت نه ؟ ! و قد خر جت الد يث وتكل مت‬
‫عليه بتفصيل ف أول " إرواء الغليل " ( رقم ‪ ، ) 2‬وذكرت له فيه علة‬
‫أخرى ‪ ،‬وهي اضطراب ذاك الضعيف ف متنه على وجوه بينتها ‪ ،‬فراجعه‬
‫إن شئت تام التحق يق ‪ .‬قوله ‪ " :‬و ف روا ية ‪ " :‬الط بة ال ت ل يس في ها‬
‫شهالة كاليففد الذماء " ‪ .‬رواه أحدفف وأبففو داود والترمذي وقال ‪:‬‬
‫( تشهد ) بدل ( شهادة ) " ‪ .‬قلت ‪ :‬رواية أب داود ( ‪ ) 4841‬مثل‬
‫رواية الترمذي ‪ ،‬وهي أصح ‪ ،‬وقال ‪ " :‬حديث حسن صحيح غريب " ‪.‬‬
‫وسنده صحيح ‪ ،‬وهو ف " مسند أحد " ( ‪ 302 / 2‬و ‪ . ) 343‬هذا‬
‫وك نت أود أن ل يلي الؤلف كتا به من خط بة الا جة ال ت كان ر سول‬
‫ال ( ص ) يعلمها أصحابه ‪ ،‬ول سيما وفيها نص التشهد الشار إليه ف‬
‫هذا الديفث وغيه كحديفث جابر بفن عبفد ال رضفي ال عنفه قال ‪" :‬‬
‫كا نت خط بة ال نب ( ص ) يوم الم عة ي مد ال ‪ ،‬ويث ن عل يه ‪ ،‬ث يقول‬
‫على إ ثر ذلك ‪ . " . . .‬رواه م سلم ( ‪ . ) 11 / 3‬و نص الط بة ك ما‬
‫جاء ف عدة أحاديث كنت جعتها ف رسالة خاصة فيها ‪ ،‬يأت الشارة‬
‫إليهفا إن شاء ال ‪ " :‬إن المفد ل ‪ ،‬نمده ونسفتعينه ونسفتغفره ‪ ،‬ونعوذ‬
‫بال من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ‪ ،‬من يهده الئه فل مضل له ‪ ،‬ومن‬
‫يضلل فل هادي له ‪ .‬وأشهففد أن ل إله ال ال وحده ل شريففك له ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪359‬‬

‫وأش هد أن ممدا عبده ور سوله ‪ / .‬صفحة ‪ ( * / 335‬يا أي ها الذ ين‬


‫آمنوا اتقوا ال حق تقا ته ول تو تن إل وأن تم م سلمون ) * ‪ ( * .‬يا أي ها‬
‫الناس اتقوا ل يكفم الذي خلقكفم من نففس واحدة وخلق منهفا زوجهفا‬
‫وبث منهما رجال كثيا ونساء واتقوا ال الذي تساءلون به والرحام إن‬
‫ال كان علي كم رقي با ) * ‪ ( * .‬يا أي ها الذ ين آمنوا اتقوا ال وقولوا قول‬
‫سديدأ ‪ ،‬يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ‪ ،‬ومن يطع ال ورسوله‬
‫ف قد فاز فوزا عظي ما ) * ‪ .‬أ ما ب عد ‪ .‬وكان أحيا نا ل يذ كر هذه اليات‬
‫الثلث ‪ .‬وينبغفي أن يقول أحيانفا بعفد قوله ‪ " :‬أمفا بعفد " ‪ " :‬فإن خيف‬
‫الديفث كتاب ال ‪ ،‬وخيف الدي هدى ممفد ‪ ،‬وشفر المور مدثاتاف ‪،‬‬
‫و كل مد ثة بد عة ‪ ،‬و كل بد عة ضللة ‪ ،‬و كل ضللة ف النار " ‪ .‬رواه‬
‫مسلم وغيه ‪ ،‬وهو مرج ف " الرواء " ( ‪ . ) 608‬قوله ‪ " :‬وعن ابن‬
‫مسعود رضي ال عنه أن النب ( ص ) كان إذا تشهد قال ‪ " :‬المد ل ‪،‬‬
‫نستعينه ونستغفره ‪ . . .‬من يطع ال ورسوله فقد رشد ‪ ،‬ومن يعصهما‬
‫فإنه ل يضر إل نفسه ‪ ،‬ول ي ضر ال تعال شيئا " ‪ .‬وعن ابن شهاب أنه‬
‫سئل عن تش هد ال نب ( ص ) يوم الم عة ‪ ،‬فذ كر نوه ‪ ،‬وقال ‪ :‬و من‬
‫يع صهما ف قد غوى ‪ .‬رواه ا أ بو داود " ‪ .‬قلت ‪ :‬إ سنادها ضع يف ‪ .‬أ ما‬
‫الول ففيفه أبفو عياض ‪ ،‬وهفو مهول ‪ ،‬وقفد أعله النذري وابفن القيفم‬
‫والشوكان بغيه ‪ .‬والق ما ذكرته ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪360‬‬

‫‪ /‬صفحة ‪ / 336‬وأما الخر فعلته أنه من مرسل ابن شهاب ‪ ،‬والرسل‬


‫ل يس ب جة ع ند المهور ‪ .‬ث إن ف الديث ي جلة قد صح ع نه ( ص )‬
‫الن هي عن ها ‪ ،‬و هي قوله فيه ما ‪ " :‬و من يع صهما ‪ . " . . .‬فروى م سلم‬
‫وغيه عن عدي بن حا ت أن رجل خ طب ع ند ال نب ( ص ) فقال ‪ :‬من‬
‫يطع ال ورسوله فقد رشد ‪ ،‬ومن يعصهما فقد غوى ‪ .‬فقال ( ص ) ‪" :‬‬
‫بئس الطيفب أنفت ‪ ،‬قفل ‪ :‬ومفن يعفص ال ورسفوله " ‪ .‬وحديفث ابفن‬
‫مسفعود قفد جاء مفن طرق ثلثفة أخرى عنفه وليفس فف شفئ منهفا هذه‬
‫الملة ‪ ،‬فدل ذلك على نكارتاف فيفه ‪ ،‬ول فف بيان ذلك رسفالة لطيففة‬
‫بعنوان ‪ " :‬خطبة الاجة الت كان رسول ال ( ص ) يعلمها أصحابه " ‪،‬‬
‫أوردت فيهفا النفص الصفحيح الكامفل لذه الطبفة الباركفة ‪ ،‬وخرجفت‬
‫أحاديثها مع فوائد أخرى تناسبها ‪ ،‬وقد طبعت مرارا والمد ل ‪ .‬قوله ف‬
‫استحباب رفع الصوت بالطبة وتقصيها والهتمام با ‪ " :‬وعن جابر بن‬
‫سرة ر ضي ال ع نه قال ‪ :‬كا نت صلة ر سول ( ص ) ق صدا ‪ ،‬وخطب ته‬
‫ق صدا ‪ .‬رواه الما عة إل البخاري وأ با داود " ‪ .‬قلت ‪ :‬ا ستثناء أ ب داود‬
‫خطأ قلد فيه صاحب " النتقى " ‪ ،‬ول ينبه عليه الشوكان ( ‪) 228 / 3‬‬
‫‪ ،‬فقد أخرجه ف " سننه " برقم ( ‪ ، ) 1101‬وهو مرج ف " صحيح‬
‫أ ب داود " ( ‪ . ) 1009‬قوله ت ت عنوان ‪ :‬ق طع المام الط بة لل مر‬
‫يدث ‪ " :‬و عن أ ب بريدة ر ضي ال ع نه قال ‪ :‬كان ر سول ال ( ص )‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪361‬‬

‫يطبنا ‪ ،‬فجاه السن والسي عليهما قميصان أحران ‪ .‬رواه المسة " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬فيه ‪ / :‬صفحة ‪ / 337‬أول ‪ :‬قوله ‪ " :‬اب بريدة " ‪ .‬خطأ متكرر‬
‫هنا وف الطبعة الديدة ‪ ،‬والصواب ‪ " :‬بريدة " بذف أداة الكنية ‪ ،‬وهو‬
‫بريدة بن ال صيب ر ضي ال ع نه ‪ .‬ثان يا ‪ :‬الق صود ب‍ ( الم سة ) المام‬
‫أحدف ‪ ،‬وأصفحاب السفنن الربعفة ‪ ،‬ومنهفم الترمذي ‪ ،‬وقفد قال عقفب‬
‫الد يث ‪ " :‬ح سن غر يب ‪ ،‬إن ا نعر فه من حد يث ال سي بن وا قد " ‪.‬‬
‫والسي هذا قال الشوكان ف " نيل الوطار " ( ‪ " : ) 233 / 3‬هو‬
‫أ بو علي قا ضي مرو ‪ ،‬اح تج به م سلم ف " صحيحه " ‪ ،‬وقال النذري ‪:‬‬
‫ثقة " ‪ .‬قلت ‪ :‬فكان على الؤلف أن ينقل عنه ما يدل على صحة الديث‬
‫‪ ،‬ول يقتصفر على التخريفج ‪ ،‬لن التخريفج بالنسفبة لدرجفة الديفث‬
‫كالوسيلة مع الغاية ‪ ،‬فما الفائدة من التيان بالوسيلة دون الناية ‪ ،‬وهذه‬
‫مصفيبة عامفة ل ينفج منهفا أكثفر الؤلفيف قدياف وحديثفا وال السفتعان ‪.‬‬
‫والديث صححه ابن خزية والاكم والذهب ‪ ،‬وهو مرج ف " صحيح‬
‫أب داود " ( ‪ . ) 1016‬قوله تت عنوان ‪ :‬حرمة الكلم أثناء الطبة ‪،‬‬
‫ف حديث ابن عباس مرفوعا ‪ " :‬من تكلم يوم المعة والمام يطب فهو‬
‫كالمار يمل أسفارا ‪ .‬والذي يقول له ‪ :‬أنصت ‪ ،‬ل جعة له " ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫" رواه أحد وابن أب شيبة والطبان ‪ ،‬قال الافظ ف " بلوغ الرام " ‪:‬‬
‫إ سناده ل بأس به " ‪ .‬وأقول ‪ :‬ك يف ل ‪ ،‬وف يه عند هم جي عا مالد بن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪362‬‬

‫سعيد ‪ ،‬والافظ فسه يضعفه ف " التقريب " بقوله ‪ / :‬صفحة ‪" / 338‬‬
‫ليفس بالقوي ‪ ،‬وقفد تغيف فف آخفر عمره " ‪ .‬وبفه أعله اليثمفي ( ‪/ 2‬‬
‫‪ ، ) 184‬ولذلك أشار النذري ف " الترغ يب " ( ‪ ) 257 / 1‬إل‬
‫ضعف الديث بتصديره إياه بقوله ‪ " :‬روي " كما نص عليه ف القدمة ‪،‬‬
‫ولذلك خرج ته ف " الضعي فة " ( ‪ ) 1760‬بروا ية من ذكر هم الا فظ‬
‫وغيهم ‪ .‬وقد صح معن الديث عن ابن عمر موقوفا عند ابن أب شيبة (‬
‫‪ . ) 125 / 2‬ول عل الا فظ قوى حدي ثه هذا للشا هد الذي ف جا مع‬
‫حاد بن سلمة عن ابن ع مر موقو فا ‪ .‬ولك ن ل أرى أن الوقوف ي صلح‬
‫شاهدا لتقوية الرفوع هنا ‪ .‬وال أعلم ‪ .‬ث ذكر حديث أب الدرداء ‪ ،‬وفيه‬
‫قول أ ب له ح ي سأله وال نب ( ص ) ي طب ‪ :‬ما لك من جع تك إل ما‬
‫لغوت ‪ .‬وقوله ( ص ) ‪ " :‬صفدق أبف ‪ . . . " .‬الديفث ‪ ،‬قال ‪ " :‬رواه‬
‫أح د وال طبان " ‪ .‬قلت ‪ :‬رجاله موثقون ك ما قال اليث مي ‪ ،‬ل كن أعله‬
‫النذري والع سقلن بالنقطاع ك ما بين ته ف " التعل يق الرغ يب " ( ‪/ 1‬‬
‫‪ ، ) 258‬لكن الديث صحيح ‪ ،‬فإنه رواه ابن ماجه بإسناد جيد عن أب‬
‫نفسه ‪ ،‬وفيه أن أبا ذر هو الذى كلم أبيا ‪ .‬وكذلك رواه الطحاوي ( ‪1‬‬
‫‪ ، ) 215 /‬والطيالسي عن أب هريرة ‪ ،‬وإسناده حسن كما ف " الرواء‬
‫" ( ‪ ، ) 80 / 2‬وابن خزية ف " صحيحه " ( ‪ ) 1807‬عن أب ذر‬
‫نف سه ‪ .‬وقوله ‪ " :‬وقال الشاف عي ‪ :‬لو ع طس ر جل يوم الم عة ‪ ،‬فشم ته‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪363‬‬

‫رجل رجوت أن يسعه ‪ ،‬لن التشميت سنة ‪ ،‬ولو سلم رجل على رجل‬
‫كرهفت ذلك ورأيفت أن يرد عليفه ‪ ،‬لن السفلم سفنة ‪ ،‬ورده فرض " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ذكره الشوكا ن ف " ن يل الوطار " ( ‪ ) 232 / 3‬نقل عن‬
‫مت صر البوي طي ‪ ،‬و هو ف " الم " للشاف عي ( ‪ ، ) 175 / 1‬و ف "‬
‫متصر الزن " ( ‪ / / 1‬صفحة ‪ . ) 138 / 339‬والتفريق بي التشميت‬
‫ورد السلم غي ظاهر عندي ‪ ،‬إذ حكمهما ف الصل واحد ‪ ،‬إما السنة‬
‫ك ما ف كلم الشاف عي ‪ ،‬أو الوجوب ك ما هو الرا جح ع ند كث ي من‬
‫العلماء ‪ ،‬فينبغي التسوية بينهما ف النع أو الواز ‪ ،‬وف ذلك عند الشافعية‬
‫ثلثة ذكرها النووي ف " الجموع " ( ‪ ، ) 524 / 4‬وقال ‪ " :‬الصحيح‬
‫النصفوص تريف تشميفت العاطفس ‪ ،‬كرد السفلم " ‪ .‬قلت ‪ :‬وهذا هفو‬
‫القرب لا ذكرته ف " الضيفة " تت الديث ( ‪ . ) 5665‬ث قوله ‪" :‬‬
‫ف عن ثعل بة بن أ ب مالك قال ‪ :‬كانوا يتحدثون يوم الم عة وع مر جالس‬
‫على النب ‪ ،‬فإذا سكت الؤذن قام عمر فلم يتكلم أحد ‪ . .‬رواه الشافعي‬
‫ف ( مسنده ) " ‪ .‬قلت ‪ :‬وهو ف " الم " ( ‪ : ) 175 / 1‬وحدثن ابن‬
‫أب فديك عن ابن أب ذئب عن ابن شهاب قال ‪ :‬حدثن ثعلبة به ‪ ،‬وزاد‬
‫ف أوله ‪ " :‬أن قعود المام يق طع ال سبحة ‪ ،‬وأن كل مه يق طع الكلم " ‪.‬‬
‫وأخرجه مالك ف " الوطإ " ( ‪ ، ) 126 / 1‬ومن طريقه الشافعي ‪ ،‬عن‬
‫ا بن شهاب به نوه ‪ ،‬إل أ نه ج عل الزيادة ف آخره من كلم الزهري ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪364‬‬

‫وهو أصح ‪ ،‬لن مالكا أوثق من ابن أب فديك ‪ ،‬واسه ممد بن إساعيل‬
‫بن مسلم بن أب فديك ‪ .‬وقال النووي ف " الجموع " ( ‪: ) 220 / 4‬‬
‫" وحديث ثعلبة صحيح ‪ ،‬رواه الشافعي ف " الم " بإسنادين صحيحي "‬
‫! كذا قال وهو يعن طريق إبن أب فديك ومالك عن ابن شهاب ‪ ،‬وهذا‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 340‬اصطلح خاص بالنووي انتقده عليه العسقلن وغيه‬
‫لا فيه من اليهام لن ل معرفة له ‪ ،‬أن له طريقا أخرى عند الشافعي عن‬
‫ثعلبة ‪ ،‬وهو خلف الواقع ‪ ،‬فإنه عن ابن شهاب وحده ‪ .‬نعم قد وجدت‬
‫له متابعا قويا ‪ ،‬أخرجه ابن أب شيبة ف " الصنف " ( ‪ ) 124 / 2‬من‬
‫طريفق يزيفد بفن عبفد ال عفن ثعلبفة بفن [ أبف ] مالك القرظفي قال ‪" :‬‬
‫أدركت عمر وعثمان ‪ ،‬فكان المام إذا خرج يوم المعة تركنا الصلة ‪،‬‬
‫فإذا تكلم تركنا الكلم " ‪ .‬وهذا إسناد صحيح ‪ ،‬ويزيد هذا هو ابن الاد‬
‫الليثفي الدنف ‪ ( .‬فائدة ) ‪ :‬فف هذا الثفر دليفل على عدم وجوب إجابفة‬
‫الؤذن ‪ ،‬لريان العمفل فف عهفد عمفر على التحدث فف أثناء الذان‬
‫وسكوت عمر عليه ‪ ،‬وكثيا ما سئلت عن الدليل الصارف للمر بإجابة‬
‫الؤذن عفن الوجوب ؟ فأجبفت بذا ‪ .‬وال أعلم ‪ .‬قوله تتف عنوان ‪:‬‬
‫إدراك رك عة من الم عة أو دون ا ‪ " :‬قال ا بن م سعود ‪ :‬من أدرك من‬
‫المعة ركعة ‪ ،‬فليضف إليها أخرى ‪ ،‬ومن فاتته الركعتان ‪ ،‬فليصل أربعا‬
‫‪ .‬رواه الطبان بسند حسن " ‪ .‬قلت ‪ :‬نقله من " ممع اليثمي " ( ‪/ 2‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪365‬‬

‫‪ ، ) 192‬وحقه أن يصححه ‪ ،‬لن الطبان أخرجه ف " الكبي " من‬


‫طرق عن أب اسحاق عن أب الحوص عن ابن مسعود ( ‪- 358 / 9‬‬
‫‪ ، ) 9549 - 9545 / 359‬وأخرجه غيه ‪ ،‬فراجع " الرواء " (‬
‫‪ ، ) 621‬و " الجوبة النافعة " ‪ .‬وأما أثر ابن عمر الذكور بعد هذا من‬
‫روا ية البيه قي ف هو قوي ك ما بين ته ث ة ‪ / .‬صفحة ‪ / 341‬قوله ت ت‬
‫عنوان ‪ :‬الصلة ف الزحام ‪ " :‬روى أحد والبيهقي عن سيار قال ‪ :‬سعت‬
‫ع مر و هو ي طب يقول ‪ " . . .‬الد يث ‪ .‬وف يه قول ع مر ‪ " :‬فإذا اش تد‬
‫الزحام فليسجد الرجل منكم على ظهر أخيه " ‪ .‬قلت ‪ :‬هو ف " السند "‬
‫( ‪ ، ) 32 / 1‬و " سنن البيهقي " ( ‪ ، ) 183 - 182 / 3‬من طريق‬
‫سليمان بن داود أب داود بسنده عن سيار ‪ .‬وأبو داود هذا هو الطيالسي‬
‫صاحب " السند " العروف به ‪ ،‬وقد أخرجه فيه برقم ( ‪ . ) 70‬ث إن‬
‫سفيارا هذا ‪ -‬وهفو ابفن معرور ‪ -‬قال ابفن الدينف ‪ :‬مهول ‪ .‬وبفه أعله‬
‫اليثمي ( ‪ ، ) 10 / 2‬وقال ‪ " :‬وقيل ‪ :‬فيه ( مغرور ) بالعجمة والهملة‬
‫" ‪ .‬قلت ‪ :‬ل كن هذه الفقرة من قول ع مر قد أخرج ها ع بد الرزاق (‬
‫‪ 5465‬و ‪ ) 5469‬من طريق ي آخر ين ع نه ‪ ،‬الول فه ما صحيح ‪،‬‬
‫وال خر منق طع ‪ ،‬ل كن و صله البيه قي ‪ ،‬وإ سناده صحيح ‪ .‬قوله ف سنة‬
‫الم عة البعد ية ‪ " :‬قال ا بن الق يم ‪ :‬قال شيخ نا ا بن تيم ية ‪ :‬إن صلى ف‬
‫ال سجد صلى أرب عا ‪ ،‬وإن صلى ف بي ته صلى ركعت ي " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪366‬‬

‫التفصيل ل أعرف له أصل ف السنة ‪ ،‬إل ما سيذكره من حديث ابن عمر‬


‫‪ ،‬ويأت قريبا بيان ما فيه ‪ ،‬وقوله ف الديث الصحيح التقدم ‪ " :‬من كان‬
‫منكم مصليا بعد المعة فليصل أربعا " ‪ .‬روا ‪ .‬مسلم وغيه ‪ ،‬وهو ف "‬
‫الرواء " ( ‪ ، ) 625‬ل دليل فيه على ان الربع ف السجد ‪ ،‬والديث‬
‫الصحيح العروف ‪ " :‬أفضل صلة الرء ف بيته ال الكتوبة " ‪ ،‬فإذا صلى‬
‫بعد المعة ركعتي أو أربعا ‪ /‬صفحة ‪ / 342‬ف السجد جاز ‪ ،‬أو ف‬
‫الب يت ف هو أف ضل ‪ ،‬لذا الد يث ال صحيح ‪ .‬قوله ف تام كلم ا بن الق يم‬
‫التقدم ‪ " :‬وقد ذكر أبو داود عن ابن عمر أنه [ إذا ] صلى ف السجد‬
‫[ صلى ] أربعا ‪ ،‬وإذا ضت ف بيته صلى ركعتي " ‪ .‬قلت ‪ :‬الملة الول‬
‫من هذا الثر اختصرها ابن القيم رحه ال اختصارا مل بالعن ‪ ،‬وانطلى‬
‫أمره على الؤلف ‪ ،‬ول غرا بة ف ذلك ‪ ،‬فإن من عاد ته عدم الرجوع إل‬
‫الصول ‪ ،‬وإنا الغريب أن يفى ذلك على من علق على " زاد العاد ‪، ،‬‬
‫وز عم أ نه " ح قق ن صوصه ‪ ،‬وخرج أحادي ثه ‪ ! " . .‬فإ نه قال ف تر يج‬
‫هذا الديث ( ‪ " : ) 440 / 1‬رواه أبو داود ( ‪ ) 1130‬ف الصلة ‪:‬‬
‫باب ال صلة ب عد الم عة " ‪ .‬فإن لف ظه ف الكان الذي أشار إليه ‪ " :‬عن‬
‫عطاء عن ا بن ع مر قال ‪ :‬كان إذا كان ب كة ف صلى الم عة تقدم ف صلى‬
‫ركعتي ‪ ،‬ث تقدم فصلى أربعا ‪ ،‬وإذا كان بالدينة صلى المعة ‪ ،‬ث رجع‬
‫إل بي ته ف صلى ركعت ي ‪ ،‬ول ي صل ف ال سجد ‪ ،‬فق يل له ؟ فقال ‪ :‬كان‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪367‬‬

‫ر سول ال ( ص ) يف عل ذلك " ‪ .‬وهكذا رواه البيه قي ( ‪- 240 / 3‬‬


‫‪ ، ) 241‬وهو مرج ف " صحيح أب داود " ( ‪ . ) 1035‬فأنت ترى‬
‫أن رواية أب دإود تتلف عما عزاه إليه ابن القيم من وجهي ‪ :‬الول ‪ :‬أن‬
‫فيها أنه كان يصلي ست ركعات ‪ ،‬وهو يقول ‪ :‬أربعا ! الثان ‪ :‬فيها أن‬
‫ذلك كان فف مكفة ‪ ،‬وهفو يعنف السفجد الرام ‪ ،‬وابفن القيفم قال ‪" :‬‬
‫ال سجد " ‪ ،‬أي السجد النبوي بدل يل ما بعده ‪ " ،‬وإذا صلى ف بيته " ‪،‬‬
‫يعن ‪ /‬صفحة ‪ / 343‬ف الدينة ‪ ،‬لن ابن عمر مدن كما هو معلوم ‪.‬‬
‫فإذا عرفت هذا فراويه أب داود هذه ل تدل على التفصيل الذى ادعاه ابن‬
‫تيم ية ‪ ،‬وز عم ا بن الق يم أن الد يث يدل عل يه ‪ ،‬وذلك لمور ‪ :‬الول ‪:‬‬
‫أن الدعوى أنه يصلى ستا ‪ .‬الثان ‪ :‬أنه خاص بالسجد الرام ‪ ،‬والدعوى‬
‫عا مة ‪ .‬الثالث ‪ :‬أ نه موقوف فل يس ب جة ‪ ،‬و من الحت مل أ نه ف عل ذلك‬
‫لمر يتعلق به أو لغي ذلك من السباب الت ذكرها الشوكان ف " نيل‬
‫الوطار " ( ‪ . ) 239 / 3‬ومن ( اجتماع المعة والعيد ف يوم واحد )‬
‫قوله ‪ " :‬فعن زيد بن أرقم قال ‪ :‬صلى النب ( ص ) العيد ‪ ،‬ث رخص ف‬
‫الم عة ‪ ،‬فقال ‪ " :‬من شاء أن ي صلى فلي صل " ‪ .‬رواه الم سة و صححه‬
‫ابفن خزيةف والاكفم " ‪ .‬قلت ‪ :‬فيفه خطان ‪ :‬الول ‪ :‬مفن المسفة‬
‫الترمذي ‪ ،‬ول يروه ‪ ،‬ولذلك ا ستثناه الا فظ ف " بلوغ الرام " ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫" رواه المسة إل الترمذي " ‪ .‬ول يعزه إليه ف " التلخيص " ( ‪88 / 2‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪368‬‬

‫) ‪ ،‬وقد خرجته ف " صحيح أب داود " ( ‪ . ) 982‬والخر ‪ :‬قوله ‪" :‬‬
‫وصححه ابن خزية " ‪ .‬وهو فيه مقلد للمي الصنعان ف " سبل السلم "‬
‫‪ ،‬و سبب هذا الو هم م نه هو ‪ /‬صفحة ‪ / 344‬أ نه رأى الد يث ف "‬
‫صحيح ا بن خزي ة " ( ‪ ، ) 1464‬فتو هم أن كل أحادي ثه صحيحة ‪،‬‬
‫وليس المر كذلك عنده ‪ ،‬فكثيا ما يرج الديث تت بابه ‪ ،‬ويصرح‬
‫فيه بعلته ‪ ،‬ويشكك ف صحته ‪ ،‬وهذا ما فعله ف هذا الديث ‪ ،‬فإنه قال‬
‫أثناء ترج ته ع نه ف الباب ( ‪ " : ) 359 / 3‬إن صح ال ب ‪ ،‬فإ ن ل‬
‫أعرف إياس بفن أبف رملة بعدالة ول جرح " ‪ .‬لكفن الديفث صفحيح‬
‫بشواهده التية ف الكتاب ‪ ،‬وقد صححه ابن الدين ‪ ،‬والاكم ‪ ،‬والذهب‬
‫‪ ،‬وهي مرجة ف " صحيح أب داود " أيضا ( ‪ . ) 984 - 983‬ومن (‬
‫باب صلة العيد ين ) قوله ‪ " :‬و هي سنة مؤكدة ‪ ،‬وا ظب ال نب ( ص )‬
‫عليهفا ‪ ،‬وأمفر الرجال والنسفاء أن يرجوا لاف " ‪ .‬قلت ‪ :‬فالمفر الذكور‬
‫يدل على الوجوب ‪ ،‬وإذا وجفب الروج وجبفت الصفلة مفن ياب أول‬
‫كما ل يفى ‪ ،‬فالق وجويها ل سنيتها فحسب ‪ ،‬ومن الدلة على ذلك‬
‫أن ا م سقطة للجمعة إذا اتفقتا ف يوم وا حد ك ما سبق ف كتاب الؤلف‬
‫قري با ‪ ،‬و ما ل يس بوا جب ل ي سقط واج با ك ما قال صديق خان ف "‬
‫الروضة الندية " ‪ ،‬وراجع تام هذا البحث فيه وف " السيل الرار " ( ‪1‬‬
‫‪ . ) 315 /‬قوله تت رقم ‪ " : - 1‬فعن جعفر بن ممد عن أبيه عن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪369‬‬

‫جده أن ال نب ( ص ) كان يل بس برد حبة ف كل ع يد ‪ .‬رواه الشاف عي‬


‫والبغوي " ‪ .‬قلت ‪ :‬ف يه أمور ‪ :‬الول ‪ :‬أن الشاف عي رواه ف " الم " من‬
‫طريق إبراهيم عن جعفر به ‪ / .‬صفحة ‪ / 345‬وإبراهيم هو ابن ممد بن‬
‫أ ب ي ي الد ن ‪ ،‬و هو متروك مت هم بالكذب ‪ .‬وجع فر هو ا بن ممد بن‬
‫علي بن السي بن علي بن أب طالب ‪ ،‬فيكون جده علي بن السي بن‬
‫علي بن أ ب طالب ‪ ،‬فيكون ال سناد معلول بعلت ي ‪ :‬الر سال والض عف‬
‫الشد يد ‪ .‬وال خر ‪ :‬أن البغوي ل يروه بإ سناده ‪ ،‬إن ا عل قه تعلي قا ‪ ،‬فقال‬
‫ف " شرح السنة " ( ‪ " : ) 352 / 4‬روي أن النب " صلى ال عليه‬
‫وآله " كان ‪ . " . . .‬ف قد أشار إل تضعي فه بت صديره إياه بقوله ‪ " :‬روي‬
‫" ‪ ،‬فكان على الؤلف أن يبي ذلك كله نصحا للقراء ‪ .‬وقد رواه الجاج‬
‫بن أرطاة الدلس عن ممد بن علي ل ياوزه ‪ .‬ومرة قال ‪ :‬عن جابر بن‬
‫ع بد ال به نوه ‪ ،‬فأ سنده ‪ ،‬و قد خر جت هذا مف صل ف " الضي فة " (‬
‫‪ . ) 2455‬لكن للحديث شاهدا من حديث ابن عباس مرفوعا بلفظ ‪" :‬‬
‫كان يلبفس يوم العيفد بردة حراء " ‪ .‬وهفو مرج فف " الصفحيحة " (‬
‫‪ ، ) 1279‬فلو أن الؤلف آثره لكان خيا له ‪ .‬وروى الاكم ( ‪/ 4‬‬
‫‪ ) 230‬من طر يق الل يث بن سعد ج ن إ سحاق بن بزرج عن ز يد بن‬
‫السن بن علي عن أبيه رضي ال عنهما قال ‪ " :‬أمرنا رسول ال ( ص )‬
‫ف العيد ين أن نل بس أجود ما ن د ‪ ،‬وأن نتط يب بأجود ما ن د ‪" . .‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪370‬‬

‫الديفث ‪ .‬وقال ‪ " :‬لول جهالة إسفحاق بفن بزرج لكمفت للحديفث‬
‫بالصحة " ‪ / .‬صفحة ‪ / 346‬قلت ‪ :‬ل وضعفه الزدي ‪ ،‬وأما ابن حبان‬
‫فذكره ف " ثقات التابعي " ( ‪ ، ) 24 / 1‬وقال ‪ " :‬يروي عن السن‬
‫بفن علي بفن أبف طالب ‪ .‬روى عنفه الليفث بفن سفعد " ‪ .‬يشيف إل هذا‬
‫الديفث ‪ ،‬فقفد رواه البخاري فف " التاريفخ " ( ‪) 1222 / 1 / 1‬‬
‫هكذا ‪ ،‬ليس فيه ذكر لزيد ‪ ،‬ول قوله ‪ :‬عن أبيه ‪ .‬ولعله الصواب ‪ .‬قوله‬
‫تت رقم ‪ " : - 4‬وعن ابن عباس أن رسول ال ( ص ) كان يرج‬
‫نساءه وبناته ف العيدين ‪ .‬رواه ابن ماجه والبيهقي " ‪ .‬قلت ‪ :‬ف إسناده‬
‫الجاج بن أرطاة ‪ ،‬وهو سدلس ‪ ،‬وقد عنعنه ‪ ،‬وقد اضطرب ف إسناده ‪،‬‬
‫فمرة قال ‪ :‬عن عبد الرحن بن عابس عن ابن عبابس ‪ ،‬ومرة قال ‪ :‬عن‬
‫عطاء عن جابر ‪ .‬أخر جه أح د ( ‪ . ) 363 / 3‬و مع أن البو صيي‬
‫أصاب ف " زوائده " ف قوله ‪ " :‬هذا إسناد ضعيف لتدليس حجاج " ‪،‬‬
‫فإ نه ج عل روا ية أح د ع نه شاهدا له ! فكأ نه ل ي ستحضر إ سناده ‪ ،‬وإل‬
‫فكيف يسوغ ذلك والشاهد له هو عي الشهود ؟ ! قوله تت رقم ‪- 5‬‬
‫‪ " :‬فعند أب داود والكم ‪ . . .‬عن بكر بن مبشر قال ‪ :‬كنت أغدو مع‬
‫أصفحاب رسفول ال ( ص ) إل الصفلى يوم الفطفر ‪ . . .‬فنسفلك بطفن‬
‫بطحان ‪ . . .‬ث نر جع من ب طن بطحان إل بيوت نا ‪ .‬قال ا بن ال سكن ‪:‬‬
‫إسناده صال " ‪ .‬قلت ‪ :‬كل ‪ ،‬ليس بصال ‪ ،‬لنه من طريق إسحاق بن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪371‬‬

‫سال عن بكر ‪ ،‬وها مهولن ‪ ،‬ولذلك تعقب الذهب ف " اليزان " قول‬
‫ا بن ال سكن هذا بقوله ‪ / :‬صفحة ‪ " / 347‬قلت ‪ :‬ل يعرف إ سحاق‬
‫وب كر بغ ي هذا الد يث " ‪ .‬وقال الا فظ ف ترج ة إ سحاق الذكور ‪" :‬‬
‫مهول الال " ‪ .‬والجهول ل يتفج بديثفه بال ‪ .‬قوله فف وقفت صفلة‬
‫العيد ‪ " :‬أخرجه أحد بن حسن البناء من حديث جندب قال ‪ :‬كان النب‬
‫( ص ) يصلي بنا الفطر والشمس على قيد رمي ‪ ،‬والضحى على قيد‬
‫رمح ‪ .‬قال الشوكان ‪ :‬هذا الديث أحسن ما ورد ف تعيي وقت صلة‬
‫الع يد " ‪ .‬وأقول ‪ :‬ن عم ‪ ،‬لول أ نه ل ي صح ‪ ،‬و قد نقله الشوكا ن عن "‬
‫التلخيص البي " للحافظ ‪ ،‬ث قال ( ‪ " : ) 248 / 3‬ول يتكلم عليه "‬
‫‪ .‬قلت ‪ :‬لك نه قد ساق من إ سناده ما يتم كن به العارف بذا الفن أن‬
‫يكم عليه با يستحقه من صحة أو ضعف ‪ ،‬وقد كنت نقلته عنه ف "‬
‫الرواء " ( ‪ ، ) 101 / 3‬وعقبت عليه بقول ‪ " :‬لكن العلى بن هلل‬
‫الذي ف إسناده اتفق النقاد على تكذيبه ‪ ،‬كما قال الافظ ف تقريبه " ‪.‬‬
‫ث إن الشوكان قد انقلب عليه اسم البناء مرج الديث ‪ ،‬فقال كما ترى‬
‫‪ " :‬أحد بن حسن " ‪ ،‬وقلده الؤلف ‪ ،‬والصواب ‪ " :‬السن بن أحد "‬
‫كما ف " التلخيص " ( ‪ ، ) 83 / 2‬وكتب الرجال ‪ ،‬وهو فقيه حنبلي‬
‫له ترجة حسنة ف " شذرات الذهب " ‪ ،‬توف سنة ( ‪ / . ) 471‬صفحة‬
‫‪ / 348‬وف الباب حديث صحيح ‪ ،‬عن عبد الد بن بسر ‪ ،‬أنه خرج مع‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪372‬‬

‫الناس ف يوم عيد فطر أو أضحى ‪ ،‬فأنكر إبطاء المام ‪ ،‬وقال ‪ " :‬إنا كنا‬
‫مع النب ( ص ) قد فرغنا ساعتنا هذه ‪ ،‬وذلك حي التسبيح " ‪ .‬أخرجه‬
‫أبفو داود وغيه ‪ ،‬وعلقفه البخاري بصفيغة الزم ‪ ،‬وصفححه الاكفم‬
‫والنووي والذ هب ‪ ،‬و هو مرج ف " الرواء " ( ‪ ، ) 101 / 3‬و "‬
‫صحيح أب داود " قوله تت رقم ‪ " : - 7‬وعن سعد بن أب وقاص أن‬
‫ال نب ( ص ) ‪ . . .‬كان ي طب خطبت ي قائ ما ‪ ،‬يف صل بينه ما بل سة ‪.‬‬
‫رواه البزار " ‪ .‬قلت ‪ :‬سكوت الؤلف يو هم صحته ‪ ،‬ول يس ب صحيح ‪،‬‬
‫ول ح سن ‪ ،‬ف قد قال اليث مي ‪ " :‬رواه البزار وجادة ‪ ،‬و ف ا سناده من ل‬
‫أعرفه " ‪ .‬قلت ‪ :‬وفيه عبد اللة بن شبيب شيخ البزار ‪ ،‬وهو واه كما قال‬
‫الذهب ‪ ،‬فكان على اليثمي أن يعله به ‪ ،‬ول سيما أن البزار قد قال عقبه‬
‫‪ " :‬ل نعلمه إل بذا السناد " ‪ .‬كما ف " كشف الستار عن زوائد‬
‫البزار " ( ‪ . ) 315 / 1‬وقد أشار الؤلف إل ضعف الديث ‪ ،‬فراجع‬
‫كلمه عن خطبة العيد ‪ .‬قوله ف التكبي ف صلة العيدين ‪ " :‬يسن ‪. . .‬‬
‫رفع اليدين مع كل تكبية " ‪ .‬قلت ‪ :‬الصواب أن يقال ‪ :‬ل يسن ذلك ‪،‬‬
‫لنه ل يثبت ذلك عنه ( ص ) ‪ ،‬وكونه روي عن عمر وابنه ل يعله سنة‬
‫‪ ،‬أل ترى أن الؤلف قال بثل قولنا ف تكبيات ‪ /‬صفحة ‪ / 349‬النائز‬
‫( ‪ ، ) 1‬واحتج بثل حجتنا ‪ ،‬مع أنه قد صح عن ابن عمر أنه كان يرفع‬
‫يد يه في ها ؟ ! فإن كان هذا ي عل الت كبيات سنة ‪ ،‬فلي قل ب سنيتها ‪ ،‬وإل‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪373‬‬

‫فليقل بعدم الشروعية ف الوضعي وهو الق ‪ ،‬ول سيما أن رواية عمر‬
‫وابنه ههنا ل تصح ‪ .‬أما عن عمر فرواه البيهقي بسند ضعيف ‪ .‬وأما عن‬
‫ابنه فلم أقف عليها الن ‪ ،‬وقد قال مالك ‪ " :‬ل أسع فيه شيئا " ‪ .‬انظر "‬
‫الرواء " ( ‪ . ) 640‬وقوله ‪ " :‬ول ي فظ ع نه قي ذ كر مع ي ب ي‬
‫التكبيات ‪ ،‬ولكن روى الطبان والبيهقي بسند قوي عن ابن مسعود من‬
‫قوله وفعله ‪ ،‬أنه كان ي مد ال ويث ن عليه وي صلي على ال نب ( ص ) " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬قوى إسناده تبعا للحافظ ف " التلخيص " ‪ ،‬وفيه عندي نظر ‪ ،‬لن‬
‫ف سند إل طبان انقطا عا ك ما قال اليث مي ف " الج مع " ‪ ،‬وأ ما إ سناد‬
‫البيه قي فأعله ا بن التركما ن ف " الو هر الن قي " بأن ‪ " :‬ف يه من يتاج‬
‫إل ك شف حاله " ‪ .‬قلت ‪ :‬ول عل الر جل الشار إل يه هو م مد بن أيوب‬
‫ول أعرفه ‪ ،‬وف الرواة جاعة بذا السم ‪ ،‬وقد أشار ابن القيم ف االزاد "‬
‫إل ض عف هذا ال ثر عن ا بن م سعود ‪ ،‬و هو الر جح ‪ ،‬ويقو يه قول ا بن‬
‫التركمان أيضا ‪ " :‬قد ذكر البيهقي قول ابن مسعود ف الباب الذي قبل‬
‫هذا من عدة طرق ‪ ،‬وذكره ا بن أ ب شي بة من طرق أك ثر من ذلك ‪،‬‬
‫وكذا ذكره غيه ا ‪ ،‬ول ذ كر ف شئ من ها للذ كر ب ي الت كبيات ‪ ،‬ول‬
‫يرو ذلك ف حد يث م سند ول عن أ حد من ال سلف * ( ها مش ) * (‬
‫‪ ) 1‬انظر ( ‪ ) 88 / 4‬من " فقه السنة " ‪ ،‬و ( ‪ ) 53 / 4‬من " نيل‬
‫الوطار " ‪ / ) * ( .‬صففحة ‪ / 350‬فيمفا علمنفا إل فف هذه الطريفق‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪374‬‬

‫الضعيفة ‪ ،‬وف حديث جابر الذكور بعد هذا ‪ ،‬وف سنده من يتاج إل‬
‫كشف حاله ‪ ،‬وفيه أيضا علي بن عاصم ‪ ،‬قال يزيد بن هارون ‪ :‬ما زلنا‬
‫نعرفه بالكذب ‪ . . .‬قال ‪ :‬ولو كان ذلك مشروعا لنقل إلينا ‪ ،‬ولا أغفله‬
‫ال سلف ر ضي ال عن هم " ‪ .‬ث وق فت ل ثر ا بن م سعود هذا على طر يق‬
‫أخرى لاف قمفت بتحقيفق كتاب ‪ " :‬فضفل الصفلة على النفب ( ص ) "‬
‫للمام اسفاعيل القاضفي ‪ ،‬وذكرت هناك أن إسفناده حسفن ‪ ،‬وصفححه‬
‫الاظ السخاوي ف " القول البديع ف الصلة على البيب الشفيع " ( ص‬
‫‪ - 151‬هندية ) ‪ ،‬فانظر " فضل الصلة " ( ‪ - 38 / 37‬طبع الكتب‬
‫ال سلمي ) ‪ ،‬وان ظر " ا لرواء " ( ‪ . ) 642‬قوله ف خط بة الع يد ‪" :‬‬
‫و عن ع بد ال بن ال سائب قال ‪ :‬شهدت مع ر سول ال ( ص ) الع يد ‪،‬‬
‫فلمفا قضفى الصفلة قال ‪ :‬إنفا نطفب ‪ ،‬فمفن أحفب أن يلس للخطبفة‬
‫فليجلس ‪ ،‬ومن أحب أن يذهب فليذهب ‪ .‬رواه النسائي وأبو داود وابن‬
‫ما جه " ‪ .‬قلت ‪ :‬إ سناده ضع يف ‪ ،‬أعله أ بو داود والدارقط ن وا بن مع ي‬
‫بالرسال ‪ .‬وأقول ‪ :‬فيه ابن جريج ‪ ،‬وهو مدلس ‪ ،‬وقد عنعنه ‪ .‬ث ترجح‬
‫عندي الو صل على الر سال ‪ ،‬وأن عنع نة ا بن جر يج ه نا ل ت ضر ‪ ،‬ك ما‬
‫بينته ف " الرواء " ( ‪ ، ) 629‬فراجعه ‪ ،‬وعليه أوردته ف " صحيح أب‬
‫داود " ( ‪ ، ) 1048‬وصححه الاكم ‪ ،‬والذهب ‪ ،‬وابن خزية أيضا (‬
‫‪ ، ) 1462‬فالديث صحيح ‪ / .‬صفحة ‪ / 351‬وقوله ف خطبة العيد‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪375‬‬

‫أيضا ‪ " :‬وإنا روى ابن ماجه ف " سننه " عن سعيد مؤذن النب ( ص )‬
‫أنه كان يكب بي أضعاف الطبة ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬ومع أنه ل يدل على‬
‫مشروع ية افتتاح خط بة الع يد بالت كبي ‪ ،‬فإن إ سناده ضع يف ‪ ،‬ف يه ر جل‬
‫ضعيف وآ خر مهول ‪ ،‬فل يوز الحتجاج به على سنية التكبي ف أثناء‬
‫ال خطبة ‪ .‬قوله تت عنوان ‪ :‬اللعب واللهو والغناء والكل ف العياد ‪:‬‬
‫" قال الافظ ف " الفتح " ‪ :‬وروى ابن السراج من طريق أب الزناد عن‬
‫عروة عن عائ شة أ نه ( ص ) قال يومئذ ‪ ،‬لتعلم يهود الدي نة أن ف دين نا‬
‫فسفحة ‪ :‬إنف بعثفت بنيفيفة سفحة " ‪ .‬قلت ‪ :‬الذي فف " الفتفح " ‪" :‬‬
‫السراج " بدون ‪ " :‬ابن " ‪ ،‬وهو الصواب ‪ ،‬وهو الافظ المام الثقة أبو‬
‫العباس م مد بن إ سحاق الني سابوري صاحب " ال سند " والتار يخ ‪ ،‬له‬
‫ترج ة وا سعة ف " تذكرة الفاظ " ( ‪ . ) 272 - 168 / 2‬ث إن‬
‫اقتصار الافظ على عزوه للسراج يوهم أنه ل يوجد عند من هو أشهر‬
‫منه ‪ ،‬وليس كذلك ‪ ،‬فقد أخرجه المام أحد ( ‪ 166 / 6‬و ‪) 233‬‬
‫من طر يق ع بد الرح ن ‪ ،‬يع ن ا بن أ ب الزناد ‪ ،‬قال ‪ :‬قال ل عروة ‪. . .‬‬
‫قلت ‪ :‬وعبد الرحن هذا فيه ضعف من قبل حفظه ‪ .‬وقال الافظ ف "‬
‫التقريب " ‪ " :‬صدوق تغي حفظه لا قدم بغداد " ‪ .‬قلت ‪ :‬والظاهر ل أن‬
‫هذا الد يث حدث به ف حالة التغ ي ‪ ،‬فإ نه تفرد به ‪ /‬صفحة ‪/ 352‬‬
‫دون غيه من رواه عن عروة ‪ ،‬وهم جاعة من الثقات ‪ ،‬وتابع عروة على‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪376‬‬

‫رواية أصل القصة أربعة من الثقات ‪ ،‬فلم يذكر أحد منهم هذا الذي رواه‬
‫عبفد الرحنفبفن أبف الزناد ‪ ،‬فدل على ضعففه ‪ .‬ثف اسفتدركت فقلت ‪:‬‬
‫وجدت له طري قا أخرى من روا ية يعقوب بن ز يد التي مي عن عائ شة ‪.‬‬
‫أخرجه الميدي ف " مسنده " ( ‪ ، ) 123 / 1‬ورجاله ثقات ‪ ،‬فهو‬
‫صحيح إن سلم من النقطاع بي التيمي وعائشة ‪ ،‬وإل فهو شاهد قوي‬
‫‪ .‬ولملة ‪ " :‬النيف ية ال سمحة " شوا هد ‪ ،‬من ها عن أ ب أما مة ‪ ،‬و قد‬
‫خرجته مع ما ف معناه ف " الصحيحة " ( ‪ . ) 2924‬وقد أوردت طرق‬
‫الديث المسة ‪ ،‬وذكرت ألفاظه وما ف طرقه من الزيادات ف " كتاب‬
‫الساجد " من " الثمر الستطاب " ‪ ،‬ث ف " آداب الزفاف " ( ‪- 163‬‬
‫‪ . ) 169‬قوله تت عنوان ‪ :‬فضل العمل الصال ‪ " . . .‬وعند أحد‬
‫والطبان عن ابن عمر قال ‪ :‬قال رسول ال ( ص ) ما من أيام أعظم عند‬
‫ال سبحانه ‪ . . .‬من هذه اليام العشر ‪ ،‬فكثروا فيهن من التهليل والتكبي‬
‫والتحميد ‪ . ،‬قلت ‪ :‬عزوه للطبان من حديث ابن عمر خطأ ‪ ،‬فإنا رواه‬
‫من حديث ابن عباس ‪ ،‬كما ف " الترغيب " و " الجمع " ‪ ،‬وقان الول‬
‫‪ " :‬إسناده جيد " ‪ .‬وقال الخر ‪ " :‬ورجاله رجال الصحيح " ‪ / .‬صفحة‬
‫‪ / 353‬وفي ما قاله ن ظر ‪ ،‬فإنه عند ال طبان ف " العجم الكبي " من‬
‫طريق خالد ‪ -‬وهو ابن الارث البصري أو ابن عبد ال الواسطي ‪ -‬عن‬
‫يز يد بن أ ب زياد عن ما هد عن ا بن عباس ‪ .‬ويز يد هذا هو الاش ي‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪377‬‬

‫مولهم ‪ ،‬وانا روى له مسلم مقرونا ‪ ،‬ول يتج به ‪ ،‬ث إن فيه ضعفا ‪،‬‬
‫قال الافظ ‪ " :‬ضعيف ‪ ،‬كب فتغي ‪ ،‬صار يتلقن " ‪ .‬وما يدل على ضعفه‬
‫ف هذا الديث ‪ ،‬أنه اضطرب ف روايته ‪ ،‬فمرة رواه هكذا ‪ " :‬عن ماهد‬
‫عن ابن عباس " ‪ .‬ومرة قال ‪ " :‬عن ماهد عن ابن عمر " ‪.‬‬
‫أخرجه أحد رقم ( ‪ . ) 1154‬وقد تابعه على هذا الوجه موسى بن أب‬
‫عائشة ‪ .‬رواه أبو عوانة يعن ف " صحيحه " كما ف " الفتح " ‪ ،‬وهذه‬
‫متابعة قوية ‪ ،‬تدل على ان للحديث أصل عن ابن عمر ‪ ،‬فهو شاهد قوي‬
‫لديث ا بن عباس الذي ف الكتاب ق بل هذا ‪ ،‬لكن لين ظر هل تو جد ف‬
‫روا ية ا بن أ ب عائ شة هذه الزيادة ‪ ،‬ال ت ف آخره ‪ " :‬فأكثروا في هن " ؟‬
‫فإن وجدت فهي صحيحة ‪ ،‬وإل ف ضعيفة ‪ ،‬لتفرد يزيد بن أب زياد با ‪،‬‬
‫والظا هر من كلم الا فظ ف " الف تح " الول ‪ ،‬فإ نه ب عد أن ذ كر هذه‬
‫الرواية من طريق أب عوانة ‪ ،‬قال بعد صفحتي ف آخر شرحه للحديث ‪:‬‬
‫" وقد وقع ف رواية إبن عمر من الزيادة ف آخره ‪ :‬فأكثروا فيهن من‬
‫التهليل والتحميد " ‪ .‬فإن التبادر منه أنه يعن تلك الرواية الت كان عزاها‬
‫ق بل ل ب عوا نة ‪ ،‬ث ذ كر الا فظ أن هذه الزيادة رو يت ف ب عض طرق‬
‫حديث ابن عباس ‪ .‬ولكنه ضعفها ‪ .‬وال أعلم ‪ / .‬صفحة ‪ / 354‬وقوله‬
‫‪ " :‬وروى عن أب هريرة أن النب ( ص ) قال ‪ " :‬ما من أيام أحب ال‬
‫أن يتعبد له فيها من عشر ذي ال جة ‪ ،‬يعدل صيام كل يوم منها بصيام‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪378‬‬

‫سنة ‪ ،‬وقيام كل ليلة من ها بقيام ليلة القدر " ‪ .‬رواه الترمذي وا بن ما جه‬
‫والبيهقفي " ‪ .‬قلت ‪ :‬إسفناده ضعيفف ‪ .‬والؤلف فقله عفن " الترغيفب "‬
‫للمنذري ( ‪ ، ) 125 / 2‬وهو وإن كان قد ضعفه بتصديره إياه بقوله ‪:‬‬
‫" روي " ‪ ،‬كما هو اصطلحه الذي نبه عليه ف القدمة ‪ ،‬ولكنه ‪ -‬جزاه‬
‫ال خيا ‪ -‬ل يكتفف بذلك ‪ ،‬بفل أتبعفه بفبيان علتفه ‪ ،‬فقال بعفد تريهف‬
‫الذكور ‪ " :‬وقال الترمذي ‪ :‬حديفث غريفب ل نعرففه إل بفن حديفث‬
‫مسعود بن واصل عن النهاس بن قهم ‪ ،‬وسألت ممدا ‪ -‬يعن البخاري ‪-‬‬
‫عن هذا الديث ‪ ،‬فلم يعرفه من غي هذا الوجه " ‪ .‬قلت ‪ :‬ولذلك كنت‬
‫أود لو أن الؤلف ن قل تام كلم النذري هذا أداء للما نة العلم ية ‪ ،‬وبيا نا‬
‫صريا لض عف الد يث ‪ ،‬لن الؤلف ل يلتزم ال صطلح الشار إل يه من‬
‫جهة ‪ ،‬كما تقدم بيانه ف القدمة ‪ ،‬ولن عامة قرائه ل علم عندهم على‬
‫الغالب بالصطلحات العلمية ‪ .‬ث إن الديث قد تكلمت عليه مفصل ف‬
‫" الضيفة " ( ‪ . ) 5142‬وف استحباب التهنئة بالعيد قوله ‪ " :‬عن جبي‬
‫بفن نفيف قال ‪ :‬كان أصفحاب النفب ( ص ) إذا التقوا يوم العيفد يقول‬
‫بعض هم لب عض ‪ :‬تق بل ال م نا وم نك ‪ .‬قال الا فظ ‪ :‬إ سناده ح سن " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬الراد ب‍ ( الا فظ ) ع ند الطلق ا بن ح جر الع سقلن ‪ ،‬ول أ قف‬
‫على هذا التحسي ف شئ من كتبه ‪ ،‬وإنا وجدته للحافظ السيوطي ف‬
‫رسالته ‪ " :‬وصول المان ف أصول التهان " ( ص ‪ ، ) 109‬من الزء‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪379‬‬

‫الول من " الاوي ‪ /‬صفحة ‪ / 355‬للفتاوي " ‪ ،‬وقد عزاه لزا هر بن‬
‫طاهفر فف " كتاب تففة عيفد الفطفر " ‪ ،‬وأبف أحدف الفرضفي ‪ .‬ورواه‬
‫الحاملي ف " كتاب صلة العيدين " ( ‪ ) 2 / 129 / 2‬بإسناد رجاله‬
‫كلهم ثقات رجال " التهذ يب " ‪ ،‬غ ي شي خه اله ن بن ي ي ‪ ،‬و هو ث قة‬
‫نبيل كما قال الدارقطن ‪ ،‬وهو مترجم ف " تاريخ بغداد " ( ‪266 / 13‬‬
‫‪ ، ) 268 -‬فال سناد صحيح ‪ ،‬ل كن خال فه حا جب بن الول يد ف‬
‫إ سناده ‪ ،‬فلم يرف عه إل أ صحاب ال نب ( ص ) ‪ .‬فقال ‪ :‬حدث نا مب شر بن‬
‫إساعيل اللب عن صفوان بن عمرو السكسكي قال ‪ " :‬سعت عبد ال‬
‫بن بسرو عبد الرحن بن عائذ وجبي بن نفي وخالد بن معدان يقال لم‬
‫ف أيام العياد ‪ :‬تقبل ال منا ومنكم ‪ .‬ويقولون ذلك لغيهم " ‪ .‬أخرجه‬
‫أبو القاسم الصبهان ف كتابه " الترغيب والترهيب " ( ق ‪- 2 / 41‬‬
‫‪ . ) 1 / 42‬فإن صح السند بذا إل الاجب ‪ ،‬فإن ف الطريق إليه من‬
‫يتاج إل الكشف عن حاله ‪ ،‬فلعل مبشر بن إساعيل حدث بذا وهذا ‪،‬‬
‫وباصة أن عبد ال بن بسر هذا ‪ -‬وهو الازن ‪ -‬صحاب صغي ‪ ،‬ولبيه‬
‫صحبة ‪ ،‬فيبعد أن يقول هو والتابعون الذكورون معه شيئا دون أن يتلقوه‬
‫عفن الصفحابة ‪ ،‬فتكون الروايتان صفحيحتي ‪ ،‬فالصفحابة فعلوا ذلك ‪،‬‬
‫فاتبعهفم عليفه التابعون الذكورون ‪ .‬وال سفبحانه وتعال أعلم ‪ .‬ويؤيفد‬
‫الرواية الول ما ذكره ابن التركمان ف " الوهر النقي " ( ‪) 320 / 3‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪380‬‬

‫من روا ية م مد بن زياد قال ‪ :‬ك نت مع أ ب أما مة الباهلي وغيه من‬


‫أصفحاب النفب ( ص ) ‪ ،‬فكانوا إذا رجعوا ‪ /‬صففحة ‪ / 356‬يقول‬
‫بعضهم لبعض ‪ :‬تقبل الته منا ومنك ‪ .‬قال أحد بن حنبل ‪ :‬إسناده جيد ‪.‬‬
‫ول يذ كر من رواه ‪ ،‬و قد عزاه ال سيوطي لزا هر أي ضا ب سند ح سن عن‬
‫ممفد بفن زياد اللانف قال ‪ :‬رأيفت أبفا أمامفة الباهلي يقول فف العيفد‬
‫لصحابه ‪ :‬تقبل ال منا ومنكم ‪ .‬ث كتب بعض إخواننا الطلب تعليقا‬
‫على نفمي التقدم ‪ ،‬فقال ‪ :‬بل قال الافظ ف " الفتح " ( ‪: ) 446 / 2‬‬
‫" وروينا ف الحامليات بإسناد حسن عن جبي بن نفي ‪ . " . . .‬ث ذكره‬
‫‪ .‬قوله ف تكبيات العبد ‪ " :‬ووقته ف عيد الضحى من صبح يوم عرفة‬
‫إل ع صر آ خر أيام التشر يق " ‪ .‬قلت ‪ :‬صح هذا عن علي وا بن عباس ‪،‬‬
‫و قد خرجته ما ف " الرواء " ( ‪ ، ) 125 / 3‬ورواه الا كم عن ا بن‬
‫مسعود ‪ .‬قوله‬
‫قوله ف صيغة التكبي ‪ " :‬وجاء عن عمر وابن مسعود ‪ :‬ال أكب ال أكب‬
‫‪ ،‬ل إله إل ال ‪ ،‬وال أكب ال اكب ‪ ،‬ول المد " ‪ .‬قلت ‪ :‬كذا رواه ابن‬
‫أبف شيبفة بتشفيفع التكفبي فف روايفة ‪ ،‬وفف أخرى له بتثليفث التكفبي ‪،‬‬
‫والعروف الول ‪ .‬انظر " الرواء " ( ‪ / . ) 126 - 125 / 3‬صفحة‬
‫‪ / 357‬ومن ( الزكاة ) قوله تت عنوان ‪ ) 1 ( :‬تعريفها ‪ " :‬روى‬
‫ال طبان ف " الو سط " و " ال صغي " عن علي كرم ال وج هه أن ال نب‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪381‬‬

‫( ص ) قال ‪ :‬إن ال فرض على أغنياء السلمي ف أموالم بقدر الذي‬


‫ي سع فقراء هم ‪ . . .‬قال ال طبان ‪ :‬تفرد به ثا بت بن م مد الزا هد ‪ :‬قال‬
‫الافظ ‪ :‬وثابت ثقة صدوق ‪ ،‬روى عنه البخاري وغيه ‪ ،‬وبقية رواته ل‬
‫بأس بمف " ‪ .‬قلت ‪ :‬فيفه مؤاخذات ‪ :‬أول ‪ :‬أطلق كلمفة ( الاففظ ) ‪،‬‬
‫فأوهم أنه الافظ ابن حجر ‪ ،‬لنه هو القصود عند الطلق ‪ ،‬وليس به ‪،‬‬
‫بل هو النذري ‪ ،‬فإن قوله الذكور هو كلمه بالرف ف " الترغيب " (‬
‫‪ ، ) 268 / 1‬وقد مضى له مثل هذا الطإ ف ( صلة التسبيح ) ( ص‬
‫‪ . ) 260‬ثانيا ‪ :‬أن ما نقله من كلم النذري يرهم أن النذري يذهب‬
‫إل تقوية الد يث مرفوعا ‪ ،‬وليس كذلك ‪ ،‬بل تام كلمه يوهنه ‪ ،‬فإنه‬
‫قال عقب ذلك ‪ " :‬وروي موقوفا على علي رضي ال عنه ‪ ،‬وهو أشبه "‬
‫‪ .‬قلت ‪ :‬وهذا هو الصواب ‪ ،‬لنه روي من وجوه موقوفا عليه ‪ ،‬كما‬
‫قال ال طبان ف " الع جم الصغي " ( ص ‪ ، ) 91‬وقد رواه كذلك أبو‬
‫عبيد ( رقم ‪ ، ) 1909‬وسيأت لفظه ف الكتاب ف آخر بث ( الزكاة )‬
‫‪ ،‬نقله الؤلف عفن " الحلى " لبفن حزم ‪ .‬ثالثفا ‪ :‬مفن رواتفه كمفا فف "‬
‫ال طبان ال صغي " حارث بن سريج ‪ ،‬قال ا بن مع ي ‪ " :‬ل يس ب شئ " ‪،‬‬
‫ووثقه ف رواية ‪ .‬وقال النسائي ‪ " :‬ليس بثقة " ‪ / .‬صفحة ‪ / 358‬وقال‬
‫مو سى بن هارون ‪ " :‬مت هم ف الد يث " ‪ .‬وقال ا بن عدي ‪ " :‬ضع يف‬
‫ي سرق الد يث " ‪ .‬فهذا الكلم من م ثل هؤلء الئ مة ي سقط حدي ثه ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪382‬‬

‫ويعله واهيا ‪ ،‬ول سيما أنه قد روي عن غيه موقوفا ! رابعا ‪ :‬أن ثابت‬
‫بفن ممفد الزاهفد ‪ -‬وإن روى له البخاري ‪ -‬فقفد ذكره هفو نفسفه فف‬
‫الضعفاء ‪ ،‬وضعفه غيه من قبل حفظه ‪ ،‬ولذلك قال الافظ ف " التقريب‬
‫" ‪ " :‬صدوق يطئ " ‪ .‬قوله تت عنوان ‪ ) 2 ( :‬الترغيب ف أدائها ‪" :‬‬
‫وروى أح د ب سند صحيح عن أ نس ر ضي ال ع نه قال ‪ :‬أ تى ر جل من‬
‫تيم رسول ال ( ص ) ‪ ،‬فقال ‪ . . . :‬كيف أصنع ؟ وكيف أنفق ؟ فقال‬
‫رسول ال ( ص ) ‪ :‬ترج الزكاة من مالك ‪ ،‬فإنا طهرة تطهرك ‪ ،‬وتصل‬
‫أقفر باءك ‪ ،‬وتعرف حفق إلسفكي والار والسفائل " ‪ .‬قلت ‪ :‬ل أر مفن‬
‫صرح بت صحيحه ‪ ،‬وال صنف صححه بناء على قول النذري ‪ " :‬ورجاله‬
‫رجال الصحيح " ‪ .‬وكذا قال اليثمي ‪ ،‬ول يلزم منه أن يكون صحيحا ‪،‬‬
‫لحتمال فقد شرط من شروط الصحة الخرى كما ذكرناه ف القدمة ‪،‬‬
‫والواقفع هنفا كذلك ‪ ،‬لن شرط التصفال فيفه مفقود ‪ ،‬فالديفث فف "‬
‫السند " ( ‪ ) 136 / 3‬من طريق سعيد بن أب هلل عن أنس ‪ ،‬وسعيد‬
‫هذا ل ي سمع من أ نس ك ما ف " التهذ يب " ‪ ،‬ف هو منق طع ‪ / ،‬صفحة‬
‫‪ / 359‬والنقطع من أقسام الديث الضعيف ‪ .‬قوله ف التعليق ‪ " :‬لو‬
‫باع الف صاب ف أثناء الول ‪ ،‬أو أبدله بغ ي جن سه ‪ ،‬انق طع حول الزكاة‬
‫واستأنف حول آخر " ‪ .‬قلت ‪ :‬ينبغي أن يقيد هذا با إذا وقع ذلك اتفاقا‬
‫‪ ،‬ل لقصد اللص من الزكاة ‪ ،‬كما يروى عن بعض النفية أنه كان إذا‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪383‬‬

‫قارب انتهاء حول النصفاب وهفب الال لزوجتفه ‪ ،‬حتف إذا انتهفى الول‬
‫اسفترذه منهفا ! لن العود بالديفة جائز عندهفم على تفصفيل فيفه ! فمفن‬
‫احتال هذه اليلة ‪ -‬ال ت ي سميها بعض هم حيلة شرع ية ! ‪ -‬فإ ن أرى أن‬
‫يؤخذ منه الزكاة ‪ ،‬وش طر ماله ‪ ،‬على حديث بز بن حكيم الذكور ف‬
‫الكتاب ‪ ،‬فإن الحتال أول بذا الزاء مفن المتنفع دون حيلة ‪ ،‬فتأمفل ‪.‬‬
‫ورا جع ما سيأت ف الكتاب ت ت عنوان ‪ " :‬الفرار من الزكاة " ‪ .‬قوله‬
‫تتف عنوان ‪ ) 10 ( :‬أداؤهفا رقفت الوجوب ‪ " :‬روى الشافعفي‬
‫والبخاري ف " التار يخ ‪ ،‬عن عائ شة أن ال نب ( ص ) قال ‪ :‬ما خال طت‬
‫الصدقة مال قط إل أهلكته " ‪ .‬قلت ‪ :‬إسناده ضعيف ‪ ،‬فقد قال الشافعي‬
‫( ‪ 242 / 1‬من بدائع ال نن ) ‪ " :‬أخبنا ممد بن عثمان بن صفوان‬
‫المحي عن هشام بن عروة عن أبيه وممد بن عثمان قال ف " اليزان "‬
‫‪ " :‬شيخ للحميدي ‪ ،‬قال أبو حات ‪ :‬منكر الديث " ‪ .‬ث عد من مناكيه‬
‫هذا الب ‪ .‬وقد ضعف الديث النذري ف " الترغيب " ‪ ،‬واليثمي ف "‬
‫الج مع " ‪ / ،‬صفحة ‪ / 360‬والناوي ف " شرح الا مع ال صغي " ‪،‬‬
‫وعيهم ‪ ،‬وإن شئت الزيد من التحقيق فراجع " تريج أحاديث الشكلة‬
‫" ( ‪ ، ) 63‬ث " سلسلة الحاديث الضعيفة " ( ‪ . ) 5069‬قوله تت‬
‫عنوان ‪ ) 12 ( :‬الدعاء للمزكي ‪ " :‬وعن عبد ال بن أب أوف أن رسول‬
‫ال ( ص ) كان إذا أ ت ب صدقة قال ‪ :‬الل هم صل علي هم ‪ ،‬وإن أ ب أتاه‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪384‬‬

‫بصدقة ‪ ،‬فقال ‪ :‬اللهم صل على آل أب أوف ‪ .‬رواه أحد وغيه " ‪ .‬قلت‬
‫‪ :‬لقد أبعد الؤلف النجعة ‪ ،‬فالديث ف " الصحيحي " كما ف " النتقى‬
‫" وغيه ‪ ،‬ول يوز عزو الد يث إذا كان ف " ال صحيحي " أو ف‬
‫أحده ا إل غيه ا ‪ ،‬إل تب عا أو لزيادة ف يه ‪ ،‬ل ا ف يه من إيهام أ نه ل يس‬
‫مقطوعا بصحته ‪ ،‬وهو مرج ف " إرواء الغليل " ( ‪ ، ) 853‬و " صحيح‬
‫أب داود " ( ‪ . ) 1415‬قوله تت عنوان ضم النقدين ‪ " :‬من ملك من‬
‫الذهفب أقفل مفن نصفاب ‪ ،‬ومفن الفضفة كذلك ‪ ،‬ل يضفم أحدهاف إل‬
‫الخر ‪ ،‬ليكمل منهما نصابا ‪ ،‬لنما جنسان ل يضم أحدها إل الثان ‪،‬‬
‫كالال ف الب قر والغ نم ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬والحتجاج لذا بالد يث خ ي‬
‫من القياس ‪ ،‬قال ابن حزم ‪ -‬بعد أن رد على القائلي بالضم وأبطل رأيهم‬
‫بالنظر ‪ " : ) 83 / 6 ( -‬وحجتنا ف أنه ل يل المع بينهما ف الزكاة‬
‫هفو قول رسفول ال ( ص ) ‪ " :‬ليفس فيمفا دون خسف أواق مفن الورق‬
‫صدقة " ‪ ،‬فكان من جع بي الذهب والفضة قد أوجب الزكاة ف أقل من‬
‫خس أواق ‪ ،‬وهذا خلف مرد لمر رسول ال ( ص ) جييهته ‪ ،‬وشرع‬
‫شم يأذن ال تعال به ‪ .‬وهم يصححون الب ف إسقاط الزكاة ف أقل من‬
‫عشر ين دينارا ‪ ،‬ث يوجبون ا ف أ قل ‪ ،‬وهذا عظ يم جدا ! " ‪ / .‬صفحة‬
‫‪ / 361‬قوله تت عنوان ‪ :‬زكاة اللي ‪ " :‬فذهب إل رجوب الزكاة فيه‬
‫( يعن ‪ :‬اللي ) أبو حنيفة وابن حزم إذا بلغ نصابا ‪ ،‬استدلل با رواه‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪385‬‬

‫عمرو بن شع يب عن أب يه عن جده قال ‪ :‬أ تت ال نب ( ص ) امرأتان ف‬


‫أيديه ما أ ساور من ذ هب ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬ا بن حزم ل ي ستدل على ما‬
‫ذهب إليه بذا الديث ‪ ،‬لنه ضعيف عنده كما صرح بذلك ف " الحلى‬
‫" ( ‪ ، ) 79 - 78 / 6‬وإنا احتج بالعمومات ‪ ،‬وقد قال ( ص ‪: ) 80‬‬
‫" لو ل يكن إل هذه الثار لا قلنا بوجوب الزكاة ف اللي ‪ ،‬لكن لا‬
‫صح عن رسول ال ( ص ) ‪ " :‬ف الرقة ربع العشر " ( ‪ " ، ) 1‬وليس‬
‫فيما دون خس أواق من الورق صدقة ‪ ،‬فإذا بلغ مائت درهم ففيها خسة‬
‫دراهم " ‪ ،‬وكان اللي ورقا وجب فيه حق الزكاة لعموم هذين الثرين‬
‫ال صحيحي ‪ ،‬وأ ما الذ هب ف قد صح عن ر سول ال ( ص ) ‪ " :‬ما من‬
‫صاحب ذهب ل يؤدي ما فيها ‪ ،‬إل جعل له يوم القيامة صفائح من نار‬
‫يكوى ب ا " ‪ ،‬فوج بت الزكاة ف كل ذ هب بذا ال نص ‪ . " . . .‬قلت ‪:‬‬
‫نقلت هذا لبيان القيقة ‪ ،‬ولكي ل ينسب لحد ما ل يقله ‪ ،‬وإل فإن ل‬
‫أوافق ابن حزم على تضعيف عمرو بن شعيب ‪ ،‬بل هو حسن الديث إذا‬
‫صح السناد إليه ‪ ،‬وهذا منه ‪ .‬والعمومات الت ساقها ابن حزم تشهد له ‪.‬‬
‫قوله ت ت عنوان ‪ :‬زكاة اللي ‪ " :‬و عن أ ساء ب نت يز يد قالت ‪ :‬دخلت‬
‫ف أسفورة مفن ذهفب ‪ ،‬فقال لنفا ‪:‬‬
‫أنفا وخالتف على النفب ( ص ) ‪ ،‬وعلين ا‬
‫أتعطيان زكا ته ؟ قالت ‪ :‬فقل نا ‪ :‬ل ‪ .‬قال ‪ :‬أ ما تافان أن ي سوركما ال‬
‫أسورة من نار ؟ أديا زكاته ‪ ( * .‬هامش ) * ( ‪ ) 1‬رواه البخاري ‪ ،‬وهو‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪386‬‬

‫مرج ف " الرواء " ( ‪ ، ) 814‬والذي بعده صحيح جاء من طر يق‬


‫مرجة ف " الروء " ( ‪ / ) * ( . ) 292 - 289 / 3‬صفحة ‪/ 362‬‬
‫قال اليث مي ‪ :‬رواه أح د وإ سناده ح سن " ‪ .‬قلت ‪ :‬كل ‪ ،‬ل يس ب سن ‪،‬‬
‫فإن إسناده ف " السند " ( ‪ ) 461 / 6‬هكذا ‪ :‬ثنا علي بن عاصم عن‬
‫عبفد ال بفن عثمان بفن خثيفم عفن شهربفن حوشفب عنهفا ‪ .‬وهذا سفند‬
‫ضعيف من أجل شهر ‪ ،‬وقد سبق القول فيه ‪ ،‬وعلي بن عاصم ‪ ،‬قال ف‬
‫" التقريب " ‪ " :‬صدوق ‪ ،‬يطيؤ ويصر " ‪ .‬قلت ‪ :‬وقد أخطأ ف هذا‬
‫الد يث على ضع فه ‪ ،‬فزاد ف يه ذ كر الزكاة ‪ ،‬ف قد أخرج الد يث أح د‬
‫أيضا ( ‪ 453 / 6‬و ‪ 454‬و ‪ 455‬و ‪ 459‬و ‪ ) 460‬من طرق عن‬
‫شهر به ‪ ،‬دون هذه الزيادة ‪ ،‬فالديث وارد ف تري أساور الذهب على‬
‫النساء ل ف إياب زكاة اللي ‪ .‬فتأمل ‪ .‬والتحري له شواهد كثية وقد‬
‫جعتها ف فصل خاص ‪ ،‬ذهبت فيه تبعا لبعض السلف إل استثناء الذهب‬
‫الحلق من عموم حل الذ هب للن ساء ‪ ،‬و قد أودع ته ف ر سالت " آداب‬
‫الزفاف فف السفنة الطهرة " ‪ ،‬وقفد أجبفت فيفه عفن شبهات الخالفيف‬
‫والقلد ين ‪ ،‬فراج عه فإ نه هام جدا ( ص ‪ / . ) 168 - 132‬صفحة‬
‫‪ / 363‬ومن ( زكاة التجارة ) قوله ف التعليق تفسيا لقوله ( ص ) ‪" :‬‬
‫و ف ال بز صدقته " ‪ " :‬ال بز ‪ :‬متاع الب يت " ‪ .‬قلت ‪ :‬ف " القاموس " ‪" :‬‬
‫البز ‪ :‬الثياب ‪ ،‬أو متاع البيت من الثياب ونوها " ‪ ،‬فتفسيه بالثياب هو‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪387‬‬

‫الناسب للمقام ‪ ،‬وإل فمتاع البيت ل زكاة عليه اتفاقا ‪ .‬ث اعلم أن هذا‬
‫الديث وحديث سرة الذي قبله ضعيفان ليس لما إسناد ثابت ( ‪، ) 1‬‬
‫وح سن الا فظ ب عض طرق الثا ن ‪ ،‬وظاهره كذلك ‪ ،‬وجر يت عل يه مدة‬
‫من الزمن ‪ ،‬ث ظهر ل أن فيه موسى بن عبيدة الضعيف ‪ ،‬كما بينته رواية‬
‫الدارقط ن والخلص ‪ ،‬لك نه سقط من إ سناد الا كم ‪ ،‬ف صححه هو ‪،‬‬
‫وحسنه الافظ ‪ ،‬وها معذوران ‪ .‬ث إن الديث فيه لفظة اختلفت النسخ‬
‫في ها ‪ ،‬و هي ‪ " :‬ال بز " ‪ ،‬ف هي ف بعض ها ( ال بز ) بف تح الوحدة والزاي‬
‫العجمة ‪ ،‬وقد صرح بذلك موسى بن عبيدة ‪ ،‬وقد علمت ضعفه ‪ ،‬وف‬
‫بعضها " الب " بالباء الضمومة والراء الهملة ‪ ،‬ول يتبي لنا ‪ ،‬ول لكثيين‬
‫قبلنا أيه ما الرجح ‪ ،‬وهذا ك ما قال صديق خان ف " الروضة " ‪ " :‬م ا‬
‫يوجب الحتمال ‪ ،‬فل يتم الستدلل " ‪ .‬لت‬
‫هذا لو صفح الديفت ‪ ،‬فكيفف بفه وهفو ضعيفف ؟ ! والقف أن القول‬
‫بوجوب الزكاة على عروض التجارة م ا ل دل يل عل يه ف الكتاب وال سنة‬
‫الصحيحة ‪ ،‬مع منافاته لقاعدة " الباءة الصلية " الت يؤيدها هنا قوله * (‬
‫هامفش ) * ( ‪ ) 1‬والول فف " سفلسلة الحاديفث الضعيففة " (‬
‫‪ ، ) 1178‬الجلد الثالث ‪ ،‬وقد ت طبعه والمد ل ‪ .‬والديت الخر‬
‫مرج ف " إرواء الغليل " ( ‪ / ) * ( ) 827‬صفحة ‪ " / 364‬صلى ال‬
‫عليفه وآله " فف خطبفة حجفة الوداع ‪ " :‬فإن دماءكفم ‪ ،‬وأموالكفم ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪388‬‬

‫وأعراضكم ‪ ،‬وأبشاركم عليكم حرام ‪ ،‬كحرمة يومكم هذا ‪ ،‬ف شهركم‬


‫هذا ‪ ،‬ف بلدكم هذا ‪ ،‬أل هل بلغت ؟ ! اللهم فاشهد ‪ " . . .‬الديث ‪.‬‬
‫رواه الشيخان وغيه ا ‪ ،‬و هو مرج ف " الرواء " ( ‪ . ) 1458‬وم ثل‬
‫هذه القاعدة ل يس من ال سهل نقض ها ‪ ،‬أو على ال قل ت صيصها بب عض‬
‫الثار ولو صحت ‪ ،‬كقول عبد ال بن عمر رضي ال عنهما ‪ " :‬ليس ف‬
‫العروض زكاة ‪ ،‬إل ما كان للتجارة " ‪ .‬أخرجه المام الشافعي ف " الم‬
‫" بسند صحيح ‪ .‬ومع كونه موقوفا غي مرفوع إل النب ( ص ) ‪ ،‬فإنه‬
‫ل يس ف يه بيان ن صاب زكات ا ‪ ،‬ول ما ي ب إخرا جه من ها ‪ ،‬فيم كن حله‬
‫على زكاة مطل قة ‪ ،‬غ ي مقيدة بز من أو كم ية ‪ ،‬وإن ا ب ا تط يب به ن فس‬
‫صفاحبها ‪ ،‬فيدخفل حينئذ فف عموم النصفوص المرة بالنفاق ‪ ،‬كقوله‬
‫تعال ‪ ( * :‬يا أيها الذين آمنوا انفقوا ما رزقناكم ) * ‪ ،‬وقوله جل وعل‬
‫‪ ( * :‬وآتوا حقه يوم حصاده ) * ‪ ،‬وكقول النب " صلى ال عليه وآله "‬
‫‪ " :‬ما من يوم يصبح العباد فيه إل ملكان ينلن ‪ ،‬أحدها ‪ :‬اللهم أعط‬
‫منف قا خل فا ‪ ،‬ويقول ال خر ‪ :‬الل هم ا عط م سكا تل فا " ‪ .‬رواه الشيخان‬
‫وغيها ‪ .‬وهو مرج ف " سلسلة الحاديث الصحيحة " برقم ( ‪) 920‬‬
‫‪ .‬وقد صح شئ ما ذكرته عن بعض السلف ‪ ،‬فقال ابن جريج ‪ :‬قال ل‬
‫عطاء ‪ / :‬صفحة ‪ " / 365‬ل صدقة ف اللؤلؤ ‪ ،‬ول زبرجد ‪ ،‬ول ياقوت‬
‫‪ ،‬ول فصفوص ‪ ،‬ول عرض ‪ ،‬ول شفئ ل يدار ‪ ( ،‬أي ل يتاجفر بفه ) ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪389‬‬

‫وإن كان شيئا من ذلك يدار فف يه ال صدقة ف ث نه ح ي يباع " ‪ .‬أخر جه‬
‫عبد الرزاق ( ‪ ، ) 7061 / 84 / 4‬وابن أب شيبة ( ‪، ) 144 / 3‬‬
‫و سنده صحيح جدا ‪ .‬والشا هد م نه قوله ‪ " :‬فف يه ال صدقة ف ث نه ح ي‬
‫يباع " ‪ .‬فإنه ل يذكر تقويا ‪ ،‬ول نصابا ‪ ،‬ول حول ‪ ،‬ففيه إبطال لدعاء‬
‫البغوي ف " شرح السنة ‪ ) 53 / 6 ( ،‬الجاع على وجوب الزكاة ف‬
‫قي مة عروض التجارة إذا كانت نصابا ع ند تام الول ! ك ما زعم أنه ل‬
‫يالف ف ذلك إل داود الظاهري ! وإن م ا يب طل هذا الز عم أن أ با عب يد‬
‫رحه ال قد حكى ف كتابه " الموال " ( ‪ ) 1193 / 427‬عن بعض‬
‫الفقهاء أ نه ل زكاة ف أموال التجارة ‪ .‬و من ال ستبعد جدا أن يكون ع ن‬
‫بذا البعفض داود نفسفه لن عمره كان عنفد وفاة المام أبف عبيفد أربعفا‬
‫وعشر ين سنة أو أ قل ‪ ،‬و من كان ف هذا ال سن يب عد عادة أن يكون له‬
‫شهرة علمية بيث يكي مثل المام أب عبيد خلفه ‪ ،‬وقد توف سنة (‬
‫‪ ، ) 224‬وولد داود سنة ( ‪ ) 200‬أو ( ‪ ، ) 202‬فتأمل ‪ .‬ولعل أبا‬
‫عبيد أراد بذاك البعض عطاء بن أب رباح ‪ ،‬فقد قال إبراهيبم الصائغ ‪" :‬‬
‫سئل عطاء ‪ :‬تاجر له مال كئيف أصناف شت ‪ ،‬حضر زكاته ‪ ،‬أعليه أن‬
‫يقوم متاعه على نو ما يعلم أنه ثنه ‪ ،‬فيخرج زكاته ؟ قال ‪ :‬ل ‪ ،‬ولكن‬
‫ما كان من ذهب أو فضة أخرج منه زكاته ‪ ،‬وما كان من بيع أخرج منه‬
‫إذا با عه " ‪ .‬أخر جه ا بن زنو يه ف كتا به " الموال " ( ‪/ 946 / 3‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪390‬‬

‫‪ ) 1703‬بسند حسن ‪ /‬صفحة ‪ / 366‬كما قال العلق عليه الدكتور‬


‫شاكر ذيب فياض ‪ ،‬وهو شاهد قوي لرواية ابن جريج التقدمة ‪ .‬وجلة‬
‫القول ‪ ،‬أن ال سألة ل ي صح ادعاء الجاع في ها لذه الثار وغي ها ‪ ،‬م ا‬
‫ذكره ابفن حزم فف " الحلى " ‪ ،‬المفر الذي يذكرنفا بقول المام أحدف‬
‫رح ه ال تعال ‪ " :‬من اد عى الجاع ‪ ،‬ف هو كاذب ‪ ،‬و ما يدر يه لعل هم‬
‫اختلفوا " ‪ .‬وصفدق ‪ -‬جزاه ال خيا ‪ -‬فكفم مفن مسفالة ادعفي فيهفا‬
‫الجاع ‪ ،‬ث تبي أنا من مسائل اللف ‪ ،‬وقد ذكرنا أمثلة منها ف بعض‬
‫مؤلفاتنفا ‪ ،‬مثفل " أحكام النائز " و " آداب الزفاف " ‪ ،‬وغيهفا ‪ .‬وقفد‬
‫أشبع ابن حزم القول ف مسالتنا هذه ‪ ،‬وذهب إل أنه ل زكاة ف عروض‬
‫التجارة ‪ ،‬ورد غلى أدلة القائلي بوجوبا ‪ ،‬وبي تناقضهم فيها ‪ ،‬ونقدها‬
‫كلها نقدا علميا دقيقا ‪ ،‬فراجعه ‪ ،‬فإنه مفيد جدا ف كتابه " الحلى " (‬
‫‪ . ) 240 - 233 / 6‬وقد تبعه فيما ذهب إليه الشوكان ف " الدرر‬
‫البهية " ‪ ،‬وصديق حسن خان ف شرحه " الروضة الندية " ( ‪192 / 1‬‬
‫‪ ، ) 193 -‬ورد الشوكا ن على صاحب " حدائق الزهار " قوله‬
‫بالوجوب ف كتابه " السيل الرار " ( ‪ ، ) 27 - 26 / 2‬فلياجعه من‬
‫شاء ‪ .‬وقد رد عليه أيضا قوله بوجوب الزكاة على " الستغلت " ( ‪) 1‬‬
‫الذي تبناه ب عض الكتاب ف الع صر الا ضر ‪ ،‬فقال الشوكا ن رح ه ال (‬
‫‪ " : ) 27 / 2‬هذه مسألة ل تطن على أذن الزمن ‪ ،‬ول سع با أهل‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪391‬‬

‫القرن الول ‪ ،‬الذين هم خي القرون ‪ ،‬ول القرن الذي يليه ‪ ،‬ث الذي يليه‬
‫‪ ،‬وإناف هفي مفن الوادث * ( هامفش ) * ( ‪ ) 1‬كالذور التف يكريهفا‬
‫مالك ها ‪ ،‬وكدلك الدواب ونو ها ‪ / ) * ( .‬صفحة ‪ / 367‬اليمن ية ‪،‬‬
‫والسائل الت ل يسمع با أهل الذاهب السلمية عن اختلف أقوالم ‪،‬‬
‫وتباعد أقطارهم ‪ ،‬ول توجد عليها أثارة من علم ‪ ،‬ول من كتاب ‪ ،‬ول‬
‫سفنة ‪ ،‬ول قياس ‪ .‬وقفد عرفناك أن أموال السفلمي معصفومة بعصفمة‬
‫السلم ‪ ،‬ل يل أخذها إل بقها ‪ ،‬وإل كان ذلك من أكل أموال الناس‬
‫بالبا طل ‪ .‬وهذا القدار يكف يك ف هذه ال سالة " ‪ .‬ورا جع ل ا " الرو ضة‬
‫الندية " ( ‪ ) 194 / 1‬تزدد فقها وعلما ‪ ( .‬فائدة هامة ) ‪ :‬قد يدعي‬
‫بعضهفم أن القول بعدم وجوب زكاة عروض التجارة فيفه إضاعفة لقف‬
‫الفقراء والسفاكي فف أموال الغنياء والثريفن ‪ .‬والواب مفن وجهيف ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أن المر كله بيد ال تعال ‪ ،‬فليس لحد أن يشرع شيئا من عنده‬
‫بغ ي إذن من ال عزو جل * ( ور بك يلق ما يثاء ويتار ‪ ،‬ما كان ل م‬
‫الية سبحانه وتعال عما يشركون ) * ‪ ،‬أل ترى أنم أجعوا على أنه ل‬
‫زكاة على الضروات ‪ ،‬على اختلف كثيف بينهفم مذكور عنفد الصفنف‬
‫وغيه ‪ ،‬واتفقوا على أنه ل زكاة على القصب والشيش وال طب مه ما‬
‫بلغت قيمتها ‪ ،‬فما كان جوابم عن هذا كان الواب عن تلك الدعوى !‬
‫على أن الؤلف قد جزم أنه ل تكن تؤخذ الزكاة من الضروات ول من‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪392‬‬

‫غي ها من الفوا كه إل الع نب والر طب ‪ .‬فأقول ‪ :‬فهذا هو ال ق ‪ ،‬و به‬


‫تب طل الدعوى من أ صلها ‪ .‬وال خر ‪ :‬أن تلك الدعوى قائ مة على ق صر‬
‫النظر ف حكمة فرض الزكاة أنا لفائدة إلفقراء فقط ‪ ،‬والمر على خلفه‬
‫كما ف قوله تعال ‪ ( * :‬إنا الصدقات للفقراء والساكي والعاملي عليها‬
‫والؤل فة قلوب م ‪ * ) . . .‬ال ية ‪ .‬فإذا كان ال مر كذلك ‪ ،‬وو سعنا الن ظر‬
‫فف الكمفة قليل ‪ ،‬وجدنفا أن الدعوى الذكورة باطلة ‪ ،‬لن طرح ‪/‬‬
‫صفحة ‪ / 368‬الغنياء أموال م ومتاجرت م ب ا أن فع للمجت مع ‪ -‬وف يه‬
‫الفقراء ‪ -‬من كنها ولو أخرجوا زكاته ‪ ،‬ولعل هذا يدركه التخصصون‬
‫ف علم القت صاد أك ثر من غي هم ‪ ،‬وال ول التوف يق ‪ .‬وأ ما ال ثر الذي‬
‫أورده الؤلف ف ( حكم زكاة التجارة ) عن عمر فهو ضعيف ‪ ،‬لن أبا‬
‫عمرو بن حاس ووالده مهولن كما قال ابن حزم ‪ ،‬ول يدج فيه توثيق‬
‫ابفن حبان للوالد ‪ ،‬لاف نبهنفا عليفه مرارا أن توثيفق ابفن حبان ل يوثفق بفه‬
‫لتساهله ف ذلك ‪ ،‬ولذلك ل يعتد الافظ به ‪ ،‬فصرح ف " بلوغ الرام "‬
‫بأن إ سناده ل ي ! وأ ما ما نقله الؤلف ع قب ذلك عن " الغ ن " قال ‪" :‬‬
‫وهذه ق صة يشت هر مثل ها ‪ ،‬ول تن كر ‪ ،‬فيكون إجا عا " ! فيقال ‪ :‬أث بت‬
‫العرش ث انقش ! على أنه لو ثبتت القصة فليس فيها ما يدل على الجاع‬
‫الب تة ‪ ،‬يوض حه قول ا بن ر شد ب عد أن أشار إل هذه الق صة ‪ ،‬وقول ا بن‬
‫عمر التقدم ‪ " :‬ول مالف لم من الصحابة ‪ ،‬وبعضهم يرى أن مثل هذا‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪393‬‬

‫إجاع من الصحابة ‪ ،‬أعن إذا نقل عن واحد منهم قرل ‪ ،‬ول ينقل عن‬
‫غيه خلفه ‪ ،‬وفيه ضعف " ‪ .‬قلت ‪ :‬وفيه اللف الذي شرحته آنفا ؟ !‬
‫قوله ف " زكاة الزروع " ‪ " :‬وأن مذهب السن البصري والشعب أنه ل‬
‫زكاة إل ف النطة والشعي والذرة والتمر والزبيب ‪ ،‬لن ما عداه ل نص‬
‫فيفه ‪ ،‬واعتفب الشوكانف هذا الذهفب القف " ‪ .‬قلت ‪ :‬وهفو الذي يبف‬
‫الوقوف عنده لقوله ( ص ) لب موسى ومعاذ حي أرسلهما إل اليمن ‪:‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ " / 369‬ل تأخذا ف الصدقة إل من هذه الصناف الربعة ‪:‬‬
‫الشعيف ‪ ،‬والنطفة ‪ ،‬والزبيفب ‪ ،‬والتمفر " ‪ .‬أخرجفه البيهقفي والاكفم‬
‫و صححه ‪ ،‬وواف قه الذ هب ‪ ،‬و هو ك ما قال ‪ ،‬على ما بين ته ف " ارواء‬
‫الغليل " ( ‪ ، ) 801‬وهو اختيار أب عبيد ف كتابه " الموال " ‪ ،‬فراجع‬
‫كل مه ف يه ( رقم ‪ ، ) 1409 ، 1381‬وبه يرتاح ال سلم من القوال‬
‫الختلفة التضاربة ما سينقله الؤلف ‪ ،‬والت ليس عليها دليل سوى الرأي !‬
‫لكفن هنفا ملحظات دقيقفة يبف التنفبيه عليهفا ‪ ،‬وهفي ‪ :‬أول ‪ :‬أن فف‬
‫حديث معاذ ‪ " :‬ل تأخذا الصدقة إل من هذه الربعة ‪ ، " . .‬فذكرها ‪،‬‬
‫وليس فيها الذرة ‪ ،‬وبا تصبح الربعة خسة ‪ ،‬وهي عندي منكرة ‪ ،‬لنا‬
‫مع مالفتها لذا الديث الصحيح ‪ ،‬فليس لا طريق تقوم با الجة ‪ ،‬وهي‬
‫‪ :‬الول ‪ :‬روا ية ا بن ما جه ال ت ذكر ها الؤلف آن فا ‪ ،‬وأفاد أن في ها‬
‫العرز مي التروك ‪ ،‬و هي ف " ا بن ما جه " ( ‪ ) 1815‬من رواي ته عن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪394‬‬

‫عمرو بن شع يب عن آبائه ‪ .‬الثان ية ‪ :‬روا ية البيه قي ( ‪ ) 129 / 4‬من‬


‫طريق عتاب الزري عن خصيف عن ماهد قال ‪ " :‬ل تكن الصدقة ف‬
‫عهد رسول ال ( ص ) إل ف خسة أشياء ‪ ، " . . .‬فذكر الربعة وزاد‬
‫‪ " :‬والذرة " ‪ .‬وهذا مع كونه مرسل ‪ ،‬فهو ضعيف ‪ ،‬لن عتابا وخصيفا‬
‫ضعيفان ‪ .‬الثالثة ‪ :‬رواية البيهقي أيضا عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن‬
‫عبيد عن السن قال ‪ :‬فذكر نو حديث ماهد ‪ ،‬لكن قال ابن عيينة ‪/ :‬‬
‫صفحة ‪ " / 370‬أراه قال ‪ :‬والذرة " ‪ .‬وهذا مع شكه ف هذه الزيادة‬
‫ففيه أمران ‪ :‬الول ‪ :‬أن شيخه عمرو بن عبيد ‪ -‬وهو شيخ العتزلة ‪ -‬قال‬
‫الذ هب ف " الضعفاء " ‪ " :‬سع ال سن ‪ ،‬كذ به أيوب ويو نس ‪ ،‬وتر كه‬
‫النسائي " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬فمثله ل يستشهد به ول كرامة ‪ ،‬هذا لو ثبت ذلك عنه ‪ ،‬فكيف‬
‫وف يه ما يأ ت ‪ :‬وال خر ‪ :‬أن سفيان ل يث بت على ش كه الذكور ‪ ،‬ف في‬
‫رواية أخرى للبيهقي عن سفيان بلفظ ‪ " :‬السلت " ‪ ،‬ول يذكر " الذرة "‬
‫‪ .‬و " السلت " ‪ :‬ضرب من الشعي أبيض ل قشر له كما ف " النهاية " ‪،‬‬
‫وحينئذ ف هو صنف من ال صناف الرب عة ‪ ،‬فل اختلف ب ي هذه الروا ية‬
‫والديث الصحيح كما ل يفى ‪ .‬ويبدو أنه خفي على المام الشوكان‬
‫رحه ال مثل هذا التحقيق ‪ ،‬فإنه بعد أن ذكر رواية عمرو بن شعيب الت‬
‫في ها التروك ‪ ،‬ا ستدرك فقال ف " الن يل " ( ‪ " : ) 122 / 4‬ولكن ها‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪395‬‬

‫معتضدة بر سل ما هد وال سن " ! وكأ نه رح ه ال ل يتت بع أ سانيدها ‪،‬‬


‫وإل ل ي قل هذا ‪ ،‬ك يف ومر سل ال سن ف يه التروك أي ضا ‪ ،‬مع ال شك‬
‫الذي فف إحدى الروايتيف عنفه ؟ ! والخرى ‪ -‬لو صفحت ‪ -‬تشهفد‬
‫للحديث الصحح ‪ ،‬وليس لذه الزيادة النكرة ! ‪ /‬صفحة ‪ / 371‬ومرسل‬
‫ماهفد ضعيفف كمفا سفبق بيانفه ‪ ،‬ول يشهفد له روايفة العرزمفي لشدة‬
‫ضع فه ‪ ،‬مع مالف ته للحد يث ال صحيح وشواهده ‪ .‬ول عل الشوكا ن غره‬
‫قول البيهقي عقب الشواهد الشار إليها ومرسل ماهد والسن الذكورين‬
‫‪ ،‬و ساق شاهدا ثال ثا ب سنده عن الش عب بع ن الد يث ال صحيح ‪ ،‬قال‬
‫البيهقفي عقبهفا ‪ " :‬هذه الحاديفث كلهفا مراسفيل ‪ ،‬إل أناف مفن طرق‬
‫متل فة ‪ ،‬فبعض ها يؤ كد بع ضا ‪ ،‬ومع ها روا ية أ ب بردة عن أ ب مو سى ‪،‬‬
‫ومع ها قول ب عض ال صحابة " ‪ .‬ف هو يع ن ما اتف قت عل يه الروايات مع‬
‫روا ية أ ب بردة عن أ ب مو سى ‪ ،‬وهي صحيحة ك ما تقدم ‪ ،‬وليس يع ن‬
‫مطلقا ما تفرد به بعض الضعفاء والتروكي ‪ ،‬فتنبه ‪ .‬وقد ترتب من خطأ‬
‫تصحيح هذه الزيادة النكرة خطأ آخر فقهي ‪ ،‬وهو حشر الشوكان الذرة‬
‫ف جلة الصناف الربعة الت تب عليها الزكاة ! ف كتابه " الدرر البهية‬
‫" ‪ ،‬وتبعه على ذلك شارحه ف كتابه " الروضة الندية " ( ‪، ) 195 / 2‬‬
‫وا ستدل علي ها بد يث أ ب مو سى ‪ ،‬والرا سيل الذكورة آن فا ‪ ،‬وأتبع ها‬
‫بكلم البيهقي الذي مر آنفا ‪ ،‬دون أن يتنبه لقصوده الذي ذكرته قريبا ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪396‬‬

‫ولعله تنبه له فيما بعد ‪ ،‬فقد أعاد ذكر حديث أب موسى ‪ ،‬مع الشارة‬
‫إل الروايات الخرى ‪ ،‬ولكنه أتبعها بقوله ( ‪ " : ) 200 / 1‬وف بعضها‬
‫ذكفر الذرة ‪ ،‬ولكفن مفن طريفق ل تقوم بثلهفا حجفة " ‪ .‬وهذا هفو‬
‫الصواب ‪ ،‬فكان عليه أن يعود إل مت شرحه ‪ ،‬ويرفع منه لفظة ‪ " :‬الذرة‬
‫" ‪ ،‬ليطابق ذلك ما انتهى إليه من الصواب ‪ .‬ولعل الشوكاف رجع إل‬
‫الصراب أيضا ‪ ،‬فإنه ل يذكر ف كتابه " السيل ‪ /‬صفحة ‪ / 372‬الرار "‬
‫سفوى الصفناف الربعفة ‪ ،‬فلم يذكفر " الذرة " مطلقفأ ‪ ،‬وذكفر ( ‪/ 2‬‬
‫‪ ) 43‬أن الحاد يث الواردة في ها تن هض بجموع ها للع مل ب ا ‪ .‬ك ما‬
‫أوضحناه ف شرح نا للمنت قى ‪ .‬هذا كله في ما يتعلق بقول نا أول ‪ .‬وثان يا ‪:‬‬
‫إن ح شر " الذرة " ف مذ هب ال سن الب صري خ طأ ‪ ،‬لنه قد صح من‬
‫طرق ع نه ‪ :‬أ نه كان ل يرى الع شر إل ف ‪ . . .‬فذ كر ال صناف الرب عة‬
‫فقط ‪ .‬أخرجه أبو عبيد ( ‪ ، ) 1380 - 1379 / 469‬وابن زنويه (‬
‫‪ ) 1899 / 1030‬بأسانيد صحيحة عنه ‪ .‬ثالثا ‪ :‬قول الؤلف ‪ " :‬لن‬
‫ما عداه ل نص فيه " ‪ .‬يشعر بأن الصنف الامس " الذرة " فيه نص يعتد‬
‫به ‪ ،‬وقد عرفت ما فيه ! وزيادة ف الفادة أقول ‪ :‬إن قول السن هذا هو‬
‫الذي ينب غي اعتماده لطابق ته للحد يث ال صحيح ‪ ،‬وك نت أر جو للمؤلف‬
‫أن يلفت النظر إليه ‪ ،‬كي ل يضيع القارئ ف غمرة القوال الختلفة الت‬
‫ساقها ف هذا الاب ‪ ،‬كما كنت أستحب له أن يروي لم قول عبد ال‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪397‬‬

‫بن عمر الذي رواه أبو عبيد ( ‪ ) 1378 / 469‬بسنده الصحيح عنه ف‬
‫صفدقة الثمار والزرع ‪ ،‬قال ‪ " :‬مفا كان مفن نلف أو عنفب أو حنطفة أو‬
‫شع ي " ‪ .‬ل ا فيه من زيادة اطمئنان ل صحة قوله رح ه ال ‪ ،‬ولذا قال أبو‬
‫عب يد وا بن زنو يه ف كتابيه ما ‪ " :‬والذي نتاره ف ذلك التباع ل سنة‬
‫ر سول ال ( ص ) ‪ ،‬والتم سك ب ا ‪ :‬أ نه ل ‪ /‬صفحة ‪ / 373‬صدقة ف‬
‫شئ من البوب ال ف الب والشعي ‪ ،‬ول صدقة ف شئ من الثمار إل ف‬
‫الن خل والكرم ‪ ،‬لن ر سول ال ( ص ) ل ي ستم إل إيا ها ‪ ،‬مع قول من‬
‫قال به من الصحابة والتابعي ‪ ،‬ث اختيار ابن أب ليلى وسفيان إياه ‪ ،‬لن‬
‫ر سول ال ( ص ) ح ي خص هذه ال صناف الرب عة لل صدقة ‪ ،‬وأعرض‬
‫ف سفواها ‪ ،‬قفد كان يعلم أن للناس أموال وأقواتفا ‪ ،‬ماف ترج الرض‬ ‫عم ا‬
‫سواها ‪ ،‬فكان تركه ذلك وإعراضه عنه عفوا منه كعفوه عن صدقة اليل‬
‫والرقيفق " ‪ .‬قلت ‪ :‬وهذه الجفة الخية تنسفحب أيضفا على عروض‬
‫التجارة ‪ ،‬فإنا كانت معروفة ف عهد النب ( ص ) ‪ ،‬وذكرت ف القرآن‬
‫والحاديفث مرارا كثية ‪ ،‬وبناسفبات شتف ‪ ،‬فسفكوته ( ص ) عنهفا ‪،‬‬
‫وعدم تدئه عنها با يب عليها من الزكاة الت ذهب إليها بعضهم ‪ ،‬فهو‬
‫عفو منه أيضا لكمة بالغة ‪ ،‬سبق لفت النظر إل شئ منها ما ظهر لنا ‪،‬‬
‫وال سبحانه وتعال أعلم ‪ .‬قوله تت عنوان ‪ :‬تقدير النصاب ف النخيل ‪:‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪398‬‬

‫" أن النب ( ص ) قال ‪ :‬إذا خرصتم فخذرا ‪ ،‬ودعوا الثلث ‪. " . . .‬‬
‫قلت ‪:‬‬
‫ضع يف ‪ ،‬ف يه من ل يعرف ع ند الذ هب وغيه ‪ ،‬ول عبة بت صحيح من‬
‫ذكرهاف الؤلف ‪ ،‬لنمفا مفن التسفاهلي ‪ ،‬وحسفبك دليل على ذلك أن‬
‫الترمذي ‪ -‬على ت ساهله الذي عرف به ‪ -‬ل ا أخرج الد يث سكت عنه‬
‫ول يسنه ! ولذلك خرجته ف " الضيفة " ( ‪ ) 2556‬و " ضعيف أب‬
‫داود " ( ‪ . ) 281‬وال ثر الذي ذكره الؤلف بعده عن بشي بن يسار‬
‫قال ‪ :‬بعث عمر بن الطاب ‪ . . .‬إل ‪ .‬رواه أبو عبيد ف " الموال " (‬
‫‪ ، ) 1449 / 486‬وابن أب شيبة ( ‪ ) 194 / 3‬بسند رجاله ثقات ‪،‬‬
‫لك نه منق طع ب ي بش ي وع مر ‪ ،‬فإن م ل يذكرواله روا ية إل عن صغار‬
‫الصفحابة ‪ ،‬كأنفس وغيه ‪ / .‬صففحة ‪ / 374‬والثفر الذي بعده عفن‬
‫مكحول مرسل أيضا ‪ .‬رواه أبو عبيد ( ‪ ، ) 1453‬ورجاله ثقات ‪ .‬قوله‬
‫تت عنوان ‪ :‬زكاة العسل ‪ " :‬قال البخاري ‪ :‬ليس ف زكاة العسل شئ‬
‫يصفح " ‪ .‬أقول ‪ :‬ليفس هذا على إطلقفه ‪ ،‬فقفد روي فيفه أحاديفث ‪،‬‬
‫أحسنها حديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده ‪ ،‬وأصح طرقه إليه‬
‫طر يق عمرو بن الارث ال صري عن عمرو بن شع يب ‪ . . .‬بل فظ ‪" :‬‬
‫جاء هلل أ حد ب ن متعان إل ر سول ال ( ص ) بعشور ن ل له ‪ ،‬وكان‬
‫سأله أن يمي له واديا يقال له ‪ ( :‬سلبة ) ‪ ،‬فحمى له رسول ال ( ص )‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪399‬‬

‫ذلك الوادي ‪ ،‬فل ما ول ع مر بن الطاب ‪ ،‬ك تب سفيان بن و هب إل‬


‫ع مر ي ساله عن ذلك ‪ ،‬فك تب ع مر ‪ :‬إن أدى إل يك ما كان يؤدي إل‬
‫ر سول ال ( ص ) من عشور نله ‪ ،‬فا حم له ( سلبته ) ‪ ،‬وإل فإن ا هو‬
‫ذباب غيث يأكله من يشاء " ‪ .‬قلت ‪ :‬وهذا إسناد جيد ‪ ،‬وهو مرج ف‬
‫" الرواء " رقم ( ‪ ، ) 810‬وقواه الافظ ف " الفتح " ‪ ،‬فإنه قال عقبه (‬
‫‪ " : ) 348 / 3‬وإسناده صحيح إل عمرو ‪ ،‬وترجة عمرو قوية على‬
‫الختار ‪ ،‬لكن حيث ل تعارض ‪ ،‬ال أنه ممول على أنه ف مقابلة المى‬
‫ك ما يدل عل يه كتاب ع مر ا بن الطاب " ‪ .‬و سبقه إل هذا ال مل ا بن‬
‫زنويه ف " الموال " ( ‪ ، ) 1096 - 1095‬ث الطا ب ف " معال‬
‫ال سنن " ( ‪ ، ) 208 / 1‬و هو الظا هر ‪ ،‬وال سبحانه وتعال أعلم ‪.‬‬
‫ولدقة السألة حديثيا وفقهيا ‪ ،‬اضطرب فيه رأي الشوكان ‪ ،‬فذهب ف "‬
‫ن يل الوطار " ( ‪ ) 125 / 4‬إل عدم وجوب الزكاة على الع سل ‪،‬‬
‫وأعل أحاديثه كلها ‪ ،‬وأما ‪ /‬صفحة ‪ / 375‬ف " الدرر البهية " فصرح‬
‫بالوجوب ‪ ،‬وتبعه شارحه صديق خان ف " الروضة الندية " ( ‪200 / 1‬‬
‫) ‪ ،‬وأيد ذلك الشوكان ف " السيل الرار " ( ‪ ، ) 48 - 46 / 2‬وقال‬
‫‪ " :‬وأحاد يث الباب يقوي بعض ها بع ضا " ‪ .‬فلم يتن به إل الفرق ‪،‬‬
‫واختلف دللة بعضها عن بعض ‪ ،‬فهذه الطريق الصحيحة دللتها مقيدة‬
‫بالمفى كمفا رأيفت ‪ ،‬والخرى مطلقفة ‪ ،‬ولكنهفا ضعيففة ل تنهفض‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪400‬‬

‫للحتجاج ب ا ‪ ،‬ك ما قال هو نفسه ف " الن عل " ‪ ،‬ث تبن العمل ب ا ف‬
‫ال صدرين الشار إليه ما ‪ ،‬ون سي قاعدة " ح ل الطلق على الق يد " ال ت‬
‫يكررها ف كثي من السائل الت تتعارض فيها الدلة ‪ ،‬فيجمع بينها با ‪.‬‬
‫إذا تبي هذا ‪ ،‬فنستطيع أن نستنبط ما سبق أن الناحل الت تتخذ اليوم ف‬
‫بعض الزارع والبساتي ل زكاة عليها ‪ ،‬اللهم إل الزكاة الطلقة با تود‬
‫به نفسه ‪ ،‬على النحو الذي سبق ذكره ف عروض التجارة ‪ .‬وال أعلم ‪.‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 376‬ومن ( زكاة الركاز والعدن ) قوله ‪ " :‬وقال أبو حنيفة‬
‫‪ :‬هو ( يع ن ‪ :‬الركاز ) ا سم ل ا ركزه الالق أو الخلوق " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫الصفواب أن يقال ‪ " :‬وقال النفيفة التأخرون ‪ ، " . . .‬لن أبفا حنيففة‬
‫وأصفحابه القدامفى يددون الركاز فيمفا خلقفه ال تعال فف الرض مفن‬
‫الذهب والفضة فقط ‪ ،‬فقال أبو يوسف ف " الراج " ( ص ‪" : ) 26‬‬
‫وأما الركاز فهو الذهب والفضة الذي خلقه ال ف الرض يوم خلقت فيه‬
‫" ‪ .‬وذكر نوه المام ممد ف " الوطأ " ( ص ‪ ، ) 174‬ث قال ‪ " :‬فيها‬
‫المس ‪ ،‬وهو قول أب حنيفة والعامة من فقهائنا " ‪ .‬واحتج المام ممد‬
‫وغيه بديفث أبف هريرة قال ‪ :‬قال رسفول ال ( ص ) ‪ " :‬فف الركاز‬
‫ال مس " ‪ .‬ق يل ‪ :‬و ما الركاز يا ر سول ال ؟ قال ‪ " :‬الذ هب والف ضة‬
‫الذي خلقفه ال فف الرض يوم خلقفت " ‪ .‬أخرجفه البيهقفي ‪ ،‬وضعففه‬
‫جدا ‪ ،‬ون قل تضعي فه عن الشاف عي ‪ ،‬وضع فه أي ضا الزيل عي الن في ف "‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪401‬‬

‫نصب الراية " ‪ ،‬فراجعه ( ‪ . ) 380 / 2‬وعلته أن فيه عبد ال بن سعيد‬


‫بن أ ب سعيد ال قبي ‪ ،‬وض عف اتفا قا ‪ ،‬و قد ظن صديق خان أ نه والده‬
‫سعيد بن أب سعيد ‪ ،‬فقال ‪ :‬إنه ثقة متج به ف " الصحيحي " ‪ .‬فلذلك‬
‫احتفج به ‪ .‬وقفد نقلت كلمفه ف ذلك ‪ ،‬ورددت عليفه وعلى غيه م ن‬
‫خفي عليهم حال الديث ف رسالت " أحكام الركاز " ‪ .‬وقد حققت ف‬
‫هذه الر سالة ‪ ،‬أن الركاز ل غة ‪ :‬العدن والال الدفون كله ا ‪ ،‬وشر عا ‪:‬‬
‫هفو دفيف الاهليفة ‪ ،‬وقفد أوردت فيهفا الشواهفد والدلة على ذلك ‪/ ،‬‬
‫صفحة ‪ / 377‬وهو الراد بقوله ( ص ) ف حديث أب هريرة الذكور ف‬
‫الكتاب ‪ . . . " :‬وفف الركاز المفس " ‪ .‬وهفو مرج فف " الرواء " (‬
‫‪ ) 812‬عنه من طرق ‪ .‬قوله تت عنوان ‪ :‬صفة الركاز الذي يتعلق به‬
‫وجوب الزكاة ‪ " :‬وله ( ن ‪ :‬الشافعي ) قول آخر ‪ ،‬أن المس ل يب‬
‫ف الثان ‪ :‬الذ هب والف ضة " ‪ .‬قلت ‪ :‬و هو الذي ا ستظهره ال صنعان ‪،‬‬
‫فقال ‪ " :‬الركاز ف الظهر ‪ :‬الذهب والفضة " ‪ .‬وهذا خطأ مالف للغة ‪،‬‬
‫فإن الركاز فيها ‪ " :‬الال الدفون ف الرض " ‪ ،‬كما سبق آنفا ‪ ،‬و " الال‬
‫" لغة ‪ " :‬ما ملكته من شئ " ‪ ،‬فيستنتج من هاتي القدمتي أن الركاز‬
‫كل ما د فن من الال ‪ ،‬فل ي تص بالنقد ين ‪ ،‬و هو مذ هب المهور ‪،‬‬
‫واختاره ابن حزم ‪ ،‬ومال إليه ابن دقيق العيد ‪ ،‬وكان مالك يتردد ف ذلك‬
‫‪ ،‬ث ا ستقر رأ يه آ خر ال مر على هذا القول الختار ك ما ف " الدونة " ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪402‬‬

‫و قد ذكرت نص كل مه ف الر سالة ال سابقة الذ كر ‪ .‬قوله ت ت عنوان ‪:‬‬


‫الواجب ف الركاز ‪ " :‬وعند الشافعي ف الديد ‪ :‬يعتب النصاب فيه " ‪.‬‬
‫يعن الركاز ‪ .‬قلت والظاهر من إطلق الديث ‪ " :‬وف الركاز المس لا‬
‫‪ ،‬عدم اشتراط النصفاب ‪ ،‬وهفو مذهفب المهور ‪ ،‬واختاره ابفن النذر‬
‫والصنعان والشوكان وغيهم ‪ ،‬وقد احتج الشافعي ف قوله الديد بجة‬
‫نقليفة واهيفة أوردتاف فف الرسفالة الذكورة ‪ ،‬وبينفت ضعفهفا ‪ .‬قوله ‪" :‬‬
‫مصرف المس " ‪ .‬قلت ‪ :‬ذكر فيه قولي مشهورين ‪ / :‬صفحة ‪/ 378‬‬
‫أحده ا ‪ :‬أن م صرفه م صرف الزكاة ‪ .‬وال خر ‪ :‬م صرفه م صرف ال فئ ‪.‬‬
‫ول يس ف ال سنة ما يش هد صراحة ل حد القول ي على ال خر ‪ ،‬ولذلك‬
‫اخترث ف " أحكام الركاز " أن م صرفه ير جع إل رأي إمام ال سلمي ‪،‬‬
‫يض عه حيث ما تقتض يه م صلحة الدولة ‪ ،‬و هو الذي اختاره أ بو عب يد ف "‬
‫الموال " ‪ .‬وكأن هذا هفو مذهفب النابلة ‪ ،‬حيفث قالوا فف مصفرف‬
‫الركاز ‪ " :‬يصفرف مصفرف الففئ الطلق للمصفال كلهفا " ‪ .‬قوله تتف‬
‫عنوان ‪ :‬الال ال ستفاد ‪ " :‬ف من كان عنده من عروض التجارة أو اليوان‬
‫مفا يبلغ نصفابا ‪ ،‬فربتف العروض ‪ ،‬وتوالد اليوان أثناء الول ‪ ،‬وجفب‬
‫إخراج الزكاة عن الم يع ‪ :‬ال صل وال ستفاد ‪ ،‬وهذا ل خلف ف يه " ‪:‬‬
‫قلت ‪ :‬لعله يع ن ب ي الذا هب الرب عة ‪ ،‬وإل ف قد خالف ف يه ا بن حزم ‪،‬‬
‫فقال ‪ " :‬كل فائدة فإن ا تز كى لول ا ‪ ،‬ل لول ما عنده من جن سها ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪403‬‬

‫لن اختلطت عليه الحوال " ‪ .‬انظر تفصيل كلمه هذا ف " الحلى " (‬
‫‪ ، ) 86 - 83 / 6‬وهذا الذهب أقرب إل ظاهر قوله ( ص ) ‪ " :‬ليس‬
‫فف الال زكاة حتف يول عليفه الول " ‪ ،‬لول أن فيفه حرجفا فف بعفض‬
‫الحوال ‪ ،‬فالقرب فف مثفل هذه الالة أن يلحفق بالصفل ‪ ،‬ويزكفى ‪،‬‬
‫ورا جع " الموال " ل ب عب يد ‪ / ،‬صفحة ‪ / 379‬قوله ت ت عنوان ‪:‬‬
‫هلك الال ‪ " : . . .‬وقال الشافعفي و ‪ . . .‬و ‪ . . . .‬إن تلف النصفاب‬
‫قبل التمكن من الداء سقطت الزكاة ‪ ،‬وإن تلف بعده ل تسقط ‪ .‬ورجح‬
‫ا بن قدا مة هذا الرأي ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬و هو اختيار طائ فة من أ صحاب‬
‫أحد ‪ ،‬منهم شيخ السلم ابن تيمية كما ف " الختيارات العلمية " ( ص‬
‫‪ . ) 58‬قوله تت عنوان ‪ :‬دفع القيمة بدل العي ‪ " :‬وقد روى البخاري‬
‫معلقا بصيغة الزم أن معاذا قال لهل اليمن ‪ :‬ايتون بعرض ( ‪ ) 1‬ثياب‬
‫خ يص أو لب يس ف ال صدقة مكان الشع ي والذرة ‪ ،‬أهون علي كم ‪ ،‬وخ ي‬
‫لصحاب النب " صلى ال عليه وآله " بالدينة " ‪ .‬قلت ‪ :‬ف هذا الكلم‬
‫إشعار بأن ال ثر الذكور عن معاذ صحيح ‪ ،‬ول يس كذلك ‪ ،‬فإن ا عل قه‬
‫البخاري هكذا ‪ " :‬قال طاوس ‪ :‬قال معاذ ‪ ، " . . .‬وهذا منقطفع بيف‬
‫طاوس ومعاذ ‪ ،‬قال الافظ ف شرحه ‪ " :‬هذا التعليق صحيح السناد إل‬
‫طاوس ‪ ،‬لكن طاوس ل يسمع من معاذ فهو منقطع ‪ ،‬فل يغتر بقول من‬
‫قال ‪ " :‬ذكره البخاري بالتعل يق الازم ‪ ،‬ف هو صحيح عنده " ‪ ،‬لن ذلك‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪404‬‬

‫ل يفيفد إل الصفحة إل مفن علق عنفه ‪ ،‬وأمفا باقفي السفناد فل ؟ إل أن‬


‫إيراده له ف معرض الحتجاج به يقت ضي قو ته عنده " ‪ .‬ث لو صح هذا‬
‫الثر ل يدل على قول أب حنيفة أنه ل فرق بي القيمة والعي ‪ .‬بل يدل‬
‫لقول مفن يوز إخراج القيمفة مراعاة لصفلحة الفقراء ‪ ،‬والتيسفي على‬
‫الغنياء ‪ ،‬وهفو اختيار ابفن تيميفة ‪ ،‬قال فف " الختيارات " ‪ " :‬ويوز‬
‫إخراج القيمفة فف الزكاة لعدم العدول عفن الاجفة والصفلحة ‪ ،‬مثفل *‬
‫( هامش ) * ( ‪ ) 1‬هو ما عدا النقدين ‪ / ) * ( .‬صفحة ‪ / 380‬أن يبيع‬
‫ثرة ب ستانه أو زر عه ‪ ،‬فه نا إخراج ع شر الدرا هم يزئه ‪ ،‬ول يكلف أن‬
‫يشتري ترا أو حنطة ‪ ،‬فإنه قد ساوى الفقي بنفسه ‪ ،‬وقد نص أحد على‬
‫جواز ذلك ‪ ،‬ومثفل أن تبف عليفه شاة فف البفل ‪ ،‬وليفس عنده شاة ‪،‬‬
‫فإخراج القيمففة كاف ‪ ،‬ول يكلف السفففر لشراء شاة ‪ ،‬أو أن يكون‬
‫الستحقون طلبوا القيمة لكونا أنفع لم ‪ ،‬فهذا جائز " ‪ .‬قوله تت عنوان‬
‫‪ :‬هل يعطى القوي الكتسب من الزكاة ؟ ‪ " :‬قال النوري ‪ :‬سئل النال‬
‫عن القوي من أهل البيوتات الذين ل تر عادتم بالتكسب بالبدن هل له‬
‫أ خذ الزكاة من سهم الفقراء ؟ فقال ‪ :‬ن عم ‪ ،‬وهذا صحيح جار على أن‬
‫العتب حرفة تليق به " ‪ .‬قلت ‪ :‬الرفة مهما تدنت فهي أشرف للمسلم ‪،‬‬
‫وخيف له مفن البطالة ‪ ،‬ومفن أن يتكففف أيدي الناس ‪ ،‬أعطوه أو منعوه ‪،‬‬
‫والعتبار الذكور ل يوز ف نظري أن يصص ه‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪405‬‬

‫قوله ( ص ) ‪ " :‬ل ت ل ال صدقة ‪ . . .‬لذي مرة سوي " ‪ .‬فتأ مل ‪ .‬قوله‬
‫ت ت عنوان ‪ :‬و ف سبيل ال ‪ " :‬وال ج ل يس من سبيل ال ال ت ت صرف‬
‫في ها الزكاة " ‪ .‬قلت ‪ :‬بلى ‪ ،‬هو من سبيل ال ب نص حد يث ر سوك ال‬
‫( ص ) ‪ ،‬فقفد قال ابفن عباس رضفي ال عنفه ‪ :‬أراد رسفول ال الجف ‪،‬‬
‫فقالت امرأة لزوج ها ‪ :‬أحج ن مع ر سول ال ( ص ) ‪ ،‬فقال ‪ :‬ما عندي‬
‫ما أحجك عليه ‪ ،‬قالت ‪ :‬أحجن على جلك فلن ‪ ،‬قال ‪ :‬ذاك حبيس ف‬
‫سبيل ال عز وجل ‪ ،‬فأتى رسول ال ( ص ) فقال ‪ :‬إن امرأت تقرأ عليك‬
‫السلم ورحة ال ‪ ،‬لنا سألتن الج معك ‪ ،‬قالت ‪ :‬أحجن مع رسول‬
‫ال ( ص ) ‪ ،‬فقلت ‪ . . . :‬فقالت ‪ :‬أحجنف على جلك فلن ‪ ،‬فقلت ‪:‬‬
‫ذاك حبيس ف سبيل ‪ /‬صفحة ‪ / 381‬ال ‪ ،‬فقال " صلى ال عليه وآله "‬
‫‪ " :‬أما إنك لو أحججتها عليه كان ف سبيل ال " الديث ‪ .‬أخرجه أبو‬
‫داود ب سند ح سن وال طبان ف " ال كبي " ‪ ،‬والا كم و صححه ‪ ،‬وا بن‬
‫خزيةف فف " صفحيحه " ‪ ،‬وله شاهفد مفن حديفث أبف طلق ‪ ،‬أخرجفه‬
‫الدول ب ف " الك ن " ب سند صحيح ‪ ،‬وقواه النذري والا فظ ‪ .‬ولذلك‬
‫قال الا فظ ا بن كث ي ف تف سي ال ية الشار إلي ها ‪ " :‬وع ند المام أح د‬
‫والسن وإسحاق ‪ ،‬الج من سبيل ال ‪ ،‬للحد يث " ‪ .‬يريد هذا ‪ ،‬وهو‬
‫اختيار شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،‬فقال ف " الختيارات العلمية " ‪ " :‬ومن‬
‫ل يج حجة السلم وهو فقي ‪ ،‬أعطي ما يج به ‪ ،‬وهو إحدى الروايتي‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪406‬‬

‫عن أحد " ‪ .‬وقد رواه أبو عبيد ف " الموال " ( رقم ‪ ) 1976‬عن ابن‬
‫ع مر أ نه سئل عن امرأة أو صت بثلث ي دره ا ف سبيل ال ‪ ،‬فق يل له ‪:‬‬
‫أتعل ف الج ؟ فقال ‪ :‬أما إنه ف سبيل ال ‪ .‬وإسناده صحيح كما قال‬
‫الا فظ ف " الفتح " ( ‪ . ) 258 / 3‬وروى أبو عبيد ( رقم ‪ 1784‬و‬
‫‪ ) 1965‬بسند صحيح عن ابن عباس ‪ " :‬أنه كان ل يرى بأسا أن يعطي‬
‫الرجل من زكاة ماله ف الج وأن يعتق الرقبة " ‪ ،‬وإعلل أب عبيد له بأن‬
‫أ با معاو ية انفرد به ‪ ،‬ل يس ب شئ ‪ ،‬لن من روا ية أ با معاو ية ث قة ‪ ،‬و هو‬
‫أحفظ الناس لديث العمش كما ف " التقريب " ‪ ،‬وهذا من روايته عنه‬
‫‪ ،‬وقد تابعه عنه عبدة بن سليمان كما ف " الفتح " ‪ ،‬فزالت شبهة تفرد‬
‫أبف معاويفة بفه ‪ ،‬وانظفر " إرواء الغليفل " ( ‪/ . ) 377 - 376 / 3‬‬
‫صفحة ‪ / 382‬ومن الغرائب أن ينكر حضرة الؤلف ما جاء به النص ‪،‬‬
‫وهو كون الج من سبيل ال ‪ ،‬ث هو يسلم با نقله بعد هذا عن السيد‬
‫رش يد ف " النار " ‪ :‬أن من سبيل ال بناء ال ستشفيات الي ية العا مة ‪،‬‬
‫وإعداد الدعاة إل السلم ‪ . . .‬والنفقة على الدارس الشرعية ‪ ،‬وغيها ‪.‬‬
‫‪ . .‬إل ‪ .‬مع أن تف سي ال ية بذا الع ن الوا سع الشا مل لم يع العمال‬
‫اليية ما ل ينقل عن أحد من السلف فيما علمت ‪ ،‬وإن كان جنح إليه‬
‫صديق ح سن خان ف " الرو ضة الند ية " ‪ ،‬ف هو مردود عل يه ‪ ،‬ولو كان‬
‫المر كما زعم ‪ ،‬لا كان هناك فائدة كبى ف حصر الزكاة ف الصارف‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪407‬‬

‫الثمانية ف الية الكرية ‪ ،‬ولكان يكن أن يدخل ف ( سبيل ال ) كل أمر‬


‫خيي مثل بناء الساجد ونوها ‪ ،‬ول قائل بذلك من السلمي ‪ ،‬بل قال‬
‫أبفو عبيفد فف " الموال " فقرة ( ‪ " : ) 1979‬فأمفا قضاء الديفن عفن‬
‫اليت ‪ ،‬والعطية ف كفنه ‪ ،‬وبنيان الساجد ‪ ،‬واحتفار النار ‪ ،‬وما أشبه‬
‫ذلك من أنواع الب ‪ ،‬فإن سفيان وأهل العراق وغيهم من العلماء ممعون‬
‫على أن ذلك ل يزي من الزكاة ‪ ،‬ل نه ل يس من ال صناف الثمان ية " ‪.‬‬
‫و سيذكر الؤلف ن و هذا في ما يأ ت ‪ .‬قوله ت ت عنوان ‪ :‬من الذى يقوم‬
‫بتوزيع الزكاة ؟ ‪ " :‬كان رسول ال ( ص ) يبعث نوابه يمعوا الصدقات‬
‫ويوزع ها على ال ستحقي ‪ ،‬وكان أ بو ب كر وع مر يفعلن ذلك ‪ ،‬ل فرق‬
‫بيف الموال الظاهرة والباطنفة ‪ ،‬فلمفا جاء عثمان سفار على هذا النهفج‬
‫زمنا ‪ ،‬إل أنه ل ا رأى كثرة الموال الباطنة ‪ ،‬وو جد أن ف تتبع ها حر جا‬
‫على المة ‪ ،‬وف تفتيشها ضررأ بأربابا ‪ ،‬فوض أداء زكاتا إل أصحاب‬
‫الموال " ‪ .‬قلت ‪ :‬فيه ملحظات ‪ / :‬صفحة ‪ / 383‬الول ‪ :‬ل أجد ف‬
‫السنة أن النب ( ص ) كان يبعث من يمع الصدقات من الموال الباطنة‬
‫وهي عروض التجارة والذهب والفضة والركاز كما ذكر الؤلف نفسه ‪،‬‬
‫ول وجدت أحدا من الحدثي ذكر ذلك ‪ ،‬بل صرح ابن القيم بنفي ذلك‬
‫‪ ،‬بل إنه نفى أن يكون البعث الذكور ف الكتاب ف الموال الظاهرة على‬
‫عمومفه حيفث قال فف " الزاد " ‪ " :‬كان ( ص ) يبعفث سفعاته إل‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪408‬‬

‫البوادي ‪ ،‬ول يكفن يبعثهفم إل القرى ‪ ،‬ول يكفن مفن هديفه ( ص ) أن‬
‫يبعث سعاته إل إل أهل الموال الظاهرة من الوا شي والزروع والثمار "‬
‫‪ .‬ولو صفح مفا ذكره الؤلف لكان دليل مفن السفنة على وجوب الزكاة‬
‫على عروض التجارة ‪ .‬فتأ مل ‪ .‬وقال أ بو عب يد ( ر قم ‪ " : ) 1644‬سنة‬
‫الصفامت خاصفة أن يكون الناس فيفه مؤتنيف عليفه " ‪ .‬ثانيفا ‪ :‬ل أجده‬
‫كذلك عفن اللفاء الثللة ‪ ،‬بفل روى أبفو عبيفد ( رقفم ‪، ) 1805‬‬
‫والبيهقي ( ‪ ) 114 / 4‬عن أ ب سعيد ال قبي ‪ ،‬قال ‪ " :‬أتيت ع مر بن‬
‫الطاب فقلت ‪ :‬يا أم ي الؤمن ي ! هذه زكاة مال ‪ -‬قال ‪ :‬وأتي ته بائ ت‬
‫در هم ‪ -‬فقال ‪ :‬أعت قت يا كي سان ؟ فقلت ‪ :‬ن عم ‪ ،‬فقال ‪ :‬فاذ هب ب ا‬
‫أنت فاقسمها " ‪ .‬إسناده جيد ‪ .‬فهذا عمر رضي ال عنه قد أول تفريز‬
‫الزكاة إل صاحبها خل فا ل ا نقله الؤلف ع نه ‪ ،‬و قد تر جم البيه قي لذا‬
‫ال ثر ب‍ " باب الر جل يتول تفر قة زكاة ماله الباط نة بنف سه " ‪ .‬ثال ثا ‪ :‬ما‬
‫نقله عن عثمان أ نه سار على ذلك الن هج ‪ . . .‬إل ‪ .‬ل أ جد له أ صل ‪/‬‬
‫صففحة ‪ / 384‬فف شفئ مفن كتفب الثار ‪ ،‬ول ذكره أحفد مفن أئمفة‬
‫الديفث في ما عل مت ‪ .‬والظا هر أن الؤلف نقله ‪ -‬وكذا ما قبله ‪ -‬من‬
‫بعض كتب الفقه أو غيها ‪ ،‬الت ل تتحرى الثابت ما يروى ‪ .‬وال أعلم‬
‫‪ .‬قوله تت عنوان ‪ :‬براءة رب الال بالدفع إل المام ‪ - 1 " : . . .‬فعن‬
‫أنس قال ‪ :‬أتى رجل من بن تيم رسول ال ( ص ) ‪ ،‬فقال ‪ :‬حسب يا‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪409‬‬

‫ر سول ال إذا أد يت الزكاة إل ر سولك ‪ . . .‬رواه أح د " ‪ .‬قلت ‪ :‬هو‬


‫مفن تام الديفث التقدم فف أول كتاب " الزكاة " ‪ ،‬وقفد بينفا هناك أنفه‬
‫ضعيفف لنقطاعفه ‪ ،‬وأن الؤلف اغتفر بقول مفن قال ‪ " :‬رجاله رجال‬
‫الصحيح " ! قوله تت عنوان ‪ :‬ني الزكي أن يشتري صدقته " وقد ذكر‬
‫قول من رخص بشرائها ‪ " :‬ورجح هذا الرأي ابن حزم ‪ ،‬واستدل بديث‬
‫أبف سفعيد قال ‪ :‬قال رسفول ال ( ص ) ‪ :‬ل تلف الصفدقة لغنف ‪ ،‬إل‬
‫لمسفة ‪ :‬لغاز فف سفبيل ال ‪ ،‬أو لعامفل عليهفا ‪ ،‬أو لغارم ‪ ،‬أو لرجفل‬
‫اشتراهفا باله ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬الذي يتبادر ل مفن الديفث أن الراد بفه‬
‫صدقة تصدق با رجل على فقي ‪ ،‬ث اشتراها منه غي التصدق عليه ‪ ،‬ولو‬
‫سلمنا أ نه يش مل الت صدق عل يه أي ضا ف هو م صوص بد يث ع مر ‪ " :‬ل‬
‫تبتعه " ‪ ،‬فل يل له ذلك ‪ .‬ويؤيد هذا المع قوله ف تام حديث عمر ‪:‬‬
‫" ل تعد ف صدقتك " ‪ ،‬فإن حديث أب سعيد على التفسي الذي ذهبت‬
‫إليه لي فيه العود ف الصدقة ‪ .‬فتأمل ‪ .‬قوله تت عنوان ‪ :‬نقل الزكاة ‪" :‬‬
‫وعفن أبف جحيففة قال ‪ :‬قدم علينفا مصفدق رسفول ال ( ص ) ‪ ،‬فأخفذ‬
‫الصدقة من أغنيائنا ‪ ،‬فجعلها ف فقرائنا ‪ ،‬فكنت غلما يتيما ‪ ،‬فأعطان‬
‫قلوصفا ‪ .‬رواه الترمذي وحسفنه " ‪ .‬قلت ‪ :‬فف إسفناده عنفد الترمذي (‬
‫‪ ) 652‬أشعث عن عون بن أب جحيفة ‪ / ،‬صفحة ‪ / 385‬وأشعث هذا‬
‫هو ابن سوار الكوف ‪ ،‬قال الافظ ف " التقريب " ‪ " :‬ضعيف " ‪ .‬ولعل‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪410‬‬

‫تسي الترمذي إياه إنا هو لشواهده ‪ ،‬كحديث معاذ الذي ذكره الؤلف‬
‫قبله ‪ ،‬وحد يث عمران الذي بعده ‪ .‬قوله ‪ " :‬و عن طاوس قال ‪ :‬كان ف‬
‫كتاب معاذ ‪ :‬مفن خرج مفن ملف إل ملف فان صفدقته وعشره فف‬
‫ملف عشيتفه ‪ .‬رواه الثرم فف ( سفننه ) " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا منقطفع بيف‬
‫طاوس ومعاذ ‪ ،‬فإنه ل يسمع منه كما قال الافظ ف مت آخر تقدم تت‬
‫عنوان ‪ " :‬دفع القيمة بدل العي " ‪ ،‬وهذا أخرجه ابن زنويه ( ‪) 1193‬‬
‫نوه ‪ .‬ث قال الؤلف ‪ " :‬ف عن عمرو بن شع يب أن معاذ بن ج بل ل يزل‬
‫بال ند إذ بع ثه ر سول ال ( ص ) ‪ . . .‬رواه أ بو عب يد " ‪ .‬هذا ال سناد‬
‫منقطع ‪ ،‬فإن عمرو بن شعيب ل يدرك معاذا ‪ ،‬وبي وفاتيهما مائة سنة ‪.‬‬
‫( فائدة ) ‪ " :‬جند " بفتحتي بلد باليمن كما ف " القاموس " وغيه ‪/ .‬‬
‫صفحة ‪ / 386‬و من ( زكاة الف طر ) قوله ت ت عنوان ‪ :‬قدر ها ‪ " :‬قال‬
‫أبو سعيد الدري ‪ :‬كنا إذا كان فينا رسول ال ( ص ) نرج زكاة الفطر‬
‫‪ . . .‬صاعا من طعام ‪ ،‬أو صاعا من أقط ‪ ،‬أو صاعا من شعي ‪ ،‬أو صاعا‬
‫من ت ر ‪ ،‬أو صاعا من زب يب ‪ . . .‬رواه الما عة " ‪ .‬ا ستدل الؤلف بذا‬
‫على أن الواجب ف القمح صاع لقوله فيه ‪ " :‬صاعا من طعام " ‪ ،‬وذلك‬
‫يناء على مفا حكاه الطابف أن الراد ب‍ " الطعام " هنفا النطفة ‪ ،‬لكفن رد‬
‫ذلك ابن النذر بأن أبا سعيد أجل الطعام ‪ ،‬ث فسره ‪ ،‬ث أورد حديث أب‬
‫سعيد ع ند البخاري بل فظ ‪ " :‬كنا نرج ف ع هد ر سول ال ( ص ) يوم‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪411‬‬

‫الف طر صاعا من طعام ‪ ،‬قال أ بو سعيد ‪ :‬وكان طعام نا الشع ي والزب يب‬
‫وال قط والت مر " ‪ .‬قال الا فظ ‪ " :‬و هي ظاهرة في ما قال " ‪ ،‬وأخر جه‬
‫الطحاوي نوه ‪ ،‬وقال فيه ‪ " :‬ول يرج غيه " ‪ .‬ث ذكر الافظ لديث‬
‫أب سعيد طرقا وألفاظا أخرى ‪ ،‬ث قال ‪ " :‬وهذه الطرق كلها تدل على‬
‫أن الراد بالطعام ف حد يث أ ب سعيد غ ي الن طة ‪ ،‬فيحت مل أن تكون‬
‫الذرة ‪ ،‬فإنفه العروف عنفد أهفل الجاز الن وهفي قوت غالب لمف " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬فتبي أنه ل دليل ف الديث على ما ذكره الؤلف ‪ ،‬ث إن صنيعه‬
‫يشي إل أنه ليس لذهب أب حنيفة القائل بإخراج نصف صاع من القمح‬
‫دليل ‪ ،‬غي ما جاء ف حديث أب سعيد من تعديل معارية مذين من القمح‬
‫بصاع من تر ‪ ،‬وليس ال مر كذلك ‪ ،‬بل ف يه أحاديث مرفوعة إل ال نب‬
‫( ص ) ‪ ،‬أصحها حديث عروة بن ‪ /‬صفحة ‪ / 387‬الزبي ‪ " :‬أن أساء‬
‫بنت أب بكر كانت ترج على عهد رسول ال ( ص ) عن أهلها ‪ -‬الر‬
‫من هم والملوك ‪ -‬مذ ين من حن طة ‪ ،‬أو صاعا من ت ر بال د ‪ ،‬أو بالصاع‬
‫الذي يقتاتون بفه " ‪ .‬أخرجفه الطحاوي واللففظ له ‪ ،‬وابفن أبف شيبفة‬
‫وأحدف ‪ ،‬وسفنده صفحيح على شرط الشيخيف ‪ .‬فف الباب آثار مرسفلة‬
‫وم سندة ‪ ،‬يقوي بعض ها بع ضا ‪ ،‬ك ما قال ا بن الق يم ف " الزاد " و قد‬
‫ساقها فيه ‪ .‬فلياجعها من شاء ‪ ،‬وخرجتها أنا ف " التعليقات الياد " ‪.‬‬
‫فثبت من ذلك أن الواجب ف صدقة الفطر من القمح نصف صاع ‪ ،‬وهو‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪412‬‬

‫اختيار ش يخ السفلم ابفن تيميفة ك ما ف " الختيارات " ( ص ‪، ) 60‬‬


‫وإليه مال ابن القيم كما سبق ‪ ،‬وهو الق إن شاء ال تعال ‪ .‬قوله تت‬
‫عنوان ‪ :‬مصرفها ‪ " :‬مصرف زكاة الفطر مصرف الزكاة ‪ ،‬أي أنا توزع‬
‫على الصناف الثمانية الذكورة ف آية ‪ ( * :‬إنا الصدقات للفقراء ) * (‬
‫‪ . " ) 1‬قلت ‪ :‬ل يس ف ال سنة العمل ية ما يش هد لذا التوف يع ‪ ،‬بل قوله‬
‫( ص ) فف حديفث ابفن عباس ‪ . . . " :‬وطعمفة للمسفاكي " ‪ ،‬يفيفد‬
‫حصفرها بالسفاكي ‪ ،‬واليفة إناف هفي فف صفدقات الموال ‪ ،‬ل صفدقة‬
‫الف طر ‪ ،‬بدل يل مفا قبل ها ‪ ،‬وهفو قوله تعال ‪ ( * :‬ومنهفم من يلمزك ف‬
‫الصدقات فإن أعطوا منها رضوا ) * ‪ ،‬وهذا هو اختيار شيخ السلم ابن‬
‫تيميفة ‪ ،‬وله فف ذلك فتوى مفيدة ( ج ‪ - 2‬ص ‪ ) 84 - 81‬مفن "‬
‫الفتارى " ‪ ،‬و به قال * ( ها مش ) * ( ‪ ) 1‬التو بة ‪ / ) * ( . 60‬صفحة‬
‫‪ / 388‬الشوكانف فف " السفيل الرار " ( ‪ ، ) 87 - 86 / 2‬ولذلك‬
‫قال ابن القيم ف " الزاد " ‪ " :‬وكان من هديه ( ص ) تصيص الساكي‬
‫بذه الصفدقة ‪ . " . . .‬قوله تتف عنوان ‪ " :‬مصفرفها " ‪ " :‬ولاف رواه‬
‫البيه قي والدارقط ن عن ا بن ع مر قال ‪ :‬فرض ر سول ال ( ص ) زكاة‬
‫الف طر ‪ ،‬وقال ‪ :‬أغنو هم ف هذا اليوم " ‪ .‬قلت ‪ :‬صنيع الؤلف يو هم أن‬
‫البيهقي خرجه وسكت عليه ‪ ،‬وليس كذلك ‪ ،‬بل أشار إل تضعيفه بقوله‬
‫( ‪ " : ) 175 / 4‬أ بو مع شر هذا ‪ -‬يع ن أ حد روا ته ‪ -‬ن يح ال سندي‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪413‬‬

‫الدي ن ‪ ،‬غيه أو ثق م نه " ‪ .‬وقال الا فظ ف ترجته من " التقريب " ‪" :‬‬
‫ضع يف ‪ ،‬أ سن واختلط " ‪ .‬ولذلك جزم الا فظ بض عف الد يث ف "‬
‫بلوغ الرام " ‪ ،‬وسفبقه النووي فف " الجموع " ( ‪ ، ) 126 / 6‬ويغنف‬
‫عنه حديث ابن عباس الذي قبله ‪ .‬قوله تت عنوان ‪ :‬إعطاؤها للذمي ‪" :‬‬
‫أجاز الزهري وأ بو حني فة وم مد وا بن شب مة ‪ ،‬إعطاء الذ مي من زكاة‬
‫الف طر ‪ ،‬لقول ال تعال ‪ ( * :‬ل ينها كم ال عن الذ ين ل يقاتلو كم ف‬
‫الذين ول يرجوكم من دياركم أن تبوهم وتقسطوا إليهم إن ال يث‬
‫القسطي ) * ( ‪ . " ) 1‬قلت ‪ :‬ل يظهر ف الية دليل على الواز ‪ ،‬لن‬
‫الظاهر منها الحسان إليهم على وجه الصلة من الصدتات غي الواجبة ‪،‬‬
‫فقد روى أبو عبيد ( رقم ‪ ) 1991‬بسند صحيح عن ابن عباس قال ‪" :‬‬
‫كان ناس لمف أنسفباء وقرابفة مفن قريظفة والنضيف ‪ ،‬وكانوا يثقون أن‬
‫يت صدقوا * ( ها مش ) * ( ‪ ) 1‬المتح نة ‪ / ) * ( . 80‬صفحة ‪/ 389‬‬
‫عليهم ‪ ،‬ويريدونم على السلم ‪ ،‬فنلت ‪ ( * :‬ليس عليك هداهم ولكن‬
‫ال يهدي من يشاء و ما تنفقوا من خ ي فلنف سكم و ما تنفقون إل ابتغاء‬
‫و جه ال و ما تنفقوا من خ ي يوف إلي كم وأن تم ل تظلمون ) * " ‪ .‬فهذه‬
‫الية مثل الت قبلها ‪ .‬ث روى بسند صحيح إل سعيد بن السيب ‪ " :‬أن‬
‫ر سول ال ( ص ) ت صدق ب صرقة على أ هل ب يت من اليهود ف هي تري‬
‫عليهم " ‪ .‬وروى عن السن ‪ -‬وهو البصري ‪ -‬قال ‪ " :‬ليس لهل الذمة‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪414‬‬

‫ف شئ من الواجب حق ‪ ،‬ولكن إن شاء الرجل تصدق عليهم من غي‬


‫ذلك " ‪ .‬فهذا هفو الذي ثبفت فف الشرع ‪ ،‬وجرى عليفه العمفل مفن‬
‫السلف ‪ ،‬وأما إعطاؤهم زكاة الفطر ‪ ،‬فما علمنا أحدا من الصحابة فعل‬
‫ذلك ‪ ،‬وفهم ذلك من الية فيه بعد ‪ ،‬بل هو تميل للية ما ل تتحمل ‪.‬‬
‫و ما رواه أ بو إ سحاق عن أ ب مي سرة قال ‪ " :‬كانوا يمعون إل يه صدقة‬
‫الفطفر فيعطيهفا أو يعطفي منهفا الرهبان " ‪ .‬رواه أبفو عبيفد ( ‪/ 613‬‬
‫‪ ، ) 1996‬وا بن زنو يه ( ‪ . ) 1276‬ف هو مع كو نه مقطو عا موقو فا‬
‫على أ ب مي سرة ‪ ،‬وا سه عمرو بن شرحب يل ‪ ،‬فل ي صح ع نه ‪ ،‬لن أ با‬
‫إ سحاق هو ال سبيعي متلط مدل ‪ ،‬و قد عنع نه ‪ .‬ويؤ يد اخت صاص زكاة‬
‫الفطفر بالسفلمي الديفث التقدم ‪ . . . " :‬وطعمفة للمسفاكي " ‪ ،‬فإن‬
‫الظاهر منه أنه أراد مساكي السلمي ‪ ،‬ل مساكي المم كلها ‪ .‬فتأمل ‪.‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 390‬ومن ( صدقة التطوع ) قوله ؟ " ‪ - 1‬وقال رسول ال‬
‫( ص ) ‪ :‬إن الصفدقة تطففئ غضفب الرب ‪ ،‬وتدففع ميتفة السفوء ‪ .‬رواه‬
‫فه‬‫فن العلماء تعقبوه ‪ ،‬ول يرتضوا منف‬
‫فنه " ‪ .‬قلت ‪ :‬لكف‬ ‫الترمذي وحسف‬
‫تسينه ‪ ،‬لنه رواه ( ‪ ) 23 / 2‬من طريق عبد ال بن عيسى الزاز عن‬
‫يو نس بن عب يد عن ال سن عن أ نس مرفو عا ‪ ،‬وقال ‪ " :‬حد يث ح سن‬
‫غر يب " ‪ .‬وع بد ال ته هذا كني ته أ بو خلف ‪ ،‬و هو ضع يف اتفا قا ‪ ،‬ول‬
‫يوثقفه أحفد ‪ ،‬ولذلك أنكفر العلماء على الترمذي تسفينه لذا الديفث ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪415‬‬

‫ففي " فيض القدير " قال عبد الق ‪ " :‬ول يبي الانع من صحته ‪ ،‬وعلته‬
‫ضعف راويه أب خلف ( يعن الزاز هذا ) ‪ ،‬إذ هو منكر الديث ‪ ،‬قال‬
‫ابفن القطان ‪ :‬فالديفث ضعيفف ل حسفن ‪ .‬انتهفى ‪ .‬وجزم العراقفي‬
‫بضعفه ‪ ،‬قال ابن حجر ‪ :‬أعله ابن حبان والعقيلي وابن طاهر وابن القطان‬
‫‪ ،‬وقال ابن عدي ‪ :‬ل يتابع عليه " ‪ .‬كذا ف " فيض القدير " ‪ .‬وللحديث‬
‫علة أخرى وهى عنعنة السن البصري ‪ ،‬فإنه كان مدلسا ‪ ،‬وقد أورده ف‬
‫" الدلسي " الافظ العسقلن ‪ ،‬وكذا الافظ برهان الدين بن العجمي ‪،‬‬
‫وقال ‪ " :‬إنه من الشهورين بالتدليس " ‪ .‬وهو مرج ف " إرواء الغليل " (‬
‫‪ ، ) 885‬وقفد قلت فيفه ‪ / :‬صففحة ‪ " / 391‬أمفا الشطفر الول مفن‬
‫الد يث ف هو قوي ‪ ،‬لن له شوا هد كثية خرجت ها ف " ال صحيحة " (‬
‫‪ - 1908‬الجلد الرا بع ) ‪ ،‬و هو مطبوع ‪ .‬قوله ‪ - 2 " :‬وروى كذلك‬
‫أن رسول ال ( ص ) قال ‪ :‬إن صدقة السلم تزيد ف العمر ‪ ،‬وتنع ميتة‬
‫ال سوء ‪ ،‬ويذ هب ال ب ا ال كب والف خر " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا الد يث ل يروه‬
‫الترمذي ول ي سنه ‪ ،‬وكأن الؤلف ‪ -‬حف ظه ال تعال ‪ -‬أ خذ ذلك من‬
‫قول النذري ف تريج الديث ‪ " :‬رواه الطبان من طريق كثي بن عبد‬
‫ال عفن أبيفه عنفد جده عفن عمرو بفن عوف ‪ ،‬وقفد حسفنها الترمذي ‪،‬‬
‫وصححها ابن خزية لغي هذا الت " ‪ .‬ولكن هذا صريح ف أن الترمذي‬
‫ل ير جه ‪ ،‬وإن ا ح سن هذه الطر يق ف غ ي هذا الد يث ‪ ،‬فكأنه ‪ -‬من‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪416‬‬

‫استعجاله ف النقل ‪ -‬ل يقع بصره على قول النذري ‪ " :‬لغي هذا الت "‬
‫‪ .‬فتأمفل ‪ .‬ثف إن الديفث ضعيفف ‪ ،‬أو ضعيفف جدا ‪ ،‬لن كثيا هذا‬
‫متروك ‪ ،‬كما قال الدارقطن وغيه ‪ ،‬وقال أبو داود ‪ " :‬وكن من أركان‬
‫الكذب " ! وت سي الترمذي لدي ثه من ت ساهله الذي عرف به ‪ ،‬و قد‬
‫قال الذ هب ف ترج ة كث ي هذا ‪ " :‬وأ ما الترمذي فروى من حدي ثه ‪" :‬‬
‫الصفلح جائز بيف السفلمي " ‪ ،‬وصفححه ‪ ،‬فلهذا ل يعتمفد العلماء على‬
‫تصحيح الترمذي " ! لكن الملة الول من الديث ثابتة ف حديث آخر‬
‫ك ما سيأت ‪ / .‬صفحة ‪ / 392‬قوله ‪ - 4 " :‬وقال ( ص ) ‪ " :‬صنائع‬
‫العروف تقي مصارع السوء ‪ ،‬والصدقة خفيا تطفئ غضب الرب ‪ ،‬وصلة‬
‫الرحم تزيد ف العمر ‪ ،‬وكل معروف صدقة ‪ ،‬وأهل العروف ف الدنيا هم‬
‫أهفل العروف فف الخرة ‪ ،‬وأهفل النكفر فف الدنيفا هفم أهفل النكفر فف‬
‫الخرة ‪ ،‬وأول مفن يدخفل النفة أهفل العروف " ‪ .‬رواه الطفبان فف "‬
‫الوسفط " ‪ ،‬وسفكت عليفه النذري " ‪ .‬قلت ‪ :‬كل ‪ ،‬ل يسفكت عليفه‬
‫النذري ‪ ،‬بل ضعفه حيث صدره بقوله ‪ " :‬وروي عن أم سلمة رضي ال‬
‫عن ها قالت ‪ :‬قال ر سول ال ( ص ) ‪ . . . :‬فذكره " ‪ .‬ان ظر القد مة ‪. .‬‬
‫‪ .‬وقد بي اليثمي علة الديث ‪ ،‬فقال ف " الجمع " ( ‪" : ) 115 / 3‬‬
‫‪ . . .‬وف يه ع بد ال بن الول يد الو صاف ‪ ،‬و هو ضع يف " ‪ .‬ولذلك صرح‬
‫العزيزي فف " شرح الامفع الصفغي " ‪ ،‬بإنفه ضعيفف ‪ ،‬فل يغتفر برمفز‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪417‬‬

‫السيوطي له بالصحة ! لا بيناه ف القدمة ‪ .‬نعم ‪ ،‬يظهر أن الديث غالبه‬


‫ثابفت مفن طرق أخرى ‪ ،‬فإن أوله إل قوله ‪ " :‬تزيفد فف العمفر " ‪ ،‬رواه‬
‫ال طبان ف " ال كبي " من حد يث أ ب أما مة ‪ ،‬وح سن إ سناده النذري‬
‫واليثمفي ‪ ،‬ورواه فف " الوسفط " مفن حديفث معاويفة بفن حيدة ‪ ،‬قال‬
‫اليثمي ( ‪ " : ) 194 / 8‬وفيه أصبغ ‪ ،‬غي معروف ‪ ،‬وبقية رجاله وثقوا‬
‫‪ ،‬وفيهم خلف " ‪ .‬وروى الشيخان وغيها من حديث أنس مرفوعا ‪" :‬‬
‫من أحب أن يبسط له ف رزقه ‪ ،‬وأن ينسا له ف أثره ‪ ،‬فليصل رحه " ‪،‬‬
‫وقوله ف يه ‪ " :‬كل معروف صدتة " ‪ ،‬حد يث صحيح رواه جا عة من‬
‫الصفحابة ‪ /‬صففحة ‪ / 393‬منهفم جابر عنفد البخاري وغيه ‪ ،‬وحذيففة‬
‫ع ند م سلم وغيه ‪ .‬وبق ية الد يث له طرق كثية ي شد بعض ها بع ضا ‪،‬‬
‫ان ظر " الروض النض ي " ( ‪ ، ) 1082 - 1020‬إل أن عندي وق فة ف‬
‫قوله ف آخره ‪ " :‬وأول من يدخل النة أهل العروف " ‪ ،‬فإن ل أجد له‬
‫الن غي شاهد واحد من حديث أب أمامة رواه الطبان ‪ ،‬قال اليثمي ‪:‬‬
‫" وفيه من ل أعرفه " ‪ .‬وال أعلم ‪ .‬ث وقفت على إسناده ‪ ،‬وخرجته ف "‬
‫الضعي فة " ( ‪ ، ) 5815‬و تبينت ل ث ة حقي قة مرة ‪ ،‬و هي أن سند هذا‬
‫هو عي السناد الذي حسنه النذري واليثمي آنفا ! قوله تت عنوان ‪:‬‬
‫جواز الت صدق ب كل الال ‪ " :‬ف عن جابر قال ‪ :‬بين ما ن ن ع ند ر سول ال‬
‫( ص ) ‪ ،‬إذ جاء ر جل ب ثل بي ضة من ذ هب ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا ر سول ال !‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪418‬‬

‫أصبت هذه من معدن ‪ ،‬فخذها فهي صدقة ‪ ،‬ما أملك غيها ‪ ،‬فأعرض‬
‫ع نه ر سول ال ( ص ) ‪ . . .‬ث قال ‪ " :‬يأ ت أحد كم باله كله يت صدق‬
‫به ‪ ،‬ث يلس ب عد ذلك يتك فف الناس ‪ ،‬إن ا ال صدقة عن ظ هر غ ن " ‪.‬‬
‫رواه أ بو داود والا كم ‪ ،‬وقال ‪ :‬صحيح على شرط م سلم ‪ ،‬وف يه م مد‬
‫بفن إسفحاق " ‪ .‬قلت ‪ :‬يعنف أن ابفن إسفحاق مدلس ‪ ،‬وقفد عنعنفه ‪،‬‬
‫وكذلك رواه الدارمي والبيهقي معنعنا ‪ .‬قال النووي ف " الجموع " ( ‪6‬‬
‫‪ " : ) 236 /‬وم مد بن إ سحاق مدلس ‪ ،‬والدلس إذا قال ‪ " :‬عن " ل‬
‫يتج به " ‪ .‬قلت ‪ :‬فالديث من أجل ذلك ضعيف ‪ ،‬لكن موضع الشاهد‬
‫م نه ‪ ،‬و هو قوله ‪ " :‬إن ا ال صدقة عن ظ هر غ ن " صحيح ‪ ،‬فإن له طري قا‬
‫أخرى عن جابر ‪ .‬أخر جه أح د ( ‪ ، ) 346 / 3‬وله شا هد من حد يث‬
‫أب هريرة عند البخاري وغيه ‪ ،‬وهو مرج ف " الرواء " ( ‪) 316 / 3‬‬
‫‪ / .‬صفحة ‪ / 394‬و من ( ال صيام ) قوله ت ت عنوان ‪ :‬فضله ‪- 3 " :‬‬
‫وعفن عبفد ال بفن عمرو أن النفب ( ص ) قال ‪ " :‬ام ‪ :‬والقرآن يشفعان‬
‫للعبد يوم القيامة ‪ . " . . .‬رواه أحد بسند صحيح " ‪ .‬قلت ‪ :‬بل إسناد‬
‫أحد ضعيف ‪ ،‬لن فيه ابن ليعة ‪ ،‬وهو ضعيف من قبل حفظه ‪ ،‬وإنا نشأ‬
‫هذا الطأ من اختصار الؤلف لتخريج النذري للحديث اختصارا مل ‪،‬‬
‫فقد قال ف " الترغيب " ‪ " :‬رواه أحد والطبان ف " الكبي " ‪ ،‬ورجاله‬
‫متج بم ف الصحيح " ‪ .‬ففهم الؤلف أن الضمي ف قوله ‪ " :‬ورجاله " ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪419‬‬

‫راجفع إل الديفث ‪ ،‬وبناء عليفه اسفتجاز غزوه لحدف عندمفا اختصفر‬


‫الطفبان ‪ ،‬وليفس كذلك ‪ ،‬بفل الضميف راجفع إل الطفبان لنفه أقرب‬
‫مذكور ‪ ،‬و قد صرح به اليثمفي ‪ ،‬فقال ‪ " :‬رواه أح د وال طبان ف "‬
‫الكبي " ‪ ،‬ورجال الطبان رجال الصحيح " ‪ .‬ث استلزم الؤلف من قول‬
‫النذري ‪ " :‬ورجاله متفج بمف فف الصفحيح " ‪ ،‬أن السفناد صفحيح ‪،‬‬
‫فصرح هو بذلك ‪ ،‬وليس بلزم لا حققناه ف القدمة ‪ .‬نعم ‪ ،‬الديث ل‬
‫يتفرد به ا بن لي عة ك ما يفيده صريح كلم اليث مي ‪ ،‬و هو الوا قع ‪ ،‬ف قد‬
‫تاب عه ع بد ال بن و هب ع ند ا بن ن صر ف " قيام الل يل " ( ص ‪، ) 13‬‬
‫والاكم ( ‪ ، ) 554 / 1‬وقال ‪ " :‬صحيح على شرط مسلم " ‪ ،‬ووافقه‬
‫الذهب ‪ ،‬وقد وها ‪ ،‬فإن شيخ ابن وهب ‪ ،‬وكذا ابن ليعة فيه حيي بن‬
‫ع بد ال ‪ ،‬ول يرج له م سلم شيئا ‪ ،‬ث إ نه تكلم ف يه بعض هم ب ا ل ينل‬
‫حديثه عن رتبة السن إن شاء ال تعال ‪ / .‬صفحة ‪ / 395‬وجلة القول‬
‫‪ ،‬أن الديث حسن السناد ‪ .‬وال أعلم ‪ .‬قوله تت عنوان ‪ :‬فضل شهر‬
‫رمضان وفضل العمل فيه ‪ - 1 " :‬عن أب هريرة أن النب ( ص ) قال ‪-‬‬
‫لا حضر رمضان ‪ " : -‬قد جاءكم شهر مبارك ‪ . . . .‬فيه ليلة خي من‬
‫ألف شهر ‪ ،‬من حرم خيها فقد حرم " ‪ .‬رواه أحد والنسائي والبيهقي "‬
‫‪ .‬قلت ‪ :‬هفو منقطفع ‪ ،‬فإنمف أخرجوه مفن طريفق أبف قلبفة عنفه ‪ ،‬قال‬
‫النذري ‪ " :‬ول يسمع منه فيما أعلم " ‪ .‬قلت ‪ :‬لكنه صحيح لغيه ‪ ،‬فإن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪420‬‬

‫قضيفة فتفح أبواب النفة وغلق أبواب النيان وغفل الشياطيف ثابتفة فف "‬
‫الصحيحي " من حديث أب هريرة أيضا ‪ ،‬وهو مرج ف " الصحيحة "‬
‫برقم ( ‪ ، ) 1307‬وباقيه عند ابن ماجه من حديث أنس بسند حسن ‪،‬‬
‫وقد حسنه النذري ‪ .‬قوله ‪ - 4 " :‬وعن أب سعيد أن النب ( ص ) قال ‪:‬‬
‫" مفن صفام رمضان وعرف حدوده ‪ ،‬وتففظ ماف كان ينبنف أن يتحففظ‬
‫منه ‪ ،‬كفر ما قبله " ‪ .‬رواه أحد والبيهقي بسند جيد " ‪ .‬قلت ‪ :‬كذا قال‬
‫‪ ،‬وف يه ن ظر ‪ ،‬لن ف سندها ع بد ال بن قر يط ‪ ،‬قال اليث مي ‪ " :‬ذكره‬
‫ا بن أ ب حا ت فلم يذ كر ف يه جر حا ول تعديل " ‪ .‬قلت ‪ :‬ف هو ف عداد‬
‫الجهولي ‪ ،‬وتوثيق ابن حبان له ل يدفع الهالة عنه ‪ ،‬لا بينا مرارا أن من‬
‫مذهبفه توثيفق الجهول ! ولذلك قال السفين فف " رجال السفند " ‪" :‬‬
‫مهول " ‪ .‬كما ف " التعجيل " ‪ ،‬وهو مرج ف " الضعيفة " ( ‪) 5083‬‬
‫‪ / .‬صفحة ‪ / 396‬قوله ‪ - 5 " :‬وعن أب هريرة قال ‪ :‬قال رسول ال (‬
‫ص ) ‪ " :‬من صام رمضان إيانا واحتسابا ‪ ،‬غفر له ما تقدم من ذنبه " ‪.‬‬
‫رواه أحدف وأصفحاب السفنن " ‪ .‬قلت ‪ :‬لقفد أبعفد الؤلف النجعفة ‪،‬‬
‫فالديث عنه ف " الصحيحي " بذا اللفظ تاما ‪ ،‬وهو مرج ف " الرواء‬
‫" ( ‪ . ) 906‬ومن ( الترهيب من الفطر ف رمضان ) قوله ‪ - 1 " :‬عن‬
‫ابن عباس أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ :‬عرى السلم ‪" . . .‬‬
‫‪ .‬قلت ‪ :‬ذكره الؤلف ف ( حكم ترك الصلة ) ‪ ،‬وقد بينت ضعفه هناك‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪421‬‬

‫‪ ،‬فأغن عن العادة ‪ .‬قوله ‪ - 2 " :‬وعن أب هريرة أن النب ( ص ) قال‬


‫‪ " :‬من أف طر يو ما من رمضان ف غ ي رخ صة رخ صها ال له ‪ ،‬ل ي قض‬
‫عنه صيام الدهر كله ‪ ،‬وإن صامه " ‪ .‬رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي‬
‫‪ ،‬وقال البخاري ‪ :‬ويذ كر عن أ ب هريرة رف عه ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬الد يث‬
‫ضعيفف ‪ ،‬وقفد أشار لذلك البخاري بقوله ‪ " :‬ويذكفر " ‪ ،‬وضعففه ابفن‬
‫خزيةف فف " صفحيحه " ( ‪ ، ) 238 / 3‬والنذري والبغوي والقرطفب‬
‫والذهفب والدميي فيمفا نقله الناوى ‪ ،‬والاففظ ابفن حجفر ‪ ،‬وذكفر له‬
‫ثلث علل ‪ :‬الضطراب ‪ ،‬والهالة ‪ ،‬والنقطاع ! راجع لا " فتح الباري‬
‫" ( ‪ ، ) 161 / 4‬ولكنفه اخطفأ فف قوله ‪ " :‬وصفححه ابفن خزيةف " ‪،‬‬
‫والصفواب أن يقال ‪ :‬رواه فف صفحيحه ‪ ،‬وضعففه فف الترجةف بقوله ‪/ :‬‬
‫صفحة ‪ " / 397‬إن صح الب ‪ ،‬فإن ل أعرف ابن الطوس ‪ ،‬ول أباه "‬
‫‪ .‬وكذلك أخ طأ خ طأ فاح شا أ حد اخوان نا ‪ -‬رح ه ال ‪ -‬ف تألي فه "‬
‫الحاد يث ال صحيحة " اختار ها من " صحيح البخاري " ‪ ،‬ل نه ل يعلم‬
‫أنه معلق عنده ‪ ،‬وأن معلقاته ليست كلها صحيحة عنده فضل عن غيه ‪،‬‬
‫وأن هذا م ا ضع فه هو نف سه إشارة ك ما ذكرت آنفا ‪ .‬و قد ك نت ل فت‬
‫نظره إل ذلك ف طب عة الكتاب الول ‪ ،‬فو عد خيا ‪ ،‬فل أدري إذا كان‬
‫قد ت كن من إعاده طب عه وحذ فه م نه وفاء بوعده ؟ فإ ن ك نت أ ظن ف يه‬
‫خيا ‪ .‬ومفن ( اختلف الطالع ) تتف هذا العنوان ذكفر الؤلف ثلثفة‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪422‬‬

‫مذاهب ‪ :‬الول ‪ :‬مذهب المهور ‪ ،‬أنه ل عبة باختلف الطالع لعموم‬


‫قوله ( ص ) ‪ " :‬صوموا لرؤي ته ‪ ،‬وأف طر وا لرؤي ته " ‪ .‬مت فق عل يه و هو‬
‫مرج فف " إرواء الغليفل " ( ‪ ) 902‬مفن طرق عفن أبف هريرة وغيه ‪.‬‬
‫الثان ‪ :‬أن لكل بلد رؤيتهم ‪ ،‬ول يلزمهم رؤية غيهم ‪ . . .‬واحتج لم‬
‫بد يث ابن عباس ع ند م سلم وغيه ‪ .‬الثالث ‪ :‬لزوم أ هل بلد الرؤية وما‬
‫يتصل با من الهات الت على ستها ‪ .‬واختار الؤلف هذا الذهب الخي‬
‫معلقفا عليفه بقوله ‪ / :‬صففحة ‪ " / 398‬هذا هفو الشاهفد ‪ ،‬ويتففق مفع‬
‫الوا قع " ‪ .‬قلت ‪ :‬وهذا كلم عج يب غر يب ‪ ،‬ل نه ان صح أ نه مشا هد‬
‫مواففق للواقفع ‪ ،‬فليفس فيفه أنفه مواففق للشرع أول ‪ ،‬ولن الهات ‪-‬‬
‫كالطالع ‪ -‬أمور نسفبية ليفس لاف حدود ماديفة يكفن للناس أن يتبينوهفا‬
‫ويقفوا عندها ‪ ،‬ثانيا ‪ .‬وأنا ‪ -‬وال ‪ -‬ل أدري ما الذي حل الؤلف على‬
‫اختيار هذا الرأي الشاذ ‪ ،‬وأن يعرض عففن الخففذ بعموم الديففث‬
‫ال صحيح ‪ ،‬ويا صة أ نه مذ هب المهور ‪ ،‬ك ما ذكره هو نف سه ‪ ،‬و قد‬
‫اختاره كثيف مفن العلماء الحققيف ‪ ،‬مثفل شيفخ السفلم ابفن تيميفة فف‬
‫( الفتاوى ) ( الجلد ‪ ، ) 25‬والشوكا ن ف " ن يل الوطار " ‪ ،‬و صديق‬
‫حسن خان ف " الروضة الندية " ( ‪ ، ) 225 - 224 / 1‬وغيه ‪ ،‬فهو‬
‫الق الذي ل يصح سواه ‪ ،‬ول يعارضه حديث ابن عباس لمور ذكرها‬
‫الشوكا ن رح ه ال ‪ ،‬ول عل القوى أن يقال ‪ :‬إن حد يث ا بن عباس ورد‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪423‬‬

‫في من صام على رؤ ية بلده ‪ ،‬ث بل غه ف أثناء رمضان أن م رأوا اللل ف‬


‫بلد آخر قبله بيوم ‪ ،‬ففي هذه الالة يستمر ف الصيام مع أهل بلده حت‬
‫يكملوا ثلثي ‪ ،‬أو يروا هللم ‪ .‬وبذلك يزول الشكال ‪ ،‬ويبقى حديث‬
‫أ ب هريرة وغيه على عمو مه ‪ ،‬يش مل كل من بل غه رؤ ية اللل من أي‬
‫بلد أو إقليم من غي تديد مسافة أصل ‪ ،‬كما قال ابن تيمية ف " الفتاوى‬
‫" ( ‪ ، ) 157 / 25‬وهذا أمر متي سر اليوم للغاية كما ه‍ معلوم ‪ ،‬ولكنه‬
‫يتطلب شيئا من اهتمام الدول السلمية حق تعله حقيقة واقعية إن شاء‬
‫ال تبارك وتعال ‪ .‬وإل أن تت مع الدول ال سلمية على ذلك ‪ ،‬فإ ن أرى‬
‫على شعب كل دولة أن يصوم مع دولته ‪ ،‬ول ينقسم على نفسه ‪ ،‬فيصوم‬
‫بعضهم معها ‪ ،‬وبعضهم مع غيها ‪ ،‬تقدمت ف صيامها أو تأخرت ‪ ،‬لا‬
‫ف ذلك من توسيع دائرة اللف ف الشعب الواحد ‪ ،‬كما وقع ف بعض‬
‫الدول العربية ‪ ،‬منذ بضع سني ‪ .‬وال ‪ /‬صفحة ‪ / 399‬الستعان ‪ .‬ومن‬
‫( من رأى اللل وحده ) ‪ :‬وت ت هذا العنوان الا نب قال ‪ " :‬واتف قت‬
‫أئمة الفقه على أن من أبصر هلل الصوم وحده ‪ -‬أن يصوم " ‪ .‬فأقول ‪:‬‬
‫هذا ليس على إطلقه ‪ ،‬بل فيه تفصيل ذكره شيخ السلم ابن تيمية ف‬
‫فتوى له ‪ ،‬فقال ( ‪ " : ) 114 / 25‬إذا رأى هلل الصففوم وحده ‪ ،‬أو‬
‫هلل الف طر وحده ‪ ،‬ف هل عل يه أن ي صوم برؤ ية نف سه ‪ ،‬أو يف طر برؤ ية‬
‫نفسفه ؟ أم ل يصفوم ول يفطفر إل مفع الناس ؟ على ثلثفة أقوال ‪ ،‬هفي‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪424‬‬

‫ثلث روايات عن أحد " ‪ .‬ث ذكرها ‪ ،‬والذي يهمنا ذكره منها ما وافق‬
‫الديث ‪ ،‬وهو قوله ‪ " :‬والثالث ‪ :‬يصوم مع الناس ‪ ،‬ويفطر مع الناس ‪،‬‬
‫وهذا أظهفر القوال ‪ ،‬لقول النفب ( ص ) ‪ " :‬صفومكم يوم تصفومون ‪،‬‬
‫وفطر كم يوم تفطرون ‪ ،‬وأضحا كم يوم تضحون " ‪ .‬رواه الترمذي وقال‬
‫‪ :‬ح سن غر يب ‪ .‬قال ‪ :‬وف سر ب عض أ هل العلم هذا الد يث فقال ‪ :‬إن ا‬
‫معن هذا الصرم والفطر مع الماعة وعظم الناس " ‪ .‬وهذا الديث مرج‬
‫ف " الصحيحة " ( ‪ ، ) 224‬و " الرواء " ( ‪ ) 905‬من طرق عن أب‬
‫هريرة ‪ ،‬فمن شاء رجع إليها ‪ .‬ث قال ابن تيمية ( ‪ " : ) 117‬لكن من‬
‫كان ف مكان ل يس ف يه غيه ‪ ،‬إذا رآه صام ‪ ،‬فإ نه ل يس هناك غيه " ‪/ .‬‬
‫صفحة ‪ / 400‬قوله ت ت عنوان ‪ :‬من ير خص ل م ف الف طر ‪ ،‬وي ب‬
‫عليهم القضاء ‪ " :‬وعن عبيد بن جبي قال ‪ :‬ركبت مع أب بصرة الغفاري‬
‫ف سفينة من الف سطاط ف رمضان فد فع ‪ -‬ث قرب غداءه ‪ ،‬ث قال ‪:‬‬
‫اقترب ‪ ،‬فقلت ‪ :‬ألست بي البيوت ؟ فقال أبو بصرة ‪ :‬أرغبت عن سنة‬
‫رسفول ال ( ص ) ؟ رواه أحدف وأبفو داود ‪ ،‬ورجاله ثقات " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫كذا قال الؤلف تبعا للشوكان ‪ ،‬وفيه نظر من وجهي ‪ :‬الول ‪ :‬أن عبيد‬
‫بن جبي مهول ‪ ،‬وقيل ف اسم أبيه ‪ " :‬حني " ‪ ،‬فإن كان ابنه فهو ثقة ‪.‬‬
‫والخر ‪ :‬الراوي عنه كليب بن ذهل ‪ ،‬قال ابن خزية ‪ " :‬ل أعرفه بعدالة‬
‫" ‪ .‬وأفاد الافظ ف " التقريب " أنه لي الديث ‪ .‬لكن يشهد له الديث‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪425‬‬

‫ال ت بعده ‪ ،‬وحد يث آ خر عن أ نس ‪ ،‬و سنده صحيح ك ما حقق ته ف‬


‫رسالت " تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر " ‪ ،‬وهي‬
‫مطبوعة ‪ .‬وقوله ‪ " :‬وقد روى أحد وأبو داود والبيهقي والطحاوي عن‬
‫منصور الكلب ‪ ،‬أن دحية بن خليفة خرج من قرية من ‪ .‬دمشق مرة إل‬
‫قدر عقبفة مفن الفسفطاط فف رمضان ‪ ،‬ثف إنفه أفطفر ‪ . . .‬وجيفع رواة‬
‫الديث ثقات ‪ ،‬إل منصور الكلب ‪ ،‬وقد وثقه العجلي " ‪ .‬قلت ‪ :‬توثيق‬
‫العجلي ف منلة توث يق ا بن حبان ‪ ،‬ولذلك ل يعتمده هه نا الذ هب وغيه‬
‫من الحققي ‪ ،‬فقال الذهب ف ترجته من " اليزان " ‪ / :‬صفحة ‪/ 401‬‬
‫" ما روى عنه سوى مرثد الزن هذا الديث ‪ ،‬ول يصححه عبد الق "‬
‫‪ .‬وقال ابن الدين ‪ " :‬مهول ل أعرفه " ‪ .‬وقال ابن خزية ‪ " :‬ل أعرفه "‬
‫‪ .‬والافظ والافظ مع ذكره لتوثيق العجلي له ف " التهذيب " ‪ ،‬ل يتبنه‬
‫فف " التقريفب " ‪ ،‬حيفث قال ‪ " :‬مسفتور " ‪ .‬ولذا ‪ ،‬ضعفف الديفث‬
‫الطا ب ف " العال " ‪ ،‬فقال ‪ " :‬ل يس بالقوي ‪ ،‬و ف إ سناده ر جل ل يس‬
‫بالشهور " ‪ .‬لكن يقويه الديث الذي قبله ‪ ،‬وحديث أنس الذي أشرت‬
‫إليه آنفا ‪ / .‬صفحة ‪ / 402‬ومن ( اليام النهي عن صيامها ) قوله تت‬
‫عنوان ‪ ) 1 ( :‬الن هي عن صيام يو مي العيد ين ‪ " :‬لقول ع مر ر ضي ال‬
‫عنه أن رسول ال ( ص ) نى عن صيام هذين اليومي ‪ ،‬أما يوم الفطر ‪.‬‬
‫‪ . .‬رواه أح د والرب عة " ‪ .‬قلت ‪ :‬هو ف " ال صحيحي " أي ضا بعناه ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪426‬‬

‫وهفو مرج فف " الرواء " ( ‪ . ) 962‬قوله تتف عنوان ‪ ) 2 ( :‬النهفي‬


‫عن صوم أيام التشريق ‪ " :‬وروى الطبان ف " الوسط " عن ابن عباس‬
‫رضفي ال عنهمفا أن رسفول ال ( ص ) أرسفل صفائحا يصفيح ‪ :‬أن ل‬
‫تصفوموا هذه اليام ‪ ،‬فإناف أيام أكفل وشرب وبعال " ‪ .‬قلت ‪ :‬لنفا عليفه‬
‫مؤاخذتان ‪ :‬الول ‪ :‬أن الديث نقله عن " ممع الزوائد " ‪ ،‬فأساء العزو‬
‫أو الن قل ‪ ،‬لن اليث مي قال عق به ( ‪ " : ) 203 / 3‬رواه ال طبان ف "‬
‫الكبي " ‪ ،‬وف رواية له ف " الوسط " و " الكبي " أيضا أن النب ( ص )‬
‫ب عث بد يل بن ورقاء ‪ ،‬وإ سناد الول ح سن " ‪ .‬أقول ‪ :‬من الوا ضح أن‬
‫هذا اللفظ هو ف " العجم الكبي " للطبان دون " الوسط " له ‪ ،‬فعزو‬
‫الؤلف إياه ل‍ " الوسط " خطأ على اليثمي وعلى الطبان ‪ ،‬أما أنه خطأ‬
‫على اليث مي ‪ ،‬فوا ضح من تري ه الذي نقل ته آن فا ‪ .‬وأ ما أ نه خ طأ على‬
‫ال طبان ‪ ،‬فل نه ل يروه ف " الو سط " بذا الل فظ ‪ ،‬له وإن ا بل فظ آ خر‬
‫مالف لذا ف طرف منه ‪ ،‬وقد أشار اليثمي إل مالفته ف طرفه الول ‪،‬‬
‫وليته ساقه بتمامه ليتبي للقارئ الفرق الوهري بينه وبي اللفظ الول ‪،‬‬
‫ولو أنفه فعفل ل يقفع الؤلف فف هذا الطفأ إن شاء ال تعال ‪ / .‬صففحة‬
‫‪ / 403‬والؤاخذة الخرى ‪ :‬أن الديفث بذا السفياق الذي فف آخره‬
‫زيادة ‪ " :‬وبعان " ضع يف السفناد ‪ ،‬وإن حسفنه اليث مي ‪ ،‬لن الطفبان‬
‫أخرجفه فف " العجفم الكفبي " ( ‪ ) 1587 / 232 / 11‬مفن طريفق‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪427‬‬

‫إبراهيم بن إساعيل بن أب حبيبة عن داود بن الصي عن عكرمة عن ابن‬


‫عباس بفه ‪ .‬وإبراهيفم هذا ضعففه المهور مفن قبفل حفظفه ‪ ،‬حتف قال‬
‫البخاري وأبو حات " منكر الديث " ‪ .‬والترمذي مع تساهله ‪ .‬العروف‬
‫ل ا روى له حديث ي ‪ ،‬قال ع قب كل منه ما ‪ " :‬يض عف ف الد يث " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وإن م ا يدلك على ضع فه رواي ته ف الد يث زيادة ‪ " :‬وبعال " ‪.‬‬
‫فإنا ل ترد ف السناد الخر الذي ذكر اليثمي طرف متنه الول ‪ ،‬فقد‬
‫أخر جه ال طبان ف " الع جم ال كبي " أي ضا ( ‪، ) 203 / 110 / 11‬‬
‫و ف " الع جم الو سط " ( ‪ ) 7198 / 142 / 2‬من طر يق أ ب جيلة‬
‫الفضل ( ووقع ف مطبوعة " الكبي " ‪ :‬الفضل ‪ ،‬وهو خطأ مطبعي ) بن‬
‫صال عن عمرو بن دينار عن ابن عباس ‪ :‬ان النب ( ص ) بعث بديل بن‬
‫ورقاء ب‍ ( م ن ) فنادى ‪ " :‬إن هذه أيام أ كل وشرب ‪ ،‬فل ت صوموها " ‪.‬‬
‫وهذا إ سناد ضع يف أي ضا ‪ ،‬الف ضل بن صال ضع يف أي ضا ك ما ف "‬
‫التقريفب " ‪ ،‬لكفن التف دون الزيادة صفحيح ‪ ،‬لنفه جاء عفن جعف مفن‬
‫ال صحابة ‪ /‬صفحة ‪ / 404‬دون ا ‪ ،‬خر جت الكث ي الط يب من ها ف "‬
‫الرواء " ( ‪ ، ) 131 - 128 / 4‬بعضها من حديث نبيشة عند أحد‬
‫ومسلم ‪ .‬نعم ‪ ،‬وقعت هذه الزيادة ف طريقي آخرين عند الطحاوي ( ‪1‬‬
‫‪ ، ) 429 - 428 /‬ف الول منهما ممد بن أب حيد ‪ ،‬وف الخرى‬
‫موسفى بفن عفبيدة ‪ ،‬وكلهاف ضعيفف ‪ .‬وبالملة ‪ ،‬فهذه الزيادة منكرة‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪428‬‬

‫رواية ومعن ‪ ،‬أما الرواية ؟ فقد عرفتها ما سبق ‪ ،‬وأما العن ‪ ،‬فلمخالفتها‬
‫لا ف بعض الطرق الصحيحة بلفظ ‪ " :‬وذكر ال " ‪ ،‬ولن " البعال " ل‬
‫يكن تقيقه عمليا ف أيام التشريق تت اليام الكثية الزدحة التلصقة‬
‫كما هو ظاهر ‪ .‬وال أعلم ‪ ( .‬تنبيه هام ) ‪ :‬ف " النهاية " لبن الثي ‪" :‬‬
‫البعال ‪ :‬النكاح ‪ ،‬وملعبفة الرجفل أهله " ‪ .‬إذا عرففت هذا فقفد أخطفأ‬
‫الش يخ ع بد ال الغماري ف كتا به الذي كان أ ساه ب‍ " الك ن الثم ي ف‬
‫أحاديث النب المي " خطأ فاحشا ف حديث نبيشة الشار إليه آنفا ‪ .‬فإنه‬
‫أورده بزيادة ‪ " :‬وبعال " برواية ( حم م ) عنه ‪ .‬وهذا باطل من وجوه ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬أن هذه الزيادة ‪ " :‬وبعال " مفع ضعفهفا كمفا تقدم ‪ ،‬فلم يروهفا‬
‫الذكوران ولغي ها عن نبيشة ‪ ،‬فهوخطأ عليهم جيعا ‪ .‬ثانيا ‪ :‬أنه خطأ‬
‫على ال سيوطي أي ضا ‪ ،‬فإن الد يث عنده ف " الا مع الصفغي " بروا ية‬
‫الذكور ين ع نه دون الزيادة ‪ / .‬صفحة ‪ / 405‬ثال ثا ‪ :‬كأ نه ل حظ ما‬
‫أشرت إليه من نكارة هذه الزيادة ‪ ،‬ولذلك اقتصر من معناها اللغوي على‬
‫القدار الذي ل نكارة ف يه ‪ ،‬فف سرها ف التعل يق بقوله ‪ " :‬ملع بة الر جل‬
‫زو جه " ! فحذف ل فظ " النكاح " ‪ ،‬الذي هو الغاية عادة من اللعبة ‪،‬‬
‫لنه مستنكر ‪ ،‬فلو أنه كان على معرفة بالحاديث الصحيحة ومتونا وما‬
‫يصح وما ل يصح من ألفاظها لا كان به حاجة إل أن يقع ف هذا الطإ‬
‫اللغوي أيضا ‪ .‬وللغماري هذا أخطاء عديدة ‪ ،‬وتصحيح لحاديث كثية‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪429‬‬

‫ف " كن " وغيه ‪ ،‬نبهت على أنواع كثية منها ف الجلد الثالث والرابع‬
‫من " الحاديث الضعينة " ‪ ،‬وراجع مقدمتهما ‪ .‬قوله تت عنوان ‪ :‬النهي‬
‫عن صوم يوم الم عة منفردا ‪ " :‬ف عن ع بد ال ا بن عمرو أن ر سول ال‬
‫( ص ) د خل على جوير ية ب نت الارث و هي صائمة ف يوم الم عة ‪،‬‬
‫فقال لا ‪ :‬أصمت أمس ؟ فقالت ‪ :‬ل ‪ .‬قال ‪ :‬أتريدين أن تصومي غدا ؟‬
‫قالت ‪ :‬ل ‪ ،‬قال ‪ :‬فأفطري إذن ‪ .‬رواه أحدف والنسفائي بسفند جيفد " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وقد رواه البخاري من حديث جويرية نفسها ‪ ،‬والديث واحد ‪،‬‬
‫ولكن الرواة اختلفوا ‪ ،‬فبعضهم رواه من مسند ابن عمرو ‪ ،‬وبعضهم من‬
‫م سند جوير ية ‪ ،‬و هو الذي رج حه الا فظ ن " الف تح " ‪ ،‬ان ظر تعلي قي‬
‫على " صفحيح ابفن خزيةف " ( ‪ ، ) 2162‬و " صفحيح أبف داود " (‬
‫‪ . ) 2093‬قوله تت عنوان ‪ :‬النهي عن إفراد يوم الست بصيام ‪ " :‬عن‬
‫بسر السلمي عن أخته الصماء أن رسول ال ( ص ) قال ‪ " :‬ل تصوموا‬
‫يوم السبت إل فيما افترض عليكم ‪ . " . . .‬رواه أحد وأصحاب السنن‬
‫وال كم وقال ‪ :‬صحيح على شرط م سلم ‪ ،‬وح سنه الترمذي " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫اختلف العلماء ف هذا الديث ‪ ،‬فقواه من ذكر الؤلف ‪ ،‬وقال ‪ /‬صفحة‬
‫‪ / 406‬مالك ‪ " :‬هذا كذب " ‪ .‬وضع فه المام أح د ك ما ف " تذ يب‬
‫السنن " ‪ ،‬وقال النسائي ‪ " :‬هو حديث مضطرب " ‪ ،‬وبه أعله الافظ ف‬
‫" بلوغ الرام " ‪ ،‬فقال ‪ " :‬ورجاله ثقات ‪ ،‬إل أ نه مضطرب ‪ ،‬و قد أنكره‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪430‬‬

‫مالك " ‪ .‬وقد بي الضطراب فيه الافظ ف " التلخيص " ( ‪) 472 / 6‬‬
‫‪ ،‬فلياج عه من شاء ‪ .‬ث تبي ل أن الد يث صحيح ‪ ،‬وأن الضطراب‬
‫الشار إليه هو من النوع الذي ل يؤثر ف صحة الديث ‪ ،‬لن بعض طرقه‬
‫سال م نه ‪ ،‬و قد بي نت ذلك ف " إرواء الغل يل " ( ‪ ) 960‬بيا نا ل يدع‬
‫مال للشك ف صحته ‪ .‬وتأويل الديث بالنهي عن صوم السبت مفردا‬
‫يأباه قوله ‪ " :‬إل في ما افترض علي كم " ‪ ،‬فإ نه ك ما قال ا بن الق يم ف "‬
‫تذ يب ال سنن " ‪ " :‬دل يل على ال نع من صومه ف غ ي الفرض مفردا أو‬
‫مضا فا " لن ال ستثناء دل يل التناول ‪ ،‬و هو يقت ضى أن الن هي ع نه يتناول‬
‫كل صور صومه إل صورة الفرض ‪ ،‬ولو كان إن ا يتناول صورة الفراد‬
‫لقال ‪ :‬ل تصفوموا يوم السفبت إل أن تصفوموا يومفا قبله أو يومفا بعده ‪،‬‬
‫كما قال ف المعة ‪ ،‬فلما خص الصورة الأذون فيها صومها بالفريضة ‪،‬‬
‫علم تناول النهي لا قابلها " ‪ .‬قلت ‪ :‬وأيضا لو كانت صورة القتران غي‬
‫من هي عن ها ‪ ،‬لكان ا ستثناؤها ف الد يث أول من ا ستثناء الفرض ‪ ،‬لن‬
‫شبهفة شول الديفث له أبعفد مفن شوله لصفررة القتران ‪ ،‬فإذا اسفتثن‬
‫الفرض وحده دل على عدم استثناء غيه كما ل ‪ /‬صفحة ‪ / 407‬يفى‬
‫‪ .‬وإذ المفر كذلك ‪ ،‬فالديفث مالف للحاديفث البيحفة لصفيام يوم‬
‫السبت ‪ ،‬كحديث ابن عمرو الذي قبله ‪ ،‬ونوه ما ذكره ابن القيم تت‬
‫هذا الديفث فف بثف له قيفم ‪ ،‬أفاض فيفه فف ذكفر أقوال العلماء فيفه ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪431‬‬

‫وانتهى فيه إل حل النهي على إفراد يوم السبت بالصوم ‪ ،‬جعا بينه وبي‬
‫تلك الحاديفث ‪ ،‬وهفو الذي ملت إليفه فف " الرواء " ‪ .‬والذي أراه ‪-‬‬
‫فه‬‫فد لول أمران اثنان ‪ :‬الول ‪ :‬مالفتف‬ ‫فع جيف‬ ‫وال أعلم ‪ -‬أن هذا المف‬
‫الصرية للحديث ‪ ،‬على ما سبق نقله عن ابن القيم ‪ .‬والخر ‪ :‬أن هناك‬
‫مال آخر للتوفيق والمع بينه وبي تلك الحاديث ‪ ،‬إذا ما أردنا أن نلتزم‬
‫القواعد العلمية النصوص عليها ف كتب الصول ‪ ،‬ومنها ‪ :‬أول ‪ :‬قولم‬
‫‪ :‬إذا تعارض حا ظر ومب يح ‪ ،‬قدم الا ظر على الب يح ‪ .‬ثا نا ‪ :‬إذا تعارض‬
‫القول مع الف عل ‪ ،‬قدم القول على الف عل ‪ .‬و من تأ مل ف تلك اأحاد يث‬
‫الخال فة لذا ‪ ،‬وجد ها على نوع ي ‪ :‬الول ‪ :‬من فعله لك ست و صيامه ‪.‬‬
‫الخفر ‪ :‬مفن قوله ( ص ) ‪ ،‬كحديفث ابفن عمرو التقدم ‪ .‬ومفن الظاهفر‬
‫البي أن كل منهما مبيح ‪ ،‬وحينئذ ‪ ،‬فالمع بينها وبي الديث يقتضي‬
‫تقدي الديث على هذا النوع لنه حاظر ‪ ،‬وهي مبيحة ‪ .‬وكذلك قوله (‬
‫ص ) لريرية ‪ " :‬أتريدين أن تصومي غدا " ‪ ،‬وما ف معناه مبيح أيضا ‪،‬‬
‫فيقدم الديث عليه ‪ / .‬صفحة ‪ / 408‬هذا ما بدا ل ‪ ،‬فإن أصبت فمن‬
‫ال ‪ ،‬وله المفد على فضله وتوفيقفه ‪ ،‬وإن أخطأت فمفن نفسفي ‪،‬‬
‫وأ ستغفره من ذ نب ‪ .‬قوله ت ت عنوان ‪ :‬الن هي عن صوم الد هر ‪ " :‬فان‬
‫أف طر يو مي الع يد وأيام التشر يق و صام بق ية اليام ‪ ،‬انت فت الكرا هة " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا التأويل خلف ظاهر الديث ‪ " :‬ل صام من صام البد " ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪432‬‬

‫وقوله ‪ " :‬ل صام ول أفطر " ‪ ،‬وقد بي ذلك العلمة ابن القيم ف " زاد‬
‫العاد " با يزيل كل شبهة ‪ ،‬فقال رحه ال ‪ " :‬وليس مراده بذا من صام‬
‫اليام الحرمة ‪ . " . . .‬وذكر نوه الافظ ف " الفتح " ( ‪. ) 180 / 4‬‬
‫قوله ف تام ب ثه ال سابق ‪ " :‬و قد أ قر ال نب ( ص ) حزة ال سلمي على‬
‫سرد الصيام ‪ ،‬وقال له ‪ " :‬صم إن شئت ‪ ،‬وأفطر إن شئتط " ‪ ،‬وقد تقدم‬
‫" ‪ .‬قلت ‪ :‬نعم ‪ ،‬تقدم الديث تت الكلم عمن يرخص لم ف الفطر ‪.‬‬
‫‪ . .‬ولكن بلفظ آخر ‪ ،‬وليس فيه السرد ‪ ،‬جاء ذلك ف رواية لسلم بلفظ‬
‫‪ " :‬قال يا رسول ال ! إن رجل أسرد الصوم ؟ أفاصوم ف السفر ؟ قال‬
‫‪ :‬صفم إن شئت ‪ ،‬وأفطفر إن شئت " ‪ .‬ورواه ابفن خزيةف ( ‪. ) 2153‬‬
‫ول دليل ف الديث على ما ذهب إليه الؤلف ‪ ،‬لنه ل تلزم بي السرد‬
‫وصوم الدهر ‪ ،‬وقد ذكر الافظ ف " الفتح " استدلل بعض العلماء على‬
‫الواز بديفث حزة هذا ‪ ،‬ثف عقفب عليفه بقوله ‪ / :‬صففحة ‪" / 409‬‬
‫وتع قب بأن سؤال حزة إن ا كان عن ال صوج ف ال سفر ‪ ،‬ل عن صوم‬
‫الدهر ‪ ،‬ول يلزم من سرد الصيام صوم الدهر ‪ ،‬فقد قال أسامة بن زيد أن‬
‫ال نب ( ص ) كان ي سرد ال صوم ‪ ،‬فيقال ‪ " :‬ل يف طر " ‪ .‬أخر جه أح د (‬
‫‪ ، ) 1‬ومن العلوم أن النب ( ص ) ‪ ،‬ل يكن يصوم الدهر ‪ ،‬فل يلزم من‬
‫ذ كر ال سرد صيام الد هر " ‪ .‬ث قوله أي ضا ‪ " :‬والف ضل أن ي صوم يو ما‬
‫ويف طر يو ما ‪ ،‬فإن ذلك أ حب ال صيام إل ال " ‪ .‬قلت ‪ :‬فهذا من الدلة‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪433‬‬

‫على كراهة صوم الدهر مع استثناء اليام الحرمة ‪ ،‬إذ لو كان صرم الدهر‬
‫هذا مشرو عا أو م ستحبا ‪ ،‬لكان أك ثر عمل ‪ ،‬فيكون أف ضل ‪ ،‬إذ العبادة‬
‫ل تكون إل راج حة ‪ ،‬فلو كان عبادة ل ي كن مرجو حا ‪ .‬ك ما تقدم عن‬
‫ابن القيم ‪ ( * .‬هامش ) * ( ‪ ) 1‬ف " السند " ( ‪ ، ) 201 / 5‬وسنده‬
‫حسن ‪ / ) * ( .‬صفحة ‪ / 410‬ومن ( صيام التطوع ) قوله تت عنوان‬
‫‪ :‬صوم عشر ذي الجة ‪ - 4 " :‬عن أب هريرة قال ‪ " :‬نى رسول ال‬
‫عن صوم يوم عرفة بعرفات " ‪ .‬رواه أحد وأبو داود والنسائي وابن ماجه‬
‫" ‪ .‬قلت ‪ :‬وإ سناده ضع يف ‪ ،‬ومداره ع ند الم يع على مهدي الجري ‪،‬‬
‫وهو مهول ‪ ،‬كما قال النووي ( ‪ ، ) 380 / 6‬والافظ ف " التلخيص‬
‫" ( ‪ ، ) 469 / 6‬ولذلك ضع فه ا بن الق يم والشوكا ن وغيه ا ‪ ،‬و هو‬
‫مرج ف " الحاديث الضعيفة " ( ‪ . ) 404‬قوله تت عنوان ‪ :‬التوسعة‬
‫يوم عاشوراء ‪ " :‬عن جابر أن ر سول ال ( ص ) قال ‪ " :‬من و سع على‬
‫نفسه وأهله يوم عاشوراء ‪ ،‬وسع ال عليه سائر سنته " ‪ .‬رواه البيهقي ف‬
‫" الشعفب " ‪ ،‬وابفن عبفد الب ‪ ،‬وللحديفث طرق أخرى كلهفا ضعيففة ‪،‬‬
‫ول كن إذا ضم بعض ها إل ب عض ازدادت قوة ‪ ،‬ك ما قال ال سخاوي " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا رأي ال سخاوي ‪ ،‬ول نراه صوابا ‪ ،‬لن شرط تقوي الد يث‬
‫بكثرة الطرق ‪ ،‬وهفو خلوهفا مفن متروك أو متهفم ‪ ،‬ل يتحقفق فف هذا‬
‫الد يث ‪ ،‬فان ظر مثل حد يث جابر هذا ‪ ،‬فإن له طريق ي ‪ :‬الول ‪ :‬عن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪434‬‬

‫ممد بن يونس ‪ :‬حدثنا عبد ال بن إبراهيم الغفاري ‪ :‬حدثنا عبد ال بن‬


‫أ ب ب كر ابن أ خي ممد بن إلنكدر عن م مد بن النكدر ع نه ‪ .‬أخر جه‬
‫البيهقي ‪ .‬فهذا إسناد موضوع من أجل ممد بن يونس ‪ -‬وهو الكديي‬
‫‪ -‬فإ نه كذاب ‪ ،‬قال ا بن عدي ‪ / :‬صفحة ‪ " / 411‬قد ات م الكدي ي‬
‫بالوضع " ‪ .‬وقال ابن حبان ‪ " :‬لعله قد وضع أكثر من ألف حديث " ‪.‬‬
‫وشيخه عبد ال بن إبراهيم الغفاري ‪ ،‬قال الذهب ‪ " :‬وهو عبد ال بن أب‬
‫عمرو الد ن ‪ ،‬يدل سونه لوه نه ‪ ،‬ن سبه ا بن حبان إل أ نه ي ضع الد يث ‪،‬‬
‫وذكر له ابن عدي ف فضل أب بكر وعمر حديثي ‪ ،‬وها باطلن ‪ ،‬تال‬
‫الاكفم ‪ :‬يروي عفن جاعفة مفن الضعفاء أحاديفث موضوعفة " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫وهذا منها ‪ ،‬فإن شيخه عبد ال بن أب بكر ابن أخي ممد بن النكدر ‪،‬‬
‫ضعيف كما ف " اليزان " ‪ .‬وأما الطريق الثان ؟ فأخرجه ابن عبد الب ف‬
‫" الستذكار " من طريق أب الزبي عنه ‪ ،‬وهذه الطريق مع أنا أصح طرق‬
‫الديفث ‪ -‬كمفا قال السفيوطي فف " الللئ " ( ‪ - ) 63 / 2‬فقفد قال‬
‫فيها الافظ ابن حجر ‪ " :‬هذا حديث منكر جدا " ‪ .‬كما نقله السيوطي‬
‫نف سه ع نه ‪ ،‬ول يتعق به ب شئ ‪ ،‬و قد ح ل ف يه الا فظ على الف ضل بن‬
‫الباب ‪ ،‬وقال ‪ " :‬لعله حدث به ب عد احتراق كت به " ‪ .‬قلت ‪ :‬وف يه علة‬
‫أخرى ‪ ،‬وهي عنعنة أب الزبي ‪ ،‬فإنه مدلس ‪ ،‬وقد أورده ف " الدلسي "‬
‫الا فظ وا بن العج مي ‪ ،‬وقال ‪ " :‬إ نه مشهور بالتدل يس " ‪ .‬وهكذا سائر‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪435‬‬

‫طرق الديث ‪ ،‬مدارها على متروكي أو مهولي ‪ ،‬ومن ‪ /‬صفحة ‪412‬‬


‫‪ /‬المكفن أن يكونوا مفن أعداء السفي رضفي ال عنفه ‪ ،‬الذيفن وضعوا‬
‫الحاديفث فف فضفل الطعام ‪ ،‬والكتحال ‪ ،‬وغيف ذلك يوم عاشوراء ‪،‬‬
‫معارضة منهم للشيعة الذين جعلوا هذا اليوم يوم حزن على السي رضي‬
‫ال ع نه ‪ ،‬لن قتله كان ف يه ‪ .‬ولذلك جزم ش يخ ال سلم ا بن تيمية رح ه‬
‫ال بأن هذا الد يث كذب ‪ ،‬وذ كر أ نه سئل المام أح د ع نه ‪ ،‬فلم يره‬
‫شيئا ‪ ،‬وأيفد ذلك بأن أحدا مفن السفلف ل يسفتحب التوسفعة يوم‬
‫عاشوراء ‪ ،‬وأنفه ل يعرف شفئ مفن هذه الحاديفث على عهفد القرون‬
‫الفاضلة ‪ ،‬وقفد فصفل القول فف هذا فف " الفتاوى " ( ‪- 248 / 2‬‬
‫‪ ، ) 256‬فراج عه ‪ ،‬و قد ن قل الناوي عن ال جد اللغوي أ نه قال ‪ " :‬ما‬
‫يروى فف فضفل صفوم يوم عاشوراء ‪ ،‬والصفلة فيفه ‪ ،‬والنفاق ‪،‬‬
‫والضاب ‪ ،‬والدهان ‪ ،‬والكتحال ‪ ،‬بدعة ابتدعها قتلة السي رضي ال‬
‫عنه " ‪ .‬قوله تت عنوان ‪ :‬صيام مثر شعبان ‪ " :‬وعن أسامة قال ‪ :‬قلت ‪:‬‬
‫يا رسول ال ! ل أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان ؟‬
‫قال ‪ " :‬ذلك ش هر يغ فل الناس ع نه ‪ . " . . .‬رواه أ بو داود والن سائي ‪،‬‬
‫وصححه ابن خزية " ‪ .‬قلت ‪ :‬تبع الؤلف ف عزوه لب داود الافظ ف‬
‫" الفتح " ‪ ،‬والصنعان ف " سبل السلم " ‪ ،‬والشوكان ف " نيل الوطار‬
‫" ‪ ،‬وهو وهم منهم جيعا تتابعوا عليه ‪ ،‬فليس هو عند أب داود ‪ ،‬وإنا له‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪436‬‬

‫عن أسامة حديث آخر ف صوم الثني والميس ‪ ،‬ولذلك اقتصر النذري‬
‫ف " الترغيب " ‪ ،‬والافظ ف " تبيي العجب با ورد ف فضل رجب ‪،‬‬
‫على عزوه للنسائي فقط ‪ ،‬وكذلك النابلسي ف " الذخائر " ‪ ،‬ث الديث‬
‫إسناده عند النسائي حسن ‪ / .‬صفحة ‪ / 413‬قوله تت عنوان ‪ :‬صوم‬
‫الش هر الرم ‪ " :‬ف عن ر جل من باهلة أ نه أ تى ال نب ( ص ) ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا‬
‫رسول ال ! أنا الرجل الذي جئتك عام الول ‪ ،‬فقال ‪ . . . " :‬صم من‬
‫الرم واترك " ‪ .‬رواه أحد ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬وابن ماجه ‪ ،‬والبيهقي ‪ ،‬بسند‬
‫ج يد " ‪ .‬قلت ‪ :‬ليس بيد ال سناد ‪ ،‬ل نه اضطرب راويه فيه على وجوه‬
‫ذكرها الافظ ف " التهذيب " ‪ ،‬ومن قبله النذري ف " متصر السنن " ‪،‬‬
‫ث قال ‪ " :‬وقد وقع فيه هذا الختلف كما تراه ‪ ،‬وأشار بعض شيوخنا‬
‫إل تضعيففه لذلك ‪ ،‬وهفو متوجفه " ‪ .‬قلت ‪ :‬وفيفه علة أخرى ‪ ،‬وهفي‬
‫الهالة ‪ ،‬كما بينته ف " ضعيف أب داود " ( ‪ . ) 419‬قوله تت عنوان‬
‫‪ :‬صوم يو مي الثن ي والم يس ‪ " :‬عن أ ب هريرة أن ال نب ( ص ) كان‬
‫أكثر ما يصوم الثني والميس ‪ ،‬فقيل له ؟ فقال ‪ " :‬إن العمال تعرض‬
‫كل اثني وخيس ‪ . " . . .‬رواه أحد بسند صحيح " ‪ .‬قلت ‪ :‬الديث‬
‫صفحيح ‪ ،‬لكفن إسفناد أحدف غيف صفحيح ‪ ،‬فقفد أخرجفه هفو ( ‪/ 2‬‬
‫‪ ، ) 329‬والترمذي أي ضا ‪ ،‬وا بن ما جه من طر يق م مد بن رفا عة عن‬
‫سهيل بن أب صال عن أبيه عنه ‪ .‬وممد بن رفاعة هذا ‪ ،‬قال الزدي ‪" :‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪437‬‬

‫من كر الد يث " ‪ .‬وأ ما ا بن حبان ‪ ،‬فذكره ف " الثقات " على قاعد ته !‬
‫ولذلك أفاد ابن حجر ف " التقريب " أنه لي الديث ‪ ،‬وكل من صحح‬
‫هذا السفند ‪ ،‬أو وثفق هذا الراوي ‪ ،‬فإناف ‪ /‬صففحة ‪ / 414‬عمدتفه على‬
‫توثيق ابن حبان وحده ‪ ،‬وليس بعمدة ‪ .‬ويدل على ضعف ابن رفاعة هذا‬
‫أنه قد خالفه ف متنه مالك وجرير والدراوردي عند مسلم ( ‪، ) 11 / 7‬‬
‫ومع مر ع ند أح د ( ‪ ، ) 268 / 2‬أربعت هم عن سهيل به ‪ ،‬إل أن م ل‬
‫يذكروا صيامه ( ص ) للثن ي والم يس ‪ ،‬و سؤاله ع نه ‪ .‬وكذلك رواه‬
‫مسلم بن أب مري عن أب صال به ‪ ،‬رواه مسلم أيضا ‪ ،‬وهو مرج ف "‬
‫الرواء " ( ‪ . ) 105 / 4‬وإناف صفححت الديفث ‪ ،‬لن شطره الثانف‬
‫صحيح كما ترى ‪ ،‬وشطره الول له شواهد ‪ ،‬منها عن أسامة بن زيد ‪،‬‬
‫وزاد ‪ " :‬قال ‪ :‬ذانفك يومان تعرض فيهمفا العمال على رب العاليف ‪،‬‬
‫فأحفب أن يعرض عملي وأنفا صفائم " ‪ .‬أخرجفه النسفائي وأحدف بسفند‬
‫ح سن ‪ ،‬ورواه أ بو داود من طر يق ثان ‪ ،‬وا بن خزي ة من طر يق ثالث ‪،‬‬
‫انظفر " الترغيفب " ‪ ،‬وقفد جعفل مفن طريفق النسفائي وطريفق أبف داود‬
‫واحدا ‪ ،‬وهو من أوهامه ‪ ،‬فتنبه ‪ .‬قوله تت عنوان ‪ :‬صيام ثلثة أيام من‬
‫كل شهر ‪ " :‬وجاء عنه ( ص ) أنه كان يصوم من الشهر السبت والحد‬
‫والثني ‪ ،‬ومن الشهر الخر الثلثاء والربعاء والميس " ‪ .‬قلت ‪ :‬الزم‬
‫بنسبته إل النب ( ص ) فيه نظر ‪ ،‬فإنه من رواية سفيان عن منصور عن‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪438‬‬

‫خيثمفة ‪ ،‬عفن عائشفة قالت ‪ . .‬أخرجفه الترمذي ‪ ،‬وقال ‪ " :‬حديفث‬


‫ح سن ‪ ،‬وروى عبفد الرحنف بن مهدي هذا الد يث عن سففيان ‪ ،‬ول‬
‫يرف عه " ‪ / .‬صفحة ‪ / 415‬قال الا فظ ف " الف تح " ‪ " :‬و هو أشبه " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وله علة أخرى ‪ ،‬فقد ذكر ف " التهذيب " ف ترجة خيثمة هذا ‪-‬‬
‫و هو ا بن ع بد الرح ن ‪ -‬أ نه روى عن ا بن م سعود وع مر ‪ ،‬ول ي سمع‬
‫منهما ‪ ،‬ث قال ‪ " :‬وقال ابن القطان ‪ :‬ينظر ف ساعه من عائشة رضي ال‬
‫عنهفا " ‪ .‬قوله عطففا على مفا سفبق ‪ " :‬وأنفه عليفه السفلم كان يصفوم‬
‫الم يس من أول الش هر ‪ ،‬والثن ي الذي يل به ‪ ،‬والثن ي الذي يل يه " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ل أجد هذا ف شئ من كتب ال سنة ‪ ،‬ول يذكره ابن القيم ف "‬
‫هد يه ( ص ) ف صيامه " ‪ .‬فأخ شى أن يكون هذا الد يث انقلب على‬
‫الؤلف أو غيه ‪ ،‬فإن العروف ف السنة أنه ( ص ) كان يصوم ثلثة أيام‬
‫من كل ش هر ‪ :‬يوم الثن ي من أول الش هر ‪ ،‬والم يس الذي يل يه ‪ ،‬ث‬
‫الميس الذي يليه ‪ .‬أخرجه النسائي ( ‪ ، ) 328 / 1‬وعيه ‪ ،‬وهو مرج‬
‫ف " صحيح أب داود " ( ‪ ، ) 1 / 2017‬من حديث ابن عمر ‪ ،‬وهو‬
‫وأ بو داود وأح د عن ب عض أزواج ال نب ( ص ) ‪ ،‬و سنده ح سن ‪ .‬قوله‬
‫تت ‪ :‬الدعاء عند الفطر ‪ " : . . .‬روى ابن ماجه عن عبد ال بن عمرو‬
‫بن العاص أن النب ( ص ) قال ‪ " :‬إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد " ‪،‬‬
‫وكان عبد ال إذا أفطر يقول ‪ :‬اللهم إن ‪ . " . . .‬قلت ‪ :‬سكت عليه ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪439‬‬

‫فأوهم أنه صحيح ‪ ،‬ول يس كذلك ‪ ،‬فإن ف سنده إسحاق ابن عب يد ال‬
‫الدن ‪ ،‬ول يعرف ‪ ،‬كما قال النذري ف " الترغيب " ‪ ،‬ولذلك أشار ابن‬
‫القيم ف " الزاد " إل تضعيف الديث ‪ ،‬وقد خرجته وتكلمت عليه بشئ‬
‫من ‪ /‬صفحة ‪ / 416‬التف صيل ف " التعليقات الياد " ‪ ،‬ث ف " إرواء‬
‫الغليل " ( ‪ . ) 921‬قوله أيضا ‪ " :‬وروى الترمذي بسند حسن أنه ( ص‬
‫) قال ‪ :‬ثلثفة ل ترد دعوتمف ‪ :‬الصفائم حتف يفطفر ‪ ،‬والمام العادل ‪،‬‬
‫والظلوم " ‪ .‬قلت ‪ :‬كأنفه اسفتلزم حسفن إسفناده مفن تسفي الترمذي‬
‫للحد يث ‪ ،‬ول تلزم بينه ما ‪ ،‬ف قد يكون الد يث ح سنا ع ند الترمذي‬
‫وغيه لشواهده ‪ ،‬ول يكون إ سناده الذي ساق الد يث به ح سنا ‪ ،‬و ف‬
‫مثل هذا يقول التأخرون ‪ :‬إنه حسن لغيه ‪ .‬فتأمل ‪ .‬ث إن مدار الديث‬
‫ع ند الترمذي وغيه على ا ب مدلة ‪ ،‬و قد قال ا بن الدي ن ‪ " :‬مهول " ‪.‬‬
‫وقال الذهفب ‪ " :‬ل يكاد يعرف " ‪ .‬ثف خرجتفه فف " الضعيففة " (‬
‫‪ ، ) 1358‬وذكرت ف يه أ نه مالف لد يث آ خر مرج ف " ال صحيحة‬
‫" ( ‪ / . ) 596‬صفحة ‪ / 417‬ومن ( مباحات الصيام ) قوله تت هذا‬
‫العنوان ‪ . . . " :‬فإذا طلع الفجر وف فمه طعام وجب عليه أن يلفظه ‪. .‬‬
‫‪ . " .‬قلت ‪ :‬هذا تقليد لبعض الكتب الفقهية ‪ ،‬وهو ما ل دليل عليه ف‬
‫ال سنة الحمد ية ‪ ،‬بل هو مالف لقوله ( ص ) ‪ " :‬إذا سع أحد كم النداء‬
‫والناء على يده ‪ ،‬فل يضه حت يقضي حاجته منه " ‪ .‬أخرجه أحد وأبو‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪440‬‬

‫داود والا كم ‪ ،‬و صححه هو والذ هب ‪ ،‬وأخر جه ا بن حزم ‪ ،‬وزاد ‪" :‬‬
‫قال عمار ( يعن ‪ :‬ابن أب عمار راويه عن أب هريرة ) ‪ :‬وكانوا يؤذنون‬
‫إذا بزغ الف جر " ‪ .‬قال حاد ( يع ن ‪ :‬ا بن سلمة ) عن هشام بن عروة ‪:‬‬
‫كان أبف يفتف بذا ‪ .‬وإسفناده صفحيح على شرط مسفلم ‪ .‬وله شواهفد‬
‫ذكرتا ف " التعليقات الياد " ‪ ،‬ث ف " الصحيحة " ( ‪ . ) 1394‬وفيه‬
‫دليل على أن من طلع عليه الفجر وإناء الطعام أو الشراب على يده ‪ ،‬أنه‬
‫يوز له أن ل يضه حت يأخذ حاجته منه ‪ ،‬فهذه الصورة مستثناة من الية‬
‫‪ ( * :‬وكلوا واشرلوا حت يتبيق لكم اليط البيض من اليط السود من‬
‫الفجر ) * ( ‪ ، ) 1‬فل تعارض بينها وما ف معناها من الحاديث ‪ ،‬وبي‬
‫هذا الديث ‪ ،‬ول إجاع يعارضه ‪ ،‬بل ذهب جاعة من الصحابة وغيهم‬
‫إل أكثر ما أفاده الديث ‪ ،‬وهو * ( هامش ) * ( ‪ ) 1‬البقرة ‪/ . 187‬‬
‫صفحة ‪ / 418‬جواز ال سحور إل أن يت ضح الف جر ‪ ،‬وينت شر البياض ف‬
‫الطرق ‪ ،‬راجفع " الفتفح ( ‪ . ) 110 - 109 / 4‬لن مفن فوائد هذا‬
‫الد يث إبطال بد عة الم ساك قل الف جر بن حو ر بع ساعة ؟ لن م إن ا‬
‫يفعلون ذلك خشية أن يدركهم أذان الفجر وهم يتسحرون ‪ ،‬ولو علموا‬
‫هذه الرخصة لا وقعوا ف تلك البدعة ‪ .‬فتأمل ‪ .‬ومن ( ما يبطل الصيام )‬
‫قوله ‪ " :‬الستمناء ( إخراج الن ) سواء أكان سببه تقبيل الرجل لزوجته‬
‫أو ضم ها إل يه ‪ ،‬أو كان بال يد ‪ ،‬فهذا يب طل ال صوم ويو جب القضاء " ‪.‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪441‬‬

‫قلت ‪ :‬ل دليل على البطال بذلك ‪ ،‬وإلاقه بالماع غي ظاهر ‪ ،‬ولذلك‬
‫قال الصفنعان ‪ " :‬الظهفر أنفه ل قضاء ول كفارة إل على مفن جامفع ‪،‬‬
‫وإلاق غ ي الجا مع به بعيد " ‪ .‬وإليه مال الشوكان ‪ ،‬وهو مذهب ا بن‬
‫حزم ‪ ،‬فانظر " الحلى " ( ‪ 177 - 175 / 6‬و ‪ . ) 205‬وما يرشدك‬
‫إل أن قياس السفتمناء على الماع قياس مفع الفارق ‪ ،‬أن بعفض الذيفن‬
‫قالوا به ف الفطار ل يقولوا به ف الكفارة ‪ ،‬قالوا ‪ " :‬لن الماع أغلظ ‪،‬‬
‫والصل عدم الكفارة " ‪ .‬انظر " الهذب " مع " شرحه " للنووي ( ‪/ 6‬‬
‫‪ . ) 368‬فكذلك نقول ن ن ‪ :‬ال صل عدم الفطار ‪ ،‬والماع أغلظ من‬
‫الستمناء ‪ / ،‬صفحة ‪ / 419‬فل يقاس عليه ‪ .‬فتأمل ‪ .‬وقال الرافعي ( ‪6‬‬
‫‪ " : ) 396 /‬الي إن خرج بالستمناء أفطر ‪ ،‬لن اليلج من غي إنزال‬
‫مبطففل ‪ ،‬فالنزال بنوع شهوة أول أن يكون مفطرا " ‪ .‬قلت ‪ :‬لو كان‬
‫هذا صفحيحا ‪ ،‬لكان إياب الكفارة فف السفتمناء أول مفن إياباف على‬
‫اليلج بدون إنزال ‪ ،‬وهفم ل يقولون أيضفا بذلك ‪ .‬فتأمفل تناقفض‬
‫القياسيي ! أضف إل ذلك مالفتهم لبعض الثار الثابتة عن السلف ف أن‬
‫الباشرة بغ ي جاع ل تف طر ولو أنزل ‪ ،‬و قد ذكرت بعض ها ف " سلسلة‬
‫الحاديث الصحيحة " تت الحاديث ( ‪ ، ) 221 - 219‬ومنها قول‬
‫عائشة رضي ال عنها لن سالا ‪ :‬ما يل للرجل من امرأته صائما ؟ قالت‬
‫‪ " :‬كفل شفئ إل الماع " ‪ .‬أخرجفه ع بد الرزاق ف " مصفنفه " ( ‪/ 4‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪442‬‬

‫‪ ) 8439 / 190‬بسفند صفحيح ‪ ،‬كمفا قال الاففظ فف " الفتفح " ‪،‬‬
‫واحتج به ابن حزم ‪ .‬وراجع سائرها هناك ‪ .‬وترجم ابن خزية رحه ال‬
‫لب عض الحاد يث الشار إلي ها بقوله ف " صحيحه " ( ‪" : ) 243 / 2‬‬
‫باب الرخصة ف الباشرة الت هي دون الماع للصائم ‪ ،‬والدليل على أن‬
‫اسم الواحد قد يقع عل فعلي ‪ :‬أحدها مباح ‪ ،‬والخر مظور ‪ ،‬إذ اسم‬
‫الباشرة قد أوق عه ال ف نص كتا به على الماع ‪ ،‬ودل الكتاب على أن‬
‫الماع فف الصفوم مظور ‪ ،‬قال الصفطفى ( ص ) ‪ " :‬إن الماع يفطفر‬
‫الصائم " ‪ ،‬والنب الصطفى ( ص ) قد دل بفعله على أن الباشرة الت هي‬
‫دون الماع مباحة ف الصوم غي ‪ /‬صفحة ‪ / 420‬مكروهة " ‪ .‬وإن ما‬
‫ينبغي التنبيه عليه هنا أمرين ‪ :‬الول ‪ :‬أن كون النزال بغي جاع ل يفطر‬
‫شئ ‪ ،‬ومباشرة الصائم شئ آخر ‪ ،‬ذلك أننا ل ننصح الصائم وباصة إذا‬
‫كان قوي الشهوة أن يبا شر و هو صائم ‪ ،‬خش ية أن ي قع ف الحظور ‪،‬‬
‫الماع ‪ ،‬وهذا سدا للذري عة ال ستفادة من عد يد من دلة الشريعة ‪ ،‬منها‬
‫قوله ( ص ) ‪ " :‬ومفن حام حول المفى أوشفك أن يقفع فيفه " ‪ ،‬وكأن‬
‫السيدة عائشة رضي ال عنها أشارت إل ذلك بقولا حي روت مباشرة‬
‫ال نب ( ص ) و هو صائم ‪ " :‬وأي كم يلك إر به ؟ " وال مر ال خر ‪ :‬أن‬
‫الؤلف لا ذكر الستمناء باليد ‪ ،‬فل يوز لحد أن ينسب إليه أنه مباح‬
‫عنده ‪ ،‬لنه إنا ذكره لبيان أنه مبطل للصوم عنده ‪ .‬وأما حكم الستمناء‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪443‬‬

‫نف سه ‪ ،‬فلبيا نه مال آ خر ‪ ،‬و هو قد ف صل القول ف يه ف " كتاب النكاح‬


‫" ‪ ،‬وحكى أقوال العلماء ‪ ،‬واختلفهم فيه ‪ ،‬وإن كان القارئ ل يرج ما‬
‫ذكره هناك برأي واضح للمؤلف كما هو الغالب من عادته فيما اختلف‬
‫فيه ‪ .‬وأما نن ‪ ،‬فنرى أن الق مع الذين حرموه ‪ ،‬مستدلي بقوله تعال ‪:‬‬
‫* ( والذين هم لفروجهم حافظون إل على أزواجهم أو ما ملكت أيانم‬
‫فإن م غ ي ملوم ي ‪ .‬ف من ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) * ‪ .‬ول‬
‫نقول بوازه ل ن خاف الوقوع ف الز نا ‪ ،‬إل إذا ا ستعمل ال طب النبوي ‪،‬‬
‫وهو قوله ( ص ) للشباب ف الديث العروف المر لم بالزواج ‪ " :‬فمن‬
‫ل يستطع فعليه بالصوم ‪ ،‬فإنه له وجاء " ‪ / .‬صفحة ‪ / 421‬ولذنك فإننا‬
‫ننكر أشد النكار على الذين يفتون الشباب بوازه خشية الزنا ‪ ،‬دون أن‬
‫يأمروهم بذا الطب النبوي الكري ‪ .‬قوله ‪ " :‬قال الشوكان ‪ :‬وقد وقع ف‬
‫الروايات مفا يدل على الترتيفب والتخييف ‪ ( ،‬يعنف فف كفارة الفطار‬
‫بالماع ) ‪ ،‬والذ ين رورا الترت يب أك ثر ‪ ،‬ومع هم الزيادة " ‪ .‬قلت ‪ :‬قد‬
‫ذكر ابن القيم لرواية الترتيب مرجحات ستة ‪ ،‬إحداها ما ذكره الشوكان‬
‫‪ ،‬ومن وقف عليها ل يشك ف أرجحيتها ‪ ،‬فراجعها ف " تذيب السنن "‬
‫( ‪ . ) 272 - 269 / 3‬و من ( قضاء رمضان ) قوله ‪ " :‬قضاء رمضان‬
‫ل يبف على الفور ‪ ،‬بفل يبف وجوبفا موسفعا فف أي وقفت ‪ ،‬وكذلك‬
‫الكفارة " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا يتناف مع قوله تعال ‪ ( * :‬وسارعوا إل مغفرة من‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪444‬‬

‫ربكفم ) * [ آل عمران ‪ ، ] 133 :‬فالقف وجوب البادرة إل القضاء‬


‫حي الستطاعة ‪ ،‬وهو مذهب ابن حزم ( ‪ ، ) 260 / 6‬وليس يصح ف‬
‫السنة ما يعارض ذلك ‪ .‬وأما استدلل الؤلف على عدم الوجوب بقوله ‪:‬‬
‫" فقد صح عن عائشة أنا كانت تقضي ما عليها من رمضان ف شعبان ‪.‬‬
‫( رواه أحدف ومسفلم ) ‪ ،‬ول تكفن تقضيفه عنفد قدرتاف على القضاء " ‪.‬‬
‫فليس بصواب ‪ ،‬لنه ليس ف حديث عائشة أنا كانت تقدر أن تقضيه‬
‫فورا ‪ ،‬بل فيه عكس ذلك ‪ ،‬فإن لفظ الديث عند مسلم ( ‪- 154 / 3‬‬
‫‪ / : ) 155‬صفحة ‪ " / 422‬كان يكون على الصوم من رمضان ‪ ،‬فما‬
‫أسفتطيع أن أقضيفه إل فف شعبان ‪ ،‬الشغفل مفن رسفول ال ( ص ) ‪ ،‬أو‬
‫برسفول ال ( ص ) " ‪ .‬وهكذا أخرجفه البخاري أيضفا فف " صفحيحه "‬
‫خل فا ل ا أوه ه تر يج ال صنف ‪ ،‬و ف روا ية ل سلم عن ها قالت ‪ " :‬إن‬
‫كانفت إحدانفا لتفطفر فف زمان رسفول اللة ( ص ) ‪ ،‬فمفا تقدر على أن‬
‫تقضيفه مفع رسفول ال ( ص ) حتف يأتف شعبان " ‪ .‬فالديفث بروايتيفه‬
‫صريح ف أن ا كا نت ل ت سنطيع ‪ ،‬ول تقدر على القضاء ق بل شعبان ‪،‬‬
‫وف يه إشعار بأن ا لو ا ستطاعت ل ا أخر ته ‪ ،‬ف هو ح جة على الؤلف و من‬
‫سبقه ‪ ،‬ولذلك قال الز ين بن الن ي رح ه ال ‪ " :‬وظا هر صنيع عائ شة‬
‫يقت ضي ايثار البادرة إل القضاء ‪ ،‬لول ما منع ها من الش غل ‪ ،‬فيش عر بأن‬
‫من كان بغي عذر ‪ ،‬ل ينبغي له التأخي " ‪ .‬واعلم أن ابن القيم والافظ‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪445‬‬

‫وغيها قد بينا أن قوله ف الديث ‪ " :‬الشغل من رسول ال ( ص ) ‪ ،‬أو‬


‫برسول ال ( ص ) ‪ ،‬مدرج ف الديث ‪ ،‬ليس من كلم عائشة ‪ ،‬بل من‬
‫كلم أحد رواته ‪ ،‬وهو يي بن سعيد ‪ ،‬ومن الدليل على ذلك قول يي‬
‫ف روا ية ل سلم ‪ " :‬فظن نت أن ذلك لكان ا من ال نب ( ص ) " ‪ .‬ول كن‬
‫هذا ل يدج فيما ذكرنا ‪ ،‬لننا ل نستدل عليه بذا الدرج ‪ ،‬بل بقولا ‪:‬‬
‫" ف ما أ ستطيع ‪ ، ، . . .‬والدرج ‪ ،‬إن ا هو بيان ل سبب عدم ال سطاعة ‪،‬‬
‫وهذا ل يهمنفا فف الوضوع ‪ ،‬ول أدري كيفف خففي هذا على الاففظ‬
‫حيث قال ف خاتة شرح الديث ‪ " :‬وف الديث دللة على جواز تأخي‬
‫قضاء رمضان مطلقفا ‪ ،‬سفواء كان لعذر أو لغيف عذر ‪ ،‬لن الزيادة كمفا‬
‫فه أن عدم‬ ‫في عليف‬‫ففحة ‪ / 423‬فخفف‬ ‫فة ‪ " . . .‬؟ ! ‪ /‬صف‬
‫بيناه مدرجف‬
‫استطاعتها هو العذر ‪ .‬فتأمل ‪ .‬قوله ‪ " :‬وروى الدارقطن عن ابن عمر أن‬
‫ال نب ( ص ) قال له ف قضاه رمضان ‪ :‬إن شاء فرق ‪ ،‬وإن شاء تا بع " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬لو صح هذا لكان دليل قاطعا للناع ‪ ،‬ولكنه ل يصح ‪ ،‬فإنه عند‬
‫الدارقط ن ( ص ‪ ) 244‬من طر يق سفيان بن ب شر ب سنده ع نه ‪ ،‬ث قال‬
‫الدارقط ن ‪ " :‬ل ي سنده غ ي سفيان بن ب شر " ‪ .‬قلت ‪ :‬و هو ف عداد‬
‫الجهولي ‪ ،‬فإن ل أجد له ذكرا ف شئ من كتب الرجال الت عندي ‪،‬‬
‫وكأنه لذلك صرح بتضعيف إسناده البيهقي ف " السنن " ( ‪) 258 / 4‬‬
‫‪ ،‬وأشار لتضعي فه الا فظ ف " التلخ يص " ( ‪ ، ) 434 / 6‬ح يث قال‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪446‬‬

‫بعد أن عزا الديث للدارقطن ‪ " :‬قال ‪ :‬ورواه عطاء عن عبيد بن عمي‬
‫مر سل ‪ .‬قلت ‪ :‬وإ سناده ضع يف أي ضا " ‪ .‬وأ ما قول الشوكا ن ‪ " :‬و قد‬
‫صحح الديث ابن الوزي ‪ ،‬وقال ‪ :‬ما علمنا أحدا طعن ف سفيان ابن‬
‫ب شر " ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا القدر ل يك في ف ت صحيح الد يث ‪ ،‬فإن م ثل هذا‬
‫القول ي كن أن يقال ف كل مهول ! ونقول على سبيل العار ضة ‪ :‬ما‬
‫علمنا أحدا وثق سفيان ابن بشر ‪ .‬وهذا أقرب إل القواعد الديثية ‪ ،‬لن‬
‫صحة الديث يشترط فيها ثبوت ثقة رجاله بشهادة الئمة ‪ ،‬وأما ضعفه‬
‫فيك في أن ل تث بت ‪ ،‬أو ل تعرف الث قة ولو ف ب عض روا ته ‪ ،‬ك ما هو‬
‫معروف عند الشتغلي بعلم ال سنة ‪ ،‬ث نقول ‪ :‬كيف يصح هذا الديث‬
‫وقد ضعفه أحد أئمة الديث ونقاده ‪ ،‬وهو المام البيهقي ؟ ! ‪ /‬صفحة‬
‫‪ / 424‬ث هو معارض با هو أقوى منه ‪ ،‬وهو حديث أب هريرة أن النب‬
‫( ص ) قال ‪ " :‬ل صوم بعد النصف من شعبان حت رمضان ‪ ،‬ومن كان‬
‫عليه صوم من رمضان فليسرده ‪ ،‬ول يقطعه " ‪ .‬أخرجه الدارقطن ( ص‬
‫‪ ، ) 243‬وع نه البيه قي من طر يق حبان بن هلل ‪ :‬ث نا ع بد الرح ن بن‬
‫إبراهيم القاص ‪ -‬وهو ثقة ‪ : -‬ثنا العلء بن ع بد الرحن عزا أبيه عنه ‪.‬‬
‫وقال الدارقط ن ‪ " :‬ع بد الرح ن بن إبراه يم ضع يف الد يث " ‪ .‬قلت ‪:‬‬
‫وهو متلف فيه ‪ ،‬وقد وثق ف إسناد الدارقطن كما ترى ‪ ،‬وقد وثقه ابن‬
‫مع ي والبخاري وغيه ا ‪ ،‬ولذلك قال ا بن القطان ‪ " :‬ف هو متلف ف يه ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪447‬‬

‫والديث من روايته حسن " ‪ ،‬كما ف " الوهر النقي " ‪ .‬ونقل الافظ‬
‫عن ابن القطان أنه قال ‪ " :‬ول يأت من ضعفه بجة ‪ ،‬والديث حسن "‬
‫‪ .‬ث تعقبه الافظ بقوله ‪ " :‬قلت ‪ :‬قد صرح ابن أب حات عن أبيه بأنه‬
‫أنكر هذا الديث بعينه على عبد الرحن " ‪ .‬قلت ‪ :‬وجلة القول " أنه ل‬
‫ي صح ف هذا الباب شئ ل سلبا ول إيا با ‪ ،‬وال مر القرآ ن بال سارعة‬
‫يقتضفي وجوب التابعفة إل لعذر ‪ ،‬وهفو مذهفب ابفن حزم أيضفا ( ‪/ 6‬‬
‫‪ ، ) 261‬قال ‪ " :‬فإن ل يفعل فيقضيها متفرقة ‪ ،‬وتزيه لقول ال تعال ‪:‬‬
‫* ( فعدة من أيام أ خر ) * ‪ ،‬ول يدد تعال ف ذلك وق تا يب طل القضاء‬
‫بروجفه ‪ ،‬وهفو قول أبف ‪ /‬صففحة ‪ / 425‬حنيففة " ‪ ( .‬نائدة ) ‪ :‬ل‬
‫يتعرض الؤلف لقضاء رمضان منف أفطره عامدا متعمدا ‪ ،‬هفل يشرع له‬
‫قضاؤه أم ل ؟ والظاهر الثان ‪ ،‬وهو اختيار شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،‬فقد‬
‫قال ف " الختيارات " ( ص ‪ " : ) 65‬ل يق ضي متع مد بل عذر صوما‬
‫ول صلة ‪ ،‬ول ت صح م نه ‪ ،‬و ما روي أن ال نب ( ص ) أ مر الجا مع ف‬
‫رمضان بالقضاء ضع يف ‪ ،‬لعدول البخاري وم سلم ع نه " ‪ .‬و هو مذ هب‬
‫ا بن حزم ‪ ،‬و ‪ -‬رواه عن أ ب ب كر ال صديق ‪ ،‬وع مر بن الطاب ‪ ،‬وعلي‬
‫بن أ ب طالب ‪ ،‬وا بن م سعود ‪ ،‬وأ ب هريرة ‪ ،‬فرا جع " الحلى " ( ‪/ 6‬‬
‫‪ . ) 185 - 180‬لكن تعليل ابن تيمية ضعف حديث أمر الجامع ف‬
‫رمضان بالقضاء بعدول البخاري ومسلم عنه ليس بشئ عندي ‪ ،‬فكم من‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪448‬‬

‫حديفث عدل الشيخان عنفه وهفو صفحيح ‪ ،‬والقف أنفه ثابفت صفحيح‬
‫بجموع طرقه كما قال الافظ ابن حجر ‪ ،‬وأحدها صحيح مرسل كما‬
‫ك نت بين ته ف تعلي قي على ر سالة ا بن تيم ية ف " ال صيام " ( ص ‪- 25‬‬
‫‪ ، ) 27‬ث ف " إرواء الغليل " ( ‪ ، ) 92 - 90 / 4‬فقضاء الجامع من‬
‫تام كفارته ‪ ،‬فل يلحق به غيه من الفطرين عمدا ‪ ،‬ويبقى كلم الشيخ‬
‫ف غيه سليما ‪ .‬أما الصلة فهو متار الصنف أيضا تبعا لبن حزم ‪ ،‬وقد‬
‫كان نقل كلمه ف ذلك ملخصا ف " الصلة " تبيل " المعة " ‪ ،‬وكان‬
‫يلزمه أن يتار مثله ف الصوم ‪ ،‬فإن دليل عدم القضاء فيه مثله ف الصلة ‪،‬‬
‫ول سفيما أنفه مذهفب ابفن حزم أيضفا ‪ ،‬فقفد قال ‪ " :‬برهان ذلك أن‬
‫وجوب القضاء ف تعمد القئ قد صح عن رسول ال ( ص ) كما ذكرنا‬
‫قبل ‪ ،‬ول يأت ف فساد الصوم بالتعمد للكل أو الشرب أو الوطء نص ‪/‬‬
‫صففحة ‪ / 426‬بإياب القضاه ‪ ،‬لناف افترض تعال رمضان ل غيه على‬
‫الصحيح القيم العا قل البالغ ‪ ،‬فإياب صيام غيه بدل منه ‪ ،‬إياب شرع‬
‫ل يأذن ال تعال به ‪ ،‬فهو باطل ‪ ،‬ول فرق بي أن يوجب ال تعال صوم‬
‫ش هر م سمى ‪ ،‬فيقول قائل ‪ :‬إن صوم غيه ينوب ع نه بغ ي نص وارد ف‬
‫ذلك ‪ ،‬وبي من قال ‪ :‬إن الج إل غي مكة ينوب عن الج إل مكة ‪،‬‬
‫والصلة إل غي الكعبة ‪ ،‬تنوب عن الصلة إل الكعبة ‪ ،‬وهكذا ف كل‬
‫شفئ ‪ ،‬قال ال تعال ‪ ( * :‬تلك حدود ال فل تعتدوهفا ) * ‪ ،‬وقال تعال‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪449‬‬

‫‪ ( * :‬ومفن يتغفد حدود ال فقفد ظلم نفسفه ) * " ‪ .‬ثف شرع يرد على‬
‫الخالف ي قيا سهم كل مف طر بع مد على الف طر بال قئ وعلى الجا مع ف‬
‫رمضان ‪ .‬ث روى مثل قوله عن اللفاء الراشدين حاشا عثمان ‪ ،‬وعن ابن‬
‫مسعود وأ ب هريرة ‪ .‬فراجعه ‪ .‬قلت ‪ :‬لكن الجامع ف رمضان قد صح‬
‫أنه أمره ( ص ) بالقضاء أيضا ‪ / .‬صفحة ‪ / 427‬ومن ( من مات وعليه‬
‫صيام ) قوله ‪ " :‬وكذلك أجعوا على أن من ع جز عن ال صيام ل ي صوم‬
‫عنه أحد أثناء حياته " ‪ .‬قلت ‪ :‬الظاهر أن ل إجاع ف هذه السالة ‪ ،‬فقد‬
‫خالف فيهفا ابفن تيميفة ‪ ،‬فقال فف " الختيارات " ( ص ‪ " : ) 64‬وإن‬
‫تبع إن سان بال صوم ع من ل يطي قه ل كبه ونوه ‪ ،‬أو عن م يت ‪ ،‬وه ا‬
‫معسران توجه جوازه ‪ ،‬لنه أقرب إل الماثلة من الال ‪ ،‬وحكى القاضي‬
‫ف صوم النذر ف حياة الناذر نو ذاك " وقد نقلته على سبيل الطلع ل‬
‫التب ن ‪ ،‬فإ ن ل أراه صوابا ‪ ،‬لنافا ته لقوله تعال ‪ ( * :‬وأن ل يس للن سان‬
‫إل ما سعى ) * [ النجم ‪ ، ] 39 :‬وأما هو فقد اول الية با ل يتعارض‬
‫مع مذه به ‪ ،‬ول يت سع القال لتف صيل ذلك ‪ ،‬فلي جع إل يه من شاء زيادة‬
‫العر فة ‪ .‬قوله ف مذ هب الشافع ية الختار ‪ :‬أ نه ي ستحب لول ال يت أن‬
‫يصوم عنه ‪ " :‬واستدلوا با رواه أحد والشيخان عن عائشة أن النب ( ص‬
‫) قال ‪ " :‬من مات وعل يه صيام ‪ ،‬صام ع نه ول يه " ‪ ،‬زاد البزار ل فظ ‪" :‬‬
‫إن شاء " ‪ ،‬وقال ف التعل يق ‪ :‬سندها ح سن " ‪ .‬قلت ‪ :‬كل ‪ ،‬بل هذه‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪450‬‬

‫الزيادة ضعي فة منكرة ‪ ،‬فإن مدار ها على ا بن لي عة ‪ ،‬و هو ضع يف ‪ ،‬و قد‬


‫تفرد با كما قال الافظ ف " الفتح " ‪ ،‬وقال ف " التلخيص " ‪ " :‬وهي‬
‫ضعيفة ‪ ،‬لنا من طريق ابن ليعة " ‪ .‬والؤلف كأنه تبع ف تسينها صديق‬
‫خان ف " الروضة " ‪ ،‬وهو تبع اليثمي ‪ /‬صفحة ‪ / 428‬ف " الجمع " ‪،‬‬
‫و هو خ طأ أو ت ساهل من هم جي عا ‪ .‬ث ان هذا الد يث حله النابلة على‬
‫صوم النذر ‪ ،‬فهو الذي يصومه الول عنه ‪ ،‬وأما صوم الفرض فل يصومه‬
‫أ حد عن أ حد ‪ ،‬و هو مذ هب راو ية الد يث عائ شة ‪ ،‬وكذا ا بن عباس‬
‫راوي الديفث التف بعده ‪ ،‬وقفد ذكرت أقوالمفا فف ذلك فف " أحكام‬
‫النائز " ‪ ،‬فف البحفث ( ‪ ، ) 106‬وهفو الذي تقتضيفه أصفول الشريعفة‬
‫وحكمتها ‪ ،‬وقد انتصر لذا ابن القيم ف " تذيب السنن " ‪ ،‬وكذا ف "‬
‫إعلم الوقعيف " ‪ ،‬ونقلت كلمفه منفه فف الكتاب الشار إليفه ‪ ،‬وهفو‬
‫نفيس ‪ ،‬فلياجع ‪ .‬قوله ‪ " :‬وروى أحد وأصحاب السنن عن ابن عباس‬
‫أن رجل جاء إل النفب ( ص ) ‪ ،‬فقال ‪ :‬يفا رسفول ال ! إن أمفي ماتفت‬
‫وعليها صيام شهر ‪ ،‬أفأقضية عنها ؟ ‪ . . .‬قال ‪ :‬نعم ‪ . " . .‬قلت ‪ :‬هذا‬
‫يوهم أنه ل يرجه من هو أرقي ف الصحة من الذكورين ‪ ،‬وليس كذلك‬
‫‪ ،‬فقد أخرجه الشيخان ف " الصوم " عن ابن عباس ‪ ،‬وف رواية لما ‪" :‬‬
‫ما تت وعلي ها صوم نذر " ‪ .‬فهذا الد يث إذن وارد ف صوم النذر ‪ ،‬فل‬
‫يوز الستدلل به على صوم الفرض كما فعل الؤلف ‪ ،‬وبعبارة أخرى ‪،‬‬
‫تمام المنة في التعليق على فقه السنة‬
‫‪451‬‬

‫الديفث دليفل للحنابلة ل للشافعيفة ‪ ،‬فتنبفه ! انتهفى تسفويد الزء الثالث‬


‫بتار يخ ‪ 73 / 8 / 19‬ه‍ ‪ ،‬و هو آ خر ما مندي من التعل يق على " ف ته‬
‫السنة " ‪ ،‬وال أسأل أن يعله معينا لطلب العلم ‪ ،‬ومنهجا يسيون عليه‬
‫للتفقه ف الدين ‪ ،‬وأن يتقبله من ‪ ،‬انه هو السميع العليم‬

You might also like