You are on page 1of 2

‫داخليا‬ ‫عن كتاب‪ :‬القرآن‪-‬نقد كتابي‪rtf.

‬‬

‫محاكم التفتيش هي ابتكار اسلمي ظهر في عهد الخليفة‬


‫العباسي المنصور حوالي عام ‪ 750‬م وقبل ظهورها في اوروبا‬
‫بثمانمائة عام ‪:‬‬
‫في عهد الخليفة العباسي المنصور حوالي عام ‪750‬م بدأت محاكم التفتيش ضد‬
‫الزنادقة‪ ،‬وعينوا مفتشا ً عاما ً كان يُعرف باسم " صاحب الزنادقة"‪ .‬وفي هذه‬
‫قتلوا‪ :‬أبن المقفع الذي كان‬ ‫الفترة قتلوا كل من شكوا فيه‪ ،‬وكان من جملة الذين ُ‬
‫قد انتقد محمد والسلم‪ ،‬وكذلك أبن أبي العوجاء‪ .‬وكذلك الشاعر بشار بن بُرد‬
‫قتل عام ‪784‬م ‪ ،‬وصالح بن عبد القدوس الذي قتُل عام ‪783‬م ‪ .‬وأبو عيسى‬ ‫الذي ُ‬
‫ً‬
‫محمد بن هارون الوراق نفوه الى الهواز ومات بها عام ‪909‬م ‪ .‬وأخيرا وليس‬
‫آخرا ً حسين بن منصور (الحلج) وقد كان متصوفا ً يحب الذات العليا ويكاد يندمج‬
‫معها من كثرة حبه لها‪ .‬دعاه هذا الحب الى ان يقول " أنا الحق"‪ .‬وبما أن الحق‬
‫اسم من اسماء الله الحسنى‪ ،‬أتهموا الحلج بالزندقة وحكموا عليه بالصلب‪ .‬وعندما‬
‫رأى الصليب منصوبا ً والناس متجمهرة حوله قال‪ ،‬مخاطبا ً الله‪ " :‬وهولء عبيدك‬
‫الذين اجتمعوا هنا اليوم لقتلي دفاعا ً عن دينك وطمعا ً في كسب اجرك‪ ،‬أغفر لهم‬
‫يا ربي واغدق عليهم رحمتك"‪.‬‬

‫لعب منع النقد دورا ً كبيرا ً في تخلف العرب والمسلمين‪ .‬ودفع المسلمون الوائل‪،‬‬
‫كما رأينا‪ ،‬ثمنا ً باهظا ً بسبب نقدهم لبعض التعاليم السلمية أو حتى إجتهادهم في‬
‫بعض المسائل المثيرة للجدل مثل قضية خلق القرآن عند المعتزلة‪ .‬وهناك عدد‬
‫كبير من المفكرين المسلمين تم إضطهادهم وقتلهم وحرق مؤلفاتهم مثل إبن‬
‫الراوندي وأبي بكر الرازي والمعتزلة والشاعرة وأخوان الصفا وغيرهم كثيرين‪،‬‬
‫ولم تصل لنا من مؤلفاتهم إل تلك النتف التي ذكرها خصومهم من إقتباسات من‬
‫أجل الرد عليهم‪.‬‬

‫وهناك قصة في " معجم ياقوت" تبين هذا الختلف‪ " :‬كتب اسماعيل بن علي‬
‫الخطبي في كتاب التاريخ قصة رجل يدعى شمبوذ في بغداد كان يقرأ ويدّرس‬
‫قرآنا ً يختلف عن قرآن مصحف عثمان‪ ،‬فقد كان يقرأ بقراءة عبد الله بن مسعود‬
‫واُبي بن كعب وقراءات اخرى‪ .‬وكان يجادل القراء الخرين ويتغلب عليهم‪ ،‬حتى‬
‫ذاع صيته واصبح من الصعب تجاهله‪ ،‬فأرسل اليه السلطان عام ‪ 828‬م واُحضر‬
‫الى منزل الوزير محمد بن مقلة‪ ،‬الذي جمع القضاة وال ُ‬
‫قراء لمحاكمته‪ ،‬ولم ينكر‬
‫شنبوذ ما كان يُدّرس‪ ،‬بل دافع عنه‪ .‬وحاول الوزير اقناعه بعدم قراءة المصاحف‬
‫التي فيها اختلف عن مصحف عثمان فرفض ذلك‪ .‬واصر الحاضرون على عقابه‬
‫حتى يمتنع عن تلك القراءات‪ .‬وعندها امر الوزير بان يُجّرد من ملبسه ويُجلد حتى‬
‫يوافق‪ .‬وبعد عشر ضربات من العصا على ظهره‪ ،‬وافق ال ينشر تلك القراءات‪.‬‬
‫وقال الشيخ ابو محمد السرفي ان شنبوذ هذا قد سجل عدة نسخ مختلفة للقرآن‬

‫وإذا رجعنا الى ما يسمى بالعصر الذهبي للسلم‪ ،‬وهو عصر الدولة العباسية‪،‬‬
‫وقبله لفترة وجيزه‪ ،‬الدولة الموية‪ ،‬نجد ان الذين تجرأوا وانتقدوا السلم لقوا‬
‫نفس المصير الذي لقاه المتنورون في العصر الحديث‪ .‬فعندما اعتلى الخليفة‬
‫المامون العرش‪ ،‬تبني افكار المعتزلة وقال ان القرآن مخلوق‪ ،‬وجعل اجهزة‬
‫الدولة تُملي هذا الرأي على العلماء‪ .‬ولكن عندما تولى المتوكل زمام المور في‬
‫عام ‪ 847‬م أصدر أوامره بعقاب كل من يقول ان القرآن مخلوق‪ .‬وسرعان ما‬
‫أمسك الرجعيون بهذه الذريعة ورموا كل من تجرأ واظهر اي رأي مخالف لهم‬
‫بالزندقة‪ .‬وحتى في الدولة الموية اتهموا المتنورين بالزندقة وقتلوهم‪ .‬وكان أول‬
‫قتل بأمر الخليفة الموي‬‫من قتلوه بتهمة الزندقة رجل يُدعى جاد بن درهم‪ُ ،‬‬
‫هشام بن عبد الملك عام ‪742‬م ‪ .‬وكانت جريمة هذا الرجل انه قال ان الله لم‬
‫يكلم موسى ولم يتخذ ابراهيم خليلً ‪.‬‬

‫الكاتب اليراني علي الدشتي سجنه الخميني لمدة ثلثة سنوات ومات في ظروف‬
‫غامضة إثر نشر كتابه " ثلثة وعشرون عاما ً ‪ " years 23‬الذي انتقد فيه السلم‪.‬‬
‫وفي مصر عندما قال الشيخ علي عبد الرزاق الذي كان استاذا ً بالجامع الزهر‪،‬‬
‫يجب فصل الدين عن الدولة‪ ،‬قامت الدنيا ولم تقعد حتى تكونت لجنة من العلماء‬
‫السلميين لمحاكمتة في عام ‪ ،1925‬واصدرت حكمها بإدانة عبد الرزاق وفصله من‬
‫منصبه بالجامع الزهر ومنعه من تقلد أي منصب ديني في البلد‪ .‬وحتى الدكتور‬
‫طه حسين عندما علق على بعض النقاط في القرآن في كتابه " الشعر الجاهلي"‪،‬‬
‫ثارت ثورة المتعصبين حتى طُرد الدكتور طه حسين من جميع مناصبه الحكومية‪.‬‬
‫وفي السودان عندما أنشأ الستاذ محمود محمد طه حزب " ألخوان الجمهوريين"‬
‫وحاول تقليل دور الشريعة في قوانين الدولة‪ ،‬اتهموه باللحاد وحرقوا كتبه‪ .‬ولما‬
‫ة من العلم جعلت الفرائض العادية‬ ‫قال الستاذ محمود محمد طه انه وصل مرحل ً‬
‫كالصلة ل تنطبق عليه‪ ،‬وهي نفس المقولة التي قالها الصوفيون في القرن‬
‫الحادي عشر‪ ،‬وجد السلميون فرصتهم سانحة فحكموا عليه بالعدام وشنقوه عام‬
‫‪1985‬‬

‫وحتى المسلمين الن في البلد العربية وغيرها أسلموا بالوراثة لنهم نشأوا في‬
‫بيوت مسلمة وما عرفوا اي ديانة اخرى‪ ،‬أو بمعنى آخر لم يكن لهم الخيار في‬
‫اختيار عقيدتهم‪ .‬وفيما بعد إذا حاول أي منهم الخروج من السلم‪ ،‬أعتبروه مرتداً‬
‫وأباحوا دمه كما فعل أبو بكر قبل ‪ 1400‬سنة‪ .‬وهناك أمثلة كثيرة من مصر‬
‫والكويت وباكستان وغيرها عن مسلمين حاولوا اعتناق المسيحية ووجدوا انفسهم‬
‫امام المحاكم الشرعية لنهم مرتدون‪.‬‬

‫أما عن محاكم التفتيش في اوروبا فقد ظهرت في النصف الثاني من القرن‬


‫السادس عشر ‪:‬‬
‫ة من التعصب‬ ‫مت اوربا المسيحية موج ٌ‬‫وفي القرن السادس عشر بعد الميلد ع ّ‬
‫الكنيسي لم يسبق لها مثيل‪ .‬وتبارت المدن في إنشاء محاكم التفتيش التي كانت‬
‫قد ابتدأت في إسبانيا‪ .‬وفي العام ‪ 1553‬تمت إدانة طبيب إسباني كان يعمل في‬
‫سويسرا بالهرطقة‪ .‬أسم هذا الطبيب هو ميكائيل سرفيتيوس‪ .‬حكموا عليه بأن‬
‫يُحرق حيا ً لنه رفض ان يؤمن بتعميد الطفال " "‪ "christening.‬وبالثالوث " الله‬
‫والبن والروح القدس"‪ .‬ونُفذ الحكم يوم ‪ 27‬أكتوبر ‪.1553‬‬
‫وفرنسا التي نقول عنها داعرة‪ ،‬كانت في قبضة محاكم التفتيش كذلك‪ .‬ولما شعر‬
‫رجال الكنيسة في فرنسا أن سويسرا قد فازت بجائزة حرق سرفيتيوس‪ ،‬صنعوا‬
‫تمثال ً لسرفيتيوس وحرقوه حتى ل يفوتهم أجر حرق الملحدين‪ .‬وقام زعيمهم "‬
‫ميلنكتون" وخطب فيهم وحمد الله على معاقبة هذا الرجل الملحد وقال إن حرقه‬
‫يدل على ورع أهل سويسرا‪ .‬شخص واحد فقط تجرأ على الدفاع عن سرفيتيوس‬
‫وهو " جوريس البازلي" ولكنه نشر دفاعه تحت أسم ٍ مستعار‪ .‬ولما توفى جوريس‬
‫واكتشفوا انه هو الذي دافع عن سرفيتيوس‪ ،‬نبشوا قبره واخرجوا جثته وحرقوها‬
‫عام ‪.1566‬‬

You might also like