Professional Documents
Culture Documents
كيف يحدد سعر البترول؟ سؤال بسيط ل يقابله جواب مماثل نظرا لوجود عوامل معقدة ومتشابكة
تؤثر على سعر البترول .ولكن نستطيع القول إن سعر البترول يتحدد ،كأية سلعة أخرى ،على أساس
مستويات العرض والطلب الحالية والمتوقعة في السوق .وكغيره من السلع أيضا يراقب البائعون
والمشترون عدداً من المؤشرات المرتبطة به والتي تعطي تصورا أوضح للطلب أو العرض.
وليضاح ما ذكرته أضرب مثلً بسوق السهم في السعودية حيث أن البائعين والمشترين في هذه
السوق يراقبون مستويات مؤشر التداول العام والرباح المعلنة من الشركات وأسعار البترول
والمساهمات الجديدة وغيرها لتقييمها ومعرفة اتجاهات السوق .وقياساً على هذا نتساءل :ما هي
المؤشرات التي يتابعها المتاجرون في أسواق البترول؟
من أهم المؤشرات مستويات المخزون التجاري العالمي من البترول الخام والمنتجات المكررة ،إذ أن
الرتفاع في مستويات مخزون البترول الخام أو المنتجات يدل على أن العرض يفوق مستوى
الطلب ،وغالبا ما يكون لهذا تأثير سلبي على السعار والعكس صحيح .وعلى صعي ٍد عالميٍ ،تنفرد
الوليات المتحدة بتنوع وتفصيل المعلومات الصادرة عنها في ما يتعلق بمستوى المخزون التجاري
للبترول الخام والمشتقات في مناطقها المختلفة ،إضافة إلى مستويات التشغيل في مصافيها ،والكميات
المستوردة من البترول الخام والمنتجات البترولية .وتصدر هذه المعلومات مساء كل يوم أربعاء عن
كلٍ من وزارة الطاقة الميركية ومعهد البترول الميركي .كما تصدر بشكل شهري في كل من
أوروبا واليابان وكوريا معلومات عن مستويات المخزون فيها .ومن العوامل الرئيسة المؤثرة على
السعار أيضاً مستويات النتاج من دول «أوبك (منظمة الدول المصدرة للبترول)» .وتقوّم العديد من
الشركات والمنظمات صادرات دول «أوبك» عن طريق متابعة وحساب عمليات تحميل ناقلت
البترول الخام من موانئ هذه الدول .وكنتيجةٍ لهذه المتابعة تصدر تقارير شهريةٌ من أهمها تقرير
شركة «بتروستراتيجيز» و«وكالة رويترز» للخبار و«وكالة بلتس» وغيرها .وبالرغم من أن هذا
السلوب غير دقيق فإن السوق توليه اهتماماً كبيرا وتتابع متغيراته من شهر لخر.
ومن المؤشرات المهمة كذلك تقرير لجنة السلع الحيوية والسواق الجلة في الوليات المتحدة
))Commodities and Futures Exchange Committeeالذي يصدر بعد ظهر كل يوم
جمعة عند الساعة الثالثة والنصف بتوقيت نيويورك .ويعطي هذ التقرير التفاصيل للسوق المستقبلية
في بورصة نيويورك للتبادل التجاري المعروفة باسم «نايمكس»( NewYork Mercantile
)Exchangeومنه تتضح مستويات العقود لدى المضاربين في السواق ،حيث أن ارتفاع معدلت
شراء المضاربين لعقود البترول المستقبلية عادة ما يكون مصاحبا لرتفاعٍ السعار والعكس صحيح.
وبالرغم من وجود سوق مستقبلية للبترول الخام في لندن( International Petroleum
)Exchangeإل أنها غير ملزم ٍة بتفصيل مستويات العقود لدى المضاربين.
تهتم السوق ،كذلك ،بالتقارير الشهرية الصادرة عن منظمة «أوبك» ووكالة الطاقة الدولية ووزارة
الطاقة الميركية ،حيث تقدم هذه التقارير عرضًا وتحليلً دقيقين لمستويات الطلب والعرض
والمخزون في جميع مناطق العالم ،إضافة إلى تصور مستقبلي لمستوياتها خلل السنة المقبلة .وأول
هذه التقارير الشهرية يصدر عن إدارة المعلومات في وزارة الطاقة الميركية ،ثم يليه تقرير وكالة
الطاقة الدولية ،ومن ثم تقرير منظمة «أوبك» .وفي السنوات الخيرة ظهرت تقارير مماثلة تصدر
عن محللين اقتصاديين وبنوك متابعة لسواق البترول .ولما كان الطلب على البترول الخام مرتبطاً
ارتباطاً مباشراً بالداء القتصادي فإن سوق البترول تولي اهتماماً خاصاً بالمؤشرات القتصادية،
خاصة في مناطق الستهلك الرئيسة مثل آسيا وأميركا الشمالية ،كما تهتم كذلك بتقارير وتحليلت
البنوك المركزية في دول هذه المناطق وصندوق النقد الدولي .ومن أهم المؤشرات التي ترد في هذه
التقارير ،تقرير مستويات الناتج المحلي الجمالي ،الذي يصدر كل ثلثة أشهر ،وبيانات الستهلك
الشخصي والناتج الصناعي ومستويات التضخم والبطالة .وللطقس ،كذلك ،تأثير على أسواق البترول
من ناحيتين :أولهما أن الطلب على بعض المشتقات البرولية يكون للتدفئة في فصل الشتاء ،كما في
أوروبا وشمال شرقي الوليات المتحدة وشمال شرقي آسيا .وثانيتهما أن هناك مناطق إنتاج وتصدير
تتعرض في بعض الفصول لعوامل جويةٍ قد تعيق إنتاج النفط أو عمليات شحنه .ومن هذه الماكن
خليج المكسيك وبحر الشمال ومضيق البوسفور وموانئ التحميل في البحر السود .وعليه فإن تقارير
الطقس وخاصة تلك التي تعطي تنبؤات بدرجات الحرارة أو العواصف يمكن أن تؤثر في أسعار
البترول .وبالضافة إلى كل ما سبق فإن السوق تتفاعل بشكل كبير مع الخبار السياسية
والتصريحات الصادرة عن الدول المنتجة والمستهلكة الرئيسة .خاصة تلك الصادرة عن الجتماعات
الهامة ،كالمؤتمرات الوزارية لمنظمة «أوبك» واجتماعات البنوك المركزية في كبرى الدول
المستهلكة ،وكذلك التصريحات الصادرة عن قادة الدول المنتجة والمستهلكة الرئيسة.
وبما أن البترول ل يستهلك بشكله الخام بل يحتاج إلى التكرير ،فإن السوق البترولية تولي اهتماما
خاصاً بالخبار المتعلقة بنشاط مصافي التكرير العالمية .ومن المعروف أن المصافي تمر في فترات
صيانة محددة يتم فيها إيقافها عن العمل ،ما يؤدي إلى انخفاض الطلب على البترول ،ولكن المصافي
عادةً ما تتجنب تنفيذ أعمال الصيانة خلل مواسم تزايد الطلب على منتجاتها ،كفصل الشتاء الذي
يكثر فيه الطلب على وقود التدفئة وفصل الصيف في الوليات المتحدة حيث يزيد الطلب على
البنزين .وتبعا لذلك فإن أية أنباء عن توقف أعمال المصافي خارج مواعيد صيانتها ،بسبب الحوادث
ونحو ذلك ،تُعد من محركات السوق المهمة.
ومواصلة في موضوع المصافي فإن قدرتها على تحقيق أرباحٍ مرتفعةٍ من أعمال التكرير هي من
المؤشرات المهمة أيضاً ،حيث أن شركات المصافي قد تخفض مستويات إنتاجها في حال انخفاض
هامش الربح بين سعر شراء البترول الخام وأسعار بيع المشتقات البترولية .لذا نرى أن متابعي
السواق البترولية يراقبون عن كثب هامش ربح التكرير في مناطق التكرير الرئيسة.
ومن العوامل المهمة أيضا والمؤثرة في السوق ،تلك الخبار الصادرة عن كبريات شركات البترول
العالمية التي تتعلق بعمليات التنقيب والنتاج ،حيث تتابع السوق البترولية نتائج أعمال هذه الشركات
من استكشافات وإنتاجٍ وتكاليف إنتاجية وخطط أعمالهم المستقبلية .ويمتد اهتمام السوق البترولية ،في
هذا الشأن ،إلى الخبار المماثلة من شركات البترول الوطنية ،كـ«آرامكو» السعودية وغيرها .تشكل
هذه المؤشرات في مجملها اللغة المشتركة للمتاجرين في أسواق البترول .وللتقنية دور مهم لتسهيل
متابعة هذه المؤشرات ،حيث نرى المُتاجر في أسواق البترول محاطاً بشاشات العرض والحاسبات
اللية التي تمكنه من متابعة جميع هذه المؤشرات وتتيح له أن يتخذ قراراته بناءً على حساباتٍ دقيقةٍ
لها .وهذه المؤشرات هي ،في الواقع ،اللغة الواجب على الراغب في فهم أسعار البترول وتقلباتها أن
يتقنها.