Professional Documents
Culture Documents
المذكرة الثانية:
نطالب بعلنية المحاكمة /لعشرة أسباب
صاحب الفضيلة القاضي بالمحكمة الجزئية ببريدة:
إبراهيم بن عبد الله الحسني وفقنا الله وإياكم
السلم عليكم ورحمة ال وبركاته
نشير إلى الجلسة الولى من محاكمتنا يوم السبت 26/8/1428هـ(/7أيلول/
2007م ) ،وإلى اعتراضنا -أثناء الجلسة-على سرية المحاكمة ،وفي هذه المذكرة نفصل
لكم السباب.
=1النبي صلى الله عليه وسلم رسخ معيار العلنية:
إن علنية المحاكمة من أهم وسائل ضمان عدالة القضاء ونزاهته ،إن لم تكن
أهمها ،إنها تأمين مهم لستقلل القضاء ،ووسيلة فعالة لتقوية روح المسئولية ،وتحول دون
توفر فرص تدخل الحكومة ،ودون سيطرة العلى على الدنى في جهاز القضاء ،وتدعم ثقة
الجمهور.
لقد سبق السلم النظم الدستورية الحديثة؛ إلى تقرير هذا المبدأ ،فقد كان النبي صلى
ال عليه وسلم ،يقضي بين الناس في المسجد .وقد علل الفقهاء قضاء النبي صلى ال عليه
وسلم والخلفاء الراشدين في المسجد ،بأن المسجد "أقرب على الناس في شهودهم" وهذا
يؤكد الحرص على شهادة الناس وحضورهم ،فثمة إدراك لهمية حضور الجمهور .من أجل
ذلك قال مالك والحنفية والحنابلة :إن المسجد أنسب مكان يقضي فيه القاضي.
وللقضاء في المسجد فوائد ،منها :أنه إعلن للمحاكمة ،وهو إعلن أبعد عن التهمة،
لن كل فرد يستطيع أن يحضر المجلس إن رغب ،فل يشتبه عليه المكان ،ل يحتاج الغريب
إلى من يهديه ول يحتاج أي إنسان فيه إلى استئذان.
وقد جرى كثير من قضاة السلم على القضاء في المسجد ،وهي عادة حميدة لسيما
والقضاء عبادة ،من أفضل العبادات ،ولذلك درج كثير من الفضلء على مزاولته احتسابا
دون أجر.
وتأكيدا لهمية علنية المحاكمة ،ورفضا لكل مسارب القضاء السري؛أحرق عمر بن
الخطاب ،دار أمير الكوفة أبي موسى الشعري ،لما جعلها أبوموسى مكانا للقضاء ،ولو
كانت أمرا اجتهاديا للقاضي حق بتحويلها إلى سرية ،لما أحرق الخليفة الدار ،فقد نص
الفقهاء على وجوب أن يقضي القاضي علنا ،وحددوا معيار العلنية ؛ في مكان القضاء:
-أن يكون في مجمع الناس.
-وأن يسهل على الناس الحضور والشهود.
ونص بعضهم على حضور الفقهاء ،وأهل العلم والرأي والمشورة.
واشترطوا في أي مكان يقضى فيه كالدار والمكتب شرطين:
-أن تفتح البواب.
-وأن ل يكون عند البواب حجاب (انظر تبصرة الحكام لبن
فرحون).
من خلل تقرير السلم مبدأ علنية الجلسات ،يتبين حرص السلم على مبدأ
الشفافية ،لن العلنية جزء من الشفافية ،وكل وسيلة تحقق العدل ،ول تعارض نصوص
الشرع ،فهي من الشريعة ،وإن لم ينزل بها الكتاب ،ول فعلها النبي صلى ال عليه وسلم،
كما قرر الفقهاء كابن عقيل وابن القيم في غير هذا السياق.
إن عنصر الشفافية والعلنية شديد الرتباط بالستقلل والمسئولية ،إن تقديم
معلومات مبهمة أو ناقصة أو غير صحيحة يفضي إلى التضليل ،وإلى إضعاف الثقة
بالقضاء ،ولذلك فإن النزاهة والحياد والمساءلة وثقة العامة مسائل أساسية ،في معيار
الشفافية.
بل إن الطبيعة المغلقة لي تنظيم ،فرصة للخلل بالدارة الجيدة .وما لم يتوغل
مبدأ الشفافية في مختلف مجالت القضاء ،فلن يحصل المصلحون داخل السلطة القضائية
وخارجها ول الشعب؛ على المعلومات اللزمة لتقييم الصلحات ومتابعتها ،وإن ثقافة
السرية والنغلق تحول دون تنفيذ أي مبادرة إصلح .لن المصلحين لن يحصلوا على
المعلومات والدلة التي يحتاجون إليها لتعزيز العدالة ،ولن تتعزز الثقة في السلطة
القضائية ،من دون وضوح المعلومات
وعلنية المحاكمة باب عظيم من أبواب سد ذرائع الفساد ،ولذلك قال الرسول صلى
ال عليه وسلم" :الثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس" ،وفي العلنية صيانة
لهيبة القضاء والقضاة عن الشائعات،كما في الثر":رحم ال امرءا كف الغيبة عن نفسه".
وضع السلم العلنية لعدالة المحاكمة ،لن العلن بيان ونور ،والخفاء مظنة
الكذب والجور ،ولذلك أمر ال بإعلن كل أمر مشروع ،فأمر بإعلن الزواج ،ونهى أن
يكون الزواج سرا ،لن السرية مظنة الفجور ،فقال تعالى ((ولكن ل تواعدوهن سرا))،
وكذلك المحاكمة فإن إعلنها مظنة العدل ،وإسرارها مظنة الجور والبغي كما قال الشاعر:
يلقاك دون الخير من ستر الستر دون الفاحشات ول
ولم يعرف القضاء السلمي طوال العصور الغرف المغلقة ول المحاكمات
السرية.فالعلنية والشفافية هما إحدى سمات القضاء العادل عبر العصور،في كل أمة
وملة ،؛ ويعتبر اليوم من المعايير الدولية لستقلل القضاء ،التي يقتضيها الحكم بالعدل ،في
الدول الدستورية(انظر :معايير استقلل القضاء الدولية ،في بوتقة الشريعة السلمية:المعيار
الرابع عشر والخامس عشر ،)115-110 :وهو أهم بنود عدالة القضاء السبعة ،التي أقرتها
المم المتحدة ،ووقعت عليها الدول ،ومن ضمنها المملكة.
فهي عرف شرعي ،عرفه المسلمون قبل أربعة عشر قرنا ،من كونها معيارا دوليا
رئيسيا ،من معايير نزاهة القضاء واستقلله عن الحكومة.