You are on page 1of 28

‫انعكاسات اتفاقيات‬

‫أوسلو‬
‫على الصراع العربي – الصهيوني‬

‫أ بو خالد ا لعم لة – فلس طين‪-‬‬


‫بسم ال ال رحمن ال رح يم‬

‫‪2‬‬
‫تقديم‬
‫بعد ستة أعوام على توقيع اتفاق أوسلو وما ترتب على ذلك من نتائج كارثية على صعيد المنطقة والقضية المركزية‬
‫للمة –قضية فلسطين‪ -‬وما رافق ذلك من حملت التضليل وتسويق الوهام التي رافقت أوسلو وحتى يومنا هذا‪ ،‬تتضح أكثر‬
‫فأكثر مخاطر هذا التفاق وملحقاته نتيجة سلسلة التنازلت التي أقدم عليها نهج التفريط والخيانة والتي كان آخرها اتفاق‬
‫واي‪ 2-‬الذي أقر على خلف ما روج البعض‪ -‬بمرجعية أوسلو في إطار ما يسمى بالحل النهائي‪.‬‬
‫إن السار التصفوي الذي بدأ منذ مدريد ولن ينتهي باتفاق واي ريفر‪ 2-‬تري فصوله وفق السيناريو العد من قبل الدارة المريكية الت‬
‫استفادت من التغيات الدولية الت أعقبت انيار التاد السوفييت وانتهاء الرب الباردة‪ ،‬وما أفرزته حرب الليج من نتائج مدمرة‪ ،‬لفرض‬
‫مشاريع هيمنتها على وطننا العرب وكخطوة أول لناء الصراع العرب – الصهيون با يضمن تثبيت كيان العدو نائيا ف فلسطي وتطوير دوره‬
‫ووظيفته ف خدمة الستراتيجية المريكية‪.‬‬
‫إن هذا البحث الذي بين أيديكم هو محاولة جادة لتبيان العديد من الدللت والمؤشرات والبعاد الخطيرة‪ ،‬التي تؤكد‬
‫وتوضح طبيعة التفاقيات واستهدافاتها‪ ،‬كمشروع أمريكي – صهيوني جاء منسجماً مع أهداف الكيان الصهيوني‬
‫ومخططاته التي سعى لتحقيقها وفي المقدمة منها‪ ،‬تكريس وجوده الستيطاني في فلسطين وفي قلب الوطن العربي‪ ،‬وتوفير‬
‫السبل الكفيلة للتعايش وتطبيع العلقات معه والقرار به كمركز قائد في النظام الشرق أوسطي الذي يسعى المشروع‬
‫المريكي – الصهيوني لنشائه وتكريسه‪ ،‬وفي سبيل ذلك كانت الحروب العدوانية التي شنها الكيان الصهيوني‪ ،‬وبدعم كامل‬
‫من الوليات المتحدة‪ ،‬ضد المة العربية‪ ،‬من أجل كسر إرادة المواجهة لدى أبنائها‪.‬‬
‫إن التكاء على الزعم بتردي الوضع العربي لتبرير الهزيمة‪ ،‬يهدف إلى إخفاء حقيقة أن اتفاقيات أوسلو لم تكن‬
‫مقطوعة الجذور عما سبقها من سياسات وتنازلت استسلمية فلسطينية وعربية‪ ،‬نتيجة سلوك أنظمة فرطت وتواطأت‪،‬‬
‫حيث فرط نظام السادات بمنجزات حرب تشرين وتماشى مع سياسة الخطوة خطوة المريكية‪ ،‬وصولً إلى كامب ديفيد‪،‬‬
‫وانحرفت قيادات فلسطينية عن مسار الثورة‪ ،‬مبررة انحرافها تحت شعار «برنامج الحد الدنى الممكن» معبراً عنه‬
‫بالبرنامج المرحلي الذي ظل يردف بتنظيرات تقوده من تنازل إلى آخر وصولً إلى الحكم الذاتي الداري‪ ،‬حيث أصبح‬
‫برنامجهم نهجاً فكرياً وسياسياً يستسيغ تقديم التنازلت تلو التنازلت وصولً إلى التفريط والستسلم الكامل لشروط‬
‫وإملءات الكيان الصهيوني‪.‬‬
‫والسؤال الذي يطرح نفسه إلى أين أوصلنا مثل هذا النهج اليوم‪..‬؟!‬
‫لم تعد قضية فلسطين من خلل تلك التفاقيات أكثر من حكم إداري ذاتي محدود على جزء من أرض غزة والضفة‬
‫الفلسطينية ل سيادة عليها‪ ،‬خاضعة سياسياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً وثقافياً لملءات سلطات الحتلل الصهيوني‪ .‬وهو‬
‫بهذا ضرب المضمون التحرري الكفاحي للثورة‪ ،‬وكذلك السيادة الوطنية والقومية والدينية والنسانية‪ ،‬كما تم تزييف طبيعة‬
‫الكيان الصهيوني‪ ،‬ولم تعد الوليات المتحدة –في عرف هؤلء‪ -‬في موقع العداء لشعبنا وأمتنا‪ ،‬والعدو الصهيوني لم يعد‬
‫استعماراً استيطانياً عدوانياً‪ ،‬وحركة عنصرية‪ ،‬والداة العسكرية للمبريالية في المنطقة العربية‪ ،‬ووسيلتها لفرض الهيمنة‬
‫والتبعية واستمرار سياسة الضعاف والستن زاف والتفتيت للمة العربية‪.‬‬

‫‪1999‬‬ ‫دمشقللللللللل لللللللللفيللللللللل لللللللللتشرينللللللللل لللللللللأوللللللللللللللللللل‬


‫أبو خالد العملة‬

‫‪3‬‬
‫المحتويات‬
‫التسوية والتطبيع‪ ..‬ملحظات أول‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ً‬
‫أول‬
‫التطبيع كنتاج للتسوية‬ ‫أ‪-‬‬

‫ملحظات حول الفهوم‬ ‫ب‪-‬‬

‫‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬مقدمات اتفاقيات السلم‬

‫ثالثا‪ :‬آفاق الوضع الفلسطين وانعكاساته بعد اتفاقيات أوسلو‪.‬‬

‫‪-‬على الصعيد السياسي (الستيطان‪ ،‬القدس‪ ،‬اللجئون‪ ،‬وهم‬


‫الدولة‪ ،‬أوسلو وقضايا الل النهائي)‬

‫‪-‬على الصعيد القتصادي‬

‫‪-‬على الصعيد المن‬

‫رابعا‪ :‬الثار السياسية للتسوية على الصعيد العربي‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬انعكاسات اتفاقيات أوسلو على الصعيد الثقاف‪.‬‬

‫(حو ل التطبي ع الثقاف ‪ ،‬حاي ة الثقافة ‪ ،‬انعكاسا ت أوسل و على‬


‫الصعيد الثقاف)‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬انعكاسات اتفاقيات أوسلو على الصعيد القتصادي‪.‬‬

‫(التفاقات والتطبيع‪ ،‬القمم القتصادية‪ ،‬الؤترات)‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬انعكاسات اتفاقيات أوسلو على الصعيد المن‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫أولً‪ :‬التسوية والتطبيع‪ ..‬ملحظات أولى‬
‫أ‪ -‬التطبيع كنتاج للتسوية‪:‬‬
‫إن التطبيع هو النتيجة البرز لا يسمى بالتسوية السلمية‪ ،‬باعتباره المهد لتحقيق اشتراطات التسوية‪ ،‬على اعتبار أن «التسوية» ل تقف‬
‫عند حدود التصال مع الكيان الصهيون بل تتعدى ذلك إل‪:‬‬
‫• الندماج في وحدة إقليمية بكل ما تستلزمه الترتيبات المتعلقة بذلك في المنطقة‪ ،‬وهذا ما يفسر مشاركة الردن في‬
‫المناورات البحرية المشتركة مع الوليات المتحدة والكيان الصهيوني وتركيا‪.‬‬
‫• تكريس تبعية المنطقة في المد القريب والبعيد لمصالح الوليات المتحدة‪.‬‬
‫• تحويل الكيان الصهيوني إلى قوة إقليمية مهيمنة كشريك للوليات المتحدة في نهب واستغلل المنطقة وثرواتها (النظام‬
‫الدولي الجديد)‪.‬‬
‫• ضرب المشاعر القومية وصولً للقضاء على مفهوم القومية العربية لحلل مفهوم الشرق أوسطية‪.‬‬
‫• تحويل البلدان العربية إلى أسواق مستهلكة للمنتجات القتصادية العالمية ووقف التنمية المستقلة أو المشتركة‪.‬‬
‫• تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع العربي – الصهيوني‪.‬‬
‫وعليه فإن التركيز على تظاهرات التطبيع يأت بوصفها نتاجا لتفاقيات التسوية‪ ،‬أي لستكمال عملية الخضاع وتعطيل إرادة الواجهة والصمود‪.‬‬
‫وذلك أن ما يطلق عليه اسم التطبيع مفروض بشروط «النتصر» أي شروط العدو‪ ،‬وهذا ما حصل ف اتفاق أوسلو – والتطبيع كما‬
‫يستدل من السياق الذي نشأ منه اللفظ – الصطلح أو الرمز‪ ،‬هو تطبيع سياسي وعسكري واقتصادي وثقاف وحقوقي بي النظم العربية‬
‫والكيان الصهيون‪ ،‬يشمل بالضرورة علقة حسن الوار‪ ،‬والتعايش مع العدو القومي الذي هو ف طريقه إل أن يصبح حارا وحليفا‪.‬‬
‫ب‪ -‬ملحظات حول المفهوم‪:‬‬
‫بدأ تناول مصطلح التطبيع بصورته السياسية الدارجة ف قاموس الصراع العرب – الصهيون منذ معاهدة كامب ديفيد عام ‪ ،1977‬وتوسع‬
‫بعد مؤتر مدريد‪ ،‬ولفظ التطبيع ف اللغة العربية يعن العودة إل العادي – الطبيعي‪ ،‬فإذا اختل هذا العادي‪ /‬الطبيعي وجب العمل على‬
‫تصحيحه‪ ..‬ولذلك فإن هذا الصطلح يفتقر استخدامه إل الدقة ف الالة بي الدول العربية والكيان الصهيون‪ ،‬حيث ل يكن هنالك ف أي يوم‬
‫من اليام أي علقة طبيعية اختلت ف مرحلة معينة ما يوجب العمل على إعادتا إل وضعها الطبيعي السابق‪.‬‬
‫وإضافة إلى كل هذا فإن العلقة الطبيعية تنشأ بين الدول‪ ،‬وتتبلور مصالحها المشتركة للدول والشعوب وهي تسبق‬
‫المعاهدات الموقعة بينها‪ ،‬ولهذا فالعلقات التي تنشأ بالمعاهدات ل يمكن أن تكون طبيعية وعلى سبيل المثال معاهدة‬
‫السادات – بيغن‪ ،‬التي وقعت بتاريخ ‪ 26/3/1979‬أنشأت نظاماً قانونياً ولكن ليس بمقدورها أن تنشأ علقات طبيعية‪.‬‬
‫والمصطلح حديث الستخدام في الفكر السياسي الصهيوني‪ ،‬رغم أن بعض الباحثين الصهاينة ينسبون صياغته لول‬
‫مرة إلى «أبا إيبان» في خطاب له في المم المتحدة أثناء المفاوضات المصرية ‪ -‬الصهيونية‪ ،‬أما في البداية فإن المصطلح‬
‫الذي استخدم للدللة على المفهوم كان‪« :‬طبيعة السلم»‪ .‬وعندما شرح ألوف هارايفن‪« ،‬مدير مركز شيلواح لدراسات‬
‫الشرق الوسط» مفهوم «طبيعة السلم» في آذار‪ /‬مارس ‪ ، 1977‬ذكر أن «السرائيليين يفهمون السلم على أنه علقة‬
‫تحتوي على ثلثة عناصر على القل‪ :‬الول‪ :‬أن هذه العلقة يجب أن تتضمن حواراً بين الطراف الذين كانوا مشتبكين قبل‬
‫ذلك في النزاع‪ ،‬والثاني‪ :‬أن هدف هذا الحوار يبتغي الوصول إلى حلول مشتركة‪ ،‬والثالث‪ :‬أن السلم يجب أن يأخذ شكل‬
‫علقة قادرة على أن تخلق آفاقاً ونماذج جديدة من التعاون‪ .‬وهكذا فإنه عندما يقول العرب‪ :‬ل تجارة مع إسرائيل‪ ،‬ل‬
‫اتصالت‪ ،‬ول مواصلت مع إسرائيل‪ ،‬ول حدود مفتوحة مع إسرائيل‪ ،‬فمعنى ذلك أنهم يقولون أن السلم في رأيهم ل يعني‬
‫وجود صلة إنسانية بينهم وبين إسرائيل‪ ،‬وأنه ل علقة‪ ..‬ومن ثم فإنه ل حلول مشتركة‪ ،‬وإذن ما يقترحه العرب هو شيء‬
‫ليس له «معنى السلم» و«ل طبيعة السلم» كما تتصورها إسرائيل»‪.‬‬
‫وإذن فالصهاينة يرون أن «التطبيع» بمعناه الكامل يتطلب من أجل تحقيقه مجموعة من المقومات والمهمات التي ل‬
‫يكتمل بدونها‪ ،‬ومن أهمها التطبيع السياسي والتطبيع القتصادي والتطبيع النفسي والتطبيع الثقافي‪.‬‬
‫وهذا يعني أن مصطلح التطبيع هو مصطلح صهيوني بحت‪ ،‬له دللت مغلوطة ويحرف مفاهيم الصراع المتداولة عن‬
‫معانيها الحقيقة وعن الهداف التاريخية بغية أن يكتسب العتراف الرسمي من قبل النظمة بالكيان أبعاده الشعبية‬
‫والتاريخية حيث يتم إعادة النظر في جملة من المفاهيم والقيم والقناعات والمواقف لتزول حالة العداء ويصبح هذا الكيان‬
‫المغتصب لرض فلسطين جزءاً عضوي ًا من تكوين المنطقة ونسيجها‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫إنه خطأ شائع يري تداوله من قبل الثقفي والسياسيي والحزاب العربية‪ ،‬وللدقة فإن استخدام مصطلح «التطويع» أو «الغزو الثقاف»‬
‫هو الصطلح الصوب‪ ،‬وبغض النظر عن التسميات فإن الطلوب هو عملية إخضاع وهيمنة عملية اختراق‪ ،‬وفرض‪.‬‬
‫وحي استخدام الصطلح ف هذا البحث‪ ،‬فإنه يستخدم كمفهوم يدل على ما ذكر آنفا من دون سواه‪ ،‬مع الشارة إل أن الستخدام هنا‪،‬‬
‫هو من نوع الري مع السائد‪ ،‬ول يكن معه‪ ،‬القرار به‪ ،‬وإنا تسهيلً للتناول وبغية وضوح الدللت ل غي‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬مقدمات اتفاقيات السلم‬


‫إذا كان من غي المكن التقليل من خطورة التفاقيات الستسلمية منذ توقيع كامب ديفيد‪ ،‬وصولً إل اتفاقيات عرفات والنظام الردن‬
‫مع الكيان الصهيون‪ ،‬فإنه من التوجب الشارة إل أن الخاطر الادية اللموسة التحصلة عن هذه التفاقيات‪ ،‬إنا تظهر فداحتها ليس ف مرد‬
‫الضوع لرادة ومططات الشروع المريكي ‪ -‬الصهيون فقط‪ ،‬وإنا بتبير البعض لذا الضوع تت ستار صعوبة الظروف الوضوعية‬
‫والضغوط السياسية‪ ،‬ث الديث عن أن ما جرى إبرامه من اتفاقات صار واقعا يصعب تقويضه أو مقاومته ليصبح الطلوب هو التحلي بعقلنية‬
‫التبير والعمل على تسي شروط التفاقات الوقعة مع العدو الصهيون والتعامل مع الواقع القائم الفروض‪ ،‬واقع التواطؤ والستسلم‪.‬‬
‫هذا ول يكن أوسلو سوى نتاج لسار سياسي أقدمت عليه قيادة عرفات والقوى الداعمة له منذ وقت طويل‪ ،‬أي عندما أخضعت‬
‫البديهيات لنظام الحتمالت‪ ،‬أو تويلها إل افتراضات ومنها على سبيل الثال ل الصر إن ثة تولً ف الوقف المريكي‪ ،‬أو أن التسوية تمل‬
‫إيابيات باعتبار أن الستهدف هو فلسطي فحسب‪ ،‬وهذه الفتراضات هي نتيجة سيادة عقلية التسوية الت خلفت تلك الفتراضات‪ ،‬بيث‬
‫جرى تويه الدف المبيال – الصهيون الساس‪ ،‬بأهداف جزئية وتكتيكية ليجري التعامل معها‪ ،‬بدل الكفاح والنضال كإطار عام يشد جهد‬
‫المة العربية ف وجه الشروع المبيال – الصهيون‪.‬‬
‫وبالطبع فإن التركيز على برنامج قيادة عرفات الستسلمي‪ ،‬ل يعني التقليل من خطورة البرامج الخرى‪ ،‬على أن هذا‬
‫النهج الذي بدأ مبكراً وجرى التعبير عنه في البرنامج المرحلي عام ‪1974‬أوصل أصحابه إلى أوسلو‪ ،‬وراكم مجموعة من‬
‫النتائج المتحصلة عن النهج ذاته‪ ،‬والتي استخدمت لتسويغ القدام على اقتراف الكارثة في وقت لحق ومن أ هم النتائج‬
‫المشار إليها على الصعيد الفلسطيني‪:‬‬
‫• التفاق جاء لحل المشاكل التي يعانيها الكيان الصهيوني أساساً‪ ،‬تحت شعار حل القضية الفلسطينية‪.‬‬
‫• شرع للعدو الصهيوني احتلله لفلسطين‪.‬‬
‫• شكل جسر عبور للختراق الصهيوني تجارياً واقتصادي ًا وأمني ًا إلى المنطقة العربية‪.‬‬
‫• أدخل العمل الوطني الفلسطيني في أزمة حادة‪ ،‬من خلل البتعاد عن الشكل المثل للنضال ضد العدو الصهيوني‬
‫لصالح أشكال من التحركات الدبلوماسية التي جاءت بنتائج الكارثة‪.‬‬
‫جزأ وحدة الرض والشعب‪ ،‬وأسدل الستار على حق العودة وجعل التعامل يجري مع القضية «باعتبارها مشكلة إنسانية وليست وطنية وقومية»‪.‬‬ ‫•‬
‫• أدخل قطاعات واسعة في دوائر الوهم‪ ،‬فجلست تنتظر دولتها المزعومة تقدم على مائدة المفاوضات‪.‬‬
‫• ترك القدس لمفاوضات ما يسمى بالمرحلة النهائية «المر الذي ل يعني استرجاعها»‪.‬‬
‫تلى عن أهداف الشعب الفلسطين الجسدة ف «اليثاق الوطن»‪ .‬وعن حقه التاريي ف وطنه‪ ،‬وعن قومية قضية فلسطي‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬آفاق الوضع الفلسطيني وانعكاساته بعد اتفاقيات أوسلو‬
‫إن خيار أوسلو ليس مرد خطأ ف السابات أو غفلة ساذجة تورط فيها أصحابه‪ ..‬إنه تتويج لسار تفريطي خيان شكل نجا ف الساحة‬
‫الفلسطينية منذ سنوات طويلة‪ ،‬فهذا التفاق وما تله من اتفاقات أخرى حصد الكيان الصهيون فيه من خلل الفاوضات ما ل يكن يلم به منذ‬
‫تاريخ إنشاءه‪ ،‬حيث كرس الحتلل الصهيون لفلسطي‪ ،‬وأقر بشرعيته تهيدا لتهويد الرض واستكمال الستيطان‪ ،‬حيث نقل «الشرعية» إل‬
‫جانبه‪ ،‬وجعل أمنه هدفا ومقياسا وواجبا مفروضا على الشعب الفلسطين‪ ،‬وأصبح يتلك إمكانية رسم الدود الت يراها وفق أهدافه العدوانية‪.‬‬
‫وإذا استعرضنا جلة التفاقيات الوقعة وتطبيقاتا طيلة السنوات ا لست الاضية ف الضفة‪ ،‬نرى أن الوجود الفلسطين ف الرض الحتلة قد‬
‫جزئ من خلل نتؤات «إسرائيلية» داخلة‪ ،‬ومن خلل تقطيعه بالطرق الت تتحكم ف تلك الجزاء‪ ،‬وتضيق مساحة التجمعات الفلسطينية‬
‫(مناطق الكم الذات) وإبقاء هذه الناطق ف أضيق نطاق من الصلحيات‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫أي أن الرض الت تضم تطبق فيها سياسة إنقاص الوجود الفلسطين‪ ،‬وهذا ما فعلته السياسة الصهيونية منذ سنة ‪ 1948‬من إثارة الفزع‬
‫والتهجي الجباري والستيلء على الرض والسيطرة على الياه‪ ،‬وكبت وسائل التنمية القتصادية وهدم الساكن وفرض التلعب بفرص‬
‫العمالة‪..‬ال‪.‬‬
‫ومقابل ذلك يري إلزام فريق أوسلو بالتخلي عن القاومة بل وبالعمل على ضربا وتقويضها وعن قدسية اليثاق الوطن الفلسطين‪ ،‬وعن‬
‫أي ذكر لق الشعب الفلسطين ف وطنه بالنصوص الت احتوتا أوراق اتفاقيات أوسلو وجرى التوقيع عليها‪ .‬سواء لهة تول سلطة عرفات‬
‫ووفق نص «اتفاق طابا وملحقه» بضمان أمن الكيان‪ ،‬وتنصيب الفلسطين شرطة على الفلسطين كأداة أمنية بيد الحتلل‪ ،‬ومنع أي مساس‬
‫بقوات العدو الصهيون والستوطني تت شعار «ماربة الرهاب» (القاومة)‪ ،‬فاتفاق أوسلو بذا العن جاء أسيا لعتبارات المن «السرائيلي»‬
‫الت تقوم عليها أصلً معادلة التفاق‪ ،‬ومن منظور «إسرائيل» لذا المن الوازي لبقاء الحتلل وتوسيع الستيطان ومواصلة مطط تويد القدس‪.‬‬
‫لقد كشف مرور سنوات ست على اتفاقيات أوسلو النطق التبيري لصحاب أوسلو بالدعاء القائل أنه أفضل ما كان يكن أن يتم‬
‫التوصل إليه ف الظروف الدولية والقليمية الت تولدت عن انيار التاد السوفيت وحرب الليج الثانية‪ ،‬وأنه مرد اتفاق مرحلي يكن تطويره‬
‫من الداخل مستقبلً با يفظ حقوق الشعب الفلسطين ف أرضه الت يبتلعها الستيطان‪ ،‬وينقذ الشعب الفلسطين من الواقع القتصادي الصعب الذي يعيشه‪.‬‬
‫وإذا كانت نصوص اتفاقيات أوسلو وما تبعها وصولً إل واي ريفر –‪ -2‬تضمنت هذا النطق العاجز التبيري والخادع‪ ،‬فإن حصيلة ستة‬
‫أعوام من التطبيقات اليدانية لذا التفاق كفيلة بإعطاء صورة واضحة العال لا ت تطبيقه فعليا ف الضفة الغربية وقطاع غزة‪.‬‬
‫وبعيدا عن ما تقق لصال العدو الصهيون‪ ،‬فإن النتائج على الستوى الفلسطين كانت أكثر خطورة‪ ،‬وانعكاساتا كارثية ومدمرة‪ ،‬حيث ل‬
‫تقق هذه التفاقيات خطوة واحدة للمام لصال الشعب الفلسطين ف أي ميدان من اليادين بل أدت إل الزيد من التردي والطورة ف أكثر‬
‫من مال ويكن تفصيل هذه النعكاسات على النحو الت‪:‬‬
‫أ‪ -‬على الصعيد السياسي‪:‬‬
‫يعتب اتفاق أوسلو‪ ،‬التحصل عن مسار استسلمي عمره سنوات طويلة‪ ،‬عنوانا للتصفية الارية لقضية فلسطي‪ ،‬وإناء الصراع العرب –‬
‫الصهيون‪ ،‬والدخول إل مرحلة التطبيع بي الكيان الصهيون والنظمة العربية ف كافة الجالت‪ ،‬انطلقا من التطبيع على كافة الصعد‬
‫القتصادية والثقافية والمنية وإقامة العلقات الت ترتكز بالساس على التطبيع السياسي‪.‬‬
‫لقد استهدف قادة الكيان الصهيون من وراء توقيع اتفاق أوسلو مع عرفات وفريقه أن يكون هذا التفاق الطوة الول على طريق إقامة‬
‫السوق الشرق أوسطية‪ ،‬حيث ت ف هذا التفاق ليس تكريس شرعية الكيان الصهيون على معظم الرض الفلسطينية‪ ،‬بل التحاق سلطة عرفات‬
‫بخططات العدو تاه المة العربية‪ ،‬والقرار بدور الكيان الصهيون على صعيد النطقة سياسيا واقتصاديا وأمنيا‪.‬‬
‫إن اتفاق أوسلو وما تبعه من اتفاقيات شكل انتصارا كبيا أحرزه العدو المريكي – الصهيون‪ ،‬وهو اتفاق ل يمل حلولً مهما كانت‬
‫متواضعة وهو تعبي عن رضوخ وإذعان لشروط العدو سواء لهة الضمون أو لهة آليات تطبيقه‪ ،‬حيث تكن العدو الصهيون بعد مرور ست‬
‫سنوات على توقيع اتفاق أوسلو‪ ،‬من خلل الصيغة الت وضعها بنفسه من تشريع احتلله لرض الضفة الغربية وقطاع غزة الت تولت نتيجة‬
‫التفاق من أرض متلة يسري عليها القانون الدول الاص بالحتلل ف زمن الرب‪ ،‬إل أرض متنازع عليها بي طرفي‪ ،‬حيث أضحت تلك‬
‫السلطة مرتنة للحتلل‪ ،‬ول تتمتع بسيادة حقيقية على الرض‪ ،‬خصوصا ف الانب المن والسيطرة على العابر والدود والتحكم ف الياه‬
‫والثروات الطبيعية‪.‬‬
‫وبقيت الراضي الفلسطينية السماة إنا متمتعة بكم ذات تت اليمنة غي الباشرة أو الباشرة للحتلل الصهيون‪ ،‬وجرت تزئة هذه‬
‫الرض إل مناطق متلفة أ‪،‬ب‪ ،‬ج‪ ،‬وهذا الواقع دفع النائب ف ملس عرفات التشريعي (حات عبد القادر) للقول «لو كانت لسوار القدس‬
‫وجدران النازل والرض الفلسطينية‪ ،‬أفواه لشبعنا التفاق بصقا»‪.‬‬
‫وإضافة إل حرمان الفلسطين من التمتع بأي من مظاهر السيادة القيقية‪ ،‬تزايدت رقعة الستيطان الصهيون‪ ،‬وت تويد القدس ف تلك‬
‫الرحلة بدف تفريغ مفاوضات الل النهائي حولا من أي مضمون حقيقي‪ ،‬وجزئ التفاق إل مرحلتي مؤقتة ودائمة وتزئة الرحلة الؤقتة إل‬

‫‪7‬‬
‫عدة مراحل‪ ،‬ونح العدو ف حصر إطار الل النهائي ف فلسطي الداخل واستبعد موضوع الشتات الفلسطين الذي ت حصره بـ ‪ 200‬ألف‬
‫نازح يكن إعادتم على مدى ‪ 40‬سنة «‪ 500‬شخص كل سنة»‪ .‬كما جرى شطب قضية اللجئي وإن الل التاح هو التوطي والتعويض فقط‪.‬‬
‫مقسما بذلك الشعب الفلسطين إل داخل وخارج‪ ،‬وقسم الداخل إل شرائح عديدة وجرى تاهل أكثر م ن ‪ % 60‬من مموع الشعب‬
‫الفلسطين‪.‬‬
‫ولتبيان ماطر هذه التفاقيات وانعكاساتا وآثارها الدمرة نوضح مصلة هذا التفاق وتطبيقاته والواقع الذي أفرزه‪.‬‬
‫‪ -‬الستيطان‪:‬‬
‫إذا كان الستيطان يشكل ركناً أساسياً في سياسة الكيان الصهيوني ‪ ،‬فإن الحجة التي كان يرتكز عليها أصحاب نهج‬
‫أوسلو هي أن الدخول في المفاوضات سيؤدي إلى وقف عمليات التوسع الستيطاني‪ ،‬لكن بالرغم من ذلك تجاهلت اتفاقيات‬
‫أوسلو هذه المسالة وأحالتها إلى ما يسمى بمفاوضات الوضع النهائي‪ ،‬وخلت التفاقات من أي تعهد (إسرائيلي) ملزم‬
‫بالمتناع عن مصادرة الراضي‪ ،‬أو توسيع المستوطنات القائمة خلل ما يسمى بالمرحلة النتقالية‪.‬‬
‫وتشير الحصاءات إلى أن مجموع ما صادرته السلطات الصهيونية خلل السنين العشر الخيرة‪ ،‬يفوق ما تمت‬
‫مصادرته خلل ربع قرن‪ ،‬وسجلت السنوات الست الخيرة أعلى نسبة وهي المرحلة التي بدأت فيها تطبيقات اتفاق أوسلو‪،‬‬
‫ومنذ توقيع التفاق واصل الكيان الصهيوني ضم الراضي الفلسطينية على نحو فاق معدلت المصادرة قبل اتفاق أوسلو‬
‫حتى سنوات النتفاضة‪ ،‬إذ بلغ المعدل الشهري لمصادرة الراضي نحو ‪ 4700‬دونم‪ ،‬ثم انخفض المعدل إلى نحو ‪ 2500‬دونم‬
‫بعد مؤتمر مدريد‪ ،‬ليرتفع بشكل لم يسبق له مثيل بعد توقيع التفاق حيث بلغ ‪ 8400‬دونم في حين كان نصيب الستيطان‬
‫المباشر نحو ‪ 233‬دونم قبل مدريد وارتفع بعد توقيع التفاق ليصل إلى ‪ 1081‬دونماً في الشهر الواحد ‪.‬‬
‫وهذا يعني أن معدلت الرتفاع الشهري في عملية الستيطان المباشر وصل إلى ‪4.6‬أضعاف عما كان عليه قبل انعقاد‬
‫مؤتمر مدريد‪.‬‬
‫وأكثر من ذلك أعطت اتفاقات أوسلو للكيان الصهيوني المسؤولية الكاملة وحرية التصرف بنحو ‪ % 40‬من مساحة‬
‫قطاع غزة‪ ،‬و ‪ % 70‬من أراضي الضفة الغربية‪ ،‬وهكذا بدلً من أن يشكل اتفاق أوسلو وملحقه مدخلً لوقف الستيطان‪،‬‬
‫فإنه شكل مظلة للكيان لستباق نتائج المفاوضات النهائية بتحويل الوجود الصهيوني في الضفة والقطاع إلى معازل مطوقة‬
‫من كل جانب بالمستوطنات والمناطق المنية الملحقة بها‪ ،‬وقسمت الخليل تحت وطأة أوسلو إلى منطقتين وسيطرت قوات‬
‫الحتلل على نحو ‪ 1/5‬من مساحة المدينة‪ ،‬وقسمت الراضي الفلسطينية إلى ثلثة أجزاء أ‪ ،‬ب ‪ ،‬ج ‪ ،‬وهذا يعني أن عدد‬
‫المستوطنين ارتفع من عام ‪ 1996 -1992‬من ‪ 145,000 – 111,000‬مستوطن في الضفة الغربية‪ ،‬ومن ‪ 3000‬إلى ‪ 5500‬مستوطن‬
‫في قطاع غزة‪ ،‬ومن عام ‪ 1999 – 1993‬وصل عدد الدونمات التي صودرت إلى ‪ 4‬مليين دونم من أراضي الضفة الغربية‪ ،‬هذا‬
‫إضافة إلى تجزئة الضفة الغربية إلى ثلث مناطق ‪ ،‬والستيلء على مناطق الحراج والمناطق المشجرة ومصادرتها تحت‬
‫تسمية ( محميات طبيعية ) وما تبقى تمت مصادرته باعتباره أملك دولة‪.‬‬
‫أما الرهان على باراك بتقديم حلول تعطي شيئاً من الحقوق فلقد برهنت لءات باراك الربع على الخطوط الحمراء‬
‫المعتمدة لسياسته‪ ،‬وكان باراك تحدث عن سياسته الستيطانية قبل سنة من توليه رئاسة الحكومة في مستوطنات إيل‪،‬‬
‫نيلى‪ ،‬وعوفر‪ ،‬أمام طالبات معهد عوفر حيث قال‪( :‬ل خلف بيننا حول العلقة بأرض إسرائيل وإنما الخلف حول الفصل‬
‫السياسي – ما الذي يجب فعله من أجل ضمان بقاء اليهود والحفاظ على أمنهم ووجودهم النفسي) وتوضح صحيفة هآرتس‬
‫سياسة باراك الستيطانية بأنها (أكثر ما يمكن من الرض والمن‪ ،‬وأكثر ما يمكن من اليهود‪ ،‬وأقل ما يمكن من العرب)‬
‫وخطوطه للصيغة الستيطانية تتمثل حسب ما نشرته صحيفة هآرتس في ‪ 31/5/1999‬بما يلي‪:‬‬
‫تعهد باراك بعدم تخفيف المستوطنات القائمة‪ ،‬ومصطلح التخفيف يحظى بالجماع السياسي داخل الكيان حتى في حركة‬
‫ميرتس‪ ،‬المر الذي يعني عملياً إمكانية تسمين المستوطنات وتلبية احتياجاتها التوسعية‪ ،‬وهي ذات الصيغة التي تبناها‬
‫نتنياهو‪ ،‬كما أن باراك تعهد بتنفيذ كافة القرارات الستيطانية التي اتخذتها حكومة نتنياهو –‬
‫وما يجري تطبيقه على الرض يؤكد سياسة باراك اتجاه الستيطان‪ ،‬ففي عهده تم الستيلء على تلل الضفة الغربية‬
‫وبني أكثر من ‪ 20‬موقع منذ توقيع اتفاق واي – ريفر في شهر تشرين أول الماضي‪ ،‬كما صودر نحو أكثر من ‪ 100‬دونم من‬
‫أراضي قرية الخضر القريبة من بيت لحم بهدف توسيع مستوطنة أفرات ‪ ،‬وتوسيع مستوطنة نيفى دكاليم في قطاع غزة‬
‫عبر بناء ‪ 22‬وحدة سكنية‪ ،‬وقرار حكومة باراك بناء ‪ 1000‬مسكن في الضفة الغربية خلل عامين حسب ما قالته صحيفة‬
‫هآرتس‪ ،‬وبناء ‪ 6000‬وحدة سكنية فوق جبل أبو غنيم الواقع بين القدس الشرقية ومدينة بيت لحم‪ ،‬وبناء ‪ 15‬وحدة سكنية‬
‫جديدة في مستوطنة موراغ على أرض تمت مصادرتها من غزة‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ذلك هو الواقع الذي نشأ بعد اتفاقيات أوسلو في الضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬وتلك سياسة باراك التي راهن عليها‬
‫فريق أوسلو‪ ،‬ويتضح أن جوهر مواقف كل من الليكود والعمل تجاه الستيطان واحدة‪ ،‬وكما قال علي الجرباوي‪( :‬فإن اتفاق‬
‫أوسلو مكّن السرائيليين من تثبيت وجودهم الدائم في مناطق واسعة ومهمة من الراضي الفلسطينية‪ ،‬واستطاع أن يمنح‬
‫لهم الحق في تحديد مستقبلها بعدما ألغى الطابع الحتللي للوجود السرائيلي فوقها)‪.‬‬
‫ومضيفاً‪ :‬إن الفلسطينيين عاشوا تحت الحتلل المباشر في وحدة جغرافية حيث استطاعوا التنقل بين الضفة والقطاع‬
‫وداخلهما بحرية نسبية‪ ،‬وأصبحوا مع أوسلو محصورين في معازل‪ ،‬وفصلت الضفة عن قطاع غزة‪ ،‬إضافة إلى عزل شمال‬
‫الضفة عن جنوبها ‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫سلمت اتفاقيات أوسلو بفصل القدس عن سائر الراضي المحتلة عام ‪ ، 1967‬وأحالت وضعها إلى مفاوضات ما يسمى‬
‫بالحل النهائي ‪ ،‬وبهذا أطلقت التفاقيات يد الكيان الصهيوني لتسريع عملية تهويد القدس‪ ،‬وهذا ما جرى فعلً عبر التعاون‬
‫بين ما يسمى برئيس بلدية القدس وحكومة العدو الصهيوني بمصادرة الراضي ‪ ،‬ومخططات بناء الحياء اليهودية ومنع‬
‫البناء في الحياء العربية وتفريغ سكانها العرب بوسائل متعددة‪ ،‬وسن القوانين لتقييد نشاط المؤسسات الفلسطينية ‪.‬‬
‫وعمل الكيان أثناء المرحلة النتقالية على تسريع عملية الستيطان بذريعة أن اتفاق أوسلو يخلو من أي معنى يمنع‬
‫عمليات الستيطان‪ ،‬وقد تمكن (الصهاينة) عبر ست سنوات من توقيع التفاق من إحكام قبضتهم على مدينة القدس وتغيير‬
‫ما بقي من طابعها العربي‪ ،‬وبالتالي إلغاء هوية القدس المحتلة‪ ،‬مما جعل سكان المدينة وكأنهم جالية أجنبية في وطنهم‪،‬‬
‫وصودرت المزيد من الراضي المقدسية‪ ،‬وجُلبت اللوف من يهود الشتات لستيطانها على طريق تهويد المدينة المحتلة‬
‫التي ارتفع عدد المستوطنين اليهود فيها ليصل إلى ‪ 170,000‬ألف مستوطن وبفضل أوسلو الذي أخرج القدس من‬
‫المفاوضات المرحلية فإن المدينة ترزح تحت وطأة الستيطان السريع‪ ،‬وسينفذ مشروع بناء ‪ 190,000‬ألف وحدة سكنية منها‬
‫‪ 6500‬وحدة سكنية في مستوطنة (جفعات هميتوس) وما تبقى في مستوطنة النبي يعقوب‪ ،‬ويضاف مشروع (القدس‬
‫الكبرى) الذي أقرته الحكومة عام ‪ ، 1998‬ويضم بمقتضاه ما يعادل ‪ %10‬من أراض الضفة إلى الحدود البلدية للقدس التي‬
‫يعتبرها الكيان الصهيوني (العاصمة البدية)‪.‬‬
‫وفي مطلق الحوال فسابقة اتفاق الخليل تعطي صورة واضحة عن موقف فريق أوسلو إزاء موضوع الستيطان في‬
‫الضفة الغربية‪ ،‬لن من عجز عن إخراج ‪ 400‬مستوطن من الخليل سيبقى عاجزاً عن ترحيل أكثر من ‪ 150.000‬ألف مستوطن‬
‫من الضفة الغربية‪.‬‬
‫وعليه لقد أخرج اتفاق أوسلو القدس العربية من الضفة الغربية‪ ،‬وحقق فريق أوسلو أهداف الكيان الصهيوني‬
‫التوسعية والستيطانية في القدس العربية أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين‪ ،‬مدينة السراء والمعراج‪ ،‬وكنيسة‬
‫القيامة ‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫يعتبر موضوع اللجئين من أبرز عناصر القضية الوطنية الفلسطينية‪ ،‬وقد تم تجاهل هذه القضية على يد أصحاب‬
‫اتفاق أوسلو ورُحلت مع بقية المواضيع الخرى للمرحلة النهائية‪ ،‬حتى باتت ملمح المشاريع المتكاملة والمنسقة تستهدف‬
‫تصفية القضية‪ ،‬والمخططات تسعى لنهاء مرتكزاتها الساسية‪ ،‬وهو أمر يجري تلمسه على أكثر من صعيد‪.‬‬
‫• لقد استند قادة العدو الصهيوني في مقترحاتهم لحل تلك القضية على العناصر التالية‪:‬‬
‫• رفض العتراف بحق العودة للجئين‪.‬‬
‫• التلميح الدائم بأن موضوع اللجئين يشمل أيضاً اليهود الذين غادروا البلدان العربية‪.‬‬
‫• عدم تحمل مسؤولية التعويض عن الممتلكات الفلسطينية‪ ،‬وتحميل المسؤولية للجهات الدولية‪.‬‬
‫• التمييز بين لجئي عام ‪ ،1948‬ونازحي عام ‪ ،1967‬وخاصةً لجهة السماح بعودة النازحين الفلسطينيين‪ .‬وفق الكيفية‬
‫التي بيناها سابقاً والتي تتطلب مئات السنوات‪.‬‬
‫• العمل على توطين اللجئين في الدول العربية‪.‬‬
‫إن مجمل الدراسات التي قدمت من قبل قادة العدو الصهيوني تظهر أن هناك مقاربات تتعلق بموضوع اللجئين من‬
‫أهمها‪:‬‬
‫مشروع عنان – فايتس‪ ،‬ومشروع ابا إيبان‪ ،‬وأخيراً مقاربة شلومو غازيت والتي ترفض بشكل مطلق حق العودة‪ ،‬أو‬
‫السماح لحد بالعودة إلى فلسطين‪ ،‬وحصر حق العودة فقط بالسباب النسانية في إطار لم الشمل‪ ،‬حيث يرى غازيت أن‬
‫(إسرائيل) ل تتحمل مسؤولية تعويض اللجئين ول بروز هذه القضية‪ ،‬ويرى ضرورة استيعاب هؤلء اللجئين حيث هم‪،‬‬
‫ومنحهم حق المواطنة‪ ،‬ل بل يطالب الحكومة (السرائيلية) بمطالبة فريق أوسلو بالتنازل عن ممارسة «حق العودة» أو‬
‫المطالبة بهذا الموضوع‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫وهكذا فإن اتفاق أوسلو ضرب وحدة الشعب الفلسطيني واختصر الشعب في مواطني الضفة والقطاع وشطب نهائياً‬
‫حق العودة للجئين الفلسطينيين عام ‪ 1948‬وهو الحق الذي أقرته وتقره كل المواثيق والشرائع الدولية‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫لقد جرت دوماً محاولت لتسويق أوسلو باعتباره سوف يقود إلى دولة فلسطينية والسؤال الذي يطرح نفسه أمام‬
‫التوسع الستيطاني وعملية القضم الجارية على قدم وساق‪ ..‬وما هي مواصفات تلك الدولة المزعومة بعد إقامة ‪195‬‬
‫مستعمرة في الضفة وقطاع غزة‪.‬‬
‫يقول «زئيف شيف» وهو خبير ومعلق عسكري ورأيه يمثل التيار الوسع في الكيان الصهيوني‪ ،‬ول تنشر مقالته هذه‬
‫إل بعد أن توضع على طاولت صناع القرار في الكيان الصهيوني إنه قبل انتخاب باراك كان واضحاً للطرفين الفلسطيني‬
‫والسرائيلي ولكثيرين من السرة الدولية بما فيها ذلك الوليات المتحدة المريكية أن المواضيع التي تركتها اتفاقية أوسلو‬
‫لمفاوضات الحل النهائي لم تتضمن الدولة الفلسطينية‪ ،‬بل اقتصرت على مستقبل القدس‪ ،‬ومشكلة اللجئين ومستقبل‬
‫المستوطنات والحدود والترتيبات المنية والعلقات والتعاقد مع الدول المجاورة‪.‬‬
‫ولكن هذا ل يعني أن المفاوضين نسوا موضوع الدولة‪ ،‬و«إسرائيل» لها مصلحة أن تجري المفاوضات بشأن ذلك من‬
‫أجل تحديد شروط انتماء هذه «الدولة» وهي مرتبطة بقبول الشروط المسبقة التي تكون جزءاً من التفاقية‪ .‬وأن المطلوب‬
‫من عرفات وفريقه أن توقع هذه الدولة المزعومة على وضع حد للنزاع‪ ،‬احترام سلمة «إسرائيل» القليمية‪ ،‬ل تتدخل في‬
‫الشؤون الداخلية‪ ،‬وأن ل تعمل على ضم «عرب إسرائيل» الذين هم من أصل فلسطيني‪ ،‬وأن ل تشكل خطراً على مصادر‬
‫المياه والثروات الطبيعية‪ ،‬وأن تعمل بتعاون كامل مع «إسرائيل»‪.‬‬
‫ويرى «شيف»‪ :‬أن من المواضيع المركزية المطروحة في المفاوضات أيضاً العلقة السياسية المستقبلية بين الردن‬
‫وفلسطين (كونفدرالية أم ماذا) لنه من الخطأ بحث موضوع الدولة بشكل منفصل عن المواضيع الخرى‪.‬‬
‫فمقابل تلك الرقعة الجغرافية لهذه الدولة والتي ستنحصر في قطاع غزة والتي مساحتها ‪ 363‬كيلو متر ويقطنها مليون‬
‫فلسطيني بين مقيم ولجئ ونازح سوف يتم من خلل التفاقيات ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬الوضاع العسكرية والمنية لهذه الدويلة‪ ،‬ستكون منزوعة السلح والكيان الصهيوني هو المسؤول عن حماية‬
‫الدولة من أي اعتداء خارجي‪ ،‬ويقتصر السلح بأيدي الشرطة على السلحة الخفيفة لعتبارات حفظ المن الداخلي‬
‫ومنع «الرهاب»‪ ،‬وحماية «إسرائيل» من أي عمل فدائي يتخذ من أراضي تلك الدولة قاعدة له لضرب‬
‫«إسرائيل»‪.‬‬
‫‪ .2‬تمنع الدولة العتيدة من عقد اتفاقيات ومعاهدات خارجية مع الدول الخرى (خاصة العربية والسلمية) إل بموافقة‬
‫«إسرائيل»‪.‬‬
‫إذن الدولة المطروحة غير حرة في حماية نفسها‪ ،‬وتأمين شؤونها المنية والعسكرية ول في علقاتها الخارجية‪ ،‬وهي‬
‫تنحصر جغرافياً في ‪ 13‬من ألف فقط من أرض فلسطين التاريخية‪ ،‬ول يتعدى سكانها ‪ %13‬من الشعب الفلسطيني‪ ،‬مقابل‬
‫ذلك يبسط الكيان الصهيوني سيادته على حوالي ‪ %99‬من أرض فلسطين مقابل تنازل جزئي عن ‪ %1.3‬فقط من البلد‪.‬‬
‫أما الضفة الغربية فالشارات «السرائيلية» واضحة بأن مصير هذه الرقعة التي ألحقت بالردن عام ‪ ، 1948‬واحتلتها‬
‫القوات الصهيونية عام ‪ ،1967‬سيكون مثار مباحثات ومفاوضات بين «إسرائيل» والردن‪ ،‬وربما يكون هنالك إشراك معين‬
‫لفريق أوسلو (محدود من الناحية العملية) لن يتعدى السيادة على السكان في الضفة الغربية‪ .‬وهذا ما نلحظه من أن الجانب‬
‫«السرائيلي» يصر على النسحاب من مناطق ل ترابط جغرافياً بينها‪ ،‬وأن المناطق الخاضعة لسيطرة إدارة عرفات أمنياً‬
‫وإدارياً أي المناطق التي تعرف باسم مناطق (أ) ل تزيد مساحتها عن ‪ %3‬فقط من مساحة الضفة الغربية وتضم أكبر نسبة‬
‫من سكانها وهي على وجه الخصوص المدن السبع‪ ،‬جنين‪ ،‬طولكرم‪ ،‬قلقيلية‪ ،‬نابلس‪ ،‬رام ال‪ ،‬بيت لحم و ‪ %80‬من الخليل‬
‫ليست سوى جزر متناثرة ل تواصل جغرافي بينهما‪.‬‬
‫وهنا نذكر بما قاله رابين‪ :‬أثناء حديثه في «الكنيست» أثناء تقديم أوراق أوسلو بعد توقيعها‪ ،‬حين يرى «أن الحدود‬
‫تخضع للتغيرات السياسية لكل مرحلة وخصوصاً إذا كان المر يتعلق بالمن الستراتيجي «لسرائيل» وهو ما نريده‬
‫مساحة معينة من الرض مع أخف وجود فلسطيني ممكن بيننا»‪.‬‬
‫إن إطلق باراك لفظ الكيان الفلسطيني على الوضع النهائي بمدلولته القانونية‪ ،‬يعني القلية التي تعيش داخل إطار‬
‫الدولة وتخضع للنظام القائم بها‪ .‬مثل وضع الزنوج داخل الوطان الغربية‪ ،‬ووضع الصينيين واليابانيين داخل جنوب شرق‬
‫آسيا‪ ،‬وهذا يعني إلغاء الهوية الفلسطينية بصورة نهائية بإدخال الفلسطينيين تحت مظلة المواطنة داخل الكيان الصهيوني‪،‬‬
‫ليصبحوا مجرد كيان في البنيان الجتماعي فيخضع في كل حقوقه وواجباته لمعطيات الوطن الواحد‪ .‬تلك هي الدولة‬
‫(كيانية) مرتبطة أميناً واقتصادياً بالكيان الصهيوني‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪10‬‬
‫لقد ربط اتفاق واي بلنتيشن‪ 2-‬المرحلة النتقالية بما يسمى بمفاوضات المرحلة النهائية‪ ،‬وأصبح اتفاق مرجعية لتلك‬
‫المفاوضات التي سوف تبحث قضايا جوهرية مثل قضية اللجئين‪ ،‬القدس‪ ،‬الرض‪ ،‬المياه‪.‬‬
‫وحول مسألة الرض والسيادة والحدود فإن الكيان الصهيوني متمسك بعدم النسحاب من القدس أو إعادة تقسيمها ل‬
‫بل يسعى إلى توسيع ما سمي بممر القدس من الجانبين‪ ،‬بأن يوصل الساحل بالقدس وكذلك توسيع (المساحة حول القدس)‬
‫باتجاه مستوطنة معاليه أدوميم «شرقاً» مع الحتفاظ بالرض التي تضمنها مشروع آلون (غور الردن والقسم الشرقي من‬
‫صحراء الضفة الغربية)‪.‬‬
‫أي أن المطلوب هو استيعاب مليوني مستوطن في القدس والضفة الغربية وهو هدف ثابت تدعمه عمليات المصادرة‬
‫وضم الراضي‪.‬‬
‫كما أن العدو متمسك بالستيطان في مناطق تلبي الحتياجات المنية‪ ،‬وسوف يأخذ بنفس العتبار المسائل المنية في‬
‫مختلف المقاربات إن بالنسبة للحدود مع الردن أو بالنسبة لتقطيع أوصال الكيان الفلسطيني المنتظر‪ ،‬وتكريس التبعية‬
‫«لسرائيل»‪ .‬أما بالنسبة للمفاوضات النهائية حول المياه وهي ل تقل أهمية عن موضوع المن بالنسبة للكيان الصهيوني‬
‫لن ‪ %60‬من مصادر مياه الكيان الصهيوني مصدرها المياه الجوفية التي توجد في الضفة الغربية أو المتداخلة معها‪ .‬فإن‬
‫الكيان يريد جهاز رقابة للمياه‪ ،‬وعدم حفر آبار ارتوازية‪ ،‬وأيضاً إجراء تعديل على الحدود‪ ،‬فالمنطقة التي يخشى إجراء‬
‫حفر آبار فيها تقع على مسافة تتراوح بين اثنين إلى ست كيلو مترات شرق ما يسمى الخط الخضر‪ ،‬وهناك ضرورات‬
‫عسكرية لجراء تعديلت على الحدود‪.‬‬
‫وفي هذا السياق يؤكد باراك رئيس وزراء الكيان الصهيوني في معرض شرحه لرؤيا الحل بقوله‪«:‬ل أريد رسم خريطة‬
‫دقيقة‪،‬لكن أعتقد أن الحل الدائم مع الفلسطينيين يجب أن يشتمل على القدس موسعة وموحدة تحت سيادتنا‪ ،‬وأيضاً منطقة‬
‫غوش عتيسون‪ ،‬وكتلة المستوطنات في غرب السامرة‪ ،‬وكتل المستوطنات في شمال السامرة‪ ،‬ووجود استيطاني واف في‬
‫غور الردن وفي أماكن حيوية في أعالي المرتفعات الجبلية‪ ،‬وكذلك ممر واسع يربط المستوطنات بالقدس‪ ،‬وتعديلت أخرى‬
‫على الحدود على امتداد الخط الخضر في أماكن مختلفة‪.»...‬‬
‫ب‪ -‬الوضاع القتصادية‪:‬‬
‫إن التفاق جعل عملياً غزة والضفة الغربية جسر عبور تجاري واقتصادي صهيونياً إلى المنطقة العربية‪ ،‬ويضفي على‬
‫التفاق التطبيع القتصادي الشامل‪ ،‬فالملحق الثالث من إعلن المبادئ يتحدث عن تعاون صهيوني – فلسطيني اقتصادي‪،‬‬
‫وعن برامج تطبيقية‪ ،‬وتشكيل لجان مشتركة صهيونية – فلسطينية دائمة‪ ،‬من أجل تنمية الموارد المائية‪ ،‬والكهربائية‪،‬‬
‫وتطوير الطاقة‪ ،‬والتعاون في مجالت النقل‪ ،‬والتصالت والتجارة‪ ،‬وأعمال وتشجيع التجارة القليمية‪ ،‬والتعاون الصناعي‪،‬‬
‫بما في ذلك تشكيل شركات صهيونية – فلسطينية في صناعات النسيج والغذية والدوية واللكترونيات‪.‬‬
‫والخطورة في هذا العلن تكمن في أنه لم يقتصر فقط على ربط القرار القتصادي الفلسطيني بالقرار «السرائيلي»‬
‫من خلل تلك اللجان المشتركة‪ ،‬بل أنه يعتبر هذا الربط مقدمة لتعاون «إسرائيلي»‪-‬فلسطيني مشترك فيما يتعلق بالتنمية‬
‫القليمية في المنطقة كتكل‪ .‬ففي بروتوكول التعاون الذي يخص التنمية القليمية يتحدثون عن الجهود المتعددة الطراف‬
‫التي تشارك فيها الدول الصناعية الغربية الكبرى السبع والدول العربية ومؤسساتها والقطاع الخاص فيها من أجل التنمية‬
‫القليمية في مختلف المجالت‪.‬‬
‫أي ل يصبح دخول التطبيع القتصادي حالة «إسرائيلية»‪-‬فلسطينية‪ ،‬بل التمهيد لدخول حالة «إسرائيلية»‪-‬عربية‪ .‬وهذا‬
‫يعني جعل الضفة الغربية وقطاع غزة مجالُ حيوياُ لتنمية القدرة القتصادية للكيان الصهيوني‪ ،‬وجعل القتصاد الفلسطيني‬
‫بمثابة الضاحية الجنوبية للقتصاد «السرائيلي»‪.‬‬
‫أما حديث فريق أوسلو الموعود عن أن الضفة الغربية والقطاع سيصبحان سنغافورة الشرق الموعود‪ ،‬فما زال هذا‬
‫المركب لم يغادر مرفأه‪ ،‬وسيبقى الحال من سيئ إلى أسوأ‪ ،‬فالفقر والبطالة وضنك العيش تضرب أطنابها بين الفلسطينيين‪،‬‬
‫حيث انخفاض مستوى الدخل الفلسطيني بنسبة ‪ % 30‬مقارنة بالمرحلة التي سبقت توقع أوسلو‪ ،‬والبطالة تراوح نسبتها‬
‫بين القوى العاملة ما بين ‪ 60‬و ‪ % 50‬من قوة العمل وللعدو الصهيوني وإجراءاته دور في ذلك‪ .‬إضافة إلى ديون سلطة‬
‫عرفات البالغة حوالي نصف مليار دولر وهذا المبلغ يشكل (‪ )%17‬من حجم الناتج المحلي‪ ،‬وهذا يعني المزيد من المعاناة‬
‫للشعب الفلسطيني‪ ،‬حيث سجل العجز التجاري نسبة كبيرة لتراجع نسبة الصادرات‪ .‬وازدياد البطالة مضافاً إلى ذلك التضخم‬
‫الوظيفي داخل أجهزة عرفات الذي يثقل بنود المصروفات‪ ،‬حيث من أصل(‪ 963‬مليون دولر ) موازنة عام ‪ 1998‬صرفت على‬
‫النحو التالي‪:‬‬
‫‪ 85 -‬مليون دولر راتب الشرطة‪.‬‬
‫‪ 465 -‬مليون دولر لموظفي القطاع العام الذين بلغ عددهم (‪ 87‬ألف شخص)‪.‬‬
‫وهذا يعني أن ‪ %32.5‬فقط من الموازنة العامة تبقى لتطوير البنى التحتية؟!‬
‫‪11‬‬
‫كما إن تطبيق اتفاق أوسلو أدى إلى تدهور مريع في مستوى المعيشة‪ ،‬ومن أجل تضليل الشعب وصرف النظار عن‬
‫الثار السلبية والمدمرة لتفاق أوسلو على القتصاد في الضفة والقطاع‪ ،‬علق البعض الكثير من المال على المساعدات‬
‫الخارجية التي وعدت بها الدول المانحة‪ ،‬غير أن هذه الوهام سرعان ما انجلت واتضحت حقيقتها‪ ،‬هذا فضلً عن حالة‬
‫الفساد والسرقات والنهب الذي تقوم به أجهزة السلطة وانعكاسات ذلك على الوضع القتصادي‪.‬‬
‫لقد نجح «الكيان الصهيوني» من خلل اتفاقيات أوسلو في تعميق تبعية القتصاد الفلسطيني وتشديد استغلل المصادر‬
‫القتصادية في تلك المناطق لخدمة اقتصادها حتى أصبح اقتصاده تلك المناطق مرتبطاً بالكيان ومعتمداً عليه بصورة أعمق‬
‫من السابق‪.‬‬
‫جل‪ -‬على الصعيد المني‪:‬‬
‫لقد حرصت الدارات المريكية المتعاقبة على إعطاء الولوية لنبذ وإدانة المقاومة أو ما تسميه أمريكا (بالرهاب)‬
‫الممارس من قبل الفصائل الوطنية الفلسطينية‪ ،‬وقد استجاب عرفات لهذا المطلب‪ ،‬وأعلن وبصوته العتراف بحق‬
‫(إسرائيل) في الوجود‪ ،‬ونبذ كل أشكال الرهاب‪ ،‬وذلك في مؤتمر صحفي عقد في جنيف في ‪ ،14/2/1988‬وهي المرة الولى‬
‫التي يعلن فيها باسم منظمة التحرير الفلسطينية إدانته للرهاب‪ ،‬وقد كان ذلك كافياً بنظر الوليات المتحدة التي أعلنت‬
‫الحوار المريكي – الفلسطيني في ‪.19/12/1988‬‬
‫وعندما أنجز اتفاق أوسلو اشترط رئيس وزراء العدو السابق ( اسحق رابين ) إدانة عرفات للرهاب قبل توقيعه على‬
‫إعلن المبادئ‪ ،‬فكانت رسائل العتراف المتبادل في ‪ 9/9/1993‬وهي الوثيقة الرسمية الولى التي تعهد فيها عرفات بمكافحة‬
‫كل أشكال (العنف والرهاب) إذ أشارت إلى‪( :‬أن منظمة التحرير تنبذ اللجوء إلى الرهاب وأعمال العنف الخرى‪،‬‬
‫وستتحمل مسؤولية جميع عناصر وموظفي منظمة التحرير الفلسطينية كي تضمن إذعانهم ‪.)...‬‬
‫إن المسؤولية التي انبرى لها عرفات بهذا التعهد لم تقتصر على مكونات منظمة التحرير الفلسطينية‪ ،‬بل إنه التزام‬
‫سياسي وقانوني وأمني في أن أسلوب القمع وأداته الشرطة القوية برسم الحتلل ولحسابه‪.‬‬
‫وجاء اتفاق القاهرة بتاريخ ‪ 4/5/1994‬مستوعباً ما جاء في رسالة عرفات السابقة حيث ورد في المادة الثامنة عشرة‬
‫التالي‪…« :‬يتخذ الجانب الفلسطيني جميع الجراءات الضرورية لمنع العمال العدوانية ضد المستوطنات والمنشآت التابعة‬
‫لها والمنطقة العسكرية…» وحين وُقع هذا التفاق كان واضحاً أن الذي يحتاج للمن والحماية هو الشعب الفلسطيني‬
‫وليس الحتلل الصهيوني‪ ،‬حيث وقعت مجزرة الحرم البراهيمي الشريف في الخليل بتاريخ ‪.1994 /4/2‬‬
‫كذلك حملت المادة (‪ )5‬من النظام النتخابي الفلسطيني الذي وضع في التداول أواخر عام ‪ 1995‬ما ينص على‪( :‬ل يكتفي‬
‫بالدعوة إلى عدم ممارسة العنف‪ ،‬بل تحريم الدعوة إليه ) أي يفرض على كل من يشارك في عملية النتخابات من الحزاب‬
‫اللتزام بالشرط المني وعدم ممارسة العنف؟‪.‬‬
‫كما أن بروتوكول الليل الوقع ف ‪ 17/1/1997‬والذي يعتب الخطر أمنيا بي سلسلة التفاقيات لهة إدخال مصطلح جديد عُرف‬
‫(بالتبادلية) أي العاملة بالثل‪ ،‬با معناه ‪ :‬إعادة النتشار (السرائيلي) ف بعض مناطق الضفة مقابل التزام عرفات وفريقه بالسؤوليات المنية‪،‬‬
‫ويُعّرف اللحق رقم (‪ ) 2‬من البوتوكول هذه السؤوليات على الشكل التال‪ :‬مكافحة الرهاب ومنع العنف‪ ،‬تعزيز التعاون المن‪ ،‬منع‬
‫التحريض والدعاية العادية‪ ،‬مكافحة النظمات الرهابية وبناها التحتية بصورةٍ منهجية وفاعلةـ توقيف الرهابيي وماكمتهم ومعاقبتهم‪،‬‬
‫ومصادرة السلحة‪.‬‬
‫وللسير في اتجاه تطبيق ما وُقع من اتفاقيات ميدانياً استعاضت الدارة المريكية عن ذلك بآلية تنفيذ ومتابعة من خلل‬
‫لجنة أمريكية – صهيونية – فلسطينية‪ ،‬مما يشكل نقلة سياسية هامة عما ورد في التفاقيات السابقة‪.‬‬
‫ومن خلل تلك النظرة السريعة والموجزة وما تضمنته هذه التفاقيات من نصوص أمنية يتضح أن المعاناة المنية‬
‫ازدادت حيث لم يتم إطلق سراح المعتقلين كافة وفق ما نصت عليه تلك التفاقيات‪ ،‬وكثيرون منهم اليوم لزال قيد العتقال‬
‫الداري‪ ،‬وما تزال قوات الحتلل الصهيوني ممسكة بمناطق الحكم الذاتي‪ ،‬ولها وجود عسكري في قلبها‪ ،‬وإجراءات‬
‫الحصار والغلق وحظر التنقل (كما هو في الخليل) والعقوبات الجماعية كانت السوأ وأكثر في قسوته منذ بداية الحتلل‪،‬‬
‫إضافةً إلى تضاعف الهم المني للشعب الفلسطيني وقواه المناضلة بسبب السلوك القمعي للسلطة وأجهزتها المنية‬
‫المتعددة‪ ،‬والتي أضحت مؤخراً أداة أمنية بيد الحتلل الصهيوني في مطاردة واعتقال وقتل المناضلين والمجاهدين من‬
‫أبناء شعبنا‪.‬‬
‫وهذا يدلل على أن المسالة المنية كانت حاضرة في كل اتفاق‪ ،‬وتحت شعار المن والتبادلية التي تعيد المور إلى‬
‫أولوية المن مرةً اخرى‪ ،‬تحولت السلطة من موقع التبعية إلى موقع العمالة ‪.‬‬
‫وتحت شعار المن أيضاً ضغطت حكومة العدو الصهيوني من أجل مراجعة اتفاق الخليل على قاعدة المن والتبادلية‪،‬‬
‫فتم التوصل إلى اتفاق جديد لم يقتصر على تعديلت لصالح (إسرائيل) على ما سبق إقراره مع حكومة بيريز بخصوص‬
‫‪12‬‬
‫إعادة النتشار في الخليل‪ ،‬إنما تجاوز موضوعه القرار بتعديلت على اتفاق أوسلو (‪ )3‬ولم يمض الطرفان سوى يوم واحد‬
‫حتى تم العلن عن مذكرة تفاهم أمني كان الطرفان قد توصل إليها برعاية أمريكية وجاء في المذكرة‪( :‬يعمل كل طرف‬
‫ويرد بصورة فورية وبنجاعة أثناء وقوع الحداث (الرهابية) وأثناء التخطيط المسبق لنشاطات إرهابية‪ ..‬وتتخذ السلطة‬
‫كافة الوسائل المنية من أجل التغلغل إلى المنظمات الرهابية‪ ،‬والعمل من أجل القضاء عليها)‪.‬‬
‫وعندما توقفت الحكومة الصهيونية عن اللتزام بتطبيق نصوص التفاقات الموقعة مع سلطة عرفات (إعادة النتشار)‬
‫جاءت المبادرة المريكية التي تطورت فيما بعد‪ ،‬وبعد جولت مكوكية لتخرج بصيغة اتفاق واي – ريفر حيث أكد التفاق‬
‫على أن مبدأ التبادلية مرهون بتنفيذ الجانب الفلسطيني لكل تعهداته‪ ،‬وجديد هذا التفاق هو دخول المخابرات المركزية‬
‫المريكية كطرف رئيسي في الشراف والرقابة ومتابعة التنسيق‪ ،‬وأيضاً بما يحول كل أشكال النضال الفلسطيني المعنوي‬
‫والمادي إلى عمل (إرهابي) مدان بشكل مسبق‪ ،‬ويعتبر أيضاً الفصائل المناهضة لوسلو وفق مقياس التفاق شكلً من‬
‫أشكال التحريض يجب مقاومته‪ ،‬وأعطى أيضاً العدو صلحية اعتقال لي مواطن فلسطيني لمجرد أن يشتبه به‪ ،‬ويلزم‬
‫سلطة عرفات باعتقاله‪.‬‬
‫وفي هذا التفاق تخل واضح عن مبدأ الرض مقابل السلم‪ ،‬حيث تم تكريس وجهة النظر (السرائيلية) التي تعتمد مبدأ‬
‫المن مقابل السلم‪.‬‬
‫وهذا يدلل أن ما يريده الكيان الصهيوني في ما يسمى بالتسوية و«المصالحات التاريخية» و«جسور الثقة» هو تحقيق‬
‫المن أولً وعاشراً؟ والمن يشمل أمنه على المدى البعيد‪ ،‬المن الديمغرافي‪ ،‬وأمن الرض تلك هي رؤية الكيان‬
‫الستراتيجية‪.‬‬
‫رابعاً‪:‬الثار السياسية للتسوية على الصعيد العربي‬
‫ل يكن لختراق معاهدة كامب ديفيد الت وقعها السادات أن تتطور وتأخذ أبعادها على صعيد النطقة –رغم خطورتا‪ -‬لول حدوث‬
‫اتفاق أوسلو بعد ذلك بمسة عشر عاما‪ ،‬حيث قدم الغطاء لقدام النظام الردن بعد سنة لتوقيع معاهدة «وادي عربة» ومن ث هرولة بعض‬
‫النظم لقامة العلقات الدبلوماسية وعقد الؤترات القتصادية وتطبيع العلقات مع الكيان الصهيون‪.‬‬
‫حال‬ ‫وإزاء ذلك الواقع الذي تشكل‪ ،‬والذي أعطى الكيان أخطر وأكب إناز لشروعه الصهيون‪ ،‬ليس صعبا أن نرى انعكاس ذلك على‬
‫المة العربية بسبب اتفاقات الذعان والستسلم للرادة الصهيونية – المريكية‪ ،‬والقرار من قبل بعض الطراف الرسية العربية بأن (إسرائيل)‬
‫باتت قدرا ف النطقة يصعب الفكاك منه‪ ،‬وبأن (الزية العسكرية) العربية ف الروب مع الكيان الصهيون أمر ل يكن تاوزه‪ ،‬وبالتال لبد من‬
‫التكيف مع نتائجه ‪.‬‬
‫لقد انتقل الكثيرون في منطقتنا‪ ،‬رسميين وغير رسميين‪ ،‬خلل هذين العقدين من رفض العتراف والتفاوض والصلح‬
‫مع الكيان الصهيوني‪ ،‬إلى تكريس هدف التعايش مع العدو الصهيوني وتنميته‪ ،‬ومن شعار (تعبئة القوى استعداداً لمعركة‬
‫الكفاح لتحرير فلسطين) الذي نص عليه ميثاق الجامعة العربية‪ ،‬إلى تحويل القضية المركزية للمة العربية والصراع‬
‫العربي – الصهيوني إلى مجرد نزاع فلسطيني – (إسرائيلي) على ‪ %20‬من أرض فلسطين‪ ،‬مع العتراف بأن ‪ %80‬من‬
‫أرض فلسطين التاريخية هي (إسرائيل)‪ ،‬وإلى مجرد نزاع حدودي بين الكيان الصهيوني‪ ،‬وهذه الدولة العربية أو تلك ‪..‬‬
‫وكل هذه النقلت النوعية ف الوعي الرسي العرب‪ ،‬وف وعي كثي من الحزاب‪ ،‬وحت القوى السياسية العارضة‪ ،‬لتطور الصراع العرب‬
‫– الصهيون ل تأت من الفراغ‪ ،‬وإنا ف ظل تعميم مناخ من ( الزية )‪ ،‬وروح من رغبة التكيف مع إملءات العدو‪ ،‬والتسليم بخططات أميكا‬
‫للهيمنة على النطقة العربية وثرواتا ومستقبل أجيالا‪ .‬وما كان لثل هذه الناخات أن تنمو وتتوسع لتلد مزيدا من اتفاقيات الذعان والستسلم‬
‫منذ كامب ديفيد ‪ ..‬وحت اليوم‪ ،‬لول تلك الثقافة السياسية الهادنة الت استمدت من ( ثقافة التسوية ) ذاتا مفاهيم فكرية‪ ،‬ونفسية ووجدانية‪،‬‬
‫تتقبل مقولت والتعايش والتنازل والتفريط بثوابت المة وحقوقها التاريية‪ ،‬وتُسقط مبدأ الق‪ ،‬وتستعيض عنه با سُمي ببدأ ( الواقع )‬
‫والتكيف الضطراري معه‪ ،‬ليصل المر أخيا إل تلك الواقعية النتهازية الت تزيف القيقة والتاريخ‪ ،‬وتلوي عنق الوقائع لتجيها ف خدمة‬
‫ثقافة الزية والستسلم‪.‬‬
‫لم يحدث هذا كله إل بالتدريج ‪ ..‬حيث جرى تجرع السم جرعة ‪ -‬جرعة في ظل تآمر أمريكي – صهيوني واضح على‬
‫منطقتنا‪ ،‬هدفه وضع اليد بالكامل على الوطن العربي‪ ،‬وتعزيز وجود القواعد العسكرية الميركية فيه‪ ،‬والوظيفة الصهيونية‬
‫المبريالية في مواجهة أي مشروع قومي للتحرر والتقدم والنهضة الحضارية‪ ،‬وتجاوز المر لحقاً هذا الهدف إلى تحويل (‬
‫التسوية) إلى وسيلة لضمان أمن وتفوق الكيان الصهيوني في المنطقة‪ ،‬وتوسيع وظيفته‪ ،‬ومدّ ذراعه الضاربة وتكليفه‬
‫‪13‬‬
‫بمهمات إضافية في سياق المشروع المبريالي العام بما استلزم مزيداً من تعميق التجزئة العربية‪ ،‬وصولً إلى السعي‬
‫لتفكيك الكيانات العربية القائمة وإنهاكها داخلياً ‪ ..‬فبينما جرى تعزيز المن الصهيوني باتفاقات الستسلم‪ ،‬جرى العبث‬
‫بالمن القومي العربي عموماً‪ ،‬وبالمن الوطني لكل دولة عربية على حدة‪ ،‬وكل ذلك حدث في سياق المساعي الجديدة بعد‬
‫حرب الخليج الخيرة‪ ،‬وعقد مؤتمر مدريد‪،‬لعادة صياغة هوية المنطقة‪ ،‬وإعادة تعريفها على أساس جغرافي شرق‬
‫أوسطي لدخال الكيان الصهيوني في نسيجها الثقافي والحضاري والسياسي‪ ،‬وشرعنته داخل تعريف جديد تكون الجغرافيا‬
‫الساس فيه على حساب إسقاط العروبة والسلم‪.‬‬
‫لم يكن مشروع ( الشرق أوسطية ) هذا مشروعاً أمريكياً – صهيونياً جديداً او طارئاً على المنطقة العربية‪ ،‬ولكن كل‬
‫محاولت إقامة هذا النظام القليمي الجديد كانت قد تلقت ضربات موجعة منذ الخمسينات‪ ،‬وحتى مطلع التسعينات‪ ،‬حيث‬
‫أعيد إخراج الفكرة إلى الوجود بالستفادة من نتائج حرب الخليج‪ ،‬وإطلق مفاوضات مدريد للتسوية‪ ،‬التي كان عليها أن‬
‫تشكل الرحم الذي سيلد فيه هذا المشروع النقيض للقومية العربية‪ ،‬وحتى للنظام القليمي العربي لن أهم شروط حياته‬
‫كانت تدمير النسق القليمي العربي‪ ،‬ومحو مؤسساته‪ ،‬أو على القل شل فاعليتها( مثل الجامعة العربية ) لتكريس مركزية‬
‫الدور الصهيوني في النظام الجديد الذي تتغير فيه الهداف والولويات‪ ،‬لتتحول المراهنة على الوليات المتحدة إلى ارتهانٍ‬
‫لها‪ ،‬وليصبح هدف حماية المن (السرائيلي) بديلً عن ضمان المن القومي العربي‪ ..‬وكل ذلك لضمان الهيمنة المريكية‬
‫على منطقة هي شريان حياة العالم بما تملك من ثروات‪ ،‬وقلبه النابض بحكم موقعها الستراتيجي المتوسط الذي تتحكم‬
‫بحركة المواصلت العالمية البحرية‪ ،‬والبرية‪ ،‬والجوية‪ ،‬ولمنع أي قوة منافسة للوليات المتحدة على المستوى الدولي حتى‬
‫من التفكير بمزاحمتها على النظام العالمي الجديد الذي تزعمت قطبه الوحيد منذ انهيار التحاد السوفيتي‪ ،‬ونظام الثنائية‬
‫القطبية ‪ .‬وليس صعباً اليوم ملحظة كيف تبددت تلك الفكار التي تحدثت بعد الحرب الباردة عن إمكانية واقعية لنشوء‬
‫نظام دولي متعدد القطاب‪ ،‬وهاهي الوليات المتحدة تنطلق من المنطقة التي تسميها (الشرق الوسط) بعد أن ضمنت فرض‬
‫مظلة الهيمنة عليها‪ ،‬ودائماً باسم التسوية السلمية و(السلم) لتبسط مظلتها العسكرية على العالم أجمع‪ ،‬ساعيةً لستبدال‬
‫(المم المتحدة) بعد سنوات من ارضاخها لهيمنتها الكاملة بمنظمة حلف الطلسي‪ ..‬ومن (كوسوفو) إلى (تيمور الشرقية)‬
‫اليوم تواصل واشنطن فرض إرادتها على العالم‪ ،‬معتمدةً على آلتها العسكرية الجبارة‪ ،‬لتوليد مكونات قوة اقتصادية جديدة‬
‫لها‪ ،‬ولتفرض (الخوة) و(التاوة) السياسية والقتصادية على القطاب القتصادية العالمية الكبرى التي تحولت إلى (أقزام)‬
‫سياسية في مواجهة الجبروت والعنجهية والهيمنة العسكرية والسياسية الميركية على قارتي أوروبا وآسيا‪.‬‬
‫إننا سنتمكن ببساطة من خلل قراءة سريعة لوقائع عقد التسعينات‪ ،‬منذ حرب الليج وحت اليوم من استكشاف تلك التحولت العميقة‬
‫ف النظامي الدول والقليمي‪ ،‬الت واصلت الوليات التحدة فرضها هنا أو هناك‪ ،‬فأعادت تشكيل الرائط والستراتيجيات‪ ،‬ورست قوس‬
‫مطامعها ليشمل خارطة العال اجع‪ ،‬وبا تعتقد أنه سيمكنها من أن تظل القوة الوحيدة الهيمنة على مقدرات النظام العالي وسياساته‪.‬‬
‫وفيما يص منطقتنا على الستوى السياسي يكن ملحظة كيف ولّدت اتفاقيات الستسلم مددا منطق الحلف المنية‪ ،‬والقتصادية‪،‬‬
‫وهو منطق على مورين‪:‬‬
‫المحور الول‪ :‬تدمير مواقع القوة والنهوض والمواجهة العربية‪ ،‬والسعي لخضاعها وفرض الستسلم عليها‪ ،‬وفي‬
‫هذا السياق جرى حصار قوي لحركات التحرر العربية‪ ،‬وضرب فكرة الثورة وتحويلها إلى ( إرهاب ) مطلوب رأسه‪،‬‬
‫وتكريس ضغوط هائلة على الدول العربية الرافضة للهيمنة الصهيونية على المنطقة‪ ،‬وذلك بإلصاق تُهم (الرهاب) ومعاداة‬
‫السلم بها‪ ،‬واتهامها بالتحريض ودعم القوى (المتمردة) على منطق العصر المريكي – الصهيوني‪.‬‬
‫الحور الثان‪ :‬توسيع دائرة الدول والقوى النخرطة ف مشروع (الستسلم)‪ ،‬وتاليا ف اللف المن الذي يتزعمه الكيان الصهيون ف‬
‫النطقة‪ ،‬وف هذا السياق استمرت ماولت فك الصراع العرب – الصهيون‪ ،‬وتوسيع العتراف بالكيان الصهيون‪ ،‬وتطبيع العلقات معه‪،‬‬
‫وترسيخ الزية العربية والقطرية والتفكك العرب والروح الستسلمية‪.‬‬
‫وإذا كانت (اتفاقيات كامب ديفيد) لم تستطع فعل أكثر من كسر (الحاجز النفسي) بأول فعل من نوعه يتضمن اعترافاً‬
‫علنياً بالكيان الصهيوني وتوقيع معاهدة معه‪ ،‬إل أن هذه التفاقات لم تتمكن من تعميم ذاتها على الوطن العربي‪ ،‬وعُدت‬
‫لوقت طويل خروجاً على الجماع العربي‪ ،‬إل أن اتفاقيات أوسلو التي جاءت بعد كامب ديفيد بعقد ونصف‪ ،‬نجحت فيما لم‬
‫تنجح فيه الولى فشكلت بحكم ظروف ما بعد حرب الخليج جسر عبور للمشروع المريكي – الصهيوني المذكور نحو كثير‬
‫من العواصم العربية‪ ،‬وكانت اتفاقات أوسلو بالذات التي وقعتها القيادة العرفاتية الخائنة هي التي قدمت الحجة للمستسلمين‬
‫العرب‪ ،‬لكي يكشفوا عن نواياهم ورغبتهم بالنضمام إلى قطار العتراف والتعايش والتطبيع‪ ،‬بل والنخراط في الحلف‬
‫الصهيوني تحت المظلة المريكية وذلك للسباب التالية‪:‬‬

‫‪14‬‬
‫أولً‪ :‬إن هذه التفاقيات وُقعت باسم فلسطين والقضية الفلسطينية‪ ،‬وكان الطرف الموقع عليها هو قيادة منظمة‬
‫التحرير الفلسطينية‪ ،‬مما شكل ذريعة لكي يزعم كثيرون بأنهم لن (يكونوا ملكيين أكثر من الملك) وإذا كان (رب البيت …)‬
‫قد فرط بالرض واعترف بالعدو فكيف الحال بالجيران‪..‬‬
‫ثانياً‪ :‬شكلت اتفاقيات أوسلو ذريعة لتحويل الصراع العربي – الصهيوني‪ ،‬من صراع وجود بين المة العربية وعدوها‬
‫التاريخي‪ ،‬إلى صراع على الحدود‪ ،‬وقطعةٌ من الرض هنا أو هناك‪ ..‬وسعت إلى إلغاء قضية فلسطين كقضية مركزية للمة‬
‫العربية تتمحور حولها أهداف التحرر والوحدة والتطور الديمقراطي‪ ،‬ليتشوه بذلك معنى ومضمون هذه القضية‪ ،‬وأهم أبعاد‬
‫الصراع الدائر في المنطقة‪ ،‬وبمعنى آخر فإن اتفاق أوسلو شرّع الوجود الصهيوني على الرض العربية‪ ،‬وكرس فكرة‬
‫التعايش مع العدو‪ ،‬وأعاد كتابة التاريخ العربي المعاصر ومجمل قضايا الصراع العربي – (السرائيلي) لمصلحة العدو‬
‫الصهيوني‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬أدى اتفاق أوسلو إلى فقدان ذلك الجماع العربي‪ ،‬حتى في حدوده الدنيا حول فلسطين‪ ،‬وهذا هو أهم تراجع‬
‫عربي حصل على صعيد الصراع العربي – الصهيوني‪ ..‬وبالمقابل جرى تجريد الكيان الصهيوني من سماته الحقيقية ككيان‬
‫استعماري استيطاني عدواني عنصري ذي وظيفة إمبريالية توسعية في الوطن العربي‪ ،‬يعني وجوده الحفاظ على حال‬
‫التخلف والتجزئة والتبعية القائمة في المنطقة‪ ،‬بل إن اتفاقات أوسلو وكما صرح قادة العدو في أكثر من مناسبة قزمت‬
‫القضية الفلسطينية‪ ،‬ولم تحرمها فقط من عمقها العربي‪ ،‬بل إنها حولتها إلى قضية (إسرائيلية داخلية) بكل ما تعنيه الكلمة‬
‫من معنى‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬إلى ذلك دمرت اتفاقية أوسلو ما تبقى من ذلك الشكل الهش للتضامن العربي‪ ،‬الذي كان قد تعرض لضربة‬
‫قاصمة في حرب الخليج الخيرة‪ ..‬ووفرت بالمقابل لكل من تعامل مع القضية الفلسطينية كعبء يقتضيه هذا (التضامن)‪،‬‬
‫المناسبة الذهبية للتحرر من أثقال فلسطين وهمها على المستويات السياسية والمادية وحتى المعنوية والخلقية‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬شكل اتفاق أوسلو جسر العبور الهم لمشروع الهيمنة الصهيونية على المنطقة نحو أكثر من قطر عربي‪،‬‬
‫باسم توقيع اتفاق سلم‪ ،‬وتطبيع للعلقات‪ ،‬فكسرت الحواجز النفسية والسياسية بالجملة‪ ،‬وبتنا منذ ذلك التاريخ نرى‬
‫(السرائيلي) في كثير من العواصم العربية زائراً سياسياً‪ ،‬وتاجراً‪ ،‬ورياضياً‪ ،‬وعلى شكل سفارة أو قنصلية أو مكتب ثقافي‪..‬‬
‫وصرنا نشاهده على شاشات التلفزيون العربية‪ ،‬المحلية والفضائية متحدثاً ومحاوراً‪ ..‬أما المقاطعة العربية من كل الدرجات‬
‫فلم يبقى فيها سوى اسمها ومكاتب شكلية‪ ،‬واجتماع مؤجل لهيئتها منذ ‪ 4‬سنوات‪ ،‬هذا في الوقت الذي لم يغير فيه الكيان‬
‫الصهيوني من جلدته العنصرية‪ ،‬ول من عدوانه المباشر وغير المباشر على المة العربية‪ ،‬فمجازره في فلسطين ولبنان‬
‫استمرت‪ ..‬وعنفه المباشر تواصل عدواناً يومياً على شعبنا الفلسطيني واللبناني‪ ،‬ولم يتوقف تزويد الوليات المتحدة له‬
‫بأرقى السلحة وأكثرها تطوراً‪ ،‬بل إنه على العكس من ذلك وجد في (السلم) المزعوم مناسبة لتعزيز وزيادة تفوقه الحربي‬
‫والتقني على العرب فرادى ومجتمعين‪ ،‬وحشد في ترسانته العسكرية آخر ما أنتجته الصناعات الحربية المريكية‪ ،‬وعقد‬
‫المزيد من التفاقات المنية مع دول مختلفة من العالم‪ ،‬وشكل محاور عدوانية أهمها الحلف مع تركيا‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬إن (السلم) الصهيوني الذي وجد في القيادة العرفاتية الخائنة محطة لتهويد فلسطين‪ ،‬رأى في أوسلو خطوة‬
‫لشن حرب مفتوحة من نوع جديد على أمتنا العربية أمنياً وسياسياً وثقافياً‪ ،‬فما حققه الكيان الصهيوني في ( أوسلو ) من‬
‫اعتراف بشرعية احتلله لمعظم الراضي الفلسطينية‪ ،‬جرى تحويله إلى بوابة للقرار بدور الكيان الصهيوني المركزي‬
‫على المستوى القليمي على الصعد السياسية والقتصادية والمنية‪ ،‬فقد مكنته هذه التفاقات من التحرك بشكل أسرع نحو‬
‫توسيع الهداف الصهيونية على مستوى المنطقة ومحيطها‪ ،‬والبحث عن وظيفة له أكثر عمقاً وخطورة في سياق الهدف‬
‫المريكي الثابت لكسر روح المواجهة والمقاومة لدى جماهير المة العربية‪ ،‬ومكافحة نضال المة التحرري‪ ،‬بقيادة محور‬
‫إقليمي جرى التعبير عنه في (قمة شرم الشيخ)‪ ،‬التي سنت خططاً لما سمي (مكافحة الرهاب)‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬وفر (أوسلو) وما تله من اتفاقيات استسلمية عربية أخرى وتطبيع ومؤتمرات باسم التعاون القتصادي‪،‬‬
‫للكيان الصهيوني فرصة الدعاء عالمياً بأنه صانع سلم‪ ،‬هذا في الوقت الذي بدا فيه الكيان الصهيوني يحلم بالحصول على‬
‫الوكالة الحصرية للمصالح المريكية في المنطقة‪ ،‬ويسعى لتشكيل مركز لنظامها القليمي الجديد المنوي تشكيله كنتيجةٍ‬
‫لستكمال التسويات على كافة مساراتها التفاوضية العربية‪ ،‬في وقت دمرت فيه أو حُيّدت‪ ،‬أو حوصرت تلك الدول العربية‬
‫التي شكلت تاريخياً مراكز للوطن العربي‪ ،‬العراق‪ ،‬مصر‪ ،‬سوريا‪ ،‬فيما جرى ويجري إنهاك دول عربية عدة (الجزائر‪،‬‬
‫السودان‪ ،‬اليمن‪ ،‬على سبيل المثال ل الحصر) بمشاكل وإحترابات وفتن داخلية دموية‪ ،‬باتت تهدد كيانات هذه الدول التي‬
‫ولدت في مرحلة الستقلل عن الستعمار‪ ،‬ناهيك عن الدمار القتصادي الكبير الذي حل بها والذي سيعيق لعقود أن تقوم‬
‫لها قائمة‪ ،‬فيما جرى استنزاف موازنات وموارد الدول العربية النفطية الغنية التي ارتضى بعضها تطبيع العلقات مع‬
‫(إسرائيل)‪ ،‬ظاناً أن ذلك يقيه شرها وشر أمريكا على أوضاعه الداخلية‪ ،‬ويسيج حدوده في وجه الشقاء (الطامعين) إذا ما‬
‫احتمى بالعداء السابقين‪..‬‬
‫‪15‬‬
‫إن اتفاق أوسلو وملحقاته وصولً إلى اتفاق شرم الشيخ (واي ريفر‪ )2-‬وما ارتبط بها من مفاوضات متعددة‬
‫الطراف‪ ،‬وعلقات ثنائية نجح الكيان الصهيوني في إقامتها مع بعض العواصم العربية‪ ،‬تحمل مخاطر جمة على أمتنا‬
‫العربية وجوداً ومستقبلً‪ ،‬فهذه التفاقيات ل تقف عند حدود التصالح مع الكيان الصهيوني بل يتعدى ذلك إلى‪:‬‬
‫• إدخال الكيان الصهيوني كعنصر داخلي في التركيبة السياسية العربية‪ ،‬ومنح الصهاينة الحق في التدخل في السياسة‬
‫العربية وفي العلقات السياسية العربية – العربية‪ ،‬ومما يهيئ لتدخله تعزيز الن زعات البينية‪ ،‬وخلق صراعات داخلية تكرس‬
‫حالة التجزئة والتفتيت‪.‬‬
‫إرساء البنية الساس لهدم أي حلم لمشروع الوحدة العربية‪ ،‬وتدمير الوطن العربي كحالة جغرافية سياسية بشرية‬ ‫•‬
‫موحدة‪ ،‬من أجل ما يسمى بالشرق الوسط الجديد‪ ،‬الذي يتعامل مع منطقتنا كدويلت وعرقيات غير متجانسة ول‬
‫يحميها سوى المكان الجغرافي‪ ،‬يكون للصهاينة فيه دور إقليمي ودولي أساسي ومهيمن‪.‬‬
‫محاولت الكيان الصهيوني محو الهوية العربية الحضارية‪ ،‬ومحاصرة العروبة‪ ،‬لمنعها من ممارسة دورها ككتلة‬ ‫•‬
‫حضارية‪ ،‬ومحاصرة الروح السلمية الثورية التي تمثل جوهر العروبة‪ ،‬وتقوم بدور فعال في مواجهة قوى الستعمار‬
‫والستقلل والهيمنة على مقدرات الشعوب‪.‬‬
‫تكريس حالة العنف لدى القطار العربية بواسطة معاهدات ومواثيق مراقبة نزع السلح ومنع انتشار السلحة النووية‬ ‫•‬
‫التي تلزم الدول العربية وتستثني الكيان الصهيوني‪ ،‬مما ل يفرض العجز والضعف على العرب في الوقت الحاضر فقط‪،‬‬
‫وإنما يصادر حق الجيال المقبلة في امتلك أسباب القوة‪ ،‬بالضافة إلى كونه يعزز المبدأ المريكي – الصهيوني الذي‬
‫يقوم على ضرورة الحفاظ على القوة العسكرية الصهيونية متفوقة على القوة العسكرية العربية‪.‬‬
‫فرض التطويع السياسي من تبادل سفراء وقناصل والدخول في اتفاقيات سياسية واقتصادية وأمنية بمعزل عن الشعب‬ ‫•‬
‫العربي بل وعلى قاعدة تمييز مصلحة الكيان الصهيوني وإعطائها الولوية المطلقة‪.‬‬
‫تدمير مكونات الحضارة العربية وعناصر المة الجامعة واستبدالها بمفاهيم القليمية والشرق أوسطية والنتماءات‬ ‫•‬
‫القتصادية وتعميق وتعزيز الوعي القطري والقليمي وضرب الوعي القومي‪.‬‬
‫الترويج للمشروع الصهيوني وتصويره وكأنه أمر تاريخي مبرر له الحق في الوجود كأمر طبيعي في المنطقة‪،‬وتعميق اليديولوجية‬ ‫•‬
‫والثقافة الصهيونية‪.‬‬
‫• انخراط أقطار الوطن العربي بالصراعات الدموية المختلفة‪ ،‬عبر تشجيع الخلفات العرقية والطائفية والتركيز على‬
‫مشاكل القليات‪ ،‬ومساعدة العصابات غير المنتمية للسيطرة على السلطة ضمن إطار فسيفساءات متنازعة‪.‬‬
‫لقد هدفت التسوية ليس فقط إلى تأمين وجود (إسرائيل) وتشريع هذا الوجود باعتراف عربي به‪ ،‬ولكن أيضاً إلى‬
‫تأهيل هذا الوجود العدواني لوظيفة أكثر عدوانية متناسبة مع المعطيات العالمية الجديدة التي تطمح الوليات المتحدة من‬
‫خللها إلى تأمين مصالحها في المنطقة‪ ،‬بضمان تدفق النفط وضبط أسعاره في مستواها الدنى‪ ،‬والتحكم بهذا العصب‬
‫الحيوي للقتصاد العالمي لفرض استمرار هيمنتها على عالم ذي قطب واحد تتزعمه هي بالذات دون منافس أو منازع ‪.‬‬
‫إننا إذاً أمام نظام استعماري جديد تجري محاولت فرضه على أمتنا بالقوة والخضاع‪ ،‬وهو نظام تتحول فيه (أحلم‬
‫إسرائيل الكبرى) إلى (إسرائيل العظمى) التي تمتد هيمنتها ليس فقط من نهر الردن إلى البحر المتوسط‪،‬ولكن من الخليج‬
‫العربي إلى المحيط الطلسي‪ ،‬ودائم ًا تحت المظلة المريكية وفي خدمة أهداف الوليات المتحدة‪.‬‬
‫يلخص الخبير المريكي في قضايا الشرق الوسط‪ ،‬الصهيوني (برنارد لويس) هذا (الستعمار الجديد) في مخطط‬
‫وضعه تحت عنوان (إعادة النظر في الشرق الوسط) ونشره في دورية (فورين افيرز) المريكية عام ‪ ، 1992‬فينطلق من‬
‫(‪..‬التخلي الرسمي عن حلم القومية العربية الذي طال تقديسه‪ ،‬والمتعلق بدولة عربية موحدة أو حتى بكتلة سياسية‬
‫متماسكة) ليصل إلى (أن العالم العربي يسير بحالة تشبه أمريكا اللتينية‪ ،‬مجموعة من الدول تجمعها لغة واحدة مشتركة‪،‬‬
‫وثقافة مشتركة‪ ،‬ودين مشترك‪ ،‬وتاريخ مشترك‪ ،‬من دون أن تكون متحدة ضمن سياسة مشتركة)‪ ،‬قبل أن يخلص إلى أن‬
‫الشرق الوسط الجديد الذي قد تمتد حدوده الجغرافية إلى الجمهوريات السلمية‪( ،‬السوفيتية سابقاً) يتضمن احتمال إلغاء‬
‫دور العرب في التاريخ الجديد للمنطقة لمصلحة قوى إقليمية أخرى في طليعتها (إسرائيل) وتركيا‪.‬‬
‫وهكذا يبدو واضحاً ذلك الثر السياسي الهم لتفاقيات الستسلم وثقافة التسوية‪ ،‬وما أفرزته من معاهدات وتطبيع‬
‫واعتراف بالعدو وهو ترشيح المة العربي للغياب‪ ،‬وإلغاء آمالها في التوحد وحتى في تحقيق حد أدنى من السياسات‬
‫المشتركة والتضامن في هجمة استعمارية جديدة تستهدف ثروات الوطن العربي وإمكاناته البشرية والمادية التي سترتبط‬
‫جميعها بمصالح الكيان الصهيوني‪ ،‬الذي يعد ليكون نقطة الجذب الولى في المنطقة وفي قلب النظام الجديد‪ .‬وهذا استثمار‬
‫صريح للختلل القائم منذ سنوات في موازين القوى بين العرب وعدوهم الصهيوني – المريكي‪ ،‬يهدف إلى تعميق هذا‬
‫الختلل وتأييده‪ ،‬وتكريس الهزيمة العربية المرة‪ ..،‬وإلى البد‪..‬‬

‫‪16‬‬
‫إن التسوية واتفاقات الستسلم هي أبرز تجليات تلك الحرب المريكية – الصهيونية الشاملة ضد امتنا‪ ،‬وهي حرب‬
‫إن قدر لها النجاح ستقود إلى تجزئة المجزأ من وطننا العربي‪ ،‬وتحويل المة إلى فسيفساء طائفية متناحرة‪ ،‬وإلى مزيد من‬
‫التخلف والرتهان والتبعية للوليات المتحدة والكيان الصهيوني‪.‬‬
‫لقد قال ايهود باراك عندما كان وزيراً للخارجية في حكومة رابين معلقاً على اتفاق أوسلو‪( :‬إن القوة هي التي أدت‬
‫بالقيادات العربية إلى إجراء مفاوضات مباشرة مع دولة إسرائيل‪ ،‬وهي التي تمكن دولة إسرائيل من إجرائها من موقع‬
‫القوة)‪ ..‬والن وبعد أن صار رئيساً للحكومة الصهيونية يقول باراك‪( :‬أن السلم يجب أن يرتكز في النهاية إلى القوة‬
‫السرائيلية‪ ،‬وإلى تعزيز قوة الردع السرائيلية وتفوق الجيش السرائيلي على العرب)‪.‬‬
‫وهذا هو سلم الخضاع والهيمنة‪ ،‬الذي ل يمكن أن يعني إل الستسلم على أي مستوى من المستويات‪.‬‬
‫لقد توهم الكثيرون من دعاة (التطبيع والتعايش) أن (السلم الصهيوني) يعني اندماج الكيان الصهيوني في المنطقة‬
‫والذوبان فيها‪ ،‬ليكتشفوا بعد سنوات وجيزة من سلم مدريد وأوسلو أن (العكس) هو المطلوب حدوثه‪ ،‬فالمطلوب من‬
‫الندماج الصهيوني إتاحة التحكم والتأثير للطرف القوى بالطرف الضعيف‪ ،‬وهيمنة الرادة والقرار الصهيوني على‬
‫المنطقة‪ ،‬وإلغاء النتماء القومي العربي‪ ..‬بل وتغيير العقلية والنظرة العربية تجاه (الدولة الصهيونية‪.)..‬‬
‫وفي الخلصة تبدو التسوية مجرد تصفية وإخضاع‪( ..‬والسلم) استسلماً شاملً‪.‬‬

‫خامساً‪ :‬انعكاسات اتفاقيات أوسلو على الصعيد الثقافي‬


‫‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫دخل الديث عن التطبيع الثقاف مع ما يسمى بـ«قوى السلم الصهيون» إل الساحة العربية على استحياء من باب التسوية الصرية –‬
‫الصهيونية منذ ما يقرب من العشرين عاما‪ ،‬لكنه أصبح يسي بالتوازي والتزامن مع ماولت التسوية السلمية للصراع العرب – الصهيون‬
‫والقضية الفلسطينية ف مطلع التسعينات‪.‬‬
‫وقد أثيرت في الوساط الفكرية الفلسطينية وقبل أوسلو بعام واحد أسئلة من نوع ما هي العلقة المقبلة بين الثقافي‬
‫والسياسي في حال إقرار تسويات للقضية الفلسطينية ل تحقق كل الطموحات الوطنية أو لقومية التاريخية‪ ،‬ومن السئلة‬
‫التي حلقت في الجواء ما دور المثقف الذي حمل الحلم والستفهامات الجذرية وعبر عنها بمختلف ضروب البداع منذ‬
‫بداية الصراع العربي – الصهيوني؟‪.‬‬
‫إذا كان السياسي ملزماً أو مسوقاً إلى دفع استحقاقات تفوق ما يمكن وصفه بالنجازات؟ فما الذي على الثقافي أن‬
‫يفعله؟‬
‫وبعد اتفاق أوسلو ووادي عربة لم يعد الحديث عن التطبيع الثقافي أو غير الثقافي يتعلق بمحاولت متخصصة بوسط‬
‫عربي محدود جغرافياً أو ثقافياً وإنما شاغل أساسي يطال الفضاء العربي الواسع وتنقسم من حوله الراء فمقابل أكثر من‬
‫ملتقى لمقاومة «التطبيع» على الصعيد العربي‪ ،‬نشأت منتديات مضادة على صعيد عربي – صهيوني‪ ،‬بمداخلت دولية‪،‬‬
‫كمثل الملتقى الذي يحمل اسم «تحالف شعبي من أجل السلم» الذي انطلق من كوبنهاجن برعاية دنمركية‪ ،‬وهذه المنتديات‬
‫التي تروج للتطبيع والتي تم التعرف على كثير من أفكارها المرجعية والساسية ل تنطلق من العودة إلى جذور الصراع‬
‫ومسبباته ومراحله الولى بحجة أن ذلك يزكي الحقاد ويصب على النيران الزيت؟ ول جدوى من نكئ جراح الماضي ونحن‬
‫نتوجه إلى المستقبل‪ .‬وهذا الفهم يشكل أسوأ وضع للتصدي للمستقبل‪ ،‬فإذا كان الصراع حالة مرضية أليس من المهم أن‬
‫نتابع المرض من نشأته وتاريخه وتطور مراحله وأعراضه الجانبية ومظاهره بهدف استئصاله‪ ..‬والغريب والمدهش في‬
‫طرح هؤلء المطبعين أن فهمهم لتاريخ الصراع ل ينجح أو ل يتسق وطبيعة الطرح الصهيوني كنظرية وتطبيق‪ ،‬إذ‬
‫الصهيونية زائر من جوف التاريخ وإل ما معنى «القدس ‪ 3000‬عام»‪ ،‬وما معنى إحياء التراث اليهودي وكأن فلسطين مغيبة‬
‫ول جذور تاريخية لها‪.‬‬
‫والمطلوب من هؤلء المثقفين المطبعين هو إهمال الرواية العربية للصراع أو التجاوز عن الفهم العربي لتاريخ هذا‬
‫الصراع‪ ،‬وبالمقابل النطلق من الفهم الصهيوني الذي يكتب التاريخ وفق فهمه ورؤيته للصراع‪.‬‬
‫وهؤلء القلة المطبعة ترى في خوض مصر وبعض الدول العربية الصراع مع الكيان الصهيوني من باب القومية‬
‫العربية كان خطأ يجب تصحيحه‪ ،‬وعلى العرب أن يعترفوا بالخر كتعبير عن الثقة بالخر؟ إنها تلك القلة والمتمثلة «بحركة السلم‬
‫كوبنهاجن» ما هي إل جيوب صهيونية للتطبيع‪.‬‬
‫إن التطبيع الذي تاول تلك القلة أن تزرعه ف ذهن الواطن العرب ليغزو الوجدان ويارس تت شعار الواقعية بأشكال متلفة ف السياسة‬
‫والعلم والقتصاد والسياحة والتجارة والثقافة هو ثرة مشاريع التصفية والستسلم والتفاقيات الوقعة مع العدو الصهيون والت هدفت إل‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫إسقاط نظرية تحرير فلسطين‪ ،‬وبالتالي سقوط مقولة الصراع العربي – الصهيوني‪ ،‬والحق العربي بفلسطين‪ ،‬أو الجزء‬ ‫•‬
‫العظم منه‪.‬‬
‫إسقاط نظرية المسؤولية القومية سياسياً واجتماعياً وتاريخياً‪ ،‬وحلول المسؤولية القطرية الخالصة محلها‪ ،‬وهذا لم‬ ‫•‬
‫يعني سقوط البعد القومي للقضية الفلسطينية فقط وإنما سقوط البعد القومي لية قضية عربية‪ ،‬وهذا لم يعن القرار‬
‫«السياسي» شبه النهائي باندثار الحلم الوحدوية والقومية‪ ،‬وبحلول التجزئة والتخلف في الوجدان الجمعي محل أي‬
‫قيمة أخرى‪ ،‬حتى على الصعيد النظري وعلى صعيد الحلم أيضاً‪.‬‬
‫التسليم بأن الكيان الصهيوني له الحق التاريخي في الوجود كدولة من دول المنطقة‪ ،‬وهذا يعني سقوط كل الحجج‬ ‫•‬
‫والمبررات والسباب التي تفرض على العرب مقاطعة الكيان الصهيوني لنه حسب ذلك المفهوم يعادي ويقاوم دون‬
‫معنى؟!!‪ .‬وهذا التوجه يسحب البساط «قومياً وإنسانياً وأخلقياً» من تحت أقدام المناضلين والمقاومين داخل فلسطين‬
‫وخارجها‪ ،‬وتزول بذلك حدود القيم بين الخير والشر‪ ،‬والظلم والعدل‪ ،‬والحق والباطل‪ ،‬وتتبدل المعايير والحكام تبعاً‬
‫لحكم القوة ول لقوة الحق‪.‬‬
‫إزالة كل الحواجز المادية والمعنوية التي تجعل الكيان كياناً غريباً عن المنطقة‪ ،‬وهذا يعني عملياً توفير كل مقومات‬ ‫•‬
‫الحياة الطبيعية لجسم غريب زرع في جسم كان يرفضه‪.‬‬
‫إلغاء كراهية العدو المغتصب ومبررات تلك الكراهية‪ ،‬وتقديم العدو كصديق طال مدى «ظلمه» وتحويل الجهد البشري‬ ‫•‬
‫بد ًل من العمل على تكريس حقائق تاريخ العرب والتاريخ الموضوعي للمنطقة وتربية الجيال على تلك الحقائق وتهيئتها‬
‫لستعادة حقوقها‪ ،‬تحويل ذلك الجهد إلى العمل على تشويه حقائق التاريخ وتثبيت التاريخ المشوه‪ ،‬والعمل على زرع‬
‫المعطيات الجديدة‪.‬‬
‫إخضاع المنطقة لهندسة سياسة الفك والتركيب لكي تخضع بالكامل لشروط ومتطلبات الكيان الصهيوني واستراتيجية‬ ‫•‬
‫النظام المريكي‪ ،‬التي تريد فرض السلم الصهيوني على العرب وإنشاء نظام إقليمي شرق أوسطي جديد يلغي الوحدة‬
‫العربية والسوق العربية المشتركة‪ ،‬ويحتل فيه الكيان الصهيوني مركز القيادة‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫وقبل تلمس انعكاسات اتفاقات التسوية على التدفق التطبيعي‪ ،‬تنبغي الشارة إل بعض الفكار الت تناولا الطبعون‪ ،‬فضلً عن الدعوات‬
‫الباشرة للتطبيع‪ ،‬فإن هناك من تدث عن ما وصفه بـ«التفاعل الثقاف» فيما أشار آخرون إل أن الثقافة العربية‪ .‬عصية على الختراق‪ ،‬وهي‬
‫قادرة على حاية نفسها‪ ،‬با ل يدع حاجة للتصدي الواجه لعمليات التطبيع الثقاف‪.‬‬
‫وهنا يميل كثيرون إلى وصف الدعوة إلى حماية الثقافة العربية بأنها «انغلق» وإنكار لحقيقة كون العالم الن «قرية‬
‫كونية» وليس المقصود هنا ثورة التصالت بل ضرورة البتعاد عن دعوات المحافظة على الخصوصية القومية‪ ،‬والقيم‬
‫الثقافية العربية‪ .‬وإلى هنا قد يجد مثل هذا الكلم من يتقبله مرتكزاً إلى وصفه ب «منطق متماسك» ولكن هؤلء بالذات‪ ،‬ل‬
‫يرون في دعوات الخرين (فرنسا مثلً) لحماية ثقافتهم انغلقاً‪ ،‬بل دعوة حضارية ينبغي التعاطي معها خدمة للتفاعل‬
‫الثقافي‪ ،‬و«النفتاح» على العالم و«ثقافاته الحية»‪.‬‬
‫بيد أن هذا «المنطق المتماسك» بالذات‪ ،‬سرعان ما ينكشف عن غايات أخرى‪ ،‬وذلك عندما يصبح المطلوب هو‬
‫تقويض الخصوصية مقابل التعميم‪ ،‬والتلقي بدل المثاقفة‪ ،‬والتقليد بدل البداع‪ ،‬والتماهي في الخر بدل الندية‪.‬‬
‫والنفتاح الرشيد على حضارات وتجارب الخرين يقتضي الخذ والعطاء بحيث تقيم الثقافة العربية من أصالتها عاصماً‬
‫حكيماً يحول دون انجرافها في تيارات المحاكاة‪ ،‬والنقل التلقائي المفضي إلى تذويب الذات العربية وتسرب عوامل الضعف‬
‫والوهن إليها‪.‬‬
‫لقد عرفت الثقافة العربية دوماً كثقافة منفتحة متفاعلة‪ ،‬فهي في عصور مجدها‪ ،‬تفاعلت مع الثقافات اليونانية‬
‫والهندية والصينية والفارسية والوروبية‪ ،‬وأنتج هذا التفاعل منجزات هامة‪ ،‬ليس مجال تعدادها الن‪ ،‬غير أن تدقيقاً هادئاً‬
‫في هذا التفاعل يؤكد أنه جاء مرتكزاً على قوة مادية تحميه‪ ،‬وتم انطلقاً من الحساس بالندية‪ ،‬والمقدرة على الخذ‬
‫والعطاء‪ ،‬ولم يكن في لحظة ما مؤسساً على الحساس بالضعف إزاء الخر‪ ،‬وضرورة الذوبان فيه‪ ،‬فهل الدعوة القائمة‬
‫الن تنطلق من ذات الساس؟‪ ،‬في الجواب نجد في الوقائع الملموسة‪ ،‬أن الندفاع نحو التقليد والمحاكاة والتماهي في‬
‫الخر‪ ،‬ظواهر مهيمنة‪ ،‬ل يمكن الحديث معها عن حالة متناقضة‪ ،‬أو تفاعل‪ ،‬بقدر ما يعني دعوة إلى نقل انموذج متكامل‪،‬‬
‫والقبول بتعميم نمط ثقافي معين‪ ،‬يوصف معه الحديث عن صيانة الخصوصية القومية‪ ،‬وحفظ الثقافة العربية‪ ،‬بأنه ضرب‬
‫من ضروب النغلق والتخلف‪ ،‬ولعله من المفيد إسقاط أصحاب هذه الدعوات من النقاش منذ البداية‪ ،‬إذ كيف ستقيم حواراً‬
‫مع من يفترض في إنهاض ثقافته وحمايتها انغلقاً‪ ،‬وفي رغبة الخرين في تعميم انموذجهم الثقافي «حضارة وانفتاحاً»؟‬

‫‪18‬‬
‫لقد برز في غمرة الحمى التطبيعية المرافقة لمفاوضات التسوية‪ ،‬الحديث بقوة عن أهمية الجبهة الثقافية‪ ،‬ودورها في‬
‫المواجهة‪ ،‬فإذا كانت موازين القوى الراهنة عربياً وعالمياً‪ ،‬قد فرضت الدخول في المفاوضات‪ ،‬فإنه من الضروري حماية‬
‫الثقافة وتحصينها‪ ،‬وتعزيز الوجدان العربي الرافض للستسلم والهيمنة الصهيونية والمريكية‪.‬‬
‫وقد تأسس هذا الحديث في ضوء الحقيقة الجوهرية القائلة أن الثقافة العربية كانت وستظل إطار حضارتنا‪ ،‬ووعاء‬
‫حركتنا في الحاضر والمستقبل‪ ،‬وأنها تشكل أقوى السس المادية والتاريخية التي تقوم عليها وحدتنا القومية‪ ،‬وفي ضوء‬
‫حقيقة كون الثقافة اليوم‪ ،‬وفي ظل هذا الواقع‪ ،‬تنهض باعتبارها خندق مواجهة‪ ،‬وخط دفاع عن أمل الوحدة العربية‪.‬‬
‫وواقع الال أن البهة الثقافية العربية‪ ،‬ورغم النيارات الرافقة لتوقيع التفاقات الهينة‪،‬ل تسجل اختراقات مهمة‪،‬وبقيت متماسكة نوعا‬
‫ما‪ ،‬ول تتحول الدعوات التطبيعية الت انطلقت من بعض الثقفي والشتغلي ف الثقافة «تيارا» على نو ما هو الال على الصعيدين السياسي والقتصادي‪.‬‬
‫وف غمرة التركيز على أهية البهة الثقافية ف القاومة برزت مقولتان‪:‬‬
‫الولى‪ :‬إن الثقافة العربية تتعرض إلى خطر حقيقي وأن التطبيع الثقافي مع العدو الصهيوني يعني تذويب الثقافة‬
‫العربية‪ ،‬أي ضرب الهوية القومية‪ ،‬ومقومات وجودنا كأمة‪ ،‬كما أنه يعني انقلباً على حضارتنا وتراثنا وكسراً لطموحنا في‬
‫كل نهضة حضارية وبالتالي يتوجب حماية الثقافة‪ ،‬وتعزيز الوجدان الشعبي المقاوم‪ ،‬ورفض كل دعوات التطبيع مع العدو‬
‫على هذا الصعيد‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬قال أصحابها أن ثقافتنا العربية‪ ،‬ثقافة عريقة لها امتدادها الحضاري‪ ،‬ول ينبغي الخوف عليها في حال التعاطي‬
‫مع عدو تقوم «ثقافته» على هشاشة مفضوحة‪ ،‬وتلفيق واضح‪ ،‬وأن الوجدان العربي حصين‪ ،‬ل يستطيع العدو اختراقه‪،‬‬
‫وبالتالي ل خوف عليه وبكلمات أخرى ل ينبغي إثارة كل هذا الضجيج حول «التطبيع الثقافي»‪.‬‬
‫تنطلق المقولة الولى من حرص بين على الهوية القومية‪ ،‬وهي أن كانت ل تنكر العمق الحضاري للثقافة العربية‪ ،‬فإن‬
‫ذلك ل يجعلها تدعو إلى جعل هذه الثقافة في مواجهة »امتحان« ل ضرورة له‪ ،‬مسوغاً أخلقياً أو حضارياً كما أنها تنطلق‬
‫من إدراكها أن مجرد القبول بثقافة العدو ا لقومي‪ ،‬ناهيك عن التفاعل معها (وفق ما يقتضيه التطبيع) يمثل الختراق الول‬
‫للجبهة الثقافية‪ ،‬ويقود إلى ضرب مقومات وجودنا القومي‪ ،‬ومشروعية حلم المة في تحقيق وحدتها القومية‪ ،‬وهي تنبيه‬
‫إلى كون ما نواجهه ليس الثقافة الهشة والملفقة لعدونا‪ ،‬وإنما هجمة متكاملة تمثل فيها الثقافة المذكورة رأس الحربة‬
‫لختراق واسع النطاق‪ ،‬يرمي إلى ضرب الهوية العربية‪ ،‬وتقويض أحد أهم مرتكزات وجودها‪.‬‬
‫بذا العن فإن القولة الول تتأسس على إحساس بالطر الداهم‪ ،‬وتدعو إل مواجهة مرتكزه ف الن عينه إل عراقة الثقافة العربية من‬
‫ناحية‪ ،‬وإل أن الذات الثقافية هي الؤهلة للصمود ف مواجهة قوة الخر العسكرية والقتصادية ف هذه الونة‪ .‬وبقدر ما تستطيع الذات الثقافية‬
‫الصمود‪ ،‬يكن أن تعيد إناض الواقع ف ظل متغيات قادمة‪ ،‬ولكن إذا انارت البهة الثقافية‪ ،‬وضربت مرتكزات الوية‪ ،‬فإن التغيات الحتملة‬
‫والنتظرة ف ميزان القوى لن تد من يقوم باستثمارها‪ ،‬لعادة استنهاض الواقع العرب ل اقتصاديا ول عسكريا‪.‬‬
‫أما القولة الثانية‪ ،‬فإنا تبدو ف ظاهرها تفخيما وتضخيما للثقافة العربية‪ ،‬ولكنها تنطوي على خطر فادح‪ ،‬إذ ربا ل يستطيع أحد الجادلة‬
‫ف عراقة ثقافتنا‪ ،‬ول ف حصانة الوجدان الشعب العرب الرافض للستسلم أمام العدو‪ ،‬ولكن التسليم بذين المرين ل يفترض الركون إليهما‪.‬‬
‫وبتأجيل الجادلة ف النوايا الكامنة وراء إطلق القولة‪ ،‬من الضروري التساؤل عما إذا كانت الثقافة والوجدان يستطيعان الصمود دون‬
‫تعزيز ف ظل هجمة شاملة تطال متلف صعد الياة اليومية للمواطن العرب؟ كما ينبغي التساؤل عن مبرات فرض «التفاعل» مع العدو القوي‬
‫لثبات أن ثقافتنا تستطيع أن تثبت قوتا أمامه؟‬
‫إن فرض مثل هذا «التفاعل» قد يؤدي إلى إصابة الوجدان الذي تتحدث عنه المقولة الثانية بالعطب من خلل تسرب‬
‫عوامل الوهن والضعف إليه‪ ،‬فأخطر ما نواجهه هنا‪ ،‬أن تلعب الثقافة دوراً في خلق «العتياد» والتعايش‪ ،‬وحينها فإن هذا‬
‫الوجدان سوف يعاد تكييفه وتركيبه كي ينتج هو بالذات مقولته الجديدة‪ ،‬وهنا تكمن أحد أهم المخاطر التي تنطوي عليها‬
‫المقولة المشار إليها‪.‬‬
‫إن الوجدان يحتاج إلى التحصين‪ ،‬وفي حالة ارتكاز إلى القوة سيصبح قادراً على الصمود والعطاء أكثر‪ ،‬ثم أنه لمن‬
‫العبث‪ ،‬ومن قبيل دفن الرأس في الرمال‪ ،‬الفتراض أن المواجهة تتم بين ثقافة عربية عريقة ووجدان عربي حصين من‬
‫جهة‪ ،‬وبين ما يريد العدو الصهيوني تعميمه من جهة ثانية فحسب‪ ،‬ذلك أن الهجمة أكثر شمولً من ذلك‪ ،‬وساحتها أكثر‬
‫اتساعاً‪ .‬والمراد هو خلق تبعية ثقافية تصدر عن علقة التابع والمتبوع‪ ،‬وهي علقة تمهد الطريق لحدوث الختراق الثقافي‬
‫العام الذي يتجاوز حدود الستتباع اليديولوجي القديم‪ ،‬بحيث يغدو المثقف في نهاية المطاف‪ ،‬وهو يشاهد انفراد الغرب‬
‫لعالم محكوم ربما بصورة تلقائية بوهم أن وظيفته تكمن في الندراج في هذا السياق الكوني الجديد للسياسة‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫وثة أمر آخر لفت للنظر‪ ،‬فأصحاب القولة الثانية‪ ،‬جاءت دعوتم لـ«التفاعل» والرتكزة إل أننا أصحاب ثقافة عريقة‪ ،‬مؤسسة على‬
‫مطلب أن يقبل الخر‪ /‬العدو بالتفاعل معنا‪ ،‬فتحول الصيل إل طارئ‪ ،‬والطارئ إل أصيل‪ ،‬ومثلت الدعوة موقفا من طرف ضعيف يتطلع إل‬
‫أن يقبل القوي بوجوده‪« ،‬لن الطروف فرضت العيش ف جغرافية مشتركة»‪.‬‬
‫وهكذا يمكننا الكتشاف بسهولة‪ ،‬أن الدعوة إلى ترك الثقافة في مواجهة مفتوحة عشوائية‪ ،‬دون التعامل معها كجبهة‬
‫مواجهة‪ ،‬وترك الوجدان كي ينتج آليات دفاعه بذاته‪ ،‬هي في الحقيقة دعوة منطلقة من القرار بوجود الخر‪ /‬العدو وقوته‬
‫من ناحية‪ ،‬وترك الثقافة في حالة السعي إلى الذوبان في بوتقة جديدة‪ ،‬ينتجها «التفاعل» المحكي عنه من ناحية ثانية‪ .‬وهو‬
‫ما ل نجد أمة على وجه الرض سواء أكانت ضعيفة أم قوية تقوم به‪ .‬فنحن نجد أن فرنسا الدولة القوية لم تترك قناة ناطقة‬
‫بالعربية تبث في فرنسا‪ ،‬وتقوم في اليابان نشاطات ضخمة في مواجهة تعميم النمط الثقافي المريكي والوروبي وكذلك في‬
‫الصين‪ .‬كما تخوض شعوب صغيرة حروباً على صعد مختلفة من أجل حماية هويتها القومية ونمطها الثقافي‪ ،‬ولو أن أحداً‬
‫من هؤلء ارتكز إلى مجرد عراقة ثقافته وحياة نمطه الثقافي في وجدان الشعب لوجد نفسه في حالة سيولة سوف تقوده‬
‫حتماً إلى الذوبان والتلشي‪ ،‬ناهيك عن إمكانية القيام بحالة مناقضة أو تعميم لنموذج ثقافي‪.‬‬
‫إذاً‪ ،‬لماذا يكون مطلوباً إلينا بالذات مثل هذا الذوبان‪ ،‬تحت دعاوي النفتاح والتفاعل تارة‪ ،‬وتحت دعاوي التعامل مع‬
‫المتغيرات على أرض الواقع تارة أخرى؟ ثم لماذا تتأسس دعوات «التفاعل» على إنكار الذات القومية‪ ،‬وتحقير الثقافة العربية‪ ،‬كي‬
‫نصير مقبولين من لدى الخرين؟‬
‫‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫أن التدقيق ف بنود التفاقيات مع الكيان الصهيون من كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة يكن أن يلحظ وبوضوح الصرار والضغط‬
‫المريكي على التطبيع الثقاف باعتباره هدفا استراتيجيا‪.‬‬
‫من أجل التغلغل بشتى الوسائل لهزم وعي المة‪ ،‬ومحو الذاكرة الوطنية وتسويق المفاهيم والقيم العنصرية‬
‫الصهيونية للقبول بها عربياً من خلل تنشيط ثقافة التبرير على حساب ثقافة المواجهة‪ ،‬وتسويق ثقافة الحتلل‪.‬‬
‫إن «التطبيع» الثقافي هو عملية تمهد لخضاع مجتمعنا العربي لجملة من المفاهيم الفكرية والثقافية والعلمية‬
‫والدعائية والنفسية للحاق الهزيمة بالشخصية العربية من الداخل وشل إرادة المقاومة فيها‪ ،‬وهو أيضاً امتداد للغزو‬
‫العسكري والسياسي ولكن بوسائل ثقافية إعلمية‪ ،‬من أجل إحباط أي وعي نهضوي لدى المة‪ ،‬ومن أجل ترسيخ التبعية‬
‫والهيمنة‪ ،‬وذلك من خلل تزييف الوقائع والتاريخ وتشويه القيم‪.‬‬
‫ويكن تديد الثار السلبية لتفاق أوسلو ف القضايا التالية‪:‬‬
‫• تعميق الزمات العربية عبر محاولت تصوير الواقع الراهن على أنها حالة طبيعية‪ ،‬وأن التخلص منها ل يتم إل‬
‫بالتجزئة والنسلخ عن المبادئ والقيم التي تختزنها مثل العروبة والسلم والدعوة للوحدة‪ ،‬أي محاربة وعن المة‬
‫بذاتها ودورها الحضاري‪.‬‬
‫• تشويه التاريخ وتزويره وفقاً لوهام الساطير الصهيونية‪ ،‬وإخضاع المنطقة العربية يحمله من المفاهيم الفكرية‬
‫والثقافية والنفسية المعادية‪ ،‬وانخراط المنطقة العربية بالصراعات الدموية وتشجيع الخلفات العربية والطائفية‬
‫والتركيز على مشاكل القليات‪.‬‬
‫ليس من قبيل البالغة القول أن أوسلو هو أخطر اتفاق من بي التفاقات الت وقعت لتصفية الصراع والقضية الفلسطينية وذلك لن موقعيه‬
‫حاولوا إظهاره كحل تاريي للقضية الفلسطينية‪ ،‬وبالتال فقد جرى تريد القضية من كل أبعادها وتقزيها وضرب اللتفاف العرب من حولا‬
‫كقضية مركزية للمة العربية‪ ،‬ومن هنا يكن اعتبار أوسلو الحطة الخطر الت مهدت لختراقات التطبيع الثقاف‪ ،‬فمن ناحية‪ ،‬جرى تصوير‬
‫الوضع بعد التفاق وكأن القضية قد حلت وبالتال ل يعد هناك مكان للعدوان فشهدنا موجة من الكتابات الت تدعو إل التطبيع مع العدو‬
‫مركزة على أن ما كان سببا ف الصراع قد انتهى‪ ،‬ويب العمل على بناء «السلم»‪.‬‬
‫وقد صاغت سلطة عرفات المناهج التعليمية بما يتناسب مع إملءات العدو‪ ،‬واعتبرت الكتابة أو الحديث عن عروبة‬
‫فلسطين نوعاً من التحريض على العداء‪ ،‬ينبغي قمعه ومنعه‪ ،‬وسعت نحو عقد معسكرات مشتركة لطفال وشبان فلسطينيين‬
‫مع أطفال وشبان المستوطنين‪.‬‬
‫ويرتبط بتوقيع اتفاقات أوسلو التدفق التطبيعي بي الكيان الصهيون وعدد من القطار العربية مثل‪ :‬تونس‪ ،‬الغرب‪ ،‬قطر‪ ،‬وعمان‪ ،‬وكذلك‬
‫عقد لقاءات بي مثقفي عرب وصهاينة‪ ،‬على غرار اجتماع برشلونة‪ ،‬ث مؤتر تالف كوبنهاغن‪ ،‬وأخيا إنشاء جاعة القاهرة للسلم‪ .‬وكذلك‬
‫الزيارات الت قام با مثقفون وفنانون من مصر والغرب وتونس‪ ،‬وبعض أقطار الليج إل فلسطي الحتلة والكيان الصهيون‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫على أننا ند أن التمظهر الخطر لتفاقات أوسلو على صعيد التطبيع الثقاف إنا يرتبط بترويج مقولة «الل التاريي»‪ ،‬وهو الادف إل‬
‫إحداث تغيي ف الوعي تاه العدو الصهيون‪.‬‬

‫سادساً‪ :‬انعكاسات اتفاقات أوسلو على الصعيد القتصادي‬


‫‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫لعل واحدا من أخطر الوهام الت أشاعتها التسوية‪ ،‬ذلك الربط التعمد (ولكن غي الصحيح بالطلق) بي التسوية وتقق الزدهار‬
‫القتصادي لـ«النطقة»‪.‬‬
‫فمنذ اتفاقية كامب ديفيد وصولً إل وادي عربة‪ ،‬مرورا بأوسلو بالطبع‪ ،‬كان خطاب (التسوية‪ ،‬يركز على اعتبار التفاقات مع العدو‬
‫مدخلً للرفاه القتصادي فمن مشهد السادات وهو يشي إل «علبة سنة» سوف تنخفض أسعارها إل عرفات وهو يتحدث عن سنغافورة‬
‫الشرق الوسط‪ ،‬ف غزة‪ ،‬إل نظام الردن وهو يعد الناس بسمنة وعسل التسوية‪ ،‬كان الديث الحمول على أزمة اقتصادية متعددة السباب‪،‬‬
‫يمل استمرار الصراع السؤولية عنها ويقول أن تقيق التسوية سوف يقود إل إناء الزمة القتصادية ويمل وعدا بالرفاه‪ ،‬لكن أحدا من‬
‫هؤلء ل يقل لنا لاذا يرتعد الصهاينة خوفا لسماع مسؤول ف البيت البيض أو ف الكونغرس‪ ،‬أو عضو ف ملس الشيوخ‪ ،‬يقترح إعادة النظر ف‬
‫الساعدات المريكية الارجية ول تدأ الخاوف الصهيونية‪ ،‬إل عندما يعود السؤولون المريكيون إل التأكيد أن الكيان الصهيون حالة خاصة‬
‫لن تتوقف الساعدات إليه؟‬
‫ولم يقل لنا أحد كيف أن هذا الكيان الذي يجعل من فكرة التطبيع القتصادي معه ورقة رابحة‪ ،‬هو كيان باقتصاد متعيش‬
‫على المساعدات الخارجية المريكية تحديداً‪ ،‬وعلى ابتزاز دول العالم بمساعدة أمريكيا‪ ،‬فيما يعرف بتعويضات من ضحايا‬
‫النازية؟ ذلك أن الجابة على أي من هذه السئلة‪ ،‬سوف لن يكشف حجم الكذب والتلفيق الكامن وراء أوهام الزدهار القادم‬
‫مع التسوية‪ ،‬بل سيكشف أيضاً طبيعة المشروع الصهيوني‪ /‬المني‪ ،‬الكامن وراء التطبيع القتصادي‪ ،‬إذ أن الصهاينة‬
‫نظروا إلى المر من خلل منظورين‪:‬‬
‫‪-1‬استثمار الوضاع الدولية إلى أقصى حد لبراز خصوصية «إسرائيل» في المنطقة‪ ،‬كأن يعتمد عليها في أي دور‬
‫مقبل اقتصادي‪ ،‬من جانب القوى الدولية‪.‬‬
‫‪-2‬تحصين «القلعة السرائيلية» أمني ًا واستراتيجياً من احتمالت التأثر السلبي والتصدع والعطالة‪.‬‬
‫وضمن هذين المنظورين يمكننا أن نفهم «المنظومة الشرق أوسطية» التي تحدث عنها شمعون بيريز على خلفية‬
‫توقيع اتفاق أوسلو عن كل ما قيل عن ضرب النتماء الحضاري إلى هوية عربية في الوطن العربي‪ ،‬وإحلل مدلول جغرافي‬
‫للنتماء‪ ،‬وعدا عن تحقيق «اندماج مهيمن» مع القتصادات العربية‪ ،‬فإن الشرق أوسطية هي أيضاً «منظمة أمنية» قبل‬
‫ذلك وبعده‪ ،‬وهذا ليس مستغرباً‪ ،‬بحكم طبيعة الكيان الصهيوني وماهية دوره‪« ،‬فالكيان الصهيوني تجمع استيطاني‪ ،‬ولكنه‬
‫ليس كجنوب أفريقيا‪ ،‬ول كالستيطان الفرنسي في الجزائر قبل الستقلل‪ ،‬وبالطبع ليس كالستيطان الوروبي للقارة‬
‫المريكية (بل هو) استيطان إجلئي عنيف‪ ،‬يستمد مقوماته المادية من وظيفته العنيفة التي أداتها القوة العسكرية المنظمة‪،‬‬
‫المنسوج من روحها كل البناء التحتي للمجتمع الستيطاني‪ ،‬تراجعها أو تجميدها أو الحد من دورها‪ ،‬ل يمكن أن يتسق مع‬
‫خصائص وجود الدولة أو فرادة تلك الخصائص»‪.‬‬
‫ونستطيع أن نرصد بسهولة كيف أن الكيان الصهيوني ركز على التسويق المني للمنظومة الشرق أوسطية محمولً‬
‫على القضايا القتصادية‪ .‬ولما لم يجد المشروع طريقه إلى التنفيذ جرى الكشف مباشرة عن الخطة الحقيقية‪ ،‬فاعتبر‬
‫الصهاينة أن مشروع بيريز «الشرق أوسطي» ساذج‪ ،‬وأن مهمة الشعب اليهودي‪ ،‬هي تحرير الشعوب الواقعة تحت‬
‫الحتلل السلمي العربي‪ ،‬ما يعني أن مشروع التفتيت كان مبيتاً في آونة الحديث عن التعاون القتصادي‪ ،‬وإطلق وعود‬
‫الزدهار‪.‬‬
‫ول يختلف مشروع المتوسطية كثيراً عن مشروع الشرق أوسطية وقد طرح أيضاً كرديف له‪.‬‬
‫ما يمكن أن نلحظه باهتمام شديد هنا‪ ،‬أن هذه المشاريع طرحت في أعقاب اتفاقيتي أوسلو ووادي عربة‪ ،‬وهما‬
‫التفاقيتان اللتان أعقبتهما سلسلة القمم القتصادية التي سوف نتطرق لها لحقاً‪ ،‬وهنا أمر ينطوي على دللة هامة‪ ،‬تكشف‬
‫حقيقة أنه كلما تزايد عدد التفاقات كلما وجد الصهاينة الفرصة ملئمة لخرق أعمق‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪21‬‬
‫‪-1‬كامب ديفيد‪ :‬فيما واجه التطبيع الثقاف تعثرات كبى كنتاج لكامب ديفيد‪ ،‬فإن هذا –للسف‪ -‬ل يكن حال التطبيع القتصادي‪ ،‬ومع‬
‫أنه ل يدث تدفق تطبيعي واسع بي الكيان الصهيون ومصر‪ ،‬فإن الحطات الت شهدت تدفقا ف عمليات التطبيع كانت وبالً على مصر‪ ،‬على‬
‫غرار ما حدث ف القطاع الزراعي‪ ،‬حيث أن «يوسف وال» وزير الزراعة الصري‪ ،‬ومهندس التطبيع القتصادي مع العدو أصر على استياد‬
‫بذار ومبيدات كيماوية من الكيان الصهيون ألقت أضرارا فادحة بالزراعة الصرية‪.‬‬
‫من جانب آخر شهد موضوع العمالة المصرية تدفقاً تطبيعياً باتجاه الكيان الصهيوني وانعكس المر مخاطر أمنية‬
‫واجتماعية على مصر‪ .‬وعلى رغم النحسارات في التسارع التطبيعي‪ ،‬فإن الوصف الدق له أنه بقي بين مد وجزر‪ ،‬على‬
‫أنه سجل مزيداً من النحسار في أعقاب الكشف عن بنى ا لمشروع الشرق أوسطي‪ ،‬والذي استشفت منه مصر أنه يهدف‬
‫إلى تهميشها في إطار المنظومة الجديدة‪.‬‬
‫وما نريد قوله أن فك عزلة كامب ديفيد‪ ،‬شكل السبب الكامن وراء تحرك التطبيع‪ ،‬أي بعد أوسلو ووادي عربة‪ ،‬ليعود‬
‫على حال المد والجزر مع بدء موسم المؤتمرات القتصادية‪.‬‬
‫‪-2‬أوسلو‪ :‬يمكن وصف أوسلو اقتصادياً بأنه كرس تبعية اقتصادية مطلقة للكيان الصهيوني‪ ،‬وكرس الحالة اللحاقية‬
‫لقتصاد الضفة والقطاع باقتصاد العدو‪ ،‬لكن آثاره الخطر كانت في فتح بوابات التطبيع القتصادي عربياً‪ ،‬سواء على شكل‬
‫قمم اقتصادية حملت عنوان القمم القتصادية للشرق الوسط وشمال أفريقيا‪ ،‬أو على شكل علقات اقتصادية بين الكيان‬
‫الصهيوني وعدد من القطار العربية‪ ،‬على خلفية الزعم بانتهاء الصراع وبدء حقبة من التعاون‪ .‬ومعروف أن هذه‬
‫المشاريع قد تفرملت مع صعود نتنياهو إلى الحكم في الكيان الصهيوني‪ ،‬وهناك استعداد لطلقها الن مع إطلق الوهام‬
‫مجددًا حول »سلم باراك«‪.‬‬
‫‪-3‬وادي عربة‪ :‬ما حكي في الجانب الثقافي‪ ،‬ينطبق على الجانب القتصادي بشأن وادي عربة‪ .‬فالنية كانت إلى تطبيع‬
‫متسارع جرى تضمينه في نصوص التفاقية‪ ،‬وقد عمدت الحكومة الردنية إلى إلغاء القوانين المعوقة لمثل هذا التسارع‬
‫مثل‪:‬‬
‫• القانون الموحد لمقاطعة إسرائيل رقم ‪ 10‬لسنة ‪.58‬‬
‫• قانون بيع العقار رقم ‪ 30‬لسنة ‪.73‬‬
‫• قانون منع التجار رقم ‪.36‬‬
‫وقد اندفع عشرات من رجال العمال الصهاينة إل الردن‪ ،‬وهناك أحاديث عن شراء أراض وعقارات‪ .‬إضافة إل النية بإقامة مناطق‬
‫صناعية مشتركة فضلً عن الطار الشترك ف العقبة‪ /‬أم الرشراش‪.‬‬
‫ومن مفاعيل أوسلو‪ /‬وادي عربة التطبيعية‪ ،‬قيام دول مجلس التعاون الخليجي برفع المقاطعة من الدرجة الثانية عن‬
‫الشركات المتعاملة مع الكيان الصهيوني ومعلوم أن المقاطعة قد كلفت الكيان الصهيوني منذ الخمسينات مئات مليين‬
‫الدولرات‪ ،‬ومن مفاعيل التفاقين أيضاً‪ ،‬أن مكتب مقاطعة إسرائيل التابع لجامعة الدول العربية لم يجتمع منذ عام ‪ 1993‬أي‬
‫منذ ما بعد توقيع اتفاق أوسلو‪ ،‬ويبدو أنه ترك ليذوب في النسيان بدل نعيه رسمياً‪ ،‬حتى أنه عندما اتخذت قمة القاهرة (‬
‫‪ )1996‬والمجلس الوزاري لجامعة الدول العربية (‪ )1997‬قرارات بتجميد التطبيع مع الصهاينة على خلفية النسداد في‬
‫مسارات التسوية الناجم عن سياسة نتنياهو لم يتم انعقاد اجتماع لمكتب المقاطعة يشرف على تنفيذ تلك القرارات‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫في حوار صحفي أثناء انعقاد قمة القاهرة القتصادية (‪ ) 1996‬قال د‪ .‬محمود عبد الفضيل‪« :‬أن إسرائيل ل تريد طبعاً‬
‫اندماجاً اقتصادياً حقيقياً‪ ،‬وإنما بناء تجمع اقتصادي‪ ،‬ل يقوم على التكافؤ مثل الناتا‪ ،‬أو تجمع بلد آسيا‪ ،‬وإنما هو تجمع‬
‫شرق أوسطي‪ ،‬يرتكز على السياحة والمياه‪ ،‬ويطلب من العرب معه أن يسقطوا من حسابهم التاريخ والذاكرة و الرض‪،‬‬
‫فإسرائيل كاقتصاد مزروع في قلب المنطقة العربية تحمل دائماً قبعتين‪ ،‬فهي دولة شرق أوسطية موقعاً‪ ،‬وهي امتداد‬
‫لوروبا سياسياً واقتصادياً وتكنولوجيا وفكرياً‪ ،‬كما أنها مندمجة بشكل جوهري مع الفضاء القتصادي الوروبي‬
‫والمريكي‪ ،‬واتفاقية الشراكة مع التحاد الوروبي‪ ،‬ومنطقة التجارة الحرة مع الوليات المتحدة‪ ،‬وكلها هياكل متقدمة جداً‪،‬‬
‫خاصة في مجال نقل التكنولوجيا والبحث العلمي‪ .‬فإسرائيل إذن تريد الشرق أوسطية ‪ ،‬لكي تكون الدولة القائدة للمنطقة‬
‫اقتصادياً ومالياً وتكنولوجياً عبر مشروع شرق أوسطي طويل الجل يتم تنفيذه على مراحل‪ ،‬رأس الحربة الساسية فيه هي‬
‫المثلث السرائيلي – الردني – الفلسطيني‪ ،‬وهو المثلث الذي دخل مرحلة التشغيل الفعلي بعد معاهدة وادي عربة»‪.‬‬
‫ضمن هذه الهداف التي يوضحها د‪ .‬عبد الفضيل تحرك الصهاينة والوليات المتحدة عقب أوسلو ووادي عربة لترتيب‬
‫سلسلة من المؤتمرات القتصادية بإشراف هيئتين تتبعان المخابرات المريكية هما‪ :‬مجلس العلقات الخارجية المريكية‪،‬‬
‫والمنتدى القتصادي الدولي بسويسرا‪ ،‬وقد عقدت أربعة مؤتمرات من هذه السلسلة كانت الخطر في التدفق التطبيعي على‬
‫‪22‬‬
‫الصعد القتصادية‪ ،‬ونتجت عنها اختراقات خطيرة‪ ،‬بدت كنوع من استكمال المخاطر المتخلفة عن عقد اتفاقات التسوية‬
‫الثلثة (كامب ديفيد ثم أوسلو ووادي عربة)‪.‬‬
‫أ‪-‬الدار البيضاء‪ :‬عقدت قمة الدار البيضاء في الفترة من ‪ 2/11/1994 – 30/10‬وشاركت في العداد لمؤتمر الدار البيضاء‬
‫إضافة إلى الهيئتين المذكورتين أعله‪ :‬مؤسسة المبادرة من أجل السلم والتعاون في الشرق الوسط‪ ،‬وبنك ليومي‪،‬‬
‫ومؤتمر شركاء التنمية‪ ،‬وصناديق الستثمار المريكية والوروبية‪ ،‬وحضرته وفود من ‪ 61‬دولة‪ ،‬منهم ‪ 1114‬من رجال‬
‫العمال‪ ،‬وممثلي المؤسسات القتصادية العالمية‪ .‬وجاء في دليل المؤتمر‪ :‬أن فكرة عقده ظهرت من خلل لجنة العمل‬
‫متعددة ا لطراف التي أنشئت بعد مؤتمر مدريد للسلم ‪ ، 1991‬بمشورة خبراء البنك الدولي الذين رأوا أن إعادة الحيوية‬
‫القتصادية للشرق الوسط تكون حافزاً على استمرار السلم والحفاظ عليه‪ ،‬وهذه الحيوية ترتكز على محاور ثلثة هي‪:‬‬
‫• مزيد من التعاون القليمي مع إسرائيل وأمريكا‪.‬‬
‫• إصلح السياسات القتصادية لدول المنطقة بتطبيق وصفات صندوق النقد الدولي‪.‬‬
‫• العمل على جذب رؤوس الموال التي يملكها أثرياء الخليج في الخارج‪.‬‬
‫وف كلمته أمام الؤتر تدث وزير الارجية المريكية وارن كريستوفر عن برنامج من أربع نقاط لوضع «إسرائيل» والعرب ضمن نظام‬
‫تعاون اقتصادي إقليمي وهذه النقاط هي‪:‬‬
‫• تسهيل حركة السلع والفراد عبر القطار‪.‬‬
‫• إلغاء المقاطعة القتصادية لسرائيل‪.‬‬
‫• ضمان حرية انتقال الفراد عبر القطار‪.‬‬
‫• إنشاء مجلس للسياحة بمشاركة إسرائيلية‪.‬‬
‫لقد استهدفت قمة الدار البيضاء التخلص من قيود القاطعة العربية القتصادية للكيان الصهيون‪ ،‬وقد تقق هذا الدف مرحليا ف عهد‬
‫بييز عهد التاجرة القتصادية بـ«السلم» إذ ارتفع الناتج القومي لسرائيل من ‪ %3.4‬عام ‪ 93‬إل ‪ %6.9‬عام ‪ ،95‬وارتفع دخل الفرد ف نفس‬
‫الفترة من ‪ 16-13‬ألف دولر‪ .‬وتضاعفت الصادرات من الكيان الصهيون ثلث مرات بعد إفساح السواق الفريقية والسيوية أمامها وتميد‬
‫اتفاقية القاطعة العربية‪.‬‬
‫وجاء في العلن الختامي لمؤتمر الدار البيضاء ترحيب رجال العمال المصريين وغيرهم بالشراكة الجديدة مع الكيان‬
‫الصهيوني وأمريكا‪ ،‬فأوصى هذا العلن بضرورة هيكلة هذه الشراكة وبناء أسس مجموعة اقتصادية للشرق الوسط‬
‫وشمال أفريقيا‪ ،‬لتحقيق حرية تدفق البضائع ورأس المال واليد العاملة عبر المنطقة‪.‬‬
‫أما أبرز ما تمخضت عنه قمة الدار البيضاء‪ ،‬فكان اتفاق الدول المشاركة فيها على اللتقاء في مؤتمر آخر‪ ،‬لبحث‬
‫تفاصيل التعاون المشترك بينهم وبين الكيان الصهيوني‪ ،‬ووضع اللمسات النهائية للقتصاد الشرق أوسطي‪ ،‬وهذا كان يعني عملياً‬
‫النتقال لمرحلة «المؤسسية»‪.‬‬
‫لقد أحيطت قمة الدار البيضاء بنشاط إعلمي ضخم‪ ،‬اقترب من وصفها بالتحول التاريي ف مرى الصراع‪ ،‬على نو ما جرى توصيف‬
‫اتفاق أوسلو وجرى اعتبارها من قبل الشاركي فيها تهيدا لطوات أكثر عملنية سوف تليها‪ ،‬بيث بدا مشروع الشرق أوسطية وكأنه قدر ل راد له‪.‬‬
‫مشارك‪ % 72 ،‬منهم من رجال القطاع‬ ‫‪2000‬‬ ‫ب‪-‬عمان‪ :‬انعقد مؤتر عمان ف الفترة من ‪ ، 31/10/1995-29‬وبلغ عدد الشاركي فيه‬
‫الاص‪ ،‬فيما توزع باقي الشاركي بي الوفود الرسية والؤسسات التمويلية القليمية والدولية‪ ،‬وبلغ عدد الوفد الوروب ‪ ،390‬ومصر ‪،100‬‬
‫وقطر ‪ ،50‬والمارات ‪ ،40‬والسعودية ‪ ،30‬والكم الذات ‪ ،45‬والغرب ‪ ،20‬وتونس ‪ ،20‬والوليات التحدة ‪ ،75‬وألانيا ‪ ،51‬وفرنسا ‪ ،45‬وإيطاليا‬
‫‪ ،44‬والكيان الصهيون ‪.60‬‬
‫وكان هدف هذا المؤتمر إرساء البنى الساسية للشرق أوسطية‪ ،‬إذ أن الهداف الشرق أوسطية للمؤتمر كانت أكثر‬
‫وضوحاً‪ ،‬إذ أصرت الدارة المريكية على لسان كريستوفر‪ ،‬على ضرورة إنهاء المقاطعة العربية للكيان الصهيوني‪ ،‬لنها‬
‫(المقاطعة) من أكبر عوائق تحقيق النفتاح القتصادي‪ ،‬ول تنسجم مع السلم‪ .‬ورفع بيريز علناً قناع الحمائم داعياً إلى‬
‫خصخصة «السلم» بحيث يكون سلم رجال العمال مع الفصل بين السلم القتصادي والسلم السياسي‪ .‬كما طرحت خطة‬
‫الصهاينة في تشكيل الخريطة الجغرافية للمنطقة عبر مشروعات تمس البنية الساسية بشكل مباشر في مجالت النقل‬
‫والمياه والطاقة والبيئة وغيرها‪ ،‬ومرجعية هذه الخطة هي العقلية الصهيونية القائمة على الستيطان والتوسع وإحداث‬
‫تغييرات بيئية وإقليمية ل يمكن الرجوع عنها مطلقاً كما يحدث في التفاقات والمعاهدات السياسية والجراءات القتصادية‪،‬‬
‫فقد طرح الوفد الصهيوني في المؤتمر‪ ،‬مشروع مد خطوط أنابيب بترولية بديلة تمر عبر الكيان بدعوى أن تكلفه نقل طن‬

‫‪23‬‬
‫من النفط عبر أفريقيا أو قناة السويس تصل إلى ‪ 20‬دولراً‪ ،‬بينما ل يتجاوز ‪ 6‬دولرات عن طريق الكيان‪ ،‬كما يتحدث الوفد‬
‫عن مشروعات مائية تخص دول حوض النيل‪ ،‬وعن القواعد الستثمارية الخاصة بالمشروعات القليمية في سيناء‪.‬‬
‫كما سلفت الشارة فإن قمة عمان كانت مرحلة المؤسسية‪ ،‬إذا تم التفاق في هذه القمة على إقامة عدة مؤسسات منها‪:‬‬
‫‪-1‬بنك التعاون القتصادي والتنمية في الشرق الوسط وشمال أفريقيا‪ ،‬بحيث يكون مقره القاهرة‪ ،‬برئاسة الصهاينة‪،‬‬
‫ويستهدف دعم القطاع الخاص‪ ،‬وتعزيز التعاون القتصادي القليمي بين العرب والكيان الصهيوني والوليات المتحدة‬
‫المريكية‪.‬‬
‫‪-2‬المجلس القليمي للسياحة وجمعية وكلء السياحة والسفر لمنظمة الشرق الوسط والبحر المتوسط‪.‬‬
‫‪-3‬المجلس القليمي لدعم التعاون والتجارة بين القطاعات الخاصة في دول المنطقة‪ ،‬ومهمته العمل على إزالة الحواجز‬
‫والمعوقات لتيسير تدفق السلع والفراد في إطار منطقة للتجارة الحرة تحت السيطرة المريكية والصهيونية‪.‬‬
‫‪-4‬أمانة تنفيذية للقمة القتصادية‪ ،‬يكون مقرها الرباط‪ ،‬وتعمل على دفع الشراكة بين القطاعات العامة والخاصة إلى‬
‫المام‪ ،‬وتعزيز التصالت والمشاركة في المؤتمرات وتقديم المعلومات‪ ،‬وتدعم استثمارات القطاع الخاص‪ ،‬إضافة إلى‬
‫تأسيس أمانة لجنة المراقبة لمجموعة العمل للتنمية القتصادية (‪ )RBDW‬كمؤسسة اقتصادية يكون مقرها عمان‪.‬‬
‫وتقرر في المؤتمر المذكور أن تقعد جلسته الثالثة في القاهرة والرابعة في الدوحة‪.‬‬
‫ج‪-‬القاهرة‪ :‬بإجراء انتخابات مبكرة في الكيان الصهيوني عام ‪ ،96‬صعد نتنياهو إلى الحكم‪ ،‬ورغم ما شكله صعوده من‬
‫انسداد في عملية لتسوية وإدارة الظهر للشرق أوسطية بمفهوم بيريز‪ ،‬فقد انعقدت قمة القاهرة القتصادية بوصفها الحلقة‬
‫الثالثة في سلسلة المؤتمرات القتصادية وهو وإن عقد في أجواء متوترة سياسياً إل أن الصهاينة تابعوا عمليات الختراق‬
‫السابقة‪ ،‬إذ تقدم الصهاينة بسلسلة كبيرة من المشاريع‪.‬‬
‫شارك في المؤتمر ممثلو ‪ 72‬دولة‪ ،‬و ‪ 23‬منظمة دولية و ‪ 15‬منظمة إقليمية‪ ،‬و ‪ 14‬منظمة عربية‪ ،‬وشارك فيه ‪2000‬‬
‫من رجال العمال وقد أشار البيان الختامي للمؤتمر إلى أنه (المؤتمر) أوجد فرصة لتشجيع الستثمار العالمي والقليمي في‬
‫الشرق الوسط وشمال أفريقيا‪ ،‬وأنه تم التأكيد على الفرص القتصادية والتجارية للمنطقة باتخاذها تدابير وقوانين من‬
‫شأنها إصلح البرامج القتصادية‪ .‬واعتبر البيان أن هذه الصلحات ومن بينها الخصخصة وإلغاء القيود التاريخية‪ ،‬شجعت‬
‫على خلق مناخ اقتصادي أفضل في جميع أنحاء المنطقة وأشار البيان إلى أن المؤتمر أعطى فرصة لممثلي القطاع الخاص‬
‫العالمي لبحث فرص الستثمار القتصادي والتجاري في المنطقة‪.‬‬
‫وأشار إلى إحراز تقدم ملموس بشأن تكوين اتحاد السفر والسياحة في الشرق الوسط ويكون مقره تونس‪ ،‬كما أكد‬
‫أهمية إنشاء بنك التعاون القتصادي في الشرق الوسط وشمال أفريقيا ومقره القاهرة‪ ،‬ودعا إلى الستمرار في إنشاء‬
‫مجلس تجارة إقليمي‪ .‬وتقرر أن تكون الدوحة هي المحطة القادمة‪.‬‬
‫د‪-‬الدوحة‪ :‬بالرغم من قرارات قمة القاهرة العربية (‪ ) 1996‬وقرارات المجالس الوزارية العربية‪ ،‬فقد أصرت حكومة‬
‫قطر على عقد مؤتمر الدوحة (‪ ،)1997‬ولكن المؤتمر عقد عملياً في ظل مقاطعة عربية‪ ،‬وكان المقصود من عقده محاولة‬
‫البقاء على قوة الدفع في الختراق الصهيوني ولكن المؤتمر الذي قوطع عربياً‪ ،‬عقد أيضاً في أونة إحلل الصهاينة مشروعاً‬
‫بديلً يحقق لهم هدف الخضاع بدون المرور عبر بوابة الشرق أوسطية‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫كانت الهداف الصهيونية من هذه المؤتمرات ممرحلة للوصول إلى الهيمنة الكاملة على النحو التي‪:‬‬
‫‪-‬التحرك المدروس لبتلع السواق العربية والسلمية على أساس تدريجي يبدأ بتتبيع القتصاد الفلسطيني والردني للقتصاد‬
‫الصهيوني‪.‬‬
‫حتى منطقة‬ ‫‪-‬تصفية التماسك العربي وتكريس مفاهيم الشرق أوسطية‪ ،‬وإجهاض أية بادرة لنشاء سوق عربية مشتركة أو‬
‫تجارة حرة عربية‪.‬‬
‫‪-‬بناء علقات اقتصادية متشابكة مع دول الخليج لجعل الكيان الصهيوني مركزاً لستثمار رأس المال العربي وتصدير‬
‫النفط وصناعته‪.‬‬
‫‪-‬الترويج للخصخصة المتسرعة والرتجالية‪ ،‬حتى يستطيع رأس المال الصهيوني –من وراء ستار الستثمار الجنبي‪-‬‬
‫النفاذ إلى القتصاديات العربية‪.‬‬
‫‪-‬ممارسة ضغوط محسوبة من جانب أوروبا وأمريكا والمؤسسات المالية الدولية على الدول العربية لدمجها في‬
‫المشروع الشرق أوسطي‪ ،‬مع عدم التدخل إطلقاً في السياسة القتصادية للكيان الصهيوني‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬انعكاسات أوسلو على الصعيد المني‬
‫لقد جرت المفاوضات لنهاء الصراع العربي – الصهيوني تحت شعار (الرض مقابل السلم) وقرارات الشرعية‬
‫الدولية ذات الصلة‪ ،‬والثابت بعد ثمان سنين على مؤتمر مدريد أن ما تم من اتفاقات كأوسلو وملحقاته حتى واي ريفر‪ ،2 -‬ثم‬
‫‪24‬‬
‫مقروءاً‬ ‫وادي عربة أن الهدف الرئيسي للكيان الصهيوني هو شعار المن مقابل الرض‪ ،‬لهذا كان المن‪ ،‬وأمن الكيان تحديداً‬
‫وواضحاً على السطور وبين سطور التفاقيات جميعاً‪.‬‬
‫لقد فتحت اتفاقيات أوسلو للعدو الصهيون فرصة فرض شروطه المنية على بعض النظم العربية من خلل تشكيل الحلف المنية‬
‫والعسكرية على صعيد النطقة ومنها اللف التركي – الصهيون – الردن برعاية الوليات التحدة المريكية ف مواجهة حلقات الصمود‬
‫والقاومة والرافضة لتفاقيات الذعان والستسلم‪.‬‬
‫إن العملية السلمية من منظور الرؤية الصهيونية و«المصطلحات التاريخية» أو «جسور الثقة» و«التعايش»‪ ،‬يريد‬
‫الكيان الصهيوني منها هو تحقيق المن أولً وعاشراً والمن يشمل القومي على المدى البعيد‪ ،‬والمن الديمغرافي‪ ،‬وأمن‬
‫الرض ليصل ويمتد للدول المجاورة‪ ،‬إيران وباكستان‪ ،‬والجمهوريات السلمية المستقلة عن التحاد السوفياتي إضافة إلى‬
‫قوس واسع من يمر من جنوب البحر الحمر ليقطع عموم أفريقيا‪.‬‬
‫وكما خلص كيمرلينغ إل القول أن مسارات التسوية والفاوضات كلها «تت من خلل موقف القوة» ومن زاوية «العتبارات المنية»‬
‫للدولة الصهيونية‪ .‬أكد رئيس الركان باراك عندما كان رئيس أركان حرب العدو ووزير الارجية فيما بعد هذه الضامي ف حديث له حول‬
‫«الوانب المنية للتفاق» بقوله‪« :‬القوة هي الت أدت بالقيادات العربية إل إجراء الفاوضات الباشرة مع دولة إسرائيل‪ ،‬وهي الت تكن دولة‬
‫إسرائيل من إجرائها من موقع قوة»‪.‬‬
‫إنه سلم قائم على القوة والقهر والخضاع والذي يساهم من خلل هذه التفاقيات ف فتح ثغرات واسعة ف جدار المن القومي العرب‬
‫وف القلب منها المن القطري‪ ،‬حيث سلمت أيضا بأن الكيان الصهيون له الق التاريي ف الوجود كدولة من دول النطقة‪ ،‬ويتضمن هذا‬
‫إقرارا بأن أي مقاومة للكيان الصهيون ف فلسطي أو ف جنوب لبنان هي مقاومة غي مشروعة عربيا لنا تتعارض مع القرار العرب بق الكيان‬
‫الصهيون ف الوجود‪ ،‬وبالتال فهي ل تنضوي تت اسم القاومة الوطنية للحتلل من أجل حرية الشعب وترير الرض‪ ،‬وإنا تقع تت‬
‫تسميات الرهاب والعنف والعدوان‪ ..‬ال‪ .‬وهذا ما أكدته قمة شرم الشيخ الت تداعى لا أقطاب معسكر الرهاب النظم المريكي –‬
‫الصهيون والت عقدت تت شعارات التحالفات المنية الستراتيجية والت تكمل ما سبق وأعد له من مططات اقتصادية وسياسية عدوانية ف‬
‫اتفاقيات الستسلم‪ ،‬ومسلسل التطبيع‪ ،‬وبالتال ف النطقة‪ ،‬وتلزي أمنه واقتصاده وقيادته للكيان الصهيون تت مظلة الرعاية والوجود الباشر‬
‫للوليات التحدة المريكية‪ ،‬وجاء أيضا ف هذا السياق اتفاق واي ريفر‪ 2-‬وهو الخطر لهة خدمة أمن الكيان ومتطلباته المنية ومقايضة‬
‫قضايا انتقالية مقابل قضايا جوهرية‪ ،‬ولستكمال هجومهم بقصد إخضاع اللقات العترضة فلسطينيا وعربيا وإعادة إحياء مقررات قمة شرم الشيخ‪.‬‬
‫وإذا اعتبرنا أن اتفاق أوسلو هو محصلة اتفاق أمني وجسر عبور للختراق الصهيوني على صعيد المنطقة فإن اتفاق‬
‫وادي عربة وخاصة من المادة الرابعة المتعلقة بالتنسيق المني والتي تعتبر بنودها من أخطر مواد المعاهدة وهي تسمي‬
‫السيادة الوطنية للردن والتي تتحدث عن الدمج في بنيان إقليمي أمني في الشرق الوسط وذلك على غرار «منجزات‬
‫المجموعة الوروبية والتحاد الوروبي» و«تطوير مؤتمر المن والتعاون» أي اللتزام بحدود مفتوحة وحرية تحرك‬
‫المواطنين بين الكيان والردن‪ ،‬كما تنص المادة الثالثة من التفاق على «المتناع عن تنظيم العمال والتهديدات العدائية أو‬
‫المعادية أو ذات الطبيعة التخريبية أو العنيفة وعن التحريض‪..‬الخ»‪.‬‬
‫أي أن الردن أصبح بالنسبة للكيان مال حيوي استراتيجي بالنسبة له ف مواجهة سوريا والعراق وإيران وكل اللقات العترضة على‬
‫الشروع المبيال – الصهيون‪.‬‬
‫ونحن لسنا هنا بصدد السهاب في هذا المجال ولكن ما يهمنا الحديث عنه في هذا السياق وبشكل موجز وسريع هو‬
‫دور مصر التاريخي على صعيد الوطن العربي‪ ،‬حيث عكست معاهدة كامب ديفيد جملة من التأثيرات نلخصها في التي‪:‬‬
‫• إخراج أكبر قوة عربية من ميدان المواجهة العربية – الصهيونية وما تركه ذلك من احتلل في موازين القوى في‬
‫الصراع‪.‬‬
‫• تحجيم دور مصر داخل حدودها‪.‬‬
‫• ربط منظومة التسلح بالمنظومة المريكية‪.‬‬
‫فتح مجال الحركة للكيان الصهيوني في أفريقيا ودول عدم النحياز بعدما كانت هذه الدوائر في مرحلة عبد الناصر مؤمنة‬ ‫•‬
‫بالرؤيا العربية‪.‬‬
‫كما كان تأثي اتفاقيات أوسلو ووادي عربة على مصر من زاوية‪:‬‬
‫‪ .1‬توسيع المجال الحيوي للكيان الصهيوني إلى الشمال الشرقي لحدود مصر‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫‪ .2‬خلق دوائر أمنية بفرض عزل مصر والتحكم في دورها عن طريق الحلف التركي – الصهيوني‪ ،‬والوجود الصهيوني في‬
‫القرن الفريقي‪ ،‬وتوسيع النفوذ والوجود الصهيوني في بعض بلدان الخليج‪.‬‬
‫‪ .3‬رفض الكيان توقيع معاهدة خطر السلحة النووية‪.‬‬
‫‪ .4‬منازعة الدور المصري في المة العربية عبر خلق بؤرة التحالف الثلثي الردني – الفلسطيني – الصهيوني كنموذج‬
‫ومعبر للتعاون مع الكيان الصهيوني‪.‬‬
‫إن ما هو مطلوب من هذه التفاقيات يتجسد في محاربة وعي المة بذاتها ودورها الحضاري وطموحها نحو الستقلل‬
‫التام والوحدة‪ ،‬وتصوير أي محاولة للنهوض على أنها من مظاهر الرهاب والتطرف والصولية‪ ،‬ضمن مخطط استعماري‬
‫يهدف إلى ضرب روح المقاومة في المة‬
‫وتعميق الجمة الصهيونية على وطننا‪.‬‬

‫خاتمة‬
‫قد تكون الدراسة مثقلة برعات فكرية أو إيديولوجية أكثر من اللزم‪ ،‬ولكن عذرنا ف ذلك أن تفريغ الصراع وقانونه الساسي من‬
‫روحه الكفاحية وبعده القومي‪ ،‬هدف دائم على جدول أعمال العدو‪ ،‬وعنوان ل يفى على أحد منذ أن خرج علينا فوكو ياما بأوهامه عن ناية‬
‫التاريخ وسقوط اليديولوجيا‪ ،‬وتابعته الركة الصهيونية ف اختلقات وإسقاطات مزورة تاول إغلق التاريخ على قيام الكيان‪.‬‬
‫إن التنويه الذكور‪ ،‬ليس ماولة لتقدي هذا البحث بقدر لئق من الوضوعية الكفاحية‪ ،‬ولكنه بالدرجة الول‪ ،‬ماولة للتأشي على الهمات‬
‫التاريية والسئلة الغائبة‪ ،‬بدللة برنامج العدو وآلياته‪ ،‬التجسدة ف فكره العنصري الدين وأهدافه التوسعية‪.‬‬
‫وبالتأسيس على ذلك‪ ،‬فإن إعادة العتبار للبعد القومي للصراع العرب – الصهيون‪ ،‬هي الت تعل مـن الهـام والقراءات الذكورة‪،‬‬
‫مهاما مشروعة‪.‬‬
‫لقد شكلت اتفاقيات أوسلو أخطر اختراق لذه الرؤية‪ ،‬ول يعد ثة مهام ضرورية راهنا أكثر من دحض الطاب التطبيعي لوسلو‪ ..‬وإذا‬
‫كانت الكنتنة والتمزيق وحالة التفتيت هي الساس الوضوعي لكل الراب الذي توجه أوسلو ووادي عربة‪ ..‬فإن الطاب الكيان هو التعبي‬
‫النظري لذا الساس‪ ،‬وبالتال‪ ،‬فإن الطاب القومي هو الامل التاريي الضاد‪.‬‬
‫لقد حقق العدو الصهيون من خلل اتفاقات أوسلو والختراقات الت ترتبت عليها والتمثلة باتفاق وادي عربة‪ ،‬ومسلسل التطبيع وإقامة‬
‫العلقات القتصادية والسياسية بي الكيان الصهيون وعدد من النظمة العربية إنازا استراتيجيا تصفه الوساط الصهيونية بأنه ل يقل أهية عن‬
‫الناز الذي تقق عام ‪ 1948‬بإقامة الكيان الصهيون‪.‬‬
‫وبشكل عام‪ ،‬فإن التطورات الاصلة ف منطقتنا ف إطار ما يسمى بعملية السلم ونتيجة لا‪ ،‬تقدم كل يوم‪ ،‬الزيد تلو الزيد‪ ،‬من الشواهد‬
‫والدلئل‪ ،‬على أن ما يري تنفيذه والتخطيط له‪ ،‬باسم السلم الزعوم‪ ،‬هو تطيط تصفوي يستهدف تصفية القضية الركزية للمة وإناء‬
‫الصراع العرب – الصهيون‪ ،‬وبالتال اليمنة المريكية الصهيونية على الوطن العرب‪ ،‬وإقامة نظام إقليمي جديد على أنقاض النظام العرب يشكل‬
‫‪26‬‬
‫الكيان الصهيون مركزه الال والقتصادي وقوته الضاربة‪ ،‬وقطع الطريق على أي مشروع نضوي‪ ،‬وتكريس واقع التخلف والتجزئة وماولة‬
‫تفتيت القطار العربية‪ ،‬وتزيقها إل كيانات عرقية ومذهبية وطائفية‪.‬‬
‫وإزاء هذا الواقع ف بديهيات العمل لواجهة تلك الستحقاقات وبناء مشروعنا النهضوي الضاري العرب يب أن تدد قوى النضال‬
‫والثورة معسكرها ومعسكر أعدائها وعلى وجه الصوص موقع أمريكا والغرب المبيال والعدو الصهيون من قضايا‪ :‬هل هم أعداء أم أنم‬
‫أصدقاء‪ ..‬هل هم مايدون؟! أم أنم أصحاب مشروع عدوان ف بلدنا؟! ما هي علقة الوليات التحدة بالشروع الصهيون ف وطننا العرب‪،‬‬
‫وما هي العلقة الت أنتجت هذا الشروع الصهيون‪ ،‬وما هي استهدافاته الغربية والستراتيجية؟‬
‫كل هذه السئلة تتطلب امتلك إجابات صحيحة‪ ،‬كي يتشكل فهم صحيح لواقع العداء ومعرفة دقيقة لستهدافاتم الت تطال حاضر‬
‫ومستقبل أمتنا من أجل خوض الواجهة السياسية والضارية الشاملة مع العدو المبيال – الصهيون‪ ،‬انطلقا من أن جذوة الصراع مستمرة‬
‫وأن «السلم» الذي يدعيه البعض ما هو إل مرد وهم‪.‬‬

‫مراجع البحث‬
‫أولً‪ :‬كتب ومراجع‬
‫ملة دراسات فلسطينية (العدد ‪)37‬‬ ‫•‬ ‫أوسلو مطة لتهويد فلسطي‪..‬‬ ‫•‬
‫دراسات فلسطينية عملية السلم على معركة (العدد ‪)17‬‬ ‫•‬ ‫ملف حول التطبيع الثقاف ف الوطن العرب‪،‬‬ ‫•‬
‫خس سنوات على الحتفال بأوسلو (جريدة الياة ‪)1998/26/8‬‬ ‫•‬ ‫الظاهر وأشكال القاومة (الجلس القومي للثقافة)‬
‫توسيع مستوطنة «تيفي وكاليم» ف قطاع غزة‬ ‫•‬ ‫الثقف العرب والتغيات‬ ‫•‬
‫(جريدة السفي ‪)22/6/1999‬‬ ‫التطبيع والقاومة‬ ‫•‬
‫الحتلل يوسع مستوطنة «أفرات» على أراضي قرية الضر‬ ‫•‬ ‫الؤتر القومي الول لقاومة الستسلم‬ ‫•‬
‫(جريدة السفي ‪)24/6/1999‬‬
‫‪:‬‬
‫تكريسا لسياسة التوسع الستيطان (جريدة الديار ‪)21/6/1999‬‬ ‫•‬ ‫ملة الشاهد (العدد ‪ ،144‬أغسطس ‪)1995‬‬ ‫•‬
‫‪15‬وحدة سكنية جديدة ف مستوطنة موراغ‬ ‫•‬ ‫ملة الشاهد (العدد ‪ ،23‬نوفمب ‪)1995‬‬ ‫•‬
‫(جريدة السفي ‪)9/6/1999‬‬ ‫قضايا دولية (العدد ‪ ،360‬نوفمب ‪)1996‬‬ ‫•‬
‫جريدة الدستور ‪( 4/6/1999‬صيغة باراك الستيطانية)‬ ‫•‬ ‫حول التطبيع الثقاف مع «إسرائيل»‬ ‫•‬
‫الواصفات السرائيلية للدولة الفلسطينية‬ ‫•‬ ‫(جريدة الياة‪ 8 ،‬شباط ‪)1977‬‬
‫(جريدة الدستور ‪)19/7/1999‬‬ ‫ملة الدف (مأزق الفاوض والسارات)‬ ‫•‬
‫أبو خالد العملة‬ ‫(العدد ‪ ،1378‬آذار ‪)1998‬‬
‫إساعيل القروي‬ ‫التسوية وتأشياتا على دور مصر‬ ‫•‬
‫رفعت سيد أحد‬ ‫(ملة الدف‪ ،‬العدد ‪ ،1375‬كانون ثان ‪)1998‬‬
‫د‪ .‬علي عقلة عرسان‬ ‫‪18/9/1999‬‬ ‫السفي (وعود ومراهنات)‬ ‫•‬
‫أحد شرف‬ ‫ماذا بقي من أرض للدولة الفلسطينية‬ ‫•‬
‫منشورات ملف الوار‬ ‫(الدستور ‪)15/8/1999‬‬
‫‪22/6/1999‬‬ ‫مشروع الدويلة الفلسطينية‬ ‫•‬
‫د‪ .‬مدحت سلمة‬ ‫‪1999/7/7‬‬ ‫أوسلو وقضايا الل النهائي‬ ‫•‬
‫نافذ أبو حسنة‬ ‫دراسات فلسطينية (الأزق الراهن السباب وجوهر الل) (العدد ‪)34‬‬ ‫•‬

‫‪27‬‬
‫حد شكري الواجا‬ ‫نور الدى سعد‬
‫برهان دجال‬ ‫ممد خالد الزعر‬
‫سائدة حد‬
‫نصار إبراهيم‬
‫وكالت (أ ب‪ ،‬رويتز‪ ،‬أ ف ب‪،‬د ب أ)‬
‫أمي اسكندر‬
‫وكالت (أ ب‪ ،‬رويترز‪ ،‬أ ف ب)‬

‫وكالة (أ ف ب)‬ ‫دراسة للخبي العسكري الصهيون (شيف)‬


‫وكالت (أ ب‪ ،‬رويترز‪ ،‬أ ف ب‪ ،‬ي ب)‬
‫د‪ .‬أنيس الصايغ‬
‫نواف الزرو‬ ‫نبيل السهلي‬
‫قدس برس‬ ‫برهان دجال‬

‫‪28‬‬

You might also like