Professional Documents
Culture Documents
أوسلو
على الصراع العربي – الصهيوني
2
تقديم
بعد ستة أعوام على توقيع اتفاق أوسلو وما ترتب على ذلك من نتائج كارثية على صعيد المنطقة والقضية المركزية
للمة –قضية فلسطين -وما رافق ذلك من حملت التضليل وتسويق الوهام التي رافقت أوسلو وحتى يومنا هذا ،تتضح أكثر
فأكثر مخاطر هذا التفاق وملحقاته نتيجة سلسلة التنازلت التي أقدم عليها نهج التفريط والخيانة والتي كان آخرها اتفاق
واي 2-الذي أقر على خلف ما روج البعض -بمرجعية أوسلو في إطار ما يسمى بالحل النهائي.
إن السار التصفوي الذي بدأ منذ مدريد ولن ينتهي باتفاق واي ريفر 2-تري فصوله وفق السيناريو العد من قبل الدارة المريكية الت
استفادت من التغيات الدولية الت أعقبت انيار التاد السوفييت وانتهاء الرب الباردة ،وما أفرزته حرب الليج من نتائج مدمرة ،لفرض
مشاريع هيمنتها على وطننا العرب وكخطوة أول لناء الصراع العرب – الصهيون با يضمن تثبيت كيان العدو نائيا ف فلسطي وتطوير دوره
ووظيفته ف خدمة الستراتيجية المريكية.
إن هذا البحث الذي بين أيديكم هو محاولة جادة لتبيان العديد من الدللت والمؤشرات والبعاد الخطيرة ،التي تؤكد
وتوضح طبيعة التفاقيات واستهدافاتها ،كمشروع أمريكي – صهيوني جاء منسجماً مع أهداف الكيان الصهيوني
ومخططاته التي سعى لتحقيقها وفي المقدمة منها ،تكريس وجوده الستيطاني في فلسطين وفي قلب الوطن العربي ،وتوفير
السبل الكفيلة للتعايش وتطبيع العلقات معه والقرار به كمركز قائد في النظام الشرق أوسطي الذي يسعى المشروع
المريكي – الصهيوني لنشائه وتكريسه ،وفي سبيل ذلك كانت الحروب العدوانية التي شنها الكيان الصهيوني ،وبدعم كامل
من الوليات المتحدة ،ضد المة العربية ،من أجل كسر إرادة المواجهة لدى أبنائها.
إن التكاء على الزعم بتردي الوضع العربي لتبرير الهزيمة ،يهدف إلى إخفاء حقيقة أن اتفاقيات أوسلو لم تكن
مقطوعة الجذور عما سبقها من سياسات وتنازلت استسلمية فلسطينية وعربية ،نتيجة سلوك أنظمة فرطت وتواطأت،
حيث فرط نظام السادات بمنجزات حرب تشرين وتماشى مع سياسة الخطوة خطوة المريكية ،وصولً إلى كامب ديفيد،
وانحرفت قيادات فلسطينية عن مسار الثورة ،مبررة انحرافها تحت شعار «برنامج الحد الدنى الممكن» معبراً عنه
بالبرنامج المرحلي الذي ظل يردف بتنظيرات تقوده من تنازل إلى آخر وصولً إلى الحكم الذاتي الداري ،حيث أصبح
برنامجهم نهجاً فكرياً وسياسياً يستسيغ تقديم التنازلت تلو التنازلت وصولً إلى التفريط والستسلم الكامل لشروط
وإملءات الكيان الصهيوني.
والسؤال الذي يطرح نفسه إلى أين أوصلنا مثل هذا النهج اليوم..؟!
لم تعد قضية فلسطين من خلل تلك التفاقيات أكثر من حكم إداري ذاتي محدود على جزء من أرض غزة والضفة
الفلسطينية ل سيادة عليها ،خاضعة سياسياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً وثقافياً لملءات سلطات الحتلل الصهيوني .وهو
بهذا ضرب المضمون التحرري الكفاحي للثورة ،وكذلك السيادة الوطنية والقومية والدينية والنسانية ،كما تم تزييف طبيعة
الكيان الصهيوني ،ولم تعد الوليات المتحدة –في عرف هؤلء -في موقع العداء لشعبنا وأمتنا ،والعدو الصهيوني لم يعد
استعماراً استيطانياً عدوانياً ،وحركة عنصرية ،والداة العسكرية للمبريالية في المنطقة العربية ،ووسيلتها لفرض الهيمنة
والتبعية واستمرار سياسة الضعاف والستن زاف والتفتيت للمة العربية.
3
المحتويات
التسوية والتطبيع ..ملحظات أول. : ً
أول
التطبيع كنتاج للتسوية أ-
4
أولً :التسوية والتطبيع ..ملحظات أولى
أ -التطبيع كنتاج للتسوية:
إن التطبيع هو النتيجة البرز لا يسمى بالتسوية السلمية ،باعتباره المهد لتحقيق اشتراطات التسوية ،على اعتبار أن «التسوية» ل تقف
عند حدود التصال مع الكيان الصهيون بل تتعدى ذلك إل:
• الندماج في وحدة إقليمية بكل ما تستلزمه الترتيبات المتعلقة بذلك في المنطقة ،وهذا ما يفسر مشاركة الردن في
المناورات البحرية المشتركة مع الوليات المتحدة والكيان الصهيوني وتركيا.
• تكريس تبعية المنطقة في المد القريب والبعيد لمصالح الوليات المتحدة.
• تحويل الكيان الصهيوني إلى قوة إقليمية مهيمنة كشريك للوليات المتحدة في نهب واستغلل المنطقة وثرواتها (النظام
الدولي الجديد).
• ضرب المشاعر القومية وصولً للقضاء على مفهوم القومية العربية لحلل مفهوم الشرق أوسطية.
• تحويل البلدان العربية إلى أسواق مستهلكة للمنتجات القتصادية العالمية ووقف التنمية المستقلة أو المشتركة.
• تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع العربي – الصهيوني.
وعليه فإن التركيز على تظاهرات التطبيع يأت بوصفها نتاجا لتفاقيات التسوية ،أي لستكمال عملية الخضاع وتعطيل إرادة الواجهة والصمود.
وذلك أن ما يطلق عليه اسم التطبيع مفروض بشروط «النتصر» أي شروط العدو ،وهذا ما حصل ف اتفاق أوسلو – والتطبيع كما
يستدل من السياق الذي نشأ منه اللفظ – الصطلح أو الرمز ،هو تطبيع سياسي وعسكري واقتصادي وثقاف وحقوقي بي النظم العربية
والكيان الصهيون ،يشمل بالضرورة علقة حسن الوار ،والتعايش مع العدو القومي الذي هو ف طريقه إل أن يصبح حارا وحليفا.
ب -ملحظات حول المفهوم:
بدأ تناول مصطلح التطبيع بصورته السياسية الدارجة ف قاموس الصراع العرب – الصهيون منذ معاهدة كامب ديفيد عام ،1977وتوسع
بعد مؤتر مدريد ،ولفظ التطبيع ف اللغة العربية يعن العودة إل العادي – الطبيعي ،فإذا اختل هذا العادي /الطبيعي وجب العمل على
تصحيحه ..ولذلك فإن هذا الصطلح يفتقر استخدامه إل الدقة ف الالة بي الدول العربية والكيان الصهيون ،حيث ل يكن هنالك ف أي يوم
من اليام أي علقة طبيعية اختلت ف مرحلة معينة ما يوجب العمل على إعادتا إل وضعها الطبيعي السابق.
وإضافة إلى كل هذا فإن العلقة الطبيعية تنشأ بين الدول ،وتتبلور مصالحها المشتركة للدول والشعوب وهي تسبق
المعاهدات الموقعة بينها ،ولهذا فالعلقات التي تنشأ بالمعاهدات ل يمكن أن تكون طبيعية وعلى سبيل المثال معاهدة
السادات – بيغن ،التي وقعت بتاريخ 26/3/1979أنشأت نظاماً قانونياً ولكن ليس بمقدورها أن تنشأ علقات طبيعية.
والمصطلح حديث الستخدام في الفكر السياسي الصهيوني ،رغم أن بعض الباحثين الصهاينة ينسبون صياغته لول
مرة إلى «أبا إيبان» في خطاب له في المم المتحدة أثناء المفاوضات المصرية -الصهيونية ،أما في البداية فإن المصطلح
الذي استخدم للدللة على المفهوم كان« :طبيعة السلم» .وعندما شرح ألوف هارايفن« ،مدير مركز شيلواح لدراسات
الشرق الوسط» مفهوم «طبيعة السلم» في آذار /مارس ، 1977ذكر أن «السرائيليين يفهمون السلم على أنه علقة
تحتوي على ثلثة عناصر على القل :الول :أن هذه العلقة يجب أن تتضمن حواراً بين الطراف الذين كانوا مشتبكين قبل
ذلك في النزاع ،والثاني :أن هدف هذا الحوار يبتغي الوصول إلى حلول مشتركة ،والثالث :أن السلم يجب أن يأخذ شكل
علقة قادرة على أن تخلق آفاقاً ونماذج جديدة من التعاون .وهكذا فإنه عندما يقول العرب :ل تجارة مع إسرائيل ،ل
اتصالت ،ول مواصلت مع إسرائيل ،ول حدود مفتوحة مع إسرائيل ،فمعنى ذلك أنهم يقولون أن السلم في رأيهم ل يعني
وجود صلة إنسانية بينهم وبين إسرائيل ،وأنه ل علقة ..ومن ثم فإنه ل حلول مشتركة ،وإذن ما يقترحه العرب هو شيء
ليس له «معنى السلم» و«ل طبيعة السلم» كما تتصورها إسرائيل».
وإذن فالصهاينة يرون أن «التطبيع» بمعناه الكامل يتطلب من أجل تحقيقه مجموعة من المقومات والمهمات التي ل
يكتمل بدونها ،ومن أهمها التطبيع السياسي والتطبيع القتصادي والتطبيع النفسي والتطبيع الثقافي.
وهذا يعني أن مصطلح التطبيع هو مصطلح صهيوني بحت ،له دللت مغلوطة ويحرف مفاهيم الصراع المتداولة عن
معانيها الحقيقة وعن الهداف التاريخية بغية أن يكتسب العتراف الرسمي من قبل النظمة بالكيان أبعاده الشعبية
والتاريخية حيث يتم إعادة النظر في جملة من المفاهيم والقيم والقناعات والمواقف لتزول حالة العداء ويصبح هذا الكيان
المغتصب لرض فلسطين جزءاً عضوي ًا من تكوين المنطقة ونسيجها.
5
إنه خطأ شائع يري تداوله من قبل الثقفي والسياسيي والحزاب العربية ،وللدقة فإن استخدام مصطلح «التطويع» أو «الغزو الثقاف»
هو الصطلح الصوب ،وبغض النظر عن التسميات فإن الطلوب هو عملية إخضاع وهيمنة عملية اختراق ،وفرض.
وحي استخدام الصطلح ف هذا البحث ،فإنه يستخدم كمفهوم يدل على ما ذكر آنفا من دون سواه ،مع الشارة إل أن الستخدام هنا،
هو من نوع الري مع السائد ،ول يكن معه ،القرار به ،وإنا تسهيلً للتناول وبغية وضوح الدللت ل غي.
6
أي أن الرض الت تضم تطبق فيها سياسة إنقاص الوجود الفلسطين ،وهذا ما فعلته السياسة الصهيونية منذ سنة 1948من إثارة الفزع
والتهجي الجباري والستيلء على الرض والسيطرة على الياه ،وكبت وسائل التنمية القتصادية وهدم الساكن وفرض التلعب بفرص
العمالة..ال.
ومقابل ذلك يري إلزام فريق أوسلو بالتخلي عن القاومة بل وبالعمل على ضربا وتقويضها وعن قدسية اليثاق الوطن الفلسطين ،وعن
أي ذكر لق الشعب الفلسطين ف وطنه بالنصوص الت احتوتا أوراق اتفاقيات أوسلو وجرى التوقيع عليها .سواء لهة تول سلطة عرفات
ووفق نص «اتفاق طابا وملحقه» بضمان أمن الكيان ،وتنصيب الفلسطين شرطة على الفلسطين كأداة أمنية بيد الحتلل ،ومنع أي مساس
بقوات العدو الصهيون والستوطني تت شعار «ماربة الرهاب» (القاومة) ،فاتفاق أوسلو بذا العن جاء أسيا لعتبارات المن «السرائيلي»
الت تقوم عليها أصلً معادلة التفاق ،ومن منظور «إسرائيل» لذا المن الوازي لبقاء الحتلل وتوسيع الستيطان ومواصلة مطط تويد القدس.
لقد كشف مرور سنوات ست على اتفاقيات أوسلو النطق التبيري لصحاب أوسلو بالدعاء القائل أنه أفضل ما كان يكن أن يتم
التوصل إليه ف الظروف الدولية والقليمية الت تولدت عن انيار التاد السوفيت وحرب الليج الثانية ،وأنه مرد اتفاق مرحلي يكن تطويره
من الداخل مستقبلً با يفظ حقوق الشعب الفلسطين ف أرضه الت يبتلعها الستيطان ،وينقذ الشعب الفلسطين من الواقع القتصادي الصعب الذي يعيشه.
وإذا كانت نصوص اتفاقيات أوسلو وما تبعها وصولً إل واي ريفر – -2تضمنت هذا النطق العاجز التبيري والخادع ،فإن حصيلة ستة
أعوام من التطبيقات اليدانية لذا التفاق كفيلة بإعطاء صورة واضحة العال لا ت تطبيقه فعليا ف الضفة الغربية وقطاع غزة.
وبعيدا عن ما تقق لصال العدو الصهيون ،فإن النتائج على الستوى الفلسطين كانت أكثر خطورة ،وانعكاساتا كارثية ومدمرة ،حيث ل
تقق هذه التفاقيات خطوة واحدة للمام لصال الشعب الفلسطين ف أي ميدان من اليادين بل أدت إل الزيد من التردي والطورة ف أكثر
من مال ويكن تفصيل هذه النعكاسات على النحو الت:
أ -على الصعيد السياسي:
يعتب اتفاق أوسلو ،التحصل عن مسار استسلمي عمره سنوات طويلة ،عنوانا للتصفية الارية لقضية فلسطي ،وإناء الصراع العرب –
الصهيون ،والدخول إل مرحلة التطبيع بي الكيان الصهيون والنظمة العربية ف كافة الجالت ،انطلقا من التطبيع على كافة الصعد
القتصادية والثقافية والمنية وإقامة العلقات الت ترتكز بالساس على التطبيع السياسي.
لقد استهدف قادة الكيان الصهيون من وراء توقيع اتفاق أوسلو مع عرفات وفريقه أن يكون هذا التفاق الطوة الول على طريق إقامة
السوق الشرق أوسطية ،حيث ت ف هذا التفاق ليس تكريس شرعية الكيان الصهيون على معظم الرض الفلسطينية ،بل التحاق سلطة عرفات
بخططات العدو تاه المة العربية ،والقرار بدور الكيان الصهيون على صعيد النطقة سياسيا واقتصاديا وأمنيا.
إن اتفاق أوسلو وما تبعه من اتفاقيات شكل انتصارا كبيا أحرزه العدو المريكي – الصهيون ،وهو اتفاق ل يمل حلولً مهما كانت
متواضعة وهو تعبي عن رضوخ وإذعان لشروط العدو سواء لهة الضمون أو لهة آليات تطبيقه ،حيث تكن العدو الصهيون بعد مرور ست
سنوات على توقيع اتفاق أوسلو ،من خلل الصيغة الت وضعها بنفسه من تشريع احتلله لرض الضفة الغربية وقطاع غزة الت تولت نتيجة
التفاق من أرض متلة يسري عليها القانون الدول الاص بالحتلل ف زمن الرب ،إل أرض متنازع عليها بي طرفي ،حيث أضحت تلك
السلطة مرتنة للحتلل ،ول تتمتع بسيادة حقيقية على الرض ،خصوصا ف الانب المن والسيطرة على العابر والدود والتحكم ف الياه
والثروات الطبيعية.
وبقيت الراضي الفلسطينية السماة إنا متمتعة بكم ذات تت اليمنة غي الباشرة أو الباشرة للحتلل الصهيون ،وجرت تزئة هذه
الرض إل مناطق متلفة أ،ب ،ج ،وهذا الواقع دفع النائب ف ملس عرفات التشريعي (حات عبد القادر) للقول «لو كانت لسوار القدس
وجدران النازل والرض الفلسطينية ،أفواه لشبعنا التفاق بصقا».
وإضافة إل حرمان الفلسطين من التمتع بأي من مظاهر السيادة القيقية ،تزايدت رقعة الستيطان الصهيون ،وت تويد القدس ف تلك
الرحلة بدف تفريغ مفاوضات الل النهائي حولا من أي مضمون حقيقي ،وجزئ التفاق إل مرحلتي مؤقتة ودائمة وتزئة الرحلة الؤقتة إل
7
عدة مراحل ،ونح العدو ف حصر إطار الل النهائي ف فلسطي الداخل واستبعد موضوع الشتات الفلسطين الذي ت حصره بـ 200ألف
نازح يكن إعادتم على مدى 40سنة « 500شخص كل سنة» .كما جرى شطب قضية اللجئي وإن الل التاح هو التوطي والتعويض فقط.
مقسما بذلك الشعب الفلسطين إل داخل وخارج ،وقسم الداخل إل شرائح عديدة وجرى تاهل أكثر م ن % 60من مموع الشعب
الفلسطين.
ولتبيان ماطر هذه التفاقيات وانعكاساتا وآثارها الدمرة نوضح مصلة هذا التفاق وتطبيقاته والواقع الذي أفرزه.
-الستيطان:
إذا كان الستيطان يشكل ركناً أساسياً في سياسة الكيان الصهيوني ،فإن الحجة التي كان يرتكز عليها أصحاب نهج
أوسلو هي أن الدخول في المفاوضات سيؤدي إلى وقف عمليات التوسع الستيطاني ،لكن بالرغم من ذلك تجاهلت اتفاقيات
أوسلو هذه المسالة وأحالتها إلى ما يسمى بمفاوضات الوضع النهائي ،وخلت التفاقات من أي تعهد (إسرائيلي) ملزم
بالمتناع عن مصادرة الراضي ،أو توسيع المستوطنات القائمة خلل ما يسمى بالمرحلة النتقالية.
وتشير الحصاءات إلى أن مجموع ما صادرته السلطات الصهيونية خلل السنين العشر الخيرة ،يفوق ما تمت
مصادرته خلل ربع قرن ،وسجلت السنوات الست الخيرة أعلى نسبة وهي المرحلة التي بدأت فيها تطبيقات اتفاق أوسلو،
ومنذ توقيع التفاق واصل الكيان الصهيوني ضم الراضي الفلسطينية على نحو فاق معدلت المصادرة قبل اتفاق أوسلو
حتى سنوات النتفاضة ،إذ بلغ المعدل الشهري لمصادرة الراضي نحو 4700دونم ،ثم انخفض المعدل إلى نحو 2500دونم
بعد مؤتمر مدريد ،ليرتفع بشكل لم يسبق له مثيل بعد توقيع التفاق حيث بلغ 8400دونم في حين كان نصيب الستيطان
المباشر نحو 233دونم قبل مدريد وارتفع بعد توقيع التفاق ليصل إلى 1081دونماً في الشهر الواحد .
وهذا يعني أن معدلت الرتفاع الشهري في عملية الستيطان المباشر وصل إلى 4.6أضعاف عما كان عليه قبل انعقاد
مؤتمر مدريد.
وأكثر من ذلك أعطت اتفاقات أوسلو للكيان الصهيوني المسؤولية الكاملة وحرية التصرف بنحو % 40من مساحة
قطاع غزة ،و % 70من أراضي الضفة الغربية ،وهكذا بدلً من أن يشكل اتفاق أوسلو وملحقه مدخلً لوقف الستيطان،
فإنه شكل مظلة للكيان لستباق نتائج المفاوضات النهائية بتحويل الوجود الصهيوني في الضفة والقطاع إلى معازل مطوقة
من كل جانب بالمستوطنات والمناطق المنية الملحقة بها ،وقسمت الخليل تحت وطأة أوسلو إلى منطقتين وسيطرت قوات
الحتلل على نحو 1/5من مساحة المدينة ،وقسمت الراضي الفلسطينية إلى ثلثة أجزاء أ ،ب ،ج ،وهذا يعني أن عدد
المستوطنين ارتفع من عام 1996 -1992من 145,000 – 111,000مستوطن في الضفة الغربية ،ومن 3000إلى 5500مستوطن
في قطاع غزة ،ومن عام 1999 – 1993وصل عدد الدونمات التي صودرت إلى 4مليين دونم من أراضي الضفة الغربية ،هذا
إضافة إلى تجزئة الضفة الغربية إلى ثلث مناطق ،والستيلء على مناطق الحراج والمناطق المشجرة ومصادرتها تحت
تسمية ( محميات طبيعية ) وما تبقى تمت مصادرته باعتباره أملك دولة.
أما الرهان على باراك بتقديم حلول تعطي شيئاً من الحقوق فلقد برهنت لءات باراك الربع على الخطوط الحمراء
المعتمدة لسياسته ،وكان باراك تحدث عن سياسته الستيطانية قبل سنة من توليه رئاسة الحكومة في مستوطنات إيل،
نيلى ،وعوفر ،أمام طالبات معهد عوفر حيث قال( :ل خلف بيننا حول العلقة بأرض إسرائيل وإنما الخلف حول الفصل
السياسي – ما الذي يجب فعله من أجل ضمان بقاء اليهود والحفاظ على أمنهم ووجودهم النفسي) وتوضح صحيفة هآرتس
سياسة باراك الستيطانية بأنها (أكثر ما يمكن من الرض والمن ،وأكثر ما يمكن من اليهود ،وأقل ما يمكن من العرب)
وخطوطه للصيغة الستيطانية تتمثل حسب ما نشرته صحيفة هآرتس في 31/5/1999بما يلي:
تعهد باراك بعدم تخفيف المستوطنات القائمة ،ومصطلح التخفيف يحظى بالجماع السياسي داخل الكيان حتى في حركة
ميرتس ،المر الذي يعني عملياً إمكانية تسمين المستوطنات وتلبية احتياجاتها التوسعية ،وهي ذات الصيغة التي تبناها
نتنياهو ،كما أن باراك تعهد بتنفيذ كافة القرارات الستيطانية التي اتخذتها حكومة نتنياهو –
وما يجري تطبيقه على الرض يؤكد سياسة باراك اتجاه الستيطان ،ففي عهده تم الستيلء على تلل الضفة الغربية
وبني أكثر من 20موقع منذ توقيع اتفاق واي – ريفر في شهر تشرين أول الماضي ،كما صودر نحو أكثر من 100دونم من
أراضي قرية الخضر القريبة من بيت لحم بهدف توسيع مستوطنة أفرات ،وتوسيع مستوطنة نيفى دكاليم في قطاع غزة
عبر بناء 22وحدة سكنية ،وقرار حكومة باراك بناء 1000مسكن في الضفة الغربية خلل عامين حسب ما قالته صحيفة
هآرتس ،وبناء 6000وحدة سكنية فوق جبل أبو غنيم الواقع بين القدس الشرقية ومدينة بيت لحم ،وبناء 15وحدة سكنية
جديدة في مستوطنة موراغ على أرض تمت مصادرتها من غزة.
8
ذلك هو الواقع الذي نشأ بعد اتفاقيات أوسلو في الضفة الغربية وقطاع غزة ،وتلك سياسة باراك التي راهن عليها
فريق أوسلو ،ويتضح أن جوهر مواقف كل من الليكود والعمل تجاه الستيطان واحدة ،وكما قال علي الجرباوي( :فإن اتفاق
أوسلو مكّن السرائيليين من تثبيت وجودهم الدائم في مناطق واسعة ومهمة من الراضي الفلسطينية ،واستطاع أن يمنح
لهم الحق في تحديد مستقبلها بعدما ألغى الطابع الحتللي للوجود السرائيلي فوقها).
ومضيفاً :إن الفلسطينيين عاشوا تحت الحتلل المباشر في وحدة جغرافية حيث استطاعوا التنقل بين الضفة والقطاع
وداخلهما بحرية نسبية ،وأصبحوا مع أوسلو محصورين في معازل ،وفصلت الضفة عن قطاع غزة ،إضافة إلى عزل شمال
الضفة عن جنوبها .
: -
سلمت اتفاقيات أوسلو بفصل القدس عن سائر الراضي المحتلة عام ، 1967وأحالت وضعها إلى مفاوضات ما يسمى
بالحل النهائي ،وبهذا أطلقت التفاقيات يد الكيان الصهيوني لتسريع عملية تهويد القدس ،وهذا ما جرى فعلً عبر التعاون
بين ما يسمى برئيس بلدية القدس وحكومة العدو الصهيوني بمصادرة الراضي ،ومخططات بناء الحياء اليهودية ومنع
البناء في الحياء العربية وتفريغ سكانها العرب بوسائل متعددة ،وسن القوانين لتقييد نشاط المؤسسات الفلسطينية .
وعمل الكيان أثناء المرحلة النتقالية على تسريع عملية الستيطان بذريعة أن اتفاق أوسلو يخلو من أي معنى يمنع
عمليات الستيطان ،وقد تمكن (الصهاينة) عبر ست سنوات من توقيع التفاق من إحكام قبضتهم على مدينة القدس وتغيير
ما بقي من طابعها العربي ،وبالتالي إلغاء هوية القدس المحتلة ،مما جعل سكان المدينة وكأنهم جالية أجنبية في وطنهم،
وصودرت المزيد من الراضي المقدسية ،وجُلبت اللوف من يهود الشتات لستيطانها على طريق تهويد المدينة المحتلة
التي ارتفع عدد المستوطنين اليهود فيها ليصل إلى 170,000ألف مستوطن وبفضل أوسلو الذي أخرج القدس من
المفاوضات المرحلية فإن المدينة ترزح تحت وطأة الستيطان السريع ،وسينفذ مشروع بناء 190,000ألف وحدة سكنية منها
6500وحدة سكنية في مستوطنة (جفعات هميتوس) وما تبقى في مستوطنة النبي يعقوب ،ويضاف مشروع (القدس
الكبرى) الذي أقرته الحكومة عام ، 1998ويضم بمقتضاه ما يعادل %10من أراض الضفة إلى الحدود البلدية للقدس التي
يعتبرها الكيان الصهيوني (العاصمة البدية).
وفي مطلق الحوال فسابقة اتفاق الخليل تعطي صورة واضحة عن موقف فريق أوسلو إزاء موضوع الستيطان في
الضفة الغربية ،لن من عجز عن إخراج 400مستوطن من الخليل سيبقى عاجزاً عن ترحيل أكثر من 150.000ألف مستوطن
من الضفة الغربية.
وعليه لقد أخرج اتفاق أوسلو القدس العربية من الضفة الغربية ،وحقق فريق أوسلو أهداف الكيان الصهيوني
التوسعية والستيطانية في القدس العربية أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ،مدينة السراء والمعراج ،وكنيسة
القيامة .
: -
يعتبر موضوع اللجئين من أبرز عناصر القضية الوطنية الفلسطينية ،وقد تم تجاهل هذه القضية على يد أصحاب
اتفاق أوسلو ورُحلت مع بقية المواضيع الخرى للمرحلة النهائية ،حتى باتت ملمح المشاريع المتكاملة والمنسقة تستهدف
تصفية القضية ،والمخططات تسعى لنهاء مرتكزاتها الساسية ،وهو أمر يجري تلمسه على أكثر من صعيد.
• لقد استند قادة العدو الصهيوني في مقترحاتهم لحل تلك القضية على العناصر التالية:
• رفض العتراف بحق العودة للجئين.
• التلميح الدائم بأن موضوع اللجئين يشمل أيضاً اليهود الذين غادروا البلدان العربية.
• عدم تحمل مسؤولية التعويض عن الممتلكات الفلسطينية ،وتحميل المسؤولية للجهات الدولية.
• التمييز بين لجئي عام ،1948ونازحي عام ،1967وخاصةً لجهة السماح بعودة النازحين الفلسطينيين .وفق الكيفية
التي بيناها سابقاً والتي تتطلب مئات السنوات.
• العمل على توطين اللجئين في الدول العربية.
إن مجمل الدراسات التي قدمت من قبل قادة العدو الصهيوني تظهر أن هناك مقاربات تتعلق بموضوع اللجئين من
أهمها:
مشروع عنان – فايتس ،ومشروع ابا إيبان ،وأخيراً مقاربة شلومو غازيت والتي ترفض بشكل مطلق حق العودة ،أو
السماح لحد بالعودة إلى فلسطين ،وحصر حق العودة فقط بالسباب النسانية في إطار لم الشمل ،حيث يرى غازيت أن
(إسرائيل) ل تتحمل مسؤولية تعويض اللجئين ول بروز هذه القضية ،ويرى ضرورة استيعاب هؤلء اللجئين حيث هم،
ومنحهم حق المواطنة ،ل بل يطالب الحكومة (السرائيلية) بمطالبة فريق أوسلو بالتنازل عن ممارسة «حق العودة» أو
المطالبة بهذا الموضوع.
9
وهكذا فإن اتفاق أوسلو ضرب وحدة الشعب الفلسطيني واختصر الشعب في مواطني الضفة والقطاع وشطب نهائياً
حق العودة للجئين الفلسطينيين عام 1948وهو الحق الذي أقرته وتقره كل المواثيق والشرائع الدولية.
: -
لقد جرت دوماً محاولت لتسويق أوسلو باعتباره سوف يقود إلى دولة فلسطينية والسؤال الذي يطرح نفسه أمام
التوسع الستيطاني وعملية القضم الجارية على قدم وساق ..وما هي مواصفات تلك الدولة المزعومة بعد إقامة 195
مستعمرة في الضفة وقطاع غزة.
يقول «زئيف شيف» وهو خبير ومعلق عسكري ورأيه يمثل التيار الوسع في الكيان الصهيوني ،ول تنشر مقالته هذه
إل بعد أن توضع على طاولت صناع القرار في الكيان الصهيوني إنه قبل انتخاب باراك كان واضحاً للطرفين الفلسطيني
والسرائيلي ولكثيرين من السرة الدولية بما فيها ذلك الوليات المتحدة المريكية أن المواضيع التي تركتها اتفاقية أوسلو
لمفاوضات الحل النهائي لم تتضمن الدولة الفلسطينية ،بل اقتصرت على مستقبل القدس ،ومشكلة اللجئين ومستقبل
المستوطنات والحدود والترتيبات المنية والعلقات والتعاقد مع الدول المجاورة.
ولكن هذا ل يعني أن المفاوضين نسوا موضوع الدولة ،و«إسرائيل» لها مصلحة أن تجري المفاوضات بشأن ذلك من
أجل تحديد شروط انتماء هذه «الدولة» وهي مرتبطة بقبول الشروط المسبقة التي تكون جزءاً من التفاقية .وأن المطلوب
من عرفات وفريقه أن توقع هذه الدولة المزعومة على وضع حد للنزاع ،احترام سلمة «إسرائيل» القليمية ،ل تتدخل في
الشؤون الداخلية ،وأن ل تعمل على ضم «عرب إسرائيل» الذين هم من أصل فلسطيني ،وأن ل تشكل خطراً على مصادر
المياه والثروات الطبيعية ،وأن تعمل بتعاون كامل مع «إسرائيل».
ويرى «شيف» :أن من المواضيع المركزية المطروحة في المفاوضات أيضاً العلقة السياسية المستقبلية بين الردن
وفلسطين (كونفدرالية أم ماذا) لنه من الخطأ بحث موضوع الدولة بشكل منفصل عن المواضيع الخرى.
فمقابل تلك الرقعة الجغرافية لهذه الدولة والتي ستنحصر في قطاع غزة والتي مساحتها 363كيلو متر ويقطنها مليون
فلسطيني بين مقيم ولجئ ونازح سوف يتم من خلل التفاقيات ما يلي:
.1الوضاع العسكرية والمنية لهذه الدويلة ،ستكون منزوعة السلح والكيان الصهيوني هو المسؤول عن حماية
الدولة من أي اعتداء خارجي ،ويقتصر السلح بأيدي الشرطة على السلحة الخفيفة لعتبارات حفظ المن الداخلي
ومنع «الرهاب» ،وحماية «إسرائيل» من أي عمل فدائي يتخذ من أراضي تلك الدولة قاعدة له لضرب
«إسرائيل».
.2تمنع الدولة العتيدة من عقد اتفاقيات ومعاهدات خارجية مع الدول الخرى (خاصة العربية والسلمية) إل بموافقة
«إسرائيل».
إذن الدولة المطروحة غير حرة في حماية نفسها ،وتأمين شؤونها المنية والعسكرية ول في علقاتها الخارجية ،وهي
تنحصر جغرافياً في 13من ألف فقط من أرض فلسطين التاريخية ،ول يتعدى سكانها %13من الشعب الفلسطيني ،مقابل
ذلك يبسط الكيان الصهيوني سيادته على حوالي %99من أرض فلسطين مقابل تنازل جزئي عن %1.3فقط من البلد.
أما الضفة الغربية فالشارات «السرائيلية» واضحة بأن مصير هذه الرقعة التي ألحقت بالردن عام ، 1948واحتلتها
القوات الصهيونية عام ،1967سيكون مثار مباحثات ومفاوضات بين «إسرائيل» والردن ،وربما يكون هنالك إشراك معين
لفريق أوسلو (محدود من الناحية العملية) لن يتعدى السيادة على السكان في الضفة الغربية .وهذا ما نلحظه من أن الجانب
«السرائيلي» يصر على النسحاب من مناطق ل ترابط جغرافياً بينها ،وأن المناطق الخاضعة لسيطرة إدارة عرفات أمنياً
وإدارياً أي المناطق التي تعرف باسم مناطق (أ) ل تزيد مساحتها عن %3فقط من مساحة الضفة الغربية وتضم أكبر نسبة
من سكانها وهي على وجه الخصوص المدن السبع ،جنين ،طولكرم ،قلقيلية ،نابلس ،رام ال ،بيت لحم و %80من الخليل
ليست سوى جزر متناثرة ل تواصل جغرافي بينهما.
وهنا نذكر بما قاله رابين :أثناء حديثه في «الكنيست» أثناء تقديم أوراق أوسلو بعد توقيعها ،حين يرى «أن الحدود
تخضع للتغيرات السياسية لكل مرحلة وخصوصاً إذا كان المر يتعلق بالمن الستراتيجي «لسرائيل» وهو ما نريده
مساحة معينة من الرض مع أخف وجود فلسطيني ممكن بيننا».
إن إطلق باراك لفظ الكيان الفلسطيني على الوضع النهائي بمدلولته القانونية ،يعني القلية التي تعيش داخل إطار
الدولة وتخضع للنظام القائم بها .مثل وضع الزنوج داخل الوطان الغربية ،ووضع الصينيين واليابانيين داخل جنوب شرق
آسيا ،وهذا يعني إلغاء الهوية الفلسطينية بصورة نهائية بإدخال الفلسطينيين تحت مظلة المواطنة داخل الكيان الصهيوني،
ليصبحوا مجرد كيان في البنيان الجتماعي فيخضع في كل حقوقه وواجباته لمعطيات الوطن الواحد .تلك هي الدولة
(كيانية) مرتبطة أميناً واقتصادياً بالكيان الصهيوني.
: -
10
لقد ربط اتفاق واي بلنتيشن 2-المرحلة النتقالية بما يسمى بمفاوضات المرحلة النهائية ،وأصبح اتفاق مرجعية لتلك
المفاوضات التي سوف تبحث قضايا جوهرية مثل قضية اللجئين ،القدس ،الرض ،المياه.
وحول مسألة الرض والسيادة والحدود فإن الكيان الصهيوني متمسك بعدم النسحاب من القدس أو إعادة تقسيمها ل
بل يسعى إلى توسيع ما سمي بممر القدس من الجانبين ،بأن يوصل الساحل بالقدس وكذلك توسيع (المساحة حول القدس)
باتجاه مستوطنة معاليه أدوميم «شرقاً» مع الحتفاظ بالرض التي تضمنها مشروع آلون (غور الردن والقسم الشرقي من
صحراء الضفة الغربية).
أي أن المطلوب هو استيعاب مليوني مستوطن في القدس والضفة الغربية وهو هدف ثابت تدعمه عمليات المصادرة
وضم الراضي.
كما أن العدو متمسك بالستيطان في مناطق تلبي الحتياجات المنية ،وسوف يأخذ بنفس العتبار المسائل المنية في
مختلف المقاربات إن بالنسبة للحدود مع الردن أو بالنسبة لتقطيع أوصال الكيان الفلسطيني المنتظر ،وتكريس التبعية
«لسرائيل» .أما بالنسبة للمفاوضات النهائية حول المياه وهي ل تقل أهمية عن موضوع المن بالنسبة للكيان الصهيوني
لن %60من مصادر مياه الكيان الصهيوني مصدرها المياه الجوفية التي توجد في الضفة الغربية أو المتداخلة معها .فإن
الكيان يريد جهاز رقابة للمياه ،وعدم حفر آبار ارتوازية ،وأيضاً إجراء تعديل على الحدود ،فالمنطقة التي يخشى إجراء
حفر آبار فيها تقع على مسافة تتراوح بين اثنين إلى ست كيلو مترات شرق ما يسمى الخط الخضر ،وهناك ضرورات
عسكرية لجراء تعديلت على الحدود.
وفي هذا السياق يؤكد باراك رئيس وزراء الكيان الصهيوني في معرض شرحه لرؤيا الحل بقوله«:ل أريد رسم خريطة
دقيقة،لكن أعتقد أن الحل الدائم مع الفلسطينيين يجب أن يشتمل على القدس موسعة وموحدة تحت سيادتنا ،وأيضاً منطقة
غوش عتيسون ،وكتلة المستوطنات في غرب السامرة ،وكتل المستوطنات في شمال السامرة ،ووجود استيطاني واف في
غور الردن وفي أماكن حيوية في أعالي المرتفعات الجبلية ،وكذلك ممر واسع يربط المستوطنات بالقدس ،وتعديلت أخرى
على الحدود على امتداد الخط الخضر في أماكن مختلفة.»...
ب -الوضاع القتصادية:
إن التفاق جعل عملياً غزة والضفة الغربية جسر عبور تجاري واقتصادي صهيونياً إلى المنطقة العربية ،ويضفي على
التفاق التطبيع القتصادي الشامل ،فالملحق الثالث من إعلن المبادئ يتحدث عن تعاون صهيوني – فلسطيني اقتصادي،
وعن برامج تطبيقية ،وتشكيل لجان مشتركة صهيونية – فلسطينية دائمة ،من أجل تنمية الموارد المائية ،والكهربائية،
وتطوير الطاقة ،والتعاون في مجالت النقل ،والتصالت والتجارة ،وأعمال وتشجيع التجارة القليمية ،والتعاون الصناعي،
بما في ذلك تشكيل شركات صهيونية – فلسطينية في صناعات النسيج والغذية والدوية واللكترونيات.
والخطورة في هذا العلن تكمن في أنه لم يقتصر فقط على ربط القرار القتصادي الفلسطيني بالقرار «السرائيلي»
من خلل تلك اللجان المشتركة ،بل أنه يعتبر هذا الربط مقدمة لتعاون «إسرائيلي»-فلسطيني مشترك فيما يتعلق بالتنمية
القليمية في المنطقة كتكل .ففي بروتوكول التعاون الذي يخص التنمية القليمية يتحدثون عن الجهود المتعددة الطراف
التي تشارك فيها الدول الصناعية الغربية الكبرى السبع والدول العربية ومؤسساتها والقطاع الخاص فيها من أجل التنمية
القليمية في مختلف المجالت.
أي ل يصبح دخول التطبيع القتصادي حالة «إسرائيلية»-فلسطينية ،بل التمهيد لدخول حالة «إسرائيلية»-عربية .وهذا
يعني جعل الضفة الغربية وقطاع غزة مجالُ حيوياُ لتنمية القدرة القتصادية للكيان الصهيوني ،وجعل القتصاد الفلسطيني
بمثابة الضاحية الجنوبية للقتصاد «السرائيلي».
أما حديث فريق أوسلو الموعود عن أن الضفة الغربية والقطاع سيصبحان سنغافورة الشرق الموعود ،فما زال هذا
المركب لم يغادر مرفأه ،وسيبقى الحال من سيئ إلى أسوأ ،فالفقر والبطالة وضنك العيش تضرب أطنابها بين الفلسطينيين،
حيث انخفاض مستوى الدخل الفلسطيني بنسبة % 30مقارنة بالمرحلة التي سبقت توقع أوسلو ،والبطالة تراوح نسبتها
بين القوى العاملة ما بين 60و % 50من قوة العمل وللعدو الصهيوني وإجراءاته دور في ذلك .إضافة إلى ديون سلطة
عرفات البالغة حوالي نصف مليار دولر وهذا المبلغ يشكل ( )%17من حجم الناتج المحلي ،وهذا يعني المزيد من المعاناة
للشعب الفلسطيني ،حيث سجل العجز التجاري نسبة كبيرة لتراجع نسبة الصادرات .وازدياد البطالة مضافاً إلى ذلك التضخم
الوظيفي داخل أجهزة عرفات الذي يثقل بنود المصروفات ،حيث من أصل( 963مليون دولر ) موازنة عام 1998صرفت على
النحو التالي:
85 -مليون دولر راتب الشرطة.
465 -مليون دولر لموظفي القطاع العام الذين بلغ عددهم ( 87ألف شخص).
وهذا يعني أن %32.5فقط من الموازنة العامة تبقى لتطوير البنى التحتية؟!
11
كما إن تطبيق اتفاق أوسلو أدى إلى تدهور مريع في مستوى المعيشة ،ومن أجل تضليل الشعب وصرف النظار عن
الثار السلبية والمدمرة لتفاق أوسلو على القتصاد في الضفة والقطاع ،علق البعض الكثير من المال على المساعدات
الخارجية التي وعدت بها الدول المانحة ،غير أن هذه الوهام سرعان ما انجلت واتضحت حقيقتها ،هذا فضلً عن حالة
الفساد والسرقات والنهب الذي تقوم به أجهزة السلطة وانعكاسات ذلك على الوضع القتصادي.
لقد نجح «الكيان الصهيوني» من خلل اتفاقيات أوسلو في تعميق تبعية القتصاد الفلسطيني وتشديد استغلل المصادر
القتصادية في تلك المناطق لخدمة اقتصادها حتى أصبح اقتصاده تلك المناطق مرتبطاً بالكيان ومعتمداً عليه بصورة أعمق
من السابق.
جل -على الصعيد المني:
لقد حرصت الدارات المريكية المتعاقبة على إعطاء الولوية لنبذ وإدانة المقاومة أو ما تسميه أمريكا (بالرهاب)
الممارس من قبل الفصائل الوطنية الفلسطينية ،وقد استجاب عرفات لهذا المطلب ،وأعلن وبصوته العتراف بحق
(إسرائيل) في الوجود ،ونبذ كل أشكال الرهاب ،وذلك في مؤتمر صحفي عقد في جنيف في ،14/2/1988وهي المرة الولى
التي يعلن فيها باسم منظمة التحرير الفلسطينية إدانته للرهاب ،وقد كان ذلك كافياً بنظر الوليات المتحدة التي أعلنت
الحوار المريكي – الفلسطيني في .19/12/1988
وعندما أنجز اتفاق أوسلو اشترط رئيس وزراء العدو السابق ( اسحق رابين ) إدانة عرفات للرهاب قبل توقيعه على
إعلن المبادئ ،فكانت رسائل العتراف المتبادل في 9/9/1993وهي الوثيقة الرسمية الولى التي تعهد فيها عرفات بمكافحة
كل أشكال (العنف والرهاب) إذ أشارت إلى( :أن منظمة التحرير تنبذ اللجوء إلى الرهاب وأعمال العنف الخرى،
وستتحمل مسؤولية جميع عناصر وموظفي منظمة التحرير الفلسطينية كي تضمن إذعانهم .)...
إن المسؤولية التي انبرى لها عرفات بهذا التعهد لم تقتصر على مكونات منظمة التحرير الفلسطينية ،بل إنه التزام
سياسي وقانوني وأمني في أن أسلوب القمع وأداته الشرطة القوية برسم الحتلل ولحسابه.
وجاء اتفاق القاهرة بتاريخ 4/5/1994مستوعباً ما جاء في رسالة عرفات السابقة حيث ورد في المادة الثامنة عشرة
التالي…« :يتخذ الجانب الفلسطيني جميع الجراءات الضرورية لمنع العمال العدوانية ضد المستوطنات والمنشآت التابعة
لها والمنطقة العسكرية…» وحين وُقع هذا التفاق كان واضحاً أن الذي يحتاج للمن والحماية هو الشعب الفلسطيني
وليس الحتلل الصهيوني ،حيث وقعت مجزرة الحرم البراهيمي الشريف في الخليل بتاريخ .1994 /4/2
كذلك حملت المادة ( )5من النظام النتخابي الفلسطيني الذي وضع في التداول أواخر عام 1995ما ينص على( :ل يكتفي
بالدعوة إلى عدم ممارسة العنف ،بل تحريم الدعوة إليه ) أي يفرض على كل من يشارك في عملية النتخابات من الحزاب
اللتزام بالشرط المني وعدم ممارسة العنف؟.
كما أن بروتوكول الليل الوقع ف 17/1/1997والذي يعتب الخطر أمنيا بي سلسلة التفاقيات لهة إدخال مصطلح جديد عُرف
(بالتبادلية) أي العاملة بالثل ،با معناه :إعادة النتشار (السرائيلي) ف بعض مناطق الضفة مقابل التزام عرفات وفريقه بالسؤوليات المنية،
ويُعّرف اللحق رقم ( ) 2من البوتوكول هذه السؤوليات على الشكل التال :مكافحة الرهاب ومنع العنف ،تعزيز التعاون المن ،منع
التحريض والدعاية العادية ،مكافحة النظمات الرهابية وبناها التحتية بصورةٍ منهجية وفاعلةـ توقيف الرهابيي وماكمتهم ومعاقبتهم،
ومصادرة السلحة.
وللسير في اتجاه تطبيق ما وُقع من اتفاقيات ميدانياً استعاضت الدارة المريكية عن ذلك بآلية تنفيذ ومتابعة من خلل
لجنة أمريكية – صهيونية – فلسطينية ،مما يشكل نقلة سياسية هامة عما ورد في التفاقيات السابقة.
ومن خلل تلك النظرة السريعة والموجزة وما تضمنته هذه التفاقيات من نصوص أمنية يتضح أن المعاناة المنية
ازدادت حيث لم يتم إطلق سراح المعتقلين كافة وفق ما نصت عليه تلك التفاقيات ،وكثيرون منهم اليوم لزال قيد العتقال
الداري ،وما تزال قوات الحتلل الصهيوني ممسكة بمناطق الحكم الذاتي ،ولها وجود عسكري في قلبها ،وإجراءات
الحصار والغلق وحظر التنقل (كما هو في الخليل) والعقوبات الجماعية كانت السوأ وأكثر في قسوته منذ بداية الحتلل،
إضافةً إلى تضاعف الهم المني للشعب الفلسطيني وقواه المناضلة بسبب السلوك القمعي للسلطة وأجهزتها المنية
المتعددة ،والتي أضحت مؤخراً أداة أمنية بيد الحتلل الصهيوني في مطاردة واعتقال وقتل المناضلين والمجاهدين من
أبناء شعبنا.
وهذا يدلل على أن المسالة المنية كانت حاضرة في كل اتفاق ،وتحت شعار المن والتبادلية التي تعيد المور إلى
أولوية المن مرةً اخرى ،تحولت السلطة من موقع التبعية إلى موقع العمالة .
وتحت شعار المن أيضاً ضغطت حكومة العدو الصهيوني من أجل مراجعة اتفاق الخليل على قاعدة المن والتبادلية،
فتم التوصل إلى اتفاق جديد لم يقتصر على تعديلت لصالح (إسرائيل) على ما سبق إقراره مع حكومة بيريز بخصوص
12
إعادة النتشار في الخليل ،إنما تجاوز موضوعه القرار بتعديلت على اتفاق أوسلو ( )3ولم يمض الطرفان سوى يوم واحد
حتى تم العلن عن مذكرة تفاهم أمني كان الطرفان قد توصل إليها برعاية أمريكية وجاء في المذكرة( :يعمل كل طرف
ويرد بصورة فورية وبنجاعة أثناء وقوع الحداث (الرهابية) وأثناء التخطيط المسبق لنشاطات إرهابية ..وتتخذ السلطة
كافة الوسائل المنية من أجل التغلغل إلى المنظمات الرهابية ،والعمل من أجل القضاء عليها).
وعندما توقفت الحكومة الصهيونية عن اللتزام بتطبيق نصوص التفاقات الموقعة مع سلطة عرفات (إعادة النتشار)
جاءت المبادرة المريكية التي تطورت فيما بعد ،وبعد جولت مكوكية لتخرج بصيغة اتفاق واي – ريفر حيث أكد التفاق
على أن مبدأ التبادلية مرهون بتنفيذ الجانب الفلسطيني لكل تعهداته ،وجديد هذا التفاق هو دخول المخابرات المركزية
المريكية كطرف رئيسي في الشراف والرقابة ومتابعة التنسيق ،وأيضاً بما يحول كل أشكال النضال الفلسطيني المعنوي
والمادي إلى عمل (إرهابي) مدان بشكل مسبق ،ويعتبر أيضاً الفصائل المناهضة لوسلو وفق مقياس التفاق شكلً من
أشكال التحريض يجب مقاومته ،وأعطى أيضاً العدو صلحية اعتقال لي مواطن فلسطيني لمجرد أن يشتبه به ،ويلزم
سلطة عرفات باعتقاله.
وفي هذا التفاق تخل واضح عن مبدأ الرض مقابل السلم ،حيث تم تكريس وجهة النظر (السرائيلية) التي تعتمد مبدأ
المن مقابل السلم.
وهذا يدلل أن ما يريده الكيان الصهيوني في ما يسمى بالتسوية و«المصالحات التاريخية» و«جسور الثقة» هو تحقيق
المن أولً وعاشراً؟ والمن يشمل أمنه على المدى البعيد ،المن الديمغرافي ،وأمن الرض تلك هي رؤية الكيان
الستراتيجية.
رابعاً:الثار السياسية للتسوية على الصعيد العربي
ل يكن لختراق معاهدة كامب ديفيد الت وقعها السادات أن تتطور وتأخذ أبعادها على صعيد النطقة –رغم خطورتا -لول حدوث
اتفاق أوسلو بعد ذلك بمسة عشر عاما ،حيث قدم الغطاء لقدام النظام الردن بعد سنة لتوقيع معاهدة «وادي عربة» ومن ث هرولة بعض
النظم لقامة العلقات الدبلوماسية وعقد الؤترات القتصادية وتطبيع العلقات مع الكيان الصهيون.
حال وإزاء ذلك الواقع الذي تشكل ،والذي أعطى الكيان أخطر وأكب إناز لشروعه الصهيون ،ليس صعبا أن نرى انعكاس ذلك على
المة العربية بسبب اتفاقات الذعان والستسلم للرادة الصهيونية – المريكية ،والقرار من قبل بعض الطراف الرسية العربية بأن (إسرائيل)
باتت قدرا ف النطقة يصعب الفكاك منه ،وبأن (الزية العسكرية) العربية ف الروب مع الكيان الصهيون أمر ل يكن تاوزه ،وبالتال لبد من
التكيف مع نتائجه .
لقد انتقل الكثيرون في منطقتنا ،رسميين وغير رسميين ،خلل هذين العقدين من رفض العتراف والتفاوض والصلح
مع الكيان الصهيوني ،إلى تكريس هدف التعايش مع العدو الصهيوني وتنميته ،ومن شعار (تعبئة القوى استعداداً لمعركة
الكفاح لتحرير فلسطين) الذي نص عليه ميثاق الجامعة العربية ،إلى تحويل القضية المركزية للمة العربية والصراع
العربي – الصهيوني إلى مجرد نزاع فلسطيني – (إسرائيلي) على %20من أرض فلسطين ،مع العتراف بأن %80من
أرض فلسطين التاريخية هي (إسرائيل) ،وإلى مجرد نزاع حدودي بين الكيان الصهيوني ،وهذه الدولة العربية أو تلك ..
وكل هذه النقلت النوعية ف الوعي الرسي العرب ،وف وعي كثي من الحزاب ،وحت القوى السياسية العارضة ،لتطور الصراع العرب
– الصهيون ل تأت من الفراغ ،وإنا ف ظل تعميم مناخ من ( الزية ) ،وروح من رغبة التكيف مع إملءات العدو ،والتسليم بخططات أميكا
للهيمنة على النطقة العربية وثرواتا ومستقبل أجيالا .وما كان لثل هذه الناخات أن تنمو وتتوسع لتلد مزيدا من اتفاقيات الذعان والستسلم
منذ كامب ديفيد ..وحت اليوم ،لول تلك الثقافة السياسية الهادنة الت استمدت من ( ثقافة التسوية ) ذاتا مفاهيم فكرية ،ونفسية ووجدانية،
تتقبل مقولت والتعايش والتنازل والتفريط بثوابت المة وحقوقها التاريية ،وتُسقط مبدأ الق ،وتستعيض عنه با سُمي ببدأ ( الواقع )
والتكيف الضطراري معه ،ليصل المر أخيا إل تلك الواقعية النتهازية الت تزيف القيقة والتاريخ ،وتلوي عنق الوقائع لتجيها ف خدمة
ثقافة الزية والستسلم.
لم يحدث هذا كله إل بالتدريج ..حيث جرى تجرع السم جرعة -جرعة في ظل تآمر أمريكي – صهيوني واضح على
منطقتنا ،هدفه وضع اليد بالكامل على الوطن العربي ،وتعزيز وجود القواعد العسكرية الميركية فيه ،والوظيفة الصهيونية
المبريالية في مواجهة أي مشروع قومي للتحرر والتقدم والنهضة الحضارية ،وتجاوز المر لحقاً هذا الهدف إلى تحويل (
التسوية) إلى وسيلة لضمان أمن وتفوق الكيان الصهيوني في المنطقة ،وتوسيع وظيفته ،ومدّ ذراعه الضاربة وتكليفه
13
بمهمات إضافية في سياق المشروع المبريالي العام بما استلزم مزيداً من تعميق التجزئة العربية ،وصولً إلى السعي
لتفكيك الكيانات العربية القائمة وإنهاكها داخلياً ..فبينما جرى تعزيز المن الصهيوني باتفاقات الستسلم ،جرى العبث
بالمن القومي العربي عموماً ،وبالمن الوطني لكل دولة عربية على حدة ،وكل ذلك حدث في سياق المساعي الجديدة بعد
حرب الخليج الخيرة ،وعقد مؤتمر مدريد،لعادة صياغة هوية المنطقة ،وإعادة تعريفها على أساس جغرافي شرق
أوسطي لدخال الكيان الصهيوني في نسيجها الثقافي والحضاري والسياسي ،وشرعنته داخل تعريف جديد تكون الجغرافيا
الساس فيه على حساب إسقاط العروبة والسلم.
لم يكن مشروع ( الشرق أوسطية ) هذا مشروعاً أمريكياً – صهيونياً جديداً او طارئاً على المنطقة العربية ،ولكن كل
محاولت إقامة هذا النظام القليمي الجديد كانت قد تلقت ضربات موجعة منذ الخمسينات ،وحتى مطلع التسعينات ،حيث
أعيد إخراج الفكرة إلى الوجود بالستفادة من نتائج حرب الخليج ،وإطلق مفاوضات مدريد للتسوية ،التي كان عليها أن
تشكل الرحم الذي سيلد فيه هذا المشروع النقيض للقومية العربية ،وحتى للنظام القليمي العربي لن أهم شروط حياته
كانت تدمير النسق القليمي العربي ،ومحو مؤسساته ،أو على القل شل فاعليتها( مثل الجامعة العربية ) لتكريس مركزية
الدور الصهيوني في النظام الجديد الذي تتغير فيه الهداف والولويات ،لتتحول المراهنة على الوليات المتحدة إلى ارتهانٍ
لها ،وليصبح هدف حماية المن (السرائيلي) بديلً عن ضمان المن القومي العربي ..وكل ذلك لضمان الهيمنة المريكية
على منطقة هي شريان حياة العالم بما تملك من ثروات ،وقلبه النابض بحكم موقعها الستراتيجي المتوسط الذي تتحكم
بحركة المواصلت العالمية البحرية ،والبرية ،والجوية ،ولمنع أي قوة منافسة للوليات المتحدة على المستوى الدولي حتى
من التفكير بمزاحمتها على النظام العالمي الجديد الذي تزعمت قطبه الوحيد منذ انهيار التحاد السوفيتي ،ونظام الثنائية
القطبية .وليس صعباً اليوم ملحظة كيف تبددت تلك الفكار التي تحدثت بعد الحرب الباردة عن إمكانية واقعية لنشوء
نظام دولي متعدد القطاب ،وهاهي الوليات المتحدة تنطلق من المنطقة التي تسميها (الشرق الوسط) بعد أن ضمنت فرض
مظلة الهيمنة عليها ،ودائماً باسم التسوية السلمية و(السلم) لتبسط مظلتها العسكرية على العالم أجمع ،ساعيةً لستبدال
(المم المتحدة) بعد سنوات من ارضاخها لهيمنتها الكاملة بمنظمة حلف الطلسي ..ومن (كوسوفو) إلى (تيمور الشرقية)
اليوم تواصل واشنطن فرض إرادتها على العالم ،معتمدةً على آلتها العسكرية الجبارة ،لتوليد مكونات قوة اقتصادية جديدة
لها ،ولتفرض (الخوة) و(التاوة) السياسية والقتصادية على القطاب القتصادية العالمية الكبرى التي تحولت إلى (أقزام)
سياسية في مواجهة الجبروت والعنجهية والهيمنة العسكرية والسياسية الميركية على قارتي أوروبا وآسيا.
إننا سنتمكن ببساطة من خلل قراءة سريعة لوقائع عقد التسعينات ،منذ حرب الليج وحت اليوم من استكشاف تلك التحولت العميقة
ف النظامي الدول والقليمي ،الت واصلت الوليات التحدة فرضها هنا أو هناك ،فأعادت تشكيل الرائط والستراتيجيات ،ورست قوس
مطامعها ليشمل خارطة العال اجع ،وبا تعتقد أنه سيمكنها من أن تظل القوة الوحيدة الهيمنة على مقدرات النظام العالي وسياساته.
وفيما يص منطقتنا على الستوى السياسي يكن ملحظة كيف ولّدت اتفاقيات الستسلم مددا منطق الحلف المنية ،والقتصادية،
وهو منطق على مورين:
المحور الول :تدمير مواقع القوة والنهوض والمواجهة العربية ،والسعي لخضاعها وفرض الستسلم عليها ،وفي
هذا السياق جرى حصار قوي لحركات التحرر العربية ،وضرب فكرة الثورة وتحويلها إلى ( إرهاب ) مطلوب رأسه،
وتكريس ضغوط هائلة على الدول العربية الرافضة للهيمنة الصهيونية على المنطقة ،وذلك بإلصاق تُهم (الرهاب) ومعاداة
السلم بها ،واتهامها بالتحريض ودعم القوى (المتمردة) على منطق العصر المريكي – الصهيوني.
الحور الثان :توسيع دائرة الدول والقوى النخرطة ف مشروع (الستسلم) ،وتاليا ف اللف المن الذي يتزعمه الكيان الصهيون ف
النطقة ،وف هذا السياق استمرت ماولت فك الصراع العرب – الصهيون ،وتوسيع العتراف بالكيان الصهيون ،وتطبيع العلقات معه،
وترسيخ الزية العربية والقطرية والتفكك العرب والروح الستسلمية.
وإذا كانت (اتفاقيات كامب ديفيد) لم تستطع فعل أكثر من كسر (الحاجز النفسي) بأول فعل من نوعه يتضمن اعترافاً
علنياً بالكيان الصهيوني وتوقيع معاهدة معه ،إل أن هذه التفاقات لم تتمكن من تعميم ذاتها على الوطن العربي ،وعُدت
لوقت طويل خروجاً على الجماع العربي ،إل أن اتفاقيات أوسلو التي جاءت بعد كامب ديفيد بعقد ونصف ،نجحت فيما لم
تنجح فيه الولى فشكلت بحكم ظروف ما بعد حرب الخليج جسر عبور للمشروع المريكي – الصهيوني المذكور نحو كثير
من العواصم العربية ،وكانت اتفاقات أوسلو بالذات التي وقعتها القيادة العرفاتية الخائنة هي التي قدمت الحجة للمستسلمين
العرب ،لكي يكشفوا عن نواياهم ورغبتهم بالنضمام إلى قطار العتراف والتعايش والتطبيع ،بل والنخراط في الحلف
الصهيوني تحت المظلة المريكية وذلك للسباب التالية:
14
أولً :إن هذه التفاقيات وُقعت باسم فلسطين والقضية الفلسطينية ،وكان الطرف الموقع عليها هو قيادة منظمة
التحرير الفلسطينية ،مما شكل ذريعة لكي يزعم كثيرون بأنهم لن (يكونوا ملكيين أكثر من الملك) وإذا كان (رب البيت …)
قد فرط بالرض واعترف بالعدو فكيف الحال بالجيران..
ثانياً :شكلت اتفاقيات أوسلو ذريعة لتحويل الصراع العربي – الصهيوني ،من صراع وجود بين المة العربية وعدوها
التاريخي ،إلى صراع على الحدود ،وقطعةٌ من الرض هنا أو هناك ..وسعت إلى إلغاء قضية فلسطين كقضية مركزية للمة
العربية تتمحور حولها أهداف التحرر والوحدة والتطور الديمقراطي ،ليتشوه بذلك معنى ومضمون هذه القضية ،وأهم أبعاد
الصراع الدائر في المنطقة ،وبمعنى آخر فإن اتفاق أوسلو شرّع الوجود الصهيوني على الرض العربية ،وكرس فكرة
التعايش مع العدو ،وأعاد كتابة التاريخ العربي المعاصر ومجمل قضايا الصراع العربي – (السرائيلي) لمصلحة العدو
الصهيوني.
ثالثاً :أدى اتفاق أوسلو إلى فقدان ذلك الجماع العربي ،حتى في حدوده الدنيا حول فلسطين ،وهذا هو أهم تراجع
عربي حصل على صعيد الصراع العربي – الصهيوني ..وبالمقابل جرى تجريد الكيان الصهيوني من سماته الحقيقية ككيان
استعماري استيطاني عدواني عنصري ذي وظيفة إمبريالية توسعية في الوطن العربي ،يعني وجوده الحفاظ على حال
التخلف والتجزئة والتبعية القائمة في المنطقة ،بل إن اتفاقات أوسلو وكما صرح قادة العدو في أكثر من مناسبة قزمت
القضية الفلسطينية ،ولم تحرمها فقط من عمقها العربي ،بل إنها حولتها إلى قضية (إسرائيلية داخلية) بكل ما تعنيه الكلمة
من معنى.
رابعاً :إلى ذلك دمرت اتفاقية أوسلو ما تبقى من ذلك الشكل الهش للتضامن العربي ،الذي كان قد تعرض لضربة
قاصمة في حرب الخليج الخيرة ..ووفرت بالمقابل لكل من تعامل مع القضية الفلسطينية كعبء يقتضيه هذا (التضامن)،
المناسبة الذهبية للتحرر من أثقال فلسطين وهمها على المستويات السياسية والمادية وحتى المعنوية والخلقية.
خامساً :شكل اتفاق أوسلو جسر العبور الهم لمشروع الهيمنة الصهيونية على المنطقة نحو أكثر من قطر عربي،
باسم توقيع اتفاق سلم ،وتطبيع للعلقات ،فكسرت الحواجز النفسية والسياسية بالجملة ،وبتنا منذ ذلك التاريخ نرى
(السرائيلي) في كثير من العواصم العربية زائراً سياسياً ،وتاجراً ،ورياضياً ،وعلى شكل سفارة أو قنصلية أو مكتب ثقافي..
وصرنا نشاهده على شاشات التلفزيون العربية ،المحلية والفضائية متحدثاً ومحاوراً ..أما المقاطعة العربية من كل الدرجات
فلم يبقى فيها سوى اسمها ومكاتب شكلية ،واجتماع مؤجل لهيئتها منذ 4سنوات ،هذا في الوقت الذي لم يغير فيه الكيان
الصهيوني من جلدته العنصرية ،ول من عدوانه المباشر وغير المباشر على المة العربية ،فمجازره في فلسطين ولبنان
استمرت ..وعنفه المباشر تواصل عدواناً يومياً على شعبنا الفلسطيني واللبناني ،ولم يتوقف تزويد الوليات المتحدة له
بأرقى السلحة وأكثرها تطوراً ،بل إنه على العكس من ذلك وجد في (السلم) المزعوم مناسبة لتعزيز وزيادة تفوقه الحربي
والتقني على العرب فرادى ومجتمعين ،وحشد في ترسانته العسكرية آخر ما أنتجته الصناعات الحربية المريكية ،وعقد
المزيد من التفاقات المنية مع دول مختلفة من العالم ،وشكل محاور عدوانية أهمها الحلف مع تركيا.
سادساً :إن (السلم) الصهيوني الذي وجد في القيادة العرفاتية الخائنة محطة لتهويد فلسطين ،رأى في أوسلو خطوة
لشن حرب مفتوحة من نوع جديد على أمتنا العربية أمنياً وسياسياً وثقافياً ،فما حققه الكيان الصهيوني في ( أوسلو ) من
اعتراف بشرعية احتلله لمعظم الراضي الفلسطينية ،جرى تحويله إلى بوابة للقرار بدور الكيان الصهيوني المركزي
على المستوى القليمي على الصعد السياسية والقتصادية والمنية ،فقد مكنته هذه التفاقات من التحرك بشكل أسرع نحو
توسيع الهداف الصهيونية على مستوى المنطقة ومحيطها ،والبحث عن وظيفة له أكثر عمقاً وخطورة في سياق الهدف
المريكي الثابت لكسر روح المواجهة والمقاومة لدى جماهير المة العربية ،ومكافحة نضال المة التحرري ،بقيادة محور
إقليمي جرى التعبير عنه في (قمة شرم الشيخ) ،التي سنت خططاً لما سمي (مكافحة الرهاب).
سابعاً :وفر (أوسلو) وما تله من اتفاقيات استسلمية عربية أخرى وتطبيع ومؤتمرات باسم التعاون القتصادي،
للكيان الصهيوني فرصة الدعاء عالمياً بأنه صانع سلم ،هذا في الوقت الذي بدا فيه الكيان الصهيوني يحلم بالحصول على
الوكالة الحصرية للمصالح المريكية في المنطقة ،ويسعى لتشكيل مركز لنظامها القليمي الجديد المنوي تشكيله كنتيجةٍ
لستكمال التسويات على كافة مساراتها التفاوضية العربية ،في وقت دمرت فيه أو حُيّدت ،أو حوصرت تلك الدول العربية
التي شكلت تاريخياً مراكز للوطن العربي ،العراق ،مصر ،سوريا ،فيما جرى ويجري إنهاك دول عربية عدة (الجزائر،
السودان ،اليمن ،على سبيل المثال ل الحصر) بمشاكل وإحترابات وفتن داخلية دموية ،باتت تهدد كيانات هذه الدول التي
ولدت في مرحلة الستقلل عن الستعمار ،ناهيك عن الدمار القتصادي الكبير الذي حل بها والذي سيعيق لعقود أن تقوم
لها قائمة ،فيما جرى استنزاف موازنات وموارد الدول العربية النفطية الغنية التي ارتضى بعضها تطبيع العلقات مع
(إسرائيل) ،ظاناً أن ذلك يقيه شرها وشر أمريكا على أوضاعه الداخلية ،ويسيج حدوده في وجه الشقاء (الطامعين) إذا ما
احتمى بالعداء السابقين..
15
إن اتفاق أوسلو وملحقاته وصولً إلى اتفاق شرم الشيخ (واي ريفر )2-وما ارتبط بها من مفاوضات متعددة
الطراف ،وعلقات ثنائية نجح الكيان الصهيوني في إقامتها مع بعض العواصم العربية ،تحمل مخاطر جمة على أمتنا
العربية وجوداً ومستقبلً ،فهذه التفاقيات ل تقف عند حدود التصالح مع الكيان الصهيوني بل يتعدى ذلك إلى:
• إدخال الكيان الصهيوني كعنصر داخلي في التركيبة السياسية العربية ،ومنح الصهاينة الحق في التدخل في السياسة
العربية وفي العلقات السياسية العربية – العربية ،ومما يهيئ لتدخله تعزيز الن زعات البينية ،وخلق صراعات داخلية تكرس
حالة التجزئة والتفتيت.
إرساء البنية الساس لهدم أي حلم لمشروع الوحدة العربية ،وتدمير الوطن العربي كحالة جغرافية سياسية بشرية •
موحدة ،من أجل ما يسمى بالشرق الوسط الجديد ،الذي يتعامل مع منطقتنا كدويلت وعرقيات غير متجانسة ول
يحميها سوى المكان الجغرافي ،يكون للصهاينة فيه دور إقليمي ودولي أساسي ومهيمن.
محاولت الكيان الصهيوني محو الهوية العربية الحضارية ،ومحاصرة العروبة ،لمنعها من ممارسة دورها ككتلة •
حضارية ،ومحاصرة الروح السلمية الثورية التي تمثل جوهر العروبة ،وتقوم بدور فعال في مواجهة قوى الستعمار
والستقلل والهيمنة على مقدرات الشعوب.
تكريس حالة العنف لدى القطار العربية بواسطة معاهدات ومواثيق مراقبة نزع السلح ومنع انتشار السلحة النووية •
التي تلزم الدول العربية وتستثني الكيان الصهيوني ،مما ل يفرض العجز والضعف على العرب في الوقت الحاضر فقط،
وإنما يصادر حق الجيال المقبلة في امتلك أسباب القوة ،بالضافة إلى كونه يعزز المبدأ المريكي – الصهيوني الذي
يقوم على ضرورة الحفاظ على القوة العسكرية الصهيونية متفوقة على القوة العسكرية العربية.
فرض التطويع السياسي من تبادل سفراء وقناصل والدخول في اتفاقيات سياسية واقتصادية وأمنية بمعزل عن الشعب •
العربي بل وعلى قاعدة تمييز مصلحة الكيان الصهيوني وإعطائها الولوية المطلقة.
تدمير مكونات الحضارة العربية وعناصر المة الجامعة واستبدالها بمفاهيم القليمية والشرق أوسطية والنتماءات •
القتصادية وتعميق وتعزيز الوعي القطري والقليمي وضرب الوعي القومي.
الترويج للمشروع الصهيوني وتصويره وكأنه أمر تاريخي مبرر له الحق في الوجود كأمر طبيعي في المنطقة،وتعميق اليديولوجية •
والثقافة الصهيونية.
• انخراط أقطار الوطن العربي بالصراعات الدموية المختلفة ،عبر تشجيع الخلفات العرقية والطائفية والتركيز على
مشاكل القليات ،ومساعدة العصابات غير المنتمية للسيطرة على السلطة ضمن إطار فسيفساءات متنازعة.
لقد هدفت التسوية ليس فقط إلى تأمين وجود (إسرائيل) وتشريع هذا الوجود باعتراف عربي به ،ولكن أيضاً إلى
تأهيل هذا الوجود العدواني لوظيفة أكثر عدوانية متناسبة مع المعطيات العالمية الجديدة التي تطمح الوليات المتحدة من
خللها إلى تأمين مصالحها في المنطقة ،بضمان تدفق النفط وضبط أسعاره في مستواها الدنى ،والتحكم بهذا العصب
الحيوي للقتصاد العالمي لفرض استمرار هيمنتها على عالم ذي قطب واحد تتزعمه هي بالذات دون منافس أو منازع .
إننا إذاً أمام نظام استعماري جديد تجري محاولت فرضه على أمتنا بالقوة والخضاع ،وهو نظام تتحول فيه (أحلم
إسرائيل الكبرى) إلى (إسرائيل العظمى) التي تمتد هيمنتها ليس فقط من نهر الردن إلى البحر المتوسط،ولكن من الخليج
العربي إلى المحيط الطلسي ،ودائم ًا تحت المظلة المريكية وفي خدمة أهداف الوليات المتحدة.
يلخص الخبير المريكي في قضايا الشرق الوسط ،الصهيوني (برنارد لويس) هذا (الستعمار الجديد) في مخطط
وضعه تحت عنوان (إعادة النظر في الشرق الوسط) ونشره في دورية (فورين افيرز) المريكية عام ، 1992فينطلق من
(..التخلي الرسمي عن حلم القومية العربية الذي طال تقديسه ،والمتعلق بدولة عربية موحدة أو حتى بكتلة سياسية
متماسكة) ليصل إلى (أن العالم العربي يسير بحالة تشبه أمريكا اللتينية ،مجموعة من الدول تجمعها لغة واحدة مشتركة،
وثقافة مشتركة ،ودين مشترك ،وتاريخ مشترك ،من دون أن تكون متحدة ضمن سياسة مشتركة) ،قبل أن يخلص إلى أن
الشرق الوسط الجديد الذي قد تمتد حدوده الجغرافية إلى الجمهوريات السلمية( ،السوفيتية سابقاً) يتضمن احتمال إلغاء
دور العرب في التاريخ الجديد للمنطقة لمصلحة قوى إقليمية أخرى في طليعتها (إسرائيل) وتركيا.
وهكذا يبدو واضحاً ذلك الثر السياسي الهم لتفاقيات الستسلم وثقافة التسوية ،وما أفرزته من معاهدات وتطبيع
واعتراف بالعدو وهو ترشيح المة العربي للغياب ،وإلغاء آمالها في التوحد وحتى في تحقيق حد أدنى من السياسات
المشتركة والتضامن في هجمة استعمارية جديدة تستهدف ثروات الوطن العربي وإمكاناته البشرية والمادية التي سترتبط
جميعها بمصالح الكيان الصهيوني ،الذي يعد ليكون نقطة الجذب الولى في المنطقة وفي قلب النظام الجديد .وهذا استثمار
صريح للختلل القائم منذ سنوات في موازين القوى بين العرب وعدوهم الصهيوني – المريكي ،يهدف إلى تعميق هذا
الختلل وتأييده ،وتكريس الهزيمة العربية المرة ..،وإلى البد..
16
إن التسوية واتفاقات الستسلم هي أبرز تجليات تلك الحرب المريكية – الصهيونية الشاملة ضد امتنا ،وهي حرب
إن قدر لها النجاح ستقود إلى تجزئة المجزأ من وطننا العربي ،وتحويل المة إلى فسيفساء طائفية متناحرة ،وإلى مزيد من
التخلف والرتهان والتبعية للوليات المتحدة والكيان الصهيوني.
لقد قال ايهود باراك عندما كان وزيراً للخارجية في حكومة رابين معلقاً على اتفاق أوسلو( :إن القوة هي التي أدت
بالقيادات العربية إلى إجراء مفاوضات مباشرة مع دولة إسرائيل ،وهي التي تمكن دولة إسرائيل من إجرائها من موقع
القوة) ..والن وبعد أن صار رئيساً للحكومة الصهيونية يقول باراك( :أن السلم يجب أن يرتكز في النهاية إلى القوة
السرائيلية ،وإلى تعزيز قوة الردع السرائيلية وتفوق الجيش السرائيلي على العرب).
وهذا هو سلم الخضاع والهيمنة ،الذي ل يمكن أن يعني إل الستسلم على أي مستوى من المستويات.
لقد توهم الكثيرون من دعاة (التطبيع والتعايش) أن (السلم الصهيوني) يعني اندماج الكيان الصهيوني في المنطقة
والذوبان فيها ،ليكتشفوا بعد سنوات وجيزة من سلم مدريد وأوسلو أن (العكس) هو المطلوب حدوثه ،فالمطلوب من
الندماج الصهيوني إتاحة التحكم والتأثير للطرف القوى بالطرف الضعيف ،وهيمنة الرادة والقرار الصهيوني على
المنطقة ،وإلغاء النتماء القومي العربي ..بل وتغيير العقلية والنظرة العربية تجاه (الدولة الصهيونية.)..
وفي الخلصة تبدو التسوية مجرد تصفية وإخضاع( ..والسلم) استسلماً شاملً.
17
إسقاط نظرية تحرير فلسطين ،وبالتالي سقوط مقولة الصراع العربي – الصهيوني ،والحق العربي بفلسطين ،أو الجزء •
العظم منه.
إسقاط نظرية المسؤولية القومية سياسياً واجتماعياً وتاريخياً ،وحلول المسؤولية القطرية الخالصة محلها ،وهذا لم •
يعني سقوط البعد القومي للقضية الفلسطينية فقط وإنما سقوط البعد القومي لية قضية عربية ،وهذا لم يعن القرار
«السياسي» شبه النهائي باندثار الحلم الوحدوية والقومية ،وبحلول التجزئة والتخلف في الوجدان الجمعي محل أي
قيمة أخرى ،حتى على الصعيد النظري وعلى صعيد الحلم أيضاً.
التسليم بأن الكيان الصهيوني له الحق التاريخي في الوجود كدولة من دول المنطقة ،وهذا يعني سقوط كل الحجج •
والمبررات والسباب التي تفرض على العرب مقاطعة الكيان الصهيوني لنه حسب ذلك المفهوم يعادي ويقاوم دون
معنى؟!! .وهذا التوجه يسحب البساط «قومياً وإنسانياً وأخلقياً» من تحت أقدام المناضلين والمقاومين داخل فلسطين
وخارجها ،وتزول بذلك حدود القيم بين الخير والشر ،والظلم والعدل ،والحق والباطل ،وتتبدل المعايير والحكام تبعاً
لحكم القوة ول لقوة الحق.
إزالة كل الحواجز المادية والمعنوية التي تجعل الكيان كياناً غريباً عن المنطقة ،وهذا يعني عملياً توفير كل مقومات •
الحياة الطبيعية لجسم غريب زرع في جسم كان يرفضه.
إلغاء كراهية العدو المغتصب ومبررات تلك الكراهية ،وتقديم العدو كصديق طال مدى «ظلمه» وتحويل الجهد البشري •
بد ًل من العمل على تكريس حقائق تاريخ العرب والتاريخ الموضوعي للمنطقة وتربية الجيال على تلك الحقائق وتهيئتها
لستعادة حقوقها ،تحويل ذلك الجهد إلى العمل على تشويه حقائق التاريخ وتثبيت التاريخ المشوه ،والعمل على زرع
المعطيات الجديدة.
إخضاع المنطقة لهندسة سياسة الفك والتركيب لكي تخضع بالكامل لشروط ومتطلبات الكيان الصهيوني واستراتيجية •
النظام المريكي ،التي تريد فرض السلم الصهيوني على العرب وإنشاء نظام إقليمي شرق أوسطي جديد يلغي الوحدة
العربية والسوق العربية المشتركة ،ويحتل فيه الكيان الصهيوني مركز القيادة.
: -
وقبل تلمس انعكاسات اتفاقات التسوية على التدفق التطبيعي ،تنبغي الشارة إل بعض الفكار الت تناولا الطبعون ،فضلً عن الدعوات
الباشرة للتطبيع ،فإن هناك من تدث عن ما وصفه بـ«التفاعل الثقاف» فيما أشار آخرون إل أن الثقافة العربية .عصية على الختراق ،وهي
قادرة على حاية نفسها ،با ل يدع حاجة للتصدي الواجه لعمليات التطبيع الثقاف.
وهنا يميل كثيرون إلى وصف الدعوة إلى حماية الثقافة العربية بأنها «انغلق» وإنكار لحقيقة كون العالم الن «قرية
كونية» وليس المقصود هنا ثورة التصالت بل ضرورة البتعاد عن دعوات المحافظة على الخصوصية القومية ،والقيم
الثقافية العربية .وإلى هنا قد يجد مثل هذا الكلم من يتقبله مرتكزاً إلى وصفه ب «منطق متماسك» ولكن هؤلء بالذات ،ل
يرون في دعوات الخرين (فرنسا مثلً) لحماية ثقافتهم انغلقاً ،بل دعوة حضارية ينبغي التعاطي معها خدمة للتفاعل
الثقافي ،و«النفتاح» على العالم و«ثقافاته الحية».
بيد أن هذا «المنطق المتماسك» بالذات ،سرعان ما ينكشف عن غايات أخرى ،وذلك عندما يصبح المطلوب هو
تقويض الخصوصية مقابل التعميم ،والتلقي بدل المثاقفة ،والتقليد بدل البداع ،والتماهي في الخر بدل الندية.
والنفتاح الرشيد على حضارات وتجارب الخرين يقتضي الخذ والعطاء بحيث تقيم الثقافة العربية من أصالتها عاصماً
حكيماً يحول دون انجرافها في تيارات المحاكاة ،والنقل التلقائي المفضي إلى تذويب الذات العربية وتسرب عوامل الضعف
والوهن إليها.
لقد عرفت الثقافة العربية دوماً كثقافة منفتحة متفاعلة ،فهي في عصور مجدها ،تفاعلت مع الثقافات اليونانية
والهندية والصينية والفارسية والوروبية ،وأنتج هذا التفاعل منجزات هامة ،ليس مجال تعدادها الن ،غير أن تدقيقاً هادئاً
في هذا التفاعل يؤكد أنه جاء مرتكزاً على قوة مادية تحميه ،وتم انطلقاً من الحساس بالندية ،والمقدرة على الخذ
والعطاء ،ولم يكن في لحظة ما مؤسساً على الحساس بالضعف إزاء الخر ،وضرورة الذوبان فيه ،فهل الدعوة القائمة
الن تنطلق من ذات الساس؟ ،في الجواب نجد في الوقائع الملموسة ،أن الندفاع نحو التقليد والمحاكاة والتماهي في
الخر ،ظواهر مهيمنة ،ل يمكن الحديث معها عن حالة متناقضة ،أو تفاعل ،بقدر ما يعني دعوة إلى نقل انموذج متكامل،
والقبول بتعميم نمط ثقافي معين ،يوصف معه الحديث عن صيانة الخصوصية القومية ،وحفظ الثقافة العربية ،بأنه ضرب
من ضروب النغلق والتخلف ،ولعله من المفيد إسقاط أصحاب هذه الدعوات من النقاش منذ البداية ،إذ كيف ستقيم حواراً
مع من يفترض في إنهاض ثقافته وحمايتها انغلقاً ،وفي رغبة الخرين في تعميم انموذجهم الثقافي «حضارة وانفتاحاً»؟
18
لقد برز في غمرة الحمى التطبيعية المرافقة لمفاوضات التسوية ،الحديث بقوة عن أهمية الجبهة الثقافية ،ودورها في
المواجهة ،فإذا كانت موازين القوى الراهنة عربياً وعالمياً ،قد فرضت الدخول في المفاوضات ،فإنه من الضروري حماية
الثقافة وتحصينها ،وتعزيز الوجدان العربي الرافض للستسلم والهيمنة الصهيونية والمريكية.
وقد تأسس هذا الحديث في ضوء الحقيقة الجوهرية القائلة أن الثقافة العربية كانت وستظل إطار حضارتنا ،ووعاء
حركتنا في الحاضر والمستقبل ،وأنها تشكل أقوى السس المادية والتاريخية التي تقوم عليها وحدتنا القومية ،وفي ضوء
حقيقة كون الثقافة اليوم ،وفي ظل هذا الواقع ،تنهض باعتبارها خندق مواجهة ،وخط دفاع عن أمل الوحدة العربية.
وواقع الال أن البهة الثقافية العربية ،ورغم النيارات الرافقة لتوقيع التفاقات الهينة،ل تسجل اختراقات مهمة،وبقيت متماسكة نوعا
ما ،ول تتحول الدعوات التطبيعية الت انطلقت من بعض الثقفي والشتغلي ف الثقافة «تيارا» على نو ما هو الال على الصعيدين السياسي والقتصادي.
وف غمرة التركيز على أهية البهة الثقافية ف القاومة برزت مقولتان:
الولى :إن الثقافة العربية تتعرض إلى خطر حقيقي وأن التطبيع الثقافي مع العدو الصهيوني يعني تذويب الثقافة
العربية ،أي ضرب الهوية القومية ،ومقومات وجودنا كأمة ،كما أنه يعني انقلباً على حضارتنا وتراثنا وكسراً لطموحنا في
كل نهضة حضارية وبالتالي يتوجب حماية الثقافة ،وتعزيز الوجدان الشعبي المقاوم ،ورفض كل دعوات التطبيع مع العدو
على هذا الصعيد.
الثانية :قال أصحابها أن ثقافتنا العربية ،ثقافة عريقة لها امتدادها الحضاري ،ول ينبغي الخوف عليها في حال التعاطي
مع عدو تقوم «ثقافته» على هشاشة مفضوحة ،وتلفيق واضح ،وأن الوجدان العربي حصين ،ل يستطيع العدو اختراقه،
وبالتالي ل خوف عليه وبكلمات أخرى ل ينبغي إثارة كل هذا الضجيج حول «التطبيع الثقافي».
تنطلق المقولة الولى من حرص بين على الهوية القومية ،وهي أن كانت ل تنكر العمق الحضاري للثقافة العربية ،فإن
ذلك ل يجعلها تدعو إلى جعل هذه الثقافة في مواجهة »امتحان« ل ضرورة له ،مسوغاً أخلقياً أو حضارياً كما أنها تنطلق
من إدراكها أن مجرد القبول بثقافة العدو ا لقومي ،ناهيك عن التفاعل معها (وفق ما يقتضيه التطبيع) يمثل الختراق الول
للجبهة الثقافية ،ويقود إلى ضرب مقومات وجودنا القومي ،ومشروعية حلم المة في تحقيق وحدتها القومية ،وهي تنبيه
إلى كون ما نواجهه ليس الثقافة الهشة والملفقة لعدونا ،وإنما هجمة متكاملة تمثل فيها الثقافة المذكورة رأس الحربة
لختراق واسع النطاق ،يرمي إلى ضرب الهوية العربية ،وتقويض أحد أهم مرتكزات وجودها.
بذا العن فإن القولة الول تتأسس على إحساس بالطر الداهم ،وتدعو إل مواجهة مرتكزه ف الن عينه إل عراقة الثقافة العربية من
ناحية ،وإل أن الذات الثقافية هي الؤهلة للصمود ف مواجهة قوة الخر العسكرية والقتصادية ف هذه الونة .وبقدر ما تستطيع الذات الثقافية
الصمود ،يكن أن تعيد إناض الواقع ف ظل متغيات قادمة ،ولكن إذا انارت البهة الثقافية ،وضربت مرتكزات الوية ،فإن التغيات الحتملة
والنتظرة ف ميزان القوى لن تد من يقوم باستثمارها ،لعادة استنهاض الواقع العرب ل اقتصاديا ول عسكريا.
أما القولة الثانية ،فإنا تبدو ف ظاهرها تفخيما وتضخيما للثقافة العربية ،ولكنها تنطوي على خطر فادح ،إذ ربا ل يستطيع أحد الجادلة
ف عراقة ثقافتنا ،ول ف حصانة الوجدان الشعب العرب الرافض للستسلم أمام العدو ،ولكن التسليم بذين المرين ل يفترض الركون إليهما.
وبتأجيل الجادلة ف النوايا الكامنة وراء إطلق القولة ،من الضروري التساؤل عما إذا كانت الثقافة والوجدان يستطيعان الصمود دون
تعزيز ف ظل هجمة شاملة تطال متلف صعد الياة اليومية للمواطن العرب؟ كما ينبغي التساؤل عن مبرات فرض «التفاعل» مع العدو القوي
لثبات أن ثقافتنا تستطيع أن تثبت قوتا أمامه؟
إن فرض مثل هذا «التفاعل» قد يؤدي إلى إصابة الوجدان الذي تتحدث عنه المقولة الثانية بالعطب من خلل تسرب
عوامل الوهن والضعف إليه ،فأخطر ما نواجهه هنا ،أن تلعب الثقافة دوراً في خلق «العتياد» والتعايش ،وحينها فإن هذا
الوجدان سوف يعاد تكييفه وتركيبه كي ينتج هو بالذات مقولته الجديدة ،وهنا تكمن أحد أهم المخاطر التي تنطوي عليها
المقولة المشار إليها.
إن الوجدان يحتاج إلى التحصين ،وفي حالة ارتكاز إلى القوة سيصبح قادراً على الصمود والعطاء أكثر ،ثم أنه لمن
العبث ،ومن قبيل دفن الرأس في الرمال ،الفتراض أن المواجهة تتم بين ثقافة عربية عريقة ووجدان عربي حصين من
جهة ،وبين ما يريد العدو الصهيوني تعميمه من جهة ثانية فحسب ،ذلك أن الهجمة أكثر شمولً من ذلك ،وساحتها أكثر
اتساعاً .والمراد هو خلق تبعية ثقافية تصدر عن علقة التابع والمتبوع ،وهي علقة تمهد الطريق لحدوث الختراق الثقافي
العام الذي يتجاوز حدود الستتباع اليديولوجي القديم ،بحيث يغدو المثقف في نهاية المطاف ،وهو يشاهد انفراد الغرب
لعالم محكوم ربما بصورة تلقائية بوهم أن وظيفته تكمن في الندراج في هذا السياق الكوني الجديد للسياسة.
19
وثة أمر آخر لفت للنظر ،فأصحاب القولة الثانية ،جاءت دعوتم لـ«التفاعل» والرتكزة إل أننا أصحاب ثقافة عريقة ،مؤسسة على
مطلب أن يقبل الخر /العدو بالتفاعل معنا ،فتحول الصيل إل طارئ ،والطارئ إل أصيل ،ومثلت الدعوة موقفا من طرف ضعيف يتطلع إل
أن يقبل القوي بوجوده« ،لن الطروف فرضت العيش ف جغرافية مشتركة».
وهكذا يمكننا الكتشاف بسهولة ،أن الدعوة إلى ترك الثقافة في مواجهة مفتوحة عشوائية ،دون التعامل معها كجبهة
مواجهة ،وترك الوجدان كي ينتج آليات دفاعه بذاته ،هي في الحقيقة دعوة منطلقة من القرار بوجود الخر /العدو وقوته
من ناحية ،وترك الثقافة في حالة السعي إلى الذوبان في بوتقة جديدة ،ينتجها «التفاعل» المحكي عنه من ناحية ثانية .وهو
ما ل نجد أمة على وجه الرض سواء أكانت ضعيفة أم قوية تقوم به .فنحن نجد أن فرنسا الدولة القوية لم تترك قناة ناطقة
بالعربية تبث في فرنسا ،وتقوم في اليابان نشاطات ضخمة في مواجهة تعميم النمط الثقافي المريكي والوروبي وكذلك في
الصين .كما تخوض شعوب صغيرة حروباً على صعد مختلفة من أجل حماية هويتها القومية ونمطها الثقافي ،ولو أن أحداً
من هؤلء ارتكز إلى مجرد عراقة ثقافته وحياة نمطه الثقافي في وجدان الشعب لوجد نفسه في حالة سيولة سوف تقوده
حتماً إلى الذوبان والتلشي ،ناهيك عن إمكانية القيام بحالة مناقضة أو تعميم لنموذج ثقافي.
إذاً ،لماذا يكون مطلوباً إلينا بالذات مثل هذا الذوبان ،تحت دعاوي النفتاح والتفاعل تارة ،وتحت دعاوي التعامل مع
المتغيرات على أرض الواقع تارة أخرى؟ ثم لماذا تتأسس دعوات «التفاعل» على إنكار الذات القومية ،وتحقير الثقافة العربية ،كي
نصير مقبولين من لدى الخرين؟
: -
أن التدقيق ف بنود التفاقيات مع الكيان الصهيون من كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة يكن أن يلحظ وبوضوح الصرار والضغط
المريكي على التطبيع الثقاف باعتباره هدفا استراتيجيا.
من أجل التغلغل بشتى الوسائل لهزم وعي المة ،ومحو الذاكرة الوطنية وتسويق المفاهيم والقيم العنصرية
الصهيونية للقبول بها عربياً من خلل تنشيط ثقافة التبرير على حساب ثقافة المواجهة ،وتسويق ثقافة الحتلل.
إن «التطبيع» الثقافي هو عملية تمهد لخضاع مجتمعنا العربي لجملة من المفاهيم الفكرية والثقافية والعلمية
والدعائية والنفسية للحاق الهزيمة بالشخصية العربية من الداخل وشل إرادة المقاومة فيها ،وهو أيضاً امتداد للغزو
العسكري والسياسي ولكن بوسائل ثقافية إعلمية ،من أجل إحباط أي وعي نهضوي لدى المة ،ومن أجل ترسيخ التبعية
والهيمنة ،وذلك من خلل تزييف الوقائع والتاريخ وتشويه القيم.
ويكن تديد الثار السلبية لتفاق أوسلو ف القضايا التالية:
• تعميق الزمات العربية عبر محاولت تصوير الواقع الراهن على أنها حالة طبيعية ،وأن التخلص منها ل يتم إل
بالتجزئة والنسلخ عن المبادئ والقيم التي تختزنها مثل العروبة والسلم والدعوة للوحدة ،أي محاربة وعن المة
بذاتها ودورها الحضاري.
• تشويه التاريخ وتزويره وفقاً لوهام الساطير الصهيونية ،وإخضاع المنطقة العربية يحمله من المفاهيم الفكرية
والثقافية والنفسية المعادية ،وانخراط المنطقة العربية بالصراعات الدموية وتشجيع الخلفات العربية والطائفية
والتركيز على مشاكل القليات.
ليس من قبيل البالغة القول أن أوسلو هو أخطر اتفاق من بي التفاقات الت وقعت لتصفية الصراع والقضية الفلسطينية وذلك لن موقعيه
حاولوا إظهاره كحل تاريي للقضية الفلسطينية ،وبالتال فقد جرى تريد القضية من كل أبعادها وتقزيها وضرب اللتفاف العرب من حولا
كقضية مركزية للمة العربية ،ومن هنا يكن اعتبار أوسلو الحطة الخطر الت مهدت لختراقات التطبيع الثقاف ،فمن ناحية ،جرى تصوير
الوضع بعد التفاق وكأن القضية قد حلت وبالتال ل يعد هناك مكان للعدوان فشهدنا موجة من الكتابات الت تدعو إل التطبيع مع العدو
مركزة على أن ما كان سببا ف الصراع قد انتهى ،ويب العمل على بناء «السلم».
وقد صاغت سلطة عرفات المناهج التعليمية بما يتناسب مع إملءات العدو ،واعتبرت الكتابة أو الحديث عن عروبة
فلسطين نوعاً من التحريض على العداء ،ينبغي قمعه ومنعه ،وسعت نحو عقد معسكرات مشتركة لطفال وشبان فلسطينيين
مع أطفال وشبان المستوطنين.
ويرتبط بتوقيع اتفاقات أوسلو التدفق التطبيعي بي الكيان الصهيون وعدد من القطار العربية مثل :تونس ،الغرب ،قطر ،وعمان ،وكذلك
عقد لقاءات بي مثقفي عرب وصهاينة ،على غرار اجتماع برشلونة ،ث مؤتر تالف كوبنهاغن ،وأخيا إنشاء جاعة القاهرة للسلم .وكذلك
الزيارات الت قام با مثقفون وفنانون من مصر والغرب وتونس ،وبعض أقطار الليج إل فلسطي الحتلة والكيان الصهيون.
20
على أننا ند أن التمظهر الخطر لتفاقات أوسلو على صعيد التطبيع الثقاف إنا يرتبط بترويج مقولة «الل التاريي» ،وهو الادف إل
إحداث تغيي ف الوعي تاه العدو الصهيون.
21
-1كامب ديفيد :فيما واجه التطبيع الثقاف تعثرات كبى كنتاج لكامب ديفيد ،فإن هذا –للسف -ل يكن حال التطبيع القتصادي ،ومع
أنه ل يدث تدفق تطبيعي واسع بي الكيان الصهيون ومصر ،فإن الحطات الت شهدت تدفقا ف عمليات التطبيع كانت وبالً على مصر ،على
غرار ما حدث ف القطاع الزراعي ،حيث أن «يوسف وال» وزير الزراعة الصري ،ومهندس التطبيع القتصادي مع العدو أصر على استياد
بذار ومبيدات كيماوية من الكيان الصهيون ألقت أضرارا فادحة بالزراعة الصرية.
من جانب آخر شهد موضوع العمالة المصرية تدفقاً تطبيعياً باتجاه الكيان الصهيوني وانعكس المر مخاطر أمنية
واجتماعية على مصر .وعلى رغم النحسارات في التسارع التطبيعي ،فإن الوصف الدق له أنه بقي بين مد وجزر ،على
أنه سجل مزيداً من النحسار في أعقاب الكشف عن بنى ا لمشروع الشرق أوسطي ،والذي استشفت منه مصر أنه يهدف
إلى تهميشها في إطار المنظومة الجديدة.
وما نريد قوله أن فك عزلة كامب ديفيد ،شكل السبب الكامن وراء تحرك التطبيع ،أي بعد أوسلو ووادي عربة ،ليعود
على حال المد والجزر مع بدء موسم المؤتمرات القتصادية.
-2أوسلو :يمكن وصف أوسلو اقتصادياً بأنه كرس تبعية اقتصادية مطلقة للكيان الصهيوني ،وكرس الحالة اللحاقية
لقتصاد الضفة والقطاع باقتصاد العدو ،لكن آثاره الخطر كانت في فتح بوابات التطبيع القتصادي عربياً ،سواء على شكل
قمم اقتصادية حملت عنوان القمم القتصادية للشرق الوسط وشمال أفريقيا ،أو على شكل علقات اقتصادية بين الكيان
الصهيوني وعدد من القطار العربية ،على خلفية الزعم بانتهاء الصراع وبدء حقبة من التعاون .ومعروف أن هذه
المشاريع قد تفرملت مع صعود نتنياهو إلى الحكم في الكيان الصهيوني ،وهناك استعداد لطلقها الن مع إطلق الوهام
مجددًا حول »سلم باراك«.
-3وادي عربة :ما حكي في الجانب الثقافي ،ينطبق على الجانب القتصادي بشأن وادي عربة .فالنية كانت إلى تطبيع
متسارع جرى تضمينه في نصوص التفاقية ،وقد عمدت الحكومة الردنية إلى إلغاء القوانين المعوقة لمثل هذا التسارع
مثل:
• القانون الموحد لمقاطعة إسرائيل رقم 10لسنة .58
• قانون بيع العقار رقم 30لسنة .73
• قانون منع التجار رقم .36
وقد اندفع عشرات من رجال العمال الصهاينة إل الردن ،وهناك أحاديث عن شراء أراض وعقارات .إضافة إل النية بإقامة مناطق
صناعية مشتركة فضلً عن الطار الشترك ف العقبة /أم الرشراش.
ومن مفاعيل أوسلو /وادي عربة التطبيعية ،قيام دول مجلس التعاون الخليجي برفع المقاطعة من الدرجة الثانية عن
الشركات المتعاملة مع الكيان الصهيوني ومعلوم أن المقاطعة قد كلفت الكيان الصهيوني منذ الخمسينات مئات مليين
الدولرات ،ومن مفاعيل التفاقين أيضاً ،أن مكتب مقاطعة إسرائيل التابع لجامعة الدول العربية لم يجتمع منذ عام 1993أي
منذ ما بعد توقيع اتفاق أوسلو ،ويبدو أنه ترك ليذوب في النسيان بدل نعيه رسمياً ،حتى أنه عندما اتخذت قمة القاهرة (
)1996والمجلس الوزاري لجامعة الدول العربية ( )1997قرارات بتجميد التطبيع مع الصهاينة على خلفية النسداد في
مسارات التسوية الناجم عن سياسة نتنياهو لم يتم انعقاد اجتماع لمكتب المقاطعة يشرف على تنفيذ تلك القرارات.
: -
في حوار صحفي أثناء انعقاد قمة القاهرة القتصادية ( ) 1996قال د .محمود عبد الفضيل« :أن إسرائيل ل تريد طبعاً
اندماجاً اقتصادياً حقيقياً ،وإنما بناء تجمع اقتصادي ،ل يقوم على التكافؤ مثل الناتا ،أو تجمع بلد آسيا ،وإنما هو تجمع
شرق أوسطي ،يرتكز على السياحة والمياه ،ويطلب من العرب معه أن يسقطوا من حسابهم التاريخ والذاكرة و الرض،
فإسرائيل كاقتصاد مزروع في قلب المنطقة العربية تحمل دائماً قبعتين ،فهي دولة شرق أوسطية موقعاً ،وهي امتداد
لوروبا سياسياً واقتصادياً وتكنولوجيا وفكرياً ،كما أنها مندمجة بشكل جوهري مع الفضاء القتصادي الوروبي
والمريكي ،واتفاقية الشراكة مع التحاد الوروبي ،ومنطقة التجارة الحرة مع الوليات المتحدة ،وكلها هياكل متقدمة جداً،
خاصة في مجال نقل التكنولوجيا والبحث العلمي .فإسرائيل إذن تريد الشرق أوسطية ،لكي تكون الدولة القائدة للمنطقة
اقتصادياً ومالياً وتكنولوجياً عبر مشروع شرق أوسطي طويل الجل يتم تنفيذه على مراحل ،رأس الحربة الساسية فيه هي
المثلث السرائيلي – الردني – الفلسطيني ،وهو المثلث الذي دخل مرحلة التشغيل الفعلي بعد معاهدة وادي عربة».
ضمن هذه الهداف التي يوضحها د .عبد الفضيل تحرك الصهاينة والوليات المتحدة عقب أوسلو ووادي عربة لترتيب
سلسلة من المؤتمرات القتصادية بإشراف هيئتين تتبعان المخابرات المريكية هما :مجلس العلقات الخارجية المريكية،
والمنتدى القتصادي الدولي بسويسرا ،وقد عقدت أربعة مؤتمرات من هذه السلسلة كانت الخطر في التدفق التطبيعي على
22
الصعد القتصادية ،ونتجت عنها اختراقات خطيرة ،بدت كنوع من استكمال المخاطر المتخلفة عن عقد اتفاقات التسوية
الثلثة (كامب ديفيد ثم أوسلو ووادي عربة).
أ-الدار البيضاء :عقدت قمة الدار البيضاء في الفترة من 2/11/1994 – 30/10وشاركت في العداد لمؤتمر الدار البيضاء
إضافة إلى الهيئتين المذكورتين أعله :مؤسسة المبادرة من أجل السلم والتعاون في الشرق الوسط ،وبنك ليومي،
ومؤتمر شركاء التنمية ،وصناديق الستثمار المريكية والوروبية ،وحضرته وفود من 61دولة ،منهم 1114من رجال
العمال ،وممثلي المؤسسات القتصادية العالمية .وجاء في دليل المؤتمر :أن فكرة عقده ظهرت من خلل لجنة العمل
متعددة ا لطراف التي أنشئت بعد مؤتمر مدريد للسلم ، 1991بمشورة خبراء البنك الدولي الذين رأوا أن إعادة الحيوية
القتصادية للشرق الوسط تكون حافزاً على استمرار السلم والحفاظ عليه ،وهذه الحيوية ترتكز على محاور ثلثة هي:
• مزيد من التعاون القليمي مع إسرائيل وأمريكا.
• إصلح السياسات القتصادية لدول المنطقة بتطبيق وصفات صندوق النقد الدولي.
• العمل على جذب رؤوس الموال التي يملكها أثرياء الخليج في الخارج.
وف كلمته أمام الؤتر تدث وزير الارجية المريكية وارن كريستوفر عن برنامج من أربع نقاط لوضع «إسرائيل» والعرب ضمن نظام
تعاون اقتصادي إقليمي وهذه النقاط هي:
• تسهيل حركة السلع والفراد عبر القطار.
• إلغاء المقاطعة القتصادية لسرائيل.
• ضمان حرية انتقال الفراد عبر القطار.
• إنشاء مجلس للسياحة بمشاركة إسرائيلية.
لقد استهدفت قمة الدار البيضاء التخلص من قيود القاطعة العربية القتصادية للكيان الصهيون ،وقد تقق هذا الدف مرحليا ف عهد
بييز عهد التاجرة القتصادية بـ«السلم» إذ ارتفع الناتج القومي لسرائيل من %3.4عام 93إل %6.9عام ،95وارتفع دخل الفرد ف نفس
الفترة من 16-13ألف دولر .وتضاعفت الصادرات من الكيان الصهيون ثلث مرات بعد إفساح السواق الفريقية والسيوية أمامها وتميد
اتفاقية القاطعة العربية.
وجاء في العلن الختامي لمؤتمر الدار البيضاء ترحيب رجال العمال المصريين وغيرهم بالشراكة الجديدة مع الكيان
الصهيوني وأمريكا ،فأوصى هذا العلن بضرورة هيكلة هذه الشراكة وبناء أسس مجموعة اقتصادية للشرق الوسط
وشمال أفريقيا ،لتحقيق حرية تدفق البضائع ورأس المال واليد العاملة عبر المنطقة.
أما أبرز ما تمخضت عنه قمة الدار البيضاء ،فكان اتفاق الدول المشاركة فيها على اللتقاء في مؤتمر آخر ،لبحث
تفاصيل التعاون المشترك بينهم وبين الكيان الصهيوني ،ووضع اللمسات النهائية للقتصاد الشرق أوسطي ،وهذا كان يعني عملياً
النتقال لمرحلة «المؤسسية».
لقد أحيطت قمة الدار البيضاء بنشاط إعلمي ضخم ،اقترب من وصفها بالتحول التاريي ف مرى الصراع ،على نو ما جرى توصيف
اتفاق أوسلو وجرى اعتبارها من قبل الشاركي فيها تهيدا لطوات أكثر عملنية سوف تليها ،بيث بدا مشروع الشرق أوسطية وكأنه قدر ل راد له.
مشارك % 72 ،منهم من رجال القطاع 2000 ب-عمان :انعقد مؤتر عمان ف الفترة من ، 31/10/1995-29وبلغ عدد الشاركي فيه
الاص ،فيما توزع باقي الشاركي بي الوفود الرسية والؤسسات التمويلية القليمية والدولية ،وبلغ عدد الوفد الوروب ،390ومصر ،100
وقطر ،50والمارات ،40والسعودية ،30والكم الذات ،45والغرب ،20وتونس ،20والوليات التحدة ،75وألانيا ،51وفرنسا ،45وإيطاليا
،44والكيان الصهيون .60
وكان هدف هذا المؤتمر إرساء البنى الساسية للشرق أوسطية ،إذ أن الهداف الشرق أوسطية للمؤتمر كانت أكثر
وضوحاً ،إذ أصرت الدارة المريكية على لسان كريستوفر ،على ضرورة إنهاء المقاطعة العربية للكيان الصهيوني ،لنها
(المقاطعة) من أكبر عوائق تحقيق النفتاح القتصادي ،ول تنسجم مع السلم .ورفع بيريز علناً قناع الحمائم داعياً إلى
خصخصة «السلم» بحيث يكون سلم رجال العمال مع الفصل بين السلم القتصادي والسلم السياسي .كما طرحت خطة
الصهاينة في تشكيل الخريطة الجغرافية للمنطقة عبر مشروعات تمس البنية الساسية بشكل مباشر في مجالت النقل
والمياه والطاقة والبيئة وغيرها ،ومرجعية هذه الخطة هي العقلية الصهيونية القائمة على الستيطان والتوسع وإحداث
تغييرات بيئية وإقليمية ل يمكن الرجوع عنها مطلقاً كما يحدث في التفاقات والمعاهدات السياسية والجراءات القتصادية،
فقد طرح الوفد الصهيوني في المؤتمر ،مشروع مد خطوط أنابيب بترولية بديلة تمر عبر الكيان بدعوى أن تكلفه نقل طن
23
من النفط عبر أفريقيا أو قناة السويس تصل إلى 20دولراً ،بينما ل يتجاوز 6دولرات عن طريق الكيان ،كما يتحدث الوفد
عن مشروعات مائية تخص دول حوض النيل ،وعن القواعد الستثمارية الخاصة بالمشروعات القليمية في سيناء.
كما سلفت الشارة فإن قمة عمان كانت مرحلة المؤسسية ،إذا تم التفاق في هذه القمة على إقامة عدة مؤسسات منها:
-1بنك التعاون القتصادي والتنمية في الشرق الوسط وشمال أفريقيا ،بحيث يكون مقره القاهرة ،برئاسة الصهاينة،
ويستهدف دعم القطاع الخاص ،وتعزيز التعاون القتصادي القليمي بين العرب والكيان الصهيوني والوليات المتحدة
المريكية.
-2المجلس القليمي للسياحة وجمعية وكلء السياحة والسفر لمنظمة الشرق الوسط والبحر المتوسط.
-3المجلس القليمي لدعم التعاون والتجارة بين القطاعات الخاصة في دول المنطقة ،ومهمته العمل على إزالة الحواجز
والمعوقات لتيسير تدفق السلع والفراد في إطار منطقة للتجارة الحرة تحت السيطرة المريكية والصهيونية.
-4أمانة تنفيذية للقمة القتصادية ،يكون مقرها الرباط ،وتعمل على دفع الشراكة بين القطاعات العامة والخاصة إلى
المام ،وتعزيز التصالت والمشاركة في المؤتمرات وتقديم المعلومات ،وتدعم استثمارات القطاع الخاص ،إضافة إلى
تأسيس أمانة لجنة المراقبة لمجموعة العمل للتنمية القتصادية ( )RBDWكمؤسسة اقتصادية يكون مقرها عمان.
وتقرر في المؤتمر المذكور أن تقعد جلسته الثالثة في القاهرة والرابعة في الدوحة.
ج-القاهرة :بإجراء انتخابات مبكرة في الكيان الصهيوني عام ،96صعد نتنياهو إلى الحكم ،ورغم ما شكله صعوده من
انسداد في عملية لتسوية وإدارة الظهر للشرق أوسطية بمفهوم بيريز ،فقد انعقدت قمة القاهرة القتصادية بوصفها الحلقة
الثالثة في سلسلة المؤتمرات القتصادية وهو وإن عقد في أجواء متوترة سياسياً إل أن الصهاينة تابعوا عمليات الختراق
السابقة ،إذ تقدم الصهاينة بسلسلة كبيرة من المشاريع.
شارك في المؤتمر ممثلو 72دولة ،و 23منظمة دولية و 15منظمة إقليمية ،و 14منظمة عربية ،وشارك فيه 2000
من رجال العمال وقد أشار البيان الختامي للمؤتمر إلى أنه (المؤتمر) أوجد فرصة لتشجيع الستثمار العالمي والقليمي في
الشرق الوسط وشمال أفريقيا ،وأنه تم التأكيد على الفرص القتصادية والتجارية للمنطقة باتخاذها تدابير وقوانين من
شأنها إصلح البرامج القتصادية .واعتبر البيان أن هذه الصلحات ومن بينها الخصخصة وإلغاء القيود التاريخية ،شجعت
على خلق مناخ اقتصادي أفضل في جميع أنحاء المنطقة وأشار البيان إلى أن المؤتمر أعطى فرصة لممثلي القطاع الخاص
العالمي لبحث فرص الستثمار القتصادي والتجاري في المنطقة.
وأشار إلى إحراز تقدم ملموس بشأن تكوين اتحاد السفر والسياحة في الشرق الوسط ويكون مقره تونس ،كما أكد
أهمية إنشاء بنك التعاون القتصادي في الشرق الوسط وشمال أفريقيا ومقره القاهرة ،ودعا إلى الستمرار في إنشاء
مجلس تجارة إقليمي .وتقرر أن تكون الدوحة هي المحطة القادمة.
د-الدوحة :بالرغم من قرارات قمة القاهرة العربية ( ) 1996وقرارات المجالس الوزارية العربية ،فقد أصرت حكومة
قطر على عقد مؤتمر الدوحة ( ،)1997ولكن المؤتمر عقد عملياً في ظل مقاطعة عربية ،وكان المقصود من عقده محاولة
البقاء على قوة الدفع في الختراق الصهيوني ولكن المؤتمر الذي قوطع عربياً ،عقد أيضاً في أونة إحلل الصهاينة مشروعاً
بديلً يحقق لهم هدف الخضاع بدون المرور عبر بوابة الشرق أوسطية.
: -
كانت الهداف الصهيونية من هذه المؤتمرات ممرحلة للوصول إلى الهيمنة الكاملة على النحو التي:
-التحرك المدروس لبتلع السواق العربية والسلمية على أساس تدريجي يبدأ بتتبيع القتصاد الفلسطيني والردني للقتصاد
الصهيوني.
حتى منطقة -تصفية التماسك العربي وتكريس مفاهيم الشرق أوسطية ،وإجهاض أية بادرة لنشاء سوق عربية مشتركة أو
تجارة حرة عربية.
-بناء علقات اقتصادية متشابكة مع دول الخليج لجعل الكيان الصهيوني مركزاً لستثمار رأس المال العربي وتصدير
النفط وصناعته.
-الترويج للخصخصة المتسرعة والرتجالية ،حتى يستطيع رأس المال الصهيوني –من وراء ستار الستثمار الجنبي-
النفاذ إلى القتصاديات العربية.
-ممارسة ضغوط محسوبة من جانب أوروبا وأمريكا والمؤسسات المالية الدولية على الدول العربية لدمجها في
المشروع الشرق أوسطي ،مع عدم التدخل إطلقاً في السياسة القتصادية للكيان الصهيوني.
سابعاً :انعكاسات أوسلو على الصعيد المني
لقد جرت المفاوضات لنهاء الصراع العربي – الصهيوني تحت شعار (الرض مقابل السلم) وقرارات الشرعية
الدولية ذات الصلة ،والثابت بعد ثمان سنين على مؤتمر مدريد أن ما تم من اتفاقات كأوسلو وملحقاته حتى واي ريفر ،2 -ثم
24
مقروءاً وادي عربة أن الهدف الرئيسي للكيان الصهيوني هو شعار المن مقابل الرض ،لهذا كان المن ،وأمن الكيان تحديداً
وواضحاً على السطور وبين سطور التفاقيات جميعاً.
لقد فتحت اتفاقيات أوسلو للعدو الصهيون فرصة فرض شروطه المنية على بعض النظم العربية من خلل تشكيل الحلف المنية
والعسكرية على صعيد النطقة ومنها اللف التركي – الصهيون – الردن برعاية الوليات التحدة المريكية ف مواجهة حلقات الصمود
والقاومة والرافضة لتفاقيات الذعان والستسلم.
إن العملية السلمية من منظور الرؤية الصهيونية و«المصطلحات التاريخية» أو «جسور الثقة» و«التعايش» ،يريد
الكيان الصهيوني منها هو تحقيق المن أولً وعاشراً والمن يشمل القومي على المدى البعيد ،والمن الديمغرافي ،وأمن
الرض ليصل ويمتد للدول المجاورة ،إيران وباكستان ،والجمهوريات السلمية المستقلة عن التحاد السوفياتي إضافة إلى
قوس واسع من يمر من جنوب البحر الحمر ليقطع عموم أفريقيا.
وكما خلص كيمرلينغ إل القول أن مسارات التسوية والفاوضات كلها «تت من خلل موقف القوة» ومن زاوية «العتبارات المنية»
للدولة الصهيونية .أكد رئيس الركان باراك عندما كان رئيس أركان حرب العدو ووزير الارجية فيما بعد هذه الضامي ف حديث له حول
«الوانب المنية للتفاق» بقوله« :القوة هي الت أدت بالقيادات العربية إل إجراء الفاوضات الباشرة مع دولة إسرائيل ،وهي الت تكن دولة
إسرائيل من إجرائها من موقع قوة».
إنه سلم قائم على القوة والقهر والخضاع والذي يساهم من خلل هذه التفاقيات ف فتح ثغرات واسعة ف جدار المن القومي العرب
وف القلب منها المن القطري ،حيث سلمت أيضا بأن الكيان الصهيون له الق التاريي ف الوجود كدولة من دول النطقة ،ويتضمن هذا
إقرارا بأن أي مقاومة للكيان الصهيون ف فلسطي أو ف جنوب لبنان هي مقاومة غي مشروعة عربيا لنا تتعارض مع القرار العرب بق الكيان
الصهيون ف الوجود ،وبالتال فهي ل تنضوي تت اسم القاومة الوطنية للحتلل من أجل حرية الشعب وترير الرض ،وإنا تقع تت
تسميات الرهاب والعنف والعدوان ..ال .وهذا ما أكدته قمة شرم الشيخ الت تداعى لا أقطاب معسكر الرهاب النظم المريكي –
الصهيون والت عقدت تت شعارات التحالفات المنية الستراتيجية والت تكمل ما سبق وأعد له من مططات اقتصادية وسياسية عدوانية ف
اتفاقيات الستسلم ،ومسلسل التطبيع ،وبالتال ف النطقة ،وتلزي أمنه واقتصاده وقيادته للكيان الصهيون تت مظلة الرعاية والوجود الباشر
للوليات التحدة المريكية ،وجاء أيضا ف هذا السياق اتفاق واي ريفر 2-وهو الخطر لهة خدمة أمن الكيان ومتطلباته المنية ومقايضة
قضايا انتقالية مقابل قضايا جوهرية ،ولستكمال هجومهم بقصد إخضاع اللقات العترضة فلسطينيا وعربيا وإعادة إحياء مقررات قمة شرم الشيخ.
وإذا اعتبرنا أن اتفاق أوسلو هو محصلة اتفاق أمني وجسر عبور للختراق الصهيوني على صعيد المنطقة فإن اتفاق
وادي عربة وخاصة من المادة الرابعة المتعلقة بالتنسيق المني والتي تعتبر بنودها من أخطر مواد المعاهدة وهي تسمي
السيادة الوطنية للردن والتي تتحدث عن الدمج في بنيان إقليمي أمني في الشرق الوسط وذلك على غرار «منجزات
المجموعة الوروبية والتحاد الوروبي» و«تطوير مؤتمر المن والتعاون» أي اللتزام بحدود مفتوحة وحرية تحرك
المواطنين بين الكيان والردن ،كما تنص المادة الثالثة من التفاق على «المتناع عن تنظيم العمال والتهديدات العدائية أو
المعادية أو ذات الطبيعة التخريبية أو العنيفة وعن التحريض..الخ».
أي أن الردن أصبح بالنسبة للكيان مال حيوي استراتيجي بالنسبة له ف مواجهة سوريا والعراق وإيران وكل اللقات العترضة على
الشروع المبيال – الصهيون.
ونحن لسنا هنا بصدد السهاب في هذا المجال ولكن ما يهمنا الحديث عنه في هذا السياق وبشكل موجز وسريع هو
دور مصر التاريخي على صعيد الوطن العربي ،حيث عكست معاهدة كامب ديفيد جملة من التأثيرات نلخصها في التي:
• إخراج أكبر قوة عربية من ميدان المواجهة العربية – الصهيونية وما تركه ذلك من احتلل في موازين القوى في
الصراع.
• تحجيم دور مصر داخل حدودها.
• ربط منظومة التسلح بالمنظومة المريكية.
فتح مجال الحركة للكيان الصهيوني في أفريقيا ودول عدم النحياز بعدما كانت هذه الدوائر في مرحلة عبد الناصر مؤمنة •
بالرؤيا العربية.
كما كان تأثي اتفاقيات أوسلو ووادي عربة على مصر من زاوية:
.1توسيع المجال الحيوي للكيان الصهيوني إلى الشمال الشرقي لحدود مصر.
25
.2خلق دوائر أمنية بفرض عزل مصر والتحكم في دورها عن طريق الحلف التركي – الصهيوني ،والوجود الصهيوني في
القرن الفريقي ،وتوسيع النفوذ والوجود الصهيوني في بعض بلدان الخليج.
.3رفض الكيان توقيع معاهدة خطر السلحة النووية.
.4منازعة الدور المصري في المة العربية عبر خلق بؤرة التحالف الثلثي الردني – الفلسطيني – الصهيوني كنموذج
ومعبر للتعاون مع الكيان الصهيوني.
إن ما هو مطلوب من هذه التفاقيات يتجسد في محاربة وعي المة بذاتها ودورها الحضاري وطموحها نحو الستقلل
التام والوحدة ،وتصوير أي محاولة للنهوض على أنها من مظاهر الرهاب والتطرف والصولية ،ضمن مخطط استعماري
يهدف إلى ضرب روح المقاومة في المة
وتعميق الجمة الصهيونية على وطننا.
خاتمة
قد تكون الدراسة مثقلة برعات فكرية أو إيديولوجية أكثر من اللزم ،ولكن عذرنا ف ذلك أن تفريغ الصراع وقانونه الساسي من
روحه الكفاحية وبعده القومي ،هدف دائم على جدول أعمال العدو ،وعنوان ل يفى على أحد منذ أن خرج علينا فوكو ياما بأوهامه عن ناية
التاريخ وسقوط اليديولوجيا ،وتابعته الركة الصهيونية ف اختلقات وإسقاطات مزورة تاول إغلق التاريخ على قيام الكيان.
إن التنويه الذكور ،ليس ماولة لتقدي هذا البحث بقدر لئق من الوضوعية الكفاحية ،ولكنه بالدرجة الول ،ماولة للتأشي على الهمات
التاريية والسئلة الغائبة ،بدللة برنامج العدو وآلياته ،التجسدة ف فكره العنصري الدين وأهدافه التوسعية.
وبالتأسيس على ذلك ،فإن إعادة العتبار للبعد القومي للصراع العرب – الصهيون ،هي الت تعل مـن الهـام والقراءات الذكورة،
مهاما مشروعة.
لقد شكلت اتفاقيات أوسلو أخطر اختراق لذه الرؤية ،ول يعد ثة مهام ضرورية راهنا أكثر من دحض الطاب التطبيعي لوسلو ..وإذا
كانت الكنتنة والتمزيق وحالة التفتيت هي الساس الوضوعي لكل الراب الذي توجه أوسلو ووادي عربة ..فإن الطاب الكيان هو التعبي
النظري لذا الساس ،وبالتال ،فإن الطاب القومي هو الامل التاريي الضاد.
لقد حقق العدو الصهيون من خلل اتفاقات أوسلو والختراقات الت ترتبت عليها والتمثلة باتفاق وادي عربة ،ومسلسل التطبيع وإقامة
العلقات القتصادية والسياسية بي الكيان الصهيون وعدد من النظمة العربية إنازا استراتيجيا تصفه الوساط الصهيونية بأنه ل يقل أهية عن
الناز الذي تقق عام 1948بإقامة الكيان الصهيون.
وبشكل عام ،فإن التطورات الاصلة ف منطقتنا ف إطار ما يسمى بعملية السلم ونتيجة لا ،تقدم كل يوم ،الزيد تلو الزيد ،من الشواهد
والدلئل ،على أن ما يري تنفيذه والتخطيط له ،باسم السلم الزعوم ،هو تطيط تصفوي يستهدف تصفية القضية الركزية للمة وإناء
الصراع العرب – الصهيون ،وبالتال اليمنة المريكية الصهيونية على الوطن العرب ،وإقامة نظام إقليمي جديد على أنقاض النظام العرب يشكل
26
الكيان الصهيون مركزه الال والقتصادي وقوته الضاربة ،وقطع الطريق على أي مشروع نضوي ،وتكريس واقع التخلف والتجزئة وماولة
تفتيت القطار العربية ،وتزيقها إل كيانات عرقية ومذهبية وطائفية.
وإزاء هذا الواقع ف بديهيات العمل لواجهة تلك الستحقاقات وبناء مشروعنا النهضوي الضاري العرب يب أن تدد قوى النضال
والثورة معسكرها ومعسكر أعدائها وعلى وجه الصوص موقع أمريكا والغرب المبيال والعدو الصهيون من قضايا :هل هم أعداء أم أنم
أصدقاء ..هل هم مايدون؟! أم أنم أصحاب مشروع عدوان ف بلدنا؟! ما هي علقة الوليات التحدة بالشروع الصهيون ف وطننا العرب،
وما هي العلقة الت أنتجت هذا الشروع الصهيون ،وما هي استهدافاته الغربية والستراتيجية؟
كل هذه السئلة تتطلب امتلك إجابات صحيحة ،كي يتشكل فهم صحيح لواقع العداء ومعرفة دقيقة لستهدافاتم الت تطال حاضر
ومستقبل أمتنا من أجل خوض الواجهة السياسية والضارية الشاملة مع العدو المبيال – الصهيون ،انطلقا من أن جذوة الصراع مستمرة
وأن «السلم» الذي يدعيه البعض ما هو إل مرد وهم.
مراجع البحث
أولً :كتب ومراجع
ملة دراسات فلسطينية (العدد )37 • أوسلو مطة لتهويد فلسطي.. •
دراسات فلسطينية عملية السلم على معركة (العدد )17 • ملف حول التطبيع الثقاف ف الوطن العرب، •
خس سنوات على الحتفال بأوسلو (جريدة الياة )1998/26/8 • الظاهر وأشكال القاومة (الجلس القومي للثقافة)
توسيع مستوطنة «تيفي وكاليم» ف قطاع غزة • الثقف العرب والتغيات •
(جريدة السفي )22/6/1999 التطبيع والقاومة •
الحتلل يوسع مستوطنة «أفرات» على أراضي قرية الضر • الؤتر القومي الول لقاومة الستسلم •
(جريدة السفي )24/6/1999
:
تكريسا لسياسة التوسع الستيطان (جريدة الديار )21/6/1999 • ملة الشاهد (العدد ،144أغسطس )1995 •
15وحدة سكنية جديدة ف مستوطنة موراغ • ملة الشاهد (العدد ،23نوفمب )1995 •
(جريدة السفي )9/6/1999 قضايا دولية (العدد ،360نوفمب )1996 •
جريدة الدستور ( 4/6/1999صيغة باراك الستيطانية) • حول التطبيع الثقاف مع «إسرائيل» •
الواصفات السرائيلية للدولة الفلسطينية • (جريدة الياة 8 ،شباط )1977
(جريدة الدستور )19/7/1999 ملة الدف (مأزق الفاوض والسارات) •
أبو خالد العملة (العدد ،1378آذار )1998
إساعيل القروي التسوية وتأشياتا على دور مصر •
رفعت سيد أحد (ملة الدف ،العدد ،1375كانون ثان )1998
د .علي عقلة عرسان 18/9/1999 السفي (وعود ومراهنات) •
أحد شرف ماذا بقي من أرض للدولة الفلسطينية •
منشورات ملف الوار (الدستور )15/8/1999
22/6/1999 مشروع الدويلة الفلسطينية •
د .مدحت سلمة 1999/7/7 أوسلو وقضايا الل النهائي •
نافذ أبو حسنة دراسات فلسطينية (الأزق الراهن السباب وجوهر الل) (العدد )34 •
27
حد شكري الواجا نور الدى سعد
برهان دجال ممد خالد الزعر
سائدة حد
نصار إبراهيم
وكالت (أ ب ،رويتز ،أ ف ب،د ب أ)
أمي اسكندر
وكالت (أ ب ،رويترز ،أ ف ب)
28