You are on page 1of 6

‫اللسان داء ودواء في أزماتنا‬

‫ن الشّ ْيطَانَ يَنزَغُ بَيْ َن ُهمْ} [السراء‪.]53 :‬‬


‫ن إِ ّ‬
‫حسَ ُ‬
‫ي َأ ْ‬
‫{وَ ُقلْ ِلعِبَادِي َيقُولُوا الّتِي هِ َ‬

‫ظ مِن َق ْو ٍل ِإلّ لَدَ ْيهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (‪ )18‬سورة ق‬


‫{مَا يَ ْل ِف ُ‬
‫وجاء في حديث رسول ال (ص)‬
‫'إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط ال ل يلقي لها با ًل تهوي به في جهنم سبعين خريفاً'‬
‫'و هل يكب الناس في النار على وجوههم إل حصائد ألسنتهم؟'‬
‫***************‬
‫(لسانك حصانك إن صنته صانك وإن هنته هانك)‬
‫**************‬
‫ل يلدغـــــــــك إنه ثعبــان‬ ‫احفظ لسانك أيها النسان‬
‫كانت تهاب لقاءه القــران‬ ‫كم في المقابر قتيل لسانه‬
‫اللسان‬

‫هذه الكتلة اللحمية المتحركة بواسطة العصب والعضلت في وسط الفم اما ان تكون باب خير وبناء وزيادة في المو‬
‫والعلقات النسانية والتقارب السياسي وانجاز كل عمل ايجابي يخدم النسانية ‪ ,‬واما أن يكون بابا من ابواب الشر‬
‫اثارة الفتن والحساسيات والخصومات الجتماعية والسياسية التي قد تجر الى سيل من الدماء لتنتهي البخراب الب‬
‫والمجتعات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ودينيا وقوميا وامثالها ‪ .‬فاللسان صغير جرمه‪ ،‬عظيم طاعته وجرمه‪ ،‬إذ ل‬
‫يستبين الكفر واليمان إل بشهادة اللسان‪ ،‬وهما غاية الطاعة والعصيان‪ .‬فبهذا المخلوق الصغير‪ ،‬يعبر النسان عن‬
‫بغيته‪ ،‬ويفصح عن مشاعره‪ ،‬به يطلب حاجته‪ ،‬ويدافع عن نفسه‪ ،‬ويعبر عن مكنون فؤاده‪ ..‬يحادث جليسه ويؤانس‬
‫رفيقه‪ ،‬ففيه الهدى والصلح وبه الفساد والفساد ‪.‬وبه الرفعة والعلو والسقطة والدنو‪ .‬واللسان رحب الميدان‪ ،‬ليس‬
‫له مرد‪ ،‬ول لمجاله منتهى وحد‪ ،‬له في الخير مجال رحب‪ ،‬له في الشر ذيل سحب‪ ،‬فمن أطلقه عذبه اللسان‪ ،‬ومن أه‬
‫فرخى العنان‪ ،‬سلك به الشيطان في كل ميدان‪ ،‬وساقه إلى شفا جرف هار إلى أن يضطره إلى دار البوار‪،‬‬
‫(ول يكب الناس في النار على مناخرهم إل حصائد ألسنتهم‪ ،‬ول ينجو من شر اللسان إل من قيده بلجام الشرع)‪.‬‬
‫اما الكلم الجميل الذي يؤثر في قلوب الناس هو من مكارم الخلق وهو مفتاح كل خير ويخلق الجواء النفسية التي‬
‫تقرب البعيد ال من اغلق سمعه وبصره وقلبه من سماع الكلمة الطيبة‪ .‬وقد وصف القران الكريم الكلمة الطيبة المؤ‬
‫سمَاء} (‪ )24‬سورة إبر‬ ‫عهَا فِي ال ّ‬
‫ت َوفَرْ ُ‬
‫شجَر ٍة طَيّ َبةٍ أَصُْلهَا ثَابِ ٌ‬
‫ل كَ ِل َمةً طَيّ َب ًة َك َ‬
‫ل مَثَ ً‬
‫با ّ‬
‫كشجرة طيبة{أَلَمْ تَ َر كَيْفَ ضَرَ َ‬
‫‪.‬‬
‫فالكلم الذي في داخل فمنا هو ملكنا وحينما يخرج من بين شفتينا هو ملك الناس وليمكن استرجاعه ‪.‬إذن ينبغي عل‬
‫ان نكون بمستوى مسؤولية الكلمة التي نخرجها ‪,‬لتكون كلمة تعمير للنفوس وللمجتمع وللبلد ل ان تكون كلمة وقعه‬
‫اشد من قنبلة نووية على المة ‪ .‬ينبغي ان نحفظ السنتنا من كل كلمة لمسؤولة ال كلما للخير وتعمير القلوب‬
‫والنفوس واصلح ذات البيين ونبذ الباطل واحقاق الحق وهي المصلحة الجمالية في كلم اهل العقل والحكمة والدي‬
‫‪,‬ومتى مااستوى الكلم وتركه في المصلحة‪ ،‬فالسنة المساك عنه‪ ،‬لنه قد ينجر الكلم المباح إلى حرام أو مكروه‪ ،‬و‬
‫كثير في العادة‪ ،‬والسلمة ل يعدلها شيء‪.‬‬
‫في اللسان آفتان عظيمتان إن خلص من أحدهما لم يخلص من الخرى‪ :‬آفة الكلم وآفة السكوت‪ ،‬وقد يكون كل منهم‬
‫أعظم من الخرى في وقتها‪ ،‬فالساكت عن الحق شيطان أخرس‪ ،‬عاصيي ل مراء مداهن إذ لم يخف على نفسه‪،‬‬
‫والمتكلم بالباطل شيطان ناطق عاص ل‪.‬‬
‫اعلموا ايها الحبة أن خطر اللسان عظيم إن لم ينطق بالحق ول نجاة من خطره إل بالصمت‪ ،‬فلذلك مدح الشارع‬
‫المقدس الصمت وحث عليه‪ :‬فقد روي عن رسول ال (ص)"من صمت نجا" وروي عن الصادق (ع) انه قال (( ما‬
‫يوم ال وكل عضو من اعضاء الجسد يكف اللسان بالقول انشدتك ال ان نعذب فيك)) ‪.‬‬
‫ايها الحبة فان تقوى ال وحسن الخلق بابان لدخول الجنة والفم والفرج اذا لم يحفظا في ال فانهما بابان لدخول‬
‫النار ‪ .‬ومن افات اللسان التي تؤدي بصاحبها الى المهالك الدنيوية والخروية وتخرب الفرد والمجتمع بكل البعاد ‪:‬‬

‫‪.‬الفة الولى‪ :‬الكلم فيما ل يعنيك‬

‫اعلموا ايها الحبة انه من احسن الحوال هو حفظ اللسان من جميع اللفاظ التي تؤدي الى الفات كالغيبة والنميمة‬
‫ل إل أنك إذا تكلمت بما‬
‫والكذب والمراء والجدال وغيرها‪ ،‬ونتكلم فيما هو مباح ل ضرر عليك فيه ول على مسلم أص ً‬
‫أنت مستغن عنه ول حاجة بك إليه فإنك تكون مضيعاً به زمانك ومحاسباً على عمل لسانك وتستبدل الذي هو أدنى‬
‫بالذي هو خير‪ ،‬لنك لو صرفت زمان الكلم إلى الفكر ربما كان ينفتح لك من نفحات رحمة ال عند الفكر ما يعظم‬
‫جدواه‪ ،‬ولو هللت ال سبحانه وذكرته وسبحته لكان خيراً لك فكم من كلمة تبني بها قصراً في الجنة؟ ومن قدر على‬
‫يأخذ كنزاً من الكنوز فأخذ مكانه مدرة ل ينتفع بها كان خاسراً خسراناً مبينا‪ .‬فالحكمة ان ل تتعرض لما ل يعنيك‬
‫واعتزل عدوك واحذر صديقك من القوم إل المين‪ .‬ول أمين إل من خشي ال تعالى‪ ،‬ول تصحب الفاجر فتتعلم من‬
‫فجوره ول تطلعه على سرك‪ ،‬واستشر في أمرك الذين يخشون ال تعالى‪.‬‬

‫الفة الثانية‪ :‬فضول الكلم‬

‫ن من يعنيه أمر يمكنه‬‫وهو أيض ًا مذموم‪ ،‬وهذا يتناول الخوض فيما ل يعني والزيادة على قدر الحاجة فيما يعني‪ ،‬فإ ّ‬
‫يذكره بكلم مختصر‪ ،‬ويمكنه أن يجسمه ويقرره ويكرره‪ .‬ومهما تأدّى مقصوده بكلمة واحدة فذكر كلمتين فالثانية‬
‫فضول ‪ -‬أي فضل عن الحاجة ‪ -‬وهو أيضًا مذموم‪.‬‬

‫الفة الثالثة‪ :‬الخوض في الباطل‬

‫وهو الكلم في المعاصي كحكاية أحوال النساء ومجالس الخمر ومقامات الفساق وتنعم الغنياء وتجبر الملوك‬
‫ومراسمهم المذمومة وأحوالهم المكروهة‪ ،‬فإن كل ذلك مما ل يحل الخوض فيه وهو مذموم‪.‬‬

‫الفة الرابعة‪ :‬المراء والجدال‬

‫فالمراء طعن في كلم الغير بإظهار خلل فيه من غير أن يرتبط به غرض سوى تحقير الغير‪ ,‬والجدال عبارة عن أمر‬
‫يتعلق بإظهار المذاهب وتقريرها ‪.‬والقصد منه الظهور امام الخرين بلسانه من خلل المجادلة –والمجادله هي‬
‫اعتراض على كلم الخرين من خلل اضهار الخلل فيه ‪ .‬فالجدال الممدوح في القران هو اتيان الخرين بالمنطق‬
‫العقلئي والدليل ل ممارسة عملية التسقيط اللفظي بل دليل ‪ .‬لن التسقيط اللفظي بل دليل الغرض منه هو المراء‬
‫والضهور للخرين على انه النسان المقتدر ولكنه في الحقيقة يمثل عنوان من عناوين الجهل‪ .‬لذى حذرت الشريعة‬
‫من ذلك ))‬

‫فقد روي عن رسول ال(ص) ((‪.‬من ترك المراء وهو محق بني له بيت في أعلى الجنة ومن ترك المراء وهو مبط‬
‫بني له بيت في ربض الجنة" وقال أيضاً (ص)‪" :‬ما ضل قوم بعد أن هداهم ال تعالى إل أوتوا الجدال"‪.‬‬

‫الآفة الخامسة‪ :‬الخصومة‬

‫‪ .‬والخصومة لجاج في الكلم ليستوفى به مال أو حق مقصود‪ ،‬وذلك تارة يكون ابتداء وتارة يكون اعتراضاً‪ .‬وهي أ‬
‫مذمومة وهي وراء الجدال والمراء‪ ،‬فقد روي عن رسول ال (ص) انه "إن أبغض الرجال إلى ال اللد الخصم"‪.‬‬

‫الفة السادسة‪ :‬التصنع في الكلم او التقعر في الكلم ‪:‬‬

‫التقعر في الكلم بالتشدق وتكلف السجع والفصاحة والتصنع فيه بالتشبيبات والمقدّمات وما جرت به عادة المتفاصح‬
‫المدّعين للخطابة‪ .‬وكل ذلك من التصنع المذموم ومن التكلف الممقوت‪ .‬فقد روي عن رسول ال (ص) "إن أبغضكم‬
‫إلي وأبعدكم مني مجلساً الثرثارون المتفيهقون المتشدقون في الكلم" وفي رواية اخرى" إن أبغضكم إلى ال‪"...‬‬
‫وروي عنه (ص) "أل هلك المتصنعون ‪ -‬ثلث مرات ‪. ."-‬‬
‫الفة السابعة‪ :‬الفحش والسب وبذاءة اللسان‬

‫وهو مذموم ومنهي عنه ومصدره الخبث واللؤم ‪,‬فقد روي عنه (ص) انه قال‪" :‬إياكم والفحش فإن ال تعالى ل يحب‬
‫الفحش ول التفحش"‬

‫"ليس المؤمن بالطعان ول اللعان ول الفاحش البذيء"‬

‫الفة الثامنة‪ :‬اللعن‬

‫اللعن يكون إما لحيوان أو جماد أو إنسان وكل ذلك مذموم‪ .‬فقد روي عنه (ص)‪" :‬المؤمن ليس بلعان"‪ .‬والصفات‬
‫المقتضية للعن ثلثة‪ :‬الكفروالظلم ‪ ،‬والبدعة‪ ،‬والفسق‪ .‬واللعن على ثلث ‪ -‬اللعن بالوصف العم كقولك لعنة ال عل‬
‫الكافرين والمبتدعين والفسقة وهذا ل اشكال فيه‪ .‬والثانية كاللعن بأوصاف أخص منه كقولك لعنة ال أكلي المال‬
‫الحرامو لعنة ال على كل متكبر جبار وامثاله وهذا جائز ‪,‬اما اللعن الثالث وهو اللعن بالسماء يحتاج ال تامل لنه‬
‫ليجوز اللعن ال من وجب لعنه شلرعا لفسقه او ظلمه او اشاعته للفاحشة‪.‬‬

‫الفةٍ التاسعة‪ :‬الغناء والشعر‬

‫أما الشعر فكل ٌم حسنه حسن وقبيحه قبيح إل أن التجرّد له مذموم‪ .‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬لن يمتلئ‬
‫جوف أحدكم قيحاً حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعراً"‪ .].‬وهذا محمول على الشعر البذيء الفاسد‪ ،‬لن النبي صل‬
‫ال عليه واله وسلم يقول‪" :‬إن من الشعر لحكمة"‪.‬‬

‫الفة العاشرة‪ :‬المزاح‬

‫وأصله مذموم منهي عنه إل قدراً يسيراً يستثنى منه فقد روي عن رسول ال (ص) "ل تمار أخاك ول تمازحه" فإن‬
‫قلت‪ :‬المماراة فيها إيذاء لنّ فيها تكذيباً للخ الصديق أو تجهيلً له وأما المزاح فمطايبة وفيه انبساط وطيب قلب فل‬
‫ينهى عنه؟ فاعلم أنّ المنهيّ عنه الِفراط فيه أو المداومة عليه‪ .‬أما المداومة فلنه اشتغال باللعب والهزل فيه واللعب‬
‫مباح ولكن المواظبة عليه مذمومة‪ ،‬وأما الِفراط فيه فإنه يورث كثرة الضحك وكثرة الضحك تميت القلب وتورث‬
‫الضغينة في بعض الحوال‪ ،‬وتسقط المهابة والوقار‪ .‬وقد روي عن رسول ال(ص)‪" :‬إنّ الرجل ليتكلم بالكلمة يضح‬
‫بها جلساءه يهوي بها في النار من الثريا" ‪.‬فان تمزح ل تقول إل حق ًا ول تؤذي قلب ًا ول تُفرط فيه‪.‬‬

‫الفة الحادية عشرة‪ :‬السخرية والستهزاء‬

‫عسَى أَنْ َيكُونُوا خَ ْيرًا مِ ْن ُه ْم َو‬


‫سخَرْ قَومٌ مِنْ َق ْومٍ َ‬‫ن آمَنُوا ل َي ْ‬
‫وهذا محرم مهما كان مؤذياً كما قال تعالى‪{ :‬يَا أَ ّيهَا الّذِي َ‬
‫ن خَيْرًا مِ ْنهُنّ} [الحجرات‪ ]11 :‬ومعنى السخرية الستهانة والتحقير والتنبيه على العيو‬ ‫عسَى أَنْ َيكُ ّ‬
‫ِنسَا ٌء مِنْ ِنسَاءٍ َ‬
‫صغِيرَ ًة‬‫والنقائص على وجه يضحك منه‪ .‬فقد روي عن ابن عباس فق قوله تعالى {يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا ا ْلكِتَابِ ل ُيغَا ِدرُ َ‬
‫كَبِيرَ ًة إِل َأحْصَاهَا} [الكهف‪ ]49 :‬إن الصغيرة التبسم بالستهزاء بالمؤمن‪ ،‬والكبيرة القهقهة بذلك‪ .‬وهذا إشارة إلى‬
‫الضحك على الناس من جملة الذنوب‪ .‬فقد روي عن رسول ال (ص) "من عيّر أخاه بذنب قد تاب منه لم يمت حتى‬
‫عسَى أَ‬ ‫يعمله" ‪ .‬وكل هذا يرجع إلى استحقار الغير والضحك عليه استهانة واستصغاراً له‪ .‬وعليه نبه قوله تعالى‪َ { :‬‬
‫َيكُونُوا خَيْرًا مِ ْن ُهمْ} [الحجرات‪ ]11 :‬أي ل تستحقره استصغاراً فلعلّه خير منك‪.‬‬

‫الفة الثانية عشر‪ :‬إفشاء السر‬

‫وهو منهي عنه لما فيه من الِيذاء والتهاون بحق المعارف والصدقاء‪ .‬فقد روي عن رسول ال (ص) "إذا حدّث‬
‫الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة"‪.‬وروي عن المام الحسن (ع) " إن من الخيانة أن تحدّث بسر أخيك"‪.‬‬

‫الفة الثالثة عشرة‪ :‬الوعد الكاذب‬

‫فإن اللسان يسبق إلى الوعد‪ ،‬ثم النفس ربما ل تسمح بالوفاء فيصير الوعد خلفاً وذلك من أمارات النفاق قال ال تع‬
‫ن آمَنُوا َأوْفُوا بِا ْل ُعقُودِ} [المائدة‪ ]1 :‬وقد أثنى ال تعالى على نبيه إسماعيل عليه السلم في كتابه العزيز‬
‫{يَا أَ ّيهَا الّذِي َ‬
‫فقال {إِ ّنهُ كَانَ صَا ِدقَ ا ْلوَعْدِ} [مريم‪.. ]54 :‬‬

‫الفة الرابعة عشر‪ :‬الكذب في القول واليمين‬

‫وهو من قبائح الذنوب وفواحش العيوب‪. .‬فقد روي عن رسول ال (ص) "إياكم والكذب فإنه مع الفجور وهما في ا‬
‫" ‪.‬وروي عنه (ص) "ل يزال العبد يكذب ويتحرّى الكذب حتى يكتب عند ال كذاباً "‪.‬ان من النفاق اختلف السر‬
‫والعلن ال في مواقع الضطرار التي يجيزها الشارع المقدس لن الصل الذي بني عليه النفاق الكذب‪ .‬وروي عن ا‬
‫الحسن عليه السلم "كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثاً هو لك به مصدق وأنت له به كاذب"‪ .‬وقد رخص ال الكذب‬
‫في مواضع محددة ‪,‬فقد روي عن رسول ال (ص) انه ل كذب ال في ثلث الرجل يقول القول يريد به الِصلح‪ ،‬وال‬
‫يقول القول في الحرب‪ ،‬والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها وعنه (ص) "ليس بكذاب من أصلح بين اثنين‬
‫فقال خيراً أو نمى خيراً" هي اصلح ذات البين ‪.‬‬

‫الفة الخامسة عشر‪ :‬الغيبة‬

‫ب َأحَ ُدكُ ْم أَن ي‬


‫ضكُم َبعْضًا أَيُحِ ّ‬
‫سسُوا َولَ َيغْتَب ّبعْ ُ‬
‫جّ‬‫ن إِثْ ٌم َولَ َت َ‬
‫ض الظّ ّ‬
‫ن إِنّ َبعْ َ‬
‫ن الظّ ّ‬
‫ن آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مّ َ‬ ‫{يَا أَ ّيهَا الّذِي َ‬
‫ن الَّ َتوّابٌ ّرحِيمٌ} (‪ )12‬سورة الحجرات‬ ‫لّ إِ ّ‬
‫حمَ َأخِي ِه مَيْتًا َفكَرِهْ ُتمُو ُه وَا ّتقُوا ا َ‬
‫َل ْ‬

‫الغيبة محرمة بإجماع المسلمين وهي من الكبائر سواء كان العين موجودا في الشخص أم غير موجود ‪ ،‬لما ثبت عن ا‬
‫صلى ال عليه ‪,‬واله وسلم أنه قال لما سئل عن الغيبة قال ‪ :‬ذكرك أخاك بما يكره قيل يا رسول ال إن كان في أخي م‬
‫أقول؟ قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته ‪ ,‬وقد روي عن رسول ال (ص) في وصيته الى‬
‫ابي ذر انه قال "‪.‬يا ابا ذر اياك والغبية فان الغبية اشد من الزنا ‪ ،‬قلت ‪ :‬يا رسول ال لم ذاك بابي انت وامي ؟ قال ‪:‬‬
‫الرجل يزني فيتوب الى ال فيتوب ال عليه ‪ ،‬والغبية ل تغفر حتى يغفرها صاحبها ‪.‬يا ابا ذر من اغتيب عند اخوه‬
‫المسلم وهو يستطيع نصره فنصره نصره ال عز وجل في الدنيا والخرة ‪ ،‬فان خذله وهو يستطيع نصره خذله ال‬
‫الدنيا والخرة ‪.‬‬

‫حمَ‬
‫ضكُمْ َبعْضًا أَ ُيحِبّ َأحَ ُدكُ ْم أَنْ يَ ْأ ُكلَ َل ْ‬
‫لقد ذم السلم الغيبة وشبه صاحبها بآكل لحم الميتة‪ ،‬فقال تعالى‪{ :‬وَل َيغْتَبْ َبعْ ُ‬
‫َأخِيهِ مَيْتًا َفكَ ِرهْ ُتمُوهُ} [الحجرات‪ ,]12 :‬وقال عليه الصلة والسلم‪" :‬كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله‬
‫وعرضه"‬

‫وروي عن رسول ال (ص) انه ‪" :‬مررت ليلة أسري بي على أقوام يخمشون وجوههم بأظافيرهم فقلت يا جبريل م‬
‫هؤلء؟ قال هؤلء الذين يغتابون الناس ويقعون في أعراضهم"‪ .‬وقد روي عن رسول ال (ص) ‪" .‬يا معشر من آم‬
‫بلسانه ولم يؤمن بقلبه ل تغتابوا المسلمين ول تتبعوا عوراتهم‪ ،‬فإنه من تتبع عورة أخيه تتبع ال عورته‪ ،‬ومن تتب‬
‫ال عورته يفضحه في جوف بيته"‪. .‬‬

‫‪.‬والغيبة ليست فقط باللسان وانما في كل اشارة او علمة فيها تفهيم نقص الخر وتعريفه بما يكرهه ‪ ،‬فالتعريض‬
‫كالتصريح والفعل فيه كالقول‪ ،‬والِشارة والِيماء والغمز والهمز والكتابة والحركة وكل ما يفهم فهو داخل في الغيبة‬
‫وهو حرام‪ .‬أن الواجب على المغتاب أن يندم ويتوب ويتأسف على ما فعله ليخرج به من حق ال سبحانه‪ ،‬ثم يستحل‬
‫المغتاب ليحله فيخرج من مظلمته! وينبغي أن يستحله وهو حزين متأسف نادم على فعله؟ إذ المرائي قد يستحل ليظ‬
‫من نفسه الورع وفي الباطن ل يكون نادماً‪ ،‬فيكون قد قارف معصية أخرى‪.‬‬

‫الفة السادسة عشر‪ :‬النميمة‬

‫النمام هو إنسان ذو وجهين يقابل كل من يعاملهم بوجه‪ ،‬فهو كالحرباء يتلون بحسب الموقف الذي يريده وقد حذر‬
‫النبي من أمثال هؤلء ‪ ,‬كأن تقول‪ :‬قال فلن فيك كذا وكذا وهو يكرهك ول يحبك وسواء كان هذا الكلم بالقول أو‬
‫بالكتابة أو بالرمز أو باليماء‪ ،‬إلى غير ذلك من الكلم غير الصحيح أحيانا وإن كان صحيحا ل يجوز أيضا نقله لن‬
‫من النميمة ومن هتك الستر عما يكره كشفه‪ ،‬ومن نمّ لك نمّ عليك كما قيل‪ .‬قال ال تعالى‪َ { :‬همّا ٍز َمشّاءٍ بِ َنمِيمٍ} [القل‬
‫‪ ]11‬ثم قال‪{ :‬عُ ُتلّ َبعْدَ ذَِلكَ زَنِيمٍ} [القلم‪. ]13 :‬الزنيم هو ولد الزنى الذي ل يكتم الحديث‪ .‬والزنيم هو الدعي وقال‬
‫تعالى‪{ :‬وَ ْيلٌ ِل ُكلّ ُهمَزَةٍ ُلمَزَةٍ} [الهمزة‪ ]1 :‬قيل الهمزة النمّام‪ .‬قال صلى ال عليه واله وسلم‪" :‬ل يدخل الجنة نمّام"‬
‫وروي عنه (ص)‪(( :‬تجد من شر الناس يوم القيامة‪ ،‬عند ال‪ ،‬ذا الوجهين الذي يأتي هؤلء بوجه وهؤلء بوجه))‬

‫ومن نقلت إليه النميمة عليه ستة أمور ‪:‬‬


‫ن آمَنُوا إِنْ جَا َءكُمْ فَاسِقٌ بِنَ َبأٍ فَتَبَيّنُوا أَنْ تُصِي‬
‫‪ -1‬أن ل يصدق النمام ؛ لن النمام فاسق ‪ ،‬قال ال تعالى ‪( :‬يَا أَ ّيهَا الّذِي َ‬
‫جهَا َلةٍ)(الحجرات‪. )6/‬‬
‫َقوْماً ِب َ‬
‫‪ -2‬ينهاه عن ذلك وينصح له ويقبح عليه فعله ‪.‬‬
‫‪ -3‬يبغضه في ال فإنه بغيض عند ال ‪.‬‬
‫ن إِثْمٌ )(الحجرات‪. )12/‬‬ ‫ض الظّ ّ‬ ‫ن إِنّ َبعْ َ‬
‫ن الظّ ّ‬ ‫‪ -4‬ل تظن بأخيك الغائب سوءًا لقوله تعالى ‪( :‬اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِ َ‬
‫سسُوا)(الحجرات‪. )12/‬‬ ‫جّ‬ ‫‪ -5‬ل يحملك ما حكى على التجسس والبحث للتحقق منه لقوله عز وجل ‪( :‬وَل َت َ‬
‫‪ -6‬ل ترض لنفسك ما نهيت النمام عنه ‪ ،‬ول تحكِ نميمته فتكون نمامـًا ومغتابـًا ‪ ،‬فليتق ال ذوو اللسنة الحداد ‪ ،‬ول‬
‫ينطقوا إل بما فيه الخير لخلق ال ‪ ،‬ويكفيهم في هذا قول النبي ـ صلى ال عليه واله وسلم ـ ‪ " :‬من كان يؤمن بال‬
‫واليوم الخر فليقل خيرًا أو ليصمت "‬
‫الفة السابعة عشر‪ :‬ذو اللسانين‬

‫كلم ذي اللسانين الذي يتردد بين المتعاديين ويكلم كل واحد منهما بكلم يوافقه‪ ،‬وقلما يخلو عنه من يشاهد متعاديي‬
‫وذلك عين النفاق‪ ،‬روي عن رسول ال (ص) "من كان له وجهان في الدنيا كان له لسانان من نار يوم القيامة" ‪.‬‬
‫"تجدون من شر عباد ال يوم القيامة ذا الوجهين الذي يأتي هؤلء بحديث وهؤلء بحديث"‪.‬‬

‫الفة الثامنة عشر‪ :‬المدح ‪:‬‬

‫وهو منهّي عنه في بعض المواضع‪ .‬أما الذم فهو الغيبة والوقيعة وقد ذكرنا حكمهما‪ ،‬والمدح يدخله ست آفات‪ :‬أربع‬
‫المادح‪ ،‬واثنتان في الممدوح‪.‬فأما المادح‪ ،‬فالول‪ :‬أنه قد يفرط فينتهي به إلى الكذب‪.‬والثانية‪ :‬أنه قد يدخله الرياء فإ‬
‫بالمدح مظهر للحب‪ ،‬وقد ل يكون مضمراً له ول معتقداً لجميع ما يقوله فيصير به مرائياً منافقاً‪.‬الثالثة‪ :‬أنه قد يقول‬
‫ل يتحققه ول سبيل له إلى الطلع عليه‪ ،‬وروي عن رسول ال (ص)"ويحك قطعت عنق صاحبك لو سمعها ما أفلح‬
‫ثم قال‪" :‬إن كان أحدكم ل بد مادح ًا أخاه فليقل أحسن فلن ول أزكي على ال أحداً حسيبه ال إن كان يرى أنه كذلك"‬
‫الرابعة‪ :‬أنه قد يفرح الممدوح وهو ظالم أو فاسق وذلك غير جائز‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬هو أنه إذا أثنى ع‬ ‫وأما الممدوح فيضره من وجهين‪:‬أحدهما‪ :‬أنه يحدث فيه كبراً وإعجاباً وهما مهلكان‪.‬‬
‫بالخير فرح به وفتر ورضي عن نفسه ومن أعجب بنفسه قلّ تشمره وإنما يتشمّر للعمل من يرى نفسه مقصراً فأما‬
‫انطلقت اللسن بالثناء عليه ظن أنه قد أدرك ولهذا قال عليه الصلة والسلم‪" :‬قطعت عنق صاحبك لو سمعها ما‬
‫أفلح"‪.‬‬

‫الفة التاسعة عشر‪ :‬الغفلة عن دقائق الخطأ‬

‫الغفلة عن دقائق الخطأ في فحوى الكلم‪ ،‬ل سيما فيما يتعلق بال وصفاته‪ ،‬ويرتبط بأمور الدين فل يقدر على تقويم‬
‫اللفظ في أمور الدين إل العلماء الفصحاء‪ ،‬فمن قصر في علم أو فصاحة لم يخل كلمه عن الزلل لكن ال تعالى يعفو‬
‫عنه لجهله‪ .‬مثاله‪ :‬ما قال حذيفة‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل يقل أحدكم ما شاء ال وشئت ولكن ليقل ما ش‬
‫ال ثم شئت"‪. .‬‬

‫الفة العشرون‪ :‬الخوض الجاهل في العلوم والسؤال المتعنّت‬

‫الفضول خفيف على القلب‪ .‬والعامي يفرح بالخوض في العلم‪ ،‬إذ الشيطان يخيّل إليه أنه من العلماء وأهل الفضل‪ ،‬و‬
‫يزال يحبب إليه ذلك حتى يتكلم في العلم بما هو كفر وهو ل يدري‪ .‬وكل من يسأل عن علم غامض ولم يبلغ فهمه تلك‬
‫الدرجة فهو مذموم‪ ،‬فإنه بالِضافة إليه عامي‪.‬وروي عنه (ص) انه قال "ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم‬
‫بكثرة سؤالهم واختلفهم على أنبيائهم‪ ،‬ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم"‪.‬‬

‫‪.‬نعم ايها الحبة ‪:‬ان إننا مدعوون جميعا لحفظ السنتنا لكي لنقع في ازماتها السياسية والجتماعية وما مصائنبا الي‬
‫ال حصاد مواقف السنتنا السلبية ‪,‬من خلل القول اللمسوؤل الذي يؤدي بنا الى الهلكة ‪.‬‬
‫ايها الحبة ‪:‬إن اللسان من نعم ال العظيمة ولطائف صنعه الغريبة‪ ،‬فبه يعبر النسان عن بغيته ويُفصح عن مشاعر‬
‫به يطلب حاجته ويدافع عن نفسه ويعبر عن مكنون فؤاده‪ ،‬يحادث جليسه ويآنس رفيقه فإنه ل تعب في إطلقه ول‬
‫مشقة في تحريكه‪ ..‬له في الخير مجال رحب كالذكر والشكر والكلمة الطيبة وقراءة القرآن وغير ذلك الكثير‪ ..‬ولكن‬
‫تساهل الخلق في الحتراز عن آفاته والحذر من مصا ئده‪.‬التي تؤدي بنا الى الهلكة وأصبح آلة الشيطان في استغوا‬
‫النسان‪.‬وجره الى المصائب والويلت والحتراب والتدمير والتخريب السياسي والقتصادي والجتماعي‪.‬‬
‫إذا تُرك له العنان يصول ويجول‪ .‬يتحدث عن فــــلن ويغتاب فلن‪ ..‬يستهزئ بهذا ويشتم هذا‪..‬وقلة هم الذين بعنان‬
‫أنفسهم و وقفوا به عن مال يعنيهم وإن العبد ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها عليه كله‬
‫ويأتي بسيئات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها من كثرة ذكر ال وما اتصل بها من الطاعات ‪.‬جعلني ال و إياكم م‬
‫إذا تكلم نفع و إن سكت كان خيراً له‬
‫والحمد ل رب العالمين‬

‫الدكتور عباس العبودي‬

You might also like