You are on page 1of 8

‫القاعدة الخامسة عشرة ( المادة ‪ : ) 16 /‬الجتهاد لينقض بمثله‬

‫الشرح‬
‫الجتهاد ل ينقض بمثله إجماعًا أي في المسائل التي يسوغ فيها الجتهاد لنه لو نقض الول بالثاني لجاز أن ينقض الثاني بثالث لنه ما من‬
‫اجتهاد إل ويجوز أن يتغير وذلك يؤدي إلى عدم الستقرار‬
‫وهذا في حق الماضي فلو كان قضى قاض في حادثة باجتهاده ثم تبدل اجتهاده فرفع إليه نظيرها فقضى فيها باجتهاده الثاني ل ينقض الول كما‬
‫في الشباه والنظائر لقول عمر رضي ال عنه حين قضى في حادثة بخلف ما قضى في نظيرها قبلً تلك على ما قضينا وهذه على ما نقضي (‬
‫ل يرى فيها‬‫ل في حادثة مجتهد فيها بمذهبه ثم رفعت لخر حنفي مث ً‬‫ر شرح السراجية للسيد ) وكذلك لو كان بين قاضيين بأن قضى شافعي مث ً‬
‫غير ذلك ل يجوز له نقض قضاء الول بل يجب عليه تنفيذه ويحكم في غيرها بما يراه وهذا أي عدم جواز مخالفة قضاء القاضي السابق فيما هو محل النزاع‬
‫الذي ورد عليه القضاء‬

‫أما فيما هو من توابعه فل يتقيد بمذهب الول فلو قضى شافعي بالبيع في عقار فللقاضي الحنفي أن يقضي فيه بالشفعة للجار وإن كان القاضي الول ل يراها‬
‫وكذلك لو حكم قاضٍ بصحة الوقف ل يكون حكمًا بالشروط فلو وقع التنازع في شيء من الشروط عند من يخالف فيها فله أن يحكم فيها بمذهبه لن ذلك ليس محل‬
‫النزاع لدى القاضي الول كما لو حكم بالوقف ثم وقع التنازع في رجوع الشرط المتأخر للجملة المتقدمة مثلً كما هو مذهب الحنفية أو للخيرة كما هو مذهب‬
‫الشافعي فإنه يقضي القاضي الحنفي بمذهبه ( ر الشباه والنظائر لبن نجيم ) وكذلك لو كان مقلد المجتهد في عمل فاستفتي فأفتى فيها بمذهب مجتهد آخر يخالف‬
‫ل ( ر الدر المختار وحاشيته رد المحتار كتاب الطلق‬ ‫اجتهاد المجتهد الول ل ينقض عمله السابق أما في حق المستقبل فل يتقيد باجتهاده واستفتائه السابق أص ً‬
‫من باب تعليق الطلق ) ( تنبيه )‬
‫ما ذكر هو في القاضي المجتهد أما المقلد الذي تقلد القضاء مقيدًا بمذهب معين فإنه يتقيد به فلو حكم بخلفه ينقض وإن وافق أصلً مجتهدًا فيه ( ر الدر المختار‬
‫وحاشيته رد المحتار كتاب القضاء من فصل الحبس )‬
‫ولذا لو أخطأ في تطبيق الحادثة على الحكم الشرعي ثم ظهر أن النقل الشرعي بخلفه فإن حكمه ينقض ( ر المادة ‪ 1838‬من المجلة ) ( تنبيه آخر ) القاضي إذا‬
‫ل فإن أمكن كما إذا قضى بمال أو طلق ثم ظهر أن الشهود محدودون في قذف‬ ‫قضى بالجور ثم ظهر الحق فإن كان قضى خطأ فإما أن يكون التدارك ممكناً أو ً‬
‫ل بطل القضاء وعادت المرأة إلى زوجها ورد المال إلى من أخذ منه وإن لم يمكن التدارك كالقصاص إذا نفذ ل يقتل المقضي له بل تجب الدية في ماله هذا إذا‬ ‫مث ً‬
‫ظهر خطؤه بالبينة أو بإقرار المقضي له فلو بإقرار القاضي‬
‫ل يظهر في حق المقضي له حتى ل يبطل القضاء في حقه كل ذلك في حق العبد أما في حق المولى سبحانه وتعالى كحد الزنى والسرقة والشرب إذا نفذ ثم ظهر‬
‫خطؤه فالضمان في بيت المال وإن كان قضى بالجور عمداً وأقر به فالضمان في ماله في الوجوه كلها ويعذر ويعزل عن القضاء ( ر رد المحتار كتاب القضاء من‬
‫فصل الحبس )‪.‬‬

‫القاعدة الرابعة عشرة ( المادة ‪ : ) 15 /‬ماثبت على خلف القياس فغيرة ليقاس عليه‬

‫الشرح‬
‫ما ثبت من الحكام بالنص الوارد على خلف القياس فغيره ل يقاس عليه القياس جعل الحكم في المقيس مثل الحكم في المقيس عليه بعلة واحدة‬
‫فيهما وهو حجة عند الفقهاء والمتكلمين بقوله سبحانه وتعالى ‪ 2‬فاعتبروا يا أولي البصار ‪ 2‬لن العتبار هو النظر في الثابت لي معنى ثبت‬
‫وإلحاق نظيره به وهو القياس بعينه‬

‫وشرط الستدلل بالقياس عدم وجود النص في المقيس لن القياس إنما يصار إليه ضرورة خلو الفرع عن حكم ثبت له بطريق التنصيص فإذا وجد التنصيص‬
‫على الحكم فل قياس والستدلل في بعض المسائل بالنص والقياس معاً إنما هو لجل أن الخصم إن طعن في النص بأنه منسوخ أو غير متواتر أو غير مشهور أو‬
‫ل بالظن كما يقول البعض بل هو عمل بغالب الظن وأكبر‬‫مؤول يبقى القياس سالمًا ل مطعن فيه ل لنه دليل على تقدير سلمة النص من الطعن وليس القياس عم ً‬
‫الرأي والعمل بغالب الظن واجب وإن بقي معه ضرب احتمال والمماثلة بين المقيس والمقيس عليه من جميع الوجوه غير واجبة لصحة القياس بل الواجب‬
‫المماثلة في علة الحكم فقط‬

‫القاعدة الثالثة عشر ‪ :‬لمساغ للجتهاد في مورد النّص‪.‬‬

‫الشرح‬

‫ل مساغ للجتهاد في مورد النص لن الحكم الشرعي حاصل بالنص فل حاجة لبذل الوسع في تحصيله ولن الجتهاد ظني والحكم الحاصل به‬
‫حاصل بظني بخلف الحاصل بالنص فإنه يقيني ول يترك اليقيني للظني المراد بالنص الذي ل مساغ للجتهاد معه هو المفسر المحكم وإل‬
‫فغيرهما من الظاهر والنص ل يخلو عن احتمال التأويل وبيان ذلك أن أقسام الدليل اللفظي بحسب الفضاء إلى الحكام أربعة‬
‫‪ -‬ظاهر‪ :‬وهو ما ظهر المراد منه بصيغته مع احتمال التأويل‬
‫‪ -‬ونص وهو ما ازداد وضوحاً على الظاهر بمعنى سيق له الكلم لجله ل من نفس الصيغة مع احتمال التأويل أيضًا ‪.‬‬

‫‪ -‬ومفسر وهو ما ازداد وضوحاً على النص على وجه ل يبقى معه احتمال التأويل ‪.‬‬

‫‪ -‬ومحكم وهو ما أحكم المراد منه من غير احتمال تأويل ول نسخ فحيث كان الولن ل يخلوان عن احتمال التأويل يكون مساغ للجتهاد موجود معهما ‪.‬‬
‫المراد بالنص ها هنا الكتاب والسنة المشهورة والجماع فل يجوز الجتهاد في مقابلة المفسر والمحكم منها فبطل القول بحل المطلقة ثلثاً للول بمجرد عقد الثاني‬
‫عليها بل وطء والقول بحل نكاح المتعة والقول بسقوط الدين بمضي سنين بل مطالبة والقول بالقصاص بتعيين الولي واحداً من أهل المحلة وحلف أيمانًا على أنه‬
‫هو القاتل وبطل القول بأن ل دخل للنساء في العفو عن دم العمد والقول ببطلن إقرار المرأة وبطلن وصيتها بغير رضاء زوجها لعدم استنادها إلى دليل معتبر‬
‫ولمخالفتها للنصوص الشرعية التي ل تحتمل التأويل ( ر الدر المختار وحاشيته رد المحتار كتاب القضاء ومعين الحكام من فصل فيما ل ينعقد من أحكام‬
‫القاضي ) ومثل لفظ الكتاب والسنة لفظ شرط الواقف ولفظ الموصي فإنهما كنص الشارع في المفهوم والدللة ووجوب العمل به ( ر التنقيح ) ما لم يكن فيه تغيير‬
‫لحكم الشرع فلو كان كما لو شرط أن المتولي أو الوصي ل يحاسب فإن شرطه ل يراعى ( ر الدر المختار وغيره من كتاب الوقف ) ( تنبيه ) قولهم ل مساغ‬
‫للجتهاد في مورد النص ل فائدة لوضعه هنا فيما يتبادر لن باب الجتهاد مسدود الن في وجه من يتصدى لدخوله مطلقاً سواء كان في مورد نص ل يسوغ‬
‫الجتهاد فيه أول ففي الخلصة من آخر فصل الحبس ليس أحد من أهل الجتهاد في زماننا ويحتمل أن يكون المقصود من وضع هذه القاعدة المذكورة اليماء‬
‫للمفتين والقضاة بأن يقفوا عند حدهم ويقصروا أنظارهم أن تتطلع وأعناقهم أن تمتد إلى مجاوزة ما فوض إليهم من الجتهاد في ترجيح إحدى روايتين متساويتين‬
‫أو أحد قولين متعادلين يختلف الترجيح فيهما بحسب الحوادث والشخاص إلى ما لم يفوض إليهم وذلك مثل ما قالوا في الزوج إذا أوفى زوجته معجل مهرها فهل‬
‫له أن يسافر بها أو ل فظاهر الرواية أن له ذلك وقال أبو القاسم الصفار وأبو الليث ليس له ذلك لفساد الزمان وسوء حال الزواج واختار بعضهم تفويض ذلك‬
‫للمفتي فمتى علم من حاله الضرار بها أفتاه بعدم الجواز ومتى علم منه غير ذلك أفتاه بالجواز وقد نصوا في مثل هذا على أن المفتي ل بد له من نوع اجتهاد وأنه‬
‫يفتي بما وقع عنده من المصلحة وكما قالوا في حق سقوط نفقة الزوجة بالطلق البائن إذا كانت غير مستدانة بأمر القاضي أن القاضي ينظر في حال الزوج فإن‬
‫ل لسقاط النفقة المتراكمة عن نفسه رد قصده عليه وحكم عليه بعدم سقوطها عنه وإن كان أبانها ل لهذا حكم بسقوطها ( ر الدر المختار‬‫كان طلقها بائنًا توص ً‬
‫وحاشيته رد المحتار من النفقة ) وكما فوض إليه الجتهاد في تقدير حبس المديون مدة يغلب على ظنه أنه لو كان له مال لظهره وفوضوا إليه الجتهاد في تقدير‬
‫تعزير المذنب بحسب ما يراه كافياً لزجره من حبس أو ضرب أو تعبيس في وجهه وفوضوا إليه النظر والجتهاد في بيع الب والوصي عقار الصغير فإن رأى‬
‫أن نقضه أصلح للصغير وأنفع فله نقضه ( ر فيض المستفيض في مسائل التفويض للغزي ) وقد فوضوا أيضاً للحاكم تحليف الشهود إذ رأى ذلك لفساد الزمان كما‬
‫سيأتي في الكلم على المادة ‪ 39‬ل ينكر تغير الحكام بتغير الزمان نقلً عن معين الحكام فيحتمل أنهم أرادوا بوضع هذه القاعدة هنا إيقاف اجتهادهم وقصره‬
‫على مثل هذا وأما فيما عداه مما لم يفوض إليهم وقد وقع فيه الخلف فل مساغ لجتهادهم فيه بل الترجيح فيه تابع لترجيح المرجحين من علماء المذهب على‬
‫حسب ما هو مبسوط في رسم المفتي فليس للمفتي ول للقاضي مخالفة ما رجحوه باجتهاد منه ولو فعل ل يقبل منه لنه اجتهاد في مورد النص والنص ل مساغ‬
‫للجتهاد في مورده وإذا صح ما ذكرناه يكون المراد بالنص ها هنا هو المنقول في كتب المذهب ل ما سبق‬

‫القاعدة الثانية عشر ‪ :‬لعبرة بالدللة في مقابلة التصريح‬

‫الشرح‬

‫ل عبرة بالدللة في مقابلة التصريح لنها دونه في الفادة وهو فوقها والدللة بفتح الدال في المعقولت وبكسرها في المحسوسات وهي كون‬
‫الشيء بحال يفيد الغير علمًا وتكون لفظية وغير لفظية وكل منهما ثلثة أقسام وضعية وعقلية وطبيعية فاللفظية الوضعية كدللة اللفاظ على ما‬
‫وضعت له واللفظية‬
‫العقلية كدللة اللفظ على وجود اللفظ واللفظية الطبيعية كدللة ( أح ) على وجع الصدر و ( أخ ) على مطلق الوجع وغير اللفظية الوضعية‬
‫كدللة الدوال الربع على مدلولتها وغير اللفظية العقلية كدللة المصنوعات على وجود الصانع وغير اللفظية الطبيعية كدللة الحمرة على الخجل والصفرة على‬
‫الوجل والظاهر أن الدللة الوضعية اللفظية والدللة العقلية بقسميها اللفظي وغيره غير مرادتين في القاعدة المذكورة لن اللفظية الوضعية هي التصريح الذي‬
‫تلغى الدللة بمقابله ولن العقلية بقسميها إذا لم نقل إنها فوق التصريح فليست دونه فيبقى المراد حينئذ بالقاعدة المذكورة دللت ثلثًا‬

‫وهي اللفظية الطبيعية وغير اللفظية الوضعية وغير اللفظية الطبيعية فالولى كما إذا قبل التهنئة بعد تزويج الفضولي له كان ذلك إجازة منه للعقد طبعاً ولكن إذا‬
‫كان وقع رده قبل ذلك صريحاً ارتد والثانية مثل المحاريب والعلم والميال والحفر والغلق والستور التي تتخذ وتنصب بإزاء ملك الغير من أرض أو بستان‬
‫أو حانوت لتدل على الذن بالدخول أو على عدمه فإنها تعتبر ويعتمد عليها ولكن إذا وجد التصريح بخلفها تلغى تلك الدللة والثالثة مثل دللة ضحك البكر بل‬
‫استهزاء عندما بلغها خبر تزويج الولي فإنه يعتبر إجازة لكن إذا وجد قبله أو معه تصريح بالرد تلغى تلك الدللة ‪.‬‬

‫القاعدة الحادية عشر ‪ :‬الصل في الكلم الحقيقة‬

‫الشرح‬

‫الصل في الكلم الحقيقة والمجاز فرع فيه وخلف عنها ولكونها أصلً قدمت على المجاز وكان العمل بها أولى من العمل به ما لم يوجد مرجح‬
‫له فيصار إليه الحقيقة في اللغة من حق الشيء إذا ثبت وهي فعيلة بمعنى فاعلة وهي في الصطلح الكلمة المستعملة فيما وضعت له في‬
‫اصطلح التخاطب كاستعمال لفظة القتل مثلً في إزهاق الروح فإنه حقيقة لستعماله في المعنى الوضعي له وكاستعمال لفظ الوصية مثلً عند‬
‫أهل الشرع في التمليك المضاف لما بعد الموت فإنه حقيقة أيضاً بالنسبة لصطلحهم وتخاطبهم والمجاز هو استعمال الكلمة في غير ما وضعت له لقرينة ( ر‬
‫تعريفات السيد ) وذلك كاستعمال لفظة القتل المذكورة في اليلم واستعمال لفظة الوصية عند أهل الشرع في العهد الذي هو معناه اللغوي فإن كلً منهما مجاز‬
‫لستعمال الول في غير ما وضع له لغة واستعمال الثاني في غير ما وضع له اصطلحاً المراد بهذه القاعدة أنه إذا كان للفظ معنيان متساوٍ استعمالها معنى حقيقي‬
‫ومعنى مجازي وورد مجرداً عن مرجح يرجح أحد المعنيين على الخر وذلك كلفظة النكاح فإنها حقيقة في الوطء مجاز في العقد وقد تساوى استعمالهما فيهما فإذا‬
‫جاء مجردا عن مرجح يرجح أحد المعنيين على الخر كما في قوله تعالى ‪ 2‬ول تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء ‪ 2‬ترجحت الحقيقة لنها الصل ولم يوجد‬
‫صارف عنها إلى المجاز فتكون حرمة موطوءة الب ثابتة بالنص وأما حرمة من عقد عليها الب عقداً صحيحاً ولم يدخل بها فثابتة بالجماع ‪.‬‬

‫وإذا قدمت الحقيقة على المجاز عند تساويهما في الستعمال كان تقديمها حين تكون هي أكثر استعمالً بالولى أما إذا وجد مرجح للمجاز فل شك في تقديمه على‬
‫الحقيقة كما في قول العشى ‪:‬‬
‫عليك حرام فانكحن أو تأبدا فإن المراد المعنى المجازي وهو العقد والقرينة فيه صدر البيت‬ ‫فل تقربن جارة إن سرها‬
‫وقد تتحتم الحقيقة لستحالة المعنى المجازي كما في قول الفرزدق ‪:‬‬
‫فل سقى ال أهل الكوفة المطراالتاركين على طهر‬ ‫إذا سقى ال قوماً صوب غادية‬
‫والناكحين بشطي دجلة البقرا وكما يصار إلى المجاز عند وجود مرجح له على الحقيقة يصار إليه أيضاً‬ ‫نساءهم‬
‫عند تعذر الحقيقة أو تعسرها أو معارضة العرف والعادة لها أما تعذرها فإنه يكون إما باستحالتها لعدم وجود فرد لها في الخارج كما لو وقف على أولده وليس له‬
‫إل أحفاد فإنه يصرف إليهم لنهم أولده مجازاً فإذا ولد له ولد صلبي يصرف إليه تقديماً للحقيقة وإما بكونها غير جائزة شرعاً كالوكالة بالخصومة فإنها بالمعنى‬
‫الحقيقي غير جائزة شرعاً لن معناها الحقيقي هو المنازعة والمنازعة منهي عنها قال سبحانه ‪ 2‬ول تنازعوا ‪ ) 2‬فتحمل على المعنى المجازي لها وهو إعطاء‬
‫الجوابوأما تعسرها فإنه يكون بعدم حصولها إل بمشقة كما سيأتي توضيحه في الكلم على المادة ‪ 61‬وأما مخالفة العرف والعادة لها فسيأتي في الكلم على المادة‬
‫الموفية أربعين وأما إذا كان المعنى المجازي أكثر استعمالً من المعنى الحقيقي فالعمل بالمجاز على وجه عام يجعل الحقيقة فردًا من أفراده أولى عند أبي يوسف‬
‫ومحمد رحمهما ال تعالى ترجيحًا بكثرة الستعمال وهذا هو الذي يريدونه من لفظة ( عموم المجاز ) وعند أبي حنيفة رضي ال تعالى عنه العمل بالحقيقة والحالة‬
‫هذه أولى أيضًا لنها الصل فما دامت مستعملة ل يعدل عنها وإن قل استعمالها وذلك كما لو حلف بطلق امرأته على أن ل يأكل من هذه الحنطة أو على أن ل‬
‫يأكل من هذه الغنم وكانت مقتناة للدر والنسل فإن المعنى الحقيقي وهو الكل من عين الحنطة أو الغنم مستعمل ولكن المعنى المجازي وهو الكل مما يخرج منهما‬
‫أكثر استعمالً فعند أبي حنيفة رحمه ال تعالى ل يقع الطلق على الحالف إل بالكل من عينها لنه المعنى الحقيقي وعندهما يقع عليه بالكل من عينهما وبالكل‬
‫مما يخرج منهما وذلك بأن يراد بما يقع عليه الكل منهما معنى أعم تكون الحقيقة فرداً من جملة أفراده كأن يراد ل يوقع فعل الكل على شيء حاصل من هذه‬
‫العين مثل ‪.‬‬
‫القاعدة الفقهية العاشرة ‪ :‬الصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته‬

‫القاعدة العاشرة (المادة ‪ : ) 11 /‬الصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته‬


‫الشرح‬
‫يعني أنه إذا وقع الختلف في زمن حدوث أمر فحينئذ ينسب إلى أقرب الوقات إلى الحال ما لم تثبت نسبته إلى زمن بعيد فإذا ثبتت نسبته إلى‬
‫الزمن البعيد يحكم بذلك وهذا إذا كان الحدوث متفقًا عليه وإنما وقع الختلف في تاريخ حدوثه كما يفيده قولهم في المادة المذكورة يعني أنه إذا‬
‫وقع الختلف في زمن حدوث أمر أما إذا كان الحدوث غير متفق عليه بأن كان الختلف في أصل حدوث الشيء وقدمه كما لو كان في ملك‬
‫أح ٍد مسيل لخر ووقع بينهما اختلف في الحدوث والقدم فادعى صاحب الدار حدوثه وطلب رفعه وادعى صاحب المسيل قدمه فإن القول‬
‫لمدعي القدم والبينة لمدعي الحدوث حتى إذا أقام كل منهما بينته رجحت بينة مدعي الحدوث وهو صاحب الدار ( ر المادة ‪ 1768‬من المجلة ومرآة المجلة نقلً‬
‫عن القنية )‬

‫وذلك لن بينته تثبت ولية النقض فكانت أولى أما مدعي القدم فهو منكر متمسك بالصل ( ر تنقيح الفتاوى الحامدية ) ثم إن الوجه في كون الصل إضافة الحادث‬
‫إلى أقرب أوقاته هو أن الخصمين لما اتفقا على حدوثه وادعى أحدهما حدوثه في وقت وادعى الخر حدوثه قبل ذلك الوقت فقد اتفقا على أنه كان موجوداً في‬
‫الوقت القرب وانفرد أحدهما بدعوى أنه كان موجوداً قبل ذلك والخر ينكر دعواه والقول للمنكر إن اعتبار هذه القاعدة مقيد بأن ل يؤدي إلى نقض ما هو ثابت‬
‫مقرر‬
‫فقد نقل علي حيدر أفندي في شرحه عن الفتاوى الولوالجية في كتاب الدعوى ما نصه الصل في الحوادث أن يحكم بحدوثها لقرب ما ظهر إذا لم يتضمن الحكم‬
‫بحدوثها للحال نقض ما هو ثابت لن الحكم بحدوثها لقرب ما ظهر ثابت باستصحاب الحال ل بدليل أوجب الحدوث للحال والثابت باستصحاب الحال ل يصلح‬
‫لنقض ما هو ثابت ونظير هذا ما نقله في رد المحتار من باب المهر عن الرحمتي عن قاضيخان عند قول المتن وهذا إذا لم تسلم نفسها إن الظاهر ل يصلح حجة‬
‫لبطال ما كان ثابتاً وستتضح فائدة هذا القيد من مستثنيات هذه القاعدة التي سنذكرها لن معظم تلك المستثنيات إنما خرجت عن هذه القاعدة لن تطبيقها عليها‬
‫يستلزم نقض ما هو ثابت متقرر ( ر ما سيأتي تحت المادة ‪ 12‬في التنبيه ) ‪.‬‬

‫القاعدة الفقهية التاسعة‪ :‬ما ثبت بزمان يحكم ببقاءه مالم يقم الدليل علة خلفه‪.‬‬
‫القاعدة التاسعة (المادة ‪ :)10/‬ما ثبت بزمان يحكم ببقاءه مالم يقم الدليل علة خلفة‬
‫الشرح‬
‫ما ثبت بزمان يحكم ببقائه ما لم يقم الدليل على خلفه لنه إذا اعترض على الصل دليل خلفه بطل ( ر ما قدمناه في شرح المادة الخامسة )‬
‫ولذلك كانت الشهادة بالملك المنقضي أي الماضي والقرار به أيضاً مقبولين فإذا ثبت في زمان ملك شيء لحد يحكم ببقاء الملك ما لم يوجد ما‬
‫يزيله سواء كان ثبوت الملك الماضي بالبينة أو بإقرار المدعى عليه هذه المسألة على ثلثة أوجه‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أن يدعي ملكًا خالياً عن السناد إلى الماضي بأن يقول إن العين التي بيد المدعى عليه هي ملكي ( سواء بين سبباً للملك أو ل ) ويشهد الشهود له بالملك‬
‫في الماضي فيقولوا إنها كانت ملكه أي في صورة ما إذا أطلق المدعي الملك أو يقولوا إنها كانت ملكه بالسبب الذي ادعاه أي في صورة ما إذا بين المدعي سبباً‬
‫للملك‬
‫‪ :‬أن يدعي ملكاً ماضياً فيقول إنها كانت ملكي ويشهد الشهود بالملك المطلق كذلك وهو عكس الول‬
‫الثاني‬
‫الثالث‪ :‬أن يدعي ملكاً ماضياً ويشهد الشهود بالماضي أيضًا ففي الصورة الولى تصح الدعوى من المدعي وتقبل من الشهود فيحكم للمدعي بالملك لنه لما ثبت‬
‫ملكه في الزمن الماضي فالصل أن يحكم ببقائه حيث لم يقم دليل على خلفه إلى أن يوجد ما يزيله كأن يقيم المدعى عليه بينة على الشراء منه مثلً وأما في‬
‫الصورتين الثانية والثالثة فإن دعوى المدعي غير صحيحة وشهادة الشهود المترتبة عليها غير مقبولة أيضاً لن إسناد المدعي ملكه إلى الماضي يدل على نفي‬
‫الملك في الحال إذ ل فائدة للمدعي في إسناده مع قيام ملكه في الحال بخلف الشاهدين لو أسند ملكه إلى الماضي لن إسنادهما ل يدل على النفي في الحال لنهما‬
‫قد ل يعرفان بقاءه إل بالستصحاب ( ر الدر المختار وحاشيته رد المحتار كتاب الشهادات باب الختلف في الشهادة وجامع الفصولين الفصل الحادي عشر ) هذا‬
‫وفي الصورة الولى المقبولة لو سأل القاضي الشاهدين هل تعلمان ملكه للحال ل يجبران على الجواب لكن لو أجاباه بقولهما ل نعلم قيام الملك للحال ترد شهادتهما‬
‫لنهما لما صرحا بجهلهما قيام الملك للحال لم يبق إمكان للحمل على أنهما يعرفان بقاء الملك بالستصحاب فلم تعد شهادتهما صالحة لن يحكم بها في ذلك ( ر‬
‫المادة ‪ 1695‬من المجلة ) ومثل الشهادة بملك العين في جميع الصور المتقدمة الشهادة بالدين فلو ادعى إنسان دينًا في ذمة حي أو ميت وأقام بينة شهدت له أنه‬
‫كان له عليه هذا المبلغ المدعى به تقبل الشهادة ويحكم به ( ر المادة ‪ 1694‬من المجلة ) تنبيه إن قبول الحاكم البينة وإلزام الخصم بما قامت عليه في الصورتين‬
‫أعني فيما إذا شهدت الشهود أن العين كانت ملك المدعي أو شهدت انه كان له عليه كذا ـ إنما هو عمل بالستصحاب وهو عمل بالظاهر والظاهر يصلح حجة للدفع‬
‫ل للستحقاق كما تقدم الكلم عليه في المادة الخامسة الصل بقاء ما كان والحكم بهذه الشهادة حكم بالستحقاق ل بالدفع فينبغي أن ل تقبل لكن نقل في جامع‬
‫الفصولين في أوائل الفصل الحادي عشر هذا الشكال عن صاحب القنية وأنه أجاب عنه بأن في رد مثل هذه البينات حرجاً فتقبل دفعًا للحرج انتهى موضحاً وقد‬
‫نقل في معين الحكام في الباب الثامن عشر منه في القضاء بغلبة الظن عن القرافي المالكي ما لفظه اعلم أن قول العلماء إن الشهادة ل تجوز إل بالعلم ليس على‬
‫ظاهره فإن ظاهره يقتضي أنه ل يجوز أن يؤدي الشاهد إل ما هو قاطع به وليس كذلك بل حالة الداء دائماً عند الشاهد الظن الضعيف في كثير من الصور بل‬
‫المراد بذلك أن يكون أصل المدرك علمًا فقط فلو شهد بقبض الدين جاز أن يكون الذي عليه الدين قد دفعه فتجوز الشهادة عليه بالستصحاب الذي ل يفيد إل الظن‬
‫الضعيف وكذلك الثمن في البيع يشهد به مع احتمال دفعه ويشهد في الملك الموروث لوارثه مع جواز بيعه بعد أن ورثه ويشهد بالجارة ولزوم الجرة مع جواز‬
‫القالة بعد ذلك بناء على الستصحاب والمحقق في هذه الصور كلها وشبهها إنما هو الظن الضعيف ول يكاد يوجد ما يبقى فيه العلم إل القليل من الصور منها‬
‫النسب والولء فإنه ل يقبل النقل فيبقى العلم على حاله ومنها الوقف إذا حكم به حاكم أما إذا لم يحكم به حاكم فإن الشهادة إنما فيها الظن فقط فإذا شهد بأن هذه الدار‬
‫وقف احتمل أن يكون حاكم حنفي حكم بنقضه انتهى وهو كلم وجيه جداً مؤيد لجواب صاحب القنية ( تنبيه ) الشهادة باليد المنقضية ل تقبل وعلى الملك المنقضي‬
‫تقبل فلو ادعى أحد على آخر بأن العين التي في يد المدعى عليه كانت في يد المدعي حتى أخذها ذلك منه بل حق فيطلب إعادتها إليه وأقام بينة شهدت بأنها كانت‬
‫في يده ل تقبل حتى يشهدا أن المدعى عليه أخذها منه بل حق فحينئذ يقضى بإعادتها إليه فقط ل بالملك وهذا يسمى قضاء ترك وإنما لم تقبل الشهادة باليد المنقضية‬
‫كما قبلت على الملك المنقضي لنها شهادة بمجهول والشهادة بالمجهول ل تقبل وذلك لن أنواع وضع اليد كثيرة فقد تكون اليد يد ملك أو وديعة أو إجارة ويحتمل‬
‫أيضًا أن العين كانت للمدعي فاشتراها المدعى عليه منه بخلف الملك فإنه غير متنوع فلذلك كان الصل أن الشهادة بالملك المنقضي مقبولة ل باليد المنقضية حتى‬
‫لو ثبتت باليد المنقضية بإقرار الخصم أنها كانت في يد المدعي أو بالبينة على القرار فإنها تعتبر ويؤمر المدعى عليه بدفعها للمدعي على الوجه المتقدم لن‬
‫القرار ل تضره الجهالة ( ر تنوير البصار وشرحه الدر المختار قبيل باب الشهادة على الشهادة والمادة ‪ 1579‬من المجلة ) هذا كله فيما إذا كانت الشهادة باليد‬
‫المنقضية لشخص حي أما إذا شهدا بيد شخص ميت فإنها تقبل مطلقاً وإن كانت غير منقضية لنها إن كانت في الواقع يد ملك فالمر ظاهر وإن كانت يد غير ملك‬
‫فبموت من هي في يده مجهلً أي من غير أن يبين أنها ليست له يملكها وتكون مضمونة لصاحبها في التركة ( ر الدر المختار وحاشيته رد المحتار من المحل‬
‫المذكور‬
‫القاعدة الثامنة ( المادة ‪: ) 9‬الصل في الصفات العارضة العدم؟‬

‫الشرح‬
‫الصل في الصفات العارضة العدم كما أن الصل في الصفات الصلية الوجود ( ر الشباه والنظائر ) حتى يقوم الدليل على خلفه الصفات‬
‫بالنسبة إلى الوجود والعدم على قسمين الول هو الصفات التي يكون وجودها في الشيء طارئاً وعارضاً بمعنى أن الشيء بطبيعته يكون خاليًا‬
‫عنها غالباً وهذه تسمى الصفات العارضة ‪ ،‬والصل فيها العدم ومثل هذه الصفات غيرها من المور التي توجد بعد العدم كسائر العقود‬
‫والفعال كما سيتضح من المثلة التية وهذا القسم وما ألحق به من العقود والفعال هو موضوع هذه القاعدة ‪.‬‬

‫الثاني هو الصفات التي يكون وجودها في الشيء مقارناً لوجوده فهو مشتمل عليها بطبيعته غالباً وهذه تسمى الصفات الصلية والصل فيها الوجود كبكارة‬
‫الجارية وسلمة المبيع من العيوب والصحة في العقود بعد انعقادها ويلحق بالصفات الصلية الصفات العارضة التي ثبت وجودها في وقت ما فإن الصل فيها‬
‫حينئ ٍذ البقاء بعد ثبوت وجودها ( ر ما تقدم في شرح المادة الخامسة وهو أيضاً معنى المادة العاشرة التية ) فلو اختلف العاقدان في سلمة المبيع من العيوب وعدم‬
‫ل وفساده فالقول لمن يتمسك بسلمة المبيع وصحة العقد لنه يشهد له الصل بخلف ما لو اختلف المتعاقدان في صحة البيع وبطلنه‬ ‫سلمته أو في صحة البيع مث ً‬
‫فإن القول قول من يتمسك بالبطلن لن الباطل غير منعقد فهو ينكر وجود العقد والصل عدمه ( ر الشباه والنظائر من قاعدة الصل العدم ومن كتاب البيوع )‬

‫القاعدة السابعة ‪(:‬المادة ‪ : ) 8‬الصل براءة الذمّة‪.‬‬

‫الشرح‬
‫الصل براءة الذمة لن الذمم خلقت بريئة غير مشغولة بحق من الحقوق ( ر ما ذكره المام النسفي في إيضاح قواعد الكرخي ) ‪.‬الذمة لغة‬
‫العهد واصطلحًا وصف يصير الشخص به أهلً لليجاب له أو عليه ومنهم من جعلها ذاتاً فعرفها بأنها نفس لها عهد فإن النسان يولد وله ذمة‬
‫صالحة للوجوب له وعليه ( ر تعريفات السيد ) من المعلوم أنه عند تنازع الخصمين تتخالف مزاعمهما نفياً وإثباتًا فيحتاج في فصل الخصومة‬
‫إلى مرجح يرجح به في مبدأ المر زعم أحدهما على زعم الخر ولدى تتبع المسائل والنظر في وجوه الترجيح الولية وفي تقديم أحد‬
‫المرجحات على الخر إذا تعارضت بعد ذلك يظهر أن الترجيح في مبدأ المر يكون بأحد شيئين هما الصل والظاهر أما الصل ـ وقد تقدم‬
‫تفسيره في شرح المادة الخامسة ـ فأنواعه كثيرة ‪.‬‬

‫ـ منها هذه القاعدة وهي براءة الذمة ومنها كون اليقين ل يزول بالشك‬
‫ـ وكذا الصل بقاء ما كان على ما كان‬
‫ـ وكون الصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته‬
‫ـ وكون الصل فيما جهل قدمه وحدوثه أن يعتبر قديماً إذا كان في ملك خاص وحادثاً إذا كان في غيره ( ر ما قدمناه عن جامع الفصولين الفصل الخامس والثلثين‬
‫في شرح المادة السادسة )‬
‫ـ وكون الصل في الكلم الحقيقة‬
‫ـ والصل في الصفات والشياء العارضة العدم والصفات الوجودية الوجود‬
‫ـ وكون الصل في البيع أن يكون باتًا قطعياً‬
‫ـ وكون الصل في العقود ـ غير المزارعة بعد وجودها ـ أن تكون صحيحة فلو اختلف العاقدان في صحة البيع وفساده فالقول لمدعي الصحة أما المزارعة فالقول‬
‫فيها قبل الزراعة لمدعي الفساد وبعدها لرب البذر سواء ادعى صحة أو فساداً والبينة لمدعي الصحة ( ر نور العين ترتيب جامع الفصولين الفصل التاسع‬
‫والعشرين )‪.‬‬
‫ـ وككون الصل في الوكالة والعارية الخصوص وفي المضاربة والشركة العموم ( ر ما يأتي تحت المادة ‪.) 77‬‬
‫ـ وككون الصل فيما ل يعلم إل من جهة أحد الخصمين أو كان أحدهما أدرى من الخر أن يقبل قوله فيه بيمينه ولذا قبلوا قول المرأة في انقضاء عدتها ـ والمدة‬
‫تحتمل ـ أو عدم انقضائها بيمينها لكون ذلك ل يعلم إل من جهتها وقبلوا قول المملك في بيان جهة التمليك والدافع في بيان جهة الدفع لنهما أدرى بها ممن تلقى‬
‫ل فالقول قول المملك وكذا لو كان عليه دينان وبأحدهما رهن أو كفيل فدفع له مبلغاً ثم اختلفا‬
‫الملك ومن القابض فلو ادعى المملك القرض وادعى الخر الهبة مث ً‬
‫فطلب الدافع رد الرهن إليه بزعم أن ما دفعه عن دين الراهن أو زعم براءة الكفيل وأن ما دفعه إنما دفعه عن دين الكفالة وزعم الدائن أنه عن الدين الخر فالقول‬
‫قول الدافع بيمينه لن المملك والدافع أدرى بجهة التمليك والدفع ‪.‬‬
‫ـ وككون الصل هو الجد في البيع ل الستهزاء ( ر جامع الفصولين الفصل الرابع والعشرين ) فلو اختلف المتعاقدان فيهما فالقول لمدعي الجد لنه الصل ‪.‬‬
‫ـ وككون الصل في مطلق الشركة التنصيف فلو أقر بأن هذا الشيء مشترك بيني وبين فلن أو هو لي ولفلن أو هو بيني وبينه فهو على المناصفة ( ر رد‬
‫المحتار كتاب القرار إقرار المريض صفحة ‪ ) 465‬فيكون القول قول من يدعيها لنها الصل ومن يدعي خلفها فعليه البرهان إل إذا بين المقر خلف‬
‫المناصفة موصولً بإقراره كقوله هو مشترك بيني وبينه أثلثًا ثلثاه لي وثلثه له مثلً صدق كما في المحل المذكور والظاهر أنه يصدق بيمينه إلى غير ذلك من‬
‫الصول التي يعسر استقصاؤها ول يخفى أن هذه الصول يتداخل بعضها في بعض لن بعضها فرع عن الخر كفرعية بقاء ما كان على ما كان عن اليقين ل‬
‫يزول بالشك وفرعية براءة الذمة عن الصل في الصفات العارضة العدم‬
‫فأي واحد من المتنازعين يشهد له أصل من هذه الصول يترجح قوله حتى يقوم دليل على خلفه لقولهم إن القول قول من يشهد له الصل وأمثلة كل من هذه‬
‫الصول تعلم من كلمنا عليها فيما تقدم من المواد وفيما سيأتي وأما الظاهر ـ وهو الحالة القائمة التي تدل على أمر من المور ـ فهو قسمان ( ‪ ) 1‬القسم الول هو‬
‫ما لم يصل في الظهور إلى درجة اليقي ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬والقسم الثاني هو الذي وصل فيه إلى درجة اليقين وهو غير مراد هنا في هذا التقسيم لن الكلم الن في المرجحات الولية غير اليقينية وسيأتي‬
‫الكلم عليه بعد سطور القسم الول الظاهر الذي جعلناه قسيم الصل ويقع به الترجيح في البتداء وتحته نوعان ‪:‬‬
‫ـ النوع الول ‪ :‬هو تحكيم الحال الذي يتوصل به إلى الحكم بوجود أمر في الماضي بأن يجعل ما في الحاضر منسحباً على الماضي وهو الستصحاب المعكوس‬
‫المتقدم في شرح المادة الخامسة فانظره ‪.‬‬
‫ـ النوع الثاني‪ :‬هو دللة الحال التي ليس فيها سحب ما في الحاضرعلى الماضي بل يستأنس بها ويعتمد عليها في ترجيح أحد الزعمين على الخر وذلك ‪.‬‬
‫ـ كوضع اليد فيما لو ادعى شخصان ملك عين وهي في يد أحدهما فإن القول قول ذي اليد‬
‫ـ وكالحمولة على الجدار واتصال التربيع فيه فإنه يترجح به زعم من يشهد له أحدهما من الخصمين على الخر ( ر معين الحكام الباب التاسع والربعين ومثله في‬
‫كثير من الكتب )‬
‫ـ وكتأييد مهر المثل لقول أحد الزوجين فيما لو اختلفا في مقدار المهر المسمى فادعى الزوج القل وادعت الزوجة الكثر فإن القول لمن يشهد له مهر المثل بيمينه‬
‫فإن كان كما قال أو أقل فالقول قوله وإن كان كما قالت أو أكثر فالقول قولها في الزيادة ( ر الدرر وغيره كتاب النكاح باب المهر )‬
‫ـ وكتأييد نقصان الثمن المسمى عن ثمن المثل فيما لو تبايعا عقاراً ولم ينصا على البتات ثم اختلفا فادعى أحدهما أن البيع كان باتاً والخر أنه كان وفاء فإن القول‬
‫لمدعي البتات لنه الصل في البيع إل إذا كان الثمن المسمى ناقصاً عن ثمن المثل فإن القول حينئذ لمدعي الوفاء لن الظاهر شاهد له ‪.‬‬
‫ـ وكتأييد قرائن الحال فيما إذا كان رجلن في سفينة مشحونة بالدقيق فادعى كل واحد السفينة وما فيها وأحدهما يعرف ببيع الدقيق والخر يعرف بأنه ملح فإنه‬
‫يحكم بالدقيق للذي يعرف ببيعه وبالسفينة لمن يعرف بأنه ملح عملً بالظاهر من الحال ( ر تنوير البصار وشرحه الدر المختار كتاب الدعوى من آخر باب‬
‫التحالف ) ‪.‬‬
‫ـ وككون أحد المتداعيين متضمناً سعيه في إسقاط واجب عن ذمته كما لو بعث الزوج إلى زوجته شيئاً ثم اختلفا فقالت أرسلته هدية وقال أرسلته من المهر فالقول‬
‫قول الزوج بيمينه في غير المهيأ للكل لن الهدية تبرع والمهر واجب في ذمته فالظاهر أنه يسعى في إسقاط الواجب عن ذمته ( ر الدرروغيره كتاب النكاح من‬
‫باب المهر ) ومقتضى هذا التعليل جريان الحكم المذكور بين كل دائن ومدين وقع بينهما نظير هذا الختلف يؤيد ذلك أن المديون إذا كان له كفيل وقد كفله بأمره‬
‫فدفع له الدين فإن كان دفعه له على وجه قضاء الدين ثم أراد استرداده منه فإنه ليس له ذلك لنه ملكه بالدفع وإن كان دفعه له على وجه الرسالة ليدفعه إلى الطالب‬
‫ثم أراد استرداده منه فله السترداد لنه أمانة في يد الكفيل وإن أطلق المديون عند الدفع للكفيل ولم يبين أنه على وجه القضاء أو الرسالة فإنه يقع عن القضاء فل‬
‫يملك استرداده ( ر رد المحتار كتاب الكفالة من بحث الكفالة بالمال عند قول المتن ل يسترد أصيل ما دفعه إلى الكفيل نقلً عن الشرنبللية عن القنية ونقلً عن‬
‫غيرها ) فقد حمل عند الطلق على جهة القضاء لما عليه من الدين لكون القضاء فيه تفريغ الذمة وإسقاط الواجب والليق بالمديون أن يكون ساعياً وراء ذلك‬
‫وهذا كما ترى مؤيد لما قلناه ‪.‬‬
‫ـ وكظهور الثيوبة أو البكارة فيما لو تزوج العنين بكراً ثم طلبت التفريق بدعوى عدم وصوله إليها وادعى هو الوصول فأراها الحاكم للنساء وقلن إنها ثيب أو بكر‬
‫فإن القول لمن يشهد له الحال من الثيوبة والبكارة ( ر ما سيأتي في شرح المادة التاسعة ) إلى غير ذلك من مسائل الظاهر المذكور فهذه مقتضيات الترجيح الولية‬
‫التي يتقوى بها زعم أحد المتنازعين على الخر والتي يجمعها كلمتا الصل والظاهر ‪.‬‬
‫ثم إن هذا الصل والظاهر إذا تعارضا مع بعضهما تقدم جهة الظاهر لنه أمر عارض على الصل يدل على خلفه وقدمنا في أول الكلم على المادة الخامسة‬
‫على رد المحتار عن الزيلعي أن الصل إذا اعترض عليه دليل خلفه بطل وذلك كالقضاء بالنكول فإن اعتباره في الحكام ليس إل رجوعًا إلى مجرد القرينة‬
‫الظاهرة فقدمت على أصل براءة الذمة ( ر معين الحكام الباب الحادي والخمسين ) ‪.‬‬
‫وكما في مسألة العنين إذا ادعى الوصول إلى زوجته التي تزوجها بكراً وأنكرت الوصول إليها وقال النساء إنها ثيب فإن الوصول إليها من المور العارضة‬
‫فالصل عدمه لكن لما عارضه الظاهر وهو الثيوبة قدم عليه فكان القول للزوج ‪.‬‬
‫وكما في مسألة اختلف الزوجين في مقدار المهر المسمى المتقدمة إذا كان مهر المثل شاهداً لقول الزوجة فإن الصل وهو عدم الزيادة التي تدعيها المرأة شاهد‬
‫للزوج ولكن لما عارضه الظاهر الذي هو شهادة مهر المثل المؤيدة لدعوى المرأة بالزيادة قدم عليه فكان القول قولها ‪.‬‬
‫وكذلك مسألة اختلف متبايعي العقار في كون البيع باتاً أو وفاءً المتقدمة فإنه قدم فيها الظاهر على الصل حينما كان الثمن دون ثمن المثل ‪.‬‬
‫وكما في مسألة الستصحاب المعكوس إذا دل تحكيم الحال لمن يدعي وجود ما أصله العدم فإنه يقدم قوله ( ر ما تقدم في شرح المادة الخامسة )‪.‬‬
‫وكما لو أشهد المشتري أنه يشتري هذا الشيء لفلن ثم بعد أن اشتراه ادعى فلن أن شراءه كان بأمره وأراد أخذه وأنكر المشتري كونه بأمره فالقول لفلن ( ر رد‬
‫المحتار ملخصاً من أوائل باب الفضولي عن قول الشارح قيد بالبيع لنه لو اشترى لغيره نفذ عليه ) فإن الصل عدم المر من فلن ‪ ,‬ولكن رجحت دعواه المر‬
‫حيث أيدها الظاهر وهو إشهاد المشتري على أنه يشتري له وكدفع الوكيل بشراء شيء غير معين الثمن من دراهم الموكل أو إضافة العقد إليها فإن كلً منهما‬
‫ظاهر في نية الشراء للموكل فإذا تكاذبا في النية يكون القول قول من يشهد له هذا الظاهر من بائع أو مشتر ( ر ما تقدم في الكلم على القاعدة الولى عن‬
‫الهداية )‪.‬‬
‫وكما لو اشترى دابة ثم اطلع على عيب قديم فيها فركبها وجاء ليردها فقال البائع ركبتها لحاجتك وقال المشتري بل ركبتها لردها فإن القول للمشتري ( ر الدرر‬
‫وحاشيته كتاب البيوع من خيار العيب قبيل قول المتن اختلفا بعد التقابض في عدد المبيع ) وذلك لن الظاهر من حاله لما جاء وابتدأ ردها راكباً أن يكون ركوبه‬
‫لجل الرد ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬وأما وجوه الترجيح الثانوية فهي حجج الشرع الثلثة البينة والقرار والنكول عن اليمين وكذا القرينة القاطعة المذكورة في المادة ‪ 1741‬من‬
‫المجلة النتاج بتاريخ تنافيه سن الدابة وتكذبه ترد الشهادة وتترك الدابة في يد من هي في يده ولو تنازع رجلن الدابة التي في يد ثالث وكل منهما يدعي ملكه لها‬
‫ونتاجها عنده وأقام كل منهما بينة شهدت له بالملك والنتاج وأرخت البينتان النتاج بتاريخين مختلفين وكانت سن الدابة توافق جحد التاريخين دون الخر يحكم‬
‫بالدابة لمن وافقت سنها التاريخ الذي أحد بينته ( ر شرح الزيلعي للكنز وشروح الهداية ) وإن رد الشهادة حين مخالفة سن الدابة فهذه الربعة إذا تعارض أحدها‬
‫مع أحد المرجحات الولية التي هي الصل والظاهر يتقدم عليها ويترك الصل والظاهر لن الترجيح بهما إنما كان استئناساً حتى يقوم دليل أقوى على خلفهما‬
‫فإذا قام عليه أحد الدلة الربعة القوية التي هي في نظر الشرع تعتبر بمنزلة اليقين يتبع ويحكم بمقتضاه دون الصل والظاهر هذا ثم البينة إنما تترجح على القسم‬
‫الول من قسمي الظاهر المتقدمين أما القسم الثاني ـ الذي ذكرنا أنه وصل في الظهور إلى درجة اليقين القطعي ـ فإنه يترجح على البينة حتى ل تقام على خلفه‬
‫بدليل ما نصوا عليه من أن الوصي إذا ادعى أنه أنفق على اليتيم أو على عقاره مبلغًا معيناً فإن كان مبلغًا ل يكذبه فيه الظاهر فالقول قوله بيمينه وإن كان مبلغاً‬
‫يكذبه فيه الظاهر فإنه ل يقبل فيه قوله ولو أراد أن يقيم على ذلك بينة ل تقبل بينته أيضاً ( ذكره ابن بلبان الفارسي في شرح تلخيص الجامع الكبير للخلطي ونقله‬
‫عنه في تنقيح الفتاوى الحامدية أوائل باب الوصي ) وبدليل ما نصوا عليه في باب دعوى الرجلين من أنه لو ادعى رجل دابة في يد آخر وذكر أنها ملكه ومنتوجه‬
‫عنده وأقام بينة شهدت بذلك وأرخت النتاج بتاريخ تنافيه سن الدابة وتكذبه ترد الشهادة وتترك الدابة في يد من هي في يده ولو تنازع رجلن الدابة التي في يد ثالث‬
‫وكل منهما يدعي ملكه لها ونتاجها عنده وأقام كل منهما بينة شهدت له بالملك والنتاج وأرخت البينتان النتاج بتاريخين مختلفين وكانت سن الدابة توافق جحد‬
‫التاريخين دون الخر يحكم بالدابة لمن وافقت سنها التاريخ الذي أحد بينته ( ر شرح الزيلعي للكنز وشروح الهداية ) وإن رد الشهادة حين مخالفة سن الدابة لما‬
‫أرخته البينة لدليل على أنه لو بين المدعي في دعواه تاريخًا للنتاج وظهر مخالفة سن الدابة للتاريخ الذي ذكره ترد دعواه من أصلها ول يكلف إقامة البينة ( ر ما‬
‫سيأتي نقله عن الفتاوى البزازية في المادة الخامسة والستين الوصف في الحاضر لغو ) وبدليل ما نصوا عليه أيضاً من أنه لو أقر إنسان لمن كان مجهول النسب‬
‫بأنه ابنه وكان ل يولد مثله لمثل المقر فإن القرار يبطل وذلك يفيد أن البينة أيضًا ل تقبل عليه بالولى لن القرار قد بطل مع أنهم صرحوا أن القرار أقوى من‬
‫البينة حتى لو أقر الخصم بعد إقامة البينة فقضى الحاكم عليه يعتبر القضاء قضاءً بإقراره ل بالبينة ( ر الدر المختار وحاشيته رد المحتار كتاب الدعوى باب‬
‫الستحقاق ) إل في سبع مسائل يقضى فيها بالبينة دون القرار مذكورة في رد المحتار آخر باب دعوى النسب سنذكر بعضها في الكلم على المادة التاسعة عشرة‬
‫فظهر من ذلك أن قولهم إن البينات تقام لثبات خلف الظاهر إنما يراد به النوع الول الذي يذكر بإزاء قسيم الصل ل النوع الثاني الذي وصل في الظهور إلى‬
‫درجة يطرح معها احتمال خلفه والحاصل أن ترجيح زعم أحد المتخاصمين على زعم الخر في البتداء يكون بشهادة الصل والظاهر حتى يقوم دليل من‬
‫المرجحات الثانوية على خلفه فإذا كان الصل شاهدًا لجهة والظاهر لجهة يرجح زعم من يشهد له الظاهر ثم إذا عارض الصل أو الظاهر شيء من المرجحات‬
‫الثانوية يقدم عليهما وهذا في النوع الول من الظاهر أما النوع الثاني فإنه ل تقام بينة على خلفه لن احتمال خلفه معدوم وهذا البيان والتفصيل الذي أتينا به‬
‫يقرب المسائل من الذهان ويسهل معرفة الوجوه والعلل وتطبيق الفروع على قواعدها بصورة معقولة إذا علمنا ذلك ظهر أن القول الراجح هو قول من يتمسك‬
‫ببراءة ذمته لنه يشهد له الصل وهو عدم شغلها حتى يقوم دليل على خلفه ‪.‬‬

‫القاعدة الفقهية السادسة ‪ :‬الضرر ليكون قديماً‪.‬‬

‫ن الضرر قديمه كحديثه في الحكم فل يراعى قدمه ول يعتبر بل يزال وليس المراد أنه ل يتصور تقادم عليه بحيث ل يوجد من يعرف‬ ‫المعنى أ ّ‬
‫أوله ‪.‬‬
‫ن هذه القاعدة بمنزلة القيد للتي قبلها فوضعت عقبها لفادة أنّ القاعدة السابقة ليست على إطلقها بل هي مقيدة بأن ل يكون القديم ضرراً فلو‬ ‫إّ‬
‫كان ضرراً فإنه يزال ول عبرة بقدمه على ما سيأتي تفصيله كما صرحت به المادة بقولها أي إذا كان القديم الخ وذلك لن القديم إنما أعتبر‬
‫لغلبة الظن بأنه ما وضع إل بوجه شرعي ( ر ما قدمناه في القاعدة السابقة عن الفتاوى الخيرية ) فإذا كان مضراً يكون ضرره دليلً على أنه لم‬
‫يوضع بوجه شرعي إذ ل وجه شرعياً يجوز الضرار بالغير ( ر المادة ‪ 19‬من المجلة )‪.‬‬
‫القاعدة الفقهية الخامسة ‪ :‬القديم يترك على قِدمه‪.‬‬

‫القاعدة الخامسة ‪ :‬القديم يترك على قِدمه‬


‫الشرح‬
‫[(القديم يترك على قِدمه )] إل إذا قام الدليل على خلفه ‪ ،‬كما في المادة ‪ / 1224/‬من المجلة ‪.‬‬
‫القديم ‪ :‬هو الذي ليوجد من يعرف أوله ‪ ( .‬ر‪ :‬المدة ‪ /166 /‬من المجلة )‪.‬‬
‫ومعنى هذه القاعدة أنّ التنازع فيه إذا كان قديماً تراعى فيه حالته التي هو عليها من القديم ‪ ،‬بل زيادة ولنقص ول تغيير ولتحويل ‪.‬‬
‫وإنما لم يجز تغيير القديم عن حاله أو رفعه بدون إذن صاحبه لنه لما كان من الزمن القديم على هذه الحالة المشاهدة فالصل بقاؤه على ما كان‬
‫عليه ‪ ،‬ولغلبة الظن أنه ما وضع إل بوجهه الشرعي ( ر‪ :‬الفتاى الخيرية ‪ ،‬فصل الحيطان ) ‪.‬‬

‫فلو كان لحد جناح في داره ممدود على أرض الغير ‪ ،‬وكان ذلك الجناح أو المسيل أو الممر قديماً ليعرف من الحاضرين مبدأ لحدوثه ‪ ،‬فأراد صاحب الرض أن‬
‫يمنع صاحب الدار من مد الجناح أو التسييل أو المرور في أرضه ‪ ،‬أو أراد أن يحول المسيل أو الممر و يغيره عن حاله القديم فليس له ذلك إل بإذن صاحبه ( ر‪:‬‬
‫المواد ‪ 1224 /‬و ‪ 1225‬و ‪ / 1229‬من المجلة ) ‪.‬‬
‫ل إلى دار أخرى له ‪،‬إل إذا أذن له الخر ‪ ،‬وللذن ولورثته من بعده الرجوع عن‬ ‫وكذا ليس لصاحب الحق نفسه أن يحوله من جهة إلى جهة ‪ ،‬أو يصرف الممر مث ً‬
‫هذا الذن وتكليف صاحب الحق بإعادته إلى الحالة الولى ‪ .‬ووجه جواز الرجوع ‪ ،‬كما في الخيانة ‪ ،‬أنّ ذلك الذن من قبيل العارة ‪ ،‬وهي غير لزمة ‪ .‬بخلف‬
‫ما لو بنى صاحب الرض بناءً في الممر بإذن صاحب حق المرور فإنه يسقط حق مروره ول يكون له بعد ذلك المخاصمة مع صاحب الرض لستعادته ‪ ،‬لن‬
‫إذنه ذلك إسقاط لحقه ‪ ،‬إل إذا كان صاحب الحق مالكاً لرقبة الطريق فل يمنع من المخاصمة واستعادته بعد إذنه بالبناء ‪ ،‬لن الملك ليسقط بالسقاط ‪ ،‬قال في‬
‫فصل النهار من الفتاوى الخانية ‪ (( :‬ولو قال صاحب المسيل ‪ :‬أبطلت حقي في المسيل ‪ ،‬فإن كان له حق إجراء الماء دون الرقبة بطل حقه ‪ ،‬وأن كان له رقبة‬
‫المسيل ل يبطل ذلك بالبطال )) ‪.‬‬
‫وكذلك لو كان نهر ‪ ،‬بين قوم ‪ ،‬يأخذ الماء من النهر العظم ‪ ،‬فمنهم من له فيه كوتان ومنهم من له ثلث ‪ ،‬فقال أصحاب الكوى السفلى لصحاب العليا ‪ :‬إنكم‬
‫تأخذون من الماء أكثر من نصيبكم ‪ ،‬لن كثرة الماء ورفعة يكون في أعلى النهر فيدخل في كواكم شيء كثير ‪ ،‬ونحن ل نرضى بهذا ‪ ،‬ونجعل لكم أياماً معلومة‬
‫ونسدّ في أيامكم كوانا ولنا أياماً وانتم تسدون فيها كواكم ‪ ،‬فليس لهم ذلك ‪ ،‬بل يترك على حاله كما كان ‪ .‬وكذا لو أختصم أهل النهر فادعى بعضهم زيادة لم يكن‬
‫ذلك إل بحجة ‪ .‬والصل في جنس هذا إن ما كان قديماً يترك على حاله وليغير إل بحجة ( ر ‪ :‬الفتاوى الخانية ‪ ،‬فصل النهار ) ‪.‬‬
‫ليشترط في إعتبار التصرف القديم أن يكون ما يتصرف به قائماً في يد المتصرف إلى حين الخصومة ‪ ،‬بل يكفي أن يثبت المدعي وجوده في يده قبل الخصومة ‪،‬‬
‫وأن المدعي عليه أحدث يده عليه ومنع المدعي منه ‪ ،‬فأنه يحكم به للمدعي ‪ ،‬لن اليد الحادثه لعبرة بها بل العبرة لليد الحقيقية ( ر‪ :‬البحر الرائق ‪ ،‬شرح كنز‬
‫الدقائق ‪ ،‬كتاب الدعوى ‪ ،‬أوائل دعوى الرجلين ‪ ،‬ج ‪. )256/ 7‬‬
‫وقد نصوا أنه لو كان لرجل نهر يجري في أرض غيره لسقي أراضيه وهو في يده يكريه ويغرس في حافتيه الشجار مثلً فأراد صاحب الرض أن ل يجري‬
‫النهر في أرضه فليس له ذلك بل يترك على حاله لن من هو في يده يستعمله بإجراء مائه ونحوه فعند الختلف القول قوله فلو لم يكن في يده ولم يكن جارياً وقت‬
‫الخصومة فإن كان يدعي رقبة النهر فعليه أن يثبت أنه له وإن كان يدعي حق الجراء في النهر فعليه أن يثبت أنه كان يجري ما لقديم لسقي أراضيه فيحكم له‬
‫حينئذ بملك رقبة النهر في الصورة الولى وبحق الجراء في الثانية وبمثل ذلك يحسم الختلف إذا وقع في حق المرور أو حق التسييل في أرض أو على سطح أو‬
‫في دار أو في طريق خاص أو بين علو وسفل ( ر الهداية وشروحها والملتقى والتنوير فصل الشرب والمادة ‪ 1177‬من المجلة ) ‪ .‬هذا ثم إذا جهل حال المتنازع‬
‫فيه ولم يعرف هل هو قديم أو حادث فالصل فيه أنه إن كان في طريق خاص يعتبر قديمًا حتى يقوم الدليل على يدخلوها عند الزحام وهذا التفسير يأتي في جميع‬
‫الحكام التي تذكر في غير النافذة ( ر جامع الفصولين الفصل الخامس والثلثين صفحة ‪ 263‬نقلً عن خواهر زاده ) خلفه وإن كان في طريق العامة يعتبر‬
‫حديثاً فللمام أن ينقضه ( ر شرح المادة ‪ 224‬من مرآة المجلة ) ‪.‬‬
‫والمراد بالطريق الخاص في قولهم فالصل فيه أنه إن كان في طريق خاص يعتبر قديماً هو ما كان مملوكاً رقبة لقوم وليس للعامة فيه حق أصلً كما إذا كانت‬
‫أرض مشتركة بين قوم بنوا فيها مساكن وجعلوا بينهم منها طريقًا حتى كان مملوكاً لهم على الخصوص فأما إذا كانت السكة مختطة من الصل فحكمها حكم‬
‫طريق العامة ولو غير نافذة إذ هي ملك العامة أل يرى أن لهم أن يدخلوها عند الزحام وهذا التفسير يأتي في جميع الحكام التي تذكر في غير النافذة ( ر جامع‬
‫ل عن جواهر زاده ) ‪.‬‬ ‫الفصولين الفصل الخامس والثلثين صفحة ‪ 263‬نق ً‬
‫اختلف الفتاء في اعتبار التصرف القديم في الحقوق فأفتى المرحوم خير الدين الرملي في سؤال رفع إليه بما يفيد عدم اعتباره وأنه ل بد من إقامة البينة على الحق‬
‫المدعى به بخصوصه وتمسك بمسائل نصوا عليها وهي أن من ادعى حق المرور أو رقبة الطريق وأقام بينة شهدت له بأنه كان يمر في هذه ل يستحق بذلك شيئاً‬
‫وأن الشاهد إذا فسر للقاضي أنه يشهد بالملك بناء على معاينة اليد ل تقبل شهادته واستشهد له المرحوم ابن عابدين في تنقيح الفتاوى الحامدية بما نصوا عليه من‬
‫أن الوقف إذا كان على القرابة وادعى رجل أنه من القرابة وأقام بينة شهدت أن الواقف كان يعطيه كل سنة مع القرابة ل يستحق بهذه الشهادة شيئًا وكذا لو شهدوا‬
‫بإعطاء القاضي له مع القرابة كل سنة ل يكون إعطاء القاضي حجة انتهى وكل هذه الفروع ل تصلح للتمسك لن الدعوى والشهادة فيها ليست من قبيل دعوى‬
‫التصرف القديم المفسر بما تقدم ول من قبيل الشهادة به كما هو ظاهر كيف وكتب المذهب والفتاوى ناطقة بلزوم اعتباره وقد أفتى باعتباره حامد أفندي العمادي‬
‫في محلت عديدة من فتاويه ووافقه عليها نفس المرحوم ابن عابدين ونقل عن الشيخ إسماعيل الحائك أنه أفتى باعتباره أيضًا وكل ذلك بناء على ما صرحوا به في‬
‫كتب المذهب من اعتباره وصرحوا أيضًا بأن اعتباره هو الستحسان وأن عليه الفتوى لو ادعى أحد الخصمين الحدوث وادعى الخر القدم فالقول قول من يدعي‬
‫القدم والبينة بينة من يدعي الحدوث ( ر تنقيح الفتاوى الحامدية والمادة ‪ 1768‬من المجلة ) ‪.‬‬
‫بقي ها هنا شيء يكثر وقوعه ولم أر من تعرض له وهو ما لو ادعى أحدهما الحدوث وادعى الخر مرور الزمن فهل يكلف مدعي الحدوث البينة أو يكلف البينة‬
‫مدعي مرور الزمن لقائل أن يقول بالول وأنه إذا ثبت الحدوث ل تسمع دعوى مرور الزمن وذلك لن مدعي القدم يدعي مضي مدة على المر المتنازع فيه هي‬
‫أضعاف مدة مرور الزمن لن القديم كما تقدم ما ل يوجد من يعرف أوله وهذا ل يكون غالباً إل بعد أن يمضي عليه أكثر من ثمانين أو تسعين سنة وقد تقدم في‬
‫الكلم على القاعدة الثانية أن كون العبرة للمعاني يجري في الدعاوى والخصومات أيضًا فكأنه بدعوى القدم يدعي مرور الزمن مضاعفًا ولم يجعلوا له والحالة‬
‫هذه غير كون القول قوله فقط ولم يجعلوا البينة بينته بل جعلوا البينة بينة مدعي الحدوث بل استثناء ولو قلنا بتقديم بينة مرور الزمن لم يبق من فائدة لتدوين ما بني‬
‫على اعتبار القدم والحدوث من الحكام ولصبح كثير من مواد المجلة التي تدور عليها سدى ومعطلً عن العمل به كهذه المادة والتي بعدها ومادة ‪ 1224‬و‬
‫‪ 1228‬و ‪ 1229‬و ‪ 1230‬و ‪ 1232‬وليس ادعاء ذلك والقدام عليه بالمر السهل ! ‪.‬ولقائل أن يقول بتقديم بينة مدعي مرور الزمن وذلك لن مدعيه يدعي‬
‫عدم صلحية الحاكم لرؤية الدعوى عليه فهو في الحقيقة ينازع الحاكم في ذلك قبل الدخول في الدعوى فإذا ثبت مرور الزمن تبين أن الحاكم ليس بحاكم في هذه‬
‫الدعوى بخلف ما إذا ادعى القدم دون مرور الزمن فإنه يكون حينئذ قد اختار جهة الدخول في الدعوى وأجاب خصمه عنها وذلك منه تسليم لصلحية الحاكم‬
‫لسماع الدعوى عليه وحيث كان خصمه يدعي الحدوث فالبينة بينته وهذا بل شك أوجه وأمتن وال سبحانه أعلم ‪.‬‬

‫القاعدة الفقهية الرابعة ‪ :‬الصل بقاء ما كان على ما كان‪.‬‬

‫القاعدة الرابعة ‪ :‬الصل بقاء ما كان على ما كان‬


‫الشرح‬
‫(( الصل بقاء ما كان على ماكان ‪ ،‬حتى يقوم الدليل على خلفه )) لن الصل إذا أعترض عليه دليل خلفه بطل ‪ ( .‬ر ‪ :‬رد المحتار ‪ ،‬كتاب‬
‫الدعوى ‪ ،‬آخر دعوى الرجلين ‪ ،‬نقلً عن الزيلعي ) ‪.‬‬
‫الصل في اللغة ‪ :‬أسفل الشيء ‪ ،‬وفي الصطلح يطلق على معان كثيرة ‪ ،‬منها أن يستعمل بمعنى القانون والقاعدة المنطبقة على جزئياتها ‪.‬‬
‫( ر ‪ :‬كليات أبي البقاء )‪ ،‬وهو المراد هنا ‪.‬‬

‫ومعنى هذه القاعدة أنه إذا جهل في وقت الخصومة حال الشيء وليس هناك دليل يحكم بمقتضاه ‪ ،‬وكان لذلك الشيء حال سابقة معهودة ‪ ،‬فإن الصل في ذلك يحكم‬
‫ببقاءه وإستمراره على تلك الحال المعهودة التي كان عليها ‪ ،‬حتى يقوم الدليل على خلف ذلك فيصار حينئذ إليه ‪.‬‬
‫وذلك الدليل أحد أربعة أشياء ‪ :‬البينة ‪ ،‬والقرار ‪ ،‬والنكول ‪ ،‬والمارة الظاهرة ‪ ،‬على أن النكول يرجع إلى مجرد القرينة الظاهرة ‪ ( ،‬ر‪ :‬ما سيأتي عن الحكام أثناء‬
‫الكلم على القاعدة الثامنة ‪ (( :‬الصل براءة الذمة )) )‪ .‬فأما البينة والقرار والنكول فأمثلتها واضحة معلومة ‪ ،‬وأما المارة الظاهرة فتحكيم الحال التي قريباً في‬
‫الكلم على النوع الثاني من نوعي الستصحاب ‪.‬‬
‫إن هذه القاعدة ليست من القواعد الكلية التي ليست داخلة تحت غيرها بل هي ـ وما بعدها من القواعد التية حتى المادة ‪ / 13 /‬ـ من فروع المادة الرابعة المتقدمة‬
‫وهي (( اليقين ليزول بالشك )) وداخلت تحتها‬

‫القاعدة الفقهية الثالثة ‪ :‬اليقين ليزول بالشك‪.‬‬

‫القاعدة الثالثة ‪ :‬اليقين ليزول بالشك‬


‫الشرح‬
‫اليقين لغةً ‪ :‬العلم الذي لتردد معه ‪ ،‬وهو في أصل اللغة ‪ :‬الستقرار ‪ ،‬يقال ‪ :‬يقن الماء في الحوض إذا أستقر ‪ ( .‬ر‪ :‬تعريفات السيد ) ‪ .‬ول‬
‫يشترط في تحقق اليقين العتراف والتصديق بل يتصور مع الجحود ‪ ،‬كما قال تعالى ‪( :‬وجحدوا بها وأستيقنتها أنفسهم ) ‪.‬‬
‫واليقين في اصطلح علماء المعقول هو ‪ :‬العتقاد الجازم المطابق للواقع الثابت ‪ .‬فخرج بالقيد الول ‪ ،‬أعني الجازم ‪ ،‬الظن وغلبة الظن ‪ ،‬لنه لجزم فيهما ‪.‬‬
‫وخرج بالقيد الثاني ماليس مطابقاً للواقع وهو الجهل وهو ان كان صاحبه جازماً ‪ .‬وخرج بالقيد الثالث إعتقاد المقلد فيما كان صوابًا ‪ ،‬لن إعتقاده لما لم يكن عن‬
‫دليل كان عرضة للزوال ‪ .‬فكل ذلك ليس من اليقين في شيء ‪.‬‬

‫لكن المناسب هنا تفسير اليقين بالمعنى الول اللغوي ‪ ،‬لن الحكام الفقهية إنما تبنى على الظاهر ‪ ،‬فكثيراً ما يكون المر في نظر الشرع يقينًا ليزول بالشك في‬
‫ن العقل يجيز أن يكون الواقع خلفه ‪ ،‬وذلك كالمر الثابت بالبينة الشرعية فإنه في نظر الشرع يقين كالثابت بالعيان ‪ ،‬مع أن شهادة الشهود لتخرج عن‬ ‫حين أ ّ‬
‫كونها خبر آحاد يجيز العقل فيها السهو والكذب ‪ ،‬وهذا الحتمال الضعيف ليخرج ذلك عن كونه يقيناً لنه لقوة ضعفه قد طرح أمام قوة مقابله ولم يبق له اعتبار‬
‫في نظر الناظر ‪ ( .‬ر‪ :‬ما سيأتي قريباً ) ‪.‬‬
‫والشك ‪ :‬التردد بين النقيضين بل ترجيح لحدهما عن الخر ‪ ،‬فإن ترجح أحدهما على الخر بدليل ووصل ترجيحيه إلى درجة الظهور الذي يبنى عليه العاقل‬
‫أموره لكن لم يطرح الحتمال الخر فهو الظن ‪ .‬فإن طرح الحتمال الخر ‪ ،‬بمعنى أنه لم يبقى له إعتبار في النظر لشدة ضعفه ‪ ،‬فهو غالب الظن ‪ ،‬وهو معتبر‬
‫شرعًا بمنزلة اليقين في بناء الحكام عليه في أكثر المسائل إذا كان مستندًا إلى دليل معتبر ‪ ،‬وذلك كما إذا رأى إنسان عينًا في يد آخر يتصرف بها تصرفًا يغلب‬
‫على ظن من يشاهده أنها ملكه ‪ ،‬وكان مثله يملك مثلها ‪ ،‬ولم يخبر الرائي عدلن بأنها ملك غيره ‪ ،‬فإنه يجوز له أن يشهد لذي اليد بملكها‪ ( .‬ر‪ :‬الدر المختار‬
‫وحاشيته رد المحتار ‪ ،‬آخر كتاب الشهادات ) ‪.‬‬
‫ومن غير الكثر بعض مسائل ل تعتبر فيها غلبة الظن ‪ ،‬بل لبد فيها من اليقين ‪:‬‬
‫(أ) منها ما لو عقد الرجل على أختين بعقدين متعاقبين ونسي الول فإنه يفرق بينه وبين الثنتين وليجوز ترجيح أولية عقد أحدهما على الخرى بغلبة الظن ‪ ،‬بل‬
‫لبد من العلم ‪ ،‬لن العلم ليجري في مسائل الفروج ‪ ( .‬ر‪ :‬الدرر ‪ ،‬كتاب النكاح ‪ ،‬محرمات النكاح ) ‪.‬‬
‫(ب) ومنها ما لو طلق واحدة معينة من نسائه ثم نسيها فإنه ليجوز له أن يطأ واحدة منهن إل بعد العلم بالمطلقة ‪ ،‬وليكفي التحري أو تغليب الظن وليسع الحاكم‬
‫أن يخلي بينه وبين نسائه حتى يتبين ‪،‬لن التحري إنما يجوز فيما يباح عند الضرورة ‪ ،‬والفروج لتحل للضرورة ‪ ( .‬ر ‪ :‬الشباه والنظائر ‪ ،‬القاعدة السابقة منه ) ‪.‬‬

‫(جـ) ومنها الحبل ‪ ،‬فإنهم يعتبرو ظهور علماته دليل جازماً على وجود الحمل ولم يبنوا عليه الحكام الجازمه وإن كان يغلب على ظن كل من رأى المرأة أنها‬
‫حامل ‪ .‬إنسان للحمل بشيء أو وقف لتصح الوصية له أو الوقوف عليه إلّ إذا ولد لقل من ستة أشهر من وقت الوصية أو الوقوف لكي يتقن بوجوده وقتهما ‪.‬‬
‫( ر‪ :‬الشباه والنظائر ‪ ،‬القاعدة الرابعة منه ) ‪.‬‬
‫ومثل الولدة لقل من ستة أشهر ‪ ،‬فيما يظهر ‪ ،‬ما لو مات أبوه قبل الوصية له والوقوف فإنه تصح الوصية له والوقوف ‪ ،‬فقد قال في جامع أحكام الصغار ‪ ،‬في‬
‫كتاب الشفعة ‪ (( :‬قال محمد رحمه ال تعالى في (( الصل )) ‪ :‬والحمل في إستحقاق الشفعة والصغير والكبير سواء ‪ ،‬فإن وضعت لقل من ستة أشهر منذ وقع‬
‫الشراء فله الشفعة ‪ ،‬وأن جات به لستة أشهر فصاعداً منذ وقع الشراء فإنه لشفعة له إل أن يكون أبوه قد مات قبل البيع وورث الحمل فحينئ ٍذ يستحق الشفعة ‪ ،‬ومن‬
‫جاءت به لستة أشهر فصاعدًا )) ‪.‬‬
‫نعم جعلوا ظهور علمات الحبل إمارة رجحو بها قول المرأة أنها ولدت عند إنكار الزوج للولدة ووقفوا بها الميراث للحمل ‪ .‬ولينظر فيما علم وجود الحمل قبل‬
‫الوصية أو الوقف بالمشاهدة بواسطة الشعة المخترعة حديثاً المسماة (( أشعة رونتجن )) ‪ ،‬وكانت المشاهدة بطريق مشروع كالتداوي ‪ ،‬ثم ولدته لكثر من ستة‬
‫أشهر من وقت الوصية أو الوقف ‪ ،‬فهل يعتبر ذلك موجباً لصحة الوصية والوقف للتيقن بوجود الحمل أو ليعتبر ؟‪.‬‬
‫والظاهر عدم إعتباره ‪ ،‬فلبد من الولدة لقل من ستة أشهر ‪ ،‬ل شكاً فيما أظهرته الشعة ‪ ،‬بل لنها إذا ولدت لكثر من ستة أشهر ل يتيقن حينئذٍ بأن المولود هو‬
‫ن المشاهد أسقط ثم حصل بعده حمل جديد ‪.‬‬ ‫الحمل الذي كان شوهد بالشعة ‪ ،‬لجواز أ ّ‬
‫أما إذا كانت غلبة الظن غير مستندة إلى دليل فل كلم في عدم أعتبارها مطلقًا ‪ ،‬كما لو غلب على ظن الغاصب حل العين المغصوبة له بناءً على احتمال جعل‬
‫المالك إياه في حل منها ‪ ،‬وكما لو ظفر إنسان بمال الغير فأخذه على احتمال أن مالكه أباحه لمن يأخذه ‪ ،‬فإنه يكون ضامنًا ول يعتبر غلبة الظن هذه مهما قويت ‪،‬‬
‫لنها غير مستنده إلى دليل ‪ ،‬أنه من مجرد التوهم ‪ ،‬ول عبرة بالتوهم ‪ ( .‬ر‪ :‬المادة ‪/74 /‬من المجلة ) ‪.‬‬
‫إن هذه القاعدة من أمهات القواعد التي عليها مدار الحكام الفقهية ‪ ،‬وقد قيل أنها تدخل في جميع أبواب الفقه ‪ ،‬والمسائل المخرجة عليها ‪ ،‬من عبادات ومعاملت‬
‫وغيرها يبلغ ثلثة أرباع علم الفقه ‪.‬‬
‫ومعناها أن ماكان ثابتاً متيقناً ليرتفع بمجرد طروء الشك عليه لن المر اليقيني ليعقل أن يزيله ما هو أضعف منه بل ما كان مثله أو أقوى ‪.‬‬
‫هذا ‪ ،‬ولفرق بين أن يكون اليقين السابق ‪ )1( :‬مقتضيًا للحظر ‪ )2( ،‬أو مقتضياً للباحة ‪ ،‬فإن العمدة عليه في كلتا الحالتين ‪ ،‬ول يلتفت إلى الشك في عروض‬
‫المبيح على الول ‪ ،‬وعروض الحاظر على الثاني‪.‬‬
‫فمن القسم الول ‪ :‬ما لو غاب إنسان غيبة منقطعة بحيث ل يعلم موته ول حياته ‪ ،‬فإن المعتبر اليقين السابق ‪ ،‬وهو على حياته ‪ ،‬إلى أن يعلم موته بالبينه أو بموت‬
‫جميع أقرانه وأن كان إحتمال موته قائماً في كل لحظة ‪ ،‬فل يجوز قسمة ماله بين الورثة ‪ ،‬ولو كان له وديعة عند آخر فيجب على المستودع حفظها ‪ ،‬فلو أعطاها‬
‫للورثة يكون ضامناً ‪ ( .‬ر ‪ :‬المادة ‪ / 785 /‬من المجلة ) ‪.‬‬

‫القاعدة الفقهية الثانية ‪ :‬العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني ‪ ،‬ل لللفاظ والمبا‬
‫القاعدة الثانية ‪ :‬العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني ‪ ،‬ل لللفاظ والمباني‬
‫الشرح‬
‫[ ((العبرة في العقود للمقاصد والمعاني ل لللفاظ والمباني )) ] في الباب الموفي أربعين من معين الحكام لكن بلفظ في التصرفات بدل‬
‫العقود ‪ ،‬وهو أعم من التعبير بالعقود ‪ ،‬فيشمل الدعاوى كما سيأتي عن أصول الكرخي ‪ (( :‬ولذا يجري الرهن في بيع الوفاء))‬
‫‪.‬‬

‫هذه القاعدة بالنسبة للتي قبلها كالجزئي من الكلي ‪ ،‬فتلك عامة وهذه خاصة فتصلح أن تكون فرعًا منها ‪.‬‬
‫والمراد بالمقاصد والمعاني ‪ :‬ما يشمل المقاصد التي تعينها القرائن اللفظية التي توجد في عقد فتكسبه عقد حكم آخر كما سيأتي قريباً في إنعقاد الكفالة بلفظ‬
‫الحوالة ‪ ،‬وانعقاد الحوالة بلفظ الكفالة ‪ ،‬إذا إشترط فيها براءة المديون عن المطالبة ‪ ،‬أو عدم براءته ‪.‬‬
‫وما يشمل المقاصد العرفية المرادة للناس في إصطلح تخاطبهم ‪ ،‬فإنها معتبرة في تعيين جهة العقود ‪ ،‬فقد صرح الفقهاء بأنه يحمل كلم كل إنسان على لغته‬
‫وعرفه ‪ ( .‬ر‪ :‬رد المحتار ‪ ،‬من الوفق عند الكلم على قولهم ‪ :‬وشرط الواقف كنص الشارع ) ‪.‬‬
‫ومن هذه القسم ماذكروه من إنعقاد بعض العقود بألفاظ غير اللفاظ الموضوعة لها مما يفيد معنى تلك العقود في العرف ‪ ،‬كانعقاد البيع والشراء بلفظ الخذ‬
‫والعطاء ‪ ( .‬ر‪ :‬مادة‪ 169 /‬و ‪ / 172 /‬من المجلة ) ‪ ،‬وكذا إنعقاد شراء الثمار على الشجار بلفظ (( الضمان )) في عرفنا الحاضر ‪.‬‬

‫القاعدة الفقهية الولى ‪ :‬المور بمقاصدها‪.‬‬

‫القاعدة الولى ‪ :‬المور بمقاصدها‬


‫الشرح‬
‫المور جمع أمر ‪ ،‬وهو ‪ :‬لفظ عام للفعال والقوال كلها ‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪ (:‬إليه يرجع المر كله ) ‪ ( ،‬قل أن المر كله ل ) ‪ ( ،‬وما أمر‬
‫فرعون برشيد ) ‪ ،‬أي ما هو عليه من قول أو فعل ‪ ( .‬ر‪:‬مفردات الراغب) ‪.‬‬

‫ثم أن الكلم على تقدير مقتضى ‪ ،‬أي ‪ :‬أحكام المور بمقاصدها لن علم الفقه إنما يبحث عن أحكام الشياء ل عن ذواتها ‪ ،‬ولذا فسر أمر المجلة القاعدة بقبولها ‪:‬‬
‫(( يعني أن الحكم الذي يترتب على أمر يكون على مقتضى ماهو المقصود من ذلك المر )) ‪.‬‬
‫أصل هذه القاعدة فيما يظهر قوله ( صلى ال عليه وسلم ) ‪ (( :‬إنما العمال بالنيات )) ‪.‬‬

You might also like