You are on page 1of 8

‫تـقـديـم‪:‬‬

‫فـــؤاد قــشاشـي‬
‫‪‬مـدخــــل‪:‬‬

‫شهند المغرب فني نهاينة القرن التاسنع عشنر مسنارا متنامينا للتدخنل الجننبي فني شؤوننه‬
‫الداخليننة‪ ،‬وترسننخ هذا الفعننل السننتعماري بحلول القرن العشريننن‪ ،‬أخذا مظاهننر الحتلل‬
‫العسكري المباشر بقيادة المبريالية الوربية؛ التي أصبحت في بحث دائم عن أسواق جديدة‬
‫لتصريف منتجاتها ووضع يدها على الموارد الولية في المستعمرات الجديدة‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فبعدمنننا تنننم إغراق المغرب فننني أزمنننة شاملة (اقتصنننادية وسنننياسية ومالينننة‬
‫واجتماعينة‪ ،)...‬خاصنة منن طرف فرنسنا إذ شرعنت هذه الخيرة فني احتلل أجزاء مهمنة منن‬
‫أراضينه(تيديكلت وكورارة ‪ 1901‬وفكينك ‪ 1903‬وصنول إلى وجدة والشاوينة سننة ‪،)1907‬‬
‫وبتزاينند السنننوات توسننع مجال الحتلل كبقعننة الزيننت‪ ،‬بهدف إحكام السننيطرة على المغرب‬
‫واحتلل مناطقننه الحيويننة والسننتراتيجية‪ ،‬التنني تكتسنني أهميننة بالغننة فنني مخطننط الحتلل‬
‫الفرنسي لشمال إفريقيا عامة والمغرب على وجه الخصوص‪.‬‬
‫ومننن دون شننك فقنند اسننتأثرت "بقعــة تازة" باهتمام شدينند مننن لدن رواد التنظيننر‬
‫العسننكري بالمغرب‪ ،‬بحيننث مباشرة بعنند دخول فاس سنننة ‪ ،1911‬تفطننن المسننتعمر للهميننة‬
‫السنننتراتيجية التننني يحتلهنننا موقنننع تازة وممرهنننا‪ .‬لهذا جندت المؤسنننسة العسنننكرية جمينننع‬
‫المكانيات والوسنائل لحتلل هذا الممنر الطنبيعي الفريند‪ ،‬الذي يعتنبر القناة السناسية لتحقينق‬
‫الربنننط اغرب والشرف‪ ،‬أي ربنننط توننننس بالمغرب عنننبر الجزائر فننني إطار منننا يسنننمى‬
‫بإمبراطورية شمال إفريقيا‪.‬‬
‫وعليننه‪ ،‬فانطلقننا مننن سنننة ‪ 1913‬بدأ السننتعداد لنجاز عمليننة الربننط بيننن المغرب‬
‫الشرقنني والغربنني بشتننى الوسننائل الممكنننة؛ إذ شرعننت قوات المغرب الشرقنني فنني تطننبيق‬
‫"برنامج العمليات العسكرية لسنة ‪ ،"1913‬الذي يتوخى بالساس تضييق الخناق والحد من‬
‫تحركات القبائل المتحكمة في مجال ممر تازة‪.‬‬
‫فأهمية هذا الممر أكدت عليها جميع الكتابات القديمة (الرحالة) والحديثة‪ ،‬حيث كتب‬

‫‪ " Augustin Bernard‬ل دا عي إل ى أن نن ب ه إ لى ا لهم ي ة ال كبر ى ال ت ي نرا ها‬

‫ف ن ي هذ ا ا لمم ن ر ال ذي يص ن ل ال غر ب بال جز ائر ‪ ،‬وتبق ن ى وحد ة ممتلك اتنننا‬

‫الف ريقي ة غير تامة ما لم ن ستو لي عليه"‪.1‬‬

‫فهذا القول "النموذج" أجمعنت علينه جمينع التأليفات العسنكرية الفرنسنية التني أرخنت لمنا‬
‫يسنمى بتهدئة‪ /‬احتلل المغرب؛ إذ ركزت جميعهنا على الهمينة السنتراتيجية لموقنع تازة‬
‫وممرهننا‪ .‬وهذا مننا أكده الجنرال ليوطنني بدوره عندمننا صننرح قائل" تازة قبننل شيننء"‪.‬‬
‫فالسنيطرة إذن على هذا الممنر تنبعنث منن أهمينة خصنائصه الطبيعينة والبشرينة ومقوماتنه‬
‫القتصادية والستراتيجية‪.‬‬

‫‪‬الهمية الطبيعية ‪:‬‬


‫يشكل ممر تازة من الناحية الطبيعية نقطة التقاء بين مجالين طبيعيين‪ ،‬وهما المجال‬
‫الطلسنني والريفنني‪ ،‬وهننو مجال يتميننز بتضاريننس وعرة تعرف بكثرة أوديتهننا‪ ،‬وفجاجهننا‬
‫‪. 2‬‬
‫العميقة ومرتفعات ذات سفوح شديدة النحدار ‪.‬‬
‫فهذا المجال الطنبيعي بتضاريسنه ومناخنه أصنبح وسنيلة فعالة منن وسنائل المقاومنة‪ ،‬إذ‬
‫اسنتغلته القبائل كآلينة دفاعينة مهمنة أحسننت توظيفنه لتعوينض نقنص التسنلح‪ ،‬بحينث منحهنا‬
‫إمكانيننة إعادة تنظيننم صننفوفها وترتيننب هجماتهننا المباغتننة والحتماء بالمرتفعات‪ ،‬مسننتخدمة‬
‫تقنينة الكنر والفنر فني إطار منا عرف بحرب العصنابات‪ .3‬وهذا منا مكنهنا منن اسنتنزاف قوة‬
‫المحتل وارباك خططه وتكتيكاته رغم تفوقه التكنولوجي‪.‬‬
‫فهذه الخصنوصيات المتميزة جعلت المؤسنسة العسنكرية الفرنسنية تفكنر منند البداينة فني‬
‫اختراق هذا الممنر وتجزينء القبائل المسنيطرة علينه‪ ،‬وهني تعلم أن هذا المجال شكنل مسنرحا‬
‫لصنراع جمينع الدول التني تعاقبنت على حكنم المغرب‪ .‬وذلك بالنظنر لمنا يوفره منن امكانات‬
‫‪1‬‬
‫‪-Augustin )Bernard(, Au Maroc, éd° Félix Alcon, Paris-1921, pp 365-366.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Idil )Amar( , L’évolution des structures sociales et spatiales dans le moyene Atlas du Nord- Est )Maroc(,‬‬
‫‪Thése de doctorat de 3eme cycle en géographie, Université de Toulouse, Décembre- 1982, pp 15- 16.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Voinot )Louis(, Sur les Traces Glorieuses des Pacificateurs du Maroc, Ed°charles- Lavauzelle, Paris- 1939,‬‬
‫‪p 120.‬‬
‫دفاعينة تعودت القبائل على اسنتغللها للتمننع عنن الخضوع لينة سنلطة خارجينة‪ ،‬المنر الذي‬
‫جعل سلطات الحماية تقتنع بضرورة السيطرة على هذا الموقع من أجل استكمال النجاح التام‬
‫لمخطط احتلل المغرب‪.‬‬

‫‪‬الهمية البشرية‪:‬‬
‫شكلت المقومات البشرينة التني يزخنر بهنا ممنر تازة‪ ،‬أهنم الركائز السناسية لمخطنط‬
‫الحتلل للسننيطرة على المنطقننة‪ ،‬فالدراسننات التنني أنجزهننا الرحالة وطاقننم السننتخبارات‬
‫الفرنسنننية حول المغرب‪ ،‬تقدم معلمات شافينننة ودقيقنننة حول هذه المناطنننق الجبلية‪ ،4‬بحينننث‬
‫وصفتها بخطورتها وضراوتها الحربية‪ ،‬وحبها للستقلل الذاتي‪.‬‬
‫فهدا المجال يشهنند تعايننش قبائل أمازيغيننة وعربيننة ( فنني لسننانها طبعننا)‪ :‬بننني ورايننن‬
‫والتسول وغياثة والبرانس وغيرها‪ ،‬وهي قبائل تشترك جميعها في تقاسم شيم العناد و البسالة‬
‫الحربية الفائقة اعترف بها المستعمر نفسه‪5‬؛ وهذه الصفات مجتمعة تنم على التمسك بالحرية‬
‫و السننتقلل وعزة نفننس وقوة شكيمننة رجالتهننا‪ .‬فهنني قبائل مجاهدة تقودهننا زعامات دينيننة‬
‫وسنياسية؛ كمنا أنهنا تجاور مقاومنة الرينف ثنم مقاومنة الطلس المتوسنط‪ ،‬ممنا يجعنل إمكانينة‬
‫التنسنيق والتعاون بينن هده الزعامات المتمركزة بالمجال المحينط أو القرينب منن ممنر تازة‪،‬‬
‫أمرا واردا في نظر المؤسسة العسكرية الفرنسية‪.‬‬
‫خلصة القول‪ ،‬أن هذه المعطيات البشرية تمثل وبدون شك صعوبات جمة أمام بلورة‬
‫المشروع الكولونيالي‪ ،‬ممننا دفننع رجالت التنظيننر السننتراتيجي الفرنسنني إلى التركيننز على‬
‫ضرورة تطوينننع واحتواء هذه القوة البشرينننة‪ ،‬ودلك بدءا بدراسنننات سنننيكولوجية" للهالي"‬
‫كوسنيلة يمكنن تشغيلهنا لتفكينك وإضعاف روابنط التحالف بينن القبائل‪ ،‬وتسنهيل فهنم تناقضاتهنا‬
‫واللعنب عليهنا‪ ،‬باعتبارهنا وسنائل مكملة للعمنل العسنكري‪ .‬كمنا أن كسنب هذه القبائل يشكنل ل‬

‫‪ - 4‬المودن (ع الرحمان)‪ ،‬البوادي المغربية قبل الستعمار‪ :‬قبائل ايناون والمخزن بين القرن السادس عشر والتاسع عشر‪،‬‬
‫سلسلة منشورات كلية الداب والعلوم النسانية بالرباط’ رسائل وأطروحات رفم ‪ ،25‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الطبعة الولى‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1995 -‬ص ‪. 205‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص ص ‪.206-205‬‬
‫محالة خزاننننا مهمنننا‪ ،‬لتطعينننم جينننش قوات الحتلل بجنود قوينننة المراس والقدرة الحربينننة‬
‫الماهرة‪.6‬‬

‫‪ ‬الهمية القتصادية‪:‬‬
‫منن جهتهنا تبقنى الهمينة القتصنادية لهذا الممنر‪ ،‬مسنألة ل يمكنن التغاضني عنهنا فني‬
‫مخطط احتلل المغرب’ علما أن الهداف الستعمارية كانت تروم أساسا تحقيق هذا المسعى‬
‫فني إطار منا عرفتنه منن أزمنة خلل مرحلتهنا المبريالينة‪ .‬فاحتلل ممنر تازة والسنيطرة التامنة‬
‫على هذا المجال ‪ ،‬مكنن سنلطات الحماينة منن قطنع مصنادر التموينن وموارد المياه عنن القبائل‬
‫المجاورة وخاصننة تلك الغيننر الخاضعننة‪ ،‬فهدا الحصننار –بدوره‪ -‬أيضننا سنناعد المؤسننسة‬
‫العسنكرية على تحقينق مرامني سنياسية تخدم الهداف القتصنادية‪ ،‬بحينث مكنهنا منن توسنيع‬
‫نفوذها على جميع أطراف المغرب النافع‪.7‬‬
‫كما أن هذه المنطقة مكنت اقتصاد سلطات الحماية المرتبط بالميتروبول‪ ،‬من التحكم‬
‫فني الطرق التجارينة القادمنة منن‪ /‬وإلى المغرب عنبر المحور الطرقني توننس المغرب مرورا‬
‫بالجزائر‪ ،8‬وهذا مننا يشكننل دعامننة أسنناسية للقتصنناد السننتعماري خصننوصا إبان الحرب‬
‫الكونية الولى‪ .‬إضاقة ( وهذا الهم) إلى أن احتلل هذا الممر أسهم في توجيه اقتصاد شبكة‬
‫قبائل المنطقننة وأغرق أسننواقها بالمنتجات المصنننعة خاصننة بفرنسننا؛ هذا التحكننم أيضننا منننح‬
‫مؤسنسة الحماينة إمكانينة مراقبنة اقتصناد هذه المنطقنة التني تعتنبر مركزا نشيطنا للسنلع المهربنة‬
‫وخاصننة السننلحة والذخيرة‪ ،‬وجعلهننا تتحكننم فنني كننل مننا تحتاجننه القبائل مننن وسننائل التزود‬
‫الضرورية لحياتها اليومية‪.9‬‬

‫‪ ‬الهمية الستراتيجية والسياسية‪:‬‬

‫‪-6‬‬
‫نفسه‪ ،‬ص ‪.196‬‬
‫‪7-‬‬
‫‪Bulltin du Comité de l’Afrique Française )B.C.A.F(, N°6 Juin- 1914, p 244.‬‬
‫‪-8‬‬
‫المودن ( ع الرحمان)‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.207‬‬
‫‪9-‬‬
‫‪Archives Nationale de Rabat ) A.N.R(, Rapport Mensuel d’ensemble du Protectorat, 1ere Partie, Situation‬‬
‫‪politique et Militaire, Avril- 1914, pp 1-3.‬‬
‫تبقنى الهمينة السنتراتيجية لممنر تازة العامنل الكثنر حيوينة فني مخطنط التوسنع‪ ،‬وهذا‬
‫منا نسنتشفه منن خلل الهتمام الكنبير الذي حظينت بنه منن لدن المؤسنسة العسنكرية وروادهنا‬
‫حتنى قبينل توقينع معاهدة الحماينة‪ ،‬إذ أن حلم المبراطورينة الفرنسنية فني شمال إفريقيا‪ ،10‬ل‬
‫يمكننه أن يكتمنل كمشروع إل بضنم المغرب وربطنه بالجزائر‪ .‬وهني عملينة تسنتدعي أسناسا‬
‫ربنط المغرب الشرقني بالمغرب الغربني عنن طرينق احتلل ممنر تازة‪ ،11‬الذي يعتنبر مسنألة‬
‫ضرورينة لضمان النجاح التام لمخطنط الحتلل؛ وهنو المنر الذي عنبر عننه بصنراحة المقينم‬

‫العام ليوطني مباشرة بعند سننة ‪ 1912‬بقوله‪ ":‬تاز ة قبنل كن ل شينء"‪ .12‬هذه الهمينة التني‬
‫تحظنى بهنا وممرهنا طبعنا‪ ،‬و التني ترجمهنا المقينم العام كأعلى سنلطة فني المغرب بهذا القول‬
‫مباشرة بعند احتلل فاس‪ ،‬نابعنة منن معرفنة ووعني دقيقينن بالمكاننة السنتراتيجية لهذا الممنر‬
‫ضمننن البرنامننج العام لمشروع الحتلل الفرنسنني للمغرب وشمال إفريقيننا عمومننا؛ ومدى‬
‫أهميننة هذا الممننر وحسنناسية موقعننه ليننس فقننط لكونننه ممرا اسننتراتيجيا وسننط شرق المغرب‬
‫وغربه فحسب‪ ،‬بل لكونه الممر الطبيعي القرب لربط المغرب بالجزائر‪13‬؛ إضافة إلى كونه‬
‫المعبر القرب والسهل لتحقيق حلم المبراطورية الستعمارية الفرنسية بشمال إفريقيا‪.‬‬
‫وبقراءة سننريعة لبرنامننج العمليات لسنننة ‪ ،1914‬تتضننح مننن خلل أهدافننه الولويننة‬
‫الممنوحننة لهذا الممننر‪ ،‬بحيننث تلح نقطننه على ضرورة الحفاظ على حريننة الحركننة’ وإعطاء‬
‫السنبقية البشرينة والعسنكرية للمجهودات التني تمكنن منن السنيطرة على منطقنة تازة‪ ،14‬سنيما‬
‫وأن المؤسنسة العسنكرية الفرنسنية توجند على أبواب الحرب العالمينة الولى‪ ،‬المنر الذي ل‬
‫يسنمح بطلب امدادات أكنبر‪ .‬فكاننت منطقنة منن الهداف السنتراتيجية الولى التني التزمنت‬
‫القيادة العسننكرية تحقيقهننا كغايات كننبرى لمخطننط السننيطرة على المغرب‪ ،‬حيننث أن بعننض‬
‫الكتابات الفرنسننية اعتننبرت السننيطرة على تازة ومراقبننة ممرهننا‪ ،‬هننو الكفيننل باسننتقرار‬
‫المبراطورية الفرنسية بشمال إفريقيا‪ ،‬إذ يقول أوغستان برنار(‪( Augustin Bernard‬‬

‫‪10-‬‬
‫‪Catroux ) Génerel(, Lyautey le Marocain, Ed° Hachette, Paris- 1952, pp 140- 141.‬‬
‫‪11‬‬
‫‪- Vial ) Jean(, Le Maroc Héroïque, Librairie Hachette, Paris- 1938, pp 96- 97.‬‬
‫‪12 -‬‬
‫‪Gaulis )B.G(, La France au Maroc, Armond Collin, Paris- 1919, p 104.‬‬
‫‪13 -‬‬
‫‪Guillaume )Augustin Général(, Homme de Guerre, Ed° Pichon, Paris, sans date, p 40.‬‬
‫‪14 -‬‬
‫‪Lyautey )Général(, Rapport général sur la situation du Protectorat du maroc au 31 Juillet, Rabat- 1914,‬‬
‫‪pp 28- 30.‬‬
‫" فطال ما أن هذ ه الطر ي ق لي س ت بأيدي نا‪ ،‬فإن وحدة إمب راطو ريت ن ا تب ق ى غ ير‬

‫ثا بتة "‪.15‬‬

‫وهكذا تتجلى بوضوح الهمينة السنتراتيجية لهذا الممنر والمنطقنة ككنل‪ ،‬حينث يجنب‬
‫التأكيننند على أن هذا الهتمام الكنننبير نابنننع منننن ضرورة سنننياسية‪ ،‬تشكنننل مرتكزات وجود‬
‫المؤسنسة العسنكرية وأهدافهنا السنتراتيجية المتمثلة أهمهنا أسناسا‪ :‬فني ضرورة ربنط المغرب‬
‫بالجزائر‪ ،‬وتحقيق التواصل والتصال السريع‪ ،‬بالنظر لما له من مزايا اقتصادية وعسكرية‬
‫وسنياسية‪ .16‬كمنا أننه بواسنطة التحكنم فني هذا الممنر واختراقنه‪ ،‬تمكننت القوات الفرنسنية منن‬
‫عزل المقاومنة الطلسنية الملتهبنة عنن المقاومنة الريفية‪ ،17‬والقضاء على كنل أشكال التنسنيق‬
‫والمقاومنة المشتركنة‪ ،‬التني قند تسنتغلها بعنض الزعامات عنبر السنتفادة منن شروط الحرب‬
‫العالمية الولى‪ .18‬فالسيطرة إذن على منطقة تازة بممرها هو اكتساب لمجال حيوي وطبيعي‬
‫له مقوماتننه وثرواتننه مننن جهننة‪ ،‬ومننن جهننة ثانيننة هننو مجال بشري يمنننح للمسننتعمر إمكانيننة‬
‫استغلله لتغذية آليته الحربية والعسكرية‪ ،‬تحقيقا لسياسات وأهداف الميتروبول في المغرب‪.‬‬
‫وبحلول سننة ‪ 1914‬نضنج التفكينر الجدي والعملي لدى المؤسنسة العسنكرية لحتلل منطقنة‬
‫تازة لتوسنيع مجال نفوذهنا فني المغرب‪ ،‬وهكذا تنم الشروع فني الزحنف على تازة منن جهنة‬
‫الشرق بقيادة قوات "‪ ،"Boumgarten‬ومنننننننن الغرب تتقدم قوات الجنرال"‪." Gouraud‬‬
‫الذي تمكننن مننن دخول تازة صننحبة المقيننم العام الجنرال ليوطنني بشكننل رسننمي يوم ‪ 17‬ماي‬
‫‪ .191914‬وقنند رصنندت لهذه العمليننة وسننائل عسننكرية هامننة‪ ،‬بحيننث تننم تركيننز المجهود‬
‫العسكري وآلياته الحربية بالمنطقة‪ ،‬وتم تحقيق عملية الربط بواسطة المزاوجة بين المجهود‬
‫السياسي والعسكري‪.‬‬
‫فعلوة على كون إخضاع هذا الممننر ومنطقننة تازة‪ ،‬يحقننق الغايات الكننبرى لمخطننط‬
‫الحتلل الهادف إلى السننننيطرة على شمال إفريقيننننا والمغرب‪ ،‬فإن المسنننناك بهذا المجال‬

‫‪15 -‬‬
‫‪Bernard )A(, op. cit, p 366.‬‬
‫‪16 -‬‬
‫‪Vial )Jean(, op. cit, pp 96- 97.‬‬
‫‪17 -‬‬
‫‪Voinot )L(, op. cit, p 120‬‬
‫‪ - 18‬للمزيد من التفصيل في هذه النقطة انظر بحثنا لطروحة السلك الثالث بعنوان‪ :‬الحتلل الفرنسي لبقعة تازة‪:‬‬
‫الستراتيجية العسكرية والمقاومة المحلية (‪.)1926 -1912‬‬
‫‪ - 19‬للمزيد من التفاصيل حول احتلل نازة يمكن الجوع الى الجنرال فوانو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬من الصفحة ‪ 119‬الى ص ‪.124‬‬
‫يستجيب كذلك لضرورة سياسية دولية ومحلية وميدانية في المنطقة‪20‬؛ إذ يساعد على التحكم‬
‫في أجزاء هامة من ملوية‪ .‬كما أنه يوفر غطاء حقيقي لحماية تقدم إنجاز خط السكة الحديدية‪،‬‬
‫الذي يربط مباشرة الدار البيضاء بالجزائر وتونس‪ .‬إضافة إلى كونه يمنح المؤسسة العسكرية‬
‫بالمغرب إمكانية ضمان قاعدة ترابية‪ /‬مجالية واسعة لتجميع الموارد بمختلف أنواعها‪.21‬‬
‫فهذا النجاز التاريخني فني مسنيرة الحتلل الفرنسني يسنهل على مختلف المصنالح العسنكرية‬
‫والسنياسية إمكانينة التقرب منن القبائل‪ ،‬وإعطائهنا الثقنة اللزمنة خصنوصا تلك التني خضعنت‬
‫من قبل‪ ،‬ونقصد تلك المتواجدة على الضفة اليسرى مثل هوارة‪ .‬نضيف أيضا أن احتلل هذا‬
‫الممر يمكن رواد المدرسة الستعمارية بالمغرب من الدخول في اتصال سريع‪ ،‬ومباشر مع‬
‫بني وراين وغياثة في أفق وضع سياسية ناجعة لتفكيكهم‪ ،22‬والتقدم باتجاه ألطلس المتوسط‬
‫الشمالي الشرفي‪ ،‬الذي ينفرد بموقعه المتميز وسط المغرب‪.‬‬
‫عقننب هذا النصننر التاريخنني فنني مسننار الحتلل الفرنسنني للمغرب‪ ،‬تكون المؤسننسة‬
‫العسنكرية قند حققنت أهدافهنا الكنبرى ضمنن برنامنج مخطنط السنيطرة على المغرب‪ ،‬بحينث‬
‫تمكننت منن احتلل تازة وممرهنا السنتراتيجي فني ظرف قياسني وجند مناسنب‪ ،‬لكنن مصناعب‬
‫هذه السننيطرة أخذت فنني التنامنني بفعننل تظافننر معطيات محليننة وأخرى دوليننة‪ ،‬كان أهمهننا‬
‫الوضعية التي أصبح يعيشها المغرب بعد اندلع الحرب العالمية الولى‪.‬‬

‫‪20-‬‬
‫‪Bigot )Pierre(, " Taza, vielle cité Marocaine commande la voie Fès- Oujda", Journal‬‬
‫‪l’Echo- d’Oran, Mardi 24 Août 1948, p4.‬‬
‫‪21 -‬‬
‫‪Vial ) J(, op . cit, p 94.‬‬
‫‪22 -‬‬
‫‪Idil )A(, op. cit, pp 91- 92.‬‬

You might also like