You are on page 1of 152

‫بين الشيعة‬

‫وأهل السنة‬
‫تأليف ‪ /‬إحسان إلهي ظهير‬
‫رئيس تحرير مجلة "ترجمان الحديث" لهور –‬
‫باكستان‬
‫والمين العام لجمعية أهل الحديث – باكستان‬
‫مقدمة‬
‫الح مد ل رب العالم ين‪ ،‬وال صلة وال سلم على خا تم المع صومين‪ ،‬وأشرف المر سلين‪،‬‬
‫وعلى آله وأصحابه الغر الميامين‪ ،‬ومن سلك مسلكهم واهتدى بهديهم إلى يوم الدين‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫إن م صر قلعة من قلع السلم وحصن من حصونه‪ ،‬وإنها لمهد للحضارة السلمية‪،‬‬
‫معهد للعلوم والفنون‪ ،‬وهي بلد الزهر‪ ،‬وموطن العلماء‪ ،‬وإنها لمحط أنظار المسلمين‪ ،‬ومهوى‬
‫أفئدتهكم وقلوبهكم‪ ،‬كمكا أنهكا كانكت ول زالت كعبكة عشاق العلم وطلبكه‪ ،‬ومورد رواد الفككر‬
‫ومشتاقكي الدراك والمعرفكة‪ ،‬وهكي مقكر الكتاب‪ ،‬ومسكتقر الدعاة‪ ،‬وموطكن الفقهاء‪ ،‬ومنبكت‬
‫المحدثين‪ ،‬لها ماضيها المجيد وحاضرها الحميد‪ ،‬ينظر إليها المسلمون في كل قطر من أقطار‬
‫الرض‪ ،‬وبقعكة مكن بقاعهكا‪ . .‬نظرة إكبار وتقديكر لمكا لهكا مكن أياد بيضاء فكي إنارة الفككر‬
‫السلمي وإضاءة الطرق أمام منتهجيها وسالكيها‪ ،‬فينظرون إلى كل ما صدر منها نظرة الثقة‬
‫والعتماد والت صديق ل صالة علوم ها‪ ،‬ور سوخ علمائ ها في ها‪ ،‬ولتحمل هم أعباء الدعوة بوجوه ها‬
‫الصحيحة‪ .‬وأسسها الصيلة‪ .‬وقواعدها المتينة الرزينة‪ . .‬بالمانة العلمية والمسئولية الدينية‪ ،‬مع‬
‫اعتقاد هم أن ل ع صمة ل حد ب عد نبي ال خا تم المع صومين و سيد المر سلين‪ ،‬ول بد للعالم من‬
‫زلة وهفوة‪ ،‬ك ما أ نه ل بد للفارس من كبوة‪ ،‬فغ فر ال لمقترفي ها بغ ير ق صد‪ ،‬ومرتكبي ها بدون‬
‫ربنا ل تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ‪[ . . .‬سورة البقرة‪ :‬الية ‪.]286‬‬ ‫تعمد‪:‬‬
‫ولكن لم يكن ليخطر على بال أحد أن علما من أعلمها‪ ،‬ورجلً من رجالتها‪ ،‬يحمل قلما‬
‫في يوم من اليام‪ ،‬ليك تب في موضوع ح ساس عو يص‪ ،‬له أبعاده وأخطاره – و هو ل يعرف‬
‫عنه شيئا – وعفا ال عنه إن لم يكن يعرف – ول أظنه يعرف – لنه ل يتصور من أمثاله أن‬
‫يخاطر بنفسه‪ ،‬ويقع في مثل هذه المزالق‪ ،‬التي قد تذهب به وبآثاره الماضية في مكان سحيق ل‬
‫يتوقكع النجاة منكه‪ ،‬ويهدم بكه مكا بناه مكن أمجاد ومكا أداه مكن خدمات إلى حيكث ل يرجكى‬
‫استرجاعها‪ ،‬ويا ليتني لم أقرأ له هذه الرسالة أو يقع نظري على تلك الفقرة‪ ،‬التي يقرر فيها‪ :‬أنه‬
‫لم يدخر وسعا في بحثه‪ ،‬في تحري الحقيقة! مع أنه لم يتحر الحقيقة‪ ،‬ولم يبذل وسعه في البحث‪،‬‬
‫وإن كان هذا هو و سعه‪ ،‬أظهره في كتي به‪ ،‬الذي ن حن ب صدد ذكره الن‪ ،‬ف ما أظ نه على سعة‬
‫وسعه الذي بذله في كتبه الكثيرة التي نشرت قائمته في آخر كتيبه‪ ،‬مفخرة لعلمه وشرفا لثاره‪.‬‬
‫‪!.‬‬
‫وإذا كان هذا هو مفهوم تحري الحقي قة عنده في هذه الر سالة فل بد أن تتل شى الحقائق‬
‫عند من يقف على كتبه ومنشوراته!‬
‫لقكد سكمعت الكثيكر عكن علم الدكتور علي عبكد الواحكد وافكي وحدثنكي عنكه العديكد مكن‬
‫الصدقاء حتى دفعني الشوق إلى لقائه‪ ،‬فإذا أنا أطرق باب مصر وأدخلها طالبا للعلم‪ ،‬ومكتسبا‬
‫فضائل ها‪ ،‬ومغترفا من بحار ها‪ ،‬ممنيا الن فس باقتناء طرف من علوم ها ومعارف ها‪ ،‬متشوقا إلى‬
‫آثار ها ومعالم ها‪ ،‬وإلى كتب ها وكتّاب ها‪ ،‬ومبتغيا طرائف ها ونفائ سها‪ ،‬وأثناء ترددي على مكتبات ها‪،‬‬
‫باحثا عن الكتب الفاطمية وعن الوثائق السماعيلية التي أشتغل بالكتابة عنها‪ ،‬التفت إلى كتيب‬
‫صكادر منكذ فترة وجيزة لذلك الشيكخ الذي تحدث عنكه المتحدثون‪ ،‬وسكمع بكه السكامعون‪ ،‬تحكت‬
‫عنوان‪" :‬بين الشيعة وأهل السنة"‪.‬‬
‫ولقد جذبني عنوان الكتيب إليه‪ ،‬لما ابتليت بالقوم ابتلء طويلً‪ ،‬كما زادني انجذابا إليه‪. .‬‬
‫اسم كاتبه‪ ،‬فمؤلفه دكتور في الداب من جامعة باريس‪ ،‬وعضو المجمع الدولي لعلم الجتماع‪،‬‬
‫وعميد كلية العلوم بجامعة أم درمان‪ ،‬وعميد كلية التربية بجامعة الزهر‪ ،‬ووكيل كلية الداب‪،‬‬
‫ورئيكس قسكم الجتماع بجامعكة القاهرة سكابقا – عفكا ال عمكا سكلف – فنسكيت كتكب الفاطميكة‬
‫والفاطمي ين‪ ،‬واشتغلت بتقل يب أوراق الكت يب‪ ،‬ولم أب خل بشراء ن سختين م نه‪ ،‬ظنا م ني أن م ثل‬
‫فضيل ته ل يكتب إل ب عد إلمام بالموضوع إلما مة كاملة‪ ،‬وإدرا كه له حق الدراك‪ ،‬وب عد معرفته‬
‫بجوان به كله‪ ،‬وتعم قه في سبر أغواره‪ ،‬وزيادة على ذلك دعواه في بدا ية مقدم ته بأ نه لم يد خر‬
‫وسعا في بحثه هذا‪ . .‬في تحري الحقيقة‪ ،‬وأيضا‪ . .‬فقد سمعت من قبل من بعض المحبين له‬
‫ولي أنه شرع في كتابة هذا الموضوع!‪ . .‬فعدت بنسختين من كتابه إلى الفندق الذي نزلت به‪،‬‬
‫عاجلً‪ . .‬شوقا إلى لقياه من خلل كتيبه هذا‪ ،‬الذي يعد بالنسبة لي أول تصنيف له أطالعه وأقرأ‬
‫ف يه – ف يا لح سرتي‪ ،‬وأ سفا لشو قي‪ ،‬وت سمع بالمعيدي خ ير من أن تراه – ول قد خاب أملي في‬
‫الستفادة منه‪ ،‬بل انقلبت إلى التأسف والندم‪ ..‬فيا ليتني لم أقرأ شيئا لفضيلته‪ ،‬واكتفيت بالسماع‬
‫ع نه بدل اللتقاء به من خلل ر سالته هذه ‪ ،‬ول كن ل يس ال سمع كالمعاي نة‪ ،‬ول يس من راء ك من‬
‫سمعا‪ ،‬ولعل كتب فضيلته الخرى ل تكون على شاكلة هذا المؤلف‪ ،‬من بذل الوسع في البحث‬
‫تحريا للحقيقة مثل هذه الرسالة‪ ،‬وال غافر السيئات ومكفر الخطايا‪ ،‬وإنه لستار العيوب‪.‬‬
‫‪ . .‬وإني لعلى يقين‪ ،‬بأن فضيلة الدكتور كلف نفسه عناء لم يستطع حمل أعبائه في هذا‬
‫العمر الخير‪ ،‬حيث تضعف القوى‪ ،‬وتتوانى الهمم‪ ،‬وتكل العزائم‪ ،‬وينفلت زمام المبادرة من يد‬
‫الفارس المغوار‪ ،‬ك ما ينفلت زمام العلم والف كر‪ . .‬من يد العالم المب صر‪ ،‬ف هو لطول حيا ته قد‬
‫خا نه الب صر الح سير الكل يل‪ ،‬وأعياه الزمان‪ ،‬وأقعده الد هر‪ ،‬وخان ته الذاكرة‪ ،‬وله العذر‪ !..‬ولول‬
‫هذا ل ما ك تب ما ك تب‪ ،‬ول ما ألف ما ألف‪ ،‬ولم ي بد ف يه ما أبدى من العجائب والغرائب‪ ،‬و من‬
‫المضحكات والمبكيات‪ ،‬من الخطاء الصريحة والغلط الفاحشة‪ ،‬ولم يصل إلى ما وصل إليه‬
‫من الح كم والرأي في الشي عة ومعتقدات هم‪ ،‬ولم يرض ما تقوّله بدون علم وبدون معر فة‪ .‬ون حن‬
‫ول تقف ما ليس لك به علم إن السمع‬ ‫مأمورون بأل نقول بدون علم‪ ،‬ول نتكلم بدون معرفة‪:‬‬
‫[سورة السراء الية ‪.]36‬‬ ‫والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولً‬
‫وخاصة في مثل هذه المباحث التي تسبب تضليل كثير من الناس‪ ،‬وإيقاعهم في المتاهات‬
‫والضللت‪ ،‬بسبب زلة عالم وهفوة كاتب‪ ،‬اعتمادا على من قرءوا له‪ ،‬وثقة لما سمعوا به عنه‪،‬‬
‫وعلى ذلك يخاف أخوف ما يخاف من غل طة عالم وزل ته – سامحه ال على ما ك تب وغ فر ل نا‬
‫وله إنه لغفور رحيم وعفو كريم ‪.-‬‬
‫هذا ول أدري مكا هكي السكباب التكي دفعكت فضيلة الدكتور وافكي إلى أن يكتكب هذه‬
‫الر سالة؟ وكان في غ نى عن أن يكتب ها‪ ،‬ح يث أ نه يج هل أ صول مذ هب الشي عة الث نى عشر ية‬
‫وأسسه التي قام عليها‪ ،‬وليس عنده من كتب القوم شيء – كما يظهر من قراءة رسالته هذه –‬
‫ح تى ي ستطيع أن يعلم ما ج هل‪ ،‬ويعرف ما لم يعرف‪ ،‬ثم ي صل إلى الح كم في هم‪ ،‬و في عقائد هم‬
‫ول يكلف ال نفسا إل وسعها ‪[ ..‬سورة البقرة الية ‪ – ]286‬لنه في كتيبه هذا‪..‬‬ ‫ومذهبهم –‬
‫لم ينقل عبارة واحدة من كتب القوم أنفسهم رأسا وبل واسطة‪ ،‬اللهم إل ما نقله من الذين كتبوا‬
‫عنهم‪ ،‬نقلً محضا بدون تعقل ول تبصر‪ ،‬مع ادعائه بأنه حقق آراءهم من أوثق المصادر لديهم‬
‫[بين الشيعة وأهل السنة ص ‪ 20‬تحت عنوان "موضوع البحث وأغراضه"]‪.‬‬
‫فإن كان قصده النقل المحض عن الخرين الذين كتبوا عن الشيعة‪ ،‬فما فائدة كتاباته إذن‪،‬‬
‫وكفى ال المؤمنين القتال؟‬
‫و من غرائب الشياء أن فضيل ته ي ضع في آ خر هذه الر سالة قائ مة ل هم المرا جع عن‬
‫الشي عة‪ ،‬يذ كر في ها كتبا كثيرة مع أ نه – حف ظه ال – لم ين قل عن وا حد من ها عبارة واحدة بل‬
‫وا سطة‪ ،‬ك ما لم يرد ذ كر لكث ير من ها في الكت يب ولو بوا سطة‪ ،‬ولول ح سن ظ ني به ح سب ما‬
‫أمرنا النبي عليه أفضل الصلة والسلم " ظنوا بالمؤمنين خيرا " [وقد قيل‪ :‬إنه من قول عمر‬
‫بكن الخطاب‪ .‬انظكر‪ :‬كتاب خطبكه ووصكاياه للدكتور محمكد عاشور]‪ .‬لذهكب بكي الخيال إلى‬
‫افتراض دوافع كثيرة إجابة لسئلة محيرة‪ ..‬ما الذي جعل الشيخ يكتب كتيبا‪ ،‬ربما يقضي على‬
‫كل ما كتبه سابقا من الكتب القيمة – حسب رجائي وتمنياتي – وتركه من الثار الطيبة؟‪ ،‬وما‬
‫الدوافع إلى أن يهدم في عمره الخير كل ما بناه في ماضيه وسالف أيامه وهو يعلم ما نبه ال‬
‫ول تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ‪[ ..‬سورة‬ ‫المؤمنين العاملين عليه بقوله‪:‬‬
‫النحل الية ‪.]92‬‬
‫وهذا هو حسن ظني به والذي يجعلني أقف منه موقف المعتذر عنه أن ما ذهب إليه في‬
‫رسالته كلها‪ ،‬ما صدر منه‪ ..‬إل لعدم المعرفة والعلم بأشياء‪ ،‬هي ثابتة في كتب القوم وعقائدهم‪،‬‬
‫وإن فضيلة الدكتور لم يكبرئ سكاحة الشيعكة عكن العقائد التكي يعتقدونهكا‪ ،‬وعكن الراء التكي‬
‫يحملونها‪ ،‬ولم يدافع عنهم إل عن جهل ل لشيء آخر – وإني لعتذر عن هذه الكلمة الشديدة –‬
‫ل نه ل يد فع الوهام ع نه إل هذه الكل مة ال تي وإن كا نت ل كبيرة‪ ،‬ف هي ال تي تد فع ع نه الظنون‬
‫والشبهات‪ .‬في زمان كثرت ف يه القلم الم ستأجرة وشاع ف يه الكلم المأجور‪ ،‬وإل ف هل يت صور‬
‫من عالم يعلم أصول مذهب الشيعة الثنى عشرية أو الجعفرية كما يسميهم الدكتور وافي‪ ،‬ويعلم‬
‫أ سس شري عة ال ال تي جاء ب ها مح مد صلوات ال و سلمه عل يه ويعت قد ب ها الم سلمون أي أ هل‬
‫ال سنة بالذات‪ .‬ثم يك تب "بأن الخلف بين نا وبين هم – مه ما بدا في ظاهره كبيرا – ل يخرج في‬
‫أهم أوضاعه عندنا وعندهم عن حيز الجتهاد – المسموح به" [الرسالة المذكورة ص ‪.!]4‬‬
‫فيكا للسكذاجة والطيبكة‪ ،‬ويكا للجهكل وعدم معرفكة المور‪ ،‬مكن رجكل ذاع صكيته وعمكت‬
‫شهرته‪ ،‬فمتى كانت الحكام بهذه السذاجة وبهذه الطيبة؟ فهل يمكن لفضيلة الدكتور أو لغيره أن‬
‫يثبت من كتاب واحد من كتب الشيعة‪ ،‬التي كتبت لبيان مذهب السنة‪ ،‬وتعريفه للشيعة‪ ،‬أن يكون‬
‫الحكم فيه كهذا أو شبيهه في أهل السنة؟‬
‫كل ورب الكعبكة لم يصكدر مثكل هذا الحككم عكن أهكل السكنة فكي كتاب شيعكي على مكر‬
‫الزمان ومدى التاريخ‪ ،‬حتى ول في كتاب دعاية كتب على التقية والمداراة والمسايرة!!‪.‬‬
‫فما الذي دفع فضيلة الدكتور علي عبد الواحد وافي عضو المجمع الدولي لعلم الجتماع‪،‬‬
‫بأن يكون اجتماعيا مع الذ ين ل يؤمنون بالجتماع‪ ،‬وأن يدا فع عن هم في بلدة سنية صانها ال‬
‫وأهلهكا من النيكل مكن كرا مة خلفاء ال نبي الراشديكن‪ ،‬الهداة المهدييكن‪ ،‬رفا قه الخيرة وأ صحابه‬
‫البررة‪ ،‬وأزواجه أمهات المؤمنين؟ البلد التي وقاها ال وحفظها وطهرها من أناس طالما وقعوا‬
‫فكي أسكلف هذه المكة وقادتهكا وزعمائهكا‪ ،‬وطعنوا ومكا يزالون يطعنون فكي خيار خلق ال‬
‫وصكفوته‪ ،‬حملة هذه الشريعكة المطهرة‪ ،‬ونقلة هذا الديكن الحنيكف‪ ،‬وحفظكة القرآن‪ ،‬ورواة سكنة‬
‫نبي نا المختار صلوات ال و سلمه عل يه‪ ،‬ن عم ماذا ير يد فضيل ته بدفا عه عن هذه الطائ فة‪ ،‬الذ ين‬
‫جعلوا القرآن عضين‪ ،‬ونبذوه وراء ظهورهم‪ ،‬واتخذوه مهجورا؟ واعتقدوا بعدم حفظه وصيانته‬
‫إلى الناس وحملوها‬ ‫من وقوع التغيير والتحريف فيه‪ ،‬وكفروا جميع من نقلوا أخبار الرسول‬
‫إلينا‪ ،‬وجعلوا الكذب شعارً ودينا‪.‬‬
‫وك يف ي سوغ له أن يبرئ ساحتهم من العتقادات ال تي يحملون ها‪ ،‬ويدينون ب ها‪ ،‬و هي‬
‫أسكاس مذهبهكم وديانتهكم‪ ،‬بككل سكذاجة وبككل طيبكة‪ ،‬وبككل جرأة؛ ملتمسكا لهكم العذار التكي لم‬
‫يلتم سوها لنف سهم قط‪ ،‬ومخترعا ل هم المعاذ ير ال تي لم يرضو ها ل هم‪ ،‬في بلدة سنية خال ية من‬
‫الشيعة والتشيع بعد ما ذاقت المرين في عصر من ماضيها أيا تسلط طائفة [أي أيام الفاطميين‬
‫الذين يذكرهم الدكتور وافي في كتيبه هذا بأنه لم يكن مذهبهم بعيدا كل البعد عن مذاهب أهل‬
‫السنة‪ ،‬ولم تكن وجوه الخلف بينه وبينهم لتزيد كثيرا عن وجوه الخلف بين أهل السنة بعضهم‬
‫مع بعض (ص ‪ )15‬وسيأتي بيان ذلك قريبا في محله إن شاء ال] منهم عليها‪ ،‬وشهدت مساجدها‬
‫‪،‬‬ ‫وجوامعها المجالس العديدة التي كانت توجه فيها للسباب والشتائم إلى سادة أصحاب محمد‬
‫ووزرائه وخلفائه على مل من الشهاد‪ ،‬وعلى مرأى من المسلمين ومسمعهم؟‬
‫هل عن قصد أو تعمد؟ – ل جعلنا ال نعتقد فيه هذا العتقاد – أم عن عدم فهم ومعرفة؟‬
‫– وهذا هو الظن الغالب – ولكن كان عليه أن يتعقل قبل القدام من عواقبه الوخيمة‪ ،‬ويتبصر‬
‫في نتائجها السيئة حيث أن كثيرا من الشباب الذين يجهلون التشيع كليا‪ ،‬ول يعرفون حقيقته قليلً‬
‫أو كثيرا – سيقعون في شراك هم وحبائل هم الممدة والمن صوبة من كل ناح ية و في كل جا نب‬
‫ليقاعهم فيها ولصطيادهم‪ ،‬وخاصة في هذه الونة الحرجة التي كثرت فيها الدعايات المزورة‪،‬‬
‫ون شط في ها التبش ير الشي عي‪ ،‬وازداد غزوه للبلد ال سنية الم سلمة وأهالي ها‪ ،‬وكثرت في ها القلم‬
‫المأجورة‪ ،‬وانتشرت فيهكا الكتكب المشبوهكة‪ ،‬مثيرة الشبهات والشكوك فكي عقيدة أهكل السكنة‬
‫ل متواترا إلى يوم نا‬
‫‪ ،‬و عن أ صحابه نق ً‬ ‫والجما عة‪ ،‬العقيدة المنقولة المتوار ثة عن ر سول ال‬
‫هذا‪.‬‬
‫نعم! ماذا يقصد من وراء هذه الكتيبات والرسائل وأمثالها؟‪ ..‬لقد كان المفروض أن يتنبه‬
‫المسكلمون‪ ،‬وشبابهكم بالذات‪ ،‬إلى مفاسكد هؤلء الناس‪ ،‬وقبائحهكم‪ ،‬وشنائع عقيدتهكم‪ ،‬وفضائحهكم‬
‫التي ارتكبوها ضد المسلمين في مختلف العصور والدهور‪ ،‬وإن ما يجري الن ضد المسلمين‬
‫السكنة فكي إيران مكن المظالم والضطهادات راجكع إلى أنهكم ل يؤمنون بمكا يعتقده القوم‪،‬‬
‫ومخالفت هم عقائد هم وأفكار هم ال تي يحملون ها تجاه القرآن وحفظ ته‪ ،‬ونقلة سنته‪ ،‬وحاملي رايات‬
‫السلم المظفرة المنصورة‪.‬‬
‫نعم! ينبغي أن يكون هذا هو مقصد علماء السنة وكتّابهم لينبهوا من كان غافلً‪ ،‬ويعلموا‬
‫من كان جاهلً‪ ،‬ويزيدوا معرفة من كان بصيرا‪ ،‬بدل أن يقربوا إليهم عقائدهم‪ ،‬وليهونوا عليهم‬
‫مساويهم‪ ،‬ويحيبوا إليهم أضاليلهم وأباطيلهم‪ ،‬بل أنه يجب على علماء مصر عامة‪ ،‬وعلى علماء‬
‫الزهر خاصة – لما لهم من مكان القيادة الفكرية؛ والصدارة العلمية في العالم العربي بالذات –‬
‫أن يقوموا بتب صير الناس بأ مر الشي عة الذ ين بدأ خطر هم يزداد وي كبر‪ ،‬ب عد تر بع التش يع على‬
‫عرش إيران‪ ،‬وو ضع جم يع المكانات والو سائل في سبيل نشره وت صديره خارج إيران‪ ،‬وإلى‬
‫البلدان ال سلمية ال سنية خا صة‪ ،‬وب عد انخداع كث ير من الشباب الم سلم بثورت هم لعدم معرفت هم‬
‫بحقائق المور وخفاياهكا‪ ،‬وأنهكا ثورة التشيكع ل ثورة السكلم‪ ،‬وأنهكا ثورة شيعيكة ل ثورة‬
‫إ سلمية‪ ،‬وبتعبير صحيح وصريح أكثر‪ :‬إنها ثورة شيع ية على السلم‪ ،‬تر يد ابتلع المسلمين‬
‫خارج إيران‪ ،‬وإذابتهكم داخلهكا‪ ،‬وككل مكن يتتبكع أحداث إيران اليوم ووقائعهكا‪ ،‬يدرك تماما ماذا‬
‫يقصده القوم‪ ،‬وإلى ماذا يهدفون‪.‬‬
‫فالمظالم ال تي ت صب على الكراد‪ ،‬والفضائح ال تي ترت كب في بلو ش ستان‪ ،‬والدماء ال تي‬
‫تراق في عرب ستان‪ ،‬والعتقادات الوا سعة ال تي تجري في تبريز و ما حول ها‪ ،‬لي ست إل و سيلة‬
‫لبادة أهل السنة نهائيا‪ ،‬أو لدمجهم في صفوف الشيعة دمجا كاملً‪.‬‬
‫ولم يأت على أ هل ال سنة من الم سلمين في إيران زمان أ شد وطأة وأث قل ضر بة من هذا‬
‫الزمان‪ ،‬ول أصعب وأعسر في الحفاظ على دينهم ومعتقداتهم‪ ،‬إل ما نقل عن الصفويين‪ ،‬ولعله‬
‫لم يكن ذاك الزمان يضاهي هذا الزمان ويوازيه‪ ،‬في ظلمه وقسوته‪ ،‬حيث لم يكن آنذاك وسائل‬
‫البادة والتدم ير كهذه‪ ،‬ك ما لم ي كن سلب البناء من الباء ليداع هم المدارس الشيع ية ومرا كز‬
‫التشيع من الصغر‪ ،‬كي ل يبقى عندهم أدنى معرفة وإلمام بمذهبهم‪ ،‬ومعتقداتهم‪.‬‬
‫ومكا أشكد بؤسكهم وأسكوأ حالهكم لن العالم السكلمي السكني فكي غفلة عمكا يجري على‬
‫إخوان هم في إيران‪ ،‬وإن هم ل صم وع مي عن صيحاتهم ونداءات هم المتكررة لن صرتهم وإغاثت هم‪،‬‬
‫وذلك أن القوم اجترءوا على غزو السنة خارج إيران‪ ،‬وفي بلدانهم‪ ،‬وعقر دارهم‪ ،‬وملئوا مدنهم‬
‫وقراهم بمنشوراتهم الزائفة وكتبهم المزيفة‪ ،‬وزاد الطين بلة أنهم بدل أن يجدوا مواجهة من قبل‬
‫علمائهم‪ ،‬لصد تيارهم الجارف‪ ،‬وصد هجومهم السافر‪ ،‬وجدوا ضمائر مبيعة‪ ،‬وأقلما رخيصة‪،‬‬
‫وعقولً مخدوعكة إل مكن رحكم ربكك‪ ،‬فطاروا مرحا ونشاطا وفرحا وسكرورا‪ ،‬وسكهلت عليهكم‬
‫مهمتهم‪ ،‬وقربت إليهم أمنيتهم‪ ،‬فشمروا عن ساق الجد‪ ،‬واأسفا على تحقيق باطلهم‪ ،‬وتقاعس أهل‬
‫الحق لتثبيت حقهم‪ ،‬والدفاع عن حوزة حرماتهم وعقائدهم‪.‬‬
‫ف هل من مب صر يتب صر‪ ،‬وعا قل يتع قل‪ ،‬وعالم يعلم أ نه ل يو جد في إيران كل ها ش خص‬
‫واحد يستطيع أن يدعو الناس إلى السنة وعقائدهم‪ ،‬ول من يقدر أن يمنع الشيعة عن غلوائهم في‬
‫القدح والطعكن فكي القرآن والسكنة‪ ،‬وأصكحاب رسكول ال المبشريكن بالجنكة‪ ،‬وأزواجكه أمهات‬
‫المؤمن ين بشهادة القرآن‪ ،‬بدل أن يدعو هم إلى التقارب والتحا بب إلى أ هل ال سنة‪ ،‬وإظهار القول‬
‫بأن مذهبهم ل يخرج في أهم أوضاعه عن حيز الجتهاد المسموح به؟!‬
‫فيا علماء مصر! رحمكم ال – أل تخبرون الناس بما يكنه القوم في صدورهم من حقد‬
‫وض غن و غل لهذه ال مة المجيدة وأ سلفها؟ و ما يكتمو نه من البغضاء والعداء لتعال يم شريعت ها‬
‫الصكحيحة‪ ،‬وإرشاداتهكا المسكتقيمة‪ ،‬الخاليكة مكن شوائب الشرك والوثنيكة‪ ،‬والصكافية مكن أدران‬
‫المجوسية واليهودية؟‪.‬‬
‫فهبوا يا علماء الزهر‪ ..‬بالواجب الديني والعلمي‪ ،‬الذي يحتم عليكم تنوير الرأي العام‪،‬‬
‫وتبصكير فككر المسكلمين‪ ،‬بحقائق‪ ..‬طالمكا خفيكت على كثيكر مكن الناس‪ ،‬فكي زمكن قلّ فيكه‬
‫المخلصون الغيورون‪ ،‬وعزّ فيه الوفاء‪ ،‬ورخص فيه بيع الضمائر والولء‪.‬‬
‫أليكس مكن المعقول أن يدعكى إلى التقارب قوم جعلوا الشتائم والسكباب دينا‪ ،‬واللعائن‬
‫والمطا عن مذهبا‪ ،‬بدل ناس يرون ها من أف سق الف سوق‪ ،‬وأف جر الفجور‪ ،‬وخا صة في أكابر هم‬
‫وأئمتهم حيث أنهم ل يراعون – إلّ ول ذمة في أئمتنا وأسلفنا؟‪.‬‬
‫أليكس مكن المحتكم أن تكتكب كتكب‪ ،‬وينشكر بينهكم فكي بلدهكم تكبين لهكم حقيقكة المذهكب‬
‫السلمي السني‪ ،‬وقواعده وأسسه‪ ،‬التي عليها تركهم نبيهم وقائدهم محمد صلوات ال وسلمه‬
‫عليه‪ ،‬ومن بعده خلفاؤه الراشدون المهديون؟‪.‬‬
‫وإنه لمن المؤسف حقا أنهم بدلً من أن يدعوا إلى ترك السباب والشتائم لحملة هذا الدين‬
‫ورواده وقادة جيو شه المظفرة‪ ،‬وع ساكره المن صورة الميمو نة‪ ،‬والعتقاد بالد ستور ال سلمي‪،‬‬
‫والناموس الل هي‪ ،‬ورسالة ال الخيرة إلى الناس كا فة‪ ،‬والتمسك ب سنة نبيه المصطفى صلوات‬
‫ال و سلمه عل يه‪ ،‬أقواله وأفعاله وتقريرا ته‪ ،‬المنقولة ع نه بوا سطة أ صحابه العدول‪ ،‬وتلمذ ته‬
‫الصكادقين المخلصكين‪ ،‬وتجنكب الهانكة والسكاءة والقول الزور – بدلً مكن هذا كله يدعكى‬
‫المسلمون أهل السنة إلى ترك عقائدهم ومعتقداتهم المستقاة من كتاب ربهم‪ ،‬وسنة نبيهم‪ ،‬وترك‬
‫الدفاع عن أعراض الصحابة وأمهات المؤمنين‪ ،‬وعن السلف الصالح‪ ،‬وعن بلدهم‪ ،‬لكي يفتحوا‬
‫أحضانهكم لسكتقبال التشيكع البشكع‪ ،‬والشيعكة الحاقديكن الحانقيكن‪ ،‬ويدفعوا شبابهكم وأبناءهكم إلى‬
‫السبئية الماكرة‪ ،‬واليهودية الثيمة‪.‬‬
‫وأما نحن‪:‬‬
‫ول نلومهم إن لم يحبونا‬ ‫فال يشهد إنا ل نحبهم‬
‫القائل فيهم‪" :‬من أحبهم‬ ‫ول جعلنا ال من الذين يحبون من يبغضون أصحاب حبيب ال‬
‫فبحكبي أحبهكم‪ ،‬ومكن أبغضهكم فببغضكي أبغضهكم" [رواه أحمكد‪ ،‬قال صكاحب الفتكح الربانكي (‬
‫‪ :)22/169‬أخرجه الترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬هذا حديث حسن غريب ل نعرفه إل من هذا الوجه]‪.‬‬
‫ول من الذين يشترون الحياة الدنيا وزخارفها‪ ،‬وأموالها الفانية‪ ،‬وشهرتها البائدة‪ ،‬ومديح‬
‫طائفة منها‪ ،‬ورضاهم بالخرة الباقية الدائمة‪ ،‬والضللة بالهدى‪ ،‬والعذاب بالمغفرة‪.‬‬
‫فالحمد ل‪ ..‬لقد أدينا بعض ما يوجب علينا ديننا‪ ،‬ويحتم علينا ضميرنا‪ ،‬ويفرض علينا‬
‫علمنا الضئيل‪ ،‬مع قلة حيلتنا‪ ،‬وقصور باعنا‪ ،‬وضعف إمكانياتنا‪ ،‬وبعدنا عن بلد العروبة مهد‬
‫الحضارات‪ ،‬وأيضا مكن منزل الرسكالة ومهبكط الوحكي‪ ،‬وفكي بلد أعجميكة‪ ،‬رغكم المتاعكب‬
‫والمشكلت التكي نواجههكا فكي الحصكول على العلوم والمعارف وكتبهكا وخزائنهكا‪ ،‬فكتبنكا أول‬
‫كتاب فكي هذا الموضوع بعنوان (الشيعكة والسكنة) عام ‪1973‬م بعكد مكا ظهرت طلئع الغزو‬
‫الشيعي الجديد في بلد المسلمين آنذاك‪ ،‬فشكرا ل على نعمائه‪ ،‬فقد لقي ذلك الكتاب‪ ،‬مع صغر‬
‫منق طع النظ ير‪ ،‬ح يث صدر م نه ح تى الن أك ثر من‬ ‫حج مه‪ ،‬الرواج والقبول من أ مة مح مد‬
‫نصف مليون نسخة باللغة العرب ية‪ ،‬ثم ترجم إلى جميع اللغات الحية ال تي ينطق ب ها المسلمون‬
‫[م ثل النجليز ية والفار سية والندوني سية والتايلند ية والهو سا‪ ،‬ول قد قا مت إدارة ترجمان ال سنة‬
‫بطبعها باللغة النجليزية والفارسية بالضافة إلى العربية]‪.‬‬
‫ثم لما استولى التشيع المتعصب المحض على عرش إيران‪ ،‬استبشر المسلمون خيرا في‬
‫كث ير من أقطار الرض وأطراف ها‪ ،‬لعدم معرفت هم بحقي قة معتقدات القوم ونوايا هم‪ ،‬ولكن نا ن حن‬
‫بحمد ال وفقنا في حينه بوضع كتاب آخر جامع باسم (الشيعة وأهل البيت) تعرضنا فيه لبيان‬
‫أهم معتقدات القوم من كتبهم الموثوقة‪ ،‬ومصادرهم المعتمدة‪ ،‬بذكر عباراتهم أنفسهم دون أدنى‬
‫تغي ير‪ ..‬أو تبد يل‪ ..‬أو حذف‪ ..‬أو نق صان‪ ..‬متج نبين أبعاد هذه الثورة ال سياسية‪ ،‬قا صدين تبيين‬
‫الحقيقة وتوضيحها‪ ،‬في إطار علمي بحت؟‪ ،‬وقصد هذا الكتاب أن يقوم بسرد الروايات الشيعية‬
‫من ك تب القوم أنف سهم‪ ،‬والقت صار علي ها دون الرجوع إلى ك تب ال سنة‪ ،‬وإيراد أ ية روا ية من ها‬
‫للستدلل والستنباط‪ ،‬كي نكون منصفين في الحكم‪ ،‬عادلين في الستنباط والستنتاج‪ ،‬فاستبشر‬
‫‪ ،‬والمحبون له خيرا‪.‬‬ ‫به الغيورون من أمة محمد‬
‫ولمكا ازداد الخطكر‪ ،‬واسكتفحل المكر‪ ،‬وزاد القوم فكي غلوائهكم وعنترتهكم والهجوم على‬
‫عقائد السلف‪ ،‬والطعن في أسلف هذه المة‪ ،‬كان علينا نحن أن نهب لخدمة العقيدة الصحيحة‬
‫والتشرف بالدفاع عن الدين وعنهم فأضفنا إلى الكتابين كتابا ثالثا تحت عنوان (الشيعة والقرآن)‬
‫لتبصير المسلمين‪ ،‬وتنوير رأيهم حول عقيدة الشيعة المتوارثة المنقولة عنهم‪ ،‬جيلً بعد جيل‪ ،‬في‬
‫القرآن المنزل من ال سماء‪ ،‬على قلب سيد الب شر‪ ،‬بن فس ال سلوب وبن فس المن هج‪ ،‬الذي اخترناه‬
‫في الرد عليهم‪ ،‬وعلى غيرهم من الفئات الباطلة المنحرفة‪ ،‬أي إدانة القوم بما في كتبهم أنفسهم‬
‫وبعباراتهكم هكم‪ ،‬نقلً عكن مراجعهكم الصكيلة‪ ،‬ومصكادرهم السكاسية نقلً مباشرا [ل كمكا فعله‬
‫دكتورنا الفاضل عبد الواحد وافي؛ لنه لم ينقل مجرد عبارة واحدة عن كتب القوم رأسا‪ ،‬بل كل‬
‫ما نقله نقله عن الخرين (دون تمحيص أو بصيرة)‪ ،‬كما سنثبته إن شاء ال في محله]‪ ،‬فأوردنا‬
‫في هذا الكتاب أكثر من ألف حديث شيعي من مختلف مصادره ومنابعه وتعدد رواته ونقلته‪ ،‬كل‬
‫هذه الحاد يث الكثيرة الكثيرة تن بئ وت نص على أن القرآن الموجود بأيدي الناس محرّف ومغيّر‬
‫فيه‪ ،‬زيد فيه ونقص منه كثير‪ ،‬ثم انتظرنا برهة من الزمن أن يشاركنا أحد من العرب وخاصة‬
‫من مصر‪ ،‬بلد العلم والعلماء‪ ،‬ومن الزهر بالذات‪ ،‬أكبر جامعة إسلمية وأم الجامعات الدينية‪،‬‬
‫ول كن يا لهف تي على الجام عة الزهر ية ال تي أعق مت أن تن جب واحدا‪ ،‬ن عم واحدا يت صدى للرد‬
‫على الهجوم الذي يشنه الشيعة‪ ،‬ويا لهفتي على مصر أنها لم تلد واحدا يقف في سبيل غزوهم‬
‫القارة الفريقيكة‪ ،‬التكي تحتكل بموقعهكا الجغرافكي والعلمكي مكان الصكدارة على بابهكا‪ ،‬ولذا فإن‬
‫العبء الملقى على كواهلها لثقيل‪ ،‬والمسئولية عليها لكبيرة‪ ،‬لم أجد هذا‪ ،‬حتى بلغ السيل الزبى‪،‬‬
‫بكل وجدت مكن بيكن أبنائهكا‪ ،‬ورجالت فكرهكا مكن ينادي بعككس ذلك‪ ،‬ينادي بالوحدة معهكم‪،‬‬
‫والتقريب بين معتقداتهم وبين معتقدات أهل السنة‪ ،‬غافلً عن خطورة المر وأضراره الجسيمة‪،‬‬
‫وعواقبه الوخيمة‪ ،‬ناسيا ما يترتب عليه من المهادنة والهوان في سبيل العقيدة والدين‪ ،‬وجاهلً‬
‫ب ما تخف يه هذه الدعوة من الضرب والنق صان للطائ فة الح قة المنصورة‪ ..‬أ هل ال سنة والجما عة‪:‬‬
‫"‪ ..‬يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا" [سورة مرين الية ‪.]23‬‬
‫وعن أمثال هؤلء الطيبين الكارم اشتكى شاعر عربي قديم‪:‬‬
‫بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا‬ ‫لو كنت من مازن لم تستبح إبلي‬
‫عند الحفيظة إن ذو لوثة لنا‬ ‫إذن لقام بنصري معش خشن‬
‫ليسوا من الشر في شيء وإن هانا‬ ‫لكن قومي وإن كانوا ذوي عدد‬
‫وعن إساءة أهل السوء إحسانا‬ ‫يجزون عن ظلم أهل الظلم مغفرة‬
‫سواهم من جميع الناس إنسانا‬ ‫كأن ربك لم يخلق لخشيته‬
‫وتمنى أن يكون له قوم بدل قومه‪:‬‬
‫" شنوا الغارة فرسانا وركبانا "‪.‬‬
‫فهكل يخكبرني أحكد مكن سكادة الزهكر وعلمائه‪ ،‬ورجالت مصكر ومفكريهكا وكتابهكا‪،‬‬
‫ومؤرخيها وباحثيها! هل هناك كتاب في إيرانهم وعراقهم‪ ،‬أو في مجامعهم وجامعاتهم‪ ..‬أعني‬
‫الشيعة‪ ..‬كتاب واحد كتب لتقريب الشيعة إلى أهل السنة ولتحريضهم على حبهم وودادهم؟‪..‬‬
‫هل من مجيب يجيب؟!!‬
‫ول قد كت بت في كتا بي الول عن هم أع ني كتاب‪( :‬الشي عة وال سنة) سالف الذ كر "ول قد بدأ‬
‫الشي عة م نذ قر يب ينشرون كتبا ملف قة مزورة في بلد ال سلم‪ ،‬يدعون في ها التقر يب إلى أ هل‬
‫ال سنة‪ ،‬ول كن بت عبير صحيح يريدون ب ها تقر يب ال سنة إلي هم بترك عقائد هم ومعتقدات هم في ال‪،‬‬
‫وفكي رسكوله‪ ،‬وأصكحابه الذيكن جاهدوا تحكت رايتكه‪ ،‬وأزواجكه الطاهرات اللئي صكاحبنه فكي‬
‫معروف‪ ،‬و في الكتاب الذي أنزله ال عل يه من اللوح المحفوظ‪ ،‬ن عم يريدون أن يترك الم سلمون‬
‫كل هذا‪ ،‬ويعتنقوا ما نسجته أيدي اليهودية الثيمة من الخرافات والترهات في ال‪ ،‬بأنه يحصل‬
‫له "البدا" وفي كتاب ال بأنه محرف‪ ،‬ومغير فيه‪ ،‬وفي رسول ال‪ ،‬بأن عليا وأولده أفضل منه‪،‬‬
‫وفكي أصكحابه حملة هذا الديكن‪ ،‬أنهكم كانوا خونكة‪ ،‬مرتديكن‪ ،‬مكع مكن فيهكم أبكو بككر‪ ،‬وعمكر‪،‬‬
‫وعثمان‪ ،‬وأزواج ال نبي‪ ،‬أمهات المؤمن ين‪ ،‬مع من في هن الطي بة‪ ،‬الطاهرة‪ ،‬بشهادة من ال في‬
‫كتا به‪ ،‬بأن هن خن ال ور سوله‪ ،‬و في أئ مة الد ين‪ ،‬من مالك‪ ،‬وأ بي حني فة‪ ،‬والشاف عي‪ ،‬وأح مد‪،‬‬
‫والبخاري‪ ،‬أنهم كانوا كفرة ملعونين – رضي ال عنهم ورحمهم أجمعين ‪.-‬‬
‫نعم يريدون هذا‪ ،‬وما ال بغافل عما يعملون [الشيعة والسنة ص ‪-7 ،6‬ط إدارة ترجمان‬
‫السنة – لهور باكستان]‪.‬‬
‫ول كن تغيرت المقاي يس الن وانقل بت المفاه يم‪ ،‬فبدأ ب عض علماء أ هل ال سنة ينادون بهذه‬
‫الدعوة‪ ..‬أع ني التقر يب ب ين أ هل ال سنة والشي عة‪ ..‬ويرفعون شعار ها‪ ،‬بدلً من أن يردوا على‬
‫ترهاتهم وخزعبلتهم‪ ..‬بل طالبوا بإقامة دور التقريب في مدنهم وبلدانهم‪ ،‬فوا عجبا من اجتماع‬
‫أهل الباطل على باطلهم والخلص له‪ ،‬وتقاعس أهل الحق عن حقهم‪ ،‬وتخاذلهم عن نصرته‪..‬‬
‫ووا أسفا على محاماة أهل الحق عن آراء أهل الباطل‪ ،‬والدفاع عن عقائدهم الفاسدة‪ ،‬والتحمس‬
‫فكي التماس العذار لهكم تطوعا‪ ،‬أو بغيكر تطوع‪ ،‬وبأخكذ البديكل والجرة‪ ،‬أم دون أخذه تصكدقا‬
‫عنهم‪ ،‬وتطوعا ‪ ،‬وما ال بغافل عما يعمل الظالمون‪.‬‬
‫هذا بالضافكة إلى أن الشيعكة قادة وشعبا‪ ،‬عامكة وزعامكة‪ ،‬جهالً وعلماء‪ ..‬ل يخفون‬
‫بغضهم لهؤلء الطيبين وسادتهم‪ ،‬كلما سنحت لهم الفرصة‪ ،‬أو أتيح لم المجال‪ ،‬لن مذهبهم ليس‬
‫مبنيا إل على مخال فة أ هل ال سنة‪ ،‬ن عم! إل على مخال فة أ هل ال سنة وعقائد هم وآرائ هم‪ ،‬ومخال فة‬
‫السس التي عليها يقوم مذهبهم‪ ،‬وشريعتهم التي جاء بها محمد صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫ومن أجل هذا فالقرآن أنكروه‪ ،‬لن أهل السنة يعتقدونه ويؤمنون به‪.‬‬
‫سنة النبي الكريم أنكروها‪ ،‬لن أهل السنة يتمسكون بها‪.‬‬
‫وأصحاب محمد يكفرونهم‪ ،‬لن أهل السنة يحبونهم‪.‬‬
‫وأزواج النكبي يشتمونهكن‪ ،‬لن أهكل السكنة يعظمونهكن ويجلونهكن ويفضلونهكن على‬
‫أمهاتهن‪ ،‬لنهن أمهات المؤمنين بنص القرآن‪.‬‬
‫ومكة والمدينة يكرهونه ما‪ ،‬لن أهل السنة يعتبرونهما أقدس بقاع الرض وأطهرها في‬
‫الكون‪.‬‬
‫والكذب يقدسونه‪ ،‬لن أهل السنة يكرهونه ويهجرونه‪.‬‬
‫والمتعة يحلونها‪ ،‬لن أهل السنة يحرمونها‪.‬‬
‫والرجعة يقرونها‪ ،‬لن أهل السنة ينكرونها‪.‬‬
‫والبداء ل بمعنى الجهل يثبتونه‪ ،‬لن أهل السنة يبرئون منها جنابه وجلله‪.‬‬
‫كلة إلى‬
‫كتغاثة بالقبور‪ ،‬والصك‬
‫والوهام والخرافات والبدع والثونيات والشرك بال كالسك‬
‫الضرحكة‪ ،‬والنداء للموات‪ ،‬والسكتغاثة بالقبور‪ ،‬والطواف حولهكا والسكجود عليهكا‪ ،‬وإقامكة‬
‫الضر حة والقباب علي ها وإقا مة المآ تم والمجالس‪ ..‬كل تلك الفعال الشرك ية يتشبثون ب ها‪ ،‬لن‬
‫أهل السنة يتبرءون منها‪ ،‬ويتنزهون عنها‪ ،‬ويجحدونها‪.‬‬
‫و سيأتي بيان هذه الشياء كل ها‪ ،‬إن شاء ال‪ ،‬مف صلً مدعما بالدلة الواض حة والبراه ين‬
‫الساطعة‪ ،‬من كتب القوم أنفسهم‪ ،‬كل هذه العمال يأتون بها ويعملونها لنها مخالفة لما يعتقد به‬
‫أ هل ال سنة‪ ،‬الذ ين يع تبرونهم العا مة في ا صطلحهم – ف عل اليهود ح يث يعدون أنف سهم خا صة‬
‫وغير هم عا مة – لن ال صل في مذهب هم هو مخال فة الم سلمين‪ .‬وعلي ها قا مت ديانت هم‪ .‬وإل يك‬
‫بعض النصوص دليلً على ما ذكرنا‪:‬‬
‫يذ كر الكلي ني أ بو جع فر مح مد بن يعقوب في صحيحه الذي ق يل ف يه‪ :‬هو أجلّ أرب عة‬
‫الكتكب الصكول المعتمكد عليهكا‪ ،‬والذي لم يكتكب مثله فكي المنقول مكن آل الرسكول [الذريعكة‬
‫للطهراني ج ‪ 17‬ص ‪– 245‬ط إيران]‪.‬‬
‫والذي قال فيه قائمهم الغائب‪ :‬كاف لشيعتنا [مقدمة الكافي ص ‪.]25‬‬
‫يذكر فيه عن جعفر بن محمد أن سائلً سأله‪:‬‬
‫"جعلت فداك‪ ،‬أرأيت إن كان فقيهان عرفا حكما من الكتاب والسنة ووجدنا أحد الخبرين‬
‫موافقا للعامة والخر مخالفا لهم‪ ،‬بأي الخبرين يؤخذ؟‬
‫قال‪ :‬ما خالف العامة ففيه الرشاد (وليس هذا فحسب)‬
‫فقلت‪ :‬جعلت فداك‪ ،‬فإن وافقهما الخبران جميعا؟‬
‫قال‪ :‬ينظر إلى ما هم إليه أميل‪ ،‬حكامهم وقضائهم‪ ،‬فيترك ويؤخذ بالخر [الكافي للكليني‬
‫في الصول‪ ،‬كتاب فضل العلم‪ ،‬باب اختلف الحديث ج ‪ 1‬ص ‪.]68‬‬
‫فهذا هكو مذهبهكم‪ ،‬وهذه هكي كراهيتهكم للمسكلمين‪ ،‬وهكم على ذلك قائمون‪ ،‬وعلى نفكس‬
‫المن هج سالكون‪ ،‬ولكن ب عض سفهاء أ هل ال سنة يخدعون بل سبب‪ ،‬ويطيلون بل طلب‪ ،‬ول جل‬
‫ذلك ك تب ال سيد الخمي ني‪ ،‬زع يم شي عة إيران اليوم م صرحا ب عد ذ كر الروايات الكثيرة الكثيرة‬
‫بخصوص مخالفة المسلمين مثل ما رواها ابن بابويه القمي في كتابه عن علي بن أسباط‪ ،‬قال‪:‬‬
‫قلت للرضكا – المام الثامكن عنكد القوم – عليكه السكلم‪ :‬يحدث المكر ل أجكد بدا مكن معرفتكه‪،‬‬
‫وليس في البلد الذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك؟ قال‪ :‬ائت فقيه البلد فاستفته من أمرك‪ ،‬فإذا‬
‫أفتاك بش يء ف خذ بخل فه‪ ،‬فإن ال حق ف يه" [ر سالة التعادل والترج يح لل سيد الخمي ني ص ‪ -82‬ط‬
‫إيران]‪.‬‬
‫ورواية أخرى عن المام المعصوم أنه قال‪:‬‬
‫"ما أنتم على شيء مما هم فيه‪ ،‬ول هم عليه شيء مما أنتم فيه‪ ،‬فخالفوهم فما هم من‬
‫الحنيفية على شيء" [رسالة التعادل والترجيح للسيد الخميني أيضا من ‪.]83‬‬
‫ومثله ما رواه عن جع فر أ نه قال في جواب من سأله‪ :‬يرد علي نا حديثان‪ :‬وا حد يأمر نا‬
‫بالخذ به‪ ،‬والخر ينهانا عنه‪ ،‬قال‪ :‬ل تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسأله‪ .‬قلت‪ :‬ل بد‬
‫أن نعمل بواحد منهما‪ .‬قال‪ :‬خذ بما فيه خلف العامة" [رسالة التعادل والترجيح للسيد الخميني‬
‫ص ‪.]83‬‬
‫هذا‪ ..‬ومثل هذا‪ ..‬كثيرا!!‪..‬‬
‫قال هذا‪ ..‬وهكو رجكل سكياسي‪ ،‬والسكياسة تتطلب المماشاة والمداراة ولكنكه يقول لطما‬
‫خدود الطيبين‪ ،‬محبي الوحدة‪ ،‬ومنادي التقريب‪ ،‬ليفيقوا من سكرتهم‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫"فتحصل من جميع ما ذكرنا من أول البحث إلى هنا أن مرجح النصوص ينحصر في‬
‫أمرين‪ :‬موافقة الكتاب والسنة‪ ،‬ومخالفة العامة" [رسالة التعادل والترجيح للخميني ص ‪.]83‬‬
‫فهل من مستفيد يستفيد؟ وهل من مستفيق يستفيق؟ أم هم في غفلة يعمهون؟!‬
‫وأما نحن يا علماء مصر! ويا علماء الزهر! فلسنا من قوم عيسى بأن نقدم الخد اليسر‬
‫لمن يصفع الخد اليمن‪ ،‬فهل أنتم منتهون؟‪:‬‬
‫فنجهل فوق جهل الجاهلينا‬ ‫أل ل يجهلن أحد علينا‬
‫وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والنف بالنف والذن بالذن والسن‬
‫بال سن والجروح ق صاص ف من ت صدق به ف هو كفارة له و من لم يح كم ب ما أنزل ال فأولئك هم‬
‫[سورة المائدة الية ‪.]45‬‬ ‫الظالمون‬
‫وأنت يا فضيلة الدكتور! عليك أن تفهم أن التوادد والتحابب والتقارب من باب التفاعل‪،‬‬
‫والذي يلزم ح صوله من الطرف ين‪ ،‬ول يح صل من طرف وا حد‪ ،‬وك يف و هم ين صون على أن‬
‫ال حب‪ ،‬أي ها الطيبون‪ ،‬ل ينب غي أن يكون إل من طرف كم أن تم‪ ،‬وأ ما ن حن ف في طرف على رأ سه‬
‫لفتة "ممنوع الدخول‪ ،‬اتجاه واحد"‪.‬‬
‫فل تت من أن ت صل إلى قلوب هم وتد خل في أعماق هم‪ ،‬وأ ما أ نت فلك الخيار فتف تح قدر ما‬
‫تشاء وتوصلهم إلى ما تشاء‪ ،‬ولو إلى سويدائها‪.‬‬
‫وما انشغالك بهم يا طيب القلب؟‬
‫أتريكد أن ترضيهكم بحبكك لهكم‪ ،‬وبموافقتكك إياهكم فكي أباطيلهكم وأضاليلهكم‪ ،‬والدفاع عكن‬
‫أكاذيبهم وافتراءاتهم على ال والقرآن والرسول‪ ،‬وهم مع ذلك ل يريدون إل مخالفتك في كل ما‬
‫تعتقده وتؤ من به‪ ،‬و ما أظ نك ك نت تدري هذا‪ ،‬وإل ما جرى قل مك ليقلب ال صدق كذبا‪ ،‬والكذب‬
‫صدقا‪ ،‬وليكتب الحق باطلً‪ ،‬والباطل حقا‪:‬‬
‫أو كنت تدري فالمصيبة أعظم!!‬ ‫فإن كنت ل تدري فتلك مصيبة‬
‫فسامحكم ال أيها الخوة الطيبون‪ ،‬وإن كنتم لم تقرءوا كتبي الثلثة المذكورة آنفا وكتابي‬
‫الجد يد (الشي عة والتش يع فرق وتار يخ) الذي بي نت ف يه عقائد الشي عة الث نى عشر ية‪ ،‬الذ ين في‬
‫أمثالهم قال علي رضي ال عنه أمير المؤمنين‪ ،‬والرواية في أصح الكتب عندهم‪:‬‬
‫"لو ميزت شيع تي ل ما وجدت هم إل وا صفة‪ ،‬ولو امتحنت هم ل ما وجدت هم إل مرتد ين‪ ،‬ولو‬
‫تمحصتهم لما خلص من اللف واحد" [الكافي للكليني‪ ،‬كتاب الروضة ج ‪ 8‬ص ‪ 338‬ط إيران]‪.‬‬
‫والكتاب لذي وضكح للناس موقكف الشيعكة مكن المسكلمين‪ ،‬واعتناقهكم عيكن تلك الراء‬
‫والفكار ال تي روج ها ا بن سبأ اليهودي الما كر ال خبيث بفرض إما مة علي‪ ،‬وإظهار البراءة من‬
‫ورضوان ال علي هم‬ ‫أعدائه المزعوم ين‪ ،‬من أ بي ب كر وع مر وعثمان وكا فة أ صحاب ال نبي‬
‫أجمع ين‪ ،‬وتكفيره إيا هم‪ ،‬وقوله بالو صاية والول ية والغي بة والرج عة وغ ير ذلك من الخرافات‬
‫والترهات‪ ،‬كما أوضح الكتاب لكثير من الغافلين أن كل ما كان يعد غلوا في الماضي صار من‬
‫لوازم مذ هب الشي عة الث نى عشر ية اليوم‪ ،‬وح تى الدكتور وا في الذي يخ طئ ش يخ ال سلم ا بن‬
‫تيمية [انظر‪ :‬رسالته ص ‪ ]11‬لعدم معرفته للمور ووضعها في نصابها‪ ،‬ل يعلم أن كل ما ذكره‬
‫شيخ السلم حق ل محيص عنه كما سنبينه مفصلً عند ذكر أخطاء فضيلته‪.‬‬
‫ن عم! كان من الوا جب علي كم أن تقرءوا ما كت به ب نو جلدت كم و سلفكم أمثال ال سيد الجل يل‬
‫الش يخ مح مد رش يد ر ضا من شئ "المنار"‪ ،‬والبحا ثة المح قق ال سيد م حب الد ين الخط يب صاحب‬
‫"الفتح" تغمدهما ال برحمته وغفرانه‪ ،‬والرسالة الخيرة مشهورة معروفة‪ ،‬وموجودة منتشرة في‬
‫مصر وخارجها (الخطوط العريضة)‪.‬‬
‫وإليكم ما كتبه السيد محمد رشيد رضا‪:‬‬
‫"إني شديد الحرص على هذا التفاق (بين السنة والشيعة) وقد جاهدت في سبله أكثر من‬
‫ثلث قرن ول أعرف أحدا من الم سلمين أو أ ظن أ نه أ شد م ني رغ بة وحر صا على ذلك‪ ،‬و قد‬
‫ظ هر لي باختياري الطو يل أن أك ثر علماء الشي عة يأبون هذا التفاق أ شد الباء إذ يعتقدون أ نه‬
‫ينا في منافع هم الشخ صية من مال وجاه‪ ،‬و قد تكل مت في هذا مع كثير ين في م صر و سورية‬
‫واله ند والعراق‪ ،‬م ما علم ته بال خبر والتجر بة أن الشي عة أ شد تع صبا وشقاقا ل هل ال سنة‪ ..‬و قد‬
‫نشطوا في هذا الع هد لتأل يف الك تب والر سائل في الط عن على ال سنة والخلفاء الراشد ين الذ ين‬
‫فتحوا المصكار ونشروا السكلم فكي القطار‪ ،‬والطعكن على حفاظ السكنة وأئمتهكا وفكي المكة‬
‫العربيكة بجملتهكا" [مجلة المنار نقلً عكن تاريكخ الصكحافة السكلمية لنور الجندي الجزء الول‬
‫ص ‪ 139‬ط دار النصار بالقاهرة]‪.‬‬
‫ويقول أيضا‪" :‬إننا ل نعرف أحدا من علماء أهل السنة المتقدمين‪ ،‬ول المعاصرين يطعن‬
‫في أ حد من أئ مة آل الب يت علي هم ال سلم ك ما يط عن هؤلء الروا فض في ال صحابة الكرام ول‬
‫سكيما أبكي بككر وعمكر وفكي أئمكة حفاظ السكنة كالبخاري والذهكبي وابكن حجكر وغيرهكم فإنهكم‬
‫يعدونهم من النواصب لعدم موافقت هم لجهلة الروا فض على ما يفترو نه من الغلو في منا قب آل‬
‫البيت و قد أغنا هم ال عن اختلق المنا قب ل هم لكثرة مناقب هم ال صحيحة الثابتة بالن قل الصحيح‪،‬‬
‫أما النواصب فهم أولئك الخوارج اللذين يبرءون من علي كرم ال وجهه" [مجلة المنار م ‪ 31‬ص‬
‫‪ ،290‬نقلً عن تار يخ ال صحافة ال سلمية لنور الجندي الجزء الول الف صل الرا بع ص ‪– 140‬‬
‫ط دار النصار بالقاهرة]‪.‬‬
‫فما أصدق السيد! وما أعرفه بهم!‪.‬‬
‫وأخيرا يتحدث عن الشيعة بقوله‪:‬‬
‫"إنهم كانوا أشد النقم والدواهي التي أصيب بها السلم‪ ،‬فهم مبتدعو أكثر البدع الفاسدة‬
‫التكي شوهكت نقاءه‪ ،‬وهكم الذ ين صدعوا وحد ته‪ ،‬وأضعفوا شوكتكه‪ ،‬وشوهوا جماله‪ ،‬وانتق صوا‬
‫كماله‪ ،‬وجعلوا توحيده وثنية‪ ،‬وأخوته عداوة وبغضاء‪ ،‬وبثوا فيهم فتنة عبادة أناس لجل أنسابه‪،‬‬
‫وتقديكس عداوة وبغضاء‪ ،‬وبثوا فيهكم فتنكة عبادة أناس ل جل أنسكابهم‪ ،‬وتقديكس أناس لحسكابهم‬
‫وج عل سعادة الدن يا والد ين بو ساطتهم ع ند ال‪ ،‬وتأثير هم في عل مه وإراد ته على ضد عقيدة‬
‫القرآن مكن كون الخالق تبارك وتعالى ل يطرأ على صكفاته تأثيكر مكن المخلوق‪ ،‬وجميكع الفرق‬
‫ال تي ارتدت عن ال سلم من القرون ال سابقة كا نت من غلة الشي عة [ملحو ظة‪ :‬إن ال سيد رش يد‬
‫ر ضا يق صد من الغلة الث نى عشر ية‪ ،‬ك ما يق صد من المعتدل ين الزيد ية (الم صدر ال سابق ص‬
‫‪ ])144‬فمنهم جميع الفرق الباطنية الذين كانوا يلبسون لباس المسلمين ويظهرون التمسك به لتقبل‬
‫دعايتهكم‪ ..‬كذلك كان غلة الشيعكة مثارا لفظكع الكوارث التكي هدت قوى السكلم وزعزعكت‬
‫الخل فة العباسية ودمرت الحضارة العربية التي كا نت زينة الرض وفخار أهلها‪ ،‬و هي كارثة‬
‫التتار‪ ،‬ك ما كانوا أولياء وأن صارا لعداء الم سلمين وإن هم أ شد عداوة ل هم وفتكا ب هم ل سلمهم‬
‫حتى الصليبيين‪.‬‬
‫ووجهكت العداوة الشيعيكة إلى أهكل السكنة خاصكة‪ ،‬وزال ملك العرب مكن بلد الفرس‪،‬‬
‫وصكار السكلطان فيكه للترك‪ ،‬فاتصكل مكا كان مكن عداوتهكم للعرب إلى الترك‪ ،‬على اختلف‬
‫طوائفهم‪ ..‬وصارت السنة في بلد إيران أضعف من المجوسية‪ ،‬وقد ثبت شيعة إيران مذهبهم‬
‫فكي عرب العراف حتكى كاد يكون أكثكر البدو لهكم يقيمون مآتكم المام حسكين ويلعنون أبكا بككر‬
‫وع مر عليه ما أف ضل الرضوان‪ ..‬فالشي عة كل هم دعاة إلى مذهب هم ح تى الن ساء" [المنار نقلً عن‬
‫تاريخ الصحافة السلمية لنور الجندي ص ‪.]142 ،141‬‬
‫هذا ما كت به علم شا مخ من أعلم م صر في مجل ته الشهيرة ال تي ط بق صيتها الفاق‪،‬‬
‫فليتأمل فيها الكاتبون المصريون‪ ،‬ولينظروا ما كتب أسلفهم في هذا المضمار قبل القدام على‬
‫الكتابة عنهم دون علم أو بصيرة‪ ،‬ودون فقه أو معرفة أو إدراك‪ ،‬غفر ال خطايانا وخطاياهم‪.‬‬
‫و كل ما كتبه ال سيد ل يس بجديد ول بعجيب‪ ،‬بل هو ال حق وعين ال حق تنضح به كتب هم‬
‫ومصادرهم‪ ،‬والفقرة الخيرة هو عين ما كتبه شيخ السلم ابن تيمية رحمة ال عليه في فتاواه‬
‫[انظر‪ :‬لذلك فتاوى شيخ السلم ج ‪ 28‬ص ‪.]479 ،478‬‬
‫اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم‪.‬‬
‫ول أدري ك يف خ في كل هذا على من ينادي بدعوة التقر يب من أ هل ال سنة و في بلد‬
‫ال سنة‪ ،‬ويدا فع عن هم‪ ،‬ويح بب إلى الناس مذهب هم‪ ،‬ويزينه في قلوب هم‪ ،‬وك يف خ في هذا كله على‬
‫رب نا ل تزغ قلوب نا ب عد إذ‬ ‫من يد عي بأ نه ح قق مو سوعة بن خلدون التاريخ ية وعلق علي ها‪:‬‬
‫[سورة آل عمران الية ‪.]8‬‬ ‫هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب‬
‫‪ . .‬بما فعل السفهاء منا إن هي إل فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي‬ ‫ربنا ل تهلكنا‪:‬‬
‫من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين‪ ،‬واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي‬
‫[سورة العراف الية ‪.]156 ،155‬‬ ‫الخرة إنا هدنا إليك‪..‬‬
‫ول يخطر ببال أحد أننا من دعاة الطائفية أو التفرقة‪ ،‬وحاشا ل أن نكون كذلك‪ ،‬لننا لم‬
‫نقصكد بهذا الكاب ول بالكتكب الخرى التكي كتبناهكا سكواء عكن الشيعكة‪ ،‬أو عكن الفرق الباطلة‬
‫المنحرفكة الخرى‪ ..‬أن نثيكر عواطكف الناس ونحرضهكم على قتال بعضهكم بعضا‪ ،‬ومحاربكة‬
‫الواحد الخر‪ ،‬كما لم نرد أن نفرق كلمة جامعة‪ ،‬بل كل ما قصدنا من هذا أن نكون على بينة‬
‫من المر وأن نعطي كل ذي حق حقه‪ ،‬وأن ل نخدع ول نباغت من أحد لننا نعلم وندرك يقينا‬
‫بأن ال حق ل يتعدد‪ ،‬وإن التعدد من لوازم البا طل‪ ،‬فال حق وا حد و هو ما كان عليه ر سول ال‬
‫فكي حديثكه المشهور‪:‬‬ ‫وأصكحابه رضوان ال عليهكم أجمعيكن‪ ،‬حسكب مكا ذكره رسكول ال‬
‫"ستفترق أمتي إلى ثلثة وسبعين فرقة‪ ،‬كلها في النار إل واحدة‪ .‬قالوا‪ :‬ومن هم يا رسول ال؟‬
‫قال‪ :‬ما أنا عليه وأصحابي" [أبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد والحاكم]‪.‬‬
‫فليت نا أن ل نغرق في الدعوات الزائفة والشعارات المزي فة‪ ،‬وأن نتم سك بكتاب ربنا جل‬
‫وأصحابه وسلم‪ ،‬متمثلين بقوله‪" :‬تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما‬ ‫جلله وعم نواله وسنة نبينا‬
‫مسككتم بهمكا‪ ،‬كتاب ال وسكنة نكبيه" [انظكر‪ :‬موطكأ المام مالك والحاككم فكي مسكتدركه واللفكظ‬
‫للموطأ]‪.‬‬
‫إن نا ل سنا بدعاة تفر قة أو طائف ية‪ ،‬ولكن نا ضد الطائف ية كل ها‪ ،‬داع ين الناس أن يتركوا كل‬
‫‪ . .‬أل إن حزب ال هكم المفلحون‬ ‫العصكبيات وككل التحزبات إل حزب ال وحزب رسكوله‪:‬‬
‫‪ ،‬وأن نعرض جميكع‬ ‫[سكورة المجادلة اليكة ‪ ،]22‬وإل العصكبية لكتاب ال وسكنة رسكوله‬
‫خلفاتنا على كتاب ال وسنة رسوله عليه الصلة والسلم‪ ،‬فمن يوافقه الكتاب أو تناصره السنة‬
‫نؤيده ونتب عه‪ ،‬و من يخال فه الكتاب وتخذله ال سنة‪ ،‬نخال فه ونخذله‪ ،‬وهذه هي الدعوة الح قة ال تي‬
‫لجل ها أر سل الر سل وأنزلت الر سالة‪ ،‬وهذا هو ال صراط الم ستقيم الذي د عا إل يه ر سول ال‬
‫ول تتبعوا ال سبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم و صاكم به‬ ‫الناس كا فة بأ مر من ال عز و جل‪،‬‬
‫[سورة النعام الية ‪.]153‬‬ ‫لعلكم تتقون‬
‫فمنع الناس عن اتباع السبل ليس بتفرقة‪ ،‬ودعوتهم إلى الصراط المستقيم ليست بطائفية‪،‬‬
‫بل هذه هي سبيل ال المختارة التي أمر ال نبيه وأتباعه بالدعوة إليها‪.‬‬
‫وإن اختلف بهكا المختلفون‪ ،‬وانزجكر عنهكا المنزجرون‪ ،‬واعترض عليهكا المعترضون‪،‬‬
‫وعاب عليها العائبون والمنتقدون‪.‬‬
‫قل هذه سبيلي أد عو إلى ال على ب صيرة أ نا و من ابتع ني و سبحان ال و ما أ نا من‬
‫[سورة يوسف الية ‪.108‬‬ ‫المشركين‬
‫[سورة الحجر الية ‪.]94‬‬ ‫فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين‬
‫ودوا لو تدهكن فيدهنون * ول تطكع ككل حلف مهيكن * هماز مشاء بنميكم * مناع‬
‫للخير معتد أثيم * عتل بعد ذلك زنيم * أن كان ذا مال وبنين * إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير‬
‫[سورة القلم الية ‪.]15-9‬‬ ‫الولين‬
‫وإن تطع أكثر من في الرض يضلوك عن سبيل ال إن يتبعون إل الظن وإن هم إل‬
‫[سورة النعام الية‬ ‫يخرصون * إن ربك هو أعلم بمن يضل عن سبيل وهو أعلم بالمهتدين‬
‫‪.]117-116‬‬
‫فنحن دعاة الوحدة ال تي ل تحصل بالكلمات الفارغة‪ ،‬والنعرات الرنا نة الطنانة‪ ،‬والقلم‬
‫المأجورة‪ ،‬واللسكنة المسكتأجرة‪ ،‬والضمائر المشتراة‪ ،‬والراء المسكتعارة‪ ،‬ول تتأتكى بالحلم‬
‫الوهمية والمنيات الخيالية‪ ،‬بل تتأتى وتحصل بتحكيم شرع ال في الخلفات والنزاعات‪ ،‬وفي‬
‫‪ . .‬فإن تنازع تم في ش يء فردوه إلى ال والر سول إن كن تم تؤمنون‬ ‫المناقشات والمناظرات‬
‫[سورة النساء الية ‪.]59‬‬ ‫بال واليوم الخر ذلك خير وأحسن تأويل‬
‫فل وربكك ل يؤمنون حتكى‬ ‫فعندئذ يكمكل اليمان‪ ،‬ويحسكم النزاع‪ ،‬ويرتفكع الخلف‪:‬‬
‫[ سورة‬ ‫يحكموك في ما ش جر بين هم ثم ل يجدوا في أن سهم حرجا م ما قض يت وي سلموا ت سليما‬
‫النساء الية ‪.]65‬‬
‫ومن علئم اليمان أل يكون عصبية لحزب وجماعة‪ ،‬وتحزب لطائفة وفرقة بعد حصول‬
‫وما كان لمؤمن ول مؤمنة إذا قضى ال ورسوله أمرا أن‬ ‫قضاء ال وثبوت حكم رسول ال‪:‬‬
‫[سورة الحزاب الية ‪.]36‬‬ ‫يكون لهم الخيرة من أمرهم‬
‫هذه هي الوحدة الحقيق ية ال تي تح صل بوحدة الف كر والعقيدة‪ ،‬وبوحدة ال صول والقوا عد‬
‫‪.‬‬ ‫المبنية على كتاب ال وسنة رسول ال‬
‫إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا‬ ‫وعن آخذيها والمشبثين بها عبر القرآن في قوله تعالى‪:‬‬
‫[سورة النبياء الية ‪.]92‬‬ ‫ربكم فاعبدون‬
‫وأما فيما دون ذلك فلن تتحقق تلك المنية‪ ،‬ولن نصل إليها‪.‬‬
‫‪ ،‬ل إلى أقوال العلماء‬ ‫فنحن دعاة الحق إن شاء ال‪ ،‬لدعوتنا إلى كتاب ربنا وسنة نبينا‬
‫وآراء الرجال‪ ،‬أيا كانوا‪ ،‬وأينمكا كانوا‪ ،‬ومهمكا بلغكو مكن المكانكة السكامية والشأن الرفيكع‪ ،‬فككل‬
‫مأخوذ من قوله ومردود عليه‪ ،‬إل النا طق بالوحي صلوات ال وسلمه عل يه‪ ،‬و هو الذي تركنا‬
‫على المحجة البيضاء‪ ،‬التي ليلها كنهارها‪ ،‬ل يضل سالكها ول يهتدي تاركها‪ ،‬والسالكون على‬
‫هذا المن هج القو يم‪ ،‬والمنتهجون هذا ال صراط الم ستقيم هم الطائ فة المن صورة ال تي أ خبر عن ها‬
‫‪" :‬ل تزال طائفكة مكن أمتكي منصكورين ل يضرهكم خذلن مكن خذلهكم حتكى تقوم‬ ‫الرسكول‬
‫ال ساعة" [م سلم وأح مد وأ بو داود والحا كم وا بن ما جة وا بن حبان وال سيوطي في الف تح ال كبير‬
‫واللفظ له]‪.‬‬
‫فالطائ في هو الذي يد عو إلى طائف ته وحز به‪ ،‬ويأ مر الناس باتباع رجال لم ينزل ال ب هم‬
‫من سلطان‪.‬‬
‫والفرقي هو الذي ينادي الناس إلى فرقته ونحلته ويأمر الناس بترك الجماعة‪.‬‬
‫وأما الذي يدعو إلى الجماعة‪ ،‬وإلى الصراط المستقيم‪ ،‬وإلى كتاب ال وهدي رسول ال‪،‬‬
‫ويحذرهم من التفرقة واتباع سبيل غير سبيل المؤمنين‪ ،‬ويمنعهم عن التفرق في السبل الملتوية‬
‫المعو جة كي ل يضلوا في ها‪ ،‬وي خبرهم عن سوء العوا قب و شر النتائج‪ ..‬أ ما م ثل هذا الدا عي‬
‫فليس منهم‪ ،‬وبالرغم من أنه هو الداعي إلى الجماعة‪ ،‬الذي من شذ عنها شذ في النار‪.‬‬
‫في جب ت صحيح المفاه يم والنتباه إلي ها فرب كل مة حق أر يد ب ها البا طل‪ ،‬ول نه لو كا نت‬
‫التفر قة ب ين ال حق والبا طل شيئا مذموما‪ ،‬و تبين الر شد من ال غي شيئا منكرا ل ما أخبر نا ال عن‬
‫ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم‬ ‫أنبيائهم بأنهم كلما جاهروا بالحق‪ ،‬وأبطلوا الباطل اختلف الناس‪:‬‬
‫[سورة النمل الية ‪.]45‬‬ ‫صالحا أن اعبدوا ال فإذا هم فريقان يختصمون‬
‫و ‪ . . .‬قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بال فقد استمسك بالعروة‬
‫[سورة البقرة الية ‪.]256‬‬ ‫الوثقى ل انفصام لها وال سميع عليم‬
‫‪ . . .‬ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة ‪.‬‬ ‫وبين سبب بعثة رسله بقوله‪:‬‬
‫[سورة النفال الية ‪.]42‬‬ ‫‪.‬‬
‫[سورة الكافرون الية ‪.]6‬‬ ‫لكم دينكم ولي دين‬ ‫وأمر نبيه أن يقول‪:‬‬
‫فالمفرقون والطائفيون هم الذين يسلكون سبيلً غير سبيل المؤمنين‪ ،‬وينهجون منهجا غير‬
‫منهكج المؤمنيكن‪ ،‬ويدعون الناس إلى وليكة أشخاص وتقليكد أناس لم يأمرنكا ال بكه فكي صكميم‬
‫في الثابت من سنته!!‪..‬‬ ‫كتابه‪ ،‬ول النبي‬
‫وأ ما الدعاة إلى ال وحده‪ ،‬والتوحيد الخالص‪ ،‬ون في الشراك بال صغيرا أم كبيرا‪ ،‬جليا‬
‫أم خفيا‪ ،‬وإلى اتباع رسكول ال فكي ككل مكا ثبكت عنكه مكن قوله وفعله وتقريره‪ ،‬فهكم الدعاة إلى‬
‫الوحدة الحقيقيون مهما تقول المتقولون‪ ،‬وتطول المتطاولون‪.‬‬
‫فهذا آخر ما كنا نريد التنبيه عليه في هذا المضمار‪.‬‬
‫ولقكد طال بكي الكلم وتشعكب بكي الحديكث والحديكث ذو شجون‪ ،‬والسكبب فكي هذا تلك‬
‫الرسالة (بين الشيعة وأهل السنة) للدكتور علي عبد الواحد التي وقع نظري عليها – ويا ليتني‬
‫لم أر ها – ل قد قرأت هذا الكت يب – و يا ليت ني لم أقرأه – ولم أتر كه ح تى انته يت م نه‪ ،‬فتأل مت‬
‫كثيرا لمكا فيكه مكن الخطاء الفاحشكة‪ ،‬والمغالطات الظاهرة‪ ،‬والعوار البيكن‪ ،‬والزلت الكثيرة‪،‬‬
‫والح كم غ ير ال صحيح‪ ،‬المب ني على ن هج غ ير موضو عي ول عل مي‪ ،‬الل هم إل ما يبدو بأن ف يه‬
‫إغضابا لجهة تأذى منها مؤل فه‪ ،‬أو إرضاء جان رضي عنه‪ .‬اللهم ل تجعلنا من الذين يسيئون‬
‫الظن بعبادك – وإن بعض الظن إثم – ول تجعلنا من الظالمين في الحكم‪ ،‬فشغلني هذا الكتيب‬
‫وألهاني عما كنت في صدده من البحث والتنقيب في الكتب السماعيلية والوثائق الفاطمية‪ ،‬ولم‬
‫يبق بيني وبين المغادرة من مصر إل ليلة واحدة حيث أنوي السفر منها إلى تونس‪ ،‬ومن تونس‬
‫إلى المغرب‪ ،‬مارا على اسككور بأسكبانيا‪ ،‬وباريكس بفرنسكا إلى لندن بإنجلترا‪ ،‬وراء مقصكدي‬
‫وهدفي‪.‬‬
‫ولكننكي لم أ شأ أن أخرج من مصكر ول أ في بحق ها‪ ،‬ول أتطرق إلى هذه الر سالة ال تي‬
‫أرى من الوا جب الدي ني والمح تم العل مي بأن أتطرق إلي ها ولو تطرقا طفيفا ي سيرا‪ ،‬وأن لم ب ها‬
‫ولو إلمامة خفيفة سريعة‪ ،‬فأجلت سفري يومين لعل ال أن يوفقني لن أوفي للدكتور وافي حقه‪،‬‬
‫وأنبه على أخطائه التي وقع فيها فضيلته بدون قصد ول عمد منه – إن شاء ال ‪ .-‬ولو أنني ل‬
‫يحضر ني في هذه الغر بة كث ير من المرا جع والم صادر إل أن أملي وثق تي بال كبيران بأ نه ل‬
‫ينقصني في الرد عليه شيء أحتاج إليه بفضله ومنه وإحسانه‪.‬‬
‫وإننكي لحاول فكي هذه العجالة أل ينفلت زمام قلمكي مكن يدي‪ ،‬وأل أكون إل واقعيا‬
‫موضوعيا في تحري الحقيقة وتبيينها لفضيلة الدكتور‪ ،‬ولمن قرأ رسالته‪ ،‬وللناس أجمعين‪ ،‬بدون‬
‫تع صب ول تح يز‪ ،‬و سوف أق سم الب حث ح سب تق سيم الدكتور في ر سالته‪ ،‬وأض يف قبله ف صلً‬
‫واحدا أبين فيه أخطاء فضيلته البديهية التي وقع فيها‪ ،‬وإنني لمستغرب فعلً كيف أنها صدرت‬
‫عنه‪ .‬وسبحان الذي ل ينسى‪ ،‬وما من كاتب إل وقد أخطأ‪ ،‬وما من قائل غل وقد غلط ولغا‪ ،‬وما‬
‫من ناطق إل وقد ضل واهتدى‪ ،‬اللهم إل المعصومين من خلقه‪ ،‬أنبياء ال ورسله‪ ،‬الذين ختمهم‬
‫‪ ،‬المشهود له بالعصمة في قوله تعالى‪:‬‬ ‫بخاتم المعصومين‪ ،‬سيد المرسلين محمد بن عبد ال‬
‫[سورة النجم الية ‪. 4 ،3‬‬ ‫وما ينطق عن الهوى إن هو إل وحي يوحى‬
‫وأد عو ال العلي القد ير أن يوفق ني لداء هذه المه مة خلل يوم ين ق بل مغادر تي م صر‬
‫الطيبة‪ ،‬وأن يلهمني الرشد والصواب‪.‬‬
‫وأخيرا أتوجكه إلى علماء مصكر والزهكر خاصكة‪ ،‬مهيبا بهكم داعيا إياهكم أن يقوموا‬
‫بواجبهم الديني ودورهم الذي تحتم عليهم دفاعا عن شريعة ال ودينه الذي ارتضاه لنفسه‪ ،‬دين‬
‫الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون‪.‬‬
‫لقد قدمنا ما كان في وسعنا وذخرنا مع أننا جئنا إلى مصر ببضاعة مزجاة‪ ،‬فعليهم أن‬
‫يوفوا الك يل ويت صدقوا بعلم هم على الم سلمين‪ ،‬ويردوا عن هم ك يد المبطل ين المنتحل ين‪ ،‬وال ولي‬
‫النعم وهو ملهم التوفيق‪ ،‬وصلى ال على رسوله خير خلقه محمد‪ ،‬وعلى آله وأزواجه وأصحابه‬
‫الخيار ومن تبعهم إلى يوم الدين‪.‬‬
‫إحسان إلهي ظهير‬
‫القاهرة‬
‫ليلة الخميس ‪ 26‬ذي القعدة سنة ‪1404‬ه‍‬
‫الموافق ‪ 24‬أغسطس سنة ‪1984‬م‬

‫الباب الول‬
‫مغالطات الدكتور وافي وأغلطه‬
‫قبل أن ندخل في صميم الموضوع ونناقش الراء التي أظهرها الدكتور علي عبد الواحد‬
‫وافي في رسالته (بين الشيعة وأهل السنة) نريد أن نلفت أنظار القراء والباحثين إلى أن الدكتور‬
‫أخطأ فيها أخطاء فاحشة ل يتصور صدورها عن مثله غي ما بدر منه الخطأ في الفهم‪ ،‬ثم بناء‬
‫على ذلك الخطأ في الح كم‪ .‬ولعله لم يكتب هذه الر سالة ب عد المطال عة وال ستقراء‪ ،‬والتع مق في‬
‫الب حث‪ ،‬والتروي في التفك ير‪ ،‬والتر يث ق بل الح كم‪ .‬ول جل ذلك ظهرت وكل ها خ طأ على خ طأ‪،‬‬
‫بل لقد تضمنت بعض الخطاء البديهية التي ل يقع فيها من له إلمامة بسيطة بالتاريخ بخلف‬
‫سقطاته في العقائد‪ .‬فك يف ي قع في ها ش خص ح قق "مقد مة ا بن خلدون وتاري خه ثل ثة أجزاء ب ها‬
‫ن حو ثل ثة آلف تعل يق وتمه يد في ن حو ثلث مائة صفحة من الق طع ال كبير" ح سب ما ذكره‬
‫فضيلته في آخر رسالته‪ ،‬وكما أشار إليه داخل الكتاب أثناء تعليقه على بعض الفقرات؟‬
‫ول قد أ خبرت من ب عض الم حبين لي وله‪ ،‬ممن أ ثق في صدقه ودينه‪ ،‬بأ نه رأى الدكتور‬
‫وهو يشتغل بهذا الكتيب ولول ذلك ما كنت لثق بأن الكتاب من تأليفه‪ ،‬وتيقنت بأن شخصا له‬
‫أطماع وأغراض أو مقا صد ومطالب‪ . .‬ا ستغل ا سم فضيل ته ال كبير‪ ،‬ووض عه على هذا الكت يب‪،‬‬
‫وإل فكيكف يعلل هذه الغلط الككبيرة التكي ازدانكت ب ها ككل صفحة من صكفحات هذا الكت يب‬
‫الصغير؟! وإن ل عجائب في خلقه وقدرته وقضائه وقدره‪.‬‬
‫فمثلً يقول الشيكخ فكي تمهيكد الكتيكب عندمكا يلقكي نظرة مجملة فكي التعريكف بالشيعكة‬
‫الجعفرية‪.‬‬
‫"ال نص على المام الول و هو المام علي قد جاء في اعتقاد هم بو صية الر سول عل يه‬
‫الصلة والسلم‪ ،‬وأما الحد عشر إماما من بعده فقد استحق كل منهم الخلفة بوصية من المام‬
‫السكابق له‪ ،‬وكان ككل منهكم البكن الككبر للمام السكابق مكا عدا الحسكين‪ . . .‬ومكا عدا موسكى‬
‫الكاظم فإنه كان البن الثاني للمام السابق له وهو جعفر الصادق‪ ،‬واستحق الخلفة لموت أخيه‬
‫الكبر إسماعيل قبل وفاة أبيه" [بين الشيعة وأهل السنة ص ‪.]7 ،6‬‬
‫ومحل الشاهد أن موسى الكاظم كان البن الثاني لجعفر الصادق‪.‬‬
‫ومكن ل يدري غيكر فضيلة الدكتور أن موسكى الكاظكم لم يككن البكن الثانكي لجعفكر بكن‬
‫الباقر‪ ،‬ولم يكن هو الكبر بعد أخيه الذي توفي في حياة أبيه الجعفر‪ ،‬بل كان هناك من يكبره‬
‫من إخوته‪.‬‬
‫وإليكم الشهادة على صحة ذلك من الشيعة أنفسهم‪ ،‬بل ومن كبار الشيعة وقادتهم وأئمتهم‬
‫في الرجال والتاريخ‪ ،‬فيذكر الكشي أبو عمرو ومحمد بن عمر ابن عبد العزيز في كتابه (معرفة‬
‫الناقلين عن الئمة الصادقين) المعروف برجال الكشي تحت عنوان الفطحية‪:‬‬
‫"هم القائلون بإمامة عبد ال بن جعفر بن محمد ‪ . . .‬والذين قالوا بإمامته عامة مشائخ‬
‫العصكابة وفقهائهكا‪ ،‬مالوا إلى هذه المقالة‪ ،‬فدخلت عليهكم الشبهكة لمكا روى عنكه (يعنكي أئمتهكم)‬
‫علي هم ال سلم أن هم قالوا‪ :‬الما مة في الولد ال كبر من المام إذا م ضى إمام" [رجال الك شي ص‬
‫‪ 219‬ط كربلء]‪.‬‬
‫هذا ول قد يذ كر مثله مح مد بن مح مد بن النعمان الع كبري المتو فى سنة ‪413‬ه‍ المل قب‬
‫بالمف يد‪ ،‬الذي يقولون ع نه‪ :‬إن غائب هم المزعوم هو الذي لق به به [معالم العلماء ص ‪ – 101‬ط‬
‫إيران] وإل يه انت هت رئا سة الما مة في وق ته [روضات الجنات للخوان ساري ج ‪ 9‬ص ‪– 153‬ط‬
‫إيران] وكان له لقاءات مع غائبهم الموهوم [مقدمة الرشاد ص ‪– 4‬ط إيران] يقول هذا المؤرخ‬
‫الشيعي الكبير في كتابه الذي كتبه في ذكر أئمته‪:‬‬
‫"وكان عبد ال بن جعفر أكبر إخوته بعد إسماعيل‪ . . .‬وادعى بعد أبيه المامة‪ ،‬واحتج‬
‫بأ نه أ كبر الخوة الباق ين‪ ،‬فاتب عه على قوله جما عة من أ صحاب أ بي ع بد ال (أي جع فر) عل يه‬
‫السلم‪ . . .‬ودانوا بإمامة عبد ال بن جعفر‪ ،‬الطائفة الملقبة بالفطحية" [الرشاد للمفيد ص ‪،285‬‬
‫‪.]286‬‬
‫وهذا ال مر ل يختلف ف يه اثنان‪ ،‬ول يتنا طح ف يه كبشان‪ ،‬و هو مت فق عل يه ب ين الشي عة‬
‫والسكنة‪ ،‬وككل كتكب التاريكخ تنكص على ذلك‪ ،‬ولككن ل ندري مكن أيكن جاء الدكتور الفاضكل‬
‫بمعلوما ته الجديدة "أن مو سى الكا ظم كان ال بن الثا ني للمام ال سابق له‪ ،‬و قد ا ستحق الما مة‬
‫‪73‬‬ ‫لكبره بعد موت أخيه إسماعيل" وقد أعاد نفس هذا الكلم في رسالته في الباب الرابع صفحة‬
‫و ‪.74‬‬
‫هذا ما لم يستطع الشيعة أنفسهم التقول به مع تضايقهم وتحرجهم من مواجهة هذا اليراد‬
‫والعتراض‪" :‬كيف تحولون المامة من عبد ال بن جعفر بعد موت المام جعفر الصادق وهو‬
‫أكبر أبنائه بعده‪ ،‬مع زعمكم بأن المامة في أكبر البناء؟ كما روى الكليني في كافيه عن جعفر‬
‫أنه قال‪ :‬إن المر في الكبير" [الكافي في الصول‪ ،‬كتاب الحجة ج ‪ 6‬ص ‪– 357‬ط إيران]‪.‬‬
‫وبذلك احتج عبد ال على مخالفيه بأنه أكبر الخوة الباقي‪ ،‬فاتبعه على قوله جماعة من‬
‫أصحاب جعفر كما ذكرناه آنفا نقلً عن الشيعة أنفسهم‪.‬‬
‫وهذا هو اليراد الذي أوردناه ن حن في كتب نا "الشي عة والتش يع فرق وتار يخ" [ص ‪،227‬‬
‫‪ ]228‬ولم يستطيعوا الجواب عليه‪ ،‬ولعلي ل أخطئ حسب ما أتذكر دون المراجعة لكتب الشيعة‬
‫لعدم وجودها عندي ههنا إذا قلت‪ :‬إن موسى هذا كان البن الرابع لجعفر بن الباقر‪ ،‬وكان يكبره‬
‫أيضا ب عد إ سماعيل وع بد ال‪ ،‬مح مد بن جع فر الذي خرج أيام المأمون ود عا الناس إلى نف سه‬
‫وبايع له أهل المدينة بإمرة المؤمنين" [مقاتل الطالبين للصفهاني ص ‪ ،357‬تاريخ بغداد للخطيب‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪ ،114‬الرشاد المفيد وغيرها من الكتب]‪.‬‬
‫هذا‪ . .‬ومثل هذا ما ذكره فضيلته في الكلم عن السماعيلية‪:‬‬
‫‪16‬‬ ‫"وقد انتهت رئاسة الشيعة السماعيلية إلى أغا خان وإلى ولديه من بعده" [انظر‪ :‬ص‬
‫من رسالته "بين الشيعة وأهل السنة"]‪.‬‬
‫مع أن كل من يعلم ومن ل يعلم يعرف أن أغا خان حرم ولديه "علي" و"صدر الدين" من‬
‫رئاسة السماعيلية وإمامتها‪ ،‬ووضعها في حفيده كريم خان زعيم السماعيلية الحالي الموجود‪،‬‬
‫ونفذت وصكيته عنكد وفاتكه وكان ذلك فكي حياة ابنكه علي خان والد كريكم خان الذي مات بعده‬
‫بسنوات في حادث اصطدام سيارته مع إحدى الممثلت الراقصات‪ ،‬وابنه الثاني صدر الدين عم‬
‫كريم خان الذي ل زال حيا موجودا‪.‬‬
‫وكذلك قول فضيلته‪:‬‬
‫"ا سم الراف ضة‪ ،‬و هو ل قب تطل قه الفرق الخرى علي هم‪ ،‬وخا صة أ هل ال سنة‪ ،‬و هو الذي‬
‫يستخدمه شيخ السلم ابن تيمية في مؤلفاته" [الرسالة المذكورة ص ‪.]10 ،9‬‬
‫يدل أيضا على عدم معرفة الكاتب لكتب الشيعة أنفسهم لن الفرق الخرى لم تسمهم بهذا‬
‫السم وخاصة أهل السنة‪ ،‬وأخص بالذكر شيخ السلم ابن تيمية في كتبه‪ ،‬بل ال سماهم بهذا‬
‫السم كما ورد في بخاري القوم‪:‬‬
‫" عن مح مد بن سليمان عن أب يه أ نه قال‪ :‬قلت ل بي ع بد ال – جع فر المام ال سادس‬
‫المعصكوم حسكب زعكم القوم ‪ :-‬جعلت فداك فإنكا قكد نبزنكا نبزا [النبكز‪ :‬أن تنادي أخاك بلقكب‬
‫يكرهكه] أثقكل ظهورنكا‪ ،‬وماتكت له أفئدتنكا‪ ،‬واسكتحلت له الموالة دماءنكا فكي حديكث رواه لهكم‬
‫فقهاؤهم‪ ،‬قال‪ :‬فقال أبو عبد ال عليه السلم‪:‬‬
‫الرافضة؟‬
‫قلت‪ :‬نعم‪.‬‬
‫ج‪5‬‬ ‫قال‪ :‬ل وال ما هم سموكم ‪ . . .‬ولكن ال سماكم به" [الكافي للكليني كتاب الروضة‬
‫ص ‪ – 34‬ط طهران]‪.‬‬
‫وأعود لسأل‪ :‬وماذا يقصد فضيلته من قوله‪:‬‬
‫"وير جع ال سبب في إطلق هذا الل قب علي هم أن هم رفضوا المام ز يد بن علي بن ز ين‬
‫العابدين لمخالفته لهم في بعض ما يذهبون إليه في شؤون السياسة" [بين الشيعة وأهل السنة ص‬
‫‪]10‬؟!‬
‫هل هذه محاولة عن ق صد وع مد ل تبرئة القوم من الشنا عة ال تي لزمت هم بأن الشي عة لم‬
‫يرفضوه لمخالفته لهم في بعض ما يذهبون إليه في شئون السياسة‪ ،‬بل رفضوه لنه لم يرض أن‬
‫يشتم ويطعن في أبي بكر وعمر؟! إذن إليك ما يرويه الشيعي مرزا تقي خان في كتابه الكبير‬
‫في التاريخ بالفارسية‪:‬‬
‫"إن ناسا من رؤساء الكوفة وأشرافها الذين بايعوا زيدا حضروا يوما عنده وقالوا له‪:‬‬
‫رحمك ال ‪ . .‬ماذا تقول في حق أبي بكر وعمر؟‬
‫قال‪ :‬ما أقول فيهما إل خيرا‪ ،‬كما لم أسمع فيهما من أهل بيتي (بيت النبوة) إل خيرا‪ ،‬ما‬
‫ظلمانا ول أحدا غيرنا‪ ،‬وعمل بكتاب ال وسنة رسوله‪.‬‬
‫فلما سمع منه أهل الكوفة هذه المقالة رفضوه‪.‬‬
‫فقال زيد‪ :‬رفضونا اليوم‪ ،‬ولجل ذلك سموا بالرافضة" [ناسخ التواريخ للميرزا تقي خان‬
‫الشيعي ج ‪ 2‬ص ‪ 590‬تحت عنوان أحوال المام زين العابدين]‪.‬‬
‫فلم يرفضوه يا سيدي الدكتور لمخالفته لهم في بعض ما يذهبون إليه في شئون السياسة‬
‫كما أردت إفهام ذلك للناس!!‪.‬‬
‫أو فهمته خطأ بغير عمد ول قصد‪ ،‬فسامحك ال إذن‪.‬‬
‫و ما أك ثر ما أخ طأ فه مك‪ ،‬و ضل ع نك رشدك‪ ،‬وخا نك عل مك في هذا الكت يب ال صغير‪،‬‬
‫فرحماك يا رب!‬
‫وزيد بن علي هذا لم يكن رجلً عاديا حتى في نظر الشيعة أنفسهم حيث يلقبونه "بحليف‬
‫القرآن" [انظر‪ :‬الرشاد للمفيد ص ‪ 268‬تحت عنوان ذكر أخوة الباقر]‪.‬‬
‫وأكثر من ذلك أن المام السادس المعصوم عندهم الذي إليه ينسبون مذهبهم في الفروع‬
‫جعفر بن محمد الباقر كان يعظمه ويجله إلى حد كبير كما ذكر أبو الفرج الصفهاني الشيعي‬
‫[ هو أبو الفرج علي بن الح سين‪ ،‬ولد بأ صفهان سنة ‪ 284‬ومات سنة ‪356‬ه‍‪ ،‬و قد ذكره مح سن‬
‫الميكن فكي طبقات شعراء الشيعكة وطبقكة المؤرخكن – أعيان الشيعكة ج ‪ 1‬ص ‪ ]175‬نقلً عكن‬
‫الشناني عن عبد ال بن جرير أنه قال‪:‬‬
‫"رأيت جعفر بن محمد يمسك لزيد بن علي بالركاب ويسوي ثيابه على السرج" [مقاتل‬
‫الطالبين للصفهاني ص ‪– 129‬ط دار المعرفة بيروت]‪.‬‬
‫ثم إن رفض الشيعة زيد بن علي لم يكن شيئا مستغربا ول جديدا‪ ،‬بل ذلك خلق توارثه‬
‫البناء عن آبائهم من قديم‪ ،‬فإنه لزمهم من أول يوم وجدوا فيه‪ ،‬فقد اشتكى منهم في ذلك كثير‬
‫من أئمت هم الذ ين يعتقدون بع صمتهم وأن هم ل ينطقون عن الهوى‪ ،‬وأول هم علي بن أ بي طالب‬
‫ر ضي ال ع نه ح يث خذلوه ورفضوا ن صرته وتأييده في عد يد من المعارك والحروب ب عد ما‬
‫بايعوه‪ ،‬وحلفوا على طاع ته والولء له‪ ،‬وت ستروا وراء ا سمه‪ ،‬ول كن كل ما دعا هم إلى المنا صرة‬
‫والمسكاعدة بدأوا يتسكللون منهكا ملتمسكين العذار‪ ،‬وبدون التماسكها أيضا‪ ..‬حتكى قال مخاطبا‬
‫إياهم‪:‬‬
‫"يا أشباه الرجال ول رجال‪ ،‬حلوم الطفال‪ ،‬وعقول ربات الحجال‪ ،‬لوددت أني لم أركم‬
‫ولم أعرفككم‪ ،‬معرفكة – وال – جرّت ندما‪ ،‬وأعقبكت صكدما‪ ..‬قاتلككم ال لقكد ملتكم قلبكي قبحا‪،‬‬
‫وشحنتكم صكدري غيظا‪ ،‬وجرعتمونكي نغكب التهمام أنفاسكا‪ ،‬وأفسكدتم علي رأيكي بالعصكيان‬
‫والخذلن‪ ،‬حتى لقد قالت قريش‪ :‬إن ابن أبي طالب رجل شجاع ولكن ل علم له بالحرب‪ ،‬ولكن‬
‫ل رأي لمن ل يطاع" [نهج البلغة ص ‪– 71 ،70‬ط بيروت]‪.‬‬
‫وفي معركة أخرى ارتكبوا نفس العمل الذي تعودوه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫"أل وإني دعوتكم لقتال هؤلء ليلً ونهارا وسرا وإعلنا‪ ..‬فتواكلتم وتخاذلتم حتى شنت‬
‫الغارات‪ ،‬وملكت عليكم الوطان‪ ..‬ثم انصرفوا وافرين‪ ،‬ما نال رجلً منهم كلم‪ ،‬ول أريق لهم‬
‫دم‪ ،‬فلو أن امرأ مسلما مات من بعد هذا أسفا ما كان به ملوما‪ ،‬بل كان به عندي جديرا‪ ..‬فقبحا‬
‫لكم وترحا‪ ،‬حين صرتم غرضا يرمى‪ ،‬يغار عليكم ول تغيرون‪ ،‬وتغزون ول تغزون‪ ،‬ويعصى‬
‫ال وترضون‪.‬‬
‫فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر قلتم‪ :‬هذه حمارة القيظ‪ ،‬أمهلنا يسبخ عنا الحر‪ ،‬وإذا‬
‫أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم‪ :‬هذه صبارة القر‪ ،‬أمهلنا ينسلخ عنا البرد‪ ،‬كل هذا فرارا من‬
‫ص ‪72 ،71‬‬ ‫الحر والقر‪ ،‬فإذا كنتم من الحر والقر تفرون فأنتم وال من السيف أفر" [نهج البلغة‬
‫ط بيروت]‪.‬‬
‫ومرة أخرى حتى قال‪:‬‬
‫"ولقد أصبحت المم تخاف ظلم رعاتها‪ ،‬وأصبحت أخاف ظلم رعيتي‪ ،‬استنفرتكم للجها‬
‫فلم تنفروا‪ ،‬وأسمعتكم فلم تسمعوا‪ ،‬ودعوتكم سرا وجهرا فلم تستجيبوا‪ ،‬ونصحت لكم فلم تقبلوا‪،‬‬
‫شهود كغياب‪ ،‬وعبيد كأرباب‪ ،‬وأحثكم على جهاد أهل البغي فما آتي على آخر قولي حتى أراكم‬
‫عني متفرقين أيادي سبأ‪ ..‬منيت منكم بثلث واثنتين‪ ،‬صم ذوو أسماع وبكم ذوو كلم‪ ،‬وعمي‬
‫ذوو أبصكار‪ ،‬ل أحرار صكدق عنكد اللقاء‪ ،‬ول إخوان ثقكة عنكد البلء‪ ..‬وال لكأنكي بككم فيمكا‬
‫إخالكم‪ :‬أن لو حمس الوغاء‪ ،‬وحمي الضراب قد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراج المرأة عن‬
‫قبلها" [نهج البلغة ص ‪.]142 ،141‬‬
‫ولم ي‪ :‬خذلن هم‪ ،‬وترك ن صرتهم‪ ،‬ور فض تأييد هم للح سن بن علي أ قل من أب يه‪ ،‬ف هم‬
‫الذ ين تركوه في خ ضم المعارك‪ ،‬وأرادوا ت سليمه إلى معاو ية ر ضي ال تعالى عنه ما‪ ،‬وانتبهوا‬
‫مضاربه‪ ،‬وجرحوه بمعول في فخذه [انظر لذلك‪ :‬تاريخ اليعقوبي لحمد بن أبي يعقوب الكاتب‬
‫العباسي ج ‪ 2‬ص ‪ 215‬الشيعي المشهور‪ ،‬ذكره العباسي القمي في الكنى واللقاب ج ‪ 3‬ص ‪،246‬‬
‫ومحسن المين في أعيان الشيعة‪ ،‬وانظر أيضا مروج الذهب للمسعودي الشيعي ج ‪ 2‬ص ‪،431‬‬
‫الرشاد للمفيد الشيعي ص ‪ ،190‬كشف الغمة للربل الشيعي ص ‪ ،54‬الفصول الهمة ص ‪-162‬‬
‫ط طهران‪ ،‬ورجال الكشي ص ‪ 103‬وغيرها]‪ .‬حتى اضطر إلى أن يقول‪:‬‬
‫"أرى وال معاو ية خيرا لي من هؤلء‪ ،‬يزعمون أن هم لي شي عة‪ ،‬ابتغوا قتلي‪ ،‬وأخذوا‬
‫مالي‪ ،‬وال لن آخذ من معاوية ما أحقن به دمي‪ ،‬وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني فيضيع‬
‫أهكل بيتكي وأهلي‪ ،‬وال لو قاتلت معاويكة لخذوا بعنقكي حتكى يدفعوا بكي إليكه سكلما‪ ،‬وال لن‬
‫أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير" [الحتجاج للطبرسي ص ‪.]148‬‬
‫وأما الحسين رضي ال ع نه فأمره وخذلن الشيعة إياه‪ ،‬ورفضهم نصرته لمر مشهور‬
‫غني عن الذكر‪ ،‬كما خذلوا ابن عمه وسفيره إليهم‪ ،‬مسلم بن عقيل‪ ،‬ونذكر ههنا عبارة صغيرة‬
‫ذكرها محسن المين الشيعي المشهور في موسوعته‪" ،‬ثم بايع الحسين من أهل العراق عشرون‬
‫ألفا غدروا به وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهم‪ ،‬وقتلوه" [أعيان الشيعة القسم الول ص ‪.]34‬‬
‫وخطبة الحسين مشهورة معروفة ومنقولة في كتب القوم حينما خاطبهم بقوله‪:‬‬
‫"تبا لكم أيتها الجماعة! وترحا وبؤسا لكم وتعسا‪ ،‬حين استصرختمونا ولهين فأصرخناكم‬
‫موجفين‪ ،‬فشحذتم علينا سيفا كان في أيدينا‪ ،‬وحششتم علينا نارا أضرمناها على عدوكم وعدونا‪،‬‬
‫فأ صبحتم ألبا على أوليائ كم ويدا على أعدائ كم من غ ير عدل أفشوه في كم‪ ،‬ول أ مل أ صبح ل كم‬
‫في هم‪ ،‬ول ذ نب كان م نا في كم‪ ،‬فهل ل كم الويلت‪ ،‬إذا كرهتمو نا وال سيف مش يم‪ ،‬والجأش طا من‪،‬‬
‫والرأي لم ت ستخصف‪ ،‬ولكن كم ا ستسرعتم إلى بيعت نا كطيرة الد با‪ ،‬وتهاف تم كتها فت الفراش؛ ثم‬
‫نقضتمو ها‪ ،‬سفها بعدا و سحقا لطواغ يت هذه ال مة وبق ية الحزاب ونبذة الكتاب‪ ،‬ثم أن تم هؤلء‬
‫تتخاذلون ع نا وتقتلون نا‪ ،‬أل لع نة ال على الظالم ين" [ك شف الغ مة للر بل الشي عي ج ‪ 2‬ص ‪،18‬‬
‫‪ ،19‬الحتجاج للطبرسي الشيعي ص ‪.]145‬‬
‫ودعاؤه عليهم أيضا مشهور معروف ذكره المفيد والطبرسي وغيرهما أنه قبل استشهاده‬
‫رفع يديه ودعا‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫"اللهم إن متعتهم إلى حين ففرقهم فرقا‪ ،‬واجعلهم طرائق قددا‪ ،‬ول ترضي الولة عنهم‬
‫أبدا‪ ،‬فإنهكم دعونكا لينصكرونا ثكم عدوا علينكا فقتلونكا" [الرشاد ص ‪ ،241‬أيضا إعلم الورى‬
‫للطبرسي ص ‪.]949‬‬
‫وخذلن هم لعلي بن الح سين المل قب بز ين العابد ين أش هر وأعرف من خذلن هم أباه ح تى‬
‫اضطر إلى أن يقر بعبوديته ليزيد بن معاوية كما رواه بخارى القوم الكليني في صحيحه الكافي‬
‫أن علي بن الحسين قال ليزيد بن معاوية‪:‬‬
‫" قد أقررت لك ب ما سألت‪ ،‬أ نا ع بد مكره‪ ،‬فإن شئت فأم سك‪ ،‬وإن شئت ف بع" [الكا في‬
‫للكليني كتاب الروضة ج ‪ 8‬ص ‪– 235‬ط طهران]‪.‬‬
‫لنه حسب قوله على زعم الشيعة‪:‬‬
‫"إن جم يع الناس ارتدوا ب عد ق تل الح سين إل خم سة‪ :‬أ بو خالد الكابلي‪ ،‬ويح يى بن أم‬
‫الطويكل‪ ،‬وجكبير بكن مطيكع‪ ،‬وجابر بكن عبكد ال‪ ،‬والشبككة زوجكة الحسكين" [مجالس المؤمنيكن‬
‫للشوستري الملقب بالشهيد عند الشيعة‪ ،‬المجلس الخامس ص ‪-144‬ط طهران‪ ،‬ومثله في رجال‬
‫الكشي ص ‪-111‬ط كربلء بدون ذكر الشبكة]‪.‬‬
‫وأما محمد بن علي الباقر فكان بائسا من شيعته الروافض إلى حد أنه كان يقول‪:‬‬
‫"لو كان الناس كلهم لنا شيعة لكان ثلثة أرباعهم لنا شكاكا‪ ،‬والربع الخر أحمق" [رجال‬
‫الكشي ص ‪.]79‬‬
‫وأ ما جع فر فكان أكثر هم شكا ية من أب يه عن الروا فض هؤلء ح تى كان يقول مخاطبا‬
‫إياهم‪:‬‬
‫"أ ما وال لو أ جد من كم ثل ثة مؤمن ين يكتمون حدي ثي ما ا ستحللت أن أكتم هم حديثا"‬
‫[الصول من الكافي ج ‪ 1‬ص ‪-496‬ط الهند]‪.‬‬
‫وعبد اله بن يعفور أحد تلمذته المخلصين ومريديه المطيعين‪ ،‬الذي قال فيه جعفر نفسه‪:‬‬
‫ما وجدت أحدا يق بل و صيتي ويط يع أمري إل ع بد ال بن يعفور" [رجال الك شي ص ‪-213‬ط‬
‫كربلء]‪.‬‬
‫يأت يه يوما ويش كو إل يه م ساوئ الشي عة وخذلن هم‪ ،‬ورفض هم منا صرة الئ مة‪ ،‬واتباع هم‬
‫أوامرهم‪ ،‬وعدم وفائهم وإخلصهم لهم‪ ،‬فيقول كما رواه الكليني في الكافي أن عبد ال بن يعفور‬
‫قال‪ :‬قلت لبي عبد ال (جعفر) عليه السلم‪:‬‬
‫إنكي أخالط الناس فيكثكر عجكبي مكن أقوام ل يتولونككم‪ ،‬ويتولون فلنا وفلنا‪ ،‬لهكم أمانكة‬
‫وصدق ووفاء‪ ،‬وأقوام يتولونكم ليس لهم تلك المانة ول الوفاء ول الصدق" [الكافي في الصول‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪-375‬ط طهران]‪.‬‬
‫وبذلك روى ابن جعفر بن محمد موسى الملقب بالكاظم عن جده الول أنه قال‪:‬‬
‫"لو ميزت شيع تي لم أجد هم غل وا صفة‪ ،‬ولو امتحنت هم ل ما وجدت هم إل مرتد ين‪ ،‬ولو‬
‫تمح صتهم ل ما خلص من اللف وا حد‪ ،‬ولو غربلت هم غربلة لم ي بق من هم إل ما كان لي‪ ،‬إن هم‬
‫طالما اتكئوا على الرائك فقالوا‪ :‬نحن شيعة علي" [الكافي للكليني كتاب الروضة ج ‪ 8‬ص ‪.]338‬‬
‫فهؤلء هم الشيعة [من أراد الستزادة في هذا الموضوع فليرجع إلى كتابنا "الشيعة وأهل‬
‫البيت" باب ذم الشيعة واللعن عليهم ص ‪ ،202-195‬وكتابنا "الشيعة والتشيع فرق وتاريخ" الباب‬
‫السادس من ص ‪ 269‬إلى ما بعد‪ .‬كلها طبعة إدارة ترجمان السنة لهور باكستان] – أيها السيد‬
‫الدكتور وا في – الذ ين ما أطلق علي هم ل قب الراف ضة لمخال فة ز يد بن علي ل هم في ب عض ما‬
‫يذهبون إليه في شئون السياسة كما أردت أن تصوره للناس – شئت أم أبيت – من فهم وقصد‪،‬‬
‫أم بدون فهم وعمد‪ ،‬جعلك ال من القسم الثاني‪ ،‬ولم يجعلك من الذين يعرفون ثم يكتمون ليضلوا‬
‫عباد ال عن سواء السبيل‪.‬‬
‫وأ ما قول الدكتور وا في "أ نه قد يطلق علي ها "أي الشي عة" كذلك ا سم الواقف ية لن ها ت قف‬
‫بالمامة عند المام الثاني عشر وتعتقد أنه ل يستحق الخلفة أحد من بعده" [بين الشيعة وأهل‬
‫السنة ص ‪ ]9‬فهو أيضا من عدم معرفته بعقائد الشيعة وتاريخها‪ ،‬وتاريخ الفرق التي انبثقت منها‬
‫وتفرعت في مختلف اليام والدهور‪.‬‬
‫أولً‪ :‬إن اسم الواقفية [وهذا هو السم الصحيح كما استعمله أصحاب الفرق من الشيعة]‬
‫لم يستعمل في كتب الفرق والرجال على الثني عشرية قط‪ ،‬ل في الكتب الشيعية ول في الكتب‬
‫السنية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إنما استعمل هذا اللقب في كتب الشيعة وفي كتب السنة على من توقف على إمامة‬
‫جعفر بن الباقر أو من توقف على موسى المل قب بالكاظم‪ ،‬انظر لذلك من كتبهم‪ :‬فرق الشيعة‬
‫للنوبخ تي‪ ،‬والمقالت والفرق ل سعد بن ع بد ال الق مي‪ ،‬وكتاب الرجال للك شي‪ ،‬والرشاد للمف يد‪،‬‬
‫وأعيان الشيعكة لمحسكن الميكن‪ ،‬ومكن كتكب أهكل السكنة الملل والنحكل للشهرسكتاني‪ ،‬ومقالت‬
‫السلميين للشعري‪ ،‬واعتقادات فرق المسلمين للرازي‪ ،‬والفرق بين الفرق للبغدادي والتبصير‬
‫للسفرائيني وغيرها من الكتب‪.‬‬
‫ثم ا ستعمال لف ظة الخل فة في قول الدكتور أيضا خ طأ‪ ،‬وإن دلّ هذا على ش يء دلّ على‬
‫عدم معرفتكه باصكطلحات الشيعكة‪ ،‬لن الكتكب التكي تبحكث عكن الفرق والرجال عنكد الشيعكة‪،‬‬
‫وعند نا أيضا ل ت ستعمل هذه الكل مة إطلقا‪ ،‬بل ت ستعمل ل فظ "الما مة" ف قط ع ند ذ كر أئمت هم‬
‫وعقائدهم‪ ،‬وإنني أشك في أن مثل هذا يخفى على واحد ممن يشتغل بالكتابة عن الفرق‪ ،‬حتى‬
‫المبتدئ فيها‪ ،‬وإن الفرق بين المام والخليفة‪ ،‬والمامة والخلفة‪ ،‬فرق ظاهر بيّن‪ ،‬يكاد أن يعد‬
‫مكن البديهيات بالنسكبة لطلبكة العلم دون أن يكون الكاتكب ممكن قضكى عمره وأفناه فكي الدرس‬
‫والتدريس‪ ،‬وفي التعلم والتعليم‪ ،‬ويحمل شهادات كبرى؛ زيادة على أنه حقق كتاب تاريخ عظيم‬
‫كتاريخ ابن خلدون وعلق عليه‪.‬‬
‫وإن الشيعكة أنفسكهم يقرون بمبايعكة أئمتهكم للخلفاء سكواء كانوا مكن الراشديكن الثلثكة أو‬
‫بعد هم من ب ني أم ية وب ني العباس‪ ،‬فهؤلء الشي عة يذكرون إمام هم الول المع صوم عليا ر ضي‬
‫في رسالة أرسلها إلى أصحابه بمصر بعد مقتل‬ ‫ال عنه أنه ذكر الحداث بعد وفاة رسول ال‬
‫محمد بن أبي بكر‪ ،‬فذكر فيما ذكر في ها انثيال الناس إلى أبي بكر وإسراعهم إليه ليبايعوه‪ ،‬ثم‬
‫كتب‪:‬‬
‫"فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته ونهضت في تلك الحداث حتى زاغ الباطل وزهق‬
‫وكانت كلمة ال هي العليا ولو كره الكافرون‪ ،‬فتولى أبو بكر تلك المور فيسر‪ ،‬وسدد‪ ،‬وقارب‪،‬‬
‫واقتصد‪ ،‬فصحبته مناصحا‪ ،‬وأطعته فيما أطاع ال جاهدا" [الغارت لبي إسحاق إبراهيم الثقفي‬
‫الكو في ال صبهاني الشي عي المتو فى سنة ‪283‬ه‍ ج ‪ 1‬ص ‪-307‬ط طهران‪ ،‬و"منار الهدى" لعلي‬
‫البحراني الشيعي ص ‪ ،373‬أيضا ناسخ التواريخ للميرزا تقي ج ‪ 3‬ص ‪-532‬ط طهران]‪.‬‬
‫وكذلك ذكر الطوسي الملقب عند الشيعة بشيخ الطائفة في أماليه أن عليا رضي ال عنه‬
‫ذكر مبايعته لعمر مخاطبا أهل الشام‪:‬‬
‫"فبايعت ع مر كما بايعتموه‪ ،‬فوف يت له بيعته‪ ،‬حتى ل ما قتل جعلني سادس ستة‪ ،‬فدخلت‬
‫حيث أدخلني" [المالي للطوسي ج ‪ 2‬ص ‪-121‬ط نجف]‪.‬‬
‫كما يذكر مبايعة علي رضي ال عنه لعثمان بن عفان رضي ال عنه‪ ،‬ومن لسان علي‬
‫رضي ال عنه وإقراره بنفسه حيث قال‪:‬‬
‫"كرهكت أن أفرق جماعكة المسكلمين وأشكق عصكاهم‪ ،‬فبايعتكم عثمان فبايعتكه" [المالي‬
‫للطوسي ج ‪ 2‬الجزء ‪ 18‬ص ‪.]121‬‬
‫وكان من أول المبايعين له بعد عبد الرحمن بن عوف كما ذكره البخاري في صحيحه‪،‬‬
‫وابن سعد في طبقاته من السنة‪ ،‬وابن أبي الحديد من الشيعة في شرحه للنهج تحت قول علي‬
‫رضي ال عنه‪:‬‬
‫وال لسلمن ما سلمت أمور المسلمين‪ ،‬ولم يكن فيها جور إل عليّ خاصة التماسا لجر‬
‫ذلك وفضله" [نهج البلغة تحقيق صبحي صالح ص ‪-102‬ط بيروت]‪.‬‬
‫"ثم مدّ يده فبايعه" [شرح النهج لبن أبي الحديد]‪.‬‬
‫ومث ذلك ذكر الميرزا تقي من الشيعة أيضا في تاريخه [ناسخ التواريخ ج ‪ 2‬كتاب ‪ 2‬ص‬
‫‪-449‬ط إيران]‪.‬‬
‫ومبايعة حسن بن علي رضي ال عنهما معاوية بن أبي سفيان رضي ال عنهما‪ ،‬وكذلك‬
‫مبايعة أخيه الحسين لشهر من أن يذكر ولكن رغبة في إقناع سيادة الدكتور والخوة الباحثين‬
‫نث بت هه نا عبارة من كتب الشي عة أنفسهم‪ ،‬فلقد ذكر كل من الك شي والمجلسي – يلقبه الشيعة‬
‫بخات مة المحدث ين – والعباس الق مي عن جبر يل بن أح مد وأ بي إ سحاق حمدو يه وإبراه يم اب ني‬
‫نصير‪ ،‬عنهم جميعا أنهم قالوا‪:‬‬
‫حدثنا عبد الحميد العطار الكوفي عن يونس بن يعقوب عن فضل غلم محمد بن راشد‬
‫قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬إن معاوية كتب إلى الحسن بن علي (بعد الصلح)‬
‫صلوات ال عليهما أن أقدم أنت والحسين وأصحاب علي‪ ،‬فخرج معهم قيس بن سعد بن عبادة‬
‫النصاري وقدموا الشام‪ ،‬فأذن لهم معاوية وأعد لهم الخطباء‪.‬‬
‫فقال‪ :‬يا حسن قم فبايع‪.‬‬
‫فقام فبايع‪.‬‬
‫ثم قال للحسين‪ :‬قم فبايع‪.‬‬
‫ثم قال لقيس (وكان قائد عساكر الحسن) ‪:‬‬
‫قم فبايع‪.‬‬
‫فالتفت إلى الحسين عليه السلم ينظر ما يأمره؟‬
‫فقال‪ :‬يا قيس! إنه إمامي – وفي رواية –‬
‫فقام إليه الحسن‪ ،‬فقال له‪:‬‬
‫بايع يا قيس! فبايعه" [رجال الكشي‪ ،‬واللفظ له ص ‪ ،102‬جلء العيون للمجلسي بالفارسية‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪ 395‬ط طهران‪ ،‬منتهى المال بالفارسية أيضا للعباسي القمي ص ‪-316‬ط طهران]‪.‬‬
‫وقبل ذلك جعل الحسن رضي ال عنه أحد شروط الصلح مع معاوية رضي ال عنه‪:‬‬
‫"أن يعمل بين الناس بكتاب ال‪ ،‬وسنة رسوله‪ ،‬وسيرة الخلفاء الراشدين‪ ..‬وأخذ على هذه‬
‫الشروط‪ ،‬العهود المغلظكة باليميكن" [جلء العيون للمجلسكي ج ‪ 1‬ص ‪-393‬ط طهران ‪1398‬ه‍‪،‬‬
‫منتهى المال للعباس القمي ص ‪-314‬ط إيران‪ ،‬والفصول المهمة في معرفة أحوال الئمة ص‬
‫‪-163‬ط طهران]‪.‬‬
‫وخبر علي بن الحسين زين العابدين قد ذكرناه فيما سبق من الكليني في كافيه الذي قال‬
‫فيه محدث الشيعة النوري الطبرسي‪:‬‬
‫"هو أحد الكتب التي عليها تدور رحى الفرقة المامية‪ ..‬وكتاب الكافي بينها كالشمس بين‬
‫نجوم ال سماء‪ ..‬وإذا تأ مل ف يه المن صف ي ستغني عن ملح ظة حال آحاد رجال سند الحاد يث‬
‫المود عة ف يه‪ ،‬وتور ثه الوثوق‪ ،‬ويح صل له الطمئنان ب صدورها وثبوت ها و صحتها" [م ستدرك‬
‫الوسائل ج ‪ 3‬ص ‪-546‬ط مكتبة دار الخلفة طهران ‪1321‬ه‍]‪.‬‬
‫وأمر الخرين السبعة ممن يزعمهم الشيعة أئمة لهم أمر مشهور‪ ،‬ونذكر فقط عن واحد‬
‫منهم – و هو جع فر بن البا قر الذي إليه ين سب الشيعة الثنا عشرية مذهبهم – أنه في يوم من‬
‫اليام "أحضره المنصور وقال له‪:‬‬
‫قتلني ال إن لم أقتلك‪ ،‬أتلحد في سلطاني؟‬
‫فقال له ال صاقد (ع) ‪ :‬وال ما فعلت ول أردت‪ ،‬وإن كان بل غك ف من كاذب" [الشي عة في‬
‫التاريخ لمحمد حسين الزين ص ‪-108 ،107‬ط بيروت سنة ‪1399‬ه‍]‪.‬‬
‫ول جل ذلك لم يبا يع ع مه ع بد ال بن الح سن المث نى ول اب نه بعده مح مد بن ع بد ال‬
‫الملقب بالنفس الزكية الذي كتب عنه الصفهاني الشيعي‪:‬‬
‫وكان محمد بن عبد ال بن الحسن من أفضل أهل بيته‪ ،‬وأكبر أهل زمانه في زمانه‪ ،‬في‬
‫علمه بكتاب ال‪ ،‬وحفظه له‪ ،‬وفقهه في الدين‪ ،‬وشجاعته‪ ،‬وجوده‪ ،‬وبأسه‪ ،‬وكل أمر يجمل بمثله‪،‬‬
‫حتى لم يشك أحد أنه المهدي‪ ،‬وشاع ذلك له في العامة‪ ،‬وبايعه رجال من بني هاشم جميعا‪ ،‬من‬
‫آل أبي طالب‪ ،‬وآل بني العباس‪ ،‬وسائر بني هاشم" [مقاتل الطالبين للصفهاني ص ‪.]233‬‬
‫مع هذا كله لم يبايعه‪ ،‬كما لم يبايع أباه من قبل [انظر لذلك‪ :‬الكافي للكليني كتاب الحجة‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪ 358‬وغيره من الكتب]‪.‬‬
‫وإنني لرى بعد ذلك كله أنني لم أقصر في تفهيم المسألة وتبيين القضية‪ ،‬ومن لم يفهم‬
‫بعد ذلك فإن ربك لستار العيوب وغفار الذنوب‪.‬‬
‫وأما ترجيح سيادته اسم الجعفرية واقتصاره على استعماله [بين الشيعة وأهل السنة ص‬
‫‪ – ]8‬لو لم تكن عن سوء نية – فأيضا خطأ‪ ،‬حيث أن هناك كثيرا من فرق الشيعة غير الثنى‬
‫عشر ية تد خل ت حت هذا ال سم‪ ،‬لن كل فرق الشي عة الموجودة اليوم غ ير الزيد ية تعت قد بإما مة‬
‫جع فر وتن سب إل يه فقه ها من ال سماعيلية‪ ،‬والنزار ية من ها والم ستعلية‪ ،‬والن صيرية‪ ،‬والدروز‪،‬‬
‫والقرامطة وغيرهم الكثيرين الكثيرين‪.‬‬
‫فل أدري أسباب ترجيح هذا السم عنده دون غيره مع عدم رضائه لختيار اسم المامية‬
‫لشتراك غيرهم معهم تحت هذا السم [انظر لذلك رسالته‪ :‬بين الشيعة وأهل السنة ص ‪.]9‬‬
‫وإليك سبب تركه هذا السم بألفاظه‪:‬‬
‫"وقد يطلق عليها كذلك اسم المامية‪ ..‬ومع أن هذا اللقب هو الذي يكثر إطلقه علي هم‬
‫لدى عامت هم ويك ثر ا ستعماله كذلك في مؤلفات علمائ هم فإ نه ل يس مق صورا علي هم‪ ،‬بل ينط بق‬
‫على فرق الشيعة الخرى تذهب في موضوع المامة إلى ما يذهبون إليه‪ ،‬وخاصة فرقة الشيعة‬
‫السماعيلية" [انظر لذلك رسالته‪ :‬بين الشيعة وأهل السنة ص ‪.]9‬‬
‫ك عن ّي إلى السكيد المحترم بأن اسكم الجعفريكة يشمكل السكماعيلية وغيكر‬
‫ومكن مُبلغ ٌ‬
‫السماعيلية أيضا كما ذكرنه آنفاُ‪ ،‬إن كان هذا هو سبب تركه!‪.‬‬
‫ومن يخبر شيخا ل يعرف عن الثنى عشرية شيئا مع انتشار كتبهم وتواجدهم في أكثر‬
‫البلدان ال سلمية أن ك تب الف قه ال سماعيلي وك تب الحد يث ال سماعيلية كل ها تدور حول الراء‬
‫المنسكوبة والروايات الموصكولة إلى جعفكر بكن الباقكر‪ ،‬زيادة على ذلك أن كتكب الفرق التكي لم‬
‫يكلف ال سيد الدكتور نف سه العناء بإلقاء النظرة علي ها‪ ،‬شيع ية كا نت أم سنية‪ ،‬ت ستعمل هذا الل قب‬
‫على الفرق الشيعية التي وجدت قبل وجود الشيعة الثنى عشرية‪ ،‬وما أظن أن مكتبته ينقصها‬
‫كتاب "الملل والنحل للشهرستاني" من السنة‪ ،‬فليمسح الغبار عنه ويقلب أوراقه ويلقي نظرة ولو‬
‫خاطفة في مبحث الشيعة بعد عنوان "رجال المرجئة" فيجد أن اسم الجعفرية قد يطلق على قوم‬
‫توقفوا بالقول على إمامة جعفر ولم يجروها في أولده‪ ،‬أي لم يعتقدوا ببقية الئمة الذين آمن بهم‬
‫الشيعة الثنا عشرية واعتقدوا بإمامته‪ ،‬فعلى ذلك فإن السم الجامع المانع لهذه الفئة من الشيعة‬
‫هو الثنا عشرية‪ ،‬لن غيرهم ل يعتقدون بمن يعتقد بهم هؤلء ولو جاز إطلق كل السماء من‬
‫المامية والجعفرية والروافض عليهم‪ ،‬كما بيناه مفصلً في كتابنا (الشيعة والتشيع فرق وتاريخ)‬
‫فمن أراد الستزادة فليرجع إليه [وستصدر طبعته السادسة في مصر إن شاء ال]‪.‬‬
‫ولكن نا أرد نا الت نبيه ه نا بأن اختياره وترجي حه ا سم الجعفر ية على غيره واقت صاره عل يه‬
‫ليس نابعا إل من عدم معرفته بالموضوع‪.‬‬
‫وكذلك قوله بأن هذه الفرقة تسمى الجعفرية "لعتمادها في جميع ما تذهب إليه من عقيدة‬
‫وشري عة على آراء ين سبونها إلى جع فر ال صادق" ["ب ين الشي عة وأ هل ال سنة" ص ‪ ]8‬يدل أيضا‬
‫على عدم علمه بالقوم وعقائدهم‪ .‬ونذكر هنا عبارة واحدة لبيان تحري السيد الدكتور الحقيقة من‬
‫أهم مصادر الشيعة‪ ،‬يقول السيد محسن المين – وهو يعد من كبار علماء الشيعة وأهم كتّابهم‬
‫في الماضي القريب – يكتب في موسوعته وهو يذكر سبب تسمية الثنى عشرية بالجعفرية‪:‬‬
‫"الجعفر ية باعتبار أن مذهب هم في الفروع هو مذ هب المام جع فر بن مح مد ال صادق‬
‫عليهمكا السكلم‪ ،‬ونسكب مذهبهكم فكي الفروع إليكه باعتبار أن أكثره مأخوذ عنكه" [أعيان الشيعكة‬
‫الجزء الول‪ ،‬القسم الول ص ‪-20‬ط بيروت]‪.‬‬
‫وأما العقيدة والشريعة فلم يأخذها الشيعة عن جعفر ول غيره‪ ،‬بل أخذوها عن اليهودية‬
‫الثيمكة‪ ،‬الجريحكة التكي انسككرت فلولهكا‪ ،‬واندحرت شوكتهكا‪ ،‬وزلزلت أركانهكا‪ ،‬واسكتؤصلت‬
‫شأفتها‪ ،‬وهدمت قلعها‪ ،‬ودمرت ديارها على يد رسول ال الصادق المين‪ ،‬وخلفائه الراشدين‪،‬‬
‫الصديق‪ ،‬والفاروق‪ ،‬وأفلت نجومها أيام ذي النورين رضي ال عنهم أجمعين‪ ،‬فترقبت لثأرها‪،‬‬
‫ودبرت لنتقام ها‪ ،‬وخط طت مؤامرت ها وأح كم ن سيجها‪ ،‬فأر سلت ابن ها البار ب ها ع بد ال بن سبأ‬
‫[را جع‪ :‬لمعر فة التفا صيل عن شخ صيته الخبي ثة وأن ها حقيق ية كتاب نا "الشي عة وأ هل الب يت"] من‬
‫صنعاء الي من ليك يد لل سلم كيدا‪ ،‬ويزرع في الم سلمين فتنا‪ ،‬ويدس ل هم د سائس‪ ،‬ويروج في هم‬
‫عقائد ل أسكاس لهكا فكي القرآن ول فكي السكنة‪ ،‬لتنتشكر البلبلة‪ ،‬ويفشكو الفسكاد‪ ،‬وتعكم القلقكل‪،‬‬
‫وتضطرب المور‪ ،‬وتقف القوافل‪ ،‬قوافل النصر والظفر‪ ،‬قوافل الجهاد والبطال‪ ،‬كي ل يحيط‬
‫نور ال بالمعمورة‪ ،‬وفعلً حصلت ما أرادت ول عاقبة المور‪ ،‬وهو عليم بحكمها وعللها‪ ،‬فجاء‬
‫ذلك اللعيكن إلى المدينكة‪ ،‬ودخكل فكي زمرة المسكلمين وهكو يعتزم اليقاع بدينهكم‪ ،‬وتقويكض‬
‫جماعت هم‪ ،‬و في قل به حفي ظة علي هم‪ ،‬ثم ذ هب إلى م صر‪ ،‬ثم إلى الكو فة‪ ،‬ثم إلى الشام‪ ،‬محاولً‬
‫إضلل العقول الضعي فة‪ ،‬والقلوب المري ضة‪ ،‬وأ صحاب الغراض الذ ين لم يدخلوا في د ين ال‬
‫إل طمعا وحرصكا فكي زخارف الحياة ومتاع الدنيكا‪ ،‬فأتكى مصكر‪ ،‬فوجكد المرتكع الخصكب‪،‬‬
‫والرض القابلة للفتن‪ ،‬فأقام بين أهلها يتنقل من مدينة إلى مدينة‪ ،‬وقرية إلى قرية‪ ،‬حتى استطاع‬
‫بزخرف القول أن يو غر صدورهم على خلي فة ر سول ال‪ ،‬وزوج ابنت يه‪ ،‬ذي النور ين‪ ،‬صاحب‬
‫الجود والحياء‪ ،‬أمير المؤمنين وخليفة المسلمين‪ ،‬كما استطاع أن ينشئ في عقائدهم خللً‪ ،‬ويزين‬
‫ل هم من القول ما حمله من اليهود ية المدبرة من ورائه‪ ،‬وأن يزحزح هم عن العقيدة ال صحيحة‬
‫المستقيمة‪ ،‬حتى جرهم إلى قتل عثمان [انظر‪ :‬لتفصيل هذه الحوادث كتابنا "الشيعة والتشيع فرق‬
‫وتاريكخ"] مكع مكن وجده مكن النصكار والمغتريكن بكه مكن مختلف المصكار السكلمية‪ ،‬وبذلك‬
‫استطاع قلب الحكم السلمي‪ ،‬وأوجد ثلمة في صفوف المسلمين‪ ،‬وفتقا لم يرتق إلى يومنا هذا‪،‬‬
‫ك ما ا ستطاع أن ين شئ جما عة كاملة تح مل أفكاره وآراءه با سم العقيدة ال تي أتحف ها إيا هم من‬
‫اليهوديكة الجريحكة رمزا لنتقامهكا وشعارا لثأرهكا‪ ،‬عقيدة وشريعكة ل تمكت إلى السكلم بصكلة‬
‫قريبة أو بعيدة‪ ،‬وشريعة ال السماوية الحقة بريئة منها كل البراءة‪.‬‬
‫و ها هي تلك العقيدة من أو ثق ك تب الشي عة أنف سهم مع ب عض تحركا ته يذكر ها مؤرخ‬
‫شيعي إيراني في تاريخه الفارسي الكبير‪:‬‬
‫"إن ع بد ال بن سبأ تو جه إلى م صر عند ما علم أن مخالف يه (أي عثمان ذي النور ين)‬
‫كثيرون هناك‪ ،‬فتظاهكر بالعلم والتقوى وافتتكن بكه الناس‪ ،‬وبعكد الرسكوخ فيهكم بدأ يروج مذهبكه‬
‫ومسلكه بأن لكل نبي وصيا‪ ،‬ووصي رسول ال على المتحلي بالعلم والفتوى‪ ،‬والمتزين بالكرم‬
‫والشجا عة‪ ،‬والمت صف بالما نة والت قى‪ ،‬وإن ال مة ظلموا عليا وغ صبته حق الخل فة والول ية‪،‬‬
‫ويلزم الجم يع منا صرته ومعاضد ته وخلع طا عة عثمان‪ ،‬وبيع ته كفارة لذ نب ارتكبوه‪ ،‬وجري مة‬
‫اقترفوها لعطائهم حقه غيره‪ ،‬فتأثر كثير من المصريين بأقواله‪ ،‬وخرجوا على الخليفة عثمان"‬
‫[روضة الصفا ج ‪ 3‬ص ‪-292‬ط طهران]‪.‬‬
‫وما كتبه أقدم مؤرخ شيعي‪ ،‬وأول كاتب في الفرق من الشيعة النوبختي أبو محمد الحسن‬
‫بن مو سى من أعلم الشي عة في القرن الثالث للهجرة‪ ،‬و من تله بعده سعد بن ع بد ال الق مي‪،‬‬
‫وأقدم من ك تب في الرجال من هم أ بو عمرو بن ع بد العز يز الك شي من علماء القرن الرا بع‪،‬‬
‫لجدير بالعناية والهتمام‪.‬‬
‫فيذ كر كل وا حد من هم روا ية متقار بة اللفاظ والمع نى بتقد يم ل فظ وتأخ ير آ خر‪ ،‬والل فظ‬
‫للنوبختي تحت عنوان "السبئية"‪:‬‬
‫"عبد ال بن سبأ‪ ،‬وكان ممن أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة‪ ،‬وتبرأ‬
‫منهكم‪ ،‬وقال‪ :‬إن عليا – عليكه السكلم – أمره بذلك‪ ،‬فأخذه علي فسكأله عكن قوله هذا‪ ،‬فأقرّ بكه‪،‬‬
‫فأمر بقتله‪ ،‬فصاح الناس إليه‪ :‬يا أمير المؤمنين! أتقتل رجلً يدعو إلى حبكم أهل البيت‪ ،‬وإلى‬
‫وليتك والبراءة من أعدائك؟ فصيره إلى المدائن‪.‬‬
‫وحكى جماعة من أهل العلم من أصحاب علي – عليه السلم – أن عبد ال بن سبأ كان‬
‫يهوديا فأسلم ووالى عليا – عليه السلم – وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون بعد‬
‫مو سى – عل يه ال سلم – بهذه المقالة‪ ،‬فقال ب عد إ سلمه في علي – عل يه ال سلم – بم ثل ذلك‪،‬‬
‫وهو أول من شهر القول بفرض إمامة علي – عليه السلم – وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف‬
‫مخالف يه ف من هناك قال من خالف الشيعة‪ :‬إن أصل الر فض مأخوذ من اليهودية‪ ،‬ول ما بلغ ع بد‬
‫ال بن سبأ ن عى علي بالمدائن قال للذي نعاه‪ :‬كذبت‪ ،‬لو جئت نا بدما غه في سبعين صرة وأقمت‬
‫ل لعلمنا أنه لم يقتل‪ ،‬ول يموت حتى يملك الرض" [فرق الشيعة للنوبختي‬
‫على قتله سبعين عد ً‬
‫الشيعي ص ‪-42 ،41‬ط المطبعة الحيدرية نجف بتعليق آل بحر العلوم‪-‬ط سنة ‪ ،1959‬المقالت‬
‫والفرق ل سعد بن ع بد ال الشعري الق مي ص ‪-21‬ط طهران سنة ‪1963‬م‪ ،‬رجال الك شي ص‬
‫‪-101-100‬ط كربلء وغيرها من الكتب الكثيرة]‪.‬‬
‫فهذه هي العقائد‪ ،‬وهذه هي الشري عة توارثت ها الشي عة جيلً ب عد ج يل‪ ،‬وتناقل ها علماؤ هم‬
‫وعامتهم قرنا بعد قرن‪ ،‬وذاك هو واضعها ومؤسسها وبانيها‪ ،‬فمنه أخذوا‪ ،‬وعليه اعتمدوا‪ ،‬كما‬
‫سيأتي بيا نه مف صلً في محله إن شاء ال مدعما بالدلة ال صريحة والبراه ين القاط عة من ك تب‬
‫القوم أنفسهم بأن عقائد الشيعة الثنى عشرية اليوم هي عين تلك العقائد التي خططتها اليهودية‪،‬‬
‫وروجها اليهودي الماكر الخبيث‪.‬‬
‫فهذه هي الحقيقة‪ ،‬ل كما تخيلها الدكتور الفاضل‪.‬‬
‫وكذلك قوله‪:‬‬
‫وهي آراء يتصل سند معظمها في نظرهم بالمام علي بن أبي طالب – فبالرسول" [بين‬
‫الشيعة وأهل السنة]‪.‬‬
‫وحضرته ل يدرك بكلمه هذا أن المام في نظر الشيعة يتحلى بالعصمة مثلما يتحلى بها‬
‫النبياء‪ ،‬ويحمل علما مثلما يحمله الرسل‪ ،‬بل وأكثر‪ ،‬فمن كان هذا شأنه ومكانته ل يحتاج‪ ،‬ول‬
‫يطالب باتصكال كلمكه وإسكناده إلى الرسكول‪ ،‬وعلى ذلك أورد محدثكو الشيعكة الثنكى عشريكة‬
‫أحاديث كثيرة بلغت حد التوا تر‪ ،‬وجاوزت عنه‪ ،‬أن ال نبياء والئمة في العصمة والعلم سواء‪،‬‬
‫بل الئمة يزيدون على أنبياء ال ورسله ول ينقصونهم‪ ،‬كما أن محدثهم الكبير صاحب موسوعة‬
‫كبرى في الحد يث الشي عي‪" ،‬ال حر العال مي" المتو فى سنة ‪1104‬ه‍ بوّب بابا م ستقلً في كتا به‬
‫"الفصول المهمة" بعنوان "الئمة الثنا عشر أفضل من سائر المخلوقات من النبياء والوصياء‬
‫السابقين والملئكة وغيرهم‪ ،‬وأن النبياء أفضل من الملئكة"‪.‬‬
‫وأورد تحت هذا الباب روايات كثيرة ننقل منها رواية واحدة رواها عن جعفر بن الباقر‬
‫أنه قال‪:‬‬
‫إن ال خلق أولي العزم من الر سل‪ ،‬وفضل هم بالعلم‪ ،‬وأورث نا علم هم‪ ،‬وفضل نا علي هم في‬
‫ما لم يعلم هم‪ ،‬وعلم نا علم الر سول وعلم هم" [الف صول المه مة في‬ ‫علم هم‪ ،‬وعلم ر سول ال‬
‫أصول الئمة للحر العاملي ص ‪ 152‬ط إيران]‪.‬‬
‫ومن كان هذا شأنه بأنه يفوق الرسل وسيد الرسل حيث يعلم علومهم وعلم ما أعطي له‬
‫لنفسه لماذا يحتاج أن يسند قوله إلى نبي أو رأيه إلى رسول؟‬
‫ولجل ذلك يقول السيد الخميني زعيم إيران اليوم في كتابه "ولية الفقيه" ما نصه‪:‬‬
‫"إن من ضروريات مذهبنا أل ينال أحد مقامات الئمة المعنوية الروحية‪ ،‬ل ملك مقرب‬
‫ول نبي مرسل‪ ،‬كما وردت في روايتنا أن الئمة كانوا أنوارا تحت العرش قبل تكوين العالم‪..‬‬
‫وعنهكم نقكل أنهكم قالوا‪ :‬إن لنكا مكع ال أحوالً ل يسكعها ملك مقرب ول نكبي مرسكل‪ ،‬وهذه‬
‫المعتقدات مكن القواعكد والسكس التكي عليهكا قام مذهبنكا" ["وليكت فيكه در خصكوص حكومكت‬
‫إسلمي" لنائب المام السيد الخميني تحت باب "وليت تكويني" من الصل الفارسي ص ‪-58‬ط‬
‫طهران]‪.‬‬
‫وأخيرا نورد في هذا الموضوع روا ية أخرى من ال صحيح الذي قال ف يه غائب هم‪ :‬كاف‬
‫لشيعت نا [ان ظر‪ :‬م ستدرك الو سائل ج ‪ 3‬ص ‪ ،533 ،532‬ال صافي ج ‪ 1‬ص ‪ ،4‬منت هى المال ص‬
‫‪ ،298‬نهاية الدراية ص ‪ ،219‬روضات الجنات ص ‪ 553‬نقلً عن معاشر – الصول ص ‪.]31‬‬
‫أورد فيه الكليني عن جعفر أنه قال‪:‬‬
‫ما جاء به علي عليه السلم آخذ به‪ ،‬وما نهى عنه انتهى عنه‪ ،‬جرى له من الفضل مثل‬
‫وآله الفضل على جميع من خلق ال عز وجل‪ ،‬المتعقب عليه في‬ ‫ما جرى لمحمد ‪ ،‬ولمحمد‬
‫شيء من أحكامه كالمتعقب على ال وعلى رسوله‪ ،‬والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد‬
‫الشرك بال‪ ،‬كان أم ير المؤمن ين عل يه ال سلم باب ال ل يؤ تى إل م نه‪ ،‬و سبيله الذي من سلك‬
‫بغيره هلك‪ ،‬وكذلك يجري لئمكة الهدى واحدا بعكد واحكد جعلهكم ال أركان الرض أن تميكد‬
‫بأهلها‪ ،‬وحجته البالغة على من فوق الرض ومن تحت الثرى‪ ،‬وكان أمير المؤمنين صلوات ال‬
‫عل يه كثيرا ما يقول‪ :‬أ نا ق سيم ال ب ين الج نة والنار‪ ،‬وأ نا الفاروق ال كبر‪ ،‬وأ نا صاحب الع صا‬
‫والميسم ولقد أقرت لي جميع الملئكة والروح والرسل بمثل ما أقروا به لمحمد ‪ ،‬ولقد حملت‬
‫يدعكي فيكسكى‪ ،‬وأدعكى فأكسكى‪،‬‬ ‫على مثكل حمولتكه وهكي حمولة الرب‪ ،‬وأن رسكول ال‬
‫وي ستنطق وا ستنطق على حد منط قه‪ ،‬ول قد أعط يت خ صالً ما سبقني إلي ها أ حد قبلي‪ ،‬عل مت‬
‫المنايا والبليا‪ ،‬والنساب وفصل الخطاب‪ ،‬فلم يفتني ما سبقني‪ ،‬ولم يعزب عني ما غاب عني"‬
‫[الصول من الكافي ج ‪ 1‬ص ‪ 197 ،196‬ط إيران]‪.‬‬
‫وأ ما قول الدكتور بأن الشي عة يطلقون على جع فر والبا قر ا سم "الشيخ ين" فلم ن سمع هذا‬
‫من أحد قبله‪.‬‬
‫وأما تعريضه بشيخ السلم ابن تيمية حيث ادعى عليه أنه قد خلط بين الشيعة الجعفرية‬
‫وب ين غير ها من فرق الشي عة‪ ،‬فن سب إلى الجعفر ية عقائد وآراء لي ست من عقائد هم ول من‬
‫آرائهم شيء [بين الشيعة وأهل السنة ص ‪ .]11‬فقد جاز به حد الخطأ – ولول الساءة – لقلت‪:‬‬
‫بلغ حد الجهل‪ ،‬والجهل المركب‪ ،‬الذي ل يدري صاحبه‪ ،‬ول يدري بأنه ل يدري‪.‬‬
‫ول أدري ك يف ا ستساغ من ل يعرف البديهيات والشياء البدائ ية التاف هة عن الش عة أن‬
‫يتهكم بكود شامخ كابن تيمية‪ .‬بدل أن يغترف من بحره الزاخر‪ ،‬ويستفيد من علمه الوافر؟‪.‬‬
‫ك يف جاز له أن يته مه بعدم معرف ته من الث نى عشر ية؟ وعدم تفري قه بين هم وب ين من‬
‫عداهم في كتابه "منهاج السنة النبوية" الكتاب الذي ل زال مرجعا أساسيا‪ ،‬ومصدرا فياضا لكل‬
‫مكن يريكد أن يعرف الشيعكة على حقيقتهكم‪ ،‬ومسكاوئهم ومخازيهكم؟ وحضرة الدكتور مكع تعاليكه‬
‫وتفاخره كثيرا خلل الفقرات والتعليقات فكي هذه الرسكالة لم يثبكت لنفسكه‪ ،‬ل العقكل ول معرفكة‬
‫النقكل‪ ،‬كأن سكيادته ل يفرق بيكن الشرق والغرب‪ ،‬ول بيكن الشمال والجنوب‪ ،‬وأنكه ل يعرف‬
‫وما يستوي العمى والبصير ول الظلمات ول النور‬ ‫الحابل من النابل‪ ،‬ول الليل من النهار‪:‬‬
‫ول الظل ول الحرور وما يستوي الحياء ول الموات إن ال يسمع من يشاء وما أنت بمسمع‬
‫[سورة فاطر الية ‪.]22-19‬‬ ‫من في القبور‬
‫وهكل يجوز لعالم أو منتسكب إلى العلم أن يحككم على شيكء بدون معرفتكه؟‪ ،‬وأن يصكدر‬
‫قضاءه بدون أدنى علم منه بالقضاء والقضية‪،‬؟ ولول حسن ظني بالسيد الدكتور وأنه ل يعرف‬
‫عن حقي قة الشي عة شيئا ك ما يبدو لول وهلة ل من يل قي نظرة ولو طارئة على كتي به‪ ،‬وك ما بيناه‬
‫نحن آنفاُ بالوثائق والمستندات‪ ،‬لذهب بي الخيال إلى ظنون كثيرة وبعيدة‪.‬‬
‫ف قد أو قع الدكتور نف سه في مأزق حرج بكتا بة هذه الر سالة ال تي لم ي كن ل ها مبرر أن‬
‫يكتب ها‪ ،‬ويند فع إلى تبرئة الشي عة إلى حد يخ طئ ا بن تيم ية وآراءه في هم‪ ،‬و هو ل يك تب سطرا‬
‫فيهم‪ ،‬ول كلمة عنهم إل ويتدفق قلمه خطأ‪.‬‬
‫وينبغي أن يعرف الجميع أن كل ما نسب إلى الشيعة الثنى عشرية من الغلو في الئمة‬
‫واتصافهم بأوصاف ال وامتلكهم قدرته‪ ،‬وسلطانه واختياراته التي ل يشاركه فيها أحد ممن في‬
‫السكماوات وممكن فكي الرض‪ ،‬وتفضيلهكم إياهكم على أنكبياء ال ورسكله‪ ،‬وإنكارهكم القرآن‬
‫والخلفاء‬ ‫واعتقادهكم التحريكف فيكه‪ ،‬وتكفيرهكم المسكلمين وعلى رأسكهم أصكحاب رسكول ال‬
‫الراشدون مع بقية العشرة المبشرة غير علي‪ ،‬وأزواج الرسول أمهات المؤمنين‪ ،‬ومن بعدهم من‬
‫تبعهم من الئمة بإحسان إلى يوم الدين‪ ،‬وإيمانهم بالرجعة والتناسخ والحلو‪ ،‬ونسبة الجهل إلى‬
‫ال جكل وعل‪ ،‬وجعكل الكذب دينا وديدنا وشعارا‪ ،‬وتفريكق كلمكة المسكلمين‪ ،‬والكراهيكة لهكم‪،‬‬
‫والوقوف ضد هم مع أعدائ هم‪ ،‬كل هذا حق وثا بت من ك تب الشي عة الث نى عشر ية أنف سهم‪،‬‬
‫المعتمدة لدي هم والموثو قة عند هم‪ ،‬ك ما ذكر نا بعضا من ها في هذا المب حث‪ ،‬وك ما سنبين البق ية‬
‫الباقية فيما يأتي من هذه العجالة‪ ،‬وإن كان إنكار هذه الحقائق الثابتة ليس إل إنكار الشمس وهي‬
‫طالعكة‪ ،‬كمكا أنكه ليكس إل سكخرية بالعقول‪ ،‬وتحكما بالحلم‪ ،‬وتجنيا على العلم‪ ،‬وكتمانا للحكق‪،‬‬
‫ونكاية بنفسه‪.‬‬
‫وأما كون الثنى عشرية ينكرون هذه العقائد فعليهم أن ينكروا قبل كل شيء كتبهم‪ ،‬وما‬
‫كتب فيها من التفسير والحديث والفقه والصول والعقائد‪.‬‬
‫ثم ل أدري‪ ،‬ولست أخال أدري!! هل العقائد والمعتقدات يحكم على وجودها وعدمها بناء‬
‫على أقوال أشخاص ومقولت رجال ل يس ل هم خيار صنعها وإنكار ها؟ ومقولت لم يتقولوا ب ها‬
‫إل فرارا مكن العار الذي لحقهكم حيكث ل يجدون عنهكا مخرجا‪ ،‬وهذا مكع دعواهكم بأن مذهبهكم‬
‫مبني على أقوال المعصومين – حسب زعمهم – من أهل البيت [ل أهل بيت النبي كما يزعمه‬
‫ب عض غ ير العارف ين بمذهب هم لن الشي عة أنف سهم ي صرحون بأن المق صود من أ هل الب يت أ هل‬
‫ب يت علي ل ال نبي] علي ر ضي ال ع نه وآرائ هم‪ ،‬وم ستقاة من أفعال هم وتقريرات هم‪ ،‬فتمشيا مع‬
‫أصولهم وقواعدهم ي ساءلون‪ :‬هل هم المعصومون أم أئمت هم الذ ين آخر هم غاب في سامراء –‬
‫حسب زعمهم –؟‬
‫فإن كان الحجكة أولئك فليسكتندوا لنكارهكم بروايات أولئك القوم مقابكل الروايات الكثيرة‬
‫الكثيرة الي بلغ بعض ها حد التوا تر في إثبات ما يلزمهم خصمهم من العقائد اليهودية‪ ،‬والفكار‬
‫الوثن ية‪ ،‬والراء المجو سية – معاذ ال أن تكون صادرة من الط يبين من أولد علي ر ضي ال‬
‫عنه‪.‬‬
‫ن عم! علي هم أن يثبتوا كل هذا من أئمت هم المع صومين‪ ،‬و يبرهنوا على إنكار هم بأقوال هم‬
‫المنقولة عن كتبهم أنفسهم‪.‬‬
‫وأمكا مجرد النكار فل يعكد إل تهربا مكن الحقائق وفرارا مكن النتائج‪ ،‬وتمسككا بالكذب‬
‫الذي أعطوه صبغة التقديس باسم التقية‪ ،‬ل ينخدع به إل المغفلون‪ ،‬أو من أراد خداع نفسه عن‬
‫قصكد أو سكوء نيكة‪ .‬فافهكم فإنكه دقيكق‪ ،‬وعليكه يترتكب فهكم كثيكر مكن المسكائل وحكل كثيكر مكن‬
‫الغوا مض واللغاز والمشا كل‪ ،‬وليتدبر ف يه حضرة الدكتور الذي لم ي بن آراءه في ر سالته ال تي‬
‫كتبهكا – كمكا يظهكر – إل على السكمعيات ألقيكت فكي مسكامعه‪ ،‬ولم يدر أنكه مكن زخرف القول‬
‫غرورا يوحكي بكه بعضهكم إلى بعكض‪ ،‬ويلقكي بكه بعضهكم إلى بعكض معرضا عكن المرئيات‬
‫والب صريات‪ ،‬ومنكرا على من اعت مد علي ها‪ ،‬ثم ت سلل ع نه من أوق عه في هذا المأزق الزلق‪،‬‬
‫‪ . . .‬وما كان‬ ‫وألقى عليه مثل هذا القول الزور‪ ،‬وتركه وحيدا مستصرخا هو وأمثاله قائلً‪:‬‬
‫لي عليكم من سلطان إل أن دعوتكم فاستجبتم لي فل تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم‬
‫[سورة إبراهيم الية ‪.]22‬‬ ‫وما أنتم بمصرخي ‪. .‬‬
‫ولو لم يك هذا ما كان له أن يكتب‪" :‬أن كثيرا من مؤلفي نا قد خلط ب ين الشي عة الجعفرية‬
‫وغير ها من فرق الشي عة‪ ..‬تبدو هذه الظاهرة ح تى في مؤلفات العل مة ا بن تيم ية‪ ،‬ان ظر كتا به‬
‫منهاج السنة" [ص ‪ 11‬من رسالة الدكتور] بل وجد عكس ذلك فإن كتب القوم في الحديث وفي‬
‫التف سير تش هد ب صدق ما كت به ا بن تيم ية وغيره م من سلك م سلكه وت بع خطوا ته في الرد على‬
‫هؤلء المنحرفين المبتدعين‪ ،‬المنتحلين المبطلين ‪ -،‬غفر ال للرجل ولمثاله ‪.-‬‬
‫وكذلك قول الدكتور في تمهيده‪:‬‬
‫"وقد بلغ كل إمام من هؤلء الئمة (الثنى عشر) سن الرشد وكانت له رسالة في قومه‪..‬‬
‫ما عدا المام الثاني عشر" [رسالته المذكورة ص ‪ .]7‬جهل محض لنه ل يعرف ماذا يقصد به؟‬
‫إن كان قصده أن كل إمام منهم نصب إماما بعد بلوغه سن الرشد فهذا من أخطاء سيادته‬
‫الكثيرة الكثيرة الموجودة في كل صفحة من صفحات هذا الكتيب الصغير‪ ،‬وفي كل سطر من‬
‫سطوره ك ما يلح ظه القارئ لن الب عض من هم اعتقدوا بإمام ته ولم ي كن يع قل شيئا عن أمور‬
‫دنياه‪ ،‬فضلً عن أمور دي نه ود ين الخر ين‪ ،‬فمثلً إمام الث نى عشر ية العا شر علي بن مح مد‬
‫المك نى بأ بي الح سن والمل قب بالهادي أو الن قي أ نه ل ما مات أبوه مح مد بن علي بن مو سى بن‬
‫جعفر تركه هو وأخاه موسى وكان الكبر منهما لم يتجاوز الثامنة من العمر حسب قول الشيعة‬
‫[ان ظر‪ :‬الرشاد للمف يد‪ ،‬إعلم الورى للطبر سي‪ ،‬ك شف الغ مة للر بل‪ ،‬جلء العيون للمجل سي‪،‬‬
‫منتهى المال للعباس القمي‪ ،‬والفصول المهمة لبن الصائغ]‪.‬‬
‫وكانا من الصغر في العمر إلى حد أن "أوصى أبوهما على تركته من الضياع والموال‬
‫والنفقات والرقيق إلى عبد ال بن المساور إلى أن يبلغا الحلم" [صحيح الكافي للكليني ج ‪ 1‬ص‬
‫‪ 125‬ط إيران]‪.‬‬
‫هذا وأبوه محمد المكنى بأبي جعفر الملقب بالجواد أو التقي المام التاسع للشيعة الثنى‬
‫عشر ية أيضا لم يك قد بلغ سن الر شد و قت وفاة أب يه‪ ،‬بل كان في سن أ صغر من ولده علي‬
‫و قت وفاته‪ :‬ومضى الرضا علي بن موسى عليهما السلم ولم يترك ولدا نعل مه إل المام بعده‬
‫أبا جعفر محمد بن علي – عليهما السلم‪ ،‬وكانت سنه يوم وفاة أبيه سبع سنين وأشهرا" [انظر‪:‬‬
‫الرشاد للمفيكد ص ‪ ،304‬إعلم الورى للطبرسكي ص ‪ ،313‬كشكف الغمكة للربكل ج ‪ 3‬ص ‪،72‬‬
‫جلء العيون للمجلسكي بالفارسكية ج ‪ 2‬ص ‪ ،345‬ومنتهكى المال للقمكي بالفارسكية ص ‪،1049‬‬
‫وعيون أخبار الرضا لبن بابويه القمي ج ‪ 3‬ص ‪ 347‬ط إيران]‪.‬‬
‫وعلى ذلك اختلف الشي عة في إمام ته‪ ،‬ك ما اختلفوا بعده في إما مة اب نه‪ ،‬وتركوا التش يع‬
‫لعدم ثقت هم بالذي لم يبلغ سن الر شد والتمي يز في أمور دين هم‪ ،‬والذي لم يعت مد عل يه والده في‬
‫أمور دنياه‪ ،‬كيف لهم أن يطلبوا الرشد في المور الدينية ممن يحتاج الرشد وتسييره في أمور‬
‫دنياه؟ ك ما ذ كر النوبخ تي الشي عي نف سه مقولت هم ال تي قالو ها و قت تفرق هم عن مح مد الجواد‬
‫واختلفهم فيه‪:‬‬
‫ل يجوز المام إل بالغا‪ ،‬ولو جاز أن يأ مر ال بطا عة غ ير بالغ لجاز أن يكلف ال غ ير‬
‫بالغ‪ ،‬فكما ل يعقل أن يحتمل التكليف غير بالغ فكذلك ل يفهم القضاء بين الناس ودقيقه وجليله‪،‬‬
‫‪ ،‬ومكا تحتاج إليكه المكة إلى يوم‬ ‫وغامكض الحكام وشرائع الديكن وجميكع مكا أتكى بكه النكبي‬
‫القيامة من أمر دينها ودنياها‪ ..‬طفل غير بالغ‪ ،‬ولو جاز أن يفهم ذلك من قد نزل عن حد البلوغ‬
‫درجكة‪ ..‬لجاز أن يفهكم ذلك مكن قكد نزل عكن حكد البلوغ درجتيكن وثلثا وأربعا راجعا إلى‬
‫الطفول ية! ح تى يجوز أن يف هم ذلك من ط فل في الم هد والخرق! وذلك غ ير معقول ول مفهوم‬
‫ول متعارف" [فرق الشيعة للنوبختي ص ‪.]110‬‬
‫فتفكروا يا عباد ال! هل من المعقول أن يعت مد على صبي في أمور الد ين من لم يعتمد‬
‫عليه أبوه – وهو إمام معصوم عند الشيعة – في أمر دنياه كما مر سابقا بأن محمد الجواد هذا‬
‫جعكل وصكيته على ابنيكه عبكد ال بكن المسكاور على تركتكه مكن الضياع والموال والنفقات‬
‫والرقيق‪ ،‬فعدلً عدلً أيتها الشيعة! أليس منكم رجل رشيد؟‬
‫هذا إن كان مراد الدكتور بأن كلً من أئمة الشيعة بلغ سن الرشد وقت نصبه على عرش‬
‫المامة وهو لم يكن كذلك كما أثبتناه من كتب الشيعة أنفسهم‪ ،‬وإن كان مقصوده بأن كلً منهم‬
‫قد بلغ سن الرشد قبل موته ووفاته – وهو عبث ليس لذكره معنى – فلم الستثناء للثاني عشر‬
‫لنه لم يمت بعد حسب زعم الذين اعتقدوا ولدته؟‬
‫وأ ما ن حن فل نعت قد بولدة غائب هم الموهوم‪ ،‬ونجزم أن الح سن الع سكري لم يتزوج ولم‬
‫يولد له ولد‪ ،‬ل في حياته ول ب عد وفا ته بشهادة الشي عة أنف سهم‪ ،‬و ها هو النوبخ تي كبير الشيعة‬
‫في الفرق يصرح عن الحسن العسكري‪:‬‬
‫"أ نه تو فى ولم يعرف له ولد ظا هر‪ ،‬فاقت سم ميرا ثه أخوه جع فر وأ مه" [فرق الشي عة‬
‫للنوبختي ص ‪.]119 ،118‬‬
‫وأك ثر من ذلك وأظ هر‪ ،‬وأ صرح م نه وأو ثق‪ ،‬ما رواه محد ثو الشي عة ومؤرخو هم في‬
‫كتبهم من الكليني والمفيد والطبرسي والربلي والمجلسي والقمي وغيرهم عن أحمد بن عبيد ال‬
‫بن خاقان الشيعي المشهور‪ ،‬والمعلن لتشيعه وموالته للمحسن العسكري‪ ،‬أن الحسن العسكري‪:‬‬
‫"لما اعتل بعث السلطان إلى أبيه أن ابن الرضا قد اعتل فركب من ساعته فبادر إلى دار‬
‫الخل فة ثم ر جع م ستعجلً وم عه خم سة من خدم أم ير المؤمن ين كل هم من ثقا ته وخا صة‪ ،‬في هم‬
‫"تحر ير" فأمر هم بلزوم دار الح سن تعرف خبره وحاله‪ ،‬وبعث إلى ن فر من المتطببين فأمرهم‬
‫بالختلف إليه وتعاهده صباحا ومساء‪ ،‬فلما كان بعد ذلك بيومين أو ثلثة أخبر أنه قد ضعف‪،‬‬
‫فأمكر المتطبكبين بلزوم داره‪ ،‬وبعكث إلى قاضكي القضاة فأحضره مجلسكه وأمره أن يختار مكن‬
‫أ صحابه عشرة م من يو ثق به في دي نه وأمان ته وور عه‪ ،‬فأحضر هم فب عث ب هم إلى دار الح سن‬
‫وأمر هم بلزو مه ليلً ونهارا‪ ،‬فلم يزالوا هناك ح تى تو فى عل يه ال سلم‪ ،‬ف صارت " سر من رأى"‬
‫[مدينة من مدن العراق المشهرة التي تسمى الن سامراء] ضجة واحدة‪ ،‬وبعث السلطان إلى‬
‫داره من فتشها وفتش حجرها‪ ،‬وختم على جميع ما فيها‪ ،‬وطلبوا أثر ولده وجاءوا بنساء يعرفن‬
‫الحمل‪ ،‬فدخلن إلى جواريه ينظرن إليهن‪ ،‬فذكر بعضهن أن هناك جارية بها حمل‪ ،‬فجعلت في‬
‫حجرة وو كل ب ها تحر ير الخادم وأ صحابه ون سوة مع هم‪ ،‬ثم أخذوا ب عد ذلك في تهيئة وعطلت‬
‫السواق وركبت بنو هاشم والقواد وأبي وسائر الناس إلى جنازته‪ ،‬فكانت "سر من رأى" يومئذ‬
‫شبيها بالقيامة‪ ،‬فلما فرغوا من تهيئته بعث السلطان إلى أبي عيسى بن المتوكل فأمره بالصلة‬
‫عليه‪ ،‬فلما وضعت الجنازة للصلة عليه دنا أبو عيسى منه فكشف عن وجهه فعرضه على بني‬
‫هاشم من العلوية والعباسية والقواد‪ ،‬والكتاب والقضاة والمعدلين وقال‪:‬‬
‫هذا الحسن بن علي بن محمد بن الرضا مات حتف أنفه على فراشه حضره من حضره‬
‫من خدم أمير المؤمنين وثقاته فلن وفلن ومن القضاة فلن وفلن ومن المتطببين فلن وفلن‪،‬‬
‫ثم غطى وجهه وأمر بحمله من وسط داره ودفن في البيت الذي دفن فيه أبوه‪.‬‬
‫ولما دفن أخذ السلطان والناس في طلب ولده وكثر التفتيش في المنازل والدور‪ ،‬وتوقفوا‬
‫عن قسمة ميراثه ولم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية التي توهم عليها الحمل لزمين حتى تبين‬
‫بطلن الحمل‪ ،‬فلما بطل الحمل عنهن قسم ميراثه بين أمه وأخيه جعفر‪ ،‬وادعت أمه وصيته‪،‬‬
‫وثبكت ذلك عنكد القاضكي" [كتاب الحجكة مكن الكافكي ص ‪ ،505‬الرشاد للمفيكد ص ‪ ،339‬إعلم‬
‫الورى للطبرسي ص ‪ ،378 ،377‬كشف الغمة للربل ج ‪ 3‬ص ‪ ،199 ،198‬جلء العيون للمجلسي‬
‫تحكت ذككر المهدي‪ ،‬الفصكول المهمكة تحكت ذككر المهدي‪ ،‬ومنتهكى المال للقمكي تحكت ذككر‬
‫المهدي]‪.‬‬
‫فهذه هكي الحقيقكة الناصكعة‪ ،‬والروايكة الصكريحة الثابتكة‪ ،‬الناطقكة بالحكق‪ ،‬والقاطعكة فكي‬
‫الموضوع‪ ،‬والمنقولة مكن كتكب الشيعكة أنفسكهم‪ ،‬اعترفوا بهكا أم لم يعترفوا‪ ،‬وسكلموا بهكا أو لم‬
‫يسلموا‪ ،‬شاءوا أم أبوا‪ ،‬ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن ال لسميع عليم‪.‬‬
‫‪ . .‬أفمكن يهدي إلى الحكق أحكق أن يتبكع أم مكن ل يهدي إل أن يهدى فمكا لككم كيكف‬
‫تحكمون * وما يتبع أكثرهم إل ظنا إن الظن ل يغني من الحق شيئا إن ال عليم بما يفعلون‬
‫[سورة يونس الية ‪.]36 ،35‬‬
‫والعجب العجاب أن الشيعة مع هذا كله ينسجون الساطير من الخيال‪ ،‬ويؤمنون بالمعدوم‬
‫إن يتبعون إل ال ظن و ما‬ ‫ويعتقدون وجوده‪ ،‬وهذه كتب هم تش هد علي هم و هم عن ها معرضون‪:‬‬
‫[سورة النجم الية ‪.]23‬‬ ‫تهوى النفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى‬
‫ثم يأتي السيد الدكتور عبد الواحد وافي‪ ،‬ويسرد حكايتهم الخيالية دون أدنى تعرض لبيان‬
‫ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم‬ ‫حقيقتها مع إعلنه تحري الحقيقة قدر وسعه وعلمه‪.‬‬
‫[سورة النجم الية ‪.]30‬‬ ‫بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى‬
‫ثم يخبط الدكتور وافي خبط عشواء ع ند ذكره الزيد ية‪ ،‬وخلط الحابل بالنابل ح يث ذكر‬
‫رأي بعكض الزيديكة فكي الخلفكة‪ ،‬ونسكبها إلى زيكد بكن علي مكع البون الشاسكع والفرق البيّن‬
‫الواضكح بيكن رأيكه الذي كان يراه مكن ثبوت الخلفكة لبكي بككر وعمكر وصكحتها لهكم‪ ،‬ورأي‬
‫الجارود ية من الزيد ية‪ ،‬والذ ين ل يجيزون ها لغ ير علي وأولده‪ ،‬و من أراد معر فة ذلك فليرا جع‬
‫كتب الفرق‪.‬‬
‫وهكذا نسب إلى زيد أنه كان يرى من شروط صحة المامة أن يبايعه المسلمون مع أن‬
‫كتب الفرق والتاريخ خالية عن هذا الشرط تماما‪.‬‬
‫ولول خوف الطالة‪ ،‬والخروج عن الموضوع الصلي‪ ..‬لسردت النصوص في ذلك من‬
‫السنة والشيعة والزيدية أنفسهم‪ ،‬ومن أراد الستزادة والتحقيق فليرجع إلى هذه الكتب‪.‬‬
‫وكذلك قوله‪" :‬مذهبهكم (أي الزيديكة) هكو أقرب مذاهكب الشيعكة إلى مذهكب السكنة" على‬
‫إطلقه غير صحيح أيضا لن فيهم من هم أبعد الناس عن السنة ومذاهبها‪.‬‬
‫وكلمه عن السماعيلية [في صفحة ‪ 13‬وما بعدها] ل يقل خطأ عن كلمه في الزيدية‪،‬‬
‫بل يزداد تطرفا وبعدا عن الصواب‪.‬‬
‫فيأخذ فكرة من ابن خلدون في مقدمته ويترك أخرى‪.‬‬
‫يأخذ من ابن خلدون "أن إسماعيل مات في حياة أبيه ولكن الخلفة انتقلت إلى ابنه الكبر‬
‫قياسكا على انتقال وظائف هارون إلى نسكله بعكد وفاتكه" مكع اتفاق أكثكر السكماعيلية اليوم أن‬
‫إسماعيل لم يمت إل أن جعفر أظهر موته تقية عليه من خلفاء بني العباس [انظر‪ :‬الملل والنحل‬
‫للشهر ستاني ص ‪ 5‬على هوا مش الف صل وغيره من الك تب ال سنية والشيع ية‪ ،‬وعيون الخبار‪،‬‬
‫وافتتاح الدعوة‪ ،‬واستتار المام‪ ،‬وتاريخ الدعوة السماعيلية‪ ،‬والنور المبين‪ ،‬وغيرها من الكتب‬
‫السماعيلية]‪.‬‬
‫وعلى ككل فهناك رأيان وموقفان فكي الموضوع‪ ،‬ولككن الغريكب فكي المكر أن السكيد‬
‫الدكتور يذكر هذا عن ابن خلدون‪ ،‬ثم ينسى أمرا آخر وهو قول ابن خلدون‪ :‬أن هؤلء يسمون‬
‫بالباطن ية‪ ،‬ك ما ي سمون أيضا الملحدة ل ما في ض من مقالت هم من اللحاد" [ان ظر‪ :‬مقد مة ا بن‬
‫خلدون ص ‪-201‬ط مصر]‪.‬‬
‫ولككن السكيد الدكتور يقول‪ :‬إن مذهبهكم فكي هذا العهكد (أي أيام حكمهكم بمصكر) لم يككن‬
‫بعيدا ككل البعكد عكن مذاهكب أهكل السكنة‪ ..‬ولككن بعكد أن تقوضكت خلفتهكم اسكتحال المذهكب‬
‫السماعيلي إلى مذهب باطني" [صفحة ‪ 15‬من رسالته]‪.‬‬
‫مكع أن المكر لم يككن كذلك‪ ،‬بكل كان كمكا قال ابكن خلدون‪ :‬إنهكم كانوا باطنييكن قبكل أن‬
‫يظهر عبيدهم في المغرب‪ ،‬وكانوا باطنيين بعد أن ظهر‪ ،‬وكانوا باطنيين في عهد المعز عندما‬
‫استولى على مصر‪ ،‬كما كانوا باطنيين إلى أن قضى عليهم صلح الدين اليوبي‪ .‬وهذا مما ل‬
‫يختلف فيه أحد من المؤرخين القدامى‪.‬‬
‫وأما قوله‪" :‬إنه بعد تقويض خلفتهم دخل فيهم كثير من الديان والنحل غير السلمية"‬
‫فصكحيح مكن وجكه‪ ،‬ولككن الديانكة السكماعيلية كلهكا مبنيكة على عقائد الديان والملل غيكر‬
‫السلمية‪.‬‬
‫ثم ل ندري بعد تعميم سيادته الحكم لماذا يستثني منه فرقة "البوهرة" مع أنها هي الوريثة‬
‫الحقيق ية للمذ هب ال سماعيلي ب ما ف يه من علت‪ .‬ف ما ال سباب ال تي تج عل الدكتور يح كم علي ها‬
‫بذلك الحكم‪:‬‬
‫ألحاجة في نفس يعقوب قضاها؟ أم لشيء آخر؟‬
‫بال خبروني إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع؟‬
‫وتلك إذا قسمة ضيزى‪.‬‬
‫ول قد أثبتنا ن حن في كتاب نا الذي ن حن بصدد طب عه الن [ سيصدر الكتاب قريبا عاجلً إن‬
‫شاء ال بباك ستان وم صر في آن وا حد‪ ،‬ويشت مل على بيان ال سماعيلية القدي مة والجديدة] عن‬
‫السماعيلية أن السماعيلية بجميع طوائفها حاملة عقائد ومعتقدات تخرجها عن الملة السلمية‬
‫قطعا‪ ،‬سواء تظاهرت بالتمسك بالشريعة كالبوهرة‪ ،‬أو تجاهرت بتركها كالغاخانية‪.‬‬
‫والجد ير بالذ كر أن مد عي زعا مة البوهرة دا عي الدعاة يد عي بأن له اختيارات يملك ها‪،‬‬
‫وأوصافاُ يتحلى بها إن لم تجعله فوق الرب فل تجعله دونه‪ ،‬تعالى ال عما يقولون علوا كبيرا‪.‬‬
‫ولقكد أثبتنكا نكص البيان الذي قدمكه إلى المحكمكة القضائيكة ببومكبي والد الزعيكم الحالي‪،‬‬
‫طاهكر سكيف الديكن [ومكن المؤسكف أن الزهكر الشريكف منحكه شهادة الدكتوراه الفخريكة] عام‬
‫‪1920‬م جوابا للدعوى التي أقيمت عليه من قبل جمعية أحرار البوهرة حدا لختياراته وغلوائه‪،‬‬
‫والذي قال فيه‪" :‬ل يسأل عما يفعل لن اختياراته ل تقل عن اختيارات الرب جل وعل"‪.‬‬
‫وأما ما كتبه الدكتور وافي وقرر فيه أن مذهب السماعيلية أيام حكمهم لم يكن بعيدا كل‬
‫الب عد عن مذا هب أ هل ال سنة‪ ،‬ولم ت كن لتز يد عن وجوه الخلف ب ين مذا هب أ هل ال سنة نف سها‬
‫بعض ها عن ب عض‪ ..‬فلي إل حكما عاطفيا ظالما‪ ،‬وإل ف ما رأي الدكتور في كتا بة الشتائم على‬
‫محار يب الم ساجد‪ ،‬والقذائف على منائر ها ضد الخلفاء الراشد ين الثل ثة‪ ،‬وأزواج ال نبي أمهات‬
‫المؤمنين‪ ،‬أل يعتبر هذا من وجوه الخلف بين الشيعة وبين مذاهب أهل السنة؟ وأن ادعاء نسخ‬
‫الشريعكة وتعطيلهكا والعتقاد بهكا أيضا أليكس مكن المور توسكع هوة الخلف بينهكم وبيكن أهكل‬
‫السنة؟‬
‫وكذلك جعكل محمكد بكن إسكماعيل‪ ،‬سكابع النطقاء ومتمكم دور السكبعة أيعتكبر هذا مكن‬
‫الخلفات اليسيرة بين القوم وبين المسلمين؟‬
‫كما أن عين السخط تبدي المساويا‬ ‫وعين الرضا عن كل عيب كليلة‬
‫وتجنبا للطالة‪ ،‬وتحرزا عن التطو يل نورد ه نا روا ية واحدة عن الم عز نف سه‪ ،‬مؤ سس‬
‫الدولة الفاطمية‪ ،‬ومنشئ السماعيلية بمصر‪.‬‬
‫يقول الم عز لد ين ال الفاط مي في دعائه المشهور المنقول من أدع ية اليام ال سبعة ب عد‬
‫الصلة على آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى‪:‬‬
‫"وأخ صص الل هم مح مد بن ع بد ال من ولد إ سماعيل الذي شرف ته وكرم ته وعطلت به‬
‫ظا هر شري عة عي سى‪ ،‬و صيره سادس النطقاء‪ – "..‬إلى أن قال ‪" :-‬و صلّ على القائم بال حق‪،‬‬
‫الناطق بالصدق‪ ،‬التاسع من جده الرسول‪ ،‬الثامن من أبيه الكوثر‪ ،‬السابع من آبائه الئمة‪ ،‬سابع‬
‫الرسل من آدم‪ ،‬وسابع الوصياء من شيث‪ ،‬وسابع الئمة من البررة صلوات ال عليهم كما قلت‬
‫سواء للسائلين ثم استوى‬ ‫ولقد خلقنا السماوات والرض وما بينهما في ستة أيام‬ ‫سبحانك‬
‫إلى السكماء" وهكو اسكتواء أمكر النطقاء بالسكابع القائم صكلوات ال عليكه كمكا ذكرنكا آنفا‪" ،‬الذي‬
‫‪..‬‬ ‫شرف ته‪ ،‬وكرم ته وعظم ته‪ ،‬وخت مت به عالم الطبائع‪ ،‬وعطلت بقيا مه ظا هر شري عة مح مد‬
‫وهو يوم القيامة والبعث والنشور يوم ل ينفع الظالمين معذرتهم‪ ..‬وصلّ على خلفائه الراشدين‬
‫الذين يقضون بالحق وبه يعدلون" ["أدعية اليام السبعة لمولنا المعز لدين ال"]‪.‬‬
‫فهذه هكي حقيقكة التقارب بيكن السكماعيلية المسكتولية على مصكر‪ ،‬وحقيقكة تقاربهكم مكن‬
‫مذا هب أ هل ال سنة‪ ،‬ال تي ل تعلم ها أي ها ال سيد الدكتور! مع كو نك من م صر‪ ،‬ومحققا الكتاب‬
‫التاريخي الكبير‪ ،‬ومعلقا عليه بثلث آلف تعليقة‪.‬‬
‫فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ل تعلمون‪.‬‬
‫ول قد أعلن هذه الحقي قة النا صعة الكثيرون الكثيرون من أئ مة الفاطمي ين ودعات هم‪ ،‬ك ما‬
‫تناقلوا دعاء المعز هذا وتوارثوه جيلً بعد آخر‪.‬‬
‫ول قد ش هد بذلك الدا عي المطلق إبراه يم بن الح سين الحامدي الذي كان موجودا ف ع هد‬
‫ال مر بأحكام ال‪ ،‬حا كم م صر في كتا به "ك نز الولد" الذي ط بع في م صر و في بيروت أيضا‬
‫بقوله‪:‬‬
‫"وأ ما مح مد بن إ سماعيل ف هو م تم شريع ته (شري عة مح مد) وموفي ها حقوق ها وحدود ها‪،‬‬
‫و هو ال سابع من الر سل‪ ،‬بيان ذلك في أدع ية مول نا الم عز ال سبعة‪ ،‬و هو الذي يش هد (ال نبي) له‬
‫وللقائم محمد بن عبد ال المهدي لنه قائم القيامة الوسطى‪ ،‬وقائم القيامة الولى أمير المؤمنين‪،‬‬
‫وقائم القيامة الكبرى رسول ال صاحب الكشف في قوله "اشهد أن محمدا رسول ال" و"أشهد أن‬
‫محمدا ر سول ال" لن الخلق يشهدون بر سالته و هو يش هد لم تم دورة شريع ته ومنها جه" [ك نز‬
‫الولد لبراهيم بن الحسين الحامدي ص ‪-211‬ط بيروت]‪.‬‬
‫فمكا هكو رأيكك أيهكا السكيد الوقور! فكي السكماعيلية أيام تسكلطهم على مصكر‪ ،‬والبوهرة‬
‫ورثتهم الذين يعدون المعز إماما من أئمتهم المعصومين‪ ،‬ويدعون بدعائه‪ ،‬والذين يعدون إبراهيم‬
‫الحامدي هذا الداعي المطلق الثاني من دعاة أيام الستر‪ ،‬وقد بلغ العدد عندهم واحدا وخمسين؟‬
‫هكل تعيكد نظرتكك فكي رسكالتك هذه؟ ولول حرصكنا على أل ينخدع بهكا الشباب المسكلم‬
‫والغفلة من المسلمين لما تصدينا بالرد عليها وصرف الوقت فيها لمتلئها بالخطاء الفاحشة‪،‬‬
‫والغاليط الواضحة الصريحة‪ ،‬والتي ل تخفى على ذي علم وبصيرة‪.‬‬
‫و من أراد ال ستزادة في هذا الموضوع فيرا جع كتاب نا عن ال سماعيلية ف سوق تتجلى له‬
‫الحقائق الكثيرة الكثيرة التي طالما خفيت على كثير من عباد ال بسبب قراءت هم لقلم مأجورة‬
‫وكتب رخيصة لم تصدر من كتابها إل كصناعة وحرفة‪ ،‬وما أكثر ما صار في هذا الزمان من‬
‫المهن والحرف! وما أكثر من يتعاطونها أعني الكتابة حرفة وصناعة‪ ،‬ل دينا ول إصلحا‪ ،‬ول‬
‫رشدا ول غايكة‪ ،‬اللهكم ل تجعكل أعمالنكا كلهكا إل لبتغاء مرضاتكك‪ ،‬ول توفقنكا إل لمكا ترضاه‬
‫لوجهك الكريم‪ ،‬وخدمة لدينك القويم‪ ،‬ودفاعا عن رسولك الرؤوف الرحيم‪ ،‬وعن شريعتك التي‬
‫ل تبدل ول تنسخ إلى يوم الدين‪.‬‬
‫هذا ول زل نا ح تى الن في تمهيدات الدكتور و في المشحو نة بالخطاء والغلط‪ ،‬وم ما‬
‫يزيد الستغراب والستعجاب‪ ،‬ويثير الحيرة والدهشة أن سيادته حاول في تمهيداته التي أخذت‬
‫قريبا مكن نصكف الكتيكب إيقاع القارئ فكي مغالطات كثيرة‪ ،‬ول أعرف تماما أهذه المحاولة‬
‫مقصودة أم غير مقصودة؟‬
‫ل أعرف كل هذا ولك نه من المض حك المب كي أ نه يج عل الخلف ب ين‪ ،‬الم سلمين أ هل‬
‫السنة وبينهم أعني الشيعة مبنيا على الجتهاد‪ ،‬ويطالبنا بأل نحكم عليهم بالزيغ والنحراف لن‬
‫للمجتهد رأيه ويجوز العمل به‪ ،‬وله أجره أخطأ أم أصاب‪ ،‬فإن أخطأ فله أجر‪ ،‬وإن أصاب فله‬
‫أجران [انظر صفحة ص ‪ 22‬من رسالته]‪.‬‬
‫وأكثر من ذلك يقرر‪ :‬أن ما ذهبوا إليه يكون هو الصواب ويحتمل أن ما ذهبنا إليه هو‬
‫الخطأ" [انظر صفحة ص ‪ 22‬من رسالته]‪.‬‬
‫وإن كان المر كذلك فعلى السلم السلم‪.‬‬
‫وهكذا تقلب الموازين ويحق الباطل ويبطل الحق!!‪.‬‬
‫ويبلغ السكيل الزبكى حيكث يحككم الدكتور بككل قسكوة وظلم‪ ،‬وبككل تعسكف وتعنكت "بأن‬
‫القضاء المصري أخذ بآراء انفرد به المذهب الجعفري‪ ،‬منها وقوع الطلق المقترن بالعدد لفظا‬
‫أو إشارة طلقة واحدة" [صفحة ‪ 23‬من رسالته]‪.‬‬
‫ثم يعلق بأن القضاء الم صري أ خذ هذا الرأي من ا بن تيم ية‪ ،‬وا بن تيم ية من الشي عة"‬
‫[تعليقة رقم ‪ 16‬نفس الصفحة]‪.‬‬
‫ومعاذ الله أن يكون المر كذلك‪ ،‬وأعيذ علماء مصر بال أن يكون ظنهم ظنك‪ ،‬ومن ل‬
‫يعرف غيكر الدكتور أن عامكة أهكل الحديكث فكي سكالف الزمان وحاضره يذهبون هذا المذهكب‬
‫ويأخذون بهذا الرأي ق بل ا بن تيم ية وبعده؟ وا بن تيم ية أ شد الناس حذرا من الشي عة‪ ،‬وم ما يرد‬
‫ومأخوذ من سنته‬ ‫عن طريقهم وبواسطتهم‪ ،‬ومذهب أهل الحديث مبني على عمل رسول ال‬
‫بأ نه عل يه ال صلة وال سلم – فداه أبواي ورو حي – كان ي عد التطليقات الثل ثة في مجلس وا حد‬
‫مرة واحدة تطلي قة واحدة‪ ،‬وأ مر من أ تى ب ها إل يه أن يجعل ها واحدة ك ما رواه المام أح مد عن‬
‫عكرمة عن ابن عباس رضي ال عنهما قال‪ :‬طلّق ركانة امرأته في مجلس واحد‪ ،‬فحزن عليها‬
‫‪ :‬كيف طلقتها؟‪ ..‬قال‪ :‬ثلثا فقال‪ :‬في مجلس واحد؟ قال‪ :‬نعم‪.‬‬ ‫حزنا شديدا‪ ،‬فسأله رسول ال‬
‫قال‪ :‬فإنما تلك واحدة‪ ،‬فأرجعها إن شئت فراجعها" [أخرجه أحمد (‪( 17/6‬الفتح الرباني))]‪.‬‬
‫وأن عمر بن الخطاب رضي ال عنه الخليفة الراشد الثاني والملقب بالفاروق من النبي‬
‫ي صرح بقوله ما معناه أن الطلقات الثلث كا نت ت عد في ز من ال نبي وال صديق طلقا واحدا‪.‬‬
‫كما رواه مسلم في صحيحه‪:‬‬
‫قال أبو الصهباء لبن عباس‪ :‬ألم تعلم أن الثلث كانت تجعل واحدة على عهد رسول ال‬
‫وأبي بكر وصدرا من خلفة عمر؟‪ ..‬قال‪ :‬نعم [مسلم (‪ )3/669‬وغيره]‪.‬‬
‫وأ بي ب كر و سنتين من‬ ‫وروي ع نه أيضا أ نه قال‪ :‬كان الطلق على ع هد ر سول ال‬
‫خل فة ع مر طلق الثلث واحدة‪ ،‬فقال ع مر بن الخطاب‪ :‬إن الناس قد ا ستعجلوا في أ مر قد‬
‫كانت لهم فيه أناة فلو أمضينا عليهم فأمضاه عليهم [مسلم (‪ )3/668‬وأحمد (‪ -17/7‬الفتح الرباني)‬
‫وغيره]‪.‬‬
‫وعليه الفتوى حتى اليوم في بلد الهند وباكستان عند أهل الحديث السلفيين‪ ،‬وبذلك يفتي‬
‫السلفيون في البلد العربية‪ ،‬البعيدون كل البعد عن الشيعة ورواياته‪ ،‬والذين ل يتمسكون بأقوال‬
‫الرجال وآرائهم ولو كانوا من أهل السنة كيف يتصور منهم التمسك بآراء الرجال وأقوالهم وهم‬
‫من الشيعة أو ينسبون إلى التشيع؟‬
‫فهل هي محاولة مقصودة أم غير مقصودة؟ وهل هي مغالطة متربصة أم غير متربصة؟‬
‫في كل الحتمالين ل يغض الطرف عن خطورته ول يصرف النظر عن عظم فساده‪ ،‬وما أكثر‬
‫ما أورده من المغالطات في كتيبه والتي تجعل غير الشاك في نية الدكتور وإخلصه يبدأ يرتاب‬
‫يعلم ما ي سرون و ما يعلنون إ نه‬ ‫ف يه وي شك في مقا صده ومرام يه‪ .‬وال يعلم ال سرائر‪ ،‬و هو‬
‫[سورة هود الية ‪.]5‬‬ ‫عليم بذات الصدور‬
‫[سورة غافر الية ‪.]19‬‬ ‫يعلم خائنة العين وما تخفي الصدور‬ ‫و‬
‫ومغالطات كهذه الخافيكة منهكا والظاهرة هكي الصكفة المميزة لهذه الرسكالة التكي سكنأتي‬
‫ببيانها والرد عليها بعد دخولنا في المباحث الصلية‪ ،‬ولم يكن قصدنا ههنا إل ذكر الغاليط التي‬
‫وقع فيها الدكتور وافي في مختصره هذا‪ ،‬والتي قدمنا نموذجا منها من تمهيداته ومن صفحاته‬
‫الولى ف قط‪ .‬وهذا قل يل من كث ير من بحره الزا خر ومائه الوا فر‪ ،‬و ما أعرض نا عن ها نظرا‪،‬‬
‫و صفحنا عن ها جنبا فهي كثيرة كثيرة ل ت سعها هذه العجالة‪ ،‬م ثل ذكره الشيعة في المدينة با سم‬
‫النخلية [صفحة رقم ‪ 11‬من رسالته]‪ ،‬مع أن كل من عاش المدينة المنورة لبضعة أيام أو تطرق‬
‫إلى معرفة من يعايشها عرف أنهم نخاولة‪ ،‬وليسوا نخلية‪.‬‬
‫وكذلك عنكد ذكره القليات السكنية فكي إيران يقتصكر على الكراد مكع أن سككان إقليكم‬
‫بلوشستان كلهم أهل السنة‪ ،‬وكذلك طائفة من عرب عربستان‪ ،‬وغيرها من الشياء الكثيرة نسأل‬
‫ال أن يلهمنا وإياه الصواب والرشاد‪.‬‬
‫فمن يكون حاله هكذا ل يحق له أن يتطرق إلى موضوع ليس له به صلة‪ ،‬من قريب أو‬
‫بع يد‪ .‬رب نا فاغ فر ل نا ذنوب نا وإ سرافنا في أمر نا‪ ،‬واجعل نا م من ي ستمعون القول فيتبعون أح سنه‬
‫أولئك الذين هداهم ال‪ ،‬وأولئك هم أولو اللباب‪.‬‬
‫اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه‪.‬‬
‫واللهم أرنا الباطل باطلً وارزقنا اجتنابه‪.‬‬

‫الباب الثاني‬
‫الشيعة الثنا عشرية والقرآن الكريم‬
‫الخلف الذي يقع بين الناس ينقسم إلى ثلثة أقسام‪:‬‬
‫خلف منشؤه الختلف في الف هم‪ ،‬يف هم ش خص من عبارة أو كل مة مفهوما‪ .‬ويف هم من ها‬
‫الثاني مفهوما آخر‪.‬‬
‫والثاني منشؤه الجهل‪ :‬إنسان يعلم شيئا ويعرفه‪ ،‬وآخر يجهله ول يعرفه‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اختلف مبني على العناد بقطع النظر عن علم واحد وجهل آخر‪ .‬أو عن الخطأ في‬
‫فهم عبارة أو كلمة أو تعبير‪.‬‬
‫فهذه هي القسام الثلثة للخلف الذي يقع فيه الناس‪.‬‬
‫وأما القسم الول والثاني من الخلف فيمكن رفعه ونزعه والقضاء عليه لنه حينما يعلم‬
‫الجاهل ويعرف غير العارف يرتفع الخلف‪ ،‬وكذلك حينما يصح الفهم ويستقيم‪.‬‬
‫وأمكا الخلف الذي منشؤه العناد فل يمككن نزعكه ورفعكه لنكه مبنكي على المكابرة‬
‫والنكار‪ ،‬والمن كر ل يم كن أن يحاج بش يء ول يح صل م نه على نتي جة‪ .‬ل نه ل يس له قوا عد‬
‫وأ سس ير جع إلي ها و قت الخلف والنزاع بخلف الول والثا ني فإ نه ير جع و قت الخلف إلى‬
‫القوا عد الثاب تة وال سس الرا سخة‪ .‬وعلى ذلك فالخلف الموجود ب ين مختلف طوائف الم سلمين‬
‫وفرق هم ير جع سببه إ ما إلى الق سم الول أو إلى الق سم الثا ني ول كن لعتراف الجم يع بالقوا عد‬
‫الثابتكة والسكس المعتمدة يرتفكع الخلف ويزول النزاع‪ ،‬ويرجكى بذلك أن يأتكي يوم تذوب فيكه‬
‫الجماعات المختلفة والطوائف المتعددة‪ .‬لنه إذا ما رجع أصحاب الفكر وأهل البصيرة من كل‬
‫طائفة إلى السس الصلية والقواعد الساسية انتهت الحزبية وقضي على التعدد والتفرق‪ .‬وبهذا‬
‫يا أيها الذ ين آمنوا أطيعوا ال وأطيعوا الر سول وأولي المر‬ ‫أمروا في كتاب ال عز وجل‪:‬‬
‫منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى ال والرسول إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر ذلك خير‬
‫[سورة النساء الية ‪.]59‬‬ ‫وأحسن تأويلً‬
‫وأمكا الخلف الذي بينهكم وبيكن غيرهكم فل يمككن رفعكه وحله لنكه مبنكي على النكار‬
‫والمكابرة‪ ،‬إنكار المبادئ والسس ومكابرة الحق وبطره ورفضه وإبطاله‪.‬‬
‫وهناك من فرقوا كل مة الم سلمين‪ ،‬وشقوا ع صا طا عة جماعت هم‪ ،‬وخالفوا عن كلمت هم‪،‬‬
‫ومزقوا جمعهم‪ ،‬وأنشئوا جماعات ورسخوا في قلوبهم وعقولهم الراء والعقائد التي ل تمت إلى‬
‫السلم بصلة وهؤلء ل يمكن دمج عقائدهم مع عقائد المسلمين‪ ،‬حيث وضعوا مخططا يشتمل‬
‫لنه‬ ‫على النكار المحض‪ ،‬والمكابرة الصرفة‪ ،‬وعلى عدم العتماد على القرآن‪ ،‬وسنة النبي‬
‫مكع القرار بهذيكن الصكلين يمككن أن تتأتكى الوحدة ويحصكل التفاق‪ ،‬ولككن عنكد افتقادهكم‬
‫وإنكارهمكا ل يمككن أن تحصكل وحدة فكي زمكن مكن الزمان أو يوم مكن اليام‪ ،‬فأبعكد رؤسكاء‬
‫الشيعة اتباعهم عن المسلمين إلى حد أن جعلوا في مخالفتهم‪ ،‬الحق‪ ،‬كما مر بيانه سابقا‪.‬‬
‫وب عد هذا كله ك يف يت صور أن يح صل الوئام‪ ،‬ويتأ تى الوفاق والخلفات الموجودة ب ين‬
‫أهل السنة والشيعة خلفات ل يمكن نزعها‪ ،‬ول يحتمل رفعها‪.‬‬
‫ونت ساءل‪ :‬على أي ش يء تعرض معتقدات هم؟ أعلى كتاب ال؟ هم ل يؤمنون به‪ ،‬أم على‬
‫سكنة رسكول ال؟ هكم ل يعتقدونهكا‪ ،‬لن القرآن الموجود بأيدي الناس هكو مكن جمكع وترتيكب‬
‫وتأليف أبي بكر وعمر وعثمان‪ ،‬أعداء عل يّ وأهل بيته‪ ،‬وغاصبي الخلفة‪ ،‬وظالمي أهل البيت‬
‫– حسب زعم القوم – فكيف يؤتمن اللذين غصبوا حق علي وأولده؟‪.‬‬
‫ألم يحذفوا من القرآن ما كان لثبات أحق ية علي بالخل فة وأولده بعده‪ ،‬و ما كان له من‬
‫فضائل ومناقب ومحامد؟‪.‬‬
‫بل كيف نصدق أنهم لم يحذفوا من القرآن ما نزل في مساوئهم‪ ،‬وبيان نفاقهم وفسادهم –‬
‫عياذا بال – والطعن فيهم والتعريض بهم؟ فالقرآن والحال هذه غير مصون من تلعبهم‪ ،‬وغير‬
‫محفوظ‪ ،‬إذا فل يعتمد عل يه ول يو ثق فيه‪ .‬ومن كان هذا شأنه أي لم ي سلم من الحذف والتغيير‬
‫بأيدي المخالفين كيف يرجع إليه لرفع المنازعات وحل الخلفات‪ ،‬ومع أولئك المخالفين؟!‪.‬‬
‫‪ -‬عياذا‬ ‫هذا في القرآن‪ ،‬وأما السنة فهي منقولة مروية من أناس ارتدوا بعد رسول ال‬
‫بال – وغيروا أحكا مه‪ ،‬وبدلوا تعالي مه‪ ،‬ونبذوا إرشادا ته وراء أظهر هم‪ ،‬ونكثوا بيع ته ونقضوا‬
‫ميثاقكه الذي أخذه عليهكم‪ ،‬والذيكن ظلموا أهكل بيتكه‪ ،‬وآذوا ابنتكه واضطهدوا وصكيه‪ ،‬وطردوا‬
‫خليفتكه‪ ،‬واغتصكبوا ماله وانتهكوا حرمتكه‪ ،‬وحرموا أهله مكن إرثكه‪ ،‬واقتحموا عليهكم بيتهكم‪،‬‬
‫وضربوا بضع ته ولح مه ود مه – إلى غ ير ذلك من الباط يل والضال يل – ف من كان هذا شأن هم‬
‫؟‬ ‫فكيف يوثق بهم‪ ،‬ويعتمد على رواياتهم التي ينقلونها عن رسول ال‬
‫ولذلك تراهكم ل يلجئون إلى كتاب ال‪ ،‬وإلى سكنة نبينكا عليكه الصكلة والسكلم عنكد‬
‫الحتجاج واللجاج‪ ،‬بكل يلجئون إلى أسكاطير وقصكص اخترعوهكا واختلقوهكا لحقاق باطلهكم‬
‫وإبطال الحق‪ ،‬ونسبوها إلى أهل علي رضي ال عنه‪ ،‬وهم منها براء‪.‬‬
‫والنتيجكة إنكار القرآن الموجود بأيدي الناس وسكنة النكبي الثابتكة‪ ،‬أو بتعكبير أصكح منكه‪:‬‬
‫اعتقاد التحريف في القرآن بأنه غيّر وبدّل‪ ،‬وكذلك السنة النبوية‪ ،‬إنها منقولة بطريق المغيرين‬
‫والمبدلين والمرتدين‪.‬‬
‫تلك بعض أسس المذهب الثنى عشرية وبدون ذلك ل يثبت مذهبهم‪.‬‬
‫ولجل ذلك قال السيد هاشم البحراني المفسر الشيعي الكبير في مقدمة تفسيره "البرهان"‪:‬‬
‫وعندي فكي وضوح صكحة هذا القول (بتحريكف القرآن وتغييره) بعكد تتبكع الخبار‬
‫وتفحص الثار بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع‪ ،‬وإنه من أكبر مقاصد‬
‫غصب الخلفة فتدبر" [البرهان في تفسير القرآن‪ ،‬مقدمة الفصل الرابع ص ‪ 49‬ط إيران]‪.‬‬
‫وم ثل هذا ما نقله النوري عن خات مة محدثي الشي عة مل با قر الملج سي‪ ،‬وزاد بعد سرد‬
‫رواية تنص على تغيير القرآن وتحريفه قوله‪:‬‬
‫"ل يخفى أن هذا الخبر وكثيرا من الخبار صريحة في نقص القرآن وتغييره‪ ،‬متواترة‬
‫معنكى‪ ،‬وطرح جميعهكا يوجكب رفكع العتماد عكن الخبار رأسكا‪ ،‬بكل أظكن أن الخبار فكي هذا‬
‫الباب ل تقصر عن أخبار المامة‪ ،‬فكيف يثبتونها بالخبر" [مرآة العقول للمل باقر المجلسي باب‬
‫إن القرآن كله لم يجمعه إل الئمة عليهم السلم نقلً عن فصل الخطاب في تحريف كتاب رب‬
‫الرباب للنوري الطبرسي الشيعي ص ‪.]253‬‬
‫وبذلك قال المحدث الشيعككي المشهور نعمككت ال الجزائري ردا على مككن يقول بعدم‬
‫التحريف في القرآن‪:‬‬
‫"إن ت سليم تواتره عن الو حي اللهي‪ ،‬وكون ال كل قد نزل به الروح الم ين يفضي إلى‬
‫طرح الخبار الم ستفيضة‪ ،‬بل المتواترة الدالة ب صريحها على وقوع التحر يف في القرآن كلما‬
‫ومادة وإعرابا‪ ،‬مكع أن أصكحابنا قكد أطبقوا على صكحتها والتصكديق بهكا" [النوار النعمانيكة‬
‫للجزائري ج ‪ 2‬ص ‪ 357‬طبعة جديدة]‪.‬‬
‫إن الخبار الدالة على هذا (التحر يف) تز يد على أل في حد يث واد عى ا ستفاضتها جما عة‬
‫كالمفيكد والمحقكق الداماد والعلمكة المجلسكي وغيره‪ ،‬بكل الشيكخ (الطوسكي) أيضا صكرح فكي‬
‫(التبيان) بكثرتها‪ ،‬بل ادعى تواتر ها جماعة" [أيضا نقلً عن فصل الخطاب للنوري الطبرسي‬
‫ص ‪.]251‬‬
‫وأما الطبرسي فقال‪:‬‬
‫واعلم أن تلك الخبار منقولة من الك تب المع تبرة ال تي علي ها معول أ صحابنا في إثبات‬
‫الحكام الشرعية والثار النبوية" [فصل الخطاب ص ‪.]252‬‬
‫وقال خات مة محد ثي القوم المل با قر المجل سي في كتا به "حياة القلوب" إن ر سول ال‬
‫أعلن يوم الغدير‪:‬‬
‫إن علي بن أبي طالب ولي ووصي وخليفتي من بعدي‪ ،‬ولكن أصحابه عملوا عمل قوم‬
‫مو سى فاتبعوا ع جل هذه ال مة و سامريها أع ني أ با ب كر وع مر‪ ..‬فغ صب المنافقون خلف ته‪،‬‬
‫خل فة ر سول ال من خليف ته‪ ،‬وتجاوزوا إلى خلي فة ال أي كتاب ال‪ ،‬فحرفوه‪ ،‬وغيروه‪ ،‬وعملوا‬
‫به ما أرادوه" [حياة القلوب للمجلسي الفارسي ص ‪ 554‬وما بعده – ط إيران]‪.‬‬
‫ومثكل هذا كثيكر‪ ،‬ومكن أراد السكتزادة فكي معرفكة أقوال أئمكة القوم وأعلمهكم فكي هذا‬
‫الباب‪ ،‬فليرجكع إلى كتابنكا (الشيعكة والقرآن) حيكث قكد فصكلنا القول فيكه‪ ،‬وبينكا هنالك أن أمكر‬
‫تحريف الصحابة للقرآن عقيدة عند الشيعة متواترة منقولة من سلفهم غير الصالح إلى خلفهم في‬
‫جميع العصور والدوار‪ ،‬وإنها لعقيدة القوم أجمعهم بل استثناء‪ ،‬اللهم إل من تظاهر بعدم القول‬
‫بالتحريف تقية وتهربا من إيرادات المعترضين وأدلة اعتراضاتهم‪.‬‬
‫ومكن الغرائب أن المتظاهريكن هؤلء لم يزد عددهكم أيضا على الربعكة‪ ،‬مكن بيكن‬
‫المتقدم ين‪ ،‬ك ما ذكر هم محد ثو الشي عة‪ ،‬ومف سروهم في كتب هم‪ ،‬و هم‪ ،‬ا بن بابو يه الق مي المل قب‬
‫بالصدوق وأستاذ الفقيه محمد بن النعمان العكبري البغدادي الملقب بالمفيد المتوفى سنة ‪381‬ه‍‪.‬‬
‫والسيد المرتضى الملقب بعلم الهدى المتوفى سنة ‪436‬ه‍‪ ،‬وأبو جعفر الطوسي تلميذ الشيخ المفيد‬
‫المتوفى سنة ‪460‬ه‍‪ .‬وأبو علي الطبرسي المتوفى سنة ‪548‬ه‍‪.‬‬
‫فهؤلء الربعة من المتقدم ين الذين تظاهروا بعدم اعتقاد التحريف في القرآن ل خامس‬
‫لهكم إطلقا من بيكن متقد مي الشيعكة من مفسكرين ومحدثيهكم وفقهائ هم‪ .‬وبذلك صكرح المحدث‬
‫الغوري الطبرسي أن القائلين بعدم التحريف‪:‬‬
‫" هو ال صدوق في عقائده‪ ،‬وال سيد المرت ضى‪ ،‬وش يخ الطائ فة (الطو سي) ولم يعرف من‬
‫القدماء موافق لهم‪ ..‬وممن صرح بهذا القول أبو علي الطبرسي‪ ..‬وإلى طبقته لم يعرف الخلف‬
‫صريحا إل من هؤلء المشائخ الربعة" [فصل الخطاب ص ‪.]34 ،33‬‬
‫وإن هؤلء الرب عة لم يلجئوا إلى التظا هر بإنكار هذه العقيدة ال تي علي ها أ ساس المذ هب‬
‫الشيعكي وبناؤه إل خداعا ومكرا‪ ،‬وتقيكة وكذبا كمكا أثبتناه فكي كتابنكا (الشيعكة والقرآن) بالدلة‬
‫القاط عة والبراه ين ال ساطعة والح جج اللم عة‪ ،‬و من ك تب الرب عة أنف سهم‪ ،‬وك ما صرح بذلك‬
‫علماء الشي عة أنف سهم‪ ،‬ف ها هو المحدث الشي عي المشهور ال سيد نع مت ال الجزائري يقول ب عد‬
‫إثبات التحريف في القرآن بالخبار المستفيضة والمتواترة‪:‬‬
‫نعم! قد خالف فيها المرتضى والصدوق والشيخ الطبرسي‪ ،‬وحكموا بأن ما بين دفتي هذا‬
‫المصحف هو القرآن المنزل ل غير‪ ،‬ولم يقع فيه تغيير ول تبديل‪ ..‬والظاهر أن هذا القول إنما‬
‫صدر منهم لجل مصالح كثيرة‪ ،‬منها‪ :‬سد باب الطعن عليها بأنه إذا جاز هذا في القرآن فكيف‬
‫جاز العمكل بقواعده وأحكامكه مكع جواز لحوق التحريكف لهكا‪ ،‬وسكيأتي الجواب عكن هذا كيكف‬
‫وهؤلء العلم رووا في مؤلفات هم أخبارا كثيرة تشت مل على وقوع تلك المور في القرآن [و قد‬
‫أثبتنكا بفضكل ال وتوفيقكه مكن كتكب هؤلء أنفسكهم فكي كتابنكا (الشيعكة والقرآن) أنهكم يعتقدون‬
‫التحر يف في القرآن أيضا ح يث ي سوقون روايات عديدة تدل عل يه‪ ،‬ول ي سوقونها فح سب‪ ،‬بل‬
‫يستدلون بها ويبنون عليها الحكام ويستنبطون منها المسائل‪ ،‬فارجع إليه فإنه نفيس] وإن الية‬
‫هكذا أنزلت ثكم غيرت‪ ..‬وإنكه قكد اسكتفاض فكي الخبار أن القرآن كمكا أنزل لم يؤلفكه إل أميكر‬
‫المؤمنين عليه السلم بوصية من النبي ‪ ،‬فبقي بعد موته ستة أشهر مشتغلً بجمعه‪ ،‬فلما جمعه‬
‫ك ما أنزل‪ ،‬أ تى به إلى المتخلف ين ب عد ر سول ال ‪ ،‬فقال ل هم‪ :‬هذا كتاب ال ك ما أنزل‪ ،‬فقال له‬
‫ع مر بن الخطاب‪ :‬ل حا جة ب نا إل يك ول إلى قرآ نك؛ عند نا قرآن كت به عثمان‪ ،‬فقال ل هم علي‬
‫عليه السلم‪ :‬لن تروه بعد هذا اليوم‪ ،‬ول يراه أحد حتى يظهر ولدي المهدي عليه السلم‪ ،‬وفي‬
‫ذلك القرآن زيادات كثيرة‪ ،‬و هو خال من التحر يف‪ ،‬وذلك أن عثمان قد كان من كتاب الو حي‬
‫‪ ،‬وهي أل يكذبون في أمر القرآن‪ ،‬بأن يقولوا‪ :‬إنه مفترى‪ ،‬أو إنه لم ينزل به‬ ‫لمصلحة رآها‬
‫الروح المين‪ ،‬كما قاله أسلفهم‪ ،‬بل قالوه هم أيضا‪ ،‬وكذلك جعل معاوية من الكتّاب قبل موته‬
‫بستة أشهر لمثل هذه المصلحة أيضا‪ ،‬وعثمان وأضرابه ما كانوا يحضرون إل في المسجد مع‬
‫جماعة الناس‪ ،‬فما يكتبون إل ما نزل به جبريل عليه السلم بين المل‪.‬‬
‫فلم يكن يكتبه إل أمير المؤمنين عليه السلم‪ ،‬لن له‬ ‫أما الذي كان يأتي به داخل بيته‬
‫المحرميكة دخولً وخروجا‪ ،‬فكان يتفرد بكتابكة مثكل هذا‪ ،‬وهذا القرآن الموجود الن فكي أيدي‬
‫الناس هو خط عثمان‪ ،‬و سموه المام وأحرقوا ما ساه أو أخفوه‪ ،‬وبعثوا به ز من تخل فه (تول يه‬
‫الخل فة) إلى القطار والم صار‪ .‬و من ثم ترى قوا عد خ طه تخالف قوا عد العرب ية م ثل كتا بة‬
‫اللف بعد واو المفرد وعدمها بعد واو الجمع وغير ذلك‪ ،‬وسموه رسم الخط القرآني ولم يعلموا‬
‫أنه من عدم إطلع عثمان على قواعد العربية والخط‪.‬‬
‫وقكد أرسكل عمكر بكن الخطاب زمكن تخلفكه إلى علي عليكه السكلم بأن يبعكث له القرآن‬
‫الصلي الذي كان ألفه‪ ،‬وكان عليه السلم يعلم أنه طلبه لجل أن يحرقه كقرآن ابن مسعود أو‬
‫يخفيه عنده حتى يقول الناس‪ :‬إن القرآن هو هذا الكتاب الذي كتبه عثمان ل غير‪ ،‬فلم يبعث به‬
‫إل يه و هو الن موجود ع ند مول نا المهدي عل يه ال سلم مع الك تب ال سماوية وموار يث ال نبياء‪،‬‬
‫ول ما جلس أم ير المؤمن ين عل يه ال سلم على سرير الخل فة لم يتم كن من إظهار ذلك القرآن‪،‬‬
‫وإخفاؤه هذا راجع لما فيه من إظهار الشنعة على من سبقه‪ ،‬كما لم يقدر على النهي عن صلة‬
‫الضحى‪ ،‬وكما لم يقدر على إجراء المتمتعين‪ ،‬متعة الحج ومتعة النساء‪ ،‬حتى قال عليه السلم‪:‬‬
‫لول ما سبقني بنو الخطاب ما زنى إل شفا‪ ،‬يعني إل جماعة قليلة‪ ،‬لباحة المتعة‪ ،‬وكما لم يقدر‬
‫ج‪2‬‬ ‫على عزل شريح عن القضاء ومعاوية عن المارة" [النوار النعمانية لنعمت ال الجزائري‬
‫ص ‪ 357‬وما بعد]‪.‬‬
‫وبم ثل ذلك ذ كر عل مة الشي عة في اله ند ال سيد مح مد اللكنوي‪ ،‬ردا على من قال بعدم‬
‫التحريف في القرآن‪ ،‬وهذه هي عبارته‪:‬‬
‫"أما ادعاء عدم التحريف في القرآن الموجود بأيدي الناس فهو محل النظر‪ ،‬بل هو ظاهر‬
‫الف ساد‪ ،‬لن الروايات ال تي بل غت حد التوا تر تدل على أن علي بن أ بي طالب هو الذي اشت غل‬
‫وإل فتبقكى هذه الروايات لغوا محضا‪ ،‬ل قيمكة لهكا‪ .‬وهذا مكع أن‬ ‫بالقرآن بعكد وفاة النكبي‬
‫الروايات قكد كثرت عكن المعصكومين أن القرآن الحقيقكي مخزون مودع مودع عنكد صكاحب‬
‫العصر عليه الصلة والسلم" [ضرب حيدري ج ‪ 2‬ص ‪-78‬ط الهند]‪.‬‬
‫ومثل هذا لكثير‪.‬‬
‫و من الغرائب أن ال سيد الدكتور وا في‪ ،‬الذي ل يعرف عن عقائد الشي عة شيئا‪ ،‬أو يعرف‬
‫ويتجا هل‪ ،‬ك يف ا ستساغ أن يرد على من يت هم الشي عة باعتقاد هم التحر يف في القرآن الموجود‬
‫بأيدي الناس‪ ،‬والمضمون حفظه وسلمته من أي تغيير وتبديل‪ ،‬وصيانته من نقص وزيادة من‬
‫ق بل ال عز و جل؟ ك يف يج يز لنف سه أن يرد على من يقول في الشي عة‪ :‬بأن هم ل يؤمنون بهذا‬
‫الكتاب؟ بل يعتقدون وقوع التغي ير والتبد يل والتحر يف ف يه؟ ول يقولو نه من ع ند أنف سهم‪ ،‬بل‬
‫يعتقدون وقوع التغيير والتبديل والتحريف فيه؟ ول يقولونه من عند أنفسهم‪ ،‬بل بنقل الروايات‬
‫الكثيرة الكثيرة‪ ،‬ال تي بل غت حد ال ستفاضة والتوا تر‪ ،‬وكل ها منقولة من أئمت هم ح سب زعم هم‬
‫بروا ية الثقات عن الثقات‪ ،‬والعدول عن العدول‪ ،‬في صحاحهم وك تب الحد يث ال تي ت عد من‬
‫الصول‪ ،‬وكذلك في كتب التفسير والفقه‪ ،‬وحتى كتب العقائد؟!‬
‫و من أ ين له أن يختلق ل هم العذار ال تي لم يعتذر ب ها الشي عة أنف سهم‪ ،‬بن قل آراء الحاد‬
‫من هم‪ ،‬و في الن قل خيا نة أيضا – ح سبنا ال –؟ و ما كان في ظ ني أن أمثال الدكتور يأتون ب ها‪،‬‬
‫ولول لع بة واض حة ل عب ب ها ال سيد الدكتور في كتي به ما ا ستعملت في ح قه هذه الكلمات غ ير‬
‫المناسكبة‪ ،‬فكي شأنكه ومقامكه‪ ،‬ولككن على أي شيكء أحمكل كلمكه فكي الدفاع عكن الشيعكة حول‬
‫اعتقادهم في القرآن؟!‬
‫"و قد ت صدى كث ير من الشي عة الجعفر ية أنف سهم للرد على هذه الخبار الكاذ بة وبيان‬
‫بطلنها‪ ،‬وبطلن نسبتها إلى أئمتهم‪ ،‬وأنها ليست من مذهبهم في شيء" [بين الشيعة وأهل السنة‬
‫للدكتور وافي ص ‪.]38‬‬
‫ولم يسكتطع بعكد هذا الدعاء العريكض أن يكبرهن على ذلك بالدليكل‪ ،‬ويسكتدل بالحجكة‪،‬‬
‫ويستند ولو برواية واحدة عن أئمة القوم؟؟ وأنى له هذا؟ فقد عجز عنه الشيعة قاطبة بأن يأتوا‬
‫برواية واحدة عن أئمتهم المعصومين بطرقهم أنفسهم تنص وتدل على أن القرآن الموجود بأيدي‬
‫الناس هو قرآن كامل سالم من لحوق أي تغيير وتحريف فيه!‪.‬‬
‫نعم! قد ذكر السيد الدكتور بعد هذا الدعاء الفارغ بأنه جاء في تفسير الصافي‪:‬‬
‫"وأ ما الش يخ أ بو علي الطو سي فإ نه قال في مج مع البيان‪ :‬أ ما الزيادة ف يه فمج مع على‬
‫بطلنها‪ ،‬وأما النقصان والتغيير فقد روى عن جماعة من أصحابنا وجمع من حشوية العامة‪،‬‬
‫والصحيح من مذهبنا خلفه‪ ..‬إلخ" [بين الشيعة وأهل السنة ص ‪.]39 ،38‬‬
‫وأغرب ما يكون في المر هو تحمس الدكتور في الدفاع عن الشيعة حيث أنه عقب بعد‬
‫هذه العبارة الطويلة ما نصه‪:‬‬
‫وجاء في كتاب مجمع البيان (للطوسي)‬
‫وأما الكلم في زيادته‪ ..‬إلخ [بين الشيعة وأهل السنة ص ‪.]39 ،38‬‬
‫يعني أعاد نفس الكلم الذي ذكره مقدما‪ ،‬وعن نفس الرجل ون فس الكتاب بفرق أنه أولً‬
‫نقل كلمه من تفسير الصافي بواسطة‪ ،‬ثم عنه بل واسطة‪ ،‬وبنفس المعنى والمفهوم‪ ،‬فل ندري‬
‫ما فائدة التكرار؟ أيكون لحاجة في نفس يعقوب قضاها؟‪..‬‬
‫أم لماذا؟‪..‬‬
‫والظاهكر أنكه أورد هذا لفتقاره وإفلسكه بأن يجكد دليلً على مكا ادعاه‪ ،‬وبرهانا على‬
‫دعواه‪" ،‬إن كثيرا من الشيعة أنفسهم تصدى لرد هذه الخبار الكاذبة وبيان بطلنها"‪.‬‬
‫فمن هم الكثيرون يا ترى؟‬
‫فاضطر لن يعدد الواحد ويذكر عبارة واحدة عن كتابين مختلفين والصادرة عن شخص‬
‫واحد‪.‬‬
‫فهل هناك خطأ أكبر من هذا الخطأ؟‬
‫نعم! هنالك‪ ،‬حيث ادعى أن كثيرا من أئمة الشيعة أنفسهم ردوا هذا العتقاد‪ ،‬ولقد أوهم‬
‫بأن صاحب تف سير ال صافي و صاحب مج مع البيان أ با علي الطو سي من أئ مة الشي عة‪ ،‬ول يس‬
‫المر كذلك إطلقا‪ ،‬لن كلً منهما ليس بإمام‪.‬‬
‫ثم خطأ آخر هو أنه أوهم بنقل هذه العبارة عن الصافي؛ أن صاحبه أي السيد المحسن‬
‫المل قب بالف يض الكاشا ني يعت قد بهذا العتقاد ح سب ما ين قل عن أ بي علي الطو سي‪ ،‬مع أن‬
‫الكاشا ني في تف سيره لم ين قل كلم الطو سي إل للرد عل يه والجواب على مقول ته‪ ،‬وب ين اعتقاده‬
‫واضحا صريحا مثل الخرين من مفسري الشيعة ومحدثيهم وفقهائهم ومتكلميهم‪ ،‬ولذلك قال بعد‬
‫نقل كلمه‪:‬‬
‫أقول لقائل أن يقول‪ :‬كمكا أن الدواعكي كانكت متوفرة على نقكل القرآن وحراسكته مكن‬
‫المؤمنيكن‪ ،‬كذلك كانكت متوفرة على تغييره مكن المنافقيكن المبدليكن للوصكية‪ ،‬المغيريكن للخلفكة‬
‫لتضمنكه مكا يضاد رأيهكم وهواهكم‪ ،‬والتغييكر فيكه إن وقكع فإنمكا وقكع قبكل انتشاره فكي البلدان‬
‫واستقراره على ما هو عليه الن‪ ،‬والضبط الشديد إنما كان بعد ذلك‪ ،‬فل تنافي بينهما‪ ،‬بل لقائل‬
‫أن يقول‪:‬‬
‫إنه ما تغير في نفسه‪ ،‬وإنما التغيير في كتابتهم إياه‪ ،‬وتلفظهم به‪ ،‬فإنهم ما حرفوا إل عند‬
‫نسخهم من الصل‪ ،‬وبقي الصل على ما هو عليه عند أهله وهم العلماء به‪ .‬فما هو عند العلماء‬
‫به ليس بمحرف‪ ،‬وإنما المحرف ما أظهروه لتباعهم‪.‬‬
‫على مكا هكو عليكه الن فلم يثبكت‪ ،‬وكيكف كان‬ ‫وأمكا كونكه مجموعا فكي عهكد النكبي‬
‫مجموعا وإنمكا كان ينزل نجوما؟ وكان ل يتكم إل بتمام عمره؟ وأمكا درسكه وختمكه فإنمكا كانوا‬
‫يدر سون ويختمون ما كان عند هم م نه لتما مه" [تف سير ال صافي لف يض الكاشا ني ج ‪ 1‬ص ‪،35‬‬
‫‪ ،36‬المقدمة السادسة –ط إيران]‪.‬‬
‫وأطراف من هذا كله أن السيد الدكتور نقل عن أحد المحامين ببغداد الستاذ الفكيكي أنه‬
‫قال‪ :‬إن الخبار الواردة في نقصه وتحريفه ضعيفة شاذة‪ ،‬وأن مشائخ فقهاء المامية ضربوا بها‬
‫عرض الجدار‪ ،‬بل لقد كفروا من دعاها" [بين الشيعة وأهل السنة ص ‪.]40‬‬
‫أقوم آل حصن أم نساء؟‬ ‫ول أدري ولست إخال أدري‬
‫من يسأل الدكتور الناقل المحض بدون تدبر وتعقل‪ :‬هل هذه هي الدلة على ثبوت دعواه‬
‫بأن أئ مة الشي عة ردوا هذه الخبار الكاذ بة وبينوا بطلن ها؟ ولم ي ستطع سيادة الدكتور في كتي به‬
‫كله أن ين قل تضع يف هذه الخبار إل من محام ببغداد ل نعرف من هو‪ ،‬و ما مقا مه في العلم‬
‫ومكانته لدى الشيعة؟‬
‫ثم إن هذا المحا مي أيضا لم يض عف الروايات ولم ي ين شذوذ ها بطري قة علم ية معرو فة‪،‬‬
‫بل ادعى أن مشائخ فقهاء المامية ضربوا بها عرض الجدار‪.‬‬
‫فمن هم أولئك المشائخ؟‪ ،‬وفي أي عصر كانوا؟ وبأي دليل قالوا؟ وأين وجدوا‪ ..‬في أي‬
‫أرض وفي أي قطر؟ وفي أي كتاب وأية صحيفة؟‬
‫دعوى بل بينة‪ ،‬وكلم بل برهان‪.‬‬
‫وزاد الطين بلة أن المحامي المذكور‪ ،‬ذكر كما نقل عنه الدكتور بخط مكبر جدا‪ ،‬بل لقد‬
‫كفروا من ادعاها [انظر‪ :‬صفحة ‪ 40‬من كتيبه]‪.‬‬
‫وإن كان المر كذلك فمن كان من أعيان الشيعة وعلمائها مسلما‪ ..‬بال خبروا! أبو جعفر‬
‫مح مد بن يعقوب الكلي ني‪ ،‬صاحب كتاب الكا في‪ ،‬إمام محد ثي الشي عة وعمدت هم في الحد يث‪ ،‬أم‬
‫أ ستاذه علي بن إبراه يم الق مي‪ ،‬صاحب تف سير الق مي ش يخ مشائخ الشي عة في التف سير وش يخ‬
‫الكليني أيضا‪ ،‬أم محمد بن مسعود العياشي‪ ،‬عين عيون الطائفة الشيعية‪ ،‬وصاحب أقدم تفسير‬
‫شيعي‪ ،‬أم محمد بن الحسن الصغار‪ ،‬صحابي الحسن العسكري المام المعصوم عندهم‪ ،‬وأستاذ‬
‫الكليني أيضا‪ ،‬أم فرات بن إبراهيم الكوفي‪ ،‬المفسر الشيعي القديم‪ ،‬وأستاذ والد ابن بابويه القمي‪،‬‬
‫وشيخ شيخه‪ ،‬أم محمد بن النعمان الملقب بالشيخ المفيد‪ ،‬أستاذ شيخ الطائفة الطوسي‪ ،‬أم محمد‬
‫بن إبراهيم النعماني‪ ،‬تلمي الكليني وصاحب كتاب الغيبة‪ ،‬أم المفسر محمد بن العباس الماهيار‪،‬‬
‫أم شيخ المتكلمين أبو سهل إسماعيل بن علي‪ ،‬أم الفيلسوف أبو محمد حسن بن موسى‪ ،‬أم الشيخ‬
‫الجل يل إ سحاق بن إبراه يم‪ ،‬أم إ سحاق الكا تب‪ ،‬أم رئ يس الشي عة الذي رب ما ق يل بع صمته أ بو‬
‫القاسم حسين بن روح السفير الثالث بين الشيعة والغائب‪ ،‬أم شيخ القدمين فضل بن زاذان‪ ،‬أم‬
‫محمد بن الحسن الشيباني الشيعي صاحب تفسير نهج البيان‪ ،‬أم محمد بن خالد البرقي‪ ،‬أم علي‬
‫بن الحسن الفضال‪ ،‬أم محمد بن الحسن الصيرفي‪ ،‬أم أحمد بن محمد السيار من المتقدمين؟!‬
‫و من المتأخر ين الكثيرون م من ل يعدون ول يح صون من مف سري الشي عة‪ ،‬ومحدثي هم‪،‬‬
‫وفقهائهم‪ ،‬ومتكلميهم‪ ،‬ممن ذكرنا أسماء الكثيرين منهم في كتابنا (الشيعة والقرآن)‪.‬‬
‫وهؤلء هم عمدة مذ هب الشي عة وقدوت هم‪ ،‬نواب أئمت هم المع صومين‪ ،‬ومبل غو أخبار هم‪،‬‬
‫وحف ظة أحاديث هم‪ ،‬ونقلة آثار هم‪ ،‬وكل هم صرحوا بالتحر يف والتبد يل والتغي ير في القرآن بدون‬
‫إبهام ول غموض‪ .‬و قد صنف ب عض من هم كتبا م ستقلة‪ ،‬وألف الب عض ال خر أجزاء منف صلة‬
‫لبيان عقيدة الشيعة في القرآن وإثبات التبديل والتغيير فيه‪.‬‬
‫فإن كان هؤلء كلهم كفرة‪ ،‬فمن كان من القوم مسلم؟!‬
‫ول يهمنكا ذلك ونحكن نعلن على مل الشهاد بأن الشيعكة لو أعلنوا بهذا العتقاد‪ ،‬ووافكق‬
‫علماؤهكم على هذا القول بأن ككل مكن يقول بالتحريكف والتغييكر فكي القرآن أو يعتقكد الحذف‬
‫والنقص فيه فهو كافر‪ ،‬أيا من كان‪ ،‬فنحن نوافقهم على ذلك‪ ،‬ونهنئهم ونبارك لهم بأن ال هداهم‬
‫إلى سكواء السكبيل‪ ،‬فليعملوا مكع أولئك العلم معاملة مكا يقرون ويعلنون‪ ،‬ويرموا كتبهكم فكي‬
‫النار‪ ،‬ويتكبرءوا منهكم ومكن كتبهكم‪ ،‬ونحكن نتكبرأ ممكا قلناه عنهكم‪ ،‬وممكا نقوله‪ ،‬ونتوب إلى ال‬
‫ونستغفره‪.‬‬
‫وما أنت‬ ‫فهل من مقدم يقدم؟ وهل من مجيب يجيب؟ وهل من سامع يسمع ويستجيب؟‬
‫بمسمع من في القبور ‪.‬‬
‫تجري الرياح بما ل تشتهي السفن‬ ‫ما كل ما يتمنى المرء يدركه‬
‫ثم إن الدكتور وافي ل يدري بأن هذا القول – أي القول بتحريف القرآن وتغييره وتبديله‬
‫– ل يس بقول شاذ‪ ،‬بل هو القول المعمول به في جم يع الجيال الشيع ية وع ند جم يع الطبقات‬
‫قديما وحديثا‪ ،‬وهكو مبنكي على أقوال المعصكومين حسكب زعكم القوم‪ ،‬وهكم الحجكة عندهكم ل‬
‫غيرهم؛ لنهم ل يعتقدون العصمة في غيرهم ومن سواهم‪ ،‬ولم يخرج عن هذا العتقاد إل من‬
‫شكذ ونكد‪ ،‬ولم يخرج هؤلء الحاد الشذاذ إل تهربا مكن العار الذي لحقهكم‪ ،‬والفضيحكة التكي‬
‫لزمتهم‪ ،‬ولم يكن رأيهم مبنيا على أصول شيعية ول مستنبطا من أقول المعصومين‪.‬‬
‫ولذلك قال سلطان علماء الشيعة – كما يلقبونه – السيد محمد دلدار علي‪ ..‬بعد ذكر كلم‬
‫المرتضى في عدم التحريف في القرآن‪:‬‬
‫"فإن الحق أحق بالتباع‪ ،‬ولم يكن السيد علم الهدى معصوما حتى يكون من الواجب أن‬
‫يطاع‪ ،‬ولو ثبت أنه يقول بعدم النقيصة مطلقا لم يلزمنا اتباعه ول ضير فيه" [ضربت حيدري ج‬
‫‪ 2‬ص ‪-81‬ط الهند]‪.‬‬
‫وقال المحدث النوري‪:‬‬
‫اعلم أن تلك الخبار منقولة مكن الكتكب المعتكبرة التكي عليهكا معول أصكحابنا فكي إثبات‬
‫الحكام الشرعية والثار النبوية" [فصل الخطاب للنوري الطبرسي ص ‪-252‬ط إيران]‪.‬‬
‫وقال خاتمة المحدثين لدى الشيعة المل باقر المجلسي‪:‬‬
‫"ل يخفى أن كثيرا من الخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره‪ ،‬وعندي أن‬
‫الخبار في هذا الباب متواترة مع نى‪ ،‬وطرح جميع ها يو جب ر فع العتماد علي ها رأ سا" [مرآة‬
‫العقول للمجلسي نقلً عن فصل الخطاب ص ‪.]353‬‬
‫وقال الجزائري‪:‬‬
‫"إن الخبار الدالة على هذا تز يد على أل في حد يث‪ ،‬واد عى ا ستفاضتها جما عة كالمف يد‬
‫والمحقق الداماد والعلمة المجلسي وغيره‪ ،‬بل إن الشيخ الطوسي أيضا ذكر في التبيان كثرتها‪،‬‬
‫بل ادعى تواترها جماعة" [مرآة العقول للمجلسي نقلً عن فصل الخطاب ص ‪.]253‬‬
‫والجدير بالذكر أننا أوردنا في كتابنا (الشيعة والقرآن) أكثر من ألف حديث شيعي من‬
‫مختلف الطرق ومختلف الرواة ومختلف الكتب‪ ،‬كلها تنص وتصرح بأن القرآن مغير ومحرف‪،‬‬
‫زيد فيه ونقص منه كثير‪ ،‬غير ما ذكرناه في كتابنا (الشيعة والسنة)‪ .‬من السباب التي جعلت‬
‫الشيعة يعتقدون هذا العتقاد الزائغ الخبيث بنقل روايات كثيرة كثيرة من أمهات كتب القوم‪.‬‬
‫وبعكد هذا كله ل ندري كيكف يجرؤ أحكد ويجسكر على خداع المسكلمين بأن الروايات‬
‫الشيعية التي تخبر وتدل على التحريف في القرآن روايات شاة وضعيفة‪.‬‬
‫فهل يحكم على المتواتر بالشذوذ والضعف؟‬
‫وأهكذا تقلب الحقائق؟ ويكذب الصدق؟‬
‫أو كنت تدري فالمصيبة أعظم!‬ ‫إن كنت ل تدري فتلك مصيبة‬
‫ومع ذلك فليس من يتظاهر بإنكار التحريف في القرآن من الشيعة‪ ،‬ول من يدافع عنهم‬
‫بدون علم ول هدى ول كتاب منير من غير الشيعة‪ ،‬يستطيع أن يورد ولو رواية واحدة ضعيفة‬
‫أو شاذة مرو ية عن المع صومين لدى الشي عة ت نص وت صرح بأن القرآن الموجود بأيدي الناس‬
‫هو المنزل من ال سماء‪ ،‬ومح فظ بح فظ ال له‪ ،‬غ ير مغ ير ول مبدل ف يه‪ ،‬ل يعتر يه ن قص ول‬
‫تلحقه زيادة‪.‬‬
‫فكيف يحق للشيعة والمناصرين لهم والمستميتين الدفاع عنهم والتأييد لهم‪ ،‬أن يقولوا‪ :‬إن‬
‫روايات بلغت التواتر تثبت التحريف‪ ..‬هي روايات شاذة؟‬
‫ثم من يخبر سعادة الدكتور وافي‪ ،‬أن الرواية ل يحكم عليها بالضعف والشذوذ إل بمكانة‬
‫الراوي الذي رواها‪ ،‬ومكانة الكتاب الذي وردت فيه‪ ،‬ل كما قاله هو‪:‬‬
‫"ولو وردت عن شيخ من شيوخهم أو في مؤلف من أمهات مراجعهم‪ ،‬ولو أسندها هذا‬
‫الشيكخ أو هذا المؤلف إلى المام الصكادق نفسكه‪ ،‬فمكن ذلك مثلً مكا ينسكبه الكلينكي فكي كتابكه‬
‫(الكافي) إلى المام الصادق من القول بأن القرآن الذي نزل به الوحي على محمد يزيد على‬
‫سبعمائة وسبع وسبعين آية عن الذي نقوله‪ ،‬وأن الباقي مخزون عند آل البيت‪ ..‬فعلى الرغم من‬
‫أن راوي هذه القوال ومد عي ن سبتها إلى المام ال صادق هو ش يخ من أ كبر شيوخ هم و هو أ بو‬
‫جعفر الكليني‪ ،‬والذي يعد الرواية الول لخبارهم‪ ،‬وعلى الرغم من أن الكتاب الذي وردت فيه‬
‫هذه الخبار‪ ،‬وهو كتاب (الكافي) هو أحد الكتب الربعة التي يعدونها الصول لمذهبهم‪ ،‬وينزله‬
‫كثير منهم منزلة البخاري عند أهل السنة على الرغم من هذا كله فإنهم يحكمون ببطلن ما ورد‬
‫فكي هذا الكتاب مكن أقوال عكن القرآن الكريكم‪ ،‬فل يصكح أن نحاسكبهم على رأي قكد حكموا هكم‬
‫ببطلنه ول أن نعده من مذهبهم مهما كانت مكانة راويه عندهم ومكانة الكتاب الذي ورد فيه"‬
‫[بين الشيعة وأهل السنة ص ‪( 30 ،29‬م ‪ -6‬بين الشيعة وأهل السنة)]‪.‬‬
‫وإن نا ل نك ثر ال ستغراب حين ما ن سمع رأيا م ثل هذا الرأي عن ش يخ جاوز الثمان ين من‬
‫عمره‪ ،‬و قد أفناه في التعلم والتعل يم‪ ،‬والدرس والتدر يس – الل هم إ نا نعوذ بك أن نرد إلى أرذل‬
‫العمر‪ ،‬وعن الجهل بعد العلم‪.‬‬
‫فل عل سيادته ير يد أن يبت كر م صطلحا جديدا في الحد يث لن كل وا حد سواه‪ ،‬م من له‬
‫إلمامة بسيطة بالمصطلح‪ ،‬يعرف أن الحكم على الحديث والرواية ل يكون إل بالسناد‪ ،‬فالحديث‬
‫الذي رواه الثقات العدول الضباط واحدا بعد واحد يحكم عليه بالصحة‪ ،‬والعكس صحيح‪ ،‬وكذلك‬
‫كل رواية وردت في البخاري أو مسلم عند السنة ل يلتفت إلى سنده حيث أن مؤلفيهما قد ألزما‬
‫نفسيهما بإيراد الصحيح في كتابيهما ل غير خلفا لمن لم يلتزم بذلك‪.‬‬
‫وكذلك الكا في ع ند الشي عة فإن ورد حد يث ف يه فل يلت فت إلى سنده وروا ته‪ ،‬ل نه مجرد‬
‫وروده فكي الكافكي يكفكي للحككم على صكحته وتوثيقكه‪ ،‬كمكا صكرح بذلك الكثيرون مكن محدثكي‬
‫الشي عة وعلمائ هم‪ ،‬ومن هم المحدث النوري الطبر سي في آ خر كتا به ال كبير (م ستدرك الو سائل)‬
‫[مستدرك الوسائل ج ‪ 3‬ص ‪-532‬ط إيران]‪.‬‬
‫هذا ولقكد أكثكر الشيعكة الكلم فكي تمجيده والثناء عليكه فكي كتكب الرجال والمصكطلح‬
‫والشروح‪ ،‬وقد أوردنا بعضا منها في كتابنا (الشيعة والقرآن)‪.‬‬
‫ونكتفي بذكر عبارة واحدة عن الرجال المشهور العباس القمي‪ ،‬أنه قال في الكافي‪:‬‬
‫هو أجل الكتب السلمية وأعظم المصنفات المامية والذي لم يعمل للمامية مثله‪ ،‬قال‬
‫المولى محمد أمين الستر آبادي في محكى فوائده‪ :‬سمعنا عن مشائخنا وعلمائنا أنه لم يصنف‬
‫في السلم كتاب يوازيه أو يدانيه" [الكنى واللقاب ج ‪ 3‬ص ‪-98‬ط إيران]‪.‬‬
‫وفوق ذلك أ نه مو ثق من ق بل المع صوم – الغائب الموهوم – الذي ل يخ طئ ول يغلط"‬
‫[روضات الجنات ج ‪ 6‬ص ‪ ،116‬مقدمة الكافي ص ‪.]25‬‬
‫ثكم لم ينفرد بسكرد هذه الروايات الكلينكي وحده‪ ،‬بكل شارككه فكي ذلك أسكاطين الشيعكة‬
‫وككبراؤهم فكي الحديكث والتفسكير والفقكه والكلم قبله وبعده كمكا ذكرناه سكابقا‪ ،‬بكل إن الذيكن‬
‫تظاهروا بالنكار أوردوا روايات التحر يف كتب هم ك ما وضع نا النقاط على الحروف في كتاب نا‬
‫(الشيعة والسنة) و(الشيعة والقرآن) وعلى ذلك تناقل هذه العقيدة جيل بعد جيل من الشيعة‪ ،‬ولم‬
‫يقت صر ذكر ها في ك تب الروايات بل أوردو ها في ك تب العقائد أيضا‪ ،‬فهذا هو شيخ هم المف يد‪،‬‬
‫الذي يقولون فيه‪:‬‬
‫إنه أجلّ مشائخ الشيعة ورئيسهم وأستاذهم‪ ،‬وإنه أوثق أهل زمانه في الحديث‪ ،‬وإنه كان‬
‫متقدما فكي علم الكلم والفقكه [مقدمكة أوائل المقالت فكي المذاهكب والمختارات ص ‪-25 ،24‬ط‬
‫مكتبة الداورى – ط إيران]‪.‬‬
‫وإنكه هكو الذي سكن طريكق الكلم لمكن بعده إلى اليوم [أعيان الشيعكة ص ‪ 237‬الطبعكة‬
‫الولى بدمشق]‪.‬‬
‫وقال فيه ابن النديم الشيعي‪:‬‬
‫ص ‪252‬‬ ‫انتهت إليه رئاسة متكلمي الشيعة‪ ،‬مقدم في صناعة الكلم [الفهرست لبن النديم‬
‫– ط مصر]‪.‬‬
‫وإ نه كان وح يد دهره في كل العلوم‪ ،‬انت هت إل يه رئا سة الشي عة [تأ سيس الشي عة العلوم‬
‫للمحسن الصدر ص ‪-312‬ط العراق]‪.‬‬
‫وهكو تلميكذ لبكن بابويكه القمكي الملقكب الصكدوق وأسكتاذ للشريكف الرضكى‪ ،‬والشريكف‬
‫المرتضى الملقب بعلم الهدى‪ ،‬وأبي جعفر الطوسي الملقب بشيخ الطائفة [وهذان أي المرتضى‬
‫والطوسكي همكا اللذان تظاهرا بإنكار التحريكف فكي القرآن]‪ ،‬والنجاشكي [انظكر‪ :‬كتكب الرجال‬
‫للشيعة]‪.‬‬
‫المف يد هذا يذ كر في كتا به العقائدي المشهور (أوائل المقالت في المذا هب والمختارات)‬
‫عند سرد عقائد الشيعة في الرجعة‪ ،‬والبداء‪ ،‬وتحريف القرآن‪:‬‬
‫"واتفقت المامية على وجوب الرجعة‪ ..‬واتفقوا على أن أئمة الضلل خالفوا في كثير من‬
‫‪ ،‬وأجمعكت المعتزلة والخوارج‬ ‫تأليكف القرآن‪ ،‬وعدلوا فيكه بموجكب التنزيكل وسكنة النكبي‬
‫والزيدية والمرجئة وأصحاب الحديث على خلف المامية" [أوائل المقالت ص ‪.]52‬‬
‫هذا في التأليف أما الزيادة فيه والنقصان فقال‪:‬‬
‫باختلف القرآن‬ ‫"أقول‪ :‬إن الخبار د جاءت م ستفيضة عن أئ مة الهدى من آل مح مد‬
‫وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان‪ ،‬فأما القول في التأليف فالموجود يقضي فيه‬
‫بتقد يم المتأ خر وتأخ ير المتقدم‪ ،‬و من عرف النا سخ والمن سوخ والم كي والمد ني لم ير تب ب ما‬
‫ذكرناه‪.‬‬
‫وأ ما النق صان فإن العقول ل تحيله ول تم نع من وقو عه‪ ،‬و قد امتح نت مقالة من ادعاء‬
‫وكلمت عليه المعتزلة وغيرهم فلم أظفر منهم بحجة أعتمدها في فساده – ثم يرد على من قال‬
‫بحذف التأو يل والتف سير‪ ،‬ل ن فس القرآن – فيقول‪ :‬من اد عى نق صان كلم من ن فس القرآن على‬
‫الحقيقة إليه أميل‪ ..‬وأما الزيادة فيه فمقطوع على فسادها من وجه‪ ،‬ويجوز صحتها من وجه‪..‬‬
‫ول ست أق طع على كون ذلك بل أم يل إلى عد مه و سلمة القرآن ع نه‪ ،‬وهذا المذ هب خلف ما‬
‫سمعناه من بني نوبخت (قادة الشيعة وزعمائهم في عصرهم) رحمهم ال من الزيادة في القرآن‬
‫والنق صان ف يه‪ ،‬و قد ذ هب إل يه جما عة من متكل مي المام ية وأ هل الف قه من هم والعتبار" [أوائل‬
‫المقالت لمحمد بن نعمان العكبري الملقب بالمفيد ص ‪ 93‬وما بعدها]‪.‬‬
‫فهذه هي عقيدة المام ية‪ ،‬المثب تة في ك تب العقائد أن القرآن على خلف التنز يل‪ ،‬وأ نه‬
‫محرف منقوص‪ ،‬وأما الزيادة عليه‪ ..‬فإليه ذهب بنو نوبخت وجماعة من متكلمي المامية وأهل‬
‫الف قه من هم والعتبار‪ ،‬ك ما صرح بذلك من انت هت إل يه رئا سة الشي عة‪ :‬ش يخ علم الهدى وش يخ‬
‫الطائفكة الطوسكي وتلميكذ ابكن بابويكه القمكي فكي كتابكه الذي وضعكه لبيان عقائد الشيعكة الثنكى‬
‫عشرية‪ ،‬بعد تصريحه بأن الخبار قد وردت مستفيضة عن الئمة المعصومين باختلف القرآن‪،‬‬
‫وما أحدثه بعض الظالمين من الحذف فيه والنقصان‪.‬‬
‫ولقكد تناول الشيعكة هذه العقيدة‪ ،‬وتوارثوهكا‪ ،‬خلفا عكن سكلف‪ ،‬وأثبتوهكا فكي كتكب العقائد‬
‫وجعلوهكا مكن لوازم مذهكب الشيعكة كمكا صكرح بذلك الكثيرون الكثيرون‪ ،‬منهكم مفسكر الشيعكة‬
‫الكبير السيد هاشم البحراني حيث قال‪:‬‬
‫"اعلم أن الحكق الذي ل محيكص عنكه بحسكب الخبار المتواترة التيكة وغيرهكا أن هذا‬
‫ش يء من التغييرات‪ ،‬وأ سقط الذين جمعوه‬ ‫القرآن الذي في أيدينا قد و قع ف يه ب عد ر سول ال‬
‫بعده كثيرا من الكلمات واليات‪ ،‬وأن القرآن‪ ..‬المحفوظ ع ما ذ كر‪ ،‬الموا فق ل ما أنزله ال تعالى‬
‫ما جمعه علي عليه السلم‪ ،‬وحفظه إلى أن وصل إلى ابنه الحسن عليه السلم‪ ،‬وهكذا إلى أن‬
‫انتهى إلى القائم عليه السلم‪ ،‬وهو اليوم عنده صلوات ال عليه"‪.‬‬
‫"ولهذا ك ما قد ورد صرحا في حد يث سنذكره أن ال عز و جل كان قد سبق في عل مه‬
‫الكامل صدور تلك الفعال الشنيعة من المفسدين في الدين‪ ،‬إذ أنهم كلما اطلعوا على تصريح فيه‬
‫ما يضر لهم‪ ،‬ويزيد في شأن علي عليه السلم وذريته الطاهرين‪ ،‬حاولوا إسقاط ذلك رأسا أو‬
‫تغييره محرفيكن‪ ،‬فكان فكي مشيئتكه الكاملة مكن الطاقكة الشاملة المحافظكة على أوامكر المامكة‬
‫والئمكة‪ ،‬بحيكث تسكلم مكن تغييكر أهكل التضييكع‬ ‫والوليكة‪ ،‬وممارسكة مظاهكر فضائل النكبي‬
‫والتحريف‪ ،‬ويبقى لهل الحق مفادها‪ ،‬مع بقاء التكليف‪ ،‬لم يكتف بما كان مصرحا به منهما في‬
‫كتابه الشريف‪ ،‬بل جعل جل بيانها بحسب البطون‪ ،‬وعلى نهج التأويل‪ ،‬وفي ضمن بيان ما تدل‬
‫عل يه ظوا هر التنز يل‪ ،‬وأشار إلى ج مل من برهان ها بطر يق المجاز والتعر يض‪ ،‬والت عبير عن ها‬
‫بالرموز والتورية‪ ،‬وسائر ما هو من هذا القبيل‪ ،‬حتى تتم حججه على الخلئق جميعا‪ ،‬ولو بعد‬
‫إسقاط المسقطين ما يدل عليها صريحا بأحسن وجه وأجمل سبيل" البرهان‪ ،‬مقدمة تحت عنوان‬
‫"المقدمة الثانية في بيان ما يوضح وقوع بعض تغيير في القرآن‪ ،‬وإنه السر في جعل الرشاد‬
‫إلى أ مر الول ية والما مة والشارة إلى فضائل أ هل الب يت وفرض طا عة الئ مة بح سب ب طن‬
‫القرآن وتأويله ص ‪-36‬ط إيران]‪.‬‬
‫ثم قال بعد نقل هذه العقيدة عن كبار القوم وذكر أسمائهم‪:‬‬
‫"وعندي يقين من وضوح صحة هذا القول (أي القول بتحريف القرآن وتغييره) بعد تتبع‬
‫الخبار‪ ،‬وتفحص الثار‪ ،‬بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع" [البرهان في‬
‫تفسير القرآن للسيد هاشم البحراني‪ ،‬الفصل الرابع من المقدمة ص ‪-49‬ط إيران]‪.‬‬
‫وقال م ثل ذلك الش يخ علي أ صغر البروجردي من أعيان الشي عة في القرن الثالث ع شر‬
‫في الكتاب العقائدي‪:‬‬
‫"ووا جب علي نا أن نعت قد أن القرآن ال صلي لم يغ ير ولم يبدل و هو موجود ع ند إمام‬
‫العصر (الغائب) عجل ال فرجه‪ ،‬ل عند غيره‪ ،‬وإن المنافقين قد غيروا وبدلوا القرآن الموجود‬
‫عندهم" [كتاب عقائد الشيعة فارسي ص ‪-27‬ط إيران]‪.‬‬
‫وبمثل ذلك كتب المل محمد تقي الكاشاني في كتابه هداية الطالبين [ص ‪-368‬ط إيران]‬
‫وزين العابدين الكرماني في رسالته تذييل [ص ‪ 13‬وما بعد – ط مطبعة سعادة بكرمان إيران]‪،‬‬
‫وأخوه في كتابه حسام الدين‪ ،‬وقبلهما أبوهما محمد كريم خان المتوفى سنة ‪1288‬ه‍‪ ،‬صرح بذلك‬
‫في كتابه نصرة الدين وأيضا في كتابه إرشاد العوام الذي ألفه في العقائد‪ ،‬والسيد علي بن نقي‬
‫الرضوى مجتهد الشيعة بالهند في كتابه إسعاف المأمول [ص ‪– 115‬ط مطبعة اثنا عشرى لكنؤ‬
‫الهند سنة ‪1312‬ه‍] وغيرهم‪.‬‬
‫هذا ولقد ذكرنا في كتابنا (الشيعة والقرآن) وقبله في (الشيعة والسنة) بأن علماء الشيعة‬
‫ألفوا كتبا ور سائل م ستقلة في إثبات التحر يف في القرآن في كل ع صر وبلد وجدوا ف يه‪ ،‬ول‬
‫يخلو مكان أو زمان لم ت صنف ف يه م ثل هذه الك تب ك ما أثبت نا أ سماءهم وأ سماء كتب هم في كتب نا‬
‫المذكورة‪ ،‬ولم ينكر هذه العقيدة‪ ،‬من أنكر منهم‪ ،‬إل مداراة للمسلمين‪ ،‬وتقية وخداعا لهل السنة‪،‬‬
‫و سدا لباب المطا عن‪ ،‬ولم يبنوا إنكار هم هذا على رواية من أئمت هم المع صومين ح يث يزعمون‬
‫أن مذهبهم قائم على آرائهم وأفكارهم‪ ،‬ول على أصول مطر موجود‪.‬‬
‫ر غم أن القائلين بهذه المقولة‪ ،‬المتجاهر ين بهذه العقيدة‪ ،‬بينوا أ سبابا ألجأتهم إلى اعتناقها‬
‫والعتقاد بهكا‪ .‬وأصكول المذهكب وأسكسه التكي وضكع عليهكا‪ ..‬تقتضكي ذلك أيضا‪ ،‬وسكاندها‬
‫وناصرها رجال من الشيعة‪ ،‬لولهم لما قام لديانتهم عود‪ ،‬ول استقام لها عمود‪.‬‬
‫وهذا واضح وجلي‪ ،‬ل نظن أنه يخفى على عاقل وبصير[نظرة على ما كتبه البهنساوي‪:‬‬
‫من الغريب والمؤسف حقا أن بعض من ينتسب إلى العلم من أهل السنة انخدع بأباطيل‬
‫الشيعة وأكاذيبهم فك يف انخدع؟‪ ،‬وكيف خ طف ب صره بر يق عقائدهم المزورة الكاذ بة؟‪ ،‬وكيف‬
‫سمح له علمه قبل ضميره ودينه أن يتصدى للدفاع عنهم‪ ،‬وعن عقائدهم الخبيثة الملتوية‪ ،‬وعن‬
‫آرائ هم – المعو جة‪ ،‬وأفكار هم الزائ غة عن سواء ال سبيل؟‪ ،].‬إل من أضله ال على علم‪ ،‬وخ تم‬
‫على سمعه وقلبه‪ ،‬وجعل على بصره غشاوة‪ ،‬فمن يهديه من بعد ال؟!‬
‫كيف يكتب بدون معرفة وعلم‪ ،‬وبدون فقه وبصيرة؟ لقد ظهر جهله الكلي بأصول مذهب‬
‫الشيعكة الثنكى عشريكة والسكس التكي قام عليهكا‪ ،‬بسكبب عدم اطلعكه على كتبهكم الصكلية‪،‬‬
‫ومراجعهم القديمة والحديثة الصيلة‪ ،‬في التفسير والحديث والفقه والكلم والتاريخ‪ ،‬مثل السيد‬
‫الدكتور علي عبد الواحد وافي في كتابه (بين الشيعة وأهل السنة) والستاذ سالم علي البهنساوي‬
‫في كتابه (السنة المفترى عليها)‪ ،‬والدكتور عز الدين إبراهيم في كتابه (ل أساس للخلف بين‬
‫السنة والشيعة) وغيرهم من المخدوعين والمغترين بل علم‪ ،‬وإن ال عز وجل يقول في كتابه‪:‬‬
‫[سورة‬ ‫ول تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئول‬
‫السراء الية ‪.]36‬‬
‫‪ ..‬ول تكن للخائنين خصيما‪ ،‬واستغفر ال إن ال كان غفورا رحيما‪.‬‬ ‫وقال جل وعل‪:‬‬
‫ول تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن ال ل يحب من كان خوانا أثيما * يستخفون من الناس‬
‫ول يستخفون من ال وهو معهم إذ يبيتون ما ل يرضى من القول وكان ال بما يعملون محيطا‬
‫* ها أن تم هؤلء جادل تم عن هم في الحياة الدن يا ف من يجادل ال عن هم يوم القيا مة أم من يكون‬
‫[سورة النساء الية ‪ 105‬إلى ‪.]109‬‬ ‫عليهم وكيل‬
‫ولقكد بينكا فيمكا سكبق أغلوطات السكيد الدكتور وفكي ومغالطاتكه وجهله‪ ،‬أو تجاهله لكتكب‬
‫الشيعكة وعقائدهكم‪ ،‬ونريكد أن نذيكل بحثنكا هذا بنظرة خاطفكة على مكا كتبكه السكتاذ سكالم علي‬
‫البهن ساوي في كتا به (ال سنة المفترى علي ها) ح يث تعرض سيادته ل ما كتب نا عن الشي عة و عن‬
‫عقائد هم وآرائ هم حول القرآن في كتاب نا (الشي عة وال سنة) فو قف مو قف المدا فع عن الشي عة‪،‬‬
‫والمكذب لما قلناه عنهم جاهلً قواعد البحث‪ ،‬ومبادئ الخلف‪ ،‬وأصول المناقشة‪ ،‬كما أثبت على‬
‫نفسه أنه ل يعرف عن معتقدات الشيعة وكتبهم التي تبحث فيها‪ ،‬كثيرا ول قليلً‪.‬‬
‫فإن ال سيد ال ستاذ البهن ساوي ع قد ف صلً م ستقلً في كتا به بعنوان (حوار حول دعوى‬
‫تحريف الشيعة للقرآن) [صفحة ‪-26‬ط دار البحوث العلمية الكويت الطبعة الولى سنة ‪1979‬م]‪،‬‬
‫فكتب يقول‪:‬‬
‫"ل قد وجد نا ب ين أ هل ال سنة و من ين شر كتبا تتض من أن الدعوة إلى التقر يب ب ين ال سنة‬
‫والشيعة يراد بها تقريب السنة إلى معتقدات الشيعة التي تزعم أن القرآن الكريم محرف‪ ،‬وهذه‬
‫وغيرها من البدع التي تنسجها اليدي اليهودية التي هي وراء الشيعة المامية"‪.‬‬
‫و ما جاء في هذه الك تب عن تحر يف القرآن (أ ما الشي عة فإن هم ل يعتقدون بهذا القرآن‬
‫الموجود بين أيدي الناس والمحفوظ من قبل ال العظيم‪ ..‬مكابرين للحق وتاركين للصواب‪.‬‬
‫فهذا هكو الختلف الحقيقكي السكاسي بيكن السكنة والشيعكة أو بالتعكبير الصكحيح بيكن‬
‫الم سلمين والشي عة ل نه ل يكون الن سان م سلما إل باعتقاد أن القرآن هو الذي بل غه ر سول ال‬
‫إلى المسلمين بأمر من ال عز وجل)‪.‬‬
‫واستند هذا الكتاب وغيره إلى روايات للمحدث الشيعي الكليني في (الكافي في الصول)‬
‫واع تبره كالبخاري ع ند أ هل الشي عة‪ .‬ك ما ن قل الكا تب هذا عن ا بن بابو يه الق مي‪ ،‬وو صفه بأ نه‬
‫صدوق الشيعة" [السنة المفترى عليها لسالم علي البهنساوي ص ‪-66‬ط دار البحوث العلمية سنة‬
‫‪1979‬م]‪.‬‬
‫وبدلً من أن يب حث في الروايات ويتح قق من ن سبتها إلى الك تب ال تي عزو نا إلي ها‪ ،‬أو‬
‫نقدها نقدا علميا معقولً‪ ،‬بدل هذا كله كتب مقيما الحجة عليه وعلى عدم علمه ومعرفته فقال‪:‬‬
‫"ولما كان البحث في كتب إخواننا الشيعة لكل من قرأ كتب إحسان ظهير ومحب الدين‬
‫الخطيب وغيرهما ليس يسيرا فقد جمعت ما تضمنته هذه الكتب وقرنه بالمصادر والمراجع التي‬
‫نقلت عنها من كتب الشيعة‪ ،‬وعرضت ذلك على الخ الصديق المام محمد مهدي الصفي ليبين‬
‫رأي أئمتهم في هذا الموضوع" [السنة المفترى عليها ص ‪.]67‬‬
‫فمن كان هذا مبلغ علمه أله أن يحكم بين الناس؟ وأن يبين الحق من الباطل؟ وأن يفصل‬
‫في القضية؟ أو يبدي رأيا حاسما للنزاع بالترجيح أو التكذيب؟‬
‫وهكل فكي العالم شخكص يقكر على نفسكه وعلى أهله بالخطكأ والغلط؟ ويعترف بقصكوره‬
‫وجريمته؟‬
‫وهل ذكرنا كلما منقولً عن غير أئمتهم حتى يسأل شيعيا عن رأي أئمته في الموضوع؟‬
‫ثكم ماذا كان رد العالم الشيعكي غيكر الكلم الفارغ والدعوى بل دليكل أو بهان‪ ،‬دون‬
‫التطرق إلى نقد الروايات التي أوردناها في كتابنا وأرسلها إليه الستاذ البهنساوي حسب قوله‪،‬‬
‫وبيان منطوق ها ومفهوم ها‪ ،‬ودون بطلن ن سبتها إلى قائلي ها‪ ،‬أو تجر يح الك تب ال تي وردت في ها‬
‫وغير ذلك من المور التي يتطلبها البحث العلمي والنقد الموضوعي‪ ،‬اللهم إل ما ذكر عن السيد‬
‫الخوئي ومحمد رضا المظفر والبلغي وكاشف الغطاء والطباطبائي بأنهم أنكروا التحريف في‬
‫القرآن [انظر‪ :‬صفحة ‪ 68‬وما بعد من الكتاب المذكور]‪.‬‬
‫والجد ير بالذ كر أولً‪ :‬أن هؤلء الخم سة كل هم من المتأخر ين و من ع صرنا هذا‪ ،‬ولي سوا‬
‫من العمدة في المذهب‪ ،‬ول يعدون من أئمة التشيع‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أن بعضا منهم كتبوا مقولتهم هذه في كتب دعائية لم تكتب للشيعة بل كتبت لخداع‬
‫المسلمين أهل السنة‪ ،‬ولسد باب المطاعن عليهم‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أن جميع المذكورين ممن يدينون بدين التشيع‪ ،‬الدين الذي قالوا فيه نقلً عن جعفر‬
‫أنه قال‪:‬‬
‫"إنكم على دين من كتمه أعزه ال‪ ،‬ومن أذاعه أذله ال" [الكافي للكليني ج ‪ 2‬ص ‪-222‬ط‬
‫إيران وج ‪ 1‬ص ‪-485‬ط الهند]‪.‬‬
‫و"إن تسعة أعشار الدين في التقية‪ ،‬ول دين لمن ل تقية له" [الكافي في الصول ج ‪ 2‬ص‬
‫‪-217‬ط إيران وج ‪ 1‬ص ‪-482‬ط الهند]‪.‬‬
‫سوف نذكر هذا البحث في محله من هذا الكتاب إن شاء ال‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أن كل واحد من هؤلء لم يفصح عن سبب اعتقاده عدم التحريف في القرآن‪ ،‬ول‬
‫الجواب على ما ورد عن أئمتهم ورودا مستفيضا متواترا‪.‬‬
‫خام سا‪ :‬لم يدع وا حد من هؤلء أن مذ هب التش يع مب ني على آرائه وأقواله‪ ،‬ك ما لم يدع‬
‫العصمة لنفسه مع إقراره وإعلنه أن مذهبه مأخوذ من أئمته المعصومين الثنى عشر من علي‬
‫وأولده‪ ،‬ومب ني على أقوال هم‪ ،‬وأفكار هم‪ ،‬وهذه الراء والفكار لم تن قل إل من ك تب ال صول‬
‫الربعة‪ ،‬أهمها وأجلها الكافي للكليني‪ ،‬والكتب الخرى التي نقلنا منها تلك المرويات التي تدل‬
‫صراحة على التحريف في القرآن‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬أن ل يس أ حد من هؤلء ي ساوي أو يضا هي أو يدا ني واحدا م من جا هر بالقول‬
‫بالتحر يف من المتقدم ين والمتأخر ين من المحدث ين والمف سرين والفقهاء والمتكلم ين‪ ،‬ولم يذ كر‬
‫هؤلء الخمسة أولئك المجاهرين بالتحريف إل بكل التعظيم والتكريم والجلل والتفخيم وتلقيبهم‬
‫إياهكم بالئمكة والككبراء والزعماء والقادة‪ ،‬فأيكن الخوئي مكن الصكفار؟ والبلغكي مكن الكلينكي؟‬
‫والطباطبائي مكن القمكي والعياشكي والفرات الكوفكي؟ والمظفكر وكاشكف الغطاء مكن المفيكد‪،‬‬
‫والطبرسي؟ أين هؤلء من أولئك؟‬
‫سابعا‪ :‬لم يستطع هؤلء التقول بأنهم لم يكونوا معتقدين التحريف في القرآن‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬لم يبنوا فساد مقولتهم وسبب ضعف أقوالهم وعلة الضعف؟‪.‬‬
‫تا سعا‪ :‬ب عض هؤلء أنف سهم أوردوا في كتب هم ن فس الروايات ال تي ت نص على التحر يف‬
‫في القرآن دون التعرض لها بالنقد والجرح‪.‬‬
‫عاشرا‪ :‬لم يتجرأ واحكد منهكم على أن يكتكب كتابا أو جزءا مسكتقلً أو رسكالة مسكتقلة‬
‫لثبات عدم التحريف في القرآن والرد على قائليه مع بيان بطلن ما ذهبوا إليه‪.‬‬
‫إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب‬ ‫تلك عشرة كاملة ‪[ ..‬سورة البقرة الية ‪،]196‬‬
‫[سورة ق~ في الية ‪.]37‬‬ ‫أو ألقى السمع وهو شهيد‬
‫[سورة‬ ‫‪ ..‬قل هل يستوي الذين يعلمون والذين ل يعلمون إنما يتذكر أولوا اللباب‬
‫الزمر الية ‪.]9‬‬
‫ولو كان مجرد النكار يك في فل يلزم خ صم من العالم ين بش يء ل نه أن كر‪ ،‬وو جد من‬
‫ين كر م عه من جماع ته اثن ين أو ثل ثة‪ ،‬فال سني مثلً ل يلزم بش يء ورد في ال صحيحين‪ ،‬أو في‬
‫الصحاح الخرى غيرهما‪ ،‬أو المجاميع والمسانيد‪ ،‬ولو بطريق الثقاة الضباط العدول؛ لنه ينكر‬
‫صكحته‪ !.‬دون الرجوع إلى قواعكد ثابتكة وأسكس متينكة‪ ،‬وكذلك الشافعكي والحنفكي والمالككي‬
‫والحنبلي‪ ،‬وأكثر من ذلك اليهودي والنصراني والبوذي وغيرهم‪ ،‬يمكن أن يتظاهر الواحد منهم‬
‫بإنكار أي شيكء ل يجكد الجواب عنكه‪ ،‬ويجكد نفسكه فكي مأزق ضيكق حرج‪ ..‬مكع إقرار قادتهكم‬
‫وسادتهم وأئمتهم وزعمائهم وعمدائهم‪ ،‬وحججهم‪ ،‬ومع إقرارهم بمذهبهم ودياناتهم‪.‬‬
‫نعم! يمكن القرار بالتبرؤ من ذلك المذهب وتلك الديانة بأني ل أؤمن بالمذهب الذي هذه‬
‫تعليماته وإرشاداته‪ ،‬وتلك الديانة التي هذه آراؤها‪ ،‬وأفكارها وتلك قواعدها وأسسها‪.‬‬
‫الثابتة عنه‬ ‫فكل من ينتسب إلى أهل السنة ل يسعه إنكار ما ورد من سنة النبي الكريم‬
‫وما كان عليه أصحابه ما دام سنيا‪.‬‬
‫وأما إذا أراد ذلك (النكار) فله‪ ،‬ولكن ليس له أن يعد نفسه من أهل السنة‪.‬‬
‫فعلى هذا ليس على الشيعة الثنى عشرية أن ينكروا ما ثبت من عقائدهم وما تفرع وقام‬
‫عليه مذهبهم ما داموا يدعون التشيع‪.‬‬
‫ولهم أن ينكروا كل ما يرونه مخالفا للسلم ومنافيا للفطرة والعقل مع ثبوته في مذهبهم‬
‫وم سلكهم‪ ،‬وكو نه من العقائد ال ساسية لديانت هم ول كن مع ال تبرؤ من هذه الديا نة الزائ فة ال تي‬
‫تشتمل على مثل تلك العقائد الفاسدة الواهية‪.‬‬
‫وإننكا لنرحكب بككل مكن يقدم على هذا‪ ،‬ويقول بهذا القول‪ ،‬ويعلن بهذا العتقاد‪ ،‬وبذلك‬
‫سيرتفع الخلف‪ ،‬ويح سم النزاع‪ ،‬ونكون عباد ال إخوانا‪ ،‬وإخوة في العقيدة‪ ،‬يؤمنون كل هم ب ما‬
‫نزل على مح مد صلوات ال و سلمه عل يه‪ ،‬وتولى ال حف ظه و صيانته من التغي ير والتحر يف‬
‫[صورة الحجر‪.]9 :‬‬ ‫إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون‬ ‫بقوله‪:‬‬
‫ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه تنزيل من حكيم حميد‬ ‫وبقوله جل وعل‪:‬‬
‫[سورة فصلت‪.]42 :‬‬
‫ولقكد أدرك خطكر هذا العتقاد أي اعتقاد عدم التحريكف فكي القرآن محدثكو الشيعكة‬
‫ومفسروهم وأهل الكلم والفقه منهم‪ ،‬فلذلك قال قائلهم‪:‬‬
‫"اعلم أن تلك الخبار منقولة من الك تب المع تبرة ال تي علي ها معول أ صحابنا في إثبات‬
‫الحكام الشرعية والثار النبوية" [المحدث النوري الطبرسي في كتابه فصل الخطاب ص ‪.]252‬‬
‫و"إن الخبار فكي هذا الباب متواترة معنكى‪ ،‬وطرح جميعهكا يوجكب رفكع العتماد على‬
‫الخبار رأ سا‪ ،‬بل ظ ني أن الخبار في هذا الباب ل يق صر عن أخبار الما مة فك يف يثبتون ها‬
‫بالخكبر" [خاتمكة محدثكي الشيعكة الملك باقكر المجلسكي فكي كتابكه مرآة العقول نقلً عكن فصكل‬
‫الخطاب ص ‪.]353‬‬
‫و"إن هذه العقيدة لمكن ضروريات مذهكب التشيكع" [المفسكر الشيعكي المشهور فكي مقدمكة‬
‫تفسيره البرهان الفصل الرابع ص ‪.]52‬‬
‫وإن كان من ين كر هذا العتقاد مع انت سابه إلى الشي عة ل ين كر إل تق ية‪ ،‬و قد نص على‬
‫ذلك الكثيرون من علماء الشيعة‪ ،‬ومنهم السيد أحمد سلطان أحد أعيان القوم في الهند‪:‬‬
‫"إن علماء الشي عة الذ ين أنكروا التحر يف في القرآن ل يح مل إنكار هم إل على التق ية"‬
‫[تصحيف كاتبين ص ‪-18‬ط الهند]‪.‬‬
‫وهذه العبارة نص في المسألة‪.‬‬
‫وقبل أن ننتقل إلى موضوع آخر نريد أن نذكر ههنا أن السيد الصفي الذي أرسل إليه‬
‫ال سيد البهن ساوي – ح سب مقول ته – الروايات ال تي أرودنا ها في كتاب نا (الشي عة وال سنة) لبيان‬
‫عقيدة الشيعة في القرآن‪ ،‬والتي تزيد على ستين رواية لم يبين العالم الشيعي المذكور فيها رأيه‬
‫حسب البحث العلمي السليم‪ ،‬كما لم يتكلم في قيمة الكتب التي وردت فيها هذه الروايات‪ ،‬وكذلك‬
‫لم يستطع أن ينكر علينا قولنا بأن الكليني عند الشيعة كالبخاري عندنا‪ ،‬وابن بابويه القمي هو‬
‫المل قب بال صدوق ع ند الشي عة‪ ،‬الل هم إل ما ذ كر عن روا ية أوردنا ها في كتاب نا عن علي بن‬
‫إبراهيم القمي في تفسيره عن أبيه عن الحسين بن خالد في آية الكرسي‪:‬‬
‫إن أبا الحسن علي بن موسى الرضا – المام الثامن عند الشيعة‪ -‬قرأ آية الكرسي هكذا‪:‬‬
‫"ال ل إله إل هو الحي القيوم ل تأخذه سنة ول نوم له ما في السماوات وما في الرض وما‬
‫بينه ما و ما ت حت الثرى عالم الغ يب والشهادة‪ ،‬الرح من الرح يم" [تف سير الق مي ج ‪ 1‬ص ‪ 84‬ط‬
‫إيران]‪.‬‬
‫فقال بعكد ذككر هذه الروايكة‪ :‬إنهكا روايكة غيكر معتكبرة وضعيفكة لن الحسكين بكن خالد‬
‫ال صيرفي أ حد الرواة في سلسلة الحد يث لم تث بت وثاق ته [ال سنة المفترى علي ها للبهن ساوي ص‬
‫‪.]73‬‬
‫ويا ليته عمل هذا العمل في جميع الروايات التي أوردناها‪ ،‬وانتقدها انتقادا علميا‪ ،‬حتى‬
‫يعلم الجميع ويعرف الكل‪ ،‬أن الروايات التي وردت في هذا الموضوع ضعيفة فعلً لدى الشيعة‪،‬‬
‫ومجروحة‪ ،‬فليس لمخالف في الرأي والعقيدة أن يلزمهم بمثل هذه الروايات الواهيات‪ ،‬ولكن أنى‬
‫له ولغيره أن يتجرأ على هذا؟ لن الحاديث في هذا الموضوع جاوزت ألفي حديث وخبر‪.‬‬
‫ثم من يشجع السيد الصفي ومن يسلك مسلكه ويطمئنهم على أن أهل السنة ل يعرفون‬
‫عن رواة الشي عة شيئا‪ ،‬ويجهلون كتب رجال القوم‪ ،‬من يضمن لهم كل هذا؟!‪ .‬فلذلك ترى أنهم‬
‫عنكد تهربهكم مكن مثكل هذه المآزق وتسكللهم بعيدا عكن هذه البحاث ل يلتجئون إلى البحكث‬
‫الموضوعي والنقد العلمي إل إلى النكار المحض الذي ل يشبع ول يغني من جوع‪.‬‬
‫فحمدا ل أن السكيد المذكور تجاسكر وأقدم على هذا حتكى وجده السكتاذ البهنسكاوي‬
‫والدكتور عز الدين إبراهيم كافيا للرد علينا وعلى محب الدين الخطيب‪.‬‬
‫ل كن ما هي الحقي قة؟ و ما هو ال صدق؟ تعالوا انظروا م عي ل كي ينجلي ال حق ويب طل‬
‫الباطل ولو كره المجرمون‪.‬‬
‫فال سيد ال صفي على دأب أ سلفه الذ ين جعلوا الكذب دي نه وديد نه‪ ،‬فإ نه يد عي‪ ،‬نقلً عن‬
‫أحد المعاصرين‪ ،‬أن أحد رواة هذه الرواية‪ ،‬وهو الحسين بن خالد الصيرفي لم تثبت وثاقته‪ ،‬مع‬
‫أنه من أصحاب موسى الكاظم – المام السابع المعصوم عند الشيعة – وعلي بن موسى الرضا‬
‫– المام الثامن المعصوم عندهم – ولقد صرح بذلك الطوسي الملقب بشيخ الطائفة الشيعية في‬
‫رجاله‪ ،‬فذككر أنكه مكن أصكحاب الكاظكم [رجال الطوسكي ص ‪ – 347‬ط قكم إيران]‪ ،‬وأنكه مكن‬
‫أصحاب الرضا [ص ‪.]373‬‬
‫وكذلك الرجالي الشي عي القد يم أ بو جع فر أح مد البر قي عدّه من أ صحاب مو سى الكا ظم‬
‫[انظر‪ :‬كتاب الرجال للبرقي ص ‪-53‬ط طهران]‪.‬‬
‫وكذلك الردبيلي الحائري في كتابه (جامع الرواة) [انظر‪ :‬ج ‪ 1‬ص ‪-238‬ط قم إيران]‪.‬‬
‫وقال ف يه آ ية ال الزنجا ني‪ ،‬الذي يلقبو نه بالفق يه المح قق المد قق سماحة الح جة آ ية ال‬
‫الشيخ موسى‪:‬‬
‫الحسين بن خالد الصيرفي عدّه الشيخ من أصحاب الرضا عليه السلم وقبله من أصحاب‬
‫الكاظم‪ ،‬ثم ذكر بعض مروياته ومن روى عنه‪ ،‬ومن يروي عنهم‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫وجل رواياته دالة على حسن اعتقاده‪ ،‬أحاديثه على كثرتها وجودتها في غاية الستقامة‪،‬‬
‫والغالب روايته عن الرضا عليه السلم‪ ،‬والكثر رواية عنه علي بن معبد‪ ،‬ل أحسب الرجل إل‬
‫ث قة جليلً‪ ،‬وأ عد ما رواه في ال صحيح" [الجا مع في الرجال ج ‪ 1‬ص ‪-594‬ط قم إيران سنة‬
‫‪1394‬ه‍]‪.‬‬
‫فهذا هكو الرجكل الذي قال عنكه السكيد الصكفي‪ :‬لم تثبكت وثاقتكه‪ ،‬والذي لجله ضعكف‬
‫الرواية‪.‬‬
‫فماذا يقول المنصفون فيه بعد ثبوت صحابيته لمامهم ووثاقته؟‬
‫زِد على ذلك أن هذه الروا ية لي ست بفريدة في موضوع ها‪ ،‬بل ل ها شوا هد ومتابعات في‬
‫تفسير القمي وغير القمي‪.‬‬
‫وال سيد ال صفي معذور في ذلك‪ ،‬ح يث اختار رواية واحدة‪ ،‬من روايات كثيرة أوردنا ها‬
‫من تفسير القمي في هذا الموضوع‪ ،‬وهذه حقيقة نقده وجرحه‪ ،‬وجرأته على مثل هذا القدام‪.‬‬
‫ثم اختار ال سيد المذكور روا ية واحدة كذلك من الكا في للكلي ني‪ ،‬وتكلم على أ حد روات ها‬
‫مع أنه أئمته في الرجال ذكروا بأن ذلك الراوي وهو معلي بن محمد يعتمد عليه شاهدا‪ ،‬ولكي‬
‫ل يطول بنا الحديث نسأله هو‪ ،‬وليفهم البهنساوي وغيره‪:‬‬
‫لماذا لم يتكلم على أول روايكة أوردناهكا فكي كتابنكا مكن الكلينكي فكي كافيكه لثبات عقيدة‬
‫التحر يف والحذف والنق صان في القرآن؟ هي روا ية مشهورة معرو فة‪ ،‬و نص في الموضوع‬
‫نسوقها فيما يلي‪:‬‬
‫" عن علي بن الح كم عن هشام بن سالم عن أ بي ع بد ال (جع فر) عل يه ال سلم قال‪ :‬إن‬
‫يز يد سبعة ع شر آلف آ ية" [الكا في في‬ ‫القرآن الذي جاء به جبر يل عل يه ال سلم إلى مح مد‬
‫الصول للكليني‪ ،‬كتاب فضل القرآن ج ‪ 2‬ص ‪-634‬ط إيران]‪.‬‬
‫مع أن القرآن الموجود بأيدي الناس آياته ستة آلف آية وكسر" [وقد أخطأ الدكتور وافي‬
‫في هذا أيضا ح يث قال‪ :‬إن الكلي ني ين سب إلى المام ال صادق من القول‪ :‬إن القرآن الذي نزل‬
‫يزيد سبعمائة وسبع وثلثين آية على القرآن الذي نتلوه]‪.‬‬ ‫على محمد‬
‫فماذا يقول الصفي ومن دونه من علماء الشيعة أجمعين في هذه الرواية ورواتها حيث‬
‫أنهكا صكريحة فكي معناهكا‪ ،‬واضحكة فكي مفهومهكا‪ ،‬ل تحتمكل التأويكل والتفسكير‪ ،‬وإن رواتهكا‬
‫لمعدودون على النامل‪ ،‬معروفون مشهورون لدى الشيعة؟‬
‫أ ما مح مد بن يعقوب الكلي ني ف هو هو‪ ،‬وأ ما علي بن الح كم ف قد ك تب ع نه الردبيلي‬
‫الحائري بعكد مكا ذككر أنكه هكو الذي روى الروايكة المذكورة فكي باب فضكل القرآن وفكي باب‬
‫النوادر‪:‬‬
‫"ثقة جليل القدر" [جامع الرواة ج ‪ 1‬ص ‪.]575‬‬
‫والتفرشي في كتابه نقد الرجال [ص ‪-234‬ط قم إيران]‪.‬‬
‫وأ ما هشام بن سالم فقد ذكره شيخ الطائفة الطوسي في أصحاب جعفر الصادق [رجال‬
‫الطوسي ص ‪.]329‬‬
‫وكذلك في أصحاب موسى الكاظم [ص ‪.]363‬‬
‫وقال الرجالي الشيعي القديم النجاشي‪:‬‬
‫هشام بن سالم الجوالي قي‪ ..‬روى عن أ بي عبد ال وأ بي الح سن عليه ما ال سلم‪ .‬ث قة ث قة‬
‫[رجال النجاشي ص ‪-305‬ط قم إيران]‪.‬‬
‫ونقل الحائري بعد ذكر هذا كله عن شيخ الطائفة في فهرسته أنه صحيح العقيدة معروف‬
‫الولية غير مدافع [جامع الرواة ج ‪ 2‬ص ‪.]315‬‬
‫وقد ذكر الكشي في مدحه روايات [انظر لذلك‪ :‬رجال الكشي ص ‪.]239‬‬
‫وأما أب عبد ال جعفر بن الباقر فمقامه معروف لدى الشيعة حيث يعدونه معصوما ل‬
‫يخطئ‪ .‬فهذه هي الرواية الولى التي أوردناها في مبحثنا‪ :‬الشيعة والقرآن‪ :‬في كتابنا (الشيعة‬
‫والسنة) الذي أرسله الستاذ البهنساوي إلى السيد الصفي‪ ،‬فل ندري لماذا تخطى السيد الصفي‬
‫هذه الرواية والروايات الكثيرة الخرى المنقولة في الكافي أيضا إلى الرواية التي جعلها غرضا‬
‫لنقده وجرحه؟ إل أنه لم يجد في رواة بقية الروايات من يستطيع أن يتكلم فيهم؟‬
‫وها نحن نعلن بأننا نرحب بكل عالم شيعي ينبري ويتصدى لتضعيف روايات أوردناها‬
‫في كتبنا حول هذا الموضوع من أمهات كتب الشيعة وأهم مراجعهم سالكا مسلك النقد والجرح‬
‫المعروف‪ ،‬وملتزما القواعد الثابتة والسس المعروفة في هذا الشأن‪.‬‬
‫فهذه حقيقة رد الشيعة علينا‪ ،‬وهذه حقيقة الحوار المزعوم حول عقيدة الشيعة في القرآن‪.‬‬
‫ولو كان ال ستاذ البهن ساوي متحريا عن ال حق وطالبا الحقي قة لكان عل يه أن يتث بت من‬
‫الموضوع وير سل بيان ال صفي إلي نا ق بل إدرا جه في كتا به‪ ،‬سامحنا ال وإياه وغ فر له ما بدر‬
‫منه على إضلله كثيرا من المسلمين أهل السنة‪.‬‬
‫وق بل أن نخ تم الكلم في هذا الموضوع نر يد أن نبين شب هة أخرى يثير ها الشي عة‪ ،‬وي قع‬
‫فيها كثير من سُذّج أهل السنة بهذا الخصوص‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫أن الشيعة ل يقرءون إل هذا القرآن ول يتناقلون بين هم إل هذا نف سه‪ ،‬وإن كان لهم قرآن‬
‫غير هذا فأين هو؟‬
‫فإن لم يكونوا يؤمنون به‪ ،‬ويعتقدون فيه التحريف والحذف والنقصان فلماذا يقرءونه؟‬
‫فالجواب‪ :‬إن مكن يقول بهذا الكلم مكن أهكل السكنة ل يقوله إل جهلً بمعتقات الشيعكة‬
‫ومروياتهم ومن يقوله من الشيعة ل يقوله إل خداعا للمسلمين أهل السنة وتغطية للحق وتعمية‬
‫للب صار‪ ،‬لن القوم ن صوا على ذلك و صرحوا بأن القرآن ال صلي المحفوظ هو ع ند القائم من‬
‫ولد علي رضكي ال عنكه‪ ،‬وأن الشيعكة أمروا بقراءة هذا القرآن إلى أن يخرج القائم كمكا يروي‬
‫الكليني في كافيه عن سالم بن سلمة أنه قال‪:‬‬
‫قرأ رجل على أبي عبد ال عليه السلم وأنا أسمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرأه‬
‫الناس فقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬كفّ عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأه الناس حتى يقوم القائم‪،‬‬
‫فإذا قام القائم قرأ كتاب ال عز و جل على حده وأخرج الم صحف الذي كت به علي عل يه ال سلم‪،‬‬
‫وقال‪ :‬أخر جه علي عل يه ال سلم إلى الناس ح ين فرغ م نه وكت به‪ ،‬فقال ل هم‪ :‬هذا كتاب ال عز‬
‫‪ ،‬ل حا جة ل نا ف يه‪ ،‬فقال‪ :‬أ ما وال ل ترو نه ب عد يوم كم هذا‬ ‫و جل ك ما أنزله ال على مح مد‬
‫أبدا‪ ،‬إنمكا كان علي أن أخكبركم حيكن جمعتكه لتقرءوه" [الكافكي فكي الصكول ج ‪ 2‬ص ‪-633‬ط‬
‫طهران]‪.‬‬
‫وروى أيضا بسنده‪:‬‬
‫عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن بعض أصحابه عن‬
‫أبي الحسن عليه السلم قال‪ :‬قلت له‪:‬‬
‫"جعلت فداك إنا نسمع اليات في القرآن ليس هي عندنا كم نسمعها ول نحسن أن نقرأها‬
‫كما بلغنا عنكم‪ ،‬فهل نأثم؟ فقال‪:‬‬
‫ج‪3‬‬ ‫ل! إقرءوها كما تعلمتم فيجيئكم من يعلمكم" [الكافي باب أن القرآن يرفع كما أنزل‬
‫ص ‪-119‬ط طهران‪ ،‬وص ‪-664‬ط الهند]‪.‬‬
‫وأيضا ما رواه الطبرسي في (الحتجاج) كذبا على أبي ذر رضي ال عنه أنه قال‪:‬‬
‫جمع علي عليه السلم القرآن وجاء به إلى المهاجرين والنصار‬ ‫لما توفى رسول ال‬
‫‪ ،‬فل ما فت حه أ بو ب كر خرج في أول صفحة‬ ‫وعر ضه علي هم ل ما قد أو صاه بذلك ر سول ال‬
‫فتحها فضائح القوم‪ ،‬فوثب عمر فقال‪ :‬يا علي! اردده فل حاجة لنا فيه‪ ،‬فأخذه علي عليه السلم‬
‫وانصرف‪ ،‬ثم أحضر زيد بن ثابت وكان قارئا للقرآن‪ ،‬فقال له عمر‪ :‬إن عليا عليه السلم جاءنا‬
‫بالقرآن وفيه فضائح المهاجرين والنصار وقد أردنا أن تؤلف لنا القرآن وتسقط منه ما كان فيه‬
‫فضي حة وه تك للمهاجر ين والن صار‪ ،‬فأجا به ز يد إلى ذلك‪ ،‬ثم قال‪ :‬فإن أ نا فر غت من القرآن‬
‫على ما سألتم وأظهر علي القرآن الذي ألفه‪ ،‬أليس قد بطل كل ما قد عملتم؟ ثم قال عمر‪ :‬فما‬
‫الحيلة؟ قال ز يد‪ :‬أن تم أعلم بالحيلة‪ ،‬فقال ع مر‪ :‬ما الحيلة دون أن نقتله ون ستريح م نه؟ فدبر في‬
‫قتله على يد خالد بن الوليد‪ ،‬فلم يقدر على ذلك‪ ،‬وقد مضى شرح ذلك‪.‬‬
‫فلمكا اسكتخلف عمكر سكأل عليا أن يدفكع إليهكم القرآن فيحرفوه فيمكا بينهكم‪ ،‬فقال‪ :‬يكا أبكا‬
‫الحسن! إن كنت جئت به إلى أبي بكر فأت به إلينا حتى نجتمع عليه‪ ،‬فقال علي عليه السلم‪:‬‬
‫هيهات! ليس إلى ذلك سبيل‪ ،‬إنما جئت به إلى أبي بكر لتقوم الحجة عليكم ول تقولوا يوم القيامة‬
‫إ نا ك نا عن هذا غافل ين‪ ،‬أو تقولوا ما جئت نا به‪ ،‬إن القرآن الذي عندي ل يم سه إل المطهرون‬
‫والوصياء من ولدي‪ ،‬فقال عمر‪:‬‬
‫فهل وقت لظهاره معلوم؟‬
‫قال علي عل يه ال سلم‪ :‬ن عم! إذا قام القائم من ولدي يظهره ويح مل الناس عل يه‪ ،‬فتجري‬
‫السنة به" [الحتجاج للطبرسي ج ‪ 1‬ص ‪ ،228‬الصافي للكاشاني ج ‪ 1‬ص ‪.]27‬‬
‫وعلى ذلك جعلوا من عقائدهم‪:‬‬
‫"ووا جب علي نا أن نعت قد أن القرآن ال صلي لم يغ ير ولم يبدل‪ ،‬و هو الموجود ع ند إمام‬
‫الع صر الغائب ع جل ال فر جه ل ع ند غيره" [عقائد الشي عة الفار سي علي أ صغر البروجردي‬
‫ص ‪-27‬ط إيران]‪.‬‬
‫وقال الكرماني‪:‬‬
‫"و قع التحر يف والت صحيف والن قص في القرآن ‪ ..‬وأن القرآن المحفوظ ل يس إل ع ند‬
‫القائم‪ ..‬وإن الشيعكة لمجبورون على أن يقرءوا هذا القرآن تقيكة بأمكر آل محمكد عليهكم السكلم"‬
‫[تذييل في الرد على هاشم الشامي ص ‪ 13‬وما بعد‪-‬ط كرمان إيران]‪.‬‬
‫وقال المفسر الفيض الكاشاني في تفسيره ردا على من يقول بعدم التحريف في القرآن‪:‬‬
‫أقول‪ :‬يكفكي فكي وجوده فكي ككل عصكر وجوده جميعا كمكا أنزله ال محفوظا عنكد أهله‬
‫ج‪1‬‬ ‫ووجود ما احتجنا إليه منه عندنا وإن لم نقدر على الباقي" [تفسير الصافي المقدمة السادسة‬
‫ص ‪.]36‬‬
‫وقال السيد نعمت ال الجزائري مجيبا على نفس هذه الشبهة‪:‬‬
‫فإن قلت‪ :‬قد جازت القراءة في هذا القرآن مع ما لحقه من التغيير؟‬
‫قلت‪ :‬قد روى في الخبار أنهم عليهم السلم أمروا شيعتهم بقراءتهم هذا القرآن الموجود‬
‫بأيدي الناس في الصلة وغيرها والعمل بأحكامه حتى يظهر مولنا صاحب الزمان فيرتفع هذا‬
‫القرآن من أيدي الناس إلى ال سماء ويخرج القرآن الذي أل فه أم ير المؤمن ين عل يه ال سلم فيقرأ‬
‫ج‪2‬‬ ‫ويع مل بأحكا مه‪ ..‬والخبار الواردة بهذا المضمون كثيرة جدا" [النوار النعمان ية للجزائري‬
‫ص ‪.]364 ،363‬‬
‫وأخيرا ننقل ما ذكره المفسر الشيعي المشهور السيد هاشم البحراني المتوفى عام ‪1108‬ه‍‪:‬‬
‫اعلم أن الحكق الذي ل محيكص عنكه بحسكب الخبار المتواترة التيكة وغيرهكا أن هذا‬
‫ش يء من التغييرات‪ ،‬وأ سقط الذي جمعوه‬ ‫القرآن الذي في أيدي نا قد و قع ف يه ب عد ر سول ال‬
‫كثيرا مكن الكلمات واليات‪ ،‬وإن القرآن المحفوظ عمكا ذككر‪ ،‬الموافكق لمكا أنزله ال تعالى‪ ،‬مكا‬
‫جمعه علي عليه السلم وحفظه إلى أن وصل إلى ابنه الحسن عليه السلم‪ ،‬وهكذا إلى أن انتهى‬
‫إلى القائم عليه السلم‪ ،‬وهو اليوم عنده صلوات ال عليه" [البرهان في تفسير القرآن مقدمة ص‬
‫‪.]36‬‬
‫وبعكد هذا كله ل نرى أن أحدا ينطلي عليكه كذب القوم أو تخفكى عليكه عقيدتهكم الحقيقيكة‬
‫ال صلية ون سأل ال عز و جل أن يهدي نا وإيا هم إلى سواء ال سبيل‪ ،‬وجعل نا وإيا هم م من ي ستمع‬
‫القول ويتبع أحسنه ويعرف الخطأ ول يصر عليه ول يعاند‪ ،‬بل يرجع إلى الحق والصواب‪.‬‬

‫الباب الثالث‬
‫الشيعة الثنا عشرية والسّنة النبوية‬
‫إن الصل الثاني من أصول الشريعة السلمية هو السنة‪ .‬أي ما ثبت عن رسول ال‬
‫‪ ..‬و ما آتا كم الر سول فخذوه و ما نها كم عنه‬ ‫قولً أو فعلً أو تقريرا‪ .‬و قد أمر نا بالتم سك ب ها‬
‫[سورة الحشر الية ‪.]7‬‬ ‫فانتهوا واتقوا ال إن ال شديد العقاب‬
‫وما ينطق عن الهوى * إن هو إل وحي يوحى‬ ‫هو الناطق بالوحي‬ ‫وإن الرسول‬
‫[سورة النجم الية ‪.]3‬‬
‫من يطع الرسول فقد أطاع‬ ‫وعلى ذلك جعلت طاعته طاعة ال ومعصيته معصية ال‬
‫[سورة النساء الية ‪.]80‬‬ ‫ال ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا‬
‫ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى‬
‫[سورة النساء الية ‪.]115‬‬ ‫ونصله جهنم وساءت مصيرا‬
‫أطيعوا ال ورسكوله ول تولوا عنكه وأنتكم‬ ‫ولذلك قرنكت إطاعكة الرسكول بإطاعكة ال‬
‫[سورة النفال الية ‪.]20‬‬ ‫تسمعون‬
‫واليات في هذه المعنى كثيرة جدا‪ ،‬ومنكر السنة النبوية الثابتة عن كافر‪ ،‬كما أن منكر‬
‫القرآن خارج عكن الملة السكلمية‪ ،‬لن السكنة بيان للقرآن وتوضكح وشرح له وتفسكير لمعانيكه‬
‫[ سورة الن حل‬ ‫‪ ..‬وأنزل نا إل يك الذ كر ل تبين للناس ما نزل إلي هم ولعل هم يتفكرون‬ ‫ومطال به‬
‫الية ‪.]44‬‬
‫وعلى ذلك قال المام ابن حزم الندلسي‪:‬‬
‫لو أن امرأ قال‪ :‬ل نأخذ إل بما وجدنا في القرآن لكان كافرا بإجماع المة" [الحكام في‬
‫أصول الحكام]‪.‬‬
‫وقال‪:‬‬
‫بقول ال‬ ‫إن ما احتجج نا في تكفير نا من ا ستحل خلف ما صح عنده عن ر سول ال‬
‫‪:‬‬ ‫تعالى مخاطبا لنبيه‬
‫فل وربك ل يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ل يجدوا في أنفسهم حرجا مما‬
‫[سورة النساء الية ‪.]65‬‬ ‫قضيت ويسلموا تسليما‬
‫ويثبكت عنكه صكدوره‪ ،‬منكره ل يكون مؤمنا بنكص‬ ‫فككل مكا يصكدر عكن رسكول ال‬
‫القرآن‪.‬‬
‫وهذا الموضوع له تفصيل في محله ل نريد الطناب فيه ههنا‪.‬‬
‫ومحل الشاهد في هذا المبحث أن السنة النبوية على صاحبها الصلة والسلم لها منزلتها‬
‫ومكانت ها في التشر يع ال سلمي‪ ،‬ك ما أن ها من ال سس ال تي تح سم النزاعات الدين ية والمذهب ية‬
‫حسب قول ال عز وجل‪:‬‬
‫‪ ..‬فإن تنازع تم في ش يء فردوه إلى ال والر سول إن كن تم تؤمنون بال واليوم ال خر‬
‫[سورة النساء الية ‪.]59‬‬ ‫ذلك خير وأحسن تأويلً‬
‫ولككن الشيعكة ل يقرون بهذا الصكل الثانكي مثكل عدم إقرارهكم بالصكل الول‪ ،‬وبنفكس‬
‫النقول والحيل‪ ،‬وبنفس المقولت والعلل‪.‬‬
‫فإن هم يقولون‪ :‬إن ال سنة النبو ية منقولة عن طر يق أ صحاب مح مد صلوات ال و سلمه‬
‫عل يه‪ ،‬وإن أ صحابه ارتدوا كل هم ب ما في هم سادة ب ني ها شم وغيره من الن صار والمهاجر ين إل‬
‫ثلثة‪ :‬مقداد‪ ،‬وأبو ذر‪ ،‬وسلمان‪ ،‬وهؤلء لم يرو عنهم إل القليل بل وأقل من القليل‪ ،‬وأما البقية‬
‫فل يطمئن إليهكم ول إلى مروياتهكم لنقلبهكم على أعقابهكم إلى الكفكر – نعوذ بال مكن ذلك‬
‫ونسكتغفر ال مكن الكذب المتعمكد على الرسكول – ول يعتمكد عليهكم ول يوثكق بأخباره‪ ،‬فإنهكا‬
‫ساقطة‪ ،‬مكذوبة‪ ،‬موضوعة‪.‬‬
‫فكل حديث أو خبر نقل عن أحد من هؤلء‪ ،‬أو ورد في سنده أحد ينتهج منهجهم ويتبع‬
‫خطاهم يسقط من العتبار‪ ،‬فهذه قاعدة محكمة متينة في مصطلح الحديث عندهم‪ ،‬حتى أقر بذلك‬
‫محمد الحسين آل كاشف الغطاء في كتابه الدعائي المشهور‪ ،‬الذي لم يكتبه إل لخداع المسلمين‬
‫أهل السنة تغطية للحقائق‪ ،‬وتعمية عليهم الصدق‪ ،‬حيث قال‪:‬‬
‫إنهم (الشيعة) ل يعتبرون بشيء من السنة أعني الحاديث النبوية إل ما صح لهم عن‬
‫طريق أهل البيت عن جدهم يعني ما رواه الصادق عن أبيه الباقر عن أبيه زين العابدين عن‬
‫الحسين السبط عن رسول ال سلم ال عليهم جميعا‪ ،‬أما ما يرويه مثل أبي هريرة وسمرة بن‬
‫جندب ومروان بن الح كم وعمران بن حطان الخار جي وعمرو بن العاس ونظائر هم فل يس له‬
‫عند المامية من العتبار مقدار بعوضة‪ ،‬وأمرهم أشهر من أن يذكر" [أصل الشيعة وأصولها‬
‫ص ‪-79‬ط مؤسسة العلمي ببيروت]‪.‬‬
‫وقد فصل القول في ذلك حسين بن عبد الصمد العاملي المتوفى سنة ‪984‬ه‍ في كتابه الذي‬
‫كتبه في مصطلح الحديث [ويعد الشيعة كتابه هذا ثاني مؤلف في علوم الحديث لديهم‪ ،‬وقد سبقه‬
‫في ذلك أ ستاذه المل قب بالشه يد الثا ني‪( .‬ان ظر رياض العلماء)] يقول ف يه العاملي ردا على أ هل‬
‫السنة في تعديل الصحابة رضوان ال عيهم أجمعين‪:‬‬
‫وقد جازف أهل السنة كل المجازفة بل وصلوا إلى حد المخارفة فحكموا بعدالة الصحابة‬
‫من ل بس من هم الف تن و من لم يل بس‪ ،‬و قد كان في هم المقهورون على ال سلم‪ ،‬والداخلون على‬
‫غير البصيرة‪ ،‬والشكاك‪ ،‬كما وقع من فلتات ألسنتهم الكثير‪ .‬بل كان فيهم المنافقون‪ ،‬كما أخبر‬
‫به الباري جل ثناؤه‪ ،‬وكان في هم شار بو الخ مر‪ ،‬وقاتلو الن فس‪ ،‬وفاعلو الف سق والمنكرات‪ ،‬ك ما‬
‫نقله عنهم‪ ،‬وما نقلنا نحن بعضه فيما سبق من صحاحهم من الحاديث المتكثرة المتواترة المعنى‬
‫فضلً عكن فسكقهم – ثكم قال ‪ :-‬إن الصكحابة على ثلثكة‬ ‫يدل على ارتدادهكم بعكد رسكول ال‬
‫أقسكام‪ :‬معلوم العدالة [ومعروف أن الروايكة ل تقبكل إل عكن معلوم العدالة كمكا عرف المؤلف‬
‫المذكور‪ :‬ال صحيح‪ ،‬هو ما اتصل سنده بالعدل المامي الضا بط مثله حتى ي صل إلى المعصوم‬
‫مكن غيكر شذوذ ول علة‪ .‬انظكر‪ :‬كتاب وصكول الخيار إلى أصكول الخبار ص ‪-93‬ط مطبعكة‬
‫الخيام قكم سكنة ‪1401‬ه‍]‪ ،‬ومعلوم الفسكق‪ ،‬ومجهول الحال‪ ،‬أمكا معلوم العدالة فكسكلمان والمقداد‬
‫وممن لم يمل عن أهل البيت طرفة عين‪..‬‬
‫وأما معلوم الفسق والكفر فكم مال عن أهل البيت وأظهر لهم البغض والعداوة والحرب‪،‬‬
‫ك ما جاء في الخبار‬ ‫فهذا يدل على أ نه لم ي كن آ من‪ ،‬بل كان منافقا أو أ نه ار تد ب عد ال نبي‬
‫ل يبغض ول يحارب أهل بيته الذين أكد ال ورسوله‬ ‫الصحيحة عندهم‪ ،‬لن من يحب النبي‬
‫كل التأك يد في مدح هم والو صية ب هم والتم سك بحب هم‪ ..‬وهؤلء نتقرب إلى ال تعالى ور سوله‬
‫ببغضهم وسبهم وبغض من أحبهم – ومن هم يا ترى؟‪ -‬والجابة نقلً عن علي ‪ :-‬هم الذين –‬
‫ككة الضللة والدعاة إلى الضلل بالزور والكذب‬
‫) فتقربوا إلى أئمك‬ ‫ككول ال‬
‫بقوا بعده (رسك‬
‫والبهتان‪ ،‬فولو هم العمال وحملو هم على رقاب الناس وأكلوا ب هم أموال الدن يا‪ ،‬وإن ما الناس مع‬
‫ص ‪162‬‬ ‫الملوك والدنيا إل من عصمه ال" [وصول الخيار إلى أصول الخبار تحسين العاملي‬
‫وما بعد]‪.‬‬
‫وتكفير عثمان‪ :‬بأنه كان يحكم بغير ما أنزل ال" [انظر‪ :‬صفحة ‪.]78‬‬
‫وتكفير معاوية‪ :‬على أنه كان يحمل غلً كامنا‪ ،‬وكفرا باطنا" [انظر‪ :‬صفحة ‪.]79‬‬
‫وتكف ير عائ شة أم المؤمن ين‪ :‬ح يث كذب على ال نبي أن ر سول ال قام خطيبا فأشار ن حو‬
‫مسكن عائشة وقال‪:‬‬
‫ورفض نا عا مة أ صحابه‪ ،‬وطرح نا ما تفردوا بنقله‪ ،‬إل من علم نا من ال صلح ك سلمان‬
‫والمقداد وعمار بن يا سر وأ بي ذر وأشباه هم من أتقياء ال صحابة وأجلئ هم المقرر ين في ك تب‬
‫الرجال عندنا" [وصول الخيار إلى أصول الخبار لحسين بن عبد الصمد العاملي ص ‪.]84‬‬
‫ثم بيّن الحكم العام فقال‪:‬‬
‫"فصحح العامة كلها وجميع ما يروونه غير صحيح" [وصول الخيار إلى أصول الخبار‬
‫ص ‪.]94‬‬
‫وقد بالغوا في هذا إلى أن جاوزوا جميع الحدود حتى قالوا‪:‬‬
‫الصل في التشريع عندهم هو مخالفة أهل السنة‪ ،‬وما روى عنهم وعن أعيانهم وعلى‬
‫رأسهم أصحاب رسول ال ‪ ،‬وما يرونه من الرأي كما نقلنا ذلك سابقا وكما سنذكره بعد قليل‪.‬‬
‫وبهذا يظ هر أن هم ل يؤمنون بال صل الثا ني من أ صول الشري عة ال سلمية و هو ال سنة‪،‬‬
‫ول تغتر بأنهم يدّعون ذلك! فدعواهم في هذا ل تختلف عن دعواهم في اليمان بالقرآن‪ ،‬لن ما‬
‫فنزر يسير جدا أيضا‪،‬‬ ‫روي بطرقهم عن علي بن أبي طالب رضي ال عنه‪ ،‬عن رسول ال‬
‫ومكا روي عكن جعفكر عكن باقكر بكن زيكن العابديكن عكن الحسكين عكن علي فهكو أقكل القليكل‪،‬‬
‫وصحاحهم الربعة وكتبهم في الحديث الخرى تشهد على ما قلناه‪.‬‬
‫وكذلك ما روي عن أصحاب النبي الصلة الذين لم يرتدوا من بين أصحاب رسول ال‬
‫أجمع ين – ح سب زعم هم – أي المقداد وأ بي ذر و سلمان فلم يرووا عن هم عن ر سول ال‬
‫في كتبهم أنفسهم إل ما يعد على النامل‪.‬‬
‫أضكف إلى ذلك أن جكل المرويات بكل كلهكا عكن علي رضكي ال عنكه وعكن هؤلء‬
‫الصحاب الثلثة ليست من قسم المتواتر بل هي أخبار آحاد‪.‬‬
‫والحاد ل تو جب العلم ع ند الشي عة قاط بة ول الع مل ع ند الجمهور‪ ،‬و هو الرأي الرا جح‬
‫عند الشيعة‪ ،‬ل كما ظنه السيد الدكتور وافي وصرح به في كتيبه [انظر‪ :‬بين الشيعة وأهل السنة‬
‫ص ‪ ]45‬فيقول العاملي‪:‬‬
‫"ثم الخبار‪ ،‬منها المتواتر‪ :‬وهو ما رواه جماعة يحصل العلم بقولهم بعدم إمكان تواطئهم‬
‫على الكذب عادة‪ ،‬ويشترط ذلك فكي ككل طبقاتهكم صكحيحا كان أو غيكر صكحيح‪ ،‬وهكو مقبول‬
‫لوجوب العمل بالعلم‪ ،‬وهذا ل يكاد يعرفه المحدثون في الحاديث لقلته‪ ..‬وحديث الغدير متواتر‬
‫عندنا" [وصول الخيار إلى أصول الخبار ص ‪.]92‬‬
‫وأمكا الحاد فقكد قال شيخهكم المفيكد فكي ذلك فكي كتابكه العقائدي المشهور تحكت عنوان‬
‫"القول في أخبار الحاد"‪:‬‬
‫"وأقول‪ :‬إ نه ل ي جب العلم ول الع مل بش يء من أخبار الحاد‪ ..‬وهذا مذ هب جمهور‬
‫الشي عة وكث ير من المعتزلة والمحك مة وطائ فة من المرجئة و هو خلف ل ما عل يه متفق هة العا مة‬
‫(أي أهل السنة) وأصحاب الرأي" [أوائل لمقالت في العقائد والمختارات للمفيد ص ‪.]139‬‬
‫وم ثل ذلك ذكر العاملي عن الشريف المرتضى المل قب بعلم الهدى ع ند الشيعة وجماعة‬
‫من كبار العلماء حيث قال‪:‬‬
‫والسيد المرتضى رحمه ال تعالى وجماعة من كبار علمائنا منعوا من العمل به محتجين‬
‫بعدم الدل يل الدال على وجوب الع مل به‪ .‬وإذا لم ي قم دل يل على وجوب الع مل لم يع مل به‪ ،‬ك ما‬
‫أنه لم يقم دليل على وجوب صلة سادسة‪ .‬قالوا‪ :‬وما نقلتموه من أن الصحابة ومن بعدهم كانوا‬
‫يعملون بأخبار الحاد‪ ،‬فهي أيضا أخبار آحاد ل تفيد علما‪ ،‬والعمل بخبر الواحد مسألة أصولية‬
‫ول يجوز أن يكون مستندها ظنا‪ ،‬فكيف تعلمون أن ال تعبّدكم بالعمل بخبر الواحد؟ وبعد التسليم‬
‫ب صدق هذه الحاد يث؟ إن ما علم ل كم أن ال صحابة عملوا عند ها ل ب ها‪ .‬فجاز أن يكونوا تذاكروا‬
‫بها نصا أو تأيد بها عندهم دليل آخر‪ ،‬فالتساوي حاصل الشك‪ ،‬والتوقف فرض من فقد الدليل‬
‫القاطع" [رسول الخيار إلى أصول الخبار ص ‪.]186‬‬
‫وهذا مكع أن رواة الشيعكة الذيكن عليهكم مدار نقكل الحاديكث الشيعيكة رواة مختلفون فكي‬
‫توثيق هم وتضعيف هم‪ ،‬فش خص وا حد يو ثق ويح كم بعدال ته و هو نف سه يض عف ويح كم بف سقه بل‬
‫كفره‪ ،‬ل من ق بل المهرة والنقاد في الحد يث والرجال بل من ق بل المع صومين – ح سب ز عم‬
‫الشي عة – أنف سهم‪ ،‬والذ ين ع صمتهم‪" :‬كع صمة ال نبياء‪ ،‬وأنهم ل يجوز من هم صغيرة إل ما قدم‬
‫ذ كر جوازه على ال نبياء‪ ،‬وأ نه ل يجوز ل هم سهو في ش يء من الد ين‪ ،‬ول ين سون شيئا من‬
‫الحكام‪ ،‬وعلى هذا مذهب سائر المامية" [أوائل المقالت للمفيد ص ‪.]74‬‬
‫وخير مثال لذلك رواة الشيعة الربعة الذين هم مدار الروايات الشيعية ومحورها‪.‬‬
‫وهم أقطاب الحاديث وأوتادها لدى القوم‪ ،‬عليهم تدور رحى الروايات زرارة بن أعين‪،‬‬
‫وأ بو ب صير الل يث المرادي‪ ،‬ومح مد بن م سلم‪ ،‬وبر يد بن معاو ية العجلي‪ ،‬الذ ين قال في هم إمام‬
‫الشيعة السادس المعصوم – حسب زعمهم – جعفر بن الباقر‪:‬‬
‫"ما أجد أحدا أحيا زكرنا وأحاديث أبي إل زرارة‪ ،‬وأبو بصير ليث المرادي‪ ،‬ومحمد بن‬
‫مسكلم‪ ،‬وبريكد بكن معاويكة العجلي‪ ،‬ولول هؤلء مكا كان أحكد يسكتنبط هذا‪ ،‬هؤلء حفاظ الديكن‬
‫وأمناء أ بي على حلل ال وحرا مه‪ ،‬و هم ال سابقون إلي نا في الدن يا وال سابقون إلي نا في الخرة"‬
‫[رجال الك شي ص ‪– 125 ،124‬ط مؤ سسة العل مي للمطبوعات بالعراق ت حت ذ كر زرارة بن‬
‫أعين]‪.‬‬
‫فانظكر ماذا يقول فيهكم القوم مكن توثيقهكم وتضعيفهكم‪ ،‬ومكن المدح فيهكم واللعكن عيهكم‪،‬‬
‫فزرارة بن أعين قال فيه جميل بن دراج أحد رواة الشيعة المشهورين‪:‬‬
‫"ما كنا حول زرارة بن أعين إل بمنزلة الصبيان في الكتاب حول المعلم" [رجال الكشي‬
‫ص ‪.]123‬‬
‫وقال فيه جعفر بن محمد الباقر‪:‬‬
‫"رحم ال زرارة بن أعين‪ ،‬لول زرارة ونظراؤه لندرست أحاديث أبي" [رجال الكشي‬
‫ص ‪.]124‬‬
‫وقال فيه علي بن موسى الرضا – المام الثامن المعصوم لدى الشيعة‪" :‬أترى أحدا كان‬
‫أصدع بحق من زرارة" [رجال الكشي ص ‪.]130‬‬
‫وقال ف يه النجا شي‪" :‬زرارة ش يخ أ صحابنا في زما نه ومتقدم هم‪ ،‬وكان قارئا فقيها متكلما‬
‫شاعرا أديبا‪ ،‬قد اجتمعت فيه خلل الفضل والدين" [رجال النجاشي ص ‪-125‬ط قم إيران]‪.‬‬
‫وقال علي بن داود الحلي‪" :‬زرارة كان أ صدق أ هل زما نه وأفضل هم‪ ،‬قال ف يه ال صادق‬
‫عليكه السكلم‪" :‬لول زرارة لقلت إن أحاديكث أبكي لتذهكب" [كتاب الرجال لبكن داود الحلي ص‬
‫‪-156‬ط طهران]‪.‬‬
‫ومثل ذلك قال ابن المطهر الحلي [انظر‪ :‬رجال العلمة الحلي ص ‪.]76‬‬
‫وقال الحائري‪" :‬أجمعكت العصكابة على تصكديقه والنقياد له بكه" [جامكع الرواة ج ‪ 1‬ص‬
‫‪.]324‬‬
‫ومثل ذلك الزنجاني [انظر الجامع في‪ :‬الرجال ج ‪ 1‬ص ‪.]789‬‬
‫هذا – والكشي روى في كتابه عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد ال (جعفر) قال‪:‬‬
‫"قلت‪ :‬الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم‪ ،‬قال (جعفر)‪ :‬أعاذنا ال وإياك من ذلك الظلم‪،‬‬
‫قلت‪ :‬ما هو؟‬
‫قال (جعفر) ‪ :‬هو وال ما أحدث زرارة وأبو حنيفة وهذا الضرب‪.‬‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬الزنا معه؟‬
‫قال‪" :‬الزنا ذنب" [رجال الشكي ص ‪.]132 ،131‬‬
‫ومثل ذلك روي عن أبي بصير وعن هارون بن خارجة‪.‬‬
‫وروى الك شي أيضا عن كل يب ال صيداوي أن هم كانوا جلو سا ومع هم عزا فر ال صيرفي‬
‫وعدة من أ صحابهم‪ ،‬معهم أ بو عبد ال ر ضي ال ع نه‪ ،‬قال‪ :‬فابتدع أبو ع بد ال من غير ذكر‬
‫لبي زرارة فقال‪" :‬لعن ال زرارة‪ ،‬لعن ال زرارة‪ ،‬لعن ال زرارة ثلث مرات" [رجال الكشي‬
‫ص ‪.]135‬‬
‫وروي أيضا عن عمران الزعفرا ني [ قد حاول ب عض الشي عة التوف يق ب ين هذه الروايات‬
‫بقوله‪ :‬إن الروايات التي وردت في ذم زرارة والقدح فيه فإنها ضعيفة لوجود محمد بن عيسى‬
‫في إ سنادها‪ .‬ان ظر‪ :‬ن قد الرجال للتفر شي ص ‪ ،137‬مع أن أك ثر الروايات ال تي ورد في ها الذم‬
‫لزرارة والقدح فيكه ل يس فكي إ سنادها محمكد بن عيسكى بل هكي مرو ية بطرق متعددة كثيرة]‪،‬‬
‫سمعت أبا عبد ال رضي ال عنه يقول‪ :‬ما أحدث أحد في السلم ما أحدث زرارة من البدع‬
‫عليه لعنة ال" [رجال الكشي ص ‪.]134‬‬
‫وعن ليث المرادي أنه قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال رضي ال عنه يقول‪:‬‬
‫"ل يموت زرارة إل تائها" [رجال الكشي ص ‪.]134‬‬
‫وروى عن القصير أنه قال‪:‬‬
‫"استأذن زرارة بن أعين وأبو الجارود‪ ،‬على أبي عبد ال رضي ال عنه قال‪ :‬يا غلم!‬
‫أدخلهما‪ ،‬فإنهما عجل المحيا وعجل الممات" [رجال الكشي ص ‪.]135‬‬
‫وهذا هو زرارة الذي قالوا فيه‪:‬‬
‫"أفقه الولين ستة‪ ،‬وأفقه الستة زرارة" [نقد الرجال للتفرشي ص ‪.]137‬‬
‫وعدد من أصحاب محمد الباقر وأصحاب جعفر بن الباقر [انظر رجال البرقي ص ‪ 14‬و‬
‫‪ ،16‬ورجال الطوسي ص ‪ 123‬و ‪.]201‬‬
‫وأنه من أصحاب موسى بن جعفر الكاظم أيضا [انظر‪ :‬رجال الطوسي ص ‪ ،350‬وكتاب‬
‫الرجال للبرقي ص ‪.]47‬‬
‫فر جل كهذا الذي أدرك ثل ثة من الئ مة المع صومين ح سب ز عم الشي عة وروى عن هم‪،‬‬
‫يختلفون فيه هذا الختلف‪ ،‬يوثقونه بأعلى ألفاظ التوثيق ويضعفونه بأدنى درجة التضعيف‪ ،‬مرة‬
‫يقولون فيه‪ :‬إن أبا عبد ال جعفر بن محمد الباقر – المام السادس المعصوم الذي ل ينطق عن‬
‫الهوى – قال له‪:‬‬
‫"يا زرارة! إن اسمك في أسامي أهل الجنة" [رجال الكشي ص ‪.]122‬‬
‫وقال عن زرارة‪:‬‬
‫"أما ما رواه زرارة عن أبي جعفر فل يجوز لي رده" [رجال الكشي ص ‪.]122‬‬
‫ومرة قال فيه‪:‬‬
‫"زرارة شر من اليهود والن صارى و من قال‪ :‬إن ال ثالث ثل ثة‪ ،‬وقال‪ :‬إن مرض فل‬
‫تعده‪ ،‬وإن مات فل تشهد جنازته" [رجال الكشي ص ‪.]142‬‬
‫وروى الكشي أيضا عن ميسر أنه قال‪:‬‬
‫"كنا عند أبي عبد ال فمرت جارية في جانب الدار على عنقها قمقم قد نكسته‪ ،‬قال‪ :‬فقال‬
‫أبو عبد ال رضي ال عنه‪ :‬فما ذنبي أن ال قد نكس زرارة كما نكست هذه الجارية هذا القمقم"‬
‫[رجال الكشي ص ‪.]142‬‬
‫وأ ما أ بو جع فر أع ني محمدا البا قر فكان يعت قد ف يه بأ نه من جوا سيس الحكام وعيون هم‬
‫عليه‪ .‬وأنه يبلغ إليهم أخباره وأعماله كما روى الكشي أيضا عن هشام بن سالم أنه قال‪:‬‬
‫"إن زرارة سأل أبا جعفر (محمدا الباقر) عليه السلم عن جوائز العمال؟ فقال‪ :‬ل بأس‬
‫به‪.‬‬
‫ثم قال (أبو جعفر محمد الباقر)‪ :‬إنما أراد زرارة أن يبلغ هشاما – ابن عبد الملك – إني‬
‫أحرم أعمال السلطان" [رجال الكشي ص ‪.]139‬‬
‫وعلى ذلك كان يكره اب نه جع فر أن يد خل عل يه زرارة ك ما روى الك شي عن الول يد بن‬
‫صبيح قال‪:‬‬
‫"مررت برو ضة من المدي نة فإذا إن سان قد جذب ني‪ ،‬فالت فت فإذا أ نا بزرارة‪ ،‬فقال لي‪:‬‬
‫اسكتأذن لي على صكاحبك‪ ،‬قال‪ :‬فخرجكت مكن المسكجد ودخلت على أبكي عبكد ال عليكه السكلم‬
‫فأخبرته الخبر‪ ،‬فضرب بيده على صدره‪ ،‬ثم قال أبو عبد ال عليه ال سلم‪ :‬ل تأذن له‪ ،‬ل تأذن‬
‫له‪ ،‬ل تأذن له‪ ،‬فإن زرارة يريدنكي على ككبير السكن‪ ،‬وليكس مكن دينكي ول ديكن آبائي" [رجال‬
‫الكشي ص ‪.]142‬‬
‫وأما زرارة نفسه فكان يشك في علم جعفر بن الباقر وإمامته وإمامة ابنه موسى الكاظم‬
‫كما روى الكشي صريحا عن ابن مسكان أنه قال‪:‬‬
‫" سمعت زرارة يقول‪ :‬ر حم ال أ با جع فر‪ ،‬وأ ما جع فر فإن في قلب عل يه لف تة" [رجال‬
‫الكشي ص ‪.]131‬‬
‫وكما روي عن زياد بن أبي الهلل في رواية طويلة أن زرارة قال له عن أبي عبد ال‬
‫جعفر‪:‬‬
‫"صاحبكم هذا ليس له بصر بكلم الرجال" [رجال الكشي ص ‪.]133‬‬
‫وأمكا موسكى بكن جعفكر الملقكب بالكاظكم فمكع أن الشيعكة ورجالهكم يعدون زرارة مكن‬
‫أصحابه‪ ،‬لكن الكشي يصرح في عديد من الروايات أنه لم يعتقد بإمامته‪ ،‬ونورد هنا رواية عن‬
‫نضر بن شعيب عن عمة زرارة قالت‪:‬‬
‫"لما وقع زرارة واشتد به قال‪:‬‬
‫ناوليني المصحف‪ ،‬فناولته وفتحته ووضعته على صدره وأخذه مني‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫يا عمة! اشهدي أن ليس لي إمام غير هذا الكتاب" [رجال الكشي ص ‪.]139‬‬
‫فهذا هو أحد أساطين الرواية في الحديث عند الشيعة وهذه هي أحواله من حيث التوثيق‬
‫والتضعيف والتعديل والتجريح عند القوم أنفسهم وفي أم كتاب الرجال عندهم‪ ..‬تلك التي تناول‬
‫تراجكم الرواة والمحدثيكن والعلماء لدى هذه الطائفكة‪ ،‬والتكي قالوا فيهكا‪" :‬أهكم الكتكب فكي هذا‬
‫الموضوع من مؤلفات المتقدمين هي أربعة كتب‪ ،‬عليها المعول وهي الصول الربعة في هذا‬
‫الباب‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪1‬ك رجال الكشي‪.‬‬
‫‪2‬ك رجال النجاشي‪.‬‬
‫‪3‬ك رجال الطوسي‪.‬‬
‫‪4‬ك الفهرست للطوسي‪.‬‬
‫وأقدم هذه الك تب الرب عة هو رجال الك شي" [مقد مة رجال الك شي لل سيد أح مد الح سيني‬
‫ص ‪.]4‬‬
‫وأما الثاني فهو أبو بصير ليث المرادي‪ ،‬فقد قالوا فيه‪ :‬إن جعفر بن محمد قال فيه وفي‬
‫أصحابه‪:‬‬
‫"بشر المخبتين بالجنة‪ :‬بريد بن معاوية العجلي‪ ،‬وأبا بصير البختري المرادي‪ ،‬ومحمد بن‬
‫مسكلم‪ ،‬وزرارة‪ ،‬أربعكة نجباء‪ ،‬أمناء ال فكي حلله وحرامكه لول هؤلء انقطعكت آثار النبوة‬
‫واندرست" [رجال الكشي ص ‪ 152‬تحت ذكر أبي بصير ليث المرادي]‪.‬‬
‫"وكان هذا من أصحاب الباقر وأصحاب جعفر أيضا كم ذكر ذلك البرقي في رجاله" [ص‬
‫‪ 13‬وص ‪ ،18‬أيضا رجال الطوسي ص ‪ 134‬وص ‪.]278‬‬
‫"وعده من أصحاب موسى الكاظم أيضا" [ص ‪.]358‬‬
‫ومثل ما روي عن جعفر فيه بأنه من المبشرين بالجنة‪ ،‬روى عن أبيه محمد الباقر أيضا‬
‫نفس ذلك‪.‬‬
‫وأنه لوله لنقطعت آثار النبوةاندرست" [كتاب الرجال لبن داود الحلي ص ‪.]393 ،392‬‬
‫وعده في القسم الول من الرجال يعني من الثقات‪.‬‬
‫وذكره النجاشي أيضا بأنه من أصحاب الباقر وجعفر بن الباقر‪ ،‬وله كتاب يرويه جماعة‬
‫[رجال النجاشي ص ‪.]225‬‬
‫ك ما عده ا بن المط هر الحلي من الثقات الذ ين يعت مد على روايت هم [رجال العل مة الحلي‬
‫ص ‪.]137‬‬
‫وكذلك التفر شي في كتا به‪ ،‬وقال‪ :‬إ نه من أ صحابنا المام ية [ن قد الرجال للتفر شي ص‬
‫‪.]287‬‬
‫ورووا عن ميل بن دراج أنه قال‪:‬‬
‫أوتاد الرض وأعلم الديكن أربعكة‪ :‬أحدهكم ليكث بكن البختري المرادي [جامكع الرواة‬
‫للحائري ج ‪ 2‬ص ‪.]34‬‬
‫كما ذكر القمي عن شعي العقرقوفي أنه قال‪:‬‬
‫"قلت لبي عبد ال (ع)‪ :‬ربما احتجنا أن نسأل عن شيء؟ فمن نسأل؟ قال‪:‬‬
‫عليك بالسدي يعني أبا بصير‪ ،‬والخبر في أعلى درجة الصحة [انظر‪ :‬الكنى واللقاب ج‬
‫‪ 1‬ص ‪-18‬ط قم إيران]‪.‬‬
‫وروى الكشي فيه عن داود بن سرحان أنه قال‪:‬‬
‫"إني لحدث الرجال الحديث وأنهاه عن الجدال والمراء في دين ال‪ ،‬فأنهاه عن القياس‬
‫فيخرج مكن عندي فيتأول حديثكي على غيكر تأويله‪ ،‬إنكي أمرت قوما أن يتكلموا‪ ،‬ونهيكت قوما‪،‬‬
‫فككل يؤول لنفسكه‪ ،‬يريكد المعصكية ل ولرسكوله‪ ،‬فلو سكمعوا وأطاعوا لودعتهكم مكا أودع أبكي‬
‫أصحابه‪ ،‬إن أصحاب أبي كانوا زينا‪ ،‬أحياء وأمواتا‪ ،‬وأعني زرارة ومحمد بن مسلم ومنهم ليث‬
‫المرادي وبريكد العجلي‪ ،‬هؤلء القوامون بالقسكط‪ ،‬هؤلء القوامون بالقسكط‪ ،‬وهؤلء السكابقون‬
‫أولئك المقربون" [رجال الكشي ص ‪.]152‬‬
‫وأيضا ما رواه عن شعيب العقرقوفي عن أبي بصير أنه قال‪:‬‬
‫"دخلت على أبي عبد ال (ع) فقال لي‪ :‬حضرت عليا عند موته؟‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬نعكم! وأخكبرني أنكك ضمنكت له الجنكة وسكألني أن أذكرك ذلك‪ .‬قال‪ :‬صكدق‪.‬‬
‫قال‪:‬‬
‫فبكيكت‪ ،‬ثكم قلت‪ :‬جعلت فداك‪ ،‬فمكا لي ألسكت ككبير السكن الضعيكف الضريكر البصكير‬
‫المنقطع إليكم فاضمنها لي‪ .‬قال‪:‬‬
‫قد فعلت‪ .‬قال‪ :‬قلت‪ :‬اضمنها لي على آبائك وسميتهم واحدا واحدا‪ .‬قال‪ :‬فعلت‪ .‬قلت‪:‬‬
‫‪ .‬قال‪ :‬قد فعلت‪.‬‬ ‫فاضمنها لي على رسول ال‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬اضمنها لي على ال تعالى‪ .‬قال‪ :‬فأطرق ثم قال‪ :‬قد فعلت" [رجال الكشي ص‬
‫‪.]152‬‬
‫هذا من جانب‪ ،‬وهذه المبالغة من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى روى فيه الكشي عن حماد‬
‫الناب أنه قال‪:‬‬
‫"جلس أبو بصير على باب أبي عبد ال ليطلب الذن‪ ،‬فلم يؤذن له‪ ،‬فقال أبو بصير‪:‬‬
‫لو كان معنا طبق لذن‪ .‬قال‪ :‬فجاء كلب فشغر [شغر الكلب‪ :‬رفع رجله ليبول] في وجه‬
‫أبي بصير‪ ،‬قال‪ :‬أف أف‪ ،‬ما هذا؟‬
‫قال جليسه‪ :‬هذا كلب شغر في وجهك" [رجال الكشي ص ‪.]155‬‬
‫وروى الكشي‪ :‬أنه كان يدخل بيوت الئمة وهو جنب [انظر‪ :‬رجال الكشي ص ‪.]152‬‬
‫وكان أ بو ب صير هذا دائما يت هم جع فر بن البا قر بجم عه للمال وح به للدن يا‪ ،‬ك ما روى‬
‫الكشي عديدا من الروايات في هذا المعنى‪ ،‬منها ما رواه عن ابن أبي يعفور أنه قال‪:‬‬
‫"خرجت إلى السواد أطلب دراهم للحج ونحن جماعة وفينا أبو بصير المرادي قال‪ :‬قلت‬
‫له‪:‬‬
‫يا أ با ب صير! ا تق ال و حج بمالك فإ نك ذو مال كث ير‪ ،‬فقال‪ :‬ا سكت فلو أن الدن يا وق عت‬
‫لصاحبك لشتمل عليها بكسائه" [رجال الكشي ص ‪.]152‬‬
‫وأيضا عن حماد بن عثمان أنه قال‪:‬‬
‫"خر جت أ نا وا بن أ بي يعفور وآ خر إلى الحيرة أو إلى ب عض الموا ضع فتذكر نا الدن يا‪،‬‬
‫فقال أبو بصير المرادي‪:‬‬
‫أ ما إن صاحبكم لو ظ فر ب ها ل ستأثر ب ها؟ قال‪ :‬فأغ فى‪ ،‬فجاء كلب ير يد أن يش غر عل يه‬
‫فذهبت لطرده‪ ،‬فقال ابن أبي يعفور‪ :‬دعه‪ ،‬فجاءه حتى شغر في أذنه" [رجال الكشي ص ‪.]154‬‬
‫وكان ل يؤمن بإمامة موسى بن جعفر‪ ،‬كما كان يتهمه بعدم العلم ومعرفة الحكام‪ ،‬كما‬
‫روى الكشي أيضا عن شعيب العقرقوفي عن أبي بصير قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن‬
‫امرأة تزو جت ول ها زوج‪ ،‬فظ هر علي ها قال‪ :‬تر جم المرأة ويضرب الر جل مائة سوط ل نه لم‬
‫يسأل‪ .‬قال شعيب‪:‬‬
‫فدخلت على أبي الحسن – موسى بن جعفر – فقلت له‪ :‬امرأة تزوجت ولها زوج؟‬
‫قال‪ :‬تر جم المرأة ول ش يء على الر جل‪ .‬قال‪ :‬فلق يت أ با ب صير فق تل‪ :‬سألت مو سى بن‬
‫جعفر عليه السلم عن المرأة التي تزوجت ولها زوج‪ .‬قال‪ :‬ترجم المرأة ول شيء على الرجل‪.‬‬
‫قال (شع يب) ‪ :‬فم سح صدره وقال (أ بو ب صر) ‪ :‬ما أ ظن صاحبنا تنا هى حك مه ب عد" [رجال‬
‫الكشي ص ‪.]154 ،153‬‬
‫وفي رواية أخرى‪ :‬فضرب بيده على صدره يحكها وقال‪" :‬أظن صاحبنا ما تكامل علمه"‬
‫[رجال الكشي ص ‪.]154‬‬
‫وروى الكشي عن علي بن الحسن بن فضال أنه قال‪:‬‬
‫"إن أبا بصير كان مختلطا" [رجال الكشي ص ‪.]155‬‬
‫وأخيرا مكا قاله ابكن الغضايري‪" :‬كان أبكو عبكد ال عليكه السكلم يتضجكر بكه ويتكبرم‪،‬‬
‫وأصحابه يختلفون في شأنه" [جامع الرواة للردبيلي الحائري ج ‪ 2‬ص ‪.]34‬‬
‫فهذا هكو الرجكل الثانكي مكن رواة الشيعكة الكبار ونقله أحاديثهكم‪ ،‬تضاربكت فيكه الراء‬
‫وتعارضت فيه القوال‪ ،‬حتى ل يدرى على أيها يعتمد‪ :‬على توثيق الرجل وصحة مروياته‪ ،‬أم‬
‫على تضعيف الرجل وعدم وثاقته وخطأ العتماد على مروياته وأخباره؟‪.‬‬
‫وأمكا الثالث فمحمكد بكن مسكلم ليكس شأنكه وحاله بأحسكن مكن أحوالهكم‪ ،‬كمكا أن الراء‬
‫المتعارضة ليست بأقل مما ذكرت وسردت فيهما‪ ،‬فهذه هي مقولت القوم فيه‪ ،‬فيقول النجاشي‪:‬‬
‫"محمد بن مسلم بن رباح أبو جعفر الوقسي الطحان مولى ثقيف العور‪ ،‬وجه أصحابنا‬
‫بالكوفة‪ ،‬فقه ورع‪ ،‬صحب أبا جعفر وأبا عبد ال عليهما السلم وروى عنهما‪ ،‬وكان من أوثق‬
‫الناس لهما" [رجال النجاشي ص ‪.]226‬‬
‫وذكره الطوسي أيضا أنه من أصحاب الباقر [رجال الطوسي ص ‪.]135‬‬
‫ومن أصحاب جعفر بن الباقر أيضا [رجال الطوسي ص ‪.]300‬‬
‫كما ذكره البرقي أيضا من أصحابهما [انظر‪ :‬كتاب الرجال للبرقي ص ‪.]17 ،9‬‬
‫وذكره ابن داود في القسم الول من الموثوقين [كتاب الرجال للمحلي ص ‪.]336‬‬
‫وذ كر ا بن المط هر الحلي نقلً عن الك شي‪ :‬أن مح مد بن م سلم من حواري أ بي جع فر‬
‫محمد بن علي وابنه جعفر بن محمد الصادق عليهما السلم" [رجال العلمة الحلي ص ‪.]150‬‬
‫و هو الذي روى ف يه الك شي ك ما سبق أن جع فر بن مح مد قال‪ :‬إ نه من النجباء الرب عة‬
‫الذين حفظوا آثار النبوة وأخبارها‪ ،‬كما روى الكشي أيضا أنه روى عن أبي جعفر محمد الباقر‬
‫ثلثين ألف حديث‪ ،‬وروى عن ابنه جعفر ستة عشر ألف حديث [انظر‪ :‬رجال الكشي ص ‪.]146‬‬
‫وأيضا ما رواه عن هشام بن سالم أنه قال‪:‬‬
‫أقام محمد بن مسلم بالمدينة أربع سنين يدخل على أبي جعفر عليه السلم يسأله‪ ،‬ثم كان‬
‫يدخل على جعفر بن محمد يسأله‪ .‬قال أبو أحمد‪:‬‬
‫"فسمعت عبد الرحمن بن الحجاج وحماد بن عثمان يقولن‪ :‬ما كان أحد من الشيعة أفقه‬
‫من محمد بن مسلم" [رجال الكشي ص ‪.]150 ،149‬‬
‫وروى التفر شي عن الك شي أيضا عن ع بد ال بن أ بي يعفور قال‪" :‬قلت ل بي ع بد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬إنه ليس كل ساعة ألقاك‪ ،‬ويمكن القدوم ويجيء الرجل من أصحابنا وليس عندي‬
‫كل ما يسألني عنه‪ .‬قال‪:‬‬
‫فما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي‪ ،‬فإنه سمع من أبي وكان عنده وجيها" [نقد الرجال‬
‫للتفرشي ص ‪ ]334 ،333‬فهذا هو محمد بن مسلم‪ ،‬وهذه هي مكانته وهذا هو شأنه‪.‬‬
‫ول كن هناك ما يعارض هذا الرأي ويخال فه ك ما رواه الك شي أيضا عن مف ضل بن ع مر‬
‫أنه قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد ال يقول‪:‬‬
‫"لعن ال محمد بن مسلم‪ ،‬كان يقول‪ :‬إن ال ل يعلم الشي حتى يكون" [رجال الكشي ص‬
‫‪.]155‬‬
‫وأيضا ما رواه عن أبي الصباح أنه قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪:‬‬
‫" يا أ با ال صباح! هلك المتريثون [الظا هر أن ال صحيح الم ستريبون أي الذ ين يشكون في‬
‫أديانهم] في أديانهم‪ ،‬منهم‪ :‬محمد بن مسلم" [رجال الكشي ص ‪.]156‬‬
‫وكذلك قال جعفر بن محمد في زرارة ومحمد بن مسلم‪:‬‬
‫"إنهما ليسا بشيء في وليتي" [رجال الكشي ص ‪.]151‬‬
‫وأما الرابع وهو يريد بن معاوية فهو أيضا من أصحاب الباقر وجعفر بن الباقر [انظر‪:‬‬
‫رجال الطوسي ص ‪ ،158 ،108‬أيضا كتاب الرجال للبرقي ص ‪.]17 ،14‬‬
‫ذكر فيه الكشي عن جعفر بن محمد أنه كان يقول‪:‬‬
‫"أوتاد الرض وأعلم الدين أربعة‪ ،‬أحدهم بريد بن معاوية" [رجال الكشي]‪ ،‬وروى أيضا‬
‫عنه أنه قال‪:‬‬
‫"ما أجد أحدا أحيا ذكرنا وأحاديث أبي إل زرارة وأبو بصير ومحمد بن مسلم وبريد بن‬
‫معاوية العجلين ولول هؤلء ما كان أحد يستنبط هذا‪ ،‬هؤلء حفاظ الدين وأمناء أبي على حلل‬
‫ال وحرامه‪ ،‬وهم السابقون إلينا في الدنيا والسابقون إلينا في الخرة" [رجال الكشي ص ‪.]125‬‬
‫وأيضا "هؤلء القوامون بالقسككط‪ ،‬هؤلء قوامون بالصككدق‪ ،‬هؤلء السككابقون أولئك‬
‫المقربون" [رجال الكشي ص ‪.]207‬‬
‫ثم الكشي هذا يروي عن أبي سيار قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عيه السلم يقول‪" :‬لعن ال‬
‫بريدا ولعن ال زرارة" [رجال الكشي ص ‪.]208‬‬
‫وروى أيضا عن عبد الرحيم القصير أنه قال‪:‬‬
‫"قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ائت زرارة وبريدا وقل لهما‪ :‬ما هذه البدعة؟ أما علمتم أن‬
‫قال‪ " :‬كل بد عة ضللة"‪ ،‬فقلت له‪ :‬إ ني أخاف منه ما‪ ،‬فأر سل م عي ليثا المرادي‪،‬‬ ‫ر سول ال‬
‫فأتي نا زرارة فقل نا له ما قال أ بو ع بد ال عل يه ال سلم‪ ،‬فقال‪ :‬وال ل قد أعطا ني ال ستطاعة و ما‬
‫شعر‪ ،‬وأما بريد فقال‪ :‬وال ل أرجع عنها أبدا" [رجال الكشي ص ‪.]208‬‬
‫فهؤلء هكم رواة الحاديكث الشيعيكة الربعكة‪ ،‬عليهكم تدور رحكى أخبارهكم وأحاديثهكم‪،‬‬
‫يختلفون فيهكم هذا الختلف الشديكد ويسكردون فيهكم الراء المتعارضكة المتناقضكة‪ ،‬وكلهكا مكن‬
‫المعصومين‪ ،‬روايات تثبت عدالتهم وتوثيقهم وتنص على صحة عقيدتهم وكونهم من أهل الجنة‪،‬‬
‫وروايات تن قى عن ها كل هذا وت نص على ف سقهم وكون هم ملعون ين على ل سان المع صومين‪ ،‬بل‬
‫وكفرهم وكونهم من أهل النار!!‪.‬‬
‫فمكن يكك هذا شأنهكم‪ ،‬وهذه أحواله‪ ،‬فبأي شيكء يحككم على مروياتهكم وأخبارهكم التكي‬
‫رووها؟!‬
‫إنمكا هكم نماذج اخترناهكا مكن بيكن الكثيريكن‪ ،‬الكثيريكن ممكن ل يقكل وصكفهم بالتعديكل‬
‫والتجر يح وبالتوث يق والتضع يف وبالتبش ير والتكف ير عن هؤلء الرب عة الذ ين هم أبرز الرواة‬
‫قاط بة من ب ين رواة الشي عة‪ ،‬و قد أدركوا ز من الئ مة الثل ثة من ب ين الئ مة الث نى ع شر لدى‬
‫الشيعة‪ ،‬ويعدون من كبار أصحابهم ونقلة آثارهم‪ ،‬فبأي شيء يحكم على الحاديث الشيعية من‬
‫جهة القبول والرد‪ ،‬ومن جهة الصحة والضعف؟‬
‫وعلى أية قاعدة مطردة تبنى الحكام‪ ،‬وعلى أي أسس توضع المصطلحات؟‬
‫فهل من مفكر يتفكر؟ ومدبر يتدبر؟‪.‬‬
‫إن في ذلك لعبرة لولي البصار‪.‬‬
‫و ببيان هذه الشياء كل ها وتف صيل القول في ها يظ هر بأن معت قد الشي عة في ال صل الثا ني‬
‫للشري عة ال سلمية ل يختلف عن معتقد هم في ال صل الول‪ ،‬بل ويز يد ال مر خطورة أن هم ل‬
‫يعتقدون بهذا الصل الثاني إطلقا فعلً‪ ،‬ولو أنهم يدعون العتقاد به قولً‪ ،‬لنهم زيادة على ما‬
‫ذكرناه يجعلون لدليل العقل تأثيرا في قبول الحديث ورده‪.‬‬
‫ولشيكخ طائفكة الشيعكة الطوسكي بحكث مشهور فكي هذا الموضوع وقكد يروون فكي ذلك‬
‫روايات كثيرة‪ ،‬وبهذه الروايات بدأ الكليني كتابه (الكافي) مع أن المعروف أن العقل قاصر عن‬
‫إدراك كنه كثير من الحكام اللهية الربانية‪.‬‬
‫ولن العقول متفاو تة متفاضلة‪ ،‬ي قص بعض ها عن إدراك ما تدر كه الخرى‪ ،‬فأي ع قل‬
‫يكون حكما في الموضوع؟ ولمن تكون الحجة حينذاك؟‪.‬‬
‫ويظهر من هذا كله أن الذين وضعوا (الديانة) الشيعية لم يضعوها إلى لمخالفة المسلمين‬
‫كل هم ومخال فة ما يؤمنون به من القرآن وال سنة‪ ،‬و ما يعتقدون به من الراء والفكار كي ل‬
‫يتحدوا ويتفوقا معهم يوما من اليام ول تجمع كلمتهم ويتألف شملهم‪ ،‬وعلى ذلك اختلقوا روايات‬
‫كثيرة على ل سان أئمت هم – كذبا علي هم – أن على الشي عة أن يخالفوا الم سلمين في جم يع المور‬
‫حتى جعلوا هذه المخالفة أصلً من أصول المذهب وأساسا من أسسه كما رواه ابن بابويه القمي‬
‫عن علي بن أسباط أنه قال‪:‬‬
‫"قلت للرضا عليه السلم‪ :‬يحدث المر ل أجد بدا من معرفته‪ ،‬وليس في البلد الذي أنا‬
‫فيه من أستفتيه من مواليك؟‬
‫قال‪ :‬فقال‪ :‬إيت فقيه البلد فاستفته في أمرك‪ ،‬فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلفه فإن الحق فيه"‬
‫[عيون أخبار الرضكا لبكن بابويكه القمكي ج ‪ 1‬ص ‪-275‬ط طهران‪ ،‬ومثله فكي (التهذيكب)‬
‫للطوسي]‪.‬‬
‫ورووا أيضا عن الحسين بن خالد عن الرضا أنه قال‪:‬‬
‫"شيعتنا‪ ،‬المسلمون لمرنا‪ ،‬الخذون بقولنا‪ ،‬المخالفون لعدائنا‪ ،‬فمن لم يكن كذلك فليس‬
‫منا" [الفصول المهمة في أصول الئمة للحر العاملي ص ‪-225‬ط مكتبة بصيرتي قم إيران]‪.‬‬
‫وروى أيضا عن المفضل بن عمر أنه قال عن جعفر بن محمد الباقر‪:‬‬
‫كذب من ز عم أ نه من شيعت نا و هو متو ثق بعروة غير نا" [الف صول المه مة في أ صول‬
‫الئمة للحر العاملي ص ‪-225‬ط مكتبة بصيرتي قم إيران]‪.‬‬
‫وهناك روايات أخرى كثرة في هذا المعنى بلغت التواتر كما صرح بذلك محدث الشيعة‬
‫و صاحب مو سوعة حديث ية شيع ية كبرى (و سائل الشي عة) ال حر العاملي ب عد ذ كر هذه الروايات‬
‫وغيرها تحت باب مستقل بعنوان (باب عدم جواز العمل بما يوافق العامة وطريقتهم)‪:‬‬
‫أقول‪ :‬والحاد يث في ذلك متواترة‪ ..‬ف من ذلك قول ال صادق عل يه ال سلم في الحديث ين‬
‫المختلفين‪:‬‬
‫اعرضوهما على أخبار العامة‪ ،‬فما وافق أخبارهم فذروه‪ ،‬وما خالف أخبارهم فخذوه‪.‬‬
‫وقوله عليه السلم (يعني جعفر بن الباقر)‪:‬‬
‫إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم‪.‬‬
‫وقوله عليه السلم‪:‬‬
‫ما خالف العامة ففيه الرشاد‪.‬‬
‫قوله عليه السلم‪:‬‬
‫خذ بما فيه خلف العامة‪.‬‬
‫وقوله عليه السلم‪:‬‬
‫ما أنتم وال على شيء مما هم فيه‪ ،‬ول هم على شيء مما أنتم فيه‪ ،‬فخالفوهم‪ ،‬فما هم‬
‫من الحنيفية على شيء‪.‬‬
‫وقوله عليه السلم‪:‬‬
‫وال ما ج عل ال ل حد خيرة في اتباع غير نا‪ ،‬وإن من وافق نا خالف عدو نا‪ ،‬و من وا فق‬
‫عدونا في قول أو عمل فليس منا ول نحن منه‪.‬‬
‫وقول العبد الصالح عليه السلم في الحديثن المختلفين‪:‬‬
‫خذ بما خالف القوم‪ ،‬وما وافق القوم فاجتنبه‪.‬‬
‫وقول الرضا عليه السلم‪:‬‬
‫إذا ورد علي كم خبران متعارضان فانظروا إلى ما يخالف منه ما العا مة فخذوه‪ ،‬وانظروا‬
‫بما يوافق أخبارهم فدعوه‪.‬‬
‫وقول الصادق عليه السلم‪:‬‬
‫"وال ما ب قي في أيدي هم ش يء من ال حق إل ا ستقبال الكع بة ف قط" [الف صول المه مة في‬
‫أصول الئمة للحر العاملي ص ‪.]326 ،325‬‬
‫وبعد ذكر هذه الروايات رد على بعض المتأخرين فمن يظن بأن الخبار في هذا المعنى‬
‫ل تخرج عن كونها آحادا‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫"والحاديث‪ ..‬قد تجاوزت حد التواتر‪ ،‬فالعجب من بعض المتأخرين حيث ظن ان الدليل‬
‫ه نا خبر وا حد‪ ..‬واعلم أ نه يظ هر من هذه الحاد يث المتواترة بطلن أك ثر القوا عد ال صولية‬
‫المذكورة في كتب العامة" [الفصول المهمة في أصول الئمة للحر العاملي ص ‪.]326 ،325‬‬
‫وأ ما علة مخال فة الم سلمين في معتقدات هم ومرويات هم فيذكر ها ا بن بابو يه الق مي المل قب‬
‫بال صدوق ع ند الشي عة في كتا به (علل الشرائع) ت حت باب (العلة ال تي من أجل ها ي جب ال خذ‬
‫بخلف ما تقوله العامة) ‪:‬‬
‫عن أبي إسحاق الرجاني رفعه قال‪:‬‬
‫قال أ بو ع بد ال عل يه ال سلم‪ :‬أتدري لم أمر تم بال خذ بخلف ما تقوله العا مة؟ فقلت‪ :‬ل‬
‫ندري‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫"إن عليا عليه السلم لم يكن يدين ال بدين إل خالف عليه المة إلى غيره إرادة لبطال‬
‫أمره‪ ،‬وكانوا يسألون أمير المؤمنين عليه السلم عن الشيء الذي ل يعلمونه‪ ،‬فإذا أفتاهم جعلوا‬
‫له ضدا من عندهم ليلبسوا على الناس" [علل الشرائع لبن بابويه القمي ص ‪ 531‬ط – إيران]‪.‬‬
‫فتلك هي المؤامرة‪ ،‬وهذه هي حصيلتها‪ ،‬أي إنكار كل ما يؤمن به المسلمون‪ ،‬قرآنا كان‬
‫أم سنة‪ .‬وأكثر من ذلك أن الشيعة بتصريحهم أنفسهم ل يجتمعون مع المسلمين على الله‪ ،‬ول‬
‫على نبي‪ ،‬ول على إمام كما صرح بذلك كبيرهم نعمت ال الجزائري بقوله‪:‬‬
‫"إنا ل نجتمع معهم على الله‪ ،‬ول على نبي‪ ،‬ول على إمام‪ ،‬وذلك أنهم يقولون‪ :‬إن ربهم‬
‫نبيه‪ ،‬خليفته بعده أبو بكر‪ ،‬ونحن ل نقول بهذا الرب‪ ،‬ول بذلك النبي‪ ،‬بل‬ ‫هو الذي كان محمد‬
‫نقول‪ :‬إن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا‪ ،‬ول ذلك النبي نبينا" [النوار النعمانية باب‬
‫نور في حقيقة دين المامية وأنه يجب اتباعه دون غيره ج ‪ 2‬ص ‪ – 278‬ط جديد تبريز إيران]‪.‬‬
‫فالعبارة واضحكة جليكة فكي معناهكا ل تحتاج إلى بيان وتفسكير وتفهيكم مكن يظكن مكن‬
‫مخدو عي أ هل ال سنة بأباط يل الشي عة وأكاذيب هم بأن الخلف بين هم وب ين الم سلمين أ هل ال سنة‬
‫اختلف يسير ل يخرج عن حيز الجتهاد المسموح به [بين الشيعة وأهل السنة مقدمة ص ‪]4‬‬
‫وليس كما يقوله السيد الدكتور في مبحثه (الشيعة والسنة النبوية) ‪:‬‬
‫"ولجميع هذه الراء أشباه ونظائر كثيرة في آراء أهل السنة أنفسهم وليس منها ما يمكن‬
‫أن يوصف صاحبه بزيغ أو انحراف" [بين الشيعة وأهل السنة ص ‪.]47‬‬
‫إن المر ليس كما وصفت أيها السيد! الدكتور منحنا ال وإياك قلبا نفقه به‪ ،‬وأعينا نبصر‬
‫بها‪ ،‬وآذانا نسمع بها‪ ..‬وما ذلك على ال بعزيز‪ ..‬لن الحكمة ضالة المؤمن فهو أحق بها حيث‬
‫وجدها‪.‬‬
‫فمن يرد ال أن يهديه يشح صدره للسلم‪.‬‬

‫الباب الرابع‬
‫الشيعة الثنا عشرية ونزول الوحي والملئكة بعد الرسل‬
‫إن السيد الدكتور وافي ذكر في الباب الثاني أيضا عند كلمه عن الشيعة والسنة النبوية‬
‫أن الشيعة يعتقدون العصمة واللهام في أئمتهم [بين الشيعة وأهل السنة ص ‪.]48‬‬
‫ثم اعتذر ل هم بثبوت اللهام لكث ير من ال صحابة‪ ،‬وأ نه ل لوم في هذا العتقاد‪ ،‬ك ما ن فى‬
‫على أ حد [ان ظر ب ين الشي عة وأ هل ال سنة‬ ‫عن الشي عة اعتقاد هم بنزول الو حي ب عد ر سول ال‬
‫ص ‪.]43‬‬
‫مع أن سيادته لم يدر حقيقة مذهب الشيعة في هذا كالمعهود عنه‪ ،‬أو تجاهل – ل قدر ال‬
‫– تسكامحا وتكرما وتحببا وتقربا إليهكم‪ ،‬لن الشيعكة يعتقدون نزول الوحكي على أئمتهكم وعكن‬
‫طريق جبريل وعن طريق ملك أعظم وأفضل من جبريل‪ ،‬فإن أئمتهم في الحديث بوبوا أبوابا‬
‫م ستقلة في هذا الخ صوص ولو تفضل سيادته بإلقاء النظرة العابرة الخاط فة على فهارس كتب هم‬
‫في الحد يث دون تح مل العناء والمش قة في قراءة الروايات وتلوة الخبار المرو ية الواردة في‬
‫هذا الباب لعلم يقينا بأن القوم فكي هذا الباب أيضا يختلفون مكع المكة المسكلمة اختلفا كليا‪،‬‬
‫وينتهجون مسلكا بعيدا عن مسلكهم ومذهبهم كل البعد‪ .‬ونحن نكتفي لبيان معتقداتهم المعارضة‬
‫لعقائد المكة أجمعهكا بذككر عناويكن بعكض البواب التكي زينوا بهكا صكحاحهم ومجاميعهكم فكي‬
‫أو صاف أئمت هم من الك تب المعتمدة الموثوق ب ها المعتكبرة في الحد يث لدي هم‪ ،‬ول ن سرد كل‬
‫الروايات التي أوردوها في هذه البواب من تلك الكتب‪ ،‬بل نكتفي بخبر أو خبرين من الخبار‬
‫الكثيرة الكثيرة التي رووها فيها‪ ،‬ليحق ال الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون‪.‬‬
‫فيروي مح مد بن الح سن ال صفار المتو فى سنة ‪290‬ه‍ الذي يعدو نه من أ صحاب المام‬
‫المعصوم الحادي عشر – حسب زعمهم – الحسن العسكري [رجال الطوسي ص ‪.]436‬‬
‫ويعدو نه "ث قة‪ ،‬عظ يم القدر‪ ،‬راجحا‪ ،‬قل يل ال سقط في الرواية" [ان ظر رجال النجا شي ص‬
‫‪ ،251‬وابكن داود ص ‪ ،307‬وجامكع الرواة ج ‪ 2‬ص ‪ ،93‬وخلصكة الرجال ص ‪ ،73‬والكنكى‬
‫واللقاب ج ‪ 2‬ص ‪.]37‬‬
‫و"ثقة جليلً‪ ،‬صدوقا" [وسائل الشيعة ج ‪ 20‬ص ‪ 39‬وص ‪ 323‬ط سادسة طهران]‪.‬‬
‫وهو من أساتذة الكليني صاحب الكافي‪.‬‬
‫ك ما أن كتا به (ب صائر الدرجات ال كبرى في فضائل آل مح مد) ب عد من الك تب المعتمدة‬
‫المهمة والصول المعتبرة الشيعية التي عليها اعتماد أئمة الشيعة في الحديث كما صرح بذلك‬
‫المجلسي والصفهاني والحر العاملي وغيرهم من أعاظم القوم في هذا الفن [انظر لذلك وسائل‬
‫الشي عة ج ‪ 20‬ص ‪ ،39‬والبحار وغيره ما من الك تب] وخا صة أن له لقاءات وم سائل مع الح سن‬
‫الع سكري المذكور ك ما صرح بذلك الطو سي في رجاله [ان ظر لذلك و سائل الشي عة ج ‪ 20‬ص‬
‫‪ ،436‬والبحار وغيرهما من الكتب]‪.‬‬
‫يروي الصفار ذاك في كتابه هذا في أجزائه العشرة أخبارا كثيرة ل تعد ول تحصى في‬
‫إثبات الوحي على أئمة الشيعة ونزول الملئكة عليهم تحت عناوين كثيرة في أبواب شتى‪ ،‬فنبدأ‬
‫بسرد عناوين البواب والروايات‪:‬‬
‫الباب ال سادس ع شر من الجزء الثا من في أم ير المؤمن ين أن ال ناجاه بالطائف وغير ها‬
‫ونزل بينهما جبريل‪.‬‬
‫وروى تحته روايات عشرا‪ ،‬منها‪:‬‬
‫"عن حمران بن أعين قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬جعلت فداك‪ ،‬بلغني أن ال‬
‫تبارك وتعالى قد ناجى عليا عليه السلم؟‬
‫قال‪ :‬أ جل! قد كان بينه ما مناجاة بالطائف نزل بينه ما جبر يل" [ب صائر الدرجات ال كبرى‬
‫الجزء الثامن الباب السادس عشر ص ‪-430‬ط إيران]‪.‬‬
‫وروي عن أبي نافع قال‪:‬‬
‫عليا يوم خيبر‪ ،‬فتفل في عينيه وقال له‪ :‬إذا أنت فتحتها فقف بين‬ ‫لما دعا رسول ال‬
‫الناس‪ ،‬فإن ال أمرني بذلك‪ .‬قال أبو رافع‪ :‬فمضى علي عليه السلم وأنا معه‪ ،‬فلما أصبح افتتح‬
‫خيبر ووقف بين الناس وأطال الوقوف‪ ،‬فقال الناس‪:‬‬
‫إن عليا عليه السلم ينا جي ربه‪ ،‬فل ما م كث ساعة أمر بانتهاب المدينة ال تي فتحها‪ ،‬قال‬
‫أبو رافع‪ :‬فأتيت رسول ال ‪ ،‬فقلت‪ :‬إن عليا عليه السلم وقف بين الناس كما أمرته‪ ،‬قال قوم‬
‫منهم‪:‬‬
‫إن ال ناجاه‪ ،‬فقال‪ :‬ن عم يا را فع! إن ال ناجاه يوم الطائف ويوم عق بة ويوم حن ين‪ ،‬ويوم‬
‫غُسّلَ رسول ال [بصائر الدرجات الكبرى ص ‪.]431‬‬
‫وهذا ل يس من اخت صاصات علي ر ضي ال ع نه ح سب معت قد الشي عة‪ ،‬بل يشار كه في ها‬
‫غيره من الئمة الثنى عشر كما يصرح بذلك القوم‪ ،‬ومنها ما رواه الصفار في الجزء التاسع‬
‫من كتابه تحت عنوان (الباب الخامس عشر في الئمة عليهم السلم أن روح القدس يتلقاهم إذا‬
‫احتاجوا إليهم) وروى تحته ثلثة عشر حديثا عن أسباط عن أبي عبد ال جعفر أنه قال‪:‬‬
‫"قلت‪ :‬تسألون عن الشيء فل يكون عندكم علمه؟‬
‫قال‪ :‬ربما كان كذلك‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كيف تصنعون؟‬
‫قال‪ :‬تلقانا به روح القدس" [بصائر الدرجات لل صفار الباب الخامس عشر الجزء التاسع‬
‫ص ‪.]471‬‬
‫وكذلك أوحينا إليك روحا‬ ‫ثم بوب بابا آخر بعنوان (باب الروح التي قال ال في كتابه‪:‬‬
‫وفي الئمة يخبرهم ويسددهم ويوفقهم)‪.‬‬ ‫من أمرنا ‪ ،‬إنها في رسول ال‬
‫وذكر تحته خمشة عشر خبرا‪ ،‬منها ما رواه عن أبي بصير قال‪:‬‬
‫"قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬جعلت فداك عن قول ال تبارك وتعالى‪:‬‬
‫وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ول اليمان ولكن جعلنه‬
‫نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم * صراط ال الذي له ما في‬
‫السماوات وما في الرض أل إلى ال تصير المور ‪[ .‬سورة الشورى – ‪ 52‬وما بعدها]‪ .‬قال‪:‬‬
‫يخبره ويسدده‪،‬‬ ‫يا أبا محمد‪ :‬خلق وال أعظم من جبرئيل وميكائيل‪ ،‬وقد كان مع رسول ال‬
‫و هو مع الئ مة ي خبرهم وي سددهم" [ب صائر الدرجات ال كبرى لل صفار الباب ال سادس ع شر من‬
‫الجزء التاسع ص ‪.]475‬‬
‫وروى م ثل هذا الكلي ني في كاف يه ت حت عنوان (باب الروح ال تي ي سدد ال ب ها الئ مة‬
‫عليهم السلم) عن أسباط بن سالم قال‪ :‬سأل رجل من أهل هيت أبا عبد ال عليه السلم عن‬
‫وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ‪ ..‬فقال‪:‬‬ ‫قول ال عز وجل‪:‬‬
‫ما صعد إلى السماء‪ ،‬وإنه لفينا –‬ ‫"منذ أن أنزل ال عز وجل ذلك الروح على محمد‬
‫وفي رواية‪ :‬كان مع رسول ال يخبره ويسدده‪ ،‬وهو مع الئمة من بعده" [الكافي في الصول‬
‫كتاب الحجة ج ‪ 1‬ص ‪ 273‬ط طهران]‪.‬‬
‫هذا ول قد أورد ال صفار الث قة الجل يل ال صدوق لدى الشي عة روا ية أخرى ت حت باب ( ما‬
‫ي سأل العالم عن العلم الذي يحدث به من صحف عند هم ازداده أو روا ية فأ خبر ب سر وإن ذلك‬
‫من الروح)‪:‬‬
‫"عن عبد ال بن طلحة قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪:‬‬
‫عن العلم الذي تحدثونا به أمن صحف عندكم أم من رواية‬ ‫أخبرني يا ابن رسول ال‬
‫يرويها بعضكم عن بعض أو كيف حال العلم عندكم؟ قال‪:‬‬
‫يا عبد ال! المر أعظم من ذلك وأجل‪ ،‬أما تقرأ كتاب ال؟‪.‬‬
‫وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب‬ ‫قلت‪ :‬بلى! قال‪ :‬أما تقرأ‪:‬‬
‫أفترون أنككه كان فككي حال ل يدري مككا الكتاب ول اليمان؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬هكذا‬ ‫ول اليمان‬
‫نقرؤ ها! قال‪ :‬ن عم‪ ،‬قد كان في حال ل يدري ما الكتاب ول اليمان ح تى ب عث ال تلك الروح‬
‫فعلمه بها العلم والفهم‪ ،‬وكذلك تجري تلك الروح إذا بعثها ال إلى عبد علمه بها العلم والفهم –‬
‫وفي رواية‪ :‬تعرض بنفسه عليه السلم (أي أراد من العبد نفسه)" [بصائر الدرجات الباب السابع‬
‫عشر من الجزء التاسع ص ‪.]479 ،478‬‬
‫وي سألونك عن الروح قل الروح‬ ‫وعنون بابا آ خر بعنوان (باب الروح ال تي قال ال‪:‬‬
‫وأهل بيته عليهم السلم يسددهم‬ ‫‪[ :‬سورة السراء – ‪ ]85‬إنها في رسول ال‬ ‫من أمر ربي‬
‫ويوفقهم ويفقههم)‪.‬‬
‫وذكر تحته اثنى عشر حديثا‪ ،‬منها ما رواه عن أبي بصير قال‪:‬‬
‫ي سألونك عن الروح قل الروح من أ مر ر بي‬ ‫" سمعت أ با ع بد ال عل يه ال سلم يقول‪:‬‬
‫‪ ،‬وهو مع‬ ‫قال‪ :‬ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل لم يكن مع أحد ممن مضى غير محمد‬
‫الئمة يسددهم" [بصائر الدرجات الكبرى الباب الثامن عشر من الجزء التاسع ص ‪.]481‬‬
‫وأورد هذه الروايات الكلي ني في (الكا في) عن أ بي ب صير أيضا وغيره بل فظ‪" :‬و هو من‬
‫الملكوت" [الكافي كتاب الحجة باب الروح الذي يسدد ال به الئمة ج ‪ 1‬ص ‪.]273‬‬
‫ينزل الملئككة‬ ‫ثكم عقكد الصكفار بابا آخكر (باب فكي الروح التكي قال ال عكز وجكل‪:‬‬
‫بالروح مكن أمره ‪[ . ..‬سكورة النحكل – ‪ ]2‬وهكي تكون مكع النكبياء والوصكياء) [انظكر الباب‬
‫التاسع عشر من الجزء التاسع ص ‪.]483‬‬
‫وذ كر تح ته روايات عديدة‪ .‬ك ما بوّب بابا آ خر بعنوان (باب في المام أ نه يعلم ال ساعة‬
‫التي يمضي فيها وما يزاد في الليل والنهار ول يوكّل إلى نفسه)‪.‬‬
‫وأورد تحته تسع روايات [انظر الباب العشرين من الجزء التاسع ص ‪.]484‬‬
‫وقبكل أن ننتقكل إلى الجزء الخكر مكن هذا الكتاب نريكد أن نذككر أنكه مكا مكن كتاب فكي‬
‫الخبار والروايات والحد يث ع ند الشي عة إل وف يه أبواب م ستقلة بم ثل هذه البواب ال تي بوب ها‬
‫ال صفار‪ ،‬وأورد أ صحابها تلك الروايات بعين ها أو مثيلت ها ال تي أورد ها ال صفار في (ب صائر‬
‫الدرجات)‪ ،‬من المتقدمين والمتأخرين‪.‬‬
‫فمثلً يعقد الحر العاملي بابا في كتابه (الفصول المهمة في أصول الئمة) جاء فيه‪ :‬إن‬
‫الملئ كة ينزلون ليلة القدر إلى الرض وي خبرون الئ مة علي هم ال سلم بجم يع ما يكون في تلك‬
‫السنة من قضاء وقدر‪ ،‬وإنهم يعلمون كل علم النبياء عليهم السلم‪.‬‬
‫ثم سرد تح ته روايات كثيرة في هذا المع نى [ان ظر كتاب الف صول المه مة في أ صول‬
‫الئمة باب ‪ 94‬ص ‪.]145‬‬
‫ك ما أ نه ع قد أبوابا أخرى لبيان هذه العقيدة الواض حة ال صريحة الثاب تة لدى الشي عة م ثل‬
‫غيره من محدثي الشيعة ومتكلميهم‪ ،‬ونحن نورد بعضا منها في خاتمة الكلم‪.‬‬
‫ول قد بوب ال صفار أبوابا عديدة في الجزء الثا من من كتا به لبيان أن أئ مة الشي عة يو حى‬
‫إليهم‪ ،‬ويتنزل عليهم الملئكة‪.‬‬
‫فإنه عنون الباب التاسع من الجزء الثامن بعنوان (باب ما تزاد الئمة ويعرض على كل‬
‫من كان قبلهم من الئمة‪ ،‬رسول ال ومن دونه من الئمة عليهم السلم)‪.‬‬
‫وروى تحته أحد عشر حديثا ومنها ما رواه عن سماعة بن مهران قال‪:‬‬
‫"قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إن ل عالمين‪ ،‬عالما أظهر عليه ملئكته‪ ،‬وأنبياءه ورسله‪،‬‬
‫فما أظهر عليه ملئكته ورسله وأنبياءه فقد علمناه‪ ،‬وعالما استأثر به‪ ،‬فإذا بدا ل في شيء منه‬
‫أعلمناه ذلك‪ ،‬وعرض على الئ مة الذ ين كانوا من قبل نا" [ب صائر الدرجات ال كبرى الباب التا سع‬
‫من الجزء الثامن ص ‪.]414‬‬
‫وفي باب آخر بعنوان (باب في الئمة أنهم يزادون في الليل والنهار‪ ،‬ولول ذلك لنفد ما‬
‫عندهم) سرد ثماني روايات‪ ،‬منها ما رواه عن أبي حمزة الثمالي قال‪:‬‬
‫فقكد أعطاه أميكر المؤمنيكن بعده‪ ،‬ثكم‬ ‫"قلت‪ :‬جعلت فداك ككل مكا كان عنكد رسكول ال‬
‫الحسن بعد أمير المؤمنين عليه السلم‪ ،‬ثم الحسين‪ ،‬ثم كل إمام إلى أن تقوم الساعة؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬مع الزيادة التي تحدث في كل سنة وفي كل شهر‪ ،‬إي وال‪ ..‬وفي كل ساعة"‬
‫[بصائر الدرجات الكبرى الباب العاشر من الجزء الثامن ص ‪.]415‬‬
‫وما رواه عن بشر بن إبراهيم أنه قال‪:‬‬
‫"ك نت جال سا ع ند أ بي ع بد ال عل يه ال سلم إذ جاءه ر جل ف سأله عن م سألة؟ فقال‪ :‬ما‬
‫عندي فيها شيء‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬إنا ل وإنا إليه راجعون‪ ،‬هذا المام مفترض الطاعة سألته عن‬
‫م سألة فز عم أ نه ل يس عنده في ها ش يء‪ ،‬فأ صغى أ بو ع بد ال عل يه ال سلم أذ نه إلى الحائط كأن‬
‫إنسانا يكلمه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫أين السائل عن مسألة كذا وكذا؟ وكان الرجل قد جاوز أسكفة (عتبة) الباب‪ .‬قال‪ :‬هاأنذا‪،‬‬
‫فقال‪ :‬القوم فيها هكذا‪ .‬ثم التفت إلي فقال‪:‬‬
‫لول نزاد لن فد ما عند نا" [ب صائر الدرجات ال كبرى الباب العا شر من الجزء الثا من ص‬
‫‪.]416‬‬
‫ثم أورد بابا آخر (باب في الئمة أنهم يعرفون بالخبار من هو غائب عنهم)‪.‬‬
‫و سرد تح ته روايات عديدة [ب صائر الدرجات ال كبرى الباب الحادي عا شر ص ‪ 416‬و ما‬
‫بعد]‪.‬‬
‫وبالمناسكبة مكا دمنكا أوردنكا روايات وذكرنكا أبوبا مكن (بصكائر الدرجات الككبرى) لثقكة‬
‫الشيعة بالئمة وعظيم تقديرهم لوصاف الئمة نريد أن نذكر بابا آخر عقده في آخر جزء من‬
‫هذا الكتاب لطراف ته ولو أ نه ل عل قة له بموضوع نا رأ سا‪ ،‬و هو باب عنو نه بعنوان (باب في‬
‫ركوب أمير المؤمنين عليه السلم السحاب‪ ،‬وترقيه في السباب والفلك)‪.‬‬
‫وأطرف مكن ذلك أن المعلق على الكتاب وهكو علمكة الشيعكة وحجتهكم ميرزه محسكن‪،‬‬
‫علق على العنوان بقوله‪:‬‬
‫ول يخفى ما في عنوان الباب فإنه ل يختص بعلي عليه السلم بل به‪ ،‬وبالحجة المنتظر‬
‫عليهمكا السكلم" [بصكائر الدرجات الككبرى الباب الخامكس عشكر مكن الجزء الثامكن ص ‪،428‬‬
‫وهامش رقم ‪ 1‬أيضا]‪.‬‬
‫وروى تحت هذا الباب روايات عديدة‪ ،‬منها ما روي عن أبي جعفر أنه قال‪:‬‬
‫"أما إن ذا القرنين قد خير السحابين‪ ،‬فاختار الذلول وذخر لصاحبكم الصعب‪ .‬قلت‪ :‬وما‬
‫الصعب؟‬
‫قال‪ :‬ما كان من سحاب ف يه ر عد وبرق و صاعقة ف صاحبكم يرك به‪ ،‬أ ما إ نه سيركب‬
‫السحاب ويرقى في السباب أسباب السماوات السبع‪ ،‬خمسة عوامر واثنين خراب‪ ،‬وفي رواية‬
‫أخرى‪ :‬أسباب السماوات السبع والرضين السبع" [بصائر الدرجات الكبرى الباب الخامس عشر‬
‫من الجزء الثامن ص ‪.]429‬‬
‫ونرجع إلى موضوعنا فنقول‪ :‬إن الصفار أدرج في الجزء السابع من الكتاب أيضا أبوابا‬
‫كثيرة في هذا الموضوع‪ ،‬وسرد تحتها روايات كثيرة‪ ،‬منها الباب الثاني بعنوان (باب في المام‬
‫بأنه إن شاء أن يعلم العلم لعلم)‪.‬‬
‫منها ما رواه عن عمرو بن سعيد المدائني‪:‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫"إذا أراد المام أن يعلم شيئا علمه ال ذلك" [بصائر الدرجات الكبرى الباب الثاني من‬
‫الجزء السابع ص ‪.]335‬‬
‫وبابا آخر بعنوان (ما يفعل بالمام من النكت والقذف والنقر في قلوبهم وآذانهم)‪.‬‬
‫أورد تحته ثلث عشرة رواية‪ .‬منها عن الحارث بن مغيرة أنه قال‪:‬‬
‫"قلت ل بي ع بد ال عل يه ال سلم‪ :‬هذا العلم الذي يعل مه عالم كم أش يء يل قى في قل به أو‬
‫ين كت في أذ نه‪ ،‬ف سكت ح تى غ فل القوم‪ ،‬ثم قال‪ :‬ذاك وذاك" [ب صائر الدرجات ال كبرى الباب‬
‫الثالث من الجزء السابع ص ‪.]337‬‬
‫وفكي روايكة‪ :‬فقال‪ :‬وحكي كوحكي أم موسكى‪ ،‬وروايكة أخرى‪ :‬وقكد يكونان معا" [بصكائر‬
‫الدرجات الكبرى الباب الثالث من الجزء السابع ص ‪.]338 ،337‬‬
‫وعن النجاشي عن أبي عبد ال عليه السلم أنه قال‪:‬‬
‫"فينا وال من ينقر في أذنه وينكت في قلبه وتصافحه الملئكة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كان‪ ،‬أو يكون‪ ،‬أو اليوم؟‬
‫قال‪ :‬بل اليوم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كان‪ ،‬أو اليوم؟‬
‫قال‪ :‬بكل اليوم وال يكا ابكن النجاشكي حتكى قالهكا ثلثا" [بصكائر الدرجات الككبرى الباب‬
‫الثالث من الجزء السابع ص ‪.]338‬‬
‫وباب آخر (باب فيه تفسير الئمة لوجود علومهم الثلثة وتأويل ذلك)‪.‬‬
‫وروى تحته روايات منها ما رواها عن علي السائي قال‪:‬‬
‫"سألت الصادق عليه السلم عن مبلغ علمهم؟ فقال‪ :‬مبلغ علمنا ثلثة وجوه‪ :‬ماض وغابر‬
‫وحادث‪ ،‬فأما الماضي فمفسر‪ ،‬وأما الغابر فمزبور [أي مكتوب]‪ .‬وأما الحادث فقذف في القلوب‬
‫ونقر في السماع وهو أفضل علمنا ول نبي بعد نبينا‪ ،‬وفي رواية‪ :‬وأما النقر في السماع فإنه‬
‫من الملك" [بصائر الدرجات الكبرى الباب الرابع من الجزء السابع ص ‪.]338‬‬
‫وباب آخر (باب في الئمة عليهم السلم محدثون مفهمون)‪ ،‬وروى تحته ثماني روايات‪،‬‬
‫منها‪:‬‬
‫"عن الحكم بن عيينة قال‪ :‬دخلت على علي بن الحسن يوما فقال لي‪ :‬يا حكم‪ ..‬هل تدري‬
‫ما ال ية ال تي كان علي بن أ بي طالب عل يه ال سلم يعرف ب ها صاحب قتله ويعلم ب ها المور‬
‫العظام التي كان يحدث بها الناس؟ قال الحكم‪ :‬فقلت في نفسي‪ :‬قد وقفت على علم من علم علي‬
‫بن الح سين أعلم بذلك تلك المور العظام‪ .‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬ل وال! ل أعلم به‪ ،‬أ خبرني ب ها يا ا بن‬
‫‪ .‬قال‪:‬‬ ‫رسول ال‬
‫و ما أر سلنا من ر سول ول نبي ول محدث ‪ ،‬فقلت‪ :‬وكان علي بن‬ ‫وال! قول ال‪:‬‬
‫أبي طالب محدثا؟‬
‫قال‪ :‬نعم! وكل إمام منا أهل البيت فهو محدث" [بصائر الدرجات الكبرى الباب الخامس‬
‫من الجزء السابع ص ‪.]340 ،339‬‬
‫وفي الباب الذي يليه يبين من هو المحدث‪ ،‬وما هو شأنه؟ بعنوان (باب في أن المحدث‬
‫كيف صفته؟ وكيف يصنع به؟ وكيف يحدث الئمة؟)‪.‬‬
‫وأورد تحته ثلث عشرة رواية‪ ،‬ومنها ما يرويها عن ابن أبي يعفور أنه قال‪:‬‬
‫"قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬إنا نقول‪ :‬إن عليا عليه السلم لينكت في قلبه‪ ،‬أو ينقر‬
‫في صدره وأذنه؟‬
‫قال‪ :‬إن عليا عل يه ال سلم كان محدثا‪ .‬قال‪ :‬فل ما أكثرت عل يه قال‪ :‬إن عليا عل يه ال سلم‬
‫كان يوم بني قريظة وبني النضير كان جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره يحدثانه" [بصائر‬
‫الدرجات الكبرى الباب السادس من الجزء السابع ص ‪.]341‬‬
‫وروى عن علي بن الحسين أنه قال‪:‬‬
‫"علم علي عليه السلم في آية من القرآن وكتمنا الية‪ .‬قال‪ :‬اقرأ يا حمران فقرأت‪ :‬وما‬
‫أرسلنا من قبلك من رسول ول نبي‪ .‬قال‪ :‬فقال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬وما أرسلنا من قبلك من‬
‫رسول ول نبي ول محدث‪ .‬قلت‪ :‬وكان علي عليه السلم محدثا؟‬
‫قال‪ :‬ن عم! فجئت إلى أ صحابنا‪ ،‬فقلت‪ :‬قد أ صبت الذي كان الح كم يكتم نا‪ .‬قال‪ :‬قلت‪ :‬قال‬
‫أ بو جع فر عل يه ال سلم كان يقول‪ :‬علي عل يه ال سلم محدث‪ ،‬فقالوا لي‪ :‬ما صنعت شيئا‪ ..‬أل‬
‫سألته من يحدثه؟‬
‫قال‪ :‬فبعد ذلك إني أتيت أبا جعفر عليه السلم فقلت‪ :‬أليس حدثني أن عليا عليه السلم‬
‫كان محدثا؟‬
‫قال‪ :‬بلى! قلت‪ :‬من يحدثه؟‬
‫قال‪ :‬ملك يحدثه‪ .‬قال‪ :‬قلت‪ :‬أقول‪ :‬إنه نبي أو رسول؟‬
‫قال‪ :‬ل‪ .‬قال‪ :‬بل مثله مثل صاحب سليمان ومثل صاحب موسى‪ ،‬ومثله مثل ذي القرنين"‬
‫[بصائر الدرجات الكبرى الباب السادس من الجزء السابع ص ‪.]344‬‬
‫وباب آخر ( باب من يلقى شيء بعد شيء يوما بيوم وساعة بساعة مما يحدث)‪.‬‬
‫وروى تحته عن ضريس أنه قال‪:‬‬
‫"ك نت مع أ بي ب صير ع ند أ بي جع فر عل يه ال سلم‪ ،‬فقال له أ بو ب صير‪ :‬بم يعلم عالم كم‬
‫جعلت فداك؟‬
‫قال‪ :‬يا أبا محمد! إن عالمنا ل يعلم الغيب‪ ،‬ولو وكل ال عالمنا إلى نفسه كان كبعضكم‬
‫ول كن يحدث إل يه ساعة ب عد ساعة" [ب صائر الدرجات ال كبرى الباب ال سادس من الجزء ال سابع‬
‫ص ‪.]345‬‬
‫وروى أيضا عن أبي بصير قال‪:‬‬
‫"قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬جعلت فداك‪ ،‬أي شيء هو العلم عندكم؟ قال‪ :‬ما يحدث‬
‫بالل يل والنهار وال مر ب عد ال مر والش يء ب عد الش يء إلى يوم القيا مة‪ ،‬و في روا ية أخرى‪ :‬ما‬
‫يحدث بالليل والنهار يوما بيوم وساعة بساعة" [بصائر الدرجات الكبرى الباب السابع من الجزء‬
‫السابع ص ‪.]345‬‬
‫وعن علي عليه‬ ‫وباب آخر (باب في الئمة عليهم السلم ورثوا العلم عن رسول ال‬
‫السلم‪ ،‬وإن العلم يقذف في صدورهم وينكت في آذانهم)‪.‬‬
‫وأورد تحته تسع روايات‪.‬‬
‫و في الجزء ال سادس روى روا ية في (باب في أم ير المؤمن ين عل يه ال سلم أن ال نبي‬
‫علمه العلم كله‪ ،‬وشاركه في العلم ولم يشاركه في النبوة)‪.‬‬
‫عن حمران أنه قال‪:‬‬
‫"قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬جعلت فداك‪ :‬قد بلغني أن ال قد ناجى عليا؟ قال‪ :‬أجل!‬
‫قكد كان بينهمكا مناجاة بالطائف ونزل بينهمكا جبريكل‪ ،‬وقال‪ :‬إن ال علم رسكوله الحلل والحرام‬
‫عليا عليه السلم علمه كله" [بصائر الدرجات الكبرى الباب العاشر‬ ‫والتأويل‪ ،‬فعلم رسول ال‬
‫من الجزء السادس ص ‪.]311‬‬
‫وعلى ذلك ذككر فكي الجزء الرابكع مكن كتابكه (باب فكي أن الئمكة يخاطبون ويسكمعون‬
‫الصوت ويأتيهم صور أعظم من جبريل وميكائيل) عن أبي عبد ال أنه قال‪:‬‬
‫"إنا لنزاد في الليل والنهار‪ ،‬ولو لم نزد لنفد ما عندنا‪ ،‬قال أبو بصير‪ :‬جعلت فداك من‬
‫يأتيكم به؟‬
‫قال‪ :‬إن منا من يعاي‪ ،‬وإن منا من ينقر في قلبه كيت وكيت‪ ،‬وإن منا لمن يسمع بأذنه‬
‫وقعا كوقع السلسلة في الطست‪ .‬قال‪ :‬فقلت له‪ :‬من الذي يأتيكم بذلك؟‬
‫قال‪ :‬خلق أعظم من جبريل وميكائيل" [بصائر الدرجات الكبرى الباب السابع من الجزء‬
‫الخامس ص ‪.]252‬‬
‫وكذلك روي في الباب الثامن من هذا الجزء بعنوان (باب في المام أنه تراءى له جبريل‬
‫وميكائيل وملك الموت)‪.‬‬
‫وروي ت حت روايات "أن جعفرا وأباه البا قر جاءه ما جبر يل وملك الموت ب صورة ش يخ‬
‫طويكل جميكل أبيكض الرأس واللحيكة‪ ،‬ورجكل أدم حسكن الوجكه والشيمكة وكان الول جبريكل‪،‬‬
‫والثا ني ملك الموت" [ب صائر الدرجات ال كبرى الباب الثا من من الجزء الخا مس ص ‪ 253‬وص‬
‫‪ 254‬الرواية الولى والثالثة]‪.‬‬
‫وعلى ذلك ينكص القوم بأن أئمتهكم أفضكل مكن جميكع النكبياء بمكا فيهكم أولو العزم مكن‬
‫الرسل وأعلم منهم‪ ،‬كما بوب صاحبنا هذا محمد بن الحسن الصفار (باب في أمي المؤمنين عليه‬
‫السلم وأولو العزم أيهم أعلم) [بصائر الدرجات الكبرى الباب الخامس من الجزء الخامس ص‬
‫‪.]247‬‬
‫كما أن الحر العاملي بوب بابا بعنوان (إن النبي والئمة الثنى عشر عليهم السلم أفضل‬
‫من سائر المخلوقات من ال نبياء والو صياء ال سابقين‪ ،‬والملئ كة وغير هم‪ ،‬وإن ال نبياء أف ضل‬
‫من الملئكة) [الفصول المهمة في أصول الئمة باب ‪ 101‬ص ‪.]151‬‬
‫وا بن بابو يه الق مي المل قب ب صدوق الشي عة بوب بابا في كتا به بعنوان (أفضل ية ال نبي‬
‫والئمة على جميع الملئكة والنبياء عليهم السلم) [عين أخبار الرضا ج ‪ 1‬ص ‪.]262‬‬
‫ول يخلو كتاب من كتب الشيعة إل وفيه أبواب متشابهة في هذا المعنى‪.‬‬
‫وقد سردوا تحتها روايات أكثر من أن تحصى حسب تعبير محدث الشيعة الحر العاملي‬
‫[انظر الفصول المهمة ص ‪.]154‬‬
‫منها ما رووا عن أبي جعفر أنه قال لحد أتباعه‪" :‬يا عبد ال! ما تقول الشيعة في علي‬
‫عل يه السلم وموسى وعي سى [ان ظر قوة القوم وإ ساءة أدبهم في حق أنبياء ال ور سله حيث ل‬
‫يستعملون اسم واحد من أئمتهم إل ويعقبونه بكلمة عليه السلم‪ ،‬وإنما يذكرون أنبياء ال ورسله‬
‫فيبخلون بالصلة والسلم عليهم]؟ قال‪:‬‬
‫قلت‪ :‬جعلت فداك‪ ،‬وعن أي حالت تسألني؟‬
‫قال‪ :‬أسألك عن العلم‪ ،‬فأما الفضل فهم سواء‪.‬‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك‪ ،‬فما عسى أقول فيهم‪.‬‬
‫فقال‪ :‬هو وال أعلم منهما" [بصائر الدرجات الباب الخامس من الجزء الخامس ص ‪،248‬‬
‫الفصول المهمة ص ‪.]151‬‬
‫ورووا عن ابنه جعفر أنه قال‪:‬‬
‫"إن ال خلق أولي العزم من الر سل وفضل هم بالعلم‪ ،‬وأورث نا علم هم وفضل هم‪ ،‬وفضل نا‬
‫وعلم هم" [ب صائر‬ ‫ما لم يعلموا‪ ،‬وعلمنا علم ر سول ال‬ ‫علي هم في علم هم‪ ،‬وعلم ر سول ال‬
‫الدرجات ص ‪ ،248‬الفصول المهمة ص ‪.]152‬‬
‫وهناك باب آخر بعنوان (باب أن الئمة عليهم السلم أفضل من موسى والخضر عليهما‬
‫السلم)‪.‬‬
‫ثم روى تحته روايات عديدة‪ ،‬منها ما رواه عن أبي جعفر محمد الباقر أنه قال‪:‬‬
‫لقد سأل موسى العالم (يعني الخضر) مسألة لم يكن عنده جوابها‪ ،‬ولقد سأل العالم موسى‬
‫مسألة لم يكن عنده جوابها‪ ،‬ولو كنت بينهما لخبرت كل واحد منهما بجواب مسألته‪ ،‬ولسألتهما‬
‫عن مسألة ل يكون عندهما جوابها" [بصائر الدرجات الكبرى الباب السادس من الجزء الخامس‬
‫ص ‪.]250‬‬
‫هذا وإننكا لنرى بأن مكا أوردناه مكن البواب وسكردناه مكن الروايات يكفكي لبيان الحكق‬
‫والحقي قة‪ ،‬والمعتقدات ال صيلة الشيع ية في أئمت هم حول نزول الو حي والملئ كة علي هم‪ ،‬وأ نه ل‬
‫فرق بينهم وبين أنبياء ال ورسله حيث أنهم يخاطبون ويكلمون‪ ،‬ويقذف في قلوبهم‪ ،‬ويلقى في‬
‫مسامعهم‪ ،‬وتنزل عليهم الملئكة‪ ،‬جبرئيل ومن دونه وفوقه‪ ،‬ويناجيهم الرب جل وعل – تعالى‬
‫ال عمكا يقولون علوا ككبيرا – ول نريكد إكثار الروايات المملة فكي هذا الموضوع مكع وجود‬
‫أضعاف الضعاف منها في (بصائر الدرجات) وغيره من الكتب المعتبرة الموثقة المعتمدة [ومن‬
‫أراد السكتزادة فعليكه أن يرجكع إلى كتكب التفسكير والحديكث فإنهكا مليئة بمثكل هذه الخرافات‬
‫والترهات] لدى الشيعة‪ ،‬كما نريد أن نبين ههنا أنه لم يكن اختيارنا كتاب (بصائر الدرجات) هذا‬
‫لبيان معتقدهم في نزول الوحي والملئكة على أئمتهم مع وجود هذه الروايات في كتب الحديث‬
‫والتفسير الخرى إل أن صاحب (البصائر) وهو الصفار من أقدم المحدثين الشيعة وشيخ مؤلفي‬
‫الصحاح الربعة أو شيخ شيخهم‪.‬‬
‫وأيضا فإن هذا الكتاب لم يؤلف إل لسكرد الروايات الشيعيكة مكن الئمكة المعصكومين‬
‫المزعوميكن فكي فضائلهكم‪ ،‬وإننكا لندرك أننكا أكثرنكا الروايات فكي هذا البحكث خلف البحوث‬
‫المتقدمة لننا لم نورد هذا المبحث وهذه الروايات في كتبنا الربعة عن الشيعة [الشيعة والسنة‪،‬‬
‫والشي عة وأ هل الب يت‪ ،‬والشي عة والقرآن‪ ،‬والشي عة والتش يع فرق وتار يخ] ول نه م هم في ف هم‬
‫أصول الشيعة وعقائدهم‪.‬‬
‫وجلء للحق الذي هو واضح وجلي مما سبق نريد أن نذكر بعض العناوين للبواب التي‬
‫ذكرها الكليني في (الصول من الكافي) في هذا الخصوص فقط‪ .‬وفي كتاب الحجة ل غير كي‬
‫ل تبقى شبهة لشاك ول ريب لمرتاب‪.‬‬
‫فهذه بعض عناوين البواب من كتاب الحجة في (الصول من الكافي) ‪:‬‬
‫باب طبقات النبياء والرسل والئمة‪.‬‬
‫باب أن الئمة ولة أمر ال وخزنة علمه‪.‬‬
‫باب أن الئمة خلفاء ال عز وجل في أرضه‪ ،‬وأبوابه التي منها يؤتى‪.‬‬
‫باب أن الئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملئكة‪.‬‬
‫باب عرش العمال على النبي والئمة‪.‬‬
‫باب أن الئمة ورثوا علم النبي وجميع النبياء والوصياء الذين من قبلهم‪.‬‬
‫باب أن الئمة عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند ال عز وجل وأنه يعرفونها على‬
‫اختلف ألسنتهم‪.‬‬
‫باب ما عند الئمة من آيات النبياء‪.‬‬
‫باب في أن الئمة يزدادون في ليلة الجمعة‪.‬‬
‫باب لول أن الئمة يزدادون لنفد ما عندهم‪.‬‬
‫باب أن الئمة يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملئكة والنبياء والرسل‪.‬‬
‫باب أن الئمة إذا شاءوا أن يعلموا علموا‪.‬‬
‫باب أن الئمة يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه ل يخفى عليهم الشيء‪.‬‬
‫باب أن ال عكز وجكل لم يعلم نكبيه علما إل أمره أن يعلمكه أميكر المؤمنيكن‪ ،‬وأنكه كان‬
‫شريكه في العلم‪.‬‬
‫باب أن الئمة محدثون مفهمون‪.‬‬
‫باب فيه ذكر الرواح التي في الئمة‪.‬‬
‫باب الروح التي يسدد ال بها الئمة‪.‬‬
‫باب أن الئمكة لم يفعلوا شيئا ول يفعلون إل بعهكد مكن ال عكز وجكل وأمكر منكه ل‬
‫يتجاوزونه‪.‬‬
‫باب أن الئمة تدخل الملئكة بيوتهم‪ ،‬وتطأ بسطهم‪ ،‬وتأتيهم بالخبار‪ ،‬وهذا آخر ما أردنا‬
‫ثبته في هذا الباب‪.‬‬
‫وإن في ذلك لعبرة لولي اللباب‪.‬‬

‫الباب الخامس‬
‫الشيعة الثنا عشرية وعقائدهم‬

‫الفصل الول‬
‫الرجعة‬
‫من الفكار اليهودية المدسوسة بين المسلمين وال تي تولى كبر إثمها ابن اليهودية‪ .‬البار‬
‫ب ها ع بد ال بن سبأ‪ ..‬فكرة الرج عة‪ ،‬أي رجوع الموات ق بل الب عث والنشور ع ند ظهور القائم‬
‫الشيعكي المعدوم المزعوم‪ ،‬مكن أئمتهكم وأتباعهكم‪ ،‬مكع أعدائهكم ومخالفيهكم لينتقموا منهكم ويشفوا‬
‫صدورهم كما ذكر المجلسي خاتمة محدثي الشيعة‪:‬‬
‫ويرجع للدنيا يوم ظهور حضرة القائم عليه السلم مَن َمحَض اليمان محضا أو محض‬
‫الك فر محضا‪ ،‬فير جع أعداؤه لين تم من هم في هذا العالم ويشاهدون من ظهور كل مة ال حق وعلو‬
‫كلمة أهل البيت ما أنكروه عليهم‪ ،‬فتكون رجعة الكفار لينالهم عقاب شديد" [حياة القلوب للمجلس‬
‫ج ‪ 3‬فصل ‪ 35‬ص ‪ 303‬نقلً عن (عقيدة الشيعة) لدونالدس ط عربي]‪.‬‬
‫وهذا العتقاد كاد أن يكون من المج مع عل يه ع ند الشي عة‪ ،‬ل خلف بين هم في ذلك‪ ،‬ولم‬
‫يشذ فيه أحد ممن يعتد به ويعتمد على قوله كما ذكر الحر العاملي مستدلً على صحة الرجعة‬
‫وإمكان ها ووقوع ها‪ .‬بإجماع جم يع الشي عة المام ية وإطباق الشي عة الث نى عشر ية على صحة‬
‫اعتقاد الرجعة فل يظهر منهم مخالف يعتد به من العلماء السابقين ول اللحقين‪ ،‬وقد علم دخول‬
‫و عن الئ مة علي هم ال سلم‪،‬‬ ‫المع صوم في هذا الجماع بورود الحاد يث الواردة عن ال نبي‬
‫الدالة على اعتقادهم بصحة الرجعة حتى إنه قد ورد ذلك عن صاحب الزمان محمد بن الحسن‬
‫المهدي عل يه ال سلم في التوقيعات الواردة ع نه وغير ها مع قلة ما ورد ع نه في م ثل ذلك من‬
‫ن سبة ما ورد عن آبائه علي هم ال سلم" [اليقاظ من الهج عة بالبرهان على الرج عة لل حر العاملي‬
‫صاحب (وسائل الشيعة) ص ‪ 34‬ط المطبعة العلمية – قم – إيران]‪.‬‬
‫وم ثل ذلك ذكره أيضا مف سر الشي عة القد يم أ بو علي الطبر سي في تف سيره ت حت قول ال‬
‫واستدل بهذه الية‬ ‫ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون‬ ‫عز وجل‪:‬‬
‫على صحة الرج عة من ذ هب إلى ذلك من المام ية بأن قال‪ :‬إن دخول من في الكلم يو جب‬
‫التبعيكض‪ ،‬فدل ذلك على أن اليوم المشار إليكه فكي اليكة يحشكر فيكه قوم دون قوم‪ ،‬وليكس ذلك‬
‫‪ ..‬وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ‪.‬‬ ‫صفة يوم القيامة‪ ،‬الذي يقول فيه سبحانه‪:‬‬
‫في أن ال سيعيد عند قيا المهدي‬ ‫"وقد تظاهرت الخبار عن أئمة الهدى من آل محمد‬
‫قوما ممكن تقدم موتهكم مكن أوليائه وشيعتكه ليفوزوا بثواب نصكرته ومعونتكه ويبتهجوا بظهور‬
‫دولته‪ ،‬ويعيد أيضا قوما من أعدائه لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العذاب في القتل‬
‫على أيدي شيع ته والذل والخزي ب ما يشاهدون من علو كلم ته ‪ ..‬على أن جما عة من المام ية‬
‫تأولوا ما ورد من الخبار في الرجعة على رجوع الدولة والمر والنهي دون رجوع الشخاص‬
‫وإحياء الموات‪ ،‬وأولوا الخبار الواردة فكي ذلك لمكا ظنوا أن الرجعكة تنافكي التكليكف‪ .‬وليكس‬
‫ذلك‪ ،‬ل نه ل يس في ها ما يل جئ إلى ف عل الوا جب والمتناع من القب يح والتكل يف ي صح مع ها ك ما‬
‫يصكح مكع ظهور المعجزات الباهرة واليات القاهرة كفلق الب حر وقلب الع صا تعبانا و ما أشبكه‬
‫ذلك‪ ،‬ولن الرج عة لم تث بت بظوا هر الخبار المنقولة فيتطرق التأو يل علي ها‪ ،‬وإن ما المعول في‬
‫ذلك على إجماع الشي عة المام ية وإن كا نت الخبار تعضده وتؤيده" [تف سير مج مع البيان ل بي‬
‫علي الطبرسي ج ‪ 4‬ص ‪.]235 ،234‬‬
‫وقبله قال بهذا القول الشر يف المرت ضى المل قب ع ند الش عة بعلم الهدى في جواب أ سئلة‬
‫سئل بها عن حقيقة الرجعة فأجاب‪:‬‬
‫"بأن الذي تذهب إل يه الشي عة المام ية أن ال تعالى يع يد ع ند ظهور المهدي قوما ممن‬
‫تقدم موته من شيعته وقوما من أعدائه" [انظر أعيان الشيعة ج ‪ 1‬الجزء الول ص ‪ 132‬الطبعة‬
‫الولى دمشق]‪.‬‬
‫وقبله ش يخ المرت ضى وإمام متكل مي الشي عة وفقهائ ها‪ ،‬مح مد بن النعمان المل قب بالمف يد‬
‫قال‪:‬‬
‫اتف قت المام ية على وجوب رج عة كث ير من الموات إلى الدن يا ق بل يوم القيا مة" [ان ظر‬
‫أوائل المقالت ص ‪.]52‬‬
‫وقال في موضع آخر في مقالته تحت عنوان (القول في الرجعة)‪:‬‬
‫أقول‪ :‬إن ال تعالى يرد قوما من الموات إلى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها‪ ،‬فيعز‬
‫منهم فريقا ويذل فريقا ويديل المحقين من المبطلين والمظلومين منهم من الظالمين‪ ،‬وذلك عند‬
‫قيام مهدي آل محمد عليهم السلم وعليه السلم‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬إن الراجعيكن إلى الدنيكا فريقان‪ :‬أحدهمكا مكن علت درجتكه فكي اليمان وكثرت‬
‫أعماله ال صالحات وخرج من الدن يا على اجتناب الكبائر والموبقات‪ ،‬فير يه ال عز و جل دولة‬
‫الحق ويعزه بها ويعطيه من الدنيا ما كان يتمناه‪ ،‬والخر من بلغ الغاية في الفساد وانتهى في‬
‫خلف المحقين إلى أقصى الغايات وكثر ظلمه لولياء ال واقترافه السيئات‪ ،‬فينتصر ال تعالى‬
‫لمن تعدى قبل الممات ويشفي غيظهم منه بما يحله من النقمات‪ ،‬ثم يصير الفريقان من بعد ذلك‬
‫إلى الموت ومكن بعده إلى النشور ومكا يسكتحقونه مكن دوام الثواب والعقاب‪ ،‬وقكد جاء القرآن‬
‫بصحة ذلك‪ ،‬تظاهرت به الخبار‪ ،‬والمامية بأجمعها عليه إل شذاذ منهم تأولوا ما ورد فيه مما‬
‫ذكرناه على وجه يخالف ما وصفناه" [أوائل المقالت ص ‪.]90‬‬
‫ون قف ه نا بر هة ي سيرة لنل قي نظرة على مغال طة الدكتور وا في سواء و قع في ها أو أراد‬
‫إيقاع الناس فيها حيث كتب تحت عنوان الرجعة‪:‬‬
‫"للرجعة في عقيدة الشيعة الجعفرية مظهران‪:‬‬
‫النوع الول‪ :‬مكن الرجعكة فكي عقائدهكم وهكو رجوع المام المهدي بمعنكى ظهوره مكن‬
‫مخبئه وهو موضع اتفاق عندهم‪ ،‬بل هو عماد مذهبهم‪.‬‬
‫وأ ما النوع الثا ني‪ :‬و هو رج عة البرار والشرار رج عة مؤق تة فل يس من العقائد المت فق‬
‫عليها عندهم‪ ،‬بل إن كثيرا منهم لينكر هذا النوع من الرجعة" [بين الشيعة وأهل السنة ص ‪.]57‬‬
‫ثم كتب في الهامش‪ :‬ان ظر أوائل المقالت وتصحيح العتقادات للش يخ المف يد‪ ،‬وهو من‬
‫كبار شيوخهم" [الهامش رقم ‪.]47‬‬
‫ويتلخص ردنا في النقاط التالية‪:‬‬
‫أولً‪ :‬إن ال سيد الدكتور ل يدري إطلقا مذ هب الشي عة الجعفر ية في الرج عة ح يث قال‪:‬‬
‫"إن رجعة البرار والشرار رجعة مؤقتة فليس من العقائد المتفق عليها عندهم‪ .‬بل إن كثيرا‬
‫من هم لين كر هذا النوع من الرج عة" لن نا ك ما ذكر نا سابقا وك ما ن حن ب صدد ذكره أن الشي عة‬
‫الجعفريكة أو الماميكة أو الثنكى عشريكة كلهكم تقريبا متفقون على هذه العقيدة مكن أعيانهكم‬
‫وكبرائهم ومشائخهم من المحدثين والمفسرين والفقهاء والكلميين‪.‬‬
‫وعلى ذلك قال الحر العاملي‪:‬‬
‫"فل يظهر منهم مخالف يعتد به من العلماء السابقين واللحقين‪ ،‬وقد علم دخول المعصوم‬
‫في هذا الجماع" [انظر اليقاظ من الهجعة ص ‪.]34‬‬
‫وبذلك قال صدوق الشي عة ورئ يس محدثي هم ا بن بابو يه الق مي في كتا به الكل مي ت حت‬
‫عنوان (باب العتقاد في الرجعة)‪:‬‬
‫"اعتقادنا يعني معشر المامية في الرجعة أنها حق" [نقلً عن كتاب الهجعة ص ‪.]40 ،39‬‬
‫وقال المل باقر المجلسي صاحب (بحار النوار) بعد سرد الخبار الكثيرة عن الرجعة‪:‬‬
‫اعلم يا أخي أني ل أظن أنك قد ترتاب بعد ما مهدت وأوضحت لك بالقول في الرجعة‬
‫ال تي أجم عت عل يه الشي عة في جم يع الع صار واشتهرت بين هم كالش مس في رابعات النهار‪..‬‬
‫وك يف ي شك مؤ من بأحق ية الئ مة الطهار في ما تواترت عن هم من مائ تي حد يث روا ها ن يف‬
‫وأربعون من الثقات العظام والعلماء العلم في أز يد من خم سين من مؤلفات هم" [بحار النوار‬
‫للمجلسي ج ‪ 13‬ص ‪ 225‬الطبعة الولى المنقول من كتابنا (الشيعة والتشيع) ص ‪.]360‬‬
‫ومثل ذلك قال الحر العاملي‪:‬‬
‫"ومما يدل على ثبوت الجماع اتفاقهم على أحاديث الرجعة حتى إنه ل يكاد يخلو منه‬
‫كتاب من كتب الشيعة‪ ،‬ول تراهم يضعفون حديثا واحدا منها‪ ،‬ول يتعرضون لتأويل شيء منها‪،‬‬
‫فعلم أن هم يعتقدون مضمون ها لن هم يضعفون كل حد يث يخالف اعتقاد هم أو ي صرحون بتأويله‬
‫و صرفه عن ظاهره" [اليقاظ من الهج عة لل حر العاملي المتو فى عام ‪( 1104‬الباب الثا ني في‬
‫الستدلل على صحة الرجعة) ص ‪.]43 ،42‬‬
‫وقال أيضا‪:‬‬
‫"وممكا يدل على ذلك أيضا كثرة النصكوص الصكريحة الموجودة فكي الكتكب الربعكة‬
‫وغيرها من الكتب المعتمدة‪ ..‬ما يزيد على سبعين كتابا قد صنفها عظماء المامية" [ص ‪ 43‬وما‬
‫بعدها]‪.‬‬
‫وهذا يدل على أن السيد الدكتور مع ادعائه معرفة مذهب الشيعة ل يعرف عنه شيئا‪.‬‬
‫أو ‪ . . .‬وإن بعض الظن إثم!!!‬
‫ثانيا‪ :‬إن الدكتور وا في ك تب على ها مش الكلم‪ :‬أوائل المقالت للش يخ المف يد و هو من‬
‫كبار شيوخهم‪ :‬كأنه يريد أن يفهم القارئ بأن هذا الكلم منقول عن المفيد الذي له مرتبته وشأنه‬
‫لدى الشيعة‪.‬‬
‫ول أدري كيف أبرر له موقفه هذا‪ ،‬وأجد له المعاذير؟‪.‬‬
‫مع العبارة الصريحة التي نقلناها عن المفيد التي ل غموض فيها ول إشكال‪" ،‬هل السيد‬
‫الدكتور عجز عن فهم كلم المفيد‪ ،‬الذي يفهمه الصغير والكبير" بل صعوبة أو مشقة؟‬
‫أم أن السيد الدكتور لم يعرف عن كتاب المفيد إل اسمه‪ ،‬وذكر كتابه دون أن يراجعه أو‬
‫ينظر ما فيه؟‬
‫أم علم وقرأ ولكنه‪ ..‬معاذ ال أن يذهب بي الخيال إلى ما يريد أن يذهب إليه!‪.‬‬
‫وكلم المفيد واضح جلي كما ذكرناه آنفا والذي قال في آخره‪:‬‬
‫"وقد جاء القرآن بصحة ذلك وتظاهرت به الخبار‪ ،‬والمامية بأجمعها عليه‪ ،‬إل شذاذ‬
‫منهم تأولوا ما ورد فيه مما ذكرناه على وجه يخالف ما وصفناه" [أوائل المقالت للمفيد ص ‪،89‬‬
‫‪.]90‬‬
‫وبعكد هذا ل أسكتيطع أن أعلل كلم الدكتور الذي قال فيكه‪" :‬إن رجعكة البرار والشرار‬
‫رج عة مؤق تة‪ ،‬فل يس من العقائد المت فق علي ها عند هم‪ ،‬بل إن كثيرا من هم لين كر هذا النوع من‬
‫الرجعة‪ :‬ثم ينسب الكلم إلى (أوائل المقالت) للمفيد‪.‬‬
‫وإن دلّ هذا على شيكء فإنمكا يدلّ على أن السكيد الدكتور ومكن حذا حذوه ممكن تأثروا‬
‫بدعوة التقر يب في م صر يجهلون مذ هب الشي عة وعقائد هم‪ ،‬ول يعلمون ع نه وعن ها شيئا مع‬
‫ادعائهكم العلم والمعرفكة‪ ،‬ول يرددون إل كلمات ألقيكت فكي مسكامعهم مزورة مموهكة مكن قبكل‬
‫المخادعين الماكرين [ويؤيد ذلك أيضا ما سمعته من شريط أر سل إلى قريبا لحد كبار الكتاب‬
‫في مصر والدعاة إلى السلم‪ ،‬الذي نحسن الظن فيه حيث أنه ردد فيه مثل تلك الكلمات وبرأ‬
‫ساحة الشيعة من كثير من المعتقدات التي يعتقدونها هم‪ ،‬وخطأ ناسا يتهمونهم باعتقاد التحريف‬
‫في القرآن وعدم العتماد على السنة‪ ،‬وتكفير صحابة النبي وإتيان الفواحش باسم المتعة‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫إنها تهم باطلة بتهمهم بها جاهل غير عالم‪ :‬مع أن حضرته نفسه جاهل في هذا عالم في غيره‪.‬‬
‫و ما أق بح أن يدا فع عالم من علماء ال سنة وعلم من أعلم ها‪ ،‬ويبيح الصلة خلف هم‪ ،‬و هم‬
‫الذين يكفرون أبا بكر وعمر وعثمان وأمهات المؤمنين ويغلظون فيهم القول – كما سيأتي بيانه‬
‫– وك ما بيناه مف صلً في كتاب نا (الشي عة وأ هل ال سنة) ول يؤمنون بالقرآن ول بال سنة النبو ية‪،‬‬
‫وينكرون العقائد السكلمية الصكحيحة ويؤمنون بالفكار التكي أسكستها ووضعتهكا لهكم اليهوديكة‬
‫الثيمة‪ .‬فإنا ل وإنا إليه راجعون‪ .‬وإلى ال المشتكى‪.‬‬
‫أل يدري هذا العالم ومن يحذو حذوه أنه ل يوجد في الشيعة رجل واحد‪ ،‬نعم رجل واحد‬
‫يدا فع عن ال سنة وأ سلفهم هذا الدفاع المم يت في بلد هم‪ ،‬بل ل يو جد أ حد من هم يقول ل هم‪ :‬ل‬
‫تسبوا أصحاب رسول ال فإن قوما من المسلمين يتألمون من فعلكم هذا‪ :‬بل يوجد فيهم من يقول‬
‫وهو محدثهم الكبير‪:‬‬
‫"وهؤلء (أي أ صحاب ر سول ال) نتقرب إلى ال تعالى ور سوله ببغض هم‪ ،‬و سبهم‪،‬‬
‫وبغض من أحبهم" (وصول الخيار إلى أصول الخبار) لمحدث الشيعة حسين العاملي المتوفى‬
‫سنة ‪ 984‬ص ‪ ]164‬من الشيعة الذين ترددوا على مصر وعلى البلد السنية الخرى التي لم تبتل‬
‫بالتشيكع‪ ،‬ولم يحتكج علماؤهكا ومفكروهكا إلى معرفكة هذه الديانكة التكي لم تؤسكس إل على أفكار‬
‫وآراء تعارض الراء ال سلمية وأفكار ها ال صحيحة الم ستقاة من كتاب ال و سنة ر سول ال‪،‬‬
‫والمبنية عليهما تماما‪.‬‬
‫ومعلوم أن نصكوص الكتاب والسكنة تخالف هذه العقيدة السكخيفة أيضا حيكث أن ل ثواب‬
‫ول عقاب ول جزاء ول عطاء‪ ،‬ول حسكاب ول كتاب إل يوم القيامكة‪ ،‬وهكو يوم الفصكل ويوم‬
‫الديكن‪ ،‬يوم البعكث ويوم النشور‪ ،‬ويوم الحشكر‪ ،‬واليات القرآنيكة الناطقكة بهذه الحقائق الناصكعة‬
‫أكثر من أن تعد أو تحصى‪ ،‬ومنها ما ذكر فيها حكاية عن المذنبين‪:‬‬
‫حتى إذا جاء أحده الموت قال رب ارجعون * لعلي أعمل صالحا فيما تركت كل إنها‬
‫كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون * فإذا نفخ في الصور فل أنساب بينهم يومئذ‬
‫ول يت ساءلون * ف من ثقلت موازي نه فأولئك هم المفلحون * و من خ فت موازي نه فأولئك الذ ين‬
‫[سورة المؤمنون الية ‪ 99‬وما بعدها]‪.‬‬ ‫خسروا أنفسهم في جهنم خالدون‬
‫وهذه الية صريحة في معناها ل تحتمل التأويل أنه ليس بعد الموت إل البرزخ إلى يوم‬
‫البعث‪ ،‬ويوم البعث هو اليوم الذي يفصل فيه بين الصالحين وغير الصالحين‪ ،‬ويدخل أهل الجنة‬
‫الجنة وأهل النار النار‪.‬‬
‫وقال ال عز وجل مبينا خلقة النسان وما إليه يصير في كلمه المحكم‪:‬‬
‫ولقد خلقنا النسان من سلسة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا‬
‫النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر‬
‫[سورة المؤمنون الية ‪ 12‬وما بعدها]‪.‬‬ ‫فتبارك ال أحسن الخالقين‬
‫وقال ال عز وجل حكاية عن الكفار وأهل النار‪:‬‬
‫وكانوا يقولون أئذا مت نا وك نا ترابا وعظاما أئ نا لمبعوثون * أ بو آباؤ نا الولون * قل‬
‫[سورة الواقعة الية ‪ 47‬وما بعدها]‪.‬‬ ‫إن الولين والخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم‬
‫وقال تعالى‪:‬‬
‫ز عم الذ ين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى ور بي لتعب ثن ثم لتنبؤن ب ما عمل تم وذلك على‬
‫ال ي سير * فآمنوا بال ور سوله والنور الذي أنزل نا وال ب ما تعملون خبير * يوم يجمع كم ليوم‬
‫الجمع ذلك يوم التغابن ومن يؤمن بال ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من‬
‫تحت ها النهار خالد ين في ها أبدا ذلك الفوز العظ يم * والذي كفروا وكذبوا بآيات نا أولئك أ صحاب‬
‫[سورة التغابن الية ‪ 7‬وما بعدها]‪.‬‬ ‫النار خالدين فيها وبئس المصير‬
‫أي ل يكون البعث إل يوم الجمع للحساب والكتاب ويوم دخول الجنة والنار‪ ،‬ل قبله‪.‬‬
‫ومثل ذلك قول ال عز وجل‪:‬‬
‫[سورة الحج الية ‪.]7‬‬ ‫وأن الساعة آتية ل ريب فيها وأن ال يبعث من في القبور‬
‫أي ل يكون بعث من في القبور إل يوم القيامة‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫واليات في هذا المعنى كثيرة جدا‪ ،‬وكذلك الحاديث الشريفة الثابتة عن رسول ال‬
‫وإنهكا أي مسكألة البعكث فكي الدنيكا تنافكي العقكل أيضا كمكا فصكل القول فيهكا فكي الكتكب‬
‫الكلمية‪.‬‬
‫ولكن الشيعة يعتقدون عكس ذلك ويقولون‪:‬‬
‫إذا آن قيام القائم ومطكر الناس فكي جمادى الخرة وعشرة أيام مكن رجكب مطرا لم يكر‬
‫الناس مثله‪ ،‬فينبت ال به لحوم المؤمنين في أبدانهم في قبورهم‪ ،‬فكأني أنظر إليهم مقبلين من‬
‫ق بل جهي نة ينفضون رءو سهم من التراب [الرشاد للمف يد ص ‪ ،363‬إعلم الورى للطبر سي ص‬
‫‪ ،462‬بحار النوار للمجلسي ج ‪ 13‬ص ‪ ،223‬الصراط المستقيم للنباتي ج ‪ 2‬ص ‪.]251‬‬
‫ويقولون‪:‬‬
‫إن الحسكين عليكه السكلم يرجكع إلى الدنيكا مكع خمسكة وسكبعين ألفا مكن الرجال [النوار‬
‫النعمانية للجزائري ج ‪ 2‬ص ‪.]99 ،98‬‬
‫وأيضا ما رووه عن جعفر أنه قال‪:‬‬
‫إن أمير المؤمنين عليه السلم يرجع مع ابنه الحسين عليه السلم رجعة‪ ،‬وترجع معه بنو‬
‫أم ية‪ ،‬معاو ية وآل معاو ية‪ ،‬و كل من قاتله‪ ،‬فيعذب هم بالق تل وغيره‪ ،‬وير جع ال من أ هل الكو فة‬
‫ثلث ين ألفا‪ ،‬و من سائر الناس سبعين ألفا‪ ،‬ويتلقون في الحرب مع معاو ية في ذلك المكان‪ ،‬ثم‬
‫يحيي هم ال سبحانه مرة فيعذب هم مع فرعون وآل فرعون ا شد العذاب‪ ،‬ثم ير جع أم ير المؤمن ين‬
‫وجم يع ال نبياء علي هم ال سلم" [النوار النعمان ية للجزائري‬ ‫عل يه ال سلم مرة أخرى مع ال نبي‬
‫ص ‪.]103‬‬
‫وأكثر من ذلك أنهم قالوا‪:‬‬
‫ل يبعث ال نبيا ول رسولً إل رد إلى الدنيا من آدم فهلم جرا حتى يقاتل بين يدي علي‬
‫بن أبي طالب عليه السلم" [تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ ،281‬البرهان ج ‪ 1‬ص ‪ ،295‬وبحار النوار‬
‫وغيره]‪.‬‬
‫هذا ولقد سردنا روايات كثيرة في هذا المعنى في كتابنا (الشيعة والتشيع فرق وتاريخ)‪،‬‬
‫ومن أراد الستزادة فليرجع إلى ذلك‪.‬‬
‫وهذا يدل على أن عقيدة الرج عة ع ند الشي عة من العقائد المت فق علي ها عند هم‪ ،‬ويعدون ها‬
‫مكن ضروريات المذهكب كمكا صكرح بذلك الحكر العاملي [انظكر‪ :‬اليقاظ مكن الهجعكة ص ‪،67‬‬
‫وتاريخ المامية وأسلفهم من الشيعة لعبد ال فياض ص ‪-170‬ط بيروت]‪.‬‬
‫ونقلوا عن جعفر بن محمد الباقر أنه قال‪:‬‬
‫"ليس منا من لم يؤمن بكرتنا – رجعتنا – ويستحل متعتنا" [من ل يحضره الفقيه لبن‬
‫بابويه القمي ج ‪ 3‬ص ‪ ،458‬وتفسير الصافي للكاشاني ‪ 1‬ص ‪.]347‬‬
‫وقد ألفوا لثبات هذه العقيدة كتبا كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪1111‬ه‍‪ ،‬و(إثبات الرجعكة) لجمال‬ ‫(إثبات الرجعكة) للمل باقكر المجلسكي المتوفكى عام‬
‫الخوان ساري المتو فى سنة ‪1125‬ه‍‪ ،‬و(إثبات الرج عة) للح سن الحلي من علماء الشي عة في القرن‬
‫السابع‪ ،‬و(إثبات الرجعة) لبن المطهر الحلي المتوفى سنة ‪726‬ه‍‪ ،‬و(إثبات الرجعة) لمير محمد‬
‫عباس الت ستري الهندي المتو فى سنة ‪1306‬ه‍‪ ،‬و(إثبات الرج عة) لمل سلطان محمود من تلمذة‬
‫المجلسي‪ ،‬و(إثبات الرجعة) لسليمان القطيفي المتوفى سنة ‪1266‬ه‍‪ ،‬و(إثبات الرجعة) للفضل بن‬
‫شاذان النيسكابوري المتوفكى سكنة ‪260‬ه‍‪ ،‬و(إثبات الرجعكة) ليحيكى البحرانكي‪ ،‬و(إثبات الرجعكة)‬
‫للميرزا ح سن الق مي‪ ،‬و(إثبات الرج عة) لمح مد ر ضا الطب سي‪ ،‬و(المام ية والرج عة) لع بد ال‬
‫رزاق الهمدانكي‪ ،‬و(اليقاظ مكن الهجعكة بالبرهان على الرجعكة) للحكر العاملي‪ ،‬و(بشارة الفرج)‬
‫للمل فرج بن عاشور‪ ،‬و(تفر يج الكر بة عن المنت قم ل هم في الرج عة) لمحمود ف تح ال الكاظ مي‬
‫المتو فى سنة ‪1058‬ه‍‪ ،‬و(الجو هر المنضود في إثبات رج عة الموعود) لح مد بيان ال صفهاني‪،‬‬
‫و(حياة الموات ب عد الموت) لح مد البحرا ني المتو فى سنة ‪1131‬ه‍‪ ،‬و(د حض البد عة من إنكار‬
‫الرجعة) لمحمد علي السنقري‪ ،‬و(دلئل الرجعة) لغلم علي العقيقي‪ ،‬و(الرجعة أحاديثها المنقولة‬
‫عن آل الع صمة) لح مد بن المح سن‪ ،‬و(الرج عة وظهور الح جة) للميرزا مح مد مؤ من ال سترا‬
‫آبادي المتوفى سنة ‪1088‬ه‍‪ ،‬و(كتاب الرجعة) لمحمد بن مسعود العياشي صاحب تفسير العياشي‬
‫المشهور‪ ،‬و(كتاب الرج عة) ل بن بابو يه الق مي المتو فى سنة ‪381‬ه‍‪ ،‬و(الرج عة) للمل حبيب ال‬
‫الكاشاني المتوفى سنة ‪1340‬ه‍‪ ،‬و(النجعة في إثبات الرجعة) لعلي النقي الهندي‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن هذه العقيدة أعني الرجعة مأخوذة من اليهودية أيضا كما صرح بذلك‬
‫جولدزيهر‪:‬‬
‫"إن فكرة الرج عة ذات ها لي ست من و ضع الشي عة أو من عقائد هم ال تي اخت صوا ب ها‪،‬‬
‫ويحتمكل أن تكون قد تسكربت إلى السكلم عكن طريكق المؤثرات اليهوديكة والمسكيحية" [العقيدة‬
‫والشريعة ص ‪.]215‬‬
‫وبمثل ذلك قال أحمد أمين‪:‬‬
‫"اليهودية ظهرت في التشيع بالقول بالرجعة" [فجر السلم ص ‪.]276‬‬
‫وهذا ظاهر ل يحتاج في إثباته إلى دليل حيث أن المؤرخين والكتّاب في الفرق والديان‬
‫صرحوا أن مؤسس الديانة الشيعية عبد ال بن سبأ هو الذي روج فيهم فكرة الرجعة‪ ،‬وهو أول‬
‫من قال بها كما نقل الطبري‪:‬‬
‫"كان عبد ال بن سبأ يهوديا من أهل صنعاء‪ ،‬أمه سوداء فأسلم زمان عثمان‪ ،‬ثم تنقل في‬
‫بلدان الم سلمين يحاول ضللت هم‪ ،‬فبدأ بالحجاز ثم الب صرة ثم الكو فة ثم الشام‪ ،‬فلم يقدر على ما‬
‫يريد عند أحد من أهل الشام فأخرجوه حتى أتى مصر فاعتمر فيهم فقال لهم فيما يقول‪:‬‬
‫العجب ممن يزعم أن عيسى يرجع ويكذب بأن محمدا يرجع؟ وقد قال ال عز وجل‪ :‬إن‬
‫الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد‪.‬‬
‫فمحمد أحق بالرجوع من عيسى‪ ،‬قال‪ :‬فقبل ذلك عنه‪ ،‬ووضع لهم الرجعة فتكلموا فيها"‬
‫‪50‬‬ ‫[تاريكخ الطكبري ج ‪ 5‬ص ‪ ،98‬ومثكل ذلك فكي (مقالت السكلميين) للشعري – ج ‪ 1‬ص‬
‫الهامش – ط مصر]‪.‬‬
‫ويوافق الطبري في هذا غيره من المؤرخين‪.‬‬
‫وبعد هذا ل يبقى مجال للشك على يهودية الفكرة‪.‬‬
‫وقبكل أن ننتقكل إلى موضكع آخكر نقرر هنكا أن القوم ل يعتقدون بالرجعكة فحسكب‪ ،‬بكل‬
‫يتجاوزونها إلى التناسخ حيث أوردوا روايات كثيرة عن أئمتهم المعصومين حسب زعمهم في‬
‫ذلك المعنى‪ ،‬منها ما رووا أن أبا جعفر الملقب بمؤمن الطاق عند الشيعة‪ ،‬وشيطان الطاق عند‬
‫الخرين لقي يوما من اليام أبا حنيفة نعمان بن ثابت المام رحمه ال‪ ،‬فسأله أبو حنيفة‪ :‬إنكم‬
‫تقولون بالرجعة؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫قال أبو حنيفة‪ :‬فأعطني الن ألف درهم حتى أعطيك ألف دينار إذا رجعنا‪.‬‬
‫قال الطاقي لبي حني فة‪ :‬فأعطني كفيلً بأنك ترجع إنسانا ول تر جع خنزيرا" [الحتجاج‬
‫للطبرسي المتوفى سنة ‪620‬ه‍ ج ‪ 2‬ص ‪ ،148‬أيضا اليقاظ من الهجعة للحر العاملي ص ‪.]66‬‬
‫وقد روى النجاشي أنه قال له‪:‬‬
‫أريكد ضمينا يضمكن لي أنكك تعود إنسكانا‪ ،‬فإنكي أخاف أن تعود قردا فل أتمككن مكن‬
‫استرجاع ما أخذت مني" [رجال النجاشي ص ‪ ،288‬اليقاظ ص ‪.]67‬‬
‫ومثل هذا كثير‪.‬‬
‫أ ما محاولة الدكتور علي ع بد الوا حد وا قي و ضع هذه العقيدة ال سخيفة‪ ،‬يهود ية ال صل‬
‫بجانب عقيدة أهل السنة بالمهدي المنتظر فليس إل عبثا محضا‪.‬‬
‫وكذلك حك مه على الحاديث الكثيرة عن ذلك المهدي بأن كثيرا منها موضوع‪ ،‬وما بقي‬
‫من ها ضع يف كل الض عف فل يس إل حكما جائرا غ ير صحيح لدى المحقق ين والنقاد المهرة من‬
‫أهل السنة‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫أعمال العباد‬
‫إن الشي عة الث نى عشر ية يقولون‪ :‬إن أفعال العباد غ ير مخلو قة ل‪ ..‬و قد روي عن أ بي‬
‫الحسن الثالث عليه السلم أنه سئل عن أفعال العباد‪ :‬هل هي مخلوقة؟‬
‫فقال عليه السلم‪ :‬لو كان خالقا لها لما تبرأ منها وقد قال سبحانه وتعالى‪ :‬إن ال بريء‬
‫من المشرك ين ور سوله‪ ،‬ولم يرد البراءة من خلق ذوات هم‪ ،‬وإن ما تبرأ من شرك هم وقبائح هم"‬
‫[(شرح اعتقادات الصدوق) للمفيد‪ ،‬الملحق بكتاب (أوائل المقالت) ص ‪.]188 ،187‬‬
‫وقكد قال الحكر العاملي فكي كتابكه تحكت باب‪( :‬إن ال سكبحانه خالق ككل شيكء إل أفعال‬
‫العباد)‪:‬‬
‫أقول‪:‬‬
‫"مذ هب المام ية والمعتزلة أن أفعال العباد صادرة عن هم و هم خالقون ل ها" [الف صول‬
‫المهمة في أصول الئمة ص ‪.]81‬‬
‫ولكن شيخهم المفيد كره إطلق لفظ خالق على أحد من العباد حيث قال تحت عنوان (إ‬
‫الخلق يفعلون ويحدثون ويخترعون ويصكنعون ويكتسكبون ول أطلق عليهكم القول بأنهكم يخلقون‬
‫ول لهم خالقون)" [أوائل المقالت ص ‪.]64‬‬
‫وهذا مخالف لصريح القرآن حيث ذكر فيه‪:‬‬
‫[سورة الصافات الية ‪.]96‬‬ ‫وال خلقكم وما تعملون‬
‫[سورة غافر الية ‪.]62‬‬ ‫ذلكم ال ربكم خالق كل شيء ل إله إل هو ‪. .‬‬ ‫و‬
‫[سورة الفرقان الية ‪.]2‬‬ ‫‪ ..‬وخلق كل شيء فقدره تقديرا‬ ‫و‬
‫ذلكم ال ربكم ل إله إل هو خالق كل شيء فاعبدوه ‪[ ..‬سورة النعام الية ‪.]102‬‬ ‫و‬
‫[سورة الرعد الية ‪.]16‬‬ ‫‪ ..‬قل ال خالق كل شيء وهو الواحد القهار‬ ‫وأيضا‬
‫[سورة الزمر الية ‪.]62‬‬ ‫ال خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل‬ ‫وأيضا‬
‫وغير ذلك من اليات الكثيرة‪.‬‬
‫ومعروف أن أفعال العباد داخلة في "كل شيء"‪.‬‬
‫وقد أقر بذلك الباقر حيث قال‪:‬‬
‫"إن ال خلو من خل قه‪ ،‬وخل قه خلو م نه‪ ،‬و كل ما و قع عل يه ا سم ش يء ما خل ال ف هو‬
‫مخلوق‪ ،‬وال خالق كل شيء" [الفصول المهمة ص ‪.]81‬‬
‫وأما "نفي نسبة أفعال العباد إلى ال لن فيها قبيحا ل يصح أن ينسب إليه" فليس إل لغوا‬
‫محضا؛ لن الخالق المتعالي خلق كل شيء ثم أخبر النسان عن الحسن والقبيح وأمرهم بإتيان‬
‫الول واجتناب الثانكي وخيرهكم فكي ذلك‪ ،‬وأنار لهكم السكبل‪ ،‬وأرسكل لهكم الرسكل لبيان الخيكر‬
‫ل ليتفكروا بهكا ويعقلوا‪ ،‬وقلوبا‬
‫والشكر‪ ،‬والحكق والباطكل‪ ،‬والحسكن والقبيكح‪ ،‬وأعطكى لهكم عقو ً‬
‫[سورة البلد الية ‪.]10‬‬ ‫وهديناه النجدين‬ ‫ليتدبروا بها ويتبصروا‪ ،‬قال جل وعل‪:‬‬
‫قل هذه سبيل أد عو إلى ال على ب صيرة أ نا و من اتبع ني ‪ [ ..‬سورة يو سف ال ية‬ ‫و‬
‫‪.]108‬‬
‫وأن هذا صكراطي مسكتقيما فاتبعوه ول تتبعوا السكبل فتفرق بككم عكن سكبيله ذلككم‬ ‫و‬
‫[سورة النعام الية ‪.]153‬‬ ‫وصاكم به لعلكم تتقون‬
‫وقال‪:‬‬
‫[سكورة الزلزلة‬ ‫فمكن يعمكل مثقال ذرة خيرا يره * ومكن يعمكل مثقال ذرة شرا يره‬
‫الية ‪.]8 ،7‬‬
‫وقال‪:‬‬
‫وأن ل يس للن سان إل ما سعى * وأن سعيه سوف يرى * ثم يجزاه الجزاء الو فى‬
‫[سورة النجم الي ‪.]41 ،40 ،39‬‬
‫أي أن النسان ليس مجبورا محضا‪ ،‬ول مختارا مطلقا‪ ،‬بل هو بين الجبر والختيار‪ .‬إن‬
‫ال خلق النسان‪ ،‬وإن ال يعلم ما سيعمل في حيا ته ويف عل في م ستقبله فخلق أفعاله على علمه‬
‫ذاك‪ ،‬ويسكر له السكبل بعكد تفويضكه الختيار أن يعمكل هذا أو ذاك‪ ،‬وبعكد إرشاده أن هذا حسكن‬
‫وذاك قبيح‪ ،‬قال سبحانه وتعالى‪:‬‬
‫فأمكا مكن أعطكى واتقكى * وصكدق بالحسكنى * فسكنيسره لليسكرى * وأمكا مكن بخكل‬
‫[سورة الليل الية ‪.]11-5‬‬ ‫واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى‬
‫ولم يجبرهم على هذا أو ذاك‪ .‬قال تعالى‪:‬‬
‫[سورة يونس الية ‪.]99‬‬ ‫ولو شاء ربك لمن من في الرض كلهم جميعا ‪..‬‬
‫وقال‪:‬‬
‫[سورة هود الية ‪.]118‬‬ ‫ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ‪..‬‬
‫ومعنى هذا كله أن ال خلق أفعال العباد حسب علمه الذي أحاط بكل شيء‪.‬‬
‫‪ . .‬وكان ال بكل شيء محيطا ‪.‬‬
‫[سورة الطلق الية ‪.]12‬‬ ‫وأن ال قد أحاط بكل شيء علما‬ ‫و‬
‫[سكورة النسكاء اليكة ‪ ،176‬وسكورة البقرة اليكة ‪،282‬‬ ‫‪ . .‬وال بككل شيكء عليكم‬ ‫و‬
‫وسورة النور الية ‪ ،35‬وسورة الحجرات الية ‪ ،16‬سورة التغابن الية ‪.]11‬‬
‫[ سورة آل عمران ال ية‬ ‫إن ال ل يخ فى عل يه ش يء في الرض ول في ال سماء‬ ‫و‬
‫‪.] 5‬‬
‫[سورة النعام الية ‪.]80‬‬ ‫‪ ..‬وسع ربي كل شيء علما أفل تتذكرون‬ ‫و‬
‫[سورة إبراهيم الية‬ ‫‪ ..‬وما يخفى على ال من شيء في الرض ول في السماء‬ ‫و‬
‫‪.]38‬‬
‫وأمكا عقاب العبكد وثوابكه‪ ،‬فل يكون إل على اكتسكاب العبكد ذلك الفعكل والعمكل بكه بعكد‬
‫اختياره على ك سب ذلك أو تر كه‪ ،‬فإن كان شرا ف شر‪ ،‬وإن كان خيرا فخ ير‪ .‬ل د خل ف يه لقدرة‬
‫العباد على خلق الفعال أو على عدم الخلق‪ ،‬وهذا ما صرح ال عز وجل في كتابه بقوله‪:‬‬
‫[سورة الشورى الية‬ ‫وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير‬
‫‪.]30‬‬
‫وقوله عز وجل‪:‬‬
‫ظ هر الف ساد في البر والب حر ب ما ك سبت أيدي الناس ليذيق هم ب عض الذي عملوا لعل هم‬
‫[سورة الروم الية ‪.]41‬‬ ‫يرجعون‬
‫وقوله تبارك وتعالى‪:‬‬
‫[سورة النحل الية ‪.]118‬‬ ‫‪ . .‬وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون‬
‫فالثواب والعقاب على الكتساب ل على الخلق وعدم الخلق‪ ،‬وهذه المسألة قد تا هت في ها‬
‫عقول الشيعكة الماميكة فلم يفهموهكا‪ ،‬ل فكي ضوء الكتاب ول السكنة – وهكم يعتقدون فيهمكا مكا‬
‫يعتقدون – ول في ضوء روايات أئمت هم المع صومين ح سب زعم هم‪ ،‬ك ما روى الكلي ني وغيره‬
‫عن أبي بصير أنه قال‪:‬‬
‫"ك نت ب ين يدي أ بي ع بد ال عل يه ال سلم جال سا ف سأله سائل‪ ،‬فقال‪ :‬جعلت فداك يا ا بن‬
‫رسول ال من أين لحق الشقاء بأهل المعصية حتى حكم لهم بالعذاب على عملهم في علمه؟‬
‫فقال أبو عبد ال‪ :‬أيها السائل علم ال عز وجل ل يقوم له أحد من خلقه بحقه‪ ،‬فلما حكم‬
‫بذلك وهب لهل محبته القوة على طاعته ووضع عنهم ثقل العمل بحقيقة ما هم أهله‪ ،‬ووهب‬
‫ل هل المع صية القوة على مع صيتهم ل سبق عل مه في هم ومنع هم إطا عة القبول من هم‪ ،‬فوافقوا ما‬
‫سبق ل هم في عل مه تعالى ولم يقدروا أن يأتوا حالً تنجي هم من عذا به‪ ،‬لن عل مه أولى بحقي قة‬
‫ج‪1‬‬ ‫الت صديق‪ ،‬و هو مع نى شاء ما شاء و هو سره" [ال صول من الكا في باب ال سعادة والشفاء‪،‬‬
‫ص ‪ 152‬ط طهران]‪.‬‬
‫وأيضا ما رواه الكليني عن أبي عبد ال جعفر بن الباقر أنه قال‪:‬‬
‫ل جبر ول تفويض ولكنه أمر بين أمرين" [الصول من الكافي ج ‪ 1‬ص ‪.]155‬‬
‫ومثل ذلك روي عن علي بن موسى الرضا – المام الثامن لدى الشيعة – وقد رواه يزيد‬
‫بن عمير أنه قال‪:‬‬
‫دخلت على علي بن موسى الرضا وقلت له‪:‬‬
‫يا ابن رسول ال روي لنا عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلم أنه قال‪ :‬ل جبر ول‬
‫تفويض ولكنه أمر بين أمرين‪ ،‬فما معناه؟‬
‫فقال‪ :‬وجود السبل إلى إتيان ما أمروا به وترك ما نهوا عنه‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬فهل ل عز وجل مشيئة وإرادة في ذلك؟‬
‫فقال‪ :‬أما الطاعة فإرادة ال وميشئته فيها المر بها والرضا لها والمعاونة عليها‪ ،‬وإرادته‬
‫ومشيئته في المعاصي النهي عنها والسخط لهما والخذلن عليها‪.‬‬
‫قلت‪ :‬فلله عز وجل فيها القضاء؟‬
‫قال‪ :‬ن عم ما من ف عل يفعله العباد من خ ير و شر إل وف يه قضاء" [الف صول المه مة في‬
‫معرفة أصول الئمة ص ‪.]74‬‬
‫ومثل ذلك روي أيضا عن جعفر أنه سئل عن الجبر والقدر؟‬
‫فقال‪ :‬ل جبر ول قدر‪ ،‬ولكن منزلة بينهما" [الفصول المهمة في معرفة أصول الئمة ص‬
‫‪.]72‬‬
‫وروى حريز عن جعفر بن محمد أنه قال‪:‬‬
‫الناس في القدر على ثلثة أوجه‪ :‬رجل يزعم أن ال أجبر العبد على المعاصي فهذا قد‬
‫ظلم ال في حكمه فهو كافر‪ ،‬ورجل يزعم أن ال فوض المور إليهم فهذا وهن ال في سلطانه‬
‫ف هو كا فر‪ ،‬ور جل يقول‪ :‬إن ال كلف العباد ب ما يطيقون‪ ،‬ولم يكلف هم ب ما ل يطيقون‪ ،‬فإذا أح سن‬
‫حمد ال‪ ،‬وإذا أساء استغفر ال فهذا مسلم بالغ" [الفصول المهمة للحر العاملي ص ‪.]72 ،71‬‬
‫فحاصل الكلم‪ :‬أن العبد ليس بمجبور محض ول بمختار مطلق‪ ،‬ل كما يزعمه الشيعة‪:‬‬
‫"أن أفعال العباد صادرة عنهم وهم خالقون لها" [الفصول المهمة للحر العاملي ص ‪.]81‬‬
‫لن العقاب والثواب ل يكون على خلق الفعال‪ ،‬بل على كسب الفعال‪.‬‬
‫وأ ما قول هم‪ :‬إن ن سبة أفعال العباد إلى ال بأن ها مخلو قة له‪ ،‬وفي ها قب يح ل ت صح" فقول‬
‫مخالف روايات أئمتهم أيضا حيث أن أئمتهم قالوا كما ذكر محدثوهم أن ال خلق الشر كما خلق‬
‫الخير‪ ،‬والشر قبيح بل شك‪ ،‬فكيف ينسبونه – وهم المعصومون حسب زعمهم – إلى ال؟ وهذه‬
‫هي رواياتهم‪:‬‬
‫يروي الكليني عن جعفر بن محمد الباقر أنه قال‪:‬‬
‫"إن ال كتب في كتبه‪ :‬إني أنا ال ل إله إل أنا خلقت الخير والشر‪ ،‬فطوبى لمن أجريت‬
‫على يده الخير‪ ،‬وويل لمن أجريت على يده الشر" [الصول من الكافي للكليني ج ‪ 1‬ص ‪.]154‬‬
‫ومثل ذلك رواه عن معاوية عن أبي عبد ال أنه كان يقول‪:‬‬
‫م ما أو حى ال تعالى على مو سى وأنزل عل يه التوراة‪ :‬أ ني أ نا ال ل إله إل أ نا خل قت‬
‫الخلق وخلقت الخير‪ ،‬وأجريته على يد من أحب‪ ،‬فطوبى لمن أجريته على يديه‪ ،‬وأنا ال ل إله‬
‫إل أنا خلقت الخلق وخلقت الشر وأجريته على يد من أريد‪ ،‬وويل لمن أجريت على يده الشر"‬
‫[الكافي للكليني ج ‪ 1‬ص ‪.]154‬‬
‫ومثل ذلك ذكر القمي في تفسيره عنه أنه قال‪:‬‬
‫قال ال عز وجل‪ :‬أنا ال ل إله إل أنا خالق الخير والشر" [الكافي للكليني ج ‪ 1‬ص ‪.]154‬‬
‫فهل من مجيب‪ :‬الشر قبيح أم ل؟‬
‫فكيف نسبه أئمتهم المعصومون – حسب زعمهم – إلى ال عز وجل؟‬
‫وهم رووا أيضا في كتبهم عن جعفر بن محمد الباقر أنه نسب خلق الشقاوة إلى ال أيضا‬
‫ول شك في قبحها كما رواه الكليني عن منصور بن حازم أنه قال‪:‬‬
‫قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إن ال خلق ال سعادة والشقاوة ق بل أن يخلق الخلق" [الكافي‬
‫للكليني ج ‪ 1‬ص ‪.]154‬‬
‫ثم وما معنى قول الدكتور عبد الواحد وافي‪:‬‬
‫"يذ هب الشي عة الجعفر ية إلى أن الع بد يحدث أعماله ول كن بقدرة أودع ها ال ف يه" [ب ين‬
‫الشيعة وأهل السنة ص ‪.]57‬‬
‫فمن يكون الموجود الحقيقي إذا؟ هل الذي أوجد قدرة الفعل في خلقه أم الذي خلقت فيه‬
‫هذه القدرة على ذلك الفعل؟‬
‫لن الع بد محروم من قدرة اليجاد والبداع‪ ،‬وقدرة الف عل والكت ساب‪ ،‬و ما دام ال هو‬
‫المبدع وهو الخالق فيه هذه القدرة فل تنسب ثمرته ونتيجته إل إليه‪ ،‬ول دخل للنسان فيه‪.‬‬
‫فليتدبر الشيعة في جوابه‪.‬‬
‫وأما كون الرب خالقا لفعال العباد فهل يقال إنه فعل ما هو قبيح منه وظلم أم ل؟ فيجيب‬
‫على ذلك شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال في الرد على ابن المطهر الحلي بقوله‪:‬‬
‫فأهكل السكنة المثبتون للقدرة يقولون‪ :‬ليكس هكو بذلك ظالما ول فاعلً قكبيحا‪ ،‬والقدريكة‬
‫يقولون‪ :‬لو كان خالقا لفعال العباد كان ظالما فاعلً لما هو قبيح منه‪ ،‬وأما كون الفعل قبيحا من‬
‫فاعله فل يقتضي أن يكون قبيحا من خالقه‪ ،‬كما أن كونه أكلً وشربا لفاعله ل يقتضي أن يكون‬
‫كذلك لخالقه لن الخالق خلقه في غيره ولم يقم بذاته‪ ،‬فالمتصف به من قام به الفعل ل من خلقه‬
‫في غيره ك ما أ نه إذا خلق لغيره لونا وريحا وحر كة وقدرة كان ذلك الغ ير هو المت صف بذلك‬
‫اللون والريح والحركة والقدرة والعلم‪ ،‬فهو المتحرك بتلك الحركة‪ ،‬والمتلون بذلك اللون‪ ،‬والعالم‬
‫بذلك العلم‪ ،‬والقادر بتلك القدرة‪ ،‬فكذلك إذا خلق فكي غيره كلما أو صكلة أو صكياما أو طوافا‬
‫لن ذلك الغير هو المتكلم بذلك الكلم وهو المصلي وهو الصائم وهو الطائف ولكن من قال‪ :‬إن‬
‫الف عل هو المفعول يقول‪ :‬إن أفعال العباد هي ف عل ال‪ ،‬فإن قال‪ :‬و هو أيضا ف عل ل هم لز مه أن‬
‫يكون الفعل والحد لفاعلين كما يحكى عن أبي إسحاق السفرائيني‪.‬‬
‫وإن لم يقكل‪ :‬هكي فعكل لهكم لزمكه أن تكون أفعال العباد فعلً ل ل لعباده كمكا يقوله‬
‫الشعري ومن وافقه من أصحاب الئمة الربعة وغيرهم الذين يقولون‪ :‬إن الخلق هو المخلوق‪،‬‬
‫وإن أفعال العباد خلق ال‪ ،‬فتكون هكي ل وهكي مفعول ل كمكا أنهكا خلقكه وهكي مخلوقكة‪ ،‬وهذا‬
‫الذي ينكره جمهور العقلء ويقولون‪ :‬إن مكابرة للحس ومخالفة للشرع والعقل‪.‬‬
‫وأ ما جمهور أ هل ال سنة فيقولون‪ :‬إن ف عل الع بد ف عل له حقي قة ولك نه مخلوق ل ومفعول‬
‫ل‪ ،‬ل يقولون‪ :‬هو نفس فعل ال‪ ،‬ويفرقون بين الخلق والمخلوق والفعل والمفعول [منهاج السنة‬
‫لشيخ السلم ابن تيمية ج ‪ 1‬ص ‪.]214 ،213‬‬
‫وب عد بيان هذا كله نل قي نظرة عابرة على أخطاء الدكتور وا في في هذا الف صل الق صير‬
‫أيضا ك ما عهدنا ها في جم يع الف صول والبواب‪ ،‬وعلى محاول ته تبرئة الشي عة من كث ير من‬
‫النحرافات والزيغ والضلل‪ ،‬وتصويبهم في آرائهم ومعتقداتهم‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫إن الشي عة الجعفر ية يتفقون في ب عض نوا حي هذه العقيدة مع المعتزلة والقدر ية ولكن هم‬
‫يتقون انحراف المعتزلة بعدم موافقتهكم لهكم على القول بأن العباد خالقون لعمالهكم‪ ،‬وهكو القول‬
‫الذي انحرف به المعتزلة عن العتقاد السليم" [بين الشيعة وأهل السنة ص ‪.]59‬‬
‫ومكن المؤسكف حقا أن الشيكخ ل يعلم وهكو فكي هذه المنزلة مكن العلم وتلك المرحلة مكن‬
‫العمر‪ ،‬وبهذه الجرأة في القدام على الكتابة لتبرئة الشيعة ما لزمهم من العار والشنار‪ ،‬والقول‬
‫بالبا طل‪ :‬إن الشي عة اتقوا انحراف المعتزلة بأن العباد خالقون لعمال هم ذلك القول الذي انحرف‬
‫به المعتزلة عن العتقاد ال سليم‪ ،‬بل وقعوا في ع ين ذلك النحراف ك ما نقل نا عن ال حر العاملي‬
‫صاحب موسوعة حديثية شيعية كبرى (وسائل الشيعة) حيث يقول‪:‬‬
‫مذهب المامية هو عين مذهب المعتزلة في أفعال العباد‪ ،‬وهذا هو نص عبارته في كتابه‬
‫(الفصول المهمة في معرفة أصول الئمة) تحت الباب السابع والربعين‪:‬‬
‫إن ال خالق كل ش يء إل أفعال العباد‪ :‬أقول‪ :‬مذ هب المام ية والمعتزلة أن أفعال العباد‬
‫صادرة عنهم وهم خالقون لها" [الفصول المهمة ص ‪.]81 ،80‬‬
‫وقد أقر بذلك شيخ الشيعة المفيد في كتابه (أوائل المقالت) ت حت باب‪ :‬القول في العدل‬
‫والخلق‪ ،‬بعد نفي خلق الفعال عن ال تعالى‪:‬‬
‫‪ ،‬وإليه يذهب‬ ‫وعلى هذا القول جمهور أهل المامة‪ ،‬وبه تواترت الثار عن آل محمد‬
‫المعتزلة بأسرها إل ضرارا منها وأتباعهم وخالف فيه جمهور العامة (أي أهل السنة) وبقايا من‬
‫عددناهم [أوائل المقالت في المذاهب والمختارات ص ‪.]64 ،63‬‬
‫ون قل هذه العقيدة عن هم ش يخ ال سلم ا بن تيم ية والشاه ع بد العز يز الدهلوي في (التح فة‬
‫الثنى عشرية) وغيرهم من علماء أهل السنة والجماعة الذين كتبوا في الرد على الشيعة‪.‬‬
‫وهذه هي العقيدة المنقولة المتوارثة عن الشيعة قديما وحديثا‪ ،‬وقد تجاهلها الدكتور وافي‪.‬‬
‫وأما تبرئة الدكتور وافي الشيعة وتقريره بأنهم ل يسمون غير ال خالقا قد انفرد بالخلق‬
‫والتكوين فليست إل تبرئة قائمة على حسن الظن وعدم المعرفة بكلم القوم لن الشيعة ينسبون‬
‫الخلق إلى غير ال كما مر سابقا في أفعال العباد‪ ،‬وأيضا وقد رووه عن فتح بن يزيد الجرجاني‬
‫أنه قال‪:‬‬
‫قلت لبي الحسن عليه السلم‪ :‬هل غير الخالق الجليل خالق؟‬
‫قال‪ :‬إن ال تبارك وتعالى يقول‪:‬‬
‫‪ . .‬فتبارك ال أحسن الخالقين ‪.‬‬
‫إن في العباد خالقين وغير خالقين‪ ،‬منهم عيسى عليه السلم خلق من الطين كهيئة الطير‬
‫بإذن ال‪ .‬والسامري خلق لهم عجلً جسدا له خوار" [الفصول المهمة ص ‪.]81‬‬
‫وهناك روايات أخرى عن أبي جعفر وغيره تدل على أن الخلق ينسب إلى الملك‪:‬‬
‫"هو الذي خلق سبع سماوات وسبع أرضين وأشياء"‪.‬‬
‫وكذلك ما رواه الكليني أن ملكين خلقين يخلقان بإذن ال من ذكر وأنثى وشقي وسعيد"‬
‫[الكافي للكليني ج ‪ 1‬ص ‪.]152‬‬
‫وغير ذلك من الروايات‪.‬‬
‫ول أدري مكع ذلك كيكف أباح الدكتور لنفسكه أن يدعكي هذا الدعاء؟ وأن يلقكن الشيعكة‬
‫ويلقي في أفواههم ما ل يقولونه أنفسهم؟‬

‫الفصل الثالث‬
‫التقية‬
‫ذكر الدكتور وافي فيما من معتقدات الشيعة التقية موافقا إياهم في جوازها‪ ،‬مستندا على‬
‫القرآن والسنة حيث يقول‪:‬‬
‫إن نا نت فق مع هم في جواز التق ية في الموا طن ال تي يشيرون إلي ها‪ ،‬وال تي أجاز ها القرآن‬
‫وأجازتها السنة النبوية الشريفة" [بين الشيعة وأهل السنة ص ‪.]63‬‬
‫ول يعلم الدكتور أن التق ية الشيع ية مخال فة للقرآن وال سنة كل المخال فة‪ ،‬ح يث أن معنا ها‬
‫الكذب المحكض والنفاق الخالص‪ .‬ولم ترد آيكة فكي القرآن تبيكح الكذب والنفاق‪ ،‬ل روايكة ع‬
‫رسول ال تجيزهما‪ ،‬بل على العكس من ذلك وردت آيات كثيرة في القرآن وأحاديث عديدة عن‬
‫تحرم هذا وذاك‪ .‬ولقد صرح بذلك شيخ السلم ابن تيمية في منهاجه حيث قال‪:‬‬ ‫رسول ال‬
‫النفاق والزندقة في الروافض أكثر من سائر الطوائف‪ ،‬بل ل بد لكل منهم من شعبة نفاق‬
‫فإن أ ساس النفاق الذي ب ني عل يه الكذب أن يقول الر جل بل سانه ما ل يس في قل به ك ما أ خبر ال‬
‫والراف ضة تج عل هذا من‬ ‫يقولون بأل سنتهم ما ل يس في قلوب هم‬ ‫تعالى عن المنافق ين أن هم‬
‫أصول دينها وتسميه التقية‪ ،‬وتحكي هذا عن أئمة أهل البيت الذين برأهم ال عن ذلك‪ ،‬بل كانوا‬
‫من أعظم الناس صدقا وتحقيقا لليمان وكان دينهم التقوى‪ ،‬ل التقية‪.‬‬
‫ل يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمن ين ومن يفعل ذلك‬ ‫وقول ال تعالى‪:‬‬
‫[ سورة آل عمران‪ :‬ال ية ‪ :]28‬إن ما هو ال مر‬ ‫فل يس من ال في ش يء إل أن تتقوا من هم تقاة‬
‫بالتقاء من الكفار‪ ،‬ل ال مر بالنفاق والكذب‪ ،‬وال تعالى قد أباح ل من أكره على كل مة الك فر أن‬
‫يتكلم بها إذا كان قلبه مطمئنا باليمان لكن لم يكره أحدا من أهل البيت على شيء من ذلك حتى‬
‫أن أبا بكر رضي ال عنه لم يكره أحدا‪ ،‬ل منهم ول من غيرهم على متابعته‪ ،‬فضلً أن يكرههم‬
‫على مد حه والثناء عل يه‪ ،‬بل كان علي وغيره من أ هل الب يت يظهرون ذ كر فضائل ال صحابة‬
‫والثناء عليهم والترحم عليهم والدعاء لهم‪ ،‬ولم يكن أحد يكرههم على شيء منه باتفاق الناس‪.‬‬
‫وقكد كان فكي زمكن بنكي أميكة وبنكي العباس خلق عظيكم دون علي وغيره فكي اليمان‬
‫والتقوى يكرهون من هم أشياء ول يمدحون هم‪ ،‬ول يثنون علي هم‪ ،‬ول يقربون هم‪ ،‬و مع هذا لم ي كن‬
‫هؤلء يخافونهم ولم يكن أولئك يكرهونهم مع أن الخلفاء الراشد ين كانوا باتفاق الخلق أب عد عن‬
‫ق هر الناس وعقوبت هم على طاعت هم من هؤلء‪ ،‬فإذا لم ي كن الناس مع هؤلء مكره ين على أن‬
‫يقولوا بأل سنتهم خلف ما في قلوب هم‪ ..‬فك يف يكونون مكره ين مع الخلفاء على ذلك‪ ،‬بل على‬
‫الكذب وشهادة الزور وإظهار الكفر كما تقوله الرافضة من غير أن يكرههم أحد على ذلك‪ ،‬فعلم‬
‫أن ما تتظاهر به الرافضة هو من باب الكذب والنفاق‪ ،‬وأن يقولوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم‪،‬‬
‫ج‪1‬‬ ‫ل من باب ما يكره المؤ من عل يه من التكلم بالك فر" [منهاج ال سنة لش يخ ال سلم ا بن تيم ية‬
‫ص ‪ 160 ،159‬ط باكستان]‪.‬‬
‫وهكو كمكا قاله شيكخ السكلم لن الشيعكة لم يؤسكسوا دينهكم إل على الكذب والنفاق‪ ،‬ولم‬
‫يروجوا ديانت هم إل بإظهار ما لم يعتقدوه في ال سر وإعلن ما يبطنون خل فه دون أن ي جبرهم‬
‫على ذلك أحد أو يكرههم‪ ،‬وخير مثال لذلك ما رواه الكشي في كتابه عن أبان بن تغلب أنه قال‪:‬‬
‫قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬إني أقعد في الم سجد فيجيء الناس‪ ،‬فيسألوني‪ ،‬فإني لم‬
‫أجبهم لم يقبلوا مني‪ ،‬وأكره أن أجيبهم بقولكم‪ ،‬وما جاء منكم؟‬
‫فقال لي‪ :‬ان ظر ما عل مت أ نه من قول هم فأ خبرهم بذلك" [رجال الك شي ص ‪ – 280‬ط‬
‫ص ‪327‬‬ ‫مؤسسة العلمي كربلء – العراق‪ ،‬ومثل ذلك في الصول الصلية والقواعد الشرعية‬
‫– ط مكتبة المفيد قم – إيران]‪.‬‬
‫ومثل ذلك رواه معاذ بن مسلم النحوي قال‪:‬‬
‫"قال لي أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬بلغي أنك تقعد في الجامع فتفتي الناس؟‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬نعم‪ ،‬وقد أردت أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج‪ ،‬إني أقعد في الجامع فيجيء‬
‫الرجل فيسألني عن الشيء‪ ،‬فإذا عرفته بالخلف لكم أخبرته بما يقولون‪ ،‬ويجيء الرجل أعرفه‬
‫بحب كم أو مودت كم فأ خبره ب ما جاء عن كم‪ ..‬قال‪ :‬فقال لي (أي أ بو جع فر)‪ :‬ا صنع كذا فإن أ صنع‬
‫كذا!" [رجال الكشي ص ‪ 218‬تحت ترجمة معاذ بن مسلم الحراء النحوي]‪.‬‬
‫ومثل ذلك روى أبو بصير عن محمد الباقر قال‪:‬‬
‫"خالطو هم بالبران ية (أي ظاهرا) وخالفو هم بالجوان ية (أي باطنا)" [الكا في في ال صول‬
‫للكليني ج ‪ 2‬ص ‪ 220‬ط إيران]‪.‬‬
‫وهذه الروايات الثلثة صريحة في معناها ل تحتاج إلى تشريح وتوضيح لبيان أن التقية‬
‫الشيعية ليست إل النفاق بعينها‪ ،‬وهذا هو المعبر عن المنافقين في القرآن الحكيم‪:‬‬
‫وإذا لقوا الذيكن آمنوا قالوا آمنكا وإذا خلوا إلى شياطينهكم قالوا إنكا معككم إنمكا نحكن‬
‫[سورة البقرة الية ‪.]14‬‬ ‫مستهزئون‬
‫وذكره ال في أوصافهم وخصائصهم‪:‬‬
‫[ سورة آل عمران‬ ‫‪ . .‬يقولون بأفواه هم ما ل يس في قلوب هم وال أعلم ب ما يكتمون‬
‫الية ‪.]167‬‬
‫وإن الروايات الشيع ية عن أئمت هم المع صومين – ح سب زعم هم – ال تي تن بئ وت خبر أن‬
‫التقيكة الشيعيكة ليسكت إل نفاقا محضا‪ ،‬كثيرة جدا‪ ،‬وقكد أوردنكا الكثيكر منهكا فكي كتابنكا (الشيعكة‬
‫وال سنة) ت حت باب (الشي عة والكذب)‪ ،‬و ما لم نورد ها ف يه نذ كر بعضا من ها هه نا زيادة للفائدة‬
‫والمعرفة‪ ،‬فيروي الكليني في كافيه عن هشام الكندي أنه قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪:‬‬
‫ل يعيرونا به‪ ،‬فإن ولد السوء يعير والده بعمله‪ ،‬كونوا لمن انقطعتم‬
‫"إياكم أن تعملوا عم ً‬
‫إليه زينا‪ ،‬ول تكونوا عليه شينا‪ ،‬صلوا في عشائرهم‪ ،‬وعودوا مرضاهم‪ ،‬واشهدوا جنائزهم‪ ،‬ول‬
‫يسبقونكم إلى شيء من الخير فأنتم أولى به منهم‪ .‬وال‪ ،‬ما عبد ال بشيء أحب إليه من الخبء‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وما الخبء؟‬
‫قال‪ :‬التقية" [الصول من الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ 218‬ط إيران]‪.‬‬
‫وروي ابن بابويه القمي عن المدرك بن هزهاز أنه قال‪:‬‬
‫"قال أ بو ع بد ال عل يه ال سلم‪ :‬يا مدرك‪ ،‬ر حم ال عبدا اج تر مودة الناس إلى نف سه‬
‫فحدثهم بما يعرفون‪ ،‬وترك ما ينكرون" [كتاب الخصال لبن بابويه القمي ‪ 1‬ص ‪ 25‬ط إيران]‪.‬‬
‫وكذبوا على أصكحاب الكهكف حيكث اتهموهكم بالنفاق وخداع الناس بإظهارهكم خلف مكا‬
‫يبطنون في قلوبهم حيث نقلوا عن جعفر أنه قال‪:‬‬
‫" ما بلغ التق ية أ حد تق ية أ صحاب الك هف إن كانوا ليشهدون العياد ويشدون الزنان ير‬
‫فأعطاهم ال أجرهم مرتين" [الصول من الكافي للكليني ج ‪ 2‬ص ‪.]218‬‬
‫‪ ..‬إنهم فتية‬ ‫مع أن الرب تبارك وتعالى أخبر عكس ذلك حيث ذكر في كلمه المحكم‪:‬‬
‫آمنوا بربهم وزدناهم هدى * وربطنا على قلوبهم إذا قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والرض‬
‫لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا * هؤلء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لول يأتون عليهم‬
‫بسكلطان بيّن فمكن أظلم م من افترى على ال كذبا * وإذ اعتزلتمو هم ومكا يعبدون إل ال فأووا‬
‫[سورة الكهف الية ‪-13‬‬ ‫إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا‬
‫‪.]16‬‬
‫ولككن القوم يقولون عككس ذلك‪ ،‬ويأمرون الناس بالكذب‪ ،‬وأن يصكيروا مكن المنافقيكن‪،‬‬
‫الذين قال ال عنهم‪:‬‬
‫[ سورة الن ساء ال ية‬ ‫إن المنافق ين في الدرك ال سفل من النار ولن ت جد ل هم ن صيرا‬
‫‪.]145‬‬
‫ومعروف أن النسكان إذا كان فكي بلدة يخاف على دينكه وعرضكه وماله مكن تعرض‬
‫المخالفين وجبرهم وظلمهم وقهرهم على عدم إظهار دينه والعمل بأحكامه وتعاليمه‪ ،‬وجب عليه‬
‫أن يهاجر إلى محل يقدر فيه على إظهار دينه والعمل به كما قال ال عز وجل‪:‬‬
‫إن الذيكن توفاهكم الملئككة ظالمكي أنفسكهم قالوا فيكم كنتكم قالوا كنكا مسكتضعفين فكي‬
‫الرض قالوا ألم ت كن أرض ال وا سعة فتهاجروا في ها فأولئك مأوا هم جه نم و ساءت م صيرا *‬
‫إل المسكتضعفين مكن الرجال والنسكاء والولدان ل يسكتطيعون حيلة ول يهتدون سكبيلً * فأولئك‬
‫ع سى ال أن يع فو عن هم وكان ال عفوا غفورا * و من يها جر في سبيل ال ي جد في الرض‬
‫مراغما كثيرا و سعة و من يخرج من بي ته مهاجرا إلى ال ور سوله ثم يدر كه الموت ف قد و قع‬
‫[سورة النساء الية ‪ 97‬وما بعدها]‪.‬‬ ‫أجره على ال وكان ال غفورا رحيما‬
‫فأمر هم الرب تبارك وتعالى بالهجرة‪ ،‬إل الم ستضعفين من هم‪ ،‬فإ نه يجوز ل هم الم كث مع‬
‫المخالفكة والموافقكة بقدر الضرورة‪ ،‬وو جب عليهكم أيضا أن يسكعوا فكي الحيلة للخروج والفرار‬
‫بدينهم‪.‬‬
‫نعكم‪ ،‬إن وقكع شخكص فكي أيدي الكفار‪ ،‬وأجكبروه على كلمكة الكفكر بالتخويكف والتهديكد‬
‫والحبكس والفتكك والقتكل‪ ،‬جاز له أن ينطكق بتلك الكلمكة وقلبكه مطمئن باليمان‪ ،‬وفكي تلك‬
‫الصورة‪ ..‬فإن التفوه بهذه الكلمة رخصة وعدم التفوه بها عزيمة‪ ،‬ولو قتل دون ذلك فهو شهيد‬
‫ك ما يدل على ذلك ما قاله الر سول الع ظم صلوات ال و سلمه عل يه عن رجل ين من أ صحابه‬
‫أخذهما مسيلمة الكذاب‪ ،‬فقال لحدهما‪:‬‬
‫أتشهد أن محمدا رسول ال؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪ :‬أتشهد أني رسول ال؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬ثم دعا الخر فقال له‪ :‬أتشهد أن محمدا رسول ال؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬أتشهد أني رسول ال؟‬
‫قال‪ :‬إني أصم‪ .‬قالها ثلثا‪ ،‬وفي كل يجيبه‪ :‬إني أصم‪ ،‬فضرب عنقه‪ ،‬فبلغ ذلك رسول ال‬
‫فقال‪:‬‬
‫"أما هذا المقتول فقد مضى على صدقه ويقينه وأخذ بفضله‪ ،‬فهنيئا له‪ ،‬وأما الخر فقد‬
‫رحمه ال تعالى فل تبعة عليه" [مشكاة المصابيح]‪.‬‬
‫ولككن الشيعكة جعلوا النفاق والكذب عزيمكة‪ ،‬والصكدق والمجاهرة بالحكق رخصكة‪ ،‬ول‬
‫رخ صة أيضا ح يث نقلوا عن أئمت هم المع صومين ح سب زعم هم – و هم يكذبون علي هم – أن هم‬
‫قالوا كما رواه الكليني عن جعفر‪:‬‬
‫ج‪2‬‬ ‫يا سليمان‪ ،‬إن كم على د ين من كت مه أعزه ال‪ ،‬ومن أذاعه أذله ال" [الكا في للكليني‬
‫ص ‪ ،222‬كتاب اليمان والكفر]‪.‬‬
‫وكما رواه الكليني أيضا عن جعفر أنه قال لحد أصحابه معلي بن خنيس‪ :‬يا معلى‪ ،‬اكتم‬
‫أمرنا ول تذعه‪ ،‬فإنه من كتم أمرنا ولم يذعه أعزه ال به في الدنيا‪ ،‬وجعله نورا بين عينيه في‬
‫الخرة‪ ،‬يقوده في الجنة‪.‬‬
‫يا معلى‪ ،‬من أذاع أمر نا ولم يكتمه أذله ال به في الدنيا ونزع النور من ب ين عينيه في‬
‫الخرة‪ ،‬وجله ظلمة تقوده إلى النار‪.‬‬
‫يا معلى‪ ،‬إن التقية من ديني ودين آبائي‪ ،‬ول دين لمن ل تقية له" [الصول من الكافي ج‬
‫‪ 2‬ص ‪.]224 ،223‬‬
‫وروى الكليني أيضا عن جعفر عن أبيه محمد الباقر أنه قال‪:‬‬
‫ل وال ما على وجه الرض شيء أحب إلي من التقية‪ ،‬يا حبيب‪ ،‬إنه من كانت له تقية‬
‫رف عه ال‪ ،‬يا حبيب‪ ،‬من لم ت كن له تق ية وض عه ال" [الكا في في ال صول ج ‪ 2‬ص ‪ 217‬كتاب‬
‫اليمان والكفر باب التقية]‪.‬‬
‫وعنه أيضا عن أبي عمر العجمي أنه قال‪:‬‬
‫قال لي أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬يا أبا عمر‪ ،‬إن تسعة أعشار الدين في التقية‪ ،‬ول دين‬
‫لمن ل تقية له‪ ،‬والتقية في كل شيء إل النبيذ والمسح على الخفين" [الكافي‪.]2/217 :‬‬
‫كما روى أيضا عن جعفر أنه قال‪:‬‬
‫كان أ بي عل يه ال سلم يقول‪ :‬وأي ش يء أ قر لعي ني من التق ية‪ ،‬وإن التق ية ج نة المؤ من"‬
‫[الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.]220‬‬
‫هذا و قد أورد عالم شي عي كبير هو ع بد ال شبر في كتا به (ال صول ال صيلة والقوا عد‬
‫الشرعية) روايات كثيرة في وجوب التقية‪ ،‬منها ما رواه عن الحسين بن علي أنه قال‪:‬‬
‫لول التقية ما عرف ولينا من عدونا‪.‬‬
‫وعن محمد الباقر أنه قال‪:‬‬
‫أشرف أخلق الئمة والفاضلين من شيعتنا استعمال التقية‪.‬‬
‫وعن أبيه علي بن الحسين أنه قال‪:‬‬
‫يغ فر ال للمؤ من كل ذ نب ويطهره م نه في الدن يا والخرة ما خل ذ نبين‪ ،‬ترك التق ية‬
‫وتضييع حقوق الخوان‪.‬‬
‫وعن موسى بن جعفر أنه قال لرجل‪:‬‬
‫لو جعل إليك التمني في الدنيا ما كنت تتمنى؟‬
‫قال‪ :‬كنت أتمنى أن أرزق التقية في ديني وقضاء حقوق إخواني‪ ،‬فقال‪ :‬أحسنت‪ ،‬أعطوه‬
‫ألفي درهم‪.‬‬
‫وعن علي بن محمد – المام العاشر للشيعة – أنه سئل‪ :‬من أكمل الناس؟‬
‫قال‪ :‬أعلمهم بالتقية وأقضاهم لحقوق إخوانه إلى أن قال‪:‬‬
‫فأعظم فرائض ال عليكم بعد فرض موالتنا ومعاداة أعدائكم استعمال التقية على أنفسكم‬
‫وأموالكم ومعارفكم‪ ،‬وقضاء حقوق إخوانكم‪ ،‬وإن ال يغفر كل ذنب بعد ذلك ول يستقصي‪ ،‬فأما‬
‫هذان فقل من ينجو منهما إل بعد مس عذاب شديد" [الصول الصلية والقواعد الشرعية لعبد‬
‫ال شبر المتوفى سنة ‪1242‬ه‍ ص ‪ 324 ،323‬ط قم – إيران]‪.‬‬
‫ورووا أيضا عن أبي الحسن – إمامهم المعصوم المزعوم – أنه قال‪:‬‬
‫إن أكرمكم عند ال أتقاكم‪ ،‬قال‪ :‬أشدكم تقية" [المحاسن للبرقي ص ‪ 258‬باب التقية ط قم‬
‫– إيران]‪.‬‬
‫وع داود الصرمي أنه قال‪:‬‬
‫قال لي مولنكا علي بكن محمكد عليكه السكلم‪ :‬يكا داود‪ ،‬لو قلت‪ :‬إن تارك التقيكة كتارك‬
‫الصلة لكنت صادقا" [كتاب السرائر نقلً عن (الصول الصلية) لعبد ال الشبر ص ‪ 320‬ط قم‬
‫– إيران]‪.‬‬
‫وروى الطوسي في أماليه عن جعفر أنه قال‪:‬‬
‫ليكس منكا مكن لم يلزم التقيكة" [المالي للطوسكي نقلً عكن الصكول الصكلية والقواعكد‬
‫الشرعية لعبد ال الشبر]‪.‬‬
‫فهذه هكي التقيكة الشرعيكة‪ ،‬وهذه هكي مكانتهكا وشأنهكا عندهكم يقول السكيد محكب الديكن‬
‫الخطيب المصري في رسالته (الخطوط العريضة للسس التي قام عليها مذهب الشيعة الثنى‬
‫عشرية)‪:‬‬
‫"وأول موانع التجاوب الصادق بإخلص بيننا وبينهم ما يسمونه التقية‪ ،‬فإنها عقيدة دينية‬
‫تبيح لهم التظاهر لنا بغير ما يبطنون‪ ،‬فينخدع سليم القلب منا بما يتطاهرون له به من رغبتهم‬
‫فككي التعاون والتقارب‪ ،‬وهككم ل يريدون ذلك‪ ،‬ول يرضون بككه‪ ،‬ول يعملون له" [الخطوط‬
‫العريضة ص ‪ 9 ،8‬الطبعة السادسة]‪.‬‬
‫وأ ضف إلى قول ال سيد الخط يب‪ :‬إن الشي عة ل يظهرون بغ ير ما يبطنون ل نا أ هل ال سنة‬
‫خا صة‪ .‬بل إن هم يعودون على الكذب ح تى مع أ هل مذهب هم كي ي صير الكذب والنفاق سجيتهم‬
‫وطبيعتهم كما روى الطوسي في أماليه أنه قال جعفر لشيعته‪:‬‬
‫عليكم بالتقية‪ ،‬فإنه ليس منا من لم يجعلها شعاره وداثاره مع من يأمنه ليكون سجيته مع‬
‫من يحذره" [المالي للطوسي نقلً عن الصول الصلية ص ‪.]220‬‬
‫فمن يك هذا دينهم‪ ،‬أيقال عنهم‪ :‬إننا نتفق معهم في جواز التقية في المواطن التي أشير‬
‫إليها‪ ،‬والتي أجازها القرآن الكريم وأجازته السنة النبوية الشريفة"‪.‬‬
‫ولقد أخطأ السيد الدكتور حيث قال‪:‬‬
‫وقد أجازها الشيعة الجعفرية" [بين الشيعة وأهل السنة ص ‪.]61‬‬
‫لن الشي عة ل يجيزون ها فح سب‪ ،‬بل يوجبون ها ك ما نقل نا عن هم روايات كثيرة في ذلك‪،‬‬
‫وكما صرح به صدوقهم ابن بابويه القمي في اعتقاداته‪:‬‬
‫"التقية واجبة ل يجوز رفعها إلى أن يقوم القائم‪ ،‬ومن تركها قبل خروجه فقد خرج عن‬
‫دين المامية‪ ،‬وخالف ال ورسوله والئمة" [العتقادات لبن بابويه القمي]‪.‬‬
‫وقال مفيدهم‪:‬‬
‫"التق ية كتمان ال حق و ستر العتقاد ف يه‪ ،‬ومكات مة المخالف ين وترك مظاهرت هم ب ما يع قب‬
‫ضررا في الد ين أو الدن يا‪ ،‬وفرض ذلك إذا علم بالضرورة أو قوي في ال ظن" [شرح اعتقادات‬
‫الصدوق فصل التقية ص ‪.]241‬‬
‫وقال في (أوائل المقالت)‪:‬‬
‫إنهكا قكد تجكب أحيانا ويكون فرضا‪ ،‬وتجوز أحيانا مكن غيكر وجوب [أوائل المقالت ص‬
‫‪.]135‬‬
‫ولقد فصلنا القول في ذلك في كتابنا (الشيعة والسنة) وبحثنا فيه عن السباب التي ألجأت‬
‫الشيعكة وأرغمتهكم على اعتقادهكا‪ ،‬كمكا أوردنكا فيكه روايات كثيرة ونصكوصا عديدة مكن كتبهكم‬
‫المعتمدة ورجالتهم الموثوقين‪ ،‬أعرضنا عن إيرادها ههنا تجنبا للتكرار والطالة‪ ،‬وعلى كل من‬
‫يريد أن يعرف حقيقة هذه العقيدة فليرجع إليه‪ ،‬فإنه ل غنى عنه‪.‬‬
‫ونختم الكلم في هذا المبحث برواية يرويها بخاريهم الكليني عن عبد ال بن يعفور أنه‬
‫قال‪:‬‬
‫قلت لبكي ع بد ال عل يه السكلم‪ :‬إنكي أخالط الناس فيك ثر عجكبي من أقوام ل يتولونككم‬
‫ويتولون فلنا وفلنا‪ ،‬لهم أمانة وصدق ووفاء‪ ،‬وأقوام يتولونكم ليس لهم تلك المانة ول الوفاء‬
‫ول الصدق‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فاستوى أبو عبد ال عليه السلم جالسا‪ ،‬فأقبل علي كالغضبان‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫ل د ين ل من دان ال بول ية إمام ل يس من ال" [الكا في في ال صول ج ‪ 1‬ص ‪ – 237‬ط‬
‫الهند]‪.‬‬
‫فكيف يكون الصدق والوفاء لقوم أمروا بالكذب والنفاق؟‬
‫يقول عالم شيعي هندي هو السيد إمام‪:‬‬
‫"إن مذهب المامية وأهل السنة عينان تجريان إلى مختلف الجهات‪ ،‬وإلى القيامة تجريان‬
‫هكذا متباعدتين‪ ،‬ل يمكن اجتماعهما أبدا" [مصباح الظلم للسيد إمداد إمام ص ‪.]42 ،41‬‬

‫الفصل الرابع‬
‫البَداء‬
‫هنالك عقيدة شيعية أخرى ل تقل شناعة عن العقائد الخرى التي يختص بها القوم‪ ،‬وهي‬
‫عقيدة البداء في ال‪.‬‬
‫ومعنى البداء الظهور بعد الخفاء كما ذكر ذلك السيد محسن المين في كتابه (الشيعة بين‬
‫الحقائق والوهام) تحت عنوان البداء‪:‬‬
‫البداء م صدر بدا يبدو بداء أي ظ هر‪ ،‬وي ستعمل في العرف بمع نى الظهور ب عد الخفاء‪،‬‬
‫ص ‪46 ،45‬‬ ‫فيقال‪ :‬فلن كان عازما على كذا ثم بدا له فعدل عنه" [الشيعة بين الحقائق والوهام‬
‫الطبعة الثالثة سنة ‪1977‬م بيروت]‪.‬‬
‫وبمثل ذلك نقل ابن منظور الفريقي عن اللغويين حيث قالوا‪:‬‬
‫البداء استصواب شيء بعد أن لم يعلم‪ ..‬وقال الفراء‪ :‬بدا لي بداء أي ظهر لي رأي آخر‬
‫وأنشد‪:‬‬
‫ثم لم يبد لي سواه بداء‬ ‫لو على العهد لم يخنه لدمنا‬
‫قال الجوهري‪ :‬وبدا له في المر بداء أي نشأ له فيه رأي – وذكر أيضا ‪ :-‬بدا لي أي‬
‫تغير لي رأي على ما كان عليه" [لسان العرب ج ‪ 14‬ص ‪ 66‬ط مصر وبيروت]‪.‬‬
‫وفي هذا المعنى استعمل هذا اللفظ في القرآن الكريم‪:‬‬
‫[سورة الزمر الية ‪.]47‬‬ ‫‪ . .‬وبدا لهم من ال ما لم يكونوا يحتسبون‬
‫[ سورة الز مر ال ية‬ ‫وبدا ل هم سيئات ما ك سبوا وحاق ب هم ما كانوا به ي ستهزئون‬
‫‪.]48‬‬
‫[ سورة الجاث ية ال ية‬ ‫وبدا ل هم سيئات ما عملوا وحاق ب هم ما كانوا به ي ستهزئون‬
‫‪.]33‬‬
‫[سورة آل عمران الية‬ ‫‪ . .‬قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر‬
‫‪.]118‬‬
‫[سورة العراف الية ‪.]22‬‬ ‫‪ . .‬فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما ‪. .‬‬ ‫وأيضا‪:‬‬
‫ففي كل اليات استعمل هذا اللفظ بمعنى الظهور بعد الخفاء‪.‬‬
‫وتجيكز الشيعكة هذا البداء ل‪ ،‬أي يظهكر له أمكر بعدمكا كان خفيا عليكه – تعالى ال عمكا‬
‫يقولون علوا ككبيرا – كمكا تنكص على ذلك روايات شيعيكة كثيرة فكي أمهات كتبهكم‪ ،‬المعتمدة‬
‫الموثوقة‪ ،‬منها مارووه عن جعفر أنه كان يقول بإمامة ابنه إسماعيل بعده‪ ،‬ثم مات إسماعيل في‬
‫حياته فقال‪:‬‬
‫ما بدا ل في شيء ك ما بدا له في إ سماعيل اب ني" [كمال الد ين وتمام النعمة ل بن بابو يه‬
‫القمي ج ‪ 1‬ص ‪ – 69‬ط طهران سنة ‪1395‬ه‍‪ ،‬وفرق الشيعة للنوبختي ص ‪ ،64‬وكتاب المقالت‬
‫‪359‬‬ ‫والفرق لسعد بن عبد ال القمي ص ‪ 78‬ط طهران سنة ‪1963‬م‪ ،‬والنوار النعمانية ج ‪ 1‬ص‬
‫ط إيران]‬
‫وم ثل ذلك ما رواه الكلي ني في كاف يه عن إمام هم العا شر علي بن مح مد المك نى بأ بي‬
‫الحسن أنه لما مات ابنه الكبر محمد المكنى بأبي جعفر وبقي له ابنه الصغر الحسن المكنى‬
‫بأبي محمد قال كما روى أبو هاشم الجعفري‪:‬‬
‫كنت عند أبي الحسن عليه السلم بعد ما مضى ابنه جعفر وإني لفكر في نفسي أريد أن‬
‫أقول‪ :‬كأنه ما أع ني أ با جع فر وأ با مح مد في هذا الو قت كأ بي الح سن مو سى وإ سماعيل اب ني‬
‫جعفر بن محمد عليهم السلم وأن قصتهما كقصتهما‪ ،‬إذ كان أبو محمد المرجي بعد أبي جعفر‬
‫عليه السلم فأقبل عليّ أبو الحسن قبل أن أنطق فقال‪:‬‬
‫نعم يا أبا هاش‪ ،‬بدا ل في أبي محمد بعد أبي جعفر عليه السلم ما لم يكن يعرف له‪،‬‬
‫كما بدا له في موسى بعد مضي إسماعيل ما كشف به عن حاله وهو كما حدثتك نفسك وإن كره‬
‫المبطلون‪ ،‬وأبو محمد ابنى المخلف من بعدي [الصول من الكافي ج ‪ 1‬ص ‪.]327‬‬
‫وكما رواه أيضا عن محمد بن عبد ال النباري أنه قال‪:‬‬
‫كنت حاضرا أبا الحسن عليه السلم لما توفي ابنه محمد فقال للحسن‪:‬‬
‫يا بني أحدث ل شكرا فقد أحدث فيك أمرا [الصول من الكافي ص ‪.]326‬‬
‫وهذه الروايات الثلثة صريحة في معناها بأن ال لم يكن يعلم بأن كلً من إسماعيل بن‬
‫جع فر‪ ،‬ومح مد بن علي ل ي صلحان للما مة‪ ،‬وخ في ال مر عل يه‪ ،‬ثم ظ هر له عدم صلحيتهما‬
‫لتلك المنزلة وذلك المنصب فأحدث المامة في موسى بن جعفر وحسن بن علي‪.‬‬
‫هذا وروى محدثو الشيعة روايات كثيرة في هذا المعنى‪ ،‬منها ما رواه ابن بابويه القمي‬
‫الملقب بالصدوق عن علي بن موسى الملقب بالرضا – المام الثامن لدى الشيعة ‪:-‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫لقد أخبرني أبي عن آبائي عليهم السلم عن رسول ال‬
‫"إن ال أوحى إلى نبي من أنبيائه أن أخبر فلنا الملك‪ :‬أني متوفيه إلي كذا وكذا‪.‬‬
‫فأتاه ذلك النبي فأخبره‪ ،‬فدعا ال الملك وهو على سريره حتى سقط من السرير‪ ،‬قال‪ :‬يا‬
‫رب‪ ،‬عجلني حتى يشب طفلي ويقضى أمري‪.‬‬
‫فأو حى ال عز و جل إلى ذلك ال نبي أن ائت الملك فأعلم أ ني قد أن سيت في أجله وزدت‬
‫في عمره إلى خ مس عشرة سنة‪ ،‬فقال ذلك ال نبي عل يه ال سلم‪ :‬يا رب‪ ،‬إ نك لتعلم أ ني لم أكذب‬
‫قط‪ ،‬فأوحى ال عز وجل إليه‪ :‬إنك عبد مأمور فأبلغه ذلك‪ ،‬وال ل يسأل عما يفعل [عيون أخبار‬
‫الرضا ج ‪ 1‬ص ‪ 182 ،181‬تحت عنوان (البداء وما يتعلق به)]‪.‬‬
‫ورووا مثل ذلك عن نبي ال عيسى الناطق بالوحي أنه مر بقوم مجلبين كما نقله القمي‬
‫عن جعفر بن محمد فقال عيسى عليه السلم‪:‬‬
‫ما لهؤلء؟‬
‫قيل‪ :‬يا روح ال إن فلنة بنت فلن تهدى إلى فلن بن فلن في ليلتها هذه قال‪ :‬يجلبون‬
‫اليوم ويبكون غدا‪ ،‬فقال قائل منهم‪ :‬ولم يا رسول ال؟‬
‫قال‪ :‬لن صاحبتهم ميتة في ليلتها هذه‪ ،‬فقال القائلون بمقالته‪ :‬صدق ال وصدق رسوله‪،‬‬
‫وقال أ هل النفاق‪ :‬ما أقرب غدا‪ ،‬فل ما أ صبحوا جاءوا فوجدو ها على حال ها لم يحدث ب ها ش يء‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬يا روح ال إن التي أخبرتنا أمس أنها ميتة لم تمت‪ ،‬فقال عيسى عليه السلم‪ :‬يفعل ال‬
‫ما يشاء‪ ،‬فاذهبوا ب نا إلي ها‪ ،‬فذهبوا يت سابقون ح تى قرعوا الباب فخرج زوج ها‪ ،‬فقال له عي سى‬
‫عليه السلم‪ :‬استأذن لي إلى صاحبتك‪ ،‬قال‪ :‬فدخل عليها فأخبرها أن روح ال وكلمته بالباب مع‬
‫عدة‪ ،‬قال‪ :‬فتخدرت‪ ،‬فدخل عليها فقال لها‪ :‬ما صنعت ليلتك هذه؟‬
‫قال‪ :‬لم أ صنع شيئا إل و قد ك نت أ صنعه في ما م ضى إ نه كان يعتري نا سائل في كل ليلة‬
‫جمعكة فننيله مكا يقوتكه إلى مثله‪ ،‬وأنكه جاءنكي فكي ليلتكي هذه وأنكا مشغولة بأمري وأهلي فكي‬
‫مشاغيل‪ ،‬فهتف فلم يجبه أحد‪ ،‬ثم هتف فلم يجبه أحد حتى هتف مرارا‪ ،‬فلما سمعت مقالته قمت‬
‫متنكرة حتى أنلته كما كنا ننيله‪ ،‬فقال لها‪ :‬تنحي عن مجلسك‪ :‬فإذا تحت ثيابها أفعى مثل جذعة‬
‫عاض على ذنبه‪ ،‬فقال عليه السلم‪ :‬بما صنعت صرف ال عنك هذا [أمالي الصدوق المجلسي‬
‫الخامس والسبعون ص ‪.]405 ،404‬‬
‫وكذبوا على نبي ال محمد صلوات ال وسلمه عليه نقلً عن جعفر أيضا أنه قال‪:‬‬
‫‪ :‬عليك‪ ،‬فقال أصحابه‪ :‬إنما‬ ‫فقال‪ :‬السلم عليك‪ ،‬فقال رسول ال‬ ‫مر يهودي بالنبي‬
‫‪ :‬إن هذا‬ ‫‪ :‬كذلك رددت‪ ،‬ثكم قال النكبي‬ ‫سكلم عليكك بالموت‪ .‬قال‪ :‬الموت عليكك‪ .‬قال النكبي‬
‫اليهودي يع ضه أ سود في قفاه فيقتله‪ .‬قال‪ :‬فذ هب اليهودي فاحت طب حطبا كثيرا فاحتمله‪ ،‬ثم لم‬
‫‪ :‬ض عه فو ضع الح طب فإذا أ سود في جوف الح طب‬ ‫يل بث أن ان صرف فقال له ر سول ال‬
‫عاض على عود‪ ،‬فقال‪ :‬يا يهودي ما عملت اليوم؟ قال‪ :‬ما عملت عملً إل ح طبي هذا احتمل ته‬
‫‪:‬‬ ‫فجئت به وكان معي كعكتان فأكلت واحدة وتصدقت بواحدة على مسكين‪ ،‬فقال رسول ال‬
‫ج‪4‬‬ ‫ب ها د فع ال ع نه‪ ،‬وقال‪ :‬إن ال صدقة تد فع مي تة ال سوء عن الن سان" [الكا في للكلي ني‬
‫ص ‪ – 5‬كتاب الزكاة]‪.‬‬
‫ومعنكى الروايتيكن واضكح جلي أن نكبي ال عيسكى عليكه السكلم أخكبر بموت العروسكة‬
‫بإخبار من ال عز وجل وبوحي منه وخفي على ال – عياذا بال – بأن العروسة واليهودي ل‬
‫يموتان في وقتهما الذي حدد لموتهما العارضة تعرض‪ ،‬وسبب يحدث‪ ،‬كما لم يظهر له – تعالى‬
‫ال عمكا يقولونكه علوا ككبيرا – أن رسكوليه يكذبان مكن قبكل المعانديكن‪ ،‬ويهزأ بهمكا مكن قبكل‬
‫المنافق ين‪ ،‬ويتكلم الناس في أمره ما ما يتكلمون‪ ،‬ويكون في أيدي هم ح جة لتكذيب هم إيا هم وللرد‬
‫على مقولتهم وأنبائهم فل يبقى إذا معنى النبوة والنبوءة‪.‬‬
‫وعلى ذلك اضطرب القوم في أ مر هذه العقيدة الخبي ثة‪ ،‬المت فق علي ها ع ند جم يع الشي عة‬
‫ك ما قال شيخ هم المف يد‪ :‬واتف قت المام ية على إطلق ل فظ البداء في و صف ال تعالى وإن كان‬
‫ذلك من جهة السمع دون القياس [أوائل المقالت ص ‪.]52‬‬
‫فهذه العقيدة المتفقكة عندهكم جعلتهكم يضطربون عنكد اليرادات والشكالت ول يجدون‬
‫عن ها مخل صا إل بالتأويلت الركي كة والتوجيهات الضعي فة الرخي صة‪ ،‬من ها ما الت جأ إل يه كا تب‬
‫شي عي دعائي في كتا به الدعائي (المشهور أ صل الشي عة وأ صولها)‪ ،‬وض عف قو ته وفتور هم ته‬
‫وقلة حيلته وعدم ثقته بكلمه تتدفق من عبارته وهو يقول‪:‬‬
‫وغامض علومهم حتى‬ ‫أما البداء الذي تقول به الشيعة الذي هو من أسرار آل محمد‬
‫ورد في أخبار هم الشري فة أ نه‪ :‬ما ع بد ال بش يء م ثل القول بالبداء‪ ،‬وأ نه‪ :‬ما عرف ال حق‬
‫معرف ته ولم يعرف بالبداء‪ ،‬إلى كث ير من أمثال ذلك‪ ،‬ف هو عبارة عن إظهار ال جل شأ نه أمرا‬
‫يرسكم فكي ألواح المحكو والثبات وربمكا يطلع عليكه بعكض الملئككة المقربيكن أو أحكد النكبياء‬
‫والمرسلين فيخبر الملك به النبي‪ ،‬والنبي يخبر به أمته‪ ،‬لم يقع بعد ذلك خلفه لنه محاه وأوجد‬
‫في الخارج غيره وكل ذلك كان جلت عظمته يعلمه حق العلم ولكن في علمه المخزون المصون‬
‫الذي لم يطلع عليكه ل ملك مقرب ول نكبي مرسكل ول ولي ممتحكن‪ ،‬وهذا المقام مكن العلم هكو‬
‫يمحو ال ما‬ ‫المعبر عنه القرآن الكريم بأم الكتاب المشار إليه‪ ،‬وإلى المقام الول بقوله تعالى‪:‬‬
‫يشاء ويثبكت وعنده أم الكتاب ‪ ،‬ول يتوهكم الضعيكف أن هذا الخفاء والبداء يكون مكن قبيكل‬
‫الغراء بالجهكل وبيان خلف الواقكع‪ ،‬فإن فكي ذلك حكما ومصكالح تقصكر عنهكا العقول وتقكف‬
‫عندها اللباب [أصل الشيعة وأصولها لمحمد الحسين آل كاشف الغطاء ص ‪.]148‬‬
‫ثم إن القوم لم يقفوا في سرد الروايات لدعم عقيدتهم هذه إلى هذا الحد بل قالوا‪ :‬إن نبي‬
‫ال لوطا عليه السلم كان يخاف من البداء ل إلى حد أنه طالب ملئكة العذاب أن يعجلوا بقومه‬
‫العذاب كي ل تتغير إرادة ال فيهم بسبب من السباب التي خفيت عليه وتظهر فيما بعد‪.‬‬
‫وهذه هي عبارة القوم نقلً عن مح مد البا قر ب عد ذ كر ر سل ال الذ ين أر سلوا إلى قوم‬
‫لوط‪:‬‬
‫قال لهم لوط‪ :‬يا رسول ربي فما أمركم ربي فيهم؟‬
‫قالوا‪ :‬أمرنا أن نأخذهم بالسحر‪.‬‬
‫قال‪ :‬فلي إليكم حاجة‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬وما حاجتك؟‬
‫قال‪ :‬تأخذونهم الساعة‪ ،‬فإني أخاف أن يبدو لربي فيهم‪.‬‬
‫ج‪5‬‬ ‫فقالوا‪ :‬يا لوط‪ ،‬إن موعدهم الصبح‪ ،‬أليس الصبح بقريب [الكافي في الفروع للكليني‬
‫ص ‪ ،546‬كتاب النكاح باب اللواط]‪.‬‬
‫وقد بالغوا هذا حتى قالوا نقلً عن محمد الباقر‪ :‬أنه قال‪:‬‬
‫إن ال عز وجل إذا أراد أن يخلق النطفة التي مما أخذ عليها الميثاق في صلب آدم أو ما‬
‫يبدو له فيه ويجعلها في الرحم حرك الرجل للجماع وأوحى إلى الرحم – أن افتحي بابك حتى‬
‫يلج ف يك خل قي وقضائي النا فذ وقدري‪ ،‬فتف تح الر حم باب ها فت صل النط فة إلى الر حم‪ ،‬فتردد ف يه‬
‫أربعين يوما‪ .‬ثم تصير علقة أربعين يوما‪ ،‬ثم تصير مضغة أربعين يوما‪ ،‬ثم تصير لحما تجري‬
‫ف يه عروق مشتب كة‪ ،‬ثم يب عث ال ملك ين خلق ين يخلقان في الرحام ما يشاء ال فيقتحمان في‬
‫بطن المرأة من فم المرأة فيصلن إلى الرحم وفيها الروح القديمة المنقولة في أصلب الرجال‬
‫وأرحام النسكاء فينفخان فيهكا روح الحياة والبقاء ويشقان له السكمع والبصكر وجميكع الجوارح‬
‫وجميع ما في البطن بإذن ال‪ ،‬ثم يوحي ال إلى الملكين‪ :‬اكتبا عليه قضائي وقدري ونافذ أمرين‬
‫واشترطكا لي البداء فيمكا تكتبان‪ ..‬فيملي أحدهمكا على صكاحبه فيكتبان جميكع مكا فكي اللوح‬
‫ويشترطان البداء في ما يكتبان [الكا في في الفروج ج ‪ 6‬ص ‪ 14 ،13‬كتاب العقي قة باب بدء خلق‬
‫النسان]‪.‬‬
‫وقد عظموا هذه العقيدة حتى نقلوا عن أئمتهم أنهم قالوا‪:‬‬
‫"ما عبد ال بشيء مثل البداء" قاله محمد الباقر [الكافي في الصول ج ‪ 1‬ص ‪ ،146‬كتاب‬
‫التوحيد باب البدء]‪.‬‬
‫وعن جعفر أنه قال‪:‬‬
‫"ما عظم ال بمثل البداء" [الكافي في الصول]‪.‬‬
‫وعنه أيضا ما نقله مالك الجهني أنه قال‪:‬‬
‫"لو علم الناس ما في القول بالبداء من ال جر ما افتروا من الكلم ف يه [ال صول من‬
‫الكافي ‪.]1/148‬‬
‫وعن مرازم بن حكيم أنه قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪:‬‬
‫مكا تنبكأ نكبي قكط حتكى يقكر ل بخمكس خ صال‪ :‬بالبداء‪ ،‬والمشيئة‪ ،‬والسكجود والعبوديكة‪،‬‬
‫والطاعة [الصول من الكافي]‪.‬‬
‫وأخيرا ما رواه الريان بن الصلت أنه قال‪:‬‬
‫" سمعت الرضا عليه ال سلم يقول‪ :‬ما بعث ال نبيا قط إل بتحر يم الخمر‪ ،‬وأن ي قر ل‬
‫بالبداء" [الكافي في الصول ‪.]1/148‬‬
‫هذا ما يقوله الشي عة عن ال ويعتقدوه ف يه ورا ثة عن اليهود ية البغي ضة‪ ،‬وناقلة أفكار ها‬
‫الخبيثة من قول اليهود‪:‬‬
‫"رأي الرب أن شر الن سان قد ك ثر في الرض‪ ،‬وأن كل ت صور أفكار قل به إن ما هو‬
‫شرير كل يوم‪ .‬فحزن الرب أنه عمل النسان في الرض وتأسف في قل به‪ ،‬فقال الرب‪ :‬أمحو‬
‫عن وجه الرض النسان الذي خلقته النسان مع البهائم ودبابات وطيور السماء‪ ،‬لني حزنت‬
‫أني عملتهم [سفر التكوين من التوراة الصحاح السادس الفقرة ‪.]7 ،6 ،5‬‬
‫وم ثل هذه الفقرات كثيرة في التوراة واض حة تش ير إلى أن ال ف عل شيئا ولم ي كن ليف عل‬
‫لو عل في حينه أن نتيجته خلف ما أراده‪ ،‬وخفي عليه ما ظهر فيما بعد – سبحانه عما يصفو‪.‬‬
‫وأما ما يقوله الرب جل وعل في كتابه المحكم الذي ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من‬
‫خلفه فهو مخالف تمام المخالفة لما يعتقده اليهود والشيعة يقول الرب عز وجل عن نفسه‪:‬‬
‫‪ . .‬عالم الغيب ل يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ول في الرض ول أصغر من‬
‫[سورة سبأ الية ‪.]3‬‬ ‫ذلك ول أكبر إل في كتاب مبين‬
‫وقال‪:‬‬
‫و ما يعزب عن ر بك من مثقال ذرة في الرض ول في ال سماء ‪ [ ..‬سورة يو نس‬
‫الية ‪.]61‬‬
‫وقال‪:‬‬
‫وعنده مفاتح الغيب ل يعلمها إل هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إل‬
‫[ سورة النعام‬ ‫يعلم ها ول ح بة في ظلمات الرض ول ر طب ول يا بس إل في كتاب مبين‬
‫الية ‪.]59‬‬
‫وأمر ملئكته أن يقولوا‪:‬‬
‫وما نتنزل إل بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا‬
‫[سورة مريم الية ‪.]65‬‬
‫وقال على لسان موسى عليه السلم‪:‬‬
‫[سورة طه الية ‪.]52‬‬ ‫‪ . .‬ل يضل ربي ول ينسى‬
‫وقال‪:‬‬
‫[سورة الطلق الية ‪.]12‬‬ ‫‪ . .‬وأن ال قد أحاط بكل شيء علما‬
‫[سورة النساء الية ‪.]126‬‬ ‫‪ . .‬وكان ال بكل شيء محيطا‬ ‫وقال‪:‬‬
‫[سورة فصلت الية ‪.]54‬‬ ‫‪ . .‬أل إنه بكل شيء محيط‬ ‫وقال‪:‬‬
‫واليات في هذا المعنى كثيرة ل تعد ول تحصى‪.‬‬
‫أما الشيعة فيعتقدون في ال عكس ما يقوله الرب عنه جل جلله‪ ،‬وعم نواله‪ ،‬مصرحين‬
‫بأن ال تعالى ظ هر له من ال مر ما لم ي كن ظاهرا [ر سالة أعلم الهدى في تحق يق البداء لنظام‬
‫الدين الجيلني الشيعي نقلً عن تحفة اثنى عشرية ص ‪.]226‬‬
‫ولماذا قالوا بالبداء؟‬
‫هؤلء القوم لماذا يقولون بهذه المقالة الشنيعة؟‬
‫يجيب على ذلك أقدم من كتب في فرق الشيعة من الشيعة ومن يليه أبو محمد الحسن بن‬
‫موسى النوبختي‪ ،‬وسعد بن عبد ال القمي في كتابيهما (فرق الشيعة)‪ ،‬وكتاب (المقالت والفرق)‬
‫نقلً عن سليمان بن جرير‪:‬‬
‫"إن أئمة الرافضة وضعوا لشيعتهم مقالتين ل يظهرون معهما من أئمتهم على كذبهم أبدا‪،‬‬
‫وهما القول بالبداء‪ ،‬وإجازة التقية‪.‬‬
‫فأما البداء فإن أئمتهم لما أحلوا أنفسهم من شيعتهم محل النبياء من رعيتها في العلم فيما‬
‫كان ويكون‪ ،‬والخبار ب ما يكون في ال غد‪ ،‬وقالوا لشيعت هم‪ :‬إ نه سيكون في غد و في غابر اليام‬
‫كذا وكذا‪ ،‬فإن جاء ذلك الشيء على ما قالوه قالوا لهم‪:‬‬
‫ألم نعلم كم أن هذا يكون‪ ،‬فن حن نعلم من ق بل ال عز و جل ما علمته ال نبياء عن ال ما‬
‫عل مت‪ ،‬وإن لم ي كن ذلك الش يء الذي أخبروا به على ما قالوا‪ ،‬اعتذروا لشيعتهم بقولهم‪ :‬بدا ل‬
‫في ذلك بكونه‪.‬‬
‫فما أصدقه وأحسن به‪.‬‬
‫هذا ولم يقولوا بهذه المقالة ولم يعتقدوا بهذا العتقاد إل لمخالفتهكم المسكلمين أهكل السكنة‬
‫ح يث أن هم أ سسوا قوا عد مذهب هم على مخال فة العقائد ال سلمية الخال صة الم ستقاة من كتاب ال‬
‫جل وعل وسنة نبيه المصطفى صلوات ال وسلمه عليه كما بيناه فيما مضى‪.‬‬
‫وليكس المكر كمكا تصكوره السكيد الدكتور ومكن يحذو حذوه ويسكلك مسكلكه دون علم أو‬
‫برهان‪.‬‬

‫الفصل الخامس‬
‫الجفر‬
‫وأما الجفر الذي تعرض لذكره الدكتور وافي وحين قال‪:‬‬
‫"هذا الكتاب لم تتصل روايته‪ ،‬ول عرف عينه ول صحة نسبته إلى المام جعفر‪ ،‬ومع‬
‫تردد ذكره في الكتب المعتمدة عند الشيعة الجعفرية‪ ،‬فإن معظمهم ل يعرض لتأييده"‪ .‬فإنه ثابت‬
‫موجود لدى الشيعكة الثنكى عشريكة‪ ،‬مقرر عندهكم‪ ،‬ولم يعرض أحكد لرده خلف الدكتور‪ ،‬وقكد‬
‫صحت ن سبته إلى جع فر بن البا قر ح سب ز عم القوم وات صلت رواي ته‪ ،‬فإن مح مد بن الح سن‬
‫الصفار مثلً الذي يعد من أصحاب الحسن العسكري – المام الحادي عشر المعصوم المزعوم‬
‫– ومن أساتذة أئمة الحديث الشيعي كالكليني ووالد صدوق الشيعة علي بن الحسين‪ ،‬وغيرهم‪،‬‬
‫ذكر في كتابه (بصائر الدرجات) أربعا وثلثين رواية موصولة متصلة‪ ،‬منها واحدة ثلثون عن‬
‫جعفر بن محمد‪ ،‬وواحدة منها عن أبيه محمد الباقر‪ ،‬وأخرى عن أبيه ابن الحسين‪ ،‬والثالثة منها‬
‫عن أبي الحسن‪.‬‬
‫وكذلك أورد الكلي ني إمام محدثي الشيعة ثماني روايات في ذكر الجفر‪ ،‬كلها عن جعفر‬
‫بن محمد‪ ،‬روايات متصلة صحيحة السناد حسب قواعد الشيعة وأصول القوم‪.‬‬
‫ول أدري على أي أ ساس قال ما قاله سيادته في ذلك‪ ،‬تبرئة ل ساحة الشيعة عما يلزم هم‬
‫من الشناعة والسخرية بسبب عقائدهم الغريبة‪.‬‬
‫ونود أن نورد ه نا روايات كي يعرف القارئ الج فر الشي عي الذي يؤ هل أئ مة الشي عة أن‬
‫يساووا النبياء والمرسلين‪ ،‬بل وأكثر من ذلك أن يضاهوا علم ال بعلمهم ومعرفتهم ما سيكون‬
‫ويحدث إلى يوم القيامكة – تعالى ال عمكا يقولون علوا ككبيرا‪ ،‬يضاهئون قول الذيكن كفروا مكن‬
‫قبل قاتلهم ال أنى يؤفكون‪.‬‬
‫فيروي الكليني عن أبي بصير أنه قال‪:‬‬
‫دخلت على أبي عبد ال عليه السلم فقلت له‪ :‬جعلت فداك‪ ،‬إني أسألك عن مسألة‪ ،‬ههنا‬
‫أحد يسمع كلمي؟‬
‫قال‪ :‬فرفع أبو عبد ال سترا بينه وبين بيت آخر فاطلع فيه‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫يا أبا محمد‪ ،‬سل عما بدا لك‪ .‬قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك‪ ،‬إن شيعتك يتحدثون أن رسول ال‬
‫علم عليا عليه السلم بابا ينفتح له منه ألف باب؟‬
‫عليا عل يه ال سلم ألف باب يف تح من كل باب‬ ‫قال‪ :‬فقال‪ :‬يا أ با مح مد‪ ،‬علم ر سول ال‬
‫ألف باب‪.‬‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬هذا وال العلم‪ .‬قال‪ :‬فنكت ساعة في الرض ثم قال إنه لعلم وما هو بذاك ‪. .‬‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫وإن عندنا الجفر‪ ،‬وما يدريهم ما الجفر؟‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬وما الجفر؟‬
‫قال‪ :‬وعاء مكن أدم فيكه علم النكبيين والوصكيين‪ ،‬وعلم العلماء الذيكن مضوا مكن بنكي‬
‫إسرائيل" [الكافي في الصول كتاب الحجة باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف‬
‫فاطمة عليها السلم ج ‪ 1‬ص ‪.]239‬‬
‫وروي أيضا عن الحسين بن أبي العلء أنه قال‪:‬‬
‫سمعت أ با ع بد ال عل يه ال سلم يقول‪ :‬إن عندي الج فر الب يض‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬أي ش يء‬
‫فيه؟‬
‫قال‪ :‬زبور داود‪ ،‬وتوراة موسى‪ ،‬وإنجيل عيسى‪ ،‬وصحف إبراهيم عليه السلم‪ ،‬والحلل‬
‫والحرام ‪ ..‬وعندي الجفر الحمر‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬وأي شيء في الجفر الحمر؟‬
‫قال‪ :‬ال سلح‪ ،‬وذلك إن ما يفتح للدم يفت حه صاحب ال سيف للقتل‪ ،‬فقال له عبد ال بن أ بي‬
‫يعفور‪ :‬أصلحك ال‪ .‬أيعرف هذا بنو الحسن؟‬
‫فقال‪ :‬إي وال كما يعرفون الليل أنه ليل‪ ،‬والنهار أنه نهار ولكنهم يحملهم الحسد وطلب‬
‫ج‪1‬‬ ‫الدن يا على الجحود والنكار‪ ،‬ولو طلبوا ال حق بال حق لكان خيرا ل هم" [ال صول من الكا في‬
‫ص ‪.]240‬‬
‫وروى الصفار عن أبي مريم عن محمد الباقر أنه قال في رواية طويلة‪:‬‬
‫"وعندنا الجفر‪ ،‬وهو أديم عكاظي قد كتب فيه حتى ملئت أكارعه‪ ،‬فيه ما كان وما هو‬
‫كائن إلى يوم القيامة" [بصائر الدرجات الكبرى للصفار الجزء الثالث ص ‪.]180‬‬
‫وروي أيضا عن أبي بصير عن جعفر بن محمد أنه قال في رواية طويلة عنه‪:‬‬
‫"إن عندنا الجفر‪ ،‬وما يدريهم ما الجفر؟ مسك شاة أو جلد بعير؟‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك ما الجفر؟‬
‫قال‪ :‬وعاء أحمر أو أدم‪ ،‬أحمر فيه علم النبيين والوصيين‪ ،‬قلت‪ :‬هذا وال هو العلم‪ .‬قال‪:‬‬
‫إنه لعلم وما هو بذاك‪ ..‬ثم سكت ساعة ثم قال‪ :‬إن عندنا لعلم ما كان وما هو كائن إلى أن تقوم‬
‫السكاعة‪ .‬قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك هذا وال هكو العلم‪ .‬قال‪ :‬إنكه لعلم ومكا هكو بذاك‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪:‬‬
‫جعلت فداك‪ :‬وأي شيء هو العلم؟‬
‫قال‪ :‬ما يحدث بالل يل والنهار‪ ،‬ال مر ب عد ال مر‪ ،‬والش يء ب عد الش يء إلى يوم القيا مة"‬
‫[بصائر الدرجات ‪.]172‬‬
‫فهذا هو الجفر لدى القوم‪ ،‬وما ال بغافل عما يقولون ويعملون‪.‬‬
‫وأما جعل الدكتور الجفر ومصحف فاطمة شيئا واحدا فيدل على عدم علمه بكتب الشيعة‬
‫ومعرف ته بمذهبهم ومعتقد هم ح يث أنهم يجعلون الج فر شيئا آ خر م ستقلً وم صحف فاط مة كتابا‬
‫آخر ل علقة بينهما إطلقا‪.‬‬
‫كمكا أن حضرتكه نسكي فكي غمرات الحكب والدفاع عكن معتقدات القوم أن مكا يقوله فكي‬
‫صفحة ‪ 72‬من كتيبه عن الجفر يخالف ما قاله في صفحة ‪ ،43‬حيث يقول في معرض الكلم عن‬
‫الجفر وعدم نسبته إلى جعفر‪:‬‬
‫ولو صح سنده لحمل أن ما فيه يتمثل في إلهام إلهي للمام الصادق‪ ،‬وقد ذكرنا فيما سبق‬
‫أن الجمهور ي قر حقي قة اللهام للم صطفين الخيار من الناس‪ ،‬و من ع سى أن يكون أ حق بهذا‬
‫الو صف من المام جع فر ال صادق وآل ب يت الر سول صلوات ال و سلمه عل يه" [ب ين الشي عة‬
‫وأهل السنة ص ‪.]72‬‬
‫وهو الذي نقل رواية قبل ذلك عن الكليني في كتابه عن جعفر بن محمد‪:‬‬
‫"مكثت فاطمة بعد النبي خمسة وسبعين يوما صبت عليها مصائب من الحزن ل يعلمها‬
‫إل ال‪ ،‬فأرسل ال إليها جبريل يسليها ويعزيها ويحدثها عن أبيها وما يحدث لذريتها وكان علي‬
‫يسمع ويكتب حتى جاء به مصحفا قدر القرآن ثلث مرات ليس فيه شيء من الحلل والحرام‬
‫ولكن فيه علم ما يكون – ثم قال ‪ :-‬ولعل هذا هو الجفر" [بين الشيعة وأهل السنة ص ‪.]43‬‬
‫فكيف التوافق بين هذا وذاك؟‬
‫اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والخرة‪.‬‬
‫وأمكا قوله‪ :‬ومكن عسكى أن يكون أحكق بهذا الوصكف (يعنكي اللهام) مكن المام جعفكر‬
‫ال صادق وآل ب يت الر سول‪ :‬فل يس إل مجاز فة ومبال غة ومغالة‪ ،‬وتخ صيص قوم بالفضائل دون‬
‫قوم آخريكن بدون سكند ول دليكل مكن الكتاب والسكنة‪ ،‬لن التقرب إلى ال والصكطفاء لديكه ل‬
‫يكون لحسكب ول نسكب‪ ،‬والعكز والشرف والمكرمكة عنده ل تكون لقوم دون قوم‪ ،‬وقكبيلة دون‬
‫يكا أيهكا الناس إنكا خلقناككم مكن ذككر وأنثكى‬ ‫قكبيلة‪ ،‬بكل مداره طهارة النفكس وتقوى القلوب‪:‬‬
‫[سورة الحجرات الية ‪.]13‬‬ ‫وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند ال أتقاكم‬
‫ف كم من الهاشمي ين لم ينالوا مرت بة أو منزلة ع ند ال وع ند ر سوله الهاش مي صلوات ال‬
‫عن‬ ‫وسلمه عليه مثل ما نالها غيرهم من العرب وغير العرب أيضا‪ ،‬وقد أخبر رسول ال‬
‫عمر بن الخطاب أنه ملهم في أمته‪ ،‬كما ذكره الدكتور وافي‪ ،‬ولم يخبر عن عباس – وهو سيد‬
‫‪ ،‬وعمه الحقيقي – وكذلك نال من الكرامة والصحبة أبو بكر رضي‬ ‫بني هاشم بعد نبي ال‬
‫ال عنه ما لم ينلها أحد غيره في الكون من أهل البيت وغير أهل البيت‪.‬‬
‫وغلى ذلك أشار شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال كما نقل عنه الذهبي‪:‬‬
‫"ولول أن الناس وجدوا ع نه مالك والشاف عي وأح مد أك ثر م ما وجدوه ع ند مو سى بن‬
‫جع فر‪ ،‬وعلي بن مو سى‪ ،‬ومح مد بن علي ل ما عدلوا عن هؤلء إلى هؤلء‪ ..‬ون فس ب ني ها شم‬
‫كانوا ي ستفيدون من علم مالك بن أ نس أك ثر م ما ي ستفيدون من ا بن عم هم مو سى بن جع فر"‬
‫[المنتقى من منهاج العتدال للذهبي ص ‪ – 191‬ط المطبعة السلفية – القاهرة]‪.‬‬
‫الباب السادس‬
‫الشيعة الثنا عشرية ومسألة المامة‬
‫إن الما مة ع ند الشي عة الث نى عشر ية كالنبوة‪ ،‬والمام عند هم كال نبي غ ير أ نه ل يطلق‬
‫عليه لفظ النبوة كما صرح بذلك الكليني في كافيه‪ ،‬حيث روى عن محمد بن مسلم أنه قال‪:‬‬
‫‪ ،‬إل أنهكم ليسكوا‬ ‫وسكمعت أبكا عبكد ال عليكه السكلم يقول‪ :‬الئمكة بمنزلة رسكول ال‬
‫‪ ،‬فأ ما ما خل ذلك ف هم بمنزلة ر سول ال‬ ‫بأ نبياء‪ ،‬ول ي حل ل هم من الن ساء ما ي حل لل نبي‬
‫" [الكافي في الصول كتاب الحجة باب في أن الئمة بمن يشبهون ممن مضى ج ‪ 1‬ص ‪.]270‬‬
‫وروي أيضا عن جعفر أنه قال‪:‬‬
‫"نحن خزان علم ال‪ ،‬نحن تراجمة أمر ال‪ ،‬نحن قوم معصومون‪ ،‬أمر ال تبارك وتعالى‬
‫بطاعتنا‪ ،‬ونهى عن عصيتنا‪ ،‬نحن الحجة البالغة على من دون السماء وفوق الرض" [الصول‬
‫من الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.]269‬‬
‫وأورد روا ية أخرى عن مف ضل بن ع مر عن جع فر أ نه سئل عن علم المام ب ما في‬
‫أقطار الرض وهو في بيته مرخي عليه ستره‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫خم سة أرواح‪ ،‬روح الحياة ف يه دب‬ ‫" يا مف ضل‪ ،‬إن ال تبارك وتعالى ج عل في ال نبي‬
‫ودرج‪ ،‬وروح القوة فيه نهض وجاهد‪ ،‬وروح الشهوة فيه أكل وشرب وأتى النساء من الحلل‪،‬‬
‫انتقكل روح‬ ‫وروح اليمان فيكه آمكن وعدل‪ ،‬وروح القدس فيكه حمكل النبوة‪ ،‬فإذا قبكض النكبي‬
‫القدس ف صار إلى المام [و هل يم كن أن يقال ب عد هذا‪ :‬بأن هم يعتقدون باعتقاد خ تم نبوة مح مد‬
‫وأنهم ليسوا بأول من أنكر ختم النبوة عليه واعتقدوا بجريانها بعده؟]‪ ،‬وروح القدس ل ينام ول‬
‫يغفل‪ ،‬ول يلهو ول يزهو‪ ،‬وأربعة الرواح تنام وتغفل‪ ،‬وتزهو وتلهو‪ ،‬وروح القدس كان يرى‬
‫به" [الصول من الكافي كتاب الحجة باب فيه ذكر أرواح الئمة عليهم السلم ج ‪ 1‬ص ‪.]272‬‬
‫وكما روى الكليني هذا أيضا عن جعفر أنه سأله رجل من أهل هيت عن قول ال عز‬
‫وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ‪ ،‬فقال‪ :‬منذ أنزل ال عز وجل ذلك الروح على‬ ‫وجل‪:‬‬
‫ي خبره وي سدده –‬ ‫ما صعد إلى ال سماء وإ نه لفي نا‪ ،‬و في روا ية‪ :‬كان مع ر سول ال‬ ‫مح مد‬
‫وهو مع الئمة من بعده – وهو من الملكوت" [الصول من الكافي كتاب الحجة باب الروح التي‬
‫يسدد ال بها الئمة عليهم السلم ج ‪ 1‬ص ‪.]273‬‬
‫وهناك روايات أخرى صريحة أك ثر من ذلك قد ذكر نا بعضا من ها في ما سبق‪ ،‬ونكت في‬
‫ههنا بذكر روايتين من الصفار عن أبي جعفر محمد الباقر أنه قال‪:‬‬
‫إحداهمكا وكسكر الخرى‬ ‫برمانتيكن فأككل رسكول ال‬ ‫"إن جبريكل أتكى رسكول ال‬
‫‪:‬‬ ‫نصفين‪ ،‬فأكل نصفها وأطعم رسول ال عليا نصفها‪ ،‬ثم قال رسول ال‬
‫يا أخي‪ :‬هل تدري ما هاتان الرمانتان؟‬
‫قال‪ :‬ل‪.‬‬
‫قال‪ :‬أمكا الولى فالنبوة‪ ،‬ليكس لك فيهكا شيكء‪ ،‬وأمكا الخرى فالعلم‪ ،‬أنكت شريككي فيكه‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬أصلحك ال كيف يكون شريكه فيه؟‬
‫قال‪ :‬ل يعلم ال محمدا علما إل وأمره أن يعلم عليا" [بصكائر الدرجات الككبرى باب فكي‬
‫مشار كه في العلم ولم يشار كه في النبوة‪ ،‬وذ كر‬ ‫أم ير المؤمن ين عل يه ال سلم أن ر سول ال‬
‫الرمانين ص ‪.]312‬‬
‫وروي أيضا عن علي بن الحسين‪:‬‬
‫كنا أهل البيت ورثته‪ ،‬ونحن‬ ‫كان أمين ال في أرضه‪ ،‬فلما قبض محمد‬ ‫"إن محمدا‬
‫أمناء ال فكي أرضكه‪ ،‬عندنكا عكل البليكا والمنايكا وأنسكاب العرب ومولد السكلم‪ ،‬وإنكا لنعرف‬
‫الر جل إذا رأيناه بحقي قة اليمان وحقي قة النفاق‪ ،‬وأن شيعت نا لمكتوبون بأ سمائهم وأ سماء آبائ هم‪،‬‬
‫أ خذ ال علي نا وعلي هم الميثاق‪ ،‬يردون مورد نا‪ ،‬ويدخلون مدخل نا‪ ،‬ن حن النجباء‪ ،‬وأفراط نا أفراط‬
‫النكبياء‪ ،‬ونحكن أبناء الوصكياء‪ ،‬ونحكن المخصكصون فكي كتاب ال‪ ،‬ونحكن أولى الناس بال‪،‬‬
‫ونحن أولى الناس بكتاب ال‪ ،‬ونحن أولى الناس بدين ال‪ ،‬ونحن الذين شرع لنا دينه‪ ،‬فقال في‬
‫كتا به‪ :‬شرع ل كم يا آل مح مد من الد ين ما و صى به نوحا‪ ،‬و قد و صانا ب ما أو صى به نوحا‪،‬‬
‫والذي أوحينكا إليكك يكا محمكد ومكا وصكينا بكه إبراهيكم وإسكماعيل وموسكى وعيسكى وإسكحاق‬
‫ويعقوب‪ ،‬فقد علمنا وبلغنا ما علمنا‪ ،‬واستودعنا علمهم‪ ،‬نحن ورثة النبياء‪ ،‬ونحن ورثة أولي‬
‫العزم من الر سل‪ :‬أن أقيموا الد ين يا آل مح مد ول تفرقوا ف يه وكونوا على جما عة كبر على‬
‫المشركين من أشرك بولية على ما تدعوهم إليه من ولية علي إن ال يا محمد يهدي إليه من‬
‫ينيب من يجيبك إلى ولية علي [ومن المعروف أن هذه العبارة ليست من القرآن بل إنها مختلفة‬
‫مزورة مكذوبكة على لسكان علي زيكن العابديكن‪ ،‬وأن علي بكن الحسكن وأمثاله براء ممكا يعتقده‬
‫الشيعة من التحريف في القرآن] عليه السلم" [بصائر الدرجات الكبرى – باب في الئمة أنهم‬
‫ورثوا علم أولي العزم من الرسل وجميع النبياء‪ ،‬وأنهم صلوات ال عليهم أمناء ال في أرضه‪،‬‬
‫وعندهم علم البليا والمنايا وأنساب – العرب ص ‪.]138‬‬
‫فهذه هي الما مة ع ند الشي عة وهذا هو المام‪ ،‬ول بأس أن نورد هه نا روايت ين أخري ين‬
‫أوردهما صدوق الشي عة – و هو كذوب – ا بن بابو يه القمي‪ ،‬و هو وا حد من أ صحاب ال صحاح‬
‫الربعة أنه روى عن جعفر بن محمد الباقر عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين‬
‫[وهذا أصح الروايات عند الشيعة حيث يروي إمام معصوم حسب زعمهم عن إمام معصوم إلى‬
‫آخره] أنه قال‪:‬‬
‫"ن حن أئ مة الم سلمين وح جج ال على العالم ين‪ ،‬و سادة المؤمن ين‪ ،‬وقادة ال غر المحجل ين‪،‬‬
‫وموالي المؤمنين‪ ،‬ونحن أمان لهل الرض‪ ،‬كما أن النجوم أمان لهل السماء‪ ،‬ونحن الذين بنا‬
‫يمسك ال السماء أن تقع على الرض إل بإذنه‪ ،‬وبنا يمسك الرض أن تميد بأهلها‪ ،‬وبنا ينزل‬
‫الغ يث‪ ،‬وتن شر الرح مة‪ ،‬وتخرج بركات الرض‪ ،‬ولول ما في الرض م نا ل ساخت بأهل ها‪ ،‬ثم‬
‫قال‪:‬‬
‫"ولم تخل الرض منذ خلق ال آدم من حجة ال فيها ظاهر مشهور‪ ،‬أو غائب مستور‪،‬‬
‫ول تخلو إلى أن تقكم السكاعة مكن حجكة ال فيهكا‪ ،‬ولول ذلك لمكا يعبكد ال‪ ،‬قال سكليمان‪ :‬فقلت‬
‫للصادق عليه السلم‪:‬‬
‫فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟‬
‫قال‪ :‬كمكا ينتفعون بالشمكس إذا سكترها السكحاب" [كمال الديكن وتمام النعمكة لبكن بابويكه‬
‫القمي‪ ،‬باب العلة التي من أجلها يحتاج إلى المام ج ‪ 1‬ص ‪.]207‬‬
‫وروي أيضا عن محمد الباقر أنه قال‪:‬‬
‫"نحن جنب ال‪ ،‬ونحن صفوته‪ ،‬ونحون حوزته‪ ،‬ونحن مستودع مواريث النبياء‪ ،‬ونحن‬
‫أمناء ال عز و جل‪ ،‬ون حن ح جج ال‪ ،‬ون حن أركان اليمان‪ ،‬ون حن دعائم ال سلم‪ ،‬ون حن من‬
‫رحمة ال على خلقه‪ ،‬ونحن من بنا يفتح وبنا يختم‪ ،‬ونحن أئمة الهدى‪ ،‬ونحن مصابيه الدجى‪،‬‬
‫ونحن منار الهدى‪ ،‬ونحن السابقون‪ ،‬ونحن الخرون‪ ،‬ونحن العلم المرفوع للخق‪ ،‬من تمسك بنا‬
‫لحق‪ ،‬ومن تأخر عنا غرق‪ ،‬ونحن قادة الغر المحجلين‪ ،‬ونحن خيرة ال‪ ،‬ونحن الطريق الواضح‬
‫والصراط المستقيم إلى ال عز وجل‪ ،‬ونحن من نعمة ال عز وجل على خلقه‪ ،‬ونحن المنهاج‪،‬‬
‫ونحن معدن النبوة‪ ،‬ونحن موضع الرسالة‪ ،‬ونحن الذين إلينا تختلف الملئكة‪ ،‬ونحن السراج لمن‬
‫استضاء بنا‪ ،‬ونحن السبيل لمن اقتدى بنا‪ ،‬ونحن الهداة إلى الجنة‪ ،‬ونحن عرى السلم‪ ،‬ونحن‬
‫الج سور والقنا طر‪ ،‬من م ضى علي ها لم ي سبق‪ ،‬و من تخلف عن ها م حق‪ ،‬ون حن ال سنام العظام‪،‬‬
‫ون حن الذ ين ب نا ينزل ال عز و جل الرح مة‪ ،‬وب نا ي سقون الغ يث‪ ،‬ون حن الذ ين ب نا ي صر عن كم‬
‫العذاب‪ ،‬فمن عرفنا وأبصرنا وعرف حقنا وأخذ بأمرنا فهو منا وإلينا" [كمال الدين وتمام النعمة‬
‫لبن بابويه القمي ج ‪ 1‬ص ‪.]206‬‬
‫وعلى ذلك قالوا‪" :‬ي جب على ال ن صب المام كن صب ال نبي" [ان ظر لذلك منهاج الكرا مة‬
‫للحلي ص ‪ ،72‬وأيضا أعيان الشيعة الجزء الول‪ ،‬القسم الثاني ص ‪ ،6‬أيضا الشيعة في التاريخ‬
‫لمح مد ح سين الزي ص ‪ ،45 ،44‬أيضا أ صول المعارف لمحمد المو سوي ص ‪ ،82‬أيضا اللف ين‬
‫الفارق بين الصدق والمين للمحلي ص ‪.]15‬‬
‫وليس للخلئق خيار في اختيار المام وتعيينه‪ ،‬وال نصب للعالم أجمع اثنى عشر إماما‪،‬‬
‫أولهم علي وآخرهم معدومهم الذي يزعمونه ابنا للحسن العسكري الذي لم يولد قط‪.‬‬
‫و من الغرائب أن واحدا من هؤلء الث نى ع شر لم يملك زمام الح كم أبدا غ ير علي بن‬
‫أبي طالب رضي ال عنه الذي جعل المام باختيار من الناس بعد خلفاء رسول ال الثلثة الذين‬
‫سبقوه على من صب الما مة والزعا مة ب عد ر سول ال ‪ ،‬والذ ين ا ستشهد علي ر ضي ال ع نه‬
‫على صحة خلف ته ب صحة خلفت هم ح يث قال ك ما ورد في أقدس كتاب شي عي (ن هج البل غة)‪-‬‬
‫عكس ما يقوله القوم ورغم أنوفهم‪:‬‬
‫"إ نه بايع ني القوم الذ ين بايعوا أ با ب كر وع مر وعثمان على ما بايعو هم عل يه‪ ،‬فلم ي كن‬
‫للشاهكد أن يختار‪ ،‬ول للغائب أن يرد‪ ،‬وإنمكا الشورى للمهاجريكن والنصكار‪ ،‬فإن اجتمعوا على‬
‫رجل وسموه إماما كان ذلك ل رضى‪ ،‬فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما‬
‫خرج م نه‪ ،‬فإن أ بى قاتلوه على اتبا عه غ ير سبيل المؤمن ين‪ ،‬ووله ال ما تولى" [ن هج البل غة‬
‫بتحقيق صبحي صالح ص ‪ – 367 ،366‬ط بيروت]‪.‬‬
‫وحاصل الكلم‪" :‬أننا ل نفهم المامة الشيعية التي يجعلونها واجبة‪ ،‬والتي يقولون فيها‪:‬‬
‫إن على ال أن ين صب من يشغل ها ويجوز ب ها لردع الظالم عن ظل مه وح مل الناس على الخ ير‬
‫وردعهم عن الشر" [أعيان الشيعة الجزء الول القسم الثاني ص ‪.]6‬‬
‫و‪ :‬لح فظ الشري عة من الضياع ور فع الف ساد وإقا مة الحدود ون شر الحكام والنت صاف‬
‫للمظلوم من الظالم" [أصول المعارف لمحمد الموسوي ص ‪.]82‬‬
‫و‪ :‬إن الناس متكى كان لهكم رئيكس منبسكط اليكد‪ ،‬قاهكر‪ ،‬عادل‪ ،‬يردع المعانديكن‪ ،‬ويقمكع‬
‫المتغلب ين‪ ،‬وينت صف للمظلوم ين من الظالم ين‪ ،‬ات سقت المور‪ ،‬و سكنت الف تن‪ ،‬ودرت المعا يش‪،‬‬
‫وكان الناس مكع وجوده إلى الصكلح أقرب‪ .‬ومتكى خلوا مكن رئس صكفته مكا ذكرناه تكدرت‬
‫معايشهكم وتغلب القوي على الضعيكف‪ ،‬وانهمكوا فكي المعاصكي‪ ،‬ووقكع الهرج والمرج‪ ،‬وكانوا‬
‫إلى الف ساد أقرب‪ ،‬و من ال صلح أب عد" [تلخ يص الشا في للطو سي ج ‪ 1‬ص ‪ 60‬ط قم – إيران‬
‫الطبعة السادسة صنة ‪1974‬م]‪.‬‬
‫لن أئمتهكم الثنكى عشكر بمكا فيهكم علي رضكي ال تعالى عنكه – حسكب مقولتهكم – لم‬
‫يسكتطيعوا ردع الظالم عكن ظلمكه إياهكم‪ ،‬ولم يتمكنوا بإقامكة الحدود ول رفكع الفسكاد‪ ،‬ول‬
‫النتصاف لنفسهم من الظالم‪ ..‬فضلً عن غيرهم من المظلومين‪ ،‬وبذلك رد عليهم شيخ السلم‬
‫ا بن تيم ية ب عد ذ كر كلم الحلي‪ :‬إ نه ن صب أولياء مع صومين لئل يخلي ال العالم من لط فه‪،‬‬
‫فقال‪:‬‬
‫هم يقولون‪ :‬إن الئ مة المع صومين مقهورون مظلومون عاجزون‪ ،‬ل يس ل هم سلطان ول‬
‫إلى أن ا ستخلف‪ ،‬و في‬ ‫قدرة ح تى إن هم يقولون ذلك في علي ر ضي ال ع نه م نذ مات ال نبي‬
‫‪ . .‬فقكد آتينكا آل‬ ‫الثنكى عشكر‪ ،‬ويقرون أن ال مكا مكنهكم ول ملكهكم‪ ،‬وقكد قال ال تعالى‪:‬‬
‫إبراهيكم الكتاب والحكمكة وآتيناهكم ملكا عظيما ‪ ،‬فإن قيكل‪ :‬المراد بنصكبهم أنكه أوجكب عليهكم‬
‫طاعتهكم فإذا أطاعوهكم هدوهكم‪ ،‬ولككن الخلق عصكوهم‪ ،‬فيقال‪ :‬لم يحصكل – بمجرد ذلك – فكي‬
‫العالم‪ ،‬ل ل طف ول رح مة‪ ،‬بل إن ما حصل تكذ يب الناس ل هم ومع صيتهم إيا هم‪ .‬و(المنتظر) ما‬
‫انت فع به من أ قر به ول من جحده‪ ،‬وأ ما سائر الث نى ع شر – سوى علي ر ضي ال ع نه –‬
‫فكا نت المنف عة بأحد هم كالمنف عة بأمثاله من أئ مة الد ين والعلم‪ ،‬وأ ما المنف عة المطلو بة من أولي‬
‫المكر فلم تحصكل بهكم‪ ،‬فتكبين أن مكا ذكره مكن (اللطكف) تلبيكس وكذب" [المنتقكى مكن منهاج‬
‫العتدال للذهبي ص ‪.]34‬‬
‫و قد ذكر نا عجزه هم‪ ،‬و ما حل ب هم من ق هر وظلم‪ ،‬وغل بة الغ ير علي هم من ك تب القوم‬
‫أنفسهم في كتابنا (الشيعة وأهل البيت) وكتابنا (الشيعة والتشيع)‪ ،‬وأكثر من ذلك أثبتنا أن المنفعة‬
‫الدينية أيضا لم تكن تحصل منهم للخلق حيث أنهم كانوا يخافون الحكام ويهابون المخالفين‪ ،‬ولم‬
‫يكونوا يستطيعون أن يظهروا ما في قلوبهم حسب علمهم وإيمانهم‪ ،‬وقد أوردنا في ذلك روايات‬
‫كثيرة‪ ،‬منها ما ذكرناها عن الكليني أنه روى عن زرارة بن أعين أنه قال‪:‬‬
‫سألت أبا جعفر عليه السلم عن مسألة فأجابني‪ ،‬ثم جاء رجل فسأله عنها فأجابه بخلف‬
‫ما أجاب ني‪ ،‬ثم جاء ر جل فسأله فأجا به بخلف ما أجاب ني وأجاب صاحبي‪ ،‬فل ما خرج الرجلن‬
‫قلت‪ :‬يا ابن رسول ال‪ ،‬رجلن من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألن فأجبت كل واحد منهما‬
‫بغير ما أجبت به صاحبه؟‪.‬‬
‫فقال‪ :‬يا زرارة‪ ،‬إن هذا خير لنا وأبقى لكم‪ ،‬ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس‬
‫علينا ولكان أقل لبقائنا وبقائكم‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم قلت لبي عبد ال عليه ال سلم‪ :‬شيعتكم لو حملتمو هم على ال سنة أو على النار‬
‫لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين؟ قال‪ :‬فأجابني بمثل جواب أبيه" [الصول من الكافي‬
‫في باب اختلف الحديث ج ‪ 1‬ص ‪.]65‬‬
‫وكما أوردنا رواية في مبحث التقية عن جعفر أنه قال لحد متبعيه‪:‬‬
‫"يا سليمان‪ ،‬إنكم على دين من كتمه أعزه ال‪ ،‬ومن أذاعه أذله ال" [الكافي في الصول‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪ 222‬باب التقية – ط إيران]‪.‬‬
‫وهناك روايات في هذا المعنى أكثر من أن تعد وتحصى‪.‬‬
‫وحا صل الكلم‪ :‬أن هذه هي الما مة الشيع ية ال تي يوجبون ها على ال ولم تح صل ل حد‪،‬‬
‫ولم تثبت ولم تتحقق‪ ..‬وقد بحثناها مفصلً في كتابنا (الشيعة والتشيع)‪.‬‬
‫وهؤلء هم أئمتهم‪ :‬علي وأولده الحد عشر بما فيهم المعدوم‪ ،‬ويعدون غيرهم وكل من‬
‫تولى الخلفة والمامة في زمنهم خلفاء غاصبين مغتصبين [انظر‪( :‬عقائد الشيعة) تأليف الحاج‬
‫ميرزا آقاسي – نقلً عن (عقيدة الشيعة) لرونالدسن – ط عربي القاهرة ص ‪ 35‬باب (الغاصبون‬
‫الثلثكة) وغيره مكن كتكب الشيعكة الكثيرة] بمكا فيهكم أبكو بككر وعمكر وعثمان الخلفاء الراشدون‬
‫الثلثة رضي ال عنه أجمعين‪ ،‬ويوجبون البراءة منهم‪ ،‬والولء لئمتهم‪ ،‬ويجعلون وليتهم أصلً‬
‫من أصول السلم وأساسا من أسسه ودعائمه‪ ،‬ل يؤمن من ل يعتقد بها‪ ،‬ول يكفر من يؤمن‬
‫بها‪ .‬والروايات والتصريحات في هذا لكثيرة جدا‪ ،‬فالخلف بيننا وبينهم في هذه المسألة خلف‬
‫جوهري وأصولي وعقائدي‪ ،‬ل كما زعمه السيد الدكتور وصرح به حيث يقول‪:‬‬
‫"إن خلفهم معنا في هذا الصدد خلف نظري وأقرب أن يكون اختلفا في حقائق التاريخ‬
‫ول يؤثر في إيمانهم شيئا" [بين الشيعة وأهل السنة ص ‪.]75‬‬
‫وعلى ذلك يكفر الشيعة كل من ينكر إمامة أئمتهم المزعومين‪ ،‬كما أن منكر النبوة كافر‬
‫بالتفاق‪ ،‬لن الما مة ل تختلف مع النبوة في أ صلها‪ ،‬وجوهر ها ك ما بيناه مقدما‪ ،‬وك ما صرح‬
‫بذلك أساطين الشيعة وصناديدها الذين نحن بصدد ذكرهم الن‪ ،‬وكما دلت عليه روايات كثيرة‬
‫عن أئمت هم المع صومين – ح سب زعم هم – و سيأتي ذكر ها إن شاء ال‪ ،‬ل ك ما زع مه سيادة‬
‫الدكتور حيث قال‪:‬‬
‫إنهم لم يحكموا بالكفر على من ل يعتقد بالمامة على النحو الذي ذكروه ولو أنهم حكموا‬
‫بذلك لكان لنا معهم موقف آخر إذ يكون معنى حكمهم هذا تكفير جميع أهل السنة [بين الشيعة‬
‫وأهل السنة ص ‪.]77‬‬
‫يا لتساهل الدكتور‪ ،‬وفي هذا العمر!!!‬
‫ويا لتحمسه لهل السنة المساكين!!!‬
‫ولقكد ذكرنكي قوله هذا بكبيت شعكر أورد مكا معناه‪ :‬لم يككن يسكعنا إل أن نموت مكن شدة‬
‫الفرح والسرور لو كنا نعرف صدق وعده ووفائه‪.‬‬
‫واأسفاه على عدم معرفة السيد الدكتور عقائد القوم وعدم علمه بالحقائق الثابتة الموجودة‬
‫الم سطورة في جم يع كتب هم من التف سير والحد يث والعقائد والكلم والتار يخ‪ ،‬وأن ها كل ها مليئة‬
‫بتكفير أهل السنة قاطبة وتسميتهم النواصب‪ .‬اللهم إل بعض الكتب الدعائية التي لم تكتب لبيان‬
‫المعتقدات وتعليمها وتفهيمها الشيعة‪ ،‬بل لمغالطة أهل السنة وخداعهم والتلبيس عليهم وتزوير‬
‫الحقائق أمامهم‪ ،‬وإن لم يكن كذلك فلي شيء حصل الفتراق والختلف؟‪.‬‬
‫بالردة‪ ،‬خيار خلق ال بعكد النكبياء‬ ‫وإن القوم الذيكن حكموا على أصكحاب رسكول ال‬
‫والمرسلين‪ ،‬وصفوتهم‪ ،‬لم يحكموا عليهم بهذا الحكم القدسي الجاني إل لعدم مبايعتهم عليا رضي‬
‫ال ع نه – ح سب زعم هم – ومبايعت هم أ با ب كر ال صديق‪ ،‬وبعده ع مر الفاروق‪ ،‬وبعده عثمان ذا‬
‫النورين رضي ال عنهم أجعين‪ ،‬وتركهم مناصرة علي وخذلنهم إياه كما يذكرون!!‬
‫فهذا هو الكليني وغيره يروون عن أبي جعفر محمد الباقر أنه قال‪:‬‬
‫إل ثل ثة‪ :‬المقداد بن ال سود‪ ،‬و سلمان الفار سي‪ ،‬وأ بو‬ ‫"كان الناس أ هل ردة ب عد ال نبي‬
‫ذر الغفاري ‪ . .‬وقال‪:‬‬
‫ج‪8‬‬ ‫هؤلء الذين دارت عليهم الرحى وأوا أن يبايعوا" [كتاب الروضة من الكافي للكليني‬
‫ص ‪.]246‬‬
‫وروى الكليني أيضا عنه أنه قال‪:‬‬
‫يوما كئيبا حزينا‪ ،‬فقال له علي عل يه ال سلم‪ :‬ما لي أراك يا ر سول‬ ‫أ صبح ر سول ال‬
‫ال كئيبا حزينا؟‪.‬‬
‫قال‪ :‬وك يف ل أكون كذلك و قد رأ يت في ليل تي هذه أن ب ني ت يم (أي أ با ب كر وقو مه)‪،‬‬
‫وب ني عدي (أي ع مر و قبيلته)‪ ،‬وب ني أم ية (أي عثمان وعشير ته) ي صعدون م نبري هذا يردون‬
‫الناس عن السلم القهقرى‪:‬‬
‫فقلت (يعي الرسول) ‪ :‬يا رب‪ ،‬في حياتي أو بعد موتي؟‬
‫فقال‪ :‬بعد موتك" [كتاب الروضة من الكافي للكليني ج ‪ 8‬ص ‪.]246‬‬
‫وبلغوا في اللؤم حيث كذبوا على محمد الباقر أنه قال‪:‬‬
‫ما كان ولد يعقوب أ نبياء ولكن هم كانوا أ سباط أولد ال نبياء‪ ،‬ولم ي كن يفارقون الدن يا إل‬
‫سعداء‪ ،‬تابوا وتذكروا ما صنعوا‪.‬‬
‫وإن الشيخ ين (يع ني أ با ب كر وع مر) فار قا الدن يا ولم يتو با‪ ،‬ولم يتذكرا ما صنعا بأم ير‬
‫المؤمن ين عل يه ال سلم‪ ،‬فعليه ما لع نة ال والملئ كة والناس أجمع ين" [كتاب الرو ضة من الكا في‬
‫للكليني ج ‪ 8‬ص ‪.]246‬‬
‫ف من كان هذا شأن هم مع أولئك الخيار البرار فماذا سيكون موقف هم في أخلف هم‪ ،‬و من‬
‫يسلكون مسلكهم‪ ،‬وينهجون منهجهم‪ ،‬ويتبعونهم بإحسان؟‪.‬‬
‫فإن القوم ل يكتمون حقدهم وبغضهم وعقيدتهم في أولئك‪ ،‬فيقولون بكل صراحة ووقاحة‪:‬‬
‫"اتفقت المامية على كفر من أنكر إمامة أحد من الئمة‪ ،‬وجحد ما أوجب ال تعالى له‬
‫من فرض إطاع ته ف هو كا فر ضال م ستحق الخلود في النار" – قاله المف يد مح مد بن النعمان‬
‫العككبري [كتاب المسكائل للمفيكد المنقول مكن (البرهان فكي تفسكير القرآن) مقدمكة ص ‪ – 20‬ط‬
‫إيران]‪.‬‬
‫وقال أيضا‪:‬‬
‫في بني هاشم خاصة‪ ،‬ثم في علي والحسن‬ ‫"اتفقت المامية على أن المامة بعد النبي‬
‫والح سين‪ ،‬و من بعده في ولد الح سين عل يه ال سلم دون ولد الح سن إلى آ خر العالم‪ ..‬واتف قت‬
‫المامية على أن رسول ال استخلف أمير المؤمنين عليه السلم في حياته‪ ،‬ونص عليه بالمامة‬
‫بعد وفاته‪ ،‬وإن من دفع ذلك عنه دفع فرضا من الدين" [أوائل المقالت ص ‪.]48‬‬
‫وقال ابن بابويه القمي‪:‬‬
‫"اعتقادنا فيم جحد إمامة أمير المؤمنين والئمة من بعده عليهم السلم أنه بمنزلة من جحد‬
‫نبوة ال نبياء علي هم ال سلم‪ ،‬وفي من أ قر بأم ير المؤمن ين وأن كر واحدا من بعده من الئ مة علي هم‬
‫" [اعتقادات الصدوق – نقلً عن‬ ‫السلم أنه بمنزلة من آمن بجميع النبياء وأنكر نبوة محمد‬
‫مقدمة البرهان ص ‪.]20 ،19‬‬
‫وقال أيضا‪:‬‬
‫"يجب أن يعتقد أنه ل يتم اليمان إل بموالة أولياء ال ومعاداة أعدائه‪ ،‬وإن أعداء الئمة‬
‫كفار مخلدون في النار وإن أظهروا السلم‪ ،‬فمن عرف ال ورسوله والئمة وتولهم وتبرأ من‬
‫أعدائهم فهو مؤمن‪ ،‬ومن أنكرهم أو شك فيهم أو في أحدهم أو تولى أعداءهم فهو ضال هالك‪،‬‬
‫بل كافر‪ ،‬ول ينفعه عمل ول تقبل له طاعة" [اعتقادات الصدوق – نقلً عن مقدمة البرهان ص‬
‫‪.]20 ،19‬‬
‫هذا وقال السد المرتضى الملقب بعمل الهدى‪:‬‬
‫"إن المعرفة بهم (يعني الئمة) كالمعرفة به تعالى فإنها إيمان وإسلم‪ ،‬وإن الجهل والشك‬
‫فيهم كالجهل والشك فيه فإنه كفر وخروج من اليمان‪ ،‬وهذه المنزلة ليست لحد من البشر إل‬
‫والئمة من بعده‪ ،‬على أولده الطاهرين‪ ..‬والذي يدل على أن معرفة إمامة من ذكرناه‬ ‫لنبينا‬
‫من الئ مة علي هم ال سلم من جملة اليمان‪ ،‬وأن الخلل ب ها ك فر ورجوع عن اليمان بإجماع‬
‫المامية" [الرسالة الباهرة في العترة الطاهرة – نقلً عن مقدمة البرهان ص ‪.]20‬‬
‫وقال الطوسي الملقب بشيخ الطائفة‪:‬‬
‫دفع المامة كفر‪ ،‬كما أن دفع النبوة كفر‪ ،‬لن الجهل بهما على حد واحد‪ ،‬وقد روي عن‬
‫أنه قال‪:‬‬ ‫النبي‬
‫"من مات وهو ل يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية‪ ،‬وميتة الجاهلية ل تكون إل على‬
‫كفر" [تلخيص الشافي للطوسي ج ‪ 4‬ص ‪.]132-131‬‬
‫وقال أيضا‪:‬‬
‫"إن المخالف لهل الحق كافر‪ ،‬فيجب أن يكون حكمه حكم الكفار" [انظر‪ :‬مقدمة البرهان‬
‫ص ‪.]120‬‬
‫وقال الهاشم البحراني‪:‬‬
‫"إن القرار بنبوة النبي وإمامة الئمة والتزام حبهم وإطاعتهم وبغض أعدائهم ومخالفيهم‬
‫أ صل اليمان مع توح يد ال عز و جل بح يث ل ي صح الد ين إل بذلك كله‪ ،‬بل إن ها سبب إيجاد‬
‫العالم‪ ،‬وبناء حكم التكليف‪ ،‬وشرط قبول العمال‪ ،‬والخروج عن حد الكفر والشرك‪ ،‬وإنها التي‬
‫عرضكت كالتوحيكد على جميكع الخلق‪ ،‬وأخكذ عليهكا الميثاق‪ ،‬وبعكث بهكا النكبياء‪ ،‬وأنزلت فكي‬
‫الكتب‪ ،‬وكلف بها جميع المم ولو ضمنا‪ ،‬وأن نسبة النبوة إلى المامة كنسبتها إلى التوحيد في‬
‫تلزم القرار ب ها وبقرينهكا بحيكث أن الكفكر بأحدهكا فكي حككم الك فر بالخكر‪ ،‬ول يف يد اليمان‬
‫بب عض دون ب عض‪ ،‬وإن الئ مة م ثل ال نبي في فرض الطا عة والفضل ية‪ ..‬وإن الحاد يث غ ير‬
‫المحصكورة تدل على هذه المور المذكورة‪ ،‬بكل أكثرهكا ممكا هكو مجمكع عليكه عنكد علمائنكا‬
‫الماميين‪.‬‬
‫وقكد نكص على حقيقتكه‪ ،‬بكل كون جلهكا مكن ضروريات هذا المذهكب أعاظكم أصكحابنا‬
‫المحدثين" [انظر المقالة الثانية في‪ :‬مقدمة تفسير البرهان للهاشم البحراني ص ‪.]19‬‬
‫وأما السيد حسين الملقب ببحر العلوم فقد أوضح أكثر مما قال به الخرون حيث رجّح‬
‫المامة على النبوة فقال‪:‬‬
‫"إن منطلق المامكة هكو منطلق النبوة بالذات‪ ،‬والهدف الذي مكن أجله وجبكت النبوة هكو‬
‫نفسه الهدف الذي من أجله تجب المامة‪ ،‬وكما أن النبوة لطف من ال تعالى كذلك المامة لطف‬
‫من ال أيضا‪ ،‬واللحظة الحاسمة التي انبثقت فيها النبوة – وهي يوم الدار – هي نفسها اللحظة‬
‫بالتشر يع النبوي المقدس إل و ضم‬ ‫ال تي انبث قت في ها الما مة‪ ،‬ف ما انطلق ل سان ال نبي الع ظم‬
‫إليكه المحافظكة والوزارة والخلفكة لعلي عليكه السكلم بقوله‪" :‬أنكت وزيري وخليفتكي"‪ .‬وهكذا‬
‫ا ستمرت الدعوة ال سلمية ذات ل سانين‪ :‬النبوة والما مة في خط وا حد‪ ،‬وامتازت الما مة على‬
‫النبوة‪ :‬أن ها ا ستمرت بأداء الر سالة ب عد انتهاء دور النبوة – ولن تزال – ببر كة وجود صاحب‬
‫المر عجل ال فرجه‪.‬‬
‫فالمامة إذن قرين النبوة بالتشريع‪ ،‬وامتداد لها بالمحافظة والرعاية‪ ،‬وبهذا المعنى نفسر‬
‫كلم المام الكا ظم عل يه ال سلم – ك ما في أ صول الكا في – أن النبوة ل طف خاص‪ ،‬والما مة‬
‫لطف عام" [تلخيص الشافي للطوسي ج ‪ 4‬ص ‪ – 132 ،131‬الهامش]‪.‬‬
‫وقال محدث الشيعة الكبير الحر العاملي‪:‬‬
‫"إن من اد عى الما مة بغ ير حق‪ ،‬أو أن كر إما مة إمام ال حق ك فر" [الف صول المه مة في‬
‫معرفة أصول الئمة ص ‪.]142‬‬
‫أو بعد هذا كله مجال للشك بأن الشيعة ل يكفرون جميع أهل السنة؟‬
‫ثم‪ ..‬وي جب أن يعلم بأن عقيدت هم هذه لي ست إل مبن ية على تعال يم أئمت هم المع صومين –‬
‫حسب زعمهم – وأقوالهم وتصريحاتهم‪.‬‬
‫وعلى ذلك نختم هذا الباب ونسأل ال الهداية والتوفيق‪.‬‬

‫الباب السابع‬
‫الشيعة الثنا عشرية وسب الشيخين‬
‫إن الدكتور وافي ذكر مسألة سب الشيخين في موضعين من كتبه‪ ،‬وفي كل الموضعين‬
‫حاول عبثا تبرئة الشيعة من هذه التهمة الشنيعة تكرما أو تجاهلً‪ ،‬فكتب‪:‬‬
‫"ن ستبعد كذلك ما ي صدر من عوام هم من أقوال وأعمال ل يقر ها فقهاؤ هم ويعتبرون ها‬
‫مخالفة لصول مذهبهم‪ ،‬فمن ذلك أن عوامهم يسبون الشيخين أبا بكر وعمر رضي ال عنهما‪..‬‬
‫ولككن أمثال هذه القوال والعمال – ل يرضكى عنهكا شيوخهكم ويحكمون بحرمتهكا‪ ..‬وإذا كنكا‬
‫سنحاسب الطوائف ب ما يفعله عوام هم فإن ح سابنا يكون ع سيرا لكث ير من جماعات أ هل ال سنة‬
‫أنفسهم" [بين الشيعة وأهل السنة ص ‪ 32‬وما بعدها]‪.‬‬
‫ثم أعاد هذا القول فكتب‪:‬‬
‫بقيت مسألة سب الشيخين أبي بكر وعمر رضي ال عنهما‪ ،‬واتهام عثمان بأنه يهودي‪،‬‬
‫وقكد ذكرنكا فيمكا سكبق أنكه يبوء بهذا الثكم عامتهكم وسكفهاؤهم ولككن شيوخهكم ل يقرون بذلك‪،‬‬
‫ويحكمون بحرمته‪ ،‬وأنه ل يصح أن يحاسب الجعفرية بما يقوله ويفعله عامتهم وسفهائهم" [بين‬
‫الشيعة وأهل السنة ص ‪.]77‬‬
‫ونسأل الدكتور وافي‪ :‬في أي كتاب قرأ هذا الحكم؟ ومن أين نقله؟ ‪..‬لننا ل ندري!!‬
‫كما أننا ل نعرف من هم سفهاء القوم؟ ومن هم عقلؤهم وشيوخهم؟‬
‫ف هل العيا شي [ هو أ بو الن ضر مح مد بن م سعود العيا شي ال سلمي ال سمرقندي‪ ،‬المعروف‬
‫بالعيا شي من أعيان علماء الشي عة م من عاش في القرن الثالث من الهجرة‪ ،‬قال ع نه النجا شي‪:‬‬
‫ثقة‪ ،‬صدوق‪ ،‬عين من أعيان هذه الطائفة‪ ،‬وكبيرها‪( :‬رجال النجاشي ص ‪ 247‬ط قم – إيران]‪،‬‬
‫والقمي [هو أبو الحسن علي بن إبراهيم القمي‪ ،‬إمام مفسري الشيعة‪ ،‬وأقدمهم‪ ،‬من أعيان القوم‬
‫في القرن الثالث من الهجرة]‪ ،‬والبحرا ني [ هو ها شم بن سليمان بن إ سماعيل‪ ،‬ولد في قر ية‬
‫(التوبل) في منتصف القرن الحادي عشر‪ ،‬ومات في سنة ‪1107‬ه‍‪ ،‬قال فيه الخوانساري‪ :‬فاضل‪،‬‬
‫عالم‪ ،‬ماهر‪ ،‬مدقق‪ ،‬فقيه‪ ،‬عرف بالتفسير والعربية الرجال‪ ،‬وكان محدثا فاضلً‪ ..‬ومن مصنفاته‬
‫‪ 8‬ص ‪ ،)181‬أيضا (أعيان الشيعكة)]‪،‬‬ ‫(البرهان فكي تفسكير القرآن) – (روضات الجنات ج‬
‫والكاشاني [هو المل فتح ال الكاشاني من علماء الشيعة المتعصبين‪ ،‬ولم يصنف تصنيفه إل ردا‬
‫على الم سلمين أ هل ال سنة با سم (من هج ال صادقين في إلزام المخالف ين)] وغير هم من المف سرين‬
‫يعدون من العلماء أم من السفهاء؟‬
‫و هل الكلي ني [ هو مح مد بن يعقوب الكلي ني رئ يس محد ثي الشي عة‪ ،‬وأ حد مؤل في الك تب‬
‫الربعة وهو (الكافي)]‪ ،‬وابن بابويه القمي [هو أبو جعفر محمد بن علي بن الحسن بن بابويه‬
‫القمكي‪ .‬لقكب بالصكدوق‪ ،‬مكن مواليكد أوائل القرن الرابكع مكن الهجرة‪ ،‬وتوفكي سكنة ‪381‬ه‍ مكن‬
‫الهجرة‪ ،‬و هو من كبار القوم ومحدثي هم‪ ،‬وكتا به ( من ل يحضره الفق يه) أ حد الك تب الرب عة]‪،‬‬
‫والطوسي [هو أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة ‪460‬ه‍ الملقب بشيخ الطائفة‪،‬‬
‫من كبار محدثي القوم ومؤلف كتابين من الكتب الربعة (التهذيب) و(الستبصار)]‪ ،‬والمفيد [هو‬
‫محمكد بكن محمكد بكن النعمان العككبري البغدادي‪ ،‬ولد سكنة ‪338‬ه‍ ومات فكي بغداد سكنة ‪413‬ه‍‪،‬‬
‫و صلى عل يه ال سيد المرت ضى‪ ،‬واشت هر بالمف يد (لن الغائب المهدي لق به به) – ك ما يزعمون –‬
‫(معالم العلماء ص ‪ ،])101‬والكشي [هو أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي‪ ،‬قال‬
‫ع نه الق مي‪ :‬هو الش يخ الجل يل المتقدم أ بو عمرو‪ ،‬قال الش يخ الطو سي‪ :‬إ نه ث قة ب صير بالخبار‬
‫والرجال‪ ،‬حسن العتقاد‪( :‬الكنى واللقاب ج ‪ 3‬ص ‪ ،])94‬والمنبساطي [هو أبو محمد زين الدين‬
‫علي بكن يونكس العاملي‪ ،‬ولد فكي أوليات القرن التاسكع ومات سكنة ‪877‬ه‍‪ :‬فقيكه‪ ،‬محدث‪ ،‬مفسكر‬
‫(مع جم المؤلف ين ج ‪ 7‬ص ‪ ،])266‬والردبيلي [ هو أح مد بن مح مد الردبيلي من موال يد القرن‬
‫العا شر من الهجرة ومات سنة ‪993‬ه‍‪ :‬كان متكلما فقيها عظ يم الشأن‪ ،‬جل يل القدر‪ ،‬رف يع المنزلة‬
‫وأنه ممن رأى المام صاحب الزمان (الكنى واللقاب ‪ ،])3/67‬وابن الطاؤس الحسني [هو علي‬
‫بن موسى بن الطاؤس‪ ،‬ولد سنة ‪589‬ه‍ وتوفي سنة ‪66‬ه‍‪ ،‬قال فيه التفرشي‪ :‬إنه من أجلء هذه‬
‫الطائفة وثقاتها‪ ،‬جليل القدر‪( :‬نقد الرجال ص ‪ ،])144‬والمجلسي [هو المل محمد باقر بن محمد‬
‫ت قي المجل سي‪ ،‬ولد سنة ‪1037‬ه‍ ومات سنة ‪1110‬ه‍‪ ،‬من ألد أعداء ال سنة وخ صومهم‪ .‬قال ع نه‬
‫القمي‪ :‬المجلسي إذا أطلق فهو شيخ السلم والمسلمين‪ ،‬مروج المذهب والدين‪ ،‬المام‪ ،‬العلمة‪،‬‬
‫المح قق‪ ،‬المد قق‪( :‬الك نى واللقاب ج ‪ 3‬ص ‪ ،])121‬وغير هم من المحدث ين والفقهاء يعدون من‬
‫العلماء عند الدكتور أم من السفهاء؟‬
‫ولقد أوردنا نصوصا عديدة‪ ،‬وروايات كثيرة من هؤلء في كتابنا (الشيعة وأهل البيت)‬
‫كل ها سب وش تم وط عن في أ صحاب مح مد صلوات ال و سلمه عل يه‪ ،‬وخا صة في أ بي ب كر‬
‫وعمر وعثمان رضي ال عنهم‪ ،‬ولم يكتفوا بسبهم وشتمهم‪ ،‬بل طعنوا في إسلم كل من يتولهم‬
‫ويحترز عن اللعن والطعن فيهم‪ ،‬ومن أراد تفصيل ذلك فليرجع إلى الكتاب‪ .‬ونورد ههنا بعض‬
‫الروايات والعبارات لمعرفة القوم وعقيدتهم في السب والشتم لصحاب رسول ال عام‪ .‬ولخلفاء‬
‫الرسول الثلثة خاصة كي يهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة‪ ،‬ولئلً يتوهم متوهم‬
‫بأننكا بنينكا الحككم على غيكر دليكل وبرهان كمكا بناه السكيد الدكتور‪ ،‬وليعلم أن مشائخ الشيعكة‬
‫وعلماؤ هم يتفقون مع سفهائهم وأوباش هم في هذا الخ بث واللؤم‪ ،‬ول فرق بين هم‪ ..‬الل هم إل من‬
‫تظاهر عكس ذلك تقية وخداعا للمسلمين‪.‬‬
‫وكذلك جعلنا لكل‬ ‫فهذا هو مفسر الشيعة الكبير القمي يكتب تحت قول ال عز وجل‪:‬‬
‫نبي عدوا شياطين النس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ‪ . ..‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫ما بعث ال نبيا إل وفي أمته شيطانان يؤذيانه ويضلن الناس بعده‪ ،‬فأما صاحبا نوح‪..‬‬
‫وأما صاحب محمد فجبتر وزريق" [تفسير القمي ج ‪ 1‬ص ‪ – 214‬ط مطبعة النجف – العراق‬
‫سنة ‪1386‬ه‍]‪.‬‬
‫وكتب تحت ذلك عالمهم الهندي المل مقبول بقوله‪:‬‬
‫"روى أن الزريق مصغر أزرق‪ ،‬والجبتر معناه الثعلب‪ ،‬فالمراد من الول‪ ،‬الول (أبو‬
‫بكر) لنه كان أزرق العينين‪ ،‬والمراد من الثاني‪ ،‬الثاني (عمر) كناية عن دهائه ومكره" [مقبول‬
‫قرآن الشيعي في الردية ص ‪ -281‬ط الهند]‪.‬‬
‫وأما كلينيهم فقد كتب في كافيه عن أبي جعفر أنه قال‪:‬‬
‫ما كان ولد يعقوب أنبياء ولكنهم كانوا أسباطا أولد النبياء‪ ،‬ولم يفارقوا الدنيا إل سعداء‪،‬‬
‫تابوا وتذكروا مكا صكنعوا‪ ،‬وإن الشيخيكن فارقكا الدنيكا ولم يتوبكا‪ ،‬ولم يتذكرا مكا صكنعا بأميكر‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ ،‬فعليهما لعنة ال والملئكة والناس أجمعين" [الكافي للكليني كتاب الروضة‬
‫ج ‪ 8‬ص ‪ -246‬ط إيران]‪.‬‬
‫وكتب النباطي العلي في أبي بكر الصديق‪:‬‬
‫كذبوا عليه ومنزل القرآن‬ ‫قالوا أبو بكر خليفة أحمد‬
‫بكل كان ذاك خليفكة الشيطان [الصكراط المسكتقيم‬ ‫مكا كان تيمكي له بخليفكة‬
‫للنباطي ج ‪ 2‬ص ‪ -299‬ط إيران]‪.‬‬
‫وكتب في عمر الفاروق‪:‬‬
‫فقدم الدال قبل العي في النسب‬ ‫إذا نسبت عديا في بني مضر‬
‫و عد زنيكم عتكل خائن النصكب [ال صراط الم ستقيم‬ ‫وقدم السكوء والفحشاء فكي ر جل‬
‫للنباطي ج ‪ 3‬ص ‪.]29‬‬
‫وكتكب فكي عثمان ذي النوريكن أنكه سكمي نعثلً تشكبيها بذككر الضباع‪ ،‬فإنكه نعثكل لكثرة‬
‫شعره‪ ..‬ويقال‪ :‬النعثل‪ :‬التيس الكبير العظيم الجثة‪ ،‬وقال الكلبي في (كتاب المثالب)‪" :‬كان عثمان‬
‫ممن يلعب به ويتخنث‪ ،‬وكان يضرب بالدف" [الصراط المستقيم ج ‪ 3‬ص ‪.]30‬‬
‫هذا ول قد ب حث متكلموا الشي عة في ك تب العقائد في تكف ير عائ شة أم المؤمن ين وطل حة‬
‫والزب ير وغير هم من كبار أ صحاب ر سول ال وأجلة هذه ال مة‪ ،‬وبنوا حكم هم على أن م سلك‬
‫الشي عة الث نى عشر ية المت فق عل يه هو تكف ير هؤلء الخيار‪ ،‬وعلى أن هم مخلدون في النار –‬
‫عياذا بال – كما ذكر ذلك المفيد في (أوائل المقالت في المذاهب والمختارات)‪ .‬والطوسي في‬
‫(تلخيص الشافي) وغيرهما‪.‬‬
‫وقد قال فيهم محدثهم الكبير حسين بن عبد الصمد العاملي في كتابه في مصطلح الحديث‬
‫(وصول الخيار إلى أصول الخبار) بعد ذكر هؤلء الصحابة رضوان ال عليهم أجمعين‪:‬‬
‫وهؤلء نتقرب إلى ال تعالى وإلى رسوله ببغضهم وسبهم‪ ،‬وبغض من أحبهم" [وصول‬
‫الخيار إلى أصول الخبار ص ‪ -164‬ط مكتبة الخيام قم – إيران سة ‪1401‬ه‍]‪.‬‬
‫فهذه هكي عقيدة القوم‪ ،‬مشائخهكم وعلمائهكم‪ ،‬فقهائهكم ومتكلميهكم‪ ،‬دون سكفلتهم وسكفهائهم‬
‫ع كس ما يذكره الدكتور وا في‪ ،‬و من أراد ال ستزادة في هذا الباب فلير جع إلى كتاب نا (الشي عة‬
‫وأهل اليبت)‪ ،‬وأيضا كتابنا (الشيعة والسنة) ففيهما الكفاية في هذا الموضوع‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أنه ل يخلو كتاب من كتب الشيعة من سب هؤلء الخيار وشتمهم‪ ،‬كما‬
‫ل يو جد كتاب ما في العقائد أو الحد يث أو التف سير أو الف قه يذ كر ف يه تحر يم ال سباب والشتائم‬
‫ل صحاب ر سول ال‪ ،‬وخا صة الشيخ ين أ بي ب كر وع مر اللذ ين قال فيه ما علي بن أ بي طالب‬
‫رضي ال تعالى عنه‪:‬‬
‫‪ ،‬من‬ ‫إنهما إماما الهدى‪ ،‬وشيخا السلم‪ ،‬ورجل قريش‪ ،‬والمقتدى بهما بعد رسول ال‬
‫ج‪2‬‬ ‫اقتدى به ما ع صم‪ ،‬و من ات بع آثاره ما هدي إلى صراط م ستقيم" [تلخ يص الشا في للطو سي‬
‫ص ‪.]428‬‬
‫وهذا آخر ما أردنا إيراده في هذا الكتاب وال سبحانه وتعالى الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬
‫لقد بدأنا في كتابة هذا البحث وكنا في القاهرة عندما رأينا كتاب السيد الدكتور علي عبد‬
‫الوا حد وا في رغ بة م نا في إنجازه وإتما مه في القاهرة ول كن حال دون تحق يق هذه الرغ بة عدم‬
‫وجود كتب القوم هناك‪ .‬وقلة أيا المكوث فيها‪ ،‬وكثرة الشغال‪ ،‬ولقد أكملنا المقدمة والباب الول‬
‫ون حن فيها‪ .‬ثم واصلنا ال سفر إلى أور با‪ ،‬وعند إياب نا إلى بلدنا شرعنا في كتابة البحث ولكن‬
‫ببطكء لكثرة الخطكب والمحاضرات فكي المدن المختلفكة الباكسكتانية‪ ،‬شاسكعة الطراف وبعيدة‬
‫الجوانب‪ ،‬فكنا طوال هذه المدة في السفر نهارا‪ ،‬وفي الخطب ليلً‪ ،‬ولكننا لم نجد فرصة خلل‬
‫هذه السفار المتواصلة والخطب المسلسلة إل وقد اختلسناها لكمال هذا البحث لهميته واحتياج‬
‫الناس إليه لما قد ظهر في كتب الدكتور وافي المذكور من خطاء كثيرة ومغالطات كبيرة – عفا‬
‫ال عنه – بقصد أو دون قصد‪ ،‬وال يعلم السرائر وبواطن المور‪ .‬ولكن الدكتور – على شأنه‬
‫ومنزلته – يخشى أن يغتر به المغترون‪ .‬وينخدع بكلمه المنخدعو لما له من منزلة ومقام في‬
‫عيون طلبة العلم وأهله‪.‬‬
‫وإنه لمؤسف حقا أنه لم يتحر الحقيقة في كتابه (بين الشيعة وأهل السنة) ولم يحمل نفسه‬
‫عناء البحث والتحقيق رغم ما ادعاه في مقدمة كتيبه وخاتمته‪ .‬بل على عكس ذلك لم يكتب إل‬
‫نقلً على ن قل دون الرجوع إلى ال صول المعتمدة والك تب الموث قة لدى الشي عة‪ ،‬وكأن ني ل أبالغ‬
‫إذا قلت إن سيادته لم يطلع على كتاب واحد من ك تب الشي عة أنفسهم ك ما يظ هر من كتيبه هذا‪،‬‬
‫وهذا ل يليق لمن ينتسب إلى العلم فضلً عن أن يكون في مقام السيد الدكتور‪.‬‬
‫ول أود أن يصدق عليه قول ال عز وجل‪:‬‬
‫[سكورة الحكج‬ ‫ومكن الناس مكن يجادل فكي ا ل بغيكر علم ول هدى ول كتاب منيكر‬
‫الية ‪.]8‬‬
‫وإنكي لم أكتكب هذا الكتاب إل بيانا للحكق‪ ،‬ولوضكع المور فكي نصكابها‪ ،‬ونصكيحة‬
‫للمسلمين‪ ،‬لن الدين النصيحة‪ .‬قال الرسول عليه الصلة والسلم‪:‬‬
‫"الدين النصيحة‪ .‬قلنا لمن يا رسول ال؟‬
‫قال‪ :‬ل‪ ،‬ولكتابه‪ ،‬ولرسوله‪ ،‬ولئمة المسلمين‪ ،‬وعامتهم" [رواه مسلم]‪.‬‬
‫وأرجكو ال العلي القديكر أن يخلص نياتنكا لوجهكه الكريكم‪ ،‬ويجعلنكا مدافعيكن عكن حوزة‬
‫العقيدة الصحيحة والصراط المستقيم‪ .‬إنه سميع مجيب‪.‬‬
‫إحسان إلهي ظهير‬
‫لهور – باكستان‬
‫صفر ‪1405‬ه‍‬
‫نوفمبر ‪1984‬م‬

‫تم تنزيل هذا الكتاب من موقع البرهان على شبكة النترنت‬


‫‪http://www.albrhan.com‬‬

You might also like