Professional Documents
Culture Documents
الفهرس
الفرع الموضوع
المقدمة
الوسائل النبوية في كسب قلوب البرية
الحمد ل رب العالمين والصلة والسلم على الرسول المين ،وعلى آله وصحبه أجمعين ،
وعلى التابعين لهم بإحسان.
أما بعد:
فقد اطلعت على هذه الرسالة الموجزة للشيخ الفاضل مازن بن عبد الكريم الفريح فوجدتها
دراسة نفيسة وتحفة تربوية منطلقها القرآن ودليلها السنة وغايتها بذر اليمان في القلوب ونشر
الوئام والسلم لصلح الحياة .
ولشك أن الدعاة أحوج الناس إلى معرفة طرق ووسائل رد القلوب الشاردة إلى حياض الهدى
ومناهيل التقوى فشكير ال له سيعيه ورزقنيا وإياه الخلص والتقوى ونفيع بعمله هذا جمييع
المسلمين.
المقدمة
إن الحمد ل نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ،ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات
أعمالنا من يهده ال فل مضل له ومن يضلل فل هادي له ،وأشهد أن ل إله إل ال وحده
ل شريك له .
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ( صلى ال عليه وسلم ) وصحبه وسلم تسليما كثيرا...
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال حق تقاته ول تموتن إل وأنتم مسلمون ) آل عمران الية .102
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ،وبث منهما
رجال كثيرا ونساء ،واتقوا ال الذي تساءلون به والرحام إن ال كان عليكم رقيبا ) النساء
الية .1 :
ل سديدا ،يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا ل وقولوا قو ً
ال ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ) الحزاب ،اليتان 71 ،70
أما بعد :
فإن كسب قلوب الناس ليكونوا بعد ذلك للدعوة محبين وإليها مقبلين ولجندها مناصرين من
الموضوعات المهمة التي ينبغي أن يوليها الدعاة عنايتهم واهتمامهم ..وأن يكون لها نصيب
كبير من تفكيرهم وتخطيطهم ..
وتأتي أهمية هذا الموضوع من جوانب عدة منها :
أولً :أن كسب قلوب الناس طريق ووسيلة إلى تقبلهم الحق وبعض الناس معرض عن دعوة
ال لعدم انسجامه مع الداعية نتيجة لبعض تصرفاته الخاطئة وقد ثبت عنه صلى ال عليه
وسلم أنه قال (( يا أيها الناس إن منكم منفرين ))
ثانيا :صنف من الدعاة ل يهتم بمعاملة الناس ول يبالي بموقف الناس منه ولهذا نشأت بينه
وبينهم هوة كبيرة حالت دون تبليغ دعوة ال في الوقت الذي نجد فيه بعضا من أصحاب
الفكار المنحرفة أوجدوا لفكارهم أتباعا ولمبادئهم جنودا وأنصارا لنهم عرفوا كيف
يتعاملون مع الناس فكسبوا قلوبهم وحركوا نفوسهم إلى ما لديهم من باطل .
ثالثا :أن كسب الدعاة لقلوب الناس يبدد الجهود المضنية لعداء الدين على اختلف مشاربهم
وتباين نحلهم والتي يبذلونها في تشويه صورة دعاة الحق بما يبثونه من إشاعات وافتراءات
كاذبة عبر وسائل العلم المختلفة ..فمعاملة الداعية للناس معاملة الب الشفيق الرحيم الذي
يحرص عليهم كما يحرص على نفسه ويحب لهم ما يحب لها يسد البواب أمام أهل الباطل
فل يستطيعون النيل منه أو إثارة الشبهات حوله..
رابعا :حاجة الدعوة للتفاعل مع الناس ،وهذا التفاعل لن يثمر الثمار المرجوة منه إل إذا
أخذنا بأساليب كسب القلوب التي سنها لنا الرسول (صلى ال عليه وسلم) وفي حديث ابن عمر
رضي ال عنه ،عن النبي (صلى ال عليه وسلم ) أنه قال " :المؤمن الذي يخالط الناس
ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي ل يخالط الناس ول يصبر على أذاهم"
خامسا :أن قيام الدعاة بكسب قلوب الناس من حولهم يزيد في ترابط أفراد المجتمع المسلم ،
ويجعلهم أفرادا متراحمين متعاطفين وهذا مطلب شرعي في حد ذاته" :مثل المؤمنين في
توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد ،إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر
والحمى".
كل هذه المور وغيرها تجعل الحديث عن موضوع" كيف تكسب الناس" في غاية الهمية ..
وقد تناولنا الموضوع من خلل استعراض بعض الوسائل النبوية في كسب قلوب البرية ثم
أتبعناها بذكر بعض المنفرات التي تنفر الناس من الداعية وتمنع استجابتهم له .
أسأل ال ،عز وجل ،أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم ،وأن ينفع به إنه ولي ذلك
والقادر عليه وصلى ال على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه:
مازن بن عبد الكريم الفريح
20/12/1412هجرية
الوسائل النبوية في كسب قلوب البرية
يخطئ بعض الناس -أحيانا – في حقك ..يوعد فيخلف أو يتأخر أو يجرحك بلسانه فل بد
لكسبه من حلم وكظم للغيظ لنك صاحب هدف وغاية تريد أن تصل إليها ؛ ولذا لبد من
حسن تصرفك وال –عز و جل -يمتدح هذا الصنف من الدعاة فيقول ( :والكاظمين الغيظ
والعافين عن الناس وال يحب المحسنين) آل عمران ،الية . 134 :وعن أنس – رضي ال
عنه –قال " :كنت أمشي مع رسول ال وعليه برد غليظ الحاشية ،فأدركه أعرابي فجذبه
جذبة شديدة حتى أزالت الرداء إلى صفحة عاتق رسول (ال صلى ال عليه وسلم) وقد أثرت
بها حاشية الرداء من شدة جذبته ثم قال :يا محمد مر لي من مال ال الذي عندك ..فالتفت
إليه رسول ال (صلى ال عليه وسلم) وضحك ،وأمر له بعطاء" .وهذا الموقف من سيد الخلق
–عليه أفضل الصلة والسلم – ل يحتاج منا إلى تعليق سوى أن نقول :ما قاله الحق عز و
جل في وصف نبيه(وإنك لعلى خلق عظيم)القلم ،الية.4 :
الوسيلة الثالثة :السماحة في المعاملة
يوجز الرسول( صلى ال عليه وسلم)أصول المعاملة التي يدخل فيها المسلم إلى قلوب الناس
ويكسب ودهم وحبهم فيقول " :رحم ال رجلً سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى" وفي
رواية "وإذا قضى" .فالسماحة في البيع :أل يكون البائع شحيحا بسلعته ،مغاليا في الربح ،
فظا في معاملة الناس .
والسماحة في الشراء أن يكون المشتري سهل مع البائع فل يكثر من المساومة ؛ بل يكون
كريم النفس وبالخص إذا كان المشتري غنيا والبائع فقيرا معدما .والسماحة في القتضاء :
أي عند طلب الرجل حقه أو دينه فانه يطلبه برفق ولين ..وربما تجاوز عن المعسر أو أنظره
كما في حديث أبي هريرة مرفوعا ":كان رجل يداين الناس فإذا رأى معسرا قال لفتيانه
تجاوزوا عنه لعل ال أن يتجاوز عنا فتجاوز ال عنه" والسماحة في القضاء :هو الوفاء بكل
ما عليه من دين أو حقوق على أحسن وجه في الوقت الموعود وانظر كيف دخل الرسول
صلى ال عليه وسلم إلى قلب هذا الرجل الذي روى قصته المام البخاري في صحيحه عن
أبى هريرة قال ( :أن رجلً أتى النبي صلى ال عليه وسلم فتقاضاه فأغلظ فهمّ به أصحابه
فقال النبي صلى ال عليه وسلم دعوه فإن لصاحب الحق مقالً ثم قال أعطوه سنا مثل سنه
قالوا يا رسول ال ل نجد إل أفضل من سنه فقال أعطوه فإن خيركم أحسنكم قضاء ) فقال
الرجل ( أوفيتني أوفى ال بك ) .
ومن السماحة في المعاملة :عدم التشديد في محاسبة من قصر في حقك .فعن أنس قال
(خدمت رسول ال صلى ال عليه وسلم عشر سنين وال ما قال لي :أف قط ول قال لشيء
فعلته لم فعلت كذا وهل فعلت كذا )
الوسيلة الرابعة :المداراة
المداراة وليست المداهنة ..والمداراة هي لين الكلم والبشاشة وحسن العشرة لناس عندهم
شيء من الفجور والفسق لمصلحة شرعية .روى البخاري في صحيحه عن عائشة – رضي
ال عنها (( :أن رجل استأذن على النبي صلى ال عليه وسلم فلما رآه قال بئس أخو العشيرة
..فلما جلس تطلق له وجه النبي صلى ال عليه وسلم وأنبسط إليه فلما انطلق الرجل قالت له
عائشة يا رسول ال رأيت الرجل قلت كذا وكذا ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه فقال
الرسول صلى ال عليه وسلم يا عائشة متى عهدتني فاحشا ،إن شر الناس عند ال منزلة يوم
القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه ) .
قال ابن حجر رحمه ال نقل عن القرطبي ( وفي الحديث جواز غيبة المعلن بالفسق أو الفحش
ونحو ذلك من الجور في الحكم والدعاء إلى البدعة مع جواز مداراتهم اتقاء شرهم ما لم يؤد
ذلك إلى المداهنة في دين ال تعالى ..ثم قال – ل زال الكلم للقرطبي تبعا لعياض :والفرق
بين المداراة والمداهنة أن المداراة بذل الدنيا لصلح الدنيا أو الدين أو هما معا وهي مباحة
وربما استحبت والمداهنة ترك الدين لصلح الدنيا والعياذ بال إذن فنحن بحاجة إلى كسب
قلوب الفسقة أيضا بلين الكلم والقيام بحسن العشرة لهدايتهم إلى الصواب – أو على القل –
لتقاء شرهم )..
وبعض الفسقة اليوم أدوات بيد أهل العلمانية يجولون بهم ويصولون بسبب بعد أهل الخير
عنهم أو عدم مداراتهم كما فعل الرسول صلى ال عليه وسلم
الوسيلة الخامسة :إدخال السرور على الخرين
وهي من أهم الوسائل في تقوية الروابط وامتزاج القلوب وائتلفها ..كما إن إدخال السرور
على المسلم يعد من أفضل القربات وأعظم الطاعات التي تقرب العبد إلى رب الرض
والسموات ..ولدخال السرور إلى القلوب المسلمة طرق كثيرة و أبواب عديدة منها ما ورد
في حديث ابن عمر :
( أحب الناس إلى ال أنفعهم وأحب العمال إلى ال سرور تدخله على مؤمن !! ولكن كيف
تدخله؟! قال :تكشف عنه كربا أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا .ولئن أمشي مع أخي
المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف شهرا في المسجد ومن كف غضبه ستر ال عورته
ومن كظم غيظه ولو شاء ال أن يمضيه أمضاه مل ال في قلبه رجاء يوم القيامة ومن مشى
مع أخيه المسلم في حاجة حتى يثبتها له ثبت ال قدمه يوم تزل فيه القدام ) وإن سوء الخلق
ليفسد العمال فل أقل من البتسامة والبشاشة فابتسامتك بوجه من تلقاه من المسلمين لها أثر
في كسب قلوبهم ؛ولذلك قال عليه الصلة والسلم ( ل تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى
أخاك بوجه طلق ) والوجه الطلق هو الذي تظهر على محياه البشاشة والسرور ..قال عبد ال
بن الحارث ( ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول ال صلى ال عليه وسلم) وقال جرير ( ما
حجبني رسول ال صلى ال صلى ال عليه وسلم منذ أسلمت ول رآني إل تبسم ) .
كما كان صلى ال عليه وسلم ينبسط مع الصغير والكبير يلطفهم ويداعبهم وكان ل يقول إل
حقا وإليك هاتين الصورتين من صور مداعبته صلى ال عليه وسلم وكسبه لقلوب صحابته .
الولى – مع كبار السن :
أخرج أحمد عن أنس – رضي ال عنه – ( أن رجلً من أهل البادية كان اسمه زاهرا وكان
رسول ال يحبه وكان دميما (قبيحا) فأتاه رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو يبيع متاعه
فاحتضنه من خلفه ول يبصره الرجل فقال :أرسلني ..من هذا ؟ فالتفت فعرف النبي صلى
ال عليه وسلم فجعل يلصق ظهره بصدر النبي صلى ال عليه وسلم حين عرفه وجعل النبي
صلى ال عليه وسلم يقول (من يشتري العبد ؟) فقال :يا رسول ال – إذن – وال تجدني
كاسدا فقال رسول ال لكن عند ال لست بكاسد أو قال عند ال غال .
أما الصورة الثانية :فهي ملطفته للطفال وإدخال السرور عليهم ..فعند البخاري من حديث
أنس كان رسول ال صلى ال عليه وسلم أحسن الناس خلقا وكان لي أخ فطيم يسمى أبا عمير
لديه عصفور مريض سمه النغير فكان رسول ال صلى ال عليه وسلم يلطف الطفل الصغير
ويقول ( يا أبا عمير ما فعل النغير ) .
وهكذا أخيي الداعيية ميا ترك رسيول ال (صيلى ال علييه وسيلم ) سيبيلً إلى قلوب الناس إل
وسلكه ما لم يكن حراما ،فإذا كان كذلك كان أبعد الناس عنه(صلى ال عليه وسلم).
الوسيلة السادسة:
احترام الم سلمين وتقدير هم والتأدب مع هم وتبجيل هم وإجلل هم ف قد كان صلى ال عل يه و سلم
يجل من يدخل عليه ويكرمه وربما بسط له ثوبه ويؤثره بالوسادة التي تحته ويعزم عليه في
الجلوس عليهيا إن أبيى وينزل الناس منازلهيم ويعرف فضيل أولي الفضيل وقال علييه أفضيل
ال صلة وال سلم يوم الف تح ( من د خل دار أ بى سفيان ف هو آ من ) وقال صلى ال عل يه و سلم
(ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه ) ومما ينبغي أن نذكرك به
– أخي الداعية – في هذا المقام :
احترام من خال فك في الرأي مما ف يه مجال للختلف ومتسع للن ظر ..وعدم انتقاصه ورم يه
بالجهل وقلة الفقه وسوء الظن به ما دام ظاهره السلمة .
احترام المتحدث وعدم مقاطعته .قال ابن كثير رحمه ال وكان صلى ال عليه وسلم إذا حدثه
أحد التفت إليه بوجهه وجسمه وأصغى إليه تمام الصغاء ول يقطع الحديث حتى يكون المتكلم
هو الذي يقطعه .
الوسيلة السابعة :حسن الكلم
لقد حث النبي صلى ال عليه وسلم على طيب القول وحسن الكلم ،كما في قوله صلى ال
عليه وسلم (( الكلمة الطيبة صدقة )) لما لها من أثر في تأليف القلوب وتطييب النفوس إنه
ليس من المهم توصيل الحقيقة إلى الناس فقط ولكن الهم هو الوعاء الذي سيحمل تلك الحقيقة
بهيا ..فإذا كان الرسيول صيلى ال عل يه وسيلم يقول ((زينوا القرآن بأصيواتكم فإن الصيوت
الحسين يزييد القرآن حسينا)) فمين باب أولى أن نقول للدعاة زينوا الدعوة بحسين كلمكيم فان
الكلم الحسين يزييد الدعوة حسينا وجاذبيية ..وخاصية عنيد النصيح ..أن النصيح علج مير
فليصحبه شئ من حلو الكلم فكن من الذين يعملون الحق ويرحمون الخلق واسمع إلى يحيى
بن معاذ يقول (( :أحسن شئ كلم رقيق يستخرج من بحر عميق على لسان رجل رقيق ))
وكم من كلمة سوء نابية ألقاها صاحبها ولم يبال بنتائجها وبتبعاتها فرقت بين القلوب ومزقت
ال صفوف وزر عت الح قد والبغضاء والكراه ية والشحناء في النفوس ؛ ولذلك ث بت ع نه صلى
ال عليه وسلم أنه قال ( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوي بها في النار أبعد مما
بين المشرق والمغرب ) .
أيها الخ الكريم ..وأختم هذه الوسيلة بهذا الموقف التربوي الذي دار فيه الحوار بين الرسول
صلى ال عل يه وسلم وعائ شة ر ضي ال عن ها قالت عائ شة ر ضي ال عنها (( :د خل ر هط
من اليهود على رسول ال صلى ال عليه وسلم فقالوا السام عليكم قالت عائشة ففهمتها فقلت
:عليكيم السيام واللعنية قالت :فقال رسيول ال صيلى ال علييه وسيلم مهلً ييا عائشية فقلت ييا
رسول ال أو لم تسمع ما قالوا ؟ قالت فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم قد قلت وعليكم ))
فكلم الر سول صلى ال عل يه و سلم مع أ هل الفجور والف سوق والك فر يحتاج م نا إلى درا سة
متأنية ففيه البصيرة النافذة والحكمة البالغة .
الوسيلة الثامنة :التواضع ولين الجانب
لقد كسب رسول ال صلى ال عليه وسلم بتواضعه ولين جانبه قلوب الناس من حوله .ذكر
أنس رضي ال عنه صورة من صور تواضعه عليه الصلة والسلم فقال (( إن امرأة كان في
عقل ها شئ جاء ته فقالت إن لي إل يك حا جة قال اجل سي يا أم فلن في أي طرق المدي نة شئت
أجلس إل يك ح تى أق ضي حاج تك قال فجل ست فجلس ال نبي صلى ال عل يه و سلم إلي ها ح تى
فرغت من حاجتها)) وعند البخاري :إن كانت المة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول ال
صلى ال عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت حتى يقضي حاجتها ودخل عليه رجل فأصابته
من هيبته رعدة فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم (( :هون عليك فإني لست بملك إنما
أ نا ا بن امرأة من قر يش كا نت تأ كل القد يد )) وبهذا ال سلوب والتوا ضع ول ين الجا نب د خل
الرسول صلى ال عليه وسلم إلى شغاف قلوب الناس من حوله .
أما الظهور بمظهر الستاذية والنظر إلى المسلمين نظرة دونية فهي صفة شيطانية ل تورث
إل البغض والقطيعة (( .قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )) ص ،الية 76:
.وقد قال صلى ال عليه وسلم (( من كان هينا لينا سهلً حرمه ال على النار))
الوسيلة التاسعة :الجود والكرم
إلييك – أخيي الحيبيب – هذا السيخاء وذلك الجود يأسير القلوب ويطييب النفوس ...فعين أنيس
رضي ال عنه قال (( :إن رجل سأل رسول ال صلى ال عليه وسلم فأعطاه غنما بين جبلين
فر جع إلى بلده وقال :أ سلموا فإن محمدا يع طي عطاء من ل يخ شى فا قة )) فان ظر وف قك ال
كيف أثر هذا السخاء النبوي على قلب هذا الرجل وجعل منه – بإذن ال – بعد أن كان حربا
على السلم أصبح داعية إليه .
وعن جابر رضي ال عنه قال (( ما سئل النبي صلى ال عليه وسلم عن شيء قط فقال ل))
و من الجود الهد ية و قد قال صلى ال عل يه و سلم (( تهادوا تحابوا )) فالهد ية باب من أبواب
كسب القلوب وتنمية التآلف بينها .
الوسيلة العاشرة :الرفق
ل شك أن مساوئ الخلق عموما من أشد المور تنفيرا للناس عن الداعية ،إذا اتصف بشيء
منها،بيد أننا سنخص بعض المنفرات لما لها من الثر الكبير في تنفير الناس وانفضاضهم ،
ومن هذه المنفرات:
أول عدم مراعاة أحوال الناس وظروفهم ..وقد نبه الرسول صلى ال عليه وسلم إلى المر
فقال لمعشر الدعاة (( إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير وإذا
صلى أحد كم لنف سه فليطول ما شاء )) ف هي و صية من داع ية هذه ال مة عل يه أف ضل ال صلة
وال سلم لجم يع الدعاة بضرورة مراعاة أحوال الناس في ر كن من أ هم أركان هذا الد ين ؛لذا
فمراعاة الناس فيما دون ذلك مرتبة من العبادات والمعاملت من باب أولى .
وإلييك هذه الحادثية التيي تدل على أن إغفال هذه الوصيية يؤدي إلى نفرة الناس وربميا يسيبب
تركهم للعمل الصالح أو تأخرهم عنه .
كان معاذ يصلي مع النبي صلى ال عليه وسلم ثم يأتي فيؤم قومه فصلى ليلة مع النبي صلى
ال عليه وسلم العشاء ثم أتى قومه فأمهم فافتتح بسورة البقرة فانحرف رجل فسلم ثم صلى
وحده وانصيرف فقالوا له أنافقيت ييا فلن ؟ قال ل وال ولتيين رسيول ال صيلى ال علييه
فلخبرنه فأتى رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال يا رسول ال إنا أصحاب نواضح نعمل
بالنهار وأن معاذا صلى م عك العشاء ثم أ تى فافت تح ب سورة البقرة فأق بل ر سول ال صلى ال
عليه وسلم على معاذ فقال (( :أفتان أنت ؟ اقرأ بكذا اقرأ بكذا ( وفي رواية :أفتان أنت ثلثا
؟! اقرأ الشمس وضحاها وسبح اسم ربك العلى ونحوهما ))
ثانيا التعلق بمتاع الدنيا وزخرفها :وهذا المنفر أصله حديث الرسول صلى ال عليه وسلم ((
ازهد في الدنيا يحبك ال وازهد فيما عند الناس يحبك الناس )) فالرسول صلى ال عليه وسلم
يعلم نا ك يف نك سب الناس وننال محبت هم وذلك بالز هد في ما في أيدي هم لن نا إذا ترك نا ل هم ما
أحبوه أحبو نا وقلوب أكثر هم مجبولة مطبو عة على حب الدن يا و من نازع إن سانا في محبو به
كر هه وقله ومن لم يعار ضه ف يه أح به وا صطفاه قال الح سن الب صري ل يزال الر جل كري ما
على الناس ما لم يطمع فيما بين أيديهم فحينئذ يستخفون به ويكرهون حديثه ويبغضونه .
وقال أعرا بي ل هل الب صرة من سيدكم ؟ قالوا الح سن قال بم سادكم ؟ قالوا احتاج الناس إلى
علمه واستغنى هو عن دنياهم ،فقال :ما أحسن هذا.
ثالثا الغلظة والفظاظة :وهذا المنفر أصله قول الحق عز وجل لسيد الدعاة عليه أفضل الصلة
وال سلم ( فبميا رح مة من ال لنيت لهيم ولو ك نت فظا غلييظ القلب لنفضوا من حولك ) آل
عمران الية .159وما من شيء أشد تنفيرا للناس عن الحق والخير مثل دعوتهم إليه بالغلظة
والخشونة .
ولقد انحسر أثر بعض الدعاة المخلصين في الناس ولم يوفقوا إلى إيصال ما لديهم من حق إلى
عموم الم سلمين وغير هم لن هم أخطأوا ال سلوب الذي يفتحون به قلوب الناس وعقول هم فغلب
عليهم الجدل بالتي هي أخشن والمواجهة بالغلظة والحدة .
رابعا :مخالفة القول العمل :ما أشد بغض الناس لداعية خالفت أفعاله أقواله وما أعظم نفرتهم
؛ بل ما أكبر مقت ال عز وجل لهذه الصفة الخسيسة ،حيث يقول عز وجل ( :يا أيها الذين
أمنوا لم تقولون ما ل تفعلون كبر مقتا عند ال أن تقولوا ما ل تفعلون ) الصف اليتان ، 2 :
3
ولقيد أنكير ال سيبحانه على أقوام يأمرون الناس بالبر ويدعون أنفسيهم فيي غيهيا ( أتأمرون
الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفل تعقلون ) البقرة الية 44 :
ولذلك قال شع يب لقو مه ما أخبر نا ال به ح يث يقول ال تعالى على ل سانه ( :و ما أر يد أن
أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد الّ الصلح ما استطعت ) هود الية . 88ولكن لبد من
الجا بة على شب هة يردد ها ب عض الناس نعرض ها على ش كل سؤال ..و هو هل يترك الداع ية
المر بالمعروف والنهي عن المنكر في حالة عدم تمكنه من فعله ؟
قال ابن كثير رحمه ال :فكل من المر بالمعروف وفعله واجب ل يسقط أحدهما بترك الخر
على أصح قول العلماء من السلف والخلف .وذهب بعضهم إلى أن مرتكب المعاصي ل ينهى
غيره عن ها ،وهذا ضع يف .وال صحيح أن العالم يأ مر بالمعروف وإن لم يفعله ،وين هى عن
المنكير وإن ارتكبيه ،قال سيعيد بين جيبير :لو كان المرء ل يأمير بالمعروف ول ينهيى عن
المن كر ح تى ل يكون ف يه ش يء ما أ مر أ حد بمعروف ول ن هى عن من كر .قلت القائل –ا بن
كثير : -لكنه والحالة هذه مذموم على ترك الطاعة وفعله المعصية لعلمه بها ومخالفته على
بصيرة فانه ليس من يعلم كمن ل يعلم " .
خام سا :التع سير والتعق يد :هناك فر يق من الناس يبحثون عن كل صعب ومع سر ليقدموه
للناس على أ نه ال سلم ،دون مراعاة لي سر ال سلم ورف عه للحرج عن الناس .وهذا خلف
ل ما كان عل يه أف ضل ال صلة وال سلم ح يث قالت ع نه عائ شة ر ضي ال عن ها ":ما خ ير ب ين
أمرين قط إل اختار أيسرهما ما لم يكن إثما ؛ فإن كان إثما كان أبعد الناس منه" ولما للتيسير
– في حدود الشرع – من أثر في تأليف القلوب وزيادة ربطها بهذا الدين نادى الرسول صلى
ال علييه وسيلم بالدعاة قائل " :يسيروا ول تعسيروا ،وبشروا ول تنفروا " .قال النووي :لو
اقتصر على يسروا لصدق على من يسر مرة وعسر كثيرا فقال ":ول تعسروا " لنفي التعسير
في جم يع الحوال ،وكذلك في قوله ":ول تنفروا " والمراد تأل يف من قرب إ سلمه ،وترك
التشديد عليه في البتداء ،وكذلك الزجر عن المعاصي ينبغي أن يكون بتلطيف ليقبل ،وكذلك
تعليم العلم ينبغي أن يكون بالتدريج لن الشي إذا كان في ابتدائه سهل حبب إلى من يدخل فيه
،وتلقاه بانبساط ،وكانت عاقبته غالبا الزدياد بخلف ضده)).
الخاتمة
وبعد :
فإن كسب قلوب الناس مهمة ليست باليسيرة إل لمن يسرها ال له ؛ ولذا علينا أن نلح على ال
بالدعاء ليف تح قلوبنيا و قلوبهيم للحيق ويجعلنيا وإياهيم أنصيارا لدينيه وحملة دعوتيه .وميع هذا
الدعاء لبد من الخذ بالسباب التي توصلنا بإذن ال إلى كسب القلوب الشاردة ؛ولعل العمل
بما ذكرناه من وسائل واجتناب ما استعرضناه من منفرات يعين على رد تلك القلوب الشاردة ؛
إلى الهدى ردا جميل ً.
وأخيرا أسأل ال عز وجل أن ين صر دي نه ويعلي كلم ته وأن يجعلنا هداةً مهتد ين غير ضال ين
ول مضلين وصلى ال على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .