You are on page 1of 203

‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫الخرافات الوافرة‬
‫في زيارات القبور‬
‫أّلفَ ُه (بالفارسيّة) آية ال‪:‬‬

‫السيد أبو الفضل بن الرضا البُ ْر ِقعِ ّي ال ُقمّيّ‬


‫(‪1992 - 1908‬م)‬

‫ترجه إل العربية وقدّم له وهذّبه وعلّق حواشيه‬


‫سعد ممود رستم‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 3 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 4 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫مقدمة الترجم‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‪ ،‬المد ل رب العالي‪ ،‬وأفضل الصلة وأت التسليم على سيد‬
‫الرسلي وخات النبيّي أب القاسم ممّد وعلى آله الطيبي الطاهرين وصحبه الخيار النتجبي‪،‬‬
‫وعلى جيع النبياء والرسلي ومن سار على نجهم ودعا بدعوتم إل يوم الدين‪ ،‬وبعد‪،‬‬
‫فإن من أش ّد ما ابتُِل َي به الئمة الطهار من آل الرسول عليهم السلم قيام جاعات من‬
‫س كثي من الحاديث الكاذبة والترّهات‬
‫الغلة أو الزنادقة الندسّون بي صفوف تلميذهم بد ّ‬
‫الباطلة والروايات الطائفية الت تبث الفرقة والختلف ونسبتها كذبا إليهم أو إل رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله وسلم‪ ،‬وبثّها ‪ -‬كما يقول الستاذ الحقق ممد باقر البهبودي(‪ - )1‬ف الصحائف‬
‫والصول ترويا لفكارهم الضالة أو تريبا للسلم من داخله كي يتلط الق بالباطل وتتنفر منه‬
‫طباع التفكّرين وأنظار العالي‪.‬‬
‫وقد بذل أئمة أهل البيت عليهم السلم جهدا كبيا ف فضح هؤلء الغلة ولعنهم والتحذير‬
‫من أخطارهم وأفكارهم وإعلن الباءة من أقاويلهم وغلوّهم بقّهم‪ ،‬كما بذل علماء الرجال (من‬
‫الشيعة المامية) جهودا مشكورةً ف تعقّب هؤلء الغلة وفضحهم وبيان أحوالم‪ ،‬ويسّروا بذلك‬
‫السبيل على من أتى بعدهم ليعرف الصيل من الدخيل والصحيح القبول من الضعيف التروك‪،‬‬
‫وقد أجع علماء الشيعة الصوليون الحققون على تكفي الغلة وتضليل أقاويلهم حت قال مرجع‬
‫الشيعة المامية العلى ف عصره السيد أبو القاسم الوئي (رح) ف فتواه الشهية حول الفوّضة‬
‫الغلة‪..« :‬إن الكتاب العزيز (أي القرآن) يدلّ على أن المور الراجعة إل التكوين والتشريع كلها‬
‫بيد ال سبحانه (إل أن قال)‪ :‬فهذا العتقاد [أي الغلوّ والتفويض] انكارٌ للضروري‪..‬فيبتن كفر‬
‫هذه الطائفة (الغلة والفوضة)»‪.‬‬
‫هذا علوة على أن الئمة من آل الرسول عليهم السلم وضعوا لواجهة حركة الدس‬
‫() ان ظر م مد با قر البهبودي ‪ « ،‬صحيح الكا ف»‪( ،‬ط ‪ ،1‬بيوت‪ ،‬الدار ال سلمية‪1401 ،‬ه ـ‪1981/‬م)‪ ،‬القد مة‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الصفحة ج ‪ .‬وقد غربل الستاذ البهبودي ف كتابه هذا جيع روايات «الكاف» للكلين‪ ،‬واستخرج ما رآه صحيحا‬
‫منه فكانت الروايات الصحيحة هي (‪ )4428‬رواية فقط من أصل (‪ )16199‬رواية‪ ،‬أي أنه أسقط حوال ثلثة أرباع‬
‫أحاديث الكاف معتبا إيّاها روايات مرفوضة وغي صحيحة‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 5 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫والوضع هذه قاعدة متازة شافية وكافية لو أُخِ َذ با لتطهّر التراث الديثي والروائي الشيعي تاما‬
‫من كل الرافات والباطيل والكاذيب الت انتشرت فيه كثيا مع السف‪ ،‬أل وهي قاعدة‬
‫العرض على القرآن الكري‪ ،‬فقد روي هذا العن عن أئمة أهل البيت عليهم السلم بعبارات متنوعة‬
‫كقولم «ل تقبلوا علينا حديثا إل ما وافق الكتاب والسنة» و«ما جاءكم من حديث ل يص ّدقُه‬
‫كتابُ ال فهو باطل» و«ك ّل شي ٍء مردودٌ إل كتاب ال والسنّة‪ ،‬وكلّ حديث ل يوافق كتاب‬
‫ال فهو زخرف» ونوها من الروايات العديدة(‪ )1‬الت حكم بعض الساطي بتواترها تواترا‬
‫معنويا(‪.)2‬‬
‫ومن جلة الوضوعات الت كثر افتراء الحاديث الكاذبة فيها موضوع فضائل زيارات قبور‬
‫الئمّة من آل الرسول عليهم السلم‪ ،‬فقد وضع الغلة أحاديث ل حصر لا ف آداب هذه‬
‫الزيارات وما على الزائر أن يفعله عند الضرحة والعتبات‪ ،‬وما ُأعِدّ للزائر من عظيم الجر‬
‫ت وأدعية منمّقة العبارات مليئة بالغلوّ‬
‫والثوبات والفوز بالنات‪ ،‬واصطنعوا نصوصَ زيارا ٍ‬
‫والبالغات ما ياف روح التوحيد الناصع من الطراءات ويناقض ما ذُكِر ف كتاب ال من اليات‪،‬‬
‫ليقرأها الزوّار عند قبور الئمة أو قبور ذراريهم فينالوا ثوابات جُزافية وأجورا هائلةً خياليّة يجّها‬
‫العقل والشرع‪.‬‬
‫وقد قام مؤلف هذا الكتاب بدراسة وتحيص متون روايات فضائل زيارات القبور هذه‬
‫ج بنتيجة مفادها أن جيع ما ُروِيَ ف فضائل‬
‫ووَ َزَنهَا بيزان القرآن الكري ث التاريخ والعقل‪ ،‬وَ َخرَ َ‬
‫وأجور زيارات القبور ل يوجد فيها حديثٌ صحيحٌ واحدٌ! وأنا ما وضعه الغلة والوضاّعون ف‬
‫العصور اللحقة على زمن الئمة عليهم السلم‪.‬‬
‫وأجل ما ف كتابه أنه قارن هذه الروايات الوضوعة الغالية با صح عن أئمة العترة النبوية‬
‫عليهم السلم بدءا من أمي الؤمني علي بن أب طالب عليه السلم ث سائر الئمة الكرام من وُلْ ِدهِ‬
‫من أدعية توحيديّة خالصة ومن روايات يرفضون فيها الغالة بقهم والتجاوز ف إطرائهم‬

‫() انظرها لدى الشيخ الكلين‪ « ،‬أصول الكاف»‪ ،‬كتاب فضل العلم‪ ،‬باب الخذ بالسنة وشواهد الكتاب‪ ،‬ج ‪/ 1‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪ .71 -67‬والرـ العاملي‪« ،‬وسـائل الشيعـة»‪ ،‬ج ‪/18‬ص ‪ ، 79‬الباب ‪ 9‬مـن أبواب صـفات القاضـي‪ ،‬والنوري‬
‫الطبسي‪« ،‬مستدرك الوسائل»‪ ،‬ج ‪/17‬ص ‪ ،304‬الباب ‪ 9‬من أبواب صفات القاضي‪.‬‬
‫() الشيخ النصاري‪ ،‬الرسائل‪ ،‬ج ‪/1‬ص ‪( .247- 245‬أو ص ‪ 69-68‬من الطبعة الجرية القدية)‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 6 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫وتعظيمهم‪ ،‬ومن تأكيدهم على أن ال قريبٌ من الداعي ل يتاج إل الستشفاع لديه بشفعاء‬
‫ول التوسل إليه بوسطاء بل هو قريب ميب بابه مفتوح للسائلي حت من العصاة والذنبي‪ ،‬وهو‬
‫أكرم مسؤول وخي مأمول‪..‬ال‪ ،‬كما جاء ف نصوص ذكرها من أدعية «الصحيفة العلوية»‬
‫الروية عن علي بن أب طالب عليه السلم‪ ،‬أو «الصحيفة السجادية» الشهية الروية عن المام‬
‫زين العابدين السجاد عليه السلم‪ ،‬أو نصوص متازة اقتبسها من «نج البلغة» ما جع الشريف‬
‫الرضي من كلم أمي الؤمني علي عليه السلم‪ ،‬أو غيها من الدعية الصحيحة الخرى الوجودة‬
‫ف الوروث الروائي الشيعي الصحيح‪.‬‬
‫ملحظات حول الترجة‪:‬‬
‫كتب الؤلف كتابه هذا أو بالحرى أعاد تريره ‪( -‬لنه كان قد ألّف النسخة الول لذا‬
‫الكتاب قبل عدة سني) ‪ -‬ف أواخر عمره بعد أن تعرض لحاولة اغتيال من بعض غلة التعصبي‬
‫الهلة‪ ،‬ث تعرض بعد مدة إل فترة من السجن‪ ،‬وبعد خروجه بدة تعرض إل النفي‪ ،‬وقد أثّرت‬
‫تلك الضايقات واليذاء على مزاجه ‪-‬العصبّ أصلً‪ -‬فكتب الكتاب بأسلوب ل يلو من تشنّجٍ‬
‫وهجوميّة وجرح‪ ،‬أو لن أقرب ف بعض الواضع إل الهاترة وأبعد عن البحث العلمي الادئ‬
‫الرصي‪ ،‬ولّا ل يكن الدف من الترجة إثارة اللف وبث الفرقة والتهجّم على أحد أو التهكّم‬
‫منه‪ ،‬بل تقدي اجتهاد عال متهد وتقيق باحث ناقد ف هذا الوضوع الام ليطّلع عليه الباحثون‬
‫ويستفيد منه الدارسون‪ ،‬فقد اضطررت إل تصرف يسي ف الترجة مع الفاظ على العان‬
‫والفكار والنقد العلميّ‪ ،‬ويكن إجال التصرف اليسي بالنقاط التالية‪:‬‬
‫أولً‪ :‬خففت ف بعض الواضع من حدّة اللهجة باستبعاد السلوب التهجّمي أو التجريي أو‬
‫بعض عبارات التكفي أو التام بالنفاق‪ ،‬مع الحافظة على العن والفكرة الت يريد إيصالا أو النقد‬
‫الذي يريد قوله سواء للفكار أم للعمال أم للشخاص بأسلوب معقول دون قدح أو طعن‬
‫صةً إذا كان الطعن ذا علقة بنيّات الناس الت هي غيبٌ ل يعلمه إل ال‪.‬‬
‫خا ّ‬
‫ثانيا‪ :‬اختصرتُ ف مواضع قليلة جدا عندما رأيت شيئا من البتعاد ف النقد أو إعادة‬
‫للفكرة نفسها الت اتّضحت من قبل فقمت بذف التكرار لعدم فائدته‪ .‬ثالثا‪ :‬بالنسبة إل بعض‬
‫القتباسات والشواهد الت يوردها الؤلف متزأة‪ ،‬أوردتا أحيانا بصورة أكمل ‪ -‬خاصة إذا كانت‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 7 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫آية قرآنية ‪ -‬لا ف ذلك من فائدة تعي على فهم مراده أكثر‪ .‬رابعا‪ :‬ذكرتُ بي كلم الؤلف ف‬
‫بعض الواضع بعض المل التوضيحية من عندي يقتضيها السياق وتعي على فهم الراد‪ ،‬ووضعت‬
‫ذلك بي معقوفتي [ ] لتمييزها عن كلم الؤلف‪.‬‬
‫هذا وقد عّل ْقتُ ف الاشية بعض التعليقات القليلة من نقد لفكرة أو إبداء للحظة أو تأيي ٍد‬
‫ب غيِ معروفٍ أو تري ٍج لديثٍ أو بيانٍ‬ ‫لطلب أو ترجةٍ لشخصّي ٍة غي مشهورة أو بيانٍ لوية كتا ٍ‬
‫لوضعه ونو ذلك‪ ،‬و َذيّلتُ تعليقات بكلمة (الترجم) لميّزها عن حواشي الؤلّف‪.‬‬
‫نبذة عن الؤلّف‪:‬‬
‫هو العال الجتهد الناصح آية ال السيد أبوالفضل بن الرضا البقعي القُ ّميّ مولدا ث‬
‫الطهران‪ ،‬يرجع نسبه إل السيد أحد بن موسى البقع ابن المام ممد التقى (الواد) ابن المام‬
‫على بن موسى الرضا سلم ال عليهم‪ ،‬الذي حلّ ف قم قبل ثلثي جيلً من ولدة السيد البقعي‪،‬‬
‫وله فيها قب معروف‪.‬‬
‫ولد «أبو الفضل البقعي» ف مدينة قم‪/‬إيران سنة ‪ 1329‬أو ‪1330‬هـ (حوال‬
‫‪1908‬م)‪ ،‬وبعد تعلّمه الكتابة والقرآن ف ال َكتّاب بدأ طلب العلم الشرعيّ وعمره اثنتا عشرة سنة‬
‫ف الدرسة الرضوية إحدى مدارس الوزة العلمية ف قم‪ ,‬وترقى ف الراتب العلمية فكان من أشهر‬
‫جتْ كُوه كمره اى‪,‬‬ ‫أساتذته ف قم آية ال الشيخ عبدالكري الائرى اليزدى وآية ال العظمى حُ ّ‬
‫وقد أُجيز من كليهما‪ ،‬ث رحل كعادة الطلب إل النجف الشرف لكمال دراسته العلميّة العليا‬
‫فيها وتتلمذ على أيدي أكابر علمائها حينذاك ل سيما الشيخ عبد النب النجفي العراقي وآية ال‬
‫السيد أبو السن الصفهان فحصل على إجازات الجتهاد منهما ومن عدد من اليات الخرين‬
‫مثل آية ال أبو القاسم الكاشان وآغا برزگ الطهران وغيهم‪.‬‬
‫استلم السيد «البقعي» المامة والطابة ف مسجد «وزير دفتر» أحد الساجد العروفة ف‬
‫شارع «شاهپور» جنوب طهران الذي بناه والدا الرحوم الناضل الدكتور ممد مصدّق (صاحب‬
‫نضة تأميم النفط) إ ْذ كان العلمة «البقعي» من أنصار الدكتور مصدّق ف ثورته‪ ،‬وكان منذ‬
‫ريعان شبابه من الدعاة النشطي والركيّي الجاهدين ف سبيل نصرة قضايا السلم والسلمي‬
‫وتعرض أكثر من مرة للنفي واليذاء لواقفه الريئة ولدفاعه عن آية ال الكاشان‪ ،‬كما كان‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 8 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫صديقا وموجّها لشباب حركة «فدائيان إسلم» السلمية العروفة وقائدها الشهيد «نواب‬
‫صفوي»‪.‬‬
‫بدأ العلمة «أبو الفضل البقعي» بكتابة الكتب السلمية الدعوية الفيدة منذ وقت مبكر‬
‫وكان من أهم ما كتبه ف هذه الفترة كتاب «عقل ودين» [أي العقل والدين] وهو دورة عقائدية‬
‫استدللية ف أصول الدين ف ملدين الول ف العدل والتوحيد والثان ف النبوة والمامة والعاد‪،‬‬
‫وكتاب «حقيقة العرفان» [أي حقيقة التصوّف] وهو نقد لبدع وغلوّ وانرافات الصوفية الغلة‬
‫ف بلده‪ ،‬وقد نال الكتابان شهر ًة وقبو ًل عاما واستحسنهما الاصة والعامة‪ ،‬ومن جلة كتبه ف‬
‫هذه الفترة أيضا «فهرست عقايد شيخية وتضاد آن با اسلم» [أي فهرس عقائد الشيخيّة‬
‫ومالفتها للسلم]‪ ،‬و«تراجم الرجال» (عشرة ملدات) و«تراجم النساء» (ملدين)‪ ،‬وغيها‬
‫من الكتب والرسائل السلمية الفيدة ضمن إطار الذهب الشيعي المامي الثن عشري‪.‬‬
‫بدأ ف أواخر الربعينيات من عمره بالتحول شيئا فشيئا عن بعض العقائد الذهبية الساسية‬
‫للمذهب المامي الثن عشري‪ ،‬وترجع بدايات توله إل تأثره بالعلمة الصلح السيد مصطفى‬
‫السين الطباطبائي والستاذ قلمداران من جهة‪ ،‬وإل ما لقيه عقب تأليفه لكتابه «درسي از‬
‫صلً ومدّللً على فكرة «الولية التكوينية»‬
‫س عن الولية] الذي ر ّد فيه ردّا مف ّ‬
‫وليت» [أي در ٌ‬
‫الت كان يروّجُها بعض الشايخ الغالي ف عصره‪ ،‬فقد أثار كتاب «البقعي» هذا ردود أفعال‬
‫متلفة ومعركةً من الراء بي مالف وموافق‪ ،‬و ُكِتبَت الكتابات وألقيت الطب ف الردّ عليه من‬
‫قبل الغلة لسيما الرجع آية ال اليلن الذي أصدر فتوى تعتب كتابَ «درس عن الولية»‬
‫كتاب ضللة وصاحبه ضالً‪ ،‬وبعد سلسلة من الحداث انتهى المر باجتماع عدد من مشايخ قم‬
‫بزعامة أحد الراجع آنذاك وهو آية ال كاظم شريعتمداري وأرسلوا إل الشاه ستة آلف توقيع‬
‫بأن هذا «النحرف» يريد هَ ْدمَ مذهب أهل البيت عليهم السلم (!!) فأُخذ إل الحكمة فلم‬
‫يدوا فيه ما اتموه به فأطلقوا سراحه وعاد إل مسجده‪ ،‬لكنه ل يسلم منهم إذْ هاجوا مسجده‬
‫فيما بعد وأغروا به الوباش والعوام فاستولوا على مسجده وطردوه منه‪.‬‬
‫بعد ذلك انصرف البقعي للمزيد من البحث والتحقيق وبدأت تظهر كتاباته الت تد ّل على‬
‫خروجه عن أصول وأسس الذهب الثن عشري‪ ،‬ويقول ف هذا الصدد‪« :‬وف تلك العوام‬
‫كنت أجد فراغا ف الوقت ساعدن على الطالعة والبحث والتأليف والتدبر ف كتاب ال‪،‬‬
‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 9 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫فتبي ل أنن وجيع علماء مذهبنا غارقون ف الرافات‪ ،‬وغافلون عن كتاب ال‪ ،‬وتالف‬
‫آراؤهم صريح القرآن وتعارضه‪.»..‬‬
‫بيد أنه من الدير بالذكر أنه ‪ -‬خلفا لا ذكره بعضهم أو ما نشرته بعض الواقع على‬
‫النترنت ‪ -‬ل ينتقل «البقعي» إل مذهب أهل السنّة والماعة بالعن الصطلح للكلمة‪ ،‬بل كان‬
‫ينفي ذلك عن نفسه ‪ -‬وهو أعرف بنفسه من غيه ‪ -‬ويصرّح بأنه كان ول يزال من شيعة أمي‬
‫الؤمني علي بن أب طالب عليه السلم (وند مثل هذا التصريح ف مقدمة كتابنا الال وهو من‬
‫أواخر ما ألّفه)‪ ،‬وأن حلته على مصادر الديث تشمل حت صحيح البخاري ومسلم‪ ،‬وأنه إنا نقد‬
‫«الكاف» وأمثاله لنه ‪ -‬أي الكاف ‪ -‬تول إل مرجع ف بلده‪ ،‬وأنه ل معن لنقد مثل البخاري‬
‫ف بلد شيعيّ كإيران‪ .‬وقد زرته شخصيّا ف أواخر عمره ف ثانينيات القرن الاضي ورأيته يصلي‬
‫ل يديه ول يسجد على السجادة بل على حجرة ملساء ويقيم ف صلته بيّ على خي العمل‪.‬‬ ‫مسب ً‬
‫كما أنه من الواضح من كتاباته الت ألفها بعد توّله ‪ -‬ومنها كتابنا الال ‪ -‬أن مشربه ف‬
‫الصفات البية هو مشرب التنيه الطلق‪ ،‬وكذلك ف موضوع العدل اللي مشربه نفي الب‬
‫والقول بالختيار‪ ،‬وهذه من الصول الكلميّة للشيعة والعدليّة كما هو معروف‪.‬‬
‫نعم لقد خرج عن الصول الذهبية الاصّة للتشيّع الثن عشري إذ نفى النص على المام‬
‫عليّ وسائر الئمة الثن عشر ونفى عصمتهم ورجعتهم ونفى وجود المام الثان عشر أي الهدي‬
‫النتظر وغيبته‪ ،‬وقال بعدم حِّليّة نكاح التعة‪ ،‬كما أعلن يدعو كل من أدّى إليه من المس شيئا‬
‫ليدّه إليه وأفت برمة أخذ المس من غي الغنائم الربية خلفا للسائد بي الشيعة المامية‪،‬‬
‫وانتهج نجا قرآنيا ل مذهبيّا منفتحا على جيع مصادر الذاهب السلمية بل تعصّب لحدها‬
‫دون الخر‪ ،‬وفيما يلي توضيح لنهج البقعي الذي انتهى إليه(‪.)1‬‬

‫منهج البقعي ف استنباط أحكام الشريعة‪:‬‬

‫() ا ستقيت هذه النبذة عن حياة الؤلف أولً من معرف ت الشخ صية به‪ ،‬ث من كتا به « سوانح أيام» (بالفار سية) الذي‬ ‫‪1‬‬

‫تر جم ف يه لنف سه ترج ة ذات ية‪ ،‬ث من كتاب «جريان ا وجنبشهاى مذ هب سياسى ايران» (بالفار سية) لل ستاذ ر سول‬
‫جعفريان‪( ،‬ط ‪ ،2‬طهران‪ 1381 ،‬هــ ش)‪ ،‬ص ‪ ،356 - 355‬ومـن كتاب «أعلم التصـحيح والعتدال» للسـتاذ‬
‫خالد ممد البديوي (ط ‪ ،1‬الرياض‪1427 ،‬هـ‪2006/‬م)‪ ،‬ص ‪.84 - 64‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 10 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫يضع البقعي معايي ثلثة رئيسية تثل مرجعيّة الفقيه السلم لستنباط الشريعة والعقيدة وهي‪:‬‬
‫العيار الول‪ :‬القرآن الكري مع السنّة القطعيّة‪ ،‬وتأكيد البقعي على هذا العيار شديد‪،‬‬
‫ومن هنا يكن اعتباره من يُطلق عليهم «القرآنيّون الشيعة» الذين برز تيارهم منذ بدايات القرن‬
‫العشرين الاضي إذْ أحسّوا بشيء من تغييب النص القرآن ف الثقافة الشيعية لصال الديث‬
‫ن بل حاجة‬ ‫الشريف فعملوا على ترسيخ الرجعية القرآنية لسيما فكرة إمكان فهم النص القرآ ّ‬
‫للحديث على العكس تاما من تيار أخباري كان له انتشار ف الوسط الشيعي المامي حينذاك‬
‫يرى أنه ل يكن فهم نصوص القرآن إل على ضوء الروايات والخبار الواردة عن الئمّة عليهم‬
‫السلم‪.‬‬
‫جيّة ظواهر القرآن بل يعل للقرآن ميّزة وهي أن وجود الناسخ‬
‫ويدافع البقعي عن ح ّ‬
‫والنسوخ فيه‪ ،‬لو سلّمناه‪ ،‬يبه اجتماع نصوصه جيعها ف موضع واحد على خلف الال ف‬
‫السنة‪ ،‬كما أن نسخ القرآن ل بد أن يكون معلنا على الل ومن ث ففرضيات مثل النسخ ل‬
‫تزعزع قيمة القرآن ومرجعيته‪.‬‬
‫ويذهب البقعي إل أن جهل الناس ‪ -‬حت بعض التلبسي بلباس العلم‪ -‬بالقرآن الكري كان‬
‫سببا ف كل هذا الزيف والتضليل الذي حصل ف الثقافة الشيعية بالصوص‪ ،‬إضافة إل الهد‬
‫الرفوض الذي مارسه ويارسه علماء الدين لبداء النص القرآن غامضا ذا بطون‪.‬‬
‫وانطلقا من قوّة الرجعية القرآنية‪ ،‬ياول البقعي تفسي انتصار السلمي ووحدتم ف القرن‬
‫الجري الول باعتمادهم مرجعية النص القرآن‪ ،‬أما ف القرن الثان‪ ،‬وحينما اعتمدوا على‬
‫الروايات وظهرت ماميع الحاديث والخبار‪ ،‬تفرّقوا وتزّقوا كل مزّق‪.‬‬
‫وعلى هذا الساس‪ ،‬يشدّد البقعي النكي على علماء الدين الشيعة إذ بدل رجوعهم إل‬
‫النص القرآن ف حلّ اختلفهم مع السلمي رجعوا إل أحاديثهم الاصّة‪ ،‬واعتبوها العيار لم‬
‫فأدى ذلك إل نتائج سلبية فاحشة‪.‬‬
‫ول يطال البقعي ف نقده علماء الشيعة فحسب‪ ،‬بل ينتقد الحدّثي والرواة وأصحاب‬
‫ن والصدوق والجلسي والطوسي وابن طاووس وغيهم إذ يعتبهم‬ ‫مصادر الديث كالكلي ّ‬
‫جاهلي بالقرآن وأنم‪ ،‬لعدم اطلعهم الواف عليه‪ ،‬وقعوا فيما وقعوا فيه‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 11 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫وقد ألّف البقعي كتابا باسم «أحكام القرآن» وهو كتاب ف الفقه والفتوى يؤسّس فيه‬
‫ص القرآن فحسب تقريبا‪.‬‬
‫فقها يعتمد بشكل رئيس ّي على الن ّ‬
‫العيار الثان‪ :‬الفهم القارَن للسلم‪ ،‬ويعن البقعي بالقارنة‪ ،‬ضرورة أن نعل العيار هو‬
‫الرجوع إل روايات ونصوص وآراء مموع السلمي‪ ،‬ل مذهب واحد دون آخر‪ ،‬وبتجميع‬
‫الشواهد والقرائن من مصادر الوروث السلمي العام نصل على مفهوم إسلمي أو حكم شرعيّ‬
‫إليّ‪ ،‬فهذا هو السبيل الوحيد التوفّر‪ ،‬أما الرجوع إل مصادر الديث الشيعية فقط أو السنية فقط‬
‫فلن يلّ الشكلة أبدا‪ .‬وقد ألّف البقعي ف هذا الضمار كتابا ف الحاديث التفق عليها بي‬
‫الشيعة المامية والشيعة الزيدية وأهل السنة وُيعَ ّد من الؤلفات المتازة جدا ف بابه وعنوانه‪:‬‬
‫«جامع النقول ف سنن الرسول صلى ال عليه وآله وسلم» باللغة العربية ويقع ف خسة ملدات‪.‬‬
‫العيار الثالث‪ :‬العقل‪ ،‬فقد اعتمد البقعي ف نقده للحديث على العقل الصريح تاما كما‬
‫اعتمد على القرآن(‪.)1‬‬
‫أهداف البقعي من مشروع نقد مصادر الديث الشيعي‪:‬‬
‫يقدّم البقعي عدة أهداف يرميها بشروعه هذا وخلصتها‪:‬‬
‫الدف الول‪ :‬تطهي السلم من الرافات والضافات الت علقت به عب الزمن؛ ليغدو‬
‫مقبولً ف العصر الاضر‪.‬‬
‫الدف الثان‪ :‬تصحيح سعة الذهب الشيعي ورفع الطعون عنه‪.‬‬
‫الدف الثالث‪ :‬تقيق الوحدة السلمية العامة إذ الفرقة سببها هذه الحاديث الوضوعة‪.‬‬
‫الدف الرابع‪ :‬الدفاع عن القرآن الكري إذ لعبت هذه الحاديث بعانيه وتعاليمه‪ ،‬فل بدّ‬
‫من تعريتها ونقدها‪.‬‬
‫الدف الامس‪ :‬الدفاع عن أئمة أهل البيت عليهم السلم وتصحيح صورتم ف أذهان‬
‫السلمي‪.‬‬

‫() حيدر ح بّ ال‪« ،‬نظر ية ال سنة ف الف كر الما مي الشي عي»‪( ،‬بيوت‪ ،‬دار النتشار العر ب‪ ،)2006 ،‬ص ‪- 647‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،648‬بتصرف يسي‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 12 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الدف السادس‪ :‬الكشف عن بعض من أظهر العتقاد بأهل البيت عليهم السلم ث دسّ‬
‫الروايات الكاذبة عنهم‪ ،‬وبدف تطيم الدولة العباسية‪ ،‬أسّس هذا الفريق من الرواة مذهبا خاصا‬
‫به مليئا بالوهام والرافات‪ ،‬ث جاء مَنْ بَعْ َدهُم فأحسن الظ ّن بم‪ ،‬وأخذ عنهم ما نقلوه ورووه(‪.)2‬‬
‫اعتماد البقعي منهج العرض على القرآن والعقل ف نقد مصادر الديث‪:‬‬
‫يرى البقعي أننا لو استخدمنا منهج العرض على القرآن الكري لا واجهنا اليوم مثل هذه‬
‫الشكلت والرافات‪ ،‬ويصرّح بأنه وجد الكاف‪ -‬أهم مصدر حديثي لدى الشيعة المامية‪ -‬ف‬
‫كثي من مواضعه مغايرا للقرآن‪ ،‬مليئا بالغلوّ والرافات‪ ،‬غي موافق للعقل النسان‪.‬‬
‫وينقل البقعي عن الستاذ «حيدر علي قلمداران» ‪ -‬مؤيدا‪ :-‬أنّ علميّ الدراية والرجال‬
‫على ما فيهما من فائدة‪ ،‬ل ينفعان ف أن يغدوا معيارا‪ ،‬بل العيار هو العرض على الكتاب شريطة‬
‫العتقاد بأن القرآن ل يتاج إل تفسي‪.‬‬
‫ومن فكرة العرض على الكتاب هذه ث العقل ‪-‬كما يفيده العنوان الفارسي لكتاب ضخم‬
‫ألّفه البقعي بالفارسية ف نقد أصول الكاف عنوانه‪« :‬عرض أخبار أصول بر قرآن وعقول»‪،‬‬
‫(أي عرض أخبار أصول الكاف على القرآن والعقل)‪ ،-‬تعزّزت بشكل قاطع عنده مقولة نقد الت‪،‬‬
‫حت يكننا القول‪ :‬إن كتابه الشار إليه ف نقد الكاف يعدّ من أبرز كتب نقد الت الشيعية‪ ،‬بقطع‬
‫النظر عن مدى ناحه ف خطوته هذه‪ ،‬وما يقوّي عند البقعي معياريّة نقد الت أن الرواة الكذابي‬
‫كانوا يدّسون الروايات دون حاجة إل إدراج اسهم ف سلسلة السانيد‪ ،‬من هنا‪ ،‬يبقى السبيل‬
‫الوحيد لوزن النصوص وماكمتها هو اللوس مع متنها لنقده وتحيصه‪.‬‬
‫والذي يعزّز ‪ -‬عند البقعي‪ -‬اعتماد نقد الت أن أكثر الحدّثي ورواة الخبار كانوا غلةً‬
‫أو منحرف العقيدة أو مهولي‪ ،‬فل يكن الرجوع إليهم‪ ،‬علوة على أنم ما كانوا علماء ول‬
‫متهدين بل تار وكسبة ل يفقهون القرآن‪ ،‬وأنه كيف نكتفي ببعض التوثيقات لم دون مارسة‬
‫نقدٍ لضامي الروايات الت نقلوها إلينا؟ وحت الصدوق (‪381‬هـ) ل يكن بالنسبة للبقعي سوى‬
‫تاجر أرز جع ف خزنته ما سعه ووجده‪ ،‬فوقع ف اشتباهات كثية‪.‬‬

‫() الصـدر السـابق‪ ،649 - 648 ،‬نقل عـن مقدمـة البقعـي على كتابـه «عرض أخبار أصـول الكافـ على القرآن‬ ‫‪2‬‬

‫والعقل»‪ ،‬بتصرف يسي‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 13 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫من هنا‪ ،‬اتذ البقعي معيارا ف تقوي النصوص الديثيّة وهو نقد الت أولً ث اللجوء بعد‬
‫صحّة الت ‪ -‬عقلً وقرآنا‪ -‬إل السند‪ ،‬وما ل يصحّ الت فل حاجة للبحث ف السند فصحّته‬
‫وبطلنه سيّان‪ ،‬آخذا على العلماء القتصار على نقد السند‪.‬‬
‫وقد طوّر البقعي من تصوّره لولويّة نقد الت أن جعله معيارا للحكم على الرواة‪ ،‬فذهب‬
‫إل أن معرفة الراوي إنا تكون بدراسة رواياته‪ ،‬ل براجعة كلمات علماء الرح والتعديل فقط‪،‬‬
‫فمن علمات ضعف الراوي روايته الرافات والنكرات‪ ،‬ولذا ضعّف البقعي «علي بن إبراهيم‬
‫الق ّميّ» الذي يُنسب إليه تفسي الق ّميّ العروف والذي عُدّ من أكابر علماء الشيعة عصر الضور‪،‬‬
‫وسبب تضعيفه له روايته ‪ -‬برأيه‪ -‬الرافات والغل ّو وما يناف القرآن‪.‬‬
‫إن الئمة عليهم السلم ابتُلوا وظلموا ‪ -‬من وجهة نظر البقعيّ ‪ -‬بأعدائهم وبالحيطي بم‬
‫على السواء فقد كان هناك متربّصون من جهة وجهّال غلة من جهة أخرى‪ ،‬فل سبيل إل نقد‬
‫الت وتعرية الضمون‪.‬‬
‫أما معايي نقد الت فلم يضف البقعي عليها شيئا ما كان علماء الديث والدراية المامية‬
‫قد ذكروه من قبل‪ ،‬من مالفة القرآن بصريه أو مفهومه‪ ،‬أو مالفة السنة القطعية أو حقائق‬
‫التاريخ‪ ،‬أو مالفة العقل الصريح‪ ،‬أو مالفة قواعد الخلق وأصولا‪ ،‬أو مالفة الصول العلمية‬
‫السلّمة‪ ،‬أو عدم نقل إل عددٌ قليل جدا للخب مع توافر الدواعي إل نقله‪ ،‬أو ذكر ثواب هائل‬
‫وعقاب عظيم على فعل يسي حقي‪...‬‬
‫نعم الشيء الذي حصل فيه تغيّر مع البقعي ليس العايي لكتشاف عيوب مت الديث بل‬
‫التطبيقات العملية لتلك العايي‪ ،‬حيث شهدت معه اتساعا‪ ،‬رفضه الناقدون(‪.)1‬‬
‫قائمة بأهم مؤلّفات البقعي بعد توّله الذهب‪:‬‬
‫ذكر البقعي ف ترجته الذاتية أساء (‪ )77‬مؤلفا له بي كتاب ورسالة وتأليف وترجة‪،‬‬
‫معظمها باللغة الفارسية‪ ،‬وقد أشرنا إل بعضها فيما سبق ونذكر هنا أهم العناوين الت ألّفها بعد‬
‫توّله الذهبّ إذ تعطينا فكرة عن عقائده وآرائه الت انتهى إليها‪:‬‬
‫‪« -‬تابشي از قرآن» [أي إشعاع من القرآن] تفسي كامل للقرآن الكري ف ‪ 12‬جزءا‪.‬‬

‫() الصدر السابق‪.651 - 649 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 14 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫‪« -‬ديوان حافظ شكن يا گفتگويي با حافظ» [أي ديوان كسر حافظ أو حوار مع‬
‫حافظ] وهو ديوان شعر كبي يرد فيه الؤلف على ديوان حافظ الشيازي الصوف العروف قصيدة‬
‫قصيدة‪.‬‬
‫‪« -‬تري متعِه در اسلم» [أي تري التعة ف السلم]‪.‬‬
‫‪« -‬بت شكن يا عرض أخبار أصول بر قرآن وعقول» [أي كسر الصنم أو عرض أخبار‬
‫الصول (أي أصول الكاف) على القرآن والعقل]‪.‬‬
‫‪« -‬بررسى خطبهء غديريه» [أي دراسة وتحيص خطبة الغدير]‪.‬‬
‫‪ -‬رسالة «نقد الراجعات والردّ عليها» باللغة العربية‪.‬‬
‫‪ -‬رسالة «اصول دين از نظر قرآن» [أي أصول الدين من وجهة نظر القرآن]‪.‬‬
‫‪« -‬تضاد مفاتيح النان با آيات قرآن» [أي مالفات كتاب مفاتيح النان ليات‬
‫القرآن]‪.‬‬
‫‪« -‬دعاهايي از قرآن» [أي أدعية من القرآن]‪.‬‬
‫‪« -‬بررسى علمي در احاديث مهدي» [أي دراسة علمية لحاديث الهدي]‪.‬‬
‫‪« -‬خرافات وفور در زيارات قبور» [أي الرافات الوافرة ف زيارات القبور] وهو‬
‫الكتاب الال‪.‬‬
‫‪« -‬سوانح ايّام» [أي سوانح اليام] وهو ترجة ذاتية لياة الؤلف وما م ّر عليه وعلى وطنه‬
‫إيران من أحداث وخطوب ويقع ف ‪ 250‬صفحة‪.‬‬
‫تلك أهم كتبه الت ألّفها بعد توّله أو استبصاره ‪ -‬على حدّ قوله عن نفسه‪ -‬وقد منع من‬
‫طباعة ونشر أغلبها‪ ،‬فاكتفى بطباعة ما ل يسمح له بنشره على اللة الكاتبة وتصوير عشرات‬
‫النسخ عنها وتوزيعها بي معارفه وأصدقائه ومؤيديه‪.‬‬
‫وقد تعرض الؤلف ف أواخر حياته للحبس عدّة أشهر (سنة ‪1987‬م) ف سجن «إيوين»‬
‫ج منه‪ ،‬ث بعد مدّة ُن ِفيَ فترةً إل مدينة «يزد» وسط إيران‪ ،‬ث أمر مرشد‬
‫شال طهران‪ ،‬ث أُ ْخرِ َ‬
‫الثورة بإطلق حريته فعاد إل طهران‪ ،‬واستقرّ ف منل ابنه ف بلدة «كَنْ» إحدى الضواحي‬
‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 15 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الشمالية لطهران‪ ،‬حيث وافته النيّة فيها ف الشهر السابع من عام ‪ 1370‬هجرية شسية (حسب‬
‫التقوي اليران) الوافق لـعام ‪1992‬م ودفن ف تلك البلدة بوار قب «امامزاده ُشعَيب» العروف‬
‫فيها‪ ،‬فرحه ال وغفر له‪.‬‬
‫وف التام أود التذكي بأنه من نافلة القول أن عمل الترجم هو نقل نص من لغة إل لغة‬
‫بأمانة‪ ،‬وبالتال فليس من الضروري أن يكون مؤيدا لكل ما يقوله صاحب النص تاما بل قد‬
‫يكون للمترجم أفكار متلفة ف بعض الواضع لكن ينبغي أن ينقل بأمانة بغض النظر عن موافقته‬
‫أو عدم موافقته على كل ما يُقال‪ ،‬غاية ما ف المر أنه يكن للمترجم أن يعلق بعض التعليقات ف‬
‫الاشية يعب فيها عن ملحظاته أو رأيه‪ .‬أسأل ال تعال أن يوفقنا لا يبه ويرضاه‪ ،‬وآخر دعوانا‬
‫أن المد ل رب العالي‪.‬‬
‫الترجم‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 16 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫القدمة‬
‫المدُ ل مالك اللك ديّان الدّين ميب الدّاعي والضطرّين ومغيث الهمومي وصريخ‬
‫الكروبي وهادي الضلّي‪ ،‬وصلّى ال على رسوله وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجعي‪.‬‬
‫إحدى البدع الت تندرج تتها آلف البدع الخرى والت ابتُليت با أكثر الشعوب وأنست‬
‫با وبدّدَت فيها أعمارها وأموالا زيارات القبور والهتمام البالغ با‪.‬‬
‫بدايةً ل بد من توضيح عدة أمور ف موضوع زيارة القبور‪:‬‬
‫الوّل‪ -‬هل أرواح العظماء من الولياء والصالي والنبياء والشهداء توجد ف جوف القب‬
‫أو فوقه أو ف أطرافه وتشعر وتعلم بزوّار القب أم ل؟‬
‫الثان‪ -‬إن ل تكن تلك الرواح موجودة حول القب أو ل تكن ف الدنيا أصلً فهل تطّلع‬
‫على زوّارها وهي ف عالها الخروي أم ل؟‬
‫الثالث‪ -‬ولو فرضنا أنا مُطّلعة على زوّارها فهل تستجيب لطلبات زوّارها وتعود إل الدنيا‬
‫وتلبّي حاجاتم أم ل؟‬
‫الرابع‪ -‬هل هناك فائدة من اطلعها على آلم الناس وعذاباتم ومصائبهم أم ل؟ وهل تسعد‬
‫وتُسرّ بديها وتجيدها وذكر فضائلها ومناقبها ف نصوص الزيارات الت يقرؤها ُزوّارُها أم ل؟‬
‫وهل ترغب بأن يضع الناس أمام قبها ويشعون مردّدين أكثر ما يكن من الدائح والطراء أم‬
‫ل؟ وهل يفيد مَن ل يلك الصب والتقوى أن يثن على صب أولئك العظماء وتقواهم أو هل يفيد‬
‫من يبخل ببذل روحه وماله ف سبيل ال ول يكون مستعدا للجهاد ف سبيل الدين أن يثن على‬
‫جهاد أولئك العظماء وشهادتم بأبلغ العبارات أم ل؟ وهل ينفعُ من ل يعلم عن دينه ما يكفي ول‬
‫علم له بكتاب ال وشريعته‪ ،‬مدحُه صاحب القب لمره بالعروف ونيه عن النكر أم ل ينفعه؟‬
‫الامس‪ -‬هل وظيفة النسان الثناء والتمجيد والديح للموات الاضي‪ ،‬وهل طلب ال من‬
‫النسان مثل هذا العمل؟ وهل كُلّفَ العباد بذكر حسنات الاضي أو سيئاتم أم ل ُيكَّلفُوا بذلك؟‬
‫السادس‪ -‬هل من سنة النبياء والولياء تزيي القبور وتشييدها أو بناء القباب والضرحة‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 17 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫والنارات وتعمي الفنية والروقة للمقابر ووقف البساتي والنازل والراضي والدكاكي للموات‬
‫وصرف ريعها على حفظ مقابرهم أم أن ذلك من سنن الظلمة البارين الطغاة؟!‬
‫بعد توضيح هذه المور وإقامة البهان عليها ننتقل إل دراسة أحاديث الزيارات وتحيصها‬
‫وبيان صحة أو سقم عباراتا وهل هي ح ّق أم باطل‪ .‬وهدفنا من بيان هذه السائل أن نوضّح‬
‫حقائق أحكام الدين ونيّزها عن الرافات الذهبية والباطيل والوهام الت تُعرَض على الناس باسم‬
‫دين السلم‪.‬‬
‫ولكن قبل أن أبدأ بوضوع الكتاب أرى من اللزم عليّ أن أصرّح أنن كنت ول أزال من‬
‫شيعة إمام التقي وأمي الؤمني عليّ عليه السلم وأتباعه وآخذ أصول دين وفروعه عن ذلك‬
‫المام الكري ولكنن أختلف مع أولئك الذين خرّبوا دين السلم باسم ذلك المام‪ ،‬وا ّد َعوْا مبّته‬
‫ومبّة أولده الطهار لكنّهم أوهنوا بناء الدين وأهلوا أصول السلم وفروعه وتعاليم القرآن‬
‫بزيارات خرافية‪ ،‬ول أعتبهم من مب عليّ عليه السلم حقّا‪.‬‬
‫ولن أستدلّ ف دراست لوضوع هذا الكتاب إل بكتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم والدلّة العقليّة‪ ،‬وبالنسبة للحديث ل بد من التذكي بوجوب رفض كل حديث يالف‬
‫القرآن أيّا كان صاحبه‪ ،‬كما َأمَرَنا بذلك ال ورسولُهُ والئ ّمةُ عليهم السلم‪ ،‬أمّا إذا وافق الديثُ‬
‫القرآنَ الكريَ فإننا نقبله ونضعه على رؤوسنا‪.‬‬
‫لقد جعل ال تعال قرآنه ميزانا نفرّق به بي الق والباطل وساه لذلك بالفرقان فقال‪:‬‬
‫ي نَذِيرًا)) [الفرقان‪ ]1:‬كما اعتب القرآن ميزانا‬ ‫((َتبَارَ َك الّذِي نَزّلَ الْفُرْقَا َن عَلَى عَبْ ِدهِ ِلَيكُونَ ِل ْلعَالَمِ َ‬
‫ومعيارا لعرفة الصحيح من الطأ فقال‪(( :‬ال الّذِي َأنْ َز َل الْ ِكتَابَ بِالْحَ ّق وَالْمِيزَا َن َومَا يُدْرِيكَ َلعَلّ‬
‫السّا َعةَ قَرِيبٌ)) [الشورى‪ ،]17:‬كما اعتبه القول الفصل أي الذي يفصل بي ال ّق والباطل فقال‪:‬‬
‫((ِإنّهُ َل َقوْلٌ َفصْلٌ)) [الطارق‪ ،]13:‬واعتب القرآن أحسن التفاسي فقال‪(( :‬وَل َيأْتُونَكَ بِ َمثَلٍ إِلّا‬
‫ح ّق َوأَحْسَ َن َتفْسِيًا)) [الفرقان‪ ،]33:‬واعتبه هداية للناس وبيانا واضحا لم فقال‪:‬‬ ‫ِجْئنَاكَ بِالْ َ‬
‫ت ّمنَ الـ ُهدَى وَالْ ُف ْرقَانِ‪( ))...‬البقرة‪ )185:‬و((هَذَا‬
‫((‪..‬أُن ِزلَ فِي ِه الْ ُقرْآ ُن ُهدًى لّلنّاسِ َوبَيّنَا ٍ‬
‫س َوهُدًى وَ َموْعِ َظ ٌة لّلْمُّتقِيَ)) (آل عمران‪.)138:‬‬
‫بَيَانٌ لّلنّا ِ‬
‫أما الحاديث الت تد ّل أيضا على أن القرآن ميزانٌ لعرفة القّ من الباطل فهي كثي ٌة ولكن‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 18 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫لا كانت آيات القرآن ذاتا قد صرّحت بذا العن بكل وضوح فهذا يغنينا عن ذكر الحاديث ف‬
‫هذا المر‪ ،‬لذا سنكتفي بذكر ثلثة أحاديث ف ذلك نوذجا‪:‬‬
‫‪ -1‬ف كتاب وسائل الشيعة (ج ‪:18‬ص ‪ )78‬عن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم أنه‬
‫خذُو ُه َومَا خالَفَ كِتَابَ ال َفدَعُوهُ»‪.‬‬
‫قال‪« :‬مَا وَافَقَ كِتَابَ ال فَ ُ‬
‫‪ -2‬وف الصفحة ذاتا من وسائل الشيعة نقلً عن كتاب الكاف بسنده عن المام الصادق‬
‫عليه السلم قال‪« :‬مَا َلمْ يُوَافِ ُق ِمنَ الديثِ القرآ َن َف ُهوَ ُز ْخرُفٌ»‪.‬‬
‫‪ -3‬وف أصول الكاف (ج ‪ :1‬ص ‪ )96‬عن المام الرضا عليه السلم قال‪« :‬إذا كانت‬
‫ت مُخاِلفَ ًة للقرآن كذّبتُها»‪.‬‬
‫الروايا ُ‬
‫بناء على ما ذُكر إذا أثبتنا بالباهي والدلة أن زيارات القبور والنذورات الت تُصرف لا‬
‫مالفة للقرآن الكري‪ ،‬فالجدر بحبّي الرافات أن يردّوا على كلمنا بالدليل والبهان بدلً من‬
‫كيل التامات لنا والفتراء علينا‪.‬‬
‫ولّا كنّا نعتب أن ماربةَ الرافات أهمّ من أيّ جهاد آخر فإننا ل ناب ف هذا السبيل أ ّ‬
‫ي‬
‫إيذاء أو تمة‪ ،‬إذ كلّما كان العمل مهما أكثر كان أجره وثوابه عند ال أكب‪ ،‬ولا كنا نعتب بعض‬
‫العمال الت يؤديها بعض التظاهرين بالتقوى نوعا من الوثنية فإننا نعتب ماربتها جهادا ف سبيل‬
‫ال لن مالفينا أفسدوا أصول السلم‪.‬‬
‫ول يفى أنّ الخ الجاهد والحقّق الليل الستاذ «حيدر علي قلمداران» رحه ال ألّف‬
‫قبل كاتب هذه السطور كتابا مفيدا جدا ف موضوع «زيارة الزارات»‪ ،‬نقلتُ بعض مطالبه ف‬
‫الطبعة الول لكتاب هذا دون أن أذكر اسه خشية أن يتعرّض إل الطر من جديد على أيدي‬
‫الرافيي أو يعتقله مسؤولو الكومة‪َ ،‬أمَا وقد انتقل الن إل رحة ربّه‪ ،‬ول يبقَ من عمر هذا العبد‬
‫الفقي سوى أيّام معدودة فإنن قمتُ بعد خروجي من آخر اعتقالٍ ل بإصلح كتاب هذا‬
‫واختصاره بدف إتام وإكمال ما ألّفه ذلك الستاذ الكري‪ ،‬حيث ألقتُ جزءا من موضوعات‬
‫النسخة الول من كتاب هذا بكتابه ِلَتنَاسُبها مع موضوعه‪ ،‬ونقلتُ بعض موضوعات النسخة‬
‫الول من كتاب هذا إل كتاب الخر الوسوم بـ «عرض أخبار أصول بر قرآن وعقول» (أي‬
‫عرض أخبار أصول الكاف على القرآن والعقل) واكتفيتُ ف هذا التحرير الثان لكتاب الاضر‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 19 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫بذكر الوضوعات الت ل يذكرها الرحوم «قلمداران» ف كتابه‪ ،‬هذا رغم أنه قد ل يلو كتاب‬
‫الاضر من بعض الوضوعات الت ذُكرت ف كتابه أيضا‪.‬‬
‫وعلى كلِّ حال آمل أن تكون موضوعات الكتابي مفيدةً لطلب القّ‪ .‬وأسأل ال تعال ل‬
‫ت وَمَا تَ ْوفِيقِي ِإلّ بِال‪.‬‬
‫ح مَا اسْتَ َطعْ ُ‬
‫صلَ َ‬
‫ولذلك الخ الفاضل الثوبةَ والجر‪ ،‬إِ ْن أُرِيدُ ِإلّ الِ ْ‬

‫خادم الشريعة الطهرة‬


‫سيد أبو الفضل بن الرضا البقعي‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 20 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫أين توجد أرواح النبياء والولياء بعد وفاتم؟‬


‫ختُ فِي ِه مِنْ رُوحِي َف َقعُوا لَ ُه سَا ِجدِينَ))‬
‫[الجر‪:‬‬ ‫انطلقا من قوله تعال‪(( :‬فَإِذَا َس ّويْتُ ُه َوَنفَ ْ‬
‫‪ ،]29‬للروح مكان وليست مردة من الزمان والكان ومكان الروح هو البدن الدنيوي أو القالب‬
‫الثال البزخي‪ .‬والبدن هو مرْكَب الروح وهذا المر واضح ومسوس ول يتاج إل البهان‪.‬‬
‫وهذه الروح الحدودة لا كانت مدودة ذاتا فإن صفاتا كالعلم والفكر مدودة أيضا لن حدود‬
‫العوارض هي حدود العروض ذاتا ول يكن أن تزيد عليها‪.‬‬
‫فروح الكائن الي ل تعلم كلّ شيء وليست مطّلعة على جيع الشياء ول جيع المكنة‪،‬‬
‫بل إنا تستطيع بواسطة تصيل العلم أو بواسطة الوحي اللي أن تكسب العلم كما قال ال‬
‫ن اْلعِلْمِ إِلّا قَلِيلً)) [السراء‪:‬‬‫ح مِنْ َأمْرِ َربّي َومَا أُوتِيتُ ْم مِ َ‬ ‫لرسوله‪َ (( :‬ويَسْأَلُونَكَ عَنِ الرّوحِ قُلِ الرّو ُ‬
‫ك بِهِ عِ ْلمٌ ِإنّ السّمْ َع وَاْلَبصَ َر وَاْل ُفؤَادَ كُلّ ُأوَْلئِكَ كَا َن عَنْهُ‬
‫ف مَا َلْيسَ لَ َ‬
‫‪ ،]85‬وقال‪(( :‬وَل َتقْ ُ‬
‫ج ْل بِاْلقُرْآ ِن مِنْ َقبْلِ َأنْ ُي ْقضَى إَِليْكَ‬‫ح ّق وَل َتعْ َ‬ ‫ك الْ َ‬
‫سئُولًا)) [السراء‪ ،]36:‬وقال‪َ(( :‬فَتعَالَى ال الْمَلِ ُ‬ ‫مَ ْ‬
‫وَ ْحيُ ُه وَقُلْ رَبّ ِز ْدنِي عِ ْلمًا)) [طه‪ ،]114:‬ونوها من اليات الكثية‪.‬‬
‫وهذا عندما تكون تلك الروح ف الدنيا‪ ،‬أما عندما ترج من البدن بالوفاة وتدخل القالب‬
‫الثال البزخي فإن حقيقتها تبقى كما هي ول تتغيّر‪.‬‬
‫فالصالون والولياء يذهبون من هذا الكان إل عال ارفع وأسى من هذا العال وإل قالب‬
‫ي َفرَوْحٌ‬
‫ألطف من السم الدنيوي‪ .‬يقول الق تعال‪َ (( :‬فَأمّا إِن كَانَ [أي الحتضر] ِم َن الُ َق ّربِ َ‬
‫وَ َريْحَانٌ َوجَّنةُ َنعِيمٍ)) (الواقعة‪ 88:‬و ‪ ،)89‬وقال كذلك‪(( :‬وَل تَحْ َ‬
‫سبَ ّن الّذِينَ ُقتِلُوا فِي َسبِيلِ ال‬
‫حقُوا‬
‫ستَبْشِرُو َن بِالّذِينَ لَ ْم يَ ْل َ‬
‫ي بِمَا آتَاهُمُ ال مِنْ َفضْلِ ِه َويَ ْ‬
‫َأ ْموَاتًا بَلْ َأ ْحيَاءٌ ِعنْدَ َرّبهِ ْم يُ ْرزَقُونَ * َفرِ ِح َ‬
‫سَتبْشِرُونَ ِبِنعْ َم ٍة مِنَ ال وََفضْ ٍل َوأَنّ ال ل‬ ‫ف عََلْيهِ ْم وَل هُ ْم َيحْ َزنُونَ * يَ ْ‬
‫ِبهِ ْم مِنْ خَ ْل ِفهِمْ أَلّا َخوْ ٌ‬
‫ُيضِيعُ أَ ْج َر الْ ُم ْؤمِنِيَ)) [آل عمران‪.]171-169:‬‬
‫ف هذه اليات نقاط وأمور ترّر النسان من الوهام والرافات لذا نلفت نظر القراء الكرام‬
‫إلىها‪:‬‬
‫[آل‬ ‫سبَ ّن الّذِينَ ُقِتلُوا فِي َسبِيلِ ال َأ ْموَاتا بَلْ أَ ْحيَاءٌ))‬
‫عندما يقول القّ ع ّز وَجلّ‪(( :‬وَل َتحْ َ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 21 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫عمران‪ ]169:‬فمعناه أنم أحياء رغم أنم ُتوُفّوا أي ُقِبضَت أرواحهم وأُخِذَت من أبدانم‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫((عِندَ َرّب ِهمْ ُيرْ َزقُونَ)) يدل على أنم ف الواقع نالوا حياةً أفضل ف مكان أسى وأرفع‪.‬‬
‫فالملة الخية تدل على أنه رغم قوله تعال‪(( :‬كُ ّل مَ ْن عََلْيهَا فَانٍ)) [الرحن‪ ،]26:‬وقوله‬
‫ت َوِإنّهُ ْم َمّيتُونَ)) [الزمر‪ ،]30:‬إل أن القرّبي من ال ينالون عنده ‪-‬بعد رحيلهم‬
‫ك َميّ ٌ‬
‫سبحانه‪ِ(( :‬إنّ َ‬
‫من هذه الدنيا الفانية‪ -‬حيا ًة ونعيما ل يعلم كيفيتها سوى ال‪ ،‬ف حي أن الكفار والفجار ينالون‬
‫الل والعذاب بعد موتم‪.‬‬
‫إذا عرفنا ذلك فيجب أن نعلم أين هو الكان الذي يشي إليه قوله‪(( :‬عِ ْندَ َربّ ِه ْم ُيرْ َزقُونَ))؟‬
‫إن قوله‪« :‬عِ ْندَ َرّب ِهمْ» يفيد أنم عند ال وليس عند اللق ول عند القب‪ .‬فأين يكونون عندما‬
‫يكونون عند ال؟ تبيّن الية الكرية‪َ(( :‬لهُمْ دَارُ السّلمِ ِعنْدَ َرّبهِ ْم َو ُهوَ وَلِّيهُ ْم بِمَا كَانُوا َيعْ َملُونَ))‬
‫سَتقِيمٍ))‬
‫ط مُ ْ‬‫[النعام‪ ،]127:‬والية الكرية‪(( :‬وَال يَ ْدعُوا إِلَى دَارِ السّل ِم َويَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَا ٍ‬
‫[يونس‪ ،]25:‬أن «عند ال» هو «دار السلم»‪ ،‬فهو غي «عند اللق» وغي «عند القب» أو الدنيا‪،‬‬
‫صبَرُوا أَجْ َرهُ ْم ِبأَحْسَ ِن مَا‬
‫ق وََلنَجْ ِزيَ ّن الّذِينَ َ‬
‫كما قال سبحانه‪(( :‬مَا ِعنْدَكُ ْم يَنفَدُ َومَا ِعنْدَ ال بَا ٍ‬
‫كَانُوا َيعْمَلُونَ)) [النحل‪ ،]96:‬فل شك أن الرزق الذي يرزقونه ليس مثل الرزق والطعام‬
‫الدنيوي(‪.)1‬‬
‫ي بِمَا آتَاهُمُ ال مِنْ َفضْلِهِ))‬
‫[آل‬ ‫وف الزء الخر من الية الذكورة يقول تعال‪(( :‬فَ ِرحِ َ‬
‫عمران‪ ،]170:‬فما يؤتيه ال لم من فضله ليس هو الدنيا لنه كانت لديهم الدنيا ث أُخذت منهم‬
‫ليعطوا بد ًل منها مكانا أوسع وأفضل‪.‬‬
‫أما الذين ل علم لم بالقرآن فيتصوّرُون أ ّن الشهداء لم ارتباط بذه الدنيا‪ .‬ف حي أن‬
‫حقُوا ِبهِمْ مِنْ خَ ْل ِفهِمْ)) [آل عمران‪ ]170:‬تدلّ على أن الشهداء‬
‫جلة‪َ (( :‬ويَسَْتبْشِرُونَ بِالّذِينَ َل ْم يَلْ َ‬
‫يذهبون إل عال يصبحون فيه بعيدين عمّن خلّفوه وراءهم من الحياء‪ ،‬آملي أن يلحق بم أولئك‬
‫الذين من خلفهم‪ .‬فلو كان الشهداء ل يزالون ف هذه الدنيا وكان لم طريق إل أقربائهم‬
‫ومعارفهم لا كانت تلك الملة صحيحة‪ .‬فإذن الشهداء منفصلون عن أهل الدنيا‪ .‬أضف إل ذلك‬
‫أن ال تعال بيّن ف آخر تلك اليات أن جيع الؤمني سينالون ذلك النعيم والثواب‪َ (( :‬وَأنّ ال ل‬

‫() سيأت مزيد من التوضيح لذا الوضوع ف بث عال البزخ القادم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 22 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ُيضِيعُ أَ ْج َر الْ ُم ْؤمِنِيَ)) [آل عمران‪.]171:‬‬

‫هل النبياء والولياء يطّلِعون على زوّارهم؟‬


‫بعد أن أثبتنا أن الرواح تذهب بعيدا عن الدنيا إل عال البزخ نيبُ فيما يلي عمّا يقوله‬
‫الذين يقرّون بأن الشهداء أحياءٌ ف عال آخر غي عال الدنيا‪ ،‬إل أنم يقولون‪ :‬لّا كان الشهداء‬
‫أحياءً فإنم يطِّلعُون على أحوالنا [حت ولو كانوا ف «دار السلم» وف عال آخر غي عال الدنيا]!‬
‫فنقول‪ :‬من الواضح أن قولم هذا غي صحيح لن حياة الشهداء ل علقة لا بعلمهم‬
‫ومعرفتهم بأحوالنا‪ ،‬لنه ليس هناك تلزم بي الياة وبي العلم بكل شيء والحاطة بكل مكان‪،‬‬
‫فرسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ل يكن له علم با يري ليانه وماوريه إل إذا أعلمه ال أو‬
‫أخبه الناس بذلك كما حصل عندما قُتل عد ٌد كبيٌ من أصحابه ف بئر معونة ول يدرِ بذلك‪.‬‬
‫وتأخّرت زوجته عائشة عن القافلة ف العودة من سفر بن الصطلق وبقيت ف البادية وحدها ول‬
‫يكن له علم بذلك‪ ،‬وضاع جله صلى ال عليه وآله وسلم ول يكن له علم بكانه‪ ،‬وف معركة‬
‫أحد أُصيب بجر ف جبينه وشفته وفكّه ولو كان له علم مسبق بذلك لبعد رأسه عن الضربة‬
‫وانرف بعيدا عن الضارب حت ل يُصاب بذلك الجر‪ .‬وقال ال تعال‪َ (( :‬ومِمّنْ َحوَْلكُ ْم مِنَ‬
‫ب ُمنَاِفقُونَ َومِنْ َأهْ ِل الْمَدِيَن ِة مَرَدُوا عَلَى الّنفَاقِ ل َتعْلَ ُم ُه ْم نَحْ ُن َنعْلَ ُم ُهمْ)) [التوبة‪ ،]101:‬ما‬ ‫الَعْرَا ِ‬
‫يد ّل على أن النبّ الكرم صلى ال عليه وآله وسلم ل يكن له علم بنفاق بعض أتباعه‪ ،‬بل كان‬
‫يعجبه كلم بعضهم دون أن يعلم بذات صدورهم وحقيقة نفاقهم كما قال تعال‪َ (( :‬ومِ َن النّاسِ‬
‫خصَامِ)) [البقرة‪.]204:‬‬ ‫شهِدُ ال عَلَى مَا فِي قَ ْلبِ ِه َو ُهوَ أَلَ ّد الْ ِ‬
‫حيَاةِ ال ّدْنيَا َويُ ْ‬
‫جبُكَ َقوْلُهُ فِي الْ َ‬
‫مَ ْن ُيعْ ِ‬
‫فإذا ل يكن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم حا َل حياته عالا بكلّ مكان ول مطّلعا‬
‫على كلّ شيء‪ ،‬فالشهداء أيضا ل يلزم أن يطّلعوا وهم ف حال الياة البزخية على ك ّل مكان‬
‫وك ّل شيء‪ ،‬وبالتال فالياة الخروية مثلها مثل الياة الدنيوية ل تستلزم العلم بكلّ شيء‪ ،‬فاطّلع‬
‫الذاهبي على أحوال الباقي يتاج إل برهان ودليل‪.‬‬
‫ت أ ّن الشهداءَ ((لَ َخوْفٌ عَلَ ْي ِه ْم وَ َل ُهمْ‬
‫أضف إل ذلك أن تلك اليات الت مرّت ذَكَرَ ْ‬
‫ح َزنُونَ)) ما يدلّ على أن الشهداء ل اطلع لم على كل مكان‪ ،‬بل يذهبون إل مكان ل خوف‬
‫يَ ْ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 23 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫فيه ول حزن ول غمّ‪ .‬ف حي أنم لو كانوا مطّلعي على أحوال أهل الدنيا الساكي الذين‬
‫يرتكبون سيّئ العمال ويعانون من مصائب الدنيا لزعجهم ذلك وأحزنم‪ ،‬كما أنم لو اطّلعوا‬
‫على آلم وعذاب ومعاناة ُزوّارهم لاتوا كمدا وغصّة عليهم‪ .‬فمثلً لو اطّلع رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم أو عيسى عليه السلم أو مري عليها السلم أو المام الرضا عليه السلم على آلم‬
‫ت «دار السلم» بالنسبة إليهم دار‬
‫ومصائب ومشاكل الناس لكتأبوا وأصابم الزن والغ ّم وغَدَ ْ‬
‫«غصّة وحزن»‪ ،‬هذا إن فرضنا ‪-‬والعياذ بال‪ -‬أن النبّ أو المام يستطيع أن يسمع أدعية جيع‬
‫الناس ويطّلع على حاجاتم ويسمع أصواتم وشكاويهم ف آن واحد‪ ،‬فهذا يأت إل مزارهم‬
‫ويقول‪ :‬إن ابن مسجون ويتعرّض للتعذيب‪ ،‬والخر يقول‪ :‬لقد غزانا جيش الكفار وقتل منا‬
‫الكثي‪ ،‬والثالث يقول‪ :‬ابن ابتُلي بالسرطان‪ ،‬والرابع يقول‪ :‬إن مبتلٍ برض نفسي‪ ،‬وآخر يشكو‬
‫من سرقة جيبه ف الرم وأنه أصبح غريبا بل مال‪ ،‬وآخر يشكو من أنه مستأجر ومالك منله‬
‫يؤذيه ك ّل يوم ويريد أن يرجه من النل و‪ ...‬و‪ ...‬آلف الفجوعي والتألي والرضى والفقراء‬
‫والظلومي كلّ يبثّ شكواه‪ .‬هذا عدا عمّن جاء إل مراقدهم ليس بقصد الزيارة بل بقصد السرقة‬
‫ف حرمهم أو جاء بقصد الفاحشة وثالث يقرأ الراثي الليئة بالكاذيب وبلف ما أنزل ال‪،‬‬
‫وآخر َملِكٌ أو وزيرٌ يدخل إل الرم وعلى كاهله آلف الرائم‪ ،‬وآخر عمله اليانة وأكل أموال‬
‫الستضعفي بالباطل فهو يكن أموالً طائلةً لقاء أراضٍ ميتة بور باسم الوقاف‪ ،‬أو يأخذ حق‬
‫التنازل (خلوّ الرجل أو الفراغة) من الفقراء‪ ،‬وآلف اليانات والثام والفواحش والرائم‬
‫الخرى‪ ،‬فلو اطّلع صاحب القب على كلّ ذلك لصابه الغم والل ولسُلبت منه الراحة ف عال‬
‫البزخ وتبدّل نعيمه إل أل وعذاب!‬
‫فلحظوا افتراء ذلك الكذّاب الذي وضع زيارةً نسبها إل المام قال فيها‪« :‬أشهد أنك‬
‫ترى مقامي وتسمع كلمي وتر ّد جواب» هذا مع أنه ل يسمع جواب صاحب القب‪ ،‬ولكنه‬
‫يشهد على ذلك كذبا! وسنثبت ف هذا الختصر أن أولياء ال بعد وفاتم ليس لم أي خب عن‬
‫الدنيا وأنم ف العال الخر (البزخ) ليس لم أي معرفة بأحوال عباد ال ف الدنيا‪.‬‬
‫كما ذُكر ف اليات الت استشهدنا با ف الفقرة السابقة يدلّ قوله تعال‪َ(( :‬فرِحِيَ بِمَا آتَاهُمُ‬
‫ف عََلْيهِ ْم وَل هُ ْم يَحْ َزنُونَ *‬
‫حقُوا ِبهِ ْم مِنْ َخ ْل ِفهِمْ أَلّا َخوْ ٌ‬
‫ستَبْشِرُو َن بِالّذِينَ لَ ْم يَ ْل َ‬
‫ال مِنْ َفضْلِ ِه َويَ ْ‬
‫ستَبْشِرُو َن بِِنعْ َم ٍة مِنَ ال وََفضْ ٍل َوَأنّ ال ل ُيضِيعُ أَجْ َر الْ ُم ْؤ ِمنِيَ)) [آل عمران‪ ]171:‬على أن ال‬ ‫يَ ْ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 24 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ينعم على الؤمني الصالي ول يضيّع أجرهم وينّ عليهم بقام كري ف جنة دار السلم ثوابا على‬
‫أعمالم وحياةً أفضل آلف الرات من الياة الدنيا ل أنه يعلهم يعيشون ف حزن دائم ويعانون‬
‫من غصص أخبار الدنيا‪.‬‬
‫فاتضح أن عبارة «عند الرب» تعن ذلك الكان الذي أشارت إليه آسيا زوجة فرعون حي‬
‫جنِي مِ َن اْل َقوْمِ الظّالِمِيَ))‬
‫جنِي مِنَ فِ ْر َع ْونَ َوعَ َملِ ِه َونَ ّ‬
‫جّنةِ َونَ ّ‬
‫قالت‪(( :‬رَبّ ابْنِ لِي عِنْ َد َك َبيْتًا فِي الْ َ‬
‫[التحري‪ ،]11:‬فعند ال وعند الرب عال غي هذه الدنيا الفانية‪.‬‬
‫فإن قال قائل‪ :‬إن ال ل يدّه مكان وتستوي إليه جيع المكنة فمن كان عند ال أو عند‬
‫ربه فإنه يكون ف كل مكان‪ .‬قلنا‪ :‬إن كان المر كذلك لصار كل كافر ومنافق وظال بعد موته‬
‫عند ال أيضا حت ولو كان يُعذّب ف قبه‪ ،‬لن ال ميط بالنة كما هو ميط بالنار‪ ،‬وعندئذ ل‬
‫تبق هناك خصوصية للشهداء بأنم «عند ربم» مع أن هذه العنديّة مقام قرب اختصهم ال به‪،‬‬
‫ويُقصد به أنم ف الواقع ف عناية الرب وعند رحته وهو القام الذي ساه ال بـ«دار السلم»‬
‫تييزا له عن «دار العذاب» فلم يقل ال أن الشهداء والصلحاء سيصيون إل دار العذاب عند‬
‫ربم!‬
‫بناء على ما ذُكر فإن أرواح النبياء والصلحاء والشهداء ل علم لا بالدنيا‪ ،‬كما أن تلك‬
‫الية تدل على أن أرواحهم ليست ف قبورهم ف الدنيا ول حولا‪.‬‬
‫الذي يُستفاد من كتاب ال «القرآن الكري» أنه ليس للنسان مؤمنا كان أم كافرا سوى‬
‫حياتي كاملتي الول «الياة الدنيوية» والثانية «الياة الخروية»‪ .‬أما عال «البزخ»‪ ،‬ويُقال له‬
‫أيضا «عال القب»‪ ،‬فهو عال الصمت والسُبات وانعدام الوعي بالدنيا‪ ،‬وهو حياة غي كاملة وبل‬
‫حركة وف الواقع تشبه الغفوة ف قاعة انتظار دخول يوم القيامة والبزخ فاصل بي حياتي‬
‫كاملتي‪ .‬فالياة الت ذُكرت للموات بعد الدنيا سواء الصالي أم الطالي حياةٌ ناقص ٌة قبل يوم‬
‫القيامة‪.‬‬
‫ويب أن نعلم أن «عال البزخ» يبدو بالنسبة إل أهل الحشر بعد بعثهم ونشورهم وكأنّه‬
‫ل يكن أو ما يشبه ذلك‪ ،‬أي أن ذلك الفاصل الزمن يكون غي مفهوم بالنسبة إل أهل الشر‬
‫ويبدو لم ‪ -‬بعد بعثهم ‪ -‬وكأنه حلم أو كأن حشرهم وقع مباشرة بعد موتم ف الدنيا!‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 25 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫والنقطة الت ينبغي أن ننتبه إليها هنا أن القرآن الجيد يذكر أحيانا جيع مراحل أمر ما‬
‫وأحيانا يذف الوسائط ويذكر بداية الوضوع ونايته على نو الجال فقط‪ ،‬فمثلً يقول عن‬
‫ب ثُمّ إِذَا َأنْتُ ْم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ)) [الروم‪ ،]20:‬ولكن‬ ‫خلق النسان (( َومِ ْن آيَاتِهِ َأنْ خََل َقكُ ْم مِ ْن تُرَا ٍ‬
‫ب مِنَ‬ ‫يذكر ف آية أخرى جيع مراحل هذا اللق واحدة واحدة ((يَاَأّيهَا النّاسُ إِنْ ُكْنتُمْ فِي َريْ ٍ‬
‫ض َغ ٍة مُخَّل َق ٍة َو َغيْ ِر مُخَّل َقةٍ ِلُنَبيّنَ‬
‫ب ثُ ّم مِ ْن نُ ْط َفةٍ ثُمّ مِ ْن عََل َقةٍ ثُ ّم مِنْ مُ ْ‬
‫الَْب ْعثِ فَِإنّا خََل ْقنَاكُ ْم مِ ْن تُرَا ٍ‬
‫َلكُ ْم َونُقِرّ فِي الَرْحَا ِم مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّى ثُ ّم ُنخْرِ ُجكُ ْم ِطفْلًا ثُمّ ِلَتبُْلغُوا َأشُدّكُمْ)) [الج‪.]5:‬‬
‫جعَلُ ُه‬
‫ف بَْينَ ُه ثُ ّم يَ ْ‬
‫كذلك يقول عن تريك السحب ((أَلَ ْم تَرَ َأنّ ال يُزْجِي سَحَابًا ثُ ّم ُيؤَلّ ُ‬
‫رُكَامًا)) [النور‪ ،]43:‬والت تدلّ بظاهرها على أن ال يرّك الغيوم مباشرة‪ ،‬ولكن ال يفصّل المر‬
‫ف يَشَاءُ‬‫ف موضع آخر فيقول‪(( :‬ال الّذِي يُ ْرسِلُ ال ّريَاحَ َفُتثِ ُي سَحَابًا َفَيبْسُطُهُ فِي السّمَاءِ َكيْ َ‬
‫سفًا)) [الروم‪.]48:‬‬
‫جعَلُهُ كِ َ‬
‫َويَ ْ‬
‫وكلم القرآن الكري حول «عال البزخ» يسي على نفس ذلك النوال‪ ،‬فغالبا ما يبّي‬
‫القرآن الكري الصي النهائي للنسان بعد الوت دون أن يذكر فترة عال البزخ‪ ،‬كما قال ف شأن‬
‫قوم نوح مثلً‪(( :‬مِمّا َخطِيئَاِتهِمْ ُأغْرِقُوا َفأُ ْدخِلُوا نَارًا)) [نوح‪ ،]25:‬والذي يبدو من ظاهره وكأنّ‬
‫قوم نوح الكفار أُدخلوا النار فور غرقهم‪ .‬ولكننا نفهم تفصيل هذه الية من آية أخرى تدّثت عن‬
‫ب * النّارُ‬
‫آل فرعون وهي قوله تعال‪َ(( :‬فوَقَاهُ ال َسّيئَاتِ مَا َمكَرُوا َوحَاقَ بِآلِ فِ ْر َعوْ َن سُو ُء الْعَذَا ِ‬
‫شيّا َوَي ْو َم َتقُومُ السّا َعةُ أَدْ ِخلُوا آلَ فِ ْر َع ْونَ َأشَ ّد اْلعَذَابِ)) [غافر‪،]46-45:‬‬
‫ُيعْرَضُونَ عََلْيهَا غُ ُدوّا َوعَ ِ‬
‫والت تد ّل على أن الشقياء يعانون من الغصص واللم قبل أن يدخلوا نار جهنم يوم القيامة‪.‬‬
‫يكننا أن ندرك من مثل هذه اليات أن هناك بعد الياة الدنيوية نوعي من الزاء‪ :‬الزاء‬
‫البزخيّ وجزاء يوم القيامة‪ .‬الثان يت ّم بصورة وافية وكاملة ف الياة الخروية والوّل نوع من‬
‫السرور واللذّة أو الكَدَر واللم ف فترة الياة البزخية الت هي ف الواقع شبه حياة وليست حياة‬
‫كاملة والت أجلت معظم آيات القرآن ذكرها وأعرضت عن تفصيلها‪ ،‬لن القرآن أراد ف معظم‬
‫الوارد أن يسّم مسألة العاد أمام النسان إ ْذ إنّه عندما سيُبعث ف الخرة سيشعر أن فترة عال‬
‫البزخ كانت قصيةً جدا وحتّى لو طالت فترة «عال البزخ» آلف آلف السني فإنا ستبدو‬
‫للنسان بعد حياته الديدة يوم القيامة وكأنا يوم أو بعض يوم أو ساعة من نار شأن النسان ف‬
‫ذلك شأنه عندما ينام نوما عميقا بعد سفر طويل ويرى رؤيا مفرحة أو كابوسا مزنا ترّ عليه فيه‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 26 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫س كأنه نام ِلَت ّوهِ!‬


‫أحداث كثية ولكنه إذا استيقظ أح ّ‬
‫ش ُرهُمْ كََأنْ لَ ْم يَ ْلَبثُوا إِلّا‬ ‫من هنا يقول القرآن الكري عن الذين يبعثون يوم القيامة‪َ (( :‬وَيوْ َم يَحْ ُ‬
‫حمْ ِد ِه َوتَ ُظنّونَ‬ ‫ستَجِيبُونَ بِ َ‬ ‫سَا َعةً مِ َن الّنهَا ِر يََتعَارَفُونَ َبْيَنهُمْ)) [يونس‪ ،]45:‬ويقول‪َ(( :‬يوْ َم يَ ْدعُوكُمْ َفتَ ْ‬
‫إِنْ َلِبثْتُمْ إِلّا َقلِيلًا)) [السراء‪ ،]52:‬ويقول‪َ (( :‬وَي ْومَ َتقُومُ السّا َع ُة ُيقْسِمُ الْ ُمجْ ِرمُونَ مَا َلِبثُوا َغيْ َر سَا َعةٍ‬
‫كَذَلِكَ كَانُوا ُيؤَْفكُونَ)) [الروم‪ ،]55:‬أو ((قَالَ كَمْ َلِبثْتُمْ فِي الَ ْرضِ عَ َد َد ِسنِيَ * قَالُوا َلبِْثنَا َيوْمًا َأوْ‬
‫ض َي ْومٍ فَا ْسأَ ِل اْلعَادّينَ)) [الؤمنون‪ ،]113:‬أو (( َكأَّنهُ ْم َي ْومَ َي َروْ َن مَا يُوعَدُونَ لَ ْم يَ ْلَبثُوا إِلّا سَا َعةً‬ ‫َبعْ َ‬
‫مِ ْن َنهَا ٍر بَلغٌ َفهَ ْل ُيهْلَكُ إِلّا اْل َقوْ ُم اْلفَا ِسقُونَ)) [الحقاف‪ ،]35:‬أو (( َكأَّنهُ ْم َي ْومَ َي َر ْونَهَا لَ ْم يَ ْلَبثُوا إِلّا‬
‫عَشِّيةً َأوْ ضُحَاهَا)) [النازعات‪.]46:‬‬
‫تقول إحدى اليات التعلقة بـ «عال البزخ»‪َ (( :‬حتّى ِإذَا جَاءَ أَحَ َدهُ ُم الْ َموْتُ قَالَ رَ ّ‬
‫ب‬
‫ارْ ِجعُونِ * َلعَلّي َأعْمَلُ صَاِلحًا فِيمَا تَرَ ْكتُ كَلّا ِإّنهَا كَلِ َم ٌة ُهوَ قَائُِلهَا َومِ ْن وَرَائِهِ ْم بَ ْرزَخٌ إِلَى َيوْمِ‬
‫ُيبْ َعثُونَ)) [الؤمنون‪ ،]100-99:‬وتقول آية أخرى‪(( :‬وََلوْ َترَى إِ ْذ َيَتوَفّى الّذِينَ َكفَرُوا الْمَلِئ َكةُ‬
‫ب الْحَرِيقِ)) [النفال‪ ،]50:‬ونوها ف سورة ممد‪ :‬الية‬ ‫َيضْ ِربُو َن وُجُو َههُمْ َوَأ ْدبَا َرهُمْ وَذُوقُوا عَذَا َ‬
‫‪.27‬‬
‫من الواضح أن اليّت يبقي جسمه ف الدنيا وأما روحه فل وجه لا ول ظهر حت تُضْرَبَ‬
‫عليه‪ ،‬فل بد أن يكون الراد بالية الخية القالب البزخي للميت‪.‬‬
‫جّنةَ قَالَ يَالَْيتَ َق ْومِي َيعْلَمُونَ * بِمَا َغفَرَ لِي َربّي وَ َجعََلنِي‬
‫ومثلها قوله تعال‪(( :‬قِيلَ ادْخُ ِل الْ َ‬
‫مِ َن الْ ُمكْ َرمِيَ)) [يس‪ ،]27-26:‬فهذه جنة برزخية وليست بنة الخرة وإل لو كانت كذلك لعلم‬
‫قومه بدخوله فيها‪.‬‬
‫وعلى كل حال فمن الواضح أن هناك بعد الوت نوع من الراحة والناء أو نوع من الكدر‬
‫والرارة أو بعبارة أخرى هناك نعيم وعذاب برزخي ل يتمتع النسان خلله بياة كاملة وتشبه‬
‫حالة النسان فيه حالة الني ف رحم أمه قبل خروجه إل الياة الدنيوية الذي يعيش حياة غي‬
‫كاملة إذ ل يدري با يري خارج رحم أمّه‪ .‬فالياة البزخية حياة غي كاملة يضي فيها النسان‬
‫الفترة السابقة على الياة الخروية‪.‬‬
‫ول يتص «عال البزخ» بالصالي والشهداء بل يشمل الجرمي والكفار أيضا‪ ،‬والكل‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 27 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫مشترك ف انقطاع الرتباط بالدنيا‪ .‬وبناء عليه فليس الجرمون هم الذين تنقطع صلتهم ف الدنيا‬
‫فقط بل الشهداء والصالون أيضا يفقدون كل وعي واطلع على الدنيا وأهلها والخبار الوحيدة‬
‫الت يكن للنبياء والصلحاء والشهداء أن يعرفوها عن الدنيا بعد وفاتم هي ما يبهم به الصلحاء‬
‫الخرون الذين ماتوا بعدهم والتحقوا بم‪ .‬وهذا كله لنه ل توجد حياة كاملة ف «عال البزخ»‪،‬‬
‫بل شبه حياة أو بعض حياة‪ ،‬حياة فاقدة لكثي من الصفات مثل السمع والبصر‪ ،‬وبعبارة أخرى إنا‬
‫عال اللوعي(‪ )1‬الذي يفقد فيه البشر صالي كانوا أم طالي السمع كما قال القرآن الكري عن‬
‫ستَجِيبُ الّذِي َن يَسْ َمعُونَ‬‫الموات أنم ل يسمعون شيئا حت يبعثوا ويشروا يوم القيامة‪ِ(( :‬إنّمَا يَ ْ‬
‫وَالْ َموْتَى يَْب َعُثهُمُ ال ثُمّ إَِليْهِ يُ ْر َجعُونَ)) [النعام‪ ،]36:‬حيث شبّه ال تعال ف هذه الية الكفارَ‬
‫ك ل تُسْمِ ُع الْ َم ْوتَى وَل تُسْمِ ُع الصّمّ ال ّدعَاءَ ِإذَا‬
‫بالموات الذين ل يسمعون شيئا وقال أيضا‪ِ(( :‬إنّ َ‬
‫ك ل تُسْمِ ُع الْ َم ْوتَى وَل تُسْمِعُ الصّمّ ال ّدعَاءَ إِذَا‬
‫وَّلوْا مُ ْدبِرِينَ)) [النمل‪ ]80:‬ومثله قوله تعال‪(( :‬فَِإنّ َ‬
‫وَّلوْا مُ ْدبِرِينَ)) [الروم‪.]52:‬‬
‫سمِ ٍع مَنْ‬‫سَتوِي الَ ْحيَاءُ وَل ا َل ْموَاتُ ِإنّ ال يُسْ ِم ُع مَ ْن يَشَا ُء َومَا َأْنتَ بِمُ ْ‬ ‫وقال أيضا‪َ (( :‬ومَا يَ ْ‬
‫فِي اْل ُقبُورِ)) [فاطر‪ .]22:‬فك ّل ملوق بعد موته حت النبياء والولياء وغيهم يفقد الياة الكاملة‬
‫خُلقُو َن َشيْئًا َوهُمْ‬
‫ول يكون له اطلع عما يري ف الدنيا‪(( :‬وَالّذِي َن يَ ْدعُو َن مِنْ دُونِ ال ل يَ ْ‬
‫شعُرُونَ َأيّا َن ُيبْ َعثُونَ)) [النحل‪ ،]21-20:‬ومن السلم به أن هذه‬ ‫ت َغيْرُ أَ ْحيَاءٍ َومَا يَ ْ‬
‫يُخَْلقُونَ * َأ ْموَا ٌ‬
‫اليات تشمل النبياء والولياء(‪ )2‬لنم ل يَخلقون شيئا وهم يُخلَقون ول علم لم بيوم القيامة‪.‬‬

‫() هذا ينا قض ما ذكره الؤلف ق بل ذلك (ص ‪ )12- 11‬من أن الشهداءَ أحياءٌ عند ربم يرزقون‪ ،‬وأنم واعون لنم‬ ‫‪1‬‬

‫يستبشرون بالذين ل يلحقوا بم من خلفهم‪..‬كما تفيده اليات الت ذكرها من سورة آل عمران ومن سورة يس‪ ،‬وف‬
‫رأيي ليس الؤلف باجة لنفي وعي الوتى حت يثبت عدم ساعهم للحياء‪ ،‬إذْ يكن أن يكونوا أحياء واعي تاما ولكن‬
‫ف عال آخر‪ ،‬ل يسمعون الحياء‪ ،‬وبذا يتم المع بي جيع اليات القرآنية الت ذكرها‪( .‬الترجم)‬
‫() ا ستدلل الؤلف بات ي اليت ي على عدم حياة الشهداء وال نبياء ل يس ف مله‪ ،‬إذْ ل ي كن للقرآن الكر ي أن يكون‬ ‫‪2‬‬

‫متناقضا‪ ،‬يثبت حياة الشهداء وأنم منعّمون يرزقون ويستبشرون بن وراءهم ف موضع‪ ،‬ث يثبت أن جيع الموات‪ ،‬با‬
‫ف ذلك الشهداء‪ ،‬غي أحياء ول يشعرون ف موضع آخر!‪ ،‬بل هاتان اليتان كما يد ّل عليه سياقهما وكما يُجمع على‬
‫ذلك جيع الفسرين تتحدثان عن الصنام الت كان يدعوها الشركون فيبي ال تعال أنا حجارة صماء ميّتة ل حياة فيها‬
‫وأن آلتهم الت عبدوها ل تلق شيئا ول تشعر أيان يُبعث عَبَدتُها‪( .‬انظر تفسي ممع البيان للطبسي (ج ‪/6‬ص ‪)147‬‬
‫وتف سي شُبّر‪ ،‬و من تفا سي أ هل ال سنة‪ :‬ان ظر تفا سي ال طبي والبغوي والب حر الح يط والقر طب واللو سي وف تح القد ير‬
‫للشوكا ن وتف سي البيضاوي وتف سي التحر ير والتنو ير ل بن عاشور واللل ي لل سيوطي وتف سي أ ب ال سعود‪..‬ال ذ يل‬
‫تفسيهم لليتي الذكورتي من سورة النحل)‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 28 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫أضف إل ذلك أنّ ال شبّه الياة يوم القيامة والروج من القب بياة النباتات ف الدنيا‪.‬‬
‫فكما تكون الشجار والعشاب ف الشتاء بل حياة ول حركة ث تدب فيها الياة والركة مددا‬
‫ف الربيع كذلك يكون البشر ف «عال البزخ» ف حالة سُبات وبل حراك حت إذا بُعثوا يوم‬
‫القيامة ترّكت أجسادهم وَحُشروا يهرعون إل الحكمة اللية الكبى‪ .‬من هنا نفهم قول‬
‫ض َبعْ َد َم ْوتِهَا وَكَذَلِكَ‬
‫حيِ الَ ْر َ‬
‫ح ّي َويُ ْ‬
‫ج الْ َمّيتَ مِ َن الْ َ‬ ‫ت َويُخْ ِر ُ‬ ‫ح ّي مِ َن الْ َميّ ِ‬
‫ج الْ َ‬
‫القرآن‪(( :‬يُخْ ِر ُ‬
‫خرُوجُ)) [ق‪.]11:‬‬ ‫ك الْ ُ‬
‫تُخْ َرجُونَ)) [الروم‪ ]19:‬وقوله‪َ (( :‬وأَ ْحيَْينَا بِهِ بَلْ َد ًة َميْتًا كَذَلِ َ‬
‫إذا علمنا أن الرواح ف عال آخر فنقول لو فرضنا على سبيل الحال أن الرواح تطلع على‬
‫حوائج زوار قبورها فهل تضر على الفور وترجع إل الدنيا وتستجيب لعرائض الزوّار وطلباتم؟‬
‫من الواضح أن القرآن والعقل يقولن إن النبياء والولياء ل اطلع لم على ما ف الدنيا نائيا بل‬
‫ل اطلع لم على أبدانم‪ ،‬فضلً عن أن يكون لم علم بغيهم كما قال تعال‪َ(( :‬أوْ كَالّذِي مَرّ‬
‫حيِي هَ ِذهِ ال َبعْدَ َم ْوِتهَا َفَأمَاتَهُ ال مِاَئةَ عَا ٍم ثُ ّم َب َعثَهُ‬
‫عَلَى َق ْرَيةٍ وَ ِهيَ خَا ِوَيةٌ عَلَى عُرُو ِشهَا قَالَ َأنّى ُي ْ‬
‫ض َي ْومٍ قَالَ بَلْ َلبِْثتَ مِاَئ َة عَامٍ فَانظُرْ إِلَى َطعَامِكَ َوشَرَابِكَ لَمْ‬ ‫ت َيوْما َأ ْو َبعْ َ‬ ‫قَالَ كَمْ َلِبْثتَ قَالَ َلبِْث ُ‬
‫ف نُنشِ ُزهَا ثُ ّم نَكْسُوهَا لَحْما‬ ‫س وَانظُرْ إِلَى اْلعِظَامِ َكيْ َ‬ ‫ك آَيةً لِلنّا ِ‬
‫جعَلَ َ‬‫َيتَسَنّ ْه وَان ُظرْ إِلَى ِحمَا ِر َك وَِلنَ ْ‬
‫فَلَمّا تََبيّنَ لَهُ قَالَ َأعْلَمُ أَ ّن ال عَلَى كُ ّل َشيْءٍ َقدِيرٌ)) [البقرة‪.]259 :‬‬
‫ففي هذه الية ل يكن لنبّ ال «عُ َزيْر» عليه السلم الذي مات ورحل عن الدنيا مدّة مئة‬
‫ي عِلْمٍ ببدنه أو براحلته (حاره) وحت أنّه ل يكن يعلم كم بقي ميتا‪ ،‬مع أن عُ َزيْرا عليه‬ ‫عام‪ ،‬أ ّ‬
‫السلم كان يتمتّع بقام النبوّة وهو أعلى من جيع الولياء‪ ،‬لنه ‪-‬طبقا للقرآن الكري‪ -‬كل إمام‬
‫ومأموم ل بد عليه أن يؤمن بالنبياء با فيهم عزير عليه السلم كي يكون مؤمنا ومسلما وإل فمن‬
‫ب واحد ل يكون مؤمنا مسلما‪ ،‬كما قال تعال ف سورة البقرة‪(( :‬آمَنَ ال ّرسُو ُل بِمَا أُنزِلَ‬ ‫كذّب بن ّ‬
‫د مِنْ ُرسُلِهِ)) [البقرة‪:‬‬ ‫إَِليْهِ مِنْ َربّ ِه وَالْ ُم ْؤ ِمنُونَ كُلّ آمَ َن بِال َومَلئِ َكتِهِ وَ ُكُتبِهِ َو ُرسُلِ ِه ل ُنفَ ّرقُ َبيْنَ أَ َح ٍ‬
‫‪،]285‬‬
‫ب الّذِي نَزّ َل عَلَى َرسُولِهِ وَاْلكِتَابِ‬ ‫وكما قال‪(( :‬يَاأَّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا آمِنُوا بِال وَ َرسُولِهِ وَاْلكِتَا ِ‬
‫الّذِي أَنزَ َل مِنْ َقبْ ُل َومَ ْن َيكْفُرْ بِال َومَلِئ َكتِهِ وَ ُكُتبِهِ وَ ُر ُسلِ ِه وَاْلَي ْومِ ال ِخ ِر وَاْلَي ْومِ ال ِخرِ َفقَدْ ضَلّ‬
‫ضَللًا َبعِيدًا)) [النساء‪.]136:‬‬
‫فيجب على جيع الشهداء والئمة والصالي أن يؤمنوا بكل رسول‪ ،‬وأصول اليان‬
‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 29 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ب عظيم من النبياء علمٌ‬


‫ص ال عليها ف كتابه‪ ،‬فإذا ل يكن لن ّ‬
‫والسلم هي تلك المور الت ن ّ‬
‫ببدنه ‪ -‬بعد رحيله من الدنيا‪ -‬ول علم بدّة موته فكيف سيعلم بأحوال الخرين؟!!!‪.‬‬
‫من البديهي أنه لو كان هناك حديث يالف ما ذُكر فإنه لن يكون مقبولً لكونه مالفا‬
‫ليات القرآن‪ ،‬ومالفة مت حديث للقرآن دليل على عدم صحّته‪.‬‬
‫ب يعقوب عليه السلم يعلم ‪ -‬وهو ف فلسطي ‪ -‬بأحوال ابنه يوسف عليه‬ ‫ل يكن الن ّ‬
‫السلم وعاش م ّد ًة طويلةً حزينا على فراقه!‬
‫ولا طعن قوم نوح عليه السلم بأتباعه وطلبوا منه أن ُي ْقصِيهم أجابم قائلً‪(( :‬قَا َل َومَا‬
‫عِلْمِي بِمَا كَانُوا َيعْمَلُونَ)) [الشعراء‪.]112:‬‬
‫كما ل يعلم أبو النبياء إبراهيم (ع) بقيقة ضيوفه الذين كانوا من اللئكة حت قال‪(( :‬قَالَ‬
‫سَلمٌ َق ْو ٌم مُنكَرُونَ)) [الذاريات‪.]25:‬‬
‫كما ل يعلم موسى عليه السلم أن أخاه هارون عليه السلم ل يكن له أي تقصي ف عبادة‬
‫قومه للعجل إل أن بي له هارون ذلك (العراف‪ )150:‬كما ل يعلم موسى بأن رفيقه ف السفر‬
‫نسي الوت عند الصخرة (الكهف‪ ،)62:‬كما ل يعلم بأن عصاه الت أبدلا ال حية ف بداية‬
‫المر ستصبح يوم التحدي ثعبانا كبيا بل أوجس ف نفسه خيفة أن ينجح السحرة ف خداع‬
‫الناس (طه‪.)68-67:‬‬
‫كما ل يعلم نبّ ال سليمان عليه السلم بأحوال قوم سبأ حت أطلعه الدهد على ذلك‬
‫(النمل‪.)22:‬‬
‫ولا استيقظ أصحاب الكهف بعد ‪ 309‬سنوات من النوم ف الكهف ل يدروا كم لبثوا‬
‫وقال بعضهم‪َ(( :‬لِبْثنَا َي ْومًا َأوْ َب ْعضَ َيوْمٍ)) [الكهف‪ ]19:‬مع أن أصحاب الكهف من أولياء ال‪.‬‬
‫فإذا ل يكن للنبياء والولياء علمٌ بالم فكيف يكون لم علم بغيهم؟‬
‫فإن قيل‪ :‬إن قوله تعال‪َ ..(( :‬و ُهمْ ُرقُودٌ‪ ))..‬دليلٌ على أن أصحاب الكهف ل يوتوا بل‬
‫كانوا نائمي‪....‬‬
‫قلنا‪ :‬إن القرآن يعبّر أحيانا عن الوت بالرقود‪ ،‬كما قال تعال عن الوتى الذين يُبعثون يوم‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 30 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫القيامة‪(( :‬قَالُوا يَاوَيَْلنَا مَ ْن َب َعَثنَا مِ ْن َمرْقَ ِدنَا)) [يس‪ ]52:‬ووصف ال النوم بقوله‪(( :‬ال َيَتوَفّى‬
‫ت َويُ ْرسِ ُل الُخْرَى‬
‫ك اّلتِي َقضَى عََلْيهَا الْ َموْ َ‬
‫ي َم ْوِتهَا وَاّلتِي َل ْم تَ ُمتْ فِي َمنَا ِمهَا َفيُمْسِ ُ‬
‫الَْن ُفسَ حِ َ‬
‫سمّى ِإنّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ ِل َق ْو ٍم َيتَ َفكّرُونَ)) [الزمر‪.]42:‬‬ ‫إِلَى أَجَ ٍل مُ َ‬
‫وقد قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪« :‬النوم أخ الوت»(‪ ،)1‬وجاء ف حديث‬
‫آخر‪« :‬إنكم ستموتون كما تنامون وستبعثون كما تستيقظون»(‪ ،)2‬وكلّها تدل على أن بي النوم‬
‫والوت سنخيّة وتشابه كبي والفرق بينهما أن الروح تعود إل البدن بسرعة ف النوم‪ ،‬ولكنها‬
‫ل تعود إل جسم اليت إل يوم القيامة‪.‬‬
‫فمثل الصالي ف عال البزخ كمثل من ينام نوما هنيئا قريرا يتمتّع فيه بأحلم جيلة ف‬
‫حي أن السيئي الطالي مثلهم كمثل من ينام نوما مضطربا يعان فيه من كوابيس مؤلة‪ .‬كما‬
‫رُوي عن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم أنه قال‪:‬‬
‫«إِ ّن أَ َحدَ ُكمْ ِإذَا مَاتَ ُعرِضَ عَلَ ْي ِه َم ْقعَ ُد ُه بِاْل َغدَا ِة وَاْل َعشِ ّي إِنْ كَا َن ِمنْ َأ ْهلِ الَّنةِ فَ ِمنْ َأ ْهلِ‬
‫الَنّ ِة َوإِنْ كَانَ ِم ْن َأهْ ِل النّارِ فَ ِم ْن َأ ْهلِ النّا ِر فَُيقَالُ َهذَا َم ْق َعدُكَ حَتّى يَ ْبعَثَكَ ال َيوْمَ اْلقِيَامَةِ»(‪.)3‬‬
‫اتّضح إذن أن الياة الت يعيشها أهل البزخ حياة ناقصة أو شبه حياة‪ ،‬وليس ف كونم‬
‫أحياء بذه الصورة أيّ دليل على اطلعهم على الدنيا‪ ،‬بل آيات القرآن الكري تنفي مثل هذا‬
‫الطلع وتبيّن أن رسل ال ينقطع علمهم عن الدنيا بعد وفاتم فل يعلمون شيئا عن أحوال أمهم‪،‬‬
‫يقول تعال‪َ(( :‬ي ْومَ يَجْمَعُ ال ال ّرسُلَ َفَيقُو ُل مَاذَا أُ ِجْبتُمْ قَالُوا ل عِلْمَ َلنَا ِإنّكَ َأْنتَ عَلّا ُم اْل ُغيُوبِ))‬
‫[الائدة‪.]109:‬‬

‫() عوال اللل لبن أب جهور الحسائي (‪880‬هـ)‪ ،‬تقيق الاج آقا متب العراقي‪ ،‬ط ‪1405 ،1‬هـ‪1985/‬م‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫قم‪ ،‬سيد الشهداء‪ ،‬ج ‪/4‬ص ‪ .72‬والديث رواه من أهل السنة الافظ «اليثمي» ف «ممع الزوائد» عن جابر بن عبد‬
‫ال قال سُئِل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقيل‪ :‬يا رسول ال! أينام أهل النة؟ فقال صلى ال عليه وسلم ‪(( :‬النوم‬
‫أخـو الوت وأهـل النـة ل ينامون))‪ .‬وقال اليثمـي‪ :‬رواه الطـبان فـ الوسـط والبزار ورجال البزار رجال الصـحيح‪.‬‬
‫(انتهى ممع الزوائد‪ /‬كتاب البعث‪/‬باب ف أكل أهل النة وشربم)‪( .‬الترجم)‬
‫() الشيخ الصدوق‪ ،‬العتقادات‪ ،‬ص ‪ ،64‬والجلسي‪ ،‬بار النوار‪ ،‬بقية أبواب العاد وما يتبعه‪ ،‬ج ‪/7‬ص ‪ .47‬ولفظه‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫(والذي بعثن بالق لتموتُنّ كما تنامون ولتُْبعَثُنّ كما تستيقظون‪ ..‬الديث)‪( .‬الترجم)‬
‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪ /6‬ص ‪ ،284‬والتاج الامـع للصـول‪ ،‬ج ‪/1‬ص ‪ ،377-376‬وهذا الديـث الذي رواه الفريقان‬ ‫‪3‬‬

‫يتفق مع الية ‪ 46‬من سورة غافر الذكورة أعله ومع آيات القرآن الكري الخرى‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 31 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫س اتّخِذُونِي َوُأ ّميَ إَِل َهيْ ِن مِ ْن‬ ‫ويقول أيضا‪َ (( :‬وإِذْ قَالَ ال يَاعِيسَى ابْ َن مَ ْريَمَ َأأَنتَ قُ ْلتَ لِلنّا ِ‬
‫ك مَا َيكُونُ لِي َأنْ أَقُو َل مَا َلْيسَ لِي ِبحَقّ ِإنْ كُنتُ ُق ْلتُهُ َفقَ ْد عَلِ ْمتَ ُه َتعْلَ ُم مَا فِي‬ ‫دُونِ ال قَا َل ُسبْحَانَ َ‬
‫َنفْسِي وَل أَعَْل ُم مَا فِي َنفْسِكَ ِإنّكَ َأْنتَ عَلّا ُم اْل ُغيُوبِ * مَا ُق ْلتُ َل ُهمْ إِلّا مَا َأمَ ْرَتنِي بِهِ َأنِ ا ْعبُدُوا ال‬
‫ب عََلْيهِمْ َوأَْنتَ عَلَى‬ ‫ت عََلْيهِ ْم َشهِيدًا مَا ُدمْتُ فِيهِمْ فََلمّا َتوَّفيَْتنِي كُنتَ َأْنتَ الرّقِي َ‬ ‫َربّي وَ َرّبكُ ْم وَكُن ُ‬
‫كُ ّل َشيْءٍ َشهِيدٌ)) [الائدة‪ ،]117-116:‬فهذه الية تبي أن عيسى عليه السلم الذي كان من أول‬
‫العزم من الرسل ومن كبار النبياء ل يكن له علم بأحوال أمته‪ ،‬فكيف يعلم المام أو ابن المام‬
‫بذلك؟!‬
‫فيبدو أن الذين يَ ْدعُو َن النبياءَ والولياءَ والئمّة الراحلي ويستغيثون بم ليس لم أي علم‬
‫بآيات القرآن‪ ،‬لن القرآن يعتب الذين يتوجهون بالدعاء ‪-‬الذي يعدّ من صنوف العبادة‪ -‬إل‬
‫مَ ْد ُعوّ َغْيبِيّ آخ َر سوى ال مشركي‪ .‬وسنذكر فيما يلي عددا من اليات دليلً على ما نقول‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 32 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ماذا يقول القرآن الكري حول الستمداد من غي ال؟‬


‫أثبتّ ف ُكتُب «احكام قرآن» (أي‪ :‬أحكام القرآن) و«تابشي از قرآن» (أي‪ :‬إشعاع من‬
‫القرآن) و«دعاهايي از قرآن» (أي‪ :‬أدعية من القرآن)‪ ،‬أن ال تعال يعتب الذين يدعون أحيانا‬
‫غيه مشركي‪ ،‬وفيما يلي بعض اليات الت تدل على هذا المر‪:‬‬
‫‪َ (( -1‬وَأنّ الْمَسَاجِدَ ل فَل تَ ْدعُوا مَعَ ال أَحَدًا * َوَأنّهُ لَمّا قَا َم َعبْدُ ال يَ ْدعُوهُ كَادُوا‬
‫يَكُونُو َن عََليْهِ ِلبَدًا * قُلْ ِإنّمَا أَ ْدعُو َربّي وَل ُأشْ ِركُ بِهِ أَ َحدًا)) [الن‪.]20-18:‬‬
‫ستَجِيبُواْ َلكُمْ إِن كُنتُمْ‬
‫‪ِ(( -2‬إ ّن الّذِينَ تَ ْدعُونَ مِن دُونِ ال عِبَادٌ َأ ْمثَاُلكُمْ فَا ْدعُوهُمْ فَ ْليَ ْ‬
‫صَادِِقيَ)) [العراف‪.]194:‬‬
‫‪(( -3‬وَالّذِي َن تَ ْدعُو َن مِنْ دُونِ ِه مَا يَمِْلكُونَ مِنْ ِقطْمِيٍ * ِإ ْن تَ ْدعُوهُ ْم ل يَسْ َمعُوا ُدعَاءَكُ ْم وََلوْ‬
‫ك ِمثْلُ َخبِيٍ)) [فاطر‪.]14-13:‬‬ ‫شرْ ِككُمْ وَل ُيَنبّئُ َ‬
‫سَ ِمعُوا مَا اسْتَجَابُوا َلكُ ْم َويَ ْو َم اْلقِيَا َمةِ يَ ْكفُرُونَ بِ ِ‬
‫ستَجِيبُ لَهُ إِلَى َي ْومِ اْل ِقيَا َم ِة َوهُ ْم عَ ْن‬
‫‪َ (( -4‬ومَنْ أَضَ ّل مِمّ ْن يَ ْدعُو مِنْ دُونِ ال مَ ْن ل يَ ْ‬
‫ُدعَاِئهِ ْم غَافِلُونَ * َوإِذَا حُشِ َر النّاسُ كَانُوا َلهُمْ َأعْدَاءً وَكَانُوا ِب ِعبَا َدِتهِمْ كَافِرِينَ)) [الحقاف‪.]6-5:‬‬
‫وخلصة الكلم ل بد أن يكون دين المام والأموم ودين النبّ ودين المّة واحدا‪ .‬مهما‬
‫كان للئمّة والولياء مقام عظيم عند ال فإنم ل يكونوا يَ ْدعُونَ إل ال‪ ،‬فعلى أتباعهم أيضا أل‬
‫يَ ْدعُوا إل ال كذلك وأل يشركوا بال‪ ،‬لن جيع النبياء والئمّة ملوقي ول علم لم بالدنيا بعد‬
‫رحيلهم عنها ول يعلمون أيّان يبعثون ومت يشرون‪.‬‬
‫تدل آيات القرآن على أن النبياء ورسل ال ل اطّلع لم بعد موتم على الدنيا ولو اطّلعوا‬
‫على الدنيا ومصائب أهل الدنيا ومعاناتم لزنوا وكربوا ف حي أن ال تعال يبنا أنم ف «دار‬
‫ح َزنُونَ)) (يونس‪)62 :‬‬
‫السلم»‪ ،‬وأنم (( َل خَوْفٌ عَلَ ْي ِهمْ َولَ ُه ْم يَ ْ‬
‫و قد أخب ال تعال رسوله الكري فقال‪(( :‬فَِإنّكَ ل تُسْ ِم ُع الْ َم ْوتَى وَل تُسْمِ ُع الصّمّ ال ّدعَاءَ‬
‫إِذَا وَّلوْا مُ ْدبِرِينَ)) [الروم‪( ]52:‬الروم‪ ،٥٢ :‬ومثلها ف النمل‪.)٨٠ :‬‬
‫فإذا كان رسول ال وخات النبيي صلى ال عليه وآله وسلم غي قادر على إساع الوتى‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 33 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫وكان الوتى غي قادريي على إجابة رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم فكيف يكنهم أن‬
‫يسمعوا الخرين وييبوهم؟!!‬
‫بالطبع ل ينبغي إعارة أي اهتمام للرواة الفترين الذين قاموا بوضع الحاديث واختلق أدعية‬
‫الزيارات الت وضعوا فيها جل مالفة للقرآن من قبيل‪« :‬أشهد أنك تسمع كلمي وترى‬
‫مقامي»‪ ،‬والعجب كيف اتذ النا ُ‬
‫س القرآنَ مهجورا وأقبلوا على تلك الزيارات التضمنة لعبارات‬
‫مالفة للقرآن وضعها الغلة‪.‬‬
‫ما ذكرناه كان اعتمادا على أنه بعد الوفاة وانفصال الروح عن البدن يتمتع النسان بنوع‬
‫من الياة ف عال البزخ مشابة لياته الدنيوية أو الخروية‪ ،‬أما إذا قلنا إن البزخ معناه الائل‬
‫والاجز بي شيئي وأن عال البزخ يشبه عال الغياب عن الوعي أو النوم وأن معناه البزخ بي‬
‫الياتي فعندئذ يكون المر واضحا بشكل كامل ول يتاج إل تفصيل‪ ،‬كما قال تعال عن الذين‬
‫ضحَاهَا)) [النازعات‪.]46:‬‬
‫شّيةً َأوْ ُ‬
‫يبعثون من قبورهم‪َ (( :‬كأَّنهُ ْم َي ْومَ َي َر ْونَهَا لَ ْم يَ ْلَبثُوا إِلّا عَ ِ‬
‫وَ سِرّ ذلك أن ف الدنيا حياةٌ‪ ،‬وف الخرة حياةٌ‪ ،‬وبي الياتي فاصل وبرزخ غيها أي‬
‫حالة تشبه حالة النوم أو فقدان الوعي(‪ ،)1‬كما تفصل قطعة الرض الضيقة بي برين كما قال‬
‫خ ل َيْبغِيَانِ)) [الرحن‪.]20-19:‬‬
‫ح َريْ ِن يَ ْلَتقِيَانِ * َبيَْنهُمَا بَ ْرزَ ٌ‬
‫تعال‪(( :‬مَرَجَ الْبَ ْ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫() ولكن هذا القول غي صحيح ويتناف مع القول الول الذي تدل عليه آيات القرآن الت تثبت حياة الشهداء ووعيهم‬ ‫‪1‬‬

‫الكامل وأنم يستبشرون بالذين ل يلحقوا بم من خلفهم أن ل خوف عليهم ول هم يزنون‪ ،‬ويتمّنوْ نَ أن يعلم قومهم‬
‫با غفر لم ربم وأدخلهم جنات النعيم كما قال تعال ف سورة يس‪(( :‬قِيلَ ادْخُ ِل الَنّ َة قَا َل يَا لَيْ تَ َق ْومِي َي ْعَلمُو نَ‪ِ .‬بمَا‬
‫َغفَرَ لِي رَبّي وَ َجعَلَنِي مِنَ ا ُلكْ َر ِميَ)) (يس‪( .)27-26 :‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 34 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫كلم عليّ عن حال الموات ومفارقتهم لعال الدنيا‬


‫وانقطاع صلتهم بالحياء‬
‫كلمُ أمي الؤمني عليه السلم يفيد أن عال ما بعد الوت خال من حركات الياة ومقام‬
‫تنقطع فيه الصلة والرتباطات بالدنيا فل يعلم الراحل عن الدنيا أي شيء عما يري فيها‪.‬‬
‫ش َدةُ الخْوَا ِن ِإلَى دَارِ ُغ ْربَتِ ِه ومُنْقَطَعِ‬
‫قال المام عليه السلم‪« :‬تَحْمِ ُل ُه َحفَ َد ُة الْ ِوْلدَا ِن وحَ َ‬
‫َزوْ َرتِهِ»(‪ ،)1‬وقال‪َ « :‬ف ُهمْ جِ َ‬
‫ي ٌة ل يُجِيبُو َن دَاعِيا ول يَمَْنعُونَ ضَيْما ول يُبَالُو َن مَ ْندََب ًة إِنْ جِيدُوا‬
‫يةٌ و ُهمْ أَْبعَا ٌد مَُتدَانُونَ‬
‫َلمْ َي ْفرَحُوا وإِنْ قُحِطُوا َل ْم يَقْنَطُوا جَمِي ٌع وهُمْ آحَادٌ وجِ َ‬
‫ل يََتزَاوَرُونَ»(‪ !)2‬وقال لبنائه وسائر من حوله وهو يتضر على فراش الوت‪َ« :‬أنَا بِالمْسِ‬
‫صَاحِبُ ُكمْ وَأنَا الَْيوْمَ عِ ْب َر ٌة َلكُمْ وغَدا ُمفَا ِرقُ ُكمْ»(‪.)3‬‬
‫يبدو أن مدعي التشيّع ل يقبلون كلم المام بل يعتبونه حاضرا لديهم وحاضرا بشكل‬
‫خاص ف حرمه لذا يذهبون إل لقائه من وقت إل آخر!‬
‫حفِلُونَ‬
‫ت َمسَاكُِن ُهمْ أَ ْجدَاثا وَأمْوَالُـهُ ْم مِيَاثا ل َي ْع ِرفُو َن َم ْن أَتَاهُ ْم ول يَ ْ‬
‫ح ْ‬
‫وقال‪« :‬وأَصْبَ َ‬
‫َمنْ َبكَا ُهمْ ول يُجِيبُو َن َمنْ دَعَا ُهمْ»(‪.)4‬‬
‫وقف أمي الؤمني (ع) يتأوّه أمام قب الزهراء عليها السلم وقال‪:‬‬
‫قب البيب فلم َي ُردّ جواب‬ ‫ما ل وقفت على القبور مسلّما‬
‫(‪)5‬‬
‫أنسيت بعدي خُ ّلةَ الحباب؟‬ ‫ب ما لك ل تردّ جوابَنا‬
‫أحبي ٌ‬
‫هذا ما يقوله المام عليه السلم فكيف يتوقّع مُ ّدعُو التشيّع ل ُه الجابةَ من المام أو ابنه أو‬
‫حفيده لن وقف أمام قبه وقال‪« :‬أشهد أنك تسمع كلمي وتشهد مقامي‪ ...‬وتردّ جواب؟!»‪.‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.83‬‬ ‫‪1‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.111‬‬ ‫‪2‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.149‬‬ ‫‪3‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.230‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الجلسي‪ ،‬بار النوار‪ ،‬ج ‪ ،47‬ص ‪ .217‬ونسبه إل الديوان النسوب إل المام عليّ (ع)‪( .‬الترجم)‬ ‫‪5‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 35 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫وقد نقل الرواة(‪ )1‬أن «جابر بن عبد ال النصاري» ذهب بعد أربعي يوم من شهادة‬
‫ب حبيبَه‪ .‬ث‬
‫السي إل زيارة قبه فسلّم عليه قائلً‪ :‬يا حسي ثلث مرات ث قال‪ :‬حبيبٌ ل يي ُ‬
‫ت أوداجُك على أثباجك(‪ ،)2‬و ُفرّ َ‬
‫ق بي بدنك ورأسك!‬ ‫قال‪ :‬وأنّى لك بالواب وقد شَحَطَ ْ‬
‫فأشهد أنك ابن النبيي‪ ،‬وابن سيد الؤمني‪ ،‬وابن حليف التقوى‪ ،‬وسليل الدى‪ ،‬وخامس أصحاب‬
‫الكساء‪ ،‬وابن سيد النقباء‪ ،‬وابن فاطمة سيدة النساء‪ ..‬ال‪.‬‬
‫أفلم يكن لـ «جابر» رضي ال عنه من العلم ما لدعي التشيع ف زماننا حت يقول أن‬
‫المام السي عليه السلم ل ييبه‪.‬‬
‫هل ما قاله أمي الؤمني عليه السلم أن الزهراء عليها السلم ل تر ّد جوابه صحيح أم ل؟‬
‫نن نقول إنه صحيح‪.‬‬
‫ومثال آخر عندما اعتقل أهل الكوفة «مسلم بن عقيل» وساقوه إل دار المارة وأرادوا قتله‬
‫قال‪ :‬لديّ وصيةٌ وخاطب عمر بن سعد فقال‪ :‬وصيّت أن تبوا المام السي عليه السلم عمّا‬
‫جرى وتكتبوا له أل يقترب من الكوفة!‬
‫فنسأل أل يكن «مسلم» نائب المام الاص‪ ،‬أل يكن يعلم أن المام مطلع على كل‬
‫المكنة وييب جيع اللق أم أن مُدّعي التشيع ف زماننا يفقهون أكثر منه؟!‬
‫إذا رجع شخصٌ إل أدعية الئمّة عليهم السلم الروية عنهم ف «الصحيفة السجّاديّة»‬
‫و«الصحيفة العلويّة» وهي كتب أدعية أصيلة قوية ل نكاد ند فيها أيّة عبارة تالف القرآن‪ ،‬فإنه‬
‫سيستغرب عندما يرى أن الئمّة الطهار عليهم السلم يصرّحون بعدم علمهم بأحوال أنفسهم‬
‫يوم القيامة وأنّهم أنفسهم خائفون جدا من ذلك اليوم ويطلبون من ال دوما السلمة والنجاة فيه‪،‬‬
‫كما سيلحظ من الهة الخرى أن أدعية الئمة عليهم السلم تلك ساكتةٌ تاما عن موضوع‬
‫حياتم ف القب أو عال البزخ أو عن اطّلعهم على أحوال الدنيا وليس فيها أيّة إشارة إل ذلك‬

‫ل عن كتاب «بشارة الصطفى لشيعة‬ ‫() الجلسي‪ ،‬بار النوار‪ ،‬ج ‪ /65‬ص ‪ ،130‬وج ‪/ 98‬ص ‪ ،197 - 195‬ناق ً‬ ‫‪1‬‬

‫الرتضـى» لعماد الديـن الطـبي (‪525‬هــ)‪ ،‬وهـو موجود فيـه فـ ص ‪ 74‬مـن طبعـة النجـف الشرف الثانيـة سـنة‬
‫‪1383‬هـ للكتاب‪( .‬الترجم)‬
‫() أوداجـك‪ :‬جعـ وديـج وهـو وريـد العنـق‪ ،‬وشحطـت أوداجـك أي تقطعـت عروق عنقـك وتدفّقـت الدماء منهـا‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫وأثباجك‪ :‬جع ثبج‪ :‬ما بي الكاهل إل الظهر‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 36 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫المر‪.‬‬
‫على كلّ حال التقصي هو من الرواة الكذّابي الذين قاموا بوضع الزيارات دون أن يكون‬
‫ي اطلعٍ على كلمات الئمة عليهم السلم‪.‬‬ ‫لم أيّ معرفة بالقرآن ول أ ّ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 37 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫مسألة الزيارة ف كتاب ال وسنة رسوله‬


‫من السلّم بِهِ أن زيارات مراقد النبياء والولياء والصالي للستمداد من أصحابا وكل‬
‫تلك الداب والطقوس الفصّلة الت ندها ف كتب الزيارات ل أصل لا ف شرائع النبياء ول ف‬
‫الكتب النّلة أي التوراة والنيل والقرآن‪ ،‬ول يُشرع ف الديان القة مثل تلك العبادة ول يُذكر‬
‫ف أي مصدر تاريي أنه ت بناء قبة وضريح ومزارات على قبور النبياء الراحلي الذين بلغ عددهم‬
‫ي شيء حول زيارة قبورهم أنفسهم أو‬ ‫‪ 124‬ألف نبّ‪ .‬كما ل يُذكر ف كتب النبياء السابقي أ ّ‬
‫قبور أولدهم‪ .‬ودين السلم دين جيع النبياء كما قال تعال‪(( :‬شَ َرعَ َلكُ ْم مِنَ الدّي ِن مَا وَصّى بِهِ‬
‫صْينَا بِهِ ِإبْرَاهِيمَ َومُوسَى َوعِيسَى)) [الشورى‪ ،]13:‬فلم يأت فيه‬
‫نُوحًا وَالّذِي َأوْ َحيْنَا إَِليْكَ َومَا وَ ّ‬
‫أيضا أمرٌ بالتردّد إل زيارات مراقد النبياء‪.‬‬
‫وف القرآن الكري سورة «التكاثر» الباركة الت ذمّت التكاثرين التفاخرين على بعضهم‬
‫الذين شغلهم التكاثر حت زاروا القبور فقال ال تعال لم على سبيل التوبيخ‪(( :‬كَلّا َسوْ َ‬
‫ف‬
‫ف َتعْلَمُونَ)) [التكاثر‪ ،]4-3:‬وقد قال المام عليّ عليه السلم بعد تلوته لذه‬
‫َتعْلَمُونَ * ثُمّ كَلّا َسوْ َ‬
‫اليات‪:‬‬
‫«أَلْها ُك ُم التّكاُث ُر حَتّى زُ ْرُت ُم الَقابِ َر يَا َل ُه َمرَاما مَا َأبْ َع َدهُ و َزوْرا مَا أَ ْغفَ َلهُ وخَطَرا مَا َأفْظَ َعهُ‬
‫خرُونَ أَمْ بِ َعدِيدِ‬
‫ي ُمدّ ِكرٍ وتَنَا َوشُو ُهمْ ِم ْن مَكَا ٍن َبعِي ٍد َأفَبِمَصَارِعِ آبَاِئهِ ْم َيفْ َ‬
‫خ َلوْا مِ ْن ُهمْ أَ ّ‬
‫َلقَدِ اسْتَ ْ‬
‫ت ولَأَ ْن َيكُونُوا عِبَرا أَ َح ّق ِمنْ‬
‫جعُو َن مِ ْن ُهمْ َأ ْجسَادا خَ َوتْ و َحرَكَاتٍ َسكَنَ ْ‬
‫الْهَ ْلكَى يََتكَاَثرُو َن َي ْرتَ ِ‬
‫ب ِذلّ ٍة َأحْجَى ِم ْن أَ ْن يَقُومُوا بِ ِه ْم َمقَامَ ِع ّزةٍ َل َقدْ نَ َظرُوا‬
‫أَ ْن يَكُونُوا ُمفْتَخَرا وَلأَ ْن َيهْبِطُوا ِبهِ ْم جَنَا َ‬
‫ت تِ ْلكَ ال ّديَارِ‬
‫ض َربُوا مِ ْنهُ ْم فِي غَ ْم َر ِة جَهَالَ ٍة ولَ ِو اسْتَنْ َطقُوا عَ ْن ُهمْ َعرَصَا ِ‬
‫شوَةِ و َ‬
‫ِإلَيْ ِه ْم بَِأبْصَارِ اْل َع ْ‬
‫ت ذَهَبُوا فِي الرْضِ ضُل ًل وذَهَبُْتمْ فِي أَ ْعقَاِب ِهمْ ُجهّا ًل تَطَئُو َن فِي‬
‫ع الَالَِي ِة لَقَالَ ْ‬
‫الَاوَِيةِ وال ّربُو ِ‬
‫هَا ِم ِهمْ وَتسْتَنْبِتُونَ فِي أَ ْجسَادِ ِهمْ وَت ْرتَعُو َن فِيمَا لَفَظُوا وَتسْكُنُو َن فِيمَا َخرّبُوا وإِنّمَا اليّا ُم بَيَْن ُكمْ‬
‫ت َلهُ ْم َمقَاوِمُ‬
‫ط مَنَاهِ ِل ُكمْ اّلذِينَ كَانَ ْ‬
‫وبَيَْن ُه ْم بَوَا ٍك ونَوَائِحُ عَلَ ْي ُكمْ أُولَئِ ُكمْ سَلَفُ غَايَِت ُكمْ و ُفرّا ُ‬
‫ت الرْضُ عَلَ ْي ِه ْم فِيهِ‬
‫ل سُلّطَ ِ‬
‫خ سَبِي ً‬
‫خرِ مُلُوكا و ُسوَقا سَلَكُوا فِي بُطُو ِن الَْبرْزَ ِ‬
‫ت اْلفَ ْ‬
‫الْ ِعزّ وحَلَبَا ُ‬
‫جوَاتِ قُبُو ِر ِهمْ جَمَادا ل يَنْمُونَ‬
‫ت ِمنْ ِدمَائِ ِه ْم َفأَصْبَحُوا فِي فَ َ‬
‫ت ِمنْ لُحُو ِمهِ ْم وشَ ِربَ ْ‬
‫َفأَكَلَ ْ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 38 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫حفِلُونَ‬
‫ح ُزنُ ُه ْم تَنَ ّكرُ ال ْحوَالِ ول َي ْ‬
‫وضِمَارا ل يُو َجدُونَ ل ُي ْفزِ ُعهُ ْم وُرُو ُد ال ْهوَالِ ول يَ ْ‬
‫ضرُونَ وِإنّمَا كَانُوا جَمِيعا‬
‫بِال ّروَاجِفِ ول َي ْأ َذنُو َن لِ ْل َقوَاصِفِ غُيّبا ل يُنْتَ َظرُونَ و ُشهُودا ل يَحْ ُ‬
‫ت َأخْبَارُ ُهمْ وصَمّتْ‬
‫فََتشَتّتُوا وآلفا فَافْتَ َرقُوا ومَا َعنْ طُولِ َع ْه ِدهِمْ ول ُبعْ ِد مَحَ ّل ِهمْ عَمِيَ ْ‬
‫ت ُسكُونا»(‪.)1‬‬
‫لرَكَا ِ‬
‫ِديَا ُر ُهمْ ولَكِّن ُهمْ سُقُوا َكأْسا َب ّدلَتْ ُه ْم بِالنّ ْط ِق َخرَسا وبِالسّمْعِ صَمَما وبِا َ‬
‫لقد ابتدع الناس ف زماننا بدعا كثية راجت بي العوام‪ ،‬منها قيامهم ببناء هذه القبور‬
‫الذهبية والفضية ونذر النذورات لا ووقف الوقاف عليها حيث تُصرف الموال الطائلة من قوت‬
‫هذا الشعب الفقي على تلك القبور‪ ،‬وهذا عمل نى ال عز وجل عنه ف آيات عديدة كقوله‬
‫سأَلُ ّن عَمّا ُكْنتُ ْم َت ْفتَرُونَ)) [النحل‪.]56:‬‬
‫جعَلُونَ ِلمَا ل َيعْلَمُونَ َنصِيبًا مِمّا رَزَ ْقنَاهُمْ تَال َلتُ ْ‬
‫تعال‪َ (( :‬ويَ ْ‬
‫يب أن نُفهم العوام أن الولياء الذين رحلوا عن الدنيا ليسوا باجة لن تُنذر إليهم النذور‬
‫وتُوقف عليهم الوقاف‪ ،‬أو أن تُرمى أوراق البنكنوت داخل أضرحتهم أو تُشترى لجلهم العلم‬
‫والعراضات والنازير فكل ذلك إسراف ل يرضاه الشرع‪ .‬وأساسا ل يؤمن السلم بأي واسطة‬
‫بي العبد وخالقه بل أمر الناس أن يستقيموا إل ال أي يتجهوا إليه مباشرة ويطلبوا حوائجهم منه‬
‫دون واسطة‪ .‬لقد ألغى السلم كل نوع من أنواع عبادة القبور وعبادة الحجار وكل عبادة لغي‬
‫ال تعال‪ ،‬ولكن للسف الشديد كما يطلب النصارى حوائجهم من السيح عيسى بن مري ومن‬
‫أمه كذلك يطلب كثي من السلمي حوائجهم من النب والئمة والولياء‪ ،‬فيجب على العلماء أن‬
‫يعلّموا الناس الحاديث الت وردت حول تسوية القبور والنهي عن البناء عليها أو الكتابة عليها‪،‬‬
‫وكذلك النهي عن تصيصها والصلة إليها أو الذبح عندها وما هو حكم الشرع ف مثل هذه‬
‫المور‪.‬‬
‫وسنذكر بعضا من ذلك ف كتابنا هذا‪ ،‬وقد سبق وذكرنا ما جاء ف هذا الضمار ف كتابنا‬
‫«جامع النقول ف سنن الرسول»‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة رقم ‪.221‬‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 39 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫هل تعود أرواح الولياء إل الدنيا؟‬


‫ما الذي يتصوره الذين يضرون عند قبور أولياء الدين وينتظرون منهم الشفاعة وتلبية‬
‫الوائج؟‬
‫هل يتصورون أن أولياء ال يعودون ف كل لظة وف كل ساعة من عال البقاء إل عال‬
‫الفناء ليصغوا إل طلبات زوّارهم؟‬
‫إن مثل هذا التصور ل يعدو وها مضا وجهلً‪ ،‬لن كل من رحل عن هذا العال الفان ل‬
‫يعود إليه‪ ،‬لسيما أولياء ال وعظماء الدين الذين خرجت الدنيا من قلوبم وكانوا مقبلي بكليتهم‬
‫على ال ول يكونوا يعيون متاع الدنيا اهتماما‪َ (( :‬حتّى إِذَا جَاءَ أَ َح َدهُ ُم الْ َموْتُ قَالَ رَبّ ارْ ِجعُونِ‬
‫* ((َلعَلّي َأعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَ ْكتُ َكلّا ِإّنهَا كَِل َم ٌة ُهوَ قَائُِلهَا َومِ ْن وَرَاِئهِ ْم بَرْ َزخٌ إِلَى َي ْو ِم يُْب َعثُونَ))‬
‫[الؤمنون‪.]100-99:‬‬
‫بناء على هذه الية ل يكن لرواح النبياء والولياء أن يعودوا ف كل لظة إل عال الدنيا‬
‫بناء على رغبة هذا أو ذاك‪ ،‬وليسوا مطيعي لمر أحد من الناس ف ذلك‪ .‬وإذا ادّعى بعض الناس‬
‫أنم قادرون على إحضار الرواح‪ :‬فنقول أولً‪ :‬إنم كاذبون ف دعواهم‪ ،‬وثانيا إنم ل يلكون‬
‫السيطرة على أرواح النبياء والولياء لن أرواحهم أقوى من أن تكون خاضعةً لرادة أصحاب‬
‫حضِ ُر ُه هؤلء‬
‫هذه الدعوى الت يتّخذونا تارة يتكسّبون من ورائها‪ ،‬وثالثا‪ :‬يكن أن نقول إن ما يُ ْ‬
‫هم الشياطي قرناء النسان (لن كل إنسان يُولد ف عال الدنيا يولد معه قرينه الوكّل بالوسوسة‬
‫له وإغوائه فإذا رحل النسان عن الدنيا كان شيطانه مطلعا إل حدّ ما على أحواله لنه كان‬
‫يراوده على الدوام) فيقولون أشياء ويظن مضري الرواح أنم قد أحضروا روح ذلك الفرد!‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 40 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫هل واجب السلم النشغال بدح الراحلي أو ذمّهم؟‬


‫صغُ َر مَا دُوَنهُ‬
‫يقول أمي الؤمني (ع) ف وصف أهل اليان‪« :‬عَ ُظمَ الَالِ ُق فِي َأْن ُفسِ ِه ْم فَ َ‬
‫فِي أَعْيُِن ِهمْ»(‪ .)1‬إن عظمة ال تعال أخذت بقلوب أوليائه فكان حضور ال ورقابته شاغلً لم عن‬
‫الهتمام بدح الناس لم أو ذمّهم‪ ،‬بل كانوا يكرهون أن يقوم الناس بتمجيدهم وإطرائهم خشية‬
‫أن يفتنوا بالغرور والعجب بالنفس‪ ،‬وينهون عن الطراء وكثرة الديح(‪ )2‬كما قال أمي الؤمني‬
‫جمِيلِ ثَنَا ٍء ل ْخرَاجِي َن ْفسِي إِلَى ال‬
‫(ع) لن كان يبالغ ف مدحه والثناء عليه‪« :‬فَل تُثْنُوا َع َليّ بِ َ‬
‫غ ِم ْن َأدَاِئهَا وفَرَائِضَ ل ُبدّ ِم ْن ِإمْضَاِئهَا‪ ،‬فَل‬
‫ق َلمْ َأ ْفرُ ْ‬
‫سُبْحَانَ ُه وإِلَ ْيكُ ْم ِمنَ الّتقِّيةِ فِي حُقُو ٍ‬
‫حفّظُ بِهِ عِ ْن َد َأ ْهلِ الْبَادِ َرةِ ول تُخَالِطُونِي‬
‫حفّظُوا مِنّي بِمَا يُتَ َ‬
‫تُكَلّمُونِي بِمَا ُتكَلّ ُم ِبهِ الَبَابِ َرةُ ول تَتَ َ‬
‫بِالُصَانَ َعةِ ول تَظُنّوا بِي اسْتِ ْثقَا ًل فِي َح ّق قِيلَ لِي ول الْتِمَاسَ إِعْظَا ٍم لَِن ْفسِي‪َ ،‬فِإنّ ُه َمنِ اسْتَ ْث َقلَ‬
‫الَ ّق أَ ْن ُيقَالَ َل ُه َأوِ اْلعَ ْدلَ أَ ْن ُي ْعرَضَ عَلَ ْيهِ كَا َن اْلعَ َملُ ِبهِمَا َأثْ َقلَ عَلَ ْيهِ‪ ،‬فَل َتكُفّوا َع ْن َمقَاَلةٍ‬
‫ك ِمنْ ِفعْلِي إِل أَنْ‬
‫ق أَ ْن أُخْ ِطئَ ول آ َم ُن َذلِ َ‬
‫ت فِي نَ ْفسِي ِب َفوْ ِ‬
‫ح ّق أَ ْو َمشُو َرةٍ ِب َعدْ ٍل َفإِنّي َلسْ ُ‬
‫بِ َ‬
‫ب ل َربّ َغ ْي ُرهُ‬
‫يَ ْك ِفيَ ال ِم ْن َنفْسِي مَا ُهوَ َأمْ َلكُ ِب ِه مِنّي‪َ ،‬فإِنّمَا َأنَا وَأنْتُمْ عَبِي ٌد مَمْلُوكُو َن ِلرَ ّ‬
‫ك ِمنْ َأْن ُفسِنَا وأَ ْخ َرجَنَا مِمّا كُنّا فِيهِ ِإلَى مَا صَلَحْنَا عَلَ ْيهِ َفَأْبدَلَنَا َبعْ َد الضّللَةِ‬
‫يَمْ ِلكُ مِنّا مَا ل نَمْ ِل ُ‬
‫ي َة َب ْعدَ اْلعَمَى‪.)3(».‬‬
‫بِا ُلدَى وأَعْطَانَا الْبَصِ َ‬
‫إن أمي الؤمني (ع) هو ذلك المام المام ذاته الذي لا رأى اليرانيي من أهل «ساباط»‬
‫ف الدائن قد جاؤوا إل لقائه وترجلوا عن مراكبهم تكريا له واحتراما لَا َمهُم على فعلهم ول‬
‫يرضَ أن يضعوا له بذه الطريقة وناهم عن ذلك‪ ،‬كما ل يكن يعتب نفسه معصوما‪ ،‬فهل يرضى‬
‫مثل هذا المام با يقوم به الدّاحون وقرّاء الزيارات من الغلوّ ف حقه والتجاوز ف مدحه والبالغة‬
‫ف تجيده ونسبة الصفات اللـهية إليه؟!!‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.193‬‬ ‫‪1‬‬

‫() كما ورد عن رسول ال صلى ال عليه وآله أنه قال‪(( :‬لَا تُطْرُونِي َكمَا َأطْرَ تْ النّ صَارَى عِيْ سَى بْ َن مَرْيَ َم فَإِّنمَا أَنَا‬ ‫‪2‬‬

‫عَْبدُ ُه َفقُولُوا عَْبدُ ال َورَ سُولُهُ)) (البخاري‪ ،‬كتاب أحاد يث ال نبياء) و«خل صة عبقات النوار» لل سيد حا مد النقوي (‬
‫‪ 1306‬هـ)‪ ،‬قم‪ :‬مؤسسة البعثة‪ 1405 ،‬هـ‪ ،‬ج ‪/3‬ص ‪( .301‬الترجم)‬
‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة رقم ‪.216‬‬ ‫‪3‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 41 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫على كل حال ل علقة للحقي بسن السابقي أو سوئهم‪ ،‬لذلك نى ال تعال ف كتابه‬
‫عن مدح المم السابقة أو ذمّها لن ك ّل إنسان مسؤو ٌل عن نفسه ول يُسأل عن غيه‪(( :‬تِلْكَ ُأ ّمةٌ‬
‫سْبتُ ْم وَل تُسْأَلُونَ عَمّا كَانُوا َيعْمَلُونَ)) [البقرة‪.]141:‬‬
‫سَبتْ وَلَكُ ْم مَا كَ َ‬
‫قَدْ َخَلتْ َلهَا مَا كَ َ‬
‫إذن ما جاء ف متون بعض الزيارات من لعن السابقي أو الغراق ف مدح الاضي لغوٌ‬
‫ل طائل تته ومالف لنهج الشرع لسيما أن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم قال‪« :‬أحثوا ف‬
‫وجوه الدّاحي التراب»(‪.)1‬‬
‫ما الذي يستفيده من ل ياهد ف سبيل ال إذا صرف وقته على مدح الجاهدين والثناء‬
‫عليهم؟ وما الذي ينيه من استولت عبادة الدنيا على قلبه ول يتنع عن عبادة الشهوات إذا قام‬
‫بدح أولياء ال؟ هل للسلم برناما عمل يالف أحدها الخر؟ هل يعتقد الذين يلؤون الكتب‬
‫ب والئمّة ويبتكرون من عندهم معجزات لم أن‬ ‫والجالس بالغالة ف الدائح والثناء والتمجيد للن ّ‬
‫الئمة كانوا يفعلون ذلك تاه النبّ صلى ال عليه وآله وسلم ومن سبقهم من الئمة أيضا؟‬
‫أليست عقائد السلم وأعماله واحدة بالنسبة إل جيع الناس بل أي فرق بي المام والأموم؟ ماذا‬
‫كانت أصول الدين لدى عليّ عليه السلم؟! هل كانت أصول الدين لدى المام غيها لدى‬
‫ف عن العدالة‬ ‫غيه؟! إنا أسئلة يب على شعبنا أن ييب عليها‪ ،‬فمنذ أن ترك شعبنا الهاد وصَ َد َ‬
‫واكتفى بالبكاء على ماهدي صدر السلم والنوح عليهم أصابه الذل والوان وتلّف عن شعوب‬
‫العال الراقية‪ .‬إنم يظنون أن السلم معناه التزلّف إل الرسول والمام‪ ،‬فهل يدعون ال بذلك أم‬
‫يدعون أنفسهم؟ وهل يظنون أن المام حاضر ويرضى بذه البدع؟ هل من العقول أن يأمر‬
‫المام ‪(-‬الذي كان أثناء حياته مبغضا لن يتملّقه ويبالغ ف مدحه)‪ -‬الناس أن يأتوا إل قبه ليقفوا‬
‫بشوع أمامه ويقرؤوا صفحات من التمجيد والطراء الغال؟! حت يقوم الذين يدّعون التشيّع له‪،‬‬
‫بعد ألف سنة من رحيله‪ ،‬بصرف الموال والغراق ف الدائح الغالية والطراءات البالغة [الت‬
‫تصبغ عليه صفات ال] ويترعون القصائد الشعرية [الليئة بالغلوّ] الت ل سند لا ظنا منهم أن‬
‫المام يُسرّ من مدائحهم تلك وإطراءاتم؟!‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫() وسائل الشيعة‪ ،‬الر العاملي‪ ،‬ج ‪/12‬ص ‪ ،132‬الديث الول‪( .‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 42 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫هل كان من سنّة النبياء بناء الشاهد والضرحة على القبور؟‬


‫لقد قام السلطي النانيون الستبدّون الظالون الذين ل يكن لديهم أدن علم بدين ال‬
‫وأحكام شرعه ببناء الشاهد والقباب والضرحة على قبور الئمّة عليهم السلم وذراريهم من‬
‫الموال الحرمة الت سُرَِقتْ من قوت الشعب وسعوا إل جذب الناس إل تلك الضرحة الذهبية‬
‫ذات الزخارف والزينات الفخمة وعَمَروا تلك الشاهد والقابر وأخلوا مساجد ال وذلك مثل‬
‫السلطي الصفوية والقاجارية الذين ل يكن لم شغل سوى النغماس ف الشهوات والقتل وسلب‬
‫أموال الشعب وخدمة الجانب وترويج الرافات وتلّفت إيران بسبب تلك الكومات الفاسدة‬
‫حت أصبحت [ف عهدهم] من أكثر دول العال تلّفا‪ .‬كان أولئك السلطي يمعون الموال من‬
‫الرشاوى والضرائب الفروضة على كاهل الشعب ولكي يكسبوا ودّ الناس قاموا ‪-‬بدلً من خدمة‬
‫الرعية وعمران البلد‪ -‬بالبناء حول مقابر الئمة والولياء وبذلوا كل ما أوتوا من قوة ف بناء‬
‫القصور والقباب والنارات الرتفعة‪ ،‬وكلّها تبذير وإسراف وإفراط‪ ،‬لسيما ف البلد الت ليس‬
‫لكثر أهلها بيوت يسكنونا ويأوون إليها وكثي من قراها أشبه بالرابات وليس فيها تديد للمياه‬
‫ويعان كثي من أهلها من البطالة‪ ،‬ففي مثل تلك الوضاع كان أولئك الظالون الفاسقون ينفقون‬
‫الليارات على القابر ويفرشونا بالرمر ويزينون جدرانا بالنقوش والنحوتات الفضية والذهبية‬
‫والرايا والكريستال‪ .‬أحد أولئك السلطي السفّاحي الذي قام بقتل كثي من وزرائه بل قتل بعض‬
‫أولده وأقربائه‪ ،‬هو الشاه «صفي الدين» حفيد الشاه «عباس الصفوي» الذي يقع قبه ف جهة‬
‫القبلة من حرم حضرة العصومة ف قم والذي ُزيّن سقفه وجدرانه بالقيشان العرّق‪ .‬ويقع إل‬
‫جانبه قب الشاه «عباس الثان» الذي بُن من مرمر رفيع وف داخله صناديق مذهّبة وألاسيّة وقد‬
‫رفعه بعض الشعراء التملّقي إل درجة النبياء والعياذ بال فقال ف مدحه‪:‬‬
‫خديو جهانگي عباس شاه‬ ‫در ايام خاقان جم بارگاه‬

‫به اقبال شه ساخت اين بارگاه‬ ‫سليمان غلمي ز خيل درش‬

‫هي گشت تاريخ آن قبله گاه‬ ‫بشت برين بود ماواى او‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 43 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫أي‪:‬‬
‫ملك الدنيا الشاه عباس‬ ‫ف أيام السلطان الاقان اللك الكبي بلط‬

‫بن هذا الضريح لسعادة الشاه‬ ‫قام غلمه سليمان بماعة بابه‬

‫هكذا ُشيّدت تلك القبلة‬ ‫لتكن جنّة اللد مأواه‬

‫كان السلطي يظلمون ولكن الدّاحي والشعراء والدباء والتلبّسي بلباس أهل العم‬
‫يدحونم طمعا ف أموالم فكانوا يطهّرون أعمالم بدائحهم الليئة بالعبارات الكفرية‪ .‬كل تلك‬
‫البنية لرم قبور الئمة والروقة والقباب والنارات هي من بناء أولئك السلطي الظلمة‬
‫ووزرائهم الونة‪ .‬ولقد قام الشاه «بلوي» الذي ل يكن له دين أساسا‪ ،‬ببناء باب فخم لرم‬
‫المام الرضا‪ ،‬وكان التابك العظم وابنه أمي السلطان هو الشخص ذاته الذي أخذ من إنلترا‬
‫مبلغ ‪ 400‬ألف جنيه استرلين لكي يسمح لتطفلي النليز بعقد اتفاقية «رييه» الت تُعطي إنلترا‬
‫الق الصري ف صناعة التبغ إل أن نض الشعب واستطاع إجبار الشاه على إلغاء تلك التفاقية‬
‫بعد كثي من العذاب والشقة‪ .‬أجل‪ ،‬هذا الوزير ذاته هو الذي بن الفناء الكبي لرم حضرة‬
‫العصومة ف قم كما صرف ‪ 100‬ألف تومان على قبه‪ ،‬وجعله أحد الدباء التملّقي صنوا ‪-‬‬
‫والعياذ بال‪ -‬لليل الرحن إبراهيم الذي قام بتجديد بناء الكعبة فقال يدحه‪:‬‬
‫يكي بناي خليل ويكي بناي امي‬ ‫زمي شد از دو بنا رشك آسان برين‬

‫امي سلطان گشت اين بدين بناي متي‬ ‫خليل الرحن گشت او بدان بناي قوي‬

‫أي‪:‬‬
‫حسدت السماء الرض على بناءين‬
‫أحدها بناء الليل (الكعبة) والثان بناء المي بن أتابك!‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 44 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫فأصبح الليل خليل الرحن بذلك البناء القوي‬


‫وأصبح المي أمي السلطان بذا البناء التي‬
‫وكم من النفوس قتلها الشاه عباس الصفوي ف أوّل أمره‪ ،‬ومن جلة ذلك أنه غزا مدينة‬
‫«هرات» ‪-‬وكانت مدينة إسلمية‪ -‬وحاصرها أربعة أشهر ث اقتحمها بعسكره من القزلباش‬
‫(أصحاب العصابات المراء على رؤوسهم) وقتل فيها حوال أربعي ألف مسلم ث أمر جنده‬
‫بالغارة عليها وأباح لم السلب والنهب فلم يتركوا فيها درها ول دينارا ول فضة وذهبا إل‬
‫وأخذوها وأتوا با إل مضر الشاه وعّبؤُوها ف الشوالت عنده‪ ،‬وقد جاء ف كتاب «عال آراى‬
‫عباسى» وسائر كتب التاريخ أن الشاه قام بتحميل تلك الشوالت على ظهور المال والبغال‬
‫ونقلها من «هرات» إل «مشهد» وعندما قدم إل مشهد حضر العلماء وكبار القوم فاستشارهم‬
‫الشاه ماذا يفعل بتلك السكوكات والموال والذهب والفضة؟ فأشاروا عليه ببناء ضريح للمام‬
‫الرضا عليه السلم من الفضة والذهب وبناء النارات والقبة وطلئها بالذهب وأن يبن منها فناء‬
‫الرم وأروقته‪ .‬فأمر الشاه بذلك ونقشوا اسه ف أطراف الرم والقبّة‪ .‬والن كيف تكون الّنةُ‬
‫مأوىً للملك الذي قتل أربعي ألف مسلم؟! أل يقل ال تعال‪َ (( :‬ومَ ْن َي ْقتُلْ ُمؤْمِنا ُمتَعَمّدا َفجَزَا ُؤهُ‬
‫ب ال عََليْ ِه وََل َعنَهُ َوَأعَدّ لَ ُه عَذَابا عَظِيما)) [النساء‪]93 :‬؟! وليت شعري‪ :‬إذا‬
‫َج َهنّمُ خَالِدا فِيهَا َو َغضِ َ‬
‫كانت الصلة ف غرفة تتوي ف جدرانا على لبنتي مغصوبتي فقط باطلة‪ ،‬فما حال الصلة ف‬
‫الرم والروقة الت بُنيت كلها بالموال الغصوبة والسلوبة؟ هل يكن أداء الصلة فيها؟ ولاذا‬
‫يقيم العلماء فيها صلة المعة؟ هل هناك ف شرع ال فرق ف حكم هذه السألة بي حرم المام‬
‫وبيوت سائر السلمي؟! ومثلها القبة الذهبية والفناء الاص بقبة حضرة العصومة الت بناها‬
‫«فتحعلي شاه» اللك القاجاري‪ ،‬كما بن اللك «نادر شاه» حرم أمي الؤمني (ع) وقبته‬
‫وضريه الذهّبة كلها‪ ،‬ف النجف‪ ،‬بالموال الت حصل عليها من السلب والنهب ف حروبه با ف‬
‫ذلك غاراته على مناطق ف شال العراق‪ .‬فهل يرضَى ال وأنبياؤه وأولياؤه عن هذه القصور وأبنية‬
‫حرم القابر أم الشياطي والسلطي؟ هل يق لكل ملك ووزير أن يصرف أموال الشعب على مثل‬
‫هذه العمال اللغو والباطلة بدلً من أن يُعمر البلد ويصرف الضرائب على تقدّم البلد وتسي‬
‫الصناعة والزراعة؟‬
‫عندما كانت أوربا مشغولة بالباث والختراعات وإعداد القوات السلحة وصناعة الدافع‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 45 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫والطائرات هل كان من الدير بسلطي إيران أن يصرفوا ثروات البلد على بناء القباب والنارات‬
‫الذهبية فوق القبور وُيْبقُوا إيران متأخّرةً وباجة إل أوربا لجل شراء بندقية واحدة؟ هل كان‬
‫أولئك اللوك والعلماء مطيعون للعقل والشرع أم للهوى والوس؟ هل مرد قيام أولئك اللوك‬
‫والعلماء بإظهارهم الب لقبور الئمة وأولد الئمة أو احترامهم البالغ للـ «شاهزاده عبد‬
‫العظيم» و«الشاهزاده حزة» و«الشاهزاده جعفر» و«الشاهزاده قاسم» و«الشاهزاده يي»‬
‫كافٍ لحو ما ارتكبه أولئك اللوك من الرائم واليانات وللتكفي عن أعمالم السيئة؟ إذا سألت‬
‫الشيخية والصوفية أو الدّاحي الغلة وقرّاء الراثي ف الآت وسدنة القبور ومستخدميها والتولي‬
‫عليها فإنم سيقولون نعم سيكفيهم‪ ،‬أما القرآن الكري فيقول كل‪ .‬هل يستحق شخص مثل‬
‫«أحد بن موسى» العروف بـ«شاهچراغ» الذي ادعى المامة‪ ،‬أو «أبو السرايا» الذي خرج‬
‫وألقى بالناس إل الوت أن يُبن على قبه ضريح وفناء وتُكتب الزيارات الاصة به ويُشغل با‬
‫الناس؟ للسف لا كان يتلك قبة وضريا ذهبيا فإنه يُعتب من عظماء الدين والولياء الصالي!!‬
‫أجل‪ ،‬لقد شغل السلطي الظالون السلمي بالرافات كي يبعدوهم عن حقائق دينهم‬
‫ويستطيعوا الركوب على أكتافهم‪ ،‬كما قام ُوعّاظ السلطي والتلبّسون بلباس أهل العلم‬
‫والحترفون للدين الذين يتخذونه حانوتا يستأكلون به الدنيا بترويج مثل تلك العمال‪ .‬ومن الهة‬
‫الخرى عُطَّلتْ أحكام السلم الياتية والضرورية كالمر بالعروف والنهي عن النكر وجهاد‬
‫الكفار ووحدة السلمي واتادهم والساواة والخوّة والعدالة‪ ،‬وتّ ترويج أحاديث تعطي وعودا‬
‫جُزافا مبالغا با على زيارة مرقد إمام وأنا تساوي مئة ألف حجة أو ألف حجة مع رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم‪ ،‬هذا مع أن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ل يجّ بعد هجرته إل‬
‫الدينة سوى حجّة واحدة‪ ،‬أما زائر القب الفلن فكأنه حجّ ألف حجة!‬
‫أجل‪ ،‬قام جاعة من الكذّابي الفسدين الغلة بوضع الحاديث ونشر البدع لجل تضعيف‬
‫السلم وزعزعة أعمدة الشرع والستهزاء بقواني ال عزّ وجلّ‪ ،‬كي يغترّ الذين يسبون حسابا‬
‫للقيامة وعذاب الخرة فينشغلوا بذه العمال الت ل طائل تتها ويتصوروا أنا ستنجيهم من‬
‫العذاب يوم الساب‪ ،‬ويتج ّرؤُون على العاصي ول يدون حاجة إل تعلّم حقائق الدين اللي‬
‫وبذل النفس والموال ف سبيل ال بل َيقْنَعون بتلك العمال الت ل تعدو تلّقا وتزلّفا ول ينتج‬
‫عنها سوى التخلّف والنطاط ويأملون مع ذلك أن ينهض الئمة وذراريهم ليشفعوا لم يوم‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 46 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫القيامة ويدافعوا عنهم‪ .‬لقد أرادوا بثل تلك الحاديث الوضوعة أن يقلّلوا من أهيّة الجّ وعظمته‬
‫الذي هو وسيلة لتواصل السلمي وارتباط بعضهم ببعض‪ ،‬ويعلوا زيارة قب أو إقامة مأت أهم من‬
‫جيع السنن الشرعية‪.‬‬
‫أيّا كان الدف فقد كانت تلك السياسة مفيدة للستعمار وأثّرت أثرها حت أصبح أهم‬
‫عمل دين ف نظر شعبنا اليوم الذهاب إل زيارة القبور أو عقد مالس العزاء الت ل تزيد معارف‬
‫شعبنا سوى جل مشوبة بالشرك تعل ل وزراء وشركاء وتعتب الئمة «عي ال الناظرة ويده‬
‫الباسطة» وتعل حساب اللق يوم القيامة بأيديهم أي بأيدي من هم على مذهبهم ومن ربعهم‬
‫وجاعتهم!!‬
‫أما السلم القيقي الذي يوجب اليقظة والعزّة والشهامة وكسب العلوم فقد كان معارضا‬
‫لطريق السلطي والمراء فكانوا يافون من السلم الصيل لذا كانوا ُيْبعِدُون الناسَ عنه‬
‫ويضّونم على التذلّل وعبادة القبور والتملّق لصحابا والتزلّف للموات‪.‬‬
‫أجل‪ ،‬لقد بدأ بناء الشاهد والقابر بي السلمي منذ زمن العباسيي وانطلقت القوافل من‬
‫الشرق والغرب تش ّد الرحال لزيارة قبور الولياء والصالي‪ ،‬الت كانت تُضرب عليها ف بداية‬
‫المر القباب الطينية ث صارت قبابا من الطوب والقرميد إل أن وصل المر إل القباب الفضية‬
‫والذهبية وأصبح كل فقي مسكي يُنفق ما جعه خلل سنة من الكد والسعي على الرحلة إل‬
‫زيارة قب أو دفع مبالغ طائلة كحق التنازل (خلو الرجل) لستئجار العقارات الوقوفة على تلك‬
‫القبور أو رمي الال الذي كسبه من عرق جبينه داخل الضرحة ليأخذه الطفيليون العالة على‬
‫الجتمع من سدنة تلك القابر تت عنوان المناء والنظّار والتولي لمور الوقوفات وغيها من‬
‫العناوين ويصرفوه على أهواءهم وشهواتم ف أماكن للترفيه مثل جزيرة «كيش» وأمثالا‪ .‬أجل‪،‬‬
‫لقد شغل السلطي الظالون والحترفون للدين‪ ،‬الذين يتخذونه دكانا يسترزقون منه‪ ،‬شغلوا الناسَ‬
‫بذه العمال وأفرغوا جيوبم‪ .‬لقد غرق الناس ف الرافات إل ح ّد أصبح فيه كل مَن يكتب‬
‫‪-‬مثل كاتب هذه السطور‪ -‬أي شيء ضدها يُوصم بأنه عدي الدين ويُعتب واجب القتل‪ ،‬أو على‬
‫القل مستحقا لقطع رزقه أو ملعونا ومطرودا ف نظر البعض الخر!!‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 47 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 48 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫نقطة تستحق النتباه‬


‫ل يكن لذه القباب والشاهد والزيارات وجود ف صدر السلم ف سية عليّ عليه السلم‬
‫ولدى أصحاب رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪ ،‬وكما ذكر الستاذ «قلمداران» ف كتابه‬
‫حول «الزيارة» عندما أرادت عائشة زوجة رسول ال أن تذهب إل زيارة قب أخيها «عبد‬
‫الرحن بن أب بكر» لمها الصحابة واعتبوا أنا قامت بعمل نى عنه رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم‪.‬‬
‫وقد دُفن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ف الجرة ذاتا الت تُوف فيها‪ ،‬أي ف حجرة‬
‫عائشة وطيلة فترة حياة عائشة أي حت مدة خسي عاما ل يأت أحد إل تلك الغرفة قائلً افتحوا‬
‫ل أريد أن أزور قب رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم! ما يبي أن زيارة القب ل تكن عملً‬
‫رائجا‪ ،‬وكان أحد التابعي ويدعى «أبو عمرو بن شراحيل الكوف» (التوف سنة ‪104‬هـ)‬
‫يقول‪« :‬لول أن رسول ال نى عن زيارة القبور لزرتُ قب النبّ صلى ال عليه وآله وسلم»‪.‬‬
‫وقد وُجدت بدعة زيارة القبور ف القرون التالية وازدادت بشكل تدريي‪ ،‬وذلك بعد أن اختلط‬
‫السلمون بأهل اللل والنحل الختلفة كاليهود والنصارى والجوس والبوذيي والقباط ورأوا ف‬
‫دولم مقابر الفراعنة واللوك أمثال «كورش» و«داريوش» فراجت بي السلمي مثل هذه المور‬
‫حت أنم أطلقوا على ذراري الئمة لقب «الشاه» ‪ -‬الت معناها اللك ‪ -‬تعظيما لم واحتراما‬
‫وانتشرت قبور‪« :‬شاهزاده عبد العظيم» (أي ابن اللك‪ :‬عبد العظيم) و«شاهزاده حزة»‬
‫و«شاهزاده جعفر» و«شاهزاده جلل الدين» و«شاهزاده إبراهيم» و«شاهزاده فلن» و‪...‬ال!!‬
‫وانطلق الناس إل زيارة قبورهم وقام سدنتها وخدّامها بتشجيع الناس على تلك الزيارات لا تدرّه‬
‫عليهم من منافع وأصبحت تلك الماكن ملً لتجمّع كلّ عاطل عن العمل ومتسوّل وعالة طفيلي‬
‫يعتاش على النذورات الكثية من الذهب والفضة والموال والسُجّاد والتحف الثمينة الت يأخذونا‬
‫من الناس ويبيعونا ف فناء تلك الزارات بأثان باهظة!‬
‫ومن الهة الخرى بدأ أعداء القرآن بوضع الحاديث الت تشجّع هذه العمال العبثيّة‬
‫فجعلوا زيارة قب أفضل من مئة حجّ أو ألف ح ّج وابتدعوا زيارات وفضائل‪ ،‬وقام الغلة‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 49 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫والكذّابون والوضّاعون بنشر هذه الخبار‪ .‬وتصوّر العلماء والحدّثون التأخّرون أن هذه‬
‫الحاديث صحيحة وقاموا بتأليف ُكُتبٍ ُقرْبةً إل ال جعوا فيها تلك الحاديث الوضوعة وقالوا‬
‫إن أصل الزيارة من الستحبّات والستحبّات ُيتَسامَح ف أدلّتها‪ ،‬وأدلة السنن ل إشكال فيها!!‬
‫وأرضوا بذلك الشيطان وشغلوا الناس بالشرك والرافات حت أنم وضعوا حديثا ف فضل البناء‬
‫على القبور وتعميها وقد مّص الستاذ الفاضل «قلمداران» ف كتابه حول الزيارة ذلك الديث‬
‫سندا ومتنا‪ ،‬ولكن قبل أن أذكر مزيدا من التمحيص لذلك الديث ل بدّ أن نعلم رأي أئمة الدين‬
‫حول تعمي القبور‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 50 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الحاديث التعلّقة ببناء القبور وتديدها‬


‫لو أردنا أن نذكر جيع الروايات الت وردت ف ذمّ بناء القبور وتزيينها لطال بنا الكلم‪ ،‬لذا‬
‫سنكتفي بذكر عدد من الروايات ما يكفي ليقاظ كل منصف طالب للحق وإتام الجة‪:‬‬
‫‪ -1‬روى الشيخ الصدوق والشيخ الُ ّر العاملي صاحب «وسائل الشيعة» أن رسول ال‬
‫خذُوا قَ ْبرِي قِبْ َل ًة َولَا َمسْجِدا َفإِنّ ال َعزّ و َجلّ َل َعنَ الَْيهُودَ‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم قال‪« :‬لَا تَتّ ِ‬
‫خذُوا قُبُو َر َأنْبِيَاِئ ِهمْ َمسَاجِدَ»(‪ .)1‬بناء على هذا الديث فإن جيع الروايات الت ذُكرت ف‬
‫حَيْثُ اتّ َ‬
‫كتب الزيارة والت تقول اجعلوا قب المام قبلة هي من وضع أشباه اليهود الذين افتروها على لسان‬
‫الئمة عليهم السلم‪.‬‬
‫ل عن العلمة الليّ ف كتابه‬
‫‪ -2‬وروى الحدّث النوري ف «مستدرك الوسائل» نق ً‬
‫ب أو يُبْنَى‬
‫ب أن يُجصّص الق ُ‬
‫«النهاية» رواية عن النب صلى ال عليه وآله وسلم تقول‪َ« :‬نهَى الن ّ‬
‫ب عليه لنّه من زينة الدنيا فل حاجة باليّت إليه‪.)2(»...‬‬
‫علي ِه أو ُيكْتَ َ‬
‫‪ -3‬وروى الحدّث النوري أيضا‪« :‬عن أمي الؤمني (ع) قال‪ :‬سعتُ رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم يقول‪ :‬ل تتخذوا قبي عيدا ول تَتّخذوا قبوركم مساجدكم(‪ ،)3‬ول بيوتكم‬
‫قبورا‪.)4(»...‬‬
‫‪ -4‬وروى الشيخ «الرّ العاملي» ف «وسائل الشيعة» عن المام موسى بن جعفر عليه‬
‫السلم أنه قال‪« :‬ل ترفعوا قبي أكثر من أربع أصابع مفرّجات»(‪.)5‬‬
‫‪ -5‬وجاء ف ج ‪ 22‬من «بار النوار» للعلمة الجلسي‪ ،‬وف ُكُتبٍ حديثيّة موثوقة أن‬

‫() وسائل الشيعة‪ ،‬ج ‪ ،2‬باب ‪ ،65‬ص ‪( .887‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() مستدرك الوسائل‪ ،‬الطبعة الجرية‪ ،‬ج ‪/1‬ص ‪.127‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ف الصل‪ :‬مساجد‪( .‬الترجم)‬ ‫‪3‬‬

‫() م ستدرك الو سائل‪ ،‬الطب عة الجر ية‪ ،‬ج ‪/1‬باب ‪ 55‬من أبواب الد فن و ما ينا سبه‪ ،‬باب كرا هة بناء ال ساجد ع ند‬ ‫‪4‬‬

‫القبور‪ ،‬ص ‪.132‬‬


‫() وسائل الشيعة‪ ،‬ج ‪/2‬باب ‪ 31‬من أبواب الدفن‪ ،‬ص ‪.858‬‬ ‫‪5‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 51 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫المام الصادق عليه السلم قال‪« :‬ل تشرب وأنت قائم ول تَطُف ِبقَبْرٍ ول تَبُل ف ماء نقيع»(‪.)1‬‬
‫‪ -6‬وروى «زيد بن علي بن السي» عليهم السلم عن جدّه علي بن أب طالب عليه‬
‫السلم أنه قال‪« :‬نى رسول ال عن لوم الضاحي أن تدخروها فوق ثلثة أيام‪ .....‬ونانا عن‬
‫زيارة القبور»(‪.)2‬‬
‫‪ -7‬الديث العروف عن النب صلى ال عليه وآله وسلم أنه قال‪« :‬أنا عند القلوب‬
‫النكسرة والقبور الندرسة»(‪.)3‬‬
‫فهذا الديث يد ّل على أن القّ ج ّل وعل ل ينظر إل القبور الزيّنة الزخرفة والجدّدة‬
‫والحلّاة بالرايا والذهب ويقتها‪.‬‬
‫‪ -8‬رُوي عن المام الصادق عليه السلم أنه قال‪« :‬قب رسول ال مصّبٌ حصباء‬
‫حراء»(‪.)4‬‬
‫‪ -9‬وروى «عبد الرزاق الصنعان» الذي كان من قدماء الشيعة‪ ،‬عن ابن طاووس‪« :‬أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم نى عن قبور السلمي أن يُبن عليها أو تُجصّص أو تُزرع‪،‬‬
‫فإن خي قبوركم الت ل تُعرف»(‪.)5‬‬
‫‪ -10‬ونقل الرحوم آية ال «شريعت سنغلجي» رحه ال عن كتاب «الذكرى» أن‪:‬‬
‫«الرسول الكرم صلى ال عليه وآله وسلم سوّى قب ابنه إبراهيم» ونقل أيضا أن القاسم بن‬
‫ممد قال‪« :‬رأيت قب النب الكرم صلى ال عليه وآله وسلم والشيخي مسطّحة» ونقل أن قبور‬
‫الهاجرين والنصار ف الدينة النورة كانت مسطّحة(‪.)6‬‬

‫() وسائل الشيعة‪ ،‬ج ‪/10‬باب ‪ 92‬من أبواب الزار ف كتاب الج‪ ،‬وج ‪/1‬ص ‪ .241‬وسفينة البحار‪ ،‬ج ‪/2‬ص ‪.99‬‬ ‫‪1‬‬

‫() مسند المام زيد‪ ،‬كتاب الج‪ ،‬باب الكل من لوم الضاحي‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الديث ل أصل له ف الرفوع‪ ،‬وقد ذكره العجلون ف «كشف الفاء» ج ‪/2‬ص ‪ ،325‬ف التعليق على الديث‬ ‫‪3‬‬

‫رقم ‪ .2836‬ولفظه فيه‪(( :‬أنا عند النكسرة قلوبم الندرسة قبورهم وما وسعن أرض ول سائي ولكن وسعن قلب‬
‫عبدي الؤمن))‪( .‬الترجم)‬
‫() وسائل الشيعة‪ ،‬ج ‪/2‬باب ‪ 37‬من أبواب الدفن‪ ،‬ص ‪.864‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الصنف لعبد الرزاق‪ ،‬ج ‪/3‬ص ‪.506‬‬ ‫‪5‬‬

‫() توحيد عبادت (أي كتاب توحيد العبادة)‪ ،‬انتشارات دانش‪ ،‬ص ‪.149‬‬ ‫‪6‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 52 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫‪ -11‬وروى ال ّر العاملي عن المام الصادق أنه قال‪« :‬ل تطيّنوا القب من غي طينه»(‪.)1‬‬
‫‪ -12‬وروى الحدّث النوري عن علي بن أب طالب عليه السلم‪« :‬أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم نى أن يُزاد على القب تراب ل يرج منه»(‪.)2‬‬
‫لحظوا إل أي حد كان رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم دقيقا حت أنه نى أن يُزاد‬
‫ولو مقدار قليل على تراب القب‪ ،‬فما بالك بالفضة والصّ وأحجار الرمر وغيها من الحجار‬
‫الثمينة!‬
‫ولكن أمتنا ل تلق بالً لذه الوامر بل أسرفت ف تعمي قبور عظماء الدين ووصل المر إل‬
‫وضع الكذابي الغلة رواية نسبوها إل رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ف فضل تعمي القبور‪،‬‬
‫وفيما يلي نقوم بدراسة هذه الرواية متنا وسندا‪:‬‬
‫روى الر العاملي ف «وسائل الشيعة» (باب ‪ 26‬من كتاب الزار) بسنده عن َعبْدِ ال بْنِ‬
‫مُحَمّ ٍد الْبََلوِيّ قَالَ حَ ّدَثنَا عُمَا َر ُة بْنُ َزيْ ٍد عَنْ َأبِي عَامِرٍ السّا ِج ّي وَاعِظِ َأهْلِ الْحِجَا ِز عن المام‬
‫الصادق عليه السلم أنه قال (ضمن حديث طويل)‪ :‬يَا عَ ِليّ! َمنْ َع َم َر قُبُورَ ُكمْ وَتعَاهَ َدهَا َف َكأَنّمَا‬
‫ب سَ ْبعِيَ‬
‫ك َلهُ َثوَا َ‬
‫ت الْ َمقْدِسِ‪ ،‬ومَنْ زَا َر قُبُورَ ُكمْ َعدَ َل َذلِ َ‬
‫أَعَا َن سُلَيْمَانَ بْ َن دَاوُدَ عَلَى بِنَا ِء بَيْ ِ‬
‫ج ِمنْ ُذنُوبِ ِه حَتّى َيرْجِ َع ِمنْ ِزيَا َرتِ ُكمْ كََيوْ َم َولَ َدْتهُ ُأ ّمهُ‪.)3(»...‬‬
‫ج ِة اْلإِسْلَامِ و َخرَ َ‬
‫جةً َب ْعدَ حَ ّ‬
‫حَ ّ‬
‫هذا الديث فاسد السند كما هو فاسد الت‪.‬‬
‫راويه الول «عبد ال بن ممد البلوي» ضعّفه علماء الرجال واعتبوه كذّابا ووضّاعا‬
‫وطعنوا به وقالوا‪ :‬ل ينبغي العتناء بديثه‪ .‬وقد روى عن «عمارة بن زيد» الذي صرّح علماء‬
‫الرجال بشأنه أنه رجل ل وجود له وأن ما نُسب إليه من روايات كله كذب‪ .‬حت أنم لا سألوا‬
‫«عبد ال بن ممد البلوي» من «عمارة» هذا الذي تروي عنه؟ فقال‪ :‬رجلٌ نزلَ من السماء‬
‫فحدّثن ث عَ َرجَ!!(‪.)4‬‬

‫() وسائل الشيعة‪ ،‬ج ‪/2‬باب ‪ 16‬من أبواب الدفن‪ ،‬ص ‪.864‬‬ ‫‪1‬‬

‫() مستدرك الوسائل‪ ،‬الطبعة الجرية‪ ،‬ج ‪ ،1‬باب ‪ 34‬من أبواب الدفن‪ ،‬ص ‪.146‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الشيخ الطوسي‪« ،‬تذيب الحكام»‪ ،‬ج ‪/6‬ص ‪.227‬‬ ‫‪3‬‬

‫() رجال العلمة الليّ‪ ،‬ص ‪.24‬‬ ‫‪4‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 53 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫حجَا ِز وهو مهول الال ومهمل‪.‬‬


‫والراوي التال هو أبو عامر وَاعِظُ َأهْ ِل الْ ِ‬
‫فبال عليكم لحظوا كيف امتلت بلد الشيعة من القباب الطلية بالذهب والضرحة‬
‫والفنية والروقة البنية على القبور ووكيف وُِق َفتْ الوقاف على القبور استنادا إل مثل هذا‬
‫الديث التهافت ‪-‬وهو بالناسبة الديث الوحيد الوارد ف تعمي القبور‪ -‬الذي يرويه كذاب‬
‫وضّاع عن شخص معدوم عن شخص مهول! أوقاف ذات عائدات هائلة أُوقفت ليُنفق ريعها‬
‫على صيانة تلك الزارات ولكي يعتاش منها جاعة من الطفيليي العالة على الجتمع ف حي أن‬
‫أكثر الناس ل يدون قوتم وأن البلد من أكثر البلدان تلفا وتأخرا من الناحية الصناعية‪.‬‬
‫والعجب من العلماء الذين ينقلون ف كتبهم مثل هذا الديث الفاضح!! وانظروا أي‬
‫مصائب حلّت بالسلم من ورائه‪ ،‬إذ ظنّ من جاء بعده من السلمي أن هذه القباب والضرحة‬
‫وما فيها من الزينات والتشكيلت ليست بل سند‪ .‬لقد افترى «أبو عامر» الجهول هذه الرواية‬
‫على المام الصادق (ع) كي يدع با العوام الذين ل علم لم بكتاب ال‪ ،‬ولكن حبل الكذب‬
‫قصي فإن هذا الراوي ل ينتبه إل أن قب أمي الؤمني (ع) كان مفيا زمن المام الصادق (ع) ول‬
‫أثر له! ول يعلم أحد على وجه الدقة مكانه‪ ،‬وبالتال فلم يكن هناك بناء حت يُعمّر وحت يشترك‬
‫من يعمّره مع سليمان ف الجر والثواب!!‬
‫وأما مت الديث فإنه يشجع الناس على الذهاب إل ماورة قب المام والتعطّل عن الكسب‬
‫والعمل والصناعة ما يعل البلد باجة للجانب ويعل أهلها مستهلكي فقط‪ ،‬كما كان الشعراء‬
‫ومدّاحو السلطي يروّجون لذه اليانة أيضا‪ .‬من ذلك ما ورد ف ديوان غزليات حافظ‬
‫الشيازي‪:‬‬
‫قب امام هشتم وسلطان دين رضا‬
‫از جان ببوس وبر در آن بارگاه باش‬
‫أي‪ :‬قب المام الثامن وسلطان الدين «الرضا»‬
‫قبّلْهُ من روحك وكن عند باب تلك العتبة‬
‫لقد ظن الشاعر أن الدين له شاه وسلطان وبلط وأن كل من ذهب إل بلطه وجاور عتبته‬
‫حصل على عي ثواب من ساعد سليمان ف بناء بيت القدس‪ ،‬وثواب سبعي حجة‪ ،‬هذا ف حي‬
‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 54 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫أنه ليس لدينا أي دليل شرعي قوي واحد يدل على أن الشاركة ف بناء بيت القدس تعادل ثواب‬
‫حجة‪.‬‬
‫أجل‪ ،‬لقد رغّب هذا الديث الوضوع الناس بعمل ل طائل تته وأغرى الناس بالعاصي‬
‫قائلً إنكم لو زرت قب المام الفلن غُفرت لكم ذنوبكم ورجعتم كيوم ولدتكم أمكم!! إذا‬
‫كانت الذنوب تُغفر بذه السهولة فل خطر ف ارتكاب كل جرم إذ أن زيارة واحدة ستزيح عن‬
‫كاهلنا عقاب ذلك الرم‪ ،‬وعندئذ فلماذا الوف من يوم الزاء والساب‪ ،‬ول بد أن جهنم‬
‫خاصة بن ليس لديهم مقابر وقباب وعتبات وأضرحة!! لو كان تعمي القبور مهما وله كل هذه‬
‫الفوائد ولو كان مشروعا أصلً فلماذا ل يقم رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ببناء قب عمّه‬
‫«حزة» سيد الشهداء أو ابنه «إبراهيم» أو سائر الشهداء‪ ،‬ول يضع على قبهم لبنة واحدة‪ ،‬وهل‬
‫علينا أن نقتدي برسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ونتبع سنته أم نتبع سنن اللوك الذين يدعون‬
‫العوام؟‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 55 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫مسألة تعظيم الموات وزيارات القبور‬


‫ينبغي أن نعلم أن مسألة الهتمام بالموات مسألة قدية ف المم السالفة وكان لا عندهم‬
‫طقوس وشعائر وآداب خاصة فيدفن اليّت ويوضع ما يلزم من الطعام والصابيح ف غرفة الموات‬
‫وكانوا يظنون أن رضا الموات أو سخطهم ودعاءهم للحياء أو لعنهم لم يؤثر ف الحياء‪ ،‬وقد‬
‫جاء ف كتاب «تاريخ جامع أديان» (أي التاريخ الامع للديان) تأليف «جان ناس» أن بعض‬
‫القوام القدماء كانوا يعتقدون أن السماء بَلَ ٌد مسكونٌ مثل الرض وأن فيها الشجار والنار‬
‫وتعيش فيها أرواح الموات الت يكنها أن تأت إل الرض وتلتقي ف الرؤيا ببن آدم وإذا جاؤوا‬
‫إل أحد ف منامه فل بد عليه أن يهيّئ لم طعاما يأخذه إل قبهم ويشعل لم فيه نارا‪ .‬وكان‬
‫الرييون القدماء يترمون أرواح الجداد إل حد التمجيد‪ ،‬وكذلك كان الطورانيون‪ ،‬وتارس‬
‫بعض الديان كالباهة ف الند والبوذية ف الصي آداب وطقوس مفصلة أكثر تاه الموات‪،‬‬
‫وكان الندوس يملون زوجة اليت بزينتها على ممل إل جانب جثمان زوجها لتحرق معه‪.‬‬
‫وكانت بعض اللل الخرى تضرب أعناق عبيد وإماء اليت كي يكونوا أعوان سيّدهم ف العال‬
‫الخر! وخلصة الكلم إن المم القدية كانت تاف الموات وترجوهم‪.‬‬
‫لا ظهر دين السلم‪ ،‬دين التوحيد الالص‪ ،‬كان العال غارقا ف ظلمات الهل والوهام‬
‫لذا بدأ بحاربة الوهام منذ فجر دعوته وأمر الؤمني أن ل يتّكلوا على أحد سوى ال سبحانه‬
‫وأل يعتبوا أحدا سوى ال مؤثرا ف تقدير المور‪ ،‬وأل يعتبوا أي أحد قاضي الاجات وباب‬
‫الوائج سوى ال تعال‪ ،‬وأن يعلموا أن ل وسيلة توجب النجاة سوى العلم واليان والعمل‬
‫الصال‪ ،‬فيجب أن ل يتوسّل الؤمنون إل ال بشيء سواها وألّا يعتبوا أحدا سوى رب العالي‬
‫مؤثرا حقيقيا ف هذا الوجود‪ .‬ونى السلم ف بداية أمره عن زيارة الموات ول يسمح بذلك‬
‫فيما بعد إل لجل العبة [والدعاء لصحابا] ومع ذلك نى النساء اللوات يُ ْكثِ ْرنَ من زيارة القبور‬
‫كما جاء عن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم قوله‪َ« :‬ل َعنَ ال زوّاراتِ القُبُور»(‪ ،)1‬كما نى‬
‫() الديث رواه لدى أهل السنة‪ :‬الترمذي وابن ماجه ف سننهما وأحد ف مسنده‪ ،‬وقال الترمذي‪َ :‬وفِي الْبَاب عَ نْ ابْ ِن‬ ‫‪1‬‬

‫صحِيحٌ‪ ،‬ورواه ابن أب شيبة ف مصنفه بسنده عن ابن عباس قال‪(( :‬لعن‬ ‫عَبّا سٍ وَحَ سّا َن بْ ِن ثَابِ تٍ‪ ،‬و َهذَا َحدِي ثٌ حَ سَنٌ َ‬
‫ت عليها الساجد والكنس‪ .)).‬انظر مصنف ابن أب شيبة‪ :‬ج‬ ‫ت القبور والتخذا ِ‬
‫رسولُ ال صلى ال عليه وسلم زائرا ِ‬
‫‪/2‬ص ‪( .269‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 56 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫عن تعمي القبور وتزيينها‪ ،‬كما جاء ف دعاء جوشن الكبي ومناجاة ال‪« :‬يا من ف القبور‬
‫عبته»‪.‬‬
‫ولكن مع السف سرت إل السلمي شيئا فشيئا روح عبادة الوهام وعادت إليهم العادات‬
‫شرِكُونَ)) [يوسف‪.]106:‬‬
‫الشركية وانطبق عليهم قوله تعال‪َ (( :‬ومَا ُي ْؤمِنُ أَكْثَ ُرهُ ْم بِال إِلّا َوهُ ْم مُ ْ‬
‫ب الّذِي َن ل ُي ْؤمِنُونَ بِال ِخ َرةِ‬
‫وقد قال ال العليم بعباده‪َ (( :‬وإِذَا ذُ ِكرَ ال وَ ْح َدهُ اشْ َمأَزّتْ قُلُو ُ‬
‫سَتبْشِرُونَ)) [الزمر‪ ،]45:‬أي إذا ذُكر الذين من دون ال كأرواح‬ ‫َوإِذَا ذُكِ َر الّذِي َن مِنْ دُونِهِ ِإذَا هُ ْم يَ ْ‬
‫الموات وأرواح الولياء والنبياء وغيهم استبشروا با‪ .‬فالفاظ على توحيد العبادة وأن ل يرجوا‬
‫النسان غي ال أمر ف غاية الصعوبة‪ ،‬ول يكن الؤمنون ف صدر السلم يتردّدون إل زيارة‬
‫القبور وإذا فعل أحدهم ذلك تعرّض إل اللوم‪.‬‬
‫وف آخر ساعات عمره الشريف توجّه رسول ال إل ربّه داعيا متضرّعا وقال‪« :‬اللهم ل‬
‫تعل قبي وثنا يُعبد»(‪ )1‬لنه كان يعلم أن روح عبادة الموات راسخة ف الناس وكان يشى أن‬
‫تُبتلى أمته بذلك‪ .‬ول يطل الزمن مع السف الشديد حت قام مترفو الدين الذين يتخذونه حانوتا‬
‫يتكسّبون به ببناء مئات القباب والعتبات الزينة بالزخارف والرايا الت تدع العوام على قبور‬
‫الموات واخترعوا الثواب العظيم على ش ّد الرحال إل زيارتا وأوقفوا لا الوقاف ونذروا لا‬
‫النذور إل ح ّد أن أحد التصدّين لمور الوقاف ادّعى أن ربع أملك إيران موقوفة على قبور‬
‫الراحلي‪ .‬ورغم أن كل العائدات الت تأت من هذه البدع غي شرعية ومرّمة وأنه يتم أخذ مليي‬
‫التومانات شهريّا ف كل قرية باسم الجار أو حقّ التنازل (خلو الرجل أو الفراغة)‪ ،‬فإن القليل‬
‫منها يُصرف على تعمي القبور وسائر ما يتعلق با من البدع ف حي تُصرف البقية على القرّاء ف‬
‫الآت وعلى مصاريف متول شؤون القابر والقائمي عليها والمناء والستأجرين ونتيجة لذلك‬

‫‪ )( 1‬روى الش يخ ال صدوق ف «علل الشرائع» ب سنده عن زرارة عن أ ب جع فر عل يه ال سلم قال‪ :‬قلت له ال صلة ب ي‬
‫صلّى ال َعلَيه وَآلِ ِه وَ َسلّمَ) نى عن ذلك وقال‪:‬‬ ‫القبور؟ قال‪(( :‬صلّ ف خللا ول تتخذ شيئا منها قبلةً‪ ،‬فإن رسول ال ( َ‬
‫ول تتخذوا قبي قبلةً ول م سجدا فإن ال تعال َلعَ نَ الذ ين اتذوا قبور أ نبيائهم م ساجد!‪« )).‬علل الشرائع»‪/‬باب العلة‬
‫الت من أجلها ل تتخذ القبور قبلة‪ ( ،‬ج ‪/2‬ص ‪ ،)358‬وروى الصدوق نوه أيضا ف كتابه «منل يضرهالفقيه» ( ج‬
‫‪/1‬ص ‪ )178‬باختلف يسي‪( .‬الترجم)‬
‫ومن طرق أهل السنة أخرجه بذا اللفظ المام أحد ف مسنده‪/‬مسند أب هريرة‪ ،‬وأخرجه ابن أب شيبة ف مصنفه بسنده عن‬
‫صلّى له‪ ،‬اشَْت ّد غض بُ ال على‬
‫جعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُ َ‬
‫زيد بن أسلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪( :‬اللهمّ لَا َت ْ‬
‫قَومٍ اتذُوا قُبُورَ أنْبِياِئهِم مَسَا ِجدَ) النصف لبن أب شيبة‪ :‬ج ‪/2‬ص ‪( .269‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 57 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫يزداد الضغط يوما بعد يوم على الستضعفي والفقراء وتزداد ديونم ومشاكلهم‪ ،‬وقد بلغت بعض‬
‫اليرادات من بيع القبور الجاورة للمام أو الصال من ذرية المام مئات آلف التومانات‪.‬‬
‫كل عدة سنوات يتم بيع الشياء الثمينة من قبيل السجاد والثريات والذهب والراوح‬
‫وغيها من النذور والدايا القدمة لقب كل إمام أو حفيد المام بالزاد العلن لتُصرف أثانا ف‬
‫مصارف باطلة إضافة إل الموال النقدية الت تُرمى داخل الضرحة أو الت تعود من الملك‬
‫الوقوفة وأكثر قبور ذراري الئمة تلك بل جيعها تتلك مثل تلك العائدات‪ ،‬كقب العصومة ف قم‬
‫الذي يدر كل شهر مليي التومانات من الموال النقدية أو عائدات الوقاف غي الشرعية هذا ف‬
‫حي أن أكثر الشعب ل يد قوت يومه وضروريات حياته وأكثر القرى ل تتلك الاء وتد أيديها‬
‫إل الارج لجل إبرة أو برغي وحزقة‪ .‬أليس من الماقة أن يتم صرف تلك الموال الطائلة على‬
‫القبور أو وقفها عليها؟ جاء ف صحيفة «كيهان» العدد ‪ 8642‬الصادر بتاريخ ‪17/2/1351‬‬
‫هجري شسي أن الاج السيد حسي َملَك الذي بلغت قيمة أمواله الوقفية ثلثة مليارات تومان!‬
‫أوقف السنة الاضية أربعمئة مليون تومان التبقية من أمواله والوجودة ف متحف «مَلَك» على‬
‫شكل عملت مسكوكة ولوحات زيتية وسجاد وكتابات خطية للملوك وأشياء عتيقة على العتبة‬
‫الرضوية القدّسة‪ ...‬وهذه الموال والملك ستُصرف على مصاريف وملذات متولّي تلك القبور‬
‫من الطفيليي العاطلي عن العمل‪.‬‬
‫علما أن وقف الوقاف ونذر النذور على قبور الموات بدعة وعمل مالف للشرع‪.‬‬
‫ونتيجةً لذه الوقاف أصبح كثيٌ من الراضي الوات الت يتم وقفها ُتبَاع أو ُتؤَجّر بعد أخذ‬
‫خلو رجل (فراغة) باهظة‪ ،‬أي لو استأجر أحدهم مئة متر من الرض الوقوفة فعليه أن يدفع مثلً‬
‫مئة ألف تومان خلو رجل دون أن يصل على أي وصل إضافة إل الجار السنوي الذي عليه أن‬
‫يدفعه‪ .‬أليس هذا ظلما وإفكا؟ ف نظرنا إن موقوفات إيران ليست من الباقيات الصالات بل‬
‫معظمها من الباقيات الطالات‪ ،‬ويشهد ال أن عديدا من أوقاف القبور تُصرف إيراداتا على أمور‬
‫ل ترضي ال ول رسوله‪ ،‬هذا على رغم أنف عشرات الحاديث ف حرمة أو كراهة هذه العمال‬
‫لسيّما الحاديث الناهية عن تعمي القبور أو تزيينها أو العتكاف فيها‪ ،‬فضلً عن وقف الملك‬
‫عليها ما يكون إثه أكب‪.‬‬
‫ويا ليت أولئك الغنياء الذين يقفون أموالم على تلك العتبات ينفقونا لوفاء ديون الغارمي‬
‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 58 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫وتزويج اليامى والعزّاب بدلً من مساعدة بعض الطفيليي على الزيد من النغماس ف اللذات‬
‫والشهوات وزيادة الفساد ف الجتمع يوما بعد يوم‪ .‬هذا فضلً عن الضرار الخرى الناجة عن‬
‫تلك العمال مثل ابتلء الجتمع بالشرك والرافات‪.‬‬
‫وكما نقل الرحوم قلمداران عن كتاب «الذكرى» للشهيد الول فإن وضع قماشة على‬
‫القب الشريف لنب ال صلى ال عليه وآله وسلم ل دليل شرعي عليه‪ ،‬وتركه أول‪ ،‬كما ل يكن‬
‫عليّ عليه السلم ييز البالغة ف بناء الساجد حيث نقرأ‪ :‬عن عليّ عليه السلم أنه مرّ على منارة‬
‫طويلة فأمر بدمها وقال‪« :‬ل تُرفع النارة إل مع سطح السجد»(‪ .)1‬ونقول لفقهاء وعلماء‬
‫عصرنا لاذا ل توعّون الناس كما فعل الشهيد الول وتقولون لم إن هذه الزينات والزخارف‬
‫والتزيي بالرايا وأحجار الرمر والطلء بالذهب إسراف وحرام وإتلف للمال ويب أن تُصرف‬
‫الموال على أعمال ذات نفع عام ويُؤخذ بواسطتها بأيدي الفقراء والضعفاء‪ .‬إذا كان رمي قطعة‬
‫قماش فوق قب رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم إتلف للمال‪ ،‬فما حكم تعطيل مليي‬
‫التومانات من الموال برميها تت القباب الذهبية للقبور؟‬
‫أجل‪ ،‬لقد راج شيئا فشيئا بناء مثل هذه القصور والزخارف على القبور وقراءة المل‬
‫الشوبة بالعبارات الكفرية ودفع عوام الناس إل التملّق والتزلّف إل القبور‪ ،‬وأصبحت تلك المور‬
‫ف زماننا جزءا من العقائد الساسية للشيعة الت يُع ّد إنكارها كفرا!! ولو نطق شخص بكلمة‬
‫خلفا لذلك لسارع مترفو الرافات الدينية الذين اتذوا الدين حرف ًة وحانوتا يتكسّبون به إل‬
‫تكفيه متجاهلي جيع الدلة العقلية والنقلية الت جاء با وكالوا له آلف التهم حت أصبحت‬
‫ماربة هذه البدع وماهدة هذه الرافات أصعب من ماهدة عباد الوثان وكل من أظهر الق‬
‫طُرد من الجتمع‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫() وسائل الشيعة‪ ،‬ج ‪/3‬ص ‪ ،505‬باب كراهة طول النارة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 59 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ذكرٌ لِخَا ِط َرةٍ وبيانٌ ِلفِ ْك َرةٍ‬


‫عندما كان كاتب هذه السطور ف السجن(‪ ،)1‬قال ل أحد الشيوخ مشيا إل الية ‪ 21‬من‬
‫سورة «الكهف» الشريفة [إِذْ يَتَنَازَعُونَ َبْيَنهُمْ َأمْ َرهُمْ َفقَالُوا ابْنُوا عََلْيهِم ُبْنيَانًا ّرّبهُمْ َأعْلَ ُم ِبهِمْ قَالَ‬
‫جدًا]‪ :‬كيف ل نبن ضريا على قبور أئمة أهل البيت‬
‫الّذِينَ غََلبُوا عَلَى َأمْ ِرهِمْ َلَنتّخِ َذ ّن عََلْيهِم مّسْ ِ‬
‫الذين مقامهم أرفع من مقام أصحاب الكهف ول ندّد قبورهم ف حي أن القرآن يذكر أنم بنوا‬
‫على أصحاب الكهف مسجدا؟‬
‫فأجبته قائلً‪ :‬أوّلً لقد جاءت ف الية الكرية كلمة «يتنازعون»‪ ،‬وانطلقا من قوله تعال‪:‬‬
‫((فَِإنْ َتنَا َز ْعتُمْ فِي َشيْءٍ فَ ُردّوهُ إِلَى ال وَال ّرسُولِ إِنْ كُنتُمْ ُت ْؤ ِمنُو َن بِال وَاْليَ ْومِ الخِرِ ذَلِكَ َخيْ ٌر‬
‫َوأَحْسَ ُن َت ْأوِيلًا)) [النساء‪ ،]59:‬ل بد أن نتبيّن‪ :‬أيّ الفريقي كان قوله موافقا لتعاليم ال‪ ،‬وقد شرح‬
‫ت أنا ف كتاب «الرافات الوافرة ف زيارات القبور» هذا الوضوع‪ .‬ث إن‬
‫آخرون كما فصّل ُ‬
‫الفريق الول الذين قالوا‪ّ « :‬رّبهُمْ َأعْلَمُ ِبهِمْ» ذكروا الق وذكروا اسم ال البارك أما الفريق الثان‬
‫فلم يتمسكوا بأي دليل شرعي بل أرادوا مستبدين برأيهم أن ينفذوا هذا الرأي ببناء السجد على‬
‫رفات أصحاب الكهف‪.‬‬
‫وأضفتُ قائلً له‪ :‬إنّ النبّ الكرم صلى ال عليه وآله وسلم وعليا عليه السلم كانا يعلمان‬
‫بذه الية فلماذا ل يستنبطا منها ما تذكُ ُرهُ ول يعمل با تيل إليه‪ ،‬فلم يبنيا على قب أحد ضريا‬
‫ول مسجدا ول يأمرا الناس بضرب القباب وبناء الضرحة‪ ،‬بل تّ دف ُن بعض عظماء السلم سرّا‬
‫كي ل يتحول قبهم إل مزار‪ ،‬كما َنهَيَا عن تعمي القبور وتزيينها؟ فهل مقام حزة سيد الشهداء‬
‫الذي استُشهد تت لواء الرسول صلى ال عليه وآله وسلم أقل من «سيد نصر الدين» ف طهران‬
‫حت ل يب رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم على قبه مزارا؟!‬
‫وثانيا‪ :‬جاء ف الية كلمة «مسجد» ول تقل الية‪« :‬لنتخذنّ عليهم قبة وضريا‬
‫ومزارا!!» فهل ك ّل هذه القابر والقباب والضرحة ف إيران والعراق الت بُنيت على قبور الئمة‬
‫أو قبور أبنائهم وأحفادهم وبعضها يقع ف أماكن نائية يصعب الوصول إليها ويتحمّل السافرون‬
‫() ل يفى أن أحد أسباب غضب مسؤول الدولة عليّ وسجنهم لذا العبد الفقي هو تأليفي لعدد من الكتب من جلتها‬ ‫‪1‬‬

‫هذا الكتاب أي الرافات الوافرة ف زيارات القبور‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 60 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫إليها متاعب جة «مسجدٌ» أم شيء آخر؟ هل ضريح وعتبة المام الرضا ف مشهد «مسجدٌ»؟‬
‫ث قلتُ له‪ :‬إن مقبة «امام زاده زيد» ف بازار (أي سوق) طهران و«امام زاده داوود»‬
‫و«امام زاده عبد ال» و«امام زاده قاسم» و«سيد نصر الدين» و«امام زاده صال» و‪ ...‬ليست‬
‫بسجد‪ ،‬فليس لدينا ف السجد «ضريح»‪ .‬هل يستأذن أحد قبل الدخول إل السجد ويقرأ صفحة‬
‫كاملة من دعاء الزيارة ويقول‪« :‬السلم عليك يا‪»....‬؟ وهل يشدّ أحد الرحال من أصفهان إل‬
‫«مسجد المام» ف بازار طهران ليصلي فيه؟ هل ينطلق أحد من خوزستان ويسافر لجل أن‬
‫يصلي ف مسجد كبود ف تبيز أو مسجد السلطانية ف زنان؟ هذا ف حي أن كثيا من الناس‬
‫يشدّون الرحال لجل زيارة مراقد الئمة أو أولدهم أو أحفادهم لنم يعتبون أن مراقد الئمة‬
‫شيء غي «السجد»!‬
‫وقلتُ له أخيا‪ :‬قم بتغيي مقابر الئمة وذراريهم الت ل تلو منها مدينة ول قرية وابنها من‬
‫جديد با يتطابق مع أحكام السلم وأزل الضريح وأدعية الزيارات منها واجعلها مسجدا بسيطا‬
‫فقط وخاليا من الزخارف والزينات وان َه الناس فيها عن دعاء غي ال فسأكون أول من يصلي ف‬
‫هذه الساجد وأدعو لك بعظيم الجر والثواب لنك أصبحت من بناة الساجد‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 61 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫تحيص آداب الزيارة‬


‫قبل أن ندرس موضوع الزيارات يب أن ننظر ف أمر الداب الاصة بزيارة الراقد‬
‫والذكورة ف كتب الدعاء وغيها ونرى هل لا من مستند صحيح أم ل؟‬
‫توجد ف الكتب الاصة بالزيارات مثل «مصباح التهجّد» للشيخ الطوسي و«مفاتيح‬
‫النان» للشيخ عباس الق ّميّ و«بار النوار» للمجلس ّي وكتب ابن طاووس [مثل «إقبال‬
‫العمال»] وكتاب «كامل الزيارة» لبن قولويه‪ ،‬مطالب وجل وتعليمات تالف العقل والشرع‬
‫والتاريخ وهي من وضع الهلة أو الغرضي‪ .‬فمثلً ف فصل آداب زيارة المام السي (ع) نسبوا‬
‫إل المام الصادق (ع) قوله‪ :‬إذا أردت أن تدخل الائر فادخل من الباب الشرقي‪ ،‬هذا ف حي‬
‫أنه ل يكن هناك بناء على قب المام السي (ع) ف زمن المام الصادق (ع)‪ ،‬وبالتال ل يكن‬
‫هناك باب شرقي ول غرب‪ ،‬بل إن كتاَبيْ «مفاتيح النان» و«بار النوار» عينهما يذكران أن‬
‫المام الصادق عليه السلم قال‪« :‬كل من نظر إل قب السي وابنه ف صحراء ل قريب فيها‬
‫ول صديق‪ ...‬الديث» وسبب ذلك أنه لا ل تكن ف ذلك الزمان أيّة علمة للقب كان وجدانه‬
‫أمرا صعبا فلم يكن هناك حرم‪ ،‬فكيف قال المام ادخل من الباب الفلن للحرم؟!‬
‫أضف إل ذلك أنه من القبيح جدا أن يقول المام كل من أتى إل منلنا أو حرمنا فعليه أن‬
‫يُقبّل عتبتنا ويتمسّح بباب وجدران منلنا ويقبّلها‪ ،‬ويستأذن للدخول! وكلّ هذا الُرُم ل تكن‬
‫موجود ًة أساسا‪ ،‬ث إنه ل معن لن يقول المام عليك بقراءة إذن دخول من صفحتي ث ادخل‬
‫رغم عدم صدور الذن والسماح بالدخول بعد!‬
‫هل كانت هذه العمال من سنة عليّ عليه السلم وطريقته أنه كلما أراد أن يأت إل منل‬
‫النب صلى ال عليه وآله وسلم فإنه يتلو صفحتي لذن الدخول!!‬
‫إن أحكام دين المام والأموم واحدة ول فرق بينها‪ ،‬وف السلم سنة رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم وطريقته هي الت يب اتّباعها‪ ،‬وليس طريقة اللوك الذين يتاج من يريدون‬
‫الدخول عليهم أن يستأذنوا للدخول ويقفوا ساعات للنتظار‪.‬‬
‫جاء ف كتاَبيْ «بار النوار» و«مفاتيح النان» وغيها من كتب الشيعة منسوبا إل المام‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 62 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الصادق عليه السلم أنه قال‪ :‬إنّ من الداب تقبيل عتبة الرم حت إذا وصل إل البند الثان عشر‬
‫من الداب يذكر الذهاب إل قرب الضريح وتقبيله والتمسّح به! هذا ف حي أن الضرحة ل تُبَ‬
‫إل بعد قرون من زمن الئمة عليهم السلم وقد بناها سلطي الور والوزراء الائنون‪ ،‬فهذا يبي‬
‫بوضوح أن هذه الروايات وُضعت ف زمن أولئك السلطي وإل فإنّ أئمة أهل البيت عليهم‬
‫السلم ل ينطقوا بثل هذا الكلم‪ .‬ول ندري لاذا ابتدعوا كل هذه الطقوس والداب باسم الدين؟‬
‫كما جاء ف تلك الكتب أنّ ك ّل مَن أراد الذهاب إل الرم فعليه أن يغتسل ويقف بانب‬
‫باب الرم حت يرّق قلبه ث يضع قدمه اليمن وخده الين على الضريح ومن الداب الخرى أنه‬
‫يوز أن يستدبر القبلة ويستقبل قب المام ف دعائه!! وأن يعطي لدّام الرم شيئا من الال ‪-‬أي‬
‫يُوجد مركزا للتسوّل‪ -‬وأن يتصدّق على من يوجد هناك من الفقراء لن ثوابه يكون مضاعفا!!‬
‫هذا مع أن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم قال‪« :‬ل تتخذوا قبي قبلةً»‪ ،‬وطبقا للحاديث‬
‫الت جاءت ف كتاب «الوسائل» باب ‪ 22‬من أحكام الطواف أن أئمّة السلم قالوا‪ :‬كل من‬
‫نذر أو أوصى للكعبة أو السجد الرام فل يوز أن يعطي هذا النذر أو الوصية لدّام الرم أو‬
‫حجّاب الكعبة حت ل يوّل حرم ال إل مركز للتسوّل(‪!)1‬‬
‫لقد وُضعت ف كتب الدعاء والزيارة نصوص استئذان للدخول إل الرم والروقة وآداب‬
‫للزيارة منسوبة إل المام كذبا‪ ،‬وأوضح دليل على كذبا أنه ل تكن ف زمان الئمة عليهم السلم‬
‫قباب وأروقة وحرم للقبور فلم تكن مثل تلك الشياء قد بُنيت بعد بال السلطي الرام‪ .‬لاذا‬
‫أضاف الجلس ّي والق ّم ّي وابن طاووس هذه الداب والحكام الت ما أنزل ال با من سلطان إل‬
‫دين ال؟ هم أنفسهم نقلوا ف كتبهم عن «ممد بن علي الشيبان»‪ :‬أنه قال ذهبتُ أنا وأب‬
‫وعمّي ليلً خفيةً سنة ‪260‬هـ إل زيارة مرقد أمي الؤمني عليه السلم ورأينا القب وسط البادية‬
‫قد وُضِعَ حولَه عددٌ من الحجار السوداء‪ ،‬ول يكن عليه بناء‪.‬‬
‫إذن حت سنة ‪260‬هـ الت توافق سنة وفاة المام السن العسكري عليه السلم آخر أئمة‬
‫الشيعة الظاهرين‪ ،‬ل يكن لرقد أمي الؤمني عليه السلم حَ َرمٌ ول ُقّبةٌ ول ُروَاقٌ ول ِفنَا ٌء ول‬
‫حنٌ‪ ،‬فلنا أن نسأل من السادة ابن طاووس والشيخ الطوسي والجلسي والقمي لاذا أوردت هذه‬ ‫صَ ْ‬

‫() إذا نذر أحد هم للكع بة نذرا فب ما أن الكع بة ل تتاج للمال فعل يه أن يع طي هذا النذر للحجاج الذ ين ل يلكون زاد‬ ‫‪1‬‬

‫السفر أو لبناء السبيل أو للفقراء أو لن سُرق ماله وانقطع السبيل به‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 63 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الروايات النسوبة إل الئمة عليهم السلم حول الرواق والَرَم؟‬


‫رُوي ف كتابَ ْي «بار النوار» و«مفاتيح النان» ف الزيارة الطلقة لمي الؤمني عليه‬
‫السلم أنه إذا ظهرت قبّة المام َفقُلْ كذا‪ ،‬وإذا وصلتَ إل باب النجف فاقرأ الدعاء الفلن‪ ،‬وإذا‬
‫وصلتَ إل صحن الرم فقل كذا‪ ،‬وإذا وصلت إل الرواق فقل‪« :‬يا أمي الؤمني عبدك»!! فما‬
‫معن هذه التعليمات ف الوقت الذي ل يكن ف زمن المام فناء ول باب ول قبّة؟ ل ندري مت‬
‫وف أي زم ٍن نُسبت هذه القوال إل الئمّة عليهم السلم ووضعت على ألسنتهم؟!‬
‫فهل يوز للسادة ابن طاووس والجلسي والكفعمي والشهيد والشيخ الطوسي أن يضيفوا‬
‫أشياء حسب ذوقهم إل دين السلم سواء كان ذلك المر مستحبا أم غي مستحب؟ أل يقل‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪« :‬حللُ م ّم ٍد حللٌ إل يوم القيامة وحرامُ ُه حرا ٌم إل يوم‬
‫القيامة»؟(‪ ،)1‬كما قال‪« :‬ل رأيَ ف الدين‪ ،‬إنّما الدين من الربّ أم ُرهُ وَنهُْيهُ» (وسائل الشيعة‪،‬ج‪1‬‬
‫‪/8‬ص ‪ ،)40‬ما يعن أنه ل يق لحد أن يزيد على آداب وأحكام الدين أو ينقص منها؟‪.‬‬
‫لقد تّ إبعاد الناس‪ -‬للسف ‪ -‬عن سنة رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم َو َشغِْلهِمْ‬
‫بالبدع و َج ْعِلهِ ْم يغترّون با‪ ،‬وقد رُوي عن المام علي عليه السلم ف الكاف قوله‪« :‬السنة ما سنّ‬
‫رسول ال والبدعة ما أُحدث بعده»(‪.)2‬‬
‫وللسف اخترع العلماء والتقدّسون هذه الداب لظهار مبتهم للئمة عليهم السلم وظنّوا‬
‫مطئي أنم يسنون صنعا‪ .‬وظن اللحقون استنادا إل حسن ظنهم بؤلء السابقي أن تلك‬
‫العمال هي فعلً من كلم ال ورسوله صلى ال عليه وآله وسلم وجزءا من الدين‪ ،‬فمثلً ذكروا‬
‫ف زيارة أئمّة البقيع أنه عند دخولك َح َر ِمهِم اقرأ إذن الدخول وقُلْ لم كذا وكذا‪ ،‬مع أنه لو كان‬
‫ل مثل هذا الكلم لكان من الطبيعي أن يسأله الراوي أيّ حرم؟‬ ‫المام قد قال للراوي فع ً‬
‫وكذلك كتبوا ف زيارة قب رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم أنه إذا ذهبت إل زيارة‬
‫رسول ال فقبّل منبه وافعل كذا وكذا عند عمود «حنانة» وامسح العمود بعينيك فإذا وصلت‬

‫() رواه الش يخ الكلي ن ف الكا ف ب سنده عن زرارة قال‪ :‬سألت أ با ع بد ال عل يه ال سلم عن اللل والرام فقال‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫((حلل ممّد حلل أبدا إل يوم القيامـة‪ ،‬وحرا مه حرام أبدا إل يوم القيا مة‪ ،‬ل يكون غيه ول ي ئ غيه‪ ،‬وقال‪ :‬قال‬
‫عليّ عليه السلم ‪ :‬ما أح ٌد ابتدع بدعةً إل ترك با سنةً‪( .)).‬الكاف‪ :‬ج ‪ /1‬ص ‪ ،58‬ح ‪( )19‬الترجم)‪.‬‬
‫() بار النوار‪ ،‬الطبعة الديدة‪ ،‬ج ‪/2‬ص ‪ ،266‬حديث ‪( .23‬الترجم)‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 64 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫إل باب جبيل ووقفت تت اليزاب فقل كذا وكذا‪ ،‬فكأنّهم يتصوّرون أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم رحل حديثا عن الدنيا وأن باب بيته واليزاب والنب والعمود هي عينها الت كانت‬
‫ف زمانه صلى ال عليه وآله وسلم؟! ويبدو أنم ل يقرؤوا التاريخ ول يفكّروا ولو ساعة أن الباب‬
‫والعامود وسواها الت كانت زمن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم قد زالت منذ أكثر من ألف‬
‫عام وهُدمت وجُدّد بناؤها مرات عديدة‪ ،‬فليت شعري! هل أوكل ال تعال إل هؤلء أمرَ دينِهِ‬
‫‪-‬والعياذ بال‪ -‬حت يضيفوا إليه كلّما أرادوه؟!‬
‫الن نبدأ بتمحيص متون وأسانيد نصوص الزيارات لنرى هل تتّفق مضامينها مع أحكام‬
‫السلم وتعاليم القرآن أم ل؟ فإذا ل تتوافق مع القرآن كان ذلك دليلً كافيا على أنا موضوعة‬
‫ختََلقَة‪.‬‬
‫مُ ْ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 65 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ُج َملُ الزيارات وآيات كتاب ال‬


‫للجابة عن هذا السؤال نبدأ بدراسة متون نصوص الزيارات‪ ،‬ولكن لا كانت بعض تلك‬
‫الزيارات طويلةً جدا وكان التحقيق ف جيع جُمَِلهَا يطول فإننا سنضطرّ إل الشارة إل بعض‬
‫جلها فقط ويكن للقرّاء أن يراجعوا القرآن ف الوارد الخرى ويقارنوا متون الزيارات بكتاب ال‬
‫سبحانه‪.‬‬
‫‪ -1‬روى الجلسيّ ف كتاب «الزار» من «بار النوار» ف باب «زيارة النبّ وسائر‬
‫الشاهد ف الدينة»(‪[ )1‬نقلً عن كتابَي علل الشرائع وعيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق] عن‬
‫ج ُه بزيارتنا لن ذلك من تام الجّ!»‪.‬‬
‫ج أحدكم فليختم ح ّ‬
‫المام الصادق (ع) أنه قال‪« :‬إذا ح ّ‬
‫وهنا نتساءل‪ :‬أولً‪ :‬عندما كان النبّ صلى ال عليه وآله وسلم أو المامُ يجّ فإل زيارة قب‬
‫ي إمام كان يذهب؟؟ ولاذا ل يبيّن ال تعال ف كتابه شرط كمال الج هذا؟‬ ‫أّ‬
‫صةً أن ال تعال يقول‪:‬‬
‫ثانيا‪ :‬ل يكن المام متكبا حت يعل من زيارة قبه كمالً للحجّ خا ّ‬
‫جعَُلهَا لِلّذِينَ ل ُيرِيدُو َن عُُلوّا فِي الَ ْرضِ)) [القصص‪ ،]83:‬ويقول أيضا‪(( :‬فَل‬
‫((تِلْكَ الدّارُ الخِ َرةُ نَ ْ‬
‫تُزَكّوا أَنفُسَكُ ْم ُهوَ َأعْلَ ُم بِمَ ِن اّتقَى)) [النجم‪.]32:‬‬
‫ثالثا‪ :‬لو قال المام مثل هذا الكلم حقّا فإنّ قصده كان أن يزوره الناس ليستفيدوا من‬
‫علمه حال حياته‪ ،‬وليس قصده أن يزوروا قبه‪ ،‬ولكن الحدّثي اعتبوا خطأً أن هذا الكلم دليلٌ‬
‫على وجوب زيارة قب المام!!‬

‫() قمنا ف أغلب هذا الفصل بتمحيص روايات «الجلسي» ف «بار النوار» لن الطالب الت ذكرها موجودة ف كتب‬ ‫‪1‬‬

‫سائر مدثي الشيعة أيضا‪( .‬الؤلف)‪ .‬قلت (الترجم)‪ :‬ويقع باب الزار ف الجلد ‪ 97‬منه هذا ومن الدير بالذكر أن‬
‫«بار النوار» من الكتب الت أراد مؤلفها أن يمع ويقمّش فيها كل ما وجده ف عصره من كتب الرويات والحاديث‬
‫والخبار والثار بغض النظر عن كونا معتمدة أم غي معتمدة وموثوقة أم غي موثوقة ومسندة أم غي مسندة بل حت لو‬
‫كانت مرد وجادات (أي كتب قدية وجدها ف خزانة ما أو عند شخص ما دون أن يعرف من صاحبها وما سندها!)‪،‬‬
‫بل الجلسي نفسه يصرح ف عدد من مواضع كتابه «بار النوار» بعدم صحة خب أو قصة رغم روايته لا! فكأنه أراد‬
‫أن يوثق التراث النقول ويترك للعلماء التحقيق فيه‪ ،‬ولذلك فإجاع علماء الشيعة المامية قاطبة ‪ -‬حت أش ّد الخباريي‬
‫تعصّبا ‪ -‬على أنه ليس كل ما ف البحار صحيحا بل هو ‪ -‬على حد قولم ‪ -‬كالبحر يضم الزف والصى وما ل ينفع‬
‫ك ما ي ضم اللؤلؤ والرجان‪ ،‬لذا فالن صاف يقت ضي معر فة ذلك‪ ،‬ول ينب غي أن نت صور أن كل روا ية موجودة ف كتاب‬
‫«بار النوار» مقبولة لدى الشيعة ومعتمدة لديهم!! (الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 66 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫هل من المكن أن يكون أئمة الدى من آل الرسول عليهم السلم قد علّمونا تلك الزيارات‬
‫الملوءة بالغلوّ ف حقّهم والبالغة ف الديح والطراء إل ح ّد أن ثلثة ملدات من «بار النوار»‬
‫ُخصّصت لا‪ ،‬يَ ْدعُو َن الناس فيها أن يأتوا إل قبورهم ويشعوا أمامها ويجّدوهم بتلك العبارات‬
‫الغالية كي يرضوهم فيشفعوا لم ف الحكمة اللية؟!‬
‫‪ -2‬روى الجلسيّ ف الباب ذاته [نقلً عن كتاب «قُرب السناد» للحميي] عن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله وسلم أنه قال‪« :‬من زارن حيّا وميّتا كنتُ له شفيعا يوم القيامة»»‪ .‬نفهم‬
‫من هذا الديث أنّ اختيار الشفيع وانتخابه بيد الزوّار‪ ،‬هذا ف حي أن ال تعال جعل اختيار‬
‫الشفيع حقّا خالصا له وسلب عن اللقِ هذا القّ‪ ،‬وقال بشأن شفاعة اللئكة‪(( :‬وَكَ ْم مِ ْن مَلَكٍ‬
‫ت ل ُتغْنِي َشفَا َعُتهُمْ َشيْئا إِلّا مِنْ بَعْدِ َأ ْن يَأْ َذنَ ال لِ َم ْن يَشَا ُء َويَرْضَى)) [النجم‪.]26:‬‬
‫فِي السّ َموَا ِ‬
‫شفَا َعةُ ِعنْ َدهُ إِلّا ِلمَنْ أَ ِذنَ لَهُ)) [سبأ‪ ،]23:‬وكما قال الشاعر‪:‬‬ ‫وقال أيضا‪(( :‬وَل تَنفَعُ ال ّ‬
‫أي‪ :‬إن ل‬ ‫اگر خداى نبا شد زبنده اش خشنود شفاعت هه پيغمبان ندارد سود(‪.)1‬‬

‫‪ )( 1‬من النا سب ه نا أن أن قل ب عض الفقرات من كتاب «العدل الل ي» للش يخ مرت ضى الطهّري‪ ،‬هذا ر غم أن رأ يه ف‬
‫موضوع الشفاعة غي صحيح ف بعض الوارد لنه ل يذكر الية الكرية حت آخرها‪ ،‬كما يفعل سائر الشايخ (أنظر ص‬
‫‪ 283‬من الطب عة العاشرة لكتا به العدل الل ي)‪ ،‬ول كن مع ذلك ف قد ذ كر مطالب متازة حول الشفا عة جديرة بالنتباه‬
‫إليها‪ ،‬إذ يقول‪:‬‬
‫[[إن النوع الاطئ من الشفاعة الذي اعتُب مرفوضا لدلئل عقلية ونقلية هو أن يستطيع الذنب الث أن يرّض وسيلة ما على‬
‫أن تتدخل ف الكم اللي با لا من نفوذ وتنع ذلك الكم‪ ،‬أي تاما كما يصل ف الوساطات والحسوبيات الت تت مّ‬
‫ف الجتمعات البشرية النحطّة‪.‬‬
‫ب الكرم صلى ال عليه‬ ‫كث ٌي من عامّة الناس يتوهّم أنّ شفاعة النبياء والئمّة ‪-‬عليهم السلم‪ -‬هي كذلك؛ إذ يظنون أن الن ّ‬
‫وآله و سلم وأم ي الؤمن ي (ع) وحضرة الزهراء سلم ال علي ها والئ مة الطهار ل سيما المام ال سي (ع) أ صحاب‬
‫نفوذ ف حكومة ال فهم ُي ْع ِملُون نفوذَهُم ويغيّرون إراد َة ال وينقضون قوانينه‪.‬‬
‫وهذا هـو التصـور ذاتـه الذي كان للعرب زمـن الاهليـة تاه أصـنامهم التـ جعلوهـا شركاء ل ‪ ،‬إذْ كانوا يقولون إن اللق‬
‫منح صر ب يد ال ول شر يك له ف يه‪ ،‬أ ما ف إدارة العال فال صنام تشارك ال‪ ،‬فشرك عرب الاهل ية ل ي كن شركا ف‬
‫«الالق» أو «الالقية» بل كان شركا ف «الربّ» أو «الربوبيّة»‪.‬‬
‫أحيانا يصل ف حياة الجتمعات البشرية أن يقوم أحد الناس بإنشاء مؤ سّسة ثّ ََيكِلُ إدارتا إل شخص آخر‪ ،‬أو يقوم بإدارتا‬
‫بنفسه بالشاركة مع آخرين‪ .‬كانت عقيدة الشركي ف ال والعال وإدارته على ذلك النحو‪ .‬وقد حارب القرآن الكري‬
‫هذا الشرك بشدّة وأعلن مرارا أنه ليس ل شريك ف اللق والياد كما ل شريك له ف المر والتدبي والربوبية‪ ،‬فهو‬
‫وحده الذي ابتدع العال وهو وحده الدبّر له‪ .‬هو وحده مالك العالي وهو وحده ربّ العالي‪.‬‬
‫كان الشركون الذين يتصورون أن «ربوبية العال» موزعة بي ال وغيه ل يشعرون أنم ملزمون بالسعي للحصول على رضا‬
‫«ال»‪ ،‬ويقولون يكن نا بتقد ي القراب ي لل صنام وعبادت ا أن ن صل على ر ضا «أرباب» آخر ين وتأييد هم ل نا‪ ،‬ح ت ولو‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 67 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫يكن ال راضيا عن عبده ل تنفعه شفاعة جيع النبياء‪.‬‬


‫وأضيف قائلً [ف نقد مت هذه الرواية]‪:‬‬
‫أولً‪ :‬لو استح ّق النسان الشفاعة لجرّد زيارته لقب فيجب أن تشمل الشفاعة جيع‬
‫أصحاب رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم الذين زاروه حال حياته وجيع الفسّاق والفجّار‬
‫الذين زاروا قبه فيما بعد وأن يدخل جيعهم النة بشفاعته‪ .‬وبالتال فإن القرآن والعقاب‬
‫والساب ستصبح كلّها لغوا!!‬

‫كان ذلك مالفا لرضا «ال»‪ ،‬إذ أننا لو استطعنا الصول على رضا تلك الصنام اللة فإنا تستطيع أن تدبّر لنا المر‬
‫وترتّب لنا وضعنا مع «ال»!‬
‫إذا وُجد بي السلمي من يعتقد مثل هذا العتقاد بأنه توجد إل جانب نظام السلطة الربوبية‪ ،‬سلطة أخرى تتلك القدرة على‬
‫التصرف مثلها فإن هذا لن يكون سوى شرك مض‪ .‬وإذا ظن رجل أن طريق الصول على رضا ال تعال هو غي طريق‬
‫ل من الثني يكنه أن يؤمّن سعادةَ النسان‪ ،‬فهو واق عٌ ف ضلل كبي‪ .‬ف‬ ‫ل وأن ك ً‬
‫الصول على رضا المام السي مث ً‬
‫هذا الو هم يُقال إن ال ترض يه أشياء والمام ال سي (ع) أشياء أخرى‪ ،‬مثلً ال ير ضى عن الع بد إذا أدّى فرائ ضه من‬
‫صلة وصوم وزكاة وحج وجهاد وصدق وأمانة وخدمة للخلق وب ّر للوالدين وأمثالا وَتَرَكَ العاصي مثل الكذب والظلم‬
‫والغي بة وشرب ال مر والز نا‪ ،‬أ ما المام ال سي (ع) فل شأن له ب ثل هذه العمال والو صول إل رضاه ي تم بأن يب كي‬
‫الن سان على اب نه علي ال كب أو على ال قل يتبا كى! وي ستنتج من هذا التق سيم أن ت صيل ر ضا ال صعب ف ح ي أن‬
‫الو صول إل ر ضا المام ال سي (ع) سهل إذ ي تم من خلل البكاء ول طم ال صدور‪ .‬وعند ما ي صل على ر ضا المام‬
‫ـّر له أمره‪ ،‬بـل يكنـه حتـ أن يصـفي له حسـاب‬ ‫السـي (ع) فإنـه أي المام يتوسـط له فـ نظام ال ويشفـع له ويس ي‬
‫الصلوات والصوم والج والهاد والنفاق ف سبيل ال الت ل يقم بأي شيء منها ويحي له جيع الذنوب والثام برّة‬
‫قلم كما يُقال‪.‬‬
‫م ثل هذا الت صور للشفا عة ت ص ّورٌ باط ٌل وخاطئٌ ول يس هذا فح سب بل هو شر ٌك ف الربوب ية وإهانةٌ لل ساحة القد سة للمام‬
‫السي (ع) الذي كان أبرز مفاخره «عبودي ته» الكاملة ل عز و جل كما كان أبوه شد يد الغضب جدا على «الغلة»‬
‫ويسـتعيذ بال مـن أقاويلهـم‪ .‬إن المام السـي (ع) ل يُقتـل كـي يُنشـئ ‪ -‬والعياذ بال‪ -‬نظاما ندا لنظام ال تعال أو‬
‫لشريعة جدّه رسول ال أو ليفتح طريقا للهروب من قانون ال عز وجل‪ .‬ل تكن شهادته لجل إضعاف البامج العملية‬
‫لل سلم وأحكام القرآن‪ ،‬بل على الع كس إن ا ن ض لحياء الد ين وإقام ال صلة وإيتاء الزكاة وضحّ ى بنف سه وتقدّم ن و‬
‫الشهادة لحياء شرعة السلم‪ .]].‬انتهى‪.‬‬
‫قل تُ‪ :‬فأنصف أي ها القارئ العز يز! هل صيغت أدع ية الزيارات الوجودة إل على أ ساس ذلك الت صوّر الشرك يّ؟ و هل رأي تَ‬
‫حت الن قارئا للمراثي أو مدّاحا على النب يقول كلما مغايرا لذلك التصوّر الذي اعتبه الطهّري باطلً أو رأيته يالف‬
‫ذلك التصوّر وياربه ويبي للناس أنه خلف للشرع؟!‬
‫أجل‪ ،‬ينقل مؤلف «العدل اللي » ف موضع آخر من القسم ذاته من كتابه هذا عن الجلد الثان لشرح نج البلغة لبن أب‬
‫الديد جزءا من خطبة النبّ ‪-‬صلى ال عليه وآله‪ -‬الت قالا ف أواخر عمره‪(( :‬أيها الناس! إنه ليس بي ال وبي أحد‬
‫نسب ول أمر يؤتيه به خيا أو يصرف عنه شرا إل العمل‪ ،‬أل ل َيدّعِيَنّ ُمدّ عٍ ول يتمنّيَنّ مَُتمَنّ‪ ،‬والذي بعثن بالق ل‬
‫يُْنجِي إل عم ٌل مع رح ٍة ولو عصيتُ لويت‪ .‬اللهم هل بلّغت؟))‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 68 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ثانيا‪ :‬تُبيّنُ آياتُ القرآن الكري‪ ،‬خلفا لا يتصوّره عوام الناس‪ ،‬أن ال تعال ل يعطِ أفراد‬
‫البشر حت النبياء الذن الطلق بالشفاعة لن يريدون‪ ،‬ول توجد آيةٌ تصرّح بإذن ال الطلق لحد‬
‫بأن يشفع لن يشاء‪ ،‬بل لقد نفى ال الشفاعة [بذا العن] يوم القيامة حت للمؤمني إذ قال‪:‬‬
‫((يَاأَّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا أَن ِفقُوا مِمّا َرزَ ْقنَاكُ ْم مِنْ َقبْلِ َأنْ َي ْأتِ َي َيوْ ٌم ل َبيْعٌ فِيهِ وَل خُّل ٌة وَل َشفَا َعةٌ))‬
‫[البقرة‪.]254:‬‬
‫ثالثا‪ :‬لقد حصرت بعض آيات القرآن الشفاعةَ بال تعال كقوله‪(( :‬مَا َلكُ ْم مِنْ دُونِهِ مِن‬
‫ت وَالَ ْرضِ‬
‫شفَاعَةُ َجمِيعًا لَ ُه مُلْكُ السّ َموَا ِ‬
‫وَِليّ وَل َشفِيعٍ)) [السجدة‪ ،]4:‬وقوله سبحانه‪(( :‬قُلْ ل ال ّ‬
‫ثُمّ إَِليْهِ تُ ْر َجعُونَ)) [الزمر‪.]44:‬‬
‫رابعا‪ :‬إذا كانت بعض آيات القرآن الت تتحدّث عن شفاعة اللئكة تفيد أن ال أعطاهم‬
‫الذن بذلك‪ ،‬فل يكن أن نقيس على ذلك النبياء والولياء‪ ،‬فمثلً يذكر القرآن أن اللئكة تقبض‬
‫أرواح بن آدم ف حي أنه ل يكن القول أن النبياء والولياء أيضا يقومون بثل ذلك‪ .‬أضف إل‬
‫ذلك أن شفاعة اللئكة والنبياء والولياء ليست سوى الرحة اللية الت يتم إبلغها للمشفوع له‬
‫عب اللئكة وربا النبياء والولياء‪ .‬لن ال تعال هو الوحيد البصي بعباده والبي بأعمالم‬
‫وتصرّفاتم‪ ،‬وآيات القرآن تدلّ على هذا الوضوع بكلّ وضوح‪.‬‬
‫ل عن كتاب علل الشرائع للشيخ الصدوق] حديثا‬
‫‪ -3‬وروى الجلسيّ ف الباب ذاته [نق ً‬
‫منسوبا إل رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم أنه قال‪« :‬من أتى مكة حاجّا ول يزرن ف الدينة‬
‫جفوته يوم القيامة‪ .‬ومن جاءن زائرا وجبت له شفاعت‪ ،‬ومن وجبت له شفاعت وجبت له‬
‫النة»!‪ .‬فانظروا كيف اتّهم هذا الراوي الكاذب الوضّاع رسولَ ال صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫بأنه سيجفو كل من ل يأتِ إل زيارته‪ ،‬فهل رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم محف جا ٍ‬
‫ف‬
‫حت يتوعّد كلّ من ل يأت إل زيارته بأنه سيجفوه يوم القيامة؟ حاشاه من ذلك‪ ،‬ول أتصوّر أن‬
‫أيّ عقل يكنه أن يقبل هذا بشأن الرسول الكري الذي وصفه ربّ ُه بأنه رح ٌة للعالي (النبياء‪:‬‬
‫‪[ )107‬وبالؤمني رؤوف رحيم (التوبة‪.])28:‬‬
‫أضف إل ذلك أن هذه الرواية تذكر أن كلّ من شفع له رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم وجبت له النة‪ ،‬أي أن ال مب على قبول شفاعة رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم بقّ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 69 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫كلّ شخص وأن يدخله النّة بذلك‪ ،‬وهذا قلبٌ لفهوم الشفاعة القرآن‪ ،‬إذْ إن القرآن الكري يبيّن‬
‫لنا بأوضح العبارات أن ال تعال هو صاحب الشفاعة وليس مطيعا ف شأنا لحد بل يقول‬
‫ت تُنقِذُ مَنْ فِي النّارِ)) [الزمر‪ ،]19:‬فمت هذا الديث‬
‫لرسوله‪(( :‬أَفَمَنْ َح ّق عََليْهِ كَلِ َم ُة اْلعَذَابِ أََفَأنْ َ‬
‫ئ الناس على الذنوب ويغريهم بالعاصي‪.‬‬ ‫مالف للقرآن ويرّ ُ‬
‫ل عن كتاب «كامل الزيارة» لبن قولويه(‪ ])1‬حديثا‬
‫‪ -4‬وروى الجلسيّ ف الباب ذاته [نق ً‬
‫آخر منسوبا إل رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم قال فيه‪« :‬ومن مات ف أحد الرمي‪ :‬مكة‬
‫شرَ يوم القيامة مع أصحاب بدر»!‪.‬‬
‫أو الدينة ل يعرض إل الساب ومات مهاجرا إل ال و ُح ِ‬
‫سأَلَ ّن‬
‫سأَلَ ّن الّذِينَ أُ ْرسِلَ إِلَْيهِ ْم وََلنَ ْ‬
‫وهذه الرواية تالف قوله تعال ف كتابه العزيز‪(( :‬فََلنَ ْ‬
‫الْمُ ْرسَِليَ)) [العراف‪ ،]6:‬فهل رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم الذي تُوّفيَ ف الدينة يُحاسَب‬
‫أم ل حساب له؟ القرآن يقول إنه حت الرسلي سيُسألون‪ ،‬فما بالك ببقية الناس! ف رأينا إن‬
‫هدف الوضّاعي من اختلق هذه الحاديث أن يصبح القرآ ُن وتعاليمه مهجورةً‪.‬‬
‫‪ -5‬وروى الجلس ّي والُ ّر العامليّ ف الوسائل (ج ‪/10‬الباب التاسع عشر الوسوم بباب‬
‫«استحباب النول بالعرّس(‪ )2‬لن مرّ به») حديثا جاء فيه أن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫نزل ف منل بي الدينة ومكة وغشيَ أهله(‪ )3‬ث أخذه النوم حت طلعت الشمس فصلّى الفجر‬
‫قضاءً‪ ،‬لذا من الستحبّ لكل من حجّ أن يذهب إل ذلك النل وينام فيه!‬
‫أقول‪ :‬إذا صحّ أن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم قد أخذه النوم حت صلّى صلته‬

‫() معظم الروايات الت أوردها الجلسي ف كتاب «الزار» منقول عن كتاب «كامل الزيارة» لـ«ابن قولويه» لذا يدر‬ ‫‪1‬‬

‫بنا أن نعرّف القارئ عليه‪ :‬فهو هو الشيخ أبو القاسم‪ ،‬جعفر بن ممد بن جعفر بن قولويه القمّي‪ ،‬من أبرز الشخصيات‬
‫بي رواة الشيعة ف القرن الرابع الجري‪ ،‬وُيعَ ّد من أفضل تلمذة ممد بن يعقوب الكلين صاحب «الكاف»‪ ،‬ومن أبرز‬
‫مشايخ الشيخ الفيد‪ ،‬ولد ف قم وتوف فيها سنة ‪ 367‬هـ ومن أشهر مؤلفاته‪« :‬كامل الزيارات» الليء والشحون ‪-‬‬
‫مع السف ‪ -‬بالروايات الضعيفة والوضوعة‪( .‬الترجم)‬
‫() جاء ف حاشية «وسائل الشيعة» للحُرّ العامليّ (ط‪ .‬مؤسسة آل البيت‪1414 ،‬هـ)‪[ :‬العرّس‪ :‬مسجد ذي الليفة‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫كان رسول ال صلى ال عليه وآله يعرّس فيه ث يرحل لغزاة أو غيها والتعريس‪ :‬نومة خفيفة‪( .].‬الترجم)‬
‫() ليس ف أحاديث الباب الت رواها الجلس ّي ف «البحار» ول الُرّ العامليّ ف «الوسائل» أي إشارة إل أن رسول ال‬ ‫‪3‬‬

‫صلى ال عليه وآله جامع أهله أو بن بإحدى زوجاته ف ذلك الكان‪ ،‬ومن الواضح أن الؤلّف البقعي اشتبه عليه العن‬
‫العر ب للفاظ الد يث وخلط ب ي ل فظ «التعر يس» الذي معناه‪ :‬نزول القوم من ال سفر آ خر الل يل لل ستراحة والنوم‬
‫الفيف‪ ،‬وبي «العراس» مصدر أعْ َرسَ فلنٌ بأهله أي بن با‪ ،‬أو غشيها‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 70 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫قضاءً فهذا يدلّ قطعا على أ ّن النبّ صلى ال عليه وآله وسلم كان يكره ذلك الكان الذي فاتته فيه‬
‫الصلة‪ ،‬وبالتال فل ينبغي على أحد أن يذهب للنوم ف ذلك الكان بل عليه أن يرّ به بسرعة(‪.)1‬‬
‫هذا إضافةً إل أنه ما حاجةُ الجّاج الذين لن يعاشروا زوجاتم(‪[ )2‬بكم إحرامهم] إل‬
‫النوم ف ذلك الكان؟ أليس هذا الديث استهزاء بالدين؟ والطريف أن كتاب وسائل الشيعة يروي‬
‫ف الباب عشرين من ذلك الزء العاشر‪/‬ص ‪ 291‬عن المام الرضا عليه السلم روايةً ف‬
‫استحباب الرجوع إل العرّس لن تاوزه و«أن شخصا ل يعرّس فأمره الرضا عليه السلم أن‬
‫ينصرف فيعرّس»!!‬
‫ل عن كتاب ثواب العمال للشيخ الصدوق] رواي ًة‬ ‫‪ -6‬وروى الجلسيّ ف الباب ذاته [نق ً‬
‫أخرى أن السي صلوات ال عليه سأل رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم فقال‪« :‬يا أبتاه! ما‬
‫لن زارنا؟ فقال النبّ صلى ال عليه وآله وسلم يا ُبنَ ّي مَنْ زَارَن حيّا وميّتَا‪َ ،‬ومَنْ زَا َر أباك حيّا‬
‫ومّيتَا َومَنْ زَارَ أخاكَ حيّا ومّيتَا َومَنْ زاركَ حيّا ومّيتَا كان حقيقا عليّ أنْ أزو َرهُ يوم القيامة‬
‫وأخلّصه مِنْ ُذنُوبِ ِه وأُدْخله النة»!(‪.)3‬‬
‫أقول‪ :‬هذه الرواية ُتصَوّ ُر المام السي عليه السلم وكأنه كان منذ صغره ينتظر زيارة‬
‫صوّرُ رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم وكأنّه غفّارٌ للذنوب‬ ‫الزائرين ويستفهم عن أجرهم! وُت َ‬
‫أو كأن الشفاعة ملك يديه أو يدي أهل بيته‪ ،‬هذا ف حي أن القرآن الكري يبي لنا قول ال تعال‬
‫سَت ْغفِرْ َلهُمْ‬
‫لنبيّه الكري ‪-‬صلوات ربّي وسلمه عليه وآله‪(( :-‬اسَْت ْغفِرْ َلهُمْ َأ ْو ل تَسَْت ْغفِرْ َلهُمْ ِإنْ تَ ْ‬
‫ي َم ّرةً َفلَ ْن َي ْغفِرَ ال)) [التوبة‪ ]80:‬فال تعال ليس تابعا مطيعا لرسوله أو لغيه بل المر كلّه‬ ‫َسبْعِ َ‬

‫ل عن «وسائل الشيعة» (ج ‪/3‬ص ‪ ،)207‬والصنف لعبد‬ ‫ت ف كتاب «جامع النقول ف سنن الرسول» نق ً‬ ‫() كما ذكر ُ‬ ‫‪1‬‬

‫الرزاق (ج ‪/1‬ص ‪ ،)587‬أنه لا فاتت النب الكرم صلى ال عليه وآله الصلة أدّاها قضاءً وقال جلة فحواها‪(( :‬قوموا‬
‫فتحوّلوا عن مكان كم الذي أ صابتكم ف يه الغفلة))‪ .‬أ ما روا ية الجل سي فعلى الع كس من ذلك تقول إذا مرر ت من ذلك‬
‫الكان فعودوا إليه من جديد!‬
‫() ك ما قلت ف الاش ية ق بل ال سابقة‪ :‬اشت به على الؤلف البق عي ف هم مع ن «التعر يس» بالعربيّ ة فظنّ ه ال بيت لعاشرة‬ ‫‪2‬‬

‫الهل‪ ،‬مع أن التعريس هو الستراحة من السفر والنوم الفيف فقط لغي‪ ،‬ول علقة له بغشيان الهل مطلقا‪ ،‬والواقع‬
‫أن روايات وسائل الشيعة واضحة ف ذلك إذ جاء ف بعضها‪(( :‬عن العيص بن القاسم أنه سأل أبا عبد ال عليه السلم‬
‫ل مَ ّر به أو نارا‪.)).‬‬
‫عن الغسل ف العرس؟فقال‪ :‬ليس عليك فيه غسل‪ ،‬والتعريس هو أن تصلي فيه وتضطجع فيه‪ ،‬لي ً‬
‫(الترجم)‬
‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪/97‬ص ‪( .140‬الترجم)‬ ‫‪3‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 71 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫بيديه تعال وحده‪ ،‬وهو الوحيد الذي يلك غفران الذنوب‪.‬‬


‫‪ -7‬وروى الجلسيّ ف الكتاب ذاته [نقلً عن أمال الصدوق] أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم قال‪َ « :‬منْ زَا َر السنَ ف بَقي ِع ِه ثَبّتَ ال َقدَ َم ُه على الصراطِ يو َم تزلّ فيه القدامُ»‪.‬‬
‫أقول‪ :‬فهل تكفي زيارة المام السن (ع) حت تُغفر جيع زلت النسان؟ هل هذه الزيارة‬
‫صصُ كلّ هذا الثواب والجر لزيارة قب المام بعد موته ول‬‫خّ‬ ‫رشوة لنقض قواني ال؟ ولاذا يُ َ‬
‫يوجد مثله لن زار المام حال حياته؟!‬
‫ل عن كتاب كامل الزيارة لبن قولويه] عن المام‬
‫‪ -8‬وروى الجلسيّ ف الباب ذاته [نق ً‬
‫ت فداك! ما لن زار رسولَ ال صلى ال عليه وآله متعمّدا؟ قال‪ :‬له‬
‫الواد (ع) أنه ُسئِلَ‪« :‬جُعل ُ‬
‫النّة»!‪ .‬قلت‪ :‬إذا كان المر بذه البساطة فجميع أصحاب النبّ صلى ال عليه وآله ومعاصريه‬
‫زاروه وبالتال فطبقا لذه الرواية يب أن يدخلوا الّنةَ جيعا‪ ،‬فلماذا إذن تعترضون على بعض‬
‫أصحاب النب صلى ال عليه وآله وسلم وتقدحون بم؟ إل أن يقول بعضهم إن هذا الجر‬
‫والثواب هو لن زار القب ل لن زار رسول ال ذاته صلى ال عليه وآله وسلم‪ .‬إِ ّن هَذَا َلشَيْءٌ‬
‫عُجَابٌ!‬
‫‪ -9‬وروى الجلسيّ ف الباب ذاته عن المام الصادق عليه السلم أنه قال‪« :‬من زارن‬
‫ت َفقِ ْيرَا»‪.‬‬
‫ت َلهُ ُذنُوبُ ُه َولَ ْم يَمُ ْ‬
‫ُغ ِفرَ ْ‬
‫حبّ المامُ زيارةَ الناس له إل هذه الدرجة الت تعله يكم بغفران جيع ذنوب‬
‫قلتُ‪ :‬فهل ُي ِ‬
‫زائره وأن كل من جاء إليه ل يوت إل غنيا؟!‬
‫يقول علماء القتصاد إن الوصول إل الرفاهية وسعة العيش يتطلّب اتّباع القواني القتصاديّة‬
‫الصحيحة وال ّد والنشاط ولك ّن رواة تلك الحاديث يقولون إن من أراد ال ِغنَى فعليه أن يذهب‬
‫ي القولي صحيح؟ أترك الكم ف ذلك إل القارئ!‬ ‫لزيارة القبور!! فأ ّ‬
‫ف رأيي إن أعداء السلم أرادوا إضعاف دين السلم بأمثال تلك الروايات وأن يُغروا‬
‫الناس بالعاصي ويصوّروا لم أن زيارة القب كفيلة بغفران جيع جناياتم وآثامهم‪.‬‬
‫‪ - 10‬وف الباب ذاته روايةٌ عن المام العسكري عليه السلم قال فيها‪« :‬من زار جعفرا‬
‫وأباه ل يشكو عينه ول يصبه سقم»‪ .‬فلنا أن نتساءل‪ :‬لاذا كان الذين يزورون رسول ال صلى‬
‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 72 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ال عليه وآله وسلم ويرونه يرضون إذن؟ بل عليّ عليه السلم ذاته أصابه رمد العي كما مرض‬
‫عددٌ من الهاجرين ف سبيل ال من أصحاب النبّ صلى ال عليه وآله وسلم عندما وصلوا إل‬
‫الدينة وأصابتهم المّة‪ .‬فكيف ل يرض زائرُ قب حفيد حفيد النبّ صلى ال عليه وآله وسلم؟! إن‬
‫هذا الديث مالفٌ لكتاب ال وللعقل السليم‪ .‬وروايات هذا الباب أغلبها من هذا القبيل‪ .‬فاقرأ‬
‫أنت الديث الفصّل من هذا الكلم الجمل‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 73 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫روايات الباب الثان من أبواب زيارة النبّ‬


‫‪ -1‬أورد الجلسيّ ف هذا الباب رواياتٍ فيها دعوة الزائرين إل تقبيل عامود التوبة وعامود‬
‫حنانة ومنب رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم وأن يسحوا أعينهم با‪ ،‬وأن يزوروا مقام جبيل‬
‫واليزاب الذي كان فوق رأس جبيل‪ ..‬ال‪ .‬ولنا أن نتساءل‪ :‬هل تلك العواميد ومنب رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم ل تزال موجودة بعينها الن؟ أل يكن الجلسيّ أو رواةُ حديثه يعلمون‬
‫أن تلك العمدة والنب قد اندثرت منذ مئات السني؟!‬
‫‪ -2‬وذكر الجلسيّ ف هذا الباب أدعيةً مفادها أن يقول زائر قب سيدنا رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم ‪ -‬بعد وقوفه أمام قبه وقراءته ألفاظ الزيارة وما فيها من عبارات الغلوّ ف الطراء‬
‫سهُ ْم جَآؤُوكَ فَاسَْتغْ َفرُواْ‬
‫ك قُلْتَ‪َ :‬ولَ ْو َأّنهُ ْم ِإذْ ظّلَمُواْ أَن ُف َ‬
‫والتمجيد ‪ -‬ف آخر كلمه‪« :‬اللهمّ إنّ َ‬
‫ال وَاسَْت ْغفَ َر لَـ ُهمُ الرّسُو ُل َلوَ َجدُواْ ال َتوّابًا ّرحِيمًا(‪ .)1‬وإنّي أتَيْ ُ‬
‫ت نَبِّيكَ ُمسَْت ْغ ِفرَا تَائِبَا ِمنْ‬
‫ُذنُوبِي‪...‬ال»‪.‬‬
‫فنسأل‪ :‬هل يب على كلّ مذنب عاصٍ أن يذهب إل قب رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم لجل غفران ذنوبه كما يفعل النصارى عندما يذهبون إل قسّيسيهم ويعترفون بذنوبم‬
‫لتُغفر لم؟ أليس هذا نوعٌ من اللعب بآيات القرآن والتحريف العنوي لا؟‬
‫إن ال تعال ل يقل أبدا إن كلّ من أذنب عليه أن يذهب إل رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم‪ ،‬والية الت ذُكرت ف الرواية ل علقة لا بذلك الوضوع‪ ،‬لن سياقها الكامل كالتال‪:‬‬
‫سهُمْ جَاءُوكَ فَا ْسَت ْغفَرُوا ال‬ ‫(( َومَا أَ ْر َس ْلنَا مِنْ َرسُولٍ إِلّا ِليُطَاعَ بِِإ ْذنِ ال وََلوْ َأّنهُمْ إِ ْذ ظَلَمُوا أَنفُ َ‬
‫جرَ‬‫حكّمُوكَ فِيمَا شَ َ‬ ‫وَا ْسَت ْغفَرَ َلهُمُ ال ّرسُولُ َلوَجَدُوا ال َتوّابًا رَحِيمًا * فَل وَ َربّكَ ل ُي ْؤ ِمنُونَ َحتّى ُي َ‬
‫ت َويُسَلّمُوا تَسْلِيمًا)) [النساء‪ ،]65-64:‬فهذه‬ ‫سهِمْ َحرَجًا مِمّا َقضَْي َ‬ ‫َبيَْنهُ ْم ثُ ّم ل يَجِدُوا فِي أَنفُ ِ‬
‫اليات تتعلق بالنافقي الذين تاصموا مع اليهود فقال اليهودي‪ :‬أنا أقبل بكم ممّد ولكن النافق‬
‫قال‪ :‬أنا ل أقبل بكمه‪ .‬كما أشارت إل ذلك اليات الت جاءت قبلها أي قوله تعال‪(( :‬أَلَ ْم تَرَ‬
‫ك يُرِيدُونَ أَ ْن َيتَحَاكَمُوا إِلَى‬
‫ك َومَا أُن ِز َل مِنْ َقبْلِ َ‬ ‫إِلَى الّذِي َن يَ ْزعُمُونَ َأّنهُمْ آ َمنُوا بِمَا أُنزِلَ إَِليْ َ‬

‫() النساء‪ ،‬آية ‪.64‬‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 74 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫شيْطَانُ َأنْ ُيضِّلهُمْ ضَللًا َبعِيدًا * َوإِذَا قِيلَ َل ُه ْم َتعَالَوْا‬ ‫ت وَقَدْ ُأمِرُوا َأنْ َي ْكفُرُوا بِ ِه َويُرِيدُ ال ّ‬
‫الطّاغُو ِ‬
‫ي يَصُدّو َن عَنْكَ صُدُودًا)) [النساء‪ ،]61:‬ث قال تعال‪:‬‬ ‫ت الْ ُمنَاِفقِ َ‬
‫إِلَى مَا أَنزَلَ ال َوإِلَى ال ّرسُولِ َرَأيْ َ‬
‫سهِمْ حَرَجًا مِمّا‬ ‫جدُوا فِي أَنفُ ِ‬ ‫ج َر َبيَْنهُ ْم ثُ ّم ل يَ ِ‬
‫حكّمُوكَ فِيمَا شَ َ‬ ‫((فَل وَ َربّكَ ل ُي ْؤ ِمنُونَ َحتّى يُ َ‬
‫سلِيمًا)) [النساء‪ ،]65:‬وذلك أن النافقي الذين كانوا يدّعون السلم كانوا‬ ‫ت َويُسَلّمُوا تَ ْ‬
‫ضيْ َ‬‫َق َ‬
‫مستعدّين للقبول بكم «كعب بن الشرف» اليهودي ولكنهم غي مستعدين للقبول بكم نبّ‬
‫السلم الكرم صلى ال عليه وآله وسلم!! وهذا معناه أنم ل يكونوا يؤمنون بقواني ال تعال‬
‫وأحكام شرعه ول يعتبونا صحيحةً عادلةً! أو أنم ل يكونوا يعتبون رسول ال ‪-‬والعياذ بال‪-‬‬
‫ب السلم صلى ال عليه وآله وسلم‪ .‬وبناء على‬ ‫عادلً‪ ،‬وهذا أوضح دليل على كفرهم وإهانتهم لن ّ‬
‫ذلك فالية تقول إن علمةَ اليان قبولُ حكم الشرع‪ ،‬وتقول‪ :‬إذا أراد هؤلء القوم أن يكفّروا‬
‫عما ارتكبوه من إهانة وظلم بقّ النبّ الكرم صلى ال عليه وآله وسلم وعن اتّهامهم له باليف‬
‫وعدم العدل فعليهم أن يأتوا إليه ويطلبوا رضاه‪ ،‬وعلى الرسول الكري صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫أن يطلب من ال الغفرة لم علمةً على عفوه عنهم ورضاه عنهم‪ .‬ولكنهم ل يفعلوا ذلك‪ ،‬لذا‬
‫ك الّذِي َن َيعْلَمُ ال مَا فِي قُلُوِبهِمْ َفَأعْ ِرضْ َعْنهُ ْم َوعِ ْظهُمْ‬ ‫قال ال تعال لرسوله ف هذه اليات‪ُ(( :‬أوْلَئِ َ‬
‫سهُمْ‬
‫سهِمْ َقوْلًا بَلِيغًا)) [النساء‪ ،]63:‬ث قال ف الية التالية‪(( :‬وََلوْ َأّنهُمْ إِ ْذ ظََلمُوا أَنفُ َ‬ ‫وَقُلْ َلهُمْ فِي أَنفُ ِ‬
‫جَاءُوكَ فَا ْستَ ْغفَرُوا ال وَا ْسَت ْغفَرَ َلهُمُ ال ّرسُولُ َلوَجَدُوا ال َتوّابًا رَحِيمًا)) [النساء‪ ،]64:‬فهذا الستغفار‬
‫وطلب الستغفار من الرسول هو بالنسبة إل الظلم والهانة الت فعلوها بق النبّ صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم وليس بالنسبة إل جيع الثام‪ .‬فلحظوا أن هذه الية ل تعود للمؤمني أصلً‪ .‬لذا يب‬
‫أن نقول لواضع تلك الرواية‪:‬‬
‫أولً‪ :‬الية تتعلّق بالنافقي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إن ال تعال ل يقل إنّ على كلّ من ارتكب ذنبا أن يضر إل قب رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم‪ ،‬بل إن كلمة القب ل تأت ف الية أصلً‪ ،‬فالية متعلّقة بزمن حياة الرسول صلى‬
‫ال عليه وآله وسلم وتبيّنُ أن على الناس أن يذهبوا إليه ف منازعاتم ودعاويهم فهذا كان واجبهم‬
‫أثناء حياته صلى ال عليه وآله وسلم‪.‬‬
‫فلحظوا كيف تلعب هذا الوضّاع بعان القرآن واستخرج الشرك من آية التوحيد ليسوق‬
‫الناس نو عمل شركي! إن دين السلم ليس كالسيحية ف دعوته كل من ارتكب ذنبا أن يذهب‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 75 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫إل ملوق مثله فضلً عن أن يذهب إل قب ملوق‪ ،‬ويطلب منه غفران ذنبه‪ ،‬بل قال تعال‪َ (( :‬وإِذَا‬
‫ك ِعبَادِي َعنّي فَِإنّي َقرِيبٌ أُجِيبُ َد ْع َوةَ الدّاعِ ِإذَا َدعَانِ َف ْليَسْتَجِيبُوا لِي وَْلُيؤْ ِمنُوا بِي َلعَّل ُهمْ‬‫َسأَلَ َ‬
‫يَ ْرشُدُونَ)) [البقرة‪ .]186:‬وقال كذلك‪(( :‬ا ْدعُوا َرّبكُمْ)) [غافر‪ .]49:‬وقال‪(( :‬فَا ْدعُوا ال مُخِْلصِيَ‬
‫لَهُ الدّينَ وََلوْ َك ِرهَ اْلكَافِرُونَ)) [غافر‪ .]14:‬وقال‪َ (( :‬وَأنِ ا ْسَتغْفِرُوا َرّبكُ ْم ثُ ّم تُوبُوا إِلَيْهِ)) [هود‪،]3:‬‬
‫صبِرْ ِإنّ َوعْدَ ال حَقّ‬ ‫وقال‪(( :‬وَا ْسَت ْغفِرْ لِ َذْنبِكَ وَلِ ْل ُم ْؤ ِمنِيَ وَالْ ُم ْؤ ِمنَاتِ)) [ممد‪ ،]19:‬وقال‪(( :‬فَا ْ‬
‫وَا ْسَت ْغفِرْ لِ َذْنبِكَ)) [غافر‪ ،]55:‬وقال‪(( :‬قُلْ إِنّمَا َأنَا بَشَ ٌر ِمثُْلكُ ْم يُوحَى إِلَيّ َأنّمَا إَِلهُكُمْ إِلَ ٌه وَاحِدٌ‬
‫فَا ْستَقِيمُوا إَِليْ ِه وَاسَْت ْغفِرُوهُ َو َويْلٌ لِ ْلمُشْرِكِيَ)) [فصلت‪ ،]6:‬فأمرهم أن يستقيموا إل ال أي يتجهوا‬
‫مباشرة إليه بوصفه إلهم ومعبودهم الوحد ويطلبوا منه غفران ذنوبم‪ ،‬ول يقل لم اذهبوا وابثوا‬
‫عن شفي ٍع ليأتين ويشفع لكم‪.‬‬
‫كيف ل ينتبه الجلسيّ وسائر الحدثي إل هذه اليات واستسلموا إل ذلك الدّ إل الرواة‬
‫الكذبة؟!‬
‫ب من قريب»‪ ،‬الديث رقم (‪ )41‬بدون‬
‫وينقل الجلسيّ ف «البحار»‪ ،‬باب «زيارة الن ّ‬
‫سند عن ابن طاووس والشيخ الفيد وفيه‪« :‬إذا وردتَ مدينةَ النبّ صلى ال عليه وآله فاغتسل‬
‫للزيارة‪(...‬إل قوله عن كيفية الزيارة)‪ :‬يشي إل الجرة فإذا وصلها استلمها وقبّلها وقال‪:‬‬
‫السلم عليك يا رسول ال‪ »...‬إل آخر الرواية الليئة بمل الغلوّ ف إطراء رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم والبالغات ف مديه‪ ،‬ونتساءل هل أن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم كسائر‬
‫الناس يسرّ من تاوز الدّ ف مدحه وإطرائه؟ وهل يطلع صلى ال عليه وآله وسلم ‪ -‬كال تعال‪-‬‬
‫على أحوال جيع الناس والزوّار ويسمع ثناءهم وتجيدهم له أم ل؟‬
‫‪ -3‬ويروي الجلسيّ ف الباب الخي ذاته روايةً أخرى تقول‪ :‬إنّ على الاجّ أن يذهب إل‬
‫الدينة ويزور قبور الشهداء و‪ ...‬ويزور بيت علي بن أب طالب ودار جعفر بن ممد عليهما‬
‫السلم ث يقرأ نصّ الزيارة ‪-‬الت ل سند لا‪ -‬الت أوردها الشيخ الفيد وابن طاووس(‪ .)1‬ولنا أن‬
‫نسأل‪ :‬هل بيت علي بن أب طالب (ع) ودار جعفر (ع) ل تزال موجودة؟ هل لولئك السادة‬
‫العلماء الق ف وضع زيارات؟ لقد جع الجلسيّ ف هذا الباب وأبواب أخرى كل دعاء وصلة‬
‫كتبها أي عابد أو شيخ وجعل العمل با أمرا مشروعا ومستحبا! فهل لغي ال أن يشرع‬
‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪/97‬ص ‪ ،160‬الديث رقم ‪( .40‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 76 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫«عبادات»؟!‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 77 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ما ُروِيَ ف باب زيارته (صَلّى ال عَلَيه وَآِلهِ) من بعيد‬


‫‪ -1‬روى الجلسيّ ف هذا الباب [نقلً عن أمال الطوسي] عن أب جعفر عليه السلم قال‪:‬‬
‫«إن ل ملكا من اللئكة سأل ال أن يعطيه سع العباد فأعطاه ال فذلك اللَك قائم حت تقوم‬
‫الساعة ليس أحد من الؤمني يقول‪« :‬صلّى ال عَلَى مُحمّد وَآِلهِ» إل قال الَلَك‪ :‬وعليك‪ .‬ث‬
‫يقول الَلَك يا رسول ال! إن فلنا يُقرُئكَ السلمَ‪ .‬فيقول رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪:‬‬
‫وعليه السلم‪ .)1(».‬أي أن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم سيقول كل دقيقة‪ :‬وعليه‬
‫السلم‪ ...‬وعليه السلم‪ ...‬ويصبح هذا هو عمله!‬
‫‪ -2‬ث قال الجلس ّي أيضا ف الباب ذاته‪« :‬قال الفيد والسيد والشهيد ف زيارة البعيد‪ :‬إذا‬
‫أردت ذلك فمثّل بي يديك شبه القب واكتب عليه اسه وتكون على غسل ث قم قائما وأنت‬
‫متخيّل مواجهته عليه السلم ث قل‪ :‬اشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن‬
‫ممدا عبده ورسوله‪ ،)2(»...‬إل آخر نص الزيارة الت كتبها أولئك العلماء حسب ذوقهم!!‬
‫وأقول‪ :‬وهل القب التخيّل ّي يتاج أيضا إل زيارة ودعاء وثناء ومديح؟! نسأل ال أن ل يقرأ عقلء‬
‫الدنيا كتبنا الذهبية فقد يظنوا أن ما فيها هو شريعة السلم فيستهزئوا با‪.‬‬
‫‪ -3‬أكثر الزيارات الت وردت ف أبواب كتاب «الزار» (ف كتاب بار النوار) تضمّنت‬
‫عبارة تقول‪« :‬مُقرّ برجعتكم»‪ ،‬و«الرّ ْجعَة» هي عودة الئمّة وأعدائهم إل عال الدنيا قبل يوم‬
‫ل المام السي (ع) يقاتل يزيدا‬
‫القيامة ومقاتلة كل إمام لعدوّه والنتقام منه والنتصار عليه‪ ،‬فمث ً‬
‫ويقتله ويأسر أهل بيت يزيد ويثأر لا كان قد فعله بالسي وأهل بيته!! وهذه «الرّ ْجعَة» ف‬
‫الواقع عقيدٌة باطلة لنا تالف القرآن الذي يقول‪(( :‬ثُمّ ِإّنكُ ْم َبعْدَ ذَلِكَ لَ َمّيتُونَ * ثُمّ ِإّنكُ ْم َي ْومَ‬
‫الْ ِقيَا َمةِ ُتْب َعثُونَ)) [الؤمنون‪ .]16:‬ث إذا كان المام سيجع إل الدنيا ليثأر من أعدائه ويازيهم با‬
‫فعلوا فلماذا إذن الوعد والوعيد اللي والساب والكتاب والعقاب يوم القيامة؟ أضف إل ذلك‬
‫أن ف كتاب ال تعال آياتٍ تفيد أن الظلم والشرك والكفر باقٍ ف الدنيا حت يوم القيامة‪ ،‬كما‬

‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪/97‬ص ‪ ،181‬الديث رقم ‪( .2‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪/97‬ص ‪ ،182‬الديث رقم ‪( .11‬الترجم)‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 78 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫قال سبحانه بشأن بقاء اليهود والنصارى مثلً إل يوم القيامة‪َ (( :‬ومِ َن الّذِينَ قَالُوا ِإنّا نَصَارَى أَ َخ ْذنَا‬
‫ف ُيَنبُّئهُمُ‬
‫مِيثَاَقهُمْ َفنَسُوا حَظّا مِمّا ذُكّرُوا بِهِ َفَأغْ َرْينَا بَْيَنهُ ُم اْلعَدَا َوةَ وَاْلَبغْضَاءَ إِلَى َي ْو ِم الْ ِقيَا َمةِ َو َسوْ َ‬
‫صنَعُونَ)) [الائدة‪ ،]14:‬وقال أيضا‪(( :‬وَقَاَلتِ اْلَيهُو ُد يَدُ ال َمغْلُوَلةٌ غُّلتْ َأيْدِيهِمْ‬ ‫ال بِمَا كَانُوا َي ْ‬
‫وَُلعِنُوا بِمَا قَالُوا بَ ْل يَدَاهُ َمبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ َكيْفَ يَشَاءُ وََليَزِي َدنّ َكثِيًا ِمْنهُمْ مَا أُن ِزلَ إَِليْكَ مِنْ َربّكَ‬
‫طُ ْغيَانًا وَكُفْرًا َوأَْل َقيْنَا َبيَْنهُ ُم اْلعَدَاوَ َة وَالَْب ْغضَاءَ إِلَى َيوْ ِم اْلقِيَا َمةِ)) [الائدة‪ .]64:‬فإذا كان إمام الزمان أو‬
‫سائر الئمة سيأتون ويازون جيع السيئي ويطوون بساط الكفر والشرك من عال الدنيا ويصبح‬
‫جيع الناس مسلمي فإن ذلك سيكون مالفا لا تفيده اليات الذكورة‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 79 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫روايات باب زيارة فاطمة الزهراء عليها السلم‬


‫‪ -1‬أوصت الزهراء عليها السلم عليا عليه السلم أن يفي قبها‪ ،‬ولكن الجلسيّ وبعض‬
‫الحدثي حاولوا ف كتبهم جعل قبها معلوما مددا‪ ،‬لكن لا ل يكن موضع قبها معروفا‬
‫اخترعوا قراءة زيارات متعددة ف أمكنة متعددة!!‬
‫ينقل الجلسيّ عن «الكاف» أن المام الصادق (ع) ُسئِلَ‪« :‬الصلة ف بيت فاطمة عليها‬
‫السلم مثل الصلة ف الروضة؟ فقال‪ :‬وأفضل»(‪.)1‬‬
‫ولنا أن نسأل‪ :‬هل بيت فاطمة عليها السلم ل يزال موجودا؟ وكيف تكون الصلة فيه‬
‫أفضل من الصلة ف السجد وف بيت ال؟ فلماذا إذن كان أمي الؤمني (ع) يصلّي ف السجد‬
‫هيّته‬
‫ويترك العمل الرجح والول؟ أل تؤدّي مثل هذه الروايات إل التقليل من شأن الساجد وأ ّ‬
‫وإل عمارة القابر؟‬
‫ل عن مصباح النوار]‪ :‬عن أمي الؤمني عليه السلم‬
‫‪ -2‬وروى الجلسيّ ف الباب ذاته [نق ً‬
‫عن فاطمة عليها السلم قالت‪« :‬قال ل رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪ :‬يا فاطمة! َمنْ‬
‫ت من النة‪ .».‬فطبقا لذه الرواية يب أن نقول أننا‬
‫صلّى عليكِ غفر ال له وألقه ب حيث كن ُ‬
‫وصلنا إل مقام رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم وسنكون رفقاءه ف النة لننا نقول «صلى‬
‫ال عليكِ»!!‪.‬‬
‫كما رووا أنه يب أن نقول ف زيارة فاطمة عليها السلم‪« :‬يا متحنة امتحنك ال الذي‬
‫خلقك قبل أن يلقك‪ ،‬فوجدك لا امتحنك صابرة وزعمنا أنا لك أولياء ومصدقون‪ ...‬فإنا‬
‫نسألك إن كنا صدقناك إل ألقتنا بتصديقنا لما [بالدرجة العالية] لنبشر أنفسنا بأنا قد طهرنا‬
‫بوليتك»(‪.)2‬‬
‫أقول‪ :‬يا ترى لو أراد شخص أن يفهم معن هذه المل وكيف امتحن ال فاطمة قبل أن‬
‫يلقها؟! لربا قيل له‪ :‬إن الراوي لذا الديث هو وحده الذي يعلم معن هذا الكلم مصداقا لا‬

‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪/97‬ص ‪ ،193‬الديث رقم ‪( .5‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪/97‬ص ‪ ،193‬الديث رقم ‪ .11‬وهو ف الكاف للكلين‪ ،‬ج ‪/ 4‬ص ‪( .556‬الترجم)‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 80 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫يُقال‪« :‬العن ف بطن الشاعر»!‬


‫ث إن اللحاق بالدرجات العالية ليس بيد الزهراء عليها السلم‪ ،‬بل درجة كل شخص رهينة‬
‫بإيانه وعمله‪ ،‬اللهم إل أن تكون جلة أو جلتان من الطراء والديح والتملّق كافيتان للحاق‬
‫بالدرجات العالية!‬
‫وقد ذكر الجلس ّي هنا وف موارد عديدة أخرى نصوص زيارات طويلة مليئة بصنوف الديح‬
‫والطراء منقولة عن الشيخ الطوسي والصدوق والفيد وابن طاووس وغيهم ‪ -‬رحهم ال ‪ -‬وقال‬
‫ف آخر كلمه‪« :‬قالوا‪ :‬ليست هذه الزيارات مأخوذة عن ال ورسوله بل رأيناها مناسبة»!!‬
‫وكلمهم هذا يثي العجب إذ كيف يكن لشخص أن يضيف أي شيء إل دين ال حسب ذوقه‬
‫دون الستناد إل دليلٍ شرعيّ صحيحٍ؟‬
‫فمثلً يقول الجلسيّ ف الباب ذاته‪ :‬ل يرد أيّ حديثٍ ف زيارة الزهراء عليها السلم ولكن‬
‫أصحابنا رأوا هذه الزيارة مناسبة!! أي مثلً اعتبوا هذه المل مناسبة‪« :‬وزوجة الوصيّ‪ ،‬والجة‬
‫والسلم عليكِ يا والدة الجج» فاعتبوا من الناسب أن يكون زوج فاطمة (ع) وأولدها‬
‫ُحجَجَا‪ ،‬ف حي أن القرآن يقول‪ :‬ليس هناك أي شخص بعد رسل ال حجّة(‪ )1‬وذلك ف قوله‬
‫ج ٌة َبعْدَ ال ّرسُ ِل وَكَا َن ال عَزِيزًا‬
‫س عَلَى ال ُح ّ‬
‫تعال‪ُ (( :‬رسُلًا ُمبَشّرِي َن َومُنذِرِينَ ِلئَلّا َيكُونَ لِلنّا ِ‬
‫َحكِيمًا)) [النساء‪ .]165:‬وحضرة علي عليه السلم أيضا اعتب أن النبياء فقط هم الجّة وقال‪:‬‬
‫س ِن الْخَِي َرةِ ِم ْن َأنْبِيَاِئهِ ومُتَحَمّلِي َودَائِعِ ِرسَالِتهِ َقرْنا َف َقرْنا حَتّى‬
‫ججِ عَلَى َألْ ُ‬
‫«‪َ ..‬تعَا َه َدهُ ْم بِالُ َ‬
‫ت بِنَبِيّنَا مُحَ ّمدٍ صلى ال عليه وآله حُجُّتهُ‪.)2(»...‬‬
‫تَمّ ْ‬
‫هل يب أن نقبل كلم القرآن الذي يقول إنه ل حجّة بعد رسل ال أم قول الخرين؟ نن‬
‫نعتب دين ال أهم وأكب وأعزّ من أي شيء آخر ونعتب حضرة الزهراء عليها السلم والئمة عليهم‬
‫السلم دُعاةً للدين ومبلّغي له وتابعي له‪ ،‬وأنم ل يرضون أن يزيد أحدٌ على دينهم شيئا أو ينقص‬
‫منه بجّة مبته لم‪ ،‬ول نشكّ أنم أنفسهم ل يرضون بثل هذا الكلم بل يرفضونه ويعارضونه‪.‬‬
‫() ل يفى ما ف استدلل الؤلف من ضعف لن معن الية أن ال تعال أرسل الرسل إتاما للحجّة على الناس حت ل‬ ‫‪1‬‬

‫يعتذر معتذر يوم القيا مة ويت جّ بأ نه ل يطّلع على مراد ال وشر عه‪ .‬فالجّة ه نا تع ن العذر‪ .‬ف قد انق طع ببع ثة الر سول‬
‫‪-‬صلى ال عليه وآله‪ -‬العذر بالهل‪ ،‬وهذا ل ينع أن يكون ف كل عصر من الولياء والصالي والعلماء من يكونون‬
‫ُحجّةً على العباد بعلمهم وصلحهم‪ ،‬وقد سى السنّة والشيعة بعض علمائهم بجّة السلم‪( .‬الترجم)‬
‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.91‬‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 81 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 82 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫روايات الجلسيّ ف باب زيارة الئمّة بالبقيع‬


‫‪ -1‬أورد الجلسيّ(‪ )1‬والشيخ الطوسي وابن طاووس عن رجل ل يُذكر اسه عن أحد الئمة‬
‫دون بيان اسه(‪ )2‬زيارة تتوي على كثي من المل الخالفة للقرآن‪ .‬ففي أحد الواضع فيها‪« :‬أيها‬
‫ال ُقوّام ف البيّة بالقسط» ويا ليت كان المر كذلك واستطاع الئمة الكرام عليهم السلم أن‬
‫يبسطوا العدل بي الناس‪ ،‬لكنهم ل يتمكنوا من ذلك مع السف وأُجبوا على أن يلزموا بيوتم‬
‫ويعيشوا مقهورين‪ .‬ث جاء ف الزيارة‪« :‬السلم عليكم يا أهل النجوى» فإذا قُصد من النجوى‬
‫مناجاة ال فل إشكال ف ذلك‪ ،‬أما إذا قُصد منها تعليم رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم لم‬
‫السرار اللية على نو خفيّ خاص فإن ذلك ل يصحّ لن دين السلم ليس فيه أمور مفية أو‬
‫أشياء خاصة بأناس دون آخرين بل الناس فيه سواء‪ .‬قال تعال لرسوله صلى ال عليه وآله وسلم‪:‬‬
‫س بَشِيا َونَذِيرا وََلكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ ل َيعْلَمُونَ)) [سبأ‪ ،]28:‬فالسلم‬
‫(( َومَا أَ ْر َس ْلنَاكَ إِلّا كَاّفةً لِلنّا ِ‬
‫إذن ليس س ّريّا ول نوائيا‪.‬‬
‫وجاء ف الزيارة‪« :‬وأُسيء إليكم فغفرت» فنقول‪ :‬إذا كان الئمّة عليهم السلم قد غفروا‬
‫فماذا تقولون أنتم؟ ولاذا تنوحون وتلعنون وتطعنون بجّة مظلوميّة الئمّة عليهم السلم؟ أتريدون‬
‫أن تكونوا أكثر حرصا على الئمّة من أنفسهم؟ ث جاء ف الزيارة‪« :‬إنكم دعائم الدين وأركان‬
‫الرض»‪ ،‬هذا ف حي أن الئمة عليهم السلم أنفسهم كانوا يقولون‪ :‬نن مّتبِعُون للدّين‬
‫ومرشدون للناس إل الدّين ول يقولوا إنم أركان الدين ول أصوله ول فروعه‪ .‬ث ما معن أنم‬
‫سهُم بذه الدائح والطراء‬‫أركان الرض؟ وما القصود من كل هذا الطراء؟ هل َأمَ َر الئم ُة أنْفُ ُ‬
‫البالغ به لم أم أنكم تقومون بذلك من عند أنفسكم؟ وهل سيمنع الئمة بذه الكلمات مِنْ‬
‫ضكُم لزاء أعمالكم ويصبحون مطيعي لكم مامي عنكم ف مكمة العدل اللية حت يُصرف‬ ‫َتعَرّ ِ‬
‫النظر عن خطاياكم وآثامكم؟ إن ل يكن الدف من الزيارة كذلك فلماذا تقولون ف آخرها‪:‬‬
‫«هذا مقام من أسرف وأخطأ وأقرّ با جن ورجا بقامه اللص وأن يستنقذه ال بكم»‪.‬‬

‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪ -97/6‬باب زيارة الئمة بالبقيع عليهم السلم‪ ،‬ص ‪ ،203‬حديث رقم ‪( .1‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() هل سند الدين وتكليف الؤمني على هذه الدرجة من الوهن والضعف حت يتم إبلغه عن طريق رجل مهول ل‬ ‫‪2‬‬

‫يعرف اسه وعن إمام غي معي؟‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 83 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ونتساءل‪ :‬هل المام حاضرٌ ف جوف القب ومطّلعٌ على زائره ويكنه أن يطلب من ال تعال أن‬
‫يصرف النظر عن جرائم هذا الفرد الطمّاع وذنوبه وخطاياه وإسرافه وخياناته فيجيب ال فورا‬
‫طلب المام ويطيعه ف رجائه‪ ،‬ويضرب صفحا عن كل قوانينه وتشريعات كتابه؟! أم أن المام ل‬
‫علم له بكل هذه الطراءات والدائح لنه ليس ف عال الدنيا بل ف عال البزخ بعيدا عن ساع‬
‫هذه المور ويَبْ َرأُ من أهل السراف والث والفجور‪ ،‬وال تعال ل يعطّل قانونه ول يُلغي العمل‬
‫بعدالته وتطبيق جزائه العادل على الثي الجرمي‪.‬‬
‫ع الطراء والتملّق ول تتوجّه‬
‫ليت أحدهم يقول لثل هذا الزائر‪ :‬عزيزي! استحِ من ال و َد ْ‬
‫ب إليه واترك السراف والرائم‪ .‬أتظن‬ ‫إل إل ال الذي جعل التوبة الطريق الوحيد إل النجاة؛ َفتُ ْ‬
‫ي إمام هذا الذي‬‫أن المامَ مأمورٌ بالدفاع عن الُناة والثي؟ أو أنه مطيع لك فيما تريد؟ فأ ّ‬
‫تتخيّلُهُ وأيّ دين وأيّ إسلم وأي كتاب قانون هذا الذي اخترعته لنفسك؟!‬
‫هنا يقدّم الجلس ّي والشيخ الطوسيّ وآخرون تعليمات للزائر حول كيفية أداء صلوات معيّنة‬
‫ما أنزل ال با من سلطان وليست إل من اختراع الخرين وظنونم‪.‬‬
‫‪ -2‬ث أورد الجلسيّ زيار ًة طويلةً أخرى وقال ف بدايتها‪« :‬وجدتُ ف نسخ ٍة قدي ٍة من‬
‫مؤلّفات أصحابنا زيار ًة لم عليهم السلم فأوردتُها كما وجدتُها»!(‪ ،)1‬أي هي نسخ ٌة لكتابٍ ل‬
‫ُيعْرَف اسم مؤلّفه ول الصادر الت رجع إليها‪ .‬وف هذه الزيارة توجد جلٌ مالفةٌ للقرآن وأكاذيب‬
‫ل أساس لا ول برهان عليها‪ ،‬فمن ذلك أنا تقول ف إطراء الئمّة عليهم السلم‪« :‬وشركاء‬
‫الفرقان» أي شركاء القرآن! هذا مع أنه ليس ل تعال شريك ف اللك ول ف الكم‪ ،‬وهو‬
‫القائل‪(( :‬مَا َلهُ ْم مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِ ّي وَل يُشْ ِركُ فِي ُحكْمِهِ أَحَدًا)) [الكهف‪ ،]26:‬ومشاركته ف اللك‬
‫وف الكم شرك تشمله الية الت يقول فيها ال تعال لنبيه الكري صلى ال عليه وآله وسلم‪:‬‬
‫ك وََلَتكُونَ ّن مِ َن الْخَاسِرِينَ))‬
‫حبَ َط ّن عَمَلُ َ‬
‫ك َوإِلَى الّذِي َن مِنْ َقبْلِكَ َلئِنْ َأشْرَ ْكتَ َليَ ْ‬
‫((وََلقَدْ أُو ِحيَ إَِليْ َ‬
‫[الزمر‪.]65:‬‬
‫وذنب الشرك ل يُغفر‪ ،‬فانظروا كيف يُساق الناس نو أفكار شركية بواسطة زيارات ل‬
‫يُعلم من كاتبها‪ ،‬ول سند لا‪.‬‬

‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪ -97/6‬باب زيارة الئمة بالبقيع عليهم السلم‪ ،‬ص ‪ ،206‬حديث رقم ‪( .8‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 84 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫وجاء ف هذه الزيارة أيضا‪« :‬وحفظة سرّه ومهبط وحيه ومعادن أمره ونيه»! ونسأل‪ :‬هل‬
‫أتى ال تعال بدين سرّيّ؟ أليس هو القائل‪َ(( :‬فقُلْ آ َذْنتُكُ ْم عَلَى َسوَاءٍ)) [النبياء‪ .]109:‬أي‬
‫ص با بعض عباده فقط‪.‬‬
‫أعلمتكم جيعا على حد سواء‪ ،‬فلم يعل بعض مطالب دينه أسرارا اخت ّ‬
‫ث نسأل‪ :‬هل من الائز أن يبقى هذا الس ّر مستورا مفيا أم ل بد من كشفه؟ إذا كان‬
‫الواب هو الول فما علقة الناس بثل هذا الس ّر وما فائدته لم؟ إذن ينبغي عليهم أن ل يكونوا‬
‫فضوليي كما ل يق للنبياء والئمّة أن يفشوا تلك السرار‪ .‬أما إذا كان الطلوب أن تُنقل تلك‬
‫السرار ف الكتب وتُعلّم للناس فلماذا تسمّى أسرارا إذن؟‬
‫والنقطة الثانية أنه ل معن لقوله «ومهبط وحيه» ل ّن الوَ ْحيَ انقطع بوفاة خات النبيي صلى‬
‫ال عليه وآله وسلم‪ ،‬كما أكّد ذلك الئمّة من آله أنفسهم عليهم السلم با ف ذلك المام عليّ‬
‫عليه السلم الذي قال‪َ « :‬فقَفّى ِب ِه ال ّر ُسلَ وخََتمَ ِبهِ اْلوَ ْحيَ»(‪ .)1‬فكلّ من ادّعى الوحيَ بعد النبّ‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم لمام أو لغيه فقد خرج عن أصول السلم‪ ،‬فمهبط الوحي هو رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله وسلم فقط‪.‬‬
‫ص َمكُ ْم من الذنوب»‪ .‬ونسأل‪ :‬إذا كان‬
‫كما تقول الزيارة أيضا‪« :‬واجتباكم للخلفة وَعَ َ‬
‫ال قد اجتباهم للخلفة فلماذا ل يُوفّق أكثرهم للخلفة ولاذا اعتب عليّ عليه السلم ف نج‬
‫البلغة أن اللفة تتم باختيار الهاجرين والنصار‪ ،‬وقال ف رسالته‪« :‬وِإنّمَا الشّورَى لِلْ ُمهَاجِرِينَ‬
‫والنْصَا ِر َفإِنِ اجْتَ َمعُوا عَلَى َرجُلٍ وسَ ّم ْو ُه ِإمَاما كَا َن َذِلكَ ل رِضًا»؟(‪ ،)2‬والهم من ذلك أنه‬
‫عليه السلم أبدى عدم رغبته باللفة وعدم حاجته لا‪ ،‬فهل يكن أن يتب ال تعال المام‬
‫ت لِي فِي الْخِل َفةِ رَغَْبةٌ ول فِي اْلوِلَيةِ‬
‫ل فيُظهر عدم رغبته با ويقول‪« :‬وال مَا كَانَ ْ‬
‫للخلفة فع ً‬
‫إِ ْربَةٌ»(‪ )3‬بدلً من أن ينهض بذا الواجب الذي اختاره ال له؟!‪.‬‬
‫ص َمكُ ْم ِمنَ الذّنُوب» لن أمي الؤمني (ع) ذاته يقول ف إحدى‬
‫كما ل تص ّح عبارة‪« :‬وَعَ َ‬
‫ك ِمنْ ِفعْلِي إِل أَ ْن َي ْكفِيَ ال ِمنْ‬
‫ق أَ ْن أُخْ ِطئَ ول آ َم ُن َذلِ َ‬
‫ت فِي نَ ْفسِي ِب َفوْ ِ‬
‫خطبه‪َ « :‬فإِنّي َلسْ ُ‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة رقم ‪.133‬‬ ‫‪1‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الرسالة رقم ‪.6‬‬ ‫‪2‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة رقم ‪.205‬‬ ‫‪3‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 85 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫َنفْسِي مَا ُهوَ َأمْ َلكُ ِبهِ مِنّي»(‪ .)1‬ويقول ف «دعاء كميل»‪« :‬فتجاوزتُ بعض حدودك وخالفتُ‬
‫بعضَ أوامركَ»‪.‬‬
‫علوة على ذلك إذا قبلنا بعبارة «وَعَصَ َم ُكمُ ال» واعتبنا العصمة من إرادة ال التكوينية‬
‫كانت النتيج ُة أنّ العصوم سيكون مبورا تكوينيا على الطاعة وغي قادر على العصية‪ ،‬فيكون‬
‫بذلك ‪ -‬من هذه الناحية ‪ -‬مثل النباتات وسائر الخلوقات الت ل خيار لا من أمرها ول تستطيع‬
‫ص عليه‬
‫ن منها‪ ،‬وليس ف هذا أي فضل للنسان بل مثل هذا يالف ما ن ّ‬ ‫أن تعصي مراد ال التكوي ّ‬
‫القرآن الكري من أن ال تعال خلق البشر وجعلهم جيعا مُخيّرين وأصحاب إرادة حرّة يتارون‬
‫من خللا الطاعة أو العصيان إمّا شاكرين وإمّا كفورين‪.‬‬
‫أما إرادة التطهي ف سورة الحزاب أي قوله تعال‪ِ(( :‬إنّمَا يُرِيدُ ال ِليُ ْذ ِهبَ َعْنكُمُ الرّ ْج َ‬
‫س‬
‫ل على «العصمة‬ ‫ت َويُ َطهّرَكُ ْم تَ ْطهِيًا)) [الحزاب‪ ،]33:‬والت يعتبها بعضهم ‪-‬خطأً‪ -‬دلي ً‬ ‫َأهْلَ اْلَبيْ ِ‬
‫التكوينية» لهل البيت‪ ،‬فهي ف الواقع إرادة تشريعية للطهارة وليست تكوينية‪ ،‬لذا ند أن ال‬
‫ذكر تكاليف شرعية وأوامر ونواهي قبل آية التطهي هذه وبعدها‪ ،‬وإرادة التطهي الشرعية هذه‬
‫أرادها ال أيضا لميع السلمي كما أرادها لهل بيت رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم فقال‬
‫ج وََلكِ ْن يُرِيدُ ِليُ َطهّرَ ُكمْ)) [الائدة‪.]6:‬‬
‫جعَ َل عََلْيكُ ْم مِنْ َحرَ ٍ‬
‫تعال‪(( :‬مَا يُرِيدُ ال ِليَ ْ‬
‫وجاء ف الزيارة أيضا‪« :‬وفضّ َلكُم بالنوع والنس» أي أنكم [أيها الئمّة] أعلى ف‬
‫جنسكم من سائر البشر‪ ،‬هذا ف حي أن ال تعال يقول‪(( :‬قَاَلتْ َلهُمْ ُرسُُلهُمْ ِإنْ نَحْنُ إِلّا بَشَ ٌر‬
‫ِمثُْلكُمْ)) [إبراهيم‪ ،]11:‬كما يقول‪(( :‬قُلْ ِإنّمَا َأنَا بَشَ ٌر ِمثُْلكُ ْم يُوحَى إَِليّ َأنّمَا إَِل ُهكُمْ إِلَ ٌه وَاحِدٌ))‬
‫[الكهف‪ ،]110:‬فرسول ال صلى ال عليه وآله وسلم من حيث بشريّته إنسانٌ كسائر البشر من‬
‫جنسهم عينه ونوعهم ذاته‪ ،‬ول يتاز من هذه الناحية على الخرين‪ ،‬وإنا يتاز بالوحي الذي أوحاه‬
‫ال إليه [والرسالة الاتة الت بُعث با ومقام الصطفاء على العالي]‪.‬‬
‫هذه الزيارة إذن تتضمن جل باطلة وخرافات كثية‪ .‬من ذلك أنه جاء فيها‪« :‬وأودعكم‬
‫علم النايا والبليا ومكنون الفايا ومعال التنيل ومفاصل التأويل ومواريث النبياء كتابوت‬
‫الكمة وشعار الليل ومنسأة الكليم وسابغة داود وخات اللك وفضل الصطفى وسيف‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة رقم ‪.216‬‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 86 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الرتضى‪ »...‬فجعل سيف الرتضى رديفا لواريث النبياء‪ ،‬ول ندري ربا كان واضع الزيارة من‬
‫الغلة الذين يريدون أن يعلوا عليا (ع) ف عداد النبياء‪ .‬وهنا ذُكرت ف الزيارة ألفاظ مفصّلة ف‬
‫ي إمام‪ .‬وهنا نتذكر أنه عندما‬
‫الطراء والثناء والدائح البالغ با ما نى ال عنه وما ل يرضى به أ ّ‬
‫أثن أحد أصحاب أمي الؤمني (ع) عليه ف صفي ناه المام عن ذلك وقال له‪« :‬إِ ّن ِم ْن حَ ّق َمنْ‬
‫ص ُغرَ عِ ْن َدهُ ِلعِ َظمِ ذَِلكَ ُك ّل مَا‬
‫ضعُ ُه ِمنْ قَلِْب ِه أَ ْن يَ ْ‬
‫عَ ُظ َم جَللُ ال سُبْحَاَن ُه فِي َن ْفسِ ِه وجَ ّل َموْ ِ‬
‫ح ْمدِ‬
‫ت بِ َ‬
‫ع الثّنَا ِء ولَسْ ُ‬
‫ب ال ْطرَا َء واسْتِمَا َ‬
‫ت أَ ْن َيكُو َن جَا َل فِي ظَّنكُ ْم َأنّي أُحِ ّ‬
‫سِوَاهُ‪ ...‬و َقدْ َك ِرهْ ُ‬
‫ال َك َذلِكَ‪ .)1(»...‬وبالطبع كان جيع الئمة عليهم السلم كذلك‪.‬‬
‫والعجب أن الحدّثي ينتظرون أن يعمل الناسُ بثل هذه الزيارات الفاضحة ويثّونم على‬
‫قراءتا ف أيام مصوصة وقد أحصى بعضهم أن اليام الخصوصة تشكّل خس السنة! وقد جع‬
‫الجلسيّ ف «البحار» كل زيارة كتبها كل عال حسب ذوقه‪ ،‬مع أن أهل التحقيق يعلمون أن‬
‫جيع أذون الدخول الذكورة ف الزيارات ل سند صحيح لا‪.‬‬
‫وينقل الجلسيّ عن كتاب «كامل الزيارة» لبن قولويه زيارةً لمزة رضي ال عنه‬
‫وإبراهيم ابن النبّ صلى ال عليه وآله وسلم ليس لا سند! ويروي ف ذلك الوضع عن راوٍ كذاب‬
‫ت َأنَا و َرسُولُ ال‬ ‫اسه «سهل بن زياد»(‪ )2‬رواي ًة تَنْ ِ‬
‫سبُ إل أمي الؤمني عل ّي (ع) أنه قال‪« :‬كُ ْن ُ‬
‫جرِي ُث ّم َخفَ َق حَتّى َغطّ‬
‫صلى ال عليه وآله قَا ِعدَْينِ ف مسجد الفضيخ ِإ ْذ وَضَعَ َرأْ َسهُ فِي حَ ْ‬
‫خذِي َفأَكُو َن َقدْ آ َذيْتُ َرسُولَ ال صلى‬
‫ت أَ ْن ُأحَرّكَ َرْأ َسهُ َعنْ فَ ِ‬
‫صرِ َف َكرِهْ ُ‬
‫ض َرتْ صَلَاةُ اْلعَ ْ‬
‫وحَ َ‬
‫ت فَانْتَبَهَ َرسُولُ ال صلى ال عليه وآله َفقَالَ‪ :‬يَا عَ ِليّ‬
‫ت وفَاتَ ْ‬
‫ب الْ َوقْ ُ‬
‫ال عليه وآله حَتّى َذهَ َ‬
‫صَلّيْتَ؟ قُلْتُ‪ :‬لَا‪ .‬قَالَ‪ :‬وِلمَ َذِلكَ؟ قُلْتُ‪َ :‬ك ِرهْتُ أَ ْن أُو ِذيَكَ‪ .‬قَالَ‪َ :‬فقَا َم واسَْتقَْبلَ اْلقِبْ َلةَ و َمدّ‬
‫س ِإلَى َوقْتِ‬
‫ت الشّمْ ُ‬
‫س ِإلَى َوقْتِهَا حَتّى يُصَ ّليَ عَ ِليّ َف َرجَعَ ِ‬
‫َيدَْيهِ كِلْتَ ْيهِمَا وقَالَ‪ :‬اللهمّ ُر ّد الشّمْ َ‬
‫ض الْ َكوْكَبِ»(‪.)3‬‬
‫ص َر ُثمّ اْنقَضّتْ اْنقِضَا َ‬
‫ت الْعَ ْ‬
‫الصّلَا ِة حَتّى صَلّيْ ُ‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة رقم ‪.216‬‬ ‫‪1‬‬

‫() قال الش يخ الطو سي ف الفهر ست وال ستبصار ع نه‪(( :‬ضع يف جدا ع ند نقّاد الخبار))‪ .‬وقال ا بن الغضائري ع نه‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫((سهل بن زياد أبو سعيد الدمي الرازي‪ ،‬كان ضعيفا جدا فاسد الرواية والدين‪ ...‬يروي الراسيل ويعتمد الجاهيل))‪.‬‬
‫() الفروع من الكاف‪( ،‬ج ‪/1‬ص ‪ ،)319‬وحديث ردت الشمس على علي بن أب طالب رواه بعض أهل السنة أيضا‬ ‫‪3‬‬

‫ولّص العجلو ن ما جاء ف ذلك ف كتا به «ك شف الفاء» فقال‪ (( :‬قال المام أح د ل أ صل له وقال ا بن الوزي‬
‫موضوع‪ ،‬لكن خ ّطؤُوه‪ ،‬ومن ث قال السيوطي‪ :‬أخرجه ابن مندة وابن شاهي عن أساء بنت عميس وابن مردويه عن أب‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 87 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫لقد أراد هذا الراوي أن يتلق معجزة للمام ولكنه ل ينتبه إل أنه بذه الرواية الوضوعة نزّل‬
‫من مقام عليّ عليه السلم وإخلصه إل درجة أدن من مرتبة مسلم عادي‪ ،‬لنه نسب إل حضرة‬
‫المي سلم ال عليه أنه ترك صلةً مفروضةً أي ارتكب حراما لجل أن ل يوقظ رسول ال صلى‬
‫ب السلم عظيم الشأن‬ ‫ال عليه وآله وسلم‪ ،‬فهل يظنّ أيّ مسلم ‪-‬مهما كان ضعيف اليان‪ -‬بن ّ‬
‫الباذل ذاته ف سبيل ال أنه ‪-‬عليه آلف التحية والثناء‪ -‬يرضى أن يصلّي إحدى الصلوات‬
‫الفروضة قضاءً حت ل يوقظه أحد من قيلولة العصر كما ادّعى ذلك الراوي الاهل؟! بكلّ تأكيد‬
‫كان عليّ عليه السلم ‪ -‬با له من معرفة بأحوال النبّ صلى ال عليه وآله وسلم ‪ -‬يعلم أكثر من‬
‫أي أحد آخر أن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم يزعجه ويزنه أن تفوته صلة العصر‪ ،‬وبكلّ‬
‫تأكيد ل يكن عليّ عليه السلم ليتكب معصية ترك الصلة الستوجبة لزن النبّ وانزعاجه‪،‬‬
‫ومتصر الكلم إنه من الحال أن يرتكب عليّ عليه السلم عملً يسخط ال ورسولَهُ‪ ،‬فكيف يكن‬
‫أن يعيد ال تعال الشمس لن ارتكب معصيةِ تركِ فريضةٍ عامدا؟‬
‫أضف إل ذلك أنه ل يكن العودة بالزمان إل الوراء فإذا غربت الشمس وانقضى وقت‬
‫العصر‪ ،‬فإن هذا الزمن لن يعود ثانيةً حت ولو أُعيدت الشمس مددا إل الظهور بعد غروبا لن‬
‫الوقت الذي انقضى قد انقضى ول يكن إحياؤه من جديد‪ ،‬غاية ما ف المر أن رجوع الشمس‬
‫ينشئ زمنا جديدا غي الزمن السابق‪ .‬وأساسا‪ ،‬لو كان واجب عليّ ف ذلك الظرف ترك الصلة‪،‬‬
‫لا كان هناك من داعٍ لعادة الشمس‪ ،‬وبالتال فإن الراوي الوضّاع ل يكن يدري ما يقول!‬
‫والطريف ف الوضوع أن أحدا على وجه الرض ل يشعر بعودة الشمس للظهور بعد غروبا‬
‫سوى «سهل بن زياد» ذلك الراوي الغال الكذّاب؟! (هذا بعزل عن أن عبارة «عودة الشمس»‬
‫خطأ علمي لن الرض هي الت تدور حول الشمس‪ ،‬لذا ينبغي أن يُقال «عودة الرض»)‪.‬‬
‫ث هل تتفق هذه الرواية مع القرآن الكري؟‬
‫س وَاْلقَ َمرَ دَاِئبَيْنِ)) [إبراهيم‪ ،]33:‬ويقول أيضا‪:‬‬ ‫يقول ال تعال‪َ (( :‬وسَخّرَ َلكُمُ الشّ ْم َ‬
‫ك َتقْدِي ُر اْلعَزِي ِز اْلعَلِيمِ * وَاْلقَمَرَ قَدّ ْرنَا ُه َمنَازِلَ َحتّى عَادَ‬
‫سَتقَرّ َلهَا ذَلِ َ‬
‫((وَالشّ ْمسُ َتجْرِي لِمُ ْ‬

‫هريرة وإ سنادها حسن‪ ،‬و صححه الطحاوي والقا ضي عياض‪ ...‬وأقول ف عمدة القاري للعي ن‪ ،‬كف تح الباري للحافظ‬
‫ابن حجر‪ ،‬أن الطبان والاكم والبيهقي ف الدلئل أخرجوه عن أساء بنت عميس)) انتهى باختصار من كشف الفاء‪.‬‬
‫(الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 88 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫س َينَْبغِي َلهَا َأنْ تُ ْد ِركَ اْلقَمَرَ وَل الّليْ ُل سَابِ ُق الّنهَارِ وَكُلّ فِي َفلَ ٍ‬
‫ك‬ ‫كَاْلعُرْجُونِ الْقَ ِديِ * ل الشّ ْم ُ‬
‫سبَحُونَ)) [يس‪]40-38:‬؛ وعليه فال تعال خلق للشمس نظاما زمنيا ومكانيا خاصا تسي عليه‪،‬‬ ‫يَ ْ‬
‫وسخّر الشمس والقمر لصلحة عباده وجعلهما يدوران بنظام خاص وحسبان دقيق‪ ،‬فإذا ترك‬
‫كل كوكب من مكانه أو اختلّ دورانه لختلّ نظام الكون وتغيّر وضع العال‪ ،‬وهذا طبعا ما يعلمه‬
‫جيع أهل العلم‪.‬‬
‫وليت شعري هل يكننا أن نكي هذه القصة لعلماء الفيزياء والفلك ف القرن العشرين؟!‬
‫أجل‪ ،‬لقد قام الوضّاعون‪ ،‬على قدر ما استطاعوا‪ ،‬بوضع متون زيارات مليئة بالطراء‬
‫وعبارات الثناء والتمجيد الفرط ودوّنوا ف ذلك كتبا‪ .‬من ذلك أنم أوردوا مثلً ف مت زيارة‬
‫إبراهيم بن النبّ صلى ال عليه وآله وسلم الذي تُوفّ َي وهو ابن ‪ 18‬شهرا فقط عبارات فيها طلب‬
‫الشفاعة منه؟! فلعلّ واضع تلك الزيارة تصوّر أن الطفل ابن السنتي سيكون رقيق القلب يكن‬
‫خداعه بسهولة لذا سيُس ّر بالستماع إل عبارات زيارته الليئة بالديح والطراء فيشفع لزائره‬
‫ويصبح وسيلة لغفران ذنوبه وسعادته! أو أوردوا ف زيارة حزة‪« :‬راغبا إليك ف الشفاعة أبتغي‬
‫بزيارتك خلص نفسي متعوّذا بك من نارٍ استحقّها مثلي با جنيت على نفسي‪ ،‬هاربا من‬
‫ذنوب الت احتطبتها على ظهري‪ ،‬فزعا إليك رجاء رحة رب‪ ،‬أتيتك من ش ّقةٍ بعيد ٍة طالبا فكاك‬
‫رقبت من النار»!‪.‬‬
‫هذه المل مالفة تاما لمر ال وأحكام شريعته‪ ،‬لن القرآن الكري أمرنا أن ل نلجأ إل إل‬
‫ال وأن ل نستعي إل بال وعلّمنا أن الشفاعة ليست حسب رغبتنا وأنا منحصرة بيد ال وأننا إذا‬
‫تمّلنا أوزارا ثقيلة من الذنوب على ظهورنا فل ينقذنا من تبعاتا شيء سوى التوبة النصوح‪ .‬إن‬
‫تبتم غفر ال ذنوبكم‪ ،‬ول ينبغي عليكم أن تُطِْلعُوا أحدا على ذنوبكم ول يقّ لي أحد أن يتتبع‬
‫ذنوب الخرين ويتجسس عليهم ويطّلع على زلّاتم‪ .‬ولكن هذا السكي الاهل ترك أحكام ال‬
‫وتعاليمه وتعاليم كتابه وآياته وذهب يطلب فكاك رقبته من النار بشفاعة حضرة حزة ‪-‬رضي ال‬
‫عنه‪ -‬وظنّ أن هذا المر بيده‪ .‬ال تعال قال للمذنب أنا معك ف جيع الحوال‪ ،‬عليمٌ بأعمالك‬
‫وخبيٌ بذنوبك وقاد ٌر على نفعك وضرّك‪ ،‬ولكن هذا الاهل غفل عن آيات ال وذهب يقطع‬
‫مسافات بعيدة حت وجد حضرة حزة رضي ال عنه ول يدرِ أنه ل علم له با ف الدنيا بل هو‬
‫سعيد منعّم يُرزق ف دار السلم ول يعد له أي صلة ول أي شغل بالذنبي الطّائي‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 89 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫لقد أمر ال تعال رسوله الكري صلى ال عليه وآله وسلم أن يلجأ إليه فقال‪(( :‬وَقُلْ رَبّ‬
‫حضُرُونِ)) [الؤمنون‪ ،]98-97:‬وقال له‬ ‫شيَاطِيِ * َوَأعُوذُ بِكَ رَبّ أَ ْن يَ ْ‬
‫ك مِ ْن هَ َمزَاتِ ال ّ‬
‫َأعُو ُذ بِ َ‬
‫كذلك‪(( :‬فَا ْستَعِ ْذ بِال ِإنّهُ سَمِي ٌع عَلِيمٌ)) [العراف‪ ،]200:‬وقال أيضا‪(( :‬قُلْ ِإنّمَا أَ ْدعُو َربّي وَل‬
‫ُأشْ ِركُ بِهِ أَ َحدًا * قُلْ ِإنّي ل َأمْلِكُ َلكُمْ ضَرّا وَل َرشَدًا * قُلْ ِإنّي لَ ْن يُجِ َينِي مِنَ ال أَ َح ٌد وَلَنْ أَجِدَ‬
‫حدًا)) [الن‪ ،]22-20:‬وكان رسول ال يدعو ربه قائلً‪« :‬إلـهي ل مفزع ول مفرّ‬
‫مِنْ دُونِ ِه مُ ْلتَ َ‬
‫إل إليك»‪ ،‬فلحظوا كم ذكروا ف تلك الزيارات من مطالب مالفة للقرآن!‬
‫ب الوائج عنده»! ولكن‬
‫كذلك نقرأ ف زيارة حضرة حزة رضي ال عنه‪« :‬ألْـهَمَنِي طَلَ َ‬
‫الواقع أن ال ل يلهمه ذلك بل الشيطان هو الذي ألمه أن يطلب الوائج عند غي ال!! وقارنوا‬
‫ذلك بالدعاء الصحيح الروي عن المام السجّاد عليه السلم الذي يقول فيه مناجيا ربّه‪« :‬المدُ‬
‫ل الذي أغلق عنا باب الاجة»(‪ ،)1‬ويقول كذلك‪« :‬ل أطلب الفرج إل منك»(‪.)2‬‬
‫أجل‪ ،‬إن ما ذكره الُرَاِفيّون من أعمال وزيارات للقبور ليس له أي مستند ف الشرع‪،‬‬
‫ويقول الجلسيّ‪« :‬ل أدرِي لاذا ل يذكر العلماء ف كتبهم زيارة أب طالب وعبد الطلب وزيارة‬
‫عبد مناف(‪ )3‬والسيدة خدية مع أن قبورهم معروفة ف مكّة»!!‬
‫والواب واضح أنه ل يوجد أي مستند لذلك أو أن وضّاعي الزيارات ل يدوا الوقت‬
‫الكاف لصنع زيارات لم!!‪ ،‬وليت شعري هل يب أن نصنع نص زيارة لكل قب معروف؟! نمد‬
‫ال أنم ل يدوّنوا لم زيارات وإل لوجب أن يدوّنوا زيارات لب ذرّ وسلمان و‪ ...‬و‪ ...‬رضي‬
‫ال عنهم وكذلك لئة وأربعة وعشرين ألف نب وأولدهم وللسيدة آمنة وعبد ال والديّ نب‬
‫السلم ولضرة جعفر والقداد وعمّار وابن مسعود ومالك الشتر وآلف الصالي غيهم!‬
‫ث يقول الجلسيّ‪ :‬صلّ ف الدينة ف بيت زين العابدين وبيت المام الصادق‪ .‬ويبدو أن‬
‫الجلسيّ ل يكن يعلم أن بيوتم قد تدّمت منذ قرون وانتقلت تلك الراضي إل آخرين ول تعد‬
‫حدودها معلومة‪.‬‬

‫() الصحيفة السجادية‪ ،‬الباب الوّل‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() مفاتيح النان‪ ،‬أواخر دعاء «أب حزة الثمال»‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() نلفت نظر القارئ الكري إل أن «عبد مناف» ل يكن مسلما‪ ،‬ورغم ذلك فحضرة الجلسي يتعجّب من عدم وجود‬ ‫‪3‬‬

‫زيارة له ف الكتب؟!!‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 90 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫روايات باب «فضل النجف وماء الفرات» الليئة بالكاذيب‬


‫‪ -1‬روى الجلسيّ ف «البحار» [نقلً عن علل الشرائع] عن الدقاق‪ ،‬عن السدي‪ ،‬عن‬
‫النخعي‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن البطائن عن أب بصي‪ ،‬عن أب عبد ال عليه السلم قال‪« :‬إن النجف‬
‫كان جبلً‪ ،‬وهو الذي قال ابن نوح‪(( :‬سَآوِي ِإلَى جََبلٍ َيعْصِمُنِي ِمنَ الَاء)) ول يكن على وجه‬
‫صمُ بكَ منّي؟ فتقطّ َع قطعا إل‬
‫الرض جب ٌل أعظم منه‪ ،‬فأوحى ال عز وجل إليه‪ :‬يا جبل أيعْتَ ِ‬
‫ل دقيقا‪.)1(»...‬‬
‫بلد الشام وصار رم ً‬
‫ونسأل‪ :‬وهل عصى البلُ ربّه إذا لأ إليه مرم؟ وما تقصي البل ف ذلك؟ إذا كان المر‬
‫هكذا فيجب أن تتحول جيع البال إل رمل دقيق خشية من ال [لا يقع عليها من معاصي‬
‫العباد]!‬
‫‪ -2‬وروى الجلسيّ ف «البحار» [نقلً عن علل الشرائع للشيخ الصدوق بسنده عن أب‬
‫الارود رفعه إل عليّ صلوات ال عليه] قال‪« :‬إن إبراهيم (ع) م ّر بـ«بانقيا» فكان يزلزل با‪،‬‬
‫فبات با فأصبح القوم ول يزلزل بم‪ ،‬فقالوا‪ :‬ما هذا وليس حدث؟ قالوا‪ :‬نزل هيهنا شيخٌ‬
‫ومعه غلمٌ له‪ ،‬قال‪ :‬فأتوه فقالوا له‪ :‬يا هذا إنه كان يزلزل بنا كل ليلة ول يزلزل بنا هذه الليلة‬
‫ت عندنا‪ ،‬فبات ول يزلزل بم‪ ،‬فقالوا‪ :‬أقم عندنا ونن نري عليك ما أحببت‪ .‬قال‪:‬‬
‫فبِ ْ‬
‫ل ولكن تبيعون هذا الظهر ول يزلزل بكم‪ .‬قالوا‪ :‬فهو لك‪ .‬قال‪ :‬ل آخذه إل بالشرى‪ .‬قالوا‪:‬‬
‫فخذه با شئت‪ .‬فاشتراه بسبع نعاج وأربعة أحرة فلذلك سي بانقيا‪ ،‬لن النعاج بالنبطية نقيا‪.‬‬
‫قال‪ :‬فقال له غلمه‪ :‬يا خليل الرحن ما تصنع بذا الظهر ليس فيه زرع ول ضرع؟ فقال له‪:‬‬
‫اسكت فإن ال ع ّز وَجلّ يشر من هذا الظهر سبعي ألفا يدخلون النّة بغي حساب يشفع‬
‫الرجل منهم لكذا وكذا»(‪.)2‬‬
‫ينبغي أن نعلم أنه لن يدخل أحد النّة دون حساب وسؤال حت النبياء والولياء كما قال‬
‫سأَلَنّ الْ ُم ْرسَلِيَ)) [العراف‪ .]6:‬فأهل النجف إذن سيُسألون‬
‫سأَلَ ّن الّذِينَ أُ ْرسِلَ إِلَْيهِ ْم وََلنَ ْ‬
‫تعال‪(( :‬فََلنَ ْ‬

‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪ -97/7‬باب فضل النجف وماء الفرات‪ ،‬ص ‪ ،226‬حديث رقم ‪( .1‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() الصدر السابق‪ ،‬ص ‪ ،227-226‬حديث رقم ‪( .2‬الترجم)‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 91 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫أيضا عن أعمالم كسائر الناس‪ ،‬ول يكن إعفاؤهم من السؤولية بثل هذه الحاديث‪.‬‬
‫‪ -3‬وروى الجلس ّي أيضا ف «البحار» [نقلً عن كامل الزيارة لبن قولويه بسنده عن‬
‫حنان بن سدير] قال‪« :‬دخل رج ٌل من أهل الكوفة على أب جعفر عليه السلم فقال عليه السلم‬
‫له‪ :‬أتغتسل من فراتكم ف كل يوم مرّة؟ قال‪ :‬ل‪ .‬قال‪ :‬ففي كل جعة؟ قال‪ :‬ل‪ .‬قال‪ :‬ففي كل‬
‫شهر؟ قال‪ :‬ل‪ .‬قال‪ :‬ففي كل سنة؟ قال‪ :‬ل‪ .‬قال‪ :‬فقال له أبو جعفر عليه السلم‪ :‬إنك لحروم‬
‫من الي»(‪.)1‬‬
‫‪ -4‬وروى الجلسيّ ف «البحار» كذلك [نقلً عن كامل الزيارة بسنده] عن عليّ عليه‬
‫السلم قال‪« :‬الاء سيد شراب الدنيا والخرة وأربعة أنار ف الدنيا من النة الفرات والنيل‬
‫وسيحان وجيحان‪ :‬الفرات الاء‪ ،‬والنيل العسل وسيحان المر‪ ،‬وجيحان اللب»!!(‪ .)2‬قلت‪:‬‬
‫إذن ل فضل لهل النّة علينا لن تلك النار الربعة الت ذكرت ف سورة «ممد» صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم قد أعطاها ال ‪ -‬حسب هذه الرواية ‪ -‬لهل الدنيا أيضا!‬
‫‪ -5‬وروى ف هذا الباب عن المام الصادق عليه السلم أنه قال‪..« :‬نران مؤمنان‪ :‬نيل‬
‫مصر والفرات(‪ .....)3‬وإن نر الفرات من شيعة عليّ عليه السلم!! (‪ .)»4‬قلت‪ :‬لع ّل بقية النار‬
‫جيعا من أهل السنّة‪ ،‬أو غي مسلمة!!‬
‫ث روى أيضا ف الباب ذاته [نقلً عن كتاب «فرحة الغَرِيّ»]‪« :‬أربع بقاع ضجّت إل ال‬
‫أيام الطوفان‪ :‬البيت العمور فرفعه ال‪ ،‬والغري وكربل وطوس»(‪ .)5‬فليت شعري لاذا ل تضجّ‬
‫مكة والدينة؟؟ وكذلك إذا رفع ال الغَريّ (النجف) وكربلء وطوس ‪-‬كما رف َع البيت العمور ‪-‬‬
‫فلماذا ل تزال النجف وكربلء وطوس موجودة على الرض؟!‬
‫‪ -6‬وادّعى الجلسيّ أن "من خواص تربة النجف إسقاط عذاب القب وترك ماسبة منكر‬
‫ونكي للمدفون هناك"!! والدليل الحكم الذي ساقه الجلسيّ على هذا المر هو الحلم الت‬

‫() الصدر السابق‪ ،‬ص ‪ ،226‬حديث رقم ‪( .4‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() الصدر السابق‪ ،‬ص ‪ ،227-226‬حديث رقم ‪( .5‬الترجم)‬ ‫‪2‬‬

‫() الصدر السابق‪ ،‬ص ‪ ،230‬حديث رقم ‪( .20‬الترجم)‬ ‫‪3‬‬

‫() الصدر السابق‪ ،‬ص ‪ ،230‬حديث رقم ‪( .18‬الترجم)‬ ‫‪4‬‬

‫() الصدر السابق‪ ،‬ص ‪ ،331‬حديث رقم ‪( .22‬الترجم)‬ ‫‪5‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 92 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫رآها بعضهم!! ومن هذا يتبيّن أن أحد الدلة الت يستند إليها الجلسيّ النامات والحلم!! فقد‬
‫روى الجلس ّي أنه‪« :‬وذكر بعضهم أن معهم جنازة فأدخلوها وجعلوها على الصفة الت تاه‬
‫«مسلم بن عقيل» عليه السلم‪ .‬ث إن أحدهم نعس فرأى ف منامه قائلً يقول لخر‪ :‬ما تبصره‬
‫حت نبصر هل لنا معه حساب؟ وينبغي أن نأخذه منه عجلً قبل أن يتعدّى الرصافة فما يبقى لنا‬
‫معه طريق [يعن ينبغي أن ناسبه بسرعة قبل أن يصل إل ح ّد النجف لننا لن نستطيع ماسبته‬
‫عندئذ!!] فانتبه وحكى لم النام فقال‪ :‬خذوه عجلً فأخذوه ومضوا به ف الال إل الشهد‬
‫الشريف [أي ف النجف]»!!(‪ )1‬وينبغي أن نقول ‪ -‬والعياذ بال ‪ -‬يبدو أن ال تعال أرسل‬
‫مأمورين عديي الكفاية سحوا لبعض العباد أن يفرّوا من الحاسبة على أعمالم! نعم مثل هذا الله‬
‫مناسب لكتاب مثل «البحار»!!! أما ربّ القرآن الكري فهو غي ذلك‪ ،‬وهو يقول‪(( :‬مَ ْن َيعْمَلْ‬
‫ج َز بِ ِه وَل يَجِدْ لَ ُه مِنْ دُونِ ال وَِليّا وَل نَصِيا)) [النساء‪.]123:‬‬
‫سُوءا يُ ْ‬
‫وأقول‪ :‬ف نظام الله القيقي ليس للعباد من المر شيء ول يكن لحد أن يفرّ من حكومته‬
‫وجزائه‪ .‬ولكن مع السف الشديد فإن قرّاء مراثي العزاء لدينا ل شغل لم بالقرآن الكري‪ ،‬بل‬
‫شغلهم بالحلم والنامات الت ينقلها الجلسيّ لنا أكثر نفعا لدكاكينهم!!‬
‫‪ -7‬وأراد الجلسيّ ف الباب الثان من هذا القسم ذاته أن يُثبت حسب ظنّه ‪-‬استنادا إل‬
‫الحلم والكرامات وروايات الغلة‪ -‬أن مكان دفن أمي الؤمني (ع) ‪-‬الذي كان مهولً حت‬
‫قرني بعد وفاته‪ -‬ف النجف! ول عجب من إصراره على هذا المر لنه لو ل يُعلَم موضع مدفن‬
‫المام لعُطّلَت ك ّل تلك الوقوفات والنذورات ولا بقي سبب لتلك البوابات الذهّبة والقباب‬
‫والنارات الذهبية والواهر والقصور الكثية!! ولكسد سوق الكثيين!‬
‫يقول أحد العلماء العاصرين وهو آية ال «الالصي»‪ :‬ذهبتُ إل النجف ورأيتُ النارات‬
‫والقباب الذهبية والبواب والبنية الصنوعة من الذهب والفضة والواهر الثمينة وقلتُ ف نفسي‪:‬‬
‫يا أمي الؤمني! لقد كنتَ ف حياتك تنام على التراب حت خاطبك رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم بأب تراب‪ ،‬وبينا أنا غارق بأفكاري إذا برائحة تعفّن تعمّ الكان فجأ ًة وتبيّن أن هناك‬
‫جثمانا متعفّنا قد أُت به من مكان بعيد ليُطاف به حول القب‪ ،‬مع أن مثل هذا العمل بدعة وقد‬
‫نى رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم والئمّة الطهار عليهم السلم عن الطواف بقب‪ ،‬كما ل‬

‫() الصدر السابق‪ ،‬ص ‪( .233‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 93 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫يبّذ شرع السلم حل النازة من مدينة إل أخرى‪ ،‬ولكن القائمي على أمور الدين ل يقومون‬
‫بتوعية الناس حول هذه السائل (وذلك لكي تُباع القبور ف مدن مثل النجف ومشهد وقم و‪...‬‬
‫بأسعار باهظة جدا!) فقلتُ للخدّام‪ :‬لاذا تَ َدعُونم يلوّثون جوّ الرم بثل هذه الروائح‪ ،‬أليس لذه‬
‫الدينة مركزٌ صحيّ؟ فقالوا‪ :‬أيها الشيخ! أل تعلم أنم يصنعون من خشب تلك التوابيت التعفّنة‬
‫ذاتا والليئة بالراثيم سحّارات يلؤونا من التمر ويرسلونا إل نواحي البلد!!‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 94 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الروايات ف باب فضل زيارة قب أمي الؤمني عليّ عليه السلم‬


‫روى الجلسيّ والشيخ الفي ُد وابن قولويه و‪ ......‬أنه «ما خلق ال خلقا أكثر من اللئكة‬
‫وإنه لينل كل يوم سبعون ألف ملك فيأتون البيت العمور فيطوفون به‪ ،‬فإذا هم طافوا به‬
‫نزلوا فطافوا بالكعبة‪ ،‬فإذا طافوا با أتوا قب النبّ (صَلّى ال عَلَيه وَآِلهِ) فسلّموا عليه‪ ،‬ث أتوا‬
‫قب أمي الؤمني عليه السلم فسلّموا عليه‪ ،‬ث أتوا قب السي عليه السلم فسلّموا عليه‪ ،‬ث‬
‫عرجوا‪ ،‬وينل مثلهم أبدا إل يوم القيامة‪.)1(!!».‬‬
‫قلتُ‪ :‬ف رأي كاتب هذه السطور لقد أراد واضع هذا الديث أن يرّض الناس على‬
‫الذهاب كل يوم آلفا آلفا لزيارة تلك القبور!‬
‫و روى أيضا ف الباب ذاته أنه‪« :‬من زار أمي الؤمني عارفا بقه غي متجب ول متكب‬
‫كتب ال له أجر مائة ألف شهيد»!! هذا ف حي أن المام ذاته استُشهد مرة واحدة فكان له‬
‫شهِ َد ِمنَ‬
‫شهِ َد َمنِ اسُْت ْ‬
‫ث اسُْت ْ‬
‫أجر شهيد واحد‪ .‬وقد قال عليّ عليه السلم‪« :‬يَوْ َم ُأ ُحدٍ حَيْ ُ‬
‫شرْ‬
‫شقّ َذِلكَ عَ َليّ فقال ل النبّ صلى ال عليه وآله وسلم‪«:‬أَْب ِ‬
‫شهَا َد ُة َف َ‬
‫ي وحِي َزتْ عَنّي ال ّ‬
‫الُسْلِ ِم َ‬
‫شهَدَاءِ»(‪ ،)3‬فلو قبلنا‬ ‫شهَا َد َة ِمنْ وَرَائِك»)(‪ .)2‬وقال عليه السلم أيضا‪َ« :‬ن ْ‬
‫سأَلُ ال مَنَا ِزلَ ال ّ‬ ‫َفإِنّ ال ّ‬
‫بتلك الرواية لصبح ثواب الزائر أكثر من ثواب الزور‪ ،‬فتلك الرواية خفّضت من مقام الشهيد مع‬
‫أن ال تعال جعل للشهيد مقاما رفيعا جدا وجعله إل جانب النبياء والصديقي كما قال‬
‫شهَدَاءِ وَالصّالِحِيَ)) [النساء‪:‬‬
‫ي وَال ّ‬
‫ي وَالصّدّيقِ َ‬
‫سبحانه‪َ(( :‬فُأوَْلئِكَ مَ َع الّذِينَ َأْنعَ َم ال عََلْيهِ ْم مِ َن النِّبيّ َ‬
‫‪ .]69‬ولا كان المام عليّ عليه السلم حيا ل يقل أحد أن ثواب زيارته هو ثواب شهيد واحد‬
‫ولو قال أحدهم مثل ذلك لستُهزأ به وقيل له لاذا تضيف على السلم شيئا من عندك‪ ،‬ولكنّ‬
‫وضّاعي الديث ف القرون التالية لفّقوا ما شاؤوا من الروايات!‬
‫وقد جاء ف رواية موضوعة أخرى أن لزائر أمي الؤمني (ع) ف كل خطوة يطوها ثواب‬
‫حجة وعمرة مقبولة‪ .‬وبناء على هذه الرواية الكذوبة يكون ثواب الزائر أكثر من ثواب مئة ألف‬
‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪ -97/3‬فضل زيارته صلوات ال عليه والصلة عنده‪ ،‬ص ‪ ،257‬ح ‪( .1‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة رقم ‪.156‬‬ ‫‪2‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة رقم ‪.23‬‬ ‫‪3‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 95 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫حج هذا ف حي أن المام ذاته ربا ل يج أكثر من عشر حجات!‬


‫إذا قبلنا بذه الروايات ل يبق هناك أي لزوم لتحمّل مشاقّ الهاد أو الذهاب إل الج إذ‬
‫يكفي بدلً من ذلك أن يقوم النسان بزيارة قبور الئمة مرة واحدة!! يعن أنه ف الواقع يصبح‬
‫القب ‪ -‬حسب تلك الروايات‪ -‬أكثر أهية من الكعبة! وهذا هو هدف الشيطان والستعمار بعينه‪،‬‬
‫لن الكعبة ملّ وحدة السلمي‪ ،‬أما القبور فموجبة لتفرّقهم وتشتّتهم‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 96 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫باب زيارات أمي الؤمني الطلقة (الت ل تتصّ بوقتٍ من الوقات)‬


‫كما قلنا لقد ملؤوا ف أبواب الزيارة مئات الصفحات من الدح والطراء والثناء والتمجيد‬
‫وآداب الزيارات الت تتاج إل أناس عاطلي عن العمل كي يقرؤوا كل تلك الزيارات ف الليل‬
‫والنهار فل يتمكّنوا من القيام بشيء آخر‪.‬‬
‫وقد ورد ف بعض تلك الزيارات خطاب لمي الؤمني‪« :‬يا أمي ال ف أرضه»‪ ،‬هذا مع أن‬
‫ع َث ّم أَمِيٍ)) (التكوير‪ )21:‬فل‬
‫ال تعال اعتب «جبيل» عليه السلم أمي وحيه وقال‪(( :‬مُطَا ٍ‬
‫ندري بأي شيء كان المام أمي ال‪ ،‬هل كان أمينه على حفظ دينه وعدم إعطائه لحد أم على‬
‫شيء آخر؟ ث جاء ف الزيارة‪« :‬وحجته على عباده» أي أن الئمة «عليهم السلم» حجة ال‬
‫على عباده‪ ،‬ولكن كما بيّنا سابقا فإن القرآن الكري ينفي وجود حجة بعد الرسل (سورة النساء‪:‬‬
‫الية ‪ .)165‬وهنا نريد أن نعلم هل الئمة عليهم السلم حجة على أهل زمانم أم على من جاء‬
‫بعدهم بئات السني ول يرهم؟ إن قيل إنم حجة على من بعدهم فإن هذا سيخلق مشاكل لن‬
‫تُحلّ‪ ،‬لن الخبار والثار النسوبة إليهم مليئة بالتناقضات الباطلة خلفا للقرآن الكري‪ ،‬فهل يكن‬
‫للحجّة أن تتضمن تناقضات؟‬
‫وكذلك جاء ف تلك الزيارة الطلقة لمي الؤمني عليه السلم‪« :‬أنت أول مظلوم» فهل‬
‫يكن التصديق بأنه ل يظلم أحد على الطلق قبل أمي الؤمني (ع)؟ ولو فرضنا أن هذه الملة‬
‫صحيحة فما الدف من قولا وكتابتها سوى إياد التفرقة وإثارة الفتنة والطعن واللعن؟ فلن ينتج‬
‫عنها سوى ذلك(‪ .)1‬وكذلك جاء ف تلك الزيارة‪« :‬جئتُك عارفا بقك مستبصرا بشأنك معاديا‬
‫لعدائك»! هذا ف حي أنه ف زمننا هذا ل يوجد عدوّ لعليّ سوى الذين غيوا أصول دين عليّ‬
‫عليه السلم وفروعه والت كانت اليان بال ورسوله واليوم الخر فقط‪ ،‬فأضافوا عليها أصو ًل‬
‫وفروعا أخرى باسم الذهب‪ .‬فعليّ عليه السلم كان يعتب نفسه تابعا للدين ول يكن يعتب ذاته أو‬
‫اليان به وبأولده أصلً من أصول الدين‪ ،‬أما أولئك الزائرون فإنم اعتبوا اليان به من أصول‬
‫الدين! لاذا ل يلحظ قرّاء تلك الزيارات كل هذه الوهام والرافات بل تقع عندهم موقع الرضا‬
‫() إن تلك المل ل تفيد سوى السلطي الصفويي البثاء والفرّقي الذين يستفيدون منها للق الصومة والحقاد بي‬ ‫‪1‬‬

‫السلمي‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 97 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫إذْ تعجبهم ألفاظها النمّقة وعباراتا السجّعة والقفّاة؟‬


‫ث يقول‪« :‬فاشفع ل إل ربك يا مولي فإن لك عند ال مقاما معلوما»‪ .‬وهنا نسأل‪ :‬هل‬
‫الشفاعة بيد الزائر أم بيد المام؟ القيقة الت قررها القرآن الكري هي أن شفاعة النب والمام‬
‫لشخص معيّن تتاج إل إذن ال ابتداءً‪ ،‬فال تعال وحده الذي يعلم الستحقّ للشفاعة من عباده‪،‬‬
‫إ ْذ هو وحده البصي بعباده العليم بسرائرههم وضمائرهم وما تفي صدورهم‪ ،‬وليس للنبياء‬
‫شفَ ُع ِعنْ َدهُ‬
‫ول الئمة عل ٌم بقيقة العباد وسرائرهم‪ ،‬من هنا يقول سبحانه وتعال‪(( :‬مَنْ ذَا الّذِي يَ ْ‬
‫عةُ جَمِيعًا)) [الزمر‪:‬‬ ‫إِلّا بِإِ ْذنِهِ يَعَْل ُم مَا َبيْنَ َأيْدِيهِ ْم َومَا َخ ْل َفهُمْ)) [البقرة‪ ،]255:‬ويقول‪(( :‬قُلْ ل الشّفَا َ‬
‫‪ .]44‬فإذا كانت الشفاعة بيد ال وحده فل فائدة من طلبها من النبّ أو المام‪ ،‬بل ل بدّ من‬
‫العمل برضاة ال وطلب الغفران منه وحده‪ ،‬وبالتال فإن الزائر سأل من ل يلك وطمع با‬
‫ل طائل تته وأضاع وقته سدى‪.‬‬
‫والشكال الخر ف تلك الزيارة ذلك الدعاء الوارد ف آخرها والذي يقول‪« :‬بقّ ممد‬
‫وعليّ وفاطمة والسن والسي آبائي» فكيف يكون أئمة أهل البيت عليهم السلم آباء الزائر؟!‬
‫وهل يكن أن يُقال لضرة الزهراء أب؟ نن ل ندري من الذي وضع تلك الزيارات؟ هل كان‬
‫قصده خداع الشيعة وإلباسهم ثوب الغرور؟‬
‫ث بعد تلك الزيارة وضعوا رواية منسوبة إل المام الباقر عليه السلم يقول فيها‪« :‬ما قال‬
‫هذا الكلم ول دعا به أحد من شيعتنا عند قب أمي الؤمني أو عند قب أحد من الئمة عليهم‬
‫السلم إل رفع دعاؤه ف درج من نور وطبع عليه بات ممد صلى ال عليه وآله وسلم وكان‬
‫مفوظا كذلك حت يسلم إل قائم آل ممد عليهم السلم فيلقى صاحبه بالبشرى والتحية‬
‫والكرامة إن شاء ال تعال‪.)1(».‬‬
‫ول أدري هل أرادوا السخرية بثل هذه الرواية لنه ما الفائدة من رفع دعائه ف درج من‬
‫نور وختمه بات سيدنا ممد صلى ال عليه وآله وسلم وتسليمه إل قائم آل ممد ليحفظه‬
‫للداعي؟ ث إنه ل يكن هناك قائم ف زمن المام الباقر حت يقول إن دعاء الزائر سيُرفع ويسلّم إليه‬
‫ليحفظه!! إن متلق هذه الروايات ل يكن يدري ما يقول!‬

‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪/97‬ص ‪( .268‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 98 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫وف الزيارة رقم ‪ 14‬ينّ الزائر على ربه فيقول‪« :‬اللهم عبدك وزائرك يتقرّب إليك بزيارة‬
‫قب أخي رسولك‪ ،‬وعلى كل مأت حق لن أتاه وزاره»»(‪ ،)1‬فما معن قوله «عبدك وزائرك»؟ أل‬
‫يدري أن ال ل يكن زيارته؟!‬
‫وف موضع آخر من هذا الدعاء أُطلق على أمي الؤمني (ع) لقب «صاحب اليسم»‬
‫والقصود منه أن المام يَسِمُ أي يكوي وجوه الؤمني والكافرين لكي يضع على جبينهم علمة‬
‫بأن فلنا مؤمن وفلنا كافر‪ .‬وهذا عمل لغو إذ ما الداعي إليه؟ هل يريد أن يعرّف الناس ل أو‬
‫للئكته وهم ف غن عن تلك العلمة؟ أم يريد أن يعرّف الناس للناس مع أن هذا ل يفيد ف شيء‬
‫ول نتيجة له كما أنه ل يفيد يوم القيامة لن الؤمني ف ذلك اليوم ستبيض وجوههم والجرمي‬
‫والكفار سيُحشرون سود الوجوه ول حاجة لعلمات إضافية‪.‬‬
‫ونقرأ كذلك ف تلك الزيارة شهادة الزائر للمام‪« :‬إنك باب ال وإنك وجه ال»!‬
‫جحُوهُ واطْلُبُوا ِإلَ ْيهِ‬
‫أما حضرة أمي الؤمني عليه السلم فإنه يقول‪« :‬فَاسْتَفْتِحُو ُه واسْتَنْ ِ‬
‫واسْتَمْنِحُو ُه فَمَا قَ َطعَ ُكمْ عَ ْن ُه حِجَابٌ ول أُغْ ِلقَ عَ ْن ُكمْ دُوَنهُ بَابٌ وِإنّ ُه لَِبكُ ّل َمكَا ٍن وفِي ُك ّل حِيٍ‬
‫وَأوَانٍ ومَعَ ُك ّل ِإنْسٍ وجَانّ»(‪.)2‬‬
‫ك فِي الدّعَاءِ‬
‫ض َقدْ َأذِ َن لَ َ‬
‫ويقول أيضا‪« :‬واعْ َل ْم أَنّ اّلذِي بِيَ ِد ِه َخزَاِئنُ السّمَاوَاتِ والرْ ِ‬
‫ج َعلْ بَيَْنكَ وبَيَْن ُه َمنْ‬
‫وَت َكفّ َل َلكَ بِالجَاَبةِ وَأ َمرَ َك أَنْ َتسَْأَلهُ لُِيعْطَِيكَ وَتسَْترْحِ َم ُه لَِيرْحَ َمكَ وَل ْم يَ ْ‬
‫شفَ ُع َلكَ ِإلَ ْيهِ‪.)3(»..‬‬
‫ك ِإلَى َمنْ َي ْ‬
‫يَحْجُُبكَ عَ ْن ُه ولَ ْم يُلْجِ ْئ َ‬
‫والمام السجاد عليه السلم يقول كذلك مناجيا ربّه‪« :‬وبابك مفتوحٌ للراغبي»(‪،)4‬‬
‫وبالتال فال تعال شأنه ليس كالسلطي الذين لم حُجّاب وأبواب يُدخل من خللا إليهم‪ ،‬بل‬
‫ك ِعبَادِي َعنّي فَِإنّي َقرِيبٌ أُجِيبُ‬
‫هو أقرب إل عباده من حبل الوريد [وهو القائل‪َ (( :‬وإِذَا َسأَلَ َ‬
‫َد ْع َوةَ الدّاعِ إِذَا َدعَانِ َف ْليَسْتَجِيبُوا لِي وَْلُيؤْ ِمنُوا بِي َلعَّل ُه ْم يَ ْرشُدُونَ)) [البقرة‪.]]186:‬‬

‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪/97‬ص ‪( .271‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.195‬‬ ‫‪2‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الرسالة ‪.31‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الصحيفة السجادية‪ ،‬دعاؤه يوم الفطر‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 99 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫فهكذا يتبيّن أن مطالب تلك الزيارة مالفة [للقرآن الكري] كما هي مالفة ف الواقع لعقائد‬
‫الئمّة الداة من آل النبّ عليهم السلم‪.‬‬
‫وأما قوله «وأنّكَ وجه ال» فل يصحّ لن «وجه ال» ‪ -‬كما جاء ف قوله تعال‪(( :‬وَل‬
‫ق وَالْ َمغْرِبُ َفَأيْنَمَا ُتوَلّوا َفثَ ّم وَجْهُ ال)) [البقرة‪ - ]115:‬يدلّ كما قالوا على عنايته‪ ،‬وقد‬
‫الْمَشْ ِر ُ‬
‫رُوي عن أمي الؤمني (ع) أن «وجه ال» ذاته وليس ل وجه جسمان وإنا سُميت عناية ال‬
‫بالوجه لن كل من توجّه إل شيء واعتن به فإنا يفعل ذلك بوجهه فأُطلقت كلمة «الوجه» بقّ‬
‫ت وهو ميط بك ّل شيء بذاته‪ .‬فوجْهُ ال ذاته‪ ،‬وإذا رُويت رواية‬ ‫ال لذا السبب‪ ،‬ولكن علم ال ذا ّ‬
‫عن الغلة تالف هذه القيقة فيجب عدم قبولا‪.‬‬
‫وف هذه الزيارة أيضا قول الزائر للمام‪« :‬أنت الصراط الستقيم»‪ ،‬مع أن المام عليّا عليه‬
‫السلم سالكٌ للصراط الستقيم وليس عي الصراط لن المام يصلّي على القلّ خسي ركعة ف‬
‫سَتقِيمَ)) [الفاتة‪ ،]6:‬فإذا كان المام ذاته الصراط‬ ‫ط الْمُ ْ‬
‫اليوم ويقرأ ف صلته‪(( :‬اهْ ِدنَا الصّرَا َ‬
‫الستقيم لا جاز أن يطلب من ال أن يهديه إل نفسه‪ .‬وحت رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫سَتقِيمٍ *‬
‫ط مُ ْ‬
‫ذاته كان هاديا للناس إل الصراط الستقيم كما قال تعال‪َ (( :‬وِإنّكَ َلتَهْدِي إِلَى صِرَا ٍ‬
‫صِرَاطِ ال الّذِي لَ ُه مَا فِي السّ َموَاتِ َومَا فِي الَ ْرضِ أَل إِلَى ال َتصِ ُي الُمُورُ)) [الشورى‪.]53-52:‬‬
‫فخات النبيي ذاته صلى ال عليه وآله وسلم مرشدٌ للناس إل الصراط الستقيم ل أنه هو ذاته‬
‫الصراط الستقيم(‪!)1‬‬
‫() ف الواقع لا كان رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم بنص كتاب ال تعال أسوةً للمؤمني وصاحب اللق العظيم‬ ‫‪1‬‬

‫واتّباعُ هُ ال سبيل لن يل م بة ال ((قُلْ إِن كُنتُ مْ ُتحِبّو نَ ال فَاتِّبعُونِي ُيحِْبْبكُ مُ ال وََي ْغفِرْ َلكُ مْ ذُنُوَبكُ مْ ‪( )) ..‬آل عمران‪:‬‬
‫ع بِإِذْنِ‬‫‪ ،)31‬ولا أمرنا ال تعال ف عديد من آيات كتابه بإطاعته طاعة مطلقة دون قيد (( َومَا َأرْ َسلْنَا مِن رّسُولٍ إِ ّل لِيُطَا َ‬
‫ال )) (الن ساء‪(( )64 :‬وََأطِيعُواْ ال وَالرّ سُو َل لَ َعّلكُ مْ تُ ْر َحمُو نَ)) (آل عمران‪ ،)132 :‬ف هو صلى ال عل يه وآله و سلم‬
‫معصوم ف كل ما يبلّغه عن ال تعال من دين ف أقواله وأفعاله وتقريراته‪ ،‬وبالتال فيصحّ تاما اعتباره صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم «الصراطَ الستقيم» وأن يُ ْطلَ قَ عليه ذلك اللقب‪ ،‬وليس ف هذا أي إطراء مبالغ به‪ ،‬بل هذا أدن حقّه‪ ،‬فقد‬
‫كان عل يه وآله أف ضل ال صلة وال سلم قرآنا ي شي على الرض‪ ،‬ك ما و صفه بذلك ب عض أ صحابه‪ .‬وعليّ عل يه ال سلم‬
‫بكم كونه من أصحاب الكساء الذين دعا لم رسول ال مرارا اللهم هؤلء أهل بيت فأذهب عنهم الرجز وطهرهم‬
‫تطهيا‪ ،‬ول شك أن دعاءه صلى ال عل يه وآله و سلم م ستجاب لوجود القت ضي وانتفاء الا نع و قد قال ر سول ال‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم بق عليّ عليه السلم‪َ « :‬عِليّ مَ عَ القُرْآ نِ والقُرْآ نُ مَ عَ َعِليّ لَ ْن َيفْتَ ِرقَا»‪ ،‬كما أن عليا ‪ -‬عليه‬
‫ب صلى ال عليه وآله وسلم الت خلّفها فينا وأمرنا بالتمسك با مع القرآن الكري فقال‪(( :‬يَا أَّيهَا‬ ‫السلم ‪ -‬إمام عترة الن ّ‬
‫ب ال َوعِتْرَتِي أَهْ َل بَيْتِي)) كما أنه ‪ -‬بإجاع السلمي‪ -‬من‬ ‫النّا سُ إِنّي َق ْد تَرَكْ تُ فِيكُ مْ مَا إِ نْ أَ َخذْتُ مْ بِ ِه لَ ْن َتضِلّوا كِتَا َ‬
‫ض عليها بالنواجذ ‪ ،‬فمن هذه الزاوية أيضا يص ّح تلقيبه‬ ‫اللفاء الراشدين الادين الهديي الذين ُأمِرْنَا باتباع سنتهم والع ّ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 100 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫وف موضع آخر من الزيارة نقرأ‪« :‬السلم عليك يا صفوة ال يا عمود الدين» هذا ف‬
‫ص بالنبياء‪ ،‬وعمود الدين ‪ -‬طبقا لتعليمات رسول ال صلى ال عليه وآله‬ ‫حي أن الصطفاء خا ّ‬
‫وسلم ‪ -‬هو الصلة وإذا كان عمود الدين هو المام لزال ذلك العمود بوفاة المام!‬
‫وف موضع آخر من الزيارة يقول الزائر للمام‪« :‬أتيتُك وافدا لعظيم حالك ومنلتك عند‬
‫ال وعند رسوله‪ ،‬متقرّبا إل ال بزيارتك طالبا خلص نفسي من النار‪ ،‬متعوّذا بك من نار‬
‫استح َققْتُها با جنيتُ على نفسي»!!‬
‫وأقول‪ :‬إذا كان كل من استحقّ نار جهنّم بسوء عمله يكنه باللجوء إل ملوق آخر أن‬
‫ينجو من عقاب ال‪ ،‬فلن يبقى هناك إذن أي معن للق النار والحيم ول أي مفهوم للعقاب‬
‫اللي‪ .‬هذا إضافة إل أن ال تعال أمرنا ف مواضع عديدة من كتابه الكري أن نلجأ إل ال‪ ،‬بل‬
‫أمر رسوله الكري صلى ال عليه وآله وسلم ذاته أن ل يلجأ إل إل ال‪ .‬ف أي موضع من القرآن‬
‫أو السنة أُمرنا بأن نلجأ إل ملوق؟ أليس رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم هو القائل‪:‬‬
‫«سبحان الذي ل ملجأ ول منجا منه إل إليه»(‪ )1‬ويقول ف دعاء آخر‪:‬‬
‫«يا من ل مفزع إل إليه‪ ،‬يا من ل يُستَعان إل به‪ ،‬يا من ل يُرجى إل هو‪ ،‬يا من ل منجا‬
‫منه إل إليه‪ ،‬يا من ل يصرف السوء إل هو» (دعاء الوشن الكبي‪ ،‬الفقرات ‪ 38‬و ‪ 39‬و‬
‫‪.)90‬‬
‫أول يقرأ هؤلء أدعية عليّ عليه السلم الذي كان ياطب ربه متأسّيا بنبيه صلى ال عليه‬
‫(‪)2‬‬
‫وآله وسلم فيقول‪« :‬إنه ل يأت بالي إل أنت ول يصرف السوء إل أنت»‬
‫ويقول ف دعاء آخر‪« :‬ل ملجأ ول منجا من ال إل إليه»(‪،)3‬‬
‫ويقول مستلهما من الية ‪ 22‬من سورة «النّ» الكرية‪« :‬اللهمّ إنّه َلنْ يين مِ ْنكَ أحدٌ‬
‫حدَا»(‪،)4‬‬
‫ك مُلْتَ َ‬
‫وََلنْ أج َد ِمنْ دون َ‬
‫بالصراط الستقيم وليس ف هذا أي غلوّ‪( .‬الترجم)‬
‫() مفاتيح النان‪ ،‬من التسبيحات التعلقة بأعمال يوم عرفة‪ ،‬نق ً‬
‫ل عن كتاب «القبال» للسيد ابن طاووس‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الصحيفة العلوية‪ ،‬دعاؤه ف اليوم الثان من الشهر‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الصحيفة العلوية‪ ،‬دعاؤه ف التهليل ودعاؤه عند دخوله السجد‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الصحيفة العلوية‪ ،‬دعاؤه ف اليوم الرابع والعشرين من الشهر‪ ،‬ومفاتيح النان‪ ،‬دعاء «أب حزة الثمال»‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 101 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ويقول مستلهما من الية ‪ 68‬من سورة «الفرقان» الباركة‪« :‬اللهم واجعلن من‪....‬‬
‫الّذِينَ لَا يَدْعُو َن مَعَ ال ِإلَها آ َخرَ»(‪.)1‬‬
‫ويدعو حفيده الكري حضرة المام الصادق عليه السلم مستلهما من الية ‪ 56‬من سورة‬
‫السراء الباركة فيقول‪« :‬اللهم إنك عيّرت أقواما ف كتابك فقلت‪ُ :‬ق ِل ادْعُوْا الّذِينَ زَعَمْتُم مّن‬
‫حوِيلً؛ فيا من ل يلك كشف ضري ول تويله‬
‫ضرّ عَن ُكمْ َولَ تَ ْ‬
‫ف ال ّ‬
‫ل يَمْ ِلكُونَ َكشْ َ‬
‫دُوِنهِ َف َ‬
‫ضرّي»(‪.)2‬‬
‫عنّي أحدٌ غيه صلّ على ممد وآله واكشف ُ‬
‫أضف إل ذلك أن المام عليّا عليه السلم رحل عن هذه الدنيا الفانية وانتقل إل دار البقاء‬
‫ول يعد موجودا ف عال الدنيا حت يلتجئ إليه ذلك الغال‪ ،‬وقد اعتب المامُ نفسَه ‪ -‬ف وصيّته‬
‫الت أوصى با بعد أن ضربه ابن ملجم‪ -‬فانيا مفارقا فقال‪« :‬أَنَا بِالمْسِ صَاحِبُ ُكمْ والْيَوْمَ عِ ْب َرةٌ‬
‫لَ ُكمْ وغَدا ُمفَا ِر ُق ُكمْ إِ ْن َأْبقَ َفَأنَا َولِ ّي َدمِي وإِنْ َأ ْف َن فَاْلفَنَا ُء مِيعَادِي»(‪.)3‬‬
‫إن أولئك الغلة يريدون بتلك الرافات والكفريّات أن ينقذوا أنفسهم من العذاب‬
‫والساب باسم ذلك المام المام الذي كان ذاته يتأوّه من خشية ال وياف من عذابه‪ ،‬متخيّلي‬
‫بأنم بعملهم بتلك البدع سيُصرف النظر عن جرائمهم!! فما أبطل خيالم وما أبعد ما يتوهّمون!‬
‫ويروي الجلسيّ ف الديث رقم ‪15‬من هذا الباب [نقلً عن كتاب فرحة الغريّ] بسنده‬
‫عن «صفوان المّال» قال‪« :‬لا وافيت مع جعفر الصادق (ع) الكوفة يري ُد أبا جعفر النصور‬
‫قال ل‪ :‬يا صفوان! أنخ الراحلة فهذا قب جدي أمي الؤمني فأنتها‪ ،‬ث نزل فاغتسل وغيّر‬
‫ثوبَه‪ ...‬وقال ل‪ :‬قصّر خطاك والق ذقنك الرض فإنه يكتب لك بكل خطوة مائة ألف حسنة‪،‬‬
‫ويحى عنك مائة ألف سيئة‪ ،‬وترفع لك مائة ألف درجة‪ ،‬وتقضى لك مائة ألف حاجة‪ ،‬ويكتب‬
‫لك ثواب ك ّل صديق وشهيد مات أو قُتِل!!‪.)4(»...‬‬
‫ل حظوا أن ما ذُكر هو ثواب خطوة واحدة فمعن ذلك أنه عندما سيصل إل القب سيكون‬
‫له ثواب مليارات الصدّيقي والشهداء!! هذا ف حي أن حضرة أمي الؤمني عليه السلم ذاته نال‬
‫() الصحيفة العلوية‪ ،‬دعاؤه ف اليوم الثان والعشرين من الشهر‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() مفاتيح النان (الباقيات الصالات) الباب الثالث من أدعية العافية وغيها‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الرسالة ‪.23‬‬ ‫‪3‬‬

‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪/97‬ص ‪( .280 - 279‬الترجم)‬ ‫‪4‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 102 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ثواب شهيد واحد لنه استُشهد م ّرةً واحدةً‪ ،‬وجيع الئمة عليهم السلم كانوا يسألون ال ف‬
‫أدعيتهم ثواب الشهادة ف سبيله أي ثواب شهيد واحد‪ .‬ومن الطريف أن رواية «صفوان» هذه‬
‫يُفهم منها أنه ل يكن هناك أث ٌر مُشاهَدٌ للقب حت أخبه المام الصادق عليه السلم بأن هذه البقعة‬
‫هي مكان قب جدّه‪ ،‬هذا ف حي أن «صفوان المّال» ذاته يبنا ف الديث رقم ‪ 18‬أنه سأل‬
‫الصادق عليه السلم عن زيارة مرقد أمي الؤمني عليّ عليه السلم‪« :‬فقال‪ :‬يا صفوان إذا أردت‬
‫ذلك فاغتسل والبس ثوبي طاهرين ونل شيئا من الطيب‪( ....‬إل قوله)‪ ...:‬فإذا تراءت لك‬
‫القبة الشريفة فقل‪ :‬المد ل على ما اختصن به‪ ...‬ال (إل قوله)‪ ...:‬فإذا نزلت الثوية وهي‬
‫الن تل بقرب النانة عن يسار الطريق لن يقصد من الكوفة إل الشهد فصل عندها ركعتي‪..‬‬
‫ال (إل قوله)‪ ..:‬فإذا بلغت إل باب الصحن فقل‪ :‬المد ل‪..‬ال (إل قوله)‪ :‬ث ادخل وقل‪:‬‬
‫المد ل الذي أدخلن هذه البقعة الباركة‪ ...‬ال‪( ...‬إل قوله)‪ ...‬ث قبّل العتبة وقدّم رجلك‬
‫اليمن قبل اليسرى وادخل وأنت تقول‪ :‬بسم ال وبال وف سبيل ال وعلى ملة رسول‬
‫ال‪..‬ال»(‪ )1‬وهذه الرواية تناقض الرواية السابقة لنا تفيد أن القب كان بناءً ظاهرا له صحنٌ‬
‫ب [وطبعا هذا ليس بصحيح]‪ ،‬فهذا يبيّنُ كيف ينطبق على أولئك الكذّابي الوضّاعي‬
‫وعتبةٌ وبا ٌ‬
‫ا َلثَ ُل القائل‪« :‬حبل الكذب قصي»!‬
‫وما جاء ف هذه الزيارة أيضا وصف حضرة المي عليه السلم بأنه «خازن الوحي»‪ ،‬وجاء‬
‫ت الدينة فقل‪« :‬اللهمّ لبابك وقفتُ» ول ندري هل اعت َب بابَ الدينة بابَ‬
‫فيها أيضا أنه إذا دخل َ‬
‫ال أم اعتب عليا عليه السلم بابَ ال؟!! وعلى كلّ حال فقد جعل ل بابا ث قال‪ّ « :‬ث امش حت‬
‫تقف على الباب ف الصحن وقل‪ ....‬يا مولي يا أمي الؤمني! عبدك وابن عبدك وابن‬
‫ب العالي وديّان يوم الدّين» هذا ف حي أن عشرات اليات‬
‫أمتك!‪(...‬إل قوله)‪ ...‬يا أمي ر ّ‬
‫ب العالي» صفة لرسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪ ،‬وأن «ديّان‬
‫القرآنية تنصّ على أن «أمي ر ّ‬
‫س َشيْئًا وَالَمْرُ َيوْ َمئِذٍ‬ ‫يوم الدّين» صفةٌ للحقّ تعال الذي يقول ف كتابه‪َ(( :‬ي ْومَ ل تَ ْملِ ُ‬
‫ك َن ْفسٌ ِلَن ْف ٍ‬
‫ل)) [النفطار‪.]19:‬‬
‫ويتواصل مت الزيارة الطويل الليء بالعبارات الغالية حت يصل إل قول الزائر‪« :‬السلم‬
‫على ميزان العمال ومقلّب الحوال» هذا ف حي أن ميزان العمال ومعيار الق والباطل ف‬
‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪/97‬ص ‪( .281-280‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 103 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الفعال هو كتاب ال وقواني شريعته وليس عليا عليه السلم‪ ،‬لن ال تعال يقول‪(( :‬ال الّذِي‬
‫ب بِالْحَ ّق وَالْمِيزَانَ)) [الشورى‪.]17:‬‬
‫َأنْزَ َل اْلكِتَا َ‬
‫ونتساءل هنا‪ :‬بأي ميزان ستُقاس أعمال المام عليّ عليه السلم والنب الكرم صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم إن كان عليّ ذاته هو اليزان‪ ،‬وكيف سيزن اليزان نفسه؟ أضف إل ذلك أن ال تعال‬
‫جعل الكتاب السماوي النّل على كل أمّة ميزانا لا وبيّن أن ك ّل أ ّمةٍ ستُدعى يوم القيامة إل‬
‫ج َز ْونَ مَا كُنتُمْ‬
‫كتابا كما قال سبحانه‪َ (( :‬وتَرَى كُلّ ُأمّةٍ جَاِثَيةً كُلّ ُأ ّمةٍ تُ ْدعَى إِلَى ِكتَاِبهَا اْلَي ْومَ تُ ْ‬
‫َتعْمَلُونَ)) [الاثية‪.]28:‬‬
‫وأما عبارة «مقلّب الحوال» الت وردت ف الزيارة فهي خاصّة بال التعال‪ ،‬أما النبياء‬
‫والولياء فل يلكون تقليب أحوال أنفسهم فضلً عن غيهم‪ ،‬كما قال تعال لرسوله الكري صلى‬
‫ضرّا إِلّا مَا شَاءَ ال)) [العراف‪ ،]188:‬وكما‬ ‫ال عليه وآله وسلم‪(( :‬قُلْ ل َأمْلِكُ ِلَنفْسِي َن ْفعًا وَل َ‬
‫أمر نبيه أن يقول‪(( :‬قُ ْل مَا ُكْنتُ بِ ْدعًا مِنَ ال ّرسُ ِل َومَا أَدْرِي مَا ُي ْفعَ ُل بِي وَل ِبكُمْ)) [الحقاف‪.]9:‬‬
‫فإذا كان رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ل يدري ما أحوال الخرين؛ وبالتال ل يكنه‬
‫تقليب أحوالم‪ ،‬فكيف يستطيع المام ذلك؟ إن أحوال العباد بيد ال وحده وهم تت نظر ال‬
‫وهو وحده مقلّب القلوب والحوال ل غيه‪ .‬وقد قال تعال لرسوله الكري‪َ (( :‬وأَلّفَ َبيْنَ ُقلُوبِهِمْ‬
‫ف َبْينَهُمْ ِإنّ ُه عَزِيزٌ َحكِيمٌ))‬
‫َلوْ أَن َف ْقتَ مَا فِي الَ ْرضِ جَمِيعًا مَا أَّل ْفتَ َبيْنَ ُقلُوبِهِ ْم وََلكِنّ ال أَلّ َ‬
‫[النفال‪ .]63:‬إذن مقلّب القلوب ومقلّب الحوال والؤثر هو ال التعال‪ ،‬ول ندري لاذا يصرّ‬
‫وضّاعو تلك الزيارات على إثبات صفات ال وأسائه للمام وج ّر الناس نو الشرك؟‬
‫سرّ والنجوى»‪ ،‬هذا مع أن‬
‫ث نقرأ ف تلك الزيارة «السلم على شجرة التقوى‪ ،‬وسامع ال ِ‬
‫صةٌ ‪ -‬كما تنصّ عديد من آيات القرآن ‪ -‬بال تعال وحده كما قال‬ ‫هذه الصفة الخية مت ّ‬
‫سبُونَ)) [النعام‪:‬‬ ‫ض َيعْلَ ُم سِرّكُ ْم َو َجهْرَكُ ْم َوَيعْلَ ُم مَا َتكْ ِ‬
‫ت وَفِي الَ ْر ِ‬ ‫سبحانه‪َ (( :‬و ُهوَ ال فِي السّ َموَا ِ‬
‫سرّو َن َومَا ُيعِْلنُونَ)) [البقرة‪( ]77:‬البقرة‪ ٧٧ :‬وهود‪:‬‬ ‫‪ ،]3‬ويقول‪َ(( :‬أوَل َيعْلَمُونَ َأنّ ال َيعْلَمُ مَا يُ ِ‬
‫‪ ،5‬والنحل‪ 23 :‬ويس‪ ،)76 :‬يقول‪َ (( :‬وَأسِرّوا َقوَْلكُمْ َأوِ ا ْج َهرُوا بِهِ ِإنّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصّدُورِ))‬
‫جهَ ْر بِاْل َقوْلِ فَِإنّ ُه َيعْلَمُ السّ ّر َوأَ ْخفَى)) [طه‪ ]7:‬ويقول‪(( :‬أَلَ ْم َيعْلَمُوا َأنّ‬ ‫[اللك‪ ]13:‬ويقول‪َ (( :‬وإِ ْن تَ ْ‬
‫جوَاهُ ْم َوأَ ّن ال عَلّا ُم اْلغُيُوبِ)) [التوبة‪.]78:‬‬ ‫ال َيعْلَ ُم سِ ّرهُ ْم َونَ ْ‬
‫فليت شعري هل عليّ عليه السلم هو ال ‪ -‬والعياذ بال ‪ -‬حت يعلم أسرار الناس وخفايا‬
‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 104 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ص تبيّن بوضوح أن عليّا عليه السلم ل يكن بقدوره‬


‫قلوبم؟؟ لقد جاءت ف «نج البلغة» نصو ٌ‬
‫أن يطّلع على خيانات بعض أمرائه وقوّاده إل عن طريق عيونه وجواسيسه أو عن طريق رسائل‬
‫ب ِإلَ ّي ُيعْلِمُنِي‪ ،)1(»...‬كما‬
‫الناس‪ ،‬كما كتب ف رسالةٍ له يقول‪« :‬أمّا َب ْعدُ َفإِنّ عَ ْينِي بِالَ ْغ ِربِ كََت َ‬
‫أنه عيّن «عُبَيد ال بن عباس» واليا على «البصرة» فاختلس مبلغا كبيا من بيت الال فلمّا علم‬
‫المام بذلك بكى على النب(‪ .)2‬كما أنه عيّن «النذر بن جارود» لمع الصدقات ولكنّه أخذ‬
‫الموال لنفسه والتحق بعاوية(‪ !)3‬فكتب له المام بعد اطلعه على خيانته‪َ« :‬أمّا َبعْ ُد َفإِنّ صَلحَ‬
‫ك ل تَدَعُ‬
‫ت فِيمَا ُرقّ َي ِإلَيّ عَ ْن َ‬
‫ك تَتّبِ ُع َه ْديَ ُه وتَسْ ُلكُ سَبِيلَ ُه َفِإذَا َأنْ َ‬
‫ت َأنّ َ‬
‫َأبِيكَ َغ ّرنِي مِ ْنكَ وظََننْ ُ‬
‫ِلهَوَا َك انْقِيَادا ول تُ ْبقِي لِآ ِخ َرتِكَ عَتَادا‪ ،)4(»..‬وعيّن «أبا موسى الشعري» واليا على «الكوفة»‬
‫فظهر أنه ل يكن موافقا له ول يدم المام كما يب! وعيّن «كميل بن زياد النخعي» واليا على‬
‫«هيت» فترك الدفاع عن الدينة ول يدفع غارة جيش العدوّ عليها بل سلّمها دون مقاومة فكتب‬
‫له المام رسالةً يذمّه فيها ويوبّخه على ذلك(‪ ،)5‬وعهد المام بولية «فارس» إل «زياد بن أبيه»‬
‫فانقلب عليه وأصبح من أعوان معاوية وقام بقتل كثي من شيعة أمي الؤمني!(‪ )6‬وكذلك عيّن‬
‫«مصقلة بن هبية» عاملً له على «اردشي خُرّة»(‪ )7‬ولكنه خان المانة وقام بتقسيم الفيء ‪-‬أي‬
‫بيت مال السلمي‪ -‬بي أقربائه!(‪ )8‬وقام بعزل «قيس بن سعد بن عبادة» الذي كان من الرجال‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الرسالة ‪.33‬‬ ‫‪1‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الرسالة ‪( .41‬الؤلف)‪ .‬قلت (الترجم)‪ :‬ليس ف نص الرسالة ذكر لسم عبيد ال بن عباس ول غيه‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫بل كل ما فيها توبيخ المام لشخصٍ من عمّاله خان المانة واستول على أموال بيت الال‪.‬‬
‫() إن الذين يبون عليا عليه السلم بصدق ويتولونه بإخلص ل بجرّد الدعاء والذين يعلمون كيف كانت حياة ذلك‬ ‫‪3‬‬

‫المام المام وشخصـيته‪ ،‬يعرفون تام العرفـة أنـه كان شديـد الرص على رعايـة حـق الناس وحفـظ أموال بيـت مال‬
‫ال سلمي وأ نه كان بالغ الدقّة ف هذا ال مر‪ ،‬إل حد أ نه ل ي كن ير ضى أن يُ صرف ز يت م صباح ب يت الال على أ مر‬
‫شخصي ل يتعلّق بأمور الناس‪ ،‬كما ل يكن يسمح لقرب أقربائه أن يستفيدوا من بيت الال بأدن مقدار إضاف على ما‬
‫يأخذه الخرون‪ ،‬وبنا ًء عليه فإنه من الستحيل أن يعهد مثل هذا المام لشخص بأمر يتعلق بالموال العامة أو يولّيَه أمرا‬
‫من أمور السلمي إل إذا كان حسن الظن به وكان ل يتمل خيانته ولو بأدن احتمال‪.‬‬
‫() نج البلغة‪ ،‬الرسالة ‪.71‬‬ ‫‪4‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الرسالة ‪.61‬‬ ‫‪5‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الرسالة ‪.44‬‬ ‫‪6‬‬

‫() بلدةٌ من بلد العجم ف جنوب إيران ذكر الؤلف أنا خوزستان‪( .‬الترجم)‬ ‫‪7‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الرسالة ‪.43‬‬ ‫‪8‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 105 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الجرّبي الحنّكي الحبّي للمام الخلصي له عن ولية مصر تأثّرا بوشاية بعض النمّامي [الت‬
‫تبيّن كذبا فيما بعد]‪ ،‬وعيّن مكانه ابنَه ا ُلتََبنّى «ممد بن أب بكر» الذي تبيّن أنه ل يكن يتلك‬
‫التجربة والنكة الكافية للتصدّي لتلك السؤولية وبالتال سقطت مصر وخرجت من سلطة أمي‬
‫الؤمني‪.‬‬
‫هل يوز أن نقول إن عليّا عليه السلم كان يعلم أن أولئك الفراد الذكورين كانوا َخ َونَة‬
‫أو ل يكونوا أهلً للمسؤولية ورغم ذلك عيّنهم المام ف مناصب مهمّة وبالتال كان شريكا لم‬
‫على نو ما ف خياناتم؟! يب أن نقول‪ :‬معاذ ال إن المر ليس كذلك بكل تأكيد‪ .‬إذن فما‬
‫معن تلك الباطيل مثل عبارة «سامع السر والنجوى» الت جاءت ف نص الزيارة؟‬
‫يب أن نعلم أن جيع النبياء والرسلي الذين رحلوا عن الدنيا ل يكن لم نصوص زيارات‬
‫وليس لم الن‪ ،‬ولكن الجلس ّي يقول ف كتاب الزار من كتابه «البحار» ف الزيارة رقم ‪ 18‬أن‬
‫علماء الشيعة كتبوا نص زيارة لزيارة آدم ونوح عليهما السلم‪ ،‬ولكنهم ل يكتبوا نصوص زيارات‬
‫لزيارة صال وهود وإبراهيم عليهم السلم‪ ،‬وأنه يدر صياغة زيارة لم! وف رأيي أن هؤلء السادة‬
‫ل يكن عندهم عمل يشغلهم لذلك أخذوا يكتبون زيارات لكل من رحل عن هذه الدار!‬
‫وقد استشهد واضع الزيارة رقم ‪ 18‬ف معرض إثباته لشفاعة حضرة أمي الؤمني (ع) بقوله‬
‫ش ِفقُونَ)) [النبياء‪ ،]28:‬ول يد ِر أن‬
‫شيَتِ ِه مُ ْ‬
‫ش َفعُونَ إِلّا لِمَنِ ا ْرَتضَى َوهُ ْم مِنْ خَ ْ‬
‫تعال‪(( :‬وَل يَ ْ‬
‫الشفاعة ف هذه الية هي فعل اللئكة‪ ،‬علوةً على أن ال تعال جعل الشفاعة ف هذه الية‬
‫موقوفةً على إذنه ورضاه وإرادته‪ ،‬ول تتمّ بإرادة اللئكة والعباد لنّ ال تعال وحده الذي يعلم‬
‫أحوال عباده وحقيقة أفعالم‪ ،‬وقد اعتب المامُ عليّ عليه السلم ذاته ‪ -‬ف نج البلغة ‪ -‬تلك‬
‫الي َة متعلق ًة بشفاعة اللئكة(‪ ،)1‬فيبدو أن واضع تلك الزيارة ل يرَ نج البلغة‪ ،‬لن مرجع الضمي‬
‫ف «ل يشفعون» ف الية ذُكِر قبلها لذا اعتب المام علي تلك اليات متعلقة بشفاعة اللئكة‪.‬‬
‫أضف إل ذلك أن المام يقول عن يوم القيامة‪« :‬فَل َشفِي ٌع َيشْفَ ُع ول حَمِيمٌ يَ ْنفَعُ»(‪،)2‬‬
‫ويعتب تقوى ال وطاعته هي الشفيع للنسان يوم العاد فقال‪َ« :‬أمّا َب ْعدُ َفِإنّي أُوصِيكُ ْم بَِتقْوَى ال‬
‫الّذِي ابْتَ َدأَ خَلْ َقكُمْ‪َ ..‬فإِنّ َت ْقوَى ال دَوَا ُء دَا ِء قُلُوبِ ُكمْ‪...‬فَا ْجعَلُوا طَا َع َة ال ِشعَارا دُونَ‬
‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة رقم ‪.91‬‬ ‫‪1‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.195‬‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 106 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ِدثَارِ ُكمْ‪ ...‬و َشفِيعا ِلدَرَكِ طَلِبَِت ُكمْ»(‪ ،)1‬كما يعتب القرآن الكري هو الشفيع يوم القيامة لن عمل‬
‫ث الّذِي‬
‫حدّ ُ‬
‫ضلّ والُ َ‬
‫به‪« :‬وَاعْ َلمُوا أَ ّن َهذَا الْ ُقرْآ َن ُهوَ النّاصِحُ اّلذِي ل َيغُشّ والَادِي اّلذِي ل يُ ِ‬
‫ق وَأنّ ُه َمنْ َشفَ َع َلهُ اْل ُقرْآ ُن َيوْ َم الْقِيَامَ ِة ُشفّعَ‬
‫صدّ ٌ‬
‫شفّ ٌع وقَاِئلٌ مُ َ‬
‫ل َي ْكذِبُ‪ ...‬واعْلَمُوا َأنّ ُه شَافِ ٌع ُم َ‬
‫فِيهِ»(‪ .)2‬واعتب ف دعائه ال تعال هو الشفيع وقال‪« :‬والشافع لم ليس أحد فوقك يول‬
‫دونم»(‪ .)3‬فبناء على كل ذلك فإن هذا الزائر الاهل الذي يقول‪« :‬فإن ل ذنوبا كثية» ليس‬
‫مصداقا لقوله تعال‪« :‬لِ َمنِ ا ْرتَضَى» فعليه أن يذهب ويتوب من ذنبه‪.‬‬
‫وجاء ف مت هذه الزيارة أيضا ماطبة أمي الؤمني بعبارة‪« :‬إنك تسمع كلمي وتردّ‬
‫سلمي» هذا ف حي أننا أثبتنا ف الصفحات الاضية أن هذه الملة باطلة‪ .‬ولقد ظن هؤلء‬
‫الاهلون أن البشر (سامعون كل صوت) كمثل ال تعال!! ولو سع النبياء جيع الصوات لروا‬
‫ص ِعقًا)) (العراف‪14:‬‬
‫صعقى‪ ،‬كما حصل لوسى عندما سع صوتا من البل ((وَ َخرّ موسَى َ‬
‫‪ ,)4()3‬وكان الئمة عليهم السلم حالَ حياتم‪ ،‬إذا كلّمهم عدّة أشخاص ف وقت واحد يعجزون‬
‫عن فهم كلمهم‪ ،‬فما بالك ف ذلك بعد وفاتم! وأساسا‪ ،‬إن صفة ساع كل الصوات ف وقت‬
‫واحد من الصفات الاصة بال سبحانه كما جاء ذلك ف كثي من الدعية ومن جلتها دعاء‬
‫الوشن الكبي (الفقرة ‪ )99‬حيث نقرأ‪« :‬يا من ل يشغله سع عن سع‪ ،‬يا من ل ينعه فعل عن‬
‫فعل‪ ،‬يا من ل يلهيه قول عن قول‪ ،‬يا من ل يُغلّطه سؤال عن سؤال‪ ،‬يا من ل يجبه شيء عن‬
‫شيء»‪ ،‬ول شك أن هذه الصفات ل يكن أن نثبتها لحد سوى ال عزّ وجلّ‪.‬‬
‫وف الزيارة رقم ‪ 20‬من هذا الباب نقرأ عبارة‪« :‬إن عذت بأخي رسولك»‪ ،‬هذا مع أن‬
‫القرآن الكري أوصانا مرارا أن نعوذ بال وحده وأن ل نلجأ إل إليه‪.‬‬
‫لقد جع الجلسيّ ف كتابه هذا كلّ زيارة رآها ‪ -‬ف ظنه ‪ -‬حسنة العبارة مسجّعة‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.198‬‬ ‫‪1‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.176‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الصحيفة العلوية‪ ،‬دعاؤه ف اليوم الرابع عشر من كل شهر‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() استدلل الؤلف بذه الية ليس ف مله‪ ،‬لنا ل تد ّل على أن موسى (ع) خ ّر صعقا لسماعه صوتا من البل بل لن‬ ‫‪4‬‬

‫ربّه تلى للجبل فجعله دكّا‪َ (( :‬وَلمّا جَاء مُو سَى ِلمِيقَاتِنَا وَ َكّلمَ ُه رَبّ ُه قَا َل رَبّ َأرِنِي أَنظُرْ ِإلَيْ كَ قَالَ لَن تَرَانِي َولَكِ نِ انظُرْ‬
‫ق قَا َل سُْبحَانَكَ‬
‫ص ِعقًا َفَلمّا َأفَا َ‬
‫جلّى رَبّ هُ ِل ْلجَبَلِ َج َعلَ هُ دَكّا وَخَ ّر مو سَى َ‬ ‫ف تَرَانِي َفَلمّا َت َ‬
‫سوْ َ‬
‫ِإلَى الَبَ ِل فَإِ نِ ا سَْتقَرّ َمكَانَ ُه فَ َ‬
‫ك َوأَنَاْ َأوّلُ ا ُل ْؤمِِنيَ )) (العراف‪( )143 :‬الترجم) ‪.‬‬ ‫تُْبتُ ِإلَيْ َ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 107 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الكلمات‪ ،‬ومن جلة ذلك يقول بشأن الزيارة رقم ‪« :22‬إنا زيارة مليحة» ث ينقل لنا زيارة من‬
‫وضع الغلة واختلقهم‪ ،‬وف الزيارة رقم ‪ 23‬يأتينا بزيارة هي يقينا من وضع النصارى أو الشبّهة‬
‫الذين يثبتون ل العضاء والوارح‪ ،‬إذ نقرأ فيها ماطبة الزائر للمام عليّ (ع) بعبارة‪« :‬باب ال‬
‫وعي ال الناظرة ويده الباسطة وأذنه الواعية» فاخترع واضع الزيارة ل تعال عينا ويدا‬
‫وأذنا!!! ث يقول ف موضع آخر ماطبا المام‪« :‬السلم على الصل القدي والفرع الكري‪،‬‬
‫السلم على الثمر النّ»‪ .‬فهنا يصف واضع هذه الزيارة عليّا (ع) با وصفت النصارى به‬
‫السيح بن مري (ع) بأنه قدي وأنه ثرة الليقة!! ويبدو أن هذا الزائر يقول بتعدد القدماء ول‬
‫يدري أن مثل هذا القول شرك بإجاع علماء السلم!‬
‫الرجع العلى للشيعة المامية ف عصره يأمر بإزالة هذه الزيارة الشركية‪:‬‬
‫سعتُ أن الرحوم الشيخ «ممد حسن النجفي»(‪ )1‬صاحب «جواهر الكلم» الذي كان‬
‫من مراجع الشيعة الكبار دخل يوما حرم أمي الؤمني عليه السلم فرأى هذه الزيارة ذاتا معلّقةً ف‬
‫الرم‪ ،‬فاستدعى الدّام وقال لم‪ :‬ارفعوا هذه الزيارة الشركيّة ومزّقوها‪ ،‬فعملوا بأمره‪ .‬لكن رغم‬
‫ذلك قام الشيخ «عباس القميّ» ‪ -‬مع السف ‪ -‬بعد سنوات بإدراج هذه الزيارة الباطلة ضمن‬
‫كتابه «مفاتيح النان» تت عنوان «الزيارة السادسة» ووضعها تت تصرّف العوام!!‪.‬‬
‫ف هذه الزيارة عبارةٌ تصف الئمّة بأنم مشرّعو الحكام وتقول‪« :‬وعلى الئمّة الراشدين‬
‫الذين فرضوا علينا الصلوات»! هذا ف حي أن ال تعال يقول‪(( :‬وَل يُشْ ِركُ فِي ُحكْمِهِ أَحَدا))‬
‫حكْمُ إِلّا ل)) [النعام‪ ،]57:‬ويقول‪(( :‬شَ َرعَ َلكُ ْم مِنَ الدّي ِن مَا وَصّى‬
‫[الكهف‪ ،]26:‬ويقول‪(( :‬إِ ِن الْ ُ‬
‫صْينَا بِهِ ِإبْرَاهِي َم َومُوسَى َوعِيسَى)) [الشورى‪ ]13:‬حيث يرجع‬
‫بِهِ نُوحًا وَالّذِي َأوْ َحْينَا إَِليْكَ َومَا وَ ّ‬
‫ع َل ُكمْ» إل «ال» الذي ذُكِرَ ف الية الت قبلها‪ .‬وقال سبحانه أيضا‪:‬‬
‫الضمي الستتر لفعل «شَرَ َ‬
‫((َأمْ َلهُ ْم ُشرَكَا ُء شَ َرعُوا َلهُ ْم مِنَ الدّي ِن مَا لَ ْم َيأْ َذ ْن بِهِ ال)) [الشورى‪ ،]21:‬وبناءً عليه فإن التشريع‬
‫ي إمام أو حاكمٍ أن يشرع للبشر أحكاما بوصفها‬ ‫وفرض الحكام خاصّ بال تعال ول يقّ ل ّ‬

‫() هو آية ال الفقيه الصول الشيخ «ممّد حسن بن الشيخ باقر بن الشيخ عبد الرّحيم»‪ ،‬انتهت إليه الرئاسة العامة‬ ‫‪1‬‬

‫للشيعة المامية ف عصره والرجعيّة ف التقليد وكان إمام علمائهم الحقّقي‪ ،‬اشتهر بالشيخ حسن الواهري وكان من‬
‫عظماء القرن الثالث عشر الجري ونوابغه‪ ،‬ومن أش هر كتبه مو سوعته الفقهية القار نة «جواهر الكلم ف شرح شرائع‬
‫السلم» تقع ف أكثر من ‪ 50‬ملدا‪ .‬توف سنة ‪1266‬هـ‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 108 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫دينا‪.‬‬
‫وف هذه الزيارة أيضا عبارة تصف عليّا عليه السلم بأنه شجرة طوب وبأنه سدرة النتهى‬
‫وبأنه آدم ونوح وعيسى وموسى!! ويبدو أن واضعَ تلك الزيارة كان يعتقد أن الما َم هو عيُ كلّ‬
‫شيء! كما يعتقد ذلك أصحاب «وحدة الوجود» الذين يتصوّرُون أنّ ال عيُ اللقِ واللقَ عيُ‬
‫الالقِ! وبالتال عل ّي هو موسى ذاته‪ ،‬وموسى هو عليّ والعياذ بال من هذه الضللت والرافات‪.‬‬
‫وف هذه الزيارة أيضا عبارة‪« :‬السلم على حبل ال التي» هذا مع أن المام عليّا عليه‬
‫السلم ذاته اعتب مرارا أن حبل ال التي هو القرآن الكري‪ ،‬وقال ف ذلك‪« :‬وعَلَ ْي ُكمْ بِكِتَابِ ال‬
‫َفإِّنهُ الَ ْب ُل الَتِيُ‪ )1(»..‬وقال‪َ « :‬و إِ ّن ال سُبْحَانَ ُه َلمْ َيعِ ْ‬
‫ظ َأحَدا بِمِ ْث ِل َهذَا الْ ُقرْآ ِن َفِإّنهُ حَ ْبلُ ال‬
‫الَتِيُ‪ )2(»...‬فالمام يعتب القرآن الكري حبل ال التي الذي يب على المام ذاته كما يب على‬
‫جيع السلمي أن يتمسّكوا به ويعتصموا به(‪ .)3‬ولكن واضع تلك الزيارة لفّق كل ما أراد ولو كان‬
‫مالفا لكتاب ال ومالفا لكلم أمي الؤمني عليه السلم ذاته! ومن هنا ندرك مقدار إيان أمثال‬
‫هؤلء الغلة بكلم عليّ عليه السلم وحقيقة دعوى مبتهم له وتعلّقهم بالئمّة عليهم السلم‪.‬‬
‫[التلعب بعـان بعـض آيات القرآن](‪:)4‬‬
‫قال ال تعال ف وصف عظمة القرآن‪ِ(( :‬إنّا َجعَ ْلنَاهُ قُرْآنًا عَ َرِبيّا َلعَّلكُ ْم َتعْقِلُونَ * َوِإنّهُ فِي ُأمّ‬
‫الْ ِكتَابِ لَ َدْينَا َلعَِليّ َحكِيمٌ)) [الزخرف‪ ،]4-3:‬فلحظوا أن صفت «العَليّ» و«الكيم» ها ف تلك‬
‫الية للقرآن الكري‪ ،‬ولكن واضع الزيارة حرّف معان القرآن وجعل هاتي الصفتي خاصّتي‬
‫بالمام عليّ عليه السلم فقال‪« :‬السلم على صاحب الدللت الذي ذكر ال ف مكم اليات‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.156‬‬ ‫‪1‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.176‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ف الواقع ليس ف تسمية رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم أو المام علي عليه السلم بالبل التي أي غلوّ‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫كيف ل وهو إمام التقي ومول الوحدين ونباس العابدين وأسوة الجاهدين والثقل الصغر الذي أمرنا رسول ال ‪-‬‬
‫صلى ال عليه وآله‪ -‬أن نتمسك به‪ ،‬وكيف ل وقد قال عنه رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وآله‪ -‬عليّ مَ عَ القُرْآ ِن والقُرْآ نُ‬
‫مَ عَ َعِليّ لَ نْ َيفْتَ ِرقَا؟! هذا وليس من الضروري أن يكون المام عليه السلم حيّا ف الدنيا حت تصحّ تسميته ببل ال‬
‫التي وصراطه الستقيم‪ ،‬بل هو كذلك بعد وفاته لن ت سّك بسيته ومنهجه وتأ سّى بأخلقه وشائله وتعلّم من كلماته‬
‫وَ ِح َكمِهِ ومواعظه وعضّ بالنواجذ على سنّته وهديه‪( .‬الترجم)‬
‫() العناوين الفرعية الت بي معقوفتي هي من الترجم بقصد التوضيح‪( .‬الترجم)‬ ‫‪4‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 109 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫فقال تعال َوِإنّ ُه فِي أُ ّم اْلكِتَابِ َل َديْنَا َلعَ ِليّ َحكِيمٌ»! فانظروا كيف يتلعب هذا الوضّاع بعان‬
‫آيات القرآن لتحقيق هدفه وكيف جعل «العَليّ» و«الكيم» اللتان ها صفتان للقرآن صفتي أو‬
‫اسي لعليّ بن أب طالب عليه السلم!‬
‫[رحة ال تعال وكرمه هي الشفيع الستشفع به ف أدعية الئمّة الكرام]‪:‬‬
‫والطريف أنه رغم كل هذه الباطيل الخرّبة للسلم فإن هذا الزائر يطلب الشفاعة!! وإن‬
‫أتصوّر أنْ لو كان المام عليّ عليه السلم حيا وقال لمثال هؤلء الغلة‪ :‬إن الشفاعة ل وحده‬
‫ول أملكها أنا كما أنا ليست باختياركم ورغبتكم‪ ،‬لعا َد ْوهُ وخالفوه! ذلك لنم اخترعوا‬
‫لنفسهم شفاعةً تلّصهم من ك ّل ذنب وتسهّل عليهم ارتكاب العاصي‪ ،‬ف حي أن الئمة عليهم‬
‫السلم ل يكن لم مثل هذا الدّعاء‪ ،‬وقد كان عليّ عليه السلم يقول ف دعائه‪َ « :‬وقَدْ َر َجوْتُ‬
‫شفَ َع لِي عِ ْن َد َوفَاتِي ِب ُغ ْفرَاِنهِ»(‪ ،)1‬ويقول ف دعاء كميل‪« :‬اللهمّ إنّي‬
‫مِمّن تَ َولّانِي بِإ ْحسَاِنهِ أَ ْن َي ْ‬
‫ك إل َن ْفسِكَ‪ ،»..‬ويقول ف دعاء آخر من أدعيته عليه السلم‪:‬‬
‫ك ِبذِ ْكرِ َك وََأسَْتشْفِ ُع ِب َ‬
‫ب إلي َ‬
‫أتقرّ ُ‬
‫«أنت الول قبل خلقك والخر بعدهم والظاهر فوقهم‪ ....‬والدافع عنهم والشافع لم‪ ،‬ليس‬
‫أحدٌ فوقك يول دونم وف قبضتك منقلبهم ومثواهم»(‪ ،)2‬فنلحظ أن المام عليه السلم يعتب‬
‫ال تعال شفيعَهُ‪ .‬وكذلك يقول حضرة المام زين العابدين وسيد الساجدين عليه السلم ف‬
‫ت بأهل الشفاعة‪ .‬اللهم صلّ على مم ٍد وآله وشفّعْ ف خطايايَ‬
‫دعائه‪« :‬وإن شَ َفعْتُ فلس ُ‬
‫شفَ ْع ل‬
‫كرمكَ‪ ....‬اللهم ل خفي ل منك فليخ ُفرْن عزّكَ ول شفيع ل إليكَ فلَْي ْ‬
‫شفَ ُع ل إليكَ‪ ...‬ول ملذ ألأُ إليهِ منكَ‪.)4(»..‬‬
‫فض ُلكَ‪ ،)3(»...‬ويقول أيضا‪« :‬ل شفي َع ي ْ‬
‫لو كان أولئك الغلة الوضّاعون لنصوص الزيارات مؤمني حقا بالقرآن الكري ومبّي حقا‬
‫للئمّة عليهم السلم لا وضعوا تلك العبارات الغالية الت ل تفيد إل ف تقوية مذاهب الباطنية‬
‫والشيخية والصوفية الغلة‪ ،‬وتقدي أدلة يستشهدون با على إثبات عقائدهم النحرفة‪ .‬وللسف‬
‫الشديد إن أكثر الناس ل يعلمون أن تلك الزيارات موضوعة ومالفة للقرآن‪ ،‬وقد تضمّنت الزيارةَ‬

‫() الصحيفة العلوية‪ ،‬داؤه ف الناجات‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الصحيفة العلوية‪ ،‬دعاؤه ف اليوم الرابع عشر من كل شهر‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الصحيفة السجادية‪ ،‬داؤه (ع) ف ذكر التوبة وطلبها‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الصحيفة السجادية‪ ،‬دعاؤه (ع) بعد الفراغ من صلة الليل‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 110 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الت نن ف صددها ك ّل ما وضعه الغلة ف أوصاف عليّ عليه السلم ومن جلة ذلك أنه جاء‬
‫فيها‪« :‬السلم على الولود ف الكعبة الزوّج ف السماء»!‪.‬‬
‫[قصّة ولدة المام عليّ عليه السلم داخل الكعبة الشرّفة]‪:‬‬
‫موضوع ولدة أمي الؤمني عليّ عليه السلم داخل الكعبة الشرّفة الذي ذُكر ف هذه الزيارة‬
‫يقتضي منّا شيئا من التوضيح كي يطّلع القرّاء الكرام على حقيقة المر‪ ،‬ويدركوا أن كلّ رواي ٍة أو‬
‫زيارةٍ ذَكَرَتْ هذا القضيّة ليست من كلم إمامٍ بل من وضع الكذّابي‪:‬‬
‫فاعلم أن قصّة ولدة عليّ عليه السلم داخل الكعبة أحد مصاديق « ُربّ مشهورٍ ل أصل‬
‫له»‪ ،‬إ ْذ ليس لا أساسٌ مك ٌم يُعتمدُ عليه‪ ،‬ول ريب أن لمي الؤمني عليّ عليه السلم الكثي‬
‫الكثي من الفضائل والصال الرفيعة والناقب العالية الصحيحة‪ ،‬ما يغنيه عن اختلق فضائل‬
‫مصطنعة له‪.‬‬
‫ب القرطبّ» ف كتابه «الستيعاب ف معرفة‬
‫رغم أن علماء من أمثال «ابن عبد ال ّ‬
‫الصحاب» و«ابن حجر العسقلنّ» ف كتابه «الصابة ف تييز الصحابة» و«البخاري»‬
‫و«مسلم» ذكرا ف الباب الختص بناقب علي بن أب طالب الكثي من فضائل ومناقب وامتيازات‬
‫أمي الؤمني عليه السلم إل أن أحدا منهم ل يُشِر إل هذه القضية على الطلق‪ ،‬حت «ابن أب‬
‫الديد» الذي ل شبهة ف شدّة علقته ومبّته لمي الؤمني عليه السلم يقول ف «شرح نج‬
‫البلغة» (ج ‪/1‬ص ‪« :)5‬واختُلِف ف مولد عليّ عليه السلم أين كان؟ فكثيٌ من الشيعة‬
‫يزعمون أنه ولد ف الكعبة‪ ،‬والحدّثون ل يعترفون بذلك‪ ،‬ويزعمون أن الولود ف الكعبة‬
‫صيّ»‪ .‬ول شكّ أنه لو كان لذه القصة‬
‫حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قُ َ‬
‫سندٌ معتبٌ صحي ٌح لا توقّف «ابن أب الديد» ف ذكرها وإثباتا‪.‬‬
‫ورغم أن الشيخ «الكلينّ» ذكر ف باب «مولد أمي الؤمني صلوات ال عليه» من كتابه‬
‫«الكاف» أن عليا عليه السلم كان أول مولود من أبوين هاشيّي إل أنه ل يُشِرْ أي إشارة إل‬
‫ولدة المام داخل الكعبة‪.‬‬
‫وقد جع العلمة الجلسيّ ف كتابه «بار النوار»‪ ،‬ف الزء الختص بالمام عليّ (ع) ف‬
‫باب «تاريخ ولدته وحليته وشائله صلوات ال عليه» ثان وثلثي روايةً تذكر الروايتان ‪ 12‬و‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 111 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫‪ 13‬منها أنه وُلد ف بيت أب طالب‪ ،‬ف حي ل تذكر الرواية ‪ 18‬والروايات من ‪22‬حت ‪25‬‬
‫ي شيء عن ولدة المام داخل الكعبة رغم أنا تتحدّث عن جيع فضائله‬
‫ومن ‪ 27‬حت ‪ 36‬أ ّ‬
‫ومناقبه عليه السلم‪.‬‬
‫أضف إل ذلك أنه لو صحّت قصة ولدة عليّ (ع) داخل الكعبة لنقلها الكثيون من أهل‬
‫مكة سوى «يزيد بن قعنب» الشرك الراوي الوحيد لذه القصّة‪ ،‬ولا أُهل ذكرُ هذه النقبة ف‬
‫الحاديث الت تبيّن مناقب وفضائل المام عليه السلم ولستند إليها العلويون وأولد أحفاد عليّ‬
‫(ع) ف مواجهة خصومهم‪.‬‬
‫وعلى كل حال سنذكر هنا روايتي من روايات «بار النوار» طبقا للترجة الت قام با‬
‫الاج الشيخ «عباس القميّ»‪ ،‬وإذا راجع القارئ الروايات الخرى حول ولدة عليّ (ع) الت‬
‫ذكرها الجلسيّ ف البحار لا وجد فيها حديثا أفضل من هاتي الروايتي‪:‬‬
‫أما الرواية الول فتقول‪« :‬كنتُ جالسا مع العبّاس بن عبد الطلب وفريق من بن عبد‬
‫العزّى بإزاء بيت ال الرام إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمي الؤمني عليه السلم وكانت حاملةً‬
‫به لتسعة أشهر‪ ،‬وقد أخذها الطلق‪ ،‬فقالت‪ :‬ربّ إن مؤمن ٌة بك وبا جاء من عندك من رسل‬
‫ت العتيقَ‪ ،‬فبحقّ الذي َبنَى هذا‬ ‫وكتب‪ ،‬وإن مصدّقةٌ بكلم جدّي إبراهيم الليل‪ ،‬وإنه بَنَى البي َ‬
‫ت عََليّ ولدت‪ .‬قال يزيد بن قعنب‪ :‬فرأينا البيت وقد‬ ‫البيت وب ّق الولود الذي ف بطن لا يسّرْ َ‬
‫انفتح عن ظهره ودخلت فاطمة فيه وغابت عن أبصارنا‪ ،‬والتزق الائط‪ ،‬ف ُرمْنا أن ينفتح لنا ُقفْلُ‬
‫الباب فلم ينفتح‪ ،‬فعلمنا أن ذلك أمرٌ من أمر ال عزّ وجلّ‪َ[ ،‬فَب ِقيَتْ ف البيت ثلثة أيام] ث‬
‫َخرَ َجتْ بعد الرابع وبيدها أمي الؤمني عليه السلم ث قالت‪ :‬إن ُفضّ ْلتُ على من تقدّمن من‬
‫النساء لنّ آسية بنت مزاحم َعبَدَت ال عزّ وجلّ سرّا ف موضع ل يبّ أن يُعبَدَ ال فيه إل‬
‫اضطرارا‪ ،‬وإن مري بنت عمران هزّت النخلة اليابسة بيدها حت أكلت منها رُطبا جنيّا‪ ،‬وإنّي‬
‫دخلتُ بيت ال الرام فأكلتُ من ثار النّة وأرواقها(‪ ،)1‬فلمّا أردتُ أن أخرج هتف ب هاتف‪ :‬يا‬
‫فاطمة! سّيه عليّا فهو عليّ‪ ،‬وال العليّ العلى يقول‪ :‬إن َش َق ْقتُ اسَه من اسي‪ ،‬وأدبتُه بأدب‪،‬‬
‫ووقفته على غامض علمي‪ ،‬وهو الذي يكسر الصنام ف بيت‪ ،‬وهو الذي يؤذّن فوق ظهر بيت‪،‬‬

‫() قال مشّي البحار ‪ :‬ف «علل الشرائع» و«البشائر»‪( :‬وأرزاقها) وف (ك) و(ت)‪( :‬وأوراقها)‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 112 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ويُق ّدسُن ويُمجّدُن‪ ،‬فطوب لن أحبّه وأطاعه‪ ،‬وويل لن أبغضه وعصاه‪.)1(».‬‬


‫يقول الشيخ عباس القمي ف كتابه «منتهى المال»‪ :‬وف بعض الروايات أنه لا ولد عليّ‬
‫عليه السلم أخذ أبو طالب بيد فاطمة ‪ -‬وعليّ على صدره ‪ -‬وخرج إل البطح ونادى‪:‬‬
‫والقمــر البتلــج الضــي‬ ‫يا رب! يا ذا الغسق الدجي‬

‫ماذا ترى ف اسم ذا الصب‬ ‫بيّنْ لنا من حكمك القضيّ‬

‫قال‪ :‬فجاء شئ يدبّ على الرض كالسحاب‪ ،‬حت حصل ف صدر أب طالب فضمّه مع‬
‫عليّ إل صدره‪ ،‬فلمّا أصبح إذا هو بلوح أخضر فيه مكتوب‪:‬‬
‫والطاهــر النتجــب الرضــيّ‬ ‫خصصتـما بالولـد الزكــيّ‬

‫علـيّ اشــتــقّ من العلــــيّ‬ ‫فاسـمـه مـن شـامخ علـيّ‬

‫قال‪ :‬فعّلقُوا اللوح ف الكعبة وما زال هناك حت أخذه هشام بن عبد اللك(‪ ،)2‬فأنزله من‬
‫هنالك‪ ،‬ث ُفقِدَ!(‪.)3‬‬
‫لحظوا أن هذه السطورة (أرى من اليف أن تُسَمّى أمثال تلك الروايات حديثا) تذكر‬
‫أنه قبل نزول الوحي على النبّ الكرم صلى ال عليه وآله وسلم كانت زوجة عمّه تعرف كثيا‬
‫من النبياء والولياء الذين ذُكروا ف القرآن وكانت مطّلعة على الخبار الت وردت ف كتاب ال‬
‫[كقصة امرأة فرعون الؤمنة ومري ابنة عمران]‪ ،‬هذا مع أن القرآن الكري يقول لرسول ال صلى‬
‫ك مِنْ َأْنبَا ِء الْ َغْيبِ نُوحِيهَا إَِليْكَ مَا كُنتَ‬
‫ال عليه وآله وسلم حول أخبار النبياء السابقي‪(( :‬تِلْ َ‬

‫() الجلسـي فـ «بار النوار» (ج ‪/ 35‬ص ‪ ،10 - 8‬الديـث رقـم ‪ )11‬نقلً عـن [علل الشرائع ومعانـ الخبار‬ ‫‪1‬‬

‫للصدوق والغيبة للنعمان‪ :‬عن الدقاق عن السدي‪ ،‬عن النخعي‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن ممد بن سنان‪ ،‬عن الفضل‪ ،‬عن‬
‫ثابت بن دينار‪ ،‬عن سعيد بن جبي قال‪ :‬قال يزيد بن قعنب‪ ..‬الديث]‪ ،‬وقال بعد روايته‪(( :‬روضة الواعظي عن يزيد‬
‫بن قعنب مثله)) اهـ (الترجم)‬
‫() هذه الرواية أوردها أيضا الجلسي ف «بار النوار» (ج ‪/ 35‬ص ‪ )19 - 18‬نقلً عن [أب علي بن هام رفعه]‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫(الترجم)‬
‫() منتهى المال‪ ،‬الشيخ عباس القميّ‪ ،‬ص ‪ 141‬و ‪.142‬‬ ‫‪3‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 113 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫صبِرْ ِإ ّن الْعاقَِبةَ لِلْ ُمّتقِيَ)) [هود‪ .]49:‬والشكالت الواردة‬


‫ت وَل َق ْومُكَ مِنْ َقبْ ِل هَذَا فَا ْ‬
‫َتعْلَ ُمهَا َأنْ َ‬
‫على الرواية كثية نكتفي با ذكرناه‪.‬‬
‫والنقطة الخرى هي أن رواة الحاديث الت أوردها الجلسيّ ف «بار النوار» حول ولدة‬
‫عليّ (ع) ف الكعبة هم أشخاصٌ من مثل‪ :‬ممد بن فضيل والفضّل والسدي والنخعي الذين‬
‫وُصفوا ف كتب الرجال بأنم من الغلة والضعفاء واللعوني والكذابي الذين يضعون الديث‪،‬‬
‫أو روا ٌة مهولو الال مثل‪ :‬زكريا بن يي وعبد ال بن ممد‪ ،‬أو رُويت تلك الروايات عن أفراد‬
‫مهملي ليس لم أي ذكر ف كتب الرجال مثل‪ :‬أبو حبيبة وعمرو بن السن القاضي وأحد بن‬
‫عمر الربيعي (الربيقي) وأحد بن ممد بن أيوب‪ ،‬أو عن أشخاص مثل‪« :‬سهل بن أحد» الذي‬
‫ضعّفه الشيخ الطوسي وقال عنه بن الغضائري‪ :‬ضعيفٌ وضّاعٌ للحديث يروي عن الجاهيل‪،‬‬
‫وأمثال «ممد بن سنان» الذي قال عنه الشيخ الفيد ف رسالة «جوابات أهل الوصل ف العدد‬
‫والرؤيا»(‪« :)1‬وهذا الديث شاذ‪ ،‬نادر‪ ،‬غي معتمد عليه‪ ،‬طريقه ممد بن سنان‪ ،‬وهو مطعونٌ‬
‫ضعْفه‪ ،‬وما كان هذا سبي ُلهُ ل ُيعْ َملْ عَلَ ْيهِ ف الدّين»‪.‬‬
‫ف العصابةُ ف ُتهْمَته وَ َ‬
‫فيه‪ ،‬ل تتل ُ‬
‫وقد جع الستاذ «قلمداران» رحه ال ف كتابه حول «الزيارة» ما ذَكَ َرتْهُ ُكُتبُ الرجال‬
‫العتبة حول هذا الراوي «ممد بن سنان» فقال‪:‬‬
‫ألف) يقول النجاشي ف رجال (ص ‪« :)252‬هو رجلٌ ضعيفٌ جدا ل ُي َعوّل عليه‪ ،‬ول‬
‫يُلتفت إل ما تفرّد به»‪.‬‬
‫ب) ويقول ابن الغضائري عنه‪« :‬ممد بن سنان غالٍ ل يُلتفت إليه»‪.‬‬
‫ج) ويقول الشيخ أبو عمرو الكشيّ ف رجال (ص ‪ :)332‬عن أيوب بن نوح أنه كان‬
‫يقول‪« :‬ل أستح ّل أن أروي أحاديث ممد بن سنان»‪ .‬وف الصفحة ‪ 427‬يقول‪« :‬روى‬
‫حدويه بن نصي عن أيوب بن نوح أن «ممد بن سنان» قال حي وفاته‪« :‬كل ما حدثتكم به‬
‫ل أسعه من أحد بل وجدته!»»‪.‬‬
‫د) وقال ابن داوود ف رجاله (ص ‪ )505‬بعد ذكره لحمد بن سنان ف قسم الضعفاء‪« :‬إن‬

‫() ف الصفحة ‪ 20‬منه‪ ،‬ف معرض تعليقه على رواية (شهر رمضان ثلثون يوما ل ينقص أبدا)‪ ،‬الت ف سندها «ممد‬ ‫‪1‬‬

‫بن سنان»‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 114 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ب اشتريتُها من‬
‫ت شيئا‪ ،‬فإنّما هي كُتُ ٌ‬
‫ممد بن سنان كان يقول‪« :‬ل َت ْروُوا عنّي ما حدث ُ‬
‫السوق!» ث قال‪ :‬والغالب على حديثه الفساد وعلماء الرجال مّت ِفقُون على أنه من‬
‫الكذّابي‪.».‬‬
‫علوةً على كل ذلك‪ ،‬فإن روايات ولدة المام عليّ (ع) ف «بار النوار» ضعيفة‬
‫ومفضوحة ومتناقضة إل درجة جعلت الحقّق الحشيّ لكتاب البحار الستاذ «ممد باقر‬
‫البهبودي» يقول معترفا‪ ،‬بعد ماولته المع بي الروايات التعارضة والتخالفة النقولة ف هذا‬
‫الصدد‪:‬‬
‫«وأمّا اختلف التون ف تلك الخبار فل يفى على الباحث البي أن جيلً من العلماء‬
‫والرواة لا رأوا فيما مضى من الزمان إقبال الناس إل القصص والساطي صنّفوا ف تاريخ النبّ‬
‫والئمّة عليهم السلم وغي ذلك كتبا على مذهب القصّاصي من الكماء فكانوا يأتون إل‬
‫حديث صحيح ف قصة ساذجة ل تزيد على خسة أبيات فيجعلونا أكثر من خسي بيتا‪ .‬فترى‬
‫صةَ ولدة الرسول صلى ال عليه وآله وسلم وزواجه بدية (كأب السن‬
‫واحدهم يصوّرُ ق ّ‬
‫البكري ف كتاب النوار) فيصورها با يقدر عليه من الفصاحة والبلغة وإيراد الشعر والقافية‬
‫ويزيّنه ويزيد عليه ما تلهم إليه قوّ ُة اليال والذوق الشريف الدب من الصور العجيبة الت‬
‫تناسب عبقريته‪ .‬ومن ذلك قصص ولدة علي عليه السلم كما أثبتها الصنف قدّس سرّه من‬
‫الروايات فترى أحدهم يعل رسول ال صلى ال عليه وآله (قابلةً) لولدته والخر يعل ولدته‬
‫عليه السلم ف ذي الجة ليخترع وجها لطيفا ف تسمية (يوم التروية ويوم عرفة ويوم النحر)‪،‬‬
‫وآخر يأت بقصّة مثرم بن رغيب بن الشيقنام؟!! وآخر يترع له عليه السلم أسامي عجيبة عند‬
‫ض خالصٍ ونّيةٍ‬
‫كل فريق‪ .‬فهذا وأمثاله من تزيينات القصّاصي وإنّما صوّروها وصنّفوها لغر ٍ‬
‫صالةٍ فلهم الجر‪ ،‬ومكتبهم هذا هو الكتب الذي تبعه علماء الغرب وأدبائهم ف عصرنا هذا‬
‫للب العامة إل القائق التاريية وسّوه «رومانتيسم»!»(‪.)2‬‬
‫[عبارات أخرى من الغلوّ ف الطراء]‬

‫() «بار النوار»‪ ،‬لجلسـي‪ ،‬الجلد الاص بأميـ الؤمنيـ (ع)‪ ،‬حاشيـة الصـفحة ‪ 42‬فمـا بعـد‪( .‬الؤلف)‪ .‬قلت‪ :‬هـو‬ ‫‪2‬‬

‫الجلد ‪ 35‬ص ‪ 39‬ف الطبعة الديدة للبحار‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 115 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫نعود إل عبارات الزيارة رقم (‪ )23‬حيث جاء فيها‪« :‬السلم على من َشرُفت به مكّة‬
‫ومن»!! هذا ف حي أن المام نفسه كان يذهب إل زيارة الكعبة لنيل الثواب وكسب الدرجات‬
‫وكان أبناؤه الكرام يذهبون ماشي على أقدامهم إل مكة لنيل الشرف بزيارتا والطواف ف الكعبة‬
‫الشرفة‪ ،‬وقام إبراهيم الليل (ع) برفع قواعد البيت لكسب الثواب والتقرّب إل ال فأثن ال عليه‬
‫ت َوِإسْمَاعِيلُ َرّبنَا َت َقبّلْ ِمنّا ِإنّكَ َأْنتَ السّمِيعُ اْلعَلِيمُ))‬
‫بقوله‪َ (( :‬وإِ ْذ يَرْفَعُ ِإبْرَاهِي ُم الْ َقوَاعِ َد مِ َن اْلَبيْ ِ‬
‫ك َومَ ْن ُيعَظّ ْم َشعَائِرَ ال فَِإّنهَا مِ ْن َت ْقوَى‬‫[البقرة‪ .]127:‬هذا وقد قال ال تعال كذلك‪(( :‬ذَلِ َ‬
‫ب والمام والأموم أن يعظّموا شعائر‬ ‫الْقُلُوبِ)) [الج‪ ،]32:‬فأوجب على جيع خلقه با ف ذلك الن ّ‬
‫ال‪ .‬ومناسك الج والذهاب إل مكة والتطواف بن الصفا والروة من شعائر ال ومن تشريع رب‬
‫العالي ل من تشريع اللق‪ ،‬كما قال سبحانه‪(( :‬وَالْبُ ْدنَ َجعَ ْلنَاهَا َلكُمْ مِ ْن َشعَائِرِ ال َلكُمْ فِيهَا‬
‫َخيْرٌ)) [الج‪ ،]36:‬وقال‪(( :‬إِ ّن الصّفَا وَالْمَ ْر َو َة مِ ْن َشعَائِرِ ال)) [البقرة‪ ،]158:‬وبالتال فقد كان‬
‫تعظيم شعائر ال وأدائها واجبا على أمي الؤمني (ع) أيضا‪ ،‬ول يوجد مسلم يقلّل من شأن تلك‬
‫الشعائر سوى وضّاعي متون أمثال هذه الزيارة الغلة مهول الذهب!!‬
‫ث جاء ف هذه الزيارة‪« :‬السلم على من ُردّت له الشمس فقضى ما فاته من الصلة»‬
‫وقد سبق أن بينّا بطلن هذه القصة فراجعه(‪ .)1‬ونضيف هنا أن واضع هذه الزيارة ل يفكّر جيّدا‬
‫فيما يقوله إذْ قال‪« :‬فقضى ما فاته من الصلة» بدلً من أن يقول «فأدى ما فاته من الصلة»‬
‫لن الشمس ‪-‬حسب ادعائه‪ -‬قد عادت وعاد وقت العصر وكان الدف من كل تلك العجزة‬
‫الزعومة أن يؤدّي عل ّي الصلةَ ف وقتها‪ ،‬وإل فإذا كان الشأن أن يصليها رغم ذلك قضا ًء لا كان‬
‫هناك حاجة لكل تلك العجزة الكونية الارقة!! فلحظ كيف أن هؤلء الوضّاعي ل يكونوا‬
‫يفكرون فيما يضعونه من ألفاظ ول ينتبهون إل أن العبارات الت يضعونا ل تؤدّي حت‬
‫مقصودهم!‬
‫وتواصل الزيارة عباراتا الغالية الخالفة للقرآن فتقول‪« :‬السلم على من عنده تأويل‬
‫الحكم والتشابه وعنده أم الكتاب»!! هذا مع أنّ ال تعال بيّن أن موضوع التأويل خاصّ‬
‫باليات التشابات فقط أما هذا الراوي الغافل فقد أدخل الحكم ف موضوع اليات الت تتاج‬
‫إل التأويل أيضا!! أضِفْ إل ذلك أنه تعال ‪ -‬ف القرآن ‪ -‬حصر العلم بتأويل التشابات بذاته‬

‫() راجع الصفحة ‪ 91-90‬من هذا الكتاب‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 116 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الحَديّة فقال ((وَمَا َيعْلَ ُم َتأْوِي َلهُ ِإلّا ال))‪ ،‬وهذا هو ما فهمه المام عليّ عليه السلم نفسه أيضا‬
‫ي فِي اْلعِ ْلمِ ُه ُم الّذِينَ‬
‫من الية فحصر تأويل التشابات بال وحده فقال‪« :‬واعْ َل ْم أَ ّن الرّاسِخِ َ‬
‫ي ُه ِمنَ اْلغَيْبِ‬
‫جمْ َل ِة مَا َجهِلُوا َتفْسِ َ‬
‫أَغْنَاهُمْ َع ِن اقْتِحَا ِم السّ َد ِد الَضْرُوبَ ِة دُونَ اْلغُيُوبِ ال ْقرَارُ بِ ُ‬
‫جزِ َعنْ تَنَاوُ ِل مَا َل ْم يُحِيطُوا ِبهِ عِلْما وسَمّى َترْ َك ُهمُ‬
‫الَحْجُوبِ فَ َمدَحَ ال َتعَالَى اعِْترَا َف ُهمْ بِالْعَ ْ‬
‫التّعَ ّم َق فِيمَا َلمْ ُيكَ ّلفْ ُه ُم الْبَحْثَ َعنْ كُ ْن ِههِ ُرسُوخا»(‪ ،)2‬إ ْذ يشي المام ف خطبته هذه إل الية‬
‫الكرية من سورة آل عمران الت تقول‪َ (( :‬ومَا َيعَْل ُم تَ ْأوِيلَهُ إِلّا ال وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِ ْل ِم َيقُولُونَ آ َمنّا‬
‫بِهِ ُك ّل مِ ْن عِنْدِ َربّنَا َومَا يَذّكّرُ إِلّا ُأوْلُوا الَْلبَابِ)) [آل عمران‪ ،]7:‬ويصرّح بأن الراسخي ف العلم‬
‫أيضا يقرّون بعجزهم عن تأويل التشابات َوَيكِلُونَ علمها إل العالِم بالغيب الحجوب‪ ،‬وقد‬
‫أوضحتُ هذه السألة ف كتاب «تابشى از قرآن» (أي شعاع من القرآن)‪.‬‬
‫[الرعد‪:‬‬ ‫ويقول الق تعال ف وصف ذاته‪(( :‬يَمْحُوا ال مَا يَشَا ُء َويُْثِبتُ َو ِعنْ َدهُ ُأ ّم الْ ِكتَابِ))‬
‫‪ ،]39‬ولكن واضع تلك الزيارة يقول عن المام‪« :‬عنده أم الكتاب»! متجاهلً كلم ال‬
‫سبحانه‪.‬‬
‫وكذلك جاء ف الزيارة عبارة‪« :‬السلم على النبأ العظيم» حيث اعتب أن عليّا عليه السلم‬
‫هو النبأ العظيم متلعبا بعان ألفاظ القرآن‪ ،‬لن سورة النبأ ما نزل ف مكة وهي تشي إل‬
‫موضوع القيامة الت كان الشركون متلفون حولا ويتساءلون عنها وكان عدي ٌد منهم ينكرها‬
‫سيَعَْلمُونَ)) [النبأ‪-1:‬‬
‫ختَِلفُونَ * كَلّا َ‬
‫فقال تعال‪(( :‬عَ ّم َيتَسَاءَلُونَ * عَ ِن الّنبَِإ الْعَظِيمِ * الّذِي هُمْ فِيهِ ُم ْ‬
‫‪ ،]4‬ث بيّنت اليات التالية من السورة ذلك المر الذي كانوا يتساءلون عنه فقال سبحانه‪ِ(( :‬إنّ‬
‫َيوْ َم اْلفَصْلِ كَا َن مِيقَاتًا * َي ْومَ يُنفَخُ فِي الصّورِ َفَتأْتُونَ أَ ْفوَاجًا)) [النبأ‪ .]18-17:‬وهذا العن أكّدته‬
‫آيات أخرى من القرآن كقوله سبحانه‪(( :‬قُ ْل ُهوَ نََبأٌ عَظِيمٌ * َأنْتُ ْم َعنْ ُه ُمعْرِضُونَ)) [ص‪،]68-67:‬‬
‫ول بد من أن ننتبه إل أن سورة «النبأ» مكية ول يكن أحدٌ يتلف ف مكّة حول عليّ عليه‬
‫ختَِلفُونَ)) [النبأ‪.!]3:‬‬ ‫السلم حت يقول عنه سبحانه‪(( :‬الّذِي هُمْ فِي ِه مُ ْ‬
‫علوةً على ذلك فإن عليّا عليه السلم ذاته يقول ف دعائه ‪-‬كما جاء ف دعاء يوم الثني‬
‫ف «الصحيفة العلويّة» ‪« :-‬الم ُد ل الذي عرّفن النّبأ العظيم‪ ،»....‬ما يبيّن أن واضعي تلك‬
‫الزيارات ل علم لم بالقرآن ول بكلم أمي الؤمني عليه السلم‪.‬‬
‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.91‬‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 117 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫[قصّة الثعبان الذي كلّم أمي الؤمني (ع) ف مسجد الكوفة]‬


‫ب الثعبان على منب الكوفة»‪ ،‬وف هذا إشارة‬
‫ث جاء ف الزيارة عبارة‪« :‬السلم على مُخَا َط ِ‬
‫إل قصّة من وضع الغلة تقول إن ثعبانا دخل مسجد الكوفة عدّة مرات ورفع رأسه وكلّم عليّا‬
‫(ع)‪ .‬وليت شعري كيف ل يقل أحد لذا الُرافّ‪ :‬لاذا ل يقم بعض أهله الكوفة أو مسلّحيها‬
‫بالجوم على ذلك الثعبان لّا دخلها بل تركوه يسي بريّة حت يدخل السجد؟ هل كانوا يعلمون‬
‫أن ف نيته تكليم عليّ (ع)؟! وكيف ل يف أحد ف السجد منه ول يتلّ النظام ف السجد‬
‫بسببه؟ أضف إل ذلك أن عصا موسى الت توّلت إل ثعبان مرّة أو مرّتي أحدثت كل تلك‬
‫الضجّة ف الدنيا وأدّت إل إيان عدد من الناس‪ ،‬أما هذا الثعبان فلم ينقل أحد خب تكليمه لعليّ‬
‫عليه السلم سوى هذا الوضّاع للزيارات الغال ف دينه! وثانيا لاذا يكلّم الثعبان عليّا وما فائدة‬
‫ذلك؟ وأساسا مع وجود معجزة القرآن الكافية والالدة الباقية ليس هناك حاجة لعجزة أخرى‪،‬‬
‫لذلك ند أن القرآن الكري يبيّن لنا ف سورة السراء أن الشركي عندما طلبوا من النبّ صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم معجزات خارقة كأن يفجر لم الرض ينبوعا أو يُسقط عليهم السماء كسفا أو‬
‫يرقى إل السماء‪...‬ال أجابم الرسول قائلً‪(( :‬قُ ْل ُسبْحَانَ َربّي هَلْ كُنتُ إِلّا بَشَرا َرسُولً))‬
‫[السراء‪ ]93:‬ولسان حاله يقول أنا لستُ بقادر على هذه الوارق وهي ف قدرة ال وحده ولكنه‬
‫تعال منّه عن فعل ما هو لغو وباطل إذ إن العجزة متحققةٌ بالقرآن‪ ،‬فإن كان أولئك القوم‬
‫صادقون ف طلبهم القيقة فعليهم أن يعودوا إل القرآن ويتدبّروا آياته‪.‬‬
‫ب حتّى يلفه أحد]‬
‫[ليس ل خليف ٌة لنه تعال ل َيغِـ ْ‬
‫ونقرأ أيضا ف الزيارة رقم (‪ )23‬من هذا الباب عبارة‪« :‬السلم على أمي ال ف أرضه‬
‫وخليفته» هذا مع أنه ليس ل خليفةٌ لن الليف َة هو الذي يلف من غاب أو مات وال تعال م ّنهٌ‬
‫عن ذلك‪ .‬أضف إل ذلك أن ال تعال ل يدّه مكان حت يلفه شخص ويقوم مقامه إذْ ل يكن‬
‫لخلوق أن يقوم مقام ال أو يفعل أفعاله‪ ،‬أما قوله تعال للملئكة‪ِ(( :‬إنّي جَاعِلٌ فِي الَ ْرضِ‬
‫خَلِي َفةً)) [البقرة‪ ]30:‬فالقصود خليفة السابقي من الخلوقات ول يقل تعال «خليفة ل» أو‬
‫«خليفت»‪ .‬وقد َفهِ َم اللئكةُ الخاطبون بذلك الكلم العن جيدا وهو أن ال تعال يريد أن يُوجِدَ‬
‫ملوقا جديدا يلف الخلوقات أو الدميي السابقي الذين أُهلكوا بعد أن كانوا مفسدين ف‬
‫سفِكُ ال ّدمَاءَ‬
‫جعَلُ فِيهَا مَ ْن ُيفْسِدُ فِيهَا َويَ ْ‬
‫الرض سفّاكي للدماء كما جاء ف تتمّة الية‪(( :‬قَالُوا َأتَ ْ‬
‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 118 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫سبّ ُح بِحَ ْم ِدكَ َوُنقَدّسُ لَكَ)) [البقرة‪ ،]30:‬وإل فإن خليفة ال ليس بسفّاك ومفسد وال‬‫َونَحْ ُن نُ َ‬
‫تعال ل يتار للفته كائنا سفّاكا ومفسدا‪ .‬وبالطبع قد تكون أ ّم ٌة بأجعها خليفة لمة سابقة‪،‬‬
‫ف الَ ْرضِ)) [النعام‪:‬‬
‫لكن ل أحد يكون خليفةً ل كما قال تعال‪َ (( :‬و ُهوَ الّذِي َجعََلكُمْ خَلئِ َ‬
‫‪ .]165‬وخليفة ال ‪ -‬إن وُجد على فرض الحال‪ -‬ل يكون كافرا ف حي أن ال تعال يقول‪:‬‬
‫(( ُهوَ الّذِي َجعََلكُمْ خَلئِفَ فِي الَ ْرضِ فَمَنْ َكفَرَ)) [فاطر‪ ،]39:‬وف وصيته للمام السن (ع)‬
‫اعتب المام عل ّي (ع) نفسَه‪« :‬خليفة الموات»‪.‬‬
‫[العجزات فعل ال تعال ل فعل البشر]‬
‫ونقرأ ف هذه الزيارة أيضا‪« :‬السلم على صاحب العجزات القاهرات والُنْجِي من‬
‫اللكات»! ويبدو أن واضع الزيارة ل يقرأ ف القرآن قول ال تعال لرسوله با معناه‪ :‬إنك ل تلك‬
‫أن تأتيهم بعجزات لن «العجزة» فعلُ ال ل فعل البشر(‪ .)1‬وف الجابة عن مطالبة الذين كانوا‬
‫يطلبون من رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم أن يأتيهم بآية ‪ -‬وكان الرسول صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم ييل إل ظهور معجزات غي القرآن كي يؤمن بعض العاندين ‪ -‬قال تعال لنبيّه صلى‬
‫ضهُمْ فَِإنِ ا ْستَ َط ْعتَ َأ ْن تَْبَتغِ َي َن َفقًا فِي الَ ْرضِ َأوْ‬
‫ال عليه وآله وسلم‪َ (( :‬وإِنْ كَانَ َكبُ َر عََليْكَ ِإعْرَا ُ‬
‫ن الْجَاهِِليَ)) [النعام‪:‬‬ ‫ج َم َعهُ ْم عَلَى اْلهُدَى فَل َتكُونَ ّن مِ َ‬ ‫سُلّمًا فِي السّمَاءِ َفَتأِْتَيهُ ْم بِآَيةٍ وََل ْو شَاءَ ال لَ َ‬
‫‪ ،]35‬ويقول‪(( :‬وَقَالُوا َلوْل نُزّ َل عََليْ ِه آَيةٌ مِنْ َربّهِ قُلْ ِإنّ ال قَادِ ٌر عَلَى َأنْ ُينَزّلَ آَيةً وََلكِنّ أَ ْكثَ َرهُمْ‬
‫ل َيعْلَمُونَ)) [النعام‪ .]37:‬والوضح من ذلك أن القرآن هو العجزة وال تعال هو الذي أوجده‬
‫ح ُن نَزّْلنَا الذّكْ َر َوِإنّا لَهُ َلحَافِظُونَ)) [الجر‪ ،]9:‬وقال‪َ (( :‬وإِنْ كُنتُمْ‬ ‫وأنزله على نبيه لذا قال‪ِ(( :‬إنّا نَ ْ‬
‫ب مِمّا نَزّْلنَا عَلَى َعبْ ِدنَا َف ْأتُوا بِسُو َرةٍ مِ ْن ِمثْلِ ِه وَا ْدعُوا ُشهَدَاءَكُ ْم مِنْ دُونِ ال ِإنْ كُنتُمْ‬ ‫فِي َريْ ٍ‬
‫صَادِِقيَ)) [البقرة‪ .]23:‬ولو اجتمع جيع النبياء لا استطاعوا أن يأتوا من عندهم بسورة من مثله‪.‬‬
‫ويقول سبحانه ف سورة السراء عن معجزة سيدنا صال (ع)‪(( :‬وَآتَْينَا ثَمُو َد النّاَقةَ ُمْبصِ َرةً فَظََلمُوا‬
‫خوِيفا)) [السراء‪ ،]59:‬وقال بشأن معجزة إبراهيم‪(( :‬قُ ْلنَا يَانَارُ كُونِي‬ ‫ِبهَا َومَا نُ ْرسِ ُل بِاليَاتِ إِلّا تَ ْ‬
‫بَرْدا َوسَلما عَلَى ِإبْرَاهِيمَ)) [النبياء‪ .]69:‬وبالتال فهذه العجزة ل تكن من صنع إبراهيم‪ .‬وكذلك‬
‫لا رمى سيدنا موسى (ع) العصا وتوّلت إل ثعبان خاف منها وف ّر هاربا ولو كانت من صنعه لا‬
‫َاتـ عِندَ ال َوإِنّمَا أَنَا َنذِي ٌر مّبِيٌ))‬
‫ّهـ قُلْ ِإنّمَا الْآي ُ‬ ‫َاتـ مّنـ رّب ِ‬‫ْهـ آي ٌ‬ ‫() لعله يشيـ إل قوله تعال ‪َ (( :‬وقَالُوا َل ْولَا أُنزِلَ َعلَي ِ‬ ‫‪1‬‬

‫(العنكبوت‪ ،)50 :‬أو قوله تعال‪(( :‬وََيقُولُو َن َلوْلَ أُنزِلَ َعلَيْ هِ آيَ ٌة مّ ن رّبّ هِ َفقُلْ إِنّمَا اْلغَيْ بُ ل فَانْتَظِرُواْ إِنّ ي َمعَكُم مّ نَ‬
‫الُنتَظِرِينَ)) (يونس‪( )20 :‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 119 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ف َسنُعِي ُدهَا سِيََتهَا الُولَى)) [طه‪.]21:‬‬ ‫خ ْ‬ ‫خاف منها لذا قال الق سبحانه‪(( :‬قَالَ ُخ ْذهَا وَل تَ َ‬
‫وإذا نُسبت العجزات إل النبياء عليهم السلم فذلك لن ال أوجدها بدعائهم تصديقا لنُُب ّوتِهم‪.‬‬
‫فدورهم هو الدعاء فقط‪ .‬وبثل ذلك نرى أن سيدنا عيسى (ع) كان يدعو فيحوّل ال تعال هيئة‬
‫الطي الطينية إل طي حقيقي أو ييي الوتى كما قال سبحانه‪(( :‬وَ َرسُولً إِلَى بَنِي ِإسْرَائِيلَ َأنّي قَدْ‬
‫ِجْئتُكُ ْم بِآَي ٍة مِنْ َرّبكُمْ َأنّي أَخُْلقُ َلكُمْ مِنَ الطّيِ َك َهيَْئةِ ال ّطيْرِ َفأَنفُخُ فِيهِ َفَيكُو ُن طَيْرا بِِإ ْذنِ ال‬
‫ئ الَكْمَ َه وَا َلبْ َرصَ َوأُ ْح ِي الْ َم ْوتَى بِإِ ْذنِ ال)) [آل عمران‪.]49:‬‬ ‫َوأُبْ ِر ُ‬
‫والفارقة أن العلمة «الجلسيّ» ذاته الذي أورد تلك الزيارات الليئة بالعبارات الرافية بيّنة‬
‫الغلوّ‪ ،‬ذكر ف باب «نفي الغلو» ف الجلد السابع من الطبعة القدية لبحار النوار عن المام‬
‫الرضا (ع) أنه قال‪« :‬ل تكن العجزات فعل النبياء بل فعل ال»‪ ،‬فيا ليت وضاعي تلك‬
‫ب الئمة عليهم السلم ذهبوا وقرؤوا كلمات المام الرضا عليه السلم‬
‫الزيارات الذين يدّعون ح ّ‬
‫كي ل يترعوا معجزات ينسبونا إليه‪.‬‬
‫إضافةً إل مالفتها للقرآن الكري فإن كلمات هذه الزيارات تالف العقل أيضا لن الالق‬
‫الذي أوجد قواني الطبيعة والعلل والعلولت والسباب والسبّبات هو وحده القادر على خرق‬
‫الطبيعة وإبطال مفعول العلل كإزالته أثر الرارة للنار وتويلها بردا وسلما‪ ،‬فهو خالق كل شيء‬
‫سواء كان ذلك ناقة صال (ع) أم إلنة الديد لداود (ع)‪ .‬فكل العجزات الت ينسبها الغلة إل‬
‫الئمة [أي إل فعلهم] مالفة للقرآن وليس لا مستند قرآن وموضوعةٌ مكذوب ٌة وهي مثل كل‬
‫العجزات الت تنسبها كل فرقة من الفرق الوجودة ف الدنيا إل قادتا ومرشديها‪ .‬فلو لحظنا مثلً‬
‫كتاب «تذكرة الولياء» للشيخ «فريد الدين عطّار النيشابوري» لرأيناه ينسب إل الشيوخ‬
‫الرشدين الصوفية عشرات العجزات(‪!!)1‬‬
‫وللسف لذه الرافات مؤيدون متعصبون لا ف متمعنا وكلما أراد أحد ‪-‬مثل راقم هذه‬
‫السطور‪ -‬أن يلّص الناس منها ويوعّيهم إل بطلنا عاداه أولئك التعصبون وكالوا له آلف التهم‬
‫بل هددوه ف نفسه وماله وعرضه‪ .‬ولكننا لا رأينا أن العقلء ل يكن أن يقبلوا بدين خرافّ‪ ،‬وأن‬

‫() ليـس هناك إشكال فـ ظهور خوارق على أيدي أولياء ال الصـالي ول تسـمى معجزة بـل تسـمى كرامـة‪ ،‬وإناـ‬ ‫‪1‬‬

‫ت من فعل ال أظهرها على أيدي أوليائه فل إشكال ف ذلك‬


‫الشكال أن تُعتب تلك الوارق من فعل البشر‪ ،‬فإذا اعتُبِ َر ْ‬
‫بإجاع السلمي‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 120 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫كثيا من الشباب الثقفي خريي الامعات يتصوّرون أن الدين هو هذه الرافات ذاتا فينفرون‬
‫منه ويتّجهون نو التيّارات اللادية‪ ،‬رأينا من الضروري أن نبيّن حقائق الدين وأن نتحمّل ف هذا‬
‫السبيل كلّ الذى الذي يُوِقعُهُ بنا التاجرون بالدّين الذين يروّجُون الرافات الت تُرضِي العوام‪،‬‬
‫متسبي الجر عند ال تعال فليفعل أصحاب الوانيت الذهبية بنا ما يشاؤون فإن العاقبة لهل‬
‫التقوى واليقي‪.‬‬
‫ونقرأ ف هذه الزيارة أيضا‪« :‬والنجي من اللكات الذي ذَ َكرَه ال ف مكم اليات» وهذا‬
‫افتراء واضح على ال‪ ،‬لنه تعال ل يذكر ف آياته أبدا أن أحدا غيه «منجٍ من اللكات» وواضع‬
‫هذه الزيارة ل يستح من ال تعال الذي بيّن أنه هو الذي كان دائما النجي لعباده ل غيه كما‬
‫جْينَاهُ ْم مِ ْن عَذَابٍ‬ ‫جْينَا هُودا وَالّذِينَ آ َمنُوا َمعَهُ ِبرَحْ َم ٍة ِمنّا َونَ ّ‬ ‫قال تعال مثلً‪(( :‬وَلَمّا جَاءَ َأمْ ُرنَا نَ ّ‬
‫جيْنَا صَالِحا وَالّذِينَ آ َمنُوا َمعَ ُه بِرَ ْح َم ٍة ِمنّا َومِنْ خِزْيِ‬ ‫غَلِيظٍ)) [هود‪ ،]58:‬وقال‪َ(( :‬فلَمّا جَاءَ َأمْ ُرنَا َن ّ‬
‫جْينَاكَ مِ َن الْغَ ّم وََفَتنّاكَ ُفتُونا)) [طه‪ ،]40:‬وقال‬ ‫ت َنفْسا َفنَ ّ‬‫َيوْ ِمئِذٍ)) [هود‪ ،]66:‬وقال كذلك‪(( :‬وََقتَ ْل َ‬
‫ب اْلعَظِيمِ)) [الصافات‪ ،]76:‬واعتب ذاته الحدية «منجيا»‬ ‫جْينَا ُه َوأَهْلَ ُه مِنَ الْكَرْ ِ‬‫تعال عن نوح‪َ (( :‬ونَ ّ‬
‫لميع النبياء والؤمني فقال‪(( :‬ثُ ّم ُننَجّي ُرسَُلنَا وَالّذِينَ آ َمنُوا كَذَلِكَ َحقّا عََلْينَا ُننْ ِج الْ ُم ْؤ ِمنِيَ))‬
‫[يونس‪ ،]103:‬ومثلها كثي من اليات الخرى‪.‬‬
‫وف رأي هذا العبد الفقي لقد كان السلمون نائمون وكان هؤلء الغلة النافقون مستيقظي‬
‫ودسّوا ف كتب السلم مطالب مالفة للقرآن على قدر ما استطاعوا تت اسم الديث والزيارة‬
‫والدعية كي يسوقوا الناس نو الشرك‪ .‬والواقع أن وضع الديث ابتدأ منذ زمن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله وسلم وتواصل منذ ذلك الي كما قال أمي الؤمني عليه السلم‪« :‬وَلقَدْ ُك ِذبَ‬
‫عَلَى َرسُولِ ال (صلى ال عليه وآله) عَلَى َع ْه ِدهِ حَتّى قَا َم خَطِيبا َفقَالَ َمنْ َك َذبَ عَ َليّ مَُتعَمّدا‬
‫فَلْيَتََب ّوأْ َم ْقعَ َد ُه ِمنَ النّارِ»(‪.)1‬‬
‫أجل‪ ،‬إن هذا الغلوّ له سوابق ترجع إل ألف عام ماضية‪ .‬وهنا قال السيد ابن طاووس‬
‫ومقلّدوه‪ :‬صلّ ركعتي لكلّ من سيدنا آدم وسيدنا نوح وسيدنا عل ّي فيكون الجموع ست‬
‫ركعات! وليت شعري أل يكن ف القوم من يسأله ما هو دليلك على مشروعية هذه الصلوات؟!‬
‫ث الناس على عبادات دون أن يأتيهم بالدليل على مشروعيتها‬
‫وهل يوز للسيد ابن طاووس أن ي ّ‬
‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.210‬‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 121 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫واستحبابا؟ ث يروي بعد ذلك ناسبا إل المام الصادق عليه السلم قوله‪ :‬إنّ ك ّل من قرأ هذه‬
‫الزيارة ‪( -‬الت رأينا مقدار امتلئها بالعبارات الشركية الضادّة للقرآن)‪ -‬قُبِلَتْ زيارته وشفعته ف‬
‫مسألته بالغا ما بلغ وأعطيته ُسؤْلَه!‪ .‬وكل هذا الكلم مالف لكتاب ال‪ ،‬فهل سيدنا رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم قاضي الاجات ومعطي السائل؟ إن القرآن الكري حصر كل هذه‬
‫المور بال وحده‪ ،‬وكذلك دعاء «الوشن» وبعض الدعية الصحيحة الخرى [مثل أدعية‬
‫الصحيفة السجادية والصحيفة العلوية وما جاء ف نج البلغة] حصرت كل تلك الوصاف بال‬
‫وحده‪ ،‬وف هذا يقول المام عليّ عليه السلم بأفصح بيان‪:‬‬
‫ح ْرمَانَ‪ .....‬واعْ َل ْم أَ ّن اّلذِي بَِي ِدهِ َخزَائِنُ‬
‫ك َفإِ ّن بَِي ِدهِ اْلعَطَا َء والْ ِ‬
‫ص فِي ا َلسَْأَلةِ ِل َربّ َ‬
‫«وَأخْلِ ْ‬
‫سأََل ُه لُِيعْطِيَكَ‬
‫ك بِالجَاَبةِ وَأمَرَ َك أَ ْن َت ْ‬
‫ض َقدْ َأذِ َن َلكَ فِي الدّعَا ِء وتَ َك ّفلَ َل َ‬
‫السّمَاوَاتِ والرْ ِ‬
‫شفَ ُع َلكَ‬
‫ك ِإلَى َمنْ َي ْ‬
‫ج َع ْل بَيَْنكَ وبَيَْنهُ َم ْن يَحْجُُبكَ عَ ْن ُه وَلمْ يُلْجِ ْئ َ‬
‫وَتسَْت ْرحِ َمهُ لَِي ْرحَ َمكَ وَلمْ يَ ْ‬
‫سكَ مِ َن الرّحْ َم ِة َبلْ َج َعلَ‬
‫ك بِالّنقْ َمةِ‪ ...‬وَلمْ ُي ْؤيِ ْ‬
‫ِإلَيْ ِه ولَ ْم يَمَْن ْعكَ إِ ْن َأسَ ْأتَ مِ َن الّتوَْبةِ وَلمْ ُيعَاجِ ْل َ‬
‫ح َلكَ بَابَ‬
‫ب َحسَنََتكَ َعشْرا وفَتَ َ‬
‫ب سَيّئََتكَ وَاحِ َد ًة وحَسَ َ‬
‫ب َحسَنَ ًة وحَسَ َ‬
‫ُنزُو َعكَ َع ِن ال ّذنْ ِ‬
‫ت ِإلَ ْيهِ‬
‫جوَا َك َفَأفْضَيْ َ‬
‫ب َفإِذَا نَا َديَْتهُ سَ ِم َع نِدَا َك وإِذَا نَاجَيَْتهُ عَ ِل َم نَ ْ‬
‫ب السِْتعْتَا ِ‬
‫الَـتَابِ وبَا َ‬
‫ك واسْتَعَنَْتهُ عَلَى‬
‫ك واسَْت ْكشَفَْتهُ ُكرُوَب َ‬
‫ت ِإلَ ْيهِ هُمُومَ َ‬
‫سكَ وشَ َكوْ َ‬
‫بِحَاجَِتكَ وَأبْثَثَْتهُ ذَاتَ نَ ْف ِ‬
‫حةِ‬
‫صّ‬‫ُأمُورِ َك وسََألَْتهُ ِم ْن َخزَاِئنِ َرحْمَِت ِه مَا ل َي ْقدِرُ عَلَى إِ ْعطَاِئهِ غَ ْي ُر ُه ِمنْ ِزيَا َدةِ العْمَارِ و ِ‬
‫سأَلَِتهِ‪ ،‬فَمَتَى‬
‫ك فِيهِ ِم ْن َم ْ‬
‫ح َخزَائِِنهِ بِمَا َأذِ َن لَ َ‬
‫الْبدَا ِن وسَ َعةِ الرْزَاقِ‪ُ ،‬ث ّم جَ َع َل فِي َيدَْيكَ مَفَاتِي َ‬
‫ت شَآبِيبَ َرحْمَِتهِ‪.)1(»....‬‬
‫ب ِنعْمَِتهِ واسْتَ ْم َطرْ َ‬
‫ت بِالدّعَاءِ أَْبوَا َ‬
‫شِئْتَ اسَْتفْتَحْ َ‬
‫ث أورد الجلسيّ ف هذا الباب زيارة برقم (‪ )34‬طويلة الت وملوءة أيضا بعبارات الطراء‬
‫[التجاوز لدود الشرع] والتمجيد الغال الخالف للقرآن(‪ .)2‬ومن الطريف أننا ند الزائر ف هذه‬
‫الزيارات يعتب نفسه أحيانا مذنبا ومقصرا ومستحقا للعذاب‪ ،‬ث نراه مباشرة يعتب نفسه من‬
‫التّقي!! وف هذه الزيارات عبارات من الطعن واللعن لعداء عليّ عليه السلم رغم أنه مضت‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الرسالة ‪.31‬‬ ‫‪1‬‬

‫() أعت قد أن الجلسيّ ل ا كان من أن صار ال سلطي الف سقة الفا سدين وحاشيت هم مؤيديهم والتزلّف ي إلي هم أمثال الشاه‬ ‫‪2‬‬

‫سليمان والشاه سلطان حسي الصفويّيْن وكان يصوّر أن حكومة أولئك السلطي ُمؤَّيدَة مِ ْن قِبَلِ أئمة أهل البيت عليهم‬
‫ال سلم وكان يبالغ ف مدح أول ـئك ال سلطي وتجيد هم‪ ،‬تيّ ل خطأً أن أئ مة أ هل الب يت أيضا ‪-‬والعياذ بال تعال‪-‬‬
‫ُيسَرّون أيضا من مثل هذه الدائح الفرطة والطراءات وصنوف التمجيد‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 122 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫على تلك الروب قرون متمادية واليوم جيع السلمي يترمون عليا عليه السلم ول يعاديه أحد‬
‫فل فائدة من تلك العبارات سوى إثارة الفتنة وبثّ الفرقة بي السلمي‪ .‬وف هذه الزيارة عبارات‬
‫تعل المام وارث النبياء والرسلي وأنه وسائر الئمة أفضل من سائر النبياء السابقي‪ ،‬مع أن‬
‫الئمة أنفسهم عليهم السلم نوا عن مثل هذا الغلو بقّهم ول يكونوا معجبي بأنفسهم على‬
‫الطلق‪ ،‬حت أن المام عليّا عليه السلم يقول ف وصيته للمام السن عليه السلم‪« :‬واعْ َل ْم أَنّ‬
‫ض ّد الصّوَابِ وآ َفةُ اللْبَابِ»(‪.)1‬‬
‫ال ْعجَابَ ِ‬
‫والعجيب أن العلمة الجلسيّ أورد ف «البحار» هذه الزيارات دون مستند صحيح سوى‬
‫قوله‪ :‬وجدتُ هذه الزيارة ف كتاب قدي أو نقلتُ هذه الزيارة من نسخة قدية أو مصباح‬
‫الشيخ‪...‬ال!‬
‫وف هذه الزيارة الخية نقرأ‪« :‬أشهد أنك مازي اللق» فهنا أكمل مفتري هذه الزيارة‬
‫[آل عمران‪]136:‬‬ ‫شركه بذه العبارة‪ ،‬إذ إن ال تعال يقول‪ُ(( :‬أوْلَئِكَ َجزَاؤُهُ ْم َم ْغفِ َرٌة مِنْ َرّبهِمْ))‬
‫جدْ لَ ُه مِنْ دُونِ ال وَِليّا وَل َنصِيا)) [النساء‪ ]123:‬ويقول‪:‬‬ ‫ج َز بِهِ وَل يَ ِ‬
‫ويقول‪(( :‬مَ ْن َيعْمَ ْل سُوءا يُ ْ‬
‫ج ِزَيهُمُ ال أَحْسَ َن مَا كَانُوا َيعْمَلُونَ))‬ ‫(( َجزَاءً مِنْ َربّكَ عَطَاءً حِسَابا)) [النبأ‪ ]36:‬ويقول‪ِ(( :‬ليَ ْ‬
‫ع الْحِسَابِ)) [إبراهيم‪]51:‬‬ ‫سَبتْ ِإنّ ال سَرِي ُ‬ ‫[التوبة‪ ]121:‬ويقول‪ِ(( :‬ليَجْزِيَ ال كُ ّل َن ْفسٍ مَا كَ َ‬
‫ك َن ْفسٌ ِلَن ْفسٍ َشيْئا وَا َلمْ ُر َي ْومَئِذٍ‬ ‫ويقول‪(( :‬جَزَا ُؤهُمْ ِعنْدَ َرّبهِمْ)) [البينة‪ ]8:‬ويقول‪َ(( :‬يوْ َم ل تَمْلِ ُ‬
‫ل)) [النفطار‪.]19:‬‬
‫فهل يوز بعد ذلك أن ننسب لحد سوى ال تعال مازاة اللق؟!‬
‫إن مبتدع هذه الزيارة جعل الي والشرّ بيد المام وأصبح لذلك شاكرا له! كما اعتبه‬
‫حافظه من نار ال والتكفل بأمور دنياه وآخرته وبنجاته يوم الساب! مع أن ال تعال يقول‬
‫لرسوله الكرم صلى ال عليه وآله وسلم ‪ -‬وعليّ عليه السلم أحد أفراد أمته‪(( :-‬قُلْ ِإنّي ل‬
‫َأمْلِكُ َلكُمْ ضَرّا وَل َرشَدا)) [الن‪ ،]21:‬ويقول سبحانه كذلك‪َ (( :‬ومَا َجعَ ْلنَا َك عََلْيهِمْ َحفِيظا َومَا‬
‫ت عََلْيهِ ْم ِبوَكِيلٍ)) [النعام‪ ،]107:‬ويقول أيضا‪(( :‬وَالّذِينَ اتّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوِليَاءَ ال َحفِيظٌ‬ ‫َأنْ َ‬
‫عََلْيهِ ْم َومَا َأْنتَ عََلْيهِ ْم ِبوَكِيلٍ)) [الشورى‪.]6:‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الرسالة ‪.31‬‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 123 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ك سَمِيعُ ال ّدعَاءِ)) [آل عمران‪،]38:‬‬


‫هذا ورغم أن ال تعال يقول ف القرآن الكري‪ِ(( :‬إنّ َ‬
‫ويقول‪ِ(( :‬إنّ َربّي لَسَمِيعُ ال ّدعَاءِ)) [إبراهيم‪ ،]39:‬كما أن المام السجاد عليه السلم يقول ف‬
‫الدعاء (‪ )51‬من الصحيفة السجاديّة‪ ،‬ماطبا ربّه سبحانه‪« :‬وجدُتكَ لدعائي سامعا‪ ،»..‬إل أن‬
‫ل الزاء» ومعن ذلك‪ :‬أن كل من‬
‫مفتري هذه الزيارة يقول للمام فيها‪« :‬فأنت سامع الدعاء وو ّ‬
‫يدعو ربه ف الرض أو ف السماء ويقول «يا ال»‪ ،‬بإمكانه أيضا أن يقول‪« :‬يا عليّ»!! وواضح‬
‫أن متلق ألفاظ هذه الزيارة جعل كتاب ال وتشريعاته وأحكامه وراء ظهره‪ ،‬ودبّج من اللفاظ‬
‫الغالية ما شاء‪.‬‬
‫إن القرآن الكري بيّن لنا بكل وضوح أن من يدعو غي ال ويتضرّع إليه فقد أشرك‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫((قُلْ ِإنّمَا أَ ْدعُو َربّي وَل ُأشْ ِر ُك بِهِ َأحَدا)) [الن‪ ،]20:‬وقال‪َ (( :‬وَأنّ الْمَسَاجِدَ ل فَل تَ ْدعُوا مَعَ ال‬
‫ف الضّرّ‬‫أَحَدا)) [الن‪ ،]18:‬وقال أيضا‪(( :‬قُلِ ا ْدعُوا الّذِينَ َزعَ ْمتُ ْم مِنْ دُونِهِ فَل يَ ْمِلكُونَ كَشْ َ‬
‫ب َويَ ْرجُونَ َرحْ َمتَهُ‬
‫ك الّذِي َن يَ ْدعُو َن يَْبَتغُونَ إِلَى َرّبهِ ُم اْل َوسِيَلةَ َأّيهُمْ أَقْرَ ُ‬
‫حوِيلً * ُأوْلَئِ َ‬
‫عَنكُ ْم وَل تَ ْ‬
‫َويَخَافُونَ عَذَابَهُ ِإ ّن عَذَابَ َربّكَ كَا َن مَحْذُورا)) [السراء‪ ،]57-56:‬وهناك مئات اليات الخرى‬
‫الت تدل على عدم جواز دعاء غي ال وأنه شرك‪.‬‬
‫ف الواقع لقد نقل الجلسيّ كثيا من هذه الزيارات الليئة بالعبارات الكفرية الغالية من‬
‫كتاب «ممد بن الشهدي»(‪ )1‬الوسوم بـ «الزار الكبي» ول ندري هل كان «ممد بن‬
‫الشهدي» هذا عابدا ل أم عابدا للمام؟ وهذا الشهدي هو ذاته الذي أتف الشيعة بالدعاء‬
‫العروف بِـ «دعاء الندبة»! وقد بّينْتُ ف كتاب «بررسى دعاى ندبه» (بالفارسية‪ ،‬ومعناه‪:‬‬
‫«دراسة وتحيص دعاء الندبة») مالفة كثي من عباراته للقرآن الكري‪.‬‬
‫وف الزيارة رقم (‪ )32‬يروي الراوي أنه إذا وصلتَ إل الرم فقل‪« :‬أشهد أنك تسمع‬
‫صوت! أتيتك متعاهدا لدين وبيعت»!! وليت شعري هل يتوقّع أن يعود المام بعد ألف سنة من‬

‫() هو الشيخ أبو عبد ال ممد بن جعفر بن علي الشهدي الائري‪ ،‬العروف بحمد ابن الشهدي وابن الشهدي الراوي‬ ‫‪1‬‬

‫عن أ ب الف ضل شاذان بن جبئ يل الق مي و صاحب كتاب «الزار ال كبي» الذي اع تبوه من أقدم الك تب الدوّ نة ف‬
‫الزيارات وأن الصحاب اعتمدوا على كتا به‪ ،‬و هو الصل ف عدة من الدع ية والزيارات‪ .‬ويبدو أن ا بن الشهدي كان‬
‫من مشايخ المامية ف القرن السادس الجري ولكن بعضهم قال إن شخصه مهول جدا‪ ،‬حت قال السيد الوئي (رح)‬
‫ف معج مه‪(( :‬ل يظ هر ل نا اعتبار هذا الكتاب ف نف سه‪ ،‬فإن م مد بن الشهدي ل يظ هر حاله بل ل يُعلم شخ صه))!‪.‬‬
‫(الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 124 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫العال الخر إل الدنيا كي يبايعه؟!‬


‫ب من ناداكم»‪ ،‬مع أن المام زين العابدين السجّاد‬
‫ونقرأ ف هذه الزيارة أيضا‪« :‬ل يَخِيْ ُ‬
‫عليه السلم يقول ف دعاء «أب حزة الثمال»‪« :‬الم ُد ل الذي أدعوه ول أدعو غيَه ولو‬
‫دعوت غيه ل يستجب ل دعائي‪ ،‬المدُ ل الذي أرجوه ول أرجو غيَه ولو رجوتُ غيَه‬
‫ب رجائي»‪.‬‬
‫ليّ َ‬
‫ونقرأ دعاءه ف «الصحيفة السجّادية» (الدعاء الول)‪« :‬المدُ ل الذي أغلق عنّا باب‬
‫الاجة إل إليه»‪،‬‬
‫وف الصحيفة ذاتا (الدعاء ‪« :)28‬ل يشركك أحد ف رجائي ول يتّفق أحد معك ف‬
‫دعائي ول ينظمه وإياك ندائي»‪،‬‬
‫وفيها (الدعاء ‪« :)51‬أدعوك فتجيبن‪ ....‬فل أدعو سواك ول أرجو غيك‪.»....‬‬
‫فاختر أيها القارئ الكري بي دعاء المام السجّاد عليه السلم وبي الدعاء واللفاظ الت‬
‫وضعها «ممد بن الشهدي»!!‬
‫وف هذه الزيارة جل ٌة يضع مفتريها با عليا عليه السلم ف مصاف النبياء!! إذْ يقول‪:‬‬
‫«السلم على سفي ال بينه وبي خلقه‪ »..‬ومعلومٌ أن السفارة اللية خاصة بالنبياء‪.‬‬
‫هنا يدر بالذكر أنه كانت توجد فرقة من الغلة تُ ْدعَى «الفوّضة» يعتقد أصحابا بأن ال‬
‫تعال فوّض أمر تدبي العال لحمّد وعليّ وأنما مديرا أمور الكون! وقد وردت عن الئمة‬
‫الطهار‪ -‬عليهم السلم ‪ -‬أحاديث كثية ف لعن «الفوّضة» وتكفيهم(‪ .)1‬ويظهر أن واضع هذه‬

‫‪ )( 1‬قال الشيخ الصدوق (ممد بن علي بن السي بن بابويه القمي) (‪ 305‬ـ ‪381‬ه) ف كتابه «اعتقادات المامية»‬
‫الذي ُيعَد الكتاب الساسي والهم والقدم ف بيان عقيدة الشيعة المامية‪:‬‬
‫[[ اعتقادنا ف الغلة والفوضة أنم كفار بال جل جلله وأنم شر من اليهود والنصارى والجوس والقدرية والرورية ومن‬
‫جيع أهل البدع والهواء الضلة‪ ،‬وأنه ما صغّر ال جل جلله تصغيهم شئ‪ ،‬وقال ج ّل جلله ‪(( :‬مَا كَانَ لَِبشَرٍ أَن ُيؤْتِيَهُ‬
‫لكْ َم وَالنُّبوّةَ ُثمّ َيقُولَ لِلنّا سِ كُونُواْ عِبَادًا لّي مِن دُو نِ ال َوَلكِن كُونُوْا رَبّانِّييَ ِبمَا كُنتُ ْم ُت َعلّمُو نَ اْلكِتَا بَ‬ ‫ب وَا ُ‬ ‫ال اْلكِتَا َ‬
‫سِلمُونَ)) (آل عمران‪:‬‬ ‫خذُواْ الَلَِئكَ َة وَالنّبِيّيْ نَ َأرْبَابًا أَيَ ْأمُرُكُم بِاْلكُفْ ِر َب ْعدَ إِ ْذ أَنتُم مّ ْ‬
‫وَِبمَا كُنتُ ْم َت ْدرُ سُونَ‪ .‬وَ َل يَ ْأمُرَكُ مْ أَن َتّت ِ‬
‫‪ )80-79‬وقال ال عز وجل‪(( :‬قُ ْل يَا َأهْلَ اْلكِتَابِ لَ َت ْغلُوْا فِي دِيِن ُكمْ غَيْرَ اْلحَقّ)) (الائدة‪... )77 :‬‬
‫وكان الر ضا (ع) يقول ف دعائه‪(( :‬الل هم إ ن بريء من الول والقوة ول حول ول قوة إل بك‪ .‬الل هم إ ن أعوذ بك وأبرأ‬
‫إليك من الذين ادّعوا لنا ما ليس لنا ب قّ‪ .‬اللهم إن أبرأ إليك من الذين قالوا فينا ما ل نقله ف أنفسنا‪ .‬اللهم لك اللق‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 125 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الزيارة الت نن ف صددها كان أحد أولئك الغلة «الفوّضة» لنه يقول ف زيارته هذه‪« :‬وفوّضَ‬
‫إليكم المور‪ ،‬وجعلَ إليكم التدبي‪ !»..‬والواقع أن هذه الزيارة قد َحوَتْ كل خرافات الغلة‬
‫سنِك ما تفرّق ف غيك من‬
‫وضللتم حت صارت مصداقا لقول القائل‪ :‬لقد جعت ف حُ ْ‬
‫الحاسن!!‬
‫خ َر لكم ما خلق‪ !»..‬هذا مع‬
‫ومن جلة عبارات الغلوّ ف زيارته قوله‪« :‬أعطاكم القاليد وس ّ‬
‫أن ال تعال بيّن ف كتابه أن مقاليد السموات والرض ف يده وحده ((لَ ُه َمقَالِيدُ السّ َموَا ِ‬
‫ت‬
‫وَالَ ْرضِ)) [الزمر‪ ،]63:‬كما بيّن أنه سخّر كل ما ف الكون لفائدة عباده جيعا مؤمني كانوا أم‬
‫كافرين ول يصّ أحدا بذلك كما ف قوله تعال‪(( :‬أَلَ ْم تَ َروْا َأنّ ال َسخّرَ َلكُ ْم مَا فِي السّ َموَاتِ‬
‫ض َوأَ ْسبَ َغ عََلْيكُ ْم ِنعَمَهُ ظَاهِ َر ًة َوبَا ِطَنةً)) [لقمان‪ .]20:‬وليت شعري ماذا يريد متلق‬
‫َومَا فِي الَ ْر ِ‬
‫هذه الزيارة هل يريد أن يعل ال عاطلً عن أي عمل ويعل المام عليه السلم قائما بكل‬
‫العمال؟! مع أن المام ذاته كان يتاج إل الطعام كي يبقى حيّا فإذا بقي بضعة أيام دون أن‬
‫يأكل مات من الوع‪ ،‬أو إذا توقف عن التنفّس دقائق معدودة فقد حياته!‬
‫وأيضا نقرأ ف هذه الزيارة الفتراة‪« :‬إياب اللق إليكم وحسابم عليكم»‪ ،‬وهي جلة‬
‫تالف صريح القرآن كما سنبيّنه عند مناقشتنا للزيارة «الامعة» لحقا إن شاء ال‪.‬‬
‫ونقرأ ف هذه الزيارة أيضا‪« :‬عليكم العتماد يوم العاد»‪ ،‬هذا ف حي أن ال تعال يقول‪:‬‬

‫ومنك الرزق وإِيّا َك َنعُْبدُ َوإِيّاكَ نَسَْتعِيُ‪ .‬اللهم أنت خالقنا وخالق آبائنا الولي وآبائنا الخرين‪ .‬اللهم ل تليق الربوبية إل‬
‫بك ول تصلح اللية إل لك فالعن النصارى الذين صغّروا عظمتك والعن الضاهئي لقولم من بريتك‪ .‬اللهم إنا عبيدك‬
‫ب فنح ُن منه بَرا ٌء ومَ نْ‬ ‫وأبناء عبيدك ل نلك لنفسنا نفعا ول ضرا ول موتا ولحيا ًة ول نشورا‪ .‬اللهم مَ نْ زَعَ مَ أنّا أربا ٌ‬
‫زَعَمَ أن إلينا اللق وعلينا الرزق فنحن برا ٌء منه كباءة عيسى ابن مري عليه السلم من النصارى‪ .‬اللهم إنا ل ندعهم إل‬
‫ضلّوا عِبادَ كَ‬‫ما يزعمون فل تؤاخذنا با يقولون واغفر لنا ما يدّعُون ول َت َد عْ على الر ضِ منهم دَيّارا إِنّ كَ إِ نْ َت َذرْهُ مْ ُي ِ‬
‫وَل َيِلدُوا ِإلّا فاجِرا َكفّارا))‪.‬‬
‫ل من ُوْلدِ عبد ال بن سبأ يقول بالتفويض فقال عليه السلم‪:‬‬ ‫وروي عن زرارة أنه قال‪(( :‬قلت للصادق عليه السلم‪ :‬إن رج ً‬
‫ما التفو يض؟ فقلت يقول‪ :‬إن ال عز و جل خلق ممدا صلى ال عل يه وآله وعليا (ع) ث فوّض ال مر إليه ما فخل قا‬
‫ورز قا وأحي يا وأما تا‪ ،‬فقال (ع)‪ :‬كذب عدو ال‪ ،‬إذا رج عت إل يه فاقرأ عل يه ال ية الت ف سورة الرّ عد‪(( ،‬أَ مْ َج َعلُوْا ل‬
‫ِقـ كُ ّل َشيْءٍ َو ُهوَ اْلوَا ِحدُ اْل َقهّارُ)) (الرعـد‪ )16/‬فانصـرفتُ إل‬ ‫ِمـ قُلِ ال خَال ُ‬
‫ْقـ َعلَْيه ْ‬
‫لل ُ‬‫َهـ ا َ‬
‫ِهـ فََتشَاب َ‬
‫خلْق ِ‬
‫شُ َركَاء َخَلقُوْا َك َ‬
‫الرجل فأخبته با قال الصادق (ع) فكأنا ألقمته حجرا‪ ،‬فقال‪:‬وكأنا خرس))‪ ]].‬انتهى‪ .‬الشيخ الصدوق‪« ،‬اعتقادات‬
‫المام ية»‪/‬باب العتقاد ف ن في الغلو والتفو يض‪ ،‬ص ‪ 74‬ف ما ب عد‪ ،‬والجل سي‪« ،‬بار النوار»‪ :‬ج ‪ /25‬ص ‪- 341‬‬
‫‪( .344‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 126 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ك َن ْفسٌ ِلَن ْفسٍ َشيْئا وَا َلمْ ُر َي ْومَئِذٍ ل)) [النفطار‪.]19:‬‬


‫((َيوْ َم ل تَمْلِ ُ‬
‫وف هذه الزيارة عبارات تصف المام بصفات خاصة بالنبياء واللئكة مثل‪« :‬يا من‬
‫اصطفاهم‪ ...‬أنتم السفرة الكرام البرة‪ ...‬يا عيون ال ف خلقه»‪ ،‬فليت شعري هل يتاج ال‬
‫إل عيون بي البشر ليطّلع على أحوال الائني؟! هذا مع أن ال تعال نى رسوله الكري وجيع‬
‫أمته عن التجسّس فقال‪(( :‬وَل َتجَسّسُوا)) [الجرات‪ ،]12:‬فكيف يكن أن يكون المام عينا؟‬
‫أوليس هو أيضا مكلّفٌ؟!‬
‫وكذلك نقرأ ف هذه الزيارة الوضوعة أنه اعتب المام حافظا له وحارسا فقال‪:‬‬
‫«واحشرون ف جلتكم واحرسون من مكاره الدنيا والخرة» ول يقرأ هذا السكي القرآن‬
‫الكري الذي قال ال تعال فيه مرارا لرسوله الكري‪َ (( :‬ومَا َجعَ ْلنَاكَ عََلْيهِمْ َحفِيظا َومَا َأْنتَ عََلْيهِمْ‬
‫حفِيظٍ)) [هود‪.]86:‬‬ ‫ِبوَكِيلٍ)) [النعام‪ ]107:‬وقال‪َ (( :‬ومَا َأنَا عََلْيكُ ْم بِ َ‬
‫والطريف أن «الجلسيّ» والشيخ «عباس الق ّميّ» وأمثالما َنقَلَا صلةً عن «حسن مثلة‬
‫حبّ‬ ‫المكران» مهول الال وف آخرها دعاء ننقله من «مفاتيح النان» يقول راويه فيه أنه يُ ْ‬
‫ستَ َ‬
‫الدعاء به بعد تلك الصلة‪ ،‬وفيه‪:‬‬
‫«يا م ّم ُد يا عليّ! احفظان فإنكما حافظاي وانصران فإنكما ناصراي‪ ،‬يا م ّم ُد يا عليّ!‬
‫اكفيان فإنكما كافياي»!!‬
‫ف حي أن ال تعال يقول‪َ (( :‬ومَا َلكُ ْم مِنْ دُونِ ال مِ ْن وَلِ ّي وَل َنصِيٍ)) [التوبة‪،]116:‬‬
‫ف َعبْدَهُ))‬
‫ويقول‪(( :‬وَ َكفَى بِال وَِليّا وَ َكفَى بِال نَصِيا)) [النساء‪ ،]45:‬ويقول‪(( :‬أََليْسَ ال ِبكَا ٍ‬
‫[الزمر‪ ]36:‬أي أنّ ال وحده هو الكاف عبده‪ .‬أما مثل ذلك الغال الشرك فيعتب غي ال أيضا‬
‫حافظا وناصرا!‬
‫ولو أردنا أن نذكر جيع العبارات الرافية ف كتاب «مفاتيح النان» لحتجنا إل كتاب‬
‫مستقل(‪.)1‬‬
‫َأوَلَا يدري متلق هذه الزيارة الت قال فيها‪« :‬واحشرون ف جلتكم» أن الشر والنشر ليسا‬

‫() لكاتب هذه السطور كتاب متصر عنوانه «تضاد مفاتيح النان با آيات قرآن» (بالفارسية أي‪ :‬تعارض مفاتيح النان‬ ‫‪1‬‬

‫مع آيات القرآن)‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 127 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ش ُرهُمْ إِنّهُ َحكِي ٌم عَلِيمٌ))‬


‫بيد أي أحدٍ سوى ال وحده؟ أل يقرأ قوله تعال‪َ (( :‬وِإنّ َربّكَ ُه َو يَحْ ُ‬
‫[الجر‪ ]25:‬حيث قدّم كلمة «هو» على فعل «يشرهم» للدللة على الصر‪ .‬بل إن النبياء‬
‫والئمة أنفسهم ل يعلمون زمن الشر والنشر والقيامة فضلً عن أن يتمكنوا من حشر أحد‬
‫ك النّاسُ عَنِ السّا َعةِ ُقلْ ِإنّمَا عِلْ ُمهَا ِعنْدَ ال َومَا يُدْرِيكَ َلعَلّ‬
‫معهم‪ ،‬فال تعال يقول‪(( :‬يَسْأَلُ َ‬
‫السّا َع َة َتكُونُ قَرِيبا)) [الحزاب‪ ]63:‬ويقول‪ِ(( :‬إ ّن ال عِنْ َد ُه عِلْمُ السّا َعةِ)) [لقمان‪ .]34:‬ول عجب‬
‫من ل حظّ له من العلم بكتاب ال أن يفتري تلك الكاذيب ويروّج تلك العبارات الكفريّة!‬
‫وكذلك نقرأ ف الزيارة الت أوردها الجلسيّ ف هذا الباب برقم «‪ »34‬عديدا من العبارات‬
‫والمل الكفرية الت ل تعدو أوهاما باطلة‪ ،‬بل معظم عبارات هذه الزيارة مضادّة للقرآن الكري‪،‬‬
‫مثل قوله فيها‪« :‬السلم عليك يا أمي الؤمني عليّ بن أب طالب سيد الوصيّي وحجّة رب‬
‫العالي على الوّلي والخرين‪ ......‬وملجأ ذوي النهي‪ .....‬السلم عليك يا شجرة النداء‬
‫وصاحب الدنيا والجّة على جيع الورى ف الخرة والول‪ .....‬السلم عليك يا‪ ..‬باب ال‬
‫وحطّته وعي ال وآيته‪ ،‬السلم عليك يا عيبة غيب ال‪ ...‬وملي إرادة ال‪ ،‬وموضع َمشِّيةِ ال‪،‬‬
‫وأول من ابتدع ال والجة على جيع من خلق ال‪ ،‬السلم عليك أيها النبأ العظيم والطب‬
‫السيم والذكر الكيم والصراط الستقيم‪ ...‬السلم عليك أيها البل التي‪ ...‬ومرشد‬
‫البيات وعال الفيات‪ ،‬السلم عليك يا صاحب العلم الخزون وعارف الغيب الكنون وحافظ‬
‫الس ّر الصون والعال با كان ويكون‪ ...‬السلم عليك أيها العارف بفصل الطاب ومثيب‬
‫أوليائه يوم الساب‪ ...‬ومهلك أعدائه بأليم العذاب‪ ....‬وقاصم العاندين الشرار‪ ....‬وعارف‬
‫السرّ وأخفى‪ ،‬السلم عليك أيها النازل من عليي والعال با ف أسفل السافلي ومهلك من‬
‫طغى من الولي ومبيد من جحد من الخرين‪ ،‬السلم عليك يا صاحب الكرّة والرجعة‪....‬‬
‫السلم عليك يا سامع الصوات‪ ....‬السلم عليك يا من حظي بكرامة ربه فج ّل عن الصفات‬
‫واشتق من نوره‪....‬ال»(‪.)1‬‬
‫ونو هذه المل والعبارات الشركية الغالية الضادّة للقرآن‪ ،‬الت َتحْ ُرمُ قرا َءتُها ويُعَ ّد العتقاد‬
‫بضمونا خروجا عن أصول السلم‪ ،‬هذا رغم أنه ليس من البعيد أن ند من يسعى إل إثبات‬
‫ل بروايات وأخبار هي بدورها من وضع الغلة الشركي أيضا‪ ،‬ما ل‬ ‫معان تلك المل متوس ً‬
‫() بار النوار‪ ،‬الجلسي‪ ،‬ج ‪ /97‬زيارة رقم ‪ ،34‬ص ‪.352 - 347‬‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 128 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ُيعَوّل على رواياتم ول يكن إثبات أي شيء با‪.‬‬


‫أجل‪ ،‬لقد أضفى واضع تلك الزيارة صفات ال تعال على المام فقال‪« :‬ك ّل يا مولي عن‬
‫ج َز عن وصفك لسان الواصفي‪ ،‬كيف أصف يا مولي حسن ثناءك‬
‫نعتك أفهام الناعتي وعَ َ‬
‫والوها ُم عن معرفة كيفيتك عاجزة‪ ،‬والذهان عن بلوغ حقيقتك قاصرة» فلحظوا كيف‬
‫وصف هذا الغال عليّا عليه السلم بعبارات هي ذاتا العبارات الت كان المام عليه السلم نفسه‬
‫يصف با ربّه تبارك وتعال!!! وكيف جعل هذا الغال عبد ال غي قابل لدراك كنهه مثل ال‬
‫سبحانه وتعال‪.‬‬
‫انتبهوا إل أن حضرة أمي الؤمني عليه السلم وصف ال تعال بذات العبارات الت‬
‫استخدمها ذلك الغال ف وصف عليّ عليه السلم‪ ،‬فقد قال أمي الؤمني كما جاء ف «نج‬
‫البلغة»‪« :‬الَ ْمدُ ل اّلذِي ل يَبْلُغُ مِ ْدحََتهُ اْلقَائِلُونَ ول يُحْصِي َنعْمَا َء ُه اْلعَادّونَ ول ُي َؤدّي َح ّقهُ‬
‫ص الْفِ َطنِ»(‪.)1‬‬
‫الُجَْت ِهدُو َن الّذِي ل ُيدْرِ ُك ُه ُبعْ ُد اْلهِ َممِ ول يَنَاُلهُ َغ ْو ُ‬
‫ولو أردنا أن نبيّن جيع موارد تعارض جل هذه الزيارة مع آيات القرآن الكري لحتجنا إل‬
‫كتاب مفصّل‪.‬‬
‫وفيما يلي نزن بعض جل هذه الزيارة بيزان القرآن الكري‪:‬‬
‫جاء فيها‪« :‬السلم عليك يا أمي الؤمني عليّ بن أب طالب‪ ...‬يا حجّة رب العالي على‬
‫الوّلي والخرين»‪ ،‬أي أنك ح ّ‬
‫جةٌ حت على الذين كانوا قبل ميئك إل الدنيا وعلى جيع الذين‬
‫جةً‬
‫يأتون بعدك حت يوم القيامة من ل يراك ول ترهم‪ ،‬وهذا الطلق يشمل أن يكون المام ح ّ‬
‫جةً على من جاؤوا قبله؟؟‬
‫على جيع النبياء والرسلي‪ ،‬وليت شعري ما معن كون المام ح ّ‬
‫نترك الواب لواضع ألفاظ تلك الزيارة!!‬
‫ويقول‪« :‬وملجأ ذوي النهي»‪ ،‬ف حي أن الق عز وجل يقول‪(( :‬ل مَلْ َ‬
‫جَأ مِنَ ال إِلّا‬
‫إَِليْهِ)) [التوبة‪.]118:‬‬
‫ويقول‪« :‬السلم عليك يا شجرة النداء» مع أن الشجرة ل تكن هي الت نادت موسى ول‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة الول‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 129 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫تنطق بشيء ولكن ال هو الذي أوجد صوت الكلم ف ذلك القام‪.‬‬


‫ويقول‪« :‬وصاحب الدنيا» مع أن القرآن الكري يبي لنا أن ال تعال هو مالك الدنيا‬
‫ومالك رقاب جيع البشر با فيهم النبياء والئمة والولياء ويقول ف ذلك‪(( :‬لَ ُه مُلْكُ السّ َموَاتِ‬
‫وَالَ ْرضِ)) [الديد‪.]2:‬‬
‫ويقول‪« :‬السلم عليك يا عيبة غيب ال»‪ ،‬مع أن ال تعال قال لرسوله صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم‪(( :‬قُلْ ل أَقُولُ َلكُ ْم عِندِي َخزَائِنُ ال وَل َأعْلَمُ الْ َغْيبَ)) [النعام‪.]50:‬‬
‫ويقول‪« :‬السلم عليك يا‪ ..‬ملى إرادة ال»‪ ،‬مع أن المام الكاظم عليه السلم يقول‪:‬‬
‫«إرادة ال هي الفعل ل غي ذلك»(‪ ،)1‬فال تعال ليس له ذهن وملى مرآة‪.‬‬
‫ويقول‪« :‬وموضع َمشِّيةِ ال وأوّل من ابتدع ال والجّة على جيع من خلق ال»‪ ،‬أما‬
‫صهُ ْم ِبهِ ِمنْ‬
‫المام عليّ عليه السلم ذاته فيعتب النبياء حجّة ال ويقول‪َ« :‬بعَثَ ال ُرسُلَ ُه بِمَا خَ ّ‬
‫جةُ َل ُهمْ بَِترْ ِك ال ْعذَارِ ِإلَ ْي ِهمْ»(‪ .)2‬كما أنه يعتب‬
‫ب الُ ّ‬
‫ج َ‬
‫ج ًة لَهُ عَلَى خَ ْلقِ ِه لِئَل تَ ِ‬
‫وَحِْيهِ و َجعَ َلهُ ْم حُ ّ‬
‫ب تِبْيانا لِ ُك ّل شَيْءٍ و َع ّمرَ‬
‫ج ًة كافيةً ويقول ف وصفه‪« :‬وَأْنزَلَ عَلَ ْي ُك ُم الْكِتَا َ‬
‫القرآن الكري ح ّ‬
‫ض َي لَِن ْفسِ ِه وأَْنهَى ِإلَيْ ُكمْ‬
‫فِيكُ ْم نَبِّيهُ أَ ْزمَانا حَتّى أَكْ َم َل َلهُ وَلكُ ْم فِيمَا َأْنزَ َل ِمنْ كِتَاِبهِ دِيَن ُه الّذِي رَ ِ‬
‫خذَ عَلَ ْي ُكمُ‬
‫عَلَى ِلسَاِنهِ مَحَاّبهُ ِم َن العْمَا ِل ومَكَا ِرهَ ُه ونَوَاهِيَ ُه وأَوَامِ َر ُه وأَْلقَى ِإلَيْ ُك ُم الَ ْعذِ َرةَ واتّ َ‬
‫جةٍ كَافَِيةٍ و َموْعِ َظ ٍة شَافَِيةٍ»(‪ ،)4‬ويقول كذلك‪« :‬فَاْل ُقرْآنُ آ ِمرٌ‬
‫جةَ»(‪ ،)3‬ويقول‪« :‬أَ ْرسَلَ ُه بِحُ ّ‬
‫الُ ّ‬
‫جةُ ال عَلَى خَ ْلقِهِ»(‪.)5‬‬
‫زَاجِرٌ وصَامِتٌ نَا ِط ٌق حُ ّ‬
‫يقول واضع الزيارة‪« :‬السلم عليك أيها النبأ العظيم والطب السيم والذكر الكيم»‪،‬‬
‫هذا ف حي أن ال تعال اعتب القرآن «الذك َر الكيمَ» ل المام الذي هو تابع للذكر الكيم‬
‫حكِيمِ)) [آل عمران‪ ]58:‬ولكن يظهر أن‬
‫ت وَالذّكْ ِر الْ َ‬
‫ك مِ َن اليَا ِ‬
‫ك َنتْلُو ُه عَليْ َ‬
‫كما قال سبحانه‪(( :‬ذَلِ َ‬
‫واضع الزيارة ل عناية له بالقرآن مطلقا‪.‬‬

‫() توحيد الشيخ الصدوق‪ ،‬مكتبة الصدوق‪ ،‬ص ‪147‬‬ ‫‪1‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬خطبة ‪.144‬‬ ‫‪2‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬خطبة ‪.86‬‬ ‫‪3‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬خطبة ‪.161‬‬ ‫‪4‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬خطبة ‪.183‬‬ ‫‪5‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 130 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ويقول واضع الزيارة‪« :‬ومرشد البيات وعال الفيات‪ ،‬السلم عليك يا صاحب العلم‬
‫[العلى‪:‬‬ ‫خفَى))‬ ‫الخزون وعارف الغيب الكنون»‪ ،‬مع أن ال تعال يقول‪ِ(( :‬إنّ ُه َيعْلَ ُم الْ َ‬
‫جهْ َر َومَا يَ ْ‬
‫ض وَل فِي السّمَاءِ)) [آل عمران‪،]5:‬‬
‫خفَى عََليْهِ َشيْءٌ فِي الَ ْر ِ‬‫‪ ،]7‬ويقول كذلك‪(( :‬إِنّ ال ل يَ ْ‬
‫جهَ ْر بِاْل َقوْلِ فَِإنّهُ َيعَْلمُ السّ ّر َوأَ ْخفَى)) [طه‪ ،]7:‬ول يقل‪ :‬عليّ يعلم الهر وما‬
‫ويقول أيضا‪َ (( :‬وِإنْ َت ْ‬
‫يفى‪.‬‬
‫وياطب واضع الزيارة الاهل المام الذي ل يكن مطلعا على خيانة بعض مسؤول‬
‫حكومته‪« :‬أنت عينه الفيظة الت ل تفى عليها خافية»‪ .‬وحقا إن النسان ليستحي أن ينقل‬
‫مثل هذه الباطيل‪ .‬ول ينقضي العجب من الجلس ّي وأمثاله من الحدّثي كيف سحوا لنفسهم‬
‫بإيراد مثل هذه الزيارات الوضوعة؟! أل يقرؤوا ف كتاب ال قوله تعال لرسوله الكري‪َ (( :‬ومِمّنْ‬
‫ب ُمنَاِفقُو َن َومِنْ أَهْ ِل الْمَدِيَن ِة مَ َردُوا عَلَى الّنفَاقِ ل َتعَْل ُمهُ ْم نَحْ ُن َنعَْل ُمهُمْ‬
‫َحوَْلكُ ْم مِ َن الَعْرَا ِ‬
‫َسنُعَ ّذُبهُ ْم مَ ّرَتيْ ِن ثُ ّم يُ َردّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ)) [التوبة‪ ،]101:‬فإذا كان النبّ صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم ل يعلم نفاق بعض أهل الدينة الذين ترّسوا ف النفاق ومردوا عليه‪ ،‬فكيف يكون المام‬
‫عالا با كان وما يكون؟! وعلى كلّ حال فهذه الزيارة مليئة بثل هذه الترّهات‪.‬‬
‫ويروي الجلسيّ ف باب «زياراته صلوات ال عليه الختصة باليام والليال»‪« :‬زيارة يوم‬
‫الادي والعشرين من شهر رمضان» من كتابه «البحار»(‪ )1‬عن شخص قيل قال إنه «الضر»‬
‫[ذكر ذلك الحدّثون كالصدوق والكلين والجلسيّ] ‪ -‬مع أنه شخص ل وجود له! ‪ -‬زيارةً‬
‫رواها الكلين أيضا ف كتابه «الكاف» مفادها أنه لا كان اليوم الذي قبض فيه أمي الؤمني عليه‬
‫السلم ارتج الوضع بالبكاء ودهش الناس‪..‬وجاء رجل باكيا وهو مسرع مسترجع وهو يقول‪:‬‬
‫اليوم انقطعت خلفة النبوة‪ ،‬حت وقف على باب البيت الذي فيه أمي الؤمني عليه السلم فقال‪:‬‬
‫رحك ال يا أبا السن كنت أول القوم إسلما‪ ،‬وأخلصهم إيانا‪ ....‬إل آخر الديث الطويل‪.‬‬
‫قلت‪ :‬القولُ بوجود شخص ل يزال حيّا منذ آلف السني مالف لصريح القرآن الكري‬
‫الذي يبي أن جيع النبياء والولياء قبل رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم تُوفّوا‪ ،‬إذ يقول‬
‫ك الْخُلْدَ أَفَإِينْ ِمتّ َفهُ ُم الْخَالِدُونَ)) [النبياء‪ ،]34:‬ولكن‬
‫سبحانه‪َ (( :‬ومَا َجعَ ْلنَا ِلبَشَ ٍر مِنْ َقبْلِ َ‬
‫واضعي تلك الزيارات ‪-‬شأنم شأن بعض غلة مرشدي الصوفية الذين يدّعون أن الضر ألبسهم‬
‫() بار النوار‪ ،‬الجلسي‪ ،‬ج ‪/97‬ص ‪ ،356‬الديث رقم ‪( .1‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 131 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫خرقة السلوك‪ -‬يدّعون أنم أخذوا مت هذه الزيارة عن الضر!!‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 132 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫روايات ثواب الزيارات ف عيد الغدير وزيارة حضرة العصومة‬


‫ذكر الجلسيّ ف هذا الباب وف البواب الخرى رواياتٍ تنصّ على ثواب عظيم ُمغْرقٍ لن‬
‫زار قب إمام‪ ،‬ثوابٌ هائلٌ ل يوجد عشر معشاره لن زار المام أو زار رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم ف حال حياته! فليت شعري ما هي الفائدة العظيمة من القب؟ وكيف تكون زيارة قب‬
‫إمام أفضل وأعلى من زيارته ف حال حياته؟! وهل القبة مترمة ومقدّسة أكثر من النبّ الكرم‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم نفسه؟!‬
‫ورُويَت حول زيارة قب حضرة فاطمة العصومة ف قم رواية منسوبة إل المام الصادق (ع)‬
‫تقول‪« :‬من زار فاطمة ِب ُقمْ فله [وجبت له] النة»! ول ندري كيف تكون زيارة النبياء‬
‫والئمة حال حياتم غي مفضية إل النة‪ ،‬أما زيارة قب أحد أولدهم أو ذراريهم تؤدّي إل دخول‬
‫النة‪ ،‬فهل قب فتاة صالة أعلى وأهم من قب جيع النبياء والولياء؟ وهل من زار حضرة موسى‬
‫بن جعفر (ع) حال حياته يصبح من أهل النة بذه الزيارة؟! إن هذا دليل واضح على أن هؤلء‬
‫الوضاعي والكذابي افتروا ما شاؤوا من العبارات ونسبوها إل الئمّة وإل دين ال سبحانه غافلي‬
‫ب هَذَا حَل ٌل َوهَذَا َحرَامٌ ِلَت ْفتَرُوا عَلَى ال‬
‫سَنتُكُ ُم اْلكَذِ َ‬
‫عن قوله تعال‪(( :‬وَل َتقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْ ِ‬
‫ب ل ُيفْلِحُونَ)) [النحل‪.]116:‬‬ ‫الْكَذِبَ ِإ ّن الّذِينَ َي ْفتَرُونَ عَلَى ال اْلكَذِ َ‬
‫بثل هذه الروايات الكاذبة يغترّ العصاة السيئون والتعدّون لدود ال ويريون وجدانم بل‬
‫وجه حقّ بزيارة مراقد أولياء الدّين أو بنذر النذورات لبناء قبورهم وتعميها وبناء كل تلك الفنية‬
‫والروقة والقباب الذهبية والنارات الطليّة بالذهب والفضة ووقف البساتي والزارع والدكاكي‬
‫والفنادق والبيوت والراضي عليها وعلى قبور ذراري الئمة با تصل قيمته إل مليارات‬
‫التومانات‪ ،‬الت لن تفيد سوى ملء بطون أناس عاطلي عن العمل وطفيليي ف الجتمع من يطلق‬
‫عليهم سدنة ومتول تلك الراقد أو الشرفي عليها‪ .‬ولعمري لو أن حضرة العصومة أُحييت‬
‫لكفاها ُل َقيْمَات من الطعام تقيم با أودها ول تكن باجة إل كل تلك الوقوفات‪ ،‬بل لبغضت‬
‫كل تلك الزخارف والتجمّلت‪ ،‬وعلى هذا النوال سائر أولد أئمة أهل البيت عليهم السلم ومن‬
‫وقف عليهم الوقاف‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 133 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ومن الفارقة أنه قد جاء ف زيارة الغدير جلة تقول‪« :‬وف مدح ال تعال [لعليّ] غنً عن‬
‫مدح الادحي وتقريظ الواصفي»‪.‬‬
‫قلتُ‪ :‬فإذا كان المر كذلك وكنتم تقبلون بذا العن فلماذا ملت عشرات الصفحات من‬
‫الطراء الغال والثناء والدائح الليئة بالغلوّ ف زيارات المام؟!‬
‫[تواضع أمي الؤمني عليّ عليه السلم ونيه أصحابه عن تعظيمه وإطرائه]‬
‫لكَم» من «نج البلغة» أن أمي الؤمني عليّا عليه السلم قال وقَدْ‬ ‫لقد ورد ف قسم «ا ِ‬
‫ي الْنبَارِ (أي جاعة من القرويي ف منطقة النبار ف العراق)‬
‫َل ِقيَهُ ِعنْ َد مَسِيِهِ إِلَى الشّامِ َدهَاقِ ُ‬
‫َفتَرَجّلُوا لَهُ (أي نزلوا من على خيولم) وا ْشتَدّوا َبيْ َن يَ َديْهِ‪َ ،‬فقَالَ‪« :‬مَا هَذَا اّلذِي صََنعْتُمُوهُ؟؟‬
‫َفقَالُوا‪ :‬خُ ُلقٌ مِنّا نُعَ ّظ ُم ِبهِ ُأ َمرَا َءنَا! َفقَالَ عليه السلم‪ :‬وال مَا يَنَْتفِ ُع ِب َهذَا ُأ َمرَاؤُ ُكمْ وِإنّ ُكمْ‬
‫شقَوْ َن ِبهِ فِي آ ِخرَِت ُكمْ ومَا َأ ْخسَ َر ا َلشَ ّق َة وَرَا َءهَا الْ ِعقَابُ‬
‫سكُ ْم فِي ُدنْيَا ُكمْ وَت ْ‬
‫لََتشُقّونَ عَلَى َأنْ ُف ِ‬
‫ح الدّ َعةَ َم َعهَا المَا ُن ِمنَ النّارِ!»(‪.)1‬‬
‫وأَ ْربَ َ‬
‫وف الكوفة لا أَ ْقبَلَ َرجُ ٌل اسْمُهُ « َحرْبٌ» يَمْشِي َمعَ ُه وهُوَ عليه السلم رَا ِكبٌ َفقَالَ عليه‬
‫السلم‪« :‬ا ْرجِ ْع َفإِ ّن َمشْ َي مِثْ ِلكَ مَ َع مِثْلِي فِتَْنةٌ لِ ْلوَالِي و َم َذلّ ٌة لِلْ ُم ْؤ ِمنِ»(‪.)2‬‬
‫ولـمّا مَدَحَهُ َق ْومٌ فِي َو ْجهِهِ قَالَ عليه السلم‪« :‬الله ّم إِّنكَ أَعْ َلمُ بِي ِمنْ َن ْفسِي وأَنَا أَعْ َلمُ‬
‫بَِنفْسِي مِ ْنهُ ْم اللهمّ ا ْجعَلْنَا خَيْرا مِمّا يَظُنّو َن وا ْغ ِفرْ لَنَا مَا ل يَعْلَمُونَ»(‪.)3‬‬
‫[اللفة ف نظر عليّ عليه السلم تت ّم بالبيعة والختيار]‬
‫وقد جاءت ف زيارة «عيد الغدير» عبارات ف إثبات اللفة النصوص عليها من ال تعال‬
‫صبَه خليفةً أميا على المّة‪ ،‬هذا ف حي أن المام ذاته‬
‫لعليّ عليه السلم وأن ال تعال هو الذي ن ّ‬
‫ل يستدلّ بثل هذه المل على خلفته منذ أول يوم بل اعتب أن اللفة تتحقّق بانتخاب الناس‪،‬‬
‫وكان يقول مرارا على النب‪« :‬المي هو من جعلتموه أميا عليكم»‪ ،‬ولو كان ال قد نصّبه‬
‫للخلفة وفرض حكومته على المّة فعلً لوجب عليه أن يُظهر ذلك ويقول بأعلى صوته‪ :‬أنا المام‬

‫()نج البلغة‪ ،‬الكلمات القصار‪ ،‬رقم ‪.37‬‬ ‫‪1‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الكلمات القصار‪ ،‬رقم ‪.322‬‬ ‫‪2‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الكلمات القصار‪ ،‬رقم ‪.100‬‬ ‫‪3‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 134 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الَنصّب مِنْ ِقبَ ِل ال ولكنه ل يفعل ذلك وليس هذا فحسب بل أظهر كراهته للخلفة ورغبته عنها‬
‫فقال‪:‬‬
‫ت لِي فِي الْخِل َفةِ رَ ْغَبةٌ ول فِي الْوِلَي ِة إِ ْربَ ٌة ولَكِّنكُ ْم دَ َع ْوتُمُونِي ِإلَ ْيهَا‬
‫«وال مَا كَانَ ْ‬
‫وحَمَلُْتمُونِي عَلَ ْيهَا»(‪،)1‬‬
‫وقال‪« :‬دَعُونِي والْتَ ِمسُوا َغ ْيرِي َفِإنّا ُمسَْتقْبِلُونَ َأمْرا َل ُه وُجُوهٌ وَألْوَا ٌن ل َتقُو ُم َلهُ اْلقُلُوبُ‬
‫ت ِب ُكمْ مَا أَعْ َلمُ وَلمْ أُصْ ِغ ِإلَى َقوْلِ‬
‫ول تَثْبُتُ عَ َل ْيهِ اْلعُقُولُ‪ ...‬واعْلَمُوا َأنّي إِ ْن َأجَبْتُ ُكمْ رَكِبْ ُ‬
‫ب وإِنْ َترَكْتُمُونِي َفَأنَا َكَأ َحدِكُ ْم ولَعَلّي أَسْ َم ُعكُ ْم وأَ ْطوَ ُعكُ ْم لِ َم ْن وَلّيْتُمُوهُ‬
‫ب اْلعَاتِ ِ‬
‫الْقَائِلِ وعَتْ ِ‬
‫َأمْرَ ُكمْ وَأنَا َل ُكمْ وَزِيرا خَ ْي ٌر لَ ُكمْ مِنّي َأمِيا»(‪،)2‬‬
‫س حَتّى أَرَادُونِي ولَ ْم ُأبَاِي ْعهُ ْم حَتّى بَايَعُونِي»(‪،)3‬‬
‫وقال‪َ« :‬إِنّي لَ ْم أُ ِر ِد النّا َ‬
‫وقال‪َ « :‬فأَقْبَلُْت ْم ِإلَ ّي ِإقْبَالَ اْلعُو ِذ الَطَافِيلِ عَلَى َأوْلدِهَا َتقُولُو َن الْبَ ْيعَ َة الْبَ ْيعَ َة قَبَضْتُ َكفّي‬
‫فََبسَطْتُمُوهَا ونَازَعَ ْت ُك ْم يَدِي فَجَا َذبْتُمُوهَا»(‪،)4‬‬
‫وقال ف وصف بيعته باللفة‪« :‬وَ َبسَطُْت ْم َيدِي َف َكفَفُْتهَا و َم َددْتُمُوهَا َفقَبَضُْتهَا ُث ّم تَدَا َككْتُمْ‬
‫ط ال ّردَا ُء ووُطِئَ‬
‫ضهَا يَوْ َم وِ ْر ِدهَا حَتّى اْنقَ َطعَتِ الّن ْعلُ و َسقَ َ‬
‫عَ َل ّي َتدَا ّك الِب ِل الْهِيمِ عَلَى حِيَا ِ‬
‫الضّعِيفُ»(‪ ،)5‬كما استدل ف الطب رقم ‪ 34‬و ‪ 37‬و ‪ 136‬وف الرسالة رقم ‪1‬و ‪ 7‬على صحة‬
‫خلفته ببيعة الناس له ول يشر إل أن ال تعال هو الذي نصّبه خليفةً‪ .‬واعتب ف رسالته السادسة‬
‫ف نج البلغة‪ ،‬وف عشرات الحاديث الخرى‪ ،‬أن اللفة إنا تتم بانتخاب الهاجرين والنصار‪.‬‬
‫[مناقشة الستدلل بآية «بلّغ ما أنزل إليك» َعلَى النصّ عَلَى عَ ِليّ (ع) باللفة]‬
‫واستدلّ واضع الزيارة ف زيارته بآية‪(( :‬يَاَأّيهَا ال ّرسُو ُل بَلّ ْغ مَا أُنزِلَ إَِليْكَ مِنْ َربّكَ َوِإنْ لَ ْم‬
‫َتفْعَلْ َفمَا بَّل ْغتَ ِرسَاَلتَ ُه وَال َي ْعصِمُكَ مِنَ النّاسِ ِإنّ ال ل َيهْدِي اْل َق ْومَ اْلكَافِرِينَ)) [الائدة‪ ]67:‬على‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.205‬‬ ‫‪1‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.92‬‬ ‫‪2‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الرسالة ‪.54‬‬ ‫‪3‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.137‬‬ ‫‪4‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.229‬‬ ‫‪5‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 135 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫أن ما ُأمِرَ رسولُ ال صلى ال عليه وآله وسلم بإبلغه هو تنصيب ال تعال لعليّ خليفةً حاكما‬
‫على السلمي‪ ،‬مع أن ك ّل ما تد ّل عليه الية الكرية هو أمرُ ال تعال رسوله بإبلغ ما أنزله تعال‬
‫إليه‪.‬‬
‫ونسأل‪ :‬هل أبلغ النبّ صلى ال عليه وآله وسلم ما أنزله ربه عليه أم ل؟ فإن كان قد أبلغ ما‬
‫أنزله ربه عليه ‪ -‬وهو تعبي يُشار به إل آيات القرآن الكري ‪ -‬فما هي تلك اليات الت أُمر‬
‫بإبلغها وأين موضعها من القرآن؟ فإذا كان ما أُمر بإبلغه هو اللفة الفروضة من ال لعليّ‬
‫مباشرة بعد النبّ فلماذا ل ند حت آية واحدة ف القرآن الكري فيها ذكر هذا المر؟ أما إذا‬
‫لحظنا سياق الية (‪ )67‬الذكورة من سورة الائدة وما جاء قبلها وما جاء بعدها لرأينا أن‬
‫السياق كلّه يتحدّث عن انرافات اليهود والنصارى‪ .‬ث أل يد ّل ابتداء الية التالية ‪-‬مباشرة بعد‬
‫ك مِن‬
‫الية الذكورة‪ -‬بعبارة « ُقلْ» على أن ما جاء بعد « ُقلْ» هو القصود بـ ((بَلّ ْغ مَا أُنزِ َل ِإلَيْ َ‬
‫ّرّبكَ))؟ خاصة أن ما ذُكر بعد « ُقلْ» يتناسب تاما مع ما جاء قبل الية ويرتبط به إذ جاء قبلها‬
‫كلم عن أهل الكتاب كما ذكرنا‪.‬‬
‫أضف إل ذلك فقد جاء ف آخر الية الشار إليها قوله تعال‪(( :‬إِ ّن ال َل َيهْدِي الْ َقوْمَ‬
‫الْكَا ِفرِينَ)) وهذا خطاب ل يكن أن يُقصد به أصحاب رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم! إذْ‬
‫هل ُيعْقَل أن ياطب ال تعال عدة آلف من أصحاب رسوله (من الهاجرين والنصار‬
‫والجاهدين السلمي) الذين هرعوا إل أداء الج تت راية رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫بوصمهم بالكفر بدل أن يثن عليهم ويتقبّل سعيهم؟!‬
‫ث إنه على فرض أن هذه الملة الخية موجّهة إل من كانوا مع رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم حسب ادعاء مدعي الولية فكان الدير أن يَاطبوا با بعد إنكارهم مسألة ولية عليّ‬
‫ورفضهم لا‪ ،‬ل أنم قبل أن ُيبَلّغوا بذا الوضوع يُخاطَبوا بأن ال ل يهدي القوم الكافرين!!‬
‫صةً أن هذه الية ل تأتِ على أسلوب اليات الت تذكر موضوعا ما ث تقول إن كل من ل‬ ‫خا ّ‬
‫يؤمن به سيكون من الكافرين‪ ،‬بل الية ‪-‬دون أن تذكر موضوعا‪ -‬خاطبت جاعة بأنم قومٌ‬
‫كافرون‪ ،‬ما يدلّ على أن هذا الطاب موجّهٌ إل أشخاص كانوا من قبل‪ ،‬ولسباب أخرى‪ ،‬من‬
‫الكافرين والن خُوطبوا بذلك لجل إتام الجة عليهم أو لعلن الفاصلة معهم أو لسبب آخر‪،‬‬
‫أما لو قُصد من تلك الملة أصحاب النبّ صلى ال عليه وآله وسلم فكيف يُخاطَبون بذلك قبل‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 136 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫إبلغهم موضوع اللفة اللية لعليّ ف حي أنم ل يقوموا بأي شيء بعد حت يستحقّوا الطاب‬
‫بأنم قوم كافرون! هذا بعزل عن أن القرآن مدح جُلّ أصحاب رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم ف مواضع كثية وهذا ل يتناسب مع ماطبة القرآن لم ابتدا ًء بوصف الكفر‪.‬‬
‫ك مِ َن النّاسِ إِنّ ال ل َيهْدِي اْل َقوْمَ‬
‫ولحظوا أن ختام الية الستشهد با يقول‪(( :‬وَال َيعْصِمُ َ‬
‫الْكَافِرِينَ)) [الائدة‪ ]67:‬فإذا كان القصود بذا الطاب أصحاب النب صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫فكيف نتصور أن النب صلى ال عليه وآله وسلم كان يشعر بالطر مِنْ ِقبَِلهِمْ كخشيته من اليهود‬
‫والنصارى‪ ،‬رغم أن معظم أولئك الذين كانوا مصاحبي له كانوا مضحّي بأنفسهم ف الدفاع عنه‬
‫ومطيعي له؟! وإذا كانوا كفّارا أو منافقي فلماذا كان النبّ صلى ال عليه وآله وسلم يعيش معهم‬
‫ويكرمهم وُيؤَاكلهم ويتزوّج منه ويعيّن بعضهم لمامة صلة الماعة؟ فكلّ هذا يد ّل على أن لن‬
‫الية وسياقها ل يتناسب مع القصود الذي يدعيه الستشهدون با‪.‬‬
‫[ثناء أمي الؤمني عليّ والمام السجاد البالغ على أصحاب رسول ال]‬
‫أضف إل ذلك أنه لو كان أغلب هؤلء الصحاب منافقي فلماذا مدحهم عليّ عليه السلم‬
‫وأثن عليهم كل الثناء؟ أل يقل عليّ عليه السلم بشأن أصحاب رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم‪:‬‬
‫ح ّمدٍ (صلى ال عليه وآله) فَمَا أَرَى أَحَدا ُيشِْب ُه ُهمْ مِ ْن ُكمْ َل َقدْ‬
‫ت أَصْحَابَ مُ َ‬
‫«َلقَدْ َرَأيْ ُ‬
‫كَانُوا يُصْبِحُو َن شُعْثا غُبْرا و َق ْد بَاتُوا سُجّدا وقِيَاما ُيرَاوِحُو َن بَ ْينَ جِبَاهِ ِهمْ و ُخدُو ِد ِهمْ وَيقِفُونَ‬
‫عَلَى مِ ْثلِ الْجَ ْم ِر ِم ْن ذِ ْكرِ َمعَادِ ِهمْ َكأَ ّن بَ ْينَ أَعْيُِن ِهمْ رُكَبَ الْ ِم ْعزَى ِمنْ طُو ِل سُجُو ِد ِهمْ ِإذَا ذُ ِكرَ‬
‫ح اْلعَاصِفِ خَوْفا ِمنَ‬
‫جرُ َيوْ َم الرّي ِ‬
‫ت أَعْيُُن ُه ْم حَتّى تَُب ّل جُيُوَبهُ ْم ومَادُوا كَمَا يَمِي ُد الشّ َ‬
‫ال هَمَلَ ْ‬
‫ب ورَجَا ًء لِلّثوَابِ»(‪،)1‬‬
‫الْ ِعقَا ِ‬
‫ح الْنصَارِ‪ُ « :‬همْ وال َرّبوُا السْلمَ َكمَا ُي َربّى الْفِ ْل ُو مَعَ‬
‫وقال عليه السلم أيضا فِي مَ ْد ِ‬
‫غَنَاِئهِ ْم ِبأَْيدِيهِ ُم السّبَاطِ وَأْلسِنَِت ِهمُ السّلطِ»(‪.)2‬‬
‫وكذلك دعا حضرة المام زين العابدين عليه السلم ف الدعاء الرابع من الصحيفة السجّادية‬

‫() نج البلغة‪ ،‬خطبة ‪.97‬‬ ‫‪1‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الكلمات القصار‪ ،‬رقم ‪.465‬‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 137 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫لصحاب رسول ال وقال‪:‬‬


‫«اللهم وأصحاب ممّد خاصة الذين أحسنوا الصحابة‪ ،‬والذين أبلوا البلء السن ف‬
‫نصره‪ ،‬وكانفوه وأسرعوا إل وفادته‪ ،‬وسابقوا إل دعوته‪ ،‬واستجابوا له حيث أسعهم حجة‬
‫رسالته‪ ،‬وفارقوا الزواج والولد ف إظهار كلمته‪ ،‬وقاتلوا الباء والبناء ف تثبيت نبوته‪،‬‬
‫وانتصروا به‪ ،‬ومن كانوا منطوين على مبته يرجون تارة لن تبور ف مودته‪ ،‬والذين هجرتم‬
‫العشائر إذا تعلقوا بعروته وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا ف ظل قرابته‪ .‬فل تنس لم اللهم‬
‫ما تركوا لك وفيك‪.»...‬‬
‫و وردت أدعية أخرى تثن على أصحاب رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم وتدحهم‪،‬‬
‫وذلك كدعاء يوم الثلثاء ف «مفاتيح النان» الذي يصلّي على أصحاب رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم ويعتبهم «النتجبي»‪ .‬وعلى كل حال طالا أن هناك آيات قرآنية واضحة ف مدحهم‬
‫فنكتفي با ونستغن عن ذكر جل الدعية الواردة عن أئمة آل البيت عليهم السلم ف مدحهم‬
‫والثناء عليهم‪.‬‬
‫[مناقشة الستدلل بآية التطهي على العصمة]‬
‫من جلة ما جاء ف هذه الزيارة أيضا إشارة إل الية ‪ 33‬من سورة الحزاب [أي قوله‬
‫طهِيا)) [الحزاب‪:‬‬ ‫ت َويُ َطهّرَكُ ْم تَ ْ‬
‫تبارك وتعال‪ِ(( :‬إنّمَا يُرِيدُ ال ِليُ ْذ ِهبَ َعْنكُمُ الرّ ْجسَ َأهْلَ اْلَبيْ ِ‬
‫‪ ،]]33‬حيث اعتُبت هذه الية نصا على عصمة أهل بيت رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫وأنم أفضل من النبياء! ف حي أنه لو كانت عبارة ((ِإنّمَا يُرِيدُ ال)) [الحزاب‪ ]33:‬داّل ًة على‬
‫العصمة لوجب أن يكون جيع الؤمني معصومي وأفضل من النبياء! لن ال تعال قال ف آية‬
‫الوضوء ماطبا جيع الؤمني‪(( :‬وََلكِنْ ُيرِيدُ ِليُ َطهّرَكُ ْم وَِلُيتِ ّم نِعْ َمتَ ُه عََلْيكُمْ)) [الائدة‪ ،]6:‬لكن الواقع‬
‫أن إرادة التطهي ف اليتي ليست إرادة تكوينية بل إرادة تشريعية مفادها أن ال تعال يريد من‬
‫جيع الؤمني الطهارة وشرعها لم وأحبها منهم وأراد أن يتاروها بإرادتم‪ .‬وأصلً لو كان‬
‫ب عَْنكُمُ الرّ ْجسَ َأهْ َل اْلبَْيتِ‬ ‫القصود من إرادة التطهي ف قوله تعال‪ِ(( :‬إنّمَا يُرِيدُ ال ِليُ ْذهِ َ‬
‫َويُ َطهّرَكُ ْم تَ ْطهِيا)) [الحزاب‪ ]33:‬الرادة التكوينيّة بعن خلق ال وإياده لدّى ذلك إل أن يكون‬
‫أهلُ بيت رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم معصومي ذاتا بقدرة ال وخَ ْلقِ ِه وعندئذٍ فلن تكون‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 138 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫لم فضيلةٌ ف ذلك لن تام الشجار والنار مطيعةٌ ل تكوينيّا ومعصومةٌ عن عصيانه‪ ،‬وإنا‬
‫الفضيلة أن يتار النسان الطهارة والنقاء من الرجس أي الث‪ ،‬بإرادته الرّة‪ ،‬فتبيّن إذَن أنّ‬
‫القصود من الية هو الرادة التشريعيّة وقد اختصّ ال تعال أهل بيت رسوله بذه الرادة لنم‬
‫بطهارتم السمية والروحية يفظون حيثية رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ومكانته‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬يوجد ف هذا الباب روايات صحيحة السند أيضا‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 139 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫نقطة هامة جديرة بانتباه الدعاة‬


‫يقول بعض الطباء إن الدف من وضع وصياغة كل تلك الزيارات هو التعريف بالئمّة‬
‫عليهم السلم ودعوة الناس إليهم‪ .‬لكن ينبغي أن يعلموا أن هذا العمل نى عنه المام الصادق عليه‬
‫السلم طبقا لا رواه الرحوم «الكلين» الذي أورد عدة روايات عن الئمة عليهم السلم ينهون‬
‫فيها الناس عن الدعوة إل إمامتهم‪ .‬ودليل هذا المر واضح لن المام تابع للدّين وليس عي الدّين‬
‫وبالتال فعلى الناس أن يَ ْدعُوا إل الدّين فقط‪ .‬من جلة هذه الروايات الديث الذي رواه الكلين‬
‫بسنده عن «ثابت بن سعيد» قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪« :‬يا ثابت! ما لكم وللناس‪،‬‬
‫كفوا عن الناس ول تدعوا أحدا إل أمركم‪ ،‬فوال لو أن أهل السماوات وأهل الرضي‬
‫اجتمعوا على أن يهدوا عبدا يريد ال ضللته ما استطاعوا أن يهدوه‪ُ ...‬كفّوا عن الناس ول‬
‫يقول أحد‪ :‬عمّي وأخي وابن عمي وجاري‪ ،‬فإن ال إذا أراد بعبد خيا طيّب روحه فل يسمع‬
‫معروفا إل عرفه ول منكرا إل أنكره‪.)1(»..‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫() الكاف‪ ،‬للكلين‪ ،‬ج ‪/ 1‬ص ‪ ،165‬الديث ‪ 1‬من ( باب الداية أنا من ال عز وجل)‪( .‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 140 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الروايات الواردة ف زيارة المام عليّ ف السابع عشر من ربيع الول‬


‫ف هذا القسم أورد الجلسيّ زيارة تت عنوان «الزيارة التاسعة» عن المام الصادق عليه‬
‫السلم‪ ،‬وهي زيارة «مرسلة» ل سند لا‪ ،‬وتتوي العديد من المل الخالفة للعقل وللقرآن‬
‫وللتاريخ‪ ،‬مثل ماطبة أمي الؤمني عليه السلم بعبارة‪« :‬السلم عليك يا وصيّ الوصياء» مع أن‬
‫التاريخ والعقل والديث كلّها تشهد أن المام عليه السلم كان وصيّ خات النبياء صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم ل غي!‬
‫وجاء ف الزيارة‪« :‬السلم عليك يا من عنده علم الكتاب»‪ .‬وقد أوضحتُ ف تفسيي‬
‫الختصر على القرآن الكري الذي أسيته «تابشي از قرآن» (أي شعاع من القرآن) ذيل تفسيي‬
‫لقوله تعال ف سورة «الرعد» الباركة (الية ‪ُ (( :)43‬قلْ َكفَى بال شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيَْن ُكمْ َو َمنْ‬
‫عِن َدهُ عِ ْل ُم الْكِتَابِ))‪ ،‬أن القصود بن عنده علم الكتاب علماء اليهود والنصارى لن كتبهم كان‬
‫فيها صفة رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم والبشارة برسالته كما تدلّ على ذلك عشرات‬
‫اليات القرآنية‪.‬‬
‫وجاء ف هذه الزيارة أيضا‪« :‬أيها التصدّق بالات ف الحراب»‪ ،‬هذا مع أنه ل يكن‬
‫لسجد السلمي زمن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم مراب(‪ !)1‬وأوّل من جعل للمسجد‬
‫مرابا ومقصورةً هو معاوية!‬
‫وما جاء ف هذه الزيارة أيضا‪« :‬السلم على نور النوار‪ ....‬مُستَ ْنقِ ِذ الشيعة الخلصي من‬
‫عظيم الوزار»!‬
‫أقول‪ :‬إن عبارة «نور النوار» من اختراعات الفلسفة اليونان الشركي الت تلقّفها عنهم‬
‫الغلة‪ ،‬إذ كان الفلسفة يقولون «ل يصدر من الواحد إل الواحد» أي أن ال الواحد الجرّد ل‬
‫يصدر عنه إل واحد بسيط لن الذات الحدية ل تقبل الكثرات‪ ،‬فال مصدر شيء واحد هو‬
‫«العقل الول» أو «نور النوار» وباقي الوجودات أوجدها «العقل الول» الذي هو مصدر‬

‫() حول ال ستدلل بد يث الت صدّق بالا ت على إما مة أم ي الؤمن ي (ع) وإمار ته را جع كتاب «شاه راه اتاد» (أي‬ ‫‪1‬‬

‫طريق التاد) تأليف الستاذ الفاضل حيدر علي قلمادران‪ ،‬ص ‪ 145‬فما بعد‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 141 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الكثرات‪ ،‬ومن الواضح أن هذا الكلم باطل ومالف للقرآن لن ال تعال يقول‪(( :‬ال خَالِقُ كُلّ‬
‫َشيْءٍ)) [الزمر‪ .]62:‬ث إن ال تعال ليس مصدرا ول يصدر عنه شيء ل واحد ول كثي بل هو‬
‫مُوجِدٌ وخالقٌ لكل الوجودات من العدم‪ ،‬لن ال ليس له خارج وداخل حت يصدر عنه شيء‪ ،‬إذْ‬
‫التركيب من لوازم الصدور‪ .‬وهكذا نرى أن هؤلء الغلة اقتبسوا كل عبارة من مصدر ونسبوها‬
‫إل المام وبثّوها بي السلمي!‬
‫أما قوله ف الزيارة‪ُ « :‬مسْتَ ْن ِقذِ الشيعة الخلصي من عظيم الوزار»! فلنا أن نسأل‪ :‬كيف‬
‫يكون أصحاب الوزار العظيمة من الشيعة الخلصي؟! وهل كان المام عليّ عليه السلم والعياذ‬
‫ح لقام عليّ عليه السلم أم ذمّ‬ ‫بال إمام الفاسقي والعصاة والفاجرين؟ هل مثل هذه الكلمات مد ٌ‬
‫له؟ ث ما الدليل على أن عليا عليه السلم سينجي كلّ من ارتكب عظائم الذنوب والوزار؟‬
‫والال أن ال تعال يقول لرسوله الكري بصيغة الستفهام النكاري‪(( :‬أَفَمَنْ َح ّق عََليْهِ كَلِ َمةُ‬
‫ت تُنقِ ُذ مَنْ فِي النّارِ)) [الزمر‪ ،]19:‬فإذا ل يكن بإمكان رسول ال صلى ال عليه وآله‬ ‫الْعَذَابِ أََفأَْن َ‬
‫جيَ أحدا منه؟! ث هل‬ ‫وسلم أن ينقذ أحدا من عذاب النار فكيف يكن لعليّ عليه السلم أن يُن ّ‬
‫مقام عل ّي وإمامته هي أن يامي عن الفاسقي من أهل الكبائر وينقذهم من العقاب الذي‬
‫يستحقونه؟ لقد كان عليّ عليه السلم ذاته ‪-‬كما تشهد لذلك مئات الدعية الت خلّفها لنا ‪-‬‬
‫يشى ربّه ويبكي خوفا من الذنوب ويتأوّه من بعد الطريق وقلّة الزاد‪ ،‬فمثل هذا المام ل يكن أن‬
‫يكون سسارا لرتكب الكبائر بل هو بريء من الوبقات وأهلها‪ ،‬وهو إمام التقي وليس إمام أهل‬
‫الوزار والكذابي‪.‬‬
‫ث تقول الزيارة ف الملة التالية‪« :‬يا ولّ ال إن بين وبي ال عز وجل ذنوبا قد أثقلت‬
‫ت إل ال عز وجل وإليك!»(‪.)1‬‬
‫ظهري ومنعتن من الرقاد وذكرها يقلقل أحشائي‪ ،‬وقد هرب ُ‬
‫جَأ مِنَ ال إِلّا إَِليْهِ))‬
‫وينبغي أن نقول ف جواب هذا الدعاء‪ ،‬أولً‪ :‬إن ال تعال يقول‪(( :‬ل مَلْ َ‬
‫[التوبة‪ ،]118:‬ويقول‪(( :‬مَا َلكُ ْم مِ ْن مَ ْلجٍَإ َي ْومَئِذٍ)) [الشورى‪ ،]47:‬وعليّ عليه السلم يقول‪:‬‬
‫ف َحرِي ٍز ومَانِعٍ َعزِيزٍ وَأخْلِصْ‬
‫ك تُلْجُِئهَا ِإلَى َكهْ ٍ‬
‫ك َفِإنّ َ‬
‫ك فِي ُأمُورِكَ كُ ّلهَا ِإلَى ِإَلهِ َ‬
‫جئْ َن ْفسَ َ‬
‫«وَألْ ِ‬
‫ح ْرمَانَ‪ ...‬واعْ َلمْ أَنّ اّلذِي بَِي ِد ِه َخزَاِئنُ السّمَاوَاتِ‬
‫سأََل ِة ِلرَّبكَ َفإِ ّن بَِي ِدهِ اْلعَطَاءَ والْ ِ‬
‫فِي الْ َم ْ‬
‫ك وتَسَْت ْرحِ َمهُ‬
‫سأََل ُه لُِيعْطِيَ َ‬
‫ك بِالجَاَبةِ وَأمَرَ َك أَ ْن َت ْ‬
‫ض َقدْ َأذِ َن َلكَ فِي الدّعَا ِء وتَ َك ّفلَ َل َ‬
‫والرْ ِ‬
‫() بار النوار للمجلسي‪ ،‬ج ‪/97‬ص ‪( .376‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 142 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ك ِإلَيْهِ»(‪.)1‬‬
‫شفَعُ لَ َ‬
‫حجُُبكَ عَ ْنهُ وَل ْم يُلْجِ ْئكَ ِإلَى َم ْن َي ْ‬
‫ج َعلْ بَيَْنكَ وبَيَْن ُه َمنْ يَ ْ‬
‫لَِيرْحَ َمكَ وَل ْم يَ ْ‬
‫ح ِم َن التّ ْوَبةِ»(‪.)2‬‬
‫ويقول كذلك‪« :‬ول َشفِي َع َأنْجَ ُ‬
‫ت اللص من ثقل ذنوبك‬‫بناء عليه‪ ،‬ما مِنْ موجودٍ يكنه أن يميكَ أمام ال تعال‪ ،‬فإذا أرد َ‬
‫وغفرانا فالطريق الوحيد لذلك هو العودة إل ال والتوبة النصوح وأداء حقوق الالق والخلوق‪.‬‬
‫وقد جاء ف «نج البلغة» ف الرسالة الت كتبها أمي الؤمني (ع) إل عامله على مصر «مالك‬
‫ث الشْتَ َر فِي َع ْهدِ ِه ِإلَ ْيهِ حِيَ‬
‫ي ا ُلؤْمِنِيَ مَاِلكَ ْبنَ الَا ِر ِ‬
‫الشتر»‪َ « :‬هذَا مَا أَ َم َر ِبهِ عَ ْبدُ ال عَ ِل ّي أَمِ ُ‬
‫صرَ جِبَايَ َة َخرَا ِجهَا وجِهَادَ َعدُ ّوهَا‪َ ...‬أ َمرَ ُه بَِت ْقوَى ال وِإيْثَارِ طَاعَِتهِ واتّبَاعِ مَا َأ َمرَ ِبهِ فِي‬
‫وَل ُه مِ ْ‬
‫ضهِ وسُنَِنهِ الّتِي ل َيسْ َع ُد أَ َح ٌد إِل بِاتّبَا ِعهَا»(‪.)3‬‬
‫كِتَابِ ِه ِمنْ َفرَائِ ِ‬
‫وثانيا‪ :‬إن المام ليس ساكنا ف وسط القب ول بي الضريح الذهّب والصنوع من الفضة‬
‫الغصوبة‪ ،‬بل قد رحل عن الدنيا وانقطعت صلته بأهلها ول يعد له شُغ ٌل ِب ِفتَنِكَ وفسا ِدكَ أو فساد‬
‫الخرين‪ ،‬فل تضيّع وقتك هباءً‪.‬‬
‫وثالثا‪ :‬إذا كان المام حاضرا فإنه ل يكنه أن يعرف أصادق أنت فيما تقول أم كاذب؟‬
‫لنه ل يعلم أح ٌد بقلوب العباد وحقيقة ما ف صدورهم ونيّاتم سوى ال عز وجل‪.‬‬
‫ورابعا‪ :‬إنّ المام بريءٌ ومتنفّرٌ من الثي الفسقة الفاجرين‪ ،‬ومقتٌ لن باع آخرته بدنياه‪.‬‬
‫ث نقرأ ف الزيارة قول الزائر للمام‪« :‬فاجعلن يا مولي من هّك وأدخلن ف حزبك»‬
‫فأقول‪ :‬ما الراد بذا الكلم؟ أما الزء الول من الملة فهو كلم أشبه بالكلم العامي وبعيد عن‬
‫الفصاحة والبلغة‪ ،‬وأما بقية الملة فإذا قُصد بزبك «حزب ال» فعلى كل مسلم أن يتار‬
‫بإرادته الرة أن يكون من حزب ال باتباعه لتعاليم الشرع‪ ،‬ل أن المام يأت ويدخله فيه!! ث‬
‫تقول بقية العبارة «يا ولّ عصمة الدين» وليس لذا معن واضح‪.‬‬
‫يقول الجلسيّ ف هذه الزيارة كما يقول آخرون من الحدّثي أنه من الستحبّ أن يصلي‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الرسالة رقم ‪ 31‬وهي وصية المام علي عليه السلم لبنه السن عليه السلم كتبها إليه باضرين عند‬ ‫‪1‬‬

‫انصرافه من صفي‪( .‬الترجم‬


‫() نج البلغة‪ ،‬الكلمات القصار‪ ،‬رقم ‪.371‬‬ ‫‪2‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الرسالة ‪.35‬‬ ‫‪3‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 143 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الزائر ست ركعات ل يهدي ثوابا لمي الؤمني عليه السلم وركعتان لكلّ من آدم ونوح عليهما‬
‫السلم!! ومن الواضح أن ال ورسوله صلى ال عليه وآله وسلم ل يشرّعا هذه الصلوات‪ ،‬فل‬
‫ندري كيف يوصي مدّثونا الذين يعلمون جيدا أن العبادات توقيفية تاما ومنوطة بإذن الشارع‬
‫وتعليمه بثل هذه الصلوات؟! وإذا كان الشارع هو الذي شرع هذه الصلوات فعلً فلماذا ل يعلم‬
‫با أحد سوى جاعة من الرواة الوضاعي والجاهيل؟!‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 144 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الروايات الواردة ف زيارة عليّ (ع) ليلة البعث ويومه‬


‫نقل الجلس ّي والفيد وابن طاووس والشهيد والشيخ عباس القمّي رحهم ال زيارة خاصة‬
‫بليلة البعث ويومه عن رواة وضّاعي فيها أنه إذا وصلتَ (أي الزائر) إل القبّة الشريفة فتوقّفْ وقل‬
‫كذا وكذا‪ ...‬ث ادْخُلْ وا ْجعَلْ وجهك إل الضريح وظهرك إل القبلة وقل كذا وكذا‪ ...‬فهذه‬
‫الداب والتعاليم ليست من كتاب ال وسنة رسوله لنه ل تكن هناك زمن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم قبّة ول حرم وبالتال فهي آداب مبتدعة‪ ،‬وقد قال أمي الؤمني عليه السلم ذاته‪:‬‬
‫«السُّنةُ ما سَ ّن رسولُ ال صلى ال عليه وآله والبدعة ما ُأحْ ِدثَ من بعده»(‪.)1‬‬
‫أضف إل ذلك أن الشهور لدى مشاينا أن ليلة بعثة النبّ صلى ال عليه وآله وسلم هي ليلة‬
‫‪ 27‬رجب ودليلهم الوحيد هو شهرة هذا المر بي الشيعة‪ .‬هذا مع أن «الشهرة» ليست من‬
‫صةً إذا كانت مالفة للقرآن الكري الذي يقول‪ِ(( :‬إنّا أَنزَْلنَاهُ فِي َليَْل ٍة ُمبَارَ َكةٍ))‬ ‫الدلة الشرعية‪ ،‬خا ّ‬
‫[الدخان‪ ،]3:‬وقال‪ِ(( :‬إنّا أَنزَْلنَاهُ فِي َليَْل ِة اْلقَدْرِ)) [القدر‪ ]1:‬وقال‪َ (( :‬شهْرُ َر َمضَا َن الّذِي أُنزِلَ فِيهِ‬
‫الْقُرْآنُ)) [البقرة‪ ]185:‬فهذه اليات كلّها تشهد أن ابتداء الوحي ونزول القرآن كان ف شهر‬
‫رمضان وف ليلة القدر بالذات‪ ،‬وبالتال فليلة بعثة رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم هي ليلة‬
‫القدر ذاتا‪ ،‬ولكن مشاينا لعتيادهم على قاعدة «خذ ما خالف العامة» يصرّون ‪ -‬مستخدمي‬
‫تأويلت باردة‪ -‬على أن القرآن نزل على دفعتي‪ :‬الدفعة الول نزل ُجمَْلةً إل السماء الدنيا‬
‫والدفعة الثانية نزل منجّما على نو تدرييّ على قلب رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪،‬‬
‫ويصروّن على أن معن «النزال» غي معن «التنيل»‪ ،‬وأقول‪ :‬حت لو كان ذلك صحيحا فليس‬
‫معناه امتناع استعمال «النزال» بعن «التنيل» أو العكس‪ .‬وقد عبّر القرآن الكري عن إنزال‬
‫الطر بـ«إنزال الاء» (البقرة‪ 22/‬والنعام‪ 99/‬والرعد‪ )17/‬وبـ«تنيل الاء» (العنكبوت‪63/‬‬
‫والزخرف‪ ،)11/‬ومن الواضح أن الطر ينل دائما بصورة واحدة‪ ،‬فهذا يدل على عدم صحة‬
‫القول بأن معن «النزال» يتلف دائما عن معن «التنيل» وأنه ل يكن استخدام أحدها مكان‬
‫الخر‪ ،‬وعليه فل يكن بثل ذلك الدليل العلول القول بنوَليْن للقرآن‪.‬‬

‫() بار النوار للمجلسي‪ ،‬ج ‪ /2‬ص ‪ ،226‬نق ً‬


‫ل عن معان الخبار للشيخ الصدوق‪( .‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 145 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫نعم‪ ،‬بعد أن يل الجلسيّ صفحات عديدة من هذه الزيارة يقول بعدها‪« :‬أقول‪ :‬ل أطّ ِلعْ‬
‫على سند هذه الزيارة ول على استحباب زيارته عليه السلم ف خصوص هذا اليوم لكنه من‬
‫الشهورات بي الشيعة والتيان بالعمال السنة ف الزمان الشريفة موجب لزيد الثوبة»(‪.)1‬‬
‫فلحظوا كيف أضاف كل هذه الداب إل الدين دون دليل أو مستند‪ ،‬وليت شعري! كيف‬
‫تكون العمال الت ل مستند شرعي لا موجبةً للمزيد من الثوبة والجر؟! وكيف يكون للوقوف‬
‫ف مقابل قب والفراط ف الديح والطراء الغال ثواب عظيم‪ ،‬مع أن المام نفسه نى عن هذه‬
‫العمال؟‬
‫وف الزيارة خاطب واضعها أمي الؤمني (ع) بـقوله‪« :‬السلم عليك أيها الصدّيق الكب‬
‫والفاروق العظم» وواضح أنه أراد من هذه العبارات الردّ على أهل السنة الذين يطلقون على أب‬
‫بكر لقب «الصدّيق» وعلى عمر لقب «الفاروق»‪ ،‬لذلك نرى أن واضع هذه الزيارة يثي بذه‬
‫اللفاظ العداوة بي السلمي ويبث الختلف وسوء الظن بينهم‪.‬‬
‫ونقرأ ف هذه الزيارة وصف واضعها لعل ّي بأنه‪« :‬معدن ِح َكمِ ال وسرّه» ول أدري ما‬
‫القصود من قوله «معدن حكم ال»؟ ولعمري لو أُعطي عليّ عليه السلم الجال يوم القيامة‬
‫لواجهة هؤلء الوضاعي لاكمهم قائلً‪ :‬لاذا تنسبون إل أمورا ل مستند لا؟ ولقال لم‪ :‬مت‬
‫أمرتكم أن تدعون بعد موت؟ لقد أتلفتُ عمري ف الدفاع عن السلم وإرشاد الناس إل التوحيد‬
‫واجتناب الطايا والذنوب الت يُعدّ الشرك أكبها فلماذا تشجعون الناس باسي على القيام بأعمال‬
‫شركية؟! ولقد بايعتُ اللفاء حفاظا على وحدة السلمي وقبلتُ مصاهرة الليفة الثان ل‪ ،‬فلماذا‬
‫تسعون ف إبعاد قلوب السلمي عن بعضهم بجّة موالت والتحزّب ل؟ فما عساهم أن ييبوه؟‬
‫لقد أطلق كاتب هذه الزيارة كل ما حل له من اللفاظ وأعجبه ونسبها إل المام‪ ،‬من ذلك‬
‫قوله‪« :‬السلم عليك يا تاج الوصياء»! بل حت اعتب المام تاجا لرأس رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم فقال‪« :‬وتاجا لرأسه»‪ .‬وللسف فإن الشيخ عباس القمي نقل أكثر هذه الدائح‬
‫والطراءات الفرطة دون تدبّر أو تأمّل ف كتابه «مفاتيح النان» ربا ظنّا منه أن الئمة أنفسهم‬
‫عليهم السلم هم الذين قالوا عن أنفسهم تلك الدائح والثناءات!! وليت شعري هل قرأ الشيخ‬
‫«عباس القمي» السية والتاريخ أم ل؟ لو قرأ سية رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم وتاريخ‬
‫() بار النوار للمجلسيّ‪ ،‬ج ‪/97‬ص ‪( .383‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 146 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫السلم وكان له علم وافر بسية عليّ عليه السلم وسائر أئمة أهل البيت عليهم السلم لدرك‬
‫بكل بساطة أنه من الحال أن يرضى النبّ الكرم صلى ال عليه وآله وسلم والئ ّمةُ الكرام عليهم‬
‫السلم مقدار ذرة بأمثال تلك الطراءات البالغ با والدائح والثناء التكلّف‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬لقد قام أشخاص من قبيل «ابن الشهدي» و«أبو قرّة»(‪ )1‬والسيد «ابن طاووس»‬
‫وأمثالم بوضع زيارات لكل شخص وف كل مكان ملؤوها بالدعاء والديح وصنوف الطراء‪،‬‬
‫ومن جلة ذلك أنم اخترعوا لسجد الكوفة عدّة مصاطبَ أو دُكَكٍ فمصطبة (دكة) للمام‬
‫السجاد ومصطبة للمام الصادق وأخرى للمي فهل يوز تقسيم مسجد ال ‪-‬بل دليل بل بجرّد‬
‫الظن‪ -‬إل مصاطب ووضع آداب خاصة لكل منها؟ هل يوز أن نعل أحكام الدين غي منضبطة‬
‫بالدلة الشرعية إل هذا الد؟ حت أنم صاغوا عبارات جيلة ومسجّعة ف مدح وإطراء «مسلم‬
‫بن عقيل» و«هانئ بن عروة» و«النب يونس»! وربا لو كانت قبور الئة والربعة وعشرين ألف‬
‫نبّ معلومة لوضعوا زيارة خاصة لكل منها وملؤوا الدنيا قبابا وأضرحة!‬
‫لقد تقدّم أعداء السلم ف الصناعات والقوّة وبذلوا مساعيهم وجهدهم ف الختراعات‬
‫والكتشافات أما نن فانشغلنا ببناء آلف الضرحة والُرُم والزيارات حت وقعنا أسرى‬
‫للستعمار وأصبح السلمون من أكثر ملل الدنيا تلّفا حت ف الخلق والسلوك والعمال‪.‬‬
‫لحظ أيها القارئ الكري لا كانت أوربا الطامعة تسعى بكل قواها نو الرِّق ّي واكتساب‬
‫القوّة العسكرية والعلوّ على سائر المم وُتغِي كالذئب الضاري لبتلع المم الضعيفة مثل‬
‫أندونيسيا والند وأفريقيا و‪ ....‬وكانت تعمل ليل نار على إضعاف الدولة العثمانية‪ ،‬كان علماؤنا‬
‫مشغولي بكتابة الزيارات وملئها بصنوف الدائح والطراءات والطعن واللعن لخالفيهم!! مع أن‬

‫() هو أبو الفرج العروف بابن أب قرّة وهو ممد بن علي بن ممد بن ممد بن أب قرة العنان [وقيل‪ :‬العيناثي] من‬ ‫‪1‬‬

‫مشايخ النجاشي‪ ،‬مؤلّف عد ٍد من الكتب ف الدعية والزيارات مثل‪« :‬عمل الشهور» و«عمل شهر رمضان» و«عمل‬
‫المعة» و«التهجّد» و«الزار»‪ .‬قال آقا بزرگ الطهران ف «الذريعة»‪(( :‬ولعله من أحفاد أب على العروف بابن أب‬
‫قرة الذي كان منجم الليفة الفاطمي بصر‪ ،‬كما ف فهرس ابن الندي «ص ‪ ))» 388‬انتهى‪ .‬وُيكْثِرُ السيد رضي الدين‬
‫بن طاووس اللّي (ت ‪644‬ه ـ) ف كتاب أدعي ته الشه ي ب ـ «إقبال العمال» الن قل عن ك تب ا بن أ ب قرة م ثل‬
‫«الزار» و«عمل شهر رمضان» و«عمل الشهور»‪ .‬كما ينقل الكفعمي التوف (ت ‪905‬هـ) ف كتابه «النة الواقية»‬
‫كثيا عن كتاب «التهجد» لبن أب قرّة هذا‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 147 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم قال‪« :‬من أصبح ل يهتم بأمور السلمي فليس بسلم»(‪.)1‬‬
‫فهؤلء الذين يعتبون أنفسهم علماء للسلم بدلً من السعي والهتمام بال السلمي وتقدّمهم‬
‫الذي هو من أهم الواجبات صرفوا أوقاتم على بناء القباب والنارات ووضع الدعية والزيارات‬
‫البتدعة وما أصدق كلم حضرة أمي الؤمني (ع) الذي قال‪:‬‬
‫ت بِدْ َع ٌة إِل ُترِ َك ِبهَا سُّنةٌ فَاّتقُوا الِْبدَعَ‪ ..‬إِنّ َعوَازِ َم المُو ِر َأفْضَ ُلهَا وإِنّ‬
‫«وَ مَا أُ ْح ِدثَ ْ‬
‫ح ِدثَاِتهَا ِشرَا ُرهَا»(‪.)2‬‬
‫مُ ْ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫() الكاف‪ ،‬للكلين‪ ،‬ج ‪/2‬ص ‪ ،163‬الديث رقم ‪ 1‬من باب «الهتمام بأمور السلمي والنصيحة لم ونفعهم»‪ ،‬ومثله‬ ‫‪1‬‬

‫الديثان رقم ‪ 4‬و ‪( .5‬الترجم)‬


‫() نج البلغة‪ ،‬خطبة ‪.135‬‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 148 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫نظرة إل روايات أبواب زيارة المام السي عليه السلم‬


‫حضرة المام السي‪-‬عليه آلف التحية والسلم‪ -‬سيد شباب أهل النة وإمام أهل التقوى‬
‫وسيد الشهداء ونباس الجاهدين ف سبيل ال‪ .‬ولكن مع السف بدلً من أن يقتدي الناس بذلك‬
‫المام المام ويضحّوا بأرواحهم ف سبيل القّ وف سبيل بيان حقائق السلم‪ ،‬جعلوا شهادته‬
‫وسيلةً لكسب الال والاه والشهرة والرياسة‪ ،‬وكلّ من أراد أن يبيّن حقيقةً من حقائق الدّين الذي‬
‫استُشهد سيد الشهداء لجل اعتلئه ورفع رايته قام قرّاء الراثي ف مآت سيد الشهداء بالصدّ عن‬
‫سبيله و َكيْل التهم له‪ .‬وما يُؤسف له أن معظم الراجع والجتهدين يلزمون الصمت ويوافقون‬
‫بشكل غي مباشر من خلل سكوتم على تلك البدع ويَدَعون الدّعاة إل القّ وحدهم ف اليدان‬
‫ف مواجهة العوام!‬
‫إحدى البدع ف هذا الجال بدعة «التطبي» أو «قمه زن» أي «ضرب الرأس بالسيف‬
‫(أو الساطور)» الت يشجّع عليها قرّاء الراثي قائلي كل من ضرب رأسه بالسيف إن كان شابا‬
‫حُشر مع حضرة علي الكب وإن كان صغيا حُشر مع حضرة علي الصغر فيحثونم على هذه‬
‫العمال الباطلة(‪!)1‬‬
‫إنّ ضَرْبَ الرأس بالساطور بدعة ل تنسجم مع الفطرة ول مع العقل السليم ينفر منها كل‬
‫إنسان سليم الفطرة متّزن التفكي‪ ،‬وبكل تأكيد ل يوافق دين السلم دين الفطرة على مثل هذه‬
‫العمال‪ .‬ولحظ أيها القارئ الكري وفكّر لظة‪ :‬هل من المكن لشريعة من مبادئها قاعدة «ل‬
‫ضرر ول ضرار» وقاعدة «لزوم دفع الضرر الحتمل» أن ل ترّم ضرب الرأس بالساطور مع أن‬
‫ن وليس متملً؟! فالشرع الذي يقول إنه إذا كان الصوم أو الوضوء أو أي فريضة‬
‫ضرره يقي ّ‬
‫() سـعتُ أن رأس الشرار والراذل والوباش فـ مدينـة «أردبيـل» كان رجلً ظالا فاسـقا شاربا للخمـر يبت ّز الضعفاء‬ ‫‪1‬‬

‫أموالم ويرّد سكينه على كل من يقف ف وجهه‪ ،‬ث لا يأت يوم عاشوراء يشارك ف الواكب بماس ويارس التطبي!‬
‫و قد اشت كى عل يه الناس مرارا لدى م سؤول القضاء ليخلّ صوهم من ظل مه وابتزازه ل م فلم ي كن ي سعفهم أ حد‪ ،‬ح ت‬
‫شكوه ف النهاية إل صديق له فقال لم‪ :‬سأكفيكم شره هذه ال سنة‪ .‬وكان هذا الصديق من الذين يملون الشب ف‬
‫مراسم التطبي كي توضع على جبهة الضاربي عندما يأخذهم الماس واليجان ويضربون بقوة حت يقع الضرب على‬
‫ال شب فل يؤذي الضارب ول يؤدي إل إزهاق رو حه‪ ،‬فخرج يوم عاشوراء مع صاحبه الز عر وعند ما ح ي الوط يس‬
‫واشتد الضرب وضع له الشبة على رأسه كالعادة فكان يضرب عليها لكنه سحب فجأة الشبة فضرب الزعر نفْ سَه‬
‫على رأسه ضربة قوية أودت بياته وكُفي الناس شرّه!‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 149 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫أخرى تض ّر بالنسان ولو ضررا متملً ‪-‬بالطبع القصود الحتمال العقلن العقول وليس مرد‬
‫اليال والوهم والحتمال الضعيف جدا‪ -‬فإنا تسقط عن النسان ويرم عليه فعلها‪ ،‬فيجب أن‬
‫ن على‬
‫يفطر ول يصوم أو يتيمّم بدل الوضوء‪...‬ال‪ ،‬هل يسمح بإيقاع الضرر القطعيّ واليقي ّ‬
‫البدن؟!‬
‫ولكن يا للحسرة إن أكثر العلماء ‪ -‬كما هي عادتم ف مراعاة عوام الناس‪ -‬ل يُ ْظهِرون‬
‫القّ‪ ،‬وأرى أن الراج َع والجتهدين ‪-‬الذين أدّت عدم مالفتهم ومانعتهم الدّية والصرية لذه‬
‫العمال القبيحة إل شيوعها بي العوام‪ -‬مسؤولون أمام ال عزّ وجلّ‪ .‬إن كثيا من مراجع عصرنا‬
‫أو القريبي من عهدنا مثل «آية ال نائين» و«كاشف الغطاء» و«الشيخ هاشم العاملي» و«عبد‬
‫الادي الشيازي» و«السيد مسن الكيم» و«السيد أحد الوانساري» و«السيد أبو القاسم‬
‫الوئي» و«السيد ممد رضا الگُلپايگان» ل ينعوا هذه البدعة ول يرّموها بشكل صريح‪ ،‬ل بل‬
‫أيدها بعضهم بشكل ضمنّ!‬
‫ول يفى بالطّبع أن بعض الراجع والعلماء َن َهوْا عن هذه المور وحرّموها بكل صراحة‬
‫وبشكل قطعيّ‪ ،‬ولكنهم قلّة‪ .‬ومن جلتهم العال اللبنان الرحوم السيد «مسن المي العامليّ»‬
‫الذي كتب ف هذا رسال ًة مفيدةً بعنوان «التنيه لعمال الشبيه» آمل أن تظى باهتمام الشيعة(‪،)1‬‬
‫ولكن ل أشك أن قرّاء الراثي والطباء ل ييلون إل تعرّف الناس على مثل هذه الرسائل‪ .‬لذا ل‬
‫يزال أكثرهم عدي الطلع على مطالبها بل كثي من مشاينا العمّمي ل يقرأها!‬
‫وقد ذكر الرحوم العلمة «المي»‪ ،‬إضافة إل رسالته تلك‪ ،‬ف اللد العاشر من كتابه‬
‫«أعيان الشيعة» ما يبيّن حرمة ضرب الرأس بالسيف وغيها من العمال الت تتمّ ف أيام عاشوراء‬
‫فقال‪:‬‬
‫«اللل ف إقامة العزاء جرح الرؤوس بالدى والسيوف ولبس الكفان وضرب الطبول‬
‫جرْحُ‬
‫ص الشرع وحكم العقل‪ ،‬ف َ‬
‫والنفخ ف البواق وغي ذلك من العمال وكلّ هذا مرّمٌ بن ّ‬
‫ل وشرعا ول يترتّب عليه فائد ٌة دينيةٌ ول دنيوي ٌة بل يترتّب‬
‫الرؤوس إيذا ٌء للنفس مرّمٌ عق ً‬
‫عليه‪ ،‬زيادةً على أنه إيذاء للنفس‪ ،‬الضررُ الدينّ وهو إبراز شيعة أهل البيت بصورة الوحشية‬
‫() سعتُ أن ال سيد «جلل آل أح د» تر جم هذه الر سالة إل الفار سية ت ت عنوان «عزادارى هاى نا مشروع» أي‬ ‫‪1‬‬

‫أعمال مراسم العزاء غي الشروعة‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 150 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫والسخرية‪ ،‬وكلّ ذلك كلبس الكفان وباقي العمال ُمزْ ٍر بفاعله وبطائفته ل يرضاه ال ول‬
‫رسوله ول أهل بيته فهو من عمل الشيطان وتسويل النفس المّارة بالسوء سواء َأسُ ّميَ‬
‫بالواكب السينية أم بإقامة الشعائر أم بأيّ اسم كان فالساء ل تُغيّر حقائق الشياء وعادات‬
‫الطغام من العوام ل تكون دليلً للحكام‪.)1(».‬‬
‫على كل حال آمل أن يسأل شعبنا العلماء عن أمور الشرع ف كل مورد وأن ل يقبلوا إل‬
‫ما قام عليه الدليل‪ .‬لكنهم ل يفعلون ذلك للسف ولذا يقوم قرّاء الراثي ف الليل والنهار بترغيب‬
‫الناس بالبكاء والنواح وضرب الرؤوس وزيارات القبور‪ .‬والناس يقومون بذه العمال متصوّرين‬
‫أنا كافية لنجاتم من نار جهنم! ول علم لم بعارف السلم ول خب عن حقائق القرآن‪ ،‬وبذه‬
‫المور ابتعد الناس عن معرفة القرآن وأحكامه ومعارفه اللية‪ .‬فمثلً ترى خسي ألفا من فرق‬
‫اللطمي على صدورهم والضاربي ظهورهم بالنازير ل يوجد واحد منهم يسن آيتي من‬
‫القرآن أو يعلم أمرين من معارف الدين‪ ،‬بل كل بضاعتهم التقليد العمى وشعارهم‪« :‬عندي‬
‫السي فل غم ول حزن»! وليس كتّابنا وخطباؤنا ودعاتنا بأفضل من ذلك بكثي‪ ،‬فهاهو كبي‬
‫الحدّثي «ممد باقر الجلسيّ» قد خصّص ثلثة ملدات من كتابه «بار النوار» للزيارات‬
‫ونصوصها!‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫() أعيان الشيعة‪ ،‬السيد مسن المي العاملي‪ ،‬ج ‪/10‬ص ‪( .363‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 151 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫روايات باب وجوب زيارة المام السي (ع)‬


‫عقد الجلسيّ أول باب من هذه البواب تت عنوان‪« :‬باب ‪ -1‬أن زيارته صلوات ال‬
‫عليه واجبةٌ مفترض ٌة مأمو ٌر با وما ورد من الذمّ والتأنيب والتوعّد على تركها وأنا ل تُترك‬
‫للخوف»!‪ .‬وقال بعد أن أورد روايات عديدة ف هذا الباب‪« :‬ث اعلم أن ظاهر أكثر أخبار هذا‬
‫الباب وكثي من أخبار البواب التية وجوب زيارته صلوات ال عليه بل كونا من أعظم‬
‫الفرائض وآكدها ول يبعد القول بوجوبا ف العمر مرّة مع القدرة‪ ،‬وإليه كان ييل الوالد‬
‫العلمة نوّر ال ضريه»(‪.)1‬‬
‫بذا أضاف الجلسيّ فريضةً إل فرائض السلم ل يكن لا وجودٌ زمن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم بل أُضيفت إل فرائض السلم ف عهد الصفويّة!!‬
‫وهنا أورد روايات مفادها أن زيارة قب المام السي (ع) لزمةٌ م ّرةً ف الشهر [فمن ل‬
‫يستطع فمرّة بالسنة على القل]‪ ،‬وأن مَنْ زَا َرهُ «كان ال من وراء حوائجه و ُك ِفىَ ما أهّه من أمر‬
‫دنياه‪ ...‬ويرجع إل أهله وما عليه وزر ول خطيئة إل وقد ميت من صحيفته»‪ ،‬أو أنه «ُيغْفَر له‬
‫ما مضى من ذنوبه ويقال له استأنف العمل»‪ ،‬و«ل يكن له عوضٌ غي النّة» و«تصافحه‬
‫اللئكة‪ ...‬ويصافح رسول ال»‪ ،‬وأنه «إن هلك ف سفره نزلت اللئكة فغسلته»‪ ،‬ويتمن جيع‬
‫أهل القيامة لو كانوا من زوار السي‪ ،‬وأنه «من ل يكن للحسي (ع) زوّارا كان ناقص اليان»‬
‫وأن « َمنْ ترك زيارته وهو يقدر على ذلك فقد ع ّق رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم وعقّنا‬
‫(أي ع ّق الئمّة عليهم السلم)»‪« ،‬و إن كان [تارك الزيارة] من أهل النة فهو من ضيفان أهل‬
‫النة» (أي ل يُ َملّك فيها سكنا) (لعله سيسكن بالجرة ويتنقّل من بيت لخر‪ ،‬ومن هنا يظهر أن‬
‫جنّة الرافيي فيها أيضا أزمة َسكَن!!)‪ ،‬وأن « َم ْن ترك زيارة قب السي (ع) من غي علة فهو‬
‫من أهل النار» وكان من أكثر الناس جفاءً‪ ،‬وروايات أن جيع اليوانات والوحوش تزور المام‪،‬‬
‫وأن «من زار قبه على خوف يؤمنه ال يوم الفزع الكب وتلقاه اللئكة بالبشارة ويقال له ل‬
‫تف ول تزن هذا يومك الذي فيه فوزك»‪ ،‬ورواية أن «من زار السي (ع) ف كل شهر كان‬

‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪ /98‬ص ‪( .10‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 152 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫له من الثواب مثل ثواب مائة ألف شهيد من شهداء بدر»(‪ )1‬هذا ف حي أن صاحب القب أي‬
‫المام ذاته استُشهد م ّرةً واحدةً ونال أجر الشهادة م ّرةً واحدةً(‪.)2‬‬
‫وأورد الجلسيّ أيضا رواي ًة تقول‪َ « :‬منْ أتى قب السي (ع) تشوّقا كتب ال له ألف‬
‫حجة متقبلة وألف عمرة مبورة وأجر ألف شهيد من شهداء بدر وأجر ألف صائم وثواب‬
‫ألف صدقة مقبولة وثواب [عتق] ألف نسمة أريد با وجه ال‪ ...‬ويفسح له ف قبه م ّد بصره‬
‫ويؤمنه ال من ضغطة القب ومن منكر ونكي أن يروعانه ويفتح له باب إل النة ويعطى كتابه‬
‫بيمينه ويعطى يوم القيامة نورا يضيء لنوره ما بي الشرق والغرب‪.»..‬‬
‫ورواية أنه «من زار السي متسبا‪ ..‬يكتب له بكل خطوة حجّة وكلما رفع قدما عمرةً»‬
‫وأنه «إن كان شقيا كتب سعيدا ول يزل يوض ف رحة ال»‪.‬‬
‫و رواية أنه‪« :‬من أتى قب السي (ع) زائرا له عارفا بقّه يريد به وجه ال والدار الخرة‬
‫غفر ال له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر!»‪ .‬ورواية أن‪« :‬من زار قب السي بن علي (ع) ل يريد‬
‫به إل ال غفر ال له جيع ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر!»‪.‬‬
‫و رواية أن «من زار قب السي (ع) ل وف ال أعتقه ال من النار وآمنه يوم الفزع‬
‫الكب ول يسأل ال حاجة من حوائج الدنيا والخرة إل أعطاه!»‪ .‬ورواية أن «من زار قب أب‬
‫عبد ال السي بن علي (ع) وهو يعلم أنه إمام مفترض الطاعة على العباد غفر ال له ما تقدم‬
‫من ذنبه وما تأخر وقُبِل شفاعتُه ف سبعي مذنبا ول يسأل ال ج ّل وعزّ عند قبه حاجة إل‬
‫قضاها له!»‪ .‬ورواية أن «من أتاه ماشيا كتب ال له بك ّل خطو ٍة حسن ًة وما عنه سيّئةً ورفع له‬

‫() ان ظر هذه الروايات ف بار النوار‪ ،‬للمجل سي‪ ،‬ج ‪ /98‬صص ‪ 2‬و ‪ 4‬و ‪ 5‬و ‪ 7‬و ‪ 9‬و ‪ 18-17‬و ‪ ،37‬وكل ها‬ ‫‪1‬‬

‫أوردها الجلسيّ نقلً عن كتاب «كامل الزيارات» لبن قولويه‪( .‬الترجم)‬


‫() قال حضرة أم ي الؤمن ي علي (ع) ف كتا به للش تر النخ عي ل ا ولّاه على م صر الذي يع ّد من خ طب المام الوثو قة‬ ‫‪2‬‬

‫(لنه من المكن لن يستمع الطبة أن ينسى شيئا منها أو يزيد فيها أو ينقص منها‪ ،‬ولكن هذا الحتمال ضعيف جدا‬
‫شهَادَةِ)) (ن ج البل غة‪،‬‬
‫سعَادَةِ وال ّ‬
‫ك بِال ّ‬
‫سعَةِ رَ ْحمَتِ هِ ‪...‬أَ نْ َيخْتِ مَ لِي ولَ َ‬ ‫بالنسبة إل الر سالة الكتو بة)‪(( :‬وأَنَا أَ سْأَلُ ال بِ َ‬
‫شهَادَةَ)) (ن ج البل غة‪ ،‬خط بة ‪ .)171‬وقال‬ ‫الر سالة ‪ ،)53‬وقال أيضا ف حرب صفي‪(( :‬إِ نْ َأ ْظهَرَْتهُ مْ َعلَيْنَا فَا ْر ُزقْنَا ال ّ‬
‫ل ف سبيلك)) (الصحيفة العلوية‪ ،‬دعاؤه ف صفي قبل‬ ‫أيضا ف دعائه‪(( :‬فإذا كان ما ل بد منه الوت‪ ،‬فاجعل منيّت قت ً‬
‫رفع الصاحف)‪ .‬فيا ليت كان الجلسيّ معاصرا للمام عليه السلم حت يقول له يكنك بد ًل من طلب الشهادة من ال‬
‫أن تطلب منه الصول على هذا الثواب ذاته بزيارتك لرقدك!!‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 153 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫درجةً‪ ،‬فإذا أتاه وكّل ال به ملكي يكتبان ما خرج من فيه من خي ول يكتبان ما يرج من فيه‬
‫من سيّئ ول غي ذلك‪ ،‬فإذا انصرف ودّعُو ُه وقالوا‪ :‬يا ولّ ال! مغفورٌ لك‪ ،‬أنت من حزب ال‬
‫وحزب رسوله وحزب أهل بيت رسوله وال ل ترى النار بعينك أبدا ول تراك ول تطعمك‬
‫أبدا!»‪.‬‬
‫و رواية تقول أن «من زار السي (ع) من شيعتنا ل يرجع حت يغفر له ك ّل ذنب ويكتب‬
‫ح َي عنه ألف سيئة ويرفع له ألف‬
‫له بكلّ خطوةٍ خطاها وكلّ ي ٍد رفعتْها دابُّتهُ ألف حسن ٍة وَمُ ِ‬
‫درجة!»‪.‬‬
‫و رواية تقول‪« :‬إنّ ال وكل ال بقب السي (ع) سبعي ألف ملك يصلون عليه ك ّل يومٍ‬
‫شعثا غبا من يوم قتل إل ما شاء ال‪ ،‬ويدعون لن زاره ويقولون‪ :‬يا ربّ! هؤلء زوّار السي‬
‫افعل بم وافعل بم!»(‪.)1‬‬
‫ص ًة عجيبةً عن رجل يُدعى السي بن أب حزة قال‪« :‬خرجتُ ف آخر‬
‫ث ينقل الجلس ّي ق ّ‬
‫زمن بن أمية وأنا أريد قب السي (ع) فانتهيت إل الغاضرية حت إذا نام الناس اغتسلتُ‪ ،‬ث‬
‫أقبلتُ أريد القب حت إذا كنت على باب الي خرج إل رجل جيل الوجه طيب الريح شديد‬
‫صلُ فانصرفت إل شاطئ الفرات فأنست به حت إذا‬
‫بياض الثياب فقال‪ :‬انصرف فإنك ل تَ ِ‬
‫كان نصف الليل اغتسلت ث أقبلت أريد القب‪ .‬فلما انتهيت إل باب الائر خرج إل الرجل‬
‫صلُ‪ :‬فانصرفت فلما كان آخر الليل اغتسلت ث أقبلت‬
‫بعينه فقال‪ :‬يا هذا انصرف فإنك ل تَ ِ‬
‫صلُ‪،‬‬
‫أريد القب‪ ،‬فلما انتهيت إل باب الائر خرج إل ذلك الرجل فقال‪ :‬يا هذا إنك ل تَ ِ‬
‫فقلت‪ :‬فلم ل أصل إل ابن رسول ال صلى ال عليه وآله وسيد شباب أهل النة وقد جئت‬
‫أمشي من الكوفة وهي ليلة المعة وأخاف أن أصبح ههنا وتقتلن مسلحة بن أمية؟ فقال‪:‬‬
‫صلُ؟ فقال‪ :‬إن موسى بن عمران (ع) استأذن ربه ف‬
‫صلُ‪ .‬فقلت‪ :‬ول ل أَ ِ‬
‫انصرف فإنك ل تَ ِ‬
‫زيارة قب السي (ع) فأذن له فأتاه وهو ف سبعي ألف ملك فانصرف فإذا عرجوا إل السماء‬
‫ت فلم‬
‫ت فدخل ُ‬
‫ت وجئ ُ‬
‫فتعال‪ ،‬فانصرفت وجئت إل شاطئ الفرات حت إذا طلع الفجر اغتسل ُ‬

‫() انظر هذه الروايات الخية ف بار النوار‪ ،‬للمجلسي‪ ،‬ج ‪ /98‬صص ‪ ، 20 - 18‬و ‪ 25 - 23‬و ‪ ،54‬وكلها‬ ‫‪1‬‬

‫أوردها الجلسيّ نقلً عن كتاب «كامل الزيارات» لبن قولويه‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 154 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫أر عنده أحدا فَصَلّ ْيتُ عنده الفجر وخرجتُ إل الكوفة»(‪ .)1‬وغيها من الروايات الرافية‬
‫والكاذيب الفاضحة‪.‬‬
‫وإذا استفسر مستفس ٌر وسأل‪ :‬وهل للملئكة وأرواح النبياء أجسام حت تشغل ذلك الكان‬
‫ول تكون ف مكان آخر‪ ،‬أم هل للنبياء الق ف مغادرة عال البقاء والعودة إل دار الفناء؟؟ رموه‬
‫بالعظائم واتموه بآلف الّتهَم!‬
‫و رووا كذلك «إن ال يباهي بزائر السي والوافد إليه اللئكة القربي وحلة عرشه‬
‫فيقول لم‪ :‬أما ترون زوار قب السي عليه السلم أتوه شوقا إليه وإل فاطمة؟! وعزت وجلل‬
‫وعظمت لوجب لم كرامت‪ ،‬ولحبنهم لحبت»(‪.)2‬‬
‫و رووا «عن صفوان المال قال‪ :‬قال ل أبو عبد ال (ع) لا أتى الية‪ :‬هل لك ف قب‬
‫السي؟ قلت‪ :‬وتزوره جعلت فداك؟ قال‪ :‬وكيف ل أزوره وال يزوره ف كل ليلة جعة يهبط‬
‫مع اللئكة إليه والنبياء والوصياء وممد أفضل النبياء ونن أفضل الوصياء‪ .‬فقال صفوان‪:‬‬
‫جعلت فداك! فنوره ف كل جعة حت ندرك زيارة الرب؟ قال‪ :‬نعم يا صفوان‪ .»..‬قلتُ‪ :‬لعلّ‬
‫ال تعال ‪ -‬والعياذ بال ‪ -‬يريد أيضا أن ينال ثواب الزيارة!!! وإذا سأل متسائلٌ‪ :‬كيف يهبط ال‬
‫تعال مع أنه ليس متحيّزا حت يتحرّك وينل ويصعد!! سوف يُجاب‪ :‬يا عدي الدين أنت منكرٌ‬
‫للولية‪ ،‬إيانك ضعيف!‬
‫بل رووا «إن زائر السي (ع) ُمشَفّ ٌع يوم القيامة لائة رجل كلّهم قد وجبت لم النار‬
‫من كان ف الدنيا من السرفي!»‪ .‬وف رواية تالية أن زائر السي‪« :‬يكتب له شفاعة ف أهل‬
‫بيته وألف من إخوانه!»(‪ .)3‬وقد ذكرنا مرارا أن زيارة المام ف حال حياته ل يكن لا واحد من‬
‫ألف من هذا الثواب والجر!‪.‬‬
‫إن مثل هذه الروايات‪ ،‬الت هي غيض من فيض‪ ،‬إذْ ل نذكر سوى واحد باللف منها‪ ،‬قد‬

‫() بار النوار‪ ،‬الجلسي‪ ،‬ج ‪/98‬ص ‪ 57‬نق ً‬


‫ل عن كتاب «إقبال العمال» للسيد ابن طاووس‪ ،‬وهو ف ص ‪ 38‬منه‬ ‫‪1‬‬

‫(طبع إيران‪ ،‬سنة ‪1314‬هـ)‪( .‬الترجم)‬


‫() وسائل الشيعة‪ ،‬الر العاملي‪( ،‬ط مؤسسة آل البيت)‪ ،‬ج ‪ /14‬ص ‪ ،497‬حديث رقم ‪( .6‬الترجم)‬ ‫‪2‬‬

‫() الروايات الثلث الخية هـي فـ بار النوار‪ ،‬للمجلسـي‪ ،‬ج ‪/98‬صـص ‪ 60‬و ‪ 77‬و ‪ ،310‬وكلهـا أوردهـا‬ ‫‪3‬‬

‫الجلسيّ نقل عن كتاب «كامل الزيارات» لبن قولويه‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 155 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫أدّت إل اغترار شعبنا واستسهاله العاصي‪ ،‬إذ إن بعض العوام صدق أن زيارة واحدة كفيلة بكل‬
‫هذا الجر وبالتال كفيلة بإلغاء حسابم وكتابم يوم القيامة والتأثي على قانون الزاء اللي‪ ،‬فلم‬
‫يعد لم خوف قوي كما ينبغي من عقاب ال على الذنوب والعاصي‪.‬‬
‫ول ريب أن جيع أمثال تلك الروايات مالفة للقرآن الكري‪ ،‬وقد علّمنا النبّ الكرم صلى‬
‫ال عليه وآله وسلم والئمة من آله عليهم السلم مرارا أن كل حديث ل يوافق القرآن «فاضربوا‬
‫به عرض الائط» أو «فدعوه» أو «فلم َنقُ ْلهُ» أو «فهو زخرف» أي قول كاذب باطل‪.‬‬
‫أضف إل ذلك ‪ -‬وكما ذكر العال الحقق حضرة الستاذ قلمداران (رحه ال) ف كتابه‬
‫«زيارة الزارات»‪ -‬توجد أحاديث معارضة لتلك الحاديث والروايات الكاذبة الذكورة‪ ،‬من‬
‫ذلك روايةٌ رواها الِمَْيرِيّ ف كتابه «قرب السناد» ورواها الشيخ «الر العامليّ» أيضا‪ ،‬ل‬
‫تعتب زيارة السي حت بقدار حجّ واحدٍ(‪ ،)1‬ف حي أن بعض الروايات السابقة جعلت للزائر‬
‫ثواب ألف أو مئة ألف حجة! فهي بل ريب من وضع الغلة الكَ َذبَة! وقد نى ال تعال عن الغل ّو‬
‫وقال‪(( :‬ل َتغْلُوا فِي دِيِنكُمْ وَل َتقُولُوا عَلَى ال إِلّا الْحَقّ)) [النساء‪ ،]171:‬وقال المام الصادق عليه‬
‫السلم‪ ،‬كما جاء ف باب «نفي الغلو» ف الجلد السابع من «بار النوار» (الطبعة القدية)‪:‬‬
‫«إن الغلة شَ ّر خلق ال»(‪.)2‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫() و سائل الشي عة‪ ،‬ج ‪/10‬باب ا ستحباب اختيار زيارة ال سي على ال ج والعمرة الندوب ي‪ ،‬الروا ية ‪( .15‬الؤلف)‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫قلت ونص الرواية هو‪(( :‬عن حنان بن سدير قال‪ :‬قلت لب عبد ال عليه السلم‪ :‬ما تقول ف زيارة قب السي؟ فإنه‬
‫بلغ نا عن بعضكم أنه قال تعدل ح جة وعمرة؟ قال فقال‪ :‬ما أصعب هذا الديث! ما تعدل هذا كله‪ ،‬لكن زوروه ول‬
‫تفوه وإ نه سيد شباب الشهداء و سيد شباب أ هل ال نة و شبيه ي ي بن زكر يا وعليه ما ب كت ال سماء والرض))‪.‬‬
‫(الترجم)‬
‫() عقـد الشيـخ الصـدوق (رح) فـ كتابـه الام‪« :‬اعتقادات الماميـة» بابا كـبيا بعنوان‪(( :‬نفـى الغلوّ بالنـبّ والئمّة‬ ‫‪2‬‬

‫صلوات ال عليه وعليهم)) أورد فيه ‪ -‬بعد الستشهاد بعدد من آيات القرآن ‪ )94( -‬أربعةً وتسعي رواي ًة عن الئمة‬
‫من آل البيت عليهم السلم ف نفي الغلو وإبطاله والتشنيع على أصحابه والباءة منهم‪ ،‬ومن أقاويلهم‪ ،‬بل لعنهم ‪ ،‬وقد‬
‫أجع علماء المامية على اعتبار الغال كافرا نسا‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 156 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫روايات باب فضل الصلة ف حرم المام السي (ع)‬


‫ل عن كتاب «كامل الزيارات» لبن قولويه] ناسبا إل‬
‫روى الجلسيّ ف هذا الباب [نق ً‬
‫المام الصادق (ع) قوله لن سأله هل يصلي عند قب السي(ع)؟ «فقال‪ :‬نعم‪ ،‬ويصلّى عنده‪،‬‬
‫ويصلّى خلفَه ول يتقدّم عليه‪ )1(»...‬أي يعل القب أيضا ف قبلته؟!! ونسأل‪ :‬فلماذا إذن نى‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم أن يُتّخذ قبه قبلةً؟؟ كما تقدم ذكر الديث ف ذلك(‪.)2‬‬
‫ويروي الجلسيّ ف الديث رقم ‪[ 39‬من الباب العاشر ف جامع ما ورد من الفضل ف‬
‫زيارته عليه السلم] أن من أقام عند قب السي (ع) كان له بكل يوم ثواب ألف‪ ،‬وكل درهم‬
‫(‪)3‬‬
‫ينفقه له ثواب ألف درهم‪..‬‬
‫قلت‪ :‬لذا يب أن يبقى عدد من العاطلي الستهلكي عند قب المام ويقوم آخرون بالنفاق‬
‫عليهم‪ ،‬هذا فضلً عن استحالة صدور هذه الخبار عن الئمّة عليهم السلم لنه ل يكن لقب‬
‫المام السي (ع) ف زمنهم بناء ول فناء حت يكن للزائر أن يقيم ويعتكف فيه‪ ،‬ما يبي بوضوح‬
‫أن هذه الرواية ما وضعه الوضّاعون فيما بعد‪.‬‬
‫ب بعنوان (فضل زيارة المام السي (ع) صلوات ال عليه ف يوم‬ ‫ث يروي الجلسي ف با ٍ‬
‫ل عن الشيخ الصدوق [والطوسي وابن قولويه] منسوبا إل المام الصادق (ع) قوله‪:‬‬
‫عرفة) نق ً‬
‫«إن ال تبارك وتعال يبدأ بالنظر إل زوار قب السي بن علي (ع) عشية عرفة‪ .‬قال قلت‪ :‬قبل‬
‫نظره إل أهل الوقف؟ قال‪ :‬نعم! قلت‪ :‬وكيف ذاك؟ قال‪ :‬لن ف أولئك أولد زنا وليس ف‬
‫هؤلء أولد زنا»(‪ !)4‬ولنا أن نتسائل‪ :‬هل يعقل أن َي ْعتَب المامُ الصادقُ أن بعضَ أهل عرفات‬

‫() كامل الزيارات‪ ،‬جعفر بن ممد بن قولويه‪ ،‬ص ‪/239‬ح ‪ ،2‬والجلسي‪ ،‬عنه ف بار النوار‪-10 ،‬باب جوامع ما‬ ‫‪1‬‬

‫ورد من الف ضل ف زيار ته (ع)‪ ،‬ج ‪/98‬ص ‪ ،78‬والنوري الطبسي ع نه ف مستدرك الو سائل‪ ،‬ج ‪/10‬ص ‪. 328‬‬
‫(الترجم)‬
‫() راجع الصفحة ‪ 52‬من هذا الكتاب‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪/98‬ص ‪ ،78‬ح ‪ ،39‬نقلً عن «كامل الزيارات»‪( .‬الترجم)‬ ‫‪3‬‬

‫() بار النوار‪ ،‬باب ‪ -12‬فضل زيارته صلوات ال عليه ف يوم عرفة أو العيدين‪ ،‬ج ‪/98‬ص ‪ ،85‬ح رقم ‪ ،4‬نق ً‬
‫ل‬ ‫‪4‬‬

‫ل عن «كا مل الزيارات» ل بن‬


‫عن كتابَ ْي الش يخ ال صدوق‪« :‬ثواب العمال» و«معا ن الخبار»‪ ،‬ون و ح ر قم ‪ 5‬نق ً‬
‫قولويه‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 157 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫أولد زن أم أنه من الواضح أن الرواة الكذبة قد افتروا عليه ذلك؟ ث إنه طبقا للقرآن الكري‬
‫والخبار الصحيحة فإن الئمّة عليهم السلم ل يعلمون الغيب فكيف يُنسب للمام علمه بأن من‬
‫بي أهل عرفات من هو ولد زن أما ف زوّار كربلء فليس من بينهم أي ولد زن؟!‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 158 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫روايات باب زيارات المام السي (ع) الطلقة‬


‫تت هذا الباب أورد الجلس ّي وابن قولويه وأمثالما زيارة ل شك أنا من اختلق الغلة‬
‫والفوّضة وأصحاب العقيدة [الطابقة لعقيدة] الشيخيّة‪ .‬وهي زيارة تالف القرآن وتبثّ الفرقة بي‬
‫سبَت كذبا إل المام الصادق (ع) حت يرموا مسؤولية إياد التفرقة بي السلمي‬ ‫السلمي‪ .‬وقد نُ ِ‬
‫عليه‪ ،‬ف حي أن مقام حضرة المام الصادق (ع) أج ّل وأعلى من أن يثي الفتنة ويبثّ الفرقة بي‬
‫أتباع جدّه صلى ال عليه وآله وسلم‪.‬‬
‫إن الشيخية الفوّضة يقولون ليس ال هو الذي يدبّر السموات والرض بل ليس هو بالقها‬
‫لنه خلق نور ممّد وآله فقط! ث تّ خلق بقية الوجودات بواسطة ذلك النور! ويستدلّون على‬
‫عقيدتم هذه بمل من هذه الزيارة وبذا يشطحون بعيدا جدا عن القرآن الكري الذي قال‪َ(( :‬أمْ‬
‫َجعَلُوا ل ُشرَكَاءَ خََلقُوا كَخَ ْلقِهِ َفتَشَابَ َه الْخَلْ ُق عََلْيهِمْ ُقلِ ال خَالِقُ ُك ّل شَيْ ٍء َو ُهوَ اْلوَاحِ ُد اْل َقهّارُ))‬
‫[الرعد‪ ]16:‬وقال أيضا‪(( :‬ال خَالِقُ كُ ّل َشيْ ٍء َوهُ َو عَلَى كُ ّل َشيْءٍ وَكِيلٌ)) [الزمر‪.]62:‬‬
‫بعد مموعة من المل الرافيّة يصل كاتب الزيارة إل القول‪« :‬إرادة الربّ ف مقادير‬
‫أموره تبط إليكم وتصدر من بيوتكم»!!‬
‫قلتُ‪ :‬كأن واضع الزيارة ظنّ أن الرادة اللية تذهب وتأت ول يدر أن إرادة ال هي عي‬
‫إياد الراد وتقّقه‪ ،‬والرادة اللـهية هي عي فعله وليست مثل إرادتنا حيث نريد شيئا ف البداية‬
‫(‪)1‬‬
‫ونصمّم عليه ث نأت بقدمات الفعل ونقوم به‪ .‬وقد قال أمي الؤمني (ع)‪« :‬كَلَامُ ُه ِف ْعلٌ مِ ْنهُ»‬
‫أي كلمه ليس حروفا وجلً بل هو عي فعله وإياده‪ ،‬وقال أيضا‪« :‬إرادته هي الفعل» أي أنه‬
‫ليس ل تعال دماغ وذهن وقلب مثلنا ومركز ف الدماغ تصدر منه سيّالت الرادة بل كما يقول‬
‫تعال‪ِ(( :‬إنّمَا َأمْ ُرهُ ِإذَا أَرَا َد َشيْئا أَ ْن َيقُولَ لَهُ ُكنْ َفيَكُونُ)) [يس‪ ،]82:‬ويصف أمي الؤمني (ع)‬
‫ص ْوتٍ َي ْقرَعُ ول بِِندَاءٍ ُيسْمَ ُع وإِنّمَا كَل ُمهُ‬
‫ذلك بقوله‪َ« :‬يقُولُ لِ َم ْن أَرَادَ َكوَْنهُ ُكنْ فَيَكُو ُن ل بِ َ‬
‫شَأهُ»(‪ .)2‬وبالتال ل معن لا جاء ف عبارات الزيارة من هبوط إرادة الربّ‬
‫سُبْحَانَ ُه ِفعْ ٌل مِ ْنهُ أَْن َ‬

‫() نج البلغة‪ ،‬خطبة ‪.186‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الصدر السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 159 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫وصدورها من منازل البشر!!‬


‫ث يقول ف الزيارة‪« :‬أشهد أن دمك سكن ف اللد» فيبدو أن واضع الزيارة يظن أن تربة‬
‫كربلء هي النة!‬
‫ث يقول واضع الزيارة‪« :‬يا وتر ال الوتور ف السموات والرض‪ ....‬والسبيل الذي ل‬
‫يتلج دونك من الدخول ف كفالتك الت أمرت با‪ »..‬فهذا الزائر الاهل ترك سبيل ال الستقيم‬
‫ستَقِيمَ))‬
‫ط الْمُ ْ‬
‫الباشر وأخذ يلتمس سبيلً يعله ف كفالة المام!! أل يقرأ ف صلته‪(( :‬اهْ ِدنَا الصّرَا َ‬
‫كفِيلً)) [النحل‪:‬‬ ‫[الفاتة‪]6:‬؟ أول يقرأ قول ال تعال لرسوله وللمؤمني‪(( :‬وَقَدْ َجعَ ْلتُمُ ال عََليْكُمْ َ‬
‫‪]91‬؟ أو قوله تعال‪َ (( :‬وَتوَكّ ْل عَلَى ال وَكَفَى بِال وَكِيلً)) [الحزاب‪ ]3:‬أو قوله سبحانه‪:‬‬
‫((وَ َكفَى بِال وَِليّا وَ َكفَى بِال َنصِيا)) [النساء‪]45:‬؟‪.‬‬
‫لقد هجر أولئك الاهلون أو الغرضون كتاب ال وتشبّثوا بزيارات موضوعة ل تفيدهم‬
‫شيئا سوى النراف عن القرآن وتجيد غي ال!‬
‫ث يقول واضع الزيارة‪« :‬بكم فتح ال وبكم ختم»‪ .‬ويب أن نقول لذا الضّالّ أن أحد‬
‫الئمّة الذين تتصوّر أن افتتاح العال واختتامه بيدهم‪ ،‬جاهد معاوية واحدا وعشرين شهرا وقال‪:‬‬
‫س ِم ا َلرْكُوسِ» وأراد أن يعزل‬
‫جْ‬‫س والْ ِ‬
‫ص الَ ْعكُو ِ‬
‫«وسََأ ْجهَ ُد فِي أَ ْن أُ َط ّه َر الرْضَ مِ ْن َهذَا الشّخْ ِ‬
‫معاوية عن ولية الشام ولكنه مع السف الشديد جدا ل ينجح ف ذلك بسبب عصيان أتباعه‬
‫لمره‪ ،‬واستشهد‪[ ،‬فحكم معاوية بعده ليس الشام فقط بل كل عال السلم عشرين عاما‬
‫أخرى!!]‪.‬‬
‫ث يقول ف الزيارة‪« :‬بكم يحو ال ما يشاء وبكم يثبت» وأقول إن ل يكن هذا غلوّا فما‬
‫ت َوعِنْ َدهُ ُأمّ اْل ِكتَابِ)) [الرعد‪ ،]39:‬فأ ّم‬
‫هو الغلوّ إذن؟ فال تعال يقول‪(( :‬يَ ْمحُوا ال مَا يَشَا ُء َوُيثِْب ُ‬
‫الكتاب إذن ليس عند الرسول صلى ال عليه وآله وسلم ول عند المام عليه السلم حت يحو منه‬
‫شيئا أو يثبته! فمن الواضح أن متلق هذه الزيارة ل علم له مطلقا بكتاب ال!‬
‫ك الذُ ّل ِمنْ ِرقَابِنَا» هذا ف حي أننا منذ قرون ضُرب‬
‫ث يقول واضع الزيارة‪ِ« :‬ب ُكمْ ُيفَ ّ‬
‫علينا الذل بسبب هذه الرافات والوهام والغلو والبدع الشركية وأصبحنا خاضعي للمستعمرين‬
‫الكفرة!‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 160 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ت أن أبي‬
‫اللهمّ أَ ْف ِرغْ عََل ّي صبا وثبّت أقدامي وانصرن على أهل الغل ّو والرافات‪ .‬ولو أرد ُ‬
‫جيع الرافات ف هذه الزيارة لطال ب القال ما ل يتحمله هذا الكتاب الختصر‪.‬‬
‫وهنا يقول أيضا‪« :‬اجعل قب المام أمامك (أي ف جهة القبلة لك) وصلّ» هذا مضادّ‬
‫لقول رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪« :‬ل تعلوا قبي قبلةً»‪.‬‬
‫ث يروي الجلسيّ ف هذا الباب الزيار َة الثامنةَ نقلً عن «كامل الزيارات» لبن قولويه‬
‫لعْ ِفيّ» قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم للمفضل‪:‬‬
‫بسنده عن «ا ُل َفضّل بن عُمَر» عن «جابر ا َ‬
‫ط بِ َد ِمهِ ف سبيل ال‪...‬‬
‫«‪ .....‬ث تسعى فلك بكل قدم رفعتَها أو وضعتَها كثواب التشحّ ِ‬
‫الديث»‪.‬‬
‫قلتُ‪ :‬إذا كان الزائر ينال بكل خطوة يطوها نو القب ثواب الشهيد التشحّط بدمه ف‬
‫سبيل ال‪ ،‬فإنه عندما يصل إل القب يكون كأنه قد استشهد متشحّطا بدمه آلف الرات وبالتال‬
‫يكون مقام الزائر أكب من المام الزور لن المام ل يستشهد سوى مرّة واحدة!!‬
‫يا ليت هذا الوضّاع الاهل الختلق لذه الزيارة كان يعلم أن الئمة الكرام عليهم السلم‬
‫كانوا يتضرّعون إل ال لينالوا مرتبة الشهادة ف سبيله م ّرةً واحدةً ويسألونه بكل إلاح أن يعل‬
‫الشهادة من نصيبهم‪ .‬ولكن هذا الزائر برحلته ونزهته هذه ينال أجر آلف الشهداء!! أليس هذا‬
‫خذُوا دِينَهُمْ َلعِبا وََلهْوا)) [النعام‪ .]70:‬على كلّ‬
‫لعب ف الدين؟ أل يقل ال تعال‪َ (( :‬وذَ ِر الّذِينَ اتّ َ‬
‫حال يبدو أنه ف دين الغلة هناك فرق بي واجبات المام وواجبات الأموم‪ ،‬فالمام يب أن‬
‫ياهد ويقاتل حت يفوز بالشهادة أما الأموم فيكفيه أن يقوم بزيارة فيحصل على أجر وثواب أكثر‬
‫من المام!!‬
‫ث يقول واضع الزيارة‪« :‬ولك بكلّ ركعة ركعتها عنده كثواب من حج واعتمر ألف مرة‬
‫وأعتق ألف رقبة وكأنا وقف ف سبيل ال ألف مرة مع نب مرسل!»‪ ،‬من الواضح أنه ف دين‬
‫الغلة ل يوجد كتاب وحساب صحيح عند ال لن المام وأصحابه استُشهدوا م ّرةً واحد ًة ولكن‬
‫زائر قبهم ينال ثواب الهاد ألف مرة مع نبّ مرسل‪ ،‬وليس لحد أن يعترض! لاذا‪ ،‬لن الذين‬
‫أوردوا تلك الزيارات ف كتبهم علماء كبار فعلى الخرين أن يلزموا الصمت ول يتدخّلوا فيما‬
‫ليسوا له أهلً!‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 161 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫وف سند هذه الزيارة مسألة عجيبة بل كذب فاضح‪ ،‬لن الفضّل روى عن «جابر بن يزيد»‬
‫أن المام قال للمفضّل! ما يعن أن الفضل ذاته ل يكن يدري ما حدّثه به المام شخصيّا لذلك‬
‫روى ما ح ّدثَه به المامُ عن جابر!!! ول أدري هل نتعجب من الرواة الوضّاعي أم من الذين‬
‫أوردوا ف كتبهم هذه الضحكات!‬
‫ض أنت‬
‫وف زيارة أخرى ف هذا الباب جاءت عبارة‪« :‬قد َطهُرت بك البلد و َطهُرتْ أر ٌ‬
‫فيها»‪ ،‬وف رأيي لو اجتمع واضع هذه الزيارة وجيع الزائرين على أن يستخرجوا من هذه الملة‬
‫ن مفيدا لا استطاعوا!‬
‫مع ً‬
‫سبُ إل‬
‫ث ف الزيارة رقم (‪ )30‬الت علمات الوضع والختلق واضحة جدا فيها‪ُ ،‬ينْ َ‬
‫ت الزيارة فادخل من الباب الشرقيّ»‪ ،‬مع أنه ل يكن ف‬
‫المام الصادق (ع) أنه قال‪..« :‬إذا أرد َ‬
‫زمن المام الصادق (ع) أي بناء ول باب شرقي أو غرب أو شال أو جنوب لقب السي (ع)‪.‬‬
‫وف هذه الزيارة الوضوعة عبارة تقول‪« :‬ل إله إل ال مع علمه منتهى علمه‪ ،‬والمد ل‬
‫بعد علمه منتهى علمه‪ ،‬وسبحان ال مع علمه منتهى علمه!» ويبدو أن واضع هذه الزيارة ل‬
‫يكن يعي ما يقول ول يفهم ما يكتب‪ ،‬فقد وضع لعلم ال منتهى مع أن علم ال عي ذاته وليس‬
‫له قبل ول بعد ول حد ول انتهاء‪.‬‬
‫ينبغي أن نعلم أن مدوّن كتاب «كامل الزيارات» أي ابن قولويه [ومعظم هذه الزيارات‬
‫منقولة من كتابه] مثله مثل «الصفّار» كان كاسبا غي متعلّم‪ ،‬لذا جع ف كتابه كلّما وضعه‬
‫الرواة الكذّابون الوضّاعون! وكان من أهل قم ول يكن ف قم حينذاك حوزةٌ علمّيةٌ‪ ،‬رغم أن‬
‫معظم العلماء فيها ‪-‬كما يقول صاحب «معال الصول» وآخرون ‪ -‬ليسوا سوى مقلّدين لن‬
‫سبقهم‪.‬‬
‫ت نورا ف الصلب الشامة‪ ،‬ونورا ف ظلمات‬
‫ث يقول واضع الزيارة للمام‪« :‬كن َ‬
‫الرض‪ ،‬ونورا ف الواء‪ ،‬ونورا ف السموات العل‪ ،‬نورا ساطعا ل يُ ْطفَأ»‪ ،‬وهذا الكلم‬
‫الضطرب يشبه كلم الكهنة الذي من الصعب أن نستخرج منه معن أو مفهوما مفيدا‪ ،‬ول يفيد‬
‫إل ف إدهاش العوام وإبارهم حت يستطيع واضع الزيارة أن يدّعي قائلً‪ :‬ل يكن بالطبع لكل‬
‫شخص أن يصل إل عمق معان هذه الزيارة فليس كل وعاء أهلً لستقبال هذه العارف!! وبذا‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 162 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫يستطيع أن ينسج ما يريد من هذه العان العميقة (!!)‪ .‬ولكن كل من كان له علمٌ بالقرآن الكري‬
‫والحاديث الوثوقة للنبّ الكرم صلى ال عليه وآله وسلم وأئمّة الدى عليهم السلم يكنه أن‬
‫يدرك بسهولة ُبعْدَ هذه المل عن طريقة كلم أئمة أهل البيت عليهم السلم‪.‬‬
‫وف هذه الزيارة يلعن واضعها قاتلي المام السي (ع) ويقول‪« :‬اللهم أحلل بم نقمتك‬
‫وخذهم من حيث ل يشعرون» ويبدو أن واضع هذه الزيارة ل يدري أن ال تعال قد أخذ قتلة‬
‫المام السي (ع) الجرمي بذنوبم منذ ألف عام وانتقم منهم وأنالم ما يستحقون‪.‬‬
‫وف رأيي أن هؤلء الغلة الندسّون ف وسط الشيعة كانوا ف عهد العبّاسيّي ينافسون‬
‫اللفاء على الكم فيتعرّضون للذى واللحقة والضرب والشتم من قبلهم فأرادوا أن يوجدوا‬
‫مذهبا وملذا يعملون ضدّهم من خلله وتت لفتته‪ ،‬ولا كان آل عل ّي مبوبون ومترمون مِنْ‬
‫ِقبَلِ أكثر الناس‪ ،‬لذلك قام أولئك الغلة بوضع الحاديث ف تعظيم الئمة من أولد عليّ إل‬
‫أقصى ما استطاعوا وسلّوا سيوفهم ضدّ دولة بن العباس باسم آل عليّ‪ ،‬وأوجدوا دكّانا لم‬
‫وجذبوا الناس البسطاء مستغلي عواطفهم‪ .‬ول يكن يهمّهم ف الواقع أن تُقبل أكاذيبهم أو أن‬
‫يرضى با أئمّة أهل البيت من آل علي عليهم السلم أم ل‪ ،‬وإنا كان يهمّهم جذب العوام‬
‫والوصول إل مآربم وقد نحوا من خلل هذه الزيارات وغيها من الروايات الرافية إل حدّ ما‬
‫ف تقيق أغراضهم‪.‬‬
‫ث يقول ف هذه الزيارة‪« :‬فكن يومئذ ف مقامي بي يدي رب ل منقذا فقد عظم جرمي»‪،‬‬
‫ويبدو أن كاتب الزيارة ل يقرأ قوله تعال لرسوله‪(( :‬أَفَ َمنْ حَ ّق عََليْهِ كَِل َم ُة الْعَذَابِ أََفأَْنتَ تُنقِ ُذ مَنْ‬
‫فِي النّارِ)) [الزمر‪ .]19:‬وكما جاء ف القرآن الكري ل يستطع نب ال نوح (ع) أن ينقذ ابنه‬
‫وزوجته من عذاب ال ول يغن عنهما شيئا‪ ،‬وكذلك نب ال لوط (ع) ل يغن عن زوجته شيئا‬
‫ول يستطع إنقاذها من قهر ال وعذابه‪ .‬وقد أجاب ال تعال طلب نوح (ع) منه أن ينقذ له ابنه‬
‫ك بِ ِه عِلْمٌ ِإنّي‬
‫سأَلْنِ مَا َلْيسَ لَ َ‬ ‫س مِنْ َأهْلِكَ ِإنّهُ عَ َم ٌل غَيْرُ صَالِحٍ فَل تَ ْ‬
‫بقوله‪(( :‬قَا َل يَانُوحُ ِإنّهُ َلْي َ‬
‫َأعِظُكَ َأ ْن تَكُونَ مِ َن الْجَاهِلِيَ)) [هود‪ .]46:‬بل عاتب خات النبيي صلى ال عليه وآله وسلم عتابا‬
‫جيلً لسماحه لبعض النافقي بعدم الروج معه فقال‪َ (( :‬عفَا ال َعنْكَ لِمَ أَذِنتَ َلهُمْ َحتّى َيتََبيّنَ‬
‫ك الّذِينَ صَدَقُوا َوَتعْلَمَ الْكَا ِذبِيَ)) [التوبة‪ .]43:‬وأوصى سبحانه نبيه الكري أن يقول‪(( :‬قُلْ إِنّي‬ ‫لَ َ‬
‫صيْتُ َربّي عَذَابَ َي ْومٍ عَظِيمٍ)) [النعام‪.]15:‬‬ ‫أَخَافُ ِإنْ َع َ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 163 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫وقد وردت أحاديث عديدة عنه صلى ال عليه وآله وسلم ف أن ل ناة إل بالعمل الصال‬
‫منها قوله‪« :‬أيها الناس! إنه ليس بي ال وبي أحد شئٌ يعطيه به خيا أو يصرف به عنه شرّا إل‬
‫العمل الصال‪ :‬أيها الناس! ل يدّعي مُدّعٍ‪ ،‬ول يت َمنّ مُتَ َمنّ‪ ،‬والذي بعثن بالق نبيّا ل يُنجي إل‬
‫ت لويتُ‪ ،‬اللهم هل بلغت؟»(‪.)1‬‬
‫عملٌ مع رحة ال‪ ،‬ولو عصي ُ‬
‫سكُ ْم ِمنْ‬
‫أو قوله لعشيته ولبنته فاطمة عليها السلم‪« :‬يَا بَنِي عَ ْب ِد الُطّلِبِ! اشَْترُوا َأنْ ُف َ‬
‫سكُمَا ِمنْ ال لَا أُغْنِي‬
‫صفِيّةُ َع ّمةَ َرسُولِ ال َويَا فَا ِط َمةُ بِنْتَ َرسُولِ ال! اشَْت ِريَا َأنْ ُف َ‬
‫ال‪ ،‬يَا َ‬
‫عَ ْنكُمَا ِمنْ ال شَيْئا سَلَانِي ِم ْن مَالِي مَا شِئْتُمَا»(‪.)2‬‬
‫وف أواخر دعاء كميل لمي الؤمني علي عليه السلم‪« :‬اغفر لن ل يلك إل الدّعاء‪،‬‬
‫ضهَا‬
‫فإنّك فعّا ٌل لا تشاء‪ .»..‬وكذلك رُوي عنه عليه السلم قوله‪..« :‬وِإنّمَا هِ َي َنفْسِي أَرُو ُ‬
‫لوْفِ الكَْب ِر وتَثْبُتَ عَلَى جَوَانِبِ ا َل ْزلَقِ‪.)3(»..‬‬
‫بِالّت ْقوَى لَِت ْأتِيَ آمَِن ًة يَوْ َم ا َ‬
‫فواضع هذه الزيارة الاهل ل علم له بقائق السلم وأن الشفاعة ل جيعا وأن إنقاذ‬
‫الجرمي ليس ل بيد الزائر ول بيد المام بل بيد ال وحده‪ ،‬كما نقرأ هذا العن ف دعاء‬
‫«الوشن الكبي» ف الفقرة ‪ 9‬والفقرة ‪ 69‬حي ياطب الداعي ال ع ّز وج ّل بقوله «يا شافع»‬
‫و«يا شفيع»‪.‬‬
‫ث يقول واضع الزيارة‪« :‬يا ليتن كنتُ معك وأبذل مهجت فيك نفسي فداكم‬
‫ولضجعكم» ول يدري هذا الزائر أن النفس والروح يب أن تُبذل «ف سبيل ال» ل ف سبيل‬
‫مضجع المام! ول عجب إذن أن نسمع من قرّاء الآت ف عصرنا عبارة «عاشقان قب حسي»!‬
‫أي عشّاق قب السي! ولكنهم ربا ل يدرون أنه حسب مندرجات بعض الزيارات ف كتاب‬
‫البحار للمجلسيّ من المكن ليس فقط أن يكون النسان عاشقا للقب بل أن يفدي نفسه للقب!‬

‫()«الرشاد»‪ ،‬الشيخ الفيد (‪413‬هـ)‪ ،‬ط ‪ ،2‬بيوت‪ ،‬دارالفيد‪1414 ،‬هـ‪1993/‬م‪ ،‬ج ‪ /1‬ص ‪ ،182‬و«إعلم‬ ‫‪1‬‬

‫الورى بأعلم الدى»‪ ،‬الش يخ الطب سي (‪548‬ه ـ)‪ ،‬قم‪ ،‬مؤ سسة آل الب يت لحياء التراث‪1417 ،‬ه ـ‪ ،‬ج ‪/1‬ص‬
‫‪ .264‬وقد نقله الجلسي عنهما ف بار النوار‪ ،‬ج ‪/22‬ص ‪( .467‬الترجم)‬
‫() الديث رواه البخاري ومسلم ف الصحيحي والترمذي والنسائي ف السنن وأحد ف مسنده وغيهم بعدة أسانيد‬ ‫‪2‬‬

‫وألفاظ متقاربة‪ ،‬واللفظ لسند أحد‪ ،‬وقد نقل العلمة الطباطبائي ف تفسيه اليزان (ج ‪/15‬ص ‪ )333‬هذه الروايات‬
‫ذيل تفسيه لقوله تعال ((وَأَْن ِذرْ َعشِيَتَكَ الَْأقْرَِبيَ))‪( .‬الترجم)‪.‬‬
‫() نج البلغة‪ ،‬الرسالة ‪.45‬‬ ‫‪3‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 164 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ونقرأ ف هذه الزيارة مرارا عبارات من مثل‪« :‬و ضع خدك على القب» أو «ث ضع خدّك‬
‫الين على القب» أو «ث ضع خدك اليسر على الرض وقل» أو «ث تقبّله وترّ سائر بدنك‬
‫ووجهك على القب» ونوها‪.‬‬
‫ولنا أن نتساءل لو كان المام حيا وأراد الناس أن يتمسّحوا به على ذلك النحو هل كان‬
‫سيضى بذلك! بالطبع ل‪ ،‬كيف وقد أراد بعضهم تقبيل يد رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫فلم يسمح لم بذلك‪ ،‬ولا ترجّل رجال من أهل ساباط الدائن ليستقبلوا أمي الؤمني (ع) وهو‬
‫راكب على فرسه منعهم من ذلك وناهم عنه‪ ،‬وقد نقل عنه صلى ال عليه وآله وسلم‪« :‬إنه كان‬
‫يكره أن يُقَام له‪ .‬فكانوا إذا قدم ل يقومون لعلمهم كراهته ذلك»(‪ ،)1‬بل لا قال له أحد‬
‫أصحابه [وهو عبد ال الشخي أبو مُطَرّف]‪« :‬يا رسول ال! أنت سيدنا وذو الطول علينا‪،‬‬
‫فقال‪ :‬السّّيدُ ال لَا َيسَْتهْ ِويَّنكُ ُم الشّيْطَانُ»(‪.)2‬‬
‫فهل يرضى المام بأن يضع أحدهم جبهته أو خده على الرض لجله؟ خاصة أن المام ل‬
‫يعد ف هذه الدنيا ول يعد له اطلع على ما يري فيها‪ .‬فما فائدة هذه التذلّلت والتملّقات‪،‬‬
‫خاصة أنه بعد عال الدنيا ل يوجد إل عال البزخ الذي هو بثابة قاعة انتظار للقيامة وعال منقطع‬
‫عن الدنيا‪ .‬أجل ل ملجأ ول ملذ لي إنسان نبيّا كان أم فردا من عامة الناس سوى ال‪ ،‬وقد قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪« :‬إنّه ل ُيسَْتغَاث ب إنا ُيسَْتغَاث بال ع ّز وَجلّ‪.)3(».‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫() عوال اللئال‪ ،‬ابن أب جهور الحسائي‪ ،‬ج ‪/1‬ص ‪ ، 435‬ح ‪ ،141‬وهو ف مصادر أهل السنّة ف سنن الترمذي‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫ج ‪ ،5‬كتاب الدب‪-13/‬باب ما جاء ف كراهية قيام الرجل للرجل‪ ،‬ح ‪ 2754‬مع اختلف يسي ‪.‬‬
‫() «الطبقات الكبى»‪ ،‬ابن سعد‪ ،‬ج ‪/1‬ص ‪ .311‬والديث أخرجه بلقظ قريب كل من أب داود ف سننه وأحد ف‬ ‫‪2‬‬

‫مسنده‪ ،‬وصححه اللبان ف «صحيح الامع الصغي» حديث رقم ‪.3700‬‬


‫() رواه من أ هل ال سنة الا فظ اليث مي ف «م مع الزوائد» كتاب الذكار‪/‬باب ما ي ستفتح به الدعاء‪ ،..‬وقال بعده‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫«رواه الطبان ورجاله رجال الصحيح غي ابن ليعة وهو حسن الديث‪.».‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 165 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الزيارة (‪ )31‬الروية عن جابر بن عبد ال ومقارنتها بالروايات السابقة‬


‫إحدى الزيارات ف هذا الباب زيارة يؤمن با جيع علماء الشيعة تقريبا وهي تتلف تاما‬
‫مع كل الروايات الخرى‪ .‬ولا كان جابر بن عبد ال النصاري رضي ال عنه شخصا موثوقا‬
‫لذا سنذكر زيارته هنا كي يطلع عليها القرّاء الكرام‪:‬‬
‫أولً‪ -‬يقول «جابر» ف زيارته يوم الربعي لقب المام السي عليه السلم‪ ....« :‬والذي‬
‫بعث ممدا بال ّق لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه‪ .‬قال عطية‪ :‬فقلت لابر‪ :‬كيف ول نبط‬
‫واديا ول نعل جبلً ول نضرب بسيفٍ‪ ،‬والقو ُم قد ُفرّق بي رؤوسهم وأبدانم وأولدهم‬
‫وأرملت الزواج؟؟ فقال ل‪ :‬يا عطية! سعتُ حبيب رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم يقول‪:‬‬
‫ب قوما حُشر معهم و َمنْ أحبّ عمل قومٍ أشرك ف عملهم»(‪.)1‬‬
‫َمنْ أح ّ‬
‫أقول‪ :‬شتّان بي مشاركة الزائر لم ف الثواب وبي ما رأيناه ف بعض الروايات السابقة من‬
‫أن للزائر بكل قدم ثواب كذا وكذا من الشهداء! وشتان بي ثواب شهادة واحدة وبي ما مرّ ف‬
‫بعض الزيارات من أن للزائر ثواب ألف شهيد! فهذا الديث ينفي كل تلك الروايات ويبي أنا‬
‫موضوعة‪.‬‬
‫بل‬
‫ثانيا‪ :‬ف هذا الديث أن جابرَ سلّم على السي (ع) ثلث مرات ث قال‪« :‬حبي ٌ‬
‫ك على أثباجك َوفُرّقَ بي‬
‫ت أوداجُ َ‬
‫ييب حبيبه‪ .‬ث قال‪ :‬وأنّى لك بالواب وقد شَحَطَ ْ‬
‫بدنك‪.)2(»..‬‬
‫فعلى قول جابر ل يكن للشهداء ول للمام أن ييبوا من ياطبهم‪ ،‬فأين هذا ما مرّ معنا من‬
‫متون الزيارات الت وضعها الغلة وقالوا فيها‪« :‬أشهد أنك تسمع كلمي وتردّ جواب»! هل‬
‫نصدّق قول الغلة أم قول جابر بن عبد ال رضي ال عنه؟ ل يستطيع أحد أن يدّعي أن معرفة‬
‫الغلة الكذابي بالدين أفضل من معرفة حضرة جابر رضي ال عنه‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪/98‬ص ‪ ،196 -195‬ح ‪ ،31‬عن كتاب «بشائر الصطفى لشيعة الرتضى»‪( .‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() الصدر السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 166 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الزيارة (‪ )32‬الروية عن صفوان‬


‫سبُ صفوان إل المام الصادق (ع) قوله له‪ :‬إذا وصلت إل الائر فقل كذا وكذا‪ ،‬وهذا‬ ‫َينْ ُ‬
‫بد ذاته دليل على كذب رواة هذه الرواية إذْ ل يكن ف زمن صفوان ل حائر ول جدار‪ .‬ث ينقل‬
‫عن المام قوله‪ :‬إذا رأيت القبّة فقل كذا‪ ،‬وهذا أيضا دليل آخر على كذب راوي هذا الب الذي‬
‫ل يكن منتبها إل حقيقة أنه ل يكن ف زمن أئمة أهل البيت عليهم السلم قبّة على القبور‪ ،‬إذ‬
‫ليس من سنن السلم بناء القباب على القبور!‬
‫ول ينقضي العجب من العلماء الذين ملؤوا كتبهم من هذه الكاذيب‪ .‬ول شك أنه إذا‬
‫ت مكذوبة فإن ذكرهم لا ف كتبهم‬ ‫أورد الشيخ الفيد أو الكلين أو مئات آخرون ف كتبهم روايا ٍ‬
‫ل يوّلا إل روايات صحيحة‪ ،‬بل يب القول إنّ أولئك العلماء الكبار ‪[ -‬على جللة قدرهم]‪-‬‬
‫اشتبهوا وأخطؤوا‪ ،‬وخطأ الكبار من أكب الخطاء! الزيارة (‪ )32‬الروية عن صفوان‬
‫سبُ صفوان إل المام الصادق (ع) قوله له‪ :‬إذا وصلت إل الائر فقل كذا وكذا‪ ،‬وهذا‬ ‫َينْ ُ‬
‫بد ذاته دليل على كذب رواة هذه الرواية إذْ ل يكن ف زمن صفوان ل حائر ول جدار‪ .‬ث ينقل‬
‫عن المام قوله‪ :‬إذا رأيت القبّة فقل كذا‪ ،‬وهذا أيضا دليل آخر على كذب راوي هذا الب الذي‬
‫ل يكن منتبها إل حقيقة أنه ل يكن ف زمن أئمة أهل البيت عليهم السلم قبّة على القبور‪ ،‬إذ‬
‫ليس من سنن السلم بناء القباب على القبور!‬
‫ول ينقضي العجب من العلماء الذين ملؤوا كتبهم من هذه الكاذيب‪ .‬ول شك أنه إذا‬
‫ت مكذوبة فإن ذكرهم لا ف كتبهم‬‫أورد الشيخ الفيد أو الكلين أو مئات آخرون ف كتبهم روايا ٍ‬
‫ل يوّلا إل روايات صحيحة‪ ،‬بل يب القول إنّ أولئك العلماء الكبار ‪[ -‬على جللة قدرهم]‪-‬‬
‫اشتبهوا وأخطؤوا‪ ،‬وخطأ الكبار من أكب الخطاء!‬
‫ث قال ف هذه الرواية أنه بعد النتهاء من الزيارة‪« :‬اخرج ول ُتوَلّي وجهك عن القب حت‬
‫يغيب عن معاينتك»! فليت شعري هل يرى المام إدارة ظهر الزائر لقبه حت ينعج من ذلك‬
‫ويستاء؟! هل كان الناس زمن أئمة أهل البيت عليهم السلم يتصرّفون كذلك معهم؟ وهنا أذكر‬
‫أنن خلل فترة تصيلي العلمي ف حوزة قم العلمية ث ف حوزة النجف العلمية كنت أرى عوام‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 167 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الناس يعودون القهقرى ف صحن الَرَم بعد انتهاء زيارتم للضريح ول يولّونه ظهورهم إلّا بعد‬
‫الروج من الصحن‪ ،‬ول أكن أدري حت ذلك الي أنم أخذوا هذه الرافات والعمال غي‬
‫البّرة من كتب الزيارات الت دوّنا العلماء!!‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 168 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الزيارة (‪ )33‬النقولة عن الشيخ الفيد‬


‫يروي الشيخ الفيد زيارةً مض ّرةً علمات الكذب وقرائن الوضع فيها كثية‪ .‬من ذلك ما‬
‫جاء فيها من أنه إذا وصلتَ إل باب صحن القب ودخلتَ الصحن (الفناء) فقل كذا وكذا‪ ،‬وقد‬
‫أوضحنا سابقا مرارا أن أئمة أهل البيت عليهم السلم بريئون من هذه الُرم والفنية والروقة الت‬
‫بُنيت على قبورهم والت ل يكن لا وجود ف عهدهم‪ .‬فكل زيارة تضمنت مثل هذا المر هي‬
‫موضوعة بل ريب‪ .‬وف هذه الزيارة لعن من حرّف الكتاب‪ ،‬أي حرّف معان كلماته أو جله‬
‫وفسّرها با يالف مدلولتا ف اللغة العربية‪ ،‬وهذا النوع من التحريف يُقال لذا «تريف معنويّ»‬
‫أما التحريف اللفظي فلم يقع ف القرآن على الطلق لن ال تعال قد ضمن حفظ كتابه وصيانته‬
‫ح ُن نَزّْلنَا الذّكْ َر َوِإنّا لَهُ َلحَافِظُونَ)) [الجر‪ .]9:‬أما التحريف العنوي فقد قامت به‬
‫وقال‪ِ(( :‬إنّا نَ ْ‬
‫ب أهل البيت‬
‫ت من الصوفية أو من الدّعي كذبا ح ّ‬ ‫أكثر فرق السلمي خاصة الباطنية وجاعا ٌ‬
‫عليهم السلم‪ .‬فمثلً قالوا إن القصود من البعوضة أو البل أو دابة الرض أو القمر أو ناقة ال‪:‬‬
‫هو عليّ عليه السلم وهكذا‪ ...‬فََلعْنُ من حرّف الكتاب ‪ -‬الذي جاء ف الزيارة ‪ -‬ينطبق على‬
‫جيع هؤلء!‬
‫ث يقول واضع الزيارة للمام‪« :‬فها أنذا وافد إليك بنصري» أي أنن جئتك بنصرت لك!!‬
‫فبال عليكم أيها القرّاء الحترمي هل يسخر واضع هذه الزيارة من نفسه أم من الزائرين‪ ،‬حت‬
‫يقول للمام إن ل أستطع نصرك أو ل أكن يوم عاشوراء حت أنصرك فها أنا الن جئتك بنصري‬
‫لك!! أفل يدري أن المام نال السعادة البدية وترك الدنيا إل غي رجعة ول تعد هناك حرب ول‬
‫حاجة لنصرته! ث يقول‪« :‬ث ارفع يديك إل السماء وقل اللهم إن أشهد أن هذا القب قب‬
‫حبيبك وصفوتك من خلقك‪ ».....‬وهكذا يستمرّ صفحة كاملة ف ماطبة ال تعال بأنه يشهد‬
‫أن هذا القب كذا وكذا‪ ...‬حت يصل إل دعاء صاحب القب أن يشفع له ث يقول‪« :‬إن ل تشفع‬
‫ل ول ينصرف زوّارك يا مولي بالعطاء والباء والي والزاء والغفرة والرضا وأنصرف أنا‬
‫مبوها بذنوب مردودا علىّ عملي قد خيبت لا سلف من فإن كانت هذه حال فالويل ل ما‬
‫أشقان وأخيب سعيي وف حسن ظن برب وبنبيي وبك يا مولي وبالئمة من ذريتك سادات‬
‫أن ل أخيب‪ »..‬فبال عليكم لحظوا ماذا يقولون وأيّ خبط وإضرار بالسلم والتوحيد يفعلون!‬
‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 169 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ث يصل إل قوله‪« :‬تفضّل عليّ بشهوت»!! والطريف أن هؤلء يعتبون أنفسهم بثل هذه‬
‫الكلمات الركيكة من العارفي بال الخلصي ل ولرسوله!!‬
‫وف موضع آخر من هذه الزيارة يقول ماطبا المام‪« :‬أتيتك زائرا وبقك عارفا و‪....‬‬
‫والنة عليّ بميع سؤل ورغبت وشهوت» أي يطلب من المام أن ي ّن عليه بقضاء حوائجه‬
‫وتقيق رغباته ومشتهياته‪ ،‬أي أنه يعتب المام قاضي الاجات! أما عليّ عليه السلم فإنه يقول‪:‬‬
‫ف َحرِيزٍ ومَانِعٍ َعزِيزٍ‬
‫سكَ فِي ُأمُورِكَ كُ ّلهَا ِإلَى ِإلَ ِهكَ َفِإّنكَ تُلْجُِئهَا ِإلَى َكهْ ٍ‬
‫ج ْئ نَ ْف َ‬
‫«وَألْ ِ‬
‫ك ورَ َزقَكَ‬
‫ص ْم بِالّذِي خَ َلقَ َ‬
‫ح ْرمَانَ‪ .......‬فَاعْتَ ِ‬
‫ك َفإِ ّن بَِي ِدهِ اْلعَطَا َء والْ ِ‬
‫ص فِي ا َلسَْأَلةِ ِل َربّ َ‬
‫وَأخْلِ ْ‬
‫ك ومِنْ ُه َشفَقَُتكَ‪.)1(»...‬‬
‫و َسوّاكَ ولَْيكُ ْن َلهُ َتعَّبدُ َك وإِلَ ْيهِ رَغْبَُت َ‬
‫ورغم ذلك فإن الرافيّي عندما يواجهون بياناتنا الت ننوّر با الناس ونوعّيهم إل حقائق‬
‫السلم والتوحيد يسخطون علينا ويتّهموننا بأننا ‪-‬نعوذ بال‪ -‬أعداء للسلم أو أعداء أئمة أهل‬
‫البيت عليهم السلم ويرّضون علينا الهّال كما فعلوا ذلك مرارا‪.‬‬
‫ث بعد ذكر واضع هذه الزيارة استحباب أداء صلوات وأدعية من عنده‪ ،‬يأت بزيارة ل سند‬
‫لا لضرة «العباس» (ع) ويقول‪ُ « :‬عدْ إل الضريح»‪ ،‬وهذه العبارة بد ذاتا علمة على أن هذه‬
‫الزيارة وُضعت بعد القرن الجري الثالث أو ف القرن الجري الرابع على القل ف زمنٍ كان قد‬
‫أُنشئ فيه ضريح لضرة العباس‪ .‬على كل حال إن من يقرأ هذه الزيارة معتبا ما يفعله عبادة‬
‫يكون قد ارتكب بدعة ف الواقع‪.‬‬
‫ونلفت النتباه هنا أنه جاء ف أوائل هذه الزيارة جلة توحيدية متازة يبدو أنا صدرت عن‬
‫واضع الزيارة سهوا! إذ لو فهمها الناس جيدا لا ارتكبوا هذه البدع‪ ،‬يقول‪« :‬المد ل الواحد ف‬
‫المور كلّها» أي أن ال تعال منفرد ومتفرّد ف فعل جيع المور ول يتّخذ وزيرا ول واسطة بل‬
‫هو متفرّدٌ وح َدهُ ف جيع المور‪ ،‬فإذا كان المر كذلك فل ينبغي أن يُطلب شيء إل منه‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الرسالة ‪.31‬‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 170 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الزيارة (‪ )34‬النقولة عن ابن طاووس‬


‫ذكر ابن طاووس هذه الزيارة بدون سند ث رواها عنه الخرون رغم أن قرائن الوضع فيها‬
‫واضحة وتتعلّق بزمن كان لراقد أئمّة أهل البيت عليهم السلم فيه قبّة وضريح‪ ،‬فقد جاء ف أولا‪:‬‬
‫«تقف على باب قبّته الشريفة‪ ...‬وتدخل وتعل الضريح بي يديك ث تقول كذا وكذا (عدة‬
‫صفحات) ث‪ ....‬قبّل الضريح!!»‬
‫ومن الؤكد أن أولياء ال وأئمة أهل البيت عليهم السلم ل يرضون أن يقبّل السلمون‬
‫أضرحتهم الت صُنعت من الذهب والفضة وبناها السلطي وأمراء الور بالموال الغصوبة من‬
‫الناس!‬
‫[التوسّل إل ال يكون باليان والعمل الصال فقط وليس بالئمة (ع)]‬
‫بعزلٍ عن مالفة كثي من جل هذه الزيارة لكتاب ال‪ ،‬فإن من أوضح علمات الوضع فيها‬
‫أن واضعها ل يفهم العن الصحيح للية ‪ 35‬من سورة «الائدة» الباركة فقال ‪-‬وكأنه يستند‬
‫إليها‪« :-‬ل يتوسّل التوسّلون إل ال بوسيلة هي أعظم حقّا عنده منكم أهل البيت»‪.‬‬
‫فأولً‪ :‬يب أن نعلم أن ل أحد من ملوقات ال‪ ،‬حت النبياء العظام صلوات ال عليهم‪ ،‬له‬
‫حق واجب على ال‪ ،‬بل ل التعال ال ّق والنّة على جيع عباده‪ ،‬ولو كان لواضع هذه الزيارة‬
‫الاهل علمٌ بالقرآن لقرأ آياتٍ كقوله سبحانه وتعال‪(( :‬قَ ْد مَ ّن ال عََلْينَا)) [يوسف‪ ،]90:‬وقوله‬
‫سبحانه‪(( :‬وََلقَ ْد َمَننّا عَلَى مُوسَى َوهَارُونَ)) [الصافات‪ ،]114:‬وقوله كذلك‪(( :‬وََلكِنّ ال يَمُ ّن عَلَى‬
‫مَ ْن يَشَا ُء مِ ْن عِبَا ِدهِ)) [إبراهيم‪ ،]11:‬ولو قرأها لا لفّقَ تلك المل‪.‬‬
‫ث النقطة الهمّة أكثر هي استشهاده بالية ‪ 35‬من سورة الائدة على التوسل بالئمة من أهل‬
‫البيت عليهم السلم ما يستدعي أن نوضّح هذا المر ‪ -‬كما فعلتُهُ ف سائر ُكتُب ومن جلتها‬
‫تفسيي «تابشي از قرآن» (أي إشعاع من القرآن)‪ ،‬وغيه‪ -‬ونبيّن العن الصحيح لذه الية‪،‬‬
‫والت أحسن الستاذ الشيخ «مرتضى مطهّري» ف كتابه «العدل اللي» بيانَ معناها الصحيح‪،‬‬
‫وذلك لكي يتّضح خداع وضّاعي الزيارات ومغالطة الرافيي ف هذا المر‪.‬‬
‫يقول تعال‪(( :‬يَاأَّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا اّتقُوا ال وَابَْتغُوا إَِليْ ِه الْ َوسِيَل َة وَجَاهِدُوا فِي َسبِيلِهِ َلعَّلكُمْ‬
‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 171 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ُتفْلِحُونَ)) [الائدة‪.]35:‬‬
‫أولً‪ :‬الطاب ف الية ‪ -‬كما هو ظاهر‪ -‬موجّه إل الؤمني‪ ،‬وطبقا للية ‪ 285‬من سورة‬
‫البقرة النبّ صلى ال عليه وآله وسلم مشمولٌ بطاب ال للمؤمني‪ ،‬وبالطبع أئمة أهل البيت‬
‫عليهم السلم أيضا مشمولي بالطاب‪ ،‬فلنا أن نسأل إذن ما هي الوسيلة الت كان يبتغيها النبّ‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم وأئمة الدى عليهم السلم للتقرّب إل ال تعال؟ هل كانت شيئا سوى‬
‫اليان والتقوى والعمل الصال؟ هل الوسيلة الت يب على المام كما يب على الأمومي أن‬
‫يطلبوها ويتوسلوا با إل ال شيء سوى الهاد ف ال وف سبيل ال؟ هل يوجد ف الدين فرق بي‬
‫أحكام المام وأحكام الأموم؟! بالطبع ل‪ ،‬لذا يب أن نقول إ ّن عَلَى الأمومي أ ْن يقتدوا بالمام‬
‫ويتّبعوه ويتأسّوا به ف ك ّل وسيلة توسّل با إل ال‪.‬‬
‫ت اليةُ الكريةُ ف آخرها ‪ -‬بعد المر بابتغاء الوسيلة ‪ -‬نوذجا للوسائل‬ ‫ف الواقع لقد ذكرَ ْ‬
‫الت يب ابتغاؤها فقالت‪(( :‬وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ َلعَّلكُ ْم ُتفِْلحُونَ)) [الائدة‪ ]35:‬فأوضح ال تعال‬
‫القصود بابتغاء الوسيلة فورا‪ ،‬ولعلّ هذا يفسّر لاذا يتزئ أكثر الدافعي عن الرافات الية‬
‫الذكورة ف خطبهم و ُكتُبهم فل ُيكْمِلُونا حت آخرها ويقفون عند قوله تعال‪(( :‬وَجَاهِدُوْا فِي‬
‫سَبِي ِلهِ َلعَ ّلكُ ْم ُتفْلِحُونَ))‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ل تقل الية الكرية‪« :‬ادعوا الوسيلة» بل قالت‪« :‬ابتغوا إليه الوسيلة» ومن البديهيّ‬
‫أن البتغاء غي الدعاء‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ل يبقَ أحدٌ من أئمة أهل البيت عليهم السلم منذ أواخر القرن الجري الثان فما بعد‬
‫حت نتوسّل بم كما ل تَعُ ْد هناك إمكانية لطلبهم وابتغاء أرواحهم الطيبة ف هذا العال لنم انتقلوا‬
‫منه! فكيف يكن أن يأمرنا ال بابتغاء شيء ل يكن ابتغاؤه؟!‬
‫رابعا‪ :‬هذه الية إن قُصد با كما يدّعي الرافيون التوسّل بالنب الكرم صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم أو أئمة الدى عليهم السلم ل يكن العمل با مكنا إل لن كان يعيش مع النب صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم ف الدينة أو مع المام عليه السلم ف الكوفة‪ ،‬فكيف كان للمؤمني من أهل‬
‫اليمن أو الشام أو خراسان أن يتوسّلوا بالمام ويطلبوه؟ (إل أن يشدّوا رحال السفر إل مقر‬
‫المام عليه السلم وهو أمر ل يكن ميسّرا للجميع) وإل فل يكن ابتغاء أئمة الدين من أماكن‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 172 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫(‪)1‬‬
‫بعيدة!‬
‫ف الضّ ّر عَنكُ ْم وَل‬ ‫خامسا‪ :‬قوله تعال‪(( :‬قُلِ ا ْدعُوا الّذِينَ َزعَ ْمتُ ْم مِنْ دُونِهِ فَل يَمِْلكُونَ كَشْ َ‬
‫ب َويَ ْرجُونَ َرحْ َمتَ ُه َويَخَافُونَ‬
‫ك الّذِي َن يَ ْدعُو َن يَْبَتغُونَ إِلَى َرّبهِ ُم اْل َوسِيَلةَ َأّيهُمْ أَقْرَ ُ‬
‫حوِيلً * ُأوْلَئِ َ‬
‫تَ ْ‬
‫عَذَابَهُ ِإنّ عَذَابَ َربّكَ كَانَ َمحْذُورا)) [السراء‪ ]57-56:‬يفسّر ويبيّن بوضوح معن «الوسيلة»‬
‫ولفظ «أقرب» ف الية الذكورة قرينة على أن الراد من الوسيلة هو «النلة» الت تتحصّل‬
‫باللتزام بأوامر الشرع ونواهيه فالذين هم عند ال يبتغون القرب والنلة منه‪.‬‬
‫ث إن الية تقول على نو ضمن أن الذين تدعونم هم أنفسهم يبحثون عن وسيلة تقرّبم‬
‫من ال ول شك أن الذي يبحث عن الوسيلة بنفسه ل يكن أن يكون هو ذاته وسيلة‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬لاذا ل يشي مُدّعو حبّ آل الرسول عليهم السلم إل ما ورد عن أئمة أهل البيت‬
‫عليهم السلم من توضيحات بشأن هذه الية ولاذا ل يذكرون للناس ما تفضّل به أولئك الئمة‬
‫الكرام عليهم السلم؟!‬
‫فمن ذلك قول رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪« :‬إلي وسيلت إليك اليان بك»‪.‬‬
‫وقول أمي الؤمني عليه السلم‪« :‬إِ ّن َأفْضَ َل مَا َت َوسّ َل ِبهِ الَُتوَسّلُو َن ِإلَى ال سُبْحَانَ ُه وتَعَالَى‬
‫ص َفإِّنهَا اْلفِ ْط َرةُ‪ ،‬وِإقَامُ‬
‫جهَادُ فِي سَبِي ِلهِ َفِإّنهُ ذِ ْر َوةُ السْلمِ‪ ،‬وكَلِ َم ُة الخْل ِ‬
‫اليَا ُن ِبهِ وِبرَسُولِ ِه والْ ِ‬
‫صوْ ُم شَ ْهرِ َرمَضَا َن َفإِّنهُ جُّن ٌة ِمنَ‬
‫ضةٌ وَاجَِبةٌ‪ ،‬و َ‬
‫الصّلةِ فَِإّنهَا الْمِ ّلةُ‪ ،‬وإِيتَا ُء الزّكَا ِة َفإِّنهَا َفرِي َ‬
‫ت واعْتِمَا ُر ُه َفإِّنهُمَا يَ ْنفِيَا ِن اْلفَ ْقرَ وَي ْرحَضَا ِن الذّنْبَ‪ ،‬وصِ َل ُة ال ّر ِحمِ َفِإنّهَا مَ ْثرَاةٌ‬
‫ج الْبَيْ ِ‬
‫الْ ِعقَابِ‪ ،‬وحَ ّ‬
‫خطِيَئةَ‪.)2(»...‬‬
‫سرّ َفِإّنهَا ُتكَ ّفرُ الْ َ‬
‫ص َد َقةُ ال ّ‬
‫سَأةٌ فِي ال َجلِ‪ ،‬و َ‬
‫فِي الَالِ ومَ ْن َ‬
‫وكما نلحظ فهذا الكلم هو ف الواقع تفسي للية الت سبق ذكرها من سورة الائدة‪.‬‬
‫وكذلك جاء ف أدعية أمي الؤمني عليه السلم قوله‪:‬‬

‫() روى الكشي ف رجاله (ط بع كربلء‪ ،‬ص ‪ )253‬بسنده عن م صادف قال‪(( :‬لا لبّى القوم الذين لبّوا بالكو فة [أي‬ ‫‪1‬‬

‫ت على أب عبد ال عليه السلم فأخبتُ ُه بذلك‪َ ،‬فخَ ّر ساجدا وألْزَ قَ جؤجؤَ ُه بالرض وََبكَى‪،‬‬‫ك يا جعفر] دخل ُ‬ ‫قالوا‪ :‬لبّيْ َ‬
‫وَأق بل يلوذُ بإ صبعه ويقول‪ :‬بَلْ عَْبدُ ال قِنّ داخرٌ مرارا كثيةً‪ ،‬ث ر فع رأ سه ودموعُ ُه ت سيلُ على لي ته‪ ،‬فندم تُ على‬
‫إخباري إيّاه‪( .))... ،‬الؤلّف)‪( .‬والقِنّ‪ :‬هو التمّحض ف العبودية والرقّ‪ .‬والداخر‪ :‬هو الاضعُ ل النقاد لَهُ)‪( .‬الترجم)‬
‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.110‬‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 173 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ك كر ُمكَ‪.)3(»..‬‬
‫«قد جئتُ أطلب عفوَكَ ووسيلت إلي َ‬
‫و «فقد جعلتُ القرار بالذنب إليك وسيلت‪ ...‬مَُت ِوسّ ٌل بكرمك‪.)2(»..‬‬
‫و «فإن أتَ َو ّسلُ إليكَ بتوحيد َك وتليلكَ وتجيد َك وتكبيكَ وتعظيمكَ‪.)3(»..‬‬
‫و «يتو ّسلُ إليك بربوبيِّتكَ‪.)4(»..‬‬
‫ويروي «السيد بن طاووس» عن المام السي عليه السلم قوله ف دعاء عرفة‪:‬‬
‫«ها أنا أَتوَ ّسلُ إليك ِب َف ْقرِي إليكَ‪.)5(»...‬‬
‫ويقول المام «زين العابدين وسيد الساجدين» عليه السلم‪:‬‬
‫«اللهمّ إنّي بِ ِذمّة السلم أتَ َو ّسلُ إليكَ‪.)6(»..‬‬
‫و «وسيلت إليكَ التوحيدُ‪ ،‬وذريعت إليك أنّي ل أُ ْشرِ ْك بكَ شيئا‪.)7(»..‬‬
‫ك بذكركَ وأستشفع بكَ إل‬
‫ب إلي َ‬
‫ويقول متأسّيا بده الكري‪« :‬اللهمّ إنّي أتقرّ ُ‬
‫نفسكَ‪ ،)8(»..‬وأيضا‪« :‬وبدعائك َت َوسّلِيْ»(‪.)9‬‬
‫فكما نلحظ ل يتوسل عليّ عليه السلم وأئمة أهل البيت الكرام عليهم السلم ‪ -‬ول حت‬
‫بدف تعليم الأمومي وإرشادهم‪ -‬ف أدعيتهم بالنب الكرم صلى ال عليه وآله وسلم ول بالنبياء‬
‫السابقي عليهم السلم كأب النبياء وخليل الرحن إبراهيم صلى ال عليه وآله وسلم بل كان‬
‫توسّلهم دائما هو باليان والسلم والهاد والعمل الصال وبصفات ال ورحته ول يتوسّلوا على‬
‫الطلق ببشر أو ملوق‪ .‬فل أدري لاذا يتجاهل من يقولون إنم شيعةٌ لعليّ والئمة من آله‬
‫() الصحيفة العلويّة‪ ،‬دعاؤه (ع) ف الستغفار ف سحر كل ليلة عقب ركعت الفجر‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الصدر السابق‪ ،‬دعاؤه (ع) ف الستغفار ف الناجاة ف شهر شعبان‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الصدر السابق‪ ،‬دعاؤه (ع) ف الستغفار ف الشدائد‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الصدر السابق‪ ،‬دعاؤه (ع) ف ليلة المعة علّمه لكميل بن زياد النخعي‪ .‬ومفاتيح النان‪ ،‬دعاء كميل‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫() مفاتيح النان‪ ،‬دعاء يوم عرفة‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫() مفاتيح النان‪ ،‬دعاء يوم الميس‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الصحيفة السجّاديّة‪ ،‬دعاؤه (ع) ف دفع كيد العداء‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫() الصحيفة العلوية‪ ،‬دعؤه العروف بدعاء كميل‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫() مفاتيح النان‪ ،‬داء أب حزة الثمال‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 174 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫كلماتم هذه ويتوسّلون ف الغالب بالمام وبذراري الئمة عليهم السلم مع أن الئمة عليهم‬
‫السلم ل يقولوا لم توسّلوا بنا ف أدعيتكم(‪.)1‬‬
‫وهناك نقطة أخرى ف هذه الزيارة وهي قول واضعها ‪ -‬كما جاء ف دعاء «الندبة»‪:-‬‬
‫«اللهم أبلغ سيدي ومولي تية وسلما» ما يد ّل على أنه يعتقد ‪ُ -‬م ِ‬
‫حقّا‪-‬أن ال «حاضر ناظر‬
‫قريب» منه وأن المام «غائب وبعيد» عنه‪ ،‬لذا يطلب من ال تعال أن يبلّغه السلم! فلنا أن‬
‫نسأله‪ :‬لاذا إذن تاطب المام ف الزيارة وكأنه حاضر وناظر وتقول له كاذبا‪« :‬أشهد أنك‬
‫تسمع كلمي وتردّ جواب» أليس هذا تناقض مض؟ ولكن واضعي تلك الزيارات ل ينتبهون إل‬
‫تناقضاتم هذه!‪.‬‬

‫‪ )( 1‬ف الواقع إن موضوع التوسل بالئمة والصالي والستشفاع بم إل ال هو الستند الرئيسي الذي يتم سّك به من‬
‫يلجـأ إل الشاهـد ويطلب حوائجـه مـن أصـحابا مـن الولياء والئمـة‪ ،‬لذا ندـ هذه الفكرة منتثرة ومكررةً فـ جيـع‬
‫الزيارات‪ ،‬مثـل قول الزائر‪(( :‬فاشفـع ل عنـد ربّكـ فان ل ذنوبا كثيةً وإن لك عنـد ال مقاما معلوما وجاها عظيما‬
‫وشأنا كبيا وشفاع ًة مقبولةً‪( .......‬إل قوله)‪....‬فكن ل إل ال شفيعا‪ ،‬فما ل وسيلةٌ أوف من قصدي إليك وتوسّلي‬
‫بك إل ال‪[ ))...‬بار النوار للمجلسي‪ ،‬ج ‪/97‬باب زياراته (أي علي بن أب طالب عليه السلم) الطلقة‪ ،‬الزيارة رقم‬
‫ومتوسـلً إل ال تعال ربـ وربّكمـا ومتوجّها إل ال بكمـا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،20‬ص ‪ ،].295‬أو قوله‪(( :‬أتيتكمـا (للماميـ) زائرا‬
‫مسـتشفعا بكمـا إل ال فـ حاجتـ هذه فاشفعـا ل فإن لكمـا عنـد ال القام الحمود والاه الوجيـه والنل الرفيـع‬
‫والوسيلة‪[ ))...‬الصدر السابق‪ ،‬الزيارة رقم ‪ ،23‬ص ‪.].307‬‬
‫لذلك أراد الؤلف ر ّد مشروع ية التو سل إل ال بالشخاص ‪ -‬أ يا كان مقام هم ح ت ولو كانوا أ نبياء ‪ -‬من أ ساسه‪ ،‬وح صر‬
‫التوسل إل ال بالعمال‪ ،‬أو بصفات الرحة لذاته الحدية‪.‬‬
‫هذا وموضوع جواز التوسل إل ال بالصالي من الوضوعات اللفية الت انقسم العلماء بشأنا‪ ،‬إذ وردت بعض النصوص ‪-‬‬
‫صحِيحًا «عَ نْ النِّبيّ‬ ‫حت ف مصادر الديث العتبة لدى أهل السنة ‪ -‬با يفيد جواز التوسل‪َ ،‬فقَ ْد َروَى التّ ْر ِمذِيّ َحدِيثًا َ‬
‫ح ّمدُ‬‫ح ّمدٍ نَِبيّ الرّ ْحمَ ِة يَا ُم َ‬
‫صلى ال عليه وسلم أَنّهُ َعلّمَ رَ ُجلًا أَ ْن َيدْ ُع َو فََيقُولَ‪ :‬اللهمّ إنّي أَسَْألُك وَأََتوَسّلُ إلَيْك بِنَبِيّك ُم َ‬
‫حوَ َهذَا الدّعَاءِ‪َ .‬وفِي‬ ‫يَا رَ سُولَ ال إنّي أََتوَ سّ ُل بِك إلَى رَبّي فِي حَاجَتِي لَِي ْقضَِيهَا لِي اللهمّ َش ّفعْ هُ ِفيّ» َو َروَى النسائي َن ْ‬
‫التّ ْر ِمذِيّ وَابْ ِن ماجه عَ نْ عُْثمَا نَ بْ نِ العتبية «َأنّ رَ ُجلًا ضَرِيرا أَتَى النِّبيّ صلى ال عليه وسلم َفقَالَ‪ :‬اُدْ عُ ال أَ نْ ُيعَافِيَنِي‬
‫صبَرْت َف ُهوَ َخيْرٌ لَك‪َ .‬فقَالَ‪ :‬فاد عه‪ .‬فََأمَرَ هُ أَ ْن يََتوَضَّأ فَُيحْ سِ َن وُضُوءَ ُه وََيدْ ُع َو ِب َهذَا‬ ‫َفقَالَ‪ :‬إ ْن شِئْت دَ َعوْت وَإِ نْ شِئْت َ‬
‫ح ّمدٍ نَِبيّ الرّ ْحمَ ِة يَا رَ سُولَ ال يَا ُمحَ ّمدُ إنّي َتوَ ّجهْت بِك إلَى رَبّي فِي‬ ‫الدّعَاءِ اللهمّ إنّي أَ سَْألُك وَأََتوَجّ هُ إلَيْك بِنَبِيّك ُم َ‬
‫صحِيحٌ‪ .‬وَ َروَا هُ النسائي عَ نْ عُْثمَا َن بْ نِ العتبية‬ ‫شفّعْ ُه فِ يّ» قَالَ التّ ْر ِمذِيّ‪َ :‬هذَا َحدِي ثٌ حَ سَنٌ َ‬ ‫حَاجَتِي َهذِ ِه لِتُ ْقضَى اللهمّ َف َ‬
‫َوَلفْظُ هُ «َأنّ رَ ُجلًا أَ ْعمَى قَالَ‪ :‬يَا رَ سُولَ ال اُدْ عُ ال أَ نْ َي ْكشِ فَ لِي عَ نْ بَ صَرِي‪ .‬قَا َل فَانْ َطلِ ْق فََتوَضّ ْأ ُثمّ صَلّ رَ ْكعَتَيْ ِن ُثمّ‬
‫حمّدُ إنّي أََتوَجّ هُ بِك إلَى رَبّي أَ نْ َي ْكشِ فَ عَ ْن بَ صَرِي‬ ‫ح ّمدٍ نَِبيّ الرّ ْحمَةِ يَا ُم َ‬
‫قُلْ‪ :‬اللهمّ إنّي أَ ْسَألُك َوأََتوَجّ هُ إلَيْك بِنَبِيّك ُم َ‬
‫شفَ ال عَنْ َبصَرِهِ»‪.‬‬ ‫شفّعْ ُه ِفيّ قَالَ فَ َر َجعَ َوَقدْ َك َ‬
‫اللهمّ َف َ‬
‫وقد كتبت ف موضوع التوسل وما يوز فيه وما ل يوز كت بٌ ورسائ ُل عديدة من الخالفي والوافقي يكن لن أراد التوسع‬
‫ف الوضوع أن يرجع إليها‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 175 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الزيارة (‪ )35‬النقولة عن ابن طاووس عن قول رجل مهول‬


‫روى السيد ابن طاووس هذه الزيارة عن رجل دون أن يذكر اسه أو يبيّن هويّته!‬
‫قال الجلسيّ‪ -35« :‬زيارةٌ أخرى مطلقة رواها السيد (ابن طاووس) قدس ال روحه قال‬
‫ل أتى السي (ع) فأناخ راحلته بقرب الظلل ونزل وعليه حلية العراب ث‬
‫روي أن رج ً‬
‫مضى نو الضريح وعليه سكينة ووقار حت وقف بباب الظلل ث أومأ بيده نو الضريح وقال‬
‫السلم عليك يا ولّ ال وحجته! سلم مسلّم ل فيك رادّ إل ال وإليك‪( ....‬إل قوله)‪ ..:‬ث‬
‫حطّ خدّه على الضريح وقال أتيتك للذنوب مقترفا فكن ل إل ال شافعا فها أنا ذا قد جئت‬
‫عنهن نازعا‪( ....‬إل قوله)‪ ..:‬ث وقف والضريح قبلته فصلى وأكثر ما ل أحصه ث دعا‬
‫واستغفر وسجد‪( ....‬إل قوله)‪ :‬ث جلس وهو ُيهَيْنِمُ با ل أفهمه ث قام فوقف عند رأس السي‬
‫(ع) وقال السلم عليك وعلى من اتّبعك وشهد العركة معك والواردين مصرعك‪ ،‬يا ليتن‬
‫ل ال وابن وليّه ووص ّي نبيّه وانصرفت مودّعا‬
‫كنت معكم َفَأفُو َز َفوْزا َعظِيما أتيتك زائرا يا و ّ‬
‫غي سئم ول قا ٍل فاجعلن منك ببال! ث انصرف إل راحلته فركبها ومضى ول أكلمه‬
‫ول كلّمن»(‪.)1‬‬
‫فبال عليكم هل مثل هذه الروايات تصلح أن تكون مستندا ف الدين؟ وليت شعري ماذا‬
‫كان قصد «ابن طاووس» من جع هذه الزيارات بذه الكيفية‪ ،‬وماذا كان قصد أولئك الذين‬
‫نقلوها من كتابه؟ شخص مهول جاء وأخب المام عن ذنوبه وخطاياه ث قام بعمل باطل أي بد ًل‬
‫من استقبال الكعبة فقط استقبل الضريح وصلى وسرد مموعة من العبارات الرافية لعله ظن أيضا‬
‫مثل سائر الرافيي أن المام بعد وفاته حاضر وناظر! لنه قال‪« :‬فاجعلن منك ببال»! فما قيمة‬
‫مثل هذه المور حت تُعتبَ قراءتُها مستحّبةً‪ ،‬وهل أُوكل تشريع الواجبات والستحبّات لواضعي‬
‫الزيارات؟ وبدلً من أن يقوم حضرة السيد ابن طاووس بالكم على انراف الزائر عن الكعبة أثناء‬
‫الصلة بأنّه عملٌ باط ٌل وخاطئٌ ويعتبَ أن هذا العمل دليل على ضلله وجهله‪ ،‬قام بنقل هذه‬
‫الرافة لنا ف كتابه!!‬

‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪/98‬ص ‪( . 228 -227‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 176 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الزيارة (‪ )36‬النقولة عن جابر العفيّ‬


‫روى هذه الزيارةَ اب ُن طاووس والجلسيّ وآخرون‪ ،‬ولكن اعلم أن العلمة الليّ قال ف‬
‫ل عن ابن الغضائري‪« :‬إن جابر بن يزيد العفي الكوف ثقة ف نفسه‪ ،‬ولك ّن ُجلّ من‬
‫رجاله نق ً‬
‫روى عنه ضعيفٌ»(‪ .)1‬أي أن الغلة والضعفاء يكذبون ث ينسبون أكاذيبهم إليه لشهرته‪ ،‬وقال‬
‫ض ّعفُوا‪ ،‬منهم‪ :‬عمرو بن شر‪ ،‬ومفضل بن صال‪،‬‬
‫النجاشي أيضا‪« :‬روى عنه جاعةٌ ُغ ِمزَ فيهم و ُ‬
‫ومنخل بن جيل‪ ،‬ويوسف بن يعقوب‪ .‬وكان ف نفسه متلطا‪ ...‬وقلّ ما يورد عنه شيءٌ ف‬
‫اللل والرام‪ .)2(».‬ولذلك ل يكننا أن نقبل كل ما يُروى باسم «جابر العفي»‪ ،‬هذه الزيارة‬
‫كما لحظتم ف الزيارات السابقة علمات الوضع عليها ظاهرة وتعان من عيوب الزيارات السابقة‬
‫ذاتا‪ ،‬كقول المام فيها للزائر «فإذا أتيت قب السي (ع) قُمْتَ على الباب»‪ ،‬وقوله بعد ذلك‪:‬‬
‫«ث تشي إليه فلك بكلّ قدم ترفعها أو تضعها كثواب التشحّط بدمه ف سبيل ال‬
‫ت على القب فاستَلِ ْمهُ بيد َك و ُقلْ السلم عليك يا حجّة ال ف أرضه‪،‬‬
‫ت ووقف َ‬
‫تعال!! فإذا مشي َ‬
‫ج ألف حجّة واعتمر ألف‬
‫ث امض إل صلتك فلك بكل ركعة تركعها عنده كثواب من ح ّ‬
‫ب مرسل»!!‬
‫عمرة وأعتق ألف رقبة وكمن وقف ألف مرّة مع ن ّ‬
‫وُضعت هذه الزيارة بالطبع‪ ،‬كما قلنا ذلك مرارا فيما سبق‪ ،‬ف زمن كان قد بُن فيه على‬
‫قب سيد الشهداء عليه السلم ضريح وقبّة وصحن وأبواب متعدّدة ث نُسبت هذه الزيارة كذبا‬
‫وزورا إل المام الظلوم حضرة الصادق عليه السلم‪ ،‬وإل فلم يكن ف زمنه ضري ٌح للمام السي‬
‫ول بنا ٌء ول بابٌ‪ .‬ونقول ف شأن ذلك الثواب الائل الذي وُضع للزائر ما قلناه فيما سبق من أنه‬
‫يعل ثواب الزائر أعظم بكثي من ثواب الزور! أضف إل ذلك أن واضع هذه الزيارة الاهل‬
‫ج ألف حجّة واعتمر‬
‫يقول‪« :‬ث امض إل صلتك فلك بكلّ ركعة تركعها عنده كثواب من ح ّ‬
‫ألف عمرة!!‪ ،)3(»...‬فيبدو أنه ل يطّلع على أدعية الئمّة الكرام عليهم السلم الذين كانوا‬

‫() الامَقَانّ‪ ،‬تنقيح القال‪ ،‬ج ‪/ 1‬ص ‪( .204 - 201‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() النجاشي (‪ 450‬هـ) ‪ ،‬رجال النجاشي‪ ،‬ط ‪ ،5‬قم‪ :‬مؤسسة النشر السلمي التابعة لماعة الدرسي‪ 1416 ،‬هـ‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص ‪( .12‬الترجم)‬
‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪/ 98‬ص ‪( . 230‬الترجم)‬ ‫‪3‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 177 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫يتضرّعون إل ل كي يتقبّل منهم حجّا واحدا‪ ،‬من ذلك مثلً دعاء أمي الؤمني عليه السلم‪« :‬أن‬
‫جهُم»(‪.)1‬‬
‫تكتبن من حجّاج بيتك الرام البور ح ّ‬
‫وأقول‪ :‬هل من يرفض نسبة تلك القاويل الغالية إل المام منحرف؟ أم الشخص الذي‬
‫يقبل كل ما يُنسب إل المام ولو كان يالف كل قواعد الشرع والعقل؟!‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫() الصحيفة العلوية‪ ،‬دعاؤه ف اليوم الثلثي من الشهر‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 178 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الزيارة (‪ )37‬النقولة عن الكفعمي‬


‫هذه الزيارة رواها «ال َكفْعَمِيّ»(‪ ،)1‬من علماء القرن التاسع الجري‪ ،‬مباشرةً دون واسطة‬
‫ي سند هذا؟ وهل‬
‫عن المام الصادق عليه السلم الذي كان يعيش ف القرن الجريّ الثان!! فأ ّ‬
‫بثل هذا السند تكون الرواية صحيحةً؟! على كلّ حال يقول «الكَ ْفعَمِيّ» فيها‪« :‬وتصلّي‬
‫ركعات الزيارات وهي ثان وتدعو بعد كل ركعتي منهما با ذكرناه»(‪.)2‬‬
‫وليت شعري! هل تشريع الصلوات الستحبة بيد «الكَ ْفعَمِيّ» ومثله من العلماء؟!‬
‫والعجب أن علماءَنا يدرجون ف كتبهم ك ّل ما رواه «الكَ ْفعَمِيّ» و«ابن طاووس» و«ابن أب‬
‫ُقرّة»(‪ )3‬و«ابن الشهدي»(‪ )4‬و«ابن قولويه»(‪ )5‬حت لو كان بل سند [أو كان رواتُهُ مروحون ف‬
‫كتب الرجال ومتّهمون بالغل ّو والكذب ووضع الديث] دون أن يعلّقوا على الروايات الضعيفة أو‬
‫ك بِهِ عِ ْلمٌ ِإنّ السّمْعَ‬
‫ف مَا َلْيسَ لَ َ‬
‫ينتقدوها وكأنا وحيٌ منل! أفلم يقرؤوا قوله تعال‪(( :‬وَل َتقْ ُ‬
‫سئُولً)) [السراء‪.]36:‬‬
‫وَالَْبصَ َر وَاْلفُؤَادَ كُلّ ُأوَْلئِكَ كَا َن َعنْهُ مَ ْ‬
‫ث يقول «الكفعمي» بعد ذلك‪« :‬قال‪ :‬ث زُرْ عليّ ب َن السي ث الشهداء والعباس»‪ ،‬هنا‬
‫يقوم الجلسيّ بعد هذه الرواية بتوضيح هام (!) فيقول‪« :‬بيان‪ :‬الظاهر أن قوله ث زُ ْر إل آخره‪..‬‬
‫من كلم الؤلّف»‪ ،‬فالعجب العجاب من الجلسيّ الذي ل ُيبْ ِد أّيةَ ملحظةٍ أو انتقادٍ حول أصل‬

‫() الكفعم يّ (‪ 905 - 840‬هـ = ‪1500 - 1436‬م)‪ :‬هو الشيخ تقى الدين إبراهيم بن علي بن السن بن ممد‬ ‫‪1‬‬

‫بن صال الكفعمي مولدا ‪ -‬نسبةً إل قرية (كفر عيما) بناحية الشقيف ببل عامل جنوب لبنان ‪ -‬اللوزي متدا‪ ،‬الب‬
‫شي ثي مدفنا ومزارا‪ ،‬تو ف ب ا عام ‪905‬ه ـ‪ ،‬ومزاره ف بلدة « جب ش يث» ‪ -‬من بلدات ج بل عا مل جنوب لبنان ‪-‬‬
‫معروف‪ .‬أدي بٌ كات بٌ من علماء الشي عة المام ية‪ ،‬أقام مدّةً ف كربلء‪ ،‬له نظ مٌ وشعرٌ‪ ،‬و صنّف ‪ 49‬كتابا‪ ،‬من أش هر‬
‫مؤلفاتـه كتابـه فـ الدعيـة والزيارات الوسـوم بــ «جُنّةُ المان الواقيـة وجَنّةُ اليان الباقيـة» العروف بــ «مصـباح‬
‫الكفعمي»‪ ،‬طبع مرارا‪ ،‬كما له «الحتساب من كتب الدعية لبعض الصحاب» و«البلد المي والدرع الصي من‬
‫الدعيـة والعمال والوراد والذكار» وغيهـا‪( .‬نقلً عـن كتاب الذريعـة لقـا بزرگ الطهرانـ والعلم للزركلي)‪.‬‬
‫(الترجم)‬
‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪/ 98‬ص ‪( . 231 -230‬الترجم)‬ ‫‪2‬‬

‫() راجع ترجته ف حاشية ص ‪ 157‬من هذا الكتاب‪( .‬الترجم)‬ ‫‪3‬‬

‫() راجع ترجته ف حاشية ص ‪ 134‬من هذا الكتاب‪( .‬الترجم)‬ ‫‪4‬‬

‫() راجع ترجته ف حاشية ص ‪ 73‬من هذا الكتاب‪( .‬الترجم)‬ ‫‪5‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 179 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الزيارة أو بعض عباراتا رغم كل الشكالت الت فيها‪ ،‬ول يد ما يتاج إل التعليق سوى جلة‬
‫«قال ث زر عليّ بن السي» فبيّن أنا للكفعمي وليست للمام؟!!‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 180 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الزيارة (‪ )38‬النقولة عن السيد الرتضى‬


‫يصرّح الجلسيّ بأن هذه الزيارة ليست من كلم إمام من الئمّة بل من تأليف السيد‬
‫الرتضى علم الدى(‪ )1‬ويقول‪« :‬زيارةٌ أخرى له صلوات ال عليه أوردها السيّدُ وغيُه والظاهر‬
‫أنه من تأليف السيد الرتضى رضي ال عنه»‪.‬‬
‫وهذه الزيارة زيارةٌ فصيح ٌة وبليغةٌ ومسجّع ٌة ومقفّاةٌ وأجلُ من جيع تلك الزيارات الت‬
‫نسبوها لمامٍ من الئمّة عليهم السلم‪ ،‬وهذا يبيّن بطلن رأي من قالوا أنه ما يثبت كون رواية ما‬
‫أو دعاء أو زيارة من كلم المام فصاحتها وجالا وبلغتها‪ ،‬أي أنم يعلون بلغة الزيارة وجال‬
‫عباراتا قرينة على صحة انتسابا للمام! فمثلً قالوا بشأن «الزيارة الامعة» أو «دعاء الندبة»‪،‬‬
‫الت تتضمّن عديدا من المل والعبارات الخالفة للقرآن أو الكاذبة‪ ،‬إن فصاحة عباراتا وبلغتها‬
‫تد ّل على أنا من كلم المام! هذا ف حي أن هذه الزيارة رقم ‪ 38‬الت أنشأها السيد الرتضى‬
‫أجل من «الزيارة الامعة» و«دعاء الندبة» وأفصح منها رغم أنا ليست من كلم أي إمام‪ ،‬ولو‬
‫قارناها بإنصاف بالزيارة رقم ‪ 30‬أو سائر الزيارات الت مرّت ناذج عنها فيما سبق لرأينا أن‬
‫عبارات هذه الزيارة معقولةٌ أكثر ومقبول ٌة شرعا وأشبه بالروايات الوثوقة الصحيحة وليس فيها أي‬
‫عبارات عجيبة أو غريبة أو غي معقولة‪.‬‬
‫ورغم أن الزيارة الت دوّنا السيد الرتضى ل تلو من بعض العبارات الرافية إل أنا تتضمّن‬
‫نقاطا متازة جديرة بالنتباه‪ ،‬من ذلك أنه جاء فيها مطلبٌ ل يوجد نظيه ف سائر الزيارات وهو‬
‫الشارة إل شهادة ابني من أبناء أمي الؤمني عليّ (ع) ها‪« :‬أبو بكر بن عَليّ» و«عثمان بن‬
‫عَليّ» ‪ -‬رحهما ال‪ -‬اللذان نال شرف الشهادة ف واقعة كربلء برفقة المام السي (ع)‪ ،‬وقد‬
‫ذكر السيد الرتضى فضائل ومناقب هذين الشهيدين الكريي ف زيارته‪ .‬هذا ف حي أن واضعي‬
‫الزيارات الغلة الذين كانوا ُيكِنّون العداء للخلفاء تاهلوا ذِكْ َر تضحية وشهادة هذين الشهيدين‬

‫() هو من فقهاء الشيعة المامية الشهورين وأخ «الشريف الرضي» جامع نج البلغة‪( .‬الؤلف)‪ .‬قلت (الترجم)‪ :‬واسه‬ ‫‪1‬‬

‫علي بن السي بن موسى واشُْتهِرَ بالسيد الرتضى وعلم الدى ولد سنة ‪ 355‬وتوف ف ‪ 433‬هـ‪ .‬وقد تول رئاسة‬
‫الطائفة المامية ف عصره وترك عدة مؤلفات قيّمة أهها‪« :‬الشاف ف المامة» وكتاب «تنيه النبياء والئمة» و«الغُرَر‬
‫وال ّدرَر» وُيعْرَف بـ«أمال الرتضى»‪ ،‬و«النتصار»‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 181 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الكريي نظرا لسهما الطابق لسم اللفاء!! وأسأل هؤلء الغلة‪ :‬لو أنكم تبون فعلً وبصدق‬
‫شهداء كربلء وأصحاب السي سيد الشهداء (ع) وكتبتم كتبا ورسائل عديدة ف زيارتم‬
‫وفضائلهم فلماذا ل تذكرون شهادة هذين الخوين الكريي لضرة سيد الشهداء (ع)؟! إن هذا‬
‫العمل بدّ ذاته دلي ٌل على أن تلك الزيارات من وضع أشخاص مغرضي وليست من كلمات إمام‬
‫من الئمة عليهم السلم‪.‬‬
‫ول يفى أن هذه الزيارة اليدة للسيد الرتضى تردّ كثيا من مطالب الزيارات الخرى‬
‫وتُبْ ِطلُها فمن ذلك قول السيد الرتضى فيها‪« :‬وأنت مدّل على الرمضاء ل تستطيع خطابا ول‬
‫تر ّد جوابا»‪ .‬فهذه الملة تعارض الملة الت ذُكرت مرارا ف تلك الزيارات الوضوعة الت تقول‪:‬‬
‫«أشهد أنك تسمع كلمي وتردّ جواب»‪.‬‬
‫ومن ذلك أيضا أن السيد الرتضى ف سلمه على النبياء يُبيّن أن معجزاتم فعل ال وليست‬
‫من فعل النبياء وهذا يالف عقيدة أهل الرافات‪ .‬ومن ذلك كذلك أنه اعتب جيع الشهداء أئ ّمةً‬
‫ول يصر المامة ف اثن عشر إماما فقال بشأن جيع الشهداء‪« :‬السلم على الئمة السادات»‬
‫وهذا يوافق القرآن الكري الذي يعلّمنا أنه ينبغي على الؤمني‪ ،‬بوصفهم عباد الرحن‪ ،‬أن يدعوا ال‬
‫أن يعلهم جيعا أئمةً للمتقي فيقول تعال‪َ (( :‬و ِعبَادُ الرّ ْحمَ ِن الّذِي َن يَمْشُونَ عَلَى الَ ْرضِ َهوْنا َوإِذَا‬
‫خَا َطَبهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلما)) [الفرقان‪(( .....]63:‬وَالّذِينَ َيقُولُونَ َرّبنَا هَبْ َلنَا مِنْ أَ ْزوَا ِجنَا‬
‫وَذُ ّريّاِتنَا قُ ّرةَ َأعْيُ ٍن وَا ْجعَ ْلنَا لِلْ ُمّتقِيَ ِإمَاما)) [الفرقان‪.]74:‬‬
‫طبقا لذه الية كل مؤمن يكنه أن يطلب من ربه أن يعله إماما للمتقي وأن يسعى من‬
‫خلل كسب العلم وماهدة النفس واللتزام بأوامر الشرع ونواهيه كي يكون أهلً لرتبة إمامة‬
‫التقي والسوة للمؤمني‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 182 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الزيارة (‪ )39‬وما بعدها‬


‫ل يذكر الجلسيّ لذه الزيارة رقم ‪ 39‬أي سند أو مصدر ول يذكر حت اسم راويها ول‬
‫الكتاب الذي استقاها منه‪ ،‬وبالتال فل ريب أن قراءة مثل هذه الزيارة بدعة‪ ،‬هذا رغم أن سائر‬
‫الزيارات الخرى ليست بأفضل حال منها!‬
‫أما الزيارة رقم ‪ 40‬فيذكر الجلسي أنه نقلها من كتاب «الزار» لبن الشهدي ولكن‬
‫الخي أوردها ف كتابه دون سند فهي إذن رواية فاقدة للعتبار ل يُعوّل عليها‪.‬‬
‫ث يذكر الجلسيّ الزيارة رقم ‪ 41‬وينقلها مرسلةً عن صفوان ول ندري من هو الراوي أو‬
‫الرواة الذين رووها عن صفوان‪ ،‬فهي إذن زيارة باطلة ل اعتبار لا‪ .‬هذا إضافة إل أن متنها يدل‬
‫على وضعها إذ فيه ما يفيد أنه كان لقب المام السي (ع) صحن وقبة وضريح وهو ما ل يصل‬
‫إل بعد فترةٍ من عهد الئمة عليهم السلم‪.‬‬
‫ونأسف لؤلء العلماء الذين بدلً من عرضهم الدين القيقي للناس أوجدوا قبابا وأضرحة‪،‬‬
‫وبدلً من التوحيد وتوجيه الناس إل التوجّه الباشر إل ال الواحد يو ّجهُونم إل النبياء والصالي‬
‫تت عنوان التوسّل بم إل ال‪.‬‬
‫ث يقول الجلسيّ عن الزيارة رقم ‪ - 42« :42‬أقول وجدتُ ف نسخ ٍة قدي ٍة من مؤلّفات‬
‫أصحابنا زيار ًة أخرى له صلوات ال عليه»(‪.)1‬‬
‫فهي إذن زيارةٌ ل يُعلم مؤلّفُها وفاقدةٌ للسند‪ .‬وثانيا‪ :‬ف متنها أيضا نفس الشكال الذي ف‬
‫متون الزيارات الوضوعة الخرى الت وُضعت بعد بناء القباب والضرحة والشاهد على القبور‪.‬‬
‫وثالثا‪ :‬ف هذه الزيارة صلواتٌ ومدائ ُح وثناءٌ على كل إمام من الئمة الثن عشر ما يبي أنا‬
‫وُضعت بعد زمان الئمة عليهم السلم‪ .‬ث يقول واضعها ف آخرها‪« :‬ث ضع خدّك الين على‬
‫الضريح وقل‪ .)2(»...:‬ومن السلّم به أنه ل يكن ف زمن المام الذي نُسبت إليه الزيارة ضريحٌ‬
‫بل السلطي الظلمة هم الذين بنوا الضريح فيما بعد‪ ،‬وأوقفوا الوقوفات من قبيل البساتي‬

‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪/ 98‬ص ‪( .262‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪ /98‬ص ‪( .267‬الترجم)‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 183 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫والراضي والبيوت والزارع والوانيت لجل حفظ ذلك الضريح وصيانته‪ ،‬فكل ذلك ت ف‬
‫القرون التالية لزمن الئمة عليهم السلم وقد بينا أن وقف الراضي البور والراضي الفتوحة عنوة‬
‫عمل باطل‪ ،‬هذا بعزل عن أن أصل وقف الوقاف على مثل هذا الغرض أمر مرجوح وباطل‬
‫وكذلك النذورات الت تُنذر للقبور وأهلها مرجوحة وباطلة‪.‬‬
‫على كل حال فإن الزيارة رقم ‪ 42‬تتضمّن كثيا من المل الخالفة للقرآن!‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 184 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫باب ‪-22‬الزيارة ف التقية وتويز إنشاء الزيارة‬


‫روى الجلسيّ وآخرون عن المام الصادق (ع) أنه قال‪« :‬تقول عند قب السي (ع) ما‬
‫أحببت»!!(‪.)1‬‬
‫هنا يُنسب إل المام إجازته للزائر أن يقول كل ما أحب قوله! وبناء على هذا فجميع‬
‫الزيارات الت نسجها الغلة ووضعوا ألفاظها الخالفة للشرع تستمد مشروعيتها من هذه الملة‬
‫الت تسمح للزائر أن يقول ما حل له وما أحب قوله ولو كان كلمه يتضمن عقائد خرافية تضلّ‬
‫الناس وتعل الجيال اللحقة تظن أن زياراتم مسندة وموثّقة‪ ،‬وهذا منشأ الفساد‪.‬‬
‫ف نظرنا أن منشأ كل تلك العبارات الكفرية والوهام الشركية الت انتشرت ف متون‬
‫الزيارات الوضوعة هو هذه الملة‪« :‬تقول ما أحببت»‪ ،‬ولعلّ هذا ما جعل الاج الشيخ «عباس‬
‫القمي» وأمثاله يظنون أن لتلك الزيارات وجها شرعيّا لذا أوردها ف كتابه «مفاتيح النان» أو‬
‫الكتب الشابة الخرى‪.‬‬
‫إل هنا نكتفي با ذكرناه من زيارات مشهورة ومهمّة لدى العلماء ونعتقد أنه قد تبيّن‬
‫للقارئ النصف أن متونا باطلة وأنا ف الواقع افتراء على أئمة أهل البيت عليهم السلم‪.‬‬
‫وبالطبع فإن أسانيد تلك الزيارات أسانيد غاية ف الوهن والتهافت وقد حقّقْتُ ف جيع‬
‫أسانيدها فلم أجد أيّ سن ٍد منها خاليا من العيب بل جيعها بل استثناء يتضمّن راويي أو راويا‬
‫واحدا على القل ضعيفا وفاسدا أو مهملً ومهولً‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪ /98‬ص ‪ ،284‬نقلً عن «كامل الزيارات» لبن قولويه‪( .‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 185 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الزيارة الامعة‬
‫قبل إناء الكتاب من الناسب أن نُلقي نظرةً سريعةًَ على «الزيارة الامعة» الت تظى‬
‫بشهرة واعتبار بي العوام بله بي جاعة من العلماء‪ .‬نقل الجلسيّ هذه الزيارة من كتب الشيخ‬
‫الصدوق [الذي أسندها إل المام الادي عليه السلم]‪ .‬وقد قام الستاذ الجاهد «قلمداران»‬
‫رحه ال بتحقيق سندها ف كتابه حول «زيارة الزارات»‪ ،‬فل حاجة إل إعادة ما ذكره بشأن‬
‫سندها‪ ،‬لذا سنهتم بتمحيص ونقد بعض ما جاء ف متنها‪.‬‬
‫ت سندا وأعمّها موردا وأفصحها‬
‫ح الزيارا ِ‬
‫قال الجلسيّ بعد ذكره هذه الزيارة‪« :‬إنّها أص ّ‬
‫ن وأعلها شأناً!!»(‪.)1‬‬
‫لفظا وأبلغها مع ً‬
‫أولً‪ :‬كما ذكر ُ‬
‫ت سابقا ألّف السيد الرتضى زيارة أوردها الجلسيّ تت رقم ‪ ،38‬وهي‬
‫تتمتع بسلسة ف التعبي وجال ف العبارات َجعََلتْ الجلس ّي يعتب ألفاظها شافية رغم قوله بأنا‬
‫حسب الظاهر من تأليف السيد الرتضى والشيخ الفيد‪ .‬وزيارة السيد الرتضى ف الواقع أفصح‬
‫وأجل وأكثر تأثيا وما فيها من ثناء أوقع ف القلب من هذه الزيارة‪ ،‬وبالتال فمجرد فصاحة‬
‫وبلغة مت زيارة ل يكفي وحده دليلً على أنا من كلم إمام من الئمة عليهم السلم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬من الستحيل أن يدعو أي إمام من أئمة أهل البيت ‪-‬الذين كانوا جيعا ف قمّة‬
‫التواضع ونكران الذات والذين كانوا ينهون بشدة عن العجب بالنفس وعن الغراق ف الديح ‪-‬‬
‫أتباعه إل الجيء لزيارته وتلوة صفحات طويلة من عبارات الغل ّو والغراق ف الطراء والديح‬
‫[التجاوز لدود الشرع] كي يرضى عن الزائر ويشفع له!‬
‫ثالثا‪ :‬من العروف أن الكومة الصفويّة كانت تيل ‪ -‬تقيقا لقاصد سياسية‪ -‬إل بث روح‬
‫الغل ّو والبالغة ف صفات العظماء با ف ذلك عظماء الدين وأن يروج ذلك بي الناس‪ .‬والجلسيّ‬
‫إضافةً إل أنه نشأ وترعرع ف مثل ذلك الوّ‪ ،‬كان نفسه أح َد البّرين لكم أولئك الفراد‬
‫الفاسدين عديي الهلية مثل «الشاه سليمان» و«السلطان حسي» الصفَوّييْن‪ُ ،‬مضْ ِفيَا عليهم صفة‬

‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪/99‬ص ‪ ،145‬من الطبعة الديدة‪( .‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 186 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الشرعيّة‪ ،‬إ ْذ كان يبالغ ف مدحهم وتجيدهم(‪ ،)1‬وكان لذا العمل‪ ،‬بالطّبع‪ ،‬آثا ٌر سلبّيةٌ على‬
‫روحيّته جعل هذه الزيارة غي الناسبة والبعيدة عن روح الشرع تبدو ف نظره جيّد ًة ومقبولةً‪،‬‬
‫ولكننا سنثبت أن بعض جلها مالف للقرآن والعقل والتاريخ ومن الحال أن يكون المام الادي‬
‫عليه السلم قد أمر بقراءتا‪:‬‬
‫ألف) تاطب الزيارة الئمّة من آل ممّد صلى ال عليه وآله وسلم بعبارة‪« :‬موضع الرسالة‬
‫ومتلف اللئكة ومهبط الوحي»‪ ،‬هذا ف حي أن مثل هذه الوصاف تتصّ برسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله وسلم فقط‪ ،‬أما الخرون فمهما عل شأنم ليسوا موضعا للرسالة ومتلفا للملئكة‬
‫ومهبطا للوحي‪ .‬هذا رغم أن التعصّبي الغلة ييدون توجيه وتبير مثل هذه الملة بتأويلت‬
‫باردة تصرفها عن معناها الصريح الواضح إل احتمالت عجيبة بعيدة عن الذهن وإل معان‬
‫ملتوية!‬
‫ب للئمّة‪« :‬أقمتم حدوده»‪ ،‬هذا ف حي أننا نعلم جيدا أن هذا‬
‫ب) وجاء ف الزيارة خطا ٌ‬
‫يالف بكل وضوح مسلمات التاريخ‪ ،‬إذ إن الئمة الكرام عليهم السلم ‪ -‬باستثناء المام عليّ‬
‫والمام السن عليهما السلم‪ -‬ل يكونوا مع شديد السف مبسوطي اليد ول تُتح لم فرصة‬
‫وإمكانية إقامة الدود اللية‪.‬‬
‫ج) بعزل عن وصف هذه الزيارة ‪ -‬كما تفعل كثي من الزيارات أو الروايات والدعية‬
‫الوضوعة الخرى‪ -‬للئمّة بأنم «بقية ال» مّا بينّا عدم صحته ف تفسينا للية ‪ 33‬من سورة‬
‫الحزاب ف تفسينا «تابشى از قرآن» (أي إشعاع من القرآن)‪ ،‬فإن هذه الزيارة ‪ -‬شأنا شأن‬
‫عدد من الزيارات الوضوعة الخرى‪ -‬تاطب الئمّة بعبارة «إياب اللق إليكم وحسابم‬
‫عليكم»!! وهذا كلم مضا ّد لكثي من آيات القرآن الكري البيّنة الواضحة مثل‪:‬‬
‫() على سبيل الثال يقول الجل س ّي ف مقد مة كتا به العروف «زاد العاد» (بالفار سية) ما ترج ته‪....(( :‬ول ا كان إناء‬ ‫‪1‬‬

‫هذه الرسالة وابتداء واختتام هذه العجالة قد تّ ف عهد دولة العدالة وأوان سلطنة السعادة للحضرة العليا سيد سلطي‬
‫الزمان ورأس سادة العصر عصارة أوراق اللة والدين ونقاوة أحفاد سيد الرسلي بستان الورد الصطفوي ومنارة السرة‬
‫الرتضو ية‪( ....‬إل قوله)‪ :‬مؤ سس قوا عد اللة والد ين ومروّج شري عة آبائه الطاهر ين‪ ،‬حياض ساحة بل طه ملذ اللئق‬
‫ط رحالا ف الصرح المَرّد لعزّته وجلله‪ :‬قد م سّنا الضّرّ أيّها‬‫وطافحة بتقبيل شفاه سلطي زمانه‪ ،‬لسان حالا وهي ت ّ‬
‫العزيز‪ ،‬أعن السلطان العظم والاقان العدل الكرم ملجأ الكاسرة وملذ القياصرة ميي مراسم الشريعة الغرّاء ومشيّد‬
‫قواعد اللة البيضاء السلطان ابن السلطان والاقان ابن الاقان الشاه سلطان حسي الوسوي السين الصفوي بادر خان‬
‫ل زالت رايات دولته مرفوعة وهامات أعدائه مقموعة‪...‬ال))!! (الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 187 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ك عََلْيهِ ْم مِ ْن َشيْءٍ)) [النعام‪.]52:‬‬


‫ك مِنْ حِسَاِبهِ ْم مِ ْن َشيْ ٍء َومَا مِنْ حِسَابِ َ‬
‫((مَا عََليْ َ‬
‫غ َوعََلْينَا الْحِسَابُ)) [الرعد‪.]40:‬‬
‫ك اْلبَل ُ‬
‫((فَِإنّمَا عََليْ َ‬
‫س َشيْئا َوإِنْ كَانَ مِْثقَالَ َحّب ٍة مِنْ خَ ْردَلٍ‬
‫(( َوَنضَ ُع الْ َموَازِي َن اْلقِسْطَ ِلَيوْ ِم اْلقِيَا َمةِ فَل تُظْلَ ُم َن ْف ٌ‬
‫َأتَْينَا ِبهَا وَ َكفَى ِبنَا حَا ِسبِيَ)) [النبياء‪.]47:‬‬
‫شعُرُونَ)) [الشعراء‪.]113:‬‬
‫((ِإنْ حِسَاُبهُمْ إِلّا عَلَى َربّي َل ْو تَ ْ‬
‫((ِإنّ إِلَْينَا ِإيَاَبهُمْ * ثُمّ إِ ّن عََلْينَا حِسَاَبهُمْ)) [الغاشية‪.]26-25:‬‬
‫د) هل يعتقد العلماء الذين يروّجون لذا الدعاء أو هذه الزيارة ويوصون العامة بقراءتا‬
‫بفادها حقيقةً؟ فقد جاء ف هذه الزيارة‪« :‬ومن جحدكم كافر»! فالن نسأل‪ :‬إن جيع مسلمي‬
‫العال ‪ -‬باستثناء الشيعة الثن عشرية والشيعة الساعيلية (=الذين يؤمنون بسبعة أئمّة)‪ -‬رغم‬
‫احترامهم لئمة أهل البيت ‪ -‬عليهم السلم‪ -‬إل أنم ينكرون أن يكون أولئك الئمّة الكرام‬
‫منصوصا عليهم من عند ال ومنصّبي من قبل ال ورسوله‪ ،‬فهل أنم بذلك يكونون جاحدين‬
‫للئمّة وبالتال كافرين؟ فإن كانوا كذلك فكيف تَ ْدعُون ف أغلب الوقات إل الوحدة السلمية‬
‫والتفاق مع سائر السلمي؟ هل تريدون التوحّد مع الكفّار؟!‬
‫يقول المام الصادق (ع)‪« :‬عودوا مرضاهم‪ ،‬واشهدوا جنائزهم‪ ،‬واشهدوا لم وعليهم‪،‬‬
‫وصلوا معهم ف مساجدهم»(‪ ،)1‬ويقول المام الكاظم (ع)‪« :‬صلى حسنٌ وحس ٌ‬
‫ي خلف مروان‬
‫ونن نصلي معهم‪ ،)2(».‬فهل يكن القتداء بالكفّار؟‬
‫سبُ هذه «الزيارة الامعة» إليه ‪ -‬هو ابن‬
‫والمامِ [علي بن ممّد] الادي (ع) ‪ -‬الذي تُنْ َ‬
‫المام «ممد بن علي التقي» العروف بالمام الواد (ع) [المام التاسع من الئمة الثن عشر]‬
‫الذي َقبِ َل مصاهرة الليفة العباسي «الأمون» [وتزوّج من ابنة الليفة «أم الفضل»]‪ ،‬فكيف يكن‬
‫لبنه المام الادي (ع) أن يعتب من جحد الئمّة كافرا؟ هل تُراه كان يعتقد أن أباه صاهر‬
‫كافرا؟!‬
‫هـ) وجاء ف الزيارة‪« :‬فبلغ ال بكم أشرف مل الكرمي‪ ،‬وأعلى منازل القربي‪ ،‬وأرفع‬
‫() وسائل الشيعة‪ ،‬ج ‪ /5‬ص ‪ ،382‬حديث رقم ‪.8‬‬ ‫‪1‬‬

‫() وسائل الشيعة‪ ،‬ج ‪ /5‬ص ‪ ،383‬حديث رقم ‪.9‬‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 188 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫درجات الرسلي‪ ،‬حيث ل يلحقه لحق‪ ،‬ول يفوقه فايق‪ ،‬ول يسبقه سابق‪ ،‬ول يطمع ف‬
‫ب مرسل‪ ،‬ول صدّيقٌ ول شهيد ول عال‬
‫إدراكه طامع‪ ،‬حت ل يبقى ملك مقرب‪ ،‬ول ن ّ‬
‫ل ول فاجرٌ طالٌ‪ ،‬ول جبّارٌ عنيدٌ‪ ،‬ول شيطانٌ‬
‫ول جاهل‪ ،‬ول دنّ ول فاضلٌ‪ ،‬ول مؤمنٌ صا ٌ‬
‫مَريدٌ‪ ،‬ول خلق فيما بي ذلك شهيد إل عرّفهم جللة أمركم‪ ،‬وعظم خطركم‪ ،‬وكب شأنكم‪،‬‬
‫وتام نوركم‪ ،‬وصدق مقاعدكم‪ ،‬وثبات مقامكم‪ ،‬وشرف ملكم‪ ،‬ومنلتكم عنده‪ ،‬وكرامتكم‬
‫عليه‪ ،‬وخاصّتكم لديه‪ ،‬وقرب منلتكم منه‪.)1(».‬‬
‫هذه المل ل مستند شرع ّي لا ول دليل على صحّتها‪ ،‬بل الدليلُ على خلفها لن ك ّل إمامٍ‬
‫ل ب ّد عليه أن يؤمن بالرسلي ويكون تابعا للنبياء‪ .‬وأمي الؤمني عليّ (ع) ذاتُهُ كان يقول‪:‬‬
‫ل ْكمِ ِب ِه فَاتَّبعُْتهُ ومَا اسَْتنّ النِّبيّ (صلى ال عليه‬
‫ب ال ومَا وَضَ َع لَنَا وأَ َم َرنَا بِا ُ‬
‫«نَ َظ ْرتُ ِإلَى ِكتَا ِ‬
‫وآله) فَاقْتَ َديُْتهُ»(‪.)2‬‬
‫و بعد أن ضربه ابن ملجم قال ف وصيته لبنه السن (ع)‪َ« :‬أمّا وَصِيّتِي فال ل ُتشْرِكُوا ِبهِ‬
‫شَيْئا ومُحَمّدا صلى ال عليه وآله فَل تُضَّيعُوا سُنَّتهُ َأقِيمُوا َه َذْينِ اْلعَمُو َدْينِ وَأوْ ِقدُوا َهذَْينِ‬
‫الْمِصْبَاحَ ْينِ وخَل ُك ْم ذَمّ»(‪.)3‬‬
‫وبالتال فل يكن أن يكون التابع أعلى مقاما من التبوع‪ .‬ول أدري لاذا يلزم علماؤنا‬
‫الصمت أمام هذه الزيارات الغالية‪ ،‬ف حي أنم يمعون جيعا على أن النب الكرم صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم أعلى رتبة من الئمة عليهم السلم‪.‬‬
‫ونسأل كذلك‪ :‬كيف يكن أن تكون منلة المام أعلى وأرفع من جيع اللئكة القرّبي‪ ،‬مع‬
‫أن أحد اللئكة القرّبي هو جبيل عليه السلم‪ ،‬الذي وصفه ربه بصفات مثل‪(( :‬ذِي ُق ّوةٍ ِعنْدَ‬
‫ع ثَمّ َأمِيٍ)) [التكوير‪ ،]21-20:‬وجعله معلّما لات النبيّي صلى ال عليه‬ ‫ش َمكِيٍ * مُطَا ٍ‬ ‫ذِي اْلعَ ْر ِ‬
‫وآله وسلم فقال‪(( :‬عَلّمَ ُه شَدِي ُد اْل ُقوَى)) [النجم‪ .]5:‬فبناء على هذه اليات كان جبيل عليه‬
‫السلم معلّما للنبّ صلى ال عليه وآله وسلم‪ ،‬والنبّ كان معلّما لعليّ بإقرار أمي الؤمني عليّ عليه‬
‫السلم نفسه‪ ،‬فكيف يكون مقام تلميذ النبّ الكرم أعلى مقاما من معلّم معلّمه؟! ث من أي آية‬
‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪ /99‬ص ‪( .130‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.205‬‬ ‫‪2‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة ‪.149‬‬ ‫‪3‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 189 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫أو دليل شرعي استنبط واضع هذه الزيارة أن أحد أتباع النب الكرم أرفع وأعلى مقاما من جيع‬
‫اللئكة والنبياء؟! أليس هذا ادعاء بل دليل وافتراء على ال ودينه؟ أل يقل ال تعال‪(( :‬ل َتفْتَرُوا‬
‫ب مَنِ افْتَرَى)) [طه‪ ،]61:‬وقال‪(( :‬تَال َلتُسْأَلُ ّن عَمّا ُكْنتُمْ‬
‫ب وَقَدْ خَا َ‬
‫حتَكُ ْم ِبعَذَا ٍ‬
‫سِ‬‫عَلَى ال كَذِبا َفيُ ْ‬
‫َتفْتَرُونَ)) [النحل‪]56:‬؟ فلماذا إذن تسمحون بقراء ة مثل هذا الفتراء عند مزار أئمة الدين الكبار؟‬
‫أل تستحيون من ال الاضر الناظر الرقيب عليكم؟!‬
‫لقد لم ال تعال ف مواضع عديدة من القرآن من ينسبون إل ال شيئا دون دليل وناهم‬
‫ش مَا ظَهَرَ مِْنهَا َومَا بَطَ َن وَالِثْمَ‬
‫عن هذا العمل وحرّمه فقال مثلً‪(( :‬قُلْ إِنّمَا حَ ّرمَ َرّب َي الْ َفوَا ِح َ‬
‫وَالَْب ْغيَ ِب َغيْ ِر الْحَ ّق َوَأنْ تُشْرِكُوا بِال مَا لَ ْم ُينَزّلْ بِهِ سُ ْلطَانا َوأَ ْن َتقُولُوا عَلَى ال مَا ل َتعْلَمُونَ))‬
‫[العراف‪.]33:‬‬
‫إننا نعتقد أن المام الادي (ع) ل يوصِ بقراءة هذه الزيارة بل اختلقها أحد الرواة الغلة‬
‫الذين وسوس لم الشيطان‪ ،‬وهو ما ينطبق عليه قوله تعال‪(( :‬وَل َتّتِبعُوا خُ ُطوَاتِ الشّيْطَانِ ِإنّهُ َلكُمْ‬
‫ن َتقُولُوا عَلَى ال مَا ل َتعْلَمُونَ)) [البقرة‪-168:‬‬ ‫عَ ُد ّو مُبِيٌ * ِإنّمَا يَ ْأمُرُكُ ْم بِالسّو ِء وَاْلفَحْشَا ِء َوأَ ْ‬
‫‪.]169‬‬
‫ث يقول واضع الزيارة واصفا مقام الئمّة‪« :‬حيث ل يلحقه لحق ول يسبقه سابق ول‬
‫يطمع ف إدراكه طامع»! فلنا أن نسأل‪ :‬هل كان مقام الئمة الرفيع نتيجةَ إيانم وعملهم الصال‬
‫ل إليا وجبا من عنده؟ إذا كان فضلً وجبا من ال فلن‬ ‫وجهادهم وكدحهم إل ال أم كان فض ً‬
‫يكون عندئذ للئمة أي فضل‪ ،‬لنم ‪ -‬حسب هذا الفرض‪ -‬ل يصلوا إل هذا القام بفضل إيانم‬
‫وعملهم بل لن ال جعلهم كذلك‪ ،‬شأنم ف ذلك شأن سائر الخلوقات من النار والبال‬
‫والنباتات الت جعلها ال مطيعةً لمره ل تلك إل النصياع لراد ال وطاعته‪ ،‬أما إذا كان وصولم‬
‫إل تلك القامات العالية والقرب اللي منوطٌ ‪ -‬كما يقول الئمة عليهم السلم أنفسهم ‪-‬‬
‫بعملهم وسعيهم فعندئ ٍذ يب أن نقول‪ :‬إنّ كلّ من سعى وأطاع ال ورسوله بإخلص سيصل إل‬
‫ك مَ َع الّذِينَ َأْنعَمَ ال‬
‫مقام القرب اللي وينعم به‪ ،‬كما قال تعال‪َ (( :‬ومَ ْن يُطِعِ ال وَال ّرسُولَ َفُأوْلَئِ َ‬
‫سنَ ُأوْلَئِكَ رَفِيقا)) [النساء‪.]69:‬‬ ‫ي وَحَ ُ‬ ‫شهَدَاءِ وَالصّالِحِ َ‬
‫ي وَال ّ‬
‫ي وَالصّدّيقِ َ‬
‫عََلْيهِ ْم مِ َن الّنِبيّ َ‬
‫وعندما قال رجل للمام الرضا عليه السلم‪« :‬وال ما على وجه الرض أشرف منك أبا‪،‬‬
‫فقال‪ :‬التقوى شرّفهم وطاعة ال أحظتهم‪ .‬فقال له آخر‪ :‬أنت وال خي الناس‪ ،‬فقال له‪ :‬ل‬
‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 190 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ي منّي مَ ْن كان اتقى ل تعال وأطوع له‪ ،‬وال ما ُنسِخَت هذه الية‪:‬‬
‫تلف يا هذا! خ ٌ‬
‫[الجرات‪:‬‬ ‫((وَ َجعَ ْلنَاكُ ْم ُشعُوبا وََقبَائِلَ ِلَتعَارَفُوا ِإنّ أَكْ َر َمكُ ْم ِعنْدَ ال َأْتقَاكُمْ ِإ ّن ال عَلِيمٌ َخبِيٌ))‬
‫‪.)1(»]13‬‬
‫ث جاء ف الزيارة‪« :‬حت ل يبقى ملك مقرب‪ ،‬ول نب مرسل‪ ،‬ول صديق ول شهيد ول‬
‫عال‪ ،‬ول جاهل‪ ،‬ول دن ول فاضل‪ ،‬ول مؤمن صال ول فاجر طال‪ ،‬ول جبار عنيد‪،‬‬
‫ول شيطان مريد‪ ،‬ول خلق فيما بي ذلك شهيد إل عرفهم جللة أمركم‪ ،‬وعظم خطركم‪،‬‬
‫وكب شأنكم‪ ،‬وتام نوركم‪ ،‬وصدق مقاعدكم‪ ،‬وثبات مقامكم‪ ،‬وشرف ملكم‪ ،‬ومنلتكم‬
‫عنده‪ ،‬وكرامتكم عليه‪ ،‬وخاصتكم لديه‪ ،‬وقرب منلتكم منه‪».‬‬
‫فنقول‪ :‬هل السلطي البابرة العنيدين مثل «جنكيز خان» و«تيمور لنك» و«ليني»‬
‫و«استالي» و«هتلر» و«جانسون» و‪ .....‬عرفوا شأن الئمة وتام نورهم وثبات مقاماتم‪ ،‬كما‬
‫عرف كل شيطان مريد مقامات الئمة ومنلتهم؟! إن ل يكن كذلك فما هذه الدعاوي أو‬
‫الكاذيب الفاقعة؟ ولاذا نقبل كل ما رواه الجلسيّ أو ابن طاووس أو‪.....‬؟ فإن ل تكونوا‬
‫تقبلون بذه القاويل فلماذا ل تُ ْطلِعون عامة الناس على ذلك؟!‬
‫إن النتقادات الوجّهة إل عبارات هذه الزيارة أكثر ما ذكرناه بكثي ولكن حال هذه اليام‬
‫وما أشعر به من فقدان المن والتشرّد عن النل إضافةً إل ضعف الشيخوخة وآثار السجن والنفي‬
‫والبعاد ل تسمح ل بتفصيل أكثر ما ذكرت‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫() الشيخ الصدوق‪ ،‬عيون أخبار الرضا‪ -58 ،‬باب قول الرضا لخيه زيد بن موسى‪ ،..‬الديث رقم ‪.10‬‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 191 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫كلمة لعامة الناس‬


‫أجل‪ ،‬إن ُج ّل العلماء ل يقومون بواجبهم تاه عامة الناس ول يرتقوا إل مستوى السؤوليّة‬
‫الت ألقاها ال على عاتقهم ف هذا الصدد‪ ،‬ومن الهة الخرى فإ ّن العوام الهلة يقبلون كلّ ما‬
‫يسمعونه من الشيوخ العمّمي والتلبّسي بلباس أهل العلم دون أن يتأمّلوا فيه‪ ،‬مع أن القرآن‬
‫الكري أمر الناس بالتفكّر والتأمّل ودعاهم إل تدبّر كتاب ال‪ ،‬ومن الواجب على العلماء ومن‬
‫مسؤوليتهم أن يعوّدُوا الناسَ على التفكي وطلب الدليل‪ ،‬لكن كثيا منهم ل يقومون بذه‬
‫السؤولية خوفا على جاههم ومقامهم لدى العوام ويلزمون الصمت ول يالفون خرافات العوام‬
‫وانرافاتم إل قليلً‪.‬‬
‫وقد جرى المر على هذا النوال منذ قدي اليام‪ ،‬فمثلً جاء ف تاريخ ابن الفوطي أنه ف‬
‫لنّاق (دفتييا)‪ ،‬ول يكن‬‫سنة ‪ 664‬هـ أُصيب معظم الناس‪ ،‬لسيما الطفال‪ ،‬بأمراض اللق وا ُ‬
‫الطباء قادرون على فعل شيء لواجهة هذا الوباء‪ ،‬وف أحد اليام جاءت امرأةٌ وادّعت أنا رأت‬
‫ف منامها امرأ ًة جنّيةً تُدعى «أم عنقود» أشارت إل بئر وقالت‪ :‬لقد مات ابن ف هذا البئر ولكن‬
‫لنّاق‪ .‬واشتهرت هذه السطورة ف بغداد وذهب‬ ‫ل التعازي‪ ،‬لذا جئتكم برض ا ُ‬
‫الناس ل يقدّموا إ ّ‬
‫الناس أفواجا أفواجا ونصبوا خيامهم حول البئر وأخذوا يبكون وينوحون ويلطمون صدورهم‬
‫ويعتذرون من الّنيّة الذكورة ويطلبون منها العفو والشفاء وينشدون الشعار من قبيل‪:‬‬
‫مات عنقود وما درينا‬ ‫يا أم عنقود اعذرينا‬

‫ل ترديننا فتخنقينا!‬ ‫لا درينا كلّنا قد جئنا‬

‫وف إيران أيضا كتبوا ف ترجة سية «فرهاد ميزا» الذي كان أحد أولد اللك القاجاري‬
‫«فتحعلي شاه قاجار» وكان صاحب مؤلفات مثل «زنبيل» و«قمقام»‪ :‬إنه لا عُهد إليه بولية‬
‫خراسان سع يوما صوت قرع الطبول ف حرم المام الرضا (ع) فسأل عن الب فقيل له إنا‬
‫صنَ َع المامُ معجزةً وشَفَى أعمى‪ .‬فأمر بإحضار العمى وسأله‪ :‬هل كنت أعمى من‬ ‫بشرى‪ ،‬لقد َ‬
‫ت أعمى منذ ولدت‪ ،‬وتوسّلتُ عدّة‬ ‫الولدة أم أُصبت بالعمى فيما بعد؟ فأجاب الرجل‪ :‬لقد خُلق ُ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 192 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫ت مبصرا! فسأله‬ ‫ليال بالمام حت رأيته ف منامي قد جاءن ومسح بيديه على عينّ‪ ،‬والن أصبح ُ‬
‫الوال «فرهاد ميزا»‪ :‬هل ترى الن بشكل كامل؟ فأجاب‪ :‬نعم‪ .‬فتناول المي ورق ًة بيضاء‬
‫وسأله‪ :‬ما لونا؟ فأجاب الرجل‪ :‬أبيض‪ ،‬فأخذ المي رمانة وسأله ما لونا؟ فأجاب‪ :‬أحر‪ ،‬فأخذ‬
‫ورقة شجرة وسأله ما لونا؟ فقال‪ :‬أخضر‪ ،‬فقال له «فرهاد ميزا»‪ :‬أنت أبصرتَ ليلة البارحة‬
‫فقط وتقول أنك كنت أعمى منذ ولدتك فكيف عرفت هذه اللوان؟ إنك رجل كاذب! ث أمر‬
‫بضربه بالسوط حت يقول القيقة‪ ،‬وبعد أن ضُرب بالسياط اضطر للقرار فقال‪ :‬كنتُ رجلً‬
‫فقيا فأتيتُ إل خراسان وطلبتُ الساعدة من ُخدّام الرم‪ ،‬فاقترح عليّ أحدهم أن أتظاهر بالعمى‬
‫ث نأت نن فنربطك بالضريح وبعد ثلث ليال تصيح وتقول لقد شفان المام‪ ،‬عندئذ ندث جلبةً‬
‫وشوشر ًةٍ ونصيح قائلي‪ :‬حدثت معجزة! حدثت معجزة! عندئذ كلّما يلقيه الزوار إليك من الال‬
‫تعطينا نصفه! فقبلتُ بذا العرض‪ .‬فأحضر «فرهاد ميزا» خادم الرم وقال له‪ :‬هل المام يشفي‬
‫وال يعمي‪ ،‬هل إمامكم أرحم بالعباد من ال؟! ث أمر بعزل الادم الذكور وطرده من عمله‪.‬‬
‫أما أنا فقد حدثت ل قصة أيضا خلل سفري إل مدينة «بوشهر» حيث رأيت الدينةَ قد‬
‫خلت من أهلها ف يوم الربعي لشهادة السي (ع) وكان الناس يذهبون فوجا فوجا رجالً‬
‫وركبانا للزيارة فسألتُ إل أين يذهب الناس؟ فقالوا‪ :‬يذهبون إل أحد أولد الئمة واسه‬
‫«سوزعلي»‪ .‬فقلتُ ل يوجد بي أولد الئمة أحد اسه «سوزعلي»!‪ .‬فقالوا‪ :‬إن لذا السيد‬
‫كشف وكرامات كثية‪ ،‬إنه يصنع العجزات ويشفي الرضى ويوجد ف ضريه كثي من النذور‬
‫والثاث‪ ،‬ويأت الناس إل زيارته من مئة فرسخ‪ .‬فتعجبتُ كثيا وذهبتُ ف ذلك اليوم إل زيارة‬
‫عال الدينة ويدعى «السيد أبو القاسم البهبهان» وقُدّر أنه كان مريضا فذهبتُ إل عيادته وسألته‬
‫عن المامزاده (أحد أولد الئمة) «سوزعلي»؟؟ فقال‪ :‬ل تسألن فإن هذا يلب ل ولك‬
‫الصداع‪ .‬فقلتُ ل تف إنن غي باق هنا كثيا وليس ل صلة بأي أحد ف هذه الدينة فلن أخب‬
‫أحدا عما ستقوله ل‪ ،‬فقال‪ :‬لقد أراد الأمورون النليز أن يعبّدوا جادةً من مدينة شياز إل مدينة‬
‫بوشهر وواجهوا ف وسط الادة بنا ًء متهدّما يتمل الناس أن شخصا قد دُفن فيه‪ .‬كان هناك‬
‫شخص متسوّ ٌل باسم «سوزعلي» ينام فيه بالليل‪ ،‬فصنع مأمورو النليز شاهدة قب وخبّؤوها على‬
‫بعد مئت قدم من ذلك البناء التهدّم وقالوا لـ«سوزعلي»‪ :‬ادّع أنك رأيت رؤيا وقيل لك فيها إنه‬
‫ل يوجد أح ٌد مدفو ٌن ف هذه الرابة بل القب القيقي يقع على بعد مئت قدم منها فاحفروا هناك‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 193 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫كي يظهر لكم القب‪.‬‬


‫انتشر خب هذه الرؤيا بي العوام فحملوا على أكتافهم الفؤوس وذهبوا وهم يصلون‬
‫ويسلمون على النب وآله وحفروا ف الكان الشار إليه ووجدوا شاهدة القب ول يعرفوا اسم‬
‫الشخص الذي عليهم أن يطلقوه على صاحب القب فاضطروا أن يسمّوه باسم ذلك التسوّل‬
‫«سوزعلي» الذي كان ينام ف الرابة فتحوّل ذلك القب الزوّر إل إمام زاده (أي أحد أحفاد‬
‫المام) «سوزعلي»! وقد صُرفت عليه حت الن مئات آلف التومانات وأصبح موضعا للشموع‬
‫والصابيح والنذورات وأمثالا!‬
‫لقد وصل أمر الرافات وجهل العوام وعدم تفكيهم إل حد أن أحد الشخاص الكّارين‬
‫أتى بصخرة من أحد الحياء ف مشهد ونشر خبا بأن كل من يستطيع أن يرفع هذه الصخرة فهو‬
‫ابن حلل فكان الناس يأتون فوجا فوجا لرؤية الصخرة وماولة رفعها!‬
‫أجل‪ ،‬هذه هي نتيجة عدم قيام العلماء بواجبهم وانتشار الهل والنطاط والغفلة بي‬
‫السلمي‪ ،‬هذا مع أننا نلك آلف الشايخ والدعاة ف «مشهد» الذين يتقاضون الرواتب باسم‬
‫السلم والسلمي ولكنهم ل يقومون بتوعية الناس بقائق السلم!‬
‫أذكر أنن ف زمن إقامت ف «مشهد» عندما خرجت من الرم أوقفن رجل ف وسط‬
‫ل قائلً‪ :‬يا إمام رضا! إن ل تلبّ حاجت لن‬
‫الرواق وأمام الناس وأمسك بلباسي وأخذ يتضرع إ ّ‬
‫أتركك‪ ،‬وكان يطلب حاجته بكلّ إصرار من هذا العبد الفقي‪ ،‬فقلتُ له ما حاجتك؟ فقال‪ :‬يا‬
‫إمام أنت تعرف حاجت أفضل من أي أحد! وكلما سألته عن حاجته كان ييب الجابةَ ذاتا‪،‬‬
‫ومهما حاولتُ أن أتلّص منه ل استطع‪ ،‬فاضطررت أن أنادي خدّام الرم لكي يشغلوه عنّي حت‬
‫تكنت من الروب من قبضته بصعوبة‪.‬‬
‫وقد حدثت ل حادثةٌ غريبة أيضا قرب بلدة «آباده» خلل أحد أسفاري إل مدينة‬
‫«شياز»‪ ،‬وقد ذكرتُ الادثة ف كتاب حول ترجة سيت الذاتية‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬هذه هي حال العوام الناجة عن انتشار الرافات‪ .‬إن علّة هذا الوضع الؤسف جهل‬
‫الناس بقائق الدين وبكتاب ال تعال وعدم معرفتهم بعقائد السلم والقرآن‪ ،‬وعدم اطلعهم‬
‫الصحيح على سية وأقوال أئمّة الدين لذا فهم يتقبّلون كل خرافة أو أفكار كفرية وشركية تنسب‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 194 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫إل الئمة عليهم السلم وتنشر باسهم‪ ....‬ويأت أشخاص باسم الدّاحي وقرّاء الراثي ف مآت‬
‫السي فيقدّمون للناس كل ما يشاؤون باسم الدين والمام‪.‬‬
‫لقد لحظتُ ف حيات كثيا من هذه الوقائع الت أشرت إل ناذج منها أعله‪ ،‬ومن ذلك‬
‫أنه خلل إقامت ف خراسان رأيتُ جلً قد تركه الناس يسي ف الطرقات فكان يشي حيث يشاء‬
‫حت دخل صح َن المام الرضا (ع) (أو ف الواقع الصحن الذي بناه الشاه عباس شارب المر وإل‬
‫فإن حضرة الرضا عليه السلم ل يكن لقبه صحن) فاجتمع جاعة من العوام حول المل وأثاروا‬
‫ضجة وجلبة قائلي إن المل جاء لزيارة المام (ع) وقد انتشر الب إل حدّ قيام إحدى الصحف‬
‫اليومية ف ذلك الزمن بنشره‪ .‬حت أن شخصا يُدعى «آية ال نازي» قال ل‪ :‬ما قولك ف معجزة‬
‫زيارة المل لقب المام؟ فقلتُ له‪ :‬لاذا ل يقم بالزيارة إل هذا المل وحده ول تأتِ بقية المال‬
‫لزيارة المام؟ فقال‪ :‬إن هذا المل شيعيّ يعتقد بالولية أما بقية المال فليست كذلك!‬
‫أجل‪ ،‬لقد آذوا ذلك المل كثيا وكانوا ينتفون َوبَ َرهُ للتبّك به وبعضهم يبيع الوبر‬
‫للخرين!‬
‫وف زمن آخر ف مدينة مشهد رأيتُ صخورا كبية أمام اليوان (الردهة أو الليوان) الذهب‬
‫لرم المام الرضا (ع) فقلتُ لاذا ل يرفعون هذه الصخور من هنا؟ فقالوا‪ :‬لقد جاءت هذه‬
‫الصخور لزيارة المام!! قلتُ‪ :‬كيف يأت الصخر للزيارة‪ ،‬قالوا‪ :‬إيانا كامل أمّا أنت الذي ل‬
‫تصدّق بذلك فإيانك ناقص!!‪ .‬يومئذٍ فهمت ما معن اليان الكامل لدى بعضهم!‬
‫على كل حال وصل المر إل ح ّد أنه كلمّا وُجد عددٌ من العظام ف أرضٍ يأت جاعة‬
‫ويشيعون رؤيا بأن هذه العظام تعود إل مرقد أحد أحفاد الئمة وانه قادر على الشفاء وتلبية‬
‫حاجات الناس وكشف كرباتم‪ ،‬وسرعان ما يتجمّع الناس حول ذلك الكان ويبنون عليه بناء‬
‫ويوقفون على هذا القب اليال الوهوم الال والسجاد والثاث ويعيش جاعة من الطفيليي على‬
‫عائدات الوقوفات والنذورات ويزدهر بيع القبور ف أطراف حرم هذا «المام زاده» مهول‬
‫الوية! من ذلك أنم بنوا ف مدينة جيلن ضريا قرب نر «سفيد رود» لشخص يدعى «سيد‬
‫جلل الدين أشرف» مع أنه ل يوجد أحد من أولد الئمة يمل هذا السم ولكن تعال وانظر إل‬
‫مقدار الموال الت تُرمى ف ضريه!! وصدق الشاعر الصري أحد شوقي حي قال‪:‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 195 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫وبألف ألف ترزق الموات!‬ ‫أحياؤنا يسترزقون بدرهم‬


‫ويقولون إنه أنشد هذا البيت ف زمن الدب الذي كان الناس يبحثون فيه عن درهم‬
‫ولكنهم ف الوقت ذاته كان الكثيون يرمون آلف الدراهم على أضرحة الولياء!‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 196 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫نتائج شيوع الرافات‬


‫لقد أدّى شيوع مثل هذه الرافات والروايات والحاديث الوضوعة إل مشاكل يعان منها‬
‫عال السلم ويب على السلمي الواعي والعالي أن يبذلوا كل جهدهم لواجهتها‪ ،‬من ذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬كثرة كتب الحاديث والروايات غي الوثوقة الت تلط الق بالباطل وتيّر طلب‬
‫العلم‪.‬‬
‫‪ -2‬التعصّب الطائفي لدى التديني وفقدانم للعقل والنصاف وتأييدهم غي البّر لكثي من‬
‫المور الت ليس لا أي سند‪.‬‬
‫‪ -3‬إياد الغرور والفتخار لدى الهال بثل هذه المور وتولا إل وسائل معاش لماعات‬
‫من الستأكلي والعتاشي بالدين‪.‬‬
‫‪ -4‬إتلف الوقت والال ف نشر الكتب الرافية ووقف الوقاف على القابر والسراف ف‬
‫هذا المر‪.‬‬
‫‪ -5‬نشر الشرك والرافات بي عامّة الناس باسم الذهب والستغلل السيّئ لسم الئمة‬
‫وأولياء الدين‪.‬‬
‫‪ -6‬ترك القتداء بأفعال علماء السلم العلم وقلّة السعي والهاد ف سبيل الدين‬
‫والنصراف إل أعمال ل طائل تتها مثل الزيارات والنذورات الرجوحة والباطلة والبكاء والنواح‬
‫وتشكيل مواكب العزاء وضرب الرؤوس بالسيوف و‪...‬‬
‫‪ -7‬إشاعة البدع ونشر الشعائر الخترعة الت ما أنزل ال با من سلطان باسم الذهب‬
‫والسلم وإهال أحكام الدّين القيقيّة‪.‬‬
‫وللسف كلما خطا أحدٌ خطوةً نو تنوير أفكار السلمي أو كتب ف هذا المر كتابا قام‬
‫ُحرّاس الرافات باتّهامه وتكفيه وتفسيقه بجّة الدفاع عن أئمّة أهل البيت وأولياء الدين ول‬
‫يعطوا العوامّ فرصة ساع كلمه الصلحي‪.‬‬
‫لقد كان هدف كاتب هذه السطور من تأليفه هذا الكتاب أن أكشف أمر جاعةٍ من الغلة‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 197 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫النحرفي الذين قاموا طيلة قرون عديدة باسم السلم وبجّة إبراز مبّتهم وولئهم لهل بيت‬
‫النبّ عليهم السلم بنسبة ما شاؤوا من الكاذيب والباطيل إل السلم ونشر ما شاؤوا من‬
‫العبارات الشركية الخالفة للقرآن والعقل والوجبة لدم السلم وانطاط السلمي وتفرّقهم‪ ،‬ف‬
‫كتب الزيارات والدعية باسم الديث والرواية‪ ،‬وجعلوا السلم مموعة من الرافات والوهام‬
‫والغلوّ بقّ عظماء السلم وأبعدوا الناس باسم كرامات ومعجزات ومناقب عظماء الدين عن‬
‫أصل الدين وعن القرآن الكري‪ ،‬وأبقوهم جهلء بعارف السلم والقرآن وجعلوهم يصرفون كل‬
‫ب والئمة عليهم السلم وتجيدهم‪ ،‬وخدعوهم بضرورة‬ ‫اهتمامهم وانشغالم على تعظيم الن ّ‬
‫الذهاب نو القبور والزارات الت وضعوا لا ثوابا وأجرا ل حدّ له ول حساب ليقرؤوا زيارات‬
‫مليئة بالعبارات الغالية الت ل يقرّها عقل ول دين‪ ،‬وهكذا شغلوا الناس بأعمال ل طائل تتها‬
‫وسرقوا منهم دينهم ودنياهم وأموالم وبثوا ف عقولم الرافات باسم الدين‪ ،‬ول ينهض العلماء‬
‫العلم إل مالفة ذلك المر بل ساعدوا على انتشاره بشكل غي مباشر من خلل سكوتم‬
‫وصمتهم! ولقد قمنا ف هذه الرسالة الختصرة بتمحيص عددٍ من متون الزيارات ليقاظ السلمي‬
‫عسى أن ننقذ الناس من كيد الغلة ومكرهم‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 198 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫كلمة إل قارئ الكتاب‬


‫أيها القارئ الحترم! اعلم أن العبادات ‪ -‬بإجاع كافّة علماء السلم‪ -‬توقيفية‪ ،‬أي ل يوز‬
‫أداء أي عبادة إل ما أذن ال به وشرعه لنا وعلّمنا إياه رسوله الكري صلى ال عليه وآله وسلم‪.‬‬
‫لذا قد تد ف بعض مطالب الكتاب أمورا غي مألوفة بالنسبة إليك [قد يصدمك بعضها]‪،‬‬
‫فرجائي منك أن تتأمّل فيها بكل ج ّديّة وأن تُ َفكّر ف ك ّل عمل تقوم به بقصد القربة إل ال وتنتبه‬
‫ك بِ ِه عِلْمٌ ِإنّ السّمْ َع وَالَْبصَ َر وَاْل ُفؤَادَ‬
‫ف مَا َلْيسَ لَ َ‬
‫إل دليله الشرعي‪ ،‬وبكم قوله تعال‪(( :‬وَل َتقْ ُ‬
‫سئُولً)) [السراء‪ ،]36:‬عليك أن تتنب كلّ عمل ليس له مستن ٌد قو ٌي ول‬ ‫كُلّ ُأوَْلئِكَ كَا َن عَنْ ُه مَ ْ‬
‫دليلٌ صحيحٌ على مشروعيّته‪ ،‬ومن جلة ذلك شدّ الرحال لزيارات الراقد والتوسّل بغي ال والنذر‬
‫إل غيه تعال و‪......‬‬
‫آمل أن يدفعك هذا الكتاب إل إعادة النظر ‪-‬على أقلّ تقدير‪ -‬ف المور الت اعتدتَ على‬
‫ت جوازها بل استحبابا‪.‬‬‫فعلها دون دليل شرعي متقن واعتقد َ‬
‫وما توفيقنا إل بال‪ ،‬آملً من ال تعال أن يعل هذه الرسالة ف ميزان حسنات هذا العبد‬
‫الفقي وآخر دعوانا أن المد ل رب العالي‪.‬‬

‫خادم الشريعة الطهرة‬


‫السيد أبو الفضل بن الرضا البقعي‬
‫‪ 2/9/1368‬هـ ش‬
‫الوافق لـ ‪1989 /23/11‬م‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 199 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫مصادر الكتاب للمؤلف والحقق‬


‫‪.1‬القرآن الكري‪.‬‬
‫‪.2‬المام أمي الؤمني علي بن أب طالب عليه السلم‪« ،‬الصحيفة العلوية»‪ ،‬و«نج البلغة»‪.‬‬
‫‪.3‬المام زين العابدين علي بن السي السجاد عليه السلم‪« ،‬الصحيفة السجادية»‪.‬‬
‫‪.4‬البقعي‪ ،‬آية ال السيد أبو الفضل بن الرضا‪« ،‬جامع النقول ف سنن الرسول»‪.‬‬
‫‪.5‬البقعي‪« ،‬عرض أخبار أصول الكاف على القرآن والعقل»‪.‬‬
‫‪.6‬الر العاملي (‪1104‬ه)‪« ،‬وسائل الشيعة» مؤسسة آل البيت‪ ،‬قم‪1409 ،‬ه‪.‬‬
‫‪.7‬الليّ‪ ،‬العلمة الفقيه السن بن يوسف بن الطهر (‪ 726‬هـ)‪ ،‬رجال العلمة اللي‪.‬‬
‫‪.8‬الصدوق‪ ،‬ممد بن علي بن بابويه القمي (‪381‬ه)‪« ،‬اعتقادات المامية» ط حجرية‪.‬‬
‫‪.9‬الصدوق‪« ،‬التوحيد»‪ ،‬مكتبة الصدوق‪.‬‬
‫‪.10‬الصدوق‪« ،‬علل الشرائع»‪ ،‬قم‪ ،‬مكتبة الداوري‪.‬‬
‫‪.11‬الصدوق‪« ،‬من ل يضره الفقيه»‪ ،‬ط ‪ ،3‬قم‪1403 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪.12‬الطبسي‪ ،‬الشيخ أمي السلم أبو على الفضل بن السن (‪ 560‬هـ)‪« ،‬إعلم الورى بأعلم‬
‫الدى»‪ ،‬قم‪ ،‬مؤسسة آل البيت لحياء التراث‪1417 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪.13‬الطبسي‪« ،‬ممع البيان ف تفسي القرآن»‪ ،‬بيوت‪1379 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪.14‬الطوسي‪ ،‬أبو جعفر ممد بن السن (‪ 460‬ه‪« ،).‬تذيب الحكام»‪ ،‬ط طهران‪.‬‬
‫‪.15‬عباس القمي‪ ،‬الشيخ الحدث (‪1359‬هـ)‪« ،‬مفاتيح النان»‪ ،‬قم‪.‬‬
‫‪.16‬عبد الرزاق الصنعان (‪211‬هـ)‪« ،‬الصنّف»‪ ،‬بيوت‪ ،‬الكتب السلمي‪1404 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪.17‬الكشي‪ ،‬أبو عمرو ممد بن عمر (حوال ‪ 350‬هـ؟)‪" ،‬رجال الكشي"‪ ،‬ط كربلء‪.‬‬
‫‪.18‬الكَُلْينِي‪ ،‬الحدث ممد بن يعقوب (‪329‬هـ)‪« ،‬الكاف» (الصول والفروع والروضة)‪،‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 200 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫طهران‪ :‬دار الكتب السلمية‪ 1365 ،‬هجرية شسية‪.‬‬


‫‪.19‬الا َمقَانّ‪ ،‬آية ال عبد ال (‪1350‬هـ)‪ ،‬تنقيح القال ف أحوال الرجال‪ ،‬ط حجرية‪.‬‬
‫‪.20‬الجلسي‪ ،‬الل ممد باقر بن ممد تقي (‪ 1111‬هـ)‪« ،‬بار النوار»‪ ،‬الطبعة الجرية‪،‬‬
‫وطبعة بيوت‪ :‬مؤسّسة الوفاء‪ ،‬عام ‪1404‬هـ‪ 110( ،‬ملدات)‪.‬‬
‫‪.21‬الطهّري‪ ،‬الشيخ مرتضى‪« ،‬العدل اللي»‪ ،‬الطبعة العاشرة‪ ،‬طهران‪.‬‬
‫‪.22‬الفيد‪ ،‬الشيخ (‪413‬هـ)‪« ،‬الرشاد»‪ ،‬ط ‪ ،2‬بيوت‪ ،‬دارالفيد‪1414 ،‬هـ‪1993/‬م‪.‬‬
‫‪.23‬منصور علي ناصف‪ ،‬التاج الامع للصول من أحاديث الرسول‪.‬‬
‫‪.24‬النجاشي (‪ 450‬هـ)‪ ،‬رجال النجاشي‪ ،‬ط ‪ ،5‬قم‪ ،‬مؤسسة النشر السلمي‪1416 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪.25‬النوري الطبسي‪ ،‬اليزا حسي (‪1320‬هـ)‪« ،‬مستدرك الوسائل»‪ ،‬ط حجرية‪.‬‬
‫الصادر الضافية الت رجع إليها الترجم للتحقـيق‪:‬‬
‫‪.1‬ابن أب جهور الحسائي (‪880‬هـ)‪« ،‬عوال اللل»‪ ،‬تقيق الاج آقا متب العراقي‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪1405‬هـ‪1985/‬م‪ ،‬قم‪ ،‬سيد الشهداء‪.‬‬
‫‪.2‬ابن أب شيبة‪ ،‬أبو بكر عبد ال (‪ 235‬هـ)‪« ،‬الكتاب الصنف»‪ ،‬الرياض‪ 1409 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪.3‬ابن سعد‪ ،‬ممد بن سعد (‪ 230‬هـ)‪« ،‬الطبقات الكبى»‪ ،‬ليدن‪ ،‬هولندا‪.‬‬
‫‪.4‬ابن قولويه‪ ،‬الشيخ أبو القاسم جعفر بن ممد القمّي (‪ 367‬هـ)‪« ،‬كامل الزيارة» (أو كامل‬
‫الزيارات)‪ ،‬قم‪ ،‬مؤسسة النشر السلمي‪1417 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪.5‬اللبان‪« ،‬صحيح الامع الصغي»‪ ،‬الرياض‪ ،‬الكتب السلمي‪1406 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪.6‬حامد النقوي‪ ،‬السيد (‪1306‬هـ) "خلصة عبقات النوار"‪ ،‬قم‪ ،‬مؤسسة البعثة‪،‬‬
‫‪1405‬هـ‬
‫‪.7‬الطهران‪ ،‬آقا بزرگ (‪1388‬هـ أو ‪ 1389‬هـ)‪« ،‬الذريعة إل تصانيف الشيعة»‪ ،‬إعداد‪:‬‬
‫السيد أحد السين‪ ،‬ط ‪1406 ،2‬هـ‪1986/‬م‪ ،‬بيوت‪ ،‬دار الضواء‪.‬‬
‫‪.8‬العجلون‪ ،‬إساعيل بن ممد الراحي (‪1162‬هـ)‪« ،‬كشف الفاء ومزيل اللباس»‪،‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 201 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫بيوت‪1405 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪.9‬عماد الدين الطبي (‪525‬هـ)‪« ،‬بشارة الصطفى لشيعة الرتضى»‪ ،‬ط ‪ ،2‬النجف‬
‫‪1383‬هـ‪.‬‬
‫‪.10‬الكتب التسعة‪ ،‬وتتضمن صحيح البخاري وصحيح مسلم وسنن الترمذي والنسائي وأب داود‬
‫وابن ماجه وموطأ مالك ومسند الدارمي ومسند أحد‪ ،‬طبع اسطنبول‪.‬‬
‫‪.11‬اليثمي‪ ،‬الافظ نور الدين علي بن أب بكر اليثمي (‪807‬هـ)‪« ،‬ممع الزوائد ومنبع‬
‫الفوائد»‪ ،‬بيوت‪ ،‬دار الكتاب العرب‪ 1407 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 202 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫فهرس متويات الكتاب‬


‫مقدمة المترجم‪5................................................................ .....................‬‬
‫ملحظات حول الترجمة‪7.................................................................. ......:‬‬
‫نبذة عن المؤلّف‪8.......................................................................... ......:‬‬
‫منهج البرقعي في استنباط أحكام الشريعة‪10............................. .........................:‬‬
‫أهداف البرقعي من مشروع نقد مصادر الحديث الشيعي‪12.................................... ....:‬‬
‫اعتماد البرقعي منهج العرض على القرآن والعقل في نقد مصادر الحديث‪13......................:‬‬
‫قائمة بأهم مؤلّفات البرقعي بعد تحوّله المذهبي‪14.................................. ...............:‬‬
‫المقدمة‪17............................................................................ ...............‬‬
‫أين توجد أرواح النبياء والولياء بعد وفاتهم؟‪21....................................... ..............‬‬
‫هل النبياء والولياء يطّلِعون على زوّارهم؟‪23..................................................... ..‬‬
‫ماذا يقول القرآن الكريم حول الستمداد من غير ال؟‪33..............................................‬‬
‫كلم عليّ عن حال الموات ومفارقتهم لعالم الدنيا‬
‫وانقطاع صلتهم بالحياء ‪35.................................................... .....................‬‬
‫مسألة الزيارة في كتاب ال وسنة رسوله‪38..........................................................‬‬
‫هل تعود أرواح الولياء إلى الدنيا؟‪40............................................................... .‬‬
‫هل واجب المسلم النشغال بمدح الراحلين أو ذمّهم؟‪41...............................................‬‬
‫هل كان من سنّة النبياء بناء المشاهد والضرحة على القبور؟‪43............................. ........‬‬
‫نقطة تستحق النتباه‪49............................................. .................................‬‬
‫الحاديث المتعلّقة ببناء القبور وتجديدها‪51................................. ..........................‬‬
‫مسألة تعظيم الموات وزيارات القبور‪56............................................................‬‬
‫طرَةٍ وبيانٌ ِل ِف ْكرَةٍ‪60................................... ......................................‬‬
‫ذكرٌ ِلخَا ِ‬
‫تمحيص آداب الزيارة‪62................................. ...........................................‬‬
‫جمَلُ الزيارات وآيات كتاب ال‪66................................. ..................................‬‬
‫ُ‬
‫روايات الباب الثاني من أبواب زيارة النبيّ‪74................................................. .......‬‬
‫ويَ في باب زيارته (صَلّى ال عَلَيه وَآلِهِ) من بعيد‪78................................... .........‬‬
‫ما رُ ِ‬
‫روايات باب زيارة فاطمة الزهراء عليها السلم‪80...................................................‬‬
‫روايات المجلسيّ في باب زيارة الئمّة بالبقيع‪83.....................................................‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 203 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫روايات باب «فضل النجف وماء الفرات» المليئة بالكاذيب‪91................................. .......‬‬


‫الروايات في باب فضل زيارة قبر أمير المؤمنين عليّ عليه السلم‪95.................................‬‬
‫باب زيارات أمير المؤمنين المطلقة (التي ل تختصّ بوقتٍ من الوقات)‪97............................‬‬
‫المرجع العلى للشيعة المامية في عصره يأمر بإزالة هذه الزيارة الشركية‪108...................:‬‬
‫[التلعب بمعـاني بعـض آيات القرآن]()‪109.............................. .....................:‬‬
‫[رحمة ال تعالى وكرمه هي الشفيع المستشفع به في أدعية الئمّة الكرام]‪110......................:‬‬
‫[قصّة ولدة المام عليّ عليه السلم داخل الكعبة المشرّفة]‪111....................................:‬‬
‫و في الطراء]‪115........................................................‬‬
‫[عبارات أخرى من الغل ّ‬
‫[قصّة الثعبان الذي كلّم أمير المؤمنين (ع) في مسجد الكوفة]‪118...................................‬‬
‫[ليس ل خليفةٌ لنه تعالى لم َيغِـبْ حتّى يخلفه أحد]‪118...........................................‬‬
‫[المعجزات فعل ال تعالى ل فعل البشر]‪119..................................................... ..‬‬
‫روايات ثواب الزيارات في عيد الغدير وزيارة حضرة المعصومة‪133................................‬‬
‫[تواضع أمير المؤمنين عليّ عليه السلم ونهيه أصحابه عن تعظيمه وإطرائه] ‪134.................‬‬
‫[الخلفة في نظر عليّ عليه السلم تتمّ بالبيعة والختيار] ‪134......................................‬‬
‫[مناقشة الستدلل بآية «بلّغ ما أنزل إليك» عَلَى النصّ عَلَى عَِليّ (ع) بالخلفة]‪135................‬‬
‫[ثناء أمير المؤمنين عليّ والمام السجاد البالغ على أصحاب رسول ال]‪137........................‬‬
‫[مناقشة الستدلل بآية التطهير على العصمة]‪138.................................................‬‬
‫نقطة هامة جديرة بانتباه الدعاة‪140..................................................................‬‬
‫الروايات الواردة في زيارة المام عليّ في السابع عشر من ربيع الول‪141...........................‬‬
‫الروايات الواردة في زيارة عليّ (ع) ليلة المبعث ويومه‪145........................................ ..‬‬
‫نظرة إلى روايات أبواب زيارة المام الحسين عليه السلم‪149............................... .........‬‬
‫روايات باب وجوب زيارة المام الحسين (ع)‪152................................................... .‬‬
‫روايات باب فضل الصلة في حرم المام الحسين (ع)‪157...........................................‬‬
‫روايات باب زيارات المام الحسين (ع) المطلقة‪159.................................................‬‬
‫الزيارة (‪ )31‬المروية عن جابر بن عبد ال ومقارنتها بالروايات السابقة‪166...........................‬‬
‫الزيارة (‪ )32‬المروية عن صفوان‪167...............................................................‬‬
‫الزيارة (‪ )33‬المنقولة عن الشيخ المفيد‪169.................................... .......................‬‬
‫الزيارة (‪ )34‬المنقولة عن ابن طاووس‪171................................................... ........‬‬
‫[التوسّل إلى ال يكون باليمان والعمل الصالح فقط وليس بالئمة (ع)]‪171.........................‬‬
‫الزيارة (‪ )35‬المنقولة عن ابن طاووس عن قول رجل مجهول‪176....................................‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 204 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫الخرافات الوافرة في زيارات القبور‬

‫الزيارة (‪ )36‬المنقولة عن جابر الجعفيّ‪177.................................. ........................‬‬


‫الزيارة (‪ )37‬المنقولة عن الكفعمي‪179............................................... ................‬‬
‫الزيارة (‪ )38‬المنقولة عن السيد المرتضى‪181.......................................................‬‬
‫الزيارة (‪ )39‬وما بعدها‪183........................................................................ ..‬‬
‫باب ‪-22‬الزيارة في التقية وتجويز إنشاء الزيارة ‪185................................................‬‬
‫الزيارة الجامعة‪186............................................ .....................................‬‬
‫كلمة لعامة الناس‪192..................................................................... ...........‬‬
‫نتائج شيوع الخرافات‪197..................................... ......................................‬‬
‫كلمة إلى قارئ الكتاب‪199................................................................... ........‬‬
‫مصادر الكتاب للمؤلف والمحقق‪200................................................ .................‬‬
‫فهرس محتويات الكتاب‪203...................................... ...................................‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع ‪- 205 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬

You might also like