You are on page 1of 153

‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫طريق النجاة من شر الغلة‬


‫الـجـــزء الـثـــالـــث بـحـــث حـــول‬

‫الشفاعة وحقيقتها‬
‫ويليــه الـجـــزء الـرابـــع بـحـــث حـــول‬

‫الغلو والغلة‬
‫كتبه (بالفارسية) الرحوم الستاذ‬
‫مي‬
‫حيدر علي قلمداران الُق ِّ‬

‫ترجه إل العربية وقدّم له وعلّق حواشيه‬


‫سعــد مـحمــود رسـتـــم‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 1 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 2 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫مقدّمة الترجم‬
‫بسم ال الرحن الرحيم وبه وحده نستعي‪ ،‬والصلة والسلم على سيدنا ممد وعلى آله‬
‫الطيبي الطاهرين وصحبه الخيار النتجبي ومن تبعهم بإحسان إل يوم الدين‪.‬‬
‫وبعد‪ ،‬ففي الستينات من القرن الاضي (اليلدي) قبل حوال أربعي عاما ونيّف نشر أحد‬
‫الغلة التطرفي من النتسبي إل العلم من الشيعة المامية ويُ ْدعَى آية ال العظمى السيد أبو الفضل‬
‫النبوي‪ ،‬ف قم‪/‬ايران‪ ،‬كتابا (بالفارسية) سّاه «اُمرايِ هست » (أي أمراء الكون) طرح فيه نظرية‬
‫ل عََليْهِ وَآلِهِ) والئمة الثن عشر من آله عليهم السلم‪،‬‬
‫صلّى ا ُ‬
‫الولية التكوينية الطلقة للنب ( َ‬
‫واعتب أن ال جعلهم أمراءَ العالَم ومدبري شؤونه ومقسمي أرزاق العباد وال َقيّمِي على شؤونم‪...‬‬
‫وأن إياب اللق إليهم وحسابم عليهم‪ ..‬وأنم شفعاء شيعتهم وملصو مواليهم يوم القيامة وغل‬
‫ف مفهوم الشفاعة حت وكأنا صكّ حتميّ ف الغفران لكل من انتسب إل الئمة واعتب نفسه من‬
‫شيعتهم وأقر بلسانه بوليتهم مهما كانت أعماله وأفعاله حت ولو ل يقم بشيء من حقوق ال‬
‫وانتهك حقوق العباد‪ ،‬ومات مصرّا على كبائر الذنوب وظل ٍم وموبقاتٍ تبلغ عنان السماء!!‬
‫فقام أحد أعلم العتدال من الشيعة العفرية‪ ،‬الستاذ الفاضل «حيدر علي قلمداران‬
‫القُ ّميّ» فردّ عليه ردّا شاملً مبيّنا مالفة أقواله للقرآن الكري والسنة الطهرة الصحيحة وتعاليم‬
‫أئمة العترة النبوية‪ ،‬فألف كتابا بالفارسية من خسة مباحث أساه «راه نات از ش ّر غلة» (أي‬
‫طريق النجاة من شر الغُلة) ضمّنه الباحث التالية‬
‫«بث در اختصاص علم غيب به خدا» أي بث ف اختصاص علم الغيب بال‪.‬‬
‫«بث در وليت وحقيقت آن» أي بث ف الولية وحقيقتها‪.‬‬
‫«بث در شفاعت وحقيقت آن» أي البحث ف الشفاعة وحقيقتها‪.‬‬
‫«بث در باره غلة» أي البحث حول الغلة‪.‬‬
‫«بث در باره زيارت» أي البحث حول زيارة الراقد‪.‬‬
‫ول يتمكّن من طبع كتابه جلةً واحدةً‪ ،‬نظرا لا أوجده حراس الرافات والغلو من عراقيل‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 3 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫أمامه فاضط ّر إل طباعة ك ّل بث سِرّا وعلى حدة ف بعض مطابع الدن والبلدات الجاورة لدينته‬
‫قم‪ .‬ث أعاد عام ‪1979‬م‪ .‬طباعة البحثي الثالث والرابع أي (بث شفاعت) و(بث غلوّ) ف‬
‫كتاب واحد‪ ،‬وهاأنذا أقدم للقراء الكرام ترجة الكتاب أي ترجة هذين البحثي‪ ،‬بعد أن ترجتُ‬
‫فيما سبق بث الزيارة (أي زيارة الراقد)‪.‬‬
‫ول بد ف هذا القام من توضيح بعض النقاط حول موضوع الشفاعة‪:‬‬
‫من العلوم أن الشفاعة من الوضوعات الت اختلفت فيها وجهات نظر السلمي منذ قدي‬
‫الزمان فمع أن الكلّ أثبتها يوم القيامة إل أنم اختلفوا ف مستحقّها فكان الناس فيه أقساما‪:‬‬
‫‪ -1‬قسمٌ غل ف إثباتا وجعلها متاح ًة ومضمون ًة يقينا لكلّ عاصٍ ولو مات ُمصِرّا على‬
‫كبائر الث والفواحش منتهكا لقوق الِ والعباد‪ ،‬ومن هؤلء الرجئة الذين قالوا ل تضر مع‬
‫اليان معصية ول تنفع مع الكفر طاعة ول يعلوا العمال جزءا من مفهوم اليان‪ ،‬كما أن منهم‬
‫غلة الشيعة المامية وغلة الصوفية‪ ،‬الذين استندوا ف إثباتم مثلَ هذا الفهوم الغال للشفاعة إل‬
‫عديد من الروايات والخبار (الضعيفة)‪ ،‬وفتحوا بذلك الباب واسعا أمام الجرمي والعصاة كي‬
‫يستمروا مرتاحي ف شهواتم وآثامهم متكلي على هذه الشفاعة التميّة الت ستأخذهم ‪-‬فقط‬
‫ل عََليْ ِه وَآلِهِ) ‪ -‬إل جنات‬
‫صلّى ا ُ‬
‫لنم بالسم من أمة ممد أو من شيعة الئمة من آل الرسول ( َ‬
‫الرضوان‪ ،‬ولو ل يعملوا خيا قط وماتوا مصرين على كل الوبقات والرائم وكبائر والث‬
‫والفواحش!‪.‬‬
‫‪ -2‬وقس ٌم ضيّقها إل ح ّد أنه نفاها عن العاصي الذنبي‪ ،‬وجعلها للمؤمني الصالي التائبي‬
‫ضلً من ال عليهم‪ ،‬ومن هؤلء الوعيدية أي‬
‫فقط‪ ،‬لزيادة درجاتم ورفع منلتهم ف النة‪ ،‬تف ّ‬
‫العتزلة والوارج‪ ،‬ويثّلهم ف عصرنا الشيعة الزيدية والباضية‪.‬‬
‫‪ -3‬وقسم توسط ف المر فقال إنّ من مات مصرّا على الكبائر َأمْ ُرهُ موكولٌ إل ال إن شاء‬
‫عفا عنه وإن شاء عذّبه‪ ،‬مع قولم أنه ف الصل مستحقّ للعذاب ومتع ّرضٌ للوعيد بسب نصوص‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬فأثبتوا الشفاعة يوم القيامة للمذنبي وللتائبي وحت لهل الكبائر من يشاء ال أن‬
‫شفِيعَ ِعنْ َد اْلبَشَرِ‬ ‫يغفر لم بإذنه‪ ،‬مع قولم بأن الشفاعة عند ال ليست كالشفاعة عند البشر َفِإنّ ال ّ‬
‫شفَعُ أَحَدٌ‬ ‫ُيؤَثّر على الشفوع إليه ويُغيّر قراره ويمله على تغيي حكمه‪ ،‬ف حي أن الَ تعال لَا يَ ْ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 4 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫سيّ ُد‬
‫عِنْ َدهُ إِلّا بِإِ ْذنِهِ‪ ،‬فهو الذي يأمر أولً بالشفاعة فَاْلَأمْرُ كُلّهُ إَِليْهِ‪َ ،‬فلَا يُؤثّ ُر عََليْهِ َأحَ ٌد ِبوَجْهٍ‪ .‬فَ َ‬
‫ل َتعَالَى َفقَالَ لَهُ الُ‪« :‬ارْفَعْ َرْأسَكَ‪ ،‬وَقُ ْل يُسْمَعْ‪ ،‬وَا ْسأَلْ‬ ‫الشّ َفعَا ِء َي ْومَ اْل ِقيَا َمةِ إِذَا سَجَدَ وَحَمِدَ ا َ‬
‫جّنةَ»‪ ،‬فَاْلَأمْرُ كُلّهُ لِـلّهِ‪ .‬كَمَا قَا َل َتعَالَى‪ ﴿ :‬قُلْ إِنّ‬ ‫شفّعْ‪َ ،‬فيَحُدّ لَهُ حَدّا َفيُدْخُِلهُمُ الْ َ‬
‫ُتعْطَهْ‪ ،‬وَا ْشفَ ْع تُ َ‬
‫ك مِ َن الَْأمْ ِر َشيْءٌ ﴾ [آل ِعمْرَانَ‪،]128:‬‬ ‫الَْأمْرَ كُلّهُ لِـلّهِ ﴾ [آل ِعمْرَانَ‪ ،]154:‬وَقَا َل َتعَالَى‪َ ﴿ :‬لْيسَ لَ َ‬
‫وَقَا َل َتعَالَى‪ ﴿ :‬أَلَا لَ ُه الْخَ ْل ُق وَالَْأمْرُ ﴾ [اْلأَعْرَاف‪ ،]54:‬فل يشفع أحدٌ لحدٍ إل بإذنه جلّ وعزّ ﴿ وَلَا‬
‫شفَعُونَ إِلّا لِ َمنِ ا ْرتَضَى ﴾ [النبياء‪.]28:‬‬ ‫يَ ْ‬
‫وبذا جعلوا أم َر الشفاعة والغفران موكولً كلّه إل ال فلم ُييْـئِسُوا الناس من رحته‬
‫الواسعة القريبة من الحسني‪ ،‬كما ل يط ّمعُوهم بغفرانه التمي ويؤمّنوهم من مكر ال على نوٍ‬
‫ي ّرُئهُم على السترسال ف العاصي والكبائر دون توبة‪ ،‬بل يبقى العبد بي الوف والرجاء‪ ،‬وهذا‬
‫هو مذهب العتدلي الحققي من الشيعة وأهل السنة‪ ،‬الذي يستندون فيه إل عدد من الحاديث‬
‫الصحيحة‪.‬‬
‫وقد ذهب الؤلف قلمداران ف بعض مناحي بثه حول الشفاعة إل نو هذا الوقف‪ ،‬بيد أنه‬
‫نظرا إل كثرة ما وجده ف كتب الروايات لدى الشيعة المامية من الحاديث الوضوعة‬
‫والكذوبة والخبار اللفّقة العجيبة والمجوجة ف موضوع شفاعة النب والئمة وفاطمة (عليهم‬
‫السلم) والت جُ ّل رواتا من الغلة والكذابي‪ ،‬حسب ما ُتبَـّينُهُ كتبُ علم الرجال الشيعية ذاتا‪،‬‬
‫تكوّنت لديه ر ّدةُ فعلٍ فأنكر جيع أحاديث الشفاعة‪ ،‬واقتصر على مفهومها القرآن فحسب‪ ،‬فرأى‬
‫ل شيئا وَأنّه يومٌ ل َبيْ ٌع فيه وَل‬
‫أن القرآن الكري يؤكّد أن يوم الدين يومٌ ل ُيغْنِي فيه مولً عن مَو ً‬
‫خُّل ٌة وَل َشفَا َعةٌ‪ ،‬وأنّ الشّفَا َعةَ لِـلّ ِه جيعا‪ ،‬وأنه ل يقوم با إل من أَ ِذنَ الُ له القيام با بق من‬
‫ارتضاه ال‪ ،‬وهم الؤمنون الوحدون التائبون‪ ،‬إذ ل شك أن ال ل يرتضي أهل الشرك ول أهل‬
‫الكبائر الجرمي الصرين على آثامهم‪ ،‬فلما كانت الشفاعةُ لِـلّهِ جيعا فدور النب والولياء فيها‬
‫دو ٌر تشريفيّ لظهار فضلهم ومقامهم فحسب‪ ،‬وليس فيها أي حتمٍ على ال ول استقل ٌل با‬
‫‪-‬أي ل يعطِ ال ُ تعال با أحدا (شيكا على بياض) كما يُقال‪ -‬ول فيها َثْنيٌ لِـلّهِ عن حكمه‪،‬‬
‫ول إلغاءٌ لنذاراته ووعيده‪ ،‬ورأى أن شفاعة النب واللئكة والؤمني هي استغفارهم الذي أمرهم‬
‫الُ تعال أن يطلبوه للمؤمني خلل حياتم ف عال الدنيا‪ ،‬والذي لن َينَْتفِ َع منه يوم القيامة إل‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 5 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ل ِبقَ ْل ٍ‬
‫ب‬ ‫الصادقون ف إيانم السلمون لِـلّهِ ف حياتم‪َ ،‬ي ْومَ لَا يَنفَ ُع مَا ٌل وَلَا َبنُونَ إِلّا مَنْ َأتَى ا َ‬
‫سبَ َرهِيٌ‪،‬‬ ‫ئ بِمَا كَ َ‬
‫سَلِيمٍ‪ ،‬فالمر أوّلً وآخرا موكولٌ لربّ الع ّز ِة واللل‪ ،‬الذي بيّن أنّ ٍ كُ ّل امْرِ ٍ‬
‫ل وَِليّا‬
‫جدْ لَ ُه مِن دُونِ ا ِ‬ ‫ن أهل الكتاب بل مَن َيعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَ َل يَ ِ‬ ‫وأنه ليس بأماِنيّنا ول أما ّ‬
‫وَلَ َنصِيا‪ .‬وقد اقترب الؤلّف ف بعض ما ذهب إليه‪ -‬إل ح ّد ما ‪ -‬مِنْ مذهب الوعيدية من‬
‫العتزلة والشيعة الزيدية أيضا‪.‬‬
‫وقد تأكّد للمؤلّف هذا الفهوم للشفاعة من مطالعته لعديد من الحاديث الواردة عن النبّ‬
‫ل عََليْ ِه وَآلِهِ) والئمة الداة من أهل بيته الكرام عليهم السلم‪ ،‬ذكرها ف هذا الكتاب‪،‬‬
‫(صَلّى ا ُ‬
‫أكدوا فيها بأكثر العبارات صراحةً أنم لن يغنوا عن أتباعهم شيئا وأن ل ناة لسل ٍم يوم القيامة إل‬
‫بالتقوى والورع والعمل الصال‪.‬‬
‫وخلصة القول أن الؤلف اجتهد ملصا فيما طرحه من رأيٍ حول الفهوم الصحيح‬
‫للشفاعة‪ ،‬وقد حالفه الصواب ف نواحٍ كثي ٍة وربّما جانبه الصواب ف نواحٍ أخرى‪ ،‬ول حرج ف‬
‫ذلك‪ ،‬فالجتهد مأجورٌ إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجرٌ‪ ،‬ما دام له دلي ٌل مس ّوغٌ فيما‬
‫يذهب إليه من قَول‪.‬‬
‫هذا وترجتنا للكتاب ل تعن طبعا بالضرورة أننا نتفق معه ف كل جزئيةٍ ما قاله‪ ،‬وإن كنا‬
‫نوافقه ف الفهوم العام للموضوع‪ ،‬وف رفض الروايات الكذوبة والحاديث الوضوعة الت تزكم‬
‫رائحة الوضع فيها النوف‪ ،‬وما تطرحه من شفاعةٍ استقللّيةٍ حتمّيةٍ واسعةٍ مبنية على مرّد الحبّة‬
‫القلبية والولء اللسان للئمة من آل الرسول ‪ -‬عليهم السلم ‪ -‬فتشمل كل مُ ّدعٍ للسلم‬
‫والتشيّع بلسانه مهما كانت أعماله‪ ،‬حت ولو كان من مات مصرّا بغي توبة على كبائ َر كالبال‬
‫الراسيات!!‪ ،‬لن مثل ذلك الفهوم للشفاعة ‪ -‬كما يقول الؤلف ‪ -‬يقضي على كل إنذارات‬
‫القرآن ويلغي جيع آيات الوعيد ويناقض مئات الخبار النبوية الصحيحة الت تضمّنت الوعيد‬
‫الكيد لفاعلي كثي من كبائر الثام الصرّين على أنواع من الوبقات وأصنافٍ من الفواحش‬
‫والظلم‪ ،‬كما أن ذلك الفهوم ُيفْقِدُ العن من إرسال الرسل وإنزال الكتب وتشريع الشرائع وفرض‬
‫الحكام‪.‬‬
‫هذا ما أردت توضيحه ف هذه القدمة‪ ،‬أسأل ال تعال أن يتقبّل منا هذا العمل‪ ،‬ويعفو عما‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 6 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫حكْ ُم َوإَِليْهِ‬
‫ل التوفيق‪ ،‬وَلَ ُه الْحَمْدُ فِي اْلأُولَى وَالْآخِ َرةِ وَلَهُ الْ ُ‬
‫بدر منا فيه من خطأ وزلل‪ ،‬إنه و ّ‬
‫تُرْ َجعُونَ‪.‬‬

‫الترجم‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 7 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫صورة لغلف الكتاب باللغة الفارسية‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 8 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫بـحـــث حـــول‬

‫الشفـاعة وحقيقتها‬
‫الجزء الثالث من كتاب طريق النجاة من شر الغلة‬

‫كتبه (بالفارسية) الرحوم الستاذ‬


‫مي‬
‫حيدر علي قلمداران الُق ِّ‬

‫ترجه إل العربية وقدّم له وعلّق حواشيه‬


‫سعــد مـحمــود رسـتـــم‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 9 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫مقدمة الؤلّف‬

‫بسم ال الرحن الرحيم وبه نستعي‪ ،‬المد ل رب العالي‪ ،‬الرحن الرحيم‪ ،‬مالك يوم‬
‫الدين‪ ،‬والصلة والسلم على ممد وآله أجعي‪.‬‬
‫قبل عدة سنوات ألفتُ كتاب «راه نات از ش ّر غُلة» (أي طريق النجاة من شر الغلة)‬
‫وأعطيته لحدى الطابع ف قم لطباعته إل أنه مع السف بسبب العاقات والوانع الت كانت‬
‫ُمتَوَقّعة ف مثل ذلك الحيط ل تكتمل طباعته فاضطررتُ إل تقسيم الكتاب إل أجزاء وطباعة كل‬
‫قسم على حدة ف مطابع متعددة لبعض البلدات الجاورة‪ ،‬والكتاب الال هو القسم التعلق‬
‫ببحث الشفاعة من كتابنا الذكور أعن «راه نات از ش ّر غُلة» أُق ّدمُ ُه اليوم بعون ال تعال لطالب‬
‫الق والقيقة آملً أن يكون سببا لليقظة والداية ف متمعنا الضال‪ ،‬إذ إننا نعلم أن السبب‬
‫الصلي والهم لنفور جيل الشباب من مسائل الدين واليان هو انتشار الرافات واتساع‬
‫الوهومات الت تُ َروّج بي الناس باسم حقائق الدين‪ ،‬وأهم تلك الوهومات هو موضوع الشفاعة‬
‫الت َج ّرأَ مفهومُها الاطئ هذا الشعبَ على ارتكاب أنواع الفسق والفجور والفساد إل درجة أن‬
‫النسان يرى أحيانا أن لو كان هذا الجتمع عدي الدين بنحو كامل لربا كانت تجزه فطرته عن‬
‫حرّف الذي ل َيبْقَ ف نظام حياته حدّ‬ ‫الثام على نو أفضل من مثل هذا الدين الشوّه والذهب الُ َ‬
‫ول س ّد بسبب الغرور بفهوم الشفاعة الاطئ الذي انتشر وراج إل درجة ل تب ِق لكثيٍ من أفراد‬
‫هذا الجتمع إسلما بل إنسانيةً!‪.‬‬
‫إن فائدة الدين هي أن يفظ لفراد الجتمع أرواحهم وأموالم وأعراضهم ويعلها ف أمان‬
‫ويدّد لكل إنسان حدّا يقف عنده وينتفع به بالقدار الذي يفيد متمعه‪ .‬ولكن لسوء الظ إذا ل‬
‫ص عقلً إل درجة تعله غي قادر على أن يُقارِن متمعه بالجتمعات التقدمة‬
‫ُتبْقِ الوهوماتُ لشخ ٍ‬
‫الراقية‪ ،‬عندئذٍ لن يفهم ف أي جهنم يعيش! وعلى أي حال سنقدم للقرّاء الكرام شرحا واضحا‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 10 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫لقيقة مسألة الشفاعة ف الشريعة السلمية كما يبينها القرآن الكري‪ .‬وبال التوفيق‪.‬‬

‫حيدر علي قلمداران‬


‫مرّم الرام ‪ 1392‬هـ ق‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 11 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫تـمـهيـد‬
‫إن مسألة الشفاعة اتّسعت كل هذا التساع ف شعبنا بسبب ترويها التواصل مِنْ ِقبَ ِل‬
‫خطبا ٍء أغلبهم عدي الطلع على حقائق الدين وغي واقفٍ على حدود الشرع البي‪ ،‬بل ِمْنهُمْ‬
‫ُأمّيّونَ َل َيعْلَمُو َن الْ ِكتَابَ إِلّ َأمَاِنيّ! ومع ذلك يتصدّرون بغي ح ّق لقام ورثة النبياء والرسلي‬
‫ومنب الدعاة إل الدين‪ ،‬فيضلّون الناسَ برافاتم الت ينشرونا صباح مساء تت اسم قراءة الآت ف‬
‫مالس العزاء‪ ،‬ويَجْ َمعُون وهم متلئون ذنوبا من رأسهم إل أخص أقدامهم عوا َم الناس حولم‬
‫فيضلّونم با يبُثّونه فيهم من الحاديث الوضوعة والروايات الكذوبة والخبار اللفّقة الت تسوقهم‬
‫إل هاوية اللك عندما تسهّل لم (بشكل غي مباشر) ارتكاب الثام والعاصي‪.‬‬
‫وإذا دقّقنا ف المر علمنا أن هؤلء الذين يفتحون باب الشفاعة على مصراعيه بذا التساع‬
‫الكبي أمام الناس ليس لم من دافع نفسي إل ذلك سوى إغواء الشيطان‪ ،‬وأنم لّا كانوا ملطّخي‬
‫بالثام والذنوب فإنم يريدون بطابم ذاك أن يوجدوا لنفسهم شركاء ورفقاء كي ل يشعروا‬
‫بالوحشة والوحدة ف طريق آثامهم ومصائبهم بل يسوقون آخرين إل مثل وضعهم لعل ال إذا‬
‫رأى أن هذا المر قد عمّت به البلوى واشترك فيه الكلّ يصرف النظر عن عذابم ويعفو عنهم‬
‫جيعا!!‬
‫والعلة الخرى لذه الدعوة إل الشفاعة (بفهومها الاطئ) هي استجلب رضا وسرور‬
‫السامعي والصول على بذل مالم والستفادة منهم‪.‬‬
‫وإضافةً إل ما ذُكر فإن مسألة الشفاعة بفهومها الاطئ قد وجدت طريقها‪ ،‬على نو واسع‬
‫للسف‪ ،‬إل كتب الديث والروايات ول يسلم من ذلك حت أفراد مشهورين ومترمي ذكروا‬
‫مثل ذلك الفهوم ف كتبهم الت ألّفوها وتركوها لنا‪ ،‬وصارت مع السف مستمسكا لعوان‬
‫الشيطان ودليلً مكما يرجعون إليه‪ ،‬كما ند على سبيل الثال ف أحد الكتب الفقهية العروفة‬
‫ي أنّ امرأة‬
‫الت دوّنا فقيهٌ مشهورٌ جليل القدر روايةً عجيبةً مَ ْر ِوّيةً بل سن ٍد ول مصد ٍر تقول إنه ُروْ َ‬
‫كانت تزن ث ترق أولدها الذين يأتون من الزنا خشية الفضيحة! ول يكن يعلم بذا الفعل‬
‫الشنيع سوى أمها فلمّا ماتت تلك الزانية وأرادوا دفنها لفظتها الرض‪َ ،‬و َمهْمَا حاولوا دفنها ف‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 12 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫بقع أخرى واجهوا الشكلة نفسها‪ ،‬فذهب أهلُها ف النهاية إل إمام الوقت عليه السلم وعرضوا‬
‫عليه الواقعة‪ ،‬فطلب أمّها ‪ -‬الت كانت ل تزال حيّة ‪ -‬وسألا عن القضية فكشفت له حقيقة ما‬
‫كانت تصنعه ابنَـتُها‪ ،‬فأمر بأن يُوضع ف قبها مقدارٌ من تربة قب السي عليه السلم وبذا‬
‫قبلتها الرض و ُخفّف عنها!!(‪.)1‬‬
‫وهناك شيخٌ معروفٌ آخر ذكر ف أحد كتبه الت ألفها ف هذا العصر‪ ،‬لينشر بزعمه معارف‬
‫السلم ويوضّح معال الدين!! حكايةً ل نعلم من أين أتى با عن قصّة امرأةٍ كانت تُسْكِ ُر ابنَها‬
‫كي يزن با وكان البن يفعل ذلك على الدوام!! ولكن بعد موتا رؤوا تلك الرأة ف أعلى‬
‫درجات النة! فلمّا سألوها مستغربي قالت‪ :‬كنتُ أصلي على النب وآله سبع مرات ف اليوم!!‪.‬‬
‫وتوجد مئات من مثل هذه الباطيل والكايات الت ل أساس لا نسمعها ف مالسنا الدينية!‬
‫هذا ف حي أنه لو رجعنا إل القرآن الكري لرأينا أن مثل هذه الشفاعة الزعومة بذه الصورة ل‬
‫وجود لا من الساس وأن ل سلطة ول حكم يوم القيامة إل لِـلّ ِه الواحد الحد القهّار‪ ،‬وأن ل‬
‫ناة لنسان إل بإيانه وعمله الصال‪ ،‬كما أننا لو عدنا إل العقل والوجدان ل يكننا أبدا أن‬
‫ب العالي لصلح الناس وهداية العباد‪َ ،‬وَب َعثَهُ بشريعةٍ مكم ِة البنيان‬
‫نصدّق أن النبّ الذي أرسله ر ّ‬
‫وقواني حكيمة؛ يعلّم الناس مثل هذا الفهوم عن الشفاعة الذي يقتلع كل تلك التعاليم من‬
‫جذورها!‪.‬‬
‫ف رأينا إن علة النطاط والذلّ الذي يعان منه الشرق لسيما السلمون وخاصة اليرانيون‬
‫منهم(‪ )2‬هو أننا ل نترم أي قانون أو قواعد ثابتة فيما بيننا ومثل هذا الرض استفحل إل درجة‬
‫أصبح علجه فيها مستعصيا وأحد أسباب ذلك هو الغرور بذلك الفهوم للشفاعة الذي يهدم‬
‫حري أحكام الشريعة ول يبقي حرمةً لي حَ ّد ول قانون‪ ،‬ول ريب أن الشعب الذي ُيْبتَلى بثل‬
‫هذا النمط من العتقاد يقع ف خسران عظيم‪.‬‬
‫لذا ندعو القرّاء الكِرام إل مطالعة هذه الرسالة الختصرة ليَ َروْا ما هي حقيقة مسألة الشفاعة‬
‫() انظر كتاب «منتهى الطلب» للعلمة اللي (ج ‪/1‬ص ‪.)461‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ُيذْكَر أن الؤلف ألّف كتابه هذا قبل أكثر من أربعي سنة أي ف ستينيات القرن الاضي‪ ،‬ف وقت كانت إيران ترزح‬ ‫‪2‬‬

‫فيه تت الكم الستبدادي الطلق للشاه ممد رضا بلوي الاضع كليا للوليات التحدة والصديق الميم لربيبتها‬
‫إسرائيل‪ ،‬وينتشر فيها الفساد والتحلل والرشاوي والفيون‪ ..‬ال (الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 13 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫الت أوقع فهمها الاطئ كل هذا السران والنطاط ف متمعنا وما هو أساسها وحقيقتها ف‬
‫الشريعة السلمية؟! وما توفيقي إل بال‪.‬‬
‫ب والئمة‬‫إن الشفاعة الت تروج اليوم ف ذهن عامة الناس هي أن أولياء ال القربي إليه كالن ّ‬
‫الكرام من آله عليه وعليهم السلم سيشفعون‪ ،‬با لم من الاه والظوة عند ال‪ ،‬لميع العصاة‬
‫من أتباعهم يوم القيامة ويأخذونم رغم كل معاصيهم وجرائمهم وآثامهم إل أعلى درجات‬
‫النان! ويققون لم آمالم ورغباتم ف هذه الدنيا أيضا‪ .‬ومثل هذه الشفاعة مستقاة من مفهوم‬
‫الواسطة والتشفع لدى السلطي البارين والكام الستبدين الذين يعفون أحيانا عن مرم مفسد‬
‫واجب القتل لشفاعة بعض الشفعاء من أقارب السلطان له‪ ،‬أو لتدخّل أحباب ذلك الاكم الستبد‬
‫البار لجل أن يعفو عن صديقهم الذي ارتكب جرائم تستوجب العقاب‪ ،‬فيعفو الاكم عنه‬
‫لجل خاطرهم‪ ،‬ل بل قد يقرّب الاكم أحيانا ذلك الجرم الذنب وينحه مقاما ف بلطه‪ ،‬وقد‬
‫يُعطيه منصبا راقيا كالوزارة والمارة رغم عدم استحقاقه لا‪ ،‬ف حي يُبعد أفرادا صالي وكفؤ‬
‫من تلك الناصب ل لشيء إل لنم ليسوا من معارف السلطان وليس لديهم من يقربم إليه‬
‫ويشفع لم عنده!!‬
‫أجل إن مثل هذه العقيدة ف الشفاعة إنا تنبع من تلك النظمة البعيدة عن العدل والنصاف‬
‫والغريبة عن الشرع‪ .‬فالشعب الذي ل يسود فيه العدل والنصاف والعقل والوجدان ول قيمة فيه‬
‫للصدق والهلية بل أموره كلها تعتمد على الحسوبيّات والوساطات والشفعاء والذي ل ينال‬
‫الناصب والقامات لديه إل من ييد التملّق والطراء ومدح البارين والسلطي‪ ،‬من الطبيعي أن‬
‫يتصور أن المر عند عتبة الذات الحديّة والرب الالق سيكون على هذا النحو وتلك الكيفية!‬
‫أسأل ال أن يوفقن من خلل هذه الرسالة لبيان حقيقة الشفاعة كما هي ليعرف الذين‬
‫يتصورون أنم سيستفيدون من تلّقهم وتوسلهم إل شفعائهم الوهومي أنم لن يصلوا إل أي‬
‫شيء‪ ،‬وأن ل ناةَ ول فلحَ أمام ال العال بالغيب والشهادة ومالك يوم الدين إل بالصدق‬
‫والستقامة‪ ،‬وما من شيء يقرّب إليه إل العبودية القّة لذاته العليّة‪ ،‬عسى أن ينجو متمعنا بفضل‬
‫انتشار هذه القائق من الذلّ والنطاط وأن تعود المة أو على القل أجيالا القادمة إل مد‬
‫وعظمة مسلمي الصدر الول الذين كانوا بعيدين عن مثل تلك العقائد السخيفة والفكار‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 14 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫النحرفة‪ ،‬ويشدوا المة والعزم على العمل والسعي إل رضوان ال‪ ،‬ومن ال التوفيق وعليه التكلن‬
‫وهو الستعان‪.‬‬

‫حيدر علي قلمداران‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 15 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫موضوع الشفاعة وحقيقته‬


‫قلنا إن الدافع إل الغلوّ ف الئمّة كان ف البدء سعي أعداء السلم لنشر وإشاعة تلك‬
‫الفكار بي السلمي لضعاف دينهم‪ ،‬ث تلقّف ذلك أرباب الفسق والفجور من السلمي الغافلي‬
‫النهمكي ف شهواتم فقاموا بنشر تلك الفكار وترويها لنّها وافقت هواهم ف ارتكاب‬
‫النكرات وانتهاك الحرّمات الت كانوا ل يترئون عليها خوفا من تديد آيات القرآن ووعيدها‪،‬‬
‫فوجدوا ف تلك الفكار ملذا من تلك النذارات ومن هنا اتسع باب الشفاعة بي السلمي‪،‬‬
‫ووصل المر إل التضحية بكل أحكام السلم ف مذبح الشفاعة والغل ّو والولية‪ ،‬وكان ذلك بابا‬
‫فتحه الشيطان ف المم السالفة والديان النسوخة قبل آلف السني من ظهور السلم ورأينا‬
‫نتائجه! فمثلً ف الديانة النصرانية أخذ موضوع حب السيح وعبادته أهي ًة أساسيةً جعلتهم‬
‫يروّجون أن حبّ السيح واليان به وبفدائه لم‪ ،‬كافٍ للنجاة يوم الساب‪ ،‬وأن النجاة ل تعتمد‬
‫على العمال‪ ،‬ما أسقط أهية التكاليف وأعطاهم حرية ف ارتكاب الفسق والفجور‪ ،‬فلم يبق‬
‫احترامٌ لشيء من الشريعة الت أبلغها النبياء منذ آدم وحت ذلك العهد‪ ،‬وهكذا روّج بولس ف‬
‫ب السيح أصبح بديلً عن الحكام‪ ،‬وأن شفاعته بفدائه هي الذخية يوم القيامة‬ ‫رسائله أن ح ّ‬
‫للنام‪ .‬واحتجوا لذلك بأن النسان غي قادر على أن يطلب حاجاته من ال تعال مباشرةً بل ل بد‬
‫له من واسطة وشفيع يطلب له حاجاته من ال بطريقته الت يعرفها‪ ،‬على عكس السلم الذي‬
‫ب وأن على العبد أن يطلب ما يريده من ال مباشرةً كما يقول‬ ‫يعلّمُ أن ل واسطة بي العبد والر ّ‬
‫ستَجِيبُوا لِي‬
‫سبحانه‪َ ﴿ :‬وإِذَا َسأَلَكَ ِعبَادِي َعنّي فَِإنّي قَرِيبٌ ُأجِيبُ َد ْع َوةَ الدّاعِ إِذَا َدعَانِ َف ْليَ ْ‬
‫وَْليُ ْؤ ِمنُوا بِي َلعَّلهُمْ يَ ْرشُدُونَ ﴾ [البقرة‪ .]186:‬أما بولس فإنه يقول ف رسالته إل أهال روما‬
‫سنَا َنعَْل ُم مَا نُصَلّي لَ ْجلِهِ‬‫ض َعفَاِتنَا َلّننَا لَ ْ‬
‫(الصحاح ‪/8‬الفقرة ‪« :)26‬وَكَذَلِكَ الرّوحُ َأيْضا ُيعِيُ َ‬
‫شفَعُ فِينَا ِبَأنّاتٍ َل ُينْطَ ُق ِبهَا!‪ .».‬وهكذا جعلوا ف تعاليم السيح‬ ‫كَمَا َيْنبَغِي‪ .‬وََلكِنّ الرّوحَ نَفْسَ ُه يَ ْ‬
‫أن الؤمني ل بد لم من واسطة وشفيع بينهم وبي ال وأن هذه الواسطة ل بد أن تكون ذات‬
‫صلة خاصة بال وأن يكون لا مقام الفداء! ولا كان القانون اللـهي يقتضي أن من يأث فعليه‬
‫تقدي الكفّارات والقرابي لِـلّه ليغفر ال له ما ارتكبه‪ ،‬فإن الواسطة أي السيح هو الكفارة وهو‬
‫القربان الذي جاء ليفدي الناس ويلّصهم ويصالهم مع ال ف ُفوّض إليه مقام الشفاعة لنه فدى‬
‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 16 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫نفسه لجل الليقة!! هكذا كان يعلّم بولس مثلما جاء ف رسالته الثانية إل تيموثاوس (الصحاح‬
‫س وَاحِدٌ‪َ ،‬و ُهوَ ا ِلنْسَانُ الْمَسِي ُح يَسُوعُ‪،‬‬
‫ل وَالنّا ِ‬
‫ط َبيْنَ ا ِ‬
‫ل وَاحِدٌ‪ ،‬وَاْل َوسِي ُ‬
‫‪/2‬الفقرة ‪« :)6-5‬فَِإنّ ا َ‬
‫الّذِي بَذَ َل َنفْسَهُ فِ ْدَيةً عِوَضا عَ ِن الْجَمِيعِ!‪.».‬‬
‫أما السلم فرغم كل ما بذله من سعيٍ ف س ّد باب الشفاعة الشركية إل أن الهواء النفسية‬
‫والغرور الشيطان وإغواء العداء وطمع الفسّاق والفجّار عملت عملها من جديد لتفتح ذلك‬
‫الباب بأوسع مال أمام السلمي‪.‬‬
‫لقد عرف أعداء السلم أن هذا الدين اعتلى شأنه وقوي أمره بفضل أسسه القوية الأخوذة‬
‫من اليان بال واليوم الخر والستمدة من كتابه السماوي العظيم وقرآنه الجيد الذي يعتب أن‪﴿ :‬‬
‫ئ بِمَا كَسَبَ َرهِيٌ ﴾ [الطور‪ ،]21:‬و﴿‬ ‫سَبتْ َرهِيَنةٌ ﴾ [الدثر‪ ،]38:‬وأن‪ ﴿ :‬كُ ّل امْرِ ٍ‬ ‫كُ ّل َن ْفسٍ بِمَا كَ َ‬
‫لوْفَى ﴾ [النجم‪-39:‬‬ ‫ف يُرَى * ثُ ّم يُجْزَا ُه الْجَزَا َء ا َ‬ ‫َوأَنْ َلْيسَ ِللِنسَانِ إِلّا مَا َسعَى * َوأَ ّن َس ْعيَهُ َسوْ َ‬
‫‪ ،]41‬ويرى أن سبيل دخول النة إنا يكون بتقدي النفس والموال رخيصة ف سبيل ال فيقول‪:‬‬
‫جّنةَ ُيقَاتِلُونَ فِي َسبِيلِ اللّهِ َفَي ْقتُلُونَ‬ ‫سهُ ْم َوَأمْوَاَلهُ ْم بَِأنّ َلهُ ُم الْ َ‬
‫﴿ إِنّ اللّ َه ا ْشتَرَى مِ َن الْ ُم ْؤمِنِيَ أَنفُ َ‬
‫َويُ ْقتَلُونَ َوعْدًا عََليْهِ َحقّا فِي الّتوْرَا ِة وَالِنِي ِل وَاْلقُرْآنِ َومَنْ َأوْفَى ِب َعهْ ِد ِه مِنَ اللّهِ فَا ْستَبْشِرُوا ِببَْي ِعكُمُ‬
‫ك ُهوَ الْ َفوْ ُز اْلعَظِيمُ ﴾ [التوبة‪ ،]111:‬ويستنكر على من يظن أن دخول النة‬ ‫الّذِي بَايَ ْعتُ ْم بِ ِه وَذَلِ َ‬
‫سْبتُمْ َأنْ تَ ْدخُلُوا‬ ‫رخيص متاح بل عمل ول تمّل مشقّاتٍ‪ ،‬وصب على الكاره فيقول‪َ ﴿ :‬أمْ حَ ِ‬
‫جّنةَ وَلَمّا يَ ْأِتكُمْ مَثَ ُل الّذِينَ َخَلوْا مِنْ َقْبِلكُمْ مَسّْتهُ ُم اْلبَ ْأسَا ُء وَالضّرّا ُء وَزُْلزِلُوا َحتّى َيقُولَ ال ّرسُولُ‬ ‫الْ َ‬
‫جّن َة وَلَمّا َيعْلَمِ‬‫سبْتُمْ َأ ْن تَدْخُلُوا الْ َ‬ ‫وَالّذِينَ آ َمنُوا َمعَ ُه َمتَى َنصْرُ اللّهِ ﴾ [البقرة‪ ،]214:‬ويقول‪َ ﴿ :‬أمْ حَ ِ‬
‫اللّ ُه الّذِينَ جَاهَدُوا ِمْنكُ ْم َوَيعْلَ َم الصّابِرِينَ ﴾ [آل عمران‪ ،]142:‬ويؤكد بأوضح بيان وأصرح كلم أن‬
‫ل أمل لن كذّب بآيات ال واستكب عنها بدخول النة والنجاة من النار فيقول‪ ﴿ :‬إِ ّن الّذِينَ‬
‫جّنةَ َحتّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي‬ ‫كَ ّذبُوا بِآيَاتِنَا وَاسَْت ْكبَرُوا َعْنهَا ل ُت َفتّحُ َلهُمْ َأْبوَابُ السّمَا ِء وَل يَدْخُلُو َن الْ َ‬
‫ك نَجْزِي‬ ‫ش وَكَذَلِ َ‬ ‫ج ِرمِيَ * َلهُ ْم مِنْ َج َهنّ َم ِمهَا ٌد َومِنْ َفوِْقهِ ْم َغوَا ٍ‬ ‫جزِي الْمُ ْ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫ط وَكَذَلِ َ‬ ‫خيَا ِ‬ ‫سَ ّم الْ ِ‬
‫الظّالِمِيَ ﴾ [العراف‪.]41-40:‬‬
‫فمثل هذه النذارات وأصناف الوعيد إذا سعها النسان ليس من ال بل حت من سلطان‬
‫دنيوي ل يلك شيئا إل ما ملّكه ال‪ ،‬فإنه ل يغمض له جفن ول يستطيع النوم خوفا منها‪ ،‬فما‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 17 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫بالك إذا كان قائلها رب العالي ومالك رقاب العباد يوم الدين؟! لذا لا كان السلمون الوائل‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) ويوقنون بأنه بعد رحيلهم من‬ ‫صلّى ا ُ‬
‫يسمعون تلك اليات مباشرةً من رسول ال ( َ‬
‫جّنةِ وَفَرِيقٌ فِي السّعِيِ ﴾ [الشورى‪:‬‬
‫هذه الدنيا ليس أمامهم يوم القيامة إل أحد مكاني‪ ﴿ :‬فَرِيقٌ فِي الْ َ‬
‫‪ ،]7‬كانوا يقدّمون النفس والال على طبق الخلص لجل تصيل رضا ال ودخول جنة رضوانه‬
‫ونيل نعمه الت ل تزول يدوهم الوف والرجاء ف سوق السعادة البدية‪ ،‬وكان نتيجة تلك‬
‫ل عَلَيه‬
‫العقيدة أن بذل السلمون كل جهد لنشر السلم ف أناء العال سواء ف زمن النب (صَلّى ا ُ‬
‫وَآلِهِ) أو زمن اللفاء الراشدين من بعده ول يبخلوا بتقدي الروح والال بكل شوق ورضا عندما‬
‫تَطَلّب المر منهم ذلك‪ ،‬وكانت ثرة ذلك أن أضاء نور السلم جوانب العال خلل نصف قرن‬
‫من الزمن وملت عدالته أطراف الدنيا وأخرج الناس من ظلمات الشرك والهل إل نور التوحيد‬
‫والعلم‪ ،‬وأسس حكومة العدل والنظام الحسن الذي ل يكن يدر ف خلد ملوق قبل ذلك‪.‬‬
‫ولكن عندما اختلط السلمون ‪-‬نتيج ًة لتساع رقعة السلم‪ -‬بأرباب اللل والنحل والديان‬
‫الت كانت قبل السلم وكانت مشوبة بالرافات والوهومات‪ ،‬بدأت تسري إل عقول وقلوب‬
‫بعضهم بعض العقائد الباطلة والراء الكاسدة لتلك المم‪ ،‬كما نَشُطَ أعداء السلم ببثّ خرافاتم‬
‫وأوهام أديانم الت كانت مسؤولة عن هزيتهم أمام السلم‪ ،‬بي السلمي‪ ،‬سعيا منهم إل إيقاف‬
‫م ّد السلم‪ ،‬واحتالوا لذلك حيلً شت فدخلت الفكار اليهودية (أي السرائيليات) والنصرانية‬
‫والجوسية بواسطة أشخاص مشبوهي أمثال «كعب الحبار» و«وهب بن منبه» و«عبد ال بن‬
‫سبأ» ومن التأخرين أمثال «الافظ رجب البسي» الغال وغيهم الذين يبدو أنم كانوا ينّون‬
‫إل مذاهبهم السابقة فدسّوا أفكارها الليئة بالغل ّو بالنبياء والصالي بي السلمي ونسبوها إل‬
‫أئمّة السلم‪ ،‬ووضعوا على ألسنتهم أحاديث بذا الصدد وجعلوا الصول على النة رخيصا‬
‫يكفي فيه أداء بعض الصلوات وقراءة بعض الدعية وصيام بعض اليام وزيارة مراقد الئمة ونو‬
‫ذلك‪ ،‬وأن هذه ستُورث فاعلها القصور والور وتعله جليسا للنبياء والئمة ولو كان خال‬
‫الوفاض من العمال الصالة وخفيف اليزان من الي والصلح‪.‬‬
‫وبذا تكنوا من إيقاف السلمي عن النشاط والركة والبذل والتضحية لنشر السلم‬
‫وحفظ حدوده وتشريعاته‪ ،‬وثانيا جرّؤوا العوام على ارتكاب العاصي والفسق والفجور‪ ،‬المر‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 18 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫الذي يشكّل أفضل وسيلة للك المم وذهاب ريها وأوقعوا السلمي ف ذلك فيما وقع فيه‬
‫ب يُ ْد َعوْنَ إِلَى ِكتَابِ‬ ‫أسلفهم من المم كما قال تعال‪ ﴿ :‬أَلَ ْم تَرَ إِلَى الّذِينَ أُوتُوا َنصِيبًا مِ َن الْ ِكتَا ِ‬
‫سنَا النّارُ إِلّا َأيّامًا‬
‫ك ِبَأنّهُمْ قَالُوا لَ ْن تَمَ ّ‬
‫حكُ َم َبيَْنهُ ْم ثُ ّم َيَتوَلّى فَرِي ٌق ِمْنهُ ْم َوهُ ْم ُمعْرِضُونَ * ﴿ ذَلِ َ‬
‫اللّهِ ِليَ ْ‬
‫َمعْدُودَاتٍ وَغَ ّرهُمْ فِي دِيِنهِ ْم مَا كَانُوا َي ْفتَرُونَ ﴾ [آل عمران‪.]24-23:‬‬
‫أل يكن اليهود كذلك؟ أل يدّع النصارى عن السيح مثل ذلك وأنه تكفي مبة السيح‬
‫ووليته واليان به للنجاة يوم القيامة بدلً من تشم عناء العمال واللتزام بالشرع والحكام‬
‫النلة من عند ال؟!‪.‬‬
‫إن هؤلء ل يدركون أن ولية النب والمام الت تفيد السلم هي تلك الولية والنصرة الت‬
‫كانت ف حال حياتم وكانت منشأً للجهاد والنصرة والتضحيات والبذل ف ركاب النب صَلّى الُ‬
‫صةً‬
‫عَلَيه وَآلِ ِه أو المام‪ ،‬أي كانت وليةً تستتبع العمل وليست مرد مبّة قلبيّة خالية وكلمية! خا ّ‬
‫إذا كانت مبةً لم بعد وفاتم الت ل تستتبع أعمالً وخيا‪ ،‬فليت شعري ما هي العمال العظيمة‬
‫الت يقوم با اليوم مدعو التشيّع لعليّ الذين يدّعون ولءه ويفتخرون به؟ لّا كان ذلك المام المام‬
‫حيّا وكان باجة إل نصرة الناس ل يبذل له الولء إل قليلون وتقاعس عنه الكثيون فما هي‬
‫فائدة ادعاء الولية اليوم وما العمال الت يستتبعها هذا الدعاء؟! أل يقل رسول ال (صَلّى الُ‬
‫عَلَيه وَآلِهِ) وهو يبيّن ولية عل ّي ويأخذ با العهد على الناس‪...« :‬الّلهُ ّم وَا ِل مَ ْن وَالَاهُ الّلهُ ّم عَادِ‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ من الولية هنا مرد ولية قلبية دون‬ ‫مَ ْن عَادَاهُ»(‪)1‬؟ فهل مراد النب الكري َ‬
‫صلّى ا ُ‬
‫عمل؟!‬
‫إذن مسألة الولية والشفاعة الت يُكثر القوم من التشبث با اليوم ليست بعيدة عن مسألة‬
‫مبة وشفاعة السيح الت تشبّث با النصارى‪ ،‬ول شك أن هذه العقيدة إن ل يكن النصارى قد‬
‫أدخلوها بي السلمي فعلى القل أيّدوها وق ّووْها إذ إنا تفتح أمام العامة مال العصية والفسق‬

‫() الديث مشهور لدى الشيعة وأخرجه كث ٌي من مدّثي أهل السنة كالنسائي ف سننه الكبى وابن ماجه ف سننه وأحد‬ ‫‪1‬‬

‫ل َعلَيْهِ‬‫صلّى ا ُ‬ ‫ب قَالَ‪َ :‬أقَْبلْنَا َمعَ َرسُولِ الِ َ‬ ‫ف مسنده والاكم ف الستدرك وغيهم‪ ...‬وتام لفظه‪ ﴿ :‬عَنْ الْبَرَا ِء بْنِ عَازِ ٍ‬
‫ستُ َأ ْولَى‬ ‫ل عَنْ ُه َفقَالَ َألَ ْ‬
‫ضيَ ا ُ‬
‫َو َسّلمَ فِي َحجّتِهِ الّتِي حَ ّج فَنَزَ َل فِي َبعْضِ الطّرِي ِق فََأمَ َر الصّلَاةَ جَا ِمعَةً َفأَ َخذَ بَِيدِ َعلِ ّي رَ ِ‬
‫ستُ َأ ْولَى ِبكُ ّل ُمؤْمِ ٍن مِنْ َن ْفسِهِ؟ قَالُوا‪َ :‬بلَى! قَالَ‪َ :‬ف َهذَا َوِل ّي مَنْ َأنَا َموْلَاهُ‬ ‫سهِمْ؟ قَالُوا‪َ :‬بلَى! قَالَ‪َ :‬ألَ ْ‬
‫بِالْ ُم ْؤمِِنيَ مِنْ أَْن ُف ِ‬
‫الّل ُهمّ وَا ِل مَ ْن وَالَا ُه اللّ ُهمّ عَا ِد مَنْ عَادَاهُ ﴾‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 19 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫والفجور الذي ستكون نتيجته التمية الضعف والسر للمم الخرى‪ .‬وهكذا بدأ التوسع ف‬
‫مفهوم الشفاعة وانتشاره بصورة واسعة وجعل أئمة أهل البيت شفعاء الناس يوم القيامة إل الدّ‬
‫الذي أصبحوا فيه تالي لِـلّ ِه والعياذ بال تعال!‬
‫إن مسلمي الصدر الول كانوا يؤمنون بأن خالق العال هو وحده صاحب القدرة والرادة‬
‫والشيئة وأنه أكّد ف عشرات من آيات كتابه أنه ﴿ مَ ْن عَمِلَ صَالِحًا َفِلَنفْسِهِ َومَنْ َأسَاءَ َفعََلْيهَا ثُمّ‬
‫إِلَى َرّبكُ ْم تُرْ َجعُونَ ﴾ [الاثية‪ ]15:‬وأنه ما خلق الناس عبثا وأن كل إنسان سيجن حتما نتائج ما‬
‫جعََلهُمْ كَالّذِينَ آ َمنُوا‬ ‫سيّئَاتِ َأنْ َن ْ‬ ‫سبَ الّذِينَ ا ْجتَ َرحُوا ال ّ‬ ‫كسبته يداه كما قال ربم سبحانه‪َ ﴿ :‬أمْ حَ ِ‬
‫حكُمُونَ * وَ َخلَقَ اللّهُ السّ َموَاتِ وَالَ ْرضَ‬ ‫حيَاهُمْ َومَمَاُتهُ ْم سَا َء مَا يَ ْ‬
‫ت َسوَاءً َم ْ‬
‫َوعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫ت َوهُمْ ل يُ ْظلَمُونَ ﴾ [الاثية‪.]22-21:‬‬ ‫سبَ ْ‬‫جزَى كُ ّل َن ْفسٍ بِمَا كَ َ‬‫بِالْحَ ّق وَِلتُ ْ‬
‫ولّا كان وعيد ال وإنذاراته تتصدع لا القلوب فل بُدّ من اللجوء إل قوة موازية ليصبح‬
‫النسان ف أمان منها لن الضعيف ليس بإمكانه أن يقاوم القوي‪ ،‬لذا ل يكن ف ذهنهم أبدا اتاذ‬
‫أولياء من دون ال واللجوء إل ما سواه أي إل ما يسميه العوام اليوم «عزيز كردهء خدا» أي‬
‫العزّاء لدى ال‪ ،‬أي الذين لديهم حظوة ومعزّة وجاه عند ال يكنهم من خللا أن يؤثروا على‬
‫إرادة ال ويشفعوا لم عنده ويموهم من قوانينه وسننه اللية!‬
‫أمّا السلمون اللحقون فوسّعوا مفهوم الشفاعة إل درجة أصبح فيها أداء عمل سهل‬
‫بإمكانه أن يؤمّنهم من كل تلك النذارات اللية ويضمن لم النان والنعيم البدي‪ ،‬وبعبارة‬
‫أخرى صار هذا الفهوم الديد للشفاعة بثابة نسخ كل الشريعة اللية وإلغاء فائدتا‪ ،‬وهو‬
‫بالضبط ما يريده أعداء السلم‪.‬‬
‫إن مفهوم الشفاعة الديد والنحرف يبتن على استبدال السعي والجاهدات والتضحيات‬
‫والصب على الكاره والعمال الصالة الت مرّ ذكرها باستعطاف قلب إنسانٍ ملوق‪ ،‬من خلل‬
‫مدحه وإطرائه وقراءة أنواع الثناء عليه وتلّقه والتمسّح بأعتابه ‪ -‬أو بالحرى بأعتاب قبه ‪-‬‬
‫وطلب الشفاعة منه‪ ،‬فإذا فعل النسان ذلك نال شفاعته ول َيعُد باجةٍ إل التقيّد باللل والرام‬
‫وإجراء الحكام‪ ،‬وصار ف غنً عن بذل الروح والال للدفاع عن حدود السلم وثغوره وعن‬
‫مال السلمي وعرضهم‪ ،‬والهاد لجل نشر راية الدين وتقدي الروح العزيزة ف سبيل من هو أعزّ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 20 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫منها أي دين ال‪ ،‬لن كل ذلك يكن استبداله بعدّة قطرات من الدموع وبالدعاء والثناء والحبة‬
‫لعدد من أولياء ال الخلوقي مثله‪ ،‬مبّة ليس لا أي انعكاس على صعيد العمل واللتزام لن‬
‫حبّ ِه شيئا!‬
‫الحبوب فيها قد رحل عن الدنيا ول َيعُدْ له أم ٌر ول نيٌ ول إمكانيةَ أن يَطُْلبَ من مُ ِ‬
‫أجل لقد وصل أعداء السلم إل منتهى أملهم بأيسر طريق‪ ،‬أل يققوا بذا المر مرادهم؟‬
‫‪ -1‬لقد أغمدوا سيف الهاد الذي كان برقه يذهب بأبصار الطواغيت وأعداء دين ال‬
‫ويسقط عروشهم ويفتح الباب لدخول الناس فوجا فوجا ف دين ال‪ .‬إذ إنه عندما ُفتِح للمسلمي‬
‫باب الولية بذلك الشكل والشفاعة بتلك الصورة‪ ،‬قُتلت فيهم روح البذل والبسالة فاستراح أعداء‬
‫السلمي من سيطرة السلم وحققوا بذا انتقامهم من هذا الدين‪.‬‬
‫‪ -2‬السلمون الذين ما كانوا يترئون أبدا على ارتكاب الث وإشاعة الفسق والفجور‬
‫أصبحوا بفضل العتماد على شفاعة أولياء ال والطمئنان إل أن بإمكانم بفضلها النجاة من النار‬
‫والوصول إل أعلى درجات النان بجرد القيام ببعض العمال البتدعة‪ ،‬ل يشعرون بالرج إن‬
‫ألّوا بأنواع العاصي والذنوب حت الكبائر‪ ،‬وهذا ما نده ف كثي من بلدان العال السلمي حيث‬
‫انتشر التحلل من الدين وعدم احترام نظامه وتشريعاته‪ ،‬خاصة ف بلدنا حيث ند عدم اهتمام‬
‫كثي من الناس بدود ال وأوامره حت أصبحنا أسوأ بكثي من عديدٍ من أمم العال‪ ،‬هذا رغم أن‬
‫مذهب شيعة أهل البيت يؤكد على التقوى ويوصي بالورع أكثر من أي مذهب إسلمي آخر‪.‬‬
‫ولكن للسف انتشر بينهم مفهوم الشفاعة النحرف هذا‪ ،‬بسبب الدسائس الغرضة ودعايات‬
‫السوء الشيطانية ووجود الغل ّو والغلة بكثرة بي الشيعة أكثر من انتشارهم لدى سائر الذاهب‬
‫وأشدّ‪ ،‬وذلك لسباب كثية منها أنه بذا الطريق يستطيع دعاة هذا الذهب الغالي أن يكرّسوا‬
‫النشقاق عن سائر السلمي وياصروا مساعي الوحدة السلمية‪ ،‬ول نستبعد أن يكون لعداء‬
‫السلم والدول الستعمارية أياد خبيثة تدفع العلماء الغالي لكتابة كتب تفرّق بي طوائف‬
‫ث فيها أفكار طائفية مفرّقة با يقق تزّق‬
‫السلمي وتعمّق الناع بينهم وتدفعهم لتشكيل مالس ُتبَ ّ‬
‫السلمي وبالتال ضعفهم فيمكن السيادة عليهم حسب قاعدة «فرّق تسُد»‪.‬‬
‫وند أنه عندما يقوم رجال مصلحون وينهض مفكرون إسلميون نابون لصلح هذا اللل‬
‫ورأب الصدع والسعي إل الوحدة السلمية‪ ،‬يقوم أولئك العلماء الغلة وأيادي الستعمار‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 21 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫الشبوهي بتوجيه التُهم إليهم وغالبا ما تؤثّر دعاياتم الغرضة وتعرقل جهود الصلحي الصلحية‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 22 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫من أسباب نشر كتب الغلة وترويج عقائد أهل الغلوّ‬


‫كلنا يعلم أن بعض شيوخ(‪ )1‬الليج الفارسي والزيرة العربية الثرياء أصبح لديهم‪ ،‬بفضل‬
‫الثراء الذي ل حد له الذي نالوه بفضل اكتشاف النفط‪ ،‬قصورا عظيمة وحريا فيه أعداد من‬
‫النساء حت قيل إن بعض ملوكهم لا توف أخيا(‪ )2‬خلّف أكثر من خسي امرأةً‪ ،‬ومن العلوم أن‬
‫الزواج من أكثر من أربع نساء غي مكن ف الشرع‪ ،‬لسيما أنه ليس لدى السلمي من غي الشيعة‬
‫المامية نكاح متعة‪ ،‬إذ يرى جيع السلمي حرمته وينعوه‪ - ،‬بل حت بعض فقهاء الشيعة المامية‬
‫مثل الشهيد الثان واستنادا إل أحاديث واردة عن الصادَِقيْن كما ف قرب السناد (ص ‪ 159‬و‬
‫‪ )161‬ل ييز المع بي أكثر من أربع نساء تت أي عنوان سواء بنكاح دائم أم منقطع‪ ،-‬فإذا‬
‫كان المر كذلك فل يبقى ما ٌل لتأمي ذلك العدد من النساء إل موضوع الماء وما ملكت‬
‫اليمي‪ ،‬ورغم أن السترقاق وبيع وشراء العبيد والماء قد ولّى منذ عهد بعيد‪ ،‬وأصبح منوعا ف‬
‫العال وُيعَدّ من الرائم‪ ،‬إل أن هذا المر يتم بصورة سرية بي بعض شيوخ مشيخات الليج‪ ،‬ولا‬
‫ل يكن بالمكان أخذ الماء من أهل الكتاب لن معظمهم اليوم أصبح لم دول قوية واستقلل‬
‫ومَنَعة‪ ،‬فل يبقى إل أخذهن من الشركي الذين حت لو ل يكونوا ماربي فإنم ف نظر السلم‬
‫وفقهاء العامة ل حرمة لم ويكن تأمي الماء منهم‪.‬‬
‫لذا فإن إيران الشيعية الواقعة إل جوار دول الليج الفارسي تشكل منبعا جيدا لولئك‬
‫الرؤساء والشيوخ للء حريهم‪ ،‬ولذا ند أن عددا من تار البشر ف القرن العشرين يأتون كل‬
‫عام إل بلد إيران ليخدعوا الفتيات ويصطادوهن لبيعهن ف سوق النخاسة لولـئك الشيوخ‬
‫الثرياء ويصّلوا من هذه التجارة أموالً طائلةً‪ ،‬وأحيانا يتم هذا الداع بصورة شرعية إذ يأت مث ً‬
‫ل‬

‫() القصود بالشيوخ زعماء وأمراء القبائل الذين يطلق عليهم لقب الشيخ‪ ،‬وليس علماء الدين كما هو الفهوم من كلمة‬ ‫‪1‬‬

‫الشيخ ف مصر وبلد الشام‪( .‬الترجم)‬


‫() ُنذَكّر أن هذا الكلم كتبه الؤلف قبل أكثر من ‪ 40‬سنة من الن‪ ،‬وما ذكره الؤلف ـ رحه ال ـ ليس سببا‬ ‫‪2‬‬

‫غ بأن هؤلء الرقيق مشركون‪ ،‬ولكن كان هناك‬


‫سوّ ُ‬
‫حقيقيا‪ ،‬فعندما كان السترقاق موجودا ف النطقة ل يكن ُي َ‬
‫عصابات تنتهب البشر لبيعهم‪ ،‬وكان يؤتى بم من أماكن شت‪ ،‬مثل شرق أفريقيا‪ ،‬وجنوب روسيا من (من جورجيا‬
‫والشركسي)‪ ،‬ومن أطراف الند بيث يُختَطف الطفال من بلدهم ويباعون ف بلد أخرى على أنم رقيق‪ .‬وكان هذا‬
‫المر منتشرا ف الليج وغيه‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 23 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫بعض الشباب من العرب أو من اليرانيي ويطب فتاةً بجة أنه يرغب الزواج منها‪ ،‬ولكنه ف‬
‫باطن المر يعدها للبيع لمراء البلدان العربية أصحاب الري!‬
‫فمن هذه الهة‪ ،‬فإنه إضافةً إل هدف الستعمار العروف الذي يسعى على الدوام إل إثارة‬
‫العداوة الطائفية بي الشيعة والسنة وجعلهم يصطفون ف مواجهة بعضهم البعض عن طريق نشر‬
‫الرطب واليابس من الكتب الت من شأنا أن تثي الختلف والتفرقة‪ ،‬وغالبا ما تُطبع أعدادٌ كبيةٌ‬
‫جدا من أمثال تلك الكتب الت تثي التفرقة وتؤجج العداوة والبغضاء وتد للسف استقبالً لدى‬
‫كثيٍ من القراء‪ ،‬أقول إضافة إل هذا المر فإن أولئك المراء الثرياء العرب الباحثي عن الماء‪،‬‬
‫لم مصلحة أيضا ف نشر كتب الغلة من الشيعة بل يوّل بعضهم أحيانا نشرَ مثل تلك الراء‬
‫صةً ُكتُبا مثل «امراء هست وتلي وليت» (أي أمراء الكون وتلي الولية)‪،‬‬ ‫الفرطة ف الغلوّ خا ّ‬
‫ومثل «عِلْ ِم اِمام» (أي علم المام)‪ ،‬وأمثالا من الكتب الطافحة بالغل ّو والت تشكل دليلً جيدا‬
‫لتكفي الشيعة واعتبارهم مشركي وبالتال يصبح شراء بناتن بوصفهن إماء ُمبَرّرا وأمرا مباحا‬
‫وحللً‪.‬‬
‫والعجب أنه كلما قام بعض الواعي الريصي على مصلحة المة بالسعي لرفع الختلف‬
‫وتقريب فريقي السلمي الكبيين الشيعة والسنة من بعضهما‪ ،‬قامت أبواق الستعمار وشياطينُه‬
‫الأمورون بتنفيذ مططاته ومؤامراته باتام دعاة التصحيح والصلح بأنم وهابيون يتقاضون‬
‫أجرهم من ابن سعود أو من حكومة مصر ف حي أن المر ليس كذلك بل لو قيض للمذكورين‬
‫أن ينشروا كتبا حول الشيعة فلن ينشروا سوى كتب من أمثال «أمراء هست» (أي أمراء الكون)‪،‬‬
‫أو «تلي وليت» (أي تلي الولية) وأمثالا من كتب الغل ّو الفرط الت ستكون مفيدة لن يريد‬
‫دليلً جيدا على اعتبار جيع الشيعة مشركي واستباحة التصرف بأموالم وناموسهم واتاذ بناتم‬
‫سبايا وشراء فتياتم من العراق وإيران كإماء يلؤون بن قسم الري ف قصورهم ويشبعون بن‬
‫شهواتم وغرائزهم!‬
‫ومنذ أكثر من مئة عام كان لدينا ناذج لثل أولـئك الشجعي على نشر أمثال تلك الكتب‬
‫الغالية من بي بعض حكام أهل السنة‪ ،‬فقد قام حاكم بغداد زمن العثمانيي «عبد الباقي العمري»‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 24 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫‪-‬وهو من أهل السنة‪ -‬بتشجيع وحثّ السيد «كاظم الرشت»(‪- )1‬الذي كان من أشد غلة‬
‫جيّة»(‪ )2‬الكذوبة والطافحة‬
‫الشيعة غلوّا وصاحب كتاب «شرح القصيدة» وشارح «الطبة التّ ْطنَ ِ‬
‫بالغلوّ الحض‪ -‬على نشر تلك الكتب! كما فعل ذلك أيضا «علي رضا باشا» وال بغداد‪ ،‬لنم‬
‫كانوا يعرفون أنه بانتشار مثل تلك الكتب سيجدون البر للهجوم على إيران واستباحة دماء أهلها‬
‫وسب نسائها وبناتا‪ ،‬والتاريخ القدي والعاصر خي شاهد على ما نقول!‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫() هو السيد كاظم بن قاسم السين‪ ،‬الوسوي‪ ،‬الكربلئي‪ ،‬اليلن‪ ،‬الرشت (‪1259 - 1212‬هـ) (‪- 1797‬‬ ‫‪1‬‬

‫سبُ إل زعيمها‬‫سمّى أيضا بالكشفيّة لا يُْن َ‬


‫‪ 1843‬م)‪ ،‬تلميذ وخليفة الشيخ أحد الحسائي مؤسّس فرقة الشيخية وُت َ‬
‫من الكشف واللـهام‪ ،‬وهي فرقة تفرّعت من الشيعة المامية وتيزت بالغلوّ الشديد والقول بالتفويض أي أن ال تعال‬
‫فوّض للنبّ والئمّة تدبي الكون واللق!! وقد كفّر عديد من مراجع الشيعة هذه الفرقة واعتبوها من أصناف الغلة‪.‬‬
‫(الترجم)‪.‬‬
‫() خطبة موضوعة منسوبة لمي الؤمني علي بن أب طالب عليه السلم تتضمن عبارات ينسب فيها عليّ لنفسه كل‬ ‫‪2‬‬

‫الفعال اللـهية‪ ،‬وقد حكم جل علماء الشيعة‪ ،‬ومنهم العلمة الجلسي صاحب بار النوار‪ ،‬بكذب هذه الطبة وأنا‬
‫من وضع الغلة‪ .‬وسيتكلم عنها الؤلف قلمداران ف بثه التال حول الغلو والغلة‪( .‬الترجم)‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 25 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫نظرة تاريية إل مفهوم الشفاعة لدى المم السابقة‬


‫موضوع الشفاعة ذو سوابق تاريية عريقة ف المم الاضية والديان الباطلة‪ ،‬إذ ند هذا‬
‫الوضوع ف العقائد السطورية للغريق وف الديانة الزردشتية وف الديان الصرية القدية وف بابل‬
‫وف الديانة النصرانية وأخيا لدى مشركي الجاز وعُبّاد الصنام العرب الذين كان لعقيدة‬
‫الشفاعة لديهم أهي ٌة بالغةٌ وجذو ٌر عميقةٌ بل تثّل هذه العقيدةُ الركيز ُة الساسيةُ ف ديانتهم‬
‫الشركيّة‪.‬‬
‫وعلّة ذلك أنه بعد إيان البشر بوجود إلهٍ عظيمٍ كانوا يتصوّرون وجود آلةٍ خاضعةٍ له ولك ّل‬
‫منهم منصبٌ ودو ٌر عُهد إليه ف تسيي شؤون أمور العال‪ ،‬فهو يقوم بتدبي شأن من شؤون الليقة‪،‬‬
‫فكان أولئك الوثنيون يصرفون وجوه العبادة والتذلل إل تلك اللة‪ ،‬فمثلً يطلبون ‪-‬ف أيام‬
‫القحط‪ -‬الطرَ من إله الطر‪ ،‬ويقدّمون له القرابي لرفع غضبه‪ ،‬ويقدّمون لله النهر والبحار القرابي‬
‫الت كانت أحيانا فتيات جيلت يرمون بنّ ف نر النيل جلبا لرضا إله وتفاديا لغضبه الذي‬
‫يؤدي إل طغيان مائه وطوفانه‪.‬‬
‫وهكذا كان هناك إلهٌ للحرب وإلهٌ للسلم‪..‬ال‪ ،‬إل أن جاء دين زردشت فعدّل المر ودعا‬
‫إل اليان بدبّرٍ واحدٍ للكون وصانعٍ للعال «يزدان» وأن هناك إلا ثانيا هو إله الشرّ «اَهرين »‬
‫والذي هو مصدر الشرور ف العال (الذي سيخضع لله الي ف النهاية)‪ ،‬وبذلك أُحيلت جيع‬
‫اللة الخرى إل التقاعد وتوّلوا إل ملئكة يعملون برتق وفتق أمور العال بأمر (يزدان)‪.‬‬
‫كما تطوّرت أساطي الغريق حول اللة من خلل انتشار آراء الفلسفة اليونانيي القدماء‬
‫وتوّلت إل القول بالعقول العشرة والفلك التسعة‪ ،‬وتلك اللة واللئكة والعقول والفلك رغم‬
‫أنا أخلت مكناها ‪-‬فيما بعد‪ -‬لِـلّهِ الواحد العظيم وأصبحت خاضعة لرئاسته إل أنا بقيت‬
‫متفظة ف مقامها الختصاصي بنوع من الستقلل لن أساطي اليونانيي كانت َت ْعتَبِ ُر أن مبدأ‬
‫الوجود الول الذي فاضت عنه سائر الكائنات هو على درجة من التجرّد والتعال تعله أرفع شأنا‬
‫وأجلّ مرتبةً من أن يهتمّ بأمور الليقة السُفلى ويشتغل بقضاياها من إحياء وإماتة ورزق وعطاء‬
‫وسائر أمور وجزئيات العال‪ ،‬ل بل يلّ عن إدراك تلك الزئيات! ولذلك فمثل هذه المور‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 26 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫كانت من مسؤولية اللئكة واللة الصغية أو الوسطاء والشفعاء الذين ينبغي على الناس أن‬
‫يتجهوا من خللم إل الله الكبي‪ ،‬لذا كان الناس الاهلون ف خوف ورجاء دائمَي من إعراض‬
‫وإقبال تلك اللة‪ ،‬وقد ترك هذا أثره ف مفهوم التشفّع باللئكة لدى عرب الاهلية الشركي‬
‫الذين كانوا يتصوّرون تلك اللئكة العظام بوصفها بنات ال فيعبدونا رجاء منهم أن تشفع لم‬
‫عند ال وتقرّبم إل ال زُْلفَى‪ ،‬وقد نقلت لنا كتب أخبار وقصص العرب طرفا من تلك العقائد‬
‫فمثلً يذكر اللوسي ف كتابه «بلوغ الرب» (ص ‪/253‬ج ‪ )2‬أن العرب كانوا يعتقدون أن حلة‬
‫العرش أربع ملئكة كل واحد منها بشكل كائن ذي روح والذي ف صورة آدم هو الذي يشفع‬
‫للبشر والذي على شكل نسر هو الذي يشفع للطي!‪.‬‬
‫فمسألة شفاعة اللئكة ذات تاريخ قدي ف الديان الاضية‪ ،‬ولا وُجدت النظمة اللكية بي‬
‫البشر ونشأت مؤسسةُ السلطنة والرئاسة وتقريبُ الفراد وإبعادُهم ومكافأتُهم وعقابُهم‪ ،‬ث تتطور‬
‫المر إل أن الشخاص الذين كان السلطان أو رئيس العشية أو القبيلة يغضب عليهم يلتجئون إل‬
‫أقرباء وأعزّاء وحاشية السلطان أو الرئيس ويستفيدون من جاهه لدى السلطان ليحميهم من غضبه‬
‫وسخطه‪ ،‬كانت النتيجة التمية لذلك أن تقع مبة الشفيع ف قلب التشفّع فيكرمه ويدمه‪.‬‬
‫فمنشأ العتقاد بذه الشفاعة هو التعوّد على ما اعتاده البشر ف أنظمة السلطي البّارين‬
‫الذين لديهم أشخاص ُمدَلّلُون و ُمقَ ّربُون منهم يكن لن ارتكب إثا واستح ّق عقابا أن يلجأ إليهم‬
‫لينقذوه من غضب السلطان ويرفعوا عنه عقابه‪.‬‬
‫هذه العقيدة ذاتا سرت إل التديني الذين تصور عوامّهم أن اللة الصغية أو الوثان‬
‫العبودة أو اللئكة العظام أو النبياء والولياء لم معزّة واحترام وجاه لدى ال على نو يكّنهم‬
‫من التوسط لديه والتأثي عليه ليغيّر حكمه ويرفع عقابه‪ ،‬لذا ل بد من اللجوء إل هؤلء الشفعاء‬
‫عند القحط والغلء والتوسل إليهم ليشفعوا لحبيهم وعابديهم عند ال حت يرفع عنهم ذلك‬
‫البلء!‪ .‬وكانت مثل تلك الشفاعة تُطَْلبُ ف بادئ المر لجل المور الدنيوية وإصلح أمور‬
‫العاش ول تكن لجل المور الخروية لن عرب الاهلية الشركي‪ ،‬الذين كان لوضوع الشفاعة‬
‫ف دينهم ‪ -‬كما ذكرنا ‪ -‬أهية بالغة وانتشار واسع‪ ،‬ل يكونوا يؤمنون بالعاد‪ ،‬فكانوا يعبدون‬
‫الصنام رجاء نفعها لم ف الدنيا وكشفها الضر عنهم ويبرون ذلك بأنا شفعائهم عند ال‪﴿ :‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 27 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫َويَ ْعبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّ ِه مَا ل َيضُ ّرهُ ْم وَل َينْ َف ُعهُ ْم َوَيقُولُونَ َهؤُل ِء ُشفَعَا ُؤنَا عِنْدَ اللّهِ ُقلْ َأتَُنّبئُونَ اللّهَ‬
‫ض ُسبْحَانَ ُه َوتَعَالَى عَمّا يُشْرِكُونَ ﴾ [يونس‪.]18:‬‬ ‫ت وَل فِي الَ ْر ِ‬ ‫بِمَا ل َيعْلَمُ فِي السّ َموَا ِ‬
‫هذا وقد جاء ف التواريخ العتبة أن منشأ عبادة الصنام بي عرب الاهلية يعود إل «عَ ْمرَو‬
‫ج مِ ْن َم ّكةَ إلَى الشّامِ فِي َب ْعضِ ُأمُو ِرهِ َفلَمّا‬ ‫حيّ» الذي كان من طبقة الشراف ف مكة و« َخرَ َ‬ ‫بْنَ لُ َ‬
‫ض الْبَ ْلقَاءِ‪َ ،‬وِبهَا َيوْ َمئِ ٍذ اْلعَمَالِيقُ ‪َ -‬وهُ ْم وَلَ ُد عِ ْملَاقٍ‪َ ،‬ويُقَا ُل عِ ْملِي ُق بْنُ لَاوِ ْذ بْنِ‬
‫ب مِنْ أَ ْر ِ‬ ‫قَ ِد َم مَآ َ‬
‫صنَامَ َفقَالَ َلهُ ْم مَا هَ ِذ ِه اْلأَصْنَا ُم الّتِي أَرَاكُ ْم َت ْعبُدُونَ؟ قَالُوا لَهُ‪ :‬هَ ِذهِ‬
‫سَامَ بْ ِن نُوحٍ ‪ -‬رَآهُمْ يَ ْعبُدُونَ اْلأَ ْ‬
‫صنَمًا َفَأسِيَ‬ ‫ستَْنصِ ُرهَا َفَتنْصُ ُرنَا‪َ ،‬فقَالَ َلهُمْ أََفلَا ُتعْطُوَننِي ِمْنهَا َ‬‫ستَمْ ِط ُرهَا َفتُ ْمطِ ُرنَا‪ ،‬ونَ ْ‬ ‫صنَامٌ َن ْعبُ ُدهَا‪َ ،‬فنَ ْ‬
‫أَ ْ‬
‫صنَمًا ُيقَالُ لَهُ «هُبَلُ» َفقَ ِد َم بِهِ َم ّكةَ‪َ ،‬فَنصَبَ ُه َوَأمَ َر النّاسَ‬
‫ض الْعَرَبِ‪َ ،‬فَي ْعبُدُوهُ؟ َفَأعْ َطوْهُ َ‬ ‫بِهِ إلَى أَ ْر ِ‬
‫ِبعِبَا َدتِ ِه َوَتعْظِيمِهِ‪ ،)1(».‬واستمر ذلك إل الدّ الذي انتظر فيه الشركون وتنّوا من حضرة النبّ‬
‫ممّدٍ رسولِ ال أن يوافق على عبادة أصنامهم لن شفاعتها مرجوّة! كما هو مسطور ف قصة‬
‫«الغرانيق» حي نطق الشيطان بملة «تلك الغرانيق العل وإ ّن شفا َعَتهُ ّن لتُ ْرتَجى» ف إشارة إل‬
‫آلتهم اللت والعُزّى ومناة‪ ،‬ففضح ال إلقاء الشيطان(‪ ،)2‬فهذا يبي أن الشركي إنا كانوا يطلبون‬
‫من تلك الصنام الشفاعة ف تيسي أمور حياتم وتسي شؤون معاشهم وكشف الض ّر والبلء‬
‫عنهم‪.‬‬
‫والمر ذاته كان لدى الجوس ف عقيدتم باللئكة الذين كانوا ينتظرون منهم الشفاعة‬
‫والترّحم ليُمطر ال على الناس الطر وينبت الزرع والثمر‪ ،‬وكانت النصرانية هي الدين الوحيد‬
‫الذي يتحدث عن الياة بعد الوت ودخول ملكوت السماء‪ ،‬ومع ذلك فقد طرح موضوع‬
‫الشفاعة أيضا فيه بكل قوة ولكن بصورة متلفة‪.‬‬
‫فآيات الشفاعة ف القرآن الت تبيّن أن الشفاعة موقوفة على إذن ال ومنوطة بشيئته كثيٌ‬
‫منها يشي إل تلك الشفاعة الت كانت المم الاضية لسيما عرب الاهلية يؤمنون با لجل‬
‫حاجاتم ف الدنيا وإصلح أمور معاشهم وذلك كما قال تعال ف سورة البقرة‪ ﴿ :‬مَنْ ذَا الّذِي‬
‫شفَعُ عِنْ َدهُ إِلّا بِإِ ْذنِهِ ﴾ [البقرة‪ ]255:‬حيث جاءت هذه الملة بعد قوله تعال‪َ ﴿ :‬يعْلَ ُم مَا َبيْنَ‬
‫يَ ْ‬

‫() انظر سية ابن هشام (ج ‪/1‬ص ‪ ،)83‬والبداية والنهاية لبن كثي ج ‪/2‬ص ‪( .188‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() قصة الغرانيق روتا بعض كتب الشيعة والسنة وقد طعن بصحتها علما ٌء من الفريقي‪( .‬الترجم)‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 28 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ت هنا كل ٌم‬ ‫شيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلّا بِمَا شَاءَ ﴾ [البقرة‪ ،]255:‬فلم يأ ِ‬ ‫َأيْدِيهِ ْم َومَا َخ ْل َفهُ ْم وَل يُحِيطُونَ بِ َ‬
‫عن الخرة حت يكون هدف الشفاعة غفران الذنوب فيها‪ ،‬وكذلك قوله تعال‪َ ﴿ :‬أَأتّخِ ُذ مِنْ دُونِهِ‬
‫ل ُمبِيٍ ﴾‬ ‫آِل َهةً ِإ ْن يُرِ ْدنِ الرّ ْحمَ ُن ِبضُ ّر ل ُتغْنِ عَنّي َشفَا َعُتهُمْ شَْيئًا وَل يُنقِذُونِ * ِإنّي إِذًا َلفِي ضَل ٍ‬
‫[يس‪.]24-23:‬‬
‫فهذه اليات تنفي الشفاعة بعن قدرة غي ال على تدبي أمور السماء والرض وإيصال‬
‫الض ّر والنفع بدون إذن ال أي تلك الشفاعة ذاتا والتوسل والتوسط ذاته الذي كان الزردشتيون‬
‫وأتباع الفلسفة القائلون بالعقول العشرة ينتظرونه من اللئكة‪ ،‬وأهل الاهلية ينتظرونه من‬
‫أصنامهم وآلتهم اللئكة أيضا‪.‬‬
‫نعم إن القرآن الكري يُص ّدقُ حقيقةَ أن اللئكة أُوكل إليها القيام ببعض شؤون الليقة‪ ،‬مثل‬
‫ت الّذِي وُكّ َل ِبكُمْ‬ ‫ك الْ َموْ ِ‬ ‫ملك الوت الأمور بتوف نفوس العباد كما قال تعال‪ ﴿ :‬قُلْ يََتوَفّاكُ ْم مَلَ ُ‬
‫ثُمّ إِلَى َرّبكُ ْم تُ ْر َجعُونَ ﴾ [السجدة‪ .]11:‬أو قوله تعال‪َ ﴿ :‬وهُ َو اْلقَاهِرُ َف ْوقَ ِعبَا ِد ِه َويُ ْرسِ ُل عََلْيكُمْ‬
‫َحفَ َظةً َحتّى إِذَا جَاءَ أَ َحدَكُ ُم الْ َموْتُ َتوَفّتْهُ ُرسُُلنَا َوهُ ْم ل ُيفَ ّرطُونَ ﴾ [النعام‪ ،]61:‬ومثل اللئكة الت‬
‫أوكل إليها تدبي بعض الوامر كما ف قوله سبحانه‪ ﴿ :‬فَاْلمُ َدبّرَاتِ َأمْرًا ﴾ [النازعات‪ ،]5:‬أو قوله‬
‫ل َن ْفسٍ لَمّا عََلْيهَا حَافِظٌ ﴾‬ ‫تعال‪َ ﴿ :‬وإِ ّن عََلْيكُمْ لَحَافِ ِظيَ ﴾ [النفطار‪ ،]10:‬وقوله تعال‪ ﴿ :‬إِنْ كُ ّ‬
‫[الطارق‪ ،]4:‬ولكن أيا من هؤلء اللئكة ل يكنهم التصرف ف الكون والكان دون إذن من رب‬
‫العالي‪ ،‬وأكثرهم ل تصرف له أصلً ف أمور الليقة كما نقرأ ف سورة النجم قوله تعال‪ ﴿ :‬وَكَمْ‬
‫ن يَشَا ُء َويَرْضَى ﴾ [النجم‪:‬‬ ‫ت ل ُت ْغنِي َشفَا َعُتهُ ْم َشيْئًا إِلّا مِ ْن َبعْدِ َأنْ َيأْ َذنَ اللّهُ ِلمَ ْ‬
‫مِ ْن مَلَكٍ فِي السّ َموَا ِ‬
‫‪ ]26‬فالطاب ف هذه الية موجه ف الواقع إل ُعبّاد الصنام الذين أشارت اليات الت قبلها إل‬
‫أنم كانوا يعبدون اللئكة وينحتون أصناما على شكلها الذي يتصورونه وذلك ف قوله تعال‪﴿ :‬‬
‫أَفَ َرَأْيتُمُ اللّاتَ وَاْلعُزّى * َومَنَا َة الثّاِلَثةَ الُ ْخرَى * أََلكُمُ الذّكَ ُر وَلَ ُه الُنثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْ َمةٌ ضِيزَى *‬
‫إِ ْن ِهيَ إِلّا َأسْمَا ٌء سَ ّمْيتُمُوهَا َأْنتُ ْم وَآبَاؤُكُمْ مَا أَن َزلَ اللّ ُه ِبهَا مِ ْن ُسلْطَانٍ إِ ْن َيتِّبعُونَ إِلّا الظّ ّن َومَا‬
‫س وََلقَدْ جَا َءهُ ْم مِنْ َرّبهِ ُم الْهُدَى ﴾ [النجم‪ ،]23-19:‬كما أنا ذات علقة بالشفاعة‬ ‫َت ْهوَى ا َلْنفُ ُ‬
‫العامة والستغفار الذي تقوم به اللئكة للمؤمني‪.‬‬
‫وبعد أن ينفي الُ سبحانه وتعال الشفاعةَ عن اللئكة إل لن يأذن له ويأمره با بق من‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 29 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫يرتضيه‪ ،‬يقول عقب ذلك‪ِ ﴿ :‬إ ّن الّذِينَ ل ُي ْؤ ِمنُو َن بِالخِ َرةِ َليُسَمّو َن الْمَلئِ َك َة تَسْ ِمَيةَ ا ُلْنثَى * َومَا‬
‫َلهُ ْم بِ ِه مِ ْن عِلْمٍ ِإنْ َيّتِبعُونَ إِلّا الظّنّ َوإِنّ الظّ ّن ل ُيغْنِي مِنَ الْحَ ّق َشيْئًا ﴾ [النجم‪ ،]28-27:‬وهؤلء‬
‫الذين ل يؤمنون بالخرة هم ذاتم الذين وصفتهم الية التالية من السورة ذاتا ف قوله تعال‪﴿ :‬‬
‫حيَاةَ ال ّدْنيَا ﴾ [النجم‪ ،]29:‬فلم يكونوا يتوقعون من‬ ‫ض عَ ْن مَ ْن َتوَلّى عَنْ ذِكْ ِرنَا وَلَ ْم يُ ِردْ إِلّا الْ َ‬
‫َفأَعْ ِر ْ‬
‫اللئكة الشفاعة ف أمور الخرة بل كانوا يظنون أنم يشفعون لم ف أمور الدنيا وأحوال العيشة‪.‬‬
‫وقد ذمّهم ال تعال بسبب اعتقادهم بتلك العقيدة وبيّن لم أنه ل يوجد كائ ٌن أيا كان يكنه أن‬
‫يتدخل ‪ -‬بدون إذن ال وأمره ‪ -‬ف أمور الدنيا والخرة‪ .‬ويقول سبحانه ف سورة الزمر‪َ ﴿ :‬أمِ‬
‫شفَا َعةُ َجمِيعًا لَهُ‬ ‫خذُوا مِنْ دُونِ اللّ ِه ُش َفعَاءَ قُلْ َأوََلوْ كَانُوا ل يَ ْمِلكُو َن َشيْئًا وَل َي ْعقِلُونَ * قُلْ لِلّهِ ال ّ‬ ‫اتّ َ‬
‫ض ثُمّ إَِليْهِ تُ ْر َجعُونَ ﴾ [الزمر‪ ،]44-43:‬أي ل يوز لي إنسان أن يتّخذ‬ ‫مُلْكُ السّ َموَاتِ وَالَ ْر ِ‬
‫ك السموات والرض له وحده‪ ،‬وبالتال‬ ‫شفيعا فيتوجه إليه بالعابدة والدعاء من دون ال ل ّن مُلْ َ‬
‫فالتصرف بما له وحده ول يلك سواه حق التصرف فيهما‪ ،‬ث يقول بعد ذلك مباشرة ﴿ َوإِذَا‬
‫ب الّذِينَ ل ُي ْؤ ِمنُو َن بِالخِ َر ِة َوإِذَا ذُكِرَ الّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ‬ ‫ذُ ِكرَ اللّ ُه وَحْ َد ُه اشْ َمأَزّتْ ُقلُو ُ‬
‫ستَبْشِرُونَ ﴾ [الزمر‪ ،]45:‬ففي هذه الية الخية يظهر بكل وضوح وجلء أن الوثنيي الشركي‬ ‫يَ ْ‬
‫الستشفعي باللئكة ل يكونوا يؤمنون بالخرة وبالتال فإن استشفاعهم باللئكة كان لجل‬
‫المور الدنيوية‪.‬‬
‫ض ثُمّ‬
‫ت وَالَ ْر ِ‬
‫شفَا َعةُ َجمِيعًا لَ ُه مُلْكُ السّ َموَا ِ‬
‫وقد أجاب ال على هؤلء بقوله‪ ﴿ :‬قُلْ لِلّهِ ال ّ‬
‫إَِليْهِ تُ ْر َجعُونَ ﴾ [الزمر‪ ]44:‬فلمّا كان اللك واللكوت والسموات والرض بيد ال وحده إذ هو‬
‫خالق الك ّل ومدبّر الكلّ فل يقّ لحد أن يتطفّل ويتدخّل ف ملكه تعال ولّا كان المر كذلك‪،‬‬
‫فدعاءُ أيّ كائ ٍن سوى ال والستمداد منه بجة طلب الشفاعة منه شركٌ وعمل ضالّ ول يغن عن‬
‫صاحبه شيئا إل كباسط كفيه إل الاء ليبلغ فاه وما هو ببالغه‪....‬‬
‫وإذا كان فريقٌ من الوثنيّي يؤمنون ببقاء الرواح بعد الوت فإ ّن كثيا منهم ما كانوا‬
‫يعتقدون بوجود حساب وكتاب وثواب وعقاب حت يلتجئوا إل الشفاعة لجلها‪ .‬إِ َذنْ فالشفاعة‬
‫ف مذهب الوثنيّي الشركي كانت منحصرة ف المور الدنيوية‪ ،‬وهي شفاعة نفاها ال أو جعلها‬
‫موقوفة على إذنه‪ ،‬فإذا كان لبعض اللئكة وظائف ف عال الكون بإذن ال وبأمره فإنم ل يلكون‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 30 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫فعل ذلك إل ضمن أمره وإذنه واستنادا إل حوله وقوته‪.‬‬


‫ي آية أو جلة تدل بصراحة‬ ‫أما الشفاعة بشأن الزاء الخرويّ فل توجد ف القرآن الجيد أ ّ‬
‫ي إنسان آخر يوم القيامة‪ ،‬بل على العكس تنفي آيات‬ ‫على وقوع شفاعة إنسان من بن آدم ل ّ‬
‫القرآن بشكل صريح وواضح أن ُي ْغنِيَ شخصٌ عن آخر شيئا مطلقا يوم القيامة‪ ،‬كما ف قوله‬
‫تعال‪َ ﴿ :‬يوْ َم ل ُي ْغنِي َموْلًى عَ ْن َموْلًى َشْيئًا وَل هُ ْم يُنصَرُونَ ﴾ [الدخان‪.]41:‬‬
‫س َشْيئًا وَل ُي ْقبَلُ‬
‫س عَنْ نَ ْف ٍ‬ ‫وكما يكرر تعال ف سورة البقرة‪ ﴿ :‬وَاّتقُوا َي ْومًا ل َتجْزِي َن ْف ٌ‬
‫جزِي َن ْفسٌ عَنْ‬ ‫ِمنْهَا َشفَا َعةٌ وَل ُيؤْخَ ُذ ِمْنهَا عَدْ ٌل وَل هُ ْم يُنصَرُونَ ﴾ [البقرة‪ ﴿ .]48:‬وَاّتقُوا َيوْمًا ل تَ ْ‬
‫َن ْفسٍ َشْيئًا وَل ُي ْقبَلُ مِْنهَا عَدْ ٌل وَل تَنفَ ُعهَا َشفَا َع ٌة وَل هُ ْم يُنصَرُونَ ﴾ [البقرة‪ ﴿ ،]123:‬يَاأَّيهَا الّذِينَ‬
‫آ َمنُوا أَن ِفقُوا مِمّا َرزَ ْقنَاكُ ْم مِنْ َقبْلِ َأنْ َي ْأتِ َي َيوْ ٌم ل َبيْعٌ فِيهِ وَل خُّل ٌة وَل َشفَا َع ٌة وَالْكَافِرُو َن هُمُ‬
‫الظّالِمُونَ ﴾ [البقرة‪.]254:‬‬
‫ولحظ أن الية الخية تبتدئ بقوله تعال‪ ﴿ :‬يَاأَّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا ﴾ [البقرة‪ ]104:‬ث تنفي كل‬
‫صور الشفاعة والوساطة يوم القيامة ﴿ ل َبيْعٌ فِي ِه وَل خُّلةٌ ﴾ [البقرة‪ ]254:‬ما ُيبْطِ ُل بشكل قاطع‬
‫دعوى الذين يتصوّرون أن نفيَ الشفاعة خاصّ بالشفاعة للكفار وعبّاد الصنام أمّا الؤمني‬
‫فسيتمتّعون يوم القيامة بشفاعة مستجدّة أخرويّة‪.‬‬
‫ويؤكّد هذا قوله تعال‪َ ﴿ :‬وأَنذِ ْر بِ ِه الّذِي َن يَخَافُونَ َأ ْن يُحْشَرُوا إِلَى َرّبهِمْ َلْيسَ َلهُ ْم مِنْ دُونِهِ‬
‫وَِليّ وَل َشفِيعٌ َل َعّلهُ ْم َيتّقُونَ ﴾ [النعام‪ ]51:‬فل شكّ أن الذين يافون أن يُحْشَرُوا إل ربّهم هم من‬
‫الؤمني الوحّدين‪ ،‬ومع ذلك بيّن تعال بكل وضوح أنه ليس لديهم ذلك اليوم ‪-‬أي يوم القيامة ‪-‬‬
‫ل ول شفيعٌ‪.‬‬
‫وّ‬
‫حيَاةُ‬
‫ويدلّ عليه كذلك قوله تعال بعدها‪ ﴿ :‬وَذَ ِر الّذِي َن اتّخَذُوا دِيَنهُمْ َل ِعبًا وََل ْهوًا َوغَ ّرْتهُ ُم الْ َ‬
‫سَبتْ َلْيسَ َلهَا مِنْ دُونِ اللّ ِه وَِليّ وَل َشفِيعٌ َوإِ ْن َتعْدِلْ كُلّ‬ ‫س بِمَا كَ َ‬
‫ال ّدنْيَا وَذَكّ ْر بِهِ أَ ْن ُتبْسَلَ نَ ْف ٌ‬
‫عَدْ ٍل ل ُيؤْخَ ْذ ِمْنهَا ﴾ [النعام‪ .]70:‬ففي كل تلك اليات ت نفي الشفاعة بشأن النقاذ من العذاب‬
‫ي مطم ٍع وعلى ن ٍو يعل الؤمني يائسي من هذا‬ ‫الخروي الستحق على نو ل يترك لطامعٍ أ ّ‬
‫الباب كليا‪.‬‬
‫ي هو ما جاء من استثناء عقب‬
‫نعم إن ما يتمسك به مدّعو الشفاعة بشأن الزاء الخرو ّ‬
‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 31 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ض اليات القرآنية النافية للشفاعة كقوله تعال ف سورة مري‪َ ﴿ :‬ونَسُوقُ الْ ُمجْ ِرمِيَ إِلَى َج َهنّمَ‬ ‫بع ِ‬
‫خ َذ عِنْدَ الرّحْمَ ِن َعهْدًا ﴾ [مري‪ ،]87-86:‬مع أن هذه الية‬ ‫وِرْدًا * ل يَ ْمِلكُونَ الشّفَا َعةَ إِلّا مَ ِن اتّ َ‬
‫ذاتا تنفي الشفاعة‪ ،‬لن الستثناء الذي جاء ف آخرها هو إما استثناء منقط ٌع والكلم بعده‬
‫مستأنف معناه‪ :‬ل يلكون الشفاعة ول أحد ينقذهم ول ينجو أحدٌ إل من كان لديه عه ٌد عند الُ‬
‫أن ينقذه من العذاب‪ .‬وهذا العهد هو الذي قطعه ال على نفسه لبناء آدم أن ينقذ من النار كلّ‬
‫من كان منهم موحدا صالا ُمّتبِعا لداية ُرسُلِهِ فقال‪ ﴿ :‬أَلَمْ َأ ْعهَدْ إَِليْكُ ْم يَاَبنِي آ َدمَ َأنْ ل َت ْعبُدُوا‬
‫سَتقِيمٌ ﴾ [يس‪.)1(]61:‬‬
‫ط مُ ْ‬
‫صرَا ٌ‬
‫الشّيْطَانَ ِإنّهُ َلكُ ْم عَ ُد ّو ُمبِيٌ * َوَأنِ ا ْعبُدُونِي هَذَا ِ‬
‫أو يكون الستثناء حقيقيا والقصود به أنه إذا كان لدى الجرمي عهد فهذا سينقذهم ولكن‬
‫ل وجود لثل هذا العهد‪ ،‬وف هذا إشارة إل العهد الذي يدعيه الؤمّلُون بالنجاة دون وجه حق‬
‫سنَا النّارُ إِلّا َأيّامًا َمعْدُو َدةً ُقلْ‬
‫وهو الذي ذكره ال تعال ف سورة البقرة حي قال‪ ﴿ :‬وَقَالُوا لَ ْن تَمَ ّ‬
‫َأتّخَ ْذتُ ْم ِعنْدَ اللّ ِه َعهْدًا َفلَ ْن يُخِْلفَ اللّ ُه َعهْ َدهُ َأ ْم َتقُولُونَ عَلَى اللّ ِه مَا ل َتعْلَمُونَ ﴾ [البقرة‪ ]80:‬أي أنه‬
‫لو كان لكم عند ال عهدٌ بأنكم مهما عصيتم وارتكبتم من الثام فإن النبياء والولياء واللئكة‬
‫سيشفعون لكم فتغفر لكم ذنوبكم ول تُعذبون إل أياما معدودة‪ ،‬فإن ال سيفي بعهده ولكن ال‬
‫ل يعط أحدا مثل هذا العهد‪.‬‬
‫والواقع أن القرآن الكري ر ّد مسألة الشفاعة (بعن التدخل ف الخرة لرفع العذاب عن‬
‫مستحقيه) ردّا شديدا كما بينّاه إل ح ّد أنه لّا نقل لنا قول الكفار ف تبيرهم عبادة اللئكة‬
‫بوصفها شفعاءهم عند ال‪َ ﴿ :‬وَي ْعبُدُو َن مِنْ دُونِ اللّ ِه مَا ل َيضُ ّرهُمْ وَل َيْن َفعُهُ ْم َوَيقُولُو َن َهؤُلءِ‬
‫ُشفَعَا ُؤنَا عِنْدَ اللّهِ ﴾ [يونس‪ ،]18:‬ردّ ادعاءهم فورا بقوله‪ ﴿ :‬قُلْ َأُتنَّبئُونَ اللّ َه بِمَا ل َيعْلَمُ فِي‬
‫ض ُسبْحَانَ ُه َوتَعَالَى عَمّا يُشْرِكُونَ ﴾ [يونس‪ ،]18:‬أي أن ال تعال ل يضع ف‬ ‫ت وَل فِي الَ ْر ِ‬
‫السّ َموَا ِ‬
‫ملكه نظام وجود شفعاء يتوسطون لرفع العقاب عن مستحقيه‪ .....‬وهذا َمثَلُه كمثل من يبك‬
‫بأن الشخص الفلن شريك لك ف بيتك وأثاثك فتجيبه وأنت العلم بأمور متلكاتك بأن ل علم‬
‫لك بذلك! ث يبي تعال أنه منه عن اتاذ الشركاء ما يُنبئُ أن من يعبد سواه بوصفه من الشفعاء‬
‫قد ارتكب الشرك وجعل لِـلّه شركاء ف أمره‪ .‬وهذا عي ما يقع فيه ُجهّال الشيعة وغلتم‬
‫() ربا كان الول أن يستشهد الؤلف هنا بقوله تعال‪ُ ﴿ :‬قلْنَا اهْبِطُوا مِْنهَا َجمِيعًا فَِإمّا يَ ْأتِيَّن ُكمْ مِنّي ُهدًى َفمَ ْن تَِبعَ‬ ‫‪1‬‬

‫ُهدَايَ فَل َخ ْوفٌ َعلَْيهِ ْم وَل ُه ْم َيحْزَنُونَ ﴾ [البقرة‪( .]38:‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 32 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫بأئمتهم وبعض أتباع الذاهب الخرى برؤسائهم الديني‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 33 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫حقيقة الشفاعة الصحيحة ومفهومها ف الكتاب والسنة‬


‫ض اليات الكرية ف القرآن أن أمر الشفاعة موكول إل إذن ال الذي يأذن با بق‬ ‫ُتَبيّنُ بع ُ‬
‫شفَا َعةُ إِلّا مَنْ‬
‫من رضي عنه أي الؤمني الوحدين وف هذا الصدد يقول تعال‪َ ﴿ :‬ي ْو َمئِذٍ ل تَنفَعُ ال ّ‬
‫ضيَ لَهُ َقوْلًا ﴾ [طه‪ ]109:‬ونلحظ أن كلمة تنفع فعل مضارع ف حي كلمة‬ ‫أَ ِذنَ لَهُ الرّحْمَنُ وَرَ ِ‬
‫أذن فعل ماضي أي أن الشفاعة ل تنفع ف ذلك اليوم (أي يوم القيامة) إل بق الشخاص الذين‬
‫أذن لم ال تعال من قبل ورضي قولم‪ .‬وف سورة سبأ يقول تعال‪ ﴿ :‬قُلِ ا ْدعُوا الّذِينَ َزعَ ْمتُ ْم مِنْ‬
‫ض َومَا َلهُمْ فِيهِمَا مِ ْن شِ ْر ٍك َومَا لَهُ مِْنهُمْ‬ ‫ت وَل فِي الَ ْر ِ‬ ‫دُونِ اللّ ِه ل يَمِْلكُو َن ِمْثقَالَ ذَ ّرةٍ فِي السّ َموَا ِ‬
‫ع عَنْ قُلُوِبهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ َرّبكُمْ‬ ‫مِ ْن َظهِيٍ * وَل تَنفَعُ الشّفَا َعةُ عِنْ َدهُ إِلّا لِمَنْ أَ ِذنَ لَهُ َحتّى إِذَا فُ ّز َ‬
‫قَالُوا الْحَقّ وَ ُه َو اْلعَِليّ اْلكَبِيُ ﴾ [سبأ‪ ]23-22:‬حيث يؤكد تعال ف هذه الية أيضا أن الشفاعة‬
‫ل تنفع عنده إل لن سبق أن أَ ِذ َن له با‪ ،‬ويوضح تعال ف موضع آخر مَ ْن هُم هؤلء الذين َأ ِذنَ لم‬
‫ق َوهُ ْم َيعْلَمُونَ ﴾‬ ‫حّ‬‫شفَا َعةَ إِلّا مَ ْن َشهِ َد بِالْ َ‬
‫ك الّذِي َن يَ ْدعُونَ مِنْ دُونِهِ ال ّ‬ ‫بالشفاعة فيقول‪ ﴿ :‬وَل يَمْلِ ُ‬
‫[الزخرف‪ ]86:‬ونوه قوله تعال ف سورة النبياء‪ ﴿ :‬وَقَالُوا اتّخَذَ الرّحْمَ ُن وَلَدًا ُسبْحَانَ ُه بَ ْل عِبَادٌ‬
‫ش َفعُونَ‬‫سِبقُونَ ُه بِاْلقَوْ ِل َوهُ ْم ِبَأمْ ِرهِ َيعْمَلُونَ * َيعْلَ ُم مَا َبيْنَ َأيْدِيهِ ْم َومَا خَ ْل َفهُ ْم وَل يَ ْ‬
‫ُمكْ َرمُونَ * ل يَ ْ‬
‫شفِقُونَ ﴾ [النبياء‪]28-26:‬‬ ‫شَيتِ ِه مُ ْ‬
‫إِلّا لِمَنِ ا ْرَتضَى َوهُ ْم مِنْ خَ ْ‬
‫أي أن الشفاعة إنا أذن با ال با لن شهد بالق ورضي قوله من يعلم حدود الشفاعة‬
‫ووظائفها‪ ،‬ومن ل يسبق ال تعال بالقول بل يعمل بأمره وينفذ مشيئته فل يشفع إل لن أراد ال‬
‫منه أن يشفع له‪ ،‬وهم من ارتضاه ال تعال‪ ،‬ومن الواضح تاما أن الذين يرتضيهم ال هم عباده‬
‫الؤمنون الوحدون الائفون منه الذين أسلموا له ووطّنوا أنفسهم وبنوا حياتم على أن يطيعوا‬
‫أوامره وينتهوا عن نواهيه!‬
‫فإن قيل لقد نفت اليات الذكورة سابقا الشفاعة يوم القيامة وهنا أثبتتها ضمن الذن اللي‬
‫للشافع والرضا بشأن الشفوع له‪ ،‬فهل ثة اختلف وتناقض ف هذا المر؟!‬
‫قلنا‪ :‬ل تناقض ف ذلك على الطلق وسنوضح هذا المر بالستعانة بتوجيهات القرآن‬
‫الكري وهدايته الت تشكل مدد العقل والوجدان السليم إن شاء ال‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 34 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ذكرنا فيما سبق أن كتابنا السماوي الجيد ل توجد فيه حت آية واحدة أو إشارة واحدة‬
‫ب أو غي نبّ‪ -‬لنسان أو أناس آخرين‬ ‫إل «شفاعة» تصل يوم القيامة من إنسان من بن آدم ‪ -‬ن ّ‬
‫بدف رفع الزاء الخروي أو تفيفه‪ ،‬وكل اليات الت وردت فيها كلمة «الشفاعة»‪ -‬سواء‬
‫كانت تثبتها أو تنفيها ‪ -‬ناظرةٌ إل شفاعة الصنام الت كانت آلة معبودة للمشركي أو إل‬
‫اللئكة الدبّرة لشؤون اللق والتصرّفة بأمور السموات والرض طبقا لمر ال ومشيئته‪ ،‬وهاتان‬
‫الطائفتان (الصنام العبودة واللئكة) كلها ليس من النس؛ فبالتأمل الدقيق والتعمّق ف آيات‬
‫القرآن الكرية يتبي أنه ل تأت كلمة «الشفاعة» أومشتقاتا ف الكلم عن إنسان «يشفع» يوم‬
‫القيامة لنسان آخر لينقذه من العذاب‪ ،‬واليات الوحيدة الت يكننا أن نستنبط منها شفاعة إنسان‬
‫لنسان آخر هي اليات الت ورد فيها استغفار الؤمن للمؤمني سواء كان الؤم ُن الستغفِ ُر نبيا أو‬
‫غي نبّ‪ ،‬فشفاعة النسان للنسان هي هذا المر فقط! وحت شفاعة اللئكة أيضا هي ف الواقع‬
‫استغفار للمؤمني أي طلبٌ لغفرة ذنوبم والرحة بم‪.‬‬
‫وهذا العن يدل عليه ‪ -‬إضافة إل العقل والوجدان ‪ -‬صريح آيات الكتاب كما سيأت‬
‫بيانه‪ ،‬ونصوص الحاديث الصحيحة الت رواها الفريقان كما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬جاء ف كتاب «المال» للشيخ الصدوق عليه الرحة بسنده «عن السي بن علوان عن‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ‪ :‬ما من مؤمن‬
‫أب عبد ال الصادق جعفر بن ممد عن آبائه قال قال رسول ال صَلّى ا ُ‬
‫أو مؤمنة مضى من أول الدهر أو هو آت إل يوم القيامة إل وهم شفعاء لن يقول ف دعائه‪:‬‬
‫«اللهم اغفِر للمؤمني والؤمنات»‪ .‬وإن العبد ليؤمر به إل النار يوم القيامة فيسحب فيقول‬
‫الؤمنون والؤمنات‪ :‬يا ربنا! هذا الذي كان يدعو لنا فش ّفعْنا فيه فيش ّفعُهُم ال فيه فينجو‪.)1(».‬‬
‫فشفاعة الؤمني لبعضهم بعضا هي استغفارهم لبعضهم بعضا ومنه استغفار الؤمن لربعي مؤمن‬
‫ف صلة الليل أي شفاعته لربعي مؤمن‪ ،‬كما جاء استحباب ذلك ف الخبار‪.‬‬
‫‪ -2‬وروى الصدوق ف «علل الشرائع» و«عيون أخبار الرضا» عن الفضل بن شاذان فيما‬

‫() الشيخ الصدوق‪ ،‬كتاب المال‪ ،‬ص ‪ .456‬والديث رواه ال ُكلَيِْنيّ ف كتاب «الكاف» بلفظ قريب كما يلي‪ ﴿ :‬مَا‬ ‫‪1‬‬

‫ل عَزّ وجَلّ َعلَيْهِ مِثْلَ اّلذِي َدعَا َلهُ ْم بِ ِه مِنْ كُلّ ُم ْؤمِنٍ و ُم ْؤمِنَةٍ َمضَى مِنْ َأوّلِ‬ ‫مِ ْن ُمؤْمِنٍ دَعَا ِللْ ُم ْؤمِِنيَ واْل ُمؤْمِنَاتِ ِإلّا رَدّ ا ُ‬
‫ت يَا رَبّ َهذَا‬‫حبُ فََيقُولُ اْل ُمؤْمِنُونَ واْل ُم ْؤمِنَا ُ‬ ‫سَ‬ ‫الدّهْ ِر َأوْ ُهوَ آتٍ ِإلَى َي ْومِ اْلقِيَامَةِ ِإنّ اْلعَْبدَ لَُي ْؤمَرُ بِ ِه ِإلَى النّا ِر َي ْومَ اْلقِيَامَةِ فَُي ْ‬
‫شفّ ُع ُهمُ الُ عَ ّز وجَ ّل فِي ِه فَيَْنجُو ﴾‪« .‬الكاف» (ج ‪/2‬ص ‪( .)507‬الترجم)‬ ‫شفّعْنَا فِي ِه فَُي َ‬
‫اّلذِي كَا َن َيدْعُو لَنَا َف َ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 35 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫رواه من العلل عن الرضا عليه السلم قال‪« :‬فإن قيل فَِلمَ ُأمِرُوا بالصلة على اليت؟ قيل ليشفعوا‬
‫له ويدعوا له بالغفرة لنه ل يكن ف وقت من الوقات أحوج إل الشفاعة فيه والطلبة والدعاء‬
‫(‪)1‬‬
‫والستغفار من تلك الساعة‪»..‬‬
‫أجل لّا أصبح اليت ف آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الخرة وكان الؤمنون‬
‫الحياء عالي بأعماله وأخلقه فإنم يسألون له الغفرة والرحة فهذا هو مقصود حضرة المام من‬
‫الشفاعة أي أن حسن العمال دافع لستغفار الؤمني له‪.‬‬
‫‪ -3‬ويقول الرحوم «الطرييّ» ف «ممع البحرين» ذيل كلمة «شفاعة»‪ :‬الراد بالشفاعة‬
‫السنة الدعاء للمؤمني‪ ،‬والشفاعة السيئة الدعاء عليهم‪.‬‬
‫وف حديث الصلة على اليت «وإن كان الستضعف بسبي ٍل منكَ فاستغفرْ له على وجه‬
‫الشفاعة منك ل على وجه الوَلية‪ .».‬ويقصد بالستضعف غي الشيعيّ أي أنك تستغفر له لنه‬
‫مسلم فتشفع له بذا الستغفار‪.‬‬
‫شفَ ْع‬‫‪ -4‬ويروي اللّا الفيض الكاشان ف تفسي «الصاف» ذيل تفسيه للية الكرية ﴿ مَ ْن يَ ْ‬
‫شفَ ْع َشفَا َعةً َسّيَئةً يَكُنْ لَهُ ِكفْ ٌل ِمْنهَا وَكَانَ اللّ ُه عَلَى ُكلّ‬
‫سَن ًة َيكُنْ لَ ُه َنصِيبٌ ِمْنهَا َومَنْ يَ ْ‬
‫َشفَا َعةً حَ َ‬
‫َشيْءٍ ُمقِيتًا ﴾ [النساء‪ ]85:‬حديثا من أصول الكاف عن حضرة زين العابدين بن علي بن السي‬
‫عليهم السلم يؤيد العن الذي ذكرناه للشفاعة بأنا الستغفار‪.‬‬
‫‪ -5‬ويروي الشيخ الصدوق ف «من ل يضره الفقيه»‪ ،‬ف بَاب الصّلَاةِ عَلَى ا َليّتِ حديثا‬
‫عن الصادق عليه السلم هو ذلك الديث ذاته الذي أشار إليه الطري ّي بأ ّن الشفاعة هي دعاء‬
‫سبِيلٍ فَا ْستَ ْغفِرْ لَ ُه عَلَى وَجْهِ‬
‫ف ِمنْكَ بِ َ‬
‫ضعَ ُ‬
‫ستَ ْ‬
‫الؤمني لبعضهم بعضا‪ ،‬جاء فيه‪َ ..« :‬وإِنْ كَانَ الُ ْ‬
‫الشّفَا َع ِة ِمنْكَ لَا عَلَى وَجْ ِه اْلوَلَاَيةِ»(‪.)2‬‬

‫() الشيخ الصدوق‪« ،‬علل الشرائع»‪ -1 :‬باب علل الشرائع وأصول السلم‪ ،‬ج ‪/1‬ص ‪ ،267‬و«عيون أخبار الرضا»‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ج ‪/2‬ص ‪.113‬‬
‫ب الصّلَاةِ َعلَى اْل ُمسَْتضْ َعفِ‬ ‫() الشيخ الصدوق‪« ،‬منل يضره الفقيه»‪ ،‬ج ‪/1‬ص ‪ ،168‬ورواه ال ُكلَيِْنيّ ف «الكاف»‪/‬بَا ُ‬ ‫‪2‬‬

‫و َعلَى مَنْ لَا َيعْ ِرفُ‪ ،‬بسنده عن المام أَبِي عَْبدِ ال عليه السلم قَالَ‪ِ :‬إنْ كَانَ ُمسَْتضْعَفا َفقُلِ الّل ُهمّ ا ْغفِرْ ِلّلذِينَ تَابُوا‬
‫حبّ اْلخَيْ َر وََأ ْهلَهُ فَا ْغفِرْ لَهُ‬‫جحِيمِ‪ ،‬وَإِذَا كُْنتَ لَا َت ْدرِي مَا حَالُ ُه َفقُلِ‪ :‬الّل ُهمّ ِإنْ كَا َن ُي ِ‬ ‫ك َوِق ِهمْ َعذَابَ اْل َ‬ ‫وَاتَّبعُوا سَبِيلَ َ‬
‫ك ِبسَبِيلٍ فَاسَْت ْغفِ ْر لَهُ َعلَى وَجْ ِه الشّفَاعَ ِة لَا َعلَى وَجْهِ اْلوَلَايَ ِة ﴾ الكاف‪ ،‬ج‬ ‫ف مِنْ َ‬
‫ضعَ ُ‬ ‫وَارْ َحمْ ُه وََتجَا َوزْ َعنْهُ َوِإنْ كَانَ ا ُلسَْت ْ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 36 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ب الصّلَاةِ عَلَى الْ ُم ْؤمِ ِن وَالّت ْكبِ ِي‬


‫‪ -6‬ويروي الشيخ «الكَُلْينِيّ» ف كتاب «الكاف»‪/‬بَا ُ‬
‫لنَائِ ِز َتقُولُ‪ :‬الّلهُمّ َأْنتَ خََل ْقتَ‬ ‫وَالدّعَاءِ‪ ،‬بسنده «عَنْ َأبِي عَبْدِ الِ عليه السلم فِي الصّلَاةِ عَلَى ا َ‬
‫ش ّفعْنَا الّلهُ ّم وَّلهَا مَ ْن َتوَّلتْ‬ ‫هَ ِذهِ الّن ْفسَ َوَأْنتَ َأ َمّتهَا َتعْلَمُ سِ ّرهَا وَعَلَاِنَيَتهَا َأَتْينَا َك شَاِفعِيَ فِيهَا فَ َ‬
‫وَاحْشُ ْرهَا مَ َع مَنْ أَ َحّبتْ‪.)1(».‬‬
‫ف بسنده «عَ ْن ثَابِتٍ‬ ‫ضعَفِ َوعَلَى مَنْ لَا َيعْرِ ُ‬ ‫سَت ْ‬‫ب الصّلَاةِ عَلَى الْمُ ْ‬ ‫‪ -7‬وف الكتاب ذاته‪ ،‬بَا ُ‬
‫حضَ َرهَا وَ ُكنْتُ‬ ‫جنَا َزةٍ ِل َق ْو ٍم مِنْ جِ َيتِهِ فَ َ‬
‫ت مَعَ َأبِي َج ْعفَ ٍر عليه السلم فَِإذَا ِب َ‬ ‫َأبِي الْ ِمقْدَامِ قَالَ ُكنْ ُ‬
‫حيِيهَا َوأَْنتَ‬‫ت تُ ْ‬ ‫ت تُمِيتُهَا َوَأنْ َ‬ ‫س َوَأنْ َ‬ ‫قَرِيبا ِمنْهُ فَسَ ِم ْعتُ ُه َيقُولُ‪ :‬الّلهُمّ ِإنّكَ َأْنتَ خََل ْقتَ هَ ِذ ِه النّفُو َ‬
‫سَتوْ َد ِعهَا الّل ُه ّم َوهَذَا َعبْ ُدكَ وَلَا َأعْلَ ُم ِمنْ ُه شَرّا َوَأنْتَ‬
‫سَتقَ ّرهَا َومُ ْ‬
‫َأعْلَ ُم بِسَرَائِ ِرهَا وَعَلَاِنَيِتهَا ِمنّا َومُ ْ‬
‫ش ّف ْعنَا فِي ِه وَاحْشُ ْر ُه مَ َع مَنْ كَانَ‬‫ستَوْجِبا فَ َ‬ ‫َأعْلَ ُم بِ ِه وَقَدْ ِجْئنَاكَ شَاِفعِيَ لَ ُه َبعْ َد َم ْوتِهِ فَِإنْ كَا َن مُ ْ‬
‫َيتَوَلّاهُ»(‪.)2‬‬
‫‪ -8‬ويروي صاحب «جواهر الكلم» ف كتاب الصلة نقلً عن «من ل يضره‬
‫الفقيه»‪/‬باب الصلة على اليت حديثا عن حضرة المام الباقر عليه السلم يقول فيه‪« :‬مَ ْن َتبِعَ‬
‫ك وَلَكَ مِثْلُ‬
‫ئ مُسْلِمٍ ُأعْ ِطيَ َيوْ َم اْلقِيَا َمةِ أَ ْربَ َع َشفَاعَاتٍ ولَ ْم َيقُ ْل َشيْئا إِلّا قَالَ لَ ُه الْ َملَ ُ‬
‫َجنَا َز َة امْرِ ٍ‬
‫ذَلِكَ»(‪.)3‬‬
‫‪ -9‬ويقول العلمة الليّ رحة ال عليه ف «تذكرة الفقهاء» (ص ‪« :)45‬والصلة على‬
‫اليّت استغفا ٌر وشفاعةٌ»‪ ،‬ويؤيّدُ ذلك الديثُ الذي أورده الرحوم الشهيد الول ف كتابه‬
‫«الذكرى» عن المام الرضا عليه السلم قال‪« :‬إمَامُكَ شفيعُك إل ال عزّ وجلّ فل تعل‬
‫شفيعَك سفيها ول فاسقا»‪.‬‬
‫‪ -10‬ويروي الرحوم الاج النوري الطبسيّ ف «مستدرَك الوسائل» (ج ‪/2‬ص ‪:)292‬‬
‫ب الّتعَازِي‪ ،‬بِِإ ْسنَا ِدهِ عَنْ صَالِ ِح بْ ِن هِلَا ٍل عَنْ َأبِي‬
‫سْيِنيّ فِي ِكتَا ِ‬
‫«الشّرِيفُ الزّاهِ ُد مُحَمّ ُد بْ ُن عَِليّ الْحُ َ‬

‫‪/3‬ص ‪.187‬‬
‫() ال ُكلَيِْنيّ ف «الكاف»‪ ،‬ج ‪/3‬ص ‪.185‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ال ُكلَيِْنيّ ف «الكاف» ج ‪/3‬ص ‪.188‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الشيخ الصدوق‪« ،‬منل يضره الفقيه»‪ ،‬ج ‪/1‬ص ‪ ،161‬حديث رقم ‪ .453‬ورواه ال ُكلَيِْن ّي ف «الكاف»‪ /‬بَا ُ‬
‫ب َثوَابِ‬ ‫‪3‬‬

‫مَ ْن مَشَى مَعَ جَنَازَةٍ‪ ،‬ج ‪/3‬ص ‪.173‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 37 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ل عَلَيه وَآلِهِ َيقُولُ‪ :‬لَا ُيصَلّي عَلَى َرجُلٍ أَ ْرَبعُونَ‬


‫الْمَلِي ِح بْنِ ُأسَا َمةَ قَا َل سَ ِم ْعتُ َرسُولَ الِ صَلّى ا ُ‬
‫ش َفعُونَ فِيهِ إِلّا َغفَرَ الُ لَهُ»‪.‬‬
‫رَ ُجلًا َفيَ ْ‬
‫تلك كانت عشرة روايات من كتب الديث لدينا تشعر بأن شفاعة الؤمني بق بعضهم‬
‫ل عَلَيه وَآلهِ) بق المّة هي الستغفار الذي يتم ف هذه الدنيا ويتجسّم‬
‫بعضا وشفاعة النب (صَلّى ا ُ‬
‫ف الخرة فينتفع منه الشفوع له‪ ،‬وهناك أحاديث أخرى كثيةٌ تد ّل على هذا العن نكتفي با‬
‫ذكرناه‪ ،‬وقد جاءت روايات ف كتب العامّة ف نفس العن وسنذكر فيما يلي ناذج منها ليتيقّن‬
‫ئ أن الشفاعة الت تنفع ف الخرة هي الشفاعة ذاتا الت تتم بق شخص ف هذه الدنيا‬ ‫القار ُ‬
‫ويستحقها ذلك الشخص‪:‬‬
‫سفَانَ‬‫ت ابْنٌ لَ ُه ِبقُ َديْدٍ َأوْ ِبعُ ْ‬‫ل بْ ِن َعبّاسٍ َأنّهُ مَا َ‬
‫‪ -1‬أخرج مسلم ف صحيحه‪« :‬عَ ْن عَبْدِ ا ِ‬
‫خرَ ْجتُ فَإِذَا نَاسٌ قَدْ ا ْجتَ َمعُوا لَهُ َفأَ ْخبَ ْرتُهُ َفقَالَ‪:‬‬‫َفقَالَ‪ :‬يَا كُ َرْيبُ انْظُ ْر مَا ا ْجتَ َمعَ لَ ُه مِ ْن النّاسِ قَالَ فَ َ‬
‫َتقُو ُل هُمْ أَ ْرَبعُونَ؟ قَالَ‪َ :‬نعَمْ قَالَ‪ :‬أَ ْخرِجُوهُ فَِإنّي سَ ِم ْعتُ َرسُولَ اللّهِ صلى ال عليه وسلم َيقُولُ‪ :‬مَا‬
‫ل َشْيئًا إِلّا َش ّف َعهُمْ الُ‬ ‫مِنْ رَ ُج ٍل مُسْلِ ٍم يَمُوتُ َفَيقُومُ عَلَى َجنَا َزتِهِ أَ ْرَبعُونَ رَ ُجلًا لَا يُشْرِكُونَ با ِ‬
‫فِيهِ»(‪.)1‬‬
‫شةَ عَ ْن الّنبِيّ صلى ال عليه وسلم‬ ‫‪ -2‬وأخرج النسائي ف السنن بسنده‪« :‬عَ ْن أمّ الؤمني عَائِ َ‬
‫ش َفعُونَ إِلّا ُش ّفعُوا فِيهِ‪ .‬قَالَ‬
‫ي َيبُْلغُونَ َأ ْن يَكُونُوا مِاَئةً يَ ْ‬
‫قَالَ‪ :‬مَا مِ ْن َمّيتٍ ُيصَلّي عََليْهِ ُأ ّم ٌة مِ ْن الُسْلِمِ َ‬
‫ك عَ ْن الّنِبيّ صلى ال عليه‬ ‫س بْ ُن مَالِ ٍ‬
‫حبْحَابِ َفقَالَ َح ّدَثنِي بِهِ َأَن ُ‬ ‫ت بِ ِه ُشعَْيبَ بْنَ الْ َ‬ ‫ح ّدثْ ُ‬‫سَلّامٌ فَ َ‬
‫وسلم»(‪.)2‬‬
‫ش َة عَنْ‬
‫شةَ عَ ْن عَائِ َ‬‫ل بْ ِن َيزِيدَ رَضِي ِع عَائِ َ‬ ‫‪ -3‬وأخرج مسلم ف صحيحه بسنده «عَ ْن عَبْدِ ا ِ‬
‫ي َيبُْلغُونَ مِاَئةً كُّلهُمْ‬
‫الّنِبيّ صلى ال عليه وسلم قَالَ‪ :‬مَا مِ ْن َمّيتٍ ُتصَلّي عََليْهِ ُأ ّم ٌة مِ ْن الُسْلِمِ َ‬
‫ك عَنْ‬‫حبْحَابِ َفقَالَ حَ ّدَثنِي بِهِ َأَنسُ بْ ُن مَالِ ٍ‬ ‫ب بْ َن الْ َ‬
‫شفَعُونَ لَهُ إِلّا ُش ّفعُوا فِيهِ‪ .‬قَالَ َفحَ ّدْثتُ بِ ِه ُش َعيْ َ‬
‫يَ ْ‬
‫الّنِبيّ صلى ال عليه وسلم»(‪.)3‬‬

‫() صحيح مسلم‪ ،‬كتاب النائز‪/‬باب من صلى عليه أربعون ُش ّفعُوا فيه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() سنن النسائي‪ ،‬كتاب النائز‪/‬باب فضل من صلى عليه مائة‪( .‬الترجم)‬ ‫‪2‬‬

‫() صحيح مسلم‪ ،‬كتاب النائز‪/‬باب من صلى عليه مائة ُشفّعوا فيه‪( .‬الترجم)‬ ‫‪3‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 38 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫‪ -4‬وأخرج النسائي ف سننه بسنده «عن ِإسْحَ ِق بْنِ ِإبْرَاهِيمَ قَالَ َأْنبََأنَا مُحَمّدُ بْنُ َسوَاءٍ َأبُو‬
‫صلّى ِبنَا َأبُو الْمَلِي ِح عَلَى َجنَا َزةٍ فَ َظَننّا َأنّهُ َقدْ‬
‫حكَ ُم بْنُ فَرّوخَ قَالَ َ‬ ‫الْخَطّابِ قَالَ حَ ّدَثنَا َأبُو َبكّا ٍر الْ َ‬
‫صفُوَفكُ ْم وَْلتَحْسُ ْن َشفَاعَُتكُمْ قَالَ َأبُو الْمَلِيحِ َح ّدثَنِي عَبْدُ الِ‬ ‫َكبّرَ َفأَ ْقبَلَ عََلْينَا ِبوَ ْجهِهِ َفقَالَ‪ :‬أَقِيمُوا ُ‬
‫ج الّنبِيّ صلى ال عليه وسلم قَاَلتْ‪:‬‬ ‫ي َو ِهيَ َميْمُوَنةُ َزوْ ُ‬
‫ت الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫ط عَنْ إِحْدَى ُأ ّمهَا ِ‬ ‫َوهُ َو ابْ ُن سَلِي ٍ‬
‫ت ُيصَلّي عََليْهِ ُأ ّمةٌ مِنْ النّاسِ إِلّا ُشفّعُوا فِيهِ‪،‬‬ ‫أَ ْخبَ َرنِي الّنبِيّ صلى ال عليه وسلم قَالَ‪ :‬مَا مِ ْن َميّ ٍ‬
‫ح عَ ْن الُْأ ّمةِ َفقَالَ أَ ْرَبعُونَ»‪ .‬ورواه كذلك المام أحد ف مسنده‪ :‬ج ‪/6‬ص ‪331‬‬ ‫سأَلْتُ َأبَا الْ َملِي ِ‬
‫فَ َ‬
‫و ‪.334‬‬
‫ب َموْلَى َعبْدِ ال‬ ‫‪ -5‬وأخرج ابن ماجه ف سننه والمام أحد ف مسنده بسندها «عَنْ كُ َرْي ٍ‬
‫بْ ِن عَبّاسٍ قَالَ‪ :‬هَلَكَ ابْنٌ ِل َعبْدِ ال بْ ِن َعبّاسٍ َفقَالَ لِي‪ :‬يَا كُ َرْيبُ! قُمْ فَانْ ُظ ْر هَلْ ا ْجتَمَعَ لِاْبنِي أَحَدٌ؟‬
‫َفقُ ْلتُ نَعَمْ‪َ .‬فقَالَ‪َ :‬ويْحَكَ كَ ْم تَرَاهُمْ أَ ْرَبعِيَ؟ قُ ْلتُ‪ :‬لَا بَ ْل هُمْ أَ ْكثَرُ‪ .‬قَالَ‪ :‬فَاخْ ُرجُوا بِاْبنِيّ َفَأ ْشهَدُ‬
‫ش َفعُونَ لِ ُم ْؤمِنٍ إِلّا‬
‫ي مِ ْن ُم ْؤمِنٍ يَ ْ‬
‫لَسَ ِم ْعتُ َرسُولَ ال صلى ال عليه وسلم َيقُولُ‪ :‬مَا مِنْ أَ ْرَبعِ َ‬
‫َشفّ َعهُمْ الُ»(‪.)1‬‬
‫فهذه الحاديث الت يتفق عليها جيع أئمة الديث من أهل السلم تُظهر أن الشفاعة هي‬
‫الستغفار الذي يؤديه الؤمنون لشخص مؤمن لسيما أثناء صلة النازة على اليت وذلك لنم‬
‫ف الدنيا يشهدون أعمال بعضهم البعض ويفرّقون إل حد ما بي الصال والطال فيطلبون الغفران‬
‫والرحة لن يدوه أهلً لذلك أي يشفعون له‪.‬‬
‫ولقد تفطّن إل ذلك العلمة فخر الدين الرازي ‪ -‬من علماء العامّة‪ -‬ف تفسيه الكبي‬
‫«مفاتيح الغيب» (ج ‪/1‬ص ‪ )35‬فقال‪« :‬قوله تعال لحمد ﷺ‪ ﴿ :‬واستغفر لِذَنبِكَ‪ ،‬وَلِ ْل ُم ْؤ ِمنِيَ‬
‫والؤمنات ﴾ [ممد‪ ]19 :‬دلّت الية على أنه تعال أمَرَ ممدا بأن يستغفرَ لك ّل الؤمني‬
‫والؤمنات‪ .........‬ول معن للشفاعة إل هذا»‪ ،‬أي فذلك الستغفار الذي أمر ال تعال به نبيّه‬
‫هو شفاعته للمؤمني‪.‬‬
‫وهذه القيقة تؤيدها وتبيّنُها الروايات الواردة عن أئمة السلم‪ :‬فقد روى الرحوم الشيخ‬
‫الطوسي ف تفسيه القيّم «التِبيان» (ج ‪/1‬ص ‪ ،443‬طبع طهران)‪ :‬ذيل تفسيه للية الكرية‬

‫() سنن ابن ماجه‪/‬كتاب ما جاء ف النائز‪/‬باب فيمن صلى عليه جاعة‪( .‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 39 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫سهُمْ جَاءُوكَ فَا ْسَتغْفَرُوا اللّ َه وَاسَْت ْغفَرَ َلهُ ُم‬


‫سورة النساء الت تقول‪ ﴿ :‬وََلوْ َأّنهُمْ إِ ْذ ظَلَمُوا أَنفُ َ‬
‫ال ّرسُولُ َلوَجَدُوا اللّهَ َتوّابًا رَحِيمًا ﴾ [النساء‪ ....« :]64:‬وذكر السن ف هذه الية‪ :‬أن اثن عشر‬
‫ل من النافقي اجتمعوا على أمر من النفاق وائتمروا به فيما بينهم‪ ،‬فأخبه ال بذلك‪ ،‬وقد‬ ‫رج ً‬
‫دخلوا على رسول ال‪ ،‬فقال رسول ال‪ :‬إن اثن عشر رجلً من النافقي اجتمعوا على أمرٍ من‬
‫النفاق‪ ،‬وائتمروا به فيما بينهم‪ ،‬فليقم أولئك فليستغفروا ربم‪ ،‬وليعترفوا بذنوبم حت اشفع لم‪.‬‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ)‪ :‬أل تقومون؟ مرارا‪ .‬ث قال‪ :‬قم يا فلن‬ ‫صلّى ا ُ‬ ‫فلم يقم أحد!‪ .‬فقال رسول ال ( َ‬
‫وأنت يا فلن‪ ،‬فقالوا يا رسول ال! نن نستغفر ال ونتوب إليه‪ ،‬فاشفع لنا‪ .‬قال الن أنا كنت ف‬
‫أول أمركم أطيب نفسا بالشفاعة‪ ،‬وكان ال تعال أسرع إل الجابة أخرجوا عن‪ ،‬فأُخْ ِرجُوا عنه‬
‫(‪)1‬‬
‫حت ل يرهم‪».‬‬
‫فهذه القصّة دليلٌ واض ٌح على أن الشفاعة هي الستغفار‪ ،‬وليس ف الخرة بل الستغفار ف‬
‫ل عَلَيه‬
‫صلّى ا ُ‬ ‫ب السلم ( َ‬ ‫هذه الدنيا‪ ،‬كما تشي إليه بعض الحاديث الشريفة‪ ،‬ل بل تصرّح بأن ن ّ‬
‫وَآلِهِ) إنا يشفع للمؤمني الذين رضي ال عنهم ف الدنيا وليس يوم القيامة وإن كانت نتيجة تلك‬
‫الشفاعة ستعود فائدتا إل الشفوع له يوم القيامة‪ ،‬ومن جلة ذلك ما رواه علي بن إبراهيم القمي‬
‫(أستاذ الكَُلْينِيّ) ف تفسيه ذيل تفسيه لقوله تعال ﴿ وَل َتْنفَعُ الشّفا َع ُة ِعنْ َدهُ إِلّا لِمَنْ أَ ِذنَ لَهُ‬
‫﴾ بسنده عن المام عليه السلم أنه قال‪« :‬قال ل يشفع أح ٌد من أنبياء ال ورسله يوم القيامة حت‬
‫صلّى الُ عَلَيه وَآلِهِ) فإن ال قد أذن له ف الشفاعة من قبل يوم القيامة‪،‬‬ ‫يأذن ال له إل رسول ال ( َ‬
‫والشفاعة له وللئمة من ولده‪ ،‬ث بعد ذلك للنبياء عليهم السلم»(‪ .)2‬وسنوضح هذه النقطة أكثر‬
‫فيما بعد إن شاء ال‪.‬‬
‫وهناك نوعان من الشفاعة ف القرآن الكري كلها يتم بالطبع بإذن ال تعال‪:‬‬
‫‪ -1‬الشفاعة ف المور الطبيعية وشؤون الليقة الت تتم بواسطة القوى الت أوْكَلَ الُ تعال‬
‫إليها بعض الهام ف تدبي شؤون العال‪ ،‬مثل الحياء والماتة والطر والقحط والوفرة والرض‬
‫والصحة وغيها‪ ،‬وهي الشفاعة ذاتا الت كان يعتقد با الشركون والوثنِيّون ويلتمسونا من‬

‫() الشيخ الطوسي‪« ،‬التبيان»‪ ،‬ج ‪/3‬ص ‪( .244‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() علي بن إبراهيم القمي‪ ،‬تفسي القمي‪ ،‬ط ‪ ،3‬قم‪ :‬مؤسسة دار الكتاب‪ 1404 ،‬هـ‪ ،‬ج ‪/2‬ص ‪.202‬‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 40 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫أوثانم وملئكتهم والوجودات الروحانية والسماوية حيث يطلبون منهم أن يشفعوا لم عند ال‬
‫ليعينهم ف القضايا الذكورة‪ ،‬وعلى كل حال مثل تلك التصرفات للملئكة وقوى العال الروحان‬
‫رغم أنا موجودة ف عال المكان إل أنا ل تتصرف ف شؤون الكائنات إل بإذن خالق البيات‬
‫وأمره كما م ّر معنا ف اليات سابقة الذكر (فل يوز دعائها لجل ذلك بل يب أن يُدعى ال‬
‫وحده الذي بيده ملكوت كل شيء)‪.‬‬
‫‪ -2‬الشفاعة ف أمور الخرة أي ف غفران الذنوب والتجاوز عن السيئات ورفع الدرجات‬
‫يوم القيامة‪ ،‬والقرآن ينفي حصول مثل هذه «الشفاعة» بذا اللفظ والسمّى يوم القيامة ويؤكد‬
‫مرارا أنّ يومَ الحشر يو ٌم ل بي ٌع فيه ول خُّل ٌة ول شفاعةٌ كما جاء ف عديد من اليات الت سبق‬
‫ذكر بعضها‪.‬‬
‫نعم يذكر القرآن شفاعةً يكنها أن تنفع بعض الؤمني يوم القيامة وهم الؤمنون الذين رضي‬
‫ال عنهم وأَ ِذ َن بأن يُشفع لم‪ ،‬لذا يقوم النبّ أو اللئكة بالستغفار للمؤمني حال حياتم ف هذه‬
‫ب موعو ٍد أو يففه عنهم‪ ،‬أو يوجب رفع درجاتم ف‬‫الدنيا ما ينفعهم ف الخرة وينجيهم من عذا ٍ‬
‫النة‪ ،‬ولكن مثل هذه الشفاعة مشروطة بثلثة شروط وتعتمد على ثلثة أصول‪:‬‬
‫‪ -‬الشرط الول‪ :‬أن يكون الشفوع له من الؤمني لن الستغفار لغي الؤمني ل فائدة منه‬
‫ي مَ ّرةً َفلَنْ‬
‫سَتغْفِرْ َلهُمْ سَْبعِ َ‬
‫سَتغْفِرْ َل ُهمْ إِ ْن تَ ْ‬
‫إطلقا كما جاء ف قوله تعال‪ ﴿ :‬ا ْستَ ْغفِرْ َلهُمْ َأ ْو ل تَ ْ‬
‫ك ِبَأنّهُمْ َكفَرُوا بِاللّ ِه وَ َرسُولِ ِه وَاللّهُ ل َيهْدِي اْل َق ْومَ اْلفَا ِسقِيَ ﴾ [التوبة‪ ،]80:‬وقوله‬ ‫َيغْفِرَ اللّهُ َل ُهمْ ذَلِ َ‬
‫ي وََلوْ كَانُوا ُأوْلِي ُق ْربَى مِ ْن َبعْ ِد مَا‬ ‫شرِكِ َ‬ ‫ستَ ْغفِرُوا لِلْمُ ْ‬
‫سبحانه‪ ﴿ :‬مَا كَانَ لِلّنبِ ّي وَالّذِينَ آمَنُوا َأ ْن يَ ْ‬
‫جحِيمِ ﴾ [التوبة‪.]113:‬‬ ‫ب الْ َ‬‫َتبَيّنَ َلهُمْ َأّنهُمْ أَصْحَا ُ‬
‫‪ -‬الشرط الثان‪ :‬أن يكون الشفوع له ‪-‬إضافةً إل كونه مسلما ومؤمنا ‪ -‬مستحقا للشفاعة‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ كما قال سبحانه‪... ﴿ :‬وَلَا‬ ‫ولئقا با وبالتال أن يرتضيه ال تعال ورسوله صَلّى ا ُ‬
‫ضيَ لَهُ‬ ‫شفَعُونَ إِلّا لِ َمنِ ا ْرتَضَى ﴾ [النبياء‪ ]28:‬و﴿ َيوْ َمئِذٍ لّا تَنفَعُ الشّفَا َعةُ إِلّا مَنْ َأ ِذنَ لَهُ الرّحْمَ ُن وَرَ ِ‬
‫يَ ْ‬
‫َقوْلًا ﴾ [طـه‪.]109:‬‬
‫‪ -‬الشرط الثالث‪ :‬أن هذه الشفاعة موقوفةٌ على إذن ال تعال ومشيئته كما أشارت إليه‬
‫شفَاعَةُ‬
‫الية الخية وكما تشي إليه آيات عديدة أخرى كقوله تعال ف سورة سبأ‪ ﴿ :‬وَلَا تَنفَعُ ال ّ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 41 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫عِن َدهُ إِلّا لِمَنْ َأ ِذنَ لَهُ‪[ ﴾ ...‬سبأ‪.]23:‬‬


‫فالشفاعة يوم القيامة ل تنفع إل من تققت فيه الشروط الثلث الذكورة‪.‬‬
‫صلّى الُ عَلَيه وَآلِهِ) لفراد المة أو شفاعة الؤمني لبعضهم‬
‫أما الصول الثلثة لشفاعة النب ( َ‬
‫(‪ )3‬مورد الشفاعة‬ ‫(‪ )2‬الأذون بالشفاعة‬ ‫البعض فهي‪ )1( :‬الؤمن‬
‫الصل الول‪ :‬اليان‪ ،‬أي إيان الشفوع له‪ ،‬وتدل عليه آياتٌ عديد ٌة كقوله تعال‪ ﴿ :‬فَاعْلَمْ‬
‫ت وَاللّ ُه َيعَْل ُم ُمتَقَّلَبكُ ْم َو َمْثوَاكُمْ ﴾ [ممد‪،]19:‬‬
‫َأنّهُ ل إِلَهَ إِلّا اللّ ُه وَا ْسَت ْغفِرْ لِ َذْنبِكَ وَلِ ْل ُم ْؤ ِمنِيَ وَالْ ُم ْؤ ِمنَا ِ‬
‫ف َعْنهُ ْم وَا ْسَتغْفِرْ َلهُ ْم َوشَاوِ ْرهُمْ فِي ا َلمْرِ ﴾ [آل عمران‪ ،]159:‬وقوله عزّ من‬ ‫وقوله سبحانه‪ ﴿ :‬فَاعْ ُ‬
‫قائل‪ ﴿ :‬وَا ْسَت ْغفِرْ َلهُمُ اللّهَ ِإنّ اللّ َه َغفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور‪ ]62:‬وقوله تعال‪َ ﴿ :‬فبَايِ ْعهُ ّن وَاسَْت ْغفِرْ َلهُنّ‬
‫ع عَلِيمٌ ﴾ [التوبة‪:‬‬ ‫ك َسكَنٌ َل ُه ْم وَاللّ ُه َسمِي ٌ‬
‫اللّهَ ﴾ [المتحنة‪ ،]12:‬وقوله تعال‪ ﴿ :‬وَصَ ّل عََلْيهِمْ ِإنّ صَلتَ َ‬
‫‪.]103‬‬
‫وف مقابل ذلك نى ال نبيه عن الستغفار للمشركي أو الكفار والنافقي كما قال تعال‪:‬‬
‫ي وََلوْ كَانُوا ُأوْلِي قُ ْربَى مِ ْن َبعْ ِد مَا َتَبيّنَ َلهُمْ‬‫سَت ْغفِرُوا لِ ْلمُشْرِ ِك َ‬‫﴿ مَا كَانَ لِلّنِبيّ وَالّذِينَ آ َمنُوا َأنْ يَ ْ‬
‫ب الْجَحِيمِ ﴾ [التوبة‪ ،]113:‬وقوله تعال قبل ذلك ف السورة ذاتا‪ ﴿ :‬وَل ُتصَ ّل عَلَى‬ ‫صحَا ُ‬ ‫َأنّهُمْ أَ ْ‬
‫سقُونَ ﴾ [التوبة‪:‬‬ ‫أَحَ ٍد ِمْنهُ ْم مَاتَ َأبَدًا وَل َتقُ ْم عَلَى َقْب ِرهِ ِإّنهُمْ َكفَرُوا بِاللّ ِه وَ َرسُولِهِ َومَاتُوا َوهُمْ فَا ِ‬
‫‪.]84‬‬
‫وأما الصل الثان والثالث فقد دلت عليهما اليات الذكورة ذاتا لن إِ ْذنَ ا ِ‬
‫ل تعال هو‬
‫أمره لنبيه بالستغفار للمؤمني وأمره للمؤمني بالستغفار لخوانم والؤمن ل بد أن يكون مرضيا‬
‫من ال وقابلً للشفاعة ومستحقا لا‪.‬‬
‫وهنا ل بد من الشارة إل نقطة مهمة وهي أنه ف كل موضع ف القرآن الكري أُوكل فيه‬
‫أمر الشفاعة لذن ال جاءت لفظة الذن بصيغة الفعل الاضي أي «أَ ِذنَ » حت لو كانت كلمة‬
‫شفَا َعةُ إِلّا مَنْ َأ ِذنَ لَهُ الرّ ْحمَنُ‬
‫«شفع» أو «نفعها» بالضارع‪ ،‬كقوله تعال‪َ ﴿ :‬يوْ َمئِ ٍذ ل تَنفَعُ ال ّ‬
‫ع عَنْ قُلُوِبهِمْ‬‫شفَا َعةُ ِعنْ َدهُ إِلّا ِلمَنْ أَ ِذنَ لَهُ َحتّى إِذَا ُف ّز َ‬
‫ضيَ لَهُ َقوْلًا ﴾ [طه‪ ]109:‬و﴿ وَل تَنفَعُ ال ّ‬ ‫وَرَ ِ‬
‫قَالُوا مَاذَا قَالَ َرّبكُمْ قَالُوا الْحَ ّق َو ُه َو الْعَِل ّي اْلكَبِيُ ﴾ [سبأ‪.]23:‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 42 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫فاليتان تدلن أن الشفاعة ل تنفع إل لن سبق له الذن من ال وهذه هي القيقة ذاتا الت‬
‫ل با وَأمَ َر با خلل الياة الدنيا وقام با النب والؤمنون وظهر‬ ‫بيناها من أن الشفاعة هي الت أَ ِذنَ ا ُ‬
‫نفعها ف الخرة‪ ،‬وإل فإن حصول شفاعة متجدّدة يوم القيامة بتلك الصورة الت تصورها‬
‫الغرورون ل وجود لا‪ .‬هذا ومن الدير بالذكر أنه ربا تت مثل هذه الشفاعة ف الدنيا مِنْ ِقبَلِ‬
‫ص ظاهرهم غي باطنهم أي ما كانوا جديرين با‪ ،‬فهؤلء لن‬ ‫ب أو الؤمني أو اللئكة لشخا ٍ‬ ‫الن ّ‬
‫ينتفعوا با يوم القيامة‪ ،‬كما جاء ف عدد من آيات الكتاب الكيم كقوله تعال‪ ﴿ :‬فَمَا َتْن َفعُهُمْ‬
‫جزِي َن ْفسٌ عَ ْن َن ْفسٍ َشْيئًا وَل ُي ْقبَلُ‬ ‫َشفَا َعةُ الشّاِفعِيَ ﴾ [الدثر‪ ]48:‬وقوله تعال‪ ﴿ :‬وَاّتقُوا َيوْمًا ل تَ ْ‬
‫ِمنْهَا عَدْ ٌل وَل تَنفَ ُعهَا َشفَا َعةٌ وَل هُ ْم يُنصَرُونَ ﴾ [البقرة‪ ،]123:‬وقوله تعال‪ ﴿ :‬ا ْستَ ْغفِرْ َلهُمْ َأوْ ل‬
‫ك ِبأَّنهُمْ َكفَرُوا بِاللّ ِه وَ َرسُولِهِ وَاللّهُ ل‬ ‫ي مَ ّرةً فَلَنْ يَ ْغفِرَ اللّهُ َلهُمْ ذَلِ َ‬
‫ستَ ْغفِرْ َلهُمْ ِإ ْن تَسَْت ْغفِرْ َلهُ ْم َسْبعِ َ‬
‫تَ ْ‬
‫َيهْدِي الْ َق ْو َم الْفَا ِسقِيَ ﴾ [التوبة‪ ،]80:‬وقوله عز من قائل‪َ ﴿ :‬سوَا ٌء عََلْيهِمْ َأ ْستَ ْغفَرْتَ َلهُمْ َأمْ لَمْ‬
‫ستَ ْغفِرْ َلهُمْ لَنْ يَ ْغفِرَ اللّهُ َلهُمْ ِإنّ اللّ َه ل َيهْدِي الْ َق ْو َم الْفَا ِسقِيَ ﴾ [النافقون‪.]6:‬‬ ‫تَ ْ‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) والؤمنون لن ظاهره اليان دون أن‬
‫صلّى ا ُ‬
‫إ َذنْ من المكن أن يستغفر النب ( َ‬
‫يعلموا ما ف باطنه من الكفر‪ ،‬فمثل هذا الستغفار والشفاعة لن تدي ذلك النافق نفعا كما ل‬
‫ت ِد شفاعة نوح عليه السلم لبنه ول شفاعة إبراهيم عليه السلم لبيه (قبل أن يتبي له موته على‬
‫الكفر فيتبأ منه)‪.‬‬
‫وكما ذكرنا سابقا ل يأتِ ف كتاب ال تصريحٌ واضحٌ ول حت لرة واحدة بأن عمل‬
‫«الشفاعة» سيقوم به‪ ،‬يوم القيامة‪ ،‬إنسانٌ من بن آدم ‪ -‬أيّا كان‪ -‬للناس الخرين‪ ،‬بل كل ما جاء‬
‫من ذكر لكلمة «الشفاعة» إنا كان الكلم فيه عن اللئكة سواء كان التشفّع لجل المور‬
‫الدنيوية أو يوم القيامة للمور الخروية‪ .‬وتوضيح ذلك كما يلي‪:‬‬
‫ذكرنا سابقا اليات القرآنية الكرية الت تثبت شفاعة اللئكة ف أمور الليقة وأما شفاعتهم‬
‫ت تؤيد تلك الشفاعة كقوله تعال‪﴿ :‬‬ ‫ف أمور العاد والخرة فقد جاءت ف القرآن الكري آيا ٌ‬
‫سبِقُونَهُ بِالْ َقوْ ِل َوهُ ْم ِبأَمْ ِر ِه َيعْمَلُونَ *‬
‫وَقَالُوا اتّخَذَ الرّحْمَ ُن وَلَدًا ُسبْحَانَ ُه بَ ْل عِبَا ٌد مُكْ َرمُونَ * ل يَ ْ‬
‫ش ِفقُونَ ﴾ [النبياء‪:‬‬ ‫شيَتِ ِه مُ ْ‬
‫ش َفعُونَ إِلّا لِمَنِ ا ْرَتضَى َوهُ ْم مِنْ خَ ْ‬ ‫َيعْلَ ُم مَا َبيْنَ أَيْدِيهِ ْم َومَا َخ ْل َفهُ ْم وَل يَ ْ‬
‫ت ل تُ ْغنِي َشفَا َعتُهُ ْم َشْيئًا إِلّا مِنْ بَعْدِ َأ ْن يَأْ َذنَ‬ ‫‪ ،]28-26‬وقوله تعال‪ ﴿ :‬وَكَ ْم مِ ْن َملَكٍ فِي السّ َموَا ِ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 43 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫اللّهُ لِمَ ْن يَشَا ُء َويَرْضَى ﴾ [النجم‪.]26:‬‬


‫فالشاهد أن لفظة «الشفاعة» ل تأت ف القرآن الكري إل للملئكة سواء كانت شفاعتهم‬
‫ف أمور الليقة أم ف أمور يوم القيامة مع العلم أن كل النوعي من الشفاعة موقوف على الذن‬
‫السابق ل تعال ومشيئة ربّ العالي‪.‬‬
‫وشفاعة اللئكة ف أمور الخرة هي استغفارهم للمؤمني وليس كما يظنه الشركون الغلة‬
‫ويدل على ذلك قوله تعال‪ ﴿ :‬الّذِينَ يَحْمِلُو َن اْلعَ ْرشَ َومَنْ َحوْلَهُ يُسَبّحُو َن بِحَ ْمدِ َرّبهِ ْم َوُيؤْ ِمنُو َن بِهِ‬
‫َويَسَْت ْغفِرُونَ ِللّذِينَ آ َمنُوا َرّبنَا َوسِ ْعتَ كُ ّل َشيْءٍ َرحْ َم ًة َوعِلْمًا فَا ْغفِرْ ِللّذِي َن تَابُوا وَاتَّبعُوا َسبِيلَكَ‬
‫سبّحُو َن بِحَمْدِ َرّبهِ ْم َويَسَْت ْغفِرُونَ‬ ‫جحِيمِ ﴾ [غافر‪ ،]7:‬وقوله سبحانه‪ ﴿ :‬وَالْمَلِئ َكةُ يُ َ‬ ‫وَِقهِ ْم عَذَابَ الْ َ‬
‫لِمَنْ فِي الَ ْرضِ أَل ِإنّ اللّ َه ُه َو اْلغَفُورُ الرّحِيمُ ﴾ [الشورى‪.]5:‬‬
‫شفّ ُع يت ّم بواسطة الستغفار وطلب العفو والرحة‪ .‬وهنا تدر الشارة إل نقطتي‪:‬‬
‫فالتَ َ‬
‫الول‪ :‬أن شفاعة اللئكة لهل الرض نابعة من فطرة اللئكة الت هي الي الحض فل‬
‫تريد اللئكة لهل العال إل كل خي وصلح وهناك عدة روايات تؤيد هذا العن‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أنّ اللئكةَ القربي من ال مثلَ حلة العرش والذين هم حول العرش‪ ،‬ل يستغفرون‬
‫إل للمؤمني أما اللئكةُ الخرونُ فيستغفرونَ لعامّة أهل الرض رغم أن استغفارهم هذا لن ينفع‬
‫إل من ارتضاهم ال من العباد وهو العن الذي يُستَنبط من الية ‪ 26‬من سورة النجم‪ ﴿ :‬وَكَ ْم مِنْ‬
‫ن يَشَا ُء َويَرْضَى ﴾ [النجم‪]26:‬‬
‫ت ل ُتغْنِي َشفَا َعُتهُ ْم َشيْئًا إِلّا مِ ْن َبعْدِ أَ ْن َيأْ َذنَ اللّهُ ِلمَ ْ‬
‫مَلَكٍ فِي السّ َموَا ِ‬
‫ومن قوله تعال‪ ﴿ :‬فَمَا َتْن َفعُهُ ْم َشفَا َعةُ الشّاِفعِيَ ﴾ [الدثر‪.]48:‬‬
‫وإذا اتضحت هاتان النقطتان فإنّ هناك عدة أمور تنتج عنهما هي التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬ل وجود أبدا للشفاعة بذلك العن الذي يعتقده الغلة يوم القيامة من أن النب أو المام‬
‫سيحتم على ال يوم القيامة با له من الاه العظيم عنده سبحانه‪ ،‬فيشفع للمجرمي والعصاة‬
‫الصرين على كبائر الثام والستحقي لوعيد ال وعذابه ويضمن لم بذلك رفع العذاب وينقذهم‬
‫من نتائج أعمالم‪ ،‬بل حت شفاعة الصالي ل تتم ف مثل ذلك اليوم إذا ل تكن قد تّت من قبل‪،‬‬
‫أي إذا ل يكن قد أذن ال با من قبل! وما جاء خلف ذلك من روايات وأخبار فهو من نسج‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 44 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫خيال الوضاعي الذين أغوتم شياطي النس والن ليجرّئوا الجرمي والترفي على معصية ال‬
‫وتاوز حدوده ويسوقوا أمة السلم بذلك إل مهاوي الذل والوان كما حصل ذلك فعلً!‪.‬‬
‫‪ -2‬استُعملت كلمة الشفاعة ف القرآن الكري ‪-‬سواء كانت الشفاعة يوم العاد أو الشفاعة‬
‫ف أمور الدنيا‪ -‬بشأن اللئكة الذين وظّفهم ال تعال بالقيام ببعض أمور الليقة والطبيعة‪ ،‬وهؤلء‬
‫ل يكنهم أن يقوموا بعمل من العمال الت أوكلت إليهم دون إذن ومشيئة من ال ودون حول‬
‫ال وقوته فليس لم استقلل ف أي أمر من المور ول لم اعتماد على إرادتم الستقلة ف أي‬
‫شيء من الشياء‪.‬‬
‫وأما شفاعتهم ف أمر الخرة فهو الستغفار للمؤمني أو لعامة أهل الرض الذي يتم ف‬
‫الياة الدنيا وأمره موكولٌ إل ال إن شاء قبله وإن شاء ل يقبله‪.‬‬
‫‪ -3‬ل توجد ف القرآن الكري آي ٌة تنصّ بصراحةٍ على وجود شفاعة النسان للنسان يوم‬
‫القيامة وفائدتا له‪ ،‬سواء كان الشفيع نبيا أو إماما أو مؤمنا‪ ،‬بل إن آيات الكتاب تنكر مثل هذه‬
‫س لنفسٍ شيئا والم ُر يومئذٍ لِـلّهِ وحدَه وأن ذلك‬ ‫الشفاعة وتؤكد أن ذلك اليوم ل تلك فيه نف ٌ‬
‫س ستكونُ رهينةً لعمالا الت‬ ‫اليوم ل تنف ُع فيه شفاع ٌة ول يغن فيه أحدٌ عن أحدٍ بل ك ّل نف ٍ‬
‫كسبتها ف هذه الياة الدنيا‪ ،‬وإذا أردنا أن نستنبط من القرآن الكري إرادة خي وتشفّع يقوم به‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) لبعض الؤمني‬
‫صلّى ا ُ‬
‫إنسان لنسان آخر فسنجد أنه الستغفار الذي قام به النبّ ( َ‬
‫ل بأمر ال تعال أو هو استغفار الؤمن للمؤمن وطلب الرحة له ف هذه الدنيا الت هي‬ ‫من أمته عم ً‬
‫دار عمل ومل عبادة وطاعة‪ ،‬أما غي ذلك فل يرؤ أحد يوم القيامة على الكلم أمام ال تعال‬
‫وحله على تغيي حكمه وثنيه عن إنزال ما أوجبه من عذاب على مستحقيه من العباد كُ ّل بسب‬
‫أعماله‪ ،‬كيف وهو يعلم أنه لن تنفع أحد شفاعةٌ ولن يُؤخذ من أحدٍ فدي ٌة ول هم يُستعتبون‪ ،‬بل‬
‫ل عن غيه‪.‬‬ ‫كل امرئ سيكون مشغولً بنفسه وغاف ً‬
‫ب والؤمنون‬
‫‪ -4‬ليس قبولُ ال ِ تعال للشفاع ِة والستغفا ِر الذي تقوم به اللئكة أو الن ّ‬
‫للخرين ليس حتميا إل إذا وقع على مستحقه أي كان الشفوع له مؤمنا صادق اليان مرضيا‬
‫من ال‪ ،‬وذلك لن اللئكة حاملي العرش وكذلك النبياء والؤمني ل يعلمون على نو اليقي أن‬
‫من يستغفرون لم مؤمنون مرضيون من ال‪ ،‬خاصة أن اللئكة حسب فطرتم ملهمون إل الي‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 45 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫الحض فل يظهر منهم إل تن كل خي لكل أهل الرض‪ ،‬على عكس الشياطي الشرار بطبيعتهم‬
‫فل يريدون لهل الرض إل الش ّر والسوء‪ ،‬فاستغفار أولئك اللئكة َمثَلُهُ مثل مطر الرحة الذي‬
‫يهطل على الرض ولكن ل تنتفع منه إل الرض الصبة كذلك استغفارهم ل ينتفع منه إل من‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ الذي أكد لنا القرآ ُن الكر ُي أنه ل يعلم‬ ‫كان جديرا به وقابلً له‪ ،‬وكذلك النب صَلّى ا ُ‬
‫الغيب ول يعلم جيع النافقي من أهل الدينة وما حولا كما قال سبحانه‪َ ﴿ :‬ومِمّنْ َحوَْلكُ ْم مِنَ‬
‫ب ُمنَاِفقُونَ َومِنْ َأهْ ِل الْمَدِيَن ِة مَرَدُوا عَلَى الّنفَاقِ ل َتعْلَ ُم ُه ْم نَحْ ُن َنعْلَ ُم ُه ْم َسنُعَ ّذُبهُ ْم مَ ّرَتيْ ِن ثُمّ‬
‫الَعْرَا ِ‬
‫ب عَظِيمٍ ﴾ [التوبة‪ ،]101:‬قد يستغفر لناس مردوا على النفاق لكن شفاعته هذه لن‬ ‫يُرَدّونَ إِلَى عَذَا ٍ‬
‫تفيدهم شيئا لنم ليسوا من ارتضاه ال‪.‬‬
‫‪ -5‬إن هذه الشفاعة الصحيحة الت أوضحناها تستلزم أن يسعى كل مؤمن يرجو اللص‬
‫يوم القيامة للكثار ما استطاع من العمال الصالة والخلق الفاضلة لكي يستحق استغفار‬
‫اللئكة والؤمني ويكون جديرا بشفاعتهم وطلبهم من ال تعال الرحة له ولكي يقبل ال تعال‬
‫استغفارهم وشفاعتهم ف حقّه ويتغمده برحته ومغفرته‪.‬‬
‫‪ -6‬ومثل هذه الشفاعة هي ف القيقة نتيجةٌ لعمل النسان ذاته الذي يصبح من خلل‬
‫تكراره للعمال الصالة ومداومته على الخلق الفاضلة مستحقا لنيل مثل هذا الفيض وذلك‬
‫خلفا للشفاعة بفهومها الاطئ الت تورث الغرور والت يتصور صاحبها أنّ تقرّبه ومغالته بق‬
‫النب أو المام ستنيله شفاعتهما الت ستقبل حتما ولو كان الشفوع له من الثي الجرمي الذين‬
‫ل يكونوا يراعون لِـلّهِ حرم ًة ول يتورّعون عن الكبائر والوبقات وماتوا مصرّينَ عليها‪ ،‬والذين‬
‫مصيهم الذي يستحقونه ف الساس أن يكونوا حطبا لهنّم! فلعمري ما ظنّ أولئك إل غرورٌ من‬
‫الشيطان‪.‬‬
‫‪ -7‬إن شفاعة اللئكة والنب والؤمني الت وصفناها بأنا الستغفارُ للمؤمني ف الدنيا‪،‬‬
‫تتجسم يوم القيامة الذي تتجسم فيه العمال‪ ،‬فيظهر الشفعاء والشفوع لم ف عرصات القيامة‪،‬‬
‫سواء الذين قُبلت الشفاعة فيهم أو الذين ل تقبل‪ ،‬وهنا يتحسر النافقون والجرمون الفاجرون على‬
‫صلّى الُ عََليْهِ وَآلِهِ) والؤمني بشأنم وهو ما تشي إليه الية الت سبق‬ ‫عدم قبول شفاعة النبّ ( َ‬
‫وأوردناها من سورة الدثر ف قوله تعال‪َ ﴿ :‬فمَا َتنْ َف ُعهُ ْم َشفَا َعةُ الشّاِفعِيَ ﴾ [الدثر‪.]48:‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 46 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫لقد ظهر ما بيناه وأوضحناه أن الشفاعة الرائجة اليوم على ألسنة وأفواه خطباء النابر ل‬
‫أساس لا من القيقة وهي الغرور الشيطان ذاته الذي كان ف الديان الباطلة النسوخة قبل‬
‫السلم كاليهودية والسيحية وغيها والت روجها الشيطان بي أتباعها ليضلهم عن سبيل ال‬
‫واتبع سننها كثيون ف أمة السلم وكانت نتيجة ذلك ما نعلمه ونشهده من ذلّة وانطاط نتيجة‬
‫لتباع الشهوات وتعدي حدود ال والتخلف عن أوامره وانتهاك مرماته ما هو مشهود بي‬
‫السلمي عامة وبي الشيعة خاصة الذين راج فيهم كثيا هذا الفهوم النحرف للشفاعة الذي‬
‫يورث الغرور‪.‬‬
‫إن الشفاعة الت جاءت ف السلم وبينها القرآن ل ترّئ أحدا على العصية ول تورثه‬
‫الغرور وليس هذا فحسب بل هي بد ذاتا أفضل دافع ووسيلة مؤثرة للقيام بالعمال الصالة‬
‫والتخلق بالخلق الفاضلة الت تعل الؤمن مستحقا لدعاء إخوانه الؤمني له بالغفرة والرحة‬
‫والذي يتقبله ال ويساعده إن كانت أعماله الصالة غي كافية للنجاة من العذاب أو يساعده ف‬
‫رفع درجاته ف النة‪.‬‬
‫والنقطة ذات الهية البالغة الت تستحق النتباه الدقيق من القرّاء الكرام هي ما ذكرناه أنه‬
‫كلما ذُكرت الشفاعة ف يوم القيامة جاء معها كلمة «أَ ِذنَ » بصيغة فعل الاضي أي أنه ل بد أن‬
‫يكون الذن بالشفاعة قد ّت إعطاؤه سابقا حت ينتفع با الؤمن وبالتال فإن ما ينتظره الؤمن يوم‬
‫القيامة هو «نفع الشفاعة» وليس «وقوع الشفاعة» واليات الكرية تدلّ على هذا العن بوضوح‬
‫وتصرّح بأنه لن تصل يوم القيامة شفاعةٌ ولو وقعت ‪-‬على سبيل فرض الحال‪ -‬فلن تفيد ولن‬
‫تُقبَل‪ ،‬وإنا قلنا على سبيل فرض الحال لن القرآن قرنا بأعمال هي من الحالت ليبيّ َن لنا أنه‬
‫حت وقوع الحالت لن يكون نافعا ول مقبولً‪ ،‬فقرن عدم نفعها بعدم نفع إعطاء الفدية ول نفع‬
‫تقدي كل ما لدى النسان من مال ولو كان الدنيا وما فيها وبعدم نفع صداقة اللّان‪ ،‬فقال تعال‪:‬‬
‫س َشْيئًا وَل ُي ْقبَلُ ِمْنهَا َشفَا َع ٌة وَل ُيؤْخَ ُذ ِمْنهَا عَ ْد ٌل وَل هُمْ‬ ‫س عَنْ نَ ْف ٍ‬ ‫﴿ وَاّتقُوا َي ْومًا ل َتجْزِي َن ْف ٌ‬
‫يُنصَرُونَ ﴾ [البقرة‪ ]48:‬وقال‪ ﴿ :‬يَاَأّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا أَنفِقُوا ِممّا رَزَ ْقنَاكُ ْم مِنْ َقبْلِ َأ ْن يَ ْأِتيَ َي ْومٌ ل َبيْعٌ‬
‫فِيهِ وَل خُّل ٌة وَل َشفَا َع ٌة وَالْكَافِرُو َن هُمُ الظّالِمُونَ ﴾ [البقرة‪ ،]254:‬وقال‪َ ﴿ :‬وذَكّ ْر بِهِ أَ ْن ُتبْسَ َل َن ْفسٌ‬
‫ذ ِمْنهَا ﴾ [النعام‪:‬‬ ‫سبَتْ َلْيسَ َلهَا مِنْ دُونِ اللّهِ وَلِ ّي وَل َشفِي ٌع َوِإنْ َتعْدِلْ كُ ّل عَدْ ٍل ل ُيؤْخَ ْ‬ ‫بِمَا كَ َ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 47 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫‪ .]70‬فمن الواضح أنه ل يوجد يوم القيامة تقدي فدية ول عدل حت يقبل أو ل يقبل‪ ،‬ومثله قوله‬
‫ب سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء‪ ]89-88:‬مع أنه ل مال‬ ‫تعال‪َ ﴿ :‬يوْ َم ل َيْنفَعُ مَا ٌل وَل َبنُونَ * إِلّا مَنْ َأتَى اللّ َه ِبقَ ْل ٍ‬
‫يوم القيامة ول بنون يكن تقديهم حت ينتفع بذلك النسان أو ل ينتفع‪ ،‬أي أن ال يريد أن يقول‬
‫حت لو كان هناك بفرض الحال ما ٌل أو بنون يوم القيامة أو ما ٌل لتقدي فِ ْديَة أو الفتداء بتقدي‬
‫أموال لدنيا وما فيها أو الستفادة من شفاعة صديق خليل فإنا لن تنفع ولن تُقبل‪.‬‬
‫والشفاعة الوحيدة الت تنفع وتُقبل هي أن يرى ال تعال عبده ف الدنيا قد قام بالعمال‬
‫الصالة الت جعلته مرضيا عند ال عندئذ تستغفر له اللئكة والنبياء والؤمنون أي يطلبون له‬
‫الغفران والرحة‪ ،‬وهذا الستغفار هو الشفاعة الت ستنفعه يوم القيامة وتُوجب غفران سيئاته أو‬
‫رفع درجاته وأكب دليل على ذلك هو ميء الذن اللي بصيغة الاضي أي أنه أعطى الذن‬
‫للشفاعة ‪-‬أي الستغفار‪ -‬ف الدنيا فظهرت نفعها يوم القيامة‪.‬‬
‫هنا قد يأت سؤال أنه قد ورد ف بعض آيات القرآن لفظ الذن بالشفاعة أو الشفاعة نفسها‬
‫بصيغة الضارع كقوله تعال‪ ﴿ :‬وَكَ ْم مِ ْن مَلَكٍ فِي السّ َموَاتِ ل ُت ْغنِي َشفَا َعُتهُ ْم َشيْئًا إِلّا مِ ْن َبعْدِ َأنْ‬
‫يَأْ َذنَ اللّهُ لِ َم ْن يَشَاءُ َويَ ْرضَى ﴾ [النجم‪ ]26:‬وقوله سبحانه‪َ ﴿ :‬يعْلَ ُم مَا َبيْنَ َأيْدِيهِ ْم َومَا خَ ْل َفهُ ْم وَل‬
‫ش ِفقُونَ ﴾ [النبياء‪ ،]28:‬فهنا نقول‪:‬‬ ‫شَيتِهِ مُ ْ‬
‫شفَعُونَ إِلّا لِ َمنِ ا ْرتَضَى وَهُ ْم مِنْ خَ ْ‬
‫يَ ْ‬
‫فهذه الشفاعات خاصة باللئكة وهي مستمرة نظرا إل استمرار توالد بن البشر وتناسلهم‬
‫على الدوام‪ ،‬مثلما هو استغفار اللئكة للمؤمني الذي جاء بصيغة الضارع لنه مستمر‪ ،‬فليس‬
‫المر مربوطا بالشفاعة بشأن الزاء يوم القيامة‪ ،‬فل تناقض ول اختلف ف آيات الكتاب لن‬
‫تأمل من أول اللباب‪ ،‬بل مطالب القرآن يؤيد بعضها بعضا ويعضد بعضها الخر‪ ،‬كالبناء الرفيع‬
‫النيع الذي أتقنته يد الالق ومشيئته‪ ،‬وشاهدته قوة العقل والفهم لدى كل مؤمن واعٍ فقال‪ :‬تبارك‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) مثل رسالته‪ :‬بشارٌة وإنذارٌ‪ ،‬ينتفع با من عمل‬
‫ال رب العالي‪ .‬فشفاعة النب (صَلّى ا ُ‬
‫لا واستحقّها وإن ال بعباده لبي بصي‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 48 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫اعتراضٌ والجابةُ عنه‬


‫يتمسّك بعض القائلي بصول الشفاعة ووقوعها يوم القيامة بفهوم الخالفة لليات الت جاء‬
‫فيها أن الكفار والجرمي يتحسّرون يوم القيامة على حرمانم من الشفيع كما جاء ف سورة‬
‫حمِيمٍ ﴾ [الشعراء‪ ،]101:‬وكما جاء ف سورة غافر‪﴿ :‬‬ ‫الشعراء‪َ ﴿ :‬فمَا َلنَا مِنْ شَاِفعِيَ * وَل صَدِيقٍ َ‬
‫شفِي ٍع يُطَاعُ ﴾‬ ‫ي مِنْ حَمِي ٍم وَل َ‬ ‫ي مَا لِلظّاِلمِ َ‬
‫حنَاجِرِ كَاظِ ِم َ‬ ‫َوأَن ِذ ْرهُمْ َيوْمَ الزَِفةِ إِ ِذ اْلقُلُوبُ َلدَى الْ َ‬
‫[غافر‪ ،]18:‬أو يتحسرون على عدم انتفاعهم بشفاعة الشفعاء‪ ،‬كما جاء ف سورة الدثر‪ ﴿ :‬فَمَا‬
‫َتنْ َف ُعهُ ْم َشفَا َعةُ الشّاِفعِيَ ﴾ [الدثر‪ ،]48:‬أو على عدم وجود شفعاء لم كما ف قوله تعال‪ ﴿ :‬هَلْ‬
‫حقّ َفهَلْ َلنَا‬
‫يَنظُرُونَ إِلّا َت ْأوِيلَ ُه َي ْو َم يَ ْأتِي َت ْأوِيلُ ُه َيقُو ُل الّذِي َن نَسُو ُه مِنْ َقبْلُ قَدْ جَاءَتْ ُرسُلُ َربّنَا بِالْ َ‬
‫سهُ ْم وَضَ ّل َعْنهُ ْم مَا كَانُوا‬ ‫سرُوا أَنفُ َ‬
‫ش َفعُوا َلنَا َأوْ نُ َردّ َفَنعْمَ َل َغيْ َر الّذِي ُكنّا َنعْمَلُ قَدْ خَ ِ‬ ‫مِ ْن ُش َفعَاءَ َفيَ ْ‬
‫َيفْتَرُونَ ﴾ [العراف‪.]53:‬‬
‫فيقولون أن هذه اليات تدل بفهوم الخالفة على أن هناك شفاعة للمؤمني حُرم منها‬
‫الكافرون‪ ،‬مع أن التأمل لتلك اليات ونظائرها يدرك أنه ل مال لفهوم الخالفة فيها‪ ،‬أل نلحظ‬
‫أنم تنوا أن يكون لم حي ٌم يُطاعُ‪ ،‬فهل هذا يدل على أن للمؤمني حي ٌم يُطاع؟ ونلحظ أنم‬
‫تنوا أن يُرَدّوا إل الدنيا ليعملوا غي ما كانوا يعملون فهل هذا يعن أن أهل اليان يكن أن يردوا‬
‫إل الدنيا؟‬
‫إن نفي فائدة الصديق الميم ونفي أن يغن شخصٌ عن آخر يوم القيامة عامّ لكل الناس‬
‫جبَالُ كَاْل ِعهْنِ‬
‫وليس خاصا بالكافرين‪ ،‬أل يقل ال تعال‪َ ﴿ :‬يوْ َم َتكُونُ السّمَاءُ كَالْ ُمهْلِ * َوَتكُو ُن الْ ِ‬
‫ج ِرمُ َلوْ يَ ْفتَدِي مِنْ‬
‫سأَلُ حَمِيمٌ َحمِيمًا ﴾ [العارج‪ ]10-8:‬ث قال بعدها‪ُ ﴿ :‬يبَصّرُوَنهُ ْم َيوَ ّد الْمُ ْ‬ ‫* وَل يَ ْ‬
‫عَذَابِ َي ْو ِمئِ ٍذ بَِبنِيهِ * وَصَا ِحَبتِهِ َوأَخِيهِ * وََفصِيَلتِ ِه الّتِي ُتؤْويهِ * َومَنْ فِي الَ ْرضِ َجمِيعًا ثُ ّم يُنجِيهِ *‬
‫كَلّا ِإّنهَا لَظَى ﴾ [العارج‪.]15-11:‬‬
‫﴿‬ ‫فهل هذه النذارات خاصّة بالكفار فقط؟! أل يقل ال تعال عن جيع الناس يوم القيامة‪:‬‬
‫ش ْأنٌ ُي ْغنِيهِ ﴾ [عبس‪:‬‬
‫ئ ِمْنهُ ْم َي ْومَئِ ٍذ َ‬
‫َيوْ َم َيفِ ّر الْمَرْ ُء مِنْ أَخِيهِ * َوُأمّهِ َوَأبِيهِ * وَصَا ِحَبتِهِ َوَبنِيهِ * ِلكُ ّل امْرِ ٍ‬
‫‪.]37-34‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 49 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫فهذه المور والحوال تقع للجميع‪ ،‬وتلك المال والمنيات الت يتمناها الثون ويرجون‬
‫شفَع‬
‫أن يكون لم شفيع أو حيم مطاع أمنيات مستحيلة لنه لن يكون هناك يوم القيامة ل شفي ٌع يَ ْ‬
‫ول حي ٌم َيْنفَع ول فديةٌ تفيد ول عد ٌل يُؤخذ‪ .‬وليس أوضح دللة على ذلك ول أصرح من قوله‬
‫تعال الذي جاء مكررا ف كتابه خطابا للمؤمني‪َ ﴿ :‬ووَصّى ِبهَا ِإبْرَاهِيمُ َبنِيهِ َويَ ْعقُوبُ يَاَبِنيّ ِإنّ‬
‫اللّ َه اصْ َطفَى َلكُمُ الدّينَ فَل تَمُوتُنّ إِلّا َوَأْنتُ ْم مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة‪ ،]132:‬ويقول‪ ﴿ :‬يَاَأّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا‬
‫ن هُمُ الظّالِمُونَ ﴾‬ ‫أَن ِفقُوا مِمّا رَزَ ْقنَاكُ ْم مِنْ َقبْلِ َأنْ َي ْأتِ َي َي ْومٌ ل َبيْعٌ فِي ِه وَل خُّل ٌة وَل َشفَاعَ ٌة وَالْكَاِفرُو َ‬
‫[البقرة‪.]254:‬‬
‫ويسلم بعض العترضي ولكن يقول إن أقصى ما تفيده اليات الذكورة أن هناك شفاعة يوم‬
‫القيامة ولكنها لن تقبل ولن تنفع‪ .‬ونقول لؤلء إن تلك اليات الت نفت قبول الشفاعة وفائدتا‬
‫نفت كذلك قبول العدل (الفدية) وفائدتا‪ ،‬فكلها على ح ّد سواء لن يكون موجودا ول حاصلً‬
‫يوم القيامة‪ ،‬إذ من البديهي أن ل أحد يقدر على تقدي فدية يوم القيامة ولذلك يتمن الجرم أن‬
‫يتمّ تقدي شخص آخر بدلً منه فدي ًة عنه‪ ،‬حت ولو كان ذلك الخر أع ّز الناس إليه مثل أبنائه أو‬
‫زوجته وإخوته‪ُ ﴿ :‬يَبصّرُوَنهُمْ َيوَدّ الْمُجْ ِرمُ َل ْو َي ْفتَدِي مِ ْن عَذَابِ َي ْو ِمئِ ٍذ بَِبنِيهِ * وَصَا ِحَبتِهِ َوأَخِيهِ *‬
‫وََفصِيَلتِ ِه اّلتِي ُتؤْويهِ ﴾ [العارج‪ ،]13-11:‬والية التالية من سورة الديد تصرح بانتفاء أي فدية ف‬
‫ذلك اليوم‪ ﴿ :‬فَاْلَي ْومَ ل ُيؤْ َخ ُذ ِمنْكُمْ فِ ْدَي ٌة وَل مِ َن الّذِينَ َكفَرُوا َم ْأوَاكُ ُم النّا ُر ِهيَ َموْلكُ ْم َوِبئْسَ‬
‫الْ َمصِيُ ﴾ [الديد‪ ،]15:‬كما تصرح آيات عديدة بأنه ‪-‬على فرض الحال‪ -‬لو أوت الظالون أموال‬
‫الرض كلها لفتدوا با أنفسهم ولكن ذلك لن يفيدهم شيئا كما جاء ف قوله تعال‪ ﴿ :‬وََلوْ َأنّ‬
‫ضيَ َبْينَهُ ْم بِاْلقِسْطِ‬ ‫ب وَُق ِ‬ ‫ت بِ ِه َوأَسَرّوا النّدَا َمةَ لَمّا َرَأوُا الْعَذَا َ‬
‫ت مَا فِي الَ ْرضِ ل ْفتَدَ ْ‬ ‫س ظَلَ َم ْ‬ ‫ِلكُ ّل نَ ْف ٍ‬
‫ستَجِيبُوا لَهُ َلوْ‬ ‫سنَى وَالّذِينَ لَ ْم يَ ْ‬‫َوهُمْ ل يُ ْظلَمُونَ ﴾ [يونس‪ ،]54:‬وقوله‪ِ ﴿ :‬للّذِي َن اسْتَجَابُوا لِ َرّبهِ ُم الْحُ ْ‬
‫ب َو َم ْأوَاهُمْ َج َهنّ ُم َوِبْئسَ‬ ‫أَنّ َلهُ ْم مَا فِي الَ ْرضِ جَمِيعًا َومِثْلَ ُه َمعَهُ ل ْفتَ َدوْا بِهِ ُأوَْلئِكَ َلهُ ْم سُو ُء الْحِسَا ِ‬
‫الْ ِمهَادُ ﴾ [الرعد‪ ،]18:‬وقوله تعال‪ ﴿ :‬إِ ّن الّذِينَ َكفَرُوا َلوْ َأنّ َلهُ ْم مَا فِي الَ ْرضِ َجمِيعًا َو ِمثْلَ ُه َمعَهُ‬
‫ب َي ْومِ اْل ِقيَامَ ِة مَا ُت ُقبّلَ ِمْنهُ ْم وََلهُ ْم عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [الائدة‪.]36:‬‬
‫ِلَيفْتَدُوا بِهِ مِ ْن عَذَا ِ‬
‫فكما أنه ل مال لتقدي فدية ولن تنفع لو قُدّمت فكذلك كلمة الشفاعة الت جاءت ماورة‬
‫لا ومنفية مثلها ل مال لوجودها‪ ،‬ولو وجدت على فرض الحال فلن تنفع لذا يقول سبحانه‪﴿ :‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 50 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫يَاأَّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا أَن ِفقُوا مِمّا َرزَ ْقنَاكُ ْم مِنْ َقبْلِ َأنْ َي ْأتِ َي َيوْ ٌم ل َبيْعٌ فِيهِ وَل خُّل ٌة وَل َشفَا َعةٌ‬
‫وَالْكَافِرُو َن هُمُ الظّالِمُونَ ﴾ [البقرة‪.]254:‬‬
‫فبهذا البيان يتّضح كيف أنه ل يوجد أي تناقض ف آيات القرآن الكري‪ .‬والشفاعة بالصورة‬
‫الت بينّاها موجودةٌ وصحيح ٌة عقلً ونقلً‪ ،‬أما القائلون بوجود شفاعةٍ جديد ٍة تصل يوم القيامة‬
‫بشأن رفع العذاب الخروي عن مستحقّيه‪ ،‬فإنم يقعون ف تناقض صريح فمن ناحية يدون ف‬
‫ف الشفاعة على إذن ال‪ ،‬ومن الناحية‬ ‫القرآن نفيا واضحا وصريا للشفاعة‪ ،‬كما يدون وق َ‬
‫الخرى يريدون أن يستنبطوا من أمل الكافرين الجرمي بشفي ٍع يساعدهم ‪-‬استنادا إل مفهوم‬
‫الخالفة‪ -‬إل أن الؤمني سيكون لم شفيع يساعدهم‪ ،‬وبالتال يفتحون باب سوق الشفاعة‬
‫للعصاة الجرمي على مصراعيه! وتناقضهم الخر هو أنم من جهة ُيقِرّون بوعيد ال للمجرمي‬
‫والفاجرين والظالي بالعذاب الهي‪ ،‬ولكن من الهة الخرى يفتحون باب الشفاعة لم بذلك‬
‫العن وذلك التّساع فتذهب كل تلك النذارات أدراج الرياح وتصبح حبا على ورق ويتمّ هدم‬
‫بناء الدين العظيم الذي بناه الشارع القدّس وأحكم بنيانه بأحكامه وقوانينه من أساسه!! إن هؤلء‬
‫سيُفا َجؤُون يوم القيامة بذهاب آمالم أدراج الرياح فيصيحون‪َ ﴿ :‬فمَا َلنَا مِنْ شَاِفعِيَ * وَل صَدِيقٍ‬
‫حَمِيمٍ ﴾ [الشعراء‪ ،]101-100:‬وعندئ ٍذ سُيقَال لم‪ ﴿ :‬وََلقَدْ ِجْئتُمُونَا فُرَادَى كَمَا َخَل ْقنَاكُمْ َأوّ َل َم ّرةٍ‬
‫َوتَرَ ْكتُ ْم مَا َخوّْلنَاكُ ْم وَرَاءَ ُظهُورِكُ ْم َومَا نَرَى َم َعكُ ْم ُشفَعَاءَكُ ُم الّذِينَ َزعَ ْمتُمْ َأّنهُمْ فِيكُ ْم شُرَكَاءُ‬
‫َلقَ ْد َتقَطّ َع َبيَْنكُ ْم وَضَ ّل عَنكُ ْم مَا كُنتُ ْم تَ ْزعُمُونَ ﴾ [النعام‪.]94:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 51 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫الئمّة العصومون ينفون الشفاعة عن أنفسهم‬


‫ويصرون النجاة بالتقوى والورع‬
‫ل عَلَيه‬
‫عمد ُة مستند القائلي بالشفاعة الخروية‪ ،‬الت ستقع يوم القيامة من ِقبَل النبّ (صَلّى ا ُ‬
‫وَآلِهِ) والئمّة عليهم السلم‪ ،‬وغيهم من الؤمني‪ ،‬ومستمسكهم مموعةٌ من الحاديث الضعيفة‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) أو الئمّة العصومي عليهم السلم وسنقوم‬‫والوضوعة النسوبة إل النب (صَلّى ا ُ‬
‫لحقا بتمحيص تلك الحاديث وبيان حالا سندا ومتنا بالستفادة من كتب الرجال‪ ،‬هذا رغم‬
‫أن مثل تلك الحاديث التضمنة لطالب تعارض بوضوح كتاب ال تعال يب أن يُضرب با‬
‫عرض الائط طبقا لتعاليم الئمّة عليهم السلم أنفسهم‪ ،‬مهما كان حال سندها‪.‬‬
‫ولكن قبل تحيص تلك الحاديث نبدأ بذكر مموعة من الحاديث الروية عن الئمّة‬
‫الطهار سلم ال عليهم ينفون فيها الشفاعة بذلك الفهوم عن أنفسهم ويؤكدون أنم لن ُي ْغنُوا‬
‫يوم القيامة عن أح ٍد شيئا‪ ،‬وأن النجاة ف ذلك اليوم العسي لن تكون إل لن تلّى بالتقوى والورع‬
‫والعمل الصال‪ .‬ومن الدير بالذكر أن هذه الحاديث توافق تعاليم القرآن تاما فهي صحيحة من‬
‫هذه الهة بغض النظر عن حال أسانيدها (الذي قد يكون مدوشا)‪:‬‬
‫‪ -1‬روى الشيخ الطوسي عليه الرحة ف كتابه «المال» بسنده عن المام أب جعفر الباقر‬
‫لْيثَ َمةَ‪َ« :‬أبْلِ ْغ شِي َعتَنَا َأنّهُ لَ ْن ُينَا َل مَا عِنْدَ الِ إِلّا ِبعَمَ ٍل َوَأبْلِ ْغ شِي َعتَنَا َأنّ َأعْظَمَ‬
‫عليه السلم أنه قال َ‬
‫ف عَدْلًا ثُ ّم يُخَاِلفُهُ إِلَى َغيْ ِرهِ‪َ ،‬وأَبِْل ْغ شِي َعَتنَا َأّنهُمْ إذَا قَا ُموْا بِمَا‬ ‫س َرةً َيوْ َم اْلقِيَا َم ِة مَ ْن وَصَ َ‬
‫النّاسِ حَ ْ‬
‫ُأمِرُوا َأّنهُ ْم هُ ُم الفَائِزُو َن َي ْومَ ال ِقيَا َمةِ‪.)1(» .‬‬
‫‪ -2‬وروى الطبسي ف «مشكوة النوار» (ص ‪ ،)32‬والجلسي ف «بار النوار» (ج‬
‫ضيْل عن أب جعفر الباقر عليه السلم‬ ‫‪/67‬ص ‪ )309‬نقلً عن دعائم السلم‪ ،‬بسندهم عن الفُ َ‬
‫قال‪« :‬قال ل‪ :‬يا ُفضَيْل! أبْلِغْ من لقيتَ مِ ْن َموَالِينَا عنّا السّلم وَقُلْ لَه ْم إنّي ل ُأ ْغنِي عَْنهُ ْم مِنَ الِ‬
‫ل مَعَ الصّابِرِينَ‪.».‬‬ ‫سَنتَكُ ْم وَ ُكفّوا َأيْ ِديَكُ ْم َوعََلْيكُ ْم بالصّبْ ِر وَالصّلةِ ِإنّ ا َ‬
‫شيئا إل بالوَرَع فَا ْحفَظُوا ألْ ِ‬

‫() الشيخ الطوسي‪« ،‬المال»‪ ،‬ص ‪.370‬‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 52 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫‪ -3‬وروى الشي ُخ الكَُلْيِنيّ ف «الروضة» من كتاب «الكاف» بالسند عن المام الصادق‬


‫عليه السلم‪ ...« :‬واعْلَمُوا أَنّهُ ِإنّمَا َأمَ َر وَنهَى ِليُطَاعَ فِيمَا َأمَ َر بِهِ وِليُْنَتهَى عَمّا َنهَى َعنْهُ‪ ،‬فَمَ ِن اّتبَعَ‬
‫ل َعنْهُ َفقَ ْد َعصَاهُ فَِإنْ‬‫خيْ ِر ِعنْ َدهُ ومَنْ لَ ْم َيْنتَهِ عَمّا َنهَى ا ُ‬
‫َأمْ َرهُ َفقَدْ أَطَاعَهُ وقَدْ أَدْ َركَ كُ ّل َشيْءٍ مِ َن الْ َ‬
‫س َبيْنَ الِ وبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَ ْلقِهِ‬
‫ل عَلَى وَ ْجهِهِ فِي النّارِ‪ ،‬وَاعْلَمُوا َأنّهُ َلْي َ‬ ‫صيَتِهِ أَ َكبّهُ ا ُ‬
‫ت عَلَى َم ْع ِ‬‫مَا َ‬
‫ك مِنْ َخ ْلقِهِ ُكّلهِمْ إِلّا طَا َعُتهُمْ لَهُ فَا ْجَتهِدُوا فِي طَا َعةِ‬ ‫ب وَلَا َنبِ ّي مُ ْرسَ ٌل وَلَا مَنْ دُونَ ذَلِ َ‬ ‫ك ُمقَرّ ٌ‬
‫مَلَ ٌ‬
‫الِ ِإنْ سَرّ ُكمْ أَ ْن َتكُونُوا ُم ْؤ ِمنِيَ َحقّا‪...‬‬
‫ك ُمقَرّبٌ ولَا نَِب ّي‬
‫س ُيغْنِي َعْنكُ ْم مِنَ الِ أَحَ ٌد مِنْ خَ ْلقِ ِه َشيْئا لَا َملَ ٌ‬ ‫(إل قوله)‪ :‬وَاعْلَمُوا َأنّهُ َلْي َ‬
‫ي ِعنْدَ الِ َف ْليَطُْلبْ إِلَى الِ َأنْ َيرْضَى‬ ‫مُ ْرسَ ٌل وَلَا مَنْ دُونَ ذَلِكَ‪َ ،‬فمَ ْن سَ ّرهُ َأنْ َتْن َفعَهُ َشفَا َعةُ الشّاِفعِ َ‬
‫عَنْهُ»(‪.)1‬‬
‫‪ -4‬قال الشيخ الطوسي ‪-‬رحة ال عليه ‪ -‬ف تفسيه القَيّم «التبيان» (ج ‪/8‬ص ‪ ،)67‬لدى‬
‫تفسيه لقوله تعال ﴿ َوأَنذِ ْر عَشِ َيتَكَ الَقْ َربِيَ ﴾ [الشعراء‪« :]214:‬وقيل‪ :‬ذَكّر عشيتَك القربي أي‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) ذلك»‪ .‬قلت‬ ‫ص ْوهُ‪ ...‬وقد فعل (صَلّى ا ُ‬ ‫ل شيئا إن َع َ‬ ‫عَرّ ْفهُم إنّكَ ل ُت ْغنِي َعْنهُم مِنَ ا ِ‬
‫صلّى الُ‬‫وقد جاء ف ذلك الديث الشهور الذي رواه الفريقان بصور متلفة‪« :‬أن رسول ال ( َ‬
‫صفَا َفقَالَ‪ :‬يَا‬
‫عَلَيه وَآلِهِ) لَمّا نَزََلتْ هَ ِذ ِه الْآَيةُ ﴿ َوأَنذِ ْر عَشِ َيتَكَ الَقْ َربِيَ ﴾ [الشعراء‪ ]214:‬قَا َم عَلَى ال ّ‬
‫سكُمَا مِنْ الِ لَا َأمْلِكُ َلكُمَا مِنْ الِ‬
‫حمّدٍ! ا ْشتَ ِريَا َأْنفُ َ‬
‫ص ِفّيةُ ِبْنتَ َعبْ ِد الُطِّلبِ! يَا فَاطِ َم ُة ِبْنتَ مُ َ‬
‫َ‬
‫ل َشيْئا! سَلُونِي مِنْ‬‫َشيْئا! سَلَانِي مِنْ مَالِي مَا ِشئْتُمَا‪ .‬يَا َبنِي َعبْ ِد الُطِّلبِ! ِإنّي لَا َأمْلِكُ َلكُمْ مِنْ ا ِ‬
‫مَالِي مَا ِشْئتُمْ‪ ..‬الديث» (‪.)2‬‬
‫ل َشيْئا» مؤيّدة لا ورد‬ ‫ل عَلَيه وَآلِهِ)‪« :‬لَا ُأغْنِي َعْنكُمَا مِنْ ا ِ‬
‫صلّى ا ُ‬
‫وهذه العبارة أي قوله ( َ‬
‫ف القرآن الكري مِ ْن أنّ َنِبيّـ ْي ال نوحا ولوطا عليهما السلم ل يغنيا عن زوجتيهما شيئا لا‬
‫ضرَبَ اللّ ُه َمثَلًا لِلّذِينَ َكفَرُوا ِامْ َرَأةَ‬
‫خانت ك ّل منهما زوجها ول تتّبع سبيل الق‪ ،‬فقال سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫() ال ُكلَيِْنيّ ف الروضة من «الكاف»‪ ،‬ج ‪/8‬ص ‪.11‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الديث رواه البخاري ومسلم ف صحيحيهما والترمذي والنسائي ف سننهما وأحد ف مسنده وغيهم بعدة أسانيد‬ ‫‪2‬‬

‫ل وَيَا‬
‫صفِيّةُ َعمّ َة َرسُولِ ا ِ‬
‫س ُكمْ مِنْ الِ‪ ،‬يَا َ‬
‫وألفاظ متقاربة‪ .‬وف رواية أحد ف السند‪ ﴿ :‬يَا بَنِي عَْبدِ الُ ّطِلبِ! اشْتَرُوا أَْنفُ َ‬
‫ل شَيْئا َسلَانِي مِنْ مَالِي مَا شِئُْتمَا ﴾‪ ،‬هذا وقد نقل‬ ‫ل لَا ُأغْنِي عَْن ُكمَا مِنْ ا ِ‬
‫س ُكمَا مِنْ ا ِ‬
‫فَا ِطمَةُ بِْنتَ َرسُولِ الِ اشْتَرِيَا أَْنفُ َ‬
‫العلمة السيد ممد حسي الطباطبائي ف تفسيه اليزان (ج ‪/15‬ص ‪ )333‬هذه الروايات ذيل تفسيه للية الذكورة‬
‫أي قوله تعال‪ ﴿ :‬وَأَْن ِذرْ َعشِيَتَكَ الَْأقْرَِبيَ ﴾‪( .‬الترجم)‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 53 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫حيْنِ َفخَاَنتَاهُمَا َفلَ ْم ُي ْغنِيَا َعْنهُمَا مِنَ اللّ ِه َشيْئًا‬


‫حتَ َعبْ َديْ ِن مِ ْن ِعبَا ِدنَا صَالِ َ‬
‫ح َواِمْ َرَأةَ لُوطٍ كَاَنتَا َت ْ‬
‫نُو ٍ‬
‫وَقِيلَ ادْخُل النّا َر مَعَ الدّا ِخلِيَ ﴾ [التحري‪.]10:‬‬
‫‪ -5‬روى الشيخُ الطوسيّ ف كتابه «المال» بسنده عن جابر بن يزيد العفي‪ ،‬قال‬
‫«خدمتُ سيدَنا الما َم أبا جعفر ممد بن علي عليه السلم ثان عشرة سنة‪ ،‬فلما أردتُ الروج‬
‫ف وَل‬ ‫و ّد ْعتُهُ‪ ،‬وقلتُ أَفِ ْدنِي‪ .‬فقال‪ :‬بعد ثان عشرة سنة يا جابر؟! قلت‪ :‬نعم إنكُم َبحْ ٌر ل َينْزِ ُ‬
‫ُيبْلَغُ َقعْ ُرهُ‪ .‬فقال‪ :‬يَا جَابِرُ! بلّ ْغ شيعت عَنّي السّلمَ‪َ ،‬وأَعِْل ْمهُ ْم أنّهُ ل َقرَاَب َة َبيَْننَا وبَيْنَ الِ ع ّز وَجَلّ‪،‬‬
‫ب إليْهِ إل بِالطّا َعةِ لَهُ‪ .‬يَا جَابِرُ! مَ ْن أطَاعَ الَ وأ َحبّنا فهو وَِليّنَا‪َ ،‬ومَ ْن َعصَى الَ ل َيْن َفعْهُ‬ ‫وَل ُيَتقَرّ ُ‬
‫ُحّبنَا‪ ،‬يَا جَابِرُ! مَ ْن هذا الذي يسألُ الَ َفلَ ْم ُيعْطِهِ‪ ،‬أو َتوَكّلَ عََليْهِ َفلَ ْم َيكْفِهِ‪ ،‬أ ْو َوثَقَ بِهِ َفلَمْ‬
‫ُينْجِهِ؟‪.)1(»...‬‬
‫‪ -6‬وروى الكَُلْينِيّ ف كتاب «الكاف» بسنده عن أَبِي َج ْعفَرٍ الباقر عليه السلم قَالَ‪« :‬يَا‬
‫حمّدٍ! كُونُوا النّمْرَُق َة اْل ُوسْطَى يَرْ ِجعُ إَِليْكُ ُم اْلغَالِي َويَ ْلحَ ُق ِبكُمُ التّالِي‪.‬‬ ‫َمعْشَرَ الشّي َع ِة شِي َعةِ آ ِل مُ َ‬
‫َفقَالَ لَهُ رَ ُج ٌل مِ َن الَْأْنصَا ِر ُيقَالُ لَهُ َسعْدٌ‪ُ :‬جعِ ْلتُ فِدَاكَ! مَا اْلغَالِي؟ قَالَ‪َ :‬ق ْو ٌم َيقُولُونَ فِينَا مَا لَا َنقُولُهُ‬
‫خيْرَ ُيؤْجَرُ‬ ‫خْي َر ُيبَّلغُهُ الْ َ‬
‫سنَا ِمْنهُمْ‪ .‬قَالَ‪ :‬فَمَا التّالِي؟ قَالَ‪ :‬الُرتَا ُد يُرِي ُد الْ َ‬‫ك ِمنّا وَلَ ْ‬
‫سنَا َفَلْيسَ أُوَلئِ َ‬ ‫فِي َأْنفُ ِ‬
‫جةٌ‬
‫ل َبرَاءَ ٌة وَلَا َبيَْننَا َوبَيْنَ الِ َقرَابَ ٌة وَلَا َلنَا عَلَى الِ حُ ّ‬
‫عََليْه‪ .‬ثُمّ أَقْبَ َل عََلْينَا َفقَالَ‪ :‬وَالِ مَا َم َعنَا مِنَ ا ِ‬
‫وَلَا نََتقَرّبُ إِلَى الِ إِلّا بِالطّا َعةِ‪َ ،‬فمَنْ كَانَ ِمْنكُ ْم مُطِيعا لِـلّ ِه َتنْ َفعُ ُه وَلَايَُتنَا َومَنْ كَانَ ِمْنكُ ْم عَاصِيا‬
‫حكُمْ لَا َتغْتَرّوا!»(‪.)2‬‬
‫حكُمْ لَا َتغْتَرّوا! َويْ َ‬
‫لِـلّهِ َل ْم تَْن َفعْهُ وَلَايَُتنَا‪َ .‬ويْ َ‬
‫‪ -7‬وروى الشي ُخ الكَُلْيِنيّ ف «الروضةِ» مِ ْن كتاب «الكاف» صحيفةَ المامِ عليّ ب ِن الُسَي‬
‫زين العابدين عليهم السلم الت رواها عنه أبو حزة الثمال‪ ،‬فذكر فيها‪:‬‬
‫حكُ ُم عََلْينَا َوعََلْيكُ ْم َسيّدٌ حَاكِ ٌم غَدا‪َ ،‬و ُه َو‬ ‫ل ونَحْ ُن َم َعكُ ْم يَ ْ‬‫«‪...‬وَ اعَْلمُوا َأّنكُمْ َعبِيدُ ا ِ‬
‫ب اْلعَالَمِيَ‪َ ﴿ ،‬ي ْو َمئِذٍ لَا‬ ‫ض عَلَى رَ ّ‬ ‫ف وَالُسَاءََل ِة وَالْعَ ْر ِ‬ ‫جوَابَ َقبْ َل اْلوُقُو ِ‬ ‫مُوِقفُكُ ْم َومُسَائُِلكُمْ َفأَعِدّوا الْ َ‬
‫ق َيوْ َمئِذٍ كَاذِبا وَلَا يُكَذّبُ صَادِقا وَلَا يَ ُر ّد عُذْرَ‬ ‫تَكَلّ ُم َن ْفسٌ إِلّا بِإِ ْذنِهِ ﴾‪ .‬وَاعْلَمُوا أَنّ الَ لَا ُيصَ ّد ُ‬
‫ل ِعبَادَ‬ ‫صيَا ِء َبعْدَ ال ّرسُلِ‪ ،‬فَاّتقُوا ا َ‬
‫ج ُة عَلَى خَ ْلقِ ِه بِال ّرسُ ِل وَاْلأَوْ ِ‬
‫ستَحِ ّق وَلَا َيعْذِ ُر َغيْ َر َمعْذُورٍ‪ ،‬لَ ُه الُ ّ‬
‫مُ ْ‬

‫()الشيخ الطوسي‪« ،‬المال»‪ ،‬ص ‪( .296‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() ال ُكلَيِْنيّ‪« ،‬الكاف»‪ ،‬ج ‪/2‬ص ‪( .76 -75‬الترجم)‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 54 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ل َوطَا َع ِة مَ ْن َتوَّلوْنَهُ فِيهَا‪.)1(»...‬‬


‫سكُ ْم َوطَا َعةِ ا ِ‬
‫ل وَاسَْت ْقبِلُوا فِي إِصْلَاحِ َأنْفُ ِ‬
‫اِ‬
‫‪ -8‬وروى أبو الفضل علي بن السن الطبسي(‪ )2‬ف كتابه «مشكاة النوار» عن المام أب‬
‫ل بَرَا َءٌة َومَا َبْيَننَا وَبيْنَ الِ قَرَاَب ٌة وَلَا َلنَا عَلَى ا ِ‬
‫ل‬ ‫جعفر الباقر عليه السلم قال‪« :‬وَالِ مَا َمعَنَا مِنَ ا ِ‬
‫جةٌ ولَا ُيَتقَرّبُ إِلَى الِ إِلّا بِالطّا َعةِ فَ َمنْ كَانَ ِمْنكُ ْم مُطِيعا َن َفعَتْ ُه وَلَاَيتُنَا َومَنْ كَانَ ِمْنكُ ْم عَاصِيا‬
‫ُح ّ‬
‫لِـلّهِ َل ْم تَْن َفعْهُ وَلَايَُتنَا»(‪.)3‬‬
‫‪ -9‬وروى الشيخ الصدوق ‪ -‬عليه الرحة ‪ -‬ف كتابه «صفات الشيعة» بسنده عن المام‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) مكة قام على‬
‫صلّى ا ُ‬
‫أب عبد ال الصادق عليه السلم قال‪« :‬لا فتح رسول ال ( َ‬
‫الصفا فقال‪ :‬يا بن هاشم! يا بن عبد الطلب! إن رسول ال إليكم وإن شفيق عليكم‪ ،‬ل تقولوا‬
‫إن ممدّا منّا فوال ما أوليائي منكم ول من غيكم إل التقون‪ ،‬أل فل أعرفكم تأتون يوم القيامة‬
‫تملون الدنيا على رقابكم ويأت الناس يملون الخرة! أل وإن قد أعذرت فيما بين وبينكم‬
‫وفيما بي ال عز وجل وبينكم وإن ل عملي ولكم عملكم!»(‪.)4‬‬
‫‪ - 10‬وروى الشيخ الصدوق ف كتابه «صفات الشيعة» أيضا بسنده عن جابر العفي‬
‫قال‪ :‬قال أبو جعفر (أي المام الباقر عليه السلم)‪« :‬يا جابر! أيكتفي من اتّخ َذ التشيّع أن يقول‬
‫ل وأطاعه‪ ،‬وما كانوا يُعرَفون إل بالتواضع‬‫ببّنا أهل البيت؟! فوال ما شيعتُنا إل من اّتقَى ا َ‬
‫والتخشّع وأداء المانة وكثرة ذكر ال والصوم والصلة والبّ بالوالدين والتعهّد للجيان من الفقراء‬
‫وأهل السكنة والغارمي واليتام وصدق الديث وتلوة القرآن وكفّ اللسن عن الناس إل من‬
‫خي‪ ،‬وكانوا أمناء عشائرهم ف الشياء‪ .‬قال جابر‪ :‬يا ابن رسول ال! ما نعرف أحدا بذه الصفة!‬
‫ب بك الذاهب حسب الرجل أن يقول أحب عليا وأتوله! فلو قال إن‬ ‫فقال ل‪ :‬يا جابر! ل تذه ّ‬
‫سنّتِهِ‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) ورسول ال خيٌ من عل ّي ث ل يّتبِ ُع سيَته ول يعمل بِ ُ‬
‫أحب رسول ال (صَلّى ا ُ‬

‫() ال ُكلَيِْنيّ‪ ،‬قسم «الروضة» من كتاب «الكاف»‪ ،‬ج ‪/8‬ص ‪( .16‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() هو أبو الفضل‪ ،‬علي بن السن بن الفضل بن السن الطبسي‪ .‬وهو ابن السن بن الفضل صاحب كتاب «مكارم‬ ‫‪2‬‬

‫الخلق» وحفيد أمي السلم الفضل بن السن مؤلف تفسي «ممع البيان»‪ .‬وهو من كبار علماء القرن السادس‬
‫الجري‪( .‬الترجم)‬
‫() علي بن السن الطبسي‪« ،‬مشكاة النوار»‪ ،‬نشر الكتبة اليدرية ف النجف الشرف‪ 1385 ،‬هـ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الشيخ الصدوق‪« ،‬صفات الشيعة»‪ ،‬طهران‪ :‬دار العلمي للنشر‪ ،‬ص ‪( .6‬الترجم)‬ ‫‪4‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 55 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ما نفعه حبه إياه شيئا‪ ،‬فاتقوا ال واعملوا لا عند ال ليس بي ال وبي أحد قرابةٌ‪ ،‬أحبّ العباد إل‬
‫ال وَأكرمهم عليه‪ :‬أتقاهم له وَأعْ َمُلهُم بطاعته‪ .‬يا جابر! ما يَتقرّبُ العبد إل ال تبارك وتعال إل‬
‫بالطاعة‪ ،‬ما معنا براءةٌ من النار ول على ال لحد منكم حجةٌ‪ ،‬من كان ل مطيعا فهو لنا ولّ‬
‫ومن كان ل عاصيا فهو لنا عد ّو ول تُنال وليتنا إل بالعمل والورع»(‪.)1‬‬
‫كانت تلك عشر روايات تنطبق مضامينها مع آيات القرآن الكرية ومع حكم العقل‬
‫والوجدان ولذا أوردناها دون بث ف رجالا وأسانيدها عملً بقول النب والئمة عليهم السلم‪:‬‬
‫خذُوهُ» وقد اكتفينا با ذكر رغم وجود أحاديث عديدة أخرى ف هذا الجال‬ ‫«َفمَا وَافَقَ القُرْآنَ فَ ُ‬
‫واللبيب من الشارة يفهم‪ ،‬أما الاهل العاند فلم تكفِهِ توراةُ موسى وعصاه ول إنيل عيسى‬
‫صةً شيعة آل خي النام أن يرجعوا إل أنفسهم ويعودوا‬ ‫ومعجزاته! فكم حري بأمة السلم وخا ّ‬
‫إل جادّة الق والصواب وينقذوا أنفسهم من شر الدجالي والشياطي والكاذبي الغلة الذين‬
‫سرَ‬
‫أوقعوا كل ذلك السران ف دنيا السلمي وآخرتم‪ ،‬وإل فسينطبق عليهم قوله تعال‪ ﴿ :‬خَ ِ‬
‫ك ُه َو الْخُسْرَانُ الْ ُمبِيُ ﴾ [الج‪.]11:‬‬‫ال ّدنْيَا وَالخِ َرةَ ذَلِ َ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫() الصدر السابق‪ ،‬ص ‪.13 -11‬‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 56 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫تحيص أحاديث الشفاعة وبيان ضعفها‬


‫سيقول الذين ل علم له بدسائس الوضّاعي‪ :‬إذن ما هي قصة كل أحاديث شفاعة الرسول‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) والئمّة ‪ -‬عليهم السلم‪ -‬يوم القيامة تلك الت نسمعها ليل نار من خطباء‬
‫(صَلّى ا ُ‬
‫النابر وقرّاء ملس العزاء والآت والدّاحي ف كل مفل وملس بل ندها ف كل قصيدة وشعر‬
‫والت يبلغ اتساعها درجة يكن معها حت لمثال شِمْر بن ذي الوشن وسِنان(‪ )1‬أن ينال الغفران‬
‫وجنّة الرضوان نتيج ًة لشفاعة الئمّة عليهم السلم؟!‬
‫حصُ فيما يلي أهمّ أحاديث الشفاعة كما جاءت ف أوسع كتب الديث والرواية‬‫لذا سنم ّ‬
‫لدى الشيعة المامية وأكثرها تفصيلً أي كتاب «بار النوار» للعلمة الجلسي (رحه ال) والت‬
‫ص عنوانه (باب الشفاعة) (‪( )2‬ونده ف‬
‫أوردها ف الزء الثالث الخصّص للمعاد ضمن بابٍ خا ّ‬
‫الجلد الثامن من الطبعة الديثة)‪ ،‬ونضعها أمام القراء الكرام النصفي وسليمي الفطرة ليوا بأم‬
‫أعينهم أي تشويه لدين ال أحدثه َمرّفو الكتاب وم ّربُو سنة سيد الرسلي وأي مصابٍ جللٍ‬
‫أوقعوه بقائق السلم الناصعة‪.‬‬
‫ومعظم تلك الحاديث الت أوردها الجلسي إنا نقلها عن كتاب «تفسي العياشي» وهو‬
‫تفسي متصر بالأثور ألفه «ممد بن مسعود العياشي» (التوف سنة ‪ 320‬هـ) اعتمد فيه فقط‬
‫على روايات وآثار منقولة عن الئمّة من آل النب عليهم السلم‪ ،‬مع أن علماء الرجال قالوا بشكل‬
‫عام عن «العياشي» أنه «يروي عن الضعفاء كثيا» وأنه من أصحاب «علي بن السن بن‬
‫فضال» الذي بّينّا ف كتابنا عن «الزكاة» حاله الوخيمة الت يتّضح منها أنه من أسوأ رواة الديث‬
‫وأكثرهم كذبا‪ ،‬وقد كان من قبل فطحيّ الذهب ث أصبح يقول بإمامة جعفر الكذاب وله ف‬
‫تريب الشريعة سهم وافر ومن أراد تفصيل حاله فليجع إل كتابنا «الزكاة» ونكتفي هنا‬
‫بالشارة إل ما قاله فيه الفقيه «ممد بن إدريس» صاحب كتاب «السرائر» ‪-‬الذي ُيعَدّ من كبار‬

‫() قاتل المام أب عبد ال السي بن علي عليهم السلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() شغلت أحاديث ذلك الباب أي باب الشفاعة الصفحات من ‪ 262‬حت ‪ 272‬من الجلد الثالث لبحار النوار‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫الطبعة الجرية‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 57 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫علماء الشيعة‪ -‬حيث قال‪« :‬علي بن فضّال ملعونٌ ورأس كل ضلل هو وأبوه»‪.‬‬
‫وبعزل عن ذلك توجد ف تفسي العياشي مطالبٌ ل يكن لي مسلم يؤمن بالقرآن ول‬
‫لي شيعيّ من شيعة أمي الؤمني عليه السلم أن يقبل با أو يصدّقها‪ ،‬فقد أورد الجلسي ف الزء‬
‫ل عن تفسي العياشي عن خيثمة ‪ -‬وهو ذاته الذي مرّ‬ ‫الثامن من بار النوار (ص ‪ )47-45‬نق ً‬
‫قبل صفحات روايته عن المام أب جعفر الباقر عليه السلم أنه خاطبه قائلً‪« :‬أبلغ شيعتنا أنا ل‬
‫نغن عنهم من ال شيئا» ‪ -‬روايةً طويل ًة هي التالية‪:‬‬
‫«عن خيثمة العفي قال كنت عند جعفر بن ممد عليه السلم أنا ومفضل بن عمر ليلً‬
‫س ّر به‪ ،‬قال‪ :‬نعم! إذا‬‫ليس عنده أحد غينا فقال له مفضل العفي‪ُ :‬جعِ ْلتُ فِدَاكَ! ح ّدثْنا حديثا نُ َ‬
‫كان يوم القيامة حشر ال اللئق ف صعيدٍ واحدٍ حفا ًة عراةً غرلً‪ .‬قال فقلت‪ُ :‬جعِ ْلتُ فِدَاكَ! ما‬
‫الغُ ْرلُ؟ قال‪ :‬كما ُخِلقُوا أوّلَ م ّرةٍ‪ ،‬فيقفون حت يلجمهم العرق فيقولون ليت ال يكم بيننا ولو‬
‫إل النار‪ ،‬يرون أن ف النار راحة فيما هم فيه!‪ ،‬ث يأتون آدم فيقولون‪ :‬أنت أبونا وأنت نبّ فاسأل‬
‫ربك يكم بيننا ولو إل النار فيقول آدم‪ :‬لست بصاحبكم خلقن رب بيده وحلن على عرشه‬
‫وأسجد ل ملئكته ث أمرن فعصيته ولكن أدلكم على ابن الصديق الذي مكث ف قومه ألف سنة‬
‫إل خسي عاما يدعوهم كلّما كذّبوا اشت ّد تصديقه نوح قال فيأتون نوحا فيقولون‪ :‬سل ربك‬
‫يكم بيننا ولو إل النار‪ ،‬قال فيقول‪ :‬لست بصاحبكم إن قلت إن ابن من أهلي! ولكن أدلكم‬
‫على من اتذه ال خليلً ف دار الدنيا ائتوا إبراهيم‪ .‬قال‪ :‬فيأتون إبراهيم فيقول‪ :‬لست بصاحبكم‬
‫إن قلت ِإنّي َسقِيمٌ‪( ...‬وهكذا ينتقلون إل موسى ث إل عيسى وكلها يعتذر ويقول لست‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) قال فيقولون‪ :‬يا ممد! سل ربك يكم بيننا‬ ‫صلّى ا ُ‬
‫بصاحبكم حت َيصُِل ْونَ إل النب َ‬
‫ولو إل النار! قال فيقول‪ :‬نعم أنا صاحبكم فيأت دار الرحن وهي عدن وإن بابا سعته بعد ما بي‬
‫الشرق والغرب فيحرّك حلقة من اللق َفيُقَال‪ :‬من هذا؟؟ وهو أعلم به‪ ،‬فيقول‪ :‬أنا ممد‪ .‬فُيقَال‪:‬‬
‫افتحوا له‪ ،‬قال‪ :‬فيفتح ل قال فإذا نظرت إل رب مّ ْدتُهُ تجيدا ل يُ َمجّ ْدهُ أحدٌ كان قبلي ول‬
‫يُمَجّ ْدهُ أحدٌ كان بعدي‪ ،‬ث أَخِ ّر ساجدا فيقول‪ :‬يا ممد! ارفع رأسك وقل يُسمع قولُك واشفَعْ‬
‫شفَعْ َوسَلْ ُتعْطَ‪ .‬قال‪ :‬فإذا رفعتُ رأسي ونظرتُ إل رب مّ ْدتُهُ تجيدا أفضل من الول‪.....‬‬ ‫تُ ّ‬
‫(ويتكرر المر ذاته مرتي أخريي إل أن يقول له الرّبّ ف الثالثة) فيقول‪ :‬نعم يا ممد! قال‪ :‬ث‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 58 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫يؤتى بناقة من ياقوت أحر وزمامها زبرجد أخضر حت أركبها ث آت القام الحمود حت أقضي‬
‫عليه وهو تَلّ من مسك أذفر بيال العرش ث يدعى إبراهيم فيحمل على مثلها فيجيء حت يقف‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) يده فضرب على‬
‫صلّى ا ُ‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) ث رفع رسول ال ( َ‬
‫عن يي رسول ال (صَلّى ا ُ‬
‫كتف علي بن أب طالب ث قال‪ :‬ث تؤتى وال بثلها فتحمل عليه‪( ..........‬إل قوله)‪ :‬وكأن‬
‫بكما معي ث يؤتى بنا فيجلس على العرش ربّنا ويؤتى بالكتب فنرجع فنشهد على عدونا ونشفع‬
‫لن كان من شيعتنا مرهقا‪ .‬قال قلت‪ :‬جُعلتُ فداك! فما الرهق؟ قال‪ :‬الذنب‪ .‬فأما الذين اتقوا من‬
‫ح َزنُونَ‪ ...‬الديث»(‪.)1‬‬
‫سهُمُ السّوءُ ول هُ ْم يَ ْ‬
‫ل بِمَفا َزِتهِ ْم ل يَمَ ّ‬
‫شيعتنا فقد نّاهم ا ُ‬
‫لحظ أيها القارئ اللبيب تلك العبارات الت وضعنا تتها خط الت وردت ف ذلك الديث‬
‫ي مؤمن‬ ‫الذي رواه العياشيّ والت تالف أصول مذهب الشيعة بل تالف ضروريات السلم‪ :‬فأ ّ‬
‫يكنه أن يقبل بثل هذه الوهومات والباطيل مثل أن ال تعال ساكنٌ ف منلٍ له بابٌ وله‬
‫ب فياه الرسول!!‪ ...‬ويصل بينهما ذلك الردّ‬ ‫ب يقرع عليه الباب فيخرج الر ّ‬
‫حلقتان!!‪ ...‬والن ّ‬
‫والبدل والديث!!‪ ...‬ويلس الربّ على العرش ويقرأ الكتب!!‪...‬إل آخر تلك التُرّهات‪ ،‬ومن‬
‫الدير بالذكر أن العياش ّي لّا كان ف أول عمره من العامة(‪ )2‬ث صار بعد ذلك من الشيعة فإنّ ف‬
‫أحاديثه آثارا كثيةً من تسنّنه السابق‪.‬‬
‫وجزءٌ آخر من أحاديث الشفاعة يوجد ف التفسي النسوب إل المام السن العسكري عليه‬
‫ب غيُ موثوقٍ على‬ ‫السلم‪ ،‬وهذا التفسي‪ -‬كما يعلم الطّلعون وكما بيناه فيما سبق‪ -‬كتا ٌ‬
‫الطلق بل ل يوجد بي الكتب الشيعيّة كتابٌ أكث ُر فقدانا للعتبار والثقة وأكثر امتل ًء بالوهام‬
‫والتُرّهات والباطيل من ذلك التفسي!‪.‬‬
‫وجزء آخر من أحاديث الشفاعة نقله الجلسي من كتب أخرى مثل كتاب «الكاف»‬
‫للكلينّ‪ ،‬أو بعض كتب الشيخ الصدوق أو كتاب «كن الفوائد» للكراجكيّ(‪ ،)3‬مثل الديث‬

‫() بار النوار‪ ،‬ج ‪/8‬ص ‪.47 - 45‬‬ ‫‪1‬‬

‫() أي من أهل السنة كما هو رائج لدى علماء الشيعة من التعبي عن أهل السنة بعبارة «العامة»‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() هو الشيخ أبو الفتح‪ ،‬ممد بن علي الكراجكي الطرابلسي من علماء الشيعة ف القرن الامس الجري‪ ،‬وكان معاصرا‬ ‫‪3‬‬

‫للشيخ الطوسي‪ ،‬وكان فقيها وأصوليا وعالا بالرياضيات والنجوم وأديبا وعارفا بعلوم الديث والفلسفة والكلم والنحو‬
‫والخلق والتأريخ والرجال والتفسي وكان طبيبا‪ ،‬وتوف ف مدينة صور ف جنوب لبنان سنة ‪ 449‬للهجرة‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 59 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫الذي جاء فيه «إن إلينا إياب هذا اللق وعلينا حسابم» الذي يُعتب من أهم مستندات الغلة‬
‫أمثال آية ال العظمى(!!) أب الفضل النبوي صاحب كتاب «أمراء هست» (أي أمراء الكون)‪،‬‬
‫وفيما يلي نص الديث‪:‬‬
‫صَب ٌة َتصْلى نارا حامَِيةً ج ‪/8‬ص‬ ‫روى الكَُلْينِيّ ف «الكاف» (باب تفسي قوله تعال‪ :‬عامَِلةٌ نا ِ‬
‫‪ )162‬عن َسهْ ِل بْنِ ِزيَا ٍد عَ ِن ابْ ِن ِسنَا ٍن عَ ْن َسعْدَا َن عَ ْن سَمَا َعةَ قَالَ « ُكْنتُ قَاعِدا مَعَ أَبِي الْحَسَنِ‬
‫خلْقِ‬
‫الَْأوّ ِل عليه السلم والنّاسُ فِي ال ّطوَافِ فِي َجوْفِ الّليْلِ َفقَالَ‪ :‬يَا سَمَا َعةُ! إَِليْنَا ِإيَابُ هَذَا الْ َ‬
‫ل عَزّ وجَلّ َحتَ ْمنَا عَلَى الِ فِي تَرْكِهِ َلنَا‬ ‫وعََليْنَا حِسَاُبهُمْ َفمَا كَانَ َلهُمْ مِنْ َذْنبٍ َبْيَنهُ ْم وبَيْنَ ا ِ‬
‫ل عَزّ‬‫ضهُمُ ا ُ‬ ‫ك ومَا كَانَ َبْيَنهُمْ وبَيْ َن النّاسِ ا ْسَتوْ َهْبنَا ُه ِمْنهُمْ وأَجَابُوا إِلَى ذَلِكَ و َعوّ َ‬
‫َفأَجَاَبنَا إِلَى ذَلِ َ‬
‫وجَلّ»‪.‬‬
‫ف العق َل والوجدان‬
‫ض كتابَ الِ ودين السلم معارضةً صريةً ويال ُ‬‫َف َمتْنُ هذا الديث يعار ُ‬
‫بل يتث الدين وأحكامه ويقتلعه من جذوره! ويشجع الناس على الرج والرج ويسوقهم إل‬
‫الفجور والوحشية‪ ،‬وألفُ رح ٍة على البابا وصكوك غفرانه أمام مثل هذا الديث! لن صكوك‬
‫الغفران ‪-‬على القل‪ -‬تنح النة للمجرمي والفاسقي الذين دفعوا أموالً‪ ،‬أما هذا الديث فيفتح‬
‫باب النة على مصراعيه للمجرمي الفاجرين مانا وبل أي مقابل!! إن هذا الديث حت لو كان‬
‫سنده من أصح السانيد يب أن يُضرب به عرض الائط‪ ،‬ولكن لسن الظ أو لسوئه فإنه‬
‫حديث مدوش من حيث السند والرجال‪.‬‬
‫هذا وجلة « َحتَ ْمنَا عَلَى الِ فِي َترْكِهِ َلنَا» فيها من الوقاحة وسوء الدب مع ال ما ل يفى‬
‫ي كائن يلك أن يتم على ال ويبه على أمر؟! (لحظ أن التم ف اللغة المر‬ ‫على أحد‪ ،‬فأ ّ‬
‫الواجب الذي ل يكن إسقاطه)‪ .‬فيلزم من هذا الديث أن النسان الذي ضيّع حقوق ال فلم‬
‫ُيصَلّ ول يَصُمْ ول يجّ ول ياهد ول َيقُ ْم بشيء من العبادات وارتكب كل نوع من أنواع‬
‫حتُمُ‬
‫العاصي الشخصيّة من شرب المر والزنا واللواط وأمثالا من ليس فيه أكل حق الناس‪َ ،‬سيَ ْ‬
‫الئ ّمةُ على الِ أن يكل تلك المور إليهم وهم سيعفون شيعتهم من تبعاتا!! وأما ما كان من‬
‫حقوق العباد فهذا أيضا سيستوهبه الئمّة منهم!! أهكذا يكون الساب يوم القيامة؟! وهل يكن‬
‫لئمّة الدى عليهم السلم الذين نضوا لجل هداية الناس وصلح أمرهم وأفنوا أعمارهم للترويج‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 60 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ل عَلَيه وَآلِهِ) أن ينطقوا بثل هذا الكلم الذي يقضي على كل أتعاب‬
‫لدين نب السلم (صَلّى ا ُ‬
‫ذلك النب الكري ويذهب با أدراج الرياح؟! هل يكن لعاقل أن يصدق مثل هذا الكلم؟ وأي‬
‫شيء ف هذا الديث يوافق كتاب ال؟ وما معن عرض الحاديث على الكاتب ورفض ما يالفه‬
‫منها؟ أي كتاب وأي عقل وأي وجدان يكنه أن يصدق مثل ذلك الديث؟!‪.‬‬
‫أما من ناحية السند فصحيح أن هذا الكتاب ورد ف «الكاف» أي أول وأهم كتب حديث‬
‫الشيعة (المامية) إل أن ذلك الكتاب الذي يضم ستة عشر ألف حديث‪ ،‬تسعة أعشاره ‪-‬حسب‬
‫تشخيص العلمة الجلسي ف كتابه «مرآة العقول»‪ -‬أحاديث ساقطة عن درجة الصحة‪ ،‬هذا من‬
‫الناحية العامة‪ ،‬وأما من ناحية السند الاص لذا الديث فأول رواته هو «سهل» وهو «سهل بن‬
‫زياد الدمي الرازي أبو سعيد» الذي يعتبه علماء الرجال من أصحاب حضرة المام الواد عليه‬
‫السلم ويقول عنه النجاشي ف رجاله (ص ‪ ،140‬طبع طهران)‪« :‬سهل بن زياد أبو علي الدمي‬
‫كان ضعيفا ف الديث غي مُعتَمَدٍ فيه وكان أحد بن ممد بن عيسى يشهد عليه بالغل ّو والكذب‬
‫وأخرجه من قم إل الريّ»‪.‬‬
‫وقال عنه الشيخ الطوسي عليه الرحة ف «الستبصار»‪« :‬إن أبا سعيد الدميّ ضعيفٌ جدا‬
‫عند ُنقّاد الخبار»‪.‬‬
‫وقال الغضائري عنه كما جاء ف تنقيح القال للمامقان (ج ‪/2‬ص ‪« :)75‬سهل بن زياد‬
‫الدميّ الرازيّ كان ضعيفا جدا فاسد الرواية والدين‪ ،‬وكان أحد بن ممد بن عيسى الشعري‬
‫أخرجه من قم وأظهر الباءة منه والرواية عنه ويروي الراسيل ويعتمد الجاهيل»‪.‬‬
‫واعتبه الفضل بن شاذان أيضا أحقا‪ ،‬كما اعتبه بن داوود ف رجاله (ص ‪ )460‬ضعيفا‬
‫وفاسد الرواية ومن أهل الغلو والكذب‪ ،‬وكذلك وصفه مي مصطفى التفرشي ف «نقد الرجال»‬
‫بثل تلك الوصاف‪ .‬فهذا هو حال أول رواة ذلك الديث الشريف جدا!!‬
‫وقد روى سهل حديثه هذا عن «ممد بن سنان» وفيما يلي بيان حاله‪:‬‬
‫أ) قال النجاشي ف رجاله (ص ‪« :)252‬هو رجل ضعيف جدا ل يعوّل عليه ويُلتفت إل ما‬
‫تفرّد به وكان الفضل بن شاذان يقول ل أستحل أن أروي أحاديث ممد بن سنان»‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 61 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ب) وروى الشيخ أبو عمرو الكشيّ ف رجاله (ص ‪ )332‬عن أيوب بن نوح أنه كان‬
‫يقول‪« :‬ل أستحل أن أروي أحاديث ممد بن سنان»‪ ،‬وف صفحة ‪ 427‬روى حدويه بن نصي‬
‫عن أيوب بن نوح أن «ممد بن سنان» قال حي وفاته‪« :‬كل ما حدثتكم به ل أسعه من أحد بل‬
‫وجدته!»‪.‬‬
‫ج) وقال عنه الشيخ الطوسي ف «الفهرست» (ص ‪« :)143‬له ُكتُبٌ وقد ُطعِ َن عليه‬
‫ضعّفَ‪ .‬وكُُتبُه مثل كتب السي بن سعيد على عددها وله كتاب النوادر وجيع ما رواه إل ما‬
‫وُ‬
‫كان فيها من تليط أو غلوّ‪.»...‬‬
‫د) وقال عنه العلمة اللي ف رجاله (ص ‪« :)251‬ممد بن سنان‪...‬وقد اختلف علماؤنا‬
‫ف شأنه فالشيخ الفيد رضي ال عنه قال إنه ثقة وأما الشيخ الطوسي رحه ال فإنه ض ّعفَه وكذا‬
‫ت إليه‪ .‬وروى الكشي فيه قدحا‬
‫قال النجاشي‪ ،‬وابن الغضائري قال‪ :‬إنه ضعيف غال ل يُلَتفَ ُ‬
‫عظيما وأثن عليه أيضا! والوجه عندي التوقّف فيما يرويه فإن الفضل بن شاذان رحه ال قال ف‬
‫بعض كتبه‪ :‬إن من الكذابي الشهورين ابن سنان‪.»..‬‬
‫هـ) وأورده ابن داوود ف رجاله (ص ‪ )505‬ف قسم الضعفاء وقال‪« :‬إن ممد بن سنان‬
‫ت شيئا‪ ،‬فإنا هي كتب اشتريتها من السوق!» ث قال‪:‬‬
‫كان يقول‪« :‬ل ترووا عن ما حدث ُ‬
‫والغالب على حديثه الفساد وعلماء الرجال متفقون على أنه من الكذابي‪.».‬‬
‫وممد بن سنان هذا روى حديثه عن «سعدان»‪ ،‬الذي قال عنه الامقان ف تنقيح القال‬
‫(ص ‪« :)23‬أهله ف اللصة والذخية والبُلغة وغيها ول يتعرضوا له أصلً وف موضع من‬
‫الذخية‪ :‬إنه ضعيفٌ وف موضع آخر منه غي موثوق ف كتب الرجال»‪.‬‬
‫والخي روى حديثه عن «ساعة بن مهران» الذي اعتبه الشيخ الصدوق ف كتابه «من ل‬
‫يضره الفقيه» باب ما يب على مَن أفطر أو جامع ف شهر رمضان‪ ،‬واقفيا‪ ،‬ف حي اعتبه بعض‬
‫علماء الرجال فطحيّا فاسد الذهب‪ .‬كما أورده بن داوود ف رجاله (ص ‪ )460‬ضمن الضعفاء‬
‫والجروحي‪ .‬هذا ويذكر ابن الغضائري والنجاشي أنه تُوف ف زمان حياة المام الصادق عليه‬
‫السلم سنة ‪145‬هـ‪ .‬وبالتال فإن روايته لذا الديث عن المام موسى الكاظم عليه السلم‬
‫ب مضٌ!!‪.‬‬ ‫افترا ٌء على المام ل أساس له من الصحة وكذ ٌ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 62 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫أجل بثل هذه الحاديث الباطلة قام ذلك اللقب بآية ال العظمى ونظراؤه إل ماربة القرآن‬
‫وعقد ف كتابه «أمراء هست» (أي أمراء الكون) بابا تت عنوان «التصرف ف الكون والكان‬
‫وتدبي عال المكان ف ولية الئمّة»!‪ ،‬وبابا آخر فتح فيه باب شفاعة الئمّة يوم القيامة على‬
‫مصراعيه أمام الفسّاق والفجّار! وصوّر أئمة الشيعة من آل الرسول الذين كانوا من أخلص عباد‬
‫ال الصالي وأكثرهم تواضعا وكأنم آلة والعياذ بال مهيمني وحاكمي على ربّ العالي‪،‬‬
‫وأظهر مذهب شيعة أهل البيت وكأنه مذهب ملوءٌ بالشرك!‪.‬‬
‫ولعلك أيها القارئ العزيز تتصور أن ذلك الديث الذي م ّر سابقا والذي جاء فيه أن‬
‫الرسول قرع بيت ال وفتح له فشاهده‪...‬ال هو فريد ف بطلنه وموهوماته وخرافيته خلفا لسائر‬
‫أحاديث الشفاعة الت تتمتع بالصحة والثقة‪ ،‬لذا سأضطر إل أن أذكر جيع أحاديث الشفاعة‬
‫جلِسيّ» ضمن «باب الشفاعة» من موضوع «العاد» ف كتابه‬ ‫واحدا واحدا‪ ،‬كما أوردها «الَ ْ‬
‫«بار النوار»‪ ،‬وأمّصها من حيث السند لكي يتبي لك أن كل تلك الحاديث واهنةٌ بل ساقطةٌ‬
‫سندا وغي موثوقة ول يكن العتماد عليها‪ ،‬هذا رغم أنه عندما يكون مت الديث باطلً ومالفا‬
‫لصريح آيات القرآن الكري فأيا كان سنده حت ولو كان ‪-‬على فرض الحال‪ -‬مسموعا من‬
‫العصوم مباشرةً فل يوز إل أن يُضرب به عرض الائط طبقا لوصية الئمّة عليهم السلم أنفسهم‬
‫إضافة إل حكم القرآن والعقل والوجدان‪.‬‬
‫وفيما يلي نذكر كل تلك الحاديث الت أوردها الجلسي ف باب الشفاعة ويبلغ عددها‬
‫حدود ستي حديثا دون التقيّد بأرقامها لن بعضها ليس بديث وبعضها مكرر‪:‬‬
‫الديث الول‪ :‬منقول عن كتاب «الصال» للشيخ الصدوق‪ ،‬رواه عن رواة العامة مثل‬
‫أب السن طاهر بن ممد بن يونس عن ممد بن عثمان بن الروي وإل أنس بن مالك وكلهم‬
‫رواة ل ند لم ذكرا ف كتب رجال الشيعة‪ ،‬وأمّا أنس بن مالك فقد كان بشهادة التاريخ من‬
‫النحرفي عن أمي الؤمني علي بن أب طالب عليه السلم‪ ،‬ولجل تقيق الال راجعوا كتاب‬
‫ستَجَاَبةٌ قَدْ َدعَا ِبهَا وقَ ْد َسأَلَ‬
‫تنقيح القال (ج ‪/1‬ص ‪ )154‬ومضمون الديث أن ِلكُلّ َنِبيّ َد ْعوَ ٌة مُ ْ‬
‫شفَاعَت ِلأُ ّمتِي َي ْومَ الْ ِقيَا َمةِ‪.‬‬
‫سُؤا ًل وَقَدْ أ ْخَبأْتُ َد ْع َوتِي لِ َ‬
‫الديث الثان‪ :‬ل علقة له بالشفاعة فل حاجة لناقشة سنده‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 63 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫الديث الثالث‪ :‬نقله الجلسي عن كتاب «الصال» للشيخ الصدوق ومضمونه أن أمي‬
‫الؤمني قال‪ :‬ل ُت َعنّونَا ف الطلب والشفاعة لكم يوم القيامة فيما قدمتم‪.‬‬
‫والصدوق رواه عن ممد بن عيسى اليقطين والقاسم بن يي وكلها ضعيف وغالٍ‪.‬‬
‫الديث الرابع‪ :‬جاء ف سنده إبراهيم بن هاشم الذي ل توثقه كتب الرجال‪ ،‬وهو رواه عن‬
‫ص فيه بالتوثيق ول مُدِح»‬
‫علي بن معبد الذي قال عنه ف تنقيح القال (ج ‪/2‬ص ‪« :)309‬ل يَُن ّ‬
‫وف (الصفحة ‪ )110‬اعتبه إماميا مهولً‪.‬‬
‫الديث الامس‪ :‬هو رأي الصدوق وليس حديثا‪.‬‬
‫الديث السادس‪ :‬أورده عن كتاب «المال» للشيخ الصدوق بسنده عن «أب قلبة عبد‬
‫اللك بن ممد» وهو رجل ل ذكر له ول أثر ف كتب الرجال‪ .‬وهو رواه «عن غان بن السن‬
‫السعدي» وهو أيضا اس ٌم بل مسمّى‪ ،‬وهو رواه «عن مسلم بن خالد الكي» الذي اعتبه‬
‫صاحب تنقيح القال (ف ص ‪ 214‬وص ‪ )149‬من الجاهيل‪.‬‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ)‪« :‬يا أبتاه‬
‫صلّى ا ُ‬
‫ومضمون الديث أن فاطمة عليها السلم قالت لرسول ال ( َ‬
‫أين ألقاك يوم الوقف العظم ويوم الهوال ويوم الفزع الكب؟ قال‪ :‬يا فاطمة عند باب النة‬
‫ومعي لواء المد وأنا الشفيع لمت إل رب‪ .‬قالت‪ :‬يا أبتاه! فإن ل ألقك هناك؟ قال‪ :‬القين على‬
‫الوض وأنا أسقي أمت‪ .‬قالت‪ :‬يا أبتاه! إن ل ألقك هناك؟ قال‪ :‬القين على الصراط وأنا قائم‬
‫أقول ربّ سلّم أمّت‪ .‬قالت‪ :‬فإن ل ألقك هناك؟ قال‪ :‬القين وأنا عند اليزان أقول ربّ سلّم أمّت‪.‬‬
‫قالت‪ :‬فإن ل ألقك هناك؟ قال‪ :‬القين على شفي جهنم أمنع شررها ولبها عن أمت‪ .‬فاستبشرت‬
‫فاطمة بذلك صلى ال عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها!»‪.‬‬
‫الديث السابع‪ :‬نقله الجلسي عن تفسي القميّ عن ابن مبوب عن زرعة عن ساعة عن‬
‫أب عبد ال عليه السلم‪ ،‬و«زرعة» طبقا لا صرح به الشيخ الطوسي ف رجاله (ص ‪ )350‬كان‬
‫واقفيا‪ ،‬وأورده ابن داوود أيضا ف رجاله (ص ‪ )453‬ف عداد الجروحي والضعفاء‪ ،‬وكذا فعل‬
‫العلمة اللي الذي أورده ف القسم الثان من رجاله الخصّص للضعفاء (ص ‪ .)244‬وقد روى‬
‫زرعة حديثه عن «ساعة» الذي بيّنا حاله فيما سبق حيث ذكرنا أنه كان واقفيّا‪ .‬أما مت الديث‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 64 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫فهو مشابه للحديث الذي رواه العياشي ف تفسيه والذي يذكر انتقال الناس من نب إل آخر طلبا‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ)‪ ...‬ال‪.‬‬
‫للشفاعة إل أن يأتون رسول ال (صَلّى ا ُ‬
‫الديث الثامن‪ :‬نقله الجلسي عن تفسي القمي عن ممد بن أب عمي عن معاوية وهشام‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ)‪« :‬لو قد قمت القام‬
‫عن أب عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال (صَلّى ا ُ‬
‫الحمود لشفعت ف أب وأمي وعمي وأخ كان ل ف الاهلية‪.».‬‬
‫وأقول‪ :‬لّا كان هذا الت ل يتناسب مع الطلب الذي نن ف صدده فل حاجة بنا إل‬
‫مناقشة سنده‪.‬‬
‫الديث التاسع‪ :‬نقله الجلسي عن تفسي علي بن إبراهيم القمي أيضا عن جعفر بن أحد‬
‫عن عبيد ال بن موسى عن ابن البطائن عن أبيه عن أب بصي عن أب عبد ال عليه السلم ف قوله‬
‫﴿ ل يَمِْلكُونَ الشّفا َعةَ إِلّا مَ ِن اتّخَ َذ ِعنْدَ الرّحْم ِن َعهْدا ﴾ قال‪« :‬ل يشفع ول يشفع لم ول‬
‫يشفعون إِلّا مَ ِن اتّخَ َذ ِعنْدَ الرّحْم ِن َعهْدا إل من أذن له بولية أمي الؤمني والئمة من بعده فهو‬
‫العهد عند ال‪ ....‬الب»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ف سنده ابن البطائن وهو إما علي بن حزة البطائن أو ابنه السن بن علي بن حزة‪،‬‬
‫فإن كان الول فقد قال عنه ابن الغضائري‪« :‬علي بن حزة لعنه ال أصل الوقف وأشدّ اللق‬
‫عداوةً للمول «يعن الرضا عليه السلم»»‪ ،‬وأورد صاحب تنقيح القال (ج ‪/2‬ص ‪ )261‬عشرات‬
‫الحاديث ف ذمه‪ .‬وأغلب الظن أنه هو‪ .‬أما إن كان ابنه أي السن بن علي بن حزة فقد قال‬
‫الغضائري عنه‪« :‬السن بن علي بن حزة البطائن مول النصار أبو ممد‪ ،‬واقفي بن واقفي‪،‬‬
‫ضعيف ف نفسه»‪ .‬وقال عنه الكشي‪« :‬السن بن علي بن حزة كذّاب»‪ .‬وأوضح صاحب تنقيح‬
‫القال حاله الوخيمة (ج ‪/1‬ص ‪ .)290‬ولذلك فإنّ مثل هذا الرجل ل يستحق السماع‪.‬‬
‫الديث العاشر‪ :‬نقله الجلسي عن أمال الصدوق وعن كتاب «بشارة الصطفى» بسندها‬
‫عن سلمة بن الطاب عن السي بن سعيد عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد ال بن صباح عن أب‬
‫بصي عن أب عبد ال الصادق عليه السلم قال‪« :‬إذا كان يوم القيامة جع ال الولي والخرين‬
‫ف صعيد واحد فتغشاهم ظلمة شديدة فيضجون إل ربم ويقولون يا رب اكشف عنا هذه الظلمة‬
‫قال‪ :‬فيقبل قوم يشي النور بي أيديهم قد أضاء أرض القيامة‪ ،‬فيقول أهل المع‪ :‬فهؤلء أنبياء‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 65 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ال‪ ،‬فيجيئهم النداء من عند ال‪ :‬ما هؤلء بأنبياء فيقول أهل المع‪ :‬فهؤلء ملئكة‪ ،‬فيجيئهم‬
‫النداء من عند ال ما هؤلء بلئكة‪ ،‬فيقول أهل المع‪ :‬هؤلء شهداء فيجيئهم النداء من عند ال‬
‫ما هؤلء بشهداء‪ .‬فيقولون‪ :‬من هم؟ فيجيئهم النداء‪ :‬يا أهل المع! سلوهم من أنتم فيقول‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) نن‬
‫المع‪ :‬من أنتم؟ فيقولون‪ :‬نن العلويّون نن ذريّة ممد رسول ال (صَلّى ا ُ‬
‫أولد عليّ ولّ الِ نن الخصوصون بكرامة ال نن المنون الطمئنّون فيجيئهم النداء من عند ال‬
‫ش ّفعُون»‪.‬‬
‫عز وجل اشفعوا ف مبّيكم وأهل مودّتكم وشيعتكم فيشفعون فيُ َ‬
‫قلت ف سنده «سلمة بن الطاب» قال عنه النجاشي ف رجاله (ص ‪« :)142‬كان ضعيفا‬
‫ف حديثه»‪ ،‬وأورده العلمة الليّ ف القسم الثان من خلصته (ص ‪ )104‬واعتبه من الضعفاء‪،‬‬
‫وكذلك أورده ابن داوود ف القسم الثان من رجاله (ص ‪ )458‬الخصص للضعفاء والجروحي‬
‫وقال‪« :‬كان ضعيفا ف حديثه»‪ .‬كما اعتبه التفرشي ف نقد الرجال (ص ‪ )157‬ضعيفا‪ ،‬وف‬
‫«ترير الطاووسي» ذُكر أنه كان واقفيا‪ .‬وبقية رجال السند ماهيل لذا الديث غي معتب ول‬
‫موثوق‪.‬‬
‫الديث الادي عشر‪ :‬نقله الجلسي عن كتاب «علل الشرائع» للشيخ الصدوق الذي رواه‬
‫بسنده عن أبيه عن ممد العطار عن جعفر بن ممد بن مالك عن أحد بن مدين عن ممد بن‬
‫عمار عن أبيه عن أب بصي عن أب عبد ال عليه السلم قال‪« :‬شيعتُنا من نور ال خلقوا‪ ،‬وإليه‬
‫ش ّفعُونَ‪،‬‬
‫شفَعُونَ َفتُ َ‬
‫شفّعُ ووال إنكم َلتَ ْ‬ ‫شفَعُ َفنُ َ‬
‫يعودون‪ ،‬وال إنكم للحقون بنا يوم القيامة وإنا لنَ ْ‬
‫وما من رجل منكم إل وسترفع له نار عن شاله وجنة عن يينه فيُدْ ِخلُ أ ِحبّاءَه الّنةَ وأعداءَه‬
‫النّارَ»‪.‬‬
‫قلتُ‪ :‬ف سنده «جعفر بن ممد بن مالك» الذي قال عنه النجاشي رحه ال ف رجاله‪:‬‬
‫«كان ضعيفا ف الديث وكان أحد بن السي يقول عنه‪ :‬كان يضع الديث وضعا‪ ،‬ويروي‬
‫عن الجاهيل‪ ،‬وسعت من قال كان أيضا فاسد الذهب والرواية»‪.‬‬
‫وقد روى هذا الوضّاع حديثا عمن أساه «أحد بن مدين» الذي ل ند له ذكرا ف كتب‬
‫الرجال فيبدو أنه من مترعاته ومثله الراوي التال ف سلسلة السند أي «ممد بن عمار» (انظر‬
‫تنقيح القال‪ :‬ج ‪/3‬ص ‪.)162‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 66 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫الديث الثان عشر‪ :‬نقله الجلسي عن كتاب «المال» للصدوق عن ابن التوكل عن‬
‫ممد العطار عن ابن أب الطاب عن النضر بن شعيب عن القلنسي عن الصادق جعفر بن ممد‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ)‪« :‬إذا قمت القام‬
‫صلّى ا ُ‬
‫عن أبيه عن آبائه عليهم السلم قال قال رسول ال ( َ‬
‫ش ّفعُن ال فيهم‪ ،‬وال ل تش ّفعْتُ فيمن آذى‬ ‫الحمود تشفّعت ف أصحاب الكبائر من أمّت َفيُ َ‬
‫ذُ ّريّت»‪.‬‬
‫قلت‪« :‬النضر بن شعيب» قال عنه الامقان ف تنقيح القال (ج ‪/3‬ص ‪ )272‬أنه مهول‪،‬‬
‫وكذلك اعتبه الشهيد الثان رحة ال عليه مهولً‪ ،‬وأما سائر رواة الديث فكلّهم ماهيل لذا‬
‫فالديث ساقط من العتبار‪.‬‬
‫الديث الثالث عشر‪ :‬رواه الجلسي نق ً‬
‫ل عن «المال» للشيخ الصدوق بسنده عن القطّان‬
‫عن السكري عن الوهري عن ممد بن عمارة عن أبيه قال‪ :‬قال الصادق جعفر بن ممد عليه‬
‫السلم‪« :‬من أنكر ثلثة أشياء فليس من شيعتنا العراج والساءلة ف القب والشفاعة»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬أحد بن القطان طبقا لا ذكره الامقان ف تنقيح القال (ج ‪/1‬ص ‪ )56‬عن السيد‬
‫صدر الدين وحواشيه ف منتهى القال عاميّ‪ .‬وأما السكري فليس له اسم ف كتب الرجال‪،‬‬
‫و«ممد بن عمارة» مهول الال (كما ف تنقيح القال‪ :‬ج ‪/3‬ص ‪ )164‬وكذلك أبوه (ج ‪/2‬ص‬
‫‪ )322‬لذا فالديث ساقط عن العتبار‪.‬‬
‫الديث الرابع عشر‪ :‬نقله الجلسي عن تفسي القمي بسنده عن أبيه عن ابن مبوب عن أب‬
‫أسامة عن أب عبد ال وأب جعفر عليهما السلم قال‪« :‬وال لنشفعنّ وال لنشفعنّ ف الذنبي من‬
‫شيعتنا حت تقول أعداؤنا إذا رأوا ذلك فَما لَنا مِنْ شاِفعِيَ ول صَدِيقٍ حَمِيمٍ فََلوْ َأنّ لَنا َك ّرةً‬
‫َفنَكُونَ مِ َن الْ ُم ْؤ ِمنِيَ!»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ليس ف سند الديث إل را ٍو واحد هو أبو أسامة الذي هو «زيد الشحّام» اعتبه ابن‬
‫الغضائري وإسحاق بن علي بن عمّان وغيها ضعيفا وأشار بن داود ف رجاله (ص ‪ )164‬إل أنه‬
‫كان واقفيا‪ .‬وعلى أيّ حال طالا أن بقيّة رجال السند بي أب أسامة والمام الصادق عليه السلم‬
‫مفقودون فالديث مرسل أو منقطع وساقط من العتبار‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 67 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫الديث الامس عشر‪ :‬نقله الجلسي عن «تفسي علي بن إبراهيم القمي» قال‪« :‬حدثن‬
‫أب عن ابن أب عمي عن معاوية بن عمار عن أب العباس الكب قال دخل مول لمرأة علي بن‬
‫السي صلوات ال عليهما على أب جعفر عليه السلم يُقال له‪ :‬أبو أين‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا جعفر!‬
‫َتغُرّو َن الناسَ وتقولو َن شفاعةُ ممّدٍ شفاعةُ ممّدٍ! فغضب أبو جعفر عليه السلم حت تربّد وجهه‬
‫ث قال‪ :‬ويك يا أبا أين! أغرّك أن عف بطنك وفرجك! أما لو قد رأيت أفزاع القيامة لقد‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) ويلك! فهل يشفع إل لن وجبت له النار؟! ث قال‪:‬‬ ‫احتجت إل شفاعة ممد (صَلّى ا ُ‬
‫صلّى الُ عَلَيه وَآلِهِ) يوم القيامة‪ .‬ث‬
‫ما أحدٌ من الوّلي والخرين إل وهو متاج إل شفاعة ممد ( َ‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ َوسَلّ َم الشفاعة ف أمته ولنا شفاعة‬
‫قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬إن لرسول ال صَلّى ا ُ‬
‫ف شيعتنا ولشيعتنا شفاعة ف أهاليهم‪ .‬ث قال‪ :‬وإن الؤمن ليشفع ف مثل ربيعة ومضر وإن الؤمن‬
‫ليشفع حت لادمه ويقول يا رب حق خدمت كان يقين الر والبد»‪.‬‬
‫قلتُ‪ :‬ف سنده «معاوية بن عمار» الذي جاء ف «تنقيح القال» (ج ‪/3‬ص ‪ )324‬أنه «متل‬
‫العقل»‪ ،‬وف قاموس الرجال (ج ‪/9‬ص ‪ )42‬قال عنه «علي بن أحد العقيقي» الذي ُيعَدّ من كبار‬
‫علماء الرجال‪« :‬ل يكن معاوية بن عمار عند أصحابنا مستقيما‪ ،‬كان ضعيف العقل متهما ف‬
‫حديثه»‪.‬‬
‫وروى عن «أب العبّاس الكب» ول نعلم من هو‪ ،‬وأيا كان فقد روى معاوية بن عمار هذا‬
‫الديث ف سن الشيخوخة ول شك أنه رواه ف الوقت الذي بدأ فيه يرف ويفقد حواسه!‪.‬‬
‫الديث السادس عشر‪ :‬يكفي ف بطلنه أن من رواته «ممد بن سنان» الغال والكذّاب‬
‫الشهور الذي بيّـنّا أحواله فيما سبق‪.‬‬
‫الديث السابع عشر‪ :‬نقله الجلسي عن كتاب «الصال» للشيخ الصدوق الذي رواه‬
‫بسنده عن علي بن الكم عن أبان عن ممد بن الفضل الزرقي عن أب عبد ال عن أبيه عن جده‬
‫عن علي عليه السلم قال‪« :‬إن للجنة ثانية أبواب بابٌ يدخل منه النبيّون والصدّيقون وبابٌ‬
‫يدخل منه الشهداء والصالون وخسة أبوابٍ يدخل منه شيعتنا ومبّونا فل أزال واقفا على‬
‫الصراط أدعو وأقول‪ :‬ربّ سلّم شيعت ومّبيّ وأنصاري ومن تولّان ف دار الدنيا‪ ،‬فإذا النداء من‬
‫بطنان العرش‪ :‬قد أجيبت دعوتك و ُشفّ ْعتَ ف شيعتك ويشفع كل رجل من شيعت ومن تولن‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 68 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ونصرن و‪..‬و‪ ..‬الديث»‪.‬‬


‫قلتُ‪ :‬أما «علي بن الكم» فهو مهول الال ف كتب الرجال وكذلك «أبان»‪ ،‬وأما‬
‫«ممد بن الفضل الزرقي» فاعتبه الشيخ الطوسي ف رجاله (ص ‪ )360‬ضعيفا‪ ،‬واتمهم ف‬
‫موضع آخر (ص ‪ )389‬بالغلوّ‪ .‬وكذلك اعتبه العلمة اللي ف خلصته (ص ‪ )250‬ضعيفا‪.‬‬
‫واعتبه التفرشي ف نقد الرجال (ص ‪ )327‬ضعيفا وغاليا‪.‬‬
‫الديث الثامن عشر‪ :‬نقله الجلسي عن كتاب «المال» للشيخ الطوسي بسنده عن الفحّام‬
‫عن النصوري عن ع ّم أبيه عن أب السن العسكري عن آبائه عليهم السلم قال قال أمي الؤمني‬
‫ش َر الناسُ يوم القيامة نادان مناد‪ :‬يا‬
‫صلّى الُ عَلَيه وَآلِهِ) يقول‪« :‬إذا حُ ِ‬
‫عليه السلم سعت النبّ ( َ‬
‫رسول ال! إن ال جلّ اسه قد أمكنك من مازاة مبيك ومب أهل بيتك الوالي لم فيك‬
‫والعادين لم فيك فكافهم با شئت‪ .‬فأقول‪ :‬يا ربّ النة فأَب ّوؤُهم منها حيث شئتُ‪ ،‬فذلك القام‬
‫الحمود الذي وعدت به»‪.‬‬
‫أقول ف أول سنده «الفحام عن النصوري» وكلها مهول الال ل ذكر له ف كتب علم‬
‫الرجال ل برح ول بتعديل‪ ،‬فالديث مهول‪ ،‬وراجع ف ذلك تنقيح القال (ج ‪/1‬ص ‪.)310‬‬
‫الديث التاسع عشر‪ :‬نقله الجلسي عن كتاب «المال» للشيخ الطوسي بسنده «عن‬
‫الفار عن إساعيل بن علي الدعبلي عن ممد بن إبراهيم بن كثي قال دخلنا على أب نواس السن‬
‫بن هان نعوده ف مرضه الذي مات فيه فقال له عيسى بن موسى الاشي‪ :‬يا أبا علي! أنت ف‬
‫آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من الخرة وبينك وبي ال هنات فتب إل ال عز وجل‪ .‬قال أبو‬
‫نواس‪ :‬سنّدون فلما استوى جالسا قال‪ :‬إياي توفن بال؟ وقد حدثن حاد بن سلمة عن ثابت‬
‫ب شفاع ٌة وأنا خّبأْتُ‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ)‪« :‬لكلّ ن ّ‬
‫البنان عن أنس بن مالك قال قال رسول ال (صَلّى ا ُ‬
‫شفاعت لهل الكبائر من أمت يوم القيامة»‪ ،‬أفترى ل أكون منهم؟؟»‪.‬‬
‫قلتُ‪ :‬ف بداية سند هذا الديث إساعيل بن علي الدعبلي عن ممد بن إبراهيم بن كثي‪،‬‬
‫وكلها ل ذكر له ف كتب الرجال‪ ،‬والراوي التال هو أبو نواس الشاعر الفاجر الذي كان له‬
‫ألف ليلة وليلة وأنشد‪ :‬صلى الله على لوط وشيعته‪.‬‬
‫والغريب أن ل أحد من رواة هذه الرواية إمام معصوم‪ ،‬رغم أن حّاد بن سلمة مُدح ف‬
‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 69 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫كتاب «ميزان العتدال»‪ ،‬وثابت البنان أيضا اسم مشترك بي عدة شخصيات‪ ،‬ولكن لّا كانت‬
‫الرواية منقولة عن أب نواس الشاعر الفاسق العروف بشرب المر واللواط وكان مضمون روايته‬
‫أيضا مالفا للقرآن الجيد ولروح السلم ولتعاليم جيع النبياء فالديث ساقط من أساسه‪،‬‬
‫صلّى الُ عَلَيه وَآلِهِ) رغم اقترافهم الوبقات‬
‫ولعمري إذا كان مرتكبو الكبائر سينالون شفاعة النب ( َ‬
‫والكبائر فما هي فائدة الدين والشريعة؟ وبالناسبة سنذكر لحقا مزيدا ما جاء بشان أب نواس‬
‫الذي ل يكن يؤمن بالقيامة ونكتفي هنا ف مذمته بأن نذكر أن حضرة المام الادي عليه السلم‬
‫كان يطلق عليه لقب أب نواس الباطل‪.‬‬
‫الديث العشرون‪ :‬نقله الجلسي عن كتاب «عيون أخبار الرضا» للصدوق قال‪« :‬أحد بن‬
‫أب جعفر البيهقي عن علي بن جعفر الدن عن علي بن ممد بن مهرويه القزوين عن داود بن‬
‫ل عَلَيه‬
‫صلّى ا ُ‬
‫سليمان عن الرضا عن آبائه عن أمي الؤمني عليه السلم قال قال رسول ال ( َ‬
‫ب شيعتنا فمن كانت مظلمته فيما بينه وبي ال عز وجل‬ ‫وَآلِهِ)‪ :‬إذا كان يوم القيامة وُلّينا حسا َ‬
‫حكمنا فيها فأجابنا ومن كانت مظلمته بينه وفيما بي الناس استوهبناها فوهبت لنا ومن كانت‬
‫مظلمته فيما بينه وبيننا كنا أحق من عفا وصفح!»‪.‬‬
‫إن مت هذا الديث مؤداه أن عال الليقة ونظامه رهيٌ لرادة أخلّاء ال وأحبابه!!‪ ،‬وهذا‬
‫الت يذكّرنا بت الديث الذي رواه صاحب كتاب «أمراء الكون» مع فارق أن الديث هنا‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) وهناك منسوب إل حضرة المام الكاظم‪ ،‬ورُواة‬
‫صلّى ا ُ‬
‫منسوب إل الرسول ( َ‬
‫الديث من المام الرضا حت أمي الؤمني من العصومي‪ ،‬فما أعظمه من سند يستفيد منه‬
‫الغرورون الخربون لدين السلم إذ يفتح الباب للجتراء على كل معصية ما يرب الدين أكثر‬
‫من فعل مئة ألف جندي‪.‬‬
‫أما حال رجال سنده فإن «أحد بن أب جعفر البيهقي» و«علي بن جعفر البيهقي» و«علي‬
‫بن جعفر الدن» ل ذكر لم ف كتب الرجال‪ ،‬بل هناك ذكر للرواة التالي فقط أي «علي بن‬
‫مهرويه القزوين» الذي اعتبه الامقان ف تنقيح القال مهول الال‪ ،‬و«داوود بن سليمان» الذي‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 70 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫اعتبه الوحيد البهبهان(‪( )1‬ج ‪/1‬ص ‪ )2( )410‬عاميا‪ .‬والواقع أن علي بن مهرويه أيضا من رواة‬
‫العامة‪ ،‬وقد ذكر ابن حجر العسقلن ف «ميزان العتدال» (ج ‪/2‬ص ‪ )8‬بشأنه ما نصّه‪:‬‬
‫«داود بن سليمان الرجان الغازي‪ :‬عن علي بن موسى الرضا وغيه كذّبه يي ابن معي‬
‫ول يعرفه أبو حات وبكل حال فهو شيخٌ كذّابٌ له نسخة موضوعة عن علي بن موسى الرضا‬
‫رواها علي بن ممد بن جهرويه القزوين الصدوق عنه قال‪ :‬حدثنا علي بن موسى أخبنا أب عن‬
‫أبيه عن جده عن علي بن السي عن أبيه عن علي رضي ال عنه مرفوعا‪" :‬اختنوا أولدكم يوم‬
‫السابع فإنه أطهر‪( ...‬وذكر الديث بطوله وهو ركيك اللفظ) وبه‪" :‬أربعة أنا أشفع لم يوم‬
‫القيامة ولو أتون بذنب أهل الرض‪ :‬الضارب بسيفه أمام ذريت والقاضي لم حوائجهم والساعي‬
‫لم ف حوائجهم عندما اضطروا إليه والحب لم بقلبه ولسانه"‪».‬‬
‫قلتُ‪ :‬فمن هذا يظهر أن تلك الرواية هي ما أتفنا به الشيخ الصدوق عليه الرحة نقلً عن‬
‫العامة أو بالحرى عن الكذابي منهم ولّا كان «داوود بن سليمان» هذا من الخالفي للشيعة‬
‫ولهل البيت فل عجب أن ينسب مثل تلك الرسالة الشحونة بالكذب إل المام الرضا عليه‬
‫السلم لكي يشوّه صورة مذهب الشيعة وأئمتهم! وإل فلو صحّ ذلك الديث ل يبقَ هناك معنً‬
‫سبٍ بي ال تعال والشيعة ما ل‬‫لبعثة الرسل وإنزال الكتب! ومن الهة الخرى أيّ قراب ٍة ونَ َ‬
‫يوجد مثله بي ال وبقية عباده؟! فهل هناك ضللٌ أوضح من ذلك‪ ،‬ول ندري ربا كانت هناك‬
‫س مثل هذا الديث‪.‬‬
‫أيادٍ نصرانية خفيّة وراء د ّ‬
‫الديث الواحد والعشرون‪ :‬هو حديث ل سند له ومتنه مطابق لت الديث الرابع الذي‬
‫مرّ‪.‬‬
‫الديث الثان والعشرون‪( :‬وهو الديث رقم ‪ 26‬ف الطبعة الديدة لبحار النوار) رواه‬

‫() هو ممد باقر بن ممد أكمل البهبهان (توف عام ‪ )1205‬جدته لمه بنت الجلسي الول وأخت الثان! وهو أحد‬ ‫‪1‬‬

‫أهم مراجع ومتهدي الشيعة المامية ف عصره وهو مي طريقة الصوليي الجتهدين والقاضي على طريقة الخباريي‬
‫الت كانت قد استفحلت قبله بفضل ممد أمي السترآبادي (‪1036‬هـ) وتلمذة مدرسته‪ .‬وقد جعل مركزه العلمي‬
‫مدينة كربلء‪( .‬الترجم)‪.‬‬
‫() ل يذكر الؤلف أن هذا الزء والصفحة من أي كتاب؟ والظاهر أنا من تعليق البهبهان على كتاب «منهج القال ف‬ ‫‪2‬‬

‫تقيق أحوال الرجال» للميزا ممد السترآبادي (‪1021‬هـ)‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 71 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫الجلسي نقلً عن كتاب «ثواب العمال» بسنده عن أب عن ممد بن يي عن أحد بن ممد‬


‫عن ابن مبوب عن أب ولد عن ميسر عن أب عبد ال عليه السلم قال‪« :‬إن الؤمن منكم يوم‬
‫القيامة ليمرّ به الرجل له العرفة به ف الدنيا وقد أمر به إل النار واللك ينطلق به قال فيقول له‪ :‬يا‬
‫فلن أغثن فقد كنت أصنع إليك العروف ف الدنيا وأسعفك ف الاجة تطلبها من فهل عندك‬
‫اليوم مكافاة؟ فيقول الؤمن للملك الوكل به‪ :‬خ ّل سبيله‪ ،‬قال‪ :‬فيسمع ال قول الؤمن فيأمر اللك‬
‫أن ييز قول الؤمن فيخلي سبيله!»‪.‬‬
‫قلت ف سنده‪« :‬أبو ولّاد» (حفص بن يونس) وهو عن «ميسّر» وكلها مهول الال كما‬
‫جاء ف تنقيح القال (ج ‪/1‬ص ‪ )356‬و(ج ‪/3‬ص ‪.)264‬‬
‫الديث الثالث والعشرون‪ :‬نقله الجلسي عن كتاب «ثواب العمال» أيضا بسنده عن أب‬
‫عن سعد عن ابن عيسى عن ممد بن خالد عن النضر عن يي اللب عن أب الغراء عن أب بصي‬
‫عن علي الصائغ قال قال أبو عبد ال عليه السلم‪« :‬إن الؤمن ليشفع لميمه إل أن يكون ناصبا‪،‬‬
‫ولو أن ناصبا شفع له كلّ نبّ مرسل وملك مقرب ما ُشفّعوا»‪.‬‬
‫قلتُ‪ :‬ف سنده «ممد بن خالد» قال عنه ابن الغضائري كما جاء ف تنقيح القال (ج ‪/3‬ص‬
‫‪« :)113‬ممد بن خالد البقي‪ ،‬حديثه يُعرف ويُنكر‪ ،‬ويروي عن الضعفاء ويعتمد على‬
‫الراسيل»‪ .‬وأورده ابن داود ف رجاله (ص ‪ )503‬ف عداد الجروحي والجهولي وعدّه من‬
‫الضعفاء ف القسم الثان من كتابه‪.‬‬
‫أما من ناحية متنه فلو قُصد بتلك الشفاعة الشفاعة ف الدنيا (بعن الدعاء والستغفار وطلب‬
‫الرحة للمشفوع له) لا كان ف متنه إشكال‪ ،‬أما إن قُصد حصول ذلك ف الخرة فل يصحّ كما‬
‫أسلفنا‪.‬‬
‫الديث الرابع والعشرون‪( :‬وهو الديث رقم ‪ 28‬ف الطبعة الديدة) نقله الجلسي عن‬
‫كتاب الحاسن للبقي بسنده عن أبيه عن سعدان بن مسلم عن معاوية بن وهب قال سألت أبا‬
‫عبد ال عليه السلم عن قول ال تبارك وتعال ل َيتَكَلّمُونَ إِلّا مَنْ أَ ِذنَ لَهُ الرّحْمنُ وقالَ صَوابا‬
‫قال‪« :‬نن وال الأذون لم ف ذلك اليوم والقائلون صوابا‪ .‬قلتُ‪ُ :‬جعِ ْلتُ فِدَاكَ! وما تقولون قال‬
‫نجّد ربّنا ونصلي على نبينا ونَشْفَ ُع لشيعتنا فل يردّنا ربّنا»‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 72 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ل وقالوا أنه ضعيف وغي موثوق‪.‬‬


‫قلتُ‪« :‬سعدان بن مسلم» اعتبه علماء الرجال مهم ً‬
‫و«معاوية بن وهب» مهول الال (انظر تنقيح القال ج ‪/3‬ص ‪.)226‬‬
‫الديث الامس والعشرون‪ :‬وهو مرويٌ أيضا عن سعدان الذكور ف الديث السابق‬
‫ومتنه مشابه لت الديث السابق‪ .‬وقد ذكرنا مرارا أن الشفاعة بعن استغفار اللئكة والنبياء‬
‫والولياء للمؤمني ف الدنيا شفاعة صحيحة ثابتة‪.‬‬
‫الديث السادس والعشرون‪ :‬متنه كمت الديث الرابع والعشرين بيد أن ف سنده ممد بن‬
‫الفضل الذي بينا ضعفه وغلوه ف التعليق على الديث السابع عشر‪.‬‬
‫الديث السابع والعشرون‪ :‬وهو عن ممد بن الفضل أيضا‪ .‬ومتنه أن ممد بن الفضل‬
‫شفَعُ ِعنْ َدهُ إِلّا بِإِ ْذنِهِ يَعَْل ُم ما َبيْنَ َأيْدِيهِمْ؟ فقال‬
‫سأل أبا عبد ال عليه السلم عن قوله مَنْ ذَا الّذِي يَ ْ‬
‫نن أولئك الشافعون!‪.‬‬
‫الديث الثامن والعشرون‪ :‬نقله الجلسي عن الحاسن للبقي أيضا بلفظ‪« :‬أب عن القاسم‬
‫بن ممد عن علي بن أب حزة قال‪ :‬قال رجل لب عبد ال عليه السلم إن لنا جارا من الوارج‬
‫يقول إن ممدا يوم القيامة هّه نفسُه فكيف يشفع؟ فقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ما أحد من‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) يوم القيامة»‪.‬‬
‫الولي والخرين إل وهو يتاج إل شفاعة ممد (صَلّى ا ُ‬
‫قلت‪« :‬القاسم بن ممد» طبقا لا صرح به علماء الرجال‪ ،‬واقفيّ‪ ،‬ول يوثقه أحد‪ ،‬ور ّد‬
‫جيع الفقهاء روايته وطعنوا به‪ .‬وأمّا «علي بن أب حزة» فهو ذلك اللعون ذاته الذي تكلمنا عنه‬
‫ف تعليقنا على الديث الثامن‪.‬‬
‫الديث التاسع والعشرون‪ :‬عن كتاب «الحاسن» للبقي أيضا‪« :‬أب عن حزة بن عبد ال‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ)‬
‫عن ابن عمية عن أب حزة قال قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬إن لرسول ال (صَلّى ا ُ‬
‫شفاعة‪.».‬‬
‫ف سنده «حزة بن عبد ال» ل ذكر له ف كتب الرجال‪ ،‬ورواه عن «ابن عمية» قد جاء‬
‫ف فصل الكن (ص ‪ )28‬من كتاب تنقيح القال‪ :‬ل أعرف اسه ول حاله!‪.‬‬
‫الديث الثلثون‪ :‬عن كتاب «الحاسن» للبقي أيضا‪« :‬ابن مبوب عن أبان عن أسد بن‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 73 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫إساعيل عن جابر بن يزيد قال قال أبو جعفر ع يا جابر ل تستعن بعدونا ف حاجة ول تستعطه‬
‫ول تسأله شربة ماء إنه ليمر به الؤمن ف النار فيقول يا مؤمن ألست فعلت بك كذا وكذا؟‬
‫فيستحيي منه فيستنقذه من النار‪ ،‬فإنا سي الؤمن مؤمنا لنه يؤمن على ال فيؤمن فيجيز أمانه»‪.‬‬
‫قلتُ‪ :‬ف سنده أبان عن «أسد بن إساعيل» والخي مهول الال كما جاء ف «تنقيح‬
‫القال» (ج ‪/1‬ص ‪ )7‬فضلً عن أن مت الديث ل علقة له بتلك الشفاعة الواسعة الدّعاة‪.‬‬
‫الديث الواحد والثلثون‪ :‬نقله عن كتاب «الحاسن» للبقي أيضا‪« :‬أب عن فضالة عن‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) شفاعةٌ ف أمته ولنا شفاعةٌ ف‬
‫صلّى ا ُ‬
‫حسي بن عثمان عن أب حزة أنه قال‪ :‬للنبّ ( َ‬
‫شيعتنا ولشيعتنا شفاعةٌ ف أهل بيتهم»‪.‬‬
‫قلتُ‪ :‬هذا الديث من كلم أب حزة فهو ليس مرفوعا إل العصوم فل حجة فيه‪ .‬وعلى‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) لمته ثابتة ولكن بعن استغفاره لم وطلبه الرحة‬
‫كل حال فشفاعة النب (صَلّى ا ُ‬
‫لم‪.‬‬
‫الديث الثان والثلثون‪ :‬نقله الجلسي عن كتاب «الناقب» لبن شهرآشوب كالتال‪:‬‬
‫«علي بن العد عن شعبة عن قتادة عن أب الوزاء عن ابن عباس ف قوله تعال فَما تَْن َف ُعهُ ْم شَفا َعةُ‬
‫الشّاِفعِيَ قال يعن ما تنفع كفار مكة شفاعة الشافعي ث قال أول من يشفع يوم القيامة ف أمته‬
‫رسول ال وأول من يشفع ف أهل بيته وولده أمي الؤمني وأول من يشفع ف الروم السلمي‬
‫صهيب وأول من يشفع ف مؤمن البشة بلل!»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬جيع رواة سند الديث من العامة (أهل السنة) وهو موقوف على ابن عباس وليس‬
‫من كلم العصوم‪.‬‬
‫الديث الثالث والثلثون والرابع والثلثون‪ :‬أيضا منقولن عن العامة ومضمونما بعيد‬
‫عن الشفاعة الدعاة ول يعارض ما ذكرناه‪.‬‬
‫الديث الامس والثلثون‪ :‬منقول عن «التفسي» النسوب للمام السن العسكري الذي‬
‫سبق وبينا أنه كتاب منحول وغي موثوق بل ضعيف ومكذوب‪.‬‬
‫الديث السادس والثلثون‪ :‬ومضمونه مشابه لديث الشفاعة الطويل النقول عن «تفسي‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 74 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫العياشي» والذي فيه أن رسول ال يقرع حلقة باب بيت ال فيخرج ال ويسأل مَن بالباب‪...‬ال‪.‬‬
‫ما سبق بيان بطلنه عقلً وشرعا‪.‬‬
‫الحاديث ‪ 39-38-37‬كلها منقولة كلها عن تفسي العياشي دون سند فل حجة فيها‬
‫ول تستحق العتناء‪.‬‬
‫الديث الربعون‪( :‬وهو الديث رقم ‪ 53‬ف الطبعة الديدة)‪ :‬نقله الجلسي عن كتاب‬
‫«بشارة الصطفى» بالسند التال‪ :‬يي بن ممد بن السن الوان عن جامع بن أحد الدهستان‬
‫عن علي بن السن بن العباس الصندل عن أحد بن ممد بن إبراهيم الثعالب عن يعقوب بن أحد‬
‫السري عن ممد بن عبد ال بن ممد عن عبد ال بن أحد بن عامر الطائي عن أبيه عن علي بن‬
‫موسى الرضا عن آبائه عليه السلم عن أمي الؤمني صلوات ال عليه قال قال رسول ال (صَلّى‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ)‪« :‬أربعةٌ أنا لم شفيعٌ يوم القيامة الكرِم لذريّت والقاضي لم حوائجهم والساعي ف‬
‫اُ‬
‫أمورهم ما اضطروا إليه والحب لم بقلبه ولسانه عند ما اضطروا»‪.‬‬
‫قلتُ‪ :‬رواة الديث بدأً من يي بن ممد الوان وانتهاءً بيعقوب بن أحد السري كلهم‬
‫مهولون وليس لم ذكر ف كتب رجال الشيعة‪ ،‬والخي يرويه عن «ممد بن عبد ال بن ممد»‬
‫وهو إن ل يكن مهو ًل فل بد أنه «ممد بن عبد ال بن ممد بن عبد ال» الذي اعتبه النجاشي‬
‫ضعيفا‪ .‬والراوي التال «عبد ال بن أحد بن عامر الطائي عن أبيه» وأبوه أي (أحد بن عامر‬
‫الطائي) قال عنه الامقان ف تنقيح القال (ج ‪/1‬ص ‪ :)63‬مهول الال‪ .‬وأحد هذا روى الديث‬
‫عن عامر بن سليمان بن صال وهو شخص مهول ل ذكر له ف كتب الرجال‪ .‬فهذا الديث‬
‫فاسد السند ساقط من العتبار من جيع الهات‪.‬‬
‫الديث الواحد والربعون (أو رقم ‪ 54‬ف الطبعة الديدة)‪ :‬نقله الجلسي عن «كن جامع‬
‫الفوائد وتأويل اليات الظاهرة» كما يلي‪« :‬ممد بن العباس عن أحد بن هوذة عن إبراهيم بن‬
‫إسحاق عن عبد ال بن حاد عن عبد ال بن سنان عن أب عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إذا كان يوم‬
‫القيامة وكلنا ال بساب شيعتنا فما كان سألنا ال أن يهبه لنا فهو لم وما كان للدميي سألنا ال‬
‫أن يعوضهم بدله فهو لم وما كان لنا فهو لم ث قرأ‪ :‬إِنّ إَِليْنا إِياَبهُمْ ثُمّ إِ ّن عََليْنا حِساَبهُمْ»‪.‬‬
‫قلتُ‪« :‬ممد بن العباس» و«أحد بن هوذة» كلها مهول الال (انظر تنقيح القال‪ :‬ج‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 75 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫‪/3‬ص ‪ 135‬وج ‪/1‬ص ‪ .)99‬و«إبراهيم بن إسحاق» اعتبه الشيخ الطوسي ف رجاله (ص ‪)451‬‬
‫ضعيفا‪ ،‬وقال الشيخ الطوسي ف الفهرست (ص ‪« :)29‬إبراهيم بن إسحاق أبو السحاق‬
‫النهاوندي كان ضعيفا ف حديثه متهما ف دينه»‪ .‬وقال العلمة ف القسم الثان من خلصته (ص‬
‫‪« :)198‬إبراهيم بن إسحاق‪ ...‬كان ضعيفا ف دينه وف مذهبه ارتفاع‪ ،‬وأمره متلط‪ ،‬ل أعمل‬
‫على شيء ما يرويه»‪.‬‬
‫والراوي التال هو «عبد ال بن حاد» قال عنه ابن الغضائري‪« :‬عبد ال بن حاد أبو ممد‬
‫النصاري نزل قم‪ ،‬ل يروِ عن أحد من الئمّة وحديثه يُعرف تارة ويُنكر أخرى‪.».‬‬
‫والراوي الخي هو «عبد ال بن سنان» وهو خازن مكتبة أبو جعفر النصور الدوانيقي‪.‬‬
‫فهذا هو سند الديث الذي استدل به الدعو آية ال العظمى (!) أبو الفضل النبوي ف كتابه‬
‫«أمراء الكون» على أن إياب اللق إل الئمّة وحسابم عليهم!!‬
‫الديث الثان والربعون (أو رقم ‪ 55‬ف الطبعة الديدة)‪ :‬متنه كالديث السابق وسنده‬
‫مشترك معه ف بدايته إل أنه يصل ف آخره إل «ممد بن جعفر» عن أبيه المام جعفر الصادق‬
‫عليه السلم‪ ،‬وقد عرفنا حال الرواة من بداية السند وحت عبد ال بن حاد‪ ،‬وبقي أن نتعرف على‬
‫حال «ممد بن جعفر»‪:‬‬
‫ذكر الشيخ الفيد ف كتابه «الرشاد» أن «ممد بن جعفر» كان يرى رأي الزيدية ف‬
‫الروج بالسيف(‪ ،)1‬وقد خرج بذاته على الأمون ف مكة سنة ‪199‬هـ‪ ،‬ودعا إل نفسه وتسمّى‬
‫بأمي الؤمني وبويع له باللفة‪ ،‬واتبعته الزيدية الارودية‪ ،‬فخرج لقتاله عيسى اللودي ففرق‬
‫جعه وأخذه وأنفذه إل الأمون‪ .)2(...‬وجاء ف كتاب «كشف الغمّة بعرفة الئمّة» لعلي بن‬
‫عيسى الربلي‪ ،‬ف الديث عن موسى بن جعفر ما نصّه‪« :‬ومات (المام موسى بن جعفر الكاظم‬
‫عليه السلم) ف حبس (هارون) الرشيد وقيل سعى به جاعة من أهل بيته منهم ممد بن جعفر بن‬

‫() أي عقيدة الزيدية ف أن المامة بعد السن والسي شورى بي أولدها‪ ،‬فمن خرج منهم‪ ،‬سواء كان من ذرية‬ ‫‪1‬‬

‫السن أو من ذرية السي‪ ،‬وشهر سيفه ودعا إل نفسه فهو الستحق للمامة‪ ،‬ولذا فقد ساقت الزيدية المامة إل كلّ‬
‫ع سخيّ خرج للمامة بالسيف‪ ،‬فاعتبته إماما واجب الطاعة‪( .‬الترجم)‬
‫فاطميّ عالٍ زاهدٍ شجا ٍ‬
‫() انظر الشيخ الفيد‪« ،‬الرشاد»‪ :‬ج ‪/2‬ص ‪ ،112 - 111‬وباء الدين علي بن عيسى الربلي (التوف ‪692‬هـ)‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫«كشف الغمّة بعرفة الئمّة»‪ :‬ج ‪ /2‬ص ‪( .300‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 76 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ممد أخوه وممد بن إساعيل بن جعفر ابن أخيه وال أعلم»(‪.)1‬‬


‫وروى الشيخ الصدوق ف «عيون أخبار الرضا»‪« :‬عن علي بن جعفر قال جاءن ممد بن‬
‫إساعيل بن جعفر بن ممد وذَكَرَ ل أنّ ممد بن جعفر دخل على هارون الرشيد فسلّم عليه‬
‫باللفة ث قال له‪ :‬ما ظننت أن ف الرض خليفتي حت رأيت أخي موسى بن جعفر عليه السلم‬
‫يُسَلّ ُم عليه باللفة!»(‪ .)2‬وف «عيون أخبار الرضا» أيضا‪ ،‬كما ف «الرشاد» أنه‪« :‬لا خرج‬
‫ممد بن جعفر بكة ودعا لنفسه ويسمى بأمي الؤمني وبويع له باللفة ودخل عليه أبو السن‬
‫الرضا عليه السلم فقال‪ :‬يا عم! ل تكذّب أباك وأخاك فإن هذا المر ل يتم‪ .».‬وف موضع آخر‬
‫من «عيون أخبار الرضا» روى الصدوق بالسند عن عمي بن يزيد قال‪ :‬كنتُ عند أب السن‬
‫الرضا عليه السلم فذُكِرَ «ممد بن جعفر بن ممد» فقال‪« :‬إن جعلتُ على نفسي أن ل يُ ِظلّن‬
‫وإيّاه َسقْفُ َبْيتٍ!»‪.‬‬
‫فهذا هو حال «ممد بن جعفر» يُضاف إل حال الرواة السابقي للسند الذي شرحناه فيما‬
‫سبق!‪.‬‬
‫الديث الثالث والربعون‪( :‬وهو رقم ‪ 58‬ف الطبعة الديدة)‪ :‬نقله الجلسي عن كتاب‬
‫«علل الشرائع» للشيخ الصدوق بسنده التال‪« :‬ابن التوكل عن سعد عن ابن عيسى عن ابن سنان‬
‫عن مسكان عن ممد بن مسلم قال سعت أبا جعفر عليه السلم يقول‪ :‬لفاطم َة وَ ْق َفةٌ على باب‬
‫جهنم‪ ،‬فإذا كان يوم القيامة كتب بي عين كل رجل مؤمن أو كافر‪ ،‬فيؤمر بحب قد َكثُرَتْ‬
‫ُذنُوبُهُ إل النار‪ ،‬فتقرأ بي عينيه مبّا فتقول‪ :‬إلي وسيدي! سيتن فاطمة وفطمت ب من تولن‬
‫وتول ذريت من النار ووعدك الق وأنت ل تلف اليعاد فيقول ال عز وجل‪ :‬صدقت يا فاطمة‬
‫إن سيتك فاطمة وفطمت بك من أحبك وتولك وأحب ذريتك وتولهم من النار ووعدي الق‬
‫وأنا ل أخلف اليعاد وإنا أمرت بعبدي هذا إل النار لتشفعي فيه فأشفعك ليتبي للئكت وأنبيائي‬
‫ورسلي وأهل الوقف موقفك من ومكانتك عندي فمن قرأت بي عينيه مؤمنا فجذبت بيده‬
‫وأدخلته النة!»‪.‬‬

‫() باء الدين علي بن عيسى الربلي‪« ،‬كشف الغمّة بعرفة الئمّة»‪ ،‬ج ‪/2‬ص ‪( .252‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() الشيخ الصدوق‪« ،‬عيون أخبار الرضا»‪ ،‬ج ‪/1‬ص ‪.73‬‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 77 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫قلت‪ :‬يكفي ف بيان وضعه واختلقه أن ف سنده «ابن سنان» الذي هو ممد بن سنان‬
‫الضعيف الغال الذي سبق بيان حاله‪.‬‬
‫الديث الرابع والربعون‪( :‬وهو رقم ‪ 59‬ف الطبعة الديدة)‪ :‬نقله الجلسي عن كتاب‬
‫«تفسي فرات بن إبراهيم» قال‪« :‬سهل بن أحد الدينوري بإسناده عن الصادق عليه السلم قال‬
‫قال جابر لب جعفر عليه السلم ُجعِ ْلتُ فِدَاكَ! يا ابن رسول ال! حدثن بديث ف فضل جدتك‬
‫فاطمة إذا أنا حدثت به الشيعة فرحوا بذلك‪ ،‬قال أبو جعفر عليه السلم حدثن أب عن جدي عن‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) قال‪ :‬إذا كان يوم القيامة نصب للنبياء والرسل منابر من نور‬
‫صلّى ا ُ‬
‫رسول ال ( َ‬
‫صبُ لعل ّي منبٌ وللحسني منبٌ و‪ ..‬و‪ ..‬حت‬
‫فيكون منبي أعلى منابرهم يوم القيامة (ويذكر أنه ُينْ َ‬
‫يقول)‪ :‬فيقول ال تعال يا أهل المع إن قد جعلت الكرم لحمد وعلي والسن والسي وفاطمة‬
‫يا أهل المع طأطئوا الرؤوس وغُضوا البصار فإن هذه فاطمة تسي إل النة فيأتيها جبئيل بناقة‬
‫من نوق النة مدبة النبي خطامها من اللؤلؤ الرطب عليها رحل من الرجان فتناخ بي يديها‬
‫فتركبها فيبعث ال مائة ألف ملك ليسيوا عن يينها ويبعث إليها مائة ألف ملك عن يسارها‬
‫ويبعث إليها مائة ألف ملك يملونا على أجنحتهم حت يصيوها على باب النة فإذا صارت عند‬
‫باب النة تلتفت فيقول ال يا بنت حبيب ما التفاتك وقد أمرت بك إل جنت فتقول يا رب‬
‫أحببت أن يعرف قدري ف مثل هذا اليوم فيقول ال يا بنت حبيب ارجعي فانظري من كان ف‬
‫قلبه حب لك أو لحد من ذريتك خذي بيده فأدخليه النة‪...‬الديث بطوله»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ل يذكر الجلسي تفصيل السند الشار إليه وكل ما ذكر هو الراوي «سهل بن أحد‬
‫الدينوري»‪ ،‬وهذا كاف لعرفة كذب الديث‪ ،‬لن «سهل بن أحد» هذا قال عنه ابن الغضائري‬
‫‪ -‬كما ذكر الامقان ف تنقيح القال (ج ‪/2‬ص ‪« :-)74‬كان يضع الحاديث ويروي عن‬
‫الجاهيل!»‪ ،‬كما عرف العقيقي بأنه‪« :‬كان واقفيّا غاليا»‪ .‬وهكذا جاء تضعيفه وجرحه بالوضع‬
‫الغلو ف جيع كتب الرجال‪ ،‬فابن داود اللي مثلً أورده ف قسم الضعفاء من رجاله (ص ‪،)460‬‬
‫والتفرشي قال عنه ف «نقد الرجال» (ص ‪ )164‬أنه هو الذي وضع التفسي النسوب إل المام‪،‬‬
‫وانظر أيضا قاموس الرجال للتُسْتَ ِريّ (ج ‪/5‬ص ‪.)32‬‬
‫الديث الامس والربعون‪ :‬نقله الجلسي عن كتاب «المال» للشيخ الطوسي عن الفيد‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 78 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫عن ابن قولويه عن الميي عن أبيه عن البقي عن التفليسي عن أب العباس الفضل بن عبد اللك‬
‫عن الصادق عليه السلم قال‪« :‬يا فضل إنا سي الؤمن مؤمنا لنه يؤمن على ال فيجيز ال أمانه ث‬
‫قال أ ما سعت ال يقول ف أعدائكم إذا رأوا شفاعة الرجل منكم لصديقه يوم القيامة فَما لَنا مِنْ‬
‫شاِفعِيَ ول صَدِيقٍ َحمِيمٍ»‪.‬‬
‫والتفليسي لقب «بشر بن بيان» الذي اعتبه ف تنقيح القال (ج ‪/1‬ص ‪ )172‬مهولً وذكر‬
‫ف صفحة ‪ 20‬أنه ل وجود له‪ .‬وإن كان الراد من التفليسي «بيان بن حوان» فهو أيضا مهول‬
‫كما ف (ج ‪/1‬ص ‪ )185‬من تنقيح القال‪ .‬وإن كان الراد منه «شريف بن سابق» فهو حسب‬
‫قول الغضائري ضعيف ومضطرب المر‪ ،‬وعلى قول صاحب تنقيح القال (ج ‪/2‬ص ‪:)84‬‬
‫«كلهم يتسالون على ضعف الرجل»‪.‬‬
‫الديث السادس والربعون‪ :‬عن الكاف للكلين‪« :‬علي عن أبيه عن ابن فضال عن حفص‬
‫الؤذن عن أب عبد ال عليه السلم ف رسالته إل أصحابه قال‪ :‬واعلموا أنه ليس يغن عنكم من‬
‫ال أحد من خلقه شيئا ل ملك مقرب ول نب مرسل ول من دون ذلك فمن سره أن ينفعه شفاعة‬
‫الشافعي عند ال فليطلب إل ال أن يرضى عنه»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬مت هذا الديث صحيح موافق للقرآن ولا بيناه من حقيقة الشفاعة‪.‬‬
‫الديث السابع والربعون‪ :‬حديثٌ طويلٌ جدا أورده الجلسي نقلً عن «تفسي فرات بن‬
‫إبراهيم الكوف» بل سند عن ابن عباس‪ ،‬ولّا كان فاقدا للسند فل حجة فيه‪ .‬ومضمونه يكي عن‬
‫قدوم فاطمة عليها السلم إل أرض الحشر على نو مصوص‪..‬ال‪.‬‬
‫الديث الثامن والربعون‪ :‬نقله الجلسي عن كتاب «علل الشرائع»‪« :‬أب عن أحد بن‬
‫إدريس عن حنان قال سعت أبا جعفر عليه السلم يقول‪ :‬ل تسألوهم فتكّلفُونا قضاء حوائجهم‬
‫يوم القيامة»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ف سند هذا الديث «حنان بن سدير» الذي تذكر كتب الرجال أنه كان واقفيا‬
‫(رجال الكشي ص ‪ )465‬وذكره ابن داود ف رجاله مع الجهولي والجروحي والضعفاء (ص‬
‫‪ )450‬كما اعتبه العلمة (ص ‪ )218‬واقفيا ونقل عن الشيخ الطوسي قوله‪« :‬إنه ثقة‪ ،‬وعندي ف‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 79 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫روايته توقّفٌ‪ ،»...‬ول ندري أن الملة الثانية‪ ،‬أي التوقف ف روايته‪ ،‬هي رأي الطوسي أم قول‬
‫العلمة والظهر أنا قول الطوسي‪.‬‬
‫واعتبه النجاشي عليه الرحة ف رجاله (ص ‪ )113‬غي ثبت‪.‬‬
‫وقال عنه صاحب تنقيح القال (ج ‪/1‬ص ‪« :)381‬حنان ضعيف لنه كيسان»‪ ،‬وقال جيع‬
‫علماء الرجال أن حنانا ل يدرك المام الباقر عليه السلم ومع ذلك فإنه روى هذا الديث‬
‫ت أبا جعفر عليه السلم» ما يبي أن حديثه كذب من أساسه‪.‬‬ ‫بصيغة‪« :‬سع ُ‬
‫الديث التاسع والربعون‪ :‬سنده كسابقه ومتنه شبيه به فل اعتبار له‪.‬‬
‫الديث المسون‪ :‬نقله الجلسي عن كتاب «المال» للشيخ الطوسي‪« :‬ابن عبدون عن‬
‫ابن الزبي عن علي بن السن بن فضال عن العباس بن عامر عن أحد بن رزق عن ممد بن عبد‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) ل تستخفوا بشيعة‬
‫الرحن عن أب عبد ال عليه السلم قال قال رسول ال (صَلّى ا ُ‬
‫علي فإن الرجل منهم ليشفع لعدد ربيعة ومضر»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ابن عبدون هو (أحد بن عبد الواحد) الذي قال عنه الامقان ف تنقيح القال (ج‬
‫‪/1‬ص ‪« :)66‬ل يرد ف الرجل توثيق صحيح»‪ .‬وأما «ابن الزبي» فقد اعتبه الوحيد البهبهان‬
‫غاليا‪ .‬والخي روى عن «علي بن السن بن الفضال» وهو من أسوء رجال الديث سعةً وقد‬
‫سبق أن بينا حاله‪ .‬وسائر رجال السند مهولون ل ذكر لم ف كتب الرجال‪ .‬وبالتال فهذا‬
‫الديث واه من حيث السند بل من أوهن الحاديث وأضعفها ثقةً‪.‬‬
‫الديث الواحد والمسون‪ :‬من تفسي فرات بن إبراهيم الكوف «معنعنا عن جعفر بن‬
‫ي وَل‬
‫ممد عن أبيه عليه السلم قال‪ :‬نزلت هذه الية فينا وف شيعتنا قوله تعال فَما لَنا مِنْ شاِفعِ َ‬
‫صَدِيقٍ َحمِيمٍ وذلك أن ال تعال يفضلنا ويفضل شيعتنا حت إنا لنشفع ويشفعون فإذا رأى ذلك‬
‫من ليس منهم قالوا فَما لَنا مِنْ شاِفعِيَ ول صَدِيقٍ َحمِيمٍ»‬
‫هذا الديث كما هو ظاهر مروي هنا بدون سند ولكنه جاء ف تفسي القمي (ص ‪473‬‬
‫من الطبعة القدية) مسندا عن إبراهيم بن هاشم عن السن بن مبوب عن أب أسامة عن المام‬
‫جعفر الصادق عليه السلم‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 80 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫وأبو أسامة هو زيد الشحّام المدوح لدى أكثر أرباب الرجال ولكن الغضائري اعتبه‬
‫ضعيفا‪ ،‬وإبراهيم بن هاشم ل يوثقه كثي من علماء الرجال‪.‬‬
‫الديث الثان والمسون‪( :‬وهو حديث رقم ‪ 70‬ف الطبعة الديدة) نقله الجلسي عن‬
‫«الكاف» للكَُليْن قال‪« :‬ممد بن يي عن ابن عيسى عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن عمر‬
‫بن أبان عن عبد الميد الوابشي عن أب جعفر عليه السلم قال قلت له‪ :‬إن لنا جارا ينتهك‬
‫ل عن غيها‪ ،‬فقال‪ :‬سبحان ال وأعظم ذلك أل أخبكم‬ ‫الحارم كلّها حت أنه ليترك الصلة فض ً‬
‫بن هو شرّ منه؟ قلت‪ :‬بلى! قال‪ :‬الناصب لنا ش ّر منه‪ ،‬أما إنه ليس من عبد يُذْكَر عنده أهل البيت‬
‫فيقّ لذكرنا إل مسحت اللئكة ظهره وغفر له ذنوبه كلها إل أن ييء بذنب يرجه من اليان‪،‬‬
‫وإن الشفاعة لقبولةٌ وما تُقبَل ف ناصب‪ ،‬وإن الؤمن ليشفع لاره وما له حسنة! فيقول‪ :‬يا ربّ!‬
‫شفّع فيه‪ ،‬فيقول ال تبارك وتعال‪ :‬أنا ربك وأنا أحق من كاف‬ ‫جاري كان يكف عن الذى‪ ،‬فيُ َ‬
‫عنك فيدخله النة وما له من حسنة! وإن أدن الؤمني شفاعة ليشفع لثلثي إنسانا‪ ،‬فعند ذلك‬
‫يقول أهل النار فَما لَنا مِنْ شاِفعِيَ ول صَدِيقٍ َحمِيمٍ»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬أحد رواته «عليّ بن فضال» الذي عرفناه فيما سبق‪ ،‬وبقية رواته مهولون‬
‫ومهملون‪ .‬أما متنه فيمكن فهمه على نو يتفق مع مفهوم الشفاعة الشرعية الذي سنشرحه لحقا‪.‬‬
‫الديث الثالث والمسون‪ :‬هو الديث التشبيهي الفاضح ذاته الذي استند إليه آية ال أبو‬
‫الفضل النبوي وقد بينا ضعفه فيما سبق‪.‬‬
‫الديث الرابع والمسون‪ :‬عن تفسي فرات بن إبراهيم‪« :‬ممد بن القاسم بن عبيد معنعنا‬
‫عن بشر بن شريح البصري قال‪ :‬قلت لحمد بن علي عليه السلم‪ :‬أّي ُة آيةٍ ف كتاب ال أرجى؟‬
‫سهِ ْم ل َتقْنَطُوا مِنْ‬
‫ي الّذِينَ َأسْرَفُوا عَلى َأْنفُ ِ‬
‫قال‪ :‬ما يقول فيها قومك؟ قال قلت‪ :‬يقولون يا عِبادِ َ‬
‫ي شيء تقولون فيها؟ قال نقول‪:‬‬ ‫رَ ْح َمةِ الِ‪ .‬قال‪ :‬لكنا أهل البيت ل نقول ذلك! قال قلت‪ :‬فأ ّ‬
‫سوْفَ يُعْطِيكَ َربّكَ َفتَرْضى‪ ،‬الشفاعة وال الشفاعة وال الشفاعة»‪.‬‬ ‫وَلَ َ‬
‫قلتُ‪ :‬إذا كان الراوي «ممد بن القاسم» هو «ممد بن القاسم السترآبادي» فهو كذاب‬
‫متروك الديث لن الغضائري قال عنه ‪ -‬كما ف تنقيح القال‪« :‬ضعيف كذّاب‪ ،‬وهو الذي وضع‬
‫التفسي النسوب إل المام»‪ .‬أما إذا كان «ممد بن القاسم بن عبيد» فهو مهول وكذلك الراوي‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 81 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫الذي بعده أعن «بشر بن شريح»‪ ،‬فالديث ساقط من العتبار لن ف سنده ماهيل ل ذكر لم‬
‫ف كتب الرجال‪ .‬ومن الدير بالذكر أن اسم «بشر» جاء ف «تفسي فرات الكوف» باسم‬
‫«نشر» وهو أيضا مهول!‬
‫الديث الامس والمسون‪ :‬منقول عن التفسي النسوب إل المام السن العسكري الذي‬
‫بينا فيما سبق أنّه كتاب موضوع مكذوب‪.‬‬
‫الديث السادس والمسون‪ :‬من كتاب «صفات الشيعة» للصدوق رحه ال بإسناده عن‬
‫عمار الساباطي عن أب عبد ال عليه السلم قال‪« :‬لكلّ مؤمنٍ خس ساعات يوم القيامة يشفع‬
‫فيها‪.».‬‬
‫قلت‪ :‬عمّارٌ الساباطيّ كان فطح ّي الذهب‪ ،‬قال عنه صاحب «كاشف الرموز»‪« :‬عمّا ٌر‬
‫فطحيّ ل أعمل على روايته»‪ .‬وقال عنه الشيخ الطوسي ف الرواية الت أوردها حول السهو ف‬
‫صلة الغرب‪« :‬هو فطح ّي ملعونٌ من الكلب المطورة»‪.‬‬
‫الديث السابع والمسون‪ :‬عن كتاب «دعوات الراوندي»‪ :‬عن ساعة بن مهران قال قال‬
‫أبو السن عليه السلم‪« :‬إذا كانت لك حاجة إل ال فقل اللهم إن أسألك بق ممد وعلي فإن‬
‫لما عندك شأنا من الشأن وقدرا من القدر فبحقّ ذلك الشأن وذلك القدر أن تصلّي على ممد‬
‫وآل ممد وأن تفعل ب كذا وكذا‪ ،‬فإنه إذا كان يوم القيامة ل يبق ملكٌ مقرّبٌ ول نبّ مرسَ ٌل ول‬
‫مؤمنٌ متحنٌ إل وهو يتاج إليهما ف ذلك اليوم‪.».‬‬
‫قلتُ‪ :‬قال الشيخ الصدوق‪« :‬أنا ل أفت برواية ساعة بن مهران»‪ .‬ث إن ساعة هذا مات عام‬
‫‪145‬هـ زمن المام الصادق عليه السلم‪ ،‬ومع ذلك فإنه يروي هذه الرواية عن المام الرضا عليه‬
‫السلم الذي ولد عام ‪148‬هـ! فهذا يدلّ إما على النقطاع ف السند أو كذب ف الرواية‪.‬‬
‫وكلها يعل السند ضعيفا ل يكن الوثوق به‪.‬‬
‫الديث الثامن والمسون‪ :‬منقو ٌل من غي سند عن «التفسي النسوب إل المام السن‬
‫ل عن أن مت الديث الطويل‬
‫العسكري» الذي ذكرنا مرارا أنه كتابٌ منحو ٌل موضوعٌ‪ ،‬فض ً‬
‫يتضمّن مطالب واضحة البطلن تنضح منها علمات الوضع‪ ،‬كحكايته عن رجل من شيعة عليّ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 82 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫يأت يوم القيامة وقد وضع له ف كفّة سيئاته من الثام ما هو أعظم من البال الرواسي والبحار‬
‫السيارة وليس عنده حسنة واحدة! (وليت شعري كيف ُيعَدّ مثل هذا الجرم الثيم من شيعة‬
‫علي؟!)‪ ،‬ومع ذلك ُت ْغفَرُ له كل ذنوبه عندما َيهَبُ ُه عليّ عليه السلم ثواب َن َفسٍ من أنفاسه ليلة‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ)!! وغي ذلك من التّرّهات غي الستغربة من مثل ذلك‬ ‫مبيته ف فراش النبّ (صَلّى ا ُ‬
‫الديث اللفّق الكذوب‪.‬‬
‫الديث التاسع والمسون‪ :‬منقول عن تفسي العياشي «عن أسباط قال‪ :‬قلت لب عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬قوله ل يقبل ال منه صرفا ول عدلً‪ ،‬قال‪ :‬الصّرْفُ النافلة والعدل الفريضة»‪.‬‬
‫قلتُ‪ :‬بّينّا فيما سبق أن العياشي ضعيف ف الرواية‪ ،‬فضلً عن أن موضوع هذه الرواية ل‬
‫علقة له بسألة الشفاعة الت نتكلم عنها‪.‬‬
‫الديث الستون‪ :‬منقول كذلك عن تفسي العياشي عن أبان بن تغلب قال‪« :‬سعت أبا عبد‬
‫ال عليه السلم يقول‪ :‬إن الؤمن ليشفع يوم القيامة لهل بيته فيشفع فيهم حت يبقى خادمه فيقول‬
‫فيفع سبابتيه يا رب خويدمي كان يقين الرّ والبد فيشفع فيه»‪.‬‬
‫ل عن النقطاع ف سنده فل تقوم به حجة‪.‬‬‫قلتُ‪ :‬فيه ما ف سابقه من ضعف العيّاشي‪ ،‬فض ً‬
‫أما متنه فإذا فهمنا الشفاعة هنا على معن استغفار الؤمن لخيه الذي يبّه فل إشكال ف هذا‪ ،‬لنه‬
‫هو العن الصحيح للشفاعة كما بّينّا‪.‬‬
‫تلك كانت عمدة أحاديث الشفاعة الت جّعها الجلسي من كتب الرواية الختلفة ف كتابه‬
‫«بار النوار»‪/‬باب الشفاعة‪ - ،‬وقد اكتفينا بستي منها لن بعضها الخر ليس بديث والبعض‬
‫ل سند له‪ ،-‬وكما لحظنا ل يوجد بينها حديث صحيح واحد‪ ،‬كما أن كثيا منها يتضمن‬
‫قصصا وخيالت عجيبة ملفّقة مِ ْن نَسْجِ َخيَالِ ُروَا ٍة ُمضِلّي دجّالي أغواهم الشيطان فأبعدوا الناس‬
‫صلّى الُ‬
‫بأكاذيبهم هذه عن كتاب ال وجعلوا دين ال مهجورا وأغفلوا عن إنذارات رسول ال ( َ‬
‫عَلَيه وَآلِهِ) فجعلوها عدية الفائدة والثر فيهم با أمّلوهم من هذه الشفاعة لن ذنوبه وكبائره‬
‫كالبال الرواسي والبحار السيارة وليس له حسنة قط! ول حول ول قوة إل بال‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 83 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 84 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫الشفاعة عند ال ل تُقاس على الشفاعة عند سلطي الدنيا‬


‫بّينّا فيما سبق للقرّاء الكرام أ ّن الشفاعة بعن توسّط شخص مقرّب ذي حظوة ومنلةٍ لدى‬
‫سلطانٍ حاكمٍ لجل تفيف العقاب أو العفو والسماح عن شخص مرم ارتكب ما يستوجب‬
‫العقاب‪ ،‬كان عادةً رائجةً َزمَنَ السلطي البارين والستبدين التكبين‪ ،‬ونقول‪ :‬إن مثل هذا‬
‫النمط من الشفاعة ل يكن أن يوجد ف نظام عال الوجود الاضع بشكل مطلق لرادة ومشيئة‬
‫رب العالي‪ ،‬بل القول بثله فيه نوع من الهل بال والتجرّؤ على ساحة ربوِبّيتِهِ القدّسة‪ ،‬فقياس‬
‫الشفاعة لديه على الشفاعة لدى سلطي الدنيا قياس مع الفارق الكبي‪ ،‬بل قياس أمر على آخر ل‬
‫علقة له به‪.‬‬
‫فالقول بشفاعةٍ بعن قيام النب أو المام بالتدخل والتوسط لدى ال تعال لمله على تغيي‬
‫حكمه والرحة بق شخص قد أجرم إما لتخفيف العقاب عنه أو رفعه كليةً والسماح عنه‪ ،‬فيه‬
‫نوع من الهل بال والوقاحة وإساءة الدب بق ذاته العلية وتشبيهه بسلطي عال الدنيا‪ ،‬ما ل‬
‫تقره شريعة السلم الطهّرة‪ .‬ولذا فقد جاء ف كتاب «البداية والنهاية» للحافظ أب الفداء ابن‬
‫كثي الدمشقي (ج ‪/1‬ص ‪ ......« :)11‬عن جبي بن ممد بن جبي بن مطعم عن أبيه عن جده‬
‫قال أتى رسول ال صلى ال عليه وسلم أعرابّ فقال‪ :‬يا رسول ال! جهدت النفس وجاعت‬
‫العيال ونكت الموال وهلكت النعام‪ ،‬فاستسق ال لنا فإنّا نستشفع بك على ال ونستشفع بال‬
‫عليك‪ .‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪« :‬ويك أتدري ما تقول؟؟» وسبح رسول ال صلى‬
‫شفَعُ‬
‫ستَ ْ‬
‫ال عليه وسلم فما زال يُسبّح حت عُ ِرفَ ذلك ف وجوه أصحابه‪ .‬ث قال‪« :‬ويك إنه ل يُ ْ‬
‫بال على أحد من خلقه شأن ال أعظم من ذلك»‪.»...‬‬
‫وفيما يلي نذكر أهم خصائص الشفاعة الت تتم عند السلطي البارين ف الدنيا لنرى كيف‬
‫أن مثل هذه الواصفات ل تنسجم ول يكن أن يُقال بثلها بق الباري تبارك وتعال‪:‬‬
‫‪ )1‬الجرم يرتكب أعماله ف غيبة السلطان الاكم الذي ل يكن مطلعا عليه أثناء ارتكابه‬
‫لرائمه‪.‬‬
‫‪ )2‬عندما يصل المر إل مضر السلطان الاكم ويتضح لديه ما عمله الجرم فإنه يصدر‬
‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 85 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫أمرا بجازاته وعقابه وليس لذا الزاء قاعدة ثابتة وإنا يضع لوى السلطان وما يراه من‬
‫الصلحة!‪.‬‬
‫‪ )3‬عندما يتوسل مرتكب الرم بصاحب الاه والظوة لدى السلطان ويرجوه أن يشفع له‬
‫عند السلطان فإن صاحب الاه إذا عرف أن هذه الشفاعة فيها نفع له أكب من ِثقَل ترجّي‬
‫السلطان فإنه يشفع وإل لو شعر أن شفاعته لن تفيده ماديا ول معنويا فإنه يأب الشفاعة‪.‬‬
‫‪ )4‬الشفيع الذي يتدخل ويتوسط للمجرم لدى السلطان عادةً ما يقدم للسلطان أعذارا‬
‫وتبيرات لا فعله الشفوع له‪ ،‬أو يبي له أن من يشفع لجله ل يرتكب ف الواقع ذلك الرم‬
‫النسوب له‪ ،‬أو أنه ارتكبه جهلً منه ودون قصد أو عن غي عمد‪ ،‬أو يبي للسلطان أن هذا‬
‫الشفوع له وإن أجرم إل أنه ف مقابل ذلك له إيابيات فيها فائدة للسلطان وحكمه‪ ،‬فا َلوْل‬
‫العفو عنه والستفادة منه‪ ،‬فعندئذ يقتنع السلطان ويقبل الشفاعة ويعفو عن الشفوع له‪.‬‬
‫‪ )5‬قبول السلطان لشفاعة الشفيع ينجم عادة عن عدم اطلعه الكامل على ما فعله الشفوع‬
‫له واحتماله القوي أو يقينه بأن ما يقوله الشفيع حول عدم تقصي الجرم أو استحقاقه العفو‬
‫صحيح‪ ،‬أو أنه يقبل شفاعة الشفيع كي ل ييب أمله ول يغضبه‪ ،‬إذ قد يكون لرفض شفاعته آثار‬
‫وتبعات سلبية تضر بالسلطان لذا فإنه يقبل وساطته تنبا لتلك التبعات‪.‬‬
‫‪ )6‬نتيجة مثل هذه الشفاعة تكون عادةً ناة الجرم من العقاب الستحق عليه وبالتال فإن‬
‫الشفيع الذي نح ف مسعاه يظى لدى الناس باحترامٍ أكثر من السلطان إ ْذ يشعر الناس أنم‬
‫مدينون له وأنه يستحق التذلل له أكثر من السلطان‪ ،‬لنم سيدركون أن السلطان ليس مبسوط‬
‫اليد ف بلده تاما وأن هناك من يؤثر على أحكامه وقدرته‪...‬‬
‫لذا فإن الجرمي ف مثل هذه الالة يرضون عن الشفيع أكثر من رضاهم عن السلطان وتقع‬
‫مبة الشفيع ف قلوبم أكثر لنه هو الذي حال دون تنفيذ العقاب بقهم!‬
‫والن أيها القارئ الكري ضع هذه النقاط الست للشفاعة أمامك وقارنا بإرادة خالق العال‬
‫ومشيئته الطلقة وقدرته وسلطانه الت ل حدّ لا‪ ،‬وانظر هل من المكن القول بثل ذلك الفهوم‬
‫للشفاعة بق الباري عزّ وجلّ؟‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 86 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫هل ال تعال غي مطلع على أفعال عباده؟ هل نظام الليقة قائم على الوى أم على السنن‬
‫والقواني اللية الت ل تتخلّف؟ هل يتاج العباد لوسطاء وشفعاء لخاطبة ال تعال مع أنه القائل‪:‬‬
‫ستَجِيبُوا لِي وَلُْي ْؤ ِمنُوا بِي‬
‫ك ِعبَادِي َعنّي فَِإنّي َقرِيبٌ أُجِيبُ َد ْعوَةَ الدّاعِ إِذَا َدعَانِ فَ ْليَ ْ‬
‫﴿ َوإِذَا َسأَلَ َ‬
‫َلعَّلهُ ْم يَ ْرشُدُونَ ﴾ [البقرة‪.]186:‬‬
‫وهل الشفعاء الذين اخترعهم الغلة والاهلون لجل يوم القيامة باجة إل الجرمي‬
‫والستفادة منهم؟ وهل هم أرحم بلق ال من ال تعال!؟ هذا مع أنه حت النب ممد والمام علي‬
‫عليهما السلم اللذَين يعتقد أولئك القوم أنما رحاء بأتباعهم ومبي حبا جّا لشيعتهم‪ ،‬مهما بلغ‬
‫مقدار مبتهما وشفقتهما لن يكون أكثر من قطرة ف بر رحة ال ومبته لعباده‪.‬‬
‫وهل يكن للشفعاء أيا كانوا أن ُيْثنُوا الَ عن حك ٍم اتذه َويَحْمِلُوهُ على تغييه؟! وهل ال‬
‫تعال يسب حسابا للشفعاء ويشى عدم إرضائهم!؟‬
‫إن القول بأي واحد ما سبق كفر وجهل بال‪ ،‬تعال ال عما يقول الاهلون‪.‬‬
‫والطأ الخر ف مسألة الشفاعة هو أن القائلي با على ذلك النحو يتصورون أن نتيجة‬
‫الشفاعة هي النجاة من عذاب جهنم ودخول النة‪ ،‬مثلما يصل ف الدنيا إذ أنه يصل ف الدنيا‬
‫أحيانا أن الجرم الذي يستحق العقاب يتم العفو عنه بعد شفاعة الشفيع صاحب النلة لدى‬
‫صاحب السلطة‪ ،‬فينجو من العقاب‪ ،‬وليس هذا فحسب بل قد يظى بالتقرّب من السلطان‬
‫فيصبح من جلسائه وذوي القام لديه‪ ،‬وهذا وإن كان وقوعه ف الدنيا قليلً لكنه يصل أحيانا‬
‫خاص ًة عندما يكون الجرم صاحب كفاءات وملكات بارزة وشخصيّة قويّة‪ ،‬فيقربه السلطان بعد‬
‫عفوه عنه وقد يعطيه منصبا وزاريا أو قد يرتقي به إل أعلى من ذلك‪.‬‬
‫ولكن مثل هذا التصوّر للشفاعة ل مكان له مطلقا ف يوم الحشر لن العذاب أو الثواب‬
‫الستحقان على العبد هنالك نتيجة حتميّة ودقيقة لعماله وللياقته وشخصيته فإن كان معذبا‬
‫فلجل ملكاته البيثة الت تكوّنَت ف نفسه نتيجة أعماله‪ ،‬ومثل هذا لو سيق فرضا إل جنّات‬
‫الفردوس فلن يتلذذ بشيء منها‪ ،‬مثله مثل الريض الذي فقد كل إحساس ف جهازه الضمي نتيجة‬
‫عطب ف ذلك الهاز إذا أعطوه طعاما لذيذا ليأكله لن يشعر بطعمه ولن يتلذذ به‪ ،‬أو مثل الرجل‬
‫العني والعجوز الذي فقد كل قواه النسية حت ل يبق له حسّ اللمس ول البصر ما عساه أن‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 87 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫يستفيد من رؤية الور العي وكيف سيتمتّع بنّ؟ إن الشفاعة ل يكن أن تضفي على الشفوع له‬
‫ي يتمتّعُ فيه بنعيمِ جّنةِ‬
‫كما ًل آنيّا ف ساعة واحدة وتبدّلَ ملكاته السيئة بكما ٍل ورق ّي معنو ّ‬
‫الرضوان‪ ،‬وينطبق عليه مثل الشاعر بابا طاهر الذي يقول‪( :‬أمسيتُ كرديا وأصبحتُ عربيا)!‬
‫فليس ف كون ال مثل هذه الطفرات‪ .‬إن إدراك مقام الرضوان اللي والسعادة والنعيم الخروي‬
‫يتاج إل مقام العبادة والرياضة ول يكن تصيل تلك الكمالت إل ف الدنيا كما قال أمي‬
‫ب ول عَمَلَ»‪.‬‬ ‫ب وغَدا حِسَا ٌ‬ ‫الؤمني عليّ عليه السلم‪« :‬وإِ ّن اْليَ ْو َم عَمَلٌ ول حِسَا َ‬
‫إن دين السلم ل يؤمن بالتناسخ والياة الديدة على الرض بعد الوت كما ف البوذية‬
‫والبهية فل يكن تصيل مقام القرب والعروج نو الذات الحدية ف فرص الياة الديدة‬
‫التكررة بعد الوت بل هذه الياة الدنيا هي فرصة النسان الوحيدة لتحصيل الكمالت وتذيب‬
‫النفس والقرب من ال كما قال الشاعر‪:‬‬
‫دگر هرگز بعال در نيفت‬ ‫چه رفت از جهان يكباره رفت‬
‫أي‪ :‬إذا رحلت عن العال رحلت نائيا ولن تعود بعدها أبدا إل الدنيا ثانيةً‪.‬‬
‫ُي ْؤ ِمنُونَ ﴾ [مري‪]39:‬‬ ‫ض َي الَمْ ُر َوهُمْ فِي َغفَْل ٍة َوهُمْ ل‬
‫قال تعال‪َ ﴿ :‬وأَن ِذ ْرهُمْ َيوْ َم الْحَسْ َرةِ إِذْ ُق ِ‬
‫وقال‪َ ﴿ :‬حتّى ِإذَا جَاءَ أَحَ َدهُ ُم الْ َموْتُ قَالَ رَبّ ارْ ِجعُونِ * َلعَلّي َأعْمَلُ صَاِلحًا فِيمَا تَرَ ْكتُ كَلّا‬
‫ِإنّهَا كَِل َم ٌة ُهوَ قَائُِلهَا َومِ ْن وَرَاِئهِ ْم بَرْ َزخٌ إِلَى َي ْومِ يُْب َعثُونَ ﴾ [الؤمنون‪.]100-99:‬‬
‫إن القام الخروي هو الدرجة نفسها الت وصل إليها النسان ف هذا العال ول يكن أن‬
‫تصل خلل لظة بسبب الشفاعة!‪.‬‬
‫وإذا كانت القامات والراتب العلمية ف الدنيا ل يكن الصول عليها بغتة وف لظة عن‬
‫طريق هبتها لشخص بل ل بد من سهر الليال وتعب السنوات وبذل الدّ والجتهاد للوصول إل‬
‫تلك الراتب‪ ،‬فإنّ تصيل الراتب العنوية والدرجات الخروية أكثر أهية وصعوبة من تلك الراتب‬
‫العلمية ف الدنيا‪ ،‬ول بدّ للحصول عليها من سنوات طويلة من العبادات وجهاد النفس ورياضتها‪،‬‬
‫وهذا ما تدل عليه آيات كثية ف القرآن الكري كقوله تعال‪:‬‬
‫َيعْمَلُونَ ﴾ [النعام‪]132:‬‬ ‫ك ِبغَافِ ٍل عَمّا‬
‫ت مِمّا عَ ِملُوا َومَا َربّ َ‬
‫﴿ وَِلكُلّ َدرَجَا ٌ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 88 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫سعَى ﴾ [النجم‪]39:‬‬
‫َ‬ ‫﴿ َوَأنْ َلْيسَ ِللِنسَانِ إِلّا مَا‬
‫شكُورًا * كُلّا نُمِدّ‬‫﴿ َومَنْ أَرَادَ ال ِخ َرةَ َو َسعَى َلهَا َس ْعَيهَا َو ُه َو ُمؤْمِنٌ َفُأوَْلئِكَ كَا َن َس ْعيُهُ ْم مَ ْ‬
‫ضهُ ْم عَلَى‬
‫َهؤُل ِء َو َهؤُلءِ مِ ْن عَطَاءِ َربّكَ َومَا كَانَ عَطَاءُ َربّكَ مَحْظُورًا * انظُرْ َكيْفَ َفضّ ْلنَا َبعْ َ‬
‫ت َوأَ ْكبَ ُر َتفْضِيلًا ﴾ [السراء‪.]21-19:‬‬ ‫ض وَلَلخِ َرةُ أَ ْكبَرُ َدرَجَا ٍ‬
‫َبعْ ٍ‬
‫يُظَْلمُونَ ﴾ [الحقاف‪]19:‬‬ ‫ت مِمّا عَ ِملُوا وَِلُيوَّفيَهُمْ َأعْمَاَلهُ ْم َوهُ ْم ل‬
‫﴿ وَِلكُلّ َدرَجَا ٌ‬
‫خبِيٌ ﴾ [الجادلة‪:‬‬
‫َ‬ ‫ت وَاللّ ُه بِمَا َتعْمَلُونَ‬
‫﴿ يَرَْفعِ اللّ ُه الّذِينَ آمَنُوا ِمْنكُ ْم وَالّذِينَ أُوتُوا اْلعِلْمَ دَرَجَا ٍ‬
‫‪.]11‬‬
‫جرِي‬
‫ت الْعُلى * َجنّاتُ عَ ْد ٍن تَ ْ‬
‫﴿ َومَ ْن َي ْأتِهِ ُم ْؤ ِمنًا َق ْد عَمِ َل الصّالِحَاتِ َفُأوْلَئِكَ َلهُمُ الدّرَجَا ُ‬
‫حِتهَا الَْنهَارُ خَاِلدِينَ فِيهَا َوذَلِكَ جَزَا ُء مَ ْن تَزَكّى ﴾ [طه‪.]76-75:‬‬ ‫مِ ْن تَ ْ‬
‫واليات الت تدل على هذا العن وأن درجات النة وإدراك لذاتا على قدر تزكية النفس‬
‫وكمالتا ومقدار السعي إل الخرة الذي قام به العبد ف الدنيا وعلى قدر درجة العلم بال الت‬
‫اكتسبها العبد ف الدنيا كثية وهي كلها تؤكد بوضوح ما ذكرناه بأن عال الليقة ليس اعتباطيا‬
‫ول طفرات فيه‪ ،‬وحساب الخرة أدق بكثي من حساب الدنيا‪ ،‬فإذا كان تقسيم الرزاق ف هذه‬
‫الدنيا بتقدير من ال فإ ّن مصي النسان ف عال الخرة رهي بسعيه وأعماله وما كسبته يداه‪:‬‬
‫ئ بِمَا كَسَبَ َرهِيٌ ﴾ [الطور‪.]21:‬‬
‫﴿ كُ ّل امْرِ ٍ‬
‫سَبتْ َرهِيَنةٌ ﴾ [الدثر‪.]38:‬‬
‫س بِمَا كَ َ‬
‫﴿ كُ ّل َن ْف ٍ‬
‫فحت لو فرضنا وجود شفاعة أخروية بالعن الذي يقولونه فل يكن الوصول عن طريقها إل‬
‫الدرجات العالية ف النة الت ل تصل إل بطي مقامات النسانية بواسطة العبادات والجاهدات‪.‬‬
‫إن هذا الكمال ل بدّ أن يصل ف نفس النسان بواسطة العلم والعرفان والسلم واليان‬
‫والحسان ول يصل ف لظة‪.‬‬
‫ومن العجب كيف يغفل النسان العاقل عن نفسه وعن الدف من خلقه‪ ،‬مع أنه ف هذه‬
‫الدنيا كلما حصّل مقاما ل يقتنع به وسعى إل إحراز مقام أعلى وأفضل‪ ،‬هذا مع أن مقامات‬
‫الدنيا‪ ،‬أيا كانت‪ ،‬فهي فانية وزائلة ول تعادل شيئا بالنسبة للخرة‪ ،‬ولكن ذلك النسان بدلً من‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 89 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫سعيه إل كسب القامات الخروية الت تورثه السعادة البدية الت ل تزول يغ ّر نفسه بشفاعة من‬
‫ل ول شرعا بل هو من أوهام وخيالت‬ ‫ذلك النوع والفهوم الذي ل أساس له من الصحة ل عق ً‬
‫الغافلي ودسائس ومكر أعداء السلم الذين قادوا السلمي إل وضعهم التعيس الذي نراه!‬
‫إننا اليوم ل نرى أحكام السلم الت فيها قوام حياة السلمي وعزّتم مطبقة بينهم‪ ،‬لسيما‬
‫فريضة الدفاع عن حياض الدين والهاد وإقامة الكومة السلمية واتاد السلمي‪ ،‬بل نرى‬
‫أعمالً وبدعا اخترعها الغلة والدجّالون واعتبوها من أفضل العمال ف حي أن ضررها واضح‬
‫حيَاةِ ال ّدْنيَا َوهُمْ‬
‫للعيان‪ ،‬قال تعال‪ ﴿ :‬قُ ْل هَ ْل ُننَّبُئكُ ْم بِالَخْسَرِينَ َأعْمَالًا * الّذِينَ ضَ ّل َس ْعُيهُمْ فِي الْ َ‬
‫صْنعًا ﴾ [الكهف‪.]104-103:‬‬ ‫سنُونَ ُ‬ ‫سبُونَ َأّنهُ ْم يُحْ ِ‬
‫يَحْ َ‬
‫ب الي وإرادته‬ ‫فحقيقة الشفاعة هي ما ذكرناه من قبل من أن اللئكة الجبولي على ح ّ‬
‫للمؤمني‪ ،‬يستغفرون لم كما قال تعال‪ ﴿ :‬الّذِينَ يَحْمِلُو َن اْلعَ ْرشَ َومَنْ َحوْلَهُ يُسَبّحُو َن بِحَ ْمدِ‬
‫َرّبهِ ْم َوُيؤْ ِمنُو َن بِ ِه َويَسَْت ْغفِرُونَ ِللّذِينَ آ َمنُوا َرّبنَا َوسِ ْعتَ كُ ّل َشيْءٍ َرحْ َم ًة َوعِلْمًا فَاغْفِرْ ِللّذِي َن تَابُوا‬
‫ب الْجَحِيمِ ﴾ [غافر‪ ،]7:‬وبعضهم يطلب الي لميع أهل الرض‬ ‫ك وَِقهِ ْم عَذَا َ‬ ‫وَاّتَبعُوا َسبِيلَ َ‬
‫سَتغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الَ ْرضِ‬ ‫حمْدِ َرّبهِ ْم َويَ ْ‬
‫سبّحُونَ بِ َ‬
‫ويستغفرون لم كما قال تعال‪ ﴿ :‬وَالْمَلئِ َك ُة يُ َ‬
‫أَل ِإنّ اللّ َه ُهوَ اْل َغفُورُ الرّحِيمُ ﴾ [الشورى‪ ،]5:‬ولكن هذا الستغفار والشفاعة بق أهل الرض لن‬
‫ينفع جيع الناس بل لن ينتفع منه إل الذين رضي ال عنهم كما قال تعال‪ ﴿ :‬وَكَ ْم مِ ْن مَلَكٍ فِي‬
‫ت ل ُت ْغنِي َشفَا َعُتهُ ْم َشيْئًا إِلّا مِ ْن َبعْدِ َأنْ َيأْ َذنَ اللّهُ ِلمَ ْن يَشَا ُء َويَرْضَى ﴾ [النجم‪.]26:‬‬ ‫السّ َموَا ِ‬
‫ونلحظ ف آية استغفار حلة العرش للمؤمني تصريا واضحا بأن الذين سيستحقون النجاة‬
‫هم الذين آمنوا وتابوا واتبعوا سبيل ال وصلحوا هم وآبائهم وأزواجهم وذرياتم فالدار أولً‬
‫حمْدِ َرّبهِمْ‬ ‫سبّحُونَ بِ َ‬ ‫ش َومَنْ َحوْلَ ُه يُ َ‬ ‫حمِلُونَ اْلعَ ْر َ‬
‫وآخرا على اليان والتوبة والصلح‪ ﴿ :‬الّذِي َن يَ ْ‬
‫َوُيؤْ ِمنُو َن بِ ِه َويَسَْت ْغفِرُونَ ِللّذِينَ آ َمنُوا َرّبنَا َو ِس ْعتَ ُك ّل شَيْءٍ َرحْ َم ًة َوعِلْمًا فَا ْغفِرْ ِللّذِي َن تَابُوا وَاّتَبعُوا‬
‫ت عَ ْدنٍ اّلتِي َوعَ ْدَتهُم َومَنْ صََل َح مِ ْن آبَائِهِمْ‬ ‫ب الْجَحِيمِ * َرّبنَا َوأَدْخِ ْل ُهمْ َجنّا ِ‬ ‫ك وَِقهِ ْم عَذَا َ‬ ‫َسبِيلَ َ‬
‫حكِيمُ ﴾ [غافر‪.]8-7:‬‬ ‫َوأَ ْزوَا ِجهِمْ وَذُ ّريّاِتهِمْ ِإنّكَ َأْنتَ اْلعَزِي ُز الْ َ‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) بالشفاعة لمته أي أن يستغفر‬
‫صلّى ا ُ‬
‫ومن الدير بالذكر أنه كما أُمر النب ( َ‬
‫لم ويطلب الرحة لم فإن اللئكة أيضا تستغفر للنب لنا تستغفر لميع الؤمني بل لميع أهل‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 90 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ل عَلَيه وَآلِهِ) منهم‪ ،‬وكذلك أُمرت اللئكة أن تصلي على النب بشكل‬ ‫الرض وهو (صَلّى ا ُ‬
‫خاص‪ ،‬ومعلومٌ أن الصلة معناها طلب الرحة وعلوّ الدرجة‪ ،‬كما قال تعال‪ِ ﴿ :‬إنّ اللّهَ َومَلِئكَتَهُ‬
‫سلِيمًا ﴾ [الحزاب‪ ،]56:‬والؤمنون كذلك‬ ‫ُيصَلّو َن عَلَى الّنبِ ّي يَاَأّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا صَلّوا عََليْ ِه َوسَلّمُوا تَ ْ‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ)‪« :‬إن رب قد وعدن‬ ‫مأمورون بالصلة على النب‪ ،‬ولذلك ورد عن النب (صَلّى ا ُ‬
‫درجة ل تُنال إل بدعاء أمت»(‪.)1‬‬
‫إذن الشفاعة وطلب الرحة والغفران الذي تقوم به اللئكة من غي حلة العرش لعامة أهل‬
‫الرض ل يشمل إل من كان قابلً للشفاعة ومستحقا للغفران ومثل هذه القابلية والستعداد إنا‬
‫تصل لدى الفراد من كل جيل لكل من يطوي مقامات القرب من ال وهذا المر يتكرر على‬
‫الدوام لذا جاء التعبي ف الية الذكورة سابقا بصيغة الضارع ﴿ وَكَ ْم مِ ْن مَلَكٍ فِي السّ َموَاتِ ل‬
‫ُتغْنِي َشفَا َعُتهُمْ شَْيئًا إِلّا مِ ْن َبعْدِ أَ ْن َيأْ َذنَ اللّهُ لِ َم ْن يَشَا ُء َويَرْضَى ﴾ [النجم‪.]26:‬‬
‫فهذه هي حقيقة الشفاعة الت عرضناها ف الصفحات السابقة وبينا أنا ذلك الستغفار‬
‫والدعاء ذاته الذي تقوم به اللئكة ويقوم به النب للمؤمني أو يقوم به الؤمنون لبعضهم بعضا‬
‫ضيَ لَهُ َقوْلًا ﴾ [طه‪:‬‬
‫شفَا َعةُ إِلّا مَنْ َأ ِذنَ لَهُ الرّ ْحمَ ُن وَرَ ِ‬
‫وكل ذلك منوط بإذن ال‪َ ﴿ :‬يوْ َمئِ ٍذ ل تَنفَعُ ال ّ‬
‫‪.]109‬‬
‫فالشرط الهم لقبول الشفاعة أن يكون ال قد أذن با سابقا ف الدنيا للملئكة والنب‬
‫والؤمني‪ ،‬لذا جاء الذن بصيغة الاضي‪ ،‬وهو الذن الذي أذنه ال للملئكة وأشار إليه ال تعال‬
‫بقوله‪َ ﴿ :‬ويَسَْت ْغفِرُونَ ِللّذِينَ آ َمنُوا ﴾‪ ،‬كما أذن به للنب وهو ما أشار إليه ف مواضع عديدة من‬
‫كتابه كقوله تعال‪:‬‬
‫ت وَاللّ ُه َيعَْل ُم ُمتَقَّلَبكُمْ‬
‫﴿ فَاعَْلمْ َأنّهُ ل إِلَهَ إِلّا اللّ ُه وَا ْسَت ْغفِرْ لِ َذْنبِكَ وَلِ ْل ُم ْؤ ِمنِيَ وَالْ ُم ْؤ ِمنَا ِ‬
‫َومَْثوَاكُمْ ﴾ [ممد‪.]19:‬‬

‫() ل أجد هذا الديث بذا اللفظ‪ ،‬ولكن هناك حديث صحيح معناه قريب منه وهو ما رواه المام أحد ف مسنده (‬ ‫‪1‬‬

‫صلّى‬
‫‪( )3/83‬وصحّحه اللبان ف«صحيح الامع الصغي (‪ »)7151‬عن أب سعيد الدري رضي ال عنه عن النب ( َ‬
‫الُ َعلَيه وَآلِ ِه َو َسلّمَ) قال‪ ﴿ :‬الوسيلة درجة عند ال ليس فوقها درجة فسلوا ال أن يؤتين الوسيلة ﴾ وروي بلفظ‪﴿ :‬‬
‫إن الوسيلة درجة عند ال ليس فوقها درجة فسلوا ال أن يؤتينيها على اللق يوم القيامة ﴾ رواه السيوطي ف الامع‬
‫الصغي وحسّنه اللبان ف «صحيح الامع الصغي (‪( .»)1988‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 91 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫رَحِيمٌ ﴾ [النور‪]62:‬‬ ‫وقوله سبحانه‪ ﴿ :‬وَا ْسَت ْغفِرْ َلهُمُ اللّهَ ِإنّ اللّ َه َغفُورٌ‬
‫رَحِيمٌ ﴾ [المتحنة‪]12:‬‬ ‫وقوله تعال‪َ ﴿ :‬فبَايِ ْعهُ ّن وَاسَْت ْغفِرْ َلهُنّ اللّهَ ِإنّ اللّ َه َغفُورٌ‬
‫وهو ما قام به خليل ال إبراهيم عليه السلم عندما دعا قائلً‪َ ﴿ :‬رّبنَا اغْفِرْ لِي وَِلوَالِدَيّ‬
‫ي َي ْومَ َيقُومُ الْحِسَابُ ﴾ [إبراهيم‪]41:‬‬
‫وَلِلْ ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫وكذلك ما قام به حضرة نوح عليه السلم من دعائه لنفسه ووالديه والؤمني كما ف قوله‬
‫ت وَل تَزِدِ‬
‫ي وَالْ ُم ْؤمِنَا ِ‬
‫ي وَلِ َمنْ دَ َخ َل َبيِْتيَ ُم ْؤ ِمنًا وَلِلْ ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫تعال عنه‪ ﴿ :‬رَبّ ا ْغفِرْ لِي وَِلوَالِدَ ّ‬
‫الظّالِمِيَ إِلّا َتبَارًا ﴾ [نوح‪]28:‬‬

‫فكل هذه الدعية وطلب الغفران الذي يقوم به النبياء هو نفس الشفاعة الت أذن با ال‬
‫والت ستنفع الؤمني الذين يرتضيهم ال‪ ،‬أما غي الؤمني فلن ينتفعوا منها بشيء‪ ،‬وهو معن أكدته‬
‫عديد من اليات الت بينت أن استغفار اللئكة والنبياء لن كانوا من النافقي أو من كانوا من‬
‫العصاة الصرين على آثامهم الظالي لنفسهم لن تنفعهم شيئا‪ ،‬ومن ذلك قوله تعال‪َ ﴿ :‬سوَاءٌ‬
‫سقِيَ ﴾‬ ‫سَتغْفِرْ َلهُمْ لَ ْن َيغْفِرَ اللّهُ َلهُمْ إِنّ اللّ َه ل َيهْدِي اْل َقوْ َم اْلفَا ِ‬
‫عََلْيهِمْ َأسَْت ْغفَرْتَ َلهُمْ َأمْ لَ ْم تَ ْ‬
‫ي مَ ّرةً فَلَ ْن َي ْغفِرَ‬
‫سَت ْغفِرْ َلهُ ْم َسْبعِ َ‬
‫[النافقون‪ ،]6:‬وقوله سبحانه‪ ﴿ :‬اسَْت ْغفِرْ َلهُمْ َأ ْو ل تَسَْت ْغفِرْ َلهُمْ ِإنْ تَ ْ‬
‫ك ِبَأّنهُمْ َكفَرُوا بِاللّ ِه وَ َرسُولِ ِه وَاللّ ُه ل َيهْدِي الْ َق ْو َم الْفَا ِسقِيَ ﴾ [التوبة‪.]80:‬‬ ‫اللّهُ َلهُمْ ذَلِ َ‬
‫ب عَنْ ِإبْرَاهِيمَ ال ّر ْوعُ‬
‫ولذا ند أن شفاعة إبراهيم لقوم لوط ل تُقبَل‪ ،‬قال تعال‪َ ﴿ :‬فلَمّا َذهَ َ‬
‫ض عَ ْن هَذَا‬ ‫وَجَا َءتْ ُه الْبُشْرَى يُجَادُِلنَا فِي َق ْومِ لُوطٍ * ِإنّ ِإبْرَاهِيمَ َلحَلِيمٌ َأوّا ٌه ُمنِيبٌ * يَاِإبْرَاهِيمُ َأعْ ِر ْ‬
‫ب َغيْ ُر مَرْدُودٍ ﴾ [هود‪.]76-74:‬‬ ‫ك َوِإّنهُ ْم آتِيهِ ْم عَذَا ٌ‬
‫ِإنّهُ َقدْ جَاءَ َأمْرُ َربّ َ‬
‫جبَا ِل َونَادَى نُو ٌ‬
‫ح‬ ‫وشفاعة نوح لبنه ل تُقبل‪ ،‬قال تعال‪َ ﴿ :‬وهِ َي تَجْرِي ِبهِمْ فِي َموْجٍ كَاْل ِ‬
‫اْبنَ ُه وَكَانَ فِي َمعْزِ ٍل يَاُبنَيّ ارْكَب ّم َعنَا وَل َتكُ ْن مَ َع اْلكَافِرِينَ * قَا َل سَآوِي إِلَى َجبَ ٍل َيعْصِ ُمنِي مِنَ‬
‫الْمَاءِ قَا َل ل عَاصِ َم اْلَيوْ َم مِنْ َأمْرِ اللّهِ إِلّا مَنْ َرحِ َم وَحَا َل َبيَْنهُمَا الْ َموْجُ َفكَانَ مِ َن الْ ُمغْرَقِيَ * وَقِيلَ‬
‫ي وَقِي َل ُبعْدًا‬ ‫ت عَلَى الْجُودِ ّ‬ ‫ضيَ ا َلمْ ُر وَاسَْتوَ ْ‬‫يَاأَ ْرضُ ابَْلعِي مَا َء ِك َويَاسَمَاءُ أَقِْلعِي َوغِيضَ الْمَا ُء وَُق ِ‬
‫لِ ْل َق ْومِ الظّاِلمِيَ * َونَادَى نُوحٌ َربّهُ َفقَالَ رَبّ ِإنّ اْبنِي مِنْ َأهْلِي َوإِ ّن َوعْ َدكَ الْحَقّ َوأَْنتَ َأ ْحكَمُ‬
‫ك بِ ِه عِلْمٌ ِإنّي‬ ‫سأَلْنِ مَا َلْيسَ لَ َ‬ ‫الْحَاكِمِيَ * قَا َل يَانُوحُ ِإنّهُ َلْيسَ مِنْ َأهْلِكَ ِإنّهُ عَمَ ٌل َغيْرُ صَالِحٍ فَل تَ ْ‬
‫َأعِظُكَ َأ ْن تَكُونَ مِ َن الْجَاهِلِيَ * قَالَ رَبّ ِإنّي َأعُو ُذ بِكَ أَنْ َأ ْسأَلَكَ مَا َلْيسَ لِي بِ ِه عِلْ ٌم َوإِلّا َت ْغفِرْ‬
‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 92 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫لِي َوتَ ْرحَ ْمنِي أَكُ ْن مِ َن الْخَا ِسرِينَ ﴾ [هود‪.]47-42:‬‬


‫فهذا يؤكد تلك القيقة القرآنية أنه لدى مقام العزة واللل اللي ل يوجد نسبٌ ول قرابةٌ‬
‫ض ثُمّ إَِليْهِ‬
‫ت وَالَ ْر ِ‬
‫شفَا َعةُ َجمِيعًا لَ ُه مُلْكُ السّ َموَا ِ‬
‫ول وساطةٌ بل كما قال تعال‪ ﴿ :‬قُلْ لِلّهِ ال ّ‬
‫ب ابنَه ول‬ ‫تُرْ َجعُونَ ﴾ [الزمر‪ ،]44:‬فل يوجد إل اليان والتقوى‪ ،‬ول مكان للنساب ول ينفع ن ّ‬
‫زو َجتَه‪.‬‬
‫ولذلك فقد يشفع النبياء أي يستغفرون لمتهم دون أن يعن ذلك أن الكل سيستفيد من‬
‫تلك الشفاعة لن النبياء ليس لم علم بباطن كل فرد من أفراد أمتهم كما قال تعال‪َ ﴿ :‬ي ْومَ‬
‫يَجْ َمعُ اللّهُ ال ّرسُلَ َفَيقُو ُل مَاذَا أُ ِجْبتُمْ قَالُوا ل عِلْمَ َلنَا ِإنّكَ َأْنتَ عَلّا ُم اْل ُغيُوبِ ﴾ [الائدة‪ ]109:‬وكما‬
‫حكي سبحانه وتعال عن نوح‪ ﴿ :‬قَالُوا َأُن ْؤمِنُ لَكَ وَاّتَبعَكَ الَرْذَلُونَ * قَا َل َومَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا‬
‫شعُرُونَ ﴾ [الشعراء‪.]113-111:‬‬ ‫َيعْمَلُونَ * إِنْ حِسَاُبهُمْ إِلّا عَلَى َربّي َل ْو تَ ْ‬
‫ب وَل‬ ‫وكما قال تعال عن نبينا ممد‪ ﴿ :‬قُلْ ل أَقُولُ َلكُ ْم عِندِي َخزَائِنُ اللّ ِه وَل َأعْلَ ُم اْل َغيْ َ‬
‫ل هَلْ يَسَْتوِي الَعْمَى وَالَْبصِيُ أَفَل َتَتفَكّرُونَ ﴾‬ ‫أَقُولُ َلكُمْ إِنّي مَلَكٌ ِإنْ َأّتبِعُ إِلّا مَا يُوحَى إَِليّ ُق ْ‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) ل يعلم الغيب ول يعلم بالتال بواطن أفراد أمته لنه من‬ ‫[النعام‪ ]50:‬فهو (صَلّى ا ُ‬
‫الغيب‪ ،‬وقد صرح تعال بعدم معرفة نبيه بكثي من النافقي الذين مردوا على النفاق فقال‪﴿ :‬‬
‫ح ُن َنعْلَ ُمهُمْ‬
‫ق ل َتعْلَ ُمهُ ْم نَ ْ‬ ‫َومِمّنْ َحوَْلكُ ْم مِ َن ا َلعْرَابِ ُمنَاِفقُو َن َومِنْ َأهْلِ الْمَدِينَ ِة مَ َردُوا عَلَى النّفَا ِ‬
‫َسنُعَ ّذُبهُ ْم مَ ّرَتيْ ِن ثُ ّم يُ َردّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ﴾ [التوبة‪ ،]101:‬لذا فهو ل يعرف جيع الصالي من‬
‫ف مَا َلْيسَ‬ ‫الطالي من أمّته فكيف يكن أن يشفع لن ل يعرفهم!؟ وقد قال سبحانه‪ ﴿ :‬وَل َتقْ ُ‬
‫سئُولًا ﴾ [السراء‪.]36:‬‬ ‫ك بِهِ عِ ْلمٌ ِإنّ السّمْ َع وَاْلَبصَ َر وَالْ ُفؤَادَ كُلّ ُأوَْلئِكَ كَا َن عَنْ ُه مَ ْ‬
‫لَ َ‬
‫وخلصة الكلم أنه بعزل عن عدم وجود دليل على الشفاعة الخروية التجددة بالعن‬
‫ب والئمةَ‬
‫الشهور وإن كانت توجد فليس هناك أي آية تدل صراح ًة أو كنايةً على أن الن ّ‬
‫سيقومون با يوم القيامة‪ ،‬أما إذا قلنا بالعن الذي طرحناه أي الشفاعة بعن الستغفار والدعاء‬
‫بالغفران والرحة فهذه واقعة وصحيحة ولن ينتفع منها سوى الؤمني الوحّدين الذين ارتضاهم‬
‫ال‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 93 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 94 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫خلصة بث الشفاعة‬
‫‪ -1‬إن مسألة الشفاعة بالصورة الت راجت بي أمة السلم عموما وف مذهب الشيعة‬
‫خصوصا ل أساس لا من الشرع ول العقل ومن اليقي أنا سرت إل السلمي من اللل والنحل‬
‫السابقة‪ ،‬ومن شأن التحقيق ف تلك اللل والديان أن يكشف هذه القيقة ويؤكد هذا الطلب‪.‬‬
‫‪ -2‬إن الشفاعة بالصورة الت فُهمت لدى العامة هي من طراز وكيفية شفاعة القربي‬
‫للسلطي البارين الذين يقوم حكمهم على إرادتم الستبدة وتنفيذ غضبهم وشهوتم الظالة‬
‫ب العالي الكيمة ومشيئته العالة‬
‫والاهلة‪ ،‬ول تتناسب ل من قريب ول من بعيد مع إرادة ر ّ‬
‫وسنته العادلة‪ ،‬وتصور مثل تلك الشفاعة بق خالق العال وصانعه الكيم ناية الهل بال كما‬
‫سبق وأوضحناه‪.‬‬
‫‪ -3‬معظم آيات الشفاعة ف القرآن الكري جاءت ردّا ودفعا للعقائد الاهلية الت كانت‬
‫رائجة قبل السلم لسيما بي العرب الشركي عبّاد الوثان والجوس وأتباع فلسفة اليونان‬
‫القائلي بتعدد اللة والرباب السيّرين لنظام الليقة والذين لديهم قدرة ومشيئة خاصة بم مثل إله‬
‫الريح والطر وإله الرب والسلم وإله القحط والصوبة وإله الرض والصحة وغي ذلك وكلٌ له‬
‫سلطانه وعزّته واحترامه ومقامه لدى الله الواحد الكبي توّلم أن يطلبوا منه إيصال النفع لفلن‬
‫وفلن من العبيد الذي تقرّب إليهم وطلب الشفاعة منهم‪ ،‬فيقبل الله الكبي شفاعة تلك اللة‪،‬‬
‫وينجز تلك الطلبات الت كانت ف الواقع طلبات دنيوية لن الشركي َزمَنَ نزول القرآن ل يكونوا‬
‫يؤمنون بالخرة فعبادتم لللة رجاء شفاعتها كان هدفه تقيق رغباتم ومصالهم الدنيوية‪،‬‬
‫والتأمل بدقّة ف آيات القرآن الكرية يوضّح هذا العن لطالب القيقة كما أوضحناه‪.‬‬
‫‪ -4‬إن آيات الشفاعة الت تشي إل أنه ثة شفاعة أذن با ال تعال أو يأذن با يوم القيامة‬
‫وسينتفع با الؤمنون الذين ارتضى ال الشفاعة بقّهم‪ ،‬إنا تشي إل شفاعة ملئكة السماء‬
‫والنبياء والؤمني لسائر الؤمني بواسطة الستغفار لم وطلب الرحة لم ومثل هذه الشفاعة كما‬
‫شرحناه سابقا لا أصول وشروط أولا أن يكون الشخص الشفوع له مستحقا وجديرا بشفاعة‬
‫ب والؤمني له‪ ،‬أي أن يكون مُوحدا مرضيا لِـلّه‪،‬‬ ‫اللئكة واستغفارهم له وأهلً لشفاعة الن ّ‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 95 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫وثانيا‪ :‬أن يأذن ال تعال بالستغفار له‪ ،‬وثالثا أن تتم هذه الشفاعة والستغفار أثناء حياة ذلك‬
‫الشخص ف هذا العال وإل فيوم القيامة يومٌ ل بي ٌع فيه ول خّل ٌة ول شفاعةٌ‪ ،‬أي أن أثر تلك‬
‫الشفاعة واستغفار اللئكة والنبيي للمؤمني ف حال حياتم ف الدنيا ينعكس ف الخرة الت‬
‫تتجسّم فيها العمال وينتفع با الؤمنون الوحّدون كما يفيده قوله تعال‪َ ﴿ :‬ي ْو َمئِذٍ ل تَنفَعُ‬
‫ضيَ لَهُ َقوْلًا ﴾ [طه‪ .]109:‬فاليات الت تتحدث عن الشفاعة‬ ‫الشّفَا َعةُ إِلّا مَنْ أَ ِذنَ لَهُ الرّحْمَ ُن وَ َر ِ‬
‫والذن با يوم القيامة ل تشي بالضرورة إل وقوع الشفاعة مدّدا ف القيامة بل تشي إل نفعها أو‬
‫عدم نفعها ف ذلك اليوم‪.‬‬
‫‪ -5‬جيع الحاديث الت جاءت ف كتب الرواية ف باب الشفاعة الخروية الشاملة مدوشةٌ‬
‫متنا وغي صحيحة سندا بل ضعيفة متهافتة كما م ّر تفصيله‪.‬‬
‫‪ -6‬من الؤكد أن الدافع وراء توسيع موضوع الشفاعة والبالغة با على ذلك النحو الرائج‬
‫هو سعي الغلة وأعداء السلم لرف السلمي عن قرآنم وإنذاراته وتسهيل باب الفسق‬
‫والفجور والنماك ف الشهوات عليهم لضعافهم وإيقاف انتشار دين السلم لن المة الت‬
‫ينتشر فيها الكسل والتباهي والغرور تسي نو النطاط فيصل بذلك أولئك العداء إل هدفهم!‪.‬‬
‫‪ -7‬إن دعاة السوء الاهلون ينشطون ف منابرهم ف نشر وإشاعة ذلك الفهوم الباطل‬
‫للشفاعة مدفوعي من قبل أعداء السلم سواء علموا بذلك أم ل يعلموا‪ ،‬ويستفيدون بذلك إقبال‬
‫العامة عليهم لا َي ْلقَى هذا الفهوم لدى العامة من استقبال كونه مبّبا إل نفوسهم منسجما مع‬
‫روح الطمع والطبيعة اليوانية فيهم‪ ،‬وإل فإن أدن تعقّل وتفكّر وتدبّر ليات القرآن تبيّن فساد‬
‫ذلك العن وحقيقة الشفاعة التوحيدية‪.‬‬
‫‪ -8‬الشفاعة الت يبينها القرآن الكري ل تبعث على الغرور والتجرّؤ على العاصي كما هو‬
‫شأن التصوّر الشوّه للشفاعة بل على العكس هي بد ذاتا أفضل وسيلة لتربية النسان وترقيّه‬
‫الروحي وبث روح خشية ال فيه وتشجيعه على العمال الصالة‪ ،‬ولّا كانت هذه النقطة مهمة‬
‫جدا فإننا نوضحها فيما يلي بزيد من الشرح والتفصيل‪:‬‬
‫ص ًة يوم‬
‫ف الكتاب الجيد السماوي لدين التوحيد كل الول والقوة والرادة والشيئة وخا ّ‬
‫القيامة متصة بالِـله ربّ العاليِ مالك يوم الدين وحده‪ ،‬ول تأثي ول ُق ّو َة ول ُحكْمَ لحد من‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 96 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫الخلوقات سواء كانوا من اللئكة القربي أم من النبياء الرسلي أم من الولياء الصالي ف ذلك‬
‫اليوم‪ ،‬ل بل حت ل يرؤ أحدُ على قول كلمة ف مضر ال إل بعد أن يأذن ل يشاء من يقول‬
‫صفّا ل يََتكَلّمُونَ إِلّا مَنْ أَ ِذنَ لَهُ‬ ‫ح وَالْمَلئِ َكةُ َ‬
‫قولً صوابا كما قال سبحانه‪َ ﴿ :‬ي ْومَ يَقُومُ الرّو ُ‬
‫ختِ ُم عَلَى أَ ْفوَا ِههِ ْم َوُتكَلّ ُمنَا‬
‫صوَابًا ﴾ [النبأ‪ ،]38:‬ويقول عن ذلك اليوم‪ ﴿ :‬اْلَيوْ َم نَ ْ‬ ‫الرّحْ َم ُن وَقَالَ َ‬
‫سبُونَ ﴾ [يس‪.]65:‬‬ ‫شهَدُ أَرْ ُجُلهُ ْم بِمَا كَانُوا َيكْ ِ‬
‫َأيْدِيهِ ْم َوتَ ْ‬
‫ط وعد الشفاعة يوم القيامة لي أحد من عباد ال من النس سواء‬
‫ففي منطق القرآن ل يُع َ‬
‫كانوا من النبياء أو الئمة والصالي‪ ،‬ل بل أكثر من ذلك لقد جاء ف القرآن ر ّد شفاعة بعض‬
‫النبياء لقربائهم كر ّد شفاعة نوح لبنه ورفض شفاعة إبراهيم لبيه وشفاعته لقوم لوط ورفض‬
‫شفاعة الرسول الكرم لبعض أقربائه أو صحبه من كان من النافقي‪.‬‬
‫أما الشفاعة الت يصرّح با القرآن فهي عبارٌة عن بعض المور الت يقوم با بعض اللئكة‬
‫بتسيي بعض شؤون نظام الطبيعة بأمر ال وإذنه وتقديره‪ ،‬كما هي عبارة عن استغفار اللئكة من‬
‫حلة العرش للمؤمني واستغفار سائر اللئكة لهل الرض أجعي لا جبلوا عليه ف طبيعتهم‬
‫اللكوتيّة من الي الحض‪ ،‬وهو طلب للغفران أي شفاعةٌ لن تنفع إل أصحاب الستحقاق‬
‫الديرين با من عباد ال الذين رضيها ال لم وأذن با ف حقهم‪ ﴿ :‬وَكَ ْم مِ ْن َملَكٍ فِي السّ َموَاتِ‬
‫ل ُتغْنِي َشفَا َعُتهُمْ َشْيئًا إِلّا مِ ْن َبعْدِ َأ ْن َيأْ َذنَ اللّهُ لِ َم ْن يَشَاءُ َويَرْضَى ﴾ [النجم‪.]26:‬‬
‫والشفاعة الت يُثبتها القرآن للبشر من بن آدم هي ذات الستغفار أي طلب الرحة وغفران‬
‫الذنوب الذي يقوم به النبياء للمؤمني أو يطلبه الؤمنون ويدعون به لبعضهم البعض‪ ،‬وتعود‬
‫بركته على الستحقي له الديرين به يوم القيامة‪.‬‬
‫وأثر اليان بثل هذه الشفاعة أن يسعى الؤمنون ‪ -‬خلل حياتم الدنيوية من خلل اليان‬
‫والعمال الصالة والخلق الفاضلة‪ -‬ف أن يكونوا أهلً لذلك الستغفار وجديرين بدعاء النب‬
‫والؤمني بالغفران لم‪ ،‬أي يسعون أن يكونوا مرضيي ل تعال‪ ،‬ل أن يغتروا بشفاعةٍ مطلقة‬
‫يستفيد منها كل واحد مهما فعل فيستسهلوا النغماس ف أودية الفسق والفجور وإشباع‬
‫الشهوات وارتكاب الحرمات فيستحقون العذاب اللي البدي وينالون الذلّ ف الدنيا والخرة‬
‫كما هو مشهود!‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 97 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫وأثر اليان بذه الشفاعة التوحيدية هو أن يعرف الؤمن أن ل معبود ف عال الوجود سوى‬
‫ال الواحد الحد‪ ،‬فل ُيوَلّون وجوههم شطر أندا ٍد وأولياء شركاء ل بوصفهم شفعاء عنده‪ ،‬كما‬
‫كان يفعل الشركون من قبل‪ ،‬بل يتجهون بكل قلوبم وأرواحهم لذات الواحد الحد الذي بيده‬
‫خفَى عَلَى اللّ ِه ِمْنهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ‬ ‫الشفاعة جيعا وله الكم له وحده ﴿ َيوْ َم هُ ْم بَارِزُو َن ل يَ ْ‬
‫الَْي ْومَ لِلّ ِه اْلوَا ِح ِد الْ َقهّارِ ﴾ [غافر‪ ،]16:‬فيكونون موحدين حقيقيي ل يدعون إل ال ول يلتجئون إل‬
‫إليه ول يشركون بعبادة ربم أحدا كما قال تعال‪ ﴿ :‬فَمَنْ كَا َن يَرْجُوا ِلقَاءَ َربّهِ فَ ْلَيعْمَ ْل عَ َملًا‬
‫صَالِحًا وَل يُشْ ِر ْك ِب ِعبَا َدةِ َربّهِ أَ َحدًا ﴾ [الكهف‪.]110:‬‬
‫وأثر تلك الشفاعة التوحيدية أيضا أن يسعى كل فردٍ لللتزام بأوامر الشرع ومعاملة الناس‬
‫معاملة تعل النب والؤمني يستغفرون له ويطلبون له العفو والرحة من صميم قلبهم لنم كانوا‬
‫راضي عن عشرته وسلوكه ف الدنيا فعندئ ٍذ تشمله شفاعة النب والؤمني الت تنفعه ف الخرة‬
‫فتوجب ناته أو تفيف العذاب عنه أو رفع درجاته ف حي أن مثل هذه الشفاعة التوحيدية لن‬
‫عةُ الشّا ِفعِيَ ﴾ [الدثر‪:‬‬
‫تنفع الجرمي ول الكفار ول الشركي كما قال تعال‪َ ﴿ :‬فمَا َتنْ َف ُعهُ ْم َشفَا َ‬
‫‪.]48‬‬
‫أجل مثل هذه الشفاعة توجب رقيّ النفس وعلوّ روح الؤمني وتعلهم لئقي لجالسة‬
‫الؤمني والصالي يوم القيامة‪ ،‬وهي منسجمة مع منطق القرآن والعقل والوجدان وما عدا ذلك‬
‫كله ليس سوى إلقاءات من الشيطان وخداع من العداء‪.‬‬
‫حمْدُ لِلّ ِه الّذِي هَدَانَا ِلهَذَا َومَا ُكنّا ِلَنهْتَدِيَ َلوْل َأنْ هَدَانَا اللّهُ ﴾ [العراف‪ ]43:‬والسلم‬
‫و﴿ الْ َ‬
‫علينا وعلى عباد ال الصالي‪.‬‬
‫حيـدر علـي قلمـداران‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 98 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫مصادر التأليف والتحقيق لبحث الشفاعة‬


‫‪)1‬القرآن الكري‪.‬‬
‫‪)2‬ابن الغضائري‪ ،‬رجال ابن الغضائري‪ ،‬قم‪ :‬مؤسسة إساعيليان‪ ،‬ط ‪ 1364 ،2‬هـ‬
‫‪)3‬ابن حجر العسقلن‪ ،‬الشيخ الافظ‪« ،‬لسان اليزان»‪ ،‬ط حيدر آباد ـ الند‬
‫‪1331‬هـ‪.‬‬
‫‪)4‬ابن داود اللي (توف ف القرن ‪ 8‬هجري?)‪« ،‬رجال ابن داود»‪ ،‬نشر مؤسسة النشر‬
‫ف جامعة طهران‪ 1383 ،‬هـ‬
‫‪)5‬ابن كثي‪ ،‬الافظ أبو الفداء إساعيل الدمشقي (‪774‬هـ)‪ ،‬البداية والنهاية‪ ،‬القاهرة‬
‫‪1351‬هـ‬
‫‪)6‬ابن ماجه‪ ،‬الافظ ممد بن يزيد القزوين (‪275‬هـ)‪« ،‬سنن ابن ماجه»‪ ،‬تقيق‬
‫ممد فؤاد عبد الباقي‪ .‬مصورة دار الفكر ـ بيوت‪.‬‬
‫‪)7‬ابن هشام‪ ،‬عبد اللك بن هشام الميي العافري (‪213‬هـ) السية النبوية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬بتحقيق السقا والبياري والشلب‪ ،‬مكتبة الباب اللب‪ ،‬مصر ‪1973‬م‪.‬‬
‫‪)8‬أحد بن حنبل‪ ،‬المام (‪ 241‬هـ)‪ ،‬السند‪.‬‬
‫‪)9‬الربلي‪ ،‬الشيخ والشاعر باء الدين علي بن عيسى الربلي (‪692‬هـ)‪« ،‬كشف‬
‫الغمّة بعرفة الئمة»‪ ،‬تبيز‪ :‬مكتبة بن هاشي‪ 1381 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪)10‬السترآبادي‪ ،‬اليزا ممد السترآبادي‪« ،‬منهج القال ف تقيق أحوال الرجال»‪.‬‬
‫‪)11‬اللبان‪ ،‬الحدّث ممد ناصر الدين‪« ،‬صحيح الامع الصغي»‪ ،‬الكتب السلمي ـ‬
‫الرياض ‪1406‬هـ‪.‬‬
‫‪)12‬البخاري‪ ،‬المام ممد بن إساعيل‪« ،‬صحيح البخاري»‪ ،‬الكتبة العصرية‪،‬بيوت‪،‬‬
‫‪1418‬هـ‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫تم تحميل المادة من موقع‪- 99 -‬‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫‪)13‬الترمذي‪ ،‬الافظ ممد بن عيسى أبو عيسى (‪279‬هـ)‪ ،‬سنن الترمذي‪.‬‬


‫‪)14‬الاكم النيسابوري‪ ،‬ممد بن عبد ال (‪275‬هـ)‪ ،‬الستدرك على الصحيحي‪.‬‬
‫‪)15‬اللي‪ ،‬العلمة الفقيه السن بن يوسف بن الطهر (‪ 726‬هـ)‪« ،‬خلصة القوال ف‬
‫معرفة الرجال»‪ ،‬الطبعة القدية‪.‬‬
‫‪)16‬اللي‪ ،‬العلمة الفقيه السن بن يوسف بن الطهر‪« ،‬منتهى الطلب»‪.‬‬
‫‪)17‬اللي‪ ،‬العلمة‪ ،‬رجال العلمة اللي‪ ،‬قم‪ :‬دار الذخائر‪ 1411 ،‬هـ‬
‫‪)18‬السيوطي‪ ،‬المام جلل الدين‪« ،‬الامع الصغي من سنن البشي النذير»‪ ،‬بيوت‪.‬‬
‫‪)19‬الشريف الرضي‪ ،‬نج البلغة‪ ،‬قم‪ :‬دار الجرة للنشر‪.‬‬
‫‪)20‬الصدوق‪ ،‬الشيخ ممد بن علي بن السي بن بابويه القمي (‪ 381‬هـ) كتاب‬
‫«المال»‪ ،‬طهران‪ :‬الكتبة السلمية‪ ،‬ط ‪ 1404 ،4‬هـ‬
‫‪)21‬الصدوق‪ ،‬الشيخ‪« ،‬صفات الشيعة»‪ ،‬طهران‪ :‬دار العلمي للنشر‪.‬‬
‫‪)22‬الصدوق‪ ،‬الشيخ‪« ،‬علل الشرائع»‪ ،‬قم‪ :‬مكتبة الداوري‪.‬‬
‫‪)23‬الصدوق‪« ،‬عيون أخبار الرضا عليهالسلم»‪ ،‬الناشر‪ :‬دار العال للنشر (جهان)‪،‬‬
‫‪ 1378‬هـ‬
‫‪)24‬الصدوق‪« ،‬من ل يضره الفقيه»‪ ،‬ط ‪ ،3‬قم‪ :‬مؤسسة النشر السلمي‪1403 ،‬‬
‫هـ‪.‬‬
‫‪)25‬الطوسي‪ ،‬الشّيْخُ أبو جعفر ممد بن السن الطوسي اللقب بشيخ الطائفة (‪460‬‬
‫هـ)‪ ،‬كتاب «الَمَاِليِ» (أو الجالس)‪ ،‬ط ‪ ،1‬قم‪ :‬دار الثقافة للنشر‪ 1414 ،‬هـ‬
‫‪)26‬الطوسي‪ ،‬الشيخ أبو جعفر ممد بن السن الطوسي‪« ،‬التبيان ف تفسي القرآن»‪،‬‬
‫تقيق أحد حبيب قصي العاملي‪ ،‬ط ‪ ،1‬مكتب العلم السلمي‪ 1409 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪)27‬الطّوسِيّ‪ ،‬رجال الشيخ الطوسي (البواب)‪ ،‬قم‪ :‬مؤسسة النشر السلمي‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪1415‬هـ‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 100‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫‪)28‬علي بن إبراهيم القمي‪ ،‬تفسي القمي‪ ،‬ط ‪ ،3‬قم‪ :‬مؤسسة دار الكتاب‪1404 ،‬‬
‫هـ‪.‬‬

‫‪)29‬علي بن السن الطبسي‪« ،‬مشكاة النوار»‪ ،‬الكتبة اليدرية ف النجف الشرف‪،‬‬


‫‪1385‬هـ‪.‬‬
‫‪)30‬الكشي‪( ،‬ممد بن عمر بن عبد العزيز)‪ ،‬رجال الكشي‪ ،‬طبع كربلء‪.‬‬
‫‪)31‬الكَُلْينِي‪ ،‬الشيخ ممد بن يعقوب الكَُلْينِي الرازي (‪329‬هـ)‪« ،‬الكاف» (الصول‬
‫والفروع والروضة)‪ ،‬طهران‪ :‬دار الكتب السلمية‪ 1365 ،‬هـ شسية‪.‬‬
‫‪)32‬الامقان (أو المقان)‪ ،‬آية ال الشيخ عبد ال (‪1350‬هـ)‪« ،‬تنقيح القال ف أحوال‬
‫الرجال»‪ ،‬طبعة حجرية بدون مشخصات‪.‬‬
‫‪)33‬مت‪ ،‬إنيل مت‪.‬‬
‫‪)34‬الجلسي‪ ،‬العلمة النل ممد باقر بن ممد تقي (‪1110‬هـ)‪« ،‬بار النوار»‪ ،‬طبعة‬
‫كمپان الجرية القدية ف تبيز‪ ،‬وطبعة بيوت‪ :‬لبنان‪ ،‬نشر مؤسسة الوفاء‪،‬‬
‫‪1404‬هـ ف ‪ 110‬ملدات‪.‬‬
‫‪)35‬ممد حسي الطباطبائي «تفسي اليزان»‪ ،‬بيوت‪.‬‬
‫‪)36‬مسلم بن الجاج القشيي النيشابوري‪« ،‬صحيح مسلم»‪ ،‬تقيق ممد فؤاد عبد‬
‫الباقي‪ ،‬مصورة دار إحياء التراث العرب ـ بيوت‪.‬‬
‫‪)37‬الفيد‪ ،‬الشيخ ممد بن ممد بن النعمان التلعكبي البغدادي (‪413‬هـ)‪« ،‬الرشاد‬
‫ف معرفة حجج ال على العباد»‪ ،‬ط ‪ ،1‬الناشر‪ :‬قم‪ :‬الؤتر العالي للشيخ الفيد‪،‬‬
‫‪ 1413‬هـ‪..‬‬
‫‪)38‬النجاشي (الشيخ أحد بن علي)‪« ،‬الرجال»‪ ،‬طهران‪ .‬أو بيوت‪ 1408 ،‬هـ‪.‬‬
‫بتحقيق ممد جواد النائين‪.‬‬
‫‪)39‬النسائي‪ ،‬الافظ أحد بن شعيب أبو عبد الرحن (‪303‬هـ)‪ ،‬سنن النسائي الكبى‪.‬‬
‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 101‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 102‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫بـحـــث حـــول‬

‫الغـــلو والغــــلة‬
‫الجزء الرابع من كتاب طريق النجاة من شر الغلة‬

‫كتبه (بالفارسية) الرحوم الستاذ‬


‫مي‬
‫حيدر علي قلمداران الُق ِّ‬

‫ترجه إل العربية وقدّم له وعلّق حواشيه‬


‫سعــد مـحمــود رسـتـــم‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 103‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫سدُونَهُم‪ ،‬فإ ّن الغُلةَ شرّ َخلْقِ الِ‪،‬‬


‫«ِاحْ َذرُوا على شَبَاِبكُ ُم الغُل َة ل ُيفْ ِ‬
‫صغّرُونَ َعظَ َم َة الِ‪َ ،‬وَيدّعُونَ ال ّربُوبِّيةَ ِلعِبَادِ الِ‪ ،‬وَالِ إنّ الغلةَ ش ّر من‬
‫ُي َ‬
‫س وَالذِينَ أشْ َركُوا‪»...‬‬
‫اليَهُو ِد وَالنّصَارى وَالجُو ِ‬
‫المام الصادق عليه السلم ‪ -‬أمال الشيخ الطوسي (ص ‪.)650‬‬

‫بسم العليّ العلى‬


‫حقّ وَل تَتِّبعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ َقدْ‬
‫﴿ قُلْ يَا أَ ْهلَ الْكِتَابِ ل َتغْلُوا فِي دِينِ ُكمْ غَيْرَ اْل َ‬
‫السّبِيلِ ﴾ [الائدة‪]77:‬‬ ‫ضَلّوا ِمنْ قَبْلُ وَأَضَلّوا كَثِيًا وَضَلّوا عَنْ سَوَاءِ‬

‫حقّ ﴾ [النساء‪:‬‬
‫اْل َ‬ ‫﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ ل َتغْلُوا فِي دِينِ ُكمْ وَل َتقُولُوا عَلَى ال ّلهِ إِلّا‬
‫‪]171‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 104‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫تهيد ف علل نشأة الغُ ُلوّ ف الديان‬


‫إن مطالعةً متصرةً لتاريخ الديان ُتبَيّنُ بوضوح أن أسوأ آفةٍ هدّدت حقائق كلّ دينٍ ف كل‬
‫زم ٍن كانت آفة الغُُل ّو والرافات‪ ،‬وهذه الفة َتعْ ِرضُ ِلكُلّ دينٍ حقّ من عدّة جهات ولعدّة أسباب‪:‬‬
‫أوّل علّة هي أن الهتمام الشديد الذي يبديه التباع الصادقون لكلّ دين فيتّجهون نوه بكلّ‬
‫إخلص وصفاء وبكلّ قواهم وبالآل تبز منهم قوى عجيبة تصنع العجزات وف النهاية وكما‬
‫يقول الفيلسوف والشاعر النكليزي «برنارد شو» يشكّل أتباع كل دين جديد أكب طاقة خلقة‪،‬‬
‫وهذا المر يعل الدين عرض ًة لجوم الغُُلوّ والرافات عليه من جهتي‪:‬‬
‫الهة الول من ناحية أتباعه وأصدقائه الذين لا كانوا يضيفون إل ذلك الدين أقوالم‬
‫وأفكارهم رغب ًة منهم ف زيادة عزّة ذلك الدين وعظمته فإنم ينسبون إل ذلك الدين وأوليائه‬
‫زخارف من الساطي والرافات كي يباهوا بعظمة ورفعة ذلك الدين الت ستؤول بالآل إل‬
‫عظمتهم ورفعة أنفسهم َوَت َفوّقِهِم على سائر الناس والخالفي‪.‬‬
‫الهة الثانية من ناحية أعداء ذلك الدين الذين يسعون من خلل نشر الرافات والغلو فيه‬
‫وتوسعتهما إل منع التباع الصادقي والخلصي والضَحّي لذلك الدّين من النشاط وبذل‬
‫ض ِعفُون‬
‫التضحيات‪ ،‬ويدفعوا سائر التباع نو أعمال وأفعال تالف ذلك الدّين وتض ّر به‪ ،‬وبذا يُ ْ‬
‫الميّ َة وال ّديّة الدينية بي أتباعه ومن الهة الخرى يرّئون أتباع ذلك الدين‪ ،‬الذي عادةً ما‬
‫تكون أحكامه وقواعده مالفةً لشتهيات النفس وأهوائها الشيطانية‪ ،‬على العصية والفسق والفجور‬
‫الت تؤدّي إل هلك كلّ ملّة وفناء كل أمّة‪.‬‬
‫والعلة الثانية لبتلء الديان القّة بالغلوّ والرافات‪ :‬هو أن الهل وقصور الفكر هو الذي‬
‫يغلب على أكثر الناس‪ ،‬فالكثرية ف كل متمع هي طبقة الهلء والسطحيي‪ ،‬ولّا كانت حقائق‬
‫الدين متوافقة ومتجانسة مع حقائق عال الوجود ونظام الليقة وقوانينها الت ل تتخلّف‪ ،‬وكان‬
‫إدراك هذه القيقة عسيٌ على أذهان أكثرية الناس‪ ،‬ول يستقر فيها إل من خلل المارسة‬
‫التدريية والتدريب الستمر‪ ،‬ولا كان أكثر الناس فاقدين للصب وللقدرة على النتظار لطيّ مراحل‬
‫الكمال درجة درجة للوصول إل درجات القائق العالية لنم يريدون الوصول إل مطلوبم‬
‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 105‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ومقصودهم بأسرع وقت‪ ،‬إل درجة أن معبودهم لو جُسّمَ أمامهم بصورة عجل لسرعوا إل‬
‫عبادته! لذلك كلّه نرى ف تاريخ الديان أن الدّين الذي نح ف جلب أكثرية الناس هو ذلك‬
‫الذي طرح معبودا بصورة مسوسة وملموسة كما فعل السامريّ عندما صنع عجلً ذهبيا له ُخوَارٌ‬
‫فخطف بذا العمل النجاحَ من موسى كليم ال وتكّن من جذب أتباع موسى إل عبادة العِجْل‪.‬‬
‫ولذا السبب بالذات يسعى بعض الفراد إل الستغلل السيئ للطاقة القوية لعتقادات أكثرية‬
‫الناس والستفادة منها على نو غي مشروع‪ ،‬فيصنعون معبودات وينجحون ف هذا الطريق! أما‬
‫النبياء العظام والولياء الكرام دُعاة التوحيد الالص الذين يسعون ف خلص الناس وتكميل‬
‫نفوسهم وناتم فإنم غالبا ما يُغَلبُون‪ ،‬لن الكثرية تعجز عن تلقي حقائق الدين العالية وتوحيده‬
‫الالص التامّ‪ ،‬كما قال تعال‪َ ﴿ :‬ومَا ُي ْؤمِنُ أَ ْكثَ ُرهُ ْم بِاللّهِ إِلّا َوهُ ْم مُشْرِكُونَ ﴾ [يوسف‪.]106:‬‬
‫والعلّة الثالثة لظهور الغُُل ّو وانتشار الرافات أن النبياء الختارين الذين يصطفيهم ال من بي‬
‫جيع بن آدم ويبعثهم لداية البشر‪ ،‬يتميزون عاد ًة بقدرات فكرية وِقوَى علميّة وشائل أخلقية‬
‫عالية يفوقون فيها سائر أفراد البشر‪ ،‬كما أن ال ينحهم ‪-‬لجل تأييد نبوتم‪ -‬تصرفات ف‬
‫المكنات من خرق العادات وإظهار العجزات‪ ،‬ما يعل الناس‪ ،‬الذين غالبيتهم بضاعتهم مزجاة ف‬
‫معرفة عالَم الكون‪ ،‬ل يتحمّلون رؤية تلك اليات‪ ،‬وَبدلً من أن يؤمنوا بصاحب القدرة والنعم‬
‫الذي أظهر تلك العجزات على أيدي النبياء ويسلّموا بأن النبياء والولياء عبادٌ لِـلّهِ بشرٌ‬
‫كسائر البشر ارتقوا إل تلك القامات والرتب بفضل طاعتهم لِـلّهِ وإخلصهم ف عبوديته‪ ،‬وأن‬
‫ال تعال ينح الطيعي ثوابا ل ح ّد له وُينْزِل بالعاصي الجرمي عذابه‪ ،‬وأنه أراد إظهار تلك‬
‫شهُم تلك القوى‬ ‫العجزات على أيديهم إلزاما للحجة وإتاما للنعمة‪ ،‬أقول بدلً من ذلك تُ ْدهِ ُ‬
‫سحَرُون با ويستنتجون منها خطأً أن أصحابا ذوي‬ ‫والدرجات العالية والعجزات الباهرة فيُ ْ‬
‫صفات إلية فيقعون ف الغُُل ّو والنراف وتدخل من هذا السبيل كثي من الرافات‪.‬‬
‫ب العالي عموم أهل الكتاب التديني بدين ساوي‬ ‫ولعل هذا السبب يوضح لاذا اختار ر ّ‬
‫وشرعة إلية والؤمني بوحيٍ ورسالة‪ ،‬من بي جيع أمم بن آدم‪ ،‬ليعاتبهم ويعلهم مستحقي‬
‫م وَل َتقُولُوا عَلَى اللّهِ إِلّا الْحَقّ ﴾ [النساء‪:‬‬
‫لطابه فيقول لم ﴿ يَاَأهْ َل الْ ِكتَابِ ل َتغْلُوا فِي دِينِكُ ْ‬
‫‪.]171‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 106‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫وإذا راجعنا تاريخ الديان السابقة وطالعنا كتبهم السماوية لرأينا أن كثيا منهم وقعوا ف‬
‫الغُُلوّ والرافات فغلوا ف أولياء دينهم وبد ًل من اتّباعهم والعمل بتعاليمهم هاموا عشقا بم‬
‫وتصوروهم أبناءً لِـلّ ِه ومتصرفي ف عال الليقة‪ ،‬وبذا الغُُل ّو رأوا أنفسهم أعلى من غيهم‬
‫ورفعوا ذاتم كل يوم درجة أخرى وصاروا يرون أنفسهم ودينهم‪ ،‬تبعا لذلك‪ ،‬ف مقام أعلى من‬
‫سائر المم حت وصل بم المر أن يروا أنفسهم أبناءَ ال وأحبّاءَه وربّما وضعوا أولياء دينهم‬
‫موضع ال!!‬
‫مثل هذا الغُُل ّو وُ ِجدَ بي اليهود كما تشهد به التوراة والتلمود‪ ،‬فقد جاء ف «سفر‬
‫س َيَتكَاثَرُو َن عَلَى سَ ْط ِح الَ ْرضِ َووُلِدَ َلهُمْ‬ ‫التكوين‪/‬الصحاح السادس»‪« :‬وَحَدَثَ َلمّا اْبتَ َدَأ النّا ُ‬
‫سهِ ْم ِمْنهُنّ‬
‫ج َذَبتْ َأنْظَارُ َأْبنَاءِ الِ إِلَى َبنَاتِ النّاسِ فَ َرَأوْا أَّنهُنّ َجمِيلتٌ فَاتّخَذُوا َلْنفُ ِ‬ ‫َبنَاتٌ‪2 ،‬انْ َ‬
‫سبَ مَا طَابَ َلهُمْ‪َ3 .‬فقَالَ الرّبّ‪« :‬لَ ْن يَ ْم ُكثَ رُوحِي ُمجَاهِدا فِي ا ِلنْسَانِ إِلَى ا َلبَدِ‪.‬‬ ‫َزوْجَاتٍ حَ َ‬
‫ح َقبِ‪،‬‬ ‫ك الْ ِ‬
‫ُهوَ بَشَرِيّ زَائِغٌ‪ِ ،‬لذَلِكَ لَ ْن تَطُولَ َأيّامُهُ أَ ْكثَ َر مِ ْن ِمَئ ٍة َوعِشْرِي َن َسنَةً َفقَطْ»‪4 .‬وَفِي تِلْ َ‬
‫ت النّاسِ وَلَ ْدنَ َلهُمْ َأْبنَاءً‪ ،‬صَا َر َهؤُلَءِ‬
‫ل عَلَى بَنَا ِ‬ ‫كَانَ فِي الَ ْرضِ َجبَابِ َرةٌ‪َ ،‬وَبعْدَ َأنْ دَخَلَ َأْبنَاءُ ا ِ‬
‫شهُورِينَ ُمنْ ُذ اْلقِ َدمِ»‪.‬‬‫جبَابِ َر َة الْمَ ْ‬
‫سهُ ُم الْ َ‬
‫الَْبنَاءُ َأنْفُ ُ‬
‫فنلحظ أن ف هذه اليات من التوراة اعتُب الؤمنون أبناء ال وأنم غي سائر الدميي‪.‬‬
‫وف الصحاح الرابع من سفر الروج‪/‬فقرة ‪َ« :22‬فَتقُولُ ِلفِ ْر َع ْونَ‪َ :‬هكَذَا َيقُولُ الرّبّ‪:‬‬
‫ِإسْرَائِي ُل ابْنِي الِْبكْرُ‪.».‬‬
‫وف الصحاح الول من سفر أيوب‪6« :‬وَكَانَ ذَاتَ َي ْومٍ أَنّهُ جَاءَ بَنُو الِ ِليَ ْمثُلُوا َأمَامَ الرّبّ‬
‫شيْطَانُ َأْيضَا فِي َوسَ ِطهِمْ‪ ،».‬وف الصحاح ‪ 38‬من السفر ذاته جاء‪ِ 7« :‬عنْ َدمَا تَ َرنّ َمتْ‬ ‫وَجَاءَ ال ّ‬
‫صبْ ِح مَعا َو َهتَفَ جَمِي ُع َبنِي الِ!»‪.‬‬
‫َكوَا ِكبُ ال ّ‬
‫ت ابْنِي‪َ .‬أنَا‬
‫وف مزامي داوود‪/‬الزمور الثان‪ِ7« :‬إنّي أُ ْخِب ُر مِنْ ِج َهةِ َقضَاءِ الرّبّ‪ .‬قَالَ لِي‪َ :‬أنْ َ‬
‫ض مُلْكا لَكَ »‪.‬‬‫صيَ الَ ْر ِ‬ ‫ك َوأَقَا ِ‬ ‫الَْي ْومَ وَلَ ْدتُكَ‪ِ8 .‬ا ْسأَلْنِي َفُأعْ ِطيَكَ ا ُلمَ َم مِيَاثا لَ َ‬
‫فكما قلنا رغم أن اليهود قالوا ف بداية المر أن عزيرا ابن ال إل أن هذه العقيدة توسعت‬
‫تدرييا حت اعتب مبتدعو عقيدة العزير ابن ال أنفسهم أيضا أبناءً لِـلّهِ‪ ،‬وكما سنرى إن هدف‬
‫كثي من الغلة ف كل دين من غلوّهم بقّ نبّ ذلك الدين أو أوليائه الصالي أن يلصقوا أنفسهم‬
‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 107‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ب والولياء ويرفعوها تدرييا إل أعلى درجة بيث يتحررون من قيود العبودية‬


‫بقام ذلك الن ّ‬
‫وتسقط عنهم التكاليف‪.‬‬
‫وبعد الديانة اليهودية نشاهد انتشار آفة الغُُلوّ ذاتا ف كل جانب من جوانب النصرانية‪،‬‬
‫خاصة نسبتهم البن لِـلّهِ تعال واعتبارهم الناس أبناء ال‪ .‬ورغم أن فريقا من النصارى أعطى‬
‫مقام البُُنوّة لِـلّهِ ف بدء المر للمسيح عليه السلم فقط‪ ،‬وذلك لِما رأوا فيه من ميّزات وخصائص‬
‫تفوق سائر البشر‪ ،‬ولكنهم ما لبثوا أن أعطوا ذلك القام تدرييا لكل من يتبع ذلك الدين أيضا!‬
‫كما تشهد لذلك آيات الناجيل الالية‪:‬‬
‫ل يُ ْد َع ْونَ‪ .».‬ث‬ ‫لمِ َلّنهُمْ َأْبنَاءُ ا ِ‬
‫سَ‬‫ففي إنيل متّى (الصحاح ‪/5‬آية ‪9« :)9‬طُوبَى ِلصَاِنعِي ال ّ‬
‫سَنةَ‬
‫ض ْئ نُورُكُ ْم هَكَذَا قُدّامَ النّاسِ ِلكَ ْي يَ َروْا َأعْمَالَكُ ُم الْحَ َ‬
‫ف الية ‪ 16‬من الصحاح ذاته‪َ16« :‬ف ْليُ ِ‬
‫َويُمَجّدُوا َأبَاكُ ُم الّذِي فِي السّمَاوَاتِ‪ ،».‬ث ف الية ‪َ 44« :44‬وَأمّا َأنَا َفأَقُولُ َلكُمْ‪َ :‬أ ِحبّوا‬
‫صلّوا لَ ْج ِل الّذِينَ يُسِيئُونَ إَِليْكُ ْم َويَ ْطرُدُوَنكُمْ‬
‫سنُوا إِلَى ُمْبغِضِيكُ ْم وَ َ‬
‫َأعْدَاءَكُمْ‪ .‬بَارِكُوا لَ ِعنِيكُمْ‪ .‬أَحْ ِ‬
‫‪ِ45‬لكَ ْي َتكُونُوا َأْبنَاءَ َأبِيكُمُ الّذِي فِي السّمَاوَاتِ»‪.‬‬
‫وف الصحاح السادس من إنيل متّى أيضا‪:‬‬
‫س اسْمُكَ‪».‬‬
‫«‪َ 9‬فصَلّوا َأْنتُ ْم َهكَذَا‪َ :‬أبَانَا الّذِي فِي السّمَاوَاتِ ِلَيَتقَدّ ِ‬
‫«‪14‬فَِإنّهُ إِ ْن َغفَ ْرتُمْ لِلنّاسِ زَلِتهِ ْم َي ْغفِرْ َلكُمْ َأيْضا َأبُوكُمُ السّمَاوِيّ‪َ 15 .‬وِإنْ َل ْم َتغْفِرُوا لِلنّاسِ‬
‫زَلِتهِمْ َل َيغْفِرْ َلكُمْ َأبُوكُمْ َأيْضا زَلِتكُمْ‪.».‬‬
‫ح الثّاِلثُ جاء‪:‬‬
‫وف ِرسَاَل ُة يُو َحنّا الُولَى‪ /‬اَلَصْحَا ُ‬
‫حّبةٍ َأعْطَانَا البُ َحتّى نُ ْدعَى َأوْلَدَ الِ! مِنْ أَجْ ِل هَذَا َل َيعْرُِفنَا الْعَالَمُ‪َ ،‬لنّهُ‬ ‫«‪ُ1‬أنْظُرُوا َأّي َة مَ َ‬
‫َل َيعْرِفُهُ‪َ2 .‬أيّهَا الَ ِحبّاءُ‪ ،‬ال َن نَحْنُ َأوْلَدُ الِ‪ ،‬وَلَمْ يُ ْظهَ ْر َبعْ ُد مَاذَا َسنَكُونُ‪ .‬وََلكِ ْن َنعْلَمُ َأنّهُ إِذَا‬
‫أُ ْظهِ َر َنكُو ُن ِمثْلَهُ‪َ ،‬لّننَا َسنَرَاهُ َكمَا ُهوَ‪».‬‬
‫ستَطِيعُ أَ ْن يُخْ ِطئَ‬
‫«‪9‬كُ ّل مَ ْن ُهوَ َموْلُو ٌد مِنَ الِ لَ يَ ْفعَلُ َخ ِطّيةً‪َ ،‬لنّ زَ ْرعَ ُه َيثُْبتُ فِيهِ‪ ،‬وَ َل يَ ْ‬
‫ل ظَاهِرُو َن َوَأوْلَدُ ِإبْلِيسَ‪».‬‬ ‫َلنّهُ َموْلُو ٌد مِنَ الِ‪ِ10 .‬بهَذَا َأوْلَدُ ا ِ‬
‫وبالتال يتضح أن عقيدة ُبنُ ّوةِ السيح لِـلّهِ ف النصرانية وإن ابتدأت من باب الغُُلوّ ف السيح‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 108‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫لا كان فيه من الصائص واليزات الفائقة إل أن العلة الصلية لذلك الغُُل ّو به وابتداع تلك الرافة‬
‫هي أن يُوجِدَ مترعو تلك العقيدة لنفسهم مقاما متميزا ومتفوّقا على سائر المم الخرى إل‬
‫ح ّد أنم أصبحوا يعتبون أنفسهم أبناءَ ال وأحباءَه‪.‬‬
‫وقد ردّ الُ تعال ادعاء اليهود والنصارى هذا وذمهم عليه فقال‪ ﴿ :‬وَقَاَلتِ اْلَيهُو ُد وَالّنصَارَى‬
‫نَحْنُ َأْبنَاءُ اللّ ِه َوأَ ِحبّا ُؤهُ قُلْ فَِل َم ُيعَ ّذبُكُ ْم بِ ُذنُوبِكُ ْم بَلْ َأْنتُ ْم بَشَ ٌر مِمّنْ خََل َق َيغْفِرُ ِلمَ ْن يَشَا ُء َوُيعَذّبُ‬
‫ض َومَا بَْيَنهُمَا َوإَِليْهِ الْ َمصِيُ ﴾ [الائدة‪.]18:‬‬ ‫مَ ْن يَشَا ُء وَلِلّ ِه مُلْكُ السّ َموَاتِ وَالَ ْر ِ‬
‫أما دين السلم فقد نفى بكل صراحة وقطع ُبُنوّةَ أيّ كائنٍ لِـلّهِ تعال‪ ،‬كما نقرأ ذلك ف‬
‫خذَ الرّحْ َم ُن وَلَدًا * َلقَدْ‬
‫عديد من آيات القرآن الكري كقوله تعال ف سورة مري‪ ﴿ :‬وَقَالُوا اتّ َ‬
‫جبَا ُل هَدّا * َأنْ َد َعوْا لِلرّحْ َمنِ‬ ‫خ ّر الْ ِ‬
‫ِجْئتُ ْم َشيْئًا إِدّا * َتكَادُ السّ َموَاتُ يََتفَطّ ْر َن ِمنْهُ َوتَنشَ ّق الَ ْرضُ َوتَ ِ‬
‫ت وَالَ ْرضِ إِلّا آتِي الرّحْمَ ِن َعبْدًا‬ ‫وَلَدًا * َومَا يَْنَبغِي لِلرّحْ َمنِ َأنْ َيتّخِ َذ وَلَدًا * ِإنْ كُ ّل مَنْ فِي السّ َموَا ِ‬
‫خ َذ مِ ْن وَلَ ٍد ُسبْحَانَهُ إِذَا َقضَى َأمْرًا‬
‫﴾ [مري‪ .]93-88:‬وقوله ف ذات السورة‪ ﴿ :‬مَا كَانَ لِلّهِ َأنْ َيتّ ِ‬
‫فَِإنّمَا َيقُولُ لَهُ كُنْ َفيَكُونُ ﴾ [مري‪.]35:‬‬
‫ويكفي ف ذلك سورة الخلص الت يقرؤها كل مسلم عشر مرات ف صلواته الفروضة‪.‬‬
‫فل مال ف هذا الدين القدّس أن يُنسب النبياء والولياء إل بنوة ال‪ .‬ولكن الغلة ف هذا الدين‬
‫أدخلوا مثل هذه العقيدة الت استقوها حتما من اليهودية أو النصرانية أو ربا كانوا أنفسهم يهودا‬
‫أو نصارى أسلموا وبقوا متأثرين بعقائدهم السابقة‪ ،‬أقوال أدخلوها ف دين السلم‪ ،‬بأسلوب‬
‫جديد‪ ،‬هادفي من وراء ذلك إل أن يوجدوا لنفسهم من خلل غلوهم بنبيهم وأئمتهم ف الدين‬
‫مقاما متميزا على سائر الناس‪ ،‬فخاطب ال تعال السلمي جنبا إل جنب ماطبة أهل الكتاب‬
‫مذرا إياهم من الغُُلوّ الذي وقع فيه أهل الكتاب فقال‪ ﴿ :‬يَاَأهْ َل الْ ِكتَابِ ل َتغْلُوا فِي دِينِكُ ْم وَل‬
‫َتقُولُوا عَلَى اللّهِ إِلّا الْحَقّ ﴾ [النساء‪ ،]171:‬وقال‪ ﴿ :‬قُ ْل يَاَأهْلَ اْل ِكتَابِ ل َتغْلُوا فِي دِينِكُ ْم َغيْ َر الْحَقّ‬
‫سبِيلِ ﴾ [الائدة‪.]77:‬‬ ‫ضلّوا عَ ْن َسوَاءِ ال ّ‬
‫وَل َتّتِبعُوا َأهْوَاءَ َق ْومٍ َقدْ ضَلّوا مِنْ َقبْ ُل َوأَضَلّوا َكثِيًا وَ َ‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 109‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫مبدأ نشأة ال ُغ ُلوّ ف السلم وبي الشيعة‬


‫إن وقوع الغُُل ّو وشيوعه ف السلم يعود ف مصدره ‪ -‬باحتمال قوي بل يقينا‪ -‬إل اليهود‬
‫والنصارى‪ ،‬كما تدلّ على ذلك كتب التاريخ وكتب اللل والنحل مثل كتاب «اللل والنحل»‬
‫للشهرستان (التوف ‪548‬هـ)‪ ،‬وكتاب «القالت والفرق» لسعد بن عبد ال الشعري (‬
‫‪301‬هـ)‪ ،‬وكتاب «فرق الشيعة» لب ممد السن بن موسى النوبت (‪310‬هـ)‪ ،‬وكتاب‬
‫«التبصي ف الدين» لب الظفر السفرايين (‪471‬هـ)‪ ،‬وكتاب «الفَ ْرقُ بي الفِرَق» لعبد القاهر‬
‫البغدادي (‪429‬هـ)‪ ،‬والت تبي جيعها أن أول وقوع للغلو ف السلم كان من ناحية «عبد ال‬
‫بن سبأ» اليهودي الذي غل ف علي بن أب طالب عليه السلم‪ ،‬هذا رغم أنه يوجد ف زماننا‬
‫علماء يسعون إل إنكار وجود «عبد ال بن سبأ» من الساس مدعي أنه من اختراع «سيف بن‬
‫عمر» الذي هو أحد رواة تاريخ الطبي‪ ،‬هذا مع أن تاريخ الطبي أُلّف ف القرن الرابع الجري‪،‬‬
‫ف حي أن قصة «ابن سبأ» موجودة ف كتبٍ أُّلفَت قبل قرون من تاريخ الطبي‪ ،‬وفيما يلي‬
‫توصيف للغلة كما جاء ف كتاب «القالت والفرق» (ص ‪ )20‬لسعد بن عبد ال الشعري‬
‫«رحه ال» الذي كان من أكابر علماء الشيعة الثن عشرية وأعلمهم‪« :‬فرق ٌة منها قالت أن عليا‬
‫ل ُي ْقتَل ول يت ول يوت حت يلك الرض ويسوق العرب بعصاه ويل الرض قسطا وعدلً‪،‬‬
‫ب من هذه المة‪ ،‬وأوّل‬ ‫كما ملئت ظلما وجورا‪ ،‬وهي أوّل فرقة قالت ف السلم بالوقف بعد الن ّ‬
‫من قال منها بالغلوّ‪ ،‬وهذه الفرقة تسمى السبئية أصحاب عبد ال بن سبأ‪ ،‬وهو عبد ال بن وهب‬
‫الراسب المدان وساعده على ذلك عبد ال بن حرس وابن أسود‪ ،‬وها من أجلة أصحابه‪ ،‬وكان‬
‫أوّلَ من أظهَرَ ال ّطعْنَ على أب بكر وعمر وعثمان من الصحابة وتبأ منهم‪ ،‬وادّعى أن عليا عليه‬
‫السلم أمره بذلك‪ ،‬وأن التقيّة ل توز ول تل‪ ،‬فأخذه عليّ فسأله عن ذلك؟ فأقرّ به‪ ،‬وأمر بقتله‪،‬‬
‫فصاح إليه الناس من كل ناحية يا أمي الؤمني أتقتل رجلً يدعو إل حبكم أهل البيت وإل‬
‫وليتك والباءة من أعدائك؟! فسيّر ُه عليّ إل الدائن‪ ،‬وحكى جاعةٌ من أهل العال‪ :‬أن عبد ال‬
‫بن سبأ كان يهوديا فأسلم ووال عليا‪ ،‬وكان يقول وهو على يهوديته ف يوشع بن نون وصي‬
‫موسى بذه القالة‪ ،‬فقال ف إسلمه بعد وفاة رسول ال صلى ال عليه وآله ف عليّ بثل ذلك‪،‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 110‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫وهو أول من شهد بالقول بفرض إمامة علي بن أب طالب‪ ،‬وأظهر الباءة من أعدائه وكاشف‬
‫مالفيه وأكفرهم‪ ،‬فمِ ْن ها هنا قال من خالف الشيعة أن أصل الرفض مأخوذٌ من اليهودية‪ ،‬ولا بلغ‬
‫ابن سبأ وأصحابه نعيَ عل ّي وهو بالدائن وقَ ِدمَ عليهم راكبٌ فسأله الناس‪ ،‬فقال‪ :‬ما خب أمي‬
‫الؤمني؟ قال‪ :‬ضربه أشقاها ضربةً قد يعيش الرجل من أعظم منها ويوت من وقتها‪ ،‬ث اتصل خب‬
‫ت يا عدو ال! لو جئتنا وال بدماغه ضربة‪ ،‬فأقمت على قتله سبعي‬ ‫موته فقالوا للذي نعاه‪ :‬كذب َ‬
‫عدلً ما صدّقْناك‪ ،‬ولعلمنا أنه ل يت ول يُ ْقتَل‪ ،‬وأنه ل يوت حت يسوق العرب بعصاه‪ ،‬ويلك‬
‫الرض!»‪.‬‬
‫ث أخذ سعد بن عبد ال الشعري يفصّل الكلم ف فرق الغلة ويبي عقائدهم إل قوله ف‬
‫الصفحة ‪« :41‬فكان أول ما شرع لم تري التان!» إل قوله‪« :‬وزعموا أنه أحل لم اليتة ولم‬
‫النير!»‪.‬‬
‫ويشرح تلك الطوائف الغالية الت تفرّقت من الشيعة وقالت بعقائد عجيبة غالية‪ ،‬إضافةً إل‬
‫إضعافها للعتقادات السلمية وتضييعها لحكام اللل والرام‪ ،‬حت يصل إل ذكر طائفة‬
‫«النصورية» من غلة الشيعة الت اعتقد أتباعها بأن آل ممد هم السماء والشيعة هم الرض وأول‬
‫خلق ال هو عيسى ث علي بن أب طالب عليه السلم‪ ،‬وهذه العقيدة تبيّن بوضوح أن مترعها كان‬
‫مسيحيا‪ ،‬إل أن يصل إل قوله‪« :‬واستحلّت جيع ما حرّم ال‪ ،‬وقالوا ل يرّم ال علينا شيئا تطيب‬
‫به أنفسنا وتقوى به أجسادنا‪!!»...‬‬
‫وحت يصل إل وصف فرقة «الطّابية» الفرطي ف الغُُلوّ ويكتب عنهم‪« :‬فرقةٌ منهم قالت‬
‫أن جعفر بن ممد هو ال وأن أبا الطاب نبّ مرسلٌ أرسله جعفر وأمر بطاعته! وأباحوا الحارم‬
‫كلها من الزنا واللواط والسرقة وشرب المور‪ ...‬ومن أتباع أب الطاب سُمّوا الخمّسَة لنم‬
‫زعموا أن ال عز وجل هو ممد وأنه ظهر ف خسة أشباح وخس صور متلفة أي ظهر ف صورة‬
‫ممد وعلي وفاطمة والسن والسي‪ ،‬وزعموا أن أربعة من هذه المسة تلتبس ل حقيقة لا‬
‫والعن شخص ممد وصورته لنه أول شخص ظهر وأول ناطق نطق‪ ،‬ل يزل بي خلقه موجودا‬
‫بذاته يتكوّن ف أي صورة شاء‪ ،‬يظهر للقه ف صور شت من صورة الذكران والناث والشيوخ‬
‫والشباب إل‪ ...‬وزعموا أن ممدا (أي تلك القيقة الحمدية اللية الت كانت أول شخص ظهر‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 111‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫وأول ناطق نطق!) كان آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى‪ ،‬ل يزل ظاهرا ف العرب والعجم‪،‬‬
‫وكما أنه ف العرب ظهر‪ ،‬كذلك هو ف العجم ظاهرٌ ف صورة غي صورته ف العرب‪ ،‬ف صورة‬
‫الكاسرة واللوك الذين ملكوا الدنيا‪ ،‬وإنا معناهم ممد ل غيه‪ ،‬تعال ال عن ذلك علوّا كبيا‪.‬‬
‫ل ْلقِهِ ف كلّ الدوار والدهور‪ ،‬وأنه تراءى لم بالنورانية فدعاهم إل القرار‬
‫وأنه كان يُ ْظهِ ُر نفسَه َ‬
‫بوحدانيته‪ ،‬فأنكروه‪ ،‬فتراءى لم من باب النبوة والرسالة فأنكروه‪ ،‬فتراءى لم من باب المامة‬
‫فقبلوه‪ ،‬فظاهر ال عز وجل عندهم المامة وباطنه ال الذي معناه ممد‪ ...‬وله باب هو سلمان‪...‬‬
‫ال»(‪.)1‬‬
‫ويشرح الرحوم سعد بن عبد ال الشعري (وكذلك الرحوم النوبت) ‪-‬ونذكّر ثانية أنما‬
‫من كبار أعلم علماء الشيعة الماميّة ‪ -‬عقائد فرقة «الطّابية» من غلة الشيعة حت الصفحة ‪53‬‬
‫ث يبدأ ف شرح عقائد طائفة «العمّريي» الذين يقولون أن معمّر هو ال وأن معمّر أحلّ كل‬
‫الشهوات وليس لديه شيء مرّم وأنه كان يقول أن هذا الشيء خُلق لذلك الشيء فلماذا هو‬
‫حرام!؟ ث يشرح ف الصفحة ‪ 59‬فرقة «العليائية» وهم أتباع «بشار الشعيي» الذين كانوا من‬
‫غلة الشيعة أيضا وكانوا يقفون على أربعة أشخاص علي وفاطمة والسن والسي وكانوا أيضا‬
‫كسائر الغلة يبيحون الحرمات ويعطلون الحكام ويقولون بالتناسخ‪.‬‬
‫ث يشرع ف الصفحة ‪ 81‬ببيان عقائد الساعيلية الالصة الذين كانوا من غلة الطابية‬
‫ويبي أنم أظهروا الباحة وجعلوا كل شيء مباحا لم‪ ،‬ويشرح ف الصفحة ‪ 85‬عقيدة عموم‬
‫أصحاب أب الطاب وأنم‪« :‬استحلوا مع ذلك استعراض الناس بالسيف وسفك دمائهم وأخذ‬
‫أموالم والشهادة عليهم بالكفر والشرك على مذهب البيهسية والزارقة ف الوارج‪.»..‬‬
‫وف الصفحة ‪ 100‬يكي عن فرقة النميية أتباع ممد بن نُصي النميي الذي ادعى أنه باب‬
‫لضرة المام علي النقي عليه السلم (الادي)‪ ،‬وكان «يدّعي أنه نبّ رسولٌ‪ ،‬وأ ّن عليّ بنَ ممد‬
‫العسكري (الادي) أرسله‪ ،‬وكان يقول بالتناسخ‪ ،‬ويغلو ف أب السن (أي المام العاشر علي بن‬
‫ممد الادي) ويقول فيه بالربوبية ويقول بالباحة للمحارم ويلل نكاح الرجال بعضهم بعضا ف‬
‫أدبارهم‪ ،‬ويزعم أن ذلك من التواضع والخبات والتذلل ف الفعول به!‪.»..‬‬

‫() القالت والفرق‪ :‬ص ‪ 27‬إل ‪.57‬‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 112‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫وكل طوائف الغلة أو أكثرها كان لا مثل تلك العقائد وكما قلنا مرارا كان هدفهم من‬
‫نشر تلك العتقادات تريب أساس السلم وتليل كل فعل حرام‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 113‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫تسرب بعض عقائد الغلة القدماء إل التأخرين‬


‫رغم اندثار وانقراض كل تلك الفِرَق الغالية ف زماننا‪ ،‬ورغم أننا معشر الشيعة المامية نقول‬
‫بكفر وناسة كل أولئك الغلة ونتبأ من عقائدهم الفاسدة‪ ،‬إل أن بعض أولئك الغلة وردوا من‬
‫طُ ُرقٍ أخرى وفتحوا لنفسهم أبوابا تقق أهدافهم مثل القول بشفاعة مطلقة واسعة سعة السماء‬
‫والرض تنال من يتوسّل إل الئمة ويزور قبورهم ويشارك ف مآتهم وينذر النذور والوقاف‬
‫باسهم وباسم سائر الموات من صالي ذراريهم ‪-‬ولو كانت ذنوب التوسّل والزائر مثل البال‬
‫الرواسي‪ -‬فأوجدوا بذلك بي الشيعة بدعا ما أنزل ال با من سلطان‪ ،‬واتذ اللحقون بذلك‬
‫كتاب ال مهجورا واتبعوا أهواء من قبلهم من الغلة واستمرؤوا عقائدهم واطمأنوا با لنا‬
‫وافقت هواهم‪.‬‬
‫إن شيعة زماننا رغم أنم ييزون أنفسهم عن طوائف الشيعة الغلة القدية‪ ،‬ويتبؤون‬
‫بألسنتهم من عقائدهم إل أن بعض تلك العقائد الغالية سرت ‪-‬مع السف الشديد‪ -‬إليهم بصور‬
‫جديدة وانتشرت فيما بينهم‪.‬‬
‫وتكمن خطورة هذه الرافات بشكل خاص ف زماننا وذلك بسبب ظهور التيارات‬
‫والنظمة الخالفة للدين كالشيوعية والوجودية وانتشار اللاد بي كثي من سكان الرض والذي‬
‫أحد علله اختلط الديان بالفكار البشرية والرافات وما يرشح من أذهان الغلة من التديني من‬
‫أفكارٍ مغالية‪ ،‬فإذا ل يتم علجها فإن أساس الديان بأسره سيكون ف خطر الندام الكلي‪ .‬ومع‬
‫ذلك ل نزال ند بعض العلماء من أولئك الذين يعتبون أنفسهم حرّاس الدين يقومون بنشر تلك‬
‫الرافات والعقائد الغالية الت تنتشر للسف ف أكثر كتبنا الدينية ف هذا الزمن‪ ،‬وذلك مثل كتاب‬
‫«أمراءِ هست وتلي وليت» (أي أمراء الكون وتلي الولية) بالفارسية‪ ،‬وعددٍ آخر من الكتب‬
‫بالعربية‪ ،‬تُروّج ف الجالس والنابر وتُنشَر من خللا الرافات‪.‬‬
‫أحد علماء زماننا(‪ )1‬ألّف كتابا عنوانه «إلزام الناصب ف إثبات الجة الغائب»‪ ،‬أراد من‬

‫() هو الشيخ علي اليزدي الائري التوف سنة ‪1333‬ه‍ ف كربلء‪ ،‬والذي جاء وصفه ف مقدمة كتابه الشار إليه بأنه‬ ‫‪1‬‬

‫شيخ الفقهاء والجتهدين حجة السلم والسلمي آية ال الكبى ف الرضي! (الترجم)‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 114‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫خلل موضوعات كتابه أن يثبت مسألة «الغيبة» أي بقاء المام الثان عشر الغائب‪ ،‬وكما ادّعى‬
‫ناشر الكتاب قام كبار علماء العصر بساعدته على طبعه ونشره ولو ذكرنا أساء أولئك العلماء‬
‫الكبار هنا لستغرب القرّاء واستنكروا ذلك!‪.‬‬
‫وف ذلك الكتاب وبدف إثبات مدّعاه أورد الؤلف مطالب يبأ منها حت غلة علماء‬
‫الشيعة زمن الصفوية! فمثلً كان من مستمسكات ذلك الؤلف «خطبةُ البيان» و«الطبةُ‬
‫جيّة(‪ »)1‬النسوبتان إل أمي الؤمني علي بن أب طالب عليه السلم والرفوضتان من ُجلّ علماء‬
‫التّ ْطنَ ِ‬
‫الشيعة‪ ،‬والت رفضها الرحوم العلمة الجلسي كما ف بار النوار (ج ‪/7‬ص ‪ ،264‬من طبعة‬
‫كمبان الجرية القدية) وقال‪« :‬ما ورد من الخبار الدالة على ذلك كخطبة البيان وأمثالا فلم‬
‫يوجد إل ف كتب الغلة وأشباههم»‪.‬‬
‫جيّة» الت وردت ف‬ ‫وسنورد فيما يلي بعض الفقرات من «خطبة البيان» و«الطبة التّ ْطنَ ِ‬
‫ذلك الكتاب الذي يهدف إل إثبات حياة إمام الشيعة الغائب والذي ساعد بعض علماء زماننا‬
‫الكبار على نشره‪ ،‬لكي يرى القرّاء الكرام أن غلة عصرنا ل يقلّون ف خرافاتم وغُلوّهم عن‬
‫الغلة القدماء الذين كان الئمة يذّرُون منهم ويلعنونم ويتبؤون منهم‪.‬‬
‫جاء ف تلك الطبة الت يدّعي مفتريها وواضعها أن حضرة أمي الؤمني علي عليه السلم‬
‫خبِر عن الكائنات‪...‬أنا سرّ الفيات‪ ...‬أنا مفيض‬
‫وقف يطب با ف البصرة فقال‪« :‬أنا الُ ْ‬
‫الفرات‪ ...‬أنا مظهر العجزات‪ ،‬أنا مكلّم الموات‪ ،‬أنا مفرّج الكربات‪ ،‬أنا ملل الشكلت‪ ...‬أنا‬
‫رافع إدريس مكانا عليّا‪ ،‬أنا مُنطِق عيسى ف الهد صبيّا‪ ،‬أنا مدين اليادين وواضع الرض‪ ،‬أنا‬
‫قاسها أخاسا‪ ،‬فجعلت خسا برا‪ ،‬وخسا برا‪ ،‬وخسا جبالً‪ ،‬وخسا عمارا‪ ،‬وخسا خرابا‪ .‬أنا‬
‫خرقت القلزم من الترجيم‪ ،‬وخرقت العقيم من اليم‪ ،‬وخرقت كل من كل‪ ،‬وخرقت بعضا ف‬
‫بعض‪ ،‬أنا طيثا‪ ،‬أنا جانبوثا‪ ،‬أنا البارحلون‪،»!!...‬‬
‫ويستمر ف نسبة أفعال ال وصفاته تعال ‪ -‬الفهومة وغي الفهومة ‪ -‬إل نفسه حت يصل‬
‫إل قوله‪« :‬أنا أبو الهدي القائم ف آخر الزمان»‪ ،‬وبعد هذه الملة يسأل مالك الشتر أمي‬
‫() الطبة التّطَْنجِيّة خطبة موضوعة طويلة رواها ونسبها إل أمي الؤمني‪ ،‬الشي ُخ حافظ رجب البسي (كان حيّا ‪813‬‬ ‫‪1‬‬

‫هـ) ف كتابه «مشارق أنوار اليقي ف حقائق أسرار أمي الؤمني»‪ ،‬وجاء اسها من عبارة ﴿ أنا الواقفُ على التّطَْنجَيْن‬
‫﴾ وها ‪ -‬كما يزعم البسي‪ -‬خليجان من ماء!‪( .‬الترجم)‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 115‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫الؤمني‪ :‬هذا القائم من وُلْ ِدكَ مت يكون ظهوره؟ فيجيب‪« :‬فقال‪ :‬إذا زهق الزاهق وحقت‬
‫القائق ولق اللحق‪ ..‬وذرفت العيون وأغب الغبون وشاط النشاط وحاط الباط وعجز الطاع‬
‫وأظلم الشعاع وصمت الساع وذهب العفاف وسجسج النصاف واستحوذ الشيطان وعظم‬
‫العصيان وحكمت النسوان وفدحت الوادث ونفثت النوافث وهجم الواثب واختلفت الهواء‬
‫وعظمت البلوى واشتدت الشكوى واستمرت الدعوى وقرض القارض ولض اللمض وتلحم‬
‫الشداد ونقل اللحاد‪( .....‬ويستمر أسطرا ف سرد مثل هذه العبارات الت ل معن لا حت يصل‬
‫إل قوله)‪...‬وساهم الستحيح ومنع الفليج وكفكف الترويج وخدخد البلوع وتكلكل اللوع‬
‫وفدفد الذعور وندند الديور ونكس النشور وعبس العبوس وكسكس الموس وأجلب الناموس‬
‫ودعدع الشقيق وجرث النيق‪ !...‬ال»‪،‬‬
‫فبال عليك أيها القارئ الكري هل هذه الكلمات والعبارت يكن أن تصدر عن خطيب نج‬
‫سكْر َوعْيَهُ فأخذ‬
‫البلغة وإمام البيان الفصاحة؟؟ لعمري إنا أقرب إل هذيان شخص ثَ ِملٍ أفقده ال ّ‬
‫يهلوس بكلمات مهملة ل معن لا!‬
‫وأعجب العجب أنه جاء ف بداية هذه الرواية أن راويها «عبد ال بن مسعود» رضي ال‬
‫صلّى الُ عَلَيه وَآلِهِ) رواها عن أمي الؤمني علي عليه‬
‫عنه الذي كان من كبار صحابة رسول ال ( َ‬
‫السلم‪ ،‬وأن المام ألقاها ف مسجد البصرة بعد انتهاء حرب المل‪ ،‬هذا ف حي أن عبد ال بن‬
‫مسعود تُوف سنة ‪ 33‬هجرية زمن خلفة عثمان ودُفن ف الدينة‪ ،‬أما أمي الؤمني فقد ول اللفة‬
‫سنة ‪ 35‬للهجرة‪ ،‬ووقعت واقعة المل ودخوله عليه السلم إل البصرة بعد ذلك‪ ،‬فكيف تسنّى‬
‫لعبد ال بن مسعود أن يرج من قبه ويضر إل البصرة ليسمع تلك الطبة الليئة بالترّهات‬
‫ويرويها والعياذ بال عن علي بن أب طالب؟!؟! وأكذب الكذب ما كذّبه التاريخ‪.‬‬
‫كما أنه كيف يكن لمي الؤمني عليه السلم أن يلقي مثل هذا الكلم على أهل البصرة‬
‫الذين خرجوا عليه بعد مقتل عثمان ‪-‬إذ كانوا يعتبون عليّا شريكا ف دم عثمان أو على القل‬
‫مالئا ِل َقتََلتِهِ لذا فهو ف نظرهم يستحق القتل‪ -‬فيأت عليّ ويلقي على مثل هؤلء الناس مثل تلك‬
‫جيّة»‪« :‬أنا مدبرها‪ ،‬أنا بانيها‪ ،‬أنا‬
‫العبارات؟!! إل الد الذي جاء ف الطبة الدعوة بالطبة «التّ ْطنَ ِ‬
‫داحيها‪ ،‬أنا ميتها‪ ،‬أنا مييها‪ ،‬أنا الول‪ ،‬أنا الخر‪ ،‬أنا الظاهر‪ ،‬أنا الباطن‪ ،‬أنا مع الكور قبل‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 116‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫الكور‪ ...‬أنا مع اللوح قبل اللوح‪ ،‬أنا صاحب الزلية الولية‪ ...‬أنا مدبر العال الول حي ل‬
‫ل ُيرَدّ أمرُ اللقِ غدا بأمرِ َربّي‪ ....‬أنا أخلق وأرزق وأحيي‬
‫ساؤكم هذه ول غباؤكم‪ ...‬فإ ّ‬
‫وأميت‪ ...‬أنا‪ ...‬أنا‪...‬ال»‪ ،‬وليت شعري إذا ل يكن هذا إدّعا ٌء لللـهية فما هو إذن؟! أل يبقَ‬
‫هناك عقلٌ ‪-‬فك ٌر ‪-‬تفكيٌ ‪-‬شعورٌ ‪-‬وجدانٌ ‪-‬إنصافٌ ‪-‬حياءٌ ف هذه الدنيا؟!!‬
‫وهكذا يواصل كلماته السجّعة ف تلك الطبة حت يصل إل قوله‪...« :‬أنا مبجُ البراج‬
‫وعاقد الرياح‪ ،‬ومفتّحُ الفراج وباسط العجاج‪ ،»!!...‬نعم عندما ل يبقى هناك دينٌ ول حيا ٌء فل‬
‫غرابة ف أن ُتنْسَبَ مثل تلك الكلمات الت هي من أقذع وأفسد العبارات إل لسان أفصح بلغاء‬
‫العال ومفخرة أولد آدم‪ ،‬لكي يتخذ الكاتب منها حجة على ادّعائه وحلً لشكلته!‬
‫إننا ل نتعجب من واضعي تلك الطب ومتلقيها الذين ل ريب أنم كانوا زنادقةً عديي‬
‫الدين أو على القل ل يهتمّون بالدين أساسا لنم أيّا كانوا فهم على أيّ حال أعداءٌ للسلم ول‬
‫يُنتظر من العدوّ غي ذلك! ولكن تعجبنا من الشخاص الذين يتلبّسون بلباس علماء الدين‬
‫ويطرحون أنفسهم ف الجتمع بوصفهم حفّاظ شريعته كيف يسمحون لنفسهم بنشر تلك‬
‫الباطيل! والعجب أيضا من الشخاص الذين يعرّفون أنفسهم ف زماننا بوصفهم مراجع الشيعة‬
‫ويشتهرون بذا القام ومع ذلك يساعدون على نشر هذه الرافات الت يعرفون قبل أي احد آخر‬
‫أنا تلفيقات مكذوبة من نسج خيال حفنة من الرضى الهووسي‪.‬‬
‫إن تلك الباطيل والترّهات ل تتلف عن تلك الباطيل الت ندها لدى اليهود الذين‬
‫يصفون ال با يصغّر شأنه من أنه كان يتمشّى ف النة ويبحث عن آدم الذي كان متبئا تت‬
‫إحدى شجراتا!! أو أنه يدخل ف مصارعة مع يعقوب‪ ،‬أو يأكل العجلَ الشويّ الذي هيّأه‬
‫إبراهيم‪ ،‬مع اثنان من اللئكة! أو أباطيل النصارى الت نقرؤها ف سفر الرؤية‪4« :‬وَقَدْ َأحَاطَ‬
‫س عََلْيهَا أَ ْرَب َع ٌة َوعِشْرُونَ َشيْخا يَ ْلبَسُونَ ِثيَابا َبْيضَاءَ‪َ ،‬وعَلَى‬ ‫جِل ُ‬ ‫بِاْلعَ ْرشِ أَ ْرَب َع ٌة َوعِشْرُونَ عَرْشا يَ ْ‬
‫صوَاتٌ‪َ ،‬وَأمَامَهُ سَْب َعةُ‬ ‫ق وَ ُرعُو ٌد َوأَ ْ‬
‫ش بُرُو ٌ‬
‫خرُجُ مِ َن الْعَ ْر ِ‬‫ُرؤَو ِسهِمْ أَكَالِي ُل مِنْ َذهَبٍ‪5 .‬وَكَاَنتْ تَ ْ‬
‫َمصَابِي ِح نَا ٍر ُمضَا َءةٍ‪ِ ،‬هيَ أَ ْروَاحُ الِ السّْب َعةُ‪6 .‬وَكَا َن َيبْدُو َكأَ ّن بَحْرا َشفّافا ِمثْ َل الْبِّلوْ ِر يَ ْمتَدّ َأمَامَ‬
‫ت َتكْسُوهَا ُعيُونٌ َكثِ َيةٌ مِنَ ا َلمَا ِم َومِنَ الْخَلْفِ‪:‬‬ ‫ش وَ َحوْلَهُ أَ ْرَب َعةُ كَائِنَا ٍ‬
‫الْعَ ْرشِ‪ ،‬وَفِي َوسَطِ الْعَ ْر ِ‬
‫شبِهُ اْلعِجْلَ‪ ،‬وَالثّالِثُ لَ ُه وَجْ ٌه ِمثْ ُل وَجْهِ ِإنْسَانٍ‪....‬ال»‪.‬‬ ‫شبِ ُه ا َلسَدَ‪ ،‬وَالثّانِي يُ ْ‬ ‫‪7‬الْكَائِ ُن ا َلوّلُ يُ ْ‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 117‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ول عجب من مثل أولئك الذين يؤمنون بتلك الحلم والترّهات أن ينسبوا لِـلّ ِه الب َن فل‬
‫نتوقع منهم أفضل من ذلك‪ ،‬ولكن العجب من ينتسب إل السلم وكتابه السماوي هو القرآن‬
‫الذي يصف ال بنتهى العظمة فيبي أن إدراك ذاته من الحالت وأنه ميط بكل شيء كما قال‬
‫صغَ ُر مِنْ ذَلِكَ‬ ‫ض وَل أَ ْ‬ ‫ت وَل فِي الَ ْر ِ‬ ‫ب عَنْ ُه ِمْثقَالُ ذَ ّرةٍ فِي السّ َموَا ِ‬ ‫ب ل َيعْزُ ُ‬
‫سبحانه‪ ﴿ :‬عَالِ ِم اْل َغيْ ِ‬
‫وَل أَ ْكبَرُ إِلّا فِي ِكتَابٍ ُمبِيٍ ﴾ [سبأ‪ ]3:‬وقال‪ ﴿ :‬ل تُدْرِكُ ُه ا َلْبصَارُ َو ُه َو يُدْ ِر ُك الَْبصَا َر َو ُهوَ‬
‫ض وَكَانَ اللّهُ‬ ‫ت َومَا فِي الَ ْر ِ‬ ‫خبِيُ ﴾ [النعام‪ ،]103:‬وقال كذلك‪ ﴿ :‬وَلِلّ ِه مَا فِي السّ َموَا ِ‬ ‫ف الْ َ‬
‫اللّطِي ُ‬
‫بِكُ ّل َشيْ ٍء مُحِيطًا ﴾ [النساء‪َ ﴿ ،]126:‬يوْ َم َيْبعَُثهُمُ اللّهُ َجمِيعًا َفُيَنبُّئهُ ْم بِمَا عَ ِملُوا أَ ْحصَاهُ اللّ ُه َونَسُوهُ‬
‫وَاللّهُ عَلَى كُ ّل َشيْ ٍء َشهِيدٌ ﴾ [الجادلة‪.]6:‬‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) عظمة ال تعال فيقول إن هذا العال بكل وسعته وعظمته‬
‫صلّى ا ُ‬
‫ويصف النبّ ( َ‬
‫وسواته وأراضيه بالنسبة إل الكرسي مثل حلقة ف فلة(‪ )1‬والكرسي بكل عظمته بالنسبة إل‬
‫العرش كحلقة ف فلة(‪.)2‬‬
‫وقد ثبت ف علم الفلك اليوم أن هذا الكون عظيم وواسع إل درجة يعجز العقل عن‬
‫استيعابا‪ ،‬فبعد اختراع التلسكوب وبناء مرصد «أرسي بوير» ف «بورتوريكو» الذي يبلغ قطر‬
‫عدسته ‪ 300‬م لتأمّل النيازك والشهب ف الليل‪ ،‬أصبح العلماء يسكون برؤوسهم خوفا من أن‬
‫تطي منها عقولم ويصابون بالنون لول ما يرونه! إذ يرون أن السافة بي النيازك البعيدة والرض‬
‫تصل إل تسعة مليارات سنة ضوئية (علما أن السنة الضوئية هي ما يقطعه الضوء ‪-‬الذي تبلغ‬
‫سرعته ‪ 300‬ألف كم‪/‬بالثانية الواحدة ‪ -‬خلل سنة من الزمن!)‪ ،‬ويرون مليي الجرّات الت‬
‫تلك كل واحدة منها مليي الشموس والكواكب الت ل تشكّل شسنا بالنسبة إليها أكثر من‬
‫شعة مقابل الشمس‪ ،‬ومسافة الجرّة الت تُشكّل شسنا جزءا منها تصل إل درجة أن الشمس الت‬
‫تنتقل بتلك السرعة الائلة تتاج إل أكثر من ‪ 500‬مليون سنة لتدور ضمن تلك الجرّة‪.‬‬

‫() الفلة‪ :‬الصحراء والرض الواسعة الت ل ماء فيها‪( .‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫ب لب ذر الغفاري الت رواها الشيخ الصدوق ف كتابيه‪« :‬الصال»‪ ،‬و«معان الخبار»‪،‬‬ ‫() يشي إل حديث موعظة الن ّ‬ ‫‪2‬‬

‫صلّى الُ َعلَيه وَآلِهِ)‬


‫كما ذكرها الجلسي ف «بار النوار» (ج ‪/55‬ص ‪ )5‬وعبارته‪ ﴿:‬ف حديث أب ذر عن النب ( َ‬
‫قال‪ ﴿ :‬يا أبا ذرّ! ما السماوات السبع ف الكرسي إل كحلقة ملقاة ف أرض فلة وفضل العرش على الكرسي كفضل‬
‫الفلة على تلك اللقة ﴾‪ .‬ومن أهل السنة روى الديث بطوله‪ :‬ابن حِبّان ف صحيحه‪/‬باب ما جاء ف الطاعات وثوابا‪،‬‬
‫وأبو نعيم الصفهان ف «حلية الولياء»‪/‬باب أب ذر‪ ،‬وانظر «كن العمال»‪ ،‬ج ‪/16‬ص ‪( .132‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 118‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫أجل نن نعيش ف مثل ذلك الزمان وف مثل هذه الدنيا‪ ،‬أفليس من العار أن يوجد ف‬
‫ج البراج‪ ...‬ومفتّح‬ ‫زماننا مسلمي يعتقدون أن هناك أفراد من البشر يقولون‪« :‬أنا ُمبَرّ ُ‬
‫الفراج»!!‪ ،‬أو أن هناك بشرٌ يدّعي أنه‪« :‬أنا مدبر العال الول حي ل ساؤكم هذه ول‬
‫ل ُيرَدّ أمرُ اللقِ غدا بأمرِ َربّي‪ ...‬أنا أخلق وأرزق وأحيي وأميت‪ ...‬أنا‪...‬‬ ‫غباؤكم‪ ...‬فإ ّ‬
‫ب إليه تلك الكلمات‬ ‫أنا‪...‬ال»‪ ،‬هذا ف حي أن كل الناس كانوا يرون ذلك الشخص الذي ُتنْسَ ُ‬
‫إنسانا كسائر البشر ل يتلف عنهم من حيث حاجاته وبشريته‪ ،‬فهو قد وُلد كما ولدوا وكان‬
‫طفلً رضيعا وكانت تعرض له كل عوارض الياة من الوع والعطش والرض والنوم والاجة إل‬
‫الرأة والولد‪ ،‬مهما كان مقامه عاليا من ناحية الفضل والعلم والتقوى‪ ،‬ولكنه ل يكن كائنا ل‬
‫نظي له من ناحية البشرية بل كان بشرا كما أمر ال تعال من هو أفضل منه أن يقول ويبلغ‬
‫ت مِنَ‬‫ب ل ْستَ ْكثَرْ ُ‬
‫الناس‪ ﴿ :‬قُلْ ل َأمْلِكُ ِلَنفْسِي َن ْفعًا وَل ضَرّا إِلّا مَا شَاءَ اللّ ُه وََلوْ كُنتُ َأعْلَ ُم اْل َغيْ َ‬
‫سنِيَ السّوءُ ِإنْ أَنَا إِلّا نَذِي ٌر َوبَشِيٌ ِل َقوْ ٍم ُي ْؤمِنُونَ ﴾ [العراف‪ ،]188:‬و﴿ قُلْ ل َأمْلِكُ‬ ‫خيْ ِر َومَا مَ ّ‬
‫الْ َ‬
‫سَتأْخِرُو َن سَاعَ ًة وَل‬ ‫ِلَنفْسِي ضَرّا وَل َنفْعًا إِلّا مَا شَاءَ اللّهُ ِلكُلّ ُأمّةٍ أَجَلٌ ِإذَا جَاءَ أَجَُل ُهمْ فَل يَ ْ‬
‫ستَقْ ِدمُونَ ﴾ [يونس‪.]49:‬‬ ‫يَ ْ‬
‫وأساسا أيّ حاقةٍ تلك أن نقوم بد ًل من اتّباع عباد ال الص َطفَيْن الذين اختارهم ال لدايتنا‬
‫وليشدونا إل طريق الصواب والطأ حت ل نكون مسؤولي ومعاقبي أمام ال تعال الذي‬
‫أرسلهم‪ ،‬أن نقوم بدلً من ذلك بتعظيم أولئك الداة إل حدّ إخراجهم عن البشرية والغلوّ بم‬
‫والوقوع ف مستنقع الكفر والشرك؟!‬
‫ل لنا باتّباعهم والتأسّي بم ظل ٌم‬
‫لو كان لولئك العباد مثل تلك القدرة والقوة لكان أمرُ ا ِ‬
‫كبيٌ وعم ٌل قبي ٌح لنه يكون بذلك كمن يأمر طفلً أن يشي بسرعة سيارة أو طيارة! فهل يكن‬
‫ب العالي الكيم والعادل يأمرنا بتقليد شخص يقول عن نفسه أنا مدبّر‬ ‫لحد أن يتصور أن ر ّ‬
‫العال حي ل ساءكم ول أرضكم‪ ،..‬واتّباعه؟! كل وألف كل ومعاذ ال‪ ،‬وتعال ال عمّا يقول‬
‫الظالون علوّا كبيا‪.‬‬
‫وكما ذكرنا فيما سبق إن مثل تلك الفكار والعقائد إنا يترعها أشخاص متكبون‬
‫جاهلون يتعيّرون من أن يكون نبيهم وإمامهم من البشر يأكل ويشرب وينام ويامع ويرض‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 119‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ويوت‪ ،‬لذا يدّعون أن أئمتهم ف الدين يسمعون الصوات ويقضون الاجات ويشفون العاهات‬
‫وييون الموات ونو ذلك من الباطيل والترّهات‪ ،‬ويوّلون أئمتهم ف الدين إل معشوقي‬
‫خياليي ومعبودين مثاليي‪.‬‬
‫إن كثيا من شيعة اليوم الذين يقولون إنم ليسوا من الغلة ول من البنانيّة أو الطّابية أو‬
‫الغييّة أو البشييّة أو الساعيلية أو القرامطة ويبؤون من الكل بل حت يبؤون من الشيخيّة‬
‫والصوفيّة‪ ،‬يؤمنون ‪-‬ظاهرا أو باطنا‪ -‬بعقائد وأفكار تتطابق مع السف مع عقائد أولـئك الغلة‬
‫الذين كان الئمة يلعنونم ويتبؤون من عقائدهم‪.‬‬
‫إل درجة وصل معها المر إل نشر وإشاعة مثل هذه العقائد الوجودة ف خطبٍ كان‬
‫جيّة»‪،‬‬
‫يرفضها حت علماء الشيعة الصفويي (رغم غلوّهم)‪ ،‬مثل «خطبة البيان» و«الطبة التّ ْطنَ ِ‬
‫فينشرونا ف القرن العشرين‪ ،‬أي هذا الزمن الذي أصبحت فيه حت عقائد الدين الصحيحة‬
‫موضوعا لطعن وهجوم كثي من الناس الذين انتشرت بينهم الفكار اللادية‪ .‬ويفعل أولئك‬
‫العلماء ذلك تت عنوان إلزام الصم وإثبات الجة فيسمحون بنشرها وطباعتها مالفي بذلك‬
‫علماء الصدر الول من كبار وأعلم الشيعة ف القرني الثان والثالث (الذي كانوا يرفضون مثل‬
‫تلك العقائد الغالية جلة وتفصيلً‪ ،‬ويلعنون أصحابا ويبؤون منهم ويكذّبون أقوالم ويطردونم‬
‫من صفوفهم)‪.‬‬
‫إن علماءَنا الكرام الذين كانوا معاصرين للئمة عليهم السلم ورأوهم وعاشروهم وتتلمذوا‬
‫على أيديهم كانوا أعلم بقيقة الئمة من جاء بعدهم‪ ،‬وكانوا يطردون من صفوفهم كل من‬
‫ظ اعتقاد القدماء بالئمة بقبولم بل‬
‫يدون فيه شائبة غلوّ مهما كانت صغية‪ ،‬أما التأخرون فلم ي َ‬
‫اعتب أولـئك التأخرون أن تلميذ الئمة القدماء كانوا من القصّرين بق الئمة حت قال قائل‬
‫أحد التأخرين‪ ،‬وهو آية ال عبد ال الامقان (‪1350‬هـ) ف مقدمته على كتابه الرجالّ «تنقيح‬
‫القال ف أحوال الرجال» (ص ‪:)212‬‬
‫«‪...‬وتلخيص القال أن التتبع النيقد يد أن أكثر من ُرمِيَ بالغلوّ بريء من الغلو ف‬
‫القيقة(!!)‪ ،‬وأن أكثر ما يُع ّد اليوم من ضروريات الذهب ف أوصاف الئمة عليهم السلم كان‬
‫القول به معدودا ف العهد السابق من الغلو‪ ،‬وذلك نشأ من أئمتنا عليهم السلم حيث أنم لا‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 120‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫وجدوا أن الشيطان دخل مع شيعتهم من هذا السبيل لضللم وفاءا لا حلف به من إغواء عباد‬
‫ال أجعي‪ ،‬حذروهم من القول ف حقّهم بملة من مراتبهم‪ ،‬إبعادا لم عمّا هو غل ٌو حقيقة‪ ،‬فهم‬
‫منعوا الشيعة من القول بملة من شؤونم حفظا لشؤون ال جلّت عظمته حيث كان أهم من‬
‫حفظ شؤونم‪ ،‬لنه الصل وشؤونم فرع نشأت من قربم لديه ومنلتهم عنده‪ ،‬وهذا هو الامع‬
‫بي الخبار الثبتة لملة من الشؤون لم والنافية لا‪.)1(»...‬‬
‫ب السلم أو‬ ‫ول يقم أحد ليقول لشيخ آخر الزمن هذا‪ :‬أيها السيد! وهل جاء نبّ بعد ن ّ‬
‫إمامٌ بعد أئ ّمةِ الدى فأخبك‪ ،‬أو نزل عليك ملكٌ فقال لك‪ :‬إن العقائد الغالية الت كان الئمة ف‬
‫زمانم يعتبونا غلوا ويعتبون القائلي با غلةً مفسدين أشرّ من اليهود والنصارى والجوس‬
‫والذين أشركوا‪ ،‬يب أن نعتبها اليوم من ضروريات الدين والذهب؟؟!! فمن أين لك هذا‬
‫الدّعاء؟! ولاذا؟ هل لنّ أساس الدين أصبح مزلز ًل اليوم فيجب أن نواصل نشر تلك الزعبلت‬
‫حت نشوّه الدين ونريق ماء وجهه أكثر؟! خاصة ف هذا العصر الذي أصبح فيه تقدّم العلوم وسعة‬
‫الكون وعظمته أكثر دللة من ذي قبل بليي الرات على عظمة الالق وأكثر برهانا على نقص‬
‫البشر وعجزهم أمام عال الليقة العظيم بليي مراته وما ل يصى من كواكبه وسياراته الت‬
‫يدرك النسان أمامها مدى ضآلته وضعف شأنه؟!‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أهذا هو العصر الناسب لنشر كتب من أمثال «عيون العجزات»(‪ )2‬و«مدينة العاجز»‬
‫الليئة بالساطي والرافات الضحكة ‪ -‬الت صارت موضوعا للسخرية وهزء الطبقة الثقفة والناس‬
‫الفاضل بالدين‪ -‬واعتبار ما فيها من مطالب مغالية من ضروريات مذهب الشيعة؟!‬
‫وإذا كان الشّ ْركُ ف نظر الشرع وف حكم العقل أكب العاصي بل أكب الكبائر‪ ،‬فهل يوز‬

‫() راجع كتاب تنقيح القال ف علم الرجال (ج ‪/1‬ص ‪ ،226‬وج ‪/2‬ص ‪ ،93‬وج ‪/2-2‬ص ‪ ،82‬وج ‪ /3‬ص ‪122‬‬ ‫‪1‬‬

‫و ‪ 132‬و ‪.)238‬‬
‫() أي كتاب «عيون العجزات النتخب من بصائر الدرجات ف تنيه النبوات» تأليف الشيخ حسي بن عبد الوهاب‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫التوف ف القرن ‪ 5‬الجري (بعد ‪ 448‬هـ؟)‪ ،‬نشر‪ :‬ممد كاظم الشيخ صادق الكتب‪ ،‬طبع النجف‪ :‬الطبعة اليدرية‪،‬‬
‫‪ 1369‬هـ‪ 1950/‬م‪ ،.‬و«بصائر الدرجات» هذا هو غي كتاب «بصائر الدرجات الكبى ف فضائل آل ممد»‬
‫لحمد بن السن الصفار‪( .‬الترجم)‬
‫() كتاب «مدينة العاجز» للسيد هاشم بن سليمان البحران التوبلي الكتكان التوف عام ‪ 1107‬هـ (وقيل‬ ‫‪3‬‬

‫‪1109‬هـ) من أعلم أخباريي المامية وصاحب تفسي‪« :‬البهان ف تفسي القرآن»‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 121‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫أن نقوم بترويج ونشر تلك العقائد الشركية بل الشرك الصريح والليّ عينه ف عبارات من مثل‬
‫«أنا أخلق وأنا أرزق وأنا أحي وأميت‪ »...‬الذي هو اشدّ بكثي من شرك الاهلية‪ ،‬باسم دين‬
‫السلم وباسم مذهب الشيعة حت نذ ّل طائفة الشيعة ونفقدها احترامها ووزنا أكثر ما هو قائم‬
‫أمام سائر طوائف السلمي ومذاهبهم الخرى ف الدنيا؟! إل الدّ الذي أصبح مالفو هذا الذهب‬
‫(أي مذهب الشيعة المامية) يعتبون هذه الطائفة ‪-‬من بي جيع السلمي‪ -‬مشركي‪ ،‬ويعتبون‬
‫دمهم ومالم وعرضهم مباحا لم‪ ،‬ويستفيدون من كل طريق لتشويه تلك الطائفة والساءة إل‬
‫سعتها ويقومون ببيع وشراء فتياتا كإماء؟‬
‫وأسأل هؤلء الناشرين لتلك الرافات ما هي النتيجة الفيدة أو اليدة الت حصّلتموها حت‬
‫الن من إصراركم على نشر مثل تلك الزعبلت‪ ،‬حت تواصلوا نشرها؟! وما الذي يعود عليكم‬
‫أو يزيد ف مكانتكم من توسيع مسألة الولية‪ ،‬أو تضييقها وحصرها بعدد من الفراد‪ ،‬وتوسيع‬
‫موضوع الشفاعة إل حد مفرط وتعميمها لكل أحد‪ ،‬والدعوة إل الزيارات الخترعة وابتداع إقامة‬
‫الآت وقراءة الراثي؟! وهل تستفيدون من هذه البدع سوى خصومة أبناء دينكم من سائر السلمي‬
‫وتسهيل ارتكاب العاصي على العوام‪ ،‬وهدر الموال الطائلة فيما ل طائل تته‪ ،‬وسخرية الثقّفي‬
‫والتعلّمي وسائر شعوب العال من مراسكم وطقوسكم تلك؟!‬
‫إنّ عقيدة غلة شيعة اليوم و ُجهَلِئهِم ليست متأثّرةً بعقائد الغلة زمن الئمة عليهم السلم‬
‫فحسب‪ ،‬بل أصبحت تضاهي العقائد الوثنية الباطلة للشعوب واللل القدية؛ فكما يعلم الطّلِعون‬
‫كان أهال مصر القدماء يعتقدون بآل ٍة مثل اللـه «أوزيرِس» وزوجته الت هي أخته ف نفس‬
‫الوقت إلـهة الصوبة‪« :‬إيزيس»‪ ،‬فكانوا يؤمنون بآلة متعددة‪ ،‬ولكن ف الوقت ذاته كانوا‬
‫يؤمنون باللـه «آمون‪َ -‬رعْ» الذي يعتبونه أكب من جيع اللـهة وأبو اللة وسيدهم‪ ،‬وبارئ‬
‫البشر وخالقهم ورب جيع الكائنات‪ .‬ولكن «أوزيرِس» الذي كان إلـه الوت‪ ،‬رغم خضوعه‬
‫لللـه العظيم «آمون‪َ -‬رعْ»‪ ،‬إل أنه كان أكثر قدرةً من إلـه اللة! وكان له تأثي ف الناس أكثر‬
‫منه! لذا فإن الصريي القدماء كان يذكرون اسم اللـه «أوزيرِس» أثناء أخذ العهد واليثاق‪ ،‬أو‬
‫يوكلون عقاب الخالفي للقواني أو الائني إليه‪.‬‬
‫وأنتم تعلمون أن شبيه هذه العقيدة يوجد لدى عوام شيعتنا بشأن «أب الفضل العباس» أو‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 122‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫«المامزاده داود» أو «شاه چراغ» وأمثالم حيث ل يصدّق الناس القَسَم بال ولكنهم يصدّقون‬
‫القَسَم «بضرة العباس»! ول يافون من انتقام ال ولكنهم يافون من انتقام «حضرة العباس»!‬
‫ول ينذرون لِـلّ ِه ولكنهم ينذرون لضرة العباس‪ ،‬وينذرون لرقيّة أو سكينة ابنت السي عليهم‬
‫السلم أكثر ما ينذرون لِـلّهِ!!‬
‫هذا ف حي أن كتابم السماوي ينهى بكل صراحة ووضوح ف أكثر من مئة آية عن مثل‬
‫هذه العقائد والعمال الشركية ويذم فاعليها ويلومهم على اتّباع مثل هذه الطرق‪ ،‬من ذلك قوله‬
‫تعال ف سورة «الؤمنون»‪ ﴿ :‬قُلْ مَ ْن بِيَ ِد ِه مََلكُوتُ كُ ّل َشيْءٍ َو ُهوَ يُجِ ُي وَل ُيجَا ُر عََليْهِ إِنْ كُنتُمْ‬
‫َتعْلَمُونَ * َسيَقُولُونَ لِلّهِ ُقلْ َفأَنّى تُسْحَرُونَ ﴾ [الؤمنون‪ ،]89-88:‬أي ل أحد يستطيع أن يلجأ إل‬
‫سأَلُو َن مَن ِبيَدِهِ‬
‫آخَر كي يُجيه من عقاب ال‪ .‬ولحظ أن الية تبي أن الشركي لا كانوا يُ ْ‬
‫مََلكُوتُ كُلّ شَيْ ٍء َو ُهوَ يُجِ ُي وَلَا يُجَا ُر عََليْهِ؟ كانوا ييبون على الفور‪« :‬ال»! فكثّر الُ خيَ‬
‫مشركي ذلك الزمن (!) إذ إنم على القل كانوا ييبون بل تردد‪« :‬ال»! ف حي أن كثيا من‬
‫سنُونَ مثلَ هذه الجابة الفورية!‪ .‬ويقول تعال ف سورة النحل ﴿‬ ‫أبناء متمعنا اليوم قد ل يُحْ ِ‬
‫جعَلُونَ ِلمَا ل َيعْلَمُونَ َنصِيبًا مِمّا رَزَ ْقنَاهُمْ تَاللّهِ َلتُسْأَلُ ّن عَمّا ُكْنتُ ْم َتفْتَرُونَ ﴾ [النحل‪ ]56:‬أي كانوا‬
‫َويَ ْ‬
‫ينذرون للتهم النذورات والوقاف ويعلون لم نصيبا ما رَزََقهُمُ الُ تاما كما يفعل العوام ف‬
‫عصرنا الذين ينذرون لضرة العباس وللمام الرضا!‪.‬‬
‫سأَلُ ّن عَمّا ُكْنتُ ْم َت ْفتَرُونَ‬
‫إن خوفنا من تلك السؤولية الت أشارت إليها الية الخية ﴿ تَاللّهِ َلتُ ْ‬
‫﴾ [النحل‪ ]56:‬هو الذي حلنا على تشم عناء خوض هذه الباحث ف هذا الزمن الذي وجدنا‬
‫أنفسنا فيه ف متمع قد انتشر فيه الكفر والبدع والشرك واللاد أكثر من أي وقت مضى‪،‬‬
‫متحمّلي ف هذا السبيل التهم والبهتان بل حت الضرب والقتل‪ ،‬إبرا ًء لذمتنا أمام رب العالي‪،‬‬
‫وحت ل نكون مسؤولي عن أعمال أولئك الفسدين‪ .‬ولن يهمّنا ف أداء هذا الواجب القدّس ما‬
‫سنتعرّض له من تكفي وإبعاد أو تديد الغلة وأنصارهم‪ ،‬لنه ف ميدان الهاد كلما كان عددُ‬
‫العداء وعدّتم أكثر‪ ،‬كان ذلك أدعى للفخر والشموخ ورفع الرأس‪ ،‬ودليلً على شجاعة‬
‫الجاهدين الذي يوضون هذه العركة وبسالتهم وفدائيتهم‪ ،‬وأن أجرهم لدى ربم وإلـههم‬
‫سيكون ‪-‬يقينا‪ -‬كبيا وعظيما‪ ﴿ ،‬فَا ْستَبْشِرُوا ِببَْي ِعكُ ُم الّذِي بَايَ ْعتُ ْم بِهِ ﴾ [التوبة‪َ ﴿ ]111:‬ومَا َتوْفِيقِي‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 123‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ت َوإَِليْهِ ُأنِيبُ ﴾ [هود‪.]88:‬‬


‫إِلّا بِاللّ ِه عََليْهِ َتوَكّ ْل ُ‬
‫ونأت الن إل شرح موضوع الغل ّو والغلة الذين ل َعَنهُم الئ ّم ُة الطاهرون سلم ال عليهم‬
‫أجعي‪ ،‬وأعلنوا براءتم منهم‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 124‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫براءة أئمة أهل البيت من الغلو ولعنهم الغلة‬


‫كان ظهور الغلة ف دين السلم من أكب الفات والصائب القاتلة الت حلّت بذا الدين‪،‬‬
‫وأدّت إل إدخال كل تلك الرافات والوهام فيه‪ ،‬المر الذي شوّه الوجه النوران لقائق‬
‫السلم‪.‬‬
‫وقد خشي الئمة الطاهرين سلم ال عليهم أجعي أكثر من أي أحد آخر من هذا الطر‬
‫وحذروا منه السلمي‪ ،‬ولدينا أحاديث وأخبار كثية صدرت عن الئمة عليهم السلم ف مذمّة‬
‫هؤلء الغلة‪ ،‬حيث ند ف كتاب «الرجال» لب عمرو الكشّيّ(‪ )1‬وحده أكثر من ‪ 24‬حديثا ف‬
‫هذا المر‪ ،‬وقد جعها العلمة الامقان(‪ )2‬ف كتابه «مقباس الداية ف علم الدراية» (ص ‪،)88‬‬
‫وسنذكر فيما يلي بعضا منها كما جاءت ف كتب الرواية العتبة لدى الشيعة‪:‬‬
‫‪ -1‬روى الشيخ الطوسي ف كتاب «المال» (ص ‪ )650‬بسنده عن عبد الرحن بن‬
‫مسلم‪ ،‬عن فضيل بن يسار‪ ،‬قال قال الصادق عليه السلم‪« :‬احذروا على شبابكم الغُلةَ‬
‫صغّرُونَ عَظَ َمةَ الِِ‪َ ،‬ويَ ّدعُونَ ال ّربُوِبّيةَ ِل ِعبَادِ الِِ‪ ،‬وَالِ إنّ‬
‫ل ُيفْسِدُوَنهُم‪ ،‬فإ ّن الغُلةَ شرّ َخلْقِ الِِ‪ُ ،‬ي َ‬
‫س وَالذِينَ أشْرَكُوا‪ .‬ث قال عليه السلم‪ :‬إلينا يرجع الغال‬ ‫الغلةَ َش ّر مِ َن الَيهُو ِد وَالنّصَارى وَالجُو ِ‬
‫فل نقبله‪ ،‬وِبنَا يلح ُق القصّر فنقبله‪ .‬فقيل له كيف ذلك يا ابن رسول ال؟ قال‪ :‬لن الغال قد‬
‫اعتاد ترك الصلة والزكاة والصيام والج‪ ،‬فل يقدر على ترك عادته‪ ،‬وعلى الرجوع إل طاعةِ الِ‬
‫عزّ وجلّ أبدا‪ ،‬وإن القصّرَ إذا عرف عمل وأطاع‪.».‬‬

‫() هو أبو عمرو‪ ،‬ممد بن عمر بن عبد العزيز الكشي من كبار علماء الشيعة وأقدم رِجَاليّيهم ف القرني الثالث والرابع‬ ‫‪1‬‬

‫الجريي‪ ،‬ينتسب إل منطقة «كش» من نواحي سرقند (ف آسيا الوسطى)‪ ،‬ل يعرف تاريخ ولدته بالضبط‪ .‬قال عنه‬
‫النجاشي‪ ﴿ :‬كان ثقة عي‪ ،‬روى عن الضعفاء كثيا وصحب العياشي وأخذ عنه‪ ،‬ترج عليه ف داره الت كانت مرتعا‬
‫للشيعة وأهل العلم ﴾ اهـ‪ ،‬وكان الكشيّ صديقا لل ُكلَيِْنيّ صاحب «الكاف»‪ .‬قيل إن وفاته كانت ف حدود سنة ‪350‬‬
‫هـ‪ ،‬ويُعتَبَر كتاب الكشيّ الذي ساه ابن شهر آشوب ف العال بـ "معرفة الناقلي عن الئمة الصادقي" أحد الصول‬
‫الربعة الرجالية لدى المامية‪( .‬الترجم)‬
‫() هو الفقيه المامي وأحد أبرز مراجع الشيعة ف عصره آية ال الشيخ عبد ال الامقان (‪1290‬هـ ‪ 1351 -‬هـ)‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ُأطْلِق عليه لقب «العلمة الثان»‪ ،‬وهو صاحب «تنقيح القال ف أحوال الرجال» الذي يعتب أحد أهم كتب علم الرجال‬
‫ف القرن الاضي إ ْذ جع فيه كل ما ُد ّونَ ف الكتب الرجالية الت سبقته (الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 125‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫‪ -2‬وروى العلمة الجلسي ف «بار النوار» (ج ‪/34‬ص ‪( )362‬نقلً عن كتاب الغارات‬


‫ل عَلَيه‬ ‫للثقفي(‪ ﴾ 1‬قال‪« :‬عَنْ َربِي َع َة بْ ِن نَاجِ ٍد عَ ْن عَِل ّي عََليْهِ السّلمُ قَالَ‪َ :‬دعَانِي َرسُولُ الِ َ‬
‫صلّى ا ُ‬
‫ضتْهُ الَيهُودُ َحتّى َب َهتُوا ُأمّ ُه َوأَ َحبّتْ ُه النّصَارَى َحتّى َأنْزَلُوهُ‬
‫ك مِ ْن عِيسَى َمثَلًا َأبْ َغ َ‬‫وَآلِهِ َفقَالَ‪ :‬إِنّ فِي َ‬
‫ستْ لَهُ‪.‬‬‫بِالَنْزَِل ِة اّلتِي َليْ َ‬
‫حبّ مفرطٌ(‪ُ )2‬يقَ ّر ُظنِي بِمَا َلْيسَ ِفيّ‪َ ،‬و ُمْب ِغضٌ‬
‫(ث قال عل ّي عليه السلم)‪ :‬أَلَا َوإِنّ ُه َيهْلِكُ ِف ّي مُ ِ‬
‫ل مَا‬
‫ستُ نَبيّا وَلَا يُوحَى إِلَ ّي وََلكِنّي أَعْ َم ُل بِ ِكتَابِ ا ِ‬‫يَحْ ِملُ ُه َشنَآنِي عَلَى َأنْ َيْب َهتَنِي‪ ،‬أَلَا ِإنّي لَ ْ‬
‫ح ّق عََلْيكُمْ طَا َعتِي فِيمَا أَ ْحَبْبتُ ْم وفِيمَا كَ ِر ْهتُمْ‪ ،‬وما أمرتكم به‬
‫اسْتَ َط ْعتُ َفمَا َأمَ ْرُتكُمْ مِ ْن طَا َعةِ الِ فَ َ‬
‫أو غيي من معصية ال فل طاعة ف العصية‪ ،‬الطاعة ف العروف‪ ،‬الطاعة ف العروف‪( ،‬قالا)‬
‫ثلثا»(‪.)3‬‬
‫قلتُ‪ :‬ونقل الشريف الرضي ف «نج البلغة» نو ذلك عن المام عليّ فقال‪ :‬وقال عليه‬
‫ت ُم ْفتَرٍ»‪ ،‬ث قال الرضيّ‪ :‬وهذا مثل قوله (عليه‬
‫ط وبَاهِ ٌ‬
‫ب ُمفْرِ ٌ‬
‫ح ّ‬
‫السلم‪َ« :‬يهْلِكُ ِفيّ رَجُل ِن مُ ِ‬
‫ب غَا ٍل و ُمبْ ِغضٌ قَالٍ(‪.)5(﴾ 4‬‬
‫ح ّ‬
‫السلم)‪« :‬هَلَكَ ِفيّ َرجُل ِن مُ ِ‬
‫‪ -3‬وروى الشيخ الصدوق ف كتابه «اعتقادات المامية» (العروف باعتقادات الشيخ‬
‫الصدوق) الرواية التالية‪ ،‬قال‪:‬‬
‫() هو أبو إسحاق‪ ،‬إبراهيم بن ممد بن سعيد الثقفي الصفهان‪ ،‬من كبار علماء الشيعة وُي َعدّ من رواة حديثهم‪ .‬ولد ف‬ ‫‪1‬‬

‫الكوفة ف أوائل القرن الجري الثالث وكان ف بداية عمره زيدي الذهب‪ ،‬ث انتقل إل مذهب المامية الثنا عشرية‪،‬‬
‫وتوف ف مدينة أصفهان عام ‪ 283‬هـ‪( .‬الترجم)‬
‫() ف كتاب الغارات لبراهيم بن ممد الثقفي‪ُ :‬م ِ‬
‫حبّ مُطْـرٍ‪( .‬الترجم)‬ ‫‪2‬‬

‫() انظر إبراهيم بن ممد الثقفي‪« ،‬الغارات»‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الكتاب‪1410 ،‬هـ‪ ،‬ج ‪/2‬ص ‪ .403- 402 -401‬وهذه‬ ‫‪3‬‬

‫الرواية أخرجها بتمامها من أهل السنة‪ :‬عبد ال بن المام أحد بن حنبل ف زوائده على مسند المام أحد‪ ،‬والاكم‬
‫النيسابوري ف الستدرك على الصحيحي‪ ،‬وأبو ُنعَيم ف فضائل الصحابة‪ ،‬وأبو يعلى الوصلي ف مسنده‪ ،‬والبزار ف‬
‫مسنده (جزء منها)‪ .‬وانظر اليثمي ف «ممع الزوائد» (باب مناقب علي بن أب طالب رضي ال عنه‪/‬باب فيمن يفرط ف‬
‫مبته وبغضه)‪ ،‬والتقي الندي ف «كن العمال» (ج ‪/11‬ص ‪ ،623‬ج ‪/13‬ص ‪( .)125‬الترجم)‬
‫() قوله ﴿ مبّ غالٍ ﴾ الغال هو التجاوز للحدّ ف حبّه أي الذي يبالغ ف حب المام حت يرجه عن البشرية ويضفي‬ ‫‪4‬‬

‫عليه الصفات اللـهية أو يقول بلول اللهوت فيه ونو ذلك‪ ،‬وقوله‪ ﴿ :‬مبغضٌ قا ٍل ﴾‪ :‬القال هو البغض شديد‬
‫البغض‪( .‬الترجم)‬
‫() نج البلغة‪ ،‬جع وتدوين الشريف الرضي‪ ،‬تقيق الدكتور صبحي الصال‪ ،‬بيوت‪ :‬دار الكتاب اللبنان‪ ،‬باب حكم‬ ‫‪5‬‬

‫أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬رقم ‪ ،469‬ص ‪( .558‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 126‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫«وكان الرضا عليه السلم يقول ف دعائه‪ :‬اللهم إن بريء من الول والقوة ول حول‬
‫ول قوة إل بك‪ .‬اللهم إن أعوذ بك وأبرأ إليك من الذين ادّعوا لنا ما ليس لنا بقّ‪ .‬اللهم إن أبرأ‬
‫إليك من الذين قالوا فينا ما ل نقله ف أنفسنا‪ .‬اللهم لك اللق ومنك الرزق وِإيّاكَ َن ْعبُ ُد َوِإيّاكَ‬
‫ستَعِيُ‪ .‬اللهم أنت خالقنا وخالق آبائنا الولي وآبائنا الخرين‪ .‬اللهم ل تليق الربوبية إل بك ول‬ ‫نَ ْ‬
‫تصلح اللية إل لك فالعن النصارى الذين صغّروا عظمتك والعن الضاهئي لقولم من بريتك‪.‬‬
‫اللهم إنا عبيدك وأبناء عبيدك ل نلك لنفسنا نفعا ول ضرا ول موتا ولحياةً ول نشورا‪ .‬اللهم‬
‫مَنْ َزعَ َم أنّا أربابٌ فنح ُن منه بَراءٌ ومَنْ َزعَ َم أن إلينا اللق وعلينا الرزق فنحن برا ٌء منه كباءة‬
‫عيسى ابن مري عليه السلم من النصارى‪ .‬اللهم إنا ل ندعهم إل ما يزعمون فل تؤاخذنا با‬
‫يقولون واغفر لنا ما ي ّدعُون ول تَ َدعْ على الرضِ منهم َديّارا ِإنّكَ إِ ْن تَذَ ْرهُ ْم ُيضِلّوا عِبا َد َك وَل‬
‫يَلِدُوا إِلّا فاجِرا َكفّارا»(‪.)1‬‬
‫‪ -4‬وروى الشيخ الطوسي ف «المال» (ص ‪ )650‬بسنده عن الصبغ بن نباتة قال‪ :‬قال‬
‫أمي الؤمني عليه السلم‪:‬‬
‫«اللهم إن بريءٌ من الغُلةِ كباءةِ عيسى ابنِ مري من النصارى‪ ،‬اللهمّ اخْذُلم أبدا‪ ،‬ول‬
‫تنصر منهم أحدا‪.».‬‬
‫‪ -5‬وروى الكشي ف رجاله (ص ‪ )299 - 298‬بسنده عن حدويه‪ ،‬قال حدثنا يعقوب‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫عن ابن أب عمي‪ ،‬عن عبد الصمد بن بشي‪ ،‬عن مصادف قال‪« :‬لا لبّى القوم الذين لبّوا بالكوفة‬
‫خرّ ساجدا وألْ َزقَ جؤج َؤهُ بالرض َوبَكَى‪،‬‬
‫دخلتُ على أب عبد ال عليه السلم فأخبتُهُ بذلك‪ ،‬فَ َ‬
‫وَأقبل يلو ُذ بإصبعه ويقول‪ :‬بَلْ عَبْدُ الِ ِقنّ(‪ )3‬داخرٌ(‪ )4‬مرارا كثيةً‪ ،‬ث رفع رأسه ودموعُهُ تسيلُ‬
‫على ليته‪ ،‬فندمتُ على إخباري إيّاه‪ ،‬فقلتُ ُجعِ ْلتُ فِداكَ! وما عليك أنت من ذا؟ فقال‪ :‬يا‬

‫() الشيخ الصدوق‪« ،‬اعتقادات المامية»‪/‬باب العتقاد ف نفي الغلو والتفويض‪ ،‬ص ‪( .74‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() أي قالوا‪ :‬لبيك يا جعفر‪ ،‬أي فألّـهُوا المام جعفر الصادق عليه السلم‪( .‬الترجم)‬ ‫‪2‬‬

‫() القِنّ هو التمّحض ف العبودية والرق‪ .‬وقيل‪ :‬القِنّ من العبيد الذي ُملِكَ ُه َو وَأَبوَاهُ‪( .‬الترجم)‬ ‫‪3‬‬

‫صغَارا‪ ،‬وهو الذي‬


‫صغُرُ َ‬ ‫() داخرٌ‪ :‬أي خاضعُ لِـلّ ِه مُنْقا ٌد لَهُ‪ ،‬من دَخَرَ الرجلُ‪َ ،‬يدْخَرُ دُخُورا‪ ،‬فهو دَاخِرٌ‪ ،‬ذَلّ و َ‬
‫صغُ َر َي ْ‬ ‫‪4‬‬

‫يفعل ما يؤمر به‪ ،‬شاءَ أَو أَب صاغِرا َقمِيئا‪ .‬ومنه الية‪ :‬أَو ل يروا إِل ما خلق ال من شيء يَتَفيّأُ ظلله عن اليمي‬
‫والشمائل ُسجّدا لِـلّ ِه وهم داخرون؛ أي خاضعون لِـلّهِ مُْنقَادُون لَهُ‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 127‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ت عما قالت النصارى فيه لكان حقّا على ال أن يصمّ سعه ويعم َى‬
‫مصادف! إن عيسى لو سك َ‬
‫ف أبو الطاب لكان حقّا على ال أن يصمّ سعي ويُعمىَ بصري»‪.‬‬ ‫بصره‪ ،‬ولو َسكَتّ عمّا قال ّ‬
‫‪ -6‬وروى الشيخ الصدوق ف «عيون أخبار الرضا» (ج ‪/2‬ص ‪ )203‬بسنده عن أب هاشم‬
‫العفري قال‪ :‬سألتُ أبا السن الرضا عليه السلم عن الغلة والفوضة؟ فقال‪« :‬الغلةُ كفّارٌ‬
‫والفوّضةُ مشركون‪ ،‬مَنْ جالسهم أو خالطهم أو آكلهم أو شاربم أو واصلهم أو زوّجهم أو‬
‫تزوّج منهم أو آمنهم أو ائتمنهم على أمانة أو صدّق حديثهم أو أعانم بشطر كلمة خرج من‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) ووليتنا أهل البيت‪.».‬‬
‫صلّى ا ُ‬
‫ولية ال عز وجل وولية رسول ال ( َ‬
‫والعجب أن المر أصبح ف زماننا على عكس ما تفيده هذه الرواية الشريفة‪ ،‬إذْ أصبح من‬
‫ل يقول بأقوال الغلة فل ُيثِْبتُ للئمّة الولي َة التكوينيةَ وتصرّفهم ف تدبي الكون‪ُ ،‬ي ْعتَبَ ُر ناقص‬
‫الولية‪ ،‬بل يُ ْعَتبَ ُر ُسنّـيّا و َوهّابِيّا‪ ،‬بل ُي ْعتَبَ ُر أسوأ من النواصب!!‬
‫اللهم إننا مبتلون اليوم بأناسٍ نبأ إليك من كفرياتم وشركياتم كما كان أئمتنا يبؤون‬
‫شهِ ُدكَ أننا ل نعتب أئ ّمتَنا سوى هداة إل طريق ال و ُروَاة صادقي لديث رسول ال‬ ‫منهم‪ ،‬ونُ ْ‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) وندعو بدعاء المام الرضا عليهم السلم « َرّبنَا لَا تَذَ ْر عَلَى اْلأَ ْرضِ ِمْنهُمْ‬
‫(صَلّى ا ُ‬
‫َديّارا»!‪.‬‬
‫‪ -7‬وروى الكش ّي أيضا ف رجاله (ص ‪ )108‬عن عمي عن هشام بن سال‪ ،‬عن أب حزة‬
‫الثمال‪ ،‬قال‪ ،‬قال علي بن السي عليه السلم‪« :‬لعن ال من كذب علينا‪ ،‬إن ذكرت عبد ال بن‬
‫سبإ فقامت كل شعرة ف جسدي‪ ،‬لقد ا ّدعَى أمرا عظيما‪ ،‬ما له لعنه ال؟ كان عليّ عليه السلم‬
‫صلّى الُ عَلَيه وَآلِهِ)‪ ،‬ما نال الكرام َة مِ َن ال إل بطاعته‬
‫والِ عبدا لِـلّهِ صالا‪ ،‬أخو رسول ال ( َ‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) الكرام َة مِنَ ال إل بطاعته‪.».‬‬ ‫صلّى ا ُ‬
‫لِـلّ ِه ولرسوله‪ ،‬وما نال رسول ال ( َ‬
‫جرٌ ف فم آيةِ ال الغال أب الفضل‬
‫قلتُ‪ :‬إن هذا الكلم للمام زين العابدين عليه السلم حَ َ‬
‫النبوي الذي قال ف الصفحة ‪ 24‬من كتابه «امراء هست» (أمراء الكون) «إن الكمال النهائي من‬
‫ض فهي كمال ذاتّ‬ ‫ناحية الولية الت كانت لهل بيت العصمة نابعٌ من طينتهم الت هي نورٌ م ٌ‬
‫ب وليست كما ًل كسبيّا!»‪.‬‬
‫وه ّ‬
‫ويقول ف الصفحة ‪ 30‬من كتابه أيضا‪« :‬خلفا لولياء ال الذين يصلون إل هذا القام‬
‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 128‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫والرتبة بواسطة السعي والسلوك والرياضة والجاهدات وطي الراحل البتدائية‪ ،‬فإن ذلك القام‬
‫ضعَتْ فيهم منذ بدء وجودهم طبقا للتقدير والشيئة‬
‫للئمة هبةٌ إلـهّي ٌة ُو ِهبَتْ َلهُ ْم ووُ ِ‬
‫السبحانية!»‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬إن هؤلء العلماء الغلة لا ابتعدوا عن الصراط الستقيم وعن طريق العقل والقرآن‬
‫الكري‪ ،‬استمسكوا بكل عقيدة موهومة وحديث متلق لثبات مدّعاهم‪ ،‬من ذلك تسكهم برواية‬
‫ملفّقة تذكر أن عليّا بادر إل قراءة آياتٍ من القرآن الكري عقب ولدته وهو ل يزال رضيعا ف‬
‫الهد!(‪ ،)1‬هذا مع أن القرآن ما نزل على نب السلم إل بعد ‪ 12‬سنة من ولدة عل ّي عليه السلم‪،‬‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) ل يكن له علم به‪ ،‬كما قال تعال‪ ﴿ :‬نَحْ ُن َن ُقصّ عََليْ َ‬
‫ك‬ ‫وحت رسول ال (صَلّى ا ُ‬
‫ت مِنْ َقبْلِهِ لَ ِم َن اْلغَافِلِيَ ﴾ [يوسف‪ ]3:‬وكما‬ ‫ك هَذَا اْلقُرْآ َن َوإِنْ كُن َ‬ ‫ص بِمَا َأوْ َحْينَا إَِليْ َ‬
‫أَحْسَ َن اْل َقصَ ِ‬
‫ت وَل َق ْومُكَ‬ ‫ت َتعْلَ ُمهَا َأنْ َ‬
‫ك مَا كُن َ‬
‫ب نُوحِيهَا إَِليْ َ‬
‫ك مِنْ َأْنبَاءِ اْل َغيْ ِ‬
‫قال ف موضع آخر أيضا‪ ﴿ :‬تِلْ َ‬
‫صبِرْ ِإنّ الْعاِقَبةَ لِ ْل ُمّتقِيَ ﴾ [هود‪ ،]49:‬وقال سبحانه أيضا‪َ ﴿ :‬ومَا ُكْنتَ َتتْلُوا مِنْ َقْبلِهِ‬ ‫مِنْ َقبْ ِل هَذَا فَا ْ‬
‫ب الْ ُمبْطِلُونَ ﴾ [العنكبوت‪ ،]48:‬وقال كذلك‪ ﴿ :‬وَكَذَلِكَ‬ ‫خطّ ُه ِبيَمِينِكَ إِذًا ل ْرتَا َ‬ ‫مِنْ ِكتَابٍ وَل تَ ُ‬
‫َأوْ َحيْنَا إَِليْكَ رُوحًا مِنْ َأمْ ِرنَا مَا ُكْنتَ تَدْرِي مَا اْل ِكتَابُ وَل الِيَا ُن وََلكِنْ َجعَ ْلنَاهُ نُورًا َنهْدِي بِهِ مَنْ‬
‫سَتقِيمٍ ﴾ [الشورى‪.]52:‬‬ ‫ط مُ ْ‬ ‫نَشَاءُ مِ ْن عِبَا ِدنَا َوِإنّكَ َلَتهْدِي إِلَى صِرَا ٍ‬
‫فهذه اليات تبي بصراحة عدم اطلع النب على القرآن قبل أن يوحى به إليه‪ ،‬وعدم علمه‬
‫بأنبائه وأخباره‪.‬‬
‫ولكن أولئك الغلة الضالون يريدون نسف كل تلك اليات بديث هراء باطل أسطوري‪،‬‬
‫ل يعلمُ أحدٌ أيّ غالٍ عدي اليان أو عونٍ من أعوان الشيطان اخترعه وافتراه‪ ،‬رواه «ابن‬
‫ال َفتّال»(‪ )2‬ف كتابه «روضة الواعظي»‪ ،‬عند حديثه عن موضوع ولدة المام علي عليه السلم‪،‬‬
‫ل عََليْهِ وَآلِهِ) قوله‪ ....« :‬ولقد هبط حبيب جبئيل ف وقت‬
‫فنسبَ فيه إل رسول ال (صَلّى ا ُ‬

‫() انظر الرواية ف بار النوار‪ ،‬ج ‪/35‬ص ‪( .38-37‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() هو ممد بن السن بن علي بن أحد بن علي الفتال النيشابوري العروف بابن الفتال‪ ،‬من علماء الشيعة المامية ف‬ ‫‪2‬‬

‫القرن الامس الجري‪ .‬من مشايه شيخ الطائفة الشيخ الطوسي والسيد الرتضى علم الدى‪ ،‬ومن تلمذته ابن‬
‫شهرآشوب الازندران‪ .‬من أشهر مؤلفاته «روضة الواعظي وبصية التعظي» وهو من مصادر بار النوار وطبع مرارا‬
‫ف إيران والعراق‪ .‬توف ابن الفتال مقتو ًل سنة ‪508‬هـ‪( .‬الترجم)‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 129‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ل يقرأ عليك السل َم ويهنّئك بولدة أخيك عليّ‪ ......‬فقمت‬‫ولدة عليّ فقال ل‪ :‬يا حبيبَ الِ! ا ُ‬
‫مبادرا فوجدت فاطمة بنت أسد‪ ،‬أ ّم عليّ‪ ،‬وقد جاءها الخاض وهو بي النساء والقوابل‬
‫حولا‪( .....‬إل قوله) ث قال ل جبئيل‪ :‬امدد يدك يا ممّد! فإنه صاحبك اليمي! فمددت يدي‬
‫نو أمه فإذا بعل ّي مائلً على يدي واضعا يده اليمن ف أذنه اليمن وهو يؤذّن ويقيم بالنفية‬
‫ويشهد بوحدانية ال عزّ وجل وبرسالت!»(‪،)1‬‬
‫هذا مع أن الذان إنا نزل بعد الجرة إل الدينة! ويتابع الديث حت يصل إل القول‪« :‬ث‬
‫قال ل (عليّ الولود حديثا)‪ :‬يا رسول ال! أقرأُ؟ قلتُ‪ :‬إقرأْ! فو الذي نفسُ ممّد بيده لقد ابتدأ‬
‫ث فتلها من أول حرف فيها إل آخر‬ ‫بالصّحف الت أنزلا ال عز وجل على آدم فقام با شي ٌ‬
‫حرف فيها حت لو حضر با شيث لقرّ له أنه أحفظ له منه! ث قرأ توراة موسى حت لو حضره‬
‫موسى لق ّر بأنه أحفظ لا منه! ث قرأ زبور داود‪ !....‬ث قرأ إنيل عيسى‪ ،...‬ث قرأ القرآن الذي‬
‫أنزله ال عليّ من أوله إل آخره فوجدته يفظ كحفظي له الساعة!!‪...‬ال الديث الطويل الليء‬
‫بالباطيل»(‪.)2‬‬
‫فانظر أيها القارئ اللبيب ف أي واد من وديان الغل ّو يقع النسانُ الذي يصدّق بثل هذا‬
‫الديث الكاذب‪ ،‬وف أي حفرة من الضللة الت ل إمكان للنجاة منها‪ ،‬يسقط!‬
‫ولا كان مت هذا الديث الراف يالف صريح القرآن الكري ويناقض العقل والوجدان‬
‫والتاريخ‪ ،‬فإننا ف غن عن البحث ف سنده وبيان ضعفه‪ ،‬إذْ إنه على درجة من البطلن والراء‬
‫يجل معها النسان من مرد ذكره وبيان كذبه‪.‬‬
‫مع أن ذلك الديث الفترى يناقض ما رواه ابن الفتال نفسه ف كتابه ذاته من أن عليا إنا‬
‫وُلِدَ داخل الكعبة(‪ ،)3‬هذا ويذكر ابن الفتال روايا ٍ‬
‫ت غريبةٍ أخرى مليئةٍ بالترّهات حول رج ٍل عابدٍ‬
‫ب ُيقَال له «الثرم بن رعيب بن الشيقنام»!! وكيف أن أبا طالب ذهب إليه و‪...‬و‪ ...‬إل آخر‬
‫راه ٍ‬
‫تلك الوهومات الت بعزل عن سندها الذي فيه روا ٌة مهولون وغلةٌ‪ ،‬مَْتنُها على درجة من‬
‫() ابن الفتال‪« ،‬روضة الواعظي»‪ ،‬قم‪ :‬دار الرض ّي للنشر‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬وذكر فيه أنه ُ‬
‫ص ّورَ طبقا لنسخة طبعت سنة‬ ‫‪1‬‬

‫‪1386‬هـ ف النجف الشرف‪ ،‬ج ‪ /1‬ص ‪( .84-83‬الترجم)‪.‬‬


‫() الصدر السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن الفتال‪« ،‬روضة الواعظي»‪ ،‬ج ‪/1‬ص ‪( .81‬الترجم)‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 130‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫التهافت والبطلن تكفي لتشهد بأنه افتراء مض من نسج خيال قصاصي وضّاعي حقى‪.‬‬
‫و روايات ابن الفتال هذه متناقضة تعل الذي يقرأها ل يدري ف النهاية هل وُلِ َد عليّ داخل‬
‫الكعبة‪ ،‬أم وُلِدَ ف بيت أب طالب؟؟ وهل كانت قابل ُة عليّ حوريةٌ من نساء النّة أم كان رسول‬
‫ل عََليْ ِه وَآلِهِ) نفسه؟!‬
‫ال (صَلّى ا ُ‬
‫إن أولئك الغلة المقى يظنون أن مثل تلك الروايات الت تشبه أضغاث أحل ٍم ل يُعرف‬
‫أولا من آخرها هي من فضائل الول أمي الؤمني عليه السلم! إنم يريدون أن يثبتوا استنادا إل‬
‫تلك الترّهات الباطلة والرافية موضوع تصرّف عليّ ف الكون والكان!!؟‬
‫ما هي نتيجة قبول مثل تلك الروايات؟ إنا لن تكون سوى القول بأن قراءة عليّ للقرآن‬
‫حي ولدته وقبل بعثة رسول ال بعدة سنوات‪ ،‬إن ل تدل على إلـهية عل ّي وعلمه بكل شيء‪،‬‬
‫ل عََليْهِ‬
‫فعلى القل ستد ّل على أن عليا ‪ -‬والعياذ بال ‪ -‬أفضل وأعلم من رسول ال (صَلّى ا ُ‬
‫ل عََليْ ِه وَآلِهِ) جنبا إل جنب عدم‬ ‫وَآلِهِ)!! لن القرآن الكري بي لنا عدم اطلع رسول ال (صَلّى ا ُ‬
‫ك مِنْ َأْنبَا ِء الْ َغْيبِ نُوحِيهَا إَِليْكَ مَا‬
‫اطلع قومه على أخبار القرآن ومطالبه‪ ،‬فيقول تعال‪ ﴿ :‬تِلْ َ‬
‫صِبرْ إِ ّن الْعاقَِبةَ لِ ْل ُمّتقِيَ ﴾ [هود‪ ،]49:‬والقول بأفضلية‬ ‫ت َتعْلَ ُمهَا َأْنتَ وَل َق ْومُكَ مِنْ َقبْ ِل هَذَا فَا ْ‬
‫كُن َ‬
‫عليّ على رسول ال أو مساواته له ف الفضل كفرٌ‪ .‬وأصلً لو قرأ عليّ كل آيات القرآن على‬
‫رسول ال ‪ -‬كما تدعي تلك الرواية الرافية ‪ -‬فإن رسول ال سيكون قد سع من عليّ آيات‬
‫حادثة الفك ف سورة النور الت تبيّن تزكية وطهارة أم الؤمني عائشة‪ ،‬وبالتال تكون براءة عائشة‬
‫ل عََليْهِ‬ ‫قد أصبحت مسلّمة له‪ ،‬فلماذا إذن تلك الية والتفكي الذي وقع به رسول ال (صَلّى ا ُ‬
‫ل عََليْهِ وَآلِهِ) طلق‬ ‫صلّى ا ُ‬ ‫وَآلِهِ) لا سع ذلك الوضوع؟! ولاذا إذن اقترح عليٌ على رسول ال ( َ‬
‫عائشة ف تلك الادثة؟ ولاذا استوضح رسول ال خادمة عائشة عن المر؟!‪ .‬ومئات القضايا‬
‫ل عََليْ ِه وَآلِهِ) يدري با قبل أن تقع‬ ‫الخرى الت يتضمنّها القرآن‪ ،‬والت ل يكن رسول ال (صَلّى ا ُ‬
‫خلل سيته‪.‬‬
‫وإذا تركنا كل ذلك جانبا‪ ،‬فإننا نسأل ما هي الفائدة من صدور كل تلك العمال العجيبة‬
‫من عليّ حي ولدته والت ل بد أنا تعتب معجزات؟ لاذا كان عليّ يظهر تلك العجزات للنبّ؟‬
‫أكان النب منكرا لفضائل عليّ فأراد عليّ أن يبينها له؟!! فبال عليكم أيها القراء الكرام هل هناك‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 131‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫أح ٌق فضلً عن عاقل يكنه أن يقبل بثل تلك الطالب أو يستند إل مثل تلك الوهام لثبات‬
‫عقيدةٍ ما؟!‬
‫ل مفصّلً قريبا من هذا العن نقلً عن‬ ‫وقد ذكر الجلسي ف «بار النوار» أيضا حديثا طوي ً‬
‫كتاب «المال» للشيخ أب جعفر الطوسي جاء فيه أنّه بعد ولدة عل ّي وعودة أمّه إل بيتها عزمَ‬
‫ل عََليْ ِه وَآلِهِ) على الذهاب إل بيت أب طالب لرؤية الوليد الديد‪ ،‬فذهب‬ ‫نبّ الِ م ّمدٌ (صَلّى ا ُ‬
‫صلّى الُ عََليْهِ وَآلِهِ) فََلمّا َدخَ َل اهتز له أمي الؤمني عليه السلم وضحك‬ ‫ولا‪َ « :‬دخَلَ َرسُولُ الِ ( َ‬
‫ف وجهه وقال‪ :‬السلم عليك يا رسول ال ورحة ال وبركاته!‪ .‬قال‪ :‬ث تنحنح بإذن ال تعال‬
‫وقال‪ :‬بِسْمِ الِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ‪ .‬قَدْ أَفَْل َح الْ ُم ْؤمِنُونَ‪ .‬الّذِي َن هُمْ فِي صَلتِهِمْ خا ِشعُون‪ .‬إل آخر‬
‫ل عََليْهِ وَآلِهِ)‪ :‬قد أفلحوا بك وقرأ تام اليات إل قوله‪ُ :‬أوْلَئِكَ‬ ‫اليات‪ .‬فقال رسول ال (صَلّى ا ُ‬
‫ل عََليْهِ وَآلِهِ)‪:‬‬
‫س هُمْ فِيهَا خَاِلدُونَ‪ .‬فقال رسول ال (صَلّى ا ُ‬ ‫هُ ُم اْلوَا ِرثُونَ‪ .‬الّذِي َن يَ ِرثُو َن اْلفِرْ َدوْ َ‬
‫أنتَ وال أميُهُم‪ ...‬الديث»(‪.)1‬‬
‫ويُقال ف هذه الرواية الوضوعة ما قيل ف سابقتها من أن متنها مالفٌ لصريح آيات القرآن‬
‫ل عََليْ ِه وَآلِهِ)‪ ،‬ول لقومه‪ ،‬أيّ علمٍ بالقرآن الكري قبل‬
‫صلّى ا ُ‬
‫الت تؤكد أنه ل يكن للنب الكرم ( َ‬
‫نزوله‪ ،‬هذا فضلً عن أن سند الرواية رواةٌ غلةٌ وضّاعون‪.‬‬
‫نسأل ال تعال أن يمينا وجيع السلمي من أمثال تلك الوهومات والرافات وأن ينجينا‬
‫من ش ّر الغلة الذين هم من أسوأ الفات‪ ،‬ويهدينا إل الدين الصحيح والصراط اللـهي الستقيم‬
‫الذي هو دين السلم واتّباع القرآن‪.‬‬
‫ل عََليْ ِه وَآلِهِ) كثيا حت لعنهم وتبأ‬
‫صلّى ا ُ‬
‫أجل‪ ،‬لقد آذى أولئك الغلة سيدنا رسول ال ( َ‬
‫منهم مرارا وإليكم الديث التال حول ذلك‪:‬‬
‫‪ -8‬روى الكشي ف رجاله قال أبو السن علي بن ممد بن قتيبة وما وقع عبد ال بن‬
‫حدويه البيهقي و َكَتبْتُهُ من رقعته‪« :‬أن أهل النيسابور قد اختلفوا ف دينهم وخالف بعضهم بعضا‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) عرف جيع لغات أهل الرض‬
‫ويكفر بعضهم بعضا وبا قو ٌم يقولون إن النب (صَلّى ا ُ‬
‫ولغات الطيور وجيع ما خلق ال وكذلك ل بد أن يكون ف كل زمان من يعرف ذلك ويعلم ما‬
‫() الل ممد باقر الجلسي‪« ،‬بار النوار»‪ ،‬ج ‪/35‬ص ‪( .38-37‬الترجم)‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 132‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫يضمر النسان ويعلم ما يعمل أهل كل بلد ف بلدهم ومنازلم‪ ،‬وإذا لقي طفلي فيعلم أيهما‬
‫مؤمن وأيهما يكون منافقا‪ ،‬وأنه يعرف أساء جيع من يتوله ف الدنيا وأساء آبائهم وإذا رأى‬
‫صلّى‬
‫أحدهم عرفه باسه من قبل أن يكلمه‪ .‬ويزعمون ُجعِ ْلتُ فِداكَ أن الوحي ل ينقطع والنب ( َ‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) ل يكن عنده كمال العلم ول كان عند أحد من بعده وإذا حدث الشيء ف أي‬ ‫اُ‬
‫زمان كان ول يكن علم ذلك عند صاحب الزمان أوحى ال إليه وإليهم! فقال‪ :‬كذبوا لعنهم ال‬
‫وافتروا إثا عظيما»(‪.)1‬‬
‫ل عََليْهِ‬
‫وأقول‪ :‬إن هذا التوقيع واللعن والباءة تشمل كل من يعتقد بالمام أو النب (صَلّى ا ُ‬
‫وَآلِهِ) مثل تلك العقائد الغالية‪ ،‬كيف ل وقد ضل كثي من عامة الناس بل خاصتهم وبعض‬
‫التسمّي بآيات ال العظمى منهم(!) (كأب الفضل النبوي) بسبب تلك الحاديث الكاذبة الت‬
‫وضعها الغلة وندها ف ثنايا كتب مثل كتاب «بصائر الدرجات» لحمد بن السن الصفار (‬
‫‪ 290‬هـ) أو كتاب «الكاف» للكَُليِْنيّ (‪ 329‬هـ)‪ ،‬وغيها‪.‬‬
‫‪ -9‬وف رجال الكشي أيضا (ص ‪ )2()196‬عن السن بن موسى الشاب‪ ،‬عن علي بن‬
‫السان‪ ،‬عن عمه عبد الرحن بن كثي‪ ،‬قال‪ ،‬قال أبو عبد ال عليه السلم يوما لصحابه‪« :‬لع َن‬
‫ال الغيةَ ب َن سعيدٍ ولعن يهودية كان يتلف إليها يتعلم منها السحر والشعبذة والخاريق إن الغية‬
‫كذبَ على أب عليه السلم فسلبه ال اليان‪ ،‬وإن قوما كذبوا عل ّي ما لم أذاقهم ال حرّ الديد‪،‬‬
‫فوال ما نن إل عبيدُ الذي خلقنا واصطفانا ما نقدر على ضر ول نفع إن رحنا فبحته وإن عذبنا‬
‫فبذنوبنا‪ ،‬وال ما لنا على ال من حجة ول معنا من ال براءة وإنا ليتون ومقبورون ومنشرون‬
‫صلّى الُ‬
‫ومبعوثون وموقوفون ومسئولون‪ ،‬ويلهم ما لم لعنهم ال فلقد آذوا ال وآذوا رسوله ( َ‬
‫عَلَيه وَآلِهِ) ف قبه وأمي الؤمني وفاطمة والسن والسي وعلي بن السي وممد بن علي‬
‫(صلوات ال عليهم)‪ ،‬وها أنا ذا بي أظهركم لم رسول ال وجلد رسول ال أبيت على فراشي‬
‫خائفا وجلً مرعوبا‪ ،‬يأمنون وأفزع وينامون على فرشهم وأنا خائف ساهر وجل‪ ،‬أتقلقل بي‬
‫البال والباري‪ ،‬أبرأ إل ال ما قال ف الجدع الباد عبد بن أسد أبو الطاب لعنه ال‪ ،‬وال لو‬

‫() انظر بار النوار‪ :‬ج ‪/25‬ص ‪( .162 -161‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() وهي ف نسخة رجال الكشي‪ ،‬طبع مؤسسة النشر ف جامعة مشهد‪/‬إيران‪ 1348 ،‬هـ ف ص‪.226 - 225 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫(الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 133‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫ابتلوا بنا وأمرناهم بذلك لكان الواجب أل يقبلوه فكيف وهم يرون خائفا وجلً أستعدي ا َ‬
‫ل‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) وما معي‬
‫عليهم‪ ،‬وأت ّبأُ إل ال منهم‪ ،‬أشهدكم أن امرؤ ولدن رسول ال (صَلّى ا ُ‬
‫براءة من ال‪ ،‬إن أطعته رَحِمَن وإن عصيته عذّبن عذابا شديدا أو أش ّد عذابه‪.».‬‬
‫وأقول‪ :‬انظروا كيف كذّب المام الصادق عليه السلم بتلك العبارات الواضحة الصرية‬
‫كل تلك الترّهات والكاذيب الت ينسبها إليه الغلة‪ ،‬والت ل يزال بعض غلة عصرنا يعتقدون‬
‫بثلها بق المام الصادق وشفاعته والتوسل به!‪.‬‬
‫ول غرو أن يقول المام الصادق ما قاله فقد جاء ف كتاب ال العزيز إنذارٌ لدّه رسول ال‬
‫ل عََليْ ِه وَآلِهِ) ف قوله تعال‪ ﴿ :‬وََلقَدْ أُو ِحيَ إَِليْكَ َوإِلَى الّذِي َن مِنْ َقبْلِكَ َلئِنْ َأشْرَ ْكتَ‬ ‫(صَلّى ا ُ‬
‫ك وََلَتكُونَ ّن مِ َن الْخَا ِسرِينَ ﴾ [الزمر‪ ،]65:‬هذا بعد أن ينقل القرآن الكري لنا عن لسان‬ ‫حبَطَ ّن عَمَلُ َ‬ ‫َليَ ْ‬
‫صيْتُ َربّي عَذَابَ َي ْومٍ عَظِيمٍ ﴾ [النعام‪،]15:‬‬ ‫ل عََليْهِ وَآلِهِ)‪ ﴿ :‬قُلْ إِنّي أَخَافُ ِإنْ َع َ‬‫النب (صَلّى ا ُ‬
‫ومثلها ف سورة يونس‪ /‬آية ‪ ،15‬وسورة الزمر‪/‬آية ‪ .13‬فيحق للصادق أن يكون كذلك أيضا‬
‫ب ول قرابةٌ‪ ،‬ولن ينجيه إل‬ ‫لنه ليس بي ال تعال وبي أحد من َخ ْلقِهِ ‪ -‬مهما علت منلته ‪ -‬نس ٌ‬
‫ب مَ ْن َيعْمَ ْل سُوءًا ُيجْزَ‬
‫عَمَلُ ُه ورحةُ ربّه‪ ،‬أل يقل ال تعال‪َ ﴿ :‬لْيسَ ِبَأمَانِّيكُ ْم وَل َأمَاِنيّ َأهْ ِل اْلكِتَا ِ‬
‫ت مِنْ ذَكَرٍ َأوْ أُنثَى َوهُوَ‬ ‫جدْ لَ ُه مِنْ دُونِ اللّ ِه وَِليّا وَل َنصِيًا * َومَ ْن َيعْمَ ْل مِ َن الصّالِحَا ِ‬
‫بِهِ وَل يَ ِ‬
‫جّنةَ وَل يُظَْلمُونَ َنقِيًا ﴾ [النساء‪.]124-123:‬‬ ‫ُم ْؤمِنٌ َفُأوَْلئِكَ يَ ْدخُلُو َن الْ َ‬
‫إن ذلك الديث الذي أوردناه عن المام الصادق عليه السلم يبيّن براءته من مقالت الغلة‬
‫الت كان غلة عصره ينشرونا وخلّفوها للسف للجيال اللحقة حت تلقّفها منهم غلة عصرنا‪،‬‬
‫أل لعنةُ ال عليهم لعنا وبيلً‪.‬‬
‫‪ - 10‬رورى الكشيّ ف رجاله (ص ‪ )1()254‬كذلك عن ممد بن مسعود‪ ،‬قال حدثن‬
‫عبد ال بن ممد بن خالد‪ ،‬عن علي بن حسان‪ ،‬عن بعض أصحابنا‪ ،‬رفعه إل أب عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬ذُكِ َر عنده جعفر بن واقد ونفر من أصحاب أب الطاب‪ ،‬فقيل إنه صار إل بيوذ‪،‬‬
‫وقال فيهم و ُهوَ الّذِي فِي السّماءِ إِل ٌه وفِي اْلأَ ْرضِ إِلهٌ‪ ،‬قال‪ :‬هو المام‪ ،‬فقال أبو عبد ال عليه‬
‫ف بيتٍ أبدا‪ ،‬هم ش ّر من اليهود والنصارى والجوس والذين‬ ‫السلم‪« :‬ل وال ل يأوين وإياه سق ُ‬

‫() وف نسخة طبعة جامعة مشهد الحققة‪ :‬ص ‪( .301 - 300‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 134‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫أشركوا‪ ،‬وال ما صغّر عظمةَ ال تصغيهم شيء قط‪ ،‬إن عُ َزيْرا جال ف صدره ما قالت فيه اليهود‬
‫فمحا ال اسه من النبوة‪ ،‬وال لو أن عيسى أقرّ با قالت النصارى لورثه ال صمما إل يوم‬
‫القيامة‪ ،‬وال لو أقررت با يقول فّ أهلُ الكوفة لخذتن الرض‪ ،‬وما أنا إل عب ٌد ملوكٌ ل أقدر‬
‫على شيء ض ّر ول نفع‪.».‬‬
‫أقول‪ :‬وِلنُدَقّق ف جلة «فمحا ال اسه من النبوة» ففيها معنً دقيق وعال‪ ،‬إذ إنا تبي عدم‬
‫صحة تلك العصمة الوهبية الطلقة الت يدعيها الغالون بالئمة وتبعا لذلك بالنبياء والرسل‪ ،‬لن‬
‫عزيرا قد مُحي اسه من سجل النبياء لجرد أنه جال ف ذهنه أو تصور أن يكون له مثل ذلك‬
‫القام‪ ،‬فل عصمة على ذلك النحو الذي يقولونه‪ ،‬حت لو أن عيسى بن مري أقرّ ‪ -‬والعياذ بال ‪-‬‬
‫با قالته النصارى بقّه لفعل ال تعال به كذا كذا‪ ،‬كما جاء ف الرواية‪.‬‬
‫‪ -11‬ويذكر الطبسي(‪ )1‬ف كتابه «الحتجاج» (ج ‪/2‬ص ‪ )439‬رواي ًة عن المام الرضا‬
‫عليه السلم كما يلي‪« :‬فقام إليه رجل فقال‪ :‬يا ابن رسول ال! صف لنا ربك فإ ّن مَنْ َقبَْلنَا قد‬
‫اختلفوا علينا! فوصفه الرضا عليه السلم أحسن وصف ومّدَه ون ّزهَه عمّا ل يليق به تعال‪ .‬فقال‬
‫الرجل‪ :‬بأب أنت وأمي يا ابن رسول ال! فإ ّن معي من ينتحل موالتكم ويزعم أن هذه كلّها من‬
‫صفات عليّ عليه السلم وأنه هو ال رب العاليّ! قال فلما سعها الرضا عليه السلم ارتعدت‬
‫فرائصه وتصبّبَ عرقا وقال‪ :‬سبحان ال عمّا يشركون! سبحانه عمّا يقول الكافرون علوّا كبيا!‬
‫أوليس عليّ كان آكلً ف الكلي وشاربا ف الشاربي وناكحا ف الناكحي ومدثا ف الحدثي‬
‫ل وإليه أوّاها منيبا؟ أفمن هذه صفته يكون إلا؟؟‬ ‫وكان مع ذلك مصليا خاضعا بي يدي ال ذلي ً‬
‫فإن كان هذا إلا فليس منكم أح ٌد إل وهو إلهٌ لشاركته له ف هذه الصفات الدالت على حدوث‬
‫كل موصوف با! فقال الرجل‪ :‬يا ابن رسول ال! إنم يزعمون أن عليا لا أظهر من نفسه‬
‫العجزات الت ل يقدر عليها غي ال دلّ على أنه إلهٌ‪ ،‬ولا ظهر لم بصفات الحدثي العاجزين‬
‫لبّس ذلك عليهم وامتحنهم ليعرفوه وليكون إيانم اختيارا من أنفسهم! فقال الرضا عليه السلم‪:‬‬
‫أوّ ُل ما هاهنا أنم ل ينفصلون من قلب هذا عليهم فقال‪ :‬لّا ظهر منه الفقر والفاقة دلّ على أ ّن مَنْ‬

‫() هو الشيخ أحد بن علي بن أب طالب الطبسي‪ ،‬ل يُعرف تاريخ ولدته أو وفاته بدقة‪ ،‬وكل ما يُعرف عنه أنه من‬ ‫‪1‬‬

‫علماء القرن السادس الجري ومن معاصري أمي السلم الطبسي (‪ 548‬هـ) صاحب تفسي "ممع البيان" الشهي‪،‬‬
‫وكل الطبسيي من مشايخ ابن شهر آشوب الازندران التوف سنة ‪588‬هـ‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 135‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫هذه صفاته وشاركه فيها الضعفاء الحتاجون ل تكون العجزات فعله‪َ ،‬فعُلِ َم بذا أن الذي أظهره‬
‫من العجزات إنا كانت فعل القادر الذي ل يشبه الخلوقي ل فعل الحدث الشارك للضعفاء ف‬
‫صفات الضعف‪.».‬‬
‫‪ - 12‬وذكر الكشي ف رجاله روايةً أخرى ف هذا الجال فقال‪« :‬وبذا السناد‪ ،‬عن ممد‬
‫بن خالد الطيالسي‪ ،‬عن ابن أب نران‪ ،‬عن عبد ال‪ ،‬قال‪ ،‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إنا أهل‬
‫بيت صدّيقون ل نلو من كذّاب يكذب علينا ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس‪ ،‬كان رسول‬
‫ل عََليْ ِه وَآلِهِ) أصدق الناس لجة وأصدق البيّة كلها‪ ،‬وكان مسيلمة يكذب عليه‪،‬‬
‫ال (صَلّى ا ُ‬
‫وكان أمي الؤمني عليه السلم أصدقَ من بَ َرأَ الُ بعدَ رسولِ الِ‪ ،‬وكان الذي يكذب عليه ويعمل‬
‫ف تكذيب صدقه ويفتري على ال الكذب عبد ال بن سبإ‪ ».‬ث تابع الكشيّ قوله‪« :‬ذكر بعض‬
‫أهل العلم أن عبد ال بن سبإ كان يهوديا فأسلم ووال عليا عليه السلم وكان يقول وهو على‬
‫صلّى الُ عََليْهِ‬
‫يهوديته ف يوشع بن نون وصي موسى بالغلو‪ ،‬فقال ف إسلمه بعد وفاة رسول ال ( َ‬
‫وَآلِهِ) ف علي عليه السلم مثل ذلك‪ ،‬وكان أول من شهر بالقول بفرض إمامة علي وأظهر الباءة‬
‫من أعدائه وكاشف مالفيه وأكفرهم‪ ،‬فمن هاهنا قال من خالف الشيعة أصل التشيع والرفض‬
‫مأخوذ من اليهودية!» انتهى كلم الكشّي(‪.)1‬‬
‫‪ -13‬وروى الصدوق ف «عيون أخبار الرضا عليه السلم» بسنده عن أب عن السن بن‬
‫أحد الالكي عن أبيه عن إبراهيم بن أب ممود قال قلت للرضا عليه السلم‪ :‬يا ابن رسول ال! إن‬
‫عندنا أخبارا ف فضائل أمي الؤمني عليه السلم وفضلكم أهل البيت وهي من رواية مالفيكم ول‬
‫نعرف مثلها عنكم أفندين با؟؟ فقال‪ :‬يا ابن أب ممود! لقد أخبن أب عن أبيه عن جده عليه‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) قال‪ :‬مَنْ أصغى إل ناطق فقد عبده فإن كان الناطق‬
‫السلم أن رسول ال (صَلّى ا ُ‬
‫عن ال عز وجل فقد عبد ال وإن كان الناطق عن إبليس فقد عبد إبليس‪.‬‬
‫ث قال الرضا عليه السلم‪« :‬يا ابن أب ممود! إن مالفينا وضعوا أخبارا ف فضائلنا‬
‫وجعلوها على أقسام ثلثة أحدها الغلو وثانيها التقصي ف أمرنا وثالثها التصريح بثالب أعدائنا فإذا‬
‫سع الناس الغلو فينا كفروا شيعتنا ونسبوهم إل القول بربوبيتنا وإذا سعوا التقصي اعتقدوه فينا‬

‫() رجال الكشي‪ ،‬ص ‪ 100‬ف الطبعة القدية‪ ،‬أو ص ‪ 109 - 108‬ف طبعة جامعة مشهد‪( .‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 136‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫سبّوا الّذِينَ يَ ْدعُونَ مِنْ‬


‫وإذا سعوا مثالب أعدائنا بأسائهم ثلبونا بأسائنا وقد قال ال عز وجل ول تَ ُ‬
‫ل عَدْوا بِ َغيْ ِر عِ ْل ٍم يا ابن أب ممود إذا أخذ الناس يينا وشالً فالزم طريقتنا فإنه‬
‫سبّوا ا َ‬
‫دُونِ الِ َفيَ ُ‬
‫من لزمنا لزمناه ومن فارقنا فارقناه إن أدن ما يرج الرجل من اليان أن يقول للحصاة هذه نواة‬
‫ث يدين بذلك ويبأ من خالفه يا ابن أب ممود احفظ ما حدثتك به فقد جعت لك فيه خي الدنيا‬
‫والخرة‪.)1(».‬‬
‫قلتُ‪ :‬فانظروا أيها القراء الكرام كيف يذّر المام عليه السلم ويوّف حت من الذي يقول‬
‫عن الصاة نواة ويعل ذلك الفتراء دينه‪ ،‬ومثله الذي يقول عن إنسان إنه فوق إنسان‪ ،‬وعن بشرٍ‬
‫إنه ملكٌ‪ ،‬فما بالك بن يقول عن بشر إنه يعمل أعمال ال تعال؟!‬
‫‪ -14‬روى الشيخ الصدوق ف «الصال» (ص ‪ ،63‬الطبعة السلمية) بسنده عن المام‬
‫أب عبد ال جعفر بن ممد الصادق عليهما السلم قال‪« :‬أَْدْن ما ي ُرجُ به الرجلُ عن اليان أن‬
‫يلس إل غالٍ فيستمع إل حديثه ويصدّقُهُ على قوله‪ ،‬إن أب حدّثن عن أبيه عن جدّه عليه السلم‬
‫ل عََليْهِ وَآلِهِ) قال‪ :‬صنفان من أمت ل نصيب لما ف السلم‪ ،‬الغُلةُ‬
‫صلّى ا ُ‬
‫أن رسول ال ( َ‬
‫والقد ِرّيةُ‪.».‬‬
‫‪ -15‬وروى الجلسي ف بار النوار (ج ‪/65‬ص ‪ )167‬نقل عن الكشي ف رجاله عن‬
‫خالد بن حاد عن السن بن طلحة رفعه عن ممد بن إساعيل عن علي بن زيد الشامي قال قال‬
‫أبو السن (أي المام الرضا) عليه السلم قال أبو عبد ال عليه السلم‪« :‬ما أنزل ال سبحانه‬
‫وتعال آيةً ف النافقي إل وهي فيمن ينتحل التشيع(‪.»!)2‬‬
‫وهذه الرواية نقلها العلمة الامقان أيضا ف كتابه «مقباس الداية» (ص ‪.)89‬‬

‫() الشيخ الصدوق‪« ،‬عيون أخبار الرضا»‪ ،‬ج ‪/1‬ص ‪.304‬‬ ‫‪1‬‬

‫() قوله ﴿ ينتحل التشيّع ﴾ أي ينتسب إليه زورا وكذبا‪ ،‬من النّحلة‪ ،‬قال ابن منظور ف لسان العرب‪ ﴿ :‬والّنحْلةُ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫حلَه‪ :‬ادّعاه وهو لغيه‪[ ﴾ .‬الترجم)‬


‫الدّ ْعوَى‪ .‬وانَْتحَل فلنٌ ِشعْر فلنٍ‪ ،‬أَو قا َل فلنٍ إذا ادّعاه أَنه قائلُه‪ .‬وتََن ّ‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 137‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫تكّن الغلة من دسّ كثي من أخبار الغلوّ‬


‫بي الثار الصحيحة الروية عن الئمة‬
‫رغم كل تلك الحاديث الت وردت ف ذ ّم الغلة نشأت عديد من الذاهب الباطلة باسم‬
‫الشيعة مثل فرقة ال َكيْساِنيّة والساعيلية والبّانية والاشية والرزاقية والفطحية والسمطية والناووسية‬
‫صيْريّة والشريفية والفوّضة وأمثالا‪...‬‬
‫والواقفية والطابية والبيانية والخمّسَة والعليائية والنّ َ‬
‫وللطلع الفصّل عليها يب الرجوع إل كتب اللل والنحل‪ ،‬هذا رغم أنه ل يبق اليوم من كل‬
‫تلك الفرق الغالية إل فرقة الساعيلية (وتف ّرعَاتا) والنصييّة‪ .‬إل أن آثار وأقوال تلك الفرق الغالية‬
‫بقيت بي الشيعة ووجدت طريقها إل كتب أخبارهم وأحاديثهم الت اختلطت فيها الروايات‬
‫الصحيحة بآثار وأقوال تلك الفرق‪ .‬ومَ َردّ ذلك إل أن اختلط وامتزاج تلك الفرق الشيعية القدية‬
‫بعضها ببعض كان أمرا حتميّا ل يكن اجتنابه‪ ،‬فكثيٌ من رجال الشيعة أمضَوا فترات من حياتم‬
‫أتباعا لذاهب متلفة وأخيا اهتدوا إل الذهب الق‪ ،‬أو انصرفوا عن الذهب الق واتبعوا مذاهب‬
‫باطلة‪ ،‬مثل «العلّى بن خُنيس» الذي كان ـ حسب ما روي ـ مغييّ الذهب‪ ,‬أي من‬
‫أصحاب الغية بن سعيد الذي لعنه المام الصادق عليه السلم كما مرّ‪ ،‬ث اعتنق دعوة ممد بن‬
‫عبد ال العروف بالنفس الزكية وأُخِذ بتلك التهمة وُقتِل استنادا إليها‪ .‬هذا الشخص اعتبه الشيخ‬
‫ث عن المام‬ ‫الطوسي من أصحاب حضرة المام الصادق عليه السلم وقد روى العلّى فعلً أحادي َ‬
‫الصادق‪ .‬وتوجد أمثل ٌة عديدةٌ أخرى لشخاص كانوا من قبل من أتباع بعض الفرق الباطلة ث‬
‫اهتدوا أخيا إل الذهب الق أو بالعكس‪.‬‬
‫إضافةً إل ذلك فإن أصحاب الذاهب الباطلة كانوا يسعَون إل تلويث الذهب الق‬
‫بعقائدهم(‪.)1‬‬

‫() للشيخ هاشم معروف السن ف كتابه «الوضوعات ف الثار والخبار» كلم متاز يؤيد تاما ما يذكره الؤلّف هنا‬ ‫‪1‬‬

‫حيث يقول‪[[ :‬فقد كان من أخطر الدخلء على التشيع جاعة تظاهروا بالولء لهل البيت‪ ،‬واْن َدسّوا بي الرواة‬
‫وأصحاب الئمة (عليهم السلم) مدّ ًة طويل ًة من الزمن استطاعوا خللا أن يتقربوا من المامي الباقر والصادق واطمأن‬
‫إليهم جع من الرواة فوضعوا مموعة كبية من الحاديث ودسّوها بي أحاديث الئمة وف أصول كتب الديث‪ ،‬كما‬
‫تشي إل ذلك بعض الروايات‪ ،‬وقد اشتهر من هؤلء ممد بن مقلص السدي الذي يكنّيه الشهرستان بأب زينب‪،‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 138‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫شيّ (ص ‪ )2()196‬عن يونس عن هشام بن الكم أنه سعَ حضرةَ‬


‫وجاء ف كتاب رجال الك ّ‬
‫المام أب عبد ال الصادق عليه السلم يقول‪« :‬كان الغيةُ بن سعيد يتعمّد الكذب على أب‪،‬‬
‫ويأخذ كتب أصحابه‪ ،‬وكان أصحابه الستترون بأصحاب أب يأخذون الكتب من أصحاب أب‬
‫س فيها الكفر والزندقة ويسندها إل أب ث يدفعها إل أصحابه‬
‫فيدفعونا إل الغية فكان يد ّ‬
‫فيأمرهم أن يبثّوها ف الشيعة‪ ،‬فكلما كان ف كتب أصحاب أب من الغلوّ فذاك ما دسه الغية بن‬
‫سعيد ف كتبهم‪.».‬‬
‫قلت‪ :‬فمن هنا نعلم منشأ ومصدر مثل تلك الحاديث الرافية الغالية ومن الذين كانوا‬

‫والقريزي بابن أب ثور‪ ،‬والغية بن سعيد‪ ،‬ويزيع بن موسى الائك‪ ،‬وبشار الشعيي‪ ،‬ومعمر بن خيثم‪ ،‬والسري وحزة‬
‫اليزيدي وصائد الندي‪ ،‬وبيان سعان التميمي‪ ،‬والرث الشامي‪ ،‬وعبد ال بن الرث وغي هؤلء من ل يسعنا‬
‫استقصاؤهم‪ ،‬وكان بشار الشعيي وحزة اليزيدي ومعمر بن خيثم وبيان بن سعان والغية بن سعيد من دعاة اللاد‬
‫والغلو‪ ،‬فلقد ادعى بشار بأن عليا هو الله‪ ،‬وقال بالتناسخ‪ ،‬وجاء عن المام الصادق (عليه السلم) أنه قال ِلمَرَزِام وكان‬
‫جارا لبشار‪ ،‬قال له‪ :‬إذا قدمت الكوفة فقل له‪ :‬يقول لك جعفر‪ :‬يا فاسق يا كافر يا مشرك أنا بريء منك! قال مرزام‪:‬‬
‫فلما َقدِ ْمتُ الكوف َة بلّغْتُهُ الرسالةَ‪ ،‬فقال بشار‪ :‬وقد ذكرن سيدي؟ قال نعم ذكرك بذا‪ ،‬فقال له جزاك ال خيا‪ .‬وأما‬
‫معمر بن خثيم فقد أح ّل جيع الحرمات‪ ،‬وأما حزة فكان يدعي بأن أبا جعفر يأتيه بالوحي ف كل ليلة‪ ،‬وأما بيان فلقد‬
‫ادّعى النبوة بعد أب هاشم بن ممد بن النفية‪ ،‬وأما الغية بن سعيد فلقد ادعى النبوة وكان أكثرهم أتباعا لنه كان‬
‫يستعمل السحر والشعبذة والساليب الت تضلل البسطاء الغفلي‪.‬‬
‫وجاء عن أب السن الرضا عليه السلم أنه قال‪ ﴿ :‬كان بيان يكذب على علي بن السي فأذاقه ال حر الديد‪ ،‬وكان الغية‬
‫يكذب على أب جعفر الباقر‪ ،‬وكان ممد ابن فرات يكذب على أب السن موسى بن جعفر‪ ،‬وكان أبو الطاب يكذب‬
‫على أب عبد ال الصادق ﴾‪.‬‬
‫وجاء عن يي بن عبد الميد المان‪ :‬أن جعفر بن ممد (أي المام الصادق عليه السلم) كان رجلً صالا مسلما ورعا‬
‫فاكتنفه قومٌ جهال يدخلون عليه ويرجون يقولون‪ :‬حدّثنا جعفر بن ممد‪ ،‬ويدّثون بأحاديث منكرة كلها كذب على‬
‫المام جعفر بن ممد يستأكلون با الناس‪ ،‬كالفضّل بن عمر وبيان وعمر النبطي وغيهم من الوضّاعي ونسبوا إليه أنه‬
‫قال‪ :‬إن معركة المام تكفي عن الصلة والصيام‪ ،‬وأن عليا ف السحاب يطي مع الريح‪ ،‬وأن الَ إلهُ السماء والمامَ إلهُ‬
‫الرض‪ ،‬إل غي ذلك من القالت‪.‬‬
‫وتؤكد الرويات الصحيحة عن المام الصادق عليه السلم وغيه من الئمة أن الغية بن سعيد وبيانا وصائد الندي وعمر‬
‫النبطي والفضل وغيهم من النحرفي عن التشيع والندسي ف صفوف الشيعة وضعوا بي الرويات عن الئمة عددا‬
‫كبيا ف متلف الواضيع‪.‬‬
‫ل بي صفوف‬ ‫وجاء عن الغية أنه قال‪ :‬وضعتُ ف أخبار جعفر بن ممد اثن عشر ألف حديث!‪ ،‬وظلّ هو وأتباعه زمنا طوي ً‬
‫الشيعة يترددون معهم إل ملس الئمة (عليهم السلم) ول ينكشف حالم إل بعد أن امتلت أصول كتب الديث‬
‫الول بروياتم كما تشي إل ذلك رواية يي بن عبد الميد السابقة‪( ]].‬الترجم)‪.‬‬
‫() وهو ف ص ‪ 225‬من طبعة مشهد‪( .‬الترجم)‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 139‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫يضعونا ويبثّونا بي السلمي‪.‬‬


‫ومن الهة الخرى كان عوام الشيعة لشدّة حبّهم وتعلّقهم بأهل بيت النبوّة‪ ،‬أهل بيت‬
‫العصمة والطهارة‪ ،‬يقبلون كلما يُقال باسهم‪ ،‬وقليلً ما كانوا يدققون ف صحّة وسقم الحاديث‬
‫النسوبة إل الئمة ـ عليهم السلم ـ خاصّة إذا كانت تتحدث عن فضائلهم‪ ،‬فلم يكونوا‬
‫يتهدون ف تنقيحها وتصحيحها‪ ،‬وكما توقّع أولئك الئمّة الكرام ذاتم يبدو أنّ ال ذهب بعقول‬
‫جاعات من أولئك العامّة كما روى الكشّيّ ف رجاله ذيل بيانه لال «أسلم الكيّ» مول ممد‬
‫بن النفية أن المام ممد الباقر عليه السلم كان يقول‪« :‬لو كان الناس كلهم لنا شيعة لكان ثلثة‬
‫أربَاعهم لنا ُشكّاكَا والربع الخر أحقا!!»‪.‬‬
‫إن مثل أولئك العوام البسطاء السّذّج هم الذين كانوا يصدّقون كل ما يسمعونه باسم المام‬
‫ويعلونه ملكا لعقيدتم وأعمالم ولو كان مالفا لصريح آيات القرآن‪ .‬ومن البديهي أن هؤلء‬
‫السُذّج ل يكونوا مقبولي لدى الئمة ـ عليهم السلم ـ الذين كانوا زبدة الناس وأعقلهم‬
‫وأحكمهم فما كان الئمة ـ عليهم السلم ـ يبّون أمثال أولئك السّذّج‪ ,‬بل كانوا يبّون‬
‫العقلء النبهاء كما روي عن أب عبد ال عليه السلم أنه قال‪« :‬إنا لنحب من شيعتنا من كان‬
‫عاقلً فهيما حليما مداريا صدوقا وفيا»‪.‬‬
‫وروى الشيخ الفيد ف أماليه (ص ‪ ،113‬الجلس ‪ )23‬نو ذلك الديث عن المام جعفر‬
‫بن ممد الصادق عليه السلم أنه قال‪« :‬إنا لنحب من شيعتنا من كان عاقلً فهما فقيها حليما‬
‫ص النبياء عليهم السلم بكارم‬
‫مداريا صبورا صدوقا وفيّا‪ .‬ث قال‪ :‬إن ال تبارك وتعال خ ّ‬
‫الخلق فمن كانت فيه فليحمد ال على ذلك ومن ل تكن فيه فليتضرّع إل ال تبارك وتعال‬
‫وليسأله‪ .‬قال‪ُ :‬جعِلت فداك! وما هي؟ قال عليه السلم‪ ﴿ :‬الورع والقنوع والصب والشكر واللم‬
‫والياء والسخاء والشجاعة والغية والمانة»‪.‬‬
‫وكما قلنا من قبل ذيل بثنا حول الولية(‪ )1‬وحول مودة الؤمني بعضهم بعضا‪ :‬إن مبّة‬
‫الؤمني ومودّتم هي تلك السنخية ف أعمالم السنة الت يقومون با تاه بعضهم بعضا‪ .‬وإنّ مبّة‬

‫() أي ف القسم الثان من كتابه ﴿ طريق النجاة من شر الغلة ﴾ وهو القسم العنون بـ «بث در وليت وحقيقت‬ ‫‪1‬‬

‫آن» أي بث ف الولية وحقيقتها‪( .‬الترجم)‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 140‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫عليّ وأولد عل ّي هي ف القيقة مبة حقائق الدين والعمال السنة والصائل الفاضلة الت كان‬
‫ب عليّ يعن حبّ اليان بال‪ ،‬لن عليّا كان من‬ ‫عليّ والُلّص من أولده مظهرا بارزا لا‪ .‬فح ّ‬
‫ب عليّ يعن حبّ اليان بالقيامة والرص على‬ ‫أكب الؤمني بال‪ ،‬بل الظهر الت لليان‪ ،‬وح ّ‬
‫إعداد الزاد لا من التقوى والعمال الصالة‪ ،‬لن عليّا كان من أكب الؤمني بالقيامة‪ ،‬كما قال‬
‫تعال بشأنه وشأن أهل بيته‪َ ﴿ :‬ويَخَافُو َن َيوْمًا كَا َن شَ ّرهُ مُسْتَطِيًا ﴾ [النسان‪ ،]7:‬وف النهاية حبّ‬
‫ب الصلة والزكاة والساواة ونصرة الظلوم وماربة الظال والخذ على يديه‪ ،‬وحب‬ ‫عليّ يعن ح ّ‬
‫العدالة‪ ،‬وسائر الفضائل النسانية العالية الت كان عليّ أكبَ مظهر لا‪ ،‬أما تلك الحبة الوهيّة الت‬
‫يدّعيها التخيّلون أصحاب الوهام ‪ -‬ويسمّونا ولية عليّ ‪ -‬ل ينشأ منها أي خي وفائدة‪.‬‬
‫إن التشابه ف السنخ وف الطبيعة اللقية هي الت تعل الفراد أحباء بعضهم بعضا‪ .‬أما أنواع‬
‫الب الخرى فليست بشيء‪ ،‬وربا كان منشؤها أمورا مادّيةً‪ .‬فشيعة عل ّي وأتباعه معناها أنم‬
‫مبّو العدالة والمانة والعفّة والتقوى و‪ ...‬و‪ ...‬كما روى الطبسي(‪ )1‬ف كتابه «مشكاة النوار»‬
‫عن «عبد ال بن زياد قال سلّمنا على أب عبد ال عليه السلم بن ث قلتُ‪ :‬يا ابن رسول ال! إنا‬
‫قومٌ متازون لسنا نطيق هذا الجلس منك كلما أردناه ول نقدر عليه َفَأوْصِنا‪ .‬قال‪ :‬أوصيكم‬
‫بتقوى ال وصدق الديث وأداء المانة وحسن الصحابة لن صاحبكم وإفشاء السلم وإطعام‬
‫الطعام صلوا ف مساجدهم وعودوا مرضاهم واتّبعوا جنائزهم فإن أب حدثن أن شيعتَنا أه َل البيت‬
‫كانوا خيار من كانوا منهم‪ ،‬إن كان فقيه كان منهم وإن كان مؤذن كان منهم وإن كان إمام‬
‫كان منهم وإن كان كافل يتيم كان منهم وإن كان صاحب أمانة كان منهم وإن كان صاحب‬
‫وديعة كان منهم فكذلك فكونوا‪ ،‬حّببُونا إل الناس ول ُتبَ ّغضُونا إليهم»(‪.)2‬‬
‫وروى الشيخ الفيد ف «الرشاد» بسنده عن سفيان بن عيينة عن ابن شهاب الزهري قال‪:‬‬
‫«حدثنا علي بن السي عليه السلم وكان أفضل هاشي أدركناه قال‪ :‬أحبونا حب السلم فما‬

‫() هو أبو الفضل‪ ،‬علي بن السن بن الفضل بن السن الطبسي‪ .‬وهو ابن السن بن الفضل الطبسي صاحب كتاب‬ ‫‪1‬‬

‫«مكارم الخلق» وحفيد أمي السلم الفضل بن السن الطبسي صاحب تفسي «ممع البيان»‪ .‬وهو من كبار علماء‬
‫المامية ف القرن السادس الجري‪ ،‬ول ُيعْرَف بالضبط تاريخ ولدته ووفاته‪ ،‬ولكن بالنظر إل أن تاريخ وفاة جده أمي‬
‫السلم الطبسي كانت ف سنة ‪ 548‬للهجرة فمن الحتمل قويا أنه قد أدرك جده وعلى هذا فإنه يكن القول بأن وفاته‬
‫كانت خلل سنوات ال ‪ 600‬للهجرة‪.‬‬
‫() علي بن السن الطبسي‪« ،‬مشكاة النوار»‪ ،‬ط ‪ ،2‬النجف‪ :‬الطبعة اليدرية‪1385 ،‬هـ‪ ،‬ص ‪.146‬‬ ‫‪2‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 141‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫زال حبّكم لنا حت صار شينا علينا‪.)1(».‬‬


‫وكذلك روى ابن شهر آشوب(‪ )2‬ف «الناقب» (ج ‪/4‬ص ‪ )162‬نقلً عن حلية الولياء‬
‫«قال يي بن سعيد‪ :‬سعت علي بن السي عليه السلم يقول واجتمع عليه أناس فقالوا له ذلك‬
‫القول يعن المامة فقال‪ :‬أحبونا حب السلم فإنه ما برح بنا حبكم حت صار علينا عارا‪ ،‬وف‬
‫رواية الزهري‪ :‬ما زال حبكم لنا حت صار شينا علينا‪.)3(».‬‬
‫وروى الكشي ف رجاله (ص ‪ )4()111‬قال‪ :‬حدثن ممد بن مسعود‪ ،‬قال حدثن أبو عبد‬
‫ال السي بن إشكيب‪ ،‬قال حدثن ممد بن أورمة‪ ،‬عن السي بن سعيد‪ ،‬قال حدثن علي بن‬
‫النعمان‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن ضريس‪ ،‬قال قال ل أبو خالد الكابلي أما إن سأحدثك بديث إن‬
‫صدََقنِي‪ ،‬وإن متّ قبل أن تراه ترحّمت علي ودعوت ل‪ ،‬سعت علي بن‬ ‫رأيتموه وأنا حيّ فقلتَ َ‬
‫السي عليه السلم يقول‪« :‬إن اليهود أحبوا عزيرا حت قالوا فيه ما قالوا فل عزير منهم ول هم‬
‫من عزير‪ ،‬وإن النصارى أحبوا عيسى حت قالوا فيه ما قالوا فل عيسى منهم ول هم من عيسى‪،‬‬
‫وأنا على ُسّنةٍ من ذلك إن قوما من شيعتنا سيحبّونا حت يقولوا فينا ما قالت اليهود ف عزير وما‬
‫قالت النصارى ف عيسى ابن مري فل هم منا ول نن منهم‪.».‬‬

‫() الشيخ الفيد‪ ،‬الرشاد‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪( .141‬الترجم)‬ ‫‪1‬‬

‫() هو رشيد الدين‪ ،‬ممد بن شهرآشوب الازندران‪ ،‬من علماء الشيعة المامية وفقهائهم ومدثيهم البارزين ف القرن‬ ‫‪2‬‬

‫السادس الجري‪ُ ،‬ولِ َد ف مازندران (شال إيران) سنة ‪ 489‬هـ‪ ،‬وطاف ف البلدان يتلقى العلم عن علماء الشيعة والسنة‬
‫ف عصره فكان من أساتذته جار ال الزمشري العتزل‪ ،‬والفضل بن السن الطبسي صاحب تفسي ممع البيان والشيخ‬
‫الطبسي صاحب الحتجاج وقطب الدين الراوندي وغيهم‪ .‬من أشهر كتبه‪« :‬مناقب آل أب طالب عليهمالسلم» ف‬
‫أربعة ملدات وكتاب متشابه القرآن وكتاب أساب النول‪ .‬وما ميز ابن شهر آشوب أنه من علماء الشيعة الذين أطرى‬
‫عليهم علماء أهل السنة كثيا‪ ،‬فوصفه العلمة شس الدين الداودي تلميذ السيوطي بأنه وصل إل غاية التخصص ف‬
‫متلف العلوم وكان إمام زمانه ووحيد عصره‪ .‬أكثر تضلعه ف علوم القرآن والديث وهو بي الشيعة من حيث اعتباره‬
‫ومنلته كالطيب البغدادي بي أهل السنة‪ .‬اهـ‪ .‬وجاء ف ترجته ف كتاب «الواف بالوفيات» للصفدي‪ :‬أن ابن‬
‫شهرآشوب حفظ القرآن وله ثان سني وبلغ النهاية ف أصول الشيعة‪،‬كان يُ ْرحَل إليه من البلد‪ ،‬ث تقدم ف علم القرآن‬
‫والغريب والنحو‪ ،‬ووعظ على النب أيام القتفي ببغداد فأعجبه وخلع عليه‪ ،‬وكان بي النظر حسن الوجه والشيبة صدوق‬
‫اللهجة مليح الحاورة واسع العلم كثي الشوع والعبادة والتهجد ل يكون إل على وضوء‪.‬اهـ‪ُ ،.‬ت ُوّفيَ ف حلب شال‬
‫سورية‪ ،‬سنة ‪558‬هـ ودفن با‪( .‬الترجم)‬
‫() ابن شهرآشوب الازندران‪« ،‬الناقب»‪ ،‬قم‪ :‬مؤسسة العلمة للنشر‪1379 ،‬هـ‪ ،‬ج ‪/4‬ص ‪.162‬‬ ‫‪3‬‬

‫() وف نسخة رجال الكشي‪ ،‬طبع جامعة مشهد ف ص ‪( .120‬الترجم)‬ ‫‪4‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 142‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫قلتُ‪ :‬ومن البديهي أن أحدا من أمة السلم لن يرؤ على القول بأن المام الفلن كان ابن‬
‫ال‪ ،‬تعال ال عن ذلك‪ ،‬لن آيات القرآن ردت على نو متكرر وبأشد العبارات صراحة ادعاء‬
‫البن لِـلّهِ‪ ،‬والسلمون يقرؤون على القل خس مرات ف اليوم والليلة ف ركعات صلواتم سورة‬
‫الخلص الت تؤكد أنه تعال‪ ﴿ :‬لَمْ يَلِ ْد وَلَ ْم يُولَدْ ﴾ [الخلص‪ ،]3:‬لذا فإن الغلو سيكون بشكل‬
‫آخر أل وهو نسبة الصفات اللـهية الغالية للئمة كالقول بأنم مدبّرو الكون والتصرّفون ف‬
‫عال المكان ونو ذلك من العقائد الباطلة السخيفة‪ ،‬والواقع أن مثل هذه العقائد أسوأ وأقبح ما‬
‫ادعته اليهود بق العُزَير والنصارى بق عيسى بن مري عليه السلم‪ ،‬كما نبّه إل ذلك الئمة‬
‫س وَالذِي َن أشْرَكُوا»!‬
‫أنفسهم حي قال صادقهم‪« :‬وَالِ إ ّن الغلةَ شرّ من الَيهُودِ وَالّنصَارى وَالجُو ِ‬
‫فالذي يؤمن بال الواحد وبنبوة النبياء ويشى يوم الساب ويتبع أهل بيت النب الطاهرين‬
‫ويبهم ويتمتع بعقل نابه ووجدان حي ل يكن أبدا أن يتفوه بثل تلك الكلمات الت هي من‬
‫عقائد الغلة فضلً عن أن يسمح لثل تلك اليالت الباطلة والشرك الحض أن تد طريقها إل‬
‫قلبه بل ينهض إل ماربة مثل تلك الرافات دون خوف من أتباعها حت ولو خالفه آلف من‬
‫يتسمّون بآيات ال العظمى‪ ،‬وعمدوا إل إصدار الفتاوى ف تكفيه لن هذه الفتاوى هي ف‬
‫القيقة مردودة عليهم فهم أصحاب العقائد الكفرية والشركية بنص القرآن الكري‪.‬‬
‫بذا نتتم هذا الفصل آملي أن ينفع تذكينا هذا متمعنا الذي عشعشت فيه الرافات وأن‬
‫يوقظ النفوس الصادقة التهيئة لقبول حقائق السلم ويهديها إل الق والصواب‪ ،‬فتبأ من أمثال‬
‫تلك الوهومات وتتمسك بعروة النجاة الوثقى القرآن الكري والحاديث الت يصدّقها القرآن‬
‫فتنجو من تلك الضللت وتنال سعادة الدنيا والخرة إن شاء ال ول حول ول قوة إل بال‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 143‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫خلصة مباحث كتاب «طريق النجاة من شر الغلة»‬


‫ف ختام مباحثنا المسة نقول إن قصدنا منها كان بيان خلصة عن العقائد السلمية‬
‫الصحيحة‪ .‬ولعلّ القراء الكرام الذين ربّما أصيبوا بالية لدى قراءَتِهم تلك الباحث الت كشفت‬
‫لم أن كثيا من العقائد والفكار الت كانوا يظنّونا من قبل جزءا من حقائق السلم يسألون إذن‬
‫ما هي القيقة؟‬
‫لذا وضعنا أمام القراء الكرام العقائد والحكام الت أوحى با ال تعال رب العالي بواسطة‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ)‪ .‬وقد رأينا أن هذا العمل ل يتحقق‬
‫آيات القرآن الكري إل نب آخر الزمان (صَلّى ا ُ‬
‫بالختصار‪ ،‬كما أن ذكره بالتفصيل يرج عن حدود هذه الرسالة‪ ،‬ومن الهة الخرى يتاج‬
‫إعداد هذه الطالب بشكل مفصّل إل وقت أكثر ومن جهة ثالثة‪ ،‬ليس لدينا وسيلة لطباعة ونشر‬
‫كتاب مفصل كبي ف هذا المر‪ ،‬وخي شاهد على ما نقول الوضع التواضع جدا لذا الكتاب‬
‫الذي بي يديه من حيث الطباعة والخراج والذي اضطرُرنا إليه نتيجة قلة المكانات والوسائل!‬
‫لذلك صرفنا النظر عن كتابة كتاب مفصّل ف هذا الصدد وأوكلنا الوضوع إل وقت آخر‬
‫إن شاء ال عسى أن ييسّر ال لنا ف الستقبل تأليف كتاب جامع حول حقائق عقائد وأحكام‬
‫السلم بتفصيل تام لنضعه ف متناول طالبيه‪.‬‬
‫وهنا نكتفي ف هذه اللصة التامية بتلخيص نائي للمباحث الت بثناها ف كتابنا «طريق‬
‫النجاة من شر الغلة» ليكون ذلك بنلة فهرس ختامي لطالبه‪:‬‬
‫لقد قمنا ف كتابنا هذا ببحث الطالب العقائدية الامة التالية والتحقيق با وفصّلنا أمرها‬
‫بقدر الوسع‪:‬‬
‫‪ -1‬ف البحث الول أثبتنا أن علم الغيب متص بذات الباري تعال ول أحد من الخلوقات‬
‫من اللئكة القربي والنبياء الرسلي أو الولياء الصدّيقي وعباد ال الصالي يلك علم الغيب بل‬
‫ل يعلم أح ٌد من الخلوقات مهما عل شأنه شيئا من الغيوب إل ما علّمه ال تعال وأبلغه إل رسله‬
‫جعَلُ لَهُ َربّي َأمَدًا * عَالِمُ‬
‫عب الوحي‪ ،‬كما قال تعال‪ ﴿ :‬قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ َأمْ َي ْ‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 144‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫الْ َغْيبِ فَل يُ ْظهِ ُر عَلَى َغْيبِهِ أَ َحدًا * إِلّا مَنِ ا ْرَتضَى مِنْ َرسُولٍ فَِإنّهُ يَسْلُكُ مِ ْن بَيْ ِن يَ َديْ ِه َومِنْ َخ ْلفِهِ‬
‫رَصَدًا ﴾ [الن‪ ،]27-25:‬وقد أثبتنا أن هذا الطلب ثابت وواضح ف آيات القرآن الكري وسية‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) وتاريخ الئمة عليهم السلم وعقائد الصحاب والاصة وأقوال‬ ‫النب الكري (صَلّى ا ُ‬
‫العلماء والفقهاء‪ .‬وعلوة على ذلك فإن العقل والوجدان والبينة والبهان كلها شاهد صدق كافٍ‬
‫على هذه القيقة‪ .‬كما أوضحنا أن معرفة علم الغيب والطلع على الوادث الستقبلية ل ينفع‬
‫أي بشر بل هو مضر تاما ولجل هذه الكمة البالغة اختص ال تعال ذاته القدسة بعلم الغيب‬
‫وأخفاه عن ملوقاته وستره عنها‪.‬‬
‫‪ -2‬ف البحث الثان حول موضوع الولية حققنا وبثنا ف حقيقة الولية وأثبتنا أنا الحبة‬
‫والولء والودة الت يبذلا الؤمنون لبعضهم البعض والت أوصى با ال تعال وأكد عليها ف قرابة‬
‫مئة آية من آيات القرآن‪ ,‬وللسف‪ ،‬ليس هناك أث ٌر اليوم لتلك الودة والحبة الت أرادها القرآن بي‬
‫السلمي‪ .‬بل كما نرى بكل أسف لقد فسروا الولية الت أرادها القرآنُ تفسيا خاطئا حوّلا إل‬
‫وسيلة للعداوة بي طوائف السلمي الذين يبتعدون يوما بعد يوم عن بعضهم بسبب ما يثيه‬
‫العداء بينهم‪ ,‬إل حد القتتال بي أفرادهم‪ ،‬ذلك لنم من جهة حصروا الولية التعلقة ف الصل‬
‫بعامة السلمي تاه بعضهم البعض بولية أفراد معدودين خاصي وهم الئمة من آل البيت الذين‬
‫رحلوا جيعا عن هذه الدنيا ول يبق أحد منهم اليوم كي يستفيد من تلك الولية‪ ,‬وحت لو وُجِد‬
‫فمن السلّم أنه ل يكنه الستفادة منها لن العن الذي يريده أولئك من الولية والحبة لولئك‬
‫الفراد الاصي‪ ،‬والذي حرموا منه الخرين ومنعوه عنهم هو نوع من الحبة اليالية الت الحبة‬
‫والحبوب كلها فيها خياليان‪ ،‬أما كون الحبوب فيها خياليا ُمَتوَهّما فلنّ عليّا الذي يبّه الغلة‬
‫هو عل ّي الحيط‪ -‬حسب تيلهم ‪ -‬بكل العالَم والسيطر على جيع المم من بن آدم وعلى كل‬
‫الوجودات والعالِـ ُم بالغيبات والقادرُ على حل جيع الشكلت وقاضي الاجات وميي‬
‫الموات وأمثال هذه الصفات‪ ،‬وف الوقت ذاته هو عليّ الذي ‪ -‬حسب اعتقادهم ‪ -‬سيدافع عن‬
‫أعمالم ويشفع لم ويحو سيئاتم ويأخذهم ف النهاية إل أعلى درجات النان‪ .‬فإذن هم يبون‬
‫كائنا ل يوجد ف عال الواقع بل ل يوجد إل ف خيالم‪ .‬وشتّان شتّان بي القيقة وتلك‬
‫اليالت! ث آنئذ جعلوا هذه الولية الت ل أحد يدري من الول فيها ومن الولّى عليه وسيلة‬
‫للعداوة مع سائر السلمي من أبناء الطوائف الخرى الذين ُأمِروا ف الصل أن يوالوهم ويبوهم‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 145‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫وأما كون الحبة ف تلك الولية خيالية فلنم ابتدعوا ولي ًة عجيبةً ل علقة لا بالشعور أو‬
‫العاطفة‪ ،‬إذ يقصدون بالولية الت يدّعونا لمي الؤمني علي عليه السلم والئمة اليامي من‬
‫أولده‪ ،‬الولية التكوينية أي أن أمي الؤمني وكل واحد من الئمة الخرين متصرفٌ ف الكون‬
‫والكان ومدبّرٌ لعال المكان‪ ,‬ودليلهم علي هذه الولية‪ ,‬كما يظهر ف كلماتم ومؤلفاتم‪ ,‬هو‬
‫قوله تعال‪ِ ﴿ :‬إنّمَا وَِليّكُمُ اللّ ُه وَ َرسُولُ ُه وَالّذِينَ آ َمنُوا الّذِي َن ُيقِيمُو َن الصّلةَ َوُي ْؤتُونَ الزّكَاةَ َوهُمْ‬
‫رَا ِكعُونَ ﴾ [الائدة‪ ،]55:‬هذا مع أن الية خطاب للمؤمني‪ ،‬فالولية فيها خاصة بم ف حي أن ما‬
‫يذكروه من ولية تكوينية ل تتصّ بالؤمني بل تعمّ كلّ الخلوقات لن الوال التصرف ف الكون‬
‫والكان يلك الولية على كل الوجودات ل على طائفة خاصة من الؤمني؟! إن هؤلء ل‬
‫يسمحوا لنفسهم أن يفكروا أنه لو كانت الولية بذا العن فلماذا جعلها ال متصة بالؤمني‪ ،‬ول‬
‫يلحظوا أن هذا ل ينسجم أبدا مع معن الولية التكوينية وتدبي أمور العال‪ ،‬هذا بعزل عن أن‬
‫مثل هذه العقيدة بالولية التكوينية شرك مض بل أسوأ من شرك مشركي زمن الاهلية!! والواقع‬
‫أن الية الستشهد با ل علقة لا بتلك الولية التكوينىة الدّعاة بل معناها ‪ -‬إذا تركنا التعصب‬
‫والعناد والماقة جانبا ‪ -‬واضح وضوح الشمس ف وَضَح النهار‪ ،‬وهو الحبة والودة والتعاون بي‬
‫الؤمني الت يدل على وجوبا العقل والوجدان وسنة الكون الت ل تتغي إضافة إل مئات اليات‬
‫القرآنية الكرية الخرى‪ .‬وهذه الحبة لو شاعت بي الؤمني لولت الدنيا إل جنة ولرتقت‬
‫بالسلمي إل أعلى الدرجات‪ .‬أما الحبة الت يدعيها أولئك الغلة فما الذي أفادته حت الن سوى‬
‫العداوة والتفرقة بي السلمي؟! أحقا كان هدف ال من خلق العال وبعثة النبياء وإنزال الكتب‬
‫خاصة القرآن بكل آياته هو إثبات تلك الولية الدّعاة؟! تعال ال عما يقول الاهلون علوا كبيا‪.‬‬
‫ول شك أن ولية علي وآل علي عليهم السلم بعن مبتهم واليان بإمامتهم من جهة أنم‬
‫أفضل الؤمني من أفضل الوليات‪ ،‬والحاديث والخبار الت صدرت حول هذا الوضوع عن‬
‫النب والئمة سلم ال عليهم والت ُحفِظَت من دسائس الغلة والدجالي أحاديث صحيحة‬
‫وقائمة‪ ،‬ولكن كم كان من الفضل أن ُتقَدّم تلك الحبة والولء والودة إليهم حال حياتم لتكون‬
‫منشأً لعمال صالة‪ ،‬كما هو بكل تأكيد الغاية من صدور تلك الروايات وتواترها‪ ,‬وإل فما هي‬
‫اليات والبكات النتَظَرة من مبة الموات وعشقهم؟ وما الثمرات الاصلة منها سوى الحبة‬
‫اليالية لحبوبي خياليي والدائح الليئة بالغلو ونسبة صفات ال تعال إل بعض عباده الحتاجي‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 146‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫إليه‪ ،‬والت ليست سوى شرك وابتعاد عن القائق وتعدي على حرمة التوحيد‪.‬‬
‫ما هي الفوائد ‪ -‬بشهادة التجربة والس والتاريخ ‪ -‬الت حصلت من ذلك الفهوم للولية‬
‫حت اليوم حت نستمر به؟! ولعل قائلً يقول إن نتيجة وأثر مثل تلك الولية والحبة هي أن تستقرّ‬
‫مبة النب والئمة ف القلوب وتطمئن القلوب لصدقهم وحقيتهم وبالنتيجة تتبعهم النفس ف‬
‫تعاليمهم فتطبق أحكام ال تعال بفضل ذلك‪ .‬وهذا الدعاء وإن كان صحيحا ف الظاهر إل أن‬
‫الذي نراه ف متمعنا هو خلف هذه النتيجة‪ .‬إن هذا الدعاء إنا يكون صحيحا عندما يكون‬
‫الظروف أعز من الظرف‪ ،‬وعندما يكون الدف من حفظ واحترام الظرف هو حرمة وعزة‬
‫الظروف‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ ،‬عندما تكون مبة أولياء ال الذين هم ظرف القائق والحكام اللية‬
‫فرعا لحبة تلك الحكام وشرائع الدين‪ ،‬ف حي أن القضية اليوم هي عكس ذلك تاما‪ ،‬فقد‬
‫استغرق القوم بحبة الظرف ذاته (ذوات النبّ والئمة) إل أبعد حد وغرقوا ف مبة خيالية‪,‬‬
‫وضعف اهتمامهم بالظروف ‪ -‬أي بالدين والتعاليم ‪ ،-‬والعيان يكفي عن البيان‪ .‬وبعبارة ملخّصة‪،‬‬
‫إ ّن مبّة المام فرعٌ لحبة الدّين وليس العكس!‬
‫‪ -3‬وف البحث الثالث الذي خصصناه للبحث ف مسألة «الشفاعة وحقيقتها» بّينّا أن‬
‫مفهومها الاطئ الذي شاع بي السلمي حول الشفاعة كان أحد السباب الساسية لغرورهم‬
‫وتأخرهم وترّؤ أرباب الفجور على معاصي ال وت ّربِهم من العمل بشرائعه وأحكامه‪ ،‬إضافة إل‬
‫أن ذلك الفهوم الاطئ للشفاعة أدى إل نشأة بدع وأعمال ما أنزل ال با من سلطان‪ ،‬بل نى‬
‫عنها الرحن‪ ،‬فذلك الفهوم للشفاعة هو الذي دعا إل تعمي القبور وتصيصها وبناء الضرحة‬
‫والراقد وتزيينها بالذهب والفضة والواهر وإضاعة الموال على قبور الموات واختراع زيارات‬
‫وتضمينها عبارات مغاليةً كفريةً‪ ,‬وإقامة مالس عزاء مبتدعة ونذورات وموقوفات مالفة لوامر‬
‫ال ومرضاته واختراع أدعية وصلوات مهولة أو عبادات غي مشروعة ول معقولة أملً بتلك‬
‫الشفاعة اليالية‪ .‬هذا مع أن الشفاعة بتلك الصورة والكيفية الت يتخيلونا ل يشهد لا ل العقل‬
‫ول الوجدان ول يصدقها القرآن‪ .‬بل اليات الت جاءت ف القرآن حول الشفاعة‪ ،‬أكثرها يتعلق‬
‫برد تلك العقيدة الدينية الت كانت ف أزمنة الاهلية والت كان أصحابا يؤمنون باللة الت تدير‬
‫بعض شؤون الليقة والت كان لكل منها مقام إلي خاص مثل‪ :‬إله الطر‪ ،‬إله البحر‪ ،‬إله الرب‪،‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 147‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫إله القحط والرخص‪ ,‬وأخيا تطورت تلك العقيدة إل صورة ألطف شركا حيث أصبحت عقيدة‬
‫بلئكة وبأولياء صلحاء خاضعون لسلطان إله اللة الذي يدد لم مهامهم الت عليهم تنفيذها ف‬
‫الكون‪.‬‬
‫ولقد أنكر القرآن الكري واسطة وشفاعة اللئكة ف شؤون الليقة لكنه اعتب عملهم وسيلة‬
‫شفَ ُع ِعنْدَهُ إِ ّل بِإِ ْذنِهِ‪[ ﴾ ...‬البقرة‪ ]255:‬ول يقبل‬ ‫بإذن رب العالي الذي قال ﴿ ‪...‬مَن ذَا الّذِي يَ ْ‬
‫الشفاعة ف الخرة بتلك الصورة التصوّرة أبدا‪ ،‬لنه أولً ل يكن الوثنيون الشركون الذين نفى‬
‫القرآن الكري شفاعة أصنامهم يعتقدون بالخرة والقيامة أساسا‪ .‬وثانيا‪ :‬إن الشفاعة بتلك الصورة‬
‫تشبيه لنظام اللق ببلط السلطي الستبدين البارين‪ ,‬وهي منافية لليان بالرب العليم القدير‬
‫ل عَلَيه‬
‫صلّى ا ُ‬
‫والختار‪ .‬نعم‪ ،‬الشفاعة الت يقبلها القرآن والعقل والوجدان هي استغفار الرسول ( َ‬
‫وَآلِهِ) والؤمني لسائر الؤمني‪ ،‬وكذلك استغفار اللئكة لن ف الرض طبقا لذن ال التعال‬
‫ي وَالْ ُم ْؤ ِمنَاتِ‪[ ﴾ ...‬ممد‪ ]19:‬وهي‬ ‫وعملً بأمره الذي قال‪ ... ﴿ :‬وَا ْسَت ْغفِرْ لِذَنبِكَ وَِللْ ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫الشفاعة ذاتا الت أذن ال با قبلً للمؤمني والت سيظهر نفعها يوم القيامة كما قال سبحانه‪﴿ :‬‬
‫ضيَ لَهُ َقوْلًا ﴾ [طـه‪ ]109:‬كما مر شرحه‬ ‫َيوْ َمئِذٍ لّا تَنفَعُ الشّفَا َعةُ إِلّا مَنْ َأ ِذنَ لَهُ الرّحْمَ ُن وَرَ ِ‬
‫صلً‪.‬‬ ‫مف ّ‬
‫‪ -4‬وف البحث الرابع الذي خصصناه لوضوع «زيارة الراقد» بيّنّا أنه ل أثر ول دليل على‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) ول ف‬
‫تلك الزيارات الاصّة للمراقد ل ف كتاب ال ول ف سنة رسول ال (صَلّى ا ُ‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) ف بداية بعثته عن‬
‫عمل مسلمي الصدر الول‪ ،‬بل بينا أن نىَ رسول ال (صَلّى ا ُ‬
‫ل عَلَيه وَآلِهِ) لنا تذكرنا بالخرة‪ .‬ولكننا نرى اليوم‬ ‫صلّى ا ُ‬ ‫زيارة القبور أمر متواتر‪ .‬ث سح با ( َ‬
‫أن هذه الزيارات للقبور والراقد قد أخذت صورة يكن أن نقول إنا مصداقٌ كاملٌ للية الكرية‬
‫حتُونَ؟؟ ﴾ [الصافات‪ .]95:‬فلقد بن السلمون‬ ‫الت ذمّت عبّاد الوثان فقالت‪ ﴿ :‬قَالَ َأَتعْبُدُو َن مَا تَنْ ِ‬
‫مراقد على ما اعتبوه ف منامهم أو خيالم قبورا لئمة أو صالي‪ ،‬وشيّدوا عليها قبابا وأضرحة‬
‫وأخذوا يترعون لا زيارات وأدعية خاصة ويعلم ال كم أصاب السلمي‪ ،‬من هذا الباب‪ ،‬من‬
‫ضرر وخسائر ف دنياهم وآخرتم‪.‬‬
‫‪ -5‬وف البحث الامس درسنا موضوع «الغلو والغلة» فبحثنا ف نشأة الغلو وعرّفنا‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 148‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫بالغلة وأفكارهم وفرقهم وبينّا أنم أعداء الدين القيقيي الذين أدخلوا فيه كل تلك البدع‬
‫والرافات‪ ،‬وبينّا كيف قام الئمة عليهم السلم بالتحذير من شرهم وأنم أسوأ من اليهود‬
‫والنصارى والجوس والشركي‪ ,‬كما جاء عن المام الصادق عليه السلم قوله‪« :‬احذروا على‬
‫صغّرُو َن عَظَ َمةَ الِِ‪َ ،‬ويَ ّدعُونَ ال ّربُوِبّيةَ ِلعِبَادِ‬
‫شبابكم الغُلةَ ل ُيفْسِدُوَنهُم‪ ،‬فإنّ الغُلةَ شرّ خَلْقِ الِِ‪ ،‬يُ َ‬
‫س وَالذِي َن أشْرَكُوا»‪.‬‬ ‫الِِ‪ ،‬وَالِ إنّ الغل َة شَ ّر مِ َن الَيهُو ِد وَالّنصَارى وَالجُو ِ‬
‫وأخيا نقول‪ :‬رغم أن إزالة غبار الرافات والباطيل التراكم بشدّة فوق الوجه النوران‬
‫ل عسيا للغاية يتطلب جهودا جبّارة وت ّملً لذى كبي‪،‬‬ ‫لشريعة السلم قد يبدو لول وهلة عم ً‬
‫نظرا لطول العهود الت تراكمت فيها تلك الوساخ والشوائب‪ ,‬حت أصبح الكثيون يظنّون أنا‬
‫جزء ل يتجزأ من حقيقة الدين‪ ،‬إل أن هذا ل يعفينا من السؤولية الت توجب علينا أن نقوم بذا‬
‫الهد الذي له من الهية البالغة ف نظرنا ما يفوق أهيّة أيّ أمر آخر‪.‬‬
‫ل عََليْ ِه َتوَكّ ْلتُ َوإِلَيْهِ ُأنِيبُ ﴾‪.‬‬
‫ت َومَا َتوْفِيقِي إِلّا با ِ‬
‫ح مَا ا ْستَ َطعْ ُ‬
‫صلَ َ‬
‫﴿ ِإنْ أُرِيدُ إِلّا الِ ْ‬

‫ت من تأليف هذه الرسالة سنة ‪ 1351‬هجرية شسية (‬


‫انتهي ُ‬
‫‪1972‬م) وستتم طباعته هذا العام أي سنة ‪ 1359‬هجرية شسية‬
‫(‪1980‬م‪ ).‬إن شاء ال‪.‬‬

‫حيدر علي قلمداران‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 149‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫مصادر التأليف والتحقيق لبحث الغلوّ‬


‫‪)1‬القرآن الكري‪.‬‬
‫‪)2‬ابن الفتال‪ ،‬الشيخ ممد بن السن بن علي بن أحد بن علي الفتال النيشابوري (‬
‫‪508‬هـ‪« ،).‬روضة الواعظي وبصية التعظي»‪ ،‬قم‪ :‬دار الرضيّ للنشر‪ ،‬بدون‬
‫صوّ َر طبقا لنسخة طبعت سنة ‪1386‬هـ ف النجف الشرف‪.‬‬ ‫تاريخ‪ ،‬وذكر فيه أنه ُ‬
‫‪)3‬ابن شهرآشوب الازندران (‪558‬هـ)‪« ،‬مناقب آل أب طالب»‪ ،‬قم‪ :‬مؤسسة‬
‫العلمة للنشر‪1379 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪)4‬ابن منظور‪ ،‬العلمة ابن منظور الفريقي‪ ،‬لسان العرب‪.‬‬
‫‪)5‬أبو نعيم الصفهان‪ ،‬الشيخ الافظ أحد بن عبد ال (‪430‬هـ)‪« ،‬حلية الولياء‬
‫وطبقات الصفياء»‪ ،‬بيوت‪.‬‬
‫‪)6‬أحد بن حنبل‪ ،‬المام (‪ 241‬هـ)‪ ،‬السند‪ ،‬وزوائد السند لعبد ال بن المام أحد‪.‬‬
‫‪)7‬الشعري القمي‪ ،‬سعد بن عبد ال بن أب خلف (‪301‬هـ)‪« ،‬القالت والفرق»‪،‬‬
‫صححه وعلّق عليه د‪ .‬ممد جواد مشكور‪ ،‬طهران‪1963 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪)8‬البَرسي‪ ،‬الشيخ حافظ رجب بن الشيخ ممد بن رجب البسي (كان حيا سنة‬
‫‪ 813‬هـ؟)‪« ،‬مشارق أنوار اليقي ف أسرار أمي الؤمني»‪ ،‬بيوت‪ :‬دار الندلس‪.‬‬
‫‪)9‬الثقفي‪ ،‬أبو اسحق إبراهيم بن هلل الثقفي الكوف (‪283‬هـ)‪« ،‬الغارات» (أو‬
‫الستنفار والغارات)‪ ،‬ط ‪ ،1‬بيوت‪1407 ،‬هـ‪ ،‬حققه السيد عبد الزهراء السين‬
‫الطيب‪.‬‬
‫‪)10‬الائري‪ ،‬الشيخ علي اليزدي الائري (‪1333‬هـ)‍‪« ،‬إلزام الناصب ف إثبات الجة‬
‫الغائب»‪.‬‬
‫‪)11‬الاكم النيسابوري‪ ،‬الافظ ممد بن عبد ال (‪275‬هـ)‪ ،‬الستدرك على‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 150‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫الصحيحي‪.‬‬
‫‪)12‬الشريف الرضي (‪406‬هـ)‪ ،‬نج البلغة‪ ،‬تقيق الدكتور صبحي الصال‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫بيوت‪ :‬دار الكتاب اللبنان‪1980 ،‬م‪.‬‬
‫‪)13‬الصدوق‪ ،‬الشيخ ممد بن علي بن السي بن بابويه القمي (‪ 381‬هـ)‪،‬‬
‫«اعتقادات المامية»‪.‬‬
‫‪)14‬الطبسي‪ ،‬علي بن السن الطبسي (القرن السادس الجري؟)‪« ،‬مشكاة النوار»‪،‬‬
‫ط ‪ ،2‬النجف‪ :‬الطبعة اليدرية‪1385 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪)15‬الطوسي‪ ،‬الشّيْخُ أبو جعفر ممد بن السن الطوسي اللقب بشيخ الطائفة (‪460‬‬
‫هـ)‪ ،‬كتاب «الَمَاِليِ» (أو الجالس)‪ ،‬ط ‪ ،1‬قم‪ :‬دار الثقافة للنشر‪ 1414 ،‬هـ‬
‫‪)16‬طه نف‪ ،‬آية ال الشيخ ممد طه نف‪« ،‬إتقان القال ف أحوال الرجال»‪.‬‬
‫‪)17‬الكشي‪ ،‬أبو عمرو‪ ،‬ممد بن عمر بن عبد العزيز الكشي (حدود سنة ‪ 350‬هـ؟)‪،‬‬
‫«رجال الكشي»‪ ،‬الطبعة القدية‪ ،‬أو طبعة مؤسسة النشر ف جامعة مشهد‪ /‬إيران‪،‬‬
‫‪ 1348‬هـ‪ ،‬بتحقيق الدكتور حسن الصطفوي‪.‬‬
‫‪)18‬الامقان (أو المقان)‪ ،‬آية ال الشيخ عبد ال (‪1350‬هـ)‪« ،‬تنقيح القال ف أحوال‬
‫الرجال»‪ ،‬طبعة حجرية بدون مشخصات‪.‬‬
‫‪)19‬الامقان (أو المقان)‪ ،‬آية ال الشيخ عبد ال (‪1350‬هـ)‪« ،‬مقباس الداية ف علم‬
‫الدراية»‪.‬‬
‫‪)20‬التقي الندي‪ ،‬العلمة علء الدين علي التقى بن حسام الدين الندي البهان فوري‬
‫(‪975‬هـ)‪« ،‬كن العمال»‪ ،‬ضبطه وصححه ووضع فهارسه الشيخ بكري حيان‬
‫والشيخ صفوة السقا‪ ،‬بيوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ 1409 ،‬هـ‪ 1989 /‬م‪.‬‬
‫‪)21‬الجلسي‪ ،‬العلمة النل ممد باقر بن ممد تقي (‪1110‬هـ)‪« ،‬بار النوار»‪ ،‬طبعة‬
‫كمپان الجرية القدية ف تبيز‪ ،‬وطبعة بيوت‪ ،‬مؤسسة الوفاء‪1404 ،‬هـ ف‬
‫‪ 110‬ملدات‪.‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 151‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫‪)22‬الفيد‪ ،‬الشيخ ممد بن ممد بن النعمان التلعكبي البغدادي (‪413‬هـ)‪« ،‬الرشاد‬


‫ف معرفة حجج ال على العباد»‪ ،‬ط ‪ ،1‬الناشر‪ :‬قم‪ :‬الؤتر العالي للشيخ الفيد‪،‬‬
‫‪ 1413‬هـ‪..‬‬
‫‪)23‬النوبت‪ ،‬أبو ممد السن بن موسى (‪ 300‬أو ‪310‬؟)‪« ،‬فرق الشيعة»‪ ،‬صححه‬
‫وعلّق عليه‪ :‬السيد ممد صادق آل بر العلوم‪ ،‬النجف ‪1355‬هـ‪.‬‬
‫‪)24‬هاشم معروف السن‪« ،‬الوضوعات ف الثار والخبار عرض ودراسة»‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫بيوت‪ :‬دار الكتاب العرب‪1973 ،‬م‪.‬‬
‫‪)25‬اليثمي‪« ،‬ممع الزوائد»‪ ،‬من برنامج الوسوعة السلمية الشاملة والكاملة‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 152‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬
‫طريق النجاة من شر الغلة‬

‫فهرس الوضوعات‬
‫مقدِّمة المترجم ‪3........................................ .................................‬‬
‫صورة لغلف الكتاب باللغة الفارسية‪8...............................................‬‬
‫بـحـــث حـــول‬
‫الشفـاعة وحقيقتها‪9................................. ....................................‬‬
‫مقدمة المؤل ِّف‪10.......................................................... ...............‬‬
‫تـمـهيـد ‪12....................................................... ..........................‬‬
‫موضوع الشفاعة وحقيقته‪16...........................................................‬‬
‫الغلو‪23...........................‬‬
‫ّ‬ ‫من أسباب نشر كتب الغلة وترويج عقائد أهل‬
‫نظرة تاريخية إلى مفهوم الشفاعة لدى المم السابقة‪26........................‬‬
‫حقيقة الشفاعة الصحيحة ومفهومها في الكتاب والسنة‪34.......................‬‬
‫ة عنه‪49.................................................................‬‬ ‫ض والجاب ُ‬ ‫اعترا ٌ‬
‫مة المعصومون ينفون الشفاعة عن أنفسهم‬ ‫الئ َّ‬
‫ويحصرون النجاة بالتقوى والورع‪52.................................... ...............‬‬
‫تمحيص أحاديث الشفاعة وبيان ضعفها ‪57....................................... ....‬‬
‫الشفاعة عند الله ل تُقاس على الشفاعة عند سلطين الدنيا‪85.................‬‬
‫خلصة بحث الشفاعة‪95...................................................... ...........‬‬
‫مصادر التأليف والتحقيق لبحث الشفاعة ‪99........................................‬‬
‫بـحـــث حـــول‬
‫الغـــلو والغــــلة‪103.................................................................... .‬‬
‫تمهيد في علل نشأة الغُلُوّ في الديان ‪105................................ ...........‬‬
‫مبدأ نشأة الغُلُوّ في السلم وبين الشيعة‪110.......................................‬‬
‫تسرب بعض عقائد الغلة القدماء إلى المتأخرين ‪114.............................‬‬
‫براءة أئمة أهل البيت من الغلو ولعنهم الغلة‪125................................. ..‬‬
‫ُ‬
‫س كثير من أخبار الغلوّ‬ ‫تمك ّن الغلة من د ّ‬
‫بين الثار الصحيحة المروية عن الئمة‪138...........................................‬‬
‫خلصة مباحث كتاب «طريق النجاة من شر الغلة»‪144..........................‬‬
‫مصادر التأليف والتحقيق لبحث الغلوّ‪150.............................................‬‬
‫فهرس الموضوعات‪153.................................................................‬‬

‫اجتهادات‬
‫موقع ‪- 153‬‬
‫‪-‬‬ ‫تم تحميل المادة من‬
‫‪www.ijtehadat.com‬‬

You might also like