You are on page 1of 118

‫فتح البيان فيما روي عن المام علي عليه السلم من تفسي القرآن‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫فتــح البيـــان‬
‫ي من تفسير القرآن‬
‫فيما روي عن عل ٍ ّ‬

‫تأليـف العـلمـة الجتهد‬


‫مصطفى السين الطبطبائي‬

‫ترتيب ومراجعة وإضافات وحواشي‬


‫أ‪ /‬سعــــد رستـــــم‬

‫مـاجستـي فـي التفسي والديـث‬


‫ماجستي فلسفة ف الدراسات السلمية‬

‫‪www.ijtehadat.com‬‬ ‫‪-1-‬‬ ‫ت تميل الادة من موقع اجتهادات‬


‫صفحـة مـن القـرآن الكري بالط الكوف منسـوبة‬
‫للمام الربّان أمي الؤمني عل ّي بن أب طالبٍ عليه السلم‬

‫‪2‬‬
‫َعلِيّ مَ َع ال ُقرْآنِ وال ُقرْآنُ َمعَ َعلِيّ َلنْ يَ ْفتَ ِرقَا‪...‬‬
‫خات النبيي الرسول الكرم صلى ال عليه وآله وسلم‬

‫حبْتُهُ‪...‬‬
‫صِ‬‫إنّ الكتَابَ لَعِي‪ ،‬مَا فَا َرقْتُهُ ُمنْذُ َ‬
‫أمي الؤمني المام علي بن أب طالب عليه السلم‬

‫إنّ َعلَى كُلّ َح ّق حقيقةً‪ ،‬و َعلَى كُلّ صَوَابٍ نُ ْورَا‪ ،‬فَمَا وَا َفقَ ِكتَابَ‬
‫ل فَخُذُوا بِهِ‪ ،‬ومَا خَالَفَ ِكتَابَ الِ فَدَعُوهُ‪.‬‬
‫اِ‬
‫أمي الؤمني المام علي بن أب طالب عليه السلم‬

‫‪3‬‬
‫فهرس الحتويات‬
‫‪4‬‬ ‫فهرس المحتويات‬
‫‪7‬‬ ‫ف‬‫ؤل ِّ ِ‬
‫م َ‬
‫ة ال ُ‬
‫م ُ‬
‫د َ‬ ‫م َ‬
‫ق ِّ‬ ‫ُ‬
‫الباب الول‬
‫‪9‬‬ ‫عل ٌّ‬
‫ي والقرآن‬
‫والقرآن‪9...............................................................‬‬ ‫عليّ عليه السلم‬
‫ي عليه السلم ف وَصْفِ القرآن‪17................................................‬‬ ‫كلمُ عل ّ‬
‫ي عليه السلم ف َذمّ تفسي القرآن بالرّأيِ ‪19......................................‬‬ ‫كلمُ عل ّ‬
‫طنُهُ ف كَلمِ عَِليّ عليه السلم‪22..........................................‬‬ ‫ظَاهِ ُر القُرْآ ِن وبا ِ‬
‫ي عليه السلم ف ذلك‪22.......................................‬‬ ‫َتيْسي َفهْ ِم القُرْآن ورأيُ عَِل ّ‬
‫ف عليّ عليه السلم‪25........................................‬‬ ‫ب ُسوَ ِر القُرْآنِ ف ُمصْحَ ِ‬ ‫تَ ْرِتيْ ُ‬
‫ما ُروِيَ عن عليّ عليه السلم ف تفسي فاتة الكتاب‪28....................................‬‬
‫ما ُروِيَ عن عليّ عليه السلم ف آية الكرسي‪34...........................................‬‬
‫طعَة‪34.................................‬‬ ‫ف القَ ّ‬‫ي عَ ْن عليّ عليه السلم ف َتفْسِيِ الُرُو ِ‬ ‫ما ُروِ َ‬
‫ت القُرْآن‪36......................................‬‬ ‫ي عَ ْن عليّ عليه السلم ف ُمتَشابِها ِ‬ ‫ما ُروِ َ‬
‫ل َتعَال‪39.............................................‬‬ ‫ي عَ ْن عليّ ف تفْسِي َتكْليمِ ا ِ‬ ‫ما ُروِ َ‬
‫حيْدِ‪40...................................‬‬ ‫ي عَ ْن عليّ عليه السلم ف تفسِيْرِ سُور ِة الّتوْ ِ‬ ‫ما ُروِ َ‬
‫ل وَالخِ ُر وَالظّاهِ ُر وَاْلبَاطِنُ‪42................................‬‬ ‫ف تفسيه قوله تعال‪ُ :‬ه َو الَوّ ُ‬
‫ن مَا كُنتُمْ))‪43....................................‬‬ ‫تفسي عليّ لقوله تعال‪َ (( :‬و ُه َو َمعَكُمْ َأيْ َ‬
‫ما ُروِيَ عن عليّ عليه السلم من تفسي "وَجْهِ ال"‪45......................................‬‬
‫جيْنِ َلعَّلكُ ْم تَذَكّرُونَ))()‪46................‬‬ ‫ف تفسيه قوله تعال‪َ (( :‬ومِن كُ ّل َشيْءٍ خََل ْقنَا َزوْ َ‬
‫ف تفسيه قوله تعال‪َ (( :‬وَيعْلَ ُم مَا فِي الَرْحَامِ))()‪47.......................................‬‬
‫ف تفسيه قوله تعال‪(( :‬يَا َأّيهَا الّذِينَ آ َمنُوْا اّتقُواْ اللّهَ وَاْبَتغُواْ إِلَي ِه اْل َوسِيَلةَ))() ‪48..............‬‬
‫ف تفسيه قوله تعال‬
‫سَت ْغفِرُونَ))()‪49.............‬‬
‫(( َومَا كَانَ اللّهُ ِلُيعَ ّذَبهُمْ َوأَنتَ فِيهِ ْم َومَا كَانَ اللّ ُه ُمعَ ّذبَهُ ْم َوهُ ْم يَ ْ‬
‫شيْءٍ فَ ُردّوهُ إِلَى اللّ ِه وَال ّرسُولِ))() ‪50...........‬‬ ‫ف تفسيه لقوله العزيز‪..(( :‬فَإِن َتنَا َز ْعتُمْ فِي َ‬

‫‪4‬‬
‫تفسيه قوله تعال‪..(( :‬إِن تَنصُرُوا اللّ َه يَنصُرْ ُكمْ))‬
‫سنًا))‪51....................................‬‬
‫وقوله تعال‪(( :‬مَن ذَا الّذِي ُيقْ ِرضُ اللّهَ َقرْضًا حَ َ‬
‫الباب الثاني‬
‫ي عليه السلم‬
‫فيما روي عن عل ٍ ّ‬
‫‪53‬‬ ‫ر لبعض آيات الحكام والعبادات‬ ‫من تفسي ٍ‬
‫الصلة‪53......................................‬‬ ‫ي عَ ْن عَِليّ عليه السلم ف تعظيم أمر‬ ‫ما ُروِ َ‬
‫ن عَِليّ عليه السلم ف آية الوضوء‪54............................................‬‬ ‫ي عَ ْ‬
‫ما ُروِ َ‬
‫ي عليه السلم ف تفسي الصلوة الوسطى‪56................................‬‬ ‫ي عَ ْن عَِل ّ‬‫ما ُروِ َ‬
‫ن التّسْ ِمَيةِ‪57......................‬‬
‫ي الما ِم عليه السلم ف َسَببِ ُنزُو ِل ُسوْ َرةِ بَرَا َء َة مِنْ ُد ْو ِ‬ ‫رأ ُ‬
‫ي عَ ْن عَِليّ عليه السلم ف كيفية الصلة‬ ‫ما ُروِ َ‬
‫على النبّ صلى ال عليه وآله وسلم‪57....................................................‬‬
‫ن عليّ عليه السلم ف تفسي ما َيَتعَلّقُ بال ّدعَاءِ ‪58................................‬‬ ‫ي عَ ْ‬
‫ما ُروِ َ‬
‫ن عَِليّ عليه السلم ف تفسي آداب الصلوة‪60....................................‬‬ ‫ي عَ ْ‬
‫ما ُروِ َ‬
‫ق بصلوة الُ ُم َعةِ‪62..................................‬‬ ‫مّا روي عَ ْن عَِل ّي عليه السلم فيما يََتعَلّ ٌ‬
‫ي عليه السلم‪65..........................................‬‬ ‫عزائم السجود ف القرآن عند عل ّ‬
‫ن عَِليّ عليه السلم ف بيان نوافل الصبح والغرب ‪66.............................‬‬ ‫ي عَ ْ‬
‫ما ُروِ َ‬
‫ن عَِليّ عليه السلم ف بيان ملزمة الصلوة والزكوة ‪67...........................‬‬ ‫ما روى عَ ْ‬
‫ي عليه السلم فيما يتعلّق بآي الصيام‪68....................................‬‬ ‫ي عَ ْن عَِل ّ‬
‫ما ُروِ َ‬
‫ي عليه السلم فيما يتعلّق بآي الجّ‪70......................................‬‬ ‫ما روي عَ ْن عَِل ّ‬
‫سبِيلِ الِ‪73.................................‬‬ ‫ما ُروِيَ عن عل ّي عليه السلم ف آيِ الهادِ ف َ‬
‫ي عن الُْنكَرِ‪76....................‬‬ ‫ي عَ ْن عَِل ّي عليه السلم ف آيِ المر بالعروف والنّه ِ‬ ‫ما ُروِ َ‬
‫ن عَِليّ عليه السلم ف تفسي آية كفّارة النث باليمي‪77.........................‬‬ ‫ي عَ ْ‬
‫ما ُروِ َ‬
‫ي النّكاحِ والطّلقِ ‪78............................‬‬ ‫ي عَ ْن عَِل ّي عليه السلم ف تفسي آ ِ‬ ‫ما ُروِ َ‬
‫ي الوصية والياث ‪82............................‬‬ ‫ي عَ ْن عَِل ّي عليه السلم ف تفسي آ ِ‬ ‫ما ُروِ َ‬
‫الباب الثالث‬
‫ما روى عن علي عليه السلم‬
‫‪84‬‬ ‫في تفسير المتفرقات من مسائل القرآن‬

‫‪5‬‬
‫الباب الرابع‬
‫اقتباسات المام علي عليه السلم من القرآن الكريم‪102....‬‬
‫‪116‬‬ ‫قائمة المراجع والمصادر‬

‫‪6‬‬
‫ُمقَ ّد َمةُ ا ُلؤَلّفِ‬
‫بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ‪ ،‬المدُ لِلّهِ ذي النعم التتابعة واللء التواترة واليات اللمعة‬
‫والجج البالغة‪ ،‬حدا نتوسل به إل سعة غفرانه ونقترب به إل عظيم رضوانه‪ ،‬ونسأله أن يصلى‬
‫على من اصطفاه لتبليغ أمره وأداء رسالته واجتباه لكمال دينه وإتام نعمته‪ ،‬ممد الذي ختم به‬
‫النبيي وأرسله رحة للعالي‪ ،‬وعلى آله الداة الهديي‪ ،‬لسيما على يعسوب الؤمني علي إمام‬
‫التقي ما طلع نم ف السماء وتعاقب الصباح والساء وبعد‪،‬‬
‫لقد مَنّ ال تعال على هذه المّة إذ أرسل إليهم رسولً ذا خُلُقٍ عظيمٍ وأنزل عليه‬
‫ضوَانَهُ‬
‫((قُرآنًا عَ َرِبيّا غَيْرَ ذِي ِعوَجٍ ّلعَّلهُ ْم َيّتقُونَ)) [الزمر‪ ]28:‬كتابا مبينا ((َيهْدِي بِهِ اللّ ُه مَ ِن اتّبَعَ رِ ْ‬
‫سَتقِيمٍ)) [الائدة‪]16:‬‬ ‫صرَاطٍ مّ ْ‬ ‫لمِ َويُخْرِ ُجهُم مّنِ الظّلُمَاتِ إِلَى النّو ِر بِإِ ْذنِ ِه َوَيهْدِيهِمْ إِلَى ِ‬ ‫سَ‬ ‫ُسبُلَ ال ّ‬
‫شوْنَ َرّبهُ ْم ثُ ّم تَِليُ ُجلُو ُدهُمْ‬ ‫شعِ ّر ِمنْهُ جُلُو ُد الّذِينَ َيخْ َ‬‫((أَحْسَ َن الْحَدِيثِ ِكتَابًا ّمتَشَاِبهًا ّمثَاِنيَ َتقْ َ‬
‫وَقُلُوُبهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللّهِ)) [الزمر‪ ]23:‬ولو أنزله سبحانه تعال ((عَلَى َجبَلٍ لّ َرَأْيتَهُ خَا ِشعًا ّمَتصَ ّدعًا مّنْ‬
‫شَيةِ اللّهِ)) [الشر‪ .]21:‬وقد نزّله ‪ -‬جلّ ذكره ‪ -‬على نبيّه صلى ال عليه وآله وسلم‪ ،‬ليت َدبّر الناسُ‬ ‫خَ ْ‬
‫ب العقُولِ بواعِظِهِ‪ ،‬فقال عزّ من قائل‪ِ (( :‬كتَابٌ أَنزَْلنَاهُ إَِليْكَ مُبَا َركٌ ّليَ ّدبّرُوا آيَاتِهِ‬ ‫آياتِهِ وليتّعِظَ أربا ُ‬
‫وَِليَتَذَكّرَ ُأوْلُوا الَْلبَابِ)) [ص‪ .]29:‬فكان مِمّن سارع ف أمر ربّه وسابق إل طاعة موله‪ ,‬عليّ بنُ‬
‫أب طالبٍ الذي كان ذا ((أُ ُذنٍ وَا ِعَيةٍ)) لكلم ال‪ ،‬وقلبٍ َعقُو ٍل لفهم كتابه‪ ،‬فصار عليه السلم‬
‫ل بأمره‪ ,‬نائيا عن نيه‪ ,‬قاتل على تأويله كما قاتل رسوله ال‬ ‫عارفا بحكمه‪ ,‬مؤمنا بتشابه‪ ,‬عام ً‬
‫عليه وآله وسلم على تنيله‪ ،‬فهو إمام الفسرين بعد رسول رب العالي‪ .‬اقتبس منه علم التفسي‬
‫ابن عمه عبد ال بن عباس رضي ال عنه وأخذ الفسرون عن ابن عباس وهم عيال عليه ف تفسي‬
‫القرآن‪ .‬إل أن جيع آثاره عليه السلم ف التفسي ل تصل إلينا‪ ،‬ول ند إل قليلً منها متفرقا ف‬
‫الكتب كالدرر النثورة‪ ،‬فأحببت أن أذكر ‪ -‬بعون ال العظيم ‪ -‬ف كتابٍ‪ ،‬مكان َة المام عليه‬
‫السلم من القرآن‪ ،‬واهتمامه بفظه وجعه وقراءته وتفسيه وتعليمه‪ ،‬وأن أشرح نبذةً من طرائف‬
‫تفسيه‪ ،‬وظرائف تعبيه‪ ،‬حيث كان عليه السلم من أمراء الكلم وفرسان ميادين البيان( ‪،)1‬‬
‫وشرطت على نفسي أن ل أجع من الروايات إل ما وافق منطوق القرآن أو مفهومه وتركت منها‬
‫ما ل يوافق ظاهر الكتاب ما رواه الوضّاعون والغلة‪ ،‬فهذا هو العيار الول والقياس الهم ف‬

‫() أشي إل قوله عليه السلم‪ :‬إنا لمراء الكلم وفينا تنشبت عروقه وعلينا تدلت غصونه (راجع‪ :‬نج البلغة‪ ,‬خ‪.)23:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪7‬‬
‫ي عن الئمة البرار عليهم السلم متواترا( ‪.)2‬‬
‫قبول الثار ومعرفة صحيح الخبار‪ ،‬كما ُروِ َ‬
‫وقد تساهل العلماء ف رواية التفسي عن قوم ل يوثقونم ف الديث وإنا تساهلوا ف الخذ‬
‫عنهم لن ما فسروا به ألفاظَهُ‪ ،‬تشهد به لغات العرب‪ ،‬وما شرطت على نفسي من موافقة ظاهر‬
‫ي عن الكلب ومقاتل والضحاك وأشباههم ف‬ ‫القرآن وسياقه أوثق من شرطهم‪ ،‬وهم أوردوا ما ُروِ َ‬
‫كتبهم‪ ،‬وأنا ذاكر بعض ما ُروِيَ عن ربّاِنيّ هذه المة والمام التفق على عظيم منلته ورفيع قدره‬
‫علي بن أب طالب عليه السلم الذي أخذ القرآن والعلم عن فم رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم‪ ،‬كما قال عليه السلم عندما سُئلَ‪ :‬مالك أكثر أصحاب رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم حديثا؟ فقال‪ :‬إن كنت إذا سألته أنبأن وإذا سكت ابتدأن( ‪.)3‬‬
‫ب الُدى من القرآن فآثره‬
‫ت أسْمَا ُؤهُ ‪ -‬أن ينفع بكتاب هذا ك ّل مَ ْن طََل َ‬
‫أسأل ال ‪ -‬تق ّدسَ ْ‬
‫على ما سواه‪ ،‬وعصمن ال سبحانه من الزيغ والزلل ف القول والعمل‪ ،‬وهو حسب ونعم الوكيل‪.‬‬

‫كتبـه بيمنـاه الداثـرة‬


‫مصطفى السن الطباطبائي‬
‫عُـفِـيَ عـنـه‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫() قال الشيمخ النصماري فم فرائده‪ :‬الخبار الواردة فم طرح الخبار الخالفمة للكتاب والسمنة ولو ممع عدم العارض‬ ‫‪2‬‬

‫متواترة جدا (راجع‪ :‬فرائد الصول‪ ,‬القصد الثان ف الظن)‪.‬‬


‫() أخرجه الترمذي ف سننه‪-50 :‬كتاب الناقب‪-21 /‬باب مناقب علي بن أب طالب‪( ،‬ح‪ ،)5/640( ،)3729:‬ث‬ ‫‪3‬‬

‫قال‪" :‬هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه‪ ،‬وف الباب عن جابر‪ ،‬وزيد بن أسلم وأب هريرة وأم سلمة"‪ .‬وأخرجه‬
‫ابن سعد ف الطبقات الكبى‪.)2/338( :‬‬

‫‪8‬‬
‫الباب الول‬
‫عليّ والقرآن‬
‫عل ّي عليه السلم والقرآن‬

‫كان علي عليه السلم من كتبة الوحي النبوي وكان واعيا للقرآن الكري قد تكّن كتاب ال‬
‫صدُو ِر الّذِينَ أُوتُوا اْلعِلْمَ))‬
‫عزّ وجلّ ف صدره‪ ،‬مصداقاً لقوله تعال‪(( :‬بَ ْل ُه َو آيَاتٌ َبّينَاتٌ فِي ُ‬
‫[العنكبوت‪ ]49:‬فتجلّى القرآنُ ف عمَلِهِ وحُكْمِهِ وحُرُوبِهِ‪ .‬وإليك لعة ما أشرق من القرآن ف‬
‫شؤون حياته عليه السلم‪:‬‬
‫‪ -1‬روى أبو جعفر الطبي ف تفسيه بإسناده عن على بن حوشب‪ ،‬قال‪ :‬سعت‬
‫مكحولً(‪ )4‬يقول‪« :‬قرأ رسول ال صلى ال عليه وسلم‪َ (( :‬وَت ِعَيهَا أُ ُذ ٌن وَاعَِيةٌ)) ث التفت إل عليّ‪،‬‬
‫فقال‪" :‬سألت ال أن يعلها أذنك"‪ ،‬قال علي رضي ال عنه‪ :‬فما سعت شيئا من رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم فنسيته»(‪.)5‬‬
‫‪ -2‬روى "ممد بن سعد" ف كتاب الطبقات الكبى بإسناده عن سليمان الحسي عن‬
‫أبيه قال‪ :‬قال عليّ عليه السلم‪« :‬وال ما نزلت آيةٌ إل وقد علمت فيما نزلت وأين نزلت وعلى‬
‫من نزلت(‪ ،)6‬إنّ ربّي وهب ل قلبا عقولً ولسانا طلقا»(‪.)7‬‬
‫‪ -3‬وإنا لنجد ف كتاب ال تعال آية ل يعمل با أحد من هذه المّة إل علي بن أب طالب‬
‫عليه السلم‪ ،‬كما روى ابن جرير الطبي ف تفسيه بإسناده عن ماهد(‪ ،)8‬ف قوله‪َ(( :‬فقَ ّدمُوا بَيْنَ‬
‫جوَاكُمْ صَدََقةً)) قال‪ُ« :‬نهُوا عن مناجاة النب صلى ال عليه وآله وسلم حت يتصدّقوا‪ ،‬فلم‬
‫ي نَ ْ‬
‫يَدَ ْ‬

‫() مكحول‪ :‬فقيه الشام ف عصره‪ ،‬كان من حفاظ الديث‪ ،‬توف (‪112‬هم)‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫() جامع البيان عن تأويل آي القرآن‪ ،‬للمام أب جعفر ممد بن جرير الطبي (ت‪310:‬هم)‪ ،‬عند تفسيه لقوله تعال‬ ‫‪5‬‬

‫ف سورة الاقة‪(( :‬لَِنجْ َعَلهَا َل ُكمْ َتذْ ِكرَةً وََتعَِيهَا أُ ُذ ٌن وَاعِيَةٌ))‪.)29/55( ،‬‬
‫() ل شك أنه ليس مقصود المام عليه السلم من هذا الكلم التفاخر‪ ،‬فقد كان أبعد الناس عن الفخر واليلء‪ ،‬وإنا‬ ‫‪6‬‬

‫قصد من كلمه حثّ السلمي الدد وأجيال السلمي على الجيء إليه لتعلم علوم القرآن لينهلوا من غزير معرفته‪ ،‬وهذا‬
‫م ثل قوله عل يه ال سلم (( سلون قل أن تفقدو ن!)) أي ا ستفيدوا من عل مي ق بل أن أرت ل إل جوار ر ب فل تدون ن‬
‫لتسألون‪.‬‬
‫() الطبقات الكبى‪ ،‬لبن سعد‪( ،‬ج‪ ،2:‬ق‪ ،2:‬ص‪.)101:‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪9‬‬
‫يناجه إل عليّ بن أب طالب رضي ال عنه ق ّدمَ دينارَا فتص ّدقَ به‪ ،‬ث أنزلت الرخصة ف ذلك»‪،‬‬
‫وروى بإسناده عن ماه ٍد أيضا قال‪ :‬قال علي رضي ال عنه‪« :‬إن ف كتاب ال عز وجل لي ٌة ما‬
‫عمل با أحدٌ قبلي‪ ،‬ول يعمل با أحد بعدي‪(( :‬يَا أَّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا إِذَا نَا َجيْتُمُ ال ّرسُولَ َفقَ ّدمُوا بَيْنَ‬
‫ختْ»(‪.)9‬‬
‫جوَاكُمْ صَدََقةً)) [الجادلة‪ ]12:‬قال‪ :‬فُرِضَت‪ ،‬ث نُسِ َ‬
‫ي نَ ْ‬
‫يَدَ ْ‬
‫‪ -4‬أخرج "ابن أب داود" ف كتاب "الصاحف" من طريق ابن سيين( ‪ )1 0‬قال‪« :‬لا توف‬
‫النب صلى ال عليه وآله وسلم أقسم علي عليه السلم أن ل يرتدي برداء إل لمعةٍ حت يمع‬
‫القرآن ف مصحف‪ ،‬ففعل»‪.‬‬
‫أقول‪ :‬قد رأى ممد بن إسحق الندي هذا الصحف ف زمانه عند أب يعلى حزة السن‬
‫وشهد على ذلك ف كتابه السمى بم"الفهرست" وسيأت بيان ترتيب السور ف هذا الصحف إن‬
‫شاء ال‪.‬‬
‫‪ - 5‬صوّب عليّ عليه السلم رأي عثمان ف الصاحف بعدما حضر ملسه ودخل ف ملٍ‬
‫من أصحاب النب صلى ال عليه وآله وسلم كما روى أبو جعفر الطبي ف تاريه عن سُ َويْد‬
‫غفلة العفي( ‪ )1 1‬قال‪ :‬ل أحدّثكم إل ما سعته أذناي ووعاه قلب من علي بن أب طالب عليه‬
‫ل منا أصحاب‬
‫السلم سعته يقول‪« :‬ل تُسَمّوا عثمان شقّاق الصاحف فوال ما شقّقها إل عن م ٍ‬
‫ممد ولو وليتها لعملت فيها مثل الذي عمل»( ‪.)1 2‬‬
‫‪ -6‬اهت ّم عل ّي عليه السلم بتصحيح كتابة القرآن كما ُروِيَ ف "الناقب" لبن شهر‬
‫آشوب‪ :‬أنّ زيد بن ثابت لّا قرأ "التابوة" قال عل ّي عليه السلم‪ :‬اكتبه "التابوت" فكتبه كذلك(‪.)13‬‬
‫‪ -7‬قيل أن أفصح القراءات قراءة عاصم بن أب النجود الكوف وعاصم قرأ على أب عبد‬
‫() ماهد بن جب‪ ،‬من قرّاء التابعي وعلمائهم ف التفسي‪ ،‬نل من معي عبد ال بن عبّاس فصار من أشهر الفسرين ف‬ ‫‪8‬‬

‫مكة‪ ،‬توف سنة (‪104‬هم)‪.‬‬


‫() جامع البيان‪.)28/20( :‬‬ ‫‪9‬‬

‫() هو ممد بن سيين البصري من كبار علماء التابعي وفقهاء السلف الشهورين توف سنة (‪110‬هم)‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫ل ْعفِيّ‪-‬كما يقول العلمة الليّ‪-‬من أصحاب المام علي عليه السلم (انظر خلصة القوال ف معرفة‬
‫() ُسوَيْد بن َغ ْفلَة ا ُ‬ ‫‪11‬‬

‫الرجال‪ ،‬للعلمة اللي‪( ،‬ص‪.)163:‬‬


‫() تاريخ المم واللوك للطبي‪.)6/114( :‬‬ ‫‪12‬‬

‫() راجع‪ :‬مناقب آل أب طالب‪ ،‬لبن شهر آشوب‪.)2/52( ،‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪10‬‬
‫الرحن السلمي وقال أبو عبد الرحن‪ :‬قرأت القرآن كلّه على عليّ بن أب طالب عليه السلم‪.‬‬
‫‪ -8‬العدد الكوف ف القرآن منسوبٌ إل عليّ عليه السلم فإنه سع ذلك عن النب صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم‪ .‬قال أبو علي الطبسي ف "ممع البيان"‪« :‬روى الستاذ أحد الزاهد ف كتاب‬
‫"اليضاح" بإسناده عن سعيد بن السيب(‪ )14‬عن علي بن أب طالب عليه السلم أنه قال سألتُ‬
‫النبّ عن ثواب القرآن؟ فأخبن بثواب سُوَرِهِ سُوْرَةً ُسوْ َرةً على نو ما نزلت من السماء‬
‫(إل أن قال)‪ ،‬ث قال النب صلى ال عليه وآله وسلم‪( :‬جيع سور القرآن مائة وأربع عشرة سورة‬
‫وجيع آيات القرآن ستة آلف آية ومائتا آية وست وثلثون آية وجيع حروف القرآن ثلثائة‬
‫ألف حرف وعشرون ألف حرف ومائتان وخسون حرفا‪ ،‬ل يرغب ف تعلم القرآن إل السعداء‬
‫ول يتعهد قراءته إل أولياء الرحن)»(‪.)15‬‬
‫‪ -9‬إنّ عليّاً عليه السلم كان يُعَلّمُ الناسَ القرآنَ‪ ،‬وهُمْ يقرؤون عليه لتقوي قراءتم‪،‬‬
‫كما ُروِيَ عن أب مري زِرّ بْنُ حُبَيْش(‪ )16‬قال‪ :‬قرأت القرآن من أوله إل آخره ف السجد‬
‫الامع بالكوفة على أمي الؤمني علي بن أب طالب عليه السلم(‪ .)17‬وكما ُروِيَ عن رزين بن‬
‫حصي(‪ )18‬رضي ال عنه قال‪ :‬قرأت القرآن من أوله إل آخره على علي بن أب طالب رضي ال‬
‫عنه فلما بلغت الواميم‪ ،‬قال ل‪ :‬قد بلغت عرائس القرآن‪ ،‬فلما بلغت اثنتي وعشرين آية من‬
‫((حم عسق)) بكى ث قال‪ :‬اللهم إن أسألك إخبات الخبتي‪ ،‬وإخلص الوقني‪ ،‬ومرافقة البرار‪،‬‬
‫واستحقاق حقائق اليان‪ ،‬والغنيمة من كل بر‪ ،‬والسلمة من كل إث‪ ،‬ورجوت رحتك والفوز‬
‫بالنة والنجاة من النار‪ ،‬ث قال‪ :‬يا رزين‪ ،‬إذ ختمت فادع بذه‪ ،‬فإن رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم أمرن أن أدعو بن عند ختم القرآن))(‪.)19‬‬
‫() سعيد بن السيّب من كبار التابعي وأحد فقهاء الدينة السبعة ومن العاصرين للمام علي عليه السلم والخذين عنه‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫يذكر العلمة اللي ف كتابه الرجال "خلصة القوال" أن سعيد بن السيب تربّى على َيدَيْ عليّ عليه السلم‪.‬‬
‫() ممع البيان ف تفسي القرآن (‪ ،)614-10/613‬أو (‪.)29/140‬‬ ‫‪15‬‬

‫() زِرّ بْنُ حُبَيْش السدي الكوف‪ ،‬من أصحاب أمي الؤمني علي عليه السلم‪ ،‬قال عنه ابن حجر ف "تقريب التهذيب"‪:‬‬ ‫‪16‬‬

‫(ثقةٌ جلي ٌل مضرمٌ مات سنة إحدى أو اثنتي أو ثلث وثاني هجرية وهو ابن (‪ )127‬سنة)‪.‬‬
‫() انظر بار النوار للمجلسي‪.)89/206( :‬‬ ‫‪17‬‬

‫() يبدو أنه من تصحيفات النساخ وأنه نفس زرّ بن حُبَيش الذكور آنفا‪ ،‬حيث ل ذكر ف كتب الرجال لرجل اسه‪:‬‬ ‫‪18‬‬

‫رزين بن حصي!! والتشابه بي طريقة كتابة السي بل نقاط واضح‪.‬‬


‫() السيوطي ف تفسيه الدر النثور ف التفسي بالأثور‪ ،‬ذيل تفسيه للية (‪ )20‬من سورة الشورى‪.‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪11‬‬
‫وروى السيوطي ف الدر النثور قال‪« :‬أخرج ابن النباري ف الصاحف عن أب عبد الرحن‬
‫السلمي قال‪ :‬كنت أُ قرئُ السن والسي‪ ،‬فمرّ ب علي بن أب طالب وأنا أقرئُهما فقال ل‪:‬‬
‫((أقرئهما وخاتَم النبيي بفتح التاء»‪.‬‬

‫‪ -10‬إنّ عليّاً عليه السلم ل يكتف بتعليم القرّاء‪،‬بل كان يشي ف السواق وحده‪ ،‬وهو‬
‫بذاكَ يرشد الضا ّل ويعي الضعيف وي ّر بالبيّاع والبقّال فيفتح عليهم القرآن ويقرأ‪(( :‬تِلْكَ الدّارُ‬
‫ض وَل فَسَادًا وَاْلعَاِقَبةُ ِللْ ُمّتقِيَ)) [القصص‪.)2 0 (]83:‬‬
‫جعَُلهَا لِلّذِي َن ل يُرِيدُونَ عُُلوّا فِي الَ ْر ِ‬
‫الخِ َر ُة نَ ْ‬

‫‪ -11‬وكان عليّ عليه السلم يستنبط استنباطات دقيقة من القرآن تعكس فهمه العميق‬
‫التميّز لكتاب ال وفقهه النيّر الذي ل يبارى ف القرآن الكري‪ ،‬وهو فقهٌ خصّه ال تعال به وفتح‬
‫به عليه‪ ،‬وقد حدّث بذه النعمة اللية‪ ،‬فكان يقول لن سأله فيما إذا كان لديهم أهل البيت كتاب‬
‫خاصّ من رسول ال أو وحي سوى القرآن‪ ،‬وغي ما لدى سائر السلمي؟؟‪ ،‬فيقول‪« :‬ل والذي‬
‫(‪)21‬‬
‫فلق البة وبرأ النسمة‪ ،‬ما أعلمه إل فهما يعطيه ال رجلً ف القرآن‪ ،‬وما ف هذه الصحيفة‬
‫»(‪ )22‬أو يقول‪« :‬ل! ما عندنا إل ما ف كتاب ال‪ ،‬وما ف هذه الصحيفة‪ ،‬إلّ أن يعطي ال عز‬
‫وجل عبدا فهما ف كتابه»(‪.)23‬‬

‫ومن أمثلة استنباطاته اللطيفة والدقيقة من القرآن الكري استنباطه عليه السلم‪ ،‬أقل مدة‬
‫المل ‪ -‬وهو ستة أشهر ‪ -‬من قوله تعال‪(( :‬وَ َحمْلُ ُه وَِفصَالُ ُه ثَلثُونَ َشهْرًا)) [الحقاف‪ ]15:‬وقوله‬
‫ضعْنَ َأوْلَ َدهُنّ َحوَْليْنِ كَامَِليْنِ)) [البقرة‪ ،]233:‬لننا إذا طرحنا َسنَتِي الرضاعة‬
‫تعال‪(( :‬وَالْوَالِدَاتُ ُيرْ ِ‬
‫من الثلثي شهرا الذكورة لكلي المل والفطام من الرضاعة بقيت ستة أشهر مدة المل!‬

‫() مناقب آل أب طالب‪ ،‬لبن شهر آشوب‪.)2/120( ،‬‬ ‫‪20‬‬

‫() يشي إل الصحيفة الامعة الت كان يضعها ف قراب سيفه وكان يدون فيها أحاديث رسول ال صلى ال عليه وآله‬ ‫‪21‬‬

‫وسلم وما يتلقفه عنه من العلم‪ .‬وقد نقلت كتب الديث عند الفريقي كثي من متوياتا‪.‬‬
‫() ان ظر صحيح البخاري‪-168 :‬باب فكاك ال سي‪ ،‬و سنن الترمذي‪ :‬ج ‪ :2‬أبواب الديات عن ر سُو ِل اللّ هِ صلّى اللّ هُ‬ ‫‪22‬‬

‫ب مَا جَاءَ ل يُقت ُل م سلمٌ بكافرٍ‪ ،‬و سنن ا بن ما جة‪ :‬ج ‪ ،2‬باب ل يق تل م سلم بكا فر‪ ،‬وان ظر الدر‬
‫علي ِه و سَلّم‪-16 :‬با ُ‬
‫النثور ف التفسي بالأثور للسيوطي‪ ،‬ذيل تفسيه لقوله تعال ((فإن تنازعتم ف شيء فردوه إل ال والرسول)) الية (‪)59‬‬
‫من سورة النساء‪.‬‬
‫() سنن النسائي‪ :‬ج ‪ ،8‬كتاب القسامة‪ ،‬باب سقوط القود من السلم للكافر‪.‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪12‬‬
‫و روى الفسّرون أن رجلا تزوّج من امرأة فولدت له تاما لستة أشهر‪ ،‬فانطلق زوجها إل‬
‫عثمان بن عفان (وف بعض الروايات أنه انطلق إل عمر بن الطاب) فأمر برجها‪ ،‬فبلغ ذلك عليا‬
‫عليه السلم‪ ،‬فأتاه‪ ،‬فقال‪ :‬ما تصنع؟ قال‪ :‬ولدت تاما لستة أشهر وهل يكون ذلك؟ قال علي عليه‬
‫السلم‪ :‬أما سعت ال تعال يقول ((وَ َحمْلُ ُه وَِفصَالُ ُه ثَلثُونَ َشهْرًا))؟ (الحقاف‪ ]15:‬وقال‪:‬‬
‫(‪)24‬‬
‫ضعْنَ َأوْلَ َدهُنّ َحوَْليْنِ كَامَِليْنِ)) [البقرة‪ ]233:‬فكم تده بقي إل ستة أشهر؟‬
‫((وَالْوَالِدَاتُ ُيرْ ِ‬
‫ج أعداءه بالقرآن كما أثبت الؤرخون احتجاجاته مع‬
‫‪ -12‬وكان عليّ عليه السلم يُحا ّ‬
‫الوارج وغيهم‪ .‬من ذلك ما رواه الدينوري ف "الخبار الطوال"‪ :‬حيث يقول‪ :‬قالت الوارج‬
‫لعليّ عليه السلم‪« :‬إنا كفرنا حي رضينا بالكمي وقد تبنا إل ال من ذلك فإن تبت كما تبنا‬
‫ب فإنّا ُمنَابِذُوك على سواءٍ! فقال لم عليّ عليه السلم‪ :‬أشهد على‬ ‫فنحن معك وإل فأذن بر ٍ‬
‫ضلَ ْلتُ إِذًا َومَا َأنَ ْا مِ َن الْ ُم ْهتَدِينَ)) [النعام‪ ،]56:‬ث قال عليه السلم‪ :‬ليَخْ ُرجْ‬ ‫نفسي بالكفر؟! ((‪..‬قَدْ َ‬
‫إلّ رج ٌل منكم ترضون به حت أقو َل ويقولَ‪ ،‬فإ ْن وجبت عل ّي الُجّة أقررت لكم وتبت إل ال‪،‬‬
‫وإن وجبت عليكم فاتقوا الذي مردّكم إليه‪ .‬فقالوا‪ِ :‬ل َعبْدِ ال بن ال َكوّاءِ ‪ -‬وكان من كبائهم‪:-‬‬
‫اخرج إليه حت تاجّه! فخرج إليه‪ .‬فقال علي عليه السلم‪ :‬يا ابن الكوّاء! ما الذي نقمتم عليّ؟‬
‫بعد رضاكم بوليت وجهادكم معي وطاعتكم ل؟! فهلّ برئتم منّي يوم المل؟! قال ابن الكوّاء‪:‬‬
‫ل يكن هناك تكيم‪ .‬فقال علي عليه السلم‪ :‬يا ابن الكواء! أنا أهدى أم رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم؟ قال ابن الكواء‪ :‬بل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬قال‪ :‬فما سعت قولَ ال عزّ‬
‫سنَا وأَنفُسَكُمْ)) [آل عمران‪]61:‬‬
‫وجلّ‪َ...(( :‬فقُ ْل َتعَاَل ْواْ نَ ْدعُ َأْبنَاءنَا َوَأبْنَاءكُ ْم َونِسَاءنَا َونِسَاءكُمْ َوأَنفُ َ‬
‫أكان ال يشكّ أنم كاذبون؟ قال‪ :‬إن ذلك كان احتجاجا عليهم وأنت شككت ف نفسك حي‬
‫ك فيك! قال علي عليه السلم‪ :‬وإن ال تعال يقول‪(( :‬قُلْ‬ ‫رضيت بالكمي! فنحن أحرى أن نش ّ‬
‫َفأْتُوا ِب ِكتَابٍ مّ ْن عِندِ اللّ ِه ُهوَ َأهْدَى ِمنْهُمَا َأّتِبعْهُ)) [سورة القصص‪ ،]49:‬قال ابن الكواء‪ :‬ذلك أيضا‬
‫ج ابن الكوّاء بذا وشبهه‪ .‬قال ابن الكوّاء‪ :‬أنت‬ ‫احتجاجٌ منه عليهم! فلم يزل علي عليه السلم يا ّ‬
‫ت الكمي!»( ‪.)2 5‬‬
‫صادق ف جيع ما تقول غي أنّك َكفَرْتَ حي حكّ ْم َ‬

‫() انظر تفسي الطبي ذيل تفسيه لقوله تعال‪(( :‬قُلْ إِن كَا نَ لِلرّ ْحمَ نِ َوَلدٌ َفأَنَا َأوّلُ اْلعَاِبدِي نَ)) [الزخرف‪ ]81:‬وتفسي‬ ‫‪24‬‬

‫الدر النثور للسيوطي ذيل تفسيه لقوله تعال ((وَ َح ْملُ هُ َوفِ صَالُهُ ثَلثُو نَ َشهْرًا)) [الحقاف‪ ،]15:‬وتفسي القرطب‪ ،‬ذيل‬
‫تفسيه لليتي الذكورتي‪.‬‬
‫() انظر‪ :‬الخبار الطوال‪ ،‬للدينوري‪( ،‬ص‪.)209-208:‬‬ ‫‪25‬‬

‫‪13‬‬
‫وزاد الطبي ف تاريه‪ :‬فقال عليّ عليه السلم‪« :‬إنا لسنا حكّ ْمنَا الرجال إنا حكّ ْمنَا القرآن‬
‫وهذا القرآن إنّما هو خطّ مسطورٌ بي دّفَتيْن ل ينطق إنّما يتكلّ ُم بِهِ الرّجَالُ» قالوا‪ :‬فخبّرْنَا عن‬
‫الجل لِمَ جعلته فيما بينك وبينهم؟؟ قال‪« :‬ليعلم الاهل ويتثّبتَ العال‪ ،‬ولعلّ الَ ع ّز وجلّ‬
‫يصلح ف هذه الدنة هذه المّة‪ ،‬أدخلوا مصركم رحكم ال!»( ‪.)2 6‬‬
‫‪ -13‬وكان عل ّي عليه السلم يستشهد ف مكاتباته بأي القرآن كما أورد اليعقوب ف‬
‫تاريه نبذ ًة منها‪ ،‬ومن ذلك كتابه عليه السلم إل "يزيد بن قيس الأرحب"(‪ :)27‬أما بعد‪ ،‬فإنك‬
‫أبطأت بمل خراجك‪ ،‬وما أدري ما الذي حلك على ذلك‪ .‬غي أن أوصيك بتقوى ال وأحذرك‬
‫أن تبط أجرك وتبطل جهادك بيانة السلمي‪ ،‬فاتق ال ونزه نفسك عن الرام‪ ،‬ول تعل ل‬
‫عليك سبيل‪ ،‬فل أجد بُدّاً من اليقاع بك‪ ،‬وأعزز السلمي ول تظلم العاهدين‪(( ،‬وَاْبتَغِ فِيمَا‬
‫س َنصِيبَكَ مِنَ ال ّدنْيَا َوأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللّهُ إَِليْكَ وَل َتبْ ِغ اْلفَسَادَ‬
‫آتَاكَ اللّهُ الدّارَ الخِ َر َة وَل تَن َ‬
‫ب الْ ُمفْسِدِينَ)) [القصص‪.)28(]77:‬‬
‫ح ّ‬
‫فِي الَ ْرضِ ِإنّ اللّ َه ل يُ ِ‬
‫‪ -14‬وكان عليه السلم إذا أراد أن يسي إل الرب قعد على دابّته وقال‪ :‬المد ل رب‬
‫العالي على ِنعَمِهِ علينا وفضله العظيم (( ُسبْحانَ الّذِي َسخّرَ َلنَا هَذَا َومَا ُكنّا لَ ُه ُمقْ ِرنِيَ‪َ .‬وِإنّا إِلَى‬
‫َرّبنَا َلمُنقَِلبُونَ)) [الزخرف‪13:‬و ‪ ]14‬ث يوجّهُ دابّتَهُ إل القبلة ث يرفع يديه إل السماء ث يقول‪:‬‬
‫«اللهم إليك نقلت القدام وأفضت القلوب ورفعت اليدي وشخصت البصار‪ ،‬نشكو إليك غيبة‬
‫َنبِّينَا وكثر َة عد ّونَا وتشّتتَ أهوائِنا (( َرّبنَا ا ْفتَ ْح بَْينَنا َوَبيْنَ َق ْومِنا بِاْلحَ ّق وَأنْتَ َخيْ ُر الْفاتِحِيَ))‬
‫[العراف‪ ]89:‬سيوا على بركة ال!»(‪.)29‬‬
‫‪ -15‬وكان عليه السلم إذا أراد الغزو حرّض أصحابه على القتال بآي القرآن فقال‪« :‬إن‬
‫ال عز وجل قد دلّكم على تارة تنجيكم من العذاب وتشفي بكم على الي‪ ،‬إيان بال ورسوله‬
‫وجهاد ف سبيله‪ ،‬وجعل ثوابه مغفرة الذنوب ومساكن طيبة ف جنات عدن ورضوان من ال‬
‫صفّا َكَأنّهُم بُنيَانٌ‬
‫ب الّذِي َن ُيقَاتِلُونَ فِي َسبِيلِهِ َ‬
‫ح ّ‬
‫أكب‪ ،‬فأخبكم بالذي يبّ فقال‪ِ(( :‬إنّ اللّ َه يُ ِ‬

‫() تاريخ المم واللوك للطبي‪ .)5/66( ،‬والكامل ف التاريخ لبن الثي الزري‪.)3/328( ،‬‬ ‫‪26‬‬

‫() كان عامل عل ّي عليه السلم على الريّ وهدان وأصفهان‪.‬‬ ‫‪27‬‬

‫() راجع تاريخ اليعقوب‪.)201-2/200( :‬‬ ‫‪28‬‬

‫() كتاب "وقعة صفي" لنصر بن مزاحم الثقفي‪( ،‬ص‪.)231:‬‬ ‫‪29‬‬

‫‪14‬‬
‫مّرْصُوصٌ)) [الصف‪.)30(»]4:‬‬
‫ي أنّه‪ :‬أتى‬
‫‪ -16‬وكان عليه السلم إذا أبصر بعض أصحابه‪ ،‬بشّره بقراءة القرآن‪ ،‬كما ُروِ َ‬
‫صرَد الُزاعي(‪ )31‬عليّا أمي الؤمني عليه السلم ووجهه مضروبٌ بالسيف‪ ،‬فلمّا نظر‬
‫سليمان بن ُ‬
‫[الحزاب‪]23:‬‬ ‫حبَ ُه َو ِمنْهُم مّن يَنتَظِ ُر َومَا بَدّلُوا َتبْدِيلً))‬
‫إليه علي عليه السلم قال‪َ(( :‬ف ِمْنهُم مّن َقضَى نَ ْ‬
‫فأنت مِمّن ينتظر َومِمّن ل يبدّل( ‪.)3 2‬‬
‫‪ -17‬وكان عليه السلم يكتب إل أمراء الجناد فيذكّرهم بالقرآن فكتب‪...(( :‬فاعزلوا‬
‫الناس عن الظلم والعدوان وخذوا على أيدي سفهائكم واحترسوا أن تعملوا أعمال ل يرضى ال‬
‫با عنا فيد علينا وعليكم دعاءنا فإن ال تعال يقول‪(( :‬قُ ْل ما َي ْعبَؤُا بِكُمْ َربّي َلوْل دُعاؤُكُمْ َفقَدْ‬
‫ف يَكُونُ ِلزَامَا)) [الفرقان‪.)3 3 (]77:‬‬
‫سوْ َ‬
‫كَ ّذْبتُمْ فَ َ‬
‫‪ -18‬و ُربّما أنشد أح ٌد الشعر عند علي أمي الؤمني عل ّي عليه السلم فأمره أن يقرأ القرآن‬
‫ي أنّه عليه السلم لّا انتهى إل مدينة برسي (ف مسي صفّي) إذا رجلٌ من‬ ‫مكان شعره‪ ،‬كما ُروِ َ‬
‫أصحابه يُقال له "حرّ بن سهم بن طريف" من بن ربيعة بن مالك‪ ،‬ينظر إل آثار كسرى وهو‬
‫(‪)34‬‬
‫يتمثل قول ابن يعفر التميمي‬
‫فكـأنـمـا كـانوا على ميعاد‬ ‫جرت الرياح على مكان ديارهم‬
‫ت َوعُيُونٍ وَ ُزرُوعٍ َومَقامٍ َك ِريٍ‬
‫فقال عليّ عليه السلم‪« :‬أفل قلت‪(( :‬كَ ْم تَرَكُوا مِنْ َجنّا ٍ‬
‫ك َوَأوْ َرثْناها َقوْما آ َخرِينَ فَما َب َكتْ عََلْيهِمُ السّما ُء وَالَ ْرضُ وَما‬
‫َونَعْ َم ٍة كانُوا فِيها فا ِكهِيَ كَذلِ َ‬
‫كانُوا ُمنْظَرِينَ)) [الدخان‪ ]29-25:‬إنّ هؤلء كانوا وارثي فأصبحوا موروثي‪ .‬إن هؤلء ل يشكروا‬
‫النعمة فسُلِبوا دنياهم بالعصية‪ .‬إياكم و ُكفْ َر الّنعَمِ ل ت ّل ِبكُ ُم الّنقَمُ»(‪.)35‬‬

‫() كتاب "وقعة صفي" لنصر بن مزاحم الثقفي‪( ،‬ص‪.)235:‬‬ ‫‪30‬‬

‫() سليمان بن صُرَد الزاعي أبو مطرف الكوف رضي ال عنه‪ ،‬صحاب جليل وكان أيضا من أصحاب وشيعة المام علي‬ ‫‪31‬‬

‫عليه السلم‪ ،‬استشهد بعي الوردة سنة (‪65‬هم)‪.‬‬


‫() الصدر السابق‪( :‬ص‪.)519:‬‬ ‫‪32‬‬

‫() الصدر السابق‪( ،‬ص‪.)125:‬‬ ‫‪33‬‬

‫() من شعراء الاهلية‪.‬‬ ‫‪34‬‬

‫() الصدر السابق‪( ،‬ص‪.)143-142:‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ -19‬وربّما أعذر أح ٌد عنده فعذره عليه السلم ورفع عنه اللوم بآيةٍ من القرآن كما ُروِ َ‬
‫ي‬
‫خيْلَة رأى شيخا ف ظ ّل بيت على وجهه أثر الرض فسلّم عليه‬ ‫أنّه لّا رجع من صفّي وانتهى إل النّ َ‬
‫ت معنا غزاتَنا هذه؟‬ ‫فردّ ردّا حسنا فسأله عن حاله وبشّرَه برحة ال وغفرانه وقال له‪« :‬هل شهد َ‬
‫حبِ الُمّى خذلن عنها‪ .‬قال عليّ‪:‬‬ ‫قال‪ :‬ل وال ما شهدتا ولقد أردتا ولكن ما ترى ب من َل َ‬
‫((ّلْيسَ عَلَى الضّ َعفَاء وَلَ عَلَى الْ َمرْضَى وَ َل عَلَى الّذِينَ لَ َيجِدُونَ مَا يُن ِفقُونَ حَ َرجٌ إِذَا َنصَحُواْ ِللّهِ‬
‫ي مِن سَبِي ٍل وَاللّ ُه َغفُورٌ رّحِيمٌ)) [التوبة‪.)36(]91:‬‬
‫سنِ َ‬
‫وَ َرسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْ ِ‬
‫‪ -20‬وكان عل ّي عليه السلم يكثر من مدح القرآن ويثن على أهله خيا بأبلغ بيان‬
‫وأحسن الكلم وسيأت ذكره إن شاء ال تعال‪.‬‬
‫‪ -21‬وكان من وصيّته عليه السلم لّا حضره الوت أنّه قال‪..« :‬والَ الَ ف القُرْآنِ‪ ،‬ل‬
‫يسبِ ُقكُم بالعمل به غيُكُم!»( ‪.)3 7‬‬
‫هكذا كان عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ كما أخب بذلك النب صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم‪ .‬روى الطيب البغدادي ف تاريه بسنده عن أب ثابت قال‪ :‬دخلت على أمّ سلمة رضي‬
‫ال عنها فرأيتُها تبكي وتذكر عليّا! قالت‪ :‬سعتُ النبّ صلى ال عليه وآله وسلم قال‪« :‬عليّ مع‬
‫ض يوم القيا َمةِ»( ‪.)3 8‬‬
‫القرآن والقرآن مع عليّ‪ ،‬لن يفترقا حت يردا عل ّي الو َ‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬


‫*‬ ‫*‬

‫() الصدر السابق‪( ،‬ص‪.)529-528:‬‬ ‫‪36‬‬

‫() انظر نج البلغة‪ ،‬للشريف الرضي‪( ،‬ص‪.)422:‬‬ ‫‪37‬‬

‫() انظر تاريخ بغداد‪ ،‬للخطيب البغدادي‪.)14/321( ،‬‬ ‫‪38‬‬

‫‪16‬‬
‫كلمُ عل ّي عليه السلم ف وَصْفِ القرآن‬

‫إن عليا عليه السلم كثيا ما ندب أصحابه إل القرآن‪ ،‬وبيّن فضله بأبلغ البيان‪ ،‬فما نرى‬
‫أحدا من العلماء وَصَفَ القُرْآنَ كما وصفه أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬لن عليّا كان قلبه مرآة‬
‫القرآن وعملُهُ ثرةً لذه الشجر ِة الباركةِ‪ ،‬فينبغي لنا أن نسكت ف هذا القام ونف ّوضَ ن ْعتَ القرآن‬
‫إل عليّ عليه السلم (وف طَلْعةِ الشّ ْمسِ ما يغنيك عن ُزحَل!)؛ فاستمع إل كل ٍم تُشَدّ الرّحالُ‬
‫فيما دونه‪:‬‬
‫ج ِعبَا َد ُه مِ ْن عِبَا َدةِ‬
‫خرِ َ‬ ‫‪-1‬قال عليه السلم‪َ« :‬ب َعثَ اللّ ُه ُمحَمّدا صلى ال عليه وآله وسلم بِاْلحَقّ ِليُ ْ‬
‫شيْطَانِ إِلَى طَا َعتِ ِه ِبقُرْآنٍ قَ ْد َبّينَهُ وأَ ْحكَمَهُ‪ِ ،‬لَيعَْل َم الْ ِعبَادُ َرّبهُمْ ِإذْ‬
‫الَ ْوثَانِ إِلَى عِبَا َدتِ ِه َومِ ْن طَا َعةِ ال ّ‬
‫َجهِلُوهُ‪ ،‬وِليُقِرّوا بِ ِه َبعْدَ إِذْ َجحَدُوهُ‪ ،‬ولُِيْثبِتُوهُ َبعْدَ ِإذْ َأنْكَرُوهُ‪َ ،‬فتَجَلّى َلهُ ْم ُسبْحَانَهُ فِي ِكتَابِ ِه مِنْ‬
‫غَيْرِ أَ ْن َيكُونُوا َرَأ ْوهُ‪ ،‬فأراهم ِحلْمَه كيف َحلُمَ‪ ،‬وأراهم ع ْف َوهُ كيف عفا‪ ،‬وأَرَاهُمْ قُ ْدرَته كيف‬
‫ف مَحَ َق مَنْ مَحَقَ من‬ ‫قَدَرَ‪َ ،‬و َخوَّفهُ ْم مِ ْن سَ ْط َوتِهِ‪ ،‬وَ َكيْفَ َخلَقَ ما َخلَقَ من اليات‪ ،‬وَ َكيْ َ‬
‫ق وهَدَى وأعْطَى»( ‪.)3 9‬‬
‫ت وَا ْحتَصَ َد مَنِ ا ْحَتصَ َد بِالّنقِمَاتِ‪ ،‬وكيف رَ َز َ‬
‫العصاة بِالْ َمثُل ِ‬
‫‪-2‬وقال عليه السلم‪« :‬وَاعْلَمُوا َأ ّن هَذَا اْلقُرْآ َن ُهوَ النّاصِ ُح الّذِي ل َي ُغشّ وَاْلهَادِي الّذِي ل ُيضِلّ‬
‫س هَذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِل قَا َم َعنْهُ بِ ِزيَا َدةٍ َأ ْو ُن ْقصَانٍ‪ِ :‬زيَا َدةٍ‬ ‫ث الّذِي ل َيكْذِبُ‪َ ،‬ومَا جَاَل َ‬ ‫وَالْمُحَدّ ُ‬
‫س عَلَى أَحَ ٍد َبعْ َد اْلقُرْآنِ مِنْ فَاَقةٍ‪ ،‬وَل لَ َحدٍ َقبْلَ‬ ‫فِي هُدًى َأ ْو ُن ْقصَا ٍن مِ ْن عَمًى‪ .‬وَاعْلَمُوا َأنّهُ َلْي َ‬
‫شفُو ُه مِنْ أَ ْدوَائِكُمْ‪ ،‬وَاسَْتعِينُوا بِهِ عَلَى ْلوَاِئكُمْ‪ ،‬فَِإنّ فِيهِ ِشفَا ًء مِنْ أَ ْكبَرِ‬ ‫الْقُرْآ ِن مِ ْن ِغنَىً؛ فَا ْستَ ْ‬
‫سأَلُوا بِهِ‬ ‫حبّهِ‪ ،‬وَل تَ ْ‬ ‫ق وَاْل َغيّ وَالضّللُ‪ ،‬فَاسْأَلُوا اللّ َه بِهِ‪َ ،‬وَتوَ ّجهُوا إَِليْهِ ِب ُ‬ ‫الدّاءِ‪َ ،‬و ُهوَ الْ ُكفْ ُر وَالّنفَا ُ‬
‫شفّعٌ‪ ،‬وَقَائِ ٌل ُمصَ ّدقٌ»( ‪.)4 0‬‬
‫خَ ْلقَهُ‪ِ ،‬إنّ ُه مَا َتوَجّ َه الْ ِعبَادُ إِلَى اللّهِ تَعَالَى بِ ِمثْلِهِ‪ ،‬وَاعَْلمُوا َأنّهُ شَافِ ٌع مُ َ‬
‫حبْ ُل الْ َمتِيُ‪ ،‬وَالنّو ُر الْ ُمبِيُ‪ ،‬وَالشّفَا ُء النّافِعُ‪،‬‬
‫‪-3‬وقال عليه السلم‪َ « :‬وعََلْيكُ ْم بِ ِكتَابِ اللّهِ فَِإنّ ُه الْ َ‬
‫سَت ْعتَبَ‪ ،‬وَل‬ ‫ي النّاقِعُ‪ ،‬وَاْل ِعصْ َمةُ ِللْ ُمتَمَسّكِ‪ ،‬وَالنّجَاةُ ِللْ ُمَتعَلّقِ‪ ،‬ل َي ْعوَجّ َفُيقَامَ‪ ،‬وَل يَزِيغُ َفيُ ْ‬
‫وَالرّ ّ‬
‫تُخِْلقُهُ َكثْ َرةُ الرّ ّد ووُلُوجُ السّ ْمعِ‪ ،‬مَنْ قَا َل بِهِ صَ َدقَ‪َ ،‬ومَ ْن عَمِ َل بِ ِه َسبَقَ»( ‪.)4 1‬‬

‫() را جع رو ضة الكا ف للكلي ن‪( ،‬ص‪ ،)386:‬ون ج البل غة‪ ،‬الط بة (‪ ،)147‬على اختل فٍ ي س ٍي ب ي روا ية الكلي ن‬ ‫‪39‬‬

‫ورواية الشريف الرضيّ‪.‬‬


‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)176‬‬ ‫‪40‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)156‬‬ ‫‪41‬‬

‫‪17‬‬
‫‪-4‬وقال عليه السلم‪َ « :‬وِإنّ اللّ َه ُسبْحَانَهُ لَ ْم َيعِظْ أَحَدا بِ ِمثْ ِل هَذَا اْلقُرْآنِ‪ ،‬فَِإنّهُ َحبْلُ اللّ ِه الْ َمتِيُ‬
‫َوسََببُ ُه الَمِيُ‪ ،‬وَفِيهِ َربِي ُع اْلقَ ْلبِ َوَينَابِي ُع اْلعِلْمِ‪َ ،‬ومَا لِ ْل َق ْلبِ جِلءٌ َغيْ ُرهُ»( ‪.)4 2‬‬
‫جةُ اللّ ِه عَلَى خَ ْلقِهِ‪ ،‬أَخَذَ عََليْهِ‬
‫‪-5‬وقال عليه السلم‪« :‬فَاْلقُرْآنُ آمِرٌ زَا ِجرٌ‪ ،‬وَصَا ِمتٌ نَاطِقٌ‪ُ ،‬ح ّ‬
‫سهُمْ‪َ ،‬أتَ ّم نُو َرهُ َوأَكْمَ َل بِهِ دِينَهُ‪ ،‬وََقَبضَ َنِبيّهُ صلى ال عليه وآله‬ ‫مِيثَاَقهُ ْم وَا ْرَتهَ َن عََلْيهِمْ أَْنفُ َ‬
‫وسلم‪ ،‬وَقَدْ َف َرغَ إِلَى الْخَ ْل ِق مِنْ أَ ْحكَامِ اْلهُدَى بِهِ»( ‪.)4 3‬‬
‫ك الْقُرْآنُ فَا ْسَتنْ ِطقُو ُه وَلَ ْن َينْطِقَ َلكُمْ‪ ،‬ولَكِنْ أُ ْخبِرُ ُك ْم عَنْهُ‪ِ :‬إنّ فِي ِه عِلْمَ‬
‫‪-6‬وقال عليه السلم‪« :‬ذَلِ َ‬
‫مَا َمضَى َوعِلْ َم مَا َيأْتِي إِلَى َي ْومِ اْل ِقيَا َمةِ‪ ،‬وَ ُحكْ َم مَا َبيَْنكُمْ»( ‪.)4 4‬‬
‫حدِيثِ‪َ ،‬وَت َفقّهُوا فِيهِ فَِإنّهُ َربِي ُع اْلقُلُوبِ‪،‬‬
‫‪-7‬وقال عليه السلم‪َ« :‬تعَلّمُوا اْلقُرْآنَ فَِإنّهُ أَحْسَ ُن الْ َ‬
‫صصِ»( ‪.)4 5‬‬
‫سنُوا تِل َوتَهُ فَِإنّهُ َأْنفَعُ الْ َق َ‬
‫شفُوا ِبنُو ِرهِ فَِإنّ ُه ِشفَاءُ الصّدُورِ‪َ ،‬وأَحْ ِ‬
‫وَا ْستَ ْ‬
‫‪-8‬وقال عليه السلم‪« :‬وَ ِكتَابُ اللّ ِه َبيْنَ َأ ْظهُرِكُمْ‪ ،‬نَاطِ ٌق ل َيعْيَا لِسَانُهُ‪َ ،‬وبَْيتٌ ل ُتهْ َدمُ أَرْكَانُهُ‪،‬‬
‫َوعِ ّز ل ُتهْ َزمُ َأ ْعوَانُهُ»( ‪.)4 6‬‬
‫‪-9‬وقال عليه السلم‪« :‬وَفِي القُرْآ ِن َنبَُأ مَا َقبَْلكُم‪ ،‬و َخبَ ُر ما بعْدَكُم‪ ،‬و ُحكْ ُم ما بْينَكُم»( ‪.)4 7‬‬
‫‪-10‬وقال عليه السلم‪ِ« :‬إ ّن الْقُرْآ َن ظَاهِ ُرهُ َأنِيقٌ َوبَا ِطنُهُ عَمِيقٌ‪ ،‬ل َت ْفنَى عَجَاِئبُهُ‪ ،‬وَل َتْن َقضِي‬
‫غَرَائِبُهُ‪ ،‬وَل تُكْشَفُ الظُّلمَاتُ إِل بِهِ»(‪.)48‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)176‬‬ ‫‪42‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)183‬‬ ‫‪43‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)158‬‬ ‫‪44‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)110‬‬ ‫‪45‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)133‬‬ ‫‪46‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬حكم أمي الؤمني‪ ،‬حكمة (رقم‪.)313:‬‬ ‫‪47‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)18‬‬ ‫‪48‬‬

‫‪18‬‬
‫كلمُ عل ّي عليه السلم ف ذَمّ تفسي القرآن بالرّأيِ‬

‫قسّم الما ُم عليّ عليه السلم العبادَ ف كلمه إل فئتي‪ ،‬فئة قامعة لواها‪ ،‬تابعة لكلم ربّها‬
‫تَحِلّ حيث حلّ القُرْآنُ‪ ،‬فالقُرْآنُ إمامُها وقائِدُها‪ .‬وأُخْرَى من أهل الزي ِغ والوى‪ ،‬وتميلِ الرّأيِ‬
‫على القُرْآن‪ ،‬كأّنهُم أئمّة الكتابِ وليس الكتابُ إمامهم! فقال ف وصفِ رج ٍل من الفئة الول‪:‬‬
‫ف الْحَ ّق وَيعْمَ ُل بِهِ‪ ،‬ل‬ ‫«قَدْ أَلْ َز َم َنفْسَ ُه الْعَدْلَ‪َ ،‬فكَانَ َأوّ َل عَدْلِ ِه َنفْ ُي اْلهَوَى عَ ْن َنفْسِهِ‪َ ،‬يصِ ُ‬
‫ب مِنْ ِزمَامِهِ َف ُهوَ قَائِ ُدهُ َوِإمَامُهُ َيحُلّ‬
‫خْي ِر غَاَيةً إِل َأمّهَا ول مَ ِظّنةً إِل َقصَ َدهَا قَدْ َأ ْمكَ َن الْ ِكتَا َ‬ ‫يَ َدعُ لِلْ َ‬
‫َحْيثُ حَ ّل َثقَلُ ُه وَينْزِلُ َحْيثُ كَانَ َمنْزِلُهُ»(‪.)49‬‬
‫ل آخر من الفئة الثانية فقال‪« :‬وَ آخَرُ َق ْد تَسَمّى عَالِما ولَْيسَ‬
‫ث وصف عليه السلم رج ً‬
‫صبَ لِلنّاسِ َأشْرَاكا مِنْ َحبَائِلِ غُرُو ٍر وََقوْلِ‬
‫بِهِ‪ ،‬فَا ْقتََبسَ َجهَائِ َل مِنْ ُجهّا ٍل َوأَضَالِيلَ مِنْ ضُل ٍل َونَ َ‬
‫زُورٍ قَدْ حَمَلَ الْ ِكتَابَ عَلَى آرَائِ ِه َوعَطَفَ الْحَ ّق عَلَى أَ ْهوَائِهِ»(‪.)50‬‬
‫وقال عليه السلم أيضا‪« :‬وَ ِإنّهُ َسَيأْتِي عََلْيكُ ْم مِ ْن َبعْدِي َزمَانٌ َلْيسَ فِي ِه َشيْءٌ أَ ْخفَى مِ َن‬
‫ب عَلَى اللّ ِه َو َرسُولِهِ‪ ،‬وََلْيسَ عِنْدَ َأهْلِ ذَلِكَ ال ّزمَانِ‬ ‫الْحَ ّق وَل َأظْهَ َر مِنَ الْبَاطِلِ‪ ،‬وَل أَ ْكثَ َر مِ َن اْلكَذِ ِ‬
‫ضعِهِ! وَل فِي الْبِلدِ‬ ‫ف عَ ْن َموَا ِ‬ ‫سِ ْل َعةٌ َأبْوَ َر مِ َن الْكتَابِ إِذَا تُِليَ حَقّ تِل َوتِهِ‪ ،‬وَل َأْنفَ َق ِمنْهُ ِإذَا حُرّ َ‬
‫ف مِ َن الْ ُمنْكَرِ‪َ ،‬فقَ ْد َنبَذَ اْل ِكتَابَ حَمََلتُ ُه َوَتنَاسَاهُ َحفَ َظتُهُ‪،‬‬
‫َشيْءٌ َأْنكَ َر مِ َن الْ َمعْرُوفِ‪ ،‬وَل َأعْرَ َ‬
‫حبَانِ فِي طَرِي ٍق وَاحِ ٍد ل ُي ْؤوِيهِمَا ُم ْؤوٍ‪.‬‬ ‫ب َي ْو َمئِذٍ َوَأهْلُ ُه طَرِيدَانِ َمْن ِفيّا ِن وَصَا ِحبَانِ ُمصْ َط ِ‬ ‫فَاْلكِتَا ُ‬
‫ب َوَأهْلُهُ فِي ذَلِكَ ال ّزمَانِ فِي النّاسِ وَليْسَا فِيهِمْ‪َ ،‬و َم َعهُمْ وَليْسَا َم َعهُمْ‪َ ،‬لنّ الضّللَ َة ل ُتوَافِقُ‬ ‫فَاْلكِتَا ُ‬
‫جمَا َعةِ‪َ ،‬كَأّنهُمْ َأئِ ّمةُ الْ ِكتَابِ وََلْيسَ‬ ‫اْلهُدَى َوإِنِ ا ْجتَ َمعَا‪ ،‬فَا ْجتَمَ َع اْل َق ْومُ عَلَى اْلفُرَْق ِة وَافْتَرَقُوا عَلَى الْ َ‬
‫الْ ِكتَابُ ِإمَا َمهُمْ‪َ ،‬فلَ ْم َيبْ َق عِنْ َدهُ ْم ِمنْهُ إِل اسْمُ ُه وَل َيعْرِفُونَ إِل َخطّهُ و َزبْ َرهُ‪َ ،‬ومِنْ َقبْ ُل مَا َمثّلُوا‬
‫سيَّئةِ(‪.»)51‬‬
‫سَن ِة ُعقُوَبةَ ال ّ‬
‫بِالصّالِحِيَ كُ ّل ُمثَْل ٍة َوسَ ّموْا صِدَْقهُ ْم عَلَى اللّهِ فِ ْرَي ًة وَ َجعَلُوا فِي الْحَ َ‬
‫أقول‪ :‬أصل هذا الكلم مروِيّ عن رسول ال فأخذ أمي الؤمني عليه السلم شطرا منه‬
‫وبيّنه بأفضل بيان وتفصيل‪ .‬روى الكلين ف الروضة من الكاف بسنده عن أب عبد ال الصادق‬

‫() نجالبلغة‪ ،‬خطبة (‪.)87‬‬ ‫‪49‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬خطبة (‪.)87‬‬ ‫‪50‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬خطبة (‪.)147‬‬ ‫‪51‬‬

‫‪19‬‬
‫قال‪ :‬قال أمي الؤمني عليه السلم قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪َ « :‬سَيأْتِي عَلَى النّاسِ‬
‫َزمَانٌ ل َيْبقَى مِ َن اْلقُرْآنِ إِل َرسْمُ ُه َومِ َن ا ِلسْلمِ إِل اسْمُهُ‪ ،‬يُسَ ّموْ َن بِ ِه َوهُمْ أَْبعَ ُد النّاسِ ِمنْهُ‪،‬‬
‫ت ظِلّ السّمَاءِ‪ِ ،‬منْهُمْ‬ ‫ح َ‬ ‫مَسَاجِ ُدهُ ْم عَامِ َرٌة َوهِيَ َخرَابٌ مِ َن اْلهُدَى‪ُ ،‬ف َقهَاءُ ذَلِكَ ال ّزمَا ِن شَرّ ُف َقهَا َء تَ ْ‬
‫َخرَ َجتِ الْ ِفْتَنةُ وإَِلْيهِمْ تَعُودُ»(‪.)52‬‬
‫وقال عليه السلم أيضا ف النهي عن تفسي القرآن بالرأي‪« :‬فإنّهُ يُنَادِي ُمنَا ٍد َيوْ َم القِيَا َمةِ‪ :‬أَل‬
‫ث ُمْبتَلًى فِي َح ْرثِهِ وعَاِقَبةِ عَمَلِ ِه َغيْرَ َح َرَثةِ اْلقُرْآنِ َفكُونُوا مِنْ حَ َرَثتِهِ َوَأْتبَاعِهِ واسْتَدِلّوهُ‬
‫إِنّ كُلّ حَارِ ٍ‬
‫عَلَى َربّكُ ْم وَا ْستَْنصِحُوهُ عَلَى َأْنفُسِكُ ْم وَاّتهِمُوا عََليْهِ آرَاءَكُ ْم وَا ْسَتغِشّوا فِيهِ أَ ْهوَاءَكُمْ»(‪.)53‬‬
‫س آياتِه وِليَهتَدوا به‪،‬‬
‫أقول‪ :‬ل ريب أن القرآن الكري نزل من عند ال رب العالي ليت َدبّر النا ُ‬
‫ي الْن ِهيّ عنه ف كلم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬تميل الرّأي التّخذ من‬ ‫فالراد من التفسي بالرّأ ِ‬
‫السالك الختلفة على القرآن كما هو معمو ٌل به عند أرباب الذاهب‪:‬‬
‫وليلى ل ُت ِقرّ لم بذاكا‬ ‫ل بليلى‬
‫فك ّل يدّعي وص ً‬
‫وأما من ترك تأويلت الصوفية ونسي الراء الفلسفية وأعرض عن القوال الكلمية وأمثالا‬
‫وتسّك ببل القُرْآن وطلب حلّ مشكل القُرْآن من نفسه وفسّر آي ًة منه بآيةٍ أخرى‪ ،‬أو بسّنةٍ من‬
‫ط مستقيم‪ .‬هذا هو النهج القّ ف تفسي‬ ‫رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم فقد هُدِيَ إل صرا ٍ‬
‫القُرْآن البِي وقد أشار إليه أمي الؤمني عليه السلم ف كلمه فقال‪:‬‬
‫شهَ ُد َبعْضُ ُه عَلَى‬
‫ض َويَ ْ‬
‫« ِكتَابُ اللّ ِه ُتْبصِرُونَ بِ ِه َوَتنْ ِطقُو َن بِهِ َوتَسْ َمعُونَ بِهِ‪َ ،‬وَينْطِ ُق َبعْضُ ُه ِبَبعْ ٍ‬
‫(‪)54‬‬
‫ف ِبصَا ِحبِهِ عَنِ اللّهِ»‬
‫ختَلِفُ فِي اللّهِ‪ ،‬وَل يُخَالِ ُ‬
‫ض وَل يَ ْ‬
‫َبعْ ٍ‬
‫ك مِ َن‬
‫شَتبِهُ عََليْ َ‬
‫ب ويَ ْ‬
‫ك مِ َن الْخُطُو ِ‬ ‫وقال عليه السلم‪« :‬وَ ارْدُدْ إِلَى اللّهِ و َرسُولِهِ مَا ُيضِْلعُ َ‬
‫الُمُورِ َفقَدْ قَالَ اللّ ُه َتعَالَى ِل َقوْمٍ أَ َحبّ إِ ْرشَا َدهُمْ‪(( :‬يا َأّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا َأطِيعُوا اللّ َه وَأطِيعُوا ال ّرسُولَ‬
‫حكَمِ‬‫وأُولِي الَمْ ِر ِمْنكُمْ فَِإنْ تَنا َز ْعتُمْ فِي شَيْءٍ فَ ُردّوهُ إِلَى اللّهِ وال ّرسُولِ))‪ :‬فَالرّدّ إِلَى اللّ ِه الَخْ ُذ بِمُ ْ‬
‫سنّتِ ِه الْجَا ِم َعةِ غَيْ ِر الْ ُمفَرَّقةِ»(‪.)55‬‬
‫ِكتَابِهِ والرّدّ إِلَى ال ّرسُو ِل الَخْ ُذ بِ ُ‬
‫() الروضة من الكاف‪ ،‬للكلين (حديث الفقهاء والعلماء) ح رقم (‪.)3‬‬ ‫‪52‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬خطبة (‪.)176‬‬ ‫‪53‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬خطبة (‪.)133‬‬ ‫‪54‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الكتاب (‪( )53‬عهده للشتر النخعيّ)‪.‬‬ ‫‪55‬‬

‫‪20‬‬
‫فعلى الفَسّر أن يسي إل ما يتّجه إليه القرآن ويسكت فيما سكت ال عنه فل يتكلّف نفسه‬
‫ف صرف مدلولت اليات عن ظواهرها‪ ،‬ول ياوز حدود ال سبحانه ف كلمه كما قال أمي‬
‫ضّيعُوهَا وَحَدّ َلكُمْ حُدُودا فَل َت ْعتَدُوهَا‬
‫الؤمني عليه السلم‪« :‬إِنّ اللّهَ َف َرضَ عََلْيكُمْ َفرَاِئضَ فَل ُت َ‬
‫سيَانا فَل َتَتكَّلفُوها»(‪.)56‬‬
‫وَنهَاكُ ْم عَنْ َأ ْشيَاءَ فَل َتْنَتهِكُوهَا َو َس َكتَ َلكُ ْم عَنْ َأ ْشيَاءَ وََل ْم يَ َد ْعهَا نِ ْ‬
‫وذلك هو النهج العلويّ ف تفسي الذّكْر الكيم‪.‬‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬


‫*‬ ‫*‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الكمة (‪( ،)105‬ص‪.)487:‬‬ ‫‪56‬‬

‫‪21‬‬
‫ظَا ِه ُر ال ُقرْآ ِن وباطُِنهُ ف كَلمِ عَ ِليّ عليه السلم‬

‫الشهور بي السلمي أن للقرآن الكري ظهرا وبطنا‪ ،‬كما وجدنا هذا العن ف كلم أمي‬
‫الؤمني عليه السلم حيث يقول‪:‬‬
‫«‪َ ..‬وإِ ّن اْلقُرْآنَ ظَاهِ ُرهُ َأنِي ٌق َوبَا ِطنُ ُه عَمِي ٌق ل تَ ْفنَى عَجَاِئبُ ُه وَل تَْن َقضِي غَرَاِئبُهُ وَل ُتكْشَفُ‬
‫الظّلُمَاتُ إِل بِهِ»(‪.)57‬‬
‫فتعلّقت طائفة بذا الكلم وصرفوا معن القرآن عن وجهه فوضعوه ف غي موضعه‪ ،‬وأتوا ف‬
‫تأويل باطن الكتاب با ل يُ ْروَ عن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم أمثاله‪ ،‬ول عن الصحابة‬
‫والتابعي أشباهه! والصواب أن الراد من ظاهر القُرْآن هو فصيح لغته وعجيب نظمه‪ ،‬وغريب‬
‫أسلوبه‪ ،‬والقصود من باطن القُرْآن عمق معناه ولطف مفهومه كما رووا عن عليّ عليه السلم أنّه‬
‫قال‪:‬‬
‫«ما من آية إ ّل ولا أربعة معانٍ‪ :‬ظاه ٌر وباطنٌ وحدّ ومطلعٌ‪ ،‬فالظاهر التلوة والباطن الفهم‪،‬‬
‫وال ّد هو أحكام اللل والرام‪ ،‬والطل ُع هو مُراد ال من العبد با»(‪.)58‬‬
‫صرّحَ به ف هذه الرواية هو عمق مفاهيمه‪ ،‬وذلك يُدْرَك بالتدبّر والتأمّلِ‪.‬‬ ‫فباطن القُرْآن كما ُ‬
‫وأمّا ما ُح ِكيَ ف الروايات الشاذّة عن باطن القُرْآن ما ل يد ّل عليه الكتاب بوجهٍ من الوجوه‪،‬‬
‫فليس من باطن كتاب ال عزّ وجلّ‪ ،‬فكيف ُيعَدّ من معان القُرْآن ما ل يد ّل القُرْآن عليه بدللةٍ‬
‫لفظّيةٍ ول معنوّيةٍ؟! والقرب أن تلك الروايات الشاذّة من وضع الباطنيّة والفرق الضالّة‪ ،‬وضعوها‬
‫للتغرير بالنّاس ودعوتم إل مذاهبهم البتدعة‪.‬‬
‫تَيْسي َف ْهمِ ال ُقرْآن ورأيُ عَ ِليّ عليه السلم ف ذلك‬

‫ذهبت طائفة من السلمي إل أن القُرْآن الكري بعي ٌد معناه عن فهم البشر ل يدركه إل النبّ‬
‫ي غي سدي ٍد وظاهر البطلن يالف دعوةَ ال تعال عباده إل‬ ‫الات والمام العصوم‪ .‬وهذا رأ ٌ‬
‫التفكّر ف القرآن ليعلموا أنّه القّ من ربّهم‪ ،‬ويُضَادّ حديث رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‬

‫() نج البلغة‪ ،‬خطبة (‪)105‬‬ ‫‪57‬‬

‫() الصاف ف تفسي القرآن الكري‪ ،‬للفيض الكاشان‪ )1/18( ،‬أو (ص‪ ،)31:‬ومفاتيح السرار ومصابيح البرار لحمد‬ ‫‪58‬‬

‫بن عبد الكري الشهرستان‪.)1/27( ،‬‬

‫‪22‬‬
‫ف ذلك كما رواه عنه عليّ بن أب طالب عليه السلم‪ :‬فأما دعوة ال تعال فتجدها ف قوله‬
‫العزيز‪(( :‬وََلقَ ْد يَسّ ْرنَا الْقُرْآنَ لِلذّكْرِ َفهَ ْل مِن مّدّ ِكرٍ)) [القمر‪.]40-32-22-17:‬‬
‫ك ُمبَا َركٌ ّليَ ّدبّرُوا آيَاتِهِ وَِلَيتَذَكّرَ ُأوْلُوا الَْلبَابِ)) [ص‪.]29:‬‬
‫وقوله تعال‪ِ (( :‬كتَابٌ أَنزَْلنَاهُ إِلَيْ َ‬
‫ل َيتَ َدبّرُو َن اْلقُرْآنَ وََلوْ كَانَ مِنْ عِن ِد َغيْرِ اللّهِ َلوَجَدُواْ فِيهِ ا ْخِتلَفًا‬
‫وقوله ع ّز شأنه‪(( :‬أََف َ‬
‫َكثِيًا)) [النساء‪ .]82:‬ومثله قوله تعال‪(( :‬أَفَل َيتَ َدبّرُو َن اْلقُرْآنَ َأ ْم عَلَى قُلُوبٍ أَ ْقفَاُلهَا )) [ممد‪.]24:‬‬
‫ث ال ْعوَرُ" عن عليّ عليه‬
‫وأما حديث النب صلى ال عليه وآله وسلم فقد رواه "الارِ ُ‬
‫ث ال ْعوَرِ قالَ‪ :‬مَرَرْتُ فِي‬ ‫السلم عن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم كما يلي‪« :‬عن الارِ ِ‬
‫ت عَلَى عَِليّ‪ ،‬فَقلت‪ :‬يَا َأمِيَ ا ُل ْؤمِنِيَ أَ َل تَرَى‬ ‫جدِ فَإِذَا النّاسُ َيخُوضُونَ فِي الَحَادِيثِ َفدَخَ ْل ُ‬ ‫الَسْ ِ‬
‫النّاسَ قَدْ خَاضُوا فِي الحَا ِدْيثِ؟ قالَ‪ :‬وقد َفعَلُوهَا؟ قلت‪َ :‬نعَمْ‪ ،‬قالَ‪َ :‬أمَا إِن قد سَ ِم ْعتُ َرسُولَ ال‬
‫ج ِمْنهَا يَا َرسُولَ ال؟ قالَ‪:‬‬ ‫صلى ال عليه وآله وسلم َيقُولُ‪" :‬أَلَ ِإّنهَا َستَكُونُ ِفْتَنةٌ‪ ،‬فَقلت‪ :‬مَا الَخْ َر ُ‬
‫(( ِكتَابُ ال فِيهِ َنَبأُ مَا كان َقبَْلكُمْ‪ ،‬وَ َخبَ ُر مَا َبعْدَكُمْ‪ ،‬وَ ُحكْ ُم مَا َبْينَكُمْ‪َ ،‬و ُهوَ ال َفصْلُ َلْيسَ بِاْلهَ ْزلِ‪،‬‬
‫مَ ْن تَرَكَ ُه مِنْ َجبّارٍ َقصَمَهُ ال‪َ ،‬ومَنْ اَبَتغَى الُدَى فِي َغيْ ِرهِ أَضَلّهُ ال‪َ ،‬و ُهوَ َحبْ ُل ال ا َلتِيُ‪ ،‬وَ ُهوَ‬
‫سنَةُ‪ ،‬وَلَ‬‫سَتقِيمُ‪ُ ،‬ه َو الّذِي َل تَزِي ُع بِ ِه الَ ْهوَاءُ‪ ،‬وَ َل تَ ْلَتِبسُ بِ ِه اللْ ِ‬‫حكِيمُ‪َ ،‬وهُ َو الصّرَاطُ الُ ْ‬ ‫الذّكْ ُر الْ َ‬
‫جنّ إِ ْذ سَ ِم َعتْهُ‬‫شبَعُ ِمنْ ُه اْلعُلَمَاءُ‪ ،‬وَ َل يَخُْل ُق عَلى َكثْ َرةِ ال ّردّ‪ ،‬وَلَ َتْن َقضَي عَجَاِئبُهُ‪ُ ،‬ه َو الّذِي لَ ْم َتْنتَهِ الْ ِ‬
‫يَ ْ‬
‫جبَا َيهْدِي إِلَى ال ّرشْدِ فَآ َمنّا بِهِ))‪ ،‬مَنْ قا َل بِهِ صَ َدقَ‪َ ،‬ومَ ْن عَمِ َل بِهِ‬ ‫َحتّى قالُوا ((ِإنّا َس ِمعْنَا ُقرْآنَا عَ َ‬
‫سَتقِيمٍ‪ ،‬خُ ْذهَا إَِليْكَ يَا َأ ْعوَرُ»( ‪.)5 9‬‬
‫ط مُ ْ‬
‫أُجِرَ‪َ ،‬ومَنْ َحكَ َم بِهِ عَ َدلَ‪َ ،‬ومَنْ َدعَا إَِليْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَا ٍ‬
‫رواه من أهل السنّة الترمذي والدارمي ف سننهما‪ ،‬ومن المامية ممد بن مسعود العيّاشيّ ف‬
‫تفسيه مع اختلفٍ يسيٍ ف ألفاظه‪.‬‬
‫وف الديث ما يدل على أن طائفة من النّ قد فهموا القرآن‪ ،‬حيث علموا أنه‪َ(( :‬يهْدِي‬
‫إِلَى ال ّرشْدِ)) وآمنوا به‪ ،‬فكيف ل يفهمه البشر وقد نزل القُرْآن بلسانم؟!‬
‫والديث أيضا شاه ٌد على أن الذين يطلبون الدى ف غي القرآن فل يهديهم ال إل صراطٍ‬
‫مستقيم‪ ،‬فهل يوز أن يُقال الرجوع إل القُرْآن لطلب الدى باطلٌ أو عبثٌ بل فائدة؟!‬

‫() أخرجه الترمذي ف الامع الصحيح‪ :‬ج ‪ ،5‬باب ما جاء ف فضل القرآن‪( ،‬ص‪ ،)185:‬وجاء مثله ف تفسي العياشي‬ ‫‪59‬‬

‫(‪.)1/3‬‬

‫‪23‬‬
‫فال ّق أ ّن القُرْآن نز َل بيانا للناس ليفهموا معاله وليعرفوا مقاصده‪ ،‬ومع ذلك جائزٌ أن يُقال‪:‬‬
‫إن لفهم دقائق القُرْآن ومعرفة نكته‪ ،‬درجاتٌ ومراتبٌ‪ ،‬والنبّ صلى ال عليه وآله وسلم ف أعلى‬
‫درجته‪ ،‬وعل ّي عليه السلم ف مرتب ٍة ساميةٍ منه‪ ،‬ولذا لّا ُسئِلَ‪ :‬هل عندكم (أهل البيت)كتاب؟‬
‫(أي كتاب خاص بكم) قال‪« :‬ل‪ ،‬إل كتابُ ال‪ ،‬أو فهمٌ ُأعْ ِطيَهُ رج ٌل مُسِْلمٌ‪ ،‬أو ما ف هذه‬
‫الصحيفة‪ .‬قال‪ :‬قلت‪ :‬فما ف هذه الصحيفة؟‪...‬الديث» رواه البخاري ف صحيحه( ‪ ،)6 0‬ورواه‬
‫ل عبْدَا َفهْمَا ف القُرْآنِ»( ‪.)6 1‬‬
‫الكاشان ف تفسيه ولفظه‪« :‬إ ّل أنْ ُي ْؤتِيَ ا ُ‬
‫وهذا يد ّل على جواز استخراج العبد السلم من القُرْآن ما ل يفهمه غيه‪.‬‬
‫ي أيضا عن أمي الؤمني عليه السلم أنّه قال‪« :‬مَنْ َفهِمَ القُرْآنَ فَسّرَ جُمَ َل العِلْمِ»(‪.)62‬‬
‫و ُروِ َ‬
‫وعن أب حزة الثمال‪ ،‬عن أب جعفر الباقر عليه السلم قال‪ :‬قال أمي الؤمني (علي بن أب‬
‫طالب) عليه السلم‪:‬‬
‫س مِنْ رَ ْح َم ِة‬
‫«أل أُ ْخِبرُكُ ْم بِال َفقِيْهِ َحقّا؟ قَالُوا‪ :‬بَلَى يَا أمِيْ َر الؤمني! قَالَ‪ :‬مَنْ ْل ُي َقنّط النّا َ‬
‫الِ‪ ،‬وَلَ ْم ُي ْؤمِْنهِ ْم مِ ْن عَذَابِ الِ‪ ،‬وَلَ ْم يُ َر ّخصْ َل ُهمْ ف َمعَاصِي الِ‪ ،‬وَلَ ْم َيتْ ُركْ القُرْآنَ َر ْغَبةً َعنْهُ إل‬
‫غَيْ ِرهِ‪ .‬أل ل َخيْرَ ف عِلْمٍ َلْيسَ فِي ِه َتفَهُمٌ‪ ،‬أل ل َخيْرَ ف ِقرَاءَةٍ َلْيسَ فيها تَ َدبّرٌ‪ ،‬أل ل َخيْرَ ف ِعبِا َدةٍ‬
‫َلْيسَ فِيهَا َت َفقّهٌ»(‪.)63‬‬
‫س ويتدبّرُو ُه‬
‫فحاصل الكلم أن القُرْآن الكري قد نزل مِن عِنْدِ الِ ج ّل َوعَل ليعرفه النّا ُ‬
‫وَيهْتدوا به‪ ،‬فمن كان َس ْعيُه ف هذا الجالِ أكثرَ‪ ،‬كان حظّهُ من القُرْآن أوفرَ‪ .‬وذلك ما عرفناه من‬
‫كلم أمي الؤمني سلم ال عليه ورحته وبركاته‪.‬‬

‫() صحيح البخاري‪ ،‬لحمد بن إساعيل البخاري‪( ،‬ج‪( )1:‬باب كتابة العلم)‪( ،‬ص‪.)38:‬‬ ‫‪60‬‬

‫() انظر كتاب الصاف ف تفسي القرآن‪ ،‬للفيض الكاشان‪.)1/22( ،‬‬ ‫‪61‬‬

‫() الصاف ف تفسي القرآن‪.)1/22( ،‬‬ ‫‪62‬‬

‫() معان الخبار‪ ،‬الشيخ الصدوق ممد بن علي بن السي بن بابويه القمي‪( ،‬ص‪.)226:‬‬ ‫‪63‬‬

‫‪24‬‬
‫ب سُوَ ِر القُرْآنِ ف مُصْحَفِ عليّ عليه السلم‬
‫َت ْرتِيْ ُ‬

‫ترتيب اليات ف كل سورةٍ من القُرْآن كان بتعيي النب صلى ال عليه وآله وسلم وتوقيفه‪،‬‬
‫ول يكن مالً للرّأيِ والجتهاد فيه‪ ،‬وأما ترتيب السور على ما هو عليه الن‪ ،‬فلم يكن توقيفيا‬
‫كلّه‪ ،‬بل كان كث ٌي منه باجتهاد من الصحابة‪ ،‬يدلّ عليه أنّ مصاحف الصحابة مثل مصحف أب‬
‫بن كعب رضي ال عنه ومصحف عبد ال بن مسعودٍ رضي ال عنه ومصحف علي بن أب طالب‬
‫ب لجل تلوتا فكما يوز أن ُتتْلَى‬‫عليه السلم كانت متلفة ف ترتيب السور‪ .‬والصاحف ُت ْكتَ ُ‬
‫سوَرُ ف الصاحف على غي ترتيب نزولا فكذلك جائ ٌز كتابتها على غي ذلك الترتيب‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ب لنه وقع عن‬
‫سوَر على النّمَط الذي نراه اليوم أم ٌر واج ٌ‬
‫ومع هذا فإن احترام ترتيب ال ّ‬
‫إجاع الصحابة‪ ،‬ووافقهم على ذلك أمي الؤمني علي بن أب طالبٍ عليه السلم‪.‬‬
‫فأما مصحف علي عليه السلم الذي كتبه بطه فقد رآه من الصنفي المامُ الادي يي بن‬
‫السي بن قاسم بن إبراهيم بن إساعيل بن السن بن علي بن أب طالب عليه السلم من أئمة‬
‫الزيديّة‪ ،‬الذي توف سنة ‪ 2 9 8‬من الجرة‪ ,‬فذكر ف كتابه السمى بم"الحكام" أنه وجد‬
‫صلّى الُ عَلَيه وَآلِ ِه َوسَلّمَ) عليه‬
‫مصحف عليّ عليه السلم عند عجوزٍ من آل السن (سبط النب َ‬
‫السلم فكان على ما ف أيدي الناس( ‪ .)6 4‬وف الائة الرابعة قد رأى ممد بن إسحاق الندي أيضا‬
‫مصحفا بط علي بن أب طالب عليه السلم عند أب يعلى السن وأخب بذلك ف كتابه السمى‬
‫بم"الفهرست" فقال‪:‬‬
‫"ورأيت أنا ف زماننا عند أب يعلى حزة الَسَن رحه ال مصحفا قد سقط منه أوراق‬
‫بط علي بن أب طالب يتوارثه بنو حسن على مرّ الزّمان وهذا ترتيب السور من ذلك‬
‫الصحف( ‪."..)6 5‬‬
‫وما يستدعي السف فقدان ذكر ذلك الترتيب من كتاب "الفهرست" ف جيع النسخ الت‬
‫وصلت إلينا ومع هذا يوجد ترتيب نزول السور برواية أمي الؤمني علي عليه السلم ف آثار‬
‫التأخرين من العلماء كما جاء ف تفسي "ممع البيان" لب عليّ الفضل بن السن الطبسي (من‬
‫() انظر‪ :‬كتاب "الاكم الشيمي ومنهجه ف تفسي القرآن" ص ‪.416‬‬ ‫‪64‬‬

‫() انظر كتاب "الفهرست" لحمد بن إسحاق الندي‪( ,‬ص‪ )48:‬باب "ترتيب سور القرآن ف مصحف أمي الؤمني علي‬ ‫‪65‬‬

‫بن أب طالب كرم ال وجهه"‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫علماء المامة ف القرن السادس) وف تفسي "مفاتيح السرار ومصابيح البرار" لحمد بن عبد‬
‫الكري الشهرستان (من أعلم الائة السادسة) وف كتب غيها على اختلفٍ ف ترتيب بعض‬
‫السّوَر‪.‬‬
‫و نن نرجّح الترتيب الذي ُروِيَ عن عليّ عليه السلم ف الزء الول من كتاب‬
‫"مقدمتان من علوم القرآن" على غيه لن مصنفه قد أورد رواية الإمام عليه السلم من دون‬
‫تقطيعها‪ ،‬بلف الشيخ أب علي الطبسي‪ ،‬فإنه ذكر شطرا منها وحذف الباقي( ‪ .)6 6‬وأما رواية‬
‫الشهرستان عن مقاتل بن سليمان عن عليّ عليه السلم ففيها أخطاء كثية تنعنا عن العتماد‬
‫عليها‪.‬‬
‫فالصنّفُ الشار إليه (وهو أحد علماء الغاربة) روى بإسناده عن سعيد بن السيب عن‬
‫علي بن أب طالب عليه السلم أنه قال‪« :‬سألت النبّ صلى ال عليه وآله وسلم عن ثواب القرآن‬
‫فأخبن بثواب كل سورة على نو ما أنزلت من السماء وبأن أول ما أنزل عليه بكة فاتة‬
‫الكتاب‪ ,‬ثم‪ :‬إقراء باسم ربك‪ ,‬ث‪ :‬ن والقلم‪ ,‬ث‪ :‬يا أيها الدثر‪ ,‬ث‪ :‬يا أيها الزمل‪ ,‬ث‪ :‬إذا الشمس‪,‬‬
‫ث‪ :‬سبح اسم ربك‪ ,‬ث‪ :‬والليل‪ ,‬ث‪ :‬والفجر‪ ,‬ث‪ :‬والضحى‪ ,‬ث‪ :‬أل نشرح‪ ,‬ث والعصر‪ ,‬ث‪:‬‬
‫والعاديات‪ ,‬ث‪ :‬الكوثر‪ ,‬ث‪ :‬ألاكم‪ ,‬ث‪ :‬أرأيت‪ ,‬ث‪ :‬الكافرون‪ ,‬ث أل( ‪ ،)6 7‬ث‪ :‬الفلق‪ ,‬ث‪ :‬الناس‪,‬‬
‫ث‪ :‬الخلص‪ ,‬ث‪ :‬عبس‪ ,‬ث‪ :‬إنا أنزلناه‪ ,‬ث‪ :‬والشمس‪ ,‬ث‪ :‬البوج‪ ,‬ث‪ :‬والتي‪ ,‬ث‪ :‬ليلف‪ ,‬ث‪:‬‬
‫القارعة‪ ,‬ث‪ :‬القيامة‪ ,‬ث‪ :‬هزة‪ ,‬ث‪ :‬الرسلت‪ ,‬ث‪ :‬البلد‪ ,‬ث‪ :‬الطارق‪ ,‬ث‪ :‬الساعة‪ ,‬ث‪ :‬ص‪ ,‬ث‪:‬‬
‫الص‪ ,‬ث‪ :‬قل أوحى‪ ,‬ث‪ :‬يس‪ ,‬ث‪ :‬الفرقان‪ ,‬ث‪ :‬اللئكة‪ ,‬ث‪ :‬كهيعص‪ ,‬ث‪ :‬طه‪ ,‬ث‪ :‬الواقعة‪ ,‬ث‪:‬‬
‫الشعراء‪ ,‬ث‪ :‬النمل‪ ,‬ث‪ :‬القصص‪ ,‬ث‪ :‬سبحان‪ ,‬ث‪ :‬يونس‪ ,‬ث‪ :‬هود‪ ,‬ث‪ :‬يوسف‪ ,‬ث‪ :‬الجر‪ ,‬ث‪:‬‬
‫النعام‪ ,‬ث‪ :‬الصافات‪ ,‬ث‪ :‬لقمان‪ ,‬ث‪ :‬سبأ‪ ,‬ث‪ :‬الزمر‪ ,‬ث‪ :‬الواميمات يتبع بعضها بعضا‪ ,‬ث‪:‬‬
‫الذاريات‪ ,‬ث‪ :‬الغاشية‪ ,‬ث‪ :‬الكهف‪ ,‬ث‪ :‬النخل‪ ,‬ث‪ :‬إنا أرسلنا‪ ,‬ث‪ :‬إبراهيم‪ ,‬ث‪ :‬النبياء‪ ,‬ث‪:‬‬
‫الؤمنون‪ ,‬ث‪ :‬ال السجدة‪ ,‬ث‪ :‬والطور‪ ,‬ث‪ :‬اللك‪ ,‬ث‪ :‬الاقة‪ ,‬ث‪ :‬سأل سائل‪ ,‬ث‪ :‬عم يتساءلون‪,‬‬
‫ث‪ :‬النازعات‪ ,‬ث‪ :‬انفطرت‪ ,‬ث‪ :‬الروم‪ ,‬ث‪ :‬العنكبوت‪ ,‬ث‪ :‬الطففي‪ ,‬ث‪ :‬انشقت‪.‬‬
‫وما أنزل بالدينة أول سورة‪ :‬البقرة‪ ,‬ث‪ :‬النفال‪ ,‬ث‪ :‬آل عمران‪ ,‬ث‪ :‬الحزاب‪ ,‬ث‪ :‬المتحنة‪,‬‬

‫() انظر‪ :‬تفسي "ممع البيان" للطبسي‪ ,‬عند تفسي سورة النسان‪.‬‬ ‫‪66‬‬

‫() أي سورة الفيل‪.‬‬ ‫‪67‬‬

‫‪26‬‬
‫ث‪ :‬النساء‪ ,‬ث‪ :‬إذا زلزلت‪ ,‬ث‪ :‬الديد‪ ,‬ث‪ :‬سورة ممد صلى ال عليه وآله وسلم‪ ,‬ث‪ :‬الرعد‪ ,‬ث‪:‬‬
‫الرحن‪ ,‬ث‪ :‬هل أتى‪ ,‬ث‪ :‬الطلق‪ ,‬ث‪ :‬ل يكن‪ ,‬ث‪ :‬الشر‪ ,‬ث‪ :‬إذا جاء نصر ال‪ ,‬ث‪ :‬النور‪ ,‬ث‪:‬‬
‫الج‪ ,‬ث‪ :‬النافقون‪ ,‬ث‪ :‬الجادلة‪ ,‬ث‪ :‬الجرات‪ ,‬ث‪ :‬التحري‪ ,‬ث‪ :‬المعة‪ ,‬ث‪ :‬التغابن‪ ,‬ث‪ :‬الفتح‪,‬‬
‫ث‪ :‬الائدة‪ ,‬ث‪ :‬التوبة‪ ,‬ث‪ :‬النجم‪ ,‬فهذا ما أنزل بالدينة( ‪ )6 8‬الديث»( ‪.)6 9‬‬
‫أقول‪ :‬إن هذه الرواية من أهم الروايات ف ترتيب السور القرآنية كما أُنزِلت من السماء‪،‬‬
‫(‪)70‬‬
‫ومع السف قد وقع فيها نقصٌ وخللٌ‪ ،‬حيث ل يوجد فيها سورة السد (ومكانا بعد الُ ّزمّل)‬
‫وسورة الصف (وموضعها بعد التغابن) (‪ )71‬ووضِعت سورة "النجم" ف آخرها وهي مكية نزلت‬
‫بعد سورة الخلص كما روي ف ممع البيان(‪ )72‬وغيه عن ابن عباس رضي ال عنه وقد نزلت‬
‫( ‪)7 3‬‬
‫سورة هود أيضا قبل سورة يونس كما يشهد عن ذلك بعض آياتما‪.‬‬
‫وف ظن أن أمي الؤمني عليا عليه السلم جع القرآن مرتي‪ ،‬مرة جعه على ترتيب نزوله‬
‫وأخرى على النمط الذي نراه اليوم ف الصاحف كما شهد عليه الادي يي بن السي ف الائة‬
‫الثالثة وقال كان مصحفه عليه السلم على ما ف أيدي الناس‪.‬‬
‫وروى اليعقوبّ جعا ثالثا لمي الؤمني عليه السلم جزّءَ فيه القرآنَ على سبعة‬
‫أجزاء( ‪ .)7 4‬وال تعال أعلم‪.‬‬

‫() انظر‪ :‬مقدمتان ف علوم القرآن‪ ,‬ص ‪14‬و ‪.15‬‬ ‫‪68‬‬

‫() انظر ذيل الديث ف (ص‪ )8:‬من كتابنا هذا‪.‬‬ ‫‪69‬‬

‫() راجع‪ :‬رواية ابن عباس ف ممع البيان للطبسي‪ ،‬عند تفسي سورة النسان‪.‬‬ ‫‪70‬‬

‫() الصدر السابق‪.‬‬ ‫‪71‬‬

‫() الصدر السابق‪.‬‬ ‫‪72‬‬

‫() قارن‪ :‬بي سورة هود‪ )13( :‬وسورة يونس‪ )38( :‬ورا جع‪ :‬قول "ماهد" من قدماء الف سرين ف كتاب الفهرست‬ ‫‪73‬‬

‫(لحمد بن اسحق) حيث قدم سورة هود على سورة يونس‪.‬‬


‫() راجع‪ :‬تاريخ اليعقوب‪ ،‬الجلد الثان‪( ،‬ص‪.)135:‬‬ ‫‪74‬‬

‫‪27‬‬
‫ما ُروِيَ عن عليّ عليه السلم ف تفسي فاتة الكتاب‬

‫سورة الفاتة أوّ ُل سورةٍ مكيّة أُنزلَت على رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم كما وجدناه‬
‫ف رواية المام علي عليه السلم حيث قال‪« :‬أوّ ُل ما أُنْ ِز َل عليه صلى اله عليه وآله وسلم ف م ّكةَ‬
‫فاتة الكتاب»( ‪.)7 5‬‬
‫ي عن أمي الؤمني علي عليه السلم ف شأن هذه السورة الباركة‪:‬‬
‫وإليك ما ُروِ َ‬
‫‪-1‬أخرج الدارقطن والبيهقي ف السنن بسند صحيح عن عبدِ خيٍ قال ُسئِ َل عليّ رضي‬
‫ال عنه عن السبع الثان فقال‪(( :‬المد ل رب العالي))‪ ،‬فقيل له إنا هي ست آيات!‬
‫فقال‪« :‬بِسْمِ اللّهِ الرّحْ َمنِ الرّحِي ِم آيةٌ»(‪.)76‬‬
‫أقول‪ :‬يؤيّد هذا القول ما ُروِيَ عن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم أنّه قال‪« :‬إذا قرأت‬
‫المد فاقرؤا ((بِسْمِ اللّهِ الرّ ْحمَنِ الرّحِيمِ)) إنا أم القرآن وأم الكتاب والسبع الثان َوبِسْمِ اللّهِ‬
‫الرّحْ َمنِ الرّحِيمِ إحدى آياتِها)) أخرجه الدارقطنّ وصححه‪ ،‬والبيهقيّ ف السنن»( ‪.)7 7‬‬
‫ومن طريق المامّيةِ روى ممّد بن علي بن السي بن بابويه القمّي بإسناده عن أمي الؤمني‬
‫عليّ عليه السلم أنّه قال‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم يقول‪« :‬إن ال عز وجل‬
‫قال ل‪ :‬يا ممد! ((وََلقَ ْد آَتْينَا َك َسْبعًا مّ َن الْ َمثَانِي وَاْلقُرْآنَ اْلعَظِيمَ))(‪ ،)78‬فأفرد المتنان عليّ بفاتةِ‬
‫الكتاب‪ ،‬وجعلها بإزاء القرآن العظيم‪ ،‬وإن فاتةَ الكتاب أشرفُ ما ف كنوز العرش»(‪.)79‬‬
‫قلت ويؤيد ذلك أيضا جهر عل ّي عليه السلم بالبسملة ف الفاتة وف كل سورة كما رواه‬
‫السيوطي ف الدر النثور فقال‪:‬‬
‫وأخرج البزار والدارقطن والبيهقي ف شعب اليان من طريق أب الطفيل قال‪ :‬سعت علي‬
‫بن أب طالب‪ ،‬وعمار يقولن‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان يهر ف الكتوبات‬

‫() الشهور بي الفسّرين أن فاتة الكتاب أنزلت بعد نزول خس آيات من سورة العلق‪.‬‬ ‫‪75‬‬

‫() الدرّ النثور ف التفسي بالأثور‪ ،‬للسيوطي‪.)1/3( ،‬‬ ‫‪76‬‬

‫() الصدر السابق‪.‬‬ ‫‪77‬‬

‫لجْر‪.)87( :‬‬ ‫() سورة ا ِ‬ ‫‪78‬‬

‫() انظر "عيون أخبار الرضا"‪ ،‬لبن بابويه القمي‪( ،‬ص‪.)167:‬‬ ‫‪79‬‬

‫‪28‬‬
‫بم((بسم ال الرحن الرحيم)) ف فاتة الكتاب‪.‬‬
‫وأخرج الدارقطن عن علي بن أب طالب قال‪" :‬كان النب يهر ب ((بسم ال الرحن‬
‫الرحيم)) ف السورتي جيعا‪ .‬وأخرج الدارقطن عن علي بن أب طالب قال‪ :‬قال النب"كيف‬
‫تقرأ إذا قمت إل الصلة؟ قلتُ ((المد ل رب العالي)) قال‪ :‬قُلْ ((بسم ال الرحن‬
‫الرحيم))( ‪.)8 0‬‬
‫وروى ابن بابويه القمي ف كتاب "التوحيد" أن رجلً سأ َل عليّ ب َن الُسَيْن عليهما السلم‬
‫عن معن " ((بِسْمِ اللّهِ الرّحْ َمنِ الرّحِيمِ))؟ فقال‪ :‬حدّثن أب عن أخيه الس ِن عليه السلم عن أبيه‬
‫أمي الؤمني عليه السلم أن رجلً قام إليه فقال يا أمي الؤمني أخبن عن بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ‬
‫الرّحِي ِم ما معناه؟ فقال‪ :‬إن قولك «ال» أعظم اسم من أساء ال عز وجل‪ ،‬وهو السم الذي ل‬
‫ينبغي أن يسمّى به غي ال‪ ،‬ول َيتَسَمّ به ملوقٌ))‪ .‬فقال الرجل‪ :‬فما تفسي قوله «ال»؟ قال‪:‬‬
‫((هو الذي يتأله إليه عند الوائج والشدائد كل ملوق عند انقطاع الرجاء من جيع مَ ْن هو دونه‬
‫وتقطع السباب مِنْ كل مَ ْن سواه‪ ،‬وذلك أن كل مترئس ف هذه الدنيا ومتعظم فيها وإن عظم‬
‫غناؤه وطغيانه وكثرت حوائج من دونه إليه فإنم سيحتاجون حوائج ل يقدر عليها هذا التعاظم‬
‫وكذلك هذا التعاظم يتاج حوائج ل يقدر عليها فينقطع إل ال عند ضرورته وفاقته حت إذا‬
‫كفى هه عاد إل شركه أمَا تسمع ال عز وجل يقول‪(( :‬قُلْ أ َرَأْيتَكُمْ ِإنْ أَتاكُ ْم عَذابُ اللّهِ َأوْ‬
‫ي بَلْ ِإيّا ُه تَ ْدعُونَ َفَيكْشِفُ ما تَ ْدعُونَ إَِليْهِ إِنْ شاءَ‬
‫َأتَْتكُمُ السّا َعةُ َأ َغيْرَ اللّ ِه تَ ْدعُونَ إِنْ ُكْنتُمْ صادِِق َ‬
‫س ْونَ ما تُشْرِكُونَ))‪ ،‬فقال ال عز وجل لعباده أيها الفقراء إل رحت إن قد ألزمتكم الاجة إل‬ ‫وتَنْ َ‬
‫ف كل حال وذلة العبودية ف كل وقت فإل فافزعوا ف كل أمر تأخذون فيه وترجون تامه وبلوغ‬
‫غايته فإن إن أردت أن أعطيكم ل يقدر غيي على منعكم وإن أردت أن أمنعكم ل يقدر غيي‬
‫ع إليه فقولوا عند افتتاح كل أمر صغي أو عظيم‬ ‫على إعطائكم فأنا أحق مَ ْن ُسئِلَ وأول من ُتضُ ّر َ‬
‫بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ أي أستعي على هذا المر بال الذي ل يق العبادة لغيه‪ ،‬الغيث إذا‬
‫استغيث‪ ،‬الجيب إذا دعي‪ ،‬الرحن الذي يرحم ببسط الرزق علينا‪ ،‬الرحيم بنا ف أدياننا ودنيانا‬
‫ف علينا الدين و َجعَلَ ُه سهلً خفيفا‪ ،‬وهو يرحنا بتميزنا من أعدائه‪ .‬ث قال قال‬ ‫وآخرتنا‪ ،‬خفّ َ‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪« :‬من حزنه أمر تعاطاه فقال بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِي ِم وهو‬

‫() تفسي "ال ّدرّ النثور" للسيوطي‪ ،‬ذيل تفسيه لسورة الفاتة‪.‬‬ ‫‪80‬‬

‫‪29‬‬
‫ملص ل يقبل بقلبه إليه ل ينفك من إحدى اثنتي إما بلوغ حاجته ف الدنيا وإما يعد له عند ربه‬
‫يدخر لديه وما عند ال خي وأبقى للمؤمني»(‪.)81‬‬
‫أقول‪ :‬الرّحَنُ والرّ ِحيْمُ كلمتان مأخوذتان من الرّحْمة‪ ،‬والرّحيْمُ أرقّ من الرّحْمَن‪ ،‬كما جاء‬
‫ف حديث ابن عباس رضي ال عنهما عن النب صلى ال عليه وآله وسلم أنّه قال‪" :‬فالرّ ِحيْمُ أرقّ‬
‫من الرّحْ َم ِن وكلها رفيقان(‪ .")82‬وهذا العن بيّنٌ ف كلم المام عليه السلم‪ ،‬حيث حل معن‬
‫الرّحن على الذي يرحنا ببسط الرّزق علينا‪ ،‬والرّحيم على من يرحنا ف أدياننا ودنيانا وآخرتنا‬
‫ف عَنكُمْ‬
‫خفّ َ‬
‫بالتسهيل علينا والتخفيف عنّا‪ ،‬كما قال ال عزّ وجلّ ف كتابه‪(( :‬يُرِيدُ اللّهُ أَن يُ َ‬
‫ضعِيفًا)) [النساء‪.]28:‬‬
‫وَخُِل َق الِنسَانُ َ‬
‫ف با الالقُ فالراد بالرّّقةِ ف الديث‪ :‬آثارُها‬
‫صفَاتِ الَلْق وَل يُوصَ ُ‬
‫ول يفى أن الرّّقةَ مِنْ ِ‬
‫ف وال َع ْفوِ كما قال المام عل ّي عليه السلم ف شأنه سبحانه‪َ« :‬بصِيْ ٌر ل يُوصَفُ‬ ‫خفِي ِ‬
‫من الْنعَامِ والتّ ْ‬
‫بِالَاسّةِ‪َ ،‬ر ِحيْ ٌم ل يُوصَفُ بالرّّقةِ»( ‪.)8 3‬‬
‫‪ُ -2‬روِيَ عن أمي الؤمني عليّ عليه السلم أنّه قال‪« :‬الرّحْ َمنُ الرّ ِحيْ ُم ينفي بما القنوطَ عن‬
‫خَ ْلقِهِ»(‪.)84‬‬
‫‪-3‬وأخرج البيهقيّ عن عليّ قال‪« :‬بعث رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم سريّةً مِنْ‬
‫أهله فقال‪ :‬اللهمّ لَكَ عَلَيّ إنْ رَدَدْتّهُمْ سَاليَ أنْ أشْكُرَكَ حقّ شُكْرِكَ‪.‬‬
‫فما لَبِثُوا أنْ جَاؤا سَاليَ‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬المد ل» عَلَى‬
‫سابِ ِغ ِنعَمِ الِ‪ .‬فقلت‪ :‬يا رسول ال! أل تَقُلْ إنْ ردّهُم الُ أنْ أشْكُرَهُ حَقّ‬
‫شُكْرِهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أوَ ل أ ْفعَلْهُ؟!»‪.‬‬
‫أقول‪ :‬الراد من "المد" الشكر الكامل تارةً‪ ،‬والثناء التّام تارةً أخرى‪ ،‬كما ُروِيَ أيضا عن‬
‫ل َتعَال مِنَ الَ ْمدِ ولذلك أثْنَى‬
‫س شَيءٌ أحبّ إل ا ِ‬
‫النبّ صلى ال عليه وآله وسلم أنّه قال‪َ« :‬لْي َ‬

‫() كتاب "التوحيد" لحمّد بن علي بن السي بن بابويه القمّي‪( ،‬ص‪.)231-231:‬‬ ‫‪81‬‬

‫() تفسي الدرّ النثور‪ ،‬للسيوطي‪.)1/9( ،‬‬ ‫‪82‬‬

‫() انظر نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)177‬‬ ‫‪83‬‬

‫() انظر تفسي كشف السرار وعدّة البرار‪ ،‬لب الفضل اليبدي‪.)1/13( ،‬‬ ‫‪84‬‬

‫‪30‬‬
‫عَلَى نفسِهِ َفقَالَ‪ :‬الَمْدُ لِلّهِ»( ‪.)8 5‬‬
‫‪-4‬قال أبو الفضل بن السن الط ِبسِيّ ف تفسي قوله تعال‪(( :‬اه ِدنَا الصّرَاطَ الُسَتقِيمَ))‬
‫( َروَوا عن أمي الؤمني عليه السلم أنّ معناه‪ :‬ثَبتْنا))( ‪.)8 6‬‬
‫‪-5‬وقال ال ّطبْ ِر ِسيّ‪ :‬قيل ف معن "الصّرَاطِ الُسَتقِيمِ" وجوهُ‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أنّه "كتاب ال" وهو الَ ْروِيّ عن النبّ صلى ال عليه وآله وسلم( ‪.)8 7‬‬
‫أقول‪ :‬أشار الشيخ أبو علي إل قول النب صلى ال عليه وآله وسلم ف رواية عل ّي عليه‬
‫السلم حيث قال‪ِ ..« :‬كتَابُ ال فِي ِه َنبَُأ مَا كان َقبَْلكُمْ‪ ،‬وَ َخَب ُر مَا َبعْدَكُمْ‪( ،‬إل قوله)‪َ ...:‬وهُوَ‬
‫سَتقِيمُ»(‪.)88‬‬
‫حكِيمُ‪َ ،‬وهُ َو الصّرَاطُ الُ ْ‬
‫الذّكْ ُر الْ َ‬
‫[السراء‪]9:‬‬ ‫ويؤَيّ ُدهُ قوله تعال‪(( :‬إِ ّن هَذَا الْقُرْآ َن ِيهْدِي لِّلتِي هِيَ أَ ْق َومُ))‬
‫[النعام‪]126:‬‬ ‫سَتقِيمًا))‬
‫ك مُ ْ‬
‫(( َوهَذَا صِرَاطُ َربّ َ‬
‫سبُلَ َفَتفَ ّرقَ بِكُ ْم عَن َسبِيلِهِ)) [النعام‪.]153:‬‬
‫سَتقِيمًا فَاّتبِعُوهُ وَ َل َتّتبِعُواْ ال ّ‬
‫صرَاطِي مُ ْ‬
‫(( َوَأنّ هَذَا ِ‬
‫صةِ كما قال سبحانه‪:‬‬ ‫وقد فُسّرَ "الصّراطُ الستقيمُ"‪ ،‬ف كتاب الِ عزّ وجلّ‪ ،‬بالعبو ِدّيةِ الاِل َ‬
‫سَتقِيمٌ)) [يس‪ .]61:‬ولّا قال إبليسُ َل َعنَهُ الُ‪..(( :‬لُ َزّينَنّ َل ُهمْ فِي‬ ‫ط مّ ْ‬‫(( َوأَ ْن اعْبُدُونِي هَذَا صِرَا ٌ‬
‫الَ ْرضِ وَ ُل ْغوَِيّنهُمْ أَجْ َمعِيَ‪ .‬إِل ِعبَا َد َك ِمنْهُ ُم الْ ُمخَْلصِيَ)) كان جواب ال تعال له‪(( :‬قَالَ‪ :‬هَذَا‬
‫ك أنّ هذه الّنعْمَة‬ ‫ك عََلْيهِ ْم سُلْطَانٌ)) [الجر‪ ،]42-39:‬ول ش ّ‬ ‫سَتقِيمٌ‪ِ .‬إنّ ِعبَادِي َلْيسَ لَ َ‬
‫ط عََل ّي مُ ْ‬
‫صِرَا ٌ‬
‫حيْنَ‬
‫السامية والدرجة الرّفيعة هي الت أنعم ال عزّ وج ّل با على أنبيائه القَ ّربِي‪ ،‬وعبا ِد ِه الصّالِ ِ‬
‫ت عَلَيهِمْ)) [الفاتة‪.]7:‬‬
‫ط الّذِينَ أَنعَم َ‬
‫صرَا َ‬
‫ولذلك قال تعال‪ِ (( :‬‬
‫‪-6‬روى ممد بن عليّ بن السي بن بابويه الق ّميّ ف كتابه "معان الخبار" بإسناده عن‬
‫السن بن عليّ بن ممد بن علي بن موسى بن جعفر بن ممد بن علي بن السي بن‬

‫() انظر تفسي جامع البيان عن تأويل آي القرآن‪ ،‬لب جعفر بن جرير الطبي‪.)1/60( ،‬‬ ‫‪85‬‬

‫() تفسر جوامع الامع لب علي الفضل بن السن الطبسي‪.)1/9( ،‬‬ ‫‪86‬‬

‫() تفسي ممع البيان للطبسي‪.)1/58( ،‬‬ ‫‪87‬‬

‫() سبق تريج الديث قبل صفحات حيث أخرجه من أهل السنة‪ :‬الترمذي والدرامي ف سننهما‪ ،‬وأخرجه من المامية‪:‬‬ ‫‪88‬‬

‫العياشي ف تفسيه‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫ط الّذِينَ َأْنعَ ْمتَ عََلْيهِمْ))‪:‬‬ ‫علي بن أب طالب عليه السلم ف قول ال عزّ وجلّ‪(( :‬صِرا َ‬
‫أي قولوا اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم بالتوفيق لدينك وطاعتك‪ ،‬وهم الذين قال‬
‫ك مَ َع الّذِينَ َأنْعَمَ اللّ ُه عََلْيهِ ْم مِنَ‬
‫ال عز وجل فيهم‪َ (( :‬ومَ ْن يُطِعِ اللّهَ وال ّرسُولَ َفأُولئِ َ‬
‫ي وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقا)) [النساء‪ ،]69:‬وحُكِيَ هذا‬ ‫ح َ‬‫شهَدا ِء وَالصّالِ ِ‬ ‫ي وَال ّ‬
‫ي وَالصّدّيقِ َ‬
‫الّنبِيّ َ‬
‫بعينه عن أمي الؤمني عليه السلم‪.‬‬
‫‪-7‬و ُروِيَ عن أمي الؤمني عليّ عليه السلم أنّه قال‪(( :‬إن الَ أمرَ عباده أن يسألوه طري َق‬
‫ا ُلنْعَ ِم عليهم وهم [النِبيّونَ] والصّدّيقونَ والشّهداء والصالون‪ ،‬وأن يستعيذوا من طريق‬
‫الغضوب عليهم‪ ،‬وهم اليهود الذين قال ال تعال فيهم‪(( :‬قُلْ هَلْ ُأَنّبئُكُم بِشَ ّر مّن ذَلِكَ‬
‫خنَازِي َر َوعَبَدَ‬
‫ب عََليْ ِه وَ َجعَ َل ِمْنهُ ُم الْقِ َر َد َة وَالْ َ‬
‫َمثُوَبةً عِندَ اللّ ِه مَن ّل َعنَهُ اللّ ُه َو َغضِ َ‬
‫الطّاغُوتَ)) [الائدة‪ .]60:‬وأن يستعيذوا أيضا من طريق الضّالّي وهم الذين قال ال فيهم‪:‬‬
‫((قُلْ يَا َأهْ َل اْلكِتَابِ َل َتغْلُواْ فِي دِيِنكُ ْم غَيْرَ الْحَ ّق وَ َل تَّتِبعُواْ َأ ْهوَاء َق ْومٍ َقدْ ضَلّوْا مِن َقبْلُ‬
‫َوأَضَلّواْ َكثِيًا وَضَلّوْا عَن َسوَاء السّبِيلِ)) [الائدة‪ ]77:‬وهم النّصارى‪ .‬وقال عليه السلم‪:‬‬
‫ل فهو مغضوبٌ عليه‪ ،‬وضا ّل عن سبيلِ الِ»( ‪.)8 9‬‬
‫«كلّ منْ َكفَرَ با ِ‬
‫أقول‪ :‬ذِك ُر اليهو ِد والّنصَارى ف تفسيِ الغضوب عليهم والضّالّي جاء من باب تعيي‬
‫صصُ الوارِدَ"‪.‬‬
‫خّ‬‫الصادي ِق وتطبيق الوارد ول شكّ "إ ّن الورِ َد ل يُ َ‬
‫‪-8‬و ُروِيَ عن أمي الؤمني عليّ عليه السلم أنّه قال‪« :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫ب َبيْنِي َوَبيْ َن َعبْدِي ِنصْفَيْنِ‪َ .‬فِنصْ ُفهَا لِي‬
‫ح َة ال ِكتَا ِ‬
‫ت فاتِ َ‬
‫ل عَ ّن وَ َجلّ‪ :‬قَسَ ْم ُ‬
‫وسلم‪ :‬قَالَ ا ُ‬
‫صفُهَا ِل َعبْدِي‪ .‬وَِل َعبْدِي مَا سَأَلَ‪ .‬إذَا قَالَ الْ َعبْدُ‪" :‬بِسْمِ اللّهِ الرّحْ َمنِ الرّحِيمِ"‪ ،‬قَالَ جلّ‬
‫َوِن ْ‬
‫جَللُهُ‪ :‬بَدَأ َعبْدِي بِاسْمِي َوحَ ّق عََليّ أ ْن أتَمّمَ لَ ُه أمُو َرهُ وأبا ِركَ لهُ ف أحْوالِهِ‪ .‬فَإذَا قَالَ‬
‫ب اْلعَالَمِيَ"‪ .‬قَالَ الُ جلّ جَللُهُ‪ :‬حَ ِم َدنِي َعبْدِي وعَلِ َم أنّ الّنعَمَ الت‬ ‫اْل َعبْدُ‪" :‬الْحَمْدُ لِ رَ ّ‬
‫ت َعنْهُ بِ َطوْلِي ُأشْهِدُكُم أن أضيف له إل نعمِ الدّنيا‬ ‫ل ُه مِ ْن ِعنْدِي‪ ،‬وأنّ البَليَا الّت دََفعْ ُ‬
‫نعمَ الخرةِ وأدف ُع عن ُه بليا الخرةِ كما دَف ْعتُ عنه بليا الدنيا‪ .‬فإذا قال "الرّحْمنِ‬
‫الرّحِيمِ" قَالَ الُ جلّ جَللُهُ‪َ :‬شهِدَ ل عَبْدِي أن الرّحنُ الرحيمُ ُأ ْشهِدُكُم لوفّ َر ّن مِنْ‬
‫رّحت حظّ ُه ولُ ْجزِلَ ّن مِ ْن عَطَائي نصيبَهُ‪ .‬فإذا قال "مالِكِ َيوْمِ الدّينِ" قَالَ الُ جلّ جَللُهُ‪:‬‬

‫() راجع‪ :‬البهان ف تفسي القرآن‪ ،‬للمحدّث البحران‪.)1/52( ،‬‬ ‫‪89‬‬

‫‪32‬‬
‫ف أنّي أنا مالك يوم الدين ل َسهِلَ ّن يومَ السابِ حسابَ ُه ولتَجَاوَ َزنّ‬ ‫ُأ ْشهِدُكُم كما اعترَ َ‬
‫ي َيعْبُدُ ُأ ْشهِدُكُم‬ ‫ل عَزّ وَجَلّ‪ :‬صدق عبدي إيّا َ‬ ‫عَ ْن سيئاتِهِ‪ .‬فإذا قال‪ِ" :‬إيّا َك َنعْبُدُ" قَالَ ا ُ‬
‫سَتعِيُ"‬ ‫لثِيبَنّهُ على عبادته ثوابا يغبطه ك ّل مَنْ خاَلفَهُ ف عبادته ل‪ ،‬فإذا قال‪َ " :‬وِإيّاكَ نَ ْ‬
‫ل عَ ّز وَجَلّ‪ :‬ب استعان عبدي والتجأ إلّ ُأ ْشهِدُكُم ُلعِيَننّهُ على أمْ ِرهِ و ُلغِيثَنّهُ ف‬ ‫قَالَ ا ُ‬
‫سَتقِيمَ إل آخر السورة"‪،‬‬ ‫ط الْمُ ْ‬
‫شدائده‪ ،‬ولخُ َذنّ بيده يوم نوائبه‪ ،‬فإذا قال‪" :‬اهْ ِدنَا الصّرا َ‬
‫ل عَ ّز وَجَلّ‪ :‬هَذَا ِل َعبْدِي وَِل َعبْدِي مَا َسأَ َل فقد استجبتُ لعبدي وأعطيتُهُ ما أمّلَ‬ ‫قَالَ ا ُ‬
‫وآ َمْنتُهُ مِمّا ِمنْه وَجِلَ»( ‪.)9 0‬‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬


‫*‬ ‫*‬

‫() انظر عيون أخبار الرضا‪ ،‬لبن بابويه القمي‪( ،‬ص‪ .)167-166:‬هذا وقد روى نوه من أهل السنة‪-‬بلفظ أقل وأكثر‬ ‫‪90‬‬

‫اخت صارا بكث ي‪-‬م سلم ف صحيحه‪ ،‬وأ صحاب ال سنن الرب عة أ بو داوود والترمذي والن سائي وا بن ما جة‪ ،‬وأح د ف‬
‫مسنده‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫ما ُروِيَ عن عليّ عليه السلم ف آية الكرسي‬

‫حيّ اْل َقيّومُ َل تَأْ ُخ ُذهُ ِسَن ٌة وَلَ َن ْومٌ لّ ُه مَا فِي السّمَاوَاتِ‬ ‫قال ال تعال ((اللّهُ لَ إِلَهَ إِ ّل ُهوَ الْ َ‬
‫شفَ ُع عِنْ َدهُ إِ ّل بِإِ ْذنِ ِه َيعْلَ ُم مَا َبيْنَ َأيْدِيهِ ْم َومَا َخ ْل َفهُ ْم وَلَ ُيحِيطُونَ‬
‫ض مَن ذَا الّذِي يَ ْ‬
‫َومَا فِي الَ ْر ِ‬
‫ض وَلَ َيؤُو ُدهُ ِحفْ ُظهُمَا َو ُه َو الْعَِليّ‬
‫بِشَيْ ٍء مّ ْن عِلْمِهِ إِلّ بِمَا شَاء َوسِعَ ُك ْر ِسيّهُ السّمَاوَاتِ وَالَ ْر َ‬
‫الْعَظِيمُ)) [البقرة‪.]255:‬‬
‫أخرج ابن النباري ف الصاحف والبيهقي ف الشعب عن علي بن أب طالب قال‪ :‬سيد آي‬
‫القرآن ((ال ل إله إل هو الي القيوم))‪.‬‬
‫وأخرج البيهقي عن علي بن أب طالب سعت رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪ .‬يقول‪:‬‬
‫«من قرأ آية الكرسي ف دبر كل صلة ل ينعه من دخول النة إل الوت‪ ،‬ومن قرأها حي يأخذ‬
‫مضجعه أمنه ال على داره ودار جاره‪ ،‬وأهل دويرات حوله»‪.‬‬
‫وأخرج أبو عبيد وابن أب شيبة والدارمي وممد بن نصر وابن الضريس عن عليّ رضي ال‬
‫عنه قال‪ :‬ما أرى رجل ولد ف السلم أو أدرك عقله السلم يبيت أبدا حت يقرأ هذه الية ((ال‬
‫ل إله إل هو الي القيوم)) ولو تعلمون ما هي‪ ،‬إنا أعطيها نبيكم من كن تت العرش‪ ،‬ول يعطها‬
‫أحد قبل نبيكم‪ ،‬وما بت ليلة قط حت أقرأها ثلث مرات‪ ،‬أقرؤها ف الركعتي بعد العشاء‬
‫الخرة‪ ،‬وف وتري‪ ،‬وحي آخذ مضجعي من فراشي))(‪.)91‬‬

‫ف القَ ّطعَة‬
‫ي الُرُو ِ‬
‫ما ُروِيَ َعنْ عليّ عليه السلم ف َت ْفسِ ِ‬

‫اختلف الفسرون ف تفسي الروف القطعة الت جاءت ف مفتتح بعض السور وأحسن‬
‫القوال فيها وأصوبا قول أمي الؤمني عليّ عليه السلم حيث قال أنا تشي إل "أساء ال عز‬
‫وجل" فكان يدعو ال تعال با ف حروبه ودعواته كما رواه نصر بن مزاحم النقري ف كتاب‬
‫"وقعة صفي" عن الأصبغ بن نباتة(‪ )92‬قال‪" :‬ما كان علي عليه السلم ف قتال قط إل نادى‪:‬‬

‫() الروايات كلها من تفسي الدر النثور للسيوطي ذيل تفسيه لية الكرسي‪.‬‬ ‫‪91‬‬

‫() الصبغ بن نباتة التميمي كان من أصحاب علي وخاصته‪.‬‬ ‫‪92‬‬

‫‪34‬‬
‫كهيعص"(‪.)93‬‬
‫وأخرج ابن ماجة ف تفسيه من طريق نافع عن أب نعيم القارئ عن فاطمة(‪ )94‬بنت علي بن‬
‫أب طالب عليه السلم أنا سعت علي بن أب طالب يقول‪" :‬يا كهيعص اغفر ل"(‪ .)95‬رواه ابن‬
‫جرير الطبي أيضا بسند آخر ف تفسيه(‪.)96‬‬
‫ويؤيّد هذا القول ما أخرجه ابن مردويه عن أب صال عن أم هانئ (أخت علي بن أب‬
‫طالب عليه السلم) عن الرسول صلى ال عليه وآله وسلم ف قوله‪" :‬كهيعص" قال‪ :‬كافٍ‪ ,‬هادٍ‪,‬‬
‫أميٌ(‪ ,)97‬عالٌ‪ ,‬صادقٌ(‪.)98‬‬
‫و من طريق المامية روى ممد بن علي بن حسي بن بابويه ف كتاب "معان الخبار"‬
‫وكتاب "التوحيد" بإسناده عن السي بن علي بن أب طالب عليهما السلم قال‪ :‬جاء يهودي إل‬
‫النب صلى ال عليه وآله وسلم وعنده أمي الؤمني علي بن أب طالب عليه السلم فقال‪ :‬ما الفائدة‬
‫ف حروف الجاء؟ فقال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم لعليّ أجبه وقال‪ :‬اللهم وفقه‬
‫وسدده‪ .‬فقال علي بن أب طالب‪ :‬ما من حرف إل وهو اسم من أساء ال عز وجل‪...‬‬
‫الديث(‪.)99‬‬
‫وقال الَيْبُدِيّ ف تفسيه‪" :‬كان يلف بكهيعص أمي الؤمني عليّ"( ‪ .)1 0 0‬واللف ل‬
‫يكون إل بأساء ال تعال‪.‬‬
‫وأمّا ما حكي عن أمي الؤمني عليه السلم أنه قال‪« :‬إن لكل كتاب صفوة وصفوة هذا‬
‫الكتاب حروف التهجي»(‪ .)101‬فإنه ل يناف تفسيه عليه السلم هذه الروفَ‪ ,‬بأساء ال‪ ،‬لن‬

‫() راجع‪ :‬وقعة صفي‪ ,‬لنصر بن مزاحم‪ ,‬ص ‪.231‬‬ ‫‪93‬‬

‫() ذكرها ممد بن نعمان الفيد ف كتابه "الرشاد" ف عداد أولد علي بن أب طالب عليه السلم‪.‬‬ ‫‪94‬‬

‫() انظر‪ :‬التقان ف علوم القرآن‪ ,‬للسيوطي‪.)4/10( ,‬‬ ‫‪95‬‬

‫() جامع البيان عن تأويل آي قرآن‪ ,‬للطبي‪/16( ,‬ص ‪.44‬‬ ‫‪96‬‬

‫() المي أي الؤتن‪ ,‬من أسال ال تعال‪.‬‬ ‫‪97‬‬

‫() انظر‪ :‬التقان‪ ,‬لليسوطي‪.)2/9( ,‬‬ ‫‪98‬‬

‫() انظر‪ :‬معان الخبار‪ ,‬لبن بابويه‪ ,‬ص ‪،44‬و"التوحيد" له أيضا ص ‪.244‬‬ ‫‪99‬‬

‫() راجع‪ :‬كشف السرار وعدة البرار‪ ,‬لب الفضل اليمبدي‪ ,‬ص ‪.6‬‬ ‫‪100‬‬

‫() انظر ممع البيان‪ ,‬للطبسي‪.)1/68( ,‬‬ ‫‪101‬‬

‫‪35‬‬
‫الصفوة من كل شيء خالصه ومصطفاه‪ ,‬ومن القرآن الكري أساءُ ال عز وجل الت هي مفتاح‬
‫سنَى فَا ْدعُو ُه ِبهَا َوذَرُواْ الّذِينَ‬
‫معرفته ووسيلة دعائه وعبادته‪ .‬قال ال تعال‪(( :‬وَلِلّ ِه ا َلسْمَاء الْحُ ْ‬
‫ج َز ْونَ مَا كَانُواْ َيعْمَلُونَ)) [العراف‪.]180:‬‬
‫حدُونَ فِي َأسْمَآئِهِ َسيُ ْ‬
‫يُلْ ِ‬
‫وقد تكلمت العرب بالروف القطعة كقول شاعرهم‪:‬‬
‫قلنا لا قفي‪ ,‬فقالت قاف! ل تسبن أنا نسينا الياف(‪ ،)102‬والقاف ف هذا البيت تدل‬
‫على كلمة "وفقت" فدلت الرأة بتكلم القاف على تام مرادها‪ ,‬كذلك كل حرف من الروف‬
‫القطعة ف كلم ال يدل على اسم كامل من أساء ال جل وعل‪.‬‬
‫وهذا التفسي أليق بكتاب ال تعال وأنسب من غيه‪ ,‬وإل هذا ذهبت جاعةٌ من أصحاب‬
‫النب صلى ال عليه وآله وسلم‪ ,‬منهم عبد ال بن مسعود وعبد ال بن عباس رضي ال عنهما‪,‬‬
‫قالوا‪ :‬كل حرف من الروف المقطّعة "اشتُقّ من حروف هجاء أساء ال جل ثناءه"‪ ,‬كما رواه‬
‫الطبي عنهم ف تفسيه(‪ ،)103‬وأمّا سائر القوال فهي من الظنون الت ل دليل عليها مثل ما قيل‬
‫أنا رموزٌ بي ال تعال ورسوله! ول ملّ للرموز ف كتاب ال البي الذي أنزله سبحانه هدى‬
‫للناس ويسّره للذّكْر وقال‪(( :‬أََفلَ َيتَ َدبّرُونَ الْقُرْآنَ؟)) [النساء‪ ،]82:‬وقال‪َ ..(( :‬وأَنزَْلنَا إَِليْكُ ْم نُورًا‬
‫ّمبِينًا)) [النساء‪.]174:‬‬

‫ت ال ُقرْآن‬
‫ما ُروِيَ َعنْ عليّ عليه السلم ف مُتَشابِها ِ‬

‫ل خلفَ بي السلمي أن ِل ْلقُرآنِ الكريِ مكما ومتشابا كما قال الُ عزّ وجلّ‪ُ (( :‬ه َو‬
‫ب َوأُخَ ُر ُمتَشَاِبهَاتٌ َفَأمّا الّذِينَ ف‬ ‫ت هُنّ ُأ ّم الْ ِكتَا ِ‬ ‫حكَمَا ٌ‬ ‫ت مّ ْ‬‫ب ِمنْهُ آيَا ٌ‬ ‫ك الْ ِكتَا َ‬
‫الّذِيَ أَنزَ َل عََليْ َ‬
‫قُلُوِبهِمْ َزيْغٌ َفَيّتبِعُونَ مَا تَشَابَ َه ِمنْهُ اْبتِغَاء اْل ِفتَْن ِة وَاْبِتغَاء َت ْأوِيلِ ِه َومَا َيعَْل ُم تَ ْأوِيلَهُ إِلّ اللّهُ وَالرّاسِخُونَ فِي‬
‫الْعِ ْل ِم َيقُولُونَ آ َمنّا بِهِ كُ ّل مّ ْن عِندِ َرّبنَا َومَا يَذّكّرُ إِلّ ُأوْلُواْ الْلبَابِ)) [آل عمران‪.]7:‬‬
‫واختلف الفسّرون من السلمي ف معن الحكم والتشابه فاشتهر بينهم أن الحكم ف‬
‫القُرْآن ما ل يتمل من العن إل وجها واحدا‪ ،‬والتشابه ما يتمل وجهي فصاعدا من دون‬

‫() انظر جامع البيان‪ ,‬للطبي‪.)1/90( ,‬‬ ‫‪102‬‬

‫() انظر جامع البيان‪ ,‬للطبي‪.)1/88( ,‬‬ ‫‪103‬‬

‫‪36‬‬
‫ترجيح أحدِها على غيه! وغفلوا عن ذكر القرائن (التّصلة والنفصلة) ف القُرْآن النافية عنه التشابه‬
‫والبام! ونسوا أن الكتاب الذي يتمل وجوها من العان التعارضة ل يكون هاديا للناس ول‬
‫يرشدهم إل الصواب بل يوقعهم ف التيه والية وذلك يناف قوله العزيز‪(( :‬هَذَا َبيَانٌ لّلنّاسِ َوهُدًى‬
‫ك ُيَبيّنُ اللّهُ َلكُ ْم آيَاتِهِ َلعَّلكُ ْم َت ْهتَدُونَ))‬
‫َو َموْعِ َظةٌ لّ ْل ُمّتقِيَ)) [آل عمران‪ ،]138:‬وقوله تعال‪ ..(( :‬كَذَلِ َ‬
‫[آل عمران‪ ]103:‬وأمثال هذه اليات‪.‬‬
‫وأمّا أمي الؤمني عليّ ع فإنه ذهب إل أ ّن التشابه ف القُرْآن الكيم هو الذي يبحث عن‬
‫جبَ الُ تعال عن العباد‬
‫"الغيب الحجوب" كصفات الربّ وأسرار ملكوته (جلّ وعل) وما حَ َ‬
‫عِلْمَهُ(‪.)104‬‬
‫وذهب المام عليه السلم أيضا إل أن الراسخي ف العلم يؤمنون بتشابه القُرْآن ول يعلمون‬
‫تأويلَه‪ ،‬لنّه مّا استأثر ال تعال بعلمه( ‪ ،)1 0 5‬كما رواه ممد بن عليّ ين بابويه القمي ف كتابه‬
‫ضيّ ف "نج البلغة"‪ .‬قال ابن أب الديد ف شرح نج البلغة‪:‬‬
‫"التوحيد" والشّ ِريْف الرّ ِ‬
‫سعَ َدةُ بْنُ صَدََق َة عَ ِن الصّا ِدقِ َج ْعفَ ِر بْ ِن مُحَمّدٍ عليه السلم َأنّهُ قَالَ ‪ :‬خَ َطبَ َأمِيُ‬ ‫« َروَى مَ ْ‬
‫ي ِبهَ ِذ ِه الْخُ ْطَب ِة عَلَى ِمْنبَ ِر اْلكُوَفةِ‪ ،‬وذَلِكَ َأنّ رَ ُجلً َأتَاهُ َفقَالَ‪ :‬يَا َأمِيَ الْ ُمؤْ ِمنِيَ صِفْ َلنَا َرّبنَا‬ ‫الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫ضبَ َونَادَى الصّلةَ جَا ِم َعةً! فَا ْجتَمَعَ إَِليْهِ النّاسُ َحتّى‬ ‫ِمثْلَ مَا َنرَا ُه ِعيَانا ِلنَزْدَادَ لَهُ ُحبّا وبِهِ َمعْرَِفةً‪َ ،‬ف َغ ِ‬
‫صلّى عَلَى‬ ‫حمِدَ اللّ َه َوَأثْنَى عََليْهِ وَ َ‬
‫ب ُمَتغَيّرُ الّل ْونِ‪ ،‬فَ َ‬ ‫صعِ َد الْ ِمْنبَ َر َو ُهوَ ُم ْغضَ ٌ‬
‫ج ُد ِبأَهْلِهِ‪َ ،‬ف َ‬
‫ص الْمَسْ ِ‬ ‫غَ ّ‬
‫الّنِبيّص ثُمّ قَالَ‪(( :‬الْحَمْدُ ِللّ ِه الّذِي ل َيفِ ُرهُ الْ َمنْ ُع وَالْجُمُو ُد وَل يُكْدِي ِه الِعْطَا ُء وَالْجُودُ‪ ،‬إِذْ كُ ّل ُمعْطٍ‬
‫ُمنَْت ِقصٌ ِسوَاهُ وَكُ ّل مَانِ ٍع مَ ْذمُومٌ مَا خَلهُ‪َ ،‬و ُهوَ الْ َمنّا ُن ِبفَوَائِ ِد الّنعَ ِم َو َعوَائِ ِد الْمَزِي ِد وَاْلقِسَمِ‪ِ ،‬عيَالُهُ‬
‫س بِمَا ُسئِلَ‬ ‫الْخَلئِقُ‪ ،‬ضَمِنَ أَرْزَاَقهُ ْم وَقَدّرَ أَ ْقوَاَتهُمْ‪َ ،‬وَنهَ َج َسبِيلَ الرّاغِبِيَ إَِليْ ِه وَالطّاِلبِيَ مَا َل َديْهِ وََلْي َ‬
‫بِأَ ْج َو َد ِمنْهُ بِمَا َل ْم يُسْأَلْ‪ ،‬ا َلوّ ُل الّذِي لَ ْم َيكُنْ لَهُ َقبْلٌ َفَيكُونَ َشيْءٌ َقبْلَ ُه وَالْخِ ُر الّذِي لَمْ يَكُنْ لَهُ‬

‫() قال عليه السلم عن عجز العقول عن اكتناه علمه وغيبه‪(( :‬حار دون ملكوته عميقات مذاهب التفكي‪ ،‬وانقطع دون‬ ‫‪104‬‬

‫الرسوخ ف علمه جوامع التفسي‪ ،‬وحال دون غيبه الكنون حجب من الغيوب‪ ،‬تاهت ف أدن أدانيها طامات العقول)‬
‫(تيسي الطالب ف أمال أب طالب‪( ،‬ص‪.)198:‬‬
‫() ولسائلٍ أن يسأل‪ :‬ما الكمة ف إنزال ال سبحانه آياتٍ متشابات ل يعلم معناها أحدٌ إل ال نفسه؟! والواب‪ :‬ليس‬ ‫‪105‬‬

‫ف هم معا ن اليات هو الش كل‪ -‬سواء مكمات ا أو متشابات ا‪-‬لن ا ل ترج عن أ ساليب كلم العرب لغةً وإعرابا وإنّ ما‬
‫الشكال فم فهمم "تأويمل التشابمه منهما" أي معرفمة حقائقهما ومصماديقها‪ ،‬كحقيقمة العرش‪ ،‬واللوح الحفوظ‪ ،‬وكتاب‬
‫العمال‪ ،‬وأمثال هذه المور الغيبية‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫َبعْدٌ َفيَكُونَ َشيْ ٌء َبعْدَهُ‪ ،‬وَالرّا ِدعُ َأنَاسِ ّي الَْبصَا ِر عَنْ َأنْ َتنَالَهُ َأوْ تُدْرِكَهُ‪ ،‬مَا ا ْختَلَفَ عََليْهِ َدهْرٌ‬
‫َفيَخْلِفَ مِنْ ُه الْحَا ُل وَل كَانَ فِي َمكَانٍ َفَيجُو َز عََليْهِ الْنتِقَالُ‪...‬‬
‫(إل أن وصل إل قوله)‪:‬‬
‫ضئْ ِبنُو ِر هِدَاَيتِهِ‪َ ،‬ومَا َكّلفَكَ‬ ‫ص َفتِهِ فَائْتَ ّم بِ ِه وَاسَْت ِ‬
‫ك اْلقُرْآ ُن عََليْ ِه مِنْ ِ‬ ‫فَانْ ُظرْ َأّيهَا السّائِلُ فَمَا دَلّ َ‬
‫ب عََليْكَ َفرْضُ ُه وَل فِي ُسّن ِة النِّبيّ صلى ال عليه وآله وسلم‬ ‫الشّيْطَا ُن عِلْمَ ُه مِمّا َلْيسَ فِي الْ ِكتَا ِ‬
‫ك ُمْنَتهَى حَقّ اللّهِ عََليْكَ‪ .‬وَاعْلَمْ َأنّ‬ ‫َوأَئِ ّم ِة اْلهُدَى َأثَ ُرهُ‪َ ،‬فكِ ْل عِلْمَهُ إِلَى اللّ ِه ُسبْحَانَهُ‪ ،‬فَِإنّ ذَلِ َ‬
‫الرّاسِخِيَ فِي الْعِ ْل ِم هُ ُم الّذِينَ أَ ْغنَاهُ ْم عَ ِن اقْتِحَامِ السّ َد ِد الْ َمضْرُوَبةِ دُونَ اْل ُغيُوبِ‪ ،‬الِقْرَا ُر بِجُ ْمَل ِة مَا‬
‫ج ِز عَ ْن َتنَاوُلِ مَا َل ْم يُحِيطُوا بِهِ‬
‫َجهِلُوا َتفْسِيَ ُه مِ َن اْلغَْيبِ الْ َمحْجُوبِ‪ ،‬فَ َمدَحَ اللّ ُه ا ْعتِرَاَفهُمْ بِالْعَ ْ‬
‫ث عَن ُكْنهِهِ ُرسُوخا‪ ،‬فَا ْقَتصِ ْر عَلَى ذَلِكَ‪ ،‬وَل‬ ‫ح َ‬‫عِلْما‪َ ،‬وسَمّى تَرْ َكهُ ُم التّعَمّقَ فِيمَا لَ ْم ُيكَّل ْفهُ ُم الْبَ ْ‬
‫ُتقَدّ ْر عَظَ َمةَ اللّ ِه ُسبْحَانَ ُه عَلَى َقدْ ِر َعقْلِكَ َفَتكُونَ مِ َن الْهَاِلكِيَ»(‪.)106‬‬
‫ص الليّ قولَه تبارك وتعال‪َ ..(( :‬فَأمّا الّذِينَ ف قُلُوِبهِمْ‬
‫أقول ما يؤيد هذا الكلم التي والن ّ‬
‫َزيْغٌ َفَيّتبِعُونَ مَا تَشَابَ َه ِمنْهُ اْبتِغَاء اْلفِْتَنةِ وَاْبِتغَاء َت ْأوِيلِهِ)) [آل عمران‪ ]7:‬فلو ل يكن تأويل التشابه ما‬
‫ل سبحانه طائفةً على طلب تأويل التشابه‪ ،‬واقتصر بذمّهم على ابتغائهم‬ ‫استأثر ال بعلمه‪ ،‬لا ذمّ ا ُ‬
‫الفتنة فحسب(‪ .)107‬وهذا امرٌ دقي ٌق ُي ْفهَمُ من كتاب ال(‪ ،)108‬فتدبّر واغَْتنِمْ‪.‬‬

‫() را جع ن ج البل غة‪ ،‬الط بة (‪ ،)91‬وشر حه ل بن أ ب الد يد (‪ )2/538‬وكتاب "التوح يد" ل بن بابو يه‪( :‬ص‪-55:‬‬ ‫‪106‬‬

‫‪ ،)56‬ورواه أيضا من أئمة الزيدية السيد أبو طالب ف أماليه (ص‪ )202:‬بإسناده عن زيد بن أسلم مع اختلف يسي ف‬
‫بعض ألفاظه فل يوجد فيه‪( :‬ما ليس ف الكتاب فرضه ول ف سنة النب ص وأئمة الدى أثره) وهكذا روى ابن عبد ربّه‬
‫شطرا منه ف العقد الفريد‪.‬‬
‫() فبناء على ذلك "الواو" ف قوله تعال‪(( :‬وَالرّا ِسخُو َن فِي اْل ِعلْ مِ َيقُولُو نَ آمَنّا بِ هِ كُ ّل مّ نْ عِن ِد رَبّنَا)) للستئناف وليست‬ ‫‪107‬‬

‫عطفا‪.‬‬
‫() من هنا نفهم وجه غضب المام عليه السلم‪ ،‬حي سأله الرجل عمّا ناه القرآن أن يوض فيه‪.‬‬ ‫‪108‬‬

‫‪38‬‬
‫ل َتعَال‬
‫ما ُروِيَ َعنْ عليّ ف ت ْفسِي َتكْليمِ ا ِ‬

‫إن ال عزّ وجلّ كلّم من اصطفى من عباده على وجوهٍ متلفةٍ‪ ،‬منها على صورة اللام أو‬
‫الوحيِ ف الّن ْومِ أو اليقظةِ‪ ،‬ويُسَمّى هذا "وحي القلوب"‪ .‬ومنها على وجه النّداء والنّقْرِ ف الذان‪.‬‬
‫ومنها على هيئة الياء بسبب اللئكة كما قال جلّ ذكره ف كتابه الكري‪:‬‬
‫شرٍ أَن ُيكَلّمَهُ اللّهُ إِل وَ ْحيًا َأوْ مِن َورَاء حِجَابٍ َأ ْو يُ ْرسِلَ َرسُولً َفيُو ِحيَ بِِإ ْذنِهِ‬
‫(( َومَا كَانَ ِلبَ َ‬
‫حكِيمٌ)) [الشورى‪]51:‬‬ ‫مَا يَشَاء ِإنّ ُه عَِليّ َ‬
‫ونعرف وجها آخر من كلمه سبحانه يُسَمّى "الكلم التكوين" وإليه أشار ف قوله تعال‪:‬‬
‫ض ِائِْتيَا َطوْعًا َأوْ َك ْرهًا قَاَلتَا َأَتْينَا طَاِئعِيَ)) [فصلت‪ ]11:‬وف قوله‪ِ(( :‬إنّمَا‬
‫((‪َ ..‬فقَالَ َلهَا وَِللَ ْر ِ‬
‫ض ابَْلعِي مَاءكِ‬
‫َأمْ ُرهُ ِإذَا أَرَا َد َشْيئًا أَ ْن َيقُولَ لَهُ كُنْ َفَيكُونُ)) [يس‪ ]82:‬وف قوله تعال‪(( :‬وَقِيلَ يَا أَ ْر ُ‬
‫َويَا سَمَاء أَقِْلعِي)) [هود‪ ]44:‬وأمثال هذه اليات‪.‬‬
‫وأمّا أمي الؤمني عل ّي عليه السلم فقد فسّرَ تكليم ال ‪ -‬ج ّل شأنه ‪ -‬ف خُ َطبِه با ل مزيد‬
‫عليه من السّداد‪ ،‬فقال عند تلوته‪ِ (( :‬رجَا ٌل ل تُ ْلهِيهِ ْم تِجَا َرٌة وَل َبيْ ٌع عَن ذِكْرِ اللّهِ)) [النور‪:]37:‬‬
‫ت آلؤُهُ فِي الْبُ ْر َه ِة َبعْ َد الْبُ ْر َهةِ‪ ،‬وَفِي أَ ْزمَا ِن اْلفَتَرَاتِ‪ِ ،‬عبَا ٌد نَاجَاهُمْ فِي‬
‫« َومَا َبرِحَ ِللّ ِه عَزّ ْ‬
‫ِفكْ ِرهِ ْم وَكَلّ َمهُمْ فِي ذَاتِ ُعقُوِلهِمْ»(‪.)109‬‬
‫فعبّر عليه السلم عن وعاء اللْهامِ "بالفكر والعقل" دون "القلب والفؤاد" لنّ اللام يتعلّقُ‬
‫بوعاء ال ّذهْنِ وذلك من دقائق تعبيه‪.‬‬
‫ثُمّ قال عليه السلم ف خطبةٍ أخرى من خطبه الليلة‪:‬‬
‫ح وَل َأ َدوَاتٍ‪ ،‬وَل نُطْ ٍق وَل‬
‫«الّذِي كَلّ َم مُوسَى َتكْلِيما َوأَرَاهُ مِ ْن آيَاتِ ِه عَظِيما‪ ،‬بِل َجوَا ِر َ‬
‫َل َهوَاتٍ»(‪.)110‬‬
‫ب الغيبِ فيسم َع نداءه‪،‬‬
‫وهذا وجهٌ آخرُ من تكليم ال تعال فإنّه ينادي عبدَه من وراء حجا ِ‬
‫وال تعال ل يُقاسُ بلقِهِ ول يتاجُ إل جوارح النّطْقِ وأدوات البيان‪.‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬خطبة (‪.)219‬‬ ‫‪109‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬خطبة (‪.)180‬‬ ‫‪110‬‬

‫‪39‬‬
‫ث قال عليه السلم ف خطبةٍ أخرى عند وصف اللئكة الاملي لوحيه إل رسله‪:‬‬
‫صْنعِهِ‪ ،‬وَل يَ ّدعُونَ َأّنهُ ْم يَخُْلقُونَ‬
‫سبّحُ جَل َل عِ ّزتِهِ‪ ،‬ل َيْنتَحِلُونَ مَا َظهَرَ فِي الْخَ ْل ِق مِنْ ُ‬
‫((‪..‬تُ َ‬
‫سِبقُونَ ُه بِاْلقَوْ ِل َوهُ ْم ِبَأمْ ِرهِ َيعْمَلُونَ))( ‪،)1 1 2‬‬
‫َشيْئا َمعَهُ ِممّا اْنفَ َر َد بِهِ(‪(( ،)111‬بَ ْل عِبا ٌد ُمكْ َرمُونَ ل يَ ْ‬
‫ي وَدَائِعَ َأمْ ِرهِ وَن ْهيِهِ))(‪.)113‬‬
‫َجعََلهُمُ اللّهُ فِيمَا هُنَالِكَ َأهْ َل الَمَاَنةِ عَلَى وَ ْحيِ ِه وَ َحمَّلهُمْ إِلَى الْمُ ْرسَِل َ‬
‫وقال المام عليه السلم ف تفسي قوله تعال‪(( :‬كُنْ َفَيكُونُ)) وهو طورٌ آخرُ من كلمه‬
‫ت َيقْ َرعُ‪ ،‬وَل ِبنِدَا ٍء يُسْمَعُ‪َ ،‬وِإنّمَا كَلمُهُ‬
‫العزيز‪َ« :‬يقُولُ لِمَنْ أَرَادَ َكوْنَهُ كُنْ َفَيكُونُ‪ ،‬ل ِبصَوْ ٍ‬
‫شأَ ُه َومَثّلَهُ‪َ ،‬ل ْم َيكُنْ مِنْ َقبْلِ ذَلِكَ كَائِنا‪ ،‬وََلوْ كَانَ َقدِيا َلكَانَ إِلَها‬
‫ُسبْحَانَهُ ِفعْلٌ مِنْهُ َأنْ َ‬
‫ثَانِيا!»(‪.)114‬‬
‫فان ُظرْ ف هذا التفسي فإنّه من كنوز العلم وطرائف الكمة‪.‬‬

‫ما ُروِيَ َعنْ عليّ عليه السلم ف تفسِ ْيرِ سُور ِة التّ ْوحِيْدِ‬

‫كان عليّ عليه السلم يبّ ذك َر وحدانيّة ال حبّا شديدا فجعل هذا الذّكرَ فات َة كلمِهِ‬
‫وغايةَ مرامِهِ‪ ،‬ولجلِ ذلك كان يقرأ ف أكثر صلواته سورة التوحيد أو الخلص‪ .‬فقد أخرج علي‬
‫ص‬
‫صيْن(‪ )115‬أ ّن النبّ‬
‫بن السي بن بابويه الق ّميّ ف كتاب "التوحيد" بإسناده عن عمران بن ُح َ‬
‫بعث سري ًة واستعمل عليها عليّا عليه السلم فلمّا رجعوا سألم فقالوا‪ :‬كلّ خ ٍي غ َي أنّهُ َقرَأ ِبنَا ف‬
‫حبّي ِلقُ ْل ُهوَ اللّهُ‬ ‫كُلّ صَلةٍ ِبقُ ْل هوَ الُ أَحَدٌ! فقال (رسول ال)‪ :‬يا عليّ! ِلمَ َفعَ ْلتَ هذا؟؟ فقال‪ِ :‬ل ُ‬
‫أَحَدٌ‪ .‬فقال النب صلى ال عليه وآله وسلم‪« :‬مَا أَحَببْتَها َحتّى أ َحبّك الُ عزّ وجلّ»(‪.)116‬‬

‫() وف هذه العبارة يشي المام عليه السلم إل توحيد الالقيّة‪.‬‬ ‫‪111‬‬

‫() النبياء‪.)27-26( :‬‬ ‫‪112‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬خطبة (‪.)90‬‬ ‫‪113‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬خطبة (‪.)184‬‬ ‫‪114‬‬

‫() عمران بن حُ صَيْن بن عبيد بن خلف الزاعي من أفاضل الصحابة‪ ،‬أسلم عام خيب وكان فاضلً‪ ،‬وكان من أصحاب‬ ‫‪115‬‬

‫أمي الؤمني علي عليه السلم توف بالبصرة سنة (‪52‬هم)‪.‬‬


‫() ورواه من أهل السنة مسلم ف صحيحه ول يذكر اسم أميهم‪ :‬ولفظ روايته بسنده عن عَاِئشَةَ َأنّ رَسُولَ اللّهِ صلى ال‬ ‫‪116‬‬

‫صلَِت ِهمْ فََيخْتِ مُ ب ((قُلْ ُهوَ ال أَ َحدٌ))‪َ .‬فلَمّا رَ َجعُوا‬ ‫صحَابِهِ فِي َ‬ ‫ث رَجُلً َعَلىَ سَرِيّةٍ‪ .‬وَكَا نَ َيقْرَُأ لَ ْ‬
‫عل يه وآله و سلم َبعَ َ‬
‫صفَةُ الرّ ْحمَ نُ‪َ .‬فأَنَا أُحِ بّ أَ نْ‬
‫ي َشيْءٍ يَ صَْنعُ َذلِ كَ؟"‪ .‬فَ سََألُوهُ‪َ .‬فقَالَ‪ :‬لَّنهَا ِ‬‫ذُكِرَ َذلِ كَ لِرَ سُولِ اللّ هِ صل‪َ .‬فقَالَ‪َ " :‬سلُوهُ‪ .‬لَ ّ‬

‫‪40‬‬
‫ث فسّر أمي الؤمنينع هذه السورة للمسلمي لّا سألوه عنها‪ ،‬كما ُروِيَ ف تفسي "ممع‬
‫البيان" عن عبد خيٍ‪ ،‬قال‪ :‬سأل رج ٌل عليّا ع عن تفسي هذه السورة‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫«قُ ْل هوَ الُ أحَدٌ‪ :‬بل تأويل عددٍ‪ .‬ال الصّمَدُ‪ :‬بل تبعيضِ ب َددٍ‪ .‬لَ ْم يَِلدْ‪ :‬فيكون موروثا‬
‫هالِكَا‪ .‬وَلَ ْم يُولَدْ‪ :‬فيكو َن إلا مشَارَكا‪ .‬وَلَ ْم َيكُن لّهُ ُك ُفوًا من خلقِهِ أَحَدٌ»( ‪.)1 1 7‬‬
‫وبيّ َن عليه السلم أيضا مفهوم وحدانيّة ال الذي جاء ف هذه السورة الكرية‪ ،‬كما روى ابن‬
‫بابويه الق ّميّ ف كتابه "معان الخبار" وكتابه "التوحيد" بإسناده عن القدام بن ُش َريْح الانئ عن‬
‫أبيه( ‪ ،)1 1 8‬قال‪ :‬إن أعرابيّا قام يوم المل إل أمي الؤمني عليه السلم فقال يا أمي الؤمني أتقول‬
‫إن ال واحد؟ قال فحمل الناس عليه‪ ،‬قالوا يا أعراب أما ترى ما فيه أمي الؤمني من تقسم‬
‫القلب؟! فقال أمي الؤمني عليه السلم‪ :‬دعوه فإن الذي يريده العراب هو الذي نريده من القوم‪،‬‬
‫ث قال‪ :‬يا أعراب إن القول ف أن ال واحدٌ على أربعة أقسامٍ‪ :‬فوجهان منها ل يوزان على ال عز‬
‫وجل‪ ،‬ووجهان يثبتان فيه‪ .‬فأما اللذان ل يوزان عليه‪ :‬فقول القائل واح ٌد يقصد به باب العداد‪،‬‬
‫فهذا ما ل يوز لن ما ل ثان له ل يدخل ف باب العداد أما ترى أنه كفر من قال ثالث ثلثة‪،‬‬
‫وقول القائل هو واحد من الناس يريد به النوع من النس فهذا ما ل يوز عليه لنه تشبيه وجل‬
‫ربنا عن ذلك وتعال‪ .‬وأما الوجهان اللذان يثبتان فيه‪ :‬فقول القائل هو واحد ليس له ف الشياء‬
‫شبه كذلك ربنا‪ ،‬وقول القائل إنه عز وجل أحدي العن يعن به أنه ل ينقسم ف وجود ول عقل‬
‫ول وهم كذلك ربنا عز وجل))(‪.)119‬‬
‫وقال عليه السلم ف بعض ُخ َطبِه‪« :‬وَل صَمَ َد ُه مَ ْن أشار إليه وَت َوهّمَهُ»(‪ .)120‬أي ما قصدَ‬
‫سّيةٍ أو وهِّيةٍ‪ .‬والصمد هو الذي ُي ْقصَدُ إليه عند الوائج‪.‬‬
‫الَ تعال مَ ْن أشار إليه بإشارةٍ حِ ّ‬
‫و ُروِيَ عن عليّ عليه السلم أيضا أنّه قال‪« :‬الصّمَ ُد الّذي ليس فوقه أحدٌ»(‪.)121‬‬
‫ول منافاة بي المرين‪ ،‬فالصّ َمدُ‪ :‬هو القصود إليه ف الوائج الذي ليس فوقه أحدٌ‪ ،‬جلّ ذِ ْك ُرهُ‬
‫َأقْ َرَأ ِبهَا‪َ .‬فقَالَ َرسُولُ اللّ ِه صلى ال عليه وآله وسلم‪َ" :‬أخْبِرُوهُ َأنّ ال ُيحِبّهُ"‪.‬‬
‫() راجع ممع البيان للطبسي‪ ،‬الزء الثلثون‪( ،‬ص‪ ،)232:‬وكتاب‪" :‬معان الخبار" لبن بابويه الق ّميّ‪( ،‬ص‪.)5:‬‬ ‫‪117‬‬

‫() شُرَيْح بن هانئ بن يزيد الارثيّ‪ ،‬كان من ُخلّص أصحاب عليّ عليه السلم (تنقيح القال‪.)2/83( :‬‬ ‫‪118‬‬

‫() كتاب "التوحيد" لبن بابويه‪( ،‬ص‪.)83:‬‬ ‫‪119‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)184‬‬ ‫‪120‬‬

‫() راجع كشف السرار وعدّة البرار‪ ،‬للميبدي‪.)10/662( ،‬‬ ‫‪121‬‬

‫‪41‬‬
‫َتعَال‪.‬‬

‫ف تفسيه قوله تعال‪ُ :‬هوَ ا َلوّ ُل وَال ِخ ُر وَالظّاهِ ُر وَالْبَا ِطنُ‬

‫ي عن عَاصِمِ بْنِ حُ َميْدٍ(‪ )122‬أنّهُ قَالَ‪ُ :‬سئِ َل عَِل ّي بْ ُن الْحُ َ‬


‫سيْنِ عليه السلم عَ ِن الّتوْحِيدِ‬ ‫ُروِ َ‬
‫َفقَالَ‪ِ« :‬إنّ اللّهَ عَزّ وجَ ّل عَِلمَ َأنّهُ َيكُونُ فِي آخِرِ ال ّزمَانِ أَ ْقوَا ٌم ُمتَعَ ّمقُونَ َفَأنْزَلَ اللّ ُه َتعَالَى قُ ْل ُهوَ اللّهُ‬
‫أَحَ ٌد واليَاتِ مِ ْن سُو َر ِة الْحَدِيدِ إِلَى َقوْلِهِ و ُه َو عَلِي ٌم بِذاتِ الصّدُورِ َفمَنْ رَامَ وَرَاءَ ذَلِكَ َفقَدْ‬
‫هَلَكَ!»(‪.)123‬‬
‫أقول‪ :‬ومن تلك اليات قوله العزيز‪ُ « :‬هوَ ا َلوّ ُل وَالخِ ُر وَالظّاهِ ُر وَالْبَاطِ ُن َوهُ َو ِبكُ ّل شَيْ ٍء‬
‫عَلِيمٌ» [الديد‪ .]3:‬وقد فسّرها أميُ الؤمني عل ّي عليه السلم ف خطبه بأحسن ما ينبغي أن يُفَسّر‬
‫حمْدُ لِلّ ِه ا َلوّلِ فَل َشيْءَ َقبْلَهُ‪ ،‬وَالخِرِ فَل َشيْ َء َبعْ َدهُ‪ ،‬وَالظّاهِرِ فَل َشيْءَ‬
‫فقال عليه السلم‪« :‬الْ َ‬
‫َفوْقَهُ‪ ،‬وَاْلبَاطِنِ فَل َشيْءَ دُونَه»(‪.)124‬‬
‫وهذا الذي ذكره عليّ من تفسي الية هو الذي فسّره رسول ال ص بعينه كما رواه‬
‫الترمذيّ ف سننه عن النب صلى ال عليه وآله وسلم أنه قال ف أثناء دعائه‪...« :‬أْنتَ الوّلُ فََلْيسَ‬
‫ك شَيءٌ‪ ،‬والبَاطِنُ فََلْيسَ دُونَكَ‬
‫س َبعْدَ َك َشيْءٌ‪ .‬والظّاهِرُ َفَلْيسَ َفوْقَ َ‬
‫ك َشيْءٌ‪ .‬وَأْنتَ الخِرُ فََلْي َ‬
‫َقبْلَ َ‬
‫شَيءٌ‪ .‬ا ْقضِ َعنّي ال ّديْ َن وأ ْغنِنِي مِ َن ال َفقْرِ»(‪.)125‬‬
‫أقول‪ :‬جاء "الظاهر" ف هذا التفسي بعن "الغالب"‪ ،‬كما قال ال عز وجل ف كتابه الكري‪:‬‬
‫صبَحُوا ظَاهِرِينَ)) [الصف‪.]14:‬‬
‫((َفأَيّ ْدنَا الّذِينَ َآ َمنُوا عَلَى عَ ُد ّوهِمْ َفأَ ْ‬
‫ولمي الؤمني عليه السلم ف معن الظاهر والباطن تفسي آخر أورده ف بعض خطبه حيث‬
‫ب تَ ْدبِ ِيهِ لِلنّاظِرِي َن وَاْلبَاطِ ِن بِجَل ِل ِع ّزتِهِ عَنْ ِفكْ ِر الْ ُمَت َوهّمِيَ»(‪.)126‬‬
‫قال‪« :‬الظّاهِ ِر ِبعَجَائِ ِ‬

‫() عاصم بن حيد (بضم الاء) الناط النفي أبو الفضل‪ ،‬مول كوف‪ ،‬ثقة‪ ،‬عي‪ ،‬صدوق (خلصة القوال)‪ ،‬للحلي‪،‬‬ ‫‪122‬‬

‫(ص‪.)220:‬‬
‫() أصول الكاف‪ ،‬للكلين‪.)1/91( ،‬‬ ‫‪123‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)96‬‬ ‫‪124‬‬

‫() سنن الترمذي‪ ،)5/440( ،‬وقال أبو عيسى الترمذي‪ :‬هَذا حديثٌ َحسَنٌ صحيحٌ‪.‬‬ ‫‪125‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)213‬‬ ‫‪126‬‬

‫‪42‬‬
‫ت التّ ْدبِيِ الْ ُمْتقَ ِن وَالْ َقضَا ِء الْ ُمبْ َرمِ»(‪.)127‬‬
‫وقال أيضا‪َ « :‬ظهَرَ لِ ْل ُعقُو ِل بِمَا أَرَانَا مِ ْن عَلمَا ِ‬
‫فالراد من الظهور ف هذا الكلم الني‪ ،‬ما يقابل الفاء والكمون‪ ،‬ول منافاة بي التفسيين‪،‬‬
‫فإن لفظ الية يشملهما‪.‬‬

‫تفسي عليّ لقوله تعال‪َ (( :‬وهُ َو َمعَ ُكمْ َأْي َن مَا كُنُتمْ))‬

‫ما نُزّ َل ف سورة الديد قوله العزيز‪َ (( :‬و ُهوَ َمعَكُمْ َأيْ َن مَا كُنتُ ْم وَاللّ ُه بِمَا َتعْمَلُو َن َبصِيٌ))‬
‫[الديد‪ ،]4:‬وقد أخرج إبراهيم ابن ممد الثقفي الكوف ف كتاب "الغارات" عن الارث ابن عبد ال‬
‫العور(‪« :)128‬أن عليا عليه السلم دخل يوما (من أيام خلفته) السوق فقال‪ :‬يا معشر اللحامي‬
‫من نفخ منكم ف اللحم فليس منا فإذا هو برجل موليه ظهره فقال كل والذي احتجب بالسبع‬
‫فضربه علي عليه السلم على ظهره ث قال‪ :‬يا لام! ومن الذي احتجب بالسبع؟؟ قال‪ :‬رب‬
‫العالي يا أمي الؤمني! فقال له‪ :‬أخطأت ثكلتك أمك(‪ )129‬إن ال ليس بينه وبي خلقه حجاب‬
‫لنه معهم أينما كانوا‪ .‬فقال الرجل‪ :‬ما كفّارة ما قلت يا أمي الؤمني؟ قال‪ :‬أن تعلم أن ال معك‬
‫حيث كنتَ‪ .‬قال (اللحام)‪ :‬أطعم الساكي؟ قال (علي)‪ :‬ل إنا حلفت بغي ربك!»(‪.)130‬‬
‫ث إن عليا عليه السلم فسر للمسلمي معيّة ال تعال ف خطبه الليلة فقال‪« :‬مَعَ كُلّ شَيْءٍ‬
‫ل بِ ُمقَا َرَنةٍ و َغيْرُ كُ ّل َشيْ ٍء ل بِمُزَايََلةٍ»(‪.)131‬‬
‫حلُلْ فِي الَ ْشيَاءِ َفُيقَالَ ُهوَ كَائِنٌ ولَ ْم َينَْأ َعْنهَا َفُيقَا َل ُه َو ِمنْهَا‬
‫وقال عليه السلم‪« :‬لَ ْم يَ ْ‬
‫(‪)132‬‬
‫بَائِنٌ»‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)182‬‬ ‫‪127‬‬

‫() الارث ابن عبد ال العور المدان‪ ،‬كان من ثقات أصحاب أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬نص على توثيقه علماء الشيعة‬ ‫‪128‬‬

‫ف كتب رجالم ووثقه بعض العلماء من أهل السنة كابن معي وغيه‪.‬‬
‫() جاء ف رواية الطبسي ف كتابه "الحتجاج" (ص‪ )110:‬عبارة "يا وْيلَ كَ!" مكان "ثكلتك أمّك" وهذا أليق بكلم‬ ‫‪129‬‬

‫علي عليه السلم و ُخُلقَه‪.‬‬


‫() الغارات للثقفي‪.)1/111( ،‬‬ ‫‪130‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)1‬‬ ‫‪131‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)65‬‬ ‫‪132‬‬

‫‪43‬‬
‫(‪)133‬‬
‫وقال عليه السلم‪« :‬قَرِيبٌ مِ َن الَ ْشيَا ِء غَيْ َر مُلِبسٍ‪َ ،‬بعِي ٌد ِمْنهَا غَيْ َر ُمبَايِنٍ»‬
‫(‪)134‬‬
‫وقال عليه السلم‪َ« :‬لْيسَ ف الشياء بِوالِ ٍج وَل َعنْها بِخارِجٍ»‬
‫ق وَلَ ْم َيْبعُ ْد عَْنهَا بِا ْفتِرَاقٍ»(‪.)135‬‬
‫ب مِ َن ا َلشْيَا ِء بِاْلِتصَا ٍ‬
‫وقال عليه السلم‪« :‬لَ ْم َيقْرُ ْ‬
‫أقول‪ :‬كل هذه التعبيات عن معيّة ال سبحانه تنبئنا عن كمال إحاطته بكلّ شيءٍ‪ ،‬مِنْ‬
‫دون قياسٍ وتشبيهٍ باللق‪ ،‬كما قال عليه السلم ف بعض خطبه‪" :‬لَ ُه الِحَاطَ ُة ِبكُ ّل شَيْ ٍء وَاْلغََلَبةُ‬
‫ِلكُ ّل شَيْ ٍء وَاْلقُ ّوةُ عَلَى كُ ّل َشيْءٍ "(‪.)136‬‬
‫س بِالنّاسِ‪ .‬قَرِيبٌ فِي‬ ‫س وَل يُقَا ُ‬ ‫حوَا ّ‬
‫س بِالْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫شِبهُهُ صُو َرةٌ وَل يُ َ‬ ‫وقال عليه السلم أيضا‪" :‬ل يُ ْ‬
‫ُبعْ ِدهِ َبعِيدٌ فِي ُق ْربِهِ‪َ .‬ف ْوقَ كُ ّل َشيْ ٍء وَل يُقَا ُل َشيْءٌ َفوْقَهُ‪َ .‬أمَامَ كُ ّل َشيْ ٍء وَل ُيقَالُ لَهُ َأمَامٌ‪ .‬دَاخِلٌ‬
‫ج مِنْ شَيْءٍ‪ُ ،‬سبْحَانَ مَنْ‬ ‫شيْءٍ خَارِ ٍ‬‫ج مِ َن الَ ْشيَاءِ ل كَ َ‬ ‫شيْءٍ دَاخِلٍ فِي َشيْءٍ‪ ،‬وخَا ِر ٌ‬ ‫فِي ا َل ْشيَاءِ ل ك َ‬
‫ُهوَ َهكَذَا وَل َهكَذَا َغيْره‪ ...‬الَ ِديْث"(‪.)137‬‬
‫هكذا كان مذهب أهل البيت عليهم السلم ف صفات ال عز وجل ومذهب سلف المة‬
‫رضي ال تعال عنهم‪.‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)179‬‬ ‫‪133‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)186‬‬ ‫‪134‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)163‬‬ ‫‪135‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)86‬‬ ‫‪136‬‬

‫() الصول من الكاف‪ ،)1/86( ،‬وقريبا منه ذكره السيد أبو طالب من أئمة الزيديّة ف أماليه‪( .‬ص‪.)190:‬‬ ‫‪137‬‬

‫‪44‬‬
‫ما ُروِيَ عن عليّ عليه السلم من تفسي "وَ ْجهِ ال"‬

‫قد ورد ذكر وجه ال ‪ -‬تعال شأنه ‪ -‬ف عدة من آيات القرآن الكري كقوله جلّ ذكره‪:‬‬
‫((كُ ّل مَ ْن عََلْيهَا فَانٍ * َويَْبقَى وَجْهُ َربّكَ ذُو الْجَل ِل وَالِكْرَامِ)) [الرحن‪ ]27-26:‬وقوله العزيز‪..(( :‬ل‬
‫إِلَهَ إِ ّل ُهوَ كُ ّل َشيْءٍ هَالِكٌ إِلّ وَ ْجهَهُ )) [القصص‪ ،]88:‬فتوهّ َم بعض الناس من ل يعرف إشارات‬
‫الكلم أن لِلّهِ سبحانه وجها مغايرا لذاته (كوجه النسان!) فزلّت أقدمهم ف طريق معرفة ال‬
‫شيْءٌ )) [الشورى‪:‬‬
‫وسقطوا ف مضيق التشبيه‪ ،‬كأنم ل يسمعوا قول ال عزّ وجلّ‪َ..(( :‬لْيسَ كَ ِمثْلِ ِه َ‬
‫‪.]11‬‬
‫والمام عل ّي عليه السلم ردّ هذا الزع َم الباطلَ‪ ،‬وأبطلَ ما ذهب إليه أهل التشبيه وبيّن وجهَ‬
‫القّ ف معن هذه اليات‪ .‬فقد أخرج ممد بن علي بن السي بن بابويه ف كتابه "التوحيد"‬
‫بإسناده عن سلمان الفارسي رحة ال ف حديث طويل يذكر فيه قدوم الاثليق الدينة مع مائة من‬
‫النصارى بعد وفاة النب صلى ال عليه وآله وسلم وسؤاله أبا بكر عن مسائل ل يبه عنها ث أرشد‬
‫إل أمي الؤمني علي بن أب طالب عليه السلم فسأله عنها فأجابه‪« :‬فكان فيما سأله أن قال له‪:‬‬
‫أخبن عن وجه الرب تبارك وتعال؟ فدعا عليّ عليه السلم بنارٍ وحطبٍ فأضرمه‪ ،‬فلما اشتعلت‬
‫قال علي عليه السلم‪ :‬أين وجه هذه النار؟ قال النصران‪ :‬هي وجه من جيع حدودها! قال علي‬
‫عليه السلم‪ :‬هذه النار مُ َدبّرة مصنوعةٌ ل يعرف وجهها وخالقها ل يشبهها ((وَلِلّ ِه الْمَشْ ِرقُ‬
‫وَالْ َمغْرِبُ َفأَْينَمَا ُتوَلّواْ َفثَ ّم وَجْهُ اللّهِ))(‪ )138‬ل يفَى عَلَى َرّبنَا خَاِفَيةٌ‪ ...‬الديث(‪.)139‬‬
‫و"الوجه" ف كلم العرب ربا يُسَْتعْمَل ف معن حقيقة الشيء وذاته كما يُقال‪" :‬هذا وجه‬
‫(‪)140‬‬
‫المر وذاك وجه الرأي"‪ .‬وقد جاء ف كلم أمي الؤمني علي عليه السلم‪" :‬عَ ِميُ وجهُ المرِ"‬
‫أي َخ ِفيَت حقيقته‪.‬‬
‫وقال عليه السلم‪َ " :‬رجُ ٌل سَ ِم َع مِنْ َرسُولُ الِ صلى ال عليه وآله وسلم َشيْئا (حديثا) لَمْ‬
‫ْيفَظْ ُه عَلَى وَ ْجهِهِ"(‪ )141‬أي على أصله وحقيقته‪ .‬وقال عليه السلم‪" :‬وَا ْستَ ْظهَرَ زَادَا ِلَي ْومِ رَحِيلِهِ‬

‫() سورة البقرة‪.)115( :‬‬ ‫‪138‬‬

‫() كتاب "التوحيد" لبن بابويه الق ّميّ‪( ،‬ص‪.)182:‬‬ ‫‪139‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)151‬‬ ‫‪140‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)210‬‬ ‫‪141‬‬

‫‪45‬‬
‫ووَجْ ِه َسبِيلِهِ" أي ِج َهتِهِ وطَرِيقِهِ‪.‬‬
‫ل سبحانه وتعال ذاتُ ُه اليّ الباقي‪ ،‬كما ُروِيَ عن أمي الؤمني عليه السلم أنه قال‬
‫َفوَجْهُ ا ِ‬
‫ف دعائه‪« :‬أللهم إن أسألك برحتك الت وسعت كل شيء‪ ...‬وبوجهك الباقي بعد فناء كل‬
‫شيء»(‪.)142‬‬
‫هذا وللوجه معانٍ أُخر تُطَْلبُ ف مواردها‪.‬‬

‫(‪)143‬‬
‫ف تفسيه قوله تعال‪َ (( :‬ومِن ُك ّل شَيْ ٍء خَ َلقْنَا َزوْجَ ْي ِن َلعَلّ ُكمْ َتذَ ّكرُونَ))‬

‫روى ممد بن يعقوب الكلين ف الكاف عن المام َأبِي َعبْدِ اللّهِ جعفر بن ممّد الصادق‬
‫خ ُطبُ عَلَى ِمْنبَ ِر الْكُوَفةِ إِذْ قَامَ إَِليْهِ َرجُ ٌل ُيقَالُ لَهُ ِذعِْلبٌ ذُو‬ ‫قَالَ‪َ« :‬بيْنَا َأمِيُ الْ ُم ْؤ ِمنِيَ عليه السلم يَ ْ‬
‫ك يَا‬
‫ي هَلْ َرَأيْتَ َربّكَ؟؟ قَالَ‪َ :‬ويْلَ َ‬ ‫ع اْلقَ ْلبِ َفقَالَ ‪ :‬يَا َأمِ َي الْ ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫ب شُجَا ُ‬‫لِسَانٍ بَلِيغٍ فِي الْخُ َط ِ‬
‫ك يَا ِذعِْلبُ َلمْ‬‫ب مَا ُكنْتُ َأعْبُدُ َربّا َلمْ أَ َرهُ! َفقَالَ‪ :‬يَا َأمِ َي الْ ُم ْؤمِنِيَ! َكيْفَ َرَأْيتَهُ؟! قَالَ‪َ :‬ويْلَ َ‬ ‫ِذعِْل ُ‬
‫حقَائِ ِق الِيَانِ‪...‬‬ ‫ب بِ َ‬‫تَ َرهُ الْ ُعيُو ُن بِمُشَاهَ َدةِ ا َلْبصَارِ وَلكِنْ َرَأتْهُ اْلقُلُو ُ‬
‫ث بيّنَ له عل ّي عليه السلم شطرا ما رأى عقله الني وقلبه الطاهر من صفات ربه ‪ -‬جل‬
‫وعل ‪ -‬ومن جلته أن قال‪:‬‬
‫«‪َ ..‬وبِ ُمضَا ّدتِهِ بَيْ َن ا َل ْشيَاءِ عُرِفَ أَنْ ل ضِدّ لَهُ‪َ ،‬وبِ ُمقَا َرَنتِ ِه بَيْ َن ا َل ْشيَاءِ عُ ِرفَ أَنْ ل قَرِينَ لَهُ‪،‬‬
‫ف َبيْ َن ُمتَعَا ِديَاِتهَا َو ُمفَ ّرقٌ‬
‫ضَا ّد النّو َر بِالظّلْ َم ِة وَاْلُيْبسَ بِاْلبَلَ ِل وَالْخَشِ َن بِالّليّ ِن وَالصّرْدَ بِالْحَرُورِ‪ُ ،‬مؤَلّ ٌ‬
‫َبيْنَ ُمتَدَاِنيَاِتهَا‪ ،‬دَاّل ًة ِبتَفْرِي ِقهَا عَلَى ُمفَرِّقهَا َوِبَتأْلِي ِفهَا عَلَى ُمؤَّل ِفهَا‪َ ،‬وذَلِكَ َقوْلُ ُه َتعَالَى (( َومِنْ كُلّ‬
‫ق َبيْنَ َقبْلٍ َوبَعْدٍ ِلُيعْلَمَ َأنْ ل َقبْلَ لَ ُه وَل َبعْدَ‬ ‫َشيْءٍ َخَلقْنا َزوْ َجيْنِ َلعَّلكُ ْم تَذَكّرُونَ)) [الذاريات‪َ ]49:‬ففَ ّر َ‬
‫ضهَا عَنْ‬ ‫ب َبعْ َ‬‫ج َ‬ ‫خِب َرةٌ ِبَتوْقِيِتهَا َأنْ ل وَ ْقتَ لِ ُموَّقِتهَا‪ ،‬حَ َ‬
‫لَهُ‪ .‬شَاهِ َدةٌ ِبغَرَائِ ِزهَا أَ ْن ل غَرِي َزةَ لِ ُمغْرِ ِزهَا‪ ،‬مُ ْ‬
‫ب َبْينَهُ َوَبيْنَ َخ ْلقِهِ‪ ..‬الب»(‪.)144‬‬
‫َبعْضٍ ِلُيعْلَمَ َأنْ ل حِجَا َ‬
‫أقول‪ :‬وسّع عليه السلم ف كلمه معن ما خلق ال من الزوجي (حيثما ضيقه بعض‬

‫() راجع‪ :‬مصباح التهجد‪ ,‬لب جعفر الطوسي‪( ،‬ص‪.)584:‬‬ ‫‪142‬‬

‫() سورة الذاريات‪.)49( :‬‬ ‫‪143‬‬

‫() أصول الكاف‪ ،)139-1/138( ،‬وارن بينه وبي ما ف نج البلغة‪ ،‬الطبتي‪.)186-179( :‬‬ ‫‪144‬‬

‫‪46‬‬
‫الفسرين!)(‪ )145‬ليشمل كل شيء! وهذا من دقيق تفسيه وحسن تقريره‪ .‬واستدلّ بزوجيّة‬
‫الشياء على أن ال سبحانه ل ضدّ له ول مثيل‪ ،‬وفاقا للية الكرية الت قال تعال ف ذيلها‪:‬‬
‫"َلعَلّ ُكمْ َتذَ ّكرُونَ"‪ :‬أي خلقنا الزواج كلها لتتذكّروا فتعرفوا خالقها بالوحدانية وتعبدوه‬
‫جعَلُوا مَعَ اللّهِ إَِلهًا‬
‫بالخلص له‪ ،‬كما قال عزّوجل‪َ(( :‬ففِرّوا إِلَى اللّهِ ِإنّي َلكُم ّمنْ ُه نَذِي ٌر ّمبِيٌ‪ .‬وَل تَ ْ‬
‫آخَرَ إِنّي َلكُم مّنْ ُه نَذِي ٌر ّمبِيٌ)) [الذاريات‪ 50:‬و ‪.]51‬‬

‫(‪)146‬‬
‫ف تفسيه قوله تعال‪َ (( :‬ويَعْ َل ُم مَا فِي الَ ْرحَامِ))‬

‫ضيّ ف "نج البلغة" أ ّن الما َم عليّا عليه السلم خطبَ يوما من أيامِ‬
‫روَى الشّ ِريْف الرّ ِ‬
‫خلفته خطب ًة أومأ با إل وصف التراك (أي الغول) وأخب عن فتنتهم(‪ )147‬وكان فيما قاله‪:‬‬
‫خيْ َل‬
‫ج َوَي ْعَتقِبُونَ الْ َ‬
‫ق وَالدّيبَا َ‬
‫« َكَأنّي أَرَاهُمْ َقوْما َكَأنّ وُجُو َههُ ُم الْمَجَا ّن الْمُ َطرَّقةُ‪ ،‬يَ ْلبَسُونَ السّ َر َ‬
‫ح عَلَى الْ َم ْقتُولِ َوَيكُو َن الْ ُمفِْلتُ أَقَ ّل مِنَ‬
‫جرُو ُ‬ ‫ش َي الْمَ ْ‬ ‫حرَارُ َقتْلٍ َحتّى يَمْ ِ‬ ‫الْ ِعتَاقَ‪َ ،‬وَيكُو ُن ُهنَا َك اسْتِ ْ‬
‫الْ َمأْسُورِ‪.‬‬
‫ي عِلْ َم اْلغَْيبِ!‬
‫ت يَا َأمِ َي الْ ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫َفقَالَ لَ ُه َب ْعضُ أَصْحَابِهِ‪َ :‬لقَدْ ُأعْطِي َ‬
‫َفضَحِكَ عليه السلم وَقَالَ لِلرّجُلِ ‪ -‬وَكَانَ كَ ْلِبيّا ‪ :-‬يَا أَخَا كَ ْلبٍ! َلْيسَ ُه َو ِبعِلْ ِم َغيْ ٍ‬
‫ب‬
‫ب عِلْمُ السّا َع ِة َومَا عَدّ َدهُ اللّ ُه ُسبْحَانَ ُه ِب َقوْلِهِ‪ِ(( :‬إنّ اللّهَ‬
‫َوإِنّمَا ُه َو َتعَلّ ٌم مِنْ ذِي عِلْمٍ‪َ .‬وِإنّمَا عِلْ ُم اْل َغيْ ِ‬
‫سبُ غَدا وَما تَدْرِي‬ ‫عِنْ َد ُه عِلْمُ السّا َعةِ ويُنَزّلُ الْ َغْيثَ َوَيعْلَمُ ما فِي الَرْحا ِم وَما تَ ْدرِي َن ْفسٌ ماذا َتكْ ِ‬
‫ت الَيةَ))(‪َ ،)148‬فَيعْلَمُ اللّ ُه ُسبْحَانَ ُه مَا فِي الَرْحَا ِم مِنْ ذَكَرٍ َأوْ ُأْنثَى وََقبِيحٍ َأوْ‬
‫َن ْفسٌ ِبأَيّ أَ ْرضٍ تَمُو ُ‬
‫ي مُرَافِقا‪.‬‬
‫جنَانِ لِلّنِبيّ َ‬
‫خيّ َأ ْو بَخِي ٍل َو َشقِيّ َأ ْو َسعِيدٍ‪َ ،‬ومَ ْن َيكُونُ فِي النّارِ َحطَبا َأوْ فِي الْ ِ‬
‫جَمِي ٍل َوسَ ِ‬
‫َفهَذَا عِلْ ُم اْلغَْيبِ الّذِي ل َيعَْلمُهُ أَحَدٌ إِل اللّ ُه َومَا ِسوَى ذَلِكَ َفعِلْ ٌم عَلّمَهُ اللّ ُه َنبِيّهُ صلى ال عليه وآله‬
‫() راجع‪ :‬تفسي الكشاف للزمشري‪-‬رحة ال‪-‬حيث يقول‪( :‬ومن كل شيء) أي‪ :‬من كل شيء من اليوان (خلقنا‬ ‫‪145‬‬

‫زوجي) ذكرا وأنثى!‬


‫() سورة لقمان‪.)34( :‬‬ ‫‪146‬‬

‫ب صلى ال عليه وآله وسلم غي واحدٍ من الصحابة‪ ،‬وأثبته‬


‫() الخبار عن فتنة التراك من أعلم النبوّة‪ ،‬فقد رواه عن الن ّ‬ ‫‪147‬‬

‫البخاريّ ف صحيحه قبل أن تدث فتنة التراك ف التاريخ (انظر صحيح البخاري‪ :‬كتاب الهاد‪ ،‬باب قتال التّرْك‪( ،‬ص‪:‬‬
‫‪.)52‬‬
‫() سورة لقمان‪.)34( :‬‬ ‫‪148‬‬

‫‪47‬‬
‫وسلم َفعَلّ َمنِي ِه وَ َدعَا لِي بَِأنْ يَ ِعيَهُ صَدْرِي»(‪.)149‬‬
‫أقول‪ :‬إن ما فسره أمي الؤمني عليه السلم من الية الكرية‪ ،‬تفسي واسع يوافق سعة علم‬
‫ال تعال‪ .‬أمّا مَنْ تأوّل الية بأن ال يعلم ما ف الرحام "من ذكر وأنثى" فقد ضيّق معن الية من‬
‫خفَى عَلَى اللّ ِه مِن َشيْءٍ فَي الَ ْرضِ‬
‫غي دليل‪َ ،‬وعِلْمُ ال ‪ -‬جلّ ذكره ‪ -‬أوسع من ذلك (( َومَا يَ ْ‬
‫وَلَ فِي السّمَاء)) [إبراهيم‪.]38:‬‬
‫وما ُروِيَ عن عل ّي عليه السلم فيما يتص بال سبحانه من علم الغيب فذلك مثل ما ُروِيَ‬
‫عن رسول اللهص ف هذا المر كما أخرجه أحد ف مسنده عن رسول اللهص أنّه قال‪ :‬خَ ْمسٌ ل‬
‫ث َوَيعْلَمُ ما فِي الَرْحامِ ‪..‬‬
‫ل (ثّ قرأ)‪ِ(( :‬إنّ اللّهَ عِنْ َد ُه عِلْمُ السّا َعةِ وُينَزّ ُل اْل َغيْ َ‬
‫َيعْلَ ُمهُنّ إل ا ُ‬
‫الية))(‪.)150‬‬
‫(‪)151‬‬
‫ف تفسيه قوله تعال‪(( :‬يَا َأيّهَا اّلذِينَ آمَنُواْ اّتقُوْا ال ّلهَ وَابْتَغُواْ ِإلَيهِ اْلوَسِي َلةَ))‬

‫ضيّ ف "نج البلغة" عن أمي الؤمني عليّ عليه السلم أنّه قال‪ِ« :‬إ ّن‬ ‫روَى الشّ ِريْف الرّ ِ‬
‫جهَادُ فِي سَبِيلِهِ‪ ،‬فَِإنّهُ‬ ‫أَ ْفضَلَ مَا َت َوسّ َل بِ ِه الْ ُمَتوَسّلُونَ إِلَى اللّ ِه ُسبْحَانَ ُه َوتَعَالَى الِيَانُ بِ ِه َوبِ َرسُولِهِ وَالْ ِ‬
‫ذِ ْر َو ُة ا ِلسْلمِ‪ ،‬وَكَلِ َم ُة الِخْلصِ فَِإّنهَا اْلفِطْ َرةُ‪َ ،‬وإِقَامُ الصّلةِ فَِإّنهَا الْمِّلةُ‪َ ،‬وإِيتَاءُ الزّكَاةِ َفِإّنهَا َفرِيضَةٌ‬
‫ص ْو ُم َشهْرِ َر َمضَانَ فَِإنّهُ ُجّن ٌة مِ َن اْل ِعقَابِ‪ ،‬وَ َح ّج اْلبَْيتِ وَا ْعتِمَا ُرهُ فَِإّنهُمَا َيْن ِفيَا ِن اْلفَقْرَ‬
‫وَا ِجَبةٌ‪ ،‬وَ َ‬
‫سأَةٌ فِي الَجَلِ‪ ،‬وَصَدََقةُ السّرّ فَِإّنهَا ُتكَفّرُ‬ ‫َويَرْ َحضَانِ ال ّذْنبَ‪ ،‬وَصَِلةُ الرّ ِحمِ فَِإّنهَا َمثْرَاةٌ فِي الْمَا ِل َو َمنْ َ‬
‫صنَائِ ُع الْ َمعْرُوفِ َفِإّنهَا َتقِي َمصَا ِرعَ‬ ‫صدََقةُ الْعَلنَِيةِ فَِإّنهَا تَدْفَ ُع مِيَتةَ السّوءِ‪ ،‬وَ َ‬
‫الْخَطِيَئةَ‪ ،‬وَ َ‬
‫اْلهَوَانِ»(‪.)152‬‬
‫ي عليه السلم‬ ‫ب به العب ُد إليه‪ ،‬ولقد بيّنَ أميُ الؤمن َ‬
‫أقول‪ :‬الوسيلة إل ال تعال هي ما َيَتقَرّ ُ‬
‫ل سبحانَهُ‪ ،‬وهو‪ :‬اليان بال ورسوله‪،‬‬ ‫ف هذه الطبة السمّاة "بالديباج" أفضلَ طري ِق التقرّبِ إل ا ِ‬
‫والتعبّد با شرع ال من فرائض وأحكام‪ .‬وأمّا الذين يدْعون مِنْ دونِ الِ تعال آلةً ِليَكْشِفوا عنهم‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)128‬‬ ‫‪149‬‬

‫() مسند المام أحد بن حنبل‪.)5/353( ،‬‬ ‫‪150‬‬

‫() سورة الائدة‪)35( :‬‬ ‫‪151‬‬

‫() ن ج البل غة‪ ،‬الط بة (‪ .)110‬وقارن ب ا ف كتاب "ت فة العقول عن آل الرّ سول" للح سن بن شع بة الرّانّ‪( ،‬ص‪:‬‬ ‫‪152‬‬

‫‪ ،)144‬وكتاب "من ل يضره الفقيه" لبن بابويه الق ّميّ‪.)1/205( ،‬‬

‫‪48‬‬
‫حوّلوه عنهم ويزعمون أنا الوسائل إل ال‪ ،‬فأولئك عن صراط التوحيد لناكبون‪ ،‬وعن‬ ‫الضّ ّر أو يُ َ‬
‫إخلص العبادة ل تعال لعادلون‪ ،‬كما يقول ال عز وجل‪(( :‬قُلِ ا ْدعُوْا الّذِينَ َزعَ ْمتُم مّن دُونِهِ َفلَ‬
‫ك الّذِينَ يَ ْدعُونَ يَْبَتغُونَ إِلَى َرّبهِ ُم اْل َوسِيَلةَ َأّيهُمْ‬
‫حوِيلً‪ .‬أُوَلئِ َ‬
‫ف الضّ ّر عَنكُ ْم وَ َل تَ ْ‬‫يَمِْلكُونَ كَشْ َ‬
‫ن مَحْذُورًا )) [السراء‪]57-56:‬‬ ‫ب َويَرْجُونَ رَ ْح َمتَهُ َويَخَافُو َن عَذَابَهُ ِإ ّن عَذَابَ َربّكَ كَا َ‬
‫أَقْرَ ُ‬
‫ف تفسيه قوله تعال‬
‫(‪)153‬‬
‫ت فِي ِهمْ َومَا كَا َن ال ّلهُ ُم َع ّذبَ ُهمْ وَ ُهمْ َيسَْت ْغ ِفرُونَ))‬
‫(( َومَا كَا َن ال ّلهُ لُِي َع ّذبَ ُهمْ وَأَن َ‬

‫ضيّ ف "نج البلغة"‪َ :‬حكَى َأبُو َج ْعفَرٍ مُحَمّدُ بْنُ عَِليّ اْلبَاقِرُ عليه السلم‪،‬‬ ‫قال الشّ ِريْف الرّ ِ‬
‫َأنّهُ (أي أمي الؤمني عل ّي عليه السلم) كَانَ قَالَ‪(( :‬كَانَ فِي الَ ْرضِ َأمَانَانِ مِ ْن عَذَابِ اللّ ِه وقَدْ‬
‫سكُوا بِهِ‪َ .‬أمّا ا َلمَانُ الّذِي رُفِعَ َف ُهوَ َرسُولُ اللّهِ صلى ال عليه‬ ‫رُفِعَ أَ َح ُدهُمَا فَدُوَنكُمُ الخَرَ‪َ ،‬فتَمَ ّ‬
‫وآله وسلم‪َ ،‬وَأمّا ا َلمَانُ اْلبَاقِي فَال ْسِتغْفَارُ‪ ،‬قَالَ اللّ ُه َتعَالَى‪(( :‬وَما كانَ اللّهُ ِلُيعَ ّذَبهُ ْم َوأَْنتَ فِيهِمْ‬
‫ضيّ‪ :‬وهذا من ماسن الستخراج ولطائف‬ ‫وَما كانَ اللّ ُه ُمعَ ّذَبهُ ْم َوهُمْ يَسَْت ْغفِرُونَ))‪ .‬قَالَ الرّ ِ‬
‫الستنباط(‪.)154‬‬
‫أقول‪ :‬روى أبو جعفر الطبي عن ابن عباس رضي ال عنه ما يشبه هذا الكلم‪ ،‬قال‪« :‬كان‬
‫ل والستغفارُ‪ ،‬فذهبَ النبّ صلى ال عليه وآله وسلم وبقي الستغفار»(‪.)155‬‬
‫فيهم أمانان‪ :‬نبّ ا ِ‬
‫والقرب أن ابن عبّاسٍ قد أخذ هذا عن أمي الؤمني عل ّي عليه السلم فقد ُروِيَ عن ابن‬
‫عبّاسٍ أنّه قال‪« :‬ما أخذتُ من تفسيِ القُرْآن فعَ ْن عل ّي بن أب طالب»(‪.)156‬‬
‫فعلينا ف َف ْقدِ نبيّنا وذهاب المن الذي كان ببكته‪ ،‬أن نلتجِأ إل الِ وحده‪ ،‬ونستغفر‬
‫لذنوبنا‪ ،‬عسى ربنا أن يغفر لنا ويدخلنا ف ظلل أمنه ورحته‪.‬‬

‫() سورة النفال‪.)33( :‬‬ ‫‪153‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬باب الختار من ِح َكمِه عليه السلم‪ ، )88( :‬وقارن‪ :‬تذكرة الواصّ‪ ،‬لسبط ابن الوزيّ‪( ،‬ص‪،)125:‬‬ ‫‪154‬‬

‫وتفسي "ممع البيان" للطبسي‪ ،‬تفسي سورة النفال‪ :‬آية (‪.)33‬‬


‫() تفسي "جامع البيان" للطبي‪.)9/235( ،‬‬ ‫‪155‬‬

‫() انظر "الحرر الوجيز ف تفسي الكتاب العزيز"‪ ،‬لبن عطيّة الندلسيّ‪.)1/18( ،‬‬ ‫‪156‬‬

‫‪49‬‬
‫(‪)157‬‬
‫ف تفسيه لقوله العزيز‪..(( :‬فَإِن تَنَازَعُْت ْم فِي َشيْءٍ َفرُدّوهُ ِإلَى ال ّلهِ وَالرّسُولِ))‬

‫خ ِعيّ( ‪ )1 5 8‬حي ولّه مصرَ‪،‬‬


‫كَتبَ أميُ الؤمني عليّ عليه السلم كتابا جامعا للشتر النّ ْ‬
‫ف ال ُعقُولِ"‪ ،‬وجدنا فيه‬
‫ح ُ‬
‫ضيّ ف "نج البلغة"‪ ،‬وابن ُش ْعَبةَ الرّانّ ف كتابه "تُ َ‬
‫رواه الشّ ِريْف الرّ ِ‬
‫هذا التفسي الني‪:‬‬
‫ك مِ َن ا ُلمُورِ‪َ ،‬فقَدْ قَالَ اللّ ُه‬
‫شَتبِهُ عََليْ َ‬
‫ب َويَ ْ‬
‫ك مِ َن الْخُطُو ِ‬‫«وَارْدُدْ إِلَى اللّ ِه وَ َرسُولِهِ مَا ُيضِْلعُ َ‬
‫ُسبْحَانَهُ ِل َق ْومٍ أَ َحبّ إِ ْرشَا َدهُمْ‪(( :‬يا َأيّهَا الّذِينَ آ َمنُوا أَطِيعُوا اللّ َه َوأَطِيعُوا ال ّرسُو َل َوأُولِي الَمْرِ مِْنكُمْ‬
‫حكَمِ ِكتَابِهِ‪ ،‬وَالرّدّ إِلَى‬‫فَِإنْ تَنا َز ْعتُمْ فِي َشيْءٍ فَ ُردّوهُ إِلَى اللّ ِه وَال ّرسُولِ)) فَالرّدّ إِلَى اللّ ِه الَخْ ُذ بِمُ ْ‬
‫سنّتِ ِه الْجَا ِم َعةِ َغيْ ِر الْ ُمفَرَّقةِ»(‪.)159‬‬
‫ال ّرسُولِ‪ ،‬الَخْ ُذ بِ ُ‬
‫أقول‪ :‬إن عليّا عليه السلم كان يعمل بذا العهد ف حياته السعيدة‪ ،‬فقد ُروِيَ أن الوار َ‬
‫ج‬
‫خاصموه ف أمر التّحكيم فقالوا‪ :‬إنّك جعلت الُكْمَ إل غيِ َك وقد كنتَ عندنا أحك َم النّاسِ! ثّ‬
‫ضللتَ حي حكّ ْمتَ الرّجالَ ف دينِ الِ ع ّز وجلّ! فأجابم عليه السلم بالكتاب والسّنةِ فقال‪:‬‬
‫ي وقد كنتُ عندكُمْ أحك َم النّاسِ! فهذا رسول ال‬ ‫لكْمَ إل غيِ َ‬
‫«وأمّا قولكم إن جعلت ا ُ‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم قد جعل الُكْمَ إل سعدٍ(‪ )160‬يوم بن قريظة وقد كان من أ ْحكَ ِم النّاسِ‪،‬‬
‫سَنةٌ))(‪ )161‬فتأسّيْت برسول ال صلى‬
‫وقد قال ال تعال‪َ(( :‬لقَ ْد كانَ َلكُمْ فِي َرسُولِ اللّهِ ُأ ْس َوةٌ حَ َ‬
‫ال عليه وآله وسلم‪ .‬قالوا‪ :‬وهذه لك بجتنا‪.‬‬
‫ت كلمَ‬‫قال‪ :‬وأمّا قولكم إن حكّ ْمتُ ف دينِ ال الرّجالَ‪ ،‬فما حكّ ْمتُ الرّجا َل وإنا حكّ ْم ُ‬
‫ل الرجالَ ف طائرٍ فقال‪َ (( :‬و مَنْ َقتَلَ ُه ِمنْكُمْ‬
‫َربّي الذي جعلهُ الُ َحكَمَا ًبي أهلهِ‪ ،‬وَقدْ حكّم ا ُ‬
‫حكُ ُم بِهِ ذَوا عَدْ ٍل ِمْنكُمْ)) [الائدة‪ ]95:‬فدماء السلمي أعظم من‬ ‫ُمتَعَمّدا فَجَزاءٌ ِمثْلُ ما َقتَ َل مِ َن النّعَ ِم يَ ْ‬

‫() جزء من الية (‪ ،)59‬من سورة النساء‪.‬‬ ‫‪157‬‬

‫() هو مالك بن الارث الشتر النخعي‪ ،‬كان من أشجع أصحاب أمي الؤمني عليّ عليه السلم وأبرزهم‪ُ .‬روِيَ أن عليّا‬ ‫‪158‬‬

‫عليه السلم قال فيه بعد موته‪ :‬لقد كان ل‪ ،‬كما كن تُ لرسول ال صلى ال عليه وآله وسلم (راجع خلصة القوال‪،‬‬
‫للعلمة الليّ‪( ،‬ص‪.)277:‬‬
‫() نج البلغة‪ ،‬الكتاب (‪ ،)53‬و"تف العقول"‪( ،‬ص‪.)130:‬‬ ‫‪159‬‬

‫() هو سعد بن معاذ رضي ال عنه من أجلء الصحابة النصار وزعيم طائفة الوس‪ ،‬استشهد بعد غزوة الحزاب سنة‬ ‫‪160‬‬

‫خس للهجرة‪.‬‬
‫() سورة الحزاب‪.)21( :‬‬ ‫‪161‬‬

‫‪50‬‬
‫دم طائر(‪.)163(»!)162‬‬
‫فانظر كيف ر ّد ما تنازع فيه القوم إل مكم كتاب ال العزيز والسنّة النبويّة فأتّ بذا الردّ‬
‫ي َمنَاصٍ))!‬
‫الجّة عليهم وقطع سبيل عذرهم فل يبقى لم مفرّ‪(( ،‬وَلتَ ِح َ‬
‫صرْ ُكمْ))‬
‫صرُوا ال ّلهَ يَن ُ‬
‫تفسيه قوله تعال‪..(( :‬إِن تَن ُ‬
‫وقوله تعال‪(( :‬مَن ذَا اّلذِي ُي ْقرِضُ ال ّل َه َقرْضًا َحسَنًا))‬

‫ضيّ ف "نج البلغة"‪:‬‬ ‫قال أمي الؤمني عل ّي عليه السلم ف خطبةٍ له رواها الشّ ِريْف الرّ ِ‬
‫حةِ َقبْ َل الضّيقِ فَا ْس َعوْا‬ ‫حةِ َقبْلَ السّقْ ِم وَفِي الْفُسْ َ‬‫«‪...‬فَاللّهَ اللّ َه َمعْشَ َر اْلعِبَا ِد َوَأْنتُ ْم سَالِمُونَ فِي الصّ ّ‬
‫فِي َفكَاكِ رِقَاِبكُ ْم مِنْ َقبْلِ َأنْ ُتغْلَقَ َرهَاِئُنهَا‪َ .‬أسْهِرُوا ُعيُوَنكُ ْم َوأَضْمِرُوا بُطُونَكُ ْم وَاسَْتعْمِلُوا‬
‫أَقْدَامَكُ ْم َوَأْنفِقُوا َأ ْموَالَكُ ْم وَ ُخذُوا مِنْ أَجْسَادِكُمْ َفجُودُوا ِبهَا عَلَى َأْنفُسِكُ ْم وَل َتبْخَلُوا ِبهَا‬
‫ل ُسبْحانَهُ‪ِ(( :‬إ ْن تَْنصُرُوا اللّ َه يَْنصُرْكُ ْم َوُيَثبّتْ أَقْدامَكُمْ)) [ممد‪ ،]7:‬وقالَ تعال‪:‬‬ ‫عَْنهَا‪َ،‬فقَدْ قَالَ ا ُ‬
‫سَتنْصِرْكُ ْم مِنْ‬ ‫((مَنْ ذَا الّذِي ُيقْ ِرضُ اللّهَ قَرْضا حَسَنا َفيُضا ِعفَهُ لَ ُه وَلَهُ أَ ْجرٌ كَ ِريٌ)) [الديد‪َ ،]11:‬فلَ ْم يَ ْ‬
‫حكِيمُ‬ ‫ض َو ُهوَ اْلعَزِي ُز الْ َ‬
‫ضكُ ْم مِنْ ُق ّل اسَْتْنصَرَكُ ْم وَلَهُ ُجنُودُ السّمَاوَاتِ وَالَ ْر ِ‬ ‫ستَقْرِ ْ‬‫ذُلّ وَلَ ْم يَ ْ‬
‫ض َو ُهوَ اْل َغنِ ّي الْحَمِي ُد َوِإنّمَا أَرَادَ َأنْ َيبُْلوَكُمْ َأّيكُمْ أَحْسَنُ‬
‫ضكُ ْم وَلَهُ َخزَائِنُ السّمَاوَاتِ وَالَ ْر ِ‬ ‫وَا ْسَتقْرَ َ‬
‫عَ َملً»(‪.)164‬‬
‫أقول‪ :‬ربّما ظنّ أح ٌد أن ال سبحانه وتعال يبلو عباده ليعرفهم ويعلم ما ف صدورهم! وهذا‬
‫وهمٌ ل يليقُ بسلمٍ‪ ،‬قال أمي الؤمني عليّ عليه السلم ف تفسي قوله تعال‪(( :‬وَاعْلَمُواْ َأنّمَا‬
‫َأ ْموَاُلكُمْ َوأَوْلَدُكُمْ ِفتَْن ٌة َوأَنّ اللّ َه عِن َدهُ أَ ْج ٌر عَظِيمٌ)) [النفال‪:]28:‬‬
‫ضيَ بِقِسْمِهِ‪َ ،‬وِإنْ كَانَ‬
‫خَتبِ ُرهُ ْم بِا َل ْموَا ِل وَا َلوْلدِ ِليََتَبيّنَ السّاخِطَ لِرِزْقِ ِه وَالرّا ِ‬
‫« َم ْعنَى ذَلِكَ أَنّ ُه يَ ْ‬
‫ب وَالْ ِعقَابُ»(‪.)165‬‬
‫ستَحَ ُق الّثوَا ُ‬
‫سهِمْ‪ ،‬وََلكِنْ ِلتَ ْظهَ َر الَ ْفعَالُ الّتِي ِبهَا يُ ْ‬
‫ُسبْحَانَهُ َأعَْل َم ِبهِمْ مِنْ َأنْفُ ِ‬

‫() إذا ق تل ا ُلحْرِ مُ طائرا فجزاؤه أن ُي َقوّ َم مثله ذوا عد ٍل من ال سلمي‪-‬ك ما ن صّت عل يه ال ية‪ -‬ث يشتري بثم نه طعاما‬ ‫‪162‬‬

‫ويتصدّق به كفارة لصيده ف الحرام‪.‬‬


‫() انظر كتاب "الحتجاج" للطبسي‪( ،‬ص‪.)100:‬‬ ‫‪163‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)183‬‬ ‫‪164‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬باب الختار من ِح َكمِهِ‪.)93( :‬‬ ‫‪165‬‬

‫‪51‬‬
  

52
‫الباب الثان‬
‫فيما روي عن عليّ عليه السلم‬
‫من تفسيٍ لبعض آيات الحكام والعبادات‬

‫ما ُروِيَ َعنْ عَ ِليّ عليه السلم ف تعظيم أمر الصلة‬

‫ضيّ رضي ال عنه ف "َنهْج البَلغَة"‪ :‬عن أمي الؤمني عليّ عليه السلم أنه‬
‫روى الشّرِيفُ الرّ ِ‬
‫قال لصحابه‪:‬‬
‫«َتعَاهَدُوا َأمْ َر الصّلةِ وحَافِظُوا عََلْيهَا واسَْت ْكثِرُوا ِمْنهَا وَتقَ ّربُوا ِبهَا فَِإّنهَا ((كاَنتْ عَلَى‬
‫ي ُسئِلُوا ((ما سََل َككُمْ‬ ‫الْ ُم ْؤمِنِيَ كِتابا َموْقُوتا)) [النساء‪ ،]103:‬أَل تَسْ َمعُونَ إِلَى َجوَابِ َأهْلِ النّارِ ِح َ‬
‫ق وتُطِْل ُقهَا‬‫حتّ ال ّذنُوبَ َحتّ اْلوَ َر ِ‬ ‫فِي َسقَرَ؟ قالُوا َل ْم نَكُ مِ َن الْ ُمصَلّيَ)) [ال ّدثّر‪ ،]43 -42:‬وِإنّهَا َلتَ ُ‬
‫ح ّمةِ تَكُونُ عَلَى بَابِ الرّجُلِ َف ُهوَ‬ ‫إِطْلقَ ال ّربَقِ وشَّب َههَا َرسُولُ اللّهِ صلى ال عليه وآله وسلم بِالْ َ‬
‫َيغْتَسِ ُل ِمْنهَا فِي اْلَيوْمِ والّليَْلةِ َخ ْمسَ مَرّاتٍ َفمَا عَسَى َأنْ يَْبقَى عََليْ ِه مِنَ الدّ َرنِ(‪ .)166‬وقَدْ عَرَفَ‬
‫شغَُلهُ ْم َعْنهَا زِيَنةُ َمتَاعٍ ول ُق ّرةُ َعيْ ٍن مِ ْن وَلَ ٍد ول مَالٍ‪َ .‬يقُولُ‬ ‫ي الّذِي َن ل تَ ْ‬‫َح ّقهَا رِجَا ٌل مِ َن الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫ع عَنْ ذِكْرِ اللّهِ وإِقا ِم الصّل ِة وإِيتاءِ الزّكاةِ)) [النور‪:‬‬ ‫اللّ ُه ُسبْحَانَهُ‪(( :‬رِجالٌ ل تُ ْلهِيهِ ْم تِجا َرةٌ ول َبيْ ٌ‬
‫جّنةِ ِل َقوْلِ اللّهِ‬
‫‪ .]37‬وكَانَ َرسُولُ اللّهِ صلى ال عليه وآله وسلم َنصِبا بِالصّل ِة َبعْ َد الّتبْشِيِ لَ ُه بِاْل َ‬
‫ك بِالصّل ِة واصْ َطبِ ْر عََليْها)) [طه‪َ ،]132:‬فكَا َن َي ْأمُ ُر ِبهَا َأهْلَ ُه وَيصْبِرُ عََلْيهَا‬ ‫ُسبْحَانَهُ‪(( :‬وْأمُرْ َأهْلَ َ‬
‫َنفْسَهُ»(‪.)167‬‬
‫أقول‪ :‬رواه الكلين أيضا ف كتاب الهاد من الكاف عن عقيل الزاعي(‪َ )168‬أنّ َأمِيَ‬
‫ي ِبكَلِمَاتٍ َفَيقُولُ‪َ :‬تعَاهَدُوا الصّلةَ‬
‫ب يُوصِي لِ ْلمُسْلِ ِم َ‬
‫حرْ َ‬
‫ي عليه السلم كَانَ إِذَا َحضَ َر الْ َ‬
‫الْ ُم ْؤمِنِ َ‬

‫() أخرج البخاري ف صحيحه عن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪(( :‬أرأيتم لو أن نرا بباب أحدكم‪ ،‬يغتسل فيه‬ ‫‪166‬‬

‫كل يوم خسا‪ ،‬ما تقول‪ :‬ذلك يبقي من درنه؟‪ .‬قالوا‪ :‬ل يبقى من درنه شيئا‪ ،‬قال‪ :‬فذلك مثل الصلوات المس‪ ،‬يحو‬
‫ال با الطايا))‪ .‬ج ‪ ،1‬كتاب مواقيت الصلة‪ ،‬باب الصلوات المس كفّارة‪.‬‬
‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (رقم‪( ،)199:‬ص‪.)317-316:‬‬ ‫‪167‬‬

‫() عدة الشيخ الطوسي ف فهرسته من أصحاب أمي الؤمني علي (ع)‪.‬‬ ‫‪168‬‬

‫‪53‬‬
‫وَحَافِظُوا عََلْيهَا وَا ْستَ ْكثِرُوا ِمْنهَا وَتقَ ّربُوا ِبهَا َفِإّنهَا كَاَنتْ عَلَى الْ ُم ْؤ ِمنِيَ ِكتَابا َموْقُوتا‪( ...‬ث‬
‫يرّضهم على الهاد) الديث(‪.)169‬‬
‫وف رواية الكلين هذه اختلف يسي عما رواه الشريف الرضي ف َنهْج البَلغَة‪.‬‬
‫ت اْلوَ َرقِ » روى المام زيد‬ ‫حتّ ال ّذنُوبَ َح ّ‬‫هذا وف تفسي قول المام عليه السلم‪ِ« :‬إّنهَا َلتَ ُ‬
‫بن علي عليه السلم عن أبيه عن جده عن أمي الؤمني عليّ عليهم السلم أنه قال‪« :‬الصلوات‬
‫لةَ طَرََف ِي النّهَارِ‬
‫صَ‬‫ت لا بينهُ ّن ما اُ ْجُتنَِبتِ الكبائر وهي قول ال عَ ّز وَجَلّ‪َ (( :‬وأَقِ ِم ال ّ‬
‫المس كفّارا ٌ‬
‫سّيئَاتِ ذَلِكَ ذِ ْكرَى لِلذّاكِرِينَ)) [هود‪.)1 7 0 (»]114:‬‬
‫ت يُ ْذ ِهبْنَ ال ّ‬
‫سنَا ِ‬
‫وَزَُلفًا مّنَ الّليْلِ إِ ّن الْحَ َ‬

‫ما ُروِيَ َعنْ عَ ِليّ عليه السلم ف آية الوضوء‬

‫‪ -1‬أخرج ابن جرير الطبي ف تفسيه عن علي عليه السلم أنه كان يتوضّأ عند كل صلةٍ‬
‫ويقرأ هذه الية‪(( :‬يَا أَّيهَا الّذِينَ آ َمنُواْ إِذَا قُ ْمتُمْ إِلَى الصّل ِة فاغْسِلُواْ ُوجُوهَكُ ْم َوَأيْ ِديَكُمْ إِلَى‬
‫الْمَرَافِ ِق وَامْسَحُواْ بِ ُرؤُو ِسكُ ْم َوأَرْجَُلكُمْ إِلَى الْ َك ْعبَيِ)) [الائدة‪.)171(]6:‬‬
‫وقال أبو علي الطبسي ف "ممع البيان" عند تفسي آية الوضوء‪« :‬معناه‪ :‬إذا أردت القيام إل‬
‫الصلوة وأنتم على غي طهر (فعليكم الوضوء)‪ ...‬وقيل معناه‪ :‬إذا أردت القيام إل الصلوة فعليكم‬
‫الوضوء‪ ،‬عن عكرمة‪ ،‬وإليه ذهب داود (أي الظاهري) قال‪ :‬كان عليّ عليه السلم يتوضأ لكل‬
‫صلوة ويقرأ هذه الية‪ .‬والقول الول هو الصحيح وإليه ذهب الفقهاء كلهم وما رووه من تديد‬
‫الوضوء فمحمول على الندب والستحباب»(‪.)172‬‬
‫أقول‪ :‬المر ف آية الوضوء يدلّ على ترجيح الفعل على تركه وذلك مشترك بي الوجوب‬
‫والندب فإذا قمنا إل الصلوة‪ ،‬وكنّا على غي طهر فعلينا أن نتوضأ وجوبا‪ ،‬وإن كنّا على طهر فلنا‬
‫أن نتوضأ استحبابا لقوله تعال‪َ(( :‬أوْ جَاء أَحَ ٌد مّنكُم مّ َن اْلغَائِطِ فََل ْم تَجِدُوْا مَاءً)) [الائدة‪ ]6:‬فدل‬

‫() راجع الفروع من الكاف‪.)5/36( ،‬‬ ‫‪169‬‬

‫() مسند زيد بن علي‪( ،‬ص‪.)111:‬‬ ‫‪170‬‬

‫() راجع‪ :‬جامع البيان‪ :‬للطبي‪.)6/112( ،‬‬ ‫‪171‬‬

‫() انظر‪ :‬ممع البيان‪ ،‬للطبسي‪.)6/35( ،‬‬ ‫‪172‬‬

‫‪54‬‬
‫كلمه سبحانه وتعال على أن الوضوء واجب لن جاء من الغائط‪ ،‬فوضوء من ل يدث ممول‬
‫على الستحباب ويؤيد هذا القول ما روى عن النبّ صلى ال عليه وآله وسلم أنه قال‪" :‬من توضأ‬
‫على طهر كتب له عشر حسنات"(‪.)173‬‬
‫‪ -2‬أخرج ممد بن السن الطوسي ف كتاب "تذيب الحكام" بإسناده عن أب جعفر‬
‫الباقر (عليه السلم) قال‪ :‬ما تقولون ف السح الفي؟ فقام الغية بن شعبة فقال‪ :‬رأيت رسول‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم يسح على الفي‪ .‬فقال عل ّي عليه السلم‪ :‬قبل الائدة أو بعدها؟ فقال‪:‬‬
‫ل أدري! فقال علي‪ :‬سبق الكتاب الفي‪ ،‬إنا أنزلت الائدة قبل أن يقبض بشهرين أو ثلثة(‪.)174‬‬
‫‪ -3‬روى السيوطى ف "الد ّر النْثُورِ" عن أب عبد الرحن قال‪ :‬قرأ السن والسي‬
‫( َوأَرْجَُلكُمْ إِلَى الْ َك ْعبَيِ) فسمع عل ّي عليه السلم ذلك‪ - ،‬وكان يقضي بي الناس ‪ -‬فقال‬
‫( َوأَرْجَُلكُمْ) هذا من القدم والؤخّر من الكلم(‪.)175‬‬
‫أقول‪ :‬أخرج ابن جرير ف تفسيه أصل هذا الب بإسناده عن أب عبد الرحن (وهو عبد ال‬
‫بن عمر(‪ .))176‬وله صورة أخرى رواها أبو زرعة ف كتاب "حجة القراءات" عن أب عبد الرحن‬
‫قال‪ :‬كنت أقرأ أنا والسن والسي قريبا من علي عليه السلم وعنده ناس فقرأنا‪َ " :‬وأَرْ ُجَلكُمْ"‬
‫فقال رَ ُجلٌ‪َ " :‬وأَرْجُِلكُمْ" بالكسر‪ ،‬فسمع ذلك عل ّي عليه السلم فقال‪ :‬ليس كما قلتَ‪ ..‬إل آخر‬
‫الب(‪.)177‬‬
‫حبّ الْ ُمتَ َطهّرِينَ)) [البقرة‪.]222:‬‬
‫ي َويُ ِ‬
‫ب التّوّابِ َ‬
‫ح ّ‬
‫‪ -4‬قال تعال‪ِ ...(( :‬إنّ اللّ َه يُ ِ‬
‫أخرج ابن أب شيبة عن علي بن أب طالب‪« :‬أنه كان إذا فرغ من وضوئه قال‪ :‬أشهد أن‬
‫(‪)178‬‬
‫ل إله إل ال وأشهد أن ممدا عبده ورسوله‪ ،‬رب اجعلن من التوابي واجعلن من التطهرين»‬

‫() راجع‪ :‬جامع البيان‪ ،‬للطبي‪.)6/115( ،‬‬ ‫‪173‬‬

‫() انظر‪ :‬تذيب الحكام‪ .)1/103( ،‬وقارن بينه وبي ما رواه أبو خالد الوسطى ف "مسند المام زيد (ص‪ ")8:‬عن‬ ‫‪174‬‬

‫زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم السلم‪.‬‬


‫() راجع‪ :‬الدر النثور‪ ،‬للسيوطي‪.)2/262( ،‬‬ ‫‪175‬‬

‫() انظر‪ :‬جامع البيان‪.)6/127( ،‬‬ ‫‪176‬‬

‫() انظر‪ :‬حجة القراءات‪ ،‬لب زرعة (عبد ال بن ممد)‪ ،‬ص ‪.221‬‬ ‫‪177‬‬

‫() راجع‪ :‬تفسي الدر النثور للسيوطي‪ ،‬ذيل تفسيه للية (‪ )222‬من سورة البقرة‪.‬‬ ‫‪178‬‬

‫‪55‬‬
‫ما ُروِيَ َعنْ عَ ِليّ عليه السلم ف تفسي الصلوة الوسطى‬

‫ل سبحانَه وتعال عبادَه ف كتابه على عبادتِ ِه ولسيّما على إقامةِ الصلوات والحافظةِ‬ ‫حثّ ا ُ‬
‫لةِ الْ ُوسْطَى وَقُومُواْ ِللّهِ قَاِنتِيَ)) [البقرة‪.]238:‬‬
‫عليها فقال عَ ّز وَجَلّ‪(( :‬حَافِظُواْ عَلَى الصَّلوَاتِ والصّ َ‬
‫خصّ الصلوة الوسطى ف هذه الية تفخيما لشأنا وتريضا على حفظها‪ ،‬فاختلف‬ ‫فَ‬
‫الفسّرون ف تعيينها‪ :‬فقال بعضهم‪ :‬هي صلوة الفجر‪ ،‬وقيل هي صلوة الظهر‪ ،‬وقيل أنا صلوة‬
‫الغرب‪ ،‬وقيل هي صلوة العشاء‪.‬‬
‫وروى أبو على الطبسى ف تفسيه عن أمي الؤمني علي عليه السلم أنه قال‪« :‬أنا صلوة‬
‫العصر»(‪.)179‬‬
‫ب والعشاءِ‪،‬‬
‫أقول‪ :‬وذلك لن صلو َة العصرِ‪ ،‬قبْلَها صلوةُ الفجر والظهر‪ ،‬وبعدَها صلوةُ الغر ِ‬
‫وهي الوسطى بي الصلوات‪ .‬ويؤيّد هذا القول ما رواه أبو جعفر الطبي ف تفسيه بإسناده عن‬
‫عليّ عليه السلم قال‪« :‬شغلونا يوم الحزاب عن صلوة العصر حت سعت رسول ال صلى ال‬
‫عليه (وآله) وسلم يقول‪" :‬شغلونا عن الصلة الوسطى صلة العصر‪ ،‬مل ال أجوافهم وقبورهم‬
‫نارا»(‪.)180‬‬
‫وأخرج الطبي بإسناده عن أب الصهباء البكري قال‪ :‬سعت أبا الصهباء البكري يقول‪:‬‬
‫ب عن الصلة الوسطى؟ فقال‪ :‬هي صلة العصر‪ ،‬وهي الت ُفتِ َن با سليمان‬
‫سألت عليّ بنَ أب طال ٍ‬
‫بن داود عليهما السلم(‪ .)181‬وروى الطبي أيضا بإسناده عن رجل‪ :‬أرسلن أبو بكر وعمر وأنا‬
‫غلم صغي أسأله عن الصلة الوسطى‪ ،‬فأخذ إصبعي الصغية فقال‪" :‬هذه الفجر"‪ ،‬وقبض الت‬
‫تليها وقال‪" :‬هذه الظهر"‪ ،‬ث قبض البام فقال‪" :‬هذه الغرب"‪ ،‬ث قبض الت تليها ث قال‪" :‬هذه‬
‫العشاء"‪ ،‬ث قال‪" :‬أي أصابعك بقيت؟" فقلت‪ :‬الوسطى‪ ،‬فقال‪" :‬أي صلةٍ بقيت؟"قلتُ‪ :‬العصر‪،‬‬
‫قال‪" :‬هي العصر"(‪.)182‬‬

‫() راجع‪ :‬ممع البيان‪ ،‬للطبسي‪.)2/262( ،‬‬ ‫‪179‬‬

‫() راجع‪ :‬جامع البيان‪.)2/558( ،‬‬ ‫‪180‬‬

‫() انظر ف ذلك ما جاء ف تفسي سورة ص~ اليات‪.)32-31( :‬‬ ‫‪181‬‬

‫() انظر‪ :‬جامع البيان‪.)2/560( ،‬‬ ‫‪182‬‬

‫‪56‬‬
‫ب ُنزُو ِل سُوْ َر ِة َبرَا َء َة ِمنْ ُدوْ ِن التّسْمَِيةِ‬
‫رأيُ المامِ عليه السلم ف سَبَ ِ‬

‫يوز للمصلّي أن يفتتح ف صلوته ك ّل سورة من القرآن ببسم ال الرحن الرحيم‪ ،‬واسُْتْثنَِيتْ‬
‫من ذلك سورة براءة لنا نزلت من دون التسمية‪ ،‬وسبب ذلك أن فيها ذكر نبذ عهود الشركي‬
‫ضهِم ميثاَقهُم‪ ،‬ول ريب أن اسم ال تعال ووصف رحته للعباد‪ ،‬سل ٌم وأما ٌن فل يكتب ف‬ ‫با نق ِ‬
‫س رضي ال عنه أنه قال‪ :‬سألت عليّ بن أب طالب عليه‬ ‫النبذ والحاربة‪ ،‬ولذلك ُروِيَ عن ابن عبا ٍ‬
‫السلم لِمَ لَ ْم ُت ْكتَبْ ف براءة بسم ال الرحن الرحيم؟ قال‪« :‬لنا أمان‪ ،‬وبراءة نزلت بالسيف!»‪.‬‬
‫رواه السيوطي ف "الدر النثور"(‪ )183‬والطبسي ف "ممع البيان" ولفظه‪« :‬إنه ل ينّلْ بسم ال‬
‫الرحن الرحيم على رأس سورة براءة لن بسم ال المان والرحة وبراءة نزلت لرفع المان‬
‫بالسيف عن علي عليه السلم»(‪.)184‬‬
‫أقول‪ :‬فإن قيل قد كتب النب صلى ال عليه وآله وسلم إل الكفار‪" :‬بسم ال الرحن‬
‫ضهِم ميثاق النبّ صلى‬
‫الرحيم" كما كتب إل هرقل وغيه! قلنا‪ :‬إنا كان ذلك ابتداءً ف غي نق ِ‬
‫ال عليه وآله وسلم فلم ينبذ العهد إليهم‪ ،‬ولذلك أمر رسول ال أن يكتب ف كتابه إل هرقل بعد‬
‫التسمية‪" :‬السلم على من ابتع الدى"(‪ ،)185‬وإنا يُذْكَ ُر هذا الكلمُ للدعوةِ إل القّ والسلمِ‪،‬‬
‫كما ذكره موسى وهارون عليهما السلم عند فرعون‪ ،‬ف بدء دعوته إل أمر ال عَ ّز وَجَلّ‪ .‬قال‬
‫ال تعال‪َ(( :‬فأِْتيَاهُ َفقُول ِإنّا َرسُول َربّكَ َفأَ ْرسِ ْل َم َعنَا َبنِي ِإسْرَائِي َل وَل ُتعَ ّذْبهُمْ قَدْ ِجْئنَا َك بِآَيةٍ مّن‬
‫ك وَالسّل ُم عَلَى مَ ِن اّتبَ َع اْلهُدَى)) [طه‪.]47:‬‬ ‫ّربّ َ‬

‫ما ُروِيَ َعنْ عَ ِليّ عليه السلم ف كيفية الصلة‬


‫على النبّ صلى ال عليه وآله وسلم‬

‫ل تبارك وتعال ف كتابه الكري وخطابه العظيم أن نصلي على نبيه الصطفى صلى ال‬ ‫أمرَنا ا ُ‬
‫صلّوا‬
‫عليه وآله وسلم فقال عَ ّز وَجَلّ‪ِ(( :‬إنّ اللّهَ َومَلِئكَتَ ُه ُيصَلّو َن عَلَى الّنِبيّ يَا َأّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا َ‬
‫عََليْهِ َوسَلّمُوا تَسْلِيمًا)) [الحزاب‪ ]56:‬فكان بعض الصحابة ‪ -‬رضي ال عنهم ‪ -‬يسألون رسول ال‬
‫() راجع‪ :‬الدر النثور‪.)3/209( ،‬‬ ‫‪183‬‬

‫() انظر‪ :‬ممع البيان‪.)10/7( ،‬‬ ‫‪184‬‬

‫() راجع‪ :‬صحيح البخاري‪.)1/7( ،‬‬ ‫‪185‬‬

‫‪57‬‬
‫ي عنه عليه‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم عن كيفية الصلة عليه‪ ،‬منهم عليّ بن أب طالب‪ ،‬ف ُروِ َ‬
‫السلم‪ .‬أنه قال‪« :‬قلت يا رسول ال كيف نصلى عليك؟» قال‪« :‬قولوا‪" :‬اللهم صل على ممد‬
‫وعلى آل ممدكما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم‪ .‬انك حيد ميد»‪ .‬رواه السيوطي ف الدر‬
‫النثور(‪.)186‬‬
‫أقول‪ :‬الصلة من ال تعال‪ ،‬لطفه ورأفته على عباده وهي ردف لرحته ف كتابه‪ ،‬كما قال‬
‫صَلوَاتٌ مّن ّرّبهِ ْم وَرَحْ َمةٌ)) [البقرة‪.]157:‬‬
‫عَ ّز وَجَلّ‪(( :‬أُوَلئِكَ عََلْيهِمْ َ‬
‫ومن الندوب أن يق ّدمَ السل ُم الصلةَ على النبّ صلى ال عليه وآله وسلم على دعوته لنفسه‪،‬‬
‫ضيّ ف "نج البلغة" عن أمي الؤمني عليه السلم أنه قال‪« :‬إذا كانت لك‬ ‫كما روى الشّرِيفُ الرّ ِ‬
‫إل ال سبحانه حاجةٌ‪ ،‬فابدأ بسألة الصلة على رسوله صلى ال عليه وآله وسلم ثُ ّم سَلْ‬
‫سأَلَ حَا َجتَيْنِ‪َ ،‬فَي ْقضِيَ إِحْدَاهُمَا ويَ ْمنَ َع الُخْرَى»(‪.)187‬‬
‫حَا َجتَكَ‪ ،‬فَِإنّ اللّهَ أَكْ َر ُم مِنْ َأنْ يُ ْ‬

‫ما ُروِيَ َعنْ عليّ عليه السلم ف تفسي ما يََتعَ ّلقُ بالدّعَاءِ‬

‫قال ال العظيم ف مكم كتابه‪:‬‬


‫جبْ َلكُمْ ِإ ّن الّذِي َن يَسَْت ْكبِرُونَ عَ ْن ِعبَا َدتِي َسيَدْ ُخلُونَ َج َهنّمَ‬
‫((وَقَالَ َربّكُمُ ا ْدعُونِي َأ ْستَ ِ‬
‫دَا ِخرِينَ)) [الؤمن‪.]60:‬‬
‫روى الكلين ف الصول من الكاف عن أب عبد ال الصادق عليه السلم قال‪« :‬كان أمي‬
‫الؤمني علي عليه السلم رجلً دعّاءً»(‪.)188‬‬
‫ع اْلبَابِ‬
‫و ُروِيَ عن أمي الؤمني عليه السلم أنه قال‪« :‬ال ّدعَاءُ تُرْسُ الْ ُمؤْمِ ِن و َمتَى ُت ْكثِرْ قَ ْر َ‬
‫ُيفْتَحْ لَكَ»(‪.)189‬‬
‫ح و َمقَالِي ُد اْلفَلحِ و َخيْرُ ال ّدعَا ِء مَا صَ َد َر عَنْ صَدْرٍ‬
‫وقال عليه السلم‪« :‬ال ّدعَاءُ َمفَاتِي ُح النّجَا ِ‬

‫() انظر‪ :‬الدر النثور‪ ،‬للسيوطي‪.)5/217( ،‬‬ ‫‪186‬‬

‫() راجع‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الكمة (‪.)361‬‬ ‫‪187‬‬

‫() الصول من الكاف‪ ،/2( ،‬ص ‪.468‬‬ ‫‪188‬‬

‫() الصدر السابق‪.‬‬ ‫‪189‬‬

‫‪58‬‬
‫ب َتقِيّ»(‪.)190‬‬
‫َنقِ ّي وقَ ْل ٍ‬
‫وقال عليه السلم‪« :‬إ ّن الْمِ ْد َحةَ َقبْلَ الْمَسْأََلةِ فَإِذَا َد َعوْتَ اللّ َه عَ ّز وَ َجلّ فَ َمجّ ْدهُ»(‪.)191‬‬
‫ل عَ ّز وَ َجلّ ف سورة الفاتة (حيث يقول العبدُ‪ :‬المد ل‬
‫أقول‪ :‬هكذا ند الدعاء بعد حدِ ا ِ‬
‫رب العالي‪ ....‬ث يسأل ال الداية)‪.‬‬
‫ضيّ ف "َنهْ ِج البَل َغةِ" عن أمي الؤمني عليّ ف كلم له عليه السلم أنه‬ ‫وَ َروَى الشّرِيفُ الرّ ِ‬
‫ك بِالِجَاَبةِ‬ ‫قال‪« :‬اعَْلمْ أَ ّن الّذِي ِبيَ ِدهِ خَزَائِنُ السّمَاوَاتِ والَ ْرضِ قَدْ أَ ِذنَ لَكَ فِي ال ّدعَاءِ‪ ،‬وَتكَفّلَ لَ َ‬
‫جبُكَ َعنْهُ‪ ،‬ولَمْ‬ ‫حُ‬ ‫ك وَبيْنَ ُه مَ ْن يَ ْ‬‫جعَ ْل َبيْنَ َ‬
‫ستَرْحِمَهُ ِليَرْحَمَكَ‪ ،‬ولَمْ يَ ْ‬ ‫وَأمَ َركَ َأنْ تَسْأَلَهُ ِلُيعْ ِطيَكَ‪ ،‬وتَ ْ‬
‫ك بِالّنقْمَة‪ ،‬ولَ ْم ُيعَيّ ْركَ‬ ‫ت مِ َن التّ ْوَبةِ ولَ ْم ُيعَاجِلْ َ‬ ‫شفَعُ لَكَ إَِليْهِ‪ ،‬ولَ ْم يَ ْمَنعْكَ ِإنْ َأسَأْ َ‬
‫جئْكَ إِلَى مَ ْن يَ ْ‬ ‫يُلْ ِ‬
‫ضيْتَ إَِليْهِ‬ ‫جوَاكَ‪َ ،‬فأَ ْف َ‬ ‫بِالِنَاَبةِ‪( ،‬إل أن قال عليه السلم‪ ):‬فَإِذَا نَا َدْيتَهُ سَمِ َع نِدَاكَ‪ ،‬وإِذَا نَا َجْيتَهُ عَلِ َم نَ ْ‬
‫شفْتَهُ كُرُوبَكَ‪ ،‬واسَْت َعنْتَ ُه عَلَى‬ ‫بِحَا َجتِكَ‪ ،‬وَأبَْثْثتَهُ ذَاتَ نَفْسِكَ‪ ،‬و َش َكوْتَ إَِليْهِ هُمُومَكَ‪ ،‬واسَْتكْ َ‬
‫حةِ‬‫صّ‬‫ُأمُورِكَ‪ ،‬و َسأَلْتَ ُه مِنْ َخزَائِنِ رَحْ َمتِ ِه مَا ل َيقْدِ ُر عَلَى إِعْطَائِ ِه َغيْ ُرهُ مِنْ ِزيَا َد ِة الَعْمَارِ‪ ،‬و ِ‬
‫سأَلَتِهِ‪ ،‬فَ َمتَى‬ ‫ك َمفَاتِيحَ خَزَائِنِ ِه بِمَا أَ ِذنَ لَكَ فِي ِه مِ ْن مَ ْ‬‫الَبْدَانِ‪ ،‬و َس َع ِة الَرْزَاقِ‪ ،‬ثُمّ َجعَلَ فِي يَ َديْ َ‬
‫ب ِنعْ َمتِهِ وا ْستَمْطَرْتَ شَآبِيبَ رَحْ َمتِهِ‪ ،‬فَل ُيقَنّ َطنّكَ ِإبْطَاءُ إِجَاَبتِهِ‪ ،‬فَِإنّ‬ ‫حتَ بِال ّدعَاءِ َأْبوَا َ‬ ‫ت اسَْت ْفتَ ْ‬
‫ِشئْ َ‬
‫ت َعنْكَ الِجَاَبةُ ِليَكُونَ ذَلِكَ َأعْظَمَ لَ ْجرِ السّائِلِ‪ ،‬وأَ ْجزَلَ ِلعَطَاءِ‬ ‫الْعَ ِطّي َة عَلَى قَدْ ِر الّنيّةِ و ُربّمَا أُخّرَ ْ‬
‫ف َعنْكَ لِمَا هُوَ َخْيرٌ‬ ‫صرِ َ‬ ‫شيْءَ فَل ُت ْؤتَاهُ وأُوتِيتَ َخيْرا ِمنْ ُه عَا ِجلً َأوْ آ ِجلً َأوْ ُ‬ ‫المِلِ و ُربّمَا َسأَْلتَ ال ّ‬
‫لَكَ فََلرُبّ َأمْرٍ قَ ْد طََلْبتَهُ فِيهِ هَلكُ دِينِكَ َلوْ أُوتِيتَهُ فَ ْلَتكُ ْن مَسأََلتُكَ فِيمَا َيبْقَى لَكَ جَمَالُ ُه وُيْنفَى‬
‫ك َوبَالُهُ»(‪.)192‬‬
‫عَنْ َ‬
‫أقول‪ :‬رواه أيضا ابن شعبه ف "تف العقول" مع اختلف يسي ف بعض ألفاظه(‪ .)193‬وقد‬
‫ك مِ َن‬
‫نى أمي الؤمني علي عليه السلم عن بعض الدعوات كقول الرجل‪" :‬الّلهُمّ ِإنّي َأعُو ُذ بِ َ‬
‫ك َووَلَ ِدكَ! يقو ُل ال عَزّ‬ ‫ل يقول ذلك‪ :‬فقال‪ :‬أراك تتعوّذ مِ ْن مَالِ َ‬
‫الْ ِفْتَنةِ! كما ُروِيَ عنه أنه سع رج ً‬

‫() الصدر السابق‪.‬‬ ‫‪190‬‬

‫() الصول من الكاف‪.)2/484( ،‬‬ ‫‪191‬‬

‫() راجع‪ :‬نج البلغة‪.)2/398( ،‬‬ ‫‪192‬‬

‫() انظر‪ :‬تف العقول عن آل الرسول‪ ،‬لبن شعبة الران‪( ،‬ص‪.)73:‬‬ ‫‪193‬‬

‫‪59‬‬
‫وَجَلّ‪ :‬إنّما َأمْواُلكُ ْم وَأوْلدُكُمْ ِفْتَنةٌ(‪ .)194‬ولكن قل‪ :‬الّلهُ ّم إنّي أعُو ُذ بِ َ‬
‫ك مِ ْن ُمضِلتِ اْل ِفتَنِ"‪ .‬رواه‬
‫ممد بن السن الر العاملي ف "وسائل الشيعة"(‪ )195‬وف رواية رواها أبو السن الرّ ِ‬
‫ضيّ ف "َنهْج‬
‫البَلغَة" قال قالَ أمي الؤمني عليه السلم‪:‬‬
‫شتَمِ ٌل عَلَى ِفْتَنةٍ‪،‬‬ ‫ك مِ َن اْل ِفتَْنةِ َلنّهُ َلْيسَ أَحَدٌ إِل و ُهوَ مُ ْ‬‫"ل َيقُولَنّ أَحَدُكُمْ الّلهُمّ ِإنّي أَعُو ُذ بِ َ‬
‫ضلّتِ اْل ِفتَنِ‪ ،‬فَِإنَ اللّ َه ُسبْحَانَ ُه َيقُولُ‪ :‬واعْلَمُوا َأنّما َأمْوالُكُمْ‬ ‫سَتعِ ْذ مِ ْن ُم ِ‬ ‫وَلكِنْ مَ ِن ا ْسَتعَاذَ فَ ْليَ ْ‬
‫ضيَ‬
‫خَتبِ ُرهُ ْم بِا َلمْوَا ِل والَوْلدِ ِلَيَتبَيّنَ السّاخِطَ ِلرِزْقِهِ والرّا ِ‬ ‫وَأوْلدُ ُكمْ ِفْتنَةٌ‪ .‬و َم ْعنَى ذَلِكَ َأنّ ُه يَ ْ‬
‫ح ّق الّثوَابُ‬ ‫سهِمْ ولَكِنْ ِلتَ ْظهَ َر الَ ْفعَا ُل اّلتِي ِبهَا يُسْتَ َ‬‫ِبقِسْمِهِ‪ ،‬وإِنْ كَانَ ُسبْحَانَهُ َأعْلَ َم ِبهِ ْم مِنْ َأْنفُ ِ‬
‫ب تَثْمِ َي الْمَا ِل وَيكْ َرهُ اْنثِلمَ‬
‫ح ّ‬ ‫ضهُ ْم يُ ِ‬‫ث وبَ ْع َ‬‫حبّ الذّكُو َر وَيكْ َرهُ ا ِلنَا َ‬ ‫ضهُمْ ُي ِ‬ ‫والْ ِعقَابُ‪َ ،‬لنّ َب ْع َ‬
‫الْحَالِ"(‪ .)196‬قال الرّ ِ‬
‫ضيّ‪ :‬وهذا من غريب ما سُ ِم َع منه ف التفسي‪.‬‬

‫ما ُروِيَ َعنْ عَ ِليّ عليه السلم ف تفسي آداب الصلوة‬

‫[الؤمنون‪]2:‬‬ ‫قال ال عَ ّز وَجَلّ ف الذكر الكيم‪(( :‬الّذِي َن هُمْ فِي صَلِتهِمْ خَا ِشعُونَ))‬
‫إن ال سبحانه وتعال مدح عباده الؤمني ف هذه الية الكرية لشوعهم ف صلوتم‪ ،‬فما‬
‫هو الشوع؟ وما الفرق بينه وبي الضوع؟‬
‫الشوع هو التذلل والنكسار ول فرق بينه وبي الضوع عند أكثر الفسرين حيث قالوا‪:‬‬
‫إنما كلمتان مترادفتان‪ .‬وقال آخرون‪ :‬بينهما فرق لن الشوع عمل الوارح والضوع عمل‬
‫القلب(‪ .)197‬وهذا القول بعيد عن الصواب لقوله تعال‪(( :‬أَلَ ْم َي ْأنِ لِلّذِينَ آ َمنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوُبهُمْ‬
‫لِذِكْرِ اللّهِ)) [الديد‪ .]16:‬فنسب ال سبحانه ف هذه الية الشوع للقلوب كما نسبه ف آية أخرى‬
‫إل بعض الوارح فقال سبحانه‪َ(( :‬أبْصَا ُرهَا خَا ِش َعةٌ)) [النازعات‪.]9:‬‬
‫و روى المام زيد بن علي بن السي عن آبائه عن أمي الؤمني عليّ عليه السلم أنه قال‪:‬‬

‫() سورة النفال‪.)28( :‬‬ ‫‪194‬‬

‫() راجع‪ :‬وسائل الشيعة‪.)4/1169( ،‬‬ ‫‪195‬‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الِكَم‪.)93( :‬‬ ‫‪196‬‬

‫() راجع‪ :‬فروق اللغات‪ ،‬للجزائري‪( ،‬ص‪.)94:‬‬ ‫‪197‬‬

‫‪60‬‬
‫ل يعبث بلحيته ف الصلوة فقال‪ :‬أما هذا فلو‬
‫«أبصر رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم رج ً‬
‫خشع قلبه لشعت جوارحه»(‪.)198‬‬
‫ففي الديث ما يدلّ على أ ّن الشوع ف الصلوة يكون ف القلب وف الوارح‪ ،‬ولكنّ أصل‬
‫هذا الشوع ينشأ ف القلب ومن القلب يسرى إل الوارح‪ .‬فحقيقة الشوعِ ف القلب‪ :‬الفزع‬
‫إل كبياء ال تعال والعراض عمّا سواه‪ ،‬وف الوارح‪ :‬ترك اللتفات والعبث كما ُروِيَ عن‬
‫عليّ عليه السلم أنه قال‪« :‬ل تاوز بطرفك ف الصلوة موضع سجودك»(‪.)199‬‬
‫ومن آداب الصلوة قراءة القرآن فيها بالترتيل‪ ،‬قال ال العظيم‪(( :‬قُمِ الّليْلَ إِل قَلِيلً)) إل أن‬
‫قال تعال‪(( :‬وَ َرتّ ِل اْلقُرْآ َن تَ ْرتِيلً)) [الزمّل‪.»]4:‬‬
‫والترتيل‪ :‬هو التأن ف الكلم والتأنق فيه‪ ،‬قال ال عَزّ وَجَلّ‪(( :‬وَ َرتّ ْلنَا ُه تَ ْرتِيلً))‬
‫[الفرقان‪]32:‬‬

‫أي‪ :‬أتينا به شيء بعد شيء بالتأن والتمهل (لتيسي فهمه وحفظه)‪ .‬ولذلك روى الطبسي ف‬
‫تفسي "جوامع الامع" عن أمي الؤمني عليّ عليه السلم قال ف معن الترتيل‪:‬‬
‫شعْ ِر ول َتْنثُ ْر ُه نَثْرَ ال ّرمْلِ ولَكِنْ أَ ْف ِزعُوا قُلُوَبكُمُ الْقَا ِسَيةَ ول َيكُنْ‬
‫«َبيّنْ ُه ِتبْيَانا ول َتهُ ّذ ُه هَذّ ال ّ‬
‫هَمّ أَحَدِكُمْ آخِرَ السّو َرةِ»(‪ .)200‬ورواه أيضا الكلين ف الكاف(‪.)201‬‬
‫و روى الطريي(‪ )202‬ف كتاب "ممع البحرين" عن عل ّي عليه السلم أنه قال ف معن ترتيل‬
‫ظ الوُقُوف وبَيانُ الُرُوف»(‪.)203‬‬
‫القرآن هو‪ِ « :‬حفْ ُ‬
‫أقول‪ :‬قراءة القرآن ف الصلوة ُتعَدّ رُ ْكنَا من أركانا‪ ،‬فطوب لن حفظ القرآن كلّه فقرأه ف‬
‫صلواته بالترتيل‪ ،‬فقد َروَى المامُ زيدُ ب ُن عليّ عن آبائه عن أمي الؤمني عليّ عليه السلم أنه قال‪:‬‬
‫«من قرأ القرآن وحفظه فظ ّن أنّ أحدا أوتِيَ أفضل مّا أُوِتيَ َفقَدْ عظّ َم مَا َحقّرَ ال وَ َحقّ َر مَا‬
‫() مسند المام زيد‪ ،‬ص ‪119‬و رواه أيضا الطبسي ف ممع البيان (‪ )18/135‬والسيوطي (من أهل السنة) ف الامع‬ ‫‪198‬‬

‫الصغي (‪.)2/165‬‬
‫() راجع‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬للحر العاملي‪ ،/4( ،‬ص ‪.709‬‬ ‫‪199‬‬

‫() راجع‪ :‬جوامع الامع‪ ،‬للطبسي‪ ،/4( ،‬ص ‪.383‬‬ ‫‪200‬‬

‫() انظر‪ :‬الصول من الكاف‪.)2/614( ،‬‬ ‫‪201‬‬

‫() هو الشيخ فخر الدين الطريي النجفي من علماء المامية له كتاب "ممع البحرين ومطلع النيين" ف تفسي غريب‬ ‫‪202‬‬

‫القرآن والديث‪.‬‬
‫() راجع‪ :‬ممع البحرين (ف مادّة‪ :‬رتَلَ)‪.‬‬ ‫‪203‬‬

‫‪61‬‬
‫ل َتعَال»(‪.)204‬‬
‫عظّمَ ا ُ‬
‫وهذا الديث متّفقٌ عليه بي الماميّة والزيديّة وأهل السنة(‪.)205‬‬
‫ومن آداب الصلوة‪ ،‬دعاء الستفتاح ف بدء الصلوة بعد تكبية الحرام‪ ،‬كما ُروِيَ عن أمي‬
‫الؤمني عليّ عليه السلم أنه كان إذا استفتح صلته قال‪« :‬ألّلهُ أكبُ‪ ،‬وَ ّج ْهتُ وَ ْج ِهيَ ِللّذِي فَ َطرَ‬
‫ي ومَمات لِلّهِ رَبّ‬ ‫شرِكِيَ‪ .‬إنّ صَلوت ونُسُكي ومَحْيا َ‬‫السّمَاوَاتِ وَالَ ْرضَ َحنِيفًا َومَا َأنَاْ مِ َن الْمُ ْ‬
‫ت وأنّا مِ َن الُسْلِمي»(‪ .)206‬وهذا الكلم العظيم مأخوذ من‬
‫ي ل شَريكَ لَ ُه وبِذلِكَ ُأمِرْ ُ‬
‫العالَم َ‬
‫القرآن الكري(‪.)207‬‬
‫مّا روي َعنْ عَ ِليّ عليه السلم فيما يََتعَ ّلقٌ بصلوة الُ ُم َعةِ‬

‫إنا فرض ال تعال على السلمي ف كلّ ُج ُم َعةٍ صلوةً واحدةً ف جاع ٍة وهي صلو ُة المعةِ‪.‬‬
‫يقول ال َع ّز وَجَلّ ف كتابه‪(( :‬يَا َأّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا إِذَا نُودِي لِلصّل ِة مِن َيوْ ِم الْجُ ُم َعةِ فَا ْس َعوْا إِلَى‬
‫ت الصّلةُ فَانتَشِرُوا فِي الَ ْرضِ‬ ‫ذِ ْكرِ اللّ ِه وَذَرُوا الَْبيْعَ ذَِلكُمْ َخيْرٌ ّلكُمْ إِن كُنتُ ْم َتعْلَمُونَ‪ .‬فَِإذَا ُقضَِي ِ‬
‫وَاْبَتغُوا مِن َفضْلِ اللّ ِه وَاذْكُرُوا اللّهَ َكثِيًا ّلعَّلكُ ْم ُتفْلِحُونَ)) [المعة‪.]10- 9:‬‬
‫ظاهر اليات يدلّ على وجوب صلوة المعة على كل من آمن بال ورسوله‪ ،‬إل من أخرجه‬
‫دلي ٌل شرعيّ‪ ،‬ولذلك قال أمي الؤمني عل ّي عليه السلم‪:‬‬
‫شيْ ِخ الْ َكبِيِ‬
‫جنُونِ وال ّ‬
‫«الْجُ ُم َع ُة وَا ِجَبةٌ عَلَى كُ ّل ُم ْؤمِنٍ إِل عَلَى الصِّبيّ والْ َمرِيضِ والْمَ ْ‬
‫خيْنِ»‪ .‬رواه ابن بابوية ف‬ ‫وا َلعْمَى والْمُسَاِف ِر والْمَ ْرَأةِ واْل َعبْ ِد الْمَمْلُو ِك ومَنْ كَانَ عَلَى َرأْسِ فَ ْر َس َ‬
‫كتاب "من ل يضره الفقيه"(‪.)208‬‬
‫فإذا شهد المعة من ل تب عليه‪ ،‬فإنا تزئة عن صلوة الظهر كما ُروِيَ عن علي عليه‬
‫السلم أنه قال‪« :‬إذا شهدت الرأة والعبد المعة أجزأت عنهما يعن من صلوة الظهر»(‪.)209‬‬
‫() انظر‪ :‬مسند المام زيد‪ ،‬ص ‪.387‬‬ ‫‪204‬‬

‫() رواه من المامية الكلين (الصول (‪ )2/604‬ومن أهل السنة السيوطي (الامع الصغي‪.)2/165( ،‬‬ ‫‪205‬‬

‫() راجع‪ :‬مسند المام زيد‪( ،‬ص‪ )103:‬وسنن النسائي (‪)2/130‬بإسناده عن عليّ مرفوعا‪.‬‬ ‫‪206‬‬

‫() انظر‪ :‬سورة النعام‪79،162( ،‬و ‪.)163‬‬ ‫‪207‬‬

‫() راجع‪ :‬من ل يضره الفقيه‪.)1/431( ،‬‬ ‫‪208‬‬

‫() انظر‪ :‬دعائم السلم‪ ،‬للقاضي النعمان بن ممد‪.)1/181( ،‬‬ ‫‪209‬‬

‫‪62‬‬
‫وُيكْرَه السفر ف يوم المعة قبل أداء الصلوة إل لضرورة كما ُروِيَ ف "َنهْج البَلغَة" عن‬
‫صلً فِي َسبِيلِ اللّهِ َأوْ فِي‬
‫شهَدَ الصّلةَ إِل فَا ِ‬
‫عليّ عليه السلم قال‪« :‬ل تُسَافِرْ فِي َي ْومِ جُ ُم َعةٍ َحتّى تَ ْ‬
‫َأمْ ٍر ُتعْذَ ُر بِهِ »(‪.)210‬‬
‫ووقت صلوة المعة‪ ،‬ساعة زوال الشمس كما قال المام عليه السلم‪ُ« :‬تصَلّى المعة‬
‫وقت الزوال»(‪.)211‬‬
‫وصلوة المعة خطبتان وركعتان كما روي عن أمي الؤمني عليه السلم أنه قال‪ِ« :‬إنّمَا‬
‫ت الْجُ ُم َعةُ رَ ْك َعَتيْنِ مِنْ أَجْ ِل الْخُ ْطَبَتيْنِ ُجعَِلتَا َمكَانَ الرّ ْك َعتَيْ ِن الَخِ َيَتيْنِ»(‪.)212‬‬
‫ُجعَِل ِ‬
‫ومن آداب صلوة المعة‪ ،‬تسليم المام على الأمون إذا صعد النب‪ ،‬كما جاء ف رواية ممد‬
‫بن السن الطوسي بإسناده عن عليّ عليه السلم قال‪« :‬من السنّة إذا صعد المام النب أن يسلّمَ‬
‫إذا استقبل الناس»(‪.)213‬‬
‫وعلى الناس أن يستمعوا للمام ويُْنصِتوا حي خطبته‪ ،‬كما قال أمي الؤمني عليه السلم‪:‬‬
‫«ل كَلمَ وا ِلمَامُ َيخْ ُطبُ ول اْلِتفَاتَ إِل كَمَا َيحِلّ فِي الصّلةِ»(‪.)214‬‬
‫ودونك خطبةً من خطبه الغرّاء ف إحدى الُمَع‪ ،‬قال عليه السلم‪« :‬المد ل ذي القدرة‬
‫والسلطان والرأفة والمتنان‪ ،‬أحده على تتابع النعم‪ ،‬وأعوذ به من العذاب والنقم‪ ،‬وأشهد أن ل إله‬
‫إل ال وحده ل شريك له مالفة للجاحدين ومعاندة للمبطلي وإقرارا بأنه رب العالي‪ ،‬وأشهد أن‬
‫ممدا عبده ورسوله َقفّى به الرسلي وختم به النبيي‪ ،‬وبعثه رحة للعالي‪ ،‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫أجعي‪.‬‬
‫أوصيكم عباد ال بتقوى ال الذي هو ول ثوابكم وإليه مردكم ومآبكم فبادروا بذلك قبل‬
‫الوت الذي ل ينجيكم منه حصن منيع ول هرب سريع‪ ،‬فإنه وارد نازل وواقع عاجل‪ ،‬وإن‬
‫تطاول الجل وامتد الهل‪ ،‬وكل ما هو آت قريب‪ ،‬ومن مهد لنفسه فهو الصيب‪ .‬فتزودوا رحكم‬

‫() راجع‪ :‬نج البلغة‪ ،‬ك (‪.)69‬‬ ‫‪210‬‬

‫() انظر‪ :‬دعائم السلم‪.)1/140( ،‬‬ ‫‪211‬‬

‫() راجع‪ :‬ومن ل يضره الفقيه‪.)1/417( ،‬‬ ‫‪212‬‬

‫() انظر‪ :‬وسائل الشيعة‪.)5/43( ،‬‬ ‫‪213‬‬

‫() كتاب‪ :‬من ل يضره الفقيه‪ ،‬لبن بابويه القمي‪.)1/417( ،‬‬ ‫‪214‬‬

‫‪63‬‬
‫ال اليوم ليوم المات واحذروا أليم هول البيات‪ ،‬فإن عقاب ال عظيم وعذابه أليم‪ ،‬نار تلهب‪،‬‬
‫ونفس تعذب‪ ،‬وشراب من صديد‪ ،‬ومقامع من حديد‪ ،‬أعاذنا ال وإياكم من النار ورزقنا وإياكم‬
‫مرافقة البرار وغفر لنا ولكم جيعا إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬
‫إنّ أحْسَ َن الديثِ وأبل َغ الوعظ ِة كتابُ الِ‪( .‬ث تعوّذ بال‪ ،‬وقرأ سورة العصر‪ ،‬ث قال)‪:‬‬
‫جعلنا ال وإياكم من تسعهم رحته ويشملهم عفوه ورأفته‪ ،‬وأستغفر ال ل ولكم‪.‬‬
‫(ث جلس يسيا‪ ،‬ث قام‪ ،‬فقال)‪:‬‬
‫المد ل الذي دنا ف علوه وعل ف دنوه وتواضع كل شيء للله واستسلم كل شيء‬
‫لعزته وخضع كل شيء لقدرته‪ ،‬وأحده مقصرا عن كنه شكره وأومن به إذعانا لربوبيّته وأستعينه‬
‫طالبا لعصمته وأتوكل عليه مفوضا إليه‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له إلا واحدا‬
‫أحدا فردا صمدا وترا ل يتخذ صاحب ًة ول ولدا‪ ،‬وأشهد أن ممدا عبده الصطفى ورسوله‬
‫الجتب وأمينه الرتضى أرسله بالق بشيا ونذيرا وداعيا إليه بإذنه وسراجا منيا فبلّغ الرسالة‬
‫وأدّى المانة ونصح المّة وعبد ال حت أتاه اليقي فصلّى ال عليه ف الولي وصلّى ال عليه ف‬
‫الخرين وصلى ال عليه يوم الدين‪.‬‬
‫أوصيكم عباد ال بتقوى ال والعمل بطاعته واجتناب معصيته فإنه من يطع ال ورسوله فقد‬
‫فاز فوزا عظيما‪ ،‬ومن يعص ال ورسوله فقد ضل ضللً بعيدا وخسر خسرانا مبينا»(‪.)215‬‬
‫ومن السنّة أن يقرأ المام ف الركعة الول من صلوة المعة‪ ،‬سورة المعة وف الركعة‬
‫الثانية‪ ،‬سورة النافقي كما ُروِيَ عن ابن رافع(‪« :)216‬أن أمي الؤمني عليا عليه السلم كان يقرأ‬
‫ف المعة ف الول المعة وف الثانية النافقي»(‪.)217‬‬
‫أقول‪ :‬كلّ ما ذكرت ف هذا الفصل من بيان أحكام المعة‪ ،‬إنا أخذته من كتب الشيعة‬
‫ومداركهم‪ ،‬وأنت تد أكثره ف كتب أهل السنة ومآخذهم‪ ،‬فالمد ل على الوفاق‪.‬‬

‫() م ستدرك ن ج البل غة‪ ،‬لكا شف الغطاء‪( ،‬ص‪ .)68-67:‬والط بة موجودة ف كتاب "م صباح التهجّ د" للش يخ أ ب‬ ‫‪215‬‬

‫جعفر الطوسي‪( :‬ص‪ ،)386-384:‬برواية جابر العفي عن أب جعفر الباقر عن علي بن أب طالب عليهم السلم‪.‬‬
‫() هو عبيد ال بن أب رافع كان كاتبا لعليّ عليه السلم ومن خواصه له كتاب "قضايا أمي الؤمني عليه السلم"‪ .‬انظر‪:‬‬ ‫‪216‬‬

‫جامع الرواة للردبيلي‪.)1/527( ،‬‬


‫() راجع‪ :‬وسائل الشيعة‪.)4/816( ،‬‬ ‫‪217‬‬

‫‪64‬‬
‫عزائم السجود ف القرآن عند عليّ عليه السلم‬

‫اختلف الفقهاء ف عزائم السجدة ف القرآن ف ُروِيَ عن أمي الؤمني عليه السلم أنه قال‪:‬‬
‫عزائم سجود القرآن أربع‪« :‬أل السجدة‪ ،‬حم السجدة‪ ،‬والنجم‪ ،‬واقرأ باسم ربك الذي‬
‫خلق»(‪.)218‬‬
‫و ُروِيَ مثله عن أب عبد ال جعفر بن ممد عليهم السلم قال‪« :‬العزائم ال تنيل‪ ،‬وحم‬
‫السجدة‪ ،‬والنجم واقرأ باسم ربك‪ ،‬وما عداها ف جيع القرآن مسنون وليس بفروض»(‪.)219‬‬
‫أقول‪ :‬فآيات العزائم هي‪:‬‬
‫‪ِ(( -1‬إنّمَا ُيؤْمِ ُن بِآيَاتِنَا الّذِينَ إِذَا ذُكّرُوا ِبهَا َخرّوا سُجّدًا َو َسبّحُوا بِحَ ْمدِ َرّبهِ ْم َوهُمْ‬
‫ستَ ْكبِرُونَ)) [السجدة‪.]15:‬‬ ‫ل يَ ْ‬
‫س وَل ِل ْلقَمَ ِر وَاسْجُدُوا لِلّ ِه الّذِي‬
‫س وَالْقَ َم ُر ل تَسْجُدُوا لِلشّ ْم ِ‬
‫‪َ (( -2‬ومِ ْن آيَاتِهِ الّليْ ُل وَالّنهَا ُر وَالشّ ْم ُ‬
‫خََل َقهُنّ إِن كُنتُمْ ِإيّاهُ َت ْعبُدُونَ)) [فصلت‪.]37:‬‬
‫‪(( -3‬فَاسْجُدُوا لِلّ ِه وَاعْبُدُوا)) [النجم‪.]62:‬‬
‫ج ْد وَاقْتَرِبْ)) [العلق‪.]19:‬‬
‫‪(( -4‬وَاسْ ُ‬
‫فمن قرأ آيةً من هذه اليات ف صلوته فعليه أن يسجد ث يقوم فيتابع قراءته أو يقوم فيكع‪.‬‬
‫فقد روى أحد بن عيسى بن زيد عن آبائه الكرام عن أمي الؤمني عليّ عليه السلم أنّه قال‪:‬‬
‫«كان صلى ال عليه وآله وسلم يقرأ ف فجر المعة "تنيل السجدة" ث يسجد با‪..‬‬
‫الديث»(‪.)220‬‬
‫وقال أحد بن عيسى عليه السلم‪« :‬قرأ عليّ عليه السلم سورة النجم ف صلوة الفجر فلما‬
‫ت الَرضُ" ث كبّر وركع»(‪.)221‬‬
‫قرأ السجدة ف آخر السورة سجد ث قام فقرأ" إذا زُلْزَِل ِ‬

‫() راجع‪ :‬مسند المام زيد‪ ،‬ص ‪.150‬‬ ‫‪218‬‬

‫() انظر‪ :‬وسائل الشيعة‪.)4/881( ،‬‬ ‫‪219‬‬

‫() راجع‪ :‬أمال أحد بن عيسى‪.)1/172( ،‬‬ ‫‪220‬‬

‫() راجع‪ :‬أمال أحد بن عيسى‪.)1/172( ،‬‬ ‫‪221‬‬

‫‪65‬‬
‫ومن أراد معرفة تفصيل القوال ف هذه السنة وفروعها فلياجع كتب الفقه‪.‬‬

‫ما ُروِيَ َعنْ عَ ِليّ عليه السلم ف بيان نوافل الصبح والغرب‬

‫روى زيدُ بن عليّ عن أبيه عن جده عن أمي الؤمني عليهم السلم قال(‪:)222‬‬
‫«ل تدعنّ صلوة ركعتي بعد الغرب ف سفرٍ ول حض ٍر فإنّهما قول ال تعال‪َ " :‬وأَ ْدبَارَ‬
‫السّجُودِ"(‪ .)223‬ول تدعنّ صلوة ركعتي بعد طلوع الفجر قبل أن تصلي الفريضة ف سفر ول‬
‫حضر فهي قول ال عَ ّز وَ َجلّ " َوإِ ْدبَا َر النّجُومِ"»(‪.)224‬‬
‫وقال أبو علي الطبسي ف "ممع البيان" عند تفسي قوله تعال‪َ " :‬وأَ ْدبَارَ السّجُودِ"‪ :‬فيه أقوال‬
‫أحدها أن الراد به ركعتان بعد الغرب و"إِ ْدبَارَ النّجُومِ " ركعتان قبل الفجر عن عليّ بن أب طالب‬
‫عليه السلم(‪.)225‬‬
‫وقال ابن جرير الطبي ف تفسيه‪ :‬بإسناده عن ابن عباس قال قال ل رسول صلى ال عليه‬
‫(وآله) وسلم‪" :‬يا ابن عباس ركعتان بعد الغرب أدبار السجود"(‪.)226‬‬
‫أقول‪ :‬إن ال تعال أمر نبيه صلى ال عليه وآله وسلم ف كتابه بالتسبيح ف الليل والفجر‬
‫سبّحْهُ‬
‫سبّحْ ُه َوأَ ْدبَارَ السّجُودِ)) وقال جل وعل‪َ (( :‬ومِنَ الّليْلِ فَ َ‬ ‫فقال عزّ من قائل‪َ (( :‬ومِنَ الّليْلِ فَ َ‬
‫َوإِ ْدبَا َر النّجُومِ)) [الطور‪ ،]49:‬وإنّه كثيا ما أمر ال سبحانه بتسبيحه ف كتابه ومراده إقامة الصلوة‬
‫لن فيها التسبيح له‪ ،‬كقوله تعال‪َ (( :‬و َسبّحُوهُ ُبكْ َر ًة َوأَصِيلً)) [الحزاب‪ ]42:‬وقوله عَزّ‬
‫ي ُتصْبِحُونَ)) [الروم‪ .]17:‬فالراد من التسبيح بعد السجود‪،‬‬ ‫ي تُمْسُونَ وَ ِح َ‬ ‫سبْحَانَ اللّهِ ِح َ‬
‫وَجَلّ‪((:‬فَ ُ‬
‫نافلة الغرب الت يؤتى با بعد الفريضة والراد من التسبيح َوإِ ْدبَا َر النّجُومِ‪ ،‬نافلة الصبح‪ ،‬الت يؤتى‬
‫با قبل فريضة كما فَسّرها علي عليه السلم‪ ،‬وروى ابن عباس رضي ال عنه عن النب صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫() راجع‪ :‬العتصام ببل ال التي‪ ،‬لقاسم بن ممد‪.)2/90( ،‬‬ ‫‪222‬‬

‫() سورة ق‪.)40( :‬‬ ‫‪223‬‬

‫() سورة الطور‪.)49( :‬‬ ‫‪224‬‬

‫() انظر‪ :‬ممع البيان‪ ،‬الزء السادس والعشرون‪ ،‬ص ‪.117‬‬ ‫‪225‬‬

‫() راجع‪ :‬جامع البيان‪ ،‬الزء السادس والعشرون‪ ،‬ص ‪.181‬‬ ‫‪226‬‬

‫‪66‬‬
‫ما روى َعنْ عَ ِليّ عليه السلم ف بيان ملزمة الصلوة والزكوة‬

‫إن ال ‪ -‬تعال ذكره ‪ -‬جعل أمر الزكوة قرينا للصلوة ف مواضع كثية من كتابه وجعل‬
‫بينهما الصلة الشرعية فل تقبل إحداها إل بالخرى‪ ،‬كما ُروِيَ عن أمي الؤمني عل ّي عليه السلم‬
‫أنّه قال لبنه السن عليه السلم حي حضرته الوفاةُ‪« :‬أوصيك بإيتاء الزكوة عند ملها فإنا ل‬
‫ُتقْبل الصلوة مّن َمنَعَ الزكوة»(‪.)227‬‬
‫فعلى السلم أن يؤدّيَ زكوة ماله (إذا بلغ النصاب) بطيب نفسه‪ ،‬كما عليه أن يصلّي ل‬
‫خِلصِيَ لَهُ الدّينَ ُحَنفَاء‬
‫تعال بالخلص له‪ .‬قال ال عَ ّز وَجَلّ‪َ (( :‬ومَا ُأمِرُوا إِل ِلَي ْعبُدُوا اللّ َه مُ ْ‬
‫َويُقِيمُوا الصّل َة َوُي ْؤتُوا الزّكَاةَ وَذَلِكَ دِي ُن اْلقَيّ َمةِ)) [القيمة‪.]5:‬‬
‫ضيّ ف " َنهْ ِج البَل َغةِ" عن عل ّي أمي الؤمني ع أنّه قال‪:‬‬
‫وَ َروَى الشّرِيفُ الرّ ِ‬
‫((ِإنّ الزّكَاةَ ُج ِعَلتْ مَ َع الصّلةِ ُق ْربَانا َلهْ ِل الِسْلمِ فَمَنْ َأعْطَاهَا طَّيبَ الّن ْفسِ ِبهَا فَِإّنهَا‬
‫جعَلُ لَهُ َكفّا َرةً ومِنَ النّارِ ِحجَازا ووِقَاَيةً))(‪.)228‬‬
‫تُ ْ‬
‫أقول‪ :‬ملزمة الصلوة والزكوة أمرٌ ظاهرٌ ف كتابِ ال تعال وف سنّ ِة نبيّهِ صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم فقد روى أحد بن عيسى بسنده عن زيد بن عليّ عن آبائه عن عليّ عليه السلم‪ ،‬قال قالَ‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪« :‬ل تت ّم الصلوةُ إل بزكوةٍ‪ ،‬ول ُت ْقبَل صدقة من غلول»(‪.)229‬‬
‫وروى الناوى (من أهل السنة) ف كتابه "كنوز القائق" عن النبّ صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫قال‪« :‬ل تقبل صلوة من ل يؤدّي الزكوة»(‪.)230‬‬
‫سْبتُ ْم َومِمّا أَخْ َر ْجنَا َلكُم مّ َن‬‫ت مَا كَ َ‬ ‫وقال ال تعال‪((:‬يَا أَّيهَا الّذِينَ آ َمنُواْ أَن ِفقُوْا مِن َطيّبَا ِ‬
‫ستُم بِآخِذِيهِ إِلّ أَن ُتغْ ِمضُواْ فِي ِه وَاعَْلمُواْ َأنّ اللّ َه َغِنيّ‬
‫خبِيثَ ِمنْ ُه تُنفِقُونَ وَلَ ْ‬ ‫الَ ْرضِ وَ َل َتيَمّمُواْ الْ َ‬
‫حَمِيدٌ)) [البقرة‪]267:‬‬

‫() راجع‪ :‬أمال أحد بن عيسى‪.)1/263( ،‬‬ ‫‪227‬‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)199‬‬ ‫‪228‬‬

‫() راجع‪ :‬أمال أحد بن عيسى‪.)1/264( ،‬‬ ‫‪229‬‬

‫() انظر‪ :‬كتاب كنوز القائق ف حديث خي اللئق‪ ،‬لعبد الرؤوف الناوي (طبع بامش الامع الصغي‪.)2/160( ،‬‬ ‫‪230‬‬

‫‪67‬‬
‫وأخرج ابن جرير عن علي بن أب طالب ف قوله ((يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما‬
‫كسبتم)) قال‪ :‬من الذهب والفضة ((و ما أخرجنا لكم من الرض)) قال‪ :‬يعن من الب والتمر‬
‫وكل شيء عليه زكاة(‪.)231‬‬
‫هذا وللزكوة فروع كثية تطلب من كتب الديث والفقه‪.‬‬

‫ما ُروِيَ َعنْ عَ ِليّ عليه السلم فيما يتعلّق بآي الصيام‬

‫قال ال تبارك وتعال‪(( :‬يَا َأّيهَا النّاسُ ا ْعبُدُواْ َربّكُ ُم الّذِي خََل َقكُ ْم وَالّذِينَ مِن َقبِْلكُمْ َلعَّلكُ ْم‬
‫َتتّقُونَ َأيّامًا ّمعْدُودَاتٍ َفمَن كَا َن مِنكُم مّرِيضًا َأوْ عَلَى َسفَرٍ َفعِ ّدٌة مّنْ َأيّامٍ أُ َخ َر َوعَلَى الّذِينَ يُطِيقُونَهُ‬
‫سكِيٍ فَمَن تَ َط ّوعَ َخيْرًا َف ُهوَ َخيْرٌ لّ ُه َوأَن تَصُومُواْ َخْيرٌ ّلكُمْ إِن كُنتُمْ َتعَْلمُونَ‪َ .‬شهْرُ‬ ‫فِ ْدَي ٌة طَعَا ُم مِ ْ‬
‫شهْرَ‬‫َر َمضَا َن الّذِيَ أُنزِلَ فِي ِه اْلقُرْآنُ هُدًى لّلنّاسِ َوبَّينَاتٍ مّ َن الْهُدَى وَاْلفُرْقَانِ فَمَن َشهِ َد مِنكُمُ ال ّ‬
‫فَ ْلَيصُمْ ُه َومَن كَانَ َمرِيضًا َأ ْو عَلَى َسفَرٍ َف ِع ّدةٌ مّنْ َأيّامٍ أُخَ َر يُرِيدُ اللّهُ بِكُ ُم اْليُسْ َر وَ َل يُرِي ُد ِبكُ ُم الْعُسْرَ‬
‫شكُرُونَ)) [البقرة‪.]185-183:‬‬ ‫وَِلتُكْمِلُوْا اْلعِ ّدةَ وَِلُتكَبّرُواْ اللّ َه عَلَى مَا هَدَاكُ ْم وََلعَّلكُ ْم تَ ْ‬
‫فما أبي هذه اليات لن نظر فيها؟ ومع ذلك نن نتاج إل جواب بعض السئلة حول هذه‬
‫اليات‪ ،‬كقوله تعال‪َ (( :‬وعَلَى الّذِينَ يُطِيقُونَهُ)) فمن هم؟ وهل يوز تفريق أيّام القضاء أم ل؟‬
‫وماذا وجب على من أفطر يوما من شهر رمضان عامدا بغي عذرٍ؟ وماذا على الذي أفطر ف شهر‬
‫رمضان ناسيا؟ وماذا على الذين أسلموا ف منتصف شهر رمضان‪ ،‬من الصوم؟ نن نيب هذه‬
‫السئلة مستدلً با ُروِيَ عن أمي الؤمني عل ّي عليه السلم فنقول‪:‬‬
‫أما الواب عن السؤال الول‪ :‬أي عن تفسي قوله تعال‪َ (( :‬وعَلَى الّذِي َن يُطِيقُونَهُ))‪ :‬فقد‬
‫أخرج أبو جعفر الطبي ف تفسيه عن عليّ بن أب طالب عليه السلم ف قوله تعال‪َ ( :‬وعَلَى‬
‫الّذِينَ يُطِيقُونَهُ ِف ْدَيةٌ َطعَا ُم مِسْكِيٍ) قال‪« :‬الشيخ الكبي الذي ل يستطيع الصوم‪ ،‬يفطر ويطعم‬
‫مكان كل يوم مسكينا»(‪.)232‬‬
‫وف مسند المام زيد بن عل ّي عن أبيه عن جدّه عن أمي الؤمني عليّ عليهم السلم قال‪« :‬لا‬

‫() راجع تفسي الطبي وتفسي الدر النثور للسيوطي ذيل تفسي الية الشار إليها من سورة البقرة‪.‬‬ ‫‪231‬‬

‫() راجع‪ :‬جامع البيان‪.)2/139( ،‬‬ ‫‪232‬‬

‫‪68‬‬
‫أنزل ال عَ ّز وَ َجلّ فريضة شهر رمضان‪ ...‬أتى شيخ كبي يتوكأ بي رجلي فقال يا رسول ال هذا‬
‫شهر رمضان مفروض ول أطيق الصيام‪ .‬فقال رسول صلى ال عليه وآله وسلم‪ :‬اذهب فأطعم عن‬
‫كل يوم نصف صاع للمساكي»(‪.)233‬‬
‫أقول‪ :‬حكم العجوز ف هذه السألة ملحق بالشيخ وأمرها سواء‪.‬‬
‫وأما عن السؤال الثان (أي صيام أيام القضاء) فروى أحد بن عيسى بن زيد ف أماليه عن‬
‫أمي الؤمني عل ّي أنه قال‪« :‬قضاء رمضان متتابعا وإن فرّقته أجزأك»(‪.)234‬‬
‫أقول‪ :‬هذا القول يوافق إطلق الية قال ال عَ ّز وَ َجلّ‪َ(( :‬فعِ ّدةٌ مّنْ أَيّامٍ أُخَرَ)) من دون‬
‫التقييد بم"التتابعات" وإذا صام الصائم متتابعا (على قياس أيام رمضان) فذلك أفضل‪.‬‬
‫وأما عن السؤال الثالث (أي عمن أفطر يوما من شهر رمضان عامدا بل عذر) ف ُروِيَ ف‬
‫مسند زيد بن علي عليه السلم عن أمي الؤمني عليّ عليه السلم أنه قال‪:‬‬
‫«جاء رجلٌ إل رسول ال ف شهر رمضان فقال‪ :‬يا رسول ال إن قد هلكت! قال‪ :‬وما‬
‫ذلك؟ قال‪ :‬باشرت أهلي فغلبتن شهوت حت فعلت! فقال صلّى ال عليه وآله وسلّم‪ :‬هل تد‬
‫عتقا؟ قال‪ :‬ل وال ما ملكت ملوقا قطّ‪ .‬قال صلّى ال عليه وآله وسلّم‪ :‬فصم شهرين متتابعي‪.‬‬
‫قال‪ :‬ل أطيقه‪ .‬قال صلى ال عليه وآله وسلم‪ :‬فانطلق فأطعم ستّي مسكينا‪ .‬قال‪ :‬ل وال ل أقوى‬
‫عليه‪ .‬قال فأمر له رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم بمسة عشر صاعا لكل مسكي مدّ فقال‪:‬‬
‫ج إليهِ منّا! قال صلى ال عليه‬
‫يا رسول ال والذي بعثك بالق نبيّا ما بي لبتيها أهل بيتٍ أحو َ‬
‫ت وعِيالُكَ»(‪.)235‬‬
‫وآله وسلم‪ :‬فانْطلِق وكُلْهُ أن َ‬
‫أقول‪ :‬وقد روى هذا الديث من الماميّة‪ :‬ابن بابويه ف "من ل يضره الفقيه"(‪ )236‬ومن‬
‫أهل السنّة البخاريّ ف صحيحه(‪ )237‬باختلف يسيٍ بألفاظه‪.‬‬
‫خفّفُ على قدر صاحبها‪.‬‬
‫ومن فقه الديث أنّ هذه الكفّارة تُ َ‬
‫() انظر‪ :‬مسند المام زيد‪ ،‬ص ‪.208‬‬ ‫‪233‬‬

‫() الد يقدر بثمانائة غرام‪.‬‬ ‫‪234‬‬

‫() مسند المام زيد‪( ،‬ص‪.)211-210:‬‬ ‫‪235‬‬

‫() انظر من ل يضره الفقيه‪.)116-2/115( :‬‬ ‫‪236‬‬

‫() صحيح البخاري‪.)3/42( ،‬‬ ‫‪237‬‬

‫‪69‬‬
‫وأمّا عن السؤال الرابع (أي عمّن أفطر ف شهر رمضان ناسيا) فقد روى النّعمان بن ممّدٍ‬
‫ف كتاب "دعائم السلم" عن عليّ عليه السلم قال ف قوله ال تعال ((‪َ ..‬ربّنَا لَ ُتؤَاخِ ْذنَا إِن‬
‫نّسِينَا َأوْ أَخْ َط ْأنَا)) [البقرة‪ُ« :]286:‬ا ْستُجيب لم ذلك ف الذي ينسى فيفطر ف شهر رمضان »( ‪.)2 3 8‬‬
‫وأمّا عن السؤال الامس (أي عمّن أسلم ف منتصف شهر رمضان) فقد روى الكَُلْيِنيّ ف‬
‫"الفروع من الكاف" بإسناده عن جعفر بن ممّد عن آبائه عليهم السلم‪« :‬أَ ّن عَِليّا صََلوَاتُ اللّهِ‬
‫ف َشهْرِ َر َمضَانَ ِإنّهُ َلْيسَ عََليْهِ إِل مَا يَسَْت ْقبِلُ»( ‪.)2 3 9‬‬
‫عََليْهِ كَا َن َيقُولُ فِي َرجُلٍ َأسْلَمَ فِي ِنصْ ِ‬

‫ما روي َعنْ عَ ِليّ عليه السلم فيما يتعلّق بآي الجّ‬

‫‪ -1‬قال ال تبارك وتعال ف كتابه العزيز‪:‬‬


‫ت ّمقَامُ‬ ‫ت َبيّنَا ٌ‬
‫ضعَ لِلنّاسِ لَلّذِي ِببَ ّك َة ُمبَارَكًا َوهُدًى لّ ْلعَالَمِيَ‪ .‬فِي ِه آيَا ٌ‬
‫((ِإنّ َأوّلَ َبْيتٍ وُ ِ‬
‫ت مَ ِن اسْتَطَاعَ إَِليْهِ َسبِيلً َومَن َكفَرَ فَِإنّ ال‬ ‫ِإبْرَاهِي َم َومَن َدخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّ ِه عَلَى النّاسِ حِ ّج اْلبَْي ِ‬
‫غَِن ّي عَنِ الْعَالَ ِميَ)) [آل عمران‪.]97-96:‬‬
‫أخرج ابن جرير الطبي ف تفسيه بسنده عن خالد بن عرعرة‪« :‬أنّ رجلً قام إل عل ّي‬
‫فقال‪ :‬أل تبن عن البيت؟ أهو أول بيت وُضِعَ ف الرضِ؟ فقال (عليّ)‪ :‬ل ولكن هو أول بيت‬
‫وضع ف البَرَ َكةِ‪َ ،‬مقَامُ ِإبْرَاهِيمَ‪َ ،‬ومَن َدخَلَهُ كَانَ آمِنًا‪ ...‬الديث»(‪.)240‬‬
‫وف روايةٍ أخرى للطبي أيضا‪« :‬ثنا ممد بن جعفر‪ ،‬قال‪ :‬ثنا شعبة‪ ،‬عن ساك‪ ،‬قال‪ :‬سعت‬
‫ت وُضِعَ لِلنّاسِ َللّذِي ِبَب ّكةَ هو أول بيت‬
‫خالد ابن عرعرة قال‪ :‬سعتُ عِليّا‪ ،‬وقيل له‪ :‬إِنّ َأوّ َل َبيْ ٍ‬
‫كان ف الرض؟ قال‪ :‬ل! فأين كان قوم نوح؟ وأين كان قوم هود؟ قال‪ :‬ولكنّه أو ُل بيتٍ وُضِعَ‬
‫س ُمبَارَكا وَهُدَىً»(‪.)241‬‬
‫لِلنّا ِ‬
‫ت أوّلَ مسجدٍ وُضِعَ للنّاسِ كما رواه أبو ذرّ ‪ -‬رضي ال‬
‫أقول‪ :‬مراده عليه السلم‪ :‬كان البي ُ‬

‫() دعائم السلم‪.)1/274( ،‬‬ ‫‪238‬‬

‫() الفروع من الكاف‪( ،‬ج‪( )4:‬كتاب الصوم)‪( ،‬ص‪.)125:‬‬ ‫‪239‬‬

‫() تفسي الطبي (جامع البيان)‪.)3/8( :‬‬ ‫‪240‬‬

‫() الصدر السابق‪.‬‬ ‫‪241‬‬

‫‪70‬‬
‫عنه ‪ -‬عن النبّ صلى ال عليه وآله وسلم قال‪« :‬قلتُ يا رسول ال!‪ ،‬أيّ مسجدٍ وُضِع أوّلُ؟ قال‪:‬‬
‫السجدُ الرامُ‪ .‬قال‪ :‬ث أيّ؟ قال‪ :‬السج ُد القصى‪ ..‬الديث»(‪.)242‬‬
‫وأخرج أيضا ابن جرير الطبي بإسناده عَ ِن الَارِثِ ع ْن عَِليّ بنِ أب طالبٍ عليه السلم‬
‫قالَ‪ :‬قالَ رسولُ ال صلى ال عليه وآله وسلم‪« :‬مَ ْن مَلَكَ زَادا وَرَا ِحَل ًة ُتبَّلغُه إِل َبيْتِ ال وَلَمْ‬
‫ك أنّ الَ يقُولُ ف ِكتَابِهِ‪(( :‬وَلِلّ ِه عَلَى النّاسِ حِجّ‬ ‫ل عَليْهِ َأنْ يُوت َيهُو ِديّا أو َنصْرَاِنيّا وذَلِ َ‬
‫يَحُ ّج ف َ‬
‫ل َومَن َكفَرَ فَِإ ّن ال غَِن ّي عَنِ الْعَالَ ِميَ»(‪ .)243‬والديث أخرجه‬
‫الَْبْيتِ مَ ِن ا ْستَطَاعَ إَِليْ ِه َسبِي ً‬
‫ي ف سننه أيضا بسنده عن الارث عن عليّ(‪.)244‬‬
‫الترمذ ّ‬
‫حدَ فَرْضَهُ‪ ،‬وأْنكَ َر وجوبَه فماتَ‪ ،‬فهو كاليهود والنّصارى الذين‬
‫أقول‪( :‬مَنْ َكفَرَ) أي من جَ َ‬
‫ماتوا على غي ملّة السلم‪ ،‬لنّ إنكا َر الضّرُورِيّ ُكفْرٌ‪.‬‬
‫‪ -2‬وف مسند زيد بن علي بن السي عن أبيه عن ج ّدهِ عن عليّ أمي الؤمني عليهم‬
‫صفَا وَالْ َم ْر َوةَ مِن َشعَآئِرِ اللّهِ فَ َمنْ حَجّ الَْبيْتَ َأوِ ا ْعتَمَرَ َفلَ‬
‫السلم ف قول ال عَ ّز وَجَلّ‪ِ(( :‬إ ّن ال ّ‬
‫ف ِبهِمَا َومَن تَ َط ّوعَ َخيْرًا فَِإنّ اللّ َه شَاكِ ٌر عَلِيمٌ)) [البقرة‪ ،]158:‬قال‪« :‬كان‬ ‫ح عََليْهِ أَن يَ ّطوّ َ‬
‫ُجنَا َ‬
‫عليهما أصنامٌ فتحرّج السلمون من الطواف بينهما لج ِل الصنامِ فأنزل ال عَزّ وَجَ ّل لئلّ يكونَ‬
‫عليهِمُ حرجٌ ف الطواف من أجل الصنام»(‪.)245‬‬
‫أقول‪ :‬إن الطواف بي الصفا والروة من أركان الجّ وواجباته‪ ،‬ومع ذلك قال تعال‪َ(( :‬فلَ‬
‫ف ِبهِمَا)) فبيّن المام عليه السلم سبب ورود هذا التعبي ف كلمه ال‬
‫ح عََليْهِ أَن يَ ّطوّ َ‬
‫ُجنَا َ‬
‫سبحانه‪.‬‬
‫‪ -3‬وف مسند زيد بن علي عن أمي الؤمني عل ّي عليهم السلم أنّه قال‪« :‬لّا نزل قوله‬
‫تعال‪(( :‬وَلِلّ ِه عَلَى النّاسِ ِح ّج الَْبْيتِ مَ ِن ا ْستَطَاعَ إِلَيْ ِه َسبِيلً)) قام رجلٌ إل النبّ صلّى ال عليه وآله‬
‫فقال‪ :‬يا رسول ال! ال ّج واجبٌ علينا ف ك ّل سنةٍ؟ أو م ّرةً واحدةً ف ال ّدهْرِ؟ فقال النبّ صلّى ال‬

‫() الصدر السابق‪.‬‬ ‫‪242‬‬

‫() الصدر السابق‪.)3/17( :‬‬ ‫‪243‬‬

‫() الامع الصحيح للترمذي‪.)3/176( ،‬‬ ‫‪244‬‬

‫() مسند المام زيد‪( ،‬ص‪.)226:‬‬ ‫‪245‬‬

‫‪71‬‬
‫عليه وآله‪ :‬بَلْ م ّرةً واحد ًة وََلوْ قُ ْلتُ ف ك ّل سنةٍ لوجبَ‪..‬الديث))(‪.)246‬‬
‫أقول‪ :‬أخرج هذا الديث عدةٌ من أهل السنّة أيضا منهم النسائي ف سننه بسنده عن أب‬
‫هريرة قال‪َ :‬خ َطبَ َرسُولُ اللّهِ صلى ال عليه وسلّم النّاسَ َفقَالَ‪« :‬إنّ اللّ َه عَ ّز وَ َجلّ قَدْ َف َرضَ‬
‫ت َنعَمْ‬‫س َكتَ َعنْهُ َحتّى َأعَا َد ُه َثلَثا! فقَالَ‪َ« :‬لوْ قُ ْل ُ‬ ‫حجّ» َفقَالَ رَجُلٌ‪ :‬فِي كُ ّل عَامٍ؟ فَ َ‬ ‫عََليْكُ ُم الْ َ‬
‫ك مَنْ كَانَ َقبَْلكُ ْم ِبكَثْ َر ِة ُسؤَاِلهِمْ‬‫َلوَ َجَبتْ وََل ْو وَ َجَبتْ مَا ُق ْمتُ ْم ِبهَا‪ .‬ذَرُونِي مَا تَرَ ْكُتكُمْ فَإنّمَا هَلَ َ‬
‫خذُوا بِ ِه مَا اسْتَ َط ْعتُ ْم وَإذَا َنهَْيُتكُمْ عَ ْن َشيْءٍ‬
‫شيْءِ فَ ُ‬‫وَا ْختِلَِفهِ ْم عَلَى َأنِْبيَاِئهِمْ فَإذَا َأمَ ْرُتكُمْ بِال ّ‬
‫فَا ْجَتِنبُوهُ»(‪.)247‬‬
‫و ُروِيَ أيضا ف مسند زيد بن علي عن أمي الؤمني عل ّي عليه السلم أنّه قال‪« :‬قال رجلٌ‪:‬‬
‫يا رسول ال! فالعمر ُة واجبةٌ مث ُل الجّ؟ قال ل‪ ،‬ولكن إن اعتمرتَ خيا لكَ»(‪.)248‬‬
‫ح ّج وَالْعُ ْم َرةَ ِللّهِ‪ ..‬الية)) [البقرة‪ ،]196:‬فأمر‬
‫أقول‪ :‬فإن قيل فإن ال تعال يقول‪َ (( :‬وَأتِمّواْ الْ َ‬
‫ل عَ ّز وَجَلّ بالعمرة وأمرُ الِ يدلّ على الوجوبِ! قلتُ‪ :‬إنا أمر سبحانه بالتام ول يأمر بالبتداء‬ ‫اُ‬
‫والنشاء‪ ،‬كما ف قول ال عَ ّز وَ َجلّ‪(( :‬يُوفُو َن بِالنّ ْذرِ‪ ..‬الية)) [النسان‪ ]7:‬حيث أوجب سبحانه‬
‫اليفاءَ ول يوجِب إنشاء النّذر‪.‬‬
‫ويؤيده ما رواه الترمذيّ عن جابر ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬أنّ النبّ صلّى ال عليه (وآله) وسلّم‬
‫ُسئِلَ عن العمرة أواجبةٌ هي؟ فقال‪« :‬ل وأن تعتمروا هو أفضل»(‪.)249‬‬
‫وأخرج الطبي ف تفسيه بسنده عن أب صال النفي قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم‪« :‬الجّ ِجهَادٌ‪ ،‬والعُ ْم َرةُ تَ َط ّوعٌ»(‪.)250‬‬
‫حجّ َأشْهُرٌ ّمعْلُومَاتٌ‪ ...‬الية)) [البقرة‪:]197:.‬‬
‫‪ -4‬وقال ال تعال‪(( :‬الْ َ‬

‫() الصدر السابق‪( :‬ص‪.)223-222:‬‬ ‫‪246‬‬

‫() سنن النسائي‪ ،‬كتاب مناسك الج‪ ،‬باب وجوب الجّ‪.)111-3/110( ،‬‬ ‫‪247‬‬

‫() مسند المام زيد‪( ،‬ص‪.)223:‬‬ ‫‪248‬‬

‫() الاممع الصمحيح للترمذي‪ ،‬كتاب الجم‪ ،‬باب مما جاء فم العمرة‪ ،.)3/270( ،‬وقال أبمو عيسمى (الترمذي)‪ :‬هذا‬ ‫‪249‬‬

‫حد يث ح سن صحيح‪ ،‬و هو قول ب عض أ هل العلم قالوا العمرة لي ست بواج بة وكان يقال ه ا حجان‪ :‬ال ج ال كب يوم‬
‫النحر والج الصغر العمرة‪ .‬وقال الشافعي العمرة سنة‪..‬ال‪.‬‬
‫() تفسي الطبي‪.)3/212( ،‬‬ ‫‪250‬‬

‫‪72‬‬
‫ُروِيَ ف كتاب "العتصام ببل ال" عن عليّ عليه السلم أنّه قال‪« :‬إنّ أشه َر الَ ّج شوّال‬
‫وذو القعدة‪ ،‬والعشر الوّل من ذي الجّة»(‪.)251‬‬
‫‪ -5‬وقال ال عَ ّز وَ َجلّ‪َ (( :‬وأَذَا ٌن مّنَ اللّ ِه وَ َرسُولِهِ إِلَى النّاسِ َي ْو َم الْحَ ّج الَ ْكبَرِ‪ ..‬الية))‬
‫[التوبة‪.]3:‬‬
‫حرِ‬
‫وقد تظاهرت الخبار عن أمي الؤمني عليّ عليه السلم أن يوم ال ّج الك ِب هو يوم النّ ْ‬
‫كما رواها ابن جريرٍ الطبيّ ف تفسيه‪ ،‬وهو الروِيّ عن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫قال‪« :‬ثنا ممد بن جعفر‪ ،‬قال‪ :‬ثنا شعبة‪ ،‬عن عمرو بن مرة‪ ،‬عن مرة المدان‪ ،‬عن رجلٍ من‬
‫أصحاب النب صلى ال عليه وآله وسلم قال‪ :‬قام فينا رسول ال على ناقةٍ حراء مضرمةٍ‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ي يومٍ يو ُمكُم؟ قالوا‪ :‬يو ُم النّحْرِ‪ ،‬قال‪ :‬صدقتم يومُ ال ّج الكبِ»(‪.)252‬‬
‫أتدرون أ ّ‬
‫حجّ فَمَا ا ْستَيْسَ َر مِ َن اْلهَدْيِ َفمَن لّمْ‬
‫‪ -6‬وقال ال عَ ّز وَجَلّ‪َ..(( :‬فمَن تَ َمتّ َع بِاْلعُمْ َرةِ إِلَى الْ َ‬
‫م تِلْكَ عَشَ َرةٌ كَامَِلةٌ‪ ..‬الية)) [البقرة‪]196:‬‬ ‫صيَامُ ثَلَثةِ َأيّامٍ فِي الْحَ ّج َو َسْبعَةٍ إِذَا َر َجعْتُ ْ‬
‫يَجِدْ َف ِ‬
‫روى السيوطي ف الدر النثور قال‪« :‬أخرج عبد الرزاق وابن أب شيبة وعبد بن حيد وابن‬
‫جرير وابن أب حات والبيهقي عن علي بن أب طالب ((فصيام ثلثة أيام ف الج)) قال‪« :‬قبل‬
‫التروية يوم‪ ،‬ويوم التروية‪ ،‬ويوم عرفة‪ ،‬فإن فاتته صامهن أيام التشريق»‪.‬‬
‫ي الهادِ ف سَبِيلِ الِ‬
‫ما ُروِيَ عن عليّ عليه السلم ف آ ِ‬

‫‪ -1‬قال ال العظيم ف كتابه‪(( :‬اْنفِرُواْ ِخفَافًا َوِثقَالً وَجَاهِدُوْا ِبأَ ْموَالِكُ ْم َوأَنفُسِكُمْ فِي َسبِيلِ‬
‫اللّهِ ذَِلكُمْ َخْيرٌ ّلكُمْ إِن كُنتُمْ تَعَْلمُونَ)) [التوبة‪.]41:‬‬
‫روى الكَُلْينِيّ ف الفروع من الكاف بإسناده عن الصبغِ ب ِن نُباتةَ(‪ )253‬قال‪ :‬قال أم ُي الؤمني‬
‫جهَادُ الرّجُ ِل بَذْ ُل مَالِ ِه وَنفْسِهِ َحتّى‬
‫جهَا َد عَلَى الرّجَا ِل والنّسَاءِ َف ِ‬
‫عليّ عليه السلم‪َ (( :‬كَتبَ اللّ ُه الْ ِ‬
‫س ُن الّتَبعّل))(‪.)254‬‬
‫ُيقْتَلَ فِي َسبِيلِ اللّهِ‪ .‬قال‪ :‬وَ ِجهَا ُد الْ َم ْرأَةِ حُ ْ‬

‫() العتصام ببل ال‪ ،‬للقاسم بن ممد (من أئمة الشيعة الزيديّة)‪.)3/23( ،‬‬ ‫‪251‬‬

‫() انظر تفسي الطبي‪.)10/73( :‬‬ ‫‪252‬‬

‫() قال العلمة ابن الطهّر اللي‪ :‬الصبغ بن نباتة كان من خا صّة أصحاب أمي الؤمني عليه السلم‪ُ ،‬عمّرَ بعده‪ ،‬وهو‬ ‫‪253‬‬

‫مشكورٌ (خلصة القوال‪ ،‬ص‪.)77:‬‬


‫() الفروع من الكاف‪( ،‬ج‪( )5:‬كتاب الهاد)‪( ،‬ص‪.)9:‬‬ ‫‪254‬‬

‫‪73‬‬
‫صفّ َ‬
‫ي‬ ‫وروى الكَُلْينِيّ عن مَالِكِ بْنِ أَ ْعيَنَ قَالَ‪َ « :‬ح ّرضَ َأمِ ُي الْ ُم ْؤمِنِيَ عليه السلم النّاسَ بِ ِ‬
‫َفقَالَ (مشيا إل ما جاء ف سورة الصَفّ) إِنّ اللّ َه عَزّ و َجلّ دَّلكُ ْم عَلى تِجا َر ٍة ُتنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ‬
‫جهَادِ فِي َسبِيلِ اللّ ِه وَ َجعَ َل َثوَابَهُ َم ْغفِ َرةً لِل ّذْنبِ‬ ‫خيْ ِر الِيَانِ بِاللّ ِه والْ ِ‬‫شفِي ِبكُ ْم عَلَى الْ َ‬ ‫أَلِيمٍ َوتُ ْ‬
‫صفّا‬ ‫ب الّذِي َن يُقاتِلُونَ فِي َسبِيلِهِ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ت عَ ْدنٍ‪ .‬وَقَا َل عَ ّز وَ َجلّ‪ِ(( :‬إنّ اللّ َه يُ ِ‬ ‫َومَساكِنَ طَّيَبةً فِي َجنّا ِ‬
‫صفُوفَكُمْ كَاْلُبْنيَا ِن الْمَرْصُوصِ‪...‬‬ ‫سوّوا ُ‬ ‫َكأَّنهُ ْم ُبنْيا ٌن مَرْصُوصٌ)) فَ َ‬
‫ص ْلتُمْ إِلَى ِرجَا ِل اْل َقوْمِ فَل َت ْهتِكُوا ِستْرا وَل تَدْ ُخلُوا دَارا‬ ‫(إل قوله) وَل تُ َمثّلُوا بِ َقتِي ٍل وإِذَا وَ َ‬
‫سكَ ِرهِمْ‪ ،‬وَل ُت َهيّجُوا امْ َرَأ ًة ِبأَذًى‪َ ،‬وإِ ْن َشتَمْنَ‬ ‫وَل َتأْخُذُوا َشيْئا مِنْ َأ ْموَاِلهِمْ إِل مَا وَجَ ْدتُمْ فِي عَ ْ‬
‫ضعَافُ الْ ُقوَى وَالَْن ُفسِ وَاْل ُعقُولِ‪ ،‬وََقدْ ُكنّا ُن ْؤمَرُ‬ ‫صلَحَاءَكُمْ‪َ ،‬فِإّنهُنّ ِ‬ ‫َأعْرَاضَكُ ْم َو َسَببْنَ ُأمَرَاءَكُ ْم وَ ُ‬
‫ت َوإِنْ كَانَ الرّجُلُ َلَيتَنَاوَ ُل الْمَ ْرَأةَ َفُيعَيّرُ ِبهَا َو َع ِقبُهُ مِ ْن َبعْ ِدهِ‪.‬‬ ‫شرِكَا ٌ‬ ‫ف َعْنهُ ّن َوهُنّ مُ ْ‬ ‫بِالْكَ ّ‬
‫حفّو َن بِرَايَاتِهِ ْم وَي ْكتَِنفُوَنهَا وَيصِيُونَ ِحفَاَفْيهَا ووَرَا َءهَا‬ ‫ظ هُ ُم الّذِينَ يَ ُ‬ ‫حفَا ِ‬ ‫َو اعْلَمُوا أَنّ َأهْلَ الْ ِ‬
‫ضّيعُوَنهَا ل َيتَأَخّرُو َن َعْنهَا َفيُسَلّمُوهَا ول َيَتقَ ّدمُونَ عََلْيهَا َفُيفْ ِردُوهَا َرحِمَ اللّ ُه امْ َرأً‬ ‫وَأمَا َمهَا ول يُ َ‬
‫ك اللئِ َم َة وَيأِْتيَ‬ ‫ب بِذَلِ َ‬ ‫جتَمِعَ ِق ْرنُهُ وقِ ْرنُ َأخِيهِ َفَي ْكتَسِ َ‬ ‫وَاسَى أَخَاهُ ِبَنفْسِهِ ولَ ْم يَكِلْ ِق ْرنَهُ إِلَى أَخِيهِ َفيَ ْ‬
‫ك يَ َدهُ َقدْ خَلّى ِق ْرنَهُ عَلَى أَخِي ِه هَارِبا‬ ‫ك و ُه َو ُيقَاتِ ُل الْثنَيْ ِن وهَذَا ُممْسِ ٌ‬ ‫ف ل يَكُونُ كَذَلِ َ‬ ‫بِ َدنَا َءةٍ و َكيْ َ‬
‫ِمنْهُ َينْظُرُ إَِليْ ِه وهَذَا َفمَ ْن َي ْفعَلْهُ يَ ْمقُتْهُ اللّهُ فَل َتعَرّضُوا ِل َمقْتِ اللّ ِه عَزّ و َجلّ فَِإنّمَا مَ َمرّكُمْ إِلَى اللّهِ‬
‫وَقَدْ قَالَ اللّ ُه عَزّ وَجَلّ ((لَ ْن َيْن َفعَكُ ُم اْلفِرارُ ِإنْ َفرَ ْرتُ ْم مِ َن الْ َموْتِ َأ ِو الْ َقتْ ِل وإِذا ل تُ َمّتعُونَ إِل‬
‫صبْرِ‬ ‫ف اْلعَاجَِل ِة ل تَسْلَمُو َن مِ ْن ُسيُوفِ الجَِلةِ‪ ،‬فَا ْسَتعِينُوا بِال ّ‬ ‫قَلِيلً))‪ .‬وَأيْمُ اللّهِ َلئِنْ َفرَ ْرتُ ْم مِ ْن ُسيُو ِ‬
‫صبْرِ فَجَاهِدُوا فِي اللّهِ حَقّ ِجهَا ِدهِ‪ ،‬وَل ُق ّوةَ إِل بِاللّهِ‪...‬‬ ‫وَالصّ ْدقِ فَِإنّمَا َينْزِ ُل الّنصْ ُر َبعْدَ ال ّ‬
‫الديث))(‪.)255‬‬
‫وَ َروَى الكَُلْينِيّ ف الفروع من الكاف أيضا عن عقي ٍل الُزاعِيّ قال‪ :‬إن أمي الؤمني عليّ‬
‫جهَادَ َأشْرَفُ‬ ‫عليه السلم كان إذا حضر الرب يوصي السلمي بكلمات (منها)‪« :‬ثُمّ ِإ ّن الْ ِ‬
‫الَعْمَا ِل َبعْ َد ا ِلسْل ِم َو ُهوَ ِقوَامُ الدّينِ وَالَ ْجرُ فِيهِ عَظِي ٌم مَ َع اْلعِ ّز ِة وَالْ َمنَ َعةِ‪َ ،‬و ُهوَ اْلكَ ّرةُ فِيهِ‬
‫ب وَاْلكَرَا َمةِ‪َ .‬يقُولُ اللّهُ عَ ّز وَجَلّ‬ ‫شهَا َدةِ َوبِالرّ ْزقِ غَدا ِعنْدَ الرّ ّ‬ ‫جّن ِة َبعْدَ ال ّ‬
‫سنَاتُ وَاْلبُشْرَى بِالْ َ‬ ‫الْحَ َ‬
‫ف مِنْ ِجهَادِ‬ ‫خوْ َ‬ ‫ب وَالْ َ‬ ‫سبَ ّن الّذِينَ ُقِتلُوا فِي َسبِيلِ اللّ ِه أمْواتا‪ ..‬الَيةَ» ثُمّ ِإنّ ال ّرعْ َ‬ ‫((وَل َتحْ َ‬
‫صغَارِ‪،‬‬ ‫جهَا ِد والْ ُمَتوَازِرِي َن عَلَى الضّللِ‪ ،‬ضَللٌ فِي الدّي ِن َوسَ ْلبٌ لِل ّدنْيَا‪ ،‬مَعَ الذّ ّل وَال ّ‬ ‫ستَحِقّ لِ ْل ِ‬
‫الْمُ ْ‬
‫ف عِنْدَ َحضْ َرةِ الْ ِقتَالِ‪َ .‬يقُولُ اللّ ُه َع ّز وَجَلّ‪(( :‬يا َأّيهَا الّذِينَ‬ ‫ب النّا ِر بِاْلفِرَا ِر مِنَ الزّ ْح ِ‬
‫وَفِيهِ ا ْستِيجَا ُ‬

‫() الفروع من الكاف‪ ،‬ج ‪ ،5‬باب ما كان يوصي أمي الؤمني عليه السلم به‪( ،‬ص‪.)39:‬‬ ‫‪255‬‬

‫‪74‬‬
‫آ َمنُوا إِذا َلقِيتُ ُم الّذِينَ َكفَرُوا زَحْفا فَل ُتوَلّوهُ ُم الَدْبارَ)) فَحَاِفظُوا عَلَى َأمْرِ اللّ ِه عَ ّز وَجَلّ فِي هَ ِذ ِه‬
‫صبْ ُر عََلْيهَا كَ َر ٌم َو َسعَا َدةٌ ونَجَاةٌ فِي ال ّدْنيَا وَالخِ َر ِة مِنْ فَظِي ِع اْل َهوْ ِل وَالْمَخَاَفةِ‪ .‬فَِإنّ‬ ‫الْ َموَاطِ ِن الّتِي ال ّ‬
‫ف بِ ِه عِلْما‪ ،‬وَكُلّ ذَلِكَ فِي كِتابٍ ل‬ ‫اللّ َه عَ ّز وَجَ ّل ل َي ْعبَُأ بِمَا اْل ِعبَا ُد ُمقْتَرِفُونَ َليَْلهُ ْم َوَنهَا َرهُمْ‪ .‬لَطُ َ‬
‫صبِرُوا وَصَابِرُوا وَاسْأَلُوا الّنصْ َر َووَ ّطنُوا َأْنفُسَكُ ْم عَلَى اْلقِتَالِ‪ .‬وَاّتقُوا اللّ َه عَزّ‬ ‫َيضِلّ َربّي وَل َينْسى‪ .‬فَا ْ‬
‫سنُونَ»(‪.)256‬‬ ‫وَجَلّ فَِإنّ اللّ َه مَ َع الّذِي َن اتّ َقوْا وَالّذِي َن هُ ْم مُحْ ِ‬
‫‪ -2‬ويقول ال سبحانه يقول ف كتابه‪(( :‬وَقَاتِلُواْ فِي َسبِيلِ اللّ ِه الّذِي َن ُيقَاتِلُوَنكُ ْم وَلَ َت ْعتَدُواْ‬
‫ب الْ ُم ْعتَدِينَ)) [البقرة‪.]190:‬‬
‫ح ّ‬
‫إِنّ اللّهَ َل يُ ِ‬
‫وقد بيّن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم لصحابه معن العتداء ومصاديقه فقال‪:‬‬
‫ل وَل امْرَأ ًة وَل شيخا كبيا ل يطيق قتالكم‪ ،‬وَل ُتغْوِرُوا عينا‪ ،‬ول‬ ‫«‪...‬فل تقتلوا وليدا وَل طِ ْف ً‬
‫تقطعوا شجرا إ ّل شجرا َيضُرّكُمْ‪ ،‬وَل تثّلوا بآدميّ وَل بيمةٍ‪ ،‬وَل تغُلّوا وَل َتغْدِرُوا (وَل تظلموا‬
‫ول تعتدوا)‪ ،‬وأيّمَا رج ٍل منكم من أقصاكم أو أدناكم‪ ،‬من أحراركم أو عبيدكم‪ ،‬أعطى رجلً‬
‫منهم أمانا‪ ،‬أو أشا َر إلي ِه بيدهِ فأقبل إليه بإشارته‪ ،‬فله المان حت يسمع كلم ال‪ ،‬أي كتاب ال‪،‬‬
‫فإنْ َقبِلَ فأخوكم ف دينكم‪ ،‬وأنْ أب فردّوه إل مأمنه واستعينوا بال عليه»(‪ .)257‬كما رواه عليّ‬
‫عليه السلم عن النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫شبْرٍ‪،‬‬
‫واتّبع عل ّي عليه السلم ابنَ عمّهِ رسولَ الِ صلى ال عليه وآله وسلم ف حروبِ ِه ِشبْرا ب ِ‬
‫كما روى الكَُلْينِ ّي بإسناده عن أب حزة الثمال(‪ )258‬قال قلتُ لعليّ بن السي صلوات ال‬
‫عليهما‪ :‬إن عليّا عليه السلم سار ف أهل القبلة بلف سيةِ رسولِ ال صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫ل فيهم بسيةِ رسولِ ال صلى ال عليه‬ ‫س وَقالَ‪« :‬سا َر وَا ِ‬ ‫ضبَ ثّ جل َ‬ ‫ف أهل الشّ ْركِ! قال‪ :‬فغ ِ‬
‫ك و ُهوَ عَلَى ُمقَ ّد َمتِهِ َي ْو َم الَْبصْ َر ِة بَِأنْ ل يَ ْطعُنَ فِي َغيْرِ‬
‫وآله وسلم يومَ الفتحِ‪ .‬إ ّن عليّا َكتَبَ إِلَى مَالِ ٍ‬
‫ُمقْبِ ٍل وَل َي ْقتُلَ مُ ْدبِرا وَل ُيجِي َز عَلَى جَرِيحٍ‪َ ،‬ومَنْ َأغْلَ َق بَابَهُ َف ُهوَ آمِنٌ»(‪.)259‬‬
‫و َعهِدَ رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم إل أمراء جُن ِدهِ يوم فتح م ّكةَ‪« :‬أن ل يُقاتِلوا إل‬
‫() الفروع من الكاف‪.)38-5/37( ،‬‬ ‫‪256‬‬

‫() مسند المام زيد‪( ،‬ص‪ ،)351:‬وتيسي الطالب ف أمال أب طالب‪( ،‬ص‪( ،)290:‬وقد جعت ف الرواية أعله بي‬ ‫‪257‬‬

‫ألفاظهما الختلفة يسيا)‪ ،‬ودرر الحاديث النبوية بالسانيد اليحيوية‪( ،‬ص‪ .)182-181:‬ووسائل الشيعة‪،)11/43( ،‬‬
‫ومن كتب أهل اسنة انظر إل‪" :‬التاج الامع للصول" لبن الثي‪.)4/367( ،‬‬
‫() هو ثابت بن دينار وكنيته أبو حزة الثمال‪ ،‬روى عن علي بن السي السجّاد عليه السلم‪ ،‬وكان ثقةً ثَبْتا وكان له‬ ‫‪258‬‬

‫أربعة أبناء قُتِلوا مع زيد بن عليّ عليه السلم‪.‬‬


‫() الفروع من الكاف‪.)5/33( ،‬‬ ‫‪259‬‬

‫‪75‬‬
‫من قاتلهم (كما قال ال عَ ّز وَ َجلّ‪ :‬وَقَاتِلُواْ فِي َسبِيلِ اللّ ِه الّذِي َن ُيقَاتِلُونَكُ ْم وَ َل َت ْعتَدُواْ ِإنّ اللّهَ َل‬
‫س أمي جيشه‪(( :‬ل تُقاتِلَنّ إ ّل مَنْ‬ ‫ب الْ ُمعْتَدِينَ)‪ ،‬وكذلك قال عليّ عليه السلم لِ َم ْعقِلِ بن قي ٍ‬ ‫ح ّ‬‫يُ ِ‬
‫(‪)260‬‬
‫قَاتَلَكَ))‬
‫و َروَى البلذريّ ف كتابه "أنساب الشراف" قال‪« :‬وقال أبو منف وغيه وَأمَ َر عَِل ّي‬
‫جهِزُوا على جريحٍ‪ ،‬ول يثّلوا‪ ،‬ول يدخلوا دارا بغي‬
‫أصحابَه أن ل يُقاتِلُوا حت ُيبْ َدؤُا‪ ،‬وأن ل ُي ْ‬
‫إذنٍ‪ ،‬ول يشتموا أحدا‪ ،‬ول يهيجوا امرأةً‪ ،‬ول يأخذوا إل ما ف عسكرهم»(‪.)261‬‬
‫ب عن أبيه أن أمي الؤمني عليا صلوات ال عليه كان يأمر‬ ‫وف حديثِ عبد الرّحن بن جندُ ٍ‬
‫جةٍ‬
‫ف ك ّل موطنٍ لقينا فيه عدوّا فيقول‪« :‬ل ُتقَاتِلُوا الْ َق ْومَ َحتّى َيبْدَءُوكُمْ فَِإّنكُ ْم بِحَ ْمدِ اللّ ِه عَلَى حُ ّ‬
‫جهِزُوا عَلَى‬
‫جةٌ َلكُمْ أُ ْخرَى فَِإذَا هَ َز ْمتُمُوهُمْ فَل َتقْتُلُوا مُ ْدبِرا ول تُ ْ‬ ‫وتَرْ ُككُمْ إِيّاهُمْ َحتّى َيبْدَءُوكُمْ حُ ّ‬
‫شفُوا َعوْ َرةً ول تُ َمثّلُوا بِ َقتِيلٍ»(‪.)262‬‬
‫َجرِي ٍح ول َتكْ ِ‬

‫ي المر بالعروف والنّه ِي عن الُنْ َكرِ‬


‫ما ُروِيَ َعنْ عَ ِليّ عليه السلم ف آ ِ‬

‫قال ال سبحانه وتعال‪ُ(( :‬لعِ َن الّذِينَ َكفَرُوْا مِن َبنِي ِإسْرَائِي َل عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْ ِن‬
‫س مَا كَانُوْا َيفْعَلُونَ))‬
‫مَ ْريَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وّكَانُواْ َي ْعتَدُونَ‪ .‬كَانُواْ َل َيَتنَا َه ْونَ عَن مّنكَرٍ َفعَلُوهُ َلِبْئ َ‬
‫[الائدة‪.]79-78:‬‬
‫روى أبو جعفر السكاف العتزل ف كتابه "العيار والوازنة" تت عنوان‪« :‬ف كلم عل ّي‬
‫عليه السلم ف تأكّد وجوب المر بالعروف والنهي عن النكر وعدم جواز الداراة مع الفساق‬
‫والنافقي والطغاة»‪ ،‬أنه عليه السلم قال ف المر بالعروف والنهي عن النكر والدعاء إل ماربة‬
‫أهل البغي‪:‬‬
‫«أوصيكم عباد ال بتقوى ال وأحذركم الدنيا وما فيها من الغضارة والبهاء والكرامة‬
‫والبهجة الت ليست بلف ما زين ال به العلماء وبا أعطوا من العقب الدائمة والكرامة الباقية‪،‬‬
‫ذلك بأن العاقبة للمتقي والسرة والندامة والويل الطويل على الظالي‪ .‬فاعتبوا با وعظ ال به‬

‫() أنساب الشراف‪،‬البلذري‪( ،‬ص‪.)240:‬‬ ‫‪260‬‬

‫() راجع أنساب الشراف للبلذري‪.)2/479( ،‬‬ ‫‪261‬‬

‫() الفروع من الكاف‪.)5/38( ،‬‬ ‫‪262‬‬

‫‪76‬‬
‫أولياءه من سوء ثنائه على الحبار إذ يقول‪َ(( :‬لوْلَ َيْنهَاهُمُ ال ّربّانِيّونَ وَالَ ْحبَا ُر عَن َقوِْلهِ ُم الِثْمَ‬
‫حتَ)) [الائدة‪ ،]63:‬وقال‪ُ(( :‬لعِ َن الّذِينَ َكفَرُواْ مِن َبنِي ِإسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ‬ ‫َوأَكِْلهِمُ السّ ْ‬
‫س مَا‬‫ك بِمَا َعصَوا وّكَانُوْا َيعْتَدُونَ‪ .‬كَانُواْ لَ يََتنَا َهوْ َن عَن مّنكَرٍ َفعَلُوهُ َلِبئْ َ‬
‫َوعِيسَى ابْ ِن مَ ْريَمَ ذَلِ َ‬
‫كَانُوْا َيفْعَلُونَ)) [الائدة‪.]79-78:‬‬
‫وإنا عاب ال ذلك عليهم لنم كانوا يرون من الظلمة الذين بي أظهرهم المر النكر من‬
‫الفساد ف بلدهم فل ينهون عن ذلك رغبةً فيما كانوا ينالون منهم‪ ،‬ورهبةً ما كانوا يذرون‪,‬‬
‫حكُمُ ِبهَا الّنبِيّونَ الّذِينَ َأسْلَمُواْ لِلّذِي َن هَادُواْ‬ ‫وال يقول‪ِ(( :‬إنّا أَنزَْلنَا الّتوْرَاةَ فِيهَا هُدًى َونُورٌ َي ْ‬
‫ش ُواْ النّاسَ‬
‫ل تَخْ َ‬ ‫حفِظُوْا مِن ِكتَابِ اللّ ِه وَكَانُواْ عََليْهِ ُشهَدَاء َف َ‬ ‫وَال ّربّاِنيّو َن وَالَ ْحبَا ُر بِمَا اسْتُ ْ‬
‫ضهُمْ َأوِْليَاء َب ْعضٍ َي ْأمُرُونَ‬
‫ت َبعْ ُ‬
‫شوْنِ‪ ..‬الية)) [الائدة‪ .]44:‬وقال‪(( :‬وَالْ ُم ْؤ ِمنُونَ وَالْ ُم ْؤ ِمنَا ُ‬ ‫وَاخْ َ‬
‫ف َوَيْنهَ ْونَ عَ ِن الْمُنكَرِ‪ ..‬الية)) [التوبة‪ ،]71:‬فبدأ ال بالمر بالعروف والنهي عن النكر‬ ‫بِالْ َمعْرُو ِ‬
‫فريضة منه لعلمه بأنا إذا أ ّديَت وأقِيمت استقامت الفرائض كلّها هّينُها وصعبُها‪ .‬ذلك بأن المر‬
‫بالعروف والنهي عن النكر دعاء إل السلم مع ردّ الظال ومالفة الظال وقسمة الفيء والغنائم‬
‫وأخذ الصدقات من مواضعها ووضعها ف حقها‪ .‬ث أنتم أيتها العصابة عصابة بالعلم مشهورة‬
‫وبالي مذكورة وبالنصيحة معروفة وبال ف أنفس الناس لكم مهابة‪ ،‬يهابكم الشريف ويكرمكم‬
‫الضعيف ويؤثركم من ل فضل لكم عليه‪ ،‬ول يد لكم عنده تشفعون بالوائج إذا امتنعت من‬
‫طلبا‪ ،‬وتشون ف الطريق بيبة اللوك وكرامة الكابر‪ .‬أليس كل ذلك إنا نلتموه لا يرجى‬
‫عندكم من قيام بق ال؟‪ ,‬وإن كنتم عن أكثر حقه مقصرين واستخففتم بق الئمّة‪ .‬فأما حق ال‬
‫وحق الضعفاء فضيعتم‪ ،‬وأما حقكم بزعمكم فطلبتم فكنتم كحراس مدينة أسلموها وأهلها للعدو‬
‫[و] بنلة الطباء الذين استوفوا ثن الدواء وعطلوا الرضى‪ ...‬الديث)) (‪.)263‬‬

‫ما ُروِيَ َعنْ عَ ِليّ عليه السلم ف تفسي آية كفّارة النث باليمي‬

‫قال ال سبحانه وتعال‪َ (( :‬ل ُيؤَاخِذُكُمُ اللّ ُه بِالّل ْغوِ فِي أَيْمَاِنكُ ْم وََلكِن ُيؤَاخِذُكُم بِمَا َعقّدتّ ُم‬
‫حرِيرُ رََقَبةٍ‬ ‫س َوُتهُمْ َأوْ تَ ْ‬
‫ط مَا تُ ْطعِمُونَ َأهْلِيكُمْ َأوْ كِ ْ‬ ‫ي مِنْ َأ ْوسَ ِ‬ ‫الَيْمَانَ َف َكفّا َرتُهُ ِإ ْطعَامُ عَشَ َر ِة مَسَاكِ َ‬
‫ك ُيبَيّنُ اللّهُ‬
‫لَثةِ َأيّامٍ ذَلِكَ َكفّا َرةُ َأيْمَاِنكُمْ إِذَا حََل ْفتُ ْم وَا ْحفَظُواْ َأيْمَاَنكُمْ كَذَلِ َ‬
‫صيَامُ ثَ َ‬
‫فَمَن لّ ْم يَجِدْ َف ِ‬

‫() كتاب "العيار والوازنة" لب جعفر السكاف العتزل‪( ،‬ص‪.)275-274:‬‬ ‫‪263‬‬

‫‪77‬‬
‫[الائدة‪]89:‬‬ ‫شكُرُونَ))‬
‫َلكُ ْم آيَاتِهِ َلعَّلكُ ْم تَ ْ‬
‫روى السيوطي ف الدر النثور قال‪ :‬أخرج عبد الرزاق وابن أب شيبة وعبد بن حيد وابن‬
‫جرير وابن أب حات وأبو الشيخ عن علي بن أب طالب قال‪« :‬ف كفارة اليمي إطعام عشرة‬
‫مساكي‪ ،‬لكل مسكي نصف صاع من حنطة»‪ .‬ث روى السيوطي مثله عن ابن عباس وماهد‪،‬‬
‫ث قال‪:‬‬
‫وأخرج عبد بن حيد وابن جرير وابن النذر وابن أب حات عن علي بن أب طالب ف قوله‬
‫((فكفارته إطعام عشرة مساكي)) قال‪« :‬يغديهم ويعشيهم‪ ،‬إن شئت خبزا ولما‪ ،‬أو خبزا‬
‫وزيتا‪ ،‬أو خبزا وسنا‪ ،‬أو خبزا وترا»(‪.)264‬‬
‫[الائدة‪:‬‬ ‫س َوُتهُمْ))‬
‫وأخرج القاضي النعمان بسنده عن علي عليه السلم ف قوله تعال‪َ(( :‬أوْ كِ ْ‬
‫‪:]89‬قال‪« :‬ثوبان لكل إنسان»(‪.)265‬‬
‫ح والطّلقِ‬
‫ي النّكا ِ‬
‫ما ُروِيَ َعنْ عَ ِليّ عليه السلم ف تفسي آ ِ‬

‫ل تَمِيلُواْ كُ ّل الْ َميْلِ َفتَذَرُوهَا‬


‫صتُمْ َف َ‬
‫ستَطِيعُواْ أَن َتعْدِلُوْا َبيْنَ النّسَاء وََلوْ حَرَ ْ‬
‫‪ -1‬قال تعال‪(( :‬وَلَن تَ ْ‬
‫كَالْ ُمعَّل َق ِة َوإِن ُتصْلِحُوْا َوتَّتقُواْ فَِإنّ اللّهَ كَانَ َغفُورًا رّحِيمًا)) [النساء‪.]129:‬‬
‫ُروِيَ ف مسند المام زيد بن علي عن أبيه عن جدّه عن أمي الؤمني عليّ عليه السلم ف‬
‫صتُمْ)) قال‪« :‬هذا ف البّ‬
‫ستَطِيعُواْ أَن َتعْدِلُوْا َبيْنَ النّسَاء وََلوْ حَرَ ْ‬
‫قول ال عَ ّز وَ َجلّ‪(( :‬وَلَن تَ ْ‬
‫(‪)266‬‬
‫ع وأمّا النفقة والكسوة والبيتوتة فل بدّ من العدْلِ ف ذلكَ»‬
‫والما ِ‬
‫ت وَ َطعَا ُم الّذِينَ أُوتُواْ اْلكِتَابَ ِحلّ ّلكُ ْم َوطَعَا ُمكُ ْم‬ ‫‪ -2‬وقال ال عَ ّز وَجَلّ‪(( :‬اْلَيوْمَ أُحِلّ َلكُمُ ال ّطّيبَا ُ‬
‫ب مِن َقبِْلكُمْ إِذَا آَتيْتُمُوهُنّ‬
‫صنَاتُ مِ َن الّذِينَ أُوتُوْا الْ ِكتَا َ‬ ‫حَ‬ ‫صنَاتُ مِ َن الْ ُم ْؤ ِمنَاتِ وَالْ ُم ْ‬
‫حَ‬ ‫حِلّ ّلهُمْ وَالْ ُم ْ‬
‫خذِي أَخْدَانٍ‪ ..‬الية)) [الائدة‪.]5:‬‬ ‫ي َغيْ َر مُسَافِحِيَ وَلَ ُمتّ ِ‬ ‫صنِ َ‬‫حِ‬ ‫أُجُو َرهُ ّن مُ ْ‬
‫ُروِيَ من طريق عبيد ال بن عمر بن عليّ عن ج ّدهِ أمي الؤمني عليّ عليه السلم أنّه قال‪:‬‬

‫() انظر الدر النثور ف التفسي بالأثور للسيوطي‪ ،‬ذيل تفسيه للية الذكورة (‪ )89‬من سورة الائدة‪.‬‬ ‫‪264‬‬

‫() دعائم السلم‪،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.102‬‬ ‫‪265‬‬

‫() مسند المام زيد‪( ،‬ص‪.)312:‬‬ ‫‪266‬‬

‫‪78‬‬
‫(‪)267‬‬
‫ي ول النصرانّ السلمةَ‪ ،‬وينكحُ السل ُم اليهودّيةَ والنصرانّيةَ»‬
‫«ل ينكحُ اليهود ّ‬
‫سَتنْبَطُ هذا الكم مّا أحلّ ال تعال ف كتابه للمسلم أن ينكحَ امرأ ًة كتابّيةَ ول يأذنْ‬ ‫أقول‪ :‬يُ ْ‬
‫حلّونَ‬
‫للمسلمة أن ينكحها رجلٌ من أهل الكتاب‪ .‬أمّا قوله قوله تعال‪(( :‬ل هُنّ حِلّ ّلهُ ْم وَل هُ ْم يَ ِ‬
‫َلهُنّ)) [المتحنة‪ ]10:‬فإنّه نزل ف الكفّار الوثنيي والسلمات الهاجرات‪.‬‬
‫‪ -3‬و ُروِيَ ف مسند المام زيد بن علي عن عليّ عليه السلم ف الرّجُلِ تأت امرأتُه ِبوَلَ ٍد فينفيَهُ‪،‬‬
‫قال‪:‬‬
‫سةَ‬
‫ي وَالْخَامِ َ‬‫ت بِاللّهِ ِإنّهُ َلمِ َن الصّادِقِ َ‬‫شهَدُ أَ ْربَ َع َشهَادَا ٍ‬
‫«يلع ُن المامُ َبْينَهُمَا يبْ َدأُ بالرّ ُج ِل فيَ ْ‬
‫ت بِاللّهِ ِإنّهُ لَمِ َن اْلكَا ِذبِيَ‬
‫أَنّ َل ْعنَتَ اللّ ِه عََليْهِ إِن كَا َن مِ َن الْكَا ِذبِيَ‪ .‬ث تشه ُد الرأةُ أَ ْربَ َع َشهَادَا ٍ‬
‫ضبَ اللّ ِه عََلْيهَا إِن كَانَ مِ َن الصّادِقِيَ‪ .‬فإذا َفعَل ذلِكَ فَرّق المَامُ َبْيَنهُمَا وَ ْل يتَ ِمعَا‬ ‫سةَ َأ ّن غَ َ‬
‫وَالْخَامِ َ‬
‫ح َق الوَلَدَ بِأمّهِ»(‪.)268‬‬
‫أبَدا‪ .‬وألْ َ‬
‫أقول‪ :‬هذا تفسي ما جاء ف سورة النّور مِ ْن أمْرِ اللعان(‪.)269‬‬

‫ي فيه أيضا أ ّن عليّا عليه السلم قال‪« :‬اليلءُ هو القسَمُ‪ ،‬وهو الَ ْلفُ‪ ،‬وإذا حَلَفَ‬ ‫‪ -4‬و ُروِ َ‬
‫الرّجُلُ ل يقربُ امرأتَه أربع َة أشهُ ٍر أو أكثرَ من ذلك فهو ُموْلٍ‪ ،‬وإن كان دون الربعة أشهرٍ فليس‬
‫بولٍ‪ .‬أقول‪ :‬هذا تفسي قوله العزيز‪(( :‬لّلّذِي َن ُيؤْلُونَ مِن نّسَآِئهِ ْم تَ َرّبصُ أَ ْربَ َعةِ َأ ْشهُرٍ فَِإنْ فَآؤُوا فَِإنّ‬
‫لقَ فَِإنّ اللّ َه سَمِيعٌ عَلِيمٌ)) [البقرة‪.]227-226:‬‬ ‫اللّ َه َغفُورٌ رّحِيمٌ‪َ .‬وإِ ْن عَ َزمُواْ ال ّط َ‬
‫لَثةَ ُق ُروَ ٍء وَلَ يَحِلّ َلهُنّ أَن َي ْكتُمْنَ‬
‫ت َيتَ َرّبصْنَ ِبأَنفُسِهِ ّن َث َ‬
‫‪ -5‬قال ال عَ ّز َوجَلّ‪(( :‬وَالْمُطَّلقَا ُ‬
‫مَا خََلقَ اللّهُ فِي أَ ْرحَا ِمهِنّ‪ ..‬الية)) [البقرة‪.]228:‬‬
‫أقول‪ :‬القروء جع قُرْءٍ‪ ،‬واختلف الفسّرونَ ف معن القرء‪ ،‬فقالت طائفة منهم أن الراد بالقرء‬
‫هو فترة ال ّطهْر‪ ،‬وقالت طائفة أخرى القُرْء هو اليض‪ ،‬ورووا ذلك عن أمي الؤمني عليّ عليه‬
‫السلم(‪ .)270‬وبه قال ابن عبا ٍ‬
‫س وابن مسعود رضي ال عنهما‪ ،‬وغيها من الصحابة‪.‬‬
‫والصواب أ ّن القُرْءَ يطلق على اليض وال ّطهْرِ لغ ًة ولكن القرب أن الراد هنا ف الشرع هو‪:‬‬
‫() مسند المام زيد‪( ،‬ص‪.)312:‬‬ ‫‪267‬‬

‫() مسند المام زيد‪( ،‬ص‪.)332:‬‬ ‫‪268‬‬

‫() راجع سورة النور‪ :‬اليات‪.)9-6( :‬‬ ‫‪269‬‬

‫() انظر ممع البيان‪ ،‬للطبسي‪ ،)2/227( ،‬ومسند المام زيد‪( ،‬ص‪.)323:‬‬ ‫‪270‬‬

‫‪79‬‬
‫لئِي َيئِسْ َن مِ َن‬
‫ي عن المام عليه السلم‪ ،‬والوجهُ ف ذلك أن ال تعال قال‪(( :‬وَال ّ‬ ‫اليضُ‪ ،‬كما ُروِ َ‬
‫الْمَحِيضِ مِن نّسَاِئكُمْ ِإنِ ا ْرَتْبتُمْ َفعِ ّدُتهُنّ ثَلَثةُ َأشْهُرٍ‪ ...‬الية)) [الطلق‪ ،]4:‬فأقام ال سبحانه الشهر‬
‫ليَض دون الطهار‪ .‬و ُروِيَ عن النبّ صلى ال عليه وآله وسلم أنّه قال لفاطمة بنتِ أب‬ ‫مقام ا ِ‬
‫ي أيّامَ َحْيضِكِ»(‪.)271‬‬
‫ُحَبْيشٍ‪َ « :‬دعِي الصّل َوةَ أيّامَ أقْرَائِكِ‪ ،‬أ ْ‬
‫وقال عليّ عليه السلم ف قوله عزّ شأنه ف بقية الية الذكورة من سورة البقرة أي‪:‬‬
‫صلَحًا)) [البقرة‪« :]228:‬تل لزوجها الرجعة عليها‬
‫((‪َ ..‬وُبعُولَُتهُنّ أَحَ ّق ِبرَ ّدهِنّ فِي ذَلِكَ ِإنْ أَرَادُواْ إِ ْ‬
‫حت تغتسل من اليضة الثالثة‪ ،‬وتل للزواج»(‪.)272‬‬
‫ومع ذلك كلّه فإ ّن المر اختلف‪ ،‬والماميّة رووا عن أمي الؤمني عليّ عليه السلم رأيا غي‬
‫ذلك(‪ )273‬وال تعال أعلم‪.‬‬
‫[البقرة‪]241:‬‬ ‫ت َمتَاعٌ بِالْ َمعْرُوفِ َحقّا عَلَى الْ ُمّتقِيَ))‬
‫‪(( -6‬وَلِلْمُ َطّلقَا ِ‬
‫قال السيوطي ف الدر النثور‪ :‬أخرج ابن النذر عن علي بن أب طالب قال‪ :‬لكل مؤمنة‬
‫ت َمتَاعٌ بالعْرُوفِ َحقّا عَلَى الّتقِيَ))‪ .‬وأخرج‬
‫ت حرةً أو أمةً‪ ،‬مُ ْتعَةٌ‪ ،‬وقرأ ((وللمطّلقَا ِ‬
‫طُ ّلقَ ْ‬
‫البيهقي عن جابر بن عبد ال قال‪« :‬لا طلق حفص بن الغية امرأته فاطمة أتت النب صلى ال‬
‫عليه وسلم فقال لزوجها‪ .‬متعها‪ .‬قال‪ :‬ل أجد ما أمتعها‪ .‬قال‪ :‬فإنه ل بد من التاع‪ ،‬متعها ولو‬
‫نصف صاع من تر»‪.‬‬
‫ضةً‬
‫ضتُمْ َلهُنّ َفرِي َ‬
‫‪ -7‬قال ال عَ ّز َوجَلّ‪َ (( :‬وإِن طَّل ْقتُمُوهُ ّن مِن َقبْلِ أَن تَمَسّوهُنّ وََقدْ فَرَ ْ‬
‫ح َوَأنْ َت ْعفُواْ أَقْرَبُ لِلّت ْقوَى وَلَ‬
‫ضتُمْ إَلّ أَن َي ْعفُونَ َأ ْو َي ْع ُفوَ الّذِي ِبيَ ِدهِ عُقْ َد ُة النّكَا ِ‬
‫َفِنصْفُ مَا َفرَ ْ‬
‫تَنسَ ُواْ الْ َفضْ َل َبيَْنكُمْ ِإنّ اللّ َه بِمَا َتعْمَلُو َن َبصِيٌ)) [البقرة‪.]237:‬‬
‫أخرج ممد ابن جرير الطبي عن عيسى بن عاصم السديّ‪« :‬أ ّن عليّا سَأ َل شُ َريْحا عَنِ‬
‫الّذِي ِبيَدِ ِه ُعقْ َدةُ الّنكَاحِ‪ ،‬فقال‪ :‬هو الوَِليّ‪ .‬فقال عليّ‪ :‬ل‪ ،‬ولكنّهُ ال ّز ْوجُ»(‪.)274‬‬

‫() انظر تفسي الطبي‪ ،)2/444( ،‬وهذا الديث أخرجه أيضا المام أحد ف مسنده‪ ،‬الجلد السادس‪ ،‬مسند عائشة‪.‬‬ ‫‪271‬‬

‫() الدر النثور ف التفسي بالأثور‪ ،‬ذيل تفسيه لقوله تعال‪(( :‬والطلقات يتربصن بأنفسهن ثلثة قروء)) البقرة‪، )228( :‬‬ ‫‪272‬‬

‫قال‪ :‬أخرج الشافعي وعبد الرزاق وعبد بن حيد والبيهقي عن علي بن أب طالب قال‪ :‬الديث‪.‬‬
‫() راجع الفروع من الكاف‪[)9/89( ،‬باب معن القراء]‪.‬‬ ‫‪273‬‬

‫() انظر تفسي الطبي‪.)2/545( ،‬‬ ‫‪274‬‬

‫‪80‬‬
‫أقول‪ :‬ومعن ذلك إن شاءت الرأة عفتْ فتركت نصف الصداق‪ ،‬وإن شاء زوجُها يتمّ لا‬
‫الصّداق‪ .‬ومن قال إنّ الراد من الذي بيده عقدة النكاح هو الولّ‪ ،‬فقوله غي مستقيمٍ لن الوِليّ ل‬
‫حقّ له ف صداق الرأة حت يعفوَ أو ل يعفوَ عن صداقها! والوَلِيّ ليست ِبيَ ِد ِه عُقْ َد ُة النّكَاحِ‪ ،‬ولكن‬
‫سكُها أو ُيلّها هو الزوج!‬ ‫ح فيُمْ ِ‬
‫بيده " َعقْدُ" الّنكَاحِ! والذي بيده ُعقْ َد ُة الّنكَا ِ‬
‫‪ -8‬وقال تعال‪َ (( :‬وإِنْ ِخ ْفتُ ْم ِشقَاقَ َبْيِنهِمَا فَاْبعَثُواْ َحكَمًا مّنْ َأهْلِ ِه وَ َحكَمًا مّنْ َأهِْلهَا إِن‬
‫صلَحًا ُيوَفّقِ اللّ ُه َبْيَنهُمَا ِإنّ اللّهَ كَا َن عَلِيمًا َخبِيًا)) [النساء‪.]35:‬‬
‫يُرِيدَا إِ ْ‬
‫روى العيّاشيّ (ممد بن مسعود) عن ممد بن سيين عن عبيدة قال أتى عليّ بنَ أب طالبٍ‬
‫عليه السلم رج ٌل وامرأةٌ‪ ،‬مع كلّ واح ٍد منهما فئامٌ(‪ )275‬من النّاسِ‪ .‬فقال عليه السلم‪(( :‬ابعثوا‬
‫حكما من أهله وحكما من أهلها‪ ،‬ث قال للحكمي‪ :‬هل تدريان ما عليكما؟ عليكما إن رأيتما أن‬
‫ل عليّ ولّ‪ ،‬فقال‬
‫ت بكتابِ ا ِ‬
‫يُجْ َمعَا َج َم ْعتُمَا‪ ،‬وان رأيتما أن ُيفَرّقَا فَرّ ْقتُمَا‪ ،‬فقالت الرأة‪ :‬رضي ُ‬
‫الرجل‪ :‬أمّا ف الفرقة فل‪ ،‬فقال عل ٌي عليه السلم‪ :‬ما تبح َحتّى تُقِرّ با أقرّتْ به))(‪.)276‬‬
‫ح والتفريق من شؤون الَكَ ِمّيةِ فإذا أمر ال تعال باتّخاذ الَكَ َميْنِ ف قوله‬ ‫أقول‪ :‬حقّ الصل ِ‬
‫ح والتفريقِ إليهما‪.‬‬ ‫عَ ّز وَجَلّ‪(( :‬فَاْب َعثُواْ َحكَمًا مّنْ َأهْلِ ِه وَ َحكَمًا مّنْ أَهِْلهَا)) فقد فوّض حقّ الصل ِ‬
‫‪ - 9‬وقال ال ع ّز وجلّ‪(( :‬وَالّذِينَ ُيَتوَّفوْ َن مِنكُمْ َويَ َذرُونَ أَ ْزوَاجًا َيتَ َرّبصْنَ ِبأَنفُسِهِنّ أَ ْرَب َعةَ‬
‫ف وَاللّ ُه بِمَا‬
‫سهِ ّن بِالْ َمعْرُو ِ‬
‫ح عََلْيكُمْ فِيمَا َفعَلْنَ فِي أَنفُ ِ‬ ‫َأ ْشهُ ٍر َوعَشْرًا فَِإذَا َبَلغْنَ أَجََلهُنّ َفلَ ُجنَا َ‬
‫ض مِن نّسَائِكُمْ ِإنِ ا ْرَتْبتُمْ‬ ‫َتعْمَلُونَ َخبِيٌ)) [البقرة‪ .]234:‬وقال سبحانه‪(( :‬وَاللئِي َيئِسْ َن مِ َن الْمَحِي ِ‬
‫ضعْنَ حَ ْمَلهُ ّن َومَن َيتّقِ اللّهَ‬ ‫ت الَحْمَالِ أَ َجُلهُنّ أَن َي َ‬ ‫حضْنَ َوأُوْل ُ‬ ‫َفعِ ّدُتهُ ّن ثَلَثةُ َأ ْشهُ ٍر وَاللئِي لَ ْم َي ِ‬
‫جعَل لّ ُه مِنْ َأمْ ِر ِه يُسْرًا)) [الطلق‪.]4:‬‬ ‫يَ ْ‬
‫ذهب أمي الؤمني عليّ عليه السلم إل أن الامل الَتوَفّى عنها زوجها تعتدّ بأبعد‬
‫الجلي‪ :‬وضع المل أو الربعة أشهر وعشرا‪ .‬وفيما يلي ما نقله السيوطي ف الدر النثور من‬
‫روايات عن أمي الؤمني ف هذا المر‪ ،‬قال‪:‬‬
‫«وأخرج عبد بن حيد وابن أب شيبة عن علي بن أب طالب ف الامل إذا وضعت بعد‬

‫() الفئام‪ :‬الماعة من الناس‪ ،‬ول واحد له من لفظه‪.‬‬ ‫‪275‬‬

‫() تفسي العياشي‪ ،‬لحمد بن مسعود العياشي‪.)1/241( ،‬‬ ‫‪276‬‬

‫‪81‬‬
‫وفاة زوجها قال‪" :‬تعتد أربعة أشهر وعشرا"‪.‬‬
‫وأخرج ابن أب شيبة عن سعيد بن السيب أن عمر استشار علي بن أب طالب وزيد بن‬
‫ثابت (أي ف الرأة الامل الت وضعت حلها بعد أن توف عنها زوجها)‪ ،‬قال زيد‪ :‬قد حلت‪،‬‬
‫وقال علي بن أب طالب‪ :‬أربعة أشهر وعشرا‪ .‬قال زيد‪ :‬أرأيت إن كانت آيسا؟ قال عليّ‪:‬‬
‫فآخر الجلي‪.‬‬
‫وأخرج ابن النذر عن مغية قال‪ :‬قلت للشعب‪ :‬ما أصدّق أن علي بن أب طالب‪ ،‬كان‬
‫يقول‪ :‬عدة التوف عنها زوجها آخر الجلي‪ ،‬قال‪ :‬بلى‪ ،‬فصدّق به كأشد ما صدّقت بشيءٍ‪،‬‬
‫كان عل ّي يقول‪ :‬إنا قوله‪(( :‬وأولت الحال أجلهن أن يضعن حلهن» ف الطلّقة)) انتهى من‬
‫الدر النثور‪.‬‬

‫ي الوصية والياث‬
‫ما ُروِيَ َعنْ عَ ِليّ عليه السلم ف تفسي آ ِ‬

‫صّيةُ ِل ْلوَالِ َديْنِ‬


‫ب عََلْيكُمْ إِذَا َحضَرَ أَحَدَ ُك ُم الْ َموْتُ إِن تَ َركَ َخيْرا اْلوَ ِ‬
‫‪ -1‬قال ال تعال‪ُ (( :‬كتِ َ‬
‫ي بِالْ َمعْرُوفِ َحقّا عَلَى الْ ُمّتقِيَ)) [البقرة‪.]180:‬‬
‫وَالقْ َرِب َ‬

‫روى الطبسي ف ممع البيان‪« :‬أن علي بن أب طالب دخل على مول لم ف الوت‪ ،‬وله‬
‫سبعمائة درهم أو ستمائة درهم فقال‪ :‬أل أوصي؟ قال‪ :‬ل! إنا قال ال‪(( :‬إِن تَ َركَ َخيْرا)) وليس‬
‫لك كثي مال‪ ،‬فدع مالك لورثتك»(‪.)277‬‬

‫أقول‪ :‬أما بالنسبة لدلول الية ف جواز الوصية للوارث (كالوالدين) فقد اختُِلفَ ف ذلك‬
‫وأنه هل هذه الية منسوخة أم ل؟ والصحيح أنا غي منسوخة لن »مَنْ قال أنا منسوخة بآية‬
‫الواريث فقوله باطل لن النسخ بي البين إنا يكون إذا تناف العمل بوجبهما‪ ،‬ول تناف بي آية‬
‫الواريث وآية الوصية!‪ ..‬ومَنْ قال أنا منسوخة بقوله صلى ال عليه وآله‪(( :‬ل وصية لوارث))‬
‫ح لكان يقتضي الظن ول يوز أن ينسخ كتاب ال تعال‬ ‫فقد أبعد‪ ،‬لن الب لو سَلِمَ مِنْ كلّ قد ٍ‬
‫() را جع م مع البيان للطب سي ذ يل تف سيه لل ية (‪ )180‬من سورة البقرة‪ ،‬ورواه من أ هل ال سنة ال طبي ف تف سيه‬ ‫‪277‬‬

‫ل إل عبد الرزاق والفرياب وسعيد بن منصور وابن أب شيبة‬ ‫والسيوطي ف الدر النثور عنه وعن ابن عباس وعائشة مي ً‬
‫وعبد بن حيد وابن جرير وابن النذر وابن أب حات والبيهقي ف سننه‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫الذي يوجب العلم اليقي با يقتضي الظن‪ .‬ولو سلمنا الب ‪ -‬مع ما ورد من الطعن على روايته ‪-‬‬
‫لصصنا عموم الية وحلناها على أنه ل وصية لوارث با يزيد عن الثلث لن ظاهر الية يقتضي‬
‫أن الوصية لم جائزة بميع ما يلك»(‪.)278‬‬

‫هذا وقد ذهب أئمة العترة عليهم السلم كالباقر والصادق(‪ )279‬والادي إل الق يي بن‬
‫السي(‪ ،)280‬وغيهم إل جواز الوصية للوارث (بقدار الثلث) عملً بظاهر هذه الية الكرية‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫() ممع البيان للطبسي ذيل تفسيه للية (‪ )180‬من سورة البقرة‪.‬‬ ‫‪278‬‬

‫() انظر الفروع من الكاف للكلين‪ ،‬كتاب الوصايا‪.‬‬ ‫‪279‬‬

‫() انظر كتاب "درر الحاديث النبوية بالسانيد اليحيوية" باب ف ذكر الوصايا‪( ،‬ص‪.)174:‬‬ ‫‪280‬‬

‫‪83‬‬
‫الباب الثالث‬
‫ما روى عن علي عليه السلم‬
‫ف تفسي التفرقات من مسائل القرآن‬
‫ض عَ ُد ّو وََلكُمْ فِي‬
‫ضكُمْ ِلَبعْ ٍ‬
‫‪ُ -1‬روِيَ عن عل ّي عليه السلم ف قوله تعال‪..(( :‬وَقُ ْلنَا ا ْهبِطُوْا َبعْ ُ‬
‫ستَقَ ّر َو َمتَاعٌ إِلَى ِحيٍ)) [البقرة‪ ]36:‬قال‪« :‬أطيب ريح الرض الند‪ ،‬أهبط با آدم فعلق‬ ‫ض مُ ْ‬
‫الَ ْر ِ‬
‫ريها من شجر النة»(‪.)281‬‬
‫‪-2‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪ ...(( :‬وَقُولُواْ لِلنّاسِ حُسْنا)) [البقرة‪« :]83:‬قال‪ :‬يعن الناسَ‬
‫كّل ُهمْ»(‪.)282‬‬
‫[البقرة‪:‬‬ ‫خَتصّ بِ َرحْ َمتِ ِه مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو اْلفَضْ ِل اْلعَظِيمِ))‬
‫‪-3‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪(( :‬يَ ْ‬
‫‪ ]105‬قال‪« :‬أن الراد برحته هنا النبوة»(‪.)283‬‬
‫‪-4‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪َ (( :‬وإِ ِذ ابْتَلَى ِإبْرَاهِيمَ َربّ ُه ِبكَلِمَاتٍ َفَأتَ ّمهُنّ قَالَ ِإنّي جَاعِلُكَ‬
‫لِلنّاسِ ِإمَامًا قَا َل َومِن ذُ ّرّيتِي قَالَ َل َينَا ُل َعهْدِي الظّالِمِيَ)) [البقرة‪« :]124:‬قال النب صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم ل طاعة إل ف العروف»(‪.)284‬‬
‫أقول‪ :‬وقد روى الفريقان الشيعة والسنّة عن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم قوله‪« :‬ل‬
‫طاعة لخلوق ف معصية الالق»(‪.)285‬‬
‫ل َيقُولُ‪ِ(( :‬إنّا ِللّ ِه َوإِنّا إَِليْهِ را ِجعُونَ)) [البقرة‪ِ« :]156:‬إنّ َقوْلَنَا‬ ‫‪-5‬وقال عليه السلم حي سَ ِمعَ رَ ُج ً‬
‫سنَا‬
‫سنَا بِالْمُلْكِ‪ ،‬وََقوَْلنَا " َوإِنّا إَِليْهِ را ِجعُونَ" إِقْرَا ٌر عَلَى َأنْفُ ِ‬
‫"ِإنّا لِلّهِ " إِقْرَا ٌر عَلَى َأنْفُ ِ‬

‫ل إل ا بن جر ير والا كم و صححه والبيه قي ف‬


‫() رواه ال سيوطي ف الدر النثور ذ يل ال ية (‪ )36‬من سورة البقرة مي ً‬ ‫‪281‬‬

‫البعث وابن عساكر عن ابن عباس قال‪ :‬قال علي بن أب طالب‪ :‬الديث‪.‬‬
‫() رواه السيوطي ف الدر النثور ذيل الية (‪ )83‬من سورة البقرة ميل إل البيهقي ف شعب اليان‪.‬‬ ‫‪282‬‬

‫() رواه الطبسي ف تفسيه "ممع البيان"‪.)1/104( ،‬‬ ‫‪283‬‬

‫() رواه السيوطي ف الدر النثور ذيل الية (‪ )124‬من سورة البقرة ميل إل وكيع وابن مردويه عن علي بن أب طالب‬ ‫‪284‬‬

‫عن النب صل‪ ،‬الديث‪.‬‬


‫() انظر نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)165:‬‬ ‫‪285‬‬

‫‪84‬‬
‫بِاْلهُلْكِ»(‪.)286‬‬
‫ب عََلْيكُمُ‬
‫‪-6‬وَ ُروِيَ عنه عليه السلم أنه قال ف تأويل قوله تعال‪(( :‬يَا أَّيهَا الّذِينَ آ َمنُواْ ُكتِ َ‬
‫ح ّر وَالْ َعبْ ُد بِاْل َعبْدِ وَالُنثَى بِالُنثَى‪ ..‬الية)) [البقرة‪« :]178:‬أيا حر‬
‫اْل ِقصَاصُ فِي الْ َقتْلَى الْحُ ّر بِالْ ُ‬
‫قتل عبدا فهو قود به‪ ،‬فإن شاء موال العبد أن يقتلوا الر قتلوه‪ ،‬وقاصوهم بثمن العبد من دية‬
‫الر‪ ،‬وأدوا إل أولياء الر بقية ديته‪ .‬وإن عبد قتل حرا فهو به قود‪ ،‬فإن شاء أولياء الر قتلوا‬
‫العبد‪ ،‬وقاصوهم بثمن العبد وأخذوا بقية دية الر‪ ،‬وإن شاؤوا أخذوا الدية كلها واستحيوا‬
‫العبد‪ .‬وأي حر قتل امرأة فهو با قود‪ ،‬فإن شاء أولياء الرأة قتلوه وأدوا نصف الدية إل أولياء‬
‫الر‪ .‬وإن امرأة قتلت حرا فهي به قود‪ ،‬فإن شاء أولياء الر قتلوها وأخذوا نصف الدية‪ ،‬وإن‬
‫(‪)287‬‬
‫شاؤوا أخذوا الدية كلها واستحيوها وإن شاؤوا عفوا»‬
‫سَن ًة وَفِي ال ِخ َرةِ‬
‫‪-7‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪ِ (( :‬ومِْنهُم مّن َيقُولُ َرّبنَا آتِنَا فِي ال ّدنْيَا حَ َ‬
‫سَنةً وَِقنَا عَذَابَ النّارِ)) [البقرة‪« .]201:‬هي الرأة الصالة ف الدنيا‪ ،‬وف الخرة النة»(‪.)288‬‬
‫حَ َ‬
‫‪-8‬وقال عليه السلم ف معن قوله تعال‪(( :‬وَاللّهُ سَرِي ُع الْحِسَابِ)) [البقرة‪« :]202:‬إنه ياسب‬
‫اللق دفعةً كما يرزقهم دفعةً»(‪.)289‬‬
‫س مَن يَشْرِي َنفْسَ ُه ابِْتغَاء مَرْضَاتِ اللّ ِه وَاللّ ُه‬
‫‪-9‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪َ (( :‬ومِ َن النّا ِ‬
‫ف بِاْل ِعبَادِ)) [البقرة‪ :]207:‬إن الراد بالية الرجل الذي ُي ْقتَلُ على المر بالعروف والنهي عن‬ ‫َرؤُو ٌ‬
‫النكر(‪.)290‬‬
‫ح عََلْيهِمَا فِيمَا ا ْفتَدَتْ بِهِ)) [البقرة‪ :]229:‬الهر‬
‫‪-10‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪َ(( :‬فلَ ُجنَا َ‬
‫(‪)291‬‬
‫فقط‪.‬‬
‫[البقرة‪:‬‬ ‫أقول‪ :‬يؤيد هذا الرأي قوله تعال‪(( :‬وَ َل يَحِلّ َلكُمْ أَن تَأْ ُخذُواْ مِمّا آَتْيتُمُوهُنّ َشْيئًا))‬

‫() نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)99:‬‬ ‫‪286‬‬

‫() ابن جرير الطبي ف تفسيه جامع البيان عند تفسي الية الذكورة‪.‬‬ ‫‪287‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)1/167( ،‬‬ ‫‪288‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)2/168( ،‬‬ ‫‪289‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)2/175( ،‬‬ ‫‪290‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)2/235( ،‬‬ ‫‪291‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ ]229‬أي ل تأخذوا من مهورهن شيئا وهذا ف الرجعيات وأما ف الختلعات فيفع النع‬
‫ويؤخذ ما منعوا من قبل من أخذ الهور‪.‬‬
‫‪ -11‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪(( :‬وَ َل َتتّخِ ُذ َوْا آيَاتِ اللّ ِه هُ ُزوًا)) [البقرة‪(( :]231:‬مَنْ قَ َرَأ اْلقُرْآنَ‬
‫َفمَاتَ فَدَ َخ َل النّارَ َف ُه َو مِمّنْ كَا َن َيتّخِ ُذ آيَاتِ اللّ ِه هُزُوا))(‪.)292‬‬
‫‪ -12‬وقال عليه السلم ف قول ال عزّ وجلّ‪ :‬ما كان ف الولي فهو رضاع ول رضاع بعد‬
‫ضعْنَ َأوْل َدهُنّ َحوَْليْنِ كامَِليْنِ)) [البقرة‪.)293(]233:‬‬
‫الفطام‪ .‬قال ال عزّ وجلّ‪(( :‬وَالْوالِداتُ ُيرْ ِ‬
‫‪ -13‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪(( :‬أَلَ ْم تَرَ إِلَى الّذِي حَآجّ ِإبْرَاهِيمَ فِي ِربّهِ)) [البقرة‪ :]258:‬هو‬
‫نرود بن كنعان(‪.)294‬‬
‫س على ٌمعْسِرٍ قال ال عزّ وجلّ‪َ (( :‬وِإنْ كانَ ذُو عُسْ َرةٍ َفنَ ِظ َرةٌ إِل‬
‫‪ -14‬وقال عليه السلم‪« :‬ل َحْب َ‬
‫َميْسَ َرةٍ)) [البقرة‪.)295(»]280:‬‬
‫س بِا َلنِْبيَاءِ َأعْلَ ُمهُ ْم بِمَا جَاءُوا بِهِ‪ ،‬ثُ ّم تَل‪ِ(( :‬إنّ َأوْلَى النّا ِ‬
‫س‬ ‫‪ -15‬وقال عليه السلم‪ِ« :‬إنّ َأوْلَى النّا ِ‬
‫بِِإبْراهِيمَ َللّذِي َن اتَّبعُوهُ وَهذَا الّنِبيّ وَالّذِينَ آ َمنُوا)) [آل عمران‪ ]68:‬ثُمّ قَالَ‪ِ :‬إنّ وَِل ّي مُحَمّدٍ مَنْ أَطَاعَ‬
‫اللّ َه َوِإنْ َبعُدَتْ ُلحْ َمتُهُ‪َ ،‬وإِ ّن عَ ُد ّو مُحَمّ ٍد مَ ْن َعصَى اللّ َه َوإِنْ قَ ُرَبتْ قَرَاَبتُهُ»(‪.)296‬‬
‫‪ -16‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪(( :‬وََلكِن كُونُواْ َربّاِنيّيَ)) [آل عمران‪ :]79:‬أي كونوا علماء‬
‫فقهاء(‪.)297‬‬
‫ق النِّبّييْنَ َلمَا آَتيُْتكُم مّن ِكتَابٍ َو ِحكْ َمةٍ‬ ‫‪ -17‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪َ (( :‬وإِذْ أَ َخذَ اللّ ُه مِيثَا َ‬
‫ثُمّ جَاءكُمْ َرسُو ٌل ّمصَ ّدقٌ لّمَا َم َعكُمْ َلُتؤْ ِمنُ ّن بِهِ وَلَتَنصُ ُرنّهُ قَالَ َأأَقْرَ ْرتُ ْم َوأَ َخ ْذتُ ْم عَلَى ذَِلكُمْ‬
‫صرِي قَالُواْ أَقْ َر ْرنَا قَالَ فَا ْشهَدُواْ َوَأنَ ْا َمعَكُم مّنَ الشّاهِدِينَ)) [آل عمران‪« :]81:‬ل يبعث ال نبيا‬ ‫إِ ْ‬
‫آدم فمن بعده إل أخذ عليه العهد لئن َبعَثَ الُ ممدا وهو ح ّي ليؤمِنَ ّن به ولينص َرنّهُ وأمره أن‬

‫() نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)228:‬‬ ‫‪292‬‬

‫() دعائم السلم‪.)2/241( ،‬‬ ‫‪293‬‬

‫() رواه السيوطي ف الدر النثور‪.)1/331( ،‬‬ ‫‪294‬‬

‫() دعائم السلم‪/2( ،‬ص ‪.71‬‬ ‫‪295‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)96:‬‬ ‫‪296‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)3/127( ،‬‬ ‫‪297‬‬

‫‪86‬‬
‫أخذ العهد بذلك على قومه»(‪.)298‬‬
‫صبِرُواْ وَصَاِبرُواْ وَرَابِطُواْ وَاّتقُواْ‬
‫‪ -18‬و ُروِيَ عنه عليه السلم ف قوله تعال‪(( :‬يَا َأّيهَا الّذِينَ آ َمنُواْ ا ْ‬
‫اللّهَ َلعَّلكُ ْم ُتفِْلحُونَ)) [آل عمران‪« ]200:‬إن معن رابطوا أي‪ :‬رابطوا الصلوات‪ ،‬ومعناه‪ :‬انتظروها‬
‫واحدة بعد واحدة»(‪.)299‬‬
‫قلت‪ :‬هذا بيان لحد أهم مصاديق الرباط‪ .‬وقد روى الطبسي ف ممع البيان ما يؤيد هذا‬
‫عن النب " صلى ال عليه وآله وسلم " أنه ُسئِل عن أفضل العمال‪ ،‬فقال‪« :‬إسباغ الوضوء ف‬
‫السبات‪ ،‬ونقل القدام إل الماعات‪ ،‬وانتظار الصلة بعد الصلة‪ ،‬فذلكم الرباط»(‪.)300‬‬
‫ورواه جعٌ من أهل السنة كمسلم ف صحيحه والنسائي والترمذي ف سننهما ولفظ الترمذي‬
‫ل بِ ِه الْخَطَايا َويَرفَعُ بِهِ‬ ‫عن النب صلى ال عليه وآله وسلم قال‪« :‬ألَ أَدُّلكُ ْم عَلَى مَا يَمْحُو ا ُ‬
‫خطَا إِل‬ ‫الدّ َرجَاتِ؟ قَالَوا‪ :‬بَلَى يَا َرسُولَ الِ‪ .‬قَالَ‪ِ :‬إ ْسبَاغُ اْلوُضُوءِ عَلَى الَكا ِر ِه وَ َكثْ َرةُ الْ ُ‬
‫لةِ‪َ" ،‬فذَِلكُمُ ال ّربَاطُ‪ ،‬فَذَِلكُمُ ال ّربَاطُ‪ ،‬فَذَِلكُمُ ال ّربَاطُ"‬‫صَ‬‫صلَ ِة َبعْ َد ال ّ‬
‫الْمَسَا ِجدِ‪ ،‬وَاْنتِظَا ُر ال ّ‬
‫َثلَثا»(‪.)301‬‬
‫أقول‪ :‬ول عجب ف ذلك فالرباط ملزمة ثغر العدو لنعه‪ ،‬وهذه العمال تسد طرق الشيطان‬
‫عنه وتنع النفس عن الشهوات‪ ،‬وعداوة النفس والشيطان ل تفى‪ ،‬فهذا هو الهاد الكب‬
‫الذي فيه قهر أعدى عدوه‪ ،‬فلذلك قال الرباط بالتعريف والتكرار تعظيما لشأنه‪.‬‬
‫‪ -19‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪ِ(( :‬إ ّن الّذِينَ َيأْكُلُونَ َأ ْموَالَ الَْيتَامَى ظُلْمًا ِإنّمَا َيأْكُلُونَ فِي‬
‫بُطُوِنهِ ْم نَارًا َوسََيصَْل ْونَ َسعِيًا)) [النساء‪« :]10:‬من أكل مال اليتيم ظلما‪ ،‬سيدركه وبال ذلك ف‬
‫ش الّذِينَ َلوْ‬‫خ َ‬‫عقبه من بعده‪ ،‬ويلحقه وبال ذلك ف الخرة‪ .‬أما ف الدنيا فإن ال يقول‪(( :‬وَْليَ ْ‬
‫ضعَافًا خَافُوْا عََلْيهِمْ فَ ْلَيّتقُوا اللّ َه وَْلَيقُولُواْ َقوْ ًل سَدِيدًا)) [النساء‪ ،]9:‬وأما‬
‫تَرَكُوْا مِنْ َخ ْل ِفهِمْ ذُ ّرّيةً ِ‬
‫ف الخرة‪ ،‬فإن ال يقول‪ِ(( :‬إ ّن الّذِينَ َيأْكُلُونَ َأ ْموَالَ الَْيتَامَى ظُلْمًا ِإنّمَا َيأْكُلُونَ فِي بُطُوِنهِمْ‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪ .)3/131( ،‬ورواه ابن جرير الطبي ف ممع البيان والسيوطي ف الدر لنثور‪.‬‬ ‫‪298‬‬

‫() انظر ممع البيان للطبسي‪ ،‬ذيل تفسيه للية (‪ )200‬من سورة آل عمران‪.‬‬ ‫‪299‬‬

‫() الصدر السابق‪ .)2/428( .‬ومعن السبات أي الكاره‪.‬‬ ‫‪300‬‬

‫() الامع الصحيح للترمذي‪ ،‬ج ‪ ،1‬أبواب الطهارة‪ ،‬باب ما جاء ف إسباغ الوضوء‪ .‬ونوه لدى النسائي ف سننه ومسلم‬ ‫‪301‬‬

‫ف صحيحه وأحد ف مسنده‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫نَارًا َو َسيَصَْل ْو َن َسعِيًا))»(‪.)302‬‬
‫‪ -20‬وقال عليه السلم ف قول ال عزّ وجلّ‪(( :‬وَ َل تَنكِحُوْا مَا َنكَحَ آبَاؤُكُم مّ َن النّسَاء إِلّ مَا َقدْ‬
‫سََلفَ)) [النساء‪« :]22:‬إذا نكح رجلٌ امرأ ًة ث توفّيَ عنها أو طلّقها‪ ،‬ل تلّ لحدٍ من ولده إن‬
‫دخل با أو ل يدخل با»(‪.)303‬‬
‫‪ -21‬وقال عليه السلم‪(( :‬إذا تزوّج الرجلُ الرأةَ فدخل با أو ل يدخل با‪َ ،‬ح ُر َمتْ عليه أمّها‪.‬‬
‫ت نِسَآئِكُمْ)) [النساء‪ ]23:‬فهي مبهمة مرّمة ف كتاب ال‬‫وذلك لقول ال تعال ((‪َ ..‬وُأمّهَا ُ‬
‫تعال))(‪.)304‬‬
‫لتِي‬
‫لتِي فِي حُجُورِكُم مّن نّسَآئِكُ ُم ال ّ‬
‫‪ -22‬وقال عليه السلم ف قول ال عزّ وجلّ‪(( :‬وَ َربَاِئبُكُ ُم ال ّ‬
‫دَخَ ْلتُم ِبهِنّ)) [النساء‪« ]23:‬هي ابنة امرأته‪ ،‬عليه حرام إذا كان دخل بأمها‪ ،‬فإن ل يكن دخل‬
‫بأمها فتزويها له حلل»(‪.)305‬‬
‫أقول‪ :‬ربيبة الرجل ابنة امرأته من غيه‪ ،‬وقيد ف «فِي ُحجُورِكُم» خرج مرج الغالب لن‬
‫الغالب ف الربيبة أن تعيش ف كنف أمها‪ ،‬فالكم يعم كل ربيبة سواء كانت ف حجر زوج‬
‫أمها أم ل تكن‪.‬‬
‫صلَ َة َوأَنتُ ْم ُسكَارَى َحّت َى َتعْلَمُواْ مَا َتقُولُونَ‬
‫‪ -23‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪َ (( :‬ل َتقْ َربُواْ ال ّ‬
‫وَلَ ُجُنبًا إِلّ عَابِرِي َسبِيلٍ)) [النساء‪« :]43:‬أي إل أن تكونوا مسافرين فيجوز لكم أداؤها‬
‫بالتيمّم»(‪.)306‬‬
‫ستُمُ النّسَاء)) [النساء‪« :]43:‬الراد به الماع»(‪.)307‬‬
‫‪ -24‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪َ(( :‬أوْ َلمَ ْ‬
‫أقول‪ :‬يؤيد هذا التفسي ما روى عنه عليه السلم ف نج البلغة حيث قال‪(( :‬إِذَا نَظَرَ أَ َحدُكُمْ‬

‫() الطبسي ف ممع البيان (‪.)3/27‬‬ ‫‪302‬‬

‫() دعائم السلم‪/2( ،‬ص ‪.233‬‬ ‫‪303‬‬

‫() دعائم السلم‪.)2/232( ،‬‬ ‫‪304‬‬

‫() دعائم السلم‪.)2/232( ،‬‬ ‫‪305‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)5/112( ،‬‬ ‫‪306‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)5/113( ،‬‬ ‫‪307‬‬

‫‪88‬‬
‫جبُهُ َف ْليُلمِسْ َأهْلَهُ فَِإنّمَا ِهيَ امْ َرَأةٌ كَامْ َرَأتِهِ)) (‪.)308‬‬
‫إِلَى امْ َرَأ ٍة ُتعْ ِ‬
‫‪ -25‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪ِ(( :‬إنّ اللّهَ لَ َي ْغفِرُ أَن يُشْ َركَ بِ ِه َوَي ْغفِ ُر مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن‬
‫يَشَاء)) [النساء‪« :]48:‬ما ف القرآن آيةٌ أرجى عندي من هذه الية»(‪.)309‬‬
‫‪ -26‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪ِ(( :‬إنّ اللّهَ يَ ْأمُرُكُمْ أَن تُؤدّواْ ا َلمَانَاتِ إِلَى أَهِْلهَا َوإِذَا َحكَ ْمتُم‬
‫حكُمُواْ بِاْلعَدْلِ ِإنّ اللّهَ نِعِمّا َيعِ ُظكُم بِهِ ِإنّ اللّهَ كَا َن سَمِيعًا َبصِيًا)) [النساء‪:]58:‬‬
‫َبيْ َن النّاسِ أَن تَ ْ‬
‫«ح ّق على المام أن يكم با أنزل ال‪ ،‬وأن يؤدّي المانة‪ ،‬فإذا فعل ذلك فحقّ على الناس‬
‫أن يسمعوا له وأن يطيعوا‪ ،‬وأن ييبوا إذا دُعوا»(‪.)310‬‬
‫‪ -27‬وقال عليه السلم لرتدّ‪ :‬إن كنتُ لستتيبه ثلثا‪ .‬ث قرأ هذه الية‪(( :‬إِ ّن الّذِينَ آ َمنُواْ‪ ،‬ثُمّ‬
‫َكفَرُواْ‪ ،‬ثُمّ آ َمنُوْا ثُمّ َكفَرُوا‪ ،‬ثُمّ ا ْزدَادُواْ ُكفْرًا)) [النساء‪.)311(]137:‬‬
‫‪ -28‬وقال عليه السلم‪« :‬كان القرآن ينسخ بعضه بعضا وإنا كان يؤخذ من أمر رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله وسلم بآخره وكان من آخر ما نزل عليه سورة الائدة نسخت ما قبلها ول‬
‫ينسخها شيء‪ .‬لقد نزلت عليه وهو على بغلة شهباء وثقل عليه الوحى حت وقفت وتدل‬
‫بطنها حت رأيت سرتا تكاد تس الرض وأغمى على رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫حت وضع يده على رأسه شبيه بن وهب المحى ث رفع ذلك عن رسول ال فقرأ علينا سورة‬
‫الائدة فعمل رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم وعملنا»(‪.)312‬‬
‫‪ -29‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪(( :‬أَكْ َم ْلتُ َلكُمْ دِيَنكُمْ)) [الائدة‪ ]3:‬أنزلت هذه الية على‬
‫رسول صلى ال عليه (وآله) وسلم وهو قائم عشية عرفة(‪.)313‬‬
‫حتِ)) [الائدة‪« :]42:‬السحت هو الرشوة ف‬
‫‪ -30‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪(( :‬أَكّالُونَ لِلسّ ْ‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الكمة (‪.)420‬‬ ‫‪308‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)5/24( ،‬‬ ‫‪309‬‬

‫() السيوطي ف الدر النثور ذيل تفسيه الية (‪ )58‬الذكورة من سورة النساء‪.‬‬ ‫‪310‬‬

‫() السيوطي ف الدر النثور‪ ،/2( ،‬ص ‪.235‬‬ ‫‪311‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)6/6( ،‬‬ ‫‪312‬‬

‫() السيوطي ف الدر النثور‪.)2/258( ،‬‬ ‫‪313‬‬

‫‪89‬‬
‫الكم‪ ..‬الديث»(‪.)314‬‬
‫أقول‪ :‬وقد روى مثل هذا القول عن النب صلى ال عليه وآله وسلم‪.‬‬
‫س َوُتهُمْ)) [الائدة‪ :]89:‬ثوبان لكل إنسان(‪.)315‬‬
‫‪ -31‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪َ(( :‬أوْ كِ ْ‬
‫‪ -32‬وقال عليه السلم‪« :‬ل َت ْأمَنَ ّن عَلَى َخيْ ِر هَ ِذ ِه ا ُل ّمةِ عَذَابَ اللّهِ ِل َقوْلِهِ َتعَالَى‪(( :‬أََفَأمِنُواْ َمكْرَ اللّ ِه‬
‫ل َي ْأمَنُ َمكْرَ اللّهِ إِ ّل اْل َقوْ ُم الْخَاسِرُونَ)) [العراف‪ ،]99:‬ول َتيَْأسَنّ لِشَرّ هَ ِذهِ ا ُل ّمةِ مِنْ َروْحِ اللّهِ‬‫َف َ‬
‫س مِن ّروْحِ اللّهِ إِ ّل اْل َقوْ ُم اْلكَافِرُونَ)) [يوسف‪.)316(»]87:‬‬
‫لقوله تعال‪َ (( :‬ل يَْيأَ ُ‬
‫حِيَينّهُ َحيَاةً َطيَّبةً)) [النحل‪َ :]97:‬فقَا َل ِهيَ‬
‫‪ُ -33‬سئِلَ عليّ عليه السلم عن قوله تعال‪(( :‬فََلنُ ْ‬
‫اْل َقنَا َعةُ(‪.)317‬‬
‫‪ -34‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪ِ(( :‬إنّ اللّهَ يَ ْأمُ ُر بِاْلعَدْ ِل وَالِحْسانِ)) [النحل‪ :]90:‬اْلعَدْلُ‬
‫ف وَالِحْسَانُ الّت َفضّلُ(‪.)318‬‬
‫ا ِلنْصَا ُ‬
‫‪ -35‬وقال عليه السلم ف قوله تعال ف سورة النفال عن غزوة بدر ((‪َ ...‬ومَا أَنزَْلنَا عَلَى َعبْ ِدنَا‬
‫َي ْومَ الْفُرْقَا ِن َي ْومَ اْلَتقَى الْجَ ْمعَانِ)) [النفال‪« :]41:‬كانت ليلة الفرقان َي ْومَ اْلَتقَى الْجَ ْمعَانِ ف‬
‫صبيحتها ليلة المعة‪ ،‬لسبع عشرة مضت من رمضان»(‪.)319‬‬
‫ق عِندَ َرّبهِمْ‪..‬‬
‫‪ -36‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪َ ..(( :‬وبَشّ ِر الّذِينَ آ َمنُواْ َأنّ َلهُمْ َق َدمَ صِ ْد ٍ‬
‫الية)) [يونس‪« ]2:‬قال‪( :‬هو) ممد صلى ال عليه وآله وسلم‪ ،‬شفي ٌع لم يوم القيامة»(‪.)320‬‬
‫‪ -37‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪َ(( :‬فَلوْلَ كَاَنتْ قَ ْرَيةٌ آ َمنَتْ َفَنفَ َعهَا إِيَاُنهَا إِلّ َق ْومَ يُوُنسَ َلمّآ‬
‫حيَاةَ ال ّدنْيَا َو َمتّ ْعنَاهُمْ إِلَى ِحيٍ)) [يونس‪« :]98:‬إن الذر‬ ‫ش ْفنَا َعْنهُ ْم عَذَابَ الِزْيِ فِي الْ َ‬
‫آ َمنُواْ كَ َ‬

‫() الطبسي أيضا ف ممع البيان‪.)6/99( ،‬‬ ‫‪314‬‬

‫() دعائم السلم‪،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.102‬‬ ‫‪315‬‬

‫() َنهْج البَلغَةِ‪ :‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)377:‬‬ ‫‪316‬‬

‫() نج البلغة‪ :‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)229:‬‬ ‫‪317‬‬

‫() نج البلغة‪ :‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)231:‬‬ ‫‪318‬‬

‫() السيوطي ف الدر النثور‪ ،‬ميلً إل ابن مردويه ف تفسيه عن علي بن أب طالب‪.‬‬ ‫‪319‬‬

‫() السيوطي ف الدر النثور‪ ،‬ميلً إل ابن مردويه عن علي بن أب طالب‪ ،‬وروى مثله عن السن وعن أب سعيد الدري‬ ‫‪320‬‬

‫كذلك‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫ش ْفنَا‬
‫ل يرد القدر وإن الدعاء يرد القدر‪ ،‬وذلك ف كتاب ال‪(( :‬إِلّ َق ْو َم يُوُنسَ َلمّآ آمَنُواْ كَ َ‬
‫َعْنهُ ْم عَذَابَ الِزْيِ))»(‪.)321‬‬
‫وأقول‪ :‬لقد روى الفريقان نو هذا عن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم قال‪" :‬ل يرد‬
‫القدر إل الدعاء" وقال‪" :‬ل يغن حذر من قدر‪ ،‬والدعاء ينفع ما نزل وما ل ينل‪.)322("..‬‬
‫‪ -38‬وقال عليه السلم‪« :‬أربعٌ تعليمٌ من ال عزّ وجلّ لس َن بواجباتٍ‪ .‬قوله‪(( :‬فَكاِتبُوهُمْ ِإنْ‬
‫عَِل ْمتُمْ فِيهِمْ َخيْرا)) [النور‪ ]33:‬فمَ ْن شاء كاتب رقيقه َومَنْ شاء ل يكاتب‪ .‬وََقوْلُهُ‪َ (( :‬وإِذا حََل ْلتُمْ‬
‫فَاصْطادُوا)) [الائدة‪ :]2:‬فمن شاء اصطاد ومن شاء ل يصطد‪ .‬وََقوْلُهُ‪َ(( :‬فكُلُوا ِمنْها َوأَ ْطعِمُوا‬
‫ت الصّلةُ‬ ‫ضيَ ِ‬
‫الْقانِ َع وَالْ ُم ْعتَرّ)) [الج‪ :]36:‬فمن شاء أكل َومَنْ شاء ل يأكل‪ .‬وََقوْلُهُ‪(( :‬فَإِذا ُق ِ‬
‫فَاْنتَشِرُوا فِي الَ ْرضِ)) [المعة‪ :]10:‬فمن شاء انتشر َومَنْ شاء جلس»(‪.)323‬‬
‫‪ -39‬وقال عليه السلم‪« :‬أيعجز أحدكم إذا مرض أن يسأل امرأته فتهب له من مهرها درها‬
‫فيشتري به عسل فيشربه باء السماء فإن ال عزّ وجلّ يقول ف الهر‪(( :‬فَِإ ْن ِطبْنَ َلكُ ْم عَنْ‬
‫َشيْ ٍء ِمنْهُ َنفْسا َفكُلُوهُ َهنِيئا مَرِيئا)) [النساء‪ ]4:‬ويقول ف العسل‪(( :‬فِيهِ شِفاءٌ لِلنّاسِ)) [النحل‪:]69:‬‬
‫ويقول ف ماء السماء‪َ (( :‬ونَزّلْنا مِنَ السّماءِ ما ًء مُبارَكا)) [سورة ق‪.)324(»]9:‬‬
‫سَتقِيمٍ)) [هود‪« :]56:‬إنه على حق‪،‬‬
‫ط مّ ْ‬
‫‪ -40‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪ِ(( :‬إنّ َربّي عَلَى صِرَا ٍ‬
‫يزي بالحسان إحسانا وبالسيئ سيئا‪ ،‬ويعفو عمن يشاء ويغفر سبحانه وتعال»(‪.)325‬‬
‫‪ -41‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪(( :‬ألَ ْم تَرَ إِلَى الّذِي َن بَدّلُواْ ِنعْ َمةَ اللّهِ ُكفْرًا َوأَحَلّواْ َق ْو َمهُمْ دَا َر‬
‫س اْلقَرَارُ)) [إبراهيم‪..« ]29 -28:‬أل أحد يسألن عن القرآن؟ فوال لو‬ ‫اْلَبوَارِ‪َ .‬ج َهنّ َم َيصَْل ْوَنهَا َوبِْئ َ‬
‫أعلم اليوم أحد أعلم به من‪ ،‬وإن كان من وراء البحور لتيته‪ .‬فقام عبد ال بن الكواء فقال‪:‬‬
‫مَنِ ((الّذِي َن بَدّلُواْ نِعْ َمةَ اللّهِ ُكفْرًا»؟ قال‪ :‬هم مشركو قريش‪ ،‬أتتهم نعمة ال اليان فبدلوا‬

‫() السيوطي ف الدر النثور‪ ،‬ميلً إل ابن أب حات والللكائي ف السنة عن علي بن أب طالب‪ ..‬الديث‪.‬‬ ‫‪321‬‬

‫() انظر الدر النثور للسيوطي ذيل تفسيه للية الذكورة من سورة يونس‪.‬‬ ‫‪322‬‬

‫() رواه القاضي النعمان بن ممد ف دعائم السلم‪.)2/185( ،‬‬ ‫‪323‬‬

‫() دعائم السلم‪.)2/148( ،‬‬ ‫‪324‬‬

‫() رواه العياشي ف تفسيه‪.)2/151( ،‬‬ ‫‪325‬‬

‫‪91‬‬
‫(‪)326‬‬
‫حرُوا يوم بدر»‬
‫قومهم دار البوار)) وقال أيضا‪« :‬هم كفار قريش الذين نُ ِ‬
‫صدُو ِرهِم مّ ْن غِلّ إِ ْخوَانًا عَلَى‬
‫‪ -42‬وقال عليه السلم فينا وال أهل بدرٍ نزلت (( َونَ َز ْعنَا مَا فِي ُ‬
‫(‪)327‬‬
‫[الجر‪]47:‬‬ ‫سُ ُر ٍر ّمتَقَابِِليَ))‬
‫‪ -43‬وقال عليه السلم‪ :‬إن لرجو أن أكون أنا وعثمان والزبي وطلحة من قال ال‪َ (( :‬ونَ َزعْنَا مَا‬
‫فِي صُدُو ِرهِم مّ ْن غِلّ)) [الجر‪.)328(]47:‬‬
‫صفْ َح الْجَمِيلَ))‬
‫صفَحِ ال ّ‬
‫‪ -44‬و ُروِيَ أنه عليه السلم قال ف قوله تعال‪َ ..(( :‬وإِنّ السّاعَ َة لِتَيةٌ فَا ْ‬
‫[الجر‪« :]85:‬إن الصفح الميل هو العفو من غي عتاب» وقيل‪ :‬هو العفو بغي تعنيف‬
‫وتوبيخ‪.)329(.‬‬
‫ش ًة َوسَاء سَبِيلً))‬
‫‪ -45‬و ُروِيَ عنه عليه السلم ف قوله تعال‪(( :‬وَ َل َتقْ َربُواْ ال ّزنَى ِإنّهُ كَانَ فَاحِ َ‬
‫[السراء‪ :]32:‬قال‪« :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم يقول‪ :‬ف الزنا ست خصال‪،‬‬
‫ثلث ف الدنيا‪ ،‬وثلث ف الخرة‪ .‬فأما اللوات ف الدنيا فيذهب بنور الوجه‪ ،‬ويقطع الرزق‪،‬‬
‫ويسرع الفنا‪ .‬وأما اللوات ف الخرة‪ :‬فغضب الرب‪ ،‬وسوء الساب‪ ،‬والدخول ف النار‪ ،‬أو‬
‫اللود ف النار»(‪.)330‬‬
‫‪ -46‬وقال عليه السلم ف تفسي قوله تعال‪َ (( :‬ومَن ُقتِ َل مَظْلُومًا َفقَدْ َجعَ ْلنَا ِلوَِليّ ِه سُلْطَانًا َف َ‬
‫ل‬
‫يُسْرِف فّي اْل َقتْلِ إِنّهُ كَانَ مَْنصُورًا)) [السراء‪« :]33:‬والسراف ف القتل أن تقتل غي قاتلك‪،‬‬
‫فقد نى ال عن ذلك‪ ،‬وهو الغشم الذي نى ال عنه»(‪.)331‬‬
‫‪ -47‬وقال عليه السلم‪« :‬إذا حلف الرجل بال فله ثنياها إل أربعي يوما وذلك أن قوما من‬
‫اليهود سألوا النب صلى ال عليه وآله وسلم عن شيء‪ ،‬فقال ائتون غدا ‪ -‬ول يستثن ‪ -‬حت‬

‫() تف سي ال طبي‪ ،‬وال سيوطي ف الدر النثور‪ ،‬بالحالة إل ا بن أ ب حا ت وا بن جر ير وا بن النذر ف تفا سيهم‪ ،‬ذ يل‬ ‫‪326‬‬

‫تفسيهم للية (‪ )28‬من سورة إبراهيم‪.‬‬


‫() السيوطي ف الدر النثور‪.)4/101( ،‬‬ ‫‪327‬‬

‫() الصدر السابق‪.)4/101( ،‬‬ ‫‪328‬‬

‫() انظر تفسي ممع البيان للطبسي‪.)6/28( ،‬‬ ‫‪329‬‬

‫() انظر تفسي ممع البيان للطبسي‪.)6/248( ،‬‬ ‫‪330‬‬

‫() رواه أبو جعفر السكاف‪ ،‬ف كتاب العيار والوازنة‪ ،‬ص ‪.97‬‬ ‫‪331‬‬

‫‪92‬‬
‫شيْءٍ ِإنّي‬
‫أُ ْخبِرَ ُكمْ‪ ،‬فاحتبس عنه جبئيل عليه السلم أربعي يوما ث أتاه‪ ،‬وقال ‪(( :‬وَل تَقُولَنّ لِ َ‬
‫ك غَدا‪ .‬إِل َأ ْن يَشاءَ ال وَاذْكُرْ َربّكَ إِذا نَسِيتَ)) [الكهف‪ 23:‬و ‪.)332(»]24‬‬
‫فاعِلٌ ذلِ َ‬
‫‪ -48‬روى أن يهوديا سأل على بن أب طالب عليه السلم عن مدة لبث أصحاب الكهف ف‬
‫ي وَازْدَادُوا‬
‫ث مِاَئةٍ ِسنِ َ‬
‫كهفهم فأخب با ف القرآن من قوله تعال‪(( :‬وََلِبثُوا فِي َك ْه ِفهِ ْم ثَل َ‬
‫سعًا)) [الكهف‪ ]25:‬فقال‪ :‬إنا ند ف كتابنا ثلثائة‪ ،‬فقال عليه السلم‪ :‬ذاك بسن الشمس وهذا‬ ‫تِ ْ‬
‫بسن القمر(‪.)333‬‬
‫ت الصّالِحَاتُ َخيْرٌ‬
‫حيَاةِ ال ّدنْيَا وَالْبَاِقيَا ُ‬
‫‪ -49‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪(( :‬الْمَا ُل وَاْلَبنُونَ زِيَنةُ الْ َ‬
‫ك َثوَابًا وَ َخيْرٌ َأ َملً)) [الكهف‪« :]46:‬الال والبنون حرث الدنيا‪ ،‬والعمل الصال حرث‬ ‫عِندَ َربّ َ‬
‫الخرة‪ ،‬وقد يمعهما ال لقوام»(‪.)334‬‬
‫ك عَن ذِي اْلقَ ْرَنيْنِ)) [الكهف‪« :]83:‬إنه كان عبدا‬
‫سأَلُونَ َ‬
‫‪ -50‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪َ (( :‬ويَ ْ‬
‫صالا أحب ال وأحبه ال وناصح ال وناصحه‪ .‬قد أمر قومه بتقوى ال فضربوه على قرنه‬
‫ضربة بالسيف فذلك قرناه وفيكم مثله»(‪.)335‬‬
‫جعَلُ َلهُمُ الرّ ْحمَنُ‬
‫ت َسيَ ْ‬
‫‪ -51‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪ِ(( :‬إ ّن الّذِينَ آ َمنُوا َوعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫ُودّا)) [مري‪« :]96:‬مبة ف قلوب الؤمني»‪.‬‬
‫قلت رواه السيوطي ف الدر النثور قال‪ :‬وأخرج الطبان وابن مردويه‪ ،‬عن ابن عباس قال‪:‬‬
‫نزلت ف علي بن أب طالب «إن الذين آمنوا وعملوا الصالات سيجعل لم الرحن ودا» قال‪:‬‬
‫مبة ف قلوب الؤمني‪ .‬وأخرج الكيم الترمذي وابن مردويه‪ ،‬عن علي بن أب طالب قال‪:‬‬
‫سألت رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم عن قوله‪« :‬سيجعل لم الرحن ودا» ما هو؟ قال‪:‬‬
‫الحبة‪ ،‬ف قلوب الؤمني‪ ،‬واللئكة القربي‪ .‬يا علي‪ ،‬إن ال أعطى الؤمن ثلثا‪ .‬النة والحبة‬
‫واللوة والهابة ف صدور الصالي))(‪.)336‬‬

‫() رواه العياشي ف تفسيه‪.)2/324( ،‬‬ ‫‪332‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)15/146( ،‬‬ ‫‪333‬‬

‫() السيوطي ف الدر النثور ذيل تفسي الية الذكورة من سورة الكهف وأحال إل ابن أب حات ف تفسيه‪.‬‬ ‫‪334‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)15/189( ،‬‬ ‫‪335‬‬

‫() السيوطي ف الدر النثور‪ :‬ذيل تفسي الية الذكورة من سورة مري‪.‬‬ ‫‪336‬‬

‫‪93‬‬
‫‪ -52‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪َ(( :‬فَأوْ َجسَ فِي َنفْسِهِ خِي َف ًة مّوسَى)) [طه‪« :]67:‬لَ ْم يُو ِجسْ‬
‫جهّالِ وَ ُدوَ ِل الضّللِ»(‪.)337‬‬
‫مُوسَى عليه السلم خِي َف ًة عَلَى َنفْسِ ِه بَلْ َأ ْشفَقَ مِ ْن غََلَبةِ الْ ُ‬
‫‪ -53‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪ِ(( :‬إّننِي َأنَا اللّهُ ل إِلَهَ إِل َأنَا فَاعْبُ ْدنِي َوأَقِ ِم الصّلةَ لِذِ ْكرِي))‬
‫[طه‪« ]14:‬حدثنا رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪ ،‬عن جبيل عليه السلم قال‪ :‬قال ال عز‬
‫وجل ((أن أنا ال ل إله إل أنا فاعبدن» "من جاءن منكم بشهادة أن ل إله إل ال‬
‫بالخلص دخل حصن‪ ،‬ومن دخل حصن أمن عذاب"))(‪.)338‬‬
‫‪ -54‬وقال عليه السلم ف قول ال عزّ وجلّ‪(( :‬وَالّذِي َن يَ ْرمُونَ أَ ْزوَا َجهُ ْم وَلَ ْم َيكُن ّلهُ ْم ُشهَدَاءُ إِل‬
‫ت بِاللّهِ ِإنّهُ لَمِ َن الصّادِقِيَ)) [النور‪« :]6:‬من قذف امرأته‬ ‫شهَا َدةُ أَحَ ِدهِمْ أَ ْربَ ُع َشهَادَا ٍ‬
‫سهُمْ فَ َ‬
‫أَنفُ ُ‬
‫فل لعان بينه وبينها حتّى ي ّدعِي ال ّر ْؤَي َة فيقول‪ :‬رأيتُ رجل بي رجليها يزن با»(‪.)339‬‬
‫[القصص‪]85:‬‬ ‫ك الْقُرْآنَ لَرَا ّدكَ إِلَى َمعَادٍ))‬
‫ض عََليْ َ‬
‫‪ -55‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪ِ(( :‬إ ّن الّذِي فَ َر َ‬
‫قال‪ :‬النة(‪.)340‬‬
‫‪ -56‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪(( :‬يَا َأّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا ل َتكُونُوا كَالّذِينَ آ َذوْا مُوسَى َفَب ّرأَ ُه‬
‫اللّ ُه مِمّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللّ ِه وَجِيهًا)) [الحزاب‪« :]69:‬إن موسى وهارون عليهما السلم صعدا‬
‫البل فمات هارون‪ ،‬فقالت بنو إسرائيل أنت قتلته فأمر ال اللئكة فحملته حت مروا به على‬
‫بن إسرائيل وتكلمت اللئكة بوته حت عرفوا أنه مات‪ ،‬وبرّأه ال من ذلك»(‪.)341‬‬
‫‪-57‬وقال عليه السلم ف قصة دواد النب عليه السلم الت جاءت ف سورة ص‪« :‬ل أوتى برجل‬
‫يزعم أن داود تزوج امرأة أوريا إل جلدته حدين‪ ،‬حدا للنبوة وحدا للسلم»(‪.)342‬‬
‫قال ابن جزّي‪ :‬وقد اختلف الناس ف هذه القصة وأكثروا فيها قديا وحديثا حت قال علي بن‬
‫أب طالب رضي ال عنه‪« :‬مَنْ حدّث با يقول هؤلء القصّاص ف أمر داود عليه السلم‬

‫() نج البلغة‪( ،‬الطب‪.)4:‬‬ ‫‪337‬‬

‫() السيوطي ف الدر النثور‪ ،‬ذيل تفسي الية الذكورة من سورة طه‪ ،‬ميل إل أب نعيم الصفهان ف حلية الولياء‪.‬‬ ‫‪338‬‬

‫() دعائم السلم‪.)2/281( ،‬‬ ‫‪339‬‬

‫() السيوطي ف الدر النثور‪.)5/140( ،‬‬ ‫‪340‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)22/171( ،‬‬ ‫‪341‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)23/108( ،‬‬ ‫‪342‬‬

‫‪94‬‬
‫جلدته حدّين لا ارتكب من حرمة من رفع ال ملّه»(‪.)343‬‬
‫[يس‪]70:‬‬ ‫‪ -58‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪ِ(( :‬ليُنذِ َر مَن كَانَ َحيّا َويَحِ ّق اْل َقوْ ُل عَلَى اْلكَافِرِينَ))‬
‫أي من كان عاقلً(‪.)344‬‬
‫‪ -59‬وقال عليه السلم‪ :‬من سره أن يكتال بالكيال الوف من الجر يوم القيامة فليقل آخر ملسه‬
‫حي يريد أن يقوم ((سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلم على الرسلي والمد ل‬
‫رب العالي))‪.‬‬
‫أخرجه السيوطي ف الدر النثور عن النب صلى ال عليه وآله وسلم ورواه أيضا عن علي بن‬
‫أب طالب فقال‪« :‬وأخرج حيد بن زنويه ف ترغيبه من طريق الصبغ بن نباتة عن علي بن‬
‫أب طالب رضي ال عنه قال‪ :‬من سره أن يكتال بالكيال الوف فليقرأ هذه الية ثلث مرات‬
‫((سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلم على الرسلي والمد ل رب العالي))»‪.‬‬
‫‪ -60‬وقال عليه السلم‪ :‬إن ال ‪ -‬وله المد ‪ -‬افتتح الكتاب بالمد لنفسه‪ ،‬وختم أمر الدنيا‬
‫ب الْعالَمِيَ))‬
‫ضيَ َبْيَنهُ ْم بِالْحَ ّق وَقِي َل الْحَ ْمدُ لِلّهِ رَ ّ‬
‫وميء الخرة بالمد لنفسه فقال‪(( :‬وُق ِ‬
‫[الزمر‪.)345(]75:‬‬
‫‪ -61‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪(( :‬وَقَا َل الّذِينَ َكفَرُوا َرّبنَا أَ ِرنَا الّ َذيْنِ أَضَلنَا مِ َن الْجِ ّن‬
‫وَالِنسِ)) [ُفصّلت‪« :]29:‬قال‪ :‬إبليس البالسة وابن آدم الذي قتل أخاه» وف رواية أخرى عنه‬
‫عليه السلم‪((« :‬فإنما ابن آدم القاتل‪ ،‬وإبليس البالسة‪ .‬فأما ابن آدم فيدعو به كل صاحب‬
‫كبية دخل النار من أجل الدعوة‪ .‬وأما إبليس فيدعو به كل صاحب شرك‪ ،‬يدعوانما ف‬
‫النار»(‪.)346‬‬
‫‪ -62‬وقال عليه السلم‪« :‬قال ال تعال‪ِ(( :‬إنّ الّذِينَ قالُوا َرّبنَا اللّ ُه ثُ ّم ا ْستَقامُوا َتَتنَزّ ُل عََلْيهِ ُم‬
‫جّن ِة اّلتِي ُكْنتُمْ تُوعَدُونَ)) [فصلت‪ :]30:‬وَقَدْ قُ ْلتُمْ‬ ‫ح َزنُوا وَأبْشِرُوا بِالْ َ‬
‫الْمَلِئكَةُ أَل تَخافُوا وَل تَ ْ‬
‫ح ِة مِ ْن عِبَا َدتِه‪ .‬ثُمّ ل‬ ‫َرّبنَا اللّهُ فَا ْسَتقِيمُوا عَلَى ِكتَابِ ِه َوعَلَى ِمْنهَاجِ َأمْ ِر ِه َوعَلَى الطّرِي َق ِة الصّالِ َ‬
‫() راجع‪ :‬كتاب التسهيل لعلوم التنمزيل‪ ،‬لحمد بن أحد بن جزّي الكلب‪.)3/182( ،‬‬ ‫‪343‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)23/38( ،‬‬ ‫‪344‬‬

‫() رواه ابن بابوية ف كتاب التوحيد‪ ،‬ص ‪.32‬‬ ‫‪345‬‬

‫() أخرج الروايتي ابن جرير الطبي ف تفسيه جامع البيان‪ ،‬ذيل تفسي الية (‪ )29‬من سورة فصلت‪.‬‬ ‫‪346‬‬

‫‪95‬‬
‫تَ ْمرُقُوا ِمْنهَا وَل َتْبتَ ِدعُوا فِيهَا وَل تُخَاِلفُوا عَْنهَا‪ ،‬فَِإنّ أَهْ َل الْ ُمرُوقِ ُمْنقَطَ ٌع ِبهِ ْم ِعنْدَ اللّ ِه َيوْمَ‬
‫اْل ِقيَا َمةِ»(‪.)347‬‬
‫سبَتْ َأيْدِيكُ ْم َوَي ْعفُو عَن‬
‫‪ -63‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪َ (( :‬ومَا أَصَاَبكُم مّن ّمصِيَبةٍ َفبِمَا كَ َ‬
‫َكثِيٍ)) [الشورى‪ ]30:‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪« :‬خي آية ف كتاب ال هذه‬
‫الية‪ ،‬يا علي! ما من خدش عود ول نكبة قدم إل بذنب وما عفا ال عنه ف الدنيا فهو أكرم‬
‫من أن يعود فيه‪ ،‬وما عاقب ف الدنيا فهو أعدل من أن يثن على عبده»(‪.)348‬‬
‫‪ -64‬وقال عليه السلم‪ :‬قيل للنب هل عبدت وثنا قط؟ قال‪ :‬ل‪ .‬قالوا‪ :‬فهل شربت خرا قط؟‬
‫قال‪ :‬ل وما زلت أعرف الذي هم عليه ُكفْرٌ وما كنت أدرى ما الكتاب ول اليان وبذلك‬
‫ب وَل الِيَانُ)) [الشورى‪.)349(]52:‬‬
‫ت تَدْرِي مَا اْلكِتَا ُ‬
‫نزل القرآن‪(( :‬مَا كُن َ‬
‫ض الّذِينَ َك َفرُوا عَلَى النّارِ َأ ْذهَْبتُ ْم‬ ‫‪ -65‬وقد عاش وتفاعل عليه السلم مع قوله تعال (( َوَيوْ َم ُيعْ َر ُ‬
‫َطّيبَاِتكُمْ فِي َحيَاتِكُمُ ال ّدْنيَا وَا ْستَ ْمَتعْتُم ِبهَا)) [الحقاف‪ ]20:‬وأمثالا من اليات البينة لقارة الدنيا‬
‫ط بِهِ‬‫حيَاةِ ال ّدنْيَا كَمَاء أَنزَْلنَاهُ مِنَ السّمَاء فَا ْختَلَ َ‬ ‫وتفاهتها كقوله تعال‪(( :‬وَاضْرِبْ َلهُم ّمثَ َل الْ َ‬
‫ح وَكَانَ اللّ ُه عَلَى كُ ّل َشيْءٍ ّم ْقتَدِرًا‪ .‬الْمَا ُل وَاْلبَنُونَ‬ ‫صبَ َح هَشِيمًا تَذْرُوهُ ال ّريَا ُ‬ ‫ت الَ ْرضِ َفأَ ْ‬ ‫َنبَا ُ‬
‫حيَاةِ ال ّدْنيَا وَاْلبَاِقيَاتُ الصّالِحَاتُ َخيْ ٌر عِندَ َربّكَ َثوَابًا َو َخيْرٌ َأ َملً)) [الكهف‪ ]46 -45:‬وقوله‬ ‫زِيَن ُة الْ َ‬
‫حيَاةُ ال ّدْنيَا َل ِعبٌ وََل ْه ٌو وَزِينَ ٌة َوَتفَاخُ ٌر َبْينَكُ ْم َوَتكَاثُرٌ فِي ا َل ْموَالِ‬
‫سبحانه‪(( :‬اِعَْلمُوا َأنّمَا الْ َ‬
‫جبَ اْل ُكفّارَ نَبَاتُ ُه ثُ ّم َيهِيجُ َفَترَا ُه ُمصْفَرّا ثُ ّم َيكُونُ حُطَامًا وَفِي الخِ َرةِ‬ ‫وَا َلوْلدِ كَ َمثَ ِل َغيْثٍ َأعْ َ‬
‫ع اْلغُرُورِ))‪( .‬الديد‪،]20:‬‬ ‫حيَاةُ ال ّدنْيَا إِل َمتَا ُ‬ ‫ضوَانٌ َومَا الْ َ‬ ‫ب شَدِي ٌد َو َم ْغفِ َرةٌ مّنَ اللّ ِه وَرِ ْ‬
‫عَذَا ٌ‬
‫فكانت حياته تفسيا عمليا وتسيدا حيّا لذه اليات الكرية‪.‬‬
‫وف هذا‪ ،‬يروي الطبسي ف ممع البيان فيقول‪« :‬وقال علي بن أب طالب‪ ،‬عليه أفضل‬
‫الصلوات‪ ،‬ف بعض خطبه‪ :‬وال لقد رقعت مدرعت هذه حت استحييت من راقعها‪ ،‬ولقد قال‬
‫ل قائل‪ :‬أل تنبذها؟ فقلت‪ :‬اغرب عن‪ ،‬فعند الصباح يمد القوم السرى»‪ .‬وروى ممد بن‬
‫قيس‪ ،‬عن أب جعفر الباقر عليه السلم أنه قال‪« :‬وال إن كان عليّ عليه السلم ليأكل أكلة‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطب‪.)167( :‬‬ ‫‪347‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)24/54( ،‬‬ ‫‪348‬‬

‫() السيوطي ف الدر النثور‪ ،/6( ،‬ص ‪.13‬‬ ‫‪349‬‬

‫‪96‬‬
‫العبد‪ ،‬ويلس جلسة العبد‪ ،‬وإن كان ليشتري القميصي فيخي غلمه خيها‪ ،‬ث يلبس الخر‪،‬‬
‫فإذا جاز أصابعه قطعه‪ ،‬وإذا جاز كعبه حذفه‪ ،‬ولقد ول خس سني‪ ،‬ما وضع آجرة على‬
‫آجرة‪ ،‬ول لبنة على لبنة‪ ،‬ول أورث بيضاء ول حراء‪ ،‬وإن كان ليطعم الناس على خبز الب‬
‫واللحم‪ ،‬وينصرف إل منله فيأكل خبز الشعي‪ ،‬والزيت والل‪ ،‬وما ورد عليه أمران كلها‬
‫ل‪ ،‬عَ ّز وَجَلّ‪ ،‬فيه رضىً‪ ،‬إل أخذ بأشدها على بدنه‪ .‬ولقد أعتق ألف ملوك من كد يينه‪،‬‬
‫تربت منه يداه‪ ،‬وعرق فيه وجهه‪ .‬وما أطاق عمله أحد من الناس بعده‪ ،‬وإن كان ليصلي ف‬
‫اليوم والليلة ألف ركعة‪ ،‬وإن كان أقرب الناس شبها به علي بن السي عليه السلم‪ ،‬ما أطاق‬
‫عمله أحد من الناس بعده»‪ .‬ث إنه قد اشتهر ف الرواية أنه (أي أمي الؤمني عليّ) عليه السلم‬
‫لا دخل على العلء بن زياد بالبصرة يعوده‪ ،‬قال له العلء‪ :‬يا أمي الؤمني أشكو إليك أخي‬
‫عاصم بن زياد‪ ،‬لبس العباءة‪ ،‬وتلى عن الدنيا؟ فقال عليه السلم‪ :‬عليّ به‪ .‬فلمّا جاء به قال‪:‬‬
‫ي َنفْسِهِ! لقد استهام بك البيث‪ .‬أما رحت أهلك وولدك؟ أترى ال أحل لك‬ ‫يا عُدَ ّ‬
‫الطيبات‪ ،‬وهو يكره أن تأخذها؟ أنت أهون على ال من ذلك! قال‪ :‬يا أمي الؤمني! هذا‬
‫أنت ف خشونة ملبسك‪ ،‬وجشوبة مأكلك؟ قال‪ :‬ويك إن لست كأنت! إن ال تعال فرض‬
‫على أئمة الق أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس‪ ،‬كيل يتبيّغ بالفقي فقره))(‪ )350‬قلت ويتبيّغ من باغ الدم‬
‫بيغا وتبيّغ‪ :‬هاج وثار‪.‬‬
‫‪-66‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪َ ((:‬وأَلْ َز َمهُمْ كَِل َم َة الّت ْقوَى)) [الفتح‪ ]26:‬هي ل إله إل ال(‪.)351‬‬
‫‪-67‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪((:‬يَا َأّيهَا النّاسُ ِإنّا خََل ْقنَاكُم مّن ذَ َك ٍر َوأُنثَى َو َجعَ ْلنَاكُ ْم ُشعُوبًا‬
‫وََقبَائِلَ ِلَتعَارَفُوا ِإنّ أَكْ َر َمكُ ْم عِندَ اللّهِ َأتْقَاكُمْ ِإنّ اللّ َه عَلِيمٌ َخبِيٌ)) [الجرات‪« :]13:‬قال النب صلى‬
‫ال عليه وآله وسلم‪" :‬إذا كان يوم القيامة أوقف العباد بي يدي ال تعال غرل بما فيقول‬
‫ال‪ :‬عبادي أمرتكم فضيعتم أمري‪ ،‬ورفعتم أنسابكم فتفاخرت با‪ ،‬اليوم أضع أنسابكم‪ ،‬أنا‬
‫اللك الديان أين التقون؟ أين التقون؟ إن أكرمكم عند ال أتقاكم»(‪.)352‬‬
‫‪ -68‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪(( :‬وَجَاءتْ كُ ّل َن ْفسٍ ّم َعهَا سَائِقٌ َو َشهِيدٌ)) [ق‪(( .]21:‬سَائِقٌ‬

‫() تفسي ممع البيان للطبسي‪.)9/148( ،‬‬ ‫‪350‬‬

‫() السيوطي ف الدر النثور‪.)6/80( ،‬‬ ‫‪351‬‬

‫() السيوطي ف الدر النثور‪ ،‬ذيل تفسيه الية الذكورة من سورة الجرات وأحال الرواية إل الطيب البغدادي‪.‬‬ ‫‪352‬‬

‫‪97‬‬
‫شهَ ُد عََلْيهَا ِبعَمَِلهَا))(‪.)353‬‬
‫ش ِرهَا َوشَاهِ ٌد يَ ْ‬
‫يَسُوُقهَا إِلَى مَحْ َ‬
‫‪ُ -69‬روِيَ أ ّن اب َن الكوّا سأل أمي الؤمني عليّا عليه السلم وهو يطب على النب‪ ،‬فقال‪ :‬ما‬
‫((الذّا ِريَاتِ ذَ ْروًا))؟ قال‪ :‬الرياح‪ ،‬قال‪(( :‬فَاْلحَامِلتِ وِ ْقرًا))؟ قال‪ :‬السحاب‪ .‬قال‪:‬‬
‫ت يُسْرًا))؟ قال‪ :‬السفن‪ .‬قال‪(( :‬فَالْ ُمقَسّمَاتِ َأمْرًا))؟(‪ )354‬قال‪ :‬اللئكة(‪.)355‬‬
‫((فَاْلجَا ِريَا ِ‬
‫حبُكِ)) [الذاريات‪ :]7:‬معناه‪ :‬ذات السن‬
‫‪ -70‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪((:‬وَالسّمَاءِ ذَاتِ الْ ُ‬
‫والزينة(‪.)356‬‬
‫‪ -71‬وروى عنه عليه السلم ف معن قول ال ع ّز وجلّ‪(( :‬هَلْ جَزَاء الِحْسَانِ إِل الِحْسَانُ))‬
‫[الرحن‪ ]60:‬قال‪« :‬سعت رسول صلى ال عليه وآله وسلم يقول‪ :‬إن ال ع ّز وجلّ قال‪ :‬ما‬
‫جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إل النة»(‪.)357‬‬
‫[الواقعة‪]27:‬‬ ‫ب اْليَمِيِ))‬
‫صحَا ُ‬
‫‪ -72‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪َ (( :‬وأَصْحَابُ الْيَمِيِ مَا أَ ْ‬
‫«أصحاب اليمي‪ :‬أطفال الؤمني»(‪.)358‬‬
‫‪ -73‬وقال عليه السلم‪« :‬الزهد كله بي الكلمتي من القرآن‪ .‬قال ال سبحانه‪ِ(( :‬ل َكيْل َت ْأ َسوْا‬
‫س عَلَى الْمَاضِي وَلَ ْم َيفْ َرحْ‬
‫عَلَى مَا فَاَتكُمْ وَل َتفْ َرحُوا بِمَا آتَاكُمْ)) [الديد‪َ .]23:‬ومَنْ لَمْ يَأْ َ‬
‫بِالتِي َفقَدْ أَ َخذَ ال ّزهْ َد بِطَرََفيْهِ»(‪.)359‬‬
‫أقول‪ :‬فليكن فرح الؤمن الزاهد با نال من ثواب الخرة أكثر من فرحه بعوائد الدنيا كما قال‬
‫ال تعال‪((:‬قُلْ بِ َفضْلِ اللّ ِه َوبِرَ ْح َمتِهِ َفبِذَلِكَ َف ْلَيفْرَحُواْ هُوَ َخْي ٌر مّمّا يَجْ َمعُونَ)) [يونس‪ ]58:‬ويؤيد‬
‫هذا العن وصيته عليه السلم لبن عباس رضي ال عنه حيث قال له‪« :‬فَ ْلَيكُ ْن سُرُو ُر َك بِمَا‬
‫ك ِمنْهَا‪َ ،‬ومَا نِ ْلتَ مِنْ ُدْنيَاكَ فَل ُتكْثِرْ بِهِ َفرَحا‪،‬‬
‫ت مِنْ آ ِخ َرتِكَ‪ ،‬وَلَْيكُنْ َأ َسفُكَ عَلَى مَا فَاتَ َ‬‫نِ ْل َ‬

‫() َنهْج البَلغَةِ‪ :‬الطب‪.)85( :‬‬ ‫‪353‬‬

‫() سورة الذاريات‪1( :‬إل ‪.)4‬‬ ‫‪354‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)27/7( ،‬‬ ‫‪355‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪ ،/27( ،‬ص ‪.7‬‬ ‫‪356‬‬

‫() رواه بابوية ف كتاب التوحيد‪( ،‬ص‪.)28:‬‬ ‫‪357‬‬

‫() ابن جرير الطبي ف تفسيه للية الذكورة‪.‬‬ ‫‪358‬‬

‫() َنهْج البَلغَةِ‪ :‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)439:‬‬ ‫‪359‬‬

‫‪98‬‬
‫ك ِمْنهَا فَل َتأْسَ عََليْهِ َجزَعا»(‪.)360‬‬
‫َومَا فَاتَ َ‬
‫‪ -74‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪ُ (( :‬عتُ ّل َبعْدَ ذَلِكَ َزنِيمٍ)) [القلم‪« :]13:‬الزنيم هو الجي‬
‫الكافر»(‪.)361‬‬
‫أقول‪ :‬وقد روى السيوطي ف الدر الأثور أيضا عن ابن عباس أن نافع بن الزرق سأله عن‬
‫قوله‪« :‬زنيم» قال‪ :‬ولد الزنا‪ .‬قال‪ :‬وهل تعرف العرب ذلك؟ قال‪ :‬نعم أما سعت قول‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫كما زيد ف عرض الدي الكارع‬ ‫زنيــم تداعتـه الرجـال زيادة‬
‫س الْبَرَكَاتِ‬‫ت وَ َحْب ِ‬ ‫‪ -75‬وقال عليه السلم‪ِ« :‬إنّ اللّهَ يَْبتَلِي عِبَا َد ُه ِعنْ َد الَعْمَالِ السّّيَئةِ ِبَن ْقصِ الثّمَرَا ِ‬
‫خْيرَاتِ ِلَيتُوبَ تَاِئبٌ َوُيقْلِعَ ُمقْلِ ٌع َوَيتَذَكّ َر ُمتَذَكّ ٌر َويَزْ َدجِ َر ُمزْدَ ِج ٌر وَقَدْ َجعَلَ‬ ‫َوِإغْلقِ َخزَائِنِ الْ َ‬
‫ت ا ْستَ ْغفِرُوا‬
‫ق وَرَ ْح َمةِ الْخَلْقِ َفقَا َل ُسبْحَانَهُ‪َ(( :‬فقُ ْل ُ‬ ‫اللّ ُه ُسبْحَانَ ُه الِاسِْت ْغفَا َر َسبَبا لِ ُدرُورِ الرّ ْز ِ‬
‫جعَل ّلكُمْ‬ ‫َرّبكُمْ ِإنّهُ كَانَ َغفّارًا‪ُ .‬ي ْرسِلِ السّمَاء عََليْكُم مّ ْدرَارًا‪َ .‬ويُمْ ِددْكُ ْم ِبَأمْوَا ٍل َوَبنِيَ َويَ ْ‬
‫جعَل ّلكُمْ َأْنهَارًا» [نوح‪ .]12-10:‬فرحم ال امرًأ استقبل توتبه واستقال خطيئته وبادر‬ ‫َجنّاتٍ َويَ ْ‬
‫َمِنيّتَهُ))(‪.)362‬‬
‫‪ -76‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪« :‬يَا أَّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا قُوا أَنفُسَكُ ْم َوَأهْلِيكُمْ نَارًا وَقُو ُدهَا‬
‫حجَا َرةُ‪..‬الية)) [التحري‪« :]6:‬علّموا أنفسَكم وأهليكم الي وأدّبوهم»(‪.)363‬‬
‫النّاسُ وَالْ ِ‬
‫أقول‪ :‬وروى السيوطي ف الدر النثور نو هذا عن رسول اللهص عن قوله تعال‪(( :‬قُوا‬
‫أَنفُسَكُ ْم َوَأهْلِيكُ ْم نَارًا)) قالوا‪ :‬يا رسول ال! كيف نقي أهلنا نارا؟ قال‪" :‬تأمرونم با يبه ال‬
‫وتنهونم عما يكره ال"))‪.‬‬
‫صفًا)) [الرسلت‪ .]2:‬قال‪:‬‬
‫ت َع ْ‬
‫صفَا ِ‬
‫‪ -77‬و ُروِيَ أن رجلً قام إل عليّ عليه السلم فقال‪(( :‬فَاْلعَا ِ‬

‫() نج البلغة‪ :‬الكتاب (‪.)22‬‬ ‫‪360‬‬

‫() السيوطي ف الدر النثور ذيل الية الذكورة من سورة نون والقلم‪.‬‬ ‫‪361‬‬

‫() َنهْج البَلغَةِ‪ :‬الطب‪.)143( :‬‬ ‫‪362‬‬

‫() ابن جرير الطبي ف تفسيه‪ ،‬والسيوطي ف الدر النثور ذيل تفسيهم للية (‪ )6‬الذكورة من سورة التحري‪ ،‬وقال‬ ‫‪363‬‬

‫السيوطي‪(( :‬أخرج عبد الرزاق والفرياب وسعيد بن منصور وعبد بن حيد وابن جرير وا بن النذر والاكم وصححه‬
‫والبيهقي ف الدخل عن علي بن أب طالب‪ ..‬الديث‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫الرياح(‪.)364‬‬
‫‪ -78‬و ُروِيَ أن عليا عليه السلم نظر ف رجوعه من صفي إل القابر فقال‪ :‬هذه كفاة الموات‬
‫أي مساكنهم‪ .‬ث نظر إل بيوت الكوفة فقال‪ :‬هذه كفاة الحياء ث تل قوله تعال‪(( :‬أَلَمْ‬
‫جعَ ِل الَ ْرضَ ِكفَاتًا * أَ ْحيَاء َوَأمْوَاتًا)) [الرسلت‪ 25:‬و ‪.)365(]26‬‬
‫نَ ْ‬
‫‪ -79‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪( :‬وَالنّا ِزعَاتِ َغرْقًا) أنا اللئكة ينعون أرواح الكفار عن‬
‫أبدانم بالشدّة(‪.)366‬‬
‫أقول‪ :‬من دان بالتوحيد فعليه أن ياف مقام ربه ويترك الوى‪ .‬قال ال تعال‪َ (( :‬وَأمّا مَنْ‬
‫جّن َة هِ َي الْ َم ْأوَى)) [النازعات‪ 40:‬و ‪.]41‬‬
‫ف َمقَامَ َربّهِ َوَنهَى الّن ْفسَ عَ ِن اْل َهوَى‪َ .‬فِإنّ الْ َ‬
‫خَا َ‬
‫‪ -80‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪(( :‬كَل ِإّنهُمْ عَن ّرّبهِ ْم َيوْ َمئِذٍ لّ َمحْجُوبُونَ)) [الطففي‪ ]15:‬يعن‬
‫مرومون عن ثوابه وكرامته(‪.)367‬‬
‫جوَا ِر الْ ُكّنسِ)) [التكوير‪15:‬و ‪ ]16‬يعن‬
‫س الْ َ‬
‫خّن ِ‬
‫‪ -81‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪(( :‬فَل أُقْسِ ُم بِالْ ُ‬
‫النجوم تكنس بالنهار وتبدو بالليل(‪.)368‬‬
‫س َعسَ)) [التكوير‪ ]17:‬يعن‪ :‬إذا أدبر‬
‫‪ -82‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪(( :‬وَالّليْلِ إِذَا عَ ْ‬
‫بظلمه(‪ .)369‬أقول‪" :‬عسعس" من الضداد بعن "أقبل" و"أدبر" كما جاء ف هذه الية الكرية‬
‫بالعن الخي‪.‬‬
‫ك الَعْلَى)) فقال‪ :‬سبحان رب‬
‫‪ -83‬وعن علي بن أب طالب عليه السلم أنه قرأ (( َسبّ ِح اسْمَ َربّ َ‬
‫العلى‪ ،‬وهو ف الصلة! فقيل له‪ :‬أتزيد ف القرآن؟! قال‪ :‬ل إنا أمرنا بشيء فقلته(‪.)370‬‬
‫() السيوطي ف الدر النثور‪.)6/303( ،‬‬ ‫‪364‬‬

‫() رواه علي بن إبراهيم ف تفسيه‪ ،‬ص ‪.708‬‬ ‫‪365‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)30/18( ،‬‬ ‫‪366‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)30/56( ،‬‬ ‫‪367‬‬

‫() رواه الطبي ف تفسيه جامع البيان عن تأويل آي القرآن‪.)30/75( ،‬‬ ‫‪368‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)30/44( ،‬‬ ‫‪369‬‬

‫() رواه السيوطي ف الدر النثور ذيل تفسيه للية الذكورة من سورة العلى‪ ،‬وأحاله إل الفرياب وابن أب شيبة وعبد بن‬ ‫‪370‬‬

‫حيد وابن النباري ف الصاحف كلهم عن علي بن أب طالب‪ ..‬الديث‪ .‬وروى مثله عن النب ص وعن ابن عباس وابن‬
‫الزبي وأب موسى الشعري وغيهم‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫‪ -84‬وقال عليه السلم‪ :‬ف قوله تعال‪ِ(( :‬إنّ َربّكَ َلبِالْمِرْصَادِ)) [الفجر‪ ]14:‬معناه‪ :‬إنّ ربّك قادر‬
‫على أن يزي أهل العاصي جزاءهم(‪.)371‬‬
‫‪ -85‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪َ ((:‬وهَ َدْينَا ُه النّجْ َديْنِ)) [البلد‪ :]10:‬أي سبيل الي وسبيل‬
‫الشر(‪.)372‬‬
‫‪ -86‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪َ(( :‬ف َويْلٌ لّ ْل ُمصَلّيَ * الّذِينَ هُ ْم عَن صَلِتهِ ْم سَاهُونَ * الّذِينَ‬
‫هُ ْم يُرَاؤُونَ)) [الاعون‪« :]6-4:‬يراؤون بصلتم»(‪.)373‬‬
‫‪ -87‬وقال عليه السلم ف قوله تعال‪َ (( :‬ويَ ْمَنعُو َن الْمَاعُونَ)) [الاعون‪ ،]7:‬هي الزكوة الفروضة(‪.)374‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)30/109( ،‬‬ ‫‪371‬‬

‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)30/119( ،‬‬ ‫‪372‬‬

‫() رواه ابن جرير الطبي ف تفسيه‪ ،‬والسيوطي ف الدر النثور ذيل تفسيها لسورة الاعون‪ ،‬وأحاله إل ابن جرير وابن‬ ‫‪373‬‬

‫أب حات ف تفسيها والبيهقي ف سننه عن علي بن أب طالب‪.‬‬


‫() الطبسي ف ممع البيان‪.)30/24( ،‬‬ ‫‪374‬‬

‫‪101‬‬
‫الباب الرابع‬
‫اقتباسات المام علي عليه السلم من القرآن الكري‬
‫كان عليّ عليه السلم يأخذ عن آيات الذكر الكيم شيئا كثيا ويزين كلمه با وإليك‬
‫شطرا من اقتباساته‪:‬‬
‫‪.1‬قال عليه السلم‪« :‬إِلَى اللّهِ َأشْكُو مِ ْن َمعْشَ ٍر َيعِيشُونَ ُجهّالً َويَمُوتُونَ ضُللً َلْيسَ فِيهِ ْم ِس ْل َعةٌ‬
‫َأبْوَ ُر مِ َن اْل ِكتَابِ ِإذَا تُِليَ َح ّق تِل َوتِ ِه وَل ِس ْل َعةٌ َأْنفَ ُق َبيْعا وَل َأغْلَى ثَمَنا مِ َن اْلكِتَابِ إِذَا ُحرّفَ‬
‫ضعِهِ!»(‪.)375‬‬
‫عَ ْن َموَا ِ‬
‫ك ُيؤْ ِمنُونَ‬
‫ل َوتِهِ ُأوَْلئِ َ‬
‫أقول‪ :‬أخذ كلمه عن قوله تعال‪(( :‬الّذِينَ آتَْينَاهُمُ الْ ِكتَابَ َيتْلُونَهُ حَ ّق ِت َ‬
‫ضعِهِ)) [الائدة‪.]13:‬‬ ‫بِهِ)) [البقرة‪ ]121:‬وعن قوله تعال‪(( :‬يُحَرّفُو َن الْكَِل َم عَن ّموَا ِ‬
‫‪.2‬وقال عليه السلم‪ ..« :‬إن الال والبني حرث الدنيا‪ ،‬والعمل الصال حرث الخرة‪ ،‬قد يمعها‬
‫لقوام‪ ،‬فاحذروا من ال ما حذركم من نفسه»(‪.)376‬‬
‫ت الصّالِحَاتُ‬ ‫حيَاةِ ال ّدنْيَا وَالْبَاِقيَا ُ‬
‫أقول‪ :‬أخذ كلمه عن قوله عزّ وجلّ‪(( :‬الْمَا ُل وَاْلَبنُونَ زِيَنةُ الْ َ‬
‫َخيْ ٌر عِندَ َربّكَ َثوَابًا َو َخيْرٌ َأ َملً)) [الكهف‪ ،]49:‬وعن قوله تعال‪(( :‬مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ال ِخ َرةِ‬
‫ومَا لَهُ فِي الخِ َر ِة مِن ّنصِيبٍ)) [الشورى‪:‬‬ ‫نَ ِزدْ لَهُ فِي حَ ْرثِ ِه َومَن كَا َن يُرِيدُ َحرْثَ ال ّدنْيَا نُؤتِهِ ِمْنهَا َ‬
‫حذّرُكُمُ اللّ ُه َنفْسَهُ)) [آل عمران‪.]28:‬‬ ‫‪ ،]20‬وعن قوله تعال‪َ (( :‬ويُ َ‬
‫‪.3‬وقال عليه السلم للخوارج بعد ما طلبوا منه أن يشهد لنفسه بالكفر جاهلي بإيانه العظيم‪:‬‬
‫«أْبعَدَ إِيَانِي بِاللّ ِه وَ ِجهَادِي مَعَ َرسُولِ اللّهِ صلى ال عليه وآله وسلم َأ ْشهَ ُد عَلَى َنفْسِي‬
‫بِالْ ُكفْرِ؟! َلقَدْ ضََل ْلتُ إِذا وَما َأنَا مِ َن الْ ُم ْهتَدِينَ»(‪.)377‬‬
‫ضلَ ْلتُ إِذًا َومَا َأنَاْ مِنَ‬
‫أقول‪ :‬أخذ ذيل كلمه عن قوله تعال‪(( :‬قُل لّ َأّتبِعُ َأ ْهوَاءكُمْ قَدْ َ‬
‫الْ ُم ْهتَدِينَ)) [النعام‪.]56:‬‬
‫ت عِتَاَبكُمْ أَرَضِيتُمْ بِاْلحَياةِ ال ّدنْيا مِنَ ال ِخ َرةِ ِعوَضا‬
‫‪.4‬وقال عليه السلم‪« :‬أُفّ َلكُمْ َلقَ ْد َسئِ ْم ُ‬
‫() راجع‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)17‬‬ ‫‪375‬‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)23‬‬ ‫‪376‬‬

‫() راجع‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)58‬‬ ‫‪377‬‬

‫‪102‬‬
‫َوبِالذّ ّل مِ َن اْلعِزّ َخلَفا ِإذَا َد َعوُْتكُمْ إِلَى ِجهَا ِد عَ ُدوّكُمْ دَارَتْ َأ ْعُينُكُمْ َكَأنّكُ ْم مِ َن الْ َموْتِ فِي‬
‫غَمْ َرةٍ»(‪.)378‬‬
‫أقول‪ :‬أخذ كلمه عن قوله تعال‪(( :‬يَا أَّيهَا الّذِينَ آ َمنُوْا مَا َلكُمْ ِإذَا قِيلَ َلكُ ُم انفِرُواْ فِي َسبِيلِ‬
‫حيَاةِ ال ّدْنيَا مِنَ الخِ َرةِ؟)) [التوبة‪ .]38:‬وعن قوله عزّ وجلّ‪:‬‬ ‫اللّ ِه اثّاقَ ْلتُمْ إِلَى الَ ْرضِ أَرَضِيتُم بِالْ َ‬
‫خوْفُ َرَأْيَتهُ ْم يَن ُظرُونَ إَِليْكَ تَدُورُ َأعُْيُنهُمْ كَالّذِي ُيغْشَى عََليْ ِه مِ َن الْ َموْتِ))‬
‫((فَِإذَا جَاء الْ َ‬
‫[الحزاب‪.]19:‬‬
‫‪.5‬و قال عليه السلم‪ِ« :‬إنّ اللّهَ سُبْحَانَهُ َل ْم يَخُْل ْقكُ ْم َعبَثا وَلَ ْم َيتْرُ ْككُ ْم سُدًى‪ ...‬وَلَ ْم يَ َد ْعكُمْ فِي‬
‫َجهَاَل ٍة وَل عَمًى َق ْد سَمّى آثَارَكُمْ وَعَِلمَ َأعْمَاَلكُمْ وَ َكَتبَ آجَاَلكُ ْم َوأَنْ َز َل عََلْيكُمُ اْل ِكتَابَ ِتبْيانا‬
‫ضيَ‬ ‫ِلكُ ّل شَيْ ٍء َوعَمّرَ فِيكُ ْم َنبِيّهُ أَ ْزمَانا َحتّى أَكْمَلَ لَهُ وَكُمْ فِيمَا َأنْزَ َل مِنْ ِكتَابِهِ دِينَهُ الّذِي رَ ِ‬
‫ِلَنفْسِهِ»(‪.)379‬‬
‫سْبتُمْ َأنّمَا خََل ْقنَاكُ ْم َعَبثًا)) [الؤمنون‪ ]115:‬وعن قوله عزّ‬ ‫أقول‪ :‬أخذ كلمه عن قوله تعال‪(( :‬أَفَحَ ِ‬
‫سبُ الِنسَانُ أَن ُيتْ َر َك سُدًى؟!)) [القيامة‪ ]36:‬وعن قوله تعال‪َ (( :‬ونَزّْلنَا عََليْكَ‬ ‫وجلّ‪َ(( :‬أيَحْ َ‬
‫ب ِتْبيَانًا ّلكُ ّل َشيْءٍ)) [النحل‪ ]89:‬وعن قوله جل ذكره‪(( :‬الَْي ْومَ أَكْمَ ْلتُ َلكُمْ دِينَكُمْ‬ ‫اْلكِتَا َ‬
‫لمَ دِينًا)) [الادة‪.]3:‬‬
‫ت عََلْيكُمْ ِنعْ َمتِي وَرَضِيتُ َلكُ ُم ا ِلسْ َ‬
‫َوَأتْمَ ْم ُ‬
‫‪.6‬و قال عليه السلم‪َ« :‬ب َعثَهُ وَالنّاسُ ضُللٌ فِي َحيْ َرةٍ‪َ .......‬فبَالَغَ صلى ال عليه وآله فِي‬
‫سَنةِ»(‪.)380‬‬
‫حكْ َم ِة وَالْ َم ْوعِ َظ ِة الْحَ َ‬
‫ح ِة َومَضَى عَلَى الطّرِي َقةِ‪ ،‬وَ َدعَا إِلَى الْ ِ‬
‫الّنصِي َ‬
‫أقول‪ :‬أخذ كلمه عن قوله تعال‪ُ (( :‬هوَ الّذِي َب َعثَ فِي ا ُلمّيّيَ َرسُول ّمْنهُ ْم َيتْلُو عََلْيهِ ْم آيَاتِ ِه‬
‫حكْ َم َة َوإِن كَانُوا مِن َقبْلُ َلفِي ضَل ٍل ّمبِيٍ)) [المعة‪ ]2:‬وعن قوله‬ ‫ب وَالْ ِ‬
‫َويُزَكّيهِ ْم َوُيعَلّ ُمهُ ُم اْلكِتَا َ‬
‫سَنةِ)) [النحل‪.]125:‬‬ ‫حكْ َمةِ وَالْ َم ْوعِ َظ ِة الْحَ َ‬
‫تعال ذكره‪(( :‬ا ْدعُ إِلِى َسبِيلِ َربّكَ بِاْل ِ‬
‫‪.7‬وقال عليه السلم‪« :‬فَِإنّي أُحَذّرُكُمُ ال ّدنْيَا‪ ....‬غُرُو ٌر مَا فِيهَا فَاِنَيةٌ‪ ،‬فَا ٍن مَ ْن عََلْيهَا‪ ،‬ل َخيْرَ فِي‬
‫َشيْءٍ مِنْ أَ ْزوَا ِدهَا إِل الّت ْقوَى»(‪.)381‬‬
‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)34‬‬ ‫‪378‬‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)86‬‬ ‫‪379‬‬

‫() راجع‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)95‬‬ ‫‪380‬‬

‫() راجع‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)111‬‬ ‫‪381‬‬

‫‪103‬‬
‫حيَاةُ ال ّدْنيَا)) [فاطر‪ ]5:‬وعن قوله جل وعل‪(( :‬كُ ّل مَ ْن عََلْيهَا فَانٍ))‬ ‫أقول‪(( :‬فَل َتغُ ّرّنكُ ُم الْ َ‬
‫[الرحن‪ .]26:‬وعن قوله عزّ وجلّ‪َ (( :‬وتَ َزوّدُواْ فَِإنّ َخيْرَ الزّا ِد الّت ْقوَى)) [البقرة‪.]197:‬‬
‫‪.8‬و قال عليه السلم‪« :‬اعْمَلُوا ِلَيوْ ٍم تُذْ َخرُ لَهُ الذّخَائِرُ‪َ ،‬وُتبْلَى فِيهِ السّرَائِرُ»(‪.)382‬‬
‫[الطارق‪-9:‬‬ ‫صرٍ))‬
‫أقول‪ :‬أخذ كلمه عن قوله تعال‪َ(( :‬يوْ َم ُتبْلَى السّرَائِرُ * فَمَا لَ ُه مِن ُق ّو ٍة وَل نَا ِ‬
‫‪.]10‬‬
‫‪.9‬وقال عليه السلم لب ذر رضي ال عنه‪...« :‬ولو أن السموات والرضي كانتا على عبدٍ‬
‫(‪)383‬‬
‫رتقا‪ ،‬ث اتقى الً لعل الُ له منهما مرجا!»‬
‫ت وَالَ ْرضَ كَاَنتَا َرْتقًا‬‫أقول‪ :‬أخذه عن معن قوله تعال‪َ(( :‬أوَلَ ْم يَ َر الّذِينَ َكفَرُوا َأنّ السّمَاوَا ِ‬
‫خرَجًا)) [الطلق‪.]2:‬‬ ‫جعَل لّ ُه مَ ْ‬
‫َف َفتَ ْقنَاهُمَا)) [النبياء‪ ]30:‬وعن قوله جل ذكره‪َ (( :‬ومَن َيتّقِ اللّ َه يَ ْ‬
‫حمْ ُد عَلَى مَا تَأْ ُخ ُذ َوتُعْطِي‪...‬حَمْدا ل َينْقَطِ ُع عَ َد ُدهُ وَل َي ْفنَى‬ ‫ك الْ َ‬
‫‪.10‬وقال عليه السلم‪« :‬الّلهُمّ لَ َ‬
‫سنَا َنعْلَمُ ُكنْ َه عَظَ َمتِكَ إِل َأنّا َنعْلَمُ َأنّكَ َحيّ َقيّومُ ل َتأْخُ ُذ َك ِسَنةٌ وَل َنوْمٌ لَ ْم َيْنتَهِ إَِليْكَ‬
‫مَدَ ُدهُ‪ ،‬فَلَ ْ‬
‫ت بِالّنوَاصِي‬‫نظَ ٌر وَلَ ْم يُ ْدرِكْكَ بَصَرٌ‪َ ،‬أدْرَ ْكتَ ا َلْبصَا َر َوأَ ْحصَْيتَ ا َلعْمَا َل َوأَ َخذْ َ‬
‫وَالَقْدَامِ»(‪.)384‬‬
‫حيّ اْل َقيّومُ َل تَأْ ُخ ُذهُ ِسَن ٌة وَلَ َن ْومٌ))‬
‫أقول‪ :‬أخذ كلمه عن قوله تعال‪(( :‬اللّهُ لَ إِلَهَ إِ ّل ُهوَ الْ َ‬
‫[البقرة‪ ]255:‬وعن قوله عزّ وجلّ‪ّ (( :‬ل تُدْرِكُ ُه الَْبصَا ُر َو ُهوَ يُ ْد ِركُ ا َلبْصَارَ)) [النعام‪ ]103:‬وعن‬
‫قوله ع ّز وجلّ‪َ(( :‬يوْ َم َيْبعَُثهُمُ اللّهُ َجمِيعًا َفُيَنبُّئهُم بِمَا عَ ِملُوا أَ ْحصَاهُ اللّ ُه َونَسُو ُه وَاللّهُ عَلَى كُلّ‬
‫ف الْ ُمجْ ِرمُونَ بِسِيمَاهُمْ َفُيؤْخَ ُذ بِالّنوَاصِي‬ ‫َشيْ ٍء َشهِيدٌ)) [الجادلة‪ ،]6:‬وعن قوله جل وعل‪ُ(( :‬يعْرَ ُ‬
‫وَالَقْدَامِ)) [الرحن‪.]41:‬‬
‫ت الَرْحَامِ‪َ ،‬و ُمضَاعَفَاتِ‬‫شأُ الْمَ ْر ِعيّ فِي ظُلُمَا ِ‬
‫ي وَالْ ُمنْ َ‬
‫سوِ ّ‬
‫‪.11‬وقال عليه السلم‪َ« :‬أّيهَا الْمَخْلُوقُ ال ّ‬
‫ضعْتَ فِي قَرا ٍر َمكِيٍ إِل َقدَ ٍر َمعْلُومٍ َوأَجَ ٍل َمقْسُومٍ إل‬ ‫ي َووُ ِ‬‫الَ ْستَارِ‪ ،‬بُ ِدْئتَ مِ ْن سُلَل ٍة مِ ْن طِ ٍ‬
‫آخر الطبة»(‪.)385‬‬
‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)120‬‬ ‫‪382‬‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)130‬‬ ‫‪383‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)160‬‬ ‫‪384‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)163‬‬ ‫‪385‬‬

‫‪104‬‬
‫سوّاكَ َفعَدَلَكَ)) [النفطار‪ ،]7:‬ث أخذ‬ ‫أقول‪ :‬أخذ أول كلمه من قوله تعال‪(( :‬الّذِي خََلقَكَ فَ َ‬
‫بقية كلمه من قول ربه حيث قال‪(( :‬وََلقَدْ َخَل ْقنَا الِنسَانَ مِن سُلَل ٍة مّن طِيٍ * ثُمّ َجعَ ْلنَاهُ‬
‫خلُقكّم مّن مّاء ّمهِيٍ *‬ ‫نُ ْط َفةً فِي قَرَا ٍر ّمكِيٍ)) [الؤمنون‪ .]13-12:‬وعن قوله عزّ وجلّ‪(( :‬أَلَ ْم نَ ْ‬
‫َجعَ ْلنَاهُ فِي قَرَا ٍر ّمكِيٍ * إِلَى قَدَ ٍر ّمعْلُومٍ)) [الرسلت‪.]22-21-20:‬‬
‫سكُوا ِب َوثَاِئ ِقهَا‬
‫‪.12‬وقال عليه السلم‪(( :‬أُوصِيكُ ْم ِعبَادَ اللّ ِه ِبَتقْوَى اللّهِ فَِإّنهَا ال ّزمَامُ وَاْل ِقوَامُ َفتَمَ ّ‬
‫حرْ ِز َو َمنَازِ ِل اْلعِزّ فِي‬
‫س َعةِ َو َمعَاقِ ِل الْ ِ‬
‫حقَاِئ ِقهَا َتؤُ ْل ِبكُمْ إِلَى أَ ْكنَانِ ال ّد َعةِ َوَأ ْوطَانِ ال ّ‬
‫وَا ْعَتصِمُوا بِ َ‬
‫صرُومُ اْلعِشَا ِر َوُينْفَخُ فِي الصّورِ َفَت ْزهَقُ‬ ‫خصُ فِي ِه الَْبصَا ُر َوتُظْلِمُ لَ ُه الَقْطَارُ َوتُعَطّلُ فِيهِ ُ‬ ‫َيوْ ٍم تَشْ َ‬
‫شوَامِ ُخ وَالصّمّ ال ّروَاسِخُ َفَيصِيُ صَلْ ُدهَا سَرَابا رَقْرَقا‬ ‫جةٍ وَذِلّ الشّمّ ال ّ‬ ‫ج ٍة َوَتبْكَمُ كُلّ َل ْه َ‬
‫كُ ّل ُمهْ َ‬
‫شفَ ُع وَل َحمِي ٌم َينْفَ ُع وَل َمعْذِ َرٌة تَدْفَعُ))(‪.)386‬‬
‫َو َمعْهَ ُدهَا قَاعا سَمْلَقا فَل َشفِيعٌ يَ ْ‬
‫ل عَمّا َيعْمَلُ الظّالِمُونَ ِإنّمَا ُيؤَخّ ُرهُمْ‬ ‫سبَنّ اللّ َه غَاِف ً‬
‫أقول‪ :‬أخذ كلمه عن قوله تعال‪(( :‬وَ َل تَحْ َ‬
‫وإِذَا اْلعِشَا ُر عُطَّلتْ)) [التكوير‪]4:‬‬ ‫خصُ فِي ِه الَْبصَارُ)) [إبراهيم‪ .]24:‬وعن قوله عزّ وجلّ‪َ (( :‬‬ ‫ِلَيوْ ٍم تَشْ َ‬
‫وعن قوله تعال شأنه‪َ(( :‬ي ْومَ يُنفَخُ فِي الصّورِ َفَتأْتُونَ أَ ْفوَاجًا)) [النبأ‪ ]18:‬وعن قوله العزيز‪:‬‬
‫ت سَرَابًا)) [النبأ‪ ]20:‬وعن قوله جل ذكره‪َ (( :‬وأَن ِذ ْرهُمْ َيوْمَ الزَِفةِ إِذِ‬ ‫جبَالُ َفكَاَن ْ‬‫(( َوسُيّرَتِ الْ ِ‬
‫ي مِنْ َحمِي ٍم وَل َشفِي ٍع يُطَاعُ)) [غافر‪ ]18:‬وعن قوله‬ ‫ي مَا لِلظّالِ ِم َ‬
‫حنَاجِرِ كَاظِ ِم َ‬‫الْقُلُوبُ َلدَى الْ َ‬
‫ي َمعْذِ َرُتهُمْ)) [غافر‪.]52:‬‬‫تعال‪َ(( :‬يوْمَ ل يَنفَعُ الظّالِ ِم َ‬
‫ت اْل ُقبُورُ؟ ((هُنالِكَ َتبْلُوا كُلّ‬
‫ت ِبكُمُ ا ُلمُو ُر َوُبعْثِرَ ِ‬
‫ف بِكُمْ َل ْو َتنَاهَ ْ‬
‫‪.13‬وقال عليه السلم‪َ« :‬ف َكيْ َ‬
‫َن ْفسٍ ما َأسَْل َفتْ وَ ُردّوا إِلَى اللّ ِه َموْلهُ ُم الْحَقّ وَضَ ّل َعنْهُ ْم ما كانُوا َي ْفتَرُونَ))»(‪.)387‬‬
‫أقول‪ :‬أخذ أوّل كلمه عن قوله تعال‪َ (( :‬وإِذَا اْلقُبُو ُر ُب ْعثِرَتْ)) [النفطار‪ ]4:‬وبقيته من سورة‬
‫يونس‪ :‬الية ‪.30‬‬
‫‪.14‬وكتب عليه السلم إل معاوية‪ِ ...« :‬إنّمَا الشّورَى لِ ْل ُمهَاجِرِي َن وَا َلنْصَارِ فَِإنِ ا ْجتَ َمعُوا عَلَى‬
‫ج بِ َطعْنٍ َأوْ بِ ْد َعةٍ َردّوهُ إِلَى‬
‫ج عَنْ َأمْ ِرهِمْ خَا ِر ٌ‬
‫رَ ُج ٍل َوسَ ّموْهُ ِإمَاما كَانَ ذَلِكَ ِللّهِ رِضًا فَِإنْ َخرَ َ‬
‫ي َووَلهُ اللّ ُه مَا َتوَلّى»(‪.)388‬‬
‫ج ِمنْهُ فَِإنْ َأبَى قَاتَلُو ُه عَلَى اّتبَاعِهِ َغيْ َر َسبِيلِ الْ ُمؤْ ِمنِ َ‬
‫مَا خَ َر َ‬

‫() راجع‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الطبة (‪.)195‬‬ ‫‪386‬‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ :‬خطبة (‪.)226‬‬ ‫‪387‬‬

‫() راجع‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الكتاب (‪.)6‬‬ ‫‪388‬‬

‫‪105‬‬
‫وأقول‪ :‬أخذ ذيل كلمه عن قوله تعال‪َ (( :‬ومَن يُشَاقِقِ ال ّرسُو َل مِن َبعْدِ مَا َتَبيّنَ لَ ُه اْلهُدَى َويَّتبِعْ‬
‫غَيْرَ سَبِي ِل الْ ُم ْؤ ِمنِيَ ُنوَلّ ِه مَا َتوَلّى‪ ..‬الية)) [النساء‪.]115:‬‬
‫شتّتَ َأهْوَائِنَا‬
‫ك َغيَْب َة َنبِّينَا وَ َكثْ َرةَ عَ ُد ّونَا َوتَ َ‬
‫شكُو إِلَيْ َ‬
‫‪.15‬وقال عليه السلم ف دعائه‪« :‬الّلهُمّ ِإنّا نَ ْ‬
‫حيَ»(‪.)389‬‬
‫َرّبنَا ا ْفتَ ْح َبْينَنا َوَبيْنَ َق ْومِنا بِالْحَ ّق َوَأْنتَ َخيْ ُر الْفاتِ ِ‬
‫أقول‪ :‬أخذ الملة الخية من هذا الدعاء عن آخر الية ‪ 89‬من سورة العراف‪ ،‬حيث قال‬
‫سبحانه‪َ ..« :‬وسِعَ َرّبنَا كُ ّل َشيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللّ ِه َتوَكّ ْلنَا َرّبنَا افْتَ ْح َبْينَنَا َوَبيْنَ َق ْومِنَا بِالْحَقّ َوأَنتَ‬
‫َخيْ ُر اْلفَاتِحِيَ»‪.‬‬
‫ت مَا كَا َن مِنْ َأمْرِي َوَأمْ ِر ُعثْمَانَ فَلَكَ أَنْ‬ ‫‪.16‬وكتب عليه السلم إل معاوية‪« ....:‬ثُمّ ذَكَرْ َ‬
‫ك ِمنْهُ َفَأّينَا كَانَ َأعْدَى لَ ُه َوأَهْدَى إِلَى َمقَاتِلِهِ َأمَ ْن بَذَلَ لَهُ نُصْ َرتَهُ‬
‫ب عَ ْن هَ ِذهِ لِرَ ِحمِ َ‬ ‫تُجَا َ‬
‫فَا ْستَ ْقعَ َد ُه وَا ْسَتكَفّهُ َأمْ مَنِ ا ْسَتنْصَ َرهُ َفتَرَاخَى َعنْهُ َوَبثّ الْ َمنُونَ إَِليْهِ َحتّى َأتَى َقدَ ُر ُه عََليْهِ كَل‬
‫ي ِمنْكُ ْم وَالْقائِلِيَ لِخْواِنهِمْ هَُلمّ إَِليْنا وَل َيأْتُونَ اْلبَأْسَ إِل قَلِيلً‪َ .‬ومَا‬ ‫وَاللّهِ َلقَ ْد َيعْلَمُ اللّ ُه الْ ُم َعوّقِ َ‬
‫ُكنْتُ َلعْتَ ِذ َر مِنْ َأنّي ُكنْتُ َأْنقِمُ عََليْهِ أَ ْحدَاثا فَِإنْ كَانَ ال ّذْنبُ إَِليْهِ إِ ْرشَادِي َوهِدَايَتِي لَهُ فَرُبّ‬
‫ت وَما َتوْفِيقِي‬ ‫ح مَا ا ْستَ َطعْ ُ‬ ‫مَلُومٍ ل َذْنبَ لَ ُه وَقَدْ يَسَْتفِيدُ ال ّظّنةَ الْ ُمَتنَصّ ُح َومَا أَ َردْتُ إِل الِصْل َ‬
‫ت َوإِلَيْهِ ُأنِيبُ»(‪.)390‬‬
‫إِل بِاللّهِ عََليْهِ َتوَكّ ْل ُ‬
‫ي مِنكُ ْم وَاْلقَائِلِيَ لِ ْخوَاِنهِمْ‬
‫أقول‪ :‬أخذ جزءا من كلمه عن قوله تعال‪َ(( :‬ق ْد َيعْلَمُ اللّ ُه الْ ُم َعوّقِ َ‬
‫هَلُمّ إَِلْينَا وَل َيأْتُونَ اْلَبأْسَ إِلّا قَلِيلً)) [الحزاب‪ ،]18:‬وجزءا آخر عن قوله ع ّز شأنه‪َ ..(( :‬ومَا‬
‫ت َومَا َتوْفِيقِي إِ ّل بِاللّهِ‬
‫ح مَا اسْتَ َط ْع ُ‬ ‫صلَ َ‬ ‫أُرِيدُ َأنْ أُخَاِل َفكُمْ إِلَى مَا َأْنهَاكُ ْم َعنْهُ ِإنْ أُرِيدُ إِلّ الِ ْ‬
‫ت َوإَِليْهِ ُأنِيبُ)) [هود‪.]88:‬‬ ‫عََليْهِ َتوَكّ ْل ُ‬
‫‪.17‬وكتب عليه السلم ف وصيته لبنه السي عليه السلم‪« :‬وَجَاهِدْ فِي اللّهِ حَقّ ِجهَا ِد ِه وَل‬
‫تَأْ ُخ ْذكَ فِي اللّهِ َل ْو َمةُ لئِمٍ»(‪.)391‬‬
‫أقول‪ :‬أخذ كلمه عن قوله تعال‪(( :‬وَجَاهِدُوا فِي اللّهِ حَقّ ِجهَا ِدهِ)) [الج‪ ]78:‬وعن قوله‬
‫العزيز‪(( :‬يُجَاهِدُونَ فِي َسبِيلِ اللّ ِه وَ َل يَخَافُونَ َل ْو َمةَ لئِمٍ)) [الائدة‪.]54:‬‬
‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪( )15( ،‬من دعاء له عليه السلم)‪.‬‬ ‫‪389‬‬

‫() راجع‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الكتاب (‪.)28‬‬ ‫‪390‬‬

‫() راجع‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الكتاب (‪.)31‬‬ ‫‪391‬‬

‫‪106‬‬
‫‪.18‬وكتب عليه السلم ف كتابه(‪ )392‬للشتر النخعي حي وله مصر‪..« :‬فإنّه جَل اسْمُهُ قَ ْد َت َكفّلَ‬
‫ِبنَصْ ِر مَ ْن َنصَ َر ُه َوِإعْزَازِ مَنْ أَعَ ّزهُ‪ .‬أقول‪ :‬أخذه عن قوله تعال‪(( :‬وََليَنصُ َرنّ اللّ ُه مَن يَنصُ ُرهُ ِإ ّن‬
‫ت ويَ َز َعهَا‬‫ش َهوَا ِ‬
‫اللّهَ َل َقوِيّ عَزِيزٌ)) [الج‪ ]40:‬ث كتب عليه السلم‪ :‬وَأمَ َرهُ َأ ْن يَكْسِرَ نَفْسَ ُه مِنَ ال ّ‬
‫جمَحَاتِ فَِإ ّن النّ ْفسَ َأمّا َرةٌ بِالسّوءِ إِل مَا رَ ِحمَ اللّهُ»‪.‬‬
‫عِنْ َد الْ َ‬
‫أقول‪ :‬أخذه عن قوله تعال‪(( :‬إِ ّن النّ ْفسَ َلمّا َرةٌ بِالسّوءِ إِ ّل مَا رَ ِحمَ َرّبيَ)) [يوسف‪.]53:‬‬
‫ب َوتَرْضَى َأنْ ُيعْ ِطيَكَ اللّهُ‬
‫ح ّ‬
‫صفْحِكَ مِثْ ِل الّذِي تُ ِ‬
‫ث كتب عليه السلم‪َ« :‬فأَعْ ِطهِ ْم مِ ْن َع ْف ِوكَ وَ َ‬
‫صفْحِهِ»‪.‬‬
‫مِ ْن َعفْ ِو ِه وَ َ‬
‫حبّونَ أَن َي ْغفِرَ اللّهُ َلكُمْ)) [النور‪.]23:‬‬
‫أقول‪ :‬أخذه عن قوله تعال‪(( :‬وَْليَ ْعفُوا وَْلَيصْفَحُوا أَل تُ ِ‬
‫صعّرْ خَ ّدكَ‬
‫ث كتب عليه السلم‪« :‬ول تعصر خدك لم»‪ .‬أقول‪ :‬أخذه عن قوله تعال‪(( :‬وَل ُت َ‬
‫لِلنّاسِ)) [لقمان‪.]18:‬‬
‫ث كتب عليه السلم‪« :‬وإياك والن على رعيتك بإحسانك‪ ....‬فإن الن يبطل الحسان»‪.‬‬
‫أقول‪ :‬أخذه عن قول ال ع ّز وجلّ‪(( :‬يَا أَّيهَا الّذِينَ آ َمنُواْ لَ تُبْ ِطلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنّ وَالذَى))‬
‫[البقرة‪.]264:‬‬
‫‪.19‬وكتب عليه السلم‪ ...« :‬فَِإنّ اللّ َه ُسبْحَانَهُ قَدْ َجعَلَ ال ّدنْيَا لِمَا َبعْ َدهَا وَاْبتَلَى فِيهَا َأهَْلهَا ِلَيعْلَمَ‬
‫س ُن عَ َملً»(‪.)393‬‬
‫َأيّهُمْ أَحْ َ‬
‫حيَاةَ ِلَيبُْلوَكُمْ أَّيكُمْ أَحْسَنُ‬
‫أقول‪ :‬أخذ كلمه عن قوله عزّ وجلّ‪(( :‬الّذِي خََل َق الْ َموْتَ وَالْ َ‬
‫عَمَل)) [اللك‪.]2:‬‬
‫‪.20‬وكتب عليه السلم‪ ...« :‬مَنْ َل ّج َوتَمَادَى َف ُهوَ الرّا ِكسُ الّذِي رَانَ اللّ ُه عَلَى قَ ْلبِ ِه وَصَارَتْ‬
‫دَائِ َرةُ السّوْ ِء عَلَى َرْأسِهِ»(‪.)394‬‬
‫[الطففي‪:‬‬ ‫سبُونَ))‬
‫أقول‪ :‬أخذ كلمه عن قوله عزّ وجلّ‪َ (( :‬كلّ بَلْ رَا َن عَلَى ُقلُوِبهِم مّا كَانُوا يَكْ ِ‬
‫‪ ]14‬وعن قوله تعال‪(( :‬عََلْيهِمْ دَائِ َرةُ السّوْءِ)) [التوبة‪.]98:‬‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الكتاب (‪.)53‬‬ ‫‪392‬‬

‫() راجع‪ :‬نج البلغة‪ :‬الكتاب (‪.)55‬‬ ‫‪393‬‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الكتاب (‪.)58‬‬ ‫‪394‬‬

‫‪107‬‬
‫صتْ َوإِلَى َأمْصَارِكُمْ َقدِ‬
‫‪.21‬وكتب عليه السلم‪« :‬أَل تَ َر ْونَ إِلَى َأطْرَافِكُمْ قَدِ اْنَتقَ َ‬
‫حتْ؟!»(‪.)395‬‬
‫افُْتتِ َ‬
‫صهَا مِنْ َأطْرَاِفهَا‬ ‫ض نَنقُ ُ‬
‫أقول‪ :‬أخذ أول كلمه عن قوله العزيز‪..(( :‬أَفَل يَ َر ْونَ َأنّا َنأْتِي الَ ْر َ‬
‫صهَا مِنْ‬ ‫أََفهُ ُم الْغَاِلبُونَ)) [النبياء‪ ،]44:‬وعن قوله عزّ وجلّ‪َ(( :‬أوَلَ ْم يَ َر ْواْ َأنّا َن ْأتِي الَ ْرضَ نَن ُق ُ‬
‫أَطْرَاِفهَا)) [الرعد‪.]41:‬‬
‫ت الَغْلَفُ الْقَ ْلبِ))(‪.)396‬‬
‫‪.22‬وكتب عليه السلم إل معاوية‪َ ..(( :‬وِإنّكَ وَاللّ ِه مَا عَلِ ْم ُ‬
‫أقول‪ :‬أخذه عن قوله تعال‪(( :‬وقالوُا قُلُوبُنا غُلْفٌ)) [البقرة‪ ]88:‬وقوله تعال‪ ..(( :‬وََقوِْلهِمْ قُلُوُبنَا‬
‫ف بَ ْل َطبَعَ اللّهُ عََلْيهَا ِب ُكفْ ِرهِمْ)) [النساء‪.]155:‬‬
‫غُلْ ٌ‬
‫ي َوَبعْ َد اْلبَيَانِ إِل‬
‫‪.23‬وكتب عليه السلم أيضا إل معاوية‪« :‬فَمَا ذَا َبعْ َد الْحَقّ إِل الضّللُ الْ ُمبِ ُ‬
‫الّلْبسُ»(‪)397‬؟!‬
‫[يونس‪:‬‬ ‫ضلَلُ))‬
‫حقّ فَمَاذَا َبعْ َد الْحَقّ إِ ّل ال ّ‬
‫أقول‪ :‬أخذه عن قول ال تعال‪َ(( :‬فذَِلكُمُ اللّهُ َربّكُ ُم الْ َ‬
‫‪.]32‬‬
‫‪.24‬وكتب عليه السلم إل معاوية أيضا‪...« :‬إن أول الناس بذه المة قديا وحديثا أقربا من‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم وأعلمها بكتاب ال وأفقهها ف دين ال وأولا إسلما‬
‫وأفضلها جهادا وأشدها بتحمل أمور الرعية اضطلعا‪ ،‬فاتقوا ال الذي إليه ترجعون ((وَلَ‬
‫تَ ْلبِسُوْا الْحَ ّق بِاْلبَاطِلِ َوتَ ْكتُمُواْ الْحَ ّق َوأَنتُ ْم َتعْلَمُونَ))»(‪.)398‬‬
‫[الائدة‪:‬‬ ‫شرُونَ))‬
‫أقول‪ :‬أخذ عليه السلم ذيل كلمه عن قوله تعال‪(( :‬وَاّتقُواْ اللّهَ الّذِيَ إِلَيْ ِه تُحْ َ‬
‫ح ّق َوأَنتُ ْم َتعْلَمُونَ)) [البقرة‪.]42:‬‬ ‫‪ ]96‬وقوله‪(( :‬وَ َل تَ ْلبِسُواْ الْحَقّ بِالْبَاطِ ِل َوتَ ْكتُمُواْ الْ َ‬
‫‪.25‬وكتب عليه السلم إل حذيفة بن اليمان رضي ال عنه‪ ....« :‬واخفض لرعيتك جناحك‪،‬‬
‫وواس بينهم ف ملسك وليكن القريب والبعيد عندك ف الق سواء‪ ،‬ول تف ف ال لومة‬

‫() راجع‪ :‬نج البلغة‪ :‬الكتاب (‪.)62‬‬ ‫‪395‬‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الكتاب (‪.)64‬‬ ‫‪396‬‬

‫() راجع‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الكتاب (‪.)65‬‬ ‫‪397‬‬

‫() انظر‪ :‬مستدرك نج البلغة‪ ،‬للشيخ هادي كاشف الغطاء‪( ،‬ص‪.)111:‬‬ ‫‪398‬‬

‫‪108‬‬
‫لئم فإن ال مع الذين اتقوا والذين هم مسنون»(‪.)399‬‬
‫[الشعراء‪]215:‬‬ ‫أقول‪ :‬أخذ كلمه عن قوله تعال‪(( :‬وَا ْخ ِفضْ َجنَاحَكَ لِمَنِ اّتَبعَكَ مِ َن الْ ُم ْؤ ِمنِيَ))‬
‫وعن قوله العزيز‪(( :‬وَ َل يَخَافُونَ َل ْو َمةَ لئِمٍ ذَلِكَ َفضْلُ اللّهِ ُيؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّ ُه وَاسِ ٌع عَلِيمٌ))‬
‫سنُونَ)) [النحل‪.]128:‬‬ ‫[الائدة‪ ]54:‬وعن قوله عزّ وجلّ‪ِ(( :‬إنّ اللّهَ مَ َع الّذِينَ اّتقَوْا وّالّذِي َن هُم مّحْ ِ‬
‫‪.26‬وكتب عليه السلم إل معاوية‪ ...« :‬فاتق ال ول تكن من ل يرجو ل وقارا‪ ،‬ومن حقت‬
‫عليه كلمة العذاب‪ ،‬فإن ال بالرصاد»(‪.)400‬‬
‫أقول‪ :‬أخذ كلمه عن قوله تعال‪(( :‬مّا َلكُ ْم ل تَرْجُونَ لِلّ ِه وَقَارًا)) [نوح‪ ]13:‬وعن قوله العزيز‪:‬‬
‫ب عَلَى الْكَافِرِينَ)) [الزمر‪ ]71:‬وعن قوله عزّ وجلّ‪ِ(( :‬إنّ َربّكَ‬ ‫((وََلكِنْ َح ّقتْ كَِل َم ُة الْعَذَا ِ‬
‫َلبِالْمِرْصَادِ)) [الفجر‪.]14:‬‬
‫‪.27‬وكتب عليه السلم إل الارجي باليمن‪...((« :‬فإن أحد ال الذي ل إله إل هو الذي ل‬
‫يعقب لكمه ول يرد له قضاء‪ ،‬ول يرد بأسه عن القوم الجرمي‪ ...‬فمن أحسن فلنفسه ومن‬
‫أساء فعليها‪ .‬وما ربك بظلم للعبيد»(‪.)401‬‬
‫حكْمِهِ)) [الرعد‪ ]41:‬وعن قوله‬‫حكُمُ َل ُم َعقّبَ لِ ُ‬ ‫أقول‪ :‬أخذ كلمه عن قوله تعال‪(( :‬وَاللّ ُه يَ ْ‬
‫ج ِرمِيَ)) [النعام‪ ]147:‬وعن قوله عزّ وجلّ‪(( :‬مَ ْن عَمِلَ‬ ‫العزيز‪(( :‬وَلَ ُيرَ ّد َب ْأسُهُ عَ ِن اْل َق ْومِ الْمُ ْ‬
‫صَالِحًا َفِلَنفْسِهِ َومَنْ َأسَاء َفعََلْيهَا َومَا َربّكَ بِظَلمٍ لّ ْل َعبِيدِ)) [فصلت‪.]46:‬‬
‫‪.28‬وكتب عليه السلم إل أهل الكوفة‪...« :‬فإن أحد ال الذي ل إله إل هو‪ ،‬أما بعد فإن ال‬
‫سهِمْ َوِإذَا أَرَادَ اللّ ُه ِب َق ْومٍ سُوءًا َفلَ مَرَدّ لَ ُه َومَا‬
‫حكم عدلٌ َل ُي َغيّ ُر مَا ِب َقوْمٍ َحتّى يُ َغيّرُوْا مَا بَِأْنفُ ِ‬
‫َلهُم مّن دُونِ ِه مِن وَالٍ»(‪.)402‬‬
‫أقول‪ :‬أخذ كلمه عن قوله تعال ف سورة الرّعد‪ِ..(( :‬إنّ اللّهَ لَ ُي َغيّ ُر مَا ِب َق ْومٍ َحتّى ُيغَيّرُوْا مَا‬
‫ل مَرَدّ لَهُ َومَا َلهُم مّن دُونِ ِه مِن وَالٍ)) [الرعد‪ ]11:‬ونو ذلك‬ ‫سهِ ْم َوإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِ َق ْو ٍم سُوءًا َف َ‬
‫بَِأْنفُ ِ‬
‫ك ُم َغيّرًا ّنعْ َمةً َأْنعَ َمهَا عَلَى َق ْومٍ َحتّى‬ ‫ك ِبأَنّ اللّهَ لَ ْم يَ ُ‬
‫ما ف سورة النفال من قوله تعال‪(( :‬ذَلِ َ‬
‫() راجع‪ :‬مستدرك نج البلغة‪( :‬ص‪.)117:‬‬ ‫‪399‬‬

‫() انظر‪ :‬مستدرك نج البلغة‪( ،‬ص‪.)136:‬‬ ‫‪400‬‬

‫() راجع‪ :‬مستدرك نج البلغة‪( ،‬ص‪.)136-135:‬‬ ‫‪401‬‬

‫() انظر‪ :‬مستدرك نج البلغة‪( ،‬ص‪.)134:‬‬ ‫‪402‬‬

‫‪109‬‬
‫سهِ ْم َوأَنّ اللّ َه سَمِي ٌع عَلِيمٌ)) [النفال‪.]53:‬‬
‫ُيغَيّرُوْا مَا بِأَنفُ ِ‬
‫‪.29‬وكتب عليه السلم إل بعض من أرسله ليأخذ الصدقات‪(( ....‬قَدْ جَاءتْكُم َبّيَنةٌ مّن ّربّكُ ْم‬
‫َفَأوْفُوْا الْ َكيْ َل وَالْمِيزَا َن وَلَ َتبْخَسُوْا النّاسَ َأ ْشيَاءهُ ْم وَ َل ُتفْسِدُواْ َب ِقّيةُ اللّهِ َخيْرٌ ّلكُمْ إِن كُنتُم‬
‫حفِيظٍ)) إذا أتاك كتاب هذا فاحتفظ با ف يدك حت يأت من يقبضه‬ ‫ي َومَا َأنَاْ عََليْكُم بِ َ‬ ‫ّم ْؤمِنِ َ‬
‫منك والسلم(‪.)403‬‬
‫أقول‪ :‬أخذ كلمه من قوله تعال ف سورة العراف (( َوإِلَى مَ ْديَنَ أَخَاهُ ْم ُش َعيْبًا قَالَ يَا َق ْو ِم‬
‫ا ْعبُدُواْ اللّ َه مَا َلكُم مّنْ إِلَ ٍه َغيْ ُرهُ َقدْ جَاءْتكُم َبيَّن ٌة مّن ّرّبكُمْ َفَأوْفُوْا الْ َكيْ َل وَالْمِيزَا َن وَ َل َتبْخَسُواْ‬
‫صلَ ِحهَا ذَِلكُمْ َخيْرٌ ّلكُمْ إِن كُنتُم ّم ْؤ ِمنِيَ))‬ ‫النّاسَ َأ ْشيَاءهُ ْم وَ َل ُتفْسِدُواْ فِي الَ ْرضِ َبعْدَ إِ ْ‬
‫ط وَلَ‬ ‫[العراف‪ ،]85:‬ومن قوله تعال ف سورة هود‪َ (( :‬ويَا َق ْومِ َأوْفُوْا الْ ِمكْيَا َل وَالْمِيزَانَ بِاْلقِسْ ِ‬
‫ي َومَا‬ ‫َتبْخَسُوْا النّاسَ َأ ْشيَاءهُ ْم وَلَ َت ْعَثوْاْ فِي الَ ْرضِ ُمفْسِدِينَ‪َ .‬ب ِقيّةُ اللّهِ َخْيرٌ ّلكُمْ إِن كُنتُم ّم ْؤ ِمنِ َ‬
‫حفِيظٍ)) [هود‪.]86-85:‬‬ ‫َأنَاْ عََلْيكُم بِ َ‬
‫‪.30‬وكتب عليه السلم إل ولده ممد رضي ال عنه «‪ ...‬واضمم آراء الرجال واختر أقربا إل‬
‫الصواب وأبعدها عن الرتياب»(‪.)404‬‬
‫ستَ ِمعُو َن اْلقَوْلَ َفَيّتِبعُونَ‬
‫أقول‪ :‬أخذ كلمه عن معن قوله تعال‪َ..(( :‬فبَشّ ْر ِعبَادِ * الّذِي َن يَ ْ‬
‫ك هُمْ ُأوْلُوا الَلْبَابِ)) [الزمر‪.]18-17:‬‬ ‫سنَهُ ُأوَْلئِكَ الّذِي َن هَدَاهُمُ اللّ ُه َوُأوَْلئِ َ‬
‫أَحْ َ‬
‫صبُ َأ ْعيُِنهِمْ فِي آجَاِلهِمْ »(‪.)405‬‬
‫‪.31‬وقال عليه السلم‪َ« :‬أعْمَا ُل اْل ِعبَادِ فِي عَاجِِلهِ ْم ُن ْ‬
‫حضَرًا َومَا عَمَِلتْ‬‫ت مِنْ َخيْ ٍر مّ ْ‬‫س مّا عَمَِل ْ‬ ‫أقول‪ :‬أخذه عن معن قوله تعال‪َ(( :‬ي ْومَ تَجِدُ كُ ّل َن ْف ٍ‬
‫ف بِاْل ِعبَادِ)) [آل عمران‪:‬‬
‫مِن ُسوَ ٍء َتوَدّ َلوْ َأنّ َبْيَنهَا َوَبْينَهُ َأمَدًا َبعِيدًا َويُحَذّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَ ُه وَاللّهُ َرؤُو ُ‬
‫‪ ،]30‬وعن معن قوله تعال‪َ(( :‬يوْ َم َيتَذَكّ ُر الِنسَا ُن مَا َسعَى)) [النازعات‪.]35:‬‬
‫ت َتعْصِيهِ‬
‫ك ِنعَمَ ُه وَأنْ َ‬
‫ك ُسبْحَانَ ُه ُيتَابِ ُع عََليْ َ‬
‫‪.32‬وقال عليه السلم‪« :‬يَا ابْنَ آ َدمَ إِذَا َرَأْيتَ َربّ َ‬
‫فَاحْ َذ ْرهُ»(‪.)406‬‬
‫() انظر‪ :‬مستدرك نج البلغة‪( ،‬ص‪.)138:‬‬ ‫‪403‬‬

‫() راجع‪ :‬مستدرك نج البلغة‪( ،‬ص‪.)152:‬‬ ‫‪404‬‬

‫() نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة رقم (‪.)7‬‬ ‫‪405‬‬

‫() انظر نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)25:‬‬ ‫‪406‬‬

‫‪110‬‬
‫حنَا عََلْيهِمْ َأْبوَابَ كُ ّل َشيْءٍ َحتّى‬
‫أقول‪ :‬أخذه عن معن قوله تعال‪َ(( :‬فلَمّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ َفتَ ْ‬
‫ذنَاهُم بَ ْغَتةً فَإِذَا هُم ّمبْلِسُونَ)) [النعام‪]44:‬‬
‫إِذَا َفرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَ َخ ْ‬
‫‪.33‬وقال عليه السلم‪« :‬مَا أَضْ َمرَ أَحَ ٌد َشيْئا إِل َظهَرَ فِي فََلتَاتِ لِسَانِهِ»(‪.)407‬‬
‫صدُو ُرهُمْ أَ ْكبَرُ))‬
‫خفِي ُ‬
‫ت اْلَبغْضَاء مِنْ أَ ْفوَا ِههِ ْم َومَا تُ ْ‬
‫أقول‪ :‬أخذه عن معن قوله تعال‪(( :‬قَ ْد بَدَ ِ‬
‫[آل عمران‪ ،]118:‬وقوله تعال‪..(( :‬وََلَتعْرَِفّنهُمْ فِي َلحْ ِن اْل َقوْلِ)) [ممد‪.]30:‬‬
‫‪.34‬وقال عليه السلم‪« :‬أَ ْفضَلُ ال ّزهْدِ إِ ْخفَاءُ ال ّزهْدِ »(‪.)408‬‬
‫خفُوهَا َوُتؤْتُوهَا اْل ُفقَرَاء‬
‫أقول‪ :‬أخذه عن معن قوله تعال‪(( :‬إِن ُتبْدُواْ الصّدَقَاتِ َفِنعِمّا هِ َي َوإِن تُ ْ‬
‫َف ُهوَ َخيْرٌ ّلكُمْ)) [البقرة‪.]271:‬‬
‫ع الْمُ ْلَتقَى »(‪.)409‬‬
‫‪.35‬وقال عليه السلم‪« :‬إِذَا ُكْنتَ فِي إِ ْدبَا ٍر والْ َموْتُ فِي إِقْبَالٍ َفمَا َأسْ َر َ‬
‫ت الّذِي َتفِرّونَ ِمنْهُ فَِإنّ ُه مُلقِيكُمْ)) [المعة‪.]8:‬‬
‫أقول‪ :‬أخذه عن معن قوله تعال‪(( :‬قُلْ ِإنّ الْ َموْ َ‬
‫(‪)410‬‬
‫‪.36‬وقال عليه السلم‪« :‬كُ ْن سَمْحا ول َتكُنْ ُمبَذّرا وكُ ْن ُمقَدّرا ول َتكُ ْن ُمقَتّرا»‬
‫أقول‪ :‬أخذه عن معن قوله تعال‪(( :‬وَالّذِينَ ِإذَا أَن َفقُوا لَ ْم يُسْرِفُوا وَلَ ْم َيقْتُرُوا وَكَانَ َبيْنَ ذَلِكَ‬
‫َقوَامًا)) [الفرقان‪.]67:‬‬
‫(‪)411‬‬
‫ح ّي ِبأَحْسَ َن ِمْنهَا »‬
‫حّيةٍ فَ َ‬
‫‪.37‬وقال عليه السلم‪« :‬إِذَا ُحيّيتَ ِبتَ ِ‬
‫حيّواْ ِبأَحْسَ َن ِمْنهَا َأوْ رُدّوهَا إِنّ اللّهَ‬
‫حّيةٍ فَ َ‬
‫أقول‪ :‬أخذه عن معن قوله تعال‪َ (( :‬وإِذَا ُحّييْتُم ِبتَ ِ‬
‫شيْءٍ حَسِيبًا)) [النساء‪]86:‬‬
‫كَانَ عَلَى كُ ّل َ‬
‫سهُمْ مِنْ‬
‫س مِنْ َرحْ َمةِ اللّهِ ولَ ْم ُي ْؤيِ ْ‬
‫‪.38‬وقال عليه السلم‪« :‬الفقيهُ ك ّل الفقيهِ‪ :‬مَنْ لَ ْم ُي َقنّطِ النّا َ‬
‫(‪)412‬‬
‫َروْحِ اللّهِ ولَمْ ُيؤْ ِمْنهُ ْم مِ ْن َمكْرِ اللّهِ»‬

‫() راجع‪ :‬نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)26:‬‬ ‫‪407‬‬

‫() انظر نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪)28:‬‬ ‫‪408‬‬

‫() راجع‪ :‬نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)29:‬‬ ‫‪409‬‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)33:‬‬ ‫‪410‬‬

‫() راجع‪ :‬نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)62:‬‬ ‫‪411‬‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)90:‬‬ ‫‪412‬‬

‫‪111‬‬
‫ي الّذِينَ َأسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ ل َت ْقنَطُوا مِن‬
‫أقول‪ :‬أخذه عن معن قوله تعال‪(( :‬قُ ْل يَا ِعبَادِ َ‬
‫رّ ْح َمةِ اللّهِ إِنّ اللّ َه َي ْغفِرُ ال ّذنُوبَ َجمِيعًا ِإنّ ُه ُهوَ اْل َغفُورُ الرّحِيمُ)) [الزمر‪ ]53:‬ومعن قوله تعال‪:‬‬
‫ل يَ ْأمَ ُن َمكْرَ اللّهِ إِ ّل الْ َق ْومُ الْخَاسِرُونَ)) [العراف‪.]99:‬‬
‫((أََفأَ ِمنُوْا َمكْرَ اللّهِ َف َ‬
‫(‪)413‬‬
‫ف َيقِ ّل مَا ُيَت َقبّلُ؟»‬
‫‪.39‬وقال عليه السلم‪« :‬ل َيقِ ّل عَمَ ٌل مَ َع الّت ْقوَى و َكيْ َ‬
‫[الائدة‪]27:‬‬ ‫أقول‪ :‬أخذه عن معن قوله تعال‪ِ ..(( :‬إنّمَا َيتَ َقبّلُ اللّ ُه مِ َن الْ ُمّتقِيَ))‬
‫سنِ‬
‫ستْ ِر عََليْهِ‪َ ،‬و َمفْتُونٍ بِحُ ْ‬
‫ج بِالِحْسَانِ إَِليْهِ‪َ ،‬و َمغْرُو ٍر بِال ّ‬
‫‪.40‬وقال عليه السلم‪« :‬كَ ْم مِنْ مُسْتَ ْدرَ ٍ‬
‫(‪)414‬‬
‫الْ َقوْلِ فِي ِه ومَا اْبتَلَى اللّهُ أَحَدا بِ ِمثْ ِل ا ِلمْلءِ لَهُ»‬
‫ستَدْرِ ُجهُم مّنْ َحْيثُ ل َيعْلَمُونَ‪َ .‬وُأمْلِي َلهُمْ ِإنّ‬
‫أقول‪ :‬أخذه عن معن قوله تعال‪َ ..« :‬سنَ ْ‬
‫َكيْدِي َمتِيٌ» [القلم‪.]45-44:‬‬
‫(‪)415‬‬
‫شأَ َة الُولَى»‬
‫شَأةَ الُخْرَى َوهُ َو يَرَى النّ ْ‬
‫جْبتُ لِمَنْ َأْنكَ َر النّ ْ‬
‫‪.41‬وقال عليه السلم‪« :‬عَ ِ‬
‫خلْ َق ثُمّ اللّ ُه‬
‫أقول‪ :‬أخذه عن معن قوله تعال‪(( :‬قُلْ سِيُوا فِي الَ ْرضِ فَانظُرُوا َكيْفَ بَ َدأَ الْ َ‬
‫شئُ النّشَْأةَ الخِ َرةَ إِنّ اللّ َه عَلَى كُ ّل َشيْءٍ قَدِيرٌ)) [العنكبوت‪ ،]20:‬ومن قوله تعال‪(( :‬أََف َعيِينَا‬ ‫يُن ِ‬
‫جدِيدٍ)) [سورة ق‪]15:‬‬ ‫س مّنْ َخلْقٍ َ‬
‫خلْ ِق ا َلوّ ِل بَ ْل هُمْ فِي َلْب ٍ‬
‫بِالْ َ‬
‫شكْ ِر وُيغْلِ َق َعنْهُ بَابَ ال ّزيَا َدةِ ول ِلَيفْتَحَ‬ ‫‪.42‬وقال عليه السلم‪« :‬مَا كَانَ اللّهُ ِليَ ْفتَ َح عَلَى عَبْ ٍد بَابَ ال ّ‬
‫ب التّ ْوَبةِ ويُغْلِقَ عَنْ ُه بَابَ‬
‫ب الِجَاَبةِ ول ِلَيفْتَحَ ِل َعبْ ٍد بَا َ‬
‫عَلَى َعبْ ٍد بَابَ ال ّدعَاءِ وُيغْلِ َق َعنْ ُه بَا َ‬
‫الْ َم ْغفِ َرةِ»(‪.)416‬‬
‫أقول‪ :‬أخذه عن معن قوله تعال‪َ (( :‬وإِ ْذ َتأَ ّذنَ َرّبكُمْ َلئِن شَكَ ْرتُمْ َلزِي َدنّكُمْ)) [إبراهيم‪،]7:‬ومن‬
‫جبْ َلكُمْ)) [غافر‪ ،]60:‬وقوله تعال‪َ (( :‬وإِذَا َسأَلَكَ‬ ‫قوله سبحانه‪(( :‬وَقَالَ َرّبكُمُ ا ْدعُونِي َأسْتَ ِ‬
‫ستَجِيبُواْ لِي وَْلُيؤْ ِمنُواْ بِي َل َعّلهُمْ‬
‫ِعبَادِي َعنّي فَِإنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ َد ْع َوةَ الدّاعِ إِذَا َدعَانِ َف ْليَ ْ‬
‫ب مِن َبعْ ِد ظُلْمِ ِه َوأَصْلَحَ َفِإنّ اللّ َه َيتُوبُ عََليْهِ‬ ‫يَ ْرشُدُونَ)) [البقرة‪ ،]186:‬ومن قوله تعال‪َ(( :‬فمَن تَا َ‬
‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪ .)95:‬وانظر الدر النثور ف التفسي بالأثور‬ ‫‪413‬‬

‫للسيوطي‪ ،‬عند تفسيه للية (‪ )27‬من سورة الائدة‪.‬‬


‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬الكمة (‪.)116‬‬ ‫‪414‬‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)126:‬‬ ‫‪415‬‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)435:‬‬ ‫‪416‬‬

‫‪112‬‬
‫سوَ َء‬
‫ِإنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ)) [الائدة‪ ،]39:‬وقوله سبحانه‪ِ(( :‬إنّمَا الّت ْوَبةُ عَلَى اللّهِ لِلّذِي َن َيعْمَلُونَ ال ّ‬
‫جهَاَل ٍة ثُ ّم َيتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ َفُأوَْلئِكَ يَتُوبُ اللّ ُه عََلْيهِ ْم وَكَانَ اللّ ُه عَلِيما َحكِيما)) [النساء‪.]17:‬‬
‫بِ َ‬
‫(‪)417‬‬
‫حتَ لِسَانِهِ»‬
‫خبُو ٌء تَ ْ‬
‫‪.43‬وقال عليه السلم‪َ« :‬تكَلّمُوا ُتعْرَفُوا فَِإ ّن الْمَرْ َء مَ ْ‬
‫ح ِن الْ َقوْلِ)) [ممد‪.]30:‬‬
‫أقول‪ :‬أخذه عن معن قوله تعال‪..(( :‬وََلتَعْرَِفّنهُمْ فِي لَ ْ‬
‫(‪)418‬‬
‫‪.44‬وقال عليه السلم‪« :‬ل َتكُ ْن مِمّ ْن يَ ْرجُو ال ِخ َرةَ ِب َغيْرِ عملٍ»‬
‫ب مَن َيعْمَ ْل سُوءًا‬ ‫أقول‪ :‬أخذه عن معن قوله العزيز‪ّ(( :‬لْيسَ ِبَأمَانِّيكُ ْم وَل َأمَاِنيّ َأهْ ِل اْلكِتَا ِ‬
‫ت مِن ذَ َكرٍ َأوْ أُنثَى‬ ‫يُجْ َز بِ ِه وَ َل يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّا وَ َل َنصِيًا‪َ .‬ومَن َيعْمَ ْل مِ َن الصّالِحَا َ‬
‫جّن َة وَلَ يُ ْظلَمُونَ َنقِيًا)) [النساء‪ .]124-123:‬ومن قوله تعال‪:‬‬ ‫ك يَدْ ُخلُو َن الْ َ‬ ‫َوهُ َو ُم ْؤمِنٌ َفُأوْلَئِ َ‬
‫((‪..‬فَمَن كَا َن يَرْجُو ِلقَاء َربّهِ َف ْليَعْ َم ْل عَ َملً صَالِحًا وَل يُشْ ِر ْك ِبعِبَا َدةِ َربّهِ أَحَدًا)) [الكهف‪.]110:‬‬
‫جّنةَ بِمَا كُنتُمْ‬
‫ي َيقُولُونَ سَلمٌ عََليْكُمُ ا ْدخُلُواْ الْ َ‬ ‫وقوله تعال‪(( :‬الّذِي َن َتَتوَفّاهُ ُم الْمَلِئ َكةُ َطّيبِ َ‬
‫َتعْمَلُونَ)) [النحل‪.]32:‬‬
‫جبُ ِبَنفْسِهِ ِإذَا عُوِفيَ وَي ْقنَطُ ِإذَا اْبتُِليَ ِإنْ أَصَابَهُ بَلءٌ َدعَا‬
‫‪.45‬وقال عليه السلم‪« :‬ل تَكُ ْن مِمّ ْن ُيعْ َ‬
‫ض ُمغْتَرّا»(‪.)419‬‬
‫ُمضْطَرّا وِإنْ نَالَهُ رَخَاءٌ َأعْ َر َ‬
‫ضرّ َدعَانَا ثُمّ إِذَا َخوّْلنَاهُ ِنعْ َم ًة ّمنّا قَا َل‬ ‫س الِنسَانَ ُ‬ ‫أقول‪ :‬أخذه عن معن قوله تعال‪(( :‬فَِإذَا َم ّ‬
‫سَأمُ‬
‫ِإنّمَا أُوتِيتُ ُه عَلَى عِ ْل ٍم بَ ْل ِهيَ ِفْتَنةٌ وََلكِنّ أَ ْكثَ َرهُ ْم ل َيعْلَمُونَ)) [الزمر‪ ،]49:‬وقوله تعال‪(( :‬ل يَ ْ‬
‫خيْرِ َوإِن مّسّهُ الشّرّ َفَيؤُوسٌ َقنُوطٌ)) [فصلت‪ ،]49:‬وعن معن قوله تعال‪:‬‬ ‫الِنسَا ُن مِن ُدعَاء الْ َ‬
‫ض َونَأَى بِجَاِنبِ ِه َوإِذَا مَسّهُ الشّرّ كَا َن َيؤُوسًا)) [السراء‪ ،]83:‬وعن‬ ‫(( َوإِذَآ َأْنعَ ْمنَا عَلَى الِنسَانِ َأعْ َر َ‬
‫ضرّ َدعَا َربّ ُه ُمنِيبًا إَِليْهِ ثُمّ ِإذَا َخوّلَهُ ِنعْ َم ًة ّمنْ ُه نَسِ َي مَا‬
‫س الِنسَانَ ُ‬ ‫معن قوله ع ّز وجلّ‪َ (( :‬وإِذَا َم ّ‬
‫سبِيلِهِ)) [الزمر‪]8:‬‬ ‫كَا َن يَ ْدعُو إَِليْ ِه مِن َقبْ ُل وَ َجعَلَ لِلّهِ أَندَادًا ّلُيضِلّ عَن َ‬
‫ئ عَاِقَبةٌ حُ ْل َوةٌ َأوْ ُم ّرةٌ »(‪.)420‬‬
‫‪.46‬وقال عليه السلم‪ِ« :‬لكُ ّل امْرِ ٍ‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)392:‬‬ ‫‪417‬‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)150:‬‬ ‫‪418‬‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)150:‬‬ ‫‪419‬‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)151:‬‬ ‫‪420‬‬

‫‪113‬‬
‫أقول‪ :‬أخذه عن معن قوله تعال‪َ(( :‬ي ْومَ يَأْتِ َل َتكَلّ ُم َن ْفسٌ إِ ّل بِإِ ْذنِهِ فَ ِمْنهُ ْم َش ِقيّ َو َسعِيدٌ))‬
‫جّن ِة وَفَرِيقٌ فِي‬
‫[هود‪ ،]105:‬ومعن قوله تعال‪َ ..(( :‬وتُنذِرَ َيوْ َم الْجَ ْمعِ ل َرْيبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْ َ‬
‫سعِيِ)) [الشورى‪.]7:‬‬
‫ال ّ‬
‫(‪)421‬‬
‫‪.47‬وقال عليه السلم‪« :‬النّاسُ أَعْدَا ُء مَا َجهِلُوا»‬
‫[يونس‪:‬‬ ‫أقول‪ :‬أخذه عن معن قوله تعال‪(( :‬بَلْ كَ ّذبُواْ بِمَا لَ ْم يُحِيطُوْا ِبعِلْمِ ِه وَلَمّا َي ْأتِهِ ْم َت ْأوِيلُهُ))‬
‫‪.]39‬‬
‫ف َموَاقِ َع الْخَطَإِ»(‪.)422‬‬
‫‪.48‬وقال عليه السلم‪« :‬مَ ِن ا ْسَتقْبَ َل وُجُوهَ الرَا ِء عَرَ َ‬
‫سنَهُ‬
‫أقول‪ :‬أخذه عن معن قوله العزيز‪َ...(( :‬فبَشّ ْر ِعبَادِ * الّذِينَ يَسْتَ ِمعُونَ اْل َقوْلَ َفَيتِّبعُونَ أَحْ َ‬
‫ك هُمْ ُأوْلُوا الَلْبَابِ)) [الزمر‪.]18-17:‬‬ ‫ُأوَْلئِكَ الّذِي َن هَدَاهُمُ اللّ ُه َوُأوْلَئِ َ‬
‫‪.49‬وقال عليه السلم‪« :‬آَلةُ ال ّريَا َسةِ َسعَ ُة الصّدْرِ»(‪.)423‬‬
‫أقول‪ :‬أخذه عن معن قوله تعال‪َ(( :‬فبِمَا رَ ْح َم ٍة مّنَ اللّهِ لِنتَ َلهُ ْم وََلوْ كُنتَ فَظّا غَلِيظَ اْلقَ ْلبِ‬
‫لَن َفضّواْ مِنْ َحوْلِكَ)) [آل عمران‪.]159:‬‬
‫‪.50‬وقال عليه السلم‪« :‬مَا ا ْختََل َفتْ َد ْع َوتَانِ إِل كَاَنتْ إِحْدَاهُمَا ضَلَلةً»(‪ .)424‬أقول‪ :‬أخذه عن‬
‫ضلَلُ َفَأنّى ُتصْرَفُونَ)) [يونس‪.]32:‬‬
‫معن قوله تعال‪ ...(( :‬فَمَاذَا َبعْ َد الْحَقّ إِلّ ال ّ‬
‫هذا غيضٌ من فيضٍ ونرٌ من ب ِر الكلم الأثور عن أمي الؤمني عل ّي عليه السلم ا ُل ْقَتبَ ِ‬
‫س‬
‫من مِشْكاةِ القرآن وإن تأمّ ْلتَ ف سائر كلماته تع ِرفْ معن الديث الرويّ عن النبّ الكرم صلى‬
‫ال عليه وآله وسلم حيث قال‪« :‬عَِل ّي مَ َع القُرْآنِ والقُرْآنُ مَعَ عَِليّ لَ ْن َي ْفتَرِقَا حت يردا عل ّي الوض‬
‫يوم القيامة»(‪.)425‬‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)172:‬‬ ‫‪421‬‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)173:‬‬ ‫‪422‬‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)176:‬‬ ‫‪423‬‬

‫() انظر‪ :‬نج البلغة‪ ،‬باب حكم أمي الؤمني عليه السلم‪ ،‬الكمة (رقم‪.)183:‬‬ ‫‪424‬‬

‫() تاريخ بغداد‪ ،‬للخطيب البغدادي‪.)14/321( ،‬‬ ‫‪425‬‬

‫‪114‬‬
‫وت الكتاب بعون العزيز الوهّاب‪ ،‬والمد ل أول وآخرا‪..‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪115‬‬
‫قائمة الراجع والصادر‬
‫(‪)1‬التقان ف علوم القرآن‪ ,‬للسيوطي‪.‬‬
‫(‪)2‬الحتجاج‪ ،‬للطبسي‪.‬‬
‫(‪)3‬الخبار الطوال‪ ،‬للدينوري‪.‬‬
‫(‪)4‬الرشاد‪ ،‬للشيخ ممد بن النعمان الفيد‪.‬‬
‫(‪)5‬أصول الكاف‪ ،‬للكلين‪.‬‬
‫(‪)6‬العتصام ببل ال‪ ،‬للقاسم بن ممد (من أئمة الشيعة الزيدية)‪.‬‬
‫(‪)7‬أمال أحد بن عيسى‪( .‬من كتب الديث لدى الشيعة الزيدية)‪.‬‬
‫(‪)8‬أنساب الشراف‪ ،‬للبلذري‪.‬‬
‫(‪)9‬بار النوار‪ ،‬للعلمة الجلسي‪.‬‬
‫(‪ )10‬البهان ف تفسي القرآن‪ ،‬للمحدّث البحران‪.‬‬
‫(‪ )11‬تاريخ المم واللوك‪ ،‬للطبي‪.‬‬
‫(‪ )12‬تاريخ اليعقوب‪ ،‬لليعقوب‬
‫(‪ )13‬تاريخ بغداد‪ ،‬للخطيب البغدادي‪.‬‬
‫(‪ )14‬تف العقول عن آل الرسول‪ ،‬لبن شعبة الران‬
‫(‪ )15‬تفسر جوامع الامع‪ ،‬لب علي الفضل بن السن الطبسي‪.‬‬
‫(‪ )16‬تفسي الطبي‪ :‬جامع البيان ف تفسي آي القرآن‪ ،‬لب جعفر ممد بن جرير الطبي‪.‬‬
‫(‪ )17‬تفسي العياشي‪ ،‬لحمد بن مسعود العياشي‪.‬‬
‫(‪ )18‬تفسي الكشاف‪ ،‬لار ال ممود بن عمر الزمشري العتزل‪.‬‬
‫(‪ )19‬تفسي علي بن إبراهيم الق ّميّ‪.‬‬
‫(‪ )20‬تفسي كشف السرار وعدّة البرار‪ ،‬لب الفضل اليبدي‪.‬‬
‫(‪ )21‬تنقيح القال ف علم الرجال‪ ،‬عبد ال المقان‪.‬‬
‫(‪ )22‬تذيب الحكام‪ ،‬لشيخ الطائفة أب جعفر الطوسي‪.‬‬
‫(‪ )23‬التوحيد‪ ،‬لبن بابويه القمي‬
‫(‪ )24‬تيسي الطالب ف أمال أب طالب‪ ،‬للسيد أب طالب من أئمة الزيديّة‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫(‪ )25‬جامع الرواة‪ ،‬للردبيلي‪.‬‬
‫(‪ )26‬الامع الصحيح‪ ،‬للترمذي‪.‬‬
‫(‪ )27‬الامع الصغي من حديث البشي النذير للسيوطي‪.‬‬
‫(‪ )28‬الاكم الشيمي ومنهجه ف تفسي القرآن‪.‬‬
‫(‪ )29‬حجة القراءات‪ ،‬لب زرعة (عبد ال بن ممد)‪.‬‬
‫(‪ )30‬خلصة القوال ف معرفة الرجال‪ ،‬للعلمة اللي‪.‬‬
‫(‪ )31‬الد ّر النثور ف التفسي بالأثور‪ ،‬للل الدين السيوطي‬
‫(‪ )32‬دعائم السلم‪ ،‬للقاضي النعمان بن ممد‪.‬‬
‫(‪ )33‬الروضة من الكاف‪ ،‬للكلين‪.‬‬
‫(‪ )34‬سنن ابن ماجة‪ ،‬لبن ماجة القزوين‪.‬‬
‫(‪ )35‬سنن أب داود‪ ،‬لب داود السجستان‪.‬‬
‫(‪ )36‬سنن النسائي‪ ،‬لب شعيب النسائي‪.‬‬
‫(‪ )37‬شرح نج البلغة‪ ،‬لبن أب الديد العتزل‪.‬‬
‫(‪ )38‬الصاف ف تفسي القرآن الكري‪ ،‬للفيض الكاشان‪.‬‬
‫(‪ )39‬صحيح مسلم‪ ،‬لسلم بن الجاج النيشابوري‪.‬‬
‫(‪ )40‬صحيحه البخاري‪ ،‬لحمد بن إساعيل البخاري‪.‬‬
‫(‪ )41‬الطبقات الكبى‪ ،‬لبن سعد‪.‬‬
‫(‪ )42‬عيون أخبار الرضا‪ ،‬للشيخ الصدوق ممد بن علي بن بابويه القمي‪.‬‬
‫(‪ )43‬الغارات‪ ،‬للثقفي‪.‬‬
‫(‪ )44‬فرائد الصول‪ ،‬للشيخ النصاري‪.‬‬
‫(‪ )45‬الفروع من الكاف‪ ،‬للكلين‬
‫(‪ )46‬فروق اللغات‪ ،‬للجزائري‪.‬‬
‫(‪ )47‬الفهرست‪ ،‬للشيخ الطوسي‪.‬‬
‫(‪ )48‬الفهرست‪ ،‬لحمد بن إسحاق الندي‪.‬‬
‫(‪ )49‬الكامل ف التاريخ‪ ،‬لبن الثي الزري‬
‫(‪ )50‬كتاب التسهيل لعلوم التنيل‪ ،‬لحمد بن أحد بن جزّي الكلب‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫(‪ )51‬كتاب العيار والوازنة‪ ،‬لب جعفر السكاف العتزل‪.‬‬
‫(‪ )52‬كنوز القائق ف حديث خي اللئق‪ ،‬لعبد الرؤوف الناوي‪.‬‬
‫(‪ )53‬ممع البحرين ومطلع النيين‪ ،‬للشيخ فخر الدين الطريي النجفي‪.‬‬
‫(‪ )54‬ممع البيان ف تفسي القرآن‪ ،‬لب عليّ الفضل بن السن الطبسي‪.‬‬
‫(‪ )55‬الحرر الوجيز ف تفسي الكتاب العزيز‪ ،‬لبن عطيّة الندلسيّ‪.‬‬
‫(‪ )56‬مستدرك نج البلغة‪ ،‬لكاشف الغطاء‪.‬‬
‫(‪ )57‬مسند المام زيد بن علي‪ ،‬للمام زيد بن علي عليه السلم‪.‬‬
‫(‪ )58‬السند‪ ،‬للمام أحد بن حنبل‪.‬‬
‫(‪ )59‬مصباح التهجد‪ ,‬لب جعفر الطوسي‪.‬‬
‫(‪ )60‬معان الخبار‪ ،‬للشيخ الصدوق ممد بن علي بن السي بن بابويه القمي‪.‬‬
‫(‪ )61‬مفاتيح السرار ومصابيح البرار‪ ،‬لحمد بن عبد الكري الشهرستان‪.‬‬
‫(‪ )62‬مقدمتان ف علوم القرآن‪,‬‬
‫(‪ )63‬من ل يضره الفقيه‪ ،‬للشيخ الصدوق ممد بن علي بن بابويه الق ّميّ‬
‫(‪ )64‬مناقب آل أب طالب‪ ،‬لبن شهر آشوب الازندران‪.‬‬
‫(‪ )65‬نج البلغة‪ ،‬جعه الشريف الرضي من كلم أمي الؤمني علي بن أب طالب عليه السلم‪.‬‬
‫(‪)66‬وسائل الشيعة إل تصيل مسائل الشريعة‪ ،‬للحرّ العاملي‪.‬‬
‫(‪)67‬وقعة صفي‪ ،‬لنصر بن مزاحم الثقفي‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪118‬‬

You might also like