You are on page 1of 82

‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫الــمـــس‬
‫بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫تأليف‪ /‬علء عباس الوسوي‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫القدمة‬
‫هذا الكتاب‬
‫إن ك نت م ن َقيّ د لا مُ التقل يد عقله‪ ،‬أو غ طى ضباب التع صب ب صيته‪ ،‬فل تض يع دقائق عمرك‬
‫الثمينة ف قراءته‪ ،‬فإنك لن تنتفع به ولست من القصودين بتأليفه‪.‬‬
‫وأما إذا كنت من تذوق حلوة العيش ف ظلل قول رسولك الكري وإمامك الكيم ممد صلى‬
‫ال عليه وآله وسلم‪{ :‬الكمة ضالة الؤمن أنّى وجدها فهو أحقّ با} فاقرأه فإنه نافعك بإذن ال‪ ،‬ولن‬
‫تضيع فيك جهود أيام وليال‪ ،‬بل‪ ...‬سني من عمري الثمي‪.‬‬
‫الؤلف‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫المد ل الذي هدانا لحكم كتابه وتنيله ونّانا من ((َفيَتِّبعُو نَ مَا تَشَابَ َه مِنْ هُ ابِْتغَاءَ اْلفِتَْنةِ وَاْبِتغَاءَ‬
‫تَ ْأوِيلِ ِه َومَا َيعْلَ مُ تَ ْأوِيلَ هُ)) [آل عمران‪ ]7:‬والصلة والسلم على سيدنا ممد وآله‪ ،‬الذي بعثه ال تعال‬
‫ليبي للناس ما نُزل إليهم ويكم بينهم فيما اختلفوا فيه بقوله وفعله وتقريره‪.‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫فهذه رسالة متصرة ف حكم (المس)‪ :‬هل هو فرض جعله ال ف الموال الغنومة من الكفار‬
‫الحارب ي؟ أم هو (ضري بة د خل) على مكا سب ال سلمي ال سالي؟ وذلك بالدلة النقل ية ال صحيحة‬
‫والجج العقلية الصرية الت يفرضها النطق ويسندها الواقع ويؤيدها التاريخ أضعها بي يدي كل مسلم‬
‫متفتح العقل‪ ،‬حي الضمي‪ ،‬ينظر إل المور ببصية نافذة‪ ،‬وعقلية مايدة ونية خالصة‪.‬‬
‫لعلّنا نفيق من سكرتنا‪ ،‬ونقوم من وهدتنا فتجتمع كلمتنا‪ ،‬وما ذلك على ال بعزيز‪.‬‬
‫الؤلف‬
‫‪1419‬هـ ‪1998 -‬م‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫تهيد‬
‫ورد ذ كر (ال مس) ف القرآن الكر ي مرة واحدة ف قط وذلك ف سورة النفال ف قوله تعال‪:‬‬
‫س ُه وَلِلرّسُو ِل وَلِذِي اْل ُقرْبَى وَالَْيتَامَى وَالْ َمسَا ِكيِ وَابْ ِن السّبِيلِ‬ ‫((وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُ ْم مِنْ شَ ْيءٍ فَأَنّ ِلّلهِ خُمُ َ‬
‫إِ نْ كُنتُ ْم آمَنْتُ ْم بِاللّ هِ َومَا أَنزَْلنَا عَلَى عَْبدِنَا َيوْ مَ اْل ُفرْقَا نِ َيوْ مَ اْلَتقَى الْجَ ْمعَا ِن وَاللّ ُه عَلَى كُ ّل شَ ْيءٍ قَدِيرٌ))‬
‫صوَى وَالرّكْ بُ أَ ْسفَ َل مِنْكُ ْم وََلوْ َتوَاعَدتّ مْ‬ ‫[النفال‪ِ(( * ]41:‬إذْ أَْنتُ مْ بِاْلعُ ْد َوةِ الدّنْيَا َوهُ ْم بِاْلعُ ْد َوةِ اْلقُ ْ‬
‫حيَا مَ نْ حَيّ عَ نْ‬ ‫ك مَ نْ َهلَ كَ عَ ْن بَيّنَ ٍة وَيَ ْ‬
‫لخَْتَلفْتُ مْ فِي الْمِيعَا ِد وَلَكِ نْ ِلَي ْقضِ يَ اللّ هُ َأمْرا كَا َن َم ْفعُولً ِلَيهْلِ َ‬
‫بَيَّن ٍة وَإِنّ الّلهَ لَسَمِي ٌع عَلِيمٌ)) [النفال‪.]42:‬‬
‫ومـن العلوم أن سـورة (النفال) كلهـا نزلت تعقيبا على معركـة بدر الكـبى التـ يسـميها ال‬
‫بـ(يوم الفرقان)‪ ،‬والت هي أول معركة قادها رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ضد الشركي انتصر‬
‫فيها السلمون وغنموا أموال أعدائهم فاحتاجوا إل معرفة كيفية تقسيمها وتصريفها بعد أن اختلفوا ف‬
‫ذلك و صاروا فريق ي ورأي ي متلف ي‪ ،‬ك ما أ خب ال عن هم ف مطلع ال سورة بقوله‪َ(( :‬ي سْأَلُوَنكَ عَ نْ‬
‫ُمـ‬
‫ِنـ كُنت ْ‬
‫ّهـ َورَسـُوَلهُ إ ْ‬
‫ُمـ وَأَطِيعُوا الل َ‬
‫َاتـ بَْينِك ْ‬
‫َصـلِحُوا ذ َ‬
‫ّهـ وَأ ْ‬
‫ّهـ وَالرّسـُو ِل فَاّتقُوا الل َ‬
‫الَْنفَا ِل قُلْ ا َلْنفَالُ لِل ِ‬
‫ُم ْؤمِِنيَ)) [النفال‪.]1:‬‬
‫ث ف وسط السورة نزلت آية المس تبي لم وتكم بينهم ف ما اختلفوا فيه‪.‬‬
‫ث السورة كلها حديث عن تلك العركة الفاصلة وأحداثها والدروس الستخلصة منها‪.‬‬
‫وعلى هذا التقسيم سار رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم حياته كلها واللفاء الراشدون من‬
‫بعده‪ -‬با فيهم أمي الؤمني علي عليه السلم ف الموال الت كانوا يظفرون با من أعدائهم الحاربي‪.‬‬
‫و من الناح ية التاري ية‪ ،‬فإ نه ل يعرف عن أ حد من هم أ نه كان يَفرض على مكا سب ال سلمي‬
‫وأموالم شيئا اسه (المس)‪ ،‬بل ول على أموال السالي من الكافرين ‪-‬أهل الذمة‪ -‬وإنا هي الزكاة‬
‫والصدقات والراج والزية وأمثالا‪.‬‬
‫ومن خلل متابعت لذا الوضوع العلمية واليدانية‪ ،‬وتعرف على أدلة الفريقي توصلت إل حقائق‬
‫أحببتـ أن أضعهـا بيـ يدي إخوانـ‬
‫ُ‬ ‫مهمـة جدا‪ ،‬قـد يكون بعضهـا يكشـف عنـه النقاب لول مرة!‬
‫السلمي دون تفريق بي طائفة أو مذهب‪ ،‬بل خدمة للحق والقيقة‪.‬‬
‫وسأبدأ بالكلم عن حكم خس الكاسب ف النصوص الواردة عن (الئمة) ف الصادر العتمدة‪،‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫واختلفه الواضح عنه ف فتاوى الفقهاء‪ ،‬ث أتكلم عن هذا الوضوع عموما‪ ،‬وهل القصود به ف الية‬
‫الكرية (آية النفال) خس الكاسب أم خس الغنائم؟ وذلك ف الباب الثان إن شاء ال تعال‪.‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫الباب الول‪ :‬خس الكاسب بي أقوال (الئمة) وفتاوى الفقهاء‬


‫الفصل الول‪ :‬حقائق خطية ومثية‪[ -:‬حقائق خطية ومثية حول المس]‪=:‬‬
‫من خلل دراست لوضوع خس الكاسب اكتشفت حقائق مهمة ‪-‬ف غاية الهية‪ -‬ومع ذلك‬
‫ف هي ‪-‬ح سب عل مي‪ -‬مهولة تاما لدى ج يع الذ ين يقومون بدف عه وأدائه إل الجتهد ين أو (ال سادة)‬
‫النتسبي إل بيت أمي الؤمني علي عليه السلم‪ ،‬وتأت أهية هذه القائق من كونا تدث انقلبا كاملً‬
‫ف نظرة من يطلع علي ها ومفهو مه القد ي (للخ مس)‪ ،‬و سيكتشف لول مرة الفرق الائل ب ي التقال يد‬
‫الوروثة والقائق الجهولة! ول يتاج بعدها إلّ إل شيء من الرأة والستقللية ف الرأي للتمرد على‬
‫الوروث الاطئ من أجل القيقة الصحيحة‪ ،‬من هذه القائق‪:‬‬
‫القيقة الول‪:‬‬
‫إن أداء خ س الكا سب إل الفق يه ل ي ستند إل أي دل يل ول أ صل له بتاتا ف أي م صدر من‬
‫الصادر الديثية الشيعية العتمدة(‪ ،)1‬وبعبارة أخرى أصرح وأوضح‪:‬‬
‫إن هذا المر ل يستند ولو إل نص واحد أو دليل منقول عن الئمة العصومي الذين ينبغي أن‬
‫يكون اعتماد الذ هب عليهم ومر جع فتاوى علمائه ‪-‬ل سيما ف المور العظي مة‪ -‬إلي هم يدل ‪-‬أو حت‬
‫يشي مرد إشارة‪ -‬إل ما يفعله الكثي اليوم طبقا إل الفتاوى الت توجب على القلد إعطاء خس أرباحه‬
‫وأمواله وكسبه إل الفقيه‪ ،‬إذ ل وجود لذا النص ف أي مصدر من الصادر العتمدة ‪-‬كما أسلفت‪-‬‬
‫فهل تصدّق؟!!‬
‫القيقة الثانية‪:‬‬
‫و هي أع ظم وأع جب! وبقدر ما هي كذلك ف هي مهولة أو م ستورة ب يث ل يعرف ها أحدٌ من‬
‫الماهي الت تعتقد بوجوب دفع (المس)‪ ...‬هذه القيقة هي‪:‬‬
‫إن كثيا من النصوص الواردة عن الئمة تسقط (المس) عن الشيعة وتبيحه لم ‪-‬خصوصا‪-‬‬
‫ف زمن الغيبة إل حي ظهور الهدي النتظر‪.‬‬
‫القيقة الثالثة‪:‬‬

‫‪ )(1‬هي الكتب الربعة‪ :‬الكاف للكلين‪ ،‬وفقيه من ل يضره الفقيه لبن بابويه القمي‪ ،‬وتذيب الحكام‪ ،‬والستبصار لشيخ‬
‫الطائفة الطوسي‪.‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫و هي أع ظم وأ طم!! إن هذه الن صوص ت عل ح كم أداء ال مس للمام ذا ته و ف حالة حضوره‬


‫الستحباب أو التخيي بي الداء وتركه وليس الوجوب‪.‬‬
‫القيقة الرابعة‪:‬‬
‫وهي غريبة حقا وملفتة للنظر بشكل مثي! إن أحدا من علماء الذهب القدمي الذين عليهم قام‬
‫الذهب وتكون‪ ،‬كالشيخ الفيد (ت ‪413‬هـ) أو السيد الرتضى علم الدى (ت ‪436‬هـ)‪ ،‬أو شيخ‬
‫الطائفة أب جعفر الطوسي (ت ‪460‬هـ)‪ ،‬وغيهم ل يذكر قط مسألة إعطاء المس إل الفقهاء‪ ،‬بل‬
‫ربا ل تطر لم على بال‪.‬‬
‫القيقة الامسة‪:‬‬
‫و هي ع جب ف ع جب!! تظ هر هذه القي قة جل ية بجرد إجراء مقار نة سريعة ب ي ح كم أداء‬
‫المس للفقيه وأدائه للمام‪ ،‬إذ يلحظ التناقض التام بي الكمي‪:‬‬
‫فمع أن المس ‪-‬حسب النظرية المامية ‪ -‬هو حق المام إل أن حكم أدائه إليه ف كثي من‬
‫الروايات العتـبة السـتحباب وليـس الوجوب ‪-‬كمـا سـيأت مـن خلل عرض هذه الروايات لحقا‪-‬‬
‫فكيف ارتقت درجة أدائه إل الفقيه‪ ،‬فصار حكمه واجبا؟! ف حي أن الفتوى الت أدخلت الفقيه ف‬
‫ل عن صاحب الق (المام)‬ ‫الوضوع إنا أدخلته بقياسات واجتهادات غايتها أن تعل منه نائبا أو وكي ً‬
‫ل أكثر‪.‬‬
‫فكيف تغي الكم وارتفع من درجة الستحباب إل الوجوب مع أن النطق يقضي ف أن يكون‬
‫‪-‬ف أحسن أحواله‪ -‬مشتركا بينهما أي‪ :‬مستحبا مع اللتفات إل الفارق الكبي بي الفقيه وبي المام‬
‫الع صوم ف الدر جة والنلة فكان الفترض أن ينل ال كم من ال ستحباب إل البا حة وهذا هو الذي‬
‫جاءت به كثي من النصوص عن الئمة وقال به كثي من الفقهاء‪ ،‬والقصود بالباحة هنا أن صاحب‬
‫الال يباح له التصرف باله دون أن يطالب بأداء خسه إل أي جهة كانت‪.‬‬
‫القيقة السادسة‪:‬‬
‫إن نظرية المس ف أصل تكوينها تعل للمام نفسه نصف المس‪ ،‬وهو حق ال تعال ورسوله‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم وذي القرب‪ .‬أما النصف الخر فهو لليتامى والساكي وابن السبيل من بن‬
‫هاشم‪ ،‬يُعطى له أي المام ليفرقه فيهم ل ليأخذه لنفسه(‪.)2‬‬

‫‪ )(2‬انظر‪ :‬النهاية ف مرد الفقه والفتاوى للطوسي (ص‪..)265:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫إل أن الواقع الشاهَد أن الفقيه يأخذ المس كله دون مراعاة هذه القسمة‪.‬‬
‫فكيف؟! هل يباح للفقيه من القوق ما ل يباح للمام ذاته؟! أم ماذا؟‬
‫القيقة السابعة‪:‬‬
‫إن نظرية المس ف شكلها الخي تقسم المس نصفي ‪-‬كما أسلفت ف القيقة السادسة‪-‬‬
‫ن صف للفق يه باعتباره نائبا عن المام‪ ،‬ون صف لفقراء ب ن ها شم (يتاما هم وم ساكينهم وأبناء سبيلهم)‬
‫وليس للغن ذكر فيها‪.‬‬
‫وإذن فليس للغنياء الذين ينتسبون إل أهل البيت نصيب فيه؛ لنم ليسوا من صنف الفقهاء ول‬
‫من صنف الفقراء‪ ،‬فما يفعله هؤلء من أخذ الموال باسم المس بجة النسب باطل ل يسنده دليل‪.‬‬
‫وهذه القيقة مهولة من قبل عامة من يقوم بدفع (المس) إليهم إذ يدفعون تلك الموال لكل‬
‫من يدعي النسبة دون النظر إل كونه غنيا أم فقيا‪.‬‬
‫القيقة الثامنة‪:‬‬
‫وهكذا ن صل إل القول بأن إخراج (ال مس) وإعطاءه إل الفقهاء ل ي ستند إل أي نص عن أي‬
‫إمام معصوم‪ ،‬وإنا هو فتوى متلفٌ فيها لبعض ‪-‬وليس جيع‪ -‬الفقهاء التأخرين ‪-‬وليس التقدمي‪.-‬‬
‫و قد اختلف الفقهاء في ها و ف تف صيلتا كثيا‪ ،‬من فق يه إل فق يه‪ ،‬و من زمان إل زمان‪ ،‬وظلت‬
‫هذه الفتوى تعان من النقص ومن إجراءات التحوير والتطوير جيلً بعد جيل‪ ،‬وقرنا بعد قرن‪ ،‬دون أن‬
‫تستقر على صورة نائية وإل اليوم!! ما يعل كل عارف بذه القائق على يقي من عدم استناد هذه‬
‫الفتوى إل دليل‪.‬‬
‫الفصل الثان‪ :‬الدلة التفصيلية على القائق السابقة‪-:‬‬
‫النصوص الواردة عن الئمة العصومي ف إسقاط المس‪-:‬‬

‫* عن أب عبد ال عليه السلم ‪-‬وقد سئل‪[[ :-‬من أين دخل على الناس الزنا؟ قال‪ :‬من‬
‫قبل خسنا أهل البيت‪ .‬إل شيعتنا الطيبي فإنه ملل لم ليلدهم]](‪.)3‬‬
‫ف هذا النص يظهر واضحا أن المام الصادق أباح المس لشيعته‪ ،‬وهذا مع وجوده وحضوره‪،‬‬
‫وأن الشي عة غ ي ملزم ي بدف عه من أ جل أن يط يب ميلد هم‪ ،‬ول يكونوا أبناء ز نا إذا امتنعوا عن أدائه‬

‫‪ )(3‬أصول الكاف للكلين (‪.)1/546‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫كبقية الناس من غي الشيعة الذين دخل عليهم الزنا بذلك!‬

‫* عن أحده ا عل يه ال سلم قال‪[[ :‬إن أشد ما فيه الناس يوم القيامة صاحب المس‪،‬‬
‫فيقول‪ :‬يا رب خسي‪.‬‬
‫وقد طيّبنا ذلك لشيعتنا لتطيبَ ولدتم ولتزك َو أولدهم]]‪.)4(.‬‬

‫و قد رواه الطو سي ف ال ستبصار هكذا‪[[ :‬إن أ شد ما ف يه الناس يوم القيا مة أن يقوم‬


‫صاحب المس فيقول‪ :‬يا رب خسي‪ ،‬وقد طيّبنا ذلك لشيعتنا لتطيب ولدتم وليزكو‬
‫أولدهم]]‪.)5(.‬‬
‫وهذا النص كسابقه ف إباحة المس للشيعة وعدم إلزامهم به حت ف زمن حضور المام‪.‬‬

‫* عن أب عبد ال عليه السلم ف قوله تعال‪(([[ :‬وَاعْ َلمُوا َأنّمَا غَِنمْتُ ْم مِ ْن شَيْ ٍء َفأَنّ لِلّ هِ‬
‫سهُ َولِلرّ سُولِ َوِلذِي اْل ُقرْبَى)) [النفال‪ -]41:‬قال‪ :‬هي وال الفادة يوما بيوم إل أن‬
‫خُمُ َ‬
‫أب جعل شيعته ف حل ليزكوا]]‪.)6(.‬‬

‫* عن أب عبد ال عليه السلم قال‪[[ :‬إن الناس كلهم يعيشون ف فضل مظلمتنا‪ ،‬إل أنّا‬
‫أحللنا شيعتنا من ذلك]]‪.)7(.‬‬
‫والنصان الخيان واضحا الدللة على أن الئمة قد أحلوا المس لشيعتهم وأسقطوه عنهم‪.‬‬

‫* عن أب عبد ال عليه السلم قال‪[[ -:‬وهو يتحدث عن أنار الدنيا المسة فما سقت‬
‫أو استقت فهو لنا‪ ،‬وما كان لنا فهو لشيعتنا‪ ،‬وليس لعدوّنا منه شيءٌ إل ما غصب عليه‪،‬‬
‫وإن وليّنا لفي أوسع ما بي ذه إل ذه]] يعن‪ :‬ما بي السماء والرض‪.)8(.‬‬
‫تأمّل قول المام‪( :‬ما كان لنا فهو لشيعتنا) أي‪ :‬إن حق المام ملك لشيعته أباحه لم‪ .‬والالك‬
‫ُحرّ ف تصرفه بلكه‪ ،‬فإذا كان المام نفسه قد ملّك شيعته ما كان له من نصيب ف المس فبأي حق‬

‫‪ )(4‬أصول الكاف للكلين (‪ ،)1/547‬وفقيه من ل يضره الفقيه للقمي (‪..)2/22‬‬


‫‪ )(5‬الستبصار (‪..)2/57‬‬
‫‪ )(6‬أصول الكاف للكلين (‪..)1/544‬‬
‫‪ )(7‬فقيه من ل يضره الفقيه للقمي (‪..)2/24‬‬
‫‪ )(8‬أصول الكاف (‪..)1/409‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫ل عنه دون توكيل منه ليطالب بقه الذي تنازل عنه‪ ،‬بل يشدد ف الطالبة؟!‪.‬‬
‫يأت من وضع نفسه وكي ً‬
‫إذا كان لرجل على آخر دين تنازل له عنه والتنازل مكتوب ف وثيقة مصدقة ومعتبة‪ ،‬ث مات‬
‫الرجل فهل من حق ورثته الطالبة بالدين؟‬
‫أليست هذه الروايات وغيها من أمثالا وثائق معتبة يكن إبرازها من قبل أي مسلم عند من‬
‫يطالبه بشيء اسه المس؟!‬
‫وإذا ل ت كن هذه وثائق مع تبة فبأي روا ية ي كن أن يكون العتبار؟ ولاذا يضرب بذه الروايات‬
‫عرض الائط حت كأنا ل توجد‪ ،‬ويؤخذ بغيها من أمثالا؟! وتأمل‪-‬أيضا‪ -‬قوله عليه السلم‪( :‬وإن‬
‫ولينا لفي أوسع ما بي ذه إل ذه)‪ .‬أي‪ :‬ل يب عليه شيء إذ هو ف سعة من أمره أوسع ما بي السماء‬
‫والرض!‬

‫* عن أ ب ع بد ال عل يه ال سلم ‪-‬و قد جاءه أ حد أتبا عه بال فرده عل يه وقال‪ [[ -:‬قد طيبناه‬


‫لك وأحللناك فيه فضم إليك مالك وكل ما ف أيدي شيعتنا من الرض فهم فيه مللون‬
‫حت يقوم قائمنا]]‪.)9(.‬‬
‫وهذا تطبيق عملي للروايات السابقة ف إباحة المس‪ ،‬وإذا جعنا هذه الروايات إل غيها يتبي‬
‫لنا أن المس مباح من قبل المام الصادق عليه السلم ومن بعده حت يقوم القائم ‪-‬أي الهدي النتظر‬
‫‪ ،-‬فمن أوجبه إذن‪ ،‬إذا كان المام نفسه قد أباحه؟!‬

‫* عن يونس بن يعقوب قال‪[[ :‬كنت عند أب عبد ال عليه السلم فدخل عليه رجل‬
‫مـن القماطيـ فقال‪ :‬جعلت فداك تقـع فـ أيدينـا الرباح والموال وتارات نعرف أن‬
‫حقك فيها ثابت وإنا عن ذلك مقصرون‪ ،‬فقال عليه السلم‪ :‬ما أنصفناكم أن كلفناكم‬
‫ذلك اليوم]]‪.)10(.‬‬
‫وهذا فيه أن التكليف بدفع المس يناف النصاف!! هذا والمام حاضر فكيف وقد غاب؟!‬

‫* عن علي بن مهزيار أ نه قال‪[[ :‬قرأت ف كتاب ل ب جع فر عل يه ال سلم إل ر جل‬


‫ي سأل أن يعله ف حل من مأكله ومشر به من ال مس فك تب عل يه ال سلم ب طه‪ :‬من‬

‫‪ )(9‬أصول الكاف (‪..)1/408‬‬


‫‪ )(10‬فقيه من ل يضره الفقيه للقمي (‪..)2/23‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫أعوزه شي ٌء من حقي فهو ف حل]]‪.)11(.‬‬

‫ت فيه‬
‫* جاء رجل إل أمي الؤمني عليه السلم قال‪[[ :‬يا أمي الؤمني أصبت مالً أغمض ُ‬
‫أفلي توبـة؟ قال‪ :‬ائت بمسـه‪ ،‬فأتاه بمسـه فقال‪ :‬هولك‪ ،‬إن الرجـل إذا تاب تاب مالُه‬
‫معه]]‪.)12(.‬‬
‫وقد بوّب الطوسي ف الستبصار‪( :‬باب ما أباحوه لشيعتهم ‪-‬عليهم السلم‪ -‬من المس حال‬
‫الغيبة)(‪ )13‬أورد تته عدة روايات منها ما سبق ذكرها ومنها‪:‬‬

‫* عـن أبـ عبـد ال عليـه السـلم قال‪[[ :‬هذا لشيعتنـا حلل الشاهـد منهـم والغائب‪،‬‬
‫واليت منهم والي ومن تولّد منهم إل يوم القيامة فهو لم حلل]]‪.)14(.‬‬

‫* عن أب جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال أمي الؤمني عليه السلم‪[[ :‬هلك الناس ف بطونم‬
‫وفروجهم؛ لنم ل يؤدوا إلينا حقنا‪ ،‬أل وإن شيعتنا من ذلك وآباءهم ف حل]]‪.)15(.‬‬
‫* وروى ف مو ضع آ خر الروا ية التال ية‪ -:‬عن أ ب ع بد ال عل يه ال سلم قال‪{ :‬كان ر سول ال‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم إذا أتاه الغنم أخذ صفوه وكان ذلك له‪ ،‬ث يقسم ما بقي خسة أخاس‪ ،‬ث‬
‫يأخذ خسه ث يقسم أربعة أخاس بي الناس}‪.)16(.‬‬
‫وهذا يع ن أن الغ نم هو غني مة الرب خا صة؛ لن أموال الناس ومكا سبهم وعقارات م ل ينط بق‬
‫عليها هذا القول إذ هي ل يكن ‪-‬ول يدث‪ -‬أن يؤتى با ويأخذ منها رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم ول غيه ما يعجبه ث بعد ذلك يقسمها خسة أقسام يأخذ واحدا منها ث يقسم الربعة القسام‬
‫الخرى بي الناس‪ .‬وهذا ما جاء ف رواية أخرى‪:‬‬

‫* عن ع بد ال بن سنان قال‪ :‬سعت أبا ع بد ال عليه السلم يقول‪[[ :‬ليس المس إل ف‬

‫‪ )(11‬فقيه من ل يضره الفقيه للقمي (‪..)2/23‬‬


‫‪ )(12‬فقيه من ل يضره الفقيه للقمي (‪..)2/23‬‬
‫‪ )(13‬الستبصار (‪..)2/57‬‬
‫‪ )(14‬الصدر السابق (‪..)2/58‬‬
‫‪ )(15‬أيضا (‪..)2/59‬‬
‫‪ )(16‬أيضا (‪..)2/57‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫الغنائم خاصة]]‪.)17(.‬‬

‫* عن الع بد ال صال عل يه ال سلم‪[[ :‬وله –أي‪ :‬المام‪ -‬ن صف ال مس كاملً‪ ،‬ون صف‬
‫المـس الباقـي بيـ أهـل بيتـه‪ ،‬فسـهم ليتاماهـم‪ ،‬وسـهم لسـاكينهم‪ ،‬وسـهم لبناء‬
‫سبيلهم‪ ]]...‬و ف آ خر الروا ية يعود ليقول‪[[ :‬وج عل للفقراء قرا بة الر سول صلى ال عل يه‬
‫وآله وسلم نصف المس]]‪.)18(.‬‬
‫فالمـس إذن نصـفه للمام ‪-‬حسـب هذه الروايـة‪ -‬ونصـفه للفقراء (اليتامـى والسـاكي وأبناء‬
‫السـبيل) فليـس للغنياء فيـه نصـيب وإن كانوا مـن ذريـة أهـل البيـت‪ ،‬وعلى هذا نـص الفقهاء قديا‬
‫وحديثا‪ -‬كما سيأت‪:‬‬
‫فهذه هـي أقوال الئمـة وتوجيهاتمـ فـ الروايات الواردة عنهـم‪ ،‬فإن كان موضوع المـس‬
‫وأحكامه قد أسست على أقوال الئمة‪ ،‬فهذه أقوالم‪ ...‬وإن كانت أسست على شيء آخر فذلك شأن‬
‫من أسسها والئمة منه برآء‪ ،‬ول علقة لنا به ول حجة له علينا‪ ،‬وهنا يق لنا أن نتساءل ونقول‪ :‬فمن‬
‫أين نشأ القول بوجوب المس وأدائه إل الفقيه؟! ومت؟!!‬
‫هذا ما سأحاول الجابة عنه من خلل استقراء أقوال فقهاء الذهب‪.‬‬
‫كبار الفقهاء يُسقطون المس أيضا‪-:‬‬
‫ل ي كن ال كم بإبا حة ال مس وإ سقاطه عن الشي عة‪ ،‬وعدم إلزام هم به قو ًل للئ مة ف قط ‪-‬وإن‬
‫كان هذا يكفي؛ لن قول المام حجة ‪-‬حسب قواعد الذهب‪ -‬ول اجتهاد مع النص أو قول المام‪،‬‬
‫وإن ا على هذا ال كم أيضا كبار فقهاء الذ هب ومشاهيه على مر التار يخ متج ي بذه الروايات ال ت‬
‫أسلفنا ذكرها ما يدل صراحة على اعتبارها عندهم‪.‬‬
‫من هؤلء الفقهاء‪:‬‬
‫ا‪ -‬العلمة أحد الردبيلي (ت ‪993‬هـ)‪ :‬الذي كان أبرز فقهاء عصره على الطلق حت لُقب‬
‫بالفقيه القدس!!‬
‫يقول الردبيلي‪ :‬اعلم أن عموم الخبار‪ ..‬يدل على السـقوط بالكل ية فـ زمان الغيبـة والضور‪،‬‬
‫بع ن عدم الوجوب الت مي‪ ...‬وهذه الخبار هي ال ت دلت على ال سقوط حال الغي بة‪ ،‬وكون الي صال‬
‫‪ )(17‬أيضا (‪..)2/56‬‬
‫‪ )(18‬أصول الكاف (‪..)542 ،1/540‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫مستحبا أي‪ :‬زمن الضور كما هو مذهب البعض مع ما مر من عدم تقق الوجوب إل قليلً لعدم دليل‬
‫قوي على الرباح والكاسب وعدم الغنيمة‪.)19(.‬‬
‫تأ مل التشا به ب ي هذه الفتوى ون صوص الئ مة ال سابقة‪ ،‬وك يف ي ستدل على سقوط ال مس‬
‫بالخبار الواردة عن الئمة‪.‬‬
‫‪ -2‬ممد الباقر السبزواري (‪1018‬هـ‪1090-‬هـ)‪:‬‬
‫قال ف ذخية العاد‪ :‬الستفاد من الخبار الكثية ف بث الرباح كصحيحة الارث بن الغية‬
‫النضري‪ ،‬و صحيحة الفضلء و صحيحة زرارة و صحيحة علي بن مهزيار‪ ،‬و صحيحة ضر يس وح سنة‬
‫الفضيل‪ ،‬ورواية ممد بن مسلم ورواية داود بن كثي ورواية الارث بن الغية ورواية معاد بن كثي‪،‬‬
‫وروا ية إ سحاق بن يعقوب‪ ،‬وروا ية ع بد ال بن سنان‪ ،‬وروا ية ح كم مؤذن ب ن ع بس‪ ،‬إبا حة ال مس‬
‫للشيعة‪.)20(.‬‬
‫وقد خي بي الباحة وبي حفظ حصة المام إل حي ظهوره أو قيام الفقيه بصرفه احتياطا على‬
‫سبيل الستحباب ل الوجوب ف موضع آخر(‪ )21‬مع ميله الشديد إل الباحة عملً بالخبار الواردة‪.‬‬
‫‪ -3‬الشيخ ممد حسن النجفي (ت ‪1266‬هـ)(‪:)22‬‬
‫قال بعد استعراضه الخبار الت تلل المس للشيعة‪:‬‬
‫وكيـف كان فسـب هذه الخبار العتـبة الكثية التـ كادت تكون متواترة الشتملة على التعليـل‬
‫العج يب وال سر الغر يب يشرف الفق يه على الق طع بإباحت هم علي هم ال سلم شيعت هم ‪-‬ز من الغي بة بل‬
‫والضور الذي هو كالغيبة ف قصور اليد وعدم بسطها‪ -‬سائر حقوقهم عليهم السلم ف النفال‪ ،‬بل‬
‫وغيها ما كان ف أيديهم‪...‬‬
‫أما غي الشيعة فمحرم عليهم أشد تري وأبلغه ول يدخل ف أملكهم شيء منها‪.)23(.‬‬
‫لحظ كيف يستدل على الباحة بالخبار الواردة عن الئمة ويصفها بأنا معتبة‪ ،‬ويقول عن‬
‫الباحة ف كلمه اللحق أنا ثبتت شرعا‪ ،‬إذ قال أيضا‪:‬‬

‫‪ )(19‬ممع الفائدة والبهان (‪..)358 -4/355‬‬


‫‪ )(20‬ذخية العاد (ص‪..)292:‬‬
‫‪ )(21‬ذخية العاد (ص‪..)291:‬‬
‫‪ )(22‬لحظ تاريخ الوفاة التأخر‪ :‬منتصف القرن الثالث عشر الجري‪.‬‬
‫‪ )(23‬جواهر الكلم (‪..)16/141‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫صرح جا عة –أي‪ :‬من الفقهاء‪ -‬بأ نه ث بت شرعا إباحت هم علي هم ال سلم النا كح وال ساكن‬
‫والتاجـر فـ حال الغيبـة وإن كان ذلك بأجعـه للمام أو بعضـه فإنـه مباح ول يبـ إخراج حصـة‬
‫الوجودين من أرباب المس منه‪.)24(.‬‬
‫‪ -4‬السيد ممد علي الطباطبائي (ت ‪1009‬هـ)‪:‬‬
‫قال‪ -‬عن ال مس والنفال ف حال الغي بة‪ :-‬ال صح إبا حة الم يع ك ما نص عل يه الشهيدان‬
‫وجاعة‪ ،‬للخبار الكثية التضمنة لباحة حقوقهم ف حال الغيبة وكيف كان‪ ،‬فإن الستفاد من الخبار‬
‫التقدمة إباحة حقوقهم عليهم السلم من جيع ذلك‪.)25(.‬‬
‫لحـظ كيـف أن القائليـ بالباحـة يتجون لقولمـ بالخبار الواردة عـن الئمـة‪ ،‬وكيـف أن‬
‫الخالفي لم يغمضون أعينهم عنها!‬
‫‪ -5‬الشهيد الثان (‪ 911‬هـ‪966 -‬هـ)‪:‬‬
‫قال بإبا حة النفال بش كل مطلق ف حال الغي بة‪ ،‬ول يس إبا حة النا كح وال ساكن والتا جر فقط‪،‬‬
‫وقال‪ :‬إن الصح هو ذلك‪.)26(.‬‬
‫‪ -6‬العلمة سلر‪:‬‬
‫قال‪ :‬إن الئمة عليهم السلم قد أحلوا المس ف زمان الغيبة كرما وفضلً للشيعة خاصة‪.)27(.‬‬
‫لحظ تعبيه‪ :‬إن الئمة عليهم السلم قد أحلوا المس‪ ...‬إل‪.‬‬
‫‪ -7‬الشيخ يي بن سعيد اللي (‪601‬هـ‪690-‬هـ)‪:‬‬
‫مال إل إباحة المس وغيه للشيعة حال الغيبة كرما من الئمة وفضلً‪ ،‬ولا استعرض اختلف‬
‫أقوال الفقهاء من الباحة الطلقة إل الفظ والوصية والدفن والتفريق والصرف على الفقراء الصالي‬
‫عقّب قائلً‪ :‬ال أعلم‪.)28(.‬‬
‫وإذن فالئمـة أباحوا المـس كرما وفضلً‪ ،‬فبأي حـق نوجـب على الناس مـا أباحـه الئمـة‬

‫‪ )(24‬الصدر السابق (ص‪..)145:‬‬


‫‪ )(25‬مدارك الحكام (ص‪..)344:‬‬
‫‪ )(26‬مسالك الفهام (ص‪..)68:‬‬
‫‪ )(27‬الراسم‪ /‬كتاب المس (ص‪.)633:‬‬
‫‪ )(28‬الامع للشرائع (ص‪..)151:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫أنفسهم؟!!‬
‫وقد قال جاعة من الفقهاء بإباحة خس الناكح والساكن والتاجر حال الغيبة منهم‪:‬‬
‫(‪)29‬‬
‫‪ -8‬شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي (ت ‪460‬هـ)‪.‬‬
‫‪ -9‬الحقق اللي نم الدين جعفر بن السن (‪602‬هـ‪676 -‬هـ)(‪.)30‬‬
‫‪ -10‬العلمة السن بن الطهر اللي (ت ‪ 709‬هـ)‪.)31(.‬‬
‫‪ -11‬القاضي ابن براج (التوف ف منتصف القرن الامس الجري)‪.)32(.‬‬
‫(‪)33‬‬
‫‪ -12‬الشهيد الول (ت ‪786‬هـ)‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اضطراب نظرية المس واختلفها بي التقدمي من الفقهاء والتأخرين‪-:‬‬
‫ماذا عند الشيخ الفيد (‪413‬هـ)؟‪-:‬‬
‫وهو شيخ الطوسي اللقب بشيخ الطائفة‪ ،‬جاء ف ترجته ف بداية كتاب الرشاد ما يلي‪...( :‬‬
‫خاطبه إمام العصر عجل ال فرجه ف كتابه الول‪ :‬بالخ السديد والول الرشيد‪ ،‬أيها الول الخلص ف‬
‫ودنا الناصر لنا‪ ...‬إل‪ ،‬ويقول ف الثان‪ :‬من عبد ال الرابط ف سبيله إل ملهم الق ودليله‪ ،‬سلم عليك‬
‫أيها العبد الصال الناصر للحق الداعي إليه بكلمة الصدق‪ ...‬إل)(‪ .)34‬وعلق الترجم على هذه القوال‬
‫فقال‪ :‬تعرف حينئذ أن مـن يتخذه حجـة الزمـن عليـه السـلم أخا له ويعترف له بالصـدق فـ القوال‬
‫والرشد ف المر هو فوق مستوى البشر بعد الجج الطهار(‪.)35‬‬
‫يقول الشيخ الفيد‪ :‬قد اختلف قوم من أصحابنا ف ذلك –أي‪ :‬المس‪ -‬عند الغيبة وذهب كل‬
‫فريق إل مقال‪:‬‬
‫فمنهم من يسقط إخراجه لغيبة المام وما تقدم من الرخص فيه من الخبار‪.‬‬

‫‪ )(29‬النهاية ف مرد الفقه والفتاوى (ص‪..)22:‬‬


‫‪ )(30‬شرائع السلم ‪ /‬كتاب المس (‪.)183-1/182‬‬
‫‪ )(31‬ترير الحكام (ص‪..)75:‬‬
‫‪ )(32‬الدروس الشرعية (ص‪..)70:‬‬
‫‪ )(33‬الدروس الشرعية (ص‪..)70:‬‬
‫‪ )(34‬الرشاد للمفيد (ص‪ ،)6:‬ونسب الترجم الكتابي إل كتاب الحتجاج للطبسي (ص‪ )277:‬الصدر السابق‪..‬‬
‫‪ )(35‬الصدر السابق‪..‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫‪ -‬وبعضهم يو جب كنه –أي‪ :‬دف نه‪ -‬ويتأول خبا ورد‪ :‬إن الرض تظ هر كنوز ها عند ظهور‬
‫المام وإنه عليه السلم إذا قام دله ال على الكنوز فيأخذها من كل مكان‪.‬‬
‫‪ -‬وبعضهم يرى صلة الذرية وفقراء الشيعة على طريق الستصحاب‪.‬‬
‫‪ -‬وبعضهم يرى عزله لصاحب المر‪ ،‬فإن خشي إدراك الوت قبل ظهوره وصى به إل من يثق‬
‫به ف عقله وديان ته ح ت ي سلم إل المام إن أدرك قيا مه وإل أو صى به إل من يقوم مقا مه ف الث قة‬
‫والديانة‪ ،‬ث على هذا الشرط إل أن يظهر إمام الزمان‪.‬‬
‫وهذا القول عندي أوضح من جيع ما تقدم؛ لن المس حق لغائب ل ترسم فيه قبل غيبته شيئا‬
‫ي ب النتهاء إل يه فو جب حف ظه إل و قت إيا به‪ ...‬وإن ذهب ذاهب إل ما ذكرناه من ش طر المس‬
‫الذي هو خالص المام وجعل الشطر الخر ليتام آل ممد وأبناء سبيلهم ومساكينهم على ما جاء ف‬
‫القرآن ل يبعد إصابته الق ف ذلك‪ ،‬بل كان على صواب‪.‬‬
‫وإنا اختلف أصحابنا ف هذا الباب لعدم ما يلجأ إليه من صريح اللفاظ‪ ،‬وإنا عدم ذلك لوضع‬
‫تغليظ الحنة مع إقامة الدليل بقتضى العقل ف المر من لزوم الصول ف حفظ التصرف ف غي الملوك‬
‫إل بإذن الالك وحفظ الودائع لهلها ورد القوق‪.)36(.‬‬
‫أول ما ينب غي أن يل حظ أن القول الوح يد ال ستند إل الخبار الواردة عن الئ مة من ب ي كل‬
‫القوال الت استعرضها الشيخ الفيد هو القول الول الذي يسقط إخراج المس‪.‬‬
‫وأما باقي القوال فهي‪:‬‬
‫‪ -‬إما عارية عن الدليل بالكلية أي‪ :‬الدليل النقلي الذي يثل قول المام‪ .‬ويعترف الشيخ الفيد أن‬
‫المس حق لغائب ل يرسم فيه قبل غيبته شيئا يب النتهاء إليه!‬
‫‪ -‬وإما مستندة إل تأويل‪.‬‬
‫ويلحظ أيضا أن الفقيه أو السيد ل موقع لما من إعراب هذه القوال جيعا!‬
‫كذلك يل حظ ‪-‬ك ما ي عب أح د الكا تب ‪ -‬أن الف يد يك شف عن الية ف موضوع ال مس‬
‫والغموض الذي يل فه‪ ،‬ويتحدث عن عدم وجود ن صوص صرية عن المام الهدي أو غيه عن ح كم‬
‫المس ف عصر الغيبة‪.)37(.‬‬

‫‪ )(36‬القنعة للشيخ الفيد (ص‪..)46:‬‬


‫‪ )(37‬تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى إل ولية الفقيه لحد الكاتب (ص‪..)306:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫وأخيا أقول‪ :‬كيـف يكـن أن يقال بعدم وجود نصـوص صـرية مـع أناـ موجودة فـ أمهات‬
‫الكتب العتمدة الت سبقت عصر الفيد‪ ،‬وهو نفسه أشار إليها عند حكايته القول الول ما يدل على‬
‫اطلعه عليها!!‪.‬‬
‫قول الشيخ أب جعفر الطوسي التوف سنة (‪460‬هـ)‪-:‬‬
‫وهو صاحب كتاب الستبصار وتذيب الحكام وها اثنان من كتب أربعة عليها مدار الذهب‪،‬‬
‫وكذلك هو صاحب كتابي من كتب أربعة عليها مدار الذهب ف الرجال جاء ف التعريف به ف بداية‬
‫كتاب النهاية‪ :‬إمام الفرقة بعد الئمة العصومي‪ ،‬وعماد الشيعة ف كل ما يتعلق بالذهب والدين شيخ‬
‫الطائفة على الطلق‪.‬‬
‫يقول الطو سي‪ :‬أ ما ف حال الغي بة ف قد رخ صوا لشيعت هم الت صرف ف حقوق هم من النا كح‬
‫والتاجر والساكن‪ ،‬فأما ما عدا ذلك فل يوز لم التصرف فيه على حال‪ ،‬وما يستحقونه من الخاس‬
‫ف الكنوز وغيها فقد اختلف قول أصحابنا فيه‪ ،‬وليس فيه نص معي‪ ،‬إل أن كل واحد منهم قال قولً‬
‫يقتضيه الحتياط‪:‬‬
‫‪ -‬فقال بعضهم‪ :‬إنه جار ف حال الستتار مرى ما أبيح لنا من الناكح والتاجر‪.‬‬
‫‪ -‬وقال قوم‪ :‬إنه يب حفظه مادام النسان حيا فإذا حضرته الوفاة وصى به إل من يثق به من‬
‫إخوانه الؤمني ليسلمه إل صاحب المر إذا ظهر‪ ،‬أو يوصي به حسب ما وصى به إل أن يصل إل‬
‫صاحب المر‪.‬‬
‫‪ -‬وقال قوم‪ :‬يب دفنه لن الرضي ترج كنوزها عند قيام القائم‪.‬‬
‫‪ -‬وقال قوم‪ :‬يب أن يقسم المس ستة أقسام‪ ،‬فثلثة أقسام للمام يدفن أو يودع عند من يثق‬
‫به‪ ،‬والثلثة القسام الخر يفرق على مستحقيه من أيتام آل ممد صلى ال عليه وآله وسلم ومساكينهم‬
‫وأبناء سبيلهم‪.‬‬
‫وهذا ما ينبغي أن يكون العمل عليه‪ ،‬لن هذه الثلثة القسام مستحقها ظاهر‪ ،‬وإن كان التول‬
‫لقبضها وتفريقها ليس بظاهر‪ ،‬كما أن مستحق الزكاة ظاهر‪ ،‬وإن كان التول لقبضها وتفريقها ليس‬
‫بظاهر‪ ،‬ول أحد يقول ف الزكاة‪ :‬إنه ل يوز تسليمها إل مستحقيها‪ ،‬ولو أن إنسانا استعمل الحتياط‬
‫وعمل على أحد القوال القدم ذكرها من الدفن أو الوصاة ل يكن مأثوما‪.)38(.‬‬

‫‪ )(38‬النهاية ف مرد الفقه والفتاوى‪( ،‬ص‪..)201-200:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫ملحظات مهمة‪:‬‬
‫يل حظ على هذه الفتوى‪ /‬أن الش يخ الطو سي ‪-‬كشي خه الف يد ‪ -‬ل يذ كر الفقهاء قط‪ ،‬ل ف‬
‫ق بض ال مس‪ ،‬ول تفري قه ول ع ند الو صية إل موثوق‪ ،‬ول ع ند الد فن‪ ،‬بل صرح أن التول لتفر يق‬
‫ال مس ل يس بظا هر –أي‪ :‬غائب‪ ،-‬ولو كان يرى أن الفقهاء يتولون ذلك ل ا قال‪ :‬إن التول لقبض ها‬
‫وتفريقها ليس بظاهر‪.‬‬
‫بل ذ كر صراحة ‪-‬ع ند ذ كر الو صية‪ -‬أن الذي يو صى إل يه بال مس هو من ي ثق به صاحب‬
‫المس من إخوانه الؤمني ول يقل من الفقهاء!‬
‫ويل حظ أيضا‪ :‬أن الشيخ ي الطو سي والف يد ل يذكرا من ب ي ج يع القوال ال ت ذكرا ها قو ًل‬
‫واحدا يشي إل دفع المس إل الفقيه أو السيد! وهذا يعن إجاع فقهاء الذهب القدمي على إغفال‬
‫ذكرها وإنما ل يكونا واردين ف حساب أولئك الفقهاء‪.‬‬
‫وكذلك يل حظ أن ج يع القوال ل ت ستند إل أي نص عن الئ مة سوى القول الول القا ضي‬
‫بإباحة المس وسقوط فرضيته‪..‬‬
‫ملحظات أخرى‪:‬‬
‫وإذا رحنا نناقش الفتوى نقاشا منطقيا عقليا واقعيا‪ ،‬فإنا ند أمورا خارجة عن كل ذلك مثل‪:‬‬
‫‪ -‬أن يدفن إنسان عاقل خس أمواله ومكاسبه وأرباحه طيلة حياته! أي‪ :‬إن خ س أموال المة‬
‫يذهب طعاما للديدان والتراب! وهو أمر يتناف مع العقول‪ ،‬ولشك ف أن فاعله سفيه‪ ،‬يب ف حقه‬
‫الجر‪.‬‬
‫‪ -‬أو أن يوصي به إل ثقة وهو أمر خيال غي واقعي‪ ،‬ل يكن وجوده أو تققه إل تصورا ف‬
‫الذهان‪ .‬وإل فكيف يكن أن يوصي بمس أموال المة لتحفظ إل قيام الهدي؟!‪.‬‬
‫إن هذا يع ن أن تعا قب بض عة أجيال يولّد فائضا من الال ي ساوي أموال ال مة جيعا ف ج يل‬
‫واحد‪ .‬وهذا الفائض التراكم يب أن يفظ! فأين؟ وعند من؟ وف أي مصرف؟!‬
‫فك يف و قد م ضى على غي بة الهدي ألف ومئة عام وأك ثر‪ ،‬أي‪ :‬ما ي ساوي أربع ي جيلً!! فإذا‬
‫بقي غائبا عشرة آلف سنة أو عشرين أو إل يوم الدين؟!‬
‫فهل الفقهاء الذين أفتوا بذلك كانوا يعنون ما يقولون أو يتخيلونه مرد تيل؟!‬
‫ولذلك قال الشيخ حسن الفريد ف عصرنا الال (ت ‪1417‬هـ) ناقدا هذه القوال ومتأسفا‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫‪-‬كما يعب أحد الكاتب ‪ :-‬اختلف الصحاب فيما يب أو يوز أن يصنع بسهم المام ف عصر الغيبة‬
‫على أقوال ليتهـم ل يقولوا باـ ول ينحطوا بذلك عـن شامـخ مقامهـم‪ ،‬وليـت التأخريـن ل ينقلوا هذه‬
‫القوال ف مؤلفاتم‪ ،‬ولعمري إن أجل فقه الشيعة عن نقل مثل القول بالدفن والوصية فيه‪.)39(.‬‬
‫ونفى الشيخ ممد النجفي (ت ‪1266‬هـ) وجود أي دليل على القول بالعزل والفظ والوصية‬
‫بالمس إل أن يظهر المام الهدي سوى ما أشار إليه الفيد‪ :‬من كون المس حقا لغائب ل يأمرنا ما‬
‫نصنع فيه فيجب حفظه له كما ف سائر المانات الشرعية‪.)40(.‬‬
‫فلم يبق ‪-‬ما يقبله العقل‪ -‬إل القول الول الذي ينص على الباحة والسقوط‪ ،‬وهو الذي نطقت‬
‫به الخبار الواردة عن الئمة‪ ،‬بإقرار الفقهاء أنفسهم وعمل بعضهم على أساسه‪.‬‬
‫وأنا ل أدري على أي فتوى كانت جاهي الشيعة تعمل طيلة القرون الت سبقت الفتوى بوجوب‬
‫دفع (المس) إل الفقيه!! لبد أن بعضهم ع مل بالفتوى القائلة بالوصية‪ ،‬فهل وجد التأخرون أموالً‬
‫متكدسة تراكمت بفعل تولا من يد (ثقة مأمون) إل (ثقة مأمون) جيلً بعد جيل؟ وإن ل يد أحد‬
‫شيئا من ذلك فأين كان مصي تلك الموال الت أوصى با أصحابا؟!‬
‫وحتـ تتكون صـورة واضحـة العال يظهـر فيهـا الفرق الشاسـع بيـ أقوال الفقهاء التقدميـ‬
‫والتأخرين ‪-‬ليعلم القارئ علما يقينيا أن السألة برمتها رأي واجتهاد اضطربت فيه القوال واحتارت به‬
‫العقول وزلت ف ماض ته القدام دون ا ستناد إل دل يل‪ -‬أن قل فتوى زع يم الوزة النجف ية ال سيد أ ب‬
‫القاسم الوئي مقتصرا عليها من بي فتاوى التأخرين طلبا للختصار‪.‬‬
‫فتوى زعيم الوزة السيد أب القاسم الوئي‪-:‬‬
‫يقول السيد الوئي‪( :‬يقسم المس ف زماننا ‪-‬زمان الغيبة‪ -‬نصفي‪:‬‬
‫نصف لمام العصر الجة النتظر‪ ،‬ونصف لبن هاشم‪ ،‬أيتامهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم‪...‬‬
‫وقال‪ :‬يوز استقلل الالك ف توزيع النصف الذكور(‪ ،)41‬والحوط استحبابا الدفع إل الاكم‬
‫الشرعي أو استئذانه ف الدفع إل الستحق‪.‬‬
‫والنصف الراجع للمام عليه السلم يرجع فيه ف زمان الغيبة إل نائبه وهو الفقيه الأمون العارف‬
‫بصارفه‪ ،‬إما بالدفع إليه أو الستئذان منه‪.‬‬
‫‪ )(39‬رسالة ف المس (ص‪..)86-83:‬‬
‫‪ )(40‬جواهر الكلم (ص‪..)165:‬‬
‫‪ )(41‬أي‪ :‬النصف العائد لبن هاشم‪.‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫ومصرفه ما يوثق برضاه عليه السلم بصرفه فيه كدفع ضرورات الؤمني من السادات وغيهم‪،‬‬
‫والحوط استحبابا نية التصدق به عنه‪ ،‬واللزم مراعاة الهم فالهم‪ .‬ومن أهم مصارفه ف هذا الزمان‬
‫الذي قلّ ف يه الراشدون وال سترشدون إقا مة دعائم الد ين ور فع أعل مه وترو يج الشرع القدس ون شر‬
‫قواعده وأحكامه ومؤونة أهل العلم الذين يصرفون أوقاتم ف تصيل العلوم الدينية‪ ...‬والحوط لزوما‬
‫(‪)42‬‬
‫مراجعة الرجع العلم الطلع على الهات العامة‪.‬‬
‫جدول مقارنة متصرة بي فتوى الطوسي شيخ الطائفة والوئي زعيم الوزة‬
‫إن هذا التفصيل الذي يذكره الوئي ‪ -‬غي معلوم للغالبية العظمى من العوام القلدين‪ ،‬إذ يدفعون‬
‫المس كله بقسميه‪ ،‬ويعلونه قسما واحدا يسلمونه إل الفقيه على أنه واجب مطلقا!‬
‫وم ا ينب غي الت نبيه عل يه إن هذا ال مر مالف جلة وتف صيلً لفتوى الطو سي ش يخ الطائ فة على‬
‫الطلق‪.‬‬
‫حق السادة‪-:‬‬
‫وما يلحظ ‪-‬وهو ما يستغرب جدا‪ -‬أن الشيخ الطوسي والسيد الوئي كليهما ل يعل لغنياء‬
‫السادة نصيبا ف المس!! فالطوسي ل يذكر‪ -‬آل ممد صلى ال عليه وآله وسلم‪ -‬إل عند اليتامى‬
‫والساكي وأبناء السبيل‪ .‬وهؤلء كلهم ذوو حاجة‪ ،‬والوئي يعل من مصاريف المس دفع ضرورات‬
‫الؤمني من السادات وغيهم‪.‬‬
‫والضرورة ش يء أ شد من الا جة‪ ،‬وهذا معناه أن ال سيد ل حق له ف ال مس إل ع ند الضرورة‬
‫والاجة الاسة‪ .‬وأن هذه الضرورة ل تص السادة وحدهم وإنا تعم الؤمني من السادات وغيهم‪.‬‬
‫إن هذا الذي أقوله ليس استنتاجا استخلصته من أقوال العلماء‪ ،‬وإنا هو ما نطقت به فتاواهم‪،‬‬
‫والنصوص الت وردت عن الئمة‪:‬‬
‫فقد مرّ بنا ‪-‬قبل قليل‪ -‬قول الوئي‪ :‬يقسّم المس ف زماننا نصفي‪ ،‬نصف لمام العصر ونصف‬
‫لبن هاشم أيتامهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم‪ ...‬والنصف الراجع للمام (ع) يرجع فيه ف زمان الغيبة‬
‫إل نائبه وهو الفقيه الأمون‪.‬‬
‫أي‪ :‬أن المس نصفه للفقيه ونصفه لفقراء بن هاشم فلم يبق لغنيائهم شيء؛ لنه موزع بي‬
‫الفقيه والفقي‪.‬‬

‫‪ )(42‬منهاج الصالي (ص‪..)349-347:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫وكون نصف المس يعطى للفقراء دون الغنياء هو الذي جاء عن الئمة‪ ،‬إذ يروي الكلين عن‬
‫الع بد ال صال عل يه ال سلم أ نه قال‪[[ :‬ونصف المس الباقي بي أهل بيته‪ ،‬فسهم ليتاماهم‪،‬‬
‫و سهم ل ساكينهم‪ ،‬و سهم لبناء سبيلهم‪ ]]...‬و ف آ خر الروا ية يعود ليقول‪ ...[[ :‬وج عل‬
‫للفقراء قرابة الرسول صلى ال عليه وآله وسلم نصف المس]]‪.)43(.‬‬
‫وهذا تنصيص على الفقراء دون الغنياء‪.‬‬
‫وهذا كله يالف الوا قع الشا هد تاما!! إذ إن ال سادة الذ ين يتولون أ خذ ال مس هم من أك ثر‬
‫الناس غن وترفا!! ومسكينة هي الماهي‪ ...‬فقد ضاعت عليها القيقة!!‬
‫وضاعت القيقة!‪-:‬‬
‫وعلى أ ية حال ف ما قرأ ته وعاين ته هو كلم زع يم الوزة ومر جع الطائ فة ف الع صر الد يث‪،‬‬
‫وفتوى مؤسـس الوزة وشيـخ الطائفـة على الطلق‪ ،‬وبينهمـا مـن الفرق والختلف مـا قـد علمتـه‬
‫وزيادة! فأين الق؟! وعند من نعثر على القيقة؟! وأي منهما مذهبه وفتواه وكلمه يثل قول العصوم!‬
‫أو المام جع فر ال صادق عل يه ال سلم وكله ا إما مي اث نا عشري عقيدة‪ ،‬وجعفري فقها‪ ...‬والذ هب‬
‫ل على أقوال المام جعفر الصادق عليه السلم‪.‬‬
‫‪-‬كما أعلمونا‪ -‬مؤسس جلة وتفصي ً‬
‫ف هل ي صح ف الذهان أن المام جعفرا عل يه ال سلم! متنا قض إل هذه الدر جة؟! أم إن الن طق‬
‫يقضي بأن قوله ف السألة واحد‪ ،‬لسيما إذا استحضرنا القول بعصمته عليه السلم‪ ،‬فأي القولي هو‬
‫قوله؟ مع النتباه إل أن كل قول منهما هو نفسه عبارة عن مموعة أقوال وترجيحات متناقضة!! ول‬
‫شك ف أن الليي وعلى مر مئات السني عملوا بفتوى الشيخ الطوسي وأمثاله من الفقهاء‪ ،‬فلم يدفعوا‬
‫أخاس أموال م إل أي فق يه أو سيد وماتوا على ذلك! ف هل هؤلء الذ ين يعيشون ف زمان نا ث يوتون‬
‫دون أن يدفعوا ال مس إل أ حد بريئو الذ مة كأولئك؟! فعلم إذن يكلف الخرون أنف سهم ويلزمون ا‬
‫به؟! أم إن أولئك الذين عملوا بفتوى الطوسي وأمثالم هم وحدهم مسامون وغيهم آثون مع أن كل‬
‫الفريقي مشترك ف أمر واحد وهو عدم الدفع؟! أم إن كليهما آث ماسب؟ فما ذنب الفريق الول؟! أم‬
‫ماذا؟!‬
‫و هل الطو سي كان على ال ق والوئي على البا طل؟ أم الع كس؟ أم كله ا على حق؟ أم على‬
‫باطل؟ أم ماذا؟ أفتونا مأجورين!!‬

‫‪ )(43‬أصول الكاف (‪ )542 ،1/540‬وقد مر بنا هذا النص سابقا‪..‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫الفصل الرابع‪ :‬تطور نظرية المس عب التاريخ‪-:‬‬


‫يقول ال ستاذ أح د الكا تب‪ :‬ل قد كا نت نظر ية ‪-‬التق ية والنتظار‪ -‬تقول‪ :‬إن ال مس من حق‬
‫المام العصوم‪ ،‬وإنه ف عصر غيبة المام الهدي مباح للشيعة‪ .‬وقد ت النسحاب من هذه النظرية ف‬
‫هذا الجال ف وقت مبكر‪ ،‬ولكن خطوة‪ ...‬خطوة‪...‬‬
‫‪ -1‬الطوة الول‪ :‬وكانت الطوة الول هي القول بوجوب المس ف عصر الغيبة مع القول‬
‫بدفنـه أو الحتفاظ بـه حتـ ظهور الهدي أو اليصـاء بـه بعـد الوت مـن واحـد إل واحـد حتـ يوم‬
‫الظهور‪.)44(.‬‬
‫يلحظ أن الديد ف المر هو انتقال حكم المس من الباحة إل الوجوب دون القول بصرفه‬
‫إل أحد ل فقيه ول غيه‪ ،‬وإنا يعزل حق المام الغائب ليدفن أو يوصى به‪ ...‬وهذا ل يكن معروفا من‬
‫قبل‪.‬‬
‫‪ -2‬وكانت الطوة الثانية‪ :‬إيداعه عند أمي من إخوانه الؤمني دون اشتراط كونه فقيها‪.‬‬
‫‪ -3‬والطوة الثالثة‪ :‬إيداعه عند أمي من فقهاء الذهب على سبيل الستحباب والول‪.‬‬
‫وينب غي أن يل حظ ه نا أن القض ية قض ية إيداع ل أك ثر‪ .‬أي‪ :‬أن الفق يه ل ي ق له الت صرف ف يه‪،‬‬
‫وإنا يتفظ به إل حي ظهور المام ما عدا نصيب الصناف الثلثة‪ ،‬فإنه يتول عملية قسمته فيهم ل‬
‫أكثر‪ ،‬لسيما إذا كان الالك ل يسن القسمة‪.‬‬
‫‪ -4‬الطوة الرابعة‪ :‬فبعد أن كان إيداعه عند الفقيه على سبيل الستحباب جاءت الطوة الرابعة‬
‫لتنقله إل الوجوب‪.‬‬
‫يقول أحد الكاتب‪ :‬وكان القاضي ابن براج ‪-‬التوف ف منتصف القرن الامس‪ -‬أول من أشار‬
‫إل ضرورة إيداع سهم المام ع ند من يو ثق بدي نه وأمان ته من فقهاء الذ هب‪ ،‬وإي صائه بد فع ذلك إل‬
‫المام عليه السلم إن أدرك ظهوره وإن ل يدرك ظهوره وصى إل غيه بذلك‪.)45(.‬‬
‫وكان العلماء السابقون يوصون بإيداعه عند أمي‪ ،‬ولكنه ابن براج أضاف ‪-‬من فقهاء الذهب‪-‬‬
‫دون أن يشي إل مستنده ف ذلك‪ ،‬وقد جاء العلماء التأخرون عنه فطوروا هذه السألة شيئا فشيئا‪.)46(.‬‬

‫‪ )(44‬تطور الفكر السياسي الشيعي‪.‬‬


‫‪ )(45‬الهذب (‪..)1/180‬‬
‫‪ )(46‬تطور الفكر السياسي الشيعي (ص‪.)352:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫ول نا أن ن سأل ه نا‪ :‬هل رأى أ حد ب عد أن تغ ي الزمان واختل فت الفتوى‪ -‬أموالً مكد سة ع ند‬
‫الفقهاء أو غيهم كانت قد تراكمت نتيجة العمل بالفتاوى القائلة بإيداعها عند أمي من فقهاء الذهب‬
‫أو بقية الؤمني؟! فأين مصي تلك الموال الت أودعت عند أولئك المناء؟!!‬
‫‪ -5‬الطوة الام سة‪ :‬جواز أو وجوب إعطاء ال مس إل الفقهاء ل كي يق سموه(‪ .)47‬يقول أح د‬
‫الكاتب‪ :‬وربا كان أول من مال إل جواز أو وجوب إعطاء المس إل الفقهاء لكي يقسموه هو‪ :‬ابن‬
‫حزة ف القرن ال سادس ف الو سيلة إل ن يل الفضيلة(‪ ،)48‬واع تب ذلك أف ضل من قيام صاحب ال مس‬
‫بتوزيعه بنفسه خاصة إذا ل يكن يسن القسمة‪.)49(.‬‬
‫ويقول أح د الكا تب‪ :‬ول يتر سخ هذا القول بقوة ف أو ساط الشي عة ح ت إن عالا كبيا هو‬
‫الشه يد الول (الذي جاء ب عد ذلك بقرن ي) تردد فقال بالتخي ي ب ي القول ي القد ي‪ :‬الد فن والي صاء‪،‬‬
‫والديد‪ :‬الصرف‪...‬‬
‫وكذلك فعل الحقق الكركي الذي استقدمته الدولة الصفوية الت قامت ف بلد فارس ف القرن‬
‫العاشر الجري‪ ،‬و ظل على الرأي القدي الذي يقول بالتخي ي بي صرف سهم المام الهدي أو حفظه‬
‫إل حي ظهوره‪.)50(.‬‬
‫وظلت هذه الفتوى تتردد فـ أوسـاط الفقهاء عدة قرون وظلت أقوالمـ مضطربـة ومتخالفـة إل‬
‫اليوم‪ ،‬حت إن السيد مسن الكيم ‪-‬التوف ف أواخر القرن الرابع عشر الجري‪ -‬استشكل التصرف ف‬
‫سهم المام زمن الغيبة ث استثن بعد ذلك ما إذا أحرز رضاه عليه السلم –أي‪ :‬المام الغائب‪ -‬بصرفه‬
‫ف بعض الهات الت يعلم رضاه بصرفه (فيها)‪ ...‬ول يشترط مراجعة الاكم الشرعي –أي‪ :‬الفقيه‪.-‬‬
‫(‪.)51‬‬
‫أي‪ :‬إنه ل يوجب على القلد إذا أحرز رضا المام إعطاء خسه إل الفقيه‪ ،‬بل يستطيع أن يتوله‬
‫بنفسه‪.‬‬
‫حية الفقهاء التأخرين ف الذريعة الت تبر أخذهم المس‪-:‬‬

‫‪ )(47‬أيضا‪..‬‬
‫‪( )(48‬ص‪..)682:‬‬
‫‪ )(49‬تطور الفكر السياسي الشيعي (ص‪..)352:‬‬
‫‪ )(50‬تطور الفكر السياسي الشيعي (ص‪..)353:‬‬
‫‪ )(51‬مستمسك العروة الوثقى للسيد مسن الكيم (‪..)9/584‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫وهكذا نصل إل القول ‪-‬متيقني‪ -‬أن نظرية إعطاء (المس) إل الفقيه جاءت متأخرة ول تكن‬
‫معروفة عند التقدمي‪ ،‬إل أن بعض التأخرين قالوا با‪ ،‬وقد احتاروا ف الذريعة أو السوغ الشرعي الذي‬
‫يبيح لم ذلك‪ .‬فمنهم من قال بإحراز رضا (المام) وذلك بصرفه ف الوجوه الشرعية‪ ،‬أو بنية التصدق‬
‫عنـه‪ ،‬ومنهـم مـن عكـس هذا القول تاما فسـلب مـن (المام الغائب) حقـه مـن المـس‪ ،‬وجعـل علة‬
‫استحقاقه له القيام بواجبات (المامة) وبا أن المام غائب عن القيام بذه الواجبات‪ ،‬فليس له شيء من‬
‫(المس) وإنا الذي يستحقه القائم مقامه وهو الفقيه!‬
‫يقول الشيخ حسن الفريد (ت ‪1417‬هـ)‪ :‬إن مقتضى القاعدة سقوط النصف الذي هو للمام‬
‫عليه السلم إذ لريب أنه إنا استحق ذلك بق الرئاسة والمامة‪ ،‬ولذا ينتقل هذا الق إل الذي يقوم‬
‫بعده بالما مة ل إل ورث ته‪ ،‬وإذا غاب عن الناس ول ي قم بالما مة انت فت رئا سته خارجا وينت في ح قه‬
‫بانتفاء موضوعه‪.)52(.‬‬
‫واحتاروا أيضا ف نيا بة الفق يه وولي ته هل هي مطل قة؟ أم إن نياب ته عن (المام) تقت صر على‬
‫القضاء والفتاء؟ فإن كا نت نياب ته قا صرة فك يف ي كن ح ساب ح صته من ال مس على قدر م ساحة‬
‫نيابته؟!‬
‫أما السيد ممود الاشي فينتقد النهج الذي سلكه الفقهاء ف مسألة المس ويعل أساس أقوالم‬
‫ف يه الذوق والوجدان ولذلك اختلفوا ح سب اختلف أذواق هم و سلئقهم وي صرح قائلً‪ :‬وهذا كله ل‬
‫أ ساس له‪ ،‬ول يب قي إل على قول وا حد هو قول الش يخ ح سن الفر يد الذي ي عل من ال مس ملكا‬
‫لنصـب المامـة والوليـة الشرعيـة فيكون الول الشرعـي فـ كـل زمان هـو التول على صـرفه قانونا‬
‫وشرعا‪.)53(.‬‬
‫وفات السيد ممود الاشي أن قوله هذا كذلك ل أساس له إل الذوق والوجدان‪.‬‬
‫شرعية النفاق ل تلل حرمة الصدر (الكسب)‪-:‬‬
‫ولذلك يقول الدكتور موسى الوسوي‪ :‬كم أتن أن يترفع الفقهاء والجتهدون عن أموال الشيعة‬
‫ول يرتضون لنفسهم أن يكونوا عالة عليهم بذريعة ما أنزل ال با من سلطان‪.‬‬
‫إن ب عض علماء الشي عة يدا فع عن أخذ هم ال مس من أموال الشي عة بأن ا ت صرف على الدارس‬
‫الدينية والوزات العلمية والشؤون الذهبية الخرى‪ .‬ولكن الناقشة ليست ف أن تلك الموال تصرف‬

‫‪ )(52‬رسالة ف المس (ص‪ ،)83:‬انظر‪ :‬تطور الفكر السياسي الشيعي (ص‪..)354:‬‬


‫‪ )(53‬كتاب المس (‪ ،)2/239‬انظر‪ :‬تطور الفكر السياسي الشيعي (ص‪..)356:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫كيف؟ ولاذا؟ بل الناقشة أصولية وواقعية ومذهبية وهي أن تلك الموال تؤخذ زورا وبطلنا من الناس‬
‫وحت إذا صرفت ف سبيل ال فإنا غي شرعية ل يوز التصرف فيها‪.)54(.‬‬
‫وهذا الكلم أو التأصـيل ل غبار عليـه فإن السـارق ل ينقلب ماله حللً وإن أنفقـه فـ الوجوه‬
‫الحللة شرعا؛ لن أصـله حرام‪ ،‬وكذلك المـس ل يصـح أن نناقـش شرعيتـه بالقلوب‪ ،‬فنقول‪ :‬إنـه‬
‫ي صرف ف الوجوه الشرع ية الذكورة إل ب عد إثبات شرع ية م صدره وحلّ ية أخذه من الناس من ق بل‬
‫الفق يه‪ ،‬وه ا –أي‪ :‬ال خذ والنفاق‪ -‬أمران متلفان تاما وكون أحده ا حللً ل يلل ال خر(‪ )55‬ف قد‬
‫يكسب النسان ماله من وجه حلل ويصرفه ف حرام‪ ،‬فيتحمل إث الصرف والنفاق‪ ،‬وقد يكسب ماله‬
‫من حرام وينف قه على عياله أو على م سجد أو فق ي‪ ،‬يتح مل إ ث ك سبه ول أ جر له ف إنفا قه إل على‬
‫مذهب أحد السراق‪ ،‬إذ قال‪ :‬إنه يستطيع أن يسرق عشرة دناني دون أن يكسب إثا!! قيل له‪ :‬كيف؟‬
‫قال‪ :‬السنة بعشر أمثالا والسيئة بثلها‪ ،‬فأنفق دينارا واحدا على فقي فأكسب عشر حسنات أمو با‬
‫ال سيئات الع شر من جراء ال سرقة وي صفو ل ت سعة دنان ي حللً زللً!! وكذلك (ال مس) وأخذه من‬
‫قبل الفقهاء بل فرق‪.‬‬
‫ويقول الدكتور موسـى الوسـوي‪ :‬لقـد كان باسـتطاعة الفقهاء الشيعـة أن يبنوا أنفسـهم على‬
‫الكتفاء الذا ت‪ ،‬وأن يكون الفقيـه معتمدا على نف سه شأنـه شأن أرباب ال صناعات الخرى‪ ،‬ك ما أن‬
‫باستطاعتهم الصول على أموال لتنمية العلم والعلماء‪ ،‬ولكن باسم التبعات والبات ل باسم الواجب‬
‫الشرعي وأوامر السماء‪.‬‬
‫ملخص تقريب لتطور موضوع متول المس عب التاريخ‪-:‬‬
‫قام الشيخ أحد الكاتب برسم صورة رائعة لسلسل تطور المس ومتوليه عب القرون‪ ،‬وهو عمل‬
‫ليس باليسي لضطراب أقوال الفقهاء وعدم اجتماعها على قول واحد ف عصر واحد وتراجعها الستمر‬
‫من وقت لخر‪ ،‬وهذا ملخص ما قاله‪.)56(.‬‬
‫وهكذا نرى ماولت الروج من تلك النظر ية ف باب ال مس قد ابتدأت م نذ قرون وانتقلت‬
‫عب التاريخ من‪:‬‬
‫‪ -1‬القول بإباحة المس‪.‬‬

‫‪ )(54‬الشيعة والتصحيح (ص‪..)68:‬‬


‫‪ )(55‬ولذلك جاء ف الديث الصحيح أن صاحب الال يسأل يوم القيامة عن ماله‪( :‬من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟)‪..‬‬
‫‪ )(56‬تطور الفكر السياسي الشيعي (ص‪..)358-356:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫‪ -2‬إل تميده ودفنه وحفظه إل حي ظهور الهدي وتسليمه له‪.‬‬


‫‪ -3‬إل القول بالوجوب‪ ...‬وإل جا نب هذا التطور ف ذات الوضوع شاهد نا تطورا آ خر ش ل‬
‫موضوع (التول للخمس)‪:‬‬
‫‪ -1‬فبعد قول الفيد والطوسي ف القرن الامس‪ :‬أن التول لقبض المس وتفريقه ف عصر الغيبة‬
‫ليس بظاهر لنعدام النص العي‪.‬‬
‫‪ -2‬قال القا ضي ا بن براج ف أوا سط القرن الا مس‪ :‬بضرورة إيداع ال مس أما نة ع ند الفقهاء‬
‫لدفعه إل المام الهدي عند ظهوره‪.‬‬
‫‪ -3‬ث جاء ا بن حزة ف القرن ال سادس‪ :‬ففضل د فع ال مس إل الفق يه ليتول الق سمة وأوجب‬
‫ذلك إذا ل يكن الالك يسن القسمة‪.‬‬
‫‪ -4‬ث جاء الحقق اللي ف القرن السابع‪ :‬فأوجب تسليم حصة المام وهي نصف المس إل‬
‫من له الكم بق النيابة لن يتول صرف حصة المام ف الصناف الوجودين‪.‬‬
‫‪ -5‬وأشار الشهيد الول ف القرن الثامن إل ضرورة استئذان نائب الغيبة العدل المامي الامع‬
‫لصفات الفتوى إن اختار الكلف توزيع نصيب المام على الصناف‪.‬‬
‫‪ -6‬وأوكل الحقق اللي ف القرن العاشر‪ :‬مهمة صرف حصة المام إل الاكم الشرعي‪...‬‬
‫‪ -7‬وأف ت م مد با قر ال سبزواري ف القرن الادي ع شر‪ :‬بتول ية الفق يه العدل ف عمل ية صرف‬
‫المس ف الصناف الوجودين احتياطا وتدث عن نيابة الفقيه عن المام الهدي‪.‬‬
‫‪ -8‬وتطور الكم ف القرن الثالث عشر إل درجة أقوى حي أفت الشيخ ممد حسن النجفي‬
‫بقوة‪ :‬بوجوب تول الفقيه العادل صرف سهم المام‪.‬‬
‫‪ -9‬وبالرغم من عدم إيان السيد كاظم اليزدي بنظرية (ولية الفقيه) ف سائر أبواب الفقه إل‬
‫أنه التزم بذه النظرية ف مال المس‪ ،‬وقال ف مطلع القرن الرابع عشر‪ :‬بضرورة إيصال سهم المام ف‬
‫زمان الغيبة إل نائبه وهو الجتهد الامع للشرائط أو الدفع إل الستحقي لذنه‪.‬‬
‫‪ -10‬وترا جع ال سيد م سن الك يم ف أوا خر القرن الرا بع ع شر الجري‪ ،‬ول ير حا جة إل‬
‫مراجعة الفقيه ف صرف الالك حصة المام ف جهة معينة إذا أحرز رضا المام عليه السلم إل برأي‬
‫ضعيف‪.‬‬
‫‪ -11‬وقام الشيخ حسن الفريد ف مطلع هذا القرن الامس عشر بثورة ف باب المس عندما‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫سلب حق المس من المام الهدي لغيبته وعدم قيامه بهام المامة‪ ،‬وقال بضرورة قيام واحد من الناس‬
‫باستلم المس وتوزيعه من باب السبة‪ .‬وهو تطور ل يطر على بال أحد من قبل‪ ،‬إذ إن غاية ما كان‬
‫يقوله الفقهاء ‪-‬وإل أزم نة متأخرة جدا‪ -‬إن الفق يه يأ خذ ن صيب المام بو صفه نائبا ع نه‪ ،‬أ ما التطور‬
‫الخ ي فيع طي الشرع ية للفق يه بتول ذلك ل بو صفه نائبا عن المام وإن ا ب صورة م ستقلة باعتباره وليا‬
‫وزعيما وحاكما وإماما كما يقول به الشيخ الفريد والسيد ممود الاشي‪.‬‬
‫من أين جاءت الفكرة؟‪-:‬‬
‫نترك الواب عـن هذا السـؤال للدكتور موسـى الوسـوي‪ ،‬وهـو حفيـد السـيد أبـ السـن‬
‫ال صفهان‪ ،‬أ حد متهدي ومرا جع الوزة النجف ية يقول‪ :‬ل ت كن الشي عة ح ت ذلك التار يخ ‪-‬الع صر‬
‫العباسي‪ -‬متماسكة بالعن الذهب حت تقوم بإعالة فقهائها‪ ،‬فكان تفسي الغنيمة بالرباح خي ضمان‬
‫لعالة العجز الال الذي كان يقلق حياة فقهاء الشيعة وطلب العلوم الدينية الشيعية آنذاك‪ ...‬وبعد أن‬
‫أ سست هذه البد عة أضي فت إلي ها أحكام مشددة ل كي ت مل الشي عة على قبول إعطاء ال مس‪ ،‬و هو‬
‫المر الذي ليس من السهل على أحد أن يرتضيه إل بالوعيد! فدفع الضرائب ف كل عصر ومصر ف أي‬
‫مت مع يواجهه امتعاض من الناس‪ ،‬وب ا أن فقهاء الشي عة ل ت كن ل م ال سلطة ل كي يرضخوا العا مة على‬
‫استخراج المس من أرباح مكاسبهم طوعا ورغبة‪ ،‬فلذلك أضافوا إليها أحكاما مشددة منها الدخول‬
‫البدي ف نار جه نم ل ن ل يؤد حق المام‪ ،‬وعدم إقا مة ال صلة ف دار الش خص الذي ل ي ستخرج‬
‫المس من ماله‪ ،‬أو اللوس على مائدته وهكذا دواليك‪.‬‬
‫كما أن فقهاء الشي عة أفتوا بأن خ س الرباح الذي هو من حق المام الغائب ي ب تسليمه إل‬
‫الجتهدين والفقهاء الذين يثلون المام‪.‬‬
‫وهكذا سرت هذه البدعة ف الجتمع الشيعي تصد أموال الشيعة ف كل زمان ومكان‪ ،‬وكثي‬
‫من الشيعة حت هذا اليوم يدفع هذه الضريبة إل مرجعه الدين‪ ،‬وذلك بعد أن يلس الشخص السكي‬
‫أمام مرج عه صاغرا ويق بل يده ب كل خشوع وخضوع ويكون فرحا م ستبشرا بأن مرجعه تفضل عل يه‬
‫(‪)57‬‬
‫وقبل منه حق المام‪.‬‬
‫اللصة‪-:‬‬
‫إن أمرا ل وجود له فـ القرآن الكريـ ول السـنة النبويـة الطهرة‪ ،‬ول ذكـر له فـ أقوال الئمـة‬
‫الع صومي‪ ،‬ول إجاع عل يه ب ي الفقهاء التأخر ين‪ ،‬ول يرد على أل سنة الفقهاء التقدم ي! ما ال سوغ‬

‫‪ )(57‬الشيعة والتصحيح (ص‪..)68-67:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫الشرعي الذي يلجئ السلم أو يمله على اللتزام به؟!‬


‫وهل يكن لي عال من العلماء أن يثبت لقلده وجوب أو شرعية إخراج خس أرباحه ومكاسبه‬
‫وأمواله وإعطائها له بعد اطلع هذا القلد على هذا الكلم؟!‬
‫التساؤل الخي‪-:‬‬
‫قد يعترض معترض أو يتساءل قائلً‪ :‬أليس (المس) مذكورا ف القرآن؟ أل يقل ال‪(( :‬وَاعْلَمُوا‬
‫سهُ وَلِلرّ سُو ِل وَلِذِي اْل ُقرْبَى وَالَْيتَامَى وَالْمَ سَا ِكيِ وَابْ ِن ال سّبِيلِ))‬
‫َأنّمَا غَنِ ْمتُ ْم مِ نْ شَ ْيءٍ فَأَنّ ِللّ هِ خُ ُم َ‬
‫[النفال‪]41:‬؟!‬
‫إن الواب عن هذا السؤال سيكون ‪-‬إن شاء ال‪ -‬موضوع الباب الثان من هذا البحث‪ ،‬ولكن‬
‫قبل ذلك أرى من الناسب تثبيت اللحظة الهمة التية‪:‬‬
‫ما علقة الفقيه بالية؟!‪-:‬‬
‫إن المس الذكور ف الية هو المس بعناه العام‪ ،‬وبغض النظر عن كون اللفظ يتمل خس‬
‫الكا سب أم ل؟ فإن القائل بذا ال مس‪ ،‬ح ت يت سن له الحتجاج بال ية‪ ،‬عل يه أن يث بت أولً عل قة‬
‫الفقيه بمس الكاسب من الية الكرية نفسها ل من غيها! أو بعن آخر عليه أن ييب عن السؤال‬
‫الت‪:‬‬
‫ما الذي أدخل الفقيه ف موضوع الية؟! وما الدليل القرآن الذي يلزم السلم بدفع خس أمواله‬
‫ومكاسبه إل الفقيه بالذات؟ وما مدى شرعية أخذ الفقيه لذه الموال؟ وبأي حق؟‬
‫كل هذا عل يه أن ي يب ع نه من خلل ال ية نف سها ح ت يت سن له الحتجاج ب ا‪ .‬فإن ورود‬
‫المس ف الية بعناه العام شيء ودخول الفقيه ف موضوعها شيء آخر تاما‪ ،‬إنه معن خاص زائد عن‬
‫كون المس هنا خس الكاسب أو الغنائم؟ والية ل تشي إليه حت مرد إشارة‪ ،‬ول يشم له منها أدن‬
‫رائحة! وقد ورد فيها ذكر ستة أصناف ليس من بينهم الفقيه‪ ...‬فما علقته بالية؟!‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫الباب الثان‪ :‬المس بي الغنائم والكاسب‬


‫الفصل الول‪ :‬دللة آية المس‪-:‬‬
‫قاعدة مهمة ف شروط أدلة مهمات الشرع وضرورياته‪:‬‬
‫أقصد بهمات الشرع وضرورياته كل أمر تتوقف عليه سعادة النسان ف معاشه ومعاده‪ ،‬دينيا‬
‫كان أم دنيويا‪ ،‬كأصول اليان والعقيدة أو الصول الشرعية العملية كالصلة والزكاة والصيام والج‪،‬‬
‫أو بر الوالد ين والح سان إل اللق عموما‪ ،‬أو النتهاء عن الفوا حش والنكرات عموما‪ ،‬كق تل الن فس‬
‫والزنا والربا وأمثالا‪.‬‬
‫إن هذه المور اله مة جيعا‪ ،‬أقام القرآن على كل وا حد من ها أدلة واض حة قطع ية الدللة‪ ،‬غ ي‬
‫قابلة للرد أو التأو يل ب يث ل ي كن ل حد بعد ها أن يتش كك ف يه أو يتفلت من سلطان ال جة الذي‬
‫يا صره من كل ج هة‪ ،‬ول ي كن أيضا أن يتطرق ال ظن إل الق صود ب ا هل هو كذا أم كذا؟ بل هي‬
‫ل ف وجوب ال صلة والزكاة‪(( :‬وَأَقِيمُوا ال صّلةَ‬ ‫ن صوص ل تت مل غ ي دللة واحدة ل أك ثر‪ ،‬اقرأ مث ً‬
‫صّليَ))‬
‫وَآتُوا الزّكَاةَ)) [البقرة‪(( ..]43:‬وَل يَحُضّ َعلَى َطعَا مِ الْمِ سْ ِكيِ)) [الاعون‪َ(( * ]3:‬ف َويْلٌ لِلْمُ َ‬
‫شرِ ِكيَ)) [فصلت‪(( * ]6:‬الّذِينَ ل ُيؤْتُونَ الزّكَاةَ)) [فصلت‪.]7:‬‬ ‫[الاعون‪َ (( ..]4:‬ووَيْلٌ لِلْ ُم ْ‬
‫وف وجوب بر الوالدين‪(( :‬وَبِاْلوَالِ َديْنِ إِحْسَانا)) [السراء‪ ]23:‬وأمثالا كثي‪.‬‬
‫وعن حرمة الربا‪(( :‬وَأَحَلّ الّلهُ اْلبَيْ َع وَ َح ّرمَ الرّبَا)) [البقرة‪ ]275:‬وأمثالا كثي‪.‬‬
‫ش ًة وَ سَا َء سَبِيلً)) [السراء‪ ]32:‬وأمثالا كثي‪...‬‬
‫وحرمة الزنا‪(( :‬وَل َت ْقرَبُوا الزّنَى إِنّ هُ كَا نَ فَاحِ َ‬
‫وهكذا‪...‬‬
‫وبذا يكون الطر يق م سدودا أمام الرا غبي ف التفلت من التكال يف الشرع ية واللتفاف علي ها‬
‫بالتأو يل أو النكار؛ لن الن صوص الدالة علي ها واض حة بي نة ل تت مل إل وجها واحدا ف قط!‪ ،‬وهذا‬
‫ـَنَا بِالَْبيّنَاتـِ)) [الديـد‪ ]25:‬أي‪ :‬بالجـج الواضحات القاطعات‪،‬‬
‫ـْنَا رُسُل‬
‫معنـ قوله تعال‪َ(( :‬لقَدْ َأرْسَل‬
‫ل سيما المور الال ية لتعلّق النفوس ب ا‪ ،‬فإذا ل ت كن الن صوص واض حة بيّ نة والدلة قطع ية مك مة وإل‬
‫حصل الناع‪ ،‬وتفرق الناس‪ ،‬وتقطعت الرحام وفسد الدين والدنيا‪.‬‬
‫وهذا هو السر ف ورود أحكام الرث ومقاديره مفصلة وبالرقام ف القرآن‪ ،‬كما ف أوائل سورة‬
‫النساء وآخرها‪.‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫فالرث ورد أ صله وكذلك تف صيله ف القرآن بالن صوص القطع ية الدللة ال ت ل تت مل إل مع ن‬
‫واحدا مددا‪.‬‬
‫بينما الصلة مثلً ‪-‬وهي أعظم من الال‪ -‬ثبتت شرعية أصلها ف القرآن أما تفصيلتا وتفريعاتا‬
‫فغالبها ورد ف السنة النبوية‪.‬‬
‫وإذن فال سائل اله مة ال ت يتو قف علي ها صلح الن سان ف دنياه وأخراه ل بد من أن تث بت‬
‫بالن صوص القرآن ية الواض حة القاط عة الدللة‪ ،‬أي‪ :‬ال ت ل تق بل تطرق الحتمال إل دللت ها على الع ن‬
‫الراد‪ ،‬خ صوصا ما تعلق من ها بال سائل الال ية الضرور ية‪ ،‬وهكذا ث بت أ صل ال صلة والزكاة وال صيام‬
‫والج‪ ،‬وقبل ذلك أصول العقيدة ف الشريعة السلمية‪.‬‬
‫ف هل خ س الكا سب ث بت ب ثل هذه الدلة أي‪ :‬الن صوص القرآن ية أولً‪ ...‬القاط عة الدللة ثانيا؟‬
‫كما ثبتت الزكاة والرث وأمثالما؟!‬
‫آية المس‪-:‬‬
‫ي وَابْ ِن‬
‫سهُ وَلِلرّسُو ِل وَلِذِي اْل ُقرْبَى وَاْليَتَامَى وَالْ َمسَا ِك ِ‬ ‫((وَا ْعلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُمْ مِنْ شَ ْيءٍ فَأَنّ لِلّهِ خُمُ َ‬
‫ال سّبِيلِ إِ نْ كُنتُ ْم آمَنْتُ ْم بِاللّ هِ َومَا أَنزَْلنَا عَلَى عَْبدِنَا َيوْ مَ اْل ُفرْقَا نِ َيوْ مَ اْلَتقَى الْجَ ْمعَا ِن وَاللّ ُه عَلَى كُ ّل شَ ْيءٍ‬
‫قَدِيرٌ)) [النفال‪.]41:‬‬
‫الوضع الوحيد‪-:‬‬
‫هذا هو الوضع الوحيد الذي ورد فيه لفظ المس ف القرآن الكري‪.‬‬
‫ول ا كان الال الذي تعلق به ال مس ف ال ية هو الغني مة ول خلف ف إطلق هذا الل فظ على‬
‫الال الذي يغ نم ويؤ خذ من الكفار الحارب ي‪ ،‬لذلك ل يتلف أ حد ف وجوب تم يس هذا النوع من‬
‫الال لوضوح وقطعية دللة اللفظ عليه‪ ،‬أما خس الكاسب فأقل ما يقال ف دللة اللفظ عليه أنا ‪-‬ف‬
‫أح سن أحوال ا‪ -‬ظن ية‪ ..‬وإذا أرد نا الد قة فل يس هناك إل التشا به اللف ظي ولو كان الل فظ قط عي الدللة‬
‫على خس الكاسب لا حصل الختلف كما ل يتلف السلمون جيعا ف دللة قوله تعال‪(( :‬قَدْ َأفَْلحَ‬
‫الْ ُم ْؤمِنُو نَ)) [الؤمنون‪(( * ]1:‬الّذِي َن هُ مْ فِي صَلِتهِمْ خَا ِشعُو نَ)) [الؤمنون‪(( * ]2:‬وَالّذِي َن هُ مْ َع نْ‬
‫ُمـلِلزّكَاةِ فَاعِلُونـَ)) [الؤمنون‪ ]4:‬على شرعيـة الصـلة‬ ‫ِينـ ه ْ‬
‫الّل ْغ ِو ُمعْ ِرضُونـَ)) [الؤمنون‪(( * ]3:‬وَالّذ َ‬
‫والزكاة‪.‬‬
‫ب عَلَْيكُ ْم ال صّيَامُ كَمَا كُتِبَ َعلَى الّذِي َن مِ نْ َقبِْلكُ مْ‬
‫ول دللة قوله تعال‪(( :‬يَا َأّيهَا الّذِي َن آمَنُوا ُكتِ َ‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫َل َعلّكُ مْ َتّتقُو نَ)) [البقرة‪ ]183:‬على شرع ية ال صيام‪ ،‬ول دللة قوله تعال‪(( :‬وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُ ْم مِ ْن‬
‫سهُ)) [النفال‪ ]41:‬على شرعية تميس مال الغنيمة الأخوذ من الكفار الحاربي‪ ،‬ول‬ ‫شَ ْيءٍ فَأَنّ لِّلهِ خُ ُم َ‬
‫دللة أمثالا من اليات القرآنية على المور العظيمة والهمة ف الشريعة‪.‬‬
‫إن هذه المور ل يتركها ال عز وجل لجتهاد الجتهدين وفهم الفقهاء؛ لن الجتهاد يؤدي إل‬
‫الختلف حتما‪ ،‬وم ثل هذه المور ل تت مل الختلف كالمور الفرع ية من الد ين‪ ،‬إن الختلف ف‬
‫المور الهمة يؤدي ‪-‬ولبد‪ -‬إل الفرقة والفساد ف الدنيا والدين‪ ،‬فكيف نصدق أن ضريبة مالية باهظة‬
‫هائلة يفرضها ال على عباده ويعاقب على تركها أشد العقوبات‪ ،‬ث ل يذكرها ف كتابه أو يثبتها بدليل‬
‫قطعي ل يقبل التأويل؟!‬
‫لاذا ي شذ خ س الكا سب عن هذه القاعدة؟! مع أن الزكاة ‪-‬و هي ل تع ن كثيا بالن سبة إل يه‪-‬‬
‫ثبتت بعشرات اليات القرآنية؟! كيف؟!‬
‫مقارنة بي الزكاة وخس الكاسب‪-:‬‬
‫تكرر ذكر الزكاة ف كتاب ال تعال ف عشرات اليات‪ ،‬بينما ل يرد لمس الكاسب ذكر فيه‬
‫مع أنه أضعاف أضعاف الزكاة‪ ،‬وضريبة بذه الضخامة لبد وأن تستند ‪-‬كما أسلفنا‪ -‬إل أدلة قطعية‬
‫تنع من التشكيك فيها أو التنصل منها‪ ،‬إذ كيف تريد من تسليمك عشرين بالئة من أموال وأرباحي‪،‬‬
‫أو من كل ألف أملكه مئتي؟ هكذا دون دليل واضح أو حجة بيّنة؟!‬
‫هل يعقل ف عال النسان أو دين من الديان أن ال جل وعل يفرض على أغنيائنا ربع العشر من‬
‫أموال م أي‪ :‬من كل أربع ي واحدا (‪ )1/40‬أو من كل مئة اثن ي ون صفا (‪ )%5،2‬ف قط‪ ،‬إذا بل غت‬
‫النصاب‪ ،‬وهو ما يعادل عشرين مثقا ًل من الذهب مرة واحدة ف العام فريضة ساها الزكاة فيقيم عليها‬
‫عشرات مـن اليات البينات‪ ،‬أدلة قاطعـة فـ كتابـه حتـ ل يتقول متقول أو يشكـك متشكـك‪ ،‬ثـ ل‬
‫يفرض المـس بثـل هذه الطريقـة‪ ،‬بـل ل يذكره ولو مرة واحدة مـع أنـه أضخـم منهـا وأكـب أضعافا‬
‫مضاعفة؟! ث هو غي مرتبط بوقت أو نصاب ‪-‬إل ما ندر‪ -‬أو صنف من الال‪ ،‬إذ هو مفروض حت‬
‫على الدار ال ت ت سكن وأثاث ها وحاجات الط بخ‪ ،‬والد ية ال ت تدى‪ ،‬بل ال سلعة ال ت خ ست ل كن زاد‬
‫سعرها بعد التخميس فيخمس الزائد!‬
‫من يصدق هذا من العقلء؟!!‬
‫وإليك المثلة من فتاوى الفقهاء التأخرين دليلً على ما أقول‪:‬‬
‫بعض الفتاوى التعلقة بالمس‪-:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫يتعلق المس بكل ما يفضل عن مؤونة سنته من أرباح وفوائد الصناعات والزراعات والتجارات‬
‫والجارات وحيازة الباحات‪ ،‬و كل فائدة ملو كة كال بة والد ية والائزة والال الو صى به(‪ ،)58‬وم هر‬
‫الزو جة إذا ل ي كن الزوج قد د فع خ سه(‪ ،)59‬و كل ما يف ضل ف الب يت من الرز والدق يق والن طة‬
‫والشع ي وال سكر والشاي والنفط ح ت الطب والف حم والد هن واللوى وغ ي ذلك من أمت عة الب يت‪،‬‬
‫ح ت الك تب والثياب والفرش والوا ن العدة للطعام والشراب الزائدة عن الا جة(‪ ،)60‬وت مس أدوات‬
‫العمل ومقتنيات الحال التجارية كل سنة إل إذا أذن الفقيه‪ ،‬فإنا تمس مرة واحدة ث عند البيع تمس‬
‫مرة أخرى(‪ ،)61‬حت شُغل الطالب الفقي ف العطلة الصيفية(‪ )62‬والال العد للسفر‪.)63(.‬‬
‫وللمكلف أن يع ي يوما خا صا ف ال سنة أو ي مس كل ما ي صل عل يه فورا إذ يتعلق ال مس‬
‫بالربح بجرد حصوله وإن جاز تأخي الدفع إل السنة احتياطا للمؤونة(‪ ،)64‬وتمس السيارة إذا اشتريت‬
‫بال غي ممس‪.)65(.‬‬
‫وتميس الدار واجب‪.)66(.‬‬
‫وإذا اشترى ف السنة الول عرصة لبناء الدار وف الثانية خشبا وف الثالثة آجرا أو طابوقا‪ ،‬فعلى‬
‫الالك (الفقي) تميس تلك العيان جيعا‪.)67(.‬‬
‫وت مس ج يع العيان والرا ضي(‪ )68‬وقط عة الرض ت مس سواء كا نت للقتناء أم للتجارة ول‬
‫عبة برور الول ما دامت تمس لول مرة(‪ ،)69‬وكذلك الرض الت توزعها الكومة على الحتاجي‬
‫الذين يعجزون عن بنائها لصعوبة حياتم العيشية‪ ،‬وإذا تأخر إكمال البناء لعدم قدرة الالك على بنائها‬

‫‪ )(58‬منهاج الصالي للسيد الوئي (‪..)1/331‬‬


‫‪ )(59‬المس بي السائل والجيب للسيد ممد صادق الصدر (ص‪.)9:‬‬
‫‪ )(60‬الصدر السابق (ص‪..)13:‬‬
‫‪ )(61‬أيضا (ص‪..)33:‬‬
‫‪ )(62‬أيضا (ص‪..)32:‬‬
‫‪ )(63‬أيضا (ص‪..)35:‬‬
‫‪ )(64‬منهاج الصالي للسيد الوئي (‪..)1/346‬‬
‫‪ )(65‬المس بي السائل والجيب (ص‪..)20:‬‬
‫‪ )(66‬أيضا (ص‪..)39 ،32 ،15:‬‬
‫‪ )(67‬منهاج الصالي للسيد الوئي (‪..)1/338‬‬
‫‪ )(68‬المس بي السائل والجيب (ص‪..)31:‬‬
‫‪ )(69‬أيضا (ص‪..)30:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫خلل سنة وجب تميس الرض والبناء‪.)70(.‬‬


‫و من الموال ما ي مس مرت ي م ثل‪ :‬ال بة من وا هب ل يرج خ سه في جب على الوهوب له‬
‫تمي سها مرت ي(‪ )71‬وكذلك الال الخلوط بالرام ي مس مرت ي‪ :‬مرة للتحل يل في حل بإخراج خ سه‪،‬‬
‫ومرة للمال التبقي بعد إخراج خس التحليل‪.)72(.‬‬
‫أي‪ :‬إن الال الرام يصي حللً بجرد إخراج خسه مع أن الزكاة وهي حق ال جل وعل ليس‬
‫لا هذه اليزة‪ ،‬فإنا ل تل حراما‪ ،‬فالرام يظل حراما ول مرج منه إل بالتوبة بشروطها الت منها‪ :‬إذا‬
‫كان الال غصبا أو سرقة فل توبة إل لرجاعه إل صاحبه أو ترضيته‪.‬‬
‫ومن الموال الحرمة الت يتعلق با المس‪ :‬ما يؤخذ من الكفار بغي القتال من غيلة أو سرقة أو‬
‫(‪)73‬‬
‫مع إن خسها جزء منها وهي حرام كلها‪ ،‬فكيف يل‬ ‫ربا أو دعوى باطلة‪ ،‬ويسمّى خس الفائدة‬
‫أخذه وأكله‪ ،‬وهو جزء من الرام؟!‬
‫وإخراج المس أوجب من ركن الج‪ ،‬فإنه إذا تردد المر بينه وبي تعطيل الج‪ ،‬وجب إخراج‬
‫المس وإن أدى ذلك إل نقصان الال عن قيمة الستطاعة‪.)74(.‬‬
‫وصلة الذي ل يمس ف اللباس والكان غي الخمس باطلة ل تقبل‪.)75(.‬‬
‫علما أن هذه ال صناف جيعا ل زكاة في ها شرعا‪ ،‬إل ما كان من عروض التجارة‪ ،‬ويشترط له‬
‫حولن الول وبلوغه النصاب‪ ،‬أو زرعا إذا بلغ النصاب أيضا‪ ،‬وعش رجبا تد عجبا!‬
‫مثال‪ ..‬كي تتضح القارنة‪-:‬‬
‫لو افترضنا أن رجلً يلك بيتا وبستانا وسيارة ومالً على شكل نقد‪ .‬فما مقدار الزكاة الواجبة‬
‫عليه؟ وما مقدار المس؟‬
‫الزكاة‪:‬‬
‫البيت‪ :‬ل زكاة عليه‪.‬‬

‫‪ )(70‬أيضا (ص‪..)18:‬‬
‫‪ )(71‬أيضا (ص‪..)11:‬‬
‫‪ )(72‬منهاج الصالي للسيد الوئي (‪..)329 ،1/331‬‬
‫‪ )(73‬أيضا (‪..)1/325‬‬
‫‪ )(74‬المس بي السائل والجيب (ص‪..)26:‬‬
‫‪ )(75‬أيضا (ص‪..)25:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫السيارة‪ :‬كذلك ل زكاة عليها‪.‬‬


‫البستان‪ :‬ل زكاة إل على ثاره عند جنيها إذا بلغت النصاب‪.‬‬
‫النقود‪ :‬إن ل تكن بالغة النصاب فل زكاة عليها‪ ،‬والنصاب ما يعادل عشرين مثقالً ذهبا‪.‬‬
‫فلو فرض نا أن مثقال الذ هب بم سي ألف دينار‪ ،‬فينب غي أن يبلغ الال مليون دينار‪ ،‬ويول عل يه‬
‫الول (العام) حت تب فيه الزكاة‪ ،‬ومقدارها خسة وعشرون ألف دينارا فقط‪ .‬فإن ل تبلغ النقود هذا‬
‫القدار‪ ،‬فإن هذا الرجل ل زكاة عليه رغم كونه يلك بيتا وسيارة وبستانا ومالً! هذا بالنسبة للزكاة‪...‬‬
‫المس‪:‬‬
‫إذا فرضنا أن قيمة البيت ثلثة مليي‪ ،‬والبستان ثلثة مليي‪ ،‬والسيارة ثلثة مليي‪ ،‬وعند هذا‬
‫الرجل قيمة النصاب أي‪ :‬مليون دينارا‪ ،‬فيكون الجموع عشرة مليي دينارا‪ ،‬خسها يساوي مليوني!!‬
‫أي‪ :‬ما يعادل الزكاة الواجبة عليه ثاني مرة فقط!! أي‪ :‬إن هذا الرجل لو ظل يزكي أمواله ثاني سنة‪،‬‬
‫ل ا بلغ مقدار خ س وا حد يدف عه مرة واحدة!! ف هل ت صورت ال مر على حقيق ته الرو عة؟! و قس على‬
‫ذلك‪.‬‬
‫كل هذا ول آ ية واحدة ف القرآن كله ت نص على هذا البلغ الائل ب صراحة تق طع ال ظن أو تبلغ‬
‫قريبا من ذلك!‬
‫بعض اليات الواردة ف الزكاة‪-:‬‬
‫قال تعال‪(( :‬وَأَقِيمُوا ال صّل َة وَآتُوا الزّكَا َة وَارْ َكعُوا مَ عَ الرّا ِك ِعيَ)) [البقرة‪ ]43:‬ول يقل‪( :‬وآتوا‬
‫المس)!‬
‫وقال تعال‪(( :‬وَقُولُوا لِلنّا سِ ُح سْنا وََأقِيمُوا ال صّلةَ وَآتُوا الزّكَاةَ)) [البقرة‪ ]83:‬ول ي قل‪( :‬وآتوا‬
‫المس)!‬
‫ُوهـ ِعنْدَ اللّهـِ))‬
‫ِنـ َخْيرٍ تَجِد ُ‬
‫ُسـكُ ْم م ْ‬
‫وقال تعال‪(( :‬وَأَقِيمُوا الصـّل َة وَآتُوا الزّكَا َة وَمَا ُتقَ ّدمُوا لَنف ِ‬
‫[البقرة‪ ]110:‬ول يقل‪( :‬وآتوا المس)!‬
‫وقال تعال‪(( :‬وَلَكِنّ اْلِب ّر مَ نْ آمَ نَ بِاللّ هِ وَالَْيوْ مِ ال ِخرِ وَالْمَلئِكَ ِة وَالْكِتَا بِ وَالنّبِيّيَ وَآتَى الْمَا َل‬
‫ب وَأَقَا مَ ال صّلةَ وَآتَى‬ ‫ي وَاْب نَ ال سّبِي ِل وَال سّاِئِليَ وَفِي الرّقَا ِ‬ ‫َعلَى حُبّ ِه َذوِي اْل ُقرْبَى وَاْليَتَامَى وَالْمَ سَا ِك َ‬
‫الزّكَاةَ)) [البقرة‪ ]177:‬ول يقل‪( :‬وآتى المس)!‬
‫ت وَأَقَامُوا ال صّلةَ وَآَتوْا الزّكَاةَ َلهُ مْ أَ ْج ُرهُ ْم عِْندَ‬
‫وقال تعال‪(( :‬إِنّ الّذِي َن آمَنُوا َوعَمِلُوا ال صّالِحَا ِ‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫حزَنُونَ)) [البقرة‪ ]277:‬ول يذكر (المس)!‬


‫ف َعلَْيهِ ْم وَل هُمْ يَ ْ‬
‫رَّبهِ ْم وَل َخوْ ٌ‬
‫هذا كله ف سورة واحدة جعت كل شرائع السلم وأوامره ونواهيه‪ ،‬فأين (المس) منها؟!‬
‫وقال تعال‪َ (( :‬ورَحْمَتِي وَ ِس َعتْ ُكلّ شَ ْيءٍ فَ سَأَ ْكتُُبهَا ِللّذِي نَ يَّتقُو َن وَُيؤْتُو نَ الزّكَاةَ)) [العراف‪:‬‬
‫‪ ]156‬ول يقل‪( :‬ويؤتون المس)!‬
‫وقال تعال‪(( :‬فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصّل َة وَآَتوْا الزّكَا َة فَخَلّوا سَبِيَلهُمْ)) [التوبة‪.]5:‬‬
‫وقال تعال‪(( :‬فَإِ نْ تَابُوا وَأَقَامُوا ال صّل َة وَآَتوْا الزّكَا َة فَإِ ْخوَانُكُ مْ فِي الدّي ِن وَُنفَ صّلُ اليَا تِ ِل َقوْ مٍ‬
‫َيعْلَمُونَ)) [التوبة‪ ]11:‬ول يذكر (المس)‪.‬‬
‫وقال عن نبيه عيسى عليه السلم‪(( :‬وََأوْصَانِي بِالصّل ِة وَالزّكَا ِة مَا ُدمْتُ حَيّا)) [مري‪ ،]31:‬ول‬
‫يوصه بالمس!!‬
‫وقال عن إ ساعيل عل يه ال سلم‪(( :‬وَكَا نَ يَ ْأ ُمرُ َأ ْهلَ هُ بِال صّلةِ وَالزّكَا ِة وَكَا َن عِنْ َد َربّ ِه َمرْضِيّا))‬
‫[مري‪ ،]55:‬ول يذكر أنه كان يوصي أهله بالمس‪.‬‬
‫ت وَإِقَا َمةِ ال صّل ِة وَإِيتَاءَ الزّكَاةِ))‬
‫خْيرَا ِ‬
‫وقال عن أ نبيائه علي هم ال سلم‪(( :‬وََأوْحَيْنَا إَِلْيهِ مْ ِفعْ َل الْ َ‬
‫[النبياء‪ ،]73:‬ول يذكر أنه أوحى إليهم إيتاء شيء اسه المس‪.‬‬
‫وقال تعال عن صفة أمراء السلمي‪(( :‬الّذِي نَ إِ ْن مَكّنّاهُ مْ فِي ا َلرْ ضِ أَقَامُوا ال صّلةَ وَآَتوْا الزّكَاةَ‬
‫ف وََن َهوْا عَ ْن الْمُْن َكرِ)) [الج‪ ]41:‬ول يقل‪ :‬وآتوا المس‪.‬‬ ‫وََأ َمرُوا بِالْ َم ْعرُو ِ‬
‫وعدم ورود المـس هنـا بالذات يسـتدعي النظـر‪ ...‬لن اليـة تاطـب ولة المـر‪ ،‬فلو كان‬
‫(المس) أمرا مشروعا لا أغفل ال ذكره ف هذا الوضع مع ذكره الزكاة‪.‬‬
‫ُمـ فِي صـَلِتهِ ْم‬ ‫ِينـ ه ْ‬‫َحـ الْ ُم ْؤمِنُونـَ)) [الؤمنون‪(( * ]1:‬الّذ َ‬
‫وقال عـن الؤمنيـ جيعا‪(( :‬قَدْ أَ ْفل َ‬
‫خَا ِشعُو نَ)) [الؤمنون‪(( * ]2:‬وَالّذِي َن هُ ْم عَ نْ الّل ْغوِ ُم ْعرِضُو نَ)) [الؤمنون‪(( * ]3:‬وَالّذِي َن هُ مْ لِلزّكَاةِ‬
‫فَاعِلُونَ)) [الؤمنون‪ * ]4:‬وذكر أمورا أخرى‪ ،‬ول يكن من بينها (المس)‪.‬‬
‫وقال عن عُمّار ال ساجد‪(( :‬رِجَالٌ ل تُ ْلهِيهِ مْ تِجَا َرةٌ وَل َبيْ ٌع عَ ْن ذِ ْكرِ اللّ ِه وَإِقَا مِ ال صّل ِة وَإِيتَاءِ‬
‫الزّكَاةِ)) [النور‪ ]37:‬ول يذكر (المس) مع ذكره التجارة والبيع وإنا ذكر الزكاة!‬
‫وقال عنهم أيضا‪(( :‬إِنّمَا َيعْ ُم ُر مَ سَاجِ َد اللّهِ مَ ْن آمَ نَ بِاللّهِ وَالَْيوْمِ ال ِخ ِر وَأَقَامَ الصّلةَ وَآتَى الزّكَاةَ‬
‫خشَ ِإلّ الّلهَ)) [التوبة‪.]18:‬‬
‫وَلَ ْم يَ ْ‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫وقال عن أمهات الؤمني‪(( :‬وَأَقِمْ َن الصّلةَ وَآِتيَ الزّكَاةَ وَأَ ِطعْنَ اللّ َه َورَسُوَلهُ)) [الحزاب‪،]33:‬‬
‫ول يقل‪( :‬وآتي المس)!‬
‫شرِ ِكيَ)) [فصلت‪(( * ]6:‬الّذِينَ ل ُيؤْتُو َن الزّكَا َة َوهُمْ بِال ِخ َرةِ هُمْ كَاِفرُونَ))‬
‫وقال‪َ (( :‬ووَيْلٌ ِللْمُ ْ‬
‫[فصلت‪ .]7:‬ول يقل‪( :‬الذين ل يؤتون المس)!‬
‫خلِ صِيَ لَ هُ الدّي نَ حَُنفَا َء وَُيقِيمُوا ال صّل َة وَُيؤْتُوا الزّكَا َة َوذَلِ كَ‬
‫وقال‪َ (( :‬ومَا ُأمِرُوا إِ ّل لَِيعْبُدُوا اللّ هَ مُ ْ‬
‫دِينُ اْلقَيّ َمةِ)) [البينة‪ ]5:‬ول يذكر (المس)‪.‬‬
‫وهكذا‪ ...‬و ف كل مرة ف عشرات اليات يتكرر ذ كر الزكاة ول يرد ذ كر (ال مس) ولو مرة‬
‫واحدة ل مقرونا معها ول مستقلً ف غيها من اليات‪ ...‬فما وجه الكمة ف هذا السكوت لو كان‬
‫المس مشروعا ومرادا من ال؟!‬
‫كل الذي قاله تعال‪ ،‬وطالب به عباده على لسان نبيه ممد صلى ال عليه وآله وسلم ملخص ف‬
‫قوله تعال‪(( :‬خُ ْذ مِنْ َأ ْموَاِلهِ ْم صَدَقَ ًة تُ َط ّه ُرهُمْ َوُتزَكّيهِمْ ِبهَا)) [التوبة‪.]103:‬‬
‫جدول مقارنة أخرى بي الزكاة والُمس‬
‫وحت تكون صورة القارنة واضحة لبد من ملحظة أن النسبة العائدة للزكاة تتعلق بقدار من‬
‫الال أصغر بكثي من مقدار الال الذي تتعلق به نسبة المس وذلك للسباب البينة ف الفقرات (‪)6-2‬‬
‫من الدول السابق‪ ،‬فل يصح أن نقول‪ :‬إن قيمة المس ثانية أضعاف قيمة الزكاة على اعتبار أن نسبة‬
‫‪ %20‬تعادل ‪ %2.5‬ثان مرات‪ .‬بل المس أكب من ذلك بكثي‪ ،‬مع أن الفارق بي مقدارين أحدها‬
‫أكب من الخر ثان مرات كبي جدا‪ ،‬فكيف إذا كانت قيمة أحدها تربو على الخر عشرات الرات؟!‬
‫ل قد تبي ل نا من الثال الضروب ق بل صفحات ت ت عنوان (مثال كي تت ضح القار نة) أن قي مة‬
‫المس ف مال معي يكن أن تكون أكب من قيمة زكاته ثاني مرة!!‬
‫مثال آخر‪-:‬‬
‫ل مبلغا من الال قدره مئة ألف دينار‪ ،‬ث أقرضه بعد ذلك مبلغا آخر قدره‬ ‫لو أن رجلً أقرض رج ً‬
‫مليون دينار‪ ،‬حت إذا جاء أجل تسديد الدين وكان بي الرجلي مسافة تفصل بينهما‪ ،‬فأرسل الدائن إل‬
‫الد ين يطال به بت سديد الال‪ ،‬أفيع قل أن يقوم بإر سال ثلث ي أو أربع ي ر سالة يطالب في ها بالبلغ الول‬
‫ل يس ف واحدة من ها ذ كر ش يء عن البلغ الثا ن الذي هو عشرة أضعاف الول؟! أم إن الع كس هو‬
‫العقول والمكن أن يكون؟ بل ليس من السائغ عقلً أن يرسل عشر رسائل ‪-‬مثلً‪ -‬يطالب فيها بالبلغ‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫الول ثلثا منها فقط فيها إشارة إل البلغ الثان‪.‬‬


‫فإذا أرسل عشرين رسالة‪ ،‬واحدة منها فقط يذكر فيها البلغ الثان‪ ،‬هل هذا الرجل عاقل أم فاقد‬
‫للذاكرة؟! أم ماذا؟!‬
‫فكيف إذا كان أرسل أكثر من ثلثي رسالة يطالب فيها بوضوح ومن دون لبس وبلهجة شديدة‬
‫ومذرة بتسديد البلغ الول‪ ،‬ورسالة واحدة مبهمة غي واضحة الدللة ف الديث عن البلغ الثان‪ ،‬بل‬
‫موضوعها الرئيس أمر آخر بعيد كل البعد عن موضوع الذين‪ ،‬صحيح أن فيها ذكرا للفظ مليون دينار‪،‬‬
‫ولكن جاء ف سياق الديث عن شراء بيت مثلً قيمته مليون دينار‪ ،‬وليس من علقة بي الوضوعي إل‬
‫اللفظ‪ .‬هل يُعقل هذا؟!‬
‫كذلك الال مع الزكاة وخس الكاسب ف القرآن‪ ،‬فإن ال جل وعل أنزل أكثر من ثلثي آية‬
‫عن الزكاة ول ينل آية واحدة عن خس الكاسب! كل ما يكن أن يقال آية واحدة مذكور فيها لفظ‬
‫(المس) هذه الية نزلت أساسا للحديث عن موضوع آخر‪ ،‬هو خس الغنائم الذي ل يتلف أحد من‬
‫أهل السنة أو الشيعة على أنه مقصود الية‪.‬‬
‫مع أن المس أضعاف أضعاف الزكاة فلو كان مشروعا لكان العقول أن ينع كس المر فتكون‬
‫آياته أضعاف أضعاف اليات الت تتحدث عن الزكاة‪.‬‬
‫أما أن يكون المر بالقلوب‪ ...‬فهذا ل يكن لعاقل أن يتصوره إل إذا انقلب عقله‪.‬‬
‫سبب نزول الية‪-:‬‬
‫إن سورة النفال ال ت وردت في ها ال ية أنزل ا ال جل وعل تعليقا على معر كة بدر ال كبى ‪-‬‬
‫هذه العر كة العظي مة الفا صلة ال ت سى يوم ها يوم الفرقان‪ ،‬وبيانا ل ا في ها من دروس و عب ومبادئ‬
‫ووصايا وحكم وأوامر وزواجر وأحكام‪ ،‬منها كيفية تقسيم النفال أو الغنائم الت ينفلهما ال إياها من‬
‫الشرك ي‪ ،‬فأنزل ال هذه ال سورة و سّاها با سم هذه الموال الغنو مة (النفال)‪ ،‬وبدأ ها بذ كر سؤال‬
‫الؤمني عن حكمها وكيفية قسمتها فقال‪َ(( :‬يسْأَلُوَنكَ عَنْ ا َلْنفَالِ قُ ْل الَْنفَالُ ِللّ ِه وَالرّسُولِ)) [النفال‪:‬‬
‫‪.]1‬‬
‫ث ذكر أوصاف الؤمني حقا ث أخذ ببيان أحداث العركة من أول خروج النب صلى ال عليه‬
‫وآله و سلم من بي ته إل دخوله ساحة القتال إل ذ كر صور من القتال نف سه‪ ،‬وإنزال اللئ كة ون صر‬
‫الؤمني وهزية الكافرين والوصية بإعداد القوة‪ ،‬وحكم السرى وفدائهم ودعوتم إل السلم إل أن‬
‫عاد فـ نايـة السـورة إل مـا بدأهـا بـه مـن ذكـر الؤمنيـ حقا فأفصـح عنهـم وأعلن إنمـ الهاجرون‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫صرُوا)) [النفال‪.]74:‬‬
‫والنصار‪(( :‬وَالّذِي َن آمَنُوا َوهَا َجرُوا وَجَاهَدُوا فِي َسبِي ِل الّل ِه وَالّذِي َن آوَوا وََن َ‬
‫وف منتصف السورة تقريبا‪ ،‬ذكر حكم تقسيم الغنيمة والصناف الت تقسم عليها ومقاديرها‬
‫سهُ)) [النفال‪ ]41:‬ف ما عل قة الكا سب والرباح‬
‫فقال‪(( :‬وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَنِمُْت ْم مِ ْن شَ ْيءٍ فَأَنّ ِللّ هِ خُ ُم َ‬
‫بالوضوع؟ حت يكون لا خس تتحدث عنه الية؟!‪.‬‬
‫سياق الية‪-:‬‬
‫من العلوم أن سياق الكلم له علقة أساسية ف تفسيه ومعرفة معناه ومقصود التكلم به‪.‬‬
‫فالكلمة الواحدة أو العبارة يكون لا معن ف موضع ومعن آخر ف موضع آخر بسب موقعها‬
‫من الكلم‪ ،‬أو حسب تركيب الكلم وترتيبه وحسب الوضوع الذي من أجله سيق الكلم‪ ،‬فإخراجها‬
‫عن سياقها وموضوع ها وحل ها على أ حد معاني ها الحتملة ع ند الطلق دون قري نة أو عل قة بينه ما‬
‫يقتضيها السياق ل يكون إل ف كلم الجاني وهذيانات الجاذيب!‪.‬‬
‫فك يف يوز أن نعا مل كلم أح كم الاكم ي معاملة هذيان الجان ي؟ فنخرج ال ية من سياقها‬
‫وموضوع ها الذي هو كله حد يث عن الهاد والقتال إل موضوع مغا ير تاما هو أموال ال سالي من‬
‫السلمي؟! إن الية موضوع ها الموال الغنو مة من الكفار الحاربي ف ساحة القتال‪ ،‬ل أموال التجار‬
‫والتكسبي ف أسواق السالي من السلمي أو بيوتم ومقتنياتم!‪.‬‬
‫القرآن فرّق بي الكاسب والغنائم‪-:‬‬
‫لقد فرق ال تعال ف كتابه بي الكسب والغنيمة‪ ،‬وبي أن ف الول الزكاة والصدقة فقال‪(( :‬يَا‬
‫سبْتُ ْم َومِمّا أَ ْخرَ ْجنَا لَكُ ْم مِ ْن ا َل ْرضِ)) [البقرة‪.]267:‬‬
‫َأّيهَا الّذِي َن آمَنُوا أَن ِفقُوا مِنْ طَيّبَاتِ مَا كَ َ‬
‫جاءت هذه اليـة ضمـن أربـع عشرة آيـة تتحدث عـن النفاق بدأت بقوله تعال‪(( :‬مَثَلُ الّذِين َـ‬
‫يُن ِفقُونَ َأ ْموَاَلهُ ْم فِي َسبِي ِل الّلهِ كَمََثلِ حَبّةٍ أَْنبََتتْ سَبْ َع سَنَابِلَ‪[ ))...‬البقرة‪.]261:‬‬
‫وانتهت بقوله تعال‪(( :‬الّذِي َن يُن ِفقُو نَ َأ ْموَاَلهُ ْم بِاللّيْ ِل وَالّنهَا ِر ِسرّا َوعَلنَِيةً فََلهُ مْ َأ ْج ُرهُ مْ ِعنْ َد رَّبهِ ْم‬
‫حزَنُو نَ)) [البقرة‪ ]274:‬ث ذكر ال بعدها سبع آيات عن الربا‪ ،‬وآيتي عن‬ ‫ف عَلَْيهِ ْم وَل هُ مْ َي ْ‬
‫وَل َخوْ ٌ‬
‫الدين‪ ،‬ث ختم السورة بثلث آيات‪ ،‬ول يذكر قط أن ف الكاسب شيئا اسه المس؛ لكنه ف سورة‬
‫النفال ل ا ذ كر القتال بيّ ن أن ف غنائ مه (ال مس)‪ ،‬فقال‪(( :‬وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُ ْم مِ نْ شَ ْيءٍ فَأَنّ ِللّ هِ‬
‫ُسـهُ)) [النفال‪ ]41:‬فالمـس فـ الغنائم ل الكاسـب‪ ،‬وال تعال قادر ‪-‬لو أراد‪ -‬على أن يقول‪:‬‬ ‫خُم َ‬
‫(واعلموا أن ا ك سبتم من ش يء فأن ل خ سه) لك نه ل ي قل ذلك وإن ا قال‪(( :‬وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُ ْم مِ نْ‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫سهُ)) [النفال‪ ]41:‬فتأمل‪ ،‬وإياك واتباع ما تشابه منه‪.‬‬


‫شَ ْيءٍ فَأَنّ لِّلهِ خُ ُم َ‬
‫الغنيمة ف لغة القرآن‪-:‬‬
‫وردت الغنيمة ف القرآن ست مرات فقط‪ ،‬أربع مرات بصيغة الفعل (غنم) ومرتي بصيغة المع‬
‫(مغان)‪ ،‬ول ترد بصيغة اشتقاق أخرى غي هاتي الصيغتي‪.‬‬
‫وف الواضع الستة ‪-‬دون استثناء‪ -‬ترد الغنيمة ف معرض الديث عن الال الأخوذ من الكفار ف‬
‫الرب وليس ف واحد منها قط الشارة إل ما يتلكه السلم أو يكتسبه من مال‪.‬‬
‫وهذه هي مواضع ورود الغنيمة ف القرآن الكري‪:‬‬
‫خّلفُو نَ ِإذَا انطََلقْتُ مْ إِلَى مَغَاِن مَ لِتَأْ ُخذُوهَا َذرُونَا نَتِّبعْكُ مْ ُيرِيدُو نَ أَ نْ ُيبَدّلُوا كَل َم‬
‫‪َ (( -1‬سَيقُولُ الْمُ َ‬
‫اللّ هِ قُلْ لَ نْ َتتِّبعُونَا كَذَلِكُ مْ قَا َل اللّ ُه مِ نْ َقبْلُ فَ سََيقُولُونَ بَ ْل تَحْ سُدُوَننَا بَلْ كَانُوا ل َيفْ َقهُو نَ إِلّ َقلِيلً))‬
‫ُمـ َأوْ‬
‫ْسـ شَدِي ٍد ُتقَاتِلُوَنه ْ‬
‫ْمـ ُأوْلِي بَأ ٍ‬ ‫سـتُ ْد َعوْنَ إِلَى َقو ٍ‬ ‫َابـ َ‬‫ِنـ ا َل ْعر ِ‬ ‫خّلفِي َ م ْ‬ ‫[الفتـح‪(( * ]15:‬قُ ْل لِلْمُ َ‬
‫ج َرةِ َف َعلِ مَ‬
‫يُ سِْلمُونَ‪[ ))...‬الفتح‪ ]16:‬إل أن قال‪َ(( :‬لقَ ْد َرضِ يَ اللّهُ عَ ْن الْ ُم ْؤمِِنيَ ِإ ْذ يُبَاِيعُونَكَ َتحْتَ الشّ َ‬
‫مَا فِي قُلُوِبهِمْ فَأَْنزَ َل السّكِيَن َة عَلَْيهِ ْم وََأثَاَبهُمْ َفتْحا َقرِيبا)) [الفتح‪.)76(.]18:‬‬
‫‪َ (( -2‬و َمغَانِمَ كَثِ َيةً يَ ْأخُذُوَنهَا وَكَانَ الّل ُه َعزِيزا حَكِيما)) [الفتح‪.)77(]19:‬‬
‫س عَْنكُ ْم وَلِتَكُونَ آيَةً‬
‫‪َ (( -3‬وعَدَكُمْ اللّ ُه مَغَاِنمَ كَثِ َيةً تَأْ ُخذُوَنهَا َفعَجّلَ َلكُ ْم هَذِهِ وَكَفّ أَْيدِيَ النّا ِ‬
‫سَتقِيما)) [الفتح‪.]20:‬‬ ‫صرَاطا مُ ْ‬ ‫ِللْ ُم ْؤمِِنيَ َوَيهْدِيَكُ ْم ِ‬
‫ضرَبْتُ مْ فِي َسبِي ِل اللّ هِ فََتبَيّنُوا وَل َتقُولُوا لِ َم نْ أَلْقَى إِلَْيكُ ْم ال سّلمَ‬ ‫‪(( -4‬يَا أَيّهَا الّذِي َن آمَنُوا ِإذَا َ‬
‫حيَاةِ الدّنْيَا َفعِنْدَ اللّ هِ َمغَانِ مُ َكثِ َيةٌ كَذَلِ كَ كُنُت مْ مِ ْن قَبْ ُل فَمَنّ اللّ هُ َعلَيْ ُك مْ‬
‫ستَ ُم ْؤمِنا َتبَْتغُو َن َعرَ ضَ الْ َ‬
‫َل ْ‬
‫فَتََبيّنُوا إِنّ الّلهَ كَانَ بِمَا َتعْ َملُونَ خَبِيا)) [النساء‪.)78(.]94:‬‬
‫‪(( -5‬مَا كَا نَ لَِنبِيّ أَ نْ َيكُو نَ لَ هُ أَ ْسرَى حَتّى يُْثخِ نَ فِي ا َلرْ ضِ ُترِيدُو َن َعرَ ضَ الدّْنيَا وَاللّ هُ ُيرِي ُد‬
‫ب مِ نْ اللّ هِ سََبقَ لَمَ سّكُمْ فِيمَا َأخَذْتُ ْم عَذَا بٌ‬ ‫ال ِخ َر َة وَاللّ ُه َعزِيزٌ حَكِي مٌ)) [النفال‪َ(( * ]67:‬لوْل كِتَا ٌ‬
‫عَظِي مٌ)) [النفال‪(( * ]68:‬فَ ُكلُوا مِمّ ا غَنِمْتُ مْ حَللً َطيّبا وَاّتقُوا اللّ هَ إِنّ اللّ َه َغفُورٌ رَحِي مٌ)) [النفال‪:‬‬

‫‪ )(76‬وهو فتح خيب‪ ،‬وقد كان بعد صلح الديبية‪.‬‬


‫‪ )(77‬وهي مغان خيب‪..‬‬
‫‪ )(78‬أي‪ :‬سافرت وخرجتم للجهاد ف سبيل ال ل تقولوا لن سلم عليكم‪ :‬إنا ألقيت التحية وسلمت تقية‪ .‬والغنيمة هي ماله‬
‫الذي يسلبونه إياه بعد قتله‪..‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫‪.)79(.]69‬‬
‫‪ -6‬وقال الرب جل وعل ف ال ية (‪ )41‬من ال سورة نف سها (النفال)‪(( :‬وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَنِمُْت مْ‬
‫سهُ‪.))...‬‬
‫مِنْ شَ ْيءٍ فَأَ ّن لِّلهِ خُمُ َ‬
‫وإذن فلفظ الغنيمة ل يرد ف القرآن إل ف غنائم الرب الت تؤخذ من الكفار ف ساحة القتال‪،‬‬
‫أو فداء لل سرى‪ ،‬وفي ها جاء ذ كر ال مس مرة واحدة ف القرآن‪ .‬ف من أد خل ال مس على مكا سب‬
‫ال سلمي وتارات م ومتلكات م ‪-‬ال ت ع ظم ال حرمت ها وحرّم غنم ها أو ال ستيلء علي ها‪ -‬ف قد عا مل‬
‫أموالم معاملة الغنيمة‪ ،‬والغنيمة هي‪ :‬الال الأخوذ من أعداء السلم عن طريق الرب والقتال‪ ،‬ول ترد‬
‫ف القرآن ف غي هذا العن قط‪ ،‬فمن أخذها من السلمي فقد عامل السلمي السالي معاملة الكفار‬
‫الحاربي‪.‬‬
‫فمن قال بغي هذا فعليه بالدليل النقلي القاطع من القرآن‪ ،‬ل نرضى بغيه بدلً؛ لنه اشتمل على‬
‫كل عظيم ومهم من شرائع الدين ول يغادر منه شيئا‪.‬‬
‫وهؤلء السلمون ليسوا خارجي عن الدين‪ ،‬ول هم ف حرب مع أهله أو قتال‪ ،‬فكيف تُخمّس‬
‫أموالم؟!‬
‫اللفظ بي معناه اللغوي ومعناه الصطلحي‪-:‬‬
‫تنقسم اللفاظ الواردة ف لغة الشرع ‪-‬كما هي ف لغة الناس‪ -‬إل قسمي‪:‬‬
‫‪ -1‬منهـا مـا يرد بالعنـ اللغوي العام مثـل ألفاظ‪ :‬المـد والشكـر‪ ،‬والرزق والنعمـة‪ ،‬والغدو‬
‫والرواح‪ ،‬والغن والفقر‪ ،‬والفرح والزن‪ ،‬والوت والياة‪ ،‬إل ما ل يصى من اللفاظ‪.‬‬
‫‪ -2‬ومنهـا مـا يرد بالعنـ الصـطلحي الاص‪ ،‬كألفاظ‪ :‬اليان والنفاق‪ ،‬والسـلم والكفـر‪،‬‬
‫والصلة والصيام والزكاة‪ ،‬والج والهاد‪ ،‬والفيء والغنيمة‪ ...‬إل‪.‬‬
‫واللط ب ي موارد الق سمي يؤدي إل الل بس ف ف هم مقا صد الشرع الك يم‪ .‬ف ما ورد بالع ن‬
‫اللغوي ل ينبغي أن نمله إل على معناه اللغوي‪ ،‬وكذلك ما ورد بالعن الصطلحي ل يصح أن نمله‬
‫إل على معناه الصطلحي‪ ،‬وإل خرجنا عن مقصود الرب جل وعل بكلمه وحرفنا الكلم عن مواضعه‬
‫ال ت و ضع ل ا‪ ،‬و هي طري قة البطل ي الذ ين ((َفيَتِّبعُو نَ مَا تَشَابَ هَ مِنْ هُ ابِْتغَاءَ اْلفِتَْنةِ وَاْبِتغَاءَ تَ ْأوِيلِ هِ)) [آل‬

‫‪ )(79‬الفداء الذي يؤ خذ من ال سي‪ ،‬و ُسمّي الفداء الذي يؤ خذ من ال سي غني مة‪ ،‬وب ي أ نه حلل ب عد أن كفّ ال صحابة عن‬
‫أخذه بعد نزول اليتي (‪ 67‬و ‪ )68‬فنلت الية (‪ )69‬بيانا للية أخذه إذ هو من الغنيمة‪..‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫ك عَلَْيهِ ْم صََلوَاتٌ مِ ْن رَّبهِ ْم َورَحْ َم ٌة‬


‫عمران‪ ]7:‬فمثلً قوله تعال عن ال صابرين ع ند ال صيبة‪ُ(( :‬أوْلَئِ َ‬
‫ك هُ ْم الْ ُمهْتَدُو نَ)) [البقرة‪ ]157:‬الصلة هنا ليست هي الصلة الصطلح عليها شرعا والطلوب‬ ‫وَُأوَْلئِ َ‬
‫أداؤها فرضا من كل مسلم‪ ،‬والت وردت ف مثل قوله تعال‪(( :‬وَأَقِيمُوا الصّلةَ)) [البقرة‪ ]43:‬وإنا هي‬
‫الصلة بالعن اللغوي‪.‬‬
‫سنّ ِة اللّ هِ َتبْدِيلً))‬
‫ول فظ (ال سنة) ف قول تعال‪ (( :‬سُنّةَ اللّ هِ فِي الّذِي نَ َخَلوْا مِ نْ َقبْ ُل وَلَ نْ َتجِدَ لِ ُ‬
‫[الحزاب‪ ]62:‬غي القصود به اصطلحا عند الفقهاء وهو الستحب‪ ،‬وإنا القصود با معناها اللغوي‬
‫وهي الطريقة والقانون الكون العام‪.‬‬
‫وإذا أردنا أن نضرب أمثلة على ما ورد من اللفاظ بالعن الصطلحي وليس اللغوي نأخذ مثلً‬
‫لفظ (اليان) فاليان لغة‪:‬‬
‫التصـديق مـع الطمئنان‪ .‬أمـا (اليان) القصـود شرعا فليـس هـو مطلق التصـديق بأي شيـء‪،‬‬
‫كالتصديق بأن الشمس طالعة أو أن الكل أكب من الزء‪ ،‬وإنا هو التصديق الازم بأمور معينة حددها‬
‫الشرع مع انفعال القلب الؤدي إل العمل‪ :‬قال تعال‪(( :‬إِنّمَا الْ ُم ْؤمِنُو َن الّذِي َن آمَنُوا بِاللّهِ َورَ سُوِلهِ ثُمّ لَ مْ‬
‫ُمـ الصـّادِقُونَ)) [الجرات‪ ]15:‬وهذا‬ ‫ِكـ ه ْ‬ ‫ّهـ ُأ ْولَئ َ‬
‫سـِيلِ الل ِ‬
‫ُسـهِمْ فِي َب‬
‫ِمـ وَأَنف ِ‬
‫َيرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بَِأ ْموَاِله ْ‬
‫اصطلح شرعي يصص العن اللغوي‪.‬‬
‫وكذلك لفظ (الرسول) ف قوله تعال‪(( :‬مُحَمّ ٌد رَ سُولُ اللّ هِ)) [الفتح‪ ]29:‬فانه يتلف ف معناه‬
‫س َوةِ اللّتِي‬
‫عن لفظ (الرسول) ف قوله تعال‪(( :‬فَلَمّا جَا َءهُ الرّسُولُ قَالَ ا ْرجِعْ ِإلَى رَبّكَ فَاسَْأْلهُ مَا بَا ُل النّ ْ‬
‫قَ ّطعْنَ أَيْ ِدَيهُنّ)) [يوسف‪ ]50:‬فالول جاء بالعن الصطلحي والثان بالعن اللغوي‪ ...‬وهكذا‪.‬‬
‫نعم!! توجد علقة أساسية بي العن الصطلحي للفظ ومعناه اللغوي‪ .‬فإنه لبد للمصطلح ف‬
‫اللغة من لفظ يناسبه يُشق منه ويُبن عليه‪ :‬ففي الثال الخي لفظ (الرسول) معناه لغة‪ :‬الشخص الذي‬
‫يمل رسالة من مُرسِل إل مرسل إليه‪ ،‬وهو مقصود الية الخية‪ ،‬أما (الرسول) ف الية الت قبلها فإنا‬
‫قصد به معناه الصطلحي وهو‪ :‬من يتاره ال تعال لتحمل رسالته وأدائها إل خلقه‪ ،‬وهو يتلف عن‬
‫معناه اللغوي وإن استند إليه‪.‬‬
‫وكذلك ل فظ (ال صلة) و(الزكاة) و(ال صوم) و(ال ج)‪ ،‬و(الهاد) و(الف يء) و(الغني مة)‪ ...‬إل‪،‬‬
‫جاءت ف لغة الشرع بعانيها الصطلحية الحددة القيدة‪ ،‬فل يصح تفسيها بعانيها اللغوية الطلقة‪ ،‬أو‬
‫حلها على معان اصطلحية حادثة متأخرة ل تكن معروفة عند نزول القرآن‪ ،‬وإلّ وقعنا ف فخ كبي‬
‫نصبته لنا أيدي الزنادقة والغلة من زمن بعيد‪.‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫ل قد قام هؤلء ‪-‬و من و قت مب كر‪ -‬بدور كبي وخط ي من أ جل تشو يه الد ين وإبطال أحكا مه‬
‫ومو معاله‪ ،‬وكان من أساليبهم ف تقيق ذلك‪ :‬التلبيس على عوام الناس باتباع التشابه ومنه الدخول‬
‫من ثغرة اللط بي العان اللغوية والعان الصطلحية لللفاظ حت أخرجوها عن مقاصدها الشرعية‬
‫ولب سوا على الناس أمر دين هم وبلبلوا أفكار هم‪ ،‬و من أمثلة ما فعلوه أن م أولوا (ال صيام) بالم ساك عن‬
‫إباحة سرهم اعتمادا على معناه ف اللغة‪ ،‬وهو المساك وقالوا عن (الج)‪ :‬إنه قصد زيارة شيخهم أو‬
‫بيته أو مرقده على أساس أن الج ف اللغة هو قصد الشيء وهكذا‪..‬‬
‫وكذلك ل فظ (الغني مة)‪ :‬فإن أ صل اشتقا قه اللغوي يدور حول الفوز بالش يء والظ فر به‪ ،‬إل أن‬
‫(الغنيمة) الت وردت ف النص القرآن أو على لسان الرسول صلى ال عليه وآله وسلم مصطلح شرعي‬
‫مدد العن‪ ،‬معناه‪( :‬ما أخذ من الكفار قهرا بقتال أو إياف خيل أو ركاب)‪.)80(.‬‬
‫وهذا يعن أن له شرطي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون الأخوذ منه كافرا‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يؤخذ منه قهرا بواسطة القتال وما ف معناه‪.‬‬
‫وكل المرين مفقودان ف أموال ومكاسب السلمي‪ ،‬فل هم كفار‪ ،‬ول ماربون‪ ،‬ول أخاسهم‬
‫تؤخذ منهم قهرا‪.‬‬
‫وب ا أن الغني مة ف ن صوص الشرع جاءت بالع ن ال صطلحي فل ي صح إذن إطلق ها على كل‬
‫ظفر بأي حال ليعم أو يشمل ما يتلكه السلم أو يكسبه أو يربه بجة إن اللفظ لغة يشمله‪ ،‬إن هذا‬
‫القول يسـاوي ‪-‬تاما‪ -‬إطلق لفـظ (الصـلة) على أي دعاء بأي كيفيـة كانـت بجـة أن اللفـظ لغـة‬
‫يشمله! إن هذا تلعـب باللفاظ‪ ،‬واللعـب بسـميات الشرع القدس يرفضـه الديـن وتأباه اللغـة‪ ،‬وهـو‬
‫مشابه ‪-‬بالضبط‪ -‬لا قام به الزنادقة الباطنيون ‪-‬من قبل‪ -‬من تأويل للعبادات والسميات الشرعية‪.‬‬
‫هذا كله من ناحية‪ ،‬والناحية الخرى الهمة جدا يوضحها الوضوع الت‪:‬‬
‫التنافر اللغوي بي خصوص لفظ (الغنيمة) وعموم لفظ (الكاسب)‪-:‬‬
‫قلنا‪ :‬إنه لبد من علقة بي الصطلح الشتق والصل اللغوي الشتق منه‪ ،‬وهذه العلقة لبد أن‬
‫تكون متناسبة وليست متنافرة‪.‬‬
‫فال صلة‪ :‬ن د معنا ها الشر عي ال صطلحي منا سبا تاما لعنا ها اللغوي الذي هو الدعاء‪ .‬فإن‬

‫‪ )(80‬صفوة البيان لعان القرآن‪.‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫الدعاء‪ ،‬إ ما دعاء طلب‪ ،‬أو دعاء تقرب‪ ،‬و قد يكون بالقوال أو بالفعال‪ .‬وال صلة منق سمة ب ي أقوال‬
‫سَتقِيمَ)) [الفات ة‪ ]6:‬وإ ما‬
‫ط الْمُ ْ‬
‫صرَا َ‬
‫وأفعال‪ ،‬فأدعيت ها القول ية إ ما أدع ية سؤال وطلب م ثل‪(( :‬اهْدِنَا ال ّ‬
‫أدعية عبادة وتقرب م ثل‪(( :‬الْحَمْدُ ِللّ ِه رَبّ اْلعَاَلمِيَ)) [الفاتة‪ ]2:‬أما أفعالا وحركات ا‪ ،‬فكلها دعاء‬
‫وتذلل وتقرب‪ ،‬ولكن بلسان الال ل لسان القال‪.‬‬
‫وهذا التناسب اللغوي لبد أن يتوفر بي كل معن اصطلحي ومعناه اللغوي‪.‬‬
‫وكذلك ال مر بالن سبة للغنائم والكا سب فإ نه ل بد من عل قة بينه ما منا سبة ل يشوب ا التنا فر‪،‬‬
‫وهذا غي موجود‪.‬‬
‫(فالغنيمة) يدور معناها اللغوي حول الظفر بالشيء وهو يستلزم وجود مقاومة من ضد تظفر به‪،‬‬
‫وخ صم ياول الم ساك ب ا تر يد ال صول عل يه م نه‪ ،‬ولذلك ق يل‪ :‬ظ فر فلن بعدوّه‪ ،‬أي‪ :‬انت صر عل يه‪،‬‬
‫و هو مش تق من (الظ فر) و هو الخلب‪ .‬قال الرا غب ال صفهان ف مفردات ألفاظ القرآن‪ :‬ظفره‪ :‬أي‬
‫نشب ظفره فيه‪ ،‬قال‪(( :‬مِنْ َبعْدِ أَنْ أَ ْظ َفرَكُمْ َعلَْيهِمْ)) [الفتح‪ ]24:‬ا هـ‪.‬‬
‫وهذا هو السر اللغوي ف إطلق الشارع الكيم لفظ الغني مة ل غيه ‪ -‬على الال الأخوذ قهرا‬
‫من الكفار الحاربي؛ لنه مال مأخوذ على سبيل الظفر به من خصم مقاتل ل يرضى بتسليمه‪ ،‬فكأن‬
‫الغان أنشب ظفره فيه وانتزع ما انتزعه منه به‪.‬‬
‫ولذلك ل يطلق النفل على الغنيمة إل إذا قصدنا واعتبنا معن الظفر والستيلء‪ ،‬قال الراغب ف‬
‫مفرداته عن النفل‪ :‬قيل‪ :‬هو الغنيمة بعينها‪ ،‬لكن اختلفت العبارة عنه لختلف العتبار‪ ،‬فإنه إذا اعتب‬
‫بكونه مظفورا به‪ ،‬يقال له غنيمة‪ .‬ا هـ‪.‬‬
‫ولذلك لا قال تعال ‪-‬وهو يذكر هذه الحوال الظفور با من الكفار‪َ(( :‬يسْأَلُوَنكَ عَنْ ا َلْنفَالِ))‬
‫[النفال‪ ]1:‬جاء الواب عن هذا السؤال الذي هو عن الموال العب عنها بلفظ (النفال)‪(( :‬وَاعْلَمُوا‬
‫َأنّمَا غَنِ ْمتُمْ)) [النفال‪ ]41:‬بلفظ (الغنيمة) لذا العتبار‪.‬‬
‫وهذا الع ن ل ي ستقيم مع مطلق ل فظ الكا سب فإن الك سب ‪-‬ك ما يقول الرا غب‪ :‬ما يتحراه‬
‫النسان ما فيه اجتلب نفع وتصيل حظ ككسب الال‪ .‬ا هـ‪.‬‬
‫و هو مع ن عام خ صص م نه الشرع ما يؤ خذ من الكفار بالقوة بل فظ الغني مة وأطل قه على ما‬
‫يستحصل بالتراضي وبالطرق الشرعية من البيع والشراء وغيه دون وجود خصم يستحصل منه بالقسر‬
‫والكراه‪.‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫ولذا جاء سياق ذكر الكاسب ف القرآن متلفا عن سياق ذكر النفال والغنائم والفيء‪ ،‬فالول‬
‫جاء عند ذكر النفاق وتشبيهه بالزرع‪ ،‬وإن البة الواحدة منه تنبت سبع سنابل ف كل سنبلة مئة حبة‪،‬‬
‫واستمر السياق يذكر شروط النفاق الطيب من عدم النة والذى ومن الخلص وعدم الرياء‪ ،‬وضرب‬
‫ت مَا‬‫لذلك أمثلة تتعلق بال طر والتر بة والنخ يل والعناب ث قال‪(( :‬يَا أَيّهَا الّذِي َن آمَنُوا أَن ِفقُوا مِ نْ طَيّبَا ِ‬
‫سبْتُ ْم َومِمّا َأ ْخرَجْنَا لَكُ ْم مِنْ ا َلرْضِ وَل تَيَمّمُوا اْلخَبِيثَ ِمنْهُ تُن ِفقُونَ وَلَسْتُ ْم بِآخِذِيهِ إِلّ أَ ْن ُتغْ ِمضُوا فِيهِ‬
‫َك َ‬
‫وَاعْلَمُوا أَ ّن الّلهَ غَِنيّ حَمِيدٌ)) [البقرة‪.]267:‬‬
‫ث ذ كر النذر ورب طه بالنفاق فقال‪(( :‬وَمَا أَن َفقْتُ ْم مِ نْ َن َفقَةٍ َأوْ نَ َذرْتُ ْم مِ نْ نَ ْذ ٍر فَإِنّ اللّ هَ َيعْلَمُ هُ))‬
‫[البقرة‪ ]270:‬ث انتهت اليات بالتحذير من الربا وهو نقيض النفاق والصدقة‪ ،‬ث بعدها جاءت آية‬
‫الدين‪ .‬وكلها أمور متعلقة بالسلم ول ذكر لصومة فيها أو قتال‪.)81(.‬‬
‫أما ذكر النفال والغنائم فقد جاء ف سياق ذكر القتال وذلك ف معركة بدر الت استغرق ذكرها‬
‫سورة (النفال) كلها تقريبا‪ ،‬كذلك الفيء فقد جاء ذكره ف سياق ذكر حصار بن النضي وذلك ف‬
‫سورة الشر ويكن لكل قارئ مراجعتها ليعلم الفرق بي السياقي‪.‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬إن الكاسب غي الغان‪.‬‬
‫وبا أن المس إنا هو خس الغنائم‪ ،‬فالكاسب إذن ل خس فيها‪ ،‬لسبب بسيط جدا هو أنا‬
‫ليست غنائم‪.‬‬
‫الغنيمة مال خاص مستقل‪-:‬‬
‫و من أراد الز يد نقول له‪ :‬إن الغني مة وإن صح دخول ا ت ت م سمى الكا سب إل إ نه ل يس كل‬
‫كسب غنيمة؛ لن الغنيمة كسب خاص له شروطه الت إن عدمت ل يصح تسميته بالغنيمة فإن ساغ‬
‫لغة أن نقول‪ :‬كل غنيمة كسب فل يسوغ قولنا‪ :‬كل كسب غنيمة‪.‬‬
‫كما تقول‪ :‬كل ثوب لباس‪ ،‬ولكن ليس كل لباس ثوبا‪.‬‬
‫فإذا فر ضت ضري بة على كل ثوب مثلً‪ ،‬فل يس من حق جا ب الضرائب أن يأ خذ ضري بة على‬
‫ال سراويل أو غطاء الرأس على أ ساس أن ال كل يد خل ت ت م سمى اللباس‪ ،‬فيقول‪ :‬ب ا أن الثوب لباس‬
‫والسراويل لباس فلبد أن تكون الضريبة على الكل‪ ،‬فإننا سنقول له‪ :‬صحيح إن كليهما لباس‪ ،‬ولكن‬
‫الضريبة على لباس خاص هو الثوب‪ ،‬فل ندفع إل عن الثوب‪ ،‬وينتهي الشكال إذا ل يكن عند الاب‬

‫‪ )(81‬انظر اليات من آية رقم (‪ )261‬إل آية رقم (‪ )283‬من سورة البقرة‪.‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫مقاصد مبيتة فيحاول التلعب باللفاظ واللتفاف عليها‪.‬‬


‫وكذلك الغنيمة كسب خاص‪ ،‬فإذا فرض الشارع الكيم عليها ضريبة شرعية مقدارها المس‬
‫فل يصح أن نعمم هذه الضريبة المس لتشمل كل كسب‪ ،‬غنيمة كان أم غيها؛ لن المس ل يعلقه‬
‫القرآن ول يضفه إلّ إل الغنيمة الت هي كسب خاص‪ ،‬فهو إذن على الغنائم خاصة ول يس على جيع‬
‫أنواع الكسب‪ ،‬كما أن الضريبة ف الثال السابق تعلقت بلباس خاص هو الثوب وليست ف جيع أنواع‬
‫اللباس‪.‬‬
‫وهؤلء الذين علقوا (المس) بالكاسب والرباح وعموم المتلكات تلعبوا باللفاظ قائلي‪:‬‬
‫با أن كل غنيمة كسب‪ ،‬فإذن كل كسب غنيمة‪.‬‬
‫وهو متنع وبذلك ينهار (خس الكاسب) لنيار سنده اللغوي‪ ،‬وال تعال ل يعجز ‪-‬لو كان ف‬
‫الكا سب خ س‪ -‬أن يتار لذه الفري ضة لفظا واضحا مددا ينا سبها فيقول مثلً‪( :‬واعلموا أن ا ك سبتم‬
‫من شيء فأن ل خسه)‪ ،‬لكن ال تعال ل يقل ذلك وإنا قال‪(( :‬وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُ ْم مِ نْ شَ ْيءٍ فَأَنّ ِللّ هِ‬
‫سهُ)) [النفال‪.]41:‬‬
‫خُمُ َ‬
‫المام الصادق عليه السلم يؤيد ما نقول‪:‬‬
‫وتعريف الغنائم با عرفناها به جاء ف أكثر من رواية عن المام جعفر الصادق عليه السلم وقد‬
‫مرت بنا‪:‬‬
‫ف قد روى الطو سي عن أ ب ع بد ال عل يه ال سلم قال‪{ :‬كان ر سول ال صلى ال عل يه وآله‬
‫و سلم إذا أتاه الغ نم أ خذ صفوه وكان ذلك له‪ ،‬ث يق سم ما ب قي خ سة أخاس‪ ،‬ث يأ خذ خ سه ث‬
‫يقسم أربعة أخاس بي الناس}‪.)82(.‬‬

‫وروي عـن أبـ عبـد ال عليـه السـلم أيضا قوله‪[[ :‬ليـس المـس إل فـ الغنائم‬
‫خاصة]]‪.)83(.‬‬
‫وكذلك جاء ف أك ثر من م صدر من ال صادر ال ت تكل مت عن (ال مس)‪ .‬ف قد عرف ها ال سيد‬
‫الوئي هكذا‪:‬‬

‫‪ )(82‬الستبصار للطوسي (‪..)2/57‬‬


‫‪ )(83‬الستبصار للطوسي (‪..)2/56‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫الغنائم‪ :‬النقولة الأخوذة بالقتال من الكفار الذين يل قتالم‪.)84(.‬‬


‫وعرفها السيد ممد صادق الصدر فقال ف تعريفها‪ :‬الموال والعيان النقولة الأخوذة بالقتال من‬
‫الكفار الذين يل قتالهم)‪.)85(.‬‬
‫والتعريفان متطابقان تاما‪ ،‬وذكر السيد ممد صادق أيضا أن (المس) يب ف سبعة أشياء هي‪:‬‬
‫‪ -1‬الغنائم‪ -2 .‬العدن‪ -3 .‬الكن‪ -7 ....‬ما يفضل عن مؤونة سنته‪.)86(.‬‬
‫ففرق ب ي الغني مة وب ي بق ية الموال فلم يعل ها من الغني مة‪ ،‬وهذا يؤ كد كلم نا بوضوح أن‬
‫(المس) التعلق بغي الغنيمة من الرباح والكاسب والقتنيات ل يرد له ذكر ف القرآن أبدا‪ ،‬وإذن ل‬
‫دليل من القرآن يكن أن يستدل به على خس الكاسب وهو الطلوب‪.‬‬
‫بطلن التسمية (المس) من الساس‪-:‬‬
‫من الل حظ على (الزكاة) أن ن سبتها ون صابا يتلفان من مال إل مال‪ ،‬فزكاة الذ هب والن قد‬
‫ل نسـبتها ربـع العشـر أي‪ )1/40( :‬ونصـابا عشرون مثقالً مـن الذهـب أو مـا‬ ‫وعروض التجارة‪ ،‬مث ً‬
‫يعادلا‪.‬‬
‫أما نصاب الفضة فمئتا درهم‪.‬‬
‫وأما زكاة الزروع فنصابا ستون صاعا‪ ،‬وهو ما يقارب خسمئة كيلو غرام‪ ،‬أما نسبتها فتتراوح‬
‫ما ب ي ال ُع شر ونصف ال ُع شر‪ .‬وزكاة الاش ية يتلف ن صابا ون سبتها ف الغ نم عن ها ف الب قر وعن ها ف‬
‫البل‪ .‬وزكاة الفطر يتلف مقدارها والعيان الذين تتعلق بم عن الزكاة بعناها العام‪ ...‬وهكذا‪.‬‬
‫ول شـك فـ أن هذا الختلف ينطوي على حكمـة عظيمـة ومصـلحة كـبية يراعيهـا الشارع‬
‫الكيم‪ ،‬ل تتحقق فيما لو تساوت النسبة ف جيع أصناف الال‪.‬‬
‫فلماذا ل تتلف الن سبة ف ما ي سمى ب ـ(ال مس) ح سب صنف الال التعلق به؟ إذ هي خ س‬
‫الال ف جيع أصنافه؟! وذلك يتناقض مع الك مة اللية؛ لن مبناها على تنوع النسبة ح سب صنف‬
‫الال ل على ثبوتا‪.‬‬
‫إن السبب ف هذا الشكال الكبي أنم ورطوا أنفسهم وربطوا الوضوع بلفظ (المس) نفسه‪،‬‬

‫‪ )(84‬منهاج الصالي للسيد الوئي (‪..)1/325‬‬


‫‪ )(85‬المس بي السائل والجيب (ص‪..)4:‬‬
‫‪ )(86‬الصدر السابق‪..‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫و هو ر قم مدد ل يق بل الزيادة ول النق صان‪ ،‬ولذلك ف هم مضطرون لتعم يم الن سبة ول م يص ل م عن‬
‫ذلك نظريا وإن كانوا عمليا يتصرفون بالقادير‪ ،‬حسب ما تسمح به الظروف ‪-‬كما سيأت إن شاء ال‬
‫تعال‪ -‬وهو أمر غريب على طبيعة الدين وغي معروف من أحكامه الشرعية فإنه‪:‬‬
‫ل وجود ف الشرع لشيء اسه (المس)‪:‬‬
‫إذ إن مـن اللحـظ أن القوق الاليـة الفروضـة شرعا لاـ أسـاء فـ هذا الشرع‪ ،‬مثلً‪ :‬الصـدقة‬
‫والزكاة والراج والنفقة والزية والفيء والغنيمة‪ ،‬ول ند من بي هذه الساء شيئا اسه (المس) بذه‬
‫التسمية الطلقة الجردة من كل قيد أو إضافة!‬
‫وإن ا يو جد ش يء ا سه (الغني مة) ل ت ل ل ن غنم ها إل إذا أدى (خ سها)‪ .‬ف ـ(ال مس) مق يد‬
‫بالغني مة ومضاف إلي ها إضا فة ل انفكاك له عن ها فيقال‪( :‬خ س الغني مة)‪ ،‬وهكذا جاء ال نص القرآ ن‬
‫الوحيـد‪(( :‬وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُم ْـ مِن ْـ شَ ْيءٍ فَأَنّ ِللّه ِـ خُمُس َـهُ)) [النفال‪ ]41:‬إذ ورد (المـس) مقيدا‬
‫ومضافا إل الضمي (الاء) العائد إل مال الغنيمة‪.‬‬
‫أما أن يوجد حق مال شرعي له اسم مطلق كالزكاة والراج‪ ...‬هو المس دون تقييد فهذا ل‬
‫وجود له‪ .‬وإذا قيـل أحيانا (المـس) فإن (اللف واللم)‪ ،‬تشيـ إل الضاف الحذوف وهـو (الغنيمـة)‬
‫فكيف ظهر هذا السم (المس) على صفحة الوجود وصار له كيان مستقل؟ وما الذي حصل؟‬
‫إن الذي حصل هو أنم‪ :‬حرروا باللفظ ‪-‬أولً‪ -‬عن قيده وهو (الغنيمة) ث استعملوه مردا حت‬
‫ذلت له الل سنة واعتادت عل يه ال ساع فق يل‪ :‬ال مس‪ ،‬وأكثروا من ا ستعماله ح ت اعتاد عل يه الناس‬
‫واعتقدوا وجود ش يء م ستقل ا سه (ال مس)! فل ما ح صل ذلك أضافوه إل كل ش يء مادام الفروض‬
‫شرعا ‪-‬كما تصوروا‪ -‬هو (المس)‪ .‬ووضعوا له الروايات الرعبة حت يُلجئوا العامة إل دفعه طوعا‪،‬‬
‫خوفا من العقاب الخروي أو هربا من الزدراء الدنيوي الذي يل حق كل من سولت له نف سه أ مر‬
‫التنصل عن أدائه‪ ،‬فرضخ كثي من الناس للمر الواقع واستساغوا راغبي أم كارهي تميس كل مال‬
‫مه ما كان نوعه غني مة كان أم كسبا أم دارا أم أرضا‪ ،‬بل تطور المر إل درجة ل يتصورها أكثرهم‬
‫وليـس مـن السـهل عليهـم التصـديق بوجودهـا إذ فرضوا (المـس) حتـ على أوانـ الطعام والشراب‬
‫واللبس والثاث والدايا وحطب النار وكل شيء!!‬
‫مع أن كل واحد منا ل يتاج إل أكثر من الرأة وشيء من التفكي الستقل من عقل متحرر من‬
‫ربقة التقليد العمى ليعرف أن الدليل على كل هذا هو‪ ..‬لشيء!!‪.‬‬
‫الفيء والمس‪ ..‬وقفة مع سورة (الشر)‪-:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫الفيـء‪ :‬هـو الغنائم التـ يأخذهـا ال سلمون مـن الكفار دون قتال‪ ،‬كالصـار ونوه‪ ،‬قال تعال‪:‬‬
‫((وَمَا أَفَاءَ الّل ُه عَلَى َرسُوِلهِ مِْنهُمْ َفمَا َأوْ َجفْتُ ْم عََلْيهِ مِنْ َخيْ ٍل وَل رِكَابٍ)) [الشر‪.]6:‬‬
‫والذي يهمنا من الفيء عدة أمور منها‪:‬‬
‫ا‪ -‬قسمته‪ ...‬فقد قسم ال جل وعل بالضبط‪ ،‬فقال‪(( :‬مَا أَفَاءَ اللّ ُه عَلَى رَ سُوِل ِه مِ نْ َأهْلِ اْل ُقرَى‬
‫فَِلّلهِ وَلِلرّسُو ِل وَلِذِي اْل ُقرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَا ِكيِ وَابْنِ السّبِيلِ)) [الشر‪.]7:‬‬
‫س ُه وَلِلرّ سُو ِل وَلِذِي اْل ُقرْبَى‬
‫وقال عن ال مس‪(( :‬وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُ ْم مِ نْ شَ ْيءٍ فَأَنّ ِللّ هِ خُمُ َ‬
‫وَالَْيتَامَى وَالْ َمسَا ِكيِ وَابْ ِن السّبِيلِ)) [النفال‪.]41:‬‬
‫وتتجلى أهية معرفة القسمة با يلي‪:‬‬
‫‪(( -2‬كَ يْ ل يَكُو نَ دُوَلةً بَْي َن ا َلغْنِيَاءِ)) [الشر‪ :]7:‬ذكرت الية السابقة من سورة الشر أن‬
‫تقسيم الفيء على الذكورين فيها إنا هو من أجل أن ل يتجمع عند طبقة واحدة من الجتمع وينحصر‬
‫التداول به بي الغنياء من هم فقط‪ ،‬فل ي صل إل الفقي م نه شيء‪ ،‬وذلك ف قوله تعال‪(( :‬مَا َأفَاءَ اللّ هُ‬
‫ي وَاْبنِ السّبِيلِ كَيْ ل يَكُونَ‬
‫َعلَى رَسُوِلهِ مِنْ َأهْ ِل اْل ُقرَى َفلِلّ ِه وَلِلرّسُو ِل وَِلذِي اْل ُقرْبَى وَاْليَتَامَى وَالْمَسَا ِك ِ‬
‫دُوَلةً بَيْ َن ا َلغِْنيَاءِ مِْنكُمْ)) [الشر‪.]7:‬‬
‫فج عل الف يء عدة ح صص ف عدة جهات‪ ،‬أن ح صره ف ج هة واحدة ف قط يؤدي إل ع كس‬
‫مقصود الية ومراد الرب من هذه القسمة‪ ،‬وقد أكد جل وعل مراده وحذر من مالفته تذيرا شديدا‬
‫فقال ف ناية الية نفسها‪َ (( :‬ومَا آتَاكُمْ الرّسُولُ َفخُذُو ُه َومَا َنهَاكُ ْم عَنْهُ فَاْنَتهُوا وَاّتقُوا اللّهَ إِنّ اللّهَ شَدِيدُ‬
‫اْل ِعقَا بِ)) [الشر‪ ]7:‬فإذا حصر ف جهة واحدة صارت هذه الهة غنية ‪-‬ولبد‪ -‬وصار الال متجمعا‬
‫لدى طبقة الغنياء يتداولونه بينهم‪ ،‬وكذلك شأن (المس) إذا خصصنا به جهة واحدة فإن ذلك يؤدي‬
‫إل النتي جة نف سها ال ت حذر ال من ها‪ ،‬إذ تبز ف الجت مع طب قة غن ية متر فة هم طب قة (رجال الد ين)‬
‫تتداول الال فيما بينها ول يرج منه شيء إل الحتاجي‪.‬‬
‫وكـل وضـع ينتهـي إل أن يكون الال دولة بيـ الغنياء وحدهـم هـو وضـع يالف النظريـة‬
‫القتصادية السلمية‪ ،‬ولبد أن تتولد من هذا الوضع أمور سيئة منها فساد هذه الطبقة الت كان العول‬
‫عليها ف إصلح أحوال الناس‪.‬‬
‫‪ -3‬أيهما أكب‪ ...‬الفيء أم المس؟‬
‫إن الفيء قليل الدوث كما هو معروف من وقائع التاريخ‪ ،‬وأما ف العصر الاضر فيكاد ينعدم‪،‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫بل هو معدوم ل وجود له‪.‬‬


‫أما خس الرباح والكاسب فعلى العكس من ذلك إذ هو مورد هائل ودائم‪.‬‬
‫فإذا كان حصر الفيء ف صنف واحد يؤدي إل أن يكون الال ((دُوَلةً بَْينَ ا َلغِْنيَاءِ)) [الشر‪]7:‬‬
‫فماذا نقول ف (ال مس)؟!! الواب ما ترى ل ما ت سمع! وان ظر إل الوا قع ليغن يك عن ملدات من‬
‫الكلم!!‬
‫‪ -4‬يتامى ومساكي وأبناء سبيل المة جيعا‪:‬‬
‫بعد الية السابعة من سورة (الشر) جاءت الية الثامنة تفسرها وتبي هؤلء الذين يستحقون‬
‫ضوَانا))‬‫ل مِ نْ اللّ هِ َو ِر ْ‬
‫الفيء وأنه‪ِ(( :‬ل ْلفُ َقرَاءِ اْل ُمهَا ِجرِي َن الّذِي نَ أُ ْخرِجُوا مِ ْن دِيا ِرهِ ْم وََأ ْموَاِلهِ مْ َيبَْتغُو نَ َفضْ ً‬
‫حبّو َن مَنْ هَا َجرَ‬‫[الشر‪ ]8:‬أي‪ :‬هو لؤلء الفقراء الهاجرين‪(( :‬وَالّذِينَ َتَب ّوءُوا الدّا َر وَا ِليَا َن مِنْ قَْبِلهِمْ يُ ِ‬
‫سهِ ْم وََلوْ كَا نَ ِبهِ ْم خَ صَاصَةٌ))‬ ‫ِإلَْيهِ ْم وَل يَجِدُو َن فِي صُدُورِهِمْ حَاجَ ًة مِمّ ا أُوتُوا وَُي ْؤِثرُو َن عَلَى َأْنفُ ِ‬
‫[الشر‪.]9:‬‬
‫وهؤلء هم النصار‪ ،‬و(ال صاصة) هي‪ :‬الفقر والحتياج الشد يد‪ .‬و ف ال سية النبو ية‪ :‬أن ال نب‬
‫أع طى الف يء ‪-‬الذي جاء من يهود ب ن النض ي والذي ب سببه نزلت ال ية ال سابقة‪ -‬الهاجر ين لفقر هم‬
‫وثلثة من النصار كانوا شديدي الفقر‪.‬‬
‫ث ذ كر ال صنفا ثالثا من م ستحقي الف يء فقال‪(( :‬وَالّذِي نَ جَاءُوا مِ ْن َبعْ ِدهِ مْ)) [ال شر‪]10:‬‬
‫أي‪ :‬من بعد الهاجرين والنصار وهم أجيال السلمي إل يوم القيامة مت وأينما وجد الفيء‪.‬‬
‫وهكذا جعل ال ‪-‬جل وعل‪ -‬الفيء لميع فقراء المة ف جيع أجيالا دون حصره بذوي قرب‬
‫ي وَابْنَ السّبِيلِ))‬
‫نبيه صلى ال عليه وآله وسلم وحدهم‪ ،‬وهذا يعن أن قوله تعال‪(( :‬وَاْليَتَامَى وَالْمَسَا ِك َ‬
‫[ال شر‪ ]7:‬ف النفال‪ ،‬الطا بق لقوله تعال‪(( :‬وَالَْيتَامَى وَالْمَ سَا ِكيَ وَابْ نَ ال سّبِيلِ)) [النفال‪ ]41:‬ف‬
‫خس الغنيمة‪ ،‬ليس خاصا بيتامى ومساكي وأبناء سبيل بن هاشم‪ ،‬وإنا هو عام ف يتامى ومساكي‬
‫وأبناء سبيل المة جيعا‪ ،‬وليس من دليل على التخصيص إل الظن والتحكم الحض!‪ ،‬وما نتاجه هنا‬
‫هو النص القطعي الدللة الال من الحتمال وهو معدوم تاما‪.‬‬
‫فتأمل هذا فإنه كاف شاف بإذن ال!!‬
‫وهكذا تبي أنه ل وجود لذكر خس الكاسب ول إعطائه إل الفقيه ف القرآن الكري‪ ،‬بل هو‬
‫مناقض لنصوصه وقواعده العامة‪.‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫الفصل الثان‪ :‬خس الكاسب ف مكمة التاريخ‪-:‬‬


‫جباة المس‪-:‬‬
‫يقول د‪ .‬مو سى الو سوي‪ :‬إن تف سي الغني مة بالرباح من المور ال ت ل ند ها إل ع ند فقهاء‬
‫الشيعة‪ ،‬فالية صرية وواضحة ف أن المس شرع ف غنائم الرب وليس ف أرباح الكاسب‪ .‬وأظهر‬
‫دليل قاطع على أن المس ل يشرع ف أرباح الكاسب هو سية النب صلى ال عليه وآله وسلم وسية‬
‫اللفاء من بعده با فيهم المام علي عليه السلم وحت سية أئمة الشيعة‪ ،‬حيث ل يذكر أرباب السي‬
‫الذين كتبوا سية النب صلى ال عليه وآله وسلم ودونوا كل صغية وكبية عن سيته وأوامره ونواهيه‪،‬‬
‫أن الرسول صلى ال عليه وآله وسلم كان يرسل جباته إل أسواق الدينة ليستخرج من أموالم خس‬
‫الرباح‪ ،‬مع أن أرباب السي يذكرون حت أسامي الباة الذين كان الرسول صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫يرسلهم لستخراج الزكاة من أموال السلمي‪ ،‬واللفاء الراشدين‪ ،‬با فيهم المام علي ل يذكروا الناس‬
‫بمس الرباح‪ ،‬أو أنم أرسلوا الباة لخذ المس بمس الرباح‪ ،‬أو أنم أرسلوا الباة لخذ المس‪.‬‬
‫وحياة المام علي معروفـة فـ الكوفـة فلم يدث قـط أن المام بعـث الباة إل أسـواق الكوفـة‬
‫ليأخذوا ال مس من الناس أو أ نه طلب من عماله ف أرجاء البلد ال سلمية الوا سعة ال ت كا نت ت ت‬
‫إمر ته أن يأخذوا ال مس من الناس وير سلوها إل ب يت الال ف الكو فة‪ ،‬ك ما أن مؤر خي الئ مة ل‬
‫يذكروا قط إن الئمة كانوا يطالبون الناس بالمس أو أن أحدا قدم إليهم مالً بذا السم‪.)87(.‬‬
‫النب صلى ال عليه وآله وسلم والمس‪-:‬‬
‫هل حدث ‪-‬ولو مرة واحدة ف حياة النب صلى ال عليه وآله وسلم‪ -‬أن النب جع خس أموال‬
‫السلمي أو مكاسبهم واحتازها لنفسه؟‬
‫من ذكر ذلك؟‬
‫أين؟‬
‫ومت؟‬
‫لاذا ل يفعله لو كان (المـس) حقا مشروعا وواجبا مفروضا على المـة تاه نبيهـا كمـا كان‬
‫يفعل مع الزكاة‪ ،‬بل يقاتل من امتنع عن أدائها؟‬
‫أقارب النب صلى ال عليه وآله وسلم والمس‪-:‬‬

‫‪ )(87‬الشيعة والتصحيح (ص‪..)67 -66:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫هل عرف عن النب صلى ال عليه وآله وسلم أنه أعطى عليا عليه السلم أو فاطمة عليها السلم‬
‫أو إحدى بنا ته الخريات علي هن ال سلم أو أحدا من أقار به‪ ،‬كع مه عباس أو ا بن ع مه جع فر أو أحدا‬
‫من أولدهم خس أموال الرعية السلمة؟‬
‫هل حدث هذا؟ مت؟ وأين؟ ومن ذكره؟ وأين سجله؟‬
‫ولو افترضنـا أنـه كان يقوم ببايـة أخاس أموال الناس ليسـلمها إل أقاربـه فماذا سـيقول عنـه‬
‫السلمون أو الكافرون؟ هل تتصور باذا كانوا سيصفونه؟‬
‫قتال الصديق لانعي الزكاة‪-:‬‬
‫قا تل اللي فة أ بو ب كر ال صديق الرتد ين ومان عي الزكاة على ال سواء‪ ،‬و قد ذكرت ك تب الف قه‬
‫والسي والتاريخ‪ :‬أن هؤلء امتنعوا عن دفع الزكاة‪ ،‬ول تذكر أنم امتنعوا عن أداء شيء اسه (المس)‬
‫مـع أنـه لو كان مشروعا لكانوا يتنعون عنـه أيضا مـع الزكاة‪ ،‬فيكون مـن الول أن يقدم ذكره على‬
‫ذكر ها‪ ،‬فيقال‪ :‬قتال مان عي ال مس؛ ل نه أك ثر أو على ال قل أن يقال‪ :‬قتل مان عي ال مس والزكاة إذ‬
‫المتناع عنه أول فالطالبة به أوكد‪ ،‬والقتال عليه أوجب‪ ،‬وذكره أحرى‪.‬‬
‫أفيع قل أن م امتنعوا عن الزكاة دون (ال مس)؟ أم إن م امتنعوا ع نه أيضا؟ أو الؤرخ ي وكتاب‬
‫السي والغازي والفقهاء جيعا تواطئوا ‪-‬سامهم ال‪ -‬على إغفاله وإسقاطه من الساب!!‬
‫أم أن العقول أن أمرا كهذا ل يكن له وجود أصلً‪ ،‬حت يتنعوا عن أدائه أو يطالب به أحد من‬
‫خلق ال‪.‬‬
‫العباسيون و(المس)‪-:‬‬
‫العباسيون هم أبناء العباس عم النب صلى ال عليه وآله وسلم وذريته‪ ،‬وهم من ذوي قرب النب‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم دون خلف‪ ،‬وهم داخلون ف مسمى (ذي القرب) ف الية الكرية‪ ،‬قطعا قال‬
‫الكلين‪ :‬وهؤلء الذين جعل ال لم المس‪ ،‬هم قرابة النب صلى ال عليه وآله وسلم الذين ذكرهم ال‬
‫فقال‪(( :‬وَأَن ِذ ْر عَشِيََتكَ ا َل ْقرَِبيَ)) [الشعراء‪ ]214:‬وهم بنو عبد الطلب الذكر منهم والنثى‪.)88(.‬‬
‫وعباس أ حد أبناء ع بد الطلب العشرة‪ ،‬فالنص القرآن يشمله وذريته بالتفاق على أي وجه من‬
‫وجوه التف سي‪ ،‬و قد آلت إلي هم الل فة و صاروا ملوكا وحاكم ي لدولة ال سلم قرونا عديدة‪ ،‬فكانوا‬
‫قادرين على حل الناس على دفع (حقهم) من خس الكاسب‪ ،‬لكنهم ل يفعلوا ذلك أبدا‪ ،‬ول يذكر‬

‫‪ )(88‬أصول الكاف (‪..)1/540‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫التاريخ شيئا عن ذلك قط‪ ،‬فلماذا؟‬


‫هل جهلوا حق هم فلم يعرفوه؟ أم ل يكونوا عربا ف صعب علي هم تف سي القرآن وا ستشكلوه؟ أم‬
‫عرفوا مال م من حق لكن هم تركوه؟ فلماذا أيضا؟!!‪ .‬هل خوفا؟ وبيد هم القوة‪ ،‬وحجت هم الشري عة ‪-‬‬
‫على فرض شرعيته‪.‬‬
‫أو ورعا؟ أو رحة بالناس؟ وهم متهمون بعدم الورع والرحة من قبل القائلي بالمس!!‬
‫وهل أحد أرحم بأحد من شرع ال؟ حاشا وكل؟!‬
‫أم عفة وزهدا‪ ،‬أم ماذا؟!‬
‫إن الواب الوح يد هو إن خ س الكا سب ل مشروع ية له ف ال سلم‪ ...‬ولذلك ل ن د دولة‬
‫إ سلمية عباسية أم علوية أم غيها تنت مي إل بن هاشم‪ ،‬فرضته على رعاياها‪ ،‬لسيما وأن الظّلمة ف‬
‫التاريخ مسلمي أم غيهم ل يتورعون عن أكل أموال الناس بالباطل‪ ،‬تت أية ذريعة أو اسم‪ ،‬فكيف‬
‫ل مع أن م ل يتورعون عن مثله أو ما هو دو نه مع‬
‫يتورعون عن (ال مس)؟! لو كان مشروعا ومل ً‬
‫حرمته وإثارته الناس عليهم؟!‬
‫أفيترك الشروع لو كان مشروعا إل غيه وهو غي مشروع؟!‬
‫أيع قل أن يَعاف ظال ماله الكث ي ع ند غيه لي سلبه ما ل يس له ب ق و هو أ قل ومقرون بالخا طر‬
‫والسمعة السيئة؟!‬
‫دول الشيعة و(المس)‪:‬‬
‫ل قد قا مت دول عديدة وحك مت با سم (أ هل الب يت) ودانوا بالعقيدة المام ية عموما أو الث ن‬
‫عشر ية على الصـوص‪ ،‬كالدولة الفاطم ية ال ساعيلية‪ ،‬والدولة الصـفوية الثنـ عشر ية‪ ،‬وكان حكام‬
‫هاتيـ الدولتيـ يدعون النسـب العلوي وكذلك الدولة اللئريـة‪ ،‬وحكـم البويهيون بغداد ردحا مـن‬
‫الزمن‪ ،‬لكن ل يعرف عن هؤلء جيعا أنم قاموا بباية خس مكاسب الناس وتاراتم‪.‬‬
‫يقول الستاذ أحد الكاتب‪:‬‬
‫(وبالرغم من قيام الدولة اللئرية الشيعية ف خراسان أيام الشهيد الول(‪ )89‬واستعانتها به وطلبها‬
‫م نه الج يء إلي ها لتول الوا نب الشرع ية والتشريع ية فإ نه ل يطوّر هذه ال سألة(‪ )90‬ب ا يدم إدارة الدولة‬
‫الشيع ية ال ت تتاج إل الال ل صرفها إل الحتاج ي والفقراء‪ ،‬وكذلك الح قق الكر كي الذي ا ستقدمته‬

‫‪ )(89‬ف القرن الثامن‪.‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫الدولة ال صفوية ال ت قا مت ف بلد فارس ف القرن العا شر الجري و ظل على الرأي القد ي الذي يقول‬
‫(‪)91‬‬
‫بالتخيي بي صرف سهم المام الهدي أو حفظه إل حي ظهوره‪.‬‬
‫الفراعنة وخس الكاسب‪-:‬‬
‫لقد خل القرآن الكري وخلت سنة النب صلى ال عليه وآله وسلم وسيته‪ ،‬وكذلك سية اللفاء‬
‫الراشدين وغيهم من حكام السلمي من ذكر (المس)‪ ،‬ول ند ف تاريخ السلم ول غيه ضريبة‬
‫كانت تفرض على أموال الناس وتاراتم بذا القدر‪.‬‬
‫إل أن توراة اليهود تذكر أكثر من نص أن ملك مصر زمن النب يوسف عليه السلم فرضه على‬
‫شعب مصر ب عد أن اشتد ب م الوع‪ ،‬فاشترا هم واشترى أراضيهم فصاروا عبيدا له‪ ،‬ث استعملهم ف‬
‫زراعت ها على أن يكون له خ س الوارد ول م أرب عة أخا سه‪ ،‬وكلف وزيره يو سف بباي ته‪ ،‬إل الكه نة‬
‫(رجال الدين) فقد كانوا مستثني ‪-‬كما هو الال اليوم‪.-‬‬
‫جاء فـ (الكتاب القدس) عنـد اليهود‪( :‬فاشترى يوسـف كـل أرض مصـر لفرعون إذ باع‬
‫الصريون كل واحد حقله؛ لن الوع اشتد عليهم فصارت الرض لفرعون‪ ،‬وأما الشعب فنقلهم إل‬
‫الدن من أقصى حد م صر إل أقصاه إل أن أرض الكه نة ل يشتر ها إذ كا نت للكه نة فري ضة من ق بل‬
‫فرعون فأكلوا فريضت هم ال ت أعطا هم فرعون‪ ،‬لذلك ل يبيعوا أرض هم فقال يو سف للش عب‪ :‬إ ن قد‬
‫اشتريتكـم اليوم وأرضكـم لفرعون هـو ذا لكـم بذار فتزرعون الرض ويكون عنـد الغلة أنكـم تعطون‬
‫خسا لفرعون والربعة أجزاء تكون لكم بذارا للحقل وطعاما لكم ولن ف بيوتكم وطعاما لولدكم‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬أحييت نا ليتنا ند نعمة ف عين سيدي فنكون عبيدا لفرعون‪ ،‬فجعلها يوسف فرضا على أرض‬
‫مصر إل هذا اليوم لفرعون المس‪ ،‬إل أن أرض الكهنة وحدهم ل تصر لفرعون)‪.)92(.‬‬
‫وقفة تأمل مع هذا النص‪:‬‬
‫ف هذا ال نص من التوراة‪ :‬إن فرعون ‪-‬على طاغوتي ته وا ستكباره‪ -‬ل ي ستحل أ خذ ال مس من‬
‫مكا سب شع به إل ب عد أن اشترا هم واشترى أراضي هم ف صاروا عبيدا له و صارت أراضي هم ملكا له‬
‫كذلك! أي‪ :‬إن فرعون حي أخذ المس منهم عاملهم معاملة (السيد) مع (العامة) من عبيده‪ ،‬بعن أن‬
‫‪ )(90‬أي‪ :‬ال مس ف قد كان يقول بإبا حة خ س التا جر والنا كح وال ساكن ‪-‬و كم مر ب نا‪ -‬وي يل إل ح فظ ن صيب (المام‬
‫الهدي) بالوصية والدفن‪ ،‬وإن خيّر بينه وبي صرف العلماء له‪..‬‬
‫‪ )(91‬تطور الفكر السياسي الشيعي (ص‪..)353:‬‬
‫‪ )(92‬الفصل السابع والربعون من سفر التكوين‪ /‬اليات (‪ ،)27-20‬وكذلك ورد (المس) ف الفصل الادي والربعي‪ /‬آية‬
‫(‪..)25‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫(المس) ‪-‬ف حس فرعون وشريعته‪ -‬ل يؤديه إل العبد الملوك تاه سيده الالك!!‬
‫ف هل شري عة فرعون أو إ سرائيل أر حم وأر قى نظرة إل الن سان؟ و ف تلك الزم نة البعيدة ال ت‬
‫كا نت البشر ية في ها تعا ن من التخلف الجتما عي والنظرة القا صرة إل الن سان!! و مع ذلك اع تبت‬
‫إعطاء (المس) معناه أن العطي قد صار عبدا لن يعطيه!! فلم تستحل أخذه من الحرار وإنا جعلت‬
‫ذلك أمرا ل يل يق إل بالعب يد‪ ،‬فك يف تأ ت ‪ -‬من ب عد ذلك‪ -‬شري عة م مد صلى ال عل يه وآله و سلم‬
‫السماوية الت حررت البشرية من الظلم والستعباد لتجعل من قيود العبودية أوسة للحرار!!‬
‫فأن يصفع أحدهم آخر بذائه شيء مشي ل يكن السكوت عليه‪ ،‬لكن الدهى منه أن يعل من‬
‫ذلك فضيلة يشرفه با!‬
‫إل إن الدهى من ذلك كله‪ ،‬أن يقوم ذلك النسان الذليل بأداء واجب الشكر ومراسيم الحترام‬
‫تاه من قام بصفعه بذائه!‬
‫وف يه أيضا‪ :‬أن فرعون كان ي ستكثر على نف سه ‪-‬ر غم علو منل ته و سعة سلطانه وعظ مة مل كه‬
‫وشدة سطوته و جبوته‪ -‬أن يأ خذ خ س مكا سب الناس دون مقا بل‪ ،‬ولذا ل يف عل ذلك إل ب عد أن‬
‫وجد نفسه قد اشتراهم واشترى أراضيهم باله‪ ،‬وما ذاك إل لعظمة هذه الضريبة ‪-‬خس متلكات المة‬
‫وأرباحها‪ -‬وضخامتها!!‬
‫واليوم يأ ت من ل يد فع دينارا ول درها ول يبذل جهدا ول عرقا ليقا سم الناس أموال م فيأ خذ‬
‫خسها مانا دون تردد أو حياء‪ ،‬بل هو التفضل وصاحب النة!!‬
‫وأخيا‪ ...‬فإن سؤالً يتلجلج ف صدري‪ :‬هل عب إلينا (المس) من هناك وقمنا باستياده من‬
‫توراة اليهود وأحبارهم؟!‬
‫الفصل الثالث‪ :‬خس الكاسب بي النظرية والتطبيق‪-:‬‬
‫ب غض الن ظر عن بطلن نظر ية (ال مس) وخطئ ها فإن الوا قع يش هد تناقضا صارخا بي النظر ية‬
‫والتطبيق!‬
‫إن الجتمع يعج بالكثي من الفقراء‪ ،‬بل السحوقي‪ ،‬حت من الذين ينتهي بم النسب إل عبد‬
‫الطلب عموما أو إل أم ي الؤمني علي عل يه ال سلم خصوصا‪ ،‬بل إل السن عل يه ال سلم أو ال سي‬
‫عليه السلم حصرا‪ ،‬ومع ذلك فل ينالم شيء من (المس) قليل ول كثي!! وإنا هو دولة بي طبقة‬
‫معينة دون الفقراء والحتاجي الذين يعيشون ف عوز وعسر حال وسوء أوضاع تتفطر لا أكباد الغيارى‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫وقلوب الؤمن ي‪ ،‬قد ن سيهم تاما أولئك الذ ين يوزون القناط ي القنطرة من الذ هب والف ضة ويتبوءون‬
‫الق صور الفخ مة وال سرر الرفو عة والرا كب الفار هة ويديرون الؤ سسات الال ية ال كبية دا خل البلد‬
‫وخارجه‪ ،‬ل يسألون عن أحوال إخوانم ف الدين وأتباعهم ف الذهب ول يرقبون ال فيهم!‬
‫فبأي حـق يرم هؤلء السـاكي وكثيـ منهـم مـن ذوي قربـ رسـول ال صـلى ال عليـه وآله‬
‫وسلم؟!‬
‫بل علوة على ذلك‪ ،‬يقوم كث ي من هؤلء ال ساكي ر غم حاجت هم بإعطاء أموال م إل أولئك‬
‫الغنياء الترفي!‬
‫لو كانوا جادين‪-:‬‬
‫إن العتقاد بأن (ال مس) من حق ذر ية أ هل الب يت‪ ،‬وأقارب ال نب صلى ال عل يه وآله و سلم‬
‫يو جب على من ي ستلم هذه الموال الائلة أن يقوم بع مل إح صائية ف كل حي من الحياء ل كل من‬
‫يسكنه من ينتسب إل أهل البيت لسيما الفقراء منهم من أجل تقسيم (المس) عليهم‪ ،‬أو على القل‬
‫سد حاجة الحتاجي منهم‪ .‬وليس ذلك بستحيل‪ ،‬أو عسي على من ف حوزته تلك الكداس الكدسة‬
‫من الموال ‪ -‬لو كانوا جادين ف اعتقادهم‪.‬‬
‫وإذا كان هذا القول ل يدـ أذنا واحدة يكـن أن تصـغي إليـه عنـد مـن يقوم فعلً بيازة هذه‬
‫الموال‪ ،‬فإن نا نتو جه بالقول إل أولئك الحروم ي من إخوان نا وأبناء جلدت نا‪ :‬لاذا ل يطالبون بقوق هم‬
‫الت تنحهم إياها فتاوى الذهب؟‬
‫أل يعلمون أن الفتوى الت تواطأ عليها متأخرو علماء الذهب تنص على‪ :‬أن نصف المس وهو‬
‫حق ال ورسوله والمام الغائب يعطى للمجتهد‪ ،‬أما النصف الخر فعليه أن يقسمه على فقراء الاشيي‬
‫واليتامى والساكي منهم‪.)93(.‬‬
‫و من م صارف الن صف الذي يُع طى للمجت هد عا مة الفقراء من أ مة م مد صلى ال عل يه وآله‬
‫و سلم‪ ،‬ف هل لذه الفتوى ت طبيق على أرض الوا قع؟ و هل حقا يوزع ن صف (ال مس) على ب ن ها شم‬
‫الذ ين من هم أبناء العباس‪ ،‬وأبناء جع فر وعق يل‪ ،‬أخوي أم ي الؤمن ي علي‪ ...‬وغي هم؟ أم إن الجت هد‬
‫يتصرف بالكل دون مراعاة هذه القسمة ودون سؤال أو رقابة أو مطالبة من أي أحد؟!!‬
‫ما هي علقة الجتهد بـ(المس)؟‪-:‬‬

‫‪ )(93‬منهاج الصالي للسيد الوئي (‪..)1/347‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫الواقع الشاهد‪ ،‬إن كل متهد يق له استلم (المس) دون النظر إل كونه ينتمي إل بيت النب‬
‫صلى ال عل يه وآله و سلم أم ل؟ بل دون الن ظر ‪-‬ح ت‪ -‬ف كو نه عربيا أم أعجميا‪ ،‬مع إن نص ال ية‬
‫يذكـر قيـد (ذي القربـ) ل (ذي الفتوى)! فبأي حـق يكون لمـ نصـيب فيـه؟! ومـا علقـة الجتهاد‬
‫بالوضوع؟! إن الية جعلت مناط الكم وعلته (القرب) والنسب وليس العلم والجتهاد‪ ،‬فكيف يناط‬
‫(المس) ويعلق بغي مناطه؟!‬
‫ولنا أن نسأل‪ :‬إذا كان الجتهد يفعل ذلك باعتباره نائبا عن (المام) ف مسائل القضاء والفتاء‬
‫أو نيابة مطلقة‪ ،‬فهل كان الفقهاء ف زمن الليفة الراشد علي عليه السلم ف الناطق البعيدة كالجاز‬
‫ومصر وخراسان يأخذون (خس) مكاسب الناس ف تلك المصار باعتبارهم نوابا عن (المام)؟!‬
‫والسؤال يطرح نفسه من باب أول ف زمن النب صلى ال عليه وآله وسلم‪ :‬فهل كان الفقهاء أو‬
‫المراء فـ زمـن النـب صـلى ال عليـه وآله وسـلم‪ ،‬أو علي عليـه السـلم‪ ،‬أو أي زمـن يأخذون خسـ‬
‫مكاسب الناس وأموالم وتاراتم بصفتهم الستقلة‪ ،‬أم بصفتهم نوابا عن المام ف الماكن الت يغيب‬
‫عنها ول يستطيع أن يقوم بهام المامة فيها بنفسه؟!‬
‫والواب الوحيد‪ :‬النفي القطعي! وإذن ما علقة الجتهد بـ(المس) وقد كانت العلقة منتفية‬
‫ف زمن الئمة‪ ،‬مع أن الفقيه أو المي يقوم بالدور نفسه والمام غي قادر على إدارة البلد وأداء مهام‬
‫منصب المامة مباشرة ف البلدان الغائبة عنه؟!‬
‫ولنا سؤال آخر‪ :‬إذا كان القلد يعطي (خسه) إل الفقيه‪ ،‬فلمن يعطي الفقيه (خسه)‪ ،‬إذا ل يكن‬
‫من ذرية (أهل البيت)؟ أو كان أعجميا ليس بعرب؟!‬
‫هل هناك نص يستثنيه أو يعفيه من أداء هذا (الواجب)؟!‬
‫وإذا ل ي كن ال سلم مقلدا بل كان (متاطا أي‪ :‬ل يأ خذ برأي فق يه وا حد‪ ...‬ف هل إن ال مس‬
‫ساقط عنه أم إنه يستطيع التصرف فيه كما يشاء؟!)(‪.)94‬‬
‫و من الدلة الواض حة على أ نه ل عل قة ب ي الجت هد و(ال مس) تأ خر ظهور فكرة إعطائه إل‬
‫الجت هد عدة قرون ح ت تفت قت عن ها الذهان بعد طول ن ظر وشدة عناء وتفك ي‪ ،‬إذ لو كا نت العل قة‬
‫ظاهرة ل ا تأخرت الفتوى طيلة تلك الزم نة التطاولة‪ ،‬ولظهرت من أول يوم نزلت ف يه ال ية أو انت هى‬
‫عنده عصر (الئمة)‪ .‬إن هذه الفكرة إنا ولدتا الا جة وأملتها الظروف وهي أوضح مثال على القول‬
‫بأن (الاجة أم الختراع)‪.‬‬

‫‪ )(94‬الشيعة والتصحيح للدكتور موسى الوسوي (ص‪..)69:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫الجتهد ل يمس ماله ول يزكيه‪-:‬‬


‫ل يو جد أ مر شر عي كلف ال تعال به ال مة لوحد ها دون نبيها صلى ال عل يه وآله و سلم بل‬
‫العكس هو الصحيح‪ ،‬إذ كلف ال تعال رسوله صلى ال عليه وآله وسلم بأمور وأوجبها عليه مثل قيام‬
‫الليل‪ ،‬جعلها نافلة مستحبة لبقية أفراد المة‪ ،‬وهكذا الزكاة والهاد والج والصيام الذي كان يواصل‬
‫فيه اليومي والثلثة دون فطور أو سحور‪ ،‬وهو أمر منهي عنه لغيه‪.‬‬
‫ولقد فرض ال تعال الزكاة على عباده‪ ،‬ول يسقطها عن أحد منهم حت النبياء عليهم السلم!‪.‬‬
‫خْيرَا تِ وَِإقَا مِ ال صّل ِة وَإِيتَاءَ الزّكَاةِ)) [النبياء‪ ]73:‬وقال عن‬ ‫قال تعال‪(( :‬وََأوْحَيْنَا ِإلَْيهِ مْ ِفعْ َل الْ َ‬
‫الؤمني جيعا ول يستثن منهم ل عليا عليه السلم‪ ،‬ول أحدا من أهل بيته‪(( :‬إِنّمَا وَلِيّكُ مْ اللّ ُه َورَ سُوُلهُ‬
‫وَالّذِي َن آمَنُوا الّذِينَ ُيقِيمُونَ الصّل َة وَُي ْؤتُونَ الزّكَا َة َوهُمْ رَا ِكعُونَ)) [الائدة‪.]55:‬‬
‫أ ما ر سول ال صلى ال عل يه وآله و سلم فلم ي كن يؤدي ما عل يه من حقوق مال ية تاه الناس‬
‫فح سب‪ ،‬بل فوق ذلك حرم على نف سه وأقربائه أموال ال صدقة والزكاة ‪-‬أو ساخ الناس‪ -‬فلم ي ل ل م‬
‫أخذها‪ ،‬وكان أهل بيته الكرام يزكون ويتصدقون ول يأخذون من أحد من العالي شيئا!‬
‫والن نأت إل الواقع لنراه مقلوبا تاما‪ ،‬إذ إن الجتهدين يأخذون كل ما حل بأيديهم من جيع‬
‫أصـناف الال مـن الزكاة إل الصـدقة إل النذور إل (المـس) إل مـا يسـمونه بــ(القوق الشرعيـة)‬
‫وأموال (الظال)‪ ...‬إل‪ ،‬وف القابل ل يزكون أموالم! وهل رأيت متهدا أو (سيدا) يزكي ماله؟! أين؟‬
‫ومت؟‬
‫وهذا هو الواقع الر! فهل هذا الركن العظيم من أركان السلم مرفوع عنهم‪ ،‬وهل هناك أحد‬
‫فوق القانون اللي؟!‬
‫شرِ ِكيَ)) [فصلت‪(( * ]6:‬الّذِينَ ل ُيؤْتُو َن الزّكَاةَ)) [فصلت‪.]7:‬‬
‫يقول تعال‪َ (( :‬ووَيْلٌ ِللْمُ ْ‬
‫وإذا قيل إن (المس) ل يب على من كان من ذرية أهل البيت‪ ،‬فما حكمه بالنسبة للمجتهد‬
‫من سواهم عربيا كان أم أعجميا ك ما هو الغالب؟! هل رأي تم أحدا من هم يمّ س أمواله ويضع ها مع‬
‫(ال مس) الذي ي ستلمه لي صرف الم يع ف وجوه ها؟! بل هو مع هذا كله ل يؤدي الزكاة الواج بة‬
‫عليه!! بل وفوق ذلك هو يأخذ الزكاة مع أنا ل تل له لنه غن‪ ،‬بل قد يكون من (آل البيت) الذين‬
‫حرمت عليهم أصلً! فكيف؟!!‬
‫نسيان الزكاة‪-:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫لقد ألغى (المس) الهتمام بالزكاة من الواقع‪ ،‬فل تذكر كما يذكر المس‪ ،‬ول يرص عليها‬
‫ول يتحسس الناس لا وجودا أو تأثيا قط ف كل الناطق الأهولة بن يعتقد شرعية (المس)‪ ،‬وعامتهم‬
‫ل يعرفون عن أحكامها البسيطة الواضحة شيئا‪ ،‬قليلً ول كثيا مع أن ال تعال مل كتا به الكري من‬
‫ذكرها على عكس (المس)!!‬
‫ولعـل السـبب فـ ذلك ‪-‬وال أعلم‪ -‬أن مقدار الزكاة ل يعـد شيئا فـ مقابـل (المـس)‪ ،‬فإذا‬
‫طولب صاحب الال بمس ماله‪ ،‬كيف يكن معه أن يطالب بأداء زكاته؟!‬
‫فالمع بي (المس) والزكاة صعب على النفوس ومرج للمعطي والخذ‪ .‬وإذن فعلى الجتهد‬
‫أن ي ي نف سه ب ي هذا وهذا‪ ،‬فإذا طالب بأحده ا فعل يه أن ين سى ال خر أو يتنا ساه‪ ،‬ول شك ف أن‬
‫الختيار ي قع على (ال مس)‪ ،‬ويتغا فل عن الزكاة أو ل يذكر ها بقوة فإن ح صلت فب ها ونع مت وإل‬
‫فـ(المس) يكفي وزيادة!‬
‫ولذلك فإن الوا قع الشا هد أن الجت هد ي صرح أحيانا ب سألة التخي ي ب ي (ال مس) والزكاة دون‬
‫تردد أو تو قع أن أحدا سيسأله‪ :‬هل إن إ سقاط الواجبات الشرع ية من حقه مع أنا مفرو ضة من ق بل‬
‫ال؟! وهل إذا حكم ال بأمر يتاج حكمه ويفتقر إل تعقيب معقب‪ ،‬مع أنه ف كتابه يقول‪(( :‬وَاللّ هُ‬
‫يَحْكُمُـ ل مُ َعقّب َـلِحُكْمِهـِ)) [الرعـد‪]41:‬؟ وهـل الفقيـه مصـدر تشريعـي فـ مقابـل مصـادر الشرع‬
‫الخرى؟!‬
‫وهكذا نسيت الزكاة وعمي أمرها على سواد الناس فتركوا أداءها‪ ،‬بل ل يستشعرون وجوبا مع‬
‫سنُونَ صُنْعا)) [الكهف‪.]104:‬‬ ‫حسَبُونَ أَّنهُ ْم يُحْ ِ‬
‫قيامهم بدفع المس (( َوهُمْ يَ ْ‬
‫ضريبة خيالية‪-:‬‬
‫إذا أضف نا (ال مس) إل الزكاة وال صدقة وغيه ا من القوق الال ية الترت بة على ال سلم يكون‬
‫الجموع زهاء ربع الال!‬
‫أي‪ :‬أن السـلم هـو الوحيـد ‪-‬مـن دون بقيـة اللق وأجناس الرض‪ -‬الذي يُلزم بأداء ربـع ماله‬
‫ومكسبه ومقتنياته إل دولته كي يتحلل من ذمته أمام ربه!! وحت لو ل يكن سوى (المس)‪ ،‬فالمس‬
‫يعن خس الال أو الكسب وهو قريب من الربع‪.‬‬
‫فهل تصـورت ‪-‬والالة هذه‪ -‬مدى العنـت والرهاق والظلم الذي يتحمله الواطـن تاه دولة‬
‫كهذه؟! بل‪ ..‬هل يكن لدولة مهما بلغت من الظلم والسطوة أن توقع بواطنيها مثل هذا الور؟! وهل‬
‫ير ضى مواط نو أي دولة ي ستشعرون الكرا مة والر ية أن يرضخوا فيؤدوا (ضري بة د خل) بذه الضخا مة‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫تت أي ظرف؟ حت لو كان ظرف حرب أو ماعة شديدة أو حصار!‬


‫ولذلك فل يُعرف ف التاريخ أن ملكا أو حاكما عادلً ول ظالا فرض مثل ذلك على شعبه‪ ،‬إل‬
‫ما جاء ف التوراة عن ملك مصر زمن نب ال يوسف عليه السلم من أنه فرض (المس) على الحاصيل‬
‫الزراع ية ح ي اجتا حت الجا عة ش عب م صر‪ ،‬ول كن ب عد أن اشترى الرض وأهل ها ف صاروا له عبيدا‬
‫‪-‬وقد سبق ذكر ذلك‪.‬‬
‫هذا إذا فرضنا أن الهة الت يعطى لا (المس) دولة بالا‪ -‬كما يقول به بعض علماء الذهب‪-‬‬
‫فكيف إذا كانت هذه الضريبة اليالية تؤدى إل أفراد معدودين ل دولة أو مؤسسة عامة‪ ،‬فماذا ستكون‬
‫النتيجة؟! وإل أي مدى يكن أن يذهب بنا التصور واليال؟!‬
‫فكيـف إذا التفـت إل أن هؤلء الفراد العدوديـن هـم الذيـن يبـ أن يكون الاكـم منهـم‪،‬‬
‫فيكونون هم أمراء الجت مع السلمي! أي‪ :‬إن هذه الضري بة ل ي ستفيد منها إل الاكم وأفراد عشيته‬
‫ال كبية‪ ،‬أي‪ :‬العائلة الال كة ف قط!! ال ت تارس اليوم دور المارة و(ال سيادة) بأجلى صورها ق بل ت سلم‬
‫مقاليد الكم!‬
‫هل يكن لاكم ف الكون أن يفرض على رعيته خس مكاسبهم وأموالم ومقتنياتم له ولعشيته‬
‫فقط؟! وهل حدث مثل هذا ف التاريخ؟!‬
‫وهل تصورت الن المر على حقيقته وأبعاده البشعة؟! وإذن هل يكن أن يكون ذلك دينا منلً‬
‫من عند ال؟‬
‫إن هذا يستحيل أن يفعله أي حاكم مهما بلغ من الظلم والستبداد أو الستهتار بقدرات شعبه‬
‫وإرادته‪ ،‬فهل تعتقد أن النب صلى ال عليه وآله وسلم فعله؟! فعل أمرا تعفف فرعون عنه؟!‬
‫أو هل تعتقد أن ذلك كان الواجب عليه أو على أي من خلفائه ‪-‬وأهل بيته أن يفعلوه؟!‬
‫حقا إنه لتشويه ل يليق بصورة هذا الدين العظيم ول رسوله الكري‪.‬‬
‫لزال البعض يدفع (المس)! لاذا؟‪-:‬‬
‫لزال بعض التديني ‪-‬بل الكثيون منهم‪ -‬وإل اليوم يزاولون دفع (المس)‪ ،‬فلماذا!‬
‫والواب‪ :‬إ ما أن يكون ذلك جهلً من هم وح سن ن ية‪ ،‬إذ يت صورون أن (الئ مة) أمروا به أو أن‬
‫نصوص الشرع تفرضه عليهم‪ ،‬دون أن يكلف أحد منهم نفسه يوما ما لياجع بنفسه النصوص والدلة‬
‫ويكم بعقله الذات الستقل وإرادته النعتقة عن القيود‪ ،‬بعيدا عن فتاوى الفقهاء ف (رسائلهم العملية)‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫الجردة عن الدليل‪ ،‬لسيما وأن السواد العظم من التديني ذوي النوايا الطيبة‪ ،‬يتصور أن تقليد الفقهاء‬
‫ف كل شيء واجب متم عليه وإل كان معرضا للعقاب الخروي!‬
‫هكذا خيلوا له‪ ،‬وهكذا قيّدوا عقله عن أن يف كر‪ ،‬وكبلوا إراد ته عن أن تنطلق‪ ،‬وع صبوا عي نه‬
‫حت ل تبصر الطريق! وكسروا الاجز القدس بي العصوم الذي ل يطئ‪ ،‬وبي الفقيه الذي يوز عليه‬
‫ال طأ والصواب‪ ،‬ول يعد بينه ما فرق حقيقي سوى السم‪ ،‬فإذا اعتقدت أن الفقيه ل يوز العتراض‬
‫عليه أو مالفته فقد جعلت منه معصوما! وهذا باطل!‪.‬‬
‫وقد يكون بعضهم يفعله بدافع التعصب الذهب‪ ،‬وان كانت الغالبية تفعله بسن نية مبنية على‬
‫الهل بقائق المور ولكن ‪-‬مع ذلك‪ -‬تشعر أنم يسون ف دواخلهم بثقل الوطأة وضخامة الساب‬
‫فترى الكثي ين قد تفلتوا م نه أو احتالوا عل يه وأقنعوا أنف سهم بأن م يؤدون هذا (الوا جب) مع أن م ف‬
‫القيقة ل يقومون إل بدفع جزء يسي منه! وهذا يتضح بالفقرة التالية‪:‬‬
‫صعوبة التطبيق ومهازل الواقع‪-:‬‬
‫ل ا رأى القائمون على أ مر (ال مس) وا ستغلله صعوبة د فع م ثل هذا البلغ الائل على الن فس‬
‫وترج الكثيين وتفلتهم من ربقته‪ ،‬وهي حالة طبيعية جدا ل عيب فيها ول شذوذ بل هي تعبي عن‬
‫الفطرة النسانية السوية‪ ،‬فكم من بن آدم تسخو نفسه فتسمح له بأن يعطي خس أمواله وأرباحه الت‬
‫اكت سبها بعرق جبينه و كد يي نه ليأخذ ها م نه من ل يبذل في ها جهدا ول فكرا ول قلقا أو خوفا من‬
‫خسارة أو سرقة أو عقاب قانون ول علقة له باكتسابا من قريب ول بعيد؟!!‬
‫َسـَألْكُمْ‬
‫ُمـ وَل ي ْ‬
‫ُمـ أُجُورَك ْ‬
‫ِنـ ُت ْؤمِنُوا َوتَّتقُوا ُي ْؤتِك ْ‬
‫حقا إنـه لمـر ثقيـل جدا! يقول تعال‪(( :‬وَإ ْ‬
‫ضغَانَكُمْ)) [ممد‪.]37:‬‬ ‫خرِجْ َأ ْ‬ ‫حفِكُمْ َتبْخَلُوا وَيُ ْ‬
‫َأ ْموَالَكُمْ)) [ممد‪(( * ]36:‬إِنْ َيسْأَلْكُمُوهَا َفيُ ْ‬
‫خْيرِ‬
‫فال يعلم أن طا قة عبده ف د فع أمواله مدودة؛ ل نه مبول على حب الال‪(( :‬وَإِنّ هُ لِحُبّ الْ َ‬
‫َلشَدِيدٌ)) [العاديات‪ ]8:‬فلبد أن يكون الطلب بدود تتناسب وطاقته‪ ،‬وإل بل وامتنع وخرج من فمه‬
‫ما ل يمد ول تثريب عليه ف كل ذلك؛ لنه تصرف بقتضى الطبيعة البشرية الت خلقه ال تعال عليها‬
‫خلْقِ الّلهِ)) [الروم‪.]30:‬‬
‫((ل تَبْدِيلَ لِ َ‬
‫لذلك ل يكلف ال عبده إل ما يسع‪ ،‬بل دون وسعه بكثي وهو الزكاة الت ل تب إل على من‬
‫ملك ما ًل زائدا عن حاج ته وبي ته ومرك به ي ساوي قي مة عشر ين مثقا ًل من الذ هب بشرط أن ت ر على‬
‫ذلك الال سنة كاملة‪ ،‬و كم ن سبة الزكاة ف يه؟ اثنان ون صف ف الئة (‪ )%2.5‬ف قط‪ ،‬و هي ن سبة قليلة‬
‫جدا يستطيع أي إنسان دفعها‪ .‬بل لو أن أي فقي كلف با لا أرهقه ذلك!‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫ولذلك ‪-‬ف القابل‪ -‬امتنع عن دفع (المس) الكثيون وتناسوه أو احتالوا عليه!‬
‫فل ما رأى ال ستفيدون ذلك وواجهوا ال صعوبة العمل ية ف ت طبيق نظر ية (ال مس) على الوا قع‬
‫صاروا يففون ف القض ية ح ت ل يقضوا على البق ية الباق ية من هم ف ما ل يدرك كله ل يترك بع ضه أو‬
‫جله‪ ،‬وعلى رأي الثل‪( :‬إذا أردت أن تُطاع فأمر با يستطاع)‪.‬‬
‫وهذه بعض الصور الت عشناها ف الواقع الزيل‪:‬‬
‫‪ -‬كأن يكون حساب (المس) على أحدهم مئة ألف دينار فيأت إل الجتهد أو السيد فيقول‪:‬‬
‫عليّ مئة ألف‪ ،‬ولك ن متاج وليس معي إل عشرون ألفا فيجيبه‪ :‬ل بأس هاتا ويعد قائلً‪ :‬عشرون ث‬
‫يرجع ها إل يه باعتباره قد وه به إيا ها‪ ،‬ث يأخذ ها ثان ية قائلً‪ :‬أربعون‪ ...‬وهكذا ينت قل البلغ بينه ما عدة‬
‫مرات إل أن ينتهي العد إل مئة! أرأيت؟!‬
‫وبعض مستلمي (المس) يتنافسون فيما بينهم على التنقيص من البلغ فهذا ينقص أكثر من ذلك‬
‫وهكذا‪ ...‬ح ت صار من التعارف عل يه أن يقول القائل‪ :‬أ نا أد فع خ سي لفلن؛ ل نه يُن قص أك ثر من‬
‫سيد أو شيخ فلن‪.‬‬
‫أو يدفع بعضهم (المس) مرة واحدة ف حياته وعن بعض أمواله‪ ،‬خصوصا إذا كان غنيا فاحش‬
‫الغن فيسقطون عنه الزكاة بعد أن ييوه بي الزكاة الت تؤخذ منه سنويا طيلة حياته‪ ،‬وبي (المس)‬
‫مرة واحدة وقد نقصوا له منه وخففوه كثيا فيختار الثان‪ .‬ول شك أن من يقبض (المس) مستفيد‬
‫أيضا فإن الد فع نقدا خ ي من التق سيط‪ .‬وهكذا يف سدون على ال سلم ركنا عظيما من أركان الد ين‬
‫المسة متصورا أن ذلك يعفيه عند ال وينجيه من حسابه يوم القيامة‪ ،‬وهكذا يتم التلعب بشرع ال‪،‬‬
‫فال يقول ويأمر بشيء (والفت) يقول ويأمر با يغايره ويلغيه فيجعل من نفسه ربا آخر تاما كما قال‬
‫تعال‪(( :‬اتّخَذُوا أَ ْحبَا َرهُ ْم َو ُرهْبَاَنهُمْ َأرْبَابا مِ ْن دُونِ الّلهِ)) [التوبة‪.]31:‬‬
‫وهذا ف المر والنهي والتشريع ف مقابل شرع ال‪.‬‬
‫إن القصد من كل هذا جع الال ولذلك قال تعال بعد الية السابقة بعدة آيات‪(( :‬يَا َأّيهَا الّذِي َن‬
‫آمَنُوا إِنّ كَثِيا مِ نْ الَحْبَا ِر وَال ّرهْبَا نِ لَيَأْ ُكلُو نَ َأ ْموَا َل النّا سِ بِالْبَاطِ ِل وَيَ صُدّونَ عَ ْن سَبِيلِ اللّ هِ)) [التو بة‪:‬‬
‫‪.]34‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬علماء الدين والال‪-:‬‬
‫أكد القرآن الكري على قضية مهمة جدا هي‪:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫أن علماء الد ين ودعا ته من ال نبياء ‪-‬علي هم ال سلم‪ -‬وغي هم ل ي سألون الناس أجرا أو ما ًل‬
‫مقابل دعوتم أو كونم علماء‪ ،‬فليس ف شرع ال الذي أنزله على مر العصور طبقة من (رجال الدين)‬
‫تتك سب بدين ها وتعتاش على أموال غي ها‪ ،‬إن ا يو جد هذا ع ند أ صحاب النا هج الختر عة والديانات‬
‫البدلة كالحبار والرهبان الذين ((يَأْكُلُونَ َأ ْموَالَ النّاسِ بِاْلبَاطِ ِل وَيَصُدّونَ عَ ْن َسبِي ِل اللّهِ)) [التوبة‪،]34:‬‬
‫لقد تكرر ذكر هذه القضية الهمة كثيا ف القرآن وجاءت على لسان كل نب بعثه ال تقريبا‪.‬‬
‫ِنـأَ ْجرِي ِإلّ َعلَى اللّهـِ))‬
‫ِنـَأ ْجرٍ إ ْ‬
‫سـأَْلتُكُ ْم م ْ‬
‫ُمـ فَمَا َ‬
‫ِنـ َتوَلّْيت ْ‬
‫فهذا نوح عليـه السـلم يقول‪(( :‬فَإ ْ‬
‫[يونس‪ ،]72:‬ويقول‪(( :‬وَيَا َقوْ مِ ل أَ سَْألُكُ ْم عََليْ هِ مَالً إِ نْ أَ ْجرِي إِ ّل عَلَى اللّ هِ)) [هود‪ ،]29:‬بل قال‪:‬‬
‫ِنـ اللّهـِ)) [هود‪ ]31:‬حتـ ل يغري الناس باتباعـه طمعا بالال وزخارف‬ ‫ُمـ عِندِي َخزَائ ُ‬
‫((وَل َأقُولُ لَك ْ‬
‫الدنيا‪ ،‬فل هو يسألم مالً ول هو يعطيهم شيئا‪ ،‬وذلك من أجل أن تظل الدعوة خالصة ل‪.‬‬
‫ويقول هود عليه السلم لقومه‪(( :‬يَا َقوْ مِ ل َأ سْأَُلكُ ْم عَلَيْ هِ َأجْرا إِ نْ أَ ْجرِي إِ ّل َعلَى الّذِي َف َطرَنِي‬
‫َأفَل َت ْعقِلُو نَ)) [هود‪ ]51:‬وكان كل نب يقول لقومه‪(( :‬وَمَا أَ سَْألُكُ ْم عََليْ ِه مِ نْ أَ ْجرٍ إِ نْ أَ ْجرِي إِ ّل َعلَى‬
‫رَبّ اْلعَالَمِيَ)) [الشعراء‪ ]109:‬جاءت هذه ال ية مكررة خ س مرات ف سورة الشعراء على ل سان‬
‫خسة من الرسل نوح وهود و صال ولوط وشعيب عليهم السلم‪ ،‬وأما رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم فما أكثر اليات الت جاءت على لسانه تؤكد هذه القضية الهمة‪:‬‬
‫((قُ ْل مَا سََألْتُكُ ْم مِنْ أَ ْج ٍر َف ُهوَ َلكُمْ إِنْ أَ ْجرِي إِ ّل َعلَى الّلهِ)) [سبأ‪.]47:‬‬
‫((قُلْ ل َأسْأَلُكُ ْم َعلَْيهِ أَجْرا إِ ْن ُهوَ إِ ّل ذِ ْكرَى ِل ْلعَالَ ِميَ)) [النعام‪.]90:‬‬
‫((قُ ْل مَا َأسْأَلُكُ ْم عََلْيهِ مِنْ أَ ْجرٍ إِ ّل مَنْ شَاءَ أَنْ َيتّخِذَ إِلَى َرّبهِ سَبِيلً)) [الفرقان‪.]57:‬‬
‫ج رَّبكَ َخْيرٌ َو ُهوَ خَْي ُر الرّازِِقيَ)) [الؤمنون‪.]72:‬‬
‫خرَا ُ‬
‫((َأمْ تَسَْأُلهُمْ َخرْجا َف َ‬
‫((َأمْ تَسَْأُلهُمْ َأجْرا َفهُ ْم مِ ْن َم ْغرَ ٍم مُْثقَلُونَ)) [الطور‪.]40:‬‬
‫((قُلْ ل َأسْأَلُكُ ْم َعلَْيهِ أَجْرا إِ ّل الْ َم َو ّدةَ فِي اْل ُقرْبَى)) [الشورى‪.]23:‬‬
‫إل غيها من اليات الشابة‪.‬‬
‫ولا كان الدجالون الذين يتزيّون بزي الدين وينطقون باسه يكوّنون ‪-‬دائما وأبدا‪ -‬طبقة مترفة‬
‫بالدين عليه تعتاش وباسه تتأكّل وف ظله ترتع وتتطفل فقد جعل ال جل ذكره أخذ أموال الناس باسم‬
‫الدين علمة دالة على كل كذاب‪.‬‬
‫ف كل من اد عى العلم والدين فن طق با سه وتزيّ ى بر سه ث سأل الناس أموال م فهو دعي ل يل‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫سعَى قَالَ يَا َقوْ مِ اتِّبعُوا الْ ُمرْ َسِليَ)) [ يس‪:‬‬


‫اتباعه‪ ،‬كما قال سبحانه‪(( :‬وَجَاءَ مِ نْ أَقْ صَى الْمَدِينَ ِة رَ ُجلٌ يَ ْ‬
‫‪(( * ]20‬اتِّبعُوا مَنْ ل َيسْأَلُكُمْ أَجْرا َوهُمْ ُمهْتَدُونَ)) [يس‪.]21:‬‬
‫وتأ مل مدى تأ صل الطب قة الحتر فة بالد ين ف الجتمعات على مر التار يخ وكون ا ف كل ج يل‬
‫ت عل من نف سها بديلً يدع الناس وي صدهم عن سبيل ال و عن دعا ته من ال نبياء وال صلحي الذ ين‬
‫يتبعون منهاج النبياء فيدعون إل ال ول يأخذون على دعوتم أجرا‪.‬‬
‫وحيثما يوجد الدين يوجد الحتراف ويوجد كذلك الخلص‪ ،‬والفارق بي أهل هذا وأهل هذا‬
‫س بِالْبَاطِلِ‬‫هو طلب الال وكنه‪(( :‬يَا َأّيهَا الّذِي َن آمَنُوا إِنّ َكثِيا مِنْ ا َلحْبَا ِر وَال ّرهْبَانِ َليَأْكُلُونَ َأ ْموَا َل النّا ِ‬
‫ش ْرهُ مْ ِبعَذَا بٍ‬‫ب وَاْل ِفضّ َة وَل يُن ِفقُونَهَا فِي َسبِي ِل اللّ هِ َفبَ ّ‬ ‫وَيَ صُدّو َن عَ ْن َسبِي ِل اللّ ِه وَالّذِي نَ َيكِْنزُو نَ ال ّذهَ َ‬
‫َألِي مٍ)) [التوبة‪َ(( * ]34:‬يوْ مَ يُحْمَى عَلَْيهَا فِي نَارِ َج َهنّ َم فَتُ ْكوَى ِبهَا جِبَا ُههُ مْ َوجُنُوُبهُ ْم وَ ُظهُو ُرهُ مْ هَذَا‬
‫مَا كََن ْزتُمْ لَنفُسِكُ ْم فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ َتكِْنزُونَ)) [التوبة‪.]35:‬‬
‫وهذا هو السر ف أن كل نب ينبه أمته على أنه على الق بدليل كونه ل يسألم أجرا كما هو‬
‫ديدن البطلي‪.‬‬
‫وعلى النهاج ذا ته سار أم ي الؤمن ي علي عل يه ال سلم وأ هل بي ته من بعده ف ما كانوا ي سألون‬
‫الناس شيئا‪ ،‬بل الناس كانوا يسألونم‪.‬‬
‫ولكـن‪ ...‬انظـر إل واقـع (علماء الديـن) اليوم الذيـن يدّعون النتسـاب إليـه لترى الفرق الائل‬
‫والبون الشاسع بي ما عليه الدعياء وما عليه أتباع النبياء!‬
‫يقول الدكتور موسى الوسوي‪:‬‬
‫وعندما أكتب هذه السطور أعرف متهدا‪ ...‬ل يزال على قيد الياة و قد ادخر من المس ما‬
‫يعله زميلً لقارون الغابر أو القوارين العاصرين‪ ،‬وهناك متهد شيعي ف إيران قتل قبل سنوات معدودة‬
‫كان قد أودع با سه ف ال صارف مبلغا يعادل عشر ين مليون دولر أخذ ها من الناس طوعا أو كرها‬
‫با سم المس والقوق الشرع ية وبعد ال ت واللت يا وماكمات كثية استطاعت الكو مة اليرانية وضع‬
‫اليد على تلك الموال كي ل يقتسمها الورثة فيما بينهم‪ ،‬هذه صورة مزنة من آثار بدعة المس الت‬
‫تبناها فقهاء الشيعة‪.)95(.‬‬
‫بل منهم من بن لنفسه وذريته من بعده مؤسسات مالية ضخمة خارج الوطن الذي من فقرائه‬

‫‪ )(95‬الشيعة والتصحيح (ص‪..)69:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫وجهد أبنائه جع تلك الموال وبن تلك الؤسسات‪.‬‬


‫لقد مات رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي على حفنات من شعي‬
‫وخرج من الدن يا و هو فق ي‪ ،‬وكذلك خرج من ها المام الرا شد والع بد الزا هد علي بن أ ب طالب عل يه‬
‫ال سلم‪ ،‬وهؤلء يرجون من ها و قد تركوا القناط ي القنطرة من الذ هب والف ضة والكنوز ال ت ل يعلم‬
‫مقدارها وخزائنها إل ال!!‬
‫السلم يارب الحتراف أو الرتزاق باسم الدين‪-:‬‬
‫إن أعضاء السرة النبوية وأهل البيت الكرام وف مقدمتهم وعلى رأسهم المام علي الرتضى عليه‬
‫السلم وأولده الماجد إنا كانوا غيارى أشد الغية ف الرحم الذي كان يصلهم برسول ال صلى ال‬
‫عل يه وآله و سلم‪ ،‬ف ما كانوا ي ستغلون هذه الن سبة ل صال دنيو ية شأن أبناء أ سر الزعماء الديني ي ف‬
‫الديانات وال مم الخرى م ن ينالون تقدي سا زائدا ف كل حال ويعاملون من أتباع هم كشخ صيات‬
‫تفوق الب شر‪ ،‬وكانوا بعيد ين كل الب عد عن ك سب حطام الدن يا بأ سائهم‪ ،‬وبناء ق صور الف خر على‬
‫عظامهم‪ ،‬وما تتحدث عنه كتب التاريخ والسية من حكايات لبائهم واستغنائهم وعزة أنفسهم تصور‬
‫سيتم و سلوكهم ت صويرا يتلف تاما عن سية الطب قة الحتر فة بالد ين ( من الباه ة والكه نة) ف‬
‫الديانات واللل الخرى؛ فإنا تعتب ذاتا قدسية وعظمة عن طريق الولدة فهي ل تتاج لكسب العاش‬
‫وتق يق حاجات الياة إل بذل ش يء من ال هد وال سعي‪ ...‬د خل سيدنا ال سن بن علي عل يه ال سلم‬
‫السوق لاجة يقضيها فساوم صاحب دكان ف سلعة فأخبه بالسعر العام ث علم أنه السن بن علي‬
‫عل يه ال سلم سبط ر سول ال صلى ال عل يه وآله و سلم فن قص ف ال سعر إجللً له وإكراما‪ ،‬ول كن‬
‫السن بن علي عليه السلم ل يقبل منه ذلك وترك الاجة وقال‪[[ :‬إنن ل أرضى أن أستفيد من‬
‫مكانت من رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ف شيء تافه]]‪.‬‬
‫ويقول جويرية بن أساء ‪-‬وهو من أخص خدم المام علي بن السي عليه السلم‪:‬‬

‫[[ما أكل علي بن السي عليه السلم بقرابته من رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم درها قط‪ ،‬وكان إذا سافر كتم نفسه‪ ،‬فقيل له ف ذلك فقال‪ :‬أنا أكره أن آخذ‬
‫برسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ما ل أعطى به]]‪.‬‬
‫لن شرّع القتصاد السلمي‪-:‬‬
‫الناظـر فـ التشريعات القتصـادية السـلمية كالزكاة والصـدقة والفيـء والراج وخسـ الغنائم‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫يعرف أن ا جاءت لنف عة الجت مع كله‪ ،‬ول يعرف أن ال شرع شيئا ل صال فرد مع ي أو طب قة معي نة‪،‬‬
‫فكيـف يشـذ خسـ الكاسـب ‪-‬إذا كان مشروعا‪ -‬عـن هذه القاعدة فيكون لطبقـة أو طبقتيـ مـن‬
‫الجتمع؟! بل يكون سببا أساسيا ف تكوين الطبقية الت جاء السلم لدمها؟!‪.‬‬
‫تأمي العاش للقارب من خصائص اللوك ل النبياء عليهم السلم‪-:‬‬
‫إن من عادة اللوك والظلمة من الكام حيازة الموال والناصب وإعطاء ها ل ن ل يستحقها من‬
‫الهل والقارب‪.‬‬
‫أما النبياء ‪-‬عليهم السلم‪ -‬فليس هذا من أخلقهم وأفعالم وعاداتم‪ ،‬إنم ل يكونوا يأخذون‬
‫على دعوت م من أ حد دينارا ول درها‪ ،‬بل كان كل وا حد يكرر على م سامع قو مه‪(( :‬وَمَا أَ سَْألُكُمْ‬
‫َعلَْي ِه مِنْ َأ ْجرٍ إِنْ َأ ْجرِي إِ ّل عَلَى َربّ اْلعَالَ ِميَ)) [الشعراء‪.]109:‬‬
‫أما نبينا ممد صلى ال عليه وآله وسلم فقد خاطبه ال تعال بقوله الكري‪(( :‬وََلقَدْ آتَيْنَا َك سَبْعا‬
‫حزَنْ‬‫مِنْ الْ َمثَانِي وَاْل ُقرْآنَ اْلعَظِيمَ)) [الجر‪(( * ]87:‬ل تَمُدّنّ عَْينَيْكَ إِلَى مَا مَّتعْنَا بِهِ َأ ْزوَاجا مِْنهُ ْم وَل َت ْ‬
‫َعلَْيهِمْ وَا ْخفِضْ جَنَاحَكَ ِللْ ُم ْؤمِِنيَ)) [الجر‪ ]88:‬فبي أن عطاءه لنبيه صلى ال عليه وآله وسلم إنا هو‬
‫السبع الثان (الفاتة) والقرآن العظيم‪ .‬وهو من العظمة والسعة بيث يقطع نظر من أوتيه عن أن يتد‬
‫إل متاع الدنيا مهما عظم واتسع ويقصر رغبته وغناه على ذلك العطاء الربان الليل‪.‬‬
‫ول يكن النب صلى ال عليه وآله وسلم مشغولً باله بستقبل أهله وأقاربه ول قلقا أو مهموما با‬
‫ستؤول إليه حالتهم الادية من بعده‪ ،‬فإن هذا ل يليق بعامة زهاد المة وصاليها‪ ،‬فكيف بسيد التوكلي‬
‫ق ذُو اْل ُق ّوةِ الْ َمِتيُ)) [الذاريات‪ ]58:‬وأعظم الؤمني العاملي بقول ربه‪:‬‬ ‫العالي بـ((إِنّ اللّ َه ُهوَ ال ّرزّا ُ‬
‫ب َومَنْ َيَتوَكّ ْل عَلَى الّلهِ‬
‫س ُ‬
‫خرَجا)) [الطلق‪(( * ]2:‬وََي ْرزُ ْقهُ مِنْ حَْيثُ ل يَحَْت ِ‬‫جعَلْ لَ ُه مَ ْ‬ ‫((وَمَنْ يَتّقِ الّلهَ يَ ْ‬
‫َف ُهوَ حَ ْسُبهُ)) [الطلق‪]3:‬؟! أليس هو الذي كان يعلّم أصحابه ويقول‪[[ :‬إن روح القدس نفث ف‬
‫روعي أنه لن توت نفس حت تستوف رزقها وأجلها‪ ،‬فاتقوا ال وأجلوا ف الطلب]]؟!‬
‫وفوق ذلك كان صلى ال عليه وآله وسلم على حالة شديدة من التقشف والزهد‪ ،‬وكذلك كان‬
‫أهل بيته الطهار وعلى رأسهم علي عليه السلم وفاطمة عليها السلم اللذين ل نعرف عنهما إل الزهد‬
‫والقناعة والتخفف من الدنيا ومتعتها‪.‬‬
‫إن القول بأن (المس) ُشرِع لقارب النب صلى ال عليه وآله وسلم يعكس هذه القاصد ويظهر‬
‫النب صلى ال عليه وآله وسلم وأهل بيته على صورة غي ما هم عليه ف القيقة‪.‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫أميـ الؤمنيـ علي عليـه السـلم يرم على نفسـه وأهله أموال السـلمي مـن الصـدقات‬
‫والزكوات والصّلت‪-:‬‬

‫تأمل هذا النص الذي جاء ف نج البلغة(‪ )96‬عن أمي الؤمني علي عليه السلم‪[[ :‬وال لقد‬
‫ل وقد أمدق حت استماحن من بُر كم صاعا‪ ،‬ورأ يت صبيانه شعث الشعور‬
‫رأيت عقي ً‬
‫غب اللوان من فقر هم كأن ا سوّدت وجوه هم بالعظلم( ) وعاود ن مؤكدا وكرّر عل يّ‬
‫‪97‬‬

‫القول مرددا فأصغيت إليه سعي فظن أن أبيعه دين وأتبع قياده مفارقا طريقي فأحيت له‬
‫حديدة ث أدنيتها من جسمه ليعتب با‪ ،‬فضج ضجيج ذي دنف من ألها وكاد أن يترق‬
‫من مي سمها فقلت له‪ :‬ثكل تك الثوا كل يا عق يل‪ ،‬أتئن من حديدة أحا ها إن سانا لِ َلعِبِ هِ‬
‫وترن إل نار سجرها جبارها لغضبه؟!‬
‫أتئن من الذى ول أئن من لظى؟!]]‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كيف يصل عقيل وصبيانه وأهله ‪-‬وهو أخو علي ‪ -‬إل هذه الدرجة من الفقر يتردد مرارا‬
‫على أخ يه و قد شع ثت شعور صبيانه وا غبت ألوان م وا سودّت وجوه هم من الوع والملق ويعاود‬
‫أخاه مؤكدا‪ ،‬ويكرر له القول مرددا من أجل كيلوين من الطحي؟! ويعاود ويكرر القول؟!‬
‫أيعقـل هذا وخسـ أرباح السـلمي وتاراتمـ وأموالمـ تبـ إليهـم مـن أطراف دولة السـلم‬
‫الترامية؟!! ث يواصل أمي الؤمني الزاهد التقي كلمه السابق قائلً‪:‬‬

‫[[وأعجب من ذلك طارق طرقنا بلفوفة ف وعائها ومعجونة شنئتها كأنا عجنت‬
‫بريق حية أو قيئها فقلت‪ :‬أصلة؟ أم صدقة؟ أم زكاة؟ فذلك مرم علينا أهل البيت‪.‬‬
‫فقال‪ :‬ل ذا ول ذاك ولكنها هدية‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬هبلتك البول أعن دين ال أتيتن لتخدعن؟!]]‪.‬‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم يقدم أقرباءه ف الطر ويؤخرهم ف النافع‪-:‬‬
‫وقد كان النب صلى ال عليه وآله وسلم لدى جيع مناسبات الراحة والعطايا والوائز والشرف‬
‫يؤخر دائما أقرباءه ويؤثر عليهم غيهم خلفا لعادة عامة اللوك والسلطي وطريقة الكام السياسيي‪.‬‬
‫‪..)2/217-218( )(96‬‬
‫‪ )(97‬صبغ أسود‪.‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫عن علي عليه السلم {أن فاطمة عليها السلم اشتكت ما تلقى من الرحى ما تطحن فبلغها أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم أُت بغنيمة فأتته تسأل خادما فلم توافقه فذكرت لعائشة فجاء‬
‫ال نب صلى ال عل يه وآله و سلم فذكرت ذلك عائ شة له فأتا نا و قد دخل نا مضاجع نا فذهب نا لنقوم‬
‫فقال‪ :‬على مكانك ما حت وجدت برد قدم يه على صدري فقال‪ :‬أل أدلك ما على خ ي ما سألتماه؟‬
‫إذا أخذتا مضاجعكما فكبا ال أربعا وثلثي‪ ،‬واحدا ثلثا وثلثي وسبحا ثلثا وثلثي‪ ،‬فإن ذلك‬
‫خي لكما ما سألتماه}(‪.)98‬‬
‫وف رواية أخرى ف هذه القصة وفيها‪{ :‬وال ل أعطيكم وأدع أهل الصفة تطوى بطونم من‬
‫(‪)99‬‬
‫الوع‪ ،‬ل أجد ما أنفق عليهم‪ ،‬ولكن أبيعهم وأنفق عليهم أثانم}‪.‬‬
‫أوساخ الناس‪-:‬‬
‫حرّم النب صلى ال عليه وآله وسلم الزكاة والصدقة على نفسه وأهل بيته؛ لنا (أوساخ الناس)‬
‫أراد ال أن يطهرهم منها وأحب لم أن يترفعوا عنها‪ ،‬وجعل لم عوضا عنها حقا ف المس‪.‬‬
‫فإذا طبقنا هذه القاعدة وأنه على أساسها حرم ال على نبيه وأهله الزكاة‪ ،‬فلننظر أي خس هذا‬
‫الذي هو ليس من أوساخ الناس أحله ال لم؟‬
‫الزكاة‪ :‬تؤخذ من أموال السلمي بنسبة واحد ف الربعي (‪.)1/40‬‬
‫وخس الكاسب‪ :‬يؤخذ من أموال السلمي أيضا‪ ،‬ولكن بنسبة ثانية ف الربعي (‪.)8/40‬‬
‫فهل من فرق بينهما إل ف كمية الوساخ؟! إذ تبلغ أوساخ (المس) أضعاف أضعاف أوساخ‬
‫الزكاة!!‬
‫فهل يصح ف الذهان أن يطهرهم ال من الزكاة والصدقة لنا وسخ ول يطهرهم من (المس)‬
‫هذا وهو كذلك بل فرق قط سوى أنه يزيد عليها ف كمية هذه الوساخ؟! هل يصح أن تطهّر ثوبك‬
‫من رشاش ماء الطريق باء الجاري أو الياه الثقيلة؟! هل يفعل ذلك عاقل؟!!‬
‫خس الغنائم‪-:‬‬
‫لقد أباح ال تعال لنبيه وأهل بيته خس الغنائم؛ لنه يؤخذ عنوة وإرغاما بد السيف من الكفار‬
‫الذين فقدوا أحقية ملكيته بقاتلتهم أهل السلم فصار ملكا للمسلمي يتصرفون فيه بأمر ال‪ ،‬فكان ف‬

‫‪ )(98‬من ل يضره الفقيه للقمي (‪..)1/321‬‬


‫‪ )(99‬الجازات النبوية للشريف الرضى (‪..)355‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫المس حق لهل البيت أمرا من ال ل تفضلً وتكرما من الناس‪ ،‬إذ ل يتملكه أحد من السلمي قبلهم‬
‫له فيه حق‪ ،‬ول هو من الوسخ الذي يلقيه الناس عن أموالم لتطيب وتزكو كما هو الال ف الزكاة الت‬
‫قال ال عنها‪(( :‬خُ ْذ مِنْ َأ ْموَاِلهِ ْم صَدَقَ ًة تُ َط ّه ُرهُمْ َوُتزَكّيهِمْ ِبهَا)) [التوبة‪.]103:‬‬
‫فهو بذا العن ليس من الوسخ الذي أراد ال تطهيهم منه‪ ،‬أما خس الكاسب فهو الوسخ بعينه‬
‫أو هو عي الوسخ‪.‬‬
‫لن الال حتـ ل يكون وسـخا ينبغـي أن ل يكون ملكا لحـد يتفضـل بـه على غيه وإل فهـو‬
‫وسـخ يُلقـي بـه ذلك الغيـ إل مـن يأخذه‪ ،‬وهذا العنـ موجود فـ الزكاة وموجود كذلك وأكثـر فـ‬
‫مكا سب الناس إذ هي ملك هم ف ما الفرق الذي ج عل الزكاة و سخا ول ي عل خ س الكا سب كذلك‬
‫وكلها خارج من عي واحدة؟!‬
‫الفرق بي خس الكاسب وخس الغنائم‪-:‬‬
‫خس الكاسب يؤخذ من أموال السلمي السالي وأرباحها فل فرق بينه وبي الزكاة من هذه‬
‫الناحية إل ف القدار فإذا كانت الزكاة وسخا فهو زيادة ف الوسخ ل غي‪.‬‬
‫أمـا خسـ الغنائم فيؤخـذ مـن أموال الكفار الحاربيـ الذيـن سـقطت ملكيتهـم له بحاربتهـم‬
‫السلمي‪ ،‬فهو ليس ملكا لحد ول فضل فيه لحد على أحد حت يكون وسخا‪ .‬إنا هو مال ال قال‬
‫ك عَن ْـ الَْنفَا ِل قُلْ ا َلْنفَالُ لِلّ هِ وَالرّسـُولِ)) [النفال‪ ]1:‬شاء أن يق سمه هذا‬ ‫عنـه فـ كتا به‪(( :‬يَ سْأَلُوَن َ‬
‫التقسيم الوارد ف قوله الكري بعد الية ال سابقة بأربعي آية‪(( :‬وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُ ْم مِ نْ شَ ْيءٍ فَأَنّ ِللّ هِ‬
‫سهُ َولِلرّسُو ِل وَلِذِي اْل ُقرْبَى وَالَْيتَامَى وَالْ َمسَا ِكيِ وَابْ ِن السّبِيلِ)) [النفال‪.]41:‬‬
‫خُمُ َ‬
‫فإذا أخذ أهل البيت منه شيئا فإنم ل يأخذونه من أحد وإنا يأخذونه من مال ال فل منّة لحد‬
‫عليهم سوى ال ج ّل وعل‪.‬‬
‫وبذا يظهر التوافق وعدم التناقض بي حرمان أهل البيت من الزكاة والصدقات وإعطائهم من‬
‫خس الغنائم‪.‬‬
‫وإل لاذا يرم السـلم عليهـم صـدقات الناس ليبيـح لمـ أرباح مكاسـبهم وأموالمـ‪ ،‬ول فرق‬
‫بينهما؟!‬
‫تأمل هذا الكلم جيدا فإنه يكفي بإذن ال من غايته القيقية والبحث الجرد البعيد عن الذات‪.‬‬
‫أيهما أشر العشار؟ أم الماس؟‪-:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫جاء ف نج البلغة(‪ )100‬عن علي عليه السلم أنه قال‪[[ :‬طوب للزاهدين ف الدنيا الراغبي‬
‫ف الخرة‪ ،‬أولئك قوم اتذوا الرض ب ساطا وتراب ا فراشا وماء ها طيبا والقرآن شعارا‬
‫والدعاء دثارا‪ ،‬ث قرضوا الدنيا قرضا على منهاج السيح ‪-‬كحال آكلي المس اليوم!‪-‬‬
‫يانوف إن داود عليه السلم قام ف مثل هذه الساعة من الليل فقال‪ :‬إنا ساعة ل يدعو‬
‫فيهـا عبـد إل اسـتجيب له إل أن يكون عشارا أو عريفا أو شرطيا أو صـاحب عربطـة‬
‫‪-‬وهي الطنبور‪ -‬أو صاحب كوبة ‪-‬وهي الطبل‪ ]]-‬ا هـ‪.‬‬
‫جاء ف شرحه‪:‬‬
‫العريف‪ :‬من يتجسس على أحوال الناس وأسرارهم فيكشفها لميهم مثلً‪.‬‬
‫والشرطي‪ :‬نسبة إل الشرطة وهو أعوان الكام (أي‪ :‬الظال)‪.‬‬
‫والعشار‪ :‬من يتول أخذ أعشار الموال وهو الكاس‪.‬‬
‫قلت هذه منلة العشار عند المام علي عليه السلم وهذه حاله ف بعده عن ال وعدم استجابته‬
‫دعاءه‪ ،‬و قد جاء ف الد يث الشر يف عن ال نب صلى ال عل يه وآله و سلم ف الرأة ال ت تا بت وأقرت‬
‫بالزنا فرجت‪{ :‬لقد تابت توبة لو تابا صاحب مكس لقبل منه} وصاحب الكس هو‪ :‬العشار فهذا‬
‫حال من يأخذ أعشار أموال الناس!‬
‫فكيف هي حال من يأخذ (أخاسها)؟! والمس ضعف العشر كما تقول لغة الرياضيات!! اللهم‬
‫نسألك العافية‪.‬‬
‫الفصل الامس‪ :‬اتّباع التشابه‪-:‬‬
‫بعد كل الذي قدمناه ‪-‬والمد ل‪ -‬يتبي بوضوح تام أن فكرة (خ س الكاسب) من ناحية ث‬
‫إعطاء هذا (ال مس) إل الفق يه من ناح ية أخرى ل دل يل علي ها من الشرع ول م ستند ل ا إل التشا به‬
‫والتشابه الحض!‬
‫فليس هناك إل نص قرآن واحد‪ ،‬ورد فيه لفظ (المس) اللفظ فقط!‪ ،‬أما موضوعه ومعناه أو‬
‫مضمونه ومتواه فشيء آخر ل علقة له به‪ ،‬هو خس الغنائم الت تؤخذ من مارب الكفار ف ساحة‬
‫القتال‪.‬‬

‫‪..)4/24( )(100‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫تعضية النصوص‪-:‬‬
‫اتبع مع هذا النص القرآن الليل أسلوب التعضية والتقطيع الذي نى ال تعال عنه فقال‪(( :‬كَمَا‬
‫َأْنزَلْنَا َعلَى اْل ُمقْتَسِ ِميَ)) [الجر‪(( * ]90:‬الّذِي َن َجعَلُوا اْل ُقرْآ َن ِعضِيَ)) [الجر‪.]91:‬‬
‫أي‪ :‬جعلوه أجزاء أو أعضاء متفرقة أصلها من‪ :‬عضيّت الشيء تعضية أي‪ :‬فرقته وجعلته أعضاء‬
‫وأجزاء مز قة ومقط عة ومف صولة العل قة ببعض ها‪ ،‬ح ت ي سهل حل ها على الراد وعلى اليان بب عض‬
‫والك فر بب عض‪ ،‬وحينذاك يكون من فَ عل هذا كاذبا ومدعيا زورا على ال وكتا به فإ نك لو تلوت قوله‬
‫تعال‪(( :‬ذَلِ كَ أَ نْ لَ مْ يَكُ ْن رَبّ كَ ُمهْلِ كَ اْل ُقرَى بِ ُظلْ مٍ)) [النعام‪ ]131:‬وسكتّ ول تكمل الية‪ ،‬صار‬
‫العن أن ال ل يهلك القرى الظالة أما إذا أكملت وأضفت إليها‪(( :‬وََأهُْلهَا غَافِلُو نَ)) [النعام‪]131:‬‬
‫تغي العن إل الضد تاما‪ ،‬وكان العن الول كذبا بل النص نفسه ل يصح نسبته إل ال ومن فعل ذلك‬
‫ف قد افترى عل يه مع أ نك جئت به من القرآن نف سه‪ ،‬وهكذا لو قرأت قوله تعال‪َ(( :‬فوَيْلٌ ِللْمُ صَّليَ))‬
‫[الاعون‪ ]4:‬ول تكمل‪.‬‬
‫وتأمل دقة لفظ (عضي) فإنه جع ِعضَة والعضة لا معنيان‪:‬‬
‫الول‪ :‬عضة وأصلها عِضوة أي‪ :‬جزء‪.‬‬
‫والثانـ‪ :‬عضـة التـ أصـلها العضـة وهـو الكذب والبهتان يقال‪َ :‬عضَهَـه عضهـا أي‪ :‬رماه‬
‫بالكذب(‪.)101‬‬
‫فاجت مع العنيان ف ل فظ (عض ي) ف كل من فرق كلم ال وجزأه وف صله عن بع ضه ف قد افترى‬
‫على ال واحتمـل بتانا وإثا مـبينا‪ ،‬ولذلك يقول ال تعال بعـد اليتيـ السـابقتي فـ سـورة الجـر‪:‬‬
‫((َف َورَّبكَ لَنَسَْألَّنهُمْ أَجْ َم ِعيَ)) [الجر‪(( * ]92:‬عَمّا كَانُوا َيعْ َملُونَ)) [الجر‪.]93:‬‬
‫مثال عن التعضية والتقطيع من الدلة‪-:‬‬
‫قال السيد ممد صادق الصدر ف كتابه المس بي السائل والجيب‪:‬‬
‫إن المس من أهم الواجبات الشرعية وقد ورد فيه التأكيد البليغ‪.)102(.‬‬
‫فلننظر ف أدلته الت استند إليها لثبات قوله هذا‪:‬‬
‫سهُ‬
‫‪ -1‬قال مباشرة ب عد قوله ال سابق قال تعال‪(( :‬وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُ ْم مِ نْ شَ ْيءٍ فَأَنّ ِللّ هِ خُمُ َ‬

‫‪ )(101‬صفوة البيان لعان القرآن‪..‬‬


‫‪ )(102‬المس بي السائل والجيب (ص‪..)3:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫وَلِلرّ سُو ِل وَلِذِي اْل ُقرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَ سَا ِكيِ وَابْ نِ ال سّبِيلِ إِ نْ كُنتُ ْم آمَنْتُ مْ بِاللّ ِه َومَا أَنزَلْنَا َعلَى عَبْ ِدنَا))‬
‫[النفال‪.]41:‬‬
‫وتوقف عند هذا الد ول يكمل الية‪ ،‬بل بترها عن خاتتها وسياقها وهو‪َ ...(( :‬يوْ مَ اْل ُفرْقَا ِن‬
‫َيوْ مَ الَْتقَى الْجَ ْمعَا ِن وَاللّ هُ َعلَى كُلّ َش ْيءٍ َقدِيرٌ)) [النفال‪ِ(( * ]41:‬إذْ َأنْتُ مْ بِاْلعُ ْد َوةِ الدّْنيَا َوهُ مْ بِاْلعُ ْد َوةِ‬
‫صوَى وَالرّكْبُ أَ ْسفَ َل مِنْكُ ْم وََلوْ َتوَاعَدتّ مْ لخَْتَلفْتُ ْم فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ ِلَيقْضِيَ اللّهُ َأمْرا كَا َن َم ْفعُولً))‬‫اْلقُ ْ‬
‫[النفال‪ .]42:‬وبترُ الية هكذا ينع القارئ من معرفة كون الية تتحدث عن معركة التقى فيها جعان‬
‫ها جع الؤمني بالعدوة الدنيا من الوادي‪ ،‬وجع الكافرين بالعدوة القصوى منه‪ ،‬وقد فات الركب أي‪:‬‬
‫القافلة وسلم من استيلء السلمي عليه (والركب أسفل منكم) أما اليوم فهو يوم الفرقان (يوم بدر)‪...‬‬
‫إل وهكذا وبذه الطري قة ل ي تبي للكثر ية الغالب ية ال ت ل تقرأ القرآن‪ ،‬وإذا قرأ ته ل تقرأه إل على ن ية‬
‫ال جر والب كة ل ن ية التدبر والتف هم‪ ،‬ول تر جع إل موا ضع الدلة و سياقها ف القرآن‪ ،‬ل ي تبي لذه‬
‫الكثرية أن (المس) الذكور ف جزء الية البتور إنا هو ف غنيمة العارك ل ف عموم الكاسب‪.‬‬
‫‪ -2‬ل يأت بدليل آخر من القرآن يؤيد به (أن المس من أهم الواجبات الشرعية وقد ورد فيه‬
‫التأك يد البل يغ) ول وجود لذا الدل يل أبدا‪ .‬و قد تبي ل نا أن الدل يل الوح يد هو ف خسـ الغا ن ل‬
‫الكا سب‪ ،‬ل سيما وأ نه قال ف ال صفحة التال ية معرفا الغني مة‪( :‬الموال والعيان النقولة الأخوذة بالقتال‬
‫من الكفار الذين يل قتالم)‪.)103(.‬‬
‫وإذن ل يرد أي تأك يد ف القرآن ل بل يغ ول غيه على (ال مس) الذي قال ع نه‪ :‬إ نه ( من أ هم‬
‫الواجبات الشرعية)‪.‬‬
‫وأ نا ل أدري ك يف ل يرد ف القرآن كله وعلى مدى ثلث وعشر ين سنة من تنّله آ ية واحدة‬
‫تنص على أمر هو (من أهم الواجبات الشرعية)!!‬
‫‪ -3‬ث اح تج لكل مه بروايات موضو عة على ل سان (الئ مة) من ها ما ل وجود له ف ال صادر‬
‫العتمدة كالكا ف‪ ،‬أو فق يه من ل يضره الفق يه للق مي‪ ،‬أو ال ستبصار للطو سي‪ ،‬ومن ها ما هو موجود‬
‫لكن استعمل معه أسلوب البتر والتقطيع أيضا‪ ،‬حت يسلم له الستدلل با وإل انتقض كلمه!!‬
‫وإليك الدليل‪:‬‬

‫‪ -1‬قال‪ :‬قال إمام العصر عجل ال فرجه الشريف‪[[ :‬من أكل من مالنا شيئا‪ ،‬ف بطنه نارا‬

‫‪ )(103‬المس بي السائل والجيب (ص‪..)4:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫وسيصلى سعيا]] هكذا أوردها دون نسبتها إل أي مصدر معتمد فض ً‬


‫ل عن القيام بتحقيق سندها‬
‫ومتنها من أجل معرفة صحتها من ضعفها‪ ،‬ول أجد هذه الرواية ل ف كتاب الكاف ول فقيه من ل‬
‫يضره الفق يه للق مي‪ ،‬ول ال ستبصار للطو سي‪ ،‬مع أن كتاب الكا ف هو ال صدر الوح يد من ال صادر‬
‫العتمدة الت ألف ف زمن الغيبة الصغرى‪ ،‬فلو كان للغائب قول ف المس لكان من النطقي أن يُذكر‬
‫أول ما يُذكر فيه‪.‬‬

‫‪ -2‬وأورد الرواية التية‪ :‬وقال عجل ال فرجه‪[[ :‬لعنة ال واللئكة والناس أجعي على‬
‫من أكل من مالنا درها حراما]]‪ )104(.‬دون إسناد ول نسبة لصدر ول تقيق‪ ،‬ول يكلف نفسه‬
‫شيئا من ذلك وكأن ال مر ل يتعلق ب سلب الناس خ س أموال م‪ ،‬وإن ا ب سألة غا ية ف الب ساطة‪ ،‬تقل يم‬
‫الظافر مثلً!! وأورد كذلك روايات أخرى ماثلة‪.‬‬
‫‪ -3‬استدل بروايتي وردتا ف الصادر الروائية‪ ،‬ولكن بعد أن أعمل فيهما مبضع البتر والتقطيع‬
‫وأوردها هكذا‪:‬‬

‫قال فـ الول‪ :‬وقال عليـه السـلم –أي‪ :‬المام الصـادق ‪[[ :-‬إن أ شد ما ف يه الناس يوم‬
‫القيامة إذا قام صاحب المس فقال‪ :‬يا رب خسي]]‪.)105(.‬‬

‫والروا ية على هذه الصورة تعن عكس ما تعن يه لو أورد ها بتمامها هكذا‪[[ :‬إن أشد ما فيه‬
‫الناس يوم القيامة إذا قام صاحب المس فقال‪ :‬يا رب خسي‪ ،‬وقد طيبنا ذلك لشيعتنا‬
‫لتطيب ولدتم ولتزكو أولدهم]] وأورد الرواية الثانية بعد أن قام بعملية بترها هكذا‪ :‬وقال أبو‬
‫ع بد ال عل يه السلم‪[[ :‬أتدري من أين دخل على الناس الزنا؟ فقلت‪ :‬ل أدري فقال‪ :‬من‬
‫قبل خسنا أهل البيت]](‪ )106‬مع حذفه لخرها وهو [[‪ ...‬إل شيعتنا الطيبي فإنه ملل لم‬
‫ليلد هم]]‪ )107(.‬وهذا الحذوف ي ستثن الشي عة من ح كم الروا ية ويق صره على غي هم‪ ،‬فقام بذ فه‬
‫وبتره لئل تكون الرواية حجة عليه‪ ..‬فتصور!!‬
‫‪ -4‬أورد ف هذا الكت يب الذي ل يتجاوز الربع ي صفحة ‪ 184‬م سألة فقه ية تتناول قضا يا‬

‫‪ )(104‬المس بي السائل والجيب (ص‪..)3:‬‬


‫‪ )(105‬المس بي السائل والجيب (ص‪..)3:‬‬
‫‪ )(106‬المس بي السائل والجيب (ص‪..)3:‬‬
‫‪ )(107‬أصول الكاف (‪..)1/546‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫ل واحدا من الكتاب أو السنة أو أقوال الئمة على أي مسألة من‬


‫تفصيلية ودقيقة من دون أن يقدم دلي ً‬
‫تلك السائل!!‬
‫وهكذا ترددت الدلة الت استند إليها بي‪:‬‬
‫‪ -1‬آ ية قرآن ية قام ببتر ها و هي ل تدل على أك ثر من مال الغني مة الذي ل وجود له ف الو قت‬
‫الاضر‪.‬‬
‫‪ -2‬وروايات متلفة ل وجود لا ف الصادر العتمدة‪ ،‬ول ندري مت اختلقت‪ ،‬ومن هو صاحبها‬
‫إذ ل مصدر قديا لا‪.‬‬
‫‪ -3‬وروايات مبتورة بغض النظر عن صحة الروايات وضعفها‪ .‬هذا من حيث الجال‪.‬‬
‫‪ -4‬ومن حيث التفصيل فلم يقدم أي دليل على الطلق!!‬
‫ل عجب‪-:‬‬
‫وقد يعجب الكثيون من تافت هذه الدلة مع رواجها على اللوف الؤلفة من العقول واقتناعها‬
‫با رغم تافتها الواضح!!‬
‫إن السر الذي يكمن وراء ذلك بسيط جدا هو‪:‬‬
‫إن قوة هذه الدلة ومصدرها الوحيد هو ضعف التلقي لا‪ ،‬وليست ذاتية متأتية من طبيعة الدلة‬
‫نفسها إل إن الضعيف يظهر قويا عندما يد من هو أضعف منه‪ ،‬وضعف الماهي وعجزها عن التفكي‬
‫الستقل أمر يعرفه علماؤهم‪ ،‬ولذلك تدهم يتجون لم بثل هذه الجج الواهية وقد اطمأنوا إل أنم‬
‫لن يدوا من يعترض عليهم أو يفكر بذلك مرد تفكي‪.‬‬
‫إن هؤلء (العلماء) قـد ألقوا فـ روع الماهيـ أن القرآن صـعب الفهـم‪ ،‬وأن الروايات منوط‬
‫فهم ها بالعلماء ف قط‪ ،‬و ما على سواد الناس إل النقياد والتقل يد الع مى‪ ،‬ول ي ل ل م غ ي ذلك‪ ،‬و ف‬
‫وسط هذا الحيط الدلم كيف يكن لحد أن يتلمس سبيل اللص؟!‬
‫ولذلك فإن القلد ل يت عب نف سه ف مناق شة أدلة من يقلده بقدر ما ياول التعرف على الفتوى‬
‫ليعمـل باـ‪ ،‬ولذلك ل يكلف الفقهاء أنفسـهم بالتيان بالجـج والدلة مـن أجـل إقناع أتباعهـم؛ لن‬
‫هؤلء التباع مضمونة قناعتهم أصلً‪ ،‬فإذا ذكروا لم (الدلة) فعلى سبيل التنل والتفضل ل أكثر!!‬
‫و مع ذلك ل ي د (الفق يه) و سيلة أما مه لثبات قوله إل الب تر والتقط يع والت صرف ف الن قل دون‬
‫مراعاة للمانة العلمية‪ ،‬وإيراد الروايات الت ل أصل معتمدا لا‪.‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫إن هذا الصـنيع يدلل بوضوح على الضطراب النفسـي الذي يعانـ منـه (الفقيـه)‪ ،‬والوف مـن‬
‫الدلة ذاتا والرعب من مواجهتها كما هي‪ ،‬أو الصمود أمامها إذا انتصبت له حية كاملة‪.‬‬
‫إن الائف البان ل يكن أن يتصدى للسد كما هو دون أن يراه مقطوع الرأس‪.‬‬
‫وإل فصاحب الق ثابت ل ياف ول يضطرب‪ ،‬أمي ل يزور القائق ول يتلعب بالدلة‪ ،‬بل‬
‫القيقة مطلبه والق غايته والدليل سائقه‪ ،‬أينما توجه به توجه‪ ،‬وحيثما حل به نزل‪ ،‬فهو آمن ل ياف‬
‫وواثق ل يتزعزع‪.‬‬
‫كيف ُمزّقت آية المس؟‪-:‬‬
‫والن نعود إل آية المس فقد قطعوا الية‪:‬‬
‫أولً‪ :‬عن سياقها و هو الد يث عن معر كة بدر ال كبى‪ ،‬إذ إن سورة النفال كل ها عن هذه‬
‫العركة العظيمة‪ ،‬وقد بدأت بسؤال الؤمني عن حكم النفال أي‪ :‬الموال الت غنموها من الكفار ف‬
‫ساحة القتال وكيفية قسمتها ول ن تكون؟ بعد أن اختلفوا ف ذلك كما قص ال تعال عنهم كل هذا‬
‫ك عَ نْ ا َلْنفَالِ)) [النفال‪ ]1:‬أي‪ :‬عن الغنائم وهي الموال‬
‫بقوله ف الية الول من السورة‪َ(( :‬ي سْأَلُوَن َ‬
‫الأخوذة مـن الكفار قهرا بقتال جعـ نفـل وأصـلة الزيادة تقول‪ :‬نفلتـك وأنفلتـك أي‪ :‬زدتـك وسـيت‬
‫أنفالً؛ لنا زيادة خص ال تعال با هذه المة إذ كانت مرمة على من قبلهم من المم‪ ،‬سأل بعض‬
‫أهل بدر النب صلى ال عليه وآله وسلم عن حكمها حي تنازعوا ف قسمتها فنلت الية باختصاص‬
‫حكمها بال ورسوله‪(( :‬قُ ْل الَْنفَا ُل لِلّ هِ وَالرّ سُولِ)) [النفال‪ ]1:‬أي‪ :‬مفوض إليهما أمرها(‪(( )108‬فَاّتقُوا‬
‫اللّ َه وَأَ صْلِحُوا ذَا تَ بَْينِكُ مْ)) [النفال‪ ]1:‬فل تتلفوا ورسول ال صلى ال عليه وآله وسلم بينكم ينل‬
‫عليه المر من ال ((وَأَطِيعُوا الّل َه َورَسُوَلهُ إِنْ كُنتُ ْم ُم ْؤمِِنيَ)) [النفال‪.]1:‬‬
‫واستمرت السورة تكي وقائع العركة إل أن جاء الواب عن التساؤل الذكور ف الية الول‬
‫ف منتصفها ليبي كيفية قسمة هذه الموال الغنومة فجاءت الية الادية والربعون توضح ذلك بقوله‬
‫س ُه وَلِلرّسُو ِل وَلِذِي اْل ُقرْبَى وَالَْيتَامَى وَالْ َمسَا ِكيِ وَابْنِ‬
‫تعال‪(( :‬وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُ ْم مِنْ شَ ْيءٍ فَأَنّ ِللّهِ خُمُ َ‬
‫السّبِيلِ)) [النفال‪.]41:‬‬
‫ث استمرت السورة ف سياقها دون انقطاع تكمل الديث عن العركة وأحداثها وما تبع ذلك‬
‫صوَى‪))...‬‬
‫من آثار ونتائج ب صورة ل تق بل الف صل أو الق طع ((ِإذْ َأنْتُ مْ بِاْلعُ ْد َوةِ الدّنْيَا َوهُ مْ بِاْلعُ ْد َوةِ اْلقُ ْ‬
‫[النفال‪]42:‬إل‪ ،‬فلفظ (إذ) متعلق بالية تعلقا كاملً ل انفكاك عنه ول ميص‪.‬‬

‫‪ )(108‬صفوة البيان لعان القرآن‪.‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫وثانيا‪ :‬قطعوا النص الحتج به عن الية نفسها الت جاء فيها‪ ،‬فقطعوا أول الية عن آخرها حت‬
‫يسهل حل ما احتجوا به منفصلً عن نايته وجزئه الكمل له على العن الذي يريدون! إذ إن تكملته‪:‬‬
‫((إِ نْ كُنتُ ْم آمَنْتُمْ بِاللّهِ َومَا أَنزَلْنَا عَلَى َعبْدِنَا َيوْمَ اْل ُفرْقَا ِن َيوْمَ اْلَتقَى الْجَ ْمعَانِ وَاللّهُ َعلَى كُلّ َش ْيءٍ َقدِيرٌ))‬
‫ُمـ بِاْلعُ ْد َوةِ‬ ‫ُمـ بِاْلعُ ْد َوةِ الدّنْي َا َوه ْ‬
‫[النفال‪ ]41:‬وهـو مرتبـط تام الرتباط باـ بعده مـن قوله‪ِ(( :‬إذْ أَْنت ْ‬
‫صوَى وَالرّكْ بُ أَ ْسفَ َل مِنْكُ مْ)) [النفال‪ ]42:‬فتكون الية وما بعدها هكذا‪(( :‬وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُ مْ‬ ‫اْلقُ ْ‬
‫ي وَاْب ِن ال سّبِيلِ إِ نْ كُنتُ مْ آمَْنتُ مْ بِاللّ هِ‬
‫س ُه وَلِلرّ سُو ِل وَلِذِي اْل ُقرْبَى وَاْليَتَامَى وَالْمَ سَا ِك ِ‬ ‫مِ نْ شَ ْيءٍ فَأَنّ لِلّ هِ خُ ُم َ‬
‫َومَا أَنزَلْنَا عَلَى َعبْدِنَا َيوْمَ اْل ُفرْقَا ِن َيوْ مَ اْلَتقَى الْجَ ْمعَا نِ وَاللّهُ َعلَى كُلّ َش ْيءٍ َقدِيرٌ)) [النفال‪ِ(( * ]41:‬إذْ‬
‫صوَى وَالرّكْبُ أَ ْسفَ َل مِنْ ُك ْم وََلوْ َتوَاعَدتّمْ لخَْتَلفْتُ ْم فِي الْمِيعَادِ وَلَ ِكنْ‬ ‫َأنْتُمْ بِاْلعُ ْد َوةِ الدّنْيَا َوهُ ْم بِاْلعُ ْد َوةِ اْلقُ ْ‬
‫حيَا مَ نْ حَيّ عَ ْن بَيَّن ٍة وَإِنّ اللّ هَ لَ سَمِيعٌ َعلِي مٌ))‬ ‫ك مَ نْ َهلَ كَ عَ ْن بَيّنَ ٍة وَيَ ْ‬
‫ِلَي ْقضِ يَ اللّ هُ َأمْرا كَا َن َم ْفعُولً ِلَيهْلِ َ‬
‫[النفال‪.]42:‬‬
‫فــ(يوم الفرقان) يوم بدر و(المعان) جعـ الؤمنيـ الذي كان بانـب الوادي وحافتـه القرب‬
‫على الدي نة (العدوة الدن يا) وج ع الكافر ين الذي كان بالا نب ال خر الب عد من ها (العدوة الق صوى)‬
‫و(الركب) هو‪ :‬العي‪ ،‬وأصحابا أبو سفيان ومن معه (أسفل منكم) أي‪ :‬ف مكان أسفل من مكانكم‬
‫إل ساحل البحر الحر على ثلثة أميال من بدر‪.)109(.‬‬
‫وثالثا‪ :‬ل يلتفتوا إل سبب نزول الية فقطعوها عنه‪ ،‬وهو السؤال عن كيفية قسمة الغنيمة بعد‬
‫أن اختلفوا فيها‪ ،‬فالية نزلت جوابا على سؤال وإزالة لشكال ل علقة للمكاسب أو الرباح التجارية‬
‫وغيها به فما الذي أدخلها ف الوضوع؟!!‬
‫ورابعا‪ :‬قطعوا العن اللغوي للفظ الغنيمة عن معناه الصطلحي الشرعي‪.‬‬
‫ث ما هي علقة الفقيه بالية والذي ل يرد ذكره أبدا ل أو ًل ول آخرا ول ضمنا ول إشارة ول‬
‫تصريا ول تلميحا ول لفظا ول معن؟! فإن كان (المس) قد ورد لفظا فإن الفقيه ل يرد أصلً‪.‬‬
‫قضيتان منفصلتان‪:‬‬
‫وما تدر الشارة إليه هنا هو أن موضوع خس الكاسب ف صورته الالية مركب من قضيتي‪.‬‬
‫الول‪ :‬أن ف الكاسب خسا‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن هذا (المس) يب تسليمه إل الفقيه‪.‬‬

‫‪ )(109‬صفوة البيان لعان القرآن‪.‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫وهاـ قضيتان منفصـلتان تتاج كـل واحدة منهمـا إل دليـل منفصـل فل يصـح دمهمـا معا‬
‫والستدلل عليهما بدليل واحد وردت فيه إحداها لفظا والخرى ل ترد أصلً!!‬
‫علقة لفظية بتة‪-:‬‬
‫وهكذا يظ هر أن دعوى القول ب مس الكا سب بدل يل ال ية هي بالض بط كدعوى ر جل ا سه‬
‫إبراهيم احتج بقوله تعال‪(( :‬وَاذْ ُكرْ فِي الْ ِكتَابِ إِْبرَاهِيمَ ِإنّهُ كَا َن صِدّيقا َنبِيّا)) [مري‪ ]41:‬على أنه نب؛‬
‫لن لفظ إبراهيم ورد فيها‪ ،‬وبا أن اسه إبراهيم هو نب اعتمادا على تشابه السي وتطابق اللفظي!!‬
‫صحيح إن الية فيها لفظ إبراهيم‪ ،‬ولكن أي إبراهيم هو القصود؟!‬
‫و صحيح أن آ ية (النفال) ورد في ها ل فظ ال مس‪ ،‬ول كن أي خ س هو الق صود؟! خ س ( ما‬
‫غنمتم) أم خس (ما كسبتم)؟!‬
‫إن الحتجاج بالية على خس الكاسب يدخل تام الدخول تت قاعدة (ما تشابه منه) واستمع‬
‫إل ال جل وعل ماذا يقول ف ذلك‪:‬‬
‫ب وَأُ َخ ُر مُتَشَاِبهَا تٌ فََأمّا الّذِي نَ‬
‫ت مُحْكَمَاتٌ هُنّ ُأمّ الْكِتَا ِ‬
‫ب مِنْ هُ آيَا ٌ‬ ‫ك الْكِتَا َ‬ ‫(( ُهوَ الّذِي أَْنزَ َل َعلَيْ َ‬
‫فِي ُقلُوِبهِ ْم زَيْغٌ َفيَتِّبعُونَ مَا َتشَاَب َه مِْنهُ اْبِتغَاءَ اْلفِتَْن ِة وَاْبِتغَاءَ تَ ْأوِيِلهِ)) [آل عمران‪.]7:‬‬
‫فجعل سبحانه اتباع التشابه والحتجاج به من صنيع أهل الزيغ والهواء‪ ،‬وأنم يفعلون ذلك من‬
‫أجل إيقاع الفتنة‪ ،‬أي‪ :‬فتنة الؤمني عن دينهم الق بالتشكيك والتلبيس‪ ،‬وفتنة أتباعهم الهال بذلك‪،‬‬
‫ومن أجل تأويله وتريفه التأويل الباطل الذي يشتهونه والتحريف السقيم الذي يقصدونه زاعمي أنه‬
‫(‪)110‬‬
‫الغاية الرادة منه‪ ،‬وذلك شأن أهل البدع والهواء واللحدة ف كل عصر‪.‬‬

‫‪ )(110‬صفوة البيان لعان القرآن‪.‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫خلصة البحث‬
‫وبعد‪ ...‬فهذه أهم القائق الت توصلت إليها من خلل هذا البحث‪:‬‬
‫س ُه وَلِلرّ سُو ِل وَلِذِي‬
‫أولً‪ :‬إن تف سي قوله تعال‪(( :‬وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَنِمُْت ْم مِ ْن شَ ْيءٍ فَأَنّ ِللّ هِ خُ ُم َ‬
‫اْل ُقرْبَى‪[ ))...‬النفال‪ ]41:‬بأرباح الكاسب وتسليمها للفقهاء ل دليل عليه البتة‪.‬‬
‫‪ -1‬ل من القرآن الكري فإن الية نفسها موضوعها غنائم الرب الت تؤخذ قسرا من الكافرين‬
‫ل مكاسب السلم الت تؤخذ فرضا من السلمي‪.‬‬
‫وأما علقة خس الكاسب با فهي لفظية بتة ل حقيقة لا‪.‬‬
‫‪ -2‬ول من السنة النبوية الطهرة إذ ل يرد من قول النب صلى ال عليه وآله وسلم ول من فعله‬
‫ول تقريره‪.‬‬
‫‪ -3‬ول يرد عن أحد من اللفاء الراشدين با فيهم أمي الؤمني علي عليه السلم‪.‬‬
‫‪ -4‬ول يوجد فيه أي نص عن الئمة العصومي ف أي مصدر معتمد كالكاف للكلين أو من ل‬
‫يضره الفقيه للقمي‪ ،‬أو الستبصار للطوسي وغيها‪.‬‬
‫‪ -5‬ول يُفت به أي فقيه من الفقهاء العتبين التقدمي كالشيخ الفيد والشيخ الطوسي والسيد‬
‫الرتضى علم الدى وغيهم‪.‬‬
‫‪ -6‬سقوط السند اللغوي لذه التسمية (المس) من حيث تعلقها بالكاسب‪.‬‬
‫‪ -7‬سقوط السند الشرعي لذه التسمية أيضا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬وجود نصوص عديدة واردة عن (الئمة) تنص على أن‪:‬‬
‫‪ -1‬حكم المس وإعطائه للمام العصوم نفسه هو الستحباب وليس الوجوب‪.‬‬
‫‪ -2‬جواز تصـرف صـاحب (المـس) بـه دون شرط الرجوع إل المام متـ احتاج إل ذلك‪،‬‬
‫ومراجعة المام إنا هي على سبيل الستحباب غي اللزم‪.‬‬
‫‪ -3‬بعض هذه النصوص تصرح أن الئمة أباحوا المس لتباعهم وأسقطوه عنهم مطلقا تكرما‬
‫وتفضلً‪.‬‬
‫‪ -4‬وبعضها تنص على إباحته لم حت يقوم القائم الغائب‪.‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫‪ -5‬ل يوجد أي نص يتعلق بالفقهاء وإدخالم ف موضوع المس‪.‬‬


‫ثالثا‪ :‬إن فتوى إعطاء المس للفقيه إنا قال با بعض الفقهاء التأخرين دون التقدمي وأن هذه‬
‫الفتوى تتاز با يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬متلف فيها ول إجاع عليها‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم اعتمادها على أي نص عن الئمة العصومي أو القرآن الكري أو السنة النبوية الطهرة‪.‬‬
‫‪ -3‬اضطراب أقوال الفقهاء الذ ين اعتمدو ها وحيت ا وتردد ها وتناقض ها في ما بين ها ف أقوال‬
‫الفقيه نفسه ومن فقيه إل فقيه ومن زمان إل زمان‪.‬‬
‫‪ -4‬والهم من ذلك كله تناقضها التام مع القوال الواردة عن الئمة العصومي‪.‬‬
‫‪ -5‬عدم إمكان ية تطبيق ها على الوا قع ف هي خ ي مثال ي كن أن يضرب على تنا قض النظر ية مع‬
‫التطبيق‪.‬‬
‫وبعد‪ ...‬فهذه أهم ما توصلت إليه من حقائق ونتائج أضعها بي يدي إخوت وبن جلدت من‬
‫يبون الق ويبحثون عن القيقة ويتحلّون بالنصاف من لزال ‪-‬عن حسن نية وقصد وابتغاء للثواب‬
‫والجر‪ -‬يرهق نفسه بدفع (المس)‪ ،‬أداء للمانة الدينية والبحث العلمي النصف الجرد‪ ،‬وبرا بالخوة‬
‫ونصيحة ل ولرسوله ولكتابه ولئمة السلمي وعامتهم‪ ،‬وتبصيا للعقول النية النعتقة من ني التقليد‬
‫الع مى اتباعا لل حق ال سن والطري قة الثلى‪ ،‬وال جة الواض حة النا صعة والدلة البي نة ال ساطعة‪ ،‬ونشرا‬
‫للوعي بي الماهي العاقلة ذات النفوس الطيبة والعقلية الحايدة والرادة الرة الستقلة الفاعلة‪.‬‬
‫ويا رب! هذا الهد وعليك التكلن‪ ،‬وأنت الستعان وبك الستغاث‪ ،‬ول حول ول قوة إل بك‪.‬‬
‫الؤلف‬
‫جادى الول ‪1419‬هـ‪ -‬أيلول ‪1998‬م‬
‫مراجع البحث‪:‬‬
‫‪ -‬القرآن الكري‪.‬‬
‫‪ -2‬أصول الكاف‪ -‬للكلين الرازي ط طهران ‪ 1381‬هـ‪.‬‬
‫‪ -3‬الرشاد‪ -‬للشيخ الفيد ط اليدرية النجف ‪.1972 -1392‬‬
‫‪ -4‬تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى إل ولية الفقيه‪ -‬الستاذ أحد الكاتب‪ -‬الطبعة‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫الول‪1997 -‬م‪.‬‬
‫‪ -5‬المس بي السائل والجيب ‪-‬السيد ممد صادق الصدر ط ‪.1418‬‬
‫‪ -6‬الستبصار فيما اختلف من الخبار‪ -‬أب جعفر الطوسي‪.‬‬
‫‪ -7‬الشيعة والتصحيح‪ -‬للدكتور موسى الوسوي‪.‬‬
‫‪ -8‬صفوة البيان لعان القرآن‪ -‬للشيخ حسني ممد ملوف‪.‬‬
‫‪ -9‬فقيه من ل يضره الفقيه‪ -‬القمي ط طهران‪.‬‬
‫‪ -10‬الكتاب القدس‪ -‬العهد القدي‪.‬‬
‫‪ -11‬منهاج الصـالي‪ -‬للسـيد أبـ القاسـم الوئي مطبعـة الديوانـ بغداد الطبعـة التاسـعة‬
‫والعشرون‪.‬‬
‫‪ -12‬متار الصحاح‪ -‬للرازي الركز العرب للثقافة والعلوم‪.‬‬
‫‪ -13‬مفردات ألفاظ القرآن‪ -‬للعلمة الراغب الصفهان الكتبة الرتضوية إيران‪.‬‬
‫‪ -14‬النهاية ف مرد الفقه والفتاوى‪ -‬لشيخ الطائفة الطوسي‪.‬‬
‫‪ -15‬نج البلغة‪ -‬بشرح ممد عبده ط دمشق‪.‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪1.........................................................................‬‬

‫الــمـــس‪1............................................................................‬‬

‫بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‪1.............................................................‬‬

‫تأليف‪ /‬علء عباس الوسوي‪1....................................................................‬‬

‫‪2‬‬‫القدمة‪.......................................................................................‬‬
‫تهيد‪3........................................................................................‬‬

‫الباب الول‪ :‬خس الكاسب بي أقوال (الئمة) وفتاوى الفقهاء‪5.................................‬‬

‫الفصل الول‪ :‬حقائق خطية ومثية‪[ -:‬حقائق خطية ومثية حول المس]‪5................=:‬‬

‫الفصل الثان‪ :‬الدلة التفصيلية على القائق السابقة‪7........................................ -:‬‬

‫النصوص الواردة عن الئمة العصومي ف إسقاط المس‪7...............-:‬‬

‫كبار الفقهاء يُسقطون المس أيضا‪11.................................-:‬‬

‫‪14‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬اضطراب نظرية المس واختلفها بي التقدمي من الفقهاء والتأخرين‪...... -:‬‬
‫ماذا عند الشيخ الفيد (‪413‬هـ)؟‪14.................................-:‬‬

‫قول الشيخ أب جعفر الطوسي التوف سنة (‪460‬هـ)‪16................-:‬‬

‫فتوى زعيم الوزة السيد أب القاسم الوئي‪18.........................-:‬‬

‫حق السادة‪19........................................................-:‬‬

‫وضاعت القيقة!‪20..................................................-:‬‬

‫‪21‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تطور نظرية المس عب التاريخ‪........................................... -:‬‬


‫حية الفقهاء التأخرين ف الذريعة الت تبر أخذهم المس‪22............-:‬‬

‫شرعية النفاق ل تلل حرمة الصدر (الكسب)‪23......................-:‬‬

‫ملخص تقريب لتطور موضوع متول المس عب التاريخ‪24..............-:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫من أين جاءت الفكرة؟‪26.............................................-:‬‬

‫اللصة‪26...........................................................-:‬‬

‫التساؤل الخي‪27....................................................-:‬‬

‫ما علقة الفقيه بالية؟!‪27.............................................-:‬‬

‫‪28‬‬‫الباب الثان‪ :‬المس بي الغنائم والكاسب‪....................................................‬‬


‫الفصل الول‪ :‬دللة آية المس‪28......................................................... -:‬‬

‫آية المس‪29........................................................-:‬‬

‫الوضع الوحيد‪29.....................................................-:‬‬

‫مقارنة بي الزكاة وخس الكاسب‪30..................................-:‬‬

‫بعض الفتاوى التعلقة بالمس‪30......................................-:‬‬

‫مثال‪ ..‬كي تتضح القارنة‪32..........................................-:‬‬

‫بعض اليات الواردة ف الزكاة‪33......................................-:‬‬

‫مثال آخر‪35.........................................................-:‬‬

‫سبب نزول الية‪36...................................................-:‬‬

‫سياق الية‪37........................................................-:‬‬

‫القرآن فرّق بي الكاسب والغنائم‪37...................................-:‬‬

‫الغنيمة ف لغة القرآن‪38...............................................-:‬‬

‫اللفظ بي معناه اللغوي ومعناه الصطلحي‪39..........................-:‬‬

‫التنافر اللغوي بي خصوص لفظ (الغنيمة) وعموم لفظ (الكاسب)‪41....-:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫الغنيمة مال خاص مستقل‪43..........................................-:‬‬

‫بطلن التسمية (المس) من الساس‪45................................-:‬‬

‫الفيء والمس‪ ..‬وقفة مع سورة (الشر)‪46............................-:‬‬

‫‪49‬‬‫الفصل الثان‪ :‬خس الكاسب ف مكمة التاريخ‪.......................................... -:‬‬


‫جباة المس‪49......................................................-:‬‬

‫النب صلى ال عليه وآله وسلم والمس‪49.............................-:‬‬

‫أقارب النب صلى ال عليه وآله وسلم والمس‪49.......................-:‬‬

‫قتال الصديق لانعي الزكاة‪50..........................................-:‬‬

‫العباسيون و(المس)‪50..............................................-:‬‬

‫الفراعنة وخس الكاسب‪52...........................................-:‬‬

‫‪53‬‬‫الفصل الثالث‪ :‬خس الكاسب بي النظرية والتطبيق‪...................................... -:‬‬


‫لو كانوا جادين‪54...................................................-:‬‬

‫ما هي علقة الجتهد بـ(المس)؟‪54.................................-:‬‬

‫الجتهد ل يمس ماله ول يزكيه‪56....................................-:‬‬

‫نسيان الزكاة‪56......................................................-:‬‬

‫ضريبة خيالية‪57......................................................-:‬‬

‫لزال البعض يدفع (المس)! لاذا؟‪58.................................-:‬‬

‫صعوبة التطبيق ومهازل الواقع‪59......................................-:‬‬

‫‪60‬‬‫الفصل الرابع‪ :‬علماء الدين والال‪....................................................... -:‬‬


‫السلم يارب الحتراف أو الرتزاق باسم الدين‪63....................-:‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬


‫‪82‬‬ ‫المس بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية‬

‫لن شرّع القتصاد السلمي‪63........................................-:‬‬

‫تأمي العاش للقارب من خصائص اللوك ل النبياء عليهم السلم‪64....-:‬‬

‫أم ي الؤمن ي علي عل يه ال سلم يرم على نف سه وأهله أموال ال سلمي من ال صدقات‬

‫والزكوات والصّلت‪65.....................................................-:‬‬

‫ر سول ال صلى ال عل يه وآله و سلم يقدم أقرباءه ف ال طر ويؤخر هم ف النا فع‪-:‬‬

‫‪65...........................................................................‬‬
‫أوساخ الناس‪66......................................................-:‬‬

‫خس الغنائم‪66.......................................................-:‬‬

‫الفرق بي خس الكاسب وخس الغنائم‪67............................-:‬‬

‫أيهما أشر العشار؟ أم الماس؟‪67.....................................-:‬‬

‫‪68‬‬‫الفصل الامس‪ :‬اتّباع التشابه‪.......................................................... -:‬‬


‫تعضية النصوص‪69...................................................-:‬‬

‫مثال عن التعضية والتقطيع من الدلة‪69................................-:‬‬

‫ل عجب‪72..........................................................-:‬‬

‫كيف ُمزّقت آية المس؟‪73...........................................-:‬‬

‫علقة لفظية بتة‪75...................................................-:‬‬

‫‪76‬‬‫خلصة البحث‪..............................................................................‬‬

‫موقع البهان ‪ -‬دليل الباحثي عن القيقة‬ ‫‪www.alburhan.com‬‬

You might also like