Professional Documents
Culture Documents
الــمـــس
بي الفريضة الشرعية والضريبة الالية
القدمة
هذا الكتاب
إن ك نت م ن َقيّ د لا مُ التقل يد عقله ،أو غ طى ضباب التع صب ب صيته ،فل تض يع دقائق عمرك
الثمينة ف قراءته ،فإنك لن تنتفع به ولست من القصودين بتأليفه.
وأما إذا كنت من تذوق حلوة العيش ف ظلل قول رسولك الكري وإمامك الكيم ممد صلى
ال عليه وآله وسلم{ :الكمة ضالة الؤمن أنّى وجدها فهو أحقّ با} فاقرأه فإنه نافعك بإذن ال ،ولن
تضيع فيك جهود أيام وليال ،بل ...سني من عمري الثمي.
الؤلف
بسم ال الرحن الرحيم
المد ل الذي هدانا لحكم كتابه وتنيله ونّانا من ((َفيَتِّبعُو نَ مَا تَشَابَ َه مِنْ هُ ابِْتغَاءَ اْلفِتَْنةِ وَاْبِتغَاءَ
تَ ْأوِيلِ ِه َومَا َيعْلَ مُ تَ ْأوِيلَ هُ)) [آل عمران ]7:والصلة والسلم على سيدنا ممد وآله ،الذي بعثه ال تعال
ليبي للناس ما نُزل إليهم ويكم بينهم فيما اختلفوا فيه بقوله وفعله وتقريره.
وبعد:
فهذه رسالة متصرة ف حكم (المس) :هل هو فرض جعله ال ف الموال الغنومة من الكفار
الحارب ي؟ أم هو (ضري بة د خل) على مكا سب ال سلمي ال سالي؟ وذلك بالدلة النقل ية ال صحيحة
والجج العقلية الصرية الت يفرضها النطق ويسندها الواقع ويؤيدها التاريخ أضعها بي يدي كل مسلم
متفتح العقل ،حي الضمي ،ينظر إل المور ببصية نافذة ،وعقلية مايدة ونية خالصة.
لعلّنا نفيق من سكرتنا ،ونقوم من وهدتنا فتجتمع كلمتنا ،وما ذلك على ال بعزيز.
الؤلف
1419هـ 1998 -م
تهيد
ورد ذ كر (ال مس) ف القرآن الكر ي مرة واحدة ف قط وذلك ف سورة النفال ف قوله تعال:
س ُه وَلِلرّسُو ِل وَلِذِي اْل ُقرْبَى وَالَْيتَامَى وَالْ َمسَا ِكيِ وَابْ ِن السّبِيلِ ((وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُ ْم مِنْ شَ ْيءٍ فَأَنّ ِلّلهِ خُمُ َ
إِ نْ كُنتُ ْم آمَنْتُ ْم بِاللّ هِ َومَا أَنزَْلنَا عَلَى عَْبدِنَا َيوْ مَ اْل ُفرْقَا نِ َيوْ مَ اْلَتقَى الْجَ ْمعَا ِن وَاللّ ُه عَلَى كُ ّل شَ ْيءٍ قَدِيرٌ))
صوَى وَالرّكْ بُ أَ ْسفَ َل مِنْكُ ْم وََلوْ َتوَاعَدتّ مْ [النفالِ(( * ]41:إذْ أَْنتُ مْ بِاْلعُ ْد َوةِ الدّنْيَا َوهُ ْم بِاْلعُ ْد َوةِ اْلقُ ْ
حيَا مَ نْ حَيّ عَ نْ ك مَ نْ َهلَ كَ عَ ْن بَيّنَ ٍة وَيَ ْ
لخَْتَلفْتُ مْ فِي الْمِيعَا ِد وَلَكِ نْ ِلَي ْقضِ يَ اللّ هُ َأمْرا كَا َن َم ْفعُولً ِلَيهْلِ َ
بَيَّن ٍة وَإِنّ الّلهَ لَسَمِي ٌع عَلِيمٌ)) [النفال.]42:
ومـن العلوم أن سـورة (النفال) كلهـا نزلت تعقيبا على معركـة بدر الكـبى التـ يسـميها ال
بـ(يوم الفرقان) ،والت هي أول معركة قادها رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ضد الشركي انتصر
فيها السلمون وغنموا أموال أعدائهم فاحتاجوا إل معرفة كيفية تقسيمها وتصريفها بعد أن اختلفوا ف
ذلك و صاروا فريق ي ورأي ي متلف ي ،ك ما أ خب ال عن هم ف مطلع ال سورة بقولهَ(( :ي سْأَلُوَنكَ عَ نْ
ُمـ
ِنـ كُنت ْ
ّهـ َورَسـُوَلهُ إ ْ
ُمـ وَأَطِيعُوا الل َ
َاتـ بَْينِك ْ
َصـلِحُوا ذ َ
ّهـ وَأ ْ
ّهـ وَالرّسـُو ِل فَاّتقُوا الل َ
الَْنفَا ِل قُلْ ا َلْنفَالُ لِل ِ
ُم ْؤمِِنيَ)) [النفال.]1:
ث ف وسط السورة نزلت آية المس تبي لم وتكم بينهم ف ما اختلفوا فيه.
ث السورة كلها حديث عن تلك العركة الفاصلة وأحداثها والدروس الستخلصة منها.
وعلى هذا التقسيم سار رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم حياته كلها واللفاء الراشدون من
بعده -با فيهم أمي الؤمني علي عليه السلم ف الموال الت كانوا يظفرون با من أعدائهم الحاربي.
و من الناح ية التاري ية ،فإ نه ل يعرف عن أ حد من هم أ نه كان يَفرض على مكا سب ال سلمي
وأموالم شيئا اسه (المس) ،بل ول على أموال السالي من الكافرين -أهل الذمة -وإنا هي الزكاة
والصدقات والراج والزية وأمثالا.
ومن خلل متابعت لذا الوضوع العلمية واليدانية ،وتعرف على أدلة الفريقي توصلت إل حقائق
أحببتـ أن أضعهـا بيـ يدي إخوانـ
ُ مهمـة جدا ،قـد يكون بعضهـا يكشـف عنـه النقاب لول مرة!
السلمي دون تفريق بي طائفة أو مذهب ،بل خدمة للحق والقيقة.
وسأبدأ بالكلم عن حكم خس الكاسب ف النصوص الواردة عن (الئمة) ف الصادر العتمدة،
واختلفه الواضح عنه ف فتاوى الفقهاء ،ث أتكلم عن هذا الوضوع عموما ،وهل القصود به ف الية
الكرية (آية النفال) خس الكاسب أم خس الغنائم؟ وذلك ف الباب الثان إن شاء ال تعال.
)(1هي الكتب الربعة :الكاف للكلين ،وفقيه من ل يضره الفقيه لبن بابويه القمي ،وتذيب الحكام ،والستبصار لشيخ
الطائفة الطوسي.
إل أن الواقع الشاهَد أن الفقيه يأخذ المس كله دون مراعاة هذه القسمة.
فكيف؟! هل يباح للفقيه من القوق ما ل يباح للمام ذاته؟! أم ماذا؟
القيقة السابعة:
إن نظرية المس ف شكلها الخي تقسم المس نصفي -كما أسلفت ف القيقة السادسة-
ن صف للفق يه باعتباره نائبا عن المام ،ون صف لفقراء ب ن ها شم (يتاما هم وم ساكينهم وأبناء سبيلهم)
وليس للغن ذكر فيها.
وإذن فليس للغنياء الذين ينتسبون إل أهل البيت نصيب فيه؛ لنم ليسوا من صنف الفقهاء ول
من صنف الفقراء ،فما يفعله هؤلء من أخذ الموال باسم المس بجة النسب باطل ل يسنده دليل.
وهذه القيقة مهولة من قبل عامة من يقوم بدفع (المس) إليهم إذ يدفعون تلك الموال لكل
من يدعي النسبة دون النظر إل كونه غنيا أم فقيا.
القيقة الثامنة:
وهكذا ن صل إل القول بأن إخراج (ال مس) وإعطاءه إل الفقهاء ل ي ستند إل أي نص عن أي
إمام معصوم ،وإنا هو فتوى متلفٌ فيها لبعض -وليس جيع -الفقهاء التأخرين -وليس التقدمي.-
و قد اختلف الفقهاء في ها و ف تف صيلتا كثيا ،من فق يه إل فق يه ،و من زمان إل زمان ،وظلت
هذه الفتوى تعان من النقص ومن إجراءات التحوير والتطوير جيلً بعد جيل ،وقرنا بعد قرن ،دون أن
تستقر على صورة نائية وإل اليوم!! ما يعل كل عارف بذه القائق على يقي من عدم استناد هذه
الفتوى إل دليل.
الفصل الثان :الدلة التفصيلية على القائق السابقة-:
النصوص الواردة عن الئمة العصومي ف إسقاط المس-:
* عن أب عبد ال عليه السلم -وقد سئل[[ :-من أين دخل على الناس الزنا؟ قال :من
قبل خسنا أهل البيت .إل شيعتنا الطيبي فإنه ملل لم ليلدهم]](.)3
ف هذا النص يظهر واضحا أن المام الصادق أباح المس لشيعته ،وهذا مع وجوده وحضوره،
وأن الشي عة غ ي ملزم ي بدف عه من أ جل أن يط يب ميلد هم ،ول يكونوا أبناء ز نا إذا امتنعوا عن أدائه
* عن أحده ا عل يه ال سلم قال[[ :إن أشد ما فيه الناس يوم القيامة صاحب المس،
فيقول :يا رب خسي.
وقد طيّبنا ذلك لشيعتنا لتطيبَ ولدتم ولتزك َو أولدهم]].)4(.
* عن أب عبد ال عليه السلم ف قوله تعال(([[ :وَاعْ َلمُوا َأنّمَا غَِنمْتُ ْم مِ ْن شَيْ ٍء َفأَنّ لِلّ هِ
سهُ َولِلرّ سُولِ َوِلذِي اْل ُقرْبَى)) [النفال -]41:قال :هي وال الفادة يوما بيوم إل أن
خُمُ َ
أب جعل شيعته ف حل ليزكوا]].)6(.
* عن أب عبد ال عليه السلم قال[[ :إن الناس كلهم يعيشون ف فضل مظلمتنا ،إل أنّا
أحللنا شيعتنا من ذلك]].)7(.
والنصان الخيان واضحا الدللة على أن الئمة قد أحلوا المس لشيعتهم وأسقطوه عنهم.
* عن أب عبد ال عليه السلم قال[[ -:وهو يتحدث عن أنار الدنيا المسة فما سقت
أو استقت فهو لنا ،وما كان لنا فهو لشيعتنا ،وليس لعدوّنا منه شيءٌ إل ما غصب عليه،
وإن وليّنا لفي أوسع ما بي ذه إل ذه]] يعن :ما بي السماء والرض.)8(.
تأمّل قول المام( :ما كان لنا فهو لشيعتنا) أي :إن حق المام ملك لشيعته أباحه لم .والالك
ُحرّ ف تصرفه بلكه ،فإذا كان المام نفسه قد ملّك شيعته ما كان له من نصيب ف المس فبأي حق
ل عنه دون توكيل منه ليطالب بقه الذي تنازل عنه ،بل يشدد ف الطالبة؟!.
يأت من وضع نفسه وكي ً
إذا كان لرجل على آخر دين تنازل له عنه والتنازل مكتوب ف وثيقة مصدقة ومعتبة ،ث مات
الرجل فهل من حق ورثته الطالبة بالدين؟
أليست هذه الروايات وغيها من أمثالا وثائق معتبة يكن إبرازها من قبل أي مسلم عند من
يطالبه بشيء اسه المس؟!
وإذا ل ت كن هذه وثائق مع تبة فبأي روا ية ي كن أن يكون العتبار؟ ولاذا يضرب بذه الروايات
عرض الائط حت كأنا ل توجد ،ويؤخذ بغيها من أمثالا؟! وتأمل-أيضا -قوله عليه السلم( :وإن
ولينا لفي أوسع ما بي ذه إل ذه) .أي :ل يب عليه شيء إذ هو ف سعة من أمره أوسع ما بي السماء
والرض!
* عن يونس بن يعقوب قال[[ :كنت عند أب عبد ال عليه السلم فدخل عليه رجل
مـن القماطيـ فقال :جعلت فداك تقـع فـ أيدينـا الرباح والموال وتارات نعرف أن
حقك فيها ثابت وإنا عن ذلك مقصرون ،فقال عليه السلم :ما أنصفناكم أن كلفناكم
ذلك اليوم]].)10(.
وهذا فيه أن التكليف بدفع المس يناف النصاف!! هذا والمام حاضر فكيف وقد غاب؟!
ت فيه
* جاء رجل إل أمي الؤمني عليه السلم قال[[ :يا أمي الؤمني أصبت مالً أغمض ُ
أفلي توبـة؟ قال :ائت بمسـه ،فأتاه بمسـه فقال :هولك ،إن الرجـل إذا تاب تاب مالُه
معه]].)12(.
وقد بوّب الطوسي ف الستبصار( :باب ما أباحوه لشيعتهم -عليهم السلم -من المس حال
الغيبة)( )13أورد تته عدة روايات منها ما سبق ذكرها ومنها:
* عـن أبـ عبـد ال عليـه السـلم قال[[ :هذا لشيعتنـا حلل الشاهـد منهـم والغائب،
واليت منهم والي ومن تولّد منهم إل يوم القيامة فهو لم حلل]].)14(.
* عن أب جعفر عليه السلم قال :قال أمي الؤمني عليه السلم[[ :هلك الناس ف بطونم
وفروجهم؛ لنم ل يؤدوا إلينا حقنا ،أل وإن شيعتنا من ذلك وآباءهم ف حل]].)15(.
* وروى ف مو ضع آ خر الروا ية التال ية -:عن أ ب ع بد ال عل يه ال سلم قال{ :كان ر سول ال
صلى ال عليه وآله وسلم إذا أتاه الغنم أخذ صفوه وكان ذلك له ،ث يقسم ما بقي خسة أخاس ،ث
يأخذ خسه ث يقسم أربعة أخاس بي الناس}.)16(.
وهذا يع ن أن الغ نم هو غني مة الرب خا صة؛ لن أموال الناس ومكا سبهم وعقارات م ل ينط بق
عليها هذا القول إذ هي ل يكن -ول يدث -أن يؤتى با ويأخذ منها رسول ال صلى ال عليه وآله
وسلم ول غيه ما يعجبه ث بعد ذلك يقسمها خسة أقسام يأخذ واحدا منها ث يقسم الربعة القسام
الخرى بي الناس .وهذا ما جاء ف رواية أخرى:
الغنائم خاصة]].)17(.
* عن الع بد ال صال عل يه ال سلم[[ :وله –أي :المام -ن صف ال مس كاملً ،ون صف
المـس الباقـي بيـ أهـل بيتـه ،فسـهم ليتاماهـم ،وسـهم لسـاكينهم ،وسـهم لبناء
سبيلهم ]]...و ف آ خر الروا ية يعود ليقول[[ :وج عل للفقراء قرا بة الر سول صلى ال عل يه
وآله وسلم نصف المس]].)18(.
فالمـس إذن نصـفه للمام -حسـب هذه الروايـة -ونصـفه للفقراء (اليتامـى والسـاكي وأبناء
السـبيل) فليـس للغنياء فيـه نصـيب وإن كانوا مـن ذريـة أهـل البيـت ،وعلى هذا نـص الفقهاء قديا
وحديثا -كما سيأت:
فهذه هـي أقوال الئمـة وتوجيهاتمـ فـ الروايات الواردة عنهـم ،فإن كان موضوع المـس
وأحكامه قد أسست على أقوال الئمة ،فهذه أقوالم ...وإن كانت أسست على شيء آخر فذلك شأن
من أسسها والئمة منه برآء ،ول علقة لنا به ول حجة له علينا ،وهنا يق لنا أن نتساءل ونقول :فمن
أين نشأ القول بوجوب المس وأدائه إل الفقيه؟! ومت؟!!
هذا ما سأحاول الجابة عنه من خلل استقراء أقوال فقهاء الذهب.
كبار الفقهاء يُسقطون المس أيضا-:
ل ي كن ال كم بإبا حة ال مس وإ سقاطه عن الشي عة ،وعدم إلزام هم به قو ًل للئ مة ف قط -وإن
كان هذا يكفي؛ لن قول المام حجة -حسب قواعد الذهب -ول اجتهاد مع النص أو قول المام،
وإن ا على هذا ال كم أيضا كبار فقهاء الذ هب ومشاهيه على مر التار يخ متج ي بذه الروايات ال ت
أسلفنا ذكرها ما يدل صراحة على اعتبارها عندهم.
من هؤلء الفقهاء:
ا -العلمة أحد الردبيلي (ت 993هـ) :الذي كان أبرز فقهاء عصره على الطلق حت لُقب
بالفقيه القدس!!
يقول الردبيلي :اعلم أن عموم الخبار ..يدل على السـقوط بالكل ية فـ زمان الغيبـة والضور،
بع ن عدم الوجوب الت مي ...وهذه الخبار هي ال ت دلت على ال سقوط حال الغي بة ،وكون الي صال
)(17أيضا (..)2/56
)(18أصول الكاف (..)542 ،1/540
مستحبا أي :زمن الضور كما هو مذهب البعض مع ما مر من عدم تقق الوجوب إل قليلً لعدم دليل
قوي على الرباح والكاسب وعدم الغنيمة.)19(.
تأ مل التشا به ب ي هذه الفتوى ون صوص الئ مة ال سابقة ،وك يف ي ستدل على سقوط ال مس
بالخبار الواردة عن الئمة.
-2ممد الباقر السبزواري (1018هـ1090-هـ):
قال ف ذخية العاد :الستفاد من الخبار الكثية ف بث الرباح كصحيحة الارث بن الغية
النضري ،و صحيحة الفضلء و صحيحة زرارة و صحيحة علي بن مهزيار ،و صحيحة ضر يس وح سنة
الفضيل ،ورواية ممد بن مسلم ورواية داود بن كثي ورواية الارث بن الغية ورواية معاد بن كثي،
وروا ية إ سحاق بن يعقوب ،وروا ية ع بد ال بن سنان ،وروا ية ح كم مؤذن ب ن ع بس ،إبا حة ال مس
للشيعة.)20(.
وقد خي بي الباحة وبي حفظ حصة المام إل حي ظهوره أو قيام الفقيه بصرفه احتياطا على
سبيل الستحباب ل الوجوب ف موضع آخر( )21مع ميله الشديد إل الباحة عملً بالخبار الواردة.
-3الشيخ ممد حسن النجفي (ت 1266هـ)(:)22
قال بعد استعراضه الخبار الت تلل المس للشيعة:
وكيـف كان فسـب هذه الخبار العتـبة الكثية التـ كادت تكون متواترة الشتملة على التعليـل
العج يب وال سر الغر يب يشرف الفق يه على الق طع بإباحت هم علي هم ال سلم شيعت هم -ز من الغي بة بل
والضور الذي هو كالغيبة ف قصور اليد وعدم بسطها -سائر حقوقهم عليهم السلم ف النفال ،بل
وغيها ما كان ف أيديهم...
أما غي الشيعة فمحرم عليهم أشد تري وأبلغه ول يدخل ف أملكهم شيء منها.)23(.
لحظ كيف يستدل على الباحة بالخبار الواردة عن الئمة ويصفها بأنا معتبة ،ويقول عن
الباحة ف كلمه اللحق أنا ثبتت شرعا ،إذ قال أيضا:
صرح جا عة –أي :من الفقهاء -بأ نه ث بت شرعا إباحت هم علي هم ال سلم النا كح وال ساكن
والتاجـر فـ حال الغيبـة وإن كان ذلك بأجعـه للمام أو بعضـه فإنـه مباح ول يبـ إخراج حصـة
الوجودين من أرباب المس منه.)24(.
-4السيد ممد علي الطباطبائي (ت 1009هـ):
قال -عن ال مس والنفال ف حال الغي بة :-ال صح إبا حة الم يع ك ما نص عل يه الشهيدان
وجاعة ،للخبار الكثية التضمنة لباحة حقوقهم ف حال الغيبة وكيف كان ،فإن الستفاد من الخبار
التقدمة إباحة حقوقهم عليهم السلم من جيع ذلك.)25(.
لحـظ كيـف أن القائليـ بالباحـة يتجون لقولمـ بالخبار الواردة عـن الئمـة ،وكيـف أن
الخالفي لم يغمضون أعينهم عنها!
-5الشهيد الثان ( 911هـ966 -هـ):
قال بإبا حة النفال بش كل مطلق ف حال الغي بة ،ول يس إبا حة النا كح وال ساكن والتا جر فقط،
وقال :إن الصح هو ذلك.)26(.
-6العلمة سلر:
قال :إن الئمة عليهم السلم قد أحلوا المس ف زمان الغيبة كرما وفضلً للشيعة خاصة.)27(.
لحظ تعبيه :إن الئمة عليهم السلم قد أحلوا المس ...إل.
-7الشيخ يي بن سعيد اللي (601هـ690-هـ):
مال إل إباحة المس وغيه للشيعة حال الغيبة كرما من الئمة وفضلً ،ولا استعرض اختلف
أقوال الفقهاء من الباحة الطلقة إل الفظ والوصية والدفن والتفريق والصرف على الفقراء الصالي
عقّب قائلً :ال أعلم.)28(.
وإذن فالئمـة أباحوا المـس كرما وفضلً ،فبأي حـق نوجـب على الناس مـا أباحـه الئمـة
أنفسهم؟!!
وقد قال جاعة من الفقهاء بإباحة خس الناكح والساكن والتاجر حال الغيبة منهم:
()29
-8شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي (ت 460هـ).
-9الحقق اللي نم الدين جعفر بن السن (602هـ676 -هـ)(.)30
-10العلمة السن بن الطهر اللي (ت 709هـ).)31(.
-11القاضي ابن براج (التوف ف منتصف القرن الامس الجري).)32(.
()33
-12الشهيد الول (ت 786هـ).
الفصل الثالث :اضطراب نظرية المس واختلفها بي التقدمي من الفقهاء والتأخرين-:
ماذا عند الشيخ الفيد (413هـ)؟-:
وهو شيخ الطوسي اللقب بشيخ الطائفة ،جاء ف ترجته ف بداية كتاب الرشاد ما يلي...( :
خاطبه إمام العصر عجل ال فرجه ف كتابه الول :بالخ السديد والول الرشيد ،أيها الول الخلص ف
ودنا الناصر لنا ...إل ،ويقول ف الثان :من عبد ال الرابط ف سبيله إل ملهم الق ودليله ،سلم عليك
أيها العبد الصال الناصر للحق الداعي إليه بكلمة الصدق ...إل)( .)34وعلق الترجم على هذه القوال
فقال :تعرف حينئذ أن مـن يتخذه حجـة الزمـن عليـه السـلم أخا له ويعترف له بالصـدق فـ القوال
والرشد ف المر هو فوق مستوى البشر بعد الجج الطهار(.)35
يقول الشيخ الفيد :قد اختلف قوم من أصحابنا ف ذلك –أي :المس -عند الغيبة وذهب كل
فريق إل مقال:
فمنهم من يسقط إخراجه لغيبة المام وما تقدم من الرخص فيه من الخبار.
-وبعضهم يو جب كنه –أي :دف نه -ويتأول خبا ورد :إن الرض تظ هر كنوز ها عند ظهور
المام وإنه عليه السلم إذا قام دله ال على الكنوز فيأخذها من كل مكان.
-وبعضهم يرى صلة الذرية وفقراء الشيعة على طريق الستصحاب.
-وبعضهم يرى عزله لصاحب المر ،فإن خشي إدراك الوت قبل ظهوره وصى به إل من يثق
به ف عقله وديان ته ح ت ي سلم إل المام إن أدرك قيا مه وإل أو صى به إل من يقوم مقا مه ف الث قة
والديانة ،ث على هذا الشرط إل أن يظهر إمام الزمان.
وهذا القول عندي أوضح من جيع ما تقدم؛ لن المس حق لغائب ل ترسم فيه قبل غيبته شيئا
ي ب النتهاء إل يه فو جب حف ظه إل و قت إيا به ...وإن ذهب ذاهب إل ما ذكرناه من ش طر المس
الذي هو خالص المام وجعل الشطر الخر ليتام آل ممد وأبناء سبيلهم ومساكينهم على ما جاء ف
القرآن ل يبعد إصابته الق ف ذلك ،بل كان على صواب.
وإنا اختلف أصحابنا ف هذا الباب لعدم ما يلجأ إليه من صريح اللفاظ ،وإنا عدم ذلك لوضع
تغليظ الحنة مع إقامة الدليل بقتضى العقل ف المر من لزوم الصول ف حفظ التصرف ف غي الملوك
إل بإذن الالك وحفظ الودائع لهلها ورد القوق.)36(.
أول ما ينب غي أن يل حظ أن القول الوح يد ال ستند إل الخبار الواردة عن الئ مة من ب ي كل
القوال الت استعرضها الشيخ الفيد هو القول الول الذي يسقط إخراج المس.
وأما باقي القوال فهي:
-إما عارية عن الدليل بالكلية أي :الدليل النقلي الذي يثل قول المام .ويعترف الشيخ الفيد أن
المس حق لغائب ل يرسم فيه قبل غيبته شيئا يب النتهاء إليه!
-وإما مستندة إل تأويل.
ويلحظ أيضا أن الفقيه أو السيد ل موقع لما من إعراب هذه القوال جيعا!
كذلك يل حظ -ك ما ي عب أح د الكا تب -أن الف يد يك شف عن الية ف موضوع ال مس
والغموض الذي يل فه ،ويتحدث عن عدم وجود ن صوص صرية عن المام الهدي أو غيه عن ح كم
المس ف عصر الغيبة.)37(.
وأخيا أقول :كيـف يكـن أن يقال بعدم وجود نصـوص صـرية مـع أناـ موجودة فـ أمهات
الكتب العتمدة الت سبقت عصر الفيد ،وهو نفسه أشار إليها عند حكايته القول الول ما يدل على
اطلعه عليها!!.
قول الشيخ أب جعفر الطوسي التوف سنة (460هـ)-:
وهو صاحب كتاب الستبصار وتذيب الحكام وها اثنان من كتب أربعة عليها مدار الذهب،
وكذلك هو صاحب كتابي من كتب أربعة عليها مدار الذهب ف الرجال جاء ف التعريف به ف بداية
كتاب النهاية :إمام الفرقة بعد الئمة العصومي ،وعماد الشيعة ف كل ما يتعلق بالذهب والدين شيخ
الطائفة على الطلق.
يقول الطو سي :أ ما ف حال الغي بة ف قد رخ صوا لشيعت هم الت صرف ف حقوق هم من النا كح
والتاجر والساكن ،فأما ما عدا ذلك فل يوز لم التصرف فيه على حال ،وما يستحقونه من الخاس
ف الكنوز وغيها فقد اختلف قول أصحابنا فيه ،وليس فيه نص معي ،إل أن كل واحد منهم قال قولً
يقتضيه الحتياط:
-فقال بعضهم :إنه جار ف حال الستتار مرى ما أبيح لنا من الناكح والتاجر.
-وقال قوم :إنه يب حفظه مادام النسان حيا فإذا حضرته الوفاة وصى به إل من يثق به من
إخوانه الؤمني ليسلمه إل صاحب المر إذا ظهر ،أو يوصي به حسب ما وصى به إل أن يصل إل
صاحب المر.
-وقال قوم :يب دفنه لن الرضي ترج كنوزها عند قيام القائم.
-وقال قوم :يب أن يقسم المس ستة أقسام ،فثلثة أقسام للمام يدفن أو يودع عند من يثق
به ،والثلثة القسام الخر يفرق على مستحقيه من أيتام آل ممد صلى ال عليه وآله وسلم ومساكينهم
وأبناء سبيلهم.
وهذا ما ينبغي أن يكون العمل عليه ،لن هذه الثلثة القسام مستحقها ظاهر ،وإن كان التول
لقبضها وتفريقها ليس بظاهر ،كما أن مستحق الزكاة ظاهر ،وإن كان التول لقبضها وتفريقها ليس
بظاهر ،ول أحد يقول ف الزكاة :إنه ل يوز تسليمها إل مستحقيها ،ولو أن إنسانا استعمل الحتياط
وعمل على أحد القوال القدم ذكرها من الدفن أو الوصاة ل يكن مأثوما.)38(.
ملحظات مهمة:
يل حظ على هذه الفتوى /أن الش يخ الطو سي -كشي خه الف يد -ل يذ كر الفقهاء قط ،ل ف
ق بض ال مس ،ول تفري قه ول ع ند الو صية إل موثوق ،ول ع ند الد فن ،بل صرح أن التول لتفر يق
ال مس ل يس بظا هر –أي :غائب ،-ولو كان يرى أن الفقهاء يتولون ذلك ل ا قال :إن التول لقبض ها
وتفريقها ليس بظاهر.
بل ذ كر صراحة -ع ند ذ كر الو صية -أن الذي يو صى إل يه بال مس هو من ي ثق به صاحب
المس من إخوانه الؤمني ول يقل من الفقهاء!
ويل حظ أيضا :أن الشيخ ي الطو سي والف يد ل يذكرا من ب ي ج يع القوال ال ت ذكرا ها قو ًل
واحدا يشي إل دفع المس إل الفقيه أو السيد! وهذا يعن إجاع فقهاء الذهب القدمي على إغفال
ذكرها وإنما ل يكونا واردين ف حساب أولئك الفقهاء.
وكذلك يل حظ أن ج يع القوال ل ت ستند إل أي نص عن الئ مة سوى القول الول القا ضي
بإباحة المس وسقوط فرضيته..
ملحظات أخرى:
وإذا رحنا نناقش الفتوى نقاشا منطقيا عقليا واقعيا ،فإنا ند أمورا خارجة عن كل ذلك مثل:
-أن يدفن إنسان عاقل خس أمواله ومكاسبه وأرباحه طيلة حياته! أي :إن خ س أموال المة
يذهب طعاما للديدان والتراب! وهو أمر يتناف مع العقول ،ولشك ف أن فاعله سفيه ،يب ف حقه
الجر.
-أو أن يوصي به إل ثقة وهو أمر خيال غي واقعي ،ل يكن وجوده أو تققه إل تصورا ف
الذهان .وإل فكيف يكن أن يوصي بمس أموال المة لتحفظ إل قيام الهدي؟!.
إن هذا يع ن أن تعا قب بض عة أجيال يولّد فائضا من الال ي ساوي أموال ال مة جيعا ف ج يل
واحد .وهذا الفائض التراكم يب أن يفظ! فأين؟ وعند من؟ وف أي مصرف؟!
فك يف و قد م ضى على غي بة الهدي ألف ومئة عام وأك ثر ،أي :ما ي ساوي أربع ي جيلً!! فإذا
بقي غائبا عشرة آلف سنة أو عشرين أو إل يوم الدين؟!
فهل الفقهاء الذين أفتوا بذلك كانوا يعنون ما يقولون أو يتخيلونه مرد تيل؟!
ولذلك قال الشيخ حسن الفريد ف عصرنا الال (ت 1417هـ) ناقدا هذه القوال ومتأسفا
-كما يعب أحد الكاتب :-اختلف الصحاب فيما يب أو يوز أن يصنع بسهم المام ف عصر الغيبة
على أقوال ليتهـم ل يقولوا باـ ول ينحطوا بذلك عـن شامـخ مقامهـم ،وليـت التأخريـن ل ينقلوا هذه
القوال ف مؤلفاتم ،ولعمري إن أجل فقه الشيعة عن نقل مثل القول بالدفن والوصية فيه.)39(.
ونفى الشيخ ممد النجفي (ت 1266هـ) وجود أي دليل على القول بالعزل والفظ والوصية
بالمس إل أن يظهر المام الهدي سوى ما أشار إليه الفيد :من كون المس حقا لغائب ل يأمرنا ما
نصنع فيه فيجب حفظه له كما ف سائر المانات الشرعية.)40(.
فلم يبق -ما يقبله العقل -إل القول الول الذي ينص على الباحة والسقوط ،وهو الذي نطقت
به الخبار الواردة عن الئمة ،بإقرار الفقهاء أنفسهم وعمل بعضهم على أساسه.
وأنا ل أدري على أي فتوى كانت جاهي الشيعة تعمل طيلة القرون الت سبقت الفتوى بوجوب
دفع (المس) إل الفقيه!! لبد أن بعضهم ع مل بالفتوى القائلة بالوصية ،فهل وجد التأخرون أموالً
متكدسة تراكمت بفعل تولا من يد (ثقة مأمون) إل (ثقة مأمون) جيلً بعد جيل؟ وإن ل يد أحد
شيئا من ذلك فأين كان مصي تلك الموال الت أوصى با أصحابا؟!
وحتـ تتكون صـورة واضحـة العال يظهـر فيهـا الفرق الشاسـع بيـ أقوال الفقهاء التقدميـ
والتأخرين -ليعلم القارئ علما يقينيا أن السألة برمتها رأي واجتهاد اضطربت فيه القوال واحتارت به
العقول وزلت ف ماض ته القدام دون ا ستناد إل دل يل -أن قل فتوى زع يم الوزة النجف ية ال سيد أ ب
القاسم الوئي مقتصرا عليها من بي فتاوى التأخرين طلبا للختصار.
فتوى زعيم الوزة السيد أب القاسم الوئي-:
يقول السيد الوئي( :يقسم المس ف زماننا -زمان الغيبة -نصفي:
نصف لمام العصر الجة النتظر ،ونصف لبن هاشم ،أيتامهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم...
وقال :يوز استقلل الالك ف توزيع النصف الذكور( ،)41والحوط استحبابا الدفع إل الاكم
الشرعي أو استئذانه ف الدفع إل الستحق.
والنصف الراجع للمام عليه السلم يرجع فيه ف زمان الغيبة إل نائبه وهو الفقيه الأمون العارف
بصارفه ،إما بالدفع إليه أو الستئذان منه.
)(39رسالة ف المس (ص..)86-83:
)(40جواهر الكلم (ص..)165:
)(41أي :النصف العائد لبن هاشم.
ومصرفه ما يوثق برضاه عليه السلم بصرفه فيه كدفع ضرورات الؤمني من السادات وغيهم،
والحوط استحبابا نية التصدق به عنه ،واللزم مراعاة الهم فالهم .ومن أهم مصارفه ف هذا الزمان
الذي قلّ ف يه الراشدون وال سترشدون إقا مة دعائم الد ين ور فع أعل مه وترو يج الشرع القدس ون شر
قواعده وأحكامه ومؤونة أهل العلم الذين يصرفون أوقاتم ف تصيل العلوم الدينية ...والحوط لزوما
()42
مراجعة الرجع العلم الطلع على الهات العامة.
جدول مقارنة متصرة بي فتوى الطوسي شيخ الطائفة والوئي زعيم الوزة
إن هذا التفصيل الذي يذكره الوئي -غي معلوم للغالبية العظمى من العوام القلدين ،إذ يدفعون
المس كله بقسميه ،ويعلونه قسما واحدا يسلمونه إل الفقيه على أنه واجب مطلقا!
وم ا ينب غي الت نبيه عل يه إن هذا ال مر مالف جلة وتف صيلً لفتوى الطو سي ش يخ الطائ فة على
الطلق.
حق السادة-:
وما يلحظ -وهو ما يستغرب جدا -أن الشيخ الطوسي والسيد الوئي كليهما ل يعل لغنياء
السادة نصيبا ف المس!! فالطوسي ل يذكر -آل ممد صلى ال عليه وآله وسلم -إل عند اليتامى
والساكي وأبناء السبيل .وهؤلء كلهم ذوو حاجة ،والوئي يعل من مصاريف المس دفع ضرورات
الؤمني من السادات وغيهم.
والضرورة ش يء أ شد من الا جة ،وهذا معناه أن ال سيد ل حق له ف ال مس إل ع ند الضرورة
والاجة الاسة .وأن هذه الضرورة ل تص السادة وحدهم وإنا تعم الؤمني من السادات وغيهم.
إن هذا الذي أقوله ليس استنتاجا استخلصته من أقوال العلماء ،وإنا هو ما نطقت به فتاواهم،
والنصوص الت وردت عن الئمة:
فقد مرّ بنا -قبل قليل -قول الوئي :يقسّم المس ف زماننا نصفي ،نصف لمام العصر ونصف
لبن هاشم أيتامهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم ...والنصف الراجع للمام (ع) يرجع فيه ف زمان الغيبة
إل نائبه وهو الفقيه الأمون.
أي :أن المس نصفه للفقيه ونصفه لفقراء بن هاشم فلم يبق لغنيائهم شيء؛ لنه موزع بي
الفقيه والفقي.
وكون نصف المس يعطى للفقراء دون الغنياء هو الذي جاء عن الئمة ،إذ يروي الكلين عن
الع بد ال صال عل يه ال سلم أ نه قال[[ :ونصف المس الباقي بي أهل بيته ،فسهم ليتاماهم،
و سهم ل ساكينهم ،و سهم لبناء سبيلهم ]]...و ف آ خر الروا ية يعود ليقول ...[[ :وج عل
للفقراء قرابة الرسول صلى ال عليه وآله وسلم نصف المس]].)43(.
وهذا تنصيص على الفقراء دون الغنياء.
وهذا كله يالف الوا قع الشا هد تاما!! إذ إن ال سادة الذ ين يتولون أ خذ ال مس هم من أك ثر
الناس غن وترفا!! ومسكينة هي الماهي ...فقد ضاعت عليها القيقة!!
وضاعت القيقة!-:
وعلى أ ية حال ف ما قرأ ته وعاين ته هو كلم زع يم الوزة ومر جع الطائ فة ف الع صر الد يث،
وفتوى مؤسـس الوزة وشيـخ الطائفـة على الطلق ،وبينهمـا مـن الفرق والختلف مـا قـد علمتـه
وزيادة! فأين الق؟! وعند من نعثر على القيقة؟! وأي منهما مذهبه وفتواه وكلمه يثل قول العصوم!
أو المام جع فر ال صادق عل يه ال سلم وكله ا إما مي اث نا عشري عقيدة ،وجعفري فقها ...والذ هب
ل على أقوال المام جعفر الصادق عليه السلم.
-كما أعلمونا -مؤسس جلة وتفصي ً
ف هل ي صح ف الذهان أن المام جعفرا عل يه ال سلم! متنا قض إل هذه الدر جة؟! أم إن الن طق
يقضي بأن قوله ف السألة واحد ،لسيما إذا استحضرنا القول بعصمته عليه السلم ،فأي القولي هو
قوله؟ مع النتباه إل أن كل قول منهما هو نفسه عبارة عن مموعة أقوال وترجيحات متناقضة!! ول
شك ف أن الليي وعلى مر مئات السني عملوا بفتوى الشيخ الطوسي وأمثاله من الفقهاء ،فلم يدفعوا
أخاس أموال م إل أي فق يه أو سيد وماتوا على ذلك! ف هل هؤلء الذ ين يعيشون ف زمان نا ث يوتون
دون أن يدفعوا ال مس إل أ حد بريئو الذ مة كأولئك؟! فعلم إذن يكلف الخرون أنف سهم ويلزمون ا
به؟! أم إن أولئك الذين عملوا بفتوى الطوسي وأمثالم هم وحدهم مسامون وغيهم آثون مع أن كل
الفريقي مشترك ف أمر واحد وهو عدم الدفع؟! أم إن كليهما آث ماسب؟ فما ذنب الفريق الول؟! أم
ماذا؟!
و هل الطو سي كان على ال ق والوئي على البا طل؟ أم الع كس؟ أم كله ا على حق؟ أم على
باطل؟ أم ماذا؟ أفتونا مأجورين!!
ول نا أن ن سأل ه نا :هل رأى أ حد ب عد أن تغ ي الزمان واختل فت الفتوى -أموالً مكد سة ع ند
الفقهاء أو غيهم كانت قد تراكمت نتيجة العمل بالفتاوى القائلة بإيداعها عند أمي من فقهاء الذهب
أو بقية الؤمني؟! فأين مصي تلك الموال الت أودعت عند أولئك المناء؟!!
-5الطوة الام سة :جواز أو وجوب إعطاء ال مس إل الفقهاء ل كي يق سموه( .)47يقول أح د
الكاتب :وربا كان أول من مال إل جواز أو وجوب إعطاء المس إل الفقهاء لكي يقسموه هو :ابن
حزة ف القرن ال سادس ف الو سيلة إل ن يل الفضيلة( ،)48واع تب ذلك أف ضل من قيام صاحب ال مس
بتوزيعه بنفسه خاصة إذا ل يكن يسن القسمة.)49(.
ويقول أح د الكا تب :ول يتر سخ هذا القول بقوة ف أو ساط الشي عة ح ت إن عالا كبيا هو
الشه يد الول (الذي جاء ب عد ذلك بقرن ي) تردد فقال بالتخي ي ب ي القول ي القد ي :الد فن والي صاء،
والديد :الصرف...
وكذلك فعل الحقق الكركي الذي استقدمته الدولة الصفوية الت قامت ف بلد فارس ف القرن
العاشر الجري ،و ظل على الرأي القدي الذي يقول بالتخي ي بي صرف سهم المام الهدي أو حفظه
إل حي ظهوره.)50(.
وظلت هذه الفتوى تتردد فـ أوسـاط الفقهاء عدة قرون وظلت أقوالمـ مضطربـة ومتخالفـة إل
اليوم ،حت إن السيد مسن الكيم -التوف ف أواخر القرن الرابع عشر الجري -استشكل التصرف ف
سهم المام زمن الغيبة ث استثن بعد ذلك ما إذا أحرز رضاه عليه السلم –أي :المام الغائب -بصرفه
ف بعض الهات الت يعلم رضاه بصرفه (فيها) ...ول يشترط مراجعة الاكم الشرعي –أي :الفقيه.-
(.)51
أي :إنه ل يوجب على القلد إذا أحرز رضا المام إعطاء خسه إل الفقيه ،بل يستطيع أن يتوله
بنفسه.
حية الفقهاء التأخرين ف الذريعة الت تبر أخذهم المس-:
)(47أيضا..
( )(48ص..)682:
)(49تطور الفكر السياسي الشيعي (ص..)352:
)(50تطور الفكر السياسي الشيعي (ص..)353:
)(51مستمسك العروة الوثقى للسيد مسن الكيم (..)9/584
وهكذا نصل إل القول -متيقني -أن نظرية إعطاء (المس) إل الفقيه جاءت متأخرة ول تكن
معروفة عند التقدمي ،إل أن بعض التأخرين قالوا با ،وقد احتاروا ف الذريعة أو السوغ الشرعي الذي
يبيح لم ذلك .فمنهم من قال بإحراز رضا (المام) وذلك بصرفه ف الوجوه الشرعية ،أو بنية التصدق
عنـه ،ومنهـم مـن عكـس هذا القول تاما فسـلب مـن (المام الغائب) حقـه مـن المـس ،وجعـل علة
استحقاقه له القيام بواجبات (المامة) وبا أن المام غائب عن القيام بذه الواجبات ،فليس له شيء من
(المس) وإنا الذي يستحقه القائم مقامه وهو الفقيه!
يقول الشيخ حسن الفريد (ت 1417هـ) :إن مقتضى القاعدة سقوط النصف الذي هو للمام
عليه السلم إذ لريب أنه إنا استحق ذلك بق الرئاسة والمامة ،ولذا ينتقل هذا الق إل الذي يقوم
بعده بالما مة ل إل ورث ته ،وإذا غاب عن الناس ول ي قم بالما مة انت فت رئا سته خارجا وينت في ح قه
بانتفاء موضوعه.)52(.
واحتاروا أيضا ف نيا بة الفق يه وولي ته هل هي مطل قة؟ أم إن نياب ته عن (المام) تقت صر على
القضاء والفتاء؟ فإن كا نت نياب ته قا صرة فك يف ي كن ح ساب ح صته من ال مس على قدر م ساحة
نيابته؟!
أما السيد ممود الاشي فينتقد النهج الذي سلكه الفقهاء ف مسألة المس ويعل أساس أقوالم
ف يه الذوق والوجدان ولذلك اختلفوا ح سب اختلف أذواق هم و سلئقهم وي صرح قائلً :وهذا كله ل
أ ساس له ،ول يب قي إل على قول وا حد هو قول الش يخ ح سن الفر يد الذي ي عل من ال مس ملكا
لنصـب المامـة والوليـة الشرعيـة فيكون الول الشرعـي فـ كـل زمان هـو التول على صـرفه قانونا
وشرعا.)53(.
وفات السيد ممود الاشي أن قوله هذا كذلك ل أساس له إل الذوق والوجدان.
شرعية النفاق ل تلل حرمة الصدر (الكسب)-:
ولذلك يقول الدكتور موسى الوسوي :كم أتن أن يترفع الفقهاء والجتهدون عن أموال الشيعة
ول يرتضون لنفسهم أن يكونوا عالة عليهم بذريعة ما أنزل ال با من سلطان.
إن ب عض علماء الشي عة يدا فع عن أخذ هم ال مس من أموال الشي عة بأن ا ت صرف على الدارس
الدينية والوزات العلمية والشؤون الذهبية الخرى .ولكن الناقشة ليست ف أن تلك الموال تصرف
كيف؟ ولاذا؟ بل الناقشة أصولية وواقعية ومذهبية وهي أن تلك الموال تؤخذ زورا وبطلنا من الناس
وحت إذا صرفت ف سبيل ال فإنا غي شرعية ل يوز التصرف فيها.)54(.
وهذا الكلم أو التأصـيل ل غبار عليـه فإن السـارق ل ينقلب ماله حللً وإن أنفقـه فـ الوجوه
الحللة شرعا؛ لن أصـله حرام ،وكذلك المـس ل يصـح أن نناقـش شرعيتـه بالقلوب ،فنقول :إنـه
ي صرف ف الوجوه الشرع ية الذكورة إل ب عد إثبات شرع ية م صدره وحلّ ية أخذه من الناس من ق بل
الفق يه ،وه ا –أي :ال خذ والنفاق -أمران متلفان تاما وكون أحده ا حللً ل يلل ال خر( )55ف قد
يكسب النسان ماله من وجه حلل ويصرفه ف حرام ،فيتحمل إث الصرف والنفاق ،وقد يكسب ماله
من حرام وينف قه على عياله أو على م سجد أو فق ي ،يتح مل إ ث ك سبه ول أ جر له ف إنفا قه إل على
مذهب أحد السراق ،إذ قال :إنه يستطيع أن يسرق عشرة دناني دون أن يكسب إثا!! قيل له :كيف؟
قال :السنة بعشر أمثالا والسيئة بثلها ،فأنفق دينارا واحدا على فقي فأكسب عشر حسنات أمو با
ال سيئات الع شر من جراء ال سرقة وي صفو ل ت سعة دنان ي حللً زللً!! وكذلك (ال مس) وأخذه من
قبل الفقهاء بل فرق.
ويقول الدكتور موسـى الوسـوي :لقـد كان باسـتطاعة الفقهاء الشيعـة أن يبنوا أنفسـهم على
الكتفاء الذا ت ،وأن يكون الفقيـه معتمدا على نف سه شأنـه شأن أرباب ال صناعات الخرى ،ك ما أن
باستطاعتهم الصول على أموال لتنمية العلم والعلماء ،ولكن باسم التبعات والبات ل باسم الواجب
الشرعي وأوامر السماء.
ملخص تقريب لتطور موضوع متول المس عب التاريخ-:
قام الشيخ أحد الكاتب برسم صورة رائعة لسلسل تطور المس ومتوليه عب القرون ،وهو عمل
ليس باليسي لضطراب أقوال الفقهاء وعدم اجتماعها على قول واحد ف عصر واحد وتراجعها الستمر
من وقت لخر ،وهذا ملخص ما قاله.)56(.
وهكذا نرى ماولت الروج من تلك النظر ية ف باب ال مس قد ابتدأت م نذ قرون وانتقلت
عب التاريخ من:
-1القول بإباحة المس.
سلب حق المس من المام الهدي لغيبته وعدم قيامه بهام المامة ،وقال بضرورة قيام واحد من الناس
باستلم المس وتوزيعه من باب السبة .وهو تطور ل يطر على بال أحد من قبل ،إذ إن غاية ما كان
يقوله الفقهاء -وإل أزم نة متأخرة جدا -إن الفق يه يأ خذ ن صيب المام بو صفه نائبا ع نه ،أ ما التطور
الخ ي فيع طي الشرع ية للفق يه بتول ذلك ل بو صفه نائبا عن المام وإن ا ب صورة م ستقلة باعتباره وليا
وزعيما وحاكما وإماما كما يقول به الشيخ الفريد والسيد ممود الاشي.
من أين جاءت الفكرة؟-:
نترك الواب عـن هذا السـؤال للدكتور موسـى الوسـوي ،وهـو حفيـد السـيد أبـ السـن
ال صفهان ،أ حد متهدي ومرا جع الوزة النجف ية يقول :ل ت كن الشي عة ح ت ذلك التار يخ -الع صر
العباسي -متماسكة بالعن الذهب حت تقوم بإعالة فقهائها ،فكان تفسي الغنيمة بالرباح خي ضمان
لعالة العجز الال الذي كان يقلق حياة فقهاء الشيعة وطلب العلوم الدينية الشيعية آنذاك ...وبعد أن
أ سست هذه البد عة أضي فت إلي ها أحكام مشددة ل كي ت مل الشي عة على قبول إعطاء ال مس ،و هو
المر الذي ليس من السهل على أحد أن يرتضيه إل بالوعيد! فدفع الضرائب ف كل عصر ومصر ف أي
مت مع يواجهه امتعاض من الناس ،وب ا أن فقهاء الشي عة ل ت كن ل م ال سلطة ل كي يرضخوا العا مة على
استخراج المس من أرباح مكاسبهم طوعا ورغبة ،فلذلك أضافوا إليها أحكاما مشددة منها الدخول
البدي ف نار جه نم ل ن ل يؤد حق المام ،وعدم إقا مة ال صلة ف دار الش خص الذي ل ي ستخرج
المس من ماله ،أو اللوس على مائدته وهكذا دواليك.
كما أن فقهاء الشي عة أفتوا بأن خ س الرباح الذي هو من حق المام الغائب ي ب تسليمه إل
الجتهدين والفقهاء الذين يثلون المام.
وهكذا سرت هذه البدعة ف الجتمع الشيعي تصد أموال الشيعة ف كل زمان ومكان ،وكثي
من الشيعة حت هذا اليوم يدفع هذه الضريبة إل مرجعه الدين ،وذلك بعد أن يلس الشخص السكي
أمام مرج عه صاغرا ويق بل يده ب كل خشوع وخضوع ويكون فرحا م ستبشرا بأن مرجعه تفضل عل يه
()57
وقبل منه حق المام.
اللصة-:
إن أمرا ل وجود له فـ القرآن الكريـ ول السـنة النبويـة الطهرة ،ول ذكـر له فـ أقوال الئمـة
الع صومي ،ول إجاع عل يه ب ي الفقهاء التأخر ين ،ول يرد على أل سنة الفقهاء التقدم ي! ما ال سوغ
فالرث ورد أ صله وكذلك تف صيله ف القرآن بالن صوص القطع ية الدللة ال ت ل تت مل إل مع ن
واحدا مددا.
بينما الصلة مثلً -وهي أعظم من الال -ثبتت شرعية أصلها ف القرآن أما تفصيلتا وتفريعاتا
فغالبها ورد ف السنة النبوية.
وإذن فال سائل اله مة ال ت يتو قف علي ها صلح الن سان ف دنياه وأخراه ل بد من أن تث بت
بالن صوص القرآن ية الواض حة القاط عة الدللة ،أي :ال ت ل تق بل تطرق الحتمال إل دللت ها على الع ن
الراد ،خ صوصا ما تعلق من ها بال سائل الال ية الضرور ية ،وهكذا ث بت أ صل ال صلة والزكاة وال صيام
والج ،وقبل ذلك أصول العقيدة ف الشريعة السلمية.
ف هل خ س الكا سب ث بت ب ثل هذه الدلة أي :الن صوص القرآن ية أولً ...القاط عة الدللة ثانيا؟
كما ثبتت الزكاة والرث وأمثالما؟!
آية المس-:
ي وَابْ ِن
سهُ وَلِلرّسُو ِل وَلِذِي اْل ُقرْبَى وَاْليَتَامَى وَالْ َمسَا ِك ِ ((وَا ْعلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُمْ مِنْ شَ ْيءٍ فَأَنّ لِلّهِ خُمُ َ
ال سّبِيلِ إِ نْ كُنتُ ْم آمَنْتُ ْم بِاللّ هِ َومَا أَنزَْلنَا عَلَى عَْبدِنَا َيوْ مَ اْل ُفرْقَا نِ َيوْ مَ اْلَتقَى الْجَ ْمعَا ِن وَاللّ ُه عَلَى كُ ّل شَ ْيءٍ
قَدِيرٌ)) [النفال.]41:
الوضع الوحيد-:
هذا هو الوضع الوحيد الذي ورد فيه لفظ المس ف القرآن الكري.
ول ا كان الال الذي تعلق به ال مس ف ال ية هو الغني مة ول خلف ف إطلق هذا الل فظ على
الال الذي يغ نم ويؤ خذ من الكفار الحارب ي ،لذلك ل يتلف أ حد ف وجوب تم يس هذا النوع من
الال لوضوح وقطعية دللة اللفظ عليه ،أما خس الكاسب فأقل ما يقال ف دللة اللفظ عليه أنا -ف
أح سن أحوال ا -ظن ية ..وإذا أرد نا الد قة فل يس هناك إل التشا به اللف ظي ولو كان الل فظ قط عي الدللة
على خس الكاسب لا حصل الختلف كما ل يتلف السلمون جيعا ف دللة قوله تعال(( :قَدْ َأفَْلحَ
الْ ُم ْؤمِنُو نَ)) [الؤمنون(( * ]1:الّذِي َن هُ مْ فِي صَلِتهِمْ خَا ِشعُو نَ)) [الؤمنون(( * ]2:وَالّذِي َن هُ مْ َع نْ
ُمـلِلزّكَاةِ فَاعِلُونـَ)) [الؤمنون ]4:على شرعيـة الصـلة ِينـ ه ْ
الّل ْغ ِو ُمعْ ِرضُونـَ)) [الؤمنون(( * ]3:وَالّذ َ
والزكاة.
ب عَلَْيكُ ْم ال صّيَامُ كَمَا كُتِبَ َعلَى الّذِي َن مِ نْ َقبِْلكُ مْ
ول دللة قوله تعال(( :يَا َأّيهَا الّذِي َن آمَنُوا ُكتِ َ
َل َعلّكُ مْ َتّتقُو نَ)) [البقرة ]183:على شرع ية ال صيام ،ول دللة قوله تعال(( :وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُ ْم مِ ْن
سهُ)) [النفال ]41:على شرعية تميس مال الغنيمة الأخوذ من الكفار الحاربي ،ول شَ ْيءٍ فَأَنّ لِّلهِ خُ ُم َ
دللة أمثالا من اليات القرآنية على المور العظيمة والهمة ف الشريعة.
إن هذه المور ل يتركها ال عز وجل لجتهاد الجتهدين وفهم الفقهاء؛ لن الجتهاد يؤدي إل
الختلف حتما ،وم ثل هذه المور ل تت مل الختلف كالمور الفرع ية من الد ين ،إن الختلف ف
المور الهمة يؤدي -ولبد -إل الفرقة والفساد ف الدنيا والدين ،فكيف نصدق أن ضريبة مالية باهظة
هائلة يفرضها ال على عباده ويعاقب على تركها أشد العقوبات ،ث ل يذكرها ف كتابه أو يثبتها بدليل
قطعي ل يقبل التأويل؟!
لاذا ي شذ خ س الكا سب عن هذه القاعدة؟! مع أن الزكاة -و هي ل تع ن كثيا بالن سبة إل يه-
ثبتت بعشرات اليات القرآنية؟! كيف؟!
مقارنة بي الزكاة وخس الكاسب-:
تكرر ذكر الزكاة ف كتاب ال تعال ف عشرات اليات ،بينما ل يرد لمس الكاسب ذكر فيه
مع أنه أضعاف أضعاف الزكاة ،وضريبة بذه الضخامة لبد وأن تستند -كما أسلفنا -إل أدلة قطعية
تنع من التشكيك فيها أو التنصل منها ،إذ كيف تريد من تسليمك عشرين بالئة من أموال وأرباحي،
أو من كل ألف أملكه مئتي؟ هكذا دون دليل واضح أو حجة بيّنة؟!
هل يعقل ف عال النسان أو دين من الديان أن ال جل وعل يفرض على أغنيائنا ربع العشر من
أموال م أي :من كل أربع ي واحدا ( )1/40أو من كل مئة اثن ي ون صفا ( )%5،2ف قط ،إذا بل غت
النصاب ،وهو ما يعادل عشرين مثقا ًل من الذهب مرة واحدة ف العام فريضة ساها الزكاة فيقيم عليها
عشرات مـن اليات البينات ،أدلة قاطعـة فـ كتابـه حتـ ل يتقول متقول أو يشكـك متشكـك ،ثـ ل
يفرض المـس بثـل هذه الطريقـة ،بـل ل يذكره ولو مرة واحدة مـع أنـه أضخـم منهـا وأكـب أضعافا
مضاعفة؟! ث هو غي مرتبط بوقت أو نصاب -إل ما ندر -أو صنف من الال ،إذ هو مفروض حت
على الدار ال ت ت سكن وأثاث ها وحاجات الط بخ ،والد ية ال ت تدى ،بل ال سلعة ال ت خ ست ل كن زاد
سعرها بعد التخميس فيخمس الزائد!
من يصدق هذا من العقلء؟!!
وإليك المثلة من فتاوى الفقهاء التأخرين دليلً على ما أقول:
بعض الفتاوى التعلقة بالمس-:
يتعلق المس بكل ما يفضل عن مؤونة سنته من أرباح وفوائد الصناعات والزراعات والتجارات
والجارات وحيازة الباحات ،و كل فائدة ملو كة كال بة والد ية والائزة والال الو صى به( ،)58وم هر
الزو جة إذا ل ي كن الزوج قد د فع خ سه( ،)59و كل ما يف ضل ف الب يت من الرز والدق يق والن طة
والشع ي وال سكر والشاي والنفط ح ت الطب والف حم والد هن واللوى وغ ي ذلك من أمت عة الب يت،
ح ت الك تب والثياب والفرش والوا ن العدة للطعام والشراب الزائدة عن الا جة( ،)60وت مس أدوات
العمل ومقتنيات الحال التجارية كل سنة إل إذا أذن الفقيه ،فإنا تمس مرة واحدة ث عند البيع تمس
مرة أخرى( ،)61حت شُغل الطالب الفقي ف العطلة الصيفية( )62والال العد للسفر.)63(.
وللمكلف أن يع ي يوما خا صا ف ال سنة أو ي مس كل ما ي صل عل يه فورا إذ يتعلق ال مس
بالربح بجرد حصوله وإن جاز تأخي الدفع إل السنة احتياطا للمؤونة( ،)64وتمس السيارة إذا اشتريت
بال غي ممس.)65(.
وتميس الدار واجب.)66(.
وإذا اشترى ف السنة الول عرصة لبناء الدار وف الثانية خشبا وف الثالثة آجرا أو طابوقا ،فعلى
الالك (الفقي) تميس تلك العيان جيعا.)67(.
وت مس ج يع العيان والرا ضي( )68وقط عة الرض ت مس سواء كا نت للقتناء أم للتجارة ول
عبة برور الول ما دامت تمس لول مرة( ،)69وكذلك الرض الت توزعها الكومة على الحتاجي
الذين يعجزون عن بنائها لصعوبة حياتم العيشية ،وإذا تأخر إكمال البناء لعدم قدرة الالك على بنائها
)(70أيضا (ص..)18:
)(71أيضا (ص..)11:
)(72منهاج الصالي للسيد الوئي (..)329 ،1/331
)(73أيضا (..)1/325
)(74المس بي السائل والجيب (ص..)26:
)(75أيضا (ص..)25:
وقال عن أمهات الؤمني(( :وَأَقِمْ َن الصّلةَ وَآِتيَ الزّكَاةَ وَأَ ِطعْنَ اللّ َه َورَسُوَلهُ)) [الحزاب،]33:
ول يقل( :وآتي المس)!
شرِ ِكيَ)) [فصلت(( * ]6:الّذِينَ ل ُيؤْتُو َن الزّكَا َة َوهُمْ بِال ِخ َرةِ هُمْ كَاِفرُونَ))
وقالَ (( :ووَيْلٌ ِللْمُ ْ
[فصلت .]7:ول يقل( :الذين ل يؤتون المس)!
خلِ صِيَ لَ هُ الدّي نَ حَُنفَا َء وَُيقِيمُوا ال صّل َة وَُيؤْتُوا الزّكَا َة َوذَلِ كَ
وقالَ (( :ومَا ُأمِرُوا إِ ّل لَِيعْبُدُوا اللّ هَ مُ ْ
دِينُ اْلقَيّ َمةِ)) [البينة ]5:ول يذكر (المس).
وهكذا ...و ف كل مرة ف عشرات اليات يتكرر ذ كر الزكاة ول يرد ذ كر (ال مس) ولو مرة
واحدة ل مقرونا معها ول مستقلً ف غيها من اليات ...فما وجه الكمة ف هذا السكوت لو كان
المس مشروعا ومرادا من ال؟!
كل الذي قاله تعال ،وطالب به عباده على لسان نبيه ممد صلى ال عليه وآله وسلم ملخص ف
قوله تعال(( :خُ ْذ مِنْ َأ ْموَاِلهِ ْم صَدَقَ ًة تُ َط ّه ُرهُمْ َوُتزَكّيهِمْ ِبهَا)) [التوبة.]103:
جدول مقارنة أخرى بي الزكاة والُمس
وحت تكون صورة القارنة واضحة لبد من ملحظة أن النسبة العائدة للزكاة تتعلق بقدار من
الال أصغر بكثي من مقدار الال الذي تتعلق به نسبة المس وذلك للسباب البينة ف الفقرات ()6-2
من الدول السابق ،فل يصح أن نقول :إن قيمة المس ثانية أضعاف قيمة الزكاة على اعتبار أن نسبة
%20تعادل %2.5ثان مرات .بل المس أكب من ذلك بكثي ،مع أن الفارق بي مقدارين أحدها
أكب من الخر ثان مرات كبي جدا ،فكيف إذا كانت قيمة أحدها تربو على الخر عشرات الرات؟!
ل قد تبي ل نا من الثال الضروب ق بل صفحات ت ت عنوان (مثال كي تت ضح القار نة) أن قي مة
المس ف مال معي يكن أن تكون أكب من قيمة زكاته ثاني مرة!!
مثال آخر-:
ل مبلغا من الال قدره مئة ألف دينار ،ث أقرضه بعد ذلك مبلغا آخر قدره لو أن رجلً أقرض رج ً
مليون دينار ،حت إذا جاء أجل تسديد الدين وكان بي الرجلي مسافة تفصل بينهما ،فأرسل الدائن إل
الد ين يطال به بت سديد الال ،أفيع قل أن يقوم بإر سال ثلث ي أو أربع ي ر سالة يطالب في ها بالبلغ الول
ل يس ف واحدة من ها ذ كر ش يء عن البلغ الثا ن الذي هو عشرة أضعاف الول؟! أم إن الع كس هو
العقول والمكن أن يكون؟ بل ليس من السائغ عقلً أن يرسل عشر رسائل -مثلً -يطالب فيها بالبلغ
صرُوا)) [النفال.]74:
والنصار(( :وَالّذِي َن آمَنُوا َوهَا َجرُوا وَجَاهَدُوا فِي َسبِي ِل الّل ِه وَالّذِي َن آوَوا وََن َ
وف منتصف السورة تقريبا ،ذكر حكم تقسيم الغنيمة والصناف الت تقسم عليها ومقاديرها
سهُ)) [النفال ]41:ف ما عل قة الكا سب والرباح
فقال(( :وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَنِمُْت ْم مِ ْن شَ ْيءٍ فَأَنّ ِللّ هِ خُ ُم َ
بالوضوع؟ حت يكون لا خس تتحدث عنه الية؟!.
سياق الية-:
من العلوم أن سياق الكلم له علقة أساسية ف تفسيه ومعرفة معناه ومقصود التكلم به.
فالكلمة الواحدة أو العبارة يكون لا معن ف موضع ومعن آخر ف موضع آخر بسب موقعها
من الكلم ،أو حسب تركيب الكلم وترتيبه وحسب الوضوع الذي من أجله سيق الكلم ،فإخراجها
عن سياقها وموضوع ها وحل ها على أ حد معاني ها الحتملة ع ند الطلق دون قري نة أو عل قة بينه ما
يقتضيها السياق ل يكون إل ف كلم الجاني وهذيانات الجاذيب!.
فك يف يوز أن نعا مل كلم أح كم الاكم ي معاملة هذيان الجان ي؟ فنخرج ال ية من سياقها
وموضوع ها الذي هو كله حد يث عن الهاد والقتال إل موضوع مغا ير تاما هو أموال ال سالي من
السلمي؟! إن الية موضوع ها الموال الغنو مة من الكفار الحاربي ف ساحة القتال ،ل أموال التجار
والتكسبي ف أسواق السالي من السلمي أو بيوتم ومقتنياتم!.
القرآن فرّق بي الكاسب والغنائم-:
لقد فرق ال تعال ف كتابه بي الكسب والغنيمة ،وبي أن ف الول الزكاة والصدقة فقال(( :يَا
سبْتُ ْم َومِمّا أَ ْخرَ ْجنَا لَكُ ْم مِ ْن ا َل ْرضِ)) [البقرة.]267:
َأّيهَا الّذِي َن آمَنُوا أَن ِفقُوا مِنْ طَيّبَاتِ مَا كَ َ
جاءت هذه اليـة ضمـن أربـع عشرة آيـة تتحدث عـن النفاق بدأت بقوله تعال(( :مَثَلُ الّذِين َـ
يُن ِفقُونَ َأ ْموَاَلهُ ْم فِي َسبِي ِل الّلهِ كَمََثلِ حَبّةٍ أَْنبََتتْ سَبْ َع سَنَابِلَ[ ))...البقرة.]261:
وانتهت بقوله تعال(( :الّذِي َن يُن ِفقُو نَ َأ ْموَاَلهُ ْم بِاللّيْ ِل وَالّنهَا ِر ِسرّا َوعَلنَِيةً فََلهُ مْ َأ ْج ُرهُ مْ ِعنْ َد رَّبهِ ْم
حزَنُو نَ)) [البقرة ]274:ث ذكر ال بعدها سبع آيات عن الربا ،وآيتي عن ف عَلَْيهِ ْم وَل هُ مْ َي ْ
وَل َخوْ ٌ
الدين ،ث ختم السورة بثلث آيات ،ول يذكر قط أن ف الكاسب شيئا اسه المس؛ لكنه ف سورة
النفال ل ا ذ كر القتال بيّ ن أن ف غنائ مه (ال مس) ،فقال(( :وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُ ْم مِ نْ شَ ْيءٍ فَأَنّ ِللّ هِ
ُسـهُ)) [النفال ]41:فالمـس فـ الغنائم ل الكاسـب ،وال تعال قادر -لو أراد -على أن يقول: خُم َ
(واعلموا أن ا ك سبتم من ش يء فأن ل خ سه) لك نه ل ي قل ذلك وإن ا قال(( :وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُ ْم مِ نْ
.)79(.]69
-6وقال الرب جل وعل ف ال ية ( )41من ال سورة نف سها (النفال)(( :وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَنِمُْت مْ
سهُ.))...
مِنْ شَ ْيءٍ فَأَ ّن لِّلهِ خُمُ َ
وإذن فلفظ الغنيمة ل يرد ف القرآن إل ف غنائم الرب الت تؤخذ من الكفار ف ساحة القتال،
أو فداء لل سرى ،وفي ها جاء ذ كر ال مس مرة واحدة ف القرآن .ف من أد خل ال مس على مكا سب
ال سلمي وتارات م ومتلكات م -ال ت ع ظم ال حرمت ها وحرّم غنم ها أو ال ستيلء علي ها -ف قد عا مل
أموالم معاملة الغنيمة ،والغنيمة هي :الال الأخوذ من أعداء السلم عن طريق الرب والقتال ،ول ترد
ف القرآن ف غي هذا العن قط ،فمن أخذها من السلمي فقد عامل السلمي السالي معاملة الكفار
الحاربي.
فمن قال بغي هذا فعليه بالدليل النقلي القاطع من القرآن ،ل نرضى بغيه بدلً؛ لنه اشتمل على
كل عظيم ومهم من شرائع الدين ول يغادر منه شيئا.
وهؤلء السلمون ليسوا خارجي عن الدين ،ول هم ف حرب مع أهله أو قتال ،فكيف تُخمّس
أموالم؟!
اللفظ بي معناه اللغوي ومعناه الصطلحي-:
تنقسم اللفاظ الواردة ف لغة الشرع -كما هي ف لغة الناس -إل قسمي:
-1منهـا مـا يرد بالعنـ اللغوي العام مثـل ألفاظ :المـد والشكـر ،والرزق والنعمـة ،والغدو
والرواح ،والغن والفقر ،والفرح والزن ،والوت والياة ،إل ما ل يصى من اللفاظ.
-2ومنهـا مـا يرد بالعنـ الصـطلحي الاص ،كألفاظ :اليان والنفاق ،والسـلم والكفـر،
والصلة والصيام والزكاة ،والج والهاد ،والفيء والغنيمة ...إل.
واللط ب ي موارد الق سمي يؤدي إل الل بس ف ف هم مقا صد الشرع الك يم .ف ما ورد بالع ن
اللغوي ل ينبغي أن نمله إل على معناه اللغوي ،وكذلك ما ورد بالعن الصطلحي ل يصح أن نمله
إل على معناه الصطلحي ،وإل خرجنا عن مقصود الرب جل وعل بكلمه وحرفنا الكلم عن مواضعه
ال ت و ضع ل ا ،و هي طري قة البطل ي الذ ين ((َفيَتِّبعُو نَ مَا تَشَابَ هَ مِنْ هُ ابِْتغَاءَ اْلفِتَْنةِ وَاْبِتغَاءَ تَ ْأوِيلِ هِ)) [آل
)(79الفداء الذي يؤ خذ من ال سي ،و ُسمّي الفداء الذي يؤ خذ من ال سي غني مة ،وب ي أ نه حلل ب عد أن كفّ ال صحابة عن
أخذه بعد نزول اليتي ( 67و )68فنلت الية ( )69بيانا للية أخذه إذ هو من الغنيمة..
ل قد قام هؤلء -و من و قت مب كر -بدور كبي وخط ي من أ جل تشو يه الد ين وإبطال أحكا مه
ومو معاله ،وكان من أساليبهم ف تقيق ذلك :التلبيس على عوام الناس باتباع التشابه ومنه الدخول
من ثغرة اللط بي العان اللغوية والعان الصطلحية لللفاظ حت أخرجوها عن مقاصدها الشرعية
ولب سوا على الناس أمر دين هم وبلبلوا أفكار هم ،و من أمثلة ما فعلوه أن م أولوا (ال صيام) بالم ساك عن
إباحة سرهم اعتمادا على معناه ف اللغة ،وهو المساك وقالوا عن (الج) :إنه قصد زيارة شيخهم أو
بيته أو مرقده على أساس أن الج ف اللغة هو قصد الشيء وهكذا..
وكذلك ل فظ (الغني مة) :فإن أ صل اشتقا قه اللغوي يدور حول الفوز بالش يء والظ فر به ،إل أن
(الغنيمة) الت وردت ف النص القرآن أو على لسان الرسول صلى ال عليه وآله وسلم مصطلح شرعي
مدد العن ،معناه( :ما أخذ من الكفار قهرا بقتال أو إياف خيل أو ركاب).)80(.
وهذا يعن أن له شرطي:
-1أن يكون الأخوذ منه كافرا.
-2أن يؤخذ منه قهرا بواسطة القتال وما ف معناه.
وكل المرين مفقودان ف أموال ومكاسب السلمي ،فل هم كفار ،ول ماربون ،ول أخاسهم
تؤخذ منهم قهرا.
وب ا أن الغني مة ف ن صوص الشرع جاءت بالع ن ال صطلحي فل ي صح إذن إطلق ها على كل
ظفر بأي حال ليعم أو يشمل ما يتلكه السلم أو يكسبه أو يربه بجة إن اللفظ لغة يشمله ،إن هذا
القول يسـاوي -تاما -إطلق لفـظ (الصـلة) على أي دعاء بأي كيفيـة كانـت بجـة أن اللفـظ لغـة
يشمله! إن هذا تلعـب باللفاظ ،واللعـب بسـميات الشرع القدس يرفضـه الديـن وتأباه اللغـة ،وهـو
مشابه -بالضبط -لا قام به الزنادقة الباطنيون -من قبل -من تأويل للعبادات والسميات الشرعية.
هذا كله من ناحية ،والناحية الخرى الهمة جدا يوضحها الوضوع الت:
التنافر اللغوي بي خصوص لفظ (الغنيمة) وعموم لفظ (الكاسب)-:
قلنا :إنه لبد من علقة بي الصطلح الشتق والصل اللغوي الشتق منه ،وهذه العلقة لبد أن
تكون متناسبة وليست متنافرة.
فال صلة :ن د معنا ها الشر عي ال صطلحي منا سبا تاما لعنا ها اللغوي الذي هو الدعاء .فإن
الدعاء ،إ ما دعاء طلب ،أو دعاء تقرب ،و قد يكون بالقوال أو بالفعال .وال صلة منق سمة ب ي أقوال
سَتقِيمَ)) [الفات ة ]6:وإ ما
ط الْمُ ْ
صرَا َ
وأفعال ،فأدعيت ها القول ية إ ما أدع ية سؤال وطلب م ثل(( :اهْدِنَا ال ّ
أدعية عبادة وتقرب م ثل(( :الْحَمْدُ ِللّ ِه رَبّ اْلعَاَلمِيَ)) [الفاتة ]2:أما أفعالا وحركات ا ،فكلها دعاء
وتذلل وتقرب ،ولكن بلسان الال ل لسان القال.
وهذا التناسب اللغوي لبد أن يتوفر بي كل معن اصطلحي ومعناه اللغوي.
وكذلك ال مر بالن سبة للغنائم والكا سب فإ نه ل بد من عل قة بينه ما منا سبة ل يشوب ا التنا فر،
وهذا غي موجود.
(فالغنيمة) يدور معناها اللغوي حول الظفر بالشيء وهو يستلزم وجود مقاومة من ضد تظفر به،
وخ صم ياول الم ساك ب ا تر يد ال صول عل يه م نه ،ولذلك ق يل :ظ فر فلن بعدوّه ،أي :انت صر عل يه،
و هو مش تق من (الظ فر) و هو الخلب .قال الرا غب ال صفهان ف مفردات ألفاظ القرآن :ظفره :أي
نشب ظفره فيه ،قال(( :مِنْ َبعْدِ أَنْ أَ ْظ َفرَكُمْ َعلَْيهِمْ)) [الفتح ]24:ا هـ.
وهذا هو السر اللغوي ف إطلق الشارع الكيم لفظ الغني مة ل غيه -على الال الأخوذ قهرا
من الكفار الحاربي؛ لنه مال مأخوذ على سبيل الظفر به من خصم مقاتل ل يرضى بتسليمه ،فكأن
الغان أنشب ظفره فيه وانتزع ما انتزعه منه به.
ولذلك ل يطلق النفل على الغنيمة إل إذا قصدنا واعتبنا معن الظفر والستيلء ،قال الراغب ف
مفرداته عن النفل :قيل :هو الغنيمة بعينها ،لكن اختلفت العبارة عنه لختلف العتبار ،فإنه إذا اعتب
بكونه مظفورا به ،يقال له غنيمة .ا هـ.
ولذلك لا قال تعال -وهو يذكر هذه الحوال الظفور با من الكفارَ(( :يسْأَلُوَنكَ عَنْ ا َلْنفَالِ))
[النفال ]1:جاء الواب عن هذا السؤال الذي هو عن الموال العب عنها بلفظ (النفال)(( :وَاعْلَمُوا
َأنّمَا غَنِ ْمتُمْ)) [النفال ]41:بلفظ (الغنيمة) لذا العتبار.
وهذا الع ن ل ي ستقيم مع مطلق ل فظ الكا سب فإن الك سب -ك ما يقول الرا غب :ما يتحراه
النسان ما فيه اجتلب نفع وتصيل حظ ككسب الال .ا هـ.
و هو مع ن عام خ صص م نه الشرع ما يؤ خذ من الكفار بالقوة بل فظ الغني مة وأطل قه على ما
يستحصل بالتراضي وبالطرق الشرعية من البيع والشراء وغيه دون وجود خصم يستحصل منه بالقسر
والكراه.
ولذا جاء سياق ذكر الكاسب ف القرآن متلفا عن سياق ذكر النفال والغنائم والفيء ،فالول
جاء عند ذكر النفاق وتشبيهه بالزرع ،وإن البة الواحدة منه تنبت سبع سنابل ف كل سنبلة مئة حبة،
واستمر السياق يذكر شروط النفاق الطيب من عدم النة والذى ومن الخلص وعدم الرياء ،وضرب
ت مَالذلك أمثلة تتعلق بال طر والتر بة والنخ يل والعناب ث قال(( :يَا أَيّهَا الّذِي َن آمَنُوا أَن ِفقُوا مِ نْ طَيّبَا ِ
سبْتُ ْم َومِمّا َأ ْخرَجْنَا لَكُ ْم مِنْ ا َلرْضِ وَل تَيَمّمُوا اْلخَبِيثَ ِمنْهُ تُن ِفقُونَ وَلَسْتُ ْم بِآخِذِيهِ إِلّ أَ ْن ُتغْ ِمضُوا فِيهِ
َك َ
وَاعْلَمُوا أَ ّن الّلهَ غَِنيّ حَمِيدٌ)) [البقرة.]267:
ث ذ كر النذر ورب طه بالنفاق فقال(( :وَمَا أَن َفقْتُ ْم مِ نْ َن َفقَةٍ َأوْ نَ َذرْتُ ْم مِ نْ نَ ْذ ٍر فَإِنّ اللّ هَ َيعْلَمُ هُ))
[البقرة ]270:ث انتهت اليات بالتحذير من الربا وهو نقيض النفاق والصدقة ،ث بعدها جاءت آية
الدين .وكلها أمور متعلقة بالسلم ول ذكر لصومة فيها أو قتال.)81(.
أما ذكر النفال والغنائم فقد جاء ف سياق ذكر القتال وذلك ف معركة بدر الت استغرق ذكرها
سورة (النفال) كلها تقريبا ،كذلك الفيء فقد جاء ذكره ف سياق ذكر حصار بن النضي وذلك ف
سورة الشر ويكن لكل قارئ مراجعتها ليعلم الفرق بي السياقي.
وخلصة القول :إن الكاسب غي الغان.
وبا أن المس إنا هو خس الغنائم ،فالكاسب إذن ل خس فيها ،لسبب بسيط جدا هو أنا
ليست غنائم.
الغنيمة مال خاص مستقل-:
و من أراد الز يد نقول له :إن الغني مة وإن صح دخول ا ت ت م سمى الكا سب إل إ نه ل يس كل
كسب غنيمة؛ لن الغنيمة كسب خاص له شروطه الت إن عدمت ل يصح تسميته بالغنيمة فإن ساغ
لغة أن نقول :كل غنيمة كسب فل يسوغ قولنا :كل كسب غنيمة.
كما تقول :كل ثوب لباس ،ولكن ليس كل لباس ثوبا.
فإذا فر ضت ضري بة على كل ثوب مثلً ،فل يس من حق جا ب الضرائب أن يأ خذ ضري بة على
ال سراويل أو غطاء الرأس على أ ساس أن ال كل يد خل ت ت م سمى اللباس ،فيقول :ب ا أن الثوب لباس
والسراويل لباس فلبد أن تكون الضريبة على الكل ،فإننا سنقول له :صحيح إن كليهما لباس ،ولكن
الضريبة على لباس خاص هو الثوب ،فل ندفع إل عن الثوب ،وينتهي الشكال إذا ل يكن عند الاب
)(81انظر اليات من آية رقم ( )261إل آية رقم ( )283من سورة البقرة.
وروي عـن أبـ عبـد ال عليـه السـلم أيضا قوله[[ :ليـس المـس إل فـ الغنائم
خاصة]].)83(.
وكذلك جاء ف أك ثر من م صدر من ال صادر ال ت تكل مت عن (ال مس) .ف قد عرف ها ال سيد
الوئي هكذا:
و هو ر قم مدد ل يق بل الزيادة ول النق صان ،ولذلك ف هم مضطرون لتعم يم الن سبة ول م يص ل م عن
ذلك نظريا وإن كانوا عمليا يتصرفون بالقادير ،حسب ما تسمح به الظروف -كما سيأت إن شاء ال
تعال -وهو أمر غريب على طبيعة الدين وغي معروف من أحكامه الشرعية فإنه:
ل وجود ف الشرع لشيء اسه (المس):
إذ إن مـن اللحـظ أن القوق الاليـة الفروضـة شرعا لاـ أسـاء فـ هذا الشرع ،مثلً :الصـدقة
والزكاة والراج والنفقة والزية والفيء والغنيمة ،ول ند من بي هذه الساء شيئا اسه (المس) بذه
التسمية الطلقة الجردة من كل قيد أو إضافة!
وإن ا يو جد ش يء ا سه (الغني مة) ل ت ل ل ن غنم ها إل إذا أدى (خ سها) .ف ـ(ال مس) مق يد
بالغني مة ومضاف إلي ها إضا فة ل انفكاك له عن ها فيقال( :خ س الغني مة) ،وهكذا جاء ال نص القرآ ن
الوحيـد(( :وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُم ْـ مِن ْـ شَ ْيءٍ فَأَنّ ِللّه ِـ خُمُس َـهُ)) [النفال ]41:إذ ورد (المـس) مقيدا
ومضافا إل الضمي (الاء) العائد إل مال الغنيمة.
أما أن يوجد حق مال شرعي له اسم مطلق كالزكاة والراج ...هو المس دون تقييد فهذا ل
وجود له .وإذا قيـل أحيانا (المـس) فإن (اللف واللم) ،تشيـ إل الضاف الحذوف وهـو (الغنيمـة)
فكيف ظهر هذا السم (المس) على صفحة الوجود وصار له كيان مستقل؟ وما الذي حصل؟
إن الذي حصل هو أنم :حرروا باللفظ -أولً -عن قيده وهو (الغنيمة) ث استعملوه مردا حت
ذلت له الل سنة واعتادت عل يه ال ساع فق يل :ال مس ،وأكثروا من ا ستعماله ح ت اعتاد عل يه الناس
واعتقدوا وجود ش يء م ستقل ا سه (ال مس)! فل ما ح صل ذلك أضافوه إل كل ش يء مادام الفروض
شرعا -كما تصوروا -هو (المس) .ووضعوا له الروايات الرعبة حت يُلجئوا العامة إل دفعه طوعا،
خوفا من العقاب الخروي أو هربا من الزدراء الدنيوي الذي يل حق كل من سولت له نف سه أ مر
التنصل عن أدائه ،فرضخ كثي من الناس للمر الواقع واستساغوا راغبي أم كارهي تميس كل مال
مه ما كان نوعه غني مة كان أم كسبا أم دارا أم أرضا ،بل تطور المر إل درجة ل يتصورها أكثرهم
وليـس مـن السـهل عليهـم التصـديق بوجودهـا إذ فرضوا (المـس) حتـ على أوانـ الطعام والشراب
واللبس والثاث والدايا وحطب النار وكل شيء!!
مع أن كل واحد منا ل يتاج إل أكثر من الرأة وشيء من التفكي الستقل من عقل متحرر من
ربقة التقليد العمى ليعرف أن الدليل على كل هذا هو ..لشيء!!.
الفيء والمس ..وقفة مع سورة (الشر)-:
الفيـء :هـو الغنائم التـ يأخذهـا ال سلمون مـن الكفار دون قتال ،كالصـار ونوه ،قال تعال:
((وَمَا أَفَاءَ الّل ُه عَلَى َرسُوِلهِ مِْنهُمْ َفمَا َأوْ َجفْتُ ْم عََلْيهِ مِنْ َخيْ ٍل وَل رِكَابٍ)) [الشر.]6:
والذي يهمنا من الفيء عدة أمور منها:
ا -قسمته ...فقد قسم ال جل وعل بالضبط ،فقال(( :مَا أَفَاءَ اللّ ُه عَلَى رَ سُوِل ِه مِ نْ َأهْلِ اْل ُقرَى
فَِلّلهِ وَلِلرّسُو ِل وَلِذِي اْل ُقرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَا ِكيِ وَابْنِ السّبِيلِ)) [الشر.]7:
س ُه وَلِلرّ سُو ِل وَلِذِي اْل ُقرْبَى
وقال عن ال مس(( :وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُ ْم مِ نْ شَ ْيءٍ فَأَنّ ِللّ هِ خُمُ َ
وَالَْيتَامَى وَالْ َمسَا ِكيِ وَابْ ِن السّبِيلِ)) [النفال.]41:
وتتجلى أهية معرفة القسمة با يلي:
(( -2كَ يْ ل يَكُو نَ دُوَلةً بَْي َن ا َلغْنِيَاءِ)) [الشر :]7:ذكرت الية السابقة من سورة الشر أن
تقسيم الفيء على الذكورين فيها إنا هو من أجل أن ل يتجمع عند طبقة واحدة من الجتمع وينحصر
التداول به بي الغنياء من هم فقط ،فل ي صل إل الفقي م نه شيء ،وذلك ف قوله تعال(( :مَا َأفَاءَ اللّ هُ
ي وَاْبنِ السّبِيلِ كَيْ ل يَكُونَ
َعلَى رَسُوِلهِ مِنْ َأهْ ِل اْل ُقرَى َفلِلّ ِه وَلِلرّسُو ِل وَِلذِي اْل ُقرْبَى وَاْليَتَامَى وَالْمَسَا ِك ِ
دُوَلةً بَيْ َن ا َلغِْنيَاءِ مِْنكُمْ)) [الشر.]7:
فج عل الف يء عدة ح صص ف عدة جهات ،أن ح صره ف ج هة واحدة ف قط يؤدي إل ع كس
مقصود الية ومراد الرب من هذه القسمة ،وقد أكد جل وعل مراده وحذر من مالفته تذيرا شديدا
فقال ف ناية الية نفسهاَ (( :ومَا آتَاكُمْ الرّسُولُ َفخُذُو ُه َومَا َنهَاكُ ْم عَنْهُ فَاْنَتهُوا وَاّتقُوا اللّهَ إِنّ اللّهَ شَدِيدُ
اْل ِعقَا بِ)) [الشر ]7:فإذا حصر ف جهة واحدة صارت هذه الهة غنية -ولبد -وصار الال متجمعا
لدى طبقة الغنياء يتداولونه بينهم ،وكذلك شأن (المس) إذا خصصنا به جهة واحدة فإن ذلك يؤدي
إل النتي جة نف سها ال ت حذر ال من ها ،إذ تبز ف الجت مع طب قة غن ية متر فة هم طب قة (رجال الد ين)
تتداول الال فيما بينها ول يرج منه شيء إل الحتاجي.
وكـل وضـع ينتهـي إل أن يكون الال دولة بيـ الغنياء وحدهـم هـو وضـع يالف النظريـة
القتصادية السلمية ،ولبد أن تتولد من هذا الوضع أمور سيئة منها فساد هذه الطبقة الت كان العول
عليها ف إصلح أحوال الناس.
-3أيهما أكب ...الفيء أم المس؟
إن الفيء قليل الدوث كما هو معروف من وقائع التاريخ ،وأما ف العصر الاضر فيكاد ينعدم،
هل عرف عن النب صلى ال عليه وآله وسلم أنه أعطى عليا عليه السلم أو فاطمة عليها السلم
أو إحدى بنا ته الخريات علي هن ال سلم أو أحدا من أقار به ،كع مه عباس أو ا بن ع مه جع فر أو أحدا
من أولدهم خس أموال الرعية السلمة؟
هل حدث هذا؟ مت؟ وأين؟ ومن ذكره؟ وأين سجله؟
ولو افترضنـا أنـه كان يقوم ببايـة أخاس أموال الناس ليسـلمها إل أقاربـه فماذا سـيقول عنـه
السلمون أو الكافرون؟ هل تتصور باذا كانوا سيصفونه؟
قتال الصديق لانعي الزكاة-:
قا تل اللي فة أ بو ب كر ال صديق الرتد ين ومان عي الزكاة على ال سواء ،و قد ذكرت ك تب الف قه
والسي والتاريخ :أن هؤلء امتنعوا عن دفع الزكاة ،ول تذكر أنم امتنعوا عن أداء شيء اسه (المس)
مـع أنـه لو كان مشروعا لكانوا يتنعون عنـه أيضا مـع الزكاة ،فيكون مـن الول أن يقدم ذكره على
ذكر ها ،فيقال :قتال مان عي ال مس؛ ل نه أك ثر أو على ال قل أن يقال :قتل مان عي ال مس والزكاة إذ
المتناع عنه أول فالطالبة به أوكد ،والقتال عليه أوجب ،وذكره أحرى.
أفيع قل أن م امتنعوا عن الزكاة دون (ال مس)؟ أم إن م امتنعوا ع نه أيضا؟ أو الؤرخ ي وكتاب
السي والغازي والفقهاء جيعا تواطئوا -سامهم ال -على إغفاله وإسقاطه من الساب!!
أم أن العقول أن أمرا كهذا ل يكن له وجود أصلً ،حت يتنعوا عن أدائه أو يطالب به أحد من
خلق ال.
العباسيون و(المس)-:
العباسيون هم أبناء العباس عم النب صلى ال عليه وآله وسلم وذريته ،وهم من ذوي قرب النب
صلى ال عليه وآله وسلم دون خلف ،وهم داخلون ف مسمى (ذي القرب) ف الية الكرية ،قطعا قال
الكلين :وهؤلء الذين جعل ال لم المس ،هم قرابة النب صلى ال عليه وآله وسلم الذين ذكرهم ال
فقال(( :وَأَن ِذ ْر عَشِيََتكَ ا َل ْقرَِبيَ)) [الشعراء ]214:وهم بنو عبد الطلب الذكر منهم والنثى.)88(.
وعباس أ حد أبناء ع بد الطلب العشرة ،فالنص القرآن يشمله وذريته بالتفاق على أي وجه من
وجوه التف سي ،و قد آلت إلي هم الل فة و صاروا ملوكا وحاكم ي لدولة ال سلم قرونا عديدة ،فكانوا
قادرين على حل الناس على دفع (حقهم) من خس الكاسب ،لكنهم ل يفعلوا ذلك أبدا ،ول يذكر
الدولة ال صفوية ال ت قا مت ف بلد فارس ف القرن العا شر الجري و ظل على الرأي القد ي الذي يقول
()91
بالتخيي بي صرف سهم المام الهدي أو حفظه إل حي ظهوره.
الفراعنة وخس الكاسب-:
لقد خل القرآن الكري وخلت سنة النب صلى ال عليه وآله وسلم وسيته ،وكذلك سية اللفاء
الراشدين وغيهم من حكام السلمي من ذكر (المس) ،ول ند ف تاريخ السلم ول غيه ضريبة
كانت تفرض على أموال الناس وتاراتم بذا القدر.
إل أن توراة اليهود تذكر أكثر من نص أن ملك مصر زمن النب يوسف عليه السلم فرضه على
شعب مصر ب عد أن اشتد ب م الوع ،فاشترا هم واشترى أراضيهم فصاروا عبيدا له ،ث استعملهم ف
زراعت ها على أن يكون له خ س الوارد ول م أرب عة أخا سه ،وكلف وزيره يو سف بباي ته ،إل الكه نة
(رجال الدين) فقد كانوا مستثني -كما هو الال اليوم.-
جاء فـ (الكتاب القدس) عنـد اليهود( :فاشترى يوسـف كـل أرض مصـر لفرعون إذ باع
الصريون كل واحد حقله؛ لن الوع اشتد عليهم فصارت الرض لفرعون ،وأما الشعب فنقلهم إل
الدن من أقصى حد م صر إل أقصاه إل أن أرض الكه نة ل يشتر ها إذ كا نت للكه نة فري ضة من ق بل
فرعون فأكلوا فريضت هم ال ت أعطا هم فرعون ،لذلك ل يبيعوا أرض هم فقال يو سف للش عب :إ ن قد
اشتريتكـم اليوم وأرضكـم لفرعون هـو ذا لكـم بذار فتزرعون الرض ويكون عنـد الغلة أنكـم تعطون
خسا لفرعون والربعة أجزاء تكون لكم بذارا للحقل وطعاما لكم ولن ف بيوتكم وطعاما لولدكم،
فقالوا :أحييت نا ليتنا ند نعمة ف عين سيدي فنكون عبيدا لفرعون ،فجعلها يوسف فرضا على أرض
مصر إل هذا اليوم لفرعون المس ،إل أن أرض الكهنة وحدهم ل تصر لفرعون).)92(.
وقفة تأمل مع هذا النص:
ف هذا ال نص من التوراة :إن فرعون -على طاغوتي ته وا ستكباره -ل ي ستحل أ خذ ال مس من
مكا سب شع به إل ب عد أن اشترا هم واشترى أراضي هم ف صاروا عبيدا له و صارت أراضي هم ملكا له
كذلك! أي :إن فرعون حي أخذ المس منهم عاملهم معاملة (السيد) مع (العامة) من عبيده ،بعن أن
)(90أي :ال مس ف قد كان يقول بإبا حة خ س التا جر والنا كح وال ساكن -و كم مر ب نا -وي يل إل ح فظ ن صيب (المام
الهدي) بالوصية والدفن ،وإن خيّر بينه وبي صرف العلماء له..
)(91تطور الفكر السياسي الشيعي (ص..)353:
)(92الفصل السابع والربعون من سفر التكوين /اليات ( ،)27-20وكذلك ورد (المس) ف الفصل الادي والربعي /آية
(..)25
(المس) -ف حس فرعون وشريعته -ل يؤديه إل العبد الملوك تاه سيده الالك!!
ف هل شري عة فرعون أو إ سرائيل أر حم وأر قى نظرة إل الن سان؟ و ف تلك الزم نة البعيدة ال ت
كا نت البشر ية في ها تعا ن من التخلف الجتما عي والنظرة القا صرة إل الن سان!! و مع ذلك اع تبت
إعطاء (المس) معناه أن العطي قد صار عبدا لن يعطيه!! فلم تستحل أخذه من الحرار وإنا جعلت
ذلك أمرا ل يل يق إل بالعب يد ،فك يف تأ ت -من ب عد ذلك -شري عة م مد صلى ال عل يه وآله و سلم
السماوية الت حررت البشرية من الظلم والستعباد لتجعل من قيود العبودية أوسة للحرار!!
فأن يصفع أحدهم آخر بذائه شيء مشي ل يكن السكوت عليه ،لكن الدهى منه أن يعل من
ذلك فضيلة يشرفه با!
إل إن الدهى من ذلك كله ،أن يقوم ذلك النسان الذليل بأداء واجب الشكر ومراسيم الحترام
تاه من قام بصفعه بذائه!
وف يه أيضا :أن فرعون كان ي ستكثر على نف سه -ر غم علو منل ته و سعة سلطانه وعظ مة مل كه
وشدة سطوته و جبوته -أن يأ خذ خ س مكا سب الناس دون مقا بل ،ولذا ل يف عل ذلك إل ب عد أن
وجد نفسه قد اشتراهم واشترى أراضيهم باله ،وما ذاك إل لعظمة هذه الضريبة -خس متلكات المة
وأرباحها -وضخامتها!!
واليوم يأ ت من ل يد فع دينارا ول درها ول يبذل جهدا ول عرقا ليقا سم الناس أموال م فيأ خذ
خسها مانا دون تردد أو حياء ،بل هو التفضل وصاحب النة!!
وأخيا ...فإن سؤالً يتلجلج ف صدري :هل عب إلينا (المس) من هناك وقمنا باستياده من
توراة اليهود وأحبارهم؟!
الفصل الثالث :خس الكاسب بي النظرية والتطبيق-:
ب غض الن ظر عن بطلن نظر ية (ال مس) وخطئ ها فإن الوا قع يش هد تناقضا صارخا بي النظر ية
والتطبيق!
إن الجتمع يعج بالكثي من الفقراء ،بل السحوقي ،حت من الذين ينتهي بم النسب إل عبد
الطلب عموما أو إل أم ي الؤمني علي عل يه ال سلم خصوصا ،بل إل السن عل يه ال سلم أو ال سي
عليه السلم حصرا ،ومع ذلك فل ينالم شيء من (المس) قليل ول كثي!! وإنا هو دولة بي طبقة
معينة دون الفقراء والحتاجي الذين يعيشون ف عوز وعسر حال وسوء أوضاع تتفطر لا أكباد الغيارى
وقلوب الؤمن ي ،قد ن سيهم تاما أولئك الذ ين يوزون القناط ي القنطرة من الذ هب والف ضة ويتبوءون
الق صور الفخ مة وال سرر الرفو عة والرا كب الفار هة ويديرون الؤ سسات الال ية ال كبية دا خل البلد
وخارجه ،ل يسألون عن أحوال إخوانم ف الدين وأتباعهم ف الذهب ول يرقبون ال فيهم!
فبأي حـق يرم هؤلء السـاكي وكثيـ منهـم مـن ذوي قربـ رسـول ال صـلى ال عليـه وآله
وسلم؟!
بل علوة على ذلك ،يقوم كث ي من هؤلء ال ساكي ر غم حاجت هم بإعطاء أموال م إل أولئك
الغنياء الترفي!
لو كانوا جادين-:
إن العتقاد بأن (ال مس) من حق ذر ية أ هل الب يت ،وأقارب ال نب صلى ال عل يه وآله و سلم
يو جب على من ي ستلم هذه الموال الائلة أن يقوم بع مل إح صائية ف كل حي من الحياء ل كل من
يسكنه من ينتسب إل أهل البيت لسيما الفقراء منهم من أجل تقسيم (المس) عليهم ،أو على القل
سد حاجة الحتاجي منهم .وليس ذلك بستحيل ،أو عسي على من ف حوزته تلك الكداس الكدسة
من الموال -لو كانوا جادين ف اعتقادهم.
وإذا كان هذا القول ل يدـ أذنا واحدة يكـن أن تصـغي إليـه عنـد مـن يقوم فعلً بيازة هذه
الموال ،فإن نا نتو جه بالقول إل أولئك الحروم ي من إخوان نا وأبناء جلدت نا :لاذا ل يطالبون بقوق هم
الت تنحهم إياها فتاوى الذهب؟
أل يعلمون أن الفتوى الت تواطأ عليها متأخرو علماء الذهب تنص على :أن نصف المس وهو
حق ال ورسوله والمام الغائب يعطى للمجتهد ،أما النصف الخر فعليه أن يقسمه على فقراء الاشيي
واليتامى والساكي منهم.)93(.
و من م صارف الن صف الذي يُع طى للمجت هد عا مة الفقراء من أ مة م مد صلى ال عل يه وآله
و سلم ،ف هل لذه الفتوى ت طبيق على أرض الوا قع؟ و هل حقا يوزع ن صف (ال مس) على ب ن ها شم
الذ ين من هم أبناء العباس ،وأبناء جع فر وعق يل ،أخوي أم ي الؤمن ي علي ...وغي هم؟ أم إن الجت هد
يتصرف بالكل دون مراعاة هذه القسمة ودون سؤال أو رقابة أو مطالبة من أي أحد؟!!
ما هي علقة الجتهد بـ(المس)؟-:
الواقع الشاهد ،إن كل متهد يق له استلم (المس) دون النظر إل كونه ينتمي إل بيت النب
صلى ال عل يه وآله و سلم أم ل؟ بل دون الن ظر -ح ت -ف كو نه عربيا أم أعجميا ،مع إن نص ال ية
يذكـر قيـد (ذي القربـ) ل (ذي الفتوى)! فبأي حـق يكون لمـ نصـيب فيـه؟! ومـا علقـة الجتهاد
بالوضوع؟! إن الية جعلت مناط الكم وعلته (القرب) والنسب وليس العلم والجتهاد ،فكيف يناط
(المس) ويعلق بغي مناطه؟!
ولنا أن نسأل :إذا كان الجتهد يفعل ذلك باعتباره نائبا عن (المام) ف مسائل القضاء والفتاء
أو نيابة مطلقة ،فهل كان الفقهاء ف زمن الليفة الراشد علي عليه السلم ف الناطق البعيدة كالجاز
ومصر وخراسان يأخذون (خس) مكاسب الناس ف تلك المصار باعتبارهم نوابا عن (المام)؟!
والسؤال يطرح نفسه من باب أول ف زمن النب صلى ال عليه وآله وسلم :فهل كان الفقهاء أو
المراء فـ زمـن النـب صـلى ال عليـه وآله وسـلم ،أو علي عليـه السـلم ،أو أي زمـن يأخذون خسـ
مكاسب الناس وأموالم وتاراتم بصفتهم الستقلة ،أم بصفتهم نوابا عن المام ف الماكن الت يغيب
عنها ول يستطيع أن يقوم بهام المامة فيها بنفسه؟!
والواب الوحيد :النفي القطعي! وإذن ما علقة الجتهد بـ(المس) وقد كانت العلقة منتفية
ف زمن الئمة ،مع أن الفقيه أو المي يقوم بالدور نفسه والمام غي قادر على إدارة البلد وأداء مهام
منصب المامة مباشرة ف البلدان الغائبة عنه؟!
ولنا سؤال آخر :إذا كان القلد يعطي (خسه) إل الفقيه ،فلمن يعطي الفقيه (خسه) ،إذا ل يكن
من ذرية (أهل البيت)؟ أو كان أعجميا ليس بعرب؟!
هل هناك نص يستثنيه أو يعفيه من أداء هذا (الواجب)؟!
وإذا ل ي كن ال سلم مقلدا بل كان (متاطا أي :ل يأ خذ برأي فق يه وا حد ...ف هل إن ال مس
ساقط عنه أم إنه يستطيع التصرف فيه كما يشاء؟!)(.)94
و من الدلة الواض حة على أ نه ل عل قة ب ي الجت هد و(ال مس) تأ خر ظهور فكرة إعطائه إل
الجت هد عدة قرون ح ت تفت قت عن ها الذهان بعد طول ن ظر وشدة عناء وتفك ي ،إذ لو كا نت العل قة
ظاهرة ل ا تأخرت الفتوى طيلة تلك الزم نة التطاولة ،ولظهرت من أول يوم نزلت ف يه ال ية أو انت هى
عنده عصر (الئمة) .إن هذه الفكرة إنا ولدتا الا جة وأملتها الظروف وهي أوضح مثال على القول
بأن (الاجة أم الختراع).
لقد ألغى (المس) الهتمام بالزكاة من الواقع ،فل تذكر كما يذكر المس ،ول يرص عليها
ول يتحسس الناس لا وجودا أو تأثيا قط ف كل الناطق الأهولة بن يعتقد شرعية (المس) ،وعامتهم
ل يعرفون عن أحكامها البسيطة الواضحة شيئا ،قليلً ول كثيا مع أن ال تعال مل كتا به الكري من
ذكرها على عكس (المس)!!
ولعـل السـبب فـ ذلك -وال أعلم -أن مقدار الزكاة ل يعـد شيئا فـ مقابـل (المـس) ،فإذا
طولب صاحب الال بمس ماله ،كيف يكن معه أن يطالب بأداء زكاته؟!
فالمع بي (المس) والزكاة صعب على النفوس ومرج للمعطي والخذ .وإذن فعلى الجتهد
أن ي ي نف سه ب ي هذا وهذا ،فإذا طالب بأحده ا فعل يه أن ين سى ال خر أو يتنا ساه ،ول شك ف أن
الختيار ي قع على (ال مس) ،ويتغا فل عن الزكاة أو ل يذكر ها بقوة فإن ح صلت فب ها ونع مت وإل
فـ(المس) يكفي وزيادة!
ولذلك فإن الوا قع الشا هد أن الجت هد ي صرح أحيانا ب سألة التخي ي ب ي (ال مس) والزكاة دون
تردد أو تو قع أن أحدا سيسأله :هل إن إ سقاط الواجبات الشرع ية من حقه مع أنا مفرو ضة من ق بل
ال؟! وهل إذا حكم ال بأمر يتاج حكمه ويفتقر إل تعقيب معقب ،مع أنه ف كتابه يقول(( :وَاللّ هُ
يَحْكُمُـ ل مُ َعقّب َـلِحُكْمِهـِ)) [الرعـد]41:؟ وهـل الفقيـه مصـدر تشريعـي فـ مقابـل مصـادر الشرع
الخرى؟!
وهكذا نسيت الزكاة وعمي أمرها على سواد الناس فتركوا أداءها ،بل ل يستشعرون وجوبا مع
سنُونَ صُنْعا)) [الكهف.]104: حسَبُونَ أَّنهُ ْم يُحْ ِ
قيامهم بدفع المس (( َوهُمْ يَ ْ
ضريبة خيالية-:
إذا أضف نا (ال مس) إل الزكاة وال صدقة وغيه ا من القوق الال ية الترت بة على ال سلم يكون
الجموع زهاء ربع الال!
أي :أن السـلم هـو الوحيـد -مـن دون بقيـة اللق وأجناس الرض -الذي يُلزم بأداء ربـع ماله
ومكسبه ومقتنياته إل دولته كي يتحلل من ذمته أمام ربه!! وحت لو ل يكن سوى (المس) ،فالمس
يعن خس الال أو الكسب وهو قريب من الربع.
فهل تصـورت -والالة هذه -مدى العنـت والرهاق والظلم الذي يتحمله الواطـن تاه دولة
كهذه؟! بل ..هل يكن لدولة مهما بلغت من الظلم والسطوة أن توقع بواطنيها مثل هذا الور؟! وهل
ير ضى مواط نو أي دولة ي ستشعرون الكرا مة والر ية أن يرضخوا فيؤدوا (ضري بة د خل) بذه الضخا مة
الجردة عن الدليل ،لسيما وأن السواد العظم من التديني ذوي النوايا الطيبة ،يتصور أن تقليد الفقهاء
ف كل شيء واجب متم عليه وإل كان معرضا للعقاب الخروي!
هكذا خيلوا له ،وهكذا قيّدوا عقله عن أن يف كر ،وكبلوا إراد ته عن أن تنطلق ،وع صبوا عي نه
حت ل تبصر الطريق! وكسروا الاجز القدس بي العصوم الذي ل يطئ ،وبي الفقيه الذي يوز عليه
ال طأ والصواب ،ول يعد بينه ما فرق حقيقي سوى السم ،فإذا اعتقدت أن الفقيه ل يوز العتراض
عليه أو مالفته فقد جعلت منه معصوما! وهذا باطل!.
وقد يكون بعضهم يفعله بدافع التعصب الذهب ،وان كانت الغالبية تفعله بسن نية مبنية على
الهل بقائق المور ولكن -مع ذلك -تشعر أنم يسون ف دواخلهم بثقل الوطأة وضخامة الساب
فترى الكثي ين قد تفلتوا م نه أو احتالوا عل يه وأقنعوا أنف سهم بأن م يؤدون هذا (الوا جب) مع أن م ف
القيقة ل يقومون إل بدفع جزء يسي منه! وهذا يتضح بالفقرة التالية:
صعوبة التطبيق ومهازل الواقع-:
ل ا رأى القائمون على أ مر (ال مس) وا ستغلله صعوبة د فع م ثل هذا البلغ الائل على الن فس
وترج الكثيين وتفلتهم من ربقته ،وهي حالة طبيعية جدا ل عيب فيها ول شذوذ بل هي تعبي عن
الفطرة النسانية السوية ،فكم من بن آدم تسخو نفسه فتسمح له بأن يعطي خس أمواله وأرباحه الت
اكت سبها بعرق جبينه و كد يي نه ليأخذ ها م نه من ل يبذل في ها جهدا ول فكرا ول قلقا أو خوفا من
خسارة أو سرقة أو عقاب قانون ول علقة له باكتسابا من قريب ول بعيد؟!!
َسـَألْكُمْ
ُمـ وَل ي ْ
ُمـ أُجُورَك ْ
ِنـ ُت ْؤمِنُوا َوتَّتقُوا ُي ْؤتِك ْ
حقا إنـه لمـر ثقيـل جدا! يقول تعال(( :وَإ ْ
ضغَانَكُمْ)) [ممد.]37: خرِجْ َأ ْ حفِكُمْ َتبْخَلُوا وَيُ ْ
َأ ْموَالَكُمْ)) [ممد(( * ]36:إِنْ َيسْأَلْكُمُوهَا َفيُ ْ
خْيرِ
فال يعلم أن طا قة عبده ف د فع أمواله مدودة؛ ل نه مبول على حب الال(( :وَإِنّ هُ لِحُبّ الْ َ
َلشَدِيدٌ)) [العاديات ]8:فلبد أن يكون الطلب بدود تتناسب وطاقته ،وإل بل وامتنع وخرج من فمه
ما ل يمد ول تثريب عليه ف كل ذلك؛ لنه تصرف بقتضى الطبيعة البشرية الت خلقه ال تعال عليها
خلْقِ الّلهِ)) [الروم.]30:
((ل تَبْدِيلَ لِ َ
لذلك ل يكلف ال عبده إل ما يسع ،بل دون وسعه بكثي وهو الزكاة الت ل تب إل على من
ملك ما ًل زائدا عن حاج ته وبي ته ومرك به ي ساوي قي مة عشر ين مثقا ًل من الذ هب بشرط أن ت ر على
ذلك الال سنة كاملة ،و كم ن سبة الزكاة ف يه؟ اثنان ون صف ف الئة ( )%2.5ف قط ،و هي ن سبة قليلة
جدا يستطيع أي إنسان دفعها .بل لو أن أي فقي كلف با لا أرهقه ذلك!
ولذلك -ف القابل -امتنع عن دفع (المس) الكثيون وتناسوه أو احتالوا عليه!
فل ما رأى ال ستفيدون ذلك وواجهوا ال صعوبة العمل ية ف ت طبيق نظر ية (ال مس) على الوا قع
صاروا يففون ف القض ية ح ت ل يقضوا على البق ية الباق ية من هم ف ما ل يدرك كله ل يترك بع ضه أو
جله ،وعلى رأي الثل( :إذا أردت أن تُطاع فأمر با يستطاع).
وهذه بعض الصور الت عشناها ف الواقع الزيل:
-كأن يكون حساب (المس) على أحدهم مئة ألف دينار فيأت إل الجتهد أو السيد فيقول:
عليّ مئة ألف ،ولك ن متاج وليس معي إل عشرون ألفا فيجيبه :ل بأس هاتا ويعد قائلً :عشرون ث
يرجع ها إل يه باعتباره قد وه به إيا ها ،ث يأخذ ها ثان ية قائلً :أربعون ...وهكذا ينت قل البلغ بينه ما عدة
مرات إل أن ينتهي العد إل مئة! أرأيت؟!
وبعض مستلمي (المس) يتنافسون فيما بينهم على التنقيص من البلغ فهذا ينقص أكثر من ذلك
وهكذا ...ح ت صار من التعارف عل يه أن يقول القائل :أ نا أد فع خ سي لفلن؛ ل نه يُن قص أك ثر من
سيد أو شيخ فلن.
أو يدفع بعضهم (المس) مرة واحدة ف حياته وعن بعض أمواله ،خصوصا إذا كان غنيا فاحش
الغن فيسقطون عنه الزكاة بعد أن ييوه بي الزكاة الت تؤخذ منه سنويا طيلة حياته ،وبي (المس)
مرة واحدة وقد نقصوا له منه وخففوه كثيا فيختار الثان .ول شك أن من يقبض (المس) مستفيد
أيضا فإن الد فع نقدا خ ي من التق سيط .وهكذا يف سدون على ال سلم ركنا عظيما من أركان الد ين
المسة متصورا أن ذلك يعفيه عند ال وينجيه من حسابه يوم القيامة ،وهكذا يتم التلعب بشرع ال،
فال يقول ويأمر بشيء (والفت) يقول ويأمر با يغايره ويلغيه فيجعل من نفسه ربا آخر تاما كما قال
تعال(( :اتّخَذُوا أَ ْحبَا َرهُ ْم َو ُرهْبَاَنهُمْ َأرْبَابا مِ ْن دُونِ الّلهِ)) [التوبة.]31:
وهذا ف المر والنهي والتشريع ف مقابل شرع ال.
إن القصد من كل هذا جع الال ولذلك قال تعال بعد الية السابقة بعدة آيات(( :يَا َأّيهَا الّذِي َن
آمَنُوا إِنّ كَثِيا مِ نْ الَحْبَا ِر وَال ّرهْبَا نِ لَيَأْ ُكلُو نَ َأ ْموَا َل النّا سِ بِالْبَاطِ ِل وَيَ صُدّونَ عَ ْن سَبِيلِ اللّ هِ)) [التو بة:
.]34
الفصل الرابع :علماء الدين والال-:
أكد القرآن الكري على قضية مهمة جدا هي:
أن علماء الد ين ودعا ته من ال نبياء -علي هم ال سلم -وغي هم ل ي سألون الناس أجرا أو ما ًل
مقابل دعوتم أو كونم علماء ،فليس ف شرع ال الذي أنزله على مر العصور طبقة من (رجال الدين)
تتك سب بدين ها وتعتاش على أموال غي ها ،إن ا يو جد هذا ع ند أ صحاب النا هج الختر عة والديانات
البدلة كالحبار والرهبان الذين ((يَأْكُلُونَ َأ ْموَالَ النّاسِ بِاْلبَاطِ ِل وَيَصُدّونَ عَ ْن َسبِي ِل اللّهِ)) [التوبة،]34:
لقد تكرر ذكر هذه القضية الهمة كثيا ف القرآن وجاءت على لسان كل نب بعثه ال تقريبا.
ِنـأَ ْجرِي ِإلّ َعلَى اللّهـِ))
ِنـَأ ْجرٍ إ ْ
سـأَْلتُكُ ْم م ْ
ُمـ فَمَا َ
ِنـ َتوَلّْيت ْ
فهذا نوح عليـه السـلم يقول(( :فَإ ْ
[يونس ،]72:ويقول(( :وَيَا َقوْ مِ ل أَ سَْألُكُ ْم عََليْ هِ مَالً إِ نْ أَ ْجرِي إِ ّل عَلَى اللّ هِ)) [هود ،]29:بل قال:
ِنـ اللّهـِ)) [هود ]31:حتـ ل يغري الناس باتباعـه طمعا بالال وزخارف ُمـ عِندِي َخزَائ ُ
((وَل َأقُولُ لَك ْ
الدنيا ،فل هو يسألم مالً ول هو يعطيهم شيئا ،وذلك من أجل أن تظل الدعوة خالصة ل.
ويقول هود عليه السلم لقومه(( :يَا َقوْ مِ ل َأ سْأَُلكُ ْم عَلَيْ هِ َأجْرا إِ نْ أَ ْجرِي إِ ّل َعلَى الّذِي َف َطرَنِي
َأفَل َت ْعقِلُو نَ)) [هود ]51:وكان كل نب يقول لقومه(( :وَمَا أَ سَْألُكُ ْم عََليْ ِه مِ نْ أَ ْجرٍ إِ نْ أَ ْجرِي إِ ّل َعلَى
رَبّ اْلعَالَمِيَ)) [الشعراء ]109:جاءت هذه ال ية مكررة خ س مرات ف سورة الشعراء على ل سان
خسة من الرسل نوح وهود و صال ولوط وشعيب عليهم السلم ،وأما رسول ال صلى ال عليه وآله
وسلم فما أكثر اليات الت جاءت على لسانه تؤكد هذه القضية الهمة:
((قُ ْل مَا سََألْتُكُ ْم مِنْ أَ ْج ٍر َف ُهوَ َلكُمْ إِنْ أَ ْجرِي إِ ّل َعلَى الّلهِ)) [سبأ.]47:
((قُلْ ل َأسْأَلُكُ ْم َعلَْيهِ أَجْرا إِ ْن ُهوَ إِ ّل ذِ ْكرَى ِل ْلعَالَ ِميَ)) [النعام.]90:
((قُ ْل مَا َأسْأَلُكُ ْم عََلْيهِ مِنْ أَ ْجرٍ إِ ّل مَنْ شَاءَ أَنْ َيتّخِذَ إِلَى َرّبهِ سَبِيلً)) [الفرقان.]57:
ج رَّبكَ َخْيرٌ َو ُهوَ خَْي ُر الرّازِِقيَ)) [الؤمنون.]72:
خرَا ُ
((َأمْ تَسَْأُلهُمْ َخرْجا َف َ
((َأمْ تَسَْأُلهُمْ َأجْرا َفهُ ْم مِ ْن َم ْغرَ ٍم مُْثقَلُونَ)) [الطور.]40:
((قُلْ ل َأسْأَلُكُ ْم َعلَْيهِ أَجْرا إِ ّل الْ َم َو ّدةَ فِي اْل ُقرْبَى)) [الشورى.]23:
إل غيها من اليات الشابة.
ولا كان الدجالون الذين يتزيّون بزي الدين وينطقون باسه يكوّنون -دائما وأبدا -طبقة مترفة
بالدين عليه تعتاش وباسه تتأكّل وف ظله ترتع وتتطفل فقد جعل ال جل ذكره أخذ أموال الناس باسم
الدين علمة دالة على كل كذاب.
ف كل من اد عى العلم والدين فن طق با سه وتزيّ ى بر سه ث سأل الناس أموال م فهو دعي ل يل
[[ما أكل علي بن السي عليه السلم بقرابته من رسول ال صلى ال عليه وآله
وسلم درها قط ،وكان إذا سافر كتم نفسه ،فقيل له ف ذلك فقال :أنا أكره أن آخذ
برسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ما ل أعطى به]].
لن شرّع القتصاد السلمي-:
الناظـر فـ التشريعات القتصـادية السـلمية كالزكاة والصـدقة والفيـء والراج وخسـ الغنائم
يعرف أن ا جاءت لنف عة الجت مع كله ،ول يعرف أن ال شرع شيئا ل صال فرد مع ي أو طب قة معي نة،
فكيـف يشـذ خسـ الكاسـب -إذا كان مشروعا -عـن هذه القاعدة فيكون لطبقـة أو طبقتيـ مـن
الجتمع؟! بل يكون سببا أساسيا ف تكوين الطبقية الت جاء السلم لدمها؟!.
تأمي العاش للقارب من خصائص اللوك ل النبياء عليهم السلم-:
إن من عادة اللوك والظلمة من الكام حيازة الموال والناصب وإعطاء ها ل ن ل يستحقها من
الهل والقارب.
أما النبياء -عليهم السلم -فليس هذا من أخلقهم وأفعالم وعاداتم ،إنم ل يكونوا يأخذون
على دعوت م من أ حد دينارا ول درها ،بل كان كل وا حد يكرر على م سامع قو مه(( :وَمَا أَ سَْألُكُمْ
َعلَْي ِه مِنْ َأ ْجرٍ إِنْ َأ ْجرِي إِ ّل عَلَى َربّ اْلعَالَ ِميَ)) [الشعراء.]109:
أما نبينا ممد صلى ال عليه وآله وسلم فقد خاطبه ال تعال بقوله الكري(( :وََلقَدْ آتَيْنَا َك سَبْعا
حزَنْمِنْ الْ َمثَانِي وَاْل ُقرْآنَ اْلعَظِيمَ)) [الجر(( * ]87:ل تَمُدّنّ عَْينَيْكَ إِلَى مَا مَّتعْنَا بِهِ َأ ْزوَاجا مِْنهُ ْم وَل َت ْ
َعلَْيهِمْ وَا ْخفِضْ جَنَاحَكَ ِللْ ُم ْؤمِِنيَ)) [الجر ]88:فبي أن عطاءه لنبيه صلى ال عليه وآله وسلم إنا هو
السبع الثان (الفاتة) والقرآن العظيم .وهو من العظمة والسعة بيث يقطع نظر من أوتيه عن أن يتد
إل متاع الدنيا مهما عظم واتسع ويقصر رغبته وغناه على ذلك العطاء الربان الليل.
ول يكن النب صلى ال عليه وآله وسلم مشغولً باله بستقبل أهله وأقاربه ول قلقا أو مهموما با
ستؤول إليه حالتهم الادية من بعده ،فإن هذا ل يليق بعامة زهاد المة وصاليها ،فكيف بسيد التوكلي
ق ذُو اْل ُق ّوةِ الْ َمِتيُ)) [الذاريات ]58:وأعظم الؤمني العاملي بقول ربه: العالي بـ((إِنّ اللّ َه ُهوَ ال ّرزّا ُ
ب َومَنْ َيَتوَكّ ْل عَلَى الّلهِ
س ُ
خرَجا)) [الطلق(( * ]2:وََي ْرزُ ْقهُ مِنْ حَْيثُ ل يَحَْت ِجعَلْ لَ ُه مَ ْ ((وَمَنْ يَتّقِ الّلهَ يَ ْ
َف ُهوَ حَ ْسُبهُ)) [الطلق]3:؟! أليس هو الذي كان يعلّم أصحابه ويقول[[ :إن روح القدس نفث ف
روعي أنه لن توت نفس حت تستوف رزقها وأجلها ،فاتقوا ال وأجلوا ف الطلب]]؟!
وفوق ذلك كان صلى ال عليه وآله وسلم على حالة شديدة من التقشف والزهد ،وكذلك كان
أهل بيته الطهار وعلى رأسهم علي عليه السلم وفاطمة عليها السلم اللذين ل نعرف عنهما إل الزهد
والقناعة والتخفف من الدنيا ومتعتها.
إن القول بأن (المس) ُشرِع لقارب النب صلى ال عليه وآله وسلم يعكس هذه القاصد ويظهر
النب صلى ال عليه وآله وسلم وأهل بيته على صورة غي ما هم عليه ف القيقة.
أميـ الؤمنيـ علي عليـه السـلم يرم على نفسـه وأهله أموال السـلمي مـن الصـدقات
والزكوات والصّلت-:
تأمل هذا النص الذي جاء ف نج البلغة( )96عن أمي الؤمني علي عليه السلم[[ :وال لقد
ل وقد أمدق حت استماحن من بُر كم صاعا ،ورأ يت صبيانه شعث الشعور
رأيت عقي ً
غب اللوان من فقر هم كأن ا سوّدت وجوه هم بالعظلم( ) وعاود ن مؤكدا وكرّر عل يّ
97
القول مرددا فأصغيت إليه سعي فظن أن أبيعه دين وأتبع قياده مفارقا طريقي فأحيت له
حديدة ث أدنيتها من جسمه ليعتب با ،فضج ضجيج ذي دنف من ألها وكاد أن يترق
من مي سمها فقلت له :ثكل تك الثوا كل يا عق يل ،أتئن من حديدة أحا ها إن سانا لِ َلعِبِ هِ
وترن إل نار سجرها جبارها لغضبه؟!
أتئن من الذى ول أئن من لظى؟!]].
قلت :كيف يصل عقيل وصبيانه وأهله -وهو أخو علي -إل هذه الدرجة من الفقر يتردد مرارا
على أخ يه و قد شع ثت شعور صبيانه وا غبت ألوان م وا سودّت وجوه هم من الوع والملق ويعاود
أخاه مؤكدا ،ويكرر له القول مرددا من أجل كيلوين من الطحي؟! ويعاود ويكرر القول؟!
أيعقـل هذا وخسـ أرباح السـلمي وتاراتمـ وأموالمـ تبـ إليهـم مـن أطراف دولة السـلم
الترامية؟!! ث يواصل أمي الؤمني الزاهد التقي كلمه السابق قائلً:
[[وأعجب من ذلك طارق طرقنا بلفوفة ف وعائها ومعجونة شنئتها كأنا عجنت
بريق حية أو قيئها فقلت :أصلة؟ أم صدقة؟ أم زكاة؟ فذلك مرم علينا أهل البيت.
فقال :ل ذا ول ذاك ولكنها هدية.
فقلت :هبلتك البول أعن دين ال أتيتن لتخدعن؟!]].
رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم يقدم أقرباءه ف الطر ويؤخرهم ف النافع-:
وقد كان النب صلى ال عليه وآله وسلم لدى جيع مناسبات الراحة والعطايا والوائز والشرف
يؤخر دائما أقرباءه ويؤثر عليهم غيهم خلفا لعادة عامة اللوك والسلطي وطريقة الكام السياسيي.
..)2/217-218( )(96
)(97صبغ أسود.
عن علي عليه السلم {أن فاطمة عليها السلم اشتكت ما تلقى من الرحى ما تطحن فبلغها أن
رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم أُت بغنيمة فأتته تسأل خادما فلم توافقه فذكرت لعائشة فجاء
ال نب صلى ال عل يه وآله و سلم فذكرت ذلك عائ شة له فأتا نا و قد دخل نا مضاجع نا فذهب نا لنقوم
فقال :على مكانك ما حت وجدت برد قدم يه على صدري فقال :أل أدلك ما على خ ي ما سألتماه؟
إذا أخذتا مضاجعكما فكبا ال أربعا وثلثي ،واحدا ثلثا وثلثي وسبحا ثلثا وثلثي ،فإن ذلك
خي لكما ما سألتماه}(.)98
وف رواية أخرى ف هذه القصة وفيها{ :وال ل أعطيكم وأدع أهل الصفة تطوى بطونم من
()99
الوع ،ل أجد ما أنفق عليهم ،ولكن أبيعهم وأنفق عليهم أثانم}.
أوساخ الناس-:
حرّم النب صلى ال عليه وآله وسلم الزكاة والصدقة على نفسه وأهل بيته؛ لنا (أوساخ الناس)
أراد ال أن يطهرهم منها وأحب لم أن يترفعوا عنها ،وجعل لم عوضا عنها حقا ف المس.
فإذا طبقنا هذه القاعدة وأنه على أساسها حرم ال على نبيه وأهله الزكاة ،فلننظر أي خس هذا
الذي هو ليس من أوساخ الناس أحله ال لم؟
الزكاة :تؤخذ من أموال السلمي بنسبة واحد ف الربعي (.)1/40
وخس الكاسب :يؤخذ من أموال السلمي أيضا ،ولكن بنسبة ثانية ف الربعي (.)8/40
فهل من فرق بينهما إل ف كمية الوساخ؟! إذ تبلغ أوساخ (المس) أضعاف أضعاف أوساخ
الزكاة!!
فهل يصح ف الذهان أن يطهرهم ال من الزكاة والصدقة لنا وسخ ول يطهرهم من (المس)
هذا وهو كذلك بل فرق قط سوى أنه يزيد عليها ف كمية هذه الوساخ؟! هل يصح أن تطهّر ثوبك
من رشاش ماء الطريق باء الجاري أو الياه الثقيلة؟! هل يفعل ذلك عاقل؟!!
خس الغنائم-:
لقد أباح ال تعال لنبيه وأهل بيته خس الغنائم؛ لنه يؤخذ عنوة وإرغاما بد السيف من الكفار
الذين فقدوا أحقية ملكيته بقاتلتهم أهل السلم فصار ملكا للمسلمي يتصرفون فيه بأمر ال ،فكان ف
المس حق لهل البيت أمرا من ال ل تفضلً وتكرما من الناس ،إذ ل يتملكه أحد من السلمي قبلهم
له فيه حق ،ول هو من الوسخ الذي يلقيه الناس عن أموالم لتطيب وتزكو كما هو الال ف الزكاة الت
قال ال عنها(( :خُ ْذ مِنْ َأ ْموَاِلهِ ْم صَدَقَ ًة تُ َط ّه ُرهُمْ َوُتزَكّيهِمْ ِبهَا)) [التوبة.]103:
فهو بذا العن ليس من الوسخ الذي أراد ال تطهيهم منه ،أما خس الكاسب فهو الوسخ بعينه
أو هو عي الوسخ.
لن الال حتـ ل يكون وسـخا ينبغـي أن ل يكون ملكا لحـد يتفضـل بـه على غيه وإل فهـو
وسـخ يُلقـي بـه ذلك الغيـ إل مـن يأخذه ،وهذا العنـ موجود فـ الزكاة وموجود كذلك وأكثـر فـ
مكا سب الناس إذ هي ملك هم ف ما الفرق الذي ج عل الزكاة و سخا ول ي عل خ س الكا سب كذلك
وكلها خارج من عي واحدة؟!
الفرق بي خس الكاسب وخس الغنائم-:
خس الكاسب يؤخذ من أموال السلمي السالي وأرباحها فل فرق بينه وبي الزكاة من هذه
الناحية إل ف القدار فإذا كانت الزكاة وسخا فهو زيادة ف الوسخ ل غي.
أمـا خسـ الغنائم فيؤخـذ مـن أموال الكفار الحاربيـ الذيـن سـقطت ملكيتهـم له بحاربتهـم
السلمي ،فهو ليس ملكا لحد ول فضل فيه لحد على أحد حت يكون وسخا .إنا هو مال ال قال
ك عَن ْـ الَْنفَا ِل قُلْ ا َلْنفَالُ لِلّ هِ وَالرّسـُولِ)) [النفال ]1:شاء أن يق سمه هذا عنـه فـ كتا به(( :يَ سْأَلُوَن َ
التقسيم الوارد ف قوله الكري بعد الية ال سابقة بأربعي آية(( :وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُ ْم مِ نْ شَ ْيءٍ فَأَنّ ِللّ هِ
سهُ َولِلرّسُو ِل وَلِذِي اْل ُقرْبَى وَالَْيتَامَى وَالْ َمسَا ِكيِ وَابْ ِن السّبِيلِ)) [النفال.]41:
خُمُ َ
فإذا أخذ أهل البيت منه شيئا فإنم ل يأخذونه من أحد وإنا يأخذونه من مال ال فل منّة لحد
عليهم سوى ال ج ّل وعل.
وبذا يظهر التوافق وعدم التناقض بي حرمان أهل البيت من الزكاة والصدقات وإعطائهم من
خس الغنائم.
وإل لاذا يرم السـلم عليهـم صـدقات الناس ليبيـح لمـ أرباح مكاسـبهم وأموالمـ ،ول فرق
بينهما؟!
تأمل هذا الكلم جيدا فإنه يكفي بإذن ال من غايته القيقية والبحث الجرد البعيد عن الذات.
أيهما أشر العشار؟ أم الماس؟-:
جاء ف نج البلغة( )100عن علي عليه السلم أنه قال[[ :طوب للزاهدين ف الدنيا الراغبي
ف الخرة ،أولئك قوم اتذوا الرض ب ساطا وتراب ا فراشا وماء ها طيبا والقرآن شعارا
والدعاء دثارا ،ث قرضوا الدنيا قرضا على منهاج السيح -كحال آكلي المس اليوم!-
يانوف إن داود عليه السلم قام ف مثل هذه الساعة من الليل فقال :إنا ساعة ل يدعو
فيهـا عبـد إل اسـتجيب له إل أن يكون عشارا أو عريفا أو شرطيا أو صـاحب عربطـة
-وهي الطنبور -أو صاحب كوبة -وهي الطبل ]]-ا هـ.
جاء ف شرحه:
العريف :من يتجسس على أحوال الناس وأسرارهم فيكشفها لميهم مثلً.
والشرطي :نسبة إل الشرطة وهو أعوان الكام (أي :الظال).
والعشار :من يتول أخذ أعشار الموال وهو الكاس.
قلت هذه منلة العشار عند المام علي عليه السلم وهذه حاله ف بعده عن ال وعدم استجابته
دعاءه ،و قد جاء ف الد يث الشر يف عن ال نب صلى ال عل يه وآله و سلم ف الرأة ال ت تا بت وأقرت
بالزنا فرجت{ :لقد تابت توبة لو تابا صاحب مكس لقبل منه} وصاحب الكس هو :العشار فهذا
حال من يأخذ أعشار أموال الناس!
فكيف هي حال من يأخذ (أخاسها)؟! والمس ضعف العشر كما تقول لغة الرياضيات!! اللهم
نسألك العافية.
الفصل الامس :اتّباع التشابه-:
بعد كل الذي قدمناه -والمد ل -يتبي بوضوح تام أن فكرة (خ س الكاسب) من ناحية ث
إعطاء هذا (ال مس) إل الفق يه من ناح ية أخرى ل دل يل علي ها من الشرع ول م ستند ل ا إل التشا به
والتشابه الحض!
فليس هناك إل نص قرآن واحد ،ورد فيه لفظ (المس) اللفظ فقط! ،أما موضوعه ومعناه أو
مضمونه ومتواه فشيء آخر ل علقة له به ،هو خس الغنائم الت تؤخذ من مارب الكفار ف ساحة
القتال.
..)4/24( )(100
تعضية النصوص-:
اتبع مع هذا النص القرآن الليل أسلوب التعضية والتقطيع الذي نى ال تعال عنه فقال(( :كَمَا
َأْنزَلْنَا َعلَى اْل ُمقْتَسِ ِميَ)) [الجر(( * ]90:الّذِي َن َجعَلُوا اْل ُقرْآ َن ِعضِيَ)) [الجر.]91:
أي :جعلوه أجزاء أو أعضاء متفرقة أصلها من :عضيّت الشيء تعضية أي :فرقته وجعلته أعضاء
وأجزاء مز قة ومقط عة ومف صولة العل قة ببعض ها ،ح ت ي سهل حل ها على الراد وعلى اليان بب عض
والك فر بب عض ،وحينذاك يكون من فَ عل هذا كاذبا ومدعيا زورا على ال وكتا به فإ نك لو تلوت قوله
تعال(( :ذَلِ كَ أَ نْ لَ مْ يَكُ ْن رَبّ كَ ُمهْلِ كَ اْل ُقرَى بِ ُظلْ مٍ)) [النعام ]131:وسكتّ ول تكمل الية ،صار
العن أن ال ل يهلك القرى الظالة أما إذا أكملت وأضفت إليها(( :وََأهُْلهَا غَافِلُو نَ)) [النعام]131:
تغي العن إل الضد تاما ،وكان العن الول كذبا بل النص نفسه ل يصح نسبته إل ال ومن فعل ذلك
ف قد افترى عل يه مع أ نك جئت به من القرآن نف سه ،وهكذا لو قرأت قوله تعالَ(( :فوَيْلٌ ِللْمُ صَّليَ))
[الاعون ]4:ول تكمل.
وتأمل دقة لفظ (عضي) فإنه جع ِعضَة والعضة لا معنيان:
الول :عضة وأصلها عِضوة أي :جزء.
والثانـ :عضـة التـ أصـلها العضـة وهـو الكذب والبهتان يقالَ :عضَهَـه عضهـا أي :رماه
بالكذب(.)101
فاجت مع العنيان ف ل فظ (عض ي) ف كل من فرق كلم ال وجزأه وف صله عن بع ضه ف قد افترى
على ال واحتمـل بتانا وإثا مـبينا ،ولذلك يقول ال تعال بعـد اليتيـ السـابقتي فـ سـورة الجـر:
((َف َورَّبكَ لَنَسَْألَّنهُمْ أَجْ َم ِعيَ)) [الجر(( * ]92:عَمّا كَانُوا َيعْ َملُونَ)) [الجر.]93:
مثال عن التعضية والتقطيع من الدلة-:
قال السيد ممد صادق الصدر ف كتابه المس بي السائل والجيب:
إن المس من أهم الواجبات الشرعية وقد ورد فيه التأكيد البليغ.)102(.
فلننظر ف أدلته الت استند إليها لثبات قوله هذا:
سهُ
-1قال مباشرة ب عد قوله ال سابق قال تعال(( :وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُ ْم مِ نْ شَ ْيءٍ فَأَنّ ِللّ هِ خُمُ َ
وَلِلرّ سُو ِل وَلِذِي اْل ُقرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَ سَا ِكيِ وَابْ نِ ال سّبِيلِ إِ نْ كُنتُ ْم آمَنْتُ مْ بِاللّ ِه َومَا أَنزَلْنَا َعلَى عَبْ ِدنَا))
[النفال.]41:
وتوقف عند هذا الد ول يكمل الية ،بل بترها عن خاتتها وسياقها وهوَ ...(( :يوْ مَ اْل ُفرْقَا ِن
َيوْ مَ الَْتقَى الْجَ ْمعَا ِن وَاللّ هُ َعلَى كُلّ َش ْيءٍ َقدِيرٌ)) [النفالِ(( * ]41:إذْ َأنْتُ مْ بِاْلعُ ْد َوةِ الدّْنيَا َوهُ مْ بِاْلعُ ْد َوةِ
صوَى وَالرّكْبُ أَ ْسفَ َل مِنْكُ ْم وََلوْ َتوَاعَدتّ مْ لخَْتَلفْتُ ْم فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ ِلَيقْضِيَ اللّهُ َأمْرا كَا َن َم ْفعُولً))اْلقُ ْ
[النفال .]42:وبترُ الية هكذا ينع القارئ من معرفة كون الية تتحدث عن معركة التقى فيها جعان
ها جع الؤمني بالعدوة الدنيا من الوادي ،وجع الكافرين بالعدوة القصوى منه ،وقد فات الركب أي:
القافلة وسلم من استيلء السلمي عليه (والركب أسفل منكم) أما اليوم فهو يوم الفرقان (يوم بدر)...
إل وهكذا وبذه الطري قة ل ي تبي للكثر ية الغالب ية ال ت ل تقرأ القرآن ،وإذا قرأ ته ل تقرأه إل على ن ية
ال جر والب كة ل ن ية التدبر والتف هم ،ول تر جع إل موا ضع الدلة و سياقها ف القرآن ،ل ي تبي لذه
الكثرية أن (المس) الذكور ف جزء الية البتور إنا هو ف غنيمة العارك ل ف عموم الكاسب.
-2ل يأت بدليل آخر من القرآن يؤيد به (أن المس من أهم الواجبات الشرعية وقد ورد فيه
التأك يد البل يغ) ول وجود لذا الدل يل أبدا .و قد تبي ل نا أن الدل يل الوح يد هو ف خسـ الغا ن ل
الكا سب ،ل سيما وأ نه قال ف ال صفحة التال ية معرفا الغني مة( :الموال والعيان النقولة الأخوذة بالقتال
من الكفار الذين يل قتالم).)103(.
وإذن ل يرد أي تأك يد ف القرآن ل بل يغ ول غيه على (ال مس) الذي قال ع نه :إ نه ( من أ هم
الواجبات الشرعية).
وأ نا ل أدري ك يف ل يرد ف القرآن كله وعلى مدى ثلث وعشر ين سنة من تنّله آ ية واحدة
تنص على أمر هو (من أهم الواجبات الشرعية)!!
-3ث اح تج لكل مه بروايات موضو عة على ل سان (الئ مة) من ها ما ل وجود له ف ال صادر
العتمدة كالكا ف ،أو فق يه من ل يضره الفق يه للق مي ،أو ال ستبصار للطو سي ،ومن ها ما هو موجود
لكن استعمل معه أسلوب البتر والتقطيع أيضا ،حت يسلم له الستدلل با وإل انتقض كلمه!!
وإليك الدليل:
-1قال :قال إمام العصر عجل ال فرجه الشريف[[ :من أكل من مالنا شيئا ،ف بطنه نارا
-2وأورد الرواية التية :وقال عجل ال فرجه[[ :لعنة ال واللئكة والناس أجعي على
من أكل من مالنا درها حراما]] )104(.دون إسناد ول نسبة لصدر ول تقيق ،ول يكلف نفسه
شيئا من ذلك وكأن ال مر ل يتعلق ب سلب الناس خ س أموال م ،وإن ا ب سألة غا ية ف الب ساطة ،تقل يم
الظافر مثلً!! وأورد كذلك روايات أخرى ماثلة.
-3استدل بروايتي وردتا ف الصادر الروائية ،ولكن بعد أن أعمل فيهما مبضع البتر والتقطيع
وأوردها هكذا:
قال فـ الول :وقال عليـه السـلم –أي :المام الصـادق [[ :-إن أ شد ما ف يه الناس يوم
القيامة إذا قام صاحب المس فقال :يا رب خسي]].)105(.
والروا ية على هذه الصورة تعن عكس ما تعن يه لو أورد ها بتمامها هكذا[[ :إن أشد ما فيه
الناس يوم القيامة إذا قام صاحب المس فقال :يا رب خسي ،وقد طيبنا ذلك لشيعتنا
لتطيب ولدتم ولتزكو أولدهم]] وأورد الرواية الثانية بعد أن قام بعملية بترها هكذا :وقال أبو
ع بد ال عل يه السلم[[ :أتدري من أين دخل على الناس الزنا؟ فقلت :ل أدري فقال :من
قبل خسنا أهل البيت]]( )106مع حذفه لخرها وهو [[ ...إل شيعتنا الطيبي فإنه ملل لم
ليلد هم]] )107(.وهذا الحذوف ي ستثن الشي عة من ح كم الروا ية ويق صره على غي هم ،فقام بذ فه
وبتره لئل تكون الرواية حجة عليه ..فتصور!!
-4أورد ف هذا الكت يب الذي ل يتجاوز الربع ي صفحة 184م سألة فقه ية تتناول قضا يا
إن هذا الصـنيع يدلل بوضوح على الضطراب النفسـي الذي يعانـ منـه (الفقيـه) ،والوف مـن
الدلة ذاتا والرعب من مواجهتها كما هي ،أو الصمود أمامها إذا انتصبت له حية كاملة.
إن الائف البان ل يكن أن يتصدى للسد كما هو دون أن يراه مقطوع الرأس.
وإل فصاحب الق ثابت ل ياف ول يضطرب ،أمي ل يزور القائق ول يتلعب بالدلة ،بل
القيقة مطلبه والق غايته والدليل سائقه ،أينما توجه به توجه ،وحيثما حل به نزل ،فهو آمن ل ياف
وواثق ل يتزعزع.
كيف ُمزّقت آية المس؟-:
والن نعود إل آية المس فقد قطعوا الية:
أولً :عن سياقها و هو الد يث عن معر كة بدر ال كبى ،إذ إن سورة النفال كل ها عن هذه
العركة العظيمة ،وقد بدأت بسؤال الؤمني عن حكم النفال أي :الموال الت غنموها من الكفار ف
ساحة القتال وكيفية قسمتها ول ن تكون؟ بعد أن اختلفوا ف ذلك كما قص ال تعال عنهم كل هذا
ك عَ نْ ا َلْنفَالِ)) [النفال ]1:أي :عن الغنائم وهي الموال
بقوله ف الية الول من السورةَ(( :ي سْأَلُوَن َ
الأخوذة مـن الكفار قهرا بقتال جعـ نفـل وأصـلة الزيادة تقول :نفلتـك وأنفلتـك أي :زدتـك وسـيت
أنفالً؛ لنا زيادة خص ال تعال با هذه المة إذ كانت مرمة على من قبلهم من المم ،سأل بعض
أهل بدر النب صلى ال عليه وآله وسلم عن حكمها حي تنازعوا ف قسمتها فنلت الية باختصاص
حكمها بال ورسوله(( :قُ ْل الَْنفَا ُل لِلّ هِ وَالرّ سُولِ)) [النفال ]1:أي :مفوض إليهما أمرها((( )108فَاّتقُوا
اللّ َه وَأَ صْلِحُوا ذَا تَ بَْينِكُ مْ)) [النفال ]1:فل تتلفوا ورسول ال صلى ال عليه وآله وسلم بينكم ينل
عليه المر من ال ((وَأَطِيعُوا الّل َه َورَسُوَلهُ إِنْ كُنتُ ْم ُم ْؤمِِنيَ)) [النفال.]1:
واستمرت السورة تكي وقائع العركة إل أن جاء الواب عن التساؤل الذكور ف الية الول
ف منتصفها ليبي كيفية قسمة هذه الموال الغنومة فجاءت الية الادية والربعون توضح ذلك بقوله
س ُه وَلِلرّسُو ِل وَلِذِي اْل ُقرْبَى وَالَْيتَامَى وَالْ َمسَا ِكيِ وَابْنِ
تعال(( :وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُ ْم مِنْ شَ ْيءٍ فَأَنّ ِللّهِ خُمُ َ
السّبِيلِ)) [النفال.]41:
ث استمرت السورة ف سياقها دون انقطاع تكمل الديث عن العركة وأحداثها وما تبع ذلك
صوَى))...
من آثار ونتائج ب صورة ل تق بل الف صل أو الق طع ((ِإذْ َأنْتُ مْ بِاْلعُ ْد َوةِ الدّنْيَا َوهُ مْ بِاْلعُ ْد َوةِ اْلقُ ْ
[النفال]42:إل ،فلفظ (إذ) متعلق بالية تعلقا كاملً ل انفكاك عنه ول ميص.
وثانيا :قطعوا النص الحتج به عن الية نفسها الت جاء فيها ،فقطعوا أول الية عن آخرها حت
يسهل حل ما احتجوا به منفصلً عن نايته وجزئه الكمل له على العن الذي يريدون! إذ إن تكملته:
((إِ نْ كُنتُ ْم آمَنْتُمْ بِاللّهِ َومَا أَنزَلْنَا عَلَى َعبْدِنَا َيوْمَ اْل ُفرْقَا ِن َيوْمَ اْلَتقَى الْجَ ْمعَانِ وَاللّهُ َعلَى كُلّ َش ْيءٍ َقدِيرٌ))
ُمـ بِاْلعُ ْد َوةِ ُمـ بِاْلعُ ْد َوةِ الدّنْي َا َوه ْ
[النفال ]41:وهـو مرتبـط تام الرتباط باـ بعده مـن قولهِ(( :إذْ أَْنت ْ
صوَى وَالرّكْ بُ أَ ْسفَ َل مِنْكُ مْ)) [النفال ]42:فتكون الية وما بعدها هكذا(( :وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَِنمْتُ مْ اْلقُ ْ
ي وَاْب ِن ال سّبِيلِ إِ نْ كُنتُ مْ آمَْنتُ مْ بِاللّ هِ
س ُه وَلِلرّ سُو ِل وَلِذِي اْل ُقرْبَى وَاْليَتَامَى وَالْمَ سَا ِك ِ مِ نْ شَ ْيءٍ فَأَنّ لِلّ هِ خُ ُم َ
َومَا أَنزَلْنَا عَلَى َعبْدِنَا َيوْمَ اْل ُفرْقَا ِن َيوْ مَ اْلَتقَى الْجَ ْمعَا نِ وَاللّهُ َعلَى كُلّ َش ْيءٍ َقدِيرٌ)) [النفالِ(( * ]41:إذْ
صوَى وَالرّكْبُ أَ ْسفَ َل مِنْ ُك ْم وََلوْ َتوَاعَدتّمْ لخَْتَلفْتُ ْم فِي الْمِيعَادِ وَلَ ِكنْ َأنْتُمْ بِاْلعُ ْد َوةِ الدّنْيَا َوهُ ْم بِاْلعُ ْد َوةِ اْلقُ ْ
حيَا مَ نْ حَيّ عَ ْن بَيَّن ٍة وَإِنّ اللّ هَ لَ سَمِيعٌ َعلِي مٌ)) ك مَ نْ َهلَ كَ عَ ْن بَيّنَ ٍة وَيَ ْ
ِلَي ْقضِ يَ اللّ هُ َأمْرا كَا َن َم ْفعُولً ِلَيهْلِ َ
[النفال.]42:
فــ(يوم الفرقان) يوم بدر و(المعان) جعـ الؤمنيـ الذي كان بانـب الوادي وحافتـه القرب
على الدي نة (العدوة الدن يا) وج ع الكافر ين الذي كان بالا نب ال خر الب عد من ها (العدوة الق صوى)
و(الركب) هو :العي ،وأصحابا أبو سفيان ومن معه (أسفل منكم) أي :ف مكان أسفل من مكانكم
إل ساحل البحر الحر على ثلثة أميال من بدر.)109(.
وثالثا :ل يلتفتوا إل سبب نزول الية فقطعوها عنه ،وهو السؤال عن كيفية قسمة الغنيمة بعد
أن اختلفوا فيها ،فالية نزلت جوابا على سؤال وإزالة لشكال ل علقة للمكاسب أو الرباح التجارية
وغيها به فما الذي أدخلها ف الوضوع؟!!
ورابعا :قطعوا العن اللغوي للفظ الغنيمة عن معناه الصطلحي الشرعي.
ث ما هي علقة الفقيه بالية والذي ل يرد ذكره أبدا ل أو ًل ول آخرا ول ضمنا ول إشارة ول
تصريا ول تلميحا ول لفظا ول معن؟! فإن كان (المس) قد ورد لفظا فإن الفقيه ل يرد أصلً.
قضيتان منفصلتان:
وما تدر الشارة إليه هنا هو أن موضوع خس الكاسب ف صورته الالية مركب من قضيتي.
الول :أن ف الكاسب خسا.
الثانية :أن هذا (المس) يب تسليمه إل الفقيه.
وهاـ قضيتان منفصـلتان تتاج كـل واحدة منهمـا إل دليـل منفصـل فل يصـح دمهمـا معا
والستدلل عليهما بدليل واحد وردت فيه إحداها لفظا والخرى ل ترد أصلً!!
علقة لفظية بتة-:
وهكذا يظ هر أن دعوى القول ب مس الكا سب بدل يل ال ية هي بالض بط كدعوى ر جل ا سه
إبراهيم احتج بقوله تعال(( :وَاذْ ُكرْ فِي الْ ِكتَابِ إِْبرَاهِيمَ ِإنّهُ كَا َن صِدّيقا َنبِيّا)) [مري ]41:على أنه نب؛
لن لفظ إبراهيم ورد فيها ،وبا أن اسه إبراهيم هو نب اعتمادا على تشابه السي وتطابق اللفظي!!
صحيح إن الية فيها لفظ إبراهيم ،ولكن أي إبراهيم هو القصود؟!
و صحيح أن آ ية (النفال) ورد في ها ل فظ ال مس ،ول كن أي خ س هو الق صود؟! خ س ( ما
غنمتم) أم خس (ما كسبتم)؟!
إن الحتجاج بالية على خس الكاسب يدخل تام الدخول تت قاعدة (ما تشابه منه) واستمع
إل ال جل وعل ماذا يقول ف ذلك:
ب وَأُ َخ ُر مُتَشَاِبهَا تٌ فََأمّا الّذِي نَ
ت مُحْكَمَاتٌ هُنّ ُأمّ الْكِتَا ِ
ب مِنْ هُ آيَا ٌ ك الْكِتَا َ (( ُهوَ الّذِي أَْنزَ َل َعلَيْ َ
فِي ُقلُوِبهِ ْم زَيْغٌ َفيَتِّبعُونَ مَا َتشَاَب َه مِْنهُ اْبِتغَاءَ اْلفِتَْن ِة وَاْبِتغَاءَ تَ ْأوِيِلهِ)) [آل عمران.]7:
فجعل سبحانه اتباع التشابه والحتجاج به من صنيع أهل الزيغ والهواء ،وأنم يفعلون ذلك من
أجل إيقاع الفتنة ،أي :فتنة الؤمني عن دينهم الق بالتشكيك والتلبيس ،وفتنة أتباعهم الهال بذلك،
ومن أجل تأويله وتريفه التأويل الباطل الذي يشتهونه والتحريف السقيم الذي يقصدونه زاعمي أنه
()110
الغاية الرادة منه ،وذلك شأن أهل البدع والهواء واللحدة ف كل عصر.
خلصة البحث
وبعد ...فهذه أهم القائق الت توصلت إليها من خلل هذا البحث:
س ُه وَلِلرّ سُو ِل وَلِذِي
أولً :إن تف سي قوله تعال(( :وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَنِمُْت ْم مِ ْن شَ ْيءٍ فَأَنّ ِللّ هِ خُ ُم َ
اْل ُقرْبَى[ ))...النفال ]41:بأرباح الكاسب وتسليمها للفقهاء ل دليل عليه البتة.
-1ل من القرآن الكري فإن الية نفسها موضوعها غنائم الرب الت تؤخذ قسرا من الكافرين
ل مكاسب السلم الت تؤخذ فرضا من السلمي.
وأما علقة خس الكاسب با فهي لفظية بتة ل حقيقة لا.
-2ول من السنة النبوية الطهرة إذ ل يرد من قول النب صلى ال عليه وآله وسلم ول من فعله
ول تقريره.
-3ول يرد عن أحد من اللفاء الراشدين با فيهم أمي الؤمني علي عليه السلم.
-4ول يوجد فيه أي نص عن الئمة العصومي ف أي مصدر معتمد كالكاف للكلين أو من ل
يضره الفقيه للقمي ،أو الستبصار للطوسي وغيها.
-5ول يُفت به أي فقيه من الفقهاء العتبين التقدمي كالشيخ الفيد والشيخ الطوسي والسيد
الرتضى علم الدى وغيهم.
-6سقوط السند اللغوي لذه التسمية (المس) من حيث تعلقها بالكاسب.
-7سقوط السند الشرعي لذه التسمية أيضا.
ثانيا :وجود نصوص عديدة واردة عن (الئمة) تنص على أن:
-1حكم المس وإعطائه للمام العصوم نفسه هو الستحباب وليس الوجوب.
-2جواز تصـرف صـاحب (المـس) بـه دون شرط الرجوع إل المام متـ احتاج إل ذلك،
ومراجعة المام إنا هي على سبيل الستحباب غي اللزم.
-3بعض هذه النصوص تصرح أن الئمة أباحوا المس لتباعهم وأسقطوه عنهم مطلقا تكرما
وتفضلً.
-4وبعضها تنص على إباحته لم حت يقوم القائم الغائب.
الول1997 -م.
-5المس بي السائل والجيب -السيد ممد صادق الصدر ط .1418
-6الستبصار فيما اختلف من الخبار -أب جعفر الطوسي.
-7الشيعة والتصحيح -للدكتور موسى الوسوي.
-8صفوة البيان لعان القرآن -للشيخ حسني ممد ملوف.
-9فقيه من ل يضره الفقيه -القمي ط طهران.
-10الكتاب القدس -العهد القدي.
-11منهاج الصـالي -للسـيد أبـ القاسـم الوئي مطبعـة الديوانـ بغداد الطبعـة التاسـعة
والعشرون.
-12متار الصحاح -للرازي الركز العرب للثقافة والعلوم.
-13مفردات ألفاظ القرآن -للعلمة الراغب الصفهان الكتبة الرتضوية إيران.
-14النهاية ف مرد الفقه والفتاوى -لشيخ الطائفة الطوسي.
-15نج البلغة -بشرح ممد عبده ط دمشق.
الــمـــس1............................................................................
2القدمة.......................................................................................
تهيد3........................................................................................
الفصل الول :حقائق خطية ومثية[ -:حقائق خطية ومثية حول المس]5................=:
14 الفصل الثالث :اضطراب نظرية المس واختلفها بي التقدمي من الفقهاء والتأخرين...... -:
ماذا عند الشيخ الفيد (413هـ)؟14.................................-:
حق السادة19........................................................-:
وضاعت القيقة!20..................................................-:
اللصة26...........................................................-:
التساؤل الخي27....................................................-:
آية المس29........................................................-:
الوضع الوحيد29.....................................................-:
مثال آخر35.........................................................-:
سياق الية37........................................................-:
العباسيون و(المس)50..............................................-:
نسيان الزكاة56......................................................-:
ضريبة خيالية57......................................................-:
أم ي الؤمن ي علي عل يه ال سلم يرم على نف سه وأهله أموال ال سلمي من ال صدقات
والزكوات والصّلت65.....................................................-:
65...........................................................................
أوساخ الناس66......................................................-:
خس الغنائم66.......................................................-:
ل عجب72..........................................................-:
76خلصة البحث..............................................................................