You are on page 1of 2

‫نحو منهجية تربوية ثلث قيم لسمو التراث‬

‫العدد ‪3‬‬ ‫من مجلة الواحة‬


‫حبيب محمد‬
‫ى متناسقة في بعض‬ ‫الحديث عن التراث حديث قديم جديد‪ ،‬يتصل برؤ ً‬
‫ً‬
‫الحيان ومشتتة في احيان اخرى‪ ،‬ال ان هذه الرؤى تتمحور دائما في‬
‫اطرها المنهجية الخاصة‪ ،‬ويجمعها قاسم مشترك واحد ال وهو الثوابت‬
‫الرصينة للتراث ـ مقدسا ً كان ام مدنسا ـ وقد طرحت عدة مناهج لستقراء‬
‫التراث‪ ،‬وفك طلسمه‪ ،‬والتعامل معه واهم ما طرح في هذا المجال قول‬
‫الدكتور محمد عابد الجابري في "تكوين العقل البشري"‪ :‬على المنهج‬
‫المستخدم ان يحقق قراءة علمية للتراث‪.‬‬
‫وهذا الرأي قد يتعارض مع القدسية المناطة من قبل اللحق للسابق‪،‬‬
‫فهناك فارق كبير بين تقدير التراث واعظامه‪ ،‬اجتهادا ً لباء‪ ،‬ومآثرهم وما‬
‫ي حالي ـ مرحلة ما ـ فالولى هي‬ ‫س جوهر ٍ‬‫بين التعامل معه على اسا ٍ‬
‫محاولت الكتفاء بالنقل التراثي عما جاء من السابقين‪ ،‬وما على اللحقين‬
‫ال تثبيت نفس الرؤى القديمة والذعان لها‪ ،‬وهذا ما يشكل فارقا ً كبيراً‬
‫بينها وبين الثانية التي تدعم كسر القيود ـ المتعينة ـ وطرد الخوف وإدثار‬
‫التحاور المقنع واتخاد سبل ـ مرحلية ـ معاصرة تتعامل مع التراث‪ .‬واخراجه‬
‫ـ أي التراث ـ من دائرة الملكية الخاصة‪ ،‬واحالة واقعها ـ الدائرة ـ الى‬
‫ميزات قابلة للطرح والنقاش‪.‬‬
‫وقد طرحت مسائل عديدة حول ما اذا كان التراث بمجمله يحقق دفعاً‬
‫تربويا ً بنيويا ً يحد به من سطوة السابق‪ ،‬فجاء الجواب ـ الستنتاج ـ ان‬
‫المنهجية المتعاملة مع التراث اذا حققت تكريس الثابت وثبات النص‪،‬‬
‫ر ناهض‪ ،‬كان ذلك‬ ‫وتوظيف القراءة الى شكلنية جديدة تتعامل مع تحاو ٍ‬
‫التراث فاعلً‪ ،‬ناهضاً‪ ،‬غير تقليدي‪.‬‬
‫فالقضية هنا ـ تحديدا ً ـ الستعانة بالعلمية وانتهاز الوجود المعرفي للتراث‪،‬‬
‫ومحاولة اجراء التثاقف مابين الخطابين للوصول الى ضفة جديدة يستطيع‬
‫الباحث ان يمتلكه الخص من خللها ومن خلل رؤى العام‪.‬‬
‫وفي ضوء هذا الفهم للتراث‪ ،‬وافاق العلقة التي يحددها منهج ارتقائه نجد‬
‫من الحرى ان نحدد القيم التربوية التي يسمو التراث من خللها فتسمو به‬
‫هي‪ ،‬وفقا ً لنظرية الثر والتأثير‪ .‬وهذه القيم هي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ الوعي‪ ،‬فالنشاط النساني ل يمكن ان يصل ـ وصللى قيمة الوعي عبر‬
‫هوة من السحاقة ما بين الماضي والحاضر لخلق الن‪ ،‬ومما ل شك فيه‪ ،‬ان‬
‫الوعي جاء عبر تفهم التراث ـ بطريقة ما ـ واحداث التغيير وفق منهجية‬
‫ارتاها الباحث ووصل‪ ،‬وبدا فان الوعي جاء عبر مداخل التراث ورؤاه‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ المعرفة‪ ،‬واذا استعرضنا ما يقوله المام جعفر الصادق "ع"‪" :‬ان اساس‬
‫الدين صحة العقل" فان التعامل المعرفي والرتقاء النساني في هذا‬
‫المجال انما يتأتى عبر تحقيق النقطة الولى ـ الوعي ـ ثم اعتماد التراث‬
‫ق‬
‫والتحاكي معه وفق كل الميزات بغية الوصول نحو المعرفة وايجاد اتفا ٍ‬
‫معرفي ما بين السبل الساسية واحداث بعد ذلك صحة يقينية لن تكون‬
‫هشة اذا ما قورنت مع اولياتها‪ ،‬اذا اعتمدت ـ الوليات الخطأ ـ عبر وجهات‬
‫النظر والتغير والمسايرة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ الستباق‪ :‬أو التوسم‪ ،‬وهذا ما يخص استمخاض التراث ومحاولة تثقيفه‬
‫عبر المرحلة والسمو به نحو القادم‪ ،‬لتشخيص العوارض البدائية ـ‬
‫الحتمالية ـ لذلك القادم‪ ،‬وهذه القيمة هي الساس التي يستقيها الباحث‬
‫بالتراث‪ ،‬والتأريخ فمن الول الكنه ومن الخر العبرة‪.‬‬
‫واخيرا ً فان التراث يمثل البنية القائمة التي يمكن ان تكون في آن ومكان‬
‫وفق معايير التعامل المنهجي المحدد‪ ،‬وهذه الجدلية ليست من التعقيد الى‬
‫درجة نبذ التراث والكتفاء بقشوره بل هي ملزمة للرتكاز حول قطب‬
‫الرحى ـ المفهوم ـ وايجاد مصاديق تتوافق مع القيم الثلث سالفة الذكر‪.‬‬

You might also like