Professional Documents
Culture Documents
الكتاب والسنة
و الطريق
الموصل إليها
إعداد القسم العلمي بدار ابن
خزيمة
القدمة
المد ل ،والصلة والسلم على رسول ال وعلى آله وصحبه ومن واله.
عجائب اليات,مال عي رأت,ول أذن سعت ,ول خطر على قلب بشر -ليشمر عن
ساعد الد الؤمنون طمعا ف نعيمه وعطائه ,ويرجع إل سبيله الغافلون رغبة ف رحته و
جنانه .قال رسول ال قال تعال
أعددت لعبادي الصالي مال عي رأت ,ول أذن سعت ,ول خطر على قلب بشر
واقرؤوا إن شئتم:
يعملون [السجدة ]17
فل تعلم نفس ما أخفي لم من قرة أعي جزاء با كانوا
(البخاري ومسلم)
وتعال معي ,تعال معي..لنوقظ ..قلباً غافلً بلمسة باردة هادئة ..من التفكر ف آلء ال
ونعمه ف جنات عدن .تعال معي ..نتعرف على نساء النة ..ونلمح شيئا ًمن جالن
وحسنهن ,ورقتهن وحور عيونن ..فرُبّ متفكر ف حور النة صرعه تفكيه..فلم يزل
يتقلب بي منازل التوبة والتقرب إل ال حت لقاه ال بن ف نعيمه القيم وأنعم به من
لقى.
درجات النة
أخي الكري :لقد خلق ال النة وأورثها عباده الصالي وجعلهم فيها متفاضلي متفاوتي,
ولذلك كانت النة درجات يفضل بعضها بعضاَ ,وكل ذلك كان فضلَ من ربك وعدلَ..
ليشمر ويثابر من اشتاقت نفسه إل النة وعلت هته لعلى درجاتا ,ف ذلك النعيم القيم.
قال تعال :ومن يأته مؤمناَ قد عمل الصالات فأولئك لم الدرجات العلى [ طه . ] 75
فاليان والعمل الصال ها طريق الفردوس فكلما كان إيانك -أخي الكري -عالياَ ثابتاَ
كانت منلتك رفيعة ف تلك الدرجات ,وإنا يتفاوت الؤمنون التقون ف ذلك بسب
إيانم وتقواهم قال تعال :من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لن نريد ث جعلنا له
جهنم يصلها مذموماَ مدحوراّ ومن أراد الخرة وسعى لا سعيها وهو مؤمن فأولئك
كان سعيهم مشكوراَ كلّ ند هؤلء وهؤلء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك مظوراّ
انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللخرة أكب درجات وأكب تفضيلّ [السراء
]21-18فهنا بي ال سبحانه أن أهل الخرة يتفاضلون فيها أكثر ما يتفاضل الناس ف
الدنيا وأن درجات الخرة أكب من درجات الدنيا .
واعلم أخي الكري :أن تفاضل النان يشمل التفاضل بي خياتا من أبنية وعيون وأشجار
تعال :فبأي آلء ربكما تكذبان [ الرحن ] ،وبعد وصفهما قال
وفواكه ونساء .قال
سبحانه :ومن دونما جنتان[ الرحن ، ] 62أي دون النتي الوليتي ف الي والقام
والنلة.
الوليتي :فيهما من كل فاكهة زوجان[ الرحن ، ] 52فذكر
فأما عن الفاكهة فقال ف
أن ف كل صنف من الفواكه شكلي .أما ف النتي الخريتي فذكر مطلق الفاكهة من غي
ورمان [الرحن ، ] 68وأما عن الثاث فذكر ف
ذكر الزوجي فقال :فيهما فاكهة ونل
إستبق [الرحن ، ] 54وقال ف الخريتي:
الوليتي :متكئي على فرش بطائنها من
حسان [الرحن ] 76ول شك أن الفرش أفضل متكئي على رفرف خضر وعبقري
من الزخرف وأن الستبق أفضل من العبقري.
وهكذا المر ف نسائهما وخضرتما كما هو ظاهر ف اليات .وما هذا التفاضل إل تسلية
من ال لعباده الصالي الذين تملوا مشاق السفر ف رحلة الدنيا وصبوا على ما أصابم
من ضر ف سبيل ال وحده ,وعاشوا بي أهليهم غرباء ..لا كانوا عليه من التمسك
بالكتاب والسنة .وما يدل على تفاضل أهل النة ما رواه الغية بن شعبة أن رسول ال
قال:
"سأل موسى ربه :ما أدن أهل النة منلة؟ قال :هو رجل يئ بعدما أدخل أهل النة
النة .فيقال له :ادخل النة 0فيقول :أي رب؟ وكيف؟ وقد نزل الناس منازلم ,وأخذوا
أخذاتم؟ فيقال له :أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول :رضيت
رب ,فيقول :لك ذلك ومثله ,ومثله ومثله ومثله ,فقال ف الامسة رضيت رب.فيقول:
لك هذا و عشرة أمثاله ،ولك ما اشتهت نفسك ،قال(أي موسى) :رب فأعلهم منلة؟
قال :أولئك الذين أردت ,غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها ,فلم تر عي ,ول تسمع
أذن ,ول يطر على بال بشر .قال :ومصداقه ف كتاب ال عز وجل :فل تعلم نفس ما
أخفي لم من قرة أعي
( مسلم ) ،فهذه النة وهذه درجاتا ,قد بنيت وهيئت لن كان له قلب أو ألقى السمع
وهو شهيد ,ففيها وال يمد التنافس بالطاعة والقربات وإليها تب السارعة باليات
والسنات فأين ذوو المم العالية ,وقد دعوا إل السباق ,واين طلب السمو ,وقد قرب
اللحاق:
وإذا كانت النفوس كـــبارا
تعبت ف مرادها الجسام
فل تتصور -أخي الكري -أن ذلك النعيم القيم ,ينال بالراحة والتفكه ,بل إن طريقه وعر
طويل ودربه قد حف بالكاره والعقبات فل يسلكه إل مشمر عن ساعد الد ملص قد
باع نفسه وماله يبتغي بذلك النة ,قال رسول ال ":حفت النة بالكاره وحفت النار
بالشهوات" ( البخاري ومسلم ) ،أما أعلى منلة ف النة فإنا الوسيلة ..وهي بإذن ال
لنبينا ممد قال :
"إذا سعتم الؤذن فقولوا مثل ما يقول ث صلوا علي ,فإن من صلى علي صلة صلى ال
عليه عشرا ,ث سلوا ال تعال ل الوسيلة فإن من سأل ال ل الوسيلة حلت له الشفاعة"
( مسلم ) وقد أخبنا رسول ال أن الشهداء ف سبيل ال من ينالون تلك الدرجات
العلى قال :
"أفضل الشهداء الذين يقاتلون ف الصف الول ,فل يلفتون وجوههم حت يقتلوا,وأولئك
يتلبطون ف الغرف العلى من النة ,يضحك إليهم ربك ,فإذا ضحك ربك إل عبد ف
موطن فل حساب عليه" ( صحيح الامع ) ولك أن تتصور نفسك يا عبد ال وقد رفع ال
درجتك ومنلتك ف النة مع النبياء والشهداء ,وما ذلك على ال بعزيز ..إذا صدقت ال
فأجبت داعيه إذ يقول:
يا قوم إنا هذه الياة الدنيا متاع وإن الخرة هي دار القرار من عمل سيئة فل يزى إل
مثلها ومن عمل صالاَ من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون النة يزقون فيها بغي
حساب [ غافر . ] 40-39
الطريق إل النة
واعلم يا عبد ال .أن النة ل تنال بالعمل ..وإنا هي فضل من ال ورحة قال رسول ال
":لن يدخل أحدا منكم عمله النة قالوا :ول أنت يا رسول ال؟ قال :ول أنا إل أن
يتغمدن ال منه بفضل ورحة" ( مسلم ) وأما قول ال جل وعل :فل تعلم نفس ما أخفي
لم من قرة أعي جزاء با كانوا يعملون" [ السجدة ] 17فإن الباء ف قوله (با كانوا
يعملون) سببية .أي بسبب أعمالم فال سبحانه جعل أعمالم سببا لفضله ورحته حيث
أدخلهم جنته.
فإذا عرفت –أخي الكري -أن النة هي مض فضل ال ورحته ,وان رحته وفضله إنا
ينالن بفعل ما يرضاه ويريده فبادر إلىخي العمال وصال الفعال .واحفظ ال ,واسلك
سبيله القوي يفض عليك من الرحات ما يدخلك به أعال النات ف تلك الغرفات.
فاسلك سبيل التـــــقي
وظن خيا بالكــــــري
واذكر وقوفك خائــــــفا
والناس ف أمر عظيــــم
إما إل دار الشـــــــــقا
وة أوإل العز القـــــــيم
فاغنم حياتك واجــتهد
وتب إل الرب الرحـــيم
وأما طريق النة :فهو كل ما يقربك من ال سبحانه من القربات والطاعات فقد ذكر ال
جل وعل طاعات وعبادات ف كتابه العزيز جازى عليها بالنة من عمل با ملصا فمن
ذلك
اليان والعمل الصال :فقد ذكر ال سبحانه ف سورة العصر أن النسان خاسر إل من أمن
إل الذين أمنوا وعملوا إن النسان لفي خسر وعمل صالا فقال سبحانه :والعصر
الصالات وتواصوا بالق وتواصوا بالصب [ العصر ] وقال سبحانه :وبشر الذين آمنوا
النار [ البقرة ] 25ونظي هذا ف
وعملوا الصالات أن لم جنات تري من تتها
القرآن كثي.
وذلك لن اليان يوجب معرفة ال وخشيته ومراقبته وتوقيه ومتابعة رسول ال والعمل
الصال يوجب فعل ما أمر ال واجتناب ما نى عنه من كبائر الث والفواحش.
الصلة :قال تعال :إن الصلة تنهى عن الفحشاء والنكر [ العنكبوت ] 45فالصلة
ناهية عن الث والنكر الوجب للحرمان من النة .وهي الاحية للذنوب والطايا كما قال
رسول ال ":أرأيتم لو أن نرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خس مرات ,هل يبقى
من درنه شيء؟ قالوا ل يبقى من درنه شيء .قال :فذلك مثل الصلوات المس ,يحو ال
بن الطايا" ( البخاري و مسلم ) وقال رسول ال ":ما من امرئ مسلم تضره
صلة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها ,وركوعها ,إل كانت كفارة لا قبلها من
الذنوب ما ل تؤت كبية ,وذلك الدهر كله" ( مسلم )
فبادر –أخي الكري -بالفاظ على الصلة فإنا نور الؤمن وعهده وفصل ما بينه وبي
الكفر .قال رسول ال ":إن بي الرجل وبي الشرك والكفر ترك الصلة" ( مسلم )
وقال " :العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر" ( الترمذي و قال حسن
صحيح )
أداء النوافل :فهي تقرب إل ال بعد الفرائض ,وتكسبك –أخي الكري -حلة الولية ل
سبحانه لنا موجبة لبه وحفظه ,وهي علمة حبك ل وطاعتك وإخلصك .قال رسول
ال ":ما من عبد يصلي ل تعال كل يوم اثنت عشرة ركعة تطوعا غي الفريضة إل بن
ال له بيتا ف النة –أو -إل بن له بيت ف النة" ( مسلم )
فدونك فاصنع ما تب فإنــما
غدا تصد الزرع الذي أنت زارع
ومن بي العمال الوجبة للجنة :بر الوالدين ,قال رسول ال ":رغم أنف ,ث رغم أنف
ث رغم أنف من أدرك أبويه عند الكب أو أحدها أو كليهما ,فلم يدخل النة" ( مسلم )
فاحرص –أخي -على بر الوالدين وأطعهما ف ما أمرا إذا ل يكن أمرها معصية ل وأحسن
إليهما ف الدنيا يسن ال إليك بنته وفضله وجوده ,واعلم أن عقوقهما من أكب الكبائر
فقد قرن ال طاعتهما بالتحذير من الشرك والمر بتوحيده .قال سبحانه وتعال :
واعبدوا ال ول تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا [ النساء ] 36
واعلم –أخي -أن التوبة من أجل القربات والعبادات وهي منلة ل يفارقها الصالون ف
رحلتهم ف هذه الياة الدنيا ,بل ول النبياء والرسلون .ذلك لن ال تعال أمر با ف كل
وقت وحي وعلق الفلح عليها.
تفلحون فكل ابن آدم خطاء ..قال تعال :وتوبوا إل ال جيعا أيها الؤمنون لعلكم
[ النور ] 31فتأمل حفظك ال كيف وصفهم ال باليان ث دعاهم إل التوبة ليعلم كل
مسلم أن التوبة لزمة للعبد ف سائر منازله الت يسلكها ف طريقه إل ال .وتذكر دائما أن
النة قد حفت بالكاره وأن النار قد حفت بالشهوات وإل كيف سيكون الختبار و كيف
ييز الصابر من الضاجر والطيع من العاصي .قال رسول ال ":لا خلق ال النة أرسل
جبيل إل النة فقال :أنظر إليها ,وإل ما أعددت لهلها فيها ,قال :فجاءها ونظر إليها
وإل ما أعد ال لهلها فيها .قال فرجع إليه وقال :وعزتك ل يسمع با أحد إل دخلها.
قال :فرجع إليها فإذا هي قد حفت بالكاره فرجع إليه فقال :وعزتك لقد خفت أن ل
يدخلها أحد ..الديث" ( الترمذي وأحد وقال حسن صحيح وحسن إسناده اللبان ف
تريج مشكاة الصابيح )
اللهم إنا نسألك النة وما قرب إليها من قول أو عمل وصلى ال على نبينا ممد وعلى آله
وصحبه أجعي .