Professional Documents
Culture Documents
أﺣﻼم ﻣﺴﺘﻐﺎﻧﻤﻲ
ﺍﻫﺩﺍﺀ
ﺍﻟﻰ ﺃﺒﻲ ...ﺩﻭﻤﺎ.
ﻭﺍﻟﻰ ﺸﺭﻓﺎﺀ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻤﺔ ﻭﺭﺠﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﺭﺍﺌﻌﻴﻥ ،ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻌﺒﺭﻭﻥ ﺒﺄﻗﺩﺍﺭﻫﻡ ﺩﻭﻥ ﺍﻨﺤﻨﺎﺀ ،ﻤﺘﺸﺒﺜﻴﻥ
ﺒﺄﺤﻼﻡ ﺍﻟﺨﺎﺴﺭﻴﻥ.
ﻭﺍﻟﻴﻙ ﻓﻲ ﻓﺘﻨﺔ ﻋﺒﻭﺭﻙ ﺍﻟﺸﺎﻤﺦ ،ﻋﺒﻭﺭﻙ ﺍﻟﺠﺎﻤﺢ،ﻴﻭﻡ ﺘﻌﺜﺭ ﺒﻙ ﻗﺩﺭﻱ...ﻜﻲ ﺘﻘﻴﻡ.
ﺃﺤﻼﻡ
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﻭل
ﻜﻨﺎ ﻤﺴﺎﺀ ﺍﻟﻠﻬﻔﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﻋﺎﺸﻘﻴﻥ ﻓﻲ ﻀﻴﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﻁﺭ ،ﺭﺘﺒﺕ ﻟﻬﻤﺎ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﻤﻭﻋﺩﺍ ﺨﺎﺭﺝ
ﺍﻟﻤﺩﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻠﺨﻭﻑ.
ﻨﺴﻴﻨﺎ ﻟﻠﻴﻠﺔ ﺃﻥ ﻨﻜﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺤﺫﺭ ،ﻅﻨﺎ ﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﺒﺎﺭﻴﺱ ﺘﻤﺘﻬﻥ ﺤﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻌﺸﺎﻕ.
ﺇﻥ ﺤﺒﺎ ﻋﺎﺵ ﺘﺤﺕ ﺭﺤﻤﺔ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ،ﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﻴﺤﺘﻤﻲ ﺨﻠﻑ ﺃﻭل ﻤﺘﺭﺍﺱ ﻤﺘﺎﺡ ﻟﻠﺒﻬﺠﺔ .ﺃﻜﻨﺎ ﺇﺫﻥ
ﻨﺘﻤﺭﻥ ﺭﻗﺼﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﻨﺼﺔ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ،ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺭﺡ ﻓﻌل ﻤﻘﺎﻭﻤﺔ؟ ﺃﻡ ﺃﻥ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺤﺯﻥ
ﻤﻥ ﻟﻭﺍﺯﻡ ﺍﻟﻌﺸﺎﻕ؟
ﻓﻲ ﻤﺴﺎﺀ ﺍﻟﻭﻟﻊ ﺍﻟﻌﺎﺌﺩ ﻤﺨﻀﺒﺎ ﺒﺎﻟﺸﺠﻥ .ﻴﺼﺒﺢ ﻫﻤﻙ ﻜﻴﻑ ﺘﻔﻜﻙ ﻟﻐﻡ ﺍﻟﺤﺏ ﺒﻌﺩ ﻋﺎﻤﻴﻥ ﻤﻥ
ﺍﻟﻐﻴﺎﺏ ،ﻭﺘﻌﻁل ﻓﺘﻴﻠﻪ ﺍﻟﻤﻭﻗﻭﺕ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﺘﺸﻅﻰ ﺒﻭﺤﺎ.
ﺒﻌﻨﻑ ﻤﻌﺎﻨﻘﺔ ﺒﻌﺩ ﻓﺭﺍﻕ ،ﺘﻭﺩ ﻟﻭ ﻗﻠﺕ "ﺃﺤﺒﻙ" ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﺘﻘﻭل "ﻤﺎ ﺯﻟﺕ ﻤﺭﻴﻀﺎ ﺒﻙ".
ﺘﺭﻴﺩ ﺃﻡ ﺘﻘﻭل ﻜﻠﻤﺎﺕ ﻤﺘﻌﺫﺭﺓ ﺍﻟﻠﻔﻅ ،ﻜﻌﻭﺍﻁﻑ ﺘﺘﺭﻓﻊ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ،ﻜﻤﺭﺽ ﻋﺼﻲ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺘﺸﺨﻴﺹ.
ﺘﻭﺩ ﻟﻭ ﺍﺴﺘﻁﻌﺕ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ .ﻻ ﻷﻨﻙ ﻓﻲ ﺒﻴﺘﻪ ،ﻻ ﻷﻨﻜﻤﺎ ﻤﻌﺎ ،ﻻ ﻷﻨﻬﺎ ﺃﺨﻴﺭﺍ ﺠﺎﺀﺕ ،ﻻ ﻷﻨﻙ ﺘﻌﻴﺱ
ﻭﻻ ﻟﻜﻭﻨﻙ ﺴﻌﻴﺩﺍ ،ﺒل ﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﺃﻤﺎﻡ ﺸﻲﺀ ﻓﺎﺘﻥ ﻟﻥ ﻴﺘﻜﺭﺭ ﻜﻤﺼﺎﺩﻓﺔ.
ﻫﻲ ﻫﻨﺎ .ﻭﻤﺎﺫﺍ ﺘﻔﻌل ﺒﻜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺠﻥ؟ ﺃﻨﺕ ﺍﻟﺭﺠل ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺒﻜﻲ ﺒل ﻴﺩﻤﻊ ،ﻻ ﻴﺭﻗﺹ ﺒل
ﻴﻁﺭﺏ ،ﻻ ﻴﻐﻨﻲ ﺒل ﻴﺸﺠﻰ.
ﺃﻤﺎﻡ ﻜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺯﺨﻡ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻲ ،ﻻ ﻴﻨﺘﺎﺒﻙ ﻏﻴﺭ ﻫﺎﺠﺱ ﺍﻟﺘﻔﺎﺼﻴل ،ﻤﺘﺭﺒﺼﺎ ﺩﻭﻤﺎ ﺒﺭﻭﺍﻴﺔ.
ﺘﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺍﻷﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ؟ ﻴﺎ ﻟﻠﻐﺒﺎﺀ!
ﺃﻷﻨﻙ ﻫﻨﺎ ،ﻻ ﻭﻁﻥ ﻟﻙ ﻭﻻ ﺒﻴﺕ ،ﻗﺭﺭﺕ ﺃﻥ ﺘﺼﺒﺢ ﻤﻥ ﻨﺯﻻﺀ ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ،ﺫﺍﻫﺒﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ،ﻜﻤﺎ
ﻴﺫﻫﺏ ﺁﺨﺭﻭﻥ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺭﻗﺹ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺫﻫﺏ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻭﻥ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺫﻫﺏ ﺍﻷﻏﺒﻴﺎﺀ ﺍﻟﻰ ﺤﺘﻔﻬﻡ؟
ﺃﺘﻨﺎﺯل ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ؟ ﺃﻡ ﺘﺤﺘﻤﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺒﻘﻠﻡ؟
ﻜﻨﺎ ﻓﻲ ﻏﺭﻓﺔ ﺍﻟﺠﻠﻭﺱ ﻤﺘﻘﺎﺒﻠﻴﻥ ،ﻋﻠﻰ ﻤﺭﻤﻰ ﺨﺩﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺨﺩﻉ .ﻋﺎﺠﺯﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻨﺘﺯﺍﻉ ﻓﺘﻴل
ﻗﻨﺒﻠﺔ ﺍﻟﻐﻴﺭﺓ ﺘﺤﺕ ﺴﺭﻴﺭ ﺼﺎﺭ ﻟﻐﻴﺭﻨﺎ.
ﻟﻤﻭﻋﺩﻨﺎ ﻫﺫﺍ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻠﺯﻤﻨﺎ ﻤﻨﺎﻁﻕ ﻤﻨﺯﻭﻋﺔ ﺍﻟﺫﻜﺭﻴﺎﺕ ,ﻤﺠﺭﺩﺓ ﻤﻥ ﻤﺅﺍﻤﺭﺓ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﻋﻠﻴﻨﺎ،
ﺒﻌﻴﺩﺓ ﻋﻥ ﻜﻤﻴﻥ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ .ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﺠﺌﺕ ﺒﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ،ﺇﺫﺍ ﻜﻨﺕ ﺘﺨﺎﻑ ﺃﻥ ﻴﺘﺴﺭﺏ
ﺍﻟﺤﺯﻥ ﺇﻟﻰ ﻗﺩﻤﻴﻬﺎ؟
ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺒﻲ ﺸﻐﻔﺎ ﺇﻟﻰ ﻗﺩﻤﻴﻬﺎ .ﻭﻫﺫﻩ ﺤﺎﻟﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺏ .ﻓﻘﺒﻠﻬﺎ ﻟﻡ ﻴﺤﺩﺙ ﺃﻥ ﺘﻌﻠﻘﺕ ﺒﺄﻗﺩﺍﻡ
ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ.
ﻫﻲ ﻤﺎ ﺘﻌﻭﺩﺕ ﺃﻥ ﺘﺨﻠﻊ ﺍﻟﻜﻌﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﻟﻀﺤﻜﺘﻬﺎ ،ﻟﺤﻅﺔ ﺘﻤﺸﻲ ﻋﻠﻰ ﺤﺯﻥ ﺭﺠل.
ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺍﻨﺤﻨﺕ ﺒﺒﻁﺀ ﺃﻨﺜﻭﻱ ،ﻜﻤﺎ ﺘﻨﺤﻨﻲ ﺯﻨﺒﻘﺔ ﺒﺭﺃﺴﻬﺎ ،ﻭﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﺨﻠﻊ ﺼﻤﺘﻬﺎ ،ﺨﻠﻌﺕ ﻤﺎ ﻋﻠﻕ
ﺒﻨﻌﻠﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﺩﻤﻲ ,ﻭﺭﺍﺤﺕ ﺘﻭﺍﺼل ﺍﻟﺭﻗﺹ ﺤﺎﻓﻴﺔ ﻤﻨﻲ.
ﺃﻜﺎﻨﺕ ﺘﻌﻲ ﻭﻗﻊ ﺍﻨﺤﻨﺎﺌﻬﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴل ﻋﻠﻰ ﺨﺴﺎﺭﺍﺘﻲ ,ﻭﻏﻭﺍﻴﺔ ﻗﺩﻤﻴﻬﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺨﻠﻌﺎﻥ ﺃﻭ ﺘﻨﺘﻌﻼﻥ
ﻗﻠﺏ ﺭﺠل؟
ﺸﻲﺀ ﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻜﺎﻥ ﻴﺫﻜﺭﻨﻲ ﺒﻤﺸﻬﺩ" ﺭﻴﺘﺎ ﻫﺎﻭﺭﺙ" ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴل ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ ،ﻭﻫﻲ ﺘﺨﻠﻊ
ﻗﻔﺎﺯﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻭﺩﺍﻭﻴﻥ ﺍﻟﻁﻭﻴﻠﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﺎﺘﺎﻥ ،ﺇﺼﺒﻌﺎ ﺇﺼﺒﻌﺎ ،ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﺒﻁﺀ ﺍﻟﻤﺘﻌﻤﺩ ،ﻓﺘﺩﻭﺥ ﻜل
ﺭﺠﺎل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻗﺩ ﺨﻠﻌﺕ ﺸﻴﺌﺎ.
ﻫل ﻤﻥ ﻫﻨﺎ ﺠﺎﺀ ﺸﻐﻑ ﺍﻟﻤﺒﺩﻋﻴﻥ ﺒﺘﻔﺎﺼﻴل ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ؟ ﻭﻟﺫﺍ ﻤﺎﺕ ﺒﻭﺸﻜﻴﻥ ﻓﻲ ﻨﺯﺍل ﻏﺒﻲ ﺩﻓﺎﻋﺎ
ﻋﻥ ﺸﺭﻑ ﻗﺩﻤﻲ ﺯﻭﺠﺔ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺘﻘﺭﺃﻩ.
ﻓﻲ ﺤﻀﺭﺘﻬﺎ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﺯﻥ ﻴﺒﺩﻭ ﺠﻤﻴﻼ .ﻭﻜﻨﺕ ﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺘﻪ ،ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺃﺤﺘﻔﻅ ﺒﺘﻔﺎﺼﻴﻠﻪ ﻤﺘﻘﺩﺓ ﻓﻲ
ﺫﺍﻜﺭﺘﻲ ،ﺃﻤﻌﻥ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﻨﺜﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﻗﺹ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻐﺎﻡ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ،ﻜﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺨﻭﺍﻥ
ﺍﻟﻤﻨﺘﺼﺭﻴﻥ ،ﺤﺎﻓﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﺤﻤﺔ ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺃﺘﻭﺴﺩ ﺨﺴﺎﺭﺍﺕ ﻋﻤﺭﻱ ﻋﻨﺩ ﻗﺩﻤﻴﻬﺎ.
ﻫﻲ ﺫﻱ ،ﻜﻤﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺠﺎﺀﺕ ،ﻤﺒﺎﻏﺘﺔ ﻜل ﺍﻟﺘﻭﻗﻌﺎﺕ ,ﻟﻜﺄﻨﻬﺎ ﺘﺫﻫﺏ ﺍﻟﻰ ﻜل ﺤﺏ ﺤﺎﻓﻴﺔ ﻤﺒﻠﻠﺔ
ﺍﻟﻘﺩﻤﻴﻥ ﺩﻭﻤﺎ ،ﻟﻜﺄﻨﻬﺎ ﺨﺎﺭﺠﺔ ﻟﺘﻭﻫﺎ ﻤﻥ ﺒﺭﻜﺔ ﺍﻟﺨﻁﺎﻴﺎ ﺃﻭ ﺫﺍﻫﺒﺔ ﺼﻭﺒﻬﺎ.
ﺍﺸﺘﻘﺘﻬﺎ! ﻜﻡ ﺍﺸﺘﻘﺘﻬﺎ ،ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺃﻋﺩ ﺃﻋﺭﻑ ﻗﺭﺍﺒﺘﻲ ﺒﻬﺎ ،ﻓﺄﺼﺒﺤﺕ ﺃﻨﺘﺴﺏ ﺍﻟﻰ
ﻗﺩﻤﻴﻬﺎ.
ﻫﻲ ﺫﻱ .ﻭﺃﻨﺎ ﺨﺎﺌﻑ ،ﺇﻥ ﺃﻁﻠﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺭﻕ ﺍﻟﻼﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺭﻱ ﻅﻬﺭﻫﺎ ،ﺃﻥ ﻴﺼﻌﻘﻨﻲ
ﺘﻴﺎﺭ ﺍﻷﻨﻭﺜﺔ.
ﻫﻲ ﺃﺸﻬﻰ ،ﻫﻜﺫﺍ .ﻜﺎﻤﺭﺃﺓ ﺘﻤﻀﻲ ﻤﻭﻟﻴﺔ ﻅﻬﺭﻫﺎ ،ﺘﻤﻨﺤﻙ ﻓﺭﺼﺔ ﺘﺼﻭﺭﻫﺎ ،ﺘﺘﺭﻜﻙ ﻤﺸﺘﻌﻼ
ﺒﻤﺴﺎﻓﺔ ﻤﺴﺘﺤﻴﻠﻬﺎ.
ﺃﻨﺎ ﺍﻟﺭﺠل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺏ ﻤﻁﺎﺭﺩﺓ ﺸﺫﻯ ﻋﺎﺒﺭﺓ ﺴﺒﻴل ،ﺘﻤﺭ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﻠﺘﻔﺕ .ﺘﻤﻴﺘﻨﻲ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺘﺤﺘﻀﻨﻬﺎ
ﺃﻭﻫﺎﻤﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻠﻑ .ﻭﻟﻬﺫﺍ ﺍﻗﺘﻨﻴﺕ ﻟﻬﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﺴﺘﺎﻥ ﺍﻷﺴﻭﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺴﻠﻴﻥ ،ﺒﺴﺒﺏ ﺸﻬﻘﺔ
ﺍﻟﻔﺘﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﺭﻱ ﻅﻬﺭﻩ ،ﻭﺘﺴﻤﺭﻨﻲ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﺴﺎﺤﺔ ﻴﻁل ﻤﻨﻬﺎ ﻀﻭﺀ ﻋﺘﻤﺘﻬﺎ.
ﺃﻭ ﺭﺒﻤﺎ ﺍﻗﺘﻨﻴﺘﻪ ﺒﺴﺒﺏ ﺘﻠﻙ ﺍﻻﻫﺎﻨﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺘﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺸﺘﻤﻤﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﺠﻭﺍﺏ ﺒﺎﺌﻌﺔ ،ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺘﺼﺩﻕ
ﺘﻤﺎﻤﺎ ﺃﻥ ﺒﺎﻤﻜﺎﻥ ﻋﺭﺒﻲ ﺫﻱ ﻤﻅﻬﺭ ﻻ ﺘﻔﻭﺡ ﻤﻨﻪ ﺭﺍﺌﺤﺔ ﺍﻟﻨﻔﻁ ،ﺃﻥ ﻴﻨﺘﻤﻲ ﺍﻟﻰ ﻓﺤﺵ ﻋﺎﻟﻡ
ﺍﻻﻗﺘﻨﺎﺀ.
ﻜﻨﺕ ﺃﺘﺠﻭل ﻤﺸﻴﺎ ﻗﺎﺩﻤﺎ ﻤﻥ ﺍﻷﻭﺒﺭﺍ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻗﺎﺩﺘﻨﻲ ﻗﺩﻤﺎﻱ ﺍﻟﻰ "ﻓﻭﺒﻭﺭ ﺴﺎﻨﺕ ﺃﻭﻨﻭﺭﻴﻪ" .ﻤﺎ
ﺍﺤﺘﻁﺕ ﻤﻥ ﺸﺎﺭﻉ ﺘﻘﻑ ﻋﻠﻰ ﺠﺎﻨﺒﻴﻪ ﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﻓﺨﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭ ﻨﺴﺎﺀ ﻤﺤﻤﻼﺕ ﺒﺄﻜﻴﺎﺱ ﻓﺎﺌﻘﺔ
ﺍﻟﺘﻤﻴﺯ ،ﻭﻻ ﺘﻭﺠﺴﺕ ﻤﻥ ﻤﺤﻼﺕ ﻻ ﺘﻀﻊ ﻓﻲ ﻭﺍﺠﻬﺎﺘﻬﺎ ﺴﻭﻯ ﺜﻭﺏ ﻭﺍﺤﺩ ﺃﻭ ﺜﻭﺒﻴﻥ .ﻟﻡ ﺃﻜﻥ
ﺃﻋﺭﻑ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﻲ ،ﺃﺼﻼ.
ﻋﺭﻓﺕ ﺍﺴﻡ ﺍﻟﺤﻲ ﻓﻲ ﻤﺎﺒﻌﺩ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﻤﺩﺘﻨﻲ ﺍﻟﺒﺎﺌﻌﺔ ﺒﺒﻁﺎﻗﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻭﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺩﻓﻌﺘﻪ ﻷﺤﺠﺯ
ﺒﻪ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺜﻭﺏ.
ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻷﻨﻔﺔ ﺍﻟﻤﺸﻭﺒﺔ ﺒﺎﻟﺠﻨﻭﻥ ،ﺒﻤﻨﻁﻕ" ﺍﻟﻨﻴﻑ" ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﺘﺸﺘﺭﻱ ﻓﺴﺘﺎﻥ ﺴﻬﺭﺓ ﻴﻌﺎﺩل ﺜﻤﻨﻪ
ﻤﻌﺎﺸﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻟﻌﺩﺓ ﺸﻬﻭﺭ ،ﺃﻨﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻀﻥ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻙ ﺒﺎﻷﻗل .ﺃﻓﻌﻠﺕ ﺫﻟﻙ ﺭﻏﺒﺔ ﻤﻨﻙ ﻓﻲ
ﺘﺒﺫﻴﺭ ﻤﺎل ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺠﺎﺌﺯﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺼﻠﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻜﻤﺎ ﻟﺘﻨﺠﻭ ﻤﻥ ﻟﻌﻨﺔ؟ ﺃﻡ ﻟﺘﺜﺒﺕ ﻟﻠﺤﺏ ﺃﻨﻙ ﺍﻷﻜﺜﺭ
ﺴﺨﺎﺀ ﻤﻨﻪ؟
ﺃﻥ ﺘﺸﺘﺭﻱ ﻓﺴﺘﺎﻥ ﺴﻬﺭﺓ ﻻﻤﺭﺃﺓ ﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﺘﺘﻭﻗﻊ ﻋﻭﺩﺘﻬﺎ ،ﻭﻻ ﺘﻌﺭﻑ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺒﻙ ﻤﺎﺫﺍ ﻓﻌل ﺍﻟﺯﻤﻥ
ﺒﻘﻴﺎﺴﺎﺘﻬﺎ ،ﺃﻫﻲ ﺭﺸﻭﺓ ﻤﻨﻙ ﻟﻠﻘﺩﺭ؟ ﺃﻡ ﻤﻌﺎﺒﺜﺔ ﻤﻨﻙ ﻟﻠﺫﺍﻜﺭﺓ؟ ﻓﺄﻨﺕ ﺘﺩﺭﻱ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﺴﺘﺎﻥ ﺍﻟﺫﻱ
ﺒﻨﻴﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺼﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺴﻠﻴﻥ ﻟﻡ ﻴﻭﺠﺩ ﻴﻭﻤﺎ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻷﺴﻭﺩ ﻴﺼﻠﺢ ﺫﺭﻴﻌﺔ ﻟﻜل ﺸﻲﺀ.
ﻭﻟﺫﺍ ﻫﻭ ﻟﻭﻥ ﺃﺴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﻜل ﺨﺩﻋﺔ.
ﺃﺫﻜﺭ ﻴﻭﻡ ﺼﺎﺩﻓﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ ،ﻤﻨﺫ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺴﻨﺘﻴﻥ ،ﻟﻡ ﺃﺠﺩ ﺴﻭﻯ ﺫﺭﻴﻌﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺴﻠﻴﻥ
ﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺘﻬﺎ .ﺴﺎﺌﻼ ﺍﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺃﻴﺘﻬﺎ ﻤﺭﺓ ﻓﻲ ﺤﻔل ﺯﻓﺎﻑ ،ﻤﺭﺘﺩﻴﺔ ﺜﻭﺒﺎ ﻁﻭﻴﻼ ﻤﻥ
ﺍﻟﻤﻭﺴﻠﻴﻥ ﺍﻷﺴﻭﺩ.
ﺍﺭﺘﺒﻜﺕ .ﺃﻅﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺴﺘﻘﻭل"ﻻ" ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻗﺎﻟﺕ "ﺭﺒﻤﺎ" .
ﺃﺤﺭﺠﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﻘﻭل " ﻨﻌﻡ".
ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ،ﻟﻡ ﻨﻜﻥ ﺍﻟﺘﻘﻴﻨﺎ ﺒﻌﺩ .ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻜﻨﺕ ﺃﺤﺏ ﺃﻥ ﺃﺨﺘﻠﻕ ،ﻤﻊ ﺍﻤﺭﺃﺓ ،ﺫﻜﺭﻴﺎﺕ ﻤﺎﺽ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ.
ﺃﺤﺏ ﻜل ﺫﺍﻜﺭﺓ ﻻ ﻤﻨﻁﻕ ﻟﻬﺎ.
ﺒﺩﺃﻨﺎ ﻤﻨﺫ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﻨﻔﺼل ﻗﺼﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺎﺱ ﺜﻭﺏ ﻟﻡ ﻴﻭﺠﺩ ﻴﻭﻤﺎ ﻓﻲ ﺨﺯﺍﻨﺘﻬﺎ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﺴﺘﻭﻗﻔﻨﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻔﺴﺘﺎﻥ ﻗﺒل ﺸﻬﺭﻴﻥ ﻓﻲ ﻭﺍﺠﻬﺔ ﻤﺤل ،ﺸﻌﺭﺕ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﻋﺭﻓﻪ .ﺃﺤﺒﺒﺕ
ﺍﻨﺴﻴﺎﺒﻪ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻲ .ﻟﻜﺄﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻴﻁﺎﻟﺏ ﺒﺠﺴﺩﻫﺎ ﺃﻥ ﻴﺭﺘﺩﻴﻪ ،ﺃﻭ ﻜﺄﻨﻪ ﺤﺩﺙ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺍﺭﺘﺩﺘﻪ ﻓﻲ
ﺴﻬﺭﺓ ﻤﺎ ،ﺜﻡ ﻋﻠﻘﺘﻪ ﻋﻠﻰ " ﺍﻟﺠﺴﺩ ﺍﻟﻤﺸﺠﺏ" ﻻﻤﺭﺃﺓ ﺃﺨﺭﻯ ،ﺭﻴﺜﻤﺎ ﺘﻌﻭﺩ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺩﺨﻠﺕ ﺍﻟﻤﺤل ،ﻜﻨﺕ ﻤﺭﺘﺒﻜﺎ ﻜﺭﺠل ﻀﺎﺌﻊ ﺒﻴﻥ ﻤﻼﺒﺱ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ .ﻓﺄﺠﺒﺕ ﺒﺄﺠﻭﺒﺔ ﻏﺒﻴﺔ ﻋﻥ
ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ﺍﻟﺒﺩﻴﻬﻴﺔ ﻟﺘﻠﻙ ﺍﻟﺒﺎﺌﻌﺔ ﺍﻟﻤﻔﺭﻁﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﻨﺎﻗﺔ ﻗﺩﺭ ﻓﺭﻁﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺸﻜﻙ ﺒﻨﻴﺘﻲ.
Dans quelle taille voulez-vous cette robe Monsieur
?
ﻜﻴﻑ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﻋﺭﻑ ﻗﻴﺎﺱ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻤﺎ ﺴﺒﺭﺕ ﺠﺴﺩﻫﺎ ﻴﻭﻤﺎ ﺍﻻ ﺒﺸﻔﺎﻩ ﺍﻟﻠﻬﻔﺔ؟ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺃﻗﻴﺱ
ﺍﻫﺘﺯﺍﺯﺍﺘﻬﺎ ﺒﻤﻌﻴﺎﺭ ﺭﻴﺨﺘﺭ ﺍﻟﺸﺒﻘﻲ .ﺃﻋﺭﻑ ﺍﻟﻁﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺴﻔﻠﻴﺔ ﻟﺸﻬﻭﺘﻬﺎ .ﺃﻋﺭﻑ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻋﺼﺭ
ﺘﺭﺍﻜﻤﺕ ﺤﻔﺭﻴﺎﺕ ﺭﻏﺒﺎﺘﻬﺎ ،ﻭﻓﻲ ﺃﻱ ﺯﻤﻥ ﺠﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﺍﺴﺘﺩﺍﺭ ﺤﺯﺍﻡ ﺯﻻﺯﻟﻬﺎ ,ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﻋﻤﻕ
ﺘﻜﻤﻥ ﻤﻴﺎﻩ ﺃﻨﻭﺜﺘﻬﺎ ﺍﻟﺠﻭﻓﻴﺔ .ﺃﻋﺭﻑ ﻜل ﻫﺫﺍ ...ﻭﻟﻡ ﺃﻋﺩ ،ﻤﻨﺫ ﺴﻨﺘﻴﻥ ،ﺃﻋﺭﻑ ﻗﻴﺎﺱ ﺜﻭﺒﻬﺎ!
ﻟﻡ ﺘﻔﺎﺠﺄ ﺍﻟﺒﺎﺌﻌﺔ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﺒﺄﻤﻴﺘﻲ ،ﺃﻭ ﺃﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﺜﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺜﻭﺏ ﻓﻲ ﺤﻭﺯﺘﻲ .ﻓﻠﻡ ﻴﻜﻥ ﻓﻲ ﻫﻴﺌﺘﻲ ﻤﺎ
ﻴﻭﺤﻲ ﺒﻤﻌﺭﻓﺘﻲ ﺒﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ،ﻭﻻ ﺒﻘﺩﺭﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻊ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﺒﻠﻎ.
ﻏﻴﺭ ﺃﻨﻬﺎ ﻓﻭﺠﺌﺕ ﺒﺜﻘﺎﻓﺘﻲ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻌﻤﺩﺕ ﺃﻥ ﺃﻗﻭل ﻟﻬﺎ ﺒﺄﻨﻨﻲ ﻏﻴﺭ ﻤﻌﻨﻲ ﺒﺎﺴﻡ ﻤﺼﻤﻡ ﻫﺫﺍ
ﺍﻟﻔﺴﺘﺎﻥ ،ﺒﻘﺩﺭ ﻤﺎ ﻴﻌﻨﻴﻨﻲ ﺘﻭﺍﻀﻌﻪ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻠﻭﻥ ﺍﻷﺴﻭﺩ ،ﺤﺘﻰ ﻟﻜﺄﻨﻪ ﺘﺭﻙ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻠﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻭﻗﻊ
ﺍﻟﺜﻭﺏ ﻨﻴﺎﺒﺔ ﻋﻨﻪ ،ﻓﻲ ﻤﻜﻤﻥ ﺍﻟﻀﻭﺀ ،ﻭﺃﻨﻨﻲ ﺃﺸﺘﺭﻱ ﻀﻭﺀ ﻅﻬﺭ ﻋﺎﺭ ﺒﺜﻤﻥ ﻓﺴﺘﺎﻥ!
ﻗﺎﻟﺕ ﻜﻤﻥ ﻴﺴﺘﺩﺭﻙ:
-ﺃﻨﺕ ﺭﺠل ﺫﻭﺍﻗﺔ.
ﻭﻷﻨﻨﻲ ﻟﻙ ﺃﺼﺩﻕ ﻤﺩﻴﺤﻬﺎ ,ﻻﻗﺘﻨﺎﻋﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺫﻭﻕ ﻟﻤﺜﻠﻬﺎ ﻴﺭﻗﻰ ﻭﻴﻨﺤﻁ ﺒﻔﺭﺍﻍ ﻭﺍﻤﺘﻼﺀ ﻤﺤﻔﻅﺔ
ﻨﻘﻭﺩ ،ﻗﻠﺕ:
-ﻫﻲ ﻟﻴﺴﺕ ﻗﻀﻴﺔ ﺫﻭﻕ ،ﺒل ﻗﻀﻴﺔ ﻀﻭﺀ .ﺍﻟﻤﻬﻡ ﻟﻴﺱ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺒل ﺇﺴﻘﺎﻁﺎﺕ ﺍﻟﻀﻭﺀ ﻋﻠﻴﻪ.
ﺴﺎﻟﻔﺎﺩﻭﺭ ﺩﺍﻟﻲ ﺃﺤﺏ Galaﻭﻗﺭﺭ ﺨﻁﻔﻬﺎ ﻤﻥ ﺯﻭﺠﻬﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺒﻭل ﺍﻴﻠﻭﺍﺭ ﻟﺤﻅﺔ ﺭﺅﻴﺘﻪ ﻅﻬﺭﻫﺎ
ﺍﻟﻌﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺭ ﺼﻴﻑ1949.
ﺴﺄﻟﺘﻨﻲ ﻤﻨﺩﻫﺸﺔ ﻟﺤﺩﻴﺙ ﻟﻡ ﻴﻌﻭﺩﻫﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺯﺒﺎﺌﻥ ،ﺸﺭﺍﺀ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺜﻭﺏ ﻟﻴﺱ ﺤﺩﺜﺎ ﻓﻲ
ﻤﻴﺯﺍﻨﻴﺘﻬﻡ.
-ﻫل ﺃﻨﺕ ﺭﺴﺎﻡ؟
ﻜﺩﺕ ﺃﺠﻴﺏ " ﺒل ﺃﻨﺎ ﻋﺎﺸﻕ" .ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻗﻠﺕ:
-ﻻ ...ﺃﻨﺎ ﻤﺼﻭﺭ.
ﻭﻜﺎﻥ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺃﻀﻴﻑ ﺃﻨﻨﻲ ﻤﺼﻭﺭ " ﻜﺒﻴﺭ" ،ﻤﺎﺩﻤﺕ ﻤﻭﺠﻭﺩﺍ ﻓﻲ ﺒﺎﺭﻴﺱ ﻟﺤﺼﻭﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺠﺎﺌﺯﺓ
ﺃﺤﺴﻥ ﺼﻭﺭﺓ ﺼﺤﺎﻓﻴﺔ ﻋﺎﻤﺌﺫ .ﻓﻠﻡ ﻴﻜﻥ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﻠﺘﻬﺎ ﻤﻨﺎﺼﻔﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﻤﺎ
ﻴﻐﺭﻱ ﻓﻀﻭل ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻤﺜﻠﻬﺎ .ﻭﻟﺫﺍ ﻫﻲ ﻟﻥ ﺘﻔﻬﻡ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺜﻭﺏ ﺍﻷﺴﻭﺩ ﻫﻭ ﺃﺤﺩ ﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ
ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺤﺒﺒﺕ ﺃﻥ ﺃﻨﻔﻕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻤﺎ ﺤﺼﻠﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﻜﺎﻓﺄﺓ.
ﻤﻥ ﻗﺎل ﺇﻥ ﺍﻷﻗﺩﺍﺭ ﺴﺘﺄﺘﻲ ﺒﻬﺎ ﺤﺘﻰ ﺒﺎﺭﻴﺱ ،ﻭﺇﻨﻨﻲ ﺴﺄﺭﺍﻩ ﻴﺭﺘﺩﻴﻬﺎ؟
ﻫﺎﻫﻲ ﺘﺭﺘﺩﻴﻪ .ﺘﺘﻔﺘﺢ ﺩﺍﺨﻠﻪ ﻜﻭﺭﺩﺓ ﻨﺎﺭﻴﺔ .ﻫﻲ ﺃﺸﻬﻰ ﻫﻜﺫﺍ ،ﻭﻫﻲ ﺘﺭﺍﻗﺹ ﻓﻲ ﺤﻀﻭﺭﻱ ﺭﺠﻼ
ﻏﻴﺭﻱ ،ﻫﻭ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭ ﺒﻴﻨﻨﺎ ﺒﻜل ﺘﻔﺎﺼﻴل ﺍﻟﻐﻴﺎﺏ.
ﻟﻭ ﺭﺃﻯ ﺒﻭﺭﺨﻴﺱ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺘﺭﻗﺹ ﻟﻨﺎ ﻤﻌﺎ ،ﺃﻨﺎ ﻭﻫﻭ ،ﻟﻭﺠﺩ " ﻟﻠﺯﺍﻨﺩﺍﻟﻲ" ﻗﺭﺍﺒﺔ ﺒﺎﻟﺭﻗﺹ
ﺍﻷﺭﺠﻨﺘﻴﻨﻲ ،ﻜﻤﺎ ﺍﻟﺘﺎﻨﻐﻭ ،ﺍﻨﻪ " ﻓﻜﺭ ﺤﺯﻴﻥ ﻴﺭﻗﺹ" ﻋﻠﻰ ﺇﻴﻘﺎﻉ ﺍﻟﻐﻴﺭﺓ ﻟﻔﺽ ﺨﻼﻓﺎﺕ ﺍﻟﻌﺸﺎﻕ.
ﻓﻲ ﻟﺤﻅﺔ ﻤﺎ ,ﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﺍﻤﺭﺃﺓ .ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻬﺔ ﺇﻏﺭﻴﻘﻴﺔ ﺘﺭﻗﺹ ﺤﺎﻓﻴﺔ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻨﺨﻁﺎﻑ.
ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺴﺄﻜﺘﺸﻑ ﺃﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻬﺔ ﺘﺤﺏ ﺭﺍﺌﺤﺔ ﺍﻟﺸﻭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ،ﺘﺭﻗﺹ ﺤﻭل ﻤﺤﺭﻗﺔ ﻋﺸﺎﻕ
ﺘﻌﺎﻑ ﻗﺭﺍﺒﻴﻨﻬﻡ ﻭﻻ ﺘﺸﺘﻬﻲ ﻏﻴﺭﻫﻡ ﻗﺭﺒﺎﻨﺎ.
ﻟﻜﺄﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ،ﻜﻠﻤﺎ ﺘﺤﺭﻙ ﺸﻲﺀ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺤﺩﺙ ﺍﻀﻁﺭﺍﺏ ﺠﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻭﺍﻫﺘﺯﺕ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ
ﻤﻥ ﺤﻭﻟﻬﺎ ،ﻭﻻ ﻴﻤﻜﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺭﻗﺹ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺠﺜﺙ ﺭﺠﺎﻟﻬﺎ.
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﻟﻡ ﺘﻔﺎﺭﻗﻨﻲ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺤﺎﻭﻟﺕ ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﻓﻬﻡ ﻨﺯﻋﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺠﻭﺴﻴﺔ.
ﻤﺎﺍﻟﺫﻱ ﺼﻨﻊ ﻤﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺭﻭﺍﺌﻴﺔ ﺘﻭﺍﺼل ،ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ،ﻤﺭﺍﻗﺼﺔ ﻗﺘﻼﻫﺎ؟ ﺃﺘﻠﻙ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ
ﺨﺴﺎﺭﺓ ﺒﻌﺩ ﺃﺨﺭﻯ ،ﺃﺸﻌﻠﺕ ﻗﻠﻤﻬﺎ ﺒﺤﺭﺍﺌﻕ ﺠﺴﺩ ﻋﺼﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻁﻔﺎﺀ؟
ﺃﻡ ﻫﻲ ﺭﻏﺒﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺘﺤﺭﻴﺽ ﺍﻟﺭﻴﺢ ,ﺒﺎﻀﺭﺍﻡ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻲ ﻤﺴﺘﻭﺩﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﻁﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﺭﺠﺎل ﺍﻟﻌﺼﺎﺒﺎﺕ؟
ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻜﻨﺕ ﺃﺤﺏ ﺸﺠﺎﻋﺘﻬﺎ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻨﺎﺯل ﺍﻟﻁﻐﺎﺓ ﻭﻗﻁﺎﻉ ﻁﺭﻕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﻭﻤﺠﺎﺯﻓﺘﻬﺎ ﺒﺘﻬﺭﻴﺏ
ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺎﺭﻭﺩ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ .ﻭﻻ ﺃﻓﻬﻡ ﺠﺒﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺍﻷﻤﺭ ﺒﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺯﻭﺝ.
ﺘﻤﺎﻤﺎ ،ﻜﻤﺎ ﻻ ﺃﺠﺩ ﺘﻔﺴﻴﺭﺍ ﻟﺫﻜﺎﺌﻬﺎ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻴﺔ ،ﻭﻏﺒﺎﺌﻬﺎ ﺨﺎﺭﺝ ﺍﻷﺩﺏ ،ﺍﻟﻰ ﺤﺩ ﻋﺩﻡ ﻗﺩﺭﺘﻬﺎ ،ﻭﻫﻲ
ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﺩﻭ ﺨﺒﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺒﻴﻥ ﻤﻥ ﻫﻭ ﻤﺴﺘﻌﺩ ﻟﻠﻤﻭﺕ ﻤﻥ ﺃﺠﻠﻬﺎ ،ﻭﻤﻥ
ﻫﻭ ﻤﺴﺘﻌﺩ ﺃﻥ ﻴﺒﺫل ﺤﻴﺎﺘﻪ ﻤﻥ ﺃﺠل ﻗﺘﻠﻬﺎ .ﺍﻨﻪ ﻋﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺒﺩﻋﻴﻥ ﻓﻲ ﺴﺫﺍﺠﺔ ﻁﻔﻭﻟﺘﻬﻡ ﺍﻷﺒﺩﻴﺔ.
ﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻋﺫﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﻜﻭﻨﻬﺎ ﻁﻔﻠﺔ ﺘﻠﻬﻭ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ .ﻫﻲ ﻻ ﺘﺄﺨﺫ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻤﺄﺨﺫ ﺍﻷﺩﺏ ،ﻭﻻ ﺘﺄﺨﺫ
ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﻤﺄﺨﺫ ﺍﻟﺠﺩ .ﻭﺤﺩﻫﺎ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺘﻌﻨﻴﻬﺎ.
ﻭﻟﺫﺍ ،ﻗﻠﺕ ﻟﻬﺎ ﻴﻭﻤﺎ " :ﻟﻥ ﺃﻨﺘﺯﻉ ﻤﻨﻙ ﺃﻋﻭﺍﺩ ﺍﻟﺜﻘﺎﺏ ،ﻭﺍﺼﻠﻲ ﺍﻟﻠﻬﻭ ﺒﺎﻟﻨﺎﺭ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻟﺤﺭﺍﺌﻕ
ﺍﻟﻘﺎﺩﻤﺔ".
ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﺎ ،ﺴﻭﻯ ﺁﺨﺭ ﻁﺭﻴﻕ ﻟﺘﻤﺭﻴﺭ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺨﻁﺭﺓ ﺘﺤﺕ ﻤﺴﻤﻴﺎﺕ
ﺒﺭﻴﺌﺔ.
ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺤﻠﻭ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺘﺤﺎﻴل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﺎﺭﻙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻨﻘﺎﻁ ﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺵ ،ﻤﺎﺫﺍ ﺘﺭﺍﻫﺎ ﺘﺨﺒﺊ ﻓﻲ
ﺤﻘﺎﺌﺒﻬﺎ ﺍﻟﺜﻘﻴﻠﺔ ،ﻭﻜﺘﺒﻬﺎ ﺍﻟﺴﻤﻴﻜﺔ؟
ﺃﻨﻴﻘﺔ ﺤﻘﺎﺌﺒﻬﺎ .ﺴﻭﺩﺍﺀ ﺩﺍﺌﻤﺎ .ﻜﺜﻴﺭﺓ ﺍﻟﺠﻴﻭﺏ ﺍﻟﺴﺭﻴﺔ ،ﻜﺭﻭﺍﻴﺔ ﻨﺴﺎﺌﻴﺔ ،ﻤﺭﺘﺒﺔ ﺒﻨﻴﺔ ﺘﻀﻠﻴﻠﻴﺔ ,
ﻜﺤﻘﻴﺒﺔ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺘﺭﻴﺩ ﺇﻗﻨﺎﻋﻙ ﺃﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﺨﻔﻲ ﺸﻴﺌﺎ.
ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺴﺭﻴﻌﺔ ﺍﻻﻨﻔﺘﺎﺡ ﻜﺤﻘﺎﺌﺏ ﺍﻟﺒﺅﺴﺎﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻐﺘﺭﺒﻴﻥ.
ﺃﻜل ﻜﺎﺘﺏ ﻏﺭﻴﺏ ﻴﺸﻲ ﺒﻪ ﻗﻔل ،ﻏﻴﺭ ﻤﺤﻜﻡ ﺍﻹﻏﻼﻕ ،ﻟﺤﻘﻴﺒﺔ ﺃﺘﻌﺒﻬﺎ ﺍﻟﺘﺭﺤﺎل ،ﻻ ﻴﺩﺭﻱ ﺼﺎﺤﺒﻬﺎ
ﻤﺘﻰ ،ﻭﻻ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻤﺤﻁﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻤﺭ ،ﻴﺘﺩﻓﻕ ﻤﺤﺘﻭﺍﻫﺎ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻐﺭﺒﺎﺀ ،ﻓﻴﺘﺩﺍﻓﻌﻭﻥ ﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺘﻪ ﻋﻠﻰ
ﻟﻤﻠﻤﺔ ﺃﺸﻴﺎﺌﻪ ﺍﻟﻤﺒﻌﺜﺭﺓ ﺃﻤﺎﻤﻬﻡ ﻟﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻠﺼﺹ ﻋﻠﻴﻪ؟ ﻭﻏﺎﻟﺒﺎ ﻤﺎ ﻴﻔﺎﺠﺄﻭﻥ ﺒﺤﺎﺠﺎﺘﻬﻡ ﻤﺨﺒﺄﺓ
ﻤﻊ ﺃﺸﻴﺎﺌﻪ.
ﺍﻟﺭﻭﺍﺌﻲ ﺴﺎﺭﻕ ﺒﺎﻤﺘﻴﺎﺯ .ﺴﺎﺭﻕ ﻤﺤﺘﺭﻡ .ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻷﺤﺩ ﺃﻥ ﻴﺜﺒﺕ ﺃﻨﻪ ﺴﻁﺎ ﻋﻠﻰ ﺘﻔﺎﺼﻴل ﺤﻴﺎﺘﻪ ﺃﻭ
ﻋﻠﻰ ﺃﺤﻼﻤﻪ ﺍﻟﺴﺭﻴﺔ .ﻤﻥ ﻫﻨﺎ ﻓﻀﻭﻟﻨﺎ ﺃﻤﺎﻡ ﻜﺘﺎﺒﺎﺘﻪ ،ﻜﻔﻀﻭﻟﻨﺎ ﺃﻤﺎﻡ ﺤﻘﺎﺌﺏ ﺍﻟﻐﺭﺒﺎﺀ ﺍﻟﻤﻔﺘﻭﺤﺔ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺠﺎﺩ ﺍﻟﻜﻬﺭﺒﺎﺌﻲ ﻟﻸﻤﺘﻌﺔ.
ﺃﺫﻜﺭ ،ﻴﻭﻡ ﺍﻨﻔﺘﺤﺕ ﺤﻘﻴﺒﺔ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺃﻤﺎﻤﻲ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ،ﻜﻨﺕ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺴﺭﻴﺭ ﺍﻟﻤﺭﺽ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺨﻁﺭ ﻋﻠﻰ ﺒﺎل ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻕ ،ﺯﻤﻴﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺭﻴﺩﺓ ,ﺃﻥ ﻴﻬﺩﻴﻨﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ..
ﻜﺘﺎﺒﻬﺎ.
ﻜﻨﺕ ﺃﺘﻤﺎﺜل ﻟﻠﺸﻔﺎﺀ ﻤﻥ ﺭﺼﺎﺼﺘﻴﻥ ﺘﻠﻘﻴﺘﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﺭﺍﻋﻲ ﺍﻟﻴﺴﺭﻯ ،ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺤﺎﻭل ﺍﻟﺘﻘﺎﻁ ﺼﻭﺭ
ﻟﻠﻤﺘﻅﺎﻫﺭﻴﻥ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺃﺤﺩﺍﺙ ﺃﻜﺘﻭﺒﺭ .١٩٨٨
ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺘﺸﻬﺩ ﺃﻭل ﺘﻅﺎﻫﺭﺓ ﺸﻌﺒﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻤﻨﺫ ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ،ﻭﺍﻟﻐﻀﺏ ﻴﻨﺯل ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺸﻭﺍﺭﻉ ﻷﻭل
ﻤﺭﺓ ،ﻭﻤﻌﻪ ﺍﻟﺭﺼﺎﺹ ﻭﺍﻟﺩﻤﺎﺭ ﻭﺍﻟﻔﻭﻀﻰ.
ﻟﻡ ﺃﻋﺭﻑ ﻴﻭﻤﻬﺎ ،ﺃﺘﻠﻘﻴﺕ ﺘﻴﻨﻙ ﺍﻟﺭﺼﺎﺼﺘﻴﻥ ﻤﻥ ﺃﻋﻠﻰ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻤﺒﺎﻨﻲ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ،ﻋﻥ ﻗﺼﺩ ﺃﻡ
ﻋﻥ ﺨﻁﺄ؟ ﺃﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭ ﻴﻅﻨﻭﻥ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﻤﺴﻙ ﺴﻼﺤﺎ ﺃﺼﻭﺒﻪ ﻨﺤﻭﻫﻡ ،ﺃﻡ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﺩﺭﻭﻥ ﺃﻨﻨﻲ ﻻ
ﺃﻤﺴﻙ ﺒﻐﻴﺭ ﺁﻟﺔ ﺘﺼﻭﻴﺭﻱ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﻁﻠﻘﻭﺍ ﺭﺼﺎﺼﻬﻡ ﻨﺤﻭﻱ ﻗﺼﺩ ﺍﻏﺘﻴﺎل ﺸﺎﻫﺩ ﺇﺜﺒﺎﺕ.
ﺘﻤﺎﻤﺎ ،ﻜﻤﺎ ﺴﻭﻑ ﻟﻥ ﺃﺩﺭﻱ ﻴﻭﻤﺎ :ﺃﻋﻥ ﻗﺼﺩ ،ﺃﻡ ﻋﻥ ﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺠﺎﺀﻨﻲ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻕ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ.
ﺃﻜﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻫﺩﻴﺔ ﺍﻟﻘﺩﺭ؟ ﺃﻡ ﺭﺼﺎﺼﺘﻪ ﺍﻷﺨﺭﻯ؟ ﺃﻜﺎﻥ ﺤﺩﺜﺎ ﺃﻡ ﺤﺎﺩﺜﺎ ﺁﺨﺭ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻲ؟ ﺭﺒﻤﺎ
ﻜﺎﻥ ﺍﻻﺜﻨﺎﻥ ﻤﻌﺎ.
ﻟﻴﺱ ﺍﻟﺤﺏ ,ﻭﻻ ﺍﻻﻋﺠﺎﺏ ،ﺒل ﺍﻟﺫﻋﺭ ﻫﻭ ﺃﻭل ﺍﺤﺴﺎﺱ ﻓﺎﺠﺄﻨﻲ ﺃﻤﺎﻡ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ".ﻟﻴﺱ ﺍﻟﺠﻤﺎل
ﺴﻭﻯ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺫﻋﺭ ﻴﻜﺎﺩ ﻻ ﻴﺤﺘﻤل" .ﻭﻜﻨﺕ ﻤﺫﻋﻭﺭﺍ ﺃﻤﺎﻡ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺭﺅﻯ ﺍﻟﻔﺠﺎﺌﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﻋﻘﺔ ،ﺃﻤﺎﻡ
ﺫﻟﻙ ﺍﻻﺭﺘﻁﺎﻡ ﺍﻟﻤﺩﻭﻱ ﺒﺎﻵﺨﺭ.
ﺃﻱ ﺸﻲﺀ ﺠﻤﻴل ﻫﻭ ﻓﻲ ﻨﻬﺎﻴﺘﻪ ﻜﺎﺭﺜﺔ .ﻭﻜﻴﻑ ﻻ ﺃﺨﺸﻰ ﺤﺎﻟﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎل ..ﻜﺎﻥ ﻴﺯﻤﻨﻲ ﻋﻤﺭ
ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺸﺎﻋﺔ ﻟﺒﻠﻭﻏﻬﺎ.
ﻜﻨﺕ ﺃﺩﺨل ﻤﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤﺏ ﻭﺍﻟﺫﻋﺭ ﻤﻌﺎ ,ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻓﺘﺢ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ .ﻤﻨﺫ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺘﺒﻌﺜﺭﺕ ﺃﺸﻴﺎﺀ
ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﻋﻠﻰ ﻓﺭﺍﺵ ﻤﺭﻀﻲ.
ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺘﺭﺘﺏ ﺨﺯﺍﻨﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺤﻀﺭﺘﻙ .ﺘﻔﺭﻍ ﺤﻘﻴﺒﺘﻬﺎ ﻭﺘﻌﻠﻕ ﺜﻴﺎﺒﻬﺎ ﺃﻤﺎﻤﻙ ،ﻗﻁﻌﺔ ﻗﻁﻌﺔ،
ﻭﻫﻲ ﺘﺴﺘﻤﻊ ﺍﻟﻰ ﻤﻭﺴﻴﻘﻰ ﺘﻴﻭﺩﻭﺭﺍﻜﻴﺱ ،ﺃﻭ ﺘﺩﻨﺩﻥ ﺃﻏﻨﻴﺔ ﻟﺩﻴﻤﻴﺱ ﺭﻭﺴﻭﺱ.
ﻜﻴﻑ ﺘﻘﺎﻭﻡ ﺸﻬﻭﺓ ﺍﻟﺘﻠﺼﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻤﺭﺃﺓ ،ﺘﺒﺩﻭ ﻜﺄﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﺸﻌﺭ ﺒﻭﺠﻭﺩﻙ ﻓﻲ ﻏﺭﻓﺘﻬﺎ ،ﻤﺸﻐﻭﻟﺔ
ﻋﻨﻙ ﺒﺘﺭﺘﻴﺏ ﺫﺍﻜﺭﺘﻬﺎ؟
ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺒﺩﺃ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻌﺎل ﻜﻲ ﺘﻨﺒﻬﻬﺎ ﺍﻟﻰ ﻭﺠﻭﺩﻙ ،ﺘﺩﻋﻭﻙ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺠﻠﻭﺱ ﻋﻠﻰ ﻨﺎﺼﻴﺔ ﺴﺭﻴﺭﻫﺎ،
ﻭﺘﺭﻭﺡ ﺘﻘﺹ ﻋﻠﻴﻙ ﺃﺴﺭﺍﺭﺍ ﻟﻴﺴﺕ ﺴﻭﻯ ﺃﺴﺭﺍﺭﻙ ،ﻭﺍﺫ ﺒﻙ ﺘﻜﺘﺸﻑ ﺃﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺨﺭﺝ ﻤﻥ
ﺤﻘﻴﺒﺘﻬﺎ ﺜﻴﺎﺒﻙ ،ﻤﻨﺎﻤﺘﻙ ،ﻭﺃﺩﻭﺍﺕ ﺤﻼﻗﺘﻙ ،ﻭﻋﻁﺭﻙ ،ﻭﺠﻭﺍﺭﺒﻙ ،ﻭﺤﺘﻰ ﺍﻟﺭﺼﺎﺼﺘﻴﻥ ﺍﻟﻠﺘﻴﻥ
ﺍﺨﺘﺭﻗﺎ ﺫﺭﺍﻋﻙ.
ﻋﻨﺩﻫﺎ ﺘﻐﻠﻕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺨﻭﻓﺎ ﻤﻥ ﻗﺩﺭ ﺒﻁل ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺘﺸﺒﻬﻪ ﺤﺘﻰ ﻓﻲ ﻋﺎﻫﺘﻪ .ﻭﻴﺼﺒﺢ ﻫﻤﻙ ،ﻜﻴﻑ
ﺍﻟﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻋﺸﺕ ﻤﻌﻬﺎ ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻐﺎﻤﺭﺓ ﺩﺍﺨﻠﻴﺔ .ﻜﺎﻟﺒﺭﺍﻜﻴﻥ ﺍﻟﺒﺤﺭﻴﺔ ,ﻜل ﺸﻲﺀ ﺤﺩﺙ
ﺩﺍﺨﻠﻙ .ﻭﺃﻨﺕ ﺘﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺘﺭﺍﻫﺎ ﻓﻘﻁ ،ﻟﺘﺴﺄﻟﻬﺎ " ﻜﻴﻑ ﺘﺴﻨﻰ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﻤﻸ ﺤﻘﻴﺒﺘﻬﺎ ﺒﻙ؟"
ﻟﻴﺱ ﺜﻤﺔ ﻤﻭﺘﻰ ﻏﻴﺭ ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻨﻭﺍﺭﻴﻬﻡ ﻓﻲ ﻤﻘﺒﺭﺓ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ .ﺍﺫﻥ ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﺒﺎﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ،ﺃﻥ ﻨﺸﻴﻊ
ﻤﻭﺘﺎ ﻤﻥ ﺸﺌﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻷﺤﻴﺎﺀ ،ﻓﻨﺴﺘﻴﻘﻅ ﺫﺍﺕ ﺼﺒﺎﺡ ﻭﻨﻘﺭﺭ ﺃﻨﻬﻡ ﻤﺎ ﻋﺎﺩﻭﺍ ﻫﻨﺎ.
ﺒﺎﻤﻜﺎﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻠﻔﻕ ﻟﻬﻡ ﻤﻴﺘﺔ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ،ﺃﻥ ﻨﺨﺘﺭﻉ ﻟﻬﻡ ﻭﻓﺎﺓ ﺩﺍﻫﻤﺔ ﺒﺴﻜﺘﺔ ﻗﻠﻤﻴﺔ ﻤﺒﺎﻏﺘﺔ ﻜﺤﺎﺩﺙ
ﺴﻴﺭ ،ﻤﻔﺠﻌﺔ ﻜﺤﺎﺩﺜﺔ ﻏﺭﻕ ،ﻭﻻ ﻴﻌﻨﻴﻨﺎ ﺫﻜﺭﺍﻫﻡ ﻟﻨﺒﻜﻴﻬﺎ ،ﻜﻤﺎ ﻨﺒﻜﻲ ﺍﻟﻤﻭﺘﻰ .ﻨﺤﺘﺎﺝ ﺃﻥ ﻨﺘﺨﻠﺹ
ﻤﻥ ﺃﺸﻴﺎﺌﻬﻡ ،ﻤﻥ ﻫﺩﺍﻴﺎﻫﻡ ،ﻤﻥ ﺭﺴﺎﺌﻠﻬﻡ ،ﻤﻥ ﺘﺸﺎﺒﻙ ﺫﺍﻜﺭﺘﻨﺎ ﺒﻬﻡ .ﻨﺤﺘﺎﺝ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻪ ﺍﻟﺴﺭﻋﺔ
ﺃﻥ ﺘﻠﺒﺱ ﺤﺩﺍﺩﻫﻡ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﻗﺕ ،ﺜﻡ ﻨﻨﺴﻰ.
ﻟﺘﺸﻔﻰ ﻤﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﻋﺸﻘﻴﺔ ،ﻴﻠﺯﻤﻙ ﺭﻓﺎﺓ ﺤﺏ ،ﻻﺘﻤﺜﺎﻻ ﻟﺤﺒﻴﺏ ﺘﻭﺍﺼل ﺘﻠﻤﻴﻌﻪ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻔﺭﺍﻕ ،ﻤﺼﺭﺍ
ﻋﻠﻰ ﺫﻴﺎﻙ ﺍﻟﺒﺭﻴﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻨﺨﻁﻔﺕ ﺒﻪ ﻴﻭﻤﺎ .ﻴﻠﺯﻤﻙ ﻗﺒﺭ ﻭﺭﺨﺎﻡ ﻭﺸﺠﺎﻋﺔ ﻟﺩﻓﻥ ﻤﻥ ﻜﺎﻥ ﺃﻗﺭﺏ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻴﻙ.
ﺃﻨﺕ ﻤﻥ ﻴﺘﺄﻤل ﺠﺜﺔ ﺤﺏ ﻓﻲ ﻁﻭﺭ ﺍﻟﺘﻌﻔﻥ ،ﻻ ﺘﺤﺘﻔﻅ ﺒﺤﺏ ﻤﻴﺕ ﻓﻲ ﺒﺭﺍﺩ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ,ﺃﻜﺘﺏ ،ﻟﻤﺜل
ﻫﺫﺍ ﺨﻠﻘﺕ ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺎﺕ.
ﺃﺫﻜﺭ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﺠﻭﺒﺔ ﺍﻟﻁﺭﻴﻔﺔ ﻟﻜﺘﺎﺏ ﺴﺌﻠﻭﺍ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻴﻜﺘﺒﻭﻥ .ﺃﺠﺎﺏ ﺃﺤﺩﻫﻡ " ﻟﻴﺠﺎﻭﺭ ﺍﻷﺤﻴﺎﺀ ﺍﻷﻤﻭﺍﺕ"
،ﻭﺃﺠﺎﺏ ﺁﺨﺭ " ﻜﻲ ﺃﺴﺨﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒﺭ " ,ﻭﺭﺩ ﺜﺎﻟﺙ " ﻜﻲ ﺃﻀﺭﺏ ﻤﻭﻋﺩﺍ" .
ﺃﻴﻥ ﻴﻤﻜﻨﻙ ،ﺍﻻ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ،ﺃﻥ ﺘﻀﺭﺏ ﻤﻭﻋﺩﺍ ﻻﻤﺭﺃﺓ ﺴﺒﻕ ﺃﻥ ﺍﺒﺘﻜﺭﺕ ﺨﺩﻴﻌﺔ ﻤﻭﺘﻬﺎ ،ﻤﺼﺭﺍ
ﻋﻠﻰ ﺇﻗﺤﺎﻡ ﺠﺜﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻤﻭﻜﺏ ﺍﻷﺤﻴﺎﺀ ،ﺒﺭﻏﻡ ﺒﺅﺱ ﺍﻟﻤﻌﺎﺸﺭﺓ.
ﺃﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ﺴﺨﺭﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻀﻡ ﺘﺤﺕ ﺭﺨﺎﻤﻬﺎ ،ﻭﺘﺘﺭﻙ ﺍﻷﻤﻭﺍﺕ ﻴﻤﺸﻭﻥ
ﻭﻴﺠﻴﺌﻭﻥ ﻓﻲ ﺸﻭﺍﺭﻉ ﺤﻴﺎﺘﻨﺎ.
ﻭﻜﻨﺕ ﻗﺭﺃﺕ ﺃﻥ )ﺍﻟﻐﻭﻟﻴﻴﻥ( ﺴﻜﺎﻥ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﺍﻷﻭﺍﺌل ،ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﺭﻤﻭﻥ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺍﻟﺭﺴﺎﺌل ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ
ﺇﺭﺴﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﻰ ﻤﻭﺘﺎﻫﻡ .ﻭﺒﻤﻜﺎﺘﻴﺏ ﻤﺤﻤﻠﺔ ﺒﺴﻼﻤﺎﺘﻬﻡ ﻭﺃﺸﻭﺍﻗﻬﻡ ﻭﻓﺠﻴﻌﺘﻬﻡ.
ﻭﺤﺩﻫﺎ ﺍﻟﻨﺎﺭ ،ﺘﺼﻠﺢ ﺴﺎﻋﻲ ﺒﺭﻴﺩ .ﻭﺤﺩﻫﺎ ﺒﺎﻤﻜﺎﻨﻬﺎ ﺍﻨﻘﺎﺫ ﺍﻟﺤﺭﻴﻕ .ﺃﻜل ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺭﻤﺎﺩ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ
ﻨﺎﺭﺍ ،ﻤﻥ ﺃﺠل ﺼﻨﻊ ﻜﺘﺎﺏ ﺠﻤﻴل؟
ﺤﺭﺍﺌﻘﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﻁﻔﺊ ﻜﻠﻤﺎ ﺘﻘﺩﻤﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ،ﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﺘﺠﻤﻊ ﺭﻤﺎﺩﻫﺎ ﺼﻔﺤﺔ ﺼﻔﺤﺔ ،ﻭﺘﺭﺴﻠﻪ
ﺍﻟﻰ ﻤﻭﺘﺎﻙ ﺒﺎﻟﺒﺭﻴﺩ ﺍﻟﻤﺴﺠل ،ﻓﻼ ﺘﻭﺠﺩ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﻀﻤﺎﻨﺎ ﻤﻥ ﻜﺘﺎﺏ.
ﺘﻌﻠﻡ ﺍﺫﻥ ﺃﻥ ﺘﻘﻀﻲ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻨﺠﺎﺯ ﺤﻔﻨﺔ ﻤﻥ ﺭﻤﺎﺩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ،ﻟﻤﺘﻌﺔ ﺭﻤﻲ ﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺒﺤﺭ،
ﺃﻥ ﺘﺒﻌﺜﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺭ ﺭﻤﺎﺩ ﻤﻥ ﺃﺤﺒﺒﺕ ،ﻏﻴﺭ ﻤﻬﺘﻡ ﺒﻜﻭﻥ ﺍﻟﺒﺤﺭ ﻻ ﻴﺅﺘﻤﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺴﺎﻟﺔ ،ﺘﻤﺎﻤﺎ ﻜﻤﺎ
ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻻ ﻴﺅﺘﻤﻥ ﻋﻠﻰ ﻜﺘﺎﺏ.
ﻓﻜﺘﺎﺒﺔ ﺭﻭﺍﻴﺔ ﺘﺸﺒﻪ ﻭﻀﻊ ﺭﺴﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺯﺠﺎﺠﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﺌﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺭ .ﻭﻗﺩ ﺘﻘﻊ ﻓﻲ ﺃﻴﺩﻱ ﺃﺼﺩﻗﺎﺀ ﺃﻭ
ﺃﻋﺩﺍﺀ ﻏﻴﺭ ﻤﺘﻭﻗﻌﻴﻥ .ﻴﻘﻭل ﻏﺭﺍﻫﺎﻡ ﻏﺭﻴﻥ ،ﻨﺎﺴﻴﺎ ﺃﻥ ﻴﻀﻴﻑ ﺃﻨﻪ ﻓﻲ ﺃﻏﻠﺏ ﺍﻟﻅﻥ ﺴﺘﺼﻁﺩﻡ
ﺒﺠﺜﺙ ﻜﺎﻨﺕ ﻟﻌﺸﺎﻕ ﻟﻨﺎ ﻴﻘﺒﻌﻭﻥ ﻓﻲ ﻗﻌﺭ ﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ .ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻏﺭﻗﻭﺍ ﻤﺭﺒﻭﻁﻴﻥ ﺍﻟﻰ ﺼﺨﺭﺓ
ﺠﺒﺭﻭﺘﻬﻡ ﻭﺃﻨﺎﻨﻴﺘﻬﻡ .ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﻨﺎ ﺍﻻ ﺃﻥ ﻨﺸﻐل ﺃﻴﺩﻴﻨﺎ ﺒﻜﺘﺎﺒﺔ ﺭﻭﺍﻴﺔ ،ﺤﺘﻰ ﻻ ﺘﻤﺘﺩ ﺍﻟﺔ ﺤﺘﻑ
ﺍﻨﻘﺎﺫﻫﻡ .ﺒﺎﻤﻜﺎﻨﻬﻡ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ,ﺃﻥ ﻴﺒﺎﻫﻭﺍ ﺒﺄﻨﻬﻡ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﻭﻥ ﺒﺭﻓﺎﺓ ﺤﺏ ﻤﺤﻨﻁ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ.
ﺍﻡ ﺤﺒﺎ ﻨﻜﺘﺏ ﻋﻨﻪ ،ﻫﻭ ﺤﺏ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﻤﻭﺠﻭﺩﺍ ،ﻭﻜﺘﺎﺒﺎ ﻨﻭﺯﻉ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﻤﻨﻪ ،ﻟﻴﺱ ﺴﻭﻯ ﺭﻤﺎﺩ
ﻋﺸﻕ ﻨﻨﺜﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺘﺒﺎﺕ.
ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻨﺤﺒﻬﻡ ،ﻨﻬﺩﻴﻬﻡ ﻤﺨﻁﻭﻁﺎ ﻻ ﻜﺘﺎﺒﺎ ،ﺤﺭﻴﻘﺎ ﻻ ﺭﻤﺎﺩﺍ .ﻨﻬﺩﻴﻬﻡ ﻤﺎ ﻻ ﻴﺴﺎﻭﻴﻬﻡ ﻋﻨﺩﻨﺎ ﺒﺄﺤﺩ.
ﺒﻠﺯﺍﻙ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺨﺭ ﻋﻤﺭﻩ ،ﻭﻫﻭ ﻋﺎﺌﺩ ﻤﻥ ﺭﻭﺴﻴﺎ ،ﺒﻌﺩ ﺯﻭﺍﺠﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻴﺩﺓ ﻫﺎﻨﻜﺴﺎ ،ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ
ﺍﻷﺭﺴﺘﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﺍﺴل ﻤﻌﻬﺎ ﺜﻤﺎﻨﻲ ﻋﺸﺭﺓ ﺴﻨﺔ ﻭﻤﺎﺕ ﺒﻌﺩ ﺯﻭﺍﺠﻪ ﻤﻨﻬﺎ ﺒﺴﺘﺔ ﺃﺸﻬﺭ ،ﻜﺎﻥ
ﻴﻘﻭل ﻟﻬﺎ ﻭﺍﻟﺨﻴﻭل ﺘﺠﺭ ﻜﻬﻭﻟﺘﻪ ﻓﻲ ﻋﺭﺒﺔ ﺘﻤﻀﻲ ﺒﻪ ﻤﻥ ﺜﻠﻭﺝ ﺭﻭﺴﻴﺎ ﺍﻟﻰ ﺒﺎﺭﻴﺱ:
"ﻓﻲ ﻜل ﻤﺩﻴﻨﺔ ﻨﺘﻭﻗﻑ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺴﺄﺸﺘﺭﻱ ﻟﻙ ﻤﺼﺎﻏﺎ ﺃﻭ ﺜﻭﺒﺎ .ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺴﻴﺘﻌﺫﺭ ﻋﻠﻲ ﺫﻟﻙ،
ﺴﺄﻗﺹ ﻋﻠﻴﻙ ﺃﺤﺩﻭﺜﺔ ﻟﻥ ﺃﻨﺸﺭﻫﺎ".
ﻭﻷﻨﻪ ﺃﻨﻔﻕ ﻤﺎﻟﻪ ﻟﻠﻭﺼﻭل ﺍﻟﻴﻬﺎ ،ﻭﻷﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺭﺠﻌﺔ ﻜﺎﻥ ﻁﻭﻴﻼ ،ﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﺼﺼﺎ
ﻜﺜﻴﺭﺓ.
ﺤﺘﻤﺎ ،ﺃﺠﻤل ﺭﻭﺍﻴﺎﺕ ﺒﻠﺯﺍﻙ ﻫﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﻴﻘﺭﺃﻫﺎ ﺃﺤﺩ ،ﻭﺍﺒﺘﻜﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻤﺎ ﻋﺎﺩﺕ
ﻤﻭﺠﻭﺩﺓ ﻫﻨﺎ ﻟﺘﺤﻜﻴﻬﺎ.
ﺭﺒﻤﺎ ﻟﻬﺫﺍ ،ﺃﻜﺘﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺒﺎﻤﻜﺎﻨﻪ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺃﻥ ﻴﻘﺭﺃﻩ،
ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﺎ ﺒﻘﻲ ﻤﻨﻪ ﺍﻻ ﺴﺎﻋﺔ ﺃﻨﺎ ﻤﻌﺼﻤﻬﺎ ،ﻭﻗﺼﺔ ﺃﻨﺎ ﻗﻠﻤﻬﺎ.
ﺴﺎﻋﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﻗﺩ ﺘﻨﺒﻬﺕ ﻟﻬﺎ ﻴﻭﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻟﻪ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻤﺫ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻟﻲ ،ﻜﺄﻨﻲ ﻟﻡ ﺃﻋﺩ ﺃﺭﻯ
ﺴﻭﺍﻫﺎ .ﻓﻤﻨﻪ ﺘﻌﻠﻤﺕ ﺃﻥ ﺃﺸﻼﺀ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻴﻼﻤﺎ ﻤﻥ ﺠﺜﺙ ﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ.
ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺠﺎﺩ ﺍﻟﺤﺏ ،ﻭﻜﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻴﺘﻌﻠﻡ ﻜﻴﻑ ﻴﺠﻴﺩ ﻤﻭﺘﻪ .ﻗﺎل " ﻻ ﺃﺤﺏ ﻤﻀﺎﺠﻌﺔ ﺍﻟﻤﻭﺕ
ﻓﻲ ﺴﺭﻴﺭ ،ﻓﻘﺩ ﻗﺼﺩﺕ ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ ﺩﻭﻤﺎ ﻟﻤﻨﺎﺯﻟﺔ ﺍﻟﺤﺏ ،ﺘﻤﺠﻴﺩﺍ ﻤﻨﻲ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ" .ﻟﻜﻨﻪ ﻤﺎﺕ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ ﺍﻴﺎﻩ .ﻭﺘﺭﻙ ﻟﻲ ﻜﻐﻴﺭﻩ ﺸﺒﻬﺔ ﺤﺏ ،ﻭﺃﺸﻴﺎﺀ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻤﺎﺫﺍ ﺃﻓﻌل ﺒﻬﺎ.
ﺴﺎﻋﺘﻪ ﺃﻤﺎﻤﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻜﺘﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻭﺃﻨﺎ ﻤﻨﺫ ﺃﻴﺎﻡ ﻤﻨﻬﻤﻙ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻴﻀﺔ ﻋﻤﺭﻱ ﺒﻬﺎ.
ﺃﻫﺩﻴﻪ ﻋﻤﺭﺍ ﺍﻓﺘﺭﺍﻀﻴﺎ .ﻭﻗﺘﺎ ﺍﻀﺎﻓﻴﺎ ﻴﻜﻔﻲ ﻟﻜﺘﺎﻴﺔ ﻜﺘﺎﺏ .ﺘﺎﺌﻬﺎ ﻓﻲ ﺘﻘﺎﻁﻊ ﺃﻗﺩﺍﺭﻨﺎ ،ﻻ ﺃﻤﻠﻙ ﺍﻻ
ﺒﻭﺼﻠﺔ ﺼﻭﺘﻪ ،ﻷﻓﻬﻡ ﺒﺄﻴﺔ ﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺃﻭﺼﻠﻨﺎ ﺍﻟﺤﺏ ﻤﻌﺎ ﺍﻟﻰ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ.
ﺃﺴﺘﻤﻊ ﺩﻭﻥ ﺘﻌﺏ ﺍﻟﻰ ﺤﻭﺍﺭﺍﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﺤﻔﻭﻅﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻷﺒﺩ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﺸﺭﻁﺔ ،ﺍﻟﻰ ﺘﻬﻜﻤﻪ ﺍﻟﺼﺎﻤﺕ ﺒﻴﻥ
ﺍﻟﺠﻤل ،ﺍﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺒﻴﺎﺽ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﺒﻴﻨﻨﺎ ،ﺤﺘﻰ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﻨﺎ ﻨﻠﻭﺫ ﺒﺎﻟﻜﻼﻡ .ﺼﻭﺘﻪ! ﻴﺎ ﺍﻟﻪ ﺍﻟﻜﺎﺌﻨﺎﺕ ,
ﻜﻴﻑ ﺃﺨﺫﺘﻪ ﻭﺘﺭﻜﺕ ﺼﻭﺘﻪ؟ ﺤﺘﻰ ﻟﻜﺄﻥ ﺸﻴﺌﺎ ﻤﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻤﺕ .ﻀﺤﻜﺘﻪ ﺘﻠﻙ!
ﻜﻴﻑ ﺘﺭﺩ ﻋﻨﻙ ﺃﺫﻯ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺘﺯﺍﻤﻥ ﻓﺎﺠﻌﺘﺎﻥ ؟ ﻭﻫل ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﺘﻘﻭل ﺍﻨﻙ ﺸﻔﻴﺕ ﻤﻥ
ﻋﺸﻕ ﺘﻤﺎﻤﺎ ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﻀﺤﻙ ،ﺃﻭ ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﺒﻜﻲ!
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ
ﻓﻲ ﻤﺎﺭﺱ ، ١٩٤٢ﺴﺠﻥ ﺠﺎﻥ ﺠﻨﻴﻪ ﻟﺴﺭﻗﺘﻪ ﻨﺴﺨﺔ ﻨﺎﺩﺭﺓ ﻷﺤﺩ ﺩﻭﺍﻭﻴﻥ ﺒﻭل ﻓﺭﻟﻴﻥ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ
ﺘﻌﺫﺭ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻔﻘﻴﺭ ﺍﻟﻤﺸﺭﺩ ,ﺸﺭﺍﺀﻫﺎ.
ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺴﺌل ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻕ":ﺃﺘﻌﺭﻑ ﺜﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﺴﺨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺭﻗﺘﻬﺎ؟" ﺃﺠﺎﺏ ﺠﻨﻴﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ
ﻗﺩ ﺃﺼﺒﺢ ﺒﻌﺩ ﺃﺤﺩ ﻤﺸﺎﻫﻴﺭ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ":ﻻ ...ﺒل ﺃﻋﺭﻑ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ".
ﺘﺫﻜﺭﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﺩﺜﺔ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺒﻠﻐﻨﻲ ﺃﻨﻨﻲ ﺤﺼﻠﺕ ﻋﻠﻰ ﺠﺎﺌﺯﺓ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻷﺤﺴﻥ ﺼﻭﺭﺓ ﺼﺤﻔﻴﺔ ﻓﻲ
ﻤﺴﺎﺒﻘﺔ"ﻓﻴﺯﺍ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ" ﻓﻲ ﻓﺭﻨﺴﺎ .ﺭﺒﻤﺎ ﻷﻨﻨﻲ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺴﺭﻗﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﻤﻥ ﻓﻙ ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﻟﻡ
ﺃﻜﻥ ﺃﻋﺭﻑ ﻜﻡ ﺴﻴﻜﻭﻥ ﺴﻌﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺴﻭﻕ ﺍﻟﻤﺂﺴﻲ ﺍﻟﻤﺼﻭﺭﺓ .ﻭﻟﻜﻨﻨﻲ ﺤﺘﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﺃﻋﺭﻑ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ،
ﻭﺃﻋﺭﻑ ﻜﻡ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﺼﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﻜﻠﻔﺔ ،ﻭﻗﺩ ﻜﻠﻔﺘﻨﻲ ﻗﺒل ﻋﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ ،ﻋﻁﺒﺎ ﻓﻲ ﺫﺭﺍﻋﻲ
ﺍﻟﻴﺴﺭﻯ.
ﻓﻲ ﺼﻭﺭ ﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺤﺭﺏ ﺼﻭﺭ ،ﺜﻤﺔ ﻤﻥ ﻴﺜﺭﻯ ﺒﺼﻭﺭﺓ ،ﻭﺜﻤﺔ ﻤﻥ ﻴﺩﻓﻊ ﺜﻤﻨﺎ
ﻟﻬﺎ.
ﻭﺤﺩﻫﺎ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﻤل ﻤﻥ ﺼﻭﺭﺘﻪ ،ﺘﻤﻨﺤﻙ ﺭﺍﺤﺔ ﺍﻟﺒﺎل ,ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻟﻙ ﺸﺭﻑ
ﻤﻁﺎﺭﺩﺘﻪ ﻴﻭﻤﻴﺎ ﻓﻲ ﺘﻨﻘﻼﺘﻪ ﻻﻟﺘﻘﺎﻁﻬﺎ .ﻟﻜﻨﻙ ﻤﺘﻭﺭﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺄﺴﺎﺓ ،ﻭﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﻜﺎﻥ ﻴﻨﺎﺩﻯ ﻓﻴﻪ
ﻟﻠﻤﺼﻭﺭ ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻤﻥ ﺍﻟﺴﻌﻴﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ،ﻟﻴﻠﺘﻘﻁ ﻟﺤﻅﺎﺕ ﺇﻋﺩﺍﻡ ﺍﻟﺜﻭﺍﺭ ﻭﺘﺨﻠﻴﺩ ﻤﺸﻬﺩ
ﺭﺅﻭﺴﻬﻡ ﺍﻟﻤﺘﻁﺎﻴﺭﺓ ﺒﻀﺭﺒﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﻭﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺤﺎﺕ .ﺃﻴﺎﻤﻬﺎ ،ﻜﺎﻥ ﻗﻁﻊ ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ﺃﻫﻡ ﺇﻨﺠﺎﺯ،
ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺼﻭﺭ ﺍﻷﻭل ﻭﺍﻷﻭﺤﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺃﻥ ﻴﺒﺩﺃ ﺒﻪ ﻤﻬﻨﺘﻪ.
ﺫﺍﺕ ﻴﻭﻡ ،ﺘﻨﺯل ﻋﻠﻴﻙ ﺼﺎﻋﻘﺔ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ،ﺘﺼﺒﺢ ﻤﺼﻭﺭﺍ ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﻌﺒﺜﻲ.
ﻜل ﻤﺼﻭﺭ ﺤﺭﺏ ،ﻤﺸﺭﻭﻉ ﻗﺘﻴل ﻴﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺼﻭﺭﺘﻪ ﻭﺴﻁ ﺍﻟﺩﻤﺎﺭ .ﺜﻤﺔ ﻤﺨﺎﻁﺭﺓ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ
ﻤﺼﻭﺭﺍ ﻟﻠﻤﻭﺕ ﺍﻟﺒﺸﻊ .ﻜﺄﻨﻪ ﺩﻤﺎﺭﻙ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ .ﻭﻟﻥ ﻴﺭﻤﻡ ﺨﺭﺍﺒﻙ ﻋﻨﺩﺫﺍﻙ ،ﺤﺘﻰ ﻓﺭﺤﺔ ﺤﺼﻭﻟﻙ
ﻋﻠﻰ ﺠﺎﺌﺯﺓ.
ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﻴﺭ ﻤﻥ ﻤﺼﻭﺭﻱ ﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺴﺒﻘﻭﻙ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺩ ﺍﻟﺩﺍﻤﻲ ,ﻴﺅﻜﺩﻭﻥ ":ﺃﻨﺕ ﻟﻥ
ﺘﺨﺭﺝ ﺴﺎﻟﻤﺎ ﻭﻻ ﻤﻌﺎﻓﻰ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻬﻨﺔ" .ﻟﻜﻨﻙ ﺘﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻜﺘﺸﺎﻑ ﺁﺨﺭ :ﻻ ﻴﻤﻜﻨﻙ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ
ﻤﺤﺎﻴﺩﺍ ،ﻭﺃﻨﺕ ﺘﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﻤﻘﻁﻭﻋﺔ ،ﻭﺍﻗﻔﺎ ﻭﺴﻁ ﺒﺭﻙ ﺍﻟﺩﻡ ﻟﺘﻀﺒﻁ ﻋﺩﺴﺘﻙ.
ﺃﻨﺕ ﻤﺘﻭﺭﻁ ﻓﻲ ﺘﻐﺫﻴﺔ ﻋﺎﻟﻡ ﻨﻬﻡ ﻟﻠﺠﺜﺙ ،ﻤﻭﻟﻊ ﺒﺎﻟﻀﺤﺎﻴﺎ ،ﻭﻜل ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﻐﺭﻴﺏ ﻓﻲ
ﺒﺸﺎﻋﺘﻪ.
ﺩﻜﺘﺎﺘﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻔﺭﺠﺔ ﺘﻔﺭﺽ ﻋﻠﻴﻙ ﻤﺯﻴﺩﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺜﺙ ﺍﻟﻤﺸﻭﻫﺔ.
ﺇﻨﻬﻡ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺼﻭﺭﺍ ﺒﺩﻡ ﺴﺎﺨﻥ ،ﻤﻤﺎ ﻴﺠﻌﻠﻙ ﺩﺍﺌﻡ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻋﻠﻰ ﺼﻭﺭﻙ ﺃﻥ ﺘﺒﺭﺩ ،ﺃﻥ ﻴﺘﺨﺜﺭ
ﺩﻤﻬﺎ ﻭﻴﺠﻤﺩ ﻗﺒل ﺃﻥ ﺘﺭﺴﻠﻬﺎ ،ﻫﻨﺎﻙ ﺤﻴﺙ ﻤﻥ ﺤﻨﻔﻴﺔ ﺍﻟﻤﺂﺴﻲ ،ﺘﺘﺩﻓﻕ ﺼﻭﺭ ﺍﻹﻓﻨﺎﺀ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻜﺎﻻﺕ.
ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺫﻟﻙ ،ﺒﺈﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻭﺘﻰ ﺃﻥ ﻴﺫﻫﺒﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒﺭ ،ﺃﻭ ﺃﻥ ﻴﻨﺘﻅﺭﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺭﺍﺩﺍﺕ .ﻟﻘﺩ ﺘﻭﻗﻑ ﺒﻬﻡ
ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﻭﺠﻤﺩﺕ ﺼﻭﺭﺘﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺒﺩ ﻋﻠﻰ ﻋﺩﺴﺘﻙ .ﻭﻟﻥ ﺘﺩﺭﻱ ﺃﺨﻠﺩﺘﻬﻡ ﺒﺫﻟﻙ ،ﺃﻡ ﺃ،ﻙ ﺘﻌﻴﺩ ﻗﺘﻠﻬﻡ
ﺜﺎﻨﻴﺔ.
ﻻ ﻴﺨﻔﻑ ﻤﻥ ﺫﻨﺒﻙ ﺇﻻ ﺃﻨﻙ ﺨﻠﻑ ﺍﻟﻜﺎﻤﻴﺭﺍ ،ﻻ ﺘﺼﻭﺭ ﺴﻭﻯ ﺍﺤﺘﻤﺎل ﻤﻭﺘﻙ.
ﻟﻜﻥ ﻫﺫﺍ ﻻ ﻴﺭﺩ ﺍﻟﺸﻜﻭﻙ ﻋﻨﻙ .ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻴﺸﺘﺒﻪ ﻓﻲ ﺃﻤﺭﻙ " :ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻤﻥ ﺃﻨﺕ ﺘﻌﻤل؟" .ﺃﺃﻨﺕ ﻫﻨﺎ ،
ﻟﺘﻤﺠﻴﺩ ﺇﻨﺠﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ﻭﻤﻨﺤﻬﻡ ﺯﻫﻭﺍ ﺇﻋﻼﻤﻴﺎ ،ﺃﻡ ﺒﻨﻘﻠﻙ ﺒﺸﺎﻋﺔ ﺠﺭﺍﺌﻤﻬﻡ ﺘﻤﻨﺢ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﺼﻙ
ﺍﻟﺒﺭﺍﺀﺓ ،ﻭﺤﻕ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻡ؟ ﺇﻟﻰ ﺃﻱ ﺤﺯﺏ ﻤﻥ ﺃﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﻘﺘﻠﻰ ﺘﻨﺘﻤﻲ؟ ﻭﻟﺼﺎﻟﺢ ﻤﻥ ﻤﻥ
ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ﺘﺭﺴل ﺼﻭﺭﻙ ..ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻋﺩﺍﺀ!
ﻭﺴﺘﻘﻀﻲ ﻭﻗﺘﻙ ﻓﻲ ﺍﻻﻋﺘﺫﺍﺭ ﻋﻥ ﺫﻨﻭﺏ ﻟﻡ ﺘﻘﺘﺭﻓﻬﺎ ،ﻋﻥ ﺠﺎﺌﺯﺓ ﻟﻡ ﺘﺴﻊ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﻋﻥ ﺒﻴﺕ ﻤﺤﺘﺭﻡ
ﺘﻌﻴﺵ ﻓﻴﻪ ،ﻭﻻ ﺒﻴﺕ ﻟﻐﻴﺭﻙ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﻴﻴﻥ ،ﻋﻥ ﺼﺩﻴﻘﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺘل ،ﻭﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺫﺍﺕ ١٣
ﺤﺯﻴﺭﺍﻥ ﻗﺘل ﺍﻤﺭﺃﺘﻪ ﻭﺍﻨﺘﺤﺭ ..ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻋﺠﺯ ﻋﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻥ ﺴﻤﺎﺴﺭﺓ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ.
ﻜﻨﺕ ﺩﺍﺌﻡ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ،ﻜﻤﺎ ﺍﻟﺤﺏ ،ﺘﻌﺜﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺤﻴﺙ ﻻ ﺘﺘﻭﻗﻌﻬﺎ .ﺇﻨﻬﺎ ﻜﻜل ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ
ﺍﻟﻨﺎﺩﺭﺓ ..ﻫﺩﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ.
ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﺩﺘﻨﻲ ﺫﺍﺕ ﺼﺒﺎﺡ ﺇﻟﻰ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻘﺭﻴﺔ ،ﻭﺃﻨﺎ ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻘﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﺼﻤﺔ ،ﺁﺘﻴﺎ ﻤﻥ
ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﺒﺎﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ،ﺒﺭﻏﻡ ﺘﺤﺫﻴﺭ ﺍﻟﺒﻌﺽ.
ﻜﻨﺕ ﻤﻊ ﺯﻤﻴل ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﺴﺘﻭﻗﻔﺘﻨﺎ ﻗﺭﻴﺔ ﻟﻡ ﺘﺴﺘﻴﻘﻅ ﻤﻥ ﻜﺎﺒﻭﺴﻬﺎ ،ﻭﻤﺎﺯﺍﻟﺕ ﻤﺫﻫﻭﻟﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﻭﺘﺎﻫﺎ.
ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺜﻤﺔ ﻤﻥ ﺨﻭﻑ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻋﺎﺩ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻟﻴﺨﺘﺒﺊ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ ،ﻤﺤﺎﻁﺎ
ﺒﻐﻨﺎﺌﻪ ﻭﺴﺒﺎﻴﺎﻩ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺫﺭﺍﻭﺍﺕ ،ﻭﻟﻥ ﻴﺨﺭﺝ ﺇﻻ ﻓﻲ ﻏﺎﺭﺍﺕ ﻟﻴﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺭﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ،ﺸﺎﻫﺭﺍ ﺃﺩﻭﺍﺕ
ﻗﺘﻠﻪ ﺍﻟﺒﺩﺍﺌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺨﺘﺎﺭﻫﺎ ﺒﻨﻴﺔ ﻤﻌﻠﻨﺔ ﻟﻠﺘﻨﻜﻴل ﺒﻀﺤﺎﻴﺎﻩ ،ﻤﺫ ﺼﺩﺭﺕ ﻓﺘﻭﻯ ﺘﺒﺸﺭ "ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺩﻴﻥ "
ﺒﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺜﻭﺍﺏ ،ﺇﻥ ﻫﻡ ﺍﺴﺘﻌﻤﻠﻭﺍ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﻷﺒﻴﺽ ﺍﻟﺼﺩﺉ ،ﻤﻥ ﻓﺅﻭﺱ ﻭﺴﻴﻭﻑ ﻭﺴﻭﺍﻁﻴﺭ،
ﻟﻘﻁﻊ ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ،ﻭﺒﻘﺭ ﺍﻟﺒﻁﻭﻥ ،ﻭﺘﻘﻁﻴﻊ ﺍﻟﺭﻀﻊ ﺇﺭﺒﺎ.
ﻗﻠﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ﻴﻌﻭﺩﻭﻥ ،ﻷﻨﻬﻡ ﻗﻠﻤﺎ ﺘﺭﻜﻭﺍ ﺨﻠﻔﻬﻡ ﺸﻴﺌﺎ ﻴﺸﻲ ﺒﺎﻟﺤﻴﺎﺓ .ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻤﻭﺍﺸﻲ ﻜﺎﻨﺕ
ﺘﺠﺎﻭﺯ ﺠﺜﺙ ﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ ،ﻭﺘﻤﻭﺕ ﻤﻴﺘﺔ ﺘﺘﺴﺎﻭﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺨﻴﺭﺍ ﺒﺎﻹﻨﺴﺎﻥ.
ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻘﺭﻯ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ﺃﻤﻜﻨﺔ ﺘﻐﺭﻴﻨﻲ ﺒﺘﺼﻭﻴﺭﻫﺎ .ﺭﺒﻤﺎ ﻷﻥ ﻟﻬﺎ ﻤﺨﺯﻭﻨﺎ ﻋﺎﻁﻔﻴﺎ ﻓﻲ ﺫﺍﻜﺭﺘﻲ ﻤﺫ
ﻜﻨﺕ ﺃﺯﻭﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﻜﺏ ﺍﻟﻔﺭﺡ ﺍﻟﻁﻼﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ،ﻤﻊ ﻗﻭﺍﻓل ﺍﻟﺤﺎﻓﻼﺕ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴﺔ ،ﻟﻼﺤﺘﻔﺎل
ﺒﺎﻓﺘﺘﺎﺡ ﻗﺭﻴﺔ ﻴﺘﻡ ﺘﺩﺸﻴﻨﻬﺎ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﺒﺤﻀﻭﺭ ﺭﺴﻤﻲ ﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻀﻤﻥ ﻤﺸﺭﻭﻉ ﺃﻟﻑ ﻗﺭﻴﺔ
ﺍﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ.
ﻜﺎﻥ ﻟﻲ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﺇﺤﺴﺎﺱ ﺒﺄﻨﻨﻲ ﻗﺩ ﻋﺭﻓﺘﻬﻡ ﻓﺭﺩﺍ ﻓﺭﺩﺍ ،ﻟﺫﺍ ﻋﺯ ﻋﻠﻲ ﺃﻥ ﺃﺼﻭﺭ ﻤﻭﺘﻬﻡ ﺍﻟﺒﺎﺌﺱ،
ﻤﻜﻭﻤﻴﻥ ﺃﻤﺎﻤﻲ ﺠﺜﺜﺎ ﻓﻲ ﺃﻜﻴﺎﺱ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﻴﻠﻭﻥ؟
ﻫﻡ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺃﻭﻟﻤﻭﺍ ﻟﻨﺎ ﺒﺎﻟﻘﻠﻴل ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﻤﻠﻜﻭﻥ ،ﻤﺎ ﺃﺤﺯﻨﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﻜﻭﻥ ﺸﺎﻫﺩ ﺘﺼﻭﻴﺭ ﻋﻠﻰ ﻭﻻﺌﻡ
ﺭﺅﺅﺴﻬﻡ ﺍﻟﻤﻘﻁﻭﻓﺔ.
ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﺍﻟﻬﻭﺱ ﺍﻟﻤﺭﺌﻲ ﺒﺎﻟﻤﺫﺍﺒﺢ ,ﻭﺒﺎﻟﻤﻴﺘﺎﺕ ﺍﻟﻤﺒﻴﺘﺔ ﺍﻟﺸﻨﻴﻌﺔ ،ﻤﻥ ﻴﺼﺩﻕ ﺍﻟﻨﻭﺍﻴﺎ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ
ﻟﻤﺼﻭﺭ ﺘﺘﻴﺢ ﻟﻪ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺤﻕ ﻤﻼﺤﻘﺔ ﺠﺜﺙ ﺍﻟﻘﺘﻠﻰ ﺒﺒﺭﺍﺀﺓ ﻤﻬﻨﻴﺔ؟ ﻟﻴﺴﺕ ﺃﺨﻼﻕ ﺍﻟﻤﺭﻭﺀﺓ ،ﺒل
ﺃﺨﻼﻕ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ،ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻌل ﺍﻟﻤﺼﻭﺭ ﻴﻔﻀل ﻋﻠﻰ ﻨﺠﺩﺘﻙ ﺘﺨﻠﻴﺩ ﻟﺤﻅﺔ ﻤﺄﺴﺎﺘﻙ.
ﻓﻲ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺇﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﻘﺒﺽ ﻋﻠﻰ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﻔﻭﺘﻭﻏﺭﺍﻓﻲ ،ﺒﺈﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺼﻭﺭ ﺍﻟﻘﻨﺎﺹ ﻤﻭﺍﺼﻠﺔ
ﺇﻁﻼﻕ ﻓﻼﺸﺎﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺜﺙ ﺒﺤﺜﺎ ﻋﻥ "ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺼﻔﻘﺔ".
ﻓﻬﻭ ﻴﺩﺭﻱ ﺃﻥ ﻟﻠﻤﻭﺕ ﻤﺭﺍﺘﺏ ﺃﻴﻀﺎ ،ﻭﻟﻠﺠﺜﺙ ﺩﺭﺠﺎﺕ ﺘﻔﻀﻴل ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻷﺼﺤﺎﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻬﻡ.
ﺜﻤﺔ ﺠﺜﺙ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﻷﻏﻠﻔﺔ ﺍﻟﻤﺠﻼﺕ .ﻭﺃﺨﺭﻯ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ,ﻟﻠﺼﻔﺤﺎﺕ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ
ﺍﻟﻤﻠﻭﻨﺔ .ﻭﺜﻤﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻟﻥ ﺘﺴﺘﻭﻗﻑ ﺃﺤﺩﺍ ،ﻭﻟﻥ ﻴﺸﺘﺭﻴﻬﺎ ﺃﺤﺩ .ﺇﻨﻬﺎ ﺼﻭﺭ ﻴﻁﺎﺭﺩﻙ ﻨﺤﺱ
ﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ.
ﻫﺎﻫﻭﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻤﻤﺩ ﺃﻤﺎﻤﻙ ﻋﻠﻰ ﻤﺩ ﺍﻟﺒﺼﺭ .ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺼﻭﺭ..ﻗﻡ ﻓﺼﻭﺭ!
ﺜﻡ ﺭﺃﻴﺘﻪ..
ﻤﺎﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻴﻔﻌل ﻫﻨﺎﻙ ﺫﻟﻙ ،ﺍﻟﺼﻐﻴﺭ ﺍﻟﺠﺎﻟﺱ ﻭﺤﻴﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﺭﺼﻴﻑ ﺍﻟﺫﻫﻭل؟
ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻤﻨﺸﻐﻠﻴﻥ ﻋﻨﻪ ﺒﺩﻓﻥ ﺍﻟﻤﻭﺘﻰ .ﺨﻤﺱ ﻭﺃﺭﺒﻌﻭﻥ ﺠﺜﺔ .ﺘﺠﺎﻭﺯ ﻋﺩﺩﻫﺎ ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻤﻘﺒﺭﺓ
ﻗﺭﻴﺔ ﺃﻥ ﺘﺴﻊ ﻤﻥ ﺃﻤﻭﺍﺕ ﻓﺎﺴﺘﻨﺠﺩﻭﺍ ﺒﻤﻘﺒﺭﺓ ﺍﻟﻘﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ.
ﻓﻲ ﻤﺫﺒﺤﺔ ﺒﻥ ﻁﻠﺤﺔ ،ﻜﺎﻥ ﻴﻠﺯﻡ ﺜﻼﺙ ﻤﻘﺎﺒﺭ ﻤﻭﺯﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﺜﻼﺙ ﻗﺭﻯ ،ﻟﺩﻓﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺜﻼﺜﻤﺎﺌﺔ
ﺠﺜﺔ .ﻓﻬل ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺓ ﻜﺎﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻟﻁﻔﺎ ،ﻭﺘﺭﻙ ﻟﻔﺭﻁ ﺘﺨﻤﻴﻨﻪ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﺘﻨﺠﻭ ﻤﻥ ﺒﻴﻥ
ﻓﻜﻴﻪ؟
ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭ ﺠﺎﻟﺴﺎ ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﺃﻨﻪ ﻴﻭﺍﺼل ﻏﻴﺒﻭﺒﺔ ﺫﻫﻭﻟﻪ .ﺃﺨﺒﺭﻨﻲ ﺃﺤﺩﻫﻡ ﺃﻨﻬﻡ ﻋﺜﺭﻭﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺘﺤﺕ
ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ ﺍﻟﺤﺩﻴﺩﻱ ﺍﻟﻀﻴﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﻨﺎﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺍﻟﺩﻩ .ﺤﻴﺙ ﺘﺴﻠل ﻤﻥ ﻤﻁﺭﺤﻪ ﺍﻷﺭﻀﻲ ﺍﻟﺫﻱ
ﻜﺎﻥ ﻴﺘﻘﺎﺴﻤﻪ ﻤﻊ ﺃﻤﻪ ﻭﺃﺨﻭﻴﻪ ،ﻭﺍﻨﺯﻟﻕ ﻟﻴﺨﺘﺒﺊ ﺘﺤﺕ ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ .ﺃﻭ ﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻤﻪ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ
ﺩﻓﻌﺕ ﺒﻪ ﻫﻨﺎﻙ ﻹﻨﻘﺎﺫﻩ ﻤﻥ ﺍﻟﺫﺒﺢ .ﻭﻫﻲ ﺤﻴﻠﺔ ﻻ ﺘﻨﻁﻠﻲ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻨﻪ ﻓﻲ ﻗﺭﻴﺔ
ﻤﺠﺎﻭﺭﺓ ،ﻗﺎﻤﺕ ﺃﻡ ﺒﺈﺨﻔﺎﺀ ﺒﻨﺎﺘﻬﺎ ﺘﺤﺕ ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ ،ﻏﻴﺭ ﺃﻨﻬﻡ ﻋﺜﺭﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻤﺨﺒﺌﻬﻥ ,ﻨﻅﺭﺍ ﻟﺒﺅﺱ
ﺍﻟﻐﺭﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ ﻴﺸﻐل ﻨﺼﻑ ﻤﺴﺎﺤﺘﻬﺎ ،ﻓﺸﺩﻭﻫﻥ ﻤﻥ ﺃﺭﺠﻠﻬﻥ ،ﻭﺴﺤﺒﻭﻫﻡ ﻨﺤﻭ ﺴﺎﺤﺔ
ﺍﻟﺤﻭﺵ ﺤﻴﺙ ﻗﺘﻠﻭﻫﻥ ﻭﻨﻜﻠﻭﺍ ﺒﺠﺜﺜﻬﻥ.
ﺃﻭل ﻓﻜﺭﺓ ﺭﺍﻭﺩﺘﻨﻲ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻋﻠﻤﺕ ﺒﻨﻴﻠﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺠﺎﺌﺯﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻋﻥ ﺃﻓﻀل ﺼﻭﺭﺓ ﺼﺤﻔﻴﺔ ﻟﻠﻌﺎﻡ،
ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻘﺭﻴﺔ ،ﻟﻠﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻁﻔل.
ﻜﺎﻨﺕ ﻓﻜﺭﺓ ﻟﻘﺎﺌﻲ ﺒﻪ ﺘﻠﺢ ﻋﻠﻲ ،ﻭﺘﺘﺯﺍﻴﺩ ﻴﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺁﺨﺭ ،ﻟﺘﺄﺨﺫ ﺃﺤﻴﺎﻨﺎ ﺒﻌﺩﺍ ﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺎ ،ﻭﺃﺤﻴﺎﻨﺎ ﺃﺨﺭ
ﺸﻜل ﻤﺸﺎﺭﻴﻊ ﻓﻭﺘﻭﻏﺭﺍﻓﻴﺔ ﺃﺼﻭﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻭﺩﺓ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻘﺭﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.
ﺤﺘﻰ ﻗﺒل ﺃﻥ ﺃﺤﺼل ﻋﻠﻰ ﻤﺎل ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺠﺎﺌﺯﺓ ،ﻜﻨﺕ ﻗﺩ ﻗﺭﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﺨﺼﺹ ﻨﺼﻔﻪ ﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ﺫﻟﻙ
ﺍﻟﺼﻐﻴﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﻤﺤﻨﺔ ﻴﺘﻤﻪ .ﻭﻨﻭﻴﺕ ﺒﻴﻨﻲ ﻭﺒﻴﻥ ﻨﻔﺴﻲ ،ﺃﻥ ﺃﺘﻜﻔل ﺒﻪ ﻤﺎﺩﻤﺕ ﺤﻴﺎ،
ﺒﺎﻟﻘﺩﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺴﺘﻁﻴﻌﻪ.
ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻤﺎﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﺠﻌﻠﻨﻲ ﻤﺘﻌﺎﻁﻔﺎ ﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻁﻔل :ﺃﻴﺘﻤﻨﺎ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻙ؟ ﺃﻡ ﻜﻭﻨﻪ ﺃﺼﺒﺢ ﺍﺒﻨﺎ ﻵﻟﺔ
ﺍﻟﺘﺼﻭﻴﺭ ﺒﺎﻟﺘﺒﻨﻲ؟
ﻭﻤﺎﺍﻟﺫﻱ ﺠﻌﻠﻨﻲ ﺃﺴﺘﻌﺠل ﺍﻟﺘﺨﻠﺹ ﻤﻥ ﺸﺒﻬﺔ ﻤﺎل ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻔﻭﺡ ﻤﻨﻪ ﺭﺍﺌﺤﺔ ﻤﺭﻴﺒﺔ،ﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻜﺎﻥ
ﺠﺭﻤﻲ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺘﻭﺜﻴﻕ ﻓﻅﺎﻋﺎﺕ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ .ﻜﺄﻨﻨﻲ ﻜﻨﺕ ﺃﺭﻴﺩ ﺘﺒﻴﻴﺽ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﺎل ﻭﻏﺴﻠﻪ ،ﻤﻤﺎ
ﻋﻠﻕ ﺒﻪ ﻤﻥ ﺩﻡ ،ﺒﺎﻗﺘﺴﺎﻤﻪ ﻤﻊ ﺍﻟﻀﺤﻴﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ.
ﻁﺒﻌﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺤﻀﺭﻨﻲ ﻗﺼﺔ ﺯﻤﻴﻠﻲ ﺤﺴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﻥ ﺃﺭﺒﻊ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﺤﺼل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﺌﺯﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ
ﻟﻠﺼﻭﺭﺓ ،ﻋﻥ ﺼﻭﺭﺘﻪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺭﺓ ﻻﻤﺭﺃﺓ ﺘﻨﺘﺤﺏ ،ﺴﻘﻁ ﺸﺎﻟﻬﺎ ﻟﺤﻅﺔ ﺃﻟﻡ ،ﻓﺘﺒﺩﺕ ﻓﻲ ﻭﺸﺎﺡ ﺤﺯﻨﻬﺎ
ﺠﻤﻴﻠﺔ ﻭﻤﻜﺎﺒﺭﺓ ﻭﻋﺯﻻﺀ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﺤﺩ ﺍﺴﺘﺩﺭﺍﺠﻙ ﻟﻠﺒﻜﺎﺀ .ﻟﻜﺄﻨﻬﺎ ﺘﻤﺜﺎل "ﺍﻟﻌﺫﺭﺍﺀ ﺍﻟﻨﺎﺌﺤﺔ"
ﻟﻤﺎﻴﻜل ﺃﻨﺠﻠﻭ.
ﻭﻜﺎﻥ ﺤﺴﻴﻥ ،ﻋﻨﺩ ﻭﺼﻭﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﻗﺭﻴﺔ ﺒﻥ ﻁﻠﺤﺔ ،ﻭﺠﺩ ﻨﻔﺴﻪ ﺃﻤﺎﻡ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺜﻼﺜﻤﺎﺌﺔ ﺠﺜﺔ ﻤﻤﺩﺓ
ﻓﻲ ﺃﻜﻔﺎﻨﻬﺎ .ﻓﺘﻭﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺒﻥ ﻤﻭﺴﻰ ﺤﻴﺙ ﺃﺨﺫ ﺼﻭﺭﺓ ﻟﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﺎﺠﺄﻫﺎ ﺘﻨﺘﺤﺏ،
ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻗﻴل ﻟﻪ ﺇﻨﻬﺎ ﻓﻘﺩﺕ ﺃﻭﻻﺩﻫﺎ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺫﺒﺤﺔ.
ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﻨﺘﺸﺭﺕ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﻭﺠﺎﺒﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﺍﻜﺘﺸﻑ ﺤﺴﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﻤﺎﻜﺎﻨﺕ ﺃﻡ ﺍﻷﻭﻻﺩ
ﺒل ﺨﺎﻟﺘﻬﻡ.
ﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﺃﺨﺫ ﺼﻭﺭﺓ ﻟﻠﻤﻭﺕ ﻓﻲ ﻜﺎﻤل ﺨﺩﻋﺘﻪ .ﻓﻜل ﻋﺒﺜﻴﺔ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺨﺘﺼﺭ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ
ﻻﻤﺭﺃﺓ ﻭﺠﺩﺕ ﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺤﻴﺙ ﻋﺩﺴﺔ ﺍﻟﻤﺼﻭﺭ ،ﻭﺃﻁﻔﺎل ﻭﺠﺩﻭﺍ ﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺤﻴﺙ ﺒﺭﺍﺜﻥ ﺍﻟﻤﻭﺕ.
ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﻜﻤﺎ ﺍﻟﺤﺏ ،ﻓﻴﻪ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻔﺎﺼﻴل ﺍﻟﻌﺒﺜﻴﺔ .ﻜﻼﻫﻤﺎ ﺨﺩﻋﺔ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻘﻨﺔ.
ﺃﻤﺎ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﻏﺭﺍﺒﺔ ﻓﻜﻭﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﻘﻡ ﺩﻋﻭﻯ ﻀﺩ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ،ﻭﻻ ﻁﺎﻟﺒﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺒﻤﻼﺤﻘﺔ
ﺍﻟﺠﺯﺍﺭﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻨﺤﺭﻭﺍ ﺍﻷﺠﺴﺎﺩ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ ﻷﻗﺎﺭﺒﻬﺎ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ،ﺠﺎﺀ ﻤﻥ ﻴﻘﻨﻌﻬﺎ ﺒﺄﻥ ﺘﺭﻓﻊ ﺩﻋﻭﻯ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺼﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺼﻨﻊ "ﻤﺠﺩﻩ" ﻭﺜﺭﺍﺀﻩ ﺒﻔﺠﻴﻌﺘﻬﺎ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﻜﺘﺸﻔﺕ ﺃﻥ ﻟﻠﺼﻭﺭﺓ ﺤﻘﻭﻗﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻻ ﻴﻤﻠﻜﻬﺎ ﺼﺎﺤﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ .ﻓﺘﻁﻭﻋﺕ ﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﻟﺭﻓﻊ ﺍﻟﺩﻋﺎﻭﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﻼﺕ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺸﺭﺕ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ,ﺒﺫﺭﻴﻌﺔ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﻭﻫﻭ ﻴﻨﺘﺤﺏ ﺒﻌﺩ
ﻤﺭﻭﺭ ﺍﻟﻤﻭﺕ!
ﻻ ﺃﺼﻌﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﺭﻯ ﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺎ ﺁﺨﺭ ﻴﻨﺠﺢ .ﻓﺎﻟﻨﺠﺎﺡ ﺃﻜﺒﺭ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ
ﺘﺭﺘﻜﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺤﻘﻪ .ﻭﻟﺫﺍ ﻗﺩ ﻴﻐﻔﺭ ﻟﻠﻘﺘﻠﺔ ﺠﺭﺍﺌﻤﻬﻡ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻥ ﻴﻐﻔﺭ ﻟﻙ ﻨﺠﺎﺤﺎﺘﻙ.
ﻭﻜﻠﻤﺎ ،ﺒﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﻬﻨﺔ ﺃﻭ ﺒﺤﻜﻡ ﺍﻟﺠﻭﺍﺭ ,ﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﻗﺭﺍﺒﺘﻪ ﻤﻨﻙ ،ﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺤﻘﺩﻩ ﻋﻠﻴﻙ ،ﻷﻨﻪ
ﻻ ﻴﻔﻬﻡ ﻜﻴﻑ ﻭﺃﻨﺕ ﻤﺜﻠﻪ ﻓﻲ ﻜل ﺸﻲﺀ ,ﺘﻨﺠﺢ ﺤﻴﺙ ﺃﺨﻔﻕ ﻫﻭ.
ﺠﺎﺭﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻌﺒﺕ ﻭﺘﺭﺒﻴﺕ ﻤﻌﻪ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﻁﻔﻭﻟﺔ ،ﻟﻭ ﻏﺭﻗﺕ ﻟﺠﺎﺯﻑ ﺒﺤﻴﺎﺘﻪ ﻹﻨﻘﺎﺫﻙ ﻤﻥ ﺍﻟﻐﺭﻕ.
ﻟﻜﻨﻙ ﻟﻭ ﻨﺠﺤﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻜﺎﻟﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﺭﺴﺏ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﺴﺘﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ,ﻭﻴﺒﻘﻰ ﻫﻭ ﻤﺴﺘﻨﺩﺍ ﺇﻟﻰ
ﺤﺎﺌﻁ ﺍﻹﺨﻔﺎﻕ .ﻭﺫﺍﺕ ﻴﻭﻡ ،ﺴﺘﺨﺭﺝ ﻤﻥ ﻤﺴﺩﺴﻪ ﺍﻟﺭﺼﺎﺼﺔ ﺴﺘﺭﺩﻴﻙ ﻗﺘﻴﻼ ﻤﻜﻔﻨﺎ ﺒﻨﺠﺎﺤﺎﺘﻙ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻅﻬﺭ ﺨﺒﺭ ﻨﻴﻠﻲ ﺍﻟﺠﺎﺌﺯﺓ ،ﺃﺴﻔل ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺍﻨﺘﺸﺎﺭﺍ ،ﺘﺤﺕ
ﻋﻨﻭﺍﻥ" ﺠﺜﺔ ﻜﻠﺏ ﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﺘﺤﺼل ﻋﻠﻰ ﺠﺎﺌﺯﺓ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﻓﺭﻨﺴﺎ" ،ﻭﺘﻼﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺩ ﻤﻘﺎل ﺁﺨﺭ
ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺒﺎﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﻋﻨﻭﺍﻨﻪ" ﻓﺭﻨﺴﺎ ﺘﻔﻀل ﺘﻜﺭﻴﻡ ﻜﻼﺏ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ",ﺃﺩﺭﻜﺕ ﺃﻥ ﺜﻤﺔ ﻤﻜﻴﺩﺓ
ﺘﺘﺩﺒﺭ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺍﻻﺘﻔﺎﻕ ﻓﻲ ﻭﺠﻬﺔ ﻨﻅﺭ.
ﻜﺎﻨﺕ ﻟﻌﻨﺔ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﻗﺩ ﺤﻠﺕ ﺒﻲ ،ﻭﺍﻨﺘﻬﻰ ﺍﻷﻤﺭ.
ﻟﻜﻥ ،ﻜﺎﻥ ﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﻴﻤﺭ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﻗﺕ ،ﻷﻜﺘﺸﻑ ﺃﻥ ﺨﻠﻑ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻘﺩ ﻭﺍﻟﺘﺠﻨﻲ ﺠﻬﺩ
"ﺼﺩﻴﻕ" .ﻜﺎﻥ ﺠﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻭﺘﻭﺴﻁﺕ ﻟﻪ ﻟﻴﻨﺘﻘل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤل ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﺼﻤﺔ ،ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺭﻴﺩﺓ
ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﻤل ﻓﻴﻬﺎ ،ﻓﻭﻓﺭ ﻋﻠﻲ ﺒﻜﻴﺩﻩ ﻜل ﻁﻌﻨﺎﺕ ﺍﻷﻋﺩﺍﺀ ،ﻭﺠﻌﻠﻨﻲ ﺃﺭﻯ ﻓﻲ ﺠﺜﺔ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﻠﺏ
ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻓﺎﺀ ﻤﺎ ﻴﻐﻨﻲ ﻋﻥ ﺇﺨﻼﺹ ﺍﻷﺼﺩﻗﺎﺀ ,ﺒﻌﺩﻤﺎ ﻗﺩﻤﺕ ﻟﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﺩﻤﺎﺕ ﻤﺎ ﻴﻜﻔﻲ ﻷﺠﻌل ﻤﻨﻪ
ﻋﺩﻭﺍ.
***
ﺫﺍﺕ ﺼﺒﺎﺡ ،ﻗﺼﺩﺕ ﺭﻓﻘﺔ ﺯﻤﻴل ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻘﺭﻴﺔ .ﺍﺤﺘﻁﻨﺎ ﻁﺒﻌﺎ ﻟﻤﻔﺎﺠﺂﺕ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ،ﺒﻌﺩﻡ ﺃﺨﺫﻨﺎ
ﺒﻁﺎﻗﺎﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﻬﻨﻴﺔ ﻤﻌﻨﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻭ ﻭﻗﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﻗﺒﻀﺔ ﺤﺎﺠﺯ ﺃﻤﻨﻲ ﻤﺯﻭﺭ ،ﻴﻨﺼﺒﻪ ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻭﻥ ﻻﺼﻁﻴﺎﺩ
ﻤﻥ ﻴﻀﻁﺭ ﻟﺴﻠﻭﻙ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻁﺭﻗﺎﺕ ﺒﺎﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ،ﻤﻤﻥ ﻴﻌﻤﻠﻭﻥ ﻓﻲ " ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻁﺎﻏﻭﺕ" ﺍﻟﻜﺎﻓﺭﺓ ،ﺃﻱ
ﺒﺎﺨﺘﺼﺎﺭ ،ﺃﻱ ﺃﺤﺩ ﻴﻤﻠﻙ ﺒﻁﺎﻗﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺨﺘﻡ ﺭﺴﻤﻲ ،ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﻤل ﺯﺒﺎﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩﻴﺔ ،ﺃﻭ ﺃﻱ
ﻤﺨﻠﻭﻕ ﻻ ﺘﺭﻭﻕ ﻟﻪ ﻫﻴﺌﺘﻪ ,ﻓﻴﺫﺒﺤﻭﻨﻪ ﺇﻥ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻟﻬﻡ ﺤﺎﺠﺔ ﺒﻪ ،ﺃﻭ ﻴﺼﻁﺤﺒﻭﻨﻪ ﺇﻟﻰ ﻤﺨﺎﺒﺌﻬﻡ
ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻤﻤﻥ ﻴﺤﺘﺎﺠﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺨﺩﻤﺎﺘﻪ.
ﻜﺎﻨﺕ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﺤﻭﺍﺠﺯ ﺍﻟﻤﺯﻭﺭﺓ ﻋﻤﺕ ﻭﺍﻨﺘﺸﺭﺕ ،ﻭﺃﺼﺒﺤﺕ ﻤﺸﺎﺒﻬﺔ ﺘﻤﺎﻤﺎ ﻟﺤﻭﺍﺠﺯ ﺭﺠﺎل ﺍﻷﻤﻥ
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﻴﻥ ،ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺴﻁﺎ ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺒﺯﺍﺘﻬﻡ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﻭﺃﺴﻠﺤﺘﻬﻡ ،ﻤﻤﺎ ﺃﻭﻗﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ
ﺒﻠﺒﻠﺔ ﻭﺤﻴﺭﺓ .ﻓﺎﻥ ﻫﻡ ﺍﻁﻤﺄﻨﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺤﺎﺠﺯ ،ﻭﺃﻅﻬﺭﻭﺍ ﻫﻭﻴﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﻗﺩ ﻴﻔﺎﺠﺄﻭﻥ ﺒﻪ ﻤﺯﻭﺭﺍ
ﻭﻴﻘﺘﻠﻭﻥ ،ﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﻌﺠﻭﺯ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺴﺘﺒﺸﺭ ﺨﻴﺭﺍ ﺒﺤﺎﺠﺯ ﺃﻭﻗﻔﻪ ،ﻭﻗﺎل ﻟﻠﻌﺴﻜﺭﻴﻴﻥ ﺒﻤﻭﺩﺓ:
-ﻭﺍﺵ ..ﺍﻟﻜﻼﺏ ﻤﺎ ﻫﻤﺵ ﻫﻨﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ؟
ﻓﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺤﺩﻫﻡ ﻭﻫﻭ ﻴﻁﻠﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﺭ:
-ﺇﺤﻨﺎ ﻫﻡ ﺍﻟﻜﻼﺏ!
ﻭﺍﻥ ﻫﻡ ﻟﻡ ﻴﺤﻤﻠﻭﺍ ﺃﻭﺭﺍﻗﻬﻡ ﺍﻟﺜﺒﻭﺘﻴﺔ ﺨﺸﻴﺔ ﻭﻗﻭﻋﻬﻡ ﻓﻲ ﻗﺒﻀﺔ ﺤﺎﺠﺯ ﻤﺯﻭﺭ ،ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﺎﺠﺯ
ﻟﺭﺠﺎل ﺃﻤﻥ ﺤﻘﻴﻘﻴﻴﻥ ،ﺍﺘﻬﻤﻭﺍ ﺒﺄﻨﻬﻡ ﺇﺭﻫﺎﺒﻴﻭﻥ ,ﻭﻋﻭﻤﻠﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﺴﺎﺱ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺃﺼﺒﺢ
ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻭﻥ ﺃﻴﻀﺎ ﻴﺘﻨﻘﻠﻭﻥ ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺜﺒﻭﺘﻴﺔ ,ﻤﺩﻋﻴﻥ ﺃﻨﻬﻡ ﻤﻭﻅﻔﻭ ﺩﻭﻟﺔ ..ﺃﻭ ﻤﺠﻨﺩﻭﻥ ﻓﻲ
ﺍﻟﺨﺩﻤﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ.
ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﺤﻔﺎﻅﺎ ﻋﻠﻰ ﺴﻼﻤﺘﻬﻡ ،ﻴﺘﻨﻘﻠﻭﻥ ﺒﻼ ﻫﻭﻴﺔ ﻓﻲ ﺠﻴﻭﺒﻬﻡ ،ﻭﻻ ﺒﻁﺎﻗﺔ ﻋﻤل ﻭﻻ
ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺜﺒﻭﺘﻴﺔ ﻓﻲ ﺤﻭﺯﺘﻬﻡ ،ﻭﻻ ﻤﻔﻜﺭﺓ ﺘﺸﻲ ﺒﻤﻭﺍﻋﻴﺩﻫﻡ ﻭﺃﺴﻤﺎﺀ ﺭﻓﺎﻗﻬﻡ ﻓﺘﻔﻀﺢ ﻤﻬﻨﺘﻬﻡ.
ﻜﺎﻥ ﻭﺼﻭﻟﻲ ﺇﻟﻰ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻘﺭﻴﺔ ﺒﺴﻼﻡ ،ﻭﺒﺩﻭﻥ ﺤﺎﺩﺙ ﻴﺴﺘﺤﻕ ﺍﻟﺫﻜﺭ ،ﺇﻨﺠﺎﺯﺍ ﺘﻔﺎﺀﻟﺕ ﺒﻪ ،ﻟﻭﻻ
ﺃﻨﻨﻲ ﻟﻡ ﺃﺠﺩ ﺸﻴﺌﺎ ﻤﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﺃﺒﺤﺙ ﻋﻨﻪ ﻫﻨﺎﻙ.
ﻜﺎﻨﺕ ﻗﻠﻭﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻤﻭﺼﺩﺓ ،ﻜﺒﻴﻭﺕ ﻤﻭﺘﺎﻫﻡ.
ﻭﻜﻨﺕ ﻫﻨﺎﻙ ﺘﺎﺌﻬﺎ ،ﻓﻲ ﻤﻬﺏ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ :ﻜﻴﻑ ﺃﺴﺘﺩل ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺒﻴﺕ ،ﻭﺍﻟﺒﻴﻭﺕ ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﻤﺘﺸﺎﺒﻬﺔ
ﻓﻲ ﺒﺅﺴﻬﺎ؟
ﻜﻴﻑ ﺃﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺠﺩﺍﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻁﻔل ،ﻭﻗﺩ ﻏﺴﻠﻭﺍ ﺍﻟﺠﺩﺭﺍﻥ ﺨﻭﻓﺎ ﻤﻥ
ﺜﺭﺜﺭﺘﻬﺎ ،ﻓﻲ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﻐﺴل ﺫﺍﻜﺭﺓ ﺍﻟﻘﺭﻴﺔ ﻤﻥ ﺩﻡ ﺃﺒﻨﺎﺌﻬﺎ؟
ﻭﻤﻥ ﺃﺴﺄل ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻁﻔل ،ﻭﺍﻷﺠﻭﺒﺔ ﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻓﻲ ﺍﻗﺘﻀﺎﺒﻬﺎ؟ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﻴﻘﻭل ﺇﻥ ﺠﻤﻌﻴﺔ ﻟﺭﻋﺎﻴﺔ
ﺍﻟﻴﺘﺎﻤﻰ ﺘﻜﻔﻠﺕ ﺒﻪ .ﻭﺁﺨﺭ ﻴﻘﻭل ﺇﻥ ﺃﺤﺩ ﺃﻗﺎﺭﺒﻪ ﺤﻀﺭ ﻭﺍﺼﻁﺤﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﻗﺭﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ .ﻭﺁﺨﺭ ﻴﺠﺯﻡ
ﺃﻥ ﺍﻟﻁﻔل ﺍﺨﺘﻔﻰ ﻤﻠﺘﺎﻋﺎ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺭﺁﻫﻡ ﻴﺤﻤﻠﻭﻥ ﺠﺜﺔ ﺍﻟﻜﻠﺏ ﻭﻴﺩﻓﻨﻭﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺤﻘل ﺒﻌﻴﺩ .ﻭﺁﺨﺭ ﻟﻡ
ﻴﺴﻤﻊ ﺒﻭﺠﻭﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻁﻔل .ﺃﻭ ﻟﻌﻠﻪ ﻻ ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﺴﻤﻊ ﺒﻭﺠﻭﺩﻱ ،ﻭﻻ ﺼﺒﺭ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﻀﻭﻟﻲ.
ﺍﻟﺼﺩﻤﺔ ﺘﺠﻌﻠﻨﺎ ﻨﻔﻘﺩ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﺸﻴﺌﺎ ﻤﺘﺄﺨﺭﺍ ،ﺸﻴﺌﺎ ﻴﻐﺭﻗﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻤﺕ .ﻻﺃﺤﺩ ﻴﺜﺭﺜﺭ ﻫﻨﺎ .ﺤﺘﻰ
ﺍﻟﺠﺩﺭﺍﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻬﺫﻱ ﺒﺎﻟﻘﺘﻠﺔ ،ﺃﺼﺎﺒﻬﺎ ﺍﻟﺨﺭﺱ ،ﻤﺫ ﻁﻠﻴﺕ ﺒﻤﺎﺀ ﺍﻟﻜﻠﺱ.
ﺃﺤﺯﻨﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺭﻭﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﺤﺘﻔﻭﻥ ﺒﺎﻟﻐﺭﺒﺎﺀ ﺃﺼﺒﺤﻭﺍ ﻴﺨﺎﻓﻭﻨﻬﻡ .ﻭﺍﻟﺫﻴﻥ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﺘﺤﺩﺜﻭﻥ
ﺇﻟﻴﻬﻡ ،ﻭﻴﺘﺤﻠﻘﻭﻥ ﺤﻭﻟﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ﺃﺼﺒﺤﻭﺍ ﻴﻘﻔﻭﻥ ﺒﺒﻼﻫﺔ ﻟﻴﺘﻔﺭﺠﻭﺍ ﻋﻠﻴﻬﻡ ،ﻭﻜﺄﻨﻬﻡ
ﻗﺎﺩﻤﻭﻥ ﺇﻟﻴﻬﻡ ﻤﻥ ﻋﺎﻟﻡ ﺁﺨﺭ ،ﺤﺘﻰ ﺍﻨﻙ ﻻ ﺘﺩﺭﻱ ﺒﻤﺎﺫﺍ ﺘﻜﻠﻤﻬﻡ .ﻟﻜﺄﻥ ﻟﻐﺘﻬﻡ ﻤﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﻟﻐﺘﻙ ,ﺒل
ﻫﻲ ﻟﻐﺔ ﺍﺨﺘﺭﻋﻬﺎ ﻟﻬﻡ ﺍﻟﻘﻬﺭ ﻭﺍﻟﻔﻘﺭ ﻭﺍﻟﺤﺫﺭ .ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻤﺫﻫﻭل ﻤﻥ ﺃﻤﺭﻩ ﻤﺫ ﺍﻜﺘﺸﻑ ﻗﺩﺭﻩ.
ﺍﻟﺘﻀﺎﺭﻴﺱ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺨﺘﺎﺭ ﻗﺩﺭﻙ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﺍﻟﻭﺤﻭﺵ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﺘﻀﻌﻙ ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ ﻋﻨﺩ
ﺃﻗﺩﺍﻡ ﺍﻟﺠﺒﺎل ،ﻭﻋﻠﻰ ﻤﺸﺎﺭﻑ ﺍﻟﻐﺎﺒﺎﺕ ﻭﺍﻷﺩﻏﺎل .ﺃﻨﺕ ﺤﺘﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺭﻤﻰ ﻗﺩﺭ ﻤﻥ ﺤﺘﻔﻙ.
ﻓﻲ ﻋﺯﻟﺘﻬﻡ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ،ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻟﺴﻜﺎﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻘﺭﻯ ﺍﻟﻨﺎﺌﻴﺔ ﻤﻼﻤﺢ ﻭﺍﺤﺩﺓ ،ﻴﺩﻓﻨﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻭﻡ
ﺫﺍﺘﻪ ،ﺍﺜﺭ ﻏﺎﺭﺓ ﻟﻴﻠﻴﺔ ﺘﺨﺘﻔﻲ ﺒﻌﺩﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻗﺭﻴﺔ ﺒﺄﻜﻤﻠﻬﺎ.
ﺍﻨﻪ ﻤﻭﺕ ،ﻓﻲ ﻋﺒﺜﻴﺘﻪ،ﻤﺴﺘﻨﺴﺦ ﻤﻥ ﺤﻴﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﺭﺘﻴﺒﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻨﺎﻭﻟﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻜل ﻴﻭﻡ ﻭﺠﺒﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ
ﻤﻥ ﺍﻟﻁﺒﻕ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﻨﻔﺴﻪ ﻟﻜل ﺃﻓﺭﺍﺩ ﺍﻟﻌﺎﺌﻠﺔ ،ﻭﻴﺭﺘﺎﺩﻭﻥ ﻤﻘﻬﻰ ﻭﺍﺤﺩﺍ ,ﻴﺩﺨﻥ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻭﺍﻟﺼﻐﺎﺭ
ﺍﻟﺴﺠﺎﺌﺭ ﺍﻟﺭﺩﻴﺌﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺼﻨﻭﻋﺔ ﻤﺤﻠﻴﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺭﻋﺎﺭ ﺍﻟﺠﺒﻠﻲ ,ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻤﺭﻀﻭﻥ ﻴﺫﻫﺒﻭﻥ ﺇﻟﻰ
ﻤﺴﺘﻭﺼﻑ ) ﺍﻟﺩﺸﺭﺓ( ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻁﺒﻴﺏ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ،ﻭﺍﻟﺩﻭﺍﺀ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﻟﻜل ﺍﻷﻤﺭﺍﺽ.
ﻭﻜل ﺠﻤﻌﺔ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﻠﺘﻘﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺩ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻟﻴﺼﻠﻭﺍ ﻭﻴﺘﻀﺭﻋﻭﺍ ﻟﻺﻟﻪ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ .ﺤﺘﻰ ﺠﺎﺀﻫﻡ
ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ﻓﺄﻓﺴﺩﻭﺍ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﻭﺤﺩﺍﻨﻴﺘﻬﻡ ﻭﻗﺘﻠﻭﻫﻡ ﺒﺎﺴﻡ ﺭﺏ ﺁﺨﺭ.
ﻟﻜﺄﻨﻬﻡ ﻤﻨﺫ ﺃﺠﻴﺎل ﻴﻜﺭﺭﻭﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺫﺍﺘﻬﺎ ،ﻭﻴﻤﻭﺘﻭﻥ ﺤﺭﺒﺎ ﺒﻌﺩ ﺃﺨﺭﻯ ﻨﻴﺎﺒﺔ ﻋﻥ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ،
ﻟﻭﺠﻭﺩﻫﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺨﻁﺄ ﻨﻔﺴﻪ.
ﻟﻜﺄﻨﻬﻡ ﺠﺎﻫﺩﻭﺍ ﻀﺩ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻭﺩﻓﻌﻭﺍ ﺃﻜﺒﺭ ﻀﺭﻴﺒﺔ ﻓﻲ ﻗﺴﻤﺔ ﺍﻻﺴﺘﺸﻬﺎﺩ ،ﻓﻘﻁ ﻟﺘﻜﻭﻥ ﻟﻬﻡ ﺒﻠﺩﻴﺔ
ﻜﺘﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺸﻌﺎﺭ" ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻭﺍﻟﻰ ﺍﻟﺸﻌﺏ" ﻴﺭﻓﺭﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻠﻡ ﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ،ﻭﺘﺘﻜﻔل ﺒﺘﻭﻓﻴﺭ ﻗﺒﺭ
ﻟﺠﺜﺜﻬﻡ ﺍﻟﻤﻨﻜل ﺒﻬﺎ ﺒﺄﻴﺩ ﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ .ﺘﺘﺭﻜﻬﻡ ﺨﻠﻔﻙ ﺼﺎﻤﺩﻴﻥ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﻤﻘﺒل ،ﻓﻲ ﺃﻜﻭﺍﺨﻬﻡ
ﺍﻟﺤﺠﺭﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﺌﺴﺔ ﻤﻊ ﻤﻭﺍﺸﻴﻬﻡ ﺍﻟﻬﺯﻴﻠﺔ.
ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻻ ﺘﻜﺎﺩ ﺘﺸﺒﻬﻬﻡ ﻓﻲ ﺸﻲﺀ ،ﻻ ﺼﻭﺭ ﻷﺴﻼﻓﻬﻡ ﻭﺃﺠﺩﺍﺩﻫﻡ ﺘﻐﻁﻲ ﺠﺩﺭﺍﻥ ﺃﻜﻭﺍﺨﻬﻡ
ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﺒﻴﺘﻙ ,ﻷﻨﻬﻡ ﻤﻨﺤﺩﺭﻭﻥ ﻤﻥ ﺴﻼﻟﺔ ﺍﻟﺘﺭﺍﺏ .ﺘﻭﺩ ﻟﻭ ﻀﻤﻤﺕ ﺭﺍﺌﺤﺔ ﻋﺭﻗﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﺼﺩﺭﻙ،
ﻟﻭ ﺼﺎﻓﺤﺕ ﺒﺤﺭﺍﺭﺓ ﺃﻴﺩﻴﻬﻡ ﺍﻟﺨﺸﻨﺔ ﺍﻟﻤﺸﻘﻘﺔ .ﻭﻟﻜﻨﻬﻡ ﻻ ﻴﻤﺩﻭﻥ ﻟﻙ ﻴﺩﺍ .ﻭﺤﺩﻩ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻴﻤﺩ ﻟﻙ
ﻟﺴﺎﻨﻪ ﺤﻴﺜﻤﺎ ﻭﻟﻴﺕ ﻭﺠﻬﻙ.
ﺃﺜﻨﺎﺀ ﻤﻐﺎﺩﺭﺘﻲ ،ﺍﻨﺘﺎﺒﻨﻲ ﺤﺯﻥ ﻻ ﺤﺩ ﻟﻪ .ﻓﻘﺩ ﻓﺎﺠﺄﻨﻲ ﻤﻨﻅﺭ ﻤﻭﺠﻊ ﻟﻐﺎﺒﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﻋﻠﻰ ﻤﺸﺎﺭﻑ ﺘﻠﻙ
ﺍﻟﻘﺭﻴﺔ ،ﻭﺘﻡ ﺒﻌﺩ ﺯﻴﺎﺭﺘﻲ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﺤﺭﻗﻬﺎ ﺤﺭﻗﺎ ﺘﺎﻤﺎ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ،ﻹﺠﺒﺎﺭ ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻴﻥ ﻋﻠﻰ
ﻤﻐﺎﺩﺭﺘﻬﺎ ،ﺒﺫﺭﻴﻌﺔ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ.
ﻓﻲ ﻜل ﺤﺭﺏ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺘﺼﻔﻴﺔ ﺤﺴﺎﺏ ﺒﻴﻥ ﺠﻴﻠﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺸﺭ ،ﻴﻤﻭﺕ ﺠﻴل ﻤﻥ ﺍﻷﺸﺠﺎﺭ ,ﻓﻲ ﻤﻌﺎﺭﻙ
ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﻤﻨﻁﻘﻬﺎ ﻓﻬﻡ ﺍﻟﻐﺎﺒﺎﺕ.
"ﻤﻥ ﻴﻘﺘل ﻤﻥ؟" ﻤﺫﻫﻭﻻ ﻴﺴﺄل ﺍﻟﺸﺠﺭ .ﻭﻻ ﻭﻗﺕ ﻷﺤﺩ ﻜﻲ ﻴﺠﻴﺏ ﺠﺒﻼ ﺃﺼﺒﺢ ﺃﺼﻠﻊ ،ﻤﺭﺓ ﻷﻥ
ﻓﺭﻨﺴﺎ ﺃﺤﺭﻗﺕ ﺃﺸﺠﺎﺭﻩ ﺤﺭﻗﺎ ﺘﺎﻤﺎ ﻜﻲ ﻻ ﺘﺘﺭﻙ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺩﻴﻥ ﻤﻥ ﺘﻘﻴﺔ ،ﻭﻤﺭﺓ ﻷﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ
ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ﻗﺼﻔﺘﻪ ﻗﺼﻔﺎ ﺠﻭﻴﺎ ﺸﺎﻤﻼ ﺤﺘﻰ ﻻ ﺘﺘﺭﻙ ﻟﻺﺭﻫﺎﺒﻴﻴﻥ ﻤﻥ ﻤﻼﺫ.
ﺒﺎﺴﺘﻁﺎﻋﺘﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺒﻜﻲ :ﺤﺘﻰ ﺍﻷﺸﺠﺎﺭ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﻤﻭﺕ ﻭﺍﻗﻔﺔ.
ﻤﺎﺫﺍ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﺸﺠﺭ ﺃﻥ ﻴﻔﻌل ﻀﺩ ﻭﻁﻥ ﻴﻀﻤﺭ ﺤﺭﻴﻘﺎ ﻟﻜل ﻤﻥ ﻴﻨﺘﺴﺏ ﺇﻟﻴﻪ ؟
ﻭﺒﺈﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺒﺤﺭ ﺃﻥ ﻴﻀﺤﻙ :ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺍﻟﻌﺩﻭ ﻴﺄﺘﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻭﺍﺭﺝ .ﺇﻨﻪ ﻴﻭﻟﺩ ﺒﻴﻨﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﺩﻏﺎل ﺍﻟﻜﺭﺍﻫﻴﺔ.
ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺃﺼﺎﺒﻨﻲ ﻤﻨﻅﺭ ﺍﻷﺸﺠﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﺭﻭﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺩ ﺍﻟﺒﺼﺭ ,ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﻜﺂﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺼﻴﺒﻙ
ﻟﺤﻅﺔ ﺘﺄﺒﻴﻥ ﺃﺤﻼﻤﻙ.
ﻟﻜﺄﻥ ﺸﻴﺌﺎ ﻤﻨﻲ ﻤﺎﺕ ﺒﺎﻏﺘﻴﺎل ﺘﻠﻙ ﺍﻷﺸﺠﺎﺭ .ﺃﻋﺎﺩﺘﻨﻲ ﺠﺜﺜﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻔﺤﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺯﻤﻥ ﺠﻤﻴل ﻗﻀﻰ ﻓﻴﻪ
ﺁﻻﻑ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻤﻥ ﺠﻴﻠﻲ ﺨﺩﻤﺘﻬﻡ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺒﻨﺎﺀ " ﺍﻟﺴﺩ ﺍﻷﺨﻀﺭ".
ﺴﻨﺘﺎﻥ ﻤﻥ ﺃﻋﻤﺎﺭ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻴﻥ ﺫﻫﺒﺘﺎ ﻓﻲ ﺯﺭﻉ ﺍﻷﺸﺠﺎﺭ ﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺼﺤﺭ .ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭ
ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻁﺎﺭﺩﻙ ﻓﻲ ﻜل ﻤﻜﺎﻥ ﺁﻨﺫﺍﻙ" :ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﻴﺘﻘﺩﻡ ﻭﺍﻟﺼﺤﺭﺍﺀ ﺘﺘﺭﺍﺠﻊ".
ﺃﻜﺎﻥ ﻜل ﺫﻟﻙ ﻨﻜﺘﺔ؟!
ﻤﺸﺘﻌﻠﻴﻥ ﻜﻨﺎ ﺒﺯﻤﻥ ﺍﻟﻨﻔﻁ ﺍﻷﻭل .ﻭﻜﺎﻨﺕ ﻟﻨﺎ ﺃﺤﻼﻡ ﺭﻤﺎل ﺫﻫﺒﻴﺔ ،ﺘﺴﺭﺒﺕ ﻤﻥ ﺃﺼﺎﺒﻊ ﺇﻟﻰ ﺠﻴﻭﺏ
ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﺒﺘﻠﻌﻭﻥ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﻴﺘﻘﺩﻤﻭﻥ ﺃﺴﺭﻉ ﻤﻥ ﻟﻬﺎﺙ ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﺀ.
ﻴﺎ ﻟﺴﺭﺍﺏ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ! ﺇﻨﻬﺎ ﺨﺩﻋﺔ ﺍﻟﺘﺎﺌﻪ ﺒﻴﻥ ﻜﺜﺒﺎﻥ ﻭﻁﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻤﺎل ﺍﻟﻤﺘﺤﺭﻜﺔ ،ﻻ ﺘﻌﻭل ﻋﻠﻰ
ﻭﺘﺩ ﻴﺩﻕ ﻓﻴﻪ ،ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﺤﺔ ﺘﻠﻭﺡ ﻤﻨﻪ!
ﻫﻭﺫﺍ ﺍﻟﻨﺼﻑ ﺍﻟﺨﺎﻟﻲ ..ﻜﻴﻑ ﻭﺼﻠﻨﺎ ﺇﻟﻴﻪ؟ ﺒل ﻜﻴﻑ ﺍﺨﺘﺭﻗﻨﺎ ﺍﻟﺭﻤل ﻭﺘﺴﺭﺏ ﺇﻟﻰ ﻜل ﺸﻲﺀ؟ ﻟﻡ
ﻨﻌﺩ ﻋﻠﻰ ﻤﺸﺎﺭﻑ ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﺀ ،ﺒل ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﺀ ﻓﻴﻨﺎ .ﺇﻨﻪ ﺍﻟﺘﺼﺤﺭ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻲ.
ﺤﺩﺙ ﺫﻟﻙ ﺫﺍﺕ ﺩﻴﺴﻤﺒﺭ ١٩٧٨ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺭﻙ ﻟﻨﺎ ﺒﻭﻤﺩﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺸﺎﺸﺔ ﺍﻟﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻥ ﺍﺒﺘﺴﺎﻤﺘﻪ
ﺍﻟﻐﺎﻤﻀﺔ ﺘﻠﻙ ،ﻭﺭﺤل.
ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻼﻤﺤﻪ ﺃﻗل ﺼﺭﺍﻤﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ،ﻭﻨﻅﺭﺘﻪ ﺍﻟﺜﺎﻗﺒﺔ ﺃﻗل ﺤﺩﺓ ،ﻭﻴﺩﻩ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻭﺩ ﺃﻥ ﻴﻤﺭﺭﻫﺎ
ﻋﻠﻰ ﺸﺎﺭﺒﻴﻪ ﻭﻫﻭ ﻴﺨﻁﺏ ،ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻨﻬﻜﺔ ﻟﻔﺭﻁ ﻤﺎ ﺤﺎﻭﻟﺕ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻤﻥ ﻤﻁﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ.
ﻟﻡ ﻴﻘل ﺸﻴﺌﺎ .ﻓﻠﻡ ﻴﻜﻥ ﻋﻨﺩﻩ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﻤﺎ ﻴﻘﻭﻟﻪ ،ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺎﻟﻭﺍ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻤﻭﺴﻜﻭ -ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺼﺩﻫﺎ
ﻟﻠﻌﻼﺝ ﻤﻥ ﻤﺭﺽ ﻨﺎﺩﺭ ﻭﺴﺭﻴﻊ ﺍﻟﻔﺘﻙ -ﺇﻥ ﻤﻭﺘﻪ ﺤﺘﻤﻲ ﻭﻋﺎﺠل .ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺍﻀﺢ ﺃﻨﻪ ﻋﺎﺩ ﻜﺤﺼﺎﻥ
ﺴﺒﺎﻕ ﻤﺠﺭﻭﺡ ﻟﻴﻤﻭﺕ ﺒﻴﻥ ﺃﻫﻠﻪ ،ﻭﻟﻴﺨﺘﺒﺭ ﺤﺒﻨﺎ ﻟﻪ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻋﺎﻨﻰ ﻓﻲ ﺒﺩﺍﻴﺎﺘﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻔﺎﺀ
ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻲ ﻟﺸﻌﺏ ﻜﺎﻥ ﻴﻔﻀل ﻋﻠﻴﻪ ﻁﻠﹼﺔ ﺒﻥ ﺒﻠﹼﺔ ..ﻭﻋﻔﻭﻴﺔ ﻁﻴﺒﺘﻪ.
ﺃﺼﻭﻟﻪ ﺍﻟﺭﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻭﺭﺜﺘﻪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ،ﻭﺤﻴﺎﺘﻪ ﺍﻟﻨﻀﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺼﻘﻠﺕ ﻜﺒﺭﻴﺎﺀﻩ ﺠﻌﻠﺘﻪ ﻴﺼﺭ ﻋﻠﻰ
ﻫﻴﺒﺔ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻭﺤﺸﻤﺘﻪ ،ﻓﻤﺎﺕ ﻜﺒﻴﺭﺍ ﻤﻴﺘﺔ ﺘﺸﺒﻪ ﻏﻤﻭﺽ ﺸﺨﺼﻴﺘﻪ ﺍﻟﺴﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻘﺩﺓ.
ﺫﺍﺕ ٢٩ﺩﻴﺴﻤﺒﺭ ،ﻭﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻴﺤﺘﻔل ﺒﺄﻋﻴﺎﺩ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ ،ﻜﻨﺎ ﻨﻭﺩﻉ ﺠﺜﻤﺎﻥ ﺍﻟﺭﺠل ﺍﻟﺫﻱ ﻭﻟﺩﺕ
ﻋﻠﻰ ﻴﺩﻩ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻭﺃﺤﻼﻤﻬﺎ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ،ﺍﻟﺭﺠل ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻟﻨﺯﺍﻫﺘﻪ ﻻ ﻴﻤﺘﻠﻙ ﺤﺘﻰ ﺒﻴﺘﺎ،
ﻭﻻ ﻋﺭﻓﻨﺎ ﻟﻪ ﺃﻫﻼ ،ﺃﻭ ﻗﺭﻴﺒﺎ .ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺘﺭﻙ ﻟﻨﺎ ﺃﺠﻬﺯﺓ ﻭﺼﻴﺎﺭﻓﺔ ﺘﺭﺒﻭﺍ ﺘﺤﺕ ﺒﺭﻨﺴﻪ ،ﺴﻴﺘﻜﻠﻔﻭﻥ
ﺒﻘﻤﻊ ﺃﺤﻼﻤﻨﺎ ﻭﺇﻓﻘﺎﺭﻨﺎ ،ﻭﺭﻫﻥ ﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻨﺎ ﻟﻌﺩﺓ ﺃﺠﻴﺎل .ﺭﺤل ﻤﻭﺩﻋﺎ ﺒﺠﺩﺍﻭل ﺍﻟﺩﻤﻭﻉ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ
ﻴﺩﺭﻱ ﺃﻨﻬﺎ ﺴﺘﺘﺤﻭل ﺒﻌﺩﻩ ﺇﻟﻰ ﺃﻨﻬﺎﺭ ﺩﻤﺎﺀ.
ﺒﻜﺎﻩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻜﻔﺎﺠﻌﺔ ﺘﺨﻔﻲ ﻤﺅﺍﻤﺭﺓ .ﻟﻜﺄﻥ ﻤﻭﺘﻪ ﺇﺸﺎﻋﺔ ﻭﻤﺭﻀﻪ ﻤﻜﻴﺩﺓ .ﻓﺎﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﺘﻌﻠﻡ ﻤﻥ
ﺤﻜﻡ ﺒﻭﻤﺩﻴﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﺃﻻ ﻴﺼﺩﻕ ﺃﻥ ﺜﻤﺔ ﻤﻭﺘﺎ ﻁﺒﻴﻌﻴﺎ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺍﻷﻤﺭ ﺒﺭﺠﺎل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ.
ﻭﻟﺫﺍ ﺭﺤل ﻤﻜﻔﻨﺎ ﺒﺎﻷﺴﺌﻠﺔ ،ﻜﻜل ﺭﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻟﻔﻘﺕ ﻟﻬﻡ ﻤﻴﺘﺎﺕ ﻭﺍﻨﺘﺤﺎﺭﺍﺕ ﻭﺘﺼﻔﻴﺎﺕ
ﺍﻨﺘﻘﺎﻤﻴﺔ ﻋﺎﺒﺭﺓ ﻟﻠﻘﺎﺭﺍﺕ ..ﻭﻟﻠﺘﺎﺭﻴﺦ.
ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ،ﺜﻤﺔ ﺃﻤﺭﺍﻥ ﻻ ﻴﺼﺩﻗﻬﻤﺎ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ :ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺒﺴﺒﺏ ﻁﺒﻴﻌﻲ ،ﻭﺍﻟﺜﺭﺍﺀ ﻤﻥ ﻤﺎل ﺤﻼل.
ﻓﺂﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﺸﺎﻫﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﺤﻜﻡ ،ﺘﺠﻌﻠﻪ ﻴﻌﺘﻘﺩ ﺃﻥ ﻜل ﻤﻥ
ﻤﺎﺕ ﻗﺘل ،ﻭﻜل ﻤﻥ ﺃﺜﺭﻯ ﺴﺭﻕ ،ﻭﺒﺴﺒﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﻴﺏ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﺍﻨﻬﺎﺭ ﺍﻟﺴﺩ ﺍﻷﺨﻀﺭ ﻟﻠﺜﻘﺔ،
ﻭﺍﺒﺘﻠﻌﺘﻨﺎ ﻜﺜﺒﺎﻥ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺎﺕ.
ﻴﺤﺩﺙ ﺃﻥ ﺃﺤﻥ ﺇﻟﻰ ﺠﺯﺍﺌﺭ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ .ﻜﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ ،ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻻ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﺃﻓﻕ ﺤﻴﻨﺎ ،ﻟﻜﻨﻨﺎ
ﻜﻨﺎ ﻨﻌﺘﻘﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻜﻠﻪ ﻜﺎﻥ ﻴﺤﺴﺩﻨﺎ .ﻓﻘﺩ ﻜﻨﺎ ﻨﺼﺩﺭ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﻭﺍﻷﺤﻼﻡ ،ﻷﻨﺎﺱ ﻤﺎﺯﺍﻟﻭﺍ ﻤﻨﺒﻬﺭﻴﻥ
ﺒﺸﻌﺏ ﺃﻋﺯل ﺭﻜﻌﺕ ﺃﻤﺎﻤﻪ ﻓﺭﻨﺴﺎ.
ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻜﺎﻥ ﺠﻬﺎﺯ ﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻥ ﻴﺒﺙ ﺼﻭﺭﺍ ﺒﺎﻷﺴﻭﺩ ﻭﺍﻷﺒﻴﺽ ﻨﺘﺤﻠﻕ ﺤﻭﻟﻬﺎ ﻜل ﻤﺴﺎﺀ ،ﻏﻴﺭ
ﻤﺼﺩﻗﻴﻥ ﻤﻌﺠﺯﺓ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻌﺠﻴﺏ.
ﻭﻷﻨﻨﺎ ﻜﻨﺎ ﺃﻭل ﻤﻥ ﺃﺩﺨل ﺍﻟﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻲ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺠﺎﺭﺍﺕ ﺘﺘﻘﺭﺒﻥ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺒﺈﺭﺴﺎل ﻁﺒﻕ ﻤﻥ
ﺍﻟﺤﻠﻭﻯ ﻋﺼﺭﺍ ﻤﻊ ﺃﻭﻻﺩﻫﻥ ،ﻜﻲ ﻨﺴﻤﺢ ﻟﻬﻡ ﺒﻤﺸﺎﻫﺩﺓ ﺍﻟﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻥ ﻤﻌﻨﺎ.
ﻜﺎﻨﺕ ﻟﻨﺎ ﺃﻨﻤﺎﻁ ﺤﻴﺎﺓ ﻤﺘﺩﺍﺨﻠﺔ ﺒﺤﻜﻡ ﻓﺭﺤﺔ ﺍﻹﺴﺘﻘﻼل ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻤﺕ ﺸﻤﻠﻨﺎ ،ﻭﺠﻌﻠﺘﻨﺎ ﻨﺘﻌﻠﻡ ﺍﻟﻤﺴﺎﻜﻨﺔ
ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻨﻨﻌﻡ ﺒﺎﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ،ﻓﻲ ﺒﻨﺎﻴﺔ ﻭﺃﺼﺒﺤﺕ" ﻏﻨﻴﻤﺔ ﺍﺴﺘﻘﻼل" ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺒﻌﺽ ،ﻭﻀﺭﻴﺒﺔ ﻨﺯﺍﻫﺔ
ﻭﺤﻤﺎﻗﺔ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷﺒﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﺒﺤﻜﻡ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺘﻪ ﻋﻥ ﺘﻭﺯﻴﻊ ﺍﻷﻤﻼﻙ ﺍﻟﺸﺎﻏﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﻜﻬﺎ
ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﻭﻥ ﺒﻌﺩ ﺍﻹﺴﺘﻘﻼل ،ﺃﺼﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻗﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﺸﻘﺔ ﻟﻺﻴﺠﺎﺭ ﻏﻴﺭ ﺩﺍﺭ ﺇﻨﻪ ﺴﻴﻘﻀﻲ ﻗﻴﻬﺎ ﻤﺎ
ﺒﻘﻲ ﻤﻥ ﻋﻤﺭﻩ ،ﻭﻟﻥ ﻴﻐﺎﺩﺭﻫﺎ ﺇﻻ ﺒﻌﺩ ﺜﻼﺜﻴﻥ ﺴﻨﺔ ﺇﻟﻰ ﻗﺒﺭﻩ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺘﺩﻫﻭﺭﺕ ﺼﺤﺘﻪ ،ﺒﺎﻟﺴﺭﻋﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺩﻫﻭﺭﺕ ﺒﻬﺎ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺒﻨﺎﻴﺔ ،ﻭﺘﻌﻁل ﺒﻪ ﺩﻭﻻﺏ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻜﻤﺎ ﺘﻌﻁل ﻤﺼﻌﺩﻫﺎ ﻨﻬﺎﺌﻴﺎ ﺒﻌﺩ
ﺍﻟﺴﻨﻭﺍﺕ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻺﺴﺘﻘﻼل ،ﻟﻴﻘﻀﻲ ﺸﻴﺨﻭﺨﺘﻪ ﻓﻲ ﻟﻬﺎﺙ ﺼﻌﻭﺩ ﻁﻭﺍﺒﻘﻬﺎ ﺍﻟﺨﻤﺴﺔ.
ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺍﻷﻭل ﻟﹲﻺﺴﺘﻘﻼل ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺠﻴﺭﺍﻥ ﻤﺸﻐﻭﻟﻴﻥ ﺒﺎﻟﺘﻔﺭﺝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻥ..
ﻭﻋﻠﻴﻨﺎ ،ﻜﻨﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻵﺨﺭ ﻟﻠﺸﻘﺔ ،ﺃﺘﺭﻗﺏ ﺒﺼﺒﺭ ﻤﺭﺍﻫﻕ ،ﺃﻥ ﺘﻨﻔﺢ ﻨﺎﻓﺫﺓ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺴﻴﺩﺓ
ﺍﻟﺒﻭﻟﻭﻨﻴﺔ ,ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺴﻜﻥ ﻤﻊ ﺯﻭﺠﻬﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﻀﺭ ﻤﻊ ﻤﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﻨﺩﺴﻴﻥ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻭل
ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ,ﻟﻠﻨﻬﻭﺽ ﺒـ " ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ" ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ،ﺠﺎﻫﻠﻴﻥ ﺍﻟﺜﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ ﺍﻷﺨﺭﻯ
ﺍﻟﺘﻲ ﺴﻴﺤﺩﺜﻭﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻔﺘﻴﺎﻥ ..ﻭﺍﻟﻔﺘﻴﺎﺕ.
ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ،ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﺔ ﻟﺘﻭﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺭﺏ ,ﺼﺒﻴﺔ ﺘﻘﻊ ﻓﻲ ﺤﺏ ﻤﻥ ﺠﺎﺅﻭﺍ ﻤﻥ ﻜل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ
ﻟﺘﻬﻨﺌﺘﻬﺎ ﻭﺇﺩﺍﺭﺓ ﺸﺅﻭﻨﻬﺎ ،ﻭﺘﻌﺭﻑ ﻤﻐﺎﻤﺭﺍﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﺒﺭﺓ ﻟﻠﻘﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺎﺕ
ﻭﺍﻟﻠﻬﺠﺎﺕ ..ﻤﻥ ﺨﻼل ﺁﻻﻑ ﻗﺼﺹ ﺍﻟﺤﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻟﺩﺕ ﺒﻴﻨﻬﺎ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﻴﻥ
ﻭﺍﻟﻤﺼﺭﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺠﺎﺅﻭﺍ ﻟﻴﻌﻤﻠﻭﺍ ﺃﺴﺎﺘﺫﺓ ﻭﻤﻬﻨﺩﺴﻴﻥ ﻭﻤﺴﺘﺸﺎﺭﻴﻥ ،ﻭﺍﻟﺫﻴﻥ ﻭﻗﻌﻭﺍ
ﺘﺤﺕ ﺴﻁﻭﺓ ﺍﺴﻤﻬﺎ ،ﻜﻤﺎ ﻟﻴﻘﺘﺴﻤﻭﺍ ﻤﻌﻬﺎ ﺒﻌﺽ ﺸﺭﻑ ﺘﺎﺭﻴﺨﻬﺎ ،ﻭﺘﻘﺘﺴﻡ ﻤﻌﻬﻡ ﻤﺎ ﻓﻘﺩﺕ ﻤﻥ
ﻋﺭﻭﺒﺘﻬﺎ.
ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ،ﺠﺎﺀ ﺍﻟﺤﺏ ﺒﻭﻟﻭﻨﻴﺎ .ﺒﺤﻜﻡ ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻀﻌﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﺸﻘﺭﺍﺀ ﻓﻲ ﻤﺭﻤﻰ
ﺒﺼﺭﻱ ،ﻓﻲ ﺒﻨﺎﻴﺔ ﺘﻁل ﻋﻠﻰ ﺸﻘﺘﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻵﺨﺭ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺒﻤﺴﺎﻓﺔ ﺘﺤﺘﺭﻡ ﻭﺠﺎﻫﺔ ﺫﻟﻙ
ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻨﺩﺴﺘﻪ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﺒﻤﺎ ﻴﻠﻴﻕ ﺒﺎﻟﻤﺒﺎﻨﻲ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ ﻟﻪ ﻤﻥ ﻓﺨﺎﻤﺔ.
ﺸﺎﻫﺩﺘﻬﺎ ﺫﺍﺕ ﺼﺒﺎﺡ ﺘﺭﺘﺩﻱ ﺭﻭﺏ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ ﺍﻷﺒﻴﺽ ،ﻭﺘﻘﻭﻡ ﺒﺘﺠﻔﻴﻑ ﺸﻌﺭﻫﺎ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﺭﺁﺓ .ﻟﻡ ﻴﻜﻥ
ﻴﺒﺩﻭ ﻤﻨﻬﺎ ﺸﻴﺌﺎ ﻋﺎﺭﻴﺎ .ﺭﺒﻤﺎ ﻷﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺩﺭﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻴﻭﻥ ﺘﺘﺠﺴﺱ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺸﻬﻴﺔ
ﺒﺸﻌﺭﻫﺎ ﺍﻟﻤﺒﻠل ﻭﺤﺭﻜﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻐﺭﻴﺔ ﻋﻥ ﻏﻴﺭ ﻗﺼﺩ.
ﻴﻭﻤﻬﺎ ﺍﺨﺘﺯﻨﺕ ﺫﺍﻜﺭﺓ ﻓﺘﻭﺘﻲ ﺼﻭﺭﺘﻬﺎ ،ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻤﻊ ﺍﻟﻌﻤﺭ ﺭﻤﺯﺍ ﻟﻠﻐﻭﺍﻴﺔ ﺍﻟﻨﺴﺎﺌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺼﺒﺢ
ﻤﻥ ﺸﺭﻭﻁﻬﺎ ﻋﻨﺩﻱ ﺃﻻ ﺘﺒﺩﻭ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﻋﺎﺭﻴﺔ ..ﻭﺇﻨﻤﺎ ﺘﻅل ﻤﺸﺭﻭﻉ ﻋﺭﻱ ﻤﻭﺍﺭﺏ.
ﻜﺎﻨﺕ ،ﻜﻜل " ﺍﻟﺭﻓﻴﻘﺎﺕ" ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ،ﻤﺸﺘﻌﻠﺔ ﺒﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﻴﻘﺫﻓﻬﺎ ﺒﺭﻜﺎﻥ
ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ﻤﻥ ﻜل ﺍﻟﻘﺎﺭﺍﺕ.
ﻭﻜﻨﺕ ﻓﻲ ﻋﻤﺭ ﺍﻻﻜﺘﺸﺎﻓﺎﺕ ﺍﻷﻭﻟﻰ ,ﻤﺸﺘﻌﻼ ﺒﻬﺎ ،ﻭﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻷﻜﺒﺭ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺘﺤﻤﻠﻬﺎ
ﻨﻤﻠﺔ ﺒﺸﺭﻴﺔ ﻤﺜﻠﻲ .
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺯﻭﺠﺕ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺒﻌﺩﺓ ﺴﻨﻭﺍﺕ ،ﻭﺠﺩﺘﻨﻲ ﺃﻗﻴﻡ ﻓﻲ ﻏﺭﻓﺔ ﻨﻭﻡ .ﻤﻘﺎﺒﻠﺔ ﻟﻐﺭﻓﺔ ﻜﺎﻨﺕ
ﻏﺭﻓﺘﻬﺎ .ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻤﺎ ﺘﺄﻤﻠﺕ ﺒﻴﺘﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﺴﻨﺘﻴﻥ ﻤﺨﺘﺒﺭ ﺘﺠﺎﺭﺒﻲ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﻭﻤﺭﺘﻌﺎ ﻟﺠﻨﻭﻨﻲ ،ﻗﺒل ﺃﻥ
ﻴﻀﻌﻪ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻤﻘﺎﺒﻼ ﻟﻤﺎ ﺴﻴﺼﺒﺢ ﺤﻴﺎﺘﻲ ﺍﻟﺯﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﺌﻘﺔ ﺍﻟﺘﻌﻘل ..ﻭﺍﻟﺒﺭﻭﺩﺓ.
ﺩﻭﻤﺎ ,ﺜﻤﺔ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺃﻭﻟﻰ ،ﺘﺄﺘﻴﻬﺎ ﻓﺘﻰ ﻤﺭﺘﺒﻜﺎ ﺨﺠﻭﻻ ،ﻓﺘﺘﻌﻠﻡ ﻋﻠﻰ ﻴﺩﻫﺎ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺭﺠﻼ ،ﺜﻡ ﺃﺨﺭﻯ
ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺒﺴﻨﻭﺍﺕ ،ﺴﺘﺒﻬﺭﻫﺎ ﺒﻤﺎ ﺘﻌﻠﻤﺘﻪ ،ﻭﺘﺨﺘﺒﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺴﻁﻭﺓ ﺭﺠﻭﻟﺘﻙ.
ﻭﺤﺩﻫﺎ ﺯﻭﺠﺘﻙ ،ﻋﻠﻰ ﺠﺴﺩﻙ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺃﺒﻠﻪ ﻭﻏﺒﻴﺎ ﻓﻲ ﺤﻀﺭﺘﻬﺎ .ﻓﺈﻥ ﻜﻨﺕ ﺍﻜﺘﺴﺒﺕ ﺨﺒﺭﺍﺘﻙ
ﻗﺒﻠﻬﺎ ،ﺴﺘﺘﺤﺎﺸﻰ ﺍﺴﺘﻌﺭﺍﻀﻬﺎ ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ ﻋﻥ ﺤﻴﺎﺀ .ﻭﺇﻥ ﻜﻨﺕ ﻜﺴﺒﺘﻬﺎ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺯﻭﺍﺝ ،ﺴﺘﺘﻔﺎﺩﻯ
ﺍﺴﺘﻌﺭﺍﻀﻬﺎ ﻋﻥ ﺫﻜﺎﺀ .ﻭﻟﺫﺍ ﻴﺘﺴﺭﺏ ﺇﻜﺴﻴﺭ ﺍﻟﺸﻬﻭﺓ ﻓﻲ ﻤﺎ ﺒﻴﻨﻜﻤﺎ ،ﻭﺘﺴﻘﻁ ﺍﻷﺠﺴﺎﺩ ﻓﻲ ﻭﻫﺩﺓ
ﺍﻟﺘﺂﺨﻲ.
ﻜﺎﻨﺕ " ﺃﻭﻟﻐﺎ" ﺃﻭل "ﺤﻔﺭﺓ ﻨﺴﺎﺌﻴﺔ" ﻭﻗﻌﺕ ﻓﻴﻬﺎ .ﻭﻟﻡ ﺃﻋﺩ ﺃﺫﻜﺭ ﺍﻵﻥ ﻤﻥ ﻗﺎل" :ﻴﺴﻘﻁ ﺍﻟﺭﺠل ﻓﻲ
ﺃﻭل ﺤﻔﺭﺓ ﻨﺴﺎﺌﻴﺔ ﺘﺼﺎﺩﻓﻪ .ﻓﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﺭﺠل ﻫﻭ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﺴﻘﻭﻁ ..ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻔﺭ".
ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻤﺎ ﺘﺫﻜﺭﺕ ﻀﺎﺤﻜﺎ ﻗﻭل ﺠﺩﺘﻲ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺤﺩﻴﺜﻬﺎ ﻋﻥ ﺃﺒﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻤﺎ ﺒﺫﺭ ﺜﺭﻭﺘﻪ ﻓﻲ
ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺒﺴﺒﺏ "ﻓﺨﺎﺥ" ﺘﻔﻨﻥ ﻓﻲ ﻨﺼﺒﻬﺎ ﻟﻪ ":ﻤﻥ ﺘﻤﺴﻙ ﺒﺄﺫﻨﺎﺏ ﺍﻟﺒﻘﺭ ،ﺭﻤﻴﻥ ﺒﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻔﺭ!".
ﻟﻴﺴﺕ ﺍﻟﺸﻬﻭﺓ ،ﺒل ﺍﻟﻴﺘﻡ ،ﻤﺎ ﻴﻠﻘﻲ ﺒﻔﺘﻰ ﻓﻲ ﺃﻭل ﺤﻔﺭﺓ ﻨﺴﺎﺌﻴﺔ ﻴﺼﺎﺩﻓﻬﺎ ,ﺒﺤﺜﺎ ﻋﻥ ﺭﺤﻡ
ﻴﺤﺘﻭﻴﻪ ،ﻋﺴﺎﻩ ﻴﻨﺠﺒﻪ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ.
ﻗﺒل "ﺃﻭﻟﻐﺎ" ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺘﻌﻨﻴﻨﻲ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ,ﺒﻘﺩﺭ ﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻌﻨﻴﻨﻲ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ ..ﻭﺍﻷﺸﻴﺎﺀ.
ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺠﻤﻴﻌﻬﻥ ﻜﻥ ﻴﺨﺘﺼﺭﻥ ﻓﻲ ﺠﺩﺘﻲ ﻷﺒﻲ ،ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺤﺘﻀﻨﺕ ﻁﻔﻭﻟﺘﻲ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻤﺫ
ﻏﺎﺩﺭﺕ ﺴﺭﻴﺭ ﺃﻤﻲ ﺭﻀﻴﻊ ﻭﺍﻨﺘﻘﻠﺕ ﻟﻠﻨﻭﻡ ﻓﻲ ﻓﺭﺍﺸﻬﺎ ﻟﻌﺩﺓ ﺴﻨﻭﺍﺕ.
ﻋﻠﻰ ﻓﺭﺍﺸﻬﺎ ﺍﻷﺭﻀﻲ ،ﺒﺩﺃﺕ ﻤﺸﻭﺍﺭﻱ ﻜﻌﺎﺒﺭ ﺴﺭﻴﺭ ﺴﺘﺘﻠﻘﻔﻪ ﺍﻷﺴﺭﺓ ﻭﺍﺤﺩﺍ ﺒﻌﺩ ﺍﻵﺨﺭ ﺤﺘﻰ
ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ ﺍﻷﺨﻴﺭ.
ﺜﻤﺔ ﺸﻲﺀ ﻓﻲ ﻁﻔﻭﻟﺘﻙ ﺤﺩﺙ .ﻭﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﻌﻲ ﺫﻟﻙ ،ﻜل ﺴﻲﺀ ﺴﻴﺩﻭﺭ ﺤﻭﻟﻪ ،ﺇﻟﻰ ﺁﺨﺭ ﻟﺤﻅﺔ
ﻤﻥ ﺤﻴﺎﺘﻙ.
ﻷﻨﻙ ﻟﻡ ﺘﻨﺎﺩ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻴﻭﻤﺎ " ﺃﻤﻲ" ﻟﻴﺴﺕ ﻋﻼﻗﺘﻙ ﻤﻊ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺤﺩﻫﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺘﺘﻀﺭﺭ ،ﺒل ﻜل ﻋﻼﻗﺎﺘﻙ
ﺒﺎﻷﺸﻴﺎﺀ.
ﻤﺜل" ﺭﻭﺴﻭ" ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺃﺨﺘﺼﺭ ﺤﻴﺎﺘﻲ ﺒﺠﻤﻠﺔ ﺒﺩﺃ ﺒﻬﺎ ﺴﻴﺭﺘﻪ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻪ " ﺍﻋﺘﺭﺍﻓﺎﺕ " :
"ﻤﺠﻴﺌﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻜﻠﻑ ﺃﻤﻲ ﺤﻴﺎﺘﻬﺎ .ﻭﻜﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﻤﺎ ﺴﺄﻋﺭﻓﻪ ﻤﻥ ﻤﺂﺱ".
ﻤﻨﺫ ﻴﺘﻤﻲ ﺍﻟﻤﺒﻜﺭ ،ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻗﻴﻡ ﻋﻼﻗﺔ ﺃﻤﻭﻤﺔ ﻤﻊ ﻤﺎ ﻴﺤﻴﻁ ﺒﻲ .ﺃﺨﺘﺎﺭ ﻟﻲ ﻜل ﻓﺘﺭﺓ ﺃﻤﺎ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ
ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺼﺩﻤﻨﻲ ﻓﻴﻪ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ،ﻭﺘﺫﻜﺭﻨﻲ ﺃﻨﻨﻲ ﻟﺴﺕ ﻁﻔﻠﻬﺎ.
ﺍﻷﻤﻭﻤﺔ ،ﺍﻜﺘﺸﻔﺘﻬﺎ ،ﻜﻤﺎ ﻋﺜﺭ ﺃﺭﺨﻤﻴﺩﺱ ﻋﻠﻰ ﻨﻅﺭﻴﺘﻪ ﻭﻫﻭ ﺩﺍﺨل ﺤﻤﺎﻤﻪ .ﻓﺫﻟﻙ ﺍﻟﻭﻋﺎﺀ ﺍﻷﺒﻴﺽ
ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺘﻭﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺀ ﻤﺎﺌﻲ ﻜﺠﻨﻴﻥ ،ﺤﺩﺙ ﺃﻥ ﻭﻟﹼﺩ ﻓﻲ ﺩﺍﺨﻠﻲ ﺇﺤﺴﺎﺴﺎ ﻏﺭﻴﺒﺎ ،ﺠﻌل
ﻤﻥ ﻤﻐﻁﺱ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ ﺃﻤﻲ .ﻓﻘﺩ ﻜﻨﺕ ﺃﻗﻀﻲ ﻓﻴﻪ ﻜل ﻭﻗﺘﻲ ﺭﺍﻓﻀﺎ ﻤﻐﺎﺩﺭﺘﻪ ﺨﺸﻴﺔ ﺃﻥ ﻴﻔﺭﻍ ﻤﻥ
ﻤﺎﺌﻪ ،ﻜﻤﺎ ﺃﺘﻭﻗﻊ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻗﺩ ﻓﺭﻏﺕ ﺩﻤﺎﺀ ﺃﻤﻲ ﻭﻫﻲ ﺘﻨﺯﻑ ﺒﻲ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻟﻭﻻﺩﺓ.
ﻴﺤﺩﺙ ﻟﻸﻤﻭﻤﺔ ﺃﻥ ﺘﺅﻟﻤﻨﻲ ،ﺤﺘﻰ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻻ ﺘﻜﻭﻥ ﻟﻬﺎ ﻗﺭﺍﺒﺔ ﺒﻲ ،ﻜﺘﻠﻙ ﺍﻟﻘﻁﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﻨﺕ ﻓﻲ
ﻁﻔﻭﻟﺘﻲ ﺃﻁﻌﻤﻬﺎ ،ﻭﺃﺤﻨﻭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻭﺃﺠﻠﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﺤﺠﺭﻱ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻁﺎﻟﻊ ﻜﺘﺒﻲ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﻴﺔ ،ﺜﻡ ﺃﺼﺒﺤﺕ
ﻓﺠﺄﺓ ﺸﺭﺴﺔ ،ﺘﺭﻓﺽ ﺃﻥ ﺃﺤﻤﻠﻬﺎ ﺃﻭ ﺃﻤﺭﺭ ﻴﺩﻱ ﻋﻠﻴﻬﺎ.
ﺫﺍﺕ ﻴﻭﻡ ،ﻭﻗﺩ ﺘﺭﻜﺕ ﺁﺜﺎﺭ ﻤﺨﺎﻟﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻴﺩﻱ ،ﻨﻬﺭﺘﻨﻲ ﺠﺩﺘﻲ ،ﻭﺃﻤﺭﺘﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﺘﺭﻜﻬﺎ ﻭﺸﺄﻨﻬﺎ،
ﻷﻨﻬﺎ ﺤﺒﻠﻰ ﻭﻻ ﺘﺤﺏ ﺃﻥ ﻴﻘﺭﺒﻬﺎ ﺃﺤﺩ .ﻓﺒﻜﻴﺕ ﻷﻨﻨﻲ ﺃﺩﺭﻜﺕ ﺃﻨﻪ ﻓﻲ ﻴﻭﻡ ﻤﺎ ﺴﻴﺼﺒﺢ ﻟﻬﺎ ﺼﻐﺎﺭﺍ
ﺤﻘﻴﻘﻴﻭﻥ ،ﻭﺴﺘﺘﺨﻠﻰ ﻋﻨﻲ.
ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺭﺃﻴﺘﻬﺎ ﺘﺭﻀﻌﻬﻡ ،ﺘﻠﻌﻘﻬﻡ ،ﺘﺘﻔﻘﺩﻫﻡ ﻭﺍﺤﺩﺍ ﻭﺍﺤﺩﺍ .ﻭﻋﻠﻰ ﻜﺜﺭﺘﻬﻡ ﻻ ﺘﻔﺭﻁ ﻓﻲ ﻭﺍﺤﺩ
ﻤﻨﻬﻡ ,ﻭﺘﻅل ﺘﺒﺤﺙ ﻋﻨﻪ ﻟﺘﻌﻭﺩ ﺒﻪ ﻤﺤﻤﻭﻻ ﻤﻥ ﻋﻨﻘﻪ ﺒﻴﻥ ﻓﻜﻴﻬﺎ.
ﺍﻟﻴﺘﻡ ،ﻜﺎﻟﻌﻘﻡ ،ﻴﺠﻌﻠﻙ ﺘﻐﺎﺭ ﻤﻥ ﺤﻴﻭﺍﻥ ،ﻭﺘﻁﺎﻟﺏ ﺍﷲ ﺒﺤﻕ ﺍﻟﺘﺴﺎﻭﻱ ﺒﻪ ﻤﺎﺩﻤﺕ ﺃﺤﺩ ﻤﺨﻠﻭﻗﺎﺘﻪ.
ﺃﺴﺌﻠﺘﻲ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩﻴﺔ ﺒﺩﺃﺕ ﻤﻊ ﺍﻟﻘﻁﺔ :ﻜﻴﻑ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﻘﻁﺔ ﺃﻥ ﺘﺤﻤل ﺼﻐﻴﺭﻫﺎ ﺒﻴﻥ ﺃﻨﻴﺎﺒﻬﺎ ﻤﻥ
ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﺅﺫﻴﻪ؟ ﻭﻫل ﺤﻘﺎ ﻫﻲ ﺘﺨﻔﻲ ﺼﻐﺎﺭﻫﺎ ﻋﻥ ﺃﺒﻴﻬﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺩﺙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺠﻭﻉ ﺃﻥ ﻴﺄﻜﻠﻬﻡ؟
ﻭﻫل ﺍﻵﺒﺎﺀ ﺠﻤﻴﻌﻬﻡ ﻗﺴﺎﺓ ﻭﻏﻴﺭ ﻤﺒﺎﻟﻴﻥ؟ ﻭﻫل ﺜﻤﺔ ﻗﻁﻁ ﺃﻜﺜﺭ ﺃﻤﻭﻤﺔ ﻤﻥ ﻨﺴﺎﺀ ﻴﺤﻤﻠﻥ ﺃﺜﺩﺍﺀ
ﺘﺫﺭ ﺍﻟﻠﺒﻥ ﻭﺘﻀﻥ ﺒﺎﻟﺭﺤﻤﺔ؟
ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﺒﺭﺕ ،ﻭﺨﺒﺭﺕ ﻴﺘﻡ ﺍﻷﻭﻁﺎﻥ ،ﻜﺒﺭﺕ" ﺃﺴﺌﻠﺔ ﺍﻟﻘﻁﺔ" ﻭﺃﺼﺒﺤﺕ ﺃﻜﺜﺭ ﻭﺠﻌﺎ:
ﻫل ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻭﻁﻥ ﺃﻥ ﻴﻠﺤﻕ ﺒﺄﺒﻨﺎﺌﻪ ﺃﺫﻯ ﻻ ﻴﻠﺤﻘﻪ ﺤﻴﻭﺍﻥ ﺒﻨﺴﻠﻪ؟ ﻫل ﺍﻟﺜﻭﺭﺍﺕ ﺃﺸﺭﺱ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻁﻁ
ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻬﺎﻤﻬﺎ ﻷﺒﻨﺎﺌﻬﺎ ﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﺠﻭﻉ؟ ﻭﻜﻴﻑ ﻻ ﺘﻘﺒل ﻗﻁﺔ ،ﻤﻬﻤﺎ ﻜﺜﺭ ﺼﻐﺎﺭﻫﺎ ،ﺃﻥ ﻴﺒﺘﻌﺩ ﺃﺤﺩﻫﻡ
ﻋﻨﻬﺎ ،ﻭﻻ ﺘﺭﺘﺎﺡ ﺤﺘﻰ ﺘﺭﻀﻌﻬﻡ ﻭﺘﺠﻤﻌﻬﻡ ﺤﻭﻟﻬﺎ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﺭﻤﻲ ﻭﻁﻥ ﺃﻭﻻﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻲ
ﻭﺍﻟﺸﺘﺎﺕ ﻏﻴﺭ ﻤﻌﻨﻲ ﺒﺄﻤﺭﻫﻡ؟ ﻭﻫل ﻓﻲ ﻁﻤﺭ ﺃﻭﺴﺎﺨﻬﻡ ﺘﺤﺕ ﺍﻟﺘﺭﺍﺏ ،ﻫﻲ ﺃﻜﺜﺭ ﺤﻴﺎﺀ ﻤﻥ ﺭﺠﺎل
ﻴﻌﺭﻀﻭﻥ ﺒﺩﻭﻥ ﺨﺠل ،ﻋﺎﺭ ﺒﻁﻭﻨﻬﻡ ﺍﻟﻤﻨﺘﻔﺨﺔ ﺒﺨﻤﻴﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎل ﺍﻟﻤﻨﻬﻭﺏ؟
ﻟﻡ ﺃﺒﺤﺙ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ﻋﻥ ﺠﻭﺍﺏ ،ﻓـ " ﺍﻷﺠﻭﺒﺔ ﻋﻤﻴﺎﺀ ،ﻭﺤﺩﻫﺎ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ﺘﺭﻯ".
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ
ﺒﺭﻏﻡ ﺴﻌﺎﺩﺘﻲ ﺒﺎﻟﺴﻔﺭ ،ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﺯﻥ ﺤﻭﻟﻲ ﻴﻔﺨﺦ ﻜل ﻤﺎ ﻴﺒﺩﻭ ﻟﻐﻴﺭﻱ ﻓﺭﺤﺎ ,ﺒﺩﺀﺍ ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﺠﺎﺌﺯﺓ
ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻌﻠﻙ ﺘﻜﺘﺸﻑ ﺒﺴﺨﺭﻴﺔ ﻤﺭﺓ ﺃﻨﻙ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺃﺴﺎﺒﻴﻊ ﻤﻥ ﻤﻬﺎﻨﺔ ﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ،ﻜﻲ ﺘﺘﻤﻜﻥ ﻤﻥ
ﺍﻟﺴﻔﺭ ﺇﻟﻰ ﺒﺎﺭﻴﺱ ،ﻻﺴﺘﻼﻡ ﺠﺎﺌﺯﺓ ﺼﻭﺭﺓ ﻻ ﻴﺴﺘﻐﺭﻕ ﻭﺼﻭﻟﻬﺎ ﺒﺎﻹﻨﺘﺭﻨﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻜﻠﻪ ،ﺃﻜﺜﺭ
ﻤﻥ ﻟﺤﻅﺔ.
ﺫﻟﻙ ﺃﻥ "ﻓﻴﺯﺍ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ" ﻫﻲ ﺘﺄﺸﻴﺭﺓ ﻟﻠﺼﻭﺭﺓ ،ﻻ ﻟﺼﺎﺤﺒﻬﺎ .ﻭﻋﻭﻟﻤﺔ ﺍﻟﺼﻭﺭ ﻻ ﺘﻌﻨﻲ ﻤﻨﺢ ﺍﻟﺒﺸﺭ
ﺤﻕ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻘل!
ﻻ ﻭﻗﺕ ﻟﻙ ﻟﺘﺴﺄل ﻨﻔﺴﻙ " ﻤﻥ ﺍﻷﻫﻡ ﺇﺫﻥ :ﺃﻨﺕ ..ﺃﻡ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻘﻁﺘﻬﺎ؟".
ﻤﺸﻐﻭل ﺃﻨﺕ .ﻤﺩﻴﻨﺔ ﺒﺭﻏﺒﺎﺕ ﺼﺎﺨﺒﺔ ﺘﻨﺘﻅﺭﻙ .ﺴﻼﻟﻡ ﻤﻌﺩﻨﻴﺔ ﺘﺘﻠﻘﻔﻙ ﻟﺘﻘﺫﻑ ﺒﻙ ﻨﺤﻭ ﻗﺎﻁﺭﺍﺕ
ﺍﻟﻤﺘﺭﻭ ,ﻓﺘﺨﺘﻠﻁ ﺒﺎﻟﻌﺎﺒﺭﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺴﺭﻋﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺸﺭﺩﻴﻥ ،ﻭﻴﺤﺩﺙ ﻭﺴﻁ ﺍﻷﻤﻭﺍﺝ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ،ﺃﻥ ﺘﺭﺘﻁﻡ
ﺒﻤﻭﻁﻨﻙ .ﻻ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻜﻨﺱ ﺸﻭﺍﺭﻉ ﺍﻟﻐﺭﺒﺔ .ﺃﻭ ﻋﺎﻁﻼ ﻋﻥ ﺍﻷﻤل ،ﻴﺘﺴﻜﻊ ﻤﺜﻴﺭﺍ ﻟﻠﺤﺫﺭ
ﻭﺍﻟﺭﻴﺒﺔ .ﺇﻨﻤﺎ ﻭﻁﻨﺎ ﺁﺨﺭ ﻜﺎﻥ ﻤﻔﺨﺭﺘﻙ ،ﻭﺃﺠﻬﺯ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﻼﻤﻪ.
ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺴﺘﻌﺭﻑ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﺴﺒﻘﺘﻙ ﺇﻟﻰ ﺒﺎﺭﻴﺱ ،ﻭﺃﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺭﺼﺎﺼﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺼﻭﺒﻬﺎ ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻭﻥ
ﻨﺤﻭ ﺭﺃﺴﻬﺎ ،ﺠﻌﻠﺕ ﻨﺯﻓﻬﺎ ﻴﺘﺩﻓﻕ ﻫﻨﺎ ﺒﻌﺸﺭﺍﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺌﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﺭﺴﺎﻤﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺴﺭﺤﻴﻴﻥ
ﻭﺍﻷﻁﺒﺎﺀ ﻭﺍﻟﺒﺎﺤﺜﻴﻥ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻔﻭﺝ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺠﺯﺍﺌﺭﻴﻲ ﺍﻟﺸﺘﺎﺕ ،ﻗﺎﻡ ﺒﺘﺄﺴﻴﺱ ﻋﺩﺓ ﺠﻤﻌﻴﺎﺕ
ﻟﻤﺴﺎﻨﺩﺓ ﻤﺎ ﺒﻘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻤﻥ ﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻓﻲ ﻗﺒﻀﺔ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ.
ﺒﻌﺩ ﻭﺼﻭﻟﻲ ﺒﺄﻴﺎﻡ ﻗﺼﺩﺕ ﺍﻟﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﺘﺴﻘﻁﺎ ﻷﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﻭﻁﻥ .ﻭﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﻁﻼﻉ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺼل ﻜل ﻋﻨﺎﻭﻴﻨﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻓﺭﻨﺴﺎ.
ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺒﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺠﻤﺎﻟﻪ ﻤﻭﺤﺸﺎ ﻜﻀﺭﻴﺢ ﺸﻴﺩ ﻟﺘﺄﺒﻴﻥ ﻓﺎﺨﺭ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ ﺒﺫﺭﻴﻌﺔ ﺍﻻﺤﺘﻔﺎﺀ ﺒﻬﺎ .ﺃﻭ
ﻟﻌﻠﻪ ﺸﻴﺩ ﺒﺫﺭﻴﻌﺔ ﻭﻫﺏ ﺍﻻﺴﺘﺭﺯﺍﻕ ﺒﺎﻟﻌﻤﻠﺔ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ،ﻟﻠﺫﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺍﻟﺼﻌﺏ ﻜﺴﺩﺕ
ﺒﻀﺎﻋﺘﻬﻡ ﻓﻲ ﺩﻜﺎﻜﻴﻥ ﺍﻟﻭﻁﻥ.
ﻤﺎﻜﺎﻨﺕ ﺒﺭﻭﺩﺘﻪ ﺘﺸﺠﻊ ﻋﻠﻰ ﺘﺼﻔﺢ ﻫﻤﻭﻡ ﺍﻟﺒﻼﺩ .ﻭﻟﻡ ﻴﻨﻘﺫﻨﻲ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻘﻴﻊ ،ﺴﻭﻯ
ﻤﻠﺼﻘﺎﺕ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻌﻠﻥ ﻋﻥ ﻨﺸﺎﻁﺎﺕ ﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻤﺘﻔﺭﻗﺔ ﻓﻲ ﺒﺎﺭﻴﺱ.
ﺍﻜﺘﻔﻴﺕ ﺒﺄﻥ ﺃﺴﺠل ﻓﻲ ﻤﻔﻜﺭﺘﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﻋﺭﺽ ﺇﺤﺩﻯ ﺍﻟﻤﺴﺭﺤﻴﺎﺕ ،ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻋﻨﻭﺍﻥ ﺍﻟﺭﻭﺍﻕ ﺍﻟﺫﻱ
ﻴﻘﺎﻡ ﻓﻴﻪ ﻤﻌﺭﺽ ﺠﻤﺎﻋﻲ ﻟﺭﺴﺎﻤﻴﻥ ﺠﺯﺍﺌﺭﻴﻴﻥ.
ﻤﺎﻜﻨﺕ ﻷﻅﻥ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻗﺼﺩ ﺒﻌﺩ ﻴﻭﻤﻴﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺭﻭﺍﻕ ﻴﻭﻡ ﺍﻻﻓﺘﺘﺎﺡ ،ﺃﻥ ﻜل ﺍﻷﻗﺩﺍﺭ ﺍﻟﻐﺭﻴﺒﺔ ﺴﺘﺘﻀﺎﻓﺭ
ﻻﺤﻘﺎ ﺍﻨﻁﻼﻗﺎ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ ،ﻟﺘﻘﻠﺏ ﻗﺩﺭﻱ ﺭﺃﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺏ.
ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻘﺎﻋﺔ ﺘﺴﺘﺒﻘﻴﻙ ﺒﺩﻓﺌﻬﺎ ،ﻜﻭﻗﻭﻓﻙ ﺘﺤﺕ ﺍﻟﺒﺭﺩ ،ﺃﻤﺎﻡ ﻋﺭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻁل ﺍﻟﻤﺸﻭﻱ ﻓﻲ ﺸﻭﺍﺭﻉ
ﺒﺎﺭﻴﺱ .ﺩﻑﺀ ﻟﻪ ﺭﺍﺌﺤﺔ ﻭﻟﻭﻥ ﻭﻜﻠﻤﺎﺕ ،ﺼﻨﻌﻬﺎ ﺍﻟﺭﺴﺎﻤﻭﻥ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﻹﺤﺭﺍﺠﻙ ﻋﺎﻁﻔﻴﺎ ,ﺒﻔﻀﻠﻬﻡ
ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﺒﺼﻭﺭ ﺍﻟﻤﺒﺩﻋﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺍﻏﺘﻴﻠﻭﺍ ،ﻭﺒﻭﻀﻌﻬﻡ ﻋﻠﻤﺎ ﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺎ ﺼﻐﻴﺭﺍ ﺠﻭﺍﺭ ﺍﻟﺩﻓﺘﺭ
ﺍﻟﺫﻫﺒﻲ ،ﻭﺇﺭﻓﺎﻗﻬﻡ ﺩﻟﻴل ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﺒﻜﻠﻤﺔ ﺘﺤﺜﻙ ﺃﻻ ﺘﺴﺎﻫﻡ ﻓﻲ ﺍﻏﺘﻴﺎﻟﻬﻡ ﻤﺭﺓ ﺜﺎﻨﻴﺔ ﺒﺎﻟﻨﺴﻴﺎﻥ،
ﻭﺇﻫﻤﺎل ﻤﻥ ﺘﺭﻜﻭﺍ ﺨﻠﻔﻬﻡ ﻤﻥ ﻴﺘﺎﻤﻰ ﻭﺜﻜﺎﻟﻰ.
ﺘﺸﻌﺭ ﺒﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ .ﺘﻜﺎﺩ ﺘﻨﺩﻡ ﻋﻠﻰ ﺯﻴﺎﺭﺘﻙ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ .ﺃﺴﺎﻓﺭﺕ ﺤﺘﻰ ﻫﻨﺎ ﻟﺘﺠﺩ ﻜل ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﺼﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭﻙ؟
ﺍﺤﺘﺩﻡ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﺒﻴﻥ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺯﻭﺍﺭ ،ﺤﻭل ﻤﻥ ﻴﻘﺘل ﻤﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ .ﻜﺄﻨﻬﻡ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﻨﺘﻅﺭﻭﻥ
ﺃﻥ ﻴﻠﺘﻘﻭﺍ ﻜﻲ ﻴﺨﺘﻠﻔﻭﺍ .ﺘﻌﺫﺭ ﻋﻠﻲ ﻤﺠﺎﺩﻟﺘﻬﻡ .ﻭﺘﻌﺫﺭ ﻋﻠﻰ ﻤﺯﺍﺠﻲ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﻬﻴﺄ ﻟﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺯﻥ
ﺘﺠﺎﻫل ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﻡ ﻤﻥ ﺍﻻﺴﺘﻔﺯﺍﺯ ﺍﻟﻤﺘﺭﺍﺸﻕ ﺒﻪ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺠﻤل.
ﻟﻡ ﺃﻁل ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ .ﻗﺭﺭﺕ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﻻﺤﻘﺎ ﻓﻲ ﻴﻭﻡ ﻤﻥ ﺃﻴﺎﻡ ﺍﻷﺴﺒﻭﻉ.
ﺃﺫﻜﺭ ﺃﻨﻨﻲ ﻗﻀﻴﺕ ﻋﺩﺓ ﺃﻴﺎﻡ ﻗﺒل ﺃﻥ ﺃﻗﺼﺩ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺭﻭﺍﻕ ﺫﺍﺕ ﻅﻬﻴﺭﺓ ،ﻟﻭﺠﻭﺩﻱ ﻓﻲ ﻤﺤﻁﺔ ﻤﺘﺭﻭ
ﻏﻴﺭ ﺒﻌﻴﺩﺓ ﻋﻨﻪ.
ﻜﺎﻥ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻓﻴﻪ ﻴﺒﺩﻭ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﻫﺎﺩﺌﺎ ﻭﻤﺴﺎﻟﻤﺎ .ﻻ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﻀﺠﻴﺞ ﺍﻻﻓﺘﺘﺎﺡ .ﻋﺩﺍ ﺼﺨﺏ
ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﻓﻲ ﺨﺒﺙ ﺘﺂﻤﺭ ﺼﻤﺘﻬﺎ ﻋﻠﻴﻙ.
ﺭﺤﺕ ﺃﺘﺠﻭل ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﺴﺘﻭﻗﻔﺕ ﻨﻅﺭﻱ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻟﻭﺤﺎﺕ ﻤﻌﺭﻭﻀﺔ ﺘﻤﺜل
ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﺠﺴﻭﺭﺍ ﻤﺭﺴﻭﻤﺔ ﻓﻲ ﺴﺎﻋﺎﺕ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺒﺠﺎﺫﺒﻴﺔ ﺘﻜﺭﺍﺭ ﻤﺭﺒﻙ ﻓﻲ ﺘﺸﺎﺒﻬﻪ .ﻜل
ﺜﻼﺜﺔ ﺃﻭ ﺃﺭﺒﻌﺔ ﻤﻨﻬﺎ ﻟﻠﺠﺴﺭ ﻨﻔﺴﻪ:
ﺠﺴﺭ ﺒﺎﺏ ﺍﻟﻘﻨﻁﺭﺓ ،ﺃﻗﺩﻡ ﺠﺴﻭﺭ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ،ﻭﺠﺴﺭ ﺴﻴﺩﻱ ﺭﺍﺸﺩ ﺒﺄﻗﻭﺍﺴﻪ ﺍﻟﺤﺠﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﺫﺍﺕ
ﺍﻷﻗﻁﺎﺭ ﺍﻟﻤﺘﻔﺎﻭﺘﺔ ،ﻭﺠﺴﺭ ﺍﻟﺸﻼﻻﺕ ﻤﺨﺘﺒﺌﺎ ﻜﺼﻐﻴﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻭﺩﻴﺎﻥ .ﻭﺤﺩﻩ ﺠﺴﺭ ﺴﻴﺩﻱ ﻤﺴﻴﺩ،
ﺃﻋﻠﻰ ﺠﺴﻭﺭ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ،ﻜﺎﻥ ﻤﺭﺴﻭﻤﺎ ﺒﻁﺭﻴﻘﺔ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﻭﺤﺔ ﻓﺭﻴﺩﺓ ﺘﻤﺜل ﺠﺴﺭﺍ ﻤﻌﻠﻘﺎ ﻤﻥ
ﺍﻟﻁﺭﻓﻴﻥ ﺒﺎﻟﺤﺒﺎل ﺍﻟﺤﺩﻴﺩﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻭ ﺸﺎﻫﻕ ﻜﺄﺭﺠﻭﺤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ.
ﻭﻗﻔﺕ ﻁﻭﻴﻼ ﺃﻤﺎﻡ ﻟﻭﺤﺎﺕ ﻟﻬﺎ ﻋﻨﺩﻱ ﺃﻟﻔﺔ ﺒﺼﺭﻴﺔ ،ﻜﺄﻨﻨﻲ ﻋﺭﻓﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﻤﺎ ،ﺃﻭ ﺸﺎﺭﻜﺕ
ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﻓﻲ ﺭﺴﻤﻬﺎ .ﻜﺎﻨﺕ ﻋﻠﻰ ﺒﺴﺎﻁﺘﻬﺎ ﻤﺤﻤﻠﺔ ﺒﺸﺤﻨﺔ ﻋﺎﻁﻔﻴﺔ ،ﺘﻨﺤﺭﻑ ﺒﻙ ﺇﻟﻰ ﺫﺍﺘﻙ ,ﺤﺘﻰ
ﻟﻜﺄﻨﻬﺎ ﺘﺨﺘﺭﻗﻙ ،ﺃﻭ ﺘﺸﻁﺭﻙ.
ﻓﻜﺭﺕ ،ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺘﺄﻤﻠﻬﺎ ،ﺃﻥ ﺜﻤﺔ ﺠﺴﻭﺭﺍ ،ﻭﺃﺨﺭﻯ ﺘﻌﺒﺭﻨﺎ ,ﻜﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺩﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺴﻜﻨﻬﺎ ،ﻭﺍﻷﺨﺭﻯ
ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﻜﻨﻨﺎ ،ﺤﺴﺏ ﻗﻭل ﺨﺎﻟﺩ ﺒﻥ ﻁﻭﺒﺎل ﻓﻲ " ﺫﺍﻜﺭﺓ ﺍﻟﺠﺴﺩ".
ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻜﻴﻑ ﺃﻭﺼﻠﻨﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﺎﺌﻥ ﺍﻟﺤﺒﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻨﺘﺤﻠﺕ ﺍﺴﻤﻪ ﺼﺤﺎﻓﻴﺎ ﻟﻌﺩﺓ
ﺴﻨﻭﺍﺕ .ﻭﻜﻨﺕ ﺃﻭﻗﻊ ﻤﻘﺎﻻﺘﻲ ﻤﺤﺘﻤﻴﺎ ﺒﻪ ،ﻤﻥ ﺭﺼﺎﺹ ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻴﻥ ﺍﻟﻤﺘﺭﺒﺹ ﺒﻜل ﻗﻠﻡ ،ﻭﺍﺜﻘﺎ ﺒﺄﻥ
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺠل ﻟﻡ ﻴﻭﺠﺩ ﻴﻭﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻜﻤﺎ ﺯﻋﻤﺕ ﻤﺅﻟﻔﺔ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ.
ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺍﻭﺩﺘﻨﻲ ﻟﻔﺭﻁ ﺤﺒﻲ ﻟﺸﺨﺼﻴﺘﻪ ،ﻭﻟﺘﺸﺎﺒﻬﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﺸﻴﺎﺀ ﻜﺜﻴﺭﺓ ,ﺤﺘﻰ ﺇﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ
ﻴﺨﺘﻠﻑ ﻋﻨﻲ ﺴﻭﻯ ﻓﻲ ﻜﻭﻨﻪ ﻴﻜﺒﺭﻨﻲ ﺒﺠﻴل ،ﻭﺇﻨﻪ ﺃﺼﺒﺢ ﺭﺴﺎﻤﺎ ﺒﻌﺩﻤﺎ ﻓﻘﺩ ﺫﺭﺍﻋﻪ ﺍﻟﻴﺴﺭﻯ ﻓﻲ
ﺇﺤﺩﻯ ﻤﻌﺎﺭﻙ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺭ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ،ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﻓﻘﺩ ﺫﺭﺍﻋﻲ ،ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺃﻋﻴﺵ ﺇﻋﺎﻗﺔ ﺘﻤﻨﻌﻨﻲ ﻤﻥ
ﺘﺤﺭﻴﻜﻬﺎ ﺒﺴﻬﻭﻟﺔ ﻤﺫ ﺘﻠﻘﻴﺕ ﺭﺼﺎﺼﺘﻴﻥ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺘﺼﻭﻴﺭ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ.
ﻓﻜﺭﺕ ﺒﺴﺨﺭﻴﺔ ﺃﻨﻪ ﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﺸﺨﺹ ﺁﺨﺭ ﻗﺭﺃ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ،ﻭﺭﺍﺡ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺓ ﻴﺴﺭﻕ ﻟﻭﺤﺎﺕ
ﺍﻟﺭﺠل ,ﻭﻴﺭﺴﻡ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﺨﺎﻟﺩ ﺒﻥ ﻁﻭﺒﺎل ﻤﻭﻟﻌﺎ ﺒﻬﺎ ،ﻤﺴﺘﻨﺩﺍ ﺇﻟﻰ ﻭﺼﻔﻬﺎ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ
ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ .ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﻤﺎﻜﺎﻨﺕ ﺘﺒﺩﻭ ﺘﻤﺭﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺴﻡ ،ﺒﻘﺩﺭ ﻤﺎ ﻫﻲ ﺘﻤﺭﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻔﺎﺀ ﻤﻥ
ﻭﺠﻊ ﻴﻠﻤﺱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ ﺒﺭﻴﺸﺘﻪ ﻤﻤﻜﻥ ﺍﻷﻟﻡ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻤﺭﺓ ،ﻜﻤﺎ ﻟﻴﺩﻟﻙ ﻋﻠﻴﻪ.
ﺇﻨﻪ ﺤﺘﻤﺎ ﺃﺤﺩ ﺃﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺼﺨﺭﺓ ﻭﻋﺸﺎﻗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻜﻭﻨﻴﻥ ﺒﺄﻭﺠﺎﻋﻬﺎ.
ﺨﻠﻘﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﻟﺩﻱ ﻓﻀﻭﻻ ﻤﺒﺎﻏﺘﺎ ﻓﻲ ﺇﻟﺤﺎﺤﻪ ،ﻓﻘﺼﺩﺕ ﺍﻟﻤﺸﺭﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ ،ﺃﺤﺎﻭل
ﻤﺩ ﺤﺩﻴﺙ ﻤﻌﻬﺎ ﻜﻲ ﺘﺯﻭﺩﻨﻲ ﺒﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﻋﻥ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ.
ﻏﻴﺭ ﺃﻨﻬﺎ ﻗﺎﻟﺕ ،ﻭﻫﻲ ﺘﺩﻟﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺴﻴﺩﺓ ﺃﺭﺒﻌﻴﻨﻴﺔ ﺠﻤﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﻭﺍﻡ ,ﻴﻨﺴﺩل ﺸﻌﺭﻫﺎ ﺍﻷﺤﻤﺭ
ﺒﺘﻤﻭﺠﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻜﺘﻔﻴﻬﺎ:
-ﻫﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻴﺩﺓ ﺍﻟﻤﻜﻠﻔﺔ ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ,ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻬﺎ ﺇﻤﺩﺍﺩﻙ ﺒﻤﺎ ﺘﺤﺘﺎﺠﻪ ﻤﻥ ﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ.
ﻗﺩﻤﺕ ﻟﻲ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺒﻤﻭﺩﺓ ،ﻭﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﺤﺭﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﺒﻌﻀﻬﻡ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﻓﻲ
ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻓﻲ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺎﺕ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻁﺎﺒﻊ ﺍﻟﺘﻀﺎﻤﻨﻲ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻲ .ﻗﺎﻟﺕ:
?- Bonjour.. Je suis Francoise.. que puis – je pour vous
ﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﺃﻋﺭﻑ ﺒﻌﺩ " ﻤﺎﺫﺍ ﺘﺴﺘﻁﻴﻌﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﻤﻥ ﺃﺠﻠﻲ".
ﻓﺄﺠﺒﺘﻬﺎ:
-ﺇﻨﻲ ﻤﻬﺘﻡ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ .ﺃﺘﻤﻨﻰ ﻟﻭ ﺃﻋﺭﻑ ﺸﻴﺌﺎ ﻋﻥ ﺼﺎﺤﺒﻬﺎ.
ﺭﺩﺕ ﺍﻟﺴﻴﺩﺓ ﺒﺤﻤﺎﺴﺔ:
-ﺇﻨﻬﺎ ﻟﺯﻴﺎﻥ ,ﺃﺤﺩ ﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﺭﺴﺎﻤﻴﻥ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﻴﻥ.
ﻗﻠﺕ ﻤﻌﺘﺫﺭﺍ:
-ﺴﻤﻌﺕ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻻﺴﻡ ..ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻤﻊ ﺍﻷﺴﻑ ﻟﻡ ﺃﺸﺎﻫﺩ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻗﺒل ﺍﻟﻴﻭﻡ.
ﺭﺩﺕ:
-ﺃﺘﻔﻬﻡ ﻫﺫﺍ .ﺇﻨﻪ ﻀﻨﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺽ ،ﻭﻤﻘل ﺍﻟﺭﺴﻡ ﺃﻴﻀﺎ ،ﻭﻟﺫﺍ ﺘﻨﻔﺩ ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ ﺒﺴﺭﻋﺔ .ﻜﻤﺎ ﺘﺭﻯ،
ﻤﻌﻅﻡ ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ ﺒﻴﻌﺕ.
ﻗﻠﺕ ،ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻗﻑ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ:
-ﻏﺭﻴﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﺜﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺭﻜﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻭﻗﻊ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻠﻡ ﺍﻟﻠﻭﻨﻲ .ﺩﻭﺭﺓ ﺍﻟﻨﻭﺭ ﺒﻴﻥ ﻟﻭﺤﺔ
ﻭﺃﺨﺭﻯ ﺘﻌﻁﻴﻙ ﺇﺤﺴﺎﺴﺎ ﺃﻨﻙ ﺘﺭﺍﻓﻕ ﺍﻟﺠﺴﺭ ﻓﻲ ﺩﻭﺭﺓ ﻨﻬﺎﺭﻩ ،ﻤﻊ ﺃﻥ ﺍﻷﻟﻭﺍﻥ ﻻ ﺘﺘﻐﻴﺭ ،ﺇﻨﻬﺎ
ﺫﺍﺘﻬﺎ.
ﻗﺎﻟﺕ:
-ﻷﻨﻪ ﺘﻌﻠﻡ ﺍﻻﺨﺘﺯﺍل ﺍﻟﻠﻭﻨﻲ ﻤﻥ ﺃﻴﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ .ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺩﺀ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻟﺩﻴﻪ ﻤﺎل ،ﻓﺎﻗﺘﺼﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﻟﻭﺍﻥ.
ﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﺒﺎﻟﻜﺎﺩ ﻤﺎ ﻴﻜﻔﻲ ﻟﺜﻼﺜﺔ ﺃﻟﻭﺍﻥ ﺃﻭ ﺃﺭﺒﻌﺔ ،ﻓﺭﺴﻡ ﺒﺄﻟﻭﺍﻨﻪ ﺠﺴﺭﺍ.
ﻭﺍﺼﻠﺕ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ:
-ﻜل ﺍﻟﺭﺴﺎﻤﻴﻥ ﻟﻬﻡ ﺒﺩﺍﻴﺎﺕ ﻤﺘﻘﺸﻔﺔ .ﺒﻴﻜﺎﺴﻭ ﻓﻲ ﺃﻭل ﻫﺠﺭﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﺭﺴﻡ ﻟﻭﺤﺎﺕ ﻏﻠﺏ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻠﻭﻥ ﺍﻷﺯﺭﻕ ,ﻭﺭﺃﻯ ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﺴﺒﺒﺎ ﻭﺍﺤﺩﺍ ﻟﻤﺭﺤﻠﺘﻪ ﺍﻟﺯﺭﻗﺎﺀ ﺘﻠﻙ :ﺇﻥ ﻓﻘﺭ ﺍﻟﻤﻬﺎﺠﺭ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ
ﻤﻨﻌﻪ ﻤﻥ ﺸﺭﺍﺀ ﺃﻟﻭﺍﻥ ﺃﺨﺭﻯ ﻭﺤﺩﺩ ﺨﻴﺎﺭﻩ .ﻓﺎﻥ ﻏﻭﻍ ﺭﺴﻡ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻟﻭﺤﺔ ﻟﺤﻘﻭل ﺍﻟﺸﻤﺱ
ﻷﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻓﻲ ﺤﻭﺯﺘﻪ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﻠﻭﻥ ﺍﻷﺼﻔﺭ.
ﻜﻨﺕ ﺴﺄﺒﺩﻱ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺇﻋﺠﺎﺒﻲ ﺒﺜﻘﺎﻓﺘﻬﺎ ،ﻟﻭﻻ ﺃﻥ ﺫﻫﻨﻲ ﻜﺎﻥ ﻤﺸﻐﻭﻻ ﻜﻠﻴﺎ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ ﺍﻟﺫﻱ
ﺒﺩﺃﺕ ﺃﺘﻌﺎﻁﻑ ﻤﻌﻪ ،ﻭﺃﺤﺯﻥ ﻟﺒﺅﺴﻪ .ﻭﻜﻌﺎﺩﺘﻲ ﺭﺤﺕ ﺃﻓﻜﺭ ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﺘﻤﻜﻨﻨﻲ ﻤﻥ ﻤﺴﺎﻋﺩﺘﻪ.
ﻗﻠﺕ ﻟﻬﺎ:
-ﻻ ﺃﻓﻬﻡ ..ﺃﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﺃﺤﺩ ﻓﻜﺭ ﻓﻲ ﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ﺭﺴﺎﻡ ﻤﻭﻫﻭﺏ ﻜﻬﺫﺍ ،ﻻ ﻴﻤﻠﻙ ﺜﻤﻥ ﺸﺭﺍﺀ ﺃﻟﻭﺍﻥ
ﻟﻠﺭﺴﻡ؟
ﻀﺤﻜﺕ ﺍﻟﺴﻴﺩﺓ ﻭﻗﺎﻟﺕ:
-ﺍﻷﻤﺭ ﻟﻴﺱ ﻫﻜﺫﺍ ..ﻜﻨﺕ ﺃﺤﺩﺜﻙ ﻋﻥ ﺒﺩﺍﻴﺎﺘﻪ ،ﻋﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺴﻤﻬﺎ ﻗﺒل ﺃﺭﺒﻌﻴﻥ ﺴﻨﺔ
ﻴﻭﻡ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﺎﻟﺞ ﻓﻲ ﺘﻭﻨﺱ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺤﺭﺏ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺭ .ﺃﺸﺎﺭﺕ ﺒﻴﺩﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﻟﻭﺤﺔ " ﺍﻟﺠﺴﺭ ﺍﻟﻤﻌﻠﻕ".
ﺩﻗﻘﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ :ﻓﻲ ﺃﺴﻔﻠﻬﺎ ﻜﺘﺏ :ﺘﻭﻨﺱ .١٩٥٦
ﺸﻲﺀ ﻤﺎ ﺒﺩﺃ ﻴﺸﻭﺵ ﺫﻫﻨﻲ .ﻓﻜﺭﺓ ﻤﺠﻨﻭﻨﺔ ﻋﺒﺭﺘﻨﻲ ،ﻭﻟﻜﻨﻨﻲ ﺍﺴﺘﺒﻌﺩﺘﻬﺎ ﺨﺸﻴﺔ ﺃﻥ ﺃﺸﻜﻙ ﻓﻲ
ﻗﻭﺍﻱ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ .ﻗﻠﺕ:
-ﻅﻨﻨﺘﻪ ﺸﺎﺒﺎ ..ﻜﻡ ﻋﻤﺭﻩ ﺇﺫﻥ؟
-ﺇﻨﻪ ﺴﺘﻴﻨﻲ.
-ﻭﻤﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻭﺼﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ؟
-ﻫﻭﺴﻪ ﺒﻘﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻁﺒﻌﺎ! ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﺭﺴﻤﻬﺎ ﻤﻨﺫ ١٠ﺴﻨﻭﺍﺕ ،ﺤﺩﺙ ﺃﻥ ﻤﺭ ﺒﻔﺘﺭﺓ ﻟﻡ
ﻴﻜﻥ ﻴﺭﺴﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ .ﻫﺫﺍ ﺒﻌﺽ ﻤﺎ ﺒﻘﻲ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺠﻨﻭﻥ .ﻤﻌﻅﻤﻬﺎ ﺒﻴﻌﺕ ﻓﻲ
ﻤﻌﺎﺭﺽ ﺴﺎﺒﻘﺔ.
ﺨﺸﻴﺕ ﻓﺠﺄﺓ ،ﺇﻥ ﺃﻨﺎ ﻭﺍﺼﻠﺕ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ،ﺃﻥ ﺃﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻜﺘﺸﺎﻑ ﻤﺨﻴﻑ.
ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﻭﻜﺄﻨﻨﻲ ﺃﻫﺭﺏ ﻤﻥ ﻤﻔﺎﺠﺄﺓ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻋﻭﺍﻗﺒﻬﺎ:
-ﻭﻤﺎﺫﺍ ﻴﻌﺭﺽ ﻏﻴﺭ ﻟﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ﻫﺫﻩ؟
ﻗﺎﻟﺕ ﻤﺸﻴﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻟﻭﺤﺔ ﺘﻤﺜل ﺸﺒﺎﻜﺎ ﺒﺤﺭﻴﺔ ﻤﺤﻤﻠﺔ ﺒﺄﺤﺫﻴﺔ ﺒﻤﻘﺎﻴﻴﺱ ﻭﺃﺸﻜﺎل ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺘﺒﺩﻭ
ﻋﺘﻴﻘﺔ ﻭﻤﻨﺘﻔﺨﺔ ﺒﺎﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﻁﺭ ﻤﻨﻬﺎ:
-ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ .ﺇﻨﻬﺎ ﻤﻥ ﺃﺤﺏ ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ ﺇﻟﻲ ،ﻭﺃﻋﺠﺏ ﺃﻻ ﺘﻜﻭﻥ ﺒﻴﻌﺕ ﺤﺘﻰ ﺍﻵﻥ.
ﻭﺃﻤﺎﻡ ﻤﺎ ﺒﺩﺍ ﻤﻨﻲ ﻤﻥ ﻋﺩﻡ ﺇﻋﺠﺎﺏ ﺒﻠﻭﺤﺔ ﻟﻡ ﺃﻓﻬﻤﻬﺎ ،ﻗﺎﻟﺕ ﻤﻭﻀﺤﺔ:
-ﻫﺫﻩ ﺭﺴﻤﻬﺎ ﺯﻴﺎﻥ ﺘﺨﻠﻴﺩﺍ ﻟﻀﺤﺎﻴﺎ ﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ١٧ﺃﻜﺘﻭﺒﺭ , ١٩٦١ﺨﺭﺠﻭﺍ ﻓﻲ ﺒﺎﺭﻴﺱ ﻓﻲ
ﻤﻅﺎﻫﺭﺓ ﻤﺴﺎﻟﻤﺔ ﻤﻊ ﻋﺎﺌﻼﺘﻬﻡ ﻟﻠﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﺒﺭﻓﻊ ﺤﻅﺭ ﺍﻟﺘﺠﻭل ﺍﻟﻤﻔﺭﻭﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﻴﻥ ،ﻓﺄﻟﻘﻰ
ﺍﻟﺒﻭﻟﻴﺱ ﺒﺎﻟﻌﺸﺭﺍﺕ ﻤﻨﻬﻡ ﻤﻭﺜﻭﻗﻲ ﺍﻷﻁﺭﺍﻑ ﻓﻲ ﺘﻬﺭ ﺍﻟﺴﻴﻥ .ﻤﺎﺕ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻭﻥ ﻏﺭﻗﺎ ،ﻭﻅﻠﺕ
ﺠﺜﺜﻬﻡ ﻭﺃﺤﺫﻴﺔ ﺒﻌﻀﻬﻡ ﺘﻁﻔﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻴﻥ ﻟﻌﺩﺓ ﺃﻴﺎﻡ ،ﻟﻜﻭﻥ ﻤﻌﻅﻤﻬﻡ ﻻ ﻴﻌﺭﻑ ﺍﻟﺴﺒﺎﺤﺔ.
ﻗﻠﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻗﺎﻁﻌﻬﺎ ﺤﺘﻰ ﻻ ﺃﺒﺩﻭ ﺃﻗل ﻤﻌﺭﻓﺔ ﻤﻨﻬﺎ ﺒﺘﺎﺭﻴﺨﻲ:
-ﺃﺩﺭﻱ ..ﻤﺎ ﺍﺴﺘﻁﺎﻉ Paponﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﺁﻨﺫﺍﻙ ﻋﻥ ﺍﻷﻤﻥ ﻓﻲ ﺒﺎﺭﻴﺱ ،ﺃﻥ ﻴﺒﻌﺙ ﺒﻬﻡ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤﺤﺭﻗﺔ ﻜﻤﺎ ﻓﻌل ﻤﻊ ﺍﻟﻴﻬﻭﺩ ﻗﺒل ﺫﻟﻙ ،ﻓﺄﻨﺯل ﻋﺸﺭﻴﻥ ﺃﻟﻔﺎ ﻤﻥ ﺭﺠﺎﻟﻪ ﻟﻴﺭﻤﻭﺍ ﺒﻬﻡ ﺇﻟﻰ " ﺍﻟﺴﻴﻥ "
.ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺒﻭﻟﻴﺱ ﻴﺴﺘﻭﻗﻑ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﻤﻨﻬﻡ ﺴﺎﺌﻼ" ﻤﺤﻤﺩ ..ﺃﺘﻌﺭﻑ ﺍﻟﺴﺒﺎﺤﺔ؟" ﻭﻏﺎﻟﺒﺎ ﻤﺎ ﻴﺠﻴﺏ
ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻥ "ﻻ" ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﻴﺩﻓﻊ ﻋﻨﻪ ﺸﺒﻬﺔ .ﻭﻋﻨﺩﻫﺎ ﻴﻜﺘﻔﻲ ﺍﻟﺒﻭﻟﻴﺱ ﺒﺩﻓﻌﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺴﺭ ﻨﺤﻭ
"ﺍﻟﺴﻴﻥ" .ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﻟﻤﺠﺭﺩ ﺘﻭﻓﻴﺭ ﺠﻬﺩ ﺸﺩ ﺃﻁﺭﺍﻓﻪ ﺒﺭﺒﻁﺔ ﻋﻨﻘﻪ!
ﻭﺍﺼﻠﺕ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺒﻨﺒﺭﺓ ﻓﺭﺤﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺓ:
-ﺇﻥ ﺠﻤﻌﻴﺔ ﻟﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭﻴﺔ ﺍﺴﺘﻭﺤﺕ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﻓﻜﺭﺓ ﺘﺨﻠﻴﺩﻫﺎ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ .ﻗﺎﻤﺕ
ﻓﻲ ﺁﺨﺭ ﺫﻜﺭﻯ ﻟﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ١٧ﺃﻜﺘﻭﺒﺭ ﺒﺈﻨﺯﺍل ﺸﺒﺎﻙ ﻓﻲ ﻨﻬﺭ ﺍﻟﺴﻴﻥ ﺘﺤﺘﻭﻱ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﺫﻴﺔ ﺒﻌﺩﺩ
ﺍﻟﻀﺤﺎﻴﺎ .ﺜﻡ ﺃﺨﺭﺠﺕ ﺍﻟﺸﺒﺎﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻤﺘﻸﺕ ﺃﺤﺫﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻬﺘﺭﺌﺔ ﺒﺎﻟﻤﺎﺀ ,ﻭﻋﺭﻀﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻀﻔﺎﻑ
ﺍﻟﺴﻴﻥ ﻟﻠﻔﺭﺠﺔ ،ﺘﺫﻜﻴﺭﺍ ﺒﺄﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﻐﺭﻗﻰ.
ﻓﻘﺩﺕ ﺼﻭﺘﻲ ﻓﺠﺄﺓ ﺃﻤﺎﻡ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺎﻋﺎﺩﺕ ﻤﺴﺎﺤﺔ ﻟﻔﻅ ﻨﺯﺍﻋﺎﺕ ﺍﻷﻟﻭﺍﻥ ،ﺒل ﻤﺴﺎﺤﺔ
ﻟﻔﻅ ﻨﺯﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ.
ﺸﻌﺭﺕ ﺒﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺃﻀﻡ ﺇﻟﻰ ﺼﺩﺭﻱ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺼﻔﻬﺎ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ،ﻭﻨﺼﻔﻬﺎ ﻓﺭﻨﺴﺎ .ﺃﻥ
ﺃﻗﺒل ﺸﻴﺌﺎ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺃﻥ ﺃﺼﻔﻊ ﺸﻴﺌﺎ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺃﻥ ﺃﺅﻟﻤﻬﺎ ،ﺃﻥ ﺃﺒﻜﻴﻬﺎ ،ﺜﻡ ﺃﻋﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻔﻨﺩﻕ ﺍﻟﺒﺎﺌﺱ
ﻷﺒﻜﻲ ﻭﺤﺩﻱ.
ﺃﺒﺩﺃﺕ ﻟﺤﻅﺘﻬﺎ ﺃﺸﺘﻬﻴﻬﺎ؟
ﻗﻁﻌﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺘﻔﻜﻴﺭﻱ ,ﻭﻓﺎﺠﺄﺘﻨﻲ ﻤﻌﺘﺫﺭﺓ ﻻﺭﺘﺒﺎﻁﻬﺎ ﺒﻤﻭﻋﺩ ،ﻭﺘﺭﻜﺘﻨﻲ ﺃﻤﺎﻡ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ
ﻤﺸﺘﺕ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺃﺘﺄﻤﻠﻬﺎ ﺘﻐﺎﺩﺭ ﺍﻟﻘﺎﻋﺔ.
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ،ﻟﻡ ﻴﻔﺎﺭﻗﻨﻲ ﺇﺤﺴﺎﺱ ﻤﺘﺯﺍﻴﺩ ﺒﺎﻟﻔﻀﻭل ﺘﺠﺎﻩ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ ,ﻭﻻ ﻓﺎﺭﻗﻨﻲ ﻤﻨﻅﺭ ﺘﻠﻙ
ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻓﻀﺕ ﺒﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﻏﺭﻴﺒﺔ ،ﻭﺃﻓﺴﺩﺕ ﻋﻼﻗﺔ ﻭﺩ ﺃﻗﻤﺘﻬﺎ ﻤﻊ ﻨﻬﺭ ﺍﻟﺴﻴﻥ.
ﺤﺘﻤﺎ ،ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ ﺘﻌﻤﺩ ﺭﺴﻡ ﻤﺎ ﻴﺘﺭﻜﻪ ﺍﻟﻤﻭﺘﻰ .ﻓﺎﻟﺸﺒﺎﻙ ﻋﺫﺍﺒﻨﺎ ﻻ ﺍﻟﺠﺜﺔ.
ﺘﻌﻤﺩ ﺃﻥ ﻴﻀﻌﻙ ﺃﻤﺎﻡ ﺃﺤﺫﻴﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﺒﺅﺴﺎ ﻤﻥ ﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ ،ﻤﻬﻤﻠﺔ ﻜﺄﻗﺩﺍﺭﻫﻡ ،ﻤﺜﻘﻠﺔ ﺒﻤﺎ ﻋﻠﻕ ﺒﻬﺎ ﻤﻥ
ﺃﻭﺤﺎل ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .ﺘﻠﻙ ﺍﻷﺤﺫﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺒﻠل ﻭﺘﻬﺘﺭﺉ ﺒﻔﻌل ﺍﻟﻤﺎﺀ ،ﻜﻤﺎ ﺘﺘﺤﻠل ﺠﺜﺔ .ﺇﻨﻬﺎ ﺴﻴﺭﺓ ﺤﻴﺎﺓ
ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﻭﻱ ﺒﺄﺴﻤﺎﺌﻬﺎ ﺴﻴﺭﺓ ﺤﻴﺎﺓ ﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ.
ﻗﻀﻴﺕ ﺍﻟﺴﻬﺭﺓ ﻤﺘﺄﻤﻼ ﻓﻲ ﺃﻗﺩﺍﺭ ﺃﺤﺫﻴﺔ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺭﺤﻠﻭﺍ ،ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺍﻨﺘﻌﻠﻭﻫﺎ ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺩﺭﻭﺍ
ﺃﻨﻬﻡ ﻴﻨﺘﻌﻠﻭﻥ ﺤﺫﺍﺌﻬﻡ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﻟﻤﺸﻭﺍﺭﻫﻡ ﺍﻷﺨﻴﺭ .ﻤﺎ ﺘﻭﻗﻌﻭﺍ ﺃﻥ ﺘﺨﻭﻨﻬﻡ ﺃﺤﺫﻴﺘﻬﻡ ﻟﺤﻅﺔ ﻏﺭﻕ .
ﻁﺒﻌﺎ ،ﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻗﻭﺍﺭﺏ ﻨﺠﺎﺓ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﻡ ﺘﻤﺴﻜﻭﺍ ﺒﻬﺎ ﻜﻘﺎﺭﺏ .ﺃﺤﺫﻴﺔ ﻤﻥ ﺯﻭﺝ ﻭﺃﺨﺭﻯ ﻤﻥ ﻭﺍﺤﺩﺓ ,
ﻤﺸﺕ ﻤﺴﺎﻓﺎﺕ ﻻ ﺃﺤﺩ ﻴﻌﺭﻑ ﻭﺠﻬﺘﻬﺎ ،ﺜﻡ ﻟﻔﻅﺕ ﺃﻨﻔﺎﺴﻬﺎ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻓﺎﺭﻗﺕ ﺃﻗﺩﺍﻡ ﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ.
ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﺜﻼﺜﻴﻥ ﺃﻟﻑ ﻤﺘﻅﺎﻫﺭ ) ﻭﺴﺘﻴﻥ ﺃﻟﻑ ﻓﺭﺩﺓ ﺤﺫﺍﺀ( .ﺴﻴﻕ ﻤﻨﻬﻡ ﺍﺜﻨﺎ ﻋﺸﺭ ﺃﻟﻔﺎ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻼﺕ ﻭﺍﻟﻤﻼﻋﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺠﺯﺕ ﻹﻴﻭﺍﺌﻬﻡ .ﻏﻴﺭ ﺃﻥ " ﺍﻟﺴﻴﻥ" ﺍﻟﺫﻱ ﻋﺎﻨﻰ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﻤﻥ ﻋﻠﺔ
ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ،ﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﻴﻌﺭﻑ ﺒﺎﻟﺘﺤﺩﻴﺩ ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﻏﺭﻕ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﻤﻨﻬﻡ.
ﺭﺤﺕ ﺃﺘﺼﻭﺭ ﻀﻔﺎﻑ ﺍﻟﺴﻴﻥ ﺒﻌﺩ ﻟﻴﻠﺔ ﻏﺭﻕ ﻓﻴﻬﺎ ﻜل ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﺒﺅﺴﺎﺀ ،ﻭﺘﺭﻜﻭﺍ ﺃﺤﺫﻴﺘﻬﻡ ﻴﺘﺴﻠﻰ
ﺍﻟﻤﺎﺭﺓ ﺒﺎﺴﺘﻨﻁﺎﻗﻬﺎ .ﻓﻬﺫﻩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺁﺜﺎﺭ ﺠﻴﺭ ﻭﺃﺨﺭﻯ ﺁﺜﺎﺭ ﻭﺤل ﻭﺜﺎﻟﺜﺔ ...ﻤﺎﺫﺍ ﺘﺭﻯ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﻤل
ﺼﺎﺤﺒﻬﺎ ،ﺃﺩﻫﺎﻨﺎ؟ ﺃﻡ ﺒﻨﺎﺀ؟ ﺃﻡ ﺯﺒﺎﻻ؟ ﺃﻡ ﻋﺎﻤﻼ ﻓﻲ ﻁﻭﺍﺒﻴﺭ ﺍﻷﻴﺩﻱ ﺍﻟﺴﻤﺭ ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺘﺭﻜﻴﺏ
ﺴﻴﺎﺭﺍﺕ "ﺒﻴﺠﻭ"؟ ﻓﻼ ﻤﻬﻨﺔ ﻏﻴﺭ ﻫﺫﻩ ﻜﺎﻥ ﻴﻤﺎﺭﺴﻬﺎ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﺁﻨﺫﺍﻙ ﻓﻲ ﻓﺭﻨﺴﺎ.
ﺃﺤﺫﻴﺔ ﻜﺎﻥ ﻷﺼﺤﺎﺒﻬﺎ ﺁﻤﺎل ﺒﺴﻴﻁﺔ ﺫﻫﺒﻲ ﻤﻊ ﺍﻟﻔﺭﺩﺓ ﺍﻷﺨﺭﻯ .ﻓﺭﺩﺓ ﻤﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﺤﺫﺍﺀ ،ﺇﻨﻬﺎ ﺫﻟﻙ
ﺍﻷﻤل ﺍﻟﺨﺎﻟﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﺠﺎﺀ ،ﻜﺼﺩﻓﺔ ﺃﻓﺭﻏﺕ ﻤﺎ ﻓﻲ ﺠﻭﻓﻬﺎ ،ﻤﺭﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺎﻁﺊ .ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﺭ
ﻻ ﻴﺼﺒﺢ ﺃﺼﺩﺍﻓﺎ ﻓﺎﺭﻏﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﺇﻻ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺸﻁﺭ ﺇﻟﻰ ﻨﺼﻔﻴﻥ ,ﻭﻴﺘﺒﻌﺜﺭ ﻓﺭﺍﺩﻯ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺸﺎﻁﺊ.
ﻜﺎﻥ ﺁﺨﺭ ﻤﺎ ﺘﻭﺼﻠﺕ ﺇﻟﻴﻪ ،ﺒﻌﺩ ﺃﺭﻕ ﺫﻫﺏ ﺒﻲ ﻓﻲ ﻜل ﺼﻭﺏ ،ﺃ ،ﺃﻗﺼﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺩ ﺍﻟﺭﻭﺍﻕ ﻷﺸﺘﺭﻱ
ﻟﻭﺤﺔ ﺍﻷﺤﺫﻴﺔ ،ﻜﺴﺒﺎ ﻟﺼﺩﺍﻗﺔ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ،ﻭﻷﺴﺎﻫﻡ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ ﺍﻟﺨﻴﺭﻱ ﺒﺸﺭﺍﺀ ﻟﻭﺤﺔ
ﻭﺠﺩﺘﻨﻲ ﺃﻋﺸﻘﻬﺎ.
ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ،ﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﻤﺸﺭﻭﻋﻲ ﺍﻟﻌﻠﻨﻲ .ﺃﻤﺎ ﻤﺸﺭﻭﻋﻲ ﺍﻵﺨﺭ ﻓﺄﻥ ﺃﻟﺘﻘﻲ ﺒﻔﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻤﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ،
ﻭﺃﻭﺍﺼل ﺍﺴﺘﻨﻁﺎﻗﻬﺎ ﺃﻜﺜﺭ ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ.
ﻋﺎﻤﺎﹰ ﻭﻨﺼﻑ ﻋﺎﻡ ﻓﻲ ﺴﺭﻴﺭ ﺍﻟﺘﺸﺭﺩ ﺍﻷﻤﻨﻲ ،ﻋﺸﺕ ﻤﻨﻘﻁﻌﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﺃﺘﻨﻘل ﺒﺤﺎﻓﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﺇﻟﻰ
ﺜﻜﻨﺔ ﺘﻡ ﺘﺤﻭﻴﻠﻬﺎ ﻷﺴﺒﺎﺏ ﺃﻤﻨﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺒﻴﺕ ﻟﻠﺼﺤﺎﻓﺔ ﻴﻀﻡ ﻜل ﺍﻟﻤﻁﺒﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ﺒﺎﻟﻠﻐﺘﻴﻥ ،ﻻ
ﺃﻏﺎﺩﺭﻫﺎ ﺇﻻ ﺇﻟﻰ ﺇﻗﺎﻤﺘﻲ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ.
ﻜﺎﻥ ﻤﻜﺎﻨﺎﹰ ﻴﺼﻌﺏ ﺘﺴﻤﻴﺘﻪ ،ﻓﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺒﻴﺘﺎﹰ ،ﻭﻻ ﻨﺯﻻﹰ ،ﻭﻻ ﺯﻨﺯﺍﻨﺔ .ﻜﺎﻥ ﻤﺴﻜﻨﺎﹰ ﻤﻥ ﻨﻭﻉ ﻤﺴﺘﺤﺩﺙ
ﺍﺴﻤﻪ " ﻤﺤﻤﻴﺔ" ﻓﻲ ﺸﺎﻁﺊ ﻜﺎﻥ ﻤﻨﺘﺠﻌﺎ ،ﻭﺃﺼﺒﺢ ﻴﺘﻘﺎﺴﻤﻪ " ﺍﻟﻤﺤﻤﻴﻭﻥ" ﻭﺭﺠﺎل ﺍﻷﻤﻥ .ﺘﺤﺘﻤﻲ
ﻓﻴﻪ ﻤﻥ ﺴﻘﻑ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺒﺴﻘﻑ ﺍﻹﻫﺎﻨﺔ .ﻓﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﻙ ﺴﺭﻴﺭ ﻭﺒﺎﺏ ﻴﺤﻤﻴﻙ ﻤﻥ
ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ،ﺒل ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻟﻙ ﻜﺭﺍﻤﺔ.
ﻓﻲ ﺼﻴﻑ ﻤﺎﺯﺍﻓﺭﺍﻥ ،ﺃﻴﺎﻡ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻭﺍﻟﻐﺒﻥ ﻭﺍﻟﺫﻋﺭ ﺍﻟﻴﻭﻤﻲ ،ﻜﻨﺕ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﻘﻴﻡ ﺒﻤﺤﺎﺫﺍﺘﻲ ﻓﻲ
ﺒﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺼﻴﻔﻲ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺎﻁﺊ ﺍﻟﻤﻼﺼﻕ ﻟﻲ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﻑ ﺍﻵﺨﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺽ ﻟﺒﺅﺴﻲ،
ﻓﻲ ﺸﺎﻁﺊ )ﻨﺎﺩﻱ ﺍﻟﺼﻨﻭﺒﺭ( ،ﺤﻴﺙ ﺘﻭﺠﺩ ﻤﺤﻤﻴﺔ ﺒﻨﺠﻭﻡ ﺃﻜﺜﺭ ،ﻤﺤﺠﻭﺯﺓ ﻓﻴﻼﺘﻬﺎ ﻟﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﻘﻭﻡ.
ﻭﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﻋﺫﺍﺏ ﻟﻡ ﺃﺤﺴﺏ ﻟﻪ ﺤﺴﺎﺒﺎﹰ .ﺃﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺨﺘﺎﺭ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﻨﻔﻰ ﻷﺤﺘﻤﻲ ﻤﻥ ﺤﺒﻬﺎ ،ﺃﻜﺜﺭ
ﻤﻥ ﺍﺤﺘﻤﺎﺌﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ،ﻭﺇﺫ ﺍﻷﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻲ ﻫﻭ ﺃﻭل ﻤﺎ ﻓﻘﺩﺕ.
ﺃﻤﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺘﻐﺫﺕ ﻜﺭﺍﻫﻴﺘﻲ ﻟﻬﺎ ﻭﻨﻤﺎ ﺘﻤﺭﺩﻱ ﻋﻠﻴﻬﺎ؟ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺒﻤﺤﺎﺫﺍﺘﻲ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﺔ
ﺍﻷﺨﺭﻯ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﻀﺔ ﻟﻲ ،ﻻ ﺸﻲﺀ ﻴﻭﺼﻠﻨﻲ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻴﻔﺼﻠﻨﻲ ﻋﻨﻬﺎ ﻤﻁﺭ ،ﻭﻻ ﺸﻤﺱ،
ﻭﻻ ﺭﻤل ،ﻭﻻ ﺒﺤﺭ ..ﻭﻻ ﺫﻋﺭ.
ﺃﺤﻴﺎﻨﺎ ﻜﻨﺕ ﺃﺨﺭﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺭﻓﺔ ﺃﻨﺘﻅﺭﻫﺎ ﺒﻭﺤﺸﺔ ﻓﻨﺎﺭ ﺒﺤﺭﻱ ﻓﻲ ﻟﻴل ﻤﻤﻁﺭ .ﻋﺴﻰ ﻗﻭﺍﺭﺏ
ﺍﻟﺸﻭﻕ ﺍﻟﺸﺘﻭﻱ ﺘﺠﻨﺢ ﺒﻬﺎ ﺇﻟﻲ.
ﺃﺤﻠﻡ ﺒﺸﻬﻘﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﻏﺘﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ .ﺒﺎﺭﺘﻌﺎﺩ ﻟﻭﻋﺘﻬﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ .ﺒﺎﻨﺩﻫﺎﺵ ﻨﻅﺭﺘﻬﺎ .ﺒﻀﻤﺘﻬﺎ
ﺍﻷﻭﻟﻰ .ﻜﻌﻤﺭ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺭﺒﻴﻌﺔ " ﺃﻗﻠﹼﺏ ﻁﺭﻓﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻟﻌﻠﻪ\ ﻴﻭﺍﻓﻕ ﻁﺭﻓﻲ ﻁﺭﻓﻬﺎ ﺤﻴﻥ ﺘﻨﻅﺭ".
ﺜﻡ ﺃﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻭﻡ ،ﻤﻤﻨﻴﺎ ﻨﻔﺴﻲ ﺒﺎﻟﻤﻁﺭ ،ﻋﺴﺎﻩ ﻴﻌﻤﺩﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﻠﺔ ﺍﻟﻌﺸﻕ ﻓﻲ ﻏﻔﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺕ
ﻭﺍﻟﻘﺘﻠﺔ.
ﻤﺭﺍﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺎﺴﻤﻨﻲ ﻏﺭﻓﺘﻲ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﻗﺕ ،ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﺘﺤﻭل ﻤﻥ ﻤﺤﻤﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺇﻟﻰ
ﻁﺭﻴﺩﺘﻬﺎ .ﻜﺎﻥ ﻴﻌﺠﺏ ﻤﻥ ﻭﻗﻭﻓﻲ ﻁﻭﻴﻼ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻓﺔ ﻭﻴﻨﺎﺩﻴﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﻷﺸﺎﻁﺭﻩ ﻜﺄﺴﺎ ﻭﺸﻴﺌﺎﹰ
ﻤﻥ ﺍﻟﻁﺭﺏ.
ﻭﻟﻜﻭﻨﻲ ﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﻤﻥ ﻤﺩﻤﻨﻲ ﺍﻟﺸﺭﺏ ،ﻭﻻ ﻤﻥ ﻫﻭﺍﺓ ﺍﻟﺼﺨﺏ ،ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻤﺎ ﺃﺯﻋﺠﻪ ﺍﻋﺘﺫﺍﺭﻱ ،ﻭﺃﺴﺎﺀ
ﻓﻬﻡ ﺃﻋﺫﺍﺭﻱ ،ﻭﺨﺭﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺭﻓﺔ ﻟﻴﺴﺤﺒﻨﻲ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﻗﺎﺌﻼﹰ ﺒﺘﺫﻤﺭ ﻻ ﻴﺨﻠﻭ ﻤﻥ ﺨﻔﺔ ﺩﻡ
ﺘﻤﻴﺯﻩ:
-ﻴﺎ ﺭﺍﺠل ﻭﺍﺵ ﺒﻴﻙ ..ﻴﻠﻌﻥ ﺒﻭﻫﺎ ﺤﻴﺎﺓ .ﻭﺍﺵ ﺭﺍﻙ ﺘﺨﻤﻡ؟ ﺸﻭﻑ ﺃﻨﺎ ﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺒﺎﻟﻴﺵ ﺒﺎﻟﺩﻨﻴﺎ..
ﻴﺭﻭﺤﻭﺍ ﻜﻠﻬﻡ ﻴﻘﻭﺩﻭﺍ..
ﻜﺎﻥ ﻤﺭﺍﺩ ﻴﻤﺜل ﻨﻜﺒﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﻤﻊ ﺒﺤﺭﻩ .ﻴﺭﻯ ﺒﺤﺭﺍﹰ ﻻ ﻴﺩﺭﻱ ﻜﻴﻑ ﻴﻘﻴﻡ ﻤﻌﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺴﻠﻴﻤﺔ.
ﻓﺒﻴﻥ ﺍﻟﺒﺤﺭ ﻭﺒﻴﻨﻪ ﺘﻭﺠﺱ ﻭﺭﻴﺒﺔ ﻭﺴﻭﺀ ﻓﻬﻡ ﺘﺎﺭﻴﺨﻲ .ﻭﻟﺫﺍ ﻜﻨﺎ ﻨﺴﻜﻥ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﺸﺎﻁﺌﻴﺔ ﺠﻤﻴﻠﺔ
ﺘﻭﻟﻲ ﻅﻬﺭﻫﺎ ﻟﻠﺒﺤﺭ ،ﻭﻴﺒﺎﺩﻟﻬﺎ ﺍﻟﺒﺤﺭ ﻋﺩﻡ ﺍﻻﻜﺘﺭﺍﺙ.
ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺩﺭﻜﺕ ﻗﻭل ﺒﻭﺭﺨﻴﺱ " ﺍﻟﺒﺤﺭ ﻭﺤﻴﺩ ﻜﺄﻋﻤﻰ" ..ﺃﻭ ﺭﺒﻤﺎ ﺃﺩﺭﻜﺕ ﺃﻨﻨﻲ ﻜﻨﺕ ﺍﻟﺒﺤﺭ!
***
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻫﺎﺘﻔﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻋﺎﺘﺒﻨﻲ ﻷﻨﻪ ﺘﻌﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﺭﻗﻤﻲ ﻓﻲ ﺒﺎﺭﻴﺱ ،ﺜﻡ ﺒﺴﺨﺭﻴﺘﻪ
ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺒﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﻗﻠﺒﻲ ﺭﺍﺡ ﻴﻤﺎﺯﺤﻨﻲ ﻤﺩﻋﻴﺎﹰ ﺃﻨﻨﻲ ﻨﺴﻴﺘﻪ ﻤﺫ ﺤﺼﻠﺕ ﻋﻠﻰ ﺠﺎﺌﺯﺓ ﻟﺠﻴﻔﺔ
ﻜﻠﺏ ﺒﺩل ﺃﻥ ﺃﺼﻭﺭ ﻭﺴﺎﻤﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﻭﺨﺕ ﺍﻷﻭﺭﺒﻴﺎﺕ ،ﺤﺘﻰ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺴﻴﺎﺭﺓ ﺍﻹﺴﻌﺎﻑ ﺘﺴﻴﺭ
ﻭﺭﺍﺀﻩ ﻹﺨﻼﺀ ﻤﻥ ﻴﻘﻌﻥ ﻤﻐﻤﻰ ﻋﻠﻴﻬﻥ ..ﻟﺩﻯ ﺭﺅﻴﺘﻪ.
" -ﺍﻷﻤﺒﻴﻼﻨﺱ" ﻴﺎ ﺨﻭﻴﺎ ﻭﺭﺍﻱ ..ﺃﻨﺎ ﻨﻤﺸﻲ ﻭﻫﻲ ﺘﻬﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺕ..ﻜﻴﻔﺎﺵ ﻨﺩﻴﺭ ﻗل ﻟﻲ ﻴﺭﺤﻡ
ﺒﺎﺒﺎﻙ؟!
ﻤﺭﺍﺩ ﻜﺎﻥ ﻴﻔﻭﺕ ﺍﻟﻔﺭﺼﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺒﺎﻻﺴﺘﺨﻔﺎﻑ ﺒﻪ .ﻭﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻤﺩﻴﻨﺎﹰ ﻟﻭﺠﻭﺩﻩ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺩ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺒﻤﺭﺤﻪ ﺍﻟﺩﺍﺌﻡ ،ﻭﻤﺩﻴﻨﺎﹰ ﻟﺠﻤﺎل ﻴﺸﻊ ﻤﻨﻪ ،ﺒﺎﺴﺘﺨﻔﺎﻓﻪ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﺒﺎﻟﺠﻤﺎل ,ﻤﺘﺠﺎﻭﺯﺍ ﺒﺫﻟﻙ ﻋﻘﺩﺓ
ﺨﻠﻘﺘﻪ.
ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻜﺎﻥ ﻴﺴﻤﻴﻨﻲ " ﺍﻟﺩﺤﺩﻭﺡ" ﻟﻴﺫﻜﺭﻨﻲ ﺃﻥ ﻭﺴﺎﻤﺘﻲ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﻟﻥ ﺘﻐﻁﻲ ﻋﻠﻰ
ﺒﺸﺎﻋﺘﻪ .ﻭﻜﺎﻨﺕ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺘﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﻤﻘﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﻐﻨﻲ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﺴﻴﺭﺝ ﻏﺎﺴﺒﻭﺭ " ﺇﻥ
ﺍﻟﺒﺸﺎﻋﺔ ﺃﻗﻭﻯ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎل ﻷﻨﻬﺎ ﺃﺒﻘﻰ" .ﻓﺒﺭﻏﻡ ﺒﺸﺎﻋﺘﻪ ﺤﺼل ﻏﺎﺴﺒﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﻓﺎﺘﻨﺎﺕ ﻤﺎ ﻜﻥ ﻓﻲ
ﻤﺘﻨﺎﻭل ﻏﻴﺭﻩ ﻭﻜﺄﻥ ﺍﻟﻘﺒﺢ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﻀﻔﺎﻑ ﺍﻟﺩﻤﺎﻤﺔ ,ﻴﺼﺒﺢ ﻓﻲ ﻓﻴﻀﻪ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭ ﻀﺭﺒﺎﹰ ﻤﻥ
ﺍﻟﺠﻤﺎل ﺍﻟﻤﺜﻴﺭ ﻟﻠﻐﻭﺍﻴﺔ.
ﻭﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﻤﻨﻁﻕ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﻓﻬﻤﻲ .ﻗﺩ ﻴﺸﺭﺤﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﺭﻑ ﺍﻵﺨﺭ ،ﻗﻭل ﺒﺭﻭﺴﺕ " ﻟﻨﺩﻉ
ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺍﻟﺠﻤﻴﻼﺕ ﻟﻠﺭﺠﺎل ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻻ ﺨﻴﺎل ﻟﻬﻡ" .ﻟﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻤﺭﺍﺩ ﻴﺭﺍﻫﻥ ﻋﻠﻰ ﺨﻴﺎل ﺍﻹﻨﺎﺙ ،ﻤﺤﻁﻤﺎﹰ
ﺨﺠل ﺍﻟﻌﻭﺍﻨﺱ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺍﻟﺭﺼﻴﻨﺎﺕ ﺒﻤﺒﺎﻏﺘﻬﻥ ﺒﻤﻤﺎﺯﺤﺘﻪ ﺍﻟﻔﺎﻀﺤﺔ.
ﻓﻲ ﺃﺤﺩ ﻟﻘﺎﺀﺍﺘﻲ ﺒﻪ ﻻﺤﻘﺎﹰ ،ﻀﺭﺒﺕ ﻟﻪ ﻤﻭﻋﺩﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﻭﺍﻕ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺃﺒﺩﻯ ﺍﻫﺘﻤﺎﻤﻪ ﺒﺯﻴﺎﺭﺓ ﻤﻌﺭﺽ
ﺯﻴﺎﻥ .ﻜﻨﺎ ﻨﺘﺠﻭل ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻘﺎﺴﻡ ﻤﻌﻅﻤﻬﺎ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ﻭﺍﻷﺒﻭﺍﺏ ﺍﻟﻌﺘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﺭﺒﺔ،
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﻨﻀﻤﺕ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺭﻓﺘﻪ ﺒﻬﺎ ﻗﺒل ﺫﻟﻙ .ﺭﺍﺤﺕ ﺘﺴﺄﻟﻪ ﺒﺘﺭﺩﺩ ،ﻜﻴﻑ ﻭﺠﺩ
ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ .ﻭﺒﻌﺩ ﺤﺩﻴﺙ ﺠﺩﻱ ﺍﺴﺘﻌﺭﺽ ﻓﻴﻪ ﺴﻌﺔ ﺜﻘﺎﻓﺘﻪ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺃﻀﺎﻑ ﻓﺠﺄﺓ:
-ﻜﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﺃﻓﻬﻡ ﻭﺠﻊ ﺯﻴﺎﻥ ،ﻭﺃﺩﺭﻱ ﺍﻟﻤﺄﺴﺎﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻤﻠﻬﺎ ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ ،ﻟﻜﻨﻲ ﻜﻤﺘﻠﻕ ﺃﺠﺩ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ﺍﻟﻤﻤﺩﺓ ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻷﺒﻭﺍﺏ ﺍﻟﻤﻭﺍﺭﺒﺔ ﺭﻤﺯﺍﹰ ﺃﻨﺜﻭﻴﺎﹰ .ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﺨﺘﺎﺭ ﻋﻨﻭﺍﻨﺎﹰ ﻟﻬﺫﺍ
ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ ﻟﺴﻤﻴﺘﻪ " ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ".
ﻭﺭﺍﺡ ﺃﻤﺎﻡ ﻋﺠﺒﻨﺎ ﻴﺸﺭﺡ ﻓﻜﺭﺘﻪ:
-ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﻭﺍﺭﺏ ﻫﻭ ﺍﻟﻐﺸﺎﺀ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻘﺒﻊ ﺨﻠﻔﻪ ﻜل ﺃﻨﻭﺜﺔ ﻤﻐﻠﻭﻟﺔ ﺒﻘﻴﺩ ﺍﻻﻨﺘﻅﺎﺭ .ﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﺸﺭﻭﻉ
ﻤﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﺴﻭﻯ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺍﻷﺒﺩﻴﺔ ﻟﻠﻭﻟﻭﺝ ،ﺃﻤﺎ ﺒﻌﻀﻪ ﺍﻟﻤﻐﻠﻕ ،ﻓﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﺍﻟﺘﻤﻨﻊ ﺍﻟﺼﺎﺭﺥ
ﻟﻺﻏﻭﺍﺀ ..ﻟﺫﺍ ﻟﻡ ﺃﻋﺭﻑ ﻟﻠﻨﺴﺎﺀ ﺒﺎﺒﺎﹰ ﻋﺼﻴﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻨﻔﺘﺎﺡ .ﺇﻨﻬﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﻭﻗﺕ ﻴﺘﻭﺍﺼﻰ ﺒﺎﻟﺼﺒﺭ.
ﻨﺯل ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻨﺎ ﻭﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺼﻤﺕ ﻤﻔﺎﺠﺊ .ﺸﻌﺭﺕ ﺒﺎﺭﺘﺒﺎﻙ ﺃﻨﻭﺜﺘﻬﺎ .ﻜﺄﻨﻤﺎ ﺒﺩﺃﺕ ﺃﺒﻭﺍﺒﻬﺎ ﺒﺎﻻﻨﻔﺘﺎﺡ
ﺃﻤﺎﻡ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺭﺠل ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺘﻭﻟﻴﻪ ﺍﻫﺘﻤﺎﻤﺎﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺩﺀ.
ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻤﻥ ﺃﻴﻥ ﺠﺎﺀ ﻤﺭﺍﺩ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴل ﺍﻟﻔﺭﻭﻴﺩﻱ ،ﻓﻘﺩ ﺍﻋﺘﺎﺩ ﺃﻥ ﻴﻘﺤﻡ ﺍﻟﺠﻨﺱ ﻓﻲ ﻜل ﺸﻲﺀ.
ﺤﺘﻰ ﺇﻨﻪ ﺫﺍﺕ ﻤﺭﺓ ﺭﺍﺡ ﻴﻘﻨﻌﻨﺎ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﻤﺭﺍﻓﻌﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺩﻓﺎﻋﺎﹰ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﻴﻥ
ﻜﻜل ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻤﺎ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﻭﺍ ﺃﻥ ﻴﻨﺠﺯﻭﺍ ﻤﻥ ﺍﻻﻨﺘﺼﺎﺭﺍﺕ ﻏﻴﺭ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺫﻜﺭﺓ ،ﻓﺩﻓﻌﻭﺍ ﻤﻥ
ﺃﺠل ﻓﺤﻭﻟﺔ ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ﻤﻼﻴﻴﻥ ﺍﻟﺒﺸﺭ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﺴﺘﺨﻔﻭﺍ ﺒﺎﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺅﻨﺜﺔ ،ﺍﺴﺘﺨﻔﺎﻓﻬﻡ ﺒﻨﺴﺎﺌﻬﻡ.
ﻭﻟﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻫﻭﺱ ﻤﺭﺍﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﺒﺘﺫﻜﻴﺭ ﻜﻠﻤﺎﺕ " ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ" ﻭ " ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ" ﻋﺴﺎﻫﺎ ﺘﺠﺩ
ﻁﺭﻴﻘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻨﺠﺎﺯ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺤﺎﻭﻟﺕ ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻓﻜﺭﺘﻪ ،ﻤﺘﺤﺠﺠﺎﹰ ﺒﺎﻨﺘﻤﺎﺀ ﺯﻴﺎﻥ ﻟﺠﻴل ﻻ ﻴﺭﻯ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ،
ﻗﺎل:
-ﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ﻭﻟﻴﺩ ﺃﺤﺎﺴﻴﺱ ﻭﺩﻭﺍﻓﻊ ﻻ ﺸﻌﻭﺭﻴﺔ ﻭﺃﻨﺕ ﻟﻥ ﺘﺩﺭﻱ ﺃﺒﺩﺍﹰ ،ﻤﻬﻤﺎ ﺍﺠﺘﻬﺩﺕ ،ﻤﺎﺫﺍ ﻜﺎﻥ
ﻴﻌﻨﻲ ﻤﺒﺩﻉ ﺒﻠﻭﺤﺔ ﺭﺴﻤﻬﺎ ﺃﻭ ﺒﻘﺼﻴﺩﺓ ﻨﻅﻤﻬﺎ.
ﻗﻠﺕ:
-ﺇﻥ ﻜﻨﺕ ﺘﻌﺭﻑ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺒﺩﻉ ،ﺘﺩﺭﻙ ﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺇﻴﺼﺎﻟﻪ ﺇﻟﻴﻙ .ﺤﻴﺎﺘﻪ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﺴﺭﻱ
ﻷﻋﻤﺎﻟﻪ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﺸﺘﺩ ﺒﻨﺎ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﻗﺎل ﻤﺘﻬﻜﻤﺎﹰ:
-ﺒﺭﺒﻙ ،ﻜﻴﻑ ﺘﺤﺎﺭﺏ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻤﻨﻌﻭﻥ ﻋﻨﻙ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺇﻥ ﻜﻨﺕ ﺘﺭﻓﺽ ﻋﺩﻡ ﺘﻁﺎﺒﻘﻲ ﻤﻌﻙ ﻓﻲ
ﺘﻔﺴﻴﺭ ﻟﻭﺤﺔ؟ " ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻥ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻜﻭﻥ ﻨﻘﻴﻀﻬﺎ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﻜﺫﻟﻙ".
ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻗﻨﺎﻋﺘﻲ ﺒﺭﺃﻴﻪ ،ﻜﻨﺕ ﻋﻠﻰ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺒﻀﺭﻭﺭﺓ ﺇﺒﻌﺎﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺠل ﻋﻥ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ،ﺤﺘﻰ ﻻ
ﻴﻔﺴﺩ ﻋﻠﻲ ﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﺃﺨﻁﻁ ﻟﻪ ﻤﻨﺫ ﺸﻬﺭ ،ﺨﺎﺼﺔ ﺃﻨﻪ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺠﻠﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ ،ﺭﺍﺡ
ﺒﻤﺯﺍﺡ ﻻ ﻴﺨﻠﻭ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺩﻴﺔ ﻴﻭﻀﺢ ﻟﻲ ﻤﺎ ﻴﻌﺘﻘﺩﻩ ﺸﺒﻬﺎﹰ ﺒﻴﻥ ﻨﻭﻋﻴﺔ ﺍﻷﺒﻭﺍﺏ ،ﻭﻤﺎ ﻴﻘﺎﺒﻠﻬﺎ ﻤﻥ
ﺃﺠﻨﺎﺱ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ .ﻓﻬﻭ ﻴﺭﻯ ﺍﻷﻭﺭﺒﻴﺎﺕ ﻤﺜﻼ ,ﻜﺎﻷﺒﻭﺍﺏ ﺍﻟﺯﺠﺎﺠﻴﺔ ﻟﻠﻤﺤﻼﺕ ﺍﻟﻌﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﻔﺘﺢ
ﺤﺎل ﺍﻗﺘﺭﺍﺒﻙ ﻤﻨﻬﺎ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺘﺸﻬﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﻭﺠﻬﻙ ﻭﻗﺎﺭﻫﻥ ﻜﺄﺒﻭﺍﺏ ﺨﺸﺒﻴﺔ ﺴﻤﻴﻜﺔ ﻟﻤﺠﺭﺩ
ﺇﻴﻬﺎﻤﻙ ﺃﻨﻬﻥ ﻤﻨﻴﻌﺎﺕ ﻭﻤﺤﺼﻨﺎﺕ .ﻭﺜﻤﺔ ﻤﻥ ،ﺤﺘﻰ ﻻ ﺘﺴﺘﺴﻬﻠﻬﻥ،ﻴﺘﺒﻌﻥ ﺒﻁﺀ ﺍﻷﺒﻭﺍﺏ ﺍﻟﻠﻭﻟﺒﻴﺔ
ﺍﻟﺯﺠﺎﺠﻴﺔ ﻟﻠﻔﻨﺎﺩﻕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺩﻭﺭ ﺒﻙ ﺩﻭﺭﺓ ﻜﺎﻤﻠﺔ ﻜﻲ ﺘﺠﺘﺎﺯ ﻋﺘﺒﺔ ﻜﺎﻥ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺠﺘﺎﺯﻫﺎ ﺒﺨﻁﻭﺓ!
ﻭﺃﺨﺭﻴﺎﺕ ﻴﺤﺘﻤﻴﻥ ﺒﺒﺎﺏ ﻋﺼﺭﻱ ﻤﺼﻔﺢ ،ﻜﺜﻴﺭ ﺍﻷﻗﻔﺎل ﻭﺍﻷﻟﺴﻨﺔ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﻥ ﻴﺘﺭﻜﻥ ﻟﻙ ﺍﻟﻤﻔﺘﺎﺡ
ﺘﺤﺕ ﺩﻭﺍﺴﺔ ﺍﻟﺒﺎﺏ ..ﻜﻤﺎ ﻋﻥ ﻏﻴﺭ ﻗﺼﺩ.
ﻜﺎﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﻗﻀﻴﺔ ﺼﺒﺭ ﻻ ﺃﻜﺜﺭ .ﻟﻜﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻴﻜﺭﻩ ﻤﻬﺎﻨﺔ ﺍﻻﻨﺘﻅﺎﺭ ﺨﻠﻑ ﺒﺎﺏ ﻤﻭﺼﺩ.
ﻜﺎﻥ ﻴﺤﺘﻜﻡ ﺇﻟﻰ ﺤﺎﺴﺔ ﺍﻟﻔﺭﺍﺴﺔ ﻟﻴﻌﺭﻑ ﻨﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻤﺎﻤﻪ ,ﻭﺇﻟﻰ ﺨﺒﺭﺓ ﺍﻟﻠﺼﻭﺹ ﻓﻲ
ﺍﻜﺘﺸﺎﻑ ﺃﻱ ﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻷﺒﻭﺍﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻴﺘﺤﺩﻯ ﺍﺴﺘﻌﺼﺎﺀﻩ! ﻭﻜﻨﺕ ﻋﻠﻰ ﻓﺭﺤﻲ ﺒﻭﺠﻭﺩﻩ ﻤﻌﻲ،
ﻭﺤﺎﺠﺘﻲ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﺃﺩﺨﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺤﻴﺎﺘﻲ ﻤﻥ ﺤﺭﻜﺔ ،ﻗﺭﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﺠﻌل ﻟﻘﺎﺀﺍﺘﻨﺎ ﻤﺘﺒﺎﻋﺩﺓ ،ﺘﻔﺎﺩﻴﺎﹰ
ﻟﻤﻨﺎﻭﺭﺍﺘﻪ ﺍﻟﻔﺤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﺩﺃﺕ ﺘﺤﻭﻡ ﺤﻭل ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ.
ﻓﻲ ﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﻗﺼﺩﺕ ﺍﻟﺭﻭﺍﻕ ﺒﺤﺜﺎﹰ ﻋﻥ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ،ﻜﻤﺎ ﻷﺘﺄﻜﺩ ﻤﻥ ﺃﻨﻬﺎ ﻤﺎ ﺯﺍﻟﺕ ﻋﻠﻰ
ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻤﻥ ﺍﺸﺘﻬﺎﺌﻬﺎ ﺇﻴﺎﻱ.
ﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﺭﺠﻼﹰ ﻟﻠﻤﻐﺎﻤﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﺒﺭﺓ .ﻭﻻ ﻜﺎﻥ ﻴﺭﻭﻕ ﻟﻲ ﺍﻟﻨﻭﻡ ﻓﻲ ﺸﺭﺍﺸﻑ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ .ﻭﻟﻜﻥ
ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻌﻨﻴﻨﻲ ﻟﺴﺒﺏ ،ﻭﺃﺼﺒﺤﺕ ﺘﻌﻨﻴﻨﻲ ﻟﺴﺒﺒﻴﻥ.
ﻗﺩ ﺃﻜﻭﻥ ﺘﻌﻠﻘﺕ ﺒﻬﺎ ﻟﺤﻁﺔ ﺸﺭﻭﺩ ﻋﺎﻁﻔﻲ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺭﺠل ،ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻌﺒﺭ ﺍﻹﺠﺒﺎﺭﻱ ﻷﻱ ﻁﺭﻴﻕ
ﻴﻭﺼل ﺇﻟﻴﻪ .ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺍﻵﻥ ﺃﺭﻴﺩﻫﺎ ﺒﺴﺒﺏ ﺭﺠل ﺁﺨﺭ ﻗﺭﺭﺕ ﺃﻻ ﺃﺩﻋﻪ ﻴﺄﺨﺫﻫﺎ ﻤﻨﻲ .ﻓﻘﻁ ﻷﻨﻪ ﻴﻤﺘﻠﻙ
ﺠﺴﺎﺭﺓ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﻥ ﻁﺒﻌﻲ.
***
ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺤﻭﺯﺘﻲ ﺫﺭﺍﺌﻊ ﺠﻤﻴﻠﺔ ﺘﻌﻔﻴﻨﻲ ﻤﻥ ﺍﻹﺤﺴﺎﺱ ﺒﺎﻟﺫﻨﺏ ،ﺇﻥ ﺃﻨﺎ ﺍﺴﺘﺴﻠﻤﺕ ﻟﻌﺭﻭﻀﻬﺎ
ﺍﻟﻤﻭﺍﺭﺒﺔ.
ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻟﻲ ﻤﻔﺭ ﻤﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻨﻭﺍﻴﺎ ﺍﻟﺨﺒﻴﺜﺔ ﻷﺴﺌﻠﺔ ﺒﺭﻴﺌﺔ ،ﺘﻁﺭﺤﻬﺎ ﻋﻠﻴﻙ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺘﻀﻤﺭ
ﻟﻙ ﻤﺘﻌﺔ ﺸﺎﻫﻘﺔ ..ﺃﻭ ﻫﻜﺫﺍ ﺘﺴﺘﻨﺘﺞ ﻤﻥ ﻜﻼﻤﻬﺎ.
ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻓﺘﺤﺕ ﺒﺠﻤﻠﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﺒﻭﺍﺒﺔ ﺍﻟﺸﻬﻭﺍﺕ ﺍﻟﺠﻬﻨﻤﻴﺔ ،ﻭﺘﺭﻜﺘﻨﻲ ﻤﺫﻫﻭﻻﹰ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻜﻴﻑ
ﺃﻭﻗﻑ ﺴﻴل ﺍﻟﺤﻤﻡ .ﺃﺒﻤﻘﺎﻭﻤﺘﻬﺎ ،ﺃﻡ ﺒﺎﻻﺴﺘﺴﻼﻡ ﻟﻬﺎ؟
ﻓﺄﻤﺎﻡ ﺃﻱ ﺨﻴﺎﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭﻴﻥ ﻜﺎﻥ ﺍﺤﺘﻤﺎل ﻨﺩﻤﻲ ﻗﺎﺌﻤﺎﹰ.
ﻟﺘﻨﺠﻭ ﻤﻥ ﺃﺴﺌﻠﺘﻙ ،ﻋﻠﻴﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺱ ﺃﻥ ﺘﺘﻐﺎﺒﻰ ﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ،ﺤﺘﻰ ﻻ ﺘﺘﻨﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﻜﻭﻨﻙ ﺘﺫﻫﺏ ﻨﺤﻭ
ﺍﻟﻤﺘﻌﺔ ,ﻷﻨﻙ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺨﻴﺒﺔ ﺼﻐﻴﺭﺓ ﺘﻠﻬﻴﻙ ﻋﻥ ﺨﻴﺒﺎﺕ ﺃﻜﺒﺭ.
ﻭﻟﺫﺍ ﺃﻨﺕ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺃﻜﺎﺫﻴﺏ ﺍﻟﺠﺴﺩ ،ﺇﻟﻰ ﻏﺒﺎﺌﻪ ﻭﻓﺴﻘﻪ ﻭﺘﻨﺎﺴﻴﻪ ،ﻜﻲ ﺘﻘﺼﺩ ﺍﻟﻨﺯﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﺭﻭﻗﺔ
ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﺫﻨﺏ.
ﺃﻨﺕ ﻓﻲ ﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺫﻋﺎﻥ ﻟﻠﻤﺘﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻬﻴﺌﻙ ﻟﻸﻟﻡ ،ﻭﻟﻸﻟﻡ ﺍﻟﻠﺫﻴﺫ ﺍﻟﻤﺨﺩﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻬﻴﺌﻙ ﻟﻠﻤﻭﺕ،
ﻤﺴﺘﻨﺩﺍ ﺇﻟﻰ ﻗﻭل ﻋﻨﻴﻑ ﻟﻠﻤﺭﻜﻴﺯ ﺩﻱ ﺴﺎﺩ " ﻻ ﻁﺭﻴﻕ ﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺃﻓﻀل ﻤﻥ ﺭﺒﻁﻪ ﺒﻤﺨﻴﻠﺔ
ﻓﺎﺴﻘﺔ".
ﻭﺃﻨﺕ ﺴﺘﺤﺘﺎﺝ ﺤﺘﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺨﻴﻠﺔ ،ﻟﺘﻭﻗﻅ ﺼﺨﺏ ﺤﻭﺍﺱ ﺫﻜﻭﺭﻴﺔ ﺘﻌﻭﺩﺕ ﺍﻻﺴﺘﻜﺎﻨﺔ ﻗﻬﺭﺍﹰ.
ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺃﻥ ﺘﻀﺭﻡ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻲ ﺭﻏﺒﺎﺕ ﻤﺅﺠﻠﺔ ﺩﻭﻤﺎﹰ .ﺃﻨﺕ ﺍﻟﻤﺴﻜﻭﻥ ﺒﻨﺯﻭﺍﺕ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺫﻫﺒﻭﻥ ﻜل
ﺼﺒﺎﺡ ﻨﺤﻭ ﻤﻭﺘﻬﻡ ،ﻴﺴﺘﻌﺩﻭﻥ ﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺒﺎﻟﺼﻼﺓ ﺤﻴﻨﺎﹰ ،ﻭﺒﺎﻵﺜﺎﻡ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ﺃﺨﺭﻯ.
ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﻗﺒﻭﻟﻲ ﺩﻋﻭﺓ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻟﻘﻀﺎﺀ " ﻭﻗﺕ ﻤﻤﺘﻊ" ﻜﺎﻥ ﻴﺤﻤل ﻓﺭﺤﺔ ﻤﺸﻭﺒﺔ ﺒﺫﻋﺭ ﻟﻡ ﺃﻋﺭﻓﻪ
ﻤﻥ ﻗﺒل ،ﺨﺸﻴﺔ ﺃﻥ ﺘﺨﻭﻨﻨﻲ ﻓﺤﻭﻟﺘﻲ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ .ﺤﺘﻰ ﺇﻨﻨﻲ ،ﻗﺒل ﺫﻟﻙ ﺒﻠﻴﻠﺔ ،ﺘﺫﻜﺭﺕ ﻤﻐﻨﻴﺔ
ﺃﻭﺒﺭﺍ ﺸﺎﻫﺩﺘﻬﺎ ﺘﻘﻭل ﻓﻲ ﻤﻘﺎﺒﻠﺔ ﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻨﻴﺔ ﺇﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺒﻕ ﺤﻔﻼﺘﻬﺎ ﺘﻌﻴﺵ ﻜﺎﺒﻭﺴﺎﹰ
ﻤﺯﻋﺠﺎﹰ ﺘﺭﻯ ﻓﻴﻪ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺘﻘﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺭﺡ ﻭﻗﺩ ﻓﻘﺩﺕ ﺼﻭﺘﻬﺎ ,ﻤﻤﺎ ﻴﺠﻌﻠﻬﺎ ﺘﺴﺘﻴﻘﻅ ﻤﺫﻋﻭﺭﺓ
ﻜل ﻤﺭﺓ ،ﻭﺘﺠﻠﺱ ﻓﻲ ﺴﺭﻴﺭﻫﺎ ﻟﺘﺠﺭﺏ ﺼﻭﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺼﺎﻩ ،ﻜﻲ ﺘﻁﻤﺌﻥ ﺇﻟﻰ ﻗﻭﺘﻪ ،ﺜﻡ ﺘﺨﻠﺩ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻨﻭﻡ .
ﺘﺭﺍﻨﻲ ﺒﻠﻐﺕ ﻋﻤﺭ ﺍﻟﺫﻋﺭ ﺍﻟﺫﻜﻭﺭﻱ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﻟﻤﺭﻀﻲ ﻤﻥ ﻓﻘﺩﺍﻥ ﻤﺒﺎﻏﺕ ﻟﻠﻔﺤﻭﻟﺔ ،ﻓﻲ ﺘﻠﻙ
ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺍﺤﺘﻴﺎﺠﺎﹰ ﻟﻬﺎ ،ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺭﻴﺩ ﺇﺩﻫﺎﺸﻪ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ؟ ﺃﻜل ﺭﺠل ﻫﻭ ﻤﻐﻨﻲ ﺃﻭﺒﺭﺍ
ﻤﺫﻋﻭﺭ ،ﻻ ﻴﺩﺭﻱ ﻟﻔﺭﻁ ﺼﻤﺕ ﺃﻋﻀﺎﺌﻪ ﻜﻴﻑ ﻴﺨﺘﺒﺭ ﺼﻭﺕ ﺭﺠﻭﻟﺘﻪ!
ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻭﺠﺩﺕ ﻓﻲ ﺘﻤﻨﻌﻲ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﺴﺘﻌﺠﺎﻟﻲ ﺍﻻﻨﻔﺭﺍﺩ ﺒﻬﺎ ،ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻤﻐﺭﻴﺎﹰ ﻭﻤﺜﻴﺭﺍﹰ ﻟﻠﺘﺤﺩﻱ ﺍﻷﻨﺜﻭﻱ
ﺍﻟﺼﺎﻤﺕ ،ﻭﻤﺜﻴﺭﺍﹰ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﻟﻼﺤﺘﺭﺍﻡ .ﺨﺎﺼﺔ ﺒﻌﺩﻤﺎ ﺍﻋﺘﺫﺭﺕ ﻋﻥ ﻗﺒﻭل ﻋﺭﻀﻬﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻅﻨﻪ ﻜﺎﻥ
ﻨﺎﺒﻌﺎﹰ ﻤﻥ ﻁﻴﺒﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﻀﺎﻓﺘﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻓﻲ ﺒﻴﺘﻬﺎ ,ﻟﺘﻭﻓﺭ ﻋﻠﻲ ﻤﺼﺎﺭﻴﻑ ﺍﻹﻗﺎﻤﺔ ﺍﻟﻤﻜﻠﻔﺔ.
ﻗﺎﻟﺕ ﻤﺜﺒﺘﺔ ﺤﺴﻥ ﻨﻭﺍﻴﺎﻫﺎ:
-ﻋﻨﺩﻱ ﻏﺭﻓﺔ ﺇﻀﺎﻓﻴﺔ ﻴﺤﺩﺙ ﺃﻥ ﻴﻘﻴﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻷﺼﺩﻗﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﺒﺭﻭﻥ ﻟﺒﺎﺭﻴﺱ،
ﻭﻤﻌﻅﻤﻬﻡ ﻤﻥ ﻤﻌﺎﺭﻑ ﺯﻴﺎﻥ .ﺁﺨﺭ ﻤﻥ ﺸﻐﻠﻬﺎ ﺯﻭﺠﺔ ﻤﺩﻴﺭ ﻤﻌﻬﺩ ﺍﻟﻔﻨﻭﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ
ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻏﺘﻴل ﺯﻭﺠﻬﺎ ﻭﺍﺒﻨﻬﺎ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﻤﻌﻬﺩ .ﻜﺎﻨﺕ ﻓﻜﺭﺓ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ ﻟﺩﻋﻡ ﻋﺎﺌﻼﺕ ﺍﻟﻤﺒﺩﻋﻴﻥ ﻤﻥ
ﻀﺤﺎﻴﺎ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﺒﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﻤﻨﻬﺎ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﺍﺭﺘﺄﻴﺕ ﺃﻥ ﺃﺴﺘﻘﺒﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺒﻴﺘﻲ ﻟﺤﺎﺠﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺩﻋﻡ ﻨﻔﺴﻲ
ﻜﺒﻴﺭ ﺒﻌﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺤﻨﺔ.
ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺘﺩﺭﻱ ﺃﻨﻬﺎ ﻗﺎﻟﺕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻜﻔﻲ ﻹﻗﻨﺎﻋﻲ ﺒﺄﻱ ﺸﻲﺀ ﺘﻌﺭﻀﻪ ﻋﻠﻲ
ﺒﻌﺩ ﺍﻵﻥ.
ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﻤﻨﺩﻫﺸﺎﹰ:
-ﻭﻫل ﺯﻴﺎﻥ ﻴﻘﻴﻡ ﻓﻲ ﺒﻴﺘﻙ؟
ﺃﺠﺎﺒﺕ ﻀﺎﺤﻜﺔ:
-ﺃﺠل ،ﻭﺇﻥ ﺸﺌﺕ ﺃﻨﺎ ﻤﻥ ﻴﻘﻴﻡ ﻓﻲ ﺒﻴﺘﻪ .ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﺘﺭﻙ ﻟﻲ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻟﻔﺘﺭﺓ ﻁﻭﻴﻠﺔ،
ﺜﻡ ﻋﺭﻀﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺃﺘﻘﺎﺴﻡ ﻤﻌﻪ ﺍﻹﻴﺠﺎﺭ .ﻟﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻴﻨﺎﺴﺒﻨﻲ ﺘﻤﺎﻤﺎ .ﻴﺩﻓﻊ ﻨﺼﻑ
ﺇﻴﺠﺎﺭ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻤﻘﺎﺒل ﺃﻥ ﻴﺸﻐﻠﻪ ﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺯﻭﺭ ﺒﺎﺭﻴﺱ .ﺇﻨﻨﻲ ﻤﺤﻅﻭﻅﺔ ﺤﻘﺎﹰ .ﻓﻬﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺕ
ﺠﻤﻴل ،ﻭﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻙ ﺍﻟﻌﺜﻭﺭ ﺒﺴﻌﺭ ﻤﻌﻘﻭل ﻋﻠﻰ ﺸﻘﺔ ﻜﻬﺫﻩ ﺘﻁل ﻋﻠﻰ ﻨﻬﺭ ﺍﻟﺴﻴﻥ!
ﻟﻡ ﺃﻋﺩ ﺃﺼﺩﻕ ﻤﺎ ﺃﺴﻤﻊ .ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ:
-ﻭﻫل ﺍﻟﺸﻘﺔ ﺘﻁل ﻋﻠﻰ ﺠﺴﺭ ﻤﻴﺭﺍﺒﻭ؟
ﺭﺩﺕ ﻤﺘﻌﺠﺒﺔ:
-ﻫل ﺯﺭﺘﻬﺎ؟
ﻜﻨﺕ ﺴﺄﺒﺩﻭ ﻤﺠﻨﻭﻨﺎﹰ ﻟﻭ ﺃﺨﺒﺭﺘﻬﺎ ﺃﻨﻨﻲ ﺴﺒﻕ ﺃﻥ ﺯﺭﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻴﺔ.
ﻓﺄﺠﺒﺕ ﺒﻬﺩﻭﺀ ﻜﺎﺫﺏ:
-ﻻ ..ﻗﻠﺕ ﻫﺫﺍ ﻷﻨﻨﻲ ﺃﺤﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺠﺴﺭ ،ﻭﺘﻤﻨﻴﺕ ﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ.
-ﺇﻨﻪ ﻓﻌﻼﹰ ﻜﺫﻟﻙ ..ﻭﻟﺫﺍ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻙ ﺃﻥ ﺘﺯﻭﺭ ﺍﻟﺸﻘﺔ ﻜﻠﻤﺎ ﺸﻌﺭﺕ ﺒﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺭﺅﻴﺔ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺠﺴﺭ.
ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﻓﺠﺄﺓ ﻤﺠﺎﺯﻓﺎﹰ ﺒﻜﺒﺭﻴﺎﺌﻲ:
-ﺃﻤﺎ ﺯﺍل ﻋﺭﻀﻙ ﻗﺎﺌﻤﺎ ﺒﺎﺴﺘﻀﺎﻓﺘﻲ ﻟﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻓﻲ ﺒﻴﺘﻙ؟
-ﻁﺒﻌﺎﹰ..
ﺜﻡ ﻭﺍﺼﻠﺕ:
- Oh.. mon Dieu.. comme tu me rappelles
!Ziane c'est fou.. tout ca pour un pont
ﻁﺒﻌﺎ ..ﻜﺎﻨﺕ ﻋﻠﻰ ﺨﻁﺄ .ﻟﻡ ﻴﻜﻥ " ﻜل ﻫﺫﺍ ﺒﺴﺒﺏ ﺠﺴﺭ" .ﻭﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻓﻲ ﺨﻁﺌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺼﻭﺍﺏ،
ﻤﺎﺩﺍﻤﺕ ﻗﺩ ﺼﺎﺤﺕ " ﻴﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﻜﻡ ﺘﺫﻜﺭﻨﻲ ﺒﺯﻴﺎﻥ".
ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺠﺴﺭ ﻤﺎﻜﺎﻥ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﻠﻴﻨﺎ ﻤﺠﺭﺩ ...ﺠﺴﺭ.
ﺃﻀﺎﻓﺕ:
-ﺒﺎﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ..ﺴﻴﻜﻭﻥ ﺍﻓﺘﺘﺎﺡ ﻤﻌﺭﺽ ﺯﻴﺎﻥ ﺒﻌﺩ ﻴﻭﻤﻴﻥ .ﺃﺘﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﺃﺭﺍﻙ ﻫﻨﺎﻙ.
ﺃﺠﺒﺘﻬﺎ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻓﻜﺭ ﻓﻲ ﻜل ﻤﺎ ﻴﻨﺘﻅﺭﻨﻲ ﻤﻥ ﻤﻔﺎﺠﺂﺕ ﺒﻌﺩ ﺍﻵﻥ:
-ﺤﺘﻤﺎﹰ ..ﺴﺄﺤﻀﺭ.
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ
ﺒﺭﻏﻡ ﺩﺭﺍﻴﺘﻲ ﺒﻌﺩﻡ ﺤﻀﻭﺭﻩ ،ﺫﻫﺒﺕ ﻟﺤﻀﻭﺭ ﺍﻓﺘﺘﺎﺡ ﻤﻌﺭﻀﻪ ﺍﻟﻔﺭﺩﻱ ،ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﻤﺎ
ﻴﻐﺭﻴﻨﻲ ﺒﺈﺴﺘﻬﻼﻙ ﺍﺤﺘﻴﺎﻁﻲ ﺍﻟﺤﺯﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺤﺘﻔﻅ ﺒﻪ ﻟﺤﺩﺙ ﻜﻬﺫﺍ.
ﻻ ﺃﻅﻥ ﻤﺭﻀﻪ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻓﺴﺩ ﻋﻠﻲ ﻟﻘﺎﺀﻨﺎ ﺍﻷﻭل .ﺍﻷﻤﺭ ﻻ ﻴﻌﺩﻭ ﺍﺤﺘﻔﺎﻅ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ ﺒﺤﻘﻪ ﻓﻲ ﺃﻥ
ﻴﺨﻠﻑ ﻤﻭﻋﺩﺍﹰ ،ﺤﺘﻰ ﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﺤﻔل ﺯﻓﺎﻑ ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ.
ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻗﺎﻟﺕ ﺃﻨﻪ ﻴﻜﺭﻩ ﺤﻀﻭﺭ ﻴﻭﻡ ﺍﻓﺘﺘﺎﺡ ﻤﻌﺭﺽ ﻟﻪ ،ﻷﻨﻪ ﺒﻀﻭﻀﺎﺌﻪ ﻭﺃﻀﻭﺍﺌﻪ ﻴﻭﻡ
ﻟﻠﻐﺭﺒﺎﺀ .ﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﻟﻪ ﻤﻥ ﺼﺒﺭ ﻋﻠﻰ ﻤﻼﻁﻔﺔ ﻭﻤﺴﺎﻴﺭﺓ ﻤﻥ ﻴﺤﺭﺼﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺤﻀﻭﺭ ﺸﻌﺎﺌﺭ
ﺍﻻﻓﺘﺘﺎﺡ ،ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺤﺭﺼﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺘﺄﻤل ﺃﻋﻤﺎل ﺃﺨﺫ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﺃﻋﻭﺍﻤﺎﹰ ﻤﻥ ﻋﻤﺭ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ .ﺒل ﺃﻨﻪ
ﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺃﺤﺩ ﻤﻌﺎﺭﻀﻪ ،ﺃﻥ ﻁﻠﺏ ﻤﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺘﻭﻟﻰ ﻤﻊ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺭﻭﺍﻕ ﺃﻤﺭ ﺘﻌﻠﻴﻕ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﻭﺍﺨﺘﻴﺎﺭ
ﺃﻤﺎﻜﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺩﺭﺍﻥ ،ﻷﻨﻪ ﻴﻜﺭﻩ ﺃﻥ ﻴﻌﻠﻕ ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ ،ﺤﺘﻰ ﻴﻤﻜﻨﻪ ﺯﻴﺎﺭﺓ ﻨﻔﺴﻪ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻜﻐﺭﻴﺏ.
ﻫﻭ ﺍﻟﻬﺎﺭﺏ ﺍﻷﺒﺩﻱ ،ﻻ ﻤﻼﺫ ﻟﻪ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺒﻴﺎﺽ.
ﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩ .ﺃﻴﻜﻭﻥ ﺘﻤﺎﺭﺽ ﻜﻲ ﻴﺠﺩ ﺫﺭﻴﻌﺔﹰ ﻟﻺﻨﺴﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻟﻲ ..ﻓﺴﻘﻁ ﻓﻲ ﺒﺭﺍﺜﻥ ﺍﻟﻤﺭﺽ
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ؟
ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ ،ﻜل ﺸﻲﺀ ﻴﺄﺨﺫ ﻟﻭﻨﻪ ﺍﻷﻭل .ﺘﺨﻔﺕ ﺍﻟﺒﻬﺠﺔ ﺍﻟﻤﻅﻠﻠﺔ ﻟﻔﺭﺍﺸﺎﺕ ﺍﻟﻀﻭﺀ ﻭﺃﻨﺎﺱ
ﺇﻤﺘﻬﻨﻭﺍ ﻁﻘﻭﺱ ﺍﻹﻓﺘﺘﺎﺤﺎﺕ .ﻴﻨﺘﺎﺒﻙ ﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﻔﻘﺩﺍﻥ ،ﺒﺈﻓﺘﻘﺎﺩ ﺸﻲﺀ ﻟﻡ ﺘﻤﺘﻠﻜﻪ ﺒﻌﺩ .ﻴﺠﺘﺎﺤﻙ
ﺍﻷﺴﻰ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺭﺠل ﻟﻥ ﺘﺭﺍﻩ ،ﻴﺤﺠﺒﻙ ﻋﻨﻪ ﺤﻀﻭﺭﻩ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺒﻪ ﺍﻟﻤﺭﻴﻊ ..ﻏﻴﺎﺒﻪ ﺍﻟﺭﺍﺌﻊ.
ﺭﺠل ﺴﺘﺩﺭﻙ ﻻﺤﻘﺎﹰ ،ﺃﻨﻪ ﻴﻜﺭﻩ ﺃﻥ ﻴﺴﺎﺀ ﻓﻬﻡ ﺤﻀﻭﺭﻩ ،ﺃﻥ ﻴﺴﺎﺀ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﻜﻼﻤﻪ .ﺫﻟﻙ ﺃﻥ "
ﺍﻟﺭﺴﺎﻤﻴﻴﻥ ﻻ ﻴﺠﻴﺩﻭﻥ ﻓﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ .ﺇﻨﻬﻡ ﻤﻭﺴﻴﻘﻴﻭﻥ ﺼﺎﻤﺘﻭﻥ ﻜل ﺍﻟﻭﻗﺕ".
ﻭﻫﻭ ﻫﻨﺎ ,ﻜﺒﻴﺎﻨﻭ ﺃﺴﻭﺩ ﻤﺭﻜﻭﻥ ﻤﻐﻠﻘﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺼﻤﺘﻪ ،ﻓﻲ ﺼﺎﻟﺔ ﺘﻀﺞ ﺒﻠﻭﺤﺎﺘﻪ ،ﺍﺯﺩﺤﻤﺕ ﺒﻐﻴﺎﺒﻪ
ﺍﻟﺼﺎﺨﺏ ,ﻤﺒﻌﺜﺭﺍﹰ ،ﻤﺘﻨﺎﺜﺭﺍﹰ ،ﻤﺘﺩﻓﻘﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺩﺭﺍﻥ ،ﻜﻐﻴﻭﻡ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﻤﻨﻬﻁﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺯﻭﺍﺭ.
ﻻ ﺘﻤﻠﻙ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺘﺘﻌﺎﻁﻑ ﻤﻌﻪ ،ﻭﻫﻭ ﻴﻭﺍﺠﻪ ﺍﻟﺨﺴﺎﺌﺭ ﺒﻔﺭﺸﺎﺓ .ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ ﻓﻲ ﻓﻥ
ﺒﻌﺜﺭﺓ ﺍﻟﺤﺯﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ﻭﺍﻷﺒﻭﺍﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺼﻬل ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ،ﻟﻴﺱ ﺴﻭﻯ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ
ﻟﻠﺨﺴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻏﺎﺩﺭﺕ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ ،ﻓﻜﺭﺓ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺯﺩﺍﺩ ﺭﺴﻭﺨﺎﹰ ﺩﺍﺨﻠﻲ :ﺃﻥ ﺃﻁﺎﺭﺩ ﻁﻴﻑ ﻫﺫﺍ
ﺍﻟﺭﺠل ﺤﺘﻰ ﺒﻴﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ،ﻜﻲ ﺃﻭﺍﺼل ﺘﺒﺎﻋﺎﹰ ﻟﻤﻠﻤﺔ ﺴﺭﻩ ،ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻘﻥ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﻓﻥ ﺒﻌﺜﺭﺓ
ﺍﻟﻐﻴﺎﺏ.
***
ﺘﻤﺎﻤﺎﹰ ،ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﻜﻨﺕ ﺒﻁﻼﹰ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻴﺔ ،ﻏﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﻔﻨﺩﻕ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﻨﺕ ﺃﻗﻴﻡ ﻓﻴﻪ ﻤﻨﺫ ﻤﺎ ﻴﻘﺎﺭﺏ
ﺍﻟﺸﻬﺭ ،ﻭﺃﻋﺩﺩﺕ ﺤﻘﻴﺒﺘﻲ ﻟﺴﻔﺭ ﻤﻔﺎﺠﺊ ﻨﺤﻭ ﺒﻴﺕ ﻜﻨﺕ ﺃﻅﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻤﻭﺠﻭﺩﺍﹰ ﺇﻻ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ!
ﻤﺘﻌﺎﻗﺩ ﺃﻨﺎ ﻤﻊ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ،ﻤﻊ ﻤﺩﻥ ﻴﺸﻁﺭﻫﺎ ﺠﺴﺭ ،ﻤﻊ ﻨﺴﺎﺀ ﺤﻴﺙ ﺃﺤل ﻴﻜﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﺒﺔ ﻋﺒﻭﺭ.
ﺒﺫﺭﺍﺌﻊ ﺍﻟﻌﺸﺎﻕ ،ﺃﺫﻫﺏ ﻋﻠﻰ ﺨﻴﻭل ﺍﻟﺸﻙ ﺍﻟﻬﺯﻴﻠﺔ ,ﺼﻭﺏ ﺒﻴﺕ ﻫﻭ ﺒﻴﺘﻪ .ﺃﻗﻴﻡ ﻤﺴﺘﻭﻁﻨﺔ ﻏﻴﺭ
ﺸﺭﻋﻴﺔ ،ﻓﻭﻕ ﺫﺍﻜﺭﺓ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺘﻘﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ ﺤﺘﻤﺎﹰ ﻤﻊ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻜﺎﺘﺒﺔ.
ﻜﻴﻑ ﺘﺭﺼﺩ ﺫﺒﺫﺒﺎﺕ ﺒﻴﺕ ﺘﺩﺨﻠﻪ ﻜﻤﺎ ﺘﺩﺨل ﻤﻌﺘﻘﻼﹰ ﻟﻠﻜﺂﺒﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ.
ﺘﻔﺎﺠﺌﻙ ﺃﻟﻔﺔ ﺍﻷﻤﻜﻨﺔ ،ﻓﺘﺴﺘﺄﻨﻑ ﺤﻴﺎﺓ ﺒﺩﺃﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ .ﻜﺄﻨﻙ ﻤﻭﺠﻭﺩ ﻻﺴﺘﺌﻨﺎﻑ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ.
ﺘﺩﺨﻠﻪ ﻜﺒﻁل ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻴﺔ .ﺘﻔﺘﺤﻪ ﻜﻤﺎ ﺘﻔﺘﺢ ﻜﺘﺎﺒﺎﹰ ﻤﻜﺘﻭﺒﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﺒﺭﺍﻴل ،ﻤﺘﻠﻤﺴﺎﹰ ﻜل ﺸﻲﺀ
ﻓﻴﻪ ،ﻟﺘﺘﺄﻜﺩ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﺃﻭ ﺒﺎﻷﺤﺭﻯ ﻟﺘﺘﺄﻜﺩ ﺃﻨﻙ ﺘﻌﻴﺵ ﻟﺤﻅﺔ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﻭﻟﺴﺕ ﻫﻨﺎ
ﻟﻤﻭﺍﺼﻠﺔ ﺍﻟﺘﻤﺎﻫﻲ ﻤﻊ ﺒﻁل ﻭﻫﻤﻲ .ﺃﺸﻴﺎﺀ ﺘﻭﻤﻲ ﻟﻙ ﺃﻨﻙ ﺘﻌﺭﻓﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﻟﻴﺴﺕ ﻜﺫﻟﻙ .ﻟﺤﻅﺎﺕ
ﺘﺘﻭﻫﻡ ﺃﻨﻙ ﻋﺸﺘﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﻟﻴﺴﺕ ﻜﺫﻟﻙ.
ﻭﻜﻨﺕ ﺘﻅﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺘﻠﻔﻘﻙ ﻜﺘﺎﺒﺎﹰ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺒﻜﺘﺎﺏ ﻴﻠﻔﻕ ﻟﻙ ﺤﻴﺎﺓ .ﻓﺄﻴﻬﻤﺎ ﻓﻴﻙ ﺍﻷﺤﺯﻥ :ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺍﻟﺫﻱ
ﺍﻨﻁﻠﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺨﺩﻋﺔ ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ؟ ﺃﻡ ﺍﻟﻌﺎﺸﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻨﻁﻠﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺨﺩﻴﻌﺔ ﻤﺅﻟﻔﺘﻬﺎ؟
ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﺃﻨﺕ ﺴﻌﻴﺩ ﺇﺫﻥ؟ ﻤﺎ ﺩﻤﺕ ﺒﻔﺭﺡ ﻏﺭﻴﺏ ﺘﻔﻌل ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺃﻟﻤﺎﹰ ،ﺘﻌﺎﺸﺭ ﺠﺜﺔ ﺤﺏ،
ﺘﻀﺎﺠﻊ ﺭﻤﻡ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﻔﺎﻀﺤﺔ ،ﺒﺎﺤﺜﺎﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﺎﺼﻴل ﺍﻟﻤﻬﻤﻠﺔ ﻋﻤﺎ ﻴﺸﻲ ﺒﺨﻴﺎﻨﺔ ﻤﻥ ﺃﺤﺒﺒﺕ.
ﺃﻫﻲ ﻤﻌﺎﺒﺜﺔ ﻟﻠﺫﺍﻜﺭﺓ؟ ﺃﻡ ﺘﺫﺍﻙٍ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺩﺏ؟ ﺃﻡ ..ﺤﺎﺠﺘﻙ ﺃﻥ ﺘﻐﺎﺭ؟ ﻜﺤﺎﺠﺘﻙ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻭﻡ ﻋﻠﻰ
ﺃﺴﺭﺓ ﻋﻠﻘﺕ ﺒﺸﺭﺍﺸﻔﻬﺎ ﺭﺍﺌﺤﺔ ﺭﺠﺎل ﺴﺒﻘﻭﻙ ،ﻜﺤﺎﺠﺘﻙ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻏﻁﻴﺔ ﺍﻟﺨﻔﻴﻔﺔ ،ﻟﻠﻬﺎﺙ ﺍﻤﺭﺃﺓ
ﺍﺴﺘﻌﺎﺩﺕ ﺃﻨﻔﺎﺴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺼﺩﺭ ﻏﻴﺭﻙ ،ﻜﺤﺎﺠﺘﻙ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻭﺴﺎﺩﺓ ﺘﻨﺎﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺤﻴﺩﺍﹰ ,ﻭﻜﺎﻨﺕ
ﻭﺴﺎﺩﺓ ﻟﺭﺃﺴﻴﻥ.
ﻻ ﺃﺴﻭﺃ ﻤﻥ ﻏﻴﺭﺓ ﻋﺎﺠﺯﺓ .ﻏﻴﺭﺓ ﻤﺘﺄﺨﺭﺓ ﻻ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺤﻴﺎﻟﻬﺎ ﺸﻴﺌﺎﹰ.
ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻤﺘﻰ ﺃﺼﺒﺕ ﺒﻜﺂﺒﺔ ﺍﻟﻤﺨﺩﻭﻋﻴﻥ ،ﻭﻗﺭﺭﺕ ﺍﻟﺘﻭﻗﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺵ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻋﻥ
ﺸﻲﺀ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺤﺎﻭﻟﺕ ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ ،ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻘﺔ "ﺸﺎﺭﻟﻭﻙ ﻫﻭﻟﻤﺯ" ﺃﻥ ﺃﻓﻙ ﺸﻴﻔﺭﺓ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ،ﻤﻘﺎﺭﻨﺎﹰ
ﺘﻔﺎﺼﻴﻠﻪ ﺒﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ.
ﺒﺤﺜﺕ ﻁﻭﻴﻼﹰ ﻋﻥ ﺸﻔﺎﺀ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﻜﻲ ﺃﻗﻴﻡ ﻤﻌﻬﺎ ﺤﻭﺍﺭﺍﹰ ﺍﺴﺘﻨﻁﺎﻗﻴﺎﹰ ﺒﺤﺜﺎﹰ ﻋﻥ ﺍﺤﺘﻤﺎﻻﺕ ﻟﻘﺎﺀ ،ﻋﻥ
ﺍﺤﺘﻤﺎﻻﺕ ﺨﻼﻑ ،ﻋﻥ ﻤﺘﻊ ﻗﺩ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﺨﺘﻠﺴﺕ ﻓﻲ ﻤﻜﺎﻥ ﻤﺎ.
ﻜﻤﺎ ﺃﻤﺎﻡ " ﺍﻟﻌﻠﺒﺔ ﺍﻟﺴﻭﺩﺍﺀ" ﻟﻁﺎﺌﺭﺓ ﺴﻘﻁﺕ ،ﻜﻨﺕ ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺃﻋﺭﻑ ﺁﺨﺭ ﻜﻠﻤﺔ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﻌﺸﺎﻕ ﻗﺒل
ﺤﺩﻭﺙ ﺍﻟﻜﺎﺭﺜﺔ .ﻤﻥ ﺃﻱ ﻋﻠﻭ ﻫﻭﻯ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺏ؟ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻤﻜﺎﻥ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ؟ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻏﺭﻓﺔ ﺘﺒﻌﺜﺭﺕ
ﺸﻅﺎﻴﺎ ﺍﻟﻤﺤﺒﻴﻥ؟ ﻭﻫل ﻨﺠﺎ ﻤﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻜﺎﺭﺜﺔ ﺍﻟﻌﺸﻘﻴﺔ ﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ؟
ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻭﻀﻌﺘﻨﻲ ،ﺒﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻻﺤﺘﻔﺎﺀ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺭﻓﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ ﻟﻐﺭﻓﺘﻬﺎ ,ﻤﻭﻀﺤﺔ ﺃﻨﻬﺎ ﺍﻟﻐﺭﻓﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﻴﺸﻐﻠﻬﺎ ﺯﻴﺎﻥ ﻜﻤﺭﺴﻡ .ﺜﻡ ﺃﻀﺎﻓﺕ ﺒﻠﻬﺠﺔ ﻤﺎﺯﺤﺔ:
-ﺃﻨﺕ ﻤﺤﻅﻭﻅ :ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻙ ﺃﻥ ﺘﻔﺭﺩ ﺃﺸﻴﺎﺀﻙ .ﻗل ﺸﻬﺭﻴﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﻓﻲ ﻜل ﻤﻜﺎﻥ ،ﺤﺘﻰ ﻫﺫﺍ
ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺼﺎﻟﺤﺎﹰ ﻟﻼﺴﺘﻌﻤﺎل.
ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﻤﺘﻌﺠﺒﺎﹰ:
-ﻭﻤﺎﺫﺍ ﻓﻌﻠﺘﻤﺎ ﺒﻬﺎ؟
-ﺸﺎﺭﻙ ﺯﻴﺎﻥ ﺒﺒﻌﻀﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺨﻴﺭﻱ ،ﻭﻴﻌﺭﺽ ﻤﺎ ﺒﻘﻲ ﻓﻲ ﺤﻭﺯﺘﻪ ﻤﻥ
ﻟﻭﺤﺎﺕ ﻓﻲ ﻤﻌﺭﻀﻪ ﺍﻟﻔﺭﺩﻱ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺫﻫﺏ ﻨﺼﻑ ﺭﻴﻌﻪ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﺨﻴﺭﻴﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ .ﺤﺎﻭﻟﺕ
ﻋﺒﺜﺎﹰ ﺇﻗﻨﺎﻋﻪ ﺒﺈﺒﻘﺎﺀ ﺒﻌﻀﻬﺎ .ﺇﻨﻪ ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ ﻤﺘﻁﺭﻑ .ﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ﻜﺎﻥ ﻴﺭﻓﺽ ﻟﺴﻨﻭﺍﺕ ﺒﻴﻊ ﻟﻭﺤﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ،
ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺓ ﺭﻓﺽ ﺃﻥ ﻴﺒﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻤﻨﻬﺎ .ﺘﺼﻭﺭ ..ﻟﻡ ﺘﺒﻕ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺠﺩﺭﺍﻥ ,ﻭﻟﻭ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺃﻫﺩﺍﻨﻲ ﺇﻴﺎﻫﺎ ﻟﻌﺭﻀﻬﺎ ﻟﻠﺒﻴﻊ .ﻟﻌﻠﻪ ﺍﻟﻤﺭﺽ .ﺃﻅﻨﻪ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻴﺘﺨﻠﺹ ﻤﻨﻬﺎ
ﻭﻫﻭ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﻭﺠﺩ ﻟﻭﺤﺔ ﻟﻤﻥ ﻻ ﻴﻌﻨﻴﻪ ﺴﻭﻯ ﺃﻥ ﻴﻌﻠﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺤﺎﺌﻁ ﺯﻫﻭﻩ .ﻜﺎﻥ ﻴﺭﺩﺩ
ﻗﻭل ﺭﺴﺎﻡ ﺁﺨﺭ " ﺃﻨﺕ ﻻ ﺘﻔﻘﺩ ﻟﻭﺤﺔ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺒﻴﻌﻬﺎ ﺒل ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻤﺘﻠﻜﻬﺎ ﻤﻥ ﻟﻥ ﻴﻌﻠﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺠﺩﺭﺍﻥ
ﻗﻠﺒﻪ ﺒل ﻋﻠﻰ ﺤﺎﺌﻁ ﺒﻴﺘﻪ ﻗﺼﺩ ﺃﻥ ﻴﺭﺍﻫﺎ ﺍﻵﺨﺭﻭﻥ".
ﺭﺒﻤﺎ ﺨﻭﻓﻪ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﻘﻊ ﻓﻲ ﻴﺩ ﻫﺅﻻﺀ ,ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺠﻌﻠﻪ ﻴﻌﺭﻀﻬﺎ ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﻟﻠﺒﻴﻊ ،ﻷﻨﻪ ﻭﺍﺜﻕ ﻤﻥ
ﺃﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺴﻴﺸﺘﺭﻭﻥ ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻀﺔ ﻟﻜل ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﺭﺴﺎﻤﻴﻥ
ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﻴﻥ،ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻓﻴﻥ ﻤﻨﻬﻡ ﻭﺍﻟﺠﺩﺩ ،ﻫﻡ ﺤﺘﻤﺎﹰ ﺃﻨﺎﺱ ﺒﻘﻠﺏ ﻜﺒﻴﺭ ﺭﻏﻡ ﺍﻹﻤﻜﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﻠﻴﻠﺔ
ﻟﺒﻌﻀﻬﻡ.
ﻜﺎﻨﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺘﺤﺘﻔﻅ ﻓﻲ ﻏﺭﻓﺔ ﻨﻭﻤﻬﺎ ﺒﺎﻟﻠﻭﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺴﻤﻬﺎ ﻟﻬﺎ ﺯﻴﺎﻥ ﺴﻨﺔ ١٩٨٧ﻋﻨﺩﻤﺎ
ﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻭل ﻤﺭﺓ ﻜﻤﻭﺩﻴل ﻓﻲ ﻤﻌﻬﺩ ﺍﻟﻔﻨﻭﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ.
ﻋﻠﻰ ﻋﺭﻴﻬﺎ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺭﺴﻤﺔ ﻻ ﺘﺨﻠﻭ ﻤﻥ ﻤﺴﺤﺔ ﺤﻴﺎﺀ ﺘﻌﻭﺩ ﺤﺘﻤﺎﹰ ﻟﺭﻴﺸﺔ ﺯﻴﺎﻥ ،ﻻ ﻻﻤﺭﺃﺓ ﻜﺎﻨﺕ
ﺘﺤﺘﺭﻑ ﺍﻟﺘﻌﺭﻱ ،ﻭﺘﻐﻁﻲ ﺠﺩﺭﺍﻥ ﻏﺭﻓﺔ ﻨﻭﻤﻬﺎ ﺒﺄﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻟﻭﺤﺔ ﺘﺤﻤل ﺘﻭﺍﻗﻴﻊ ﻓﻨﺎﻨﻴﻥ ﺁﺨﺭﻴﻥ.
ﺒﺩﺕ ﻟﻲ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻻ ﻴﻤﻠﻬﺎ ﺭﺴﺎﻡ .ﻟﻜﺄﻨﻬﺎ ﺃﻨﺜﻰ ﻟﻜل ﻓﺭﺸﺎﺓ .ﻟﻔﺭﻁ ﺍﺨﺘﻼﻑ ﺸﺨﺼﻴﺘﻬﺎ ﺒﻴﻥ
ﻟﻭﺤﺔ ﻭﺃﺨﺭﻯ ،ﻜﻨﺕ ﺘﺸﻌﺭ ﻤﻌﻬﺎ ﻭﻜﺄﻨﻙ ﺘﺴﻠﻡ ﻨﻔﺴﻙ ﺇﻟﻰ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ.
ﺭﻏﻡ ﺫﻟﻙ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﻤﺎ ﻴﻐﺭﻴﺒﻨﻲ ،ﻭﻻ ﻜﺎﻨﺕ ﻟﻲ ﺭﻏﺒﺔ ﺃﻥ ﺃﺩﺨل ﻓﻲ ﺘﺤﺩ ﻤﻊ ﺍﻟﺭﺠﺎل ﺍﻟﺫﻴﻥ
ﺴﺒﻘﻭﻨﻲ ﺇﻟﻴﻬﺎ .ﻓﻘﺩ ﻜﻨﺕ ﻋﻠﻰ ﺠﻭﻋﻲ ﺍﻟﺠﺴﺩﻱ ،ﺭﺠﻼﹰ ﺍﻨﺘﻘﺎﺌﻴﺎﹰ ﻓﻲ ﺤﺭﻤﺎﻨﻲ ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﻤﺘﻌﺘﻲ ،ﺃﻨﺎ
ﺍﻟﻤﻭﻟﻊ ﺒﺎﻨﺤﺴﺎﺭ ﺍﻟﺜﻭﺏ ﻋﻠﻰ ﺠﺴﺩ ﻤﺘﻭﻫﻡ ،ﻤﺎ ﻭﺠﺩﺕ ﻓﻲ ﺠﺴﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﻜﺸﻭﻑ ﻤﻜﻤﻥ ﻓﺘﻨﺘﻲ.
ﻜﻨﺕ ﺃﺭﻴﺩ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻜـ " ﻓﻴﻨﻭﺱ" ﻓﻲ ﺍﻨﺯﻻﻕ ﻨﺼﻑ ﺜﻭﺒﻬﺎ .ﺃﻜﺴﻭ ﻨﺼﻔﻬﺎ ،ﺃﻭ ﺃﻋﺭﻱ ﻨﺼﻔﻬﺎ ﺍﻵﺨﺭ
ﺤﺴﺏ ﺭﻏﺒﺘﻲ .ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻨﺼﻔﻬﺎ ﻁﺎﻫﺭ ﻭﻨﺼﻔﻬﺎ ﻋﺎﻫﺭ ،ﺃﺘﻜﻔل ﺒﺈﺼﻼﺡ ﺃﻭ ﺇﻓﺴﺎﺩ ﺃﺤﺩ ﻨﺼﻔﻴﻬﺎ .ﻓﺒﻜل
ﻨﺼﻑ ﻓﻴﻬﺎ ﻜﻨﺕ ﺃﻗﻴﺱ ﺭﺠﻭﻟﺘﻲ.
ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﻴﺎﺱ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺍﺨﺘﺒﺎﺭﺍﹰ ﺴﻴﺌﺎﹰ ﻟﻠﺭﺠﻭﻟﺔ .ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺒﻔﺼﻠﻴﻥ ﻴﻌﺎﺸﺭ ﺃﺤﺩﻫﻤﺎ
ﺍﻵﺨﺭ ﺃﻤﺎﻤﻙ :ﺭﺒﻴﻊ ﺸﻌﺭﻫﺎ ﺍﻟﻤﺤﻤﺭ ،ﻭﺨﺭﻴﻑ ﺸﻔﺘﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﺎﺤﺒﺘﻴﻥ .ﻭﻜﺎﻨﺕ ﻤﺸﻜﻠﺘﻲ ﺍﻷﻭﻟﻰ
ﺜﻐﺭﻫﺎ :ﻜﻴﻑ ﺃﻀﺎﺠﻊ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻻ ﺘﻐﺭﻴﻨﻲ ﺸﻔﺘﺎﻫﺎ ﺍﻟﺭﻓﻴﻌﺘﺎﻥ ﺒﺘﻘﺒﻴﻠﻬﻤﺎ؟
ﻜﻨﺕ ﺃﺠﺩ ﺸﺠﺎﻋﺘﻲ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺸﻔﺘﻴﻬﺎ ﺒﺎﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻓﻲ ﺯﻴﺎﻥ ،ﺍﻟﺫﻱ ﺤﺘﻤﺎﹰ ﺴﺒﻘﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ .ﺃﺨﺎﻟﻪ
ﻤﺜﻠﻲ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﺎﺸﺭ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ،ﻤﺴﺘﺤﻀﺭﺍﹰ ﺤﻴﺎﺓ .ﻓﻬل ﺍﻜﺘﺸﻑ ﻗﺒﻠﻲ ﺃﻥ ﺯﻴﻑ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﺒﺅﺴﺎﹰ
ﻤﻥ ﺯﻴﻑ ﺍﻟﻤﻀﺎﺠﻌﺔ؟!
ﺤﺘﻤﺎﹰ ،ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﻭﻋﺩ ﺍﻷﻭل ﻤﺯﺩﺤﻤﺎﹰ ﺒﺄﺸﺒﺎﺡ ﻤﻥ ﺴﺒﻘﻭﻨﻲ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﻭﺤﺩﻱ ﻜﻨﺕ
ﺃﺸﻌﺭ ﺒﺫﻟﻙ ﻤﺤﺎﻭﻻﹰ ﺍﺴﺘﻨﻁﺎﻕ ﺫﺍﻜﺭﺘﻪ.
ﺃﺴﺭﺓ ﺘﺭﺍﻜﻤﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺨﻁﺎﻴﺎ ,ﺘﺘﻭﻗﻊ ﻤﻨﻬﺎ ﺨﺭﻕ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻜﺘﻤﺎﻥ .ﺃﺤﻘﺎﹰ ﺘﺭﻴﺩ ﻟﺫﻟﻙ " ﺍﻟﻤﺨﺩﻉ" ﺃﻥ
ﻴﻜﺴﺭ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺼﻤﺕ ..ﻭﻴﻨﻁﻕ؟
ﺼﻤﺕ ﺍﻷﺴﺭﺓ ﺇﺤﺩﻯ ﻨﻌﻡ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻨﺎ ،ﻤﺎ ﺩﻤﻨﺎ ،ﺤﻴﺙ ﺤﻠﻠﻨﺎ ،ﺠﻤﻴﻌﻨﺎ ﻋﺎﺒﺭﻱ ﺴﺭﻴﺭ.
ﺃﺩﺭﻱ ﺍﺭﺘﺒﺎﻙ ﺠﺴﺩﻴﻥ ﻴﻠﺘﻘﻴﺎﻥ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ،ﻭﻟﻡ ﻴﺒﺘﻜﺭﺍ ﻟﻐﺘﻬﻤﺎ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻜﺔ ﺒﻌﺩ .ﻟﻜﻥ ﻜﺎﻥ ﻭﺍﻀﺤﺎﹰ
ﺃﻨﻨﺎ ﻤﺎ ﻜﻨﺎ ﻨﻤﻠﻙ ﺍﻷﺒﺠﺩﻴﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻟﻠﺘﺤﺎﻭﺭ.
ﻜﻨﺕ ﺃﻜﺭﻩ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺘﺼﺭﺥ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻟﺤﺏ .ﻓﻔﻲ ﻜل ﺼﺭﺍﺥ ﻤﺭﺍﻭﻏﺔ ﻻ ﺘﺨﻠﻭ ﻤﻥ ﻨﻭﺍﻴﺎ ﺍﻟﻐﺵ
ﺍﻟﻨﺴﺎﺌﻲ .ﻜﻨﺕ ﻻ ﺃﻋﺭﻑ ﻟﻠﻤﺘﻌﺔ ﺇﻻ ﺍﺤﺘﻤﺎﻟﻴﻥ :ﺃﻥ ﺘﺒﻜﻲ ﺍﻤﺭﺃﺓ ،ﺃﻭ ﻴﻐﻤﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻓﻼ ﻤﺘﻌﺔ ﺩﻭﻥ
ﺒﻠﻭﻍ ﻭﻋﻲ ﺍﻹﻏﻤﺎﺀ .ﻜﻁﺎﺌﺭ ﻤﺤﻠﻕ ﻓﺎﺭﺩ ﺠﻨﺎﺤﻴﻪ ﻭﻻ ﻴﺴﻤﻊ ﻟﺘﺤﻠﻴﻘﻪ ﺨﻔﻘﺎﹰ .ﺍﻟﻤﺘﻌﺔ ﺤﺎﻟﺔ ﻏﻴﺒﻭﺒﺔ
ﺸﺎﻫﻘﺔ ﺍﻟﺼﻤﺕ.
ﻜﺎﻨﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻻ ﺘﻌﺭﻑ ﺼﻤﺕ ﻜﺎﺌﻨﻴﻥ ﻟﺤﻅﺔ ﺘﻭﺤﺩ .ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻤﻭﺀ ﻜﻘﻁﺔ ،ﺘﻨﺘﻔﺽ ﻜﺴﻤﻜﺔ،
ﺘﺘﻠﻭﻯ ﻜﺄﻓﻌﻰ ,ﻭﻜﻠﺒﻭﺀﺓ ﺘﺨﺘﺒﺭ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻌﺼﻴﺎﻥ ﺍﻟﺸﺭﺱ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﺫﻜﻭﺭﺓ .ﻜﺎﻨﺕ ﻜل ﺇﻨﺎﺙ
ﺍﻟﻜﺎﺌﻨﺎﺕ .ﻭﻜﻨﺕ ﺭﺠﻼﹰ ﻻ ﻴﺩﺭﻱ ﻜﻴﻑ ﻴﺘﺩﺒﺭ ﻟﺠﺎﻤﺎﹰ ﻟﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﻬﺭﺓ ﺍﻟﺠﺎﻤﺤﺔ.
ﻜﺎﻥ ﻟﻠﺤﺏ ﻤﻊ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻤﺫﺍﻕ ﺍﻟﻔﺎﻜﻬﺔ ﺍﻟﻤﺠﻔﻔﺔ .ﻭﻜﻨﺕ ﺃﺤﺘﺎﺝ ﻓﺠﺄﺓ ﺇﻟﻰ ﻭﺤﺩﺘﻲ ،ﺤﺎﺠﺔ ﺭﺠل
ﻤﻬﻤﻭﻡ ﺇﻟﻰ ﺘﺩﺨﻴﻥ ﺴﻴﺠﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ .
ﺍﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﺤﺏ .ﻭﻫﺎ ﺃﻨﺎ ﺃﺭﺘﻌﺩ ﻋﺎﺭﻴﺎﹰ ﻜﺠﺫﻉ ﺸﺠﺭﺓ ﺠﺭﺩﺍﺀ.
ﻻ ﺃﻜﺜﺭ ﻜﺂﺒﺔ ﻤﻥ ﻓﻌل ﺤﺏ ﻻ ﺤﺏ ﻓﻴﻪ ،ﺒﻌﺩﻩ ﺘﻌﺘﺭﻴﻙ ﺭﻏﺒﺔ ﻤﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ .ﺇﻨﻬﺎ ﺨﻴﺎﻨﺘﻙ ﺍﻷﻭﻟﻰ
ﻻﻤﺭﺃﺓ ﻗﺩ ﺘﻜﻭﻥ ﺨﺎﻨﺘﻙ ﻤﻨﺫ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﻴﻥ ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ .ﻭﺃﻨﺕ ﻟﺴﺕ ﺤﺯﻴﻨﺎﹰ ﻤﻥ ﺃﺠﻠﻬﺎ ..ﺒل ﻤﻥ ﺃﺠﻠﻙ .ﺒﻌﺩ
ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺘﻌﺔ ،ﺘﺸﻌﺭ ﻓﺠﺄﺓ ﺒﺎﻟﺨﻭﺍﺀ ،ﻴﻨﻘﺼﻙ ﺸﻲﺀ ﻤﺎ ،ﻻ ﺘﺩﺭﻱ ﻤﺎ ﻫﻭ.
ﻜﻨﺕ ﺘﻅﻥ ﺃﻨﻙ ﺒﻨﺯﻭﺘﻙ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺘﻠﻙ ،ﺴﺘﻤﺤﻭ ،ﻜﻤﺎ ﺒﺈﺴﻔﻨﺠﺔ ،ﺁﺜﺎﺭ ﻤﺎ ﻋﻠﻕ ﺒﻙ ﻤﻥ ﺯﺭﻗﺔ ﺍﻷﻟﻡ.
ﻭﻟﻜﻥ ،ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﻜﻨﺕ ﺘﻤﺭﺭ ﺇﺴﻔﻨﺠﺔ ﻟﺘﻨﻅﻴﻑ ﺴﺒﻭﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﺒﺎﺸﻴﺭ ،ﺇﺫﺍ ﺒﻙ ﺘﺯﻴﺩ ﺍﻟﻠﻭﺡ ﻀﺒﺎﺒﻴﺔ
ﻭﺘﻠﻭﺜﺎﹰ.
ﺃﻟﻴﺴﺕ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﺕ ﻤﺭﺓ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺤﺩﻴﺜﻬﺎ ﻋﻥ ﻤﻌﺎﺸﺭﺓ ﺯﻭﺠﻬﺎ ﻤﻜﺭﻫﺔ ":ﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﺘﻭﻀﻊ ﻋﻠﻰ
ﺃﺒﻭﺍﺏ ﻏﺭﻑ ﺍﻟﻨﻭﻡ " ﻤﻤﻨﻭﻉ ﺍﻟﺘﻠﻭﻴﺙ" ﻜﻤﺎ ﺘﻭﻀﻊ ﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﻤﺎﻜﻥ ﺸﺎﺭﺍﺕ ﻟﻤﻨﻊ ﺍﻟﺘﺩﺨﻴﻥ..
ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻨﺎ ﻨﻠﻭﺙ ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ ﺒﻤﻥ ﻻ ﻨﺤﺏ".
ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻤﺎﺭﺴﺕ ﺍﻟﺤﺏ ﺇﺫﻥ؟ ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﻜﻨﺕ ﻋﻠﻰ ﻋﺠل؟ ﺃﻻﻨﻙ ﻟﻔﺭﻁ ﻤﺎ ﻋﺎﺸﺭﺕ ﺠﺴﺩﻙ ﻤﻜﺘﻔﻴﺎ
ﺒﻤﺘﻌﺘﻪ ﺍﻟﺴﺭﻴﺔ ،ﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﺘﻌﺭﻑ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﺠﺴﺩ ﻏﻴﺭﻩ؟
ﺃﺫﻜﺭ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﻀﻰ ﻓﻲ ﺴﺠﻥ ﻋﺭﺒﻲ ﺴﺘﺔ ﻋﺸﺭ ﻋﺎﻤﺎﹰ ﺒﺘﻬﻤﺔ ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺤﺯﺏ
ﻤﺤﻅﻭﺭ ،ﺘﺯﻭﺝ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﻭﺍﻡ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ،ﻤﻥ ﻤﺤﺎﻤﻴﺔ ﺃﺤﺒﺘﻪ ﻭﺍﻨﺘﻅﺭﺘﻪ ﻁﻭﻴﻼﹰ .ﻜﻡ ﻤﻥ ﺍﻷﻋﻭﺍﻡ
ﻗﻀﻴﺎ ﻴﻤﻨﻴﺎﻥ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺒﻠﻘﺎﺀ ﺤﻤﻴﻤﻲ ﺠﻤﻴل ،ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻴﻪ ﻟﻠﺤﺎﺭﺱ ﺤﻕ ﺍﻟﺘﻠﺼﺹ ﻋﻠﻰ ﻭﺸﻭﺸﺔ
ﻤﺘﻌﺘﻬﻤﺎ!
ﻭﺫﺍﺕ ﻴﻭﻡ ﺃﻁﻠﻕ ﺴﺭﺍﺡ ﺍﻟﺭﺠل .ﻫﻜﺫﺍ ،ﻓﺠﺄﺓ ،ﺫﺍﺕ ﻋﻴﺩ ﻗﺭﺭﻭﺍ ﺃﻥ ﻴﻬﺩﻭﻩ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ .ﺃﻟﻘﻭﺍ ﺒﻪ ﺃﻤﺎﻡ
ﺍﻟﺴﺠﻥ ﻤﻊ ﺼﺭﺓ ﺘﻀﻡ ﺒﺅﺱ ﻤﺘﺎﻋﻪ .ﻭﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺩﺭﻱ ﺃﻨﻪ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﻗﺒﻴﺔ ﺍﻟﺭﻁﺒﺔ ﻗﺩ ﻓﻘﺩ ﻭﺇﻟﻰ
ﺍﻷﺒﺩ ﻋﻨﻔﻭﺍﻥ ﻓﺤﻭﻟﺘﻪ ،ﺇﻻ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﺤﺘﻀﻥ ﺒﻭﻟﻊ ﺍﻟﺴﺠﻴﻥ ﺍﻟﻌﺎﺸﻕ ،ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﻠﻡ ﺒﻬﺎ
ﻁﻭﻴﻼﹰ.
ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺘﺤﺴﺴﻪ ﻟﺠﺴﺩ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﺍﺭﺘﻁﻡ ﺒﻌﻨﺔ ﻋﺒﻭﺩﻴﺘﻪ ،ﻤﻜﺘﺸﻔﺎﹰ ﺃﻨﻪ ﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﻗﺎﺩﺭﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﻤﻌﺎﺸﺭﺓ
ﺃﺤﻼﻡٍ ﻻ ﺘﻤﺕ ﺇﻟﻰ ﺠﺴﺩﻩ ﺒﺼﻠﺔ!
ﻤﻨﺫ ﻤﺩﺓ ﺴﻤﻌﺕ ﺒﺨﺒﺭ ﺍﻨﻔﺼﺎﻟﻬﻤﺎ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺃﺨﻔﻘﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺘﺭﻤﻴﻡ ﻤﺎ ﺃﻟﺤﻘﺘﻪ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻼﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ
ﻤﻥ ﻋﻁﺏ ﺒﺤﺒﻬﻤﺎ.
ﺃﺜﻨﺎﺀ ﻫﺩﺭ ﻋﻤﺭﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻓﺎﺀ ،ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﺘﺘﻭﻗﻊ ﺃﻥ ﻴﻐﺩﺭ ﺒﻙ ﺍﻟﺠﺴﺩ ،ﻭﺃﻨﺕ ﺘﺘﻨﻜﺭ ﻟﻙ ﺃﻋﻀﺎﺅﻩ.
ﻓﻭﻓﺎﺅﻙ ﻟﺠﺴﺩ ﺁﺨﺭ ﻤﺎ ﻫﻭ ﺇﻻ ﺨﻴﺎﻨﺔ ﻓﺎﻀﺤﺔ ﻟﺠﺴﺩﻙ.
ﺒﻐﺭﻭﺏ ﺁﺨﺭ ﻴﻭﻡ ﻓﻲ ﺨﺭﻴﻑ ﺍﻟﻘﻠﺏ ،ﻨﺩﺨل ﻓﻲ ﺴﺒﺎﺕٍ ﻁﻭﻴل ﻟﺸﺘﺎﺀٍ ﻋﺎﻁﻔﻲ ،ﻤﻘﺘﺎﺘﻴﻥ ﺒﺩﺴﻡ
ﺍﻟﺫﻜﺭﻯ ﻭﻤﺠﺯﻭﻥ ﺍﻷﻤل ﺍﻟﺫﻱ ﻤﺎ ﻓﺘﺌﻨﺎ ﻜﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﻁﺏ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﻨﺠﻤﻌﻪ ﺘﺤﺴﺒﺎﹰ ﻟﻤﻭﺍﺴﻡ ﺍﻟﺒﺅﺱ
ﺍﻟﺠﻠﻴﺩﻴﺔ.
ﺫﺍﺕ ﺠﻠﻴﺩ ..ﻟﻥ ﻴﺴﻌﻔﻙ ﺍﺨﺘﺒﺎﺅﻙ ﺘﺤﺕ ﺍﻟﻔﺭﻭ ﺍﻟﺴﻤﻴﻙ ﻟﻸﻤﻨﻴﺎﺕ.
ﺭﻭﻴﺩﺍﹰ ..ﻴﻀﻤﺤل ﻗﻠﺒﻙ ﺍﻟﻌﺎﻁل ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺏ .ﺘﺘﻘﻠﺹ ﻓﺤﻭﻟﺘﻙ ﺍﻟﻌﺎﻁﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻤﺘﻊ ﻭﺍﻹﻤﺘﺎﻉ ،ﻭﺇﺫﺍ
ﻜل ﻋﻀﻭ ﻓﻴﻙ ﻟﻡ ﺘﺴﺘﻌﻤﻠﻪ ،ﻗﺩ ﺍﻀﻤﺤل.
ﺘﺩﺭﻱ ﺃﻨﻙ ﻤﺩﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻟﻠﺤﺏ ﻭﺤﺩﻩ ﺒﺈﻨﺠﺎﺯﺍﺘﻙ ﺍﻟﻔﺤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﻗﺔ ،ﻟﻜﻥ ﺯﻤﻥ ﺍﻟﻌﺸﻕ ﻭﻟﻰ.
ﺨﻴﺒﺎﺘﻙ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻋﻠﻤﺘﻙ ﺍﻻﺤﺘﺭﺍﺱ ﻤﻥ ﺤﺏ ﻴﺅﺴﺱ ﻨﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻜﻠﻤﺔ " ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺒﺩ" .ﺤﺏ ﺒﻌﺩ
ﺁﺨﺭ ،ﻤﺎﺕ ﻭﻫﻤﻙ ﺒﺤﺏ ﺤﺩ ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﺤﺏ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻤﻭﺕ.
ﻜل ﻤﺄﺴﺎﺘﻙ ﺍﻵﻥ ﺘﺩﻭﺭ ﺤﻭل ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻜﺘﺸﺎﻑ!
***
ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﻗﺼﺩﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭ ﻟﻤلﺀ ﺍﻟﺒﺭﺍﺩ ﻭﺍﻟﺘﺒﻀﻊ ﺒﺎﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﻐﺫﺍﺌﻴﺔ ،ﻓﻠﻡ ﻴﻜﻥ
ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻲ ﺍﻹﻗﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﺒﻴﺕ ،ﺒﺩﻭﻥ ﺍﻹﻨﻔﺎﻕ ﻋﻠﻴﻪ .
ﻜﻨﺕ ﺃﺘﺠﻭل ﻤﻜﺘﺸﻔﺎﹰ ﻤﺴﺎﺤﻴﻕ ﻓﺭﺡ ﻨﻬﺎﻴﺎﺕ ﺍﻷﺴﺒﻭﻉ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻪ ﺒﺎﺭﻴﺱ ﺍﻟﻤﺭﺘﺠﻔﺔ ﺒﺭﺩﺍﹰ ,ﻋﻨﺩﻤﺎ
ﺍﺴﺘﻭﻗﻔﻨﻲ ﻤﺤل ﺠﺯﺍﺭ ﻴﺯﻴﻥ ﺨﻁﺎﻁﻴﻔﻪ ﺍﻟﺤﺩﻴﺩﻴﺔ ﺒﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺨﻨﺎﺯﻴﺭ ﺍﻟﻭﺭﺩﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻠﻘﺔ ,ﺤﺎﻤﻠﺔ ﺒﻴﻥ
ﺃﺴﻨﺎﻨﻬﺎ ﻗﺭﻨﻔﻠﺔ ﻭﺭﻗﻴﺔ ﺤﻤﺭﺍﺀ.
ﺒﻘﻴﺕ ﻟﻠﺤﻅﺔ ﺃﺘﺄﻤﻠﻬﺎ ،ﻤﺘﺴﺎﺌﻼﹰ ﺃﻫﻲ ﺇﻫﺎﻨﺔ ﻟﻠﻘﺭﻨﻔل ﺃﻥ ﻴﻭﻀﻊ ﻓﻲ ﻓﻡ ﺨﻨﺯﻴﺭ؟ ﺃﻡ ﺍﻹﻫﺎﻨﺔ ﺃﻥ
ﻴﺘﺤﻭل ﺭﺃﺱ ﻜﺎﺌﻥ ﺤﻴﺎﹰ ﺇﻟﻰ ﻤﺯﻫﺭﻴﺔ ﻟﺩﻯ ﺠﺯﺍﺭ؟
ﺃﻋﺎﺩﻨﻲ ﺍﻟﻤﺸﻬﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ،ﻴﻭﻡ ﻜﺎﻥ ﺠﻴﺭﺍﻨﻨﺎ ﺍﻷﻭﺭﺒﻴﻭﻥ ﺍﻵﺘﻭﻥ ﻤﻥ ﺃﻭﺭﺒﺎ ﺍﻟﺸﺭﻗﻴﺔ ،ﻻ
ﻴﻨﻔﻜﻭﻥ ﻴﺨﻁﻁﻭﻥ ﺒﺤﻤﺎﺴﺔ ﻭﻟﻬﻔﺔ ،ﻟﻨﻬﺎﻴﺎﺕ ﺍﻷﺴﺎﺒﻴﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺫﻫﺒﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺯﺭﺍﻓﺎﺕ ﻻﺼﻁﻴﺎﺩ
ﺍﻟﺨﻨﺎﺯﻴﺭ ﺍﻟﺒﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺘﺸﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻤﺸﺎﺭﻑ ﺍﻟﻌﺎﺼﻤﺔ.
ﺍﻟﻴﻭﻡ ,ﻻ ﺃﺤﺩ ﻴﺠﺭﺅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺒﺠﻭﻟﺔ ﺼﻴﺩ ،ﻤﺫ ﺃﺼﺒﺢ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ﻴﻨﺯﻟﻭﻥ ﻤﺩﺠﺠﻴﻥ ﺒﺎﻟﺴﻭﺍﻁﻴﺭ
ﻭﺍﻟﻔﺅﻭﺱ ﻭﺃﺩﻭﺍﺕ ﻗﻁﻊ ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ،ﻟﻴﺼﻁﺎﺩﻭﺍ ﻀﺤﺎﻴﺎﻫﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺸﺭ ﻤﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻘﺭﻭﻴﻴﻥ ﺍﻟﻌﺯل،
ﻭﻴﺭﺤﻠﻭﻥ ﺘﺎﺭﻜﻴﻥ ﻟﻠﺨﻨﺎﺯﻴﺭ ﺍﻟﺒﺭﻴﺔ ﻤﻬﻤﺔ ﻗﻁﻊ ﺃﺭﺯﺍﻕ ﻤﻥ ﺒﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﺒﺈﻓﺴﺎﺩ ﻭﺇﺘﻼﻑ
ﻤﺤﺎﺼﻴﻠﻬﻡ...
ﻜﺎﻥ ﺍﺼﻁﻴﺎﺩ ﺭﺃﺱ ﺨﻨﺯﻴﺭ ﻭﻤﻁﺎﺭﺩﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﺒﺎﺕ ،ﻴﺄﺨﺫ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻴﺎﺩﻴﻥ ﺁﻨﺫﺍﻙ ﻭﻗﺘﺎﹰ ﻭﺠﻬﺩﺍﹰ ﺃﻜﺜﺭ
ﻤﻤﺎ ﻴﺄﺨﺫﻩ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻗﻁﻊ ﺭﺅﻭﺱ ﻋﺎﺌﻠﺔ ﺒﺄﻜﻤﻠﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺭﻭﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻌﺭﻑ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ﺘﻤﺎﻤﺎﹰ ﻤﻭﺍﻗﻊ
ﺃﻜﻭﺍﺨﻬﻡ ﻭﻻ ﻴﺠﺩﻭﻥ ﺼﻌﻭﺒﺔ ﻓﻲ ﺫﺒﺤﻬﻡ ﻜﺎﻟﻨﻌﺎﺝ.
ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺒﺭﺃﺱ ﺨﻨﺯﻴﺭ ﻭﺍﺤﺩ ،ﺘﻤﻸ ﺍﻟﺼﻴﺎﺩﻴﻥ ﺍﻷﻭﺭﺒﻴﻴﻥ ﺁﻨﺫﺍﻙ ﺯﻫﻭﺍﹰ .ﻟﻜﻥ ﺼﻴﺎﺩﻱ ﺍﻟﻁﺭﺍﺌﺩ
ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﻴﻠﺯﻤﻬﻡ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ﻜﻲ ﻴﻀﻤﻨﻭﺍ ﻓﺭﺤﺔ ﻭﺠﻭﺩﻫﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ ﺍﻷﻭﻟﻰ
ﻟﻠﺠﺭﺍﺌﺩ ،ﻓﻬﻡ ﻴﺸﺘﺭﻭﻥ ﺒﺭﺅﻭﺱ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﺼﺩﺍﺭﺓ ﺨﺒﺭ ﺘﺘﻨﺎﻗﻠﻪ ﻭﻜﺎﻻﺕ ﺍﻷﻨﺒﺎﺀ.
ﻫﻜﺫﺍ ﻭﻟﺩﺕ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻀﺔ ﻟﻺﺸﻬﺎﺭ ﺃ ،ﻟﻼﺴﺘﺜﻤﺎﺭ ،ﻭﺃﺨﺭﻯ ﻟﻠﻔﺭﺠﺔ ﺃﻭ
ﻟﻠﻌﺒﺭﺓ ،ﻜﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺩﺙ ﻷﻤﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻭﺠﺩﻭﺍ ﻤﺘﺴﻌﺎﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻗﺕ ،ﺃﻥ ﺯﻴﻨﻭﺍ ﺒﻬﺎ ﺃﺸﺠﺎﺭ
ﺍﻟﻘﺭﻴﺔ ﻜﻤﺎ ﺃﺸﺠﺎﺭ ﺃﻋﻴﺎﺩ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ ،ﻭﻓﺨﺨﻭﻫﺎ ﻟﺘﻜﻭﻥ ﺠﺎﻫﺯﺓ ﻟﺘﻨﻔﺠﺭ ﻓﻲ ﺃﻭل ﻤﻥ ﻴﺤﺎﻭل "ﻗﻁﻑ"
ﺭﺃﺱ ﻗﺭﻴﺒﻪ.
ﻓﻲ ﺤﺭﺏ "ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ" ﺍﻟﺘﻲ ﺒﺴﻘﻭﻁﻬﺎ ﻴﺴﻘﻁ ﻭﻁﻥ ﻓﻲ ﻤﻁﺏ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﻭﺘﻠﻙ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ
ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻠﺯﻡ ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻟﺘﺼﻨﻊ ﺨﺒﺭﺍﹰ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ،ﻭﺘﻠﻙ ﺍﻟﻨﻜﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻥ ﻴﺴﻤﻊ ﺒﻘﻁﺎﻓﻬﺎ ﺃﺤﺩ ،ﻻ
ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺘﺘﺤﺴﺱ ﺭﺃﺴﻙ ،ﺤﺘﻰ ﻭﺃﻨﺕ ﺃﻤﺎﻡ ﻭﺍﺠﻬﺔ ﺠﺯﺍﺭ ﻓﻲ ﺒﺎﺭﻴﺱ .ﻭﺘﺤﺯﻥ ﻤﻥ ﺃﺠل
ﺍﻟﻘﺭﻨﻔل ﺍﻟﺒﻠﺩﻱ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﺘﻔﺘﺢ ﻓﻲ ﻁﻔﻭﻟﺘﻙ ،ﺒﺎﻗﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺭﻨﻔﻼﺕ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ ،ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﺸﺫﻯ
ﺍﻟﺫﻱ ﻤﺎ ﻋﺩﺕ ﺘﺸﺘﻤﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺭﻭﺩ ،ﻤﺫ ﻗﺼﻔﺕ ﺃﻋﻤﺎﺭﻫﺎ ﺇﻜﺭﺍﻤﺎﹰ ﻟﻘﺼﺎﺒﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻤﺘﺤﻀﺭ.
ﻓﻲ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﻜﺎﻥ ﻫﻨﺭﻱ ﻤﻴﻠﺭ ﻴﺘﺠﻭل ﻓﻴﻬﺎ ﺠﺎﺌﻌﺎﹰ ،ﻭﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻨﺘﺼﺎﺏ،ﻤﺘﻨﻘﻼﹰ ﻭﺴﻁ ﺤﺩﺍﺌﻕ" ،
ﺍﻟﺘﻭﻴﻠﺭﻱ" ﻏﻴﺭ ﻤﺒﺼﺭ ﺴﻭﻯ ﺃﺠﺴﺎﺩ ﻨﺴﺎﺌﻴﺔ ﻤﻥ ﺭﺨﺎﻡ ،ﻋﺴﺎﻫﺎ ﺘﻐﺎﺩﺭ ﻋﺭﻴﻬﺎ ﺍﻟﺭﺨﺎﻤﻲ ﻭﺘﺭﺍﻓﻘﻪ
ﺇﻟﻰ ﻓﻨﺩﻕ ﺘﺸﺭﺩﻩ ،ﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﺃﻨﺎ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﻤﻌﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻤﻜﺎﻥ ،ﻷﻱ ﺴﺒﺏ ﻜﺎﻥ.
ﺤﺘﻰ ﻤﻭﻤﺴﺎﺕ )ﺒﻴﻐﺎل( ﺍﻟﻤﻨﺘﺸﺭﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺼﻔﺔ ﺍﻟﻠﻴل ،ﻓﻲ ﻫﻴﺌﺔ ﻻ ﻴﺼﻤﺩ ﺃﻤﺎﻡ ﻏﻭﺍﻴﺔ ﺍﻟﺘﻠﺼﺹ
ﻋﻠﻰ ﻋﺭﻴﻬﻥ ﺭﺠل ،ﻟﻡ ﺃﺴﺘﻁﻊ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻋﺒﺭ ﺸﺎﺭﻋﻬﻥ ﺃﻥ ﺃﻗﻴﻡ ﻤﻊ ﺃﺠﺴﺎﺩﻫﻥ ﺍﻟﻌﺎﺭﻴﺔ ﺘﺤﺕ ﻤﻌﺎﻁﻑ
ﺍﻟﻔﺭﻭ ،ﺃﻴﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﻓﻀﻭل .ﻓﻘﺩ ﻜﻥ ﻴﺫﻜﺭﻨﻨﻲ ﺒﻤﺸﻬﺩ ﺁﺨﺭ ﺘﻨﺎﻗﻠﺕ ﺘﻔﺎﺼﻴﻠﻪ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ
ﻟﻤﻭﻤﺴﺎﺕ ﺍﻟﺒﺅﺱ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ .ﻤﺸﻬﺩ ﻟﻭ ﺭﺁﻩ ﺯﻭﺭﺒﺎ ﻷﺠﻬﺵ ﺭﺍﻗﺼﺎﹰ ,ﻟﻨﺴﺎﺀ ﻋﻠﻘﺕ ﺭﺅﻭﺴﻬﻥ ﻋﻠﻰ
ﺃﺒﻭﺍﺏ ﺒﻴﻭﺘﻬﻥ ﺍﻟﺒﺎﺌﺴﺔ ﻓﻲ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﻋﺭﺒﻴﺔ ،ﻻ ﺘﺨﺭﺝ ﻤﻥ ﺤﺭﺏ ﺇﻻ ﻟﺘﺒﺘﻜﺭ ﻟﺭﺠﺎﻟﻬﺎ ﺃﺨﺭﻯ .ﻭﺭﻴﺜﻤﺎ
ﻴﻜﺒﺭ ﺍﻟﺠﻴل ﺍﻵﺘﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻬﺩﺍﺀ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻔﺭﻍ ﺍﻟﺒﻴﻭﺕ ﻤﻥ ﺭﺠﺎﻟﻬﺎ ،ﻭﻤﻥ ﺃﺜﺎﺜﻬﺎ ،ﻭﻤﻥ ﻟﻘﻤﺔ
ﻋﻴﺸﻬﺎ ،ﻟﺘﺴﻜﻨﻬﺎ ﺃﺭﺍﻤل ﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﻭﺃﻴﺘﺎﻤﻬﺎ.
ﻟﻜﻥ ﻻ ﺘﻬﺘﻡ ،ﺯﻭﺭﺒﺎ ..ﻴﺎ ﺼﺩﻴﻕ ﺍﻷﺭﺍﻤل ﻻ ﺘﺤﺯﻥ .ﺍﻟﺠﻤﻴﻼﺕ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺍﺕ ﻻ ﻴﺘﺭﻤﻠﻥ .ﺇﻨﻬﻥ
ﻴﺯﻴﻥ ﻗﺼﻭﺭ ﺴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ .ﻭﺤﺩﻫﻥ ﺍﻟﺒﺎﺌﺴﺎﺕ ﺍﻟﻔﻘﻴﺭﺍﺕ ﻴﻤﺘﻥ ﻏﺴﻼﹰ ﻟﺸﺭﻑ ﺍﻟﻭﻁﻥ،
ﻜﻤﺎ ﻤﺎﺕ ﺃﺯﻭﺍﺠﻬﻥ ﻓﺩﺍﺀ ﻟﻪ .ﻭﺒﺈﻤﻜﺎﻥ ﺭﺅﻭﺴﻬﻥ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﻁﻌﺕ ﺒﻤﺒﺎﺭﻜﺔ ﻤﺎﺠﺩﺍﺕ
ﻓﺎﻀﻼﺕ ﻴﻤﺜﻠﻥ ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﻨﺴﺎﺌﻲ ،ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺒﻘﻰ ﻤﻌﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺒﻭﺍﺏ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﻜﺎﻤﻼﹰ ﺘﺄﻜﻴﺩﺍﹰ
ﻟﻁﻬﺎﺭﺓ ﺍﻟﻴﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﻁﻌﺘﻬﺎ ،ﻜﻲ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺠﺎﺯﻓﻭﺍ ﺒﻘﺒﻭل ﻤﺫﻟﺔ " ﺍﻟﻤﺘﻌﺔ ﻤﻘﺎﺒل
ﺍﻟﻐﺫﺍﺀ" ،ﻭﺘﺠﺭﺃﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺘﻤﻨﻲ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﺁﺨﺭ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ﻏﻴﺭ ﺇﻀﺎﻓﺔ ﺠﻤﺎﺠﻤﻬﻡ ﻟﺘﺯﻴﻴﻥ ﻜﻌﻜﺔ ﻋﻴﺩ
ﻤﻴﻼﺩ ﺍﻟﻘﺎﺌﺩ.
ﻴﺨﻁﺊ ﻤﻥ ﻴﻌﺘﻘﺩ ﺃﻨﻨﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﺩﺨل ﻤﺩﻨﺎﹰ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻨﺘﺭﻙ ﺫﺍﻜﺭﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻁﺎﺭ .ﻜلً ﺤﻴﺙ ﻴﺫﻫﺏ ،ﻴﻘﺼﺩ
ﻤﺩﻴﻨﺔ ﻤﺤﻤﻼﹰ ﺒﺄﺨﺭﻯ ،ﻭﻴﻘﻴﻡ ﻤﻊ ﺁﺨﺭﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﺩﻥ ﻻ ﻴﺘﻘﺎﺴﻤﻬﺎ ﺒﺎﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻤﻌﻬﻡ ،ﻭﻴﺘﺠﻭل ﻓﻲ
ﺨﺭﺍﺏ ﻭﺤﺩﻩ ﻴﺭﺍﻩ.
"ﻭﻤﺎ ﺩﻤﺕ ﺨﺭﺒﺕ ﺒﻴﺘﻙ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻓﺴﻴﻼﺤﻘﻙ ﺍﻟﺨﺭﺍﺏ ﺃﻴﻨﻤﺎ ﺤﻠﻠﺕ".
ﻭﻟﻜﻨﻙ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻗﺩ ﺴﻤﻌﺕ ﺒﻌﺩ ﺒﻘﻭل ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ،ﻭﻻ ﻜﻨﺕ ﺘﻅﻥ ﺃﻥ ﺤﻘﻴﺒﺘﻙ ﻤﺤﻤﻠﺔ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻜﻡ
ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎﺠﻡ .ﻭ ﺇﻻ ﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﺴﺎﻓﺭﺕ.
ﻓﺎﻜﺘﺏ ﺇﺫﻥ ،ﺃﻨﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﺎﺯﻟﺕ ﻻ ﺘﺩﺭﻱ ﺒﻌﺩ ﺇﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﻓﻌل ﺘﺴﺘﺭ ﺃﻡ ﻓﻌل ﺍﻨﻔﻀﺎﺡ ،ﺇﺫﺍ
ﻜﺎﻨﺕ ﻓﻌل ﻗﺘل ﺃﻭ ﻓﻌل ﺍﻨﺒﻌﺎﺙ.
ﺘﺘﻤﻨﻰ ﻟﻭ ﺃﻁﻠﻘﺕ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﻜل ﺍﻟﻁﻐﺎﺓ ﺒﺠﻤﻠﺔ ،ﻟﻜﻥ ﻤﻥ ﺘﻨﺎﺯل ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺒﻘﻠﻡ ،ﻓﻲ ﻨﺯﺍل ﻜل
ﻏﺭﻤﺎﺌﻙ ﻓﻴﻪ ﻴﺘﺭﺒﻌﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺭﻭﺵ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎﺠﻡ.
ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻴﻙ ﻗﺒل ﺃﻥ ﺘﻬﺠﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﺃﻥ ﺘﺨﺘﺎﺭ ﻜﻠﻤﺎﺘﻙ ﺒﻌﻨﺎﻴﺔ ﻤﻼﻜﻡ ,ﺃﻥ ﺘﺼﻭﺏ ﻀﺭﺒﺎﺘﻙ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ،ﺒﺄﺩﻨﻰ ﻗﺩﺭ ﻤﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯﻓﺔ .ﺃﻥ ﺘﻜﺘﺴﺏ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﻭﻫﺒﺔ .ﻤﻭﻫﺒﺔ ﻜﺘﺎﺒﺔ ﻜﺘﺏ
ﻏﻴﺒﻴﺔ ،ﺘﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺴﻼﻤﺔ ﺼﺎﺤﺒﻬﺎ ﻭﺭﺍﺀﺘﻪ ،ﻏﻴﺭ ﻤﻌﻨﻲ ﺒﻤﺎ ﺘﺴﺒﺒﻪ ﺭﻭﺍﻴﺔ ﺭﺩﻴﺌﺔ ﻤﻥ ﺃﻀﺭﺍﺭ،
ﻭﻻ ﺠﺒﻥ ﻜﺎﺘﺏ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻘﺎﺭﺉ ﺃﻥ ﻴﺄﺘﻤﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺤﻴﺎﺘﻪ ﺃﻭ ﻴﻭﺼﻴﻪ ﺜﺄﺭﺍﹰ ﻟﺩﻤﻪ.
ﻤﻥ ﺘﻜﻭﻥ ..ﻟﺘﺤﺎﻭل ﺍﻟﺜﺄﺭ ﻟﻜل ﺍﻟﺩﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺒﻜﺘﺎﺏ .ﻭﺤﺩﻩ ﺍﻟﺤﺒﺭ ﺸﺒﻬﺔ ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﺠﺎﻟﺱ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ .ﺃﻜﺘﺏ ﻟﺘﻨﻅﻴﻑ ﻤﺭﺁﺒﻙ ﻤﻥ ﺨﺭﺩﺓ ﺍﻟﻌﻤﺭ ،ﻜﻤﺎ ﻴﻨﻅﻑ ﻤﺤﺎﺭﺏ ﺴﻼﺤﺎﹰ ﻗﺩﻴﻤﺎﹰ.
ﻤﺎﺯﺍل ﻟﻠﻘﺘﻠﺔ ﻤﺘﺴﻊ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺎﻩ.ﻭﻻ ﻭﻗﺕ ﻟﻙ ﺇﻻ ﺴﺎﻋﺘﻪ ،ﺘﺩﻕ ﺒﻌﺩﻩ ﻓﻲ ﻤﻌﺼﻤﻙ ..ﺘﻤﺩ ﻴﺩﻙ ﺒﻤﺎ
ﻴﻠﺯﻤﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻟﻠﻜﺘﺎﺒﺔ.
ﻭﺒﺭﻏﻡ ﻫﺫﺍ ،ﻗﺩ ﻻ ﺘﺠﺩ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻟﺘﻘﺹ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﺎ ﺤل ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ!
ﺒﻌﺩ ﻴﻭﻤﻴﻥ ﻤﻥ ﺇﻗﺎﻤﺘﻲ ﻋﻨﺩ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ،ﻫﺎﺘﻔﺕ ﻤﺭﺍﺩ ﺤﺘﻰ ﻻ ﻴﻘﻴﻡ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ﻭﻴﻘﻌﺩﻫﺎ ﺒﺤﺜﺎﹰ ﻋﻨﻲ ﻓﻲ
ﺒﺎﺭﻴﺱ ،ﻴﻌﺩ ﺃﻥ ﺘﺭﻜﺕ ﺍﻟﻔﻨﺩﻕ ﺩﻭﻥ ﺇﺨﺒﺎﺭﻩ ﺒﺫﻟﻙ.
ﺘﺤﺎﺸﻴﺕ ﻁﺒﻌﺎﹰ ﺇﻋﻁﺎﺀﻩ ﺘﻔﺎﺼﻴل ﻋﻥ ﺇﻗﺎﻤﺘﻲ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ .ﻭﺍﻗﺘﺭﺤﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻨﻠﺘﻘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ.
ﻟﻜﻨﻪ ﻓﺎﺠﺄﻨﻲ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﺨﺒﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﺎ ﺘﻭﻗﻌﺘﻪ ﺃﺒﺩﺍﹰ ﺤﻴﻥ ﻗﺎل ﻟﻲ ﻤﻌﺘﺫﺭﺍﹰ:
ﺍﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﺤﺏ .ﻭﻫﺎ ﺃﻨﺎ ﺃﺭﺘﻌﺩ ﻋﺎﺭﻴﺎﹰ ﻜﺠﺫﻉ ﺸﺠﺭﺓ ﺠﺭﺩﺍﺀ.
-ﻟﻥ ﺃﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﺃﺭﺍﻙ ﻏﺩﺍﹰ .ﺴﺄﻜﻭﻥ ﻤﺸﻐﻭﻻﹰ ﺒﺎﻨﺘﻅﺎﺭ ﻨﺎﺼﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻭﻟﻰ .ﺴﻴﺤﻀﺭ ﻤﻥ ﺃﻟﻤﺎﻨﻴﺎ
ﻟﻺﻗﺎﻤﺔ ﻋﻨﺩﻱ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﻗﺕ ..ﻟﻜﻥ ﺇﻥ ﺸﺌﺕ ﺴﻨﻠﺘﻘﻲ ﺠﻤﻴﻌﺎﹰ ﺒﻌﺩ ﻏﺩ.
ﺴﺄﻟﺘﻪ ﻏﻴﺭ ﻤﺼﺩﻕ:
-ﺃﻱ ﻨﺎﺼﺭ؟
-ﻨﺎﺼﺭ ..ﺍﺒﻥ ﺍﻟﺸﻬﻴﺩ ﺍﻟﻁﺎﻫﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻭﻟﻰ .ﺃﻨﺕ ﺘﺩﺭﻱ ﺃﻨﻪ ﻴﻘﻴﻡ ﻤﻨﺫ ﺴﻨﺘﻴﻥ ﻓﻲ ﺃﻟﻤﺎﻨﻴﺎ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ
ﺍﺘﻬﻡ ﺒﺎﻨﺘﻤﺎﺌﻪ ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺇﺴﻼﻤﻴﺔ ﻤﺴﻠﺤﺔ .ﺤﺼل ﻋﻠﻰ ﺤﻕ ﺍﻟﻠﺠﻭﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻫﻨﺎﻙ .ﻟﻜﻥ ﻟﻴﺱ
ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻪ ﻁﺒﻌﺎﹰ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻭﻟﺫﺍ ﺴﻴﺤﻀﺭ ﺇﻟﻰ ﺒﺎﺭﻴﺱ ﻟﻠﻘﺎﺀ ﻭﺍﻟﺩﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﻴﺭﻫﺎ ﻤﻨﺫ
ﺴﻨﺘﻴﻥ .ﺍﻟﺘﻘﻴﺕ ﺒﻪ ﻤﻁﻭﻻﹰ ﻓﻲ ﺃﻟﻤﺎﻨﻴﺎ ..ﻭﺍﺘﻔﻘﻨﺎ ﺃﻥ ﻴﺒﺭﻤﺞ ﻤﺠﻴﺌﻪ ﺇﻟﻰ ﺒﺎﺭﻴﺱ ﻋﻨﺩ ﺍﺴﺘﺌﺠﺎﺭﻱ
ﺸﻘﺔ ﻜﻲ ﻴﺘﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﺍﻹﻗﺎﻤﺔ ﻋﻨﺩﻱ ،ﻓﻬﻭ ﻷﺴﺒﺎﺏ ﺃﻤﻨﻴﺔ ﻴﻔﻀل ﻋﺩﻡ ﺍﻹﻗﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻨﺩﻕ.
ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻤﺭﺍﺩ ﻴﺯﻑ ﻟﻲ ﺨﺒﺭﻴﻥ :ﺨﺒﺭ ﻤﺠﻲﺀ ﻨﺎﺼﺭ ،ﻭﺤﺘﻤﻴﺔ ﻤﺠﻲﺀ ﺃﺨﺘﻪ ﺭﻓﻘﺔ ﻭﺍﻟﺩﺘﻬﺎ .ﻓﻠﻡ
ﻴﻜﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﻘﻭل ﺃﻥ ﺘﺄﺘﻲ ﻭﺍﻟﺩﺘﻪ ﺒﻤﻔﺭﺩﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺒﺎﺭﻴﺱ.
ﺃﺫﻫﻠﺘﻨﻲ ﺼﺎﻋﻘﺔ ﺍﻟﻤﻔﺎﺠﺄﺓ.
ﺃﺤﻘﺎﹰ ﺴﺘﺄﺘﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻤﻔﻜﺭﺓ ﺤﻴﺎﺘﻲ ﻤﻭﻋﺩ ﻤﻌﻬﺎ؟
ﺴﺘﺄﺘﻲ ،ﺒﻌﺩﻤﺎ ﻟﻔﺭﻁ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭﻫﺎ ﻤﺎ ﻋﺩﺕ ﺃﻨﺘﻅﺭ ﻤﺠﻴﺌﻬﺎ.
ﺴﻨﺘﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻻﻨﻘﻁﺎﻉ ،ﺘﻤﺩﺩﺕ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺠﺜﺔ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺒﻴﻨﻨﺎ ،ﻭﺠﻭﺍﺭﻫﺎ ﺸﻲﺀ ﺸﺒﻴﻪ ﺒﺠﺜﺘﻲ ،ﻓﻘﺩ
ﺃﺤﺒﺒﺘﻬﺎ ﻟﺤﻅﺔ ﺩﻭﺍﺭ ﻋﺸﻘﻲ ﻜﻤﻥ ﻴﻘﻔﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺭﺍﻍ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻔﺘﺢ ﻤﻅﻠﺔ ﺍﻟﻬﺒﻭﻁ ,ﺜﻡ ..ﺘﺭﻜﺘﻬﺎ ﻜﻤﺎ
ﺃﺤﺒﺒﺘﻬﺎ ،ﻜﻤﺎ ﻴﻠﻘﻲ ﻴﺎﺌﺱ ﺒﻨﻔﺴﻪ ﻤﻥ ﺠﺴﺭ ﺒﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﺴﻔل .ﺃﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﺍﺒﻥ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﺤﻴﺙ
ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﺤﻴﺎﺓ ﻭﻁﺭﻴﻘﺔ ﻤﻭﺕ ..ﻭﺤﺏ!
ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﻴﺘﺨل ﻋﻨﻬﺎ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﺭﺠل،ﺘﺨﻠﻴﺕ ﻋﻨﻬﺎ ،ﺨﺸﻴﺔ ﺃﻥ ﺘﺘﺨﻠﻰ ﻫﻲ ﻋﻨﻲ .ﻜﺄﻨﻨﻲ ﺍﻟﻘﺎﺌل "
ﺭﺏ ﻫﺠﺭ ﻗﺩ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺨﻭﻑ ﻫﺠﺭ\ ﻭﻓﺭﺍﻕ ﻗﺩ ﻜﺎﻥ ﺨﻭﻑ ﻓﺭﺍﻕ".
ﺃﻜﺜﺭ ﺇﻴﻼﻤﺎﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺨﻭﻓﻲ ﺍﻟﺩﺍﺌﻡ ﻤﻥ ﺘﺨﻠﻴﻬﺎ ﻋﻨﻲ.
ﻋﻜﺱ ﺍﻟﻌﺸﺎﻕ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺴﺘﻤﻴﺘﻭﻥ ﺩﻓﺎﻋﺎﹰ ﻋﻥ ﻤﻭﺍﻗﻌﻬﻡ ﻭﻤﻜﺎﺴﺒﻬﻡ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﻏﺎﺭ ﺃﻨﺴﺤﺏ،
ﻭﺃﺘﺭﻙ ﻟﻤﻥ ﺃﺤﺏ ﻓﺭﺼﺔ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻱ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ.
ﻜﻨﺕ ﺭﺠل ﺍﻟﺨﺴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭﻴﺔ ﺒﺎﻤﺘﻴﺎﺯ .ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﺘﻘﺒل ﻓﻜﺭﺓ ﺃﻥ ﺘﻬﺠﺭﻨﻲ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺇﻟﻰ
ﺭﺠل ﺁﺨﺭ.
ﺃﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﺃﺘﻘﺒل ﻓﻜﺭﺓ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺃﺤﺩ ﻗﺩ ﺴﺒﻘﻨﻲ ﺇﻟﻴﻬﺎ .ﻜﻴﻑ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﻁﻤﺌﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺘﺯﺭﻉ
ﺩﺍﺨﻠﻲ ﻤﻊ ﻜل ﻜﻠﻤﺔ ﺤﻘﻭﻻﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻙ.
ﺃﺫﻜﺭ ﻴﻭﻡ ﺴﺄﻟﺘﻨﻲ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﺇﻥ ﻜﻨﺕ ﺃﺤﺒﻬﺎ ،ﺃﺠﺒﺘﻬﺎ:
-ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ..ﻤﺎ ﺃﺩﺭﻴﻪ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﺨﺎﻓﻙ.
ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻜﻨﺕ ﺃﺨﺎﻑ ﺍﻟﺘﻴﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﻴﻠﻲ ﺤﺒﻬﺎ ،ﻓﻤﺜﻠﻬﺎ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﺭﺠل ﺃﻥ ﻴﺤﺏ ﺒﻌﺩﻫﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ
ﻴﻘﺎﺼﺹ ﻨﻔﺴﻪ ﺒﻬﺎ.
ﻴﻭﻤﻬﺎ ،ﻓﻜﺭﺕ ﺃﻨﻨﻲ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺃﻭﺍﺠﻪ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﺒﺎﻹﺠﻬﺎﺯ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﺠﺭﺍﹰ .ﻭﻜﺎﻥ ﺜﻤﺔ
ﺍﺤﺘﻤﺎل ﺁﺨﺭ :ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﻁﺭﻴﻘﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺘل ﺍﻟﺭﺤﻴﻡ ﺩﺍﺨل ﻜﺘﺎﺏ ﺠﻤﻴل .ﻓﻘﺩ ﺤﺩﺙ ﺃﻥ ﺃﻫﺩﺘﻨﻲ ﻤﺎ
ﻴﻐﺭﻱ ﺒﺎﻟﻜﺘﺎﺒﺔ .ﺃﺸﻴﺎﺀ ﺍﻨﺘﻘﺘﻬﺎ ﺒﺤﺭﺹ ﺃﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻠﻭﺍﺯﻡ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﻴﺔ ﻟﻁﻔﻠﻬﺎ ﻴﻭﻡ ﺩﺨﻭﻟﻪ
ﺍﻷﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ.
ﻭﻜﻨﺕ ﺒﻌﺩ ﻤﻭﺕ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻕ ﺒﺄﺴﺒﻭﻋﻴﻥ ،ﺼﺎﺩﻓﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻤﻜﺘﺒﺔ ﻓﻲ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﺘﺸﺘﺭﻱ ﻅﺭﻭﻓﺎﹰ
ﻭﻁﻭﺍﺒﻊ ﺒﺭﻴﺩﻴﺔ ﻟﺘﺒﻌﺙ ﺭﺴﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﻨﺎﺼﺭ ﻓﻲ ﺃﻟﻤﺎﻨﻴﺎ .ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻤﺴﻙ ﺒﻴﺩﻫﺎ ﺩﻓﺘﺭﺍﹰ ﺃﺴﻭﺩ ،ﻗﺎﻟﺕ
ﻤﺎﺯﺤﺔ ﺇﻨﻬﺎ ﺍﺸﺘﺭﺘﻪ ﻷﻨﻪ ﺘﺤﺭﺵ ﺒﻬﺎ .ﺴﺄﻟﺘﻨﻲ ﻓﺠﺄﺓ:
-ﺇﻥ ﺃﻫﺩﻴﻨﻙ ﺇﻴﺎﻩ ،ﻫل ﺴﺘﻜﺘﺏ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﺠﻤﻴﻼﹰ؟
ﻗﻠﺕ:
-ﻻ ﺃﻅﻨﻨﻲ ﺴﺄﻓﻌل ..ﺴﺘﺤﺘﺎﺠﻴﻥ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻨﻲ.
ﻟﻡ ﺘﻌﺭ ﺠﻭﺍﺒﻲ ﺍﻫﺘﻤﺎﻤﺎﹰ ،ﺘﻭﺠﻬﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺎﺌﻊ ﺘﻁﻠﺏ ﻤﻨﻪ ﻋﺩﺓ ﺃﻗﻼﻡ ﺴﻴﺎﻟﺔ ﻤﻥ ﻨﻭﻉ ﻤﻌﻴﻥ .ﻗﺎﻟﺕ
ﻭﻫﻲ ﺘﻤﺩﻨﻲ ﺒﻬﺎ " ﺃﺭﻴﺩ ﻤﻨﻙ ﻜﺘﺎﺒﺎﹰ" ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﻗﺎﻟﺕ " ﺃﺭﻴﺩ ﻤﻨﻙ ﻁﻔﻼﹰ" .ﻓﻬل ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺭﻴﺩ ﺃﻥ
ﺘﺴﺘﺒﻘﻴﻨﻲ ﺒﻜﺘﺎﺏ ،ﻜﻤﺎ ﺘﺴﺘﺒﻘﻲ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺯﻭﺠﺎﹰ ﺒﻁﻔل؟ ﺃﻡ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻬﻴﺌﻨﻲ ﻟﻠﻔﺭﺍﻕ ﺍﻟﻁﻭﻴل؟
ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﻤﺘﻭﺠﺴﺎﹰ ﻤﺭﺍﻭﻏﺔ ﻤﺎ:
-ﻤﺎ ﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻬﺩﻴﺔ؟
ﺭﺩﺕ ﻤﺎﺯﺤﺔ:
-ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻨﺎ ﻤﺘﻰ ﺸﺌﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺨﺘﺭﻉ ﻤﻨﺎﺴﺒﺔ .ﺴﺄﻓﺘﺭﺽ ﺃﻨﻪ ﻋﻴﺩ ﻤﻴﻼﺩﻙ ..ﺇﻨﻲ ﺃﻟﺩﻙ ﻤﺘﻰ ﺸﺌﺕ ﻤﻥ
ﺍﻟﻤﺭﺍﺕ.
ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻷﻤﻭﻤﺔ ﺨﺩﻋﺘﻬﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ،ﻜﺨﺩﻋﺔ ﺃﺒﻭﺘﻲ ﻟﻬﺎ.
ﺃﻤﺩﺘﻨﻲ ﺒﺎﻟﺩﻓﺘﺭ ﻭﻗﺎﻟﺕ:
!- Bon anniverssaire
ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﻘﻭل ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﺇﻻ ﺒﺎﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﺃﻭ ﺒﺎﻟﻔﺼﺤﻰ ..ﻓﻠﻴﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻬﺠﺔ
ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ﺼﻴﻐﺔ ﻭﻻ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻙ ﺃﻥ ﺘﺘﻤﻨﻰ ﺒﻪ ﻷﺤﺩ ﻋﻴﺩ ﻤﻴﻼﺩ ﺴﻌﻴﺩﺍﹰ .ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺘﻔﻴﺽ ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﻠﻬﺠﺔ ﺒﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﺎﺯﻱ ﻭﺍﻟﻤﻭﺍﺴﺎﺓ!.
ﻀﺤﻜﺕ ﻟﻠﻔﻜﺭﺓ .ﻭﺠﺩﺘﻬﺎ ﺘﺼﻠﺢ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﻟﻜﺘﺎﺏ ﻴﺸﺭﻉ ﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﺘﻪ ﻴﻭﻡ ﻋﻴﺩ ﻤﻴﻼﺩﻩ .ﻟﻜﻨﻨﻲ
ﻟﻙ ﺃﻜﺘﺏ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺩﻓﺘﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻫﺩﺘﻨﻲ ﺇﻴﺎﻩ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻨﺴﻴﺕ ﺃﻤﺭﻩ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺫﻫﺒﺕ ﻟﻺﻗﺎﻤﺔ ﻓﻲ
" ﻤﺎﺯﺍﻓﺭﺍﻥ" .ﻭﻟﻡ ﺃﻋﺜﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻻ ﻤﻨﺫ ﻤﺩﺓ ﻗﺭﻴﺒﺔ ،ﻭﺍﻷﺼﺢ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺒﺤﺜﺕ ﻋﻨﻪ.
ﻟﺘﻜﺘﺏ ،ﻻ ﻴﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻴﻬﺩﻴﻙ ﺃﺤﺩ ﺩﻓﺘﺭﺍﹰ ﻭﺃﻗﻼﻤﺎﹰ ،ﺒل ﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﻴﺅﺫﻴﻙ ﺃﺤﺩ ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ .ﻭﻤﺎﻜﻨﺕ
ﻷﺴﺘﻁﻴﻊ ﻜﺘﺎﺒﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ،ﻟﻭﻻ ﺃﻨﻬﺎ ﺯﻭﺩﺘﻨﻲ ﺒﺎﻟﺤﻘﺩ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﻟﻠﻜﺘﺎﺒﺔ .ﻓﻨﺤﻥ ﻻ ﻨﻜﺘﺏ ﻜﺘﺎﺒﺎﹰ ﻤﻥ
ﺃﺠل ﺃﺤﺩ ،ﺒل ﻀﺩﻩ.
ﺩﻓﺘﺭﻫﺎ ﺃﻤﺎﻤﻲ .ﻭﺴﺎﻋﺔ ﻴﺩﻩ ﻓﻲ ﻤﻌﺼﻤﻲ .ﻭﻜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﻤﻜﻔﻥ ﺒﺒﻴﺎﺽ ﺍﻟﻭﺭﻕ ﻓﻲ ﻤﺘﻨﺎﻭﻟﻲ.
ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻜﺘﺏ ﻋﻨﻬﺎ ﻜﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﺃﻤﺎﺭﺱ ﺍﻟﺤﺏ ﺴﺭﺍﹰ ﻤﻌﻬﺎ ،ﺒﺎﻟﺸﺭﺍﺴﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ .ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻠﻡ ،ﻜﺎﻥ ﻴﺄﺘﻲ
ﺍﺸﺘﻬﺎﺌﻲ ﺇﻴﺎﻫﺎ ﻋﻨﻴﻔﺎﹰ ﻷﻨﻨﻲ ﺃﺭﻓﻀﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻘﻅﺔ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﻨﺘﻬﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻔﺴﻕ ﺍﻟﺤﻠﻤﻲ ,ﻜﻨﺕ
ﺃﺼﺭﺥ ﺒﺎﺴﻤﻬﺎ ،ﻭﻴﺠﻬﺵ ﺠﺴﺩﻱ ﺴﺭﺍﹰ ﺒﺎﻟﺒﻜﺎﺀ ،ﺜﻡ ﺃﺤﺯﻥ ﻭﺃﻜﺭﻩ ﻴﺩﻱ ﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ،ﺃﻜﺭﻩ ﻜل
ﺃﻋﻀﺎﺌﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺄﺘﻤﺭ ﺒﺄﻤﺭﻫﺎ.
ﺒﺎﻟﻴﺩ ﺇﻴﺎﻫﺎ ﺃﻜﺘﺏ .ﺒﺎﻟﻌﻨﻑ ﻨﻔﺴﻪ ﺃﺴﺘﺤﻀﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﺭﻕ ,ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻪ ﻴﻠﺯﻤﻨﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﺤﻭﻟﺔ
ﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻋﺭﻱ ﺍﻟﺒﻴﺎﺽ .ﻭﻤﻥ ﻟﻡ ﻴﻨﺠﺢ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﺭﺒﺔ ﺃﻨﺜﻰ ,ﻟﻥ ﻴﻌﺭﻑ ﻜﻴﻑ ﻴﻘﺎﺭﺏ ﻭﺭﻗﺔ .ﻓﻨﺤﻥ
ﻨﻜﺘﺏ ﻜﻤﺎ ﻨﻤﺎﺭﺱ ﺍﻟﺤﺏ .ﺍﻟﺒﻌﺽ ﻴﺄﺨﺫ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﻋﻨﻭﺓ ﻜﻴﻔﻤﺎ ﺍﺘﻔﻕ .ﻭﺍﻵﺨﺭ ﻴﻌﺘﻘﺩ ﺃﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﻤﻨﺤﻙ
ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺇﻻ ﺒﺎﻟﻤﺭﺍﻭﺩﺓ ،ﻜﺎﻟﻨﺎﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺩﺭ ﻟﺒﻨﺎﹰ ﺇﻻ ﺒﻌﺩ ﺇﺒﺴﺎﺱ ،ﻓﻴﻘﻀﻲ ﺃﻋﻭﺍﻤﺎﹰ ﻓﻲ ﻤﻼﻁﻔﺘﻬﺎ ﻤﻥ
ﺃﺠل ﺇﻨﺠﺎﺯ ﻜﺘﺎﺏ.
ﻟﻜﻥ ﻜﻴﻑ ﻟﻙ ﺃﻥ ﺘﻼﻁﻑ ﻭﺭﻗﺔ ،ﻭﺘﺠﺎﻤل ﻗﺎﺭﺌﺎﹰ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻜﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﺇﻴﻘﺎﻉ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻟﺸﺨﺹ ﻤﺎ ﻋﺎﺩ
ﻤﻭﺠﻭﺩﺍﹰ ،ﻤﺼﺭﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﺇﺨﺒﺎﺭﻩ ﺒﻤﺎ ﺤﺩﺙ.
ﻤﺎ ﻨﻔﻊ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺯﻴﺩ ﺍﻷﻤﻭﺍﺕ ﺤﺯﻨﺎﹰ!؟
ﻜﺎﻨﺕ ﺤﻴﺎﺘﻲ ﻤﻊ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻗﺩ ﺒﺩﺃﺕ ﻫﺎﺩﺌﺔ ﻭﺠﻤﻴﻠﺔ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺒﺩﻭﻥ ﻟﻬﻔﺔ ﻭﻻ ﺸﻐﻑ ،ﻴﺅﺜﺜﻬﺎ ﺫﻟﻙ
ﺍﻟﺼﻤﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻠﻲ ﻀﺠﺔ ﺍﻟﺠﺴﺩ ،ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺨﻴﺒﺔ ﺍﻟﺼﺎﻤﺘﺔ ،ﺍﻟﻨﺩﻡ ﺍﻟﻤﺩﻓﻭﻥ ﺘﺤﺕ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ.
ﻜل ﺼﺒﺎﺡ ,ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﺩﻡ ﺍﻟﺠﻤﻴل ﻴﺄﺨﺫ ﺤﻤﺎﻤﺎﹰ ،ﻴﺩﺨﻥ ﺴﻴﺠﺎﺭﺓ ،ﻴﻀﻊ ﻗﺒﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻔﺘﻴﻥ
ﺍﻟﺸﺎﺤﺒﺘﻴﻥ .ﺍﻟﻨﺩﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﺩﺭﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺃﻓﻀل ﻤﻥ ﺴﺭﻴﺭ ﺍﻟﺴﻭﺀ ،ﻜﺎﻥ ﻴﻠﻬﻭ ﺒﺎﺨﺘﺒﺎﺭ
ﺴﺭﻴﺭ ﺠﺩﻴﺩ ،ﻜﻤﺎ ﻟﻴﻜﺫﺏ ﻨﺩﻤﻪ .ﻓﻤﻥ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻭﻡ ﺃﻥ ﻴﺜﺭﺜﺭ ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ ﻗﺒل ﺍﻟﺤﺏ ﻭﺒﻌﺩﻩ ،ﻜﻲ ﻴﻘﻨﻊ
ﻨﻔﺴﻪ ﺃﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻨﺎﺩﻤﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻟﻴﺱ ﺤﺒﺎﹰ!
ﺍﺴﺘﻴﻘﻅﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﻓﻠﻡ ﺃﺠﺩ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ .ﺭﺒﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﻨﻬﻀﺕ ﺒﺎﻜﺭﺍﹰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﻬﺩ.
ﻗﺭﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﺘﻨﺎﻭل ﻗﻬﻭﺘﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺤﻴﺔ ﻤﻊ ﻓﻴﻨﻭﺱ ،ﺍﻷﻨﺜﻰ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺓ ﺒﺎﻟﺒﻴﺕ .ﻜﺎﻨﺕ ﻓﻲ
ﻭﻗﻔﺘﻬﺎ ﺘﻠﻙ ﻓﻲ ﺭﻜﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﺎﻟﻭﻥ ﺒﺤﺠﻡ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ,ﺘﺒﺩﻭ ﻜﺄﻨﺜﻰ ﺘﺴﺘﻴﻘﻅ ﻤﻥ ﻨﻌﺎﺴﻬﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴل
ﻋﻠﻰ ﺃﻫﺒﺔ ﺍﻟﺘﺒﺭﻋﻡ ﺍﻷﻨﺜﻭﻱ ﺍﻷﺨﻴﺭ ،ﺘﻨﺘﻅﺭ ﻟﻬﻔﺔ ﻴﺩﻴﻙ ،ﺃﻭ ﺃﻭﺍﻤﺭ ﻤﻥ ﻋﻴﻨﻴﻙ ،ﻟﺘﺴﻘﻁ ﻤﻼﺀﺘﻬﺎ
ﺃﺭﻀﺎﹰ ﻭﺘﺼﺒﺢ ﺍﻤﺭﺃﺓ.
ﻜﺎﻨﺕ ﻤﺜل ﺃﺸﻴﺎﺀ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺒﻴﺕ ،ﺘﺨﻔﻲ ﻨﺼﻑ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻤﻠﻔﻭﻓﺔ ﺒﺎﻨﺴﻴﺎﺏ ﻴﻐﺭﻴﻙ ﺒﺎﻟﺒﺤﺙ ﻋﻤﺎ ﺘﺤﺕ
ﺜﻭﺒﻬﺎ ﺍﻟﺤﺠﺭﻱ.
ﺃﻨﺕ ﻟﻥ ﺘﻌﺭﻑ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻋﻨﻬﺎ ،ﺴﻭﻯ ﺃﻨﻪ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻗﺘﻨﺎﻫﺎ ﻷﻨﻬﺎ ﺃﻨﺜﺎﻩ .ﻭﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻪ ﺃﻥ
ﻴﻌﻴﺵ ﻤﻌﻬﺎ ﺒﺩﻭﻥ ﻋﻘﺩ،ﺇﻨﻬﺎ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻨﻪ ﻋﻁﺒﺎﹰ .ﻭﻟﻜﻥ ﺫﻟﻙ ﻟﻥ ﻴﻤﻨﻌﻬﺎ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻷﻨﺜﻰ ﺍﻷﺸﻬﺭ
ﻭﺍﻷﺸﻬﻰ.
ﻭﺃﻓﻬﻡ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺭﻭﺩﺍﻥ ﻗﺎل ﺇﻥ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﻟﻬﺎﺏ ﺍﻟﺤﻭﺍﺱ ﻷﻨﻬﺎ ﺘﻤﺜل ﺒﻬﺠﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .ﻫﻲ
ﺩﺍﺌﻤﺔ ﺍﻻﺒﺘﺴﺎﻡ ،ﺘﺴﺘﻴﻘﻅ ﺒﻤﺯﺍﺝ ﺭﺍﺌﻕ ﻜل ﺼﺒﺎﺡ .ﻷﻨﻬﺎ ،ﻭﻫﻲ ﺇﻟﻬﺔ ﺍﻟﺤﺏ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎل ،ﻟﻡ ﺘﺘﻠﻭﺙ
ﺒﺭﺠل .ﺇﻨﻬﺎ ﺃﻨﺜﻰ ﺒﺸﻬﻭﺍﺕ ﻤﺘﺭﻓﻌﺔ!
ﺤﺘﻤﺎﹰ ﻫﻲ ﺃﺴﻌﺩ ﻤﻥ ﻨﺴﺎﺀ ﻴﻘﻀﻴﻥ ﻋﻤﺭﻫﻥ ﻜﺸﺠﺭﺓ ﺍﻟﻤﻁﺎﻁ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺯﻴﻥ ﺍﻟﺼﺎﻟﻭﻥ ،ﻓﻲ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭ ﺃﻥ
ﻴﺘﻜﺭﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺒﺎﻟﺴﻘﺎﻴﺔ ...ﻤﺭﺓ ﻜل ﺃﺴﺒﻭﻉ!
ﻻﺃﺩﺭﻱ ﻜﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻗﻀﻴﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺒﺎﺱ ﺠﺴﺩﻱ ﻤﻌﻬﺎ .ﺃﺠﻴل ﻨﻅﺭﻱ ﻓﻲ ﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ ﺭﻏﺒﺎﺘﻬﺎ؟
ﺃﺘﺄﻤل ﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﺃﻨﻭﺜﺔ ﺘﺤﻴﻁ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﺒﻠﻐﺯ.
ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺼﻭﺭ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺼﺎﻤﺕ ،ﻤﻥ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﻤﻠﺔ ،ﻭﻤﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ
ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺒﻕ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ.
ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻀﺠﺭ ﺍﻟﻤﺘﻴﻘﻅ ،ﻴﺨﻠﻕ ﻋﻨﺩﻩ ﻭﻗﺘﺎﹰ ﻟﻠﺤﻠﻡ ,ﻭﻟﺫﺍ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻪ ﺃﻥ ﻴﻘﻀﻲ ﺴﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﺘﺄﻤل ﺸﺠﺭﺓ..
ﺃﻭ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺭﻴﺢ ﺍﻟﻌﺎﺒﺜﺔ ﺒﺴﺘﺎﺌﺭ ﻨﺎﻓﺫﺓ .ﺃﻭ ﺍﻨﻌﻜﺎﺱ ﻀﻭﺀ ﻤﻨﺎﺭ ﺒﺤﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺤﺭ ،ﻜﺫﺍﻙ ﺍﻟﺫﻱ
ﻜﻨﺕ ﺃﻗﻀﻲ ﺴﺎﻋﺎﺕ ﻓﻲ ﺘﺄﻤﻠﻪ ..ﻓﻲ ﻟﻴل " ﻤﺎﺯﺍﻓﺭﺍﻥ".
ﻟﻜﻥ ﻭﺤﺩﻫﺎ ﻓﻴﻨﻭﺱ ﺘﻌﻁﻴﻙ ﺍﻹﺤﺴﺎﺱ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎل ﻜﻤﺎ ﺍﻟﺤﺏ ﻭﺍﻟﺒﻬﺠﺔ ،ﻜﺎﻨﺯﻻﻕ ﺜﻭﺒﻬﺎ ﺍﻟﺤﺠﺭﻱ،
ﺃﺸﻴﺎﺀ ﻗﺩ ﺘﻜﻭﻥ ﻋﻨﺩ ﻗﺩﻤﻴﻙ ،ﺇﻥ ﺘﻭﻗﻔﺕ ﻋﻥ ﺍﻟﺭﻜﺽ ﻗﻠﻴﻼﹰ ،ﻭﺘﺄﻤﻠﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.
ﻭﻟﺫﺍ ،ﻜﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺼﺒﺎﺤﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﻀﻴﺘﻪ ﻤﻌﻬﺎ ،ﺃﺠﻤل ﻤﻥ ﻭﻗﺕ ﻟﻴﻠﻲ ﻗﻀﻴﺘﻪ ﻤﻊ ﻏﻴﺭﻫﺎ.
ﻟﻡ ﺃﺤﺎﻭل ﺍﺴﺘﻨﻁﺎﻗﻬﺎ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ .ﻜﻜل ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﺸﺎﻤﺘﺔ ﺼﻤﺘﺎﹰ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺒﻴﺕ .ﻫﻲ ﻟﻥ ﺘﻘﻭل ﺃﻜﺜﺭ.
ﻤﺎﺠﺩﻭﻯ ﺃﻥ ﺃﻨﺘﺯﻉ ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻋﺘﺭﺍﻓﺎﺕ ﻤﺨﺎﺩﻋﺔ؟
ﺤﻴﺙ ﺃﻨﺎ ﻗﺭﻴﺏ ﻤﻨﻬﺎ ﻏﺭﻴﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻟﻥ ﺃﺭﻯ ﺸﻴﺌﺎﹰ .ﻭﺤﺩﻩ ﺸﻜﻲ ﻴﺭﻯ.
ﻓﻲ ﺨﻠﻭﺘﻲ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺒﺎﻷﺸﻴﺎﺀ ﻓﻘﺩﺕ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻴﺘﻬﺎ .ﻓﻘﺩﺕ ﺤﺘﻰ ﺘﻠﻘﺎﺌﻴﺔ ﻓﻬﻡ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﺜﻨﺎﺀ
ﺍﺴﺘﻨﻁﺎﻗﻬﺎ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺒﻌﺽ ﺫﺍﻜﺭﺘﻬﺎ .ﻟﻘﺩ ﺸﻴﺄﺘﻨﻲ ،ﻭﺇﺫ ﺒﻲ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻌﺎﺒﺭ ﺒﻬﺎ ..ﻜﻐﻴﺭﻱ .ﻭﻫﻲ
ﺍﻟﻜﺎﺌﻥ ﺍﻟﻤﻘﻴﻡ ﺍﻟﺜﺎﺒﺕ ﺍﻟﺸﺎﻫﺩ ﻋﻠﻲ.
ﺒﻌﺩ ﺴﺎﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺫﻫﻭل ﺍﻟﺸﺎﺭﺩ ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ ﺘﺭﻜﺕ ﻓﻴﻨﻭﺱ ﻭﺨﺭﺠﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺭﻓﺔ ﺃﻜﺘﺸﻑ ﺍﻟﻤﻨﻅﺭ
ﻭﺃﻟﻘﻲ ﺘﺤﻴﺔ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻋﻠﻰ " ﺠﺴﺭ ﻤﻴﺭﺍﺒﻭ".
ﺍﺴﺘﻨﺎﺩﺍﹰ ﺇﻟﻰ ﺭﻭﺍﻴﺔ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻜﺎﺘﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺼﺩﻕ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺎﺕ ،ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﻜﻭﻥ ﻭﺍﺜﻘﺎﹰ ﻋﻠﻰ
ﺍﻷﻗل ﻤﻥ ﺃﻨﻬﻤﺎ ﻭﻗﻔﺎ ﻫﻨﺎ ﺫﺍﺕ ﻤﻁﺭ..
ﻜﻤﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﻭﺃﻨﻪ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﻁﻭﻴﻼﹰ ﻫﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺭﺃﻯ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺴﺭ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻗﺭﺃ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻤﻥ ﻗﺼﻴﺩﺓ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺏ.
ﺃﻤﺎ ﺯﺍل ﺍﻟﺠﺴﺭ ﻴﺫﻜﺭ ﻗﺒﻠﺔ ﺠﺯﺍﺌﺭﻴﻴﻥ ﺍﺌﺘﻤﻨﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﺤﺒﻬﻤﺎ؟ ﻭﺘﺤﺕ ﻗﺩﻤﻴﻪ ﺍﻷﺒﺩﻴﺘﻴﻥ ﻴﺠﺭﻱ ﻨﻬﺭ ﻟﻡ
ﻴﺅﺘﻤﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﻴﻥ ﺫﺍﺕ ﺃﻜﺘﻭﺒﺭ 1961ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻁﻔﺕ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﺍﻟﺠﺜﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻟﻘﻴﺕ
ﺇﻟﻴﻪ ﻤﻜﺒﻠﺔ؟
ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺎﺕ ﺘﺒﺩﻭ ﻭﺍﻫﻴﺔ ﺒﻴﻨﻲ ﻭﺒﻴﻨﻪ .ﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ﻜﻨﺕ ﺃﻋﻴﺵ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ،ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﻜﻨﺕ ﻫﻭ .ﻤﻘﺘﻔﻴﺎﹰ
ﺃﺜﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺭﺓ ﻭﺍﻟﺸﻭﺍﺭﻉ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻫﻲ .ﻜﻨﺕ ﺃﻀﺎﺠﻊ ﻨﺴﺎﺀﻩ ﻓﻲ ﺴﺭﻴﺭ ﻜﺎﻥ ﺴﺭﻴﺭﻩ.
ﺃﻋﻁﻲ ﻤﻭﺍﻋﻴﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﺭﺘﺎﺩﻩ .ﺃﺘﺄﻤل ﺠﺴﺭ ﻤﻴﺭﺍﺒﻭ ﻤﻥ ﺸﺭﻓﺔ ﺒﻴﺘﻪ ،ﺃﺤﺘﺴﻲ ﻗﻬﻭﺓ
ﺃﻋﺩﺩﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻤﻁﺒﺨﻪ ،ﺃﺠﺎﻟﺱ ﺃﻨﺜﺎﻩ ﺍﻟﺭﺨﺎﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﺔ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ﺃﺨﻠﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺴﺭﻴﺭ
ﺘﺭﻙ ﻋﻠﻴﻪ ﺒﻌﺽ ﺭﺍﺌﺤﺘﻪ ..ﻭﻜﺜﻴﺭﺍﹰ ﻤﻥ ﺃﺭﻗﻲ .ﺃﻓﻜﺭ ﻁﻭﻴﻼﹰ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﻨﻌﺘﻪ ﻤﻨﺫ
ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻭﻡ .ﺃﻟﻴﺱ ﺍﻷﻤﺭ ﻏﺭﻴﺒﺎﹰ ﺤﻘﺎﹰ؟
ﻷﺴﺒﺎﺏ ﺃﺠﻬﻠﻬﺎ ،ﻤﺎ ﺯﻟﺕ ﻋﻠﻰ ﻟﻬﻔﺔ ﺍﻻﻨﺘﻅﺎﺭ ﻭﻴﺄﺱ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ.
ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﺫﺭﻴﻌﺔ ﺘﻌﻘﺏ ﻏﻴﺭﻫﺎ ﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﺃﻗﺘﻔﻲ ﺃﺜﺭ ﺴﻭﺍﻫﺎ ،ﺴﺄﻀﻊ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻴﺩﻱ ﻋﻠﻰ ﻤﻜﻤﻥ
ﺴﺭﻫﺎ .ﻓﻘﺩ ﺃﻫﺩﺘﻨﻲ ﻤﺼﺎﺩﻓﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﻭﺠﻌﺔ ﻤﻭﻋﺩﺍﹰ ﻤﻊ ﺭﺠل ﻴﻨﺎﻡ ﻓﻲ ﺴﺭﻴﺭ
ﺒﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ) (Ville juiveﺍﺩﻋﺕ ﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﻭﺠﺩ ﺴﻭﻯ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻬﺎ.
ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺃﺒﻁﺎل ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺎﺕ ﻏﺎﻟﺒﺎﹰ ﻤﺎ ﻴﻤﺭﻀﻭﻥ ..ﺒﺴﺒﺏ ﻤﺅﻟﻔﻴﻬﻡ!
ﻜﻨﺕ ﺃﻋﻲ ﺃﻥ ﻤﻭﻋﺩﻱ ﻤﻊ ﺯﻴﺎﻥ ،ﺃﻴﺎﹰ ﻜﺎﻥ ﻨﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺘﺘﻡ ﺒﻌﺩﻩ ،ﻭﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺘﻨﺠﻡ
ﻋﻨﻪ ،ﻫﻭ ﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻲ .ﻭﻋﻠﻲ ﺃﻥ ﺃﺴﺘﻌﺩ ﻟﻪ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻴﻁﺔ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ ،ﺤﺘﻰ ﻻ
ﺃﻓﺴﺩﻩ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺃﺨﺫ ﻤﻨﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﺸﻬﺭﺍﹰ ﻓﻲ ﻤﻁﺎﺭﺩﺓ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻹﻗﻨﺎﻋﻬﺎ ﺒﻀﺭﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﺃﺘﻌﺭﻑ
ﻋﻠﻴﻪ ..ﻭﻟﻭ ﻋﻠﻰ ﺴﺭﻴﺭ ﺍﻟﻤﺭﺽ.
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺨﺎﻤﺱ
ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻀﻴﺎﻓﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﺽ .ﻟﻜﻥ ﺒﺎﺒﺘﺴﺎﻤﺔ ﺴﻤﺭﺍﺀ ﻭﻁﻠﺔ ﻤﻀﻴﺌﺔ ﻜﺄﻟﻭﺍﻥ ﻗﺯﺡ ﺒﻌﺩ ﻅﻬﻴﺭﺓ ﺘﻭﻗﻑ
ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻁﺭ.
ﻨﻬﺽ ﻴﺴﻠﻡ ﻋﻠﻲ ﺒﺤﻔﺎﻭﺓ ،ﻭﺍﻀﻌﺎﹰ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻤﻥ ﺍﻷﻟﻭﺍﻥ ﺒﻴﻨﻨﺎ.
-ﺃﻫﻼﹰ ﺨﺎﻟﺩ ...ﺘﻔﻀل.
ﻟﻡ ﺃﻋﺭﻑ ﺒﺄﻱ ﺍﺴﻡ ﻭﻻ ﺒﺄﻴﺔ ﺼﻴﻐﺔ ﺃﻨﺎﺩﻴﻪ ﻜﻲ ﺃﺭﺩ ﺴﻼﻤﻪ .ﻓﺎﻜﺘﻔﻴﺕ ﺒﺎﺤﺘﻀﺎﻨﻪ ﻤﺭﺩﺩﺍﹰ:
-ﺃﻫﻼﹰ ..ﺤﻤﺩ ﺍﷲ ﻉ ﺴﻼﻤﺘﻙ.
ﻤﺘﺴﺎﺌﻼﹰ ﻤﺎﺫﺍ ﺘﻜﻭﻥ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻗﺎﻟﺕ ﻟﻪ ﻟﻴﺴﺘﻘﺒﻠﻨﻲ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﺤﺭﺍﺭﺓ.
ﺠﻠﺱ ﻗﺒﺎﻟﺘﻲ .ﻫﺎ ﻫﻭ ﺇﺫﻥ.
ﻜﺎﻥ ﻴﺭﺘﺩﻱ ﻫﻡ ﺍﻟﻌﻤﺭ ﺒﺄﻨﺎﻗﺔ.
ﻜﺎﻥ ﻭﺴﻴﻤﺎﹰ ،ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻭﺴﺎﻤﺔ ﺍﻟﻘﺴﻨﻁﻴﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻬﺭﺒﺔ ﻤﻨﺫ ﻗﺭﻭﻥ ﻓﻲ ﺠﻴﻨﺎﺕ ﺍﻷﻨﺩﻟﺴﻴﻴﻥ ،ﺒﺤﺎﺠﺒﻴﻥ
ﺴﻤﻴﻜﻴﻥ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺸﻲﺀ ،ﻭﺸﻌﺭ ﻋﻠﻰ ﺭﻤﺎﺩﻴﺘﻪ ﻤﺎ ﺯﺍل ﻴﻁﻐﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻭﺍﺩ ،ﻭﺍﺒﺘﺴﺎﻤﺔ ﺃﺩﺭﻜﺕ
ﺒﻌﺩﻫﺎ ﺃﻥ ﻨﺼﻔﻬﺎ ﺘﻬﻜﻡ ﺼﺎﻤﺕ ،ﺘﺭﻙ ﺁﺜﺎﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻏﻤﺎﺯﺓ ﻜﺄﺨﺩﻭﺩ ﻨﺤﺘﻬﺎ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ
ﺍﻷﻴﻤﻥ ﻤﻥ ﻓﻤﻪ.
ﻭﻜﺎﻨﺕ ﻟﻪ ﻋﻴﻨﺎﻥ ﻁﺎﻋﻨﺘﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻹﻏﺭﺍﺀ ,ﻭﻨﻅﺭﺓ ﻤﻨﻬﻜﺔ ،ﻟﺭﺠل ﺃﺤﺒﺘﻪ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ،ﻟﻔﺭﻁ ﺍﺯﺩﺭﺍﺌﻪ
ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ.
ﻜﻡ ﻋﻤﺭﻩ؟ ﻻ ﻴﻬﻡ .ﻤﺴﺭﻉ ﺒﻪ ﺍﻟﺨﺭﻴﻑ ،ﻭﻴﻨﺘﻅﺭﻩ ﺼﻘﻴﻊ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ .ﺇﻨﻪ ﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﺍﻟﺠﻤﻴل.
ﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻷﻭل ،ﻭﻫﻭ ﻟﻬﺫﺍ ﻴﺒﺘﺴﻡ .ﻴﺒﺩﻭ ﻓﻲ ﺃﻭﺝ ﺠﺎﺫﺒﻴﺘﻪ ،ﺠﺎﺫﺒﻴﺔ ﻤﻥ ﻴﻌﺭﻑ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻷﻨﻪ
ﺨﺴﺭ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ .ﻭﻫﺫﺍ ﺴﺄﻓﻬﻤﻪ ﻻﺤﻘﺎﹰ.
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺭﺴﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒل ﻟﺴﺭﻴﺭﻩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﺼﻐﺭﺕ ،ﻭﺘﻌﻠﻤﺕ ﺍﻟﺠﻠﻭﺱ ﺨﻠﻑ ﺍﻟﻤﻨﻀﺩﺓ ﺍﻟﻤﻨﺨﻔﻀﺔ
ﻟﻠﺴﺅﺍل.
ﻜﻴﻑ ﺘﻁﺭﻕ ﺫﺍﻜﺭﺓ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺭﺠل ﻁﺭﻗﺎﹰ ﺨﻔﻴﻔﺎﹰ؟ ﻜﻴﻑ ﺘﺄﺨﺫ ﻤﻨﻪ ﺃﺠﻭﺒﺔ ﻋﻥ ﺃﺴﺌﻠﺔ ﻟﻥ ﺘﻁﺭﺤﻬﺎ،
ﻭﻟﻜﻨﻙ ﺠﺌﺕ ﺒﺫﺭﻴﻌﺘﻬﺎ؟
ﻜﻴﻑ ﺘﻔﺘﺢ ﻨﺎﻓﺫﺓ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﻏﺭﻓﺔ ﻤﺭﻴﺽ ،ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﺒﺩﻭ ﻏﺒﻴﺎﹰ ،ﺃﻭ ﺃﻨﺎﻨﻴﺎﹰ ،ﺃﻭ ﺍﻨﺘﻬﺎﺯﻴﺎﹰ ﺘﺴﺎﺒﻕ
ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻋﻠﻰ ﺴﺭﻗﺔ ﺃﺴﺭﺍﺭﻩ.
ﻗﻠﺕ ﻜﻤﻥ ﻴﻌﺘﺫﺭ:
-ﺘﻤﻨﻴﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻋﺩ ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ .ﺁﺴﻑ ﺃﻥ ﻴﺘﻡ ﻟﻘﺎﺅﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ .ﺇﻥ ﺸﺎﺀ ﺍﷲ ﺼﺤﺘﻙ ﻓﻲ
ﺘﺤﺴﻥ.
ﺭﺩ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ:
-ﻻ ﺘﻬﺘﻡ..ﺒﻲ ﺼﺒﺭ ﻤﺴﺘﻌﺹٍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻔﺎﺀ.
ﻗﻠﺕ:
-ﺒﺩﺀﺍﹰ ..ﺃﻨﺎ ﺃﺤﺏ ﺃﻋﻤﺎﻟﻙ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻭﻟﻲ ﺘﻭﺍﻁﺅ ﻤﻊ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﻟﻭﺤﺎﺘﻙ ،ﺜﻡ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻓﻭﺠﺌﺕ ﺒﻭﺠﻭﺩﻙ
ﻓﻲ ﺒﺎﺭﻴﺱ ﻁﻠﺒﺕ ﻤﻥ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺃﻥ ﺘﺠﻤﻌﻨﻲ ﺒﻙ .ﻓﺄﻨﺎ ﺒﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻤﺭﻭﺭ ﺫﻜﺭﻯ ﺜﻭﺭﺓ ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ﺃﻋﺩ
ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺤﻭﺍﺭﺍﺕ ﻤﻁﻭﻟﺔ ﻤﻊ ﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ﺴﺎﻫﻤﺕ ﻓﻲ ﺤﺭﺏ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺭ ..ﻟﻲ ﺇﺤﺴﺎﺱ
ﺃﻨﻨﻲ ﺴﺄﻨﺠﺯ ﻤﻌﻙ ﺤﻭﺍﺭﺍﹰ ﺠﻤﻴﻼﹰ.
ﻗﺎل ﻤﺒﺘﺴﻤﺎﹰ:
-ﺃﻋﺘﻘﺩ ﺫﻟﻙ ﺃﻴﻀﺎﹰ .ﻓﻨﺤﻥ ﺤﺴﺏ ﻤﺎ ﺒﻠﻐﻨﻲ ،ﻟﻨﺎ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻤﺎﺕ ﺫﺍﺘﻬﺎ ،ﻭﻨﺸﺘﺭﻙ ﻓﻲ ﺤﺏ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ
ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ.
ﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﺃﻋﺭﻑ ﻋﻨﻪ ﻟﺤﻅﺘﻬﺎ ﻤﺎ ﻴﻜﻔﻲ ﻷﺩﺭﻙ ﺃﻨﻪ ﺍﻜﺘﺴﺏ ﻤﻨﺫ ﺯﻤﻥ ﺤﺩﺱ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻭﺘﺩﺭﺏ ﻋﻠﻰ
ﻓﻥ ﺍﻟﺘﻐﺎﺒﻲ ﺍﻟﺫﻜﻲ ،ﻭﺃﻥ " ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ" ﻫﻨﺎ ،ﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﻨﻲ ﺒﻬﺎ ..ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ.
ﻗﻠﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺴﺘﺄﺫﻨﻪ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻤﺴﺠل ﻜﻲ ﺃﻋﻁﻲ ﺭﺴﻤﻴﺔ ﻟﻠﻘﺎﺀ:
-ﺘﻌﻨﻴﻨﻲ ﺫﺍﻜﺭﺘﻙ ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ ..ﻓﺄﻨﺕ ﺨﻀﺕ ﺤﺭﺏ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺭ ﻭﻋﺎﻴﺸﺕ ﻤﻌﺎﺭﻙ ﻭﺒﻁﻭﻻﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ..
ﻤﺎﺫﺍ ﺒﻘﻲ ﻟﻙ ﻤﻥ ﺫﻜﺭﻯ ﺭﺠﺎﻻﺕ ﻭﺃﺒﻁﺎل ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺤﻘﺒﺔ؟
ﺭﺩ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ:
-ﺃﻨﺕ ﺘﻼﺤﻕ ﺫﺍﻜﺭﺓ ﻤﻀﻠﻠﺔ .ﻻ ﻭﺠﻭﺩ ﺇﻻ ﻟﻠﺒﻁﻭﻻﺕ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ .ﺍﻟﺒﻁﻭﻻﺕ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ
ﻨﺨﺘﻠﻘﻬﺎ ﻻ ﺤﻘﺎﹰ.
ﺃﻜﺒﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ ﺘﺨﻭﻀﻬﺎ ﺒﺒﺴﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﻤﻴﺭ ..ﻻ ﺒﺴﻼﺤﻙ ﻭﻻ ﺒﻌﻀﻼﺘﻙ ،ﻭﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ
ﻴﺴﺘﺒﺴل ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺒﺴﻁﺎﺀ ﺍﻟﻨﻜﺭﺓ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺼﻨﻌﻭﻥ ﺃﺴﻁﻭﺭﺓ ﺍﻟﻨﺼﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ،ﻭﺍﻟﺫﻴﻥ ﻟﻥ ﻴﺄﺘﻲ
ﻋﻠﻰ ﺫﻜﺭﻫﻡ ﺃﺤﺩ ..ﻭﻟﻥ ﻴﺴﺄﻟﻬﻡ ﺼﺤﺎﻓﻲ ﻋﻠﻰ ﺴﺭﻴﺭ ﺍﻟﻤﺭﺽ ﻋﻥ ﻤﺎﻀﻴﻬﻡ.
ﻭﻗﻌﺕ ﻓﻲ ﺤﺏ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺭﺠل ،ﻓﻲ ﺤﺏ ﻟﻐﺘﻪ ،ﻓﻲ ﺤﺏ ﺍﺴﺘﻌﻼﺌﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻟﻡ ﻭﺍﻨﺘﻘﺎﺌﻪ ﻤﻌﺯﻭﻓﺔ
ﻭﺠﻌﻪ ،ﻓﻲ ﺤﺏ ﻭﺴﺎﻤﺔ ﺘﺒﺘﻜﺭ ﺠﻤﺎﻟﻬﺎ ﻜل ﻟﺤﻅﺔ ﺒﺩﻭﻥ ﺠﻬﺩ ،ﻷﻨﻬﺎ ﺘﺸﻊ ﻤﻥ ﺩﺍﺨﻠﻪ .ﻭﺃﺩﺭﻜﺕ ﺃﻥ
ﺘﻜﻭﻥ ﺤﻴﺎﺓ ﻗﺩ ﺃﺤﺒﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺩ .ﻟﻘﺩ ﺨﻠﻕ ﻟﻴﻜﻭﻥ ﻜﺎﺌﻨﺎﹰ ﺭﻭﺍﺌﻴﺎﹰ.
ﻜﺎﻥ ﺩﺍﺌﻡ ﺍﻟﺘﻨﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺠﺭﺱ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ،ﻭﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻴﻀﻴﻔﻪ ﺍﻟﺼﻤﺕ ﻟﺠﻤﻠﺔ .ﺘﻁﺭﺡ ﻋﻠﻴﻪ ﺴﺅﺍﻻﹰ،
ﻓﻴﺄﺨﺫﻩ ﻤﻨﻙ ﻭﻴﺼﻭﻏﻪ ﻓﻲ ﺴﺅﺍل ﺁﺨﺭ ،ﻴﺒﺩﺃ ﻏﺎﻟﺒﺎﹰ ﺒﻘﻭﻟﻪ:
-ﺘﻘﺼﺩ..
ﻭﻓﻲ ﺼﻴﻐﺘﻪ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻟﻴﺔ ﺘﻠﻙ ﻴﻜﻤﻥ ﺠﻭﺍﺒﻪ .ﻫﻭ ﻴﺼﺤﺤﻙ ،ﻟﻜﻥ ﺒﻘﻠﻡ ﺍﻟﺭﺼﺎﺹ ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ ،ﺒﺼﻭﺕ ﺃﻗل
ﻨﺒﺭﺓ ﻤﻥ ﺼﻭﺘﻙ ،ﻻ ﻗﻠﻡ ﺃﺤﻤﺭ ﻓﻲ ﺤﻭﺯﺘﻪ .ﻫﻭ ﻟﻴﺱ ﻤﻌﻠﻤﺎﹰ ،ﻫﻭ ﻓﻘﻁ ﺭﺠل ﻴﺴﺨﺭ ﻜﺒﻭﺭﺨﻴﺱ،
ﻴﻤﻠﻙ ﺘﻠﻙ "ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻬﺯﻟﻴﺔ" ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻌل ﻤﻥ ﻤﺠﺎﻟﺴﺘﻪ ﻤﺘﻌﺔ ﻟﻡ ﺘﻌﺭﻓﻬﺎ ﻤﻥ ﻗﺒل.
ﻗﺎل ﻭﻫﻭ ﻴﺘﺼﻔﺢ ﻤﻘﺎﻻﺘﻲ:
-ﺘﺩﺭﻱ؟ ﺃﺤﺴﺩ ﻜل ﻤﻥ ﻴﻜﺘﺏ " .ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﺠﺫﻴﻑ ﺒﻴﺩ ﻭﺍﺤﺩﺓ" ﻭﺒﺭﻏﻡ ﻫﺫﺍ ﻫﻲ ﻟﻴﺴﺕ ﻓﻲ
ﻤﺘﻨﺎﻭﻟﻲ .ﻟﻘﺩ ﻓﻘﺩﺕ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺒﺤﺎﺭ ،ﺭﺒﻤﺎ ﻷﻨﻙ ﻜﻲ ﺘﺒﺤﺭ ﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﻙ ﻤﺭﻓﺄ ﺘﺒﺤﺭ
ﻨﺤﻭﻩ ،ﻭﻻ ﻭﺠﻬﺔ ﻟﻲ .ﺤﺘﻰ ﺍﻟﺭﺴﻡ ﺘﻭﻗﻔﺕ ﻋﻥ ﻤﻤﺎﺭﺴﺘﻪ ﻤﻨﺫ ﺴﻨﺘﻴﻥ.
ﺃﻤﺩﻨﻲ ﺍﻋﺘﺭﺍﻓﻪ ﻫﺫﺍ ﺒﻤﻭﺠﺯ ﻋﻥ ﻨﺸﺭﺘﻪ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ ،ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻨﻲ ﺘﺫﻜﺭﺕ ﻗﻭل ﺒﻴﻜﺎﺴﻭ " ﺃﻥ ﺘﻌﻭﺩ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺭﺴﻡ ﺃﻱ ﺃﻥ ﺘﻌﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺏ" ﻓﻘﺩ ﺍﺭﺘﺒﻁﺕ ﻜل ﻤﺭﺤﻠﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﻋﻨﺩﻩ ،ﺒﺩﺨﻭل ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻓﻲ
ﺤﻴﺎﺘﻪ .ﻭﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻜل ﻤﺭﺤﻠﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﻋﻨﺩﻩ ،ﺒﺩﺨﻭل ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻪ .ﻭﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ
ﻋﻜﺱ ﺫﻟﻙ ،ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻨﺕ ﺤﻴﺎﺓ ﻜﻠﻤﺎ ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﺨﻼل ﺍﻟﺴﻨﺘﻴﻥ ﺍﻟﻠﺘﻴﻥ ﻗﻀﻴﻨﺎﻫﻤﺎ ﻤﻌﺎﹰ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﺘﻜﺘﺏ؟
ﺃﺠﺎﺒﺕ " ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺇﻋﻤﺎل ﻗﻁﻴﻌﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﺤﺏ ﻭﻋﻼﺝ ﻜﻴﻤﺎﻭﻱ ﻟﻠﺸﻔﺎﺀ ﻤﻨﻪ ..ﺴﺄﻜﺘﺏ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﻔﺘﺭﻕ".
ﻗﻠﺕ:
-ﻤﺅﺴﻑ ﺤﻘﺎﹰ ..ﺃﻻ ﺘﻜﻭﻥ ﻗﺩ ﺭﺴﻤﺕ ﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ.
ﺃﺠﺎﺏ:
-ﺍﻟﺭﺴﻡ ﻜﻤﺎ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ،ﻭﺴﻴﻠﺔ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻟﺩﻓﻊ ﺍﻷﺫﻯ ﺍﻟﻤﻘﺒل .ﻭﺃﻨﺎ ﻤﺎ ﻋﺩﺕ ﺃﺤﺘﺎﺠﻬﺎ
ﻷﻨﻨﻲ ﺍﺴﺘﻘﻭﻴﺕ ﺒﺨﺴﺎﺭﺍﺘﻲ .ﺍﻷﻗﻭﻯ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﻤﻠﻙ ﺸﻴﺌﺎ ﻟﻴﺨﺴﺭﻩ .ﻻ ﺘﻨﻐﺵ ﺒﻬﻴﺌﺘﻲ .ﺃﻨﺎ ﺭﺠل
ﺴﻌﻴﺩ .ﻟﻡ ﻴﺤﺩﺙ ﺃﻥ ﻜﻨﺕ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻔﺔ ﻭﺍﻻﺴﺘﺨﻔﺎﻑ ﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻤﻬﻤﺎﹰ ﻗﺒل ﺍﻟﻴﻭﻡ.
ﻋﻠﻴﻙ ﻓﻲ ﻤﺴﺎﺀ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺃﻥ ﺘﺨﻠﻊ ﻫﻡ ﺍﻟﻌﻤﺭ ﻜﻤﺎ ﺘﺨﻠﻊ ﺒﺩﻟﺔ ﻨﻬﺎﺭﻙ ﺃﻭ ﺘﺨﻠﻊ ﺫﺭﺍﻋﻙ ﺃﻭ ﺃﻋﻀﺎﺀﻙ
ﺍﻹﺼﻁﻨﺎﻋﻴﺔ ،ﺃﻥ ﺘﻌﻠﻕ ﺨﻭﻓﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﺠﺏ ،ﻭﺃﻥ ﺘﻘﻠﻊ ﻋﻥ ﺍﻷﺤﻼﻡ .ﻜل ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺃﺤﺒﺒﺘﻬﻡ ﻤﺎﺘﻭﺍ
ﺒﻘﺼﺎﺹ ﺃﺤﻼﻤﻬﻡ!
ﺃﺩﺭﻜﺕ ﻓﺠﺄﺓ ﺴﺭ ﺠﺎﺫﺒﻴﺘﻪ .ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻜﻤﻥ ﻓﻲ ﻜﻭﻨﻪ ﺃﺼﺒﺢ ﺤﺭﺍﹰ .ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﻟﺩﻴﻪ ﻤﺎ ﻴﺨﺴﺭﻩ ﺃﻭ
ﻴﺨﺎﻑ ﻋﻠﻴﻪ.
ﻭﻫﻭ ﻴﺩﺭﻙ ﺠﻤﺎﻟﻪ ﻜﻠﻤﺎ ﻓﺎﺠﺄ ﻨﻔﺴﻪ ﻴﺘﺼﺭﻑ ﻤﺤﺘﻜﻤﺎﹰ ﻟﻤﺯﺍﺠﻪ ،ﻻ ﻟﺤﻜﻡ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ،ﻜﻤﺎ ﻋﺎﺵ ﻤﻥ
ﻗﺒل .ﻭﻻ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺘﺤﺴﺩﻩ ،ﻷﻨﻪ ﺨﻔﻴﻑ ﻭﻤﻔﻠﺱ .ﺨﻔﺘﻪ ﺍﻜﺘﺴﺒﻬﺎ ﻤﻤﺎ ﺃﺜﻕ ﺒﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﻤﻥ ﻨﻔﺎﻕ .ﻭﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻪ ﺃﻥ ﻴﻘﻭل ﻟﻜل ﻤﻥ ﻴﺼﺎﺩﻓﻪ ﻤﻥ ﻤﻌﺎﺭﻑ ﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﺠﺭﺅ ﻋﻠﻰ ﻗﻭﻟﻪ ﻤﻥ
ﻗﺒل.
ﻜﺭﺃﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﻭﻫﻭﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﻨﺎﻓﻘﻪ ﻤﺎﺩﺤﺎﹰ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ،ﻭﺍﻟﺠﺎﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﺠﺎﻤﻠﻪ
ﺍﻟﻠﺤﻴﺔ ﻋﻥ ﺨﻭﻑ ،ﻭﺍﻟﺼﺩﻴﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﺴﻜﺕ ﻋﻥ ﺍﺨﺘﻼﺴﺎﺘﻪ ﻋﻥ ﺤﻴﺎﺀ ،ﻭﺍﻟﻌﺩﻭ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻕ ﺍﻟﺫﻱ
ﻜﺎﻥ ﻴﺩﻋﻲ ﺃﻤﺎﻤﻪ ﺍﻟﻐﺒﺎﺀ.
ﺴﺄﻟﺘﻪ:
-ﺃﻻ ﺘﺨﺸﻰ ﺃﻻ ﻴﺒﻘﻰ ﻟﻙ ﺼﺩﻴﻕ ﺒﻌﺩ ﻫﺫﺍ؟
ﻀﺤﻙ:
-ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﻲ ﺼﺩﻴﻕ ﻷﺨﺴﺭﻩ .ﺃﺼﺩﻗﺎﺌﻲ ﺴﻘﻁﻭﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻁﺎﺭ .ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻐﺎﺩﺭ ﻭﻁﻨﻙ ،ﺘﻭﻟﻲ ﻅﻬﺭﻙ
ﻟﺸﺠﺭﺓ ﻜﺎﻨﺕ ﺼﺩﻴﻘﺔ ،ﻭﻟﺼﺩﻴﻕ ﻜﺎﻥ ﻋﺩﻭﺍﹰ .ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﻜﻤﺎ ﺍﻟﻔﺸل ،ﺍﺨﺘﺒﺎﺭ ﺠﻴﺩ ﻟﻤﻥ ﺤﻭﻟﻙ ،ﻟﻠﺫﻱ
ﺴﻴﺘﻘﺭﺏ ﻤﻨﻙ ﻟﻴﺴﺭﻕ ﻀﻭﺀﻙ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺴﻴﻌﺎﺩﻴﻙ ﻷﻥ ﻀﻭﺀﻙ ﻜﺸﻑ ﻋﻴﻭﺒﻪ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺤﻴﻥ ﻓﺸل
ﻓﻲ ﺃﻥ ﻴﻨﺠﺢ ،ﻨﺫﺭ ﺤﻴﺎﺘﻪ ﻹﺜﺒﺎﺕ ﻋﺩﻡ ﺸﺭﻋﻴﺔ ﻨﺠﺎﺤﻙ.
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺘﺤﺴﺩﻙ ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺸﻲﺀ ﻻ ﻴﺴﺘﺤﻕ ﺍﻟﺤﺴﺩ ،ﻷﻥ ﻤﺘﺎﻋﻬﻡ ﻫﻭ ﺴﻘﻁ ﻤﺘﺎﻋﻙ .ﺤﺘﻰ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻐﺭﺒﺔ ﻴﺤﺴﺩﻭﻨﻙ ،ﻜﺄﻨﻤﺎ ﺍﻟﺘﺸﺭﺩ ﻤﻜﺴﺏ ﻭﻋﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﺘﺩﻓﻊ ﻀﺭﻴﺒﺘﻪ ﻨﻘﺩﺍﹰ ﻭﺤﻘﺩﺍﹰ ،ﻭﺃﻨﺎ ﺭﺠل ﻴﺤﺏ
ﺃﻥ ﻴﺩﻓﻊ ﻟﻴﺨﺴﺭ ﺼﺩﻴﻘﺎﹰ .ﻴﻌﻨﻴﻨﻲ ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ ﺃﻥ ﺃﺨﺘﺒﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﻋﺭﻑ ﻜﻡ ﺃﺴﺎﻭﻱ ﻓﻲ ﺒﻭﺭﺼﺔ
ﻨﺨﺎﺴﺘﻬﻡ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ .ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺘﺒﺩﻭ ﻟﻙ ﺼﺩﺍﻗﺘﻪ ﺜﻤﻴﻨﺔ ﻭﻫﻭ ﺠﺎﻫﺯ ﻟﻴﺘﺨﻠﻰ ﻋﻨﻙ ﻤﻘﺎﺒل ٥٠٠ﻓﺭﻨﻙ
ﻴﻜﺴﺒﻬﺎ ﻤﻥ ﻤﻘﺎل ﻴﺸﺘﻤﻙ ﻓﻴﻪ ،ﻭﺁﺨﺭ ﻴﺴﺘﺩﻴﻥ ﻤﻨﻙ ﻤﺒﻠﻐﺎﹰ ﻻ ﻴﺤﺘﺎﺠﻪ ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻴﻐﺘﺒﻁ ﻟﺤﺭﻤﺎﻨﻙ ﻤﻨﻪ،
ﻭﺁﺨﺭ ﺃﺼﺒﺢ ﻋﺩﻭﻙ ﻟﻔﺭﻁ ﻤﺎ ﺃﺤﺴﻨﺕ ﺇﻟﻴﻪ " ﺜﻤﺔ ﺨﺩﻤﺎﺕ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺭﺩ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺒﻐﻴﺭ ﻨﻜﺭﺍﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴل" .ﻭﻟﺫﺍ ﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﺘﻌﺫﺭ ﻤﻥ ﺘﻨﻜﺭ ﻟﻙ ،ﻤﺎﺫﺍ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﻀﺩ ﺍﻟﻨﻔﺱ
ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ؟
-ﻭﻜﻴﻑ ﺘﻌﻴﺵ ﺒﺩﻭﻥ ﺃﺼﺩﻗﺎﺀ؟
-ﻻ ﺤﺎﺠﺔ ﻟﻲ ﺇﻟﻴﻬﻡ ..ﺃﺼﺒﺢ ﻫﻤﻲ ﺍﻟﻌﺜﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﺩﺍﺀ ﻜﺒﺎﺭ ﺃﻜﺒﺭ ﺒﻬﻡ .ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻀﻔﺎﺩﻉ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ
ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﻘﻨﻕ ﺘﺤﺕ ﻨﺎﻓﺫﺘﻙ ﻭﺘﺴﺘﺩﺭﺠﻙ ﺇﻟﻰ ﻤﻨﺎﺯﻟﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻤﺴﺘﻨﻘﻊ ،ﺃﺼﻐﺭ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺼﺎﻟﺤﺔ
ﻟﻠﻌﺩﺍﻭﺓ .ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺘﺸﻭﺵ ﻋﻠﻴﻙ ﻭﺘﻤﻨﻌﻙ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻤل ..ﻭﺘﻌﻜﺭ ﻋﻠﻴﻙ ﺤﻴﺎﺘﻙ .ﺇﻨﻪ ﺯﻤﻥ ﺤﻘﻴﺭ ،ﺤﺘﻰ
ﻗﺎﻤﺎﺕ ﺍﻷﻋﺩﺍﺀ ﺘﻘﺯﻤﺕ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻓﻲ ﺤﺩ ﺫﺍﺘﻪ ﻤﺄﺴﺎﺓ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺭﺠل ﻤﺜﻠﻲ ﺤﺎﺭﺏ ﻟﺜﻼﺙ ﺴﻨﻭﺍﺕ
ﺠﻴﻭﺵ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺒﺎل ..ﻜﻴﻑ ﺘﺭﻴﺩﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﻨﺎﺯل ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻀﺂﻟﺔ ﻴﺘﺭﻓﻊ ﺴﻴﻔﻙ ﻋﻥ ﻤﻨﺎﺯﻟﺘﻬﺎ؟
-ﺃﻨﺕ ﺇﺫﻥ ﺘﻌﻴﺵ ﻭﺤﻴﺩﺍﹰ؟
ﺭﺩ ﻤﺒﺘﺴﻤﺎﹰ:
-ﺃﺒﺩﺍﹰ ..ﺃﻨﺎ ﻤﻭﺠﻭﺩ ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ ﻟﻜل ﻤﻥ ﻴﺤﺘﺎﺠﻨﻲ ،ﺇﻨﻲ ﺼﺩﻴﻕ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻭﻟﻜﻥ ﻻ ﺼﺩﻴﻕ ﻟﻲ .ﺁﺨﺭ
ﺼﺩﻴﻕ ﻓﻘﺩﺘﻪ ﻜﺎﻥ ﺸﺎﻋﺭﺍﹰ ﻓﻠﺴﻁﻴﻨﻴﺎﹰ ﺘﻭﻓﻲ ﻤﻨﺫ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻓﻲ ﺒﻴﺭﻭﺕ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺍﻻﺠﺘﻴﺎﺡ ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ.
ﻟﻡ ﺃﺠﺩ ﺃﺤﺩﺍﹰ ﺒﻌﺩﻩ ﻟﻴﺸﻐل ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﻴﻤﻸﻫﺎ ﺩﺍﺨﻠﻲ .ﻤﻌﻪ ﻤﺎﺕ ﺸﻲﺀ ﻤﻨﻲ.
ﻤﺎ ﻭﺠﺩﺕ ﻤﻥ ﻴﺘﻁﺎﺒﻕ ﻤﻊ ﻤﺯﺍﺠﻲ ﻭﻭﺠﻌﻲ.
ﺴﻜﺕ ﻗﻠﻴﻼﹰ ﺜﻡ ﺃﻀﺎﻑ:
-ﺘﺩﺭﻱ؟ ﻫﺫﻩ ﺃﻭل ﻤﺭﺓ ﺃﺘﺤﺩﺙ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﻜﺫﺍ ﻷﺤﺩ .ﻟﻜﺄﻨﻙ ﺘﺫﻜﺭﻨﻲ ﺒﻪ .ﻟﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻋﻤﺭﻙ ﺘﻘﺭﻴﺒﺎﹰ
ﻭﻭﺴﻴﻡ ﻫﻜﺫﺍ ﻤﺜﻠﻙ ,ﻭﻜﺎﻥ ﺸﺎﻋﺭﺍﹰ ﻏﻴﺭ ﻤﻌﺭﻭﻑ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻤﺫﻫل ﻓﻲ ﺍﻨﺘﻘﺎﺌﻪ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ .ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﻏﺎﺩﺭ
ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ,ﺴﺄﻁﻠﻌﻙ ﻋﻠﻰ ﺒﻌﺽ ﻗﺼﺎﺌﺩﻩ ..ﻤﺎ ﺯﺍﻟﺕ ﻓﻲ ﺤﻭﺯﺘﻲ .
ﻗﺎل ﻓﺠﺄﺓ ﻜﻤﻥ ﻴﻌﺘﺫﺭ:
-ﻗﺩ ﺃﻜﻭﻥ ﺘﺤﺩﺜﺕ ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ ..ﻋﺎﺩﺓ ﺃﻨﺎ ﻀﻨﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻓﺎﻟﺭﺴﺎﻤﻭﻥ ﺤﺴﺏ ﺃﺤﺩﻫﻡ " ﺃﺒﻨﺎﺀ
ﺍﻟﺼﻤﺕ".
ﻗﻠﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻤﺎﺯﺤﻪ:
-ﻻ ﺘﻬﺘﻡ ..ﻓﺎﻟﻤﺼﻭﺭﻭﻥ ﺃﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺼﺒﺭ!..
ﻗﺎل ﻭﻗﺩ ﺃﻀﺎﺀﺕ ﻭﺠﻬﻪ ﺍﺒﺘﺴﺎﻤﺔ:
-ﺠﻤﻴل ﻫﺫﺍ ..ﻴﺎ ﺇﻟﻬﻲ ..ﺃﻨﺕ ﺘﺘﻜﻠﻡ ﻤﺜﻠﻪ!
ﻜﺩﺕ ﺃﻗﻭل ﻟﻪ " ﻁﺒﻌﺎﹰ ..ﻷﻥ ﺭﺠﺎل ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺠﻤﻴﻌﻬﻡ ﻴﺘﺸﺎﺒﻬﻭﻥ" ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻟﻡ ﺃﻗل ﺸﻴﺌﺎﹰ .ﻭﻗﻔﺕ
ﻷﻭﺩﻋﻪ .ﻀﻤﻨﻲ ﺒﺤﺭﺍﺭﺓ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﺴﺄﻟﻨﻲ:
-ﻤﺘﻰ ﺴﺘﻨﺸﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒﻠﺔ؟
ﺃﺠﺒﺘﻪ ﺒﻤﺤﺒﺔ:
-ﻟﻡ ﺘﻨﺘﻪ ﺒﻌﺩ ﻟﺘﻨﺸﺭ ..ﻟﻘﺎﺀﺍﺘﻨﺎ ﺴﺘﺘﻜﺭﺭ ﺇﻥ ﺸﺌﺕ ،ﻓﺄﻨﺎ ﺃﺭﻴﺩ ﻋﻤﻼﹰ ﻋﻤﻴﻘﺎﹰ ﻴﺤﻴﻁ ﺒﻜل ﺸﺨﺼﻴﺘﻙ.
ﻗﺎل ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ:
-ﻻ ﺘﻘل ﻟﻲ ﺇﻨﻙ ﺴﺘﻌﺩ ﻜﺘﺎﺒﺎﹰ ﻋﻨﻲ ..ﻤﺎ ﺍﻟﺘﻘﻴﺕ ﺒﻜﺎﺘﺏ ﺇﻻ ﻭﺃﻏﺭﻴﺘﻪ ﺒﺄﻥ ﻴﻠﻤﻠﻡ ﺃﺸﻼﺀ ﺫﺍﻜﺭﺘﻲ ﻓﻲ
ﻜﺘﺎﺏ!
ﺍﺴﺘﻨﺘﺠﺕ ﺃﻨﻪ ﻴﻌﻨﻴﻬﺎ .ﻗﻠﺕ:
-ﻻ ,ﺃﻨﺎ ﻟﺴﺕ ﻜﺎﺘﺒﺎﹰ .ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺘﻜﻔﻴﻥ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺒﺎﻟﻭﺭﻕ ﺍﻷﺒﻴﺽ ..ﺃﻨﺎ ﻤﺼﻭﺭ ،ﻤﻬﻨﺘﻲ ﺍﻻﺤﺘﻔﺎﻅ
ﺒﺠﺜﺔ ﺍﻟﻭﻗﺕ ،ﺘﺜﺒﻴﺕ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ..ﻜﻤﺎ ﺘﺜﺒﺕ ﻓﺭﺍﺸﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﻭﺤﺔ.
ﻗﺎل ﻭﻫﻭ ﻴﺭﺍﻓﻘﻨﻲ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﺒﺎﺏ:
-ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﺘﻴﻥ ..ﺃﻨﺕ ﻻ ﺘﻜﻔﻥ ﺴﻭﻯ ﻨﻔﺴﻙ ﺒﺫﺍ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ.
ﺜﻡ ﻭﺍﺼل ﻜﻤﻥ ﺘﺫﻜﺭ ﺸﻴﺌﺎﹰ:
-ﻻ ﺘﻨﺱ ﺃﻥ ﺘﺄﺘﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺭﺓ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠﺔ ﺒﺎﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺼﻠﺕ ﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺠﺎﺌﺯﺓ .ﻟﻘﺩ ﺃﺨﺒﺭﺘﻨﻲ
ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺃﻨﻙ ﻤﺼﻭﺭ ﻜﺒﻴﺭ.
ﻜﺄﻨﻨﻲ ﺒﺩﺃﺕ ﺃﺸﺒﻬﻪ ،ﻟﻡ ﺃﻋﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﺼﻔﺔ "ﻜﺒﻴﺭ "ﺴﻭﻯ ﺒﺎﺒﺘﺴﺎﻤﺔ ﻨﺼﻔﻬﺎ ﺘﻬﻜﻡ.
ﺘﺭﻜﺘﻪ ﻟﻠﺒﻴﺎﺽ .ﻭﻏﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻤﻠﻴﺌﺎﹰ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﻡ ﺍﻟﻤﺫﻫل ﻤﻥ ﺍﻷﻟﻭﺍﻥ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺕ ،ﻭﺠﺩﺘﻨﻲ ﺃﻋﻴﺩ ﺍﻻﺴﺘﻤﺎﻉ ﺇﻟﻰ ﺘﺴﺠﻴل ﺤﻭﺍﺭﻨﺎ.
ﺴﺄﻟﺘﻨﻲ ﺇﻥ ﻜﻨﺕ ﺃﻓﺭﻍ ﺍﻟﺸﺭﻴﻁ ﻗﺼﺩ ﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎل .ﺃﺠﺒﺘﻬﺎ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﻓﺭﻏﻪ ﻷﻤﺘﻸ ﺒﻪ .ﻓﻠﻡ ﻴﻜﻥ ﻓﻲ
ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﻨﻴﺘﻲ ﺃﻥ ﺃﻜﺘﺏ ﺃﻱ ﻤﻘﺎل .ﻭﻻ ﺘﻭﻗﻌﺕ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﺃﻨﻨﻲ ,ﻜﻤﻥ ﺴﺒﻘﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺭﺠل،
ﺴﺄﺭﺘﻕ ﺃﺴﻤﺎل ﺜﻭﺏ ﺫﺍﻜﺭﺘﻪ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ!
***
ﺩﻓﻊ ﻭﺍﺤﺩﺓ ،ﻗﺭﺭﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺃﻥ ﺘﻐﺩﻕ ﻋﻠﻴﻙ ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﻔﺠﻌﺔ ﻓﻲ ﺴﺨﺎﺌﻬﺎ ،ﺤﺩ ﺇﺭﻋﺎﺒﻙ
ﻤﻥ ﺴﻌﺎﺩﺓ ﻟﻡ ﺘﺤﺴﺏ ﻟﻬﺎ ﺤﺴﺎﺒﺎﹰ .ﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﺃﺼﺩﻕ ﻟﻘﺎﺌﻲ ﺒﺯﻴﺎﻥ ﺤﺘﻰ ﻜﻨﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﺃﺘﻌﺭﻑ
ﻋﻠﻰ ﻨﺎﺼﺭ.
ﺃﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﻭﻤﺎ ﺴﻴﻠﻴﻪ ﻤﻥ ﻤﺼﺎﺩﻓﺎﺕ ﺃﺨﺭﻯ ..ﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺤﻘﺎﹰ؟
"ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﻫﻲ ﺍﻹﻤﻀﺎﺀ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻭﻗﻊ ﺒﻪ ﺍﷲ ﻤﺸﻴﺌﺘﻪ" .ﻭﻤﺸﻴﺌﺘﻪ ﻫﻲ ﻤﺎ ﻨﺴﻤﻴﻪ ﻗﺩﺭﺍﹰ.
ﻭﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺘﻘﺎﻁﻊ ﺃﻗﺩﺍﺭﻨﺎ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻨﻘﻁﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺃﻤﺭ ﻤﺫﻫل ﻓﻲ ﺘﺯﺍﻤﻨﻪ .ﻟﻥ ﺃﻋﺭﻑ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﺇﻥ
ﻜﺎﻥ ﻫﺒﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺃﻭ ﻤﻘﻠﺒﺎﹰ ﻤﻥ ﻤﻘﺎﻟﺒﻬﺎ.
ﻜل ﻤﺎ ﺃﺩﺭﻴﻪ ﺃﻨﻨﻲ ﻤﺫ ﻏﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻤﺎ ﻋﺩﺕ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﻲ ﻭﻻ ﺍﻟﻤﺼﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﻨﺘﻪ .ﺃﺼﺒﺤﺕ
ﺒﻁﻼﹰ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻴﺔ ،ﺃﻭ ﻓﻲ ﻓﻴﻠﻡ ﺴﻴﻨﻤﺎﺌﻲ ﻴﻌﻴﺵ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﺒﺔ ﻤﺒﺎﻏﺘﺔ؟ ﺠﺎﻫﺯﺍﹰ ﻷﻤﺭ ﻤﺎ ..ﻟﻔﺭﺡ ﻁﺎﺭﺉ
ﺃﻭ ﻟﻔﺎﺠﻌﺔ ﻤﺭﺘﻘﺒﺔ.
ﻨﺤﻥ ﻤﻥ ﺒﻌﺜﺭﺘﻬﻡ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ،ﻫﺎ ﻨﺤﻥ ﻨﺘﻭﺍﻋﺩ ﻓﻲ ﻋﻭﺍﺼﻡ ﺍﻟﺤﺯﻥ ﻭﻀﻭﺍﺤﻲ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﻟﺒﺎﺭﻴﺴﻲ.
ﺤﺘﻰ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺃﻥ ﻨﻠﺘﻘﻲ ﺤﺯﻨﺕ ﻤﻥ ﺃﺠل ﻨﺎﺼﺭ ،ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﺴﻡ ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﻘﻴﻡ ﻀﻴﻔﺎﹰ ﻓﻲ
ﻀﻭﺍﺤﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﻷﻥ ﺃﺒﺎﻩ ﻟﻡ ﻴﻭﺭﺜﻪ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻋﺩﺍ ﺍﺴﻤﻪ ،ﻭﻷﻥ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺼﻨﻊ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻤﻠﻜﺎﹰ
ﻋﻘﺎﺭﻴﺎﹰ ﻷﻭﻻﺩﻩ ،ﻭﺃﺩﺍﺭ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻜﻤﺎ ﻴﺩﻴﺭ ﻤﺯﺭﻋﺔ ﻋﺎﺌﻠﻴﺔ ﺘﺭﺒﻲ ﻓﻲ ﺨﺭﺍﺌﺒﻬﺎ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﺘﺸﺭﺩ
ﺸﺭﻓﺎﺀ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻲ.
ﺠﻤﻴل ﻨﺎﺼﺭ .ﻜﻤﺎ ﺘﺼﻭﺭﺘﻪ ﻜﺎﻥ .ﻭﺠﻤﻴﻼﹰ ﻜﺎﻥ ﻟﻘﺎﺌﻲ ﺒﻪ ،ﻭﻀﻤﺔ ﻤﻨﻪ ﺍﺤﺘﻀﻨﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ
ﻭﺍﻟﺤﺏ ﻤﻌﺎﹰ ,ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﻨﺼﻔﻪ ﺴﻲ ﺍﻟﻁﺎﻫﺭ ﻭﻨﺼﻔﻪ ﺤﻴﺎﺓ.
ﺒﺩﺍ ﻤﺭﺍﺩ ﺃﺴﻌﺩﻨﺎ .ﻜﺎﻥ ﻴﺤﺏ ﻟﻡ ﺸﻤل ﺍﻷﺼﺩﻗﺎﺀ .ﻭﻜﺎﻥ ﺩﺍﺌﻡ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻴﺤﺘﻔﻲ ﻓﻴﻬﺎ
ﺒﺎﻟﺤﻴﺎﺓ.
ﻜﺎﻨﺕ ﺸﻘﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺒﺴﺎﻁﺘﻬﺎ ﻤﺅﺜﺜﺔ ﺒﺩﻑﺀ ﻤﻥ ﺍﺴﺘﻌﺎﺽ ﺒﺎﻷﺜﺎﺙ ﺍﻟﺠﻤﻴل ﻋﻥ ﺨﺴﺎﺭﺓ ﻤﺎ ،ﻭﻤﻥ
ﺍﺴﺘﻌﺎﻥ ﺒﺎﻟﻤﻭﺴﻴﻘﻰ ﺍﻟﻘﺴﻨﻁﻴﻨﻴﺔ ﻟﻴﻐﻁﻲ ﻋﻠﻰ ﻨﻭﺍﺡ ﺩﺍﺨﻠﻲ ﻻ ﻴﺘﻭﻗﻑ.
ﺴﺄﻟﺘﻪ ﻤﺘﻌﺠﺒﺎﹰ:
-ﻤﺘﻰ ﺍﺴﺘﻁﻌﺕ ﺃﻥ ﺘﻔﻌل ﻜل ﻫﺫﺍ؟
ﺭﺩ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ:
-ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺍﻨﺸﻐﺎﻟﻙ ﺒﺎﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ!
ﻓﻬﻤﺕ ﻤﺎ ﻴﻘﺼﺩ.
-ﻭﺍﻷﻏﺎﻨﻲ ﺍﻟﻘﺴﻨﻁﻴﻨﻴﺔ ،ﻤﻥ ﺃﻴﻥ ﺃﺤﻀﺭﺘﻬﺎ؟
-ﺍﺸﺘﺭﻴﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﻫﻨﺎ .ﺘﺠﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﻭﺍﻕ ﻜل ﺍﻷﻏﺎﻨﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﻴﻤﻭﻥ ﻭﺴﻴﻤﻭﻥ ﺘﻤﺎﺭ ﺤﺘﻰ
ﺍﻟﻔﺭﻗﺎﻨﻲ .ﻴﻬﻭﺩ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻴﻨﺘﺠﻭﻥ ﻓﻲ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻤﻌﻅﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺸﺭﻁﺔ.
ﺭﺤﺕ ﺃﺴﺄل ﻨﺎﺼﺭ ﻋﻥ ﺃﺨﺒﺎﺭﻩ ﻭﻋﻥ ﺴﻔﺭﻩ ﻤﻥ ﺃﻟﻤﺎﻨﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺒﺎﺭﻴﺱ ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻭﺠﺩ ﻓﻴﻪ ﻤﺸﻘﺔ.
ﺭﺩ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ:
-ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ﺃﻁﻭل ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ! ﺜﻡ ﺃﻀﺎﻑ :ﺃﻗﺼﺩ ﺍﻹﻫﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﺫﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﺩﻡ ﺇﻟﻴﻙ ﻤﻥ
ﺍﻟﻤﻁﺎﺭﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺸﻜل ﺃﺴﺌﻠﺔ.
ﻗﺎل ﻤﺭﺍﺩ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ:
-ﻭﺍﺵ ﺘﺩﻴﺭ ﻴﺎ ﺨﻭﻴﺎ " ..ﻭﺠﻪ ﺍﻟﺨﺭﻭﻑ ﻤﻌﺭﻭﻑ"!
ﺭﺩ ﻨﺎﺼﺭ:
-ﻤﻌﺭﻭﻑ ﺒﻤﺎﺫﺍ؟ﺒﺄﻨﻪ ﺍﻟﺫﺌﺏ؟
ﺃﺠﺎﺏ ﻤﺭﺍﺩ:
-ﺇﻥ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺍﻟﺫﺌﺏ ،ﻓﺎﻟﺫﺌﺎﺏ ﻜﺜﻴﺭﺓ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻴﺎﻡ .ﻭﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺴﺒﺒﺎﹰ ﻟﻐﻀﺒﻙ .ﻫﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ﻻ
ﺨﻭﻑ ﻋﻠﻴﻙ ﻤﺎ ﺩﻤﺕ ﺒﺭﻴﺌﺎﹰ .ﻭﻻ ﺘﺸﻜل ﺨﻁﺭﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ .ﺃﻤﺎ ﻋﻨﺩﻨﺎ ﻓﺤﺘﻰ ﺍﻟﺒﺭﻱﺀ ﻻ ﻴﻀﻤﻥ
ﺴﻼﻤﺘﻪ!
ﺭﺩ ﻨﺎﺼﺭ ﻤﺘﺫﻤﺭﺍﹰ:
-ﻨﺤﻥ ﻨﻔﺎﻀل ﺒﻴﻥ ﻤﻭﺕ ﻭﺁﺨﺭ ،ﻭﺫﺍ ﻭﺁﺨﺭ ،ﻻ ﻏﻴﺭ .ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻴﺒﺤﺜﻭﻥ ﻋﻨﻙ ﻟﺘﺼﻔﻴﺘﻙ
ﺠﺴﺩﻴﺎﹰ .ﻋﺫﺍﺒﻙ ﻴﺩﻭﻡ ﺯﻤﻥ ﺍﺨﺘﺭﺍﻕ ﺭﺼﺎﺼﺔ .ﻓﻲ ﺃﻭﺭﺒﺎ ﺒﺫﺭﻴﻌﺔ ﺇﻨﻘﺎﺫﻙ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ﻴﻘﺘﻠﻭﻨﻙ ﻋﺭﻴﺎﹰ
ﻜل ﻟﺤﻅﺔ ،ﻭﻴﻁﻴل ﻤﻥ ﻋﺫﺍﺒﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺭﻱ ﻻ ﻴﻘﺘل ﺒل ﻴﺠﺭﺩﻙ ﻤﻥ ﺤﻤﻴﻤﻴﺘﻙ ﻭﻴﻐﺘﺎﻟﻙ ﻤﻬﺎﻨﺔ .ﺘﺸﻌﺭ
ﺃﻨﻙ ﺘﻤﺸﻲ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺘﻘﻴﻡ ﺒﻴﻨﻬﻡ ﻟﻜﻨﻙ ﻟﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﻨﻬﻡ ،ﺃﻨﺕ ﻋﺎﺭ ﻭﻤﻜﺸﻭﻑ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺒﺴﺒﺏ
ﺍﺴﻤﻙ ،ﻭﺴﺤﻨﺘﻙ ﻭﺩﻴﻨﻙ .ﻻ ﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﻟﻙ ﺒﺭﻏﻡ ﺃﻨﻙ ﻓﻲ ﺒﻠﺩ ﺤﺭ .ﺃﻨﺕ ﺘﺤﺏ ﻭﺘﻌﻤل ﻭﺘﺴﺎﻓﺭ
ﻭﺘﻨﻔﻕ ﺒﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﺎﻤﻴﺭﺍﺕ ﻭﺃﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﺘﻨﺼﺕ ﻭﻤﻠﻔﺎﺕ ﺍﻻﺴﺘﺨﺒﺎﺭﺍﺕ.
ﻗﺎل ﻤﺭﺍﺩ:
-ﻭﻫﺫﺍ ﻴﺤﺩﺙ ﻟﻙ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﻓﻲ ﺒﻼﺩﻙ.
ﻭﻜﻤﺎ ﻟﻴﻨﻬﻲ ﺍﻟﺠﺩل ﻭﻗﻑ ﻟﻴﺴﺄﻟﻨﺎ:
-ﻭﺍﺵ ﺘﺤﺒﻭﺍ ﺘﺎﻜﻠﻭﺍ ﻴﺎ ﺠﻤﺎﻋﺔ؟
ﺴﻌﺩﺕ ﺒﺎﻟﺴﺅﺍل .ﻻ ﻟﺠﻭﻋﻲ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﻨﻘﺎﺵ ﻻ ﻴﺼﻠﺢ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﻟﺠﻠﺴﺔ.
ﻀﺤﻜﺕ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻗﻲ ﻟﻤﺎ ﻴﻨﺘﻅﺭ ﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻥ ﻤﻥ ﻤﺠﺎﺩﻻﺕ ﻭﻤﺸﺎﻜﺴﺎﺕ ﻴﻭﻤﻴﺔ ﻤﻊ ﻤﺭﺍﺩ ﺍﻟﺫﻱ
ﺃﻗﺼﻰ ﺘﻀﺤﻴﺔ ﻗﺩ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻬﺎ ﺇﻜﺭﺍﻤﺎﹰ ﻟﻀﻴﻔﻪ :ﺍﻤﺘﻨﺎﻋﻪ ﻋﻥ ﺘﻨﺎﻭل ﺍﻟﻜﺤﻭل ﻓﻲ ﺤﻀﺭﺘﻪ .ﻭﻗﺒل ﺃﻥ
ﻨﺠﻴﺒﻪ ﻗﺼﺩ ﻤﺭﺍﺩ ﺍﻟﻤﻁﺒﺦ ﻭﻋﺎﺩ ﺒﺼﺤﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻭﻤﻭﻥ ﻭﺁﺨﺭ ﻤﻥ ﺍﻷﺠﺒﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﺨﻠﻼﺕ .ﻗﺎل ﻭﻫﻭ
ﻴﻀﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺎﻭﻟﺔ:
-ﻫﺯﻭﺍ ﻗﻠﺒﻜﻡ ..ﻗﺒل ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ.
ﺍﻗﺘﺭﺤﺕ ﺃﻥ ﻨﻁﻠﺏ ﺒﻴﺘﺯﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺤﺘﻰ ﻻ ﻨﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﻓﺌﺭﺍﻥ ﺒﻴﻀﺎﺀ ﻓﻲ ﻤﺨﺘﺒﺭ ﻤﺭﺍﺩ ﻟﻠﻁﺒﺦ.
ﻗﺎل ﻨﺎﺼﺭ ﻤﻤﻨﻴﺎﹰ ﻨﻔﺴﻪ ﺒﻭﻟﻴﻤﺔ:
-ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺄﺘﻲ ﺍﻤﺎ ﺴﺘﻌﺩ ﻟﻨﺎ ﺃﻁﺒﺎﻕ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﻴﺔ ﺘﻐﻴﺭ ﻤﺫﺍﻕ ﺍﻟﻬﻤﺒﺭﻏﺭ ﺍﻷﻤﺎﻨﻲ ﻓﻲ ﻓﻤﻲ ..ﻜﻡ
ﺍﺸﺘﻘﺕ ﻷﻜﻠﻨﺎ..
ﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﺭﺍﺩ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ:
-ﺩﻋﻙ ﻴﺎ ﺭﺠل ﻤﻥ ﺍﻟﻁﺒﺦ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﻭﺇﻻ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺤﻘﺎﹰ ﺇﺭﻫﺎﺒﻴﺎﹰ.
ﻤﻭﺍﺼﻼﹰ ﺒﻤﺯﺍﺡ:
-ﺃﺘﺩﺭﻱ ﺃﻨﻪ ﻗﺩ ﺼﺩﺭ ﻜﺘﺎﺏ ﻤﺅﺨﺭﺍﹰ ﻓﻲ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﻴﺜﺒﺕ ﻋﻼﻗﺔ ﺒﻌﺽ ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻷﻜل ﺒﺎﻟﻨﺯﻋﺎﺕ
ﺍﻹﺠﺭﺍﻤﻴﺔ ..ﻟﻭ ﺍﻁﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﺴﺅﻭﻟﻭﻨﺎ ﻟﻭﺠﺩﻭﺍ ﺃﻨﻪ ﻤﻥ ﻭﺍﺠﺏ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺃﻥ ﺘﺘﺩﺨل ﺒﻌﺩ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ
ﻤﺎ ﻴﺄﻜﻠﻪ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﻭﻥ ﺒﺫﺭﻴﻌﺔ ﺃﻥ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻋﻨﺩﻨﺎ ﻴﺘﻐﺫﻯ ﺃﻭﻻﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻁﺒﺦ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ.
ﻭﻨﻅﺭﺍﹰ ﻟﻨﺒﺭﺘﻪ ﺍﻟﺠﺎﺩﺓ ﺴﺄﻟﺘﻪ:
-ﺃﺤﻘﺎﹰ ﻤﺎ ﺘﻘﻭل؟
ﺃﺠﺎﺏ:
-ﻁﺒﻌﺎﹰ ..ﺃﺭﺃﻴﺘﻡ ﺸﻌﺒﺎﹰ ﻤﻬﻭﻭﺴﺎﹰ ﺒﺄﻜل ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ " ﺍﻟﻤﺸﻭﺸﻁﺔ" ﻤﺜل ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ؟ ﺤﺘﻰ ﻓﻲ
ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻤﺎ ﺘﻜﺎﺩ ﺘﺴﺄل ﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺎﹰ ﻤﺎﺫﺍ ﺘﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺘﺄﻜل ﺤﺘﻰ ﻴﻁﺎﻟﺒﻙ " ﺒﺒﺯﻟﻭﻑ" .ﺘﺭﻯ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻭﻗﻭﻓﺎﹰ
ﻟﺩﻯ ﺠﺯﺍﺭ ﺍﻟﻠﺤﻡ ﺍﻟﺤﻼل ﻟﻴﻔﻭﺯ ﺒﺭﺃﺱ ﻤﺸﻭﻱ ﻟﺨﺭﻭﻑ ..ﺃﻭ ﺭﺃﺴﻴﻥ ﻴﻌﻭﺩ ﺒﻬﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺕ ،ﻭﺇﻥ
ﻟﻡ ﻴﺠﺩﻩ ﺃﺼﺒﺢ ﻁﺒﻘﻪ ﺍﻟﻤﻔﻀل ﻟﻭﺒﻴﺎ " ﺒﺎﻟﻜﺭﺍﻭﻉ" .ﻭﺍﷲ ﻟﻭ ﺃﻥ ﻏﺎﻨﺩﻱ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﺘﺒﻊ ﻟﺸﻬﺭ ﻭﺍﺤﺩ
ﺭﻴﺠﻴﻡ ﺍﻟﻤﻁﺒﺦ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ﻭﺘﻐﺫﻯ " ﺒﻭﺯﻟﻭﻑ" ﻭﺘﻌﺸﻰ " ﻜﺭﺍﻭﻉ" ﻟﺒﺎﻉ ﻋﺼﺎﻩ ﻭﻤﻌﺯﺍﻩ
ﻭﺍﺸﺘﺭﻯ ﻜﻼﺸﻴﻨﻜﻭﻑ!
ﻀﺤﻜﻨﺎ ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ ﻟﻜﻼﻡ ﻤﺭﺍﺩ .ﻗﺎﺘﻠﻪ ﺍﷲ .ﻴﺎ ﻟﺠﻤﺎل ﺭﻭﺤﻪ ﺍﻟﻤﺭﺤﺔ .ﺇﻨﻪ ﻨﻤﻭﺫﺝ ﻟﺸﻌﺏ ﺃﻨﻘﺫﺘﻪ
ﺴﺨﺭﻴﺘﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺕ.
ﻗﻠﺕ ﻤﻭﺍﺼﻼﹰ ﺠﺩﻟﻪ ﺍﻟﻤﺎﺯﺡ:
-ﺭﺒﻤﺎ ﺒﺴﺒﺏ ﺍﺴﺘﻬﻼﻜﻨﺎ ﺍﻟﺯﺍﺌﺩ ﻟﻠﻜﺭﺍﻭﻉ ﻻ ﻨﻔﻜﺭ ﺴﻭﻯ ﺒﺎﻟﻬﺭﻭﺏ ﻭﻤﻐﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻨﺤﻭ ﺃﻴﺔ
ﻭﺠﻬﺔ.
ﻗﺎﻁﻌﻨﻲ ﻤﺴﺘﺸﻬﺩﺍﹰ ﺒﻤﺜل ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﻲ:
-ﻭﺒﺴﺒﺏ ﺇﻗﺒﺎﻟﻨﺎ ﻋﻠﻰ "ﺒﻭﺯﻟﻭﻑ" ﺃﺼﺒﺤﻨﺎ " ﻤﺜل ﺍﻟﺭﺍﺱ ﺍﻟﻤﺸﻭﺸﻁ ..ﻤﺎ ﻓﻴﻨﺎ ﻓﻴﺭ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ!"
ﺤﻴﻥ ﺠﺎﺀ ) ﺴﺎﻋﻲ ﺍﻟﺒﻴﺘﺯﺍ( ﻴﻭﺼل ﻤﺎ ﻁﻠﺒﻨﺎﻩ ﺒﺎﻟﻬﺎﺘﻑ ،ﺒﺫﺭﻴﻌﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻷﻜل ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ
ﺒﺎﻟﻨﺯﻋﺎﺕ ﺍﻹﺠﺭﺍﻤﻴﺔ .ﺨﺎﺼﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻴﺘﺯﺍ ﻭﻟﺩﺕ ﻓﻲ ﺒﻠﺩ ﺍﻟﻤﺎﻓﻴﺎ ،ﻭﻫﻲ ﺒﺤﻜﻡ ﺠﻴﻨﺎﺘﻬﺎ ﺍﻹﻴﻁﺎﻟﻴﺔ
ﻟﻴﺴﺕ ﺒﺭﻴﺌﺔ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺩ!
ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻔﺭﺡ ﺍﻟﺠﻤﻴل ﺍﻟﻨﺎﺩﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺠﻤﻌﻨﺎ ،ﻟﻡ ﻴﻨﺴﻨﻲ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻭﺤﺩﻩ ﻴﻌﻨﻴﻨﻲ،
ﻓﺎﺴﺘﺩﺭﺠﺕ ﻨﺎﺼﺭ ﺇﻟﻰ ﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻷﺨﺒﺎﺭ ﻗﺎﺌﻼﹰ:
-ﺁﻥ ﻟﻠﺤﺎﺠﺔ ﺃﻥ ﺘﺤﻀﺭ ،ﺼﻌﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺭﺒﻰ ﻋﻠﻰ ﻭﻻﺌﻡ ﺍﻷﻤﻭﻤﺔ ﺃﻥ ﻴﺭﻀﻰ ﺒﺸﺭﻴﺤﺔ
ﺒﻴﺘﺯﺍ .ﻭﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﺯ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻲ ﻤﺎ ﺴﺘﺘﺤﻤﻠﻪ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻨﺔ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻤﺭ ﻤﻥ ﻋﺫﺍﺏ ﺍﻟﺴﻔﺭ.
ﺜﻡ ﻭﺍﺼﻠﺕ ﺴﺎﺌﻼ:
-ﻫل ﺴﺘﻘﻴﻡ ﻫﻨﺎ ﻤﻌﻙ ؟
-ﻻ ..ﺴﺘﺴﻜﻥ ﻤﻊ ﺃﺨﺘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻨﺩﻕ .ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺴﺘﺯﻭﺭﻨﻲ ﻫﻨﺎ ﺤﺘﻤﺎﹰ ..ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺒﻌﺩ ﻜﻴﻑ ﺴﺘﺘﻡ
ﺍﻷﻤﻭﺭ.
ﻗﺎل ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﻨﺕ ﺃﺭﻴﺩ ﻤﻌﺭﻓﺘﻪ .ﻭﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻜﺎﻥ ﻤﺠﺭﺩ ﺘﻔﺎﺼﻴل.
ﻫﻲ ﺴﺘﺄﺘﻲ ﺇﺫﻥ! ﻭﻜﻴﻑ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺎﺕ ﺍﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﺴﺨﺎﺌﻬﺎ ،ﺃﻥ ﺘﻜﺘﻤل ﺒﺩﻭﻥ ﻤﺠﻴﺌﻬﺎ ﻭﺒﺩﻭﻥ
ﺸﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻤﻥ ﺼﺎﻋﻘﺔ ﺍﻟﻤﻔﺎﺠﺄﺓ.
ﺩﺨﻠﺕ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺸﺭﻭﺩ .ﺭﺤﺕ ﺒﻌﻴﺩﺍﹰ ﺃﻓﻜﺭ ﻓﻲ ﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﻗﺩ ﺘﺠﻤﻌﻨﻲ ﺒﻬﺎ ﺃﻭ ﺫﺭﻴﻌﺔ ﺘﻌﻁﻴﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎﹰ
ﺒﻭﺠﻭﺩﻱ ﻫﻨﺎ.
ﻜﻴﻑ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﻋﺭﻑ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻓﻨﺩﻕ ﺴﺘﻘﻴﻡ؟ ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺯﻭﺠﻬﺎ ﺴﻴﺭﺍﻓﻘﻬﺎ ﺃﻡ ﻻ؟
ﻜﻨﺕ ﻻ ﺃﺯﺍل ﺃﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﺃﺴﺘﺩﺭﺝ ﺒﻬﺎ ﻨﺎﺼﺭ ﻟﻠﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺯﻭﺠﻬﺎ ﻋﺴﺎﻩ ﻴﺒﻭﺡ ﺒﺒﻌﺽ
ﺃﺨﺒﺎﺭﻫﺎ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﻘﺎﻭﻡ ﻤﺭﺍﺩ ﺸﻬﻭﺓ ﺸﺘﻤﻪ ﻭﻗﺎل ﻤﻭﺠﻬﺎﹰ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﺇﻟﻰ ﻨﺎﺼﺭ:
-ﻭﺍﺵ ﺠﺎﻱ ﻤﻌﺎﻫﺎ ﻫﺫﺍﻙ ﺍﻟﺭﺨﻴﺹ؟
ﺴﺄﻟﺘﻪ ﺒﺘﻐﺎﺏٍ:
-ﻋﻤﻥ ﺘﺘﺤﺩﺙ؟
ﻗﺎل:
-ﺯﻭﺝ ﺃﺨﺘﻪ ..ﺇﻥ ﺍﻟﻨﺠﻭﻡ ﻻ ﺘﺭﻓﻊ ﻭﻀﻴﻌﺎﹰ!
ﺃﺠﺎﺏ ﻨﺎﺼﺭ:
-ﻻ ﺃﻅﻨﻪ ﺴﻴﺄﺘﻲ ..ﻴﺨﺎﻑ ﺇﺫﺍ ﺯﺍﺭ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﺃﻥ ﻴﻁﺎﻟﺏ ﺃﻗﺎﺭﺏ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻀﺤﺎﻴﺎ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ
ﺒﻤﻨﻌﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ،ﻭﻤﺤﺎﻜﻤﺘﻪ ﻜﻤﺠﺭﻡ ﺤﺭﺏ ﻨﻅﺭﺍﹰ ﻟﺠﻠﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺫﻴﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺸﺭﻑ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻭﺒﻌﺽ ﺍﻻﻏﺘﻴﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﺕ ﺒﺄﻤﺭ ﻤﻨﻪ .ﻭﺤﺩﻫﻡ ﺃﻭﻻﺩﻩ ﻴﺴﺎﻓﺭﻭﻥ ﻟﻤﺘﺎﺒﻌﺔ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻓﻲ
ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ.
ﺃﺸﻌل ﻤﺭﺍﺩ ﺴﻴﺠﺎﺭﺓ ﻋﺼﺒﻴﺔ ﻭﻗﺎل ﺒﺘﺫﻤﺭ:
-ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﺴﺘﺜﻤﺎﺭ ﺠﻴﺩ ،ﻜﻴﻑ ﻻ ﻴﺜﺭﻭﻥ ﻟﻭ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻟﻬﻡ ﻤﺩﺨﻭل ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺜﺙ ﻭﻤﺼﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﺇﺒﻘﺎﺀ
ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﻤﺸﻐﻭﻟﻴﻥ ﻋﻨﻬﻡ ﺒﻤﻭﺍﺭﺍﺓ ﻤﻭﺘﺎﻫﻡ .ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﻻ ﺘﺩﻭﺭ ﺁﻟﺔ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺒﺄﻤﺭﻫﻡ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺩﻭﺭ
ﻟﺼﺎﻟﺤﻬﻡ .ﻓﻤﻥ ﺒﺭﺒﻙ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺇﺭﻫﺎﺒﺎﹰ ﻭﺍﻷﻜﺜﺭ ﺘﺩﻤﻴﺭﺍﹰ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻭﻁﻥ ..ﻫﻡ ﺃﻡ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ!
ﺨﻔﺕ ﺃﻥ ﻴﺘﻌﻜﺭ ﺠﻭ ﺴﻬﺭﺘﻨﺎ ﺒﺨﻼﻓﺎﺕ ﻓﻲ ﻭﺠﻬﺎﺕ ﻨﻅﺭ ﻻ ﺃﻅﻨﻬﺎ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﺠﻠﻴﻥ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻤﺎ
ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻤﻨﺎﺴﺒﺎﹰ ﻟﻬﺎ.
ﺍﺴﺘﻔﺩﺕ ﻤﻥ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﻷﻁﺭﺡ ﻋﻠﻰ ﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﻨﻴﻨﻲ ﻭﻴﺸﻐﻠﻨﻲ ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ..
ﻗﻠﺕ:
-ﺍﻋﺫﺭﻨﻲ ..ﻭﻟﻜﻥ ﻻ ﺃﻓﻬﻡ ﻜﻴﻑ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺕ ﺃﺨﺘﻙ ﺍﻟﻌﻴﺵ ﻤﻊ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺠل ﻭﻜﻴﻑ ﻟﻡ ﺘﻁﻠﺏ ﺍﻟﻁﻼﻕ
ﻤﻨﻪ ﺤﺘﻰ ﺍﻵﻥ؟
ﺭﺩ ﻨﺎﺼﺭ ﺒﻌﺩ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻤﺕ:
-ﻷﻥ ﻤﺜﻠﻪ ﻻ ﻴﻁﻠﻕ ﺒل ﻴﻘﺘل.
ﻋﺒﺭﺘﻨﻲ ﻗﺸﻌﺭﻴﺭﺓ .ﺭﺍﺡ ﺫﻫﻨﻲ ﻟﻠﺤﻅﺎﺕ ﻴﺴﺘﻌﺭﺽ ﻜل ﺴﻴﻨﺎﺭﻴﻭﻫﺎﺕ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﻤﺒﻴﺕ .ﻴﺎ ﺇﻟﻬﻲ..
ﺃﻴﻤﻜﻥ ﻟﺸﻲﺀ ﻜﻬﺫﺍ ﺃﻥ ﻴﺤﺩﺙ؟
ﺃﻭﺼﻠﺘﻨﻲ ﺃﻓﻜﺎﺭﻱ ﺍﻟﺴﻭﺩﺍﻭﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺘﺫﻜﺭ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﻋﻭﺩﺘﻲ ﺇﻟﻰ ﺒﺎﺭﻴﺱ .ﻨﻅﺭﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ،
ﻓﻭﺠﺌﺕ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻋﺸﺭﺓ ﺇﻻ ﺭﺒﻌﺎﹰ .ﻭﻗﻔﺕ ﻤﺴﺘﻌﺠﻼﹰ ﺍﻟﺫﻫﺎﺏ .ﻜﻨﺕ ﺃﺨﺎﻑ ﻗﺎﻁﺭﺍﺕ ﺍﻟﻀﻭﺍﺤﻲ
ﻭﻤﺎ ﺘﺤﻤﻠﻪ ﻟﻙ ﻟﻴﻼﹰ ﻤﻥ ﻤﻔﺎﺠﺂﺕ .ﻟﻜﻥ ﻤﺭﺍﺩ ﻨﺼﺤﻨﻲ ﺒﺎﻟﺒﻘﺎﺀ ﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﻋﻨﺩﻩ .ﻭﺃﻏﺭﺍﻨﻲ
ﺒﺴﻬﺭﺓ ﻗﺩ ﻻ ﺘﺘﻜﺭﺭ.
ﺘﺭﺩﺩﺕ ﻓﻲ ﻗﺒﻭل ﻋﺭﻀﻪ .ﻓﻜﺭﺕ ﻓﻲ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺃﺨﺒﺭﻫﺎ ﺒﻌﺩﻡ ﻋﻭﺩﺘﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺕ .ﺜﻡ
ﻓﻜﺭﺕ ﻓﻲ ﺃﻨﻨﻲ ﻟﻡ ﺃﺤﻀﺭ ﻟﻭﺍﺯﻤﻲ ﻤﻌﻲ ...ﻭﺃﻨﻪ ﻗﺩ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻥ ﻤﻜﺎﻥ ﻟﻨﻭﻤﻨﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎﹰ.
ﻟﻜﻥ ﻤﺭﺍﺩ ﺤﺴﻡ ﺘﺭﺩﺩﻱ ﻗﺎﺌﻼﹰ:
-ﻜل ﺸﻲﺀ ﻜﺎﻴﻥ ﻴﺎ ﺴﻴﺩﻱ ﻏﻴﺭ ﻤﺎ ﺘﺨﻤﻤﺵ!
ﻭﺠﺩﺕ ﻓﻲ ﻗﻀﺎﺌﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﻤﻊ ﻨﺎﺼﺭ ،ﺤﺩﺜﺎﹰ ﻗﺩ ﻻ ﻴﺘﻜﺭﺭ ﻓﺄﻨﺎ ﻟﻡ ﺃﻨﺱ ﻟﺤﻅﺔ ﺃﻨﻪ ﺃﺥ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ
ﺃﺤﺏ.
ﺍﺴﺘﺄﺫﻨﺕ ﻤﺭﺍﺩ ﻓﻲ ﺇﺠﺭﺍﺀ ﻤﻜﺎﻟﻤﺔ ﻫﺎﺘﻔﻴﺔ ،ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﺨﺒﺭﻩ ﺃﻨﻨﻲ ﺴﺄﻁﻠﺏ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ .ﻟﻜﻨﻪ ﺒﻌﺩ
ﺫﻟﻙ ،ﺒﺎﻏﺘﻨﻲ ﺒﺨﺒﺙ ﺍﻟﺴﺅﺍل.
-ﻭﺍﺵ ..ﻗﻠﺘﻠﻬﺎ ﻤﺎﻜﺵ ﺠﺎﻱ؟
ﺴﺄﻟﺕ ﺒﺘﻐﺎﺏ:
-ﺸﻜﻭﻥ؟
ﺭﺩ:
" -ﺍﻟﻠﺒﺔ" ﻤﺘﺎﻋﻙ!
ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻜﻴﻑ ﻭﺠﺩ ﻓﻲ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﻠﺒﺅﺓ ..ﺭﺒﻤﺎ ﺒﺴﺒﺏ ﺸﻌﺭﻫﺎ ﺍﻷﺤﻤﺭ ﺃﻭ ﺭﺒﻤﺎ ﺒﺴﺒﺏ
ﻤﺎ ﺭﺁﻩ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﺸﺭﺍﺴﺔ ﻤﺜﻴﺭﺓ.
ﻗﻠﺕ ﻤﻐﻴﺭﺍﹰ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺒﻁﺭﻴﻘﺔ ﻤﺎﺯﺤﺔ:
-ﺃﻨﺎ ﻫﺎﺭﺏ ﻴﺎ ﺨﻭﻴﺎ ﻤﻥ ﺃﺩﻏﺎل ﺍﻟﻭﻁﻥ ..ﻴﺭﺤﻡ ﺒﺎﺒﺎﻙ ﺇﺒﻌﺩ ﻋﻨﻲ " ﺍﻟﻠﺒﺎﺕ" ﻭﺍﻷﺴﻭﺩ!
-ﻭﺍﺵ ﺒﻴﻙ ﻭﻟﻴﺕ ﺨﻭﺍﻑ ..ﺭﺍﻨﺎ ﻫﻨﺎ ..ﻨﻭﺭﻴﻭﻟﻬﻡ ﺍﻟﺯﻨﺒﺎﻉ ﻭﻴﻥ ﻴﻨﺒﺎﻉ.
ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻟﻤﻥ ﻜﺎﻥ ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﺭﻱ "ﺃﻴﻥ ﻴﺒﺎﻉ ﺍﻟﺯﻨﺒﺎﻉ" :ﻟﻺﺭﻫﺎﺒﻴﻴﻥ ..ﻟﻠﻌﺴﻜﺭ ..ﺃﻡ ﻟﻔﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ..
ﺃﺠﺒﺘﻪ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ ﻷﺤﺴﻡ ﺍﻟﺠﺩل:
-ﻭﺭﻱ ﺯﻨﺒﺎﻋﻙ ﻟﻠﻲ ﺘﺤﺏ ..ﺃﻨﺎ ﻴﺎ ﺨﻭﻴﺎ ﺭﺍﺠل ﺨﻭﺍﻑ!
ﺍﻨﻀﻡ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻨﺎﺼﺭ ﻤﺭﺘﺩﻴﺎ ﻋﺒﺎﺀﺓ ﺍﻟﺒﻴﺕ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺍﻨﺘﻬﻰ ﻤﻥ ﺃﺩﺍﺀ ﺼﻼﺓ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ .ﺒﺩﺍ ﻜﺄﻨﻪ ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻥ
ﻋﻤﺭﻩ .ﺃﺤﺒﺒﺕ ﻓﻴﻪ ﻁﻬﺎﺭﺓ ﺘﺸﻊ ﻤﻨﻪ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺎ ﺒﻌﺒﺎﺀﺘﻪ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ.
ﻤﺎﺯﺍل ﻨﻘﻴﺎﹰ ،ﻟﻡ ﺘﺴﺘﻁﻊ ﺍﻟﻐﺭﺒﺔ ﺃﻥ ﺘﺠﻌﻠﻪ ﻴﺘﻌﻔﻥ ﻭﻴﺘﻠﻭﺙ .ﻭﻻ ﺃﺼﺎﺒﺘﻪ ﺘﺸﻭﻫﺎﺕ ﺍﻟﻤﻐﺘﺭﺒﻴﻥ .ﻜﺎﻥ
ﻤﻌﺫﺒﺎﹰ ﺒﺫﻨﺏ ﻭﺠﻭﺩﻩ ﺨﺎﺭﺝ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ .ﻴﺒﺩﻭ ﻤﺒﻌﺜﺭﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ .ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻔﻘﺩ ﺭﺼﺎﻨﺘﻪ ﻭﻻ
ﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﻜﻼﻡ ﻨﺎﺭﻱ .ﻜﺎﻥ ﻴﺩﺍﻓﻊ ﻋﻥ ﻗﻨﺎﻋﺎﺘﻪ ﺒﺼﻭﺕ ﻤﻨﺨﻔﺽ .ﻭﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ﺒﺼﻤﺘﻪ .ﺴﺄل:
-ﻋﻡ ﺘﺘﺤﺩﺜﺎﻥ؟
ﻗﻠﺕ:
-ﻜﻨﺕ ﺃﻗﻭل ﻟﻪ ﺇﻨﻨﻲ ﺨﻭﺍﻑ .ﻫل ﻋﻴﺏ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻴﺨﺎﻑ ﺍﻟﻤﺭﺀ؟
ﺼﻤﺕ ﻭﻟﻡ ﻴﺭﺩ .ﺸﻌﺭﺕ ﺃﻨﻨﻲ ﺨﻴﺒﺕ ﻅﻨﻪ .ﻗﻠﺕ ﻜﻤﺎ ﻷﺒﺭﺯ ﻟﻪ ﺨﻭﻓﻲ:
-ﺼﺩﻗﻨﻲ ﻟﻔﺭﻁ ﻤﺎ ﻋﺸﺕ ﻤﻊ ﻋﺩﻭ ﻻ ﻴﺭﻯ ،ﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻴﻐﺎﺩﺭﻨﻲ .ﺨﺎﺼﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴل .ﻜﻠﻤﺎ
ﻏﺎﺩﺭﺕ ﺒﻴﺘﻲ ﻷﺭﻤﻲ ﺒﻜﻴﺱ ﺍﻟﺯﺒﺎﻟﺔ ،ﺘﻭﻗﻌﺕ ﺃﻥ ﺃﺤﺩﺍﹰ ﻴﺘﺭﺒﺹ ﺒﻲ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻨﺯل ﺍﻟﻁﻭﺍﺒﻕ ﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺔ
ﻟﻠﺒﻨﺎﻴﺔ ..ﺃﻭ ﺃﻥ ﺃﺤﺩﺍﹰ ﻴﻨﺘﻅﺭﻨﻲ ﻓﻲ ﺭﻜﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻟﻴﻨﻘﺽ ﻋﻠﻲ .ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻨﻲ ﻜل ﻤﺭﺓ ﺃﺘﺫﻜﺭ
ﺴﻴﻨﻤﺎﺌﻴﺎﹰ ﻜﺎﻥ ﻴﺩﻋﻰ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺘﻨﻜﻲ ،ﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﺃﻋﺭﻓﻪ ,ﻟﻜﻨﻪ ﺃﻏﺘﻴل ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺴﻜﻨﻪ ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻜﺎﻥ
ﺫﺍﻫﺒﺎﹰ ﻟﻴﻼﹰ ﻟﻴﻠﻘﻲ ﺒﻜﻴﺱ ﺍﻟﺯﺒﺎﻟﺔ .ﺘﺼﻭﺭ ﺃﻥ ﺘﺭﺘﺒﻁ ﺫﻜﺭﻯ ﺸﺨﺹ ﻓﻲ ﺫﻫﻨﻙ ﺒﺎﻟﻘﻤﺎﻤﺔ ،ﺒﺄﻋﻤﺎﺭ
ﻤﻭﻀﻭﻋﺔ ﻓﻲ ﺃﻜﻴﺎﺱ ﺍﻟﺯﺒﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﻌﺎﺸﺭﺓ ،ﻜﻤﺎ ﻟﻴﺠﻤﻌﻬﺎ ﺯﺒﺎل ﺍﻟﻘﺩﺭ ،ﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﺍﻨﺘﻬﻰ
ﻟﺘﻭﻩ ﻤﻥ ﺘﺼﻭﻴﺭ ﻓﻴﻠﻡ ﻋﻨﻭﺍﻨﻪ " ﺍﻟﻔﺭﺍﺸﺔ ﻟﻥ ﺘﻁﻴﺭ ﺒﻌﺩ ﺍﻵﻥ".
ﻗﺎﻁﻌﻨﻲ ﻤﺭﺍﺩ:
-ﻴﺭﺤﻡ ﺒﺎﺒﺎﻙ ..ﺨﻠﻴﻨﺎ ﻤﻥ ﻫﺎﺫ ﺍﻟﺤﻜﺎﻴﺎﺕ ..ﻋﻠﻰ ﺒﺎﻟﻙ ﻭﺸﺤﺎل ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ؟
ﻨﻅﺭﻨﺎ ﺠﻤﻴﻌﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ.
ﻭﺍﺼل:
-ﺭﺍﻫﻲ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ..ﺤﺒﺱ ﻴﺎ ﺭﺍﺠل ﻤﻥ " ﻟﻲ ﺯﺍﻓﻴﺭﺍﺕ ﻤﺘﺎﻉ ﺍﻟﺴﺭﻴﻜﺎﺕ ﻭﻟﻲ ﺯﺍﻓﻴﺭﺍﺕ ﻤﺘﺎﻉ
ﺍﻟﻜﺘﻴﻼﺘﺕ" ﻫﺎﺫﻱ ﺍﻟﻠﻲ ﻜﺎﻟﻭﺍ ﻓﻴﻬﺎ " ﺠﺒﺕ ﻜﻁ ﻴﻭﺍﻨﺴﻨﻲ ﻭﻟﻰ ﻴﺒﺭﻙ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻴﻪ!" ﻗﻠﻨﺎﻟﻙ ﺍﻗﻌﺩ ﻴﺎ
ﺭﺍﺠل ﺘﻭﺍﻨﺴﻨﺎ ..ﻭﻟﻴﺕ ﺘﺨﻭﻑ ﻓﻴﻨﺎ!
ﺍﻨﻔﺠﺭﻨﺎ ﻀﺎﺤﻜﻴﻥ ﺃﻨﺎ ﻭﻨﺎﺼﺭ ﻜﻤﺎ ﻟﻡ ﻨﻀﺤﻙ ﻤﻥ ﺯﻤﺎﻥ.
ﻟﻔﻅ ﻤﺭﺍﺩ ﻜﻼﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻘﻭ ) ﺍﻟﻤﻔﺘﺵ ﺍﻟﻁﺎﻫﺭ( ﻭﻫﻭ ﺸﺨﺼﻴﺔ ﻜﻭﻤﻴﺩﻴﺔ ﺸﻌﺒﻴﺔ ﺘﻭﻓﻲ ﻓﻲ
ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ،ﺍﺸﺘﻬﺭ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﻜﻭﻟﻤﺒﻭ ﺒﻤﻌﻁﻔﻪ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩ ﻟﻠﻤﻁﺭ ﻭﺒﺩﻭﺭ ﺭﺠل ﺍﻟﺘﺤﺭﻱ ﺍﻟﻤﺨﺘﺹ
ﻓﻲ ﻗﻀﺎﻴﺎ " ﺍﻟﺴﺭﻴﻜﺎﺕ " ﻭ " ﺍﻟﻜﺘﻴﻼﺕ" ﺃﻱ ﺍﻟﺴﺭﻗﺎﺕ ..ﻭﺍﻟﺠﺭﺍﺌﻡ .ﻭﺼﻨﻌﺕ ﺸﻬﺭﺘﻪ ﻟﻬﺠﺘﻪ
ﺍﻟﻤﻤﻴﺯﺓ ﻓﻲ ﺘﺤﻭﻴل ﺍﻟﻘﺎﻑ "ﻜﺎﻓﺎﹰ" ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﺃﻫل ﻤﺩﻴﻨﺔ ﺠﻴﺠل .ﻻﻓﻅﺎﹰ ﺍﻟﻘﻠﺏ "ﻜﻠﺒﺎﹰ "ﻭﻗﺎل ﻟﻲ "
ﻜﺎﻟﻠﻲ.
ﻭﻜﺎﻥ ﻤﺭﺍﺩ ﻴﺴﺘﺸﻬﺩ ﺒﻤﺜل ﺸﻌﺒﻲ ﻤﻌﻨﺎﻩ " ﺠﺌﺕ ﺒﺎﻟﻘﻁ ﻟﻴﺅﻨﺴﻨﻲ ﻓﺄﺨﺎﻓﻨﻲ ﺒﻌﻴﻨﻴﻪ ﺍﻟﻠﺘﻴﻥ ﺘﺒﺭﻗﺎﻥ
ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺘﻤﺔ" ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺍﺴﺘﺒﻘﺎﻨﻲ ﻷﺅﻨﺴﻪ ﻓﺭﺤﺕ ﺤﺴﺏ ﻗﻭﻟﻪ ﺃﺨﻴﻔﻪ ﺒﺄﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﻘﺘﻠﻰ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺍﻏﺘﻴﻠﻭﺍ
ﻟﻴﻼﹰ ﻭﻫﻡ ﻴﻠﻘﻭﻥ ﻜﻴﺱ ﺍﻟﺯﺒﺎﻟﺔ!
ﻭﻜﺄﻨﻤﺎ ﺃﺼﺎﺒﻪ ﺫﻋﺭ ﺍﻟﻌﺠﺎﺌﺯ ﻤﻥ ﻋﻭﺍﻗﺏ ﺍﻟﻔﺭﺡ ،ﻗﺎل ﻨﺎﺼﺭ ﻭﻫﻭ ﻴﺴﺘﻌﻴﺩ ﺠﺩﻴﺘﻪ:
-ﺍﷲ ﻴﺠﻌﻠﻬﺎ ﺨﻴﺭ ..ﻋﻨﺩﻱ ﺒﺎﻟﺯﺍﻑ ﻤﺎ ﻀﺤﻜﺘﺵ ﻫﻜﺫﺍ!
ﺭﺩ ﻤﺭﺍﺩ ﻤﺘﻬﻜﻤﺎﹰ:
-ﻴﺎﻭﺍﷲ ﻤﻬﺎﺒل ..ﻭﺍﺤﺩ ﺨﺎﻴﻑ ﻴﻤﻭﺕ ﻭﻭﺍﺤﺩ ﺨﺎﻴﻑ ﻴﻀﺤﻙ..
ﺇﻀﺤﻙ ﻴﺎ ﺭﺍﺠل ﺁﺨﺭﺘﻬﺎ ﻤﻭﺕ!
ﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺸﻌﺎﺭﻨﺎ ﺃﻴﺎﻡ " ﻤﺎﺯﻓﺭﺍﻥ" .ﻴﻭﻡ ﻜﺎﻥ ﻴﺤﺎﻀﺭ ﻹﻗﻨﺎﻋﻨﺎ ﺒﺎﻟﻔﺭﺡ ﻜﻔﻌل ﻤﻘﺎﻭﻤﺔ .ﻓﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ
ﺇﻟﻴﻪ ﻤﺸﻜﻠﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﻭﻗﺕ ﻟﺩﻴﻬﻡ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ .ﻭﻫﻡ ﻤﺴﺘﻐﺭﻗﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻻﺴﺘﺸﻬﺎﺩ.
ﺤﺘﻰ ﺃﻨﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻨﺸﻐﺎﻟﻬﻡ ﺒﺎﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺫﺭﻴﻌﺔ ﻟﻤﻭﺕ ﺠﻤﻴل ،ﻨﺴﻭﺍ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻫﻡ ﻴﻤﻭﺘﻭﻥ .ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺃﺜﻨﺎﺀ
ﺍﻨﺸﻐﺎﻟﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﺒﺎﻟﺒﻘﺎﺀ ﺃﺤﻴﺎﺀ ﻨﺴﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺤﻴﺎ .ﻓﻼ ﻫﺅﻻﺀ ﻫﻨﺌﻭﺍ ﺒﻤﻭﺘﻬﻡ ﻭﻻ ﻨﺤﻥ ﻨﻌﻤﻨﺎ ﺒﺤﻴﺎﺘﻨﺎ.
ﺤﺘﻤﺎﹰ ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺤﻕ .ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻨﻘﺼﻨﺎ ﺍﻟﺒﻬﺠﺔ ﺤﺘﻰ ﺼﺎﺭ ﻀﺭﻭﺭﻴﺎﹰ ﺤﺴﺏ ﻗﻭﻟﻪ ﺃﻥ ﻴﺅﺴﺱ ﺍﻟﻤﺭﺀ
ﺨﻠﻴﺔ ﺴﺭﻴﺔ ﻟﺘﻌﺎﻁﻲ ﺍﻟﻔﺭﺡ ﺴﺭﺍﹰ ﻓﻲ ﺒﻴﺘﻪ ﺒﺼﻔﺘﻪ ﻨﺸﺎﻁﺎﹰ ﻤﺤﻅﻭﺭﺍﹰ ﻟﺴﻨﻭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ .ﺃﺫﻜﺭ
ﺫﻟﻙ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺍﻟﺫﻱ ﺭﻭﻯ ﻟﻲ ﻜﻴﻑ ﻜﺎﻥ ﻤﺭﺓ ﺠﺎﻟﺴﺎﹰ ﻓﻲ ﻤﻘﻬﻰ ﻋﻠﻰ ﺭﺼﻴﻑ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ﻤﻊ ﺼﺩﻴﻘﻴﻥ
ﻴﺘﺠﺎﺯﺒﻭﻥ ﺃﻁﺭﺍﻑ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻭﻴﻀﺤﻜﻭﻥ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻭﻗﻑ ﺃﻤﺎﻤﻬﻡ ﺭﺠﻼﻥ ﻓﻲ ﺯﻱ ﺃﻓﻐﺎﻨﻲ ﻭﺴﺄﻻﻫﻡ
ﺒﻨﺒﺭﺓ ﻋﺩﺍﺌﻴﺔ " :ﻤﺎﺫﺍ ﻴﻀﺤﻜﻜﻡ؟" .ﻭﻟﻡ ﻴﺸﻔﻊ ﻟﻬﻡ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺘﻌﺭﻑ ﺃﺤﺩﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﺠﺎﻟﺴﻴﻥ .ﻭﻟﻡ
ﻴﺫﻫﺒﺎ ﺤﺘﻰ ﺃﺨﺫﺍ ﻤﻨﻬﻡ ﻋﻬﺩﺍﹰ ﺒﺄﻨﻬﻡ " ﻤﺎ ﻴﺯﻴﺩﻭﺵ ﻴﻌﺎﻭﺩﻭﺍ ﻴﻀﺤﻜﻭﺍ!"
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺭﻭﻴﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺤﺎﺩﺜﺔ ﺍﻟﻐﺭﻴﺒﺔ ﻟﻤﺭﺍﺩ ،ﻭﺠﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﺎ ﻴﺅﻜﺩ ﻨﻅﺭﻴﺘﻪ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻁﻐﺎﺓ ﻴﺠﺩﻭﻥ ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ
ﻓﻲ ﻓﺭﺡ ﺍﻟﺭﻋﻴﺔ ﺨﺭﻗﺎﹰ ﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﻘﻬﺭ ﻭﺘﻌﺩﻴﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻑ .ﻭﻟﺫﺍ ﺇﻥ ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻷﻱ
ﺩﻴﻜﺘﺎﺘﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻫﻲ ﺃﻥ ﺘﻘﺭﺭ ﺃﻥ ﺘﺒﺘﻬﺞ .ﻓﺄﻱ ﺩﻜﺘﺎﺘﻭﺭ ﻴﻌﺯ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻴﻔﺭﺡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻥ ﻟﻡ
ﻴﺭﺘﺒﻁ ﻓﺭﺤﻬﻡ ﺒﻌﻴﺩ ﻤﻴﻼﺩﻩ ﺃﻭ ﺫﻜﺭﻯ ﻭﺼﻭﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻜﻡ.
ﻜﺎﻥ ﻤﺭﺍﺩ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺫﻟﻙ ﻗﺩ ﺘﻭﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﺁﻟﺔ ﺍﻟﺘﺴﺠﻴل ﻭﻭﻀﻊ ﺸﺭﻴﻁﺎﹰ ﻷﻏﻨﻴﺔ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﻴﺔ .ﻭﻗﺒل ﺃﻥ
ﻨﺴﺘﺠﻤﻊ ﺃﻓﻜﺎﺭﻨﺎ ﻋﻼ ﺼﻭﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﻏﻨﻴﺔ ﺍﻟﺭﺍﻗﺼﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺄﻨﻨﻲ ﻤﺎ ﻨﺴﻴﺘﻬﺎ ﻴﻭﻤﺎﹰ ،ﻤﻊ ﺃﻨﻨﻲ ﻟﻡ
ﺃﺴﺘﻤﻊ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻤﻨﺫ ﺯﻤﻥ ﺒﻌﻴﺩ .ﺃﻏﻨﻴﺔ ﻤﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﻏﺎﻨﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻜﺎﺩ ﺘﻜﻭﻥ ﻟﻬﺎ ﺭﺍﺌﺤﺔ ،ﻭﻴﻜﺎﺩ ﻴﻜﻭﻥ
ﻟﻬﺎ ﺠﺴﺩ .ﺠﺴﺩ ﻨﺴﺎﺀ ﺸﺎﻫﺩﺘﻬﻥ ﻓﻲ ﻁﻔﻭﻟﺘﻙ ﺒﺸﻌﺭﻫﻥ ﺍﻟﻤﻨﻔﻠﺕ ﻴﺭﻗﺼﻥ ﻤﻨﺨﻁﻔﺎﺕ ﺤﺘﻰ
ﺍﻹﻏﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺃﺜﻭﺍﺒﻬﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻁﺭﺯﺓ ﺒﺨﻴﻭﻁ ﺍﻟﺫﻫﺏ.
ﻭﻗﻑ ﻤﺭﺍﺩ ،ﻭﺍﻟﺴﻴﺠﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﻁﺭﻑ ﻓﻤﻪ ،ﻴﺭﻗﺹ ﻜﺄﻨﻪ ﻴﺭﺍﻗﺹ ﻨﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺴﻴﻘﻰ ﺍﻟﺯﻨﺩﺍﻟﻲ.
ﺭﻗﺼﺔ ﻻ ﺘﺨﻠﻭ ﻤﻥ ﺭﺼﺎﻨﺔ ﺍﻟﺭﺠﻭﻟﺔ ﻭﺇﻏﺭﺍﺌﻬﺎ ،ﻴﺘﺤﺭﻙ ﻨﺼﻔﻪ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺒﻜﺘﻔﻴﻥ ﻴﻬﺘﺯﺍﻥ ﻜﺄﻨﻬﻤﺎ ﻤﻊ
ﻜل ﺤﺭﻜﺔ ﻴﻀﺒﻁﺎﻥ ﺇﻴﻘﺎﻉ ﺍﻟﺘﺤﺩﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﻜﻨﻪ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﺘﻤﺎﻭﺝ ﻭﺴﻁﻪ ﻴﻤﻨﺔ ﻭﻴﺴﺭﺓ ﺒﺒﻁﺀ ﻴﻔﻀﺢ
ﻤﺯﺍﺝ ﺸﻬﻭﺍﺘﻪ ﻭﺍﻹﻴﻘﺎﻉ ﺍﻟﺴﺭﻱ ﻟﺠﺴﺩﻩ.
ﺒﺩﺍ ﻟﻲ ﻓﺠﺄﺓ ﺃﺠﻤل ﻤﻤﺎ ﻫﻭ .ﺃﺠﻤل ﻤﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﻭﻤﺎﹰ .ﻭﻓﻬﻤﺕ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺘﺸﺘﻬﻴﻪ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ.
ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻜﻴﻑ ﺃﻋﺎﺩﻨﻲ ﺭﻗﺼﻪ ﺇﻟﻰ ﺯﻭﺠﻬﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺸﺎﻫﺩﺘﻪ ﻤﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻥ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﻨﻘل ﺤﻔل
ﻤﺒﺎﺸﺭ.
ﻜﺎﻥ ﺒﻬﻴﺌﺔ ﻤﻥ ﻴﺩﻋﻲ ﺍﻟﻭﻗﺎﺭ ﻴﺭﺘﺩﻱ ﻤﻬﺎﺒﺘﻪ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ،ﺠﺎﻟﺴﺎﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻔﻭﻑ ﺍﻷﻤﺎﻤﻴﺔ ﻤﻊ ﺃﻭﻟﺌﻙ
ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻫﻡ ﺃﻫﻡ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﻁﺭﺒﻭﺍ ،ﻤﻜﺘﻔﻴﻥ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻠﺘﻬﺏ ﺍﻟﻘﺎﻋﺔ ﺒﺼﻭﺕ ﺍﻟﻔﺭﻗﺎﻨﻲ ﻤﺭﺩﺩﺍﹰ " ﺃﻟﻴﻑ ﻴﺎ
ﺴﻠﻁﺎﻨﻲ ﻭﺍﻟﻬﺠﺭﺍﻥ ﻜﻭﺍﻨﻲ" ﺒﺠﻬﺩ ﻤﺘﻭﺍﻀﻊ ﻭﺍﻟﺘﻜﺭﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻐﻨﻲ ﺒﺘﺼﻔﻴﻕ ﺭﺼﻴﻥ ﺨﺸﻴﺔ ﺃﻥ
ﺘﺘﻨﺎﺜﺭ ﻤﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻜﺘﺎﻓﻬﻡ ﻨﺠﻭﻤﻬﻡ ﺍﻟﻤﺜﺒﺘﺔ ﺒﻐﺭﺍﺀ ﻫﻴﺒﺘﻬﻡ ﺍﻟﺯﺍﺌﻔﺔ!
ﺃﺸﻔﻘﺕ ﻋﻠﻴﻪ .ﺇﻥ ﺭﺠﻼﹰ ﻻ ﻴﺘﻨﺘﻔﺽ ﻤﻨﺘﺼﺒﺎﹰ ﻓﻲ ﺤﻀﺭﺓ ﺍﻟﻁﺭﺏ ،ﻫﻭ ﺤﺘﻤﺎﹰ ﻓﺎﻗﺩ ﻟﻠﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ
ﺍﻻﺭﺘﻌﺎﺵ ﻓﻲ ﺤﻀﺭﺓ ﺍﻟﻨﺸﻭﺓ!
ﺸﻜﺭﺕ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﺤﻀﻭﺭﻩ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩ ﻓﻲ ﺴﺭﻴﺭﻫﺎ.
ﻜﺎﻥ ﻤﺭﺍﺩ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺫﻟﻙ ﻴﺯﺩﺍﺩ ﻭﺴﺎﻤﺔ ﻜﻠﻤﺎ ﺍﺯﺩﺍﺩ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﺩﻓﻭﻑ .ﻜﺄﻨﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻤﻭﺴﻴﻘﻰ ﺘﺩﻕ ﺍﺤﺘﻔﺎﺀ
ﺒﺭﺠﻭﻟﺘﻪ .ﻭﻜﺄﻥ ﺠﺴﺩﻩ ﻓﻲ ﺍﻨﺘﺸﺎﺌﻪ ﻴﺒﺘﻬل ﻟﺸﻲﺀ ﻭﺤﺩﻩ ﻴﻌﺭﻓﻪ.
ﺒﺎﺴﻡ ﺍﷲ ﻨﺒﺩﻯ ﻜﻼﻤﻲ...............ﻗﺴﻤﻁﻴﻨﺔ ﻫﻲ ﻏﺭﺍﻤﻲ
ﻨﺘﻔﻜﺭﻙ ﻓﻲ ﻤﻨﺎﻤـﻲ...............ﺇﻨﺘـﻲ ﻭﺍﻟﻭﺍﻟﺩﻴـــﻥ
ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻷﺼﻭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺩﻓﻭﻑ ﺘﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻐﻨﻲ ﻤﻊ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﻜل ﺒﻴﺕ ) ﺍﷲ( ﻭﺘﻤﻀﻲ ﺍﻷﻏﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺫﻜﺭ
ﺃﺤﻴﺎﺀ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻭﺃﺴﻭﺍﻗﻬﺎ ﺍﺴﻤﺎﹰ ﺍﺴﻤﺎﹰ:
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻭﻴﻘﺔ ﻨﺒﻜﻲ ﻭﺍﻨﹼﻭﺡ .................ﺭﺤﺒﺔ ﺍﻟﺼﻭﻑ ﻗﻠﺒﻲ ﻤﺠﺭﻭﺡ
ﺒﺎﺏ ﺍﻟـﻭﺍﺩ ﻭﺍﻟﻘـﻨـﻁﺭﺓ ..................ﺭﺤـﺕِ ﻴﺎ ﺍﻟﺯﻴـﻥ ﺨﺴـﺎﺭﺓ
ﻟﻜﺄﻨﻬﺎ ﺘﺤﻴﻙ ﻟﻙ ﻤﺅﺍﻤﺭﺓ ،ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻏﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺎﺯﻟﺕ ﺠﺎﻫﻼﹰ ﻤﺎ ﺴﻴﻜﻭﻥ ﻗﺩﺭﻙ ﻤﻌﻬﺎ .ﺘﻬﺩﻴﻙ ﺸﺠﻰ
ﻴﻔﻀﻲ ﺒﻙ ﺇﻟﻰ ﺸﺠﻥ ،ﻁﺭﺒﺎﹰ ﻴﻔﻀﻲ ﺒﻙ ﺇﻟﻰ ﺤﺯﻥ .ﺘﻀﻌﻙ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻻﻨﻁﻔﺎﺀ ﺍﻟﻔﺠﺎﺌﻲ ﻟﻤﺒﺎﻫﺞ ﺼﺒﺎﻙ،
ﻷﻨﻬﺎ ﺘﺫﻜﺭﻙ ﺒﻭﺯﺭ ﺨﺴﺎﺭﺍﺘﻙ.
ﺃﺃﺭﺍﺩ ﻤﺭﺍﺩ ﺤﻘﺎﹰ ﺇﺒﻬﺎﺠﻨﺎ ﺒﺄﻏﻨﻴﺔ ،ﺒﺭﻏﻡ ﺇﻴﻘﺎﻋﻬﺎ ﺍﻟﻔﺭﺡ ،ﻫﻲ ﻓﻲ ﻭﻀﻌﻨﺎ ﺫﺍﻙ ﺩﻋﻭﺓ ﻤﻌﻠﻨﺔ ﻟﻠﺒﻜﺎﺀ؟
ﺃﻭ ﺭﺒﻤﺎ ﻨﺤﻥ ﻤﻥ ﻓﻘﺩﻨﺎ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﺭﺡ ،ﻭﻟﻡ ﻨﻌﺩ ﻨﺼﻠﺢ ﻟﻼﻨﺨﺭﺍﻁ ﻓﻲ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻬﺠﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﻋﻭﻨﺎ
ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻨﻭﺓ!
ﻋﺒﺜﺎﹰ ﺤﺎﻭل ﻤﺭﺍﺩ ﺍﺴﺘﺩﺭﺍﺠﻨﺎ ﻟﻤﺭﺍﻗﺼﺘﻪ ﺍﺤﺘﻔﺎﺀ ﺒﻤﺒﺎﻫﺠﻨﺎ ﺍﻟﻤﺅﺠﻠﺔ .ﺍﻨﺘﻬﺕ ﺴﻬﺭﺘﻨﺎ ﻜﻤﺎ ﺒﺩﺃﺕ،
ﺒﺄﺤﺎﺴﻴﺱ ﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﺘﺨﻔﻲ ﺨﺴﺎﺭﺍﺕ ﻟﻡ ﻨﺩﺭ ﻜﻴﻑ ﻨﺘﺩﺒﺭ ﺃﻤﺭﻫﺎ.
ﺍﺤﺘﺭﻤﺕ ﺤﺯﻥ ﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﻤﺘﺭﻓﻊ ﻋﻥ ﺍﻹﻓﺸﺎﺀ .ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺃﺘﻘﺎﺴﻡ ﻤﻌﻪ ﻏﺭﻓﺔ
ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻟﻠﻨﻭﻡ ،ﺘﺭﻜﺕ ﻟﻪ ﺍﻷﺭﻴﻜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻭﻟﺕ ﺇﻟﻰ ﺴﺭﻴﺭ ﻟﺸﺨﺼﻴﻥ ﻭﻨﻤﺕ ﻋﻠﻰ ﻓﺭﺍﺵ ﺃﺭﻀﻲ.
ﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻭﺴﻁﻭﺘﻪ .ﻭﻜﻨﺕ ﺭﺠل ﺍﻟﺸﻬﻭﺍﺕ ﺍﻷﺭﻀﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺯﻥ ﺍﻟﻤﻨﺨﻔﺽ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﺎﻡ
ﺩﻭﻤﺎﹰ ﻋﻨﺩ ﺃﻗﺩﺍﻡ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ.
***
ﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﻀﻭﺍﺤﻲ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ،ﻭﺃﻨﺕ ﻋﺎﺒﺭ ﺴﺭﻴﺭ ﺤﻴﺙ ﻨﻤﺕ ،ﻭﻗﻠﺒﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺴﺘﻴﻘﻅ ﻤﻘﻠﻭﺒﺎﹰ ﺭﺃﺴﺎﹰ ﻋﻠﻰ
ﻋﻘﺏ ،ﻜﻤﺯﺍﺝ ﺍﻟﻜﺭﺍﺴﻲ ﺍﻟﻤﻘﻠﻭﺒﺔ ﻓﺠﺭﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﻁﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﻤﻘﺎﻫﻲ ﺍﻟﺒﺎﺭﻴﺴﻴﺔ ،ﻴﻨﺘﻅﺭ ﻤﻥ ﻴﻤﺴﺢ
ﺃﺭﻀﻪ ﻤﻥ ﺨﻁﻰ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻤﺸﻭﺍ ﺒﻭﺤل ﺃﺤﺫﻴﺘﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﻼﻤﻙ.
ﻤﻥ ﻴﻜﻨﺱ ﺭﺼﻴﻑ ﺤﺯﻨﻙ ﻤﻥ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺨﺭﻴﻑ ﺍﻟﻌﺸﺎﻕ؟
ﺃﻜﺎﻥ ﻟﻤﺯﺍﺠﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺒﻠﻴﻠﺔ ﻗﻀﻴﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﺭﺍﺵٍ ﺃﺭﻀﻲ ﺃﺘﻘﻠﺏ ﺒﺤﺜﺎﹰ ﻋﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﻴﻐﻔﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺭﻗﻲ؟
ﺃﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﻨﺕ ﺃﺨﺘﺒﺭ ﺃﻏﺭﺏ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺎﺕ ،ﺃﻥ ﺃﺘﻘﺎﺴﻡ ﻏﺭﻓﺔ ﻨﻭﻡ ﻤﻊ ﺃﺥ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺤﻠﻤﺕ ﺃﻥ ﺃﻗﻀﻲ
ﻤﻌﻬﺎ ﻟﻴﻠﺔ!
ﺃﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺄﺨﺫ ﻗﺴﻁﺎﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻨﺎﻡ ﺃﺭﻀﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﻓﺭﺍﺵ ﺍﻟﺤﺭﻤﺎﻥ ،ﺘﻤﺎﻤﺎﹰ ﻋﻨﺩ ﺃﻗﺩﺍﻡ
ﺫﺍﻜﺭﺘﻙ؟
ﺃﻴﻥ ﺃﻨﺠﻭ ﻤﻥ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺘﻁﺎﺭﺩﻨﻲ ﺤﻴﺙ ﻜﻨﺕ؟ ﻭﻤﺎﺫﺍ ﺃﺘﺴﻠﻕ ﻟﻠﻬﺭﻭﺏ ﻤﻨﻬﺎ ﻭﻻ ﺠﺩﺭﺍﻥ ﻟﺴﺠﻨﻬﺎ؟
ﻗﺒل ﺍﻟﻨﻭﻡ ،ﻭﺍﺼﻠﺕ ﺍﻟﺜﺭﺜﺭﺓ ﻗﻠﻴﻼﹰ ﻤﻊ ﻨﺎﺼﺭ ،ﻜﻤﺎ ﺘﺘﺤﺩﺙ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻋﻨﺩﻨﺎ ﻤﻊ ﺒﻌﻀﻬﻥ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺒﻴﻥ
ﻁﺎﺒﻘﻴﻥ.
ﻓﻲ ﻋﺘﻤﺔ ﻤﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﻨﻌﺎﺱ ،ﻭﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺘﻭﻗﻌﺘﻪ ﻏﻔﺎ ،ﺍﺴﺘﺩﺍﺭ ﻨﺎﺼﺭ ﺼﻭﺏ ﺠﻬﺘﻲ ﻭﺴﺄﻟﻨﻲ ﻓﺠﺄﺓ:
-ﻜﻴﻑ ﺘﺭﻜﺕ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ؟
ﺸﻌﺭﺕ ﺃﻨﻪ ﺃﺠل ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻷﻫﻡ .ﺨﺸﻴﺔ ﺃﻥ ﻴﻨﻔﻀﺢ ﺒﻪ ،ﺃﻭ ﻜﺄﻨﻪ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻴﻐﻔﻭ ﻋﻠﻰ ﺫﻜﺭﺍﻫﺎ ﻜﻤﺎ
ﻴﻐﻔﻭ ﻏﻴﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺫﻜﺭﻯ ﺤﺒﻴﺒﺔ!
ﺃﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﺃﺩﺜﺭﻩ ﺒﺸﻲﺀ ﺠﻤﻴل .ﻟﻜﻥ ﻭﺠﺩﺘﻨﻲ ﺃﻗﻭل:
-ﻫﻲ ﺒﺨﻴﺭ .ﻟﻘﺩ ﺨﻠﻌﺕ ﺃﺨﻴﺭﺍﹰ ﺤﺩﺍﺩ ﺼﺎﻟﺢ ﺒﺎﻱ .ﻻ ﻤﻼﺀﺓ ﻓﻲ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ .ﻜﻠﻤﺎ ﻤﺎﺘﺕ ﻋﺠﻭﺯ
ﻜﻔﻨﺕ ﺒﻤﻼﻴﺘﻬﺎ ﻭﻭﻟﺩ ﺤﺠﺎﺏ ﺠﺩﻴﺩ ﻤﻊ ﺼﺒﻴﺔ.
ﻟﻡ ﻴﻘل ﺸﻴﺌﺎﹰ .ﻭﻻ ﺃﻨﺎ ﺃﻀﻔﺕ ﻟﺤﺯﻨﻨﺎ ﻤﺯﻴﺩﺍﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ .ﺃﻅﻨﻪ ﻏﻔﺎ ﻭﻫﻭ ﻴﻀﻡ ﺇﻟﻰ ﺼﺩﺭﻩ ﻤﻼﺀﺓ
ﺃﻤﻪ ﺍﻟﻤﻀﻤﺨﺔ ﺒﺭﺍﺌﺤﺘﻬﺎ.
ﻜﻨﺕ ﺃﻓﻜﺭ ﻭﻗﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﻭﺭﻴﺜﺔ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﻟﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺩﺍﺩ ﺍﻟﺠﻤﻴل ,ﻭﺃﻨﺯﻟﻕ ﺘﺤﺕ ﻓﺭﺍﺵ
ﻏﻴﺎﺒﻬﺎ.
ﺴﺭﻴﺭﻱ ﻟﻡ ﻴﺨل ﻤﻨﻬﺎ ،ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﻌﺩ ﻜل ﺯﻴﺎﺭﺓ ﻴﺘﺠﺩﺩ ﻋﺒﻘﻬﺎ ,ﺃﺨﻔﻲ ﺜﻭﺒﻬﺎ ﻜﻤﺎ ﻨﺨﻔﻲ ،ﻟﻴﻠﺔ
ﺍﻟﻌﻴﺩ ،ﺜﻴﺎﺒﻨﺎ ﺘﺤﺕ ﺍﻟﻭﺴﺎﺩﺓ .ﺃﺯﻭﺭ ﺭﺍﺌﺤﺘﻬﺎ ..ﻭﻴﻌﻭﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﻗﻤﻴﺹ ﻨﻭﻤﻬﺎ.
ﻋﺎﻤﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻓﺎﺀ ،ﻟﻘﻤﻴﺹ ﻨﻭﻡ ﺴﺭﻕ ﻜل ﻋﺒﻕ ﺍﻷﻨﻭﺜﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﺠﺴﺩ.
ﻜﻨﺕ ﺃﻭﺍﻅﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﺸﺘﻬﺎﺌﻬﺎ ﻜل ﻟﻴﻠﺔ .ﻭﺃﺴﺘﻴﻘﻅ ،ﻜل ﺼﺒﺎﺡ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺴﺭﻴﺭﻱ ﺁﺜﺎﺭ ﺃﺤﻼﻡ ﻤﺨﻀﺒﺔ
ﺒﻬﺎ.
ﺃﺴﺘﺄﺘﻲ ﺇﺫﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻲﺀ ﺒﻬﺎ ﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﻭﺘﺫﻫﺏ ﺒﻬﺎ ﺃﺨﺭﻯ؟
ﻭﺃﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﺤﺩﺙ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻔﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻠﻑ ،ﻭﻻ ﻋﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﺴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻬﻤﻼﺕ ﺒﺤﺜﺎﹰ ﻋﻥ ﺸﻲﺀ ﺴﺒﻕ
ﺃﻥ ﺃﻟﻘﻴﺘﻪ ﻓﻴﻬﺎ.
ﻋﺸﺕ ﺃﺠﻤﻊ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ،ﺃﺭﻤﻡ ﻤﺎ ﺘﻬﺸﻡ ﻤﻨﻲ ﺒﺎﻨﻜﺴﺎﺭﻫﺎ.
ﻭﻫﺄﻨﺫﺍ ﺃﻋﺜﺭ ﻋﻠﻰ ﺁﺨﺭ ﺤﻴﻠﺔ ﻻﺴﺘﺩﺭﺍﺠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻓﺦ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺯﻭﺩﺕ ﻨﺎﺼﺭ ﺒﺒﻁﺎﻗﺔ ﻋﻥ
ﻤﻌﺭﺽ ﺯﻴﺎﻥ ،ﻭﺍﺜﻘﺎﹰ ﺘﻤﺎﻤﺎﹰ ﺃﻨﻪ ﺴﻴﺤﺩﺜﻬﺎ ﻋﻨﻪ ،ﺨﺎﺼﺔ ﺒﻌﺩﻤﺎ ﺃﺨﺒﺭﺘﻪ ﺒﻤﺭﻀﻪ ﻭﺒﻴﻌﻪ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ
ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ ﺁﺨﺭ ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ.
ﻗﺎل ﻨﺎﺼﺭ ﻤﺘﺄﺜﺭﺍﹰ ﺒﺎﻟﺨﺒﺭ :
-ﻜﻡ ﻴﺤﺯﻨﻨﻲ ﻤﺭﻀﻪ ..ﻤﻡ ﻴﻌﺎﻨﻲ؟
-ﻤﻥ ﺍﻟﺴﺭﻁﺎﻥ ..ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻴﺩﺭﻱ.
ﻗﺎل ﻤﺘﻬﻜﻤﺎﹰ:
-ﻤﺜﻠﻪ ﻻ ﻴﺩﺭﻱ؟! ﺃﻨﺕ ﺤﺘﻤﺎﹸ ﻻ ﺘﻌﺭﻓﻪ ﺠﻴﺩﺍﹰ .ﻟﻘﺩ ﻋﻠﻡ ﺒﺄﻜﺜﺭ ﻤﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺠﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻴﻌﺭﻑ.
-ﻤﻨﺫ ﻤﺘﻰ ﺘﻌﺭﻓﻪ؟
-ﻤﻨﺫ ﺯﻤﻥ ﺒﻌﻴﺩ ..ﻜﺄﻨﻨﻲ ﻋﺭﻓﺘﻪ ﺩﻭﻤﺎﹰ .ﻋﺭﻓﺘﻪ ﻓﻲ ﺼﻐﺭﻱ ﺍﻷﻭل ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺯﻭﺭﻨﺎ ﻓﻲ ﺘﻭﻨﺱ
ﺒﻌﺩ ﻭﻓﺎﺓ ﺃﺒﻲ ،ﺜﻡ ﺃﻀﻌﺘﻪ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﻗﺕ ،ﻭﻋﺩﺕ ﻓﺈﻟﺘﻘﻴﺕ ﺒﻪ ﻓﻲ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﺒﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﺯﻓﺎﻑ ﺃﺨﺘﻲ
ﺤﻴﺎﺓ .ﻻ ﺃﻓﻬﻡ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻜﻴﻑ ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﺤﻀﺭ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺯﻓﺎﻑ ..ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻤﺭﺓ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺨﺘﻠﻔﻨﺎ
ﻓﻴﻬﺎ ..ﻟﻜﻥ ﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﺩﻭﻤﺎﹰ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺫﻜﺭﻯ ﻫﻴﺒﺔ ﺃﺒﻲ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﺴﺘﻴﻘﻅﻨﺎ ،ﺫﻫﺏ ﻨﺎﺼﺭ ﻟﻴﺄﺨﺫ ﺤﻤﺎﻤﻪ ﺍﻟﺼﺒﺎﺤﻲ ﻭﻴﺤﻠﻕ ﺫﻗﻨﻪ .ﺴﺄﻟﺘﻪ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ ﻭﻨﺤﻥ ﻨﺘﻨﺎﻭل
ﻗﻬﻭﺓ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ:
-ﻫل ﺤﻠﻘﺕ ﻟﺤﻴﺘﻙ ﺨﻭﻓﺎﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻀﺎﻴﻘﺎﺕ؟
ﺭﺩ ﻭﻫﻭ ﻴﺤﺭﻙ ﻗﻬﻭﺘﻪ ﺒﺘﺄﻥ:
-ﻤﺎﻜﺎﻨﺕ ﻟﻲ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﻟﺤﻴﺔ ﻷﺤﻠﻘﻬﺎ .ﺃﻨﺎ ﺃﺤﺏ ﻗﻭل ﺍﻹﻤﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﺭﻀﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ " ﺃﻓﻀل ﺍﻟﺯﻫﺩ
ﺇﺨﻔﺎﺀﻩ" .ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻠﺤﻰ ﻋﺩﺓ ﺘﻨﻜﺭﻴﺔ ،ﻜﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﺤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﻜﻤﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ .ﺃﻨﺕ ﺤﺘﻤﺎﹰ ﺘﻌﺭﻑ
ﺼﺎﺤﺒﻬﺎ ،ﻓﻘﺼﺘﻪ ﻤﻌﺭﻭﻓﺔ ﻟﺩﻯ ﺭﺠﺎل ﺠﻴﻠﻪ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺭﻭﻭﻥ ﺃﻨﻪ ﻴﻭﻡ ﻜﺎﻥ ﺸﺎﺒﺎﹰ ﺘﻠﻘﻰ ﻀﺭﺒﺔ
ﺒﺎﻟﻤﻭﺴﻰ ﻓﻲ ﻭﺠﻬﻪ ﻓﻲ ﺃﺤﺩ ﻤﻭﺍﺨﻴﺭ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ،ﻓﺄﺨﻔﺎﻫﺎ ﻤﻨﺫ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﻴﻥ ﺒﻠﺤﻴﺔ ﻏﻁﺕ ﻋﺎﺭﻩ
ﺒﻬﻴﺒﺔ.
ﺴﺄﻟﻨﻲ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻋﻥ ﻋﻨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻌﺎﻟﺞ ﻓﻴﻪ ﺯﻴﺎﻥ ,ﻭﻗﺎل ﻤﺘﺄﺴﻔﺎﹰ ﺇﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻴﺘﻤﻨﻰ ﺃﻥ
ﻴﺫﻫﺏ ﻟﻴﻌﻭﺩﻩ ﺍﻟﻴﻭﻡ ..ﻟﻭﻻ ﺃﻨﻪ ﻤﺸﻐﻭل ﺒﺎﺴﺘﻘﺒﺎل ﻭﺍﻟﺩﺘﻪ ﻭﺃﺨﺘﻪ.
ﻫﻜﺫﺍ ،ﻭﻗﺩ ﻨﺼﺒﺕ ﻓﺨﺎﺥ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﻓﻲ ﻜل ﻤﻜﺎﻥ ،ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺒﻌﺩ ﺍﻵﻥ ﺃﻥ ﺃﻨﺘﻅﺭ ﻤﺠﻴﺌﻬﺎ ﺒﺼﺒﺭ
ﺼﻴﺎﺩ ،ﺃﻭ ﺒﺼﺒﺭ ﻤﺼﻭﺭ ﻴﻨﺘﻅﺭ ﺴﺎﻋﺎﺕ ﻟﻴﺼﻁﺎﺩ ﺼﻭﺭﺓ .ﻓﺎﻟﺼﻭﺭﺓ ﻜﻤﺎ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ،ﻻ ﺘﻤﻨﺢ ﻨﻔﺴﻬﺎ
ﺇﻻ ﻟﻌﺎﺸﻕ ﺠﺎﻫﺯ ﺃﻥ ﻴﺒﺫﺭ ﻓﻲ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭﻫﺎ ﻤﺎ ﺸﺎﺀﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻤﺭ.
ﻋﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺴﻌﻴﺩﺍﹰ ،ﻓﻤﺭﺍﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻭﻉ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺴﻌﺩ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻠﺘﻘﻲ ﺒﻪ ،ﻭﺘﺴﻌﺩ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﻋﻨﺩﻤﺎ
ﺘﻔﺎﺭﻗﻪ ﻭﺘﻌﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺴﻜﻴﻨﺘﻙ.
ﻏﻴﺭ ﺃﻨﻨﻲ ﻟﻡ ﺃﻋﺩ ﺇﻟﻰ ﺴﻜﻴﻨﺘﻲ ﺨﺎﻟﻲ ﺍﻟﻴﺩﻴﻥ .ﺍﺴﺘﻌﺭﺕ ﻤﻨﻪ ﺸﺭﻴﻁﻴﻥ :ﺫﺍﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﺭﻗﺹ ﻋﻠﻴﻪ،
ﻭﺁﺨﺭ ﻜﻨﺕ ﺃﻨﻭﻱ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﻋﻠﻴﻪ .ﺍﻋﺘﺎﺩ ﺍﻟﺤﺯﻥ ﻋﻨﺩﻱ ﺃﻥ ﻴﺭﺍﻓﻕ ﻜل ﻓﺭﺤﺔ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺼﺎﺤﺏ ﻓﻨﺠﺎﻥ
ﺍﻟﻘﻬﻭﺓ ﻜﻭﺏ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺎﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﺩﻤﻪ ﻟﻙ ﻨﺎﺩل ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻁﻠﺏ ﻗﻬﻭﺓ ﻓﻲ ﻓﺭﻨﺴﺎ.
ﺍﺤﺘﻔﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺒﻌﻭﺩﺘﻲ .ﺸﻌﺭﺕ ﺃﻨﻬﺎ ﺍﻓﺘﻘﺩﺘﻨﻲ.
ﺴﺄﻟﺘﻨﻲ ﻋﻥ ﻤﺭﺍﺩ .ﻗﻠﺕ ﻟﻬﺎ ﺇﻨﻪ ﻫﺎﻴﺹ ﻭﺤﺎﻴﺹ ﻜﻌﺎﺩﺘﻪ .ﻀﺤﻜﺕ:
- Il est marrant ce type..
ﻭﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺠل "ﻁﺭﻴﻔﺎﹰ" ﺃﻭ" ﻟﻁﻴﻔﺎﹰ" ﺤﺴﺏ ﻗﻭﻟﻬﺎ ،ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻟﻴﺜﻴﺭ ﺸﻜﻭﻜﻲ ﺒﻌﺩ .ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ،
ﻜﻨﺕ ﺩﺍﺌﻡ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻓﻲ ﺇﺤﻜﺎﻡ ﻓﺨﺎﺥ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ.
ﻗﻠﺕ ﺤﺘﻰ ﺃﻫﻴﺌﻬﺎ ﻟﺘﻭﺍﺠﺩﻱ ﺍﻟﻤﻜﺜﻑ ﺒﻌﺩ ﺍﻵﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ:
-ﻫل ﻤﻥ ﺇﺯﻋﺎﺝ ﺇﻥ ﺘﺭﺩﺩﺕ ﻫﺫﻴﻥ ﺍﻟﻴﻭﻤﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻭﺍﻕ؟ ﺇﻨﻨﻲ ﺃﺤﺘﺎﺝ ﺃﻥ ﺃﺭﻯ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ،ﻭﺃﻥ
ﺃﻟﺘﻘﻲ ﺒﺯﻭﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ ﻷﻜﺘﺏ ﻋﻥ ﺯﻴﺎﻥ ﺒﻁﺭﻴﻘﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﺤﻴﻭﻴﺔ.
-ﻓﻜﺭﺓ ﺠﻤﻴﻠﺔ ..ﻁﺒﻌﺎﹰ ﻻ ﺇﺯﻋﺎﺝ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ .ﻜﺎﺭﻭل ﺘﺠﺩﻙ ﻟﻁﻴﻔﺎﹰ ،ﻭﺴﺄﻟﺘﻨﻲ ﻋﻨﻙ ﺍﻟﺒﺎﺭﺤﺔ.
-ﺤﻘﺎﹰ؟ ﺒﺄﻴﺔ ﻤﻨﺎﺴﺒﺔ؟
-ﺃﺨﺒﺭﺘﻬﺎ ﺃﻨﻨﻲ ﻗﺩ ﺃﺴﺎﻓﺭ ﻓﻲ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻷﺴﺒﻭﻉ ﺇﻟﻰ ﺠﻨﻭﺏ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻷﺯﻭﺭ ﻭﺍﻟﺩﺘﻲ .ﺴﺄﻟﺘﻨﻲ ﺇﻥ ﻜﻨﺕ
ﺴﺘﺴﺎﻓﺭ ﻤﻌﻲ ﻓﺄﺠﺒﺘﻬﺎ ﺃﻨﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺠﺢ ﻟﻥ ﺘﺄﺘﻲ.
ﺒﺭﻏﻡ ﺃﻨﻨﻲ ﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﺭﺍﻓﻘﺘﻬﺎ ،ﻟﻭ ﻋﺭﻀﺕ ﻋﻠﻲ ﺫﻟﻙ ،ﻤﻔﻭﺘﺎﹰ ﻋﻠﻲ ﻓﺭﺼﺔ ﻟﻘﺎﺌﻲ ﺒﺤﻴﺎﺓ ،ﺁﻟﻤﻨﻲ ﺃﻥ
ﺘﺯﻑ ﻟﻲ ﺍﻟﺨﺒﺭ ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ.
ﺜﻡ ﻋﺩﺕ ﻭﻋﺫﺭﺘﻬﺎ ،ﻓﺄﻨﺎ ﺃﻗﻴﻡ ﻤﻌﻬﺎ ﻤﻨﺫ ﺒﻀﻌﺔ ﺃﻴﺎﻡ ﻓﻘﻁ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻻ ﻴﻌﻁﻴﻨﻲ ﺤﻕ ﻤﻼﺤﻘﺘﻬﺎ
ﻭﺇﺤﺭﺍﺠﻬﺎ ﺃﻤﺎﻡ ﻭﺍﻟﺩﺘﻬﺎ.
ﺍﺘﺠﻬﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻨﺤﻭ ﻁﺎﻭﻟﺔ ﺭﻜﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺎﻟﻭﻥ ،ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺼﻭﺭ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺍﻷﺤﺠﺎﻡ ،ﻭﻋﺎﺩﺕ
ﺒﻭﺍﺤﺩﺓ ﻟﺴﻴﺩﺓ ﺴﺘﻴﻨﻴﺔ ،ﻗﺎﻟﺕ ﻭﻫﻲ ﺘﺭﻴﻨﻲ ﺇﻴﺎﻫﺎ:
-ﺇﻨﻬﺎ ﻤﺎﻤﺎ ..ﺃﻋﺯ ﻤﺨﻠﻭﻕ ﻋﻨﺩﻱ .ﺃﺘﺭﺩﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ ﻟﻤﻭﺍﺴﺎﺘﻬﺎ ﻤﻨﺫ ﻓﻘﺩﺕ ﺃﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ
ﺍﻟﻤﺎﻀﻴﺔ.
-ﻴﺅﺴﻔﻨﻲ ﺫﻟﻙ.
ﺃﺨﺫﺕ ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ .ﺘﺄﻤﻠﺘﻬﺎ ﺒﻤﺤﺒﺔ ﺜﻡ ﺍﺴﺘﻁﺭﺩﺕ:
-ﻫﻲ ﺃﺠﻤل ﻤﻥ ﺃﻥ ﺘﻁﻭﻗﻲ ﺍﺒﺘﺴﺎﻤﺘﻬﺎ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺒﺭﻭﺍﺯ ﺍﻟﻔﻀﻲ ﺍﻟﻀﺨﻡ.
-ﺃﺤﺒﻪ ..ﻗﺩﻴﻡ ﻭﺜﻤﻴﻥ .ﺍﺸﺘﺭﻴﺘﻪ ﻗﺒل ﺴﻨﺘﻴﻥ ﻤﻥ ﺴﻭﻕ ﺍﻟﺒﺭﺍﻏﻴﺙ.
-ﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺜﻤﻴﻨﺎﹰ ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻴﻠﻴﻕ ﺒﻬﺎ .ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻨﺤﺒﻬﻡ ﻻ ﻴﺤﺘﺎﺠﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺘﺄﻁﻴﺭ ﺼﻭﺭﻫﻡ ﻓﻲ
ﺒﺭﺍﻭﻴﺯ ﻏﺎﻟﻴﺔ .ﺇﻫﺎﻨﺔ ﺃﻥ ﻴﺸﻐﻠﻨﺎ ﺍﻹﻁﺎﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻴﻬﻡ ﻭﻴﺤﻭل ﺒﻴﻨﻨﺎ ﻭﺒﻴﻨﻬﻡ .ﺍﻹﻁﺎﺭ ﻻ ﻴﺯﻴﺩ
ﻤﻥ ﻗﻴﻤﺔ ﺼﻭﺭﺓ ﻷﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺕ ﻟﻭﺤﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﻭﺇﻨﻤﺎ ﺫﻜﺭﻯ ﻋﺎﻁﻔﻴﺔ ،ﻟﺫﺍ ﻫﻭ ﻴﺸﻭﺵ ﻋﻼﻗﺘﻨﺎ
ﺍﻟﻭﺠﺩﺍﻨﻴﺔ ﺒﻬﻡ ﻭﻴﻌﺒﺙ ﺒﺫﺍﻜﺭﺘﻨﺎ .ﺍﻟﺠﻤﻴل ﺃﻥ ﺘﺒﻘﻰ ﺼﻭﺭﻫﻡ ﻜﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻓﻴﻨﺎ ﻋﺎﺭﻴﺔ ﺇﻻ ﻤﻥ ﺸﻔﺎﻓﻴﺔ
ﺍﻟﺯﺠﺎﺝ.
ﺼﻤﺘﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻤﺄﺨﻭﺫﺓ ﺒﻜﻼﻤﻲ ،ﺜﻡ ﻗﺎﻟﺕ:
-ﺭﺒﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﻋﻠﻰ ﺤﻕ .ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﻻ ﻴﺩﺭﻜﻪ ﺇﻻ ﻤﺼﻭﺭ.
ﺼﺤﺤﺕ ﻟﻬﺎ:
-ﺃﻭ ﻤﺤﺏ!
ﺜﻡ ﻭﺍﺼﻠﺕ ﻭﺍﺠﺩﺍﹰ ﻓﻲ ﺍﻗﺘﻨﺎﻋﻬﺎ ﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻻﻟﺘﻔﺎﺘﺔ ﺠﻤﻴﻠﺔ:
-ﺃﺘﺴﻤﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺃﻫﺩﻴﻙ ﺒﺭﻭﺍﺯﺍﹰ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ .ﺇﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻷﻋﺯ ﻋﻨﺩﻙ ،ﻤﻴﺯﻴﻬﺎ ﺒﺄﻻ ﺘﻀﻴﻔﻲ ﺇﻟﻴﻬﺎ
ﺸﻴﺌﺎﹰ.
ﻁﻭﻗﺘﻨﻲ ﺒﺫﺭﺍﻋﻴﻬﺎ ﻭﻗﺎﻟﺕ ﻭﻫﻲ ﺘﻀﻊ ﻗﺒﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺨﺩﻱ:
- Tu sais que je taime.. toi.
ﻗﻠﺕ ﻤﺩﻋﻴﺎﹰ ﺍﻟﺘﻌﺠﺏ:
?- C'est vrai ca
ﻜﻴﻑ ﺘﺭﺩ ﻋﻠﺔ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺘﻁﻭﻗﻙ ﺒﺎﻋﺘﺭﺍﻑ ﻓﻲ ﺼﻴﻐﺔ ﺴﺅﺍل ﺠﻤﻴل " ﺃﺘﺩﺭﻱ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﺤﺒﻙ؟" ﺇﻻ ﺒﺴﺅﺍل
ﺁﺨﺭ " ﺃﺤﻘﺎﹰ ﻫﺫﺍ؟" ﻤﺘﻔﺎﺩﻴﺎﹰ ﺃﺴﺌﻠﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻗﺩ ﺘﻔﻀﻲ ﺒﻙ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ ﻓﻲ ﻭﻀﺢ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻤﻊ ﺍﻤﺭﺃﺓ
ﺩﺍﺌﻤﺔ ﺍﻻﺸﺘﻌﺎل.
ﻗﻠﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺩﺍﻋﺒﻬﺎ:
-ﺃﺠﻠﻲ ﺃﺴﺌﻠﺘﻙ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ .ﺴﺄﺠﻴﺏ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﺍﺤﺩﺍﹰ ..ﻭﺍﺤﺩﺍﹰ .ﻟﻜﻥ ﺒﻬﺩﻭﺀ ﻭﺒﺩﻭﻥ ﺼﺭﺍﺥ ﺇﺫﺍ
ﺃﻤﻜﻥ!
ﻀﺤﻜﺕ ﻭﻗﺎﻟﺕ:
-ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﻠﻌﻴﻥ ..ﺴﺄﺤﺎﻭل!
-ﺴﺄﺯﻭﺭ ﺯﻴﺎﻥ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻅﻬﺭ .ﻟﻡ ﺃﻁﻤﺌﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﻨﺫ ﻴﻭﻤﻴﻥ.
-ﺤﺴﻥ ..ﻓﻘﺩ ﺼﺩﺭ ﻤﻘﺎل ﺠﻴﺩ ﻋﻥ ﻤﻌﺭﻀﻪ ﺴﻴﺴﻌﺩﻩ ﺤﺘﻤﺎﹰ ﺍﻹﻁﻼﻉ ﻋﻠﻴﻪ .ﺨﺫﻩ ﺇﻟﻴﻪ ﻤﻌﻙ.
ﺃﺨﺒﺭﻩ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﺃﻥ ﺜﻼﺜﺎﹰ ﻤﻥ ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ ﺒﻴﻌﺕ ﺍﻟﺒﺎﺭﺤﺔ .ﻜﺎﻨﺕ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺃﺴﺒﻭﻉ ﻤﺜﻤﺭﺓ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺭﻭﺍﻕ.
ﺜﻡ ﺃﻀﺎﻓﺕ:
-ﻟﻡ ﺃﻋﺩ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺃﻓﺭﺡ ﺃﻡ ﺃﺤﺯﻥ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺒﺎﻉ ﻟﻪ ﻟﻭﺤﺔ .ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﻴﺫﻫﺏ ﺭﻴﻌﻬﺎ ﻓﻲ
ﻋﻤل ﺨﻴﺭﻱ ..ﻭﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﺃﺸﻌﺭ ﻜﺄﻨﻪ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻤﺠﺯﺭﺓ ﺘﺠﺎﻩ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺒﺘﺼﻔﻴﺘﻬﺎ ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ
ﺨﻼل ﻤﻌﺭﻀﻴﻥ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﺃﻗل ﻤﻥ ﺸﻬﺭ ..ﺃﻨﺎ ﻟﻡ ﺃﺴﻤﻊ ﺒﻤﺫﺒﺤﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﻏﺭﻴﺒﺔ ﻜﻬﺫﻩ.
ﺃﺠﺒﺘﻬﺎ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺘﻨﻬﺩ:
-ﺃﺘﻤﻨﻰ ﺃﻨﻪ ﻴﻌﻲ ﻤﺎ ﻴﻔﻌل!
***
ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻅﻬﺭﺍﹰ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻗﺼﺩﺘﻪ.
ﺼﺎﺩﻓﺕ ﻤﻤﺭﻀﺔ ﻏﺎﺩﺭﺕ ﻏﺭﻓﺘﻪ .ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﻋﻥ ﻭﻀﻌﻪ ﺍﻟﺼﺤﻲ.
ﻗﺎﻟﺕ:
-ﻓﻲ ﺘﺤﺴﻥ.
ﺜﻡ ﻭﺍﺼﻠﺕ:
-ﺇﻥ ﻜﻨﺕ ﻤﻥ ﺃﻗﺎﺭﺒﻪ ﺃﻗﻨﻌﻪ ﺒﻌﺩﻡ ﻤﻐﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﺴﺒﻭﻉ.
-ﻟﻤﺎﺫﺍ ؟ ﻫل ﻁﺎﻟﺏ ﻫﻭ ﺒﺫﻟﻙ؟
-ﺃﺠل ..ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﺯﻭﺭ ﻤﻌﺭﻀﻪ ﻭﻴﺠﻤﻊ ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ ﻋﻨﺩ ﺍﻨﺘﻬﺎﺀ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ .ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻁﺒﻴﺏ ﻴﺨﺸﻰ ﺃﻥ
ﻴﺘﺴﺒﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺠﻬﺩ ﻓﻲ ﺍﻨﺘﻜﺎﺱ ﺼﺤﺘﻪ ..ﻫل ﻫﻭ ﺭﺴﺎﻡ؟
-ﺭﺴﺎﻡ ﻜﺒﻴﺭ.
ﺃﺭﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﻨﺕ ﺃﺤﻤﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻴﺩﻱ ﻋﺴﻰ ﺫﻟﻙ ﻴﻤﻨﺤﻪ ﺤﻅﻭﺓ ﺨﺎﺼﺔ ﻟﺩﻴﻬﻡ.
ﻗﺎﻟﺕ ﻤﻜﺘﻔﻴﺔ ﺒﺭﺅﻴﺔ ﺼﻭﺭﺘﻪ ﻭﻋﻨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎل:
-ﻓﻌﻼﹰ ..ﻴﺒﺩﻭ ﻜﺫﻟﻙ .ﻴﺤﺘﺎﺝ ﺇﺫﻥ ﻟﻌﻨﺎﻴﺔ ﺃﻜﺜﺭ ,ﻓﺎﻟﻔﻨﺎﻨﻭﻥ ﻤﻔﺭﻁﻭ ﺍﻟﺤﺴﺎﺴﻴﺔ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺩﺨﻠﺕ ﻋﻠﻴﻪ ،ﺃﻀﺎﺀﺕ ﻭﺠﻬﻪ ﻓﺭﺤﺔ ﺍﻟﻤﻔﺎﺠﺄﺓ .ﻨﻬﺽ ﻤﻥ ﺴﺭﻴﺭﻩ ﻴﺴﻠﻡ ﻋﻠﻲ ﺒﺤﺭﺍﺭﺓ.
ﻭﺠﻠﺱ ﻗﺒﺎﻟﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺭﺴﻲ ﺍﻟﺠﻠﺩﻱ.
ﺒﺎﺩﺭﻨﻲ:
-ﻭﻴﻨﻙ ..ﺤﺴﺒﺘﻙ ﻨﺴﻴﺘﻨﻲ!
-ﻁﺒﻌﺎﹰ ﻻ ..ﺍﻨﺸﻐﻠﺕ ﺒﺒﻌﺽ ﺍﻷﻤﻭﺭ.
ﻟﻡ ﺃﺸﺄ ﺃﻥ ﺃﺨﺒﺭﻩ ﺒﻭﺠﻭﺩ ﻨﺎﺼﺭ ﻓﻲ ﺒﺎﺭﻴﺱ .ﻭﻤﺎﻜﻨﺕ ﻷﺨﺒﺭﻩ ﻁﺒﻌﺎﹰ ﺒﻭﺼﻭل ﺤﻴﺎﺓ ﻭﻭﺍﻟﺩﺘﻬﺎ
ﺍﻟﻴﻭﻡ.
ﻭﺍﺼﻠﺕ:
-ﺃﺭﺍﻙ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺃﻓﻀل ..ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻤﻤﺭﻀﺔ ﺘﺠﺩ ﺼﺤﺘﻙ ﻓﻲ ﺘﺤﺴﻥ.
-ﺭﺒﻤﺎ ..ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺴﺄﻜﻭﻥ ﺃﺤﺴﻥ ﻟﻭ ﺯﺭﺕ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ .ﺃﺤﺏ ﺃﻥ ﺃﺭﻯ ﻟﻭﺤﺎﺘﻲ ﻤﺭﺓ ﺃﺨﻴﺭﺓ ﻗﺒل ﺃﻥ
ﺘﺒﺎﻉ ،ﻭﺃﻥ ﺃﺠﻤﻊ ﻤﺎ ﺒﻘﻲ ﻤﻨﻬﺎ.
ﻤﺩﺩﺘﻪ ﺒﺎﻟﻤﺠﻠﺔ:
-ﺒﺎﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﺃﺭﺴﻠﺕ ﻟﻙ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻤﻌﻲ ﻤﻘﺎﻻﹰ ﺼﺩﺭ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺔ " ﺴﺜﺯﺀ" ﻋﻥ ﻤﻌﺭﻀﻙ .ﺍﻁﻠﻌﺕ
ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﺭﻭ ..ﻤﻘﺎل ﺠﻴﺩ.
-ﺴﺄﻗﺭﺅﻩ ﻻﺤﻘﺎﹰ.
ﻗﻠﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺸﻲﺀ ﺁﺨﺭ ﻗﺩ ﻴﺴﻌﺩﻩ:
-ﺃﺤﻀﺭﺕ ﻟﻙ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﻨﺤﻭﻨﻲ ﺠﺎﺌﺯﺓ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻭﻁﻠﺒﺕ ﻤﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﺤﻀﺭﻫﺎ ﻟﻙ.
ﺩﺒﺕ ﻓﻴﻪ ﺤﻤﺎﺴﺔ ﻤﻔﺎﺠﺌﺔ .ﺃﺨﺫﻫﺎ ﻤﻨﻲ ،ﻭﺭﺍﺡ ﻴﺘﺄﻤﻠﻬﺎ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﻗﺕ:
-ﻤﺅﺜﺭﺓ ﺤﻘﺎﹰ .ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻴﺠﺎﻭﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﺃﻭ ﻜﺄﻨﻪ ﻴﻤﺘﺩ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻴﺒﺩﻭ ﺤﻴﺎﺓ ﺒﺭﻏﻡ ﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﻤﺜل
ﻓﻴﻬﺎ ﺴﻭﻯ ﺠﺜﺔ ﻜﻠﺏ.
ﻗﺎﻁﻌﺘﻪ ،ﻤﺴﺘﺄﺫﻨﺎﹰ ﻤﻨﻪ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻤﺴﺠل ﺤﺘﻰ ﻻ ﺃﻓﻭﺕ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻤﻥ ﺤﻭﺍﺭﺍﺘﻨﺎ.
ﺃﺠﺎﺏ ﺒﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﺠﺏ:
-ﺍﻓﻌل ﺇﻥ ﺸﺌﺕ [ .ﺜﻡ ﻭﺍﺼل] ﺃﻓﻬﻡ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻨﻭﺍ ﻤﻨﺤﻭﻙ ﺠﺎﺌﺯﺓ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ .ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺭﺏ
ﻴﺼﺒﺢ ﻤﻭﺕ ﺤﻴﻭﺍﻥ ﻤﻭﺠﻌﺎﹰ ﻓﻲ ﻓﺠﻴﻌﺔ ﻤﻭﺕ ﺇﻨﺴﺎﻥ ,ﻜﻜﻠﺏ ﺘﺠﺩﻩ ﻤﻴﺘﺎﹰ ﻤﻀﺭﻭﺒﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺴﻪ
ﺒﺎﻟﺤﺠﺭ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻗﺘﻠﻪ ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻭﻥ ﻟﻴﺘﻤﻜﻨﻭﺍ ﻤﻥ ﺩﺨﻭل ﺒﻴﺘﻙ .ﺠﺜﺘﻪ ﻤﺸﺭﻭﻉ ﺠﺜﺘﻙ.
ﺜﻤﺔ ﺼﻭﺭﺓ ﺘﺤﻀﺭﻨﻲ ﺍﻵﻥ ،ﻫﻲ ﻤﻨﻅﺭ ﺠﺜﺙ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﻨﺎ ﺃﻴﺎﻡ ﺤﺭﺏ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺭ ﺃﺜﻨﺎﺀ
ﺍﺠﺘﻴﺎﺯﻨﺎ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﺔ ﻨﺼﺎﺩﻑ ﺠﺜﺜﻬﺎ ﺘﻜﻬﺭﺒﺕ ﻭﻋﻠﻘﺕ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﻼﻙ ،ﺃﺜﻨﺎﺀ
ﻤﺤﺎﻭﻟﺘﻬﺎ ﺍﺠﺘﻴﺎﺯ ﺨﻁ ﻤﻭﺭﻴﺱ ،ﺃﻭ ﺘﺒﻌﺜﺭﺕ ﺃﺸﻼﺅﻫﺎ ﻭﻫﻲ ﺘﻤﺭ ﻓﻭﻕ ﻟﻐﻡ .ﺩﻭﻤﺎﹰ ﻜﻨﺕ ﺃﺭﻯ ﻓﻴﻬﺎ
ﺇﺤﺩﻯ ﺍﺤﺘﻤﺎﻻﺕ ﻤﻭﺘﻲ ﺃﻭ ﻋﻁﺒﻲ .ﻭﻟﻡ ﻴﺨﻁﺊ ﺇﺤﺴﺎﺴﻲ ﺇﺫ ﺍﻨﻔﺠﺭ ﻟﻐﻡ ﻭﺫﻫﺏ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﺒﺫﺭﺍﻋﻲ.ﻜل
ﺠﺜﺙ ﺍﻟﻜﺎﺌﻨﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺤﻴﺔ ،ﺘﺘﺸﺎﺒﻪ .ﻭﻟﺫﺍ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺴﺭﻋﻭﻥ ﺒﺩﻓﻥ ﻜﻠﺏ ﺃﻭ ﻗﻁ ﻤﺎ ﻜﺎﻨﻭﺍ
ﻴﺴﺭﻋﻭﻥ ﻹﻁﻌﺎﻤﻪ ﻴﻭﻡ ﻜﺎﻥ ﺤﻴﺎﹰ .ﻴﻔﻌﻠﻭﻥ ﺫﻟﻙ ﻷﻨﻬﻡ ﻴﺭﻭﺍ ﻓﻲ ﺠﺜﺘﻪ ﺭﻓﺎﺘﻬﻡ.
-ﻴﺴﻌﺩﻨﻲ ﺭﺃﻴﻙ .ﻋﺫﺒﺘﻨﻲ ﺍﻟﺘﺄﻭﻴﻼﺕ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﺓ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ .ﺨﺎﺼﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺃﺕ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﺃﻥ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻜﺭﻤﺕ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﻜﻼﺏ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ..ﻻ ﻤﻭﺘﺎﻫﺎ.
ﺃﺠﺎﺒﻨﻲ ﻤﺒﺘﺴﻤﺎﹰ:
-ﻭﻫﺫﺍ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﺘﺄﻭﻴل ﻓﻴﻪ ﺼﻭﺍﺏ .ﻤﻊ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﻻ ﻴﺄﺨﺫ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺄﻭﻴﻼﺕ ﺇﻻ ﻤﺎ ﻴﻀﺭﻙ .ﻟﻤﺘﻌﺔ
ﺇﻓﺴﺎﺩ ﻓﺭﺤﺘﻙ ﺒﺎﻟﻨﺠﺎﺡ .ﻭﻟﻜﻨﻬﻡ ﻫﻨﺎ ﻴﺴﺘﻨﺩﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﺃﻜﺜﺭ ﺸﻔﻘﺔ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﻤﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ،ﻤﻤﺎ ﺠﻌل ﺍﻟﻤﺘﺴﻭﻟﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺸﺭﺩﻴﻥ ﻴﺨﺭﺠﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺴﻭل ﺒﺼﺤﺒﺔ
ﻜﻠﺏ ﻭﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ﻜﻠﺒﻴﻥ .ﺘﺭﺍﻫﻡ ﺠﺎﻟﺴﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺼﻔﺔ ﻤﻊ ﻜﻼﺒﻬﻡ ﺍﻟﻀﺨﻤﺔ ﺍﻟﻨﺎﺌﻤﺔ ﺃﺭﻀﺎﹰ ﺒﻌﺩﻤﺎ
ﺃﺩﺭﻜﻭﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻠﺏ ﺸﻔﻴﻌﻬﻡ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻤﺎﺭﺓ .ﺴﻤﻌﺕ ﺃﺤﺩﻫﻡ ﻴﻘﻭل ﻤﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻥ ﺇﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﻴﺘﺼﺩﻗﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻜﻠﺒﻪ ﻭﻟﻴﺱ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﺇﻥ ﺇﺤﺴﺎﻨﻬﻡ ﻟﻴﺱ ﺭﺃﻓﺔ ﺒﻪ ﻭﺇﻨﻤﺎ ﺒﻜﻠﺒﻪ ،ﻓﻘﺒﻠﻪ ﻜﺎﻥ ﻴﻤﻭﺕ
ﺠﻭﻋﺎﹰ .ﻓﻲ ﺒﻼﺩ ﻴﺤﺴﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻟﻠﺤﻴﻭﺍﻥ ﻻ ﻟﺼﺎﺤﺒﻪ ،ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﻲ ﺃﻥ ﻴﻜﺭﻡ ﺠﺜﺔ ﻜﻠﺏ ..ﻻ
ﺼﻭﺭﺓ ﻁﻔل ﺒﺎﺌﺱ ﺠﻭﺍﺭﻩ!
ﺃﺼﺎﺒﺘﻨﻲ ﺤﺠﺠﻪ ﺒﺤﺯﻥ ﺇﻀﺎﻓﻲ .ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺃﻀﺎﻓﺕ ﺇﻟﻰ ﺇﻋﺠﺎﺒﻲ ﺒﻪ ﺍﻨﺒﻬﺎﺭﺍﹰ ﺒﻤﻨﻁﻘﻪ ﺍﻟﺴﻠﻴﻡ ﻓﻲ
ﺍﻟﺘﺤﻠﻴل ﻭﻫﻭ ﻴﻘﻭل ﺒﻌﺩ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻤﺕ ﻜﺄﻨﻪ ﻭﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻜﺘﺸﺎﻑ ﺠﺩﻴﺩ:
-ﺜﻤﺔ ﻤﻊ ﺍﻷﺴﻑ ﺍﺤﺘﻤﺎل ﺁﺨﺭ ﻻﺨﺘﻴﺎﺭﻫﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ،ﺇﻨﻬﺎ ﺸﻬﺎﺩﺓ ﻋﻥ ﻭﻓﺎﺓ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ
ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ،ﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﻭﺤﺩﺓ ﻤﺼﻴﺭ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻜﻼﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﺒﻌﺩ ﺴﺒﻊ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻤﻥ
ﺍﻟﻨﻀﺎل ،ﻭﺃﺭﺒﻌﻴﻥ ﺴﻨﺔ ﻤﻥ ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل .ﻓﻴﻬﺎ ﺇﺭﺍﺤﺔ ﻟﻠﻀﻤﻴﺭ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﻭﺘﺸﻑ ﻤﺴﺘﺘﺭ.
ﻗﻠﺕ ﺒﻨﺒﺭﺓ ﺃﺴﻰ ﻗﺎﻁﻌﺎﹰ ﺼﻤﺕ ﺤﺯﻥ ﻓﺎﺠﺄﻨﺎ:
-ﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﻴﻌﻨﻴﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﻋﺭﻑ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻋﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ .ﺒل ﻜﻴﻑ ﺃﺘﺨﻠﺹ ﻤﻥ ﻤﺎل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺠﺎﺌﺯﺓ
ﺒﻌﻤل ﻴﻌﻭﺩ ﺭﻴﻌﻪ ﻟﻀﺤﺎﻴﺎ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ.
ﺜﻡ ﺃﻀﻔﺕ ﻭﻗﺩ ﺘﺫﻜﺭﺕ ﺸﻴﺌﺎﹰ:
-ﺒﺎﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔ :ﺜﻼﺙ ﻤﻥ ﻟﻭﺤﺎﺘﻙ ﺒﻴﻌﺕ ﺍﻟﺒﺎﺭﺤﺔ.
ﻗﺎل ﺒﺴﻌﺎﺩﺓ :
-ﺠﻤﻴل ..ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻴﺎﹰ ﻤﻨﻬﺎ ﺒﻴﻌﺕ ..ﻻ ﻴﻬﻡ .ﺃﻅﻨﻬﺎ ﺴﺘﺒﺎﻉ ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ.
ﻗﻠﺕ ﺒﻌﺩ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻤﺕ:
-ﻻ ﺃﻓﻬﻡ ﺃﻥ ﻴﺘﺨﻠﻰ ﺭﺴﺎﻡ ﻋﻥ ﻜل ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ ﺩﻓﻌﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ .ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻘﺩﺍﻥ ﺍﻟﻜﺎﻤل ﻭﺍﻟﻔﻭﺭﻱ
ﺇﺸﻌﺎﺭ ﺒﺎﻟﻔﺎﺠﻌﺔ ﻭﺇﺼﺭﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺴﺎﺭﺓ.
-ﺃﺘﻌﺘﻘﺩ ﻫﺫﺍ؟
ﺼﻤﺕ ﺤﺘﻰ ﻅﻨﻨﺕ ﺃﻨﻪ ﻟﻥ ﻴﻀﻴﻑ ﺸﻴﺌﺎﹰ .ﻟﻜﻨﻪ ﻭﺍﺼل ﺒﺩﻭﻥ ﺘﻭﻗﻑ ،ﻭﺒﺤﺯﻥ ﻫﺎﺘﻑ ﻴﺭﻥ ﻁﻭﻴﻼﹰ
ﻭﻻ ﻴﺭﻓﻌﻪ ﺃﺤﺩ:
-ﺍﻟﻔﺎﺠﻌﺔ ..ﺃﻥ ﺘﺘﺨﻠﻰ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﻋﻨﻙ ،ﻷﻨﻙ ﻟﻡ ﺘﻤﺘﻠﻙ ﺸﺠﺎﻋﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻨﻬﺎ .ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻻ ﺘﺘﻔﺎﺩﻯ
ﺨﺴﺎﺭﺍﺘﻙ .ﻓﺄﻨﺕ ﻻ ﺘﻐﺘﻨﻲ ﺒﺄﺸﻴﺎﺀ ﻤﺎ ﻟﻡ ﺘﻔﻘﺩ ﺃﺨﺭﻯ .ﺇﻨﻪ ﻓﻥ ﺘﻘﺩﻴﺭ ﺍﻟﺨﺴﺎﺌﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺒﺩ ﻤﻨﻬﺎ .
ﻭﻟﺫﺍ ،ﺃﻨﺎ ﻜﺼﺩﻴﻘﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﺭﺩﺩ " ﻻ ﻤﺘﺎﻉ ﻟﻲ ﺴﻭﻯ ﺨﺴﺎﺭﺍﺘﻲ .ﺃﻤﺎ ﺃﺭﺒﺎﺤﻲ ﻓﺴﻘﻁ
ﻤﺘﺎﻉ"،ﺃﺅﺜﺭ ﺍﻟﺨﺴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻜﺎﺴﺏ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ .ﺃﺤﺏ ﺍﻟﻤﺠﺩ ﺍﻟﻀﺎﺌﻊ ﻤﺭﺓ ﻭﺍﺤﺩﺓ.
ﻟﻭ ﺘﺩﺭﻱ ﻜﻡ ﻤﻥ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﺍﻟﻐﺭﻴﺒﺔ ﻜﻨﺕ ﺸﺎﻫﺩﺍﹰ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻟﻭ ﺘﺩﺭﻱ ﻟﺒﻠﻐﺕ ﻋﻤﻕ ﺭﺤﻡ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ.
ﺼﻤﺕ ﻗﻠﻴﻼﹰ ،ﺜﻡ ﻭﺍﺼل:
-ﻓﻲ ١٦ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ،ﺸﺏ ﺤﺭﻴﻕ ﻟﻴﻼﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻋﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﺭﺽ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ ﺍﻟﻤﻐﺭﺒﻲ
ﺍﻟﻤﻬﺩﻱ ﺍﻟﻘﻁﺒﻲ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﻤﺩﻴﻨﺔ ) ﻟﻴل( .ﺃﻨﺎ ﻻ ﺃﻋﺭﻑ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺠل .ﻟﻜﻨﻪ ﺃﺼﺒﺢ ﺼﺩﻴﻕ ﻓﺠﺎﺌﻌﻲ
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻗﺭﺃﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﻑ ﺃﻥ ﻤﻌﺭﻀﻪ ﺫﺍﻙ ﻜﺎﻥ ﻴﻀﻡ ﺨﻼﺼﺔ ﺨﻤﺱ ﻭﻋﺸﺭﻴﻥ ﺴﻨﺔ ﻤﻥ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ
ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ.
ﺜﻼﺜﻭﻥ ﺴﻨﺔ ﻗﻀﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﺒﺎﺭﻴﺱ ﻤﺜﺎﺒﺭﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﺇﻨﺠﺎﺯ ﻟﻭﺤﺎﺕ ﺃﺨﺫﺕ ﻤﻨﻪ ﺃﺠﻤل ﺃﻋﻭﺍﻡ ﻋﻤﺭﻩ ،ﺤﺭﻡ
ﻓﻴﻬﺎ ﻨﻔﺴﻪ ﻤﻥ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻟﻴﻨﺠﺯ ﻤﻌﺭﻀﺎﹰ ﺒﺩل ﺃﻥ ﻴﺤﻀﺭﻩ ﺍﻟﺯﻭﺍﺭ ﺯﺍﺭﺘﻪ ﺍﻟﻨﻴﺭﺍﻥ.
ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﻗﺩ ﺘﻘﻭل ،ﻟﻴﺕ ﺍﻟﻠﺼﻭﺹ ﻫﻡ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺤﻀﺭﻭﺍ ﺒﺩل ﺍﻟﻨﺎﺭ .ﺭﺒﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﻋﺯﺍﺅﻙ.
ﻫﻜﺫﺍ ﻋﻭﺩﺘﻨﺎ ﺍﻷﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﻘل ﻟﻨﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﻴﻥ ﻭﺍﻵﺨﺭ ﺴﺭﻗﺎﺕ ﻷﺸﻬﺭ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ .ﻏﻴﺭ ﺃﻥ
ﺍﻟﺴﺭﻗﺎﺕ ﻜﻤﺎ ﺍﻟﺤﺭﻴﻕ ،ﻗﺴﻤﺔ ﻭﻨﺼﻴﺏ ،ﻻ ﻴﺤﺩﺩﻫﺎ ﻗﺩﺭ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﺒل ﻗﺩﺭ ﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ ﻭﺸﺄﻨﻬﻡ ،ﻭﻟﺫﺍ
ﺃﻨﺕ ﻟﻥ ﺘﺴﻤﻊ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﺒﻨﺎﺭ ﺍﻟﺘﻬﻤﺕ ﻟﻭﺤﺎﺕ ﺒﻴﻜﺎﺴﻭ ﺃﻭ ﻓﺎﻥ ﻏﻭﻍ ..ﻜﻤﺎ ﻟﻥ ﺘﺴﻤﻊ ﺒﺴﺎﺭﻕ ﻏﺎﻤﺭ
ﺒﺴﺭﻗﺔ ﻟﻭﺤﺎﺘﻲ!
ﻗﻠﺕ ﻜﻤﻥ ﻴﺘﻤﺘﻡ:
-ﻏﺭﻴﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ!
ﻗﺎل ﻤﺘﻬﻜﻤﺎﹰ:
ﺜﻤﺔ ﺃﻗﺩﺍﺭ ﺃﻜﺜﺭ ﻏﺭﺍﺒﺔ ﺘﺫﻫﺏ ﻓﺒﻬﺎ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﺒﻨﻔﺴﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﺩﺍﺌﻬﺎ ﻭﺴﺎﺭﻗﻴﻬﺎ .ﺍﺴﻤﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺼﺔ
ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ :ﻟﻲ ﺼﺩﻴﻕ ﻋﺭﺍﻗﻲ ﻴﻘﻴﻡ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﺒﺎ ﻤﻨﺫ ﻋﺸﺭﻴﻥ ﺴﻨﺔ .ﺭﺠل ﻤﻬﻭﻭﺱ ﺒﺎﻟﺒﺼﺭﺓ ﻜﻬﻭﺴﻲ
ﺒﻘﺴﻨﻁﻴﻨﺔ .ﻻ ﻴﺭﺴﻡ ﺇﻻ ﻤﺩﻴﻨﺘﻪ ،ﻻ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﺇﻻ ﻋﻨﻬﺎ .ﻭﻜﺎﻥ ﻟﺸﻬﺭﺘﻪ ،ﻴﻌﺭﺽ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻭﻥ ﻋﻠﻴﻪ
ﺸﺭﺍﺀ ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ ﺘﻠﻙ .ﻭﻋﻠﻰ ﺤﺎﺠﺘﻪ ﻜﺎﻥ ﻴﺭﻓﺽ ﻭﻴﻘﻭل " :ﺇﻨﻨﻲ ﺃﺤﺘﻔﻅ ﺒﻬﺎ ﻟﺫﻟﻙ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﺫﻱ
ﻴﺘﺤﺭﺭ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻤﻥ ﻁﻐﺎﺘﻪ ،ﻓﺄﻫﺩﻱ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﻟﻭﺤﺎﺘﻲ ﺇﻟﻰ ﻤﺘﺤﻑ ﺍﻟﺒﺼﺭﺓ ،ﻤﻜﺎﻨﻬﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ".
ﺫﺍﺕ ﻴﻭﻡ ﺯﺍﺭﺘﻪ ﺴﻴﺩﺓ ﻜﻭﻴﺘﻴﺔ ﺜﺭﻴﺔ ﻤﺸﻬﻭﺭﺓ ﺒﻭﻟﻌﻬﺎ ﺒﺎﻗﺘﻨﺎﺀ ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻭﺤﺒﻬﺎ ﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺓ
ﺍﻟﻤﺒﺩﻋﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻲ .ﻭﻋﺒﺜﺎﹰ ﺤﺎﻭﻟﺕ ﺇﻏﺭﺍﺀﻩ ﺒﺸﺭﺍﺀ ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ ،ﻏﻴﺭ ﺃﻨﻪ ﺃﻤﺎﻡ ﺨﻭﻓﻪ ﺃﻥ
ﺘﺘﺸﺭﺩ ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ ﺒﻌﺩﻩ ،ﻭﺜﻘﺔ ﻤﻨﻪ ﻓﻲ ﺘﻘﺩﻴﺭ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺴﻴﺩﺓ ﻟﻠﻔﻥ ،ﻗﺒل ﻋﺭﻀﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺘﺤﺘﻔﻅ ﺒﻬﺎ
ﻭﺘﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﺤﻭﺯﺘﻬﺎ ﺤﺘﻰ" ﺘﺘﺤﺭﺭ ﺍﻟﺒﺼﺭﺓ" ﻓﺘﺴﻠﻤﻬﺎ ﺒﻨﻔﺴﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻤﺘﺤﻑ ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ.
ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﺩﺙ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺤﺘﻰ ﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺌﻲ ﺃﻥ ﻴﺘﺼﻭﺭﻩ .ﺒﻌﺩ ﺴﻨﺔ ﻤﻥ ﺤﻴﺎﺯﺘﻬﺎ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ،
ﻗﺎﻤﺕ ﺠﻴﻭﺵ ﺼﺩﺍﻡ ﺒﻐﺯﻭ ﺍﻟﻜﻭﻴﺕ ,ﻭﺃﺜﻨﺎﺀ ﺍﺤﺘﻼﻟﻬﻡ ﻗﺼﺭﻫﺎ ﻭﻗﻌﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻟﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ،
ﻓﺄﺨﺫﻭﻫﺎ ﻏﻨﻴﻤﺔ ﺤﺭﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺤﻴﺙ ﺍﺨﺘﻔﺕ ﺃﺨﺒﺎﺭﻫﺎ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺨﺘﻔﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺨﻁﻭﻓﻴﻥ .ﻭﺭﺒﻤﺎ
ﺘﻜﻭﻥ ﺃﻋﺩﻤﺕ ﻨﻴﺎﺒﺔ ﻋﻥ ﺼﺎﺤﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﺤﻜﻭﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺒﺎﻹﻋﺩﺍﻡ ﻤﻨﺫ ﻋﺸﺭﻴﻥ ﺴﻨﺔ! ﺃﻭ ﺭﺒﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥ
ﺯﻴﻨﺕ ﻗﺼﻭﺭ ﺍﻟﻁﻐﺎﺓ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ،ﺃﻭ ﻗﺩ ﺘﻜﻭﻥ ﺒﻴﻌﺕ ﺒﺴﻌﺭ ﺭﺨﻴﺹ ﻓﻲ ﺴﻭﻕ ﺍﻟﺨﺭﺩﺓ .ﻓﻬﻜﺫﺍ ﻜﺎﻥ
ﻴﻔﻌل ﺍﻟﻨﺎﺯﻴﻭﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺇﺫﻻل ﺭﺴﺎﻡ ﻜﺒﻴﺭ ﻴﺼﺎﺩﺭﻭﻥ ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ ﻭﻴﺒﻴﻌﻭﻨﻬﺎ
ﺒﺄﺴﻌﺎﺭ ﺯﻫﻴﺩﺓ ﻻ ﺘﺘﺠﺎﻭﺯ ﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ﺍﻟﺜﻼﺜﻴﻥ ﻤﺎﺭﻜﺎﹰ!
ﻜﻤﺎ ﺘﺭﻯ ..ﺜﻤﺔ ﺤﻜﻤﺔ ﻻ ﺘﺒﻠﻐﻬﺎ ﺇﻻ ﻓﻲ ﻋﺯ ﻭﺤﺩﺘﻙ ﻭﻏﺭﺒﺘﻙ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺒﻠﻎ ﻋﻤﺭﺍﹰ ﻁﺎﻋﻨﺎﹰ ﻓﻲ
ﺍﻟﺨﺴﺎﺭﺓ .ﺘﻠﺯﻤﻙ ﺨﺴﺎﺭﺍﺕ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻟﺘﺩﺭﻙ ﻗﻴﻤﺔ ﻤﺎ ﺒﻘﻲ ﻓﻲ ﺤﻭﺯﺘﻙ ،ﻟﺘﻬﻭﻥ ﻋﻠﻴﻙ ﺍﻟﻔﺠﺎﺌﻊ
ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ .ﻋﻨﺩﻫﺎ ﺘﺩﺭﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺇﺘﻘﺎﻥ ﻓﻥ ﺍﻻﺨﺘﺯﺍل ،ﺃﻥ ﺘﻘﻭﻡ ﺒﻔﺭﺯ ﻤﺎ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻙ ﺃﻥ ﺘﺘﺨﻠﺹ
ﻤﻨﻪ ،ﻭﻤﺎ ﻴﻠﺯﻤﻙ ﻟﻤﺎ ﺒﻘﻲ ﻤﻥ ﺴﻔﺭ .ﻭﻗﺘﻬﺎ ﺘﻜﺘﺸﻑ ﺃﻥ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻴﻁ ﺒﻬﺎ ﻨﻔﺴﻙ
ﻟﻴﺴﺕ ﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ،ﺒل ﻫﻲ ﺤﻤل ﻴﺜﻘﻠﻙ .ﻭﻷﻨﻨﻲ ﻭﺼﻠﺕ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻗﺭﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﺒﻴﻊ ﺠﻤﻴﻊ
ﻟﻭﺤﺎﺘﻲ .ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﺍﻷﺤﺏ ﺇﻟﻰ ﻗﻠﺒﻲ ﻋﺭﻀﺘﻬﺎ ﻟﻠﺒﻴﻊ ،ﻭﻀﻌﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﺸﺎﺭﺓ ﺘﻭﻫﻡ ﺃﻨﻬﺎ
ﻤﺤﺠﻭﺯﺓ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ،ﺃﻨﺎ ﺤﺠﺯﺘﻬﺎ ﺨﺸﻴﺔ ﺃﻥ ﻴﺸﺘﺭﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﻟﻴﺱ ﺃﻫﻼﹰ ﻟﻬﺎ .ﺇﻨﻬﺎ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ
ﻴﻌﻨﻴﻨﻲ ﺃ ،ﺃﻋﺭﻑ ﻟﻤﻥ ﺴﺘﻜﻭﻥ .ﻫل ﺴﺘﻌﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﺠﺩﺍﺭ ﻗﻠﺏ ،ﺃﻡ ﻋﻠﻰ ﺤﺎﺌﻁ ﺒﻴﺕ.
ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺒﺩﺃ ﻓﻲ ﺍﻻﺨﺘﺯﺍل ﺘﻜﺘﺸﻑ ﺃﻥ ﻋﻤﺭﻙ ﻜﻠﻪ ﻗﺩ ﻴﺨﺘﺼﺭ ﻓﻲ ﺇﻨﺠﺎﺯ ﻭﺍﺤﺩ .ﺃﻤﺎ
ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺃﻟﻤﺎﹰ ،ﻓﺄﻥ ﺘﺘﺭﻙ ﺇﻨﺠﺎﺯ ﻋﻤﺭﻙ ﻟﻘﺭﻴﺏ ﻻ ﻴﻘﺩﺭ ﻗﻴﻤﺘﻪ .ﻴﺭﺜﻪ ﻤﻨﻙ ﺒﺤﻜﻡ ﺼﻠﺔ ﺍﻟﺩﻡ ﻻ ﺼﻠﺔ
ﺍﻟﻔﻥ.
ﻫل ﻴﺠﻭﺯ ﺃﻥ ﺃﺘﺭﻙ ﺃﻋﻤﺎﻟﻲ ﻻﺒﻥ ﺃﺨﻲ ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻨﺎﻨﻭﻥ ﻭﻜﺘﺎﺏ ﻗﺩ ﻗﺘﻠﻭﺍ ﻋﻠﻰ
ﻴﺩﻩ؟ ﺇﻥ ﻤﻥ ﻴﻘﺘل ﺒﺸﺭﺍﹰ ﻻ ﻴﺅﺘﻤﻥ ﻋﻠﻰ ﺸﻲﺀ.
ﺜﻡ ﻓﺠﺄﺓ ﺼﻤﺕ ،ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺼﻤﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺩﺙ ﻓﻴﻙ ﺃﺜﺭﺍﹰ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ.
ﺫﻫﺏ ﺒﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻭﻗﺘﻬﺎ ﺒﻌﻴﺩﺍﹰ .ﺠﻤﻌﺕ ﺸﺠﺎﻋﺘﻲ ﻭﻗﻠﺕ ﻟﻪ:
-ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺃﺸﺘﺭﻱ ﻤﻨﻙ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ..ﻫل ﺘﺒﻴﻌﻨﻲ ﺇﻴﺎﻫﺎ؟
ﻓﻭﺠﺊ ﺒﺴﺅﺍﻟﻲ .ﺃﺠﺎﺏ ﺒﺫﻜﺎﺀ ﻤﻥ ﻋﺜﺭ ﻋﻠﻰ ﻤﺨﺭﺝ:
-ﻭﻟﻜﻨﻙ ﻻ ﺘﺩﺭﻱ ﻋﻥ ﺃﻴﺔ ﻟﻭﺤﺔ ﺃﺘﻜﻠﻡ .ﻜﻴﻑ ﺃﺜﻕ ﻓﻲ ﺤﺒﻙ ﻟﻠﻭﺤﺔ ﻻ ﺘﻌﺭﻓﻬﺎ!
ﺃﺠﺒﺘﻪ:
-ﺃﻨﺎ ﺃﺤﺏ ﻜل ﺃﻋﻤﺎﻟﻙ ..ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﺨﺎﺼﺔ .ﻭﻗﻔﺕ ﺃﺘﺄﻤﻠﻬﺎ ﻁﻭﻴﻼﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ ﻭﻟﻡ ﺃﻓﻬﻡ ﺃﻥ
ﺘﻜﻭﻥ ﺒﻌﺘﻬﺎ!
ﺃﺼﻠﺢ ﻤﻥ ﺠﻠﺴﺘﻪ ،ﺜﻡ ﻗﺎل ﺒﻨﺒﺭﺓ ﻤﺘﻌﺠﺒﺔ:
-ﺘﻌﺭﻓﻬﺎ؟ ﻜﻴﻑ ﻟﻙ ﺃﻥ ﺘﻌﺭﻓﻬﺎ؟ ﺜﻤﺔ ﺴﺒﻊ ﻋﺸﺭﺓ ﻟﻭﺤﺔ ﻤﻥ ﺃﻋﻤﺎﻟﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﺸﺎﺭﺓ ﺤﻤﺭﺍﺀ ﺘﻘﻭ
ﺇﻨﻬﺎ ﺒﻴﻌﺕ!
ﺃﺠﺒﺘﻪ ﺒﻌﻨﺎﺩ ﺠﻤﻴل:
-ﺃﻻ ﻴﺸﻔﻊ ﻟﻲ ﻋﻨﺩﻙ ﺃﻨﻨﻲ ﻋﺭﻓﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﺒﻴﻥ ١٧ﻟﻭﺤﺔ؟!
ﺭﺩ ﻤﺴﺘﺴﻠﻤﺎﹰ ﻭﻗﺩ ﺤﺸﺭﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺭﺒﻊ ﺍﻷﺨﻴﺭ:
-ﺇﻥ ﺩﻟﻴﺘﻨﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺤﻘﺎﹰ ..ﻓﻬﻲ ﻟﻙ!
ﺜﻡ ﺃﻀﺎﻑ ﺒﻌﺩ ﺼﻤﺕ ،ﻜﻤﻥ ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻜﺒﻴﺭﺍﹰ ﻓﻲ ﻫﺯﻴﻤﺘﻪ:
-ﺃﻗﺼﺩ ..ﻫﻲ ﻟﻙ ﺒﺩﻭﻥ ﻤﻘﺎﺒل!
-ﺒل ﻤﻘﺎﺒل ﻜل ﻤﺎ ﺒﻘﻲ ﻟﻲ ﻤﻥ ﻤﺎل ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺠﺎﺌﺯﺓ.
ﺜﻡ ﻭﺍﺼﻠﺕ ﻓﻲ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻹﻗﻨﺎﻋﻪ ﺒﻤﻜﺎﺴﺒﻪ:
-ﺼﻔﻘﺔ ﺠﻤﻴﻠﺔ .ﺃﻤﻠﻙ ﻤﺎﻻﹰ ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺃﺘﺨﻠﺹ ﻤﻨﻪ ﻓﻲ ﻋﻤل ﺨﻴﺭﻱ ..ﻭﺃﻨﺕ ﺘﻤﻠﻙ ﻟﻭﺤﺔ ﻻ ﺘﺩﺭﻱ
ﻟﻤﻥ ﺘﺘﺭﻜﻬﺎ .ﺒﻬﺫﺍ ﺘﺼﻨﻊ ﺴﻌﺎﺩﺘﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ ،ﺃﻨﺎ ،ﻭﺃﻨﺕ ،ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺴﻴﺫﻫﺏ ﺭﻴﻊ ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﻟﻬﻡ.
ﺜﻡ ﺃﻀﻔﺕ ،ﻭﻓﻜﺭﺓ ﻤﺠﻨﻭﻨﺔ ﺘﻌﺒﺭ ﺫﻫﻨﻲ:
-ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺘﺼﻨﻊ ﺴﻌﺎﺩﺓ ﺸﺨﺹ ﺭﺍﺒﻊ.
-ﻤﻥ؟
-ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺩ ﺃﻫﺩﻴﻬﺎ ﺇﻴﺎﻫﺎ!
ﻏﻴﺭ ﺃﻨﻲ ﺍﺴﺘﺩﺭﻜﺕ ﺨﺸﻴﺔ ﺃﻥ ﺃﺠﻌﻠﻪ ﻴﻌﺩل ﻋﻥ ﺭﺃﻴﻪ:
-ﻻ ﺘﺨﺵ ﻋﻠﻰ ﻟﻭﺤﺘﻙ ..ﺇﻨﻬﺎ ﺴﻴﺩﺓ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ..ﻜﻜل ﻨﺴﺎﺀ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ!
ﻟﻌﻠﻲ ﻗﻠﺕ ﻟﻪ ﻜل ﺸﻲﺀ ﺩﻓﻌﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ،ﺃﻭ ﻗﻠﺕ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻤﺎ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺃﻗﻭل ﻓﻲ ﺠﻠﺴﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ.
ﺒﺩﺍ ﻟﻲ ﻟﻠﺤﻅﺔ ﺤﺯﻴﻨﺎﹰ ،ﺤﺯﻥ ﻤﺤﺎﺭﺏ ﺘﺨﻠﺕ ﻋﻨﻪ ﺯﻭﺠﺘﻪ ﻭﻫﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ..ﻭﻴﻌﺭﻑ ﺫﻟﻙ.
ﻟﻜﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻤﺸﻬﺩﻩ ﺫﺍﻙ ،ﺫﻜﻴﺎﹰ ﻜﻤﺎ ﻴﻨﺒﻐﻲ ،ﻤﺘﻐﺎﺒﻴﺎﹰ ﻜﻤﺎ ﻴﻠﻴﻕ ،ﻤﺘﻬﻜﻤﺎﹰ ﺤﺘﻰ ﻟﻜﺄﻥ ﺤﺯﻨﻪ ﻴﺩﺍﻓﻊ
ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﺒﺎﻟﺴﺨﺭﻴﺔ.
ﻗﺎل ﺒﺼﻭﺕ ﺨﺎﻓﺕ ﺍﻹﻀﺎﺀﺓ ،ﻜﻔﻨﺎﺭ ﺒﺤﺭﻱ ﻓﻲ ﻟﻴل ﻤﻤﻁﺭ:
-ﻴﺎ ﻤﻐﺒﻭﻥ ..ﻻ ﺘﺤﺏ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺘﺤﺏ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ .ﺍﻟﺠﺴﺭ ﻻ ﻴﺼﻠﺢ ﻟﺘﻌﻤﺭ ﺒﻤﺤﺎﺫﺍﺘﻪ ﺒﻴﺘﺎﹰ .ﻫﻭ ﻻ
ﻴﺼﻠﺢ ﺴﻘﻔﺎﹰ ﻟﻤﺄﻭﺍﻙ .ﺃﻥ ﺘﺒﻨﻲ ﺒﻴﺘﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻑ ﺠﺴﺭ .ﻜﺄﻥ ﺘﺭﻓﻊ ﺍﻟﻜﻠﻔﺔ ﺒﻴﻨﻙ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻬﺎﻭﻴﺔ!
ﻜﺎﻥ ﻤﺭﻴﻀﺎﹰ ﺒﺤﻜﻤﺘﻪ ﺍﻟﻤﺘﻬﻜﻤﺔ ﺤﺘﻰ ﻟﻜﺄﻨﻪ ﻴﻌﺎﻨﻲ ﻤﻨﻬﺎ.ﺫﻜﻴﺎﹰ ﺫﻜﺎﺀ ﺍﻟﻤﺭﺽ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻨﺤﻙ
ﻓﺭﺼﺔ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ .ﻴﺠﻌﻠﻙ ﺘﺘﻨﺒﻪ ﻟﻤﺎ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺘﺭﺍﻩ ﻤﻥ ﻗﺒل.
ﺃﻷﻥ ﺍﻟﻤﺭﺽ ﻴﻌﻴﺩ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻁﻔﻼﹰ .ﻴﺴﺘﻌﻴﺩ ﺍﻟﻤﺭﺽ ﺤﺩﺱ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﻓﻲ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﻤﻥ ﻴﺤﺒﻬﻡ ﻭﻤﻥ
ﻴﻜﺫﺏ ﻋﻠﻴﻬﻡ؟
ﻜﻨﺕ ﻭﺍﺜﻘﺎﹰ ﺃﻨﻪ ﺃﺤﺒﻨﻲ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺍﻷﻭل .ﻟﻜﻥ ﻤﺎﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﺭﻑ ﻋﻨﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺠل ﺍﻟﻤﺤﺘﻔﻲ ﺒﻲ
ﻜﻘﺭﻴﺏ ﺃﻭ ﺼﺩﻴﻕ ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﻴﻨﺘﻅﺭ ﻤﺠﻴﺌﻲ ،ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﺃﺼﺎﺩﻑ ﺃﺤﺩﺍﹰ ﻴﻌﻭﺩﻩ؟ ﺤﺘﻤﺎﹰ ،ﻫﻭ ﻟﻡ
ﻴﺼﺩﻕ ﺃﻋﺫﺍﺭﻱ ﺍﻟﺼﺤﻔﻴﺔ ﻓﻲ ﻁﻠﺏ ﻤﻘﺎﺒﻠﺔ .ﻟﻜﻥ ،ﻜﺎﻥ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﺇﻟﻲ ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﻴﺤﺎﺩﺙ ﺼﺤﻔﻴﺎﹰ
ﺤﻴﻨﺎﹰ ..ﻭﺼﺩﻴﻘﺎﹰ ﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ﺃﺨﺭﻯ ،ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻐﻔل ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻐﺭﻴﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﺘﻭﺠﺴﻪ ﻓﻲ.
ﺴﺄﻟﺘﻪ ﺸﺒﻪ ﻤﻌﺘﺫﺭ:
-ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻴﺯﻋﺠﻙ ﺃﻥ ﺃﻫﺩﻱ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﻟﺸﺨﺹ ﺁﺨﺭ ﺴﺄﺤﺘﻔﻅ ﺒﻬﺎ ﻟﻨﻔﺴﻲ.
ﻀﺤﻙ ﻤﺘﻬﻜﻤﺎﹰ ،ﻭﻗﺎل ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﺃﺨﺘﺒﺭ ﺼﺩﻗﻪ ﺇﻻ ﻻﺤﻘﺎﹰ:
-ﻻ ﺘﻬﺘﻡ ..ﺤﺘﻰ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﻟﻙ ،ﻓﻠﺴﺕ ﻤﻥ ﻴﻘﺭﺭ ﻗﺩﺭﻫﺎ .ﺃﻨﺕ ﻟﺴﺕ ﺴﻭﻯ ﻴﺩ ﻓﻲ ﻋﻤﺭ
ﺃﺸﻴﺎﺀ ﺴﺘﺘﻨﺎﻭﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻴﺩ ﻜﺜﻴﺭﺓ .ﻜل ﺸﻲﺀ ﻴﻐﻴﺭ ﻴﺩ ﺼﺎﺤﺒﻪ ،ﻭﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ﻴﺴﺘﺒﺩﻟﻬﺎ ﺒﻴﺩ ﻋﺩﻭﻩ .
ﺍﻤﺭﺃﺘﻙ ،ﻭﻅﻴﻔﺘﻙ ،ﺒﻴﺘﻙ ،ﻤﻘﺘﻨﻴﺎﺘﻙ ،ﻜل ﺸﻲﺀ ﻟﻙ ﺴﻴﻨﺘﻘل ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺭﻙ ﺸﺌﺕ ﺃﻡ ﺃﺒﻴﺕ .ﺍﻟﻤﻬﻡ ﺃﻻ
ﺘﺩﺭﻱ ﺒﺫﻟﻙ .ﻭﻟﺫﺍ ﻋﻠﻴﻙ ﺒﺎﻜﺭﺍﹰ ﺃﻥ ﺘﺘﻤﺭﻥ ﻋﻠﻰ ﺘﻘﺒل ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ.
ﺼﻤﺕ ﻗﻠﻴﻼﹰ ﺜﻡ ﻭﺍﺼل ﻭﻫﻭ ﻴﺤﺭﻙ ﻜﺘﻔﻪ ﺍﻷﻴﺴﺭ ﻤﺸﻴﺭﺍﹰ ﺇﻟﻰ ﺫﺭﺍﻋﻪ ﺍﻟﻤﺒﺘﻭﺭﺓ:
-ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻬﺠﺭﻙ ﺃﻋﻀﺎﺅﻙ ،ﻭﺘﺘﺨﻠﻰ ﻋﻨﻙ ﻭﻫﻲ ﻤﻥ ﻟﺤﻤﻙ ﻭﺩﻤﻙ ،ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻻ ﺘﻌﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﺘﺨﻠﻰ
ﻋﻨﻙ ﺤﺒﻴﺏ ﺃﻭ ﻗﺭﻴﺏ ﺃﻭ ﻭﻁﻥ ..ﻓﻤﺎ ﺒﺎﻟﻙ ﺒﻠﻭﺤﺔ؟
ﺸﻌﺭﺕ ﻜﺄﻨﻤﺎ ﺍﻟﺤﺯﻥ ﺭﻓﻌﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﻋﻤﺭﻩ ،ﺃﻨﻨﻲ ﺸﺨﺕ ﻓﻲ ﻟﺤﻅﺎﺕ ،ﻭﺃﻓﻠﺴﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺭﺍﻩ ﻴﺴﺘﻌﺭﺽ
ﺨﺴﺎﺭﺍﺘﻪ.
ﻗﻠﺕ:
-ﺃﺤﺴﺩﻙ ..ﻟﻡ ﺃﻋﺭﻑ ﻗﺒﻠﻙ ﺭﺠﻼﹰ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ.
ﺭﺩ ﺒﺘﻬﻜﻤﻪ ﺍﻟﻤﻭﺠﻊ:
-ﺴﺄﺠﻴﺒﻙ ﺒﻘﻭل ﺃﺤﺒﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺩﺱ " :ﻤﺎﺩﻤﺕ ﺴﺄﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻰ ﻤﺼﻴﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫل ..ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﻜﻨﺕ
ﺤﻜﻴﻤﺎﹰ؟"
ﻜﻨﺕ ﻋﻠﻰ ﻭﺸﻙ ﻤﻐﺎﺩﺭﺘﻪ ﺤﻴﻥ ﻨﺎﺩﺍﻨﻲ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ:
-ﺨﺎﻟﺩ...
ﺜﻡ ﻭﺍﺼل ﻤﻤﺎﺯﺤﺎﹰ ﻜﻤﻥ ﻻ ﻴﻌﻨﻴﻪ ﺠﻭﺍﺒﻙ ﺒﻘﺩﺭ ﻤﺎ ﻴﻌﻨﻴﻪ ﺃﻻ ﺘﺴﺘﺨﻑ ﺒﺫﻜﺎﺌﻪ:
-ﺃﻤﺎ ﺯﺍل ﺍﺴﻤﻙ ﺨﺎﻟﺩ؟
-ﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ..
-ﻭﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ﺃﺨﺭﻯ..؟
ﻗﻠﺕ ﻤﺘﻬﺭﺒﺎﹰ ﻤﻥ ﺴﺅﺍﻟﻪ:
-ﻓﻲ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻷﺤﻴﺎﻥ ﺍﺴﻤﻲ ﺨﺎﻟﺩ ﺒﻥ ﻁﻭﺒﺎل ..ﺍﻻﺴﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺸﺒﻬﻨﻲ ﺃﻜﺜﺭ ..ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺃﺨﺫﺘﻪ ﻤﻥ
ﺭﻭﺍﻴﺔ.
ﻭﻗﺒل ﺃﻥ ﺃﻭﺍﺼل ،ﻗﺎﻁﻌﻨﻲ ﻗﺎﺌﻼﹰ ﻜﻤﺎ ﻟﻴﻭﻓﺭ ﻋﻠﻲ ﺠﻬﺩ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺫﺭﻴﻌﺔ:
-ﺃﺘﺩﺭﻱ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺍﻨﺘﺤﺭ ﺨﺎﻟﺩ ﺒﻥ ﻁﻭﺒﺎل ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻴﺔ ﻤﺎﻟﻙ ﺤﺩﺍﺩ " ﺭﺼﻴﻑ ﺍﻷﺯﻫﺎﺭ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﻴﺠﻴﺏ؟"
ﻗﻠﺕ ﻤﻌﺘﺫﺭﺍﹰ:
-ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ،ﻗﺭﺃﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ﻤﻨﺫ ﺯﻤﻥ ﺒﻌﻴﺩ ﻭﻨﺴﻴﺕ ﺃﺤﺩﺍﺜﻬﺎ.
ﻗﺎل:
-ﺭﻭﺍﻴﺔ ﺼﻐﻴﺭﺓ ﻤﻥ ﻤﺎﺌﺔ ﺼﻔﺤﺔ .ﻻ ﻴﺤﺩﺙ ﻓﻴﻬﺎ ﺸﻲﺀ ﺘﻘﺭﻴﺒﺎﹰ ،ﻋﺩﺍ ﺍﻨﺘﺤﺎﺭ ﺒﻁﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺁﺨﺭ
ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻋﻠﻡ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﻭﺠﻭﺩﻩ ﻓﻲ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺭﺍﺌﺩ ،ﺃﻥ ﻭﺭﻴﺩﺓ ﺯﻭﺠﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻌﺸﻘﻬﺎ
ﻭﻗﺎﻭﻡ ﻤﻥ ﺃﺠﻠﻬﺎ ﻜل ﺇﻏﺭﺍﺀﺍﺕ ﻤﻭﻨﻴﻙ ،ﻤﺴﺘﻌﺠﻼﹰ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻟﻴﺭﺍﻫﺎ ،ﻫﺭﺒﺕ ﺃﺜﻨﺎﺀ
ﻏﻴﺎﺒﻪ ﻤﻊ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻤﻅﻠﻴﻴﻥ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﻴﻥ ،ﻭﺍﻨﻔﻀﺢ ﺃﻤﺭﻫﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻤﺎﺘﺕ ﻤﻌﻪ ﻓﻲ ﺤﺎﺩﺙ .ﻭﻟﺫﺍ ﻴﻠﻘﻲ
ﺨﺎﻟﺩ ﺒﻨﻔﺴﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻁﺎﺭ .ﺸﺨﺹ ﻏﻴﺭﻩ ﻜﺎﻥ ﻓﻜﺭ ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻟﻠﻤﻭﺕ ،ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻘﺴﻨﻁﻴﻨﻲ
ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻤﻪ ﺼﺨﺭﺓ ﻭﺃﺒﻭﻩ ﺠﺴﺭ ،ﻴﻭﻟﺩ ﺒﻌﺎﻫﺔ ﺭﻭﺤﻴﺔ ,ﺤﺎﻤﻼﹰ ﺒﺫﺭﺓ ﺍﻻﻨﺘﺤﺎﺭ ﻓﻲ ﺠﻴﻨﺎﺘﻪ ،ﻤﺴﻜﻭﻨﺎﹰ
ﺒﺸﻬﻭﺓ ﺍﻟﻘﻔﺯ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﻌﺩﻡ ،ﻭﺘﻠﻙ ﺍﻟﻜﺂﺒﺔ ﺍﻟﻬﺎﺌﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻐﺭﻴﻙ ﺒﺎﻻﺴﺘﺴﻼﻡ ﻟﻠﻬﺎﻭﻴﺔ.
ﻟﻴﺴﺕ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺴﺒﺒﺎﹰ ﻓﻲ ﻤﻭﺕ ﺨﺎﻟﺩ ﺒﻥ ﻁﻭﺒﺎل ،ﺇﻨﻤﺎ ﻋﻠﻤﻪ ﺒﻬﺎ .ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻻ
ﻴﺩﺭﻱ ،ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﺨﺎﻟﺩ ﺒﻥ ﻁﻭﺒﺎل ﻓﻲ ﻜل ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺎﺕ ﻴﺩﺭﻱ ..ﻷﻥ ﻭﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ،ﺤﺴﺏ ﺘﻌﺒﻴﺭ
ﻤﺎﺭﻏﺭﻴﺕ ﺩﻭﺭﺍﺱ ﻓﻲ ﺇﺤﺩﻯ ﺭﻭﺍﻴﺎﺘﻬﺎ ".ﻋﻘﺩﺕ ﻗﺭﺍﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻴﺢ" ﺘﺨﻭﻨﻪ ﻓﻲ ﻜل ﺭﻭﺍﻴﺔ ﻤﻊ
ﻤﻅﻠﻲ ﺠﺩﻴﺩ .ﻭﻓﻲ ﻜل ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺎﺕ ﻴﻤﻭﺕ ﺨﺎﻟﺩ ﻤﺭﺘﻴﻥ :ﻤﺭﺓ ﺒﺴﺒﺏ ﺠﻴﻨﺎﺘﻪ ﺍﻟﻘﺴﻨﻁﻴﻨﻴﺔ ..ﻭﻤﺭﺓ
ﺒﺫﻜﺎﺌﻪ!
ﻤﺎﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺃﻥ ﺃﻓﻬﻡ ﻤﻥ ﻜﻼﻡ ﺭﺠل ﻴﻨﺼﺏ ﻟﻙ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻓﺨﺎﺥ ﺍﻟﺼﻤﺕ ،ﻭﺒﻴﻥ ﺼﻤﺕ
ﻭﺼﻤﺕ ﻴﻬﺩﻴﻙ ﻤﻔﻙ ﺘﺄﻭﻴل ﺍﻷﻟﻐﺎﻡ.
ﺴﺄﻟﻨﻲ ﻓﺠﺄﺓ:
-ﻫل ﺃﻨﺕ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﻲ؟
ﻗﻠﺕ ﻜﻤﻥ ﻴﻌﺘﺭﻑ ﺒﺨﻁﻴﺌﺔ:
-ﺃﺠل..
-ﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺇﻤﻜﺎﻨﻙ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﺠﻴﻨﺎﺘﻙ ..ﻻ ﺘﺤﺏ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺘﺤﺏ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ .ﻜل ﺤﺏ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﻲ
ﻴﻘﻑ ﻋﻠﻰ ﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﻨﺤﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ.
ﻴﺎ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺭﺠل ..ﻓﻘﺩ ﻏﻔﻠﺔ ﺍﻟﺼﺤﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﺍﻜﺘﺴﺏ ﻓﻁﻨﺔ ﺍﻟﻤﺭﺽ .ﻭﻋﺒﺜﺎﹰ ﺤﺸﺭﺕ ﺤﻭﺍﺴﻲ ﻷﻟﺘﻘﻁ
ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺸﻲ ﺒﻤﺎ ﺠﺌﺘﻪ ﻤﺘﻘﺼﻴﺎﹰ ﺇﻴﺎﻩ.
ﻜﺭﺠﺎل ﺠﻴﻠﻪ ،ﻜﺎﻥ ﺒﻪ ﻭﺭﻉ ﻋﺎﻁﻔﻲ ،ﻫﻭ ﻟﻥ ﻴﻜﺎﺸﻔﻨﻲ ،ﻭﻻ ﺃﻨﺎ ﺴﺄﺴﺄﻟﻪ ﻋﻨﻬﺎ.
ﺭﺒﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻲ ﺒﺫﻜﺎﺀ ﺍﻟﻘﻠﺏ ﻭﺤﺩﺴﻪ .ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﺒﺩﺀ ﺠﻌﻠﻨﺎ ﺍﻟﺘﻐﺎﺒﻲ ﺒﻴﻨﻨﺎ ﻤﻴﺜﺎﻕ ﺫﻜﺎﺀ،
ﺃﻭ ﻤﻴﺜﺎﻕ ﻜﺒﺭﻴﺎﺀ.
ﻜﻨﺕ ﺴﻌﻴﺩﺍﹰ ﺒﻤﺎ ﻻ ﺃﻋﺭﻓﻪ ﻋﻨﻪ ،ﺴﻌﺎﺩﺘﻲ ﺒﻤﺎ ﻟﻥ ﻴﻌﺭﻓﻪ ﻋﻨﻲ.
ﻜﻨﺎ ﻫﻨﺎﻙ ،ﻷﻥ ﻜﻼﻨﺎ ﺨﺎﻟﺩ ﺒﻥ ﻁﻭﺒﺎل ،ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ ،ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻜﻼﻨﺎ ﻴﻌﺭﻓﻪ.
ﻤﺎ ﻜﺩﺕ ﺃﻋﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺕ ،ﺤﺘﻰ ﺍﺘﺼﻠﺕ ﺒﻤﺭﺍﺩ ﻤﺘﺫﺭﻋﺎﹰ ﺒﺎﻻﻁﻤﺌﻨﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺼﻭل ﺃﻡ ﻨﺎﺼﺭ
ﻭﺴﻼﻤﺘﻬﺎ.
ﻗﺎل:
-ﻭﺼﻠﺕ ﻅﻬﺭﺍﹰ ﺼﺤﺒﺔ ﺃﺨﺘﻪ ،ﻭﻨﺎﺼﺭ ﺴﻴﺒﻘﻰ ﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻷﻤﺴﻴﺔ ﻤﻌﻬﻤﺎ.
ﺘﻨﻔﺴﺕ ﺍﻟﺼﻌﺩﺍﺀ .ﺴﺄﻟﻨﻲ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ:
-ﻤﺘﻰ ﻨﺭﺍﻙ؟
ﻭﺠﺩﺘﻨﻲ ﻓﺠﺄﺓ ﻋﻠﻰ ﻋﺠل .ﻗﻠﺕ ﻟﻪ ﺸﺒﻪ ﻤﻌﺘﺫﺭ:
-ﺴﺄﻜﻭﻥ ﻤﺸﻐﻭﻻﹰ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻴﺎﻡ.
ﺜﻡ ﺃﻀﻔﺕ:
-ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻤﺨﻠﹼﻁﺔ ﺸﻭﻴﺔ.
ﻭﺩﻋﻨﻲ ﻤﺭﺍﺩ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ ﺃﻭ ﻨﺎﺼﺤﺎﹰ ﻭﻫﻭ ﻴﻘﻭل:
" -ﺨﻠﻬﺎ ﺘﺼﻔﻰ".
ﻁﺒﻌﺎﹰ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺩﺭﻱ ﺃﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ " ﻤﺨﻠﹼﻁﺔ ﺒﻜﺭﺍﻉ ﻜﻠﺏ" .ﻭﻻ ﻤﺠﺎل ﻷﺯﻴﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺨﻠﻁﺔ ﺃﺨﺭﻯ!
ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻷﻭل :ﻜﻴﻑ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻲ ﺒﻌﺩ ﺍﻵﻥ ﻭﺒﺎﻟﻘﺩﺭ ﺍﻷﺩﻨﻰ ﻤﻥ ﺍﻷﻀﺭﺍﺭ ﻭﻤﻥ ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ،ﺃﻥ
ﺃﺩﻴﺭ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻤﺘﺩﺍﺨﻠﺔ ﻤﺘﺸﺎﺒﻜﺔ ﻤﻊ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺽ ،ﺨﻠﻘﺘﻬﺎ ﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺘﻭﺍﺠﺩﻨﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎﹰ ﻓﻲ
ﺒﺎﺭﻴﺱ ،ﺤﺘﻰ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺸﺭﻁﻲ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻟﺘﻔﺎﺩﻱ ﺤﻭﺍﺩﺙ ﺴﻴﺭ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺎﺕ!
ﻓﺒﻘﺩﺭ ﺇﺼﺭﺍﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻴﺔ ﺤﻴﺎﺓ ،ﻜﻨﺕ ﻻ ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺃﻓﻘﺩ ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﻨﺎﺼﺭ ،ﻭﻻ ﺃﻥ ﺃﺜﻴﺭ ﺸﻜﻭﻙ ﺯﻴﺎﻥ
ﺃﻭ ﺃﺴﺒﺏ ﺃﻟﻤﻪ ،ﻭﻻ ﺃﻥ ﺃﺨﺴﺭ ﻋﻼﻗﺔ ﺠﻤﻴﻠﺔ ﺘﺠﻤﻌﻨﻲ ﺒﻔﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ.
ﺜﻤﺔ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﻤﺼﻴﺒﺔ ﺍﻟﺩﺨﻭل ﻓﻲ ﻤﺩﺍﺭ ﺤﺏ ﻤﺤﻔﻭﻑ ﺒﺎﻟﻤﺨﺎﻁﺭ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﺯﻓﺎﺕ ،ﻤﻊ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺘﻼﺤﻘﻬﺎ
ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ ﻓﺘﻨﺔ ﺍﻟﺸﺎﺌﻌﺎﺕ ،ﻭﺘﺴﺒﻘﻬﺎ ﺤﻴﺙ ﺤﻠﺕ ﻋﻴﻭﻥ ﺍﻟﻤﺨﺒﺭﻴﻥ ﻭﺃﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﺘﻨﺼﺕ .ﻭﺃﻨﺕ ﺩﻭﻤﺎﹰ
ﺨﺎﺌﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻤﻨﻬﺎ ..ﺨﺎﺌﻑ ﻤﻨﻬﺎ ﻋﻠﻴﻙ!
ﺃﻥ ﺘﺤﺏ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻴﺤﻜﻡ ﺯﻭﺠﻬﺎ ﺒﻠﺩﺍﹰ ،ﺒﻤﺎﻟﻪ ﻭﻤﺨﺒﺭﻴﻪ ،ﻴﺎ ﻟﻐﻭﺍﻴﺎﺘﻙ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻜﻠﻔﺔ ..ﻴﺎ ﻟﺠﻨﻭﻨﻙ ﻴﺎ
ﺭﺠل!
ﻟﻡ ﺃﺴﺘﻁﻊ ﻟﻴﻠﺘﻬﺎ ﻤﻌﺎﺸﺭﺓ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ .ﻜﺎﻥ ﺠﺴﺩﻱ ﺴﺒﻘﻨﻲ ﻭﺭﺍﺡ ﻴﺒﺤﺙ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻨﺎﻭﻴﻥ
ﺍﻟﻔﻨﺎﺩﻕ .ﻜﻴﻑ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﻨﺎﻡ ﻭﺃﻨﺎ ﺒﻜﺎﻤل ﺘﺭﻗﺒﻲ ،ﻜﺄﻨﻲ ﻤﺎ ﺨﻠﻌﺕ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭﻫﺎ .ﺃﻜﻨﺕ ﺃﻓﺘﻘﺩﻫﺎ
ﻷﻗﺎﺼﺹ ﻨﻔﺴﻲ ﺒﺎﺸﺘﻴﺎﻗﻬﺎ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻋﺫﺒﻨﻲ ﺍﻻﻤﺘﻼﻙ ﺍﻟﻤﺅﻗﺕ ﻟﻬﺎ؟
ﻭﺃﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻋﻠﻡ ﺃﻨﻬﺎ ﻤﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﻟﺘﺒﻘﻰ ،ﻭﺃﻨﻨﻲ ﻟﻥ ﺃﻤﺘﻠﻙ ﻤﻨﻬﺎ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺓ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﺇﻻ ﻏﺒﺎﺭ ﺍﻟﺴﻔﺭ.
ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺘﺭﺍﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﺠل؟
***
ﺒﻠﻌﺕ ﻜﻭﺏ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻋﺠل ..ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺤﻀﺭﻩ ﻟﻲ ﺍﻟﻨﺎﺩل ﻤﺠﺎﻨﺎﹰ ﻤﻊ ﺍﻟﻘﻬﻭﺓ ..ﻜﻤﺎ ﻟﻴﺴﺎﻋﺩﻨﻲ
ﻋﻠﻰ ﺍﺒﺘﻼﻉ ﻏﺼﺔ.
ﻏﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﻋﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺭﻭﺍﻕ ﻜﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﺃﻨﻭﻱ.
ﻗﺼﺩﺕ ﺍﻟﻤﺘﺭﻭ ﻋﺎﺌﺩﺍﹰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺕ .ﺍﻨﺸﻘﺕ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻓﺠﺄﺓ ﺒﺴﻴﻭل ﻤﻥ ﺍﻷﻤﻁﺎﺭ ﻜﺄﻨﻬﺎ ﺘﺒﻜﻲ ﻨﻴﺎﺒﺔ
ﻋﻨﻲ .ﻜﻨﺕ ﺩﻭﻥ ﻤﻅﻠﺔ ..ﺃﻤﺸﻲ ﻤﺘﻘﺩﻤﺎﹰ ﻓﻲ ﻭﺤل ﺍﻷﺤﺎﺴﻴﺱ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ،ﻗﺎﻟﺕ ﺒﺘﺫﻤﺭ ﻭﻫﻲ ﺘﺨﻠﻊ ﻤﻌﻁﻔﻬﺎ:
-ﺃﺘﻤﻨﻰ ﺃﻻ ﺃﺠﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻁﻘﺱ ﻓﻲ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭﻱ ﻓﻲ ) ﻨﻴﺱ( ..ﻴﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﻜﻡ ﻜﺭﻫﺕ ﺍﻟﻤﻁﺭ!
ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ:
-ﻤﺘﻰ ﺘﻨﻭﻴﻥ ﺍﻟﺴﻔﺭ؟
-ﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ..ﺴﺄﻗﻀﻲ ﻫﻨﺎﻙ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻷﺴﺒﻭﻉ ﻭﺃﻋﻭﺩ ﺍﻹﺜﻨﻴﻥ ﺼﺒﺎﺤﺎﹰ.
ﻟﻡ ﺃﻗل ﺸﻴﺌﺎﹰ .ﻤﺩﺩﺘﻬﺎ ﻓﻘﻁ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺩﺘﻬﺎ ﻜﻤﺎ ﺃﻋﺩﺩﺕ ﺒﺭﻭﺍﺯﻫﺎ ﺍﻟﺯﺠﺎﺠﻲ ﺩﻭﻥ ﺇﻁﺎﺭ.
ﻗﺒﻠﺘﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺨﺩﻱ ﻤﻭﺸﻭﺸﺔ:
!- Oh merci.. elle est mieux ainsi.
ﻗﻠﺕ ﺃﻨﺎ ﺃﻋﺎﺒﺙ ﺸﻌﺭﻫﺎ ﺍﻷﺤﻤﺭ:
-ﺘﺩﺭﻴﻥ ..ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻜﺎﻥ ﺤﺯﻨﻲ ﻴﻌﻭﺩ ﻟﻌﺠﺯﻱ ﻋﻠﻰ ﺠﻌل ﺍﻟﺭﺍﺌﺤﺔ ﺘﺭﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ .ﺍﻵﻥ
ﻟﻡ ﺃﻋﺩ ﺃﺤﺯﻥ ﻤﺫ ﻁﻭﺭﺕ ﺁﻟﺔ ﺘﺼﻭﻴﺭﻱ.
ﻗﺎﻟﺕ ﻤﺼﺩﻗﺔ:
-ﺤﻘﺎﹰ !ﻜﻴﻑ؟
ﺃﺠﺒﺕ ﻤﺘﻬﻜﻤﺎﹰ:
-ﺍﻵﻥ ﻤﺜﻼﹰ ..ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻙ ﺃﻻ ﺘﺘﻜﻠﻤﻲ .ﻤﺎ ﺃﻁﺒﻘﺕ ﺸﻔﺘﻴﻙ ﻋﻨﻪ ﺴﺄﻟﺘﻘﻁﻪ ﺒﻌﺩﺴﺔ ﻓﻲ ﺩﺍﺨﻠﻲ.
ﻟﻡ ﺃﺘﻭﻗﻊ ﻤﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﻔﻬﻡ ،ﻭﻟﺫﺍ ﻟﻡ ﺃﻋﺠﺏ ﻭﻫﻲ ﺘﺠﻴﺒﻨﻲ:
-ﺃﺘﻜﻭﻥ ﺍﺨﺘﺭﻋﺕ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﺎﻀﺤﺔ؟
-ﻻ ..ﺍﺨﺘﺭﻋﺕ ﻓﺎﺠﻌﺔ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ!
ﺍﺸﺘﻘﺕ ﻓﺠﺄﺓ ﺇﻟﻰ ﺨﺎﻟﺩ .ﻭﺤﺩﻩ ﻜﺎﻥ ﺴﻴﻔﻬﻡ ﺠﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻤﻥ ﻭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺨﺭﻴﺔ .ﻓﻬﻭ ﻤﻥ
ﺍﺨﺘﺭﻉ ﻗﺒﻠﻲ " ﻓﺎﺠﻌﺔ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ" ..ﻭﻫﻭ ﻤﻥ ﺴﺒﻘﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺘﻘﺎﺴﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻤﻊ ﺍﻤﺭﺃﺓ ..ﻻ ﺘﺘﻔﺠﻊ
ﺴﻭﻯ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻨﺸﺭﺓ ﺍﻟﺠﻭﻴﺔ!
ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ،ﺇﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻔﻀل ﺃﻥ ﺃﻗﻴﻡ ﻓﻲ ﻤﻜﺎﻥ ﺁﺨﺭ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﻏﻴﺎﺒﻬﺎ.
ﻗﺎﻟﺕ ﻤﺤﺘﺠﺔ:
-ﺃﺒﺩﺍﹰ ..ﻜﻴﻑ ﻓﻜﺭﺕ ﻓﻲ ﺸﻲﺀ ﻜﻬﺫﺍ!
-ﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ..ﺴﺄﻋﻭﺩ ﺒﻌﺩ ﺃﺴﺒﻭﻋﻴﻥ ﺃﻭ ﺜﻼﺜﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ .ﻭﺴﺄﻏﺎﺩﺭ ﺍﻟﺸﻘﺔ ﺤﺘﻤﺎﹰ ﻗﺒل
ﺨﺭﻭﺝ ﺯﻴﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ .ﻻ ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﻌﻠﻡ ﺒﺈﻗﺎﻤﺘﻲ ﻫﻨﺎ.
ﺃﻀﻔﺕ:
-ﻭﺒﺎﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔ..ﺃﻨﻭﻱ ﺸﺭﺍﺀ ﻫﺎﺘﻑ ﺨﻠﻭﻱ ﻴﻤﻜﻨﻙ ﺃﻥ ﺘﻁﻠﺒﻴﻨﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻷﻨﻨﻲ ﻻ ﺃﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺎﺘﻑ
ﻜﻤﺎ ﺘﻌﻠﻤﻴﻥ ،ﺨﺸﻴﺔ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺯﻴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻁ ،ﻓﻬﻭ ﻴﻌﺭﻑ ﺼﻭﺘﻲ.
-ﻓﻜﺭﺓ ﺠﻴﺩﺓ ..ﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ،ﻤﻥ ﻴﺘﺼﻠﻭﻥ ﺒﻲ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﻏﻴﺎﺒﻲ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻬﻡ ﺃﻥ ﻴﺘﺭﻜﻭﺍ ﻟﻲ
ﺭﺴﺎﻟﺔ ﺼﻭﺘﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺎﺘﻑ.
ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻘﺎﺴﻤﻨﺎ ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ ﻨﻔﺴﻪ ﻟﻠﻨﻭﻡ ،ﻭﺠﺩﺘﻨﻲ ﻋﺎﺠﺯﺍﹰ ﻋﻥ ﻀﻤﻬﺎ ﺒﺩﻭﻥ ﻤﺸﻘﺔ ،ﺃﻭ
ﺘﻘﺒﻴل ﺸﻔﺘﻴﻬﺎ ﺍﻟﺭﻓﻴﻌﺘﻴﻥ ﺒﺩﻭ ﺍﺴﺘﺠﺩﺍﺀ ﺒﻼﻫﺔ ﺍﻟﺤﻭﺍﺱ.
ﻜﺎﻥ ﻋﺯﺍﺌﻲ ﺃﻥ ﻜل ﻤﺴﺎﺀ :ﻤﻼﻴﻴﻥ ﺍﻟﺒﻴﻭﺕ ﻴﻨﺯل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻠﻴل ﻜﻤﺎ ﻴﻨﺯل ﻋﻠﻴﻨﺎ ،ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻤﻥ
ﻨﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺸﺭﺓ ،ﻭﺃﻥ ﻤﻼﻴﻴﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻏﻴﺭﻱ ﻻ ﻴﺩﺭﻱ ﻜﻴﻑ ﻴﻬﺭﺒﻭﻥ ﻤﻥ ﻭﺸﺎﻴﺔ ﺍﻟﻠﻴل ﺍﻟﻔﺎﻀﺤﺔ
ﻻﻏﺘﺭﺍﺒﻬﻡ ﺍﻟﺠﺴﺩﻱ ﻋﻥ ﺃﻗﺭﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻴﻬﻡ.
ﺘﺫﻜﺭﺕ ﺯﻭﺠﺘﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺇﺴﺘﻁﺎﻋﺕ ﺃﻥ ﺘﺴﺭﻕ ﻤﻨﻲ ﻁﻔﻼﹰ ﺒﻔﻀل ﺫﺭﺍﺌﻊ ﻓﺭﺍﺵ ﺍﻟﺯﻭﺠﻴﺔ.
ﻓﻔﻲ ﺤﻭﺍﺩﺙ ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ ،ﻴﺤﺩﺙ ﺃﻥ ﺘﺼﻁﺩﻡ ﺒﺸﺨﺹ ﻴﻨﺎﻡ ﺠﻭﺍﺭﻙ ﺃﻭ ﺃﻥ ﺘﻼﻤﺱ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻤﻨﻪ ﻭﺠﺩ ﻓﻲ
ﻤﺘﻨﺎﻭل ﺠﺴﺩﻙ.
ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺘﺴﻜﻌﻙ ﻓﻲ ﺃﺯﻗﺔ ﺍﻷﻗﺩﺭ ،ﻗﺩ ﺘﺘﻌﺜﺭ ﺒﺤﺏ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻤﺭﺘﻜﺒﺎﹰ ﺤﺎﺩﺜﺎﹰ ﻋﺎﻁﻔﻴﺎﹰ ﻟﻠﺴﻴﺭ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻤﺭﺃﺓ
ﺃﺨﺭﻯ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺒل ﻤﻨﻙ ﺇﺜﺭ ﺤﺎﺩﺙ ﺴﺭﻴﺭ!
ﺩﻭﻤﺎﹰ ﻜﺎﻥ ﻟﻲ ﺴﻭﺀ ﻅﻥ ﺒﺎﻟﻔﺭﺡ ،ﺍﺭﺘﻴﺎﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻬﺠﺔ ﺍﻟﻤﻀﻠﻠﺔ ﻟﻠﻌﻴﺩ .ﻓﻠﻴﺱ ﺍﻟﻌﻴﺩ ﺴﻭﻯ
ﺍﻻﺴﺘﻌﺩﺍﺩ ﻟﻪ ،ﺘﻤﺎﻤﺎﹰ ﻜﻌﻴﺩ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭﻱ ﺇﻴﺎﻫﺎ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻏﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻅﻬﺭﺍﹰ ﻤﺘﺠﻬﺎﹰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺭﻭﺍﻕ .ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ ﻤﺯﺩﺍﻨﺔ ﻜﻤﺎ ﻟﺘﺴﺘﺨﻑ ﺒﻲ.
ﺃﺴﺭﻴﻌﺎﹰ ﺠﺎﺀﺕ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﺴﻨﺔ؟ ﺃﻡ ﻫﻡ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﺩﻭﻤﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﻋﺠل ﻜﻲ ﻴﺒﻴﻌﻭﻙ ﻋﻴﺩﺍﹰ ﻟﻴﺱ ﻋﻴﺩﻙ .ﻓﻨﺤﻥ
ﻨﺼﻨﻊ ﺃﻋﻴﺎﺩﻨﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﻏﻔﻠﺔ ﻤﻥ ﻜل ﺍﻷﻋﻴﺎﺩ.
ﺃﻟﻴﺴﺕ ﻫﻲ ﻤﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻘﻭل ﺇﻨﻨﺎ ﻨﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﺜﺎﻟﺜﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻭﻻ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ،ﻻ ﺘﻜﻭﻥ
ﻤﺩﻴﻨﺘﻲ ،ﻭﻻ ﻤﺩﻴﻨﺘﻬﺎ .ﻤﺩﻴﻨﺔ ﺨﺎﺭﺝ ﺨﺎﺭﻁﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﻨﻠﺘﻘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺫﻋﺭ؟
ﻫﻲ ﺫﻱ ﺒﺎﺭﻴﺱ ،ﻭﺤﺏ ﻴﻨﺘﻤﻲ ﻟﻠﺸﺘﺎﺀ ،ﻟﺒﺎﺌﻊ ﺍﻟﻜﺴﺘﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﺸﻭﻴﺔ ،ﻟﻠﻴل ﻴﻨﺯل ﻋﻠﻰ ﻋﺠل ،ﻟﻤﻁﺭ
ﻴﻅل ﻴﻬﻁل ،ﻟﻭﺍﺠﻬﺎﺕ ﻤﺭﺸﻭﺸﺔ ﺒﺭﺫﺍﺫ ﺍﻟﺜﻠﺞ ﺇﻟﻴﻬﺎ.
ﻟﻭ ﺃﺜﻠﺠﺕ ﻭﻫﻲ ﻫﻨﺎ ،ﻴﺎ ﺇﻟﻪ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ،ﻟﻭ ﺘﻜﻭﻡ ﺍﻟﺜﻠﺞ ﻋﻨﺩ ﺒﺎﺏ ﺒﻴﺕ ﺍﻨﻐﻠﻕ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻜﻲ ﺃﺨﺘﺒﺭ ﺘﻠﻙ
ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻨﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻟﻠﺜﻠﺞ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺘﺴﺎﻗﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻭﻨﻜﻭﻥ ﻤﻌﺎﹰ ﺠﻭﺍﺭ ﻤﺩﻓﺄﺓ ﺍﻷﺸﻭﺍﻕ.
ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﺄﺕِ .ﻭﺍﻟﺜﻠﺞ ﻭﺍﺼل ﺘﺴﺎﻗﻁﻪ ﺩﺍﺨﻠﻲ ،ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻨﺘﻅﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﻭﺍﻕ ﻤﺒﻌﺜﺭﺍﹰ ﺒﻴﻥ ﺍﺭﺘﻴﺎﺏ
ﺍﻻﺤﺘﻤﺎﻻﺕ ،ﻤﺩﺍﻓﻌﺎﹰ ﻋﻥ ﻫﺸﺎﺸﺔ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﺒﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻻﻨﺘﻅﺎﺭ.
ﻜﺎﻨﺕ ﻟﻐﻴﺎﺒﻬﺎ ﺍﻟﺭﻫﻴﺏ ﺍﻟﻤﺤﺭﻕ ،ﻏﻴﺎﺒﻬﺎ ﺍﻟﺸﻬﻲ ﺍﻟﺼﻘﻴﻌﻲ ،ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺠﻤﻴل ﻤﻌﻬﺎ ﺤﺘﻰ ﺃﻥ ﺘﺨﻠﻑ
ﻤﻭﻋﺩﺍﹰ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺌﺴﺕ ﻤﻥ ﻤﺠﻴﺌﻬﺎ ،ﻋﺎﻭﺩﺘﻨﻲ ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﻟﻘﺎﺀ ﺯﻴﺎﻥ ﻋﺴﺎﻨﻲ ﺃﻁﻤﺌﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﺨﺒﺎﺭﻩ
ﻭﺃﺘﺴﻘﻁ ﺃﺨﺒﺎﺭﻫﺎ ،ﺩﺍﻋﻴﺎﹰ ﺍﷲ ﻜﻲ ﻻ ﻴﺠﻤﻌﻨﻲ ﺒﻬﺎ ﻋﻨﺩﻩ ﺘﻔﺎﺩﻴﺎﹰ ﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﻟﻥ ﻴﺨﺭﺝ ﻤﻨﻬﺎ ﺃﺤﺩﻨﺎ
ﺴﺎﻟﻤﺎﹰ.
ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﺭﺍﺒﻌﺔ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻅﻬﺭ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻗﺼﺩﺘﻪ.
ﻓﺎﺠﺄﺘﻨﻲ ﺒﺎﻗﺔ ﻭﺭﺩ ﻤﻨﺘﻘﺎﺓ ﺒﺫﻭﻕ ﺭﺍﻕٍ ﺠﻭﺍﺭ ﻁﺎﻭﻟﺔ ﺴﺭﻴﺭﻩ .ﻜﺎﻨﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺭﻓﺔ ﺫﺒﺫﺒﺎﺕ ﺒﻬﺠﺔ،
ﺨﻠﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﻭﺭﻭﺩ ﺍﻟﺼﻔﺭ ﻭﺍﻟﺒﻨﻔﺴﺠﻴﺔ.
ﻭﺠﺩﺘﻪ ﺴﻌﻴﺩﺍﹰ .ﺭﺒﻤﺎ ﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺘﻜﺊ ﻀﺎﺤﻜﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺨﺭﺍﺌﺒﻪ.
ﺒﺩﺍ ﻟﻲ ﺨﻔﻴﻔﺎﹰ ﻭﻤﻔﻠﺴﺎﹰ .ﻻ ﺘﺩﺭﻱ ﻤﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﺭﻕ ﻤﻨﻪ ﺒﺎﻟﺘﺤﺩﻴﺩ ﻟﻴﻜﻭﻥ ﺤﺯﻴﻨﺎﹰ ﺴﺎﺨﺭﺍﹰ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ
ﺍﻟﺤﺩ.
ﻫﻡ ﺒﺎﻟﻨﻬﻭﺽ ﻻﺴﺘﻘﺒﺎﻟﻲ .ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻁﻠﺒﺕ ﻤﻨﻪ ﺃﻻ ﻴﻐﺎﺩﺭ ﺴﺭﻴﺭﻩ .ﻓﻭﻀﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ
ﻜﺘﺎﺒﺎﹰ ﻜﺎﻥ ﻴﻘﺭﺃﻩ .ﻭﻗﺎل ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻨﺤﻨﻲ ﻟﺘﻘﺒﻴﻠﻪ:
-ﺃﻫﻼﹰ ..ﺘﻭﺤﺸﻨﺎﻙ ﻴﺎ ﺭﺍﺠل ..ﻭﻴﻥ ﺭﺍﻙ ﻏﺎﻁﺱ؟
ﺃﺠﺒﺕ ﻜﻤﻥ ﻴﺭﺩ ﻋﻨﻪ ﺸﺒﻬﺔ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺭﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺭﻴﺽ ﺍﻋﺘﺩﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺤﺯﻨﻪ:
-ﺭﺍﻨﻲ ﻏﺎﻁﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﺎﻜل ..ﻋﻠﻰ ﺒﺎﻟﻙ.
ﻜﺎﻥ ﺠﻭﺍﺒﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ .ﻴﺤﻤل ﻜﻤﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻜﻭﻯ ﻭﺍﻟﺘﺫﻤﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﺴﺕ ﻤﻀﻁﺭﺍﹰ ﻟﺸﺭﺡ
ﺃﺴﺒﺎﺒﻬﺎ ،ﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﺘﻤﻊ ﺇﻟﻴﻬﺎ " ﻋﻠﻰ ﺒﺎﻟﻭ" ﺒﺤﻜﻡ ﺃﻨﻪ ﻏﺎﺭﻕ ﺤﺘﻤﺎﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﺎﻜل ﻨﻔﺴﻬﺎ..
ﻟﻜﻭﻨﻪ ﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺎﹰ!
ﻭﻜﻤﺎ ﻟﻴﻔﻬﻡ ﻤﺼﺩﺭ ﻤﺸﺎﻜﻠﻲ ﻓﺎﺠﺄﻨﻲ ﺴﺎﺌﻼﹰ:
-ﻫل ﺃﻨﺕ ﻤﺘﺯﻭﺝ؟
ﻗﻠﺕ ﺴﺎﺨﺭﺍﹰ:
-ﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ
-ﻭﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ﺃﺨﺭﻯ؟
-ﻤﺘﺸﺭﺩ ﻋﺎﻁﻔﻲ.
ﺃﻀﻔﺕ ﻤﻤﺎﺯﺤﺎﹰ ﻜﻤﺎ ﻷﻁﻤﺌﻨﻪ:
-ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺭﺠل ﺤﺫﺭ ..ﺃﻟﺯﻡ ﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺘﻲ!
ﺭﺩ ﻀﺎﺤﻜﺎﹰ:
-ﺃﻨﺕ ﺘﺫﻜﺭﻨﻲ ﺒﺼﺩﻴﻕ ﻜﺎﻥ ﻴﺤﺘﺭﻑ ﺍﻟﻤﻐﺎﻤﺭﺓ ﺍﻟﻤﺤﺴﻭﺒﺔ ،ﺃﻱ ﺃﻨﻪ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻤﻐﺎﻤﺭﺍﹰ ،ﻭﻻ ﻜﺎﻥ
ﻭﻓﻴﺎﹰ .ﻜﺎﻥ ﻴﺨﺎﻑ ﺍﻷﻤﺭﺍﺽ ﺍﻟﺸﺎﺌﻌﺔ ،ﻭﻜﻨﺕ ﺃﻗﻭل ﻟﻪ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺩﻋﻲ ﺍﻻﺴﺘﻘﺎﻤﺔ " ﺇﻥ ﺍﻟﻭﻓﺎﺀ ﺍﻟﻤﺒﻨﻲ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻋﺏ ﺍﻟﻭﺒﺎﺌﻲ ،ﻜﺎﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻤﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻋﺏ ﺍﻟﻨﻭﻭﻱ ,ﻻ ﻴﻌﻭل ﻋﻠﻴﻪ .ﻓﺎﺨﺘﺭ ﺼﻔﻙ ﻴﺎ
ﺭﺠل ..ﻭﻻ ﺘﺤﺩ ﻋﻨﻪ ،ﻜﻥ ﺨﺎﺌﻨﺎﹰ ﺒﺠﺩﺍﺭﺓ ..ﺃﻭ ﻤﺨﻠﺼﺎﹰ ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﺒﻙ ﻤﺱ ﻤﻥ ﻭﻓﺎﺀ"!
ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺄﻟﻨﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻥ ﺤﻴﺎﺘﻲ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ .ﺃﻋﻁﺎﻨﻲ ﺍﻟﺤﻕ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺃﻁﺭﺡ
ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﻨﻔﺴﻪ .ﻗﻠﺕ:
-ﻭﻫل ﺃﻨﺕ ﻤﺘﺯﻭﺝ؟
ﺭﺩ ﻀﺎﺤﻜﺎﹰ:
-ﻷﻨﻨﻲ ﺃﻜﺭﻩ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﺭﻓﻀﺕ ﺍﻟﺯﻭﺍﺝ .ﻓﺎﻟﺯﻭﺍﺝ ﺍﻟﻨﺎﺠﺢ ﻴﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﻹﻨﻘﺎﺫﻩ.
ﺇﻨﻪ ﻤﺩﻴﻥ ﻟﻬﺎ ﺒﺩﻭﺍﻤﻪ ،ﺒﻘﺩﺭ ﻤﺎ ﻫﻲ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﻟﻪ ﺒﻭﺠﻭﺩﻫﺎ .ﻓﻼ ﺃﻜﺜﺭ ﻜﺂﺒﺔ ﻤﻥ ﺇﺤﺴﺎﺴﻙ ﺒﺎﻤﺘﻼﻙ
ﺃﺤﺩ ..ﺃﻭ ﺒﺎﻤﺘﻼﻜﻪ ﻟﻙ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺒﺩ.
ﺃﻨﺎ ﺃﺭﻓﺽ ﺍﻤﺘﻼﻙ ﺸﻲﺀ ،ﻓﻜﻴﻑ ﺃﻗﺒل ﺒﺎﻤﺘﻼﻙ ﺸﺨﺹ ﻭﻤﻁﺎﻟﺒﺘﻪ ﺒﺎﻟﻭﻓﺎﺀ ﺍﻷﺒﺩﻱ ﻟﻲ ﺒﺤﻜﻡ ﻭﺭﻗﺔ
ﺜﺒﻭﺘﻴﺔ .ﻻ ﺃﻅﻨﻨﻲ ﻗﺎﺩﺭﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﻜﻭﻥ ﻤﻥ ﺭﻋﺎﺓ ﺍﻟﻀﺠﺭ ﺍﻟﺯﻭﺠﻲ ﻓﻲ ﺸﺭﺍﺸﻑ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ.
ﺃﻀﺎﻑ ﺒﻌﺩ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻤﺕ:
-ﺘﺩﺭﻱ ..ﺃﺠﻤل ﺸﻲﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻓﺎﺀ ﻤﻐﻠﻑ ﺒﺎﻟﺸﻬﻭﺓ .ﺃﻤﺎ ﺍﻷﺘﻌﺱ ﻓﺸﻬﻭﺓ ﻤﻜﻔﻨﺔ ﺒﺎﻟﻭﻓﺎﺀ!
ﻤﻥ ﺃﻴﻥ ﻟﻪ ﺼﻔﺎﺀ ﺍﻟﺫﻫﻥ ﻟﻴﺼل ﺇﻟﻰ ﺤﻜﻤﺔ ﻜﻬﺫﻩ ،ﻭﻫﻭ ﺠﺎﻟﺱ ﺒﻴﻥ ﻗﻭﺍﺭﻴﺭ ﺍﻷﺩﻭﻴﺔ ﻭﻤﺼل
ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ .ﻭﻤﺘﻰ ﺨﺒﺭ ﻫﺫﺍ؟ ﻭﻤﻊ ﻤﻥ؟
ﻜﺎﻥ ﻟﻌﻴﻨﻴﻪ ﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﺘﻌﺏ ﻤﺯﻤﻥ .ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻴﺒﺩﻭ ﻏﻴﺭ ﺤﺯﻴﻥ.
-ﺃﺭﺍﻙ ﺴﻌﻴﺩﺍﹰ ﺍﻟﻴﻭﻡ.
ﺭﺩ ﻀﺎﺤﻜﺎﹰ
-ﺤﻘﺎﹰ؟ ﻭﻤﺎ ﺠﺩﻭﻯ ﺃﻥ ﺘﺘﻌﺫﺏ؟ ﻻ ﺘﺼﺩﻕ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺫﺍﺏ ﻴﺠﻌﻠﻙ ﺃﻗﻭﻯ ﻭﺃﺠﻤل ،ﻭﺤﺩﻩ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ
ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺫﻟﻙ .ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﺘﻠﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﺘﺤﻴﺔ ﺤﺫﺭﺓ ،ﻓﻜل ﻋﺫﺍﺒﺎﺘﻙ ﺘﺄﺘﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻔﺎﺘﻙ ﺇﻟﻰ
ﻨﻔﺴﻙ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺭﺍﺡ ﻴﺴﻜﺏ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻜﻭﺏ ﻤﺎﺀ ،ﺩﻗﻘﺕ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ
ﻟﺴﺭﻴﺭﻩ ،ﻜﺎﻥ ﻜﺘﺎﺒﺎﹰ ﺼﻐﻴﺭﺍﹰ ﻟﻴﺱ ﻋﻠﻰ ﻏﻼﻓﻪ ﻤﺎ ﻴﻠﻔﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭ .ﻋﻨﻭﺍﻨﻪ:
- Les jumeaux de Nedjma.
ﻟﻜﻥ ﻓﻀﻭﻟﻲ ﻻﻜﺘﺸﺎﻑ ﻤﻁﺎﻟﻌﺎﺕ ﺭﺠل ،ﻤﺎ ﺭﺃﻴﺕ ﻜﺘﺎﺒﺎﹰ ﻗﺒل ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﻁﺎﻭﻟﺘﻪ ،ﺠﻌﻠﻨﻲ ﺃﻤﺩ ﻴﺩﻱ
ﺘﻠﻘﺎﺌﻴﺎﹰ ﻷﺘﺼﻔﺤﻪ ،ﻏﻴﺭ ﻤﺘﻭﻗﻊ ﺍﻟﻤﻔﺎﺠﺄﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻨﺘﻅﺭﻨﻲ ﺩﺍﺨﻠﻪ.
ﻟﻡ ﻴﻘل ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻭﺃﻨﺎ ﺁﺨﺫﻩ ﻋﻥ ﺍﻟﻁﺎﻭﻟﺔ .ﺒﺩﺍ ﻭﻜﺄﻨﻪ ﻓﻭﺠﺊ ﺒﺘﺼﺭﻓﻲ.
ﺘﺄﻤﻠﺕ ﺍﻟﻌﻨﻭﺍﻥ ،ﺜﻡ ﻓﺘﺤﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺘﻠﻘﺎﺌﻴﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ,ﻭﺇﺫ ﺒﻲ ﺃﻤﺎﻡ ﺇﻫﺩﺍﺀ ﺒﺨﻁﻬﺎ!
ﻜﻠﻤﺎﺕ ﻟﻡ ﺃﻗﺭﺃﻫﺎ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺃﺤﺴﺴﺕ ﺃﻥ ﻨﻅﺭﺍﺘﻪ ﺘﺭﺍﻗﺒﻨﻲ ﺼﻤﺘﺎﹰ .ﺃﺤﺭﺠﻨﻲ ﻜﺒﺭﻴﺎﺀ ﺼﻤﺘﻪ .ﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ
ﻴﺨﺘﺒﺭ ﻗﻠﺔ ﺫﻭﻗﻲ ﺃﻭ ﻭﻗﺎﺤﺘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﺴﺱ ﻋﻠﻰ ﺴﺭﻩ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ.
ﺍﻜﺘﻔﻴﺕ ﺒﻘﺭﺍﺀﺓ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻤﻜﺘﻭﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻫﺩﺍﺀ.
ﺍﺴﺘﻨﺘﺠﺕ ﺃﻨﻬﺎ ﺯﺍﺭﺘﻪ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ .ﻭﺃﺩﺭﻜﺕ ﻤﻥ ﺃﻴﻥ ﺠﺎﺀﺕ ﺒﺎﻗﺔ ﺍﻟﻭﺭﺩ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻭﻋﻠﺒﺔ
ﺍﻟﺸﻭﻜﻭﻻﻁﺔ ﺍﻟﻔﺎﺨﺭﺓ ﺠﻭﺍﺭ ﺴﺭﻴﺭﻩ .ﻓﻬﻤﺕ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﺫﻜﺎﺀ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻁﺭﻓﺔ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻗﺎل ﻟﻴﻘﻨﻌﻨﻲ ﺒﻔﻀﺎﺌل
ﺍﻟﺸﻭﻜﻭﻻﻁﺔ ﻤﺼﺭﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻴﻀﻴﻔﻨﻲ ﻤﻨﻬﺎ:
-ﺍﻟﺸﻭﻜﻭﻻﻁﺔ ﻻ ﺘﻌﻁﻴﻙ ﻨﺸﻭﺓ ﻭﻁﺎﻗﺔ ﻟﻺﺒﺩﺍﻉ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻟﻠﺫﺘﻬﺎ ﺘﺴﺎﻋﺩﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﺒﺘﻼﻉ ﺃﻱ
ﻤﺫﺍﻕ ﻤﺭ ﻴﺭﺍﻓﻘﻬﺎ ،ﻤﺴﻬﻠﺔ ﻋﻠﻴﻙ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻟﺤﻅﺔ ﺘﻠﻘﹼﻴﻙ ﺭﺼﺎﺼﺔ .ﺤﺘﻰ ﺇﻥ ﻫﺎﻤﻨﻐﻭﺍﻱ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﺘﺏ
ﻟﺯﻭﺠﺔ ﺃﺒﻴﻪ ﻁﺎﻟﺒﺎﹰ ﻤﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺒﻌﺙ ﺒﺒﻨﺩﻗﻴﺔ ﺃﺒﻴﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻨﺘﺤﺭ ﺒﻬﺎ ,ﺃﺭﺴﻠﺘﻬﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﻤﺭﻓﻭﻗﺔ ﺒﻌﻠﺒﺔ
ﺸﻭﻜﻭﻻﻁﺔ ﻟﻌﻠﻤﻬﺎ ﺃﻨﻪ ﻴﺭﻴﺩﻫﺎ ..ﻜﻲ ﻴﻨﺘﺤﺭ !
ﻴﺎ ﻟﺫﻜﺎﺀ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺠل ﻭﺠﻤﺎل ﺘﻬﻜﻤﻪ!
ﻜﻤﺎ ﻟﻴﺫﻫﺏ ﺒﻜﻼﻤﻨﺎ ﻤﻨﺤﻰ ﺒﻌﻴﺩﺍﹰ ﻋﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ،ﻗﺎل ﻭﻫﻭ ﻴﺭﺍﻨﻲ ﺃﻋﻴﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﻤﻜﺎﻨﻪ:
-ﺇﻨﻪ ﻜﺘﺎﺏ ﺠﻤﻴل .ﻓﻴﻪ ﺘﻔﺎﺼﻴل ﻤﺫﻫﻠﺔ ﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﺃﻋﺭﻓﻬﺎ ﻋﻥ ﻤﻭﺕ ﻜﺎﺘﺏ ﻴﺎﺴﻴﻥ .ﺴﺠﻨﺕ ﻤﻌﻪ ﻓﻲ
٨ﻤﺎﻱ ١٩٤٥ﻓﻲ ﺴﺠﻥ ﺍﻟﻜﺩﻴﺎ ،ﻋﺸﺕ ﻤﻌﻪ ﻜل ﻭﻻﺩﺓ " ﻨﺠﻤﺔ" ،ﻜﻨﺎ ﺠﻴﻼﹰ ﺒﺤﻴﺎﺓ ﻤﺘﺸﺎﺒﻬﺔ،
ﺒﺨﻴﺒﺎﺕ ﻋﺎﻁﻔﻴﺔ ﻤﺩﻤﺭﺓ ،ﺒﺄﺤﻼﻡ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻥ ﺃﻋﻤﺎﺭﻨﺎ ،ﺒﺂﺒﺎﺀ ﻟﻡ ﻨﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﻴﻭﻤﺎﹰ،
ﺒﺄﻤﻬﺎﺕ ﻤﺠﻨﻭﻨﺎﺕ ﻤﻥ ﻓﺭﻁ ﺨﻭﻓﻬﻥ ﻋﻠﻴﻨﺎ .ﻜﻨﺎ ﻨﺘﺸﺎﺒﻪ ﺘﻘﺭﻴﺒﺎﹰ ﺠﻤﻴﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﻜل ﺸﻲﺀ .ﻭﻟﻡ ﻨﻌﺩ
ﻨﺨﺘﻠﻑ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺇﻻ ﻓﻲ ﻤﻭﺘﻨﺎ.
ﻤﺩ ﻴﺩﻩ ﺇﻟﻰ ﺠﺎﺭﻭﺭ ﺍﻟﻁﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﻴﻤﻴﻨﻪ .ﺃﺨﺫ ﺴﻴﺠﺎﺭﺓ ﻟﻡ ﻴﺸﻌﻠﻬﺎ .ﻅل
ﻤﻤﺴﻜﺎﹰ ﺒﻬﺎ ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﺃﺸﻌﻠﻬﺎ .ﺜﻡ ﻗﺎل:
-ﺃﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﺠﻴل ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﻴﺒﺔ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺘﻭﻗﻌﺔ .ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻗﺭﺃﺕ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺘﻔﺎﺼﻴل ﻤﻭﺕ
ﻜﺎﺘﺏ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﻓﻲ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺼﺎﺩﻓﺕ ﻤﻊ ﻤﻭﺕ ﺍﺒﻥ ﻋﻤﻪ ﻤﺼﻁﻔﻰ ﻜﺎﺘﺏ ،ﺜﻡ ﻜﻴﻑ ﺸﻴﻌﺕ
ﺠﻨﺎﺯﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ،ﻓﻜﺭﺕ ﻓﻲ ﻗﻭل ﻤﺎﻟﺭﻭ " ﻻ ﻴﺤﺩﺙ ﻟﻺﻨﺴﺎﻥ ﻤﺎ ﻴﺴﺘﺤﻘﻪ ،ﺒل ﻤﺎ ﻴﺸﺒﻬﻪ".
ﻤﻭﺕ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﻜﺤﻴﺎﺘﻪ ،ﻤﻭﺕ ﻤﻭﺠﻊ ﻭﻤﺸﺎﻏﺏ ﻭﻤﺴﺭﺤﻲ ﻭﻤﻌﺎﺭﺽ ﻭﻤﺤﺭﺽ ﻭﺴﺎﺨﺭ.
ﺘﺼﻭﺭ ..ﻴﻭﻡ ﻤﺎﺕ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﺩﻴﻨﺔ ) ﻏﺭﻭﻨﻭﺒل( ﻓﻲ ٢٩ﺃﻜﺘﻭﺒﺭ ١٩٨٩ﺤﺩﺙ ﺯﻟﺯﺍل ﻓﻲ
ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ .ﻭﻟﻜﻥ ﻨﺸﺭﺓ ﺍﻷﺨﺒﺎﺭ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺘﻀﻤﻥ ﻓﺘﻭﻯ ﺒﺜﺘﻬﺎ ﺍﻹﺫﺍﻋﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﺃﺼﺩﺭﻫﺎ
ﺍﻟﻤﻔﺘﻲ ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﻐﺯﺍﻟﻲ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻤﺠﻠﺱ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ،ﻭﻤﺴﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺒﻥ ﺠﺩﻴﺩ
ﺁﻨﺫﺍﻙ ،ﻴﻌﻠﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺠل ﻟﻴﺱ ﺃﻫﻼﹰ ﻷﻥ ﻴﻭﺍﺭﻴﻪ ﺘﺭﺍﺏ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ،ﻭﻴﺤﺭﻡ ﺒﺤﻜﻤﻬﺎ
ﺩﻓﻨﻪ ﻓﻲ ﻤﻘﺒﺭﺓ ﺇﺴﻼﻤﻴﺔ .ﻭﻟﻜﻥ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﻅل ﺤﺘﻰ ﺒﻌﺩ ﻤﻭﺘﻪ ﻴﺴﺘﺨﻑ ﺒﺎﻟﻔﺘﺎﻭﻯ ﻭﺒﻜل ﺃﻨﻭﺍﻉ
ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ .ﺤﻤﻠﺕ ﻨﻌﺸﻪ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻜﻤﺎ ﺍﻟﺭﺠﺎل .ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ,ﺭﺠل ﺘﺤﻤل ﻨﻌﺸﻪ ﻓﺭﻗﺔ ﻤﺴﺭﺤﻴﺔ
ﺒﻜﺎﻤﻠﻬﺎ.
ﻜﺎﻨﺕ ﻨﻜﺘﺘﻪ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﺃﻥ ﺘﻌﻁﻠﺕ ﺴﻴﺎﺭﺓ ﺍﻟـ " ﺍﻟﺒﻴﺠﻭ" ٥٠٤ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻨﻘل ﺠﺜﻤﺎﻨﻪ ،ﻟﻜﺜﺭﺓ
ﺍﻟﻤﻤﺜﻠﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺤﻤﻠﻬﻡ ،ﻤﻤﺎ ﺠﻌل ﺍﻟﻤﺸﻴﻌﻴﻥ ﻴﺘﺭﺠﻠﻭﻥ ﻭﻴﺫﻫﺒﻭﻥ ﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺒﺭﺓ ﻋﻠﻰ
ﺍﻷﻗﺩﺍﻡ ﻭﺴﻁ ﺯﻤﺎﻤﻴﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺯﻏﺎﺭﻴﺩ ﻭﻨﺸﻴﺩ ﺍﻷﻤﻤﻴﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﻨﺸﺩﻭﻨﻪ ﺒﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺒﺭﺒﺭﻴﺔ.
ﻟﻡ ﻴﺴﺘﻁﻊ ﺍﻹﻤﺎﻡ ﻭﻻ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﻭﻥ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻹﺴﻜﺎﺕ ﻜﺎﺘﺏ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺤﻴﺎﹰ ﻭﻻ ﻤﻴﺘﺎﹰ .ﻭﻟﻡ ﻴﺴﺘﻁﻴﻌﻭﺍ ﻤﻨﻊ
ﺍﻟﻘﺩﺭ ﺃﻥ ﻴﺠﻌﻠﻪ ﻴﺩﻓﻥ ﻓﻲ ﺃﻭل ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻨﺩﻻﻉ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ .ﻜﺎﻥ ﺃﻭل ﻤﻥ ﺃﺩﺨل
ﺍﻟﻔﻭﻀﻰ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺯﻏﺎﺭﻴﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒﺭ ﻜﻤﺎ ﺃﺩﺨﻠﻬﺎ ﻗﺒل ﺫﻟﻙ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻼﺕ ﻭﺍﻟﺴﺠﻭﻥ!
ﻗﻠﺕ ﻤﺘﻌﺠﺒﺎﹰ:
-ﺇﻨﻪ ﻟﻤﻭﺕ ﻁﺭﻴﻑ ﺤﻘﺎﹰ ..ﻟﻡ ﺃﺴﻤﻊ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﺘﻔﺎﺼﻴل ﻤﻥ ﻗﺒل.
ﻗﺎل ﺴﺎﺨﺭﺍﹰ:
-ﻟﻴﺱ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻁﺭﻴﻑ ﻓﻲ ﺤﺩ ﺫﺍﺘﻪ ،ﺇﻨﻤﺎ ﺘﺸﻜﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻓﻲ ﻏﺭﺍﺒﺔ ﺃﻗﺩﺍﺭﻩ ﻜﻤﺎ ﻋﺭﻓﻪ ﺠﻴﻠﻨﺎ.
ﺘﺼﻭﺭ ﻴﺎ ﺭﺠل :ﻟﻲ ﺼﺩﻴﻘﺎﻥ ﻜﻼﻫﻤﺎ ﻤﻥ ﺭﺠﺎل ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻭﻜﺒﺎﺭ ﻤﺠﺎﻫﺩﻱ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ،ﺃﺤﺩﻫﻤﺎ ﻤﺎﺕ
ﻗﻬﺭﺍﹰ ﻭﺍﻵﺨﺭ ﻤﺎﺕ ﻀﺤﻜﺎﹰ .ﻫل ﺘﺼﺩﻕ ﻫﺫﺍ؟ ﺃﻨﺕ ﺴﻤﻌﺕ ﺤﺘﻤﺎﹰ ﺒﻌﺒﺩ ﺍﻟﺤﻔﻴﻅ ﺒﻭﺍﻟﺼﻭﻑ؟
-ﻁﺒﻌﺎﹰ ..ﻜﺎﻥ ﻤﺩﻴﺭ ﺍﻻﺴﺘﺨﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ.
-ﺃﺘﺩﺭﻱ ﻜﻴﻑ ﻤﺎﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺠل ﺍﻟﺼﻠﺏ ﺍﻟﻤﺭﺍﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺸﺘﻬﺭ ﺒﻐﻤﻭﻀﻪ ﻭﺃﻭﺍﻤﺭﻩ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺭﺤﻤﺔ
ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﻔﻴﺎﺕ ﺍﻟﺠﺴﺩﻴﺔ ﻟﻸﻋﺩﺍﺀ ﻜﻤﺎ ﻟﻠﺭﻓﺎﻕ؟ ﺘﻭﻓﻲ ﺴﻨﺔ ١٩٨٠ﺇﺜﺭ ﺃﺯﻤﺔ ﻗﻠﺒﻴﺔ ﻓﺎﺠﺄﺘﻪ
ﻭﻫﻭ ﻴﻀﺤﻙ ﻀﺤﻜﺎﹰ ﺸﺩﻴﺩﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﻨﻜﺘﺔ ﺴﻤﻌﻬﺎ ﻤﻥ ﺼﺩﻴﻕ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻬﺎﺘﻑ!
ﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﺍﻨﺴﺤﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻨﻬﺎﺌﻴﺎﹰ ﺒﻌﺩ ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ،ﺭﺍﻓﻀﺎﹰ ﺃﻱ ﻤﻨﺼﺏ ﻗﻴﺎﺩﻱ ﻭﺃﺼﺒﺢ
ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻪ ﺃﻥ ﻴﻤﻭﺕ ﻀﺎﺤﻜﺎﹰ!
ﺃﻟﻴﺴﺕ ﻨﻬﺎﻴﺘﻪ ﺃﻓﻀل ﻤﻥ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ﻋﻤﻴﺭﺍﺕ ،ﺭﻓﻴﻕ ﺴﻼﺤﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﺎﺕ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺤﺯﻨﺎﹰ
ﺒﺴﻜﺘﺔ ﻗﻠﺒﻴﺔ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﻤﻌﺭﻜﺔ ﺍﻟﻔﺎﺘﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺠﺜﻤﺎﻥ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻭﻀﻴﺎﻑ ,ﺭﻓﻴﻕ ﺴﻼﺤﻬﻤﺎ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﺫﻱ
ﺴﻘﻁ ﻤﻐﺘﺎﻻﹰ؟
ﻟﻡ ﻴﻨﺞ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻌﻨﺔ ﺤﺘﻰ ﻤﻥ ﻤﺎﺕ ﻤﻥ ﺠﻴﻠﻨﺎ ﺸﻬﻴﺩﺍﹰ ﻤﻴﺘﺔ ﺍﻷﺒﻁﺎل .ﺃﻭﺭﺙ ﻨﺤﺱ ﺠﻴﻠﻪ ﺇﻟﻰ
ﺫﺭﻴﺘﻪ ،ﻜﺎﻟﺸﻬﻴﺩ ﺍﻟﺒﻁل ﻤﺼﻁﻔﻰ ﺒﻥ ﺒﻭﻟﻌﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻏﺘﻴل ﺍﺒﻨﻪ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻭﻫﺎﺏ ﻭﻫﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻥ
ﻤﻥ ﻋﻤﺭﻩ ﻓﻲ ٢٢ﺁﺫﺍﺭ ، ١٩٩٥ﻨﻬﺎﺭ ﺍﻏﺘﻴل ﺃﺒﻭﻩ ﻋﻠﻰ ﺃﻴﺩﻱ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﻴﻥ ﻗﺒل ﺘﺴﻌﺔ ﻭﺜﻼﺜﻴﻥ
ﺴﻨﺔ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻨﺼﺏ ﻟﻪ ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻭﻥ ﺤﺎﺠﺯﺍﹰ ﻭﻫﻭ ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻘﻪ ﺇﻟﻰ ﺒﻠﺩﺘﻪ " ﺒﺎﺘﻨﺔ" ﻟﻴﺸﺎﺭﻙ ﻜﻜل ﺴﻨﺔ
ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺄﺒﻴﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﺎﻡ ﻓﻲ ﺫﻜﺭﻯ ﺍﺴﺘﺸﻬﺎﺩ ﺃﺒﻴﻪ.
ﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻴﺘﺔ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ﻜل ﻓﺎﺠﻌﺔ ﺠﻴﻠﻨﺎ .ﺭﺠل ﻤﺜل ﻤﺼﻁﻔﻰ ﺒﻥ ﺒﻭﻟﻌﻴﺩ ،ﺃﺤﺩ ﺭﻤﻭﺯ
ﻤﻘﺎﻭﻤﺘﻨﺎ ،ﺘﻬﺩﻴﻪ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﺠﺜﻤﺎﻥ ﺍﺒﻨﻪ ﻓﻲ ﻴﻭﻡ ﺍﺴﺘﺸﻬﺎﺩﻩ ..ﺃﻱ ﻭﻁﻥ ﻫﺫﺍ؟
ﺘﻭﻗﻑ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺸﺭﻴﻁ ﺍﻟﺘﺴﺠﻴل .ﺍﻨﺘﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻨﻨﻲ ﻜﻨﺕ ﻓﺘﺤﺕ ﺍﻟﻤﺴﺠل ،ﻗﺎل ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻗﻠﺏ
ﺍﻟﺸﺭﻴﻁ:
-ﺨﻠﻴﻙ ﻡ ﺍﻟﺘﺴﺠﻴل ﻴﺎ ﺭﺍﺠل ..ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ " ﺍﻟﺤﻠﹼﻭﻑ "ﺭﺍﻩ ﻴﺴﺠل!
ﻗﻠﺕ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ ﻓﻲ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﻠﺘﺨﻔﻴﻑ ﻤﻥ ﻤﺭﺍﺭﺘﻪ:
-ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻴﺴﺠل ﻟﻜﻥ ﺃﻨﺎ ﺃﻨﺸﺭ .ﺃﺭﻴﺩ ﻨﺸﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒﻠﺔ ﻜﺸﻬﺎﺩﺓ ﻋﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ.
ﺭﺩ ﺒﺘﻬﻜﻡ ﻤﺭ:
-ﺃﻴﺔ ﻤﺭﺤﻠﺔ؟ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﻟﻡ ﺘﻨﺘﻪ ﻴﺎ ﺭﺠل .ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﻴﻌﻴﺵ ﺠﺩﻟﻴﺔ ﺘﺩﻤﻴﺭ ﺍﻟﺫﺍﺕ ،ﻫﻭ ﻤﺒﺭﻤﺞ
ﻹﺒﺎﺩﺓ ﻨﻔﺴﻪ ﻭﺍﻟﺘﻨﻜﻴل ﺒﻬﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻻ ﻴﺠﺩ ﻋﺩﻭﺍﹰ ﻟﻴﻨﻭﺏ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ .ﺘﻅﻥ ﺃﻥ ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻴﻥ ﻜﺎﻥ
ﻟﻬﻡ ﺍﻟﻔﻀل ﻓﻲ ﺒﺩﻋﺔ ﻗﺘل ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﻭﺍﻷﻁﺒﺎﺀ ﻭﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺌﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻤﻴﻥ
ﻭﺍﻟﻤﺴﺭﺤﻴﻴﻥ ..ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻟﻬﺎ ﺘﻘﺎﻟﻴﺩ ﻓﻲ ﻗﺘل ﻤﺜﻘﻔﻴﻬﺎ ..ﻭﺃﻨﺎ ﻜﻨﺕ ﻓﻲ ﺼﻔﻭﻑ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺩﻴﻥ ﻋﻨﺩﻤﺎ
ﻓﻲ ﺨﺩﻋﺔ ﻫﺩﻓﻬﺎ ﺇﻟﺤﺎﻕ ﻀﺭﺭ ﻨﻔﺴﻲ ﺒﺎﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ،ﺃﻭﺤﺕ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻟﻠﻌﻘﻴﺩ ﻋﻤﻴﺭﻭﺵ ﺒﺄﻥ ﺒﻴﻥ ﺭﺠﺎﻟﻪ
ﻤﻥ ﻴﻌﻤﻠﻭﻥ ﻤﺨﺒﺭﻴﻥ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺠﻴﺵ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ .ﻓﻘﺎﻡ ﻓﻲ ﻴﻭﻟﻴﻭ ،١٩٥٦ﻭﺒﻌﺩ ﻤﺤﺎﻜﻤﺔ ﺴﺭﻴﻌﺔ،
ﺒﻘﺘل ﺃﻟﻑ ﻭﺜﻤﺎﻨﻤﺎﺌﺔ ﻤﻥ ﺭﺠﺎﻟﻪ ،ﻓﻲ ﺤﺎﺩﺜﺔ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺸﻬﻴﺭﺓ ﺒﺎﺴﻡ " La bleuite".ﻓﻭﺭﺍﹰ
ﻭﺠﻬﺕ ﺃﺼﺎﺒﻊ ﺍﻻﺘﻬﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ،ﺃﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺘﺭﻜﻭﺍ ﺩﺭﺍﺴﺎﺘﻬﻡ ﻟﻴﻠﺘﺤﻘﻭﺍ
ﺒﺎﻟﺠﺒﻬﺔ ،ﻭﺍﻟﺫﻴﻥ ﺒﺴﺒﺏ ﻋﻠﻤﻬﻡ ﻭﺜﻘﺎﻓﺘﻬﻡ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺭ ﺘﺜﻕ ﻓﻲ ﻭﻻﺌﻬﻡ .ﺃﻤﺎ
ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺍﻨﻘﻀﻭﺍ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﻓﻜﺎﻨﻭﺍ ﺭﻓﺎﻗﻬﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺩﻴﻥ ﺍﻟﻘﺭﻭﻴﻴﻥ ﻭﺍﻷﻤﻴﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﻌﻅﻤﻬﻡ،
ﻭﺍﻟﺫﻴﻥ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﺒﺩﺀ ﻟﻡ ﻴﻐﻔﺭﻭﺍ ﻟﻬﻡ ﺘﻤﻴﺯﻫﻡ ﻋﻨﻬﻡ ﺒﺎﻟﻤﻌﺭﻓﺔ .ﻭﺍﻟﻴﻭﻡ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﻟﻡ ﻴﺘﻐﻴﺭ ﺸﻲﺀ .ﻜل
ﺠﺎﻫل ﻴﺜﺄﺭ ﻟﺠﻬﻠﻪ ﺒﻘﺘل ﻤﺜﻘﻑ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻤﺯﺍﻴﺩﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻹﻴﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻙ ﻓﻲ ﻭﻻﺌﻪ ﻟﻠﻭﻁﻥ .ﻭﻫﺎ
ﻨﺤﻥ ﻓﻲ ﻤﺎ ﺒﻘﻲ ﻟﻨﺎ ﻤﻥ ﻀﺤﺎﻴﺎ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻀﺩ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ.
ﺘﻭﻗﻑ ﻟﻴﺴﺄﻟﻨﻲ ﻓﺠﺄﺓ:
-ﻫل ﺍﺸﺘﺭﻴﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ؟
ﻭﻗﺒل ﺃﻥ ﺃﺠﻴﺏ ,ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺠﺎﺭﻭﺭ ﻴﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺸﻲﺀ .ﺃﺨﺭﺝ ﻭﻻﻋﺔ ،ﺃﺸﻌل ﺍﻟﺴﻴﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ
ﻤﻤﺴﻜﺎﹰ ﺒﻬﺎ ﻁﻭﺍل ﺍﻟﻭﻗﺕ.
ﻭﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﻗﻭل ﻟﻪ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﺃﺠﺎﺏ ﻤﺘﻬﻜﻤﺎﹰ ﻤﻥ ﺘﻌﺠﺒﻲ ﻟﺘﺩﺨﻴﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ:
-ﻻ ﺘﻬﺘﻡ ..ﺃﻨﺎ ﺃﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﺠﻴل ﻤﻥ ﺍﻟﺭﺠﺎل ﺍﻟﻤﺠﺒﻭﻟﻴﻥ ﺒﺎﻟﻌﺼﻴﺎﻥ.
ﺜﻡ ﺃﻋﺎﺩ ﺴﺅﺍﻟﻪ ﺒﺼﻴﻐﺔ ﺃﺨﺭﻯ:
-ﻤﺎﺫﺍ ﺴﺘﻔﻌل ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ؟
-ﺴﺂﺨﺫﻫﺎ ﻤﻌﻲ ﺇﻟﻰ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﻋﻭﺩ ﺒﻌﺩ ﺃﺴﺒﻭﻋﻴﻥ ﺃﻭ ﺜﻼﺜﺔ.
ﺜﻡ ﺃﺭﺩﻓﺕ ﺨﺸﻴﺔ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺩ ﻏﻴﺭ ﺭﺃﻴﻪ:
-ﺴﺘﺒﻘﻰ ﺒﺘﺼﺭﻓﻙ .ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻙ ﺃﻥ ﺘﺭﺍﻫﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺯﻭﺭ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ.
-ﻟﻡ ﺃﻋﺩ ﺃﺘﺭﺩﺩ ﻋﻠﻰ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ .ﻟﻡ ﻴﺒﻕ ﻟﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺤﺩ ﻭﻻ ﺸﻲﺀ .ﺁﺨﺭ ﻤﺭﺓ ﺯﺭﺘﻬﺎ ﻤﻨﺫ ﺴﻨﺔ
ﻭﻨﺼﻑ ﻷﺤﻀﺭ ﺠﻨﺎﺯﺓ ﺍﺒﻥ ﺃﺨﻲ ﺤﺴﺎﻥ.ﺸﻌﺭﺕ ﺃﻨﻬﺎ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﺘﺼﻠﺢ ﺇﻻ ﺼﻭﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺒﻁﺎﻗﺔ
ﺒﺭﻴﺩﻴﺔ ﺃﻭ ﺠﺴﺭﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﻟﻭﺤﺔ .ﺒﺩﺕ ﻟﻲ ﺠﺴﻭﺭﻫﺎ ﻫﺭﻤﺔ ﺘﻌﺒﺔ ،ﻜﺄﻨﻬﺎ ﺸﺎﺨﺕ ﻭﺘﺴﺎﻗﻁﺕ ﻋﻨﻬﺎ
ﺤﺠﺎﺭﺘﻬﺎ ،ﻜﺄﻓﻭﺍﻩ ﺘﻌﺭﺕ ﻋﻥ ﺃﺴﻨﺎﻨﻬﺎ ،ﻜﺴﺤﻨﺔ ﻤﻥ ﻴﻌﺒﺭﻭﻨﻬﺎ ﺒﻤﻼﻤﺢ ﺘﻌﺭﺕ ﻤﻥ ﺘﻌﺎﺒﻴﺭﻫﺎ،
ﻤﺴﺭﻋﻴﻥ ﺤﻴﻨﺎﹰ ..ﻤﺘﺜﺎﻗﻠﻲ ﺍﻟﺨﻁﻰ ﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ﺃﺨﺭﻯ ,ﺘﺎﺌﻬﻴﻥ ﺤﺎﺌﺭﻴﻥ ،ﻜﻤﻥ ﻴﻨﺘﻅﺭ ﻓﺎﺠﻌﺔ.
-ﺭﺒﻤﺎ ﻷﻨﻙ ﺯﺭﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻅﺭﻑ ﺤﺯﻴﻥ.
-ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﻲ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﻤﻌﻬﺎ ﻤﻭﻋﺩ ﺴﻌﻴﺩ .ﺩﻭﻤﺎﹰ ﻏﺎﺩﺭﺘﻬﺎ ﻤﻔﺠﻭﻋﺎﹰ .ﺭﺍﻓﻀﺎﹰ ﻋﻘﺩ ﻤﻴﺜﺎﻕ ﻤﻊ ﺍﻟﻭﺤل
ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺘﻰ ﻋﻠﻰ ﻜل ﺸﻲﺀ .ﻻ ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺃﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺨﻠﻊ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﺤﺠﺎﺭﺘﻬﺎ ..ﻭﺘﻨﺯﻟﻕ
ﻨﺤﻭ ﻭﻫﺩ ﺍﻟﻬﺎﻭﻴﺔ.
ﺼﺩﻗﻨﻲ ﻤﻨﺫ ﺍﻏﺘﻴﺎل ﺒﻭﻀﻴﺎﻑ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺃﻜﺭﻩ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﺴﻔﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ،ﻓﺒﻤﻭﺘﻪ ﻤﺎﺕ ﺸﻲﺀ ﻓﻴﻨﺎ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺠﺎﺅﻭﺍ ﺒﻪ ﻤﺘﻀﺭﻋﻴﻥ ﻜﻲ ﻴﻨﻘﺫ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻭﻴﻜﻭﻥ ﺭﺌﻴﺴﻬﺎ ،ﻤﺎ ﻅﻨﻭﺍ ﺃﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺭﺠل ﺍﻟﺫﻱ
ﺠﺒﻠﺘﻪ ﺍﻟﺴﺠﻭﻥ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻲ ﻭﺨﻴﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﺭﻓﺎﻕ ،ﻋﻠﻰ ﻫﺯﺍﻟﻪ ،ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺼﻠﺢ ﻹﺒﺭﺍﻡ ﺼﻔﻘﺔ ﻓﻭﻕ
ﺍﻟﺠﺜﺙ ﻓﺤﻭﻟﻭﻩ ﺇﻟﻰ ﺠﺜﺔ ﻜﻲ ﻨﺘﻌﻠﻡ ﻤﻥ ﺠﺜﺘﻪ.
ﺃﻻ ﺘﺭﻯ ﻜل ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺠﺭ ﺍﻟﻤﺘﺴﺎﻗﻁ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺒﻌﺩﻩ؟ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻨﺎ ﺍﻵﻥ ﺃﻥ ﻨﻭﺍﺼل ﺍﻟﺘﺭﺍﺸﻕ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﻡ ﻤﻥ
ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ .ﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﺍﻟﺴﺅﺍل " ﻤﻥ ﻗﺘل ﺒﻭﻀﻴﺎﻑ؟" ﺼﺎﺭ ":ﺼﻭﺏ ﺃﻱ ﻤﺼﺏ ﺫﺍﻫﺏ ﺒﻨﺎ ﺍﻟﻭﺤل؟
ﺼﻭﺏ ﺃﻱ ﻭﺤل ﺫﺍﻫﺏ ﺒﻨﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ؟"
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻴﻐﺎﺩﺭ ﺴﺭﻴﺭﻩ ﻟﻴﻭﺩﻋﻨﻲ ،ﺃﻭﻗﻊ ﺍﻟﻤﺯﻫﺭﻴﺔ ﺒﺤﺭﻜﺔ ﻤﻥ ﻴﺩﻩ ﻭﻫﻭ ﻴﺤﺎﻭل
ﺍﻻﺴﺘﻨﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻁﺎﻭﻟﺔ.
ﺍﻨﺤﻨﻴﺕ ﻤﺘﺄﺴﻔﺎﹰ ﺃﺭﻓﻌﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺃﺠﻤﻊ ﺍﻟﻭﺭﻭﺩ.
ﻗﺎل ﻜﻤﻥ ﻴﻌﺘﺫﺭ ﻋﻥ ﺤﻤﺎﻗﺔ:
-ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻤﺼﺎﺒﺎﹰ ﺒﻌﻤﻰ ﺍﻷﻁﺭﺍﻑ .ﻤﺎ ﻤﺭﺭﺕ ﺒﺸﻲﺀ ﺇﻻ ﻭﺍﺼﻁﺩﻤﺕ ﺒﻪ.
ﺩﻋﻙ ﻤﻥ ﺠﻤﻌﻪ ..ﺴﺘﺤﻀﺭ ﺍﻟﻤﻤﺭﻀﺔ ﻟﻠﻤﻠﻤﺘﻪ ..ﺇﻨﻪ ﻭﺭﺩ ﻓﻘﻁ ﻭﻫﻭ ﺁﻴل ﻟﻠﺫﺒﻭل!
ﺜﻡ ﺃﺭﺩﻑ ﺒﺘﻬﻜﻡ ﻭﺤﺩﻩ ﻴﺘﻘﻨﻪ:
-ﺤﺘﻰ ﻭﺇﻥ ﺴﻘﻁﺕ ﺫﺭﺍﻋﻲ ..ﺤﺎﺫﺭ ﺃﻥ ﺘﻠﺘﻘﻁﻬﺎ.
-ﺃﻨﺕ ﺘﻌﺎﻜﺱ ﻗﺼﻴﺩﺓ ﻤﺤﻤﻭﺩ ﺩﺭﻭﻴﺵ.
"ﺴﻘﻁﺕ ﺫﺭﺍﻋﻲ ﻓﺎﻟﺘﻘﻁﻬﺎ
ﻭﺴﻘﻁﺕ ﺠﻨﺒﻙ ﻓﺎﻟﺘﻘﻁﻨﻲ"
ﻗﺎﻁﻌﻨﻲ ﻤﻭﺍﺼﻼﹰ:
" -ﻭﺍﻀﺭﺏ ﻋﺩﻭﻙ ﺒﻲ"..
-ﺃﺘﻌﺭﻓﻬﺎ؟
ﺭﺩ ﻤﺒﺘﺴﻤﺎﹰ:
-ﺃﻋﺭﻓﻬﺎ؟ ﻜﻡ ﺃﻋﺭﻓﻬﺎ! ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻘﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﺔ ﻟﺼﺩﻴﻘﻲ ﺯﻴﺎﺩ .ﻜﺎﻥ ﺩﻭﻤﺎﹰ ﻴﻘﻭل :ﻟﻴﺘﻨﻲ ﻜﺎﺘﺒﻬﺎ.
ﻓﺄﻋﻠﻕ " ﻻ ﺘﻬﺘﻡ ..ﺇﻥ ﺴﻘﻁﺕ ﺴﺄﻟﺘﻘﻁﻙ ﺒﺫﺭﺍﻋﻲ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ" .ﻷﻨﻨﻲ ﻤﻊ ﺯﻴﺎﺩ ﻜﻨﺕ ﺃﻋﺭﻑ ﻜﻡ ﺍﻟﻌﺩﻭ
ﺍﻟﺫﻱ ﺴﺄﻗﺫﻑ ﺒﺠﺴﺩﻩ ﻓﻲ ﺍﺘﺠﺎﻫﻪ .ﻟﻜﻨﻙ ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻘﻁﺕ ﺫﺭﺍﻋﻲ ﻓﻌﻠﻰ ﻤﻥ ﺴﺘﻘﺫﻓﻬﺎ؟
ﻭﺍﺼل ﺒﺴﻌﺎﺩﺓ:
-ﺒﺎﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﻏﺎﺩﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺴﺄﻁﻠﻌﻙ ﻋﻠﻰ ﺒﻌﺽ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺯﻴﺎﺩ.
-ﺃﻤﺎ ﺯﺍﻟﺕ ﻓﻲ ﺤﻭﺯﺘﻙ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ؟
-ﻁﺒﻌﺎﹰ ..ﻗﺩ ﺃﻓﺭﻁ ﺒﻠﻭﺤﺎﺘﻲ ﻭﻻ ﺃﻓﺭﻁ ﺒﻬﺎ ..ﻤﺸﻜﻠﺘﻲ ﺩﻭﻤﺎﹰ ﻜﺎﻨﺕ ﺇﺭﺙ ﺍﻟﺸﻬﺩﺍﺀ.
ﺍﻓﺘﺭﻗﻨﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﺩﺭﻙ ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﺃﻜﺜﺭ ﺴﻌﺎﺩﺓ ﺃﻭ ﺃﻜﺜﺭ ﺤﺯﻨﺎﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ.
ﻜﺎﻥ ﻴﺘﺼﺭﻑ ﺒﺎﺴﺘﺨﻔﺎﻑ ﺍﻟﻤﻔﻠﺱ .ﻴﺩﺨﻥ ﻭﻴﺩﺭﻙ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﺎﺌﺭ ﻤﻀﺭﺓ ﻟﻪ .ﻭﻁﻠﺏ ﻤﻨﻲ ﺃﻥ
ﺃﺤﻀﺭ ﻟﻪ ﻗﺎﺭﻭﺭﺓ ﻭﻴﺴﻜﻲ ﺼﻐﻴﺭﺓ ﻤﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﺩﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺍﺕ ﻟﻤلﺀ ﻜﺄﺱ ﻭﺍﺤﺩﺓ ،ﻏﻴﺭ
ﻤﻌﻨﻲ ﺒﺄﻨﻪ ﻤﻤﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺘﻨﺎﻭﻟﻬﺎ ﻤﻊ ﺩﻭﺍﺌﻪ .ﻭﻴﻨﺴﻰ ﺃﻥ ﻴﺄﺨﺫ ﺩﻭﺍﺀﻩ ﻷﻨﻪ ﻴﺩﺭﻱ ﺃﻥ ﻻ ﺠﺩﻭﻯ ﻤﻥ
ﺍﻟﺩﻭﺍﺀ .ﻭﻴﺄﻜل ﺃﺸﻴﺎﺀ ﻗﺩ ﺘﺘﺩﻫﻭﺭ ﺒﻬﺎ ﺼﺤﺘﻪ ﻋﺴﻰ ﺒﻬﺎ ﺘﺭﺘﻔﻊ ﻤﻌﻨﻭﻴﺎﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺘﻐﺫﻯ ﺴﻭﻯ
ﺒﺎﻟﻤﺤﻅﻭﺭﺍﺕ.
ﺃﻅﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﺴﻌﻴﺩﺍﹰ ،ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺒﺒﺎﻗﺔ ﺍﻟﻭﺭﺩ ،ﻭﻻ ﺒﺎﻟﺸﻭﻜﻭﻻﻁﺔ ﺍﻟﻔﺎﺨﺭﺓ
ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺤﻀﺭﺘﻬﺎ ﻟﻪ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻭﻀﻊ ﺤﺒﺎﺕ ﻤﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺠﻴﺒﻲ ﻭﻫﻭ ﻴﻭﺩﻋﻨﻲ ،ﻭﻻ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺫﻱ
ﺘﻠﻘﺎﻩ ﻤﻨﻬﺎ ،ﻜﻤﺎ ﺘﻠﻘﻰ ﻫﺎﻤﻨﻐﻭﺍﻱ ﺍﻟﺒﻨﺩﻗﻴﺔ ﻤﻥ ﺯﻭﺠﺔ ﺃﺒﻴﻪ.
ﺴﻌﺎﺩﺘﻪ ﻜﺎﻨﺕ ﺒﺴﺒﺏ ﺴﻤﺎﺡ ﺍﻟﻁﺒﻴﺏ ﻟﻪ ﺒﻤﻐﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻴﻭﻡ ﺍﻷﺭﺒﻌﺎﺀ ،ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﻴﺨﻁﻁ
ﻟﻤﺸﺎﺭﻴﻊ ﻜﺜﻴﺭﺓ ﺃﻭﻟﻬﺎ ﺯﻴﺎﺭﺓ ﻤﻌﺭﻀﻪ ﻭﺠﻤﻊ ﻤﺎ ﺒﻘﻲ ﻤﻥ ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ.
ﺃﻤﺎ ﻤﺭﺍﺭﺘﻪ ،ﻓﻜﺎﻥ ﺴﺒﺒﻬﺎ ﺍﻟﺴﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺠﺢ ﻜﻭﻥ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺤﺒﻬﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺸﻔﻲ ﻤﻨﻬﺎ
ﻟﺘﻌﻭﺩﻩ ﻭﺘﺘﻔﺭﺝ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺒﺸﺎﻋﺔ ﻤﺭﻀﻪ ﺍﻷﺨﻴﺭ.
ﻫﻭ ﻨﻔﺴﻪ ﻗﺎل ﻤﺭﺓ ﺇﻨﻪ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺸﻌﺭ ﺒﺄﻨﻪ ﺃﺼﺒﺢ ﺒﺸﻌﺎﹰ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ،ﻴﻨﻬﻴﻬﺎ ﻭﻴﻬﺭﺏ ﺤﺘﻰ ﻋﻨﺩﻤﺎ
ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻁﺭﻑ ﺍﻵﺨﺭ ﻭﻁﻨﺎﹰ .ﻟﻜﻥ ﺃﻴﻥ ﻜﺎﻥ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻪ ﺃﻥ ﻴﻬﺭﺏ ﻭﻫﻭ ﺭﻫﻴﻥ ﺴﺭﻴﺭ ﺍﻟﻤﺭﺽ؟
ﺃﺘﻭﻗﻊ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﺴﺘﺄﺼل ﺍﻟﺯﺍﺌﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ ﻭﺭﺍﺡ ﻴﺨﺘﺒﺭ ﻗﺩﺭﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺘﺠﻤﻴل ﺍﻟﺒﺸﺎﻋﺔ ﺒﺎﻟﺴﺨﺭﻴﺔ.
ﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻋﺘﺫﺭ ﻟﻲ ﻓﻴﻪ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ ﻟﻌﺩﻡ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺘﻪ ﻤﻐﺎﺩﺭﺓ ﺴﺭﻴﺭﻩ ﻜﺎﻟﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺠﻠﻭﺱ ﻤﻌﻲ
ﺒﺴﺒﺏ ﺍﺴﺘﻠﻘﺎﺌﻪ ﻋﻠﻰ ﻅﻬﺭﻩ ﻭﻭﺠﻭﺩ ﺫﺭﺍﻋﻪ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﻤﻭﺼﻭﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻨﺒﻭﺏ ﻤﺼل ﺍﻟﺩﻭﺍﺀ.
ﻗﺎل ﻤﺘﻬﻜﻤﺎﹰ:
-ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﺘﻤﺎﻤﺎﹰ ﺭﺴﻡ ﻤﻴﻜﻴل ﺃﻨﺠﻠﻭ ﺴﻘﻑ ﻜﻨﻴﺴﺔ ) ﻜﺎﺒﻴﻼ ﺴﻴﺴﺘﻴﻨﺎ( .ﻅل ﻫﻜﺫﺍ ﻴﺭﺴﻡ
ﻭﻫﻭ ﻤﻤﺩﺩ ﻋﺎﺭﻴﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻘﺎﻟﺔ ﻟﻌﺩﺓ ﺃﺸﻬﺭ ﻭﻴﺩﻩ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻤﺭﻓﻭﻋﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻘﻑ .ﻜﺎﻥ ﻴﺭﻓﺽ
ﺍﻻﺴﺘﻌﺎﻨﺔ ﺒﺎﻟﻤﺴﺎﻋﺩﻴﻥ ﻭﻴﺼﺭ ﻋﻠﻰ ﺇﻨﺠﺎﺯ ﺭﺴﻡ ﺍﻟﺴﻘﻑ ﻭﺤﺩﻩ .ﻭﻜﺎﻥ ﻷﻭﺠﺎﻉ ﺠﺴﺩﻩ ﻴﻘﻭل "
ﺃﻋﻴﺵ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺤﻴﻡ ..ﻭﺃﺭﺴﻡ ﻟﻭﺤﺔ" .ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻟﺒﺎﺒﺎ ﻴﺘﺴﻠﻕ ﺍﻟﺴﻠﻡ ﺍﻟﺨﺸﺒﻲ ﻭﻴﺼﻌﺩ ﻟﻠﺘﺠﺴﺱ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﻤﺒﺎﺭﻜﺘﻪ!
ﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ﻴﻜﺭﻡ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﻓﻲ ﻭﻀﻊ ﻤﻬﻴﻥ! ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺫﻜﺭﻨﻲ ﺒﻘﻭل ﺠﻤﻴل ﻟﻤﻨﺎﻀل ﺴﻴﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻨﻕ.
ﻓﺴﺌل ﻗﺒل ﺇﻋﺩﺍﻤﻪ " ﻫل ﻟﻴﻙ ﻤﺎ ﺘﻘﻭﻟﻪ ﻗﺒل ﺍﻟﻤﻭﺕ؟" ﻓﺄﺠﺎﺏ ﺠﻼﺩﻩ " ﻴﻜﻔﻲ ﻓﺨﺭﺍﹰ ﺃﻥ ﺃﻤﻭﺕ
ﻭﻗﺩﻤﺎﻱ ﻓﻭﻕ ﺭﺅﻭﺴﻜﻡ".
ﻟﻴﺴﺕ ﺍﻟﻤﻬﺎﻨﺔ ﺃﻥ ﺃﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻀﻊ .ﺇﻨﻤﺎ ﻓﻲ ﻜﻭﻨﻲ ﻫﻨﺎ ﺃﻀﺎﺠﻊ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻓﻲ ﺴﺭﻴﺭ .ﻗﺼﺩﺕ
ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ ﺩﻭﻤﺎﹰ ﻟﻤﻨﺎﺯﻟﺔ ﺍﻟﺤﺏ!
ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺘﻭﻗﻔﺕ ﻓﻲ ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺒﺤﺜﺎﹰ ﻋﻥ ﻜﺘﺎﺏ " ﺘﻭﺃﻤﺎ ﻨﺠﻤﺔ" ﻟﺒﻥ ﻋﻤﺎﺭ ﻤﺩﻴﺎﻥ
ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﺯﻴﺎﻥ ﻴﻁﺎﻟﻌﻪ .ﻜﺎﻥ ﺒﻲ ﻓﻀﻭل ﺃﻥ ﺃﻋﺭﻑ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺃﻫﺩﺘﻪ ﺇﻴﺎﻩ.
ﻭﻤﺎ ﻜﺩﺕ ﺃﻋﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻭﻴﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ ﺍﻟﺨﻔﻴﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﻓﺎﺠﺄﺘﻨﻲ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺒﺈﻋﺩﺍﺩﻩ ﺤﺘﻰ
ﺍﻋﺘﺫﺭﺕ ﻤﻨﻬﺎ ﻭﺫﻫﺒﺕ ﺇﻟﻰ ﻏﺭﻓﺔ ﺍﻟﻨﻭﻡ ﻤﺴﺘﻌﺠﻼﹰ ﻤﻁﺎﻟﻌﺘﻪ.
ﺭﻏﻡ ﺍﻨﺸﻐﺎﻟﻬﺎ ﺒﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻨﻲ ﻟﻡ ﺘﺒﺩ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺴﻌﻴﺩﺓ ﺃﻥ ﺘﺭﺍﻨﻲ ﺃﺘﺭﻜﻬﺎ ﻭﺃﺨﺘﻠﻲ ﺒﻨﻔﺴﻲ
ﻟﻠﻤﻁﺎﻟﻌﺔ .ﻜﺎﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻏﺭﻴﺒﺎﹰ ﺤﻘﺎﹰ ,ﻓﺄﻨﺎ ﻟﻡ ﺃﻋﺭﻑ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺇﻻ ﻭﺍﻋﺘﺒﺭﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻏﺭﻴﻤﻬﺎ ﺍﻷﻭل ﻓﻲ
ﺍﻟﺒﻴﺕ .ﻭﺠﺭﺒﺕ ﺒﻤﺎ ﺃﻭﺘﻴﺕ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻫﺏ ﻨﺴﺎﺌﻴﺔ ﺃﻥ ﺘﺴﺭﻗﻨﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺍﻨﺸﻐﺎﻟﻲ
ﺒﻬﺎ ﺇﻫﺎﻨﺔ ﻷﻨﻭﺜﺘﻬﺎ .ﻜﺎﻥ ﻤﺎ ﻴﺯﻴﺩ ﺍﻟﻁﻴﻥ ﺒﻠﺔ ،ﻭﻴﺠﻌل ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻀﺭﺓ ،ﻋﺎﺩﺘﻲ ﺍﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ﻓﻲ
ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ .ﻜﻨﺕ ﺩﻭﻤﺎﹰ ﺃﺩﻋﻭ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺤﺒﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻏﺭﻓﺔ ﻨﻭﻤﻲ ﻻﻋﺘﻘﺎﺩﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ
ﻜﺎﻟﻨﺴﺎﺀ ﺍﻟﺠﻤﻴﻼﺕ ،ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻤﺠﺎﻟﺴﺘﻬﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺎﻟﻭﻥ ،ﻭﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﺘﺭﺍﻭﺩﻙ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺃ ،ﺘﺨﻠﻭ
ﺒﻬﻥ ..ﻓﻲ ﻤﺨﺩﻉ.
ﺍﻟﺼﺎﻟﻭﻥ ﺨﻠﻕ ﻟﺘﻠﻙ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﻭﻗﻭﺭﺓ ﺍﻟﺭﺼﻴﻨﺔ ﺍﻟﻤﺼﻁﻔﺔ ﻓﻲ ﻤﻜﺘﺒﺔ ،ﺘﺩﺍﻓﻊ ﻋﻥ ﺼﻴﺘﻬﺎ ﺒﺜﻘل
ﻭﺯﻨﻬﺎ ،ﻭﺘﻌﻭﺽ ﻋﻥ ﺒﻠﻭﻏﻬﺎ ﺴﻥ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﺍﻷﺩﺒﻲ ﺒﺘﺠﻠﻴﺩﻫﺎ ﺍﻟﻔﺎﺨﺭ ﻭﺨﻁﻬﺎ ﺍﻟﺫﻫﺒﻲ.
ﻜﻨﺕ ﺒﺩﻭﻥ ﻗﺼﺩ ﺃﺅﻨﺙ ﺍﻟﻜﺘﺏ.
ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺴﻬﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺩﺱ ﻓﻲ ﺠﻴﺒﻙ .ﻜﺘﺏ ﺍﻻﻨﺘﻅﺎﺭ ﻭﺍﻟﻀﺠﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﻨﺴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺎﺕ ﺘﺼﻠﺢ
ﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ﻭﺍﺤﺩﺓ .ﻭﺃﺨﺭﻯ ﻟﻠﻤﺅﺍﻨﺴﺔ ﺘﺭﺍﻓﻘﻙ ﺇﻟﻰ ﺴﺭﻴﺭﻙ ﻟﺘﻨﻬﻲ ﻟﻴﻠﻬﺎ ﺃﺭﻀﺎﹰ ﻤﻨﻬﻜﺔ ،ﻨﺎﺌﻤﺔ ﻋﻠﻰ
ﺒﻁﻨﻬﺎ ﻜﺎﻤﺭﺃﺓ ﺒﻌﺩ ﻟﻴﻠﺔ ﺤﺏ .ﻭﺃﺨﺭﻯ ﺼﻘﻴﻠﺔ ﺍﻟﻭﺭﻕ ﻓﺎﺨﺭﺓ ﺍﻟﻁﺒﺎﻋﺔ ،ﺘﺘﺭﺒﺹ ﺒﺠﻴﺒﻙ ﻜﺒﻐﺎﻴﺎ
ﺃﻤﺴﺘﺭﺩﺍﻡ ﺨﻠﻑ ﻭﺍﺠﻬﺔ ﺯﺠﺎﺠﻴﺔ ..ﻗﺩ ﺘﻨﻘل ﺇﻟﻴﻙ ﻋﺩﻭﻯ ﺍﻟﺭﺩﺍﺀﺓ.
ﺃﻋﺘﻘﺩ ﺃﻨﻨﻲ ﺨﻼل ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻤﺎ ﺃﻗﻤﺕ ﻋﻼﻗﺔ ﺠﻤﻴﻠﺔ ﺴﻭﻯ ﻤﻊ ﺍﻟﻜﺘﺏ .ﺒﻌﺽ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ
ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻀﺎﻫﻲ ﻓﻲ ﺸﻐﻔﻬﺎ ﻭﻁﻘﻭﺴﻬﺎ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﺸﺒﻴﻬﺎﹰ ﺒﺎﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﺍﻟﺯﻭﺠﻴﺔ ،ﻤﻤﺎ ﺠﻌﻠﻨﻲ ﺃﺘﻌﺎﻁﺎﻫﺎ ﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ
ﺴﺭﺍﹰ ﻤﺘﺒﺭﺀﺍﹰ ﻤﻥ ﺸﺒﻬﺘﻬﺎ ،ﺨﺎﺼﺔ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﺃﻗﻀﻲ ﻭﻗﺘﺎﹰ ﻁﻭﻴﻼﹰ ﻤﻨﺸﻐﻼﹰ ﻋﻥ ﺯﻭﺠﺘﻲ ﺍﻟﻨﺎﺌﻤﺔ
ﺠﻭﺍﺭﻱ ،ﺒﻤﻁﺎﻟﻌﺔ ﻜﺘﺎﺏ ﻴﻌﻁﻴﻨﻲ ﻤﻥ ﻤﺘﻌﺔ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻭﺍﻟﻤﺒﺎﻏﺘﺔ ,ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻤﺎ ﻴﻌﻁﻴﻨﻲ ﺠﺴﺩﻫﺎ ﺍﻟﺫﻱ
ﺃﻋﺭﻓﻪ ﻋﻥ ﻅﻬﺭ ﺯﻭﺝ!
ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺩﺀ ﻭﺒﺼﻔﺘﻲ ﺍﻻﺒﻥ ﺍﻟﺒﻜﺭ ﺴﻜﻨﺘﻪ ﻤﻊ ﺯﻭﺠﺔ ﺃﺒﻲ ﻭﺃﺨﺘﻲ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﻜﻨﺕ
ﺃﺠﺩ ﻤﺘﻌﺔ ﻓﻲ ﺘﺴﺭﻴﺏ ﻜﺘﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﻏﺭﻓﺔ ﻨﻭﻡ ﻤﻬﻴﺄﺓ ﺃﺼﻼﹰ ﻟﺘﻜﻭﻥ ﻓﻀﺎﺀ ﻨﺴﺎﺌﻴﺎﹰ ﺘﻬﺭﺏ ﺇﻟﻴﻪ
ﺯﻭﺠﺘﻲ ﺃﺸﻴﺎﺀﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ،ﺃﻭ ﺒﺎﻷﺤﺭﻯ ﻤﻥ ﺍﻷﺨﺭﻴﺎﺕ!
ﺤﺩﺙ ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺘﻬﺭﻴﺒﻲ ﻜﺘﺎﺒﺎﹰ ﺇﻟﻰ ﻤﺨﺩﻉ ﺍﻟﺯﻭﺠﻴﺔ ،ﻤﺩﻋﻴﺎﹰ ﺤﺎﺠﺘﻲ ﺍﻟﻤﻬﻨﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﻁﺎﻟﻌﺘﻪ ،ﺃﻥ
ﺘﺫﻜﺭﺕ ﺃﺒﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻋﺜﺭ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺤﺭﺏ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺭ ﻋﻠﻰ ﺤﻴﻠﺔ ﻓﻭﻕ ﻜل ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ﺘﻤﻜﻨﻪ ﻤﻥ ﺇﺤﻀﺎﺭ
ﻋﺸﻴﻘﺎﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺕ ،ﻤﺴﺘﻔﻴﺩﺍﹰ ﻤﻥ ﻨﺸﺎﻁﻪ ﺍﻟﻨﻀﺎﻟﻲ ،ﻭﺇﻗﺎﻤﺘﻨﺎ ﺒﻤﻔﺭﺩﻨﺎ ﻓﻲ ﺒﻴﺕ ﺸﺎﺴﻊ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻁﺭﺍﺯ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ .ﻓﻜﺎﻥ ﻴﻐﻠﻕ ﻋﻠﻴﻨﺎ ,ﺃﻨﺎ ﻭﺠﺩﺘﻲ ﻭﺯﻭﺠﺘﻪ ﺍﻟﻌﺭﻭﺱ ،ﻓﻲ ﺇﺤﺩﻯ ﺍﻟﻐﺭﻑ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ،
ﻤﺘﺤﺠﺠﺎﹰ ﺒﺎﺴﺘﻘﺒﺎل ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺩﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﻘﻀﻭﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﻴﻥ ﻭﺍﻵﺨﺭ ﻟﻴﻠﺔ " ﻤﺸﺎﻭﺭﺍﺕ" ﻓﻲ
ﺒﻴﺘﻨﺎ ..ﻴﻌﻭﺩﻭﻥ ﺒﻌﺩﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺒﺎل!
ﻜﺎﻥ ﻋﻤﺭﻱ ﻻ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺴﺕ ﺴﻨﻭﺍﺕ .ﻭﺒﺭﻏﻡ ﺫﻟﻙ ﻟﻔﺕ ﺍﻨﺘﺒﺎﻫﻲ ﺃﻥ ﺃﺒﻲ ،ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺭ ﻋﺎﺩﺘﻪ،
ﺃﺼﺒﺢ ﻴﻐﻠﻕ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺒﺎﺏ ﺍﻟﻐﺭﻓﺔ ﺒﺎﻟﻤﻔﺘﺎﺡ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻴﻜﺘﻔﻲ ﺒﺄﻥ ﻴﺴﻌل ﺒﺼﻭﺕٍ
ﻋﺎلٍ ﻜﻠﻤﺎ ﺩﺨل ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻤﻊ ﺭﺠل ﻏﺭﻴﺏ ﻤﺭﺩﺩﺍﹰ ﻭﻫﻭ ﻴﺴﺒﻘﻪ ﺒﺨﻁﻭﺍﺕ " :ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ..ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ".
ﻓﺘﺴﺭﻉ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺃﻭل ﻏﺭﻓﺔ ﻭﻴﻐﻠﻘﻥ ﻋﻠﻴﻬﻥ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺤﺘﻰ ﻴﻤﺭ ﺍﻟﺭﺠﺎل.
ﺫﺍﺕ ﻤﺭﺓ ﺘﺄﻤﻠﺕ ﻤﻥ ﺜﻘﺏ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻗﺎﻤﺘﻲ ﺘﻌﻠﻭﻩ ﺴﻭﻯ ﺒﻘﻠﻴل ،ﻓﺭﺃﻴﺘﻪ ﻴﺩﺨل ﻤﻊ ﺍﻤﺭﺃﺓ
ﺒﻤﻼﺀﺓ ﺴﻭﺩﺍﺀ .ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﺨﺒﺭﺕ ﺯﻭﺠﺔ ﺃﺒﻲ ﺒﺫﻟﻙ ﺒﺩﺕ ﻤﻨﺩﻫﺸﺔ ،ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﺠﺩﺘﻲ ﺘﺩﺨﻠﺕ ﻟﺘﻨﻬﺭﻨﻲ
ﻤﻠﻤﻠﻤﺔ ﺍﻟﻔﻀﻴﺤﺔ ،ﻤﺩﻋﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺠﺭﺕ ﺃﻥ ﻴﺘﻨﻜﺭ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺩﻭﻥ ﻓﻲ ﺯﻱ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ.
ﻤﻥ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﺒﺩﺃﺕ ﺯﻭﺠﺔ ﺃﺒﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﻘﺘﻨﻊ ﺒﺎﻟﺯﻱ ﺍﻟﺘﻨﻜﺭﻱ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺩﻴﻥ ،ﺘﺘﺠﺴﺱ ﺒﺩﻭﺭﻫﺎ ﻤﻥ
ﺜﻘﺏ ﺍﻟﺒﺎﺏ ,ﻭﺘﺭﻯ ﻨﺴﺎﺀ ﺒﻬﻴﺌﺎﺕ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻴﻌﺒﺭﻥ ﻜل ﻤﺭﺓ ﻭﺴﻁ ﺍﻟﺩﺍﺭ.
ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻜﺘﺸﺎﻓﻬﺎ ﻟﻡ ﻴﻐﻴﺭ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻤﻥ ﺘﺼﺭﻓﺎﺘﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ ﻟﻡ ﺘﺠﺭﺅ ﺤﺘﻰ ﻋﻠﻰ ﺇﺨﺒﺎﺭﻩ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺘﺩﺭﻱ ﺃﻨﻪ
ﻴﻜﺫﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﺨﺸﻴﺔ ﺃﻥ ﻴﻐﻀﺏ ﻭﻴﻌﻴﺩﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺒﻴﺕ ﺃﻫﻠﻬﺎ ،ﻓﺘﺴﺘﺒﺩل ﺒﺸﺭﻑ ﺍﻟﺯﻭﺍﺝ ﻤﻥ ﺃﺤﺩ
ﻭﺠﻬﺎﺀ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻤﺫﻟﺔ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺭﻗﻤﺎﹰ ﻓﻲ ﻁﻭﺍﺒﻴﺭ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺎﺕ.
ﻫﻜﺫﺍ ﻭﺍﺼﻠﺕ ﺇﻋﺩﺍﺩ ﺃﺸﻬﻰ ﺍﻟﻁﻌﺎﻡ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺩﻴﻥ ﻭ " ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺩﺍﺕ" ،ﺍﻟﻘﺎﺩﻤﻴﻥ ﻟﺘﻭﻫﻡ " ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺒﺎل
ﺍﻟﺸﺎﻤﺨﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﻫﻘﺎﺕ" ،ﻭﻓﺭﺵ ﺴﺭﻴﺭﻫﺎ ﺒﺄﺠﻤل ﻤﺎ ﻓﻲ ﺠﻬﺎﺯﻫﺎ ﻤﻥ ﺸﺭﺍﺸﻑ ﻤﻁﺭﺯﺓ ،ﻭﺍﻟﻤﻀﻲ
ﻟﻠﻨﻭﻡ ﺠﻭﺍﺭ ﺼﻐﻴﺭﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻏﺭﻓﺔ ﺍﻟﻀﻴﻭﻑ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺃﺒﻲ ﻴﺨﻭﺽ ﻤﻌﺎﺭﻜﻪ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺭﻴﺔ ﻓﻲ
ﺴﺭﻴﺭﻫﺎ ﺍﻟﺯﻭﺠﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﻤﺘﺎﺭ ﻤﻨﻬﺎ .ﻭﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺘﻘﻠﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﺭﺍﺸﻬﺎ ،ﺘﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﻭﺠﻭﻩ
ﻭﺃﺴﻤﺎﺀ ﻟﻨﺴﺎﺀ ﻓﺎﺠﺭﺍﺕ ﻴﺩﺨﻠﻥ ﺒﻴﺘﻬﺎ ﺘﺤﺕ ﺤﺸﻤﺔ ﺍﻟﻤﻼﻴﺔ ﻭﻋﻔﺔ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻟﻴﻀﺎﺠﻌﻥ ﺯﻭﺠﻬﺎ ﻓﻲ
ﺤﻀﺭﺘﻬﺎ.
ﻜﺎﻥ ﻴﻠﺯﻤﻨﻲ ﺒﻠﻭﻍ ﺴﻥ ﺍﻟﺘﺄﻤل ،ﻜﻲ ﺃﻓﻬﻡ ﺃﻨﻨﻲ ﻴﻭﻡ ﻭﻀﻌﺕ ﻋﻴﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺜﻘﺏ ﺍﻟﻤﻔﺘﺎﺡ ﻟﻡ ﺃﻜﻥ
ﺃﻜﺘﺸﻑ ﺴﻭﻯ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺍﻟﻌﺘﻴﻕ ﺴﻭﻯ ﺼﻭﺭﺓ ﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺩ ﻨﻔﺎﻗﻬﺎ.
ﺩﻓﻌﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﺃﺩﺭﻜﺕ ﺃﻥ ﺍﻵﺒﺎﺀ ﻴﻜﺫﺒﻭﻥ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺩﻴﻥ ﻟﻴﺴﻭﺍ ﻤﻨﺯﻫﻴﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﺨﻁﻴﺌﺔ ،ﻭﺃﻥ
ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺍﻟﻼﺌﻲ ﻴﻠﺒﺴﻥ ﻤﻼﻴﺎﺕ ﻟﺴﻥ ﻓﻭﻕ ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﺒﻌﺎﺕ ﻓﻲ ﺒﻴﻭﺕ ﺍﻟﻅﻠﻡ
ﺍﻟﺯﻭﺠﻲ ﻟﺴﻥ ﻤﺨﺩﻭﻋﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺩ ،ﻭﺃﻥ " ﺍﻟﻀﺤﻴﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﺒﺭﻴﺌﺔ ﻤﻥ ﺩﻤﻬﺎ!"
ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ،ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻤﻊ ﺍﻟﻌﻤﺭ ﺃﺭﻯ ﻓﻲ ﺘﺼﺭﻓﺎﺕ ﺃﺒﻲ ﺁﻨﺫﺍﻙ ﺠﺎﻨﺒﺎﹰ " ﺯﻭﺭﺒﻭﻴﺎﹸ" ﺴﺎﻫﻡ ﻓﻲ ﺨﻠﻕ
ﺃﺴﻁﻭﺭﺘﻪ ﺍﻟﻨﻀﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﻘﻴﺔ.
ﻜﺎﻥ ﺒﺤﻜﻡ ﺜﻘﺎﻓﺘﻪ ﺭﺠﻼﹰ ﻟﻜل ﺍﻟﺠﺒﻬﺎﺕ .ﺨﺎﺽ ﻤﻌﺎﺭﻜﻪ ﻀﺩ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﻀﺩ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﺯﻭﺠﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﻴﺅﻤﻥ ﺒﻬﺎ ﻴﻭﻤﺎﹰ ،ﻭﺍﻨﺘﺴﺏ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﻹﻟﺤﺎﺡ ﺠﺩﺘﻲ ﻻ ﻏﻴﺭ .ﻜﺎﻥ ﻻ ﺒﺩ ﻟﻪ ﻤﻥ ﺯﻭﺠﺔ
ﺘﺘﻜﻔل ﺒﺘﺭﺒﻴﺘﻲ ﺒﻌﺩ ﻭﻓﺎﺓ ﻭﺍﻟﺩﺘﻲ ،ﻓﺠﺎﺀﺘﻪ ﺒﺈﺤﺩﻯ ﺍﻟﻘﺭﻴﺒﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻼﺌﻲ ﻫﻴﺌﻥ ﻟﻴﻜﻥ ﺭﺒﺎﺕ ﺒﻴﻭﺕ
ﻭﺃﻤﻬﺎﺕ ﺼﺎﻟﺤﺎﺕ.
ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ،ﻋﺸﻘﻪ ﻟﻠﺤﺭﻴﺔ ﺃﻭﺼﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻋﺠﺎﺏ ﺒﻨﺴﺎﺀ ﻤﺘﺤﺭﺭﺍﺕ .ﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﻀﻌﻑ ﺩﺍﺌﻡ ﺘﺠﺎﻩ
ﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺎﺕ ﻟﻜﻭﻨﻬﻥ ﻤﺘﻌﻠﻤﺎﺕ .ﺴﺎﻋﺩﺘﻪ ﻭﺴﺎﻤﺔ ﺃﻨﺩﻟﺴﻴﺔ ﻋﺭﻑ ﺒﻬﺎ ﺃﻫل ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﺍﻷﻭﺍﺌل ،ﻋﻠﻰ
ﺍﻜﺘﺴﺎﺡ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﺍﻟﺸﻘﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﺴﻤﺭﺍﺀ .ﻜﻤﺩﺭﺴﺔ ﻓﺭﻨﺴﻴﺔ ﻨﻅﻡ ﺃﺸﻌﺎﺭﻩ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺘﻐﺯﻻﹰ ﺒﻬﺎ ،ﺃﻭ ﺘﻠﻙ
ﺍﻷﺭﻤﻠﺔ ﺍﻟﻴﻬﻭﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﺯﻭﺠﻬﺎ ﺤﺎﺭﺴﺎﹰ ﻓﻲ ﺴﺠﻥ ﺍﻟﻜﺩﻴﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻭﺍﻟﺩﻱ ﺴﺠﻴﻨﺎﹰ ﻫﻨﺎﻙ،
ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺠﺩﺘﻲ ﺘﺘﺭﺩﺩ ﻋﻠﻰ ﺒﻴﺘﻪ ﻜﻠﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩﺕ ﺃﻥ ﺘﺭﺴل ﺸﻴﺌﺎﹰ ﺇﻟﻰ ﺃﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻥ .ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺒﻌﺩ
ﺴﻨﺘﻴﻥ ﻋﺭﻑ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻤﺠﺎﻋﺔ ﻭﻜﻠﹼﻑ ﺃﺒﻲ ﻤﻥ ﻁﺭﻑ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﺒﺘﻭﺯﻴﻊ ﻗﺴﺎﺌﻡ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺍﺕ
ﺍﻟﻐﺫﺍﺌﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺴﻜﺎﻥ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ،ﻜﺎﻥ ﻴﺯﻭﺭﻫﺎ ﻟﻴﺯﻭﺩﻫﺎ ﺨﻠﺴﺔ ﻫﻲ ﻭﺒﻌﺽ ﻋﻭﻨﻪ
ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﻭﺍﻟﺠﻴﺭﺍﻥ ،ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺘﺠﺎﻭﺭ ﻓﻴﻪ ﺍﻷﺠﻨﺎﺱ ﻭﺍﻷﺩﻴﺎﻥ.
ﻜﺎﻥ ﺯﻭﺭﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻘﺘﻪ .ﺍﻋﺘﺎﺩ ﺃﻥ ﻴﺤﻴﻁ ﻨﻔﺴﻪ ﺒﺎﻷﺭﺍﻤل ﻭﺍﻟﻌﻭﺍﻨﺱ ،ﻭﻨﺴﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻭﺸﻙ ﺃﻥ
ﺘﺫﺒل ﻭﺭﻭﺩﻫﻥ ﻭﻟﻴﺱ ﻟﻬﻥ ﺒﺴﺘﺎﻨﻲ ﺴﻭﺍﻩ.
ﻜﺎﻥ ﻤﺴﺅﻭﻻﹰ ﻋﻥ ﻜل ﻨﺴﺎﺀ ﺍﻷﺭﺽ ،ﺒﺩﻭﻥ ﺘﻤﻴﻴﺯ ﺒﻴﻥ ﺃﻋﻤﺎﺭﻫﻥ ﺃﻭ ﺩﻴﺎﻨﺘﻬﻥ ﺃﻭ ﺠﻤﺎﻟﻬﻥ،
ﻤﺴﺅﻭﻻﹰ ﻋﻥ ﺃﺠﺴﺎﺩﻫﻥ ﻭﺃﺤﻼﻤﻬﻥ ،ﻤﻌﻨﻴﺎﹰ ﺒﺘﻌﻠﻴﻤﻬﻥ ﻭﺇﺩﺍﺭﺓ ﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻬﻥ ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﺍﻟﺘﻜﻔل
ﺒﺘﺯﻭﻴﺠﻬﻥ ,ﻭﻤﺴﺅﻭﻻﹰ ﻋﻥ ﻜل ﺠﻴﺎﻉ ﺍﻷﺭﺽ ﺃﻴﻨﻤﺎ ﻭﺠﺩﺕ ﺃﻓﻭﺍﻫﻬﻡ ﻭﺒﻁﻭﻨﻬﻡ ﻭﻟﻘﻤﺘﻬﻡ .ﻭﻋﻥ ﻜل
ﺍﻟﻤﻅﻠﻭﻤﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺭﻴﻥ ﺃﻴﻨﻤﺎ ﻭﺠﺩﺕ ﺃﺭﻀﻬﻡ ﻭﻗﻀﻴﺘﻬﻡ .ﻭﻟﺫﺍ " ﻋﺎﺵ ﻤﺎ ﻜﺴﺏ ..ﻤﺎﺕ ﻤﺎ
ﺨﻠﻰ" .ﻓﻠﻡ ﻴﻜﻥ ﻴﻌﻨﻴﻪ ﺃﻥ ﻴﻤﺘﻠﻙ ﺒﻘﺩﺭ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﻨﻴﻪ ﺃﻥ ﻴﺤﻴﺎ.
ﻭﻜﺎﻥ ﺒﻌﺩ ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ﻴﻘﻴﻡ ﻓﻲ ﺸﻘﺔ ﻭﺍﺴﻌﺔ ﺍﺴﺘﺄﺠﺭﻫﺎ .ﻨﺸﻐل ﻨﺤﻥ ﺠﺯﺃﻫﺎ ﺍﻷﻜﺒﺭ ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﺤﻴﺎ ﻫﻭ
ﺒﻴﻥ ﻏﺭﻓﺘﻴﻥ :ﺼﺎﻟﻭﻨﻪ ﺍﻟﺫﻫﺒﻲ ﺍﻟﻔﺨﻡ ﺤﻴﺙ ﻴﺴﺘﻘﺒل ﻀﻴﻭﻓﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ﻭﺭﻓﺎﻕ ﻗﺩﺍﻤﻰ
ﻴﺘﻨﺎﻗﺼﻭﻥ ﻜل ﻋﺎﻡ ،ﻭﻏﺭﻓﺔ ﻨﻭﻡ ﻓﺎﺨﺭﺓ ﺍﺸﺘﺭﺍﻫﺎ ﻤﻥ ﻤﻌﻤﺭﻴﻥ ﻓﺭﻨﺴﻴﻴﻥ ﻏﺎﺩﺭﻭﺍ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻋﻨﺩ
ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ،ﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻌﻭﺩ ﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ،ﺒﺨﺯﺍﻨﺔ ﻀﺨﻤﺔ ﻤﻨﻘﻭﺸﺔ ﺒﺎﻟﻴﺩ ﺒﺤﻔﺭ ﺼﻐﻴﺭ
ﻋﻠﻰ ﺸﻜل ﺩﻭﺍلٍ ﺘﻐﻁﻴﻬﺎ ﻤﺭﺍﻴﺎ ﻜﺒﻴﺭﺓ .ﺠﻭﺍﺭﻫﺎ ﺴﺭﻴﺭ ﻋﺎلٍ ﻴﺴﻨﺩ ﺭﺃﺴﻪ ﻟﻭﺡ ﺒﺫﺍﺕ ﺍﻟﻨﻘﻭﺵ
ﻭﻴﻨﺘﻬﻲ ﺠﺎﻨﺒﺎﻩ ﻤﻥ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺒﻤﺠﺴﻤﺎﺕ ﻨﺤﺎﺴﻴﺔ ﻟﻤﻼﻜﻴﻥ ﻜﺄﻨﻤﺎ ﻴﻁﻴﺭﺍﻥ ﺃﺤﺩﻫﻤﺎ ﺼﻭﺏ ﺍﻵﺨﺭ،
ﻭﻋﻠﻰ ﺠﺎﻨﺒﻲ ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ ﻁﺎﻭﻟﺘﺎﻥ ﺼﻐﻴﺭﺘﺎﻥ ﺘﻐﻁﻴﻬﻤﺎ ﻟﻭﺤﺘﺎﻥ ﺭﺨﺎﻤﻴﺘﺎﻥ ،ﻴﻘﺎﺒﻠﻪ ﺨﺯﺍﻨﺔ ﺃﺜﺎﺙ
ﺒﺄﺭﺒﻌﺔ ﺠﻭﺍﺭﻴﺭ ﺒﻤﻤﺎﺴﻙ ﻨﺤﺎﺴﻴﺔ ﺠﻤﻴﻠﺔ ﺘﻌﻠﻭﻩ ﻤﺭﺁﺓ ﺃﺨﺭﻯ ﺘﺤﻴﻁ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻨﻘﻭﺵ ﺫﺍﺘﻬﺎ.
ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺼﺎﻟﻭﻥ ﻗﺼﺎﺹ ﺃﺒﻲ .ﻜﺎﻥ ﻜﺘﻠﻙ ﺍﻟﻐﺭﻑ ﺍﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎل ،ﺍﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﺍﻻﺴﺘﻘﺒﺎل ﻭﺍﻟﻤﻬﻴﺄﺓ
ﻟﺯﻭﺍﺭ ﻟﻥ ﻴﺄﺘﻭﺍ .ﻴﺫﻜﹼﺭﻩ ﺒﺎﺒﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﻔﺘﺢ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺎﺕ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺭﻓﺎﻕ ﻤﻥ ﺤﻭﻟﻪ ﺍﻨﻔﻀﻭﺍ.
ﺃﻤﺎ ﻏﺭﻓﺔ ﺍﻟﻨﻭﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻤﻠﻜﺘﻪ ﻭﻤﺎ ﺒﻘﻲ ﻤﻥ ﺠﺎﻫﻪ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﻴﻨﺎﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺤﺩﻩ ،ﻓﻘﺩ ﺃﺼﺒﺤﺕ
ﺒﻌﺩﻩ ﻗﺼﺎﺼﻲ ﺃﻨﺎ .ﻜﺎﻥ ﻤﺴﺘﺒﻌﺩﺍﹰ ﺒﻴﻌﻬﺎ ﻷﺴﺒﺎﺏ ﻋﺎﻁﻔﻴﺔ ،ﻭﻟﺫﺍ ﻭﺠﺩﺘﻨﻲ ﺃﺒﺩﺃ ﺤﻴﺎﺘﻲ ﺍﻟﺯﻭﺠﻴﺔ
ﻋﻠﻰ ﺴﺭﻴﺭﻫﺎ.
ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺭﻓﺔ ﺭﺍﺌﺤﺔ ﺘﻭﻗﻅ ﺯﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺘﻰ ،ﺘﻔﺴﺩ ﻋﻠﻴﻙ ﺯﻤﺎﻨﻙ .ﻤﺎ ﺃﺼﻌﺏ ﺃﻥ ﺘﺒﺩﺃ ﺤﻴﺎﺘﻙ
ﺍﻟﺯﻭﺠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺴﺭﻴﺭ ﻜﺎﻥ ﺃﺒﻭﻙ ﻴﺸﻐﻠﻪ ﻭﺤﺩﻩ ،ﻭﻴﻨﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻴﺴﺎﺭﻩ ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﺘﻭﺍﻁﺄ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻤﻊ
ﺍﻟﺠﺴﺩ ﺤﺎﻓﺭﺍﹰ ﻟﺤﺩﺍﹰ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﻔﺭﺍﺵ ﺍﻟﺼﻭﻓﻲ ﺒﺤﻴﺙ ﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻙ ﺃﻥ ﺘﺘﻘﺎﺴﻤﻪ ﻤﻊ ﺸﺨﺹ ،ﺇﻻ
ﻭﺘﺩﺤﺭﺝ ﺃﺤﺩﻜﻤﺎ ﻨﺤﻭ ﺍﻵﺨﺭ.
ﻜﺎﻨﺕ ﻏﺭﻓﺔ ﻓﺎﺨﺭﺓ ﺘﺼﻠﺢ ﺒﺴﺭﻴﺭﻫﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﻭﺃﺒﻭﺍﺏ ﺨﺯﺍﺌﻨﻬﺎ ﺍﻟﺜﻘﻴﻠﺔ ﻟﻸﻨﺘﻴﻜﺎ ..ﻻ ﻟﻠﺤﺏ .ﻭﺭﺒﻤﺎ
ﺃﺭﺍﺩﻫﺎ ﺃﺒﻲ ﻓﺨﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺩ ﻟﻴﻌﻭﺽ ﺒﻬﺎ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺤﺏ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻪ.
ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺃﺒﻲ ﺜﺭﻴﺎﹰ ،ﻭﻻ ﺍﺸﺘﺭﻯ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻐﺭﻓﺔ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ﻟﻴﺭﺍﻫﺎ ﺃﺤﺩ ﺴﻭﺍﻩ .ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺫﻜﺭﻨﻲ ﺒﻐﺭﻑ
ﻨﻭﻡ ﻓﺎﺨﺭﺓ ﻤﺅﺜﺜﺔ ﺒﺈﺜﻡ ﻭﺍﻀﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺒﺫﻴﺭ ،ﻗﺼﺩ ﺇﻗﻨﺎﻋﻙ ﺃﻥ ﺍﻷﺜﺭﻴﺎﺀ ﻟﻴﺴﻭﺍ ﻋﺸﺎﻗﺎﹰ ﺴﻴﺌﻴﻥ!
ﺫﺍﺕ ﻴﻭﻡ ﺘﺒﺩﺃ ﺤﻴﺎﺘﻙ ﺍﻟﺯﻭﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﺭﻴﺭ ﺍﻟﻤﺴﻨﻴﻥ ﺍﻟﻤﻠﻲﺀ ﺒﻜﻭﺍﺒﻴﺱ ﺍﻟﻨﻭﻡ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺭﻴﺢ .ﻭﻋﻠﻴﻙ،
ﻷﺴﺒﺎﺏ ﻋﺎﻁﻔﻴﺔ ﻏﺒﻴﺔ ،ﺃﻥ ﺘﺘﺩﺭﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺼﺭﻑ ﺒﺤﻴﺎﺓ ﺴﺒﻘﻙ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺃﺒﻭﻙ .ﺭﺍﺌﺤﺘﻪ ﻫﻨﺎ ﻋﻠﻘﺕ
ﺒﺎﻟﺨﺸﺏ ..ﺒﺎﻟﺴﺘﺎﺌﺭ ..ﺒﺄﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﺠﺩﺭﺍﻥ ..ﺒﻜﺭﻴﺴﺘﺎل ﺍﻟﺜﺭﻴﺎ .ﻭﺃﻨﺕ ﻤﺩﻫﻭﺵ ،ﻻ ﺘﺩﺭﻱ ﺤﺘﻰ ﻤﺘﻰ
ﺴﺘﻅل ﺭﺍﺌﺤﺘﻪ ﺘﺘﺴﺭﺏ ﺇﻟﻴﻙ .ﺃﻜﺎﻨﺕ ﻜل ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻐﺭﻓﺔ ﺴﺭﻴﺭﺍﹰ ﻟﺭﺍﺌﺤﺘﻪ؟
ﻜﻨﺕ ﺘﻅﻥ ﻟﻙ ﻓﻴﻬﺎ ﺤﻴﺎﺓ ﻤﺅﻗﺘﺔ ،ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﻨﺯﻻﹰ ﺘﻤﺭ ﺒﻪ ،ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﻜﻨﺕ ﻋﺎﺒﺭ ﺴﺭﻴﺭ .ﻭﻟﻜﻥ
ﺤﻴﺙ ﺘﻨﺎﻡ ،ﺫﺍﺕ ﻴﻭﻡ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻭﻗﻌﻬﺎ ﺍﻷﻗل ،ﺘﺠﺘﺎﺤﻙ ﺭﺍﺌﺤﺔ ﺍﻟﻐﻴﺎﺏ ،ﻭﺘﺴﺘﻴﻘﻅ ﻓﻴﻙ
ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺭﺍﺌﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻓﺴﺩﺕ ﻋﻠﻴﻙ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﺒﺩﺀ ﻋﻼﻗﺘﻙ ﺒﺠﺴﺩ ﺯﻭﺠﺘﻙ ،ﺤﺩ ﺠﻌﻠﻙ ﺘﻔﺭﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﺘﻨﺎﻭل ﺤﺒﻭﺏ ﻤﻨﻊ ﺍﻟﺤﻤل ﻟﺴﻨﻭﺍﺕ ،ﺨﺸﻴﺔ ﻤﺠﻲﺀ ﺼﻐﻴﺭ ﻴﻌﺎﻨﻲ ﻤﻥ " ﺘﺸﻭﻫﺎﺕ ﺍﻷﺴﺭﻴﺔ
ﻟﻸﺴﺭﺓ!"
ﻜﻨﺕ ﺃﺠﺩ ﻓﺭﺤﺘﻲ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﺭﻭﺏ ﺇﻟﻰ ﺒﻴﺕ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻕ ،ﺤﻴﺙ ﺃﺼﺒﺢ ﻟﺸﻬﻭﺍﺘﻲ ﺴﺭﻴﺭ ﻏﻴﺭ
ﺸﺭﻋﻲ ﻤﻊ ﺤﻴﺎﺓ .ﻓﻌﻠﻴﻙ ﺒﻼ ﺘﻭﻗﻑ ﺃﻥ ﺘﺨﺘﺭﻉ ﺤﻴﺎﺘﻙ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﺍﻟﻤﺯﻭﺭﺓ ،ﺇﻨﻘﺎﺫﺍﹰ ﻟﺤﻴﺎﺘﻙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻭﻫﺞ ﻓﻴﻬﺎ.
ﻭﻜﻨﺕ ﺘﺯﻭﺠﺕ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻟﺘﻘﻭﻡ ﺒﺎﻷﺸﻐﺎل ﺍﻟﻤﻨﺯﻟﻴﺔ ﺩﺍﺨﻠﻲ ،ﻟﺘﻜﻨﺱ ﻤﺎ ﺨﻠﹼﻔﺕ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺍﻷﺨﺭﻴﺎﺕ ﻤﻥ
ﺩﻤﺎﺭ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻲ ،ﻤﺴﺘﻨﺠﺩﺍﹰ ﺒﺎﻟﺯﻭﺍﺝ ﺍﻟﻭﻗﺎﺌﻲ ﻋﺴﺎﻩ ﻴﻀﻊ ﻤﺘﺎﺭﻴﺱ ﺘﺠﻨﺒﻨﻲ ﺍﻨﺯﻻﻗﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ,ﻭﺇﺫ
ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺯﻭﺍﺝ ﺍﻏﺘﻴﺎل ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ.
ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺜﻤﺔ ﻤﻥ ﻴﺒﺘﺯﻙ ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻘﻭل ﻟﻙ ﺸﻴﺌﺎﹰ ,ﺫﻟﻙ ﺍﻻﺒﺘﺯﺍﺯ ﺍﻟﺼﺎﻤﺕ ﻟﻠﻀﻌﻔﺎﺀ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺠﻴﺯ ﻟﻪ
ﺍﻟﺘﺼﺭﻑ ﺒﺤﻴﺎﺘﻙ ﻤﺫ ﻭﻗﻌﺕ ﻓﻲ ﻗﺒﻀﺘﻪ ﺒﺤﻜﻡ ﻭﺭﻗﺔ ﺜﺒﻭﺘﻴﺔ.
ﺜﻤﺔ ﻤﻥ ﻴﻨﺎل ﻤﻨﻙ ،ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻘﺼﺩ ﺇﻴﺫﺍﺀﻙ ،ﺇﻨﻤﺎ ﺒﺎﺴﺘﺤﻭﺍﺫﻩ ﻋﻠﻴﻙ ﺤﺩ ﺍﻹﻴﺫﺍﺀ .ﺜﻤﺔ ﻤﻥ ﻴﺭﺒﻁ
ﺴﻌﺎﺩﺘﻪ ﺒﺤﻘﻪ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻴﺠﻌﻠﻙ ﺘﻌﻴﺴﺎﹰ ،ﺒﺤﻜﻡ ﺃﻨﻪ ﺸﺭﻴﻙ ﻟﺤﻴﺎﺘﻙ ،ﺘﺸﻌﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻤﻌﻪ ﺃﺼﺒﺤﺕ
ﻤﻭﺘﺎﹰ ﻟﻙ ،ﻭﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻤﻊ ﺸﺨﺹ ﻟﻡ ﻴﺅﺫﻙ ،ﻟﻡ ﻴﺨﻨﻙ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻴﻐﺘﺎﻟﻙ
ﺒﺒﻁﺊ.
ﺘﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺘﺴﺘﻘﻴل ﻤﻥ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺯﻭﺝ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻭﺍﻟﺴﻌﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﺜﻠﺘﻪ ﻟﺴﻨﻭﺍﺕ ،ﺘﻔﺎﺩﻴﺎﹰ ﻤﻨﻙ ﻟﻠﺸﺠﺎﺭﺍﺕ
ﻭﺍﻟﺨﻼﻓﺎﺕ .ﺘﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺘﺘﻨﺎﺯل ﻋﻥ ﺃﻭﺴﻜﺎﺭ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴل ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺤﺼل ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻁﻭﻟﺔ
ﺍﻟﺭﺠﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﻴﻠﻡ " ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺯﻭﺠﻴﺔ" .ﻻ ﻟﻘﻠﺔ ﺤﻴﻠﺘﻙ ،ﻓﺄﻨﺕ ﻤﺎ ﺯﻟﺕ ﻗﺎﺩﺭﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ
ﺍﻷﻜﺎﺫﻴﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﺘﻠﻌﻬﺎ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺩﻭﻥ ﺠﻬﺩ .ﻭﻟﻜﻨﻙ ﻤﺘﻌﺏ ،ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺃﻗﺼﺭ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺘﻘﻀﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﻜﺔ
ﺍﻷﻜﺎﺫﻴﺏ ،ﻭﺍﻟﺭﻋﺏ ﺍﻟﻴﻭﻤﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻌﻴﺸﻪ ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺘﺯﻴﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺯﻭﺠﺘﻙ.
ﺭﺒﻤﺎ ﻟﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ﺍﺨﺘﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﺫﻫﺏ ﻟﻺﻗﺎﻤﺔ ﻓﻲ ) ﻤﺎﺯﻓﺭﺍﻥ( ﺘﺄﺠﻴﻼﹰ ﻟﻘﺭﺍﺭ ﺍﻻﻨﻔﺼﺎل ﻋﻥ
ﺯﻭﺠﺘﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﺭﻏﻡ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﺯ ﻋﻠﻲ ﺇﻴﻼﻤﻬﺎ.
ﻨﺠﺤﺕ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺭﺍﺀﺓ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺸﺘﺭﻴﺘﻪ ،ﻗﺒل ﺃﻥ ﺘﻠﺤﻕ ﺒﻲ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ
ﻭﺘﻨﺯﻟﻕ ﺘﺤﺕ ﺍﻷﻟﺤﻔﺔ ..ﻭﺘﻤﻨﻌﻨﻲ ﻤﻥ ﺇﻨﻬﺎﺀ ﺼﻔﺤﺎﺘﻪ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ.
ﻀﻤﻤﺘﻬﺎ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻓﻜﺭ ﻓﻲ ﻨﺴﺎﺀ ﺘﻌﻴﺵ ﻤﻌﻬﻥ ﻭﻻ ﺘﻌﺎﺸﺭﻫﻥ .ﻭﺃﺨﺭﻯ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺃﻥ
ﺘﻌﺎﺸﺭ ﻁﻴﻔﻬﺎ ﻓﻲ ﻏﻔﻭﺘﻙ ..ﺃﻥ ﺘﻔﻜﺭ ﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺫﺭﻭﺓ ﻋﺯﻟﺘﻙ .ﺘﺤﺘﺎﺝ ﻟﻜﻲ ﺘﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ،
ﺃﻥ ﺘﻌﻠﻡ ﺃﻨﻬﺎ ﻤﺎ ﺯﺍﻟﺕ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺩ ﺫﻜﺭﺍﻙ ﻭﺃﻨﻬﺎ ﺤﺘﻤﺎﹰ ﺴﺘﺄﺘﻲ.
ﻟﻴﻠﺘﻬﺎ ،ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺘﻘﺎﺴﻡ ﺴﺭﻴﺭﺍﹰ ﻤﻊ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ،ﻋﺎﻨﻘﺕ ﻏﻴﺭﻫﺎ ﻭﻨﻤﺕ ﻤﺘﻭﺴﺩﺍﹰ ﻤﻭﻋﺩ.
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ
ﺜﻡ ﺠﺎﺀﺕ.
ﺍﻨﺨﻠﻌﺕ ﺃﺒﻭﺍﺏ ﺍﻟﺘﺭﻗﺏ ﻋﻠﻰ ﺘﺩﻓﻕ ﻀﻭﺌﻬﺎ ﺍﻟﻤﺒﺎﻏﺕ.
ﺩﺨﻠﺕ ..ﻭﺘﻭﻗﻑ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺒﺭﻫﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻭﺭﺍﻥ.
ﺘﻭﻗﻑ ﺍﻟﻘﻠﺏ ﺩﻗﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺨﻔﻘﺎﻥ ﻜﻤﺎ ﻻﻟﺘﻘﺎﻁ ﺍﻷﻨﻔﺎﺱ ﻤﻥ ﺸﻬﻘﺔ.
ﺇﻋﺼﺎﺭ ﻴﺘﻘﺩﻡ ﻓﻲ ﻤﻌﻁﻑ ﻓﺭﻭ ﺘﺭﺘﺩﻴﻪ ﺍﻤﺭﺃﺓ .ﺃﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﻨﺎﻴﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ..
ﺃﻻ ﺘﺭﻓﻘﺕ ﺒﻲ!
ﺃﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ..ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻁﺭ ..ﻴﺎ ﺠﺒﺎل ﺍﻷﻟﺏ ..ﺨﺫﻭﺍ ﻋﻠﻤﺎﹰ ﺃﻨﻬﺎ ﺠﺎﺀﺕ.
ﺍﻟﺘﻘﻴﻨﺎ ﺇﺫﻥ..
ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻗﺎﻟﻭﺍ :ﻭﺤﺩﻫﺎ ﺍﻟﺠﺒﺎل ﻻ ﺘﻠﺘﻘﻲ ﺃﺨﻁﺄﻭﺍ ،ﻭﺍﻟﺫﻴﻥ ﺒﻨﻭﺍ ﺒﻴﻨﻬﺎ ﺠﺴﻭﺭﺍﹰ ﻟﺘﺘﺼﺎﻓﺢ ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ
ﺘﻨﺤﻨﻲ ،ﻻ ﻴﻔﻬﻤﻭﻥ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻓﻲ ﻗﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ.
ﺍﻟﺠﺒﺎل ﻻ ﺘﻠﺘﻘﻲ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﺯﻻﺯل ﻭﺍﻟﻬﺯﺍﺕ ﺍﻷﺭﻀﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ,ﻭﻋﻨﺩﻫﺎ ﻻ ﺘﺘﺼﺎﻓﺢ ﺇﻨﻤﺎ ﺘﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ
ﺘﺭﺍﺏ ﻭﺍﺤﺩ.
ﺃﻜﺎﻥ ﺒﻭﺴﻌﻨﺎ ﺘﻔﺎﺩﻱ ﺍﻟﻜﺎﺭﺜﺔ؟ ﻫﺎ ﻨﺤﻥ ﻨﻠﺘﻘﻲ ﺤﻴﺙ ﺭﺘﺒﺕ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﻤﻭﻋﺩﺍﹰ ﻓﻲ ﺁﺨﺭ ﻤﻌﺎﻗل
ﺍﻟﺤﺯﻥ ..ﻜﻠﻌﻨﺔ.
ﻋﻤﻲ ﺼﺒﺎﺤﺎﹰ ﺴﻴﺩﺘﻲ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ..ﻜﻔﺎﺠﻌﺔ.
ﻫﻲ ﺫﻱ ..ﻜﻴﻑ ﻴﻤﻜﻥ ﻓﻙ ﺍﻻﺸﺘﺒﺎﻙ ﻤﻊ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ .ﻜل ﻤﺎ ﺃﺭﺩﺘﻪ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺒﻌﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻐﻴﺎﺏ.
ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺒﺩﻭ ﻜﺸﺠﺭﺓ ﻟﻴﻤﻭﻥ .ﺘﺴﺎﻗﻁ ﺯﻫﺭﻫﺎ ﺩﻫﺸﺔ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺭﺃﺘﻨﻲ .ﻜﺎﻥ ﺁﺨﺭ ﻤﻜﺎﻥ ﺘﻭﻗﻌﺕ ﺃﻥ
ﺘﺭﺍﻨﻲ ﻓﻴﻪ ﻫﻭ ﺒﺎﺭﻴﺱ ،ﻓﻲ ﻤﻌﺭﺽ ﺭﺴﺎﻡ ﺃﻨﻜﺭﺕ ﻭﺠﻭﺩﻩ ﺨﺎﺭﺝ ﻜﺘﺎﺏ.
ﻗﺎﻟﺕ:
-ﺸﻲﺀ ﻻ ﻴﺼﺩﻕ.
-ﻫﻲ ﺤﻴﺎﺓ ﻨﺩﻴﻥ ﺒﻬﺎ ﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀﺍﺕ.
ﺭﺩﺕ ﺒﺎﻨﺩﻫﺎﺵ ﺠﻤﻴل ﻻ ﻴﺨﻠﻭ ﻤﻥ ﺍﻟﺫﻋﺭ:
-ﻴﺎ ﺇﻟﻬﻲ ..ﻤﺎ ﺘﻭﻗﻌﺕ ﺃﺒﺩﺍﹰ ﺃﻥ ﺃﺭﺍﻙ ﻫﻨﺎ!
ﻗﻠﺕ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ:
-ﻤﺎﺫﺍ ﺃﻓﻌل ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻴﻌﻴﺩﻙ ﺇﻟﻲ.
ﻜﻨﺕ ﺃﻟﻤﺢ ﻟﻘﻭﻟﻬﺎ ﻤﺭﺓ " ﻜل ﺸﻲﺀ ﻴﻌﻴﺩﻨﻲ ﺇﻟﻴﻙ" ﻭﻜﻨﺕ ﺃﺠﺒﺘﻬﺎ ﻤﺼﺤﺤﺎﹰ ﺁﻨﺫﺍﻙ " :ﻭﻜل ﺸﻲﺀ
ﻴﺒﻘﻴﻨﻲ ﻓﻴﻙِ".
ﻗﺎﻟﺕ ﻤﻌﻠﻘﺔ ﺒﺫﻜﺎﺀ:
-ﻅﻨﻨﺘﻙ ﻏﻴﺭﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ ﺇﻗﺎﻤﺘﻙ ﻤﻨﺫ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﻴﻥ!
ﺃﺠﺒﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻤﺎﺯﺤﻬﺎ ﻨﺎﻓﻀﺎﹰ ﺴﺘﺭﺘﻲ:
-ﻜﻤﺎ ﺘﺭﻴﻥ :ﻜﻠﻤﺎ ﻫﻤﻤﺕ ﺒﻤﻐﺎﺩﺭﺘﻙ ﺘﻌﺜﺭﺕ ﺒﻙِ.
ﺜﻡ ﻭﺍﺼﻠﺕ:
-ﺒﺎﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ..ﺃﺠﻤل ﻤﺎ ﻴﺤﺩﺙ ﻟﻨﺎ ﻻ ﻨﻌﺜﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺒل ﻨﺘﻌﺜﺭ ﺒﻪ.
ﻜﻨﺕ ﻫﻨﺎ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﺃﺼﺤﺢ ﻗﻭﻟﻬﺎ " ﺃﺠﻤل ﺤﺏ ..ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﻌﺜﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺒﺤﺜﻨﺎ ﻋﻥ ﺸﻲﺀ ﺁﺨﺭ".
ﻜﻴﻑ ﺍﻟﻔﻜﺎﻙ ﻤﻥ ﺤﺏ ﺘﻤﻜﻥ ﻤﻨﻙ ﺤﺩ ﺍﺨﺘﺭﺍﻕ ﻟﻐﺘﻙ ،ﺤﺘﻰ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺇﺤﺩﻯ ﻤﺘﻌﻙ ﻓﻴﻪ ﻫﺘﻙ ﺃﺴﺭﺍﺭ
ﺍﻟﻠﻐﺔ؟
ﺍﻟﻨﺸﻭﺓ ﻤﻌﻬﺎ ﺤﺎﻟﺔ ﻟﻐﻭﻴﺔ .ﻟﻜﺄﻨﻨﻲ ﻜﻨﺕ ﺃﺭﺍﻗﺼﻬﺎ ﺒﺎﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ،ﺃﺨﺎﺼﺭﻫﺎ ،ﺃﻁﻴﺭﻫﺎ ،ﺃﺒﻌﺜﺭﻫﺎ،
ﺃﻟﻤﻠﻤﻬﺎ .ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺨﻁﻰ ﻜﻠﻤﺎﺘﻨﺎ ﺩﻭﻤﺎﹰ ﺘﺠﺩ ﺇﻴﻘﺎﻋﻬﺎ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ.
ﻜﻨﺎ ﻓﻲ ﻜل ﺤﻭﺍﺭ ﺭﺍﻗﺼﻴﻥ ﻴﺘﺯﻟﺠﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻤﺭﺍﻴﺎ ﺍﻟﺠﻠﻴﺩ ﻓﻲ ﺜﻴﺎﺏ ﺍﺤﺘﻔﺎﺌﻴﺔ ،ﻤﻨﺘﻌﻠﻴﻥ ﻤﻭﺴﻴﻘﻰ
ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ.
ﺫﺍﺕ ﻤﺭﺓ ﻗﺎﻟﺕ:
-ﺃﺤﻠﻡ ﺃﻥ ﺃﻓﺘﺢ ﺒﺎﺏ ﺒﻴﺘﻙ ﻤﻌﻙ.
ﺃﺠﺒﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﻴﻘﺎﻉ ﺍﻟﺘﺎﻨﻐﻭ ،ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻋﻴﺩ ﺃﺤﻼﻤﻬﺎ ﺨﻁﻭﺘﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﺭﺍﺀ:
-ﻭﺃﺤﻠﻡ ﺃﻥ ﺃﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ..ﻓﺄﻟﻘﺎﻙ.
ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻗﻠﺒﺕ ﻟﻨﺎ ﺍﻷﺩﻭﺍﺭ .ﻫﺎﻫﻲ ﺫﻱ ﺘﻔﺘﺢ ﺒﺎﺏ ﻗﺎﻋﺔ ﻟﺘﺯﻭﺭ ﻤﻌﺭﻀﺎﹰ ﻓﺘﻠﻘﺎﻨﻲ .ﺇﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﺯﻤﻥ
ﺍﻟﺘﺎﻨﻐﻭ ،ﺒل ﺃﺯﻤﻨﺔ ﺍﻟﻔﺎﻟﺱ ،ﺒﺩﻭﺍﺭﻫﺎ ﺍﻟﻤﺤﻤﻭﻡ ﻭﺠﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﺨﺎﺼﺭﺓ ﻓﻲ ﺘﺩﺍﺨﻠﻬﺎ ،ﻭﺍﺭﺘﺒﺎﻙ
ﺨﻁﻭﺘﻬﺎ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺒﺠﻤل ﻤﻨﺘﺸﻴﺔ ،ﻤﺘﺩﺍﺨﻠﺔ ،ﻜﺘﻭﺘﺭ ﺸﻔﺘﻴﻥ ﻗﺒل ﻗﺒﻠﺔ ،ﻻﻤﺭﺃﺓ ﺒﻠﻐﺕ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺒﻲ
ﺜﻼﺜﻴﻥ ﺴﻨﺔ ..ﻭﺒﻌﺽ ﻗﹸﺒل .ﻭﻴﻠﺯﻤﻬﺎ ﺴﺒﻊ ﻗﺒﻼﺕ ﺃﺨﺭﻯ ،ﻟﺘﺒﻠﻎ ﻋﻤﺭ ﺤﺯﻨﻲ ﺍﻟﻤﻭﺜﻕ ﻓﻲ ﺸﻬﺎﺩﺓ
ﻻ ﺘﺄﺨﺫ ﺒﻌﻴﻥ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ،ﻤﻴﻼﺩﻱ ﻋﻠﻰ ﻴﺩﻴﻬﺎ ﺫﺍﺕ ٣٠ﺃﻜﺘﻭﺒﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﺓ ﻭﺍﻟﺭﺒﻊ
ﻅﻬﺭﺍﹰ ..ﻓﻲ ﻤﻘﻬﻰ!
ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﻤﻌﻬﺎ ﺘﺒﺩﺃ ﻜﻤﺎ ﺘﻨﺘﻬﻲ :ﻋﻠﻰ ﺤﺎﻓﺔ ﺭﺒﻊ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ.
ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺘﺄﻤﻠﻨﻲ ﺒﺎﺭﺘﺒﺎﻙ ﺍﻟﻤﻔﺎﺠﺄﺓ .ﻭﻜﻨﺎ ﺒﻌﺩ ﺴﻨﺘﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻐﻴﺎﺏ ﻴﺘﺼﻔﺢ ﺃﺤﺩﻨﺎ ﺍﻵﺨﺭ ﻋﻠﻰ ﻋﺠل ,
ﻭﻨﺩﺨل ﺼﻤﺘﺎﹰ ﻓﻲ ﺤﻭﺍﺭﺍﺕ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻟﺤﺩﻴﺙ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ.
ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺭﻓﻘﺘﻬﺎ ﺃﺤﺩ.
ﺭﺩﺕ:
-ﺤﻀﺭﺕ ﺒﻤﻔﺭﺩﻱ.
-ﺤﺴﻨﺎﹰ ﺇﺫﻥ ﺃﻗﺘﺭﺡ ﺃﻥ ﺘﻠﻘﻲ ﻨﻅﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ ﺜﻡ ﺃﺩﻋﻭﻙ ﻟﻨﺸﺭﺏ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻤﻌﺎﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ
ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭ.
ﺘﻌﻤﺩﺕ ﺃﻥ ﺃﺘﺭﻜﻬﺎ ﺘﻘﻭﻡ ﺒﺠﻭﻟﺔ ﺒﻤﻔﺭﺩﻫﺎ .ﺃﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﺃﺤﺎﻓﻅ ﻋﻠﻰ ﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﻷﺭﺍﻫﺎ
ﺒﻭﻀﻭﺡ ،ﻭﻷﺘﺠﺴﺱ ﻋﻠﻰ ﺫﺍﻜﺭﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﻠﻘﺔ ﻓﻭﻕ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺠﺴﺭ.
ﻜﻤﺎ ﺘﻭﻗﻌﺕ ،ﺒﻌﺩ ﺒﻀﻊ ﻟﻭﺤﺎﺕ ،ﺫﻫﺒﺕ ﺼﻭﺏ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ .ﺭﺃﻴﺘﻬﺎ ﺘﻘﻑ ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ ﻁﻭﻴﻼﹰ ﻜﻤﺎ ﻷﻭل
ﻤﺭﺓ ﻤﻨﺫ ﻋﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ.
ﻜﻤﺎ ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﻗﺼﺩ ﻗﺼﺩﺘﻬﺎ .ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺠﻴل ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﺩﻟﻴل ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ .ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﺇﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﺤﺒﺕ ﺘﻠﻙ
ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ.
ﻗﺎﻟﺕ ﻜﻤﺎ ﻹﺨﻔﺎﺀ ﺸﺒﻬﺔ:
-ﻜﻨﺕ ﺃﻋﺠﺏ ﻓﻘﻁ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ ﺒﺎﻋﻬﺎ .ﺃﺭﻯ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﺸﺎﺭﺓ ﺤﻤﺭﺍﺀ.
ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﻤﺴﺘﻔﻴﺩﺍﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﺭﺼﺔ ﺇﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻌﺭﻑ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ.
ﻗﺎﻟﺕ:
-ﻻ ..ﺃﺒﺩﺍﹰ .ﻟﻜﻥ ﻤﻥ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺭﺴﺎﻤﻴﻥ ﺃﻥ ﻴﺤﺘﻔﻅﻭﺍ ﺒﻠﻭﺤﺘﻬﻡ ﺍﻷﻭﻟﻰ .ﻭﺤﺴﺏ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻤﻜﺘﻭﺏ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻫﻲ ﺃﻭل ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ ،ﺒﻴﻨﻬﺎ ﻭﺒﻴﻥ ﺒﻘﻴﺔ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺭﺒﻊ ﻗﺭﻥ!
-ﻫل ﻜﺎﻥ ﻴﻌﻨﻴﻙ ﺸﺭﺍﺅﻫﺎ؟
ﻗﺎﻟﺕ ﺒﻌﺩ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺭﺩﺩ:
-ﻻ ﺃﺩﺭﻱ..
ﺜﻡ ﻭﺍﺼﻠﺕ:
-ﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺒﻴﻌﺕ ،ﻭﻋﻠﻲ ﺃﻥ ﺃﺨﺘﺎﺭ ﻏﻴﺭﻫﺎ ..ﻻ ﺃﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﺘﺭﻜﻴﺯ ﻋﻠﻰ ﺸﻲﺀ ﻭﺃﻨﺕ
ﻤﻌﻲ .ﺴﺄﻋﻭﺩ ﻤﺭﺓ ﺜﺎﻨﻴﺔ ﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻟﻭﺤﺔ ﺃﻭ ﻟﻭﺤﺘﻴﻥ.
ﻗﻠﺕ ﻤﺴﺘﺩﺭﺠﺎﹰ ﺇﻴﺎﻫﺎ ﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﻤﺎ:
-ﻤﺎﺯﻟﺕ ﻏﻴﺭ ﻤﺼﺩﻕ ﺃﻨﻨﺎ ﻤﻌﺎﹰ ..ﺒﺭﺒﻙ ﻤﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺠﺎﺀ ﺒﻙ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎ؟
ﺃﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﻨﺕ ﺃﻤﻠﻙ ﺴﻭﺀ ﺍﻟﻅﻥ ﺒﺄﺠﻭﺒﺘﻬﺎ ،ﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﻤﻬﺘﻤﺎﹰ ﺒﺎﺨﺘﻴﺎﺭ ﺼﻴﻐﺔ ﻷﺴﺌﻠﺘﻲ .ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻤﻠﻙ
ﺇﻏﺭﺍﺀ ﺍﻟﺼﻤﺕ ﺍﻟﻤﻔﺎﺠﺊ ﻋﻥ ﺍﻋﺘﺭﺍﻑ ﻜﺎﺩﺕ ﺘﻁﻴﺭﻩ ﺭﻴﺢ ﺍﻟﻤﺒﺎﻏﺘﺔ .ﻭﻟﺫﺍ ﺒﻴﻥ ﺠﻤﻠﺘﻴﻥ ﺘﻨﺤﺴﺭﺍﻥ
ﻜﺫﺒﺎﹰ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺸﺩ ﻓﺴﺘﺎﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺼﻤﺘﺎﹰ ..ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺴﻔل.
-ﺇﻨﻬﺎ ﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﻻ ﺃﻜﺜﺭ ..ﺃﻤﺩﻨﻲ ﺃﺨﻲ ﻨﺎﺼﺭ ﺒﺒﻁﺎﻗﺔ ﺇﻋﻼﻥ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ ﻟﻌﻠﻤﻪ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﺤﺏ
ﺍﻟﺭﺴﻡ ...ﻏﺎﺩﺭﺕ ﺒﺎﺭﻴﺱ ﻤﻨﺫ ١٠ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻭﻤﺎ ﻋﺩﺕ ﻤﻨﺫ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﻴﻥ ﺃﺘﺎﺒﻊ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻫﻨﺎ.
ﻟﻡ ﺃﻓﻬﻡ ﺴﺭ ﺇﺼﺭﺍﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﻨﻜﺎﺭ ﻭﺠﻭﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺠل ﺫﺍﺕ ﻴﻭﻡ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻬﺎ.
ﺃﻜﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﺒﺴﺒﺏ ﻋﺎﻫﺘﻪ؟ ﺃﻡ ﻜﻬﻭﻟﺘﻪ؟ ﺃﻡ ﻜﺎﻨﺕ ﻓﻘﻁ ﻜﻜل ﺍﻟﻜﺘﹼﺎﺏ ﻻ ﺘﺤﺏ ﺍﻨﻔﻀﺎﺡ ﺸﺨﺼﻴﺎﺘﻬﺎ ﻓﻲ
ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ؟
ﻜﺎﻥ ﻭﺍﻀﺤﺎﹰ ﺃﻥ ﻨﺎﺼﺭ ﻟﻡ ﻴﺄﺕِ ﻋﻠﻰ ﺫﻜﺭﻱ ﻤﻌﻬﺎ ﻭﻻ ﺯﻴﺎﻥ ﻁﺒﻌﺎﹰ ،ﻤﻤﺎ ﺠﻌﻠﻬﺎ ﺘﺘﻭﻗﻊ ﻭﺠﻭﺩﻱ ﻫﻨﺎ
ﻤﺼﺎﺩﻓﺔ .ﻭﻨﻅﺭﺍﹰ ﻻﺨﺘﻼﻑ ﺍﺴﻡ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ ﻋﻥ ﺍﺴﻡ ﺒﻁﻠﻬﺎ ،ﺭﺒﻤﺎ ﺍﻋﺘﻘﺩﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺫﺒﺔ ﺍﻨﻁﻠﺕ ﻋﻠﻲ،
ﺨﺎﺼﺔ ﺃﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻭﺍﺜﻘﺔ ﻤﻥ ﻭﺠﻭﺩ ﺯﻴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻭﺍﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﻟﻘﺎﺌﻲ ﺒﻪ.
ﺭﺒﻤﺎ ﻭﻟﺩﺕ ﻟﺤﻅﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺫﻫﻨﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﻤﺠﻨﻭﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺤﺕ ﺒﺴﺭﻋﺔ ﺍﻟﻔﺭﺤﺔ ﺃﺨﻁﻁ
ﻟﺘﻔﺎﺼﻴﻠﻬﺎ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻗﺭﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﻫﻴﺊ ﻟﺫﺍﻜﺭﺘﻬﺎ ﻤﻘﻠﺒﺎﹰ ﺒﺤﺠﻡ ﻨﻜﺭﺍﻨﻬﺎ!
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺨﻠﻭﺕ ﺒﻬﺎ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ ،ﺒﺩﺕ ﻟﻲ ﻜﺜﻴﺭﺓ ﺍﻟﺼﻤﺕ ﺴﻬﻭﺍﹰ ،ﺩﺍﺌﻤﺔ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺭﻭﺍﻕ
ﺍﻟﺫﻱ ﻜﻨﺎ ﻨﺭﺍﻩ ﺨﻠﻑ ﺍﻟﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﺯﺠﺎﺠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﺼﻴﻑ ﺍﻵﺨﺭ ،ﻜﺄﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺴﺘﻌﻴﺩ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﺃﻭ
ﺘﺘﻭﻗﻊ ﻗﺩﻭﻡ ﺃﺤﺩ .ﺇﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﺘﻐﻴﺭ.
ﻤﺘﺩﺍﺨل ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺤﺒﻬﺎ ،ﻟﻜﺄﻨﻬﺎ ﺘﻭﺍﺼل ﻤﻌﻙ ﺤﺏ ﺭﺠل ﺃﺤﺒﺘﻪ ﻗﺒﻠﻙ ،ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺍﺴﺘﻌﺩﺍﺩﻫﺎ ﻟﺤﺏ ﻤﻥ
ﺴﻴﻠﻴﻙ.
ﻟﻔﺭﻁ ﺩﻴﻤﻭﻤﺔ ﺤﺎﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺸﻘﻴﺔ ،ﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﺘﻌﺭﻑ ﻫﻠﻊ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻓﻲ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﻜل ﺤﺏ ،ﻭﻻ ﺤﺩﺍﺩ ﺍﻟﻌﺸﺎﻕ
ﺃﻤﺎﻡ ﻴﺘﻡ ﺍﻟﻌﻭﺍﻁﻑ.
ﺃﻨﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺩ ﻴﺄﺨﺫ ﻤﻌﻙ ﺤﺩﺍﺩ ﺤﺏ ﺴﻨﺘﻴﻥ ،ﻴﺎ ﻟﻐﺒﺎﺀ ﺤﺩﺍﺩﻙ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ! ﻤﻥ ﺃﻴﻥ ﻟﻙ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﺒﺭ
ﻋﻠﻰ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻟﻬﺎ ﺤﺩﺍﺩ ﻤﻠﻜﻲ ،ﻻ ﻴﻜﺎﺩ ﻴﻤﻭﺕ ﻤﻠﻙ ﺇﻻ ﻭﻴﻌﻠﻥ ﻤﻊ ﻤﻭﺍﺘﻪ ﺍﺴﻡ ﻤﻥ ﺴﻴﻌﺘﻠﻲ ﻋﺭﺵ
ﻗﻠﺒﻬﺎ؟
ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﻤﺭﺓ ﻋﻥ ﺴﺒﺏ ﺃﻻ ﺘﻜﻭﻥ ﻜﺘﺒﺕ ﺴﻭﻯ ﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﺤﺩ .ﺃﺠﺎﺒﺕ ﺴﺎﺨﺭﺓ " :ﻟﻡ ﺃﺭﺘﺩِ ﺴﻭﻯ ﺤﺩﺍﺩ
ﺤﺏ ﻭﺍﺤﺩ ،ﻟﺘﻜﺘﺏ ﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﺘﺩﺨل ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺤﺩﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﺩ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺸﻲﺀ ،ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺘﺯﺩﺍﺩ ﻗﺼﺭﺍﹰ
ﻜﻠﻤﺎ ﺘﻘﺩﻡ ﺒﻨﺎ ﺍﻟﻌﻤﺭ ،ﻭﻻ ﻭﻗﺕ ﻟﻨﺎ ﻟﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻬﺩﺭ ﺍﻟﺒﺎﺫﺥ .ﻤﺎ ﺍﻟﺤﺩﺍﺩ ﺇﻻ ﺨﻴﺎﻨﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ".ﻭﺭﺒﻤﺎ
ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻭﻓﺎﺀ ﻟﺸﺨﺹ ﻭﺍﺤﺩ ..ﺨﻴﺎﻨﺔ ﻷﻨﻔﺴﻨﺎ .ﺘﺤﺎﺸﺕ ﻗﻭل ﺫﻟﻙ ﻷﻨﻨﻲ ﻜﻨﺕ ﻭﻗﺘﻬﺎ ﺫﻟﻙ
ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺤﺒﻪ!
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﺤﻀﺭ ﺍﻟﻨﺎﺩل ﻁﻠﺒﺎﺘﻨﺎ ،ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺸﻌل ﺴﻴﺠﺎﺭﺓ:
-ﻫل ﻜﺘﺒﺕ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﺨﻼل ﻫﺎﺘﻴﻥ ﺍﻟﺴﻨﺘﻴﻥ؟
ﻜﺎﻥ ﺒﺎﺴﺘﻁﺎﻋﺘﻲ ﻋﺒﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﻭﺤﺩﻩ ﺃﻥ ﺃﻋﺭﻑ ﻤﺎ ﺤﺩﺙ ﺒﻌﺩﻱ.
ﺒﺎﻏﺘﻬﺎ ﺴﺅﺍﻟﻲ ﺤﺘﻤﺎﹰ .ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ﻓﻲ ﺍﺴﺘﺒﺎﻗﻪ ﺃﺴﺌﻠﺔ ﺃﺨﺭﻯ ،ﺃﻅﻨﻬﺎ ﺃﺩﺭﻜﺕ ﺒﺫﻜﺎﺀ " ﺸﻴﻔﺭﺘﻨﺎ "
ﺍﻟﻌﺸﻘﻴﺔ ..ﻜﻨﺕ ﺃﺴﺄﻟﻬﺎ ﺇﻥ ﻫﻲ ﻟﺒﺴﺕ ﺤﺩﺍﺩﻱ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﻗﺕ.
ﺭﺩﺕ ﺒﺼﻭﺕ ﻏﺎﺌﺏ:
-ﻻ..
ﻟﻡ ﺘﻀﻑ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ،ﺃﻱ ﺘﺒﺭﻴﺭ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻐﻴﺭ ﻭﻗﻌﻬﺎ .ﺸﻌﺭﺕ ﺒﻠﺴﻌﺔ ﺍﻷﻟﻡ ﻭﺒﻭﺠﻊ
ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻠﻘﻴﺘﻪ ﻜﺈﻫﺎﻨﺔ ﻟﺤﺒﻨﺎ.
ﺃﻟﻡ ﻴﺒﻕ ﻤﻥ ﺍﺸﺘﻌﺎﻻﺕ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴل ﻤﺎ ﻴﻜﻔﻲ ﻹﻀﺭﺍﻡ ﻨﺎﺭ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ؟
ﺃﻫﻲ ﻟﻡ ﺘﺤﺒﻨﻲ ﺇﺫﻥ؟ ﻭﻤﺎ ﺃﺤﺒﺕ ﻓﻲ ﺴﻭﻯ ﺨﺎﻟﺩ ﺒﻥ ﻁﻭﺒﺎل ،ﺍﻟﺭﺠل ﺍﻟﺫﻱ ﻜﻨﺕ ﺃﺫﻜﺭﻫﺎ ﺒﻪ ﻭﺍﻟﺫﻱ
ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻘﻭل ﺇﻨﻪ ﺃﺤﺩ ﺍﺒﺘﻜﺎﺭﺍﺘﻬﺎ ﺍﻟﺭﻭﺍﺌﻴﺔ.
ﺃﻡ ﺘﺭﻯ ﺃﺤﺒﺕ ﻓﻲ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻕ ،ﺍﻟﺭﺠل ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻭﻫﻤﺘﻪ ﺃﻨﺎ ﻭﻜﺎﻥ ﺴﻴﻠﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﻋﺭﺵ ﻗﻠﺒﻬﺎ ﻟﻭ ﺃﻥ
ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻟﻡ ﻴﺴﺒﻘﻬﺎ ﺇﻟﻴﻪ؟
ﺤﺏ ﻴﺤﻴﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺤﺏ ﻭﻻ ﻭﻗﺕ ﻟﺩﻴﻬﺎ ﻟﻠﻔﻘﺩﺍﻥ .ﺍﻟﻔﻘﺩﺍﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ ﻤﺩﺍﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ.
ﺴﺄﻟﺘﻨﻲ ﺒﻌﺩﻤﺎ ﻁﺎل ﺼﻤﺘﻲ:
-ﻓﻴﻡ ﺘﻔﻜﺭ؟
-ﻓﻲ ﻤﺴﺭﺤﻴﺔ ﻋﻨﻭﺍﻨﻬﺎ " ﺍﻟﺤﺩﺍﺩ ﻴﻠﻴﻕ ﺒﺈﻟﻜﺘﺭﺍ" .ﻜﻨﺕ ﺃﻓﻜﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺩﺍﺩ ﻴﻠﻴﻕ ﺒﻙ .ﺠﺭﺒﻲ ﺍﻟﺤﺩﺍﺩ
ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺸﻲﺀ ،ﻗﺩ ﺘﻜﺘﺒﻴﻥ ﺃﺸﻴﺎﺀ ﺠﻤﻴﻠﺔ.
-ﻋﺩﻟﺕ ﻋﻥ ﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺎﺕ .ﺇﻨﻬﺎ ﻜﺎﻟﻘﻤﺎﺭ ﺘﻌﻁﻴﻙ ﻭﻫﻤﺎﹰ ﻜﺎﺫﺒﺎﹰ ﺒﺎﻟﻜﺴﺏ .ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺇﺩﺍﺭﺘﻙ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ
ﺘﻨﺴﻰ ﺃﻥ ﺘﺩﻴﺭ ﺤﻴﺎﺘﻙ ..ﺃﻗﺼﺩ ﺘﻨﺴﻰ ﺃﻥ ﺘﺤﻴﺎ .ﻜل ﺭﻭﺍﻴﺔ ﺘﻀﻴﻑ ﺇﻟﻰ ﻋﻤﺭ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﻤﺎ ﺘﺴﺭﻗﻪ
ﻤﻥ ﻋﻤﺭ ﻜﺎﺘﺒﻬﺎ .ﻜﻤﻥ ﻴﺠﻬﺩ ﻓﻲ ﺘﺒﺫﻴﺭ ﺤﻴﺎﺓ ﺒﺤﺠﺔ ﺘﺩﺒﻴﺭ ﺸﺅﻭﻨﻬﺎ.
ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﺴﺎﺨﺭﺍﹰ:
-ﺃﻟﻬﺫﺍ ﺘﻘﺘﻠﻴﻥ ﺃﺒﻁﺎﻟﻙ ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ ﻟﺘﻭﻓﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻙ ﺠﻬﺩ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺤﻴﺎﺘﻬﻡ؟
ﺭﺩﺕ ﻤﺎﺯﺤﺔ:
-ﺜﻤﺔ ﺃﺒﻁﺎل ﻴﻜﺒﺭﻭﻥ ﺩﺍﺨﻠﻙ ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﻻ ﻴﺘﺭﻜﻭﻥ ﻟﻙ ﺤﻴﺯﺍﹰ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﺘﻘﺘﻠﻬﻡ ﻟﺘﺤﻴﺎ .ﻤﺜل
ﻫﺅﻻﺀ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻬﻡ ﻗﺘل ﻤﺅﻟﻔﻴﻬﻡ .ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺭﻭﺍﺌﻴﻴﻥ ﻴﻤﻭﺘﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻴﺩ ﺃﺒﻁﺎﻟﻬﻡ ﻷﻨﻬﻡ ﻤﺎ ﺘﻭﻗﻌﻭﺍ ﻗﺩﺭﺓ
ﻜﺎﺌﻥ ﺤﺒﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺘل.
ﻭﺍﺼﻠﺕ ﺒﻌﺩ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻤﺕ:
-ﺨﺎﻟﺩ ﻤﺜﻼﹰ ..ﻟﻭ ﻟﻡ ﺃﻗﺘﻠﻪ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻴﺔ ﻟﻘﺘﻠﻨﻲ .ﻤﺎ ﻗﺴﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺭﺠﻼﹰ ﺇﻻ ﻭ ﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﻓﺠﻴﻌﺘﻲ .ﻜﺎﻥ
ﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﻴﻤﻭﺕ .ﺠﻤﺎﻟﻪ ﻴﻔﻀﺢ ﺒﺸﺎﻋﺔ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﻭﻴﺸﻭﺵ ﺤﻴﺎﺘﻲ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ.
ﺭﺍﻭﺩﺘﻨﻲ ﺭﻏﺒﺔ ﺃﻥ ﺃﻗﻭل ﻟﻬﺎ ﺇﻨﻪ -ﺒﺭﻏﻡ ﺫﻟﻙ -ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻴﺸﺎﺭﻜﻨﺎ ﺍﺴﺘﻨﺸﺎﻕ ﻫﻭﺍﺀ ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ.
ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺼﻤﺕ .ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺁﻥ ﺒﻌﺩ ﺃﻭﺍﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ!
ﻟﻡ ﺃﺩﺭ ﻟﻤﺎﺫﺍ ،ﺒﺭﻏﻡ ﺫﻟﻙ ،ﻟﻡ ﻴﺯﺩﻨﻲ ﺤﺩﻴﺜﻲ ﻤﻌﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﺸﺘﻬﺎﺀ ﻟﻬﺎ.
ﻜﺎﺘﺒﺔ ﻤﺸﻐﻭﻟﺔ ﻋﻥ ﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺎﺕ ﺒﺎﻟﺘﻬﺎﻡ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﺘﻔﺘﺢ ﺸﻬﻴﺘﻙ ﻻﻟﺘﻬﺎﻤﻬﺎ .ﺇﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ
ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺫﺏ ﺍﻟﺭﻭﺍﺌﻲ ،ﺘﻌﻁﻴﻙ ﺫﺭﻴﻌﺔ ﺇﻀﺎﻓﻴﺔ ﻻﺴﺘﺩﺭﺍﺠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻤﻭﻋﺩ ﺘﺴﻘﻁ
ﻓﻴﻪ ﺃﻗﻨﻌﺘﻬﺎ ﺍﻟﺭﻭﺍﺌﻴﺔ!
ﻫﺎ ﻫﻲ ﺫﻱ .ﻭﺃﻨﺎ ﺸﺎﺭﺩ ﺒﻬﺎ ﻋﻨﻬﺎ .ﻨﺴﻴﺕ ﻜل ﻤﺂﺨﺫﻱ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻨﺴﻴﺕ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺍﻓﺘﺭﻗﻨﺎ ..ﻟﻤﺎﺫﺍ
ﻜﺭﻫﺘﻬﺎ .ﻭﻫﺎ ﺃﻨﺎ ﺃﺭﻴﺩﻫﺎ ﺍﻵﻥ ،ﻓﻭﺭﺍﹰ ,ﺒﺎﻟﺘﻁﺭﻑ ﻨﻔﺴﻪ .ﻜﻨﺕ ﺴﺄﻗﻭل " :ﺃﻀﻴﺌﻲ ﻨﻔﻕ ﺍﻟﺘﺭﻗﺏ
ﺒﻤﻭﻋﺩ" ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻭﺠﺩﺕ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﺍﺴﺘﺠﺩﺍﺀ ﻻ ﻴﻠﻴﻕ ﺒﺎﻤﺭﺃﺓ ﻻ ﺘﺤﺏ ﺇﻻ ﺭﺠﻼﹰ ﻋﺼﻲ
ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﺔ .ﻗﻠﺒﺕ ﺠﻤﻠﺘﻲ ﻓﻲ ﺼﻴﻐﺔ ﻻ ﺘﺴﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﺴﻭﻯ ﺒﺘﺤﺩﻴﺩ ﺍﻟﻭﻗﺕ .ﻗﻠﺕ:
-ﺃﻱ ﺴﺎﻋﺔ ﺃﺭﺍﻙ ﻏﺩﺍﹰ؟
-ﺃﺃﻨﺕ ﻋﻠﻰ ﻋﺠل؟
-ﺃﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻤﺘﻼﺀ.
ﺃﻀﻔﺕ ﻜﻤﺎ ﻷﺼﺤﺢ ﺯﻟﺔ ﻟﺴﺎﻥ ﻜﻨﺕ ﺘﻌﻤﺩﺘﻬﺎ:
-ﻓﻲ ﺠﻌﺒﺘﻲ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺇﻟﻴﻙ.
ﻗﺎﻟﺕ:
-ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺘﺘﺒﺩﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﺎﻓﻬﺔ؟ ﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻤﺎ ﻓﻲ ﺠﻌﺒﺘﻙ ﻴﺼﻠﺢ ﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺭﻭﺍﻴﺔ.
ﻜﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺩﻫﺎﺀ ﺍﻷﻨﻭﺜﺔ ﺍﻟﻔﻁﺭﻱ .ﻓﺘﻨﺔ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺘﻜﻴﺩ ﻟﻙ ﺒﺘﻭﺍﻁﺅ ﻤﻨﻙ .ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻤﻐﻭﻴﺔ ،ﻤﺴﺘﻌﺼﻴﺔ،
ﺠﻤﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻨﺼﻔﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻠﻐﻲ ﺍﻟﺴﺒﻴل ﺇﻟﻰ ﻨﺼﻑ ﺁﺨﺭ ,ﻴﻭﻫﻤﻙ ﺃﻨﻬﺎ ﻤﻔﺘﻭﺤﺔ ﻋﻠﻰ
ﺍﺤﺘﻤﺎل ﺭﻏﺒﺎﺘﻙ.
ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺠﺭﻤﺔ ﻋﻤﺩﺍﹰ .ﺍﻟﻔﺎﺘﻨﺔ ﻜﻤﺎ ﺒﻼ ﻗﺼﺩ .ﺘﺘﻌﺎﻗﺩ ﻤﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺨﻼﺹ ﻭﺘﺩﺭﻱ ﺃﻨﻙ ﺘﺒﺭﻡ ﺼﻔﻘﺔ
ﻤﻊ ﻏﻴﻤﺔ .ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺘﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﺃﻱ ﺃﺭﺽ ﺴﺘﻤﻁﺭ ﺃﻭ ﻤﺘﻰ.
ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺒﺎﻟﺘﻘﻤﺹ .ﺘﺘﻘﻤﺹ ﻨﺴﺎﺀ ﻤﻥ ﺃﻗﺼﻰ ﺍﻟﻌﻔﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺼﻰ ﺍﻟﻔﺴﻕ ،ﻤﻥ ﺃﻗﺼﻰ
ﺍﻟﺒﺭﺍﺀﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺼﻰ ﺍﻹﺠﺭﺍﻡ.
ﻗﻠﺕ:
-ﺤﻭﺍﺭﺍﺘﻨﺎ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻏﺭﻓﺔ ﻤﻐﻠﻘﺔ.
ﺭﺩﺕ:
-ﻻ ﺃﺤﺏ ﺍﻟﺜﺭﺜﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺸﺭﺍﺸﻑ ﺍﻟﻀﺠﺭ.
ﺃﺠﺒﺘﻬﺎ ﺒﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﻭﺍﺜﻘﺎﹰ ﺃﻨﻪ ﺴﻴﻘﻨﻌﻬﺎ:
-ﻟﻥ ﺘﻀﺠﺭﻱ ..ﻫﻴﺄﺕ ﻟﻙ ﻤﻭﻗﺩﺍﹰ ﺃﻨﺕ ﺤﻁﺒﻪ.
ﻟﻔﻅﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﻭﺃﻨﺎ ﺍﺒﺘﺴﻡ ,ﻓﻭﺤﺩﻱ ﻜﻨﺕ ﺃﻋﺭﻑ ﻤﺎ ﺃﻋﻨﻴﻪ .ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻭﺍﺼﻠﺕ ﺒﻨﺒﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ:
-ﻜﻴﻑ ﺘﻘﺎﻭﻤﻴﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻁﺭ ﺒﻤﻔﺭﺩﻙ؟ ﻨﺤﻥ ﻓﻲ ﺒﺎﺭﻴﺱ ،ﺇﻥ ﻟﻡ ﻴﻬﺯﻤﻙ ﺍﻟﺤﻨﻴﻥ ﺇﻟﻲ ﺴﺘﻬﺯﻤﻙ
ﺍﻟﻨﺸﺭﺓ ﺍﻟﺠﻭﻴﺔ ،ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻜﻨﺕ ﺃﺤﻀﺭﺕِ ﻓﻲ ﺤﻘﺎﺌﺏ ﺴﻔﺭﻙ ﻤﻥ ﻴﺘﻜﻔل ﺒﺘﺩﻓﺌﺘﻙ!
ﻏﺭﻗﺕ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﻓﻲ ﺼﻤﺕ ﻁﻭﻴل.
ﻻﺤﻅﺕ ﻓﻲ ﺼﻭﺘﻬﺎ ﻨﺒﺭﺓ ﺤﺯﻥ ﻟﻡ ﺃﻋﻬﺩﻫﺎ ﻤﻨﻬﺎ ..ﺜﻡ ﻭﺍﺼﻠﺕ ﻜﺄﻨﻬﺎ ﺘﺤﺎﺩﺙ ﻨﻔﺴﻬﺎ:
-ﺴﺎﻤﺤﻙ ﺍﷲ..
ﻭﻟﻡ ﺘﻀﻑ ﺸﻴﺌﺎﹰ.
ﺸﻌﺭﺕ ﺒﺤﺯﻥ ﻤﻥ ﺃﺴﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺭﺍﺸﺎﺕ ،ﻭﻟﻡ ﺃﺠﺩ ﺴﺒﺒﺎﹰ ﻟﺸﺭﺍﺴﺘﻲ ﻤﻌﻬﺎ .ﺭﺒﻤﺎ ﻟﻔﺭﻁ ﺤﺒﻲ ﻟﻬﺎ.
ﺭﺒﻤﺎ ﻹﺩﺭﺍﻜﻲ ﺒﺎﻤﺘﻼﻜﻲ ﺍﻟﻤﺅﻗﺕ ﻟﻬﺎ .ﻟﻡ ﺃﺴﺘﻁﻊ ﺃﻥ ﺃﻜﻭﻥ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻨﻑ
ﺍﻟﻌﺸﻘﻲ.
ﻗﻠﺕ ﻤﻌﺘﺫﺭﺍﹰ:
ﺴﺎﻤﺤﻴﻨﻲ ﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﺃﻗﺼﺩ ﺇﻴﻼﻤﻙ.
ﻗﺎﻟﺕ ﺒﻌﺩ ﺼﻤﺕ:
-ﻴﺅﻟﻤﻨﻲ ﺃﻨﻙ ﻤﺎ ﺯﻟﺕ ﻻ ﺘﻌﻲ ﻜﻡ ﺃﻨﺎ ﺠﺎﻫﺯﺓ ﻷﺩﻓﻊ ﻤﻘﺎﺒل ﻟﻘﺎﺀ ﻤﻌﻙ .ﻋﻴﻭﻥ ﺯﻭﺠﻲ ﻤﺒﺜﻭﺜﺔ ﻓﻲ
ﻜل ﻤﻜﺎﻥ ..ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺠﻠﺱ ﺇﻟﻴﻙ ﻓﻲ ﻤﻘﻬﻰ ﻏﻴﺭ ﻤﻌﻨﻴﺔ ﺇﻥ ﻤﺕ ﺒﺴﺒﺒﻙ ﻓﻲ ﺤﺎﺩﺙ ﺤﺏ .ﺃﻨﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻥ
ﻟﻡ ﺃﻤﺕ ﺒﻌﺩ ،ﻓﻠﻜﻭﻨﻲ ﻋﺩﻟﺕ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺏ ﻭﺘﺨﻠﻴﺕ ﻋﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ .ﺍﻟﺸﺒﻬﺘﺎﻥ ﺍﻟﻠﺘﺎﻥ ﻟﻡ ﻴﻐﻔﺭﻫﻤﺎ ﻟﻲ
ﺯﻭﺠﻲ.
ﺃﻤﺴﻜﺕ ﺒﻴﺩﻫﺎ ﻗﺼﺩ ﺘﻘﺒﻴﻠﻬﺎ ،ﺒﺩﺍ ﻟﻲ ﺨﺎﺘﻡ ﺍﻟﺯﻭﺍﺝ ،ﺃﻋﺩﺕ ﻭﻀﻌﻬﺎ ﻭﺃﺨﺫﺕ ﺍﻷﺨﺭﻯ .ﻁﺒﻌﺕ ﻗﺒﻠﺔ
ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺘﻤﺘﻤﺕ ﻜﻤﺎ ﻟﻨﻔﺴﻲ:
-ﺤﺒﻴﺒﺘﻲ...
ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺭﻓﻊ ﺸﻔﺘﻲ ﻋﻥ ﻴﺩﻫﺎ:
-ﻜﻴﻑ ﺴﻤﺢ ﻟﻙ ﺃﻥ ﺘﺴﺎﻓﺭﻱ ﻤﻥ ﺩﻭﻨﻪ؟
ﻗﺎﻟﺕ:
-ﺠﺌﺕ ﻤﻊ ﻭﺍﻟﺩﺘﻲ ﺒﺫﺭﻴﻌﺔ ﺃﻥ ﺃﺭﺍﺠﻊ ﻁﺒﻴﺒﺎﹰ ﻤﺨﺘﺼﺎﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻡ ﺍﻟﻨﺴﺎﺌﻲ .ﻨﺤﻥ ﻫﻨﺎ ﻟﻨﻠﺘﻘﻲ ﺒﺄﺨﻲ
ﻨﺎﺼﺭ .ﺤﻀﺭ ﻤﻥ ﺃﻟﻤﺎﻨﻴﺎ ﺨﺼﻴﺼﺎﹰ ﻟﻴﺭﺍﻨﺎ .ﺃﺨﺎﻑ ﺃﻥ ﺘﻤﻭﺕ ﺃﻤﻲ ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﺭﺍﻩ ..ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺫﻋﺭﻱ ﺍﻟﺩﺍﺌﻡ ،ﻫﺭﻭل ﺍﻟﻌﻤﺭ ﺒﻬﺎ ﺴﺭﻴﻌﺎﹰ ﻤﻨﺫ ﻏﻴﺎﺒﻪ.
ﻗﻠﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﻤﻤﺴﻙ ﺒﻴﺩﻫﺎ:
-ﻜﻡ ﺘﻤﻨﻴﺕ ﺃﻥ ﺃﻟﺘﻘﻲ ﺒﻭﺍﻟﺩﺘﻙ .ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ ﻤﺎ ﺸﻌﺭﺕ ﺃﻨﻬﺎ ﺃﻤﻲ .ﻻ ﺒﺴﺒﺏ ﻴﺘﻤﻲ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل
ﻷﺤﺎﺴﻴﺴﻲ ﺍﻟﻤﺘﺩﺍﺨﻠﺔ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﻁﻌﺔ ﺩﻭﻤﺎﹰ ﻤﻊ ﺠﺴﺩﻙ .ﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ﺃﺸﻌﺭ ﺃﻨﻨﺎ ﺨﺭﺠﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﺤﻡ ﻨﻔﺴﻪ.
ﻭﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ﺃﻥ ﺠﺴﻤﻙ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻔﻅﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻤﻥ ﺤﻘﻲ ﺃﻥ ﺃﺴﺘﻭﻁﻨﻪ .ﺃﻋﻁﻴﻨﻲ ﺘﺼﺭﻴﺤﺎﹰ
ﻟﻺﻗﺎﻤﺔ ﻓﻴﻪ ﺘﺴﻌﺔ ﺃﺸﻬﺭ ..ﺃﻁﺎﻟﺏ ﺒﺎﻟﻠﺠﻭﺀ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻲ ﺇﻟﻰ ﺠﺴﺩﻙ!
ﺍﺒﺘﺴﻤﺕ ﻭﻋﻼ ﻭﺠﻨﺘﻴﻬﺎ ﺍﺤﻤﺭﺍﺭ ﺍﻟﻌﺫﺍﺭﻯ ،ﻭﺍﺭﺘﺒﻜﺕ ﺨﺼﻼﺕ ﺸﻌﺭﻫﺎ ﺤﺘﻰ ﺒﺩﺕ ﻜﺄﻨﻬﺎ ﺼﻐﻴﺭﺘﻲ.
ﻜﻨﺕ ﺃﺤﺏ ﺠﺭﺃﺘﻬﺎ ﺤﻴﻨﺎﹰ ،ﻭﺤﻴﻨﺎﹰ ﺤﻴﺎﺀﻫﺎ .ﺃﺤﺏ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﻨﻭﺜﺔ ﺍﻟﻤﺘﺭﻓﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺴﺘﺒﻴﺤﻬﺎ
ﻋﻨﻭﺓﹰ ﺇﻻ ﺒﺈﺫﻥ ﻋﺸﻘﻲ.
ﻗﺎﻟﺕ ﻭﻫﻲ ﺘﺭﻓﻊ ﺨﺼﻠﺔ ﺸﻌﺭﻫﺎ ﺒﺒﻁﺀ:
-ﻤﻌﻙ ﺃﺭﻴﺩ ﺤﻤﻼﹰ ﺃﺒﺩﻴﺎﹰ.
ﺃﺠﺒﺕ ﻤﻤﺎﺯﺤﺎﹰ:
-ﻟﻥ ﺃﺴﺘﻁﻴﻊ ﺇﺫﻥ ﺃﻥ ﺃﺴﺘﻭﻟﺩﻙ ﻁﻔﻠﺔ ﺠﻤﻴﻠﺔ ﻤﺜﻠﻙ .ﺃﺘﺩﺭﻴﻥ ﺨﺴﺎﺭﺓ ﺃﻻﱠ ﺘﺘﻜﺭﺭﻱ ﻓﻲ ﺃﻨﺜﻰ ﺃﺨﺭﻯ؟
ﺴﺘﺘﻀﺎﺌل ﻜﻤﻴﺔ ﺍﻷﻨﻭﺜﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ!
-ﺒل ﺃﺩﺭﻱ ﺨﺴﺎﺭﺓ ﺃﻥ ﺃﺘﺤﺴﺱ ﺒﻁﻨﻲ ﺒﺤﺜﺎﹰ ﻋﻨﻙ ﻜل ﻤﺭﺓ ،ﻭﻻ ﺃﻓﻬﻡ ﺃﻻ ﺘﻜﻭﻥ ﺘﺴﺭﺒﺕ ﺇﻟﻲ .ﻻ
ﺒﺩ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻟﺘﺩﺭﻙ ﻓﺠﻴﻌﺔ ﺒﻁﻥ ﻟﻡ ﻴﺤﺒل ﻤﻤﻥ ﺃﺤﺏ .ﻭﺤﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺘﺩﺭﻙ ﺫﻟﻙ.
ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﺒﻌﺩ ﺼﻤﺕ:
-ﺤﻴﺎﺓ ﻫل ﺃﺤﺒﺒﺘﻨﻲ؟
-ﻟﻥ ﺃﺠﻴﺒﻙ .ﺃﺭﻯ ﻓﻲ ﺴﺅﺍﻟﻙ ﺍﺴﺘﺨﻔﺎﻓﺎﹰ ﺒﻲ ،ﻭﻓﻲ ﺠﻭﺍﺒﻲ ﻋﻨﻪ ﺍﺴﺘﺨﻔﺎﻓﺎﹰ ﺒﻙ .ﻜل ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﺘﻲ
ﺘﺴﺘﻨﺠﺩ ﺒﺎﻟﺒﻭﺡ ﻫﻲ ﻤﺸﺎﻋﺭ ﻨﺼﻑ ﻜﺎﺫﺒﺔ .ﺇﻥ ﺨﺩﺵ ﺤﻤﻴﻤﻴﺔ ﺍﻵﺨﺭ ﻻ ﺘﺘﺄﺘﻰ ﺇﻻ ﺒﺎﻟﺘﻌﺭﻱ ﺍﻟﺩﻤﻴﻡ
ﻟﻠﺒﻭﺡ.
ﻫﺫﺍ ﻜﻼﻡ ﺘﻌﻠﻤﺘﻪ ﻤﻨﻙ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺍﻟﺒﻌﻴﺩ ﺃﻴﺎﻡ ﻜﻨﺕ ﺃﺴﺘﺠﺩﻱ ﻤﻨﻙ ﺍﻋﺘﺭﺍﻓﺎﹰ ﺒﺤﺒﻲ ﻓﺘﺠﻴﺏ ":ﺃﻱ
ﻁﺒﻕ ﺸﻬﻲ ﻟﻠﺒﻭﺡ ﻻ ﻴﺨﻠﻭ ﻤﻥ ﺘﻭﺍﺒل ﺍﻟﺭﻴﺎﺀ .ﻭﺤﺩﻩ ﺍﻟﺼﻤﺕ ﻫﻭ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻌﺎﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺨﻠﻭ
ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺫﺏ".
ﻗﻠﺕ ﻤﻨﺩﻫﺸﺎﹰ:
-ﻤﺘﻰ ﺤﻔﻅﺕ ﻜل ﻫﺫﺍ؟
-ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﻴﺎﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺸﺘﻬﺎ ﻋﻨﺩ ﺃﻗﺩﺍﻡ ﺃﺭﻴﻜﺘﻙ ،ﺒﺼﺒﺭ ﻗﻁﺔ ،ﺃﻟﻌﻕ ﻤﻥ ﺼﺤﻥ ﺍﻻﻨﺒﻬﺎﺭ ﻜل ﻤﺎ
ﺘﺘﻔﻭﻩ ﺒﻪ .ﻗﻠﺕ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ:
-ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺸﺒﻊ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻘﻁﺔ ،ﺘﺤﻭﻟﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﻜﺭﺓ ﺼﻭﻓﻴﺔ ﺘﻠﻌﺏ ﺒﻬﺎ ﺤﻴﻨﺎﹰ ﻭﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ﺃﺨﺭﻯ
ﺘﻨﺘﻑ ﺒﻤﺨﺎﻟﺒﻬﺎ ﺨﻴﻭﻁﻬﺎ .ﻜﻡ ﻏﺭﺴﺕِ ﻤﺨﺎﻟﺏ ﺴﺎﺩﻴﺘﻙ ﻓﻲ ﻁﻴﺒﻭﺒﺘﻲ ..ﺜﻡ ﻟﻌﻘﺕ ﺠﺭﺍﺤﻲ ﺇﻤﻌﺎﻨﺎﹰ ﻓﻲ
ﺇﻴﻼﻤﻲ.
ﻀﺤﻜﻨﺎ ﺒﺘﻭﺍﻁﺅ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴل .ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺭﺃﻴﺘﻬﺎ ﺘﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺴﺎﻋﺘﻬﺎ ﻤﻌﻠﻨﺔ ﺘﺄﺨﺭﻫﺎ ،ﻗﻠﺕ:
-ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺃﺭﺍﻙِ ..ﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﺘﺘﺩﺒﺭﻱ ﻟﻨﺎ ﻤﻭﻋﺩﺍﹰ.
-ﻻ ﺃﻅﻨﻨﻲ ﺃﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﺘﺤﺎﻴل ﻋﻠﻰ ﻨﺎﺼﺭ ﻭﺁﻤﺎﹰ ﻤﻌﺎﹰ .ﺴﻴﻠﺤﻕ ﺒﻲ ﺃﺤﺩﻫﻤﺎ ﺤﺘﻤﺎﹰ ﺤﻴﺜﻤﺎ ﺃﺫﻫﺏ.
ﻗﻠﺕ ﻀﺎﺤﻜﺎﹰ:
-ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﺃﻨﺕِ ﺭﻭﺍﺌﻴﺔ ﺇﺫﻥ؟
***
ﺍﻓﺘﺭﻗﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ ﺨﺸﻴﺔ ﺃﻥ ﻨﺼﺎﺩﻑ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺘﺭﺩﺩﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ،
ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺘﺭﻜﺕ ﻟﻬﺎ ﺭﻗﻡ ﻫﺎﺘﻔﻲ ﺍﻟﺠﻭﺍل.
ﺘﺭﻜﺘﻬﺎ ﺘﺴﺒﻘﻨﻲ ﺒﺨﻁﻭﺍﺕ .ﻭﺒﻴﻨﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻨﺘﻅﺭ ﺴﻴﺎﺭﺓ ﺃﺠﺭﺓ ،ﻜﻨﺕ ﺃﻗﺼﺩ ﺍﻟﻤﺘﺭﻭ ﻋﺎﺌﺩﺍﹰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺕ
ﺨﻭﻓﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺠﻤﺎل ﻓﺭﺤﺔ ﻗﺩ ﺃﻨﻔﻀﺢ ﺒﻬﺎ.
ﺍﻟﻔﺭﺤﺔ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﻜﺎﻨﺕ ﺴﻔﺭ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﻐﺩ .ﻭﺠﺩﺘﻬﺎ ﺘﻌﺩ ﺤﻘﻴﺒﺔ ﺴﻔﺭﻫﺎ.
ﻜﺎﻨﺕ ﻤﺠﻬﺩﺓ ﺒﻌﺩ ﻴﻭﻤﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﻬﺩ ،ﻻ ﺘﺭﻏﺏ ﺴﻭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻭﻡ ﻜﻲ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ
ﺍﻻﺴﺘﻴﻘﺎﻅ ﺒﺎﻜﺭﺍﹰ.
ﺴﻌﺩﺕ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﺘﺤﺭﺵ ﺒﻲ .ﻜﺎﻥ ﻋﻘﻠﻲ ﻜﻠﻪ ﻋﻨﺩ ﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﺴﻌﺩﺕ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﺘﺤﺭﺵ ﺒﻲ.
ﻜﺎﻥ ﻋﻘﻠﻲ ﻜﻠﻪ ﻋﻨﺩ ﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﺒﻲ .ﻜﺎﻥ ﻋﻘﻠﻲ ﻜﻠﻪ ﻋﻨﺩ ﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﺃﺩﺭﻙ ﺃﻥ ﻋﻘﻠﻬﺎ
ﺃﻴﻀﺎﹰ ﻜﺎﻥ ﻋﻨﺩ ﺭﺠل ﺁﺨﺭ!
ﺴﻬﺭﺕ ﻁﻭﻴﻼﹰ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻥ .ﻟﻡ ﺃﺴﺘﻁﻊ ﺍﻟﻨﻭﻡ .ﺜﻡ ﻓﻜﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﻁﻠﺏ ﻨﺎﺼﺭ ﻟﻴﺎﻗﺔ
ﻟﻼﻁﻤﺌﻨﺎﻥ ﻋﻥ ﻭﺍﻟﺩﺘﻪ.
ﺒﺩﺍ ﻤﺤﺘﻔﻴﺎﹰ ﺒﻲ ﻜﺄﻨﻪ ﺍﻓﺘﻘﺩﻨﻲ .ﻭﺃﺼﺭ ﻋﻠﻰ ﺩﻋﻭﺘﻲ ﻴﻭﻡ ﺍﻟﺴﺒﺕ ﻟﻠﻌﺸﺎﺀ ﻋﻨﺩ ﻤﺭﺍﺩ ﻷﻥ ﻭﺍﻟﺩﺘﻪ
ﺴﺘﺤﻀﺭ ﻟﺘﻌﺩ ﻟﻬﻡ ﺃﻜﻼﹰ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﻴﺎﹰ!
ﺴﺄﻟﺘﻪ ﻋﻥ ﺼﺤﺘﻬﺎ .ﻗﺎل ﺒﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻷﺴﻰ:
-ﺇﻥ ﺍﻟﻌﺫﺍﺏ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻋﺭﻓﺘﻪ ﺍﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻴﺩ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﻴﻥ ﺃﻴﺎﻡ ﻜﺎﻥ ﺃﺒﻲ ﺃﺤﺩ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ
ﺍﻟﻤﻼﺤﻘﻴﻴﻥ ،ﻻ ﻴﻌﺎﺩل ﻤﺎ ﺘﻼﻗﻴﻪ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻤﺭ ﺒﺴﺒﺒﻲ ..ﺘﺼﻭﺭ ﺃﻥ ﺘﺘﺤﻤل ﻋﺠﻭﺯ ﻓﻲ ﺴﻨﻬﺎ
ﻤﺸﻘﺔ ﺍﻟﺴﻔﺭ ﻟﺘﺭﻯ ﺍﺒﻨﻬﺎ ،ﻷﻥ ﻭﻁﻨﻪ ﻤﻐﻠﻕ ﻓﻲ ﻭﺠﻬﻪ ﻭﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺨﺘﺎﺭ ﺃﺘﺭﻴﺩﻩ ﻤﻴﺘﺎﹰ ﺃﻡ ﻤﺘﺸﺭﺩﺍﹰ.
ﻟﻡ ﺃﺸﺄ ﺃﻥ ﺃﻗﺹ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﺎ ﺒﺫﺭﻴﻌﺔ ﻤﻭﺍﺴﺎﺘﻪ ﻜﺎﻥ ﺴﻴﺯﻴﺩﻩ ﺃﻟﻤﺎﹰ.
ﺫﻜﺭﻨﻲ ﻜﻼﻤﻪ ﺒﻤﺎ ﺴﻤﻌﺘﻪ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﻋﻥ ﻭﺍﻟﺩﺓ ﺃﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺒﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ،ﺭﻏﻡ ﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﻥ ﻀﻌﻑ
ﺒﻨﻴﺔ ﻭﻗﺼﺭ ﻗﺎﻤﺔ ،ﺃﺫﻫﻠﺕ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﻴﻥ ﺒﺸﺠﺎﻋﺘﻬﺎ .ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﺍﻋﺘﻘﻠﻭﺍ ﺍﺒﻨﻬﺎ ﻭﺴﺎﻗﻭﻫﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﻗﺼﺩ
ﺇﺤﺒﺎﻁ ﻤﻌﻨﻭﻴﺎﺘﻪ ﻭﺘﻌﺫﻴﺒﻪ ﺒﺭﺅﻴﺘﻬﺎ ،ﻓﺎﺠﺄﺘﻬﻡ ﺒﺄﻥ ﻟﻡ ﺘﻘل ﻟﻪ ﻭﻫﻲ ﺘﺭﺍﻩ ﻤﻜﺒﻼﹰ ﺴﻭﻯ " ﺍﻟﻁﻴﺭ ﺍﻟﺤﺭ
ﻤﺎ ﻴﺘﺨﺒﻁﺵ" ﻭﺃﺩﺭﻜﻭﺍ ﺃﻨﻬﺎ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﺜل ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺤﺜﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻨﺴﺭﺍﹰ ﻜﺎﺴﺭﺍﹰ ﻻ
ﻋﺼﻔﻭﺭﺍﹰ ﻴﻨﺘﻔﺽ ﺨﻭﻓﺎﹰ ﻓﻲ ﻴﺩ ﺍﻟﻌﺩﻭ.
ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻌﺩ ﻟﻬﺎ ﺍﻤﺘﺤﺎﻨﺎﹰ ﺁﺨﺭ .ﻓﺒﻌﺩ ﺍﺴﺘﻘﻼل ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﺨﺭﺝ ﺒﻥ ﺒﻠﹼﺔ ﺯﻋﻴﻤﺎﹰ ﻤﻥ ﺴﺠﻥ
ﺍﻟﻌﺩﻭ ﻟﻴﺠﺩ ﻤﻌﺘﻘﻼﺕ ﻭﻁﻨﻪ ﻤﺸﺭﻋﺔ ﻓﻲ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭﻩ ﺴﺒﻊ ﻋﺸﺭﺓ ﺴﻨﺔ ﺃﺨﺭﻯ .ﻟﻡ ﻴﺴﻤﺢ ﻟﺘﻠﻙ ﺍﻷﻡ
ﺍﻟﻌﺠﻭﺯ ﺒﺭﺅﻴﺘﻪ ﺴﻭﻯ ﺒﻌﺩ ﺴﻨﺘﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻋﺘﻘﺎﻟﻪ .ﻴﻭﻤﻬﺎ ﻭﻹﻫﺎﻨﺔ ﺍﺒﻨﻬﺎ ﺘﻡ ﺘﻌﺭﻴﺘﻬﺎ ﻭﺘﻔﺘﻴﺸﻬﺎ
ﻭﺘﺭﻜﺕ ﺘﺭﺘﺠﻑ ﺒﺭﺩﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﻤﺭﺃﻯ ﻤﻥ ﻜﻼﺏ ﺤﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ .ﻟﻡ ﺘﺼﻤﺩ ﻜﻬﻭﻟﺘﻬﺎ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﺠﺭﻯ
ﻫﻭﺍﺀ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ,ﻤﺎﺘﺕ ﺒﻌﺩ ﻓﺘﺭﺓ ﻭﺠﻴﺯﺓ ﻤﻥ ﺠﺭﺍﺀ ﻨﺯﻟﺔ ﺍﻟﻘﻬﺭ ﺒﺭﺩﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﻤﺭﻤﻰ ﺍﻟﻌﻴﻭﻥ ﺍﻟﻼﻤﺒﺎﻟﻴﺔ
ﻟﻭﻁﻥٍ ﻟﻪ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺦ ﺍﻟﻨﺴﻭﺭ ﺍﻟﻜﻭﺍﺴﺭ ﺇﻟﻰ ﻋﺼﺎﻓﻴﺭ ﻤﺫﻋﻭﺭﺓ.
ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻴﻨﺘﻅﺭ ﺨﻤﺱ ﻋﺸﺭﺓ ﺴﻨﺔ ﻟﺘﻔﺘﺢ ﻟﻪ ﺍﻟﺯﻨﺯﺍﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﻀﺽ ،ﻭﻴﻁﻴﺭ ﻜﻌﺼﻔﻭﺭ
ﻤﻬﻴﺽ ﺍﻟﺠﻨﺎﺡ ﻟﻴﺤﻁ ﺒﺎﻜﻴﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﺭﻫﺎ.
ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻜﻴﻑ ﻭﺼﻠﺕ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﻡ ﻤﻥ ﺍﻷﻟﻡ ﻨﻬﺎﺭ ﻜﻨﺕ ﻓﻴﻪ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺴﻌﺎﺩﺓ .ﻜﻨﺕ ﻁﻠﺒﺕ ﻨﺎﺼﺭ
ﻁﻤﻌﺎﹰ ﻓﻲ ﺭﺍﺌﺤﺔ ﺃﺨﺘﻪ ،ﻭﺇﺫﺍ ﺒﻲ ﺃﺒﻜﻲ ﺒﺴﺒﺏ ﺃﻤﻪ .ﻤﺴﻜﻭﻨﻭﻥ ﻨﺤﻥ ﺒﺄﻭﺠﺎﻋﻨﺎ ،ﻓﺤﺘﻰ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﺤﺏ
ﻻ ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﺇﻻ ﺘﺤﻭﻴل ﺍﻟﺤﺏ ﺇﻟﻰ ﺤﺯﻥ ﻜﺒﻴﺭ.
ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﺴﺘﻴﻘﻅﺕ ﺒﺎﻜﺭﺍﹰ ﻜﻲ ﺃﺘﻨﺎﻭل ﻓﻁﻭﺭ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻤﻊ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ،ﻭﺃﻭﺩﻋﻬﺎ ﺒﻤﺎ ﻴﻘﺘﻀﻴﻪ
ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻤﻥ ﺤﺭﺍﺭﺓ ،ﻭ ﺃﺘﻠﻘﻰ ﺘﻌﻠﻴﻤﺎﺘﻬﺎ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﺤﻭل ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺒﻬﺎ .ﻋﻨﺩﻤﺎ
ﻋﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺒﻌﺩﻤﺎ ﺭﺍﻓﻘﺘﻬﺎ ﻷﺤﻤل ﻋﻨﻬﺎ ﺤﻘﻴﺒﺘﻬﺎ ﺤﺘﻰ ﺒﺎﺏ ﺍﻟﺒﻨﺎﻴﺔ ﺍﻨﺘﺎﺒﻨﻲ ﺸﻌﻭﺭ ﻏﺭﻴﺏ
ﻭﻨﻅﺭﺍﺘﻲ ﺘﺘﻘﺎﻁﻊ ﻤﻊ ﻨﻅﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﻭﺍﺏ ﺍﻟﻔﻀﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺨﻠﻭ ﻤﻥ ﻋﺩﺍﺌﻴﺔ ﺼﺎﻤﺘﺔ.
ﺃﺤﺴﺴﺕ ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﻜﻨﺕ ﻻ ﺃﻗﻴﻡ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺕ ،ﺒل ﺃﺴﺘﺭﻕ ﺇﻗﺎﻤﺘﻲ ﻓﻴﻪ ،ﻜﺎﻟﻤﻬﺎﺠﺭﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻻ
ﺃﻭﺭﺍﻕ ﻟﻬﻡ .ﺃﺠﺭﺏ ﺍﻟﻤﺴﺎﻜﻨﺔ .ﺃﻗﻴﻡ ﻋﻼﻗﺔ ﻏﻴﺭ ﺸﺭﻋﻴﺔ ﻤﻊ ﻤﺴﻜﻥ ﻋﻠﻲ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﻤﻜﻭﺜﻲ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﺱ
ﻓﻴﻪ ،ﺃﻻ ﺃﻟﻔﺕ ﻨﻅﺭ ﺍﻟﺠﻴﺭﺍﻥ ﺃﻭ ﺃﺜﻴﺭ ﺍﻨﺘﺒﺎﻫﻬﻡ .ﻋﻠﻲ ﺃﻻ ﺃﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻷﺤﺩ ،ﻷﻨﻨﻲ ﻟﺴﺕ ﻫﻨﺎ ﺃﺤﺩ ,
ﻭﻻ ﺃﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺎﺘﻑ ،ﺨﺸﻴﺔ ﺃﻻ ﻴﻜﻭﻥ " ﻫﻭ" ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻁ .ﻓﺄﻨﺎ ﻤﻭﺠﻭﺩ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺨﻁﺄ
ﻓﻭﻕ ﺃﻟﻐﺎﻡ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ .ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺴﻴﺩﻕ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻬﺎﺘﻑ ﻁﻭﻴﻼﹰ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻭﻟﻥ ﺃﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ،ﺴﺄﻜﺘﺸﻑ ﺒﻌﺩﻫﺎ
ﺃﻨﻨﻲ ﻜﻨﺕ ﻤﻭﺠﻭﺩﺍﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺨﻁﺄ ﺃﻴﻀﺎﹰ!
ﻭﺤﺩﻩ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻫﺩﺘﻨﻲ ﺇﻴﺎﻩ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺎﺕ ﻓﻲ ﺘﻘﺎﻁﻌﻬﺎ ﺍﻟﻐﺭﻴﺏ ﻜﺎﻥ ﻴﻤﻸﻨﻲ ﺤﻤﺎﺴﺔ.
ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻨﻲ ﻗﺭﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﺴﺘﺩﺭﺠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻹﺭﻏﺎﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺫﺍﺕ ﻴﻭﻡ ﻤﺭﺕ
ﻤﻥ ﻫﻨﺎ ،ﻭﺃﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺭﺠل ﻭﺠﺩ ﺤﻘﺎﹰ.
ﺴﺒﻕ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﻗﺎﻟﺕ ﺇﻥ ﻟﻠﺫﺍﻜﺭﺓ ﺤﻴلٌ ﺇﺤﺩﺍﻫﺎ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ،ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺘﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻟﻠﺫﺍﻜﺭﺓ ﺃﺤﺎﺒﻴل ﺇﺤﺩﺍﻫﺎ
ﺍﻟﻜﺫﺏ .ﻭﻜﺎﻨﺕ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﺘﻭﻫﻤﻙ ﺒﺫﻟﻙ ﻟﺘﻬﺭﺏ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ،ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺏ ﺘﻭﺜﻴﻕ
ﺠﺭﺍﺌﻤﻬﺎ ﺍﻟﻌﺸﻘﻴﺔ ،ﻜﻴﻑ ﻜﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺃﻻ ﺘﺼﻑ ﺒﻴﺘﻪ ﺒﻜل ﺘﻔﺎﺼﻴﻠﻪ ،ﺒﺘﻤﺜﺎل ) ﻓﻴﻨﻭﺱ )ﻓﻲ ﺭﻜﻥ ﻤﻥ
ﺍﻟﺼﺎﻟﻭﻥ .ﺒﻠﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ﺍﻟﻤﻌﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺩﺭﺍﻥ ،ﺒﺎﻟﺸﺭﻓﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺠﺴﺭ ﻤﻴﺭﺍﺒﻭ،
ﺒﺎﻟﻤﺭﺴﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻜﺩﺱ ﻋﻠﻰ ﺭﻓﻭﻓﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺘﻌﺏ ﺍﻟﻌﻤﺭ.
ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻬﺎ ﻤﺎ ﺘﻭﻗﻌﺕ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﻘﺎﺭﺉ ﻴﻭﻤﺎﹰ ،ﻗﺩﺭ ﺍﻹﻗﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺭﻑ ﺍﻟﺴﺭﻴﺔ ﻟﻜﺘﺎﺒﻬﺎ.
ﻜﻨﺕ ﺃﻋﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻻﻤﺘﻴﺎﺯ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻫﺩﺘﻨﻲ ﺇﻴﺎﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .ﻭﻟﺫﺍ ﻗﺭﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﻗﻀﻲ ﻨﻬﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺕ
ﻤﺘﻤﺘﻌﺎﹰ ﺒﺎﺤﺘﺠﺎﺯﻱ ﻓﻲ ﻤﺘﺎﻫﺎﺕ ﺭﻭﺍﻴﺔ ،ﺃُﻗﺤﻤﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻜﺒﻁل ﻤﻥ ﺃﺒﻁﺎﻟﻬﺎ.
ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻜﺎﻥ ﺸﻲﺀ ﻓﻲ ﻴﻨﺘﻅﺭ ﺼﻭﺘﻬﺎ .ﺸﻲﺀ ﻻ ﻴﺘﻭﻗﻑ ﻋﻥ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭ ﺸﻲﺀ ﻤﻨﻬﺎ .ﻭﻜﻨﺕ ﻻ
ﺃﻋﺭﻑ ﻟﻲ ﻤﻜﺎﻨﺎﹰ ﻴﻠﻴﻕ ﺒﺘﻭﺘﺭﻱ ﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺒﻴﺕ .ﻜﻨﺕ ﺃﻨﺘﻅﺭ ﺼﻭﺘﻬﺎ ﻜﻤﺎ ﺍﻋﺘﺩﺕ ﺃﻥ ﺃﻨﺘﻅﺭ
ﺼﻭﺭﺓ .ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﺠﺎﻟﺴﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﻤﻘﻌﺩ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﻤﻬﺩﻭﺭ ،ﻏﻴﺭ ﻤﻨﺘﻅﺭ ﻟﺸﻲﺀٍ ﺍﻟﺒﺘﺔ ،ﺘﺠﺩ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ
ﻓﻲ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭﻙ ،ﻭﺘﻬﺩﻴﻙ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺼﻭﺭﺓ ﻟﻤﺸﻬﺩ ﻟﻥ ﻴﺘﻜﺭﺭ.
ﺃﻥ ﺘﻨﺘﻅﺭ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﻨﺘﻅﺭ .ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﻌﺭﻑ ﺒﺄﻨﻙ ﺘﻨﺘﻅﺭ .ﻟﺤﻅﺘﻬﺎ ﺘﺄﺘﻲ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﻤﺜل ﺤﺏ ،ﻤﺜل
ﺍﻤﺭﺃﺓ ..ﻤﺜل ﻫﺎﺘﻑ .ﺘﺄﺘﻲ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻤﻠﻴﺌﺎﹰ ﺒﺸﻲﺀ ﻤﺤﺘﻤل ﺍﻟﻤﺠﻲﺀ.
ﻭﻜﻨﺕ ﻤﻠﻴﺌﺎﹰ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﺒﻴﺕ .ﺃﻋﻴﺵ ﺒﻴﻥ ﻏﺒﺎﺭ ﺃﺸﻴﺎﺀ ﻴﻼﻤﺴﻨﻲ ﻓﻲ ﺼﻤﺘﻪ ﻀﺠﻴﺠﻬﺎ .ﻭﻴﺫﻜﺭﻨﻲ ﺃﻨﻨﻲ
ﻋﺎﺒﺭ ﺒﻴﻨﻬﺎ .ﻭﻟﺫﺍ ﺃﺤﻀﺭﺕ ﺁﻟﺔ ﺘﺼﻭﻴﺭﻱ ،ﻭﺭﺤﺕ ﺒﺩﻭﺭﻱ ﺃﻭﺜﻕ ﺯﻤﻨﻲ ﺍﻟﻌﺎﺒﺭ ﻓﻲ ﺤﻀﻭﺭﻫﺎ.
ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻨﻲ ﺍﻋﺘﺩﺕ ﺃﻥ ﺃﻁﻠﻕ ﺴﻴﻼﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﻼﺸﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻜل ﻤﺎ ﺃﺸﻌﺭ ﺃﻨﻪ ﻤﻬﺩﺩ ﺒﺎﻟﺯﻭﺍل ﻜﺄﻨﻨﻲ ﺃﻗﺘﻠﻪ
ﻷﻨﻘﺫﻩ.
ﻤﻥ ﺠﺜﺔ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺘﻌﻠﻤﺕ ﺍﻗﺘﻨﺎﺹ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﻬﺎﺭﺒﺔ ,ﻭﺇﻴﻘﺎﻑ ﺍﻨﺴﻴﺎﺏ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻓﻲ ﻟﻘﻁﺔ .ﻓﺎﻟﺼﻭﺭﺓ
ﻫﻲ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻴﺎﺌﺴﺔ ﻟﺘﺤﻨﻴﻁ ﺍﻟﺯﻤﻥ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﻤﺘﻸ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻔﻴﻠﻡ ﺒﺎﻟﺼﻭﺭ ،ﻓﺎﺠﺄﻨﻲ ﺇﺤﺴﺎﺱ ﺒﺎﻷﺒﻭﺓ .ﻜﺄﻥ ﺁﻟﺔ ﺍﻟﺘﺼﻭﻴﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺭﻓﻴﻘﺔ
ﺤﻴﺎﺘﻲ ﻏﺩﺕ ﺃﻨﺜﻰ ﺘﺤﻤل ﻓﻲ ﺃﺤﺸﺎﺌﻬﺎ ﺃﻭﻻﺩﻱ.
ﻓﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﻐﺎﻤﻀﺔ ﺍﻟﺨﺎﻁﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻘﺎﻁﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻅل ﻭﺍﻟﻀﻭﺀ ﻟﻴﺼﻨﻌﺎ ﺼﻭﺭﺓ ،ﺘﻌﺎﺩل ﻓﻲ
ﻤﻌﺠﺯﺘﻬﺎ ﺍﺼﻁﻴﺎﺩ ﻫﻨﻴﻬﺔ ﺍﻹﺨﺼﺎﺏ ﺒﻴﻥ ﺭﺠل ﻭﺍﻤﺭﺃﺓ.
ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻤﻥ ﺃﻴﻥ ﺨﻁﺭﺕ ﻟﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ .ﺭﺒﻤﺎ ﻷﻨﻨﻲ ﺒﺴﺒﺏ ﻋﻘﺩﺓ ﻴﺘﻤﻲ ﻜﻨﺕ ﻤﻬﻭﻭﺴﺎﹰ ﺒﺒﻁﻭﻥ
ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺼﺩﻭﺭﻫﻥ ،ﺩﺍﺌﻡ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺭﺤﻡ ﺃﺃﺘﻤﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻁﻔﻠﻲ.
ﻫﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﻜﻔﻴﻨﻭﺱ ،ﻟﻬﺎ ﻏﻀﺎﻀﺔ ﺒﻁﻥ ﻟﻡ ﻴﻨﺠﺏ .ﺤﺯﻥ ﻨﺴﺎﺀ ﻴﺩﺍﺭﻴﻥ ﺒﺤﻴﺎﺀ ﻓﺎﺠﻌﺔ ﺍﻟﺨﻭﺍﺀ .ﻓﻲ
ﻜل ﺘﻁﺎﺒﻕ ﻤﻌﻬﺎ ﻜﻨﺕ ﺃﺼﻠﻲ ﻵﻟﻬﺔ ﺍﻹﺨﺼﺎﺏ ﻜﻲ ﺘﺤﺭﺭ ﺃﻨﻭﺜﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻐﺘﺼﺒﺔ ﻓﻲ ﺃﺴﺭﺓ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭ.
ﻜﺎﻨﺕ ﺫﺍﻜﺭﺘﻲ ﺍﻟﻤﻨﺘﺼﺒﺔ ﺩﻭﻤﺎﹰ ﺘﺘﻤﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺭﺓ ﺃﻥ ﻴﺸﻴﺦ ﺒﻁﻨﻬﺎ ﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﺍﻨﻔﻀﺎﺡ ﺒﻲ.
ﺫﺍﺕ ﻤﺭﺓ ﻗﻠﺕ ﻟﻬﺎ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ ":ﺃﻨﺕ ﻟﻥ ﺘﺤﺒﻠﻲ ﻤﻥ ﺴﻭﺍﻱ .ﻓﻤﻨﺫ ﻤﻭﺕ ﺍﻟﻔﺎﺸﻴﺔ ﻤﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ
ﺘﺤﺒل ﻗﺴﺭﺍﹰ ,ﻤﺴﺘﺴﻠﻤﺎﺕ ﻟﺴﻁﻭﺓ ﻁﻐﺎﺘﻬﻥ ،ﻜﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺭﺃﺕ ﺃﻨﻬﺎ ﻗﺎﻟﺕ ﺒﻔﻌل ﺍﻟﺠﺎﺫﺒﻴﺔ
ﺍﻟﺨﺎﺭﻗﺔ ﻟﻠﻘﻭﺓ " ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺭﺃﻴﺕ ﻤﻭﺴﻴﻠﻴﻨﻲ ﻴﻤﺭ ﻓﻲ ﻤﻭﻜﺏ ﺸﻌﺭﺕ ﺃﻨﻨﻲ ﺤﺒﻠﺕ ﻤﻨﻪ ".ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﺤﺘﻰ
ﺍﻟﺒﻁﻭﻥ ﺍﻟﻤﻭﺼﺩﺓ ﻟﻸﻤﻴﺭﺍﺕ ﺃﺫﺍﺒﺕ ﻨﻴﺭﺍﻥ ﺍﻟﻌﺸﻕ ﺸﻤﻭﻉ ﺃﺨﺘﺎﻤﻬﺎ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ .ﻭﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﺍﻟﻠﻘﺎﺡ
ﺍﻷﺯﺭﻕ ﻴﺜﻴﺭ ﺸﻬﻴﺔ ﺍﻹﺨﺼﺎﺏ ﻟﺩﻯ ﺍﻷﺭﺤﺎﻡ ﺍﻟﻤﺘﻭﺠﺔ.
ﺤﺭﻙ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻬﺎﺘﻑ ﺃﺤﺎﺴﻴﺱ ﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻭﻟﻴﺩﺓ ﻤﺸﺎﻋﺭ ﻋﻨﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﺠﻤﻭﺤﻬﺎ.
ﺒﻌﺩ ﺍﻨﻘﻁﺎﻉ ﺼﻭﺘﻬﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﻨﺘﺎﺒﻨﻲ ﺤﺯﻥ ﻻ ﻤﺒﺭﺭ ﻟﻪ .ﻟﻔﺭﻁ ﺇﺴﻌﺎﺩﻙ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺘﺤﺭﺽ ﺍﻟﺤﺯﻥ
ﻋﻠﻴﻙ.
ﻋﺎﻭﺩﺘﻨﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ :ﻟﻴﺕ ﺼﻭﺘﻬﺎ ﻴﺒﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻴﺩﻟﻴﺎﺕ ﻷﺸﺘﺭﻴﻪ .ﺇﻨﻨﻲ ﺃﺤﺘﺎﺝ ﺼﻭﺘﻬﺎ
ﻷﻋﻴﺵ .ﺃﺤﺘﺎﺝ ﺃﻥ ﺃﺘﻨﺎﻭﻟﻪ ﺜﻼﺙ ﻤﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻭﻡ .ﻤﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻴﻕ ،ﻭﻤﺭﺓ ﻗﺒل ﺍﻟﻨﻭﻡ ،ﻭﻤﺭﺓ
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻬﺠﻡ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺤﺯﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﻔﺭﺡ ﻜﻤﺎ ﺍﻵﻥ.
ﺃﻱ ﻋﻠﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﺴﺘﻁﻊ ﺤﺘﻰ ﺍﻵﻥ ﺃﻥ ﻴﻀﻊ ﺃﺼﻭﺍﺕ ﻤﻥ ﻨﺤﺏ ﻓﻲ ﺃﻗﺭﺍﺹ ،ﺃﻭ ﻓﻲ ﺯﺠﺎﺠﺔ
ﺩﻭﺍﺀ ﻨﺘﻨﺎﻭﻟﻬﺎ ﺴﺭﺍﹰ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﺼﺎﺏ ﺒﻭﻋﻜﺔ ﻋﺎﻁﻔﻴﺔ ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺩﺭﻱ ﺼﺎﺤﺒﻬﺎ ﻜﻡ ﻨﺤﻥ ﻨﺤﺘﺎﺠﻪ.
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺴﺎﺒﻊ
ﻋﻠﻰ ﻴﻤﻴﻥ ﺍﻟﺫﻜﺭﻴﺎﺕ ،ﻗﺒﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻟﻴﺴﺭﻯ ﻟﻨﻬﺭ ﺍﻟﺴﻴﻥ ،ﻜﺎﻨﺕ ﻜﺭﺍﺱٍ ﺘﻨﺘﻅﺭ ﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺎﺕ،
ﻭﻁﺎﻭﻻﺕ ﺘﺤﺘﺴﻲ ﺍﻟﻀﺠﺭ ﺍﻟﻤﺴﺎﺌﻲ ،ﻭﻜﺎﻥ ﺜﻤﺔ ﺃﻨﺎ ،ﺨﻠﻑ ﻭﺍﺠﻬﺔ ﺯﺠﺎﺠﻴﺔ ﻟﻤﻘﻬﻰ ﻓﻲ ﺯﺍﻭﻴﺔ
ﻤﻬﻴﺄﺓ ﻟﺸﺨﺼﻴﻥ .ﺃﻨﺘﻅﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺭﻤﻰ ﺒﻴﺕ ﺨﺎﺭﺝ ﻤﻥ ﻜﺘﺎﺏ.
ﻭﻫﻲ ﺴﺘﺄﺘﻲ .ﻟﻬﺎ ﻫﻨﺎ ﻋﺎﺸﻕ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﺭ ﻤﻥ ﻤﻭﻗﺩ ،ﻭﻟﻲ ﺭﻏﺒﺎﺕ ﺒﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﻬﻴل ،ﻭﻗﻬﻭﺓ ﻤﻥ
ﻏﻴﺭ ﺴﻜﺭ ،ﻴﺄﺘﻲ ﺒﻬﺎ ﻨﺎﺩل ﺍﻟﺤﺯﻥ ﺍﻟﻤﻬﻨﺩﻡ.
ﻜﻨﺕ ﺸﺎﺭﺩﺍﹰ ﺒﻬﺎ ﺨﻠﻑ ﺯﺠﺎﺝ ﺍﻟﺘﺭﻗﺏ ﺤﻴﻥ ﻓﺎﺠﺄﻨﻲ ﺒﺭﻕ ﻁﻠﹼﺘﻬﺎ .ﻭﻗﻔﺕ ﺃﺴﻠﹼﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺍﻀﻌﺎﹰ ﻗﺒﻠﺘﻴﻥ
ﻋﻠﻰ ﺨﺩﻴﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺘﻔﻜﻴﺭ .ﻓﺒﺎﺭﻴﺱ ﺘﺠﻴﺯ ﻟﻙ ﺴﺭﻗﺔ ﺍﻟﻘﺒل.
ﺴﺤﺒﺕ ﻜﺭﺴﻴﺎﹰ ﻭﺠﻠﺴﺕ ﻗﺒﺎﻟﺘﻲ .ﻗﺎﻟﺕ ﻭﻫﻲ ﺘﺴﺘﻌﻴﺩ ﺃﻨﻔﺎﺴﻬﺎ:
-ﻀﻌﺕ ﻓﻲ ﻤﺘﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺭﻭ ..ﻓﻘﺩﺕ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻨﻘل ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺴﻔﻠﻲ ﺍﻟﻤﺯﺩﺤﻡ ﺒﺎﻟﺒﺸﺭ ..ﻤﺎ
ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻭﺼﻠﻙ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎ؟ ﻤﺎ ﺴﻤﻌﺕ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﺤﻁﺔ ﻤﻥ ﻗﺒل!
ﻁﺒﻌﺎﹰ ﻟﻡ ﺃﺼﺩﻗﻬﺎ .ﻜﻨﺕ ﺃﺼﺩﻕ ﻓﻴﻬﺎ ﺒﻴﺎﺽ ﺍﻟﻜﺫﺏ .ﻭﻓﻬﻤﺕ ﻜﻡ ﻜﺎﻥ ﻴﻠﺯﻤﻬﺎ ﻤﻥ ﺤﻘﺎﺌﺏ ﻟﺘﻬﺭﻴﺏ
ﻜﺫﺒﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ.
-ﺁﺴﻑ ..ﻅﻨﻨﺘﻙ ﺘﺤﺴﻨﻴﻥ ﺍﻟﺘﻨﻘل ﺒﺎﻟﻤﻴﺘﺭﻭ.
ﺭﺩﺕ ﻭﻫﻲ ﺘﻀﻊ ﺤﻘﻴﺒﺔ ﻴﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺭﺴﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭ:
-ﻓﻲ ﻟﺤﻅﺔ ﻤﺎ ،ﺨﻔﺕ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺃﺨﻁﺄﺕ ﻓﻲ ﺇﺭﺸﺎﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻨﻭﺍﻥ.
ﺃﺠﺒﺕ ﻤﺒﺘﺴﻤﺎﹰ:
-ﻁﺒﻌﺎﹰ ﻟﻡ ﺃﺨﻁﺊ ..ﻭﺇﻥ ﻜﻨﺕ ﺃﺤﺏ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﻤﻌﻙ ﺇﻟﻰ ﺠﺎﺩﺓ ﺍﻟﺨﻁﺄ!
ﺭﺍﺤﺕ ﺘﺘﺄﻤﻠﻨﻲ ﻟﺒﺭﻫﺔ ،ﻜﻤﺎ ﻟﺘﺤﺎﻭل ﻓﻙ ﺇﺸﺎﺭﺓ ﻜﻨﺕ ﺃﺒﻌﺜﻬﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ,ﺜﻡ ﻗﺎﻟﺕ ﺒﻌﺼﺒﻴﺔ
ﺃﻨﺜﻭﻴﺔ:
-ﻤﺎ ﺯﻟﺕ ﺘﺘﻌﻤﺩ ﺃﻥ ﺘﻘﻭل ﻟﻲ ﺃﺸﻴﺎﺀ ﻻ ﺘﻔﻬﻡ!
ﻗﻠﺕ ﻀﺎﺤﻜﺎﹰ:
-ﺃﺒﺩﺍﹰ ..ﻜﻨﺕ ﺃﻋﻨﻲ ﺃﻨﻨﻲ ﻋﺸﺕ ﻋﻤﺭﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﺨﻁﺄ ..ﺼﻭﺍﺒﻲ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺃﻨﻨﻲ ﺘﻌﺜﺭﺕ ﺒﻙ.
ﺍﻜﺘﻔﻴﺕ ﺒﺄﻥ ﺃﻭﺼل ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻨﺼﻑ ﻤﺎ ﺃﻗﺼﺩ .ﺍﻟﻨﺼﻑ ﺍﻵﺨﺭ ﺴﺘﻜﺘﺸﻔﻪ ﻻﺤﻘﺎﹰ.
ﻗﺎﻟﺕ ﻤﺘﻭﺴﻠﺔ:
-ﺃﺭﺠﻭﻙ ..ﻻ ﺘﺭﻫﻘﻨﻲ ﺒﺠﻬﺩ ﺇﻀﺎﻓﻲ ..ﻻ ﻗﻭﺓ ﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ .ﻴﻜﻔﻴﻨﻲ ﻤﺎ ﻗﻤﺕ ﺒﻪ
ﻤﻥ ﺠﻬﺩ ﺤﺘﻰ ﻻ ﺘﻐﻴﺭ ﺃﻤﺎ ﺃﻭ ﻨﺎﺼﺭ ﺭﺃﻴﻬﻤﺎ ﻭﻴﺼﻁﺤﺒﺎﻨﻲ ﻤﻌﻬﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺤﻀﺭ ﺍﻟﻨﺎﺩل ﻟﻴﺴﺄﻟﻬﺎ ﻤﺎﺫﺍ ﺘﺭﻴﺩ ،ﺍﻋﺘﺫﺭﺕ ﻭﻗﺎﻟﺕ ﺇﻨﻬﺎ ﺘﻔﻀل ﺃﻥ ﺘﻐﺎﺩﺭ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ.
ﺃﻜﺎﻨﺕ ﻋﻠﻰ ﻋﺠل ﻜﻲ ﻨﺨﺘﻠﻲ؟ ﺃﻡ ﻜﺎﻨﺕ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﻕ ﻤﺘﻭﺠﺴﺔ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻗﺩ ﺃﻓﺎﺠﺌﻬﺎ ﺒﻪ؟
ﺩﻓﻌﺕ ﺜﻤﻥ ﻗﻬﻭﺘﻲ ﻭﻏﺎﺩﺭﻨﺎ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ.
ﺒﺩﺕ ﻟﻲ ﻤﻨﺩﻫﺸﺔ ،ﻤﺘﺒﺎﻁﺌﺔ ﺍﻟﺨﻁﻰ ﻭﻫﻲ ﺘﺭﺍﻨﻲ ﺃﺴﻠﻙ ﻁﺭﻴﻘﺎﹰ ﻜﻨﻬﺎ ﺘﻌﺭﻓﻪ.
ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﺜﻤﺔ ﻤﺎ ﻴﺯﻋﺠﻬﺎ:
-ﻨﺴﻴﺕ ﻜﻴﻑ ﺃﺴﻴﺭ ﺒﺄﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﺸﺎﺭﻉ ﻟﻴﺱ ﺇﻻﹼ .ﺍﻋﺘﺩﺕ ﻋﻠﻰ ﻤﺩﻥ ﺸﻜﺎﻜﺔ ،ﺘﻨﺘﻅﺭﻙ ﺨﺎﺭﺝ ﺒﻴﺘﻙ
ﺒﻌﻴﻭﻥ ﻓﻀﻭﻟﻴﺔ ,ﻭﺃﺨﺭﻯ ﻤﺘﺭﺒﺼﺔ ،ﻭﺃﺨﺭﻯ ﻋﺩﺍﺌﻴﺔ .ﺘﻭﻗﻌﻙ ﻓﻲ ﻗﺒﻀﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ.
ﻜﻨﺎ ﻨﺴﻠﻙ ﻤﻨﻌﻁﻑ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺍﻟﻤﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻓﺎﺠﺄﻨﺎ ﺍﻟﻤﻁﺭ .ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﺇﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺤﻤل
ﻤﻅﻠﺔ:
-ﻻ ..ﻨﺴﻴﺘﻬﺎ ﻟﻔﺭﻁ ﻋﺠﻠﺘﻲ.
-ﻭﺃﻨﺎ ﻨﺴﻴﺘﻬﺎ ﻟﻔﺭﻁ ﻓﺭﺤﺘﻲ ..ﻟﻜﻥ ﻻ ﻴﻬﻡ ﻨﺤﻥ ﻟﺴﻨﺎ ﺒﻌﻴﺩﻴﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﺒﻴﺕ.
ﻭﺍﺼﻠﺕ ﺍﻟﺘﺤﺭﺵ ﺒﻬﺎ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺭﺍﻫﺎ ﺘﺴﺒﻘﻨﻲ ﺒﺨﻁﻭﺍﺕ:
-ﻫل ﺃﻨﺕ ﻋﻠﻰ ﻋﺠل؟
ﺭﺩﺕ ﺒﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺘﻐﻁﻲ ﺸﻌﺭﻫﺎ ﺒﺤﻘﻴﺒﺔ ﻴﺩﻫﺎ:
-ﺃﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺒﻠل..
ﺍﻜﺘﻔﻴﺕ ﺒﺈﺴﺭﺍﻉ ﺍﻟﺨﻁﻰ ﻨﺤﻭ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺒﻨﺎﻴﺔ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻓﻜﺭ ﻓﻲ ﻓﺼﺎﺤﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻭﺍﺭﺒﺔ.
ﻭﻗﻔﺕ ﺠﻭﺍﺭﻱ ﺒﺎﻨﺩﻫﺎﺵ ﺼﺎﻤﺕ ﻭﻫﻲ ﺘﺭﺍﻨﻲ ﺃﻀﻐﻁ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﻗﺎﻡ ﺍﻟﺴﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﺘﺢ ﺒﺎﺏ
ﺍﻟﺒﻨﺎﻴﺔ .ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺓ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﻟﻡ ﺃﺴﺄﻟﻬﺎ ﻤﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﻫﺸﻬﺎ ،ﺘﻐﺎﺒﻴﺕ ﻭﻫﻲ ﺘﺴﺄﻟﻨﻲ:
-ﺃﺘﺴﻜﻥ ﻫﻨﺎ؟
ﺃﺠﺒﺕ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ:
-ﺩﻭﻤﺎﹰ ﻜﻨﺕ ﺃﻗﻴﻡ ﻓﻲ ﺸﻭﺍﺭﻉ ﺠﺎﻨﺒﻴﺔ ﻟﺠﺎﺩﺓ ﺤﺒﻙ.
ﺃﺤﺴﺴﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻔﺎﺠﺄﺓ ﺴﻤﺭﺘﻬﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺒﺎﺏ .ﺴﺤﺒﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﻴﺩﻫﺎ ﻗﺎﺌﻼﹰ:
-ﺘﻌﺎﻟﻲ ..ﻻ ﺘﺒﻘﻲ ﻫﻜﺫﺍ ﻋﻠﻰ ﻨﺎﺼﻴﺔ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ.
ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺴﺄﻟﺘﻨﻲ ﺒﻨﺒﺭﺓ ﻤﻥ ﻜﺎﻥ ﻴﻤﺸﻲ ﻨﺎﺌﻤﺎﹰ ..ﺜﻡ ﺍﺴﺘﻔﺎﻕ:
-ﺇﻟﻰ ﺃﻴﻥ ﻨﺤﻥ ﺫﺍﻫﺒﺎﻥ؟
-ﺘﺩﺭﻴﻥ ﻤﺎ ﻴﻘﻭل ﻤﻘﻁﻊ ﻤﻥ " ﺒﺤﻴﺭﺓ ﺍﻟﺒﺠﻊ" " ،ﺘﻌﺎل ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﺼﺎﺒﻊ ،ﻭﺍﻀﻌﺎﹰ ﻴﺩﺍﹰ ﻋﻠﻰ
ﻓﻤﻙ ﻜﻲ ﻻ ﺘﺒﻭﺡ ﺒﺴﺭ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻗﻭﺩﻙ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻜﻲ ﺘﺴﺘﺄﺜﺭ ﻭﺤﺩﻙ ﺒﺎﻟﺠﻭﺍﻫﺭ ﺍﻟﻤﺭﺼﻌﺔ ﻋﻠﻰ
ﺍﺴﻤﻙ".
ﺭﺩﺕ ﻤﺘﺫﻤﺭﺓ:
-ﺃﻫﻭ ﻭﻗﺕ ﺒﺤﻴﺭﺓ ﺍﻟﺒﺠﻊ؟ ﺃﻁﺭﺡ ﻋﻠﻴﻙ ﺴﺅﺍﻻﹰ ﻓﺘﺠﻴﺒﻨﻲ ﺸﻌﺭﺍﹰ!
ﺃﺠﺒﺘﻬﺎ ﻭﻨﺤﻥ ﻨﺩﺨل ﺍﻟﻤﺼﻌﺩ:
-ﺤﻀﻭﺭﻙ ﻴﻭﺭﻁﻨﻲ ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ ﻓﻲ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﻨﻐﻠﻕ ﺍﻟﻤﺼﻌﺩ ﻋﻠﻴﻨﺎ ،ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻤﺸﻐﻭﻟﺔ ﺒﻠﺤﻅﺔ ﺨﻠﻭﺘﻨﺎ ﺍﻷﻭﻟﻰ .ﻜﺎﻥ ﻨﻅﺭﻫﺎ ﻴﺘﺴﻤﺭ ﻋﻠﻰ
ﻟﻭﺤﺔ ﺍﻷﺯﺭﺍﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻤل ﺃﺭﻗﺎﻡ ﺍﻟﻁﻭﺍﺒﻕ.
ﺭﺒﻤﺎ ﺒﺩﺃﺕ ﺘﺘﺄﻜﺩ ﻟﺤﻅﺘﻬﺎ ﻨﺤﻭ ﺃﻱ ﻁﺎﺒﻕ ﻜﻨﺕ ﺁﺨﺫﻫﺎ .ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻭﺍﺼﻠﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ،ﻜﺄﻨﻬﺎ
ﺘﺭﺍﻫﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﺤﺘﻤﺎل ﻭﺠﻭﺩ ﺨﻁﺈٍ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ.
ﻗﻠﺕ ﻜﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﻗﺼﺩ ،ﻤﺘﻤﺎﺩﻴﺎﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻐﺎﺒﻲ ﺍﻟﻤﺯﻋﺞ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻀﻐﻁ ﻋﻠﻰ ﺯﺭ ﺍﻟﻤﻔﺎﺠﺄﺓ:
-ﺍﻟﺤﺏ ﻟﻪ ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ ﺤﻀﻭﺭ ﻤﺘﻌﺎلٍ ،ﺇﻨﻪ ﻴﻘﻴﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﺴﺎﺒﻊ.
ﻟﻡ ﺘﻌﻠﻕ ﺒﻜﻠﻤﺔ ،ﻭﻻ ﺃﻨﺎ ﻨﻅﺭﺕ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ﺒﺤﺜﺎﹰ ﻋﻥ ﺁﺜﺎﺭ ﺼﺩﻤﺔ ﺍﺭﺘﻁﺎﻤﻬﺎ ﺒﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻓﺘﺤﺕ ﺍﻟﺒﺎﺏ ،ﺸﻌﺭﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻨﻴﺭ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺃﻥ ﻨﻅﺭﺘﻬﺎ ﺘﺘﻔﻘﺩ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻜﻤﺎ ﻟﺘﻁﻤﺌﻥ ﻋﻠﻰ ﺴﻼﻤﺔ
ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ.
ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻠﻌﺒﺔ ﻤﺸﺎﺒﻬﺔ ﻟﻠﻭﺤﺔ ﻴﺘﻨﻜﺭ ﺭﺴﺎﻤﻬﺎ ﻟﻤﻠﻬﻤﻪ ,ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻨﺘﺒﻬﺕ ﺇﻟﻰ ﺘﺼﺩﻴﻘﻪ ،ﺘﻘﻭﺩﻙ
ﺨﻁﻰ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﺇﻟﻰ ﻤﻜﻤﻥ ﺴﺭﻩ ،ﻭﻻ ﻴﻤﻜﻨﻙ ﺁﻨﺫﺍﻙ ﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﻭﻀﻌﻪ ﺃﻤﺎﻡ ﻜﺫﺒﺘﻪ.
ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻤﻥ ﻜﺘﺎﺒﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﻤﻁﺎﺒﻕ ﻟﻜل ﺘﻔﺎﺼﻴل ﻭﺼﻔﻬﺎ ﻟﻪ ،ﻴﻠﻴﻕ ﺒﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻜﻬﺫﻩ .ﻜﻨﺕ
ﺃﺤﺏ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻓﺤﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺒﺤﺠﺔ ﻻ ﺘﺘﻭﻗﻌﻬﺎ ،ﺜﻡ ﺃﺘﻔﺭﺝ ﻋﻠﻰ ﻋﺭﻴﻬﺎ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ.
ﻗﺭﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﻤﻀﻲ ﻓﻲ ﻟﻌﺒﺔ ﺍﻟﺘﻐﺎﺒﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺼﺎﻫﺎ .ﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﻟﻡ ﻴﺒﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻱ ﺭﺩ ﻓﻌل ﺼﺎﺭﺥ.
-ﻫل ﺃﻋﺠﺒﻙ ﺍﻟﺒﻴﺕ؟
ﺭﺩﺕ ﻭﻫﻲ ﺘﺨﺘﺎﺭ ﻜﻠﻤﺎﺘﻬﺎ ﺒﻌﻨﺎﻴﺔ:
-ﻓﻴﻪ ﺩﻑﺀ ﺠﻤﻴل.
ﺃﻀﻔﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺘﻨﺒﻪ ﻟﺜﻴﺎﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﺒﻠﻠﺔ:
-ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﺘﺤﻤﻠﻲ ﻤﻅﻠﺔ ..ﺃﻭ ﺃﻥ ﺘﺭﺘﺩﻱ ﻤﻌﻁﻑ ﻓﺭﻭ ﻟﻴﻭﻡ ﻜﻬﺫﺍ.
-ﺘﻌﻤﺩﺕ ﺍﺭﺘﺩﺍﺀ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺠﺎﻜﻴﺕ ﺨﻭﻑ ﺃﻥ ﻴﺘﺴﺒﺏ ﻟﻲ ﻤﻌﻁﻑ ﻓﺎﺨﺭ ﺒﻤﺸﺎﻜل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺘﺭﻭ .ﻴﻘﺎل ﺇﻥ
ﺍﻻﻋﺘﺩﺍﺀﺍﺕ ﻭﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﺸل ﻜﺜﺭﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻴﺎﻡ.
ﻗﻠﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻀﻊ ﺃﻭل ﻗﺒﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺸﻔﺘﻴﻬﺎ:
-ﻭﻤﻥ ﻗﺎل ﺇﻨﻙ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﻤﺄﻤﻥ؟ ﻻ ﺃﻜﺜﺭ ﺴﻁﻭﺍﹰ ﻤﻥ ﻋﺎﺸﻕ ﺍﻨﺘﻅﺭ ﺴﻨﺘﻴﻥ!
ﺒﻘﺒﻠﺔ ﺍﺒﺘﻠﻌﺕ ﺯﻴﻨﺔ ﺸﻔﺘﻴﻬﺎ ،ﺘﺎﺭﻜﺎ؟ً ﻟﻬﺎ ﺍﺒﺘﻼﻉ ﺃﻜﺎﺫﻴﺒﻬﺎ ،ﻭﻫﻲ ﺘﻘﻭل:
-ﺍﺸﺘﻘﺘﻙ ..ﻜﻡ ﺍﻨﺘﻅﺭﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻴﻭﻡ.
ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﻊ ،ﻜﺎﻨﺕ ﻻ ﺘﺯﺍل ﺘﺤﺕ ﻭﻗﻊ ﺇﺭﺒﺎﻙ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ,ﻭﻻ ﺘﺠﺭﺅ ﻋﻠﻰ ﺴﺅﺍﻟﻲ ﻜﻴﻑ ﻭﺼﻠﺕ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ
ﺍﻟﺒﻴﺕ ،ﻭﻻ ﻤﺎﺫﺍ ﺃﻓﻌل ﻫﻨﺎ.
ﻓﺭﺤﺕ ﺃﺘﺄﻤل ﻤﻼﻤﺤﻬﺎ ﺒﻌﺩ ﻤﺒﺎﻏﺘﺔ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻐﻴﺭ ﺒﻌﺩﻫﺎ ﻭﺠﻪ ﺍﻵﺨﺭ ،ﻷﻨﻪ ﻻ ﻴﻌﻭﺩ
ﻜﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﻗﺒل.
ﻗﻠﺕ ﻤﺘﺤﺎﺸﻴﺎﹰ ﺇﺭﺒﺎﻙ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ:
-ﺃﻨﺕ ﺘﺼﻐﺭﻴﻥ ﻤﻊ ﻜل ﻗﺒﻠﺔ ..ﺒﻌﺽ ﻗﹸﺒلٍ ﺃﺨﺭﻯ ﻭﺘﺼﺒﺤﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻤﺸﺎﺭﻑ ﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ.
ﺭﺩﺕ ﻭﻫﻲ ﺘﺘﺠﻪ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﺼﺎﻟﻭﻥ:
-ﻭﻤﻥ ﺃﺩﺭﺍﻙ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﺤﺏ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻌﻤﺭ ..ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻟﻲ ﻋﻤﺭ ﺸﻔﺘﻴﻙ.
ﻗﻠﺕ ﺒﺴﺨﺭﻴﺔ ﻻ ﺘﺨﻠﻭ ﻤﻥ ﺘﻬﻜﻡ ﻤﺭ:
-ﻭﻏﺩﺍﹰ؟
ﺃﺠﺎﺒﺕ ﻭﻗﺩ ﺒﺎﻏﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﺅﺍل:
-ﻏﺩﺍﹰ؟ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ..ﻟﻴﺴﺕ ﺍﻵﺨﺭﺓ ﻤﻥ ﻫﻭﺍﺠﺴﻲ.
ﻗﻠﺕ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ:
-ﺴﺄﻋﻁﻴﻙ ﺇﺫﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺒل ﻤﺎ ﻴﺠﻌﻠﻙ ﺘﺒﻠﻐﻴﻥ ﺴﻥ ﺍﻟﺠﺤﻴﻡ ﺒﺴﺭﻋﺔ.
ﻜﻨﺕ ﺃﺘﻌﻤﺩ ﻤﻤﺎﺯﺤﺘﻬﺎ ﺘﺨﻔﻴﻔﺎﹰ ﻟﺤﺭﺝ ﺍﻟﻠﺤﻅﺎﺕ ﺍﻷﻭﻟﻰ .ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻟﻲ ﺭﻏﺒﺔ ﺴﻭﻯ
ﺘﺄﻤﻠﻬﺎ.
ﺠﻠﺴﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﻴﻜﺔ ﻗﺒﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻭﻗﺩ ،ﺃﻨﻅﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﻭﻫﻲ ﺘﺘﻨﻘل ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺎﻟﻭﻥ ﻤﺘﺄﻤﻠﺔ ﺘﻤﺜﺎل ﻓﻴﻨﻭﺱ
ﻭﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺩﺭﺍﻥ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﻌﻠﱢﻕ ﺒﺸﻲﺀ.
ﻟﻡ ﺃﻗﺎﻁﻊ ﺨﻠﻭﺘﻬﺎ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺒﺎﻟﺫﺍﻜﺭﺓ .ﻜﻨﺕ ﺴﻌﻴﺩﺍ ﺒﺘﺄﻤﻠﻬﺎ.
ﻜﺎﻨﺕ ﻤﺒﻠﻠﺔ ﻜﻘﻁﺔ .ﺸﻲﺀ ﻤﻨﻬﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺫﻜﺭﻨﻲ ﺒـ " ﺃﻭﻟﻐﺎ" ﺠﺎﺭﺘﻲ ﺍﻟﺒﻭﻟﻭﻨﻴﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺘﻨﺸﻑ ﺸﻌﺭﻫﺎ
ﻓﻲ ﺭﻭﺏ ﺤﻤﺎﻤﻬﺎ ﺍﻷﺒﻴﺽ .ﺨﺸﻴﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﻤﺭﺽ.
-ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻙ ﺃﻥ ﺘﺠﻔﻔﻲ ﺸﻌﺭﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ.
ﺍﺒﺘﺴﻤﺕ ﺍﺒﺘﺴﺎﻤﺔ ﻏﺎﺌﺒﺔ:
ﻭﻗﺒل ﺃﻥ ﺘﺘﻭﺠﻪ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ ﺘﺫﻜﺭﺕ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻓﺄﺭﺩﻓﺕ ﻗﺎﺌﻼﹰ:
-ﺇﻥ ﺸﺌﺕ ﺃﻥ ﺘﻐﻴﺭﻱ ﺜﻴﺎﺒﻙ ..ﻟﺩﻱ ﻓﺴﺘﺎﻥ ﻟﻙ ،ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻙ ﺍﺭﺘﺩﺍﺅﻩ.
ﺭﺩﺕ ﺒﻠﺅﻡ ﻨﺴﺎﺌﻲ:
-ﺃﻫﻭ ﻓﺴﺘﺎﻥ ﻟﺼﺎﺤﺒﺔ ﺍﻟﺒﻴﺕ؟
ﻗﺩ ﺘﻜﻭﻥ ﺭﺃﺕ ﺼﻭﺭﺍﹰ ﻟﻔﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻭﺃﺨﺭﻯ ﻷﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻁﺎﻭﻟﺔ ﺭﻜﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺎﻟﻭﻥ.
ﺃﺠﺒﺕ ﻤﺘﺠﺎﻫﻼﹰ ﺍﺴﺘﻔﺯﺍﺯﻫﺎ:
-ﻻ ..ﺒل ﺍﺸﺘﺭﻴﺘﻪ ﻟﻙ.
ﺘﺭﻜﺘﻬﺎ ﻭﺍﻗﻔﺔ ﻭﺴﻁ ﺍﻟﺼﺎﻟﻭﻥ ،ﻭﻋﺩﺕ ﺒﻌﺩ ﺤﻴﻥ ﺤﺎﻤﻼﹰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻔﺴﺘﺎﻥ ﺍﻷﺴﻭﺩ ﻓﻲ ﻜﻴﺴﻪ ﺍﻟﻔﺎﺨﺭ.
ﻗﻠﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻨﺎﻭﻟﻬﺎ ﺇﻴﺎﻩ:
-ﺃﺘﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﻴﻌﺠﺒﻙ ..ﻭﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻘﺎﺴﻙ.
ﻗﺎﻟﺕ ﻭﻫﻲ ﺘﺄﺨﺫﻩ ﻤﻨﺩﻫﺸﺔ:
-ﻤﺘﻰ ﺍﺸﺘﺭﻴﺘﻪ؟
ﺃﺠﺒﺕ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ:
-ﻟﻥ ﺘﺼﺩﻗﻲ ﻟﻭ ﻗﻠﺕ ﻟﻙ ﺇﻨﻨﻲ ﺍﺸﺘﺭﻴﺘﻪ ﻤﻨﺫ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺸﻬﺭﻴﻥ ،ﺤﺘﻰ ﻗﺒل ﺃﻥ ﺃﺘﻭﻗﻊ ﻟﻘﺎﺀﻙ.
ﺭﺍﺤﺕ ﺘﻔﺭﺩﻩ ﺒﺈﻋﺠﺎﺏ ﻭﺍﻀﺢ:
-ﺠﻤﻴل ..ﺠﻤﻴل ﺤﻘﺎﹰ ..ﻜﻴﻑ ﻓﻜﺭﺕ ﺃﻥ ﺘﺸﺘﺭﻴﻪ ﻟﻲ ،ﻟﻘﺩ ﺨﺭﺒﺕ ﺤﺘﻤﺎﹰ ﻤﻴﺯﺍﻨﻴﺘﻙ.
-ﻻ ﺘﻬﺘﻤﻲ ,ﺇﻨﻪ ﺍﺴﺘﺜﻤﺎﺭ ﻋﺎﻁﻔﻲ ﺠﻴﺩ.
-ﻟﻭ ﻟﻡ ﺃﺤﻀﺭ ﺇﻟﻰ ﺒﺎﺭﻴﺱ ﻭﻻ ﺍﻟﺘﻘﻴﻨﺎ ﻤﺎﺫﺍ ﻜﻨﺕ ﺴﺘﻔﻌل ﺒﻪ ﻴﺎ ﻤﻬﺒﻭل ..ﺃﻜﻨﺕ ﺴﺘﻬﺩﻴﻪ ﻟﺯﻭﺠﺘﻙ؟
-ﻗﻁﻌﺎﹰ ﻻ ،ﺍﺸﺘﺭﻴﺘﻪ ﻷﺭﺸﻭ ﺒﻪ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﺇﻨﻪ ﺜﻭﺏ ﺍﻟﺤﺏ ..ﻭﺴﻌﻴﺩ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻨﻲ ﺃﻨﺕ ﻤﻥ ﺘﺭﺘﺩﻴﻪ ﻻ
ﺃﺨﺭﻯ.
ﺭﺩﺕ ﺒﻐﻴﺭﺓ ﻨﺴﺎﺌﻴﺔ ﻭﺍﻀﺤﺔ:
-ﻭﻫل ﺜﻤﺔ ﺃﺨﺭﻯ؟
-ﻻ ..ﺇﻨﻤﺎ ﺃﻨﺕ ﻤﻥ ﻋﻠﻤﺘﻨﻲ ﺃﻨﻨﺎ ﻨﻔﺼل ﻜل ﺤﺏ ﻤﻥ ﻗﻤﺎﺵ ﺤﺏ ﺁﺨﺭ.
ﻟﻡ ﺘﻌﻠﹼﻕ .ﺫﻫﺒﺕ ﺼﻭﺏ ﺍﻟﻤﺭﺁﺓ ﻭﻭﻀﻌﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺠﺴﺩﻫﺎ ﻟﺘﺭﻯ ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻴﻨﺎﺴﺒﻬﺎ.
ﻁﻤﺄﻨﺘﻬﺎ ﻗﺎﺌﻼﹰ:
-ﺍﻷﺴﻭﺩ ﻴﻠﻴﻕ ﺒﻙ.
ﻗﺎﻟﺕ ﻭﻫﻲ ﺘﻬﻡ ﺒﺈﻋﺎﺩﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻴﺱ:
-ﻫﻭ ﺃﺠﻤل ﻤﻥ ﺃﻥ ﺃﺭﺘﺩﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺕ ..ﺇﻨﻪ ﻓﺴﺘﺎﻥ ﺴﻬﺭﺓ.
-ﻭﻨﺤﻥ ﻓﻲ ﺴﻬﺭﺓ ..ﻭﻓﻲ ﺒﺎﺭﻴﺱ .ﺃﻴﻥ ﺴﺄﺭﺍﻙ ﻓﻴﻪ ﺇﻥ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻫﻨﺎ؟
ﺒﺩﺕ ﻤﻘﺘﻨﻌﺔ.
ﺍﻗﺘﺭﺤﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﺭﻓﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ ﻭﺘﺭﺘﺩﻴﻪ.
ﺘﺄﻤﻠﺕ ﻟﻠﺤﻅﺔ ﻭﺠﻬﻲ ﺍﻟﻤﻨﻌﻜﺱ ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺭﺁﺓ .ﺜﻡ ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﻘﻭل ﺸﻴﺌﺎﹰ ,ﺃﺨﺫﺘﻪ ﻭﻤﻀﺕ
ﺼﻭﺏ ﺍﻟﻐﺭﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﻭﺍﻀﺤﺎﹰ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﻌﺭﻑ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺇﻟﻴﻬﺎ!
ﺃﻜﻨﺕ ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺃﺨﺘﺒﺭ ﻤﻌﺭﻓﺘﻬﺎ ﺒﺎﻟﺒﻴﺕ ..ﺃﻡ ﺃﺨﺘﺒﺭ ﺼﺒﺭﻱ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻭﺃﻗﺎﺼﺹ ﻨﻔﺴﻲ ﺒﺎﻨﺘﻅﺎﺭﻫﺎ
ﻭﻫﻲ ﺘﺘﻌﺭﻯ ﻟﺫﺍﻜﺭﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻐﺭﻓﺔ.
ﻜﺎﻥ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻲ ﻋﻥ ﻟﻬﻔﺔ ،ﺃﻥ ﺃﻟﺤﻕ ﺒﻬﺎ ،ﺃﻭ ﺃﻥ ﺃﻗﺘﺭﺡ ﻋﻥ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﺭﺘﺩﺍﺀﻩ ﺃﻤﺎﻤﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺎﻟﻭﻥ.
ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻟﻡ ﺃﻓﻌل ،ﺇﻨﻘﺎﺫﺍﹰ ﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ .
ﺭﻏﻡ ﺍﺴﺘﻌﺠﺎل ﺍﻟﺠﺴﺩ ﻭﺠﻭﻋﻪ ،ﻜﻨﺕ ﺃﺴﻌﺩ ﺒﻤﺘﻌﺔ ﺘﺄﺠﻴل ﻤﺘﻌﺘﻲ ،ﻜﻔﺎﻜﻬﺔ ﺘﺩﺭﻱ ﺃﻨﻬﺎ ﻟﻙ ،ﻭﻟﻜﻨﻙ
ﺘﺅﺠل ﻗﻀﻤﻬﺎ.
ﺤﺎﻭﻟﺕ ﺃﻥ ﺃﺴﺘﻌﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭﻫﺎ ﺒﺎﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺸﺭﻴﻁ ﻴﻠﻴﻕ ﺒﺎﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔ .ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﻏﻨﻴﺔ ﻤﺎ
ﺯﺍﻟﺕ ﺩﺍﺨل ﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﻜﺎﺴﻴﺕ.
ﺍﻜﺘﻔﻴﺕ ﺒﺈﻋﺎﺩﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺩﺍﻴﺔ ..ﻭﺍﻟﻀﻐﻁ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺯﺭ.
ﺒﺎﺴﻡ ﺍﷲ ﻨﺒﺩﻯ ﻜﻼﻤﻲ.........ﻗﺴﻤﻁﻴﻨﺔ ﻫﻲ ﻏﺭﺍﻤﻲ
ﻨﺘﻔﻜﺭﻙ ﻓﻲ ﻤﻨﺎﻤﻲ .........ﺇﻨﺘﻲ ﻭﺍﻟﻭﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﷲ
ﺠﻠﺴﺕ ﺭﻓﻘﺔ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﺃﻨﺘﻅﺭﻫﺎ ،ﺃﻭ ﻫﻜﺫﺍ ﻅﻨﻨﺕ ،ﺤﺘﻰ ﺃﻁﻠﺕ ﻜﺒﺠﻌﺔ ﺴﻭﺩﺍﺀ ..ﻜﺄﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻜل ﻤﺎ
ﺘﺭﺘﺩﻴﻪ ﻤﺎ ﺍﺭﺘﺩﺕ ﺴﻭﻯ ﻤﻼﺀﺘﻬﺎ .ﻭﺇﺫﺍ ﺒﻬﺎ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ.
ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺯﻭﺭﻨﻲ ﻓﻴﻪ ﻤﺘﻨﻜﺭﺓ ﻓﻲ ﻋﺒﺎﺀﺓ ﺃﻤﻬﺎ ،ﺨﻭﻓﺎﹰ ﻤﻥ ﺃﻋﻴﻥ ﺍﻟﻔﻀﻭﻟﻴﻴﻥ
ﻭﻨﻭﺍﻴﺎ ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻴﻥ ﺍﻟﻤﺘﺭﺒﺼﻴﻥ ﺒﺎﻟﻨﺴﺎﺀ ،ﺃﺫﻜﺭ ﻗﻭﻟﻲ ﻟﻬﺎ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﺤﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻌﺒﺎﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺩﺍﺀ
ﺃﺠﺎﺒﺕ ﻴﻭﻤﻬﺎ " :ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﺘﺤﺏ ﺍﻟﺜﻭﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺭﺘﺩﻴﻪ ﻟﻴﺤﺒﻙ ،ﻭﺇﻻ ﺴﻴﺒﺎﺩﻟﻙ ﺍﻟﻼﻤﺒﺎﻻﺓ ﻭﺍﻟﻨﻔﻭﺭ،
ﻓﺘﺒﺩﻭ ﻓﻴﻪ ﻗﺒﻴﺤﺎﹰ .ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﻴﻘﻴﻤﻭﻥ ﻋﻼﻗﺔ ﺤﺏ ﻤﻊ ﻤﺎ ﻴﺭﺘﺩﻭﻥ ،ﻭﻟﺫﺍ ﻫﻡ ﻴﺒﺩﻭﻥ ﻏﻴﺭ
ﺠﻤﻴﻠﻴﻥ ﺤﺘﻰ ﻓﻲ ﺃﻨﺎﻗﺘﻬﻡ ،ﻭﺍﻟﺒﻌﺽ ﺘﺭﺍﻫﻡ ﻋﻠﻰ ﺒﺴﺎﻁﺔ ﺯﻴﻬﻡ ﻤﺘﺄﻟﻘﻴﻥ ،ﻷﻨﻬﻡ ﻴﺭﺘﺩﻭﻥ ﺒﺫﻟﺔ
ﻴﺤﺒﻭﻨﻬﺎ ﻭﻻ ﻴﻤﻠﻜﻭﻥ ﺴﻭﺍﻫﺎ".
ﺃﺘﺭﺍﻫﺎ ﺃﺤﺒﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺜﻭﺏ ﺤﺘﻰ ﻟﺘﺒﺩﻭ ﻓﺎﺘﻨﺔ ﻓﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺩ؟
ﺃﻡ ﻫﻲ ﺃﺤﺒﺕ ﻓﺘﻨﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻭﻏﺭﺍﺒﺔ ﻟﻘﺎﺌﻨﺎ ﻤﻌﺎﹰ ﻓﻲ ﺒﻴﺕ ﻴﻌﻴﺩﻫﺎ ﻋﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﺇﻟﻰ ﻤﺘﺎﻫﺘﻬﺎ
ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ.
ﻜﺎﻨﺕ ﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻷﻏﻨﻴﺔ ﺍﻤﺘﺩﺍﺩﺍﹰ ﻟﺨﺴﺎﺭﺍﺘﻨﺎ ,ﻤﻤﺯﻭﺠﺔ ﺒﺤﺴﺭﺍﺕ ﺍﻻﺸﺘﻴﺎﻕ ﺇﻟﻰ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ .ﻭﻜﺎﻨﺕ
ﺍﻟﻤﻭﺴﻴﻘﻰ ﺒﺈﻴﻘﺎﻉ ﺩﻓﻭﻓﻬﺎ ﺘﺒﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻭ ﺫﺒﺫﺒﺎﺕ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺭﻏﺒﺎﺕ ﺘﻭﻟﹼﺩ ﻤﺸﺎﻋﺭ ﻋﻨﻴﻔﺔ ،ﺘﺒﺩﻭ
ﻤﻌﻬﺎ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﻗﺹ ﻋﺒﻭﺭﺍﹰ ﺇﻟﻰ ﺤﺯﻥ ﺁﺨﺭ.
ﻷﻥ ﻭﺠﻭﺩﻙ ﻓﻲ " ﻤﺤﻤﻴﺔ ﻋﺎﻁﻔﻴﺔ" ﺨﺎﺭﺝ ﺨﺎﺭﻁﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻴﻤﻨﺤﻙ ﻜل ﺍﻟﺼﻼﺤﻴﺎﺕ ﻓﻲ
ﺍﺨﺘﺒﺎﺭ ﺠﻨﻭﻨﻙ ..ﻗﻠﺕ ﻟﻬﺎ::
-ﺤﻴﺎﺓ ..ﺍﺸﻁﺤﻲ ﻟﻲ.
ﻓﺎﺠﺄﻫﺎ ﻁﻠﺒﻲ ,ﻭﻓﺎﺠﺄﻨﻲ ﺤﻴﺎﺅﻫﺎ .ﺭﺩﺕ ﺒﺨﺠل ﻨﺴﺎﺀ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﻤﻀﻰ:
-ﻤﺎ ﻨﻘﺩﺭﺵ ..ﻋﻤﺭﻱ ﻤﺎ ﺸﻁﺤﺕ ﻗﺩﺍﻡ ﺭﺍﺠل.
ﺃﺠﺒﺘﻬﺎ ﺒﻤﺎ ﻴﻀﺎﻫﻲ ﺤﻴﺎﺀ ﺃﻨﻭﺜﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﺭﺠﻭﻟﺔ:
-ﺃﻨﺎ ﻤﺎﻨﻴﺵ ﺭﺍﺠل ..ﺃﻨﺎ ﺭﺍﺠﻠﻙ ..ﻭﻫﺎﺫﺍ ﺍﻟﺯﻴﻥ ﺇﺫﺍ ﻤﻭﺵ ﻟﻲ ﻟِﻤﻨﹸﻭ؟
ﺘﺭﺍﻨﻲ ﻟﻔﻅﺕ ﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺴﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻨﺘﻅﺭﻫﺎ ﺠﺴﺩﻫﺎ ﻁﻭﻴﻼﹰ .ﻓﻼ ﺃﻅﻥ ﺃﺤﺩﺍﹰ ﻗﺒﻠﻲ ﺴﺄﻟﻬﺎ " ﻟﻤﻥ
ﺠﻤﺎﻟﻙ ..ﺇﻥ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻟﻲ ﺃﻨﺎ"؟
ﺒﺤﺸﻤﺔ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺭﻗﺹ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﻓﻲ ﺤﻀﺭﺓ ﺭﺠل ،ﺭﺍﺡ ﺠﺴﺩﻫﺎ ﻴﺘﻬﺎﺩﻯ .ﻟﻡ ﺘﻜﻥ
ﺘﺘﻠﻭﻯ ،ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺘﺘﻤﺎﻴل ،ﻭﻻ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺤﺭﻜﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﻏﻨﺞ .ﻜﺎﻨﺕ ﺇﺜﺎﺭﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺇﻏﺭﺍﺌﻬﺎ ﺍﻟﻤﻭﺍﺭﺏ،
ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﻨﻭﺜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺕ ﺼﺨﺏ ﺍﻟﻤﻭﺴﻠﻴﻥ ﺘﺭﻗﺹ ﻭﻜﺄﻨﻬﺎ ﺘﺒﻜﻲ .ﻋﻠﻰ ﺃﻏﻨﻴﺔ ﻤﺤﻤﻠﺔ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﻡ
ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺠﻥ.
ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻭ ﺒﺭﺍﻋﻡ ﺠﻨﻭﻥ ﻟﺸﻬﻭﺍﺕ ﻤﺅﺠﻠﺔ ﺃﺯﻫﺭﺕ ﺃﺨﻴﺭﺍﹰ ﺨﺎﺭﺝ ﺒﺴﺎﺘﻴﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ,ﻟﻜﻥ ﻓﻲ ﺒﻴﺕ
ﻤﺘﻭﺭﻁ ﻓﻲ ﺤﺯﻨﻨﺎ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻨﻔﺭﺡ ﻓﻴﻪ.
ﺒﺩﺍ ﻟﻲ ﻜﺄﻨﻤﺎ ﻻﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﻓﺭﺤﻨﺎ ،ﻜﻨﺎ ﻨﻤﺎﺭﺱ ﺍﻟﺤﺏ ﺭﻗﺼﺎﹰ ،ﺒﻨﺸﻭﺓ ﺍﻟﺤﺯﻥ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻟﻲ.
ﻭﻗﺒﻠﻬﺎ ﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﺨﺒﺭﺕ ﺍﻟﺭﻗﺹ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻀﺭﻡ ﺍﻟﺤﺯﻥ .ﺼﺎﻤﺘﺎﹰ ﻜﻨﺕ ،ﺠﺎﻟﺴﺎﹰ ﻗﺒﺎﻟﺘﻬﺎ ،ﻁﺭﺒﺎﹰ ﻟﻔﺭﻁ
ﺤﺯﻨﻲ ،ﺤﺯﻴﻨﺎﹰ ﻟﻔﺭﻁ ﻁﺭﺒﻲ ,ﻤﻨﺘﺸﻴﺎﹰ ﺒﻬﺎ ﻟﻔﺭﻁ ﺠﻭﻋﻲ ﺇﻟﻴﻬﺎ .ﺩﻤﺎﺌﻲ ﺘﺼﻬل ﺘﺠﺎﻫﻬﺎ ﺩﻭﻤﺎﹰ،
ﻟﺘﻨﺘﻬﻲ ﻜﺭﻤﺎﹰ ﻴﻌﺘﺼﺭ ﺘﺤﺕ ﻭﻗﻊ ﻗﺩﻤﻴﻬﺎ.
ﺃﺤﺒﺒﺕ ﻓﺼﺎﺤﺔ ﻗﺩﻤﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺨﻀﺒﺘﻴﻥ ﺒﺩﻡ ﺍﻟﺭﺠﺎل .ﻓﻲ ﻜل ﺭﻏﺒﺔ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﺍﻟﻤﺴﺘﺘﺭ.
ﺃﻟﻬﺫﺍ ﺨﻔﺕ ﻜﻌﺒﻬﺎ ،ﺃﻡ ﻷﻨﻪ ﻻ ﻴﻠﻴﻕ ﺒﻘﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﺍﻟﺭﻗﺹ ﺒﻜﻌﺏ ﻋﺎل؟
ﻗﻠﺕ " :ﺍﺨﻠﻌﻲ ﻨﻌﻠﻙ ﻴﺎ ﺴﻴﺩﺘﻲ ..ﻓﻲ ﺍﻟﺭﻗﺹ ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻻ ﻨﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺤﺫﺍﺀ" .ﻓﻘﺩ ﺘﻨﺒﻬﺕ
ﺇﻟﻰ ﻭﻗﻭﻑ ﻓﻴﻨﻭﺱ ﻤﻨﺘﺼﺒﺔ ﺘﻭﺍﺼل ﺍﻨﺘﻌﺎل ﺍﺒﺘﺴﺎﻤﺘﻬﺎ ﺍﻷﺒﺩﻴﺔ.
ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺁﻟﻬﺔ ﻟﻡ ﻴﻌﻔﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺫﻫﺎﺏ ﺤﺎﻓﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻟﻭﻴﺱ ﺍﻟﺜﺎﻤﻥ ﻋﺸﺭ .ﻓﻴﻭﻡ ﺠﻲﺀ ﺒﻬﺎ ﺇﻟﻴﻪ،
ﻟﻴﺴﺘﻘﺒﻠﻬﺎ ﺭﺴﻤﻴﺎﹰ ﺒﻤﺎ ﻴﻠﻴﻕ ﺒﻤﻘﺎﻡ ﺁﻟﻬﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎل ،ﻭﺠﺩ ﻤﻥ ﺒﻴﻥ ﻤﺘﻤﻠﻘﻴﻪ ﻤﻥ ﺃﻭﺼﻠﻪ ﺍﻻﺠﺘﻬﺎﺩ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﺒﺄﻥ ﺘﺘﻭﺍﻀﻊ ﻭﺘﺄﺘﻴﻪ ﺤﺎﻓﻴﺔ ﻟﺘﺅﺩﻱ ﻟﻪ ﻁﻘﻭﺱ ﺍﻟﻁﺎﻋﺔ ،ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ.
ﻭﻷﻥ ﻗﺩﻤﻬﺎ ﺍﻟﻴﺴﺭﻯ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻐﻁﺎﺓ ﺒﻘﻁﻌﺔ ﻗﻤﺎﺵ ﻤﺘﺩﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﻭﺴﻁ ﺠﺴﺩﻫﺎ ،ﻴﻘﺎل ﺇﻥ ﺨﺒﺭﺍﺀ
ﺍﻟﺘﺭﻤﻴﻡ ﻓﻲ ﻤﺘﺤﻑ ﺍﻟﻠﻭﻓﺭ ﻗﺎﻤﻭﺍ ﺒﺘﺒﺩﻴل ﻗﺩﻤﻬﺎ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﺒﻘﺩﻡ ﺒﺩﻭﻥ ﺨﻑ.
ﻤﻥ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﺘﺯﺩﺍﺩ " ﻓﻴﻨﻭﺱ "ﺘﻬﻜﻤﺎﹰ .ﻤﺎ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﻭﺍ ﺃﻥ ﻴﺠﻌﻠﻭﺍ ﺘﻤﺜﺎﻟﻬﺎ ﻴﻨﺤﻨﻲ ﻭﻻ ﻴﺩﻴﻬﺎ
ﺍﻟﻤﺒﺘﻭﺭﺘﻴﻥ ﺘﺼﻔﻘﺎﻥ ﻟﺤﺎﻜﻡ ﺃﻭ ﻤﻠﻙ.
ﻭﻫﻲ ﺘﻭﺩ ﻟﻭ ﺃﻨﻬﺎ ﺭﻗﺼﺕ ﺍﻵﻥ ﻜﺄﻨﺜﻰ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻭﺴﻴﻘﻰ .ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﻗﺹ ﺍﻟﻘﺴﻨﻁﻴﻨﻲ ﻻ
ﻴﺭﻗﺹ ﺒﻔﻭﻁﺔ ﺘﻠﻑ ﺤﻭل ﺭﺩﻓﻴﻥ ﻟﺠﺴﺩ ﻨﺼﻑ ﻋﺎﺭ ،ﻟﻬﻴﺒﺔ ﻨﺴﺎﺌﻪ ﻓﻲ ﺤﻀﻭﺭﻫﻥ ﺍﻟﺨﺭﺍﻓﻲ ،ﻴﻜﺎﺩ
ﺭﻗﺹ ﺍﻟﻘﺴﻨﻁﻴﻨﻴﺎﺕ ﻴﻀﺎﻫﻲ ﻁﻘﻭﺱ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ.
ﺇﻨﻪ ﻴﺎ ﺇﻟﻬﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎل ﺸﻲﺀ ﺃﺠﻤل ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﻌﺭﻯ .ﺃﺭﻭﻉ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﻭﺼﻑ.
ﺍﺤﺯﻨﻲ ﻗﻠﻴﻼﹰ ﺇﺫﻥ ﻴﺎ ﺴﻴﺩﺘﻲ ﺍﻟﺤﺠﺭﻴﺔ " ،ﻨﺤﻥ ﻻ ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﺭﻗﺹ ﻤﻊ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﺴﻌﻴﺩ" ﻭﺍﻟﺒﺴﻲ ﺜﻭﺒﺎﹰ
ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺨﻤل ﺍﻟﻤﻁﺭﺯ ﺒﺨﻴﻭﻁ ﺍﻟﺫﻫﺏ ،ﺃﺜﻘل ﻤﻥ ﺃﻥ ﺘﺭﺘﺩﻴﻪ ﻭﺤﺩﻙ ،ﺃﺠﻤل ﻤﻥ ﺃﻻ ﻴﺭﺍﻙ ﻓﻴﻪ ﺃﺤﺩ.
ﻀﻌﻲ ﺤﻭل ﺨﺼﺭﻙ ﺤﺯﺍﻤﺎﹰ ﻗﻀﺕ ﺃﻤﻙ ﻋﻤﺭﺍﹰ ﻓﻲ ﺠﻤﻊ ﺼﻜﻭﻜﻪ ﺍﻟﺫﻫﺒﻴﺔ ،ﻜﻲ ﺘﻠﺒﺴﻴﻪ ﻟﻴﻠﺔ
ﻋﺭﺴﻙ .ﻤﺭﺭﻱ ﻓﻲ ﻗﺩﻤﻴﻙ ﺍﻟﻤﺨﻀﺒﺘﻴﻥ ﺒﺎﻟﺤﻨﺎﺀ ﺨﻠﺨﺎﻻﹰ ﺘﺴﻤﻊ ﺭﻨﺘﻪ ﺤﻴﻥ ﺘﻤﺸﻴﻥ ،ﻭﻻ ﻴﺭﻯ ﻤﻨﻪ
ﺴﻭﻯ ﻭﺍﺤﺩ ﺤﻴﻥ ﺘﺠﻠﺴﻴﻥ ،ﻭﺘﻌﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻫﻭﺩﺝ ﺍﻟﺸﻬﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﻬﺎﺩﻱ ﻟﺘﺘﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﺭﻗﺹ
ﺍﻟﻘﺴﻨﻁﻴﻨﻲ.
ﺍﻨﺤﻨﺕ ﺤﻴﺎﺓ ﺘﺨﻠﻊ ﺤﺫﺍﺀﻫﺎ ،ﻭﺘﻭﺍﺼل ﺍﻟﺭﻗﺹ ﺤﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺸﻬﻭﺍﺕ ،ﻋﻠﻰ ﺇﻴﻘﺎﻉ ﺨﻠﺨﺎل ﺃﻭﻫﺎﻤﻲ.
ﻟﻔﺭﻁ ﺍﻨﺨﻁﺎﻓﻲ ﺒﻬﺎ ،ﻟﻡ ﺃﻨﺘﺒﻪ ﻟﺤﻅﺘﻬﺎ ﻹﻤﻜﺎﻥ ﺇﺯﻋﺎﺝ ﺍﻟﺠﻴﺭﺍﻥ .ﻟﻜﻥ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺭﺍﺡ ﺍﻟﻬﺎﺘﻑ ﻴﺭﻥ ﺒﻌﺩ
ﺫﻟﻙ ﺒﺈﻟﺤﺎﺡ ﻓﻲ ﻏﺭﻓﺔ ﺍﻟﻨﻭﻡ ،ﺘﻭﻗﻌﺕ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺃﺤﺩﻫﻡ ﺍﺘﺼل ﺍﺤﺘﺠﺎﺠﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺼﻭﺕ ﺍﻟﻤﻭﺴﻴﻘﻰ.
ﻋﻤﻼﹰ ﺒﺘﻌﻠﻴﻤﺎﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ،ﻓﻀﻠﺕ ﺃﻻ ﺃﺠﻴﺏ ،ﻤﻜﺘﻔﻴﺎﹰ ﺒﺎﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ.
ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺘﺎﺴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺭﺒﻊ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺸﺠﻥ .ﺃﻅﻨﻨﺎ ﺘﺠﺎﻭﺯﻨﺎ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﺍﻟﻤﺒﺎﺡ ﻟﻀﺠﻴﺞ ﺍﻟﺴﻬﺭ.
ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺸﺭﻴﻁ ﻋﻠﻰ ﻤﺸﺎﺭﻑ ﻨﻬﺎﻴﺘﻪ .ﺘﻭﺠﻬﺕ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﻤﺴﺠل ﺃﺨﻔﱢﺽ ﺼﻭﺕ ﺍﻟﻤﻭﺴﻴﻘﻰ.
ﺴﺄﻟﺘﻨﻲ ﻭﻫﻲ ﺘﺠﻠﺱ ﻗﺒﺎﻟﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﻴﻜﺔ:
-ﺃﻻ ﺘﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺎﺘﻑ؟
-ﻻ.
ﻗﺎﻟﺕ ﺒﻤﻜﺭ ﺍﻷﻨﻭﺜﺔ:
-ﺭﺒﻤﺎ ﺃﺤﺩ ﻴﺼﺭ ﻋﻠﻰ ﻤﺤﺎﺩﺜﺘﻙ ..ﺍﻹﻟﺤﺎﺡ ﺍﻟﻬﺎﺘﻔﻲ ﺼﻔﺔ ﺃﻨﺜﻭﻴﺔ.
ﻗﻠﺕ ﻤﺘﺠﺎﻫﻼﹰ ﺘﻠﻤﻴﺤﻬﺎ:
-ﺍﻟﻤﺤﺏ ﻜﺎﻟﻤﺘﻌﺒﺩ ..ﻻ ﻴﻘﻁﻊ ﺼﻼﺘﻪ ﻟﻴﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺎﺘﻑ!
-ﻭﻻ ﻴﻘﻁﻊ ﻋﺒﺎﺩﺘﻪ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﻟﻴﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ..ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻤﺜﻼﹰ ﻴﻨﺘﻅﺭ ﻫﺎﺘﻔﺎﹰ.
ﻀﺤﻜﺕ ﻟﻤﻨﻁﻕ ﻏﻴﺭﺘﻬﺎ .ﺃﺠﺒﺘﻬﺎ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻓﻙ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻤﻥ ﻤﻌﺼﻤﻲ ،ﻭﺃﻀﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻁﺎﻭﻟﺔ ﻗﺭﻴﺒﺔ:
-ﺒل ﻻ ﻫﺎﺠﺱ ﻟﻠﻤﺘﻌﺒﺩ ﺇﻻ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ،ﻷﻨﻪ ﻜﺎﻟﻌﺎﺸﻕ ﻴﺨﺎﻑ ﺃﻥ ﺘﻔﺎﺠﺌﻪ ﺴﺎﻋﺘﻪ .ﻫﺎﺠﺱ ﺍﻟﻤﻭﺕ
ﻴﻭﺍﺠﻬﻨﺎ ﺃﻤﺎﻡ ﻜل ﺤﺏ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻫﺎﺠﺱ ﻋﺸﻘﻲ ،ﺒﺭﻏﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺸﺎﻕ ،ﻜﻤﺎ ﺍﻟﻤﻭﺘﻰ ،ﻻ ﻴﺤﺘﺎﺠﻭﻥ
ﺇﻟﻰ ﺴﺎﻋﺔ ﻟﻜﻭﻨﻬﻡ ﺒﺩﺨﻭﻟﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺏ ﻴﺨﺭﺠﻭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﺭﻑ ﻋﻠﻴﻪ!
ﻭﺍﺼﻠﺕ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ:
-ﺨﻠﻌﺕ ﺴﺎﻋﺘﻲ ..ﺃﺘﺤﺩﺍﻙ ﺃﻻ ﺘﻨﻅﺭﻱ ﺒﻌﺩ ﺍﻵﻥ ﺇﻟﻰ ﺴﺎﻋﺘﻙ!
ﺭﺩﺕ ﻀﺎﺤﻜﺔ:
-ﻋﻠﻴﻙ ﺍﻟﻠﻌﻨﺔ ..ﺘﻬﺯﻤﻨﻲ ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ ﺒﺩﻭﻥ ﺠﻬﺩ.
ﺼﺤﺤﺘﻬﺎ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻀﻤﻬﺎ ﺇﻟﻲ:
-ﺒل ﺒﺠﻬﺩ ﻏﺒﺎﺌﻙ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻲ!
ﺭﺤﺕ ﺃﻗﺒﻠﻬﺎ ﻁﻭﻴﻼﹰ .ﻗﺒﻠﺔ ﺘﺄﺨﺭﺕ ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ ﺤﺘﻰ ﻟﻜﺄﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﻐﻁﻲ ﻨﻔﻘﺎﺕ ﻋﺎﻤﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻻﻨﺘﻅﺎﺭ.
ﻓﻭﺤﺩﻫﺎ ﺍﻗﺒل ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﻌﻴﺩ ﺇﻟﻴﻙ ﻋﻤﺭﺍﹰ ﺃﻓﻠﺕ ﻤﻨﻙ ،ﺒﺭﻏﻡ ﺤﻤﻠﻙ ﺃﺜﻨﺎﺀﻩ ..ﺴﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﻤﻌﺼﻤﻙ!
ﺸﻌﺭﺕ ﺒﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺃﺴﺄﻟﻬﺎ :ﻫل ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺃﺤﺩ ﻗﺒﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺭﻴﻜﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ؟
ﻏﻴﺭ ﺃﻨﻨﻲ ﻜﻨﺕ ﺃﻋﺭﻑ ﺍﻟﺠﻭﺍﺏ ،ﻓﺎﺴﺘﺒﺩﻟﺘﻪ ﺒﺂﺨﺭ ﺃﻜﺜﺭ ﺇﻟﺤﺎﺤﺎﹰ .ﻗﻠﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻋﺎﺒﺙ ﺸﻌﺭﻫﺎ:
-ﺤﻴﺎﺓ ..ﻫل ﻗﺒﻠﻙ ﺭﺠل ﺒﻌﺩﻱ؟؟
ﻓﺎﺠﺄﻫﺎ ﺍﻟﺴﺅﺍل .ﺭﺩﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺒﻀﺤﻜﺔ ﻤﺎﻜﺭﺓ ،ﻀﺤﻜﺔ ﻤﺎﻁﺭﺓ ﺘﺠﺎﻫﻠﺕ ﺭﺫﺍﺫﻫﺎ .ﻗﻠﺕ ﻤﻭﻀﺤﺎﹰ:
-ﻻ ﺃﺭﻴﺩ ﻨﺼﺎﹰ ﺭﻭﺍﺌﻴﺎﹰ ..ﻻ ﻴﻌﻨﻴﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﻋﺭﻑ ﻤﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻭﻻ ﻜﻴﻑ ﺃﻭ ﻤﺘﻰ ﺤﺩﺙ ﻫﺫﺍ ..ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ
ﺃﻋﺭﻑ ﻓﻘﻁ ﻫل ﺤﺩﺙ؟
ﻫﻲ ﻋﺎﺩﺓ ﻻ ﺘﺼﺩﻕ ﺇﻻ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﺼﺩﻗﻬﺎ ﺇﻴﻼﻤﻙ ،ﻭﻟﻤﺭﺓ ﺘﻤﻨﻴﺕ ﻟﻭ ﺃﻨﻬﺎ ﻜﺫﺒﺕ.
ﻜﻨﺕ ﺃﻨﺘﻅﺭ ﻤﻨﻬﺎ ﺠﻭﺍﺒﺎﹰ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﻤﻠﻙ ﺴﻭﻯ ﻜﻠﻤﺎﺕ ﻜﻀﻤﺎﺩﺍﺕ ﻻﺼﻘﺔ ،ﺘﻭﻀﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺠل ﻟﻭﻗﻑ
ﻨﺯﻴﻑ.
ﻗﺎﻟﺕ ﺇﺫ ﻭﺠﺩﺕ ﻓﻲ ﺴﺅﺍل ﺁﺨﺭ ﺒﺭﺍﺀﺓ ﻟﺫﻤﺘﻬﺎ:
-ﻗﻠﺕ ﻤﺭﺓ ﺇﻥ " ﺍﻟﺫﻜﺎﺀ ﻫﻭ ﺘﻘﺎﺴﻡ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ" ﺩﻋﻨﻲ ﺃﺘﺫﺍﻜﻰ ﻭﺃﺴﺄﻟﻙ ﺒﺩﻭﺭﻱ ،ﻤﺎ ﻋﻼﻗﺘﻙ ﺒﻬﺫﻩ
ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻐﻁﻲ ﺼﻭﺭﻫﺎ ﻜل ﻤﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺴﺘﻘﺒﻠﻨﻲ ﻓﻴﻪ؟
ﻀﺤﻜﺕ ﻟﺴﺅﺍﻟﻬﺎ .ﻓﺎﻟﺫﻜﺎﺀ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺘﻘﺎﺴﻡ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ﺒل ﻗﻠﺒﻬﺎ .ﻭﺃﻨﺎ ﺠﺌﺕ ﺒﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎ
ﻜﻲ ﺃﺭﻏﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺠﻭﺩ ﺨﺎﻟﺩ ..ﻫﺎ ﻫﻲ ﺘﻘﻠﺏ ﺍﻷﺩﻭﺍﺭ ,ﻭﺘﺒﺩﺃ ﺒﺎﺴﺘﻨﻁﺎﻗﻲ ﻋﻥ
ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ.
ﻗﺭﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﺘﺭﺍﺸﻕ ﻤﻌﻬﺎ ﺒﺠﻤﺭ ﺍﻟﻐﻴﺭﺓ ،ﺨﺎﺼﺔ ﺃ ،ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﺠﺎﻨﺒﺎﹰ ﻁﺭﻴﻔﺎﹰ ﺁﺨﺭ .ﻓﻬﻲ ﻻ ﺘﺘﻭﻗﻊ
ﺤﺘﻰ ﺍﻵﻥ ﺃﻥ ﺃﻜﻭﻥ ﺍﻟﺘﻘﻴﺕ ﺒﺨﺎﻟﺩ ،ﺃﻭ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﻋﺭﻑ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻋﻨﻪ ،ﻻﻋﺘﻘﺎﺩﻫﺎ ﺃﻨﻪ ﺘﺭﻙ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻤﻨﺫ
ﺴﻨﻭﺍﺕ .ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺤﺘﻤﺎﹰ ﺘﻌﺭﻓﺕ ﻋﻠﻰ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻤﻥ ﺼﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﻤﺭﺴﻭﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ .ﻭﻻ ﺘﻔﻬﻡ
ﻜﻴﻑ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺕ ﺃﻥ ﺘﺴﺭﻕ ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺭﺠﻠﻴﻥ ﺍﻷﻫﻡ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻬﺎ.
-ﺼﺩﻴﻘﺔ ﺃﻗﻴﻡ ﻋﻨﺩﻫﺎ ﻤﻨﺫ ﺃﺸﻬﺭ.
ﺜﻡ ﻭﺍﺼﻠﺕ ﻤﺴﺘﺩﺭﻜﺎﹰ ﺒﻠﺅﻡ:
-ﺘﻠﻘﻔﺘﻨﻲ " ﺍﻟﺤﻔﺭ ﺍﻟﻨﺴﺎﺌﻴﺔ" ﺒﻌﺩﻙ .ﻟﻜﻥ ﻓﻲ ﻜل ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻤﺭﺭﺕ ﺒﻬﺎ ﺘﻌﺜﺭﺕ ﺒﻙ!
ﺭﺩﺕ ﺒﻀﺤﻜﺔ ﺘﺨﻔﻲ ﻟﻬﻴﺏ ﺍﻟﻐﻴﺭﺓ:
-ﻻ ﺩﺍﻉ ﻟﺴﺅﺍﻟﻙ ﺇﺫﻥ ﻤﺎﺫﺍ ﻓﻌﻠﺕ ﻓﻲ ﻏﻴﺒﺘﻲ .ﻟﻜﺜﺭﺓ ﻤﺎ ﺘﻌﺜﺭﺕ ﺒﻲ ﻓﻲ ﻜل ﺤﻔﺭﺓ ،ﺃﺘﻭﻗﻊ ﺃﻥ
ﺘﻜﻭﻥ ﻗﻀﻴﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺃﺭﻀﺎﹰ ،ﻫل ﺍﺴﺘﻤﺘﻌﺕ ﺒﺫﻟﻙ؟
ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻨﺜﻰ ﻻ ﺘﺨﺘﻠﻑ ﻋﻥ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﺒﻭﻟﻴﺴﻴﺔ ،ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺘﻘﺎﺭﻴﺭ ﺘﺭﻓﻌﻬﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻜل ﻟﻘﺎﺀ ﻋﻥ
ﻜل ﺃﻨﺜﻰ ﻤﺎﺭﺴﺕ ﺍﻟﺤﺏ ﻤﻌﻬﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ .ﻭﻜﻜل ﺍﻟﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺕ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺠﺩ ﻤﺘﻌﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺩﻗﻴﻕ ﺒﺎﻟﺘﻔﺎﺼﻴل.
ﺘﻤﺎﺩﻴﺎﹰ ﻓﻲ ﺇﻴﻼﻤﻬﺎ ،ﺘﺠﺎﻫﻠﺕ ﻓﻀﻭﻟﻬﺎ .ﻓﻬﻲ ﺘﺩﺭﻱ ﺃﻥ ﻗﺼﺔ ﻻ ﺘﺒﻭﺡ ﺒﺘﻔﺎﺼﻴﻠﻬﺎ ﻫﻲ ﻗﺼﺔ
ﻋﺸﻘﻴﺔ ،ﻭﻭﺤﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﻐﺎﻤﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﺒﺭﺓ ﺘﻐﺫﱢﻱ ﺁﺫﺍﻥ ﺍﻷﺴﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺫﺍﻜﺭﺓ ﻟﻬﺎ.
ﺭﺒﻤﺎ ﻟﻬﺫﺍ ﻫﻲ ﻟﻡ ﺘﺒﺢ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﺒﺤﺒﻬﺎ ﻟﺨﺎﻟﺩ ﻭﻻ ﻟﺯﻴﺎﺩ .ﻓﻬل ﻜﺎﻥ ﺤﺒﻬﺎ ﺃﻜﺒﺭ ﻭﺃﺠﻤل ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﺤﻜﻰ
ﺨﺎﺭﺝ ﻜﺘﺎﺏ؟
ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺘﺄﻤﻠﻲ ﻭﻟﻌﻬﺎ ﺒﻲ ،ﻜﻠﻤﺎ ﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﻴﻘﻴﻨﺎﹰ ﺒﺨﻴﺎﻨﺎﺘﻲ ﻟﻬﺎ ،ﻭﻗﻌﺕ ﻋﻠﻰ ﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ﻋﺠﻴﺒﺔ ،ﻭﺃﻨﺎ
ﺍﻜﺘﺸﻑ ﺃﻥ ﻭﻓﺎﺀ ﺭﺠل ﻻﻤﺭﺃﺓ ﻭﺍﺤﺩﺓ ،ﻴﺠﻌﻠﻪ ﺍﻷﺸﻬﻰ ﻓﻲ ﻋﻴﻭﻥ ﺒﻘﻴﺔ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺍﻟﻼﺌﻲ ﻴﺼﺒﺢ
ﻫﺩﻓﻬﻥ ﺍﻹﻴﻘﺎﻉ ﺒﻪ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺨﻴﺎﻨﺘﻪ ﺇﻴﺎﻫﺎ ﺘﺠﻌﻠﻪ ﺸﻬﻴﺎﹰ ﻟﺩﻴﻬﺎ!
ﺘﺫﻜﺭﺕ ﺨﺎﻟﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺜﻠﻲ ﺨﺴﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻟﻔﺭﻁ ﺇﺨﻼﺼﻪ ﻟﻬﺎ ،ﺜﻡ ﺃﺼﺒﺢ ﺠﺩﻴﺭﺍﹰ
ﺒﻐﻴﺭﺘﻬﺎ ﻤﺫ ﺘﻠﻘﻔﺘﻪ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ،ﺘﻤﺎﻤﺎﹰ ﻜﻤﺎ ﺃﺼﺒﺢ ﻓﻨﺎﻨﺎﹰ ﺠﺩﻴﺭﺍﹰ ﺒﺎﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ،ﻤﺫ ﻏﺎﺩﺭﻫﺎ،
ﻟﺘﺘﻠﻘﻔﻪ ﻫﻨﺎ ﺼﺎﻻﺕ ﺍﻟﻌﺭﺽ ﺍﻟﺒﺎﺭﻴﺴﻴﺔ!
ﻭﻫﻜﺫﺍ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻘﻭﻟﻭﻥ ﺇﻨﻨﺎ ﻨﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻜﺎﺫﻴﺏ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ ﻹﻨﻘﺎﺫ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ..ﺭﺒﻤﺎ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺃﻥ
ﻴﻀﻴﻔﻭﺍ ﺤﺎﺠﺘﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ،ﻹﻨﻘﺎﺫ ﺍﻟﻭﻓﺎﺀ ،ﺴﻭﺍﺀ ﻟﻭﻁﻥ ..ﺃﻭ ﻻﻤﺭﺃﺓ.
ﺤﺎﻭﻟﺕ ﺃﻥ ﺃﺴﺘﺩﺭﺠﻬﺎ ﻟﻠﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺨﺎﻟﺩ ،ﻤﺴﺘﻔﻴﺩﺍﹰ ﻤﻥ ﺠﻠﻭﺴﻨﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ ﻤﺘﻘﺎﺒﻠﻴﻥ ﻟﻠﻭﺤﺔ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺠﺴﺭ:
-ﺩﻭﻤﺎﹰ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ﺜﺎﻟﺜﻨﺎ ..ﺃﺘﺤﺒﻴﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ؟
ﺃﺠﺎﺒﺕ ﻭﻗﺩ ﻓﺎﺠﺄﻫﺎ ﺴﺅﺍﻟﻲ:
-ﻤﺎ ﻋﺩﺕ ﺃﺤﺏ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ .ﻤﺫ ﺍﻏﺘﻴل ﺴﺎﺌﻘﻲ " ﻋﻤﻲ ﺃﺤﻤﺩ" ﺒﺴﺒﺒﻲ ﻭﻨﺤﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺴﺭ ،ﻜﺭﻫﺕ
ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ,ﺨﺎﺼﺔ ﺃﻥ ﻟﻲ ﺠﺩﺍ ﺍﻨﺘﺤﺭ ﺒﺈﻟﻘﺎﺀ ﻨﻔﺴﻪ ﻤﻥ ﺠﺴﺭ ﺴﻴﺩﻱ ﺭﺍﺸﺩ ،ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﺩﺜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ
ﺘﻜﻥ ﺘﻌﻨﻴﻨﻲ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺘﺤﻀﺭﻨﻲ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﻴﻥ ﻭﺍﻵﺨﺭ .ﺍﻟﺒﺎﺭﺤﺔ ﻤﺜﻼﹰ ﻓﻜﺭﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻋﺒﺭ ﺠﻭﺍﺭ ﺒﺭﺝ
ﺇﻴﻔﻴل ﺃﻨﻨﺎ ﻟﻡ ﻨﺴﻤﻊ ﺒﺄﺤﺩ ﺍﻨﺘﺤﺭ ﺒﺈﻟﻘﺎﺀ ﻨﻔﺴﻪ ﻤﻥ ﺒﺭﺝ ،ﻓﺎﻟﻤﻨﺘﺤﺭ ﻻ ﻴﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻷﻋﻠﻰ
ﻟﻼﻨﺘﺤﺎﺭ ﺒﻘﺩﺭ ﻤﺎ ﻴﻌﻨﻴﻪ ﺯﺨﻡ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .ﻫﻭ ﻴﺨﺘﺎﺭ ﺍﻟﺠﺴﺭ ﻷﻨﻪ ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﺸﻬﺩﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺘﻪ ،ﻴﻨﺘﻬﺯ
ﻓﺭﺼﺔ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺯﺨﻡ ﺍﻟﺤﻴﺎﺘﻲ ﻟﻜﻲ ﻴﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻋﺴﺎﻫﺎ ﺘﻨﺘﺤﺭ ﺒﺎﻨﺘﺤﺎﺭﻩ ,ﻷﻨﻪ ﺒﺭﻏﻡ ﻜل
ﺸﻲﺀ ﻻ ﻴﺼﺩﻕ ﺃﻨﻬﺎ ﺴﺘﺴﺘﻤﺭ ﺒﻌﺩﻩ.
ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺒﺩﻭ ﺃﺠﻤل ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺘﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺃﺸﻴﺎﺀ ﺠﺎﺩﺓ .ﺭﺤﺕ ﺃﺴﺘﺩﺭﺠﻬﺎ ﻟﺤﻭﺍﺭ ﻅﻨﻨﺘﻪ ﺴﻴﻜﻭﻥ ﻜﺫﻟﻙ:
-ﺇﻥ ﻜﻨﺕ ﺘﻜﺭﻫﻴﻥ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ,ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺘﺸﻐل ﻜل ﺭﻭﺍﻴﺎﺘﻙ؟ ﺍﺸﺭﺤﻲ ﻟﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻠﻐﺯ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﺃﻓﻬﻤﻪ!
ﻋﺎﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﻤﺭﺍﻭﻏﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﺨﺭﺓ ﻭﺭﺩﺕ:
-ﺜﻤﺔ ﻤﻘﻭﻟﺔ ﺠﻤﻴﻠﺔ ﻟﺒﺭﻭﺴﺕ ":ﺃﻥ ﺘﺸﺭﺡ ﺘﻔﺎﺼﻴل ﺭﻭﺍﻴﺔ ﻜﺄﻥ ﺘﻨﺴﻰ ﺍﻟﺴﻌﺭ ﻋﻠﻰ ﻫﺩﻴﺔ" .ﻤﺜﻠﻪ
ﻻ ﺃﻤﻠﻙ ﺸﺭﻭﺤﺎﹰ ﻷﻱ ﺸﻲﺀ ﻜﺘﺒﺘﻪ.
ﻋﻠﱠﻘﺕ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ:
-ﻁﺒﻌﺎﹰ ..ﺃﻓﻬﻡ ﺘﻤﺎﻤﺎﹰ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻨﻲ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻤﻠﺘﺯﻤﺔ ﺒـ " ﺇﻴﺘﻴﻜﻴﺕ" ﺍﻟﻬﺩﻴﺔ!
ﺜﻡ ﻭﺍﺼﻠﺕ -ﻭﺒﺎﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ,ﺴﺅﺍﻟﻲ ﻜﺎﻥ ﺒﺴﺒﺏ ﻟﻭﺤﺔ ﺯﻴﺎﻥ ﺍﺸﺘﺭﻴﺘﻬﺎ ﺘﻤﺜل ﺠﺴﺭﺍﹰ ،ﻭﻜﻨﺕ ﺃﻨﻭﻱ
ﺃﻥ ﺃﻫﺩﻴﻙ ﺇﻴﺎﻫﺎ.
ﻗﺎﻁﻌﺘﻨﻲ:
-ﺃﺭﺠﻭﻙ ﻻ ﺘﻔﻌل .ﻗﺩ ﻻ ﺃﻋﻠﻘﻬﺎ ﺃﺒﺩﺍﹰ ﻓﻲ ﺒﻴﺘﻲ.
ﺃﺠﺒﺘﻬﺎ ﻭﻗﺩ ﻭﺠﺩﺘﻨﻲ ﺃﺘﺤﺩﺙ ﻤﺜل ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ:
-ﻜﻨﺕ ﺴﺄﻫﺩﻴﻙ ﺇﻴﺎﻫﺎ ﻟﺘﻌﻠﱢﻘﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺒﻙ ..ﻻ ﻋﻠﻰ ﺠﺩﺭﺍﻥ ﺒﻴﺘﻙ.
ﻗﺎﻟﺕ:
-ﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﻓﻲ ﺤﻭﺍﺌﻁ ﻗﻠﺒﻲ ﻤﻜﺎﻥ ﻷﻋﻠﱢﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﺸﻴﺌﺎﹰ.
ﻜﺎﻨﺕ ﻤﺤﺎﻭﻟﺘﻲ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﻻﺴﺘﺩﺭﺍﺠﻬﺎ ﻟﻠﺤﺩﻴﺙ ﻋﻨﻪ .ﺍﻨﺘﺎﺒﺘﻨﻲ ﺒﻌﺩﻫﺎ ﺤﺎﻟﺔ ﻜﺂﺒﺔ.
ﺃﻜﻨﺕ ﺤﻘﺎﹰ ﺃﺤﺒﻬﺎ؟ ﺃﻡ ﺃﺤﺏ ﻭﺠﻌﻲ ﻓﻲ ﺤﻀﺭﺘﻬﺎ؟ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻻ ﺃﺭﻴﺩﻫﺎ ﻭﻻ ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺃﺸﻔﻰ ﻤﻨﻬﺎ ،ﻜﺎﻥ
ﻓﻲ ﻁﻔﺭﺓ ﺃﻟﻤﻲ ﺒﻬﺎ ﺸﻲﺀ ﻤﻁﻬﺭ ﻴﺭﻓﻌﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﻗﺎﻤﺔ ﺍﻷﻨﺒﻴﺎﺀ.
ﻗﺎﻟﺕ ﻭﻗﺩ ﻻﺤﻅﺕ ﺤﺯﻨﻲ:
-ﻻ ﺘﺤﺯﻥ ﻫﻜﺫﺍ ..ﻴﻜﻔﻴﻨﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﺴﺘﺎﻥ ﻫﺩﻴﺔ ﻤﻨﻙ .ﺍﺤﺘﻔﻅ ﺃﻨﺕ ﺒﺎﻟﻠﻭﺤﺔ ﻤﺎ ﺩﺍﻤﺕ ﺘﻌﺠﺒﻙ.
ﺍﻋﺫﺭﻨﻲ ,ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺃﺘﺸﺎﺀﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ.
ﺃﺸﻌﻠﺕ ﺴﻴﺠﺎﺭﺓ ﻭﻗﻠﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺘﺄﻤﻠﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺘﻘﻁﻊ ﺸﺭﻴﺤﺔ ﺍﻟﻠﺤﻤﺔ:
-ﺃﻤﺎ ﺯﻟﺕ ﺘﺒﺤﺜﻴﻥ ﻋﻥ ﺁﺒﺎﺀ ﻟﺭﻭﺍﻴﺎﺘﻙ؟
ﺭﺩﺕ ﻀﺎﺤﻜﺔ:
-ﻤﺎ ﺯﻟﺕ..
-ﺭﻭﺍﻴﺘﻙ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺴﺄﻜﻭﻥ ﺃﺒﺎﻫﺎ ..ﻭﺃﻤﻬﺎ ..ﻭﺠﺩ ﺃﻤﻬﺎ ..ﻭﺴﺘﻜﺘﺒﻴﻨﻬﺎ " ﺒﻼ ﺃﻤﻙ!"
ﻜﺎﻥ ﻟﻨﺎ ﻗﺎﻤﻭﺱ ﻤﻥ ﺍﻟﻐﺯل ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﻻ ﻏﻨﻰ ﻟﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺴﺒﺎﺕ .ﻀﺤﻜﺕ ﻭﻫﻲ ﺘﺴﺘﻌﻴﺩ
ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺸﺭﺍﺴﺘﻨﺎ ﺍﻟﻌﺸﻘﻴﺔ ﻭﻗﺎﻟﺕ ﻭﻫﻲ ﺘﻘﹼﺒﻠﻨﻲ:
-ﻨﺸﺘﻴﻙ ﻴﻠﻌﻥ ﺒﻭﺯﻴﻨﻙ ..ﻭﻴﻠﻌﻥ ﺒﻭ ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ﻤﺘﺎﻋﻙ..
ﻜﻨﺕ ﺃﻓﻜﺭ ﻟﺤﻅﺘﻬﺎ ﺃﻥ ﺒﻌﺩ ﻜل ﻤﺘﻌﺔ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﺏ ﻴﺤﺼﻲ ﻋﺩﺩ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻟﻡ ﺃﺴﺘﻭﻟﺩﻫﺎ ﺇﻴﺎﻫﻡ.
ﻭﻟﻜﻥ ﺒﻌﺩ ﻜل ﺤﺭﻤﺎﻥ ﺠﺴﺩﻱ ﻜﺎﻥ ﺍﻷﺩﺏ ﻴﻔﺭﻙ ﻜﻔﹼﻴﻪ ﻤﺴﺘﺒﺸﺭﺍﹰ ﺒﻌﻤل ﺭﻭﺍﺌﻲ .ﻭﻻ ﺒﺩ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ
ﺍﻟﻤﻘﺼﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻨﻜﺘﺎﺏ ،ﺃﻥ ﺘﻨﺠﺏ ﺒﺤﺭﻤﺎﻨﻬﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻤﻨﻲ ﻨﺼﻬﺎ ﺍﻷﺠﻤل .ﻗﺭﺭﺕ ﺃﻻ
ﻴﺨﺭﺝ ﻗﻠﻤﻬﺎ ﺴﺎﻟﻤﺎﹰ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺕ ،ﺒﻴﺘﻪ.
ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻭﻀﻌﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺎﻭﻟﺔ ﺴﻠﺔ ﺍﻟﻔﻭﺍﻜﻪ ﻭﺼﺤﻥ ﺍﻟﻔﺭﺍﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﻨﺕ ﺃﺤﻀﺭﺘﻬﺎ
ﻟﻌﻠﻤﻲ ﺒﺤﺒﻬﺎ ﻟﻬﺎ ،ﻗﻠﺕ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ:
-ﺍﺤﺫﺭﻱ ﺍﻟﻔﺭﺍﻭﻟﺔ ..ﺒﺭﻏﻡ ﻜﻭﻨﻬﺎ ﻋﺯﻻﺀ ﻓﻘﺩ ﺘﺸﻌل ﺤﺭﺒﺎﹰ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ .ﻗﺭﺃﺕ ﺃﻥ ﺇﺤﺩﻯ ﺍﻟﺭﺴﺎﺌل
ﺍﻟﻤﺸﻔﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻭﺠﻬﻬﺎ ﺇﺫﺍﻋﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﻴﺸﺭﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺩﻴﻐﻭل ﻓﻲ ﻟﻨﺩﻥ
ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺍﻻﺤﺘﻼل ﺍﻷﻟﻤﺎﻨﻲ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺤﻤل ﻤﺴﺎﺀ ٥ﺤﺯﻴﺭﺍﻥ ١٩٤٤ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺭﺴﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﺸﻔﺭﺓ ":ﺃﺭﺴﻴﻥ
ﻴﺤﺏ ﺍﻟﻤﺭﺒﻰ ﺒﺎﻟﻔﺭﺍﻭﻟﺔ" ﻭﻜﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﺇﻋﻼﻨﺎﹰ ﺒﺈﻨﺯﺍل ﺍﻟﺤﻠﻔﺎﺀ ﺠﻴﻭﺸﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻭﺍﻁﺊ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ!
ﻗﺎﻟﺕ ﻤﺘﻌﺠﺒﺔ:
-ﺤﻘﺎﹰ..؟
ﻗﻠﺕ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ:
-ﻻ ﺘﺨﺎﻓﻲ ..ﺨﻁﻭﺭﺘﻬﺎ ﻟﻴﺴﺕ ﻓﻲ ﻗﻭﺘﻬﺎ ..ﺇﻨﻤﺎ ﻓﻲ ﺤﻤﺭﺓ ﻏﻭﺍﻴﺘﻬﺎ .ﻭﺭﺒﻤﺎ ﻟﻬﺫﺍ ﻴﺼﻌﺏ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻨﺎﻅﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻤﻘﺎﻭﻤﺘﻬﺎ .ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺭ ﺒﻘﻴﺔ ﺍﻟﻔﻭﺍﻜﻪ ﻫﻲ ﻏﻴﺭ ﻤﻜﺘﺭﺜﺔ ﺒﺄﻥ ﺘﺤﻤﻲ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺒﻘﺸﺭﺓ ،ﺃﻭ
ﺘﻠﺘﺤﻑ ﺒﻐﻼﻑ .ﺇﻨﻬﺎ ﻓﺎﻜﻬﺔ ﺴﺎﻓﺭﺓ ﻭﻟﺫﺍ ﻫﻲ ﺴﺭﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﻁﺏ.
ﻜﺎﻨﺕ ﻋﻴﻨﺎﻫﺎ ﺘﺘﺒﻌﺎﻥ ﻴﺩﻱ ﻭﻫﻲ ﺘﻤﺭﻍ ﺤﺒﺔ ﺍﻟﻔﺭﺍﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺼﺤﻥ ﺍﻟﺴﻜﺭ.
ﻗﻠﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻟﻘﻤﻬﺎ ﺇﻴﺎﻫﺎ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﺒﻁﺀ ﺍﻟﻤﺘﻌﻤﺩ:
-ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻤﻥ ﺃﻟﺼﻕ ﻟﻠﺘﻔﺎﺡ ﺸﺒﻬﺔ ﺍﻟﺨﻁﻴﺌﺔ .ﺍﻟﺨﻁﻴﺌﺔ ﻻ ﺘﻘﻀﻡ ،ﺒل ﺘﻠﻘﻡ ,ﻭﺍﻟﻤﺘﻌﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﺴﻭﻯ
ﻓﻲ ﻜﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﺭﺒﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﻥ.
ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ،ﻜﻨﺕ ﺘﻭﻗﻔﺕ ﻋﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻜﻲ ﺃﻋﻠﻤﻬﺎ ﻓﻀﺎﺌل ﺍﻟﺼﻤﺕ ﻓﻲ ﺤﻀﺭﺓ ﺍﻟﻔﺭﺍﻭﻟﺔ.
ﺘﺭﻜﺕ ﻟﺜﻐﺭﻫﺎ ﺃﻤﺭ ﻤﻭﺍﺼﻠﺔ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻓﻲ ﻤﺘﻌﺔ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺩﻭﻡ ،ﺤﺘﻰ ﻻ ﻨﺠﺩ ﺃﻨﻔﺴﻨﺎ ﻴﻭﻤﺎﹰ
ﻤﺜل ﺯﻭﺭﺒﺎ ﻨﺘﻘﻴﺄﻫﺎ ﻟﻨﺸﻔﻰ ﻤﻨﻬﺎ .ﻓﺎﻹﻓﺭﺍﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻠﺫﺍﺕ ..ﺘﺭﺍﺠﻴﺩﻴﺎ ﺇﻏﺭﻴﻘﻴﺔ.
ﺘﺭﺍﻫﺎ ﺃﺩﺭﻜﺕ ﺃﻨﻨﻲ ﻜﻨﺕ ﺃﻋﺩﻫﺎ ﻟﻤﺘﻌﺔ ﻤﻊ ﻭﻗﻑ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺫ ،ﻭﺃﻨﻨﻲ ﺃﻟﻘﻤﻬﺎ ﻓﺎﻜﻬﺔ ﺍﻟﻔﺭﺍﻕ!
ﻟﻡ ﺃﺘﻭﻗﻊ ﺃﻥ ﻴﺠﺭﺅ ﺍﻟﺤﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﺤﻴﺙ ﻗﺎﺩﻨﺎ ،ﻭﻟﻜﻥ ،ﺃﻜﺎﻥ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺤﺩﺙ ﺸﻴﺌﺎﹰ
ﺒﻴﻨﻨﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺍﻟﻤﺯﺩﺤﻡ ﺒﺄﺸﺒﺎﺡ ﻋﺸﺎﻕ ،ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻟﻬﻡ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﻜﺎﻓﻲ ﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺸﺭﺍﺸﻔﻬﻡ
ﻭﺠﻤﻊ ﺃﺸﻴﺎﺌﻬﻡ.
ﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻫﻲ ﻭﻻ ﻜﻨﺕ ﺃﻨﺎ .ﺘﺤﺩﺜﻨﺎ ﻟﻐﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﻟﻐﺘﻨﺎ .ﻗﻠﻨﺎ ﻜﻼﻤﺎﹰ ﻏﺒﻴﺎﹰ ﻟﻔﺭﻁ ﺘﺫﺍﻜﻴﻨﺎ .ﻜﻨﺎ ﻨﺘﻜﻠﻡ ﺜﻡ
ﻨﺼﻤﺕ ﻓﺠﺄﺓ ،ﻜﻲ ﻻ ﻨﻘﻭل ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻨﺼﻑ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻤﺤﺘﻔﻅﻴﻥ ﻷﻟﻤﻨﺎ ﺒﻨﺼﻔﻬﺎ ﺍﻵﺨﺭ.
ﻁﻭﺍل ﺍﻟﺴﻬﺭﺓ ،ﻜﻨﺎ ﻨﻌﺎﻨﺩ ﺘﻌﺏ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ،ﻨﻐﺎﻟﺏ ﻨﻌﺎﺱ ﺍﻷﺠﻭﺒﺔ .ﺃﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺤﻕ ﻟﺼﺒﺭﻨﺎ ﻤﻥ
ﺴﺭﻴﺭ ﺘﺘﻤﺩﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺭﻏﺒﺎﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﺅﺠﻠﺔ؟
ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻜﺎﻨﺕ ﺭﺍﺌﺤﺘﻬﺎ ,ﻗﻤﻴﺹ ﻨﻭﻤﻬﺎ ﻀﻤﻥ ﻟﻭﺍﺯﻡ ﻨﻭﻤﻙ .ﻭﺃﻨﺕ ﺍﻵﻥ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﻨﻭﻡ ﻤﻌﻬﺎ ،ﻭﻻ
ﺃﻨﺕ ﺘﺩﺭﻱ ﻤﺎﺫﺍ ﺴﺘﻔﻌل ﺒﻌﺩﻫﺎ.
ﻭﻜﻨﺕ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺒﻌﻴﺩ ﻟﺤﺒﻜﻤﺎ ،ﺘﺴﺘﺒﻘﻴﻬﺎ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻟﻔﺭﺍﻕ ﻗﺎﺌﻼﹰ " ﻻ ﺘﻐﺎﺩﺭﻱ ..ﻜل ﺃﻋﻀﺎﺌﻲ ﺘﺸﻌﺭ
ﺒﺎﻟﻴﺘﻡ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻐﻴﺒﻲ" ﻭﻫﺎ ﺃﻨﺕ ﻴﺘﻴﻡ ﻓﻲ ﺤﻀﺭﺘﻬﺎ .ﻴﺒﻜﻴﻬﺎ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻓﻴﻙ ﻭﻻ ﺘﺭﻯ.
ﻭﻜﻨﺕ ﺘﻘﻭل ﻟﻬﺎ ،ﻭﺃﻨﺕ ﺘﻐﺩﻕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﺫﺓ ﺍﻟﺸﺎﻫﻘﺔ " ﺴﺄﻓﺴﺩﻙ ﺇﻤﺘﺎﻋﺎﹰ ﺤﺘﻰ ﻻ ﺘﺼﻠﺤﻲ
ﻟﺭﺠل ﻏﻴﺭﻱ" ﻭﻜﻨﺕ ﺘﻅﻥ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﻓﺘﺭﻗﺘﻤﺎ ﺃﻨﻙ ﻤﺎ ﻋﺩﺕ ﺘﺼﻠﺢ ﻻﻤﺭﺃﺓ ﺒﻌﺩﻫﺎ .ﻭﻫﺎ ﺃﻨﺕ ﺘﻜﺘﺸﻑ
ﺃﻨﻙ ﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﺘﺼﻠﺢ ﺤﺘﻰ ﻟﻬﺎ .ﻓﻬل ﺍﺴﺘﺩﺭﺠﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎ ﻻﺴﺘﺨﺭﺍﺝ ﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﺴﺭﻴﺭﻱ ﻟﺤﺏ
ﻜﺎﻥ ﺤﻴﺎﹰ ﺒﻐﻴﺎﺒﻜﻤﺎ؟
ﺘﻤﺩﺩﺕ ﺠﻭﺍﺭﻱ ﻓﻲ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ ،ﺃﻨﺜﻰ ﻤﻨﺯﻭﻋﺔ ﺍﻟﻔﺘﻴل .ﻀﻤﻤﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺼﺩﺭﻱ ﻁﻔﻠﺔ ﻭﺩﻴﻌﺔ ،ﺘﻠﻭﺫ
ﺒﻲ ،ﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺴﺄﻟﻨﻲ ﻓﻴﻪ ﻓﺯﻋﺔ " ﻫل ﺴﺘﻌﻴﺵ ﻤﻌﻲ؟" ،ﻓﺄﻁﻤﺌﻨﻬﺎ ﻭﺭﺃﺴﻲ
ﻴﺘﻤﻠﻤل ﺒﺤﺜﺎﹰ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻷﺩﻓﺄ ﻓﻲ ﺼﺩﺭﻫﺎ " ﺴﺄﻋﺸﺵ ﻓﻴﻙ" ،ﻓﺘﻠﺢ ﺒﺫﻋﺭ ﺍﻟﻌﺸﺎﻕ " ﺤﻘﺎﹰ ﻟﻥ
ﻨﻔﺘﺭﻕ؟" ﻓﺄﺠﻴﺏ ﺒﺴﺫﺍﺠﺘﻬﻡ " ﺤﺘﻤﺎﹰ ﻟﻥ ﻨﻨﺸﻁﺭ".
ﺍﻨﺘﺎﺒﻨﻲ ﺨﻭﻑ ﻤﻔﺎﺠﺊ ﺒﻔﻘﺩﺍﻨﻬﺎ ،ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻜﺭﺭ ﺼﻤﺘﺎﹰ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﺒﺤﺜﺎﹰ ﻋﻥ ﻤﻜﺎﻥ ﻟﺭﺃﺴﻲ ﻓﻲ
ﺼﺩﺭﻫﺎ .ﻭﻴﺼﻁﺩﻡ ﻭﺠﻬﻲ ﺒﻤﻭﺴﻠﻴﻥ ﺜﻭﺒﻬﺎ ﺍﻷﺴﻭﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﺘﺨﻠﻌﻪ .ﺸﻌﺭﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺴﻴﺴﺭﻕ
ﺃﺤﺩﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻵﺨﺭ ﻭﺃﻨﻨﺎ ﻗﺩ ﻻ ﻨﻠﺘﻘﻲ ﺃﺒﺩﺍﹰ.
ﻋﺎﻭﺩﻨﻲ ﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻨﺎﺼﺭ .ﻤﺎﺫﺍ ﻟﻭ ﺩﺒﺭ ﻟﻬﺎ ﺯﻭﺠﻬﺎ ﻤﻴﺘﺔ " ﻨﻅﻴﻔﺔ" ،ﺃﻭ ﻤﺎﺫﺍ ﻟﻭ ﺍﻏﺘﺎﻟﻬﺎ ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻭﻥ
ﻤﺜﻼﹰ.
ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻫﺎﺠﺴﻲ ﺍﺤﺘﻤﺎل ﻤﻭﺘﻲ ﺃﻨﺎ ،ﺇﻨﻤﺎ ﻗﺼﺎﺹ ﺍﻟﻌﻴﺵ ﺒﻌﺩﻫﺎ.
ﻜﺎﻨﺕ ﻓﻜﺭﺓ ﻤﻭﺘﻬﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ,ﺍﻤﺘﺤﺎﻨﺎﹰ ﻓﺎﻀﺤﺎﹰ ﻟﻌﺸﻘﻲ ﺇﻴﺎﻫﺎ .ﻓﺄﻨﺕ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺩﺭﻙ ﻤﺩﻯ ﺤﺒﻙ
ﻟﺸﺨﺹ ،ﺇﻥ ﻟﻡ ﺘﺘﻤﺜل ﻤﺤﻨﺔ ﺍﻟﻐﻴﺎﺏ ،ﻭﺘﺘﺄﻤل ﺭﺩﻭﺩ ﻓﻌﻠﻙ ،ﻭﺃﺤﺎﺴﻴﺴﻙ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺃﻤﺎﻡ ﺠﺜﻤﺎﻨﻪ.
ﻴﻭﻡ ﺭﺤﺕ ﺃﺨﺘﺒﺭ ﻭﻗﻊ ﻤﻭﺘﻬﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻋﻠﻲ ،ﻜﺩﺕ ﺃﻤﻭﺕ ﺤﻘﺎﹰ .ﺘﺴﺎﺭﻋﺕ ﻨﺒﻀﺎﺕ ﻗﻠﺒﻲ،
ﻭﻓﺎﺠﺄﺘﻨﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﺨﺘﻨﺎﻕ ﻭﻀﻴﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻔﺱ ﻅﻨﻨﺘﻬﺎ ﺴﺘﻭﺩﻱ ﺒﻲ .ﻁﻠﺒﺕ ﺭﻗﻤﻬﺎ ،ﺜﻡ ﻗﻁﻌﺕ ﺍﻟﺨﻁ
ﻷﺘﺄﻜﺩ ﻤﻥ ﺃﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .ﻜﻨﺎ ﻓﻲ ﻗﻁﻴﻌﺔ ﻁﻭﻴﻠﺔ ،ﻏﻴﺭ ﺃﻨﻲ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﺴﺘﻌﺩﺕ ﺃﻨﻔﺎﺴﻲ ﺤﻘﺩﺕ
ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻜﺎﻥ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻠﻤﻭﺕ ﺃﻥ ﻴﺨﺘﻠﺴﻨﻲ ﻓﻲ ﻏﻔﻠﺔ ﻤﻨﻬﺎ ﻭﺘﻭﺍﺼل ﺒﻌﺩﻱ ﺘﺒﺫﻴﺭ ﻜﻠﻤﺎﺕ ﻀﻨﹼﺕ ﺒﻬﺎ
ﻋﻠﻲ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻲ ..ﻟﺘﺸﻴﺩ ﺒﻬﺎ ﺼﺭﺡ ﻀﺭﻴﺤﻲ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻴﺔ.
ﻜﻨﹼﺎ ﻤﺘﻤﺩﺩﻴﻥ ﺒﺜﻴﺎﺒﻨﺎ ﻓﻲ ﻏﺭﻓﺔ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ،ﺘﺤﻴﻁ ﺒﻨﺎ ﺼﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﻤﺭﺴﻭﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ.
ﺴﺄﻟﺘﻨﻲ ﺒﻨﺒﺭﺓ ﻤﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﻭﻫﻲ ﺘﻠﺘﺼﻕ ﺒﻲ:
-ﺃﻤﺎ ﻋﺩﺕ ﺘﺤﺒﻨﻲ ..ﺃﻡ ﺃﻨﺕ ﺘﻔﻜﺭ ﺒﻬﺎ؟
ﻟﻡ ﺃﺠﺏ.
ﻓﻲ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﻻ ﺘﺼل ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺤﻴﺔ ،ﻭﺤﺩﻫﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻨﻘﻭﻟﻬﺎ ﺘﻨﺠﻭ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻁﺎﺌﺵ ﻟﻠﺒﻭﺡ.
ﻀﻤﻤﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺼﺩﺭﻱ .ﻭﻗﻠﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻗﺒﻠﻬﺎ:
-ﻨﺎﻤﻲ ﺤﺒﻴﺒﺘﻲ ..ﺘﺼﺒﺤﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻜﺘﺎﺏ!
***
ﺍﺴﺘﻴﻘﻅﻨﺎ ﺼﺒﺎﺤﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﻓﺎﺠﻌﺔ ﺍﻟﻀﻭﺀ.
ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﺘﺤﻤﻴﺽ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ :ﺍﻟﻀﻭﺀ ﺃﻭل ﻓﺎﺠﻌﺔ.
ﻗﺎﻟﺕ ﻤﺫﻋﻭﺭﺓ:
-ﻜﻡ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ؟
ﻗﻠﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻤﺎﺯﺤﻬﺎ:
-ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ..ﺒﺄﻤﺭ ﻤﻨﻙ ﻗﺭﺭﺕ ﺃﻻ ﺃﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ!
ﻨﻅﺭﺕ ﺇﻟﻰ ﺴﺎﻋﺔ ﻗﺭﺏ ﻁﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﻨﻭﻡ ﻭﺼﺎﺤﺕ:
-ﻴﺎ ﺇﻟﻬﻲ ! ﺇﻨﻬﺎ ﺍﻟﺜﺎﻤﻨﺔ ﻭﺍﻟﺭﺒﻊ.
ﻨﻬﻀﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ ﺘﺼﻠﺢ ﻤﻥ ﻫﻴﺌﺘﻬﺎ.
ﻫﻜﺫﺍ ﻓﺠﺄﺓ ﻨﻔﺫ ﺍﻟﻭﻗﺕ.
ﻴﻭﻡ ﻤﺎﻜﺭ ﻴﺘﺭﺒﺹ ﺒﺴﻌﺎﺩﺓ ﺘﺘﺜﺎﺀﺏ ﻟﻡ ﺘﻐﺴل ﻭﺠﻬﻬﺎ ﺒﻌﺩ .ﺴﺭﻴﺭ ﻏﻴﺭ ﻤﺭﺘﺏ ﻟﻠﻴﻠﺔ ﺤﺏ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ.
ﻋﺒﻭﺭ ﺨﺎﻁﻑ ﻟﺭﺍﺌﺤﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺨﺩﻉ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺃﺨﺭﻯ.
ﻗﺎﻟﺕ ﻭﻫﻲ ﺘﻌﻴﺩ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻔﺴﺘﺎﻥ ﺍﻷﺴﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﻜﻴﺴﻪ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺍﺭﺘﺩﺕ ﺜﻴﺎﺒﻬﺎ:
-ﺃﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻙ ﺃﻥ ﺘﻁﻠﺏ ﻟﻲ ﺘﺎﻜﺴﻲ؟
-ﺍﺒﻘﻲ ﻟﺘﻨﺎﻭل ﻗﻬﻭﺓ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻤﻌﻲ ..ﺜﻡ ﺍﻤﻀﻲ.
-ﻻ ﺃﺴﺘﻁﻴﻊ ..ﺃﻓﻀل ﺃﻥ ﺃﻋﻭﺩ ﺍﻵﻥ ﻫﺫﺍ ﺃﺃﻤﻥ.
ﺃﺤﺯﻨﻨﻲ ﺫﻟﻙ ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ .ﻓﻜﻡ ﺍﻨﺘﻅﺭﺕ ﺼﺒﺎﺤﺎﹰ ﺃﺒﺩﺃﻩ ﻤﻌﻬﺎ.
ﻗﻠﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺭﺍﻓﻘﻬﺎ ﻻﻨﺘﻅﺎﺭ ﺍﻟﺘﺎﻜﺴﻲ:
-ﻤﺎ ﺠﺩﻭﻯ ﻜل ﺍﺨﺘﺭﺍﻋﺎﺕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺇﻥ ﻟﻡ ﻴﺨﺘﺭﻉ ﺁﻟﺔ ﻹﻴﻘﺎﻑ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺒﻌﺩ ..ﻜﻡ ﺘﻤﻨﻴﺕ ﺃﻥ ﻨﺘﻨﺎﻭل
ﻓﻁﻭﺭ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﻤﻌﺎﹰ.
ﻋﻠﱠﻘﺕ ﺒﻨﺒﺭﺓ ﺘﺸﻲ ﺒﻤﺭﺍﺭﺓ ﺨﻴﺒﺘﻬﺎ:
-ﻭﻤﺎ ﺠﺩﻭﻯ ﺃﻥ ﻴﺨﺘﺭﻉ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺁﻟﺔ ﻹﻴﻘﺎﻑ ﺍﻟﺯﻤﻥ ،ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﺴﻴﻨﻔﻕ ﻤﺎ ﻜﺴﺏ ﻤﻥ ﻭﻗﺕ ﻟﻤﺠﺭﺩ
ﺘﻨﺎﻭل ﺍﻟﻔﻁﻭﺭ ﻭﺍﻟﻌﺸﺎﺀ!
ﺃﺤﺒﺒﺕ ﺫﻜﺎﺀ ﺘﻠﻤﻴﺤﻬﺎ ،ﺘﻠﻘﻴﺘﻪ ﺒﺎﺒﺘﺴﺎﻤﺔ ﺼﺎﻤﺘﺔ .ﻜﺎﻨﺕ ﻋﻠﻰ ﺤﻕ.
ﻜﻨﺕ ﻟﺤﻅﺘﻬﺎ ﺃﻀﻊ ﻴﺩﻱ ﻓﻲ ﺠﻴﺏ ﺴﺘﺭﺘﻲ ﻟﺸﺩﺓ ﺍﻟﺒﺭﺩ ﺍﻟﺼﺒﺎﺤﻲ ،ﺤﻴﻥ ﻋﺜﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﺤﺒﺎﺕ
ﺍﻟﺸﻭﻜﻭﻻﻁﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﻁﺎﻨﻲ ﺇﻴﺎﻫﺎ ﺯﻴﺎﻥ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺯﺭﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ.
ﺭﺍﻭﺩﺘﻨﻲ ﻓﻜﺭﺓ ﻤﺎﻜﺭﺓ ﺃﺴﻌﺩﺘﻨﻲ .ﻜﻨﺕ ﻤﺎ ﺃﺯﺍل ﺃﻓﻜﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﺜﻠﻰ ﻟﺘﻨﻔﻴﺫﻫﺎ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻟﻤﺤﺕ
ﺴﻴﺎﺭﺓ ﺍﻷﺠﺭﺓ ﻓﻲ ﺁﺨﺭ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺘﺘﺠﻪ ﻨﺤﻭﻨﺎ ،ﻓﻠﻡ ﻴﺒﻕ ﺃﻤﺎﻤﻲ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺃﻗﺒﻠﻬﺎ ﻤﻭﺩﻋﺎﹰ ،ﻭﺃﻤﺩ ﻟﻬﺎ
ﺒﺤﺒﺘﻴﻥ ﻤﻨﻬﺎ ﻗﺎﺌﻼﹰ:
ﺇﻨﻬﺎ ﺸﻭﻜﻭﻻﻁﺔ ﺃﻫﺩﺍﻨﻲ ﺇﻴﺎﻫﺎ ﺼﺩﻴﻕ ﺯﺭﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ،ﺘﻨﺎﻭﻟﻴﻬﺎ ﺤﺘﻰ ﻻ ﺘﺒﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﺨﻭﺍﺀ.
ﻅﻠﺕ ﻟﺒﺭﻫﺔ ﺘﺘﺄﻤل ﻗﻁﻌﺘﻲ ﺍﻟﺸﻭﻜﻭﻻﻁﺔ .ﺤﺘﻤﺎﹰ ﺘﻌﺭﻓﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﻤﺎﺭﻜﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻤﻴﺯﺓ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﻘل
ﺸﻴﺌﺎﹰ.
ﺭﻜﺒﺕ ﺍﻟﺘﺎﻜﺴﻲ ﻭﻫﻲ ﺘﺤﺕ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﻤﻔﺎﺠﺄﺓ ،ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﻔﻬﻡ ﻤﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻭﺼﻠﻨﻲ ﺤﺘﻰ ﻏﺭﻓﺔ ﺯﻴﺎﻥ
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ،ﻭﻤﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻭﺼل ﺇﻟﻰ ﺠﻴﺒﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺸﻭﻜﻭﻻﻁﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺤﻀﺭﺘﻬﺎ ﻟﻪ.
ﺸﻌﺭﺕ ،ﻭﺃﻨﺎ ﻋﺎﺌﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺕ ،ﺒﻔﺭﺤﺔ ﻤﻥ ﻓﺎﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﺠﻭﻟﺔ ﺸﻁﺭﻨﺞ ﺸﺎﻗﺔ.
ﻟﻜﻥ ﻓﺭﺤﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﺨل ﻤﻥ ﻤﺭﺍﺭﺓ ﻤﻭﺠﻌﺔ ﺘﺭﺍﻓﻕ ﻭﻋﻴﻨﺎ ﺒﻤﻭﺕ ﺸﻲﺀ ﺠﻤﻴل ﻓﻴﻨﺎ.
***
ﻭﺠﺩﺕ ﻓﻲ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﺫﻫﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺃﺤﺩ ﺍﻷﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﻌﺘﺭﻑ ﺒﺎﻟﻌﻁل ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﻷﺸﺘﺭﻱ
ﻟﻪ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻠﻭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ,ﻗﺒل ﺃﻥ ﺃﻋﻭﺩﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ،ﺃﻓﻀل ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺃﻓﻌل ﻓﻲ
ﻴﻭﻡ ﺃﺤﺩ ،ﺨﺎﺼﺔ ﺃﻥ ﺸﻌﻭﺭﻱ ﺒﺎﻟﺫﻨﺏ ﻜﺎﻥ ﻴﺘﺯﺍﻴﺩ ﺘﺠﺎﻫﻪ.
ﺃﻟﻬﺫﺍ ﺭﺤﺕ ﺃﺠﻭل ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﺒﺤﺜﺎﹰ ﻋﻥ ﻜل ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺤﻤل ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻓﻲ ﻜﻴﺱ؟
ﺍﺸﺘﺭﻴﺕ ﻋﻠﺒﺔ ﺼﻐﻴﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻤﺭ ،ﻭﺭﻏﻴﻔﺎﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺴﺭﺓ ﻟﻪ ,ﻭﺁﺨﺭ ﻟﻲ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻗﺎل ﻟﻲ ﺍﻟﺒﺎﺌﻊ ﺇﻥ
ﺴﻴﺩﺓ ﺘﻌﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺭﻏﻔﺔ ﻜل ﻴﻭﻡ ﻭﺇﻨﻬﺎ ﺘﻨﻔﺫ ﺒﺴﺭﻋﺔ.
ﻋﺠﺒﺕ ﻟﺫﻟﻙ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﻨﺕ ﺃﺠﻬﻠﻪ ﻋﻥ ﺠﺯﺍﺌﺭ ﺃﺨﺭﻯ ﻨﻘﻠﺕ ﺒﻜﺎﻤل ﻤﻨﺘﻭﺠﺎﺘﻬﺎ ﻭﻋﺎﺩﺍﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ
ﺤﻲ ﺍﺤﺘﻠﺘﻪ ﺍﻟﻭﺠﻭﻩ ﺍﻟﺴﻤﺭ .ﻭﺘﺫﻜﺭﺕ ﻗﻭﻻﹰ ﺴﺎﺨﺭﺍﹰ ﻟﻤﺭﺍﺩ " ﻋﺩﺍ ﺃﻤﻙ ﻭﺃﺒﻴﻙ ..ﺘﺠﺩ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻠﺩ
ﻜل ﺸﻲﺀ".
ﺘﻭﻗﻔﺕ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﻤﻁﻌﻡ ﺸﻌﺒﻲ ﻴﺩﻋﻲ ﺘﻘﺩﻴﻡ " ﻜﺴﻜﻲ ﻤﻠﻜﻲ" .ﺃﻗﻨﻌﺕ ﻨﻔﺴﻲ ﻟﺠﻭﻋﻲ ﺃﻨﻪ ﻜﺫﻟﻙ.
ﻜﻨﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﻫﺩﺭ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺤﺘﻰ ﺘﺤﻴﻥ ﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﺯﻴﺎﺭﺍﺕ.
ﻭﺼﻠﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ،ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺤﺭﻜﺔ ﻏﻴﺭ ﻋﺎﺩﻴﺔ ،ﺒﺴﺒﺏ
ﺍﻟﺯﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺯﺍﻴﺩ ﺃﻴﺎﻡ ﺍﻟﻌﻁل.
ﺴﻌﺩﺕ ﻟﻤﺠﻴﺌﻲ ﺤﺘﻰ ﻻ ﻴﺸﻌﺭ ﺯﻴﺎﻥ ﺒﻭﺤﺸﺔ ﺃﻜﺒﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ .ﺴﻌﺩﺕ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﻟـ" ﺤﻤﻭﻟﺘﻲ
ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ" ،ﻜﺎﻨﺕ ﻫﺫﻩ ﺃﻭل ﻤﺭﺓ ﺃﺤﻀﺭ ﻟﻪ ﺃﻜﻼﹰ ﺒﺩل ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺯﻴﺩﻩ ﺇﻻ ﻫﻤﺎ.
ﻁﺭﻗﺕ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺒﻔﺭﺤﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﻏﺘﺔ ،ﺜﻡ ﻓﺘﺤﺘﻪ ﻜﻌﺎﺩﺘﻲ ﻤﺘﻘﺩﻤﺎﹰ ﺨﻁﻭﺓ ﻨﺤﻭ ﺍﻷﻤﺎﻡ ،ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻓﻭﺠﺌﺕ
ﺒﻌﺠﻭﺯ ﻤﺸﺩﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻨﺒﻭﺏ ﺍﻟﺩﻭﺍﺀ ﺘﺸﻐل ﻤﻜﺎﻨﻪ ﻓﻲ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ .ﻫﺯﻴﻠﺔ ،ﺸﺎﺤﺒﺔ ﺍﻟﻠﻭﻥ ،ﻟﻬﺎ
ﻨﻅﺭﺍﺕ ﻓﺎﺭﻏﺔ ،ﺤلﱠ ﻤﻜﺎﻨﻬﺎ ﺤﻴﻥ ﺭﺃﺘﻨﻲ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻴﺴﺘﺠﺩ ﺒﻲ ،ﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﺒﺸﻲﺀ ﻤﺎ ﻟﻡ ﺘﻔﺼﺢ ﻋﻨﻪ ﻭﻻ
ﺃﻨﺎ ﺃﺩﺭﻜﺘﻪ.
ﺒﻘﻴﺕ ﺒﺭﻫﺔ ﻤﺫﻫﻭﻻﹰ ﺃﻨﻅﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﻗﺒل ﺃﻥ ﺃﻋﺘﺫﺭ ﻭﺃﻏﺎﺩﺭ ﺍﻟﻐﺭﻓﺔ ﻤﺴﺭﻋﺎﹰ.
ﻗﺼﺩﺕ ﻤﻜﺘﺏ ﺍﻟﻤﻤﺭﻀﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻁﺎﺒﻕ ،ﺃﺴﺄل ﻋﻥ ﻤﺭﻴﺽ ﺍﻟﻐﺭﻓﺔ ﺭﻗﻡ .١١ﻜﻨﺕ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺫﻟﻙ ﺃﻫﺩﺉ
ﻤﻥ ﺭﻭﻋﻲ ،ﻓﻘﺩ ﻴﻜﻭﻨﻭﻥ ﻗﺩ ﺍﺼﻁﺤﺒﻭﻩ ﻹﺠﺭﺍﺀ ﻓﺤﻭﺼﺎﺕ ﺃﻭ ﻟﻠﺘﺼﻭﻴﺭ ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﻲ ,ﺃﻭ ﺭﺒﻤﺎ
ﻏﻴﺭﻭﺍ ﻏﺭﻓﺘﻪ ﻟﻴﺱ ﺃﻜﺜﺭ ،ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻨﻲ ﺘﺫﻜﺭﺕ ﺃﻨﻪ ﻗﺎل ﻟﻲ ﻤﺭﺓ ﻤﻨﺫ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺃﺴﺒﻭﻋﻴﻥ " ﻗﺩ ﻻ
ﺘﺠﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻐﺭﻓﺔ ،ﻗﺩ ﺃﻨﻘل ﺇﻟﻰ ﺠﻨﺎﺡ ﺁﺨﺭ" ،ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﻌﻠﹼﻕ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ " ﺃﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﻋﺎﺒﺭ ﺴﺭﻴﺭ".
ﺘﻭﻗﻌﺕ ﺃﻥ ﺘﺩﻟﻨﻲ ﺍﻟﻤﻤﺭﻀﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻗﻡ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﻟﻐﺭﻓﺘﻪ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺴﺄﻟﺘﻨﻲ ﺇﻥ ﻜﻨﺕ ﻤﻥ ﺃﻗﺎﺭﺒﻪ .ﺃﺠﺒﺕ
" ﻨﻌﻡ" .ﻗﺎﻟﺕ:
-ﻟﻘﺩ ﺍﺘﺼﻠﻨﺎ ﺒﺎﻟﺭﻗﻡ ﺍﻟﻬﺎﺘﻔﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻓﻲ ﺤﻭﺯﺘﻨﺎ ﻟﻨﺨﺒﺭﻜﻡ ﺒﺘﺩﻫﻭﺭ ﻤﻔﺎﺠﺊ ﻟﺼﺤﺘﻪ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﺒﺎﺭﺤﺔ،
ﻭﺘﺭﻜﻨﺎ ﺭﺴﺎﻟﺔ ﺼﻭﺘﻴﺔ ﻨﻁﻠﺏ ﺤﻀﻭﺭ ﺃﻗﺎﺭﺒﻪ ،ﻭﻟﻡ ﻴﺘﺼل ﺒﻨﺎ ﺃﺤﺩ ﻭﻋﺎﻭﺩﻨﺎ ﺍﻻﺘﺼﺎل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻗﻡ
ﻨﻔﺴﻪ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺩﻭﻥ ﺠﺩﻭﻯ.
ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺫﻋﺭ ﻭﺍﻟﻌﺠﻠﺔ ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ:
-ﻤﺘﻰ ﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ؟
-ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺎﺸﺭﺓ ﻭﺍﻟﻨﺼﻑ ﺼﺒﺎﺤﺎﹰ.
ﻜﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﺨﺭﺠﺕ ﻓﻴﻪ ﻷﺸﺘﺭﻱ ﺤﺎﺠﻴﺎﺕ ﻟﻸﻜل ﻗﺒل ﺃﻥ ﺘﻐﻠﻕ ﺍﻟﻤﺤﻼﺕ ﺍﻟﻐﺫﺍﺌﻴﺔ ﻅﻬﺭ
ﺍﻷﺤﺩ.
ﻋﺎﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﺩﻓﺘﺭ ﻜﺒﻴﺭ ﻜﺎﻥ ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ:
-ﺍﻻﺘﺼﺎل ﺍﻷﻭل ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺒﺎﺭﺤﺔ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺘﺎﺴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺭﺒﻊ ﻤﺴﺎﺀ.
ﺍﺴﺘﻌﺠﻠﺘﻬﺎ:
-ﻭﻫل ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﺭﺍﻩ ﺍﻵﻥ؟
ﺭﺩﺕ ﺒﻨﺒﺭﺓ ﻤﻥ ﺘﺩﺭﺏ ﺃﻋﻭﺍﻤﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺍﺴﺎﺓ ﺍﻟﻐﺭﺒﺎﺀ:
-Je suis desolee monsieur..Il est decede.
ﺒﺩﺍ ﻟﻲ ﻜﺄﻨﻬﺎ ﻟﻔﻅﺕ ﺍﻟﺨﺒﺭ ﺒﺎﻟﻌﺭﺒﻴﺔ .ﻗﺎﻡ ﺍﻟﻘﻠﺏ ﺒﺘﺭﺠﻤﺘﻪ ﺍﻟﻔﻭﺭﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻔﺎﺠﻌﺔ ،ﻭﺍﺨﺘﺼﺭ ﻜل
ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﻭﻤﺎ ﺘﻼﻫﺎ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﻭﺍﺠﺏ ﺍﻟﻤﻭﺍﺴﺎﺓ ﻓﻲ ﻜﻠﻤﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ،ﻨﺯﻟﺕ ﻋﻠﻲ ﻜﺼﺎﻋﻘﺔ ﻤﻥ ﺜﻼﺜﺔ
ﺃﺤﺭﻑ.
ﻟﻡ ﺃﻓﻬﻡ ﻜﻴﻑ ﺃﻥ ﺜﻼﺜﺔ ﺃﺤﺭﻑ ﻤﺠﺘﻤﻌﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺘﺼﺒﺢ ﺒﺭﻏﻡ ﺍﻨﺴﻴﺎﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﻭﺴﻴﻘﻲ ﻤﺅﻟﻤﺔ
ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺩ .ﺤﺘﻰ ﻟﻜﺄﻥ ﺍﻟﺘﺎﺀ ﺍﻟﻤﻔﺘﻭﺤﺔ ﻓﻲ ﺁﺨﺭﻫﺎ ﻟﻴﺴﺕ ﺴﻭﻯ ﺘﺎﺒﻭﺕ.
ﻜﺎﻥ ﺍﺤﺘﻤﺎل ﻤﻭﺘﻪ ﻗﺎﺌﻤﺎﹰ ،ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻟﻡ ﺃﺘﻭﻗﻌﻪ ﺃﻥ ﻴﺄﺘﻲ ﺴﺭﻴﻌﺎﹰ ،ﻭﻻ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺘﻭﻗﻴﺕ .ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺎﺕ
ﻤﺠﺘﻤﻌﺔ ﺒﺎﺘﺕ ﺃﻜﺜﺭ ﺘﻌﺴﻔﻴﺔ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﺼﺎﺩﻓﺎﺕ .ﻟﻬﺎ ﺇﺼﺭﺍﺭ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻓﻲ ﻋﺒﺜﻴﺘﻪ.
ﻗﺎﻟﺕ ﺒﺘﺄﺜﺭ:
-ﺃﻤﺭ ﻤﺅﻟﻡ ﺃﻥ ﻴﻤﻭﺕ ﻗﺒل ﻤﻐﺎﺩﺭﺘﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺒﻴﻭﻤﻴﻥ .ﻜﺎﻥ ﻴﺒﺩﻭ ﺴﻌﻴﺩﺍﹰ ﺒﺨﺭﻭﺠﻪ .ﺃﻨﺎ ﻨﻔﺴﻲ
ﻓﺅﺠﺌﺕ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻗﻴل ﻟﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺇﻨﻪ ﻗﻀﻰ ﻟﻴﻠﺔ ﺃﻤﺱ ﻓﻲ ﻗﺴﻡ ﺍﻟﻌﻨﺎﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﺌﻘﺔ.
ﺴﺄﻟﺘﻨﻲ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻭﻫﻲ ﺘﺭﺍﻨﻲ ﺃﻗﻑ ﻟﺤﻅﺎﺕ ﻤﺫﻫﻭﻻﹰ ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﻗﻭل ﺸﻴﺌﺎﹰ ،ﺇﻥ ﻜﻨﺕ ﺃﺭﻴﺩ
ﺃﻥ ﺃﺭﺍﻩ .ﺃﺠﺒﺘﻬﺎ "ﻻ" .ﺃﻤﺩﺘﻨﻲ ﺒﻭﺭﻗﺔ ﻷﻭﻗﻌﻬﺎ ﺇﻥ ﻜﻨﺕ ﺃﻨﻭﻱ ﺍﺴﺘﻼﻡ ﺃﺸﻴﺎﺌﻪ .ﻟﻤﺤﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺯﺍﻨﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﻓﺘﺤﺘﻬﺎ ،ﻋﻠﺒﺔ ﺍﻟﺸﻭﻜﻭﻻﻁﺔ ﺍﻟﻔﺎﺨﺭﺓ ﻓﻭﻕ ﻜﻭﻤﺔ ﺜﻴﺎﺒﻪ .ﺃﺠﺒﺘﻬﺎ ﺇﻨﻨﻲ ﺃﻓﻀل ﺃﻥ ﺃﺘﺭﻙ ﺫﻟﻙ
ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻌﺩ.
ﺘﺭﻜﺘﻬﺎ ﻭﻏﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻤﺫﻫﻭﻻﹰ ،ﻤﺸﻠﻭل ﺍﻷﺤﺎﺴﻴﺱ ،ﻜﺄﻥ ﺩﻤﻭﻋﻲ ﺘﺠﻤﺩﺕ ﻓﻲ ﺒﺭﺍﺩ ﻴﺤﻭﻱ
ﺍﻵﻥ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ "ﻫﻭ".
ﺃﺨﺫﺕ ﺍﻟﻤﻴﺘﺭﻭ ﻤﺤﻤﻼﹰ ﺒﺎﻟﻜﻴﺱ ﺫﺍﻙ .ﺒﻜل ﻤﺎ ﺃﺤﻀﺭﺘﻪ ﻟﻪ،ﻭﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﻓﻲ ﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻴﻪ .ﺤﺎﻭﻟﺕ ﺃﻥ
ﺃﺘﺨﻠﺹ ﻤﻨﻪ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ،ﺒﺎﻟﺘﺼﺩﻕ ﺒﻪ ،ﻓﻲ ﺇﺤﺩﻯ ﺍﻟﻤﺤﻁﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﺩ ﻤﺸﺭﺩﻱ ﺍﻟﻤﻴﺘﺭﻭ ،ﻓﺎﺭﺘﺎﺏ
ﻓﻲ ﺃﻤﺭﻩ ،ﻭﻟﻡ ﻴﺒﺩ ﺤﻤﺎﺴﺔ ﻓﻲ ﺃﺨﺫﻩ ﻤﻨﻲ .ﻜﺎﻥ ﻴﻔﻀل ﻤﻜﺎﻨﻪ ،ﻗﻁﻌﺔ ﻨﻘﺩﻴﺔ ﻤﻥ ﻋﺸﺭﺓ ﻓﺭﻨﻜﺎﺕ،
ﻴﺸﺘﺭﻱ ﺒﻬﺎ ﻨﺒﻴﺫﺍﹰ ،ﻓﻭﺠﺩﺘﻨﻲ ﺃﻋﻁﻴﻪ ﺍﻟﻜﻴﺱ ﻭﻋﺸﺭﺓ ﻓﻭﻨﻜﺎﺕ ﻷﻗﻨﻌﻪ ﺒﺤﺴﻥ ﻨﻭﺍﻴﺎﻱ.
ﻫﻭ ﺴﻴﺩ ﺍﻟﺘﻬﻜﻡ ﻭﺍﻟﺼﻤﺕ ﺍﻟﻤﻠﺘﺒﺱ ،ﻤﺎ ﺘﺭﻙ ﻟﻲ ﻓﺭﺼﺔ ﻟﻜﺫﺒﺔ ﺃﺨﻴﺭﺓ ،ﻜﻨﺕ ﺃﻋﺩﺩﺘﻬﺎ ﻷﺒﺭﺭ
ﺍﻨﺸﻐﺎﻟﻲ ﻋﻨﻪ.
ﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺤﺘﻔﻅﺕ ﺒﻬﺎ ﺨﻭﻓﺎﹰ ﻋﻠﻴﻪ .ﻜﺎﻥ ﻴﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ،
ﻓﺄﻋﻔﺎﻨﻲ ﺒﻤﻭﺘﻪ ﻤﻥ ﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺫﺏ .
ﻗﺭﺭ ﺍﻟﻌﺒﻭﺭ ﺇﻟﻰ ﺴﺭﻴﺭﻩ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﺃﻨﺎ ﺃﺸﻐل ﺴﺭﻴﺭﻩ ﺍﻷﻭل.
ﺃﻫﺩﺍﻨﻲ ﺒﻴﺘﻪ ،ﻨﺴﺎﺀﻩ ,ﻭﺃﺸﻴﺎﺀﻩ ،ﻭﻤﺎ ﺘﺭﻙ ﻟﻲ ﻓﺭﺼﺔ ﻷﻫﺩﻴﻪ ﻭﻟﻭ ﺒﻌﺽ ﻗﻁﻊ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻻﺒﻴﺔ،
ﻭﺃﺤﻘﻕ ﺃﻤﻨﻴﺘﻪ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﺍﻟﺒﺴﻴﻁﺔ ،ﺒﺴﺎﻁﺔ ﻤﻥ ﺸﺒﻊ ﻏﺭﺒﺔ..ﻭﻤﺎ ﺒﻘﻲ ﻟﻪ ﺴﻭﻯ ﺠﻭﻉ ﺍﻟﻭﻁﻥ.
ﺃﺴﺘﻌﻴﺩﻩ ﻤﺘﻬﻜﻤﺎﹰ ،ﺘﻬﻜﻡ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻐﻴﺎﺏ ﺍﻟﺸﺎﺭﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﺒﻕ ﺍﻜﺘﻤﺎل ﺍﻟﻐﻴﺎﺏ .ﻜﻡ ﻤﻥ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﻜﻨﺕ
ﺴﺄﻗﻭﻟﻬﺎ ﻟﻪ ﺍﻟﻴﻭﻡ ,ﻟﻭ ﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﻤﻨﻬﻙ ﺍﻟﻘﻭل ،ﻤﺫ ﺃﺼﺒﺢ ﺒﻴﻨﻨﺎ ﻜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﺽ .ﻤﻨﺫ ﻤﺘﻰ ﻭﻫﻭ
ﺫﺍﻫﺏ ﺼﻭﺏ ﺍﻟﺼﻤﺕ ﺍﻷﺒﻴﺽ؟
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻭﺼﻠﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺕ ،ﺸﻌﺭﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺩﺨﻠﻪ ﺒﻬﻭل ﺍﻟﻔﺎﺠﻌﺔ .ﺒﺼﺩﻤﺔ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﻓﻌﻙ ﺘﺤﺕ
ﻋﺠﻼﺕ ﻗﻁﺎﺭ ﺭﻜﺒﺘﻪ ﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺤﻠﻡ.
ﺍﺭﺘﻤﻴﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﻴﻜﺔ ﺍﻟﺼﺎﻟﻭﻥ ﻤﻨﻬﻜﺎﹰ ﻜﺤﺼﺎﻥ ﺴﺒﺎﻕ.
ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺒﺩﺀﺍﹰ ﺃﻥ ﺃﺘﻭﻗﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﺭﻜﺽ ﻗﻠﻴﻼﹰ .ﺃﻥ ﺃﺠﻠﺱ ﻷﻓﻬﻡ ﻤﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻭﺼﻠﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺕ،
ﺃﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﻨﺕ ﺃﻟﻬﻭ ﺒﻤﻤﺎﺯﺤﺔ ﺍﻷﺩﺏ ،ﺃﻜﻨﺕ ﺃﻤﺎﺯﺡ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﺩﻭﻥ ﻋﻠﻤﻲ؟
ﺃﺩﺨﻠﻨﻲ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻟﻐﺭﺍﺒﺘﻪ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺫﻫﻭل ﻤﻥ ﺃﻤﺭﻱ .ﺭﺤﺕ ﺃﺘﺄﻤل ﻤﺸﻬﺩﺍﹰ ﻜﺄﻨﻨﻲ ﻟﺴﺕ ﺒﻁﻠﻪ..
ﻜﺄﻨﻨﻲ ﺸﺎﻫﺩﺘﻪ ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﻤﺎ.
ﻴﻭﻡ ﻗﺭﺃﺕ ﺴﻴﺭﺓ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ ،ﻭﺠﺩﺘﻨﻲ ﺃﺘﻤﺎﻫﻰ ﻤﻌﻪ ﻓﻲ ﺃﻤﻜﻨﺔ ﻜﺜﻴﺭﺓ ﻤﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻘﺼﺔ .ﺘﻤﻨﻴﺕ ﺃﻥ
ﺃﻜﺭﺭ ﺤﻴﺎﺘﻪ ﺒﻤﺎ ﺘﺴﺘﺤﻕ ﺍﻹﻋﺎﺩﺓ ﻤﻥ ﺫﻜﺎﺀ .ﻭﻟﻜﻥ ﻤﻥ ﻴﺘﺫﺍﻜﻰ ﻤﻊ "ﺍﻟﻤﻜﺘﻭﺏ"؟ ﺍﻟﻤﻜﺘﻭﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺒﺩﺃ
ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺨﺭﺝ ﻤﻥ ﻗﺭﺍﺀﺘﻪ ﺴﺎﻟﻤﺎﹰ.
ﺃﻤﻨﻪ ﺠﺎﺀﺕ ﺍﻟﻠﻌﻨﺔ؟ ﺃﻡ ﻤﻥ "ﺤﻴﺎﺓ"؟ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺤﻤل ﺍﺴﻤﺎﹰ ﻴﻌﻨﻲ ﻋﻜﺴﻪ ﻜﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺭﺏ
ﻓﻲ ﺘﺴﻤﻴﺔ ﻤﺎ ﻴﺭﻭﻥ ﻓﻴﻪ ﺸﺭﺍﹰ ﺒﻨﻘﻴﻀﻪ؟
ﺃﻡ ﺘﺭﻯ ﺍﻟﻠﻌﻨﺔ ﺘﻜﻤﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺎ ﺯﺍل ﺇﺤﺩﺍﻫﺎ ﻤﻌﻠﹼﻘﺎﹰ ﻗﺒﺎﻟﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺭﻴﻜﺔ؟
ﻫﻨﺎ ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ ﻋﺎﺵ ﺯﻴﺎﻥ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﻤﻭﺕ ﺯﻴﺎﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻴﻔﺼﻠﻪ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻁﺎﺒﻕ ﺒﻪ ﺴﻭﻯ ﺤﺭﻑ.
ﻭﻓﻲ ﺤﻀﺭﺓ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ﺃﺠﻬﺵ ﺭﺍﻗﺼﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺇﻴﻘﺎﻉ ﺯﻭﺭﺒﺎ ﺒﺫﺭﺍﻋﻪ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﻴﻭﻡ ﺃﺨﺒﺭﻭﻩ
ﺒﺎﻏﺘﻴﺎل ﺃﺨﻴﻪ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ.
ﺃﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ﻤﺒﻨﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻹﺴﻤﻨﺕ ،ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻀﻤﺭ ﻓﻲ ﻗﺘﺎﻤﺘﻬﺎ ﻏﻀﺒﺎﹰ ﻤﻜﺘﻭﻤﺎﹰ
ﻭﺸﺭﺍﹰ ﺼﺎﻤﺘﺎﹰ ،ﻜﻤﻥ ﻴﺩﺒﺭ ﻟﻙ ﻤﻜﻴﺩﺓ؟ ﻁﺎﻟﻤﺎ ﺸﻜﻜﺕ ﺒﻨﻭﺍﻴﺎ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ,ﻤﺫ ﺍﻜﺘﺸﻔﺕ ﻓﻲ ﻜل ﻫﺎﺭﺏ
ﺸﺒﻬﺔ ﺠﺴﺭ ،ﻻ ﺃﺤﺩ ﻴﺩﺭﻱ ﻷﻱ ﺍﻟﻁﺭﻓﻴﻥ ﻴﻨﺘﻤﻲ.
ﻟﻜﻥ ﺯﻴﺎﻥ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻫﺎﺭﺒﺎﹰ .ﻜﺎﻥ ﻤﻬﺭﺒﺎﹰ ﻟﻤﺎ ﻅﻨﻪ ﻭﻁﻨﺎﹰ.
ﻴﺎﻟﻐﺒﺎﺀ ﺍﻟﺭﺠل ،ﺒﻴﻥ ﻤﺎ ﻴﻌﺘﻘﺩﻩ ﺠﺴﺭﺍﹰ ،ﻭﻤﺎ ﻴﻌﺘﻘﺩ ﺍﻟﺠﺴﺭ ﺃﻨﻪ ﻭﻁﻥ ﺜﻤﺔ ﺠﺜﺘﻙ .ﻓﺎﻟﺠﺴﺭ ﻻ ﻴﻘﺎﺱ
ﺒﻤﺩﻯ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﺼل ﻁﺭﻓﻴﻪ ،ﺒل ﺒﻌﻤﻕ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﺼﻠﻙ ﻋﻥ ﻫﺎﻭﻴﺘﻪ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻭﻟﺩ ﻓﻭﻕ ﺼﺨﺭﺓ ،ﻤﺤﻜﻭﻡ ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺴﻴﺯﻴﻑ ،ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻙ ﻤﻨﺫﻭﺭ ﻟﻠﺨﺴﺎﺭﺍﺕ
ﺍﻟﺸﺎﻫﻘﺔ ،ﻟﻔﺭﻁ ﺍﺭﺘﻔﺎﻉ ﺃﺤﻼﻤﻙ.
ﻨﺤﻥ ﻤﻥ ﺘﺴﻠﱠﻕ ﺠﺒﺎل ﺍﻟﻭﻫﻡ ،ﻭﺤﻤل ﺃﺤﻼﻤﻪ ..ﺸﻌﺎﺭﺍﺘﻪ ..ﻤﺸﺎﺭﻴﻌﻪ ..ﻜﺘﺎﺒﺎﺘﻪ ..ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ ،ﻭﺼﻌﺩ
ﺒﻬﺎ ﻻﻫﺜﺎﹰ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻘﻤﺔ .ﻜﻴﻑ ﺘﺩﺤﺭﺠﻨﺎ ﺒﺤﻤﻭﻟﺘﻨﺎ ﺠﻴﻼﹰ ﺒﻌﺩ ﺁﺨﺭ ﻨﺤﻭ ﻤﻨﺤﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﻬﺯﺍﺌﻡ؟
ﻤﻥ ﻴﺭﻓﻊ ﻜل ﺍﻟﺫﻱ ﻭﻗﻊ ﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻔﺢ؟
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺩﺨﻠﺕ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﺒﻌﺩ ﺴﺒﻊ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻗﻭﻑ ﺫﻟﻴﻠﺔٍ ﺃﻤﺎﻡ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻘﻠﻌﺔ ﺍﻟﻤﺤﺼﻨﺔ ﻜﻌﺵ ﻨﺴﺭ
ﻓﻲ ﺍﻷﻋﺎﻟﻲ ،ﺭﺍﺡ ﺨﻴﺎﻟﺔ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻭﻓﺭﺴﺎﻨﻬﺎ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻟﻡ ﻴﻌﺘﺎﺩﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻤﺫﻟﺔ ﺍﻷﺴﺭ .ﻴﻘﻔﺯﻭﻥ
ﺒﺨﻴﻭﻟﻬﻡ ﻤﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ﻋﺎﺌﺩﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺭﺤﻡ ﺍﻟﻭﺩﻴﺎﻥ .ﻜﺎﻥ ﺁﻨﺫﺍﻙ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻗﻔﺯﺍﹰ ﻨﺤﻭ ﻤﻨﺤﺩﺭﺍﺘﻬﺎ
ﺍﻟﺸﺩﻴﺩﺓ ،ﺁﺨﺭ ﻨﺼﺭ ﻟﺭﺠﺎل ﻻ ﻤﻔﺨﺭﺓ ﻟﻬﻡ ﺴﻭﻯ ﺃﻨﻬﻡ ﺃﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺼﺨﺭﺓ.
ﺒﻬﻡ ﺍﻨﺘﻬﻰ ﺯﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﺠﻤﻴل ،ﻭﺃﺼﺒﺢ ﻭﺍﺩﻱ ﺍﻟﺭﻤﺎل ﻤﺠﺭﻯ ﻟﻨﻔﺎﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﺘﻁﻔﻭ ﻓﻴﻪ ﻤﻊ
ﻗﻤﺎﻤﺔ ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ ﻭﺃﺨﺒﺎﺭ ﻟﺼﻭﺼﻬﺎ ﺍﻟﻤﺤﺘﺭﻤﻴﻥ ،ﺠﺜﺙ ﺃﺒﻨﺎﺌﻬﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﻴﻥ ﻭﺍﻟﺒﺎﺌﺴﻴﻥ.
ﻻ ﺸﻲﺀ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﻤﻨﻌﻙ ﻤﻥ ﺘﺴﻠﻕ " ﺠﺴﻭﺭ ﺍﻟﻤﻭﺕ" ﺤﺘﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺯﺍﻡ ﺍﻷﻤﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ
ﻜﺜﺭﺕ ﺤﺎﻻﺕ ﺍﻻﻨﺘﺤﺎﺭ ،ﺃﺤﺎﻁﻭﺍ ﺒﻪ ﺨﺼﺭ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﺃﻋﻠﻰ .ﻗﺩ ﻴﻤﻨﻌﻙ ﺃﻥ ﺘﻁل ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻻ ﻴﻤﻨﻊ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺃﻥ ﻴﻁل ﻋﻠﻴﻙ ،ﺤﻴﺙ ﺃﻨﺕ ﻓﻲ ﺤﻀﻴﺽ ﺨﻴﺒﺎﺘﻙ.
ﻓﺠﺄﺓ ،ﻤﺜل ﺤﻴﺎﺓ ،ﺒﺩﺃﺕ ﺃﺘﻁﻴﺭ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ .ﻭﻭﺠﺩﺕ ﻓﻲ ﺠﻠﻭﺴﻲ ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ ,ﺍﺴﺘﻔﺯﺍﺯﺍﹰ ﺼﺎﻤﺘﺎﹰ
ﻟﻘﺩﺭ ﻻ ﻗﻭﺓ ﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺍﺠﻬﺘﻪ.
ﺴﻌﺩﺕ ﺃﻨﻨﻲ ﺴﺄﻏﺎﺩﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻗﺭﻴﺒﺎﹰ ،ﻭﺃﻨﻬﺎ ﺴﺘﺒﻘﻰ ﻫﻨﺎ .ﺜﻡ ﺘﺫﻜﱠﺭﺕ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺸﺘﺭﻴﺘﻬﺎ ﻭﻤﺎ
ﺯﺍﻟﺕ ﻤﻌﺭﻭﻀﺔ ﺤﺘﻰ ﺍﻨﺘﻬﺎﺀ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ .ﻓﻜﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﻜﻠﱢﻑ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺒﺈﺤﻀﺎﺭﻫﺎ .ﺜﻡ ﻓﻜﺭﺕ ﻓﻲ
ﻏﺭﺍﺒﺔ ﺴﻔﺭﻱ ﻤﻊ ﺠﺜﻤﺎﻥ ﺯﻴﺎﻥ ﺒﺭﻓﻘﺔ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ.
ﺃﻭﺼﻠﻨﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﺤﻘﻴﺒﺘﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﺃﻋﺩﻫﺎ ،ﻭﺃﺸﻴﺎﺀ ﺯﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻠﻲ ﺃﻥ ﺃﻗﻭﻡ ﺒﻔﺭﺯﻫﺎ
ﺒﺴﺭﻋﺔ ،ﻷﻨﻨﻲ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻤﺘﻰ ﺴﻴﻜﻭﻥ ﺴﻔﺭﻱ ﺇﻟﻰ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﺤﺴﺏ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﺭﺤﻼﺕ.
ﻭﻭﺠﺩﺘﻨﻲ ﺃﺴﺘﻌﻴﺩ ﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﻋﺸﺘﻪ ﻤﻨﺫ ﺴﻨﺘﻴﻥ ﺒﻌﺩ ﺍﻏﺘﻴﺎل ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻕ ,ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺃﻥ ﺃﺠﻤﻊ
ﺃﺸﻴﺎﺌﻲ ﻓﻲ ﺒﻴﺘﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﻨﺕ ﺃﻗﻴﻡ ﻓﻴﻪ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﻴﻥ ﻭﺍﻵﺨﺭ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ
ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﻴﻭﻥ ﻴﻐﻴﺭﻭﻥ ﻋﻨﺎﻭﻴﻨﻬﻡ ﻴﻭﻤﻴﺎﹰ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻕ ﺒﺩﻭﺭﻩ ﻻ ﻴﻌﺭﻑ ﻋﻨﻭﺍﻨﺎﹰ ﺜﺎﺒﺘﺎﹰ ﻤﺫ
ﺍﺴﺘﺸﻌﺭ ﺨﻁﺭ ﺍﻏﺘﻴﺎﻟﻪ.
ﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﺃﻫﻭﻥ ﻴﻭﻤﻬﺎ ,ﻷﻨﻨﻲ ﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﻤﻌﻨﻴﺎﹰ ﺴﻭﻯ ﺒﺠﻤﻊ ﺃﺸﻴﺎﺌﻲ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺘﺭﻜﺕ ﻟﺯﻭﺠﺘﻪ
ﻋﺫﺍﺏ ﺍﻟﺘﻜﻔل ﺒﺄﺸﻴﺎﺌﻪ .ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﻭﺠﻌﻲ ﻜﺎﻥ ﺒﺴﺒﺏ ﻜل ﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺤﻴﺎﺓ ﻗﺩ ﺃﺤﻀﺭﺘﻪ.ﺤﺘﻰ ﺇﻥ ﺯﻴﺎﺭﺓ
ﺒﻌﺩ ﺃﺨﺭﻯ ،ﺃﺼﺒﺢ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻴﻨﻘﺴﻡ ﺇﻟﻰ ﺃﺸﻴﺎﺀ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻕ ﺍﻟﺒﺴﻴﻁﺔ ،ﻭﺘﻠﻙ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﺍﻟﻔﺎﺨﺭﺓ،
ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻬﺭﺒﻬﺎ ﻤﻥ ﺒﻴﺘﻬﺎ ،ﻭﺘﺄﺘﻲ ﺒﻬﺎ ،ﻤﺸﻔﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺒﺅﺱ ﺸﻘﺔ ،ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺎ ﺒﻔﺨﺎﻤﺔ
ﻤﺴﻜﻨﻬﺎ ،ﻏﻴﺭ ﻤﺩﺭﻜﺔ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﺅﺜﺙ ﺸﻘﺔ ﺼﺩﻴﻘﻲ!
ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺩﺀ ﻜﻨﺕ ﺴﺄﺸﺭﺡ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻜﻨﺕ ﺃﺤﺒﺒﺕ ﺴﻭﺀ ﺍﻟﻔﻬﻡ ﺍﻟﻌﺸﻘﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻭﺭﻁﻨﺎ ﻓﻴﻪ،
ﻭﺇﻏﺭﺍﺀ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻤﻠﺘﺒﺴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻤﻌﻨﺎ.
ﻭﻜﺎﻥ ﺒﺈﻤﻜﺎﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻕ ،ﻜﻠﻤﺎ ﻤﺭ ،ﺃﻥ ﻴﻌﺭﻑ ﻭﺘﻴﺭﺓ ﺯﻴﺎﺭﺍﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﻤﺴﺘﺠﺩﺍﺕ ﺍﻟﺒﻴﺕ ،ﻤﻥ ﻤﻨﺎﺸﻑ
ﺠﻤﻴﻠﺔ ,ﻭﺸﺭﺍﺸﻑ ﺃﻨﻴﻘﺔ ،ﻭﻤﻨﺎﻓﺽ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺭﻴﺴﺘﺎل ،ﻭﻟﻭﺍﺯﻡ ﻤﻁﺒﺦ ،ﻭﺭﻭﺏ ﻟﻠﺤﻤﺎﻡ.
ﺒﺩﺃﺕ ﺃﺘﻌﻭﺩ ﺃﻥ ﺃﺭﺍﻫﺎ ﺘﺄﺘﻲ ﻤﻥ ﺒﻴﺘﻬﺎ ﻤﺤﻤﻠﺔ ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ ﺒﻜل ﻤﺎ ﺘﻘﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻴﺩﺍﻫﺎ ،ﺤﺘﻰ ﺍﻷﺠﺒﺎﻥ
ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﺭﺩﺓ ..ﻭﺃﻟﻭﺍﺡ ﺍﻟﺸﻭﻜﻭﻻﻁﺔ ..ﻭﻋﻠﺏ ﺍﻟﺴﺠﺎﺌﺭ .ﺒل ﺤﺩﺙ ﻟﻔﺭﻁ ﺇﺠﺭﺍﻤﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻲ ﺍﻟﻤﻐﻠﻑ
ﺒﺎﻟﻌﻁﺎﺀ ،ﺃﻥ ﺃﻫﺩﺘﻨﻲ ﺜﻴﺎﺒﺎﹰ ﻭﻤﺼﺎﻏﺎﹰ ﺍﺸﺘﺭﺘﻪ ﻨﻴﺎﺒﺔ ﻋﻨﻲ ﻟﺯﻭﺠﺘﻲ!
ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺴﺨﻴﺔ ﻓﻲ ﻜل ﺸﻲﺀ .ﻓﻲ ﺨﻭﻓﻬﺎ ﻋﻠﻴﻙ ،ﻓﻲ ﺍﻨﺸﻐﺎﻟﻬﺎ ﺒﻙ ،ﻓﻲ ﺍﺸﺘﻬﺎﺌﻙ ،ﻓﻲ
ﺇﻤﺘﺎﻋﻙ ..ﻭﺤﺘﻰ ﻓﻲ ﺇﻴﻼﻤﻙ.
ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺴﺨﺎﺀ ﺍﻟﻌﺸﻘﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺸﻌﺭ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻔﻘﺩﻩ ﺒﻔﺎﺠﻌﺔ ﺍﻟﻴﺘﻡ ﺍﻷﻭل ،ﻷﻨﻙ ﺘﻌﻲ ﺃﻥ ﻻ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺒﻌﺩﻫﺎ
ﺴﺘﺤﺒﻙ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺠﻡ ﻭﻻ ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ .ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻙ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺍﻨﺒﻬﺎﺭﻙ ﺒﻬﺎ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺘﻌﻴﺙ ﻓﻴﻙ
ﻋﺸﻘﺎﹰ ﻭﻓﺴﻘﺎﹰ ﻭﻜﺭﻤﺎﹰ ،ﻭﺘﻔﺴﺩﻙ ﻭﺘﺨﺭﺒﻙ ﻭﺘﺩﻟﱠﻠﻙ ﻭﺘﺸﻜﹼﻠﻙ ،ﺒﺤﻴﺙ ﻟﻥ ﺘﻌﻭﺩ ﺘﺼﻠﺢ ﻻﻤﺭﺃﺓ ﻋﺩﺍﻫﺎ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻤﺎﺕ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻕ ،ﺃﺼﺒﺢ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﻤﺎﺫﺍ ﺃﻓﻌل ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ .ﺃﺃﺘﺭﻜﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻟﺘﺘﺼﺭﻑ ﺒﻬﺎ
ﺯﻭﺠﺔ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻕ ﻜﻴﻔﻤﺎ ﺍﺘﻔﻕ ،ﺃﻭ ﺁﺨﺫﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺒﻴﺘﻲ ﻷﻗﺎﺼﺹ ﺒﻬﺎ ﻨﻔﺴﻲ؟
ﻓﺄﺼﻌﺏ ﻤﻥ ﺍﺨﺘﺭﺍﻉ ﻗﺼﺔ ﻤﻘﻨﻌﺔ ﻟﺯﻭﺠﺘﻲ ﻋﻥ ﻤﺼﺩﺭﻫﺎ ،ﻤﻌﺎﻴﺸﺘﻲ ﺍﻟﻴﻭﻤﻴﺔ ﻟﺘﻠﻙ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ
ﺍﺭﺘﺒﻁ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻤﻨﻬﺎ ﺒﺫﻜﺭﻯ ﺘﺤﺭﺽ ﺍﻟﺸﺠﻭﻥ ﻋﻠﻴﻙ ،ﻭﺘﻌﻴﺩﻙ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺠﺤﻴﻡ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺩﺭﻙ
ﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺤﻤل ﻓﻲ ﻓﺭﺤﺘﻬﺎ ﺒﺫﻭﺭ ﺘﻌﺎﺴﺘﻙ ﺍﻵﺘﻴﺔ.
ﻜﻤﺜل ﺼﺩﻗﺔ ﺠﺎﺭﻴﺔ ،ﻜﺎﻥ ﻋﺸﻕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﻗﺼﺎﺼﺎﹰ ﺠﺎﺭﻴﺎﹰ .ﻤﺎ ﻋﺭﻓﺕ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺒﻌﺩﻫﺎ ﺇﻻ ﻭﻜﺎﻥ
ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺼﺎﺼﻙ .ﻭﻤﺎ ﺍﺴﺘﻌﻤﻠﺕ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﺃﻫﺩﺘﻙ ﺇﻴﺎﻩ ﺇﻻ ﻭﻋﺫﺒﺕ ﻨﻔﺴﻙ ﺒﻪ ،ﻭﻤﺎ ﻀﻤﻤﺕ ﺇﻟﻰ ﺼﺩﺭﻙ
ﻏﻴﺭﻫﺎ ..ﺇﻻ ﻭﻫﺠﻡ ﻋﻠﻴﻙ ﺍﻟﺼﻘﻴﻊ.
ﻜﻴﻑ ﺘﻨﺠﻭ ﻤﻥ ﻭﺠﻊ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻨﺔ؟ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻏﺩﻗﺕ ﻋﻠﻴﻙ ﺒﻤﺎ ﻟﻥ ﺘﻌﻁﻴﻙ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺒﻌﺩﻫﺎ .ﺃﻜﺎﻨﺕ
ﺘﻀﻤﺭ ﻟﻙ ﻓﻲ ﻜل ﻤﺎ ﺃﻋﻁﺘﻪ ﺃﻟﻤﺎﹰ ،ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺸﻕ ﻭﺤﺩﻩ ﻓﻲ ﻜل ﻤﺎ ﻴﻌﻁﻴﻙ ﻴﻀﻤﺭ ﻗﺼﺎﺼﻪ
ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻲ.
ﻤﺎ ﺍﻷﺭﺤﻡ ﺇﺫﻥ ،ﻤﺎ ﻴﺘﺭﻜﻪ ﻟﻙ ﺍﻟﻤﻭﺘﻰ ﺤﻴﻥ ﻴﺭﺤﻠﻭﻥ؟ ﺃﻡ ﻤﺎ ﻴﺘﺭﻜﻪ ﺍﻟﺤﺏ ﺒﻌﺩ ﺭﺤﻴل ﺍﻷﺤﻴﺎﺀ؟
ﺃﻁﻔﺄﺕ ﻓﻲ ﻤﻨﻔﻀﺔ ﺍﻷﻟﻡ ﺃﺴﺌﻠﺘﻲ ،ﻭﺫﻫﺒﺕ ﺼﻭﺏ ﻏﺭﻓﺔ ﺯﻴﺎﻥ ﺃﻓﺘﺢ ﻭﺭﺸﺔ ﺍﻟﻤﻭﺕ.
***
ﻫﻲ ﺫﻱ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺒﺄﺸﻴﺎﺀ ﻤﻭﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﻤﻭﺕ .ﻫﺱ ﺫﻱ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻅﻨﻙ ﺘﻨﺎﻟﻬﺎ ﻓﺘﻨﺎل
ﻤﻨﻙ ،ﻷﻨﻬﺎ ﺴﺘﻌﻴﺵ ﺒﻌﺩﻙ.
ﻓﻲ ﻜل ﻤﻭﺕ ﺃﻨﺕ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻨﻔﺴﻪ .ﻜﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﺃﻤﺎﻡ ﺃﺸﻴﺎﺀ ﺃﺒﻴﻙ ،ﻭﻏﺭﻓﺔ ﻨﻭﻤﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻭﺭﺜﻙ
ﺇﻴﺎﻫﺎ ،ﺒﺨﺯﺍﻨﺔ ﺘﻀﻡ ﺒﺩﻻﺕ ﻭﺜﻴﺎﺏ ﻭﺃﺸﻴﺎﺀ ﺭﺠل ﻤﻥ ﻋﻤﺭﻩ،ﻤﻨﺎﻤﺘﻪ ،ﺭﻭﺏ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺍﻟﺴﻤﻴﻙ ،ﻭﺍﻵﺨﺭ
ﺍﻟﺤﺭﻴﺭﻱ ،ﺜﻴﺎﺒﻪ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺔ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ ،ﻤﻔﻜﺭﺘﻪ ،ﺨﻑ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺍﻟﺼﻭﻓﻲ،
ﻨﻅﺎﺭﺍﺘﻪ ,ﺴﺎﻋﺘﻪ ،ﻜﻨﺯﺍﺘﻪ ،ﺃﺩﻭﻴﺘﻪ ﺍﻟﻤﻜﺩﺴﺔ ﻷﺸﻬﺭ ﻤﻘﺒﻠﺔ ،ﻅﻨﺎﹰ ﻤﻨﻪ ﺃﻨﻪ ﺒﺸﺭﺍﺌﻪ ﻜﻤﻴﺎﺕ ﺃﻜﺜﺭ
ﻴﺸﺘﺭﻱ ﻟﻪ ﻋﻤﺭﺍﹰ ﺃﻁﻭل.
ﻓﻲ ﻏﺭﻓﺔ ﻨﻭﻡ ﺃﺒﻴﻙ ،ﺜﻡ ﻓﻲ ﺒﻴﺕ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻕ ،ﻭﺍﻵﻥ ﺃﻤﺎﻡ ﺃﺸﻴﺎﺀ ﺯﻴﺎﻥ ،ﺘﻔﻬﻡ ﺃﻨﻙ ﺘﺴﺎﻭﻱ ﺃﺭﺨﺹ
ﻤﻥ ﺃﻱ ﺸﻲﺀ ﺘﻤﻠﻜﻪ.
ﻭﺇﻻ ..ﻜﻴﻑ ﻟﻤﻨﻔﻀﺔ ﺜﻤﻨﻬﺎ ١٠ﻓﺭﻨﻜﺎﺕ ﺃﻥ ﺘﻌﻴﺵ ﺒﻌﺩﻙ؟ ﻜﻴﻑ ﻟﺴﺎﻋﺔ ﺜﻤﻨﻬﺎ ٥٠٠ﻓﺭﻨﻙ ﺃﻥ
ﺘﻭﺍﺼل ﻋﻘﺎﺭﺒﻬﺎ ﺍﻟﺩﻭﺭﺍﻥ ﻏﻴﺭ ﺁﺒﻬﺔ ﺒﺘﻭﻗﻑ ﻗﻠﺒﻙ؟ ﻜﻴﻑ ﻟﺴﺭﻴﺭ؟ ﻜﻴﻑ ﻟﻜﺭﺴﻲ؟ ﻜﻴﻑ ﻟﺤﺫﺍﺀ؟
ﻜﻴﻑ ﻟﺠﻭﺭﺏ ﻤﺎ ﺯﺍل ﻋﻠﻴﻙ ﻋﺭﻕ ﻗﺩﻤﻴﻙ ﺃﻻ ﻴﻜﺘﺭﺙ ﻟﻤﻭﺘﻙ؟
ﻭﻜﻴﻑ ﺃﻥ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﻠﻔﺘﻙ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﻫﻲ ﺃﻭل ﻤﻥ ﻴﺨﻭﻨﻙ ،ﻭﺃﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺩﺕ ﺘﻔﻘﺩ ﺒﺴﺒﺒﻬﺎ
ﺤﻴﺎﺘﻙ ،ﻤﺎ ﺘﻜﺎﺩ ﺘﻔﺭﻕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺤﺘﻰ ﺘﺫﻫﺏ ﻟﻐﻴﺭﻙ؟
ﺍﻟﺴﺅﺍل ﻨﻔﺴﻪ ﻴﻌﻭﺩ :ﻜﻴﻑ ﺃﻭﺍﺠﻪ ﺍﻟﺤﻀﻭﺭ ﺍﻟﻅﺎﻟﻡ ،ﺍﻟﺤﻀﻭﺭ ﺍﻟﺭﻫﻴﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩ ،ﻟﺘﻠﻙ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﻏﻴﺭ
ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺒﻤﻭﺕٍ ﻤﺎ ﺒﺭﺩﺕ ﺠﺜﺘﻪ ﺒﻌﺩ؟
ﻁﺒﻌﺎﹰ " ﻻ ﺃﻜﺜﺭ ﺨﺒﺜﺎﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺭﺍﺀﺓ" ﻭﺃﻨﺎ ﺘﻌﻠﱠﻤﺕ ﺃﻻ ﺃﻨﺨﺩﻉ ﺒﺒﺭﺍﺀﺓ ﺤﻀﻭﺭﻫﺎ ﺍﻷﻟﻔﻭﻱ ﺍﻟﺼﺎﻤﺕ .ﺃﻻ
ﺃﺼﺩﻕ ﺤﺯﻨﻬﺎ ﺍﻟﺸﺎﻤﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻭل ﻟﻙ ،ﺇﻥ ﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ ﻟﻡ ﻴﻌﻭﺩﻭﺍ ﻫﻨﺎ ،ﻭﺇﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻴﺘﻤﻬﺎ ﺴﺘﻌﻴﺵ
ﺒﻌﺩﻫﻡ .ﻭﻗﺩ ﺘﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﺩﺍﺌﻬﻡ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺫﻫﺏ ﺤﺫﺍﺀ ﺠﻨﺩﻱ ﻤﻴﺕ ﺇﻟﻰ ﻋﺩﻭﻩ ﺍﻟﺒﺎﺌﺱ ﻓﻲ ﺴﺎﺤﺔ ﻗﺘﺎل
ﻴﻜﺴﻭﻫﺎ ﺍﻟﺜﻠﺞ.
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺘﻌﺎﺴﺔ ،ﻟﻴﺱ ﻤﻥ ﻨﺼﻴﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺭﺤل ﻭﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﻤﻌﻨﻴﺎ ﺒﺸﻲﺀ ،ﺇﻨﻤﺎ ﻤﻥ
ﻨﺼﻴﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﻴﺭﻯ ﻗﺩﺭ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺒﻌﺩﻩ.
ﻋﻠﻰ ﺤﺯﻨﻬﺎ ،ﻻ ﺃﻅﻥ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺴﺘﺘﺤﻤل ﻁﻭﻴﻼﹰ ﺠﺜﺙ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﻓﻲ ﺒﻴﺘﻬﺎ .ﻭﺍﻷﻤﺭ ﺤﺴﺏ ﻤﻌﺭﻓﺘﻲ
ﺒﻬﺎ ﻟﻥ ﻴﺄﺨﺫ ﻤﻨﻬﺎ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺴﺎﻋﺘﻴﻥ ﺃﻭ ﺜﻼﺙ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻠﺯﻤﻬﺎ ﻤﻥ ﻭﻗﺕ ﻟﺠﻤﻊ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺯﻴﺎﻥ
ﻭﻜﺘﺒﻪ ،ﻓﻲ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭ ﺃﻥ ﺘﺴﻠﱢﻤﻬﺎ ﻷﻭل ﻋﺭﺒﻲ ﻴﺩﺨل ﺒﻴﺘﻬﺎ.
ﺃﻤﺎ ﻤﺎ ﺒﻘﻲ ﻓﻘﺩ ﺘﻀﻌﻪ ﻓﻲ ﺃﻜﻴﺎﺱ ،ﻟﻴﺄﺨﺫ ﻤﻜﺎﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻁﺎﺒﻕ ﺍﻟﺴﻔﻠﻲ ﺠﻭﺍﺭ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻘﻤﺎﻤﺔ ،ﺃﻭ
ﻓﻲ ﺃﺤﺴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ،ﻗﺩ ﺘﺤﺘﻔﻅ ﺒﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺭﺁﺏ ،ﻓﻲ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭ ﺍﻟﻤﺭﻭﺭ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﻟﻠﺼﻠﻴﺏ ﺍﻷﺤﻤﺭ ﻟﺠﻤﻊ
ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺍﺕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ.
ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻤﻬﻭﻭﺴﺔ ﺒﺎﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﺨﻴﺭﻴﺔ ،ﻭﻜﺄﻨﻬﺎ ﻨﺫﺭﺕ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ﺒﺅﺴﺎﺀ
ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ،ﻴﺘﻨﺎﻭﺒﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺒﻬﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺴﺭﻴﺭﻫﺎ ﺤﺴﺏ ﻤﺴﺘﺠﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﺂﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ .ﺤﺘﻰ ﻜﺎﻥ
ﻴﺒﺩﻭ ﻟﻲ ﺃﻥ ﻤﻌﺎﺸﺭﺘﻬﺎ ﺯﻴﺎﻥ ﺘﺩﺨل ﻀﻤﻥ ﻨﺸﺎﻁﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﺨﻴﺭﻴﺔ.
ﻭﻜﻨﺕ ﺃﺭﺍﻫﺎ ،ﺤﺴﺏ ﻨﺸﺭﺍﺕ ﺍﻷﺨﺒﺎﺭ ،ﺘﺴﺎﺭﻉ ﻟﺘﻠﺒﻴﺔ ﻨﺩﺍﺀ ﺍﻹﻏﺎﺜﺔ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺃﻭ ﺘﻠﻙ ،ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻤﺎ
ﺯﺍﺩ ﻋﻥ ﺤﺎﺠﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﺜﻴﺎﺏ ،ﻭﻤﺎ ﺒﻠﻲ ﺃﻭ ﻟﻡ ﻴﺒلَ ﻤﻥ ﺃﺤﺫﻴﺔ ﻭﺴﺘﺎﺌﺭ ﻭﺸﺭﺍﺸﻑ ،ﻓﻲ ﺃﻜﻴﺎﺱ ﻜﺒﻴﺭﺓ
ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻼﺴﺘﻴﻙ ﺘﻘﻭﻡ ﺒﺈﻨﺯﺍﻟﻬﺎ ﻭﻭﻀﻌﻬﺎ ﺠﻭﺍﺭ ﻤﻘﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺒﻭﺍﺏ ،ﻓﻲ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭ ﺃﻥ ﻴﺠﻤﻌﻬﺎ ﺍﻟﺼﻠﻴﺏ
ﺍﻷﺤﻤﺭ.
ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﻴﺒﺔ ﺍﻟﻤﻤﺯﻭﺠﺔ ﺒﺴﺫﺍﺠﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﺍﻵﺨﺭ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ
ﻴﺘﺤﻜﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻨﻁﻕ ﺇﻋﻼﻤﻲ ﻴﺒﺴﻁ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ،ﻭﻴﻘﺴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺇﻟﻰ ﺨﻴﺭ ﻭﺸﺭﻴﺭ ،ﻭﺤﻀﺎﺭﻱ
ﻭﻤﺘﺨﻠﻑ ،ﻭﻻﺯﻡ ﻭﻏﻴﺭ ﻀﺭﻭﺭﻱ.
ﻴﻭﻡ ﺭﺃﻴﺘﻬﺎ ﺘﻨﺯل ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻷﻜﻴﺎﺱ ﻟﺘﺘﺼﺩﻕ ﺒﻬﺎ ﻟﻀﺤﺎﻴﺎ " ﺴﺭﺍﻴﻴﻔﻭ" ،ﺍﻋﺘﺭﻓﺕ ﻟﻬﺎ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﺤﺴﺩﻫﺎ
ﻋﻠﻰ ﺸﺠﺎﻋﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺨﻠﺹ ﻤﻥ ﻜل ﺸﻲﺀ ﺒﺴﺭﻋﺔ ﻭﻗﺩﺭﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﻤﻲ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﻓﻲ ﻜﻴﺱ
ﻟﻠﺼﺩﻗﺔ ،ﺒﺩﻭﻥ ﻨﺩﻡ ﺃﻭ ﺘﺭﺩﺩ ﺃﻭ ﺤﻨﻴﻥ ،ﻏﻴﺭ ﻤﻌﻨﻴﺔ ﺒﺫﺍﻜﺭﺓ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﻭﻻ ﺒﻘﻴﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ ,
ﻭﺘﻤﻨﻴﺕ ﻟﻭ ﺍﺴﺘﻁﻌﺕ ﻤﺜﻠﻬﺎ ﺃﻥ ﺃﺠﻤﻊ ﺫﺍﻜﺭﺘﻲ ﻓﻲ ﺼﺭﺓ ،ﻭﺃﻀﻌﻬﺎ ﻋﻨﺩﺍﻟﺒﺎﺏ ﻜﻲ ﺃﺘﺨﻠﺹ ﻤﻥ
ﺤﻤﻭﻟﺘﻲ ..ﻭﺃﻀﺎﻫﻴﻬﺎ ﺨﻔﺔ.
ﺴﺄﻟﺘﻨﻲ:
-ﻭﻤﺎﺫﺍ ﺘﻔﻌﻠﻭﻥ ﺇﺫﻥ ﺒﺎﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﻤﻥ ﺤﺎﺠﺔ ﻟﻜﻡ ﺒﻬﺎ؟
ﺃﺠﺒﺕ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ:
-ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺤﻭﺯﺘﻨﺎ ﺃﺸﻴﺎﺀ ﻻ ﻨﺤﺘﺎﺠﻬﺎ ،ﻷﻨﻬﺎ ﺤﺘﻰ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻬﺘﺭﺉ ،ﻭﺘﻌﺘﻕ ،ﻨﺤﺘﺎﺝ ﺤﻀﻭﺭﻫﺎ
ﺍﻟﻤﻬﻤل ﻓﻲ ﺨﺯﺍﺌﻨﻨﺎ ﺃﻭ ﻓﻲ ﻤﺭﺁﺏ ﺨﺭﺩﺘﻨﺎ ،ﻻ ﻋﻥ ﺒﺨل ،ﺒل ﻷﻨﻨﺎ ﻨﺤﺏ ﺃﻥ ﻨﺜﻘل ﺃﻨﻔﺴﻨﺎ ﺒﺎﻟﺫﺍﻜﺭﺓ،
ﻭﻨﻔﻀل ﺃﻥ ﻨﺘﺼﺩﻕ ﺒﺎﻟﻤﺎل ،ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻨﺘﺼﺩﻕ ﺒﺠﺜﺙ ﺃﺸﻴﺎﺌﻨﺎ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻴﻠﺯﻤﻨﺎ ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ ﺒﻴﻭﺕ ﻜﺒﻴﺭﺓ.
ﺜﻡ ﻭﺍﺼﻠﺕ ﻀﺎﺤﻜﺎﹰ :ﺃﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﻜﺎﺭﺜﺔ!؟
ﻫﺎ ﻫﻲ ﺫﻱ ﺍﻟﻜﺎﺭﺜﺔ! ﻓﺘﻔﻀل ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻤﺜﻘل ﺒﺤﻤﻭﻟﺘﻙ ،ﺘﺭﻜﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭﻙ ،ﻓﻤﺎﺫﺍ
ﺴﺘﻔﻌل ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻐﺭﺒﺔ ﺍﻟﻔﻀﻔﺎﻀﺔ ﻟﺭﺠل ﻀﺎﻕ ﺒﻪ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﻭﺘﺭﻙ ﻟﻙ ﻤﺎ ﺨﺎﻟﻪ ﻭﻁﻨﺎﹰ :ﻜﺘﺒﺎﹰ ﻓﻲ
ﺍﻟﺸﻌﺭ ﻭﺃﺨﺭﻯ ﻋﻥ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ،ﺼﻭﺭ ﺃﺨﺫﻫﺎ ﻤﻊ ﺃﻨﺎﺱ ﻗﺩ ﻴﻜﻭﻨﻭﻥ ﺃﻫﻼﹰ ﺃﻭ ﺃﺼﺩﻗﺎﺀ ،ﺭﺒﻤﺎ
ﻤﺎﺘﻭﺍ ﺃﻭ ﻤﺎ ﺯﺍﻟﻭﺍ ﺃﺤﻴﺎﺀ ،ﻨﺴﺨﺔ ﻗﺩﻴﻤﺔ ﻟﻤﺼﺤﻑ ،ﻤﻔﻜﺭﺍﺕ ﻟﻌﺩﺓ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻨﺎﻭﻴﻥ
ﻭﻤﻭﺍﻋﻴﺩ ﻭﺃﺴﻤﺎﺀ ،ﻭﺼﻔﺎﺕ ﻁﺒﻴﺔ ،ﺘﺫﺍﻜﺭ ﺴﻔﺭ ﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ،ﻤﻠﺼﻘﺎﺕ ﺼﻐﻴﺭﺓ ﻟﻬﺎ ﺫﻜﺭﻯ ﻭﺤﺩﻩ
ﻴﻌﺭﻓﻬﺎ ﻜﻘﺎﺭﻭﺭﺓ ﻋﻁﺭ " ﺸﺎﻨﻴل" ﺍﻟﻨﺴﺎﺌﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﺭﻏﺔ ،ﻗﺎﺒﻌﺔ ﻓﻲ ﺭﻜﻥ ﻗﻲ ﻓﻲ ﺨﺯﺍﻨﺔ ﺍﻟﻤﻼﺒﺱ،
ﻤﻐﺭﻭﺭﻗﺔ ﻓﻲ ﺤﺯﻥ ﻓﻘﺩﺍﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﻁﺭﻱ .ﺇﻨﻪ ﺍﻟﻭﻓﺎﺀ ﺍﻷﻨﺜﻭﻱ ﻴﺠﻬﺵ ﺍﻋﺘﺫﺍﺭﺍﹰ ﻋﻥ ﻜل ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺎﺕ
ﺍﻟﻨﺴﺎﺌﻴﺔ.
ﺘﺠﻤﻊ ﺤﻭﻟﻙ ﺃﺸﻴﺎﺀ ﺒﺩﻴﻠﺔ ﺘﺴﻤﻴﻬﺎ ﻭﻁﻨﺎﹰ .ﺘﺤﻴﻁ ﻨﻔﺴﻙ ﺒﻐﺭﺒﺎﺀ ﺘﺴﻤﻴﻬﻡ ﺃﻫﻼﹰ .ﺘﻨﺎﻡ ﻓﻲ ﺴﺭﻴﺭ
ﻋﺎﺒﺭﺓ ﺘﺴﻤﻴﻬﺎ ﺤﺒﻴﺒﺔ .ﺘﺤﻤل ﻓﻲ ﺠﻴﺒﻙ ﺩﻓﺘﺭ ﻫﺎﺘﻑ ﺒﺄﺭﻗﺎﻡ ﻜﺜﻴﺭﺓ ﻷﻨﺎﺱ ﺘﺴﻤﻴﻬﻡ ﺃﺼﺩﻗﺎﺀ .ﺘﺒﺘﻜﺭ
ﺃﻋﻴﺎﺩﺍﹰ ﻭﻤﻨﺎﺴﺒﺎﺕ ﻭﻋﻨﺎﻭﻴﻥ ﻭﻋﺎﺩﺍﺕ ،ﻭﻤﻘﻬﻰ ﺘﺭﺘﺎﺩﻩ ﻜﻤﺎ ﺘﺯﻭﺭ ﻗﺭﻴﺒﺎﹰ.
ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺘﻔﺼﻴﻠﻙ ﻟﻭﻁﻥ ﺒﺩﻴل ،ﺘﺼﺒﺢ ﺍﻟﻐﺭﺒﺔ ﻓﻀﻔﺎﻀﺔ ﻋﻠﻴﻙ ،ﺤﺘﻰ ﻟﺘﻜﺎﺩ ﺘﺨﺎﻟﻬﺎ ﺒﺭﻨﺴﺎﹰ .ﻏﺭﺒﺔ
ﻜﻭﻁﻥ ،ﻭﻁﻥ ﻜﺄﻨﻪ ﻏﺭﺒﺔ .ﻓﺎﻟﻐﺭﺒﺔ ﻴﺎ ﺭﺠل ﻓﺎﺠﻌﺔ ﻴﺘﻡ ﺇﺩﺭﺍﻜﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺭﺍﺤل ،ﻭﻻ ﻴﺴﺘﻜﻤل ﺍﻟﻭﻋﻲ
ﺒﻬﺎ ،ﺇﻻ ﺒﺎﻨﻐﻼﻕ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺘﺎﺒﻭﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺌﻠﺘﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﻘﻴﺕ ﻤﻔﺘﻭﺤﺔ ﻋﻤﺭﺍﹰ ﺒﺄﻜﻤﻠﻪ ،ﻭﻟﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎ
ﻴﻭﻤﻬﺎ ﻟﺘﻌﺭﻑ ﻜﻡ ﻜﻨﺕ ﻏﺭﻴﺒﺎﹰ ﻗﺒل ﺫﻟﻙ ،ﻭﻻ ﻜﻡ ﺴﺘﺼﺒﺢ ﻤﻨﻔﻴﺎﹰ ﺒﻌﺩ ﺍﻵﻥ!
ﻜﻨﺕ ﻤﺎ ﺃﺯﺍل ﺃﻓﻜﺭ ﻜﻴﻑ ﺃﺘﺼﺭﻑ ﺒﻜل ﺘﻠﻙ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻟﻤﺤﺕ ﺤﺫﺍﺀ ﺃﺴﻔل ﺍﻟﺨﺯﺍﻨﺔ.
ﻜﺎﻥ ﺤﺫﺍﺀﻩ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ،ﺃﻭ ﺒﺎﻷﺤﺭﻯ ،ﻤﺎ ﺒﻘﻲ ﻟﻪ ﻫﻨﺎ .ﻓﻬﻭ ﺤﺘﻤﺎﹰ ﻴﻤﻠﻙ ﺤﺫﺍﺀ ﺁﺨﺭ ﺫﻫﺏ ﺒﻪ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ.
ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺍﺨﺘﺎﺭ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺫﺍﺀ ﺩﻭﻥ ﻫﺫﺍ ﻟﺴﻔﺭﺘﻪ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ .ﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﺘﺭﻜﻪ ﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﺃﺠﻤل،
ﻓﻬﻭ ﺤﺫﺍﺀ ﺠﺩﻴﺩ ﻜﺄﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻨﺘﻌﻠﻪ .ﻭﺒﺭﻏﻡ ﺫﻟﻙ ،ﺒﺩﺍ ﻟﻲ ﺃﻜﺜﺭ ﺤﺯﻨﺎﹰ ﻤﻥ ﺍﻵﺨﺭ ،ﻤﺨﺘﺒﺌﺎﹰ ﺃﺴﻔل
ﺍﻟﺨﺯﺍﻨﺔ ﻜﻴﺘﻴﻡ ،ﻴﺨﺎﻑ ﺃﻥ ﻴﻠﻔﺕ ﺍﻷﻨﻅﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻴﻁﺭﺩ ..ﺃﻭ ﻴﻐﺘﺎل.
ﺃﺜﻤﺔ ﻴﺘﻡ ﻟﻸﺤﺫﻴﺔ ﺃﻴﻀﺎﹰ؟
ﺒﺩﺍ ﻟﻲ ﺯﻭﺠﺎ ﺍﻟﺤﺫﺍﺀ ﻤﺘﻼﺼﻘﻴﻥ ﻜﺭﺠﻠﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭ ﺍﻟﻤﺭﻋﻭﺏ .ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻤﺩﺩﺕ ﻴﺩﻱ ﻷﺨﺭﺠﻬﻤﺎ
ﻤﻥ ﻤﺨﺒﺌﻬﻤﺎ ،ﺍﺴﺘﻌﺩﺕ ﻤﻨﻅﺭ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻁﻔل ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺨﺫﺕ ﻟﻪ ﺼﻭﺭﺓ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻗﻀﻰ ﻟﻴﻠﺔ ﻤﺨﺘﺒﺌﺎﹰ ﺘﺤﺕ
ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﺴﺘﻴﻘﻅ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ،ﻭﺠﺩ ﺃﻨﻪ ﻓﻘﺩ ﻜل ﺃﻫﻠﻪ،ﻭﺃﻨﻪ ﺃﺼﺒﺢ ﻴﺘﻴﻤﺎﹰ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺒﺩ.
ﺃﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺭﺭﺕ ﺃﻤﺎﻡ ﻭﺭﺸﺔ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺃﻻ ﺃﺒﻜﻲ ،ﺃﻤﺎﻡ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺫﺍﺀ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺴﺎ ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ ﻟﻤﻌﺘﻪ ،ﻭﺠﺩﺘﻨﻲ
ﺃﻨﻬﺎﺭ ﺒﺎﻜﻴﺎﹰ.
ﻫﻭ ﺭﺠل ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ،ﻭﺤﺸﻤﺔ ﺍﻟﺘﻐﺎﻓل .ﺃﺤﺯﻨﻨﻲ ﻫﺘﻙ ﺃﺴﺭﺍﺭﻩ ،ﻭﺍﻟﺘﺴﻜﻊ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻡ ﻤﺎ ﺘﻭﻗﻊ ﺃﻥ
ﻴﺩﺨﻠﻪ ﻏﺭﻴﺏ ﺒﻌﺩﻩ ،ﺒﺫﺭﻴﻌﺔ ﺃﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﻫﻨﺎ ﻟﻴﺤﻤﻲ ﺃﺸﻴﺎﺀﻩ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ ﺍﻟﺴﺭﻴﺔ .ﺘﻠﻙ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ
ﻟﻡ ﺘﺤﻔﻅ ﺤﺭﻤﺔ ﻏﻴﺒﺘﻪ ،ﺒل ﺭﺍﺤﺕ ﺘﻐﺘﺎﺒﻪ ،ﻭﺘﺜﺭﺜﺭ ﻤﻊ ﺃﻭل ﻋﺎﺒﺭ ﺴﺒﻴل.
ﻭﺃﺫﻜﺭ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺯﺭﺘﻪ ﻓﻲ ﺇﺤﺩﻯ ﺍﻟﻤﺭﺍﺕ ،ﻭﻜﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺃﻥ ﺃﻏﺎﺩﺭ ﺍﻟﻐﺭﻓﺔ ﻭﺃﻨﺘﻅﺭﻩ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻓﻲ
ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﺭﻴﺜﻤﺎ ﺘﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﻤﻤﺭﻀﺔ ﻤﻥ ﺨﺩﻤﺘﻪ ،ﺭﺍﺡ ﻴﻌﺘﺫﺭ ﻟﻲ ﻋﻥ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭﻱ ,ﻭﻴﺤﺩﺜﻨﻲ ﻋﻥ ﻤﺫﻟﺔ
ﺍﻟﻤﺭﺽ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﻁﻲ ﻷﻱ ﺸﺨﺹ ﺍﻟﺤﻕ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﺒﻴﺢ ﺠﺴﺩﻙ ﻭﻴﻨﺘﻬﻙ ﺤﻤﻴﻤﻴﺘﻙ.
ﻗﺎل :
-ﻫﺫﻩ ﺃﻭل ﻤﺭﺓ ﺃﺩﺨل ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻤﺫ ﺒﺘﺭﺕ ﺫﺭﺍﻋﻲ ﻤﻨﺫ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺃﺭﺒﻌﻴﻥ ﺴﻨﺔ .ﻻ ﺃﺤﺏ
ﻤﻬﺎﻨﺔ ﺍﻟﻤﺭﺽ .ﻤﺎ ﺃﻨﻘﺫﻨﻲ ﺃﻨﻨﻲ ﺘﻌﻭﺩﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺃﻥ ﺃﻭﺍﺠﻪ ﺍﻟﻨﻅﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﺭﻱ ﻋﺎﻫﺘﻲ ﺒﺄﻥ
ﺃﺘﻐﺎﺒﻰ ..ﻓﻠﻡ ﺃﻓﻌل ﻏﻴﺭ ﻤﻭﺍﺼﻠﺔ ﺫﻟﻙ ﻫﻨﺎ.
ﺜﻡ ﻭﺍﺼل:
-ﺍﻟﺘﻐﺎﺒﻲ ﻫﻭ ﺒﻌﺽ ﻤﺎ ﺍﻜﺘﺴﺒﺘﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻴﺘﻡ .ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻌﻴﺵ ﻴﺘﻴﻤﺎﹰ ،ﺘﺘﻜﻔل ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺒﺘﻌﻠﻴﻤﻙ ﺃﺸﻴﺎﺀ
ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻥ ﻏﻴﺭﻙ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ .ﺘﻌﻠﱢﻤﻙ ﺍﻟﺩﻭﻨﻴﺔ ،ﻷﻥ ﺃﻭل ﺸﻲﺀ ﺘﺩﺭﻜﻪ ﻫﻭ ﺃﻨﻙ ﺃﻗل ﺸﺄﻨﺎﹰ ﻤﻥ
ﺴﻭﺍﻙ ،ﻭﺃﻨﻪ ﻻ ﺃﺤﺩ ﻴﺭﺩ ﻋﻨﻙ ﻀﺭﺒﺎﺕ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ،ﻭﻤﻥ ﺒﻌﺩﻫﻡ ﻀﺭﺒﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.ﺃﻨﺕ ﻓﻲ ﻤﻬﺏ
ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻭﺤﺩﻙ ﻜﺼﻔﺼﺎﻓﺔ ،ﻭﻋﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﺘﺩﺍﻓﻊ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻙ ﺒﺎﻟﺘﻐﺎﺒﻲ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺴﺘﻘﻭﻱ ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻁﻔﺎل
ﺁﺨﺭﻭﻥ ،ﻓﺘﺘﻅﺎﻫﺭ ﺒﺄﻨﻙ ﻟﻡ ﺘﺴﻤﻊ ..ﻭﺃﻨﻙ ﺘﺩﺭﻱ ﺃﻥ ﻟﻬﻡ ﺁﺒﺎﺀ ﻴﺩﺍﻓﻌﻭﻥ ﻋﻨﻬﻡ ﻭﻻ ﺃﺏ ﻟﻙ.
ﺼﻤﺕ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﻗﺕ ..ﺜﻡ ﻭﺍﺼل:
-ﻜلّ ﺍﻜﺘﺴﺏ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻤﻥ ﺩﻭﻨﻴﺘﻪ ،ﺴﻭﺍﺀ ﺃﻜﺎﻥ ﻜﺭﻴﻤﺎﹰ ﺃﻭ ﺒﺨﻴﻼﹰ ..ﻋﻨﻴﻔﺎﹰ ﺃﻭ ﻤﺴﺎﻟﻤﺎﹰ ..ﻭﺍﺜﻘﺎﹰ ﻓﻲ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻭ ﻤﺭﺘﺎﺒﺎﹰ ..ﻋﺎﺯﺒﺎﹰ ﺃﻭ ﺭﺏ ﻋﺎﺌﻠﺔ.
ﻜلّ ﻴﺘﻴﻡ ﻫﻭ ﻤﺭﻴﺽ ﺒﺩﻭﻨﻴﺔ ﺴﺎﺒﻘﺔ ،ﻴﺘﺩﺍﻭﻯ ﻤﻨﻬﺎ ﺤﺴﺏ ﺍﺴﺘﻌﺩﺍﺩﺍﺘﻪ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ.
ﻟﻜﻥ ﺃﻋﻠﻰ ﺩﺭﺠﺎﺕ ﺍﻟﻴﺘﻡ ..ﻴﺘﻡ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ .ﺇﻨﻬﺎ ﺩﻭﻨﻴﺔ ﻋﺎﺭﻴﺔ ﻤﻌﺭﻭﻀﺔ ﻟﻠﻔﺭﺠﺔ ﻭﺍﻟﻔﻀﻭل ،ﻻ
ﺸﻔﺎﺀ ﻤﻨﻬﺎ ،ﻷﻨﻙ ﻤﺎ ﺭﺃﻴﺕ ﺃﺤﺩﺍﹰ ﺇﻻ ﻭﺫﻫﺏ ﻨﻅﺭﻙ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻴﻤﻠﻜﻪ ..ﻭﻴﻨﻘﺼﻙ ﺃﻨﺕ ..ﻭﻫﻨﺎ
ﻜﻡ ﻴﻠﺯﻤﻙ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻐﺎﺒﻲ ﻟﺘﻜﺫﺏ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻙ!
ﺃﺴﺘﻌﻴﺩ ﺍﻵﻥ ﻜﻼﻤﻪ ﻫﺫﺍ ..ﻤﺘﺫﻜﺭﺍﹰ ﻗﻭﻻﹰ ﻟﻤﻌﺎﻭﻴﺔ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺴﻔﻴﺎﻥ " ﺇﻥ ﺜﻠﺙ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻁﻨﺔ ،ﻭﺜﻠﺜﻴﻬﺎ
ﺘﻐﺎﻓل".
ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻪ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﺩﺭﻙ ﺜﻠﺜﻲ ﺤﻜﻤﺘﻪ ﺇﻻ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺠﻤﻊ ﺃﺸﻴﺎﺀ ﻤﻭﺘﻪ ،ﻭﺃﻗﻊ ﻓﺠﺄﺓ ﺒﻴﻥ ﺤﺎﺠﺎﺘﻪ
ﻋﻠﻰ ﻨﺴﺨﺔ ﻤﻥ ﻜﺘﺎﺏ "ﻓﻭﻀﻰ ﺍﻟﺤﻭﺍﺱ" ﺘﺒﺩﻭ ﻤﻨﻬﻜﺔ ﻟﻔﺭﻁ ﺘﺩﺍﻭﻟﻬﺎ ،ﻨﺴﺨﺔ ﺒﺩﻭﻥ ﺇﻫﺩﺍﺀ ،ﻤﻥ
ﺍﻷﺭﺠﺢ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﺸﺘﺭﺍﻫﺎ .ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻌﺭ ﻤﻜﺘﻭﺏ ﺒﻘﻠﻡ ﺍﻟﺭﺼﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺼﻔﺤﺘﻬﺎ ﺍﻷﻭﻟﻰ..
ﺒﺎﻟﻔﺭﻨﻙ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ .ﻭﻓﻲ ﺍﻷﺭﻗﺎﻡ ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ ﺘﻠﻙ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺨﺘﺼﺭ ﻜل ﻓﺠﻴﻌﺔ ﺭﺠل ﺃﺤﺎﻟﺘﻪ ﺤﺒﻴﺒﺘﻪ ﻤﻥ
ﻗﻠﺏ ﻜﺘﺎﺏ ﻜﺎﻥ ﺴﻴﺩﻩ ،ﺇﻟﻰ ﻏﺭﻴﺏ ﻻ ﻤﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﺤﺘﻰ ﻓﻲ ﺇﻫﺩﺍﺀ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ .ﻴﺩﻓﻊ ١٤٠
ﻓﺭﻨﻜﺎﹰ ،ﻜﻲ ﻴﻌﺭﻑ ﻤﺎ ﺃﺨﺒﺎﺭﻫﺎ ﻤﻁﺎﺭﺩﺍﹰ ﺨﻴﺎﻨﺘﻬﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺴﻁﻭﺭ.
ﻜﺎﻥ ﻴﻌﺭﻑ ﺇﺫﻥ ﻤﻥ ﺃﻜﻭﻥ ،ﻭﻜﺎﻥ ﻴﻭﺍﺠﻬﻨﻲ ﺒﺎﻟﺘﻐﺎﺒﻲ ﺫﺍﺘﻪ!
ﻨﺯﻟﺕ ﻋﻠﻲ ﺼﺎﻋﻘﺔ ﺍﻻﻜﺘﺸﺎﻑ ,ﻭﺴﻤﺭﺘﻨﻲ ﻤﻜﺎﻨﻲ .ﺭﺤﺕ ﻤﻥ ﺩﻫﺸﺘﻲ ﺃﺘﺼﻔﺢ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺃﻋﻴﺩ
ﻗﺭﺍﺀﺓ ﺼﻔﺤﺎﺕ ﻤﻨﻪ ﻜﻴﻔﻤﺎ ﺍﺘﻔﻕ ﻭﻜﺄﻨﻨﻲ ﺃﻜﺘﺸﻔﻪ ﻟﺘﻭﻱ ،ﺒﺎﺤﺜﺎﹰ ﻋﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺩ ﺘﺴﻘﻁﻪ
ﻋﻨﻲ.
ﻜﻴﻑ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﺘﻘﺼﻲ ﺃﺨﺒﺎﺭﻫﺎ ،ﺃﻻ ﻴﺸﺘﺭﻱ ﻜﺘﺎﺒﺎﹰ ﻟﻬﺎ ﺼﺩﺭ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺍﻓﺘﺭﻗﺎ.
ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺘﺤﺘﺭﻑ ﺘﻭﺜﻴﻕ ﺠﺭﺍﺌﻤﻬﺎ ،ﻭﺍﺴﺘﻨﻁﺎﻕ ﻀﺤﺎﻴﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ .ﻜﻴﻑ
ﻟﻬﺎ ﺃﻻﱠ ﺘﺠﻌﻠﻨﻲ ﻤﻔﻀﻭﺤﺎﹰ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻴﻪ ،ﺒﻘﺩﺭ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻫﻭ ﻓﻲ " ﺫﺍﻜﺭﺓ ﺍﻟﺠﺴﺩ" ،ﻭﺇﺫ ﺒﻭﺍﺤﺩﻨﺎ
ﻴﻌﺭﻑ ﻋﻥ ﺍﻵﺨﺭ ﻜل ﺸﻲﺀ ،ﺠﺎﻫﻼﹰ ﻓﻘﻁ ﻋﻠﻡ ﺍﻵﺨﺭ ﺒﺫﻟﻙ.
ﻜﻤﻥ ﻴﺤﺎﻭل ﻓﻙ ﺴﺭ ﻜﺒﻴﺭ ،ﺒﺘﺭﺘﻴﺏ ﻓﺴﻴﻔﺴﺎﺀ ﺍﻷﺴﺭﺍﺭ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ ،ﺭﺤﺕ ﺃﺤﺎﻭل ﺃﻥ ﺃﻓﻬﻡ ،ﻓﻲ ﺃﻱ
ﻤﻭﻋﺩ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ﺃﺩﺭﻙ ﻤﻥ ﺃﻜﻭﻥ ,ﻭﺃﻱ ﺘﻔﺼﻴل ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ﺠﻌﻠﻪ ﻴﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻲ .ﺃﻤﻥ ﺍﻻﺴﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻋﻁﺘﻪ
ﻟﻪ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ،ﻭﻫﻲ ﺘﻁﻠﺏ ﻟﻲ ﻤﻭﻋﺩﺍﹰ ﻤﻌﻪ؟
ﺘﺭﻯ ﻟﻭ ﻟﻡ ﺃﻗﺩﻡ ﻨﻔﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻨﻲ ﺨﺎﻟﺩ ﺒﻥ ﻁﻭﺒﺎل ﺃﻜﺎﻥ ﺴﻴﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻲ ﻤﺜﻼﹰ ﻤﻥ ﻋﺎﻫﺔ ﺫﺭﺍﻋﻲ
ﺍﻟﻴﺴﺭﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺘﺤﺭﻙ ﺒﺴﻬﻭﻟﺔ؟ ﺃﻡ ﻜﺎﻥ ﺴﻴﻌﺭﻓﻨﻲ ﻷﻨﻨﻲ ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ﻤﺼﻭﺭ...ﻭﻤﻥ
ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ؟ ﻭﻷﻓﺘﺭﺽ ﺃﻨﻨﻲ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺯﺭﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻟﻡ ﺃﻗل ﻟﻪ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻁﻼﻕ ،ﺃﻜﺎﻥ
ﺴﻴﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻲ ﺒﺤﺩﺱ ﺍﻟﻤﺤﺏ ،ﻭﺭﻴﺒﺔ ﺍﻟﺭﺠﻭﻟﺔ؟
ﺜﻡ ،ﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻲ ،ﻭﻋﺭﻑ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻋﻥ ﻋﻼﻗﺘﻲ ﺒﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻟﻴﺱ
ﻤﻬﻤﺎﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ..
ﻟﻜﻥ ،ﺃﻜﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻡ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﻗﻴﻡ ﻓﻲ ﺒﻴﺘﻪ؟ ﻭﺃﺴﺎﻜﻥ ﺼﺩﻴﻘﺘﻪ؟ ﻭﺃﻨﻨﻲ ﺍﻟﺘﻘﻴﺕ ﺒﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﺼﻁﺤﺒﺘﻬﺎ
ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺕ؟ ﻭﺃﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺭﻗﺹ ﻟﻲ ﻟﺤﻅﺔ ﻜﺎﻥ ﻴﺤﺘﻀﺭ؟
ﺃﻴﻜﻭﻥ ﺍﺨﺘﺎﺭ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ﻷﻥ ﻴﻤﻭﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻤﻌﺎﻨﺎﹰ ﻤﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻐﺎﺒﻲ؟
ﻤﺎ ﺯﻟﺕ ﻏﻴﺭ ﻤﺼﺩﻕ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﺘﻭﻗﻴﺕ ﻤﻭﺘﻪ ﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ،ﻭﻻ ﺃﺭﻯ ﺴﺒﺒﺎﹰ ﻟﺘﺩﻫﻭﺭ ﻤﺒﺎﻏﺕ
ﻟﺼﺤﺘﻪ .ﻓﻼ ﺸﻲﺀ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﻟﺘﻘﻴﺕ ﺒﻪ ﻗﺒل ﺫﻟﻙ ﺒﻴﻭﻡ ،ﻴﺸﻲ ﺒﺄﻥ ﺤﻴﺎﺘﻪ ﻓﻲ ﺨﻁﺭ ﺃﻭ ﺃﻨﻪ ﻴﻌﺎﻨﻲ ﻤﻥ
ﺍﻨﺘﻜﺎﺴﺔ ﻤﺎ.
ﺒل ﺇﻨﻨﻲ ﻟﻡ ﺃﺭﻩ ﻤﻤﺎﺯﺤﺎﹰ ﻭﻤﺭﺤﺎﹰ ﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﻴﻭﻡ .ﻭﺃﻋﺭﻑ ﺨﺒﺙ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﺭﺽ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻤﻥ
ﺒﻌﺽ ﻤﻜﺭﻩ ،ﺇﻋﻁﺎﺅﻙ ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﻔﺘﻙ ﺒﻙ ،ﺇﺤﺴﺎﺴﺎﹰ ﺒﺎﻟﺘﻌﺎﻓﻲ .ﻭﺍﻟﻜل ﻤﻥ ﺤﻭﻟﻙ ﺴﻴﻘﻭﻟﻭﻥ ﻟﻙ ﺫﻟﻙ ,
ﻷﻨﻙ ﻓﻌﻼﹰ ﺴﺘﺒﺩﻭ ﻓﻲ ﺃﺤﺴﻥ ﺤﺎﻻﺘﻙ.
ﺃﻋﺭﻑ ﻫﺫﺍ ﻤﻥ ﺃﺒﻲ .ﻏﻴﺭ ﺃﻨﻲ ﻤﻥ ﻋﻤﻲ ﺃﻋﺭﻑ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﺃﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻴﺨﺘﺎﺭ ﺘﻭﻗﻴﺕ ﻤﻭﺘﻪ .ﻭﺇﻻ
ﻜﻴﻑ ﺍﺴﺘﻁﺎﻉ ﺃﻥ ﻴﻤﻭﺕ ﻓﻲ ﺃﻭل ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ،ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻨﺩﻻﻉ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﺃﺤﺩ
ﺭﺠﺎﻟﻬﺎ؟
ﻭﺠﺩﺕ ﺘﺄﻜﻴﺩﺍﹰ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎل ﺃﺒﺤﺎﺜﺎﹰ ﻗﺎﻡ ﺒﻬﺎ ﻤﺘﺸﻨﻴﻜﻭﻑ ،ﻭﻫﻭ ﻋﺎﻟﻡ ﻭﻀﻊ ﻓﻲ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﻘﺭﻥ
ﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﻭﻅﺎﺌﻑ ﺨﻼﻴﺎ ﺍﻟﺠﺴﻡ ،ﺘﺜﺒﺕ ﺃﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻻ ﻴﻤﻭﺕ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺤﻘﺎﹰ ﺫﻟﻙ،
ﻭﺃﻥ ﻤﻭﺘﻪ ﺍﻟﻌﻀﻭﻱ ﻟﻴﺱ ﺴﻭﻯ ﺍﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﻟﻤﻁﻠﺏ ﻨﻔﺴﻲ ﻤﻠﺢ.
ﻭﺇﺫﺍ ﺼﺩﻗﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ﺃﻭﺩﺕ ﺒﺤﻴﺎﺓ ﻋﻤﻲ ﺒﺭﺼﺎﺼﺔ ﺘﺄﺨﺭ ﻤﻔﻌﻭﻟﻬﺎ
ﺍﻟﻘﺎﺘل ﺃﺭﺒﻌﻴﻥ ﺴﻨﺔ ،ﻭﺃﻜﻭﻥ ﺃﻨﺎ ﻤﻥ ﺃﻗﻨﻊ ﺯﻴﺎﻥ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﺒﺈﻁﻼﻕ ﺭﺼﺎﺼﺔ ﺍﻟﺭﺤﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻪ
ﻭﺍﺸﺘﻬﺎﺀ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺤﺩ ﺍﺴﺘﺤﻀﺎﺭﻩ.
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺇﻻ ﻟﺘﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺤﺯﻨﻲ ،ﻭﻟﺫﺍ ﻤﺎ ﻜﺎﺩﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺘﻌﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺤﺘﻰ ﺒﺎﺩﺭﺘﻬﺎ
ﺴﺎﺌﻼﹰ ﻋﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﺨﺒﺭﺕ ﺯﻴﺎﻥ ﺒﺈﻗﺎﻤﺘﻲ ﻋﻨﺩﻫﺎ ﺃﻡ ﻻ.
ﺃﺠﺎﺒﺕ ﻤﺘﻌﺠﺒﺔ:
-ﻁﺒﻌﺎﹰ ﻻ..
ﺜﻡ ﻭﺍﺼﻠﺕ:
-ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﻨﺴﻰ ﺫﻟﻙ ﺒﻌﺩ ﺇﻟﺤﺎﺤﻙ ﻋﻠﻲ ﺒﻌﺩﻡ ﺇﺨﺒﺎﺭﻩ.
ﺘﻤﺘﻤﺕ:
-ﺸﻜﺭﺍﹰ!
ﻭﺘﻨﻔﺴﺕ ﺍﻟﺼﻌﺩﺍﺀ .ﻴﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﻤﺎ ﺃﺼﻌﺏ ﺍﻹﺴﺎﺀﺓ ﻟﻠﻤﻭﺘﻰ.
ﻭﺍﺼﻠﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ،ﻭﻫﻲ ﺘﺘﻌﺠﺏ ﻷﻤﺭﻱ ﻗﺎﺌﻠﺔ:
-ﺯﻴﺎﻥ ﻴﻌﺭﻑ ﺒﺄﻥ ﻟﻲ ﻋﻼﻗﺎﺕ .ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺘﺩﺨل ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻲ .ﻫﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ ﻜﺎﻥ ﻭﺍﻀﺤﺎﹰ ﺒﻴﻨﻨﺎ
ﻤﻨﺫ ﺍﻟﺒﺩﺀ ..ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﺃﻨﺕ ﻗﻠﻕ؟
ﻜﻡ ﻜﺎﻥ ﺴﻴﻁﻭل ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻟﻭ ﺃﻨﺎ ﺸﺭﺤﺕ ﻟﻬﺎ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﻗﻠﻘﻲ .ﻟﻜﻥ ﻓﻲ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ،ﻜﻨﺕ
ﺃﻜﺘﺸﻑ ﻜﻡ ﻫﻲ ﻏﺭﻴﺒﺔ ﻋﻨﻲ ﻭﻜﻡ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻤﻌﻬﺎ ﻴﺄﺨﺫ ﺒﻌﺩﺍﹰ ﻋﺒﺜﻴﺎﹰ .ﻫﺫﺍ ﺒﺭﻏﻡ ﺘﺄﺜﺭﻫﺎ ﺍﻟﺒﺎﻟﻎ ﻋﻨﺩﻤﺎ
ﻭﻗﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺨﺒﺭ ﺤﺘﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﺍﻨﻬﺎﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﻴﻜﺔ ﺒﺎﻜﻴﺔ ﻤﺭﺩﺩﺓ:
-ce n'est pas possible...Oh mon Dieu..
ﻗﺒل ﺃﻥ ﺘﺴﺄﻟﻨﻲ ﻭﻫﻲ ﺘﺴﺘﻤﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺭﺴﺎﺌل ﺍﻟﻬﺎﺘﻔﻴﺔ ،ﻜﻴﻑ ﺃﻨﻨﻲ ﻟﻡ ﺃﻋﺭﻑ ﺒﻨﺩﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ.
ﺃﺠﺒﺘﻬﺎ ﻭﻗﺩ ﻓﺎﺠﺄﻨﻲ ﺴﺅﺍﻟﻬﺎ ،ﺃﻨﻨﻲ ﻜﻨﺕ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ﺨﺎﺭﺝ ﺍﻟﺒﻴﺕ .ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺃﺠﺎﺒﺕ ﺒﻤﺎ ﻓﺎﺠﺄﻨﻲ
ﺃﻜﺜﺭ " ،ﺁﻩ ﺼﺤﻴﺢ ..ﺭﺒﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﺘﺘﻌﺸﱠﻰ ﻋﻨﺩ ﻤﺭﺍﺩ".
ﺒﻘﻴﺕ ﺼﺎﻤﺘﺎﹰ ﻟﻠﺤﻅﺎﺕ ،ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺴﺘﻨﺘﺞ ﻤﻥ ﻋﺒﺎﺭﺘﻬﺎ ﺃﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺘﺼﺎل ﺩﺍﺌﻡ ﻤﻌﻪ ،ﻭﺃﻨﻬﻤﺎ ﻴﺘﻬﺎﺘﻔﺎﻥ
ﻜل ﻴﻭﻡ.
ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺍﻟﻅﺭﻑ ﻤﻨﺎﺴﺒﺎﹰ ﻷﻤﻌﻥ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻓﻲ ﻏﺩﺭ ﺼﺩﻴﻕ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺍﻨﺸﻐﺎﻟﻲ ﺒﺘﻔﺎﺼﻴل ﻤﻭﺕ ﺼﺩﻴﻕ
ﺁﺨﺭ .ﻜﺎﻥ ﺠﻤﻴﻼﹰ ﺃﻥ ﺃﺘﺄﻜﺩ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻟﻠﻤﻭﺕ ﺘﻨﻭﻋﻪ ،ﻓﺜﻤﺔ ﻤﻭﺘﻰ ﻨﻭﺍﺭﻴﻬﻡ ﺍﻟﺘﺭﺍﺏ ،ﻭﺁﺨﺭﻭﻥ ﺃﺤﻴﺎﺀ
ﻨﻁﻤﺭﻫﻡ ﻓﻲ ﻭﺤل ﻤﺨﺎﺯﻴﻬﻡ.
ﻜﻨﺕ ﺭﺠﻼﹰ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻪ ﺃﻥ ﻴﺘﻔﻬﻡ ﺨﻴﺎﻨﺔ ﺯﻭﺠﺔ .ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻴﻐﻔﺭ ﺨﻴﺎﻨﺔ ﺼﺩﻴﻕ .ﻓﺨﻴﺎﻨﺔ ﺍﻟﺯﻭﺠﺔ ﻗﺩ
ﺘﻜﻭﻥ ﻨﺯﻭﺓ ﻋﺎﺒﺭﺓ ،ﺃﻤﺎ ﺨﻴﺎﻨﺔ ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ ﻓﻬﻲ ﻏﺩﺭ ﻤﻊ ﺴﺒﻕ ﺍﻹﺼﺭﺍﺭ.
ﻭﻀﻌﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﺒﻴﻨﻨﺎ ﻤﺴﺎﻓﺔ ﻤﻥ ﺠﻠﻴﺩ ﺍﻟﺠﻔﺎﺀ .ﻭﻗﺩ ﺘﻜﻭﻥ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻓﺴﺭﺕ ﺒﺭﻭﺩﺘﻲ ﺘﺠﺎﻫﻬﺎ
ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺒﻔﺎﺠﻌﺔ ﻤﻭﺕ ﺯﻴﺎﻥ ،ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﻌﺭﻑ ﺤﺠﻡ ﺍﻟﻤﻘﺒﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺤﻤﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ.
ﺍﻜﺘﻔﻴﺕ ﻟﻴﻼﹰ ﺒﻀﻤﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺼﺩﺭﻱ ،ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻓﻜﱢﺭ ﻓﻲ ﺍﻗﺘﺭﺍﺏ ﻟﻴﻠﺔ ﺴﻴﺤﺘلّ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﺭﺍﺩ ﻤﻜﺎﻨﻲ ﻋﺎﺒﺭﺍﹰ
ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ ..ﺍﻟﻤﻘﻴﻡ.
***
ﻷﻨﻨﻲ ﻟﻡ ﺃﻨﻡ .ﻏﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺒﺎﻜﺭﺍﹰ ﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﻷﻗﻀﻲ ﺒﻌﺽ ﻤﺎ ﺘﺄﺨﺭ ﻤﻥ ﻤﺸﺎﻏﻠﻲ،
ﻨﻅﺭﺍﹰ ﻟﻤﺴﺘﺠﺩﺍﺕ ﺍﻟﻅﺭﻑ ،ﻭﺍﺴﺘﻌﺩﺍﺩﺍﹰ ﻟﻌﻭﺩﺓ ﻭﺸﻴﻜﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻋﺩﺕ ﻤﺴﺎﺀ ،ﺃﺨﺒﺭﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺃﻨﻨﻲ ﺯﺭﺕ ﻤﻜﺘﺏ ﺍﻟﺨﻁﻭﻁ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ,ﻭﺃﻥ ﺜﻤﺔ ﺭﺤﻠﺔ
ﺇﻟﻰ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﺒﻌﺩ ﺜﻼﺜﺔ ﺃﻴﺎﻡ .ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻲ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭﻴﺔ
ﻭﺘﻜﻔﹼﻠﻲ ﺃﻨﺎ ﺒﺎﻷﻤﻭﺭ ﺍﻷﺨﺭﻯ .ﺜﻡ ﻭﺍﺼﻠﺕ ﺒﻌﺩ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻤﺕ:
-ﻨﻘل ﺍﻟﺠﺜﻤﺎﻥ ﻴﻜﻠﻑ ٣٢ﺃﻟﻑ ﻓﺭﻨﻙ.
ﺴﺄﻟﺘﻨﻲ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ:
-ﻫل ﺘﻤﻠﻙ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺒﻠﻎ؟
ﻭﺠﺩﺘﻨﻲ ﺃﺒﺘﺴﻡ ..ﻭﺃﺠﺒﺘﻬﺎ:
-ﻻ ..ﺍﺸﺘﺭﻴﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻤﻌﻲ!
ﻗﺎﻟﺕ ﺒﺘﺫﻤﺭ:
-ﻴﺎ ﻟﻠﺤﻤﺎﻗﺔ ..ﻨﺼﻑ ﺭﻴﻊ ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ ﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﺨﻴﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺼﻑ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﻭﺩ ﺇﻟﻴﻪ
ﻻ ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﺘﺼﺭﻑ ﻓﻴﻪ .ﻓﺒﺤﻜﻡ ﻤﻭﺘﻪ ،ﻜلّ ﺸﻲﺀ ﺒﻌﺩ ﺍﻵﻥ ﻤﺤﺠﻭﺯ ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺎﹰ ﻭﻤﺠﻤﺩ ﻓﻲ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭ
ﺤﺼﺭ ﺍﻟﻭﺭﺜﺔ.
ﻭﺍﺼﻠﺕ ﻭﻫﻲ ﺘﺸﻌل ﺴﻴﺠﺎﺭﺓ:
-ﻟﻴﺘﻙ ﻤﺎ ﺍﺸﺘﺭﻴﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ .ﺇﻨﻬﺎ ﺃﻏﻠﻰ ﻟﻭﺤﺔ ﺒﻴﻌﺕ .ﺃﺼﺭ ﺯﻴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺘﺒﺎﻉ ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ
ﺒﺄﺴﻌﺎﺭ ﻤﻌﻘﻭﻟﺔ ﺤﺘﻰ ﺘﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﻤﺘﻨﺎﻭل ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ .ﺭﺒﻤﺎ ﻭﻀﻊ ﺴﻌﺭﺍﹰ ﻏﺎﻟﻴﺎﹰ ﻟﻬﺎ ﻷﻨﻬﺎ ﺍﻷﺤﺏ ﺇﻟﻴﻪ.
-ﺒل ﺃﻨﺎ ﻤﻥ ﻭﻀﻊ ﺴﻌﺭﺍﹰ ﻟﻬﺎ .ﻫﻭ ﻟﻡ ﻴﻁﻠﺏ ﻤﻨﹼﻲ ﺸﻴﺌﺎﹰ .ﺃﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﺃﻀﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﺎ ﺒﻘﻲ ﻓﻲ ﺤﻭﺯﺘﻲ
ﻤﻥ ﻤﺎل ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺠﺎﺌﺯﺓ ..ﻭﺃﺭﺘﺎﺡ.
ﻗﺎﻟﺕ ﺒﻌﺩ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻤﺕ:
-ﺃﻻ ﺘﺭﻯ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺠﻴﺏ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺯﻴﺎﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﺌﻤﺎﹰ ﺍﻻﺤﺘﻔﺎﻅ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ،ﻭﺃﻥ ﺜﻤﻨﻬﺎ ﻴﺴﺎﻭﻱ
ﺘﻘﺭﻴﺒﺎﹰ ﺘﻜﺎﻟﻴﻑ ﻨﻘل ﺠﺜﻤﺎﻨﻪ ﺇﻟﻰ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ؟.
ﺍﻗﺸﻌﺭ ﺠﺴﺩﻱ :ﻴﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﻤﻥ ﺃﻴﻥ ﺠﺎﺀﺕ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ .ﺍﻨﺘﺎﺒﻨﻲ ﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﺫﻋﺭ ،ﻜﺄﻨﻨﻲ ﺒﺸﺭﺍﺌﻲ
ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﺴﺭﻗﺕ ﻤﻨﻪ ﻗﺒﺭﻩ ،ﺃﻭ ﻜﺄﻨﻨﻲ ﺍﺸﺘﺭﻴﺕ ﺒﻬﺎ ﻗﺒﺭﻱ .ﺫﻫﺏ ﺘﻔﻜﻴﺭﻱ ﻓﻲ ﻜلّ ﺼﻭﺏ،
ﻭﺍﺴﺘﻌﺩﺕ ﺘﻁﻴﺭ ﺤﻴﺎﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ.
ﻭﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﺸﺭﺡ ﻟﻬﺎ ﻫﻭﺍﺠﺴﻲ ،ﻭﺠﺩﺘﻨﻲ ﺃﺴﺄل ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ:
-ﺃﺘﻌﺘﻘﺩﻴﻥ ﺃﻨﻨﺎ ﺴﺘﻌﺜﺭ ﻓﻲ ﻴﻭﻤﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻤﺸﺘﺭٍ ﻟﻬﺎ؟
ﺭﺩﺕ ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺒﺩﻭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﺴﻑ ﺃﻭ ﻋﺠﺏ ﻟﻘﺭﺍﺭﻱ:
-ﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﺫﻟﻙ ﻤﻤﻜﻨﺎﹰ ﻤﺎ ﺩﺍﻤﺕ ﻤﻌﺭﻭﻀﺔ .ﻴﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻨﺭﻓﻊ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺩل ﺃﻨﻬﺎ ﺒﻴﻌﺕ..
ﻜل ﺭﻭﺍﻕ ﻴﻤﻠﻙ ﻗﺎﺌﻤﺔ ﺒﺄﻫﻡ ﺍﻟﺯﺒﺎﺌﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻌﻨﻴﻬﻡ ﺍﻗﺘﻨﺎﺀ ﻟﻭﺤﺎﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ .ﻭﻫﻭ ﻴﺘﹼﺼل
ﺒﻬﻡ ﻓﻲ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ.
ﻜﺎﻥ ﺒﻴﻌﻬﺎ ﻜﺎﻻﺤﺘﻔﺎﻅ ﺒﻬﺎ ﻴﺤﺯﻨﻨﻲ .ﻭﻟﺫﺍ ﻤﺎ ﻋﺩﺕ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻱ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭﻴﻥ ﻜﺎﻥ ﺼﺎﺌﺒﺎﹰ ،ﺨﺎﺼﺔ ﺃﻨﻨﻲ
ﺍﺸﺘﺭﻴﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﻤﺎﻟﻲ ،ﻷﻨﻨﻲ ﺃﺤﺒﺒﺘﻬﺎ ،ﻭﻷﻥ ﻻ ﺃﺤﺩ ﻏﻴﺭﻱ ﻴﻘﺩﺭ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ.
ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﺤﺘﻔﻅﺕ ﺒﻬﺎ :ﻤِﻤﻥ ﺃﺴﺘﺩﻴﻥ ﺍﻟﻤﺒﻠﻎ ﻟﻨﻘل ﺠﺜﻤﺎﻥ ﺯﻴﺎﻥ ،ﺃﻡ ﻨﺎﺼﺭ ﻭﻫﻭ
ﺃﻜﺜﺭ ﻨﺯﺍﻫﺔ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﻔﻴﺽ ﺤﺴﺎﺒﻪ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﺒﻠﻎ ,ﺃﻤﻥ ﻤﺭﺍﺩ ﻭﻻ ﺭﻏﺒﺔ ﻟﻲ ﺒﻌﺩ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل
ﻤﻌﻪ ،ﻭﻻ ﺃﻅﻨﻪ ﺴﻴﺴﺎﻋﺩﻨﻲ ﺴﻭﻯ ﺒﺎﻟﻘﻠﻴل.
ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤل ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻫﻭ ﺍﻻﺘﺼﺎل ﺒﺤﻴﺎﺓ .ﺃﻅﻨﻬﺎ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺘﺄﻤﻴﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺒﻠﻎ.ﻭﻜﻨﺕ ﺴﺄﺴﻌﺩ ﺒﺫﻟﻙ
ﻟﻭﻻ ﺃﻥ ﻻ ﻤﺎل ﻟﻬﺎ ﺴﻭﻯ ﻤﺎل ﺯﻭﺠﻬﺎ ،ﻭﺃﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﺇﻫﺎﻨﺔ ﻟﻌﻤﺭ ﻗﻀﺎﻩ ﺯﻴﺎﻥ ﺭﺍﻓﻀﺎﹰ ﺍﻟﺘﻠﻭﺙ
ﺒﻤﺎل ﺍﻟﻠﺼﻭﺹ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﺽ ،ﺃﻭ ﺍﻻﺴﺘﻨﺠﺎﺩ ﺒﺩﻭﻟﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﺴﺅﻭﻟﺔ ﺴﻭﻯ ﻋﻥ ﺘﺄﻤﻴﻥ
ﻋﻠﻡ ﻭﻁﻨﻲ ﻴﻐﻁﹼﻰ ﺒﻪ ﺠﺜﻤﺎﻥ ﻤﺒﺩﻋﻴﻬﺎ ﻤﻤﻥ ﺍﻏﺘﻴﻠﻭﺍ ﺒﺎﻟﻌﺸﺭﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻴﺩﻱ ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻴﻥ .ﻓﻜﻴﻑ
ﺃﻓﻜﹼﺭ ﻓﻲ ﻁﻠﺏ ﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺓ؟
ﻜﺎﻥ ﺭﺠل ﺍﻟﺘﻭﺭﻉ ﻭﺍﻟﺘﺭﻓﹼﻊ ،ﻜﻡ ﻫﻴﺄﻭﺍ ﻟﻪ ﻤﻥ ﺃﺒﻭﺍﺏ ﻭﺍﻁﺌﺔ ﻴﺴﺘﺩﻋﻲ ﻤﺭﻭﺭﻩ ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻨﺤﻨﺎﺀ
ﻜﺒﺭﻴﺎﺌﻪ ،ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﺯل ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻻﻋﺘﺩﺍﺩ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ .ﺃﻷﻥ ﻗﺎﻤﺘﻪ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﺍﻨﺒﻁﺎﺡ ﺘﺎﺒﻭﺕ،
ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻪ ﺃ ﻴﻤﺭ ﻤﻥ ﺒﺎﺏ ﺃﺒﻰ ﺍﻟﻤﺭﻭﺭ ﻤﻨﻪ ﺤﻴﺎ؟
ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻴﺘﻁﻠﺏ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ .ﻭﺠﺩﺘﻨﻲ ﻤﺅﺘﻤﻨﺎﹼ ﻋﻠﻰ ﺭﻓﺎﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺠل ،ﻓﻠﻥ ﺃﺘﺼﺭﻑ
ﺇﻻ ﺒﻤﺎ ﻴﻠﻴﻕ ﺒﻤﺎ ﺃﻋﺭﻓﻪ ﻋﻨﻪ .ﻭﻻ ﺃﺨﺎﻟﻪ ﺴﻴﺴﻌﺩ ﺇﻥ ﺃﻨﺎ ﺘﺴﻭﻟﺕ ﺜﻤﻥ ﻨﻘل ﺠﺜﻤﺎﻨﻪ ﻤﻥ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ،
ﻭﻗﺩ ﺘﺼﺩﻕ ﺤﻴﺎ ﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺴﻴﻀﻤﻥ ﻟﻪ ﻤﻭﺘﺎﹰ ﻜﺭﻴﻤﺎﹰ.
ﻫﻭ ﺭﺠل ﺍﻟﺤﺯﻥ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻟﻲ ،ﺃﻟﻴﺱ ﺃﻜﺭﻡ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻴﺴﺎﻓﺭ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﻘﺔ ﺇﺤﺩﻯ ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ ،ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺘﻨﻘل
ﺭﻓﺎﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺤﺴﺎﺏ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻤﺤﺴﻨﻴﻥ ،ﺃﻭ ﻜﺭﻤﺎﹰ ﻭﺘﺼﺩﻗﺎﹰ ﻤﻥ ﻗﺭﺍﺼﻨﺔ ﺍﻷﻭﻁﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﻬﻭﺒﺔ؟
ﻗﻁﻌﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺘﻔﻜﻴﺭﻱ ﻗﺎﺌﻠﺔ:
-ﺇﻥ ﻜﻨﺕ ﺘﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺘﻌﺭﺽ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﻟﻠﺒﻴﻊ ،ﻋﻠﻲ ﺃﻥ ﺃﺨﺒﺭ ﻓﻭﺭﺍﹰ ﻜﺎﺭﻭل ﻜﺴﺒﺎﹰ ﻟﻠﻭﻗﺕ .ﻓﺄﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ﻻ ﺘﺘﻡ
ﺍﻷﻤﺭﻭ ﺒﺴﺭﻋﺔ ,ﺨﺎﺼﺔ ﺃﻨﻨﺎ ﻓﻲ ﻨﻬﺎﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻨﺔ،ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺴﻡ ﺍﻷﻋﻴﺎﺩ ﻻ ﻴﻤﻠﻜﻭﻥ ﻤﺎﻻﹰ
ﻹﻨﻔﺎﻗﻪ ﻓﻲ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻴﺎﺕ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﻏﺎﻟﻴﺔ ﻨﺴﺒﻴﺎﹰ.
ﺃﺠﺒﺘﻬﺎ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺸﻌل ﺴﻴﺠﺎﺭﺓ ﻭﺃﺫﻫﺏ ﺼﻭﺏ ﺍﻟﺸﺭﻓﺔ:
-ﺍﻁﻠﺒﻴﻬﺎ..
ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﺴﺘﻴﻘﻅﺕ ﻤﺘﻌﺒﺎﹰ ﻤﻥ ﻟﻴل ﻜﻠﻪ ﻜﻭﺍﺒﻴﺱ .ﻗﺩ ﺃﻜﻭﻥ ﺘﻜﻠﻤﺕ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﻨﻭﻤﻲ ﺃﻭ ﺘﻘﻠﺒﺕ
ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ .ﻤﻤﺎ ﺍﻀﻁﺭ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻟﻠﻨﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﻴﻜﺔ ﺍﻟﺼﺎﻟﻭﻥ.
ﻭﻀﻌﺕ ﻗﺒﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺨﺩﻫﺎ ،ﻭﺍﻋﺘﺫﺭﺕ ﻟﻬﺎ ﻤﺤﺭﺠﺎﹰ.
ﺭﺩﺕ ﺒﻠﻁﻑ:
Ce n' est pas grave..
ﺜﻡ ﺴﺄﻟﺘﻨﻲ ،ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻜﻨﺕ ﻤﻀﻁﺭﺒﺎﹰ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺩ.
ﺃﺠﺒﺘﻬﺎ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺘﺠﻪ ﺼﻭﺏ ﺍﻟﻤﻁﺒﺦ ﻷﻋﺩ ﺍﻟﻘﻬﻭﺓ:
-ﻜﺎﻥ ﺤﻠﻤﺎﹰ ﻤﺯﻋﺠﺎﹰ.
ﻤﻥ ﺍﻷﺭﺠﺢ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻗﺼﺔ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﻭﺤﻭﺍﺭﻱ ﻤﻊ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻭﺃﺸﻴﺎﺀ ﺯﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﻀﻴﺕ ﺍﻟﺒﺎﺭﺤﺔ
ﻓﻲ ﻓﺭﺯﻫﺎ ،ﺘﺭﺍﻜﻤﺕ ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻻ ﺸﻌﻭﺭﻱ ،ﻟﺘﻭﻟﺩ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﻠﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﻨﺕ ﺃﺭﻯ ﻓﻴﻪ ﻨﻔﺴﻲ ﻤﺎ
ﻫﻤﻤﺕ ﺒﺎﺠﺘﻴﺎﺯ ﺠﺴﺭ ﻤﻥ ﺠﺴﻭﺭ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﺇﻻ ﻭﺼﺎﺡ ﺒﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺠﺎﻨﺒﻴﻪ ﺃﻻ ﺃﻓﻌل.
ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻴﻬﺭﺒﻭﻥ ﺃﺸﻴﺎﺀﻫﻡ ﻤﻥ ﺒﻴﻭﺘﻬﻡ ﺍﻟﺒﺎﺌﺴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻠﱠﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺭﺘﻔﻌﺎﺕ ،ﺼﺎﺭﺨﻴﻥ ﺒﻤﻥ ﻻ
ﻴﺩﺭﻱ ﺃﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﺘﻨﺯﻟﻕ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﺴﺘﻨﻬﺎﺭ ،ﻭﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻤﺫﻋﻭﺭﻭﻥ ﻻ ﻴﺩﺭﻭﻥ ﺃﻱ
ﺠﺴﺭ ﻴﺴﻠﻜﻭﻥ ﻟﻠﻬﺭﻭﺏ ﻤﻥ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ.
ﻷﻨﻨﻲ ﺭﺠل ﻤﻨﻁﻘﻲ ،ﻭﺠﺩﺕ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺤﻠﻡ ﺴﺒﺒﺎﹰ ﺁﺨﺭ ,ﻴﻌﻭﺩ ﻟﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﻘﺎل ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺭﺃﺘﻪ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﻓﻲ
ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻭﻨﺴﻴﺘﻪ ﻤﻨﺫ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﻴﻥ،ﻭﺃﻅﻨﻪ ﻋﺎﺩ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻟﻴﻁﻔﻭ ﻋﻠﻰ ﺴﻁﺢ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ.
ﻭﻜﺎﻥ ﺯﻤﻴل ﻟﻲ ،ﺃﻤﺩﻨﻲ ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﺠﺭﻴﺩﺓ ﺒﺎﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ،ﻭﻗﺎل ﻤﻤﺎﺯﺤﺎﹰ ﺒﻠﻬﺠﺔ ﺃﺒﻥ ﺍﻟﻌﺎﺼﻤﺔ " ﺇﺘﻬﻠﻜﺕ
ﻋﻠﻴﻜﻡ ﻴﺎ ﺨﻭ ﻗﺴﻤﻁﻴﻨﺔ ﺭﺍﺤﺕ .ﻜﺎﺵ ﻨﻬﺎﺭ ﺘﻘﻭﻤﻭﺍ ﺘِﻠﻘﺎﻭ ﺭﻭﺍﺤﻜﻡ ﻗﺎﻉ ﺘﺤﺕ".
ﻋﻨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎل ﻜﺎﻥ ﻴﻌﻠﻥ ﺒﺨﻁﱢ ﻜﺒﻴﺭ ﺒﺎﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﺘﻨﺯﻟﻕ ﻓﻲ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ،ﻤﺴﺒﻭﻗﺎﹰ ﺒﻌﻨﻭﺍﻥ
ﺃﺼﻐﺭ ﻴﺴﺄل " ﻤﺎﺫﺍ ﺘﻨﺘﻅﺭ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ؟"
ﺍﻟﻤﻘﺎل ﻜﺎﻥ ﻤﺭﻋﺒﺎﹰ ﻓﻲ ﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺘﻪ ،ﻤﺅﻜﺩﺍﹰ ﺃﻥ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻨﺯﻻﻕ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻌﺭﺽ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ
ﺘﺘﺯﺍﻴﺩ ,ﻤﺘﻘﺩﻤﺔ ﺒﻌﺩﺓ ﺴﻨﺘﻴﻤﺘﺭﺍﺕ ﺴﻨﻭﻴﺎﹰ ،ﻭﺃﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻤﺎﺌﺔ ﺃﻟﻑ ﻨﺴﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ﻴﻌﻴﺸﻭﻥ
ﺩﺍﺨل ﺍﻟﺨﻁﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﻜﻥ ﺍﻟﺘﻲ ،ﻟﻔﻘﺭ ﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ ﺍﻟﻭﺍﻓﺩﻴﻥ ﻤﻥ ﻜل ﺼﻭﺏ ،ﺒﻨﻴﺕ ﻜﻴﻔﻤﺎ ﺍﺘﻔﻕ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﻨﺤﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﺼﺨﺭﻴﺔ ،ﻤﻤﺎ ﺯﺍﺩ ﻤﻥ ﺍﻷﺨﻁﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻬﺩﺩ ﺠﺴﺭ ﺴﻴﺩﻱ ﺭﺍﺸﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﺸﻔﻊ ﻟﻪ
ﻭﻗﻭﻓﻪ ﻋﻠﻰ ٢٧ﻗﻭﺴﺎﹰ ﺤﺠﺭﻴﺎﹰ.
ﻤﺼﻴﺭ ﺠﺴﺭ ﺍﻟﻘﻨﻁﺭﺓ ﻟﻴﺱ ﺃﻓﻀل ،ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﺫ ﺒﻨﺎﻩ ﺍﻟﺭﻭﻤﺎﻥ ﻴﻠﻬﻭ ﺒﺎﻟﻤﺨﺎﻁﺭ .ﻭﺒﺭﻏﻡ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ
ﻤﻥ ﺃﻋﺠﺏ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀﺍﺕ ،ﻅلﱠ ﻤﻌﻁﻼﹰ ﺨﻤﺴﺔ ﻗﺭﻭﻥ ﺤﺘﻰ ﺠﺎﺀ ﺼﺎﻟﺢ ﺒﺎﻱ ﻓﺠﻠﺏ ﻟﻪ ﻤﺎﺌﺔ ﻋﺎﻤل ﻤﻥ
ﺃﻭﺭﺒﺎ ﻟﺒﻨﺎﺌﻪ ﺘﺤﺕ ﺇﺸﺭﺍﻑ ﻤﻬﻨﺩﺱ ﺇﺴﺒﺎﻨﻲ ،ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﻬﺩﻤﻪ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﻭﻥ ﻭﻴﻌﻴﺩﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺭﻥ
ﺍﻟﺘﺎﺴﻊ ﻋﺸﺭ ﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺠﺴﺭ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺤﺎﻟﻴﺎﹰ.
ﻤﺎ ﻏﺯﺍ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻏﺎﺯٍ ،ﺃﻭ ﺤﻜﻤﻬﺎ ﺤﺎﻜﻡ ﺇﻻ ﻭﺒﻨﻰ ﻤﺠﺩﻩ ﺒﺈﻋﺎﺩﺓ ﺒﻨﺎﺀ ﺠﺴﻭﺭﻫﺎ ﻏﻴﺭ ﻤﻌﺘﺭﻑ ﺒﻤﻥ
ﺒﻨﻭﻫﺎ ﻗﺒﻠﻪ! ﻤﻤﺎ ﺠﻌل ﺁﻤﺎل ﺍﻟﻘﺴﻨﻁﻴﻨﻴﻴﻥ ﻤﻌﻠﱠﻘﺔ ﻜﺠﺴﻭﺭﻫﻡ ،ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﺴﻴﻘﺭﺭﻩ ﺍﻟﺨﺒﺭﺍﺀ
ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﻭﻥ ﻭﺍﻟﻜﻨﺩﻴﻭﻥ ﻭﺍﻟﻴﺎﺒﺎﻨﻴﻭﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺘﻘﻭل ﺍﻟﺠﺭﻴﺩﺓ ﺇﻨﻬﻡ ﺴﻴﺘﺸﺎﻭﺭﻭﻥ ﺤﻭل ﺃﺤﺴﻥ ﻁﺭﻴﻘﺔ
ﻹﻨﻘﺎﺫ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﺘﻌﻴﺵ ﻤﻨﺫ ٢٥٠٠ﺴﻨﺔ ﻤﺤﺼﻨﺔ ﻜﻌﺵﹼ ﺍﻟﻨﺴﺭ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﺎﻟﻲ ..ﻤﻌﺠﺯﺓ ﺃﺒﺩﻋﻬﺎ ﺍﻟﺤﺠﺭ
ﻭﺃﻓﺴﺩﻫﺎ ﺍﻟﺒﺸﺭ.
ﻟﻡ ﺃﺤﻙِ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻤﻥ ﻜلّ ﻫﺫﺍ ﻟﻔﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ .ﻜﺎﻥ ﻴﻜﻔﻲ ﻤﺎ ﻴﻨﺘﻅﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﻜﻭﺍﺒﻴﺱ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ.
ﺘﻘﺎﺴﻤﻨﺎ ﺭﻭﺯﻨﺎﻤﺔ ﺍﻟﺘﻔﺎﺼﻴل ﺍﻟﻤﺯﻋﺠﺔ ﻟﻠﻤﻭﺕ ،ﺫﻫﺒﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻟﺘﺘﺎﺒﻊ ﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭﻴﺔ ،ﺒﻤﺎ
ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﺭﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻭﺍﺴﺘﻼﻡ ﺃﺸﻴﺎﺀ ﺯﻴﺎﻥ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺫﻫﺒﺕ ﺃﻨﺎ ﻷﻨﻬﻲ ﺒﻌﺽ ﻤﺎ ﺘﺄﺨﺭ
ﻤﻥ ﻤﺸﺎﻏﻠﻲ ،ﻭﻤﺭﺍﺠﻌﺔ ﺍﻟﺨﻁﻭﻁ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ.
ﻟﻔﺭﻁ ﺇﻤﻌﺎﻨﻲ ﻓﻲ ﺇﻏﻔﺎل ﺍﻟﺤﺏ ،ﻜﺎﻥ ﻴﺄﺘﻴﻨﻲ ﻤﺘﻨﻜﺭﺍﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ،ﺤﻴﻥ ﻻ ﺃﺘﻭﻗﻌﻪ .ﻜﻴﻑ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ
ﻗﺘل ﺍﻟﺤﺏ ﻤﺭﺓ ﻭﺍﺤﺩﺓ ،ﺩﻓﻌﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ،ﻭﻫﻭ ﻟﻴﺱ ﺒﻴﻨﻙ ﻭﺒﻴﻥ ﺸﺨﺹ ﻭﺍﺤﺩ .ﺇﻨﻪ ﺒﻴﻨﻙ ﻭﺒﻴﻥ ﻜل
ﻤﺎ ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺒﻪ.
ﻋﻨﺩ ﺒﺎﺏ ﺍﻟﺭﻭﺍﻕ ﻗﺎﺒﻠﻨﻲ ﻤﻠﺼﻕ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺼﻭﺭﺓ ﺇﺤﺩﻯ ﻟﻭﺤﺎﺕ ﺯﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﺜل ﺒﺎﺒﺎﹰ
ﻋﺘﻴﻘﺎﹰ ﻨﺼﻑ ﻤﻔﺘﻭﺡ ،ﻭﻗﺩ ﻭﻀﻊ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻠﻰ ﺯﺍﻭﻴﺘﻪ ﺍﻟﻴﺴﺭﻯ ﻭﺸﺎﺡ ﺤﺩﺍﺩ ﻴﻌﻠﻥ ﻤﻭﺕ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ.
ﻭﻗﻔﺕ ﺃﺘﺄﻤﻠﻪ ﻟﺤﻅﺎﺕ ﻜﺄﻨﻲ ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺃﺘﺄﻜﺩ ﻤﻥ ﺼﺩﻕ ﺍﻟﺤﺩﺙ.
ﺍﺴﺘﻘﺒﻠﺘﻨﻲ ﻜﺎﺭﻭل ﺒﻤﻭﺩﺓ .ﻜﺎﻨﺕ ﻤﺘﺄﺜﺭﺓ ﻟﻤﻭﺕ ﺯﻴﺎﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻋﺭﻓﺘﻪ ﻤﻨﺫ ﻤﺠﻴﺌﻪ ﺇﻟﻰ ﻓﺭﻨﺴﺎ .ﺩﻋﺘﻨﻲ
ﺇﻟﻰ ﻤﻜﺘﺒﻬﺎ ،ﻤﻌﺒﺭﺓﹰ ﻋﻥ ﺃﻟﻤﻬﺎ ﻷﻨﻪ ﻟﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻨﺘﻬﺎﺀ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ ﻜﻌﺎﺩﺘﻪ .ﺃﻤﺩﺘﻨﻲ ﺒﺎﻟﻤﺒﻠﻎ
ﺍﻟﺫﻱ ﺩﻓﻌﺘﻪ ﻴﻭﻡ ﺍﺸﺘﺭﻴﺕ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ،ﻭﻗﺎﻟﺕ:
-ﺁﺴﻔﺔ ،ﻟﻡ ﺘﺴﺘﻤﺘﻊ ﺤﺘﻰ ﺒﺎﻤﺘﻼﻜﻬﺎ ﻟﻔﺘﺭﺓ.
ﻗﻠﺕ:
-ﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﺫﺍ ﺃﻓﻀل .ﺭﺒﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﺘﻌﻭﺩﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﺃﻭ ﺘﻌﻭﺩﺕ ﻫﻲ ﻋﻠﻲ .ﻏﻴﺭﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ
ﺼﺎﺤﺒﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﻐﻴﺭ ﻤﻜﺎﻨﻬﺎ ،ﺍﻨﺘﻘﻠﺕ ﻤﻥ ﻤﻠﻜﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺨﺭﻯ ,ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺤﺘﹼﻰ ﺃﻥ ﺘﻨﺘﺒﻪ ﻟﺫﻟﻙ!
ﻟﻡ ﺃﺤﺎﻭل ﺃﻥ ﺃﻋﺭﻑ ﻤﻥ ﺍﺸﺘﺭﺍﻫﺎ .ﺘﺭﻜﺘﻬﺎ ﺸﺎﻜﺭﺍﹰ ،ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻓﻜﺭ ﻓﻲ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﺴﺘﻌﻴﺩ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﺒﻠﻎ ،ﻻ
ﺜﻤﻥ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ،ﺒل ﺜﻤﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺠﺎﺌﺯﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺄﻨﻨﻲ ﺤﺼﻠﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻷﻤﻭل ﺒﺄﻓﻀل ﺼﻭﺭﺓ ﻟﻠﻤﻭﺕ
ﻓﺎﺠﻌﺔ ﻤﻭﺕ ﺁﺨﺭ .ﻟﻘﺩ ﺍﺯﺩﻫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻋﻨﺩﻨﺎ ﻭﺃﺜﺭﻯ ﺤﺘﹼﻰ ﺼﺎﺭ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻪ ﺃﻥ ﻴﻤﻭل ﻨﻔﺴﻪ!
ﻟﻡ ﻴﻔﺎﺠﺌﻨﻲ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻗﻭﻡ ﺒﺠﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ ﺃﻻ ﺃﺭﻯ ﺃﺤﺩﺍﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻭﺍﺭ .ﻻ ﺃﻅﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻭﻗﺘﺎﹰ ﻻﺭﺘﻴﺎﺩ
ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ..ﻭﻻ ﻭﻗﺘﺎﹰ ﻟﻠﻤﻭﺕ.
ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﺭﺍﺒﻌﺔ ﺫﺍﺕ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺃﺴﺒﻭﻉ ،ﻤﻥ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺴﻨﺔ ،ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻤﺸﻐﻭﻟﻭﻥ ﺒﺈﻋﺩﺍﺩ ﺃﻓﺭﺍﺤﻬﻡ.
ﻓﻬل ﺘﻌﻤﺩ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻔﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻨﺸﻐﺎل ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻋﻨﻪ ﺤﺘﻰ ﻴﺘﺴﻠلّ ﻤﻥ ﻗﺒﻀﺘﻬﺎ؟
ﻟﻡ ﺃﺤﺯﻥ ﻟﺨﻠﻭ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ .ﺒل ﺴﻌﺩﺕ ﻷﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻟﻲ ﻭﺤﺩﻱ .ﺸﻌﺭﺕ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﻤﺘﻠﻙ ﻜلّ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ
ﻟﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﻗﺕ ،ﻓﻲ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭ ﺃﻥ ﺃﺨﺴﺭﻫﺎ ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ .ﻭﺤﺩﻫﻡ ﺍﻷﺜﺭﻴﺎﺀ ﻴﺭﻓﻀﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﺘﻡ ﻋﻤﻠﻴﺔ
ﺍﻤﺘﻼﻜﻬﻡ ﻟﻠﻭﺤﺔ ﺒﻌﻴﻭﻥ ﺍﻟﻘﻠﺏ.
ﻜﻨﺕ ﺴﻌﻴﺩﺍﹰ ،ﻷﻨﻨﻲ ﻜﻨﺕ ﻫﻨﺎﻙ ﻷﻓﻌل ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻤﻨﻴﺘﻪ ﻭﻟﻡ ﻴﺤﺩﺙ ،ﺃﻥ ﺃﺘﺠﻭل ﻓﻲ ﻫﺫﺍ
ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ ﻤﻊ ﺯﻴﺎﻥ.
ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻪ ﺤﺘﻤﺎﹰ ﺴﻴﺤﻀﺭ ،ﻓﻼ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺨﻠﻑ ﻤﻭﻋﺩﺍﹰ ﻤﻊ ﻟﻭﺤﺎﺕٍ ﺘﺘﺸﻭﻕ ﻹﻨﺯﺍﻟﻬﺎ ﻤﻥ ﺃﺯﺍﻤﻴل
ﺍﻟﺼﻠﺏ ﻭﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻜﻨﻑ ﺭﺴﺎﻤﻬﺎ.
ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻤﺸﻐﻭل ﻋﻨﻪ .ﻭﻫﻭ ﻴﻤﻠﻙ ﺃﺨﻴﺭﺍﹰ ﻜل ﺍﻟﻭﻗﺕ .ﻭﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺘﻭﻗﹼﻑ ﻟﻨﺘﺤﺩﺙ ﻁﻭﻴﻼﹰ ﺃﻤﺎﻡ ﻜل
ﻟﻭﺤﺔ ،ﻟﻭﻻ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻭﻗﺕ ﻟﻲ ،ﻭﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺒﻤﺎﺫﺍ ﺃﺒﺭﺭ ﻟﻪ ﺍﻨﺸﻐﺎﻟﻲ ،ﻭﻀﺭﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﺃﺘﺭﻜﻪ
ﺒﻌﺩ ﺤﻴﻥ ﻗﺒل ﺃﻥ ﺘﻐﻠﻕ ﺍﻟﺨﻁﻭﻁ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ﻤﻜﺎﺘﺒﻬﺎ.
ﺴﻴﻠﻌﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺨﻁﻭﻁ ﻭﻴﺴﺄﻟﻨﻲ " ﻤﺎﺫﺍ ﺃﻨﺕ ﺫﺍﻫﺏ ﻟﺘﻔﻌل ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺒﻠﺩ ..ﺃﺜﻤﺔ ﻤﻬﺒﻭل ﻴﺫﻫﺏ
ﻟﻘﻀﺎﺀ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻫﻨﺎﻙ؟".
ﻭﻟﻥ ﺃﺠﺩ ﻤﺎ ﺃﺠﻴﺒﻪ ﺒﻪ .ﺜﻡ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻟﻥ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﺴﺘﺒﻘﺎﺌﻲ ﺃﻜﺜﺭ ،ﺴﻴﻭﺩﻋﻨﻲ ﻜﻌﺎﺩﺘﻪ ﻗﺎﺌﻼﹰ "
ﺴﻨﻭﺍﺼل ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻏﺩﺍﹰ" ،ﻤﻀﻴﻔﺎﹰ ﺒﻌﺩ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻤﺕ " ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻟﺩﻴﻙ ﻭﻗﺕ".
ﻜﺎﻨﺕ ﻫﺫﻩ ﻁﺭﻴﻘﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺭﻓﻊ ﻋﻥ ﺍﺴﺘﺠﺩﺍﺀ ﺯﻴﺎﺭﺓ.
ﻟﻜﻥ ﺃﺯﻓﺕ ﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﺭﺤﻴل ﻴﺎ ﺼﺩﻴﻘﻲ .ﻟﻘﺩ ﺍﻨﺘﻬﻰ ﻭﻗﺕ ﺍﻟﺯﻴﺎﺭﺓ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ .ﻟﻡ ﻴﺒﻕ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻗﺕِ ﺤﺘﻰ
ﻤﺎ ﻴﻐﻁﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺯﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺒﺭﻤﺠﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎﻓﻲ .ﻤﺎﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻴﺎ ﻋﺯﻴﺯﻱ .ﺃﻨﺕ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ " ﺍﻟﻭﻗﺕ
ﺍﻟﻤﺠﻤﺩ".
ﺒﻘﻴﺕ ﺃﺘﺤﻴﻥ ﺍﻟﻔﺭﺼﺔ ﻷﺴﺄل ﺯﻴﺎﻥ ﻋﻥ ﺘﻔﺎﺼﻴل ﻤﻭﺕ ﺍﺒﻥ ﺃﺨﻴﻪ ﻻﻋﺘﻘﺎﺩﻱ ﺃﻥ ﺘﻔﺎﺼﻴل ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﻴﺘﺔ
ﺩﻤﺭﺘﻪ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻨﻔﺴﻪ.
ﻜﻨﺎ ﻨﺘﺤﺩﺙ ﻤﺭﺓ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﺔ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻗﺎل ﺯﻴﺎﻥ ﺒﺘﻬﻜﻡ ﺃﺴﻭﺩ:
-ﺃﺼﺒﺢ ﻀﺭﻭﺭﻴﺎﹰ ﺍﺼﺩﺍﺭ ﻜﺎﺘﻭﻟﻭﻍ ﻟﻠﻤﻭﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻴﺨﺘﺎﺭ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﻓﻲ ﻗﺎﺌﻤﺔ ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﺕ
ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻀﺔ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﻤﻭﺘﻪ.ﻤﺴﺘﻔﻴﺩﺍﹰ ﻤﻥ ﺠﻬﺩ ﺃﻤﺔ ﺘﻔﻭﻗﺕ ﻓﻲ ﺘﻁﻭﻴﺭ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﻭﺕ .ﻓﻘﺩ ﺘﺨﺘﺎﺭ ﺒﺩل
ﺃﻥ ﺘﻤﻭﺕ ﻤﻴﺘﺔ ﻜﺭﺩﻴﺔ ﻤﺭﺸﻭﺸﺎﹰ ﻜﺎﻟﺤﺸﺭﺓ ﺒﺎﻟﻤﺒﻴﺩﺍﺕ ﺍﻟﻜﻴﻤﺎﻭﻴﺔ ،ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﻙ ﺸﺭﻑ ﺍﻟﻤﻭﺕ
ﺒﺎﻟﻤﺴﺩﺱ ﺍﻟﺫﻫﺒﻲ ﻵﻟﻪ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻨﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﺃﺤﺩ ﺃﺒﻨﺎﺌﻪ .ﻭﻗﺩ ﺘﻔﻀل ﺒﺩل ﺃﻥ ﺘﺴﻠﱠﻡ ﺤﻴﺎﹰ ﻟﺘﻨﻬﺸﻙ
ﺍﻟﻜﻼﺏ ﺍﻟﺠﺎﺌﻌﺔ ،ﻭﺘﺩﻭﺭ ﺒﺄﺤﺸﺎﺌﻙ ﻓﻲ ﺴﺎﺤﺔ ﺴﺠﻥٍ ﻜﻤﺎ ﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺴﺠﻭﻥ ﻤﻐﺎﺭﺒﻴﺔ ،ﺃﻥ ﺘﺤﻔﺭ
ﺒﻨﻔﺴﻙ ﻗﺒﺭﻙ ﻭﺘﺘﻤﺩﺩ ﻓﻴﻪ ﺒﻤلﺀ ﺇﺭﺍﺩﺘﻙ ،ﻓﻴﺫﺒﺤﻙ ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻭﻥ ﻭﺃﻨﺕ ﻤﺴﺘﻠﻕٍ ﻓﻲ ﻭﻀﻌﻙ ﺍﻟﻨﻬﺎﺌﻲ
ﺍﻟﻤﻔﻀل.
ﺇﻤﻜﺎﻨﻙ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﺃﻥ ﻻ ﺘﻤﻭﺕ ﺩﻓﻌﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ .ﺜﻤﺔ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﻋﺭﺒﻴﺔ ﺘﻘﺩﻡ ﺘﺴﻬﻴﻼﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﻓﺘﻠﻘﻤﻙ
ﺇﻴﺎﻩ ﺍﺒﺘﺩﺍﺀﺍﹰ ﻤﻥ ﻗﻠﻊ ﺍﻷﻅﺎﻓﺭ ﻭﺤﺭﻕ ﺍﻷﺼﺎﺒﻊ ﺒﺎﻷﺴﻴﺩ ،ﺇﻥ ﻜﻨﺕ ﺼﺤﺎﻓﻴﺎﹰ ,ﻭﺍﻨﺘﻬﺎﺀ ﺒﺴﻤل ﺍﻟﻌﻴﻭﻥ
ﻭﺒﻘﺭ ﺍﻟﺒﻁﻭﻥ ﺤﺴﺏ ﻤﺯﺍﺝ ﺴﻔﺎﺤﻙ.
ﻜﺎﻥ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﺒﻤﺭﺍﺭﺓ ﺍﻻﺴﺘﺨﻔﺎﻑ .ﺠﻤﻌﺕ ﺸﺠﺎﻋﺘﻲ ﻭﻗﻠﺕ:
-ﺁﺴﻑ ،ﺴﻤﻌﺕ ﺒﺎﻏﺘﻴﺎل ﺍﺒﻥ ﺃﺨﻴﻙ ..ﻜﻴﻑ ﺤﺩﺙ ﺫﻟﻙ؟
ﻗﺎل ﻭﻗﺩ ﺒﺎﻏﺘﻪ ﺍﻟﺴﺅﺍل:
-ﺴﻠﻴﻡ؟
ﺜﻡ ﻭﺍﺼل ﺒﻌﺩ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻤﺕ:
-ﻤﺎﺕ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻤﺭﺓ ..ﺁﺨﺭﻫﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺒﺎﻟﺭﺼﺎﺹ.
ﻜﺎﻥ ﻭﺍﻀﺤﺎﹰ ﺃﻨﻨﻲ ﻭﻀﻌﺕ ﻴﺩﻱ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻊ ﻁﺎﺯﺝ .ﻟﻡ ﺃﻀﻑ ﺸﻴﺌﺎﹰ ،ﺘﺭﻜﺕ ﻟﻪ ﺤﺭﻴﺔ ﺃﻥ ﻴﺼﻤﺕ ﺃﻭ
ﺃﻥ ﻴﻭﺍﺼل.
ﻭﻜﺈﻨﺎﺀ ﻴﻁﻔﺢ ﺤﺯﻨﺎﹰ ﺘﺩﻓﻕ:
-ﻤﻥ ﺒﻴﻥ ﻜل ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﻴﺸﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻤﺭ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻴﺘﺔ ﺴﻠﻴﻡ ﻫﻲ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺃﻟﻤﺎﹰ .ﺤﺘﻰ
ﻤﻭﺕ ﺃﺒﻴﻪ ﻭﻫﻭ ﺃﺨﻲ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻲ .ﺸﺎﺏ ﻭﺠﺩ ﻨﻔﺴﻪ ﻴﺘﻴﻤﺎﹰ ﻋﻨﺩﻤﺎ
ﻗﺘل ﺭﺠﺎل ﺍﻷﻤﻥ ﺃﺒﺎﻩ ﻓﻲ ﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ٨٨ﻓﺭﺍﺡ ﻴﺩﺭﺱ ﻟﻴﻼﹰ ﻨﻬﺎﺭﺍﹰ ﻟﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺒﺴﺭﻋﺔ ﺇﻋﺎﻟﺔ ﺃﻤﻪ
ﻭﺃﺨﻭﻴﻪ ،ﺤﺘﻰ ﺇﻨﻪ ﻟﺘﻔﻭﻗﻪ ﺍﺴﺘﻁﺎﻉ ﺩﺨﻭل ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﻜﻭﺍﺩﺭ .ﻜﺎﻥ ﺸﺎﺒﺎﹰ ﻤﻭﻟﻌﺎﹰ
ﺒﺎﻟﻌﻠﻡ ,ﻓﺄﺭﺴﻠﺘﻪ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻟﻔﺭﻨﺴﺎ ﻟﻤﺩﺓ ﺴﺘﺔ ﺃﺸﻬﺭ ﻟﻠﺩﺭﺍﺴﺔ ،ﻜﻲ ﻴﺘﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﺇﺩﺨﺎل ﻨﻅﺎﻡ
ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺘﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﺠﻤﺎﺭﻙ ﻓﻲ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﺴﺘﻠﻡ ﻭﻅﻴﻔﺔ ﻜﺎﻥ ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻭﻥ ﻗﺩ ﺒﺩﺃﻭﺍ ﻓﻲ ﻗﺘل ﻤﻭﻅﹼﻔﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﺒﻌﺩﻤﺎ ﺍﺴﺘﺸﻌﺭ ﺒﺎﻟﺨﻁﺭ
ﺇﺜﺭ ﺍﻏﺘﻴﺎل ﺯﻤﻴﻠﻴﻥ ﻟﻪ ،ﺒﺩﺃ ﺇﻟﺤﺎﺤﻪ ﺒﺎﻟﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﺒﺴﻜﻥ ﺃﻤﻨﻲ ،ﻓﺄﻋﻁﻭﻩ ﺒﻴﺘﺎﹰ ﻤﻨﻔﻴﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﻤﺸﺎﺭﻑ
ﺠﺒل ﺍﻟﻭﺤﺵ .ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻤﺭﺘﺎﺤﺎﹰ ﺇﻟﻴﻪ ،ﺘﺼﻭﺭ ﻤﺴﻜﻨﺎﹰ ﺃﻤﻨﻴﺎﹰ ﺩﻭﻥ ﻫﺎﺘﻑ ..ﺒﻤﺤﺎﺫﺍﺓ ﻏﺎﺒﺔ! ﺃﺼﺒﺢ ﻜل
ﻫﻡ ﺴﻠﻴﻡ ﺘﻭﻓﻴﺭ ﻤﺒﻠﻎ ﻤﻥ ﻤﻌﺎﺸﻪ ﻟﺘﺼﻔﻴﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ،ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺒﻠﻎ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﺜﺭﻭﺓ ﺼﻐﻴﺭﺓ،
ﻭﻜﺎﻥ ﺒﺎﺴﺘﻁﺎﻋﺘﻪ ﻟﻭ ﺸﺎﺀ ﺍﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﺃﻀﻌﺎﻓﻪ ﻟﻭ ﺃﻨﻪ ﻁﺎﻟﺏ ﺒﻌﻤﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﺩﺍﺕ
ﺍﻟﺘﻲ ﻜﻠﹼﻑ ﺒﺸﺭﺍﺌﻬﺎ ﻤﻥ ﻓﺭﻨﺴﺎ .ﻟﻜﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻨﺯﻴﻬﺎﹰ ﺒﺎﻟﻭﺭﺍﺜﺔ ،ﻤﺘﺭﻓﻌﺎﹰ ﻭﻗﻨﻭﻋﺎﹰ ﻭﻜﺎﻥ ﻴﺤﺏ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ.
ﻭﻟﺫﺍ ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﺍﻟﻨﻬﺏ ﺍﻟﻤﺅﺩﻟﺞ ﻭﺸﺭﻋﺔ ﺍﻟﻠﺼﻭﺼﻴﺔ ﻜﺎﻥ ﻴﻘﺘﻁﻊ ﻤﺒﻠﻐﺎﹰ ﻤﻥ ﻤﺭﺘﺒﻪ ﻜﻲ ﻴﺘﻤﻜﻥ ﻓﻲ
ﻟﻬﺎﺙ ﺍﻟﻜﺩﺡ ﺍﻟﻴﻭﻤﻲ ،ﺃﻥ ﻴﻅﻔﺭ ﺒﺒﺎﺏ ﻴﺤﻤﻴﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ.
ﻟﻜﻨﻬﻡ ﺠﺎﺅﻭﻩ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﻋﺘﻘﺩ ﺃﻨﻪ ﻅﻔﺭ ﺒﺎﻷﻤﺎﻥ .ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﺤﺎﺩﻴﺔ ﻋﺸﺭﺓ ﻟﻴﻼﹰ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺤﻁﹼﺕ
ﻜﺘﻴﺒﺔ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺨﻠﻑ ﺒﺎﺒﻪ ﺍﻟﻤﺼﻔﺢ ,ﺘﻤﺎﻤﺎﹰ ﺒﻌﺩ ﺒﺩﺀ ﻤﻨﻊ ﺍﻟﺘﺠﻭل ﺒﻘﻠﻴل .ﻤﻁﻤﺌﻨﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻻ ﺃﺤﺩ
ﺴﻴﺄﺘﻲ ﺒﻌﺩ ﺍﻵﻥ ﻟﻨﺠﺩﺘﻪ ,ﻭﻤﺴﺘﻔﻴﺩﻴﻥ ﻤﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺒﻠﺒﻠﺔ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩﺓ ،ﺇﺫ ﻻ ﺃﺤﺩ ﻴﺩﺭﻱ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﺭﺠﺎل ﺍﻷﻤﻥ ﻫﻡ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺤﺎﻭﻟﻭﻥ ﺩﺨﻭل ﺒﻴﺕٍ ﺘﺤﺼﻥ ﻓﻴﻪ ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻭﻥ ،ﺃﻭ
ﺍﻷﺭﻫﺎﺒﻴﻭﻥ ﻫﻡ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻬﺎﺠﻤﻭﻥ ﺒﻴﺘﺎﹰ ﻷﺤﺩ ﻀﺤﺎﻴﺎﻫﻡ.
ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﻓﻴﻠﻡ ﺃﻤﺭﻴﻜﻲ ﻟﻠﺭﻋﺏ ﻴﻘﻑ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻀﺤﻴﺔ ﺃﻋﺯل ﺨﻠﻑ ﺒﺎﺏ ﺘﺤﻜﻤﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﺭﻑ ﺍﻵﺨﺭ
ﻭﺤﻭﺵ ﺒﺸﺭﻴﺔ،ﺠﺎﺅﻭﺍ ﺒﻌﺩﺓ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻭﻜل ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻁﻭﺭﺓ ﻟﻔﺘﺢ ﺍﻷﺒﻭﺍﺏ ﺼﺎﺭﺨﻴﻥ ﺒﻪ ﺃﻥ ﻴﻔﺘﺢ،
ﻓﻼ ﻴﻔﻌل ﻤﻁﻤﺌﻨﺎﹰ ﺇﻟﻰ ﺒﺎﺒﻪ ﺍﻟﻤﺼﻔﹼﺢ.
ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻓﻲ ﺼﺤﺒﺘﻬﻡ .ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻫﻡ ﺍﻟﻤﻭﺕ .ﺃﺭﺒﻊ ﺴﺎﻋﺎﺕ ﻭﻨﺼﻑ ﻭﺍﻟﻤﻭﺕ ﺨﻠﻑ ﺍﻟﺒﺎﺏ
ﻴﺘﺤﺩﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺇﻴﻘﺎﻉ ﺍﻟﻔﺅﻭﺱ ﻭﺯﻤﺠﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﻭل ﺒﺎﻟﺸﺘﺎﺌﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﺒﺎﺕ ﺃﻥ ﻴﻔﺘﺢ " ﺤلّ ﻴﺎ ﻗﻭﺍﺩ ..ﻴﺎ
ﺭﺨﻴﺹ ..ﺠﻴﻨﺎﻙ ﻴﺎ ﻜﺎﻓﺭ ..ﻴﺎ ﻋﺩﻭ ﺍﷲ".
ﻓﻴﺭﺩ ﺍﻟﻘﻠﺏ ﺨﻠﻑ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺒﺎﻟﺩﻋﻭﺍﺕ ﻋﺴﻰ ﻴﺤﻤﻴﻪ ﺭﺏ ﺍﻷﺒﻭﺍﺏ .ﻟﻡ ﻴﺸﻔﻊ ﻟﻪ ﻨﺤﻴﺏ ﺯﻭﺠﺘﻪ ﻭﻻ
ﻋﻭﻴل ﺼﻐﻴﺭﻩ ﻭﻻ ﺠﺎﺀ ﺃﺤﺩ ﻟﻨﺠﺩﺘﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻴﺭﺍﻥ .ﻻ ﺴﻤﻊ ﺍﻟﺒﻭﻟﻴﺱ ﻭﻻ ﺴﻤﻊ ﺍﷲ ﺒﺭﻏﻡ
ﺍﻷﺼﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺩﻭﻴﺔ ﻟﻶﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﻔﺘﺤﻭﻥ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﺒﺎﺏ .ﻭﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻤﺎﺕ ﺴﻠﻴﻡ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻤﺭﺓ ،ﺒﺩﺃ
ﻴﺴﺘﻌﺩ ﻟﻤﻭﺘﻪ ﺍﻷﺨﻴﺭ .ﻓﻜﻠﻤﺎ ﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻭﺍﺯﺩﺍﺩ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻗﺘﺭﺍﺒﺎﹸ ﻤﻨﻪ ،ﺍﺯﺩﺍﺩ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ﻋﺼﺒﻴﺔ ﻭﺍﺯﺩﺍﺩ
ﻭﻋﻴﺩﻫﻡ ﺒﺎﻟﺘﻨﻜﻴل ﺒﻪ.
ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻜل ﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻜﺎﻥ ﻴﺭﺘﺠﻑ .ﺍﻟﺨﺎﺌﻑ ﻤﻥ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻭﻋﻠﻰ ﻜلّ ﺸﻲﺀ ،ﻤﻥ ﺃﻴﻥ ﺘﺄﺘﻴﻪ
ﺸﺠﺎﻋﺔ ﺍﻟﻀﻌﻑ ﻟﻴﻔﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻭﻴﺭﺘﺎﺡ؟ ﻤﻥ ﺃﻴﻥ ﺘﺄﺘﻴﻪ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻟﺤﻅﺔ ﺨﻭﻑ ،ﻟﻴﻌﺭﻑ ﻜﻴﻑ ﻋﻠﻴﻪ
ﺃﻥ ﻴﺘﺼﺭﻑ؟ ﻤﺎﺫﺍ ﻴﻨﻘﺫ ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﻔﺘﺢ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺒﺎﺏ؟
ﻤﺎ ﺍﺴﺘﻁﺎﻉ ﺃﻥ ﻴﺤﻤل ﺍﺒﻨﻪ ﺫﺍ ﺍﻟﺴﻨﻭﺍﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺒﻴﻥ ﺫﺭﺍﻋﻴﻪ ﺍﻟﻤﺭﺘﺠﻔﺘﻥ .ﻓﺠﻠﺱ ﻤﻨﻬﺎﺭﺍﹰ ﻋﻠﻰ
ﻜﺭﺴﻲ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺍﺒﻨﻪ ﻤﺘﻤﺴﻜﺎﹰ ﺒﺭﺠﻠﻪ ،ﻜﺎﻥ ﻴﻭﺼﻲ ﺍﻤﺭﺃﺘﻪ ﻜل ﻤﺭﺓ ﺒﺸﻲﺀ ﻴﺘﺫﻜﺭﻩ .ﻤﺭﺓﹰ ﺃﻥ
ﺘﻘﺒل ﺃﻤﻪ ﻋﻨﻪ ﻭﺃﻥ ﺘﻁﻠﺏ ﻤﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺴﺎﻤﺤﻪ ﻭﺃﻥ ﺘﺩﻋﻭ ﻟﻪ ﺒﺎﻟﺭﺤﻤﺔ .ﻭﻤﺭﺓ ﺃﻥ ﺘﺴﻠﹼﻡ ﻋﻠﻲ ﻭﺃﻥ
ﺘﻭﺼﻴﻨﻲ ﺒﻌﺩ ﺍﻵﻥ ﺒﺎﺒﻨﻪ .ﻭﻤﺭﺓ ﺃﻥ ﺘﻌﺘﺫﺭ ﻟﺯﻤﻴل ﻟﻪ ﺍﺴﺘﺩﺍﻥ ﻤﻨﻪ ﻤﺎﻻﹰ ،ﻁﺎﻟﺒﺎﹰ ﻤﻨﻬﺎ ﺴﺩﺍﺩﻩ ﺇﻥ ﻫﻲ
ﺤﺼﻠﺕ ﻋﻠﻰ " ﺩﻴﺔ" ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎﺭﻙ.
ﻭﻫﻨﺎ ﺭﺃﻴﺕ ﺯﻴﺎﻥ ﻴﺩﻤﻊ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ:
-ﺘﺼﻭﺭ ..ﺭﺠﻼﹰ ﻋﻠﻰ ﺤﺎﺠﺘﻪ ﻴﻭﺼﻲ ﺍﻤﺭﺃﺘﻪ ﻓﻲ ﻅﺭﻑ ﻜﺫﺍﻙ ﺒﺭﺩ ﺩﻴﻨﻪ ﺒﻌﺩ ﻤﻭﺘﻪ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺴﺎﺩﺓ
ﻟﻬﻡ ﻤﺩﺨﻭل ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺜﺙ ﻴﻨﻬﺒﻭﻥ ﻭﻁﻨﺎﹰ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻴﻤﻭﺘﻭﻥ.
-ﻭﻜﻴﻑ ﻗﹸﺘل ﺴﻠﻴﻡ؟
-ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭﺍﻟﻨﺼﻑ ﻓﺠﺭﺍﹰ ﻨﺠﺢ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻓﻲ ﺨﻠﻊ ﺍﻟﺒﺎﺏ ،ﻜﺎﻥ ﻤﻨﻬﺎﺭﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﺭﻜﺒﺘﻴﻪ .ﺭﺍﺡ
ﻴﺘﻀﺭﻉ ﻟﻬﻡ ﺤﺘﻰ ﻻ ﻴﻘﺘﻠﻭﻩ ﺃﻤﺎﻡ ﺼﻐﻴﺭﻩ .ﺴﺤﺒﻭﻩ ﺨﺎﺭﺝ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻭﺃﻁﻠﻘﻭﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺍﺒﻼﹰ ﻤﻥ
ﺍﻟﺭﺼﺎﺹ ،ﻤﺭﻀﺎﺓ ﻟﺼﺒﺭ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻫﻴﻥ ﺃﻤﺎﻡ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺤﻜﻡ ﻷﺭﺒﻊ ﺴﺎﻋﺎﺕ ﻭﻨﺼﻑ.
ﻜﺎﻥ ﺠﺴﺩﻩ ﻤﺨﺭﻤﺎﹰ .ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻤﻌﺭﻜﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﻴﺎﻡ ﺍﻟﻼﺤﻘﺔ ﻤﻊ ﺍﻹﺴﻤﻨﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺸﺒﺙ ﺒﺩﻤﺎﺌﻪ.
ﺃﺘﺴﺎﺀل ﺍﻵﻥ ،ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻤﻔﺘﺎﺡ ﺸﻴﻔﺭﺓ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﻴﻭﺠﺩ ﻓﻲ ﻗﺼﺔ ﺭﺠل ﻭﻀﻊ ﻜل ﻤﺩﺨﺭﺍﺘﻪ
ﻓﻲ ﺘﺼﻔﻴﺢ ﺒﺎﺏ ﻟﻴﺭﺩ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﻭﺇﺫ ﺒﻪ ﻟﻡ ﻴﺸﺘﺭ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺴﻭﻯ ﺘﻤﺩﻴﺩ ﻟﻌﺫﺍﺏ ﻤﻭﺘﻪ .ﺃﻟﻡ
ﻴﻜﻥ ﺯﻴﺎﻥ ﻴﺭﻴﺩ ﻓﻘﻁ ﺃﻥ ﻴﻭﺤﻲ ﺃﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﻜل ﺒﺎﺏ ﻤﻭﺕ ﻤﺘﺭﺒﺹ.
ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺏ ﻤﺘﺴﻊ ﻟﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻷﻟﻡ ،ﻭﻻ ﻜﺎﻥ ﻟﺩﻱ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻷﻓﺘﺢ ﺤﻭﺍﺭﺍﹰ ﻤﻊ ﻜل ﻟﻭﺤﺔ ﻋﻠﻰ
ﺤﺩﺓ .ﺫﻫﺒﺕ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﻨﺤﻭﻫﺎ ﻫﻲ .ﺸﻌﺭﺕ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ ﻤﻭﻋﺩ ﻤﻊ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻤﺘﺯﻭﺠﺔ ﻤﻥ
ﻏﻴﺭﻱ .ﻜﻤﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﺃﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ ﻤﻭﺍﻋﻴﺩ ﺤﻴﺎﺓ .ﻓﻬل ﺘﻨﺘﻤﻲ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﺇﻟﻰ ﻤﺅﺴﺴﺔ
ﺍﻟﺨﺎﺘﻡ ﻭﺍﻹﺼﺒﻊ؟ ﻫل ﻫﻲ ﻤﻠﻙ ﻤﻥ ﻴﻤﺘﻠﻜﻬﺎ ..ﺃﻡ ﻤﻥ ﻴﺭﺍﻫﺎ؟ ﻤﻠﻙ ﻤﻥ ﻴﺤﺒﻬﺎ؟ ﺃﻡ ﻤﻥ ﻴﻤﻠﻙ ﺍﻟﻤﺎل
ﻓﻴﺸﺘﺭﻴﻬﺎ؟ ﻭﻤﺎﺫﺍ ﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﻟﻤﻥ ﺨﺴﺭﻫﺎ ،ﻷﻨﻪ ﻭﺤﺩﻩ ﻤﻥ ﻴﺸﺘﻬﻴﻬﺎ!
ﺃﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻤﻘﺩﻭﺭﻱ ﺘﻔﺎﺩﻱ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺨﺴﺎﺭﺓ؟ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﺅﺠﻠﻬﺎ ﻓﻘﻁ .ﻓﻤﺎ ﺃﻨﺎ ﺇﻻ ﻴﺩ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺓ ﻜل
ﺸﻲﺀ ﺃﻤﺘﻠﻜﻪ ،ﺘﺴﺒﻘﻨﻲ ﺇﻟﻴﻪ ﻴﺩ ،ﻭﺘﻠﻴﻨﻲ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﺨﺭﻯ ،ﻭﺠﻤﻴﻌﻨﺎ ﻴﻤﻠﻜﻪ ﺇﻟﻰ ﺤﻴﻥ.
ﺍﻷﻓﻀل ﻜﺎﻥ ﺃﻥ ﻨﺴﺘﺸﻴﺭ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺴﺘﺸﻴﺭ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻁﻼﻕ ﺍﻷﻁﻔﺎل ،ﻤﻊ ﻥ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ
ﺃﻥ ﻴﺫﻫﺒﻭﺍ ،ﻤﻊ ﺃﻤﻬﻡ؟ ﺃﻡ ﻤﻊ ﺃﺒﻴﻬﻡ؟
ﺃﻱ ﺘﺠﻥ ﻓﻲ ﺤﻕ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ،ﺃﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﻬﺎ ﺤﻕ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﻤﺎﻟﻜﻬﺎ؟ ﻜﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﻜل ﻜﺎﻨﺕ ﺴﺘﺤل ﻟﻭ
ﺃﻨﻨﺎ ﺒﺩل ﺍﺴﺘﻔﺘﺎﺀ ﺍﻟﺒﺸﺭ ,ﺍﺴﺘﻔﺘﻴﻨﺎ ﻤﺎ ﻴﺨﺘﻠﻔﻭﻥ ﺤﻭﻟﻪ ..ﻭﻴﻘﺘﺘﻠﻭﻥ ﻋﻠﻴﻪ.
ﻭﻗﻔﺕ ﺃﺘﺄﻤﻠﻬﺎ ،ﻜﺄﻨﻨﻲ ﺃﻋﺘﺫﺭ ﻟﻬﺎ ﻷﻨﻨﻲ ﻤﺎ ﺍﺴﺘﻁﻌﺕ ﺃﻥ ﺃﺤﺘﻔﻅ ﺒﻬﺎ ،ﻜﺄﻨﻨﻲ ﺒﻁﻭل ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ
ﺃﺤﺎﻭل ﺍﻏﺭﺍﺀﻫﺎ ﺒﺄﻥ ﺘﻠﺤﻕ ﺒﻲ " ﺨﻁﻴﻔﺔ" ﻜﻤﺎ ﺘﻬﺭﺏ ﻋﺭﻭﺱ ﻟﻴﻠﺔ ﺯﻓﺎﻓﻬﺎ ،ﻭﺘﻠﺘﺤﻕ ﺒﻤﻥ ﺘﺤﺏ.
ﺍﻵﻥ ﻭﻗﺩ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻟﻐﻴﺭﻱ ،ﺼﺎﺭ ﻟﻲ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻷﺠﻤل ،ﻓﻘﺩ ﺃﺼﻠﺢ ﺃﻥ ﺃﻜﻭﻥ ﻟﻬﺎ ﻋﺸﻴﻘﺎﹰ ،ﻜﻘﺴﻨﻁﻴﻨﺔ
ﺍﻟﺠﺎﻟﺴﺔ ﻤﻨﺫ ٢٥ﻗﺭﻨﺎﹰ ﻓﻲ ﺤﻀﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﺘﻤﺸﹼﻁ ﺸﻌﺭﻫﺎ ﻭﺘﻤﺩ ﻤﻥ ﻋﻠﻭ ﻋﺭﺸﻬﺎ ﺤﺩﻴﺜﺎﹰ ﻤﻊ
ﺍﻟﻨﺠﻭﻡ .ﻜﺎﻥ ﻴﻠﺯﻤﻬﺎ ﻋﺸﻴﻕ ﻴﺘﻐﺯل ﺒﻬﺎ ،ﻭﻴﺤﻨﱢﻲ ﻗﺩﻤﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﺩﻟﻴﺘﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺩﻴﺎﻥ ،ﻴﺩﻟﹼﻠﻬﺎ ،ﻴﻐﻁﻴﻬﺎ
ﻟﻴﻼﹰ ﺒﺎﻟﻘﺒل ﻜﻲ ﺘﻨﺎﻡ ..ﻻ ﺯﻭﺠﺎﹰ ﺴﺎﺩﻴﺎﹰ ﻴﻌﻭﺩ ﻜلّ ﻤﺴﺎﺀ ﺒﻤﺯﺍﺝ ﺴﻲﺀ ﻓﻴﺘﺸﺎﺠﺭ ﻤﻌﻬﺎ ﻭﻴﺸﺒﻌﻬﺎ
ﻀﺭﺒﺎﹰ!
ﺃﻟﻡ ﻴﻘل ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻕ ﻤﺘﺤﺴﺭﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﻗﺩﺭ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ " ﻫﺫﻩ ﺃﻨﺜﻰ ﺃﻜﺜﺭ ﻓﺘﻨﺔ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻷﺤﺩ،
ﻭﺃﻜﺜﺭ ﺃﺴﻁﻭﺭﺓ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺘﺤﺒل ﺒﻜلّ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺠﻨﺔ ﺍﻟﻌﺸﻭﺍﺌﻴﺔ .ﻓﻜﻴﻑ ﺃﻭﺜﻘﻭﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺠﺒﺎل..
ﻭﺃﻨﻜﺭﻭﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺘﻤﻠﻤل ﺍﻨﺯﻻﻗﺎﹰ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻏﺘﺼﺎﺏ".
ﻜﻨﹼﺎ ﺃﻨﺎ ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﻤﻨﺎﻅﺭﺓ ﺼﺎﻤﺘﺔ .ﻜﺎﻨﺕ ،ﻜﻨﺴﺎﺀ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ،ﺃﻜﺜﺭ ﺠﺒﻨﺎﹰ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺘﺤﺴﻡ ﻗﺩﺭﻫﺎ.
ﻭﻜﺎﻨﺕ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﻅﺭ ﺇﻟﻴﻙ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ﺍﻟﻤﺨﺘﺭﻗﺔ ،ﻓﺘﺘﺤﻭل ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ
ﺒﺩﻭﺭﻙ ﺇﻟﻰ ﻟﻭﺤﺔ ،ﻓﻲ ﻟﺤﻅﺔ ﻤﺎ ،ﺒﺩﺕ ﻟﻲ ﻜﺄﻨﻬﺎ ﻤﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﺠﺴﺭﺍﹰ ،ﺒل ﺃﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﺴﺨﺕ ﺠﺴﺭﺍﹰ.
ﺤﺘﻰ ﺇﻨﻬﺎ ﺫﻜﺭﺘﻨﻲ ﺒـ" ﻤﺎﻏﺭﻴﺕ" ﺤﻴﻥ ﺭﺴﻡ ﻏﻠﻴﻭﻨﺎﹰ ﻭﺴﻤﻰ ﻟﻭﺤﺘﻪ " ﻫﺫﺍ ﻟﻴﺱ ﻏﻠﻴﻭﻨﺎﹰ".
ﺃﻜﺎﻥ ﻴﻠﺯﻡ ﺯﻴﺎﻥ ﻋﻤﺭ ﺁﺨﺭ ﻟﻴﺩﺭﻙ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺫﻱ ﺭﺴﻤﻪ ﻤﻨﺫ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺜﻼﺜﻴﻥ ﺴﻨﺔ ،ﻤﺎ
ﻜﺎﻥ ﺠﺴﺭﺍﹰ ﻭﻻ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻭﻻ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﻭﻻ ﻭﻁﻨﺎﹰ .ﺫﻟﻙ ﺃﻥ " ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻟﻴﺱ ﻤﻜﺎﻨﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺇﻨﻪ ﻓﻜﺭﺓ
ﻓﻲ ﺍﻟﺫﻫﻥ".
ﺇﺫﻥ ﻤﻥ ﺃﺠل ﻓﻜﺭﺓ ،ﻻ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺃﺭﺽ ،ﻨﺤﺎﺭﺏ ﻭﻨﻤﻭﺕ ﻭﻨﻔﻘﺩ ﺃﻋﻀﺎﺀﻨﺎ ﻭﻨﻔﻘﺩ ﺃﻗﺭﺒﺎﺀﻨﺎ
ﻭﻤﻤﺘﻠﻜﺎﺘﻨﺎ .ﻫل ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺘﺭﺍﺏ؟ ﺃﻡ ﻤﺎ ﻴﺤﺩﺙ ﻟﻙ ﻓﻭﻗﻪ؟
ﺃﻨﺴﺠﻥ ﻭﻨﺸﺭﺩ ﻭﻨﻐﺘﺎل ﻭﻨﻤﻭﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻲ ﻭﻨﻬﺎﻥ ﻤﻥ ﺃﺠل ﻓﻜﺭﺓ؟
ﻭﻤﻥ ﺃﺠل ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﻤﻭﺕ ﺤﺘﻰ ﺒﻤﻭﺘﻨﺎ ﻨﺒﻴﻊ ﺃﻏﻠﻰ ﻤﺎ ﻓﻲ ﺤﻭﺯﺘﻨﺎ ،ﻜﻲ ﻨﺅﻤﻥ ﺘﺫﻜﺭﺓ
ﺸﺤﻥٍ ﻟﺭﻓﺎﺘﻨﺎ ،ﺤﺘﻰ ﻨﻌﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﻴﻭﺠﺩ ﻟﻭﻻ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﻤﺨﺎﺩﻋﺔ!
ﻜﻨﺕ ﺃﻓﻜﺭ :ﻤﺎﺍﻟﺫﻱ ﺠﻌل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﻫﻲ ﺍﻷﻫﻡ ﺩﻭﻥ ﻏﻴﺭﻫﺎ ﻟﺩﻯ ﺯﻴﺎﻥ؟ ﻟﻡ ﺃﺠﺩ ﺠﻭﺍﺒﺎﹰ ﺇﻻ ﻓﻲ
ﻗﻭﻟﻪ ﺫﺍﺕ ﻤﺭﺓ ":ﻨﺤﻥ ﻻ ﻨﺭﺴﻡ ﻟﻭﺤﺎﺘﻨﺎ ﺒﺎﻟﺸﻲﺀ ﻨﻔﺴﻪ ،ﻜل ﻟﻭﺤﺔ ﻨﺭﺴﻤﻬﺎ ﺒﻌﻀﻭ ﻓﻴﻨﺎ" .ﻤﻨﺫ
ﺯﻤﺎﻥ ﺘﻭﻗﻔﺕ ﻋﻥ ﺭﺴﻡ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺒﻴﺩﻱ ﺃﻭ ﺒﻘﻠﺒﻲ .ﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ ﺍﻟﺘﺸﺭﺩ ﺍﻟﻭﺠﺩﺍﻨﻲ ﻋﻠﻤﺘﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﺭﺴﻙ
ﺒﺨﻁﺎﻱ .ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ ﻫﻭ ﺨﺭﻴﻁﺔ ﺘﺭﺤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ .ﺃﻨﺕ ﻻ ﺘﺭﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﺇﻻ ﺁﺜﺎﺭ ﻨﻌﻠﻲ.
ﺒﻴﻜﺎﺴﻭ ﻜﺎﻥ ﻴﻘﻭل "ﺃﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺭﺴﻡ ﻜﻤﺎ ﻴﺫﻫﺏ ﺍﻟﻤﺴﻠﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﻼﺓ،ﺘﺎﺭﻜﺎﹰ ﺤﺫﺍﺌﻲ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺒﺎﺏ".
ﺃﻨﺎ ﻻ ﺃﺩﺨل ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﺇﻻ ﺒﺄﺘﺭﺒﺔ ﺤﺫﺍﺌﻲ .ﺒﻜل ﻤﺎ ﻋﻠﻕ ﺒﻨﻌﻠﻲ ﻤﻥ ﻏﺒﺎﺭ ﺍﻟﺘﺸﺭﺩ ..ﺃﺭﺴﻡ".
ﻜﺎﻨﺕ ،ﺇﺫﻥ ,ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺴﻤﻬﺎ ﺯﻴﺎﻥ ﺒﻘﻠﺒﻪ ،ﻭﻤﻥ ﻜل ﻗﻠﺒﻪ ﻗﺼﺩ ﺃﻥ ﻴﺘﻤﺩﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻜﺠﺴﺭ ﻭﻴﺨﻠﺩ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻭﻡ.
ﺒﻬﺎ ﺒﺩﺃﺕ ﻭﺍﻨﺘﻬﺕ ﻗﺼﺔ ﺍﻟﻌﺠﻭﺯ ﻭﺍﻟﺠﺴﺭ .ﺭﺠل ﻋﺎﺵ ﻓﻲ ﻤﻬﺏ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ .ﻟﻪ ﺍﻟﺭﻴﺢ ﻜﻠﻬﺎ ﻭﻜل
ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺒﻭﺍﺏ ﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺅﺜﺙ ﺍﻟﺠﺩﺭﺍﻥ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺒﻪ ﻭﺘﻌﺒﺙ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﺭﻴﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ،ﻟﻜﺄﻨﻬﺎ
ﺘﻘﻭل ﻟﻤﻥ ﺘﻭﻗﻑ ﻋﻨﺩﻫﺎ " :ﻻ ﺘﻁﺭﻕ ﻜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻁﺭﻕ ..ﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ ﻫﻨﺎ".
ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﻜﺱ ﺃﺴﺌﻠﺘﻪ ﺠﺴﻭﺭﺍﹰ ﻭﺃﺒﻭﺍﺒﺎﹰ .ﺘﺼﻭﺭﺘﻪ ﻜﻠﻤﺎ ﺘﻭﻗﻑ ﺃﻤﺎﻡ ﻟﻭﺤﺔ ﻴﺠﻴﺏ ﺒﺠﺩﻴﺘﻪ
ﺍﻟﻌﺎﺒﺜﺔ ﻋﻠﻰ ﺴﺅﺍل ﻟﻬﺎ:
-ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺘﻭﻗﻔﺕ ﻋﻥ ﺍﻟﺭﺴﻡ؟
-ﻷﻨﺴﻰ " ..ﺃﻥ ﺘﺭﺴﻡ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺘﺘﺫﻜﺭ"
-ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺘﺨﻠﻴﺕ ﻋﻥ ﺍﻷﻟﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺎﺌﻴﺔ؟
-ﻷﻥ ﺍﻷﻟﻭﺍﻥ ﺍﻟﺯﻴﺘﻴﺔ ﺘﺴﻤﺢ ﻟﻙ ﺒﺘﺼﺤﻴﺢ ﺃﺨﻁﺎﺌﻙ ..ﺃﻥ ﺘﺭﺴﻡ ﺃﻱ ﺃﻥ ﺘﻌﺘﺭﻑ ﺒﺤﻘﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻁﺄ.
-ﻴﺎ ﺴﻴﺩ ﺍﻟﺴﻭﺍﺩ ..ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺃﻨﺕ ﻤﻠﻔﻭﻓﺎﹰ ﺒﻜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﺽ؟
-ﻷﻥ ﺍﻷﺒﻴﺽ ﺨﺩﻋﺔ ﺍﻷﻟﻭﺍﻥ .ﻴﻭﻡ ﻁﻠﺒﻭﺍ ﻤﻥ ﻤﺎﺭﻱ ﺃﻨﻁﻭﺍﻨﻴﺕ ﻭﻫﻡ ﻴﻘﻭﺩﻭﻨﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺼﻠﺔ ،ﺃﻥ
ﺘﻐﻴﺭ ﻓﺴﺘﺎﻨﻬﺎ ﺍﻷﺴﻭﺩ ..ﺨﻠﻌﺘﻪ ﻭﺍﺭﺘﺩﺕ ﺜﻭﺒﻬﺎ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺒﻴﺎﻀﺎﹰ.
-ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺃﻨﺕ ﻋﻠﻰ ﻋﺠل؟
-ﺃﻤﺸﻲ ﻓﻲ ﺒﻼﺩ ﻭﻨﻌﻠﻲ ﻴﺘﺤﺴﺱ ﺘﺭﺍﺏ ﻭﻁﻥ ﺁﺨﺭ.
-ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﺤﺯﻴﻥ ﺃﻨﺕ؟
-ﻨﺎﺩﻡ ﻷﻨﻲ ﺍﺭﺘﻜﺒﺕ ﻜلّ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺒﻁﻭﻻﺕ ﻓﻲ ﺤﻕﹼ ﻨﻔﺴﻲ.
-ﻤﺎﺫﺍ ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﻤﻥ ﺃﺠﻠﻙ ﻨﺤﻥ ﻟﻭﺤﺎﺘﻙ ﺍﻟﻤﻌﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺠﺩﺍﺭ ﺍﻟﻴﺘﻡ؟
-ﻤﺘﻌﺏ! ﺍﺴﻨﺩﻭﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻤﺩﺓ ﺍﻟﻜﺫﺏ ..ﺤﺘﻰ ﺃﺘﻭﻫﻡ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻭﺍﻗﻔﺎﹰ!
***
ﻤﺴﺎﺀ ، ﻋﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻤﺤﻤﻼﹰ ﺒﺯﺠﺎﺠﺔ ﺨﻤﺭٍ ﻓﺎﺨﺭﺓ ،ﻭﺒﻘﺎﺭﻭﺭﺓ ﻋﻁﺭ ﻤﻠﻔﻭﻓﺔ ﺒﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ
ﺍﻟﺸﺭﺍﺌﻁ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻫﺩﻴﺔ ﻟﻔﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ.
ﻜﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﻋﻴﺎﺩ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﺴﻨﺔ .ﻜلّ ﺸﻲﺀ ﻜﺎﻥ ﻴﺫﻜﺭﻙ ﺒﺫﻟﻙ .ﻭﺃﻨﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﺘﻤﻠﻙ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻔﺭﺡ،
ﺇﻤﻌﺎﻨﺎﹰ ﻤﻨﻙ ﻓﻲ ﺍﻷﻟﻡ ،ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﺘﻨﻔﻕ ﻤﺎ ﺒﻘﻲ ﻤﻥ ﺜﻤﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﺫﻜﺭﺓ ﻓﻲ ﺘﺒﻀﻊ ﻤﺒﻬﺞ.
ﻓﻭﺠﺌﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺒﺤﻤﻭﻟﺘﻲ ﻭﻫﻲ ﺘﻔﺘﺢ ﻟﻲ ﺍﻟﺒﺎﺏ .ﺴﺄﻟﺘﻨﻲ ﺇﻥ ﻜﻨﺕ ﺃﺤﻀﺭﺕ ﺍﻟﺘﺫﺍﻜﺭ.
ﻁﻤﺄﻨﺘﻬﺎ:
-ﻨﻌﻡ .ﺜﻡ ﻭﺍﺼﻠﺕ :ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻁﺭ ﻟﻙ.
ﻗﺎﻟﺕ ﻭﻫﻲ ﺘﻘﺒﻠﻨﻲ:
-ﺸﻜﺭﺍﹰ .ﻜﻴﻑ ﻓﻜﹼﺭﺕ ﻓﻲ ﻫﺩﻴﺔ ،ﻓﻲ ﺨﻀﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺤﺯﺍﻥ؟
-ﻟﻴﺱ ﺃﻤﺎﻤﻲ ﺇﻻ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻷﺸﻜﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﻜلّ ﺸﻲﺀ.
ﻗﺭﺭﺕ ﻟﻠﻴﻠﺔٍ ﺃﻥ ﺁﺨﺫ ﺇﺠﺎﺯﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺂﺴﻲ ﺒﻤﺎ ﻴﻘﺘﻀﻴﻪ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻤﻥ ﺘﻁﺭﻑ ﺍﻟﺤﺯﻥ .ﺇﺤﺴﺎﺱ
ﻋﺼﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻴﻨﺘﺎﺒﻨﻲ ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ .ﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺃﻋﻴﺵ ﺘﻌﺎﺴﺔ ﺨﺎﻟﺼﺔ ﺃﻭ ﺴﻌﺎﺩﺓ ﻤﻁﻠﻘﺔ .ﺃﺤﺏ
ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﺘﻴﻥ ﺃﻥ ﺃﺩﻓﻊ ﺒﺎﻟﻠﺤﻅﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺼﺎﻫﺎ ,ﺃﻥ ﺃﻁﻬﻭ ﺤﺯﻨﻲ ﺒﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺒﻬﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺠﻨﻭﻥ ﻭﺘﻭﺍﺒل
ﺍﻟﺴﺨﺭﻴﺔ ،ﺃﺤﺏ ﺃﻥ ﺃﺠﻠﺱ ﺇﻟﻰ ﻤﺎﺌﺩﺓ ﺍﻟﺨﺴﺎﺭﺍﺕ ﺒﻜل ﻤﺎ ﻴﻠﻴﻕ ﺒﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﺤﺘﻔﺎﺀ ،ﺃﻥ ﺃﺤﺘﺴﻲ ﻨﺒﻴﺫﺍﹰ
ﻓﺎﺨﺭﺍﹰ ،ﺃﻥ ﺃﺴﺘﻤﻊ ﺇﻟﻰ ﻤﻭﺴﻴﻘﻰ ﺠﻤﻴﻠﺔ ،ﺃﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻟﻲ ﻭﻗﺕ ﻷﺴﺘﻤﻊ ﺇﻟﻰ ﺸﻲﺀ ﻋﺩﺍ
ﻨﺸﺭﺍﺕ ﺍﻷﺨﺒﺎﺭ.
ﻭﺤﺩﻫﺎ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺴﺨﺭﻴﺔ ،ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺘﻬﻜﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﺘﺭ ،ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻪ ﺃﻥ ﻴﻨﺯﻉ ﻭﻫﻡ ﺍﻟﺘﻀﺎﺩ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ،
ﺍﻟﺭﺒﺢ ﻭﺍﻟﺨﺴﺎﺭﺓ.
ﻗﺒل ﺃﻥ ﺃﺠﻠﺱ ﺇﻟﻰ ﻜﺄﺴﻲ ،ﻁﻠﺒﺕ ﻨﺎﺼﺭ ﻷﺨﺒﺭﻩ ﺒﻭﻓﺎﺓ ﺯﻴﺎﻥ ،ﻭﻜﻨﺕ ﺃﺠﻠﺕ ﺍﻻﺘﺼﺎل ﺒﻪ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﺤﺘﻰ ﻻ ﺃﺠﺩﻨﻲ ﻤﻀﻁﺭﺍﹰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻤﻊ ﻤﺭﺍﺩ ،ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻨﺘﻬﻰ ﺃﻤﺭﻩ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ،ﻭﺤﺘﻰ ﻻ
ﻴﻨﻘل ﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﺨﺒﺭ ﺇﻟﻰ ﺤﻴﺎﺓ ﻓﺘﻔﺴﺩ ﻋﻠﻲ ﻗﺩﺴﻴﺔ ﺤﺯﻨﻲ .ﻓﻘﺩ ﺃﺼﺒﺢ ﻤﻭﺕ ﺯﻴﺎﻥ ﻗﻀﻴﺘﻲ ﻭﺤﺩﻱ.
ﺼﺎﺡ ﻨﺎﺼﺭ ﻤﻥ ﻫﻭل ﺍﻟﺨﺒﺭ:
-ﺇﻨﹼﺎ ﷲ ﻭﺇﻨﹼﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺍﺠﻌﻭﻥ ..ﻴﺎ ﺨﻭﻴﺎ ﻤﺵ ﻤﻌﻘﻭل ﻜﻨﺕ ﻤﻌﺎﻩ ﻏﻴﺭ ﻫﺎﺫ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ..ﻜﺎﻥ ﻴﺒﺎﻥ ﻻ
ﺒﺄﺱ ﻋﻠﻴﻪ ..ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ﺒﻨﺕ ﺍﻟﻜﻠﺏ ﺘﺩﻱ ﺍﻟﻐﺎﻟﻲ ﻭﺘﺨﻠﹼﻲ ﺍﻟﺭﺨﻴﺹ ..ﻜﺎﻥ ﺴﻴﺩ ﺍﻟﺭﺠﺎل.
ﺃﺨﺒﺭﺘﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺜﻤﺎﻥ ﺴﻴﻨﻘل ﻏﺩﺍﹰ ﺇﻟﻰ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻭﺃﻨﻨﺎ ﺴﻨﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻁﺎﺭ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺴﺔ ﻤﺴﺎﺀﺍﹰ ،
ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﻘﺭﺃ ﺍﻟﻔﺎﺘﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﻭﺤﻪ.
ﻗﺎل ﺇﻨﻪ ﺴﻴﺄﺘﻲ ﻁﺒﻌﺎﹰ .ﻭﺒﺩﺍ ﻤﺘﺄﺴﻔﺎﹰ ﻟﻐﻴﺎﺏ ﻤﺭﺍﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﺎﻓﺭ ﻗﺒل ﻴﻭﻤﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻟﻤﺎﻨﻴﺎ .ﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ
ﺃﺠﻤل ﺨﺒﺭ ﺯﻓﹼﻪ ﻟﻲ .ﺴﺄﻟﻨﻲ ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﺴﻴﺤﻀﺭ ﺃﺤﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺓ .ﻗﻠﺕ " ﻻ ﺃﻋﺘﻘﺩ" .ﻗﺎل " ﻤﻭﻋﺩﻨﺎ
ﺇﺫﻥ ﻏﺩﺍﹰ".
ﻜﺎﻨﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺫﻟﻙ ﻁﻠﺒﺕ ﺒﻴﺘﺯﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺕ .ﻓﻘﺼﺩﺕ ﺍﻟﻤﻁﺒﺦ ﺃﻋﺩ ﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﺃﻗﻠﻲ ﺼﺤﻨﺎﹰ
ﻤﻥ " ﺍﻟﻨﻘﺎﻨﻕ" ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺸﺘﺭﻴﺘﻬﺎ ﻗﺒل ﻴﻭﻤﻴﻥ ﻤﻥ ﺠﺯﺍﺭﺓ " ﺤﻼل" .ﻓﻠﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺘﻪ ﺍﻟﻐﺭﻴﺒﺔ ﻴﺼﺭ
ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﺤﺘﻰ ﻭﻫﻭ ﻴﺤﺘﺴﻲ ﻨﺒﻴﺫﺍﹰ ﺃﻻﱠ ﻴﺘﻨﺎﻭل ﻤﻌﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﺤﻡ ﺍﻟﺤﻼل!
ﻗﺎﻟﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻭﻫﻲ ﺘﺭﺍﻨﻲ ﺃﻀﻊ ﺍﻟﺼﺤﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺎﻭﻟﺔ:
-ﻴﺎ ﺇﻟﻬﻲ ..ﻜﻡ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﺤﻥ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﺩ ﺩﺴﻤﺔ .ﺃﺘﺩﺭﻱ ﺃﻥ ﺯﻴﺕ ﺍﻟﻘﻠﻴﺔ ﻋﺩﻭﻙ ﺍﻷﻭل؟
ﺍﺒﺘﺴﻤﺕ .ﻜﻴﻑ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﺭﺘﺏ ﺴﻠﻡ ﺍﻟﻌﺩﺍﻭﺍﺕ ،ﻭﺃﻴﻥ ﺃﻀﻊ ﺃﻋﺩﺍﺌﻲ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﺇﺫﻥ ،ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺩﺴﻡ
ﻫﻭ ﻋﺩﻭﻱ ﺍﻷﻭل! ﻭﺃﻴﻥ ﻫﻲ ﻋﺩﺍﻭﺓ ﺍﻟﺯﻴﺕ ،ﻭﻤﻜﻴﺩﺓ ﺍﻟﺯﺒﺩﺓ ،ﻭﻏﺩﺭ ﺍﻟﺴﺠﺎﺌﺭ ,ﻭﻤﺅﺍﻤﺭﺓ ﺍﻟﺴﻜﹼﺭ،
ﻭﺩﺴﺎﺌﺱ ﺍﻟﻤﻠﺢ ،ﻤﻥ ﻏﺩﺭ ﺍﻷﺼﺩﻗﺎﺀ ﻭﺤﺴﺩ ﺍﻟﺯﻤﻼﺀ ﻭﻅﻠﻡ ﺍﻷﻗﺭﺒﺎﺀ ﻭﻨﻔﺎﻕ ﺍﻟﺭﻓﺎﻕ ﻭﺭﻋﺏ
ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻴﻥ ﻭﻤﺫﻟﺔ ﺍﻟﻭﻁﻥ؟ ﺃﻟﻴﺱ ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ ﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﺩﺍﻭﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺸﺨﺹ ﻭﺍﺤﺩ!
ﺘﺫﻜﺭﺕ ﺯﻴﺎﻥ ﻴﻭﻡ ﻁﻠﺏ ﻤﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﻏﻠﻕ ﺒﺎﺏ ﻏﺭﻓﺘﻪ ﻜﻲ ﻴﺸﻌل ﺴﻴﺠﺎﺭﺓ .ﺴﺄﻟﺘﻪ ﻤﺘﻌﺠﺒﺎﹰ:
-ﺃﻭﻟﻴﺱ ﺍﻟﺘﺩﺨﻴﻥ ﻤﻤﻨﻭﻋﺎﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ؟
ﺭﺩ ﻤﺒﺘﺴﻤﺎﹰ:
-ﻁﺒﻌﺎﹰ ..ﺒل ﻴﻌﺎﺩل ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﺠﺭﻴﻤﺔ .ﻟﻜﻥ ﻜﻤﺎ ﻗﺎل ﺃﻤل ﺩﻨﻘل ﻟﻁﺒﻴﺒﻪ ﻭﻫﻭ ﻋﻠﻰ ﺴﺭﻴﺭﻩ ﺍﻷﺨﻴﺭ":
ﺨﹸﻠِﻕ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻟﻴﺨﺘﺭﻕ" .ﺜﻡ ﺃﻨﺕ ﻻ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﻴﺎ ﺭﺠل ﺃﻥ ﺘﻌﻴﺵ ﻭﺘﻤﻭﺕ ﻤﻁﻴﻌﺎﹰ ،ﻭﻻ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ
ﺠﺒﺎﻨﺎﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺒﻌﺔ ﻭﺍﻟﺴﺘﻴﻥ ﻤﻥ ﻋﻤﺭﻙ ..ﻭﺘﺨﺎﻑ ﺴﻴﺠﺎﺭﺓ!
ﺘﺄﻤﻠﺕ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﻤﻨﻔﻀﺘﻪ ﺍﻟﻤﺨﺒﺄﺓ ﻓﻲ ﺠﺎﺭﻭﺭ ﺍﻟﻁﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ ﺍﻟﻘﺭﻴﺒﺔ ﻤﻥ ﺴﺭﻴﺭﻩ .ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻸﻯ
ﺒﺄﻋﻘﺎﺏ ﺴﺠﺎﺌﺭ ﺘﻜﺎﺩ ﺘﻜﻭﻥ ﻜﺎﻤﻠﺔ ،ﻜﺤﺭﺍﺌﻕ ﺃﺨﻤﺩﺕ ﻋﻠﻰ ﻋﺠل ،ﻜﺄﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﺴﺤﺏ ﻤﻨﻬﺎ ﺴﻭﻯ
ﻨﹶﻔﹶﺱ ﻭﺍﺤﺩ.
ﻜﺎﻥ ﻴﺒﺩﺩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺘﻠﻑ ﺍﻟﺴﺠﺎﺌﺭ ﻟﻤﺘﻌﺔ ﺇﺸﻌﺎﻟﻬﺎ .ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻔﻀﺔ ﻤﻥ ﻭﺠﻭﺩ ﻷﻋﻭﺍﺩ
ﺜﻘﺎﺏ .ﺇﻥ ﺭﺠﻼﹰ ﺒﻴﺩ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻌﻤل ﻋﻠﺒﺔ ﻜﺒﺭﻴﺕ ،ﺃﻟﺫﺍ ﻻ ﺘﻔﺎﺭﻗﻪ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺇﻀﺭﺍﻡ
ﺍﻟﻨﺎﺭ؟
ﻗﺎل ﻤﺘﻬﻜﻤﺎﹰ:
-ﻻ ﺘﺼﺩﻕ ﺃﻥ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﻤﻀﺭﺓ ﺒﺎﻟﺼﺤﺔ .ﻭﺤﺩﻫﻡ ﺍﻷﺸﺨﺎﺹ ﻤﻀﺭﻭﻥ .ﻭﻗﺩ ﻴﻠﺤﻘﻭﻥ ﺒﻙ ﻤﻥ
ﺍﻷﺫﻯ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻤﺎ ﺘﻠﺤﻕ ﺒﻙ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺼﺭ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺘﺤﺫﻴﺭﻙ ﻤﻥ ﺘﻌﺎﻁﻴﻬﺎ .ﻭﻟﺫﺍ
ﻜﻠﱠﻤﺎ ﺘﻘﺩﻡ ﺒﻲ ﺍﻟﻌﻤﺭ ،ﺘﻌﻠﱠﻤﺕ ﺃﻥ ﺃﺴﺘﻌﻴﺽ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺒﺎﻷﺸﻴﺎﺀ ،ﺃﻥ ﺃﺤﻴﻁ ﻨﻔﺴﻲ ﺒﺎﻟﻤﻭﺴﻴﻘﻰ
ﻭﺍﻟﻜﺘﺏ ﻭﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺒﻴﺫ ﺍﻟﺠﻴﺩ ،ﻓﻬﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ﻻ ﺘﻜﻴﺩ ﻟﻙ ،ﻭﻻ ﺘﻐﺩﺭ ﺒﻙ .ﺇﻨﻬﺎ ﻭﺍﻀﺤﺔ ﻓﻲ
ﺘﻌﺎﻤﻠﻬﺎ ﻤﻌﻙ .ﻭﺍﻷﻫﻡ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺃﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﻨﺎﻓﻘﻙ ﻭﻻ ﺘﻬﻴﻨﻙ ﻭﻻ ﻴﻌﻨﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺯﺒﺎﻻﹰ ﺃﻭ ﺠﻨﺭﺍﻻﹰ.
ﻭﺍﺼل ﺴﺎﺨﺭﺍﹰ:
-ﻗﺭﺃﺕ ﻤﻨﺫ ﻤﺩﺓ ﺃﻥ ﺯﺒﺎﻻﹰ ﻓﻲ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻓﻘﺩ ﺫﺭﺍﻋﻪ ﺒﻌﺩﻤﺎ ﻋﻠﻕ ﻗﻔﹼﺎﺯﻩ ﻓﻲ ﺃﺴﻨﺎﻥ ﻤﻜﺒﺱ ﺍﻟﺸﺎﺤﻨﺔ،
ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺤﺎﻭل ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻨﻔﺎﻴﺎﺕ ﺍﻟﻀﺨﻤﺔ ﺒﻴﺩﻩ ﺒﻌﻴﺩﺍﹰ ﻓﻲ ﺠﻭﻓﻬﺎ .ﻓﻜﺭﺕ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺠل ﺍﻟﺫﻱ ﻓﻘﺩ
ﺫﺭﺍﻋﻪ ﻓﻲ ﻤﻌﺭﻜﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ "ﺍﻟﻘﺫﺭﺓ" ﻭﻫﻭ ﻴﻨﺎﺯﻟﻬﺎ ﻟﻠﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﻟﻘﻤﺔ ﻨﻅﻴﻔﺔ ،ﻟﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻟﻪ ﻭﺠﺎﻫﺔ
ﻀﺎﺒﻁ ﻓﻘﺩ ﺫﺭﺍﻋﻪ ﻓﻲ ﻤﻌﺭﻜﺔ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻹﺴﺘﻴﻼﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻁﻥ .ﻓﺎﻷﻋﻀﺎﺀ ﺘﺴﺎﻭﻱ ﻤﺎ ﻴﺴﺎﻭﻴﻪ
ﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ .ﺍﻟﺠﻨﺭﺍل ﺃﻨﻁﻭﻨﻴﻭ ﻟﻭﺒﻴﺯ ﺩﻱ ﺴﺎﻨﺘﺎﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻙ ﺤﻜﻤﺎﹰ ﺩﻜﺘﺎﺘﻭﺭﻴﺎﹰ ﺜﻼﺙ ﻤﺭﺍﺕ،
ﺃﻗﺎﻡ ﺠﻨﺎﺯﺓ ﺭﺴﻤﻴﺔ ﻤﻬﻴﺒﺔ ﻟﺴﺎﻗﻪ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻘﺩﻫﺎ ﻓﻲ ﻤﺎ ﻴﺴﻤﻰ ﺤﺭﺏ ﺍﻟﻔﻁﺎﺌﺭ .ﻓﺒﻴﻥ ﺫﺭﺍﻉ
ﺍﻟﺯﺒﺎل ﻭﺴﺎﻕ ﺍﻟﺠﻨﺭﺍل ﻓﺭﻕ ﺨﻤﺱ ﻨﺠﻭﻡ .ﻨﺤﻥ ﻟﺴﻨﺎ ﻤﺘﺴﺎﻭﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻹﻋﺎﻗﺔ ﺴﻭﻯ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ.
ﻓﺎﻟﺭﺠل ﺍﻟﺨﺸﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺤﻤل ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺠﻨﺭﺍل ..ﻭﺤﺩﻫﺎ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺘﺭﻯ ﻨﺠﻭﻤﻪ!
ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻓﻨﹼﻪ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺤﻜﻤﺔ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺭﺠل ﻫﻲ ﻤﺎ ﻴﺫﻫﻠﻨﻲ .ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺼﻭﺘﻪ ﻟﻡ ﻴﻔﺎﺭﻗﻨﻲ .ﻜﺎﻥ ﻴﺄﺘﻲ
ﻓﻲ ﻜل ﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻤﻠﺘﺒﺱ ﺍﻹﻀﺎﺀﺍﺕ ﻓﻲ ﺠﻤﻠﺔ .ﻭﺴﻌﺎﺩﺘﻲ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺘﻜﻤﻥ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﺸﺭﻁﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺴﺠﻠﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺠﻠﺴﺎﺕ ﺤﻭﺍﺭﺍﺘﻨﺎ ،ﻴﻭﻡ ﻜﺎﻥ ،ﻭﻫﻭ ﻤﻤﺩﺩ ﻓﻲ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ ﻤﺭﺒﻭﻁﺎﹰ ﺇﻟﻰ ﺃﻜﺴﻴﺭ
ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ،ﻴﺤﺩﺜﻨﻲ ﻋﻥ ﻗﻨﺎﻋﺎﺕ ﺴﻜﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻊ ﺍﻟﻌﻤﺭ.
ﺭﺠل ﻤﺎﺕ ﻭﺘﺭﻙ ﻟﻲ ﺼﻭﺘﻪ .ﺼﻭﺘﻪ ﺫﺍﻙ ،ﺒﻴﻥ ﻏﻴﻭﻡ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺼﺤﻭ ﺍﻟﺼﻤﺕ ،ﻴﺘﻘﺩﻡ ﻜﻜﺎﺴﺤﺔ
ﺃﻭﻫﺎﻡ ،ﻴﺩﺭﺒﻙ ﻋﻠﻰ ﻓﻥ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺨﺩﻉ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻔﺘﹼﺎﻜﺔ ﻭﺃﻟﻐﺎﻤﻬﺎ.
ﻭﻗﻔﺕ ﺃﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺃﻏﻨﻴﺔ ﺘﻨﺎﺴﺏ ﻤﺯﺍﺠﻲ ,ﺃﻏﻨﻴﺔ ﻜﻤﻜﻌﺒﺎﺕ ﺍﻟﺜﻠﺞ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻨﻘﺹ ﻜﺄﺴﻲ .ﻜﻨﺕ
ﺃﺭﻴﺩﻫﺎ ﻋﺭﺒﻴﺔ .ﺍﺴﺘﺄﺫﻨﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻓﻲ ﺴﻤﺎﻋﻬﺎ ،ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺯﻥ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﻜﺎﻟﻁﺭﺏ ﻻ
ﻴﻜﻭﻥ ﺇﻻ ﻋﺭﺒﻴﺎ.
ﺴﺄﻟﺘﻨﻲ ﻋﻥ ﻜﻠﻤﺎﺘﻬﺎ .ﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻟﻲ ﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺃﺸﺭﺡ ﻟﻬﺎ ﺍﻷﻏﻨﻴﺔ ،ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻗﻠﺕ ﺒﻤﺠﺎﻤﻠﺔ:
-ﺇﻨﻬﺎ ﺃﻏﻨﻴﺔ ﻴﺘﻭﺠﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﻤﺭﺃﺓ ﻗﺎﺴﻴﺔ ..ﺃﺤﺒﻬﺎ ﻭﺘﺨﻠﱠﺕ ﻋﻨﻪ.
ﻜﻴﻑ ﺃﺘﺭﺠﻡ ﻟﻬﺎ ﺃﻏﻨﻴﺔ ﺘﺤﻴﻙ ﻟﻙ ﻤﺅﺍﻤﺭﺓ ﺒﻜﺎﺀ ،ﻭﺘﺫﺒﺤﻙ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﻤﻨﺠﺔ ﺫﻫﺎﺒﺎﹰ ﻭﺇﻴﺎﺒﺎﹰ .ﺃﻴﺔ ﻟﻐﺔ ،ﺃﻴﺔ
ﻜﻠﻤﺎﺕ ،ﺘﺤﻤل ﻜﻤﺎ ﻜﺎﻓﻴﺎﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺠﻥ ﻟﺘﻘﻭل ﺒﻬﺎ:
" -ﺁﺁﺁﻩ ﻴﺎ ﻅﺎﻟﻤﺔ ..ﻭﻋﻠﻴﻙ ﺍﻨﺨﻠﹼﻲ ﺃﻭﻻﺩ ﻋﺭﺸﻲ ﻴﺘﺎﻤﻰ".
ﺸﻌﺭﺕ ﺃﻥ ﻻ ﻋﺠﺏ ﻓﻲ ﺘﺸﺎﺒﻪ ﺤﻴﺎﺓ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺒﻜﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﺭﻗﺎﻨﻲ .ﻟﻜﺄﻥ ﻜل ﺃﻏﻨﻴﺔ ﻓﻲ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺃﻴﺎﹰ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﻴﻐﻨﻴﻬﺎ ،ﻫﻭ ﻻ ﻴﺒﻜﻲ ﻭﻻ ﻴﺸﻜﻭ ﺴﻭﺍﻫﺎ .ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺘﻬﻡ ﺍﻷﻭل ﻓﻲ ﻜل ﺃﻏﺎﻨﻲ
ﺍﻟﺤﺏ ،ﺍﻟﺨﺎﺌﻥ ﺩﻭﻤﺎﹰ ﻓﻲ ﻜل ﻗﺼﺔ ،ﺍﻟﺠﺎﻨﻲ ﻓﻲ ﻜل ﻓﻴﻠﻡ ﻋﺎﻁﻔﻲ ،ﻭﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻙ ﺇﻟﺒﺎﺴﻬﺎ ﻜلّ ﺍﻟﺠﺭﺍﺌﻡ
ﺍﻟﻌﺸﻘﻴﺔ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ.
ﺴﺄﻟﺘﻨﻲ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ:
-ﺃﻜلّ ﺍﻷﻏﺎﻨﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺤﺯﻴﻨﺔ ﻫﻜﺫﺍ؟
ﺃﺠﺒﺘﻬﺎ ﻜﻤﻥ ﻴﻨﻔﻲ ﺘﻬﻤﺔ:
-ﻻ ..ﻟﻴﺱ ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ.
ﺭﺩﺕ ﻜﺄﻨﻬﺎ ﺘﺠﺎﻤﻠﻨﻲ:
-ﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺯﻥ ﺴﺭ ﺭﻭﻤﻨﻁﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻭﺘﻤﺘﻌﻬﻡ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﺴﺨﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻲ.
ﻗﻠﺕ ﻤﺘﻬﻜﻤﺎﹰ:
-ﺴﺨﺎﺅﻨﺎ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻲ ﻴﺎ ﻋﺯﻴﺯﺘﻲ ﺴﺒﺒﻪ ﻴﺘﻤﻨﺎ ﻻ ﺤﺯﻨﻨﺎ ،ﻻﺃﻜﺜﺭ ﺴﺨﺎﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﻴﺘﺎﻤﻰ .ﻨﺤﻥ ،ﻋﻠﻰ
ﻜﺜﺭﺘﻨﺎ ﺃﻤﺔ ﻴﺘﻴﻤﺔ ،ﻤﺫ ﺘﺨﻠﹼﻰ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻋﻨﹼﺎ ﻭﻨﺤﻥ ﻫﻜﺫﺍ ...ﺍﻟﻴﺘﻴﻡ ﻜﻤﺎ ﻴﻘﻭل ﺯﻴﺎﻥ ﻻ ﻴﺸﻔﻰ ﺃﺒﺩﺍﹰ ﻤﻥ
ﺇﺤﺴﺎﺴﻪ ﺒﺎﻟﺩﻭﻨﻴﺔ -ﻭﺍﺼﻠﺕ ﺒﻌﺩ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻤﺕ -ﺍﻟﻌﻁﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻫﺩﻴﺘﻙ ﺇﻴﺎﻩ " ﺸﺎﻨﻴل ﺭﻗﻡ ""٥
ﺩﻟﻴل ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ .ﺤﺘﻰ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﺠﺤﺕ ﻜﻭﻜﻭ ﺸﺎﻨﻴل ﻭﺍﺸﺘﻬﺭﺕ ،ﻟﻡ ﺘﺸﻑ ﻤﻥ ﻋﻘﺩﺓ ﻴﺘﻤﻬﺎ..
ﻭﺃﻁﻠﻘﺕ ﻋﻠﻰ ﻋﻁﺭﻫﺎ ﺍﻷﻭل ﺍﻟﺭﻗﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺤﻤﻠﻪ ﻓﻲ ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻴﺘﺎﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﺒﺕ ﻓﻴﻬﺎ .ﻻﺤﻅﻲ
ﺒﺴﺎﻁﺔ ﺍﻟﻘﺎﺭﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺨﻁﻭﻁﻬﺎ ﺍﻟﻤﺭﺒﻌﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻱ ﻨﻘﻭﺵ ﺃﻭ ﻓﺨﺎﻤﺔ ﺃﻭ ﻁﻼﺀ .ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﻴﺘﻡ ﻋﺎﺭٍ
ﻭﺸﻔﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺩ .ﺤﺘﻰ ﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﺤﻤل ﺍﺴﻤﺎﹰ .ﺒل ﺭﻗﻤﺎﹰ .ﺇﻥ ﻤﻌﺠﺯﺓ ﺸﺎﻨﻴل ﻟﻴﺴﺕ ﻓﻲ
ﺍﺒﺘﻜﺎﺭﻫﺎ ﻋﻁﺭﺍﹰ ﺸﺫﻴﺎ ،ﺒل ﻓﻲ ﺠﻌﻠﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻴﺘﻡ ﻋﻁﺭﺍﹰ ﻭﻤﻥ ﺍﻟﺭﻗﻡ ﺍﺴﻤﺎﹰ.
ﻗﺎﻟﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻤﻨﺩﻫﺸﺔ:
-ﻋﺠﻴﺏ ..ﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﺃﻋﺭﻑ ﻫﺫﺍ.
-ﻫﺫﺍ ﺃﻤﺭ ﻻ ﻴﻌﺭﻓﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻭﻥ .ﻭﺭﺒﻤﺎ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺘﻌﺭﻓﻪ ﺤﺘﻰ ﻤﺎﺭﻟﻴﻥ ﻤﻭﻨﺭﻭ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﻻ ﺘﺘﻌﻁﱠﺭ
ﺒﻐﻴﺭﻩ ،ﺤﺘﻰ ﺇﻨﻬﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺴﺌﻠﺕ ﻤﺭﺓ " ﻤﺎﺫﺍ ﺘﺭﺘﺩﻴﻥ ﻟﻠﻨﻭﻡ؟" ﺃﺠﺎﺒﺕ " ﺒﻀﻊ ﻗﻁﺭﺍﺕ ﻤﻥ ﺸﺎﻨﻴل
ﺭﻗﻡ ."٥ﻭﻓﻬﻡ ﻤﻥ ﻜﻼﻤﻬﺎ ﺃﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺘﺭﺘﺩﻱ ﺸﻴﺌﺎﹰ.
-ﻴﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﻤﻥ ﺃﻴﻥ ﻟﻙ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ؟
ﻗﻠﺕ ﻤﺎﺯﺤﺎﹰ:
-ﻫﺫﻩ ﻴﺎ ﻋﺯﻴﺯﺘﻲ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻴﺘﻡ .ﺜﻡ ﻭﺍﺼﻠﺕ ﺒﻨﺒﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ :ﺃﺤﺩﺜﻙ ﻋﻥ ﻤﺎﺭﻟﻴﻥ ﻤﻭﻨﺭﻭ ﻷﻨﻨﻲ
ﺘﺫﻜﺭﺘﻬﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ .ﻴﺤﻜﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﻟﻔﺭﻁ ﺇﺤﺴﺎﺴﻬﺎ ﺒﺎﻟﻴﺘﻡ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻤﻠﻙ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻨﺩ ﺩﺨﻭﻟﻬﺎ
ﺃﻱ ﻤﻜﺎﻥ ،ﺃﻥ ﺘﻤﻴﺯ ﻴﺘﻴﻤﺎﹰ ﻤﻥ ﺒﻴﻥ ﺃﺭﺒﻌﻴﻥ ﺸﺨﺼﺎﹰ .ﻗﺩ ﻓﺎﺠﺄﻨﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﺤﺴﺎﺱ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺩﺨل
ﺍﻟﺭﻭﺍﻕ ،ﻜﺎﻥ ﺒﺈﻤﻜﺎﻥ ﺃﻱ ﺯﺍﺌﺭ ﻟﻠﻤﻌﺭﺽ ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻤﺘﻠﻙ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﺴﺔ ،ﺃﻥ ﻴﻜﺘﺸﻑ ﻴﺘﹾﻡ ﺘﻠﻙ
ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﺒﻴﻥ ﻜل ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ.
ﻤﺭﻋﺏ ﺫﻟﻙ ﺍﻹﺤﺴﺎﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺨﻠﹼﻔﻪ ﻓﻲ ﻗﻠﺏ ﺃﻱ ﻨﺎﻅﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ .ﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﻗﺒل ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻷﺼﺩﻕ ﻴﺘﹾﻡ
ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ .ﻋﻠﻰ ﻜلﱟ ..ﻤﺎﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺭﺽ ﺯﻭﺍﺭ ﻟﻴﻠﺤﻅﻭﺍ ﺫﻟﻙ.
ﻗﺎﻟﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ:
-ﻻ ﺘﻘﻠﻕ ،ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻤﺸﻐﻭﻟﻭﻥ ﺒﺎﻷﻋﻴﺎﺩ ..ﻭﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻭﻥ ﻟﻡ ﻴﺴﻤﻌﻭﺍ ﺒﻤﻭﺕ ﺯﻴﺎﻥ ﺒﻌﺩ.
ﺜﻡ ﻭﺍﺼﻠﺕ ﺒﺘﺫﻤﺭ:
-ﺒﺎﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ..ﺃﺘﺩﺭﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﻭﺍﻕ ﻗﺩ ﺒﺎﻉ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﺒـ ٥٠ﺃﻟﻑ ﻓﺭﻨﻙ؟ ﻜﺴﺏ ٢٠ﺃﻟﻑ ﻓﺭﻨﻙ
ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺤﺘﻰ ﺃﻥ ﺘﺘﺤﺭﻙ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﻤﻥ ﻤﺴﻤﺎﺭﻫﺎ .ﻜﺎﻥ ﻴﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﺘﺘﺼل ﻜﺎﺭﻭل ﻫﺎﺘﻔﻴﺎﹰ ﺒﺄﺤﺩ
ﺯﺒﺎﺌﻨﻬﺎ ﻭﺘﺨﺒﺭﻩ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ ﻤﺎﺕ ،ﻟﻴﺘﻀﺎﻋﻑ ﺍﻟﺴﻌﺭ.
ﻗﻠﺕ ﺒﻐﻀﺏ:
-ﻤﻜﺭ ﺴﻤﺎﺴﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﻭﻥ .ﻴﻨﺘﻅﺭﻭﻥ ﻤﻭﺕ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ ،ﻟﻴﺼﻨﻌﻭﺍ ﺜﺭﻭﺘﻬﻡ ﻤﻥ ﻓﻥ ﻟﻡ ﻴﺴﺘﻁﻊ ﺼﺎﺤﺒﻪ
ﺍﻟﺘﻌﻴﺵ ﻤﻨﻪ ،ﻭﻻ ﺃﻥ ﻴﻀﻤﻥ ﺒﻪ ﻤﻭﺘﺎﹰ ﻜﺭﻴﻤﺎﹰ .
ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﺒﻔﻀﻭل:
-ﻤﻥ ﺍﺸﺘﺭﺍﻫﺎ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﺴﺭﻋﺔ ﻭﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺜﻤﻥ؟
ﻜﻨﺕ ﺃﺘﻭﻗﻊ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻱ ﺃﺤﺩ ﺃﺜﺭﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﻬﺠﺭ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ،ﻭﻗﺩ ﺍﻨﺘﻔﺨﺕ ﺤﺴﺎﺒﺎﺘﻬﻡ
ﺒﺎﻟﻤﺎل ﺍﻟﻤﻨﻬﻭﺏ ،ﺩﺭﺠﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺘﺒﻴﻴﺽ ﺴﻤﻌﺘﻬﻡ ﺒﺎﻟﺘﺴﺎﺒﻕ ﺇﻟﻰ ﺸﺭﺍﺀ ﻜل ﻤﺎ ﻴﻌﺭﺽ ﻟﻜﺒﺎﺭ
ﺍﻟﻤﺒﺩﻋﻴﻥ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﻴﻥ ،ﻓﻼ ﺃﺭﻯ ﻏﻴﺭ ﺃﺤﺩﻫﻡ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻪ ﺃﻥ ﻴﺩﻓﻊ ﺨﻤﺴﻴﻥ ﺃﻟﻑ ﻓﺭﻨﻙ ﻟﺸﺭﺍﺀ ﻟﻭﺤﺔ
ﺘﻌﺭﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﺒﺎﻟﻬﺎﺘﻑ ،ﻭﻗﺩ ﺴﻤﻌﺕ ﺃﺤﺩ ﻫﺅﻻﺀ ﻴﻘﻭل ﻤﺭﺓ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺱ ﻤﺒﺭﺭﺍﹰ ﻭﻟﻌﻪ ﺍﻟﻤﻔﺎﺠﺊ
ﺒﺎﻟﻔﻥ " ﺇﻥ ﻜﺴﺏ ﺍﻟﻤﺎل ﻤﻭﻫﺒﺔ ،ﻭﺇﻨﻔﺎﻗﻪ ﺜﻘﺎﻓﺔ" .ﺃﺜﺒﺕ ﺒﻤﺎ ﺍﺨﺘﻠﺱ ﻤﻥ ﺃﻤﻭﺍل ﺃﻨﻪ " ﻤﻭﻫﻭﺏ" ﻟﻡ
ﻴﺒﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻴﺜﺒﺕ ﺒﻤﺎ ﻴﻘﺘﻨﻲ ﺃﻨﻪ ﻤﺜﻘﻑ!
ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻓﺎﺠﺄﺕ ﻜل ﺘﻭﻗﻌﺎﺘﻲ ﻭﻫﻲ ﺘﻘﻭل:
-ﺇﻨﻪ ﻓﺭﻨﺴﻲ ﺜﺭﻱ ﻤﻥ ﺫﻭﻱ " ﺍﻷﺭﺠل ﺍﻟﺴﻭﺩﺍﺀ" ﻴﻤﻠﻙ ﻟﻭﺤﺎﺕ ﻨﺎﺩﺭﺓ ﻤﻨﻬﺎ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﻟﻭﺤﺎﺕ
" Les orientalistes ",ﻭﺃﺨﺭﻯ ﻟﻤﺤﻤﺩ ﺭﺍﺴﻴﻡ .ﺍﺸﺘﺭﻯ ﻤﺅﺨﺭﺍﹰ ﻟﻭﺤﺎﺕ ﻷﻁﻼﻥ
ﻋﺭﻀﺕ ﻟﻠﺒﻴﻊ .ﺤﺘﻤﺎﹰ ﺴﻤﻌﺕ ﺒﺄﻁﻼﻥ ..ﺭﺴﺎﻡ ﻴﻬﻭﺩﻱ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﻲ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺃﺤﺩ ﻭﺠﻭﻩ ﺍﻟﻔﻥ
ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺩﻱ ،ﻤﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﺎﺕ ..ﺇﺸﺘﻬﺭ ﺒﻭﻟﻌﻪ ﺒﻘﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻭﺒﺴﺠﻨﻪ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻤﺭﺓ ﺒﺴﺒﺏ ﻤﺴﺎﻨﺩﺘﻪ
ﻟﻠﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺭﺭﻴﺔ.
ﻜﻨﺕ ﻻ ﺃﺯﺍل ﺘﺤﺕ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﺩﻫﺸﺔ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻭﺍﺼﻠﺕ:
-ﺃﺨﺒﺭﺘﻨﻲ ﻜﺎﺭﻭل ﺃﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﺸﺘﺭﻱ ﻟﻭﺤﺎﺕ ﺃﻜﺜﺭ ﻟﺯﻴﺎﻥ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻤﻥ ﺤﻕ ﺍﻟﺭﻭﺍﻕ
ﺒﻴﻊ ﺸﻲﺀ ﺒﻌﺩ ﺍﻵﻥ ،ﻋﺩﺍ ﻟﻭﺤﺘﻙ ﺃﻨﺕ ﻁﺒﻌﺎﹰ ،ﻷﻨﻬﺎ ﺒﻴﻌﺕ ﻗﺒل ﻭﻓﺎﺓ ﺯﻴﺎﻥ.
ﺜﻡ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﺎ ﺒﺩﺍ ﻋﻠﻲ ﻤﻥ ﺤﺯﻥ ﻗﺎﻤﺕ ﻭﺠﻠﺴﺕ ﺠﻭﺍﺭﻱ ﺘﻭﺍﺴﻴﻨﻲ:
-ﻻ ﺘﺤﺯﻥ ﻫﻜﺫﺍ ،ﺇﻨﻪ ﺭﺠل ﻴﺤﺏ ﺍﻟﻔﻥ ﻭﻤﻌﺭﻭﻑ ﻋﻨﻪ ﻫﻭﺴﻪ ﺒﻜل ﻤﺎ ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺒﻘﺴﻨﻁﻴﻨﺔ.
ﺯﻴﺎﻥ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﺃﺤﻀﺭ ﻟﻪ ﺃﺸﻴﺎﺀ ﺼﻐﻴﺭﺓ ﻤﻥ ﻫﻨﺎﻙ .ﺃﻅﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﺼﺩﻴﻕ
ﻁﻔﻭﻟﺘﻪ ،ﺃﻭ ﺃﻨﻬﻤﺎ ﺩﺭﺴﺎ ﻤﻌﺎﹰ ﺃﻭ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺒﻴل.
ﺴﺄﻟﺘﻬﺎ ﻭﻗﺩ ﻀﺎﻉ ﺼﻭﺘﻲ:
ﺃﺘﻌﺘﻘﺩﻴﻥ ﺃﻥ ﺯﻴﺎﻥ ﻜﺎﻥ ﺴﻴﺒﻴﻌﻬﺎ ﻟﻪ؟
ﻗﺎﻟﺕ:
-ﻻ ﺃﻅﻥ ﺫﻟﻙ ،ﻓﺯﻴﺎﻥ ﻜﺎﻥ ﻴﺭﻓﺽ ﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺒﻴﻌﻬﺎ ﻷﻱ ﻜﺎﻥ .ﻭﻟﻭﻻ ﺇﺤﺴﺎﺴﻪ ﺒﺎﻟﻤﻭﺕ
ﻭﺜﻘﺘﻪ ﻓﻴﻙ ﻟﻤﺎ ﺒﺎﻋﻬﺎ ﺤﺘﻰ ﻟﻙ .ﺃﻅﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻴﻭﺩ ﺍﻻﺤﺘﻔﺎﻅ ﺒﻬﺎ ﻟﻨﻔﺴﻪ ,ﻟﻜﻨﻪ ﻤﺎ ﻭﺠﺩ ﺃﺤﺩﺍﹰ ﻟﻴﻭﺭﺜﻪ
ﺇﻴﺎﻫﺎ .ﺍﺒﻥ ﺃﺨﻴﻪ ﺍﻏﺘﺎﻟﻪ ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻭﻥ ﺒﻁﺭﻴﻘﺔ ﺸﻨﻴﻌﺔ ﻤﻨﺫ ﺴﻨﺘﻴﻥ .ﻭﺍﺒﻥ ﺃﺨﻴﻪ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﺨﺘﻔﻰ ﻗﺒل
ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻭﻴﻌﺘﻘﺩ ﺃﻨﻪ ﺍﻟﺘﺤﻕ ﺒﺎﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻴﻥ ،ﺃﻭ ﻤﺎﺕ.ﺃﻤﺎ ﺃﺨﻭﻩ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻓﻘﺩ ﺍﻏﺘﻴل ﻤﻨﺫ ﻋﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ
ﻓﻲ ﺃﺤﺩﺍﺙ .٨٨
ﻻ ﺃﺼﻌﺏ ﻋﻠﻰ ﻓﻨﺎﻥ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻻ ﻴﺠﺩ ﻓﻲ ﺁﺨﺭ ﻋﻤﺭﻩ ﺃﺤﺩﺍﹰ ﻴﻁﻤﺌﻥ ﺇﻟﻴﻪ ..ﻭﻴﺄﺘﻤﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ.
ﻗﻠﺕ ﺒﺘﻬﻜﻡ ﺍﻟﺤﺴﺭﺓ:
-ﺘﺩﺭﻴﻥ ﺃﻥ ﺘﺴﻤﻴﺔ " ﺍﻷﺭﺠل ﺍﻟﺴﻭﺩﺍﺀ" ﺃﻁﻠﻘﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﻤﺭﻴﻥ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺃﺭﺴﻠﻭﺍ
ﻟﻼﺴﺘﻴﻁﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻐﺯﻭ ﺍﻟﻜﻭﻟﻭﻨﻴﺎﻟﻲ ﺃﻭﺴﺎﻁ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺘﺎﺴﻊ ﻋﺸﺭ ،ﺇﺫ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﻨﺘﻌﻠﻭﻥ
ﺃﺤﺫﻴﺔ ﺴﻭﺩﺍﺀ ﺴﻤﻴﻜﺔ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺇﺸﺭﺍﻓﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺯﺍﺭﻉ ﻭ ﺍﻷﺭﺍﻀﻲ .ﺤﺘﻤﺎﹰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺜﺭﻱ ﻤﺎ ﺘﻭﻗﻊ ﺃﻥ
ﻴﻭﺍﺼل ﺍﻨﺘﻌﺎل ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺃﺒﺎﹰ ﻋﻥ ﺠﺩ .ﻭﻻ ﺘﻭﻗﻊ ﺃﻥ ﻴﺄﺘﻲ ﻴﻭﻡ ﻻ ﻴﺒﻘﻰ ﻓﻴﻪ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﻤﻥ ﻗﺭﻴﺏ
ﺴﻭﺍﻩ ..ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺍﻨﻘﺭﺽ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﺍﻟﻌﺒﺜﻴﺔ .ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭ ﺃﻥ ﻴﻨﺘﻬﻭﺍ ﻤﻥ ﺍﻹﺠﻬﺎﺯ
ﻋﻠﻰ ﺒﻌﻀﻬﻡ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﻓﻴﺤﻅﻰ ﺒﻤﻴﺭﺍﺙ ﻜﺎﻤل.
ﻟﻌﻠﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﻔﻬﻡ ﻜﻼﻤﻲ .ﻗﺎﻟﺕ:
-ﻓﻲ ﺴﻭﻕ ﺍﻟﻔﻥ ،ﺍﻷﻤﺭ ﻗﻀﻴﺔ ﻭﻗﺕ ﻻ ﻏﻴﺭ .ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﺘﻨﺘﻅﺭ ﻓﻘﻁ ،ﻭﺒﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﺒﺭ ،ﻭﺒﻤﺎ
ﻴﻠﺯﻡ ﻤﻥ ﻤﺎل ،ﺃﻨﺕ ﺘﺤﺼل ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻴﺔ ﻟﻭﺤﺔ ﺘﺭﻴﺩﻫﺎ .ﻴﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﺘﻘﺘﻨﺹ ﺍﻟﻔﺭﺼﺔ.
ﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ﺘﺼﺎﺩﻓﻙ ﻀﺭﺒﺔ ﺤﻅ ﻭﺘﺴﺘﻔﻴﺩ ﻤﻥ ﻟﺤﻅﺔ ﻏﻔﻠﺔ ﻜﻤﺎ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺓ ،ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺍﻨﺸﻐﺎل ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﺒﺄﻋﻴﺎﺩﻫﻡ ﻭﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﻨﺘﺸﺭ ﺨﺒﺭ ﻤﻭﺕ ﺍﻟﺭﺴﺎﻡ.
ﻗﻠﺕ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺴﻜﺏ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻤﺭ:
-ﺤﺘﻤﺎﹰ ..ﻤﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺇﻻ ﻨﺘﺎﺝ ﻟﺤﻅﺎﺕ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ!
ﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﺃﺒﺎ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ,ﻭﻻ ﻭﺠﺩﺘﻨﻲ ﻤﺭﻏﻤﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺘﺴﻠﻴﻡ ﻤﻔﺎﺘﻴﺢ ﻏﺭﻨﺎﻁﺔ ،ﻓﻠﻡ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ؟ ﺇﻨﻬﺎ
ﺨﺴﺎﺭﺍﺕ ﻏﻴﺭ ﻗﺎﺒﻠﺔ ﻟﻠﺸﻤﺎﺘﺔ ،ﻤﺎ ﺩﻤﺕ ﺍﺨﺘﺭﺘﻬﺎ ﺒﻨﻔﺴﻲ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺯﻭﺭﻨﻲ ﺤﻴﺎﺓ ﻟﺴﺎﻋﺔ ﺃﻭ ﺴﺎﻋﺘﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺠل ،ﺜﻡ ﺘﻌﻭﺩ ﻤﺫﻋﻭﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺒﻴﺘﻬﺎ ،ﻗﻠﺕ
ﻟﻬﺎ ﻤﺭﺓ ":ﻻ ﻴﻌﻨﻴﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﻤﺘﻠﻜﻙ ﺒﺎﻟﺘﻘﺴﻴﻁ .ﺃﺭﻓﺽ ﺃﻥ ﺃﺭﺒﺤﻙ ﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ﺘﺫﻫﺒﻴﻥ ﺒﻌﺩﻫﺎ ﻟﻐﻴﺭﻱ،
ﺘﻠﻙ ﺍﻷﺭﺒﺎﺡ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ ﻻ ﺘﺜﺭﻴﻨﻲ .ﺃﻨﺎ ﻟﺴﺕ ﺒﻘﹼﺎل ﺍﻟﺤﻲ ،ﺃﻨﺎ ﻋﺎﺸﻕ ﻴﻔﻀل ﺃﻥ ﻴﺨﺴﺭﻙ ﺒﺘﻔﻭﻕ.
ﺃﺭﻴﺩ ﻤﻌﻙ ﺭﺒﺤﺎﹰ ﻤﺩﻤﺭﺍﹰ ﻜﺨﺴﺎﺭﺓ".
ﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻥ ﺃﺭﺒﺎﺤﺎﹰ ﻓﺎﺩﺤﺔ ﺘﺘﻭﺍﻟﺩ ﺨﺴﺎﺭﺍﺘﻬﺎ ،ﻜﺘﻠﻙ ﺍﻟﺠﺎﺌﺯﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺫ ﺭﺒﺤﺘﻬﺎ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺸﺘﺭﻱ
ﺒﻬﺎ ﺨﺴﺎﺭﺍﺘﻲ.
ﺃﻋﺎﺩﻨﻲ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺇﻟﻰ ﺯﻴﺎﻥ ﺍﻟﺫﻱ ،ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻋﻴﻨﻪ ،ﺭﻗﺹ ﺒﻴﻥ ﺨﺭﺍﺌﺒﻪ ﺒﺫﺭﺍﻋﻪ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ،
ﻜﺒﻁل ﺇﻏﺭﻴﻘﻲ ﻤﺸﻭﻩ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺨﻠﱠﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻟﻭﺤﺎﺘﻪ ﻟﻔﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻭﺫﻫﺏ ﻟﻴﺩﻓﻥ
ﺃﺨﺎﻩ.
ﻜﻡ ﺘﻤﻨﻴﺕ ﺃﻻ ﺃﺘﻤﺎﻫﻰ ﻤﻌﻪ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺸﻬﺩ ﺍﻟﻌﺒﺜﻲ ﺍﻷﺨﻴﺭ ،ﺃﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺠﺌﺕ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻷﺴﺘﻠﻡ ﺠﺎﺌﺯﺓ.
ﺃﻜﺎﻥ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻗﺩ ﺠﺎﺀ ﺒﻲ ،ﻓﻘﻁ ﻷﻜﻭﻥ ﺍﻟﻴﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﻠﱢﻡ ﻟﻭﺤﺔ ﻭﺘﺴﺘﻠﻡ ﺠﺜﻤﺎﻨﺎﹰ؟
ﻭﻀﻌﺕ ﻤﻭﺴﻴﻘﻰ ﺯﻭﺭﺒﺎ ﻭﺠﻠﺴﺕ ﺃﺸﺭﺏ ﻨﺨﺒﻪ.
ﻋﻡ ﻤﺴﺎﺀ ﻴﺎ ﺨﺎﻟﺩ.
ﺍﻵﻥ ﻭﻗﺩ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺠﺯﺀﺍﹰ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﺭﺍﺏ ﺍﻟﺠﻤﻴل ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺸﺒﻪ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻤﻤﺎ ﻋﺭﻓﺕ ،ﺴﺘﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺭﻗﺹ ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ ﻴﺎ ﺼﺩﻴﻘﻲ .ﻓﺎﺭﻗﺹ ﻏﻴﺭ ﻤﻌﻨﻲ ﺒﺄﻥ ﺘﻔﺴﺩ ﺴﻜﻴﻨﺔ ﺍﻟﻤﻭﺘﻰ.
ﻻ ﺘﻘل ﺘﺄﺨﺭ ﺍﻟﻭﻗﺕ .ﺃﻨﺕ ﺘﻌﻴﺵ ﻓﻲ ﻤﻨﻁﻘﺔ ﻋﺯﻻﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻤﻥ .ﻻ ﺠﺩﻭﻯ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺴﺎﻋﺘﻙ،
ﻟﻴﺴﺕ ﻫﻨﺎ ﻟﺘﺩﻟﹼﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻗﺕ ،ﺒل ﻟﺘﻀﻊ ﺭﻓﺎﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺒﻴﻨﻨﺎ.
ﺍﻨﺘﻬﻰ ﺍﻵﻥ ﻜل ﺸﻲﺀ .ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﺼﺒﺢ ﻜل ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻭﻗﺕ ،ﻤﺎ ﻋﺩﺕ ﻤﻌﻨﻴﺎﹰ ﺒﺎﻟﺯﻤﻥ ،ﺘﺭﻯ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ
ﺒﻭﻀﻭﺡ ،ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻙ ﺃﻥ ﺘﺭﺴﻤﻬﺎ .ﺩﺨﻠﺕ ﻤﻨﻁﻘﺔ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻷﻟﻭﺍﻥ ،ﺫﺍﻫﺏ ﺼﻭﺏ ﺍﻟﺘﺭﺍﺏ.
ﺘﺭﺍﺏ ﻜﻨﺕ ﺘﺘﻭﻕ ﺇﻟﻴﻪ ،ﺃﺴﻤﻴﺘﻪ ﻭﻁﻨﻙ) .ﻭﻁﻨﻙ؟( ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻙ ﺃﻥ ﺘﺫﻫﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺤﺴﺎﺒﻙ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ
ﺘﺴﺘﻌﺩ ﻜﻌﺎﺩﺘﻙ ﻗﺒل ﻤﻭﻋﺩ .ﻻ ﺠﺩﻭﻯ ﻤﻥ ﺃﻨﺎﻗﺘﻙ ،ﻓﻔﻲ ﻀﻴﺎﻓﺔ ﺍﻟﺩﻴﺩﺍﻥ ﺘﺘﺴﺎﻭﻯ ﺍﻷﺠﺴﺎﺩ ﻴﺎ
ﺼﺩﻴﻘﻲ ,ﻭﻟﻥ ﻴﻭﺠﺩ ﻤﻥ ﻴﺘﻨﺒﻪ ﻟﻌﻁﺒﻙ ،ﻟﺫﺭﺍﻋﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﻠﹼﻤﺎ ﺘﻌﺭﻴﺕ ﺃﺨﻔﻴﺘﻬﺎ ﻋﻥ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ.
ﺘﺭﺍﺏ ﻴﺤﺘﻔﻲ ﺒﻙ ،ﻭﺩﻴﺩﺍﻥ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻭﻟﻴﻤﺘﻬﺎ ﺘﻬﺯﺃ ﻤﻥ ﻨﺴﺎﺀ ﺃﺤﺒﺒﻨﻙ ﻭﺘﺭﻓﻌﺕ ﻋﻥ ﺇﻤﺘﺎﻋﻬﻥ .ﻜﻨﺕ
ﺘﺭﻓﺽ ﺇﻏﺭﺍﺀ ﻋﺎﻫﺭﺓ ﺇﺴﻤﻬﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﺠﺌﺕ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺘﻬﺩﻱ ﺠﺴﺩ ﺸﻴﺨﻭﺨﺘﻙ ﻟﻠﺤﺸﺭﺍﺕ.
ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻷﺤﻤﻕ ,ﺒﻌﺩ ﺍﻵﻥ ،ﻜل ﻤﺎ ﻴﻨﺴﺏ ﻟﻐﻴﺭﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺴﻕ ﺃﻨﺕ ﻓﺎﻋﻠﻪ .ﻜل ﺨﻁﻴﺌﺔ ﻴﺤﺎﺴﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﻏﻴﺭﻙ ﺃﻨﺕ ﻤﻘﺘﺭﻓﻬﺎ .ﻜل ﺤﻜﻤﺔ ﻴﻠﻔﻅﻬﺎ ﺭﺠل ﺃﻨﺕ ﻗﺎﺌﻠﻬﺎ .ﻜل ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺘﺤﺒل ،ﺃﻨﺕ ﻤﻥ ﺘﺴﻠﱠل ﺇﻟﻰ
ﻤﺨﺩﻋﻬﺎ.
ﺍﻵﻥ ﻭﻗﺩ ﺃﺼﺒﺢ ﻜل ﺸﻲﺀ ﺨﻠﻔﻙ ،ﺃﻨﺕ ﺃﻜﺜﺭ ﺤﻜﻤﺔ ﻤﻥ ﺃﻱ ﻭﻗﺕ ﻤﻀﻰ ،ﻓﻘﻡ ﻭﺍﺭﻗﺹ.
ﺍﺭﻗﺹ ،ﻷﻥ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺃﺤﺒﺒﺘﻬﺎ ﺨﺎﻨﺘﻙ ﻤﻌﻲ ..ﻭﺴﺘﺨﻭﻨﻨﺎ ﻤﻌﺎﹰ.
ﻷﻥ ﺒﻴﺘﺎﹰ ﻜﺎﻥ ﻟﻙ ﻗﺩ ﺼﺎﺭ ﻟﺴﻭﺍﻙ.
ﻷﻥ ﻟﻭﺤﺎﺕ ﺭﺴﻤﺘﻬﺎ ﺫﻫﺒﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻴﺩٍ ﻟﻡ ﺘﺘﻭﻗﻌﻬﺎ.
ﻷﻥ ﺠﺴﻭﺭﺍﹰ ﻤﺠﺩﺘﻬﺎ ﺘﻨﻜﺭﺕ ﻟﻙ ،ﻭﻭﻁﻨﺎﹰ ﻋﺸﻘﺘﻪ ﺘﺨﻠﻰ ﻋﻨﻙ.
ﻷﻥ ﺃﺸﻴﺎﺀ ﺴﺨﻴﻔﺔ ﺍﺤﺘﻘﺭﺘﻬﺎ ،ﺴﺘﻌﻴﺵ ﺒﻌﺩﻙ.
ﻷﻥ ﺤﺴﺎﻥ ﺴﻴﻜﻭﻥ ﻗﺭﻴﺒﺎﹰ ﻤﻨﻙ ﺒﻌﺩ ﺍﻵﻥ.
ﻷﻥ ﺃﻭﻻﺩﻩ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺭﺒﻴﺘﻬﻡ ﺴﻘﻁﻭﺍ ﻓﻲ ﺨﻨﺩﻕ ﺍﻟﻜﺭﺍﻫﻴﺔ ﻭﻟﻥ ﻴﻜﻭﻨﻭﺍ ﻓﻲ ﺠﻨﺎﺯﺘﻙ.
ﻷﻥ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺸﻘﺘﻬﺎ ﺃﺸﺎﺤﺕ ﻋﻨﻙ ﻜﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﺍﻹﻏﺭﻴﻘﻴﺔ ﺘﺯﻭﺭ ﻋﻥ ﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﺠﺜﺙ..
ﻨﻬﻀﺕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍﺯ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﻤﻁﺒﺦ ﺤﺎﻤﻠﺔ ﺼﺤﻭﻥ ﺍﻟﺴﻔﺭﺓ .ﻨﺎﺩﻴﺘﻬﺎ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺭﻓﻊ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻤﻥ
ﻤﻭﺴﻴﻘﻰ ﺯﻭﺭﺒﺎ:
-ﺃﺭﺠﻭﻙ ﻜﺎﺘﺭﻴﻥ ..ﺘﻌﺎﻟﻲ ﻟﻠﺠﻠﻭﺱ ﺠﻭﺍﺭﻱ ،ﻓﻌﻤﺎ ﻗﺭﻴﺏ ﺴﻨﻭﺍﺠﻪ ﻤﻁﺒﺎﺕ ﺸﺎﻫﻘﺔ.
ﻗﺎﻟﺕ ﻤﺤﺘﺠﺔ:
-ﻭﻟﻨﻨﻲ ﻟﺴﺕ ﻜﺎﺘﺭﻴﻥ.
ﺃﺠﺒﺘﻬﺎ ﺒﻨﺒﺭﺓ ﻤﺎﺯﺤﺔ:
-ﺼﺤﻴﺢ ..ﺃﻨﺕ ﻟﻡ ﺘﻘﺭﺌﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ .ﻟﻭ ﻗﺭﺃﺘﻬﺎ ﻷﺩﺭﻜﺕِ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﻨﺎ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﻟﺴﺕ ﺨﺎﻟﺩ.
ﻗﺎﻟﺕ ﺒﻌﺩﻤﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﻟﻠﺠﻠﻭﺱ ﺠﻭﺍﺭﻱ:
-ﺃﻨﺕ ﺜﻤل ﺃﻟﻴﺱ ﻜﺫﻟﻙ؟
-ﺘﻌﺘﻘﺩﻴﻥ ﻫﺫﺍ؟ ﻷﻨﻨﻲ ﻗﻠﺕ ﻟﻙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ؟ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻴﺎ ﻋﺯﻴﺯﺘﻲ ﺘﺅﺨﺫ ﻤﻥ ﻫﺫﻴﺎﻥ ﺍﻟﺴﻜﺎﺭﻯ.
ﺃﺘﺩﺭﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﻕ ﻴﺨﺘﺎﺭﻭﻥ ﺃﺴﻤﺎﺀﻫﻡ ﺒﺎﻟﻘﺭﻋﺔ ،ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺃﻨﺎ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺨﺎﻟﺩ ﻤﺼﺎﺩﻓﺔﹰ.
ﻭﺍﺼﻠﺕ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻨﺩﻫﺎﺸﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﻑﹼ ﺒﻜﻼﻤﻲ:
-ﻓﻲ ﻤﻭﺴﻡ ﻗﻁﻑ ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ﻭﺤﺼﺎﺩ ﺍﻷﻗﻼﻡ ،ﻓﺸﻠﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﻴﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺜﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﻤﺎﺀ
ﻤﺴﺘﻌﺎﺭﺓ ﻨﺨﺘﻔﻲ ﺨﻠﻔﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻴﻥ .ﻜلﱞ ﺍﺨﺘﺎﺭ ﺍﺴﻤﻪ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺤﺴﺏ ﻤﺎ ﺼﺎﺩﻓﻪ ﻤﻥ ﺃﺴﻤﺎﺀ.
ﺃﻨﺎ ﺍﻨﺘﺤﻠﺕ ﺍﺴﻡ ﺒﻁل ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻴﺔ ﺃﺤﺒﺒﺘﻬﺎ.
ﻭﺍﺼﻠﺕ ﺒﻌﺩ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻤﺕ:
-ﺇﻥ ﺸﺌﺕ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﺨﺎﻟﺩ ﺒﻥ ﻁﻭﺒﺎل ﻟﻴﺱ ﺃﻨﺎ ،ﺇﻨﻤﺎ ﺯﻴﺎﻥ .ﻭﻟﻜﻥ ﺘﻠﻙ ﻗﺼﺔ ﺃﺨﺭﻯ .ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ
ﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﺴﻤﻪ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺃﺼﺒﺢ ﻫﺫﺍ ﺍﺴﻤﻲ ﻓﺱ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﻨﺤﺘﺎﺝ
ﺇﻟﻰ ﺍﺴﺘﻌﺎﺭﺓ ﺃﺴﻤﺎﺀ ﻟﻴﺴﺕ ﻟﻨﺎ ،ﻭﻟﺫﺍ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺍﻨﺘﻘﺎﻟﻨﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻻﺜﻨﻴﻥ ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ ﻤﺎ ﻻ ﻨﻌﻭﺩ ﻨﺩﺭﻱ ﻤﻥ
ﻨﻜﻭﻥ .ﺇﻨﻬﺎ ﻟﻌﺒﺔ ﺍﻷﻗﻨﻌﺔ ﻓﻲ ﻜﺭﻨﻔﺎل ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.
-ﻭﻟﻜﻥ ﻤﺎ ﺍﺴﻤﻙ؟
-ﻭﻤﺎﺫﺍ ﻴﻐﻴﺭ ﺍﺴﻤﻲ .ﻤﺎ ﺩﻤﺕ ﺘﻌﺭﻓﻴﻥ ﻟﻘﺏ ﻓﻤﻲ ﻭﻜﻨﻴﺔ ﻴﺩﻱ ،ﻓﻜﻠﱠﻤﺎ ﻤﺭ ﺸﻲﺀ ﻤﻨﻲ ﺒﻙ ﺘﺭﻙ
ﺇﻤﻀﺎﺀﺓ ﻋﻠﻴﻙ.
-ﺠﻤﻴل ..ﻭﻟﻜﻥ ﻤﺎ ﺍﻻﺴﻡ ﺍﻟﻤﻜﺘﻭﺏ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﺭﺍﻗﻙ ﺍﻟﺜﺒﻭﺘﻴﺔ؟
-ﻻ ﺃﺤﺏ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻨﻲ ﺭﺠل ﺒﻭﻟﻴﺱ ﻴﺩﻗﻕ ﻓﻲ ﻫﻭﻴﺔ ﻋﺎﺒﺭ .ﺍﻓﺘﺭﻀﻲ ﺃﻨﻨﺎ ﺍﻟﺘﻘﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ
ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﻌﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﺒﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺒﻠﻭﻍ ﻭﻫﻡ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ،ﻴﻔﺭﺽ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺯﺒﺎﺌﻥ
ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻥ ﺃﺴﻤﺎﺌﻬﻡ ﺨﻼل ﻓﺘﺭﺓ ﺍﻹﻗﺎﻤﺔ ،ﻓﺘﻁﻠﻕ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺃﺴﻤﺎﺀ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺤﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﺤﺭﻴﺔ ﺃﻭ
ﺍﻵﻟﻬﺔ ﺍﻟﻴﻭﻨﺎﻨﻴﺔ ﻭﺃﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ﺃﺭﻗﺎﻡ ﻻ ﻏﻴﺭ .ﺃﻱ ﻗﺼﺎﺹ ﺃﻥ ﺘﺤﻤﻠﻲ ﺍﺴﻤﻙ ﻗﻴﺩﺍﹰ ﻤﺩﻯ ﺍﻟﻌﻤﺭ!
ﺃﺤﺴﺩ ﺴﻜﺎﻥ ﺒﻼﺩ ﻋﺭﺒﻴﺔ ﻴﻌﻴﺵ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺒﻼ ﺃﺴﻤﺎﺀ .ﻻﻋﺒﻭ ﺍﻟﻜﺭﺓ ﻴﺴﺘﺩلّ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺒﺄﺭﻗﺎﻤﻬﻡ،
ﺍﻟﻨﻭﺍﺏ ﻴﺤﻤﻠﻭﻥ ﺃﺴﻤﺎﺀ ﻤﻨﺎﻁﻘﻬﻡ ،ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻭﻥ ﻴﺤﻤﻠﻭﻥ ﺃﺴﻤﺎﺀ ﻭﻅﺎﺌﻔﻬﻡ ،ﺍﻟﻤﻁﺭﺒﻭﻥ ﻻ ﻴﻐﹼﻨﻭﻥ
ﺇﻻ ﻓﻲ ﺠﻭﻗﺔ ،ﺍﻷﻤﻭﺍﺕ ﻟﻬﻡ ﻤﻘﺒﺭﺓ ﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﻴﻀﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺯﻭﺍﺭ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﻭﻥ ﺇﻜﻠﻴﻼﹰ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ .ﺇﻨﻬﻡ
ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺠﻊ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﺍﺨﺘﺯﻟﻭﺍ ﺃﺴﻤﺎﺀﻫﻡ ﺠﻤﻴﻌﺎﹰ ﻓﻲ ﺍﺴﻡ ﺭﺠل ﻭﺍﺤﺩ ﻭﺍﺭﺘﺎﺤﻭﺍ .ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻋﻤﻠﻴﺔ
ﺍﺨﺘﺯﺍل .ﺜﻤﺔ ﻨﻌﻤﺔ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ "ﻻ ﺃﺤﺩ" .ﻻ ﺘﺘﻭﻓﺭ ﻟﻙ ،ﺇﻻ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺄﺘﻲ ﺤﺎﻜﻡ ﻭﻴﺅﻤﻡ ﻜل
ﺍﻷﺴﻤﺎﺀ ،ﺃﻭ ﻴﺄﺘﻲ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻭﻴﺒﻌﺜﺭﻙ ﻓﻲ ﻜل ﺸﻲﺀ.
ﻜﺎﻥ ﺯﻭﺭﺒﺎ ﺒﺩﺃ ﻴﻨﺘﻔﺽ ﺭﻗﺼﺎﹰ .ﻭﻜﻨﺕ ﺃﻓﻜﹼﺭ ﻓﻲ ﺒﻭﺭﺨﻴﺱ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻘﻭل ﻓﻲ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﻜﺘﺎﺒﻪ " ﺍﻟﺨﻠﺩ" "
ﻜﻨﺕ ﻫﻭﻤﻴﺭﻭﺱ ﻭﻗﺭﻴﺒﺎﹰ ﺃﺼﻴﺭ ﻻ ﺃﺤﺩ ،ﻜﻤﺎ ﻋﻭﻟﻴﺱ ﻗﺭﻴﺒﺎﹰ ﺃﺼﺒﺢ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻜﻠﻪ ،ﻷﻨﻨﻲ ﺃﻜﻭﻥ ﻗﺩ
ﻤﺕﹼ".
ﻗﺭﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﻀﻊ ﺫﺭﺍﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﻜﺘﻑ ﺯﻴﺎﻥ ﻭﻨﺒﺩﺃ ﺍﻟﺭﻗﺹ ﺴﻭﻴﺎﹰ ،ﻓﺯﻭﺭﺒﺎ ﺭﻗﺼﺔ ﺘﺼﺒﺢ ﺃﺠﻤل
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺅﺩﻴﻬﺎ ﺭﺠﻼﻥ ﺒﻌﻨﻔﻭﺍﻥ ﺍﻟﺨﺎﺴﺭﻴﻥ ..ﻓﺎﺘﺤﻴﻥ ﺫﺭﺍﻋﻴﻬﻤﺎ ﻻﺤﺘﻀﺎﻥ ﺍﻟﻌﺩﻡ.
ﻫﻴﺎ ﺯﻴﺎﻥ ،ﺍﻨﺘﻬﻰ ﺍﻵﻥ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻓﺎﺭﻗﺹ .ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺭﻗﺹ ،ﻜﻤﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻤﻭﺕ ،ﺘﺼﺒﺢ ﺴﻴﺩ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ .ﺍﺭﻗﺹ ﻜﻲ ﺘﺴﺨﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒﺭ.
ﺃﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﺘﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺘﻜﺘﺏ ﻜﺘﺎﺒﺎﹰ ﻤﻥ ﺃﺠﻠﻬﺎ؟ ﺍﺭﻗﺹ ﻷﻜﺘﺒﻪ ﻋﻨﻙ.
ﺘﺩﺒﺭ ﺭﺠﻠﻴﻥ ﻟﺭﻗﺼﺘﻙ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ،ﻭﺘﻌﺎل ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺤﺫﺍﺀ.
ﻓﻲ ﺍﻟﺭﻗﺹ ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻻ ﻨﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺃﺤﺫﻴﺔ!
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻤﻥ
ﺜﻡ ﺠﺎﺀ..
ﻫﺎﻫﻡ ﻴﺄﺘﻭﻥ ﺒﻪ ،ﻏﺭﺒﺎﺀ ﻴﺤﻤﻠﻭﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻜﺘﺎﻓﻬﻡ ،ﺤﻠﻤﺎﹰ ﻓﻲ ﺘﺎﺒﻭﺕ ﻤﻥ ﺨﺸﺏ ،ﻤﻜﻠﱠﻼﹰ ﺒﻜﺒﺭﻴﺎﺀ
ﺍﻟﺨﺎﺴﺭﻴﻥ ﻴﺠﻲﺀ ،ﻟﻪ ﺠﻨﺎﺯﺓ ﺘﻠﻴﻕ ﺒﺴﺨﺭﻴﺘﻪ ،ﺃﻜﺎﺩ ﺃﺼﻴﺢ ﺒﻬﻡ " ﻻ ﺘﺴﺭﻋﻭﺍ ﺒﻨﻌﺸﻪ ﻓﺘﺘﻌﺜﺭﻭﻥ
ﺒﻀﺤﻜﺘﻪ" .ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺘﺌﺩ ﺍﻟﻤﺘﻤﻬل ،ﻻ ﺘﺴﺘﻌﺠﻠﻭﻩ .ﻫﻭ ﺍﻟﻭﺍﺜﻕ ﻜﺎﻟﺘﺄﻤل ،ﺍﻨﺼﺘﻭﺍ ﻟﺘﻬﻜﻤﻪ ﻭﻫﻭ ﻴﻌﺒﺭ
ﻟﻭﺤﺘﻪ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ،ﻴﺠﺘﺎﺯ ﻗﺩﺭﻩ ﻤﻥ ﻀﻔﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺨﺭﻯ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺠﺘﺎﺯ ﺠﺴﺭﺍﹰ ،ﻤﺤﻤﻭﻻﹰ ﻤﻥ ﺃﻨﺎﺱٍ ﻻ
ﻴﺩﺭﻭﻥ ﻜﻡ ﺭﺴﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻤﺭ.
ﻭﻫﻭ ﻴﺒﻨﻲ ﺠﺴﺭﺍﹰ .ﻻ ﻫﻡ ﻟﻠﻤﻬﻨﺩﺴﻴﻥ ﺇﻻ ﺍﻟﻌﺒﻭﺭ ﺍﻷﻤﻴﻥ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻌﺒﻭﺭ ﺍﻟﺠﻤﻴل ،ﻓﻴﻬﻨﺩﺱ ﺠﻤﺎﻟﻪ ﺃﻭ
ﺒﺸﺎﻋﺘﻪ ﻤﻬﻨﺩﺱ ﺃﻜﺒﺭ ،ﻴﻤﻠﻙ ﻭﺤﺩﻩ ﺤﻕﹼ ﻫﻨﺩﺴﺔ ﺨﻁﻰ ﺍﻟﻘﺩﺭ.
ﻴﺎ ﺇﻟﻪ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ،ﻴﺎ ﺇﻟﻪ ﺍﻟﻌﺒﻭﺭ ﺍﻷﺨﻴﺭ ،ﻻ ﺘﻭﻗﻅﻪ .ﻋﺎﺵ ﻋﻤﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺴﻔﺭ ،ﺤﻕﹼ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﺭﻴﺢ.
ﻴﺎ ﺇﻟﻬﺔ ﺍﻷﺴﺭﺓ ،ﻋﺎﺒﺭ ﺴﺭﻴﺭ ﻫﻭ ﺤﻴﺜﻤﺎ ﺤلّ ،ﻓﺄﻫﺩﻩ ﺭﺍﺤﺔ ﺴﺭﻴﺭﻩ ﺍﻟﻀﻴﻕ ﺍﻷﺨﻴﺭ.
ﻭﺃﻨﺕ ﻴﺎ ﺇﻟﻪ ﺍﻷﺒﻭﺍﺏ ،ﻻ ﻗﺒﻭﺭ ﺁﻤﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭﻩ ،ﻓﻼ ﺘﺩﻋﻬﻡ ﻴﺨﻠﻌﻭﻥ ﺒﺎﺏ ﻨﻭﻤﻪ.
ﻓﻲ ﺤﻀﺭﺘﻪ ،ﺍﻜﺘﺸﻔﺕ ﺃﻨﻨﻲ ﻓﻘﺩﺕ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ،ﻭﻟﻡ ﻴﺒﻕ ﻟﻲ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﺤﺯﻥ ﺇﻻ ﺫﻟﻙ ﺍﻷﻨﻴﻥ
ﺍﻷﺨﺭﺱ ﻟﻠﺤﻴﺘﺎﻥ ﻓﻲ ﻋﺘﻤﺔ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺎﺕ.
ﻜﺎﻥ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻴﻔﻌل ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﻔﻌﻠﻪ ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ :ﺍﻟﺘﻬﻜﻡ!
ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻟﻡ ﺃﺠﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﺩﻤﻌﺎﹰ ﻴﻠﻴﻕ ﺒﺴﺨﺭﻴﺘﻪ ،ﺭﺤﺕ ﺃﺸﺎﻁﺭﻩ ﺍﻻﺒﺘﺴﺎﻡ.
ﻓﺠﺄﺓ ﻟﻤﺤﺘﻬﺎ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺭﻓﻘﺔ ﻨﺎﺼﺭ ،ﺠﺎﺀﺕ .ﺇﺫﻥ ﺠﺎﺀﺕ .ﻫﻲ ،ﺃﻜﺎﻨﺕ ﻫﻲ؟ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﻘﺎﺩﻤﺔ
ﺒﺨﻁﻰ ﺒﻁﻴﺌﺔ ﻴﻠﻑﹼ ﺸﻌﺭﻫﺎ ﺸﺎل ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺴﻠﻴﻥ ﺍﻷﺴﻭﺩ ،ﻤﺭﺘﺩﻴﺔ ﻤﻌﻁﻑ ﻓﺭﻭ ﻁﻭﻴل ،ﺒﺭﻏﻡ ﺍﻟﺒﺭﺩ
ﺍﻟﻘﺎﺭﺱ ،ﻤﺎ ﺃﺤﺒﺒﺕ ﺘﺭﻑ ﺤﺩﺍﺩﻫﺎ ﺍﻟﻔﺎﺨﺭ.
ﻗﺒل ﺃﻥ ﺘﻘﺘﺭﺏ ,ﻓﻜﱠﺭﺕ ﺃﻥ ﻤﻌﻁﻔﻬﺎ ﻴﺴﺎﻭﻱ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺜﻤﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ،ﻜﺎﻥ ﻴﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﺘﺴﺘﻐﻨﻲ
ﻋﻨﻪ ﻟﻴﺸﻌﺭ ﺨﺎﻟﺩ ﺍﻵﻥ ﺒﺒﺭﺩ ﺃﻗلّ.
ﻜﺎﻥ ﻴﻜﻔﻴﻬﺎ ﻤﻌﻁﻑ ﺩﺍﻜﻥ ﻭﻭﺭﺩﺓ ﺤﻤﺭﺍﺀ ،ﻟﺘﺼﺒﺢ "ﻨﺠﻤﺔ" ﻓﻬل ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺨﺯﺍﻨﺘﻬﺎ ﻤﻌﻁﻑ ﺒﺴﻴﻁ
ﻴﻠﻴﻕ ﺒﻔﺎﺠﻌﺔ ﻜﺒﻴﺭﺓ؟
ﺃﻗﻨﻌﺕ ﻨﻔﺴﻲ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻫﻲ .ﺤﺘﻤﺎﹰ ﻜﺎﻨﺕ " ﻨﺠﻤﺔ" ،ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻐﺭﻴﺒﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﺍﻟﻬﺎﺭﺒﺔ ﻤﻥ
ﺍﻟﻘﺼﺎﺌﺩ ﻭﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﻗﺒﻀﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ .ﻤﺜﻠﻬﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﻜل ﻭﺠﻭﻩ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﻟﻬﺎ ﻜل ﺍﻷﺴﻤﺎﺀ ،ﺇﻻ
ﺃﻨﻬﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺨﻠﻌﺕ ﻤﻼﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻭﺩﺍﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺭﺘﺩﺘﻬﺎ ﺤﺩﺍﺩﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﺼﺎﻟﺢ ﺒﺎﻱ ،ﻭﺍﺭﺘﺩﺕ ﻤﻌﻁﻑ ﻓﺭﻭ
ﺍﻗﺘﻨﺎﻩ ﻟﻬﺎ ﺃﺤﺩ ﻗﻁﹼﺎﻉ ﻁﺭﻕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ.
ﻤﻥ ﻴﺤﺎﺴﺏ ﺯﻭﺠﺔ ﻗﺭﺼﺎﻥ ﺇﻥ ﻫﻲ ﺍﺭﺘﺩﺕ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻤﻥ ﻏﻨﺎﺌﻤﻪ؟
ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺘﻘﺩﻡ ﺒﺒﻁﺀ ﻻ ﻴﺸﺒﻪ ﺨﻁﻭﺘﻬﺎ ،ﺃﻷﻥ ﻗﺩﻤﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺨﻀﺒﺘﻴﻥ ﺒﺎﻟﺤﻨﺎﺀ ﺘﻌﺒﺘﺎ؟
ﻤﻨﺫ ﺯﻓﺎﻓﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺘﻤﺸﻲ ﻜﻲ ﺘﺒﻠﻎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺠﺜﻤﺎﻥ.
ﻋﺭﻓﻨﻲ ﻨﺎﺼﺭ ﺒﺄﺨﺘﻪ .ﻜﺎﻥ ﺃﻭﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﻋﺭﻓﻪ ﺒﻬﺎ .ﻤﺩﺕ ﻴﺩﻫﺎ ﻨﺤﻭﻱ .ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺫﺍﺕ ﻤﻌﻁﻑ ﺍﻟﻔﺭﻭ،
ﻟﻡ ﺘﻘل ﺸﻴﺌﺎﹰ ،ﻋﺴﺎﻫﺎ ﺘﺨﻔﻲ ﺘﺭﺩﺩ ﺃﻜﻔﻨﺎ ﻭﺍﺭﺘﺒﺎﻜﻬﺎ ﻟﺤﻅﺔ ﻤﺼﺎﻓﺤﺔ.
ﻟﻴﺱ ﻤﻥ ﺃﺠل ﻨﺎﺼﺭ .ﺒل ﻤﻥ ﺃﺠﻠﻪ ﻫﻭ ،ﺘﺤﺎﺸﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﺘﻁﻭل ﺒﻴﻨﻨﺎ ﺍﻟﻨﻅﺭﺍﺕ .ﻟﻡ ﻨﻜﻥ ﻨﺭﻴﺩ ﺃﻥ
ﻨﺸﻬﺩﻩ ﻤﻴﺘﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﻠﻤﻪ ﺤﻴﺎﹰ.
ﻓﻲ ﺤﻀﺭﺘﻪ ،ﻜﻨﹼﺎ ﻨﺘﺒﺭﺃ ﻤﻥ ﺫﺍﻜﺭﺘﻨﺎ ﺍﻟﻌﺸﻘﻴﺔ ،ﻤﺴﺘﺨﻔﱢﻴﻥ ﺒﺫﻜﺎﺀ ﺍﻟﻤﻭﺘﻰ.
ﻀﻤﻨﻲ ﻨﺎﺼﺭ ﻁﻭﻴﻼﹰ ﺇﻟﻰ ﺼﺩﺭﻩ .ﺍﻟﺘﺼﻘﺕ ﺩﻤﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺨﺩﻩ ﺒﺨﺩﻱ .ﻗﺎل ﻜﻠﻤﺎﺕ ﻓﻲ ﺒﻴﺎﺽ ﺍﻟﻜﻭﻤﺎ،
ﻭﺒﻜﻰ .ﺒﺩﺍ ﻟﻲ ﻜﺄﻨﻪ ﺸﺎﺥ ،ﻜﺄﻨﻪ ﻫﻭ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﻫﻭ ،ﻜﺄﻨﻪ ﺃﺼﺒﺢ ﺍﻟﻁﺎﻫﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻭﻟﻰ .ﻜﺎﻨﺕ
ﻫﻜﺫﺍ ﻤﻼﻤﺢ ﺃﺒﻴﻪ ﻜﻤﺎ ﺨﻠﱠﺩﺘﻬﺎ ﺼﻭﺭ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ.
ﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺭﻓﺽ ﺃﻥ ﻴﺤﻀﺭ ﺯﻓﺎﻓﻬﺎ ،ﻴﻭﻡ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ،ﺃﻱ ﻗﺩﺭ ﻋﺠﻴﺏ ﺠﺎﺀ ﺒﻪ ﻤﻥ
ﺃﻟﻤﺎﻨﻴﺎ ،ﻟﻴﺤﻀﺭ ﺠﻨﺎﺯﺓ ﺨﺎﻟﺩ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﺒﺎﺭﻴﺱ! ﺃﻜﺎﻥ ﻟﻘﺎﺅﻨﺎ ﺤﻭﻟﻪ ﺁﺨﺭ ﺭﻏﺒﺔ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻴﺨﻁﻔﻬﺎ ﻤﻥ
ﺍﻟﻔﻙ ﺍﻟﺴﺎﺨﺭ ﻟﻠﻤﻭﺕ؟
ﻤﻭﺘﺎﹰ ﻤﻜﺜﻔﺎﹰ ﻓﻲ ﺩﻗﹼﺘﻪ ،ﻤﺒﺎﻏﺘﺎﹰ ﻓﻲ ﺘﻭﻗﻴﺘﻪ ,ﺫﻜﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻨﺘﻘﺎﺀ ﺸﻬﻭﺩﻩ ،ﺤﺘﻰ ﻟﻜﺄﻨﻪ ﻭﺼﻴﺔ.
ﺃﺸﻙ ﺃﻨﻨﺎ ﻜﻨﺎ ﺠﻤﻴﻌﻨﺎ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻤﺼﺎﺩﻓﺔ .ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﻭﻀﻰ ﻻ ﻴﺘﻘﻨﻬﺎ
ﺍﻟﻤﻭﺕ.
ﻻ ﻴﻭﺠﺩ ﺴﻭﺀ ﺘﺭﻗﻴﻡ ,ﻭﻻ ﺴﻭﺀ ﺘﺩﺒﻴﺭ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺠﺎﺌﺭ .ﻴﻭﺠﺩ ﻤﺎ ﻴﺴﻤﻴﻪ ﺭﻨﻴﻪ ﺸﺎﺭ ﻓﻲ
ﺇﺤﺩﻯ ﻗﺼﺎﺌﺩﻩ " ﻓﻭﻀﻰ ﺍﻟﺩﻗﺔ" .ﺇﻨﻪ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﻤﺸﺎﻏﺏ ﺍﻟﺠﺒﺎﺭ ،ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﺘﺭﺍﺠﻴﺩﻴﺎ ﺇﻏﺭﻴﻘﻴﺔ.
ﺃﻱ ﻤﺄﺴﺎﺓ ﺃﻥ ﺘﺨﻠﻑ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﺎﺠﻌﺔ! ﺃﻱ ﻤﻠﻬﺎﺓ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺸﺎﻫﺩﺍﹰ ﻋﻠﻴﻪ!
ﻭﺍﻗﻔﻴﻥ ﻜﻨﺎ ﺃﻤﺎﻡ ﺃﺴﻁﻭﺭﺓ ﺭﺠل ﻋﺎﺩﻱ ،ﺒﺄﺤﻼﻡ ﺫﺍﺕ ﺃﻗﺩﺍﺭ ﻤﻠﺤﻤﻴﺔ.
ﺭﺠل ﻴﺩﻋﻰ ﺨﺎﻟﺩ ﺒﻥ ﻁﻭﺒﺎل .ﻓﻤﻨﺫ ﺍﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﺤﻭﻟﻪ ﺍﺴﺘﻌﺎﺩ ﺍﺴﻤﻪ ﺍﻷﻭل ،ﻭﺒﻬﺫﺍ ﺍﻻﺴﻡ ﻴﻌﻭﺩ ﺇﻟﻰ
ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ .ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻏﻴﺭ ﺍﺴﻤﻪ ﻭﻜﺸﻑ ﺃﺴﻤﺎﺀﻨﺎ.
ﺃﺫﻜﺭ ﻴﻭﻡ ﺴﺄﻟﻨﻲ ﺒﺘﻬﻜﻡ ﺫﻜﻲ:
-ﺨﺎﻟﺩ ..ﺃﻤﺎ ﺯﻟﺕ ﺨﺎﻟﺩ؟
ﻤﺜﻠﻪ ﺃﻜﺎﺩ ﺃﺴﺄل ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﻁﻑ ﺍﻟﻔﺭﻭ:
-ﺤﻴﺎﺓ ..ﺃﻤﺎ ﺯﻟﺕ ﺤﻴﺎﺓ؟
ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻬﺎ ﻤﺫ ﺩﺨﻠﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺃﺼﺒﺤﺕ " ﻨﺠﻤﺔ".
ﻨﺠﻤﺔ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﻤﻌﺸﻭﻗﺔ ،ﺍﻟﻤﺸﺘﻬﺎﺓ ،ﺍﻟﻤﻘﺩﺴﺔ ،ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﺠﺭﺡ ،ﺍﻟﻔﺎﺠﻌﺔ ،ﺍﻟﻅﺎﻟﻤﺔ ﺍﻟﻤﻅﻠﻭﻤﺔ،
ﺍﻟﻤﻐﺘﺼﺒﺔ ،ﺍﻟﻤﺘﻭﺤﺸﺔ ،ﺍﻟﻭﻓﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺌﻨﺔ " .ﺍﻟﻌﺫﺭﺍﺀ ﺒﻌﺩ ﻜل ﺍﻏﺘﺼﺎﺏ" " ،ﺍﺒﻨﺔ ﺍﻟﻨﺴﺭ ﺍﻷﺒﻴﺽ
ﻭﺍﻷﺴﻭﺩ" ﺍﻟﺘﻲ " ﻴﻘﺘﺘل ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺒﺴﺒﺒﻬﺎ ﻭﻟﻜﻨﻬﻡ ﻻ ﻴﺠﺘﻤﻌﻭﻥ ﺇﻻ ﺤﻭﻟﻬﺎ".
ﻫﻲ ﺍﻟﺯﻭﺠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻤل ﺍﺴﻡ ﻋﺩﻭﻙ .ﺍﻟﺒﻨﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﻨﺠﺒﻬﺎ .ﺍﻷﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺨﻠﺕ ﻋﻨﻙ .ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ
ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻟﺩ ﺤﺒﻬﺎ ﻤﺘﺩﺍﺨﻼﹰ ﻤﻊ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﻤﺘﺯﺍﻤﻨﺎﹰ ﻤﻊ ﻓﺠﺎﺌﻌﻪ ،ﺤﺘﻰ ﻟﻜﺄﻨﻬﺎ ﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﺴﻭﻯ
ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ.
ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻗﺼﺔ " ﻨﺠﻤﺔ" ﻓﻲ ﺒﻌﺩﻫﺎ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﻱ ،ﻜﺄﺤﺩ ﺃﺸﻬﺭ ﻗﺼﺹ ﺍﻟﺤﺏ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ،ﻭﻟﺩﺕ ﺇﺜﺭ
ﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ٨ﻤﺎﻴﻭ ١٩٤٥ﺍﻟﺘﻲ ﺩﻓﻌﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻭﺍﻟﻤﺩﻥ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺔ ﺒﻬﺎ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺜﻼﺜﻴﻥ ﺃﻟﻑ
ﻗﺘﻴل ﻓﻲ ﺃﻭل ﻤﻅﺎﻫﺭﺓ ﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ﺘﻁﺎﻟﺏ ﺒﺎﻟﺤﺭﻴﺔ.
ﻜﺎﻥ ﻜﺎﺘﺏ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻤﻪ ﺍﻟﺴﺎﺒﻊ ﻋﺸﺭ ،ﻴﻘﺎﺩ ﻤﻊ ﺍﻵﻻﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺠﻥ ،ﻭﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻘﻪ
ﺇﻟﻰ ﻤﻌﺘﻘﻠﻪ ﺍﻷﻭل ﻴﺭﻯ ﺸﺒﺎﺒﺎﹰ ﻤﻜﺒﻠﻴﻥ ﺘﺠﺭﻫﻡ ﺸﺎﺤﻨﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﻋﻨﺎﻭﻴﻥ ﻤﺠﻬﻭﻟﺔ ،ﻭﺁﺨﺭﻴﻥ ﻴﻌﺩﻤﻭﻥ
ﻓﻲ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺒﺎﻟﺭﺼﺎﺹ.
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺯﻨﺯﺍﻨﺔ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻀﺎﻗﺕ ﺒﺄﺴﺭﺍﻫﺎ ،ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭ ﻴﺄﺘﻭﻥ ﻜلّ ﻤﺭﺓ ﻻﺼﻁﺤﺎﺏ ﺭﺠﺎل ﻟﻥ
ﻴﺭﺍﻫﻡ ﺃﺤﺩ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺃﺒﺩﺍﹰ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻏﺎﺩﺭ ﻜﺎﺘﺏ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﺒﻌﺩ ﺃﺸﻬﺭ ﻟﻡ ﻴﺠﺩ ﺒﻴﺘﺎﹰ ﻟﻴﺄﻭﻴﻪ .ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻤﻪ ﻗﺩ ﺠﻨﱠﺕ ﻅﻨﹼﺎﹰ ﻤﻨﻬﺎ
ﺃﻨﻪ ﻗﹸﺘل ،ﻭﺃُﺩﺨﻠﺕ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺍﻷﻤﺭﺍﺽ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ .ﻗﺼﺩ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺒﻴﺕ ﺨﺎﻟﹶﻴﻪ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﻴﻥ ﻓﻭﺠﺩ
ﺃﻨﻬﻤﺎ ﻗﹸﺘِﻼ،ﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ ﺒﻴﺕ ﺠﺩﻩ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﻓﻭﺠﺩ ﺃﻨﻬﻡ ﺍﻏﺘﺎﻟﻭﻩ،ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻁﺎﻤﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻋﻠﻡ
ﺃﻨﻬﻡ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺒﻪ ﺯﻭﺠﻭﺍ ﺍﺒﻨﺔ ﻋﻤﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﻴﺤﺒﻬﺎ.
ﻓﻲ ﻟﺤﻅﺔ ﺴﻬﻭ ،ﺍﻏﺘﺼﺒﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﻌﺸﻭﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻥ ﻴﺸﻔﻰ ﻤﻥ ﺤﺒﻬﺎ ﺃﺒﺩﺍﹰ ،ﻋﻤﺭﺍﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﻬﺫﻴﺎﻥ
ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻓﻴﻪ " ﻨﺠﻤﺔ" ﻜل ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ .ﻓﻜﻠﻤﺎ ﺴﻘﻁ ﺍﻟﺤﺠﺎﺏ ﻋﻥ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻓﻲ ﻤﺴﺭﺤﻴﺎﺕ ﻜﺎﺘﺏ ﻴﺎﺴﻴﻥ
ﺘﻅﻬﺭ " ﻨﺠﻤﺔ" ﻤﻥ ﺘﺤﺕ ﻜل ﺍﻟﻤﻼﻴﺎﺕ ﻭﻤﻥ ﺘﺤﺕ ﻜل ﺍﻷﺴﻤﺎﺀ.
ﺃﻟﻡ ﻴﻘل ﻓﻲ ﺁﺨﺭ ﻋﻴﺩ ﻤﻴﻼﺩ ﻟﻪ ﻭﺒﻌﺩ ﻭﻓﺎﺓ ﺃﻤﻪ ﻋﻥ ﻋﻤﺭ ﺇﻟﺘﻬﻡ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺠﻨﻭﻥ ﺍﻟﺼﺎﻤﺕ ٣٦ﺴﻨﺔ
ﻤﻥ ﺤﻴﺎﺘﻬﺎ " :ﻭﻟﺩﺕ ﻓﻲ ٨ﻤﺎﻴﻭ ٤٥ﻭﻗﺘﻠﺕ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻊ ﺍﻟﺠﺜﺙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺒﺠﻭﺍﺭ ﺃﻤﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻨﺘﻬﻰ
ﺒﻬﺎ ﺍﻷﻤﺭ ﻓﻲ ﻤﺼﺢ ﺍﻟﻤﺠﺎﻨﻴﻥ ،ﺜﻡ ﻭﻟﺩﺕ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﻤﻊ " ﻨﺠﻤﺔ" ،ﺃﺤﺒﻬﺎ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺏ ﺍﻷﻭل ،ﺍﻟﺤﺏ
ﺍﻟﻤﻭﺠﻊ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﺤﺎﻟﺘﻪ ،ﺴﻌﻴﺩ ﺒﺤﺯﻨﻲ ﺒﻬﺎ ،ﺃﻜﺘﺒﻬﺎ ،ﻟﻡ ﺃﻜﺘﺏ ﺴﻭﺍﻫﺎ ،ﻜﻤﺠﻨﻭﻥ".
ﻫﻭ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻤﺴﺭﺤﻲ ،ﻟﻡ ﻴﺘﻭﻗﻊ ﺃﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺤﺒﻬﺎ ﻤﻨﺫ ﺨﻤﺴﻴﻥ ﺴﻨﺔ ،ﻭﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﻴﻌﺭﻑ
ﻤﻼﻤﺢ ﺸﻴﺨﻭﺨﺘﻬﺎ ،ﺴﺘﺄﺘﻲ ﻟﺘﺤﻀﺭ ﺍﻟﻌﺭﺽ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻭﺍﻷﺨﻴﺭ ﻟﻤﺸﻬﺩ ﻤﻭﺘﻪ ،ﻓﻲ ﻤﺴﺭﺤﻴﺔ ﺤﻴﺎﺓ
ﺒﺩﺃ ﻓﺼﻠﻬﺎ ﺍﻷﻭل ﻤﻨﺫ ﻨﺼﻑ ﻗﺭﻥ ﻴﻭﻡ ﺭﺁﻫﺎ.
ﻓﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﻴﺼﺩﻕ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻷﻱ ﻤﺴﺭﺤﻲ ،ﻴﺭﺘﺠﻠﻪ ﺍﻟﻘﺩﺭ ،ﻭﻭﺤﺩﻩ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻴﻭﺯﻉ ﻓﻴﻪ
ﺍﻷﺩﻭﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺒﻴﻥ ﻤﺘﻔﺭﺠﻴﻥ ﻭﻤﻤﺜﻠﻴﻥ ،ﻻ ﺩﻗﹼﺎﺕ ﺜﻼﺜﺎﹰ ﺘﺴﺒﻕ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺴﺘﺎﺭ ،ﻓﺎﻟﻘﺩﺭ ﻻ ﻴﻨﺒﻬﻙ
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺤﻴﻥ ﺩﻭﺭﻙ ﺒﺒﺩﺀ ﺍﻟﻤﺴﺭﺤﻴﺔ ،ﻻ ﻓﻲ ﺃﻴﺔ ﺠﻬﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺭﺡ ﺴﺘﻜﻭﻥ ،ﻭﻻ ﻤﻥ ﺴﻴﻜﻭﻥ
ﺍﻟﺤﻀﻭﺭ ﻴﻭﻤﻬﺎ.
ﻭﻫﻲ ،ﻫﻲ ﺍﻟﺒﺎﻜﻴﺔ ﺍﻵﻥ ﺒﺎﺴﺘﺤﻴﺎﺀ ،ﺍﻟﻤﺤﺘﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﺒﻔﺭﻭﻫﺎ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺯﺍﺭﺕ ﺯﻴﺎﻥ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻭﺃﻫﺩﺘﻪ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ،ﺃﻜﺎﻨﺕ ﺘﺩﺭﻱ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﻬﺩﻴﻪ ﻗﺩﺭﻩ ،ﻭﺘﻁﻠﻌﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻜﻨﺒﻭﺀﺓ؟
ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﺘﺒﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ " ﺃﺤﺒﺒﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ،ﺤﺘﻤﺎﹰ ﺴﻴﻌﺠﺒﻙ" ﻤﺎﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ "
ﺘﻭﺃﻤﺎ ﻨﺠﻤﺔ "ﻤﺎ ﺘﺭﻴﺩ ﺇﻁﻼﻋﻪ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﻐﺭﺍﺌﺒﻲ ﻟﺼﺩﻴﻘﻪ ﻴﺎﺴﻴﻥ ،ﻭﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻫﻲ
ﺍﻟﺭﻭﺍﺌﻴﺔ ﻟﺘﺘﻭﻗﻊ ﺃﻨﻬﺎ ﻤﺜل " ﻨﺠﻤﺔ" ﺴﺘﺠﺩ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺘﺤﻀﺭ ﺍﻟﻤﺸﻬﺩ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻟﻤﻭﺕ ﺭﺠل
ﻋﺸﻘﻬﺎ ﻭﺭﺴﻤﻬﺎ ﻜﻤﺠﻨﻭﻥ ،ﻓﺴﻠﱠﻤﺘﻪ ﻟﻠﻐﺭﺒﺔ ﻭﺍﻟﺸﻴﺨﻭﺨﺔ ﻭﺍﻟﻤﺭﺽ.
ﻟﻡ ﺘﻔﺎﺭﻗﻨﻲ ﻓﻜﺭﺓ ﺘﻁﺎﺒﻕ ﺍﻟﻤﻭﻗﻔﻴﻥ .ﻤﺜل " ﻨﺠﻤﺔ" ،ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﺤﻴﺎﺓ ﺃﻥ ﺘﺤﻀﺭ ﺠﻨﺎﺯﺓ ﺨﺎﻟﺩ
ﻟﻭﻻ ﻭﺠﻭﺩ ﺃﺨﻴﻬﺎ .ﺍﻟﻔﺭﻕ ﺃﻥ ﻨﺎﺼﺭ ﻴﻘﻑ ﻫﻨﺎ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺩﻴﻥ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺃﺨﻭ ﻨﺠﻤﺔ ﻤﺴﺠﻰ
ﺠﻭﺍﺭ ﺤﺒﻴﺒﻬﺎ ،ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺔ ﺘﺭﺍﻨﺯﻴﺕ ﺍﻷﻤﻭﺍﺕ ﻜﻬﺫﻩ!
ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﻌﺠﻴﺏ " ﺍﻟﻤﻤﺴﺭﺡ" ﻟﻜﺎﺘﺏ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﻭﺍﺒﻥ ﻋﻤﻪ ﻤﺼﻁﻔﻰ ﻜﺎﺘﺏ ،ﺸﻲﺀ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ
ﺍﻟﺨﻴﺎل ﺍﻟﻤﺴﺭﺤﻲ ﻨﻔﺴﻪ .ﻴﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﻏﺭﺍﺒﺘﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﺠﻠﻴﻥ ﻜﺎﻨﺎ ﺭﺠﻠﻲ ﻤﺴﺭﺡ .ﻜﺎﻥ ﻤﺼﻁﻔﻰ ﻜﺎﺘﺏ
ﺍﻟﺫﻱ ﻋﺭﻓﺘﻪ ﺸﺨﺼﻴﺎﹰ ﻤﺩﻴﺭﺍﹰ ﻟﻠﻤﺴﺭﺡ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﻔﺘﻙ ﺒﻪ ﺍﻟﺩﺍﺀ .ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻜﺎﻥ
ﻜﺎﺘﺏ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﻴﺘﺯﻋﻡ ﺍﻟﻤﺴﺭﺡ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﻭﻴﻘﺩﻡ ﻋﺭﻭﻀﻪ ﺒﺎﻟﻌﺎﻤﻴﺔ ﻭﺍﻷﻤﺎﺯﻴﻐﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﻤﻌﺎﺕ
ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ.
ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﻨﺤﻴﻼﹰ ﻭﻋﺼﺒﻴﺎﹰ ﻭﻴﻌﺭﻑ ﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ ﺍﻟﺴﺠﻭﻥ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻼﺕ ،ﻭﻤﻥ ﺒﻌﺩﻫﺎ ﻋﻨﺎﻭﻴﻥ
ﺍﻟﻤﺼﺤﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺎﻨﺎﺕ ،ﻜﺎﻥ ﻤﺼﻁﻔﻰ ﻜﺎﺘﺏ ﺘﻘﻴﺎ ﻭﺭﺼﻴﻨﺎﹰ ﻭﻭﺴﻴﻤﺎﹰ ﻭﺴﺎﻤﺔ ﺃﺭﺴﺘﻘﺭﺍﻁﻴﺔ
ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﻴﺔ ،ﺯﺍﺩﻩ ﺸﻌﺭﻩ ﺍﻟﻔﻀﻲ ﻭﺍﺒﺘﺴﺎﻤﺘﻪ ﺍﻟﻬﺎﺩﺌﺔ ﺘﻤﻴﺯﺍﹰ.
ﻭﻜﺎﻨﺎ ﺒﺤﻜﻡ ﺍﺨﺘﻼﻑ ﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺘﻬﻤﺎ ﻭﻤﺯﺍﺠﻬﻤﺎ ﻤﻨﻘﻁﻌﻴﻥ ﻋﻥ ﺒﻌﻀﻬﻤﺎ ﺇﻨﻘﻁﺎﻋﺎﹰ ﻜﺄﻨﻪ ﻗﻁﻴﻌﺔ .ﻜلﱞ
ﻴﺩﻭﺭ ﻓﻲ ﻤﺠﺭﺘﻪ ,ﺤﺘﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺠﺎﺀ ﺒﻬﻤﺎ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻜلّ ﻤﻥ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﻭﻭﻀﻌﻬﻤﺎ ﻤﺘﺠﺎﻭﺭﻴﻥ
ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺔ ﻜﻬﺫﻩ ﻓﻲ ﻤﻁﺎﺭ ﻤﺭﺴﻴﻠﻴﺎ ﻗﺒل ﺴﻔﺭﻫﻤﺎ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ.
ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺍﻟﻤﻤﺜﻠﻭﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺼﺔ .ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻭﺍﺒﻴﺕ .ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﺩﻴﺭ ﺍﻟﻤﻤﺜﻠﻴﻥ ﻓﻲ
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺸﻬﺩ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻜﺎﻥ ﺨﺎﺭﺝ ﺍﻟﻤﺴﺭﺡ ،ﻓﺎﻟﻔﻀﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﺭﺤﻲ ﻜﺎﻥ ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﻘﺩﺭ ﻋﻠﻰ
ﺇﺩﺍﺭﺘﻪ ﺍﻟﺒﺸﺭ .ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺓ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻤﻥ ﺘﻨﺎﻓﺱ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻤﺜﻠﻴﻥ ،ﻓﺎﻟﻨﺠﻡ ﺍﻷﻭﺤﺩ ﻓﻲ ﻤﺴﺭﺤﻴﺔ
ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﻫﻭ ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﻭﻷﻨﻪ ﻻ ﻤﻜﺎﻥ ﻟﻠﺘﺼﻔﻴﻕ ،ﻟﻥ ﻴﻨﻬﺽ ﺍﻟﻤﻤﺜﻼﻥ ﻟﺘﺤﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭ ﻗﺒل
ﺍﻨﺴﺤﺎﺒﻬﻤﺎ ﺍﻷﺨﻴﺭ.
ﺃﻟﻴﺱ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺠﻌل ﻜﺎﺘﺏ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﻴﻤﻭﺕ ﻓﻲ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﻏﺭﻭﻨﻭﺒل ) ﺠﻨﻭﺏ ﻓﺭﻨﺴﺎ( ﻴﻭﻡ ٢٨
ﺃﻜﺘﻭﺒﺭ , ١٩٨٩ﻭﺍﺒﻥ ﻋﻤﻪ ﻤﺼﻁﻔﻰ ﻜﺎﺘﺏ ﻴﻤﻭﺕ ﺒﻌﺩﻩ ﺒﻴﻭﻡ ﻭﺍﺤﺩ ﻓﻲ ٢٩ﺃﻜﺘﻭﺒﺭ ﻓﻲ
ﻤﺭﺴﻴﻠﻴﺎ .ﺤﺘﻰ ﺇﻥ ﺇﺤﺩﻯ ﺍﻟﺠﺭﺍﺌﺩ ﻋﻨﻭﻨﺕ ﺍﻟﺨﺒﺭ " ﻜﺎﺘﺏ +ﻜﺎﺘﺏ = ﻤﻜﺘﻭﺏ".
ﻫﻜﺫﺍ ﺠﻲﺀ ﺒﺠﺜﻤﺎﻥ ﻜﺎﺘﺏ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﻤﻁﺎﺭ ﻤﺭﺴﻴﻠﻴﺎ ﻟﻴﺘﻡ ﻨﻘﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻤﻊ ﻤﺼﻁﻔﻰ
ﻜﺎﺘﺏ.
ﻴﺤﻜﻲ ﺒﻥ ﻋﻤﺎﺭ ﻤﺩﻴﺎﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻜﻴﻑ ﺃﻨﻪ ﻭﺠﺩ ﻨﻔﺴﻪ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ ﺍﻷﻗﺭﺏ ﺇﻟﻰ ﻜﺎﺘﺏ
ﻴﺎﺴﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺭﺍﻓﻕ ﻟﺠﺜﻤﺎﻨﻪ ،ﺸﺎﻫﺩﺍﹰ ﻭﻤﺸﺎﻫﺩﺍﹰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺩﺙ ﺍﻟﻌﺠﻴﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺤﻭﻟﺕ ﺨﻼﻟﻪ ﻗﺎﻋﺔ
ﺘﺭﺍﻨﺯﻴﺕ ﺍﻟﺒﻀﺎﺌﻊ ﻭﺘﻭﺍﺒﻴﺕ ﺍﻟﻤﻭﺘﻰ ﻓﻲ ﻤﻁﺎﺭ ﻤﺭﺴﻴﻠﻴﺎ ،ﺇﻟﻰ ﺨﺸﺒﺔ ﻻ ﺤﺩﻭﺩ ﻟﻬﺎ ﻭﻻ ﺴﺘﺎﺌﺭ ،ﻜلّ
ﺸﻲﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﺤﻘﻴﻘﻲ ،ﻭﻜلّ ﺸﻲﺀ ﺸﺒﻴﻪ ﺒﻤﺴﺭﺡ ﺇﻏﺭﻴﻘﻲ .
ﺸﺎﻫﺩ ﻓﺠﺄﺓ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺘﺘﻘﺩﻡ ﺒﺨﻁﻰ ﺒﻁﻴﺌﺔ ﺩﺍﺨل ﻤﻌﻁﻑ ﻏﺎﻤﻕ ﻁﻭﻴل ،ﺤﺎﻤﻠﺔ ﻓﻲ ﻴﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﺨﺘﻔﻴﺔ ﻓﻲ
ﻗﻔﹶﺎﺯ ﺃﺴﻭﺩ ،ﻭﺭﺩﺓ ﺫﺍﺕ ﺴﺎﻕ ﻁﻭﻴل.
ﻜﺎﻥ ﻭﺠﻬﻬﺎ ﻴﺨﺘﻔﻲ ﺨﻠﻑ ﻨﻅﺎﺭﺍﺕ ﺴﻭﺩ ،ﻭﻗﺒﺔ ﺍﻟﻤﻌﻁﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺭﻓﻌﻬﺎ ،ﺘﺨﻔﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ
ﻤﻼﻤﺤﻬﺎ.
ﺘﻘﺩﻤﺕ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﻨﻌﺸﻴﻥ ،ﻭﺭﺍﺤﺕ ﺘﻘﺭﺃ ﺍﻻﺴﻡ ﺍﻟﻤﻜﺘﻭﺏ ﻋﻠﻰ ﻜلّ ﻤﻨﻬﻤﺎ .ﺘﻭﻗﹼﻔﺕ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺘﺎﺒﻭﺕ
ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﻨﺎﻡ ﺩﺍﺨﻠﻪ ﻤﺼﻁﻔﻰ ،ﺍﻨﺤﻨﺕ ﻭﻗﺒﻠﺕ ﻁﺭﻑ ﺍﻟﻨﻌﺵ ،ﺜﻡ ،ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﺨﻠﻊ ﻗﻔﹼﺎﺯﻴﻬﺎ،
ﻤﺭﺭﺕ ﻴﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻨﻌﺵ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﻼﻤﺴﺔ ﺴﺭﻴﻌﺔ ﻟﻠﺨﺸﺏ .ﺒﻘﻴﺕ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻤﻤﺴﻜﺔ ﺒﺘﻠﻙ
ﺍﻟﻭﺭﺩﺓ ،ﺜﻡ ﻭﻀﻌﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻨﻌﺵ ﺃﺨﻴﻬﺎ ﻤﺼﻁﻔﻰ ,ﻭﺍﺒﺘﻌﺩﺕ.
ﻜﺎﻨﺕ " ..ﻨﺠﻤﺔ!"
ﻜﺄﺒﻁﺎل ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺴﺭﺤﻴﺎﺕ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻐﺎﺩﺭﻭﻥ ﻨﺼﻭﺼﻬﻡ ,ﻭﻴﺄﺘﻭﻥ ﻟﻭﺩﺍﻉ ﺍﻟﻤﺅﻟﻑ ،ﺠﺎﺀﺕ "
ﻨﺠﻤﺔ" ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻟﻭﺩﺍﻉ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﻭﻟﻬﺎ ﺃﺴﻁﻭﺭﺓ ،ﻭﺇﻟﻰ ﺭﻤﺯ ﻟﻭﻁﻥ .ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ
ﺍﻟﺫﻱ ﺼﻨﻊ ﻤﻥ ﻭﺠﻬﻬﺎ ﺃﻟﻑ ﻭﺠﻪ ،ﻭﻤﻥ ﺍﺴﻤﻬﺎ ﺍﺴﻤﺎﹰ ﻟﻜلّ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ،ﻭﺃﺩﺨل ﻗﺼﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﺌﻊ
ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ.
ﺠﺎﺀﺕ ﻟﻭﺩﺍﻉ ﺃﺨﻴﻬﺎ .ﻫﻲ ﺯﻟﻴﺨﺔ ﻜﺎﺘﺏ ,ﻓﻲ ﻋﺎﻤﻬﺎ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻥ ،ﻗﺩ ﺘﻜﻭﻥ ﻨﺴﻴﺕ ﻤﻨﺫ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺯﻤﻥ
ﺍﻟﺒﻌﻴﺩ ﺃﻨﻬﺎ" ﻨﺠﻤﺔ" ،ﻓﻬﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻌﻴﺵ ﺒﺎﺴﻤﻴﻥ ،ﻭﺍﺤﺩ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻵﺨﺭ ﻟﻸﺴﻁﻭﺭﺓ .ﻭﻟﺫﺍ ﻤﺎ ﺘﻭﻗﻌﺕ
ﺃﻥ ﺘﻘﻭﻡ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺒﺘﺫﻜﻴﺭﻫﺎ ﺃﻤﺎﻡ ﺠﺜﻤﺎﻥ ﻴﺎﺴﻴﻥ ،ﺃﻨﻬﺎ ﺒﺭﻏﻡ ﺸﻴﺨﻭﺨﺘﻬﺎ ،ﻤﺎﺯﺍﻟﺕ " ﻨﺠﻤﺔ"..
ﻓﻭﺤﺩﻫﺎ ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﻻ ﺘﺸﻴﺦ!
ﻴﺎ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺒﺩﺃ ﻓﻲ ﺘﻘﻠﻴﺩ ﺍﻟﻤﺴﺭﺡ ﺤﻴﻨﺎﹰ ،ﻭﺍﻷﺩﺏ ﺤﻴﻨﺎﹰ ،ﺤﺘﻰ ﺘﺠﻌﻠﻙ ﻟﻔﺭﻁ ﻏﺭﺍﺌﺒﻴﺘﻬﺎ ﺘﺒﺩﻭ
ﻜﺎﺫﺒﺎﹰ.
ﻤﻥ ﻴﺼﺩﻕ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻏﺭﻴﺒﺎﹰ ﻋﻥ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻜﺯﻫﺭﺓ ﺘﻭﻟﻴﺏ ﺴﻭﺩﺍﺀ ,ﺘﺩﻋﻰ ﺘﺎﺭﺓ ﺤﻴﺎﺓ ﻭﺘﺎﺭﺓ " ﻨﺠﻤﺔ".
ﺘﺄﺘﻲ ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ ﻓﻲ ﺁﺨﺭ ﻟﺤﻅﺔ ،ﻓﻲ ﺁﺨﺭ ﻤﺸﻬﺩ ،ﻟﺘﻘﻑ ﺃﻤﺎﻡ ﻨﻌﺵ ﺭﺠل ﺘﻭﻗﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﻬﺫﻴﺎﻥ ﺒﻬﺎ
ﻟﻔﺭﻁ ﻤﺎ ﺍﻨﺘﻅﺭﻫﺎ.
ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻜﺄﻨﻬﺎ ﻭﻁﻥ ،ﻻ ﺘﻜﻠﱢﻑ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺴﻭﻯ ﺠﻬﺩ ﺘﻤﺭﻴﺭ ﻴﺩﻫﺎ ﺒﺎﻟﻘﻔﺎﺯ ﻋﻠﻰ ﺘﺎﺒﻭﺘﻙ ،ﺃﻭ ﻭﻀﻊ ﻭﺭﺩﺓ
ﻋﻠﻰ ﻨﻌﺸﻙ ﻓﻲ ﺃﺤﺴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ.
ﻜﻡ ﻤﺭﺓ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻤﻭﺕ ﻟﺘﺴﺘﺤﻕﹼ ﺩﻑﺀ ﺼﺩﺭﻫﺎ!
ﻜﻨﺕ ﺃﻓﻜﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﺼﻭﻤﺎﻟﻲ ﻨﻭﺭ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻓﺭﺡ ﻤﺒﺭﺭﺍﹰ ﻫﺠﺭﺘﻪ ﺍﻟﻤﻌﺎﻜﺴﺔ ﻤﻥ ﺃﻭﺭﺒﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻓﺭﻴﻘﻴﺎ
ﻗﺎﺌﻼﹰ ":ﺇﻨﻲ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﻤﺎﺴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺩﻑﺀ ،ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺍﻟﺠﺜﺔ" .ﻭﺃﻜﺎﺩ ﺃﺨﻠﻊ ﻋﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ
ﻤﻌﻁﻔﻬﺎ ﻷﻏﻁﻲ ﺒﻪ ﻨﻌﺵ ﺨﺎﻟﺩ ،ﻓﻲ ﺭﺤﻠﺔ ﻋﻭﺩﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺼﻘﻴﻊ ﺍﻟﻭﻁﻥ .ﺃﻜﺎﺩ ﺃﺼﺭﺥ ﺒﻬﺎ ،ﻻ ﺘﻜﻭﻨﻲ
"ﻨﺠﻤﺔ" ،ﺍﺴﺘﺒﻘﻴﻪ ﺒﻘﺒﻠﺔ ،ﺍﺴﺘﺒﻘﻴﻪ ﺒﺩﻤﻊ ﺃﻜﺜﺭ ،ﻗﻭﻟﻲ ﺇﻨﻙ ﺃﺤﺒﺒﺘﻪ ،ﺍﻨﻔﻀﺤﻲ ﺒﻪ ﻗﻠﻴﻼﹰ .ﻫل ﺃﺠﻤل
ﻤﻥ ﻓﻀﻴﺤﺔ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻟﻠﻌﺸﹼﺎﻕ؟
ﻀﻌﻲ ﻴﺩﻙ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻴﺩﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﺘل ،ﻴﺩﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻜﺘﺏ ,ﻤﺭﺭﻴﻬﺎ ﻋﻨﺩ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺎﺒﻭﺕ ،ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﻜﻨﺕ
ﺘﺩﻟﹼﻜﻴﻥ ﻜﺘﻔﻪ ،ﻫﻨﺎﻙ ﺤﻴﺙ ﻤﻜﻤﻥ ﻴﺘﻤﻪ.
ﻻ ﺘﺨﺎﻓﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﻥ ﻓﻀﻴﺤﺔ ﺠﻤﻴﻠﺔ .ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﻴﺨﺸﻰ ﺃﺤﺩﺍﹰ ،ﻭﻻ ﻋﺎﺩ ﻤﻌﺭﻀﺎﹰ ﺇﻟﻰ ﺸﻲﺀ .ﺇﻨﻪ
ﻤﻌﺭﻭﺽ ﻟﻔﻀﻭل ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ .ﻋﻴﻨﺎﻩ ﺍﻟﻤﻐﻤﻀﺘﺎﻥ ﺘﺤﻔﻅﺎﻥ ﺍﻟﺴﺭ ،ﻭﻗﻔﺼﻪ ﺍﻟﺼﺩﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﻨﺕ
ﻋﺼﻔﻭﺭﺘﻪ ,ﻤﻭﺤﺵ ﻭﺒﺎﺭﺩ ﻤﺫ ﻏﺎﺩﺭﺘﻪ ،ﻓﻐﻁﻴﻪ.
ﺃﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﺭﺩﺩﺓ ﺫﻋﺭﺍﹰ ،ﺇﺭﻤﻲ ﺒﻨﻔﺴﻙ ﻓﻭﻕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﺨﺸﺒﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻀﻤﻪ ﻜﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﺘﺭﺘﻤﻴﻥ
ﻁﻔﻠﺔ ﺼﻐﻴﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺤﺠﺭﻩ،ﻴﻭﻡ ﻜﺎﻥ ﻴﻼﻋﺒﻙ ,ﻴﻀﻤﻙ ﺇﻟﻴﻪ ﺒﺫﺭﺍﻉ ﻭﺍﺤﺩﺓ ،ﻴﺴﺘﺒﻘﻴﻙ ﻤﻠﺘﺼﻘﺔ ﺇﻟﻰ
ﺼﺩﺭﻩ.
ﻫﻭﺫﺍ ﻤﻤﺩﺩ ﺃﻤﺎﻤﻙ ..ﻤﻥ ﻟﻙ ﺒﻌﺩﻩ؟ ﻤﻥ ﻜﺎﻥ ﻟﻙ ﺴﻭﺍﻩ؟ ﺇﻟﺜﻤﻲ ﺼﻨﺩﻭﻗﻪ ..ﺇﻟﺜﻤﻴﻪ .ﺴﻴﻌﺭﻑ ﺫﻟﻙ
ﺤﺘﻤﺎﹰ .ﻻ ﺘﺼﺩﻗﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﺸﺏ ﻏﻴﺭ ﻤﻭﺼل ﻟﻠﺤﺭﺍﺭﺓ،ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻻ ﻴﻌﺘﺭﻑ ﺒﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ.
ﻏﺎﻓﻠﻲ ﺍﻷﺤﻴﺎﺀ ،ﻭﺍﺨﺘﺒﺭﻱ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺭﻏﺒﺎﺕ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺴﺭﻗﻬﺎ ﻤﻥ ﻓﻭﻕ ﺠﺜﺔ ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻘﹸﺒل
ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﻗﻅ ﺍﻟﺠﺜﺙ.
ﺃﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻋﺭﻑ ﺘﻤﺎﻤﺎﹰ ﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺘﻬﺎ ،ﺃﻋﺭﻑ ﻤﻨﻁﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﺒﺭﻜﺎﻨﻴﺔ ،ﻭﺘﻠﻙ ﺍﻟﺯﺌﺒﻘﻴﺔ ,ﻭﺘﻠﻙ ﺍﻟﻨﺎﺭﻴﺔ،
ﻜﻨﺕ ﺃﻜﺘﺸﻑ ﻤﺴﺎﺤﺘﻬﺎ ﺍﻟﺠﻠﻴﺩﻴﺔ ،ﻭﺘﻀﺎﺭﻴﺱ ﺤﺯﻨﻬﺎ ﺍﻟﻤﺩﺭﻭﺱ ﻜﻲ ﻻ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﺤﺩﻩ.
ﺍﻤﺘﻠﻜﻨﻲ ﻴﻘﻴﻥ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ،ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺭﺍﻫﺎ ﻓﻲ ﺤﺯﻨﻬﺎ ﺍﻟﺭﺼﻴﻥ ﺫﺍﻙ.
ﺃﺩﺭﻜﺕ ﺃﻤﺎﻡ ﺠﻠﻴﺩﻫﺎ ﺃﻨﻬﺎ ﻫﻜﺫﺍ ﺴﺘﻭﺍﺠﻪ ﺠﺜﻤﺎﻨﻲ ﺇﻥ ﺃﻨﺎ ﻤﺕﹼ!
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﻨﺘﻬﻴﻨﺎ ﻤﻥ ﻗﺭﺍﺀﺓ ﻓﺎﺘﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﻭﺤﻪ ،ﺍﺒﺘﻌﺩﻨﺎ ﺜﻼﺜﺘﻨﺎ ﻨﺤﻭ ﺭﻜﻥ ﻗﺼﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﺎﻟﺔ.
ﺍﻏﺘﻨﻤﺕ ﺍﻟﻔﺭﺼﺔ ﻷﻤﺩﻫﺎ ﺒﻜﻴﺱ ﻓﻴﻪ ﺩﻓﺎﺘﺭ ﺼﻐﻴﺭﺓ ﺴﺠل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺯﻴﺎﻥ ﺃﻓﻜﺎﺭﺍﹰ ﻤﺒﻌﺜﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻤﺩﻯ
ﺴﻨﻭﺍﺕ ،ﻭﺃﻭﺭﺍﻕ ﺃﺨﺭﻯ ﻜﺎﻥ ﻴﺤﺘﻔﻅ ﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﻅﺭﻑ ،ﺃﻅﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻟﺯﻴﺎﺩ ،ﻨﻅﺭﺍﹰ ﻟﺼﻴﻐﺘﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ
ﺍﻟﻤﺘﻘﻨﺔ ،ﻭﻻﺨﺘﻼﻑ ﺨﻁﹼﻬﺎ ﻋﻥ ﺨﻁﹼ ﺯﻴﺎﻥ.
ﻭﻀﻌﺕ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻴﺱ ﻜﺘﺎﺒﻴﻬﺎ ،ﺒﺩﻭﻥ ﺇﻫﺩﺍﺀ ،ﻜﻤﺎ ﺍﺤﺘﻔﻅ ﺒﻬﻤﺎ ﺯﻴﺎﻥ ﻟﺴﻨﻭﺍﺕ ،ﻭﺍﻀﻌﺎﹰ ﺴﻁﻭﺭﺍﹰ
ﻋﻠﻰ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺠﻤل .ﻭﻟﻡ ﺃﻨﺱ ﻁﺒﻌﺎﹰ ﻜﺘﺎﺏ " ﺘﻭﺃﻤﺎ ﻨﺠﻤﺔ" ﻜﻤﺎ ﺃﻫﺩﺘﻪ ﺇﻴﺎﻩ ﻗﺒل ﺃﻴﺎﻡ ﻓﻲ ﺁﺨﺭ ﺯﻴﺎﺭﺓ
ﻟﻬﺎ.
ﻫﻜﺫﺍ ﺃﻜﻭﻥ ﻗﺴﻤﺕ ﺘﺭﻜﺔ ﺨﺎﻟﺩ ﺒﻴﻥ ﺍﻤﺭﺃﺘﻴﻥ ,ﻭﺍﺜﻘﺎﹰ ﺒﺄﻥ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﺴﺘﺴﺎﺭﻉ ﺒﺈﻟﻘﺎﺀ ﻤﻌﻅﻤﻬﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﺯﺒﺎﻟﺔ ،ﻭﻟﻥ ﺘﺤﺘﻔﻅ ﺴﻭﻯ ﺒﺎﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ﻟﻘﻴﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ،ﻭﺃﺨﺭﻯ ﻭﻗﺩ ﻓﻘﺩﺕ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕ ..ﺴﺘﺼﻨﻊ
ﻤﻥ ﺨﺴﺎﺭﺘﻬﺎ ﻜﺘﺎﺒﺎﹰ.
ﻟﻡ ﺃﺤﺘﻔﻅ ﻟﻨﻔﺴﻲ ﺴﻭﻯ ﺒﺴﺎﻋﺘﻪ ،ﻏﻴﺭ ﻭﺍﻉٍ ﺃﻨﻨﻲ ﺴﺄﻗﻊ ﻓﻲ ﻓﺦﹼ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﻤﺎ ﺒﻌﺩ ،ﻓﻜﻴﻑ
ﻴﻤﻜﻥ ﻤﻘﺎﺭﺒﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻨﻁﻼﻗﺎﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﻟﻜﺄﻥ ﻋﻘﺎﺭﺏ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻫﺒﺕ ﺴﻤﻬﺎ ﻟﻌﻘﺎﺭﺏ
ﺴﺎﻋﺘﻙ ،ﺘﺩﻭﺭ ﻀﺩﻙ ،ﻭﻓﻲ ﻜلّ ﺩﻭﺭﺓ ﺘﺴﺘﻌﺠﻠﻙ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ.
ﻗﻠﺕ ﻜﻤﺎ ﻷﺒﺭﺭ ﻟﻨﺎﺼﺭ ﻤﺩﻱ ﺃﺨﺘﻪ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﻴﺱ:
-ﺇﻨﻬﺎ ﺒﻌﺽ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﻭﻜﺘﺎﺒﺎﺕ ﺘﺭﻜﻬﺎ ﺯﻴﺎﻥ ،ﻗﺩ ﺘﺴﺘﻔﻴﺩ ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺩﺓ ﺤﻴﺎﺓ ﺇﻥ ﺸﺎﺀﺕ ﺃﻥ ﺘﻜﺘﺏ
ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻋﻨﻪ.
-ﻻ ﺘﻬﺘﻡ ﺴﺘﺘﻜﻔﱠل ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺒﻌﺩ ﺍﻵﻥ ﺒﺘﻜﻔﻴﻨﻪ ﺒﻭﺭﻕ ﺍﻟﺠﺭﺍﺌﺩ.
ﻟﻡ ﺘﻔﺘﺢ ﺍﻟﻜﻴﺱ ،ﻭﻻ ﺤﺎﻭﻟﺕ ﺃﻥ ﺘﻠﻘﻲ ﻨﻅﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻤﺤﺘﻭﻴﺎﺘﻪ .ﺤﺘﻤﺎﹰ ﻟﻡ ﺘﺘﻭﻗﹼﻊ ﻤﻭﻗﻔﺎﹰ ﻋﺠﻴﺒﺎﹰ ﻜﻬﺫﺍ،
ﻟﻜﻨﹼﻬﺎ ﺘﻭﺠﻬﺕ ﺇﻟﻲ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﻭﺴﺄﻟﺘﻨﻲ:
-ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻭﺤﺎﺘﻪ ,ﻤﺎﺫﺍ ﻓﻌﻠﺘﻡ ﺒﻬﺎ؟
ﻗﻠﺕ:
-ﺃﻅﻨﻬﺎ ﺒﻴﻌﺕ ﻓﻲ ﻤﻌﻅﻤﻬﺎ.
ﻗﺎل ﻨﺎﺼﺭ:
-ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﺨﺒﺭﺘﻨﻲ ﺒﻤﻭﺘﻪ ،ﺃﻭل ﻓﻜﺭﺓ ﺨﻁﺭﺕ ﺒﺒﺎﻟﻲ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻤﻜﺎﻟﻤﺔ ،ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﻜﻴﺕ ﻟﻲ ﺃﻨﺎ
ﻭﻤﺭﺍﺩ ﻜﻴﻑ ﺃﻗﻨﻌﺘﻪ ﺃﻥ ﻴﺒﻴﻌﻙ ﺇﻴﺎﻫﺎ .ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺩﺀ ﻅﻨﻨﺘﻙ ﻤﺠﻨﻭﻨﺎﹰ ﻷﻨﻙ ﺩﻓﻌﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻜل ﻤﺎ ﺘﻤﻠﻙ ،ﺜﻡ
ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻓﻜﺭﺕ ﺃﻥ ﺜﻤﺔ ﺃﺸﻴﺎﺀ ﻻ ﺘﻌﻭﺽ ﻭﻴﺠﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﺃﻥ ﻻ ﻴﻔﻜﹼﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻤﻥ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻌﺭﺽ
ﻋﻠﻴﻪ.
ﺴﺄﻟﺕ ﺒﻔﻀﻭل:
-ﻋﻥ ﺃﻴﺔ ﻟﻭﺤﺔ ﺘﺘﺤﺩﺜﺎﻥ؟
ﻭﻗﺒل ﺃﻥ ﺃﺭﺩ ﺃﺠﺎﺏ ﻨﺎﺼﺭ:
-ﻋﻥ ﻟﻭﺤﺔ ﺭﺴﻤﻬﺎ ﺴﻲ ﺯﻴﺎﻥ ﻓﻲ ﺒﺩﺍﻴﺎﺘﻪ ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺘﻌﺯ ﻋﻠﻴﻪ ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ.
ﺇﻨﻬﺎ ﺘﻤﺜﹼل ﺠﺴﺭ ﺴﻴﺩﻱ ﻤﺴﻴﺩ.
ﻗﺎﻟﺕ ﺒﺘﻬﺫﻴﺏ ﻴﻀﻊ ﺒﻴﻨﻨﺎ ﻤﺴﺎﻓﺔ ﻟﻠﺒﺭﺍﺀﺓ ﺍﻟﻜﺎﺫﺒﺔ:
-ﺃﺘﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﺃﺭﺍﻫﺎ .ﺃﻴﻤﻜﻨﻙ ﺃﻥ ﺘﺘﺭﻙ ﻟﻲ ﻫﺎﺘﻔﺎﹰ ﺃﻭ ﻋﻨﻭﺍﻨﺎﹰ ﺃﻜﺎﺘﺒﻙ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻥ ﺍﺤﺘﺠﺕ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻓﻲ ﻤﺎ
ﻴﺨﺹ ﺃﻋﻤﺎل ﺯﻴﺎﻥ؟
ﻜﺎﻨﺕ ﻫﺫﻩ ﺁﺨﺭ ﺤﻴﻠﺔ ﻋﺜﺭﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﺘﻁﻠﺏ ﻋﻨﻭﺍﻨﻲ ﻓﻲ ﺤﻀﺭﺓ ﺃﺨﻴﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ ﺘﻌﺭﻑ ﻋﺎﺩﺍﺘﻲ ﻓﻲ
ﺍﻻﺨﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﻤﻔﺎﺠﺊ ﻤﻥ ﺤﻴﺎﺘﻬﺎ.
ﺃﺠﺒﺘﻬﺎ ﺒﻁﺭﻴﻘﺔ ﺘﻔﻬﻡ ﻤﻨﻬﺎ ﺃﻨﻨﻲ ﻟﻡ ﺃﺘﻐﻴﺭ:
-ﺁﺴﻑ ،ﻓﻠﻴﺱ ﻟﻲ ﻋﻨﻭﺍﻥ ﺜﺎﺒﺕ ﺒﻌﺩ -ﻤﻀﻴﻔﺎﹰ ﺒﻌﺩ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻤﺕ -ﺜﻡ ﺇﻨﻨﻲ ...ﺒﻌﺕ ﺘﻠﻙ
ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ!
ﺼﺭﺥ ﺍﻻﺜﻨﺎﻥ ﺒﺘﻌﺠﺏ:
-ﺒﻌﺘﻬﺎ؟ ﻭﻋﻼﺵ؟
"ﻭﻋﻼﺵ؟"
ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻤﻨﺎﺴﺒﺎﹰ ﻷﺸﺭﺡ ﻟﻬﻤﺎ " ﻟﻤﺎﺫﺍ" ﺒﻌﺘﻬﺎ .ﻓﻘﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﺯﻴﺎﻥ ﻴﺴﺘﺭﻕ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﺇﻟﻴﻨﺎ ,
ﻭﻓﺎﺠﻌﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﺘﻜﻔﻴﻪ .ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺴﻴﺘﻭﺍﻟﺩ ﻭﻴﺼﺒﺢ " ﻜﻴﻔﺎﺵ؟" ﻭ " ﺒﻘﺩﺍﺵ؟" ﻭ "
ﻟﺸﻜﻭﻥ؟"
ﻭﺒﻜﻡ ﻟﻴﺴﺕ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻗﻴﺎﺴﺎﹰ ﺒﻠﻤﻥ ،ﻓﻌﻨﺩﻫﺎ ﺴﺄﺼﺒﺢ ﺨﺎﺌﻨﺎﹰ ﺒﺎﻉ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻭﺍﻷﻤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ
ﻟﻠﻐﺭﺏ ،ﻭﺒﺴﺒﺒﻲ ﺴﻘﻁﺕ ﻏﺭﻨﺎﻁﺔ ﻭﻀﺎﻋﺕ ﺍﻟﻘﺩﺱ ،ﻓﺤﺘﻤﺎﹰ ﺜﻤﺔ ﻤﺅﺍﻤﺭﺓ ﺤﻴﻜﺕ ﻀﺩ ﺍﻷﻤﺔ
ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺩﺒﺭﻫﺎ ﺍﻟﺭﻭﺍﻕ ﺒﺎﻻﺸﺘﺭﺍﻙ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ،ﺨﺎﺼﺔ ﺃﻥ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻷﻁﺒﺎﺀ ﻫﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻴﻬﻭﺩ.
ﻭﻫل ﻤﺎ ﻴﺤﺩﺙ ﻟﻨﺎ ﻤﻨﺫ ﻗﺭﻭﻥ ﺨﺎﺭﺝ ﺍﻟﻤﺅﺍﻤﺭﺓ؟
ﻜﺎﻨﺎ ﻤﺎﺯﺍﻻ ﻤﺫﻫﻭﻟﻴﻥ ﻴﻨﺘﻅﺭﺍﻥ ﻤﻨﻲ ﺠﻭﺍﺒﺎﹰ ،ﻭﻟﻡ ﺃﺠﺩ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻷﺠﻴﺏ ﺒﻪ ﻋﻥ ﺴﺅﺍﻟﻬﻤﺎ " ﻭﻋﻼﺵ؟".
ﻓﺄﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ﻴﻠﺯﻤﻙ ﻜﺘﺎﺒﺔ ﻜﺘﺎﺏ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺠﻡ ﻟﺘﺠﻴﺏ ﻋﻥ ﺴﺅﺍل ﻤﻥ ﻜﻠﻤﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ":ﻟﻤﺎﺫﺍ؟"
ﻫل ﺼﺩﻤﻬﺎ ﺤﻘﺎﹰ ﻓﻘﺩﺍﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ..ﻓﺄﻓﻘﺩﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﺎﺠﻌﺔ ﺼﻭﺘﻬﺎ!
ﺃﻅﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺴﺘﻘﻭل ﺸﻴﺌﺎﹰ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻋﻼ ﺼﻭﺕ ﺍﻟﻤﻀﻴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻴﻜﺭﻭﻓﻭﻥ ﻴﻁﺎﻟﺏ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺭﻴﻥ ﺇﻟﻰ
ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺘﻥ ﺍﻟﺨﻁﻭﻁ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ,ﺍﻟﺭﺤﻠﺔ ﺭﻗﻡ ،٧٠١ﺒﺎﻻﻟﺘﺤﺎﻕ ﺒﺎﻟﺒﻭﺍﺒﺔ ﺭﻗﻡ .٤٣
ﺒﺩﺕ ﻜﺄﻨﻬﺎ ﻭﺠﺩﺕ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻨﺩﺍﺀ ﺫﺭﻴﻌﺔﹰ ﻟﻠﺘﺄﻫﺏ ﻟﻤﻐﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ،ﻓﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﺜﻤﺔ ﻤﺎ ﻴﻘﺎل.
ﺤﻀﺭﻨﻲ ﻗﻭل ﻤﺎﻟﻙ ﺤﺩﺍﺩ " :ﻓﻲ ﻤﺤﻁﺎﺕ ﺍﻟﺴﻔﺭ ﻭﺍﻟﻤﻁﺎﺭﺍﺕ ،ﻤﻜﺒﺭﺍﺕ ﺍﻟﺼﻭﺕ ﺘﻘﻭل" ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺭﻴﻥ ﺍﻟﺘﻭﺠﻪ ﺇﻟﻰ "...ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﺩﺍﺕ ﻻ ﻴﻐﺎﺩﺭﻥ ﺃﺒﺩﺍﹰ".
ﻓﻌﻠﻰ ﺃﻴﺎﻤﻪ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻤﻤﻨﻭﻋﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻔﺭ ,ﻗﺎﺒﻌﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﻭﺕ .ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﻓﻼ ﻭﻗﺕ ﻟﻬﻥ
ﻟﻤﺭﺍﻓﻘﺔ ﺤﺒﻴﺏٍ ﻴﺴﺎﻓﺭ ﻓﻲ ﺘﺎﺒﻭﺕ.
ﻀﻤﻨﻲ ﻨﺎﺼﺭ ﺇﻟﻰ ﺼﺩﺭﻩ ﻭﻗﺎل:
-ﺭﺒﻲ ﻴﻌﻅﹼﻡ ﺃﺠﺭﻙ ،ﻭﻴﺤﻤﻴﻙ .ﻟﻭ ﻜﻨﺕ ﻨﻘﺩﺭ ﻨﺩﺨل ﻟﻠﺠﺯﺍﺌﺭ ﻭﺍﷲ ﻨﺭﻭﺡ ﻤﻌﺎﻟﻙ ..ﻟﻜﻥ ﻫﺎﻙ ﻋﻠﻰ
ﺒﺎﻟﻙ.
ﺜﻡ ﻭﻗﻑ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﺠﺜﻤﺎﻥ ﻟﺤﻅﺎﺕ ﻤﺘﻤﺘﻤﺎﹰ ﺒﻜﻠﻤﺎﺕ ﻜﺄﻨﻬﺎ ﺩﻋﺎﺀ .ﻟﻤﺤﺘﻪ ﻴﻤﺴﺢ ﺩﻤﻭﻋﺎﹰ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺭﻓﻊ
ﻴﺩﻩ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﻌﺵ.
ﻫل ﺃﻴﻘﻅ ﺩﻋﺎﺀ ﻨﺎﺼﺭ ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻓﻴﻬﺎ؟ ﻫل ﺫﻜﱠﺭﻫﺎ ﻨﺩﺍﺀ ﺍﻟﻤﻴﻜﺭﻭﻓﻭﻥ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﻨﺎ ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺴﺠﻰ ﻤﺴﺎﻓﺭﺍﻥ
ﻤﻌﺎﹰ ,ﻭﺃﻨﻬﺎ ﻓﻘﺩﺘﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﺍﻻﺜﻨﻴﻥ؟
ﻤﺩﺕ ﻴﺩﻫﺎ ﻨﺤﻭﻱ ﻤﻭﺩﻋﺔ .ﺭﺃﻴﺘﻬﺎ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﺃﻤﺎﻡ ﺠﺜﻤﺎﻨﻪ ﻤﺠﻬﺸﺔﹰ ﺒﺎﻟﺒﻜﺎﺀ.
ﻜﻨﺕ ﺃﺤﺘﻘﺭ ﺘﻌﺎﺴﺔ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻻ ﻴﺠﺭﺅﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻗﺘﺭﺍﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﺎﻫﻘﺔ ،ﺍﻟﺒﺎﻫﻅﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻻ
ﺘﻤﻠﻙ ﻟﻠﺴﻁﻭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﻻ ﻟﺤﻅﺔ ،ﻓﺎﻟﺤﺏ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﻴﺨﺘﺒﺭ ﻓﻲ ﻟﺤﻅﺔ ﻀﻴﺎﻋﻪ ﺍﻟﻘﺼﻭﻯ.
ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺼﻨﻊ ﻤﻔﺨﺭﺓ ﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﺸﹼﺎﻕ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺄﺘﻭﻥ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﻴﺄﺱ ﻤﻥ ﻤﺠﻴﺌﻬﻡ ،ﻭﻴﺨﻁﻔﻭﻥ
ﺴﺎﺌﻕ ﺴﻴﺎﺭﺓ ﻟﻴﻠﺤﻘﻭﺍ ﺒﻁﺎﺌﺭﺓ ﻭﻴﺸﺘﺭﻭﺍ ﺁﺨﺭ ﻤﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺭﺤﻠﺔ ،ﻟﻴﺤﺠﺯﻭﺍ ﻟﻠﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﻤﻘﻌﺩﺍﹰ ﺠﻭﺍﺭ
ﻤﻥ ﻴﺤﺒﻭﻥ.
ﺍﻟﺭﺍﺌﻌﻭﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺨﻁﻔﻭﻥ ﻗﺩﺭﻙ ﺒﺎﻟﺴﺭﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﻁﻭﺍ ﺒﻬﺎ ﺫﺍﺕ ﻴﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﻗﻁﺎﺭ ﻋﻤﺭﻙ.
ﻜﻨﺕ ﺃﺭﻴﺩ ﺤﺒﺎﹰ ﻴﺄﺘﻲ ﺩﻗﺎﺌﻕ ﻗﺒل ﺇﻗﻼﻉ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ ﻓﻴﻐﱢﻴﺭ ﻤﺴﺎﺭ ﺭﺤﻠﺘﻲ ،ﺃﻭ ﻴﺤﺠﺯ ﻟﻪ ﻤﻜﺎﻨﺎﹰ ﺠﻭﺍﺭﻱ.
ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺘﺭﻜﺘﻨﻲ ﻤﻌﻪ ..ﻭﻤﻀﺕ.
ﻟﻡ ﺘﻘل ﺸﻴﺌﺎﹰ .ﻓﻘﻁ ﺒﻜﺕ .ﻭﺨﺎﻟﺩ ﻅلﱠ ﻴﻜﻔﻨﻪ ﺍﻟﺒﺭﺩ ﺒﻴﻨﻨﺎ .ﺍﺴﺘﻁﻌﺕ ﺃﻥ ﺃﺅﻤﻥ ﻟﻪ ﺜﻤﻥ ﺘﺫﻜﺭﺓ ،ﻭﻤﺎ
ﺍﺴﺘﻁﻌﺕ ﺃﻥ ﺃﺘﺩﺒﺭ ﻟﻪ ﻤﻌﻁﻔﺎﹰ.
ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻴﻜﺭﻭﻓﻭﻥ ﻴﻜﺭﺭ ﺍﻟﻨﺩﺍﺀ .ﺇﻨﻪ ﻭﻋﻲ ﺍﻟﻔﺭﺍﻕ ،ﻭﻻ ﻤﻨﺎﺩﻴل ﻟﻠﻭﺩﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ.
ﻭﺤﺩﻱ ﻜﻨﺕ ﻤﻌﻪ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺠﺎﺅﻭﺍ ﻟﻨﻘﻠﻪ .ﺤﻤﻠﻭﻩ ﻟﻴﻘﺒﻊ ﻫﻨﺎﻙ ﺸﺨﺼﺎﹰ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﻤﺘﻌﺔ .ﺃﻤﺎ ﺃﻨﺎ ﻓﻭﻟﺠﺕ
ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ ﻤﺘﺎﻋﺎﹰ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺭﻜﺎﺏ.
ﺍﻓﺘﺭﻗﻨﺎ ﻫﻨﺎﻙ ,ﺒﺭﻏﻡ ﺃﻨﻨﺎ ﻜﻨﺎ ﻨﺄﺨﺫ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺃﻨﺎ ﻭﻫﻭ.
ﺫﻫﺏ ﺁﺨﺭ ﺭﻓﺎﻕ ﺍﻟﺭﻴﺢ ،ﻭﺒﻘﻴﺕ ﻤﺭﺘﻌﺩﺍﹰ ,ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻜﻴﻑ ﺃﻭﺼﺩ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺨﻠﻑ ﺭﺠل ﻋﺎﺵ ﻜﻤﺎ ﻤﺎﺕ
ﻓﻲ ﻤﻬﺏ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﻭﺍﻗﻔﺎﹰ ﻓﻭﻕ ﺠﺴﺭ .ﻓﻲ ﻜل ﻏﺭﺒﺔ ،ﻜﺄﺴﻤﺎﻙ ﺍﻟﺼﻭﻤﻭﻥ ،ﺘﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﻤﺠﺭﻯ
ﻤﺎﺌﻲ ﻴﻌﻴﺩﻙ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺠﺌﺕ ،ﺴﺎﻟﻜﺎﹰ ﺠﺴﺭﺍﹰ ﻟﻠﻭﺼﻭل .ﻟﻜﻥ ،ﻟﻴﺱ ﺒﺴﺒﺏ ﺍﻟﻨﻬﺭ ﻭﺠﺩ ﺍﻟﺠﺴﺭ ،ﺇﻨﻪ
ﻜﺎﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ ،ﻟﻡ ﺘﺒﺘﺩﻉ ﺇﻻ ﺒﺴﺒﺏ ﺨﺩﻴﻌﺔ ﺍﺴﻤﻬﺎ ﺍﻟﻭﻁﻥ.
ﻓﻨﻡ ﻨﻭﻤﺔ ﻟﻭﺤﺔ ،ﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﺠﺴﺭﻙ ﺠﺴﺭﺍﹰ ﻴﺎ ﺼﺎﺤﺒﻲ.
***
ﺃﺴﺘﻌﻴﺩ ﻜﺘﺎﺏ " ﺘﻭﺃﻤﺎ ﻨﺠﻤﺔ" ﻭﺼﺎﺤﺒﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻭﻱ ﻜﻴﻑ ﻭﺠﺩ ﻨﻔﺴﻪ ﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﻏﺭﻴﺒﺔ ،ﺍﻟﻤﺭﺍﻓﻕ
ﻟﺠﺜﻤﺎﻨﻲ ﻜﺎﺘﺏ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﻭﻤﺼﻁﻔﻰ ﻜﺎﺘﺏ ﻤﻥ ﻤﺭﺴﻴﻠﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ .ﻭﺃﺠﺩ ﻋﺯﺍﺌﻲ ﻓﻲ ﺍﺤﺘﻤﺎل ﺃﻥ
ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺩ ﻋﺭﻑ ﺃﻟﻤﺎﹰ ﻤﻀﺎﻋﻔﺎﹰ ﻷﻟﻤﻲ ﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﺴﺎﻓﺭ ﻤﻊ ﺠﺜﻤﺎﻨﻴﻥ.
ﺜﻡ ﺘﻘﻭﺩﻨﻲ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﻘﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﺼﺤﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ﻋﻥ ﻁﺎﺌﺭﺍﺕ ﺒﻠﺩ ﻋﺭﺒﻲ
ﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻨﻘل ﺍﻟﺒﻀﺎﺌﻊ ،ﺤﻭﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻁﺎﺌﺭﺍﺕ ﻟﻠﻨﻌﻭﺵ ،ﻭﺭﺍﺤﺕ ﻷﺴﺎﺒﻴﻊ ﺘﻨﻘل ﻓﻲ
ﺭﺤﻼﺕ ﻤﻜﹼﻭﻜﻴﺔ ﺃﺤﻼﻡ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻗﺼﺩﻭﺍ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﻟﻠﻌﻤل ﺒﻨﻭﺍﻴﺎ ﻭﺤﺩﻭﻴﺔ ,ﻭﻋﺎﺩﻭﺍ
ﻤﻨﻪ ﻤﺸﻭﻫﻴﻥ ﻓﻲ ﺼﻨﺎﺩﻴﻕ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻹﻗﻔﺎل ،ﺃﻏﻠﻘﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﻼﻤﻬﻡ ﺍﻟﻤﺘﻭﺍﻀﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻡ ﺍﻟﺘﻨﻜﻴل
ﺒﻬﺎ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﻋﻠﻥ ﺭﺴﻤﻴﺎﹰ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﻅﻠﻤﺎﺀ ﻭﻓﻲ ﺨﻀﻡ ﺍﻹﺤﺘﻔﺎﻻﺕ ﺒﻌﻭﺩﺓ ﺍﻟﺠﻨﻭﺩ ﺍﻷﺒﻁﺎل ﻤﻥ
ﺤﺭﺒﻬﻡ ﻀﺩ ﺍﻟﺠﻴﺭﺍﻥ ،ﻓﺘﺢ ﻤﻭﺴﻡ ﺇﺼﻁﻴﺎﺩ ﺍﻟﻐﺭﺒﺎﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺍﺘﹼﻬﻤﻭﺍ ﺒﺈﻨﺘﻬﺎﻙ ﺸﺭﻑ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ..ﺃﺜﻨﺎﺀ
ﺍﻨﺸﻐﺎل ﺃﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺒﺎﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻷﻤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ.
ﺇﻨﻪ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺒﺎﻟﺠﻤﻠﺔ ﻭﺒﺎﻟﺘﺠﺯﺌﺔ .ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻤﻔﺭﺩﺍﹰ ﻭﻤﺜﻨﻰ ﻭﺠﻤﻌﺎﹰ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﺘﺩﺭﻱ ﺃﻤﺎﻤﻪ ﻫل
ﺃﻜﺜﺭ ﺃﻟﻤﺎﹰ ﺃﻥ ﺘﺴﺎﻓﺭ ﻓﻲ ﻁﺎﺌﺭﺓ ﻻ ﻴﺩﺭﻱ ﺭﻜﺎﺒﻬﺎ ،ﻭﻫﻡ ﻴﻁﺎﺭﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﻀﻴﻔﺔ ﺒﺼﻐﺎﺌﺭ ﺍﻟﻁﻠﺒﺎﺕ ،ﺃﻥ
ﺘﺤﺘﻬﻡ ﺭﺠﻼﹰ ﻤﻴﺘﺎﹰ ،ﺃﻡ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻗﺎﺌﺩ ﻁﺎﺌﺭﺓ ﻋﺭﺒﻴﺔ ﻻ ﻤﻀﻴﻔﺎﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻻ ﺨﺩﻤﺎﺕ ،ﻷﻥ ﺠﻤﻴﻊ
ﺭﻜﺎﺒﻬﺎ ﺃﻤﻭﺍﺕ؟!
ﻴﺫﻜﺭﻨﻲ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺒﺼﺩﻴﻕ ﻴﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﺇﺤﺩﻯ " ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻙ" ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ,ﺴﺄﻟﻪ ﺃﺤﺩﻫﻡ ﻤﺭﺓ ":ﻤﻥ ﺃﻴﻥ
ﺃﻨﺕ؟" ﺃﺠﺎﺏ ﺴﺎﺨﺭﺍﹰ ":ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻬﻠﻜﺔ" ،ﻓﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻤﺯﺍﻴﺩﺍﹰ ":ﻭﺃﻨﺎ ﻤﻥ ﺃﻡ ﺍﻟﻤﻬﺎﻟﻙ" ،ﻭﻀﺤﻙ
ﺍﻻﺜﻨﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻜﺘﺔ .ﻓﻘﺩ ﺘﻌﺭﻑ ﻜﻼﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺒﻠﺩ ﺍﻵﺨﺭ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﹼﻔﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﻤﻨﻬﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺃﻜﺜﺭ
ﻫﻼﻜﺎﹰ ﻤﻥ ﺍﻵﺨﺭ!
ﻫﺎﻟﻙ ﻴﺎ ﻭﻟﺩﻱ ..ﻤﻬﻠﻭﻙ .ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻁﺎﺭ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻙ ﺃﻥ ﺘﺨﺘﺒﺭ ﺤﺠﻡ ﺍﻷﺫﻯ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻟﺤﻘﻪ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ
ﺒﺠﻭﺍﺯﻙ ﺍﻷﺨﻀﺭ.
ﺫﻫﺏ ﻋﻨﻔﻭﺍﻨﻙ .ﻤﺜﻴﺭ ﻟﻠﺭﻴﺒﺔ ﺤﻴﺙ ﺤﻠﻠﺕ ،ﺘﻔﻀﺤﻙ ﻫﻴﺌﺘﻙ ،ﻭﺴﻤﺭﺘﻙ ،ﻭﻁﺎﺒﻭﺭ ﺍﻟﻤﺘﺩﺍﻓﻌﻴﻥ،
ﻭﺍﻟﻜﻼﺏ ﺍﻟﻤﺘﺩﺭﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺸﻤﺸﻤﺔ ﺃﻤﺜﺎﻟﻙ.
ﻤﺫ ﻗﺎﻡ ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻭﻥ ﺒﺎﺨﺘﻁﺎﻑ ﻁﺎﺌﺭﺓ ﻓﺭﻨﺴﻴﺔ ﻭﻗﺘل ﺒﻌﺽ ﺭﻜﺎﺒﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﻭﻥ ﻴﺨﻀﻌﻭﻥ ﻟﺤﺠﺭ
ﺃﻤﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻁﺎﺭ ،ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﺃﻥ ﺒﻬﻡ ﻭﺒﺎﺀ ،ﻭﻋﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﺘﻘﻑ ﺃﻋﺯل ﺃﻤﺎﻡ ﺠﺒﺭﻭﺕ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﻜﺎﺸﻔﺔ
ﻟﻜل ﺸﻲﺀ ،ﻭﺍﻟﻜﺎﻤﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﺎﻀﺤﺔ ﻟﻨﻭﺍﻴﺎﻙ ،ﻭﺍﻟﻨﻅﺭﺍﺕ ﺍﻟﺜﺎﻗﺒﺔ ﻷﺤﺎﺴﻴﺴﻙ ،ﻭﺍﻹﻫﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﺫﺒﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻁﺭﺡ ﻋﻠﻴﻙ ﻓﻲ ﺸﻜل ﺃﺴﺌﻠﺔ.
ﺘﺴﺘﺎﺍﺍﺍﺍﺍﺍﺍﻫل ﻤﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺠﺎﺀ ﺒﻙ؟
ﻤﻥ ﺭﺩﻫﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﻤﺭ ﺇﻟﻰ ﻤﻌﺒﺭ ،ﻟﺴﺕ ﺴﻭﻯ ﺭﻗﻡ ﻓﻲ ﻁﻭﺍﺒﻴﺭ ﺍﻟﺫلّ .ﻓﻜﻴﻑ ﻭﻗﺩ ﺍﻋﺘﺩﺕ ﺍﻟﻤﺫﻟﺔ ﺃﻥ
ﺘﻁﺎﻟﺏ ﺒﺎﺤﺘﺭﺍﻡ ﺃﻜﺜﺭ ﻋﻠﻰ ﻤﺘﻥ " ﻁﺎﺌﺭﺘﻙ"؟
ﻻ ﺭﻗﻡ ﻟﻤﻘﻌﺩﻙ ،ﻭﻋﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﺘﺩﺨل ﻓﻲ ﺴﺒﺎﻕ ﺍﻟﻔﻭﺯ ﺒﻜﺭﺴﻲ ،ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻟﻙ ﺠﺴﺎﺭﺓ ﺘﺠﺎﺭ ﺍﻟﺤﻘﺎﺌﺏ
ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺩﺍﻓﻊ.
ﻓﺎﻟﻜﺭﺴﻲ ،ﺃﻱ ﻜﺭﺴﻲ ،ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﻻﻗﺘﺘﺎل ﻟﻠﻔﻭﺯ ﺒﻪ .ﺜﻤﺔ ﻤﻥ ﺃﺭﺴﻠﻭﺍ ﺃﻨﺎﺴﺎﹰ ﺒﺎﺍﻵﻻﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒﺭ
ﻟﻠﺠﻠﻭﺱ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﺍﻻﻨﻔﺭﺍﺩ ﺒﻪ ،ﻭﺃﻨﺕ ﺘﺭﻴﺩ ﻜﺭﺴﻴﺎﹰ ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﻋﻨﺎﺀ!
ﻭﺘﺭﻴﺩ ﻤﻜﺎﻨﺎﹰ ﺘﻀﻊ ﻓﻴﻪ ﺤﻘﻴﺒﺔ ﻴﺩﻙ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﻡ ﺴﺒﻘﻭﻙ ﻭﺍﺤﺘﻠﻭﺍ ﻜل ﺸﻲﺀ .ﺍﻟﻜل ﻤﺤﻤل ﺒﺎﻟﺤﻘﺎﺌﺏ
ﺍﻟﺒﺎﺌﺴﺔ ﺍﻟﻤﻜﺘﻅﺔ ﺒﺎﻟﻌﻤﺭ ﺍﻟﻐﺎﻟﻲ ،ﻭﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺤﺭﻴﺹ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻓﻲ ﻴﺩﻩ ،ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺤﺭﺼﻪ ﻋﻠﻰ
ﻨﻔﺴﻪ ،ﻻ ﻴﺩﺭﻱ ﺃﻥ ﻻ ﺸﻲﺀ ﺴﻭﻯ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺴﺭﻴﻊ ﺍﻟﻌﻁﺏ.
ﺃﺘﺴﺎﺀل ،ﺃﻴﻥ ﻜﻨﺕ ﺇﺫﻥ ﺴﺄﻀﻊ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﻟﻭ ﻜﻨﺕ ﺃﺤﻀﺭﺘﻬﺎ ﻤﻌﻲ .ﻓﺤﺘﻰ ﺇﻥ ﻗﻀﻴﺕ ﻨﺼﻑ
ﺍﻟﺭﺤﻠﺔ ﻓﻲ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﻤﻀﻴﻔﺔ ﺒﺄﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ،ﻤﺎﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﺘﻔﻌل ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻤﺎ ﻓﻌل ﻏﻴﺭﻫﺎ ﻓﻲ
ﻤﻭﻗﻑ ﻜﻬﺫﺍ؟ ﻓﺄﻨﺎ ﻟﻡ ﺃﻨﺱ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻜﺎﺘﺒﺔ ﺍﻟﻤﻘﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻬﺠﺭ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺸﺎﻫﺩﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻥ
ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﺘﺤﻜﻲ ،ﻜﻴﻑ ﺃﻨﻬﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﻟﺯﻴﺎﺭﺓ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ،ﻭﻤﻌﻬﺎ ﺤﻘﻴﺒﺔ ﺼﻐﻴﺭﺓ ﻻ ﺘﻔﺎﺭﻗﻬﺎ،
ﻓﻴﻬﺎ ﻜﺘﺎﺒﺎﺘﻬﺎ ﻭﻤﺨﻁﻭﻁ ﺭﻭﺍﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﻤﺎ ﻭﺠﺩﻭﺍ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ ﺍﻟﻭﺍﺼﻠﺔ ﻤﻥ ﺴﻭﺭﻴﺎ
ﻭﺍﻟﻤﻠﻴﺌﺔ ﺒﺭﻫﻁ ﻏﺭﻴﺏ ﻤﻥ ﺘﺠﺎﺭ ﺍﻷﺭﺼﻔﺔ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻻ ﻴﺤﺘﺎﺠﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺘﺄﺸﻴﺭﺓ ﻟﺩﺨﻭل ﺍﻟﺸﺎﻡ ،ﺃﻱ
ﻤﻜﺎﻥ ﻴﻀﻌﻭﻥ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺤﻘﻴﺒﺔ ،ﻓﺘﻁﱠﻭﻉ ﻤﻀﻴﻑ ﻟﻠﺘﻜﻔﹼل ﺒﻬﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﺒﻠﻐﻪ ﺒﻌﺽ ﻤﻥ ﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻤﻥ
ﺍﻟﺭﻜﺎﺏ ،ﺃﻨﻬﺎ ﺤﻘﻴﺒﺔ ﻜﺎﺘﺒﺔ ﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﻟﻭﻁﻨﻬﺎ ﻤﻨﺫ ﺴﺒﻊ ﺴﻨﻭﺍﺕ.
ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻟﺭﺤﻠﺔ ﺠﺎﺀ ﻤﻥ ﻴﺨﺒﺭﻫﺎ ﺃﻥ ﺤﻘﻴﺒﺘﻬﺎ ﻜﺭﻤﺕ ﺒﻭﻀﻌﻬﺎ ﻓﻲ " ﻤﺭﺤﺎﺽ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ".
ﺍﻟﻤﻀﻴﻑ ﻗﺎل ﺇﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﺸﺨﺼﻴﺎﹰ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﺈﺨﺭﺍﺠﻬﺎ ﻭﺇﻋﺎﺩﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻤﻜﺎﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ ,ﺒﻌﺩ ﻤﺭﻭﺭ ﻜل
ﺭﺍﻜﺏ ،ﻷﻨﻬﻡ ﺃﻭﺼﻭﻩ ﺨﻴﺭﺍﹰ ﺒﻬﺎ ،ﻭﻟﻭﻻ ﻤﻌﺯﺘﻬﺎ ﻭﺍﺤﺘﺭﺍﻤﻪ ﻟﻸﺩﺏ ﻟﻤﺎ ﻭﻀﻌﻬﺎ ﻓﻲ " ﺒﻴﺕ ﺍﻷﺩﺏ"،
ﻭﻷﺼﺭ ﻋﻠﻰ ﺇﻨﺯﺍﻟﻬﺎ ﻤﻊ ﺒﻘﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﺎﺌﺏ ﺇﻟﻰ ﺠﻭﻑ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ ..ﻭﺍﺭﺘﺎﺡ!
ﻤﺎﺫﺍ ﺘﻘﻭل ﻟﻭﻁﻥ ﻴﻬﻴﻨﻙ ﺒﻨﻴﺔ ﺼﺎﺩﻗﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺤﺘﻔﺎﺀ ﺒﻙ؟
ﺇﺤﺩﻯ ﺍﻟﺼﻭﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻨﻴﺕ ﻟﻭ ﺍﻟﺘﻘﻁﺘﻬﺎ ،ﻫﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﺤﻘﻴﺒﺔ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ،ﻤﺭﻤﻴﺔ ﺃﺭﻀﺎﹰ ﻓﻲ ﻤﺭﺤﺎﺽ
ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ ﺒﻌﺩ ﺃﺭﺒﻊ ﺴﺎﻋﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﻴﺭﺍﻥ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺘﺴﺎﻓﺭ ﺒﻀﺎﺌﻊ ﺍﻟﻤﻬﺭﺒﻴﻥ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﻤﺼﻭﻨﺔ
ﻤﺤﻔﻭﻅﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺯﺍﺌﻥ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺓ ﻓﻭﻕ ﺭﺅﻭﺱ ﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ.
ﻟﻭ ﻨﺸﺭﺕ ﺼﻭﺭﺓ ﻜﺘﻠﻙ ،ﻟﺠﺎﺀ ﻤﻥ ﻴﻘﻭل ﺇﻨﻨﻲ ﺃﻫﻴﻥ ﻭﻁﻨﻲ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻐﺭﺒﺎﺀ ،ﻭﺃﻋﻁﺎﻨﻲ ﺩﺭﺴﺎﹰ ﻓﻲ
ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﺤﺩﻩ ﻴﻤﻠﻙ ﺤﻕ ﺇﻫﺎﻨﺘﻙ ،ﻭﺤﻕ ﺇﺴﻜﺎﺘﻙ ،ﻭﺤﻕ ﻗﺘﻠﻙ ،ﻭﺤﻕ ﺤﺒﻙ ﻋﻠﻰ
ﻁﺭﻴﻘﺘﻪ ﺒﻜل ﺘﺸﻭﻫﺎﺘﻪ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ.
ﻜﻴﻑ ﺤﺩﺙ ﻫﺫﺍ؟ ﻭﻜﻴﻑ ﻭﺼﻠﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺸﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻐﺭﺍﺒﺔ؟
ﻻ ﺘﻨﺘﻅﺭ ﺃﻥ ﻴﺠﻴﺒﻙ ﺃﺤﺩ ﻫﻨﺎ .ﻓﺎﻟﺠﻭﺍﺏ ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﻁﺎﺌﺭﺓ ،ﺇﻨﻤﺎ ﻓﻲ ﻤﻜﺎﻥ ﺁﺨﺭ ﺤﻴﺙ ﻜﺎﻥ ﺇﻗﻼﻋﻬﺎ
ﺍﻷﻭل.
ﻋﻠﻴﻙ ﺒﻌﺩ ﺍﻵﻥ ﻭﺇﻟﻰ ﺁﺨﺭ ﻋﻤﺭﻙ ﺃﻥ ﺘﺠﻴﺏ :ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺤﺼﻠﺕ ﻋﻠﻰ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺠﺎﺌﺯﺓ ﺩﻭﻥ ﻏﻴﺭﻙ؟ ﻟﻤﺎﺫﺍ
ﺃﺨﺫﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﻟﺫﻟﻙ ﺍﻟﻁﻔل ﻭﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﻠﺏ ﺩﻭﻥ ﺴﻭﺍﻫﻤﺎ؟ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺒﻌﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﻟﺫﻟﻙ
ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺩﻭﻥ ﺴﻭﺍﻩ؟
ﺃﻨﺕ ﻤﻁﺎﻟﺏ ﺒﺎﻹﺠﺎﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺌﻠﺔ ﻴﺤﺘﻜﺭ ﻏﻴﺭﻙ ﺍﻟﺭﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻤﻥ ﺃﻨﺕ ﺤﺘﻰ ﺘﻐﻴﺭ ﻤﺠﺭﻯ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ
ﺃﻭ ﻤﺠﺭﻯ ﻨﻬﺭ ﻟﺴﺕ ﻓﻴﻪ ﺴﻭﻯ ﻗﺸﺔ ﻴﺠﺭﻓﻬﺎ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺤﺘﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﺏ؟
ﺃﻨﺕ ﻻ ﺘﻌﺭﻑ ﺤﺘﻰ ﻤﺎﺫﺍ ﺘﻔﻌل ﻫﻨﺎ ،ﻭﻜﻴﻑ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺍﻟﻭﺼﻲ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺠﺜﻤﺎﻥ ﻭﺃﻨﺕ ﻤﺜﻘل
ﺒﺎﻟﻭﺼﺎﻴﺎ ,ﻤﺘﻌﺏ ﺒﻨﻭﺍﻴﺎ ﻴﺤﺭﺴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ.
ﺘﺘﻤﻨﻰ ﻟﻭ ﻜﻨﺕ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻭﻀﻴﺎﻑ ﻋﺎﺌﺩﺍﹰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻓﻲ ﻁﺎﺌﺭﺓ ﻓﺭﺤﺘﻙ ﻹﻨﻘﺎﺫ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ،ﻟﻭ ﺃﻥ ﻻ
ﺤﻘﺎﺌﺏ ﻟﻙ ،ﻟﻭ ﺃﻥ ﻴﺩﻴﻙ ﻤﻤﺩﻭﺩﺘﺎﻥ ﻟﺘﺤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﻥ ﻤﻠﻭﺤﺘﺎﻥ ﺒﺘﻭﻋﺩ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ﻭﺍﻟﻠﺼﻭﺹ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ
ﺍﻟﻤﻬﻴﺒﻴﻥ .ﻟﻜﻥ ﻫﻭ ﻨﻔﺴﻪ ﻋﺎﺩ ﻤﺭﺘﺩﻴﺎﹰ ﻜﻔﻨﻪ ،ﻭﻤﺎ ﻓﺘﺢ ﻤﻠﻔﹼﺎﹰ ﺇﻻ ﻭﻓﺘﺢ ﻤﻌﻪ ﻗﺒﺭﻩ.
ﻓﺎﺭﺒﻁ ﺤﺯﺍﻡ ﺍﻷﻤﺎﻥ ﻴﺎ ﺭﺠل ،ﻭﺘﺎﺒﻊ ﺸﺭﻭﺡ ﺍﻟﻤﻀﻴﻔﺔ ﺤﻭل ﺃﻗﻨﻌﺔ ﺍﻷﻭﻜﺴﺠﻴﻥ ،ﻭﺼﺩﺭﻴﺔ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ.
***
ﺍﺨﺘﺭﺕ ﺒﻨﻔﺴﻲ ﺍﻟﻌﺠﻭﺯ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺘﺠﻠﺱ ﺠﻭﺍﺭﻱ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺠﻠﺴﺕ ﻋﻠﻰ ﺸﻤﺎﻟﻲ ،ﻓﻬﻲ ﺍﻟﺘﻲ
ﺍﺨﺘﺎﺭﺘﻨﻲ .ﻗﺩ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﺴﺘﻠﻁﻔﺘﻨﻲ ﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﺒﺎﻟﺨﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺭﺠﺎﻟﻴﺔ ﺍﻷﺨﺭﻯ.
ﻓﻤﻬﻡ ﻓﻲ ﺭﺤﻠﺔ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻜﻬﺫﻩ ﺃﻻ ﺘﺠﺩ ﻨﻔﺴﻙ ﻤﺭﺒﻭﻁﺎﹰ ﺠﻭﺍﺭ ﻤﻥ ﺴﻴﺯﻴﺩﻭﻨﻙ ﻫﻤﺎﹰ ﻭﻏﻤﺎﹰ ،ﻓﻴﻨﺘﺎﺒﻙ
ﺇﺤﺴﺎﺱ ﻤﻥ ﺘﻭﻗﻑ ﺒﻪ ﺍﻟﻤﺼﻌﺩ ،ﻭﻭﺠﺩ ﻨﻔﺴﻪ ﻤﺤﺠﻭﺯﺍﹰ ﻤﻊ ﺃﻨﺎﺱ ﻻ ﻴﺴﺘﻠﻁﻔﻬﻡ ،ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ
ﻴﺘﻘﺎﺴﻡ ﻤﻌﻬﻡ ﺤﺩﻭﺩﻩ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﺃﺠﻭﺍﺀﻩ ﺍﻟﺤﻤﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺎﺤﺔ ﺒﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ.
ﻭﻜﻨﺕ ﺒﻌﺩ ﻋﺒﻭﺭﻨﺎ ﻨﻘﻁﺔ ﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺵ ،ﻗﻤﺕ ﺒﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻌﺠﻭﺯ ﻋﻠﻰ ﺤﻤل ﺍﻟﻜﻴﺱ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ
ﺃﺩﺭﻱ ﻜﻴﻑ ﺤﻤﻠﻭﻫﺎ ﺇﻴﺎﻩ ،ﺃﻭ ﻜﻴﻑ ﺃﺼﺭﺕ ﻫﻲ ﻋﻠﻰ ﺤﻤﻠﻪ ﻭﺭﺍﺤﺕ ﺘﺘﻭﻗﻑ ﻜل ﺤﻴﻥ ﻟﺘﺴﺘﺭﻴﺢ
ﻗﻠﻴﻼﹰ ﻤﻥ ﻋﺒﺌﻪ.
ﺃﺤﺏ ﻋﺠﺎﺌﺯﻨﺎ ،ﻭﻻ ﺃﻗﺎﻭﻡ ﺭﺍﺌﺤﺔ ﻋﺭﻕ ﻋﺒﺎﺀﺍﺘﻬﻥ ،ﻻ ﺃﻗﺎﻭﻡ ﺩﻋﻭﺍﺘﻬﻥ ﻭﺒﺭﻜﺎﺘﻬﻥ .ﻻ ﺃﻗﺎﻭﻡ
ﻟﻐﺘﻬﻥ ﺍﻟﻤﺤﻤﻠﺔ ﺒﻜﻡ ﻤﻥ ﺍﻷﻤﻭﻤﺔ ،ﺘﻌﻁﻴﻙ ﻓﻲ ﺒﻀﻊ ﻜﻠﻤﺎﺕ ﺯﺍﺩﻙ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻨﺎﻥ ﻟﻌﻤﺭ ..ﻭﺒﻌﺽ
ﻋﻤﺭ.
-ﻴﻌﻴﺸﻙ ﻴﺎ ﻭﻟﻴﺩﻱ ..ﺭﺒﻲ ﻴﺴﺘﺭﻙ ﻭﻴﻬﺯ ﻋﻨﻙ ﻫﻡ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ..ﺭﺒﻲ ﻴﺯﻴﻥ ﺴﻌﺩﻙ.
ﻜﻠﻤﺎﺕ ﻭﺃﻗﻊ ﻓﻲ ﻭﺭﻁﺔ ﻋﺎﻁﻔﻴﺔ ﻤﻊ ﻋﺠﻭﺯ ،ﻭﺇﺫ ﺒﻲ ﺤﻤﺎل ﻭﻋﺘﹼﺎل ﻭﻤﺭﺍﻓﻕ ﻟﻬﺎ ،ﻭﻤﺴﺅﻭل ﻋﻥ
ﺇﻴﺼﺎﻟﻬﺎ ﺤﺘﻰ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ.
ﺃﻫﻲ ﻋﻘﺩﺓ ﻴﺘﻤﻲ؟ ﺩﻭﻤﺎﹰ ﺨﻁﻔﺘﻨﻲ ﺍﻟﻌﺠﺎﺌﺯ ﻭﻏﻴﺭﻥ ﻭﺠﻬﺘﻲ.
ﻓﻤﺎ ﺼﺎﺩﻓﺕ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﺘﻨﻭﺀ ﻜﻬﻭﻟﺘﻬﺎ ﺒﻘﻔﹼﺔٍ ،ﺇﻻ ﻭﻭﺠﺩﺘﻨﻲ ﺃﺤﻤل ﻭﺯﺭﻫﺎ ﻋﻨﻬﺎ ﻤﺩﻋﻴﺎﹰ ﺃﻥ ﻭﺠﻬﺘﻬﺎ
ﺘﺼﺎﺩﻑ ﻭﺠﻬﺘﻲ .ﻤﺭﺓ ﺘﺴﺒﺏ ﻟﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﻓﻲ ﺼﻔﻌﺔ ﺘﺄﺩﻴﺒﻴﺔ ﻤﻥ ﺃﺒﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﺼﺩﻕ ﻋﺫﺭ
ﺘﺄﺨﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ.
ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻌﺠﻭﺯ ﺫﺍﻫﺒﺔ ﺼﻭﺏ ﺭﺤﺒﺔ ﺍﻟﺼﻭﻑ ﻟﺒﻴﻊ ﺃﺭﻏﻔﺔ ﺃﻋﺩﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺕ ،ﻭﻗﻀﻴﺕ ﺴﺎﻋﺔ ﺃﻤﺸﻲ
ﺠﻭﺍﺭﻫﺎ ﺤﺎﻤﻼﹰ ﻤﺤﻔﻅﺔ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﺒﻴﺩ ،ﻭﻗﻔﹼﺘﻬﺎ ﺒﻴﺩﻱ ﺍﻷﺨﺭﻯ.
ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺼﻔﻌﺔ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻠﻘﹼﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻲ ﻤﻥ ﺃﺒﻲ.
ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻌﺠﻭﺯ ﺍﻟﺠﺎﻟﺴﺔ ﺠﻭﺍﺭﻱ ﺘﺴﺎﻓﺭ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﺒﻤﻔﺭﺩﻫﺎ ،ﻭﺠﺎﺀﺕ ﺇﻟﻰ ﺒﺎﺭﻴﺱ ﻟﺯﻴﺎﺭﺓ ﺍﺒﻨﺘﻬﺎ
ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻀﻌﺕ ﻤﻭﻟﻭﺩﻫﺎ ﺍﻷﻭل .ﻭﻗﺒل ﺃﻥ ﺘﻘﻠﻊ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ ﻜﻨﺕ ﻋﺭﻓﺕ ﺘﻘﺭﻴﺒﺎﹰ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻋﻥ ﺤﻴﺎﺘﻬﺎ.
ﻻ ﺴﺭ ﻟﻠﻌﺠﺎﺌﺯ ،ﻜلّ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﻘﺼﻬﻥ ﻫﻭ ﺭﺠل ﻤﺸﺩﻭﺩ ﺍﻟﻭﺜﺎﻕ ﺇﻟﻰ ﻜﺭﺴﻲ ،ﻟﻪ ﺼﺒﺭ ﺍﻻﺴﺘﻤﺎﻉ ﺇﻟﻰ
ﺨﻴﺒﺎﺕ ﻜﻬﻭﻟﺘﻬﻥ.
ﻜﺎﻨﺕ ﻤﺭﻋﻭﺒﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ ،ﻭﺘﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺘﻔﻬﻡ ﻜل ﺸﺭﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﻀﻴﻔﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺨﺹ ﺼﺩﺭﻴﺔ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ
ﻭﻗﻨﺎﻉ ﺍﻷﻭﻜﺴﺠﻴﻥ ﻭﺤﺯﺍﻡ ﺍﻷﻤﺎﻥ ﻭﻤﺨﺎﺭﺝ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ .ﺜﻡ ﺘﻌﻭﺩ ﻤﻥ ﺭﻋﺒﻬﺎ ﻭﺘﺴﺘﺴﻠﻡ ﻟﻠﻤﻜﺘﻭﺏ
ﻭﺘﻘﻭل ﺇﻥ ﺍﻷﻋﻤﺎﺭ ﺒﻴﺩ ﺍﷲ ،ﻭﺘﻭﺍﺼل ﺜﺭﺜﺭﺘﻬﺎ ﻋﻥ ﺼﻬﺭﻫﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺸﺘﺭﻯ ﻤﺤلّ ﻗﺼﺎﺒﺔ ﻓﻲ
ﻓﺭﻨﺴﺎ ،ﻭﺍﺒﻨﻬﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﻟﻺﻗﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﺒﺎﺭﻴﺱ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻜﺭﻩ ﺍﻟﻌﻴﺵ
ﻓﻲ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻼﺫ ﺍﻟﻔﻘﻴﺭ ﻓﺄﺼﺒﺤﺕ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ .ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺝ ﻴﻘﺼﺩﻫﺎ ﻟﻌﻠﻤﻪ
ﺒﺜﺭﺍﺀ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻭﻜﺭﻤﻬﻡ ،ﻭﺃﺼﺒﺢ ﺍﻵﻥ ﻴﻘﻴﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻊ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺠﺎﺅﻭﻫﺎ ﻤﻥ ﻜل ﺼﻭﺏ
ﻭﺃﻓﻘﺭﻭﺍ ﺃﻫﻠﻬﺎ.
-ﻤﻨﻴﻥ ﺠﺎﻭ ﻴﺎ ﻭﻟﺩﻱ " ﺠﻭﺝ ﻭﻤﺎﺠﻭﺝ" ﻫﺎﺫﹸﻭ ﺍﻟﻠﻲ ﻜﻼﻭ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ..ﻭﻫﺠﺠﻭﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻼﺩ ..ﻴﺎ
ﺤﺴﺭﺓ ﺭﺍﺤﻭﺍ ﺩﺍﺭ ﺸﻜﻭﻥ ﻭﺸﻜﻭﻥ .ﺒﻘﺎﻭ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺭﻋﻴﺎﻥ .ﻋﻠﻰ ﺒﺎﻟﻙ ﺃﻨﺎ ﺒﻨﺕ ﺸﻜﻭﻥ؟
ﻭﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﻌﺩﺍﺩ ﻷﻋﺭﻑ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﺠﻭﺯ ﺍﺒﻨﺔ ﻤﻥ ،ﻭﻤﻥ ﺃﻴﺔ ﺸﺠﺭﺓ ﺘﻨﺤﺩﺭ .ﻓﺄﻨﺎ ﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﻫﻨﺎﻙ
ﻷﺨﻁﺒﻬﺎ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﻤﻨﻊ ﻋﺠﻭﺯﺍﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺒﺎﻫﻲ ﺒﺄﺼﻠﻬﺎ ،ﻭﻫﻭ ﻜل ﻤﺎ ﺒﻘﻲ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺯﻤﻥ
ﺍﻟﺫلّ.
ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﺌﻼﺕ ﺍﻟﻌﺭﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ .ﺍﺸﺘﻬﺭ ﻋﻤﻬﺎ ﺒﺈﻨﺸﺎﺀ ﺃﻭل ﺸﺭﻜﺔ ﻹﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﺘﺒﻎ ﻓﻲ
ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ .ﻜﺎﻥ ﻤﻤﻥ ﻴﻀﺭﺏ ﺒﻬﻡ ﺍﻟﻤﺜل ﻭﺠﺎﻫﺔ ﻭﻏﻨﻰ ،ﻭﺃﻓﻬﻡ ﺃﻻ ﺘﺘﻘﺒل ﻓﻜﺭﺓ ﺃﻥ ﺘﻨﺘﻬﻲ ﺍﺒﻨﺘﻬﺎ
ﺯﻭﺠﺔ ﻟﺭﺠل ﺍﻏﺘﻨﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺭﺒﺔ ،ﻭﻟﻡ ﻴﻐﺘﻥِ ﻋﻥ ﺇﺭﺙ ﺃﺒﺎﹰ ﻋﻥ ﺠﺩ ،ﻭﻻ ﻓﻜﺭﺓ ﺃﻥ ﺘﺘﻘﺎﺴﻡ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ
ﻤﻊ " ﺍﻟﺭﻋﻴﺎﻥ" ﻭ "ﺒﻨﻲ ﻋﺭﻴﺎﻥ" ..ﻭﻟﻜﻥ:
-ﻫﺫﻱ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ﻴﺎ ﺍﻤﺎ ﻭﺍﺵ ﻨﺩﻴﺭﻭ..
ﻓﻲ ﻏﻤﺭﺓ ﺍﻨﺩﻫﺎﺸﻬﻡ ﺒﻬﺎ ،ﺃﻁﻠﻕ ﺍﻟﻘﺩﺍﻤﻰ ﻋﻠﻰ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﺍﺴﻡ " ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ ﺍﻟﺴﻌﻴﺩﺓ" ،ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﺠﻭﺯ
ﺍﻷﻤﻴﺔ ﻜﻡ ﻭﻓﱠﺭﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻤﻴﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﺃﻟﻡ ،ﻓﻬﻲ ﻟﻥ ﺘﻘﺭﺃ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﻤﺎ ﻗﻴل ﻓﻲ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ .ﻫﻲ ﻓﻘﻁ ﺘﺭﻯ
ﻤﺎﺁﻟﺕ ﺇﻟﻴﻪ .ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﺍﻟﻤﻜﺎﺒﺭﺓ ﻻ ﺘﺩﺭﻱ ﻤﺎﺫﺍ ﺘﻔﻌل ﺒﺜﺭﺍﺀ ﻤﺎﺽٍ ﺘﻤﺸﻲ ﻓﻲ ﺸﻭﺍﺭﻋﻪ ﺤﺎﻓﻴﺔ.
ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﺍﻟﻔﺎﻀﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺭﺴﻬﺎ ﺍﻵﺜﺎﻡ ﻭﻴﺤﻜﻤﻬﺎ ﺍﻟﻀﺠﺭ ﺍﻟﻤﺘﻔﺎﻗﻡ ،ﻭﻫﺫﻴﺎﻥ ﺍﻷﺯﻗﺔ ﺍﻟﻤﺤﻤﻭﻤﺔ
ﺍﻟﻤﺜﻘﻠﺔ ﺒﺎﻟﻐﺭﺍﺌﺯ ﺍﻟﻤﻌﺘﹼﻘﺔ ﺘﺤﺕ ﺍﻟﻤﻼﻴﺎﺕ.
ﻟﻡ ﺘﺘﻐﻴﺭ .ﻤﺎ ﺯﺍل ﻴﺭﻋﺏ ﻨﺴﺎﺀﻫﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴﻼﺕ ﺍﻟﺘﻌﻴﺴﺎﺕ ،ﺍﻟﺸﻬﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﻬﻭﺍﻨﻴﺎﺕ ،ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﻟﻤﺯﻤﻥ
ﻤﻥ ﻨﻤﻴﻤﺔ ﺃﻨﺎﺴﻬﺎ ﺍﻟﻁﻴﺒﻴﻥ ﺍﻟﺨﺒﺜﺎﺀ .ﻭﻟﺫﺍ ،ﻫﻲ ﺘﺠﻠﺱ ﺼﺎﻤﺘﺔ ﻋﻠﻰ ﻴﺴﺎﺭﻱ ،ﻭﺃﻨﺎ ﻗﺩﺭﻱ ﺤﻴﺙ
ﺃﺫﻫﺏ ﺃﻥ ﺃﻗﻊ ﺒﻴﻥ ﻓﻜﻲ ﺤﺒﻬﺎ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ،ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ،ﻤﺭﺕ ﺍﻟﻤﻀﻴﻔﺔ ﺘﻌﺭﺽ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﺠﺭﺍﺌﺩ ،ﺴﻤﻌﺕ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﺘﻨﻁﻕ ﻟﺘﻁﻠﺏ
ﺠﺭﻴﺩﺘﻲ "ﺍﻟﻭﻁﻥ" ﻭ" ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ" .ﻟﻡ ﻴﺒﻕ ﻤﻥ ﻨﺼﻴﺒﻲ ﺴﻭﻯ " ﺍﻟﺸﻌﺏ" ﻭ "ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺩ" .ﺘﻘﺎﺴﻤﻨﺎ
ﺒﺎﻟﺘﺴﺎﻭﻱ ﺃﻜﺎﺫﻴﺏ ﺍﻟﻌﻨﺎﻭﻴﻥ.
ﻴﺤﻀﺭﻨﻲ ﺩﺍﺌﻤﺎﹰ ﻓﻲ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ،ﻗﻭل ﺴﺎﺨﺭ ﻟﺒﺭﻨﺎﺭﺩ ﺸﻭ ﻤﻌﻠﹼﻘﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺘﻤﺜﺎل ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻓﻲ
ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ " ﺇﻥ ﺍﻷﻤﻡ ﺘﺼﻨﻊ ﺘﻤﺎﺜﻴل ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻟﻸﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﻘﺩﻫﺎ ﺃﻜﺜﺭ "ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻔﺴﺭ ﻭﺠﻭﺩ ﺃﻜﺒﺭ
ﻗﻭﺱ ﻋﺭﺒﻲ ﻟﻠﻨﺼﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﻨﻲ ﺒﺄﻜﺒﺭ ﺍﻟﺨﺴﺎﺌﺭ ﻭﺍﻟﺩﻤﺎﺭ.
ﺇﻤﻌﺎﻨﺎﹰ ﻤﻨﹼﺎ ﻓﻲ ﺘﻀﺨﻴﻡ ﺨﺴﺎﺭﺍﺕ ﻨﺩﻋﻲ ﺍﻜﺘﺴﺎﺒﻬﺎ ،ﻨﺫﻫﺏ ﺤﺘﻰ ﺇﻀﺎﻓﺔ ﻤﺎ ﻨﻔﺘﻘﺩﻩ ﺇﻟﻰ ﺃﺴﻤﺎﺀ
ﺃﻭﻁﺎﻨﻨﺎ .ﻭﻷﻥ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﺨﺭﺠﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ "ﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺸﻌﺒﻴﺔ" ،ﻓﻘﺩ ﺤﺴﻤﻨﺎ ﻤﻨﺫ
ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ﻤﺸﺎﻜل ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻭﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻭﺘﻔﻭﻗﻨﺎ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﺒﺩﺀ ﻓﻲ ﻤﺎ ﻴﺨﺹ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﻋﻠﻰ
ﺃﻴﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﺃﻭﺭﺒﻴﺔ ﺘﺤﻤل ﺍﺴﻤﺎﹰ ﻤﻥ ﻜﻠﻤﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ!
ﺃﻤﺔ ﺘﺤﺘﻔﻲ ﺒﺨﺴﺎﺭﺍﺘﻬﺎ ،ﻭﺘﺘﻭﺍﺭﺙ ﻤﻨﺫ ﺍﻷﻨﺩﻟﺱ ﻓﻥ ﺘﺠﻤﻴل ﺍﻟﻬﺯﺍﺌﻡ ﻭﺍﻟﺠﺭﺍﺌﻡ ﺒﺎﻟﺘﻌﺎﻴﺵ ﺍﻟﻠﻐﻭﻱ
ﺍﻟﻔﺎﺨﺭ ﻤﻌﻬﺎ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﻐﺘﺎل ﺭﺌﻴﺴﺎﹰ ﻨﺴﻤﻲ ﻤﻁﺎﺭﺍﹰ ﺒﺎﺴﻤﻪ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﻔﻘﺩ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﻨﺴﻤﻤﻲ ﺒﺎﺴﻤﻬﺎ ﺸﺎﺭﻋﺎﹰ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ
ﻨﺨﺴﺭ ﻭﻁﻨﺎﹰ ﻨﻁﻠﻕ ﺍﺴﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﻨﺩﻕ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﺨﻨﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺼﻭﺘﻪ ,ﻭﻨﺴﺭﻕ ﻤﻥ ﺠﻴﺒﻪ ﻗﻭﺘﻪ،
ﻨﺴﻤﻲ ﺒﺎﺴﻤﻪ ﺠﺭﻴﺩﺓ.
ﺍﻨﺸﻐﻠﻨﺎ ﺒﺘﺼﻔﹼﺢ ﺍﻟﺠﺭﺍﺌﺩ .ﻟﻡ ﻨﺘﺒﺎﺩل ﺃﻴﺔ ﻜﻠﻤﺔ .ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻏﺎﻤﻀﺔ ﻜﺒﻴﻭﺕ ﻨﻭﺍﻓﺫﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺩﺍﺨل،
ﻭﻜﺎﻥ ﺠﻤﻴﻼﹰ ﺍﻟﺠﻠﻭﺱ ﺒﻤﺤﺎﺫﺍﺓ ﺃﻨﻭﺜﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺭﺒﻜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﻗﻅ ﺍﻟﺭﻭﺍﺴﺏ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺭﺍﻜﻤﺔ ﻓﻴﻙ،
ﻭﺘﺠﻌﻠﻙ ﺘﻜﺘﺸﻔﻬﺎ ﻤﻥ ﻤﺸﺭﺒﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﻭﺍﻓﺫ.
ﻋﺒﺭﺘﻨﻲ ﻓﻜﺭﺓ ﻤﺠﻨﻭﻨﺔ :ﻤﺎﺫﺍ ﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﺏ ﻴﺠﻠﺱ ﻋﻠﻰ ﻴﺴﺎﺭﻱ ،ﺃﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﺃﻗﺎﻭﻡ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﺇﻏﺭﺍﺀ
ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺼﺎﻤﺘﺔ ،ﻭﻻ ﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﺃﻨﻭﺜﺔ ﺘﺤﻴﻁ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﺒﻠﻐﺯ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺠﺎﺅﻭﺍ ﺒﻭﺠﺒﺔ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ ،ﺒﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺠﻭﺯ ﺤﻤﺎﺴﺔ ﺒﺩﺩﺕ ﻓﺠﺄﺓ ﺨﻭﻓﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﻭﺃﻭﻗﻔﺕ
ﺴﻴل ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻁﺎﺭﺩﻨﻲ ﺒﻬﺎ ،ﻋﻥ ﺍﻫﺘﺯﺍﺯ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ ﻜﻤﺎ ﺘﺒﺩﻯ ﻟﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﻓﺫﺓ .ﺒل ﺇﻨﹼﻬﺎ
ﺍﺴﺘﻔﺎﺩﺕ ﻤﻥ ﻓﻘﺩﺍﻥ ﺸﻬﻴﺘﻲ ﻟﻸﻜل ،ﻻﺴﺘﺌﺫﺍﻨﻲ ﻓﻲ ﺘﻨﺎﻭل ﺒﻌﺽ ﻤﺎ ﻓﻲ ﺼﻴﻨﻴﺘﻲ.
ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺫﻟﻙ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻐﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺴﻨﻁﻴﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﻴﺴﺎﺭﻱ ﺘﺄﻜل ﺒﺩﻭﻥ ﻟﻬﻔﺔ ,ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﺄﻜل
ﺒﺤﻴﺎﺀٍ ﻤﺘﺭﻓﹼﻊ ،ﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻴﺨﺘﺒﺌﻥ ﻋﻥ ﺍﻷﻨﻅﺎﺭ ﻟﻴﺄﻜﻠﻥ ،ﻭﻜﺄﻥ ﻜل ﻤﺘﻌﺔ ﻟﻬﺎ
ﻋﻼﻗﺔ ﺒﺎﻟﺠﺴﺩ ﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﺘﻤﺎﺭﺴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺴﺭﺍﹰ ،ﻭﺃﻥ ﺃﻱ ﺠﻭﻉ ﺠﺴﺩﻱ ﻻ ﻴﻠﻴﻕ ﺒﺎﻤﺭﺃﺓ ﺇﺸﻬﺎﺭﻩ.
ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ ،ﺃُﺨﻔﺘﺕ ﺍﻷﻀﻭﺍﺀ ،ﻭﻗﺎﻤﺕ ﺍﻟﻤﻀﻴﻔﺔ ﺒﺘﻭﺯﻴﻊ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﻟﺤﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻨﻴﻥ ﻭﺍﻷﻁﻔﺎل،
ﻓﻁﻠﺒﺕ ﻟﺤﺎﻓﺎﹰ ﻟﻠﻌﺠﻭﺯ ﻋﺴﻰ ﺍﻟﻨﻭﻡ ﺃﻥ ﻴﺨﺩﺭ ﻋﻀﻠﺔ ﺍﻟﺜﺭﺜﺭﺓ ﺒﻴﻥ ﻓﻜﻴﻬﺎ ،ﻭﺘﻜﻑﹼ ﻤﻊ ﻜلّ ﻤﻁﺏ
ﻫﻭﺍﺌﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺒﺅ ﻟﻨﺎ ﺒﻜﺎﺭﺜﺔ ﺠﻭﻴﺔ.
ﻤﺴﻜﻴﻨﺔ ﻫﻲ ،ﺘﻌﺘﻘﺩ ﺃﻥ ﻻ ﺃﺨﻁﺭ ﻤﻥ ﻁﺎﺌﺭﺓ ﻤﺤﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ.
ﻻ ﺘﺩﺭﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻗﺩ ﻴﺩﺒﺭ ﻟﻙ ﻤﻘﻠﺒﺎﹰ ﺁﺨﺭ ،ﻭﻴﻨﺘﻁﺭﻙ ﺃﺭﻀﺎﹰ ﻋﻨﺩ ﺴﻠﹼﻡ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ ،ﻜﻤﺎ ﺤﺩﺙ ﻤﻊ
ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﺯﻴﺯ ،ﺍﻟﺼﻴﺩﻻﻨﻲ ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﺼﻤﺔ ﺒﺤﺒﻪ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﺒﺨﺩﻤﺎﺘﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﺓ ﻟﻠﻨﺎﺱ .ﻗﺎﺌﺩ
ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﻤﻌﺎﺭﻓﻪ ،ﻓﻘﺎﻡ ﺒﻨﻘﻠﻪ ﻟﻠﺩﺭﺠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﺃﻭﺼﻰ ﺍﻟﻤﻀﻴﻔﺎﺕ ﺒﻪ ﺨﻤﺭﺍﹰ ،ﻓﺭﺤﻥ
ﻴﺴﻘﻴﻨﻪ ﻜﺅﻭﺱ ﺍﻟﻭﻴﺴﻜﻲ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﺓ ﺒﻌﺩ ﺍﻷﺨﺭﻯ ،ﺒﺤﻴﺙ ﻜﺎﻥ ﺒﻌﺩ ﺴﺎﻋﺘﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﻴﺭﺍﻥ ﺒﻴﻥ
ﺒﺎﺭﻴﺱ ﻭﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻏﻴﺭ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻗﻭﻑ ﻋﻠﻰ ﺭﺠﻠﻴﻪ .ﻭﻤﺎ ﻜﺎﺩ ﻴﻀﻊ ﻗﺩﻤﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻭل ﺩﺭﺝ
ﻟﻠﻁﺎﺌﺭﺓ ﺤﺘﻰ ﺘﺩﺤﺭﺝ ﻤﻥ ﺴﻠﹼﻤﻬﺎ ﺍﻟﺤﺩﻴﺩﻱ ﺍﻟﻀﻴﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﻬﺘﺯ ﺘﺤﺕ ﻗﺩﻤﻴﻪ ،ﻭﺍﻨﺘﻬﻰ ﺠﺴﺩﻩ
ﻓﻲ ﺍﻷﺴﻔل ﻟﻴﻤﻭﺕ ﺒﻌﺩ ﻴﻭﻤﻴﻥ ﺇﺜﺭ ﻨﺯﻴﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻤﺎﻍ .ﻓﻠﻜﻭﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺭﻜﺎﺏ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ,
ﻭﺃﻭل ﻤﻥ ﻨﺯل ﺍﻟﺴﻠﻡ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺃﺤﺩ ﻟﻴﺴﺒﻘﻪ ﻭﻴﺤﻭل ﺩﻭﻥ ﺘﺩﺤﺭﺠﻪ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻤﻭﺕ!
ﻓﻬل ﻜﺎﻥ ﻗﺎﺌﺩ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ ﻴﺩﺭﻱ ﺃﻨﻪ ﺒﺘﻐﻴﻴﺭ ﺩﺭﺠﺘﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﻜﺎﻥ ﻴﺘﻤﺎﺩﻯ ﻓﻲ ﺘﺩﻟﻴﻠﻪ
ﺤﺩ ﺇﻴﺼﺎﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﻤﺭﺘﺒﺔ " ﺸﻬﻴﺩ" ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ؟
ﻓﻲ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ ،ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ,ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﺘﺤﺘﺭﻡ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺭﺍﺘﺏ ،ﻭﻻ ﺘﺘﺤﺎﻴل ﻟﺘﻘﻔﺯ ﻤﺭﺘﺒﺔ ،ﻓﺭﺒﻤﺎ
ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﻜﺴﺏ ﻫﻼﻜﻙ .ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﺘﻌﺭﻑ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﺒﺩﺀ ﺃﻴﻥ ﻴﻭﺠﺩ ﻤﻜﺎﻨﻙ ،ﻓﻲ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺃﻡ ﻓﻲ
ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ .ﻓﺄﻱ ﺘﺤﺎﻴل ﻗﺩ ﻴﺤﻴﻠﻙ ﺇﻟﻰ ﺃﺴﻔل ..ﻤﻊ ﺍﻟﺤﻘﺎﺌﺏ!
ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﺃﻥ ﺘﺘﺄﻜﺩ ﺃﻴﻥ ﻴﻭﺠﺩ ﻤﻘﻌﺩﻙ :ﻋﻠﻰ ﻴﻤﻴﻥ ﺃﻡ ﻋﻠﻰ ﺸﻤﺎل ﺍﻟﺤﺏ ،ﻓﺎﻟﻤﺄﺴﺎﺓ ﺘﺒﺩﺃ ﻋﻨﺩﻤﺎ
ﻴﺘﺴﻠﻰ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﺒﻔﻭﻀﻰ ﺘﺭﻗﻴﻡ ﺍﻟﻤﻘﺎﻋﺩ.
ﻜﻨﺕ ﺩﺍﺌﻡ ﺍﻟﺘﻨﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﺍﻟﺠﺎﻟﺴﺔ ﺠﻭﺍﺭﻱ ،ﺇﻟﻰ ﻋﻁﺭﻫﺎ ﺍﻟﺨﻔﻴﻑ ،ﻭﺇﻟﻰ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺭﻏﺒﺎﺕ ﺍﻟﺼﺎﻤﺘﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﻟﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺘﻤﺔ .ﻴﻜﻔﻲ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﻀﻭﺀ ﺍﻟﺨﺎﻓﺕ ،ﻟﺘﺴﺘﻴﻘﻅ ﺍﻟﺤﻭﺍﺱ ﻭﺘﺼﺒﺢ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺃﺠﻤل
ﻤﻤﺎ ﻫﻥ ﻋﻠﻴﻪ.
ﻗﻠﻴل ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺘﻤﺔ ﻴﻭﻗﻅ ﺍﻟﻭﻫﻡ ﺍﻟﺠﻤﻴل ﻓﻴﻨﺎ ,ﺃﻤﺎ ﺤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺘﻌﺘﻴﻡ ،ﻓﺘﺴﺎﻭﻴﻨﺎ ﺒﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺴﻔﻠﻲ.
ﻟﻡ ﺃﺴﺘﻁﻊ ﺃﻥ ﺃﻏﻔﻭ .ﺍﺒﺘﺴﺎﻤﺔ ﺒﻜﻌﺏ ﻋﺎلٍ ،ﺘﺠﺎﻤﻠﻙ ﻤﻥ ﻓﻭﻕ ﺃﻨﻭﺜﺘﻬﺎ ،ﻭﺘﺤﺘﻙ..ﺁﻩ ﺘﺤﺘﻙ ﺜﻤﺔ ﻤﺎ
ﻴﻤﻨﻌﻙ ﻤﻥ ﺍﻻﺒﺘﺴﺎﻡ ،ﺃﻨﺕ ﺍﻟﺠﺎﻟﺱ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﻘﺎﻁﻊ ﺍﻟﻤﺭﺒﻊ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻤﻭﺕ.
ﻓﺠﺄﺓ ﺃﺸﻌﻠﺕ ﺍﻟﻤﻀﻴﻔﺔ ﺍﻷﻀﻭﺍﺀ ,ﻭﺒﺎﺸﺭﺕ ﺒﺘﻭﺯﻴﻊ ﺒﻁﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﻨﺯﻭل ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻤﺭﺕ ﺃﺨﺭﻯ ﻟﺠﻤﻊ
ﺍﻷﻟﺤﻔﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻜﺎﺏ.
ﻻﺤﻅﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺠﻭﺯ ﻟﻡ ﺘﺴﻠﱢﻡ ﻟﺤﺎﻓﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻀﻴﻔﺔ ،ﻟﻤﺤﺘﻬﺎ ﺘﻁﻭﻴﻪ ﻭﺘﺨﻔﻴﻪ ﻓﻲ ﻜﻴﺴﻬﺎ .ﺨﻭﻓﻬﺎ
ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻟﻡ ﻴﻤﻨﻌﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻁﻭ ﻋﻠﻰ ﺘﻔﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.
ﺇﻨﻬﺎ ﻜﺄﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺘﻨﺠﻭ ﻁﺎﺌﺭﺘﻬﻡ ﻤﻥ ﻜﺎﺭﺜﺔ ﺠﻭﻴﺔ ،ﺃﻭ ﻴﻨﺠﻭﻥ ﻤﻥ ﺤﺭﻴﻕ ﺸﺏ ﻓﻲ ﺒﻴﺘﻬﻡ ،ﻭﺒﻌﺩ
ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻨﻭﺍ ﻋﺭﻓﻭﺍ ﻜل ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻟﻭﻴﻼﺕ ،ﻤﺎ ﻴﻜﺎﺩﻭﻥ ﻴﻌﻭﺩﻭﻥ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺤﺘﻰ ﻴﺒﺎﺸﺭﻭﻥ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ
ﺃﻤﺘﻌﺘﻬﻡ ﻭﺍﻟﺘﺤﺴﺭ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻟﺤﻕ ﺒﻬﺎ ﻤﻥ ﺘﻠﻑ.
ﻫﻲ ﺘﺄﺨﺫﻩ ﻻ ﻟﺤﺎﺠﺘﻬﺎ ،ﺒل ﻟﻤﺠﺭﺩ " ﻨﺘﻑ" ﺸﺭﻜﺔ ﺍﻟﻁﻴﺭﺍﻥ .ﻓﺎﻟﺫﻴﻥ ﻴﻨﻬﺒﻭﻥ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻓﻭﻕ
ﺒﺎﻟﻤﻼﻴﻴﻥ ،ﺃﻋﻁﻭﺍ ﻟﻠﺒﺴﻁﺎﺀ ﺤﻕ ﺴﺭﻗﺔ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ ﺃﻭ ﺇﺘﻼﻓﻬﺎ ،ﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻤﻨﻬﻡ ﺒﺎﻟﺘﻨﻜﻴل
ﺒﻭﻁﻥ ﺤﻤﺎﺘﻪ ﻟﺼﻭﺼﻪ.
ﻓﻴﻡ ﻗﺩ ﻴﻨﻔﻌﻬﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻠﺤﺎﻑ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭ؟ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻨﺎﺌﻡ ﺘﺤﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺒﺭﺩﺍﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ ،ﺃﺤﻭﺝ
ﻤﻨﻬﺎ ﺇﻟﻴﻪ.
ﺃﻜﺎﻨﺕ ﺴﺘﻔﻘﺩ ﺸﻬﻴﺘﻬﺎ ﻟﻸﻜل ،ﻟﻭ ﺃﻨﺎ ﺃﺨﺒﺭﺘﻬﺎ ﺒﻭﺠﻭﺩﻩ؟ ﻫل ﻜﺎﻨﺕ ﺴﺘﺘﻔﺭﻍ ﻟﻠﺩﻋﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﻠﻭﺍﺕ
ﻭﺘﻘﻠﻊ ﻋﻥ ﺴﺭﻗﺔ ﺍﻷﻟﺤﻔﺔ ،ﻟﻭ ﺃﻨﻬﺎ ﻋﻠﻤﺕ ﺃﻥ ﻻ ﺸﻲﺀ ﻴﻔﺼﻠﻬﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﻭﺃﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﻴﺔ ﻟﺤﻅﺔ
ﻗﺩ ﺘﻨﺘﻘل ﻟﻺﻗﺎﻤﺔ ﺘﺤﺕ؟
ﻤﻥ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﺎﻟﺴﻴﻥ ﻓﻭﻕ ،ﺃﻥ ﻴﺭﻓﻀﻭﺍ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻓﻲ ﻜل ﻤﻭﻗﻊ ﻴﻤﺭﻭﻥ ﺒﻪ ،ﺜﻤﺔ ﻁﺎﺒﻕ
ﺴﻔﻠﻲ ﻴﺘﺭﺒﺹ ﺒﻬﻡ.
ﺴﺄﻟﺘﻨﻲ ﺍﻟﻌﺠﻭﺯ:
=ﻭﺍﺵ ﺁﻭﻟﻴﺩﻱ ﻭﺼﻠﻨﺎ ﻟﻘﺴﻤﻁﻴﻨﺔ؟
ﺃﺠﺒﺘﻬﺎ:
-ﻤﺎ ﺯﺍل ﺜﻠﺙ ﺴﺎﻋﺔ ﻭﻨﻭﺼﻠﻭ ﺁﻤﺎ.
ﺒﺎﺸﺭﺕ ﺒﻤلﺀ ﺍﺴﺘﻤﺎﺭﺘﻲ ﻭﺍﺴﺘﻤﺎﺭﺘﻬﺎ .ﻫﻭ ﻻ ﺍﺴﺘﻤﺎﺭﺓ ﻟﻪ ،ﺭﺒﻤﺎ ﺃﻥ ﻟﻪ ﺘﺭﻑ ﺍﻟﺴﻔﺭ ﺒﺘﺫﻜﺭﺓ
ﺘﺴﺎﻭﻱ ﺃﻀﻌﺎﻑ ﺜﻤﻥ ﺃﻴﺔ ﺘﺫﻜﺭﺓ ﻟﺭﺍﻜﺏ ﻴﺠﻠﺱ "ﻓﻭﻗﻪ".
ﺤﺘﻤﺎﹰ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﻤﺯﺤﺔ ﻤﺎ .ﺇﻨﻪ ﻴﺴﺎﻭﻱ ﻤﻴﺘﺎﹰ ،ﺃﻀﻌﺎﻑ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺴﺎﻭﻴﻪ ﺤﻴﺎﹰ ،ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﺇﺫﻥ ﻫﻭ ﺒﺎﺭﺩ
ﻭﺤﺯﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺩ؟
ﺃﻟﻡ ﻴﻨﺘﻅﺭ ﻴﻭﻤﺎﹰ ﻤﻁﻴﺭﺍﹰ ﻜﻬﺫﺍ ﻋﻤﺭﺍﹰ ﺒﺄﻜﻤﻠﻪ ﻴﻌﻭﺩ ﻓﻴﻪ ﻤﺤﻤﻭﻻﹰ ﻋﻠﻰ ﺃﻜﺘﺎﻑ ﺍﻟﺴﺤﺏ ﺇﻟﻰ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ؟
ﻫﺎﻫﻭﺫﺍ ﺒﻠﻐﻬﺎ ﺃﺨﻴﺭﺍﹰ.
ﻗﺴﻤﻁﻴﻨﺔ..ﺁ ﺍﻟﻤﻴﻤﺔ ﺠﻴﺘﻙ ﺒﻴﻪ .ﺼﻐﻴﺭﻙ ﺍﻟﻌﺎﺌﺩ ﻤﻥ ﺒﺭﺍﺩ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻲ ,ﻤﺭﺘﻌﺩﺍﹰ ﻜﻌﺼﻔﻭﺭ ﻀﻤﻴﻪ .ﻜﺎﻥ
ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻴﻘﻀﻲ ﻋﻤﺭﺍﹰ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺒﻠﻭﻍ ﺼﺩﺭﻙ .ﻭﻟﻴﺩﻙ ﺍﻟﻤﻐﺒﻭﻥ ,ﻟﻔﺭﻁ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻟﻙ ﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﻫﻭ،
ﻟﻔﺭﻁ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺨﺎﻟﺩ ﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﺯﻴﺎﻥ ،ﻟﻔﺭﻁ ﻤﺎ ﺃﺼﺒﺢ ﺯﻴﺎﻥ ﻤﺎ ﻭﺠﺩ ﻟﻪ ﻤﺴﺘﻘﺭﺍﹰ ﻏﻴﺭ ﻗﺒﺭ ﺃﺨﻴﻪ.
ﻨﺤﻥ ﺃﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺼﺨﺭﺓ ،ﻤﺎ ﻋﺩﻨﺎ ﻨﺩﺭﻱ ﺃﻴﺎ ﻤﻨﺎ ﺼﺨﺭ .ﻤﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﻤﻥ ﺨﻨﺴﺎﺀ ﻟﻨﺴﺘﺩل ﻋﻠﻰ ﻗﺒﺭﻨﺎ
ﺒﺩﻤﻭﻋﻬﺎ .ﻜﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ "ﺼﺨﺭ" .ﻟﻜﻥ ﻤﺎ ﻋﻠﻴﻬﺵ ﻴﺎ ﺍﻤﺎ ..ﺴﻨﻭﺍﺼل ﺘﻭﺴﻴﻊ ﺍﻟﻤﺩﺍﻓﻥ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﺍﻟﻤﻀﻴﻔﺔ ﻟﺘﻘﺒﺽ ﺜﻤﻥ ﻗﺎﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﻁﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ،ﺭﺍﻭﺩﺘﻨﻲ ﻓﻜﺭﺓ ﺃﻥ ﺃﻫﺩﻴﻬﺎ ﺇﻴﺎﻩ،
ﺇﻜﺭﺍﻤﺎﹰ ﻟﺘﻬﻜﻡ ﺭﺍﺌﺤﺘﻪ ،ﻋﻠﻰ ﻴﺘﻡٍ ﻨﻨﻔﻀﺢ ﺒﻪ ﻋﻁﺭﺍﹰ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺒﻪ.
ﻏﻴﺭ ﺃﻨﻨﻲ ﻟﻡ ﺃﻓﻌل ،ﺨﺸﻴﺔ ﺃﻥ ﻻ ﺘﻁﻤﺌﻥ ﻟﻌﺫﺭﻱ ،ﻭﺘﻅﻨﻨﻲ ﺃﺘﺤﺭﺵ ﺒﻬﺎ ﻜﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺒﺎﺌﺴﻴﻥ ﻤﻥ
ﺍﻟﺭﺠﺎل ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻅﻔﺭﻭﻥ ﺒﺄﻨﺜﻰ ﻤﺭﺒﻭﻁﺔ ﺇﻟﻰ ﺠﻭﺍﺭﻫﻡ.
ﺃﻜﻨﺕ ﺒﺫﺭﻴﻌﺔ ﻤﻼﻤﺴﺔ ﺠﺜﻤﺎﻨﻪ ﺒﻌﻁﺭ ..ﻻ ﺃﺴﻌﻰ ﺴﻭﻯ ﻟﻤﻼﻤﺴﺔ ﺼﻤﺘﻬﺎ؟
ﻜﻨﺕ ﺴﻌﻴﺩﺍﹰ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﻘﻠﻴل ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺎﻟﺘﻪ .ﻤﺴﺘﻤﺘﻌﺎﹰ ﺒﺎﻻﺭﺘﺒﺎﻙ ﺍﻟﻠﺫﻴﺫ ﺃﻤﺎﻡ ﺸﻲﺀ ﺸﺒﻴﻪ ﺒﺎﻟﺤﺏ .ﺫﺍﻫﺒﺎﹰ
ﺒﺎﻟﺼﻤﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺼﺎﻩ ،ﻤﻬﻴﺌﺎﹰ ﺒﻴﻨﻨﺎ ﺒﻌﻤﻕ ﺍﻻﻟﺘﺒﺎﺱ ﺤﻔﺭﺓ ﻟﻐﺭﺱ ﺸﺘﻠﺔ ﺍﻟﺸﻬﻭﺍﺕ .ﺘﺄﺨﺫﻨﻲ ﺴﻨﺔ
ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﻨﺴﺞ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﻗﺼﺔ ﻗﺩ ﺘﻜﻭﻥ ﻟﻲ ﻤﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ.
ﻓﻭﻕ ﻫﻭل ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺎﺕ ،ﺃﺼﺎﺒﻨﻲ ﺭﻋﺏ ﺍﻟﺒﺩﺍﻴﺎﺕ ،ﺠﻤﺎل ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻲ ،ﺩﻭﺍﺭﻩ ﻭﺇﻏﺭﺍﺅﻩ .ﺇﻥ
ﺇﺴﺘﻁﻌﺕ ﺘﺄﻤﻴﻥ ﻤﻅﻠﺔٍ ﺘﻘﻴﻨﻲ ﺭﺫﺍﺫ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ،ﻤﻥ ﺃﻴﻥ ﻟﻲ ﺒﻜﻤﺎﻤﺔ ﺘﺼﺩ ﺸﺫﻯ ﻋﻁﺭ ﺍﻟﻐﻭﺍﻴﺔ ﺍﻟﻨﻔﺎﺫ؟
ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﺒﻭﺭ ﺍﻟﺨﺎﻁﻑ ﻟﺭﺍﺌﺤﺘﻪ ،ﻴﺸﻭﺵ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﺸﺘﻬﺎﺌﻲ ﻟﻬﺎ .ﻟﻜﻥ ﻤﺎ ﺍﺴﺘﻁﺎﻉ ﺃﻥ
ﻴﻠﻐﻲ ﺴﻠﻁﺔ ﻋﻁﺭﻫﺎ ﻋﻠﻲ.
ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﺏ ﻴﺘﻘﺩﻡ ﻨﺤﻭﻱ ﻜﻭﻗﻊ ﺤﻭﺍﻓﺭ ﺍﻟﺠﻴﺎﺩ ،ﻴﺴﺒﻘﻪ ﻏﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ،ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ
ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻤﻥ ﺘﻠﻙ .ﺸﻲﺀ ﻤﻨﻬﺎ ﻻﺃﻋﺭﻓﻪ ﺒﻌﺩ ،ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺃﺘﺸﻤﻤﻪ.
ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻭﻡ ﺭﺃﻴﺘﻬﺎ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ ﺫﺍﺕ ﺜﻼﺜﻴﻥ ﺃﻜﺘﻭﺒﺭ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﺓ
ﻭﺍﻟﺭﺒﻊ ،ﺸﻌﺭﺕ ﺒﺼﺎﻋﻘﺔ ﺍﻻﺼﻁﺩﺍﻡ ﺍﻟﻌﺸﻘﻲ ﺒﻴﻥ ﻜﻭﻜﺒﻴﻥ ﺴﻴﺘﺸﻅﹼﻴﺎ ﺍﻨﺨﻁﺎﻓﺎﹰ ﺃﺤﺩﻫﻤﺎ ﺒﺎﻵﺨﺭ.
ﺃﺫﻜﺭ ،ﻤﻥ ﻫﻭل ﺍﻻﻨﺒﻬﺎﺭ ﺒﻔﺎﺠﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻤﻥ ﺠﻤﺎل ﺍﻟﺩﻤﺎﺭ ،ﺃﻨﻲ ﻗﻠﺕ ﻟﻬﺎ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺴﺘﺄﺫﻨﻬﺎ
ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻠﻭﺱ " :ﺴﻴﺩﺘﻲ ..ﺃﺸﻜﺭ ﺍﻟﺩﻭﺭﺓ ﺍﻟﺩﻤﻭﻴﺔ ﻟﻠﻜﺭﺓ ﺍﻷﺭﻀﻴﺔ ،ﻷﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﺠﻌﻠﻨﺎ ﻨﻠﺘﻘﻲ ﻗﺒل
ﺍﻟﻴﻭﻡ".
ﻓﻲ ﻤﺠﺭﺓ ﺍﻟﺤﺏ ،ﻤﻥ ﻴﺩﻴﺭ ﺴﻴﺭ ﺍﻟﻜﻭﺍﻜﺏ؟ ﻤﻥ ﻴﺒﻌﺩﻫﺎ ﻭﻴﻘﺭﺒﻬﺎ؟ ﻤﻥ ﻴﺒﺭﻤﺞ ﺘﻼﻗﻴﻬﺎ ﻭﺘﺼﺎﺩﻤﻬﺎ؟
ﻤﻥ ﻴﻁﻘﺊ ﺇﺤﺩﺍﻫﺎ ﻭﻴﻀﻲﺀ ﺃﺨﺭﻯ ﻓﻲ ﺴﻤﺎﺀ ﺤﻴﺎﺘﻨﺎ؟ ﻭﻫل ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻴﺘﻌﺜﹼﺭ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﺒﺠﺜﻤﺎﻥ ﻟﻴﻘﻊ
ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺏ؟
ﻓﻲ ﺴﻌﻴﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺤﺏ ﺠﺩﻴﺩ ،ﺩﻭﻤﺎﹰ ﻨﺘﻌﺜﺭ ﺒﺠﺜﻤﺎﻥ ﻤﻥ ﺃﺤﺒﺒﻨﺎ ،ﺒﻤﻥ ﻗﺘﻠﻨﺎﻫﻡ ﺤﺘﻰ ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﻤﻭﺍﺼﻠﺔ
ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﻨﺤﻭ ﻏﻴﺭﻫﻡ ،ﻟﻜﺄﻨﻨﺎ ﻨﺤﺘﺎﺝ ﺠﺜﻤﺎﻨﻬﻡ ﺠﺴﺭﺍﹰ .ﻭﻟﺫﺍ ﻓﻲ ﻜلّ ﻋﺜﺭﺍﺘﻨﺎ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ ،ﻨﻘﻊ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻨﻔﺴﻪ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺨﺭﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ ،ﻭﺘﻨﻬﺽ ﺃﺠﺴﺎﺩﻨﺎ ﻤﺜﺨﻨﺔٍ ﺒﺨﺩﻭﺵٍ ﺘﻨﻜﺄُ ﺠﺭﺍﺡ ﺍﺭﺘﻁﺎﻤﻨﺎ
ﺒﺎﻟﺤﺏ ﺍﻷﻭل .ﻓﻼ ﺘﻬﺩﺭ ﻭﻗﺘﻙ ﻓﻲ ﻨﺼﺢ ﺍﻟﻌﺸﺎﻕ ،ﻟﻠﺤﺏ ﺃﺨﻁﺎﺀ ﺃﺒﺩﻴﺔ ﻭﺍﺠﺒﺔ ﺍﻟﺘﻜﺭﺍﺭ!
ﺃﺃﻜﻭﻥ ﻤﺎ ﺸﻔﻴﺕ ﻤﻨﻬﺎ؟ ﻟﻜﺄﻨﻬﺎ ﺍﻤﺭﺃﺓ ﺩﺍﺨﻠﺔ ﻓﻲ ﺨﻴﺎﺸﻴﻡ ﺫﺍﻜﺭﺘﻲ ،ﻤﺨﺘﺭﻗﺔ ﻤﺴﺎﻡ ﻗﺩﺭﻱ .ﺃﺘﻌﺜﹼﺭ
ﺒﻌﻁﺭﻫﺎ ﺃﻴﻨﻤﺎ ﺤﻠﻠﺕ.
ﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ " ﺤﻴﺎﺓ" ..ﺇﻨﻬﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.
ﻜﻡ ﺤﻠﻤﺕ ﺒﻁﺎﺌﺎﺕ ﺘﺄﺨﺫﻨﻲ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﺒﻤﺩﻥ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻨﺯﻭﺭﻫﺎ ﻤﻌﺎﹰ ,ﺒﻐﺭﻑ ﻓﻨﺎﺩﻕ ﻴﻨﻐﻠﻕ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﺎﺏ
ﻋﻠﻴﻨﺎ ،ﺒﺼﺒﺎﺤﺎﺕ ﺁﺨﺫ ﻓﻴﻬﺎ ﺤﻤﺎﻤﻲ ﻓﺘﻨﺎﻭﻟﻨﻲ ﺸﻔﺘﻴﻬﺎ ﻤﻨﺸﻔﺔ ,ﺒﺄﻤﺎﺱٍ ﻨﺘﺤﺩﺙ ﻓﻴﻬﺎ ﻁﻭﻴﻼﹰ ﻋﻥ
ﺍﻟﺤﺏ ﻭﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﻋﻥ ﺍﷲ ،ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭ ،ﻋﻥ ﺍﻷﺤﻼﻡ ﺍﻟﻤﻐﺩﻭﺭ ﺒﻬﺎ ..ﻭﻋﻥ ﺍﻷﻭﻁﺎﻥ ﺍﻟﺨﺎﺩﻋﺔ.
ﺤﻠﻤﺕ ﺒﺭﻗﻤﻬﺎ ﻴﻅﻬﺭ ﻋﻠﻰ ﺸﺎﺸﺔ ﻫﺎﺘﻔﻲ ،ﺒﺼﻭﺘﻬﺎ ﻴﺘﻨﺎﻭل ﻤﻌﻲ ﻗﻬﻭﺘﻲ ،ﻴﺭﺍﻓﻘﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﻤﻜﺘﺒﻲ،
ﻴﺠﺘﺎﺯ ﻤﻌﻲ ﺍﻟﺸﻭﺍﺭﻉ ،ﻴﺭﻜﺏ ﻤﻌﻲ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺍﺕ ،ﻴﻀﻤﻨﻲ ﺤﺯﺍﻡ ﺃﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﻜل ﻤﻘﻌﺩ ،ﻴﻁﺎﺭﺩﻨﻲ
ﺒﺨﻭﻑ ﺍﻷﻤﻬﺎﺕ ،ﻴﻁﻤﺌﻨﻨﻲ ،ﻴﻁﻤﺌﻥ ﻋﻠﻲ ،ﺼﻭﺕ ﻴﺄﺨﺫ ﺒﻴﺩﻱ.
ﻟﻜﻥ ,ﺩﻭﻤﺎﹰ ﻜﺎﻨﺕ ﻟﻲ ﻤﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﻤﺘﻊ ﻤﻬﺩﺩﺓ .ﻟﻴﺱ ﺜﻤﺔ ﻏﻴﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺠﺜﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﻴﻨﻨﺎ .ﺇﺤﺩﺍﻫﺎ
ﺘﺴﺎﻓﺭ ﻤﻌﻲ ،ﺘﺴﺘﺭﻕ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﺇﻟﻲ ،ﻭﺘﻀﺤﻙ ﻤلﺀ ﻤﻭﺘﻬﺎ ﻤﻨﻲ.
ﻓﻲ ﺤﺏ ﻜﺫﺍﻙ ﻻ ﺘﺘﻌﺜﺭ ﺒﺠﺜﺔ .ﺃﻨﺕ ﺘﺘﻌﺜﹼﺭ ﺒﻤﻘﺒﺭﺓ.
ﻜﻨﺕ ﻤﻨﺸﻐﻼﹰ ﺒﺫﻜﺭﺍﻫﺎ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻓﺎﺠﺄﻨﻲ ﺼﻭﺕ ﺍﻟﻤﻀﻴﻔﺔ" ﺍﻟﺭﺠﺎﺀ ﺃﻥ ﺘﻘﻭﻤﻭﺍ ﻅﻬﻭﺭ ﻤﻘﺎﻋﺩﻜﻡ..ﺃﻥ
ﺘﺒﻘﻭﺍ ﺃﺤﺯﻤﺘﻜﻡ ﻤﺭﺒﻭﻁﺔ ..ﻭﺃﻥ ﺘﻜﻔﹼﻭﺍ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺩﺨﻴﻥ".
ﺒﺩﺃﺕ ﺍﻟﻌﺠﻭﺯ ﻋﻠﻰ ﻴﻤﻴﻨﻲ ﺘﻁﺎﻟﺒﻨﻲ ﺒﺎﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺒﻬﺎ .ﺴﺎﻋﺩﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﺒﻁ ﺤﺯﺍﻤﻬﺎ ،ﻭﺃﻨﺯﻟﺕ ﺍﻟﺴﺘﺎﺭﺓ
ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ ﻟﻠﻨﺎﻓﺫﺓ ،ﺤﺘﻰ ﻻ ﺘﺯﺩﺍﺩ ﺭﻋﺒﺎﹰ ﺇﻥ ﻫﻲ ﻨﻅﺭﺕ ﺇﻟﻰ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻤﻥ ﻓﻭﻕ.
-ﻤﺎ ﺘﺸﻭﻓﻴﺵ ﻟﺘﺤﺕ ﻴﺎﻤﺎ.
ﻜﻨﺕ ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺘﻁﻠﻕ ﺴﺒﻴﻠﻲ ﻗﻠﻴﻼﹰ .ﺃﻥ ﺃﻨﻅﺭ ﺃﻨﺎ ﺃﻴﻀﺎﹰ ﺠﻭﺍﺭﻱ ،ﻋﻠﻰ ﻴﺴﺎﺭﻱ ،ﻜﻲ ﺃﻨﺴﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ
ﺍﻟﺴﻔﻠﻲ .ﺃﻥ ﺃﺴﺭﻕ ﺍﻟﻠﺤﻅﺎﺕ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻋﺩ ﺍﻟﺸﺎﻫﻕ ﻓﻲ ﻏﺭﺍﺌﺒﻴﺘﻪ ،ﻷﻗﻭل ﺸﻴﺌﺎﹰ ﻟﻌﻁﺭٍ
ﺠﺎﺀ ﺤﻀﻭﺭﻩ ﻤﺘﺄﺨﺭﺍﹰ ،ﻭﻤﺨﻴﻔﺎﹰ ,ﻜﻠﺤﻅﺔ ﻫﺒﻭﻁ ﻁﺎﺌﺭﺓ.
ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ ﺤﻁﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﺴﺭﻋﺔ ﺍﻻﺭﺘﻁﺎﻤﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﻭﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺯل ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺍﺕ.
ﻜﺎﻥ ﺃﺯﻴﺭ ﻤﺤﺭﻜﺎﺘﻬﺎ ﻴﻌﻠﻭ ﻭﻫﻲ ﺘﺴﺭﻉ ﺒﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺩﺭﺝ ﺍﻟﻤﻁﺎﺭ ،ﻭﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺒﺈﻤﻜﺎﻥ ﺃﺤﺩ ﺘﺒﺎﺩل ﺃﻱ
ﺤﺩﻴﺙ.
ﺫﻫﺏ ﺘﻔﻜﻴﺭﻱ ﻋﻨﺩﻩ ،ﺇﻟﻰ ﻨﻌﺸﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﺘﺞ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﻤﺭﺘﻁﻤﺎﹰ ﺒﺘﺭﺍﺏ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ.
ﻫﻨﺎ ﻨﻔﺘﺭﻕ ﺃﻨﺎ ﻭﻫﻭ .ﻫﻨﺎ ﻴﻨﺘﻬﻲ ﻤﻬﺭﺠﺎﻥ ﺍﻟﺴﻔﺭ .ﻭﻻ ﺃﻤﻠﻙ ﺇﻻﺃﻥ ﺃﺃﺘﻤﻨﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ .ﺇﻨﻪ ﺍﻟﻠﻴل،
ﻭﺍﻟﻭﻗﺕ ﻏﻴﺭ ﻤﻨﺎﺴﺏ ﻟﻠﻺﺭﺘﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺤﻀﻨﻬﺎ.
ﺒﺎﻜﺭﺍﹰ ﺘﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻭﻡ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ،ﻭﻻ ﺃﺤﺩ ﻴﺠﺭﺅ ﻋﻠﻰ ﺇﻴﻘﺎﻅ ﺤﺎﺭﺱ ﺍﻟﻤﻭﺘﻰ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺭﺘﺩﻯ ﻤﻨﺎﻤﺔ
ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺨﻭﻓﺎﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ.
ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﺘﻌﺭﻑ ﺃﻨﻙ ﻤﻨﺫ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﺩﺍﻥ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﻏﻴﺒﺘﻙ ﻋﺸﺸﺕ ﻭﺘﻨﺎﺴﻠﺕ ﻓﻭﻕ
ﺍﻟﺘﺭﺍﺏ ﻭﺘﺤﺘﻪ.
ﺃﻥ ﺘﺘﻔﻬﻡ ﺠﺸﻊ ﺍﻟﺩﻴﺩﺍﻥ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺠﻤﻌﺕ ﺜﺭﻭﺘﺎﻩ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﺌﺩ ﺘﻌﻔﻔﻙ ﻭﺘﺭﻓﻌﻙ ﺤﻴﺎﹰ ﻋﻤﺎ ﻜﺎﻥ
ﻭﻟﻴﻤﺘﻬﺎ .ﻭﺴﺘﺤﺭﺽ ﻋﻠﻴﻙ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺃﺨﺭﻯ ،ﻟﺘﻘﺘﺎﺕ ﺒﻤﺎ ﺒﻘﻲ ﻤﻥ ﺠﺴﺩ ﺴﺒﻕ ﺃﻥ ﺃﻁﻌﻤﺕ ﺒﻌﻀﻪ
ﻟﻠﺜﻭﺭﺓ.
ﻨﻔﺎﺨﺭ ﺒﻤﺂﺜﺭ ﺍﻟﺩﻴﺩﺍﻥ ﻭﺇﻜﺭﺍﻤﺎﹰ ﻟﻨﻬﻤﻬﺎ ﻟﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻬﺩﺍﺀ ،ﻨﻘﺩﻡ ﻟﻬﺎ ﺒﻬﺎﺀ ﺃﺠﺴﺎﺩﻨﺎ ﻗﺭﺍﺒﻴﻥ ﻭﻻﺀ.
ﻓﻌﻤﺭﻙ ﺍﻟﻤﺴﻔﻭﺡ ﺒﻴﻥ ﺜﻭﺭﺘﻙ ﻭﺜﺭﻭﺘﻬﻡ ،ﻤﻨﺫﻭﺭ ﻴﺎ ﺼﺩﻴﻘﻲ ﻜﺠﺴﺩﻙ ﻟﺩﻴﺩﺍﻥ ﺍﻟﻭﻁﻥ ,ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻭﻟﹼﻰ
ﻤﺯﺍﺭﻋﻭ ﺘﺨﺼﻴﺏ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺘﺭﺒﻴﺘﻬﺎ ﻭﺘﻬﻴﺄﺓ ﺍﻟﺘﺭﺒﺔ ﺍﻷﻓﻀل ﻟﻬﺎ ،ﻜﻤﺎ ﺘﺭﺒﻲ ﺒﻼﺩ ﺃﺨﺭﻯ ﻓﻲ
ﺃﺤﻭﺍﻀﻬﺎ ﺍﻟﻠﺅﻟﺅ ﻭﺍﻟﻤﺭﺠﺎﻥ.
ﻤﺴﺘﺴﻠﻡ ﻫﻭ ﻟﻠﻨﻌﺎﺱ ﺍﻷﺨﻴﺭ ،ﻭﻤﻨﻬﻙ ﺍﻷﺤﻼﻡ ﺃﻨﺎ .ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻤﻥ ﻤﻨﺎ ﺍﻷﻋﻅﻡ ﺨﻭﻓﺎﹰ .ﺴﻴﺩﺘﻲ
ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺴﺘﻴﻘﻅ ﺇﻻ ﻟﺠﺩﻭﻟﺔ ﻤﻭﺘﻨﺎ ,ﺘﻌﻔﹼﻔﻲ ﻋﻥ ﺇﻴﺫﺍﺀ ﺤﻠﻤﻪ ،ﺘﻅﺎﻫﺭﻱ ﺒﺎﻹﻜﺘﺭﺍﺙ ﺒﻪ،
ﺃﺤﻀﻨﻴﻪ ﻜﺫﺒﺎﹰ ﻭﻋﻭﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻭﻡ .ﻻ ﺘﺩﻗﻘﻲ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﺍﻗﻪ ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ .ﻻ ﺘﺴﺄﻟﻴﻪ ﻋﻥ ﺇﺴﻤﻪ ،ﺤﻴﺜﻤﺎ ﺤلّ
ﻜﺎﻥ ﺍﺴﻤﻪ ﺍﻟﻘﺴﻨﻁﻴﻨﻲ ،ﻭﺍﻵﻥ ﻭﻗﺩ ﺤلّ ﻓﻴﻙ ﺍﻤﻨﺤﻲ ﺇﺴﻤﻪ ﻟﺼﺨﺭﺓ ﺃﻭ ﺸﺠﺭﺓ ﻋﻨﺩ ﺃﻗﺩﺍﻡ ﺠﺴﺭ،
ﻤﺎ ﺩﺍﻤﺕ ﻜل ﺍﻟﺸﻭﺍﺭﻉ ﻭﺍﻷﺯﻗﺔ ﻤﺤﺠﻭﺯﺓ ﺃﺴﻤﺎﺅﻫﺎ ﻟﻘﺩﺍﻤﻰ ﺍﻟﺸﻬﺩﺍﺀ ﻭﺍﻟﺨﺴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﺎﺩﻤﺔ.
ﻜﺎﻥ ﺃﺯﻴﺭ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ ﻴﻐﻁﹼﻲ ﻋﻠﻰ ﺼﺨﺏ ﺼﻤﺕ ﺘﻘﺎﺴﻤﺘﻪ ﻁﻭﺍل ﺍﻟﺭﺤﻠﺔ ﻤﻌﻪ.
ﻤﺎﺫﺍ ﺃﺴﺘﻁﻴﻊ ﻀﺩ ﻗﺩﺭ ﺤﺠﺯ ﻟﻲ ﻓﻲ ﺴﻔﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻤﻘﻌﺩﺍﹰ ﻓﻭﻕ ﺭﺍﺌﺤﺔ ..ﻭﺠﻭﺍﺭ ﻋﻁﺭ،
ﻴﺴﺘﻘﻼﻥ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ.
ﻭﺤﺩﻫﺎ ﺍﻟﻌﺠﻭﺯ ﺍﻟﻤﺘﺸﺒﺜﺔ ﺒﺫﺭﺍﻋﻲ ﺘﺸﺒﺜﻬﺎ ﺒﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺼﻠﻨﻲ ﺩﻋﻭﺍﺘﻬﺎ ﻭﺍﺒﺘﻬﺎﻻﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺫﻋﻭﺭﺓ.
ﻜﺎﻥ ﺼﻭﺕ ﺍﻟﻤﻀﻴﻔﺔ ﻴﻌﻠﻥ ":ﺍﻟﺤﺭﺍﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﺴﺕ ﺩﺭﺠﺎﺕ .ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻵﻥ ﺘﺸﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺎﺩﻴﺔ
ﻋﺸﺭﺓ ﻭﺍﻟﻨﺼﻑ ﻟﻴﻼﹰ .ﺍﻟﺭﺠﺎﺀ ﺇﺒﻘﺎﺀ ﺃﺤﺯﻤﺘﻜﻡ ﻤﺭﺒﻭﻁﺔ .ﻟﻘﺩ ﺤﻁﹼﺕ ﺒﻨﺎ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺓ ﻓﻲ ﻤﻁﺎﺭ ﻤﺤﻤﺩ
ﺒﻭﻀﻴﺎﻑ ..ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ".
www.s0s0.com/Books