Professional Documents
Culture Documents
لبد قبل البحث في موضوع القانون الداري أن نتبين بعض المسائل التي تلقي الضوء على هذا القانون من
حيث طبيعته ,فنبين التعريف بالقانون الداري ونشأته في دولته الم فرنسا ثم في مصر التي كان لها دور
الريادة فــي العالم العربــي وبعــد ذلك فــي العراق ,ثــم نذكــر خصــائص ومصــادر هذا القانون.
ول عل من أ هم ما سنبحثه في هذا الباب أ ساس القانون الداري ونطاق ت طبيقه ومعيار اخت صاص القضاء
الداري ,و من خلل هذا الموضوع نبين المعيار الذي ن ستطيع أن نقرر ف يه أن نشاط الدارة يد خل ض من
ــــــــــــــه القضاء الداري أم ل . ــــــــــــــص بـ نطاق هذا القانون ويختـ
وعلى ذلك ســـــــــــنقسم هذا الباب إلى فصـــــــــــول خمـــــــــــس :
ـــــــــــــــــف بالقانون الداري . الفصـــــــــــــــــل الول :التعريـ
الفصــــــــــــــــــل الثانــــــــــــــــــي :نشأة القانون الداري .
الفصــــــــــل الثالث :خصــــــــــائص ومصــــــــــادر القانون الداري .
الفصــــــــــــل الرابــــــــــــع :أســــــــــــاس القانون الداري .
الفصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل الول
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــف بالقانون الداري
التعريـ
درج أغلب الفقهاء على تعريــف القانون الداري بأنــه ذلك الفرع مــن فروع القانون العام الداخلي الذي
يتض من القوا عد القانون ية ال تي تح كم ال سلطات الدار ية في الدولة من ح يث تكوين ها ونشاط ها بو صفها
ســــلطات عامــــة تملك حقوقا وامتيازات اســــتثنائية فــــي علقاتهــــا بالفراد) (.
بينمـا عرفـه آخرون بأنـه فرع مـن فروع القانون العام الذي يحكـم الدارة ,أو قانون الدارة العامـة
Administration Publiqueأو قانون الســلطة الداريــة ) ( . Pouvoir Administratif
في حين عرفه البعض بأنه القانون الذي يتضمن القواعد التي تحكم إدارة الدولة من حيث تكوينها ونشاطها
باعتبارهــــــــــــــا ســــــــــــــلطة عامــــــــــــــة ) ( .
ون جد ه نا أ نه من المنا سب أن نبين أن القانون يق سم إلى ق سمين رئي سيين ,قانون عام وقانون خاص ,
القانون العام هو القانون الذي ين ظم نشاط الدولة و سلطاتها العا مة ,ويح كم العلقات القانون ية ال تي تكون
الدولة أو إحدى هيئاتهـا العامـة طرفا فيهـا ,وتظهـر فيهـا الدولة بوصـفها سـلطة عامـة تتمتـع بحقوق
ـــــــي علقات الفراد . ـــــــا فـ ـــــــل لهـ ـــــــتثنائية ل مقابـ وامتيازات اسـ
أما القانون الخاص فينظم نشاط الفراد ويحكم العلقات بينهم أو بينهم وبين الدولة أو إحدى هيئاتها عندما
تظهـر بمظهـر الفراد العادييـن أي ليـس بوصـفها سـلطة عامـة تتمتـع بحقوق وامتيازات اسـتثنائية .
ويشتمـل كـل قسـم مـن هذيـن القسـمين على عدة فروع فيشتمـل القانون العام على القانون العام الخارجـي
ويتضمــن القانون الدولي العام ,والقانون العام الداخلي ويتضمــن القانون الدســتوري والقانون الداري
والقانون المالي .
في حين ينقسم القانون الخاص إلى القانون المدني والقانون التجاري وقانون المرافعات المدينة وغيرها من
القوانيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن الخرى .
وكمـا بينـا فأن القانون الداري هـو فرع مـن فروع القانون العام الداخلي يحكـم نشاط الدارة العامـة وهـو
موجود فـــــــي كـــــــل دولة أيا كان مســـــــتواها وتطورهـــــــا الحضاري .
وفـي هذا المجال يسـود مفهومان للدارة العامـة المفهوم العضوي أو الشكلي ,والمفهوم الموضوعـي أو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي . الوظيفـ
المفهوم العضوي :يهتـم بالتكويـن الداخلي للدارة العامـة ,فيعرف الدارة العامـة بأنهـا السـلطة الداريـة
ـــا . ـــة لهـ ـــع الهيئات التابعـ ـــة ,وجميـ ـــا أو اللمركزيـ ـــة منهـ ـــواء المركزيـ سـ
بينمـا يهتـم المفهوم الموضوعـي بالجانـب الوظيفـي ,فيعرف الدارة العامـة بأنهـا النشاط أو الوظيفـة التـي
تتولهـــــــــــا الجهزة الداريـــــــــــة لشباع الحاجات العامـــــــــــة.
وتبعا لذلك فإن القانون الداري بمعناه العضوي هو القانون الذي يحكم السلطة الدارية أو الجهزة الدارية
في الدولة ,بين ما يمكن نا أن نعرف القانون الداري بمعناه الموضو عي بأ نه القانون الذي يح كم النشاط أو
الوظيفــــة التــــي تتولهــــا الجهزة الداريــــة لتحقيــــق المصــــلحة العامــــة .
وقد اختلف الفقه في ترجيح أحد المفهومين إل أن التجاه الحديث يقوم على الجمع بينهما ويعرف القانون
الداري بأ نه " :القانون الذي ين ظم الجهزة والهيئات الدار ية في الدولة ,ويح كم النشاط أو الوظي فة ال تي
تتولهــــــا الجهزة الداريــــــة لتحقيــــــق المصــــــلحة العامــــــة " .
الفصـــــــــــــــــــــــــل الثانـــــــــــــــــــــــــي
نشأة القانون الداري وتطوره
تعد فرنسا مهد القانون الداري ومنها انتشر إلى الدول الخرى ,ويرجع الفضل في ظهور هذا القانون إلى
عوا مل تاريخ ية تأ تي في مقدمتها الفكار ال تي جاءت بها الثورة الفرن سية عام 1789م ,ال تي قا مت على
أساس الفصل بين السلطات ،ومن مقتضياته منع المحاكم القضائية القائمة في ذلك الوقت من الفصل في
المنازعات الداريـــــة للحفاظ على اســـــتقلل الدارة تجاه الســـــلطة القضائيـــــة .
وأدى هذا التجاه إلى وجود نظام القضاء المزدوج الذي كان مهدا لنشـؤ الزدواج القانونـي وظهور القانون
الداري .
كا نت سلطات الح كم ق بل الثورة الفرن سية مركزة في يد الملك ح يث ساد نظام الملك ية المطل قة ,ولم ت كن
الدولة تخضـع للمسـاءلة أو الرقابـة أمام القضاء بواسـطة دعاوى الفراد ,وهـي إن تعاملت مـع الفراد
خضعــــــــــــت معاملتهــــــــــــا للقانون المدنــــــــــــي ) ( .
و في هذه الفترة كا نت تو جد محا كم قضائ ية تد عى البرلمانات Parlementsأنشئت لتكون ممثلة للملك في
وظائفه القضائية ,وكانت الدعاوى تستأنف أمامها ما لم سند الملك ذلك الختصاص إلى جهة أخرى ,كما
وجدت محاكـــــــم مختصـــــــة ببعـــــــض المنازعات الداريـــــــة ) ( .
و قد كا نت البرلمانات تمارس سيطرة رجع ية على الدارة وتتد خل في شؤون ها وتعارض وتعر قل كل حر كة
إصلحية ( ) مما حدى برجال الثورة الفرنسية إلى منع المحاكم القضائية القائمة في ذلك الوقت من الفصل
في المنازعات الدار ية للحفاظ على ا ستقلل الدارة تجاه ال سلطة القضائ ية ,من خلل تبني هم لمبدأ الف صل
ــــــــــــــــــــــــلطات . ــــــــــــــــــــــــن السـ بيـ
المبحـــــــــــــــــــــــــث الثانـــــــــــــــــــــــــي
نشوء القانون الداري فــــــــــــــــــــي مصــــــــــــــــــــر
قبل نشوء مجلس الدولة في مصر عام 1946لم تعرف مصر القضاء الداري ,وقد كانت المحاكم المختلطة
والهل ية ال سائدة ق بل هذا التار يخ في النظام القضائي الم صري تط بق ب عض القوان ين على المنازعات ب ين
ــــا القانون الداري . ــــن بينهـ ــــن مـ ــــن الدارة ,ولم يكـ ــــم وبيـ الفراد أو بينهـ
وقد ذهب جانب من الفقه الداري المصري إلى أن أساس القانون الداري ومبادئه قد بدأت تظهر من خلل
أحكام المحاكـم المختلطـة والمحاكـم الهليـة ,بينمـا خالف جانـب آخـر منهـم ,وذهـب إلى أن مبادئ القانون
الداري لم تنشـــأ حقيقـــة إل مـــن خلل أحكام مجلس الدولة بعـــد أن إنشاؤه عام ) ( . 1946
وكان مجلس الدولة وقـت إنشاؤه يتمتـع بصـلحيات محددة وبمحكمـة قضاء إداري واحدة ,ثـم مـا لبـث أن
توسعت اختصاصاته إذ صدر القانون رقم 9لسنة 1949الذي وسع اختصاصاته ثم أنشأت المحاكم الدارية
بالقانون رقم 147لسنة , 1954وبعد ذلك في عام 1955تم إنشاء المحكمة الدارية العليا لتكون في قمة
القســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم القضائي بمجلس الدولة .
ثـم صـدر القانون رقـم 55لسـنة 1959بشأن تنظيـم مجلس الدولة ,وقـد مـر مجلس الدولة بتطورات عدة
ـــــه . ـــــنة 1972وتعديلتـ ـــــم 47لسـ ـــــدر القانون الحالي رقـ ـــــى صـ حتـ
ووفقا لهذا القانون يعد مجلس الدولة هيئة قضائية ملحقة بوزير العدل ,ويتكون من رئيس وعدد من نواب
الرئيــس والمســتشارين المســاعدين والنواب والمندوبيــن ومــن مندوبيــن مســاعدين .
هذا ولم تؤ ثر تبع ية المجلس لوز ير العدل في ا ستقلله في ممار سة وظيف ته إذ ل تتعدى هذه التبع ية م نح
الوزير الشراف الداري وضمان حسن سير العمل الوظيفي ,وهو ما أكدته المادة الولى من القانون رقم
47لســـــــــنة " 1972مجلس الدولة هيئة قضائيـــــــــة مســـــــــتقلة " .
ولم يولد المجلس قويا منذ نشأته فقد كان القضاء الداري صاحب الولية العامة في نظر المنازعات الدارية
وكانـت اختصـاصات مجلس الدولة محددة على سـبيل الحصـر فـي القوانيـن التـي سـبقت القانون الحالي .
ففـي ظـل القانون رقـم 112لسـنة 1946والمعدل بالقانون رقـم 9لسـنة 1949كان القضاء العادي ينفرد
بنظر دعاوى مسؤولية الدارة عن أعمالها المادية ويختص بالشتراك مع المجلس في نظر طلبات التعويض
عن القرارات الدارية ،ويترتب على رفع دعوى التعويض أمام المحاكم العادية وإذا ما رفعت دعوى اللغاء
أو التعويض إلى مجلس الدولة عدم جواز رفع دعوى التعويض أمام المحاكم العادية فإنه يمتنع رفعها أمام
مجلس الدولة .
كما كانت المحاكم العادية تنفرد بنظر المنازعات الخاصة بالعقود الدارية حتى صدور القانون رقم 9لسنة
1949الذي م نح المجلس الن ظر في منازعات عقود اللتزام والشغال العا مة وعقود التور يد بالشتراك مع
المحاكــــــــــــــــــــــــم العاديــــــــــــــــــــــــة .
وفي ظل القانونين 165لسنة 1955و 55لسنة 1959استمرت المحاكم العادية تنفرد بالنظر في دعوى
م سؤولية الدارة عن أعمال ها الماد ية في الو قت الذي ا ستقل به مجلس الدولة بن ظر المنازعات المتعل قة
بالتعويــــــــض عــــــــن القرارات الداريــــــــة والعقود الداريــــــــة .
وبصدور القانون 47لسنة 1972أصبح مجلس الدولة صاحب الولية العامة بالنظر في المنازعات الدارية
ما لم ي نص القانون على خلف ذلك ،ف قد ورد في المادة 172من القانون ر قم 47ل سنة " 1972مجلس
الدولة هيئة قضائيـة مسـتقلة ،ويختـص بالفصـل فـي المنازعات الداريـة ،وفـي الدعاوى لتأديبيـة ويحدد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاصاته الخرى " . اختصـ
وبذلك أصبح مجلس الدولة قاضي القانون العام المختص بالفصل في المنازعات الدارية والتأديبية وساهم
بإر ساء مبادئ القانون الداري ,وكان له دور رائد في حما ية حقوق الفراد وحريات هم من ع سف الدارة
وإلغاء قراراتهـــــــــا المعيبـــــــــة والتعويـــــــــض عنهـــــــــا .
الفصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل الثالث
ـــــــــــــــــــادر القانون الداري
ـــــــــــــــــــائص ومصـ
خصـ
نبين في هذا الجزء من الدرا سة الخ صائص ال تي يتم يز ب ها القانون الداري والم صادر ال تي ي ستمد من ها
ــــــــــــــن . ــــــــــــــي مبحثيـ ــــــــــــــه وذلك فـ أحكامـ
المبحـــــــــــــــــــــــــث الثانـــــــــــــــــــــــــي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادر القانون الداري مصـ
تشتمل مصادر القانون الداري على مصادر القانون بصورة عامة ،وهي عادة أربعة مصادر " التشريع –
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه " . العرف – القضاء – الفقـ
وإذا كان التشريـع والعرف يعدان المصـدران الرسـميان للقوانيـن الخرى ،بينمـا يمثـل القضاء والفقـه
المصـدران التفسـيريان للقواعـد القانونيـة ،فإن القانون الداري يمنـح القضاء دورا هاما ,بـل يعده أهـم
مصادر القانون الداري على الطلق ،ويكون مع التشريع والعرف مصدرا رسميا للقانون الداري ,بينما
ــــــــــيرا له . ــــــــــدرا تفسـ ــــــــــه مصـ ــــــــــى الفقـ يبقـ
وفيمــــــا يلي نعرض لهذه المصــــــادر وبشيــــــء مــــــن التفصــــــيل .
أولً :التشريــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع .
يقصد بالتشريع كمصدر للقانون الداري مجموعة القواعد القانونية المكتوبة الصادرة من السلطة المختصة
في الدولة ،وقد تكون هذه السلطة سلطة تأسيسة فيكون التشريع دستوريا ،أما إذا كانت السلطة تشريعية
فيكون التشريع عاديا ويطلق عليه اصطلح القانون ،وأخيرا إذا كانت هذه السلطة تنفيذية فإننا نكون أمام
ما يمكن تسميته بالتشريعات الفرعية أو اللوائح ،ويتميز التشريع عن غير من المصادر الخرى بوضوحه
وتحديده وســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهولة تعديله .
.1التشريــــــــــــــــــــــع الدســــــــــــــــــــــتوري -:
تعـد التشريعات الدسـتورية المصـدر السـاسي والرسـمي للقانون الداري ،وتقـع التشريعات الدسـتورية
الدستورية في قمة الهرم القانوني ،وتسمو على القواعد القانوينة الخرى جميعا ،فهي تحدد شكل الدولة
ونظام الحكـم فيهـا وعلقتهـا بالمواطنيـن ،وتتضمـن التشريعات الدسـتورية بعـض الموضوعات المتعلقـة
بالقانون الداري ،كتنظيـــم الجهاز الداري فـــي الدولة ونشاطـــه وحقوق الفراد وحرياتهـــم .
ويتوجب على الدارة بوصفها جهاز السلطة التنفيذية أن تلتزم بالمبادئ التي جاء بها الدستور ول يحق لها
مخالفتها وإل عدت أعمالها مخالفة لمبدأ المشروعية مما يعرضها لللغاء والتعويض عما تسببه من أضرار
.
والقوا عد الد ستورية يق صد بها مجمو عة القوا عد المكتو بة في وثي قة أو عدة وثائق د ستورية فح سب ف من
الممكن أن تكون تلك القواعد غير مكتوبة في ظل دستور عرفي يتمتع بسمو القواعد الدستورية المكتوبة
ذاتهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا .
كذلك تتمتع إعلنات الحقوق ما تضمنته هذه العلنات في حقوق وحريات الفراد بقوة النصوص الدستورية
فل يجوز مخالفتهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا .
فيصبح القضاء مصدر رسمي للقانون الداري بل من أهم مصادرها الرسمية ،ويتعدى دوره التشريع في
كثير من الحيان .
وتتميز أحكام القضاء الداري بعدم خضوعها للقانون المدني ،فالقاضي الداري إذا لم يجد في المبادئ
القانونية القائمة نصا ينطبق على النزاع المعروض عليه يتولى بنفسه إنشاء القواعد اللزمة لذلك دون أن
يكون مقيدا بقواعد القانون المدني .
ومن جانب آخر أن أحكام القضاء العادي ذات حجية نسبية تقتصر على أطراف النزاع وموضوعه ولهذا
تحدد قيمتها بوصفها مصدرا تفسيرا على النقيض من أحكام القضاء الداري التي تتميز بكونها حجة على
الكافة .
وفي ذلك يتبين أن للقضاء دورا إنشائيا كبيرا في مجال القانون الداري ومن ثم فهو يشكل مصدرا رئيسيا
من مصادر المشروعية .
رابعا :المبادئ العامة للقانون .
تعد المبادئ العامة للقانون مصدرا مهما من مصادر القانون الداري ويقصد بالمبادئ العامة للقانون تلك
المبادئ التي ل تستند إلى نص مكتوب ،وإنما يكون مصدرها القضاء وهي تختلف عن المبادئ القانونية
التي يكون مصدرها التشريع ) ( .
وقد لجأ القضاء الداري إلى المبادئ العامة للقانون للفصل في العديد من المنازعات الدارية لعدم تقنين
قواعد القانون الداري .
وتستمد أغلب هذه المبادئ من الطبيعة المتميزة للحياة الدارية ,كمبدأ دوام استمرار سير المرافق العامة
بانتظام واطراد ،والمساواة بين المنتفعين بخدمات المرافق العامة ،ونظرية الظروف الستثنائية ,أو
تستمد في فكرة العدل والمنطق والتي بمقتضاها مارس القضاء الداري رقابته على الوجود المادي للوقائع
وصحة التكييف القانوني لها وضرورة التناسب بين جسامة الذنب الداري والعقوبة المقررة لها ) ( .
والقضاء الداري بهذا المعنى ل يخلق المبادئ العامة للقانون إنما يقتصر دوره على كشفها والتحقيق من
وجودها في الضمير القانوني للمة ،ولذلك فمن الواجب على الدارة والقضاء احترامها والتقيد بها
باعتبارها قواعد ملزمة شأنها في ذلك شأن القواعد المكتوبة .
الفصل الرابع
أساس القانون الداري
سعى الفقه والقضاء نحو إيجاد أساس أو فكرة عامة تصلح أن تكون دعامة تقوم عليها مبادئ ونظريات
القانون الداري وتحديد المعيار المميز لموضوعاته عن موضوعات القوانين الخرى .
وإذا كان القانون الداري في معناه التقليدي قد نشأ في ظل النظام القضائي المزدوج فإن البحث عن أساس
القانون الداري يساهم بالضافة إلى بيان الساس النظري والفني لحكام ومبادئ القانون الداري ,إلى
وضع السس الكفيلة بتعيين الختصاص بين القضاء الداري والقضاء المدني خاصة وقد فشل المشرع في
تحديد معاني أو موضوع المنازعة الدارية وإعداد قائمة باختصاص القضاء الداري ,لعدم تمكنه من التنبؤ
مسبقا بمختلف المنازعات ذات الطبيعة الدارية ،كما أن القضاء الداري لم يعد جهة قضاء استثنائي كما
نشاء ابتداءً إنما أصبح نظام قضائي موزاي لنظام القضاء المدني وله أهميته وأصالته .
وعلى ذلك كان لبد من وضع معيار ثابت ومستقر لتحديد أساس القانون الداري ،وظهر في هذا المجال
عدة نظريات أو معايير رغم تعددها لم تعش طويلً إنما راح بعضها يغلب على بعض تباعا واندماج بعضها
بالبعض الخر لسد ما انكشف فيها من نقص أو قصور .
وسنعرض فيما يلي لهم هذه المعايير …
المبحث الول
معيار أعمال السلطة وأعمال الدارة
يقوم هذا المعيار على أساس تقسيم أعمال الدارة إلى صنفين أعمال سلطة Acte d’autoriteوهي
العمال التي تظهر فيها الدارة بمظهر السلطة العامة وتتمتع بحق المر والنهي وهذا النوع من العمال
تحكمه قواعد القانون الداري ويخضع لختصاص القضاء الداري .
وأعمال الدارة العادية Actte de gestionوهي العمال التي تباشرها الدارة بذات الساليب التي يلجأ
إليها الفراد وفي نفس ظروفهم ,وتحكمها قواعد القانون الخاص ويختص بها القضاء العادي لنها ل
تتصف بطابع السلطة .
وقد سادت هذه النظرية حتى نهاية القرن التاسع عشر وكان من أنصارها الفقيه لفيرير Laferrlere
وبارتلمي ، ) ( Berthelemyواعتمد القضاء الفرنسي عليها فترة من الزمن أساسا وحيدا للقانون
الداري .
إل أن القضاء الداري لم يلبث أن هجر هذا المعيار بفعل النتقادات الموجه إليه ،وكان النقد الساسي
يتمثل في أنه ضيق إلى حد كبير من نطاق القانون الداري ومن اختصاصات القضاء الداري ،فطبقا لهذه
النظرية تقتصر أعمال السلطة على القرارات الدارية والوامر التي تصدرها سلطات الضبط الداري لحفظ
النظام العام ،وتستبعد من نطاق تطبيقها جميع العمال الخرى من قبيل العقود الدارية وأعمال الدارة
المادية .
كما أن هذا المعيار وبالرغم من بساطته ووضوحه صعب التطبيق في الواقع أو ليس من السهل التمييز بين
أعمال السلطة وتصرفات الدارة العادية نظرا لطبيعته وتداخل النشاط الداري .
المبحث الثاني
معيار المرفق العام
ظهر هذا المعيار وتبلور ابتداءً من الربع الخير من القرن التاسع عشر ،وأصبح الفكرة الساسية التي
اعتمدت عليها أحكام مجلس الدولة الفرنسي ومحكمة التنازع كأساس للقانون الداري ومعيار لختصاص
القضاء الداري ،وكان حكم روتشليد Rotchildالصادر عام 1855وديكستر Dekesterالصادر عام
1861من الحكام الولى في تقرير هذه الفكرة.
إل أن حكم بلنكو Blancoالصادر عام 1873يمثل في نظر الفقه والقضاء حجر الزاوية في نظرية
المرفق العام Theorie de Service Publicوتتخلص وقائع هذا الحكم في انه صدمت عربة صغيرة
تتبع مصنع تبغ بوردو طفلة فأوقعتها وجرحتها ,فرفع والد الطفلة النزاع إلى القضاء العادي طالبا
التعويض من الدولة باعتبارها مسؤولة مدنيا عن الخطاء الذي ارتكبه عمال المصنع التابع لها ,إل أن
محكمة التنازع قررت أن الجهة المختصة بالنظر في النزاع هي القضاء الداري وليس القضاء العادي ,
وقضى بأنه " ل تختص المحاكم العادية أطلقا بنظر الدعاوى المقامة ضد الدارة بسبب المرافق العامة أيا
كان موضوعها ,حتى لو كانت تستهدف قيام القضاء العادي بمجرد الحكم عليها بمبالغ مالية تعويضا عن
الضرار الناشئة عن عملياتها دون إلغاء أو تعديل أو تفسير قرارات الدارة " .
ومن جانب آخر قرر هذا الحكم قواعد جديدة تحكم المسؤولية عن الضرار التي تسببها المرافق العامة
فورد " ومن حيث أن مسؤولية الدولة عن الضرار التي تسببها للفراد بفعل الشخاص الذين تستخدمهم في
المرفق العام ل يمكن أن تحكمها المبادئ التي يقررها التقنين المدني لتنظيم الروابط بين الفراد بعضهم
وبعض ،وأن هذه المسؤولية ليست عامة ول مطلقة ،بل لها قواعدها الخاصة التي تتغير تبعا لحاجات
المرفق ,ولضرورة التوفيق بين حقوق الدولة والحقوق الخاصة " ) ( .
وتطبيقا لهذه النظرية فإن أساس القانون الداري واختصاص القضاء الداري ،إنما يتعلق بكل نشاط تديره
الدولة أو تهيمن على إدارته ويستهدف تحقيق المصلحة العامة .
والمرفق العام بهذا المعنى هو النشاط الذي تتوله الدولة أو الشخاص العامة الخرى مباشرة أو تعهد به
إلى جهة أخرى تحت إشرافها ومراقبتها وتوجيهها وذلك لشباع حاجات ذات نفع عام تحقيقا للصالح العام .
()
وقد عزز هذا التجاه أن وضع العميد (ديجي) Duguitلسس نظريته عن المرافق العامة التي كان لها
شأن كبير بين نظريات القانون الداري حتى باتت تقوم على اعتبار المرفق العام ومقتضيات سيره المبرر
الوحيد لوجود نظام قانوني خارج عن المألوف في قواعد القانون الخاص .
وقد تجاوزت هذه النظرية النتقادات التي وجهت لمعيار التفرقة بين أعمال السلطة وأعمال الدارة العادية ،
فشملت جميع نشاطات الدارة المتصلة مباشرة بالمرافق العامة التي يحكمها القانون الداري .
ويختص القضاء الداري في نظر المنازعات الناشئة عنها من قبيل القارات والعقود الدارية والعمال
المادية سواء أصدرت عن الدولة أو الشخاص العامة الخرى التابعة لها ,ما دامت تستهدف من هذه
العمال إشباع حاجات ذات نفع عام تحقيقا للصالح العام .
مع ضرورة الشارة إلى استثنائين محدودين في هذا المجال يتعلق الول بإدارة الدولة أو الشخاص التابعة
لها لموالها الخاصة فل تكون في نكون في هذه الحالة أمام مرفق عام ,أما الستثناء الخر فيتعلق بعدول
الدارة عن استعمال وسائل القانون العام واستعمالها قواعد القانون الخاص في إدارة نشاط من نشاطاتها
وفي هاتين الحالتين تطبق قواعد القانون الخاص ,ويختص القضاء العادي بنظر المنازعات الناشئة عنها .
وقد أيد جانب كبير من فقهاء القانون الداري هذه النظرية كأساس للقانون الداري الذي أصبح يسمى "
قانون المرافق العامة " وأطلق على أنصارها " مدرسة المرافق العامة " .
ومن أبرز فقهاء هذه المدرسة تيسيه , Teissierديجي , Duguitوبونار Bonnardوجيز . Jeze
المبحث الثالث
معيار السلطة العامة وأمتياراتها
إزاء النتقادات الموجة إلى معيار المرفق العام ,طرح جانب من الفقه معيارا آخر بديل عنه هو معيار
السلطة العامة ,ومقتضاه أن فكرة السلطة ,هي القدر في تحديد نطاق تطبيق القانون الداري ونطاق
اختصاص القضاء الداري ،ذلك أن العنصر المهم في نظام القانون الداري المميز له عن القانون الخاص
ل يتعلق بالهداف أو الغايات التي تسعى الدارة إلى تحقيقها المتمثلة بالمنفعة العامة كما ذهبت نظرية أو
معيار المرفق العام ،وإنما يقوم على أساس الوسائل التي تستعملها الدارة في سبيل تحقيق تلك الهداف،
فإذا كانت هذه الوسائل تتميز بسلطات وامتيازات استثنائية ل نظير لها في علقات الفراد ،كنا أمام نشاط
يحكمه القانون الداري ويختص بالمنازعات الناشئة عنه القضاء الداري ) (.
وقد أسس هذا المعيار العميد موريس هوريو Hauriouالذي أنشاء مدرسة مناهضة لمدرسة المرفق العام
أطلق عليها " مدرسة السلطة العامة " ،ومبادئ هذه النظرية متميزة عن نظرية السلطة العامة التقليدية
والتي تفرق بين أعمال السلطة وأعمال الدارة العادية .
فنظرية السلطة العامة كما ذهب هوريو ل تتعلق بالوامر والنواهي إنما تشمل كل نشاط إداري تمارسه
الدارة مع استعمالها لوسائل القانون العام غير المألوفة في القانون الخاص .
ومن الجدير بالذكر أن " هوريو " لم ينكر فكرة المرفق العام ،إنما جعلها ثانوية بالمقارنة مع دور السلطة
العامة كأساس للقانون الداري ومعيار لتحديد اختصاص القضاء الداري ,فهو غلب عنصر الوسائل التي
تستخدمها الدارة على عنصر الغاية أو الهدف) (.
المبحث الرابع
معيار المنفعة العامة
نادى بهذه الفكرة الستاذ مارسيل فالين Walineالذي كان من أشد المدافعين عن معيار المرفق العام ثم
تخلى عنه تحت تأثير الزمة التي مر بها هذا المعيار ،واقترح محله فكرة المنفعة العامة .
وتقوم هذه الفكرة على أن أساس القانون الداري ومعيار اختصاص القضاء الداري إنما يقوم على تحقيق
المنفعة العامة والمصلحة العامة ،فالنشاط الداري يستهدف تحقيق النفع العام وهو ما يميزه عن النشاط
الخاص ) ( .
وقد اعتمد فالين في تأسيس نظريته على حكم مجلس الدولة في قضية بلدية مونسيجور Commune de
Monsegurالصادر في 10/6/1921وتتلخص وقائع القضية أنه وقع حادث لصغير حرج في كنيسة
مونسيجور بسقوط حوض " ماء مقدس " تسبب فيه بتعلقه واثنين من زملئه به ،مما أصابه بعاهة
مستديمة تمثلت بقطع ساقه ،وقد حصل والد الطفل على حكم من مجلس القليم بإلزام البلدية المسئولة عن
صيانة الكنيسة بالتعويض ،وقد استئنفت البلدية هذا الحكم من ناحية أنه منذ عام 1905لم تعد البلدية
مسؤولة عن دور العبادة لنفصال الدين عن الدولة بقانون 9/9/1905ولم تعد الكنائس منذ هذا التاريخ
مرافق عامة ،وبالتالي ل تدخل دعوى التعويض في اختصاص القضاء الداري .
غير أن مجلس الدولة لم يأخذ بهذا الدفع وأسس قضائه على أنه وأن لم تعد مرافق العبادة مرفقا عاما منذ
انفصال الدين عن الدولة ،فإن ترك الكنائس تحت تصرف المؤمنين والمكلفين بإقامة شعائر العبادة
لممارسة ديانتهم إنما يكون تنفيذا لغرض ذي نفع عام ) ( .
وفكرة المنفعة العامة هذه أكثر اتساعا من فكرة المرفق العام إل أنها لم تسلم من النقد الشديد من حيث أن
جل عمل الدولة إنما يتعلق بتحقيق المنفعة العامة أو المصلحة العامة .
كما أن تحقيق النفع العام ليس حكرا على الدولة وأجهزتها الدارية ،وإنما قد يساهم الفراد في تحقيقها
وذلك من خلل المؤسسات والمشروعات الخاصة ذات النفع العام وهي مشاريع تخضع لحكام القانون
الخاص ويختص القضاء العادي بالمنازعات الناشئة عنها .
ل ولم تصلح أساسا للقانون الداري ومعيارا لتحديد اختصاص القضاء الداري لذلك لم تعش هذه الفكرة طوي ً
لسعتها وعدم تحديدها وسرعان ما تخلى عنها فالين نفسه واتجه نحو معيار آخر .
المبحث الخامس
معيار السلطة العامة الحديث
حاول جانب من الفقه إحياء فكرة السلطة العامة وتجديدها لتصلح أساسا وحيدا للقانون الداري ومعيارا
لتحديد اختصاص القضاء الداري ،ومن هؤلء الستاذ جورج فيدل George Vedelالذي ذهب إلى أن
فكرة السلطة العامة ل تعني فقط استخدام الدارة لمتيازات وسلطات القانون العام باعتبارها سلطة آمره ،
وإنما تشمل أيضا القيود التي تحد من حرية الدارة وتفرض عليها التزامات أشد من اللتزامات المفروضة
على الفراد في ظل القانون الخاص ) (.
ومن هذه القيود عدم أمكان تعاقد الدارة إل بإتباع إجراءات وشروط معينة ل نظير لها في القانون
الخاص ،كأتباعها أسلوب المناقصات أو المزايدات عند اختيار المتعاقد معها .
ومن ثم ل يكفي اتصال نشاط الدارة بمرفق عام حتى تكون بصدد تطبيق القانون الداري إنما يجب أن
تكون لدارة قد استخدمت في نشاطها امتيازات وسلطات استثنائية ل مثيل لها في القانون الخاص أو
التزمت بقيود وحدود غير مألوفة في هذا القانون ،وفي الحالتين يختص القضاء الداري بالمنازعات
الناشئة عن مباشرة هذا النشاط .
وعلى عكس ذلك يختص القضاء العادي ويطبق القانون الخاص على كل نشاط تؤديه الدارة مستخدمة
أساليب مشابهة لتلك التي يستخدمها الفراد أو ل تتضمن امتيازات أو شروط استثنائية .
وقد صادف هذا المعيار نجاحا وقبولً في الفقه والقضاء الداريين وانحاز إليه فالين بعد أن تخلى عن معيار
المرفق العام وبعده معيار النفع العام .
المبحث السادس
معيار الجمع بين المرفق العام والسلطة العامة
إزاء النتقادات الموجهة لكل معيار من المعايير السابقة وعجزها في أن تكون أساسا وحيدا للقانون الداري
ومعيارا لتحديد اختصاص القضاء الداري ،لم يعد الفقه والقضاء يتمسكان بفكره واحدة ,واتجها نحو
الجمع بين فكرتي السلطة العامة والمرفق العام .
وفي هذا المجال حاول الستاذ De Laubadereتجديد معيار المرفق العام بعد ما أصابه من تفكك نتيجة
الزمات التي تعرض لها وذلك عن طريق الجمع بين فكرتي المرفق العام والسلطة العامة ،لكنه جعل
الولوية للمرفق العام ،ثم يأتي استخدام أساليب القانون العام في المرتبة الثانية لسد الفراغ في المجالت
التي عجز معيار المرفق العام عن القيام بدوره فيها ) ( .
بينما ذهب الستاذ شابي Chapusإلى تغليب فكرة السلطة العامة على فكرة المرفق العام فقال أنه يجب
أن ل نعتقد أن معيار الشروط المخالفة " السلطة العامة " دائما معيارا مساعدا ،فالمعيار المأخوذ من
الموضوع هو دائما معيار مبدأ ،ففي كثير من الحيان يفضل القاضي استخدام معيار الشرط غير المألوف
وهذا يكون أسهل أو مناسبا أكثر ) ( .
وعلى هذا الساس فإن المرفق العام وأن كان عنصرا مهما في تحديد أساس القانون الداري إل أنه ل
يكفي لداء هذا الدور بعد أن أتضح سعة مفهومة وعدم اقتصاره على المرافق الدارية فظهرت فكرة
المعيار المزدوج التي أيدها جانب كبير من الفقه وأخذ بها القضاء الداري في فرنسا في أغلب أحكامه .
()
وعلى ذلك فإن أساس القانون الداري ل يرجع لمعيار واحد من المعايير السابقة ,إنما يجب الجمع بين
المعياريين المهمين المرفق العام والسلطة العامة ،ومن ثم ليكون العمل إداريا وخاضعا للقانون الداري
واختصاص القضاء الداري ،يجب أولً أن يكون عملً إداريا أو نشاطا متعلقا بمرفق عام " نظرية المرفق
العام " .
وثانيا :أن تكون الدارة في هذا النشاط قد استخدمت امتيازات أو وسائل وسلطات استثنائية وغير مألوفة
في القانون الخاص " نظرية السلطة العامة " ـ مع ضرورة التنبيه أن السلطة العامة ل تبرز من خلل
المتيازات الممنوحة للدارة حسب وإنما تشمل القيود الستثنائية المفروضة عليها في أحيان أخرى .
الباب الول
التنظيم الداري
نبحث في هذا المجال من الدراسة موضوع التنظيم الداري الذي نبين فيه الوسائل التي تؤدي من خللها
الدارة وظيفتها التنفيذية وتستدعي الدراسة البحث في الشخاص المعنوية العامة باعتبارها الداة التي
تجمع السلطات الدارية في إطارها ،ومن ثم البحث في الساليب الرئيسية المتبعة في هذا التنظيم وفقا لما
يسمى بأسلوب المركزية الدارية وأسلوب اللمركزية الدارية .
الفصل الول
الشخاص المعنوية العامة
يتمتع النسان منذ ولدته بالشخصية القانونية التي تمكنه من اكتساب الحقوق وتحمله باللتزامات لداء
دوره في المجتمع وأداء رسالته ،والصل أن الشخصية القانونية نسبت للنسان فقط إل أن عجز النسان
عن النهوض بكافة متطلبات المجتمع لنتهاء شخصيته بالوفاة وحاجة المجتمع إلى دوام استمرار مرافقه ،
كان لبد من منح الهلية القانونية لشخاص أخرى ،فظهرت نظرية الشخصية المعنوية ومقتضاها منح
القانون الشخصية القانونية إلى جانب النسان الذي بات يطلق عليه الشخص الطبيعي إلى نوعين من
التجمعات :مجموعة من الفراد أو مجموعة من الموال تهدف لتحقيق هدف معين ويكون كيان ذاتي
مستقل عن الفراد المكونين لها يسمح بتحقيق هدفها ،وأطلق عليها اصطلح الشخصية المعنوية
العتبارية .
وعلى ذلك يمكن تعريف الشخص المعنوي بأنه مجموعة من الموال أو الشخاص تستهدف تحقيق هدف
معين اعترف لها القانون بالشخصية القانونية .
المبحث الول
أنواع الشخاص المعنوية
يوجود نوعين رئيسيين من الشخاص المعنوية هي :الشخاص المعنية العامة ،والشخاص المعنوية
الخاصة ،مع ما تتمتع به الشخاص المعنوية الخاصة من أهمية في نطاق القانون الخاص فتظهر بشكل
الشركات والمؤسسات والجمعيات التي تنشأ بمبادرات الفراد لتحقيق الربح أحيانا وتحقيق النفع العام أو
المصلحة العامة في أحيان أخرى.
و الشخصية المعنوية العامة تحتل أهمية أكبر بكثير في نطاق القانون العام الذي ل يعرف غير هذا النوع
من الشخاص المعنوية رغم أن نظرية الشخصية المعنوية نشأت في ظل القانون الخاص .وقد درج الفقه
والقضاء على تقسيم الشخاص المعنوية العامة إلى ثلث أنواع :
أولً :الشخاص المعنوية القليمية
وهي الشخاص المعنوية أو العتبارية التي يتعلق اختصاصها في نطاق جغرافي منعين من الدولة وهي
تشمل الدولة والوحدات المحلية الخرى.
-1الدولة
وهي أهم الشخاص المعنوية على الطلق ولهذا فقد ورد النص عليها في القانون المدني على أن الدولة
هي أول الشخاص العتبارية .
والدولة هي الشخص المعنوي العام الذي تتفرع عنه الشخاص المعنوية الخرى وهي التي تمنح الشخصية
المعنوية الخاصة للفراد والهيئات الخاصة وتمارس الرقابة عليها .
والدولة باعتبارها شخص معنوي عام تشمل سلطات الدولة الثلث :السلطة التشريعية والتنفيذية
والقضائية ،باعتبارها شخص معنوي واحد .إل أن هذه الوحدة في شخصية الدولة لم تكن أمرا مسلما به
فقد اختلف الفقه في شأنها .
فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن العتراف بالشخصية المعنوية العامة للدولة يقتصر على مجال معين من
نشاط الدولة وهو الحقوق المادية والتصرفات التي تندرج في القانون الخاص ،أما بالنسبة لتصرفات
الدولة التي تحمل طابع السلطة وامتيازاتها فما هي إل اختصاصات يمارسها ممثلوا الدولة في الحدود التي
رسمها القانون تحقيقا للمصلحة العامة.
ولعل الدافع وراء تبني هذا الرأي الخشية من تعسف الدولة وجورها على الحريات العامة إذا ما اعتبرت
تصرفات الدولة حقا من حقوقها ,بينما ذهب رأي آخر إلى ثنائية شخصية الدولة ،فتكون شخصا معنويا
خاصا إذا ما تصرفت في مجال الحقوق المالية أو الحقوق الخاصة المشابهة لتصرفات الفراد وينطبق عليها
القانون الخاص وتعتبر شخصا معنويا عاما إذا قامت بعمل بدخل في ضمن نطاق السلطة العامة وهنا تخضع
تصرفاتها لحكام القانون العام ) (.
إل أن هذه الراء لم تلبث أن انتهت ،وأصبح الرأي السائد فقها وقضاءً أن شخصية الدولة وحدة ل تتجزأ
وهي تشمل جميع تصرفات الدولة وأعمال الخاصة منها والتي تتسم بطابع السلطة العامة .وهو رأي
يتماشى مع المنطق القانوني السليم .
-2الوحدات المحلية المحافظات .
وترتبط فكرة الشخاص المعنوية العامة المحلية بالديمقراطية التي تسمح لكل إقليم من أقاليم الدولة أن يدير
شؤونه المحلية من خلل ممثليه من سكان القليم في المحافظات.
ثانيا :الشخاص العتبارية العامة المرفقية
ويطلق عليها أيضا أل مركزية المصلحة أو المرفقية ،وتنشأ لتحقيق مصالح عامة للفراد تحت رقابة
الدولة أو أحد الشخاص المعنوية التابعة لها .وتسمى هذه الشخاص بالهيئات العامة أو المؤسسات أو
الشركات العامة .
وقد لجأ المشرع إلى إنشاء هذه الشخاص لتباشر أدارة المرافق العامة التي تتطلب نوعا من الستقلل
الفني عن الحكومة المركزية ضمان فاعلية وكفاءة الدارة .وتختلف هذه الشخاص عن الشخاص
العتبارية القليمية في أنها مقيدة بالهدف الذي أنشأت من أجله ،في حين تكون الخيرة مقيدة بالحدود
الجغرافية للقليم الذي تمثله .
وحيث أن الشخاص العتبارية المرفقية تهدف إلى تحقيق أغراض متنوعة منها ما هو إداري أو اجتماعي
أو اقتصادي ،فإن هذا الختلف يقود إلى اختلف أنظمتها القانونية حسب النشاط الذي تتوله ،أما
الشخاص القليمية فالقاعدة العامة أنها تتمتع بذات التنظيم القانوني .
كذلك تفترق الشخاص العتبارية المرفقية عن الشخاص العتبارية القليمية في أن الخيرة تقوم على
فكرة الديمقراطية التي تؤكد حق سكان الوحدات المحلية بإدارة شؤونهم المحلية بأنفسهم ،بينما تقوم فكرة
الشخصية العتبارية المرفقية على ضرورة ضمان الكفاءة الدارية وحسن إدارة المرافق العامة ذات الطابع
الفني ول علقة للديمقراطية في ذلك .كما هو الحال في الجامعات والهيئة العامة للمياه والهيئة العامة
للذاعة .
ثالثا :الشخاص المعنوية المهنية
بسبب التطور المستمر في مناحي الحياة الجتماعية والقتصادية في مختلف الدول وتأثير هذا التطور على
القانون الداري وأحكامه ظهرت فكرة جديدة لشخاص معنوية أخرى تتمثل في المنظمات والتحادات ذات
الطابع المهني ،تتولى إدارة مرافق عامة ينشأها المشرع لتحقيق مصالح عامة ،ومن ذلك التحاد العام
لطلبة الجماهيرية واتحاد الدباء والكتاب والمؤتمر المهني للمعلمين .وتتمتع هذه الشخاص بالستقلل
ولها إصدار اللوائح الخاصة بتأديب أعضائها وممارسة المهنة التي تشرف عليها .
المبحث الثاني
النتائج المترتبة على منح الشخصية المعنوية
اذا اعترف بالشخص العتباري يتمتع بجميع الحقوق إل ما كان منها ملزما لصفة النسان الطبيعي ،وذلك
في الحدود التي قررها القانون .
فيكون لها :
-1الذمة المالية المستقلة :
يتمتع الشخص المعنوي العام ،بذمة مالية مستقلة عن ميزانية الدولة ولها الحق في الحتفاظ بالفائض من
إيراداتها ،كما أنها تتحمل نفقاتها ،والذمة المالية للشخص المعنوي مستقلة عن الذمة المالية للشخاص
المكونين له .
-2الهلية القانونية :
يتمتع الشخص المعنوي العام بأهلية قانونية في الحدود التي رسمها القانون تمكنه من اكتساب الحقوق
وتحمل اللتزامات ،غير أن هذه الهلية أضيق نطاقا من أهلية الشخص الطبيعي فهي مقيدة بممارسة
التصرفات القانونية التي تدخل في ميدان نشاطه وتخصصه ،ومفيدة كذلك بحدود الهدف الذي يسعى
الشخص العتباري العام لتحقيقه .وهذه الشخصية القانونية مستقلة عن شخصية العضاء المكونين
بالشخص العتباري العام ويباشرها عنه من يمثلونه من أشخاص طبيعيتين .
-3حق التقاضي :
للشخص المعنوي العام أهلية التقاضي ،فله مقاضاة الغير ،كما يكون من حق الغير أن يقاضيه ،كما
يجوز أن تقاضي الشخاص المعنوية بعضها ببعض ،ويباشر هذا الحق عن الشخص المعنوي العام
أشخاص طبيعيتين يمثلونه أو ينوبون عنه ويعبرون عن إرادته في التقاضي
-4موطن مستقل :
للشخص العتباري موطن خاص به يختلف عن موطن الشخاص المكونين له ،وهو عادة المقر أو المكان
الذي يوجد فيه مركز إدارته ،فقد بينت المادة 53/2من القانون المدني أن " يعتبر موطنه المكان الذي
يوجد فيه مركز إدارته . " ..وللموطن أهمية خاصة بالنسبة للشخص العتباري فيجب إعلن الوراق
الرسمية والقضائية إليه فيه و يتم تحديد المحكمة المختصة بالنظر بالدعاوي التي ترفع ضده.
-5تمارس الشخاص المعنوية العامة جانبا من سلطة الدولة باعتبارها من أشخاص القانون العام فتتمتع
بامتيازات السلطة التي يقررها القانون للجهات الدارية فتعتبر قراراتها إدارية ،ويجوز تنفيذها جبرا دون
اللتجاء إلى القضاء ،كذلك تملك حق نزع الملكية للمنفعة العامة أو الستيلء المباشر كما يجوز لها إبرام
العقود الدارية ،وحيث توجد هذه السلطة توجد مسؤولية الشخص المعنوي عن أفعاله الضارة التي قد
يتسبب بها موظفيه .
-6المال الذي تملكه الشخاص المعنوية العامة يعتبر مالً عاما إذا كان مخصصا للمنفعة العامة ،وبذلك
فهو يحظى بالحماية المقررة للمال العام ،ومع ذلك يمكن أن تملك الشخاص المعنوية العامة أموالً أخرى
خاصة تعد جزءا من الدومين الخاص ول تعتبر أموالً عامة وتخضع لحكام القانون الخاص .
-7موظفو الشخاص المعنوية العامة يعدون موظفين عامين ويرتبطون بعلقة تنظيمية مع الشخص
المعنوي إل إذا نص القانون على خلف ذلك ،ول يمنع ذلك من أن يكون لبعض الشخاص المعنوية نظام
خاص لموظفيها ولوائح خاصة بتأديبهم .
-8ل يترتب على منح الشخصية المعنوية العامة الستقلل التام عن الدولة إذ تخضع هذه الشخاص لنظام
"الوصاية الدارية" التي تمارسها السلطة المركزية في الدولة لضمان احترام هذه الشخاص للقانون
والسياسة العامة للدولة وعدم تجاوز الغرض الذي من أجله أ نشأت هذه المرافق .
-9نتيجة لتمتع الشخص المعنوي العام بامتيازات السلطة العامة وبالتالي اعتباره شخصا من أشخاص
القانون العام ،فإن القضاء الداري يكون هو المختص في نظر المنازعات الناشئة عن ممارسة نشاطه ،
ويخضع كذلك للقيود التي يفرضها القانون الدراي من ضرورة إتباع إجراءات خاصة في التعاقد أو الطعون
في القرارات الصادرة منه وغير ذلك من أمور تفرضها الطبيعة الخاصة بنظام القانون العام .
لفصل الثاني
أساليب التنظيم الداري
تنتهج الدول المختلفة أسلوبين في تنظيمها الداري هما :المركزية الدارية واللمركزية الدارية .يتجه
السلوب الول والقدم في الظهور نحو حصر الوظيفة الدارية في أيدي السلطة التنفيذية وحدها في
العاصمة دون وجود سلطات إدارية أخرى مستقلة عنها .بينما يتجه أسلوب اللمركزية الدارية نحو توزيع
الوظيفة الدارية ومشاركة هيئات وسلطات لمركزية .
وفيما يلي سنتناول بالدراسة المركزية الدارية ثم اللمركزية الدارية وذلك في مبحثين .
المبحث الول
المركزية الدارية
المركزية الدارية هي أول النظم التي اتبعتها الدول في الحكم والدارة ،وتقوم المركزية على أساس
التوحيد وعدم التجزئة ،وفي المجال الداري يقصد بها توحيد النشاط الداري وتجميعه في يد السلطة
التنفيذية في العاصمة) ( .
وتقوم السلطة التنفيذية في هذا النظام بالسيطرة على جميع الوظائف الدارية من توجيه وتخطيط ورقابة
وتنسيق ،وفي النظام المركزي تلتزم السلطة الدنيا بالقرارات التي تصدر عن السلطة العليا ويساعد على
هذه الخاصة الترتيب الذي يسود السلطة التنفيذية وتقسيم الموظفين رؤساء ومرؤوسين إلى درجات يعلو
بعضها بعضا في سلم إداري منتظم ،يخضع كل مرؤوس فيه لرئيسه خضوعا تاما وينفذ أوامره ويعمل
تحت إشرافه وتوجيهاته .
ول تعني المركزية أن تقوم السلطة التنفيذية في العاصمة بجميع العمال في أنحاء الدولة ،بل تقتضي
وجود فروع لهذه السلطة غير أن هذه الفروع ل تتمتع بأي قدر من الستقلل في مباشرة وظيفتها وتكون
تابعة للسلطة المركزية في العاصمة ومرتبطة بها .
المطلب الول :أركان المركزية الدارية
تقوم المركزية الدارية على ثلثة عناصر هي :تركيز الوظيفة الدارية في يد الحكومة والتدرج الهرمي
والسلطة الرئاسية .
أولً :تركيز الوظيفة الدارية في يد الحكومة المركزية
تتركز في هذا النظام سلطة مباشرة الوظيفة الدارية في يد السلطة التنفيذية بالعاصمة ،وتعاونها في ذلك
الهيئات التابعة لها في القاليم الخرى تحت إشراف ورقابة السلطة المركزية ،ول توجد في هذا النظام
أشخاص معنوية عامة محلية أو مرفقية مستقلة عن السلطة المركزية .
ومن ثم ل توجد مجالس محلية منتخبة أو هيئات عامة يمكن أن تدير المرافق العامة ،وتتركز سلطة اتخاذ
القرارات وأداء المرافق العامة في يد الوزراء وممثليهم التابعين لهم والمعنيين منهم تحت رقابتهم
وإشرافهم .
ثانيا :التدرج الهرمي
يقوم النظام المركزي على أساس التدرج الهرمي في الجهاز الداري ومقتضاه أن يخضع موظفي الحكومة
المركزية بشكل متدرج ومتصاعد ،تكون الدرجات الدنيا تابعة للعلى منها تحت قمة الجهاز الداري وهو
الوزير .
وللسلطات العليا حق إصدار الوامر والتعليمات للجهات الدنيا ويخضع كل مرؤوس خضوعا تاما ،ويتجه
مجال الطاعة في داخل النظام المركزي إلى درجة كبيرة فالرئيس يباشر رقابة سابقة ولحقة على أعمال
المرؤوس كما أن للرئيس صلحية تعديل القرارات الصادرة من مرؤوسيه وإلغائها بالشكل الذي يراه مناسبا
.
وهذه الدرجات تكون ما يسمى بنظام التسلسل الداري الذي يبين التمايز بين طبقتي الرؤساء والمرؤوسين
ويبرز علقة التبعية والسلطة الرئاسية .
ثالثا :السلطة الرئاسية
السلطة الرئيسية le pouvior herachiqueضمانه معترف بها للرؤساء الداريين ينضمها القانون
فيوفر وحدة العمل وفعاليته واستمراريته ) ( .وتعتبر السلطة الرئاسية الوجه المقابل للتبعية الدارية وهي
تتقرر بدون نص وبشكل طبيعي غير أنها من جانب آخر ترتب مسؤولية الرئيس عن أعماله مرؤوسية
وبالتالي عدم إمكانية تهربه من هذه المسؤولية ) (.
والسلطة الرئاسية من أهم ركائز النظام المركزي ،إل أنها سلطة ليست مطلقة وليست على درجة واحدة
من القوة فهي تتأثر بصاحب السلطة ومركزه في السلم الداري وبنوع الوظيفة التي يمارسها .
والسلطة الرئاسية تتحلل إلى مجموعة من الختصاصات بعضها يتعلق بشخص المرؤوس والخر منها
يتعلق بأعماله :
أ -سلطة الرئيس على شخص مرؤوسيه
تتضمن سلطة الرئيس على أشخاص مرؤوسه الكثير من الختصاصات منها ما يتعلق بالحق في التعيين
والختيار ،وحق الرئيس في تخصيص مرؤوسيه لعمال معينة .كما تتضمن سلطة نقل الموظف وترقيته
وإيقاع العقوبات التأديبية عليه والتي قد تصل إلى حد عزله أو حرمانه من حقوقه الوظيفية ،في حدود ما
يسمح به القانون .
ب -سلطة الرئيس على أعمال مرؤوسيه
تشمل هذه السلطة في حق الرئيس في توجيه مرؤوسيه عن طريق أصدار الوامر والتوجيهات إليهم قبل
ممارسة أعمالهم وسلطة مراقبة تنفيذهم لهذه العمال والتعقيب عليها وتشمل هذه السلطات .
-1سلطة المر :
يملك الرئيس إصدار الوامر والتعليمات ،ويعتبر اختصاصه هذا من أهم مميزات السلطة الرئاسية ،ذلك أن
إصدار الوامر عمل قيادي له أهمية كبرى في سير العمال الدارية ،وعلى وجه العموم نجد أن السلطة
الرئاسية تتصف أساسا بأنها سلطة آمره لكونها تقوم على إصدار أوامر ملزمة للمرؤوسين ) (.
-2سلطة الرقابة والتعقيب
سلطة الرئيس في الرقابة على أعمال مرؤوسية تتمثل بحقه في إجازة أعمالهم أو تعديلهم قراراتهم أو
إلغائها وسحبها كما يملك أيضا الحلول محلهم إذا اقتضى العمل ذلك .وتمتدد رقابة الرئيس على أعمال
مرؤوسية لتشمل ملئمة هذا العمل أو التصرف ومقتضيات حين سير المرفق العام ) ( .
ووسيلة الرئيسي في رقابته على مرؤوسيه تتمثل بالتقارير التي يقدمها الموظفين عن أعمالهم بصورة
دورية أو بوساطة التقارير التي يضعها المفتشون ويطلعون السلطة الرئاسية عليها ،قد يمارسها الرئيس
عن طريق الشكاوي التي يقدمها إليه الفراد الذين أصابهم الضرر نتيجة تصرفات مرؤوسيه .
المبحث الثاني
اللمركزية الدارية
يقوم هذا النظام على أساس توزيع الوظيفة الدارية بين الحكومية المركزية في العاصمة وبين أشخاص
الدارة المحلية في القاليم ،وتتمتع هذه الشخاص بالشخصية المعنوية المستقلة ،مع خضوعها لرقابة
الحكومة المركزية .
ففي هذا النظام تتمتع السلطة المحلية بقدر من الستقلل في ممارسة اختصاصاتها فتحتفظ الدارة المركزية
بإدارة بعض المرافق العامة القومية وتمنح الشخاص المعنوية المحلية سلطة إنشاء وإدارة بعض المرافق
العامة ذات الطابع المحلي .
وعلى ذلك تظهر في هذا النظام إلى جانب الدولة أو الدارة المركزية أشخاص معنوية محلية أو مرفقية
يطلق عليها بالدارة اللمركزية أو السلطات الدارية اللمركزية.
المطلب الول :صور اللمركزية الدارية
هناك صورتان أساسيتان للمركزية الدارية " اللمركزية المحلية أو القليمية ،واللمركزية المصلحية أو
المرفقية " .
أولً :اللمركزية القليمية أو المحلية:
ومعناها أن تمنح السلطات المركزية إلى جزء من إقليم الدولة جانب من اختصاصاتها في إدارة المرافق
والمصالح المحلية مع تمتعها بالشخصية المعنوية والستقلل المالي والداري .
وتستند هذه الصورة إلى فكرة الديمقراطية التي تقتضي إعطاء سكان الوحدات المحلية الحق في مباشرة
شؤونهم ومرافقهم بأنفسهم عن طريق مجالس منتخبة منهم .
وتقوم اللمركزية القليمية أو المحلية على ثلث عناصر :
-1مصالح محلية أو إقليمية متميزة :
يتم منح الشخصية المعنوية للوحدات المحلية لعتبارات إقليمية أو محلية ،يجد المشرع أن من الفضل أن
تباشرها هيئات محلية معينة وإسناد إدارتها إلى سكان هذه الوحدات أنفسهم .ولشك أن سكان هذه
الوحدات أدرى من غيرهم بواجباتهم وأقدر على إدارة هذه المرافق وحل مشكلتها ،كما أن هذا السلوب
يمنح الدارة المركزية فرصة التفرغ لدارة المرافق القومية .ويتم تحديد اختصاصات الهيئات المحلية
بقانون ول يتم النتقاص منها إل بقانون آخر ،وهي تشمل مرافق متنوعة وتتضمن كافة الخدمات التي
تقدم لمكان الوحدات المحلية كمرفق الصحة والتعليم والكهرباء والماء وغيرها .
-2أن يتولى سكان الوحدات المحلية إدارة هذه المرافق :
يجب أن يتولى سكان الوحدات المحلية إدارة هذا النوع من المرافق بأنفسهم وان يتم ذلك باختيار السلطات
المحلية من هؤلء السكان وليس عن طريق الحكومة أو الدارة المركزية ...ويذهب أغلب الفقهاء إلى
ضرورة أن يتم اختيار أعضاء المجالس المحلية عن طريق النتخابات تأكيدا لمبدأ لديمقراطية وإن كان هذا
هو الصل فإنه ليس هناك مانع من مشاركة أعضاء معينين ضمن هذه المجالس لتوفير عناصر ذات خبرة
وكفاءة شرط أن تبقى الغلبية للعناصر المنتخبة ،خاصة وإن النتخاب يتطلب قدر كبير من الوعي والثقافة
مما ل يتوفر غالبا في سكان الوحدات المحلية .
-3استقلل الوحدات المحلية :
إذا كان من الضروري في هذه اليام أن يكون اختيار أعضاء المجال المحلية عن طريق سكان هذه الوحدات
فإن الكثر أهمية أن تستقل الهيئات اللمركزية في مباشرة عملها عن السلطة المركزية ،فالمرافق
اللمركزية ل تخضع لسلطة رئاسة أعلى .إل أن ذلك ل يعني الستقلل التام للهيئات المحلية عن السلطات
المركزية ،فالمر ل يعدو أن يكون الختلف حول مدى الرقابة التي تمارسها السلطات المركزية على
الهيئات المحلية في النظم اللمركزية إذ لبد من تمتع هذه الهيئات باستقلل كافٍ في أدائها لنشاطها .
وقد أطلق الفقهاء على الرقابة التي تمارسها السلطة المركزية على الهيئات اللمركزية الوصاية الدارية la
. tutelle administrative
ثانيا :اللمركزية المرفقية:
يجد المشرع في أحيان كثيرة أنه من الضروري أن يمنح بعض المشاريع والمرافق والمصالح العامة
الشخصية المعنوية وقدر من الستقلل عن الدارية المركزية مع خضوعها لشرافها ،كمرفق البريد
والتلفون والكهرباء والذاعة والجماعات ،لتسهيل ممارستها لنشاطاتها بعيدا عن التعقيدات الدارية .
وتمارس اللمركزية المرفقية نشاطا واحدا أو أنشطة متجانسة كما هو الحال في الهيئات والمؤسسات
العامة على عكس اللمركزية المحلية التي تدير العديد من المرافق أو النشطة غير المتجانسة) ( .
ول يستند هذا السلوب على فكرة الديمقراطية إنما هي فكرة فنية تتصل بكفاءة إدارة المرفق وعلى ذلك
ليس من حاجة للخذ بأسلوب النتخابات في اختيار رؤساء أو أعضاء مجالس إدارة هذه الهيئات العامة .
هذا ويحرص المشروع دائما تكون ممارسة هذه المؤسسات لنشاطها ضمن الحدود والختصاصات التي
أجازها ول يمكن مباشرة نشاط آخر أو التوسيع من اختصاصاتها .
المطلب الثاني :التمييز بين الوصاية الدارية والسلطة الرئاسية
أطلق جانب من الفقه على الرقابة التي تمارسها السلطات المركزية على الهيئات اللمركزية مصطلح
الوصايا الدارية ( ) إل إن هذا المصطلح منتقد عند جانب آخر من الفقهاء ويرون أن يستبدل بمصطلح
الرقابة الدارية le control administrativeوذلك لوجود اختلف بين المراد بالوصاية في القانون
الخاص ،وبين الوصاية الدارية في القانون العام ،فالولى تتعلق بحماية الفراد ناقصي الهلية أما
الوصايا الدارية فتترتب على الهيئات المحلية ،وهذه الهيئات تتمتع بأهلية كاملة بصفتها شخصية معنوية
معتبرة .
ونرى إزاء هذا الختلف البين أن مصطلح الرقابة الدارية هو الجدر على وصف العلقة بين السلطة
المركزية والهيئات المحلية .
والرقابة الدارية في النظام اللمركزي تختلف عن السلطة الرئاسية التي تعتبر أحد عناصر المركزية
الدارية ,فالسلطة الرئاسية كما سبقت الشارة علقة التبعية والتدرج الرئاسي بين الموظف ورئيسه .أما
في النظام اللمركزي فإن الموظفين في الدوائر والهيئات المحلية ل يدينون بالطاعة لوامر السلطة
المركزية على خلف المر في السلطة الرئاسية ،لن هذه الهيئات تتمتع بشخصية معنوية تجعلها بمنأى
عن الخضوع التام لتوجيهات السلطة المركزية ،ولكنها ل تتخلى عن الرقابة اللحقة التي تمارسها على
أعمال الهيئات المحلية .
ول يمكن اعتبار هذا الستقلل منحه من الهيئات المركزية بل هو استقلل مصدره القانون أو الدستور ( )
ويقود هذا الستقلل إلى أعضاء الرئيس الذي يملك الوصايا من المسؤولية المترتبة من جراء تنفيذ
المرؤوس لتوجيهاته إل المرؤوس لتوجيهاته غل في الحوال التي يحددها القانون) ( .
كما تختلف ( الوصاية الدارية ) عن السلطة الرئاسية في أنه ل يجوز للسلطة المركزية تعديل القرارات
التي تصدرها الهيئات المحلية وكل ما تملكه توافق عليها بحالتها أو ترفضها) ( .
فإن حاولت السلطة المركزية فرض رئاستها على المرافق اللمركزية بالتعرض لقراراتها بالتعديل أو إلغائها
في غير الحدود القانونية كان لهذه الخيرة العتراض على ذلك .
وفي ذلك ورد في حكم لمحكمة القضاء الداري المصري " إن من المسلم به فقها وقضاء إن علقة
الحكومة المركزية بالمجالس البلدية والقروية إن هي إل وصاية إدارية وليست سلطة رئاسية ،وبناء على
ذلك فإن الصل إن وزير الشؤون البلدية والقروية ل يملك بالنسبة لقرارات هذا المجلس سوى التصديق
عليها كما هي ،أو عدم التصديق عليها كما هي ،دون أن يكون له حق تعديل هذه القرارات") (.
وأخيرا فإن سلطة الوصايا تملك الحلول محل الوحدات المحلية عندما تهمل الخيرة في ممارسة
اختصاصاتها أو تخل بالتزاماتها فترفض اتخاذ إجراء معين كان الواجب عليها طبقا للقوانين واللوائح ،
حتى ل يتعطل سير المرافق العمامة تحرير السلطة المركزية محل الوحدات اللمركزية لتتخذ الجراء
المطلوب وذلك باسم الوحدات اللمركزية ولحسابها .
ولخطورة هذه السلطة وحتى ل تتعسف السلطة المركزية في ممارسة حق الحلول ،درج القضاء على القول
بضرورة وجود نص قانوني صريح يلزم الوحدة اللمركزية بالقيام بالعمل أو بإجراء التصرف وامتناعها
عن ذلك ،وقيام السلطة الوصايا بتوجيه إنذار مكتوب إلى الوحدة اللمركزية الممتنعة تدعوها إلى وجوب
القيام بالعمل أو الجراء الذي يفرضه القانون ( )
المطلب الرابع:تقييم اللمركزية الدارية
نظام اللمركزية الدارية له الكثير من المزايا إل أن من الفقهاء من أبرز له بعض العيوب وهو ما نبينه في
هذه الدراسة :
أول :مزايا اللمركزية الدارية :
-1يؤكد المبادئ الديمقراطية في الدارة :لنه يهدف إلى اشتراك الشعب في اتخاذ القرارات وإدارة
المرافق العامة المحلية .
-2يخفف العبء عن الدارة المركزية .إذ أن توزيع الوظيفة الدارية بين الدارة المركزية والهيئات
المحلية أو المرفقية يتيح للدارة المركزية التفرغ لداء المهام الكثر أهمية في رسم السياسة العامة وإدارة
المرافق القومية .
-3النظام اللمركزي أقدر على مواجهة الزمات والخروج منها .سيما وأن الموظفين في القاليم أكثر
خبرة من غيرهم في مواجهة الظروف والزمات المحلية كالثورات واختلل المن ،لما تعودوا عليه
وتدربوا على مواجهته وعدم انتظارهم تعليمات السلطة المركزية التي غالبا ما تأتي متأخرة .
-4تحقيق العدالة في توزيع حصيلة الضرائب وتوفير الخدمات في كافة أرجاء الدولة ،على عكس
المركزية الدارية حيث تحظى العاصمة والمدن الكبرى بعناية أكبر على حساب المدن والقاليم الخرى .
-5تقدم اللمركزية الدارية حلً لكثير من المشاكل الدارية والبطء والروتين والتأخر في اتخاذ القرارات
الدارية وتوفر أيسر السبل في تفهم احتياجات المصالح المحلية وأقدر على رعايتها .
ثانيا :عيوب اللمركزية الدارية -:
-1يؤدي هذا النظام إلى المساس بوحدة الدولة من خلل توزيع الوظيفة الدارية بين الوزارات والهيئات
المحلية .
-2قد ينشأ صراع بين الهيئات اللمركزية والسلطة المركزية لتمتع الثنين بالشخصية المعنوية ولن
الهيئات المحلية غالبا ما تقدم المصالح المحلية على المصلحة العامة .
-3غالبا ما تكون الهيئات اللمركزية أقل خبرة ودراية من السلطة المركزية ومن ثم فهي أكثر إسرافا في
النفاق بالمقارنة مع الدارة المركزية .
ول شك أن هذه النتقادات مبالغ فيها إلى حد كبير ويمكن علجها عن طريق الرقابة أو الوصايا الدارية
التي تمارسها السلطة المركزية على الهيئات اللمركزية والتي تضمن وحدة الدولة وترسم الحدود التي ل
تتجاوزها تلك الهيئات .
وفي جانب آخر يمكن سد النقص في خبرة الهيئات اللمركزية من خلل التدريب ومعاونة الحكومة
المركزية مما يقلل من فرص السراف في النفقات والضرار بخزينة الدولة.
ويؤكد ذلك أن اغلب الدول تتجه اليوم نحو الخذ بأسلوب اللمركزية الدارية على اعتبار أنه السلوب
المثل للتنظيم الداري .
الباب الثاني
نشاط الدارة العامة
حضيت مشكلة تحديد نشاط الدارة العامة ونشاط الفراد بالهتمام رجال الدولة والمفكرين منذ نشأت الدولة
وحتى الوقت الحاضر ،وقد اختلفت غلبة أحد النشاطين على الخر تبعا للفكار السياسية السائدة في
المجتمع.
ولعل التطور القتصادي والجتماعي والسياسي وازدياد تدخل الدولة في هذه المجالت المختلفة قاد
بالضرورة إلى وضع الوسائل المناسبة لدارة الدولة في هذه المجالت المختلفة قاد بالضرورة إلى وضع
الوسائل المناسبة لدارة الدولة ونشاطها ،وفقا للفلسفة السياسية التي تؤمن بها النظمة السياسية .
وقد برز دور الدولة من خلل وظيفتين أساسيتين تقوم بهما الدارة الولى منها سلبية تتمثل بالضبط
الداري والذي يقوم على مراقبة وتنظيم نشاط الفراد حفاظا على النظام العام .أما الوظيفة الثانية فهي
وظيفة إيجابية تتمثل بإدارة المرافق العامة والوفاء بحاجات الفراد وإشباع رغباتهم.
وسنبين في هذا الباب هاتين الوظيفتين في فصلين متتاليين.
الفصل الول :الضبط الداري .
الفصل الثاني :المرفق العام .
الفصل الول
الضبط الداري
نتناول في هذا القسم في الدراسة الجوانب المختلفة للضبط الداري ،فنعرض لماهيته وأغراضه ووسائل
وحدود سلطات الضبط الداري ) (،وذلك في ثلثة مباحث كما يلي -:
المبحث الول
ماهية الضبط الداري
لبيان ماهية الضبط الداري نعرض أول لتعريفه وتمييزه عما يشتبه به وأخيرا نبين أنواعه.
المطلب الول :التعريف بالضبط الداري .
يقصد بالضبط الداري بمعناه العام مجموعة الجراءات والوامر والقرارات التي تتخذها السلطة المختصة
للمحافظة على النظام العام بمدلولته الثلثة " المن – الصحة – السكينة " .
ويلحظ أن المشرع سواء في فرنسا أو مصر أو في العراق ،لم يضع تعريفا محددا للضبط الداري ،وإنما
اكتفى بتحديد أغراضه ،وترك تعريفه للفقه والقضاء.
وفى هذا المجال يعرف De laubadereالضبط الداري بأنه " :مظهر من مظاهر عمل الدارة يتمثل في
تنظيم حريات الفراد حماية للنظام العام )1( .
بينما يتجه الفقهاء العرب ومنهم الدكتور طعيمة الجرف إلى تعريفه بأنه " وظيفة من أهم وظائف الدارة
تتمثل أصل في المحافظة على النظام العام بعناصره الثلثة المن العام والصحة العامة والسكنية العامة عن
طريق إصدار القرارات اللئحية والفردية واستخدام القوة المادية مع ما يتبع ذلك من فرض قيود على
الحريات الفردية تستلزمها الحياة الجتماعية " ( ) بينما يعرفه الدكتور صبيح بشير مسكوني بأنه " مظهر
من مظاهر نشاط الدارة العامة يراد به ممارسة هيئات إدارية معينة اختصاصات فرض قيود على حريات
الفراد وحماية للنظام العام ") (.
وأيا كان المر فان الضبط الداري نظام وقائي تتولى فيه الدارة حماية المجتمع من كل ما يمكن أن يخل
بأمنه وسلمته وصحة أفراده وسكينتهم ،ويتعلق بتقييد حريات وحقوق الفراد بهدف حماية النظام العام
في الدولة .وبهذا المعنى يتميز الضبط الداري عن الضبط التشريعي والضبط القضائي.
أولً :الضبط الداري والضبط التشريعي
يلجأ المشرع في كثير من الحيان إلى إصدار القوانين التي تقيد حريات الفراد وحقوقهم حفاظا على النظام
العام ،وفى ممارسته لهذا الختصاص إنما يستند لختصاصه التشريعي ،الذي يجد مصدره في الدستور
والمبادئ العامة للقانون ،وتسمى التشريعات الصادرة في هذا الشأن " بالضبط التشريعي" تميزا له عن
الضبط الداري الذي يصدر من جانب الدارة في شكل قرارات تنظيميه أو فردية يترتب عليها تقييد حريات
الفراد.
مع ضرورة اليضاح بان سلطة الضبط الداري يجب أن تتم في إطار القوانين والتشريعات وتنفيذا لها ،
غير أن ذلك ل يمنعها من اتخاذ إجراءات مستقلة تتضمن قيودا على الحريات الفردية بواسطة ما تصدره
من لوائح الضبط) (.
ثانيا :الضبط الداري والضبط القضائي.
يقصد بالضبط القضائي ،الجراءات التي تتخذها السلطة القضائية للتحري عن الجرائم بعد وقوعها ،
والبحث عن مرتكبها تمهيدا للقبض عليه ،وجمع الدلة اللزمة للتحقيق معه ومحاكمته وانزال العقوبة به.
ومن ثم فان الضبط القضائي يتفق مع الضبط الداري في انهما يستهدفان المحافظة على النظام العام ،إل
انهما يختلفان من حيث السلطة المختصة بإجرائه والغرض منه وطبيعته.
فمن جهة تتولى السلطة التنفيذية وظيفة الضبط الداري .بينما تتولى السلطة القضائية ممثلة بالقضاة أو
أعضاء النيابة العامة وممثليها وظيفة الضبط القضائي.
ومن حيث الغرض فان مهمة الضبط الداري وقائية تسبق الخلل بالنظام العام وتمنع وقوع الضطراب
فيه ،في حين مهمة الضبط القضائي علجية ولحقة لوقوع الخلل بالنظام العام وتهدف إلى ضبط الجرائم
بعد وقوعها والبحث عن مرتكبيها وجمع الدلة اللزمة لجراء التحقيق والمحاكمة وإنزال العقوبة.
وأخيرا يتميز الضبط الداري في طبيعة إجراءاته التي تصدر في شكل قرارات تنظيميه أو فردية تخضع
لرقابة القضاء الداري إلغاء وتعويضا ،أما الضبط القضائي فانه يصدر في شكل قرارات قضائية ل تخضع
لرقابة القضاء الداري ,وخضوعها لسلطات القضاء العادي محل نظر ) (.
المطلب الثاني :أنواع الضبط الداري.
يطلق مصطلح الضبط الداري ويقصد به معنيان :الضبط الداري العام -والضبط الداري الخاص.
يقصد بالضبط الداري العام المحافظة على النظام العام بعناصره الثلثة المن والصحة والسكنية العامة .
وحماية جميع الفراد في المجتمع من خطر انتهاكاته والخلل به.
أما الضبط الداري الخاص فيقصد به حماية النظام العام من زاوية أو ناحية معينة من نشاط الفراد من ذلك
القرارات الصادرة بتنظيم نشاط صيد بعض الحيوانات النادرة ،وتنظيم عمل في بعض المحلت العامة
المضرة بالصحة أو المقلقة للراحة .أو في مكان أو أماكن محددة ،حيث يعهد بتولي سلطة الضبط في هذه
الماكن إلى سلطة إدارية معينة ،كان يعهد إلى شرطة الثار بمهمة المحافظة على النظام العام في الماكن
الثرية .
ويلحظ أن الضبط الداري الخاص قد يستهدف أغراضا أخرى بخلف أغراض الضبط الداري العام
التقليدية ،إذ يملك أن يفرض القيود التي يراها لتحقيق أهداف أو أغراض أخرى خلف النظام العام كالقيود
التي تفرض على الفراد لحماية الثار أو تنظيم السياحة وتجميل المدن.
ومن ثم فان الضبط الداري الخاص أضيق حدودا من نطاق الضبط الداري العام لتقيده بمكان أو نشاط أو
أغراض معينه .إل أن ذلك ل يعنى محدودية تأثيره في المجالت التي يتولها ،بل أن التجاه التشريعي في
بعض الدولة ينحو إلى استبعاد نظام الضبط الداري العام وانفراد هيئات الضبط الداري الخاص في تنظيم
نشاطات معينة .مثلما هو الحال في الضبط الخاص بشؤون السكك الحديدية والمنشات الخطيرة والمقلقة
للراحة والصحة في فرنسا) ( .
المبحث الثاني
أغراض ووسائل الضبط الداري
نتناول فيما يلي أغراض الضبط الداري ثم نبين الوسائل أو الساليب التي يستعين بها لتحقيق هذه
الغراض.
الفصـــــــــــــــــــــــــل الثانـــــــــــــــــــــــــي
المرفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــق العام
ي عد المر فق العام المظ هر اليجا بي لنشاط الدارة وتتوله الدارة بنف سها أو بالشتراك مع الفراد ,وت سعى
من خلله إلى إشباع الحاجات العامة .وتعد فكرة المرافق العامة من أهم موضوعات القانون الداري وترد
إليهـا معظـم النظريات والمبادئ التـي ابتدعهـا القضاء الداري كالعقود الداريـة والموال العامـة والوظيفـة
العامـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة.
و نبين في هذا الجزء من الدرا سة مفهوم المر فق العام والمبادئ ال تي تح كم المرا فق العا مة وأخيرا طرق
إدارة المرافــــق العامــــة وذلك فــــي ثلثــــة مباحــــث على النحــــو التالي :
المبحــــــــــث الول :مـــــــــــاهيــة المــــــــــــرفــق العام .
المبحـــــث الثانـــــي :المبادئ التـــــي تحكـــــم المرافـــــق العامـــــة .
المبحــــــــث الثالث :طـــــــــرق إدارة المـــــــــرافـق العامــــــــة .
الفصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل الول
ـــــــــــــــــــــــق العام
ـــــــــــــــــــــــة المرفـ
ماهيـ
البحث في ماهية المرفق العام يستدعي منا أن نبين تعريفه وعناصره ،ثم نستعرض أنواع المرافق العامة
ـــــــــــــــــق. ـــــــــــــــــح أخيرا إنشاء وإلغاء هذه المرافـ ونوضـ
ويعرفـه الدكتور طعيمـة الجرف بأنـه " نشاط تتوله الدارة بنفسـها أو يتوله فرد عادي تحـت توجيههـا
ورقابتهـــــا وإشرافهـــــا بقصـــــد إشباع حاجـــــة عامـــــة للجمهور" ) ( .
و في الحقي قة يم كن الج مع ب ين المع نى العضوي والوظي في للو صول إلى تعر يف سليم للمر فق العام لوجود
التقاء ب ين المعني ين ،عند ما ت سعى الهيئات العا مة التاب عة لش خص من أشخاص القانون العام إلى تحق يق
النفـــع العام وإشباع حاجات الفراد ،وهذا يحصـــل دائما فـــي المرافـــق العامـــة الداريـــة.
غ ير أن تطور الحياة الدار ية ،والتغيرات ال كبيرة ال تي طرأت في القوا عد ال تي تقوم علي ها فكرة المرا فق
العامـة أدى إلى ظهور المرافـق العامـة القتصـادية أو التجاريـة التـي يمكـن أن تدار بواسـطة الفراد أو
المشروعات الخاصة مما قاد إلى انفصال العنصر العضوي عن الموضوعي وأصبح من حق الدارة أن تنظم
نشاط مع ين في صورة مر فق عام وتع هد به إلى الفراد فيتوا فر ف يه العن صر الموضو عي دون العضوي.
وقـد اعترف مجلس الدولة فـي فرنسـا للمرافـق القتصـادية والتجاريـة بصـفة المرفـق العام ،بـل أطلق هذه
الصفة على بعض المشروعات الخاصة ذات النفع العام التي تخضع لترخيص أداري مقيد ببعض الشروط،
ــــــة ) (. ــــــة الفعليـ ــــــق العامـ ــــــا يعرف بفكرة المرافـ ــــــق مـ وفـ
و في التجاه ذا ته اعترف القضاء الداري في م صر للمرا فق القت صادية ب صفة المرا فق العا مة وأخضع ها
لنظام القانون العام ) ( .
عناصـــــــــــــــــــــــر المرفـــــــــــــــــــــــق العام
من التعريف السابق يتضح أن هناك ثلثة عناصر يجب توافرها حتى يكتسب المشروع صفة المرفق العام
ويعود العنصـر الول إلى الهدف الموكـل إلى المرفـق الذي يقوم بالنشاط والثانـي ارتباط المشروع بالدارة
ورقابتهـــا لســـير العمـــل فيـــه وأخيرا اســـتخدام امتيازات الســـلطة العامـــة .
أولً :عنصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر الهدف .
لبد أن يكون الغرض من المرفق العام تحقيق المنفعة العامة وإشباع حاجات الفراد أو تقديم خدمة عامة،
وهذه الحاجات أو الخدمات قـد تكون ماديـة كمـد الفراد بالمياه والكهرباء أو معنويـة كتوفيـر المـن والعدل
للمواطنيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن.
وعلى ذلك ي عد تحق يق الن فع العام من أ هم العنا صر المميزة للمر فق العام عن غيره في المشروعات ال تي
تسـتهدف تحقيـق النفـع الخاص أو تجمـع بيـن هذا الهدف وهدف إشباع حاجـة عامـة أو نفـع عام.
و مع ذلك فإن تحق يق بعض المرافق العامة للر بح ل يعني حتما فقدها صفة المرفق العام ،طال ما أن هدفها
الرئيس ليس تحقيق الربح ،وإنما تحقيق النفع العام كما أن تحصيل بعض المرافق لعوائد مالية لقاء تقديمها
الخدمات إلى المواطن ين ك ما هو الحال بالن سبة لمر فق الكهرباء والقضاء ل ي سعى لك سب عوائد مال ية بقدر
مــــا بعــــد وســــيلة لتوزيــــع العباء العامــــة على كــــل المواطنيــــن ) (.
ومـع ذلك فان هدف المنفعـة العامـة الذي اعترف القضاء الداري بـه عنصـرا مـن عناصـر المرفـق العام ل
ـبير .ـد كــي إلى حـ ـر القاضــف على تقديـ ـل للتطور ويتوقـ ـو الهدف قابـ ـة ،فهـ ـن تحديده بدقـ يمكـ
وفي هذا السبيل ذهب جانب من الفقه إلى أن الذي يميز المرفق العام ،أن المشروعات التي تنشئوها الدولة
تع تبر مرا فق عا مة لن ها ت ستهدف تحق يق وجها من وجوه الن فع العام الذي ع جز الفراد وأشخاص النشاط
الخاص عــــن القيام بهــــا ،أول يســــتطيعون القيام بهــــا على أكمــــل وجــــه ) (.
إل أن المتتبع لحكام القضاء الداري الفرنسي يجد أنه اعتبر الكثير من النشاطات تهدف إلى تحقيق المنفعة
العامة ،رغم إن نشاطها من السهل أن يتوله الفراد ،ومن ذلك حكم Terrier 1903المتعلق بقتل الثعابين
Therondالخاص برفــــــع جثــــــث الحيوانات ) (. ،وحكــــــم 1910
ثانيا :عنصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر الدارة
تقوم الدولة بإنشاء المرا فق العا مة وي جب أن يكون نشاط المر فق العام منظما من جا نب الدارة وموضوعا
ت حت إشراف ها ورقابت ها ،وخاضعا لتوجيه ها لضمان عدم انحرا فه عن الم صلحة العا مة لح ساب الم صالح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة( ). الخاصـ
وإذا عهدت الدارة إلى أحد الشخاص المعنوية العامة بإدارة المرافق فإن هذا ل يعني تخليها عن ممارسة
رقابتها وإشرافها عليه من حيث تحقيقه للمصلحة العامة وإشباع الحاجات العامة للفراد ،ونفس المر إذا
أصبحت الدارة بيد هيئة خاصة بمقتضيات المصلحة العامة تقتضي النص على إخضاع هذه الهيئة الخاصة
كاملة فل نكون أمام مرفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــق عام.
مع إن هناك جانب من الفقه تؤيده بعض أحكام مجلس الدولة الفرنسي يذهب إلى أن هناك ما يمكن تسميته
بالمرا فق العا مة الفعليـة ,وتخضـع لب عض أحكام المرافـق العا مة ،لن هذا التجاه يتعارض والم ستقر في
مبادئ وأحكام القانون الداري التـي تقضـي بضرورة وجود نـص يخول الدارة إنشاء المرافـق العامـة.
ثالثا :وجود امتيازات الســــــــــــــــــلطة العامــــــــــــــــــة -:
يلزم لقيام المرا فق العا مة أن تتم تع الج هة المكل فة بإدارة المر فق العام بامتيازات غ ير مألو فة في القانون
ـــة. ـــق العامـ ـــم المرافـ ـــي الذي يحكـ ـــة الخاصـــة للنظام القانونـ الخاص تلئم الطبيعـ
غيـر أن هذا الشرط مختلف فيـه بيـن الفقهاء على اعتبار أن التطورات القتصـادية وتشعـب أنشطـة الدارة
أفرزت إلى جا نب المرا فق العا مة الدار ية مرا فق عا مة صناعية وتجار ية تخ ضع في الجا نب ال كبر من
نشاطهـا إلى أحكام القانون الخاص كمـا أن خضوع المرفـق للقانون العام هـو مجرد نتيجـة لثبوت الصـفة
العامــــة للمرفــــق ،ومــــن غيــــر المنطقــــي أن تعرف الفكرة بنتائجهــــا ) (.
غير أننا ل نتفق مع هذا الرأي من حيث أن المرافق العامة الصناعية والتجارية وأن كنت تخضع في بعض
جوانبها لحكام القانون الخاص فأنها ل تدار بنفس الكيفية التي تدار بها المشروعات الخاصة كما أن إرادة
المشرع في إنشائ ها تضع ها في إطار نظام قانو ني غ ير مألوف وأن لم تتض من امتيازات غ ير مألو فة في
القانون الخاص.
ومن هنا نرى ضرورة خضوع المرافق العامة لنظام قانوني متميز عن نظام القانون الخاص بسبب طبيعتها
المتميزة واستهدافها المصلحة العامة ومن قبيل ذلك حقها في التنفيذ المباشر وحقها في استيفاء الرسوم،
وهذا مـــــــا اســـــــتقر عليـــــــه قضاء مجلس الدولة الفرنســـــــي ) (.
و قد اختلف الف قه حول معيار تمي يز المرا فق العا مة القت صادية عن المرا فق العا مة الدار ية وعلى الن حو
التالي-:
أ -المعيار الشكلي
يعتمـد هذا المعيار على أسـاس شكـل المشروع أو مظهره الخارجـي فإذا اتخـذ المشروع شكـل المشروعات
الخا صة ك ما لو ت مت إدار ته بوا سطة شر كة فأ نه مر فق اقت صادي ,وبع كس ذلك لو ت مت إدار ته بوا سطة
الدارة أو تحـت رقابتهـا وإشرافهـا وباسـتخدام أسـاليب السـلطة العامـة فهـو مرفـق عام إداري.
-1المرافـــــــــــــــــــــــق القوميـــــــــــــــــــــــة
يق صد بالمرا فق القوم ية تلك المرا فق ال تي يت سع نشاط ها ليش مل كل أقل يم الدولة .كمر فق الدفاع ومر فق
القضاء ومرفـق الصـحة ،ونظرا لعموميـة وأهميـة النشاط الذي تقدمـه هذه المرافـق فأنهـا تخضـع لشراف
الدارة المركز ية في الدولة من خلل الوزارات أو ممثلي ها أو فروع ها في المدن ،ضمانا لح سن أداء هذه
المرافـــــق لنشاطهـــــا وتحقيقا للمســـــاواة فـــــي توزيـــــع خدماتهـــــا.
وتتحمـل الدولة المسـؤولية الناتجـة عـن الضرار التـي تتسـبب فيهـا المرافـق القوميـة بحكـم إدارتهـا لهـا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا. والشراف على شؤونهـ
-2المرافــــــــــــــــــــــق المحليــــــــــــــــــــــة -:
ويقصد بها المرافق التي يتعلق نشاطها بتقديم خدمات لمنطقة محددة أو إقليم معين من أقاليم الدولة ،ويعهد
بإدارتها إلى الوحدات المحل ية ،كمر فق النقل،أو مر فق توز يع المياه أو الكهرباء وغيرها من المرا فق ال تي
تشبـــــــــــــــــــــــع حاجات محليـــــــــــــــــــــــة.
وتتميز المرافق المحلية بالختلف والتنوع في أساليب إدارتها بحكم اختلف وتنوع حاجات كل وحدة محلية
أو إقليم تمارس نشاطها فيه كما أن المسؤولية الناتجة عن الضرار التي تتسبب بإحداثها المرافق المحلية
أو موظفيهــــــا ويتحملهــــــا الشخــــــص المعنوي المحلي أو القليمــــــي ) (.
رابعا :المرافــــــق العامــــــة مــــــن حيــــــث مدى اللتزام بإنشائهــــــا
تنقسـم المرافـق العامـة مـن حيـث حريـة الدارة فـي إنشائهـا إلى مرافـق اختياريـة وأخرى إجباريـة -:
-1المرافــــــــــــــــــــــق الختياريــــــــــــــــــــــة .
ال صل في المرا فق العا مة أن ي تم إنشائ ها بش كل اختياري من جا نب الدولة .وتملك الدارة سلطة تقدير ية
واسـعة فـي اختيار وقـت ومكان إنشاء المرفـق ونوع الخدمـة أو النشاط الذي يمارسـه وطريقـة إدارتـه.
ومن ثم ل يملك الفراد إجبار الدارة على إنشاء مرفق عام معين ول يملكون الوسائل القانونية التي يمكنهم
حملها على إنشاء هذا المرفق أو مقاضاتها لعدم إنشائها له .ويطلق الفقه على المرافق العامة التي تنشئها
ــــة( ). ــــة لختياريـ ــــق العامـ ــــم المرافـ ــــة اسـ ــــلطتها التقديريـ الدارة بسـ
-2المرافــــــــــــــق العامــــــــــــــة الجباريــــــــــــــة :
إذا كان الصل أن يتم إنشاء المرافق العامة اختياريا فأن الدارة استثناء تكون ملزمة بإنشاء بعض المرافق
العامة عندما يلزمها القانون أو جهة إدارية أعلى بإنشائها ومثال ذلك إنشاء الدارة لمرفق المن والصحة
ف هي مرا فق إجبار ية بطبيعت ها وتهدف لحما ية ال من وال صحة العا مة وغالبا ما ت صدر القوان ين بإنشائ ها.
مــــع ضرورة التنــــبيه إلى أن إنشاء المرافــــق العامــــة يتــــم بأســــلوبين :
الول :أن تقوم الســـــــــلطة المختصـــــــــة بإنشاء المرفـــــــــق ابتداءً .
والثاني :أن تعمد السلطة إلى نقل ملكية بعض المشروعات الخاصة إلى الملكية العامة ،كتأميمها لعتبارات
ـــــــــض عادل . ـــــــــل تعويـ ـــــــــة مقابـ ـــــــــلحة العامـ المصـ
ـــــــــــــــــــــة ـــــــــــــــــــــق العامـ ثانيا :إلغاء المرافـ
بي نا أن الفراد ل يملكون إجبار الدارة على إنشاء المرا فق العا مة ول ي ستطيعون إجبار ها على ال ستمرار
في تأد ية خدمات ها إذا ما قدرت ال سلطة العا مة إن إشباع الحاجات ال تي يقدم ها المر فق يم كن أن ي تم بغ ير
ــة. ــق العام أو لعتبارات أخرى تقدرهــا هــي وفقا لمتطلبات المصــلحة العامـ ــيلة المرفـ وسـ
والقاعدة أن ي تم اللغاء بن فس الداة ال تي تقرر ب ها النشاء ،فالمر فق الذي تم إنشاؤه بقانون ل ي تم إلغاؤه
إل بنفـس الطريقـة وإذا كان إنشاء المرفـق بقرار مـن السـلطة التنفيذيـة فيجوز أن يلغـى بقرار إل إذا نـص
القانون على خلف ذلك.
وعندما يتم إلغاء المرفق العام فإن أمواله تضاف إلى الجهة التي نص عليها القانون الصادر بإلغائه ،فإن لم
ينـص على ذلك ,فإن أموال المرفـق تضاف إلى أموال الشخـص الداري الذي كان يتبعـه هذا المرفـق .
أما بالنسبة للمرافق العامة التي يديرها أشخاص معنوية عامة مستقلة فإن مصير أموالها يتم تحديده من
خلل معرفـة مصـدر هذه الموال كأن تكون الدولة أو أحـد أشخاص القانون العام القليميـة الخرى فيتـم
منحهــــــــــــــــــــــــــا لهــــــــــــــــــــــــــا.
أ ما إذا كان م صدرها تبرعات الفراد والهيئات الخا صة فإن هذه الموال تأول إلى أ حد المرا فق العا مة ال تي
تسـتهدف نفـس غرض المرفـق الذي تـم إلغاؤه أو غرضا مقاربا له ،احتراما لرادة المتـبرعين ) ( .
المبحـــــــــــــــــــــــــث الثانـــــــــــــــــــــــــي
المبادئ التــــــــــي تحكــــــــــم المرافــــــــــق العامــــــــــة
تخضع المرافق العامة لمجموعة من المبادئ العامة التي استقر عليها القضاء والفقه والتي تضمن استمرار
عمـل هذه المرافـق وأدائهـا لوظيفتهـا فـي إشباع حاجات الفراد ،وأهـم هذه المبادئ مبدأ اسـتمرار سـير
المرفـــق العام ومبدأ قابليـــة المرفـــق للتغييـــر ومبدأ المســـاواة بيـــن المنتفعيـــن.
تختلف طرق إدارة المرافـق العامـة تبعا لختلف وتنوع المرافـق وطبيعـة النشاط الذي تؤديـه ،وأهـم هذه
الطرق هـي السـتغلل المباشـر أو الدارة المباشرة وأسـلوب المؤسـسة أو الهيئة العامـة وأسـلوب اللتزام
وأخيرا الدارة أو الســـــــــــــــــــــــــــــــــــتغلل المختلط ( ).
المطلب الول :الدارة المباشرة
يق صد بهذا ال سلوب أن تقوم الدارة مباشرة بإدارة المر فق بنف سها سواء أكا نت سلطة مركز ية أم محل ية
مسـتخدمة فـي ذلك أموالهـا وموظفيهـا ووسـائل القانون العام ول يتمتـع المرفـق الذي يدار بهذه الطريقـة
ــــــــــــــتقلة . ــــــــــــــة مسـ ــــــــــــــية معنويـ بشخصـ
ويترتب على ذلك أن يعتبر موظفي المرافق التي تدار بهذا السلوب موظفين عموميين وتعد أموال المرفق
أموالً عامة تتمتع بالحماية القانونية المقررة للمال العام .
وتت بع هذه الطري قة في إدارة المرا فق العا مة الدار ية القوم ية ب صفة أ ساسية وير جع ذلك إلى أهم ية هذه
المرافق واتصالها بسيادة الدولة كمرفق المن والدفاع والقضاء ,وفي الوقت الحاضر أصبحت الكثير من
المرا فق الدار ية تدار بهذه الطري قة وكذلك ب عض المرا فق ال صناعية والتجار ية م تى وجدت الدارة أن من
ــــــــــــــا لشخاص القانون الخاص. ــــــــــــــب عدم ترك إدارتهـ المناسـ
ول شـك أن هذا السـلوب يسـمح للدارة بالدارة المباشرة لنشاط المرفـق ويوفـر المقدرة الماليـة والفنيـة
والحماية القانونية واستخدام أساليب السلطة العامة مما ل يتوفر لدى الفراد .لكن الدارة المباشرة منتقدة
من حيث أن الدارة عندما تقوم بالدارة المباشرة للمرفق تتقيد بالنظم واللوائح والجراءات الحكومية التي
تعيــق هذه المرافــق عــن تحقيــق أهدافهــا فــي أداء الخدمات وإشباع الحاجات العامــة) ( .
غ ير أن نا نرى أن هذا ال سلوب ل يف يد أهم ية بالن سبة للمرا فق الدار ية القوم ية بالن ظر لخطورت ها وتعلق ها
بسيادة وأمن الدولة والتي ل يمكن أن تدار بأسلوب أخر ،والمرافق الدارية التي يعرف عن إدارتها الفراد
لنعدام أو قلة أرباحهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا .
الباب الثالث
الوظيفــــــــــــــــــــــــــة العامــــــــــــــــــــــــة
تمارس الدولة نشاطهـا المرفقـي مـن خلل موظفيهـا فهـم أداة الدولة لتحقيـق أهدافهـا ,وتحضـى الوظيفـة
العامة بعناية المشرع والفقهاء في مختلف الدول ,ويتحدد دور الموظف العام ضيقا واتساعا حسب الفلسفة
القتصـادية والجتماعيـة لكـل دولة فاتسـاع نشاط الدولة وعدم اقتصـار دورهـا على حمايـة المـن الداخلي
والخارجـي وحـل المنازعات بيـن الفراد ,وقيامهـا ببعـض الشغال العامـة وازدياد تدخلهـا فـي مجالت
اقتصادية واجتماعية ش تى ،قاد بالضرورة إلى ازدياد عدد الموظفين واهتمام الدولة بتنظيم الجهاز الداري
.
ومـن ثـم فقـد أصـبح للوظيفـة العامـة نظاما خاصـا بهـا يحدد حقوق وواجبات الموظفيـن العاميـن وشروط
التحاقهـــــــــم بالوظيفـــــــــة وأيضا مســـــــــائلتهم تأديـــــــــبيا .
ول لقاء الضوء على نظريـة الموظـف العام نقسـم هذا الباب إلى خمسـة فصـول على النحـو التالي -:
الفصــــــــــــل الول -:ماهيــــــــــــة الموظــــــــــــف العام .
الفصــــــل الثانــــــي -:التعييــــــن فــــــي الوظيفــــــة العامــــــة .
ـــــــــــــــف العام . ـــــــــــــــل الثالث -:حقوق وواجبات الموظـ الفصـ
الفصـــــــــل الرابـــــــــع -:تأديـــــــــب الموظـــــــــف العام .
الفصــــــــل الخامــــــــس -:انتهاء خدمــــــــة الموظــــــــف العام .
الفصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل الول
ماهيـــــــــــــــــــــــة الموظـــــــــــــــــــــــف العام
للوقوف على ماه ية المو ظف العام ل بد من تعر يف وتحد يد المق صود بالمو ظف العام وبيان طبي عة العل قة
التـــــــــــــــــــــــي تربطـــــــــــــــــــــــه بالدارة .
ويشترط لكتسـاب صـفة الموظـف العام أن تديـر الدولة أو أحـد أشخاص القانون العام هذا المرفـق إدارة
مباشرة .وبذلك ل يعـد الموظفون فـي المرافـق التـي تدار بطريقـة اللتزام موظفيـن عمومييـن .وكذلك
العاملون في الشركات والمنشآت ال تي ل تتم تع بالشخ صية العتبار ية العا مة ولو تم إنشائ ها بق صد إشباع
حاجات عامـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة .
-3أن تكون توليــــة الوظيفــــة العامــــة بواســــطة الســــلطة المختصــــة :
الشرط الخير اللزم لكتساب صفة الموظف العام هو أن يتم تعيينه بقرار من السلطة صاحبة الختصاص
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن . بالتعييـ
ــف الفعلي .ــن كالموظـ ــة دون قرار بالتعييـ ــتولي على الوظيفـــن يسـ ــد موظفا عاما مـفل يعـ
كما أن مجرد تسليم العمل أو تقاضي المرتب ل يكفي لعتبار المرشح معينا في الوظيفة إذا لم يصدر قرار
التعييــــــــن بإدارة القانونيــــــــة ممــــــــن يملك التعييــــــــن ) ( .
المبحـــــــــــــــــــــــــث الثانـــــــــــــــــــــــــي
طبيعـــــــة العلقـــــــة التـــــــي تربـــــــط الموظـــــــف بالدارة
ثارالخلف فى الف قة والقضاء فى فرن سا حول طبي عة العل قة ال تى تر بط المو ظف بالدولة ،هل هى عل قة
تعاقديــة ينظمهــا العقــد ام هــى علقــة قانونيــة تنظيميــة تحكمهــا القوانيــن واللوائح .
ــــة ــــة تعاقديـ ــــا علقـ ــــف بالدارة على أنهـ ــــة الموظـ ــــف علقـ أول :تكييـ
كان الرأي ال سائد في الف قه والقضاء أن المو ظف في علق ته بالدولة في مر كز تعاقدي وعلى هذا ال ساس
ظهرت العد يد في النظريات التعاقد ية ال تي تت فق على أن الع قد هو أ ساس هذه العل قة إل أن ها تختلف في
طبيعة هذا العقد ,فالبعض اعتبره من عقود القانون الخاص ،بينما كيفه البعض الخر على انه من عقود
القانون العام .
.1نظريـــــــــــــــة العقـــــــــــــــد المدنـــــــــــــــي :
مفاد هذه النظريـة وجود عقـد مدنـي بيـن الموظـف والدولة يلتزم الموظـف بموجبـه بتقديـم خدمـه لقاء قيام
الدولة بتنفيــذ العباء المناطــه بهــا مــن تقديــم الجــر اللزم تحقيقا للمصــلحة العامــة .
وتكييف العلقة بين الموظف والدولة بأنها علقة خاصة يحكمها القانون الخاص إنما يقوم على افتراض أن
إبرام العقد إنما يتم بمفاوضات بين الموظف والدولة ،وأن هذه المفاوضات تهدف إلى تحديد مضمون العقد
مـــــــــن حيـــــــــث موضوعـــــــــه وشروطـــــــــه وآثاره ) ( .
ويبدو أن هذه النظرية مازالت تجد نوعا من الرواج في البلد أل نجلوسكسونية كإنجلترا والوليات المتحدة
المريكيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة ) ( .
.2نظريـــــــــــــــــــــة عقـــــــــــــــــــــد القانون العام :
ب عد أن ظ هر ع جز نظر ية الع قد المد ني عن تبرير العل قة ب ين المو ظف والدولة ظهرت من جا نب أ صحاب
النظريات التعاقد ية تر جع العل قة إلى ع قد من عقود القانون العام على اعتبار أن هذه العقود تخول الدارة
سلطات وا سعة في مواج هة المتعا قد مع ها لتحق يق الم صلحة العا مة ،وح يث أن هذا الع قد يهدف إلى ح سن
سـير المرافـق العام فأنـه يكون قابلً للتعديـل مـن قبـل الدولة ،وبذلك ل تتقيـد الدارة بقاعدة العقـد شريعـة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن) (. المتعاقديـ
كما تملك الدارة الحق بمسائلة الموظف إذا أخل بالتزاماته الوظيفية الناشئة عن العقد تأديبيا دون موافقة
ـــــــــــــــف . ـــــــــــــــن الموظـ ـــــــــــــــبقة مـ مسـ
و من أنصار هذه النظر ية في مصر الدكتور عبد الحم يد حش يش الذي يرى أن نظر ية عقد القانون العام قد
أكسـبت الفكرة العقديـة الصـلية مرونـة ،إذا أصـبح فـي مكنـه الدارة تعديـل النصـوص التعاقديـة بإرادتهـا
المنفردة ،ووفقا لمشيئتهـا أعمالً لمبدأ قابليـة قواعـد المرفـق للتعديـل والتغييـر لمطابقـة حاجات الناس
المتغيرة ) ( .
و قد اعت نق مجلس الدولة الفرن سي هذه النظر ية ح تى و قت قر يب ليحرم الموظف ين المضرب ين من ضمانات
التأديــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــب .
بين ما ات جه ب عض أن صار هذه النظر ية إلى القول بأن ع قد المر فق العام هو أ ساس الراب طة التعاقد ية ب ين
الموظف والدولة ومن أنصار هذا التجاه الفقيه "جيلينك " الذي ذهب إلى أن الموظف وفقا لهذا العقد يخضع
لسـلطة المرفـق كأي سـلطة محددة تلتزم بقواعـد القانون ،غ ير أن الوامـر ل تن فذ مباشرة بموجـب قانون
موضو عي وإن ما وفقا ل حق شخ صي ،مكت سب بمو جب هذا الع قد و هو ل يتفرع عن سلطة رئا سية عل يا ،
وإنمــــا تنبثــــق منــــه الســــلطات الخاصــــة لرئيــــس المرفــــق ) ( .
وقد تعرض تكيف العلقة بين الموظف والدولة على هذا الساس للنقد أيضا شأن النقد الموجه لنظرية العقد
المد ني ل نه وأن أخرج عل قة المو ظف من نطاق ت طبيق أحكام القانون الخاص إل أ نه لم يتحرر نهائيا من
الســـــــــــــــــــاس التعاقدي لهذه العلقـــــــــــــــــــة ) ( .
وبالن ظر إلى كثرة عيوب النظريات التعاقد ية ف قد هجر ها القضاء والف قه والتشريعات المختل فة ،وكان من
أبرز الرافض ين للنظريات التعاقد ية الفقيهان , Duguit , Hauriouو قد ا ستند " هور يو " في رف ضه هذا
على تحليله لعملية تعيين الموظف ،مبينا أنها ل تتضمن مقومات التعاقد ل من حيث عناصره الشكلية ول
ــــــــــــــــــــــث الموضوع) (. ــــــــــــــــــــــن حيـ مـ
الفصـــــــــــــــــــــــــل الثانـــــــــــــــــــــــــي
التعييـــــــــــن فـــــــــــي الوظيفـــــــــــة العامـــــــــــة
ل كي يلت حق الش خص بالوظي فة العا مة ي جب توا فر ب عض الشروط العا مة ليت سنى ب عد ذلك اختباره وا صدار
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه . قرار بتعيينـ
ونق سم هذا الف صل إلى ثلث مبا حث نتناول في أوله ما الشروط العا مة في التعي ين ,ونو ضح في ثانيه ما
الطرق المختل فة المتب عة في تعي ين الموظف ين العمومي ين ,أ ما المب حث الثالث فنخ صصه للب حث في حر كة
ــــــــــــــــــــــة . ــــــــــــــــــــــف أثناء الخدمـ الموظـ
أن الحرص على الرتقاء بالوظيفـة العامـة يجعـل مـن الضروري العنايـة باختبار الموظفيـن واشتراط توفـر
قدرة وكفايــــة فيمــــن يعيــــن فــــي الوظائف العامــــة تحقيقا للصــــالح العام .
وفــــــــي العراق مثل يتطلب المشرع فــــــــي تولي الوظائف العامــــــــه مايلي:
.3أن ل يكون قــد حكــم عليــه بعقوبــة جنائيــة أو فــي جنايــة أو جنحــة مخله بالشرف :
يتفرع هذا الشرط إلى شقيـن ،الول :أن ل يكون قـد سـبق وأن حكـم على الموظـف بعقوبـة عـن جنايـة ,
والثانـــــي :يتعلق بعدم الحكـــــم عليـــــه بجنايـــــة أو جنحـــــة مخلة بالشرف .
بالنسبة إلى الشق الول اعتبر المشرع أن الحكم على الشخص بعقوبة الجناية " السجن المؤبد أو المؤقت
أو السجن " مانعا من التعيين في أحد الوظائف العامة ،على اعتبار أن الحكم على هذا الشخص بمثل هذه
العقو بة الج سيمة قري نة قاط عة على عدم صلحيته لتولى الوظائف العا مة وخطور ته على المجت مع ،ويبدو
أن المشرع قد نظر إلى نوع العقوبة فسحب النص على المعاقب بجناية سواءً في قانون العقوبات الليبي أو
القوانيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن الخرى .
أما الشق الثاني من هذا الشرط فيتعلق بالحكم على الشخص بعقوبة الجناية أو الجنحة المخلة بالشرف وهنا
ين ظر المشرع إلى طبي عة هذه الجري مة سواء كان الح كم على الش خص بعقو بة الجنا ية أو الجن حة مادا مت
الجريمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة تتعلق بالخلل بالشرف .
وفي جميع الحوال يشترط في الحكم أن يكون نهائيا لستبعاد المرشح من شغل الوظيفة العامة ،وتتحقق
الدارة في توافر هذا الشرط من خلل طلبها من المرشح تقديم شهادة الحالة الجنائية من الجهات المختصة
.
.4إل يكون قــــــد فصــــــل مــــــن الخدمــــــة بقرار تأديــــــبي نهائي :
ويعود هذا الشرط لكون أن قرار الف صل يؤ كد عدم صلحية المو ظف لتولي الوظي فة لخلله إخللً ج سيما
بأحكامهــا ممــا أدى إلى صــدور قرار تأديــبي نهائي بفصــله واســتبعاده عــن الوظيفــة .
ويجـب أن يكون قرار الفصـل نهائيـا أي ل يتطلب نفاذه إجراءات أخرى مـن اعتماد أو تصـديق مـن جهـة
إداريـــــــــــــــــــــــــة عليـــــــــــــــــــــــــا .
.5إل يقـــــل ســـــن المرشـــــح عـــــن ثمانـــــي عشـــــر ســـــنة :
من الضروري للقيام بأعباء الوظي فة العا مة أن يكون المر شح قد بلغ سنا من الن ضج تؤهله لتح مل تبعات
منصبه .ويتم إثبات سن المرشح بشهادة ميلد مستخرجة من سجلت الحوال المدنية أما إذا تعذر تقديمها
جاز استثناء تقدير السن بإحالة المرشح على لجنة طبية ويكون قرارها غير قابل للطعن فيه بأي طريق من
طرق الطعــــــــــن ولو قدمــــــــــت شهادة ميلد غيــــــــــر ذلك ) ( .
ــــة : ــــل الوظيفـ ــــن يشغـ ــــا فيمـ ــــتوفيا للشروط اللزم توافرهـ .7أن يكون مسـ
يجب أن تتوافر في المرشح للوظيفة العامة المؤهلت العلمية التي تحفظ كفاءة معينة للقيام بالوظيفة ) ( .
المبحـــــــــــــــــــــــــث الثانـــــــــــــــــــــــــي
طرق اختيار الموظفيــــــــــــــــــــن العمومييــــــــــــــــــــن
تسعى الدارة إلى اختيار افضل العناصر لشغل الوظائف العامة .وأساليب الدارة في اختيار موظفيها تختلف
من مجتمع إلى أخر حسب الظروف القتصادية والجتماعية والسياسية التي يعيشها .ولعل أهم الساليب أو
الطرق التي تتبعها الدارة في اختيار موظفيها إنما تتم بأربعة أساليب :الختيار الحر ،العداد والتأهيل ،
الختيار الديمقراطــــــــــي .وأســــــــــلوب المســــــــــابقة والمتحان .
أولً:أســــــــــــــــــــــلوب الختيار الحــــــــــــــــــــــر
تتمتـــع الدارة فـــي هذا الســـلوب بحريـــة اختيار الموظفيـــن ،دون قيود أو ضوابـــط .
فالدارة وحدهـا مـن يملك تحديـد المعاييـر والمقومات التـي يسـتند عليهـا الختيار دون أن تكون ملزمـة
بالعلن عـــن هذه المعاييـــر أو تـــبرير اختيارهـــا لفئة دون أخرى مـــن المرشحيـــن) ( .
وقد سادت هذه الطريقه قديما فقد كان يتمتع الحاكم بسلطه مطلقه فىاختيار العاملين ،اذ يتم اختيارهم على
ـــــه اخرى) ( . ـــــاس الثقــــــه الشخصــــــيه دون تطلب اى شروط موضوعيـ اسـ
وتت بع هذه الطري قة في اختيار كبار الموظف ين نظرا لهم ية هذه الوظائف ال تي تتطلب في من يشغل ها الث قة
والمقدرة الفنيـــــــــــــــــــة والكفائه الســـــــــــــــــــياسية .
وقد كان التعيين بهذه الطريقة منتشرا في الوليات المتحدة المريكية حتى عام ,1883ويعرف باسم " نظام
السـلب و الغنائم " والتـي كان مؤداهـا أن الحزب المنتصـر فـي النتخابات الرآسـيه يكون له حـق شغـل
الوظائف المهمـــة فـــي الدارات التحاديـــة بعـــد طرد أنصـــار الحزب المنافـــس .
ومـع ذلك فأن هذا السـلوب ل يعنـى أن الدارة تملك السـلطة المطلقـة فـي الختيار،إذ يجـب أن تراعـى
اعتبارات المؤهلت والكفآت العلميـــة الزمـــة لشغـــل هذه الوظائف تحقيقا للصـــالح العام .
ثانيا :أســــــــــــــــــــلوب العداد والتأهيــــــــــــــــــــل :
فـي هذه الطريقـة تقوم الدولة بإنشاء الكليات والمعاهـد المتخصـصة ومراكـز التعليـم المهنـي و الكاديمـي .
لعداد الشخاص الراغـبين فـي تولى الوظائف العامـة .وعلى الرغـم مـن أهميـة هذا السـلوب فـي العداد
ــــن الدولة . ــــن النفقات والجهود مـ ــــر مـ ــــه يتطلب الكثيـ ــــة فأنـ للوظائف العامـ
وهذه الطريقة شائعة في تأهيل الكوادر الفنية والدارية في الجماهيرية ،ومن أمثلتها مراكز إعداد المدربين
ومعاهــــــد المهــــــن الشاملة و معاهــــــد التمريــــــض و البريــــــد .
ولكي يجرى المتحان أو المسابقة في ظروف تمكن من اختيار افضل المرشحين لبد من أحاطته بضمانات
وضوابــــــــط تكفــــــــل العدالة و الموضوعيــــــــة فــــــــي الختيار .
ول تجرى المتحانات أو الم سابقات على ن مط وا حد في كل الدول وإن ما تت خذ صور متعددة فأ ما أن يكون
المتحان شفويا أو تحريريا أو بمقابلت شخصـــية ويمكـــن الجمـــع بيـــن هذه الصـــور.
المبحث الثالث
حركة الموظف أثناء الخدمة
قد تطرأ على الحياة الوظيفية للموظف تغييرات معينة طبقا لمتطلبات العمل الوظيفي والمصلحة العامة ,فقد
ينقل الموظف نقلً نوعيا أو مكانيا أو ينتدب إلى وظيفة أخرى لمدة معينة أو تتم إعادته إليها ,وسوف
نبين هذه المواضيع تباعا - :
أولً :النقــل .
الصل أن الدارة تملك سلطة تقديرية واسعة في نقل موظفيها من وظيفة إلى أخرى بحكم خضوعهم إلى
مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت ولها حرية تقدير ظروف العمل ومقتضياته وليس للموظف
الحق في الطعن بقرار النقل قضائيا اللهم إل بطريق التظلم أو خلل خمسة عشر يوما من تاريخ إبلغه أمام
الجهة التي أصدرت القرار أو لجنة التظلمات المختصة .
الفصل الثالث
حقوق وواجبات الموظف العام .
كفل المشرع للموظف العام جملة من الحقوق حددها في القوانين واللوائح وفي مقابل ذلك ألزمه بواجبات
محددة ل يجوز مخالفتها أو التفاق على ما يخالفها باعتبارها من النظام العام ,وسنتطرق في هذا الفصل
إلى الحقوق والواجبات التي يلتزم بها الموظف العام وفي مبحثين .
المبحث الول :حقوق الموظف العام .
تأمينا لفاعلية الوظيفة العامة ولتوفير الطمئنان للموظف العام فقد حدد المشرع جملة من الحقوق التي
يجب أن يتمتع بها الموظف منها ما هو ذي طبيعة مالية ومنها ما هو ذي طبيعة أدبية ,نتناولها تباعا :
-المرتب وملحقاته .
-الترقية
-الجازات .
في مقابل الحقوق التي يتمتع بها الموظف العام يجب أن يؤدي مهام معينة ضمانا لحسن سير الوظيفة
العامة ,وقد تعرض المشرع لواجبات الموظفين .ولبد من الشارة إلى أن هذه الواجبات ليست محددة على
سبيل الحصر ,وإنما هي واجبات عامة ناتجة عن طبيعة الوظيفة العامة ,وقد نص المشرع على الساسية
منها والتي سنبينها تباعا :
-أداء العمل .
-طاعة الرؤساء .
-احترام القوانين واللوائح .
-عدم إفشاء أسرار الوظيفية .
-المحافظة على شرف وكرامة الوظيفة .
-عدم جواز الجمع بين الوظيفة وأي عمل آخر .
-عدم ممارسة العمال السياسية والمناهضة للدولة .
الفصل الرابع
تأديب الموظف العام
إذا اخل الموظف العام بواجب من واجبات الوظيفة ،لبد أن يعاقب أو يجازى تأديبيا .
المبحث الول
مفهوم الجريمة التأديبية
في العادة ل يضع المشرع تعرفا محددا للجريمة التأديبية ( ) كما هو الشان في الجريمة الجنائية ويكتفي
غالبا بإيراد الوجبات والمحظورات وينص على أن كل موظف يجب أن يلتزم بهذه الواجبات ويمتنع عن كل
ما يخل بها .
ولعل خشية المشرع في إضفاء وصف الجريمة على المخالفات التأديبية يعود إلى التشابه الذي قد يحصل
بينها وبين الجريمة في المجال الجنائي :
لكن الفقه من جانبه قد سد النقص في هذا المجال فقد عرف الدكتور مغاورى محمد شاهين الجريمة
التأديبية بأنها إخلل بواجب وظيفي أو الخروج على مقتضاها بما ينعكس عليها ) ( .
وعرفها الستاذ الطماوى تعريفا مقاربا فقال " :انها كل فعل أو امتناع يرتكبه العامل ويجافى واجبات
منصبه "( ) ,كما عرفها الستاذ محمد مختار محمد عثمان بانها كل فعل أو امتناع عن فعل مخالف لقاعدة
قانونية أو لمقتضى الواجب يصدر من العامل اثناء اداء الوظيفة أو خارجها مما ينعكس عليها بغير عذر
مقبول ) ( .
ومن الملحظ ان هذه التعاريف قد جاءت خالية من الشارة الى دور الرادة بوصفها ركن من اركان
الجريمة التأديبية ليمكن ان تقوم الجريمة بدونه وان هذا التجاه لو اصبح اتجاها عاما فانه سيؤدى الى
مساواه حسن النية من الموظفين بسيئ النيه ولشك ان ذلك يقود الى التطبيق العشوائى للمساءلة التأديبية
مما يترك اثرا سلبيا على العمل فى المرفق .
ويمكننا تعريف الجريمة التأديبية بأنها كل فعل أو امتناع إرادي يصدر عن الموظف من شانة الخلل
بواجب من واجبات الوظيفة التي ينص عليها القانون فهذا التعريف يجمع بين جنباته أركان الجريمة
التأديبية كافة من ركن مادي ومعنوي وشرعي وركن الصفة .
فالضرر يكون مفترضا لكونه اثر للخلل بواجبات الوظيفة باعتباره إخللً بالصالح العام ) ( .
أما تقدير ما إذا كان فعل الموظف يشكل خطأ تأديبيا أم ل فالمر ل يخرج عن معيارين استند إليهما الفقه
في قياس سلوك الموظف المنحرف .
فالخطأ قد يقاس بمعيار شخصي ومضمونة أن ينظر إلى سلوك الموظف المخطئ ويوزن في ظروف معينة
فيعتبر مخطئا إذا كان سلوكه دون المعتاد منه في مثل تلك الظروف( ) ولشك أن هذا المعيار منتقد فهو
يجعل الموظف النشيط الدائب في العمل يؤاخذ على اهمالة اليسير غير المعتاد منه أما الموظف المهمل فل
يسال عن إخلله بواجبه ما دام إهماله معتاد وهذه نتيجة غريبة ل يمكن معها العتماد على هذا المعيار في
قياس الموظف أما المعيار الخر وهو المعيار الموضوعي فينظر فيه إلى الفعل الذي ارتكبه الموظف ويقاس
وفق المألوف من سلوك الموظف المعتاد ,في ذات فئة الموظف الذي يراد قياس سلوكه فيعتبر الموظف
مخطأ إذا خرج عن هذا المألوف وهذا المعيار هو السائد العمل فيه فقها وقضاء ( ) ,فالمعيار الموضوعي
معيار واقعي يراعى في التطبيق الظروف التي صدر فيها التصرف من ناحية الموظف الذي قام بالفعل من
حيث سن الموظف وحالته الصحية وجنسه ومن ناحية الزمان والمكان والبيئة وافتراض أن الموظف
المعتاد أحاطت به نفس الظروف التي أحاطت الموظف الذي ينسب الخطأ إليه ويوزن التصرف في هذا
الساس فإذا كان تصرف الموظف المعتاد مشابها لتصرف الموظف المخطئ فل مسؤولية على الخير أما
لو حصل العكس فان الموظف يعتبر مرتكبا لخطأ يستوجب المسألة التأديبية ,فالمعيار الموضوعي لم يعد
معيار موضوعيا خالصا فهو موضوعي في الساس إل انه شخصي عندما يقيس ظروف الموظف المخطئ
الذي يتعين العتماد عليه وهذا المعيار هو القدر على تقرير متى يعتبر الموظف مخالفا لواجباته الوظيفية
ومتى يمكن مساءلته تأديبيا .
ثانيا :التمييز بين الجريمة التأديبية والجريمة الجنائية :
تختلف الجريمة التأديبية عن الجريمة في المجال الجنائي من حيث الطبيعة والركان ) (.
ويمكن أن نوجز ما تتميز به الجريمة التأديبية عن الجريمة في النظام الجنائي بما يلي :
.1من حيث الشخاص :
يشترط لوقوع الجريمة التأديبية أن يكون الفعل المعاقب عليه قد ارتكبه موظف مرتبط بالدارة برابطه
وظيفية ) ( .
وهذا مادعى الفقه إلى القول بان نظام التأديب نظام " طائفي " اى انه يتعلق بطائفة في المجتمع على عكس
النظام العقابي الذي يتصف بالعموميه و الشمول ) ( .
.2من حيث الفعال المكونة للجريمة :
أن الجرائم التأديبية ليست محدده على سبيل الحصر لذلك فهي ل تخضع لمبدأ " ل جريمة و عقوبة إل
بنص " و إنما مددها الخلل بكرامة الوظيفة و الخروج على مقتضيات الواجب وتقرير قيام الجريمة من
عدمه خاضع لتقرير الدارة ) ( .
اما الجريمه فى المجال الجنائى فحدده على سبيل الحصر .
.3من حيث الهدف :
يهدف النظام التاديبى الى حسن اداء الموظفين لعمالهم وضمان سير المرافق العامه بانتظام واطراد .اما
فى النظام الجنائى فالمر يتعلق بحماية المجتمع كله وضمان استقراره وامنه .
.4من حيث المسؤوليه :
تستقل الجريمة التأديبية عن الجريمة الجنائية من حيث المسؤولية ،فان إعفاء الموظف من المسؤولية
الجنائية وإلغاء التهمه الجنائية المنسوبة إليه ل يمنع من مساءلته تأديبيا ( ) ،فالمخالفة التأديبية أساسا
قائمة على ذاتها مستقلة عن التهمة الجنائية ,قوامها مخالفة الموظف العام لواجبات وظيفته ومقتضياتها ,
وهذا الستقلل قائم حتى ولو كان هناك ارتباط بين الجريمتين ،فالموظف قد يسأل تأديبيا لمخالفته
النصوص التشريعية أو العرف الداري ومقتضيات الوظيفة العامة ،في حين أن الجريمة الجنائية ل تتقوم
إل إذ خالف الفاعل نصا تشريعيا .
.5من حيث نوع العقاب المفروض -:
أن العقاب التأديبي بتعلق بالمساس بمركز الموظف ومتعلقاته ،ويكون بإيقاع مجموعة من الجزاءات
محددة على سبيل الحصر ،وأثارها محددة سلفا أما في النظام الجنائي فإن العقاب يتعلق بالمساس بحرية
الشخص أو حياته أو ماله ،وللقاضي الحرية في تقدير العقوبة وفق الواقعة المنظورة في الحدود المسموح
بها قانونا .
.6من حيث الجراءات :
تتميز الجريمة التأديبية في الجريمة في المجال الجنائي ،من حيث الجراءات الواجب اتباعها منذ ارتكاب
الموظف للجريمة ومساءلته عنها وحتى إيقاع الجزاء عليه ،وهذه الجراءات تنظمها قوانين خاصة
بالوظيفة العامة والموظفين .
أما الجريمة في المجال الجدنائي فلها أصولها الخاصة التي تنظمها القوانين العامة كقانون الجراءات
الجنائية وقانون المرافعات المدنية ) ( .
غل أن الختلفات السابقة ل تنفي وجود نوع الترابط والصلة بين الجريمتين التأديبية والجنائية ،
فالجريمتان عبارة عن سلوك شاذ يعاقب عليه القانون ويجب تجنبه تحقيقا للمصلحة العامة ،ومن يرتكبه
بعرض نفسه للمساءلة والعقاب المناسب .
كما أن هذا السلوك المنسوب إلى الموظف قد يشكل جريمتين جريمة تأديبية وأخرى جنائية ،ولكن
المساءلة التأديبية ل تتقيد بالمحاكمة الجنائية إل فيما يتعلق بوقوع الفعل المكون للجريمة من الموظف أو
عدم وقوعه ,وفضلً عن ذلك قد تعتبر بعض الع عقوبات التأديبية بمثابة عقوبة تكميلية للعقوبات في
المجال الجنائي .
المبحث الثاني
أركان الجريمة التأديبية
اختلف الفقهاء في تحديد أركان الجريمة التأديبية بصورة عامة ولهم في ذلك مذاهب كثيرة فكان لكل فقيه
رأيه الخاص .
فذهب الستاذ الطماوي إلى أن الجريمة التأديبية تقوم على عنصرين هما الموظف والخطأ أو الذنب الداري
)(.
وذهب الستاذ ماجد راغب الحلو إلى أن الجريمة التأديبية تقوم على ركنين هما الركن المادي والركن
المعنوي ) ( .
بينما ذهب الستاذ عبد الفتاح حسن إلى أن الجريمة التأديبية تقوم على ثلثة أركان أو عناصر العنصر
المادي والعنصر المعنوي ونصر الصفة ) ( .
والراجح أن أركان الجريمة التأديبية هي نفس الركان في أي جريمة أخرى هي الركن الشرعي والركن
المادي والركن المعنوي وللطبيعة الخاصة التي تتميز بها الجريمة التأديبية يكون الركن الرابع فيها ركن
الصفة .
اول :الركن المادي :
يتعلق هذا الركن بماديات الجريمة ومظهرها الخارجي ةل خلف في عدم قيام أي جريمة أو تأديبية دون
توافر هذا الركن .
سواء كان تمثل بمسلك إيجابي ،كما لو كان بشكل ارتداء على رئيس في العمل ظن أو بمسلك سلبي
كالمتناع عن تنفيذ أمر رئاسي واجب الطاعة .
ولكي يكون فعل الموظف مسوغا للمساءلة التأديبية يجب أن يكون محددا وثابتا فل قيام للركن المادي
استنادا للظن أو الشائعات ،لذلك فإن تهامات العامة أو النعوت المرسلة ل يمكن تعتبر مكونة لهذا الركن .
()
كما أن مجرد التفكير دون ان يتخذها هذا التفكير مظهرا خارجيا ملموسا ل يشكل مخالفة تنجيز المساءلة
التأديبية ) ( .
كما أن العمال التحضيرية التي تتمثل في إعداد وسائل تنفيذ الجريمة ،ول يعاقب عليها إل إنها قد تعتبر
في حد ذاته جريمة تأديبية مستقلة ) ( .
ثانيا :الركن المعنوي :
الركن المعنوي هو الرادة الثمة للموظف الذي يرتكب الفعل أو الترك الذي يشكل إخللً بواجبات الوظيفة
ومقتضياتها ,ول يكفي للمساءلة التأديبية أن يرتكب الموظف ما يعتبر منه مخالفة لواجب وظيفي ،وإنما
يجب أن يتوافر عنصر نفسي واع يتجه إلى ارتكاب الفعل أو المتناع وهذا العنصر هو الرادة الثمة أو
الركن المعنوي .
والركن المعنوي في الجريمة التأديبية يختلف في الجريمة العمدية عنه في جريمة الخطأ ففي الجريمة
العمدية ل يكفى أن يحيط الموظف علما بالفعل الذي يرتكبه وإنما يجب أن يقصر تحقيق النتيجة المترتبة
على تصرفه .
أما في الجريمة غير العمدية أو جريمة الخطأ فيتمثل الركن المعنوي في تقصير الموظف وعدم اتخاذه
الحيطة والحذر اللزمين لداء واجباته الوظيفية ،ويكون بانصراف إرادة الموظف إلى ارتكاب العمل دون
الرغبة في النتيجة المترتبة عليه .
ولبد لرتكاب الجريمة سواء كانت جنائية أو تأديبية من توافر الركن المعنوي فإذا تخلفت بأن انعدمت إرادة
الموظف لقوة قاهرة أو مرض أو إكراه أو أمر رئاسي مكتوب فل قيام للجريمة .
غير أن البعض ذهب إلى ضرورة توافر الركن المعنوي في المجال التأديبي في بعض الجرائم التأديبية
المقننة ،وفي مجال الخطاء التي حددها المشرع وجرمها بنصوص خاصة .
إل انه في جرائم أخرى لم يصنعها المشرع على سبيل الحصر ،فالرادة الثمة ل تعنى أكثر من أن
الموظف قد ارتكب الفعل أو المتناع دون عذر شرعي ) ( .
إل أن الرأي الصائب هو ان المساءلة التاديبية تتطلب فين يحاسب غدراكا ووعيا لما يقترفه لذلك قيل بأن
يلزم لقيام الجريمة التأديبية أن يكون الفعل راجعا إلى إرادة العامل إيجابا أو سلبا ) ( .
ثالثا :الركن الشرعي :
يتعلق الركن الشرعي بخضوع الفعل للجرائم وتعلق صفة عدم المشروعية به ،ولبد من القول بأن الفعال
المكونة للذنب التأديبي ليست محددة على سبيل الحصر ،وإنما مردها الخلل بواجبات الوظيفة ومقتضايتها
ل غير ،وهذا ما دعا البعض إلى القول بأنىالجريمة التأديبية ل تخضع لمبدأ شرعية الجرائم ول يتوافر
فيها الركن الشرعي) ( .
إل أن الملحظ أن شرعية الجرائم التأديبية هي غيرها بالقياس لشرعية الجرائم في المجال الجنائي حيث
الخضوع لمبدأ " جريمة ول عقوبة إل بنص " .
فالمبدأ في الجرائم التأديبية أن الموظف يعاقب إذا ما خالف القواعد والواجبات الوظيفية المنصوص عليها
في القوانين والنظمة والتعليمات ) ( .
ول يعني ذلك عدم خضوعها لمبدأ المشروعية ،فالمشروعية في مجال الجرائم التأديبية ل تقتصر على
النصوص القنونية وإنما تلعب فيها أحكام القضاء الداري دورا كبيرا يفوق دور النصوص القانونية .
فالنصوص القانونية التي تحدد الواجبات الوظيفية وتعاقب عند الخلل بها وأحكام القضاء التي تمارس
رقابتها على تطبيق هذه النصو صكفيلة لتقرير مبدأ شرعية الجرائم التأديبية .
وفي ذلك نقول محكمة القضاء الداري المصرية " :أن الجزاء التأديبي – كأي قرار إداري -يجب أن يقوم
على سبب يبرره ن والسبب في الجزاء التأديبي هو الجريمة التاديبية التي تدفع الرئيس الداري إلى التدخل
بسلطته العامة ليحدث في حقالموظف مركزا قانونيا معينا هو العقوبة التي يقوقعها عليه ابتغاء مصلحة
عامة هي حسن سير العمل ،وقد يكون مشار النزاع من هذه الناحية – ناحية السبب -هو التحقق من صحة
قيام الفعال المنسوبة إلى الموظف ،أو التكييف القانوني لهذه الفعال على فرض حصولها ،وهل تكون
الجريمة التأديبية طبقا للقانون ،وليس من شك في أن سلطة الدارة في هذه الناحية أو تلك ليست سلطة
تقديرية ،بل هي سلطة محددة بحدود القانون مقيدة بقيوده") (.
وفي ذات التجاه قضت المحكمة العليا الليبية بقولها " :أن المشرع لم يعدد الجرائم التأديبية علىسبيل
الحصر كما فعل في الجرائم الجنائية حيث تخضع الخيرة لمبدأ ل جريمة ول عقوبة إل بنض ،وإنما ترك
لسلطة التأديب حرية واسعة في تقديرها وهذه الحرية يجب أن يقابلها رقابة قضائية فعالة وواسعة ضمانا
لجدية ركن السبب في القرار الداري " ) ( .
رابعا :ركن الصفة :
ركن الصفة أو الركن الشخصي هو الركن الرابع الذي ل يمكن قيام الجريمة التأديبية بدونه ،وهو شرط
لزم في الجرائم التأديبية دون سواها في الجرائم جنائية كانت أم مدنية،فل بد أن يقع الفعل المكون للجريمة
من أحد العاملين المرتبطين بجهة الدارة برابطة وظيفية) (.
ويثار في هذا المجال سؤال حول الفعال التي تصدر من الموظف الفعلي أو الظاهر ،وهو شخص تدخل
خلفا للقانون في ممارسة اختصاصات وظيفة عامة متخذا مظهر الموظف القانوني النختص ،فهل يجوز
مساءلته تأديبيا في مثل هذه الحالة ؟ .
قبل الجابة على هذا السؤال لبد من القول أن القاعدة كما بينا سابقا أنه ل يجوز للفراد العاديين أن يتولوا
وظيفة علمة بصورة غير قانونية ،لنهم بذلك يكونون مغتصبين لها وجميع تصرفاتهم تعد باطلة ،إل في
حالة الموظف الفعلي استثناءً حفاظا على دوام سير المرافق العامة في ظروف الحروب واتلثورات عندما
يضطر الفراد إلى إدارة المرفق بدون أذن من السلطة ،أو حفاظا على الوضع الظاهر أمام الجمهور عندما
يشغل الشخص وظيفة معينة بناءً على أمر بالتعيين لم يتخذ الشكل القانوني المطلوب لصدوره أو استمراره
يشغل الوظيفة رغم انتهاء صفته كموظف عام ،أو في حالة سكوت الدراة عن تجاوز الموظف اختصاصاته
واستقرار العمل على ذلك .
ففي هذه الحالت اعترف القضاء والفقه ببعض الثار القانونية للوظيفة الفعلية كمنح الموظف الفعلي راتبا
مقابل إدائه لعمله إذا كان حسن النية .
أما حول إمكانية مساءلة الموظف الفعلي تأديبيا ،فقد ثار خلف فقهي بهذا الشأن ،فذهب جانب من الفقه
إلى أن التزامات الموظف الفعلي أقل من التزامات الموظف الرسمي ،وأنه ل يخضع للجزاءات التأديبية لن
مسؤوليته عادية ل مسلكة ،فإذا صدر خطأ شخصي أو زاول العمل بالقوة والعنف والتهديد ،فإن المراجعة
بشأن تصرفاته هي من اختصاص المحاكم العادية جنائي أو مدنية ) ( .
لذلك ل يمكن حسب هذا الرأي تصور مساءلة الموظف الفعلي تأديبيا ،أما الجانب الخر من الفقه فذهب
إلى أن نظرية الموظف الفعلي تضم قطاعين القطاع الول هم الموظفين الفعليون فى الوقات الستثنائيه ،
اى أوقات الحرب والزمات والتورات .وفى هذه الحاله يكون من تولى الوظيفه فردا عاديا ل تجوز
مساءلته تأديبياعن اعماله اثناء شغله للوظيفه .
اما القطاع الثانى فهم الموظفون الفعليون الذين يمارسون اختصاصا معينا فى الظروف العاديه ،بسبب
بطلن التعيين أو انقطاع الصلة بالوظيفه أو حالة الستمرار غير المشروع فى العمل أو سكون الدارة عن
اختصاص الموظف الظاهر .فهؤلء يخضعون لحكام التأديب وما يقع منهم من اخطاء فى ممارسة الوظيفه
بشكل جريمه تأديبيه ) ( .
ونرى ان هذا الراى هو الصوب ذلك ان نظام التاديب ل يسري ال على الفراد المرتبطين مع الداره
برابطه وظيفيه والموظف الفعلى ل يكون مرتبطا بهذه العلقه فى ظل الظروف الستثنائيه .
وقد أيد القضاء الداري هذا الرأي فقالت المحكمة الدارية العليا " أن مناط مسؤولية الموظف الخلل
بالواجبات العامة ،وتتحقق هذه المخالفة ول اثر لكون الموظف الذي وقع منه الخلل مستوفيا شروط
الوظيفة أم ل ،مادام قائما بعمله فعلً كأصيل أو منتدب .إذ أن المانة مطلوبة منه في عمل يؤديه يقطع
النظر عن ظروف إسناد العمل إليه ،ول يبيح الخلل بهذا ،أو يمحو عن الخلل بالمسئولية المترتبة
عليه ،عدم إحالته في العمل الذي أنيطت به اختصاصاته ،كما أن تطوع الموظف للقيام بعمل موظف أخر ل
يعفيه من المسؤولية عن أخطائه " ) ( .
الباب الخامس
القرار الداري
موضوع القرار الداري من أكثر المواضيع أهمية وحيوية في القانون الداري ,فهو السلوب الكثر شيوعا
في أعمال الدارة ,ول نظير له في مجال القانون الخاص ,فمن شأنه أحداث آثار قانونية على عاتق
المخاطبين به دون أن يتوقف ذلك على قبولهم .
وفي هذا الجزء من الدراسة نجد أنه من المناسب تمييز بين القرار الداري وأعمال الدولة الخرى ,ونبين
أركانه أو عناصره وأنواعه والشروط اللزم توافرها في القرار الداري ليكون صحيحا وسليما من الناحية
القانونية وأخيرا نبحث في نهاية القرارات الدارية.
وفي هذا السبيل سنقسم هذا الباب إلى :
الفصل الول :تمييز القرار الداري عن أعمال الدولة الخرى .
الفصل الثاني :مفهوم وعناصر القرار الداري .
الفصل الثالث :تصنيف القرارات الدارية .
الفصل الرابع :النظام القانوني للقرارات الدارية .
الفصل الخامس :نهاية القرارات الدارية .
الفصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل الول
تمييــــــــــــــــز القرار الداري عــــــــــــــــن أعمال الدولة الخرى
تمارس الدولة وفقا لمبدأ الفصـل بيـن السـلطات ثلث مهام أو وظائف هـي الوظيفـة التشريعيـة والوظيفـة
القضائية والوظيفة التنفيذية ,فالوظيفة التشريعية تتضمن مهمة وضع القواعد السلوكية العامة والمجردة
وتختص بممارستها السلطة التشريعية ,أما الوظيفة القضائية فتتضمن الفصل في المنازعات وتختص بها
ـــــــــــــــــــــــة . الســــــــــــــــــــــــلطة القضائيـ
أ ما الوظي فة لتنفيذ ية فتخ تص ب ها ال سلطة التنفيذ ية ال تي تمارس أعمال مختل فة من ها العمال الماد ية كبناء
المنشآت العا مة وتعب يد الطرق أو بناء الج سور ,ك ما ت صدر أعمالً قانون ية وهذه الخيرة من ها ما ي صدر
بإرادتهـا المنفردة دون مشاركـة الفراد وهذه القرارات الداريـة ,ومنهـا العمال القانونيـة التعاقديـة التـي
ــــــــــــــــــــــن . ــــــــــــــــــــــدر باتفاق أرادتيـ تصـ
ومن ثم فإن تمييز القرار الداري ليس بالمر السهل ,فالفصل بين السلطات ل يعني الفصل التام إذ تقتصر
كل هيئة على ممارسة وظيفة خاصة ,إنما تمارس بعض العمال الداخلة أصل في نشاط الهيئات الخرى .
()
فالسلطة التشريعية تمارس عملً إداريا عندما تصدر الميزانية والسلطة التنفيذية قد تفصل في خصومة عن
طريـق المجالس الداريـة ذات الختصـاص القضائي ,بينمـا يمارس القضاء بعـض الختصـاصات الداريـة
ـي المنازعات . ـل فــي الفصـ ـلية فـ
ـه الصـ ـن وظيفتــة فضلً عـ ـي الهيئات القضائيـ ـة بموظفـ المتعلقـ
لذلك كان من الواجب تمييز القرار الداري عن أعمال السلطة التشريعية والسلطة القضائية ,ثم نبحث في
تمييــــــــــــز القرار الداري عــــــــــــن العمــــــــــــل المادي .
يشترك القضاء مـع الدارة فـي سـعيهما الحثيـث نحـو تطـبيق القانون وتنفيذه على الحالت الفرديـة ,فهمـا
ينقلن حكم القانون من العمومية والتجريد إلى الخصوصية والواقعية وذلك بتطبيقه على الحالت الفردية .
()
ويظهر التشابه بينهما أيضا في أن الدارة شأنها شأن القضاء تسهم في معظم الحيان بوظيفة الفصل في
المنازعات مـن خلل نظرهـا فـي تظلمات الفراد وفـي الحالتيـن يكون القرار الداري الصـادر مـن الدارة
والحكــــم القضائي الصــــادر مــــن الســــلطة القضائيــــة أداة لتنفيــــذ القانون .
ومع هذا التقارب سعى الفقه والقضاء إلى إيجاد معيار للتمييز بين العمل القضائي والعمل الداري لخطورة
النتائج المترتبة على الخلط بينهما ,فالقرارات الدارية يجوز بصورة عامة إلغاؤها وتعديلها وسحبها ,أما
الحكام القضائيــــة فطرق الطعــــن فيهــــا محددة تشريعيا على ســــبيل الحصــــر .
وبرزت في مجال التمي يز ب ين القرارات الدار ية والعمال القضائ ية نظريات عدة يم كن ح صرها في ض من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن : معياريـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــار الشكلي . أولً :المعيــ
يقوم هذا المعيار على أساس أن العمل الداري هو ذلك العمل أو القرار الذي يصدر عن فرد أو هيئة تابعة
لجهة الدارة بصرف النظر عن مضمون وطبيعة العمل أو القرار ذاته ,بينما يعد العمل قضائيا إذا صدر عن
جهـة منح ها القانون ول ية القضاء وفقا لجراءات معي نة ,ب صرف الن ظر عـن مضمون وطبيعـة العمـل .
وهذا المعيار منت قد من ح يث أ نه ل يس جل العمال القضائ ية أحكاما ,بل أن من ها ما ي عد أعمالً إدار ية
بطبيعتهـا ,ومـن جانـب آخـر نجـد أن المشرع كثيرا مـا يخول الجهات الداريـة سـلطة الفصـل فـي بعـض
المنازعات فيكون لهذه الجهات اختصــــــــــــــــــــــــــــــاص قضائي .
ـة .ـن الحكام القضائيـ ـة عــز العمال الداريـ ـي لتمييـ
ـاس فإن المعيار الشكلي ل يكفـ
وعلى هذا السـ
ثانيا :المعيار الموضوعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي :
المعيار الموضوعـي أو المادي يقوم على أسـاس النظـر فـي موضوع وطبيعـة العمـل نفسـه دون اعتبار
بالسلطة التي أصدرته ,واعتمد هذا المعيار عناصر عدة يتم من خللها التوصل إلى طبيعة ومضمون العمل
,فيكون الع مل قضائيا ,إذ تض من على " أدعاء بمخال فة القانون ,و حل قانو ني للم سألة المطرو حة ي صاغ
فــي تقريــر ,وقرار هــو النتيجــة الحتميــة للتقريــر الذي انتهــي إليــه القاضــي " ) ( .
في حين يكون العمل إداريا إذا صدر من سلطة تتمتع باختصاص تقديري وليس من سلطة تتمتع باختصاص
مق يد ك ما في أحكام القضاء ,وأن ي صدر بش كل تلقائي ول يس بناءً على طلب من الفراد وأن يكون الغرض
ـــــــــــــة . ـــــــــــــل إشباع حاجات عامـ ـــــــــــــن العمـ مـ
ول شك أن هذه العناصر ل تكفي لتمييز العمال الدارية عن أعمال القضاء ,لن الكثير من قرارات الدارة
إنمــا يصــدر عــن اختصــاص مقيــد ,وكثيرا منهــا ل يصــدر إل بطلب مــن الفراد .
والدارة عند ما تف صل في المنازعات باعتبار ها ج هة ذات اخت صاص قضائي إن ما يقترب نشاط ها من نشاط
القضاء ويهدف إلى حمايـــــــــــــــة النظام القانونـــــــــــــــي للدولة .
إزاء ذلك نشأ معيار مختلط يقوم على أساس المزج بين المعيارين الشكلي والموضوعي إذ ينظر إلى طبيعة
العمـل مـن ناحيـة ,والشكـل الذي يظهـر فيـه العمـل والجراءات المتبعـة لصـدوره مـن ناحيـة أخرى .
والمتتبع لحكام مجلس الدولة في فرنسا يجد أنه يأخذ في الغالب بالمعيار الشكلي لتمييز العمل القضائي عن
القرار الداري إل أنـه يتجـه فـي ب عض الحيان إلى المعيار الموضوعـي فهـو يمزج ب ين المعياريـن الشكلي
والموضو عي لن الع مل القضائي الذي ل ي عد قرارا إداريا ول يخ ضع للط عن أمام القضاء الداري ل يش مل
حتما كــــــل مــــــا يصــــــدر عــــــن الجهــــــة القضائيــــــة ) ( .
,يبدو أن القضاء الداري المصـري قـد واكـب هذا التجاه فقـد قضـت محكمـة القضاء الداري " :أن شراح
القانون العام قـد اختلفوا فـي وضـع معاييـر التفرقـة بيـن القرار الداري والقرار القضائي فمنهـم مـن أخـذ
بالمعيار الشكلي ,ويتضمـن أن القرار القضائي هـو الذي يصـدر مـن جهـة منحهـا القانون وليـة القضاء ,
ومنهم من أخذ بالمعيار الموضوعي وهو ينتهي إلى أن القرار القضائي هو الذي يصدر في خصومة لبيان
حكم القانون فيها و بينما رأى آخرون أن يؤخذ بالمعيارين معا – الشكلي والموضوعي – وقد اتجه القضاء
في فرنسا ثم في مصر إلى هذا الرأي الخير وعلى أن الراجح هو الخذ بالمعيارين معا مع بعض الضوابط
,وبيان ذلك أن القرار القضائي يفترق عن القرار الداري في أن الول ي صدر من هيئة قد ا ستمدت ول ية
القضاء مـن قانون محدد لختصـاصها مـبين لجراءاتهـا ومـا إذا كان مـا تصـدره مـن أحكام نهائيا أو قابلً
للطعن مع بيان الهيئات التي تفصل في الطعن في الحالة الثانية وأن يكون هذا القرار حاسما في خصومة ,
أي فــي نزاع بيــن طرفيــن مــع بيان القواعــد التــي تطبــق عليــه ووجــه الفصــل فيــه") (.
الع مل المادي مجرد واق عة ماد ية غ ير مؤثرة في المرا كز القانون ية ال تي تت صل ب ها ,فإذا كان وجود ال ثر
القانونـي هـو معيار القرارات الداريـة ,فإن غيبـة هذا الثـر تصـبح هـي معيار العمال الماديـة ) ( .
والعمال المادية أما أن تكون أفعالً إرادية أرادتها الدارة وتدخلت لتحقيقها ,مثل الجراءات التنفيذية التي
ل تســــمو لمرتبــــة القرار الداري كهدم المنازل اليلة للســــقوط تنفيذا لقرار الدارة بالهدم .
وقد تكون أفعالً غير إرادية تقع بطريق الخطأ والهمال مثل حوادث السير التي يسببها أحد موظفي الدارة
.
والعمال الماد ية ل تع تبر من قب يل العمال القانون ية الدار ية لن ها ل تر تب آثارا قانون ية مباشرة وتخرج
هذه العمال عـــــــــــــن نطاق الطعـــــــــــــن باللغاء أمام القضاء الداري .
وقد قضت المحكمة الدارية العليا في مصر بأن " :محل العمل المادي الذي ل يختص به القضاء الداري
يكون دائما واقعة مادية أو أجراء مثبتا لها دون أن يقصد به تحقيق آثار قانونية إل ما كان منها وليد إرادة
المشرع مباشرة ل أرادة جهـــــــــــــــــــــــــــــــــة الدارة " ) ( .
وبهذا يتميـز محـل العمـل القانونـي عـن العمـل المادي الذي يكون دائما نتيجـة ماديـة واقعيـة " ) ( .
وعلى الر غم من ذلك فإن عدم اعتبار الع مل المادي قرارا إداريا وأن كان يم نع الط عن ف يه باللغاء ,فأ نه
ي صح أن يكون محلً لمناز عة إدار ية ت مس م صالح الفراد فيكون محلً لطلب التعو يض على أ ساس دعوى
القضاء الكامــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل .
ومن المستقر في القضاء الداري أن كل قرار لم يصدر عن أرادة الدارة في أحداث أثر قانوني سلبيا كان
أن إيجابيا ل يعـد قرارا أداريا صـالحا للطعـن فيـه باللغاء ول يعدو أن يكون أجراءً تنفيذيا أو عملً ماديا .
الفصـــــــــــــــــــــــــل الثانـــــــــــــــــــــــــي
مفهوم القرار الداري وعناصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــره
في هذا الجزء من الدراسة نبحث في تعريف القرار الداري والعناصر الزمة لوجوده صحيحا وسليما من
الناحيــــــــــــــــــــــــة القانونيــــــــــــــــــــــــة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــث الول المبحـ
تعريـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــف القرار الداري
نال موضوع القرار الداري عناية الكثير من الفقهاء ,كما أسهم القضاء الداري في الكشف عن الكثير من
ملمحه ,ومع اختلف تعريفات الفقه والقضاء للقرار الداري من حيث اللفاظ فأنه ينم عن مضمون واحد
.
فقد عرفه العميد " دوجي " بأنه كل عمل إداري يصدر بقصد تعديل الوضاع القانونية كما هي قائمة وقت
ـــــة . ـــــتقبلة معينـ ـــــة مسـ ـــــي لحظـ ـــــا تكون فـ ـــــدوره أو كمـ صـ
وعرفــه " بونار " بأنــه كــل عمــل إداري يحدث تغييرا فــي الوضاع القانونيــة القائمــة) (.
وعرفـه " رفيرو " بأنـه العمـل الذي بواسـطته تقوم الدارة با ستعمال سـلطتها فـي تعديـل المراكـز القانونيـة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا المنفردة ) ( . بإرادتهـ
أ ما في الف قه العر بي ,ف قد عر فه الدكتور " سامي جمال الد ين " بأ نه ت عبير عن الرادة المنفردة ل سلطة
إداريـــــــة بقصـــــــد أحداث أثـــــــر قانونـــــــي معيـــــــن ) ( .
وجاء في تعريف الدكتور " ماجد راغب الحلو " بأن القرار الداري هو إفصاح عن إرادة منفردة يصدر عن
ســـــــــلطة إداريـــــــــة ويرتـــــــــب آثارا قانونيـــــــــة ) ( .
أ ما القضاء الداري الم صري ف قد ا ستقر على تعري فه أ نه أف صاح الدارة عن إرادت ها الملز مة ب ما ل ها من
سـلطة بمقتضـي القوانيـن واللوائح بقصـد أحداث أثـر قانونـي معيـن ابتغاء مصـلحة عامـة ) ( .
ويتضــح مــن هذا التعريــف أن هناك عدة شروط يجــب توافرهــا لنكون أمام قرار إداري وهــي :
-أن يصـــــــدر القرار مـــــــن ســـــــلطة إداريـــــــة وطنيـــــــة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــدر بالرادة المنفردة للدارة . -أن يصـ
ــــــــــــــــــــة . ــــــــــــــــــــب القرار لثار قانونيـ -ترتيـ
ــــــة : ــــــة وطنيـ ــــــلطة إداريـ ــــــن سـ ــــــدر القرار مـ أولً :أن يصـ
يشترط في القرار الداري أن يصدر من سلطة إدارية وطنية سواء أكانت داخل حدود الدولة أو خارجها من
دون الن ظر إلى مركز ية ال سلطة أو عدم مركزيت ها ,وال عبرة في تحد يد ما إذا كا نت الج هة ال تي أ صدرت
القرار وطنية أم ل ليس بجنسية أعضائها ,وإنما بمصدر السلطة التي تستمد منها ولية إصدار القرار .
ولنكون أمام قرار إداري ينب غي أن ي صدر هذا القرار من ش خص عام له ال صفة الدار ية و قت إ صداره ول
عبرة بتغير صفته بعد ذلك ,وهو ما يميز القرار الداري عن العمال التشريعية والقضائية التي بيناها وفقا
للمعيار الشكلي ,إذ يتـم النظـر إلى صـفة الجهـة التـي قامـت بالعمـل والجراءات المتبعـة فـي إصـداره .
ووفقا لهذا الشرط ل يمكـن اعتبار القرارات الصـادرة عـن أشخاص القانون الخاص قرارات إداريـة إل فـي
حالتيـن اعترف فيهمـا القضاء الداري بالصـفة الداريـة للقرارات الصـادرة مـن أشخاص القانون الخاص ,
تتعلق الحالة الولى بالقرارات ال صادرة عن المو ظف الفعلي أو الظا هر ,و هو ش خص تد خل خلفا للقانون
في ممارسة اختصاصات وظيفة عامة ,متخذا مظهر الموظف القانوني المختص ) ( .أما في الحالة الثانية
فتتعلق بالقرارات الصـــــــادرة مـــــــن ملتزم المرافـــــــق العامـــــــة ) ( .
ثانيا :صــــــــــــــــــــــــــــــــدور القرار بالدارة المنفردة للدارة .
يجب أن يصدر القرار من جانب الدارة وحدها ,وهو ما يميز القرار الداري عن العقد الداري الذي يصدر
باتفاق أرادتين سواء أكانت هاتين الرادتين لشخصين من أشخاص القانون العام أو كان أحدها لشخص من
أشخاص القانون الخاص .
والقول بضرورة أن يكون الع مل الداري صادرا من جا نب الدارة وحد ها ليكت سب صفة القرار الداري ل
يعني أنه يجب أن يصدر من فرد واحد ,فقد يشترك في تكوينه أكثر من فرد كل منهم يعمل في مرحلة من
مراحــــل تكوينــــه لن الجميــــع يعملون لحســــاب جهــــة إداريــــة واحدة ) ( .
المبحـــــــــــــــــــــــــث الثانـــــــــــــــــــــــــي
عناصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر القرار الداري
يقوم القرار الداري على عناصـر أسـاسية إذا لم يسـتوفها يكون معيبا أو غيـر مشروع ,وقـد درج الفقـه
والقضاء على أنـه يلزم أن يتوافـر للقرار الداري باعتباره عملً قانونيا خمـس عناصـر لينتـج آثاره ويكون
صــــحيحا هــــي :الختصــــاص ,الشكــــل ,الســــبب ,المحــــل ,الغايــــة .
أولً :الختصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاص .
أن توزيـع الختصـاصات بيـن الجهات الداريـة مـن الفكار السـاسية التـي يقوم عليهـا نظام القانون العام
ويراعى فيها مصلحة الدارة التي تستدعي أن يتم تقسيم العمل حتى يتفرغ كل موظف لداء المهام المناطة
به على أفضل وجه ,كما أن قواعد الختصاص تحقق مصلحة الفراد من حيث أنه يسهل توجه الفراد إلى
أقسـام الدارة المختلفـة ويسـاهم فـي تحديـد المسـؤولية الناتجـة عـن ممارسـة الدارة لوظيفتهـا .
ويقصـد بالختصـاص القدرة على مباشرة عمـل إداري معيـن أو تحديـد مجموعـة العمال والتصـرفات التـي
يكون للدارة أن تمارســـــــها قانونا وعلى وجـــــــه يعتـــــــد بـــــــه ) ( .
والقاعدة أن يتـم تحديـد اختصـاصات كـل عضـو إداري بموجـب القوانيـن والنظمـة ول يجوز تجاوز هذه
ل.الختصـــــاصات و إل اعتـــــبر القرار الصـــــادر مـــــن هذا العضـــــو باط ً
وقواعد الختصاص تتعلق بالنظام العام ,لذلك ل يجوز لصاحب الختصاص أن يتفق مع الفراد على تعديل
تلك القواعـد ,و إل فإن القرار الصـادر مخالفا لهذه القواعـد يكون معيبا بعيـب عدم الختصـاص ,ويكون
لصـاحب الشأن أن يطعـن بهذا العيـب أمام القضاء الداري بدعوى اللغاء ول يسـقط الدفـع بهذا العيـب
بالدخول فـي موضوع الدعوى ,ويجوز إبداؤه فـي أي مرحلة مـن مراحلهـا ,وعلى القاضـي أن يحكـم بعدم
الختصـــــــــــــــــــــــــــــــــاص تلقائيا لو لم يثيره طالب اللغاء .
وقد شبه بعض الفقهاء قواعد الختصاص في القانون العام بقواعد الهلية في القانون الخاص لن كلهما
يقوم فــــــي الســــــاس على القدرة على مباشرة التصــــــرف القانونــــــي .
ويتضح الختلف من حيث المقصود في كل منها ,فالهدف من قواعد الختصاص حماية المصلحة العامة
أما قواعد الهلية فالهدف منها هو حماية الشخص ذاته ,وأن الهلية في القانون الخاص هي القاعدة ,أما
عدم الهلية فاستثناء على هذه القاعدة ,ويختلف الختصاص عن ذلك في أنه يستند دائما إلى القانون الذي
يـبين حدود أمكان مباشرة العمـل القانونـي ,وأن سـبب عدم الهليـة يتركـز فـي عدم كفايـة النضوج العقلي
للش خص بين ما يكون الدا فع في تحد يد الخت صاص هو الع مل على التخ صيص وتق سم الع مل ب ين أعضاء
الســـــــــــــــــــــــلطة الداريـــــــــــــــــــــــة ) ( .
والقواعـــد القانونيـــة المتعلقـــة بالختصـــاص يمكـــن حصـــرها بالعناصـــر التيـــة :
.1قواعد الختصاص من حيث الشخاص :يشترط لصحة القرار الداري أن يصدر من الشخص أو الهيئة
المنوط بها إصداره ,فل يملك هذا الشخص أو تلك الجهة نقل اختصاصها للغير إل في الحوال التي يجيزها
القانون بناءً على تفو يض أو حل قانو ني صحيح و إل كان القرار ال صادر مشوبا بع يب عدم الخت صاص .
.2قواعـد الختصـاص مـن حيـث الموضوع :يحدد القانون اختصـاصات كـل موظـف أو جهـة إداريـة
بموضوعات معينة فإذا تجاوز هذا الموظف أو الدارة اختصاصاته تلك فتعدى على اختصاصات جهة أخرى
,تح قق ع يب عدم الخت صاص ,ويكون هذا العتداء أ ما من ج هة إدار ية على اخت صاصات ج هة إدار ية
أخرى مواز ية أو م ساوية ل ها ,أو من ج هة إدار ية دنيا على اخت صاصات ج هة إدار ية عل يا أو من ج هة
أخرى إدارية عليا على اختصاصات جهة أدنى منها ,أو اعتداء السلطة المركزية على اختصاصات الهيئات
اللمركزيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة .
.3قواعـد الختصـاص حيـث المكان :يتـم مـن خللهـا تحديـد النطاق المكانـي الذي يجوز لرجـل الدارة أن
يبا شر اخت صاصه ف يه ,فإذا تجاوز هذا النطاق ,فإن قرارا ته كون مشو بة بع يب عدم الخت صاص ,وهذا
العيب قليل الحدوث في العمل لن المشرع كثيرا ما يحدد وبدقة النطاق المكاني الذي يجوز لرجل الدارة أن
يمارس اختصـــاصه فيـــه وغالبا مـــا يتقيـــد الخيـــر بحدود هذا الختصـــاص ول يتعداه .
.4قواعـد الختصـاص مـن حيـث الزمان :وذلك بأن يتـم تحديـد فترة زمنيـة معينـة يكون لرجـل الدارة أن
يباشر اختصاصه فيها ,فإذا أصدر قرار خارج النطاق الزمني المقرر لممارسته ,كما لو أصدر رجل الدارة
قرارا إداريا ق بل صدور قرار تعيي نه أو ب عد قبول ا ستقالته أو ف صله من الوظي فة أو إحال ته على التقا عد .
كذلك إذا حدد المشرع مدة معينـة لممارسـته اختصـاص معيـن أو لصـدار قرار محدد فإن القرار الداري
ل ومعيبا بعدم الختصاص إذا اشترط المشرع ذلك الصادر بعد انتهاء المدة الزمنية المعينة لصداره يعد باط ً
,فإن لم يفعــل فقــد درج القضاء الداري فــي فرنســا ومصــر على عدم ترتيــب البطلن ) ( .
ومخالفة قواعد الختصاص أما أن تكون في صورة إيجابية أو في صورة سلبية ,فتكون المخالفة إيجابية
عندمـا يصـدر الموظـف أو الجهـة الداريـة قرارا مـن اختصـاص موظـف آخـر أو جهـة إداريـة أخرى .
وتكون المخالفة سلبية عندما يرفض الموظف أو الدارة إصدار قرار معين ظنا منهما بأن القرار غير داخل
ــــــــــــــاصاتهما . ــــــــــــــن اختصـ ــــــــــــــي ضمـ فـ
ثانيــــــــــــــــــــــــا :الشكـــــــــــــــــــــــــل .
الشكـل هـو المظهـر الخارجـي أو الجراءات التـي تعـبر بهـا الدارة عـن إرادتهـا الملزمـة للفراد .
والصل أن الدارة غير ملزمة بأن تعبر عن إرادتها بشكل معين إل إذا نص القانون على خلف ذلك ,وفي
هذه الحالة يجـب أن يتخـذ القرار الشكليـة المقررة لصـدوره ,كأن يشترط القانون ضرورة أن يكون القرار
مكتوبا ,أو اسـتشارة جهـة متخصـصة قبـل إصـداره أو تسـبيبه إلى غيـر ذلك مـن أشكال أخرى .
ويحدد القانون بمعناه العام قواعد الشكل والجراءات بما ينص عليه الدستور أو التشريع العادي أو النظمة
و كذلك تؤدي المبادئ القانونية العامة دورا مهما في ابتداع قواعد شكلية غير منصوص عليها في القانون
والنظمــة بالســتناد إلى روح التشريــع ومــا يمليــه العقــل وحســن تقديــر المور ) ( .
وعند ما يشترط القانون إتباع ش كل أو إجراء مع ين إن ما ي سعى من ج هة إلى تحق يق م صلحة الفراد وعدم
فسـح المجال للدارة لصـدارها قرارات مجحفـة بحقوقهـم بصـورة ارتجاليـة ,ومـن جهـة أخرى يعمـل على
تحقيق المصلحة العامة في ألزام الدارة بإتباع الصول والتروي وعدم التسرع في اتخاذ قرارات خاطئة .
وقد درج القضاء الداري على التمييز بين ما إذا كانت المخالفة في الشكل والجراءات قد تعلقت بالشروط
الجوهرية التي تمس مصالح الفراد وبين ما إذا كانت المخالفة متعلقة بشروط غير جوهرية ل يترتب على
ــي . ــبة للنوع الول دون النوع الثانـــب البطلن بالنسـ ــالحهم ويترتـ ــاس بمصـ ــا مسـ إهدارهـ
ـــــــة القرار الداري : ـــــــي مشروعيـ ـــــــر فـ ـــــــي تؤثـ .1الشكال التـ
ل يمكن أن نحصر الشكال والجراءات التي يترتب على مخالفتها بطلن القرار الداري إل أن المستقر في
الفقـه والقضاء الداري أن أهـم هذه الشكليات تتعلق بشكـل القرار ذاتـه ,وتسـبيبه والجراءات التمهيديـة
السـابقة على إصـداره ,والشكال المقررة لحمايـة مصـالح المخا طبين بالقرار أو التـي تؤثـر فـي الضمانات
المقرر للفراد فــــــــــــــــــي مواجهــــــــــــــــــة الدارة ) ( .
.2الشكال التـــــــي ل تؤثـــــــر فـــــــي مشروعيـــــــة القرار الداري :
في المستقر في القضاء الداري أنه ل يترتب البطلن على كل مخالفة للشكليات دون النظر إلى طبيعة هذه
المخال فة ف قد أطرد القضاء على التمي يز ب ين الشكال الجوهر ية والشكال الثانو ية أو غ ير الجوهر ية ور تب
البطلن على الولى دون الثانيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة .
والتمييز بين أشكال الجوهرية والشكال غير الجوهرية مسألة تقديرية تتقرر في ضوء النصوص القانونية
ورأي المحكمـة ,وبصـورة عامـة يكون الجراء جوهريا إذا وصـفه القانون صـراحة بذلك ,أو إذا رتـب
البطلن كجزاء على مخالفتـه ,أمـا إذا صـمت القانون فإن الجراء يعـد جوهريا إذا كان له أثـر حاسـم ,
وبع كس ذلك فإ نه ي عد أجراء ثانويُا و من ثم فإن تجاهله ل ي عد عيبا يؤ ثر في مشروع ية ذلك القرار ) ( .
وقد استقر القضاء الداري على أن الجراءات الثانوية والتي ل يترتب على مخالفتها بطلن القرار الداري
على نوعين :النوع الول يتمثل في الشكال والجراءات المقررة لمصلحة الدارة ,أما النوع الثاني فيتعلق
بالشكال والجراءات الثانوية التي ل تؤثر في مضمون القرار كإغفال الدارة ذكر النصوص القانونية التي
كانــــــــــت الســــــــــاس فــــــــــي إصــــــــــداره ) ( .
الفصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل الثالث
تصــــــــــــــــــــــنيف القرارات الداريــــــــــــــــــــــة
تنقسم القرارات الدارية إلى أنواع متعددة حسب الزاوية التي ينظر منها إلى القرار أو حسب الساس الذي
يقوم عليــــــــــــــــــــــه التقســــــــــــــــــــــيم ) ( .
فمن حيث التكوين توجد قرارات بسيطة وأخرى مركبة ومن حيث أثرها تقسم إلى قرارات منشئة وقرارات
كاش فة و من زاو ية رقا بة القضاء تو جد قرارات خاض عة لرقا بة القضاء وقرارات ل تخ ضع لرقا بة القضاء
و في ح يث نفاذ ها في مواج هة الفراد تق سم إلى قرارات نافذة في حق الفراد وأخرى غ ير نافذة في حق هم
وأخيرا مـــن حيـــث مدى القرارات وعموميتهـــا توجـــد قرارات فرديـــة وأخرى تنظيميـــة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــث الول
المبحـ
يمكن تقسيم القرار الدارية من حيث طبيعة آثارها إلى قسمين :قرارات منشئة وهي القرارات التي يترتب
ل أو إلغاء ,كالقرار
علي ها أنشاء مرا كز قانون ية جديدة أو أحداث تغي ير في المرا كز القانون ية القائ مة تعدي ً
ــــــه. ــــــف عام أو فصـــــــله أو معاقبتـ الصـــــــادر بتعييـــــــن موظـ
أ ما القسم الثا ني من القرارات في سمى بالقرارات الكاشفة ويقصد ب ها القرارات التي ل تحدث مركزا قانونيا
جديدا وإنما تقرر حالة موجودة أو تكشف عن مركز قانوني قائم مسبقا ,مثل القرار الصادر بفصل موظف
لصدور حكم ضده بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو القرار الذي يتضمن
ــــــه . ــــــف إليـ ــــــابق دون أن يضيـ ــــــير قرار سـ ــــــد أو تفسـ تأكيـ
ويتبين من ذلك أن أثر القرارات الكشافة ينحصر في إثبات وتقرير حالة موجودة من قبل ول يتعدى ذلك إلى
أنشاء مراكـــــــــــــــــــــز قانونيـــــــــــــــــــــة جديدة .
ـن :ـي أمريـ ـة المنشئة فـ ـة والقرارات الداريـ ـة الكشافــن القرارات الداريــة بيــة التفرقـوتبدو أهميـ
.1أن القرارات المنشئة تر تب آثار ها م نذ صدورها أ ما القرارات الكاش فة فتر جع آثار ها إلى التار يخ الذي
ولدت ف يه الثار القانون ية ال تي ك شف عن ها القرار ,إل أن ذلك ل يع تبر إخللً بمبدأ عدم رجع ية القرارات
الدار ية ,لن أ ثر القرارات الكاش فة فوري إذ تك شف عن الع مل القانو ني المن شئ للمر كز القانو ني م حل
القرار الكاشــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــف ) ( .
.2القرارات الكاشفـة يجوز للدارة سـحبها دون التقيـد بميعاد محدد مطلقا ,أمـا القرارات الداريـة المنشئة
فإن ســـــــــــحبها يكون مقيـــــــــــد بميعاد الطعـــــــــــن باللغاء .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــث الثالث المبحـ
القرارات الداريـــــــــة مـــــــــن حيـــــــــث رقابـــــــــة القضاء
(قرارات تخضــــــــع للرقابــــــــة وقرارات ل تخضــــــــع للرقابــــــــة )
تنق سم القرارات الدارية من زاوية خضوع ها لرقابة القضاء ,إلى قرارات تخ ضع لرقابة القضاء وهذا هو
الصـل ,وقرارات ل تخضـع لرقابـة القضاء وهـي القرارات المتعلقـة بأعمال السـيادة أو تلك التـي منعـت
التشريعات الطعـــــــــــــــــــن فيهـــــــــــــــــــا أمام القضاء .
.1أعمــال ال سيـــادة :اختلف الفقه والقضاء في تعريف أعمال السيادة ,وهي في حقيقت ها قرارات
إدارية تصدر عن السلطة التنفيذية ,وتتميز بعد خضوعها لرقابة القضاء سواء أكان باللغاء أو التعويض .
()
وقد نشأت نظرية أعمال السيادة في فرنسا عندما حاول مجلس الدولة الفرنسي أن يحتفظ بوجوده في حقبة
ـة ) ( .ـلطة التنفيذيـ
ـض أعمال السـ ـة على بعـ ـن الرقابـ
ـا تخلى عـ ـا عندمـ ـة إلى فرنسـ إعادة الملكيـ
غ ير أن النتقادات الموج هة لهذا المعيار دف عت مجلس الدولة إلى التخلي ع نه وال خذ بمعيار طبي عة الع مل
الذي يقوم على أسـاس البحـث فـي موضوع العمـل الداري فإذا تعلق بتحقيـق مصـلحة الجماعـة السـياسية
والسهر على احترام الدستور وسير الهيئات العامة وعلقات الدولة مع الدول الجنبية فإن العمل يكون من
العمال الحكوم ية أو أعمال ال سيادة ,أ ما إذا كا نت العمال الدار ية ال تي تتعلق بالت طبيق اليو مي للقوان ين
والشراف على علقات الفراد بالهيئات الدار ية مركز ية أو غ ير مركز ية فإن العمـل يكون إداريا ويخضـع
لرقابــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة القضاء إلغاءً وتعويضا ) ( .
في ح ين ات جه جانب من الف قه إلى ال خذ بمعيار آ خر ي سمى القائ مة القضائ ية ,يقوم على أن تحد يد أعمال
السـيادة يعتمـد على مـا يقرره القضاء فهـو يـبين هذه العمال ويحدد نطاقهـا ,وقـد أسـهم مجلس الدولة
ـــا : ـــيادة أهمهـ ـــة لعمال السـ ـــع قائمـ ـــي وضـ ـــة التنازع فـ ـــي ومحكمـ الفرنسـ
-العمال المتعلقـــــــــــة بعلقـــــــــــة المحكومـــــــــــة بالبرلمان .
-القرارات الخاصــــــة بانتخاب المجالس النيابيــــــة والمنازعات الناشئة عنهــــــا .
-قرارات رئيس الجمهورية المتعلقة بالعلقة بين السلطات الدستورية ،وممارسة الوظيفة التشريعية مثل
قرار اللجوء إلى السـلطات السـتثنائية المنصـوص عليهـا المادة 16مـن الدسـتور 1958الفرنسـي ) (.
ـــــــــية ) (. ـــــــــة والدبلوماسـ ـــــــــلة بالعلقات الدوليـ -العمال المتصـ
-العمال المتعلقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة بالحرب) (.
-2القرارات المحصنة في الرقابة القضاء -:من مظاهر سيادة القانون أن تخضع قرارات الدارية جميعا
لرقابـة القضاء ،فهـو الوسـيلة الوحيدة للحفاظ على حقوق الفراد فـي مواجهـة الدولة بهيئاتهـا المختلفـة
التشريعيــــــــــــــــــــــة والتنفيذيــــــــــــــــــــــة ) (.
فالقضاء يملك تقويم الداري وإجبارها على احترام المشروعة إذا ما حادث عنها ولشك أن في ذلك ضمان
مهمة لحماية حقوق الفراد وحرياتها ،وتتم من خلل السماح للفراد بالطعن في قرارات الدارية إذا مست
مصـــــــالحهم طالبيـــــــن إلغائهـــــــا أو التعويـــــــض عنهـــــــا .
وإذا كان الصـل خضوع الدارة لرقابـة القضاء فان مسـتلزمات المصـلحة العامـة قـد تقتضـي التخفيـف مـن
صرامة هذا المبدأ فتسمح بموازنة مبدأ المشروعية من خلل نظرية السلطة التقديرية والظروف الستثنائية
.
إل أن الدول تبالغ أحيا نا في استعاد الكثير من القرارات الدارية من الخضوع للط عن أمام القضاء للعتبار
مختلفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة .
ولشـك ان هذا التجاه خطيـر مـن المشرع لن تحصـينة للقرارات الداريـة مـن الطعـن ،يجرد الفراد مـن
ضمانـــــــه مهمـــــــه فـــــــي مواجهـــــــة عســـــــف الدارة وذلك .
المبحـــــــــــــــــــــــــث الرابـــــــــــــــــــــــــع
القرارات الداريـــــة مـــــن حيـــــث نفاذهـــــا فـــــي مواجهـــــة الفراد
(قرارات نافذة وقرارات غيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر نافذة )
تنق سم القرارات الدار ية من ح يث أثر ها بالن سبة للفراد إلى قرارات ملز مة للفراد ونافذة بحق هم ،وعلي هم
احترامهــا وإذا قصــروا فــي ذلك اجــبروا على التنفيــذ ،وهذا الصــل فــي القرارات الداريــة .
وقرارات إدار ية ويقت صر أثر ها على الدارة ت سمي الجراءات الداخل ية ومن ها المنشورات والتعليمات على
اختلف أنواعها وتعليمات شارحة ،أو آمره أو ناصحه أو مقرره ومؤكده ( ) وهذا النوع من القرارات غير
نافــــذ فــــي حــــق الفراد وغيــــر ملزم له ،ول يحتــــج بهــــا عليهــــم .
بل ان من القضاء من أنكر على التعليمات صفتها القانونية وأعتبرها من قبيل العمال المادية محللين ذلك
بانها موجهة من الرؤساء الداريين الى موظفين وليس من الواجب على هؤلء اطاعتها وليمكن الزامهم
بهــــا ال بطريــــق غيــــر مباشــــر عــــن طريــــق العقوبات التأديبيــــة .
بيـد ان هذا القول ليمكـن العتداد بـه لن مخالفـة التعليمات بنتـج عنهـا بطبيعـة الحال التهديـد بالمسـاس
بالمركـز الشخـص للموظـف ونعتقـد ان هذا كاف لضفاء طابـع العمـل القانونـي على التعليمات ) (.
ال ان مايميز هذا النوع من القرارات هو انها غير موجهه للفراد ول ترتب أثار قانوني في مواجهتهم لنها
تخاطـــــــــــــــب الموظفيـــــــــــــــن فقـــــــــــــــط .
ويتر تب على هذا التقي يم ان الجراءات الداخل ية أو التعليمات ليم كن ان تكون موضوعا لدعوى اللغاء ،فل
يق بل من الفراد الط عن باللغاء ضد ها لن ها غ ير نافذة في مواجهت هم ،ك ما ا نه ليق بل من المو ظف الذي
تخاط به هذه القرارات الط عن في ها باللغاء ل نه ي قع على عات قه أطاعت ها والع مل ب ها والتعرض للعقوبات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة . التأديبيـ
المبحــــــــــــــــــــــــث الخامــــــــــــــــــــــــس
القرارات الداريـــــــة مـــــــن حيـــــــث مداهـــــــا أو عموميتهـــــــا
ـــــــــــــــــــة) (القرارات تنظميــــــــــــــــــــة ،قرارات فرديـ
تنق سم القرارات الدارية من ح يث مداها الى قرارات تنظيم ية أو لوائح ،وقرارات فرد ية ،ويعد هذا التقسيم
من أهم تقسيمات القرارات الدارية لما يترتب عليه من نتائج تتعلق بالنظام القانوني الذي يخضع له كل من
القرارات التنظيميــــــــــــــــــة والقرارات الفرديــــــــــــــــــة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة : أول :القرارات التنظيميـ
القرارات التنظيم ية هي تلك القرارات ال تي تحتوي على قواعد عا مة مجرد ت سري على جم يع الفراد الذ ين
تنطبــــــــق عليهــــــــم الشروط التــــــــي وردت فــــــــي القاعدة .
وعموم ية المرا كز القانون ية ال تي يتضمن ها القرار التنظي مي لتع ني ان ها تنط بق على كا فة الشخاص في
المجتمــع ،فهــي تخاطــب فرد أو فئة معينــة فــي المجتمــع معيينيــن بصــفاتهم لبذواتهــم ) (.
والقرارات التنظيم ية هي في حقيقتهـا تشريـع ثانوي يقوم الى جا نب التشر يع العادي ،ال أ نه ي صدر عن
الدارة ،وعلى ذلك فهو تشريع ثانوي يطبق على كل من يستوفي شروطا معينة تضعها القاعدة مسبقا ول
ت سنفذ اللئ حة موضوع ها بتطبيق ها ،بل ت ظل قائ مة لتط بق م ستقبل ) (،مع ان ها ا قل ثبا تا من القانون.
وعلى الرغم من اشتراك اللئحة مع القانون من حيث انهما يتضمنان قواعد عامة مجرده ،فانهما يختلفان
في مضمون كل منه ما فالقانون ي ضع او يقرر مبادئ عا مة ا ساسية ،بين ما يقت صر دور اللئ حة على ايراد
الحكام التف صيلية ال تي يتعرض اليها القانون ك ما ان القانون ي صدر بعد إقراره من ال سلطة التشريع ية ،ا ما
القرارات التنظيميـــــة أو اللوائح فتصـــــدر عـــــن الســـــلطة التنفيذيـــــة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــا-: وتتنوع اللوائح الى عدة انواع أهمـ
-1اللوائح التنفيذ ية -:و هي ال تي ت صدرها الدارة بغرض و ضع القانون مو ضع التنف يذ ،و هي تخ ضع
تماما للقانون وتقيــد بــه وتتبعــه ،فل تملك ان تعدل فيــه او تضــف اليــه او تعطــل تنفيذه.
-2لوائح الضبـط -:وهـي تلك اللوائح التـي تصـدرها الدارة بقصـد المحافظـة على النظام العام بعناصـره
المختل فة ،ال من العام ،وال صحة العا مة وال سكنية العا مة ،و هي مه مه بال غة الهم ية لتعلق ها مباشرة بحياة
الفراد وتقيـد حرياتهـم لنهـا تتضمـن اوامـر ونواهـي و توقـع العقوبات على مخالفيهـا ،مثـل لوائح المرور
وحمايـــــــــــة الغذيـــــــــــة والمشروبات والمحال العامـــــــــــة .
-3اللوائح التنظيمية -:وتسمى ايضا اللوائح المستقلة وهي اللوائح التي تتعدى تنفيذ القوانين الى تنظيم
بعـــض المور التـــي لم يتطرق اليهـــا القانون فتقترب وظيفتهـــا مـــن التشريـــع .
-4لوائح الضرورة -:وهـي اللوائح التـي تصـدرها السـلطة التنفيذيـة فـي غيبـة البرلمان أو السـلطة
التشريعيـة لمواجهـة ظروف اسـتثنائية عاجلة تهدد أمـن الدولة وسـلمتها ،فتمتلك السـلطة التنفيذيـة مـن
خللها ان تنظم امور ينظمها القانون اصل ويجب ان تعرض هذه القرارات على السلطة التشريعية في اقرب
فرصــــــــــــــــــــــــة لقرارهــــــــــــــــــــــــا .
-5اللوائح التفويض ية -:و هي القرارات ال تي ت صدرها ال سلطة التنفيذ ية بتفو يض من ال سلطة التشريع ية
لتنظيم بعض المسائل الداخلة اصل في نطاق التشريع ويكون لهذه القرارات قوة القانون سواء اصدرت في
غيبـــــــة الســـــــلطة التشريعيـــــــة أو فـــــــي حالة انعقادهـــــــا.
الفصـــــــــــــــــــــــــل الرابـــــــــــــــــــــــــع
النظام القانونــــــــــــــــــــي للقرارات الداريــــــــــــــــــــة
Le Regim des decision administratives
يتضمن النظام القانوني للقرارات الدارية على امتيازات مهمة مقررة للسلطة ,مثلما يحتوى على قيود ترد
على حريـة الدارة ,وفـي هذا الجانـب مـن الدراسـة نتناول هذه المتيازات والقيود فـي ثلثـة مباحـث :
المبحـــــث الول :ســـــلطة الدارة فـــــي إصـــــدار القرارات الداريـــــة .
المبحــــــــــــث الثانــــــــــــي :نفاذ القرارات الداريــــــــــــة .
المبحــــــــــــث الثالث :تنفيــــــــــــذ القرارات الداريــــــــــــة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــث الول
المبحـ
ســـــــــلطة الدارة فـــــــــي إصـــــــــدار القرارات الداريـــــــــة
تمارس الدارة سلطتها في إ صدار القرار بإتباع أ سلوبين :الول أن تمارس اخت صاصا مقيدا عند ما يلزمها
المشرع بوجوب الت صرف على الن حو مع ين ,وال سلوب الثا ني يتم ثل بممارسة الدارة اخت صاصا تقديريا ,
عندمــــــا يترك لهــــــا المشرع قدرا مــــــن حريــــــة التصــــــرف .
وتتجلى سلطة الدارة التقديرية في عنصر السبب وهو الحالة الواقعية والقانونية التي تبرر اتخاذ القرار ,
والمحل وهو الثر القانوني المترتب عنه حالً ومباشرة ,أما باقي عناصر القرار الداري وهي الختصاص
والشكـــــل والغايـــــة فإنهـــــا تصـــــدر بناءً على اختصـــــاص مقيـــــد .
ـــــــــــة . ـــــــــــلطة التقديريـ ـــــــــــة القضاء على السـ مدى رقابـ
ترت بط ال سلطة التقدير ية بفكرة ملئ مة القرار الداري ,إذ أن المشرع م نح الدارة هذه ال سلطة شعورا م نه
بأنها أقدر على اختيار الوسائل المناسبة للتدخل واتخاذ القرار الملئم في ظروف معينة ,وأنه مهما حاول
ل يسـتطيع أن يتصـور جميـع الحالت التـي قـد تطرأ فـي العمـل الداري ويضـع الحلول المناسـبة لهـا .
في ح ين يقوم الخت صاص المق يد على فكرة مشروع ية القرار الداري ,لن الدارة مقيدة دائما ب ما يفر ضه
القانون ,ويترتب على ذلك أن القضاء يملك بسط رقابته على مشروعية القرار الصادر بناءً على اختصاص
الدارة المقيــــــد ,ويملك إلغاؤه إذا مــــــا تــــــبين أنــــــه مخالف للقانون .
ويتضح مجال الرقابة على عنصر السبب في أن الدارة تملك تقدير أهمية وخطورة الوقائع ول تخضع في
ذلك لرقابة القضاء ,في حين يمارس القضاء رقابته على صحة قيام الوقائع المادية التي قام عليها القرار,
وكذلك فيمــــــــــا يتعلق بالتكييــــــــــف القانونــــــــــي لهذه الوقائع .
أ ما بالن سبة لعن صر الم حل ف من المم كن القول بأن مع ظم الخت صاص ف يه هو اخت صاص تقديري فب عد أن
تتح قق الدارة من قيام الوقائع الماد ية ,وب عد أن تكيف ها التكي يف القانو ني ال صحيح ,وتقدر مدى خطورة
هذه الوقائع ,تنتقل إلى عنصر المحل متمتعة بسلطة تقديرية واسعة في أن تتدخل أو ل تدخل واختيار وقت
هذا التد خل ك ما تتم تع الدارة ب سلطة تحد يد ال ثر القانو ني الذي تر يد ترتي به ,ما لم ي نص المشرع على
ــــــه ) ( . ــــــب عليـ ــــــر المترتـ ــــــه والثـ ــــــا ووقتـ ضرورة تدخلهـ
و قد برز في مجال رقا بة القضاء على ال سلطة التقدير ية اتجاهان ف قد ذ هب جا نب من الف قه إلى أن القضاء
يمتنع عن بسط رقابته على أعمال الدارة المستندة إلى سلطتها التقديرية ,فالقاضي بحسب رأيهم يمارس
المشروعية وليس رقابة الملئمة ول يجوز له أن يمارس سطوته على الدارة فيجعل من نفسه رئيسا لها .
()
في حين يذهب الجانب ال خر إلى جواز تدخل القاضي لمراقبته السلطة التقديرية على أساس ما يتمتع به
القاضي الداري من دور في الكشف عن قواعد القانون الداري فيمكن له أن يحول بعض القضايا المدرجة
في السلطة التقديرية والمرتبطة بالملئمة إلى قضايا تندرج تحت مبدأ المشروعية تلتزم الدارة بأتباعها و
إل تعرضــــــــــــــــــــت أعمالهــــــــــــــــــــا للبطلن) (.
والرأي الك ثر قبو ًل في هذا المجال يذ هب على أن سلطة الدارة التقدير ية ل تم نع من رقا بة القضاء وإن ما
هـي التـي تمنـح الدارة مجا ًل واسـعا لتقديـر الظروف الملئمـة لتخاذ قراراتهـا وهذه الحريـة مقيدة بأن ل
تتض من هذه القرارات غلطا بينا أو انحرافا بال سلطة ,و هي بذلك ل تتعارض مع مبدأ المشروع ية بقدر ما
تخفــــــــــــف مــــــــــــن اختصــــــــــــاصات الدارة المقيدة .
المبحـــــــــــــــــــــــــث الثانـــــــــــــــــــــــــي
نفاذ القرارات الداريـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
ال صل أن يكون القرار الداري نافذا من تار يخ صدروه من ال سلطة المخت صة قانونا بإ صداره ,ولك نه ل
ي سري في حق الفراد المخا طبين به إل إذا علموا به عن طر يق أحدى الو سائل المقررة قانونا .و من ثم
فهناك تاريخان رئي سيان لنفاذ القرارات الدار ية ه ما تار يخ صدور القرار ,وتار يخ العلم به أو سريانه في
مواجهة الفراد ,وسنبحث هذين التاريخان ثم نبحث في مبدأ عدم رجعية القرارات الدارية و أمكان أرجاء
آثاره إلى المســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتقبل .
ـــــــــــه . ـــــــــــدور القرار الداري ذاتــ ـــــــــــخ صـ أولً :تاريـ
ال صل أن القرار الداري يعد صحيحا ونافذا من تار يخ صدوره ,ومن ثم فإ نه يسرى في حق الدارة من
هذا التاريخ ويستطيع كل ذي مصلحة أن يحتج بهذا التاريخ في مواجهتها غير أن هذا القرار ل يكون نافذا
بحــــــــق الفراد إل مــــــــن تاريــــــــخ علمهــــــــم بــــــــه .
إل أن هذه القاعدة ترد علي ها ب عض ال ستثناءات ,من ذلك أن هناك من القرارات ما يلزم لنفاذها إجراءات
أخرى من قبيل التصديق أو وجود اعتماد مالي ,فل ينفذ القرار إل من تاريخ استيفاء هذه الجراءات ,كما
قد تع مد الدارة إلى أرجاء أثار القرار إلى تار يخ ل حق لتار يخ صدوره و هو ما يعرف بإرجاء أثار القرار
الداري ) ( .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــث الثالث
المبحـ
بقصد بنهاية القرارات الدارية انتهاء كل أثر قانوني لها ,وقد تنتهي القرارات الدارية نهاية طبيعية عندما
ينفذ مضمونها ,أو تنتهي المدة المحددة لسريانها ,أو استنفاذ الغرض الذي صدر لجله أو يستحيل تنفيذه
لنعدام محله أو وفاة المسـتفيد منـه ,إلى غيـر ذلك مـن أسـباب ل دخـل لي سـلطة فـي تقريرهـا .
وقد تكون نهاية القرارات الدارية نهاية غير طبيعية بأن تتدخل أحدى السلطات الثلث لنهائها كأن يتدخل
المشرع أو القضاء للغاء القرار ,ك ما قد ي صدر قرار النهاء من الدارة وذلك ب سحب القرار أو إلغاؤه .
وســنبحث فيمــا يلي الصــور المختلفــة لنهايــة القرارات الداريــة وذلك فــي مبحثيــن :
ـــــل الدارة . ـــــر عمـ ـــــة بغيـ ـــــة القرارات الداريـ ـــــث الول :نهايـ المبحـ
المبحث الثاني :نهاية القرارات الدارية بعمل من جانب الدارة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــث الول المبحـ
نهايـــــــــة القرارات الداريـــــــــة بغيـــــــــر عمـــــــــل الدارة
ينتهي القرار الداري نهاية ل دخل للدارة فيها أما بنهايتها الطبيعية ,أو عن طريق القضاء بحكم قضائي
,ولن الحالة الخيرة تد خل ض من موضوع رقا بة القضاء على أعمال الدارة فأن نا سنقصر الب حث في هذا
ـــــة للقرار الداري . ـــــة الطبيعيـ ـــــة على النهايـ ـــــن الدراسـ ـــــب مـ الجانـ
وتنتهــي القرارات الداريــة نهايــة طبيعيــة مهمــا طالت مدة ســريانها فــي الحالت التاليــة :
أولً :تنفيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــذ القرار الداري .
ينتهي القرار الداري بمجرد تنفيذه أو استنفاذ الغرض منه ,كتنفيذ القرار بإبعاد أجنبي ,فإن القرار ينتهي
بمغادرة ذلك الجنــبي البلد ,والقرار الصــادر بهدم منزل آيــل للســقوط ينتهــي بهدم ذلك البيــت .
وقد تستدعي طبيعة بعض القرارات استمرارها لمدة طويلة من الزمن ,كالقرار الصادر بترخيص محل ,فل
ينتهـي القرار بإنشاء المحـل ,بـل يسـتمر مـا دام المسـتفيد مـن الترخيـص مزاولً لنشاطـه ,إل إذا تدخلت
الدارة وقا مت ب سحب الترخ يص لمقتضيات الم صلحة العا مة أو لمخال فة المستفيد لشروط ال ستفادة م نه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــريان القرار : ثانيا :انتهاء المدة المحددة لسـ
قد يحدد المشرع مدة معينة لسريان القرار الداري يتوقف أثره بانتهائها ,كما في حالة الترخيص بالقامة
الجنبي لمدة معينة ,أو قرار م نح جواز سفر ,ففي الحالت ين ينتهي القرار بانتهاء المدة المحدد سلفا لنفاذ
الترخيــــــــــــــــــــــص وجواز الســــــــــــــــــــــفر .
ــتمرار نفاذ القرار الداري: ــا اسـ ــي تعلق عليهـ ــة التـ
ــة أو القانونيـثالثا :زوال الحالة الواقعيـ
كما لو منحت الدارة الجنبي الترخيص بالقامة لنه يعمل في جهة أو مصلحة حكومية فإذا انتهت خدمته
فـــــي هذه الجهـــــة انتهـــــى معهـــــا الترخيـــــص له بالقامـــــة ) ( .
رابعا :اســـــــــــــــــــــتحالة تنفيـــــــــــــــــــــذ القرار :
كالقرار ال صادر بترخ يص مزاولة مه نة معي نة ,ثم يتو فى الم ستفيد من الرخ صة أو القرار ال صادر بتعي ين
موظـــــــــف يتوفـــــــــى قبـــــــــل تنفيذه لقرار التعييـــــــــن .
فالصل في هذه الحوال أن يرتبط مصير القرار بمصير من صدر لصالحهم إل في بعض الحالت الستثنائية
التـــــي تســـــمح بترتيـــــب بعـــــض آثار القرار على ورثـــــة المســـــتفيد .
خامســـــــا :تحقـــــــق الشرط الفاســـــــخ الذي يعلق عليـــــــه القرار :
قد يصدر القرار معلقا على شرط فاسخ ,وهو قرار كامل وتكون آثاره نافذة ,غير أن تحقق الشرط الفاسخ
ــس مـــن تاريـــخ تحقـــق الشرط ) ( . يؤدي إلى زوال القرار مـــن تاريـــخ صـــدروه وليـ
ك ما في قرار التعي ين ف هو قرار فردي مقترن بشرط فا سخ يتم ثل في ر فض صاحب الشأن فإذا لم يتح قق
الرفض استمر القرار صحيحا ومنتجا لثاره ,أما إذا رفض التعيين زالت آثار القرار بأثر رجعي من تاريخ
ـــــــق الشرط . ـــــــخ تحقـ ـــــــن تاريـ ـــــــس مـ ـــــــدوره وليـ صـ
ســـــــــــــادسا :اقتران القرار بأجـــــــــــــل فاســـــــــــــخ :
قد تقرن الدارة القرار الداري بأ جل فاسخ ,فإذا حل هذا الجل زال القرار الداري من تار يخ حلول ال جل
على خلف القرار المعلق على شرط فاســخ الذي تزول آثاره بأثــر رجعــي فــي تاريــخ صــدروه .
فالقرار في هذه الحالة يكون نافذا ومنتجا لثاره ح تى يتح قق ال جل الفا سخ ,و من ذلك القرارات الدار ية
التــي تحدد علقــة الموظــف بالدولة والتــي تنتهــي حكما ببلوغ الموظــف ســن التقاعــد .
ـــــــــه القرار : ـــــــــء الذي يقوم عليـ ـــــــــابعا :الهلك المادي للشيـ سـ
كمـا لو صـدر قرار بالترخيـص لحـد الشخاص باسـتعمال جزء مـن المال العام ,فينتهـي القرار بهلك هذا
ــــــــــة . ــــــــــفة العموميـ ــــــــــن المال العام ,أو فقده لصـ الجزء مـ
ثامنا :تغيــــــــر الظروف التــــــــي دعــــــــت إلى إصــــــــدار القرار :
القرار الصادر تنفيذا لقانون معين من الطبيعي أن ينتهي بزوال أو إلغاء القانون ,إل إذا نص على غير ذلك
.
المبحـــــــــــــــــــــــــث الثانـــــــــــــــــــــــــي
نهايـــــــة القرارات الداريـــــــة بعمـــــــل مـــــــن جانـــــــب الدارة
قـد ينتهـي القرار الداري نتيجـة لتصـرف مـن جانـب الدارة و يتـم ذلك بوسـيلتين :اللغاء والسـحب .
أولً :اللغــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاء
أن سرعة تطور الحياة الدارية وتغيرها يؤدي إلى ضرورة تطور القرارات الدارية وتغيرها في كل وقت ,
لتســــــــــــــاير هذا التطور وتجاوب مــــــــــــــع لوضاع المتغيرة ) ( .
لذلك تلجأ الدارة في كثير من الحيان إلى وضع حد لتطبيق قراراتها غير المناسبة ,وفق ما يسمى اللغاء
.
واللغاء بهذا المع نى هو الع مل القانو ني الذي ي صدر عن الدارة متضمنا إنهاء أ ثر القرار الداري بالن سبة
للمســـتقبل مـــع ترك آثاره التـــي رتبهـــا منـــذ لحظـــة صـــدوره وحتـــى إلغاءه.
والصل أن يتم اللغاء بقرار صادر من السلطة التي أصدرت القرار ألصلي أو السلطة الرئاسية لها ,ما لم
ي نص المشرع على م نح سلطة أخرى هذا ال حق ,و من الضروري أيضا أن يت خذ قرار اللغاء ن فس ش كل
وإجراءات صـدور القرار الصـلي ,فإذا كان الخيـر كتابيا يجـب أن يكون قرار اللغاء كتابيا أيضا ) ( .
ويختلف حــق الدارة فــي إلغاء قراراتهــا الداريــة باختلف قراراتهــا تنظيميــة أو فرديــة .
ويقرر القفه أن احترام المراكز الخاصة التي تنشأ عن القرارات الدارية الفردية ,يعتبر مثله في ذلك مثل
مبدأ المشروعيــــــــة مــــــــن أســــــــس الدولة القانونيــــــــة ) ( .
إل أن هذا ل صل ل يجري على إطل قه ,فالدارة تملك أحيانا أن تل غي قرارا ترت يب عل يه حقوق مكت سبة ,
ومن ذلك القرار الصادر بتعيين شخص في وظيفة عامة فهذا القرار ون أكسب هذا الشخص حقا في تقلده
الوظيفـة العامـة ,فإن الدارة تسـتطيع فصـل الموظـف فـي حالة ارتكابـه خطـأ يـبرر هذا الجزاء .
هذا إذا كان القرار الفردي سليما ,أ ما إذا القرار الفردي المن شئ لحقوق مكت سبة غ ير سليم ,فإن الدارة
ــــه. ــــل جزاء لعدم مشروعيتـ ــــا له يمثـ ــــه وإلغائهـ ــــه أو تعدل فيـ تملك أن تلغيـ
إل أن الدارة ل تستطيع أن تجري هذا اللغاء أو التعديل في أي وقت ,فقد استقرت أحكام القضاء على أن
القرار الداري غير المشروع يتحصن ضد رقابة اللغاء القضائية بفوات مدة الطعن المحددة قانونا ,وليس
من المقبول أن يباح للدارة ما ل يباح للقضاء ,مما يتعين معه حرمان الدارة من سلطة إلغائه بفوات مدة
الطعــــــــــن اعتبارا مــــــــــن تاريــــــــــخ صــــــــــدوره .
ب -القرارات الداريــــــــــة التــــــــــي ل ترتــــــــــب حقوقا للفراد .
القرارات الدار ية ال تي ل تر تب حقوقا للفراد ,ت ستطيع الدارة إلغائ ها أو تعديل ها ,و قد ا ستقر الف قه على
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا : عدة أنواع منهـ
-القرارات الوقت ية :و هي القرارات ال تي ل تن شئ حقوقا بالمع نى القانو ني لتعلق ها بأوضاع مؤق تة ولو لم
ينص على سريانها لمدة معينة ,ومن ذلك القرارات الصادرة بندب موظف عام أو بمنح تراخيص مؤقتة .
-القرارات الولئ ية :و هي القرارات ال تي تخول الفراد مجرد رخ صة من الدارة ل تتر تب علي ها أي أثار
قانونية أخرى مثل منح أحد الموظفين أجازة مرضية في غير الحالت التي يحتمها القانون ,فهذا القرار ل
ـــــت . ـــــي أي وقـ ـــــبا وبالتالي تملك الدارة إلغاؤه فـ ـــــن اعتباره حقا مكتسـ يمكـ
-القرارات ال سلبية :القرار ال سلبي هو ذلك القرار الذي ل ي صدر في ش كل الف صاح ال صريح عن إرادة
جهة الدارة بإنشاء المركز القانوني أو تعديله أو إنهائه ,بل تتخذ الدارة موقفا سلبيا من التصرف في أمر
كان الواجـب على الدارة أن تتخـذ أجراءً فيـه طبقا للقانون واللوائح ,فسـكوت الدارة عـن الفصـاح عـن
أرادتها بشكل صريح يعد بمثابة قرار سلبي بالرفض ,وهذا القرار ل يرتب حقوقا أو مزايا للفراد ويجوز
إلغاؤه فـي أي وقـت ,مثـل قرار الدارة برفـض منـح رخصـة لحـد الفراد لمزاولة مهنـة معينـة .
-القرارات غ ير التنفيذ ية :و هي القرارات التمهيد ية ال تي ت صدر بق صد العداد ل صدار قرار مع ين ,م ثل
قرار الدارة بإيقاف موظـف عـن عمله بقصـد أحالتـه إلى المحاكمـة التأديبيـة ,والقرارات التـي تحتاج إلى
تصــــــــــديق مــــــــــن الســــــــــلطة الرآســــــــــية) (.
فهذه القرارات جميعا يمكن للدارة العدول عنها وإلغاؤها بالنسبة للمستقبل في أي وقت ودون التقيد بميعاد
معيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن .
ــــــــــس : ــــــــــش أو تدليـ ــــــــــي على غـ ب -القرار الداري المبنـ
إذا صدر القرار الداري بناءً على غش أوتدل يس من الم ستفيد من القرار ,فإن للدارة أن ت سحب القرار
دون التقيـد بمدة السـحب لنـه ل يوجـد و الحال هذه مـا يـبرر حمايـة المركـز القانونـي لهذا الشخـص الذي
اسـتعمل طرقا إحتياليـة بنيـة تضليـل الدارة وحملهـا على إصـدار القرار اسـتنادا إلى القاعدة التـي تقرر أن
ـــــــــــء . ـــــــــــل شيـ ـــــــــــد كـ ـــــــــــش يفسـ الغـ
ولنكون أمام هذه الحالة ل بد من أن ي ستعمل الم ستفيد من القرار طرق احتيال ية للتأث ير على الدارة ,وأن
تكون هذه الطرق هي ال تي دف عت الدارة إلى إ صدار القرار مثال ذلك قرار تعي ين مو ظف على أ ساس تقد يم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبرة مزورة . شهادات خـ
وقد تكون هذه الطرق الحتيالية التي استخدمها المستفيد طرقا مادية كافية للتضليل وأخفاء الحقيقة ,وقد
ل سلبيا محضا في صورة كتمان صاحب الشأن عمدا بعض المعلومات الساسية التي تجهلها جهة يكون عم ً
الدارة ,ول تستطيع معرفتها عن طريق آخر ويؤثر جهلها بها تأثيرا جوهريا في إرادتها مع علم صاحب
الشأن بهذه المعلومات وبأهميتهــــــــــــــــا وخطرهــــــــــــــــا ) ( .
ــــــــــلطة مقيدة : ــــــــــة على سـ ــــــــــة المبينـ ج -القرارات الداريـ
القرارات الدارية التي تصدر بناءً على سلطة مقيدة بحيث ل يترك المشرع للدارة حرية في التقدير ,فإنه
يكون لهــا أن ترجــع فــي قراراتهــا كلمــا أخطأت فــي تطــبيق القانون دون تقيــد بمدة .
ومثال القرارات التي تصدر بناءً على اختصاص مقيد قرار الدارة بترقية موظف على أساس القدمية ,فإذا
أخطأت الدارة في مراعاة هذا الشرط وأ صدرت قرار ها متخط ية المو ظف الم ستحق إلى المو ظف أحدث ,
جاز لهــــــا أن تســــــحب قرار الترقيــــــة دون التقيــــــد بمدة معينــــــة .
وعلى العكس من ذلك إذا مارست الدارة اختصاصا تقديريا ,فإنه ل يجوز لها أن ترجع في قرارها المعيب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــن باللغاء . إل خلل المدة المحدد للطعـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــسالباب الخامـ
العقود الداريـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
الت صرفات القانون ية ال تي تجريها لدارة وتق صد ب ها إلى أحداث الراء القانون ية ,أ ما أن تتم ثل بالت صرفات
التي تقوم بها الدارة من جانب واحد وبإرادتها المنفردة وتشمل القرارات والوامر الدارية التي أوضحناها
ســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــابقا .
وأ ما أن تتم ثل بالعمال القانون ية ال صادرة عن الدارة بالشتراك مع ب عض الفراد بح يث تتوا فق الدارتان
وتتجهان نحـو أحداث أثـر قانونـي معيـن و لجـأ الدارة إلى إتباع هذا السـلوب لتحقيـق هدفهـا فـي إشباع
الحاجات العامــــــة ,وفــــــق مــــــا يمكــــــن تســــــميته بعقود الدارة .
والعقود ال تي تبرم ها الدارة ل تخ ضع لنظام قانو ني وا حد ,فهـي على نوع ين :الول عقود الدارة ال تي
تخ ضع للقانون الخاص وال تي تما ثل العقود ال تي يبرم ها الفراد في نطاق القانون الخاص ,والنوع الثا ني
هو العقود الدار ية ال تي تخ ضع لقانون العام وال تي تبرم ها الدارة باعتبار ها سلطة عا مة ت ستهدف تنظ يم
مر فق عام أو تشغيله ,و في هذا الجزء من الدرا سة نبين موضوع العقود الدار ية في خم سة ف صول ك ما
يلي :
العقود التي تبرمها الدارة ل تخضع لنظام قانوني واحد ،فهي على نوعين :الول عقود الدارة التي تخضع
للقانون الخاص والتـي تماثـل العقود التـي يبرمهـا الفراد فـي نطاق القانون الخاص ،والنوع الثانـي هـي
العقود الدارية التي تخضع للقانون العام والتي تبرمها الدارة باعتبارها سلطة عامة تستهدف تنظيم مرفق
عام أو تشغيله .
تمــــــت تقســــــيم هذا الباب إلى خمســــــة فصــــــول كمــــــا يلي -:
ـــــــــــــــــة. ـــــــــــــــــل الول :ظهور فكرة العقود الداريـ الفصـ
الفصـــــــــل الثانـــــــــي :معيار تمييـــــــــز العقـــــــــد الداري .
الفصـــــــــــــــــــل الثالث :إبرام العقود الداريـــــــــــــــــــة .
الفصــــــل الرابــــــع :الحقوق واللتزامات الناشئة عــــــن العقــــــد الداري .
الفصـــــــــل الخامـــــــــس :نهايـــــــــة العقود الداريـــــــــة .
الفصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل الول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة ظهور فكرة العقود الداريـ
لم تظ هر فكرة العقود الدارية أل في تار يخ متأ خر ل يتجاوز مطلع القرن العشر ين ,و قد مر تحد يد مفهوم
نظريــة العقود الداريــة وأســسها العامــة بتطور اســتغرق حقبــة طويلة مــن الزمــن .
وفي هذا الفصل نتناول بالدراسة نشأة نظرية العقود الدارية ,ثم نبحث في استقلل هذه النظرية والتعريف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد الداري . بالعقـ
المبحـــــــــــــــــــــــــث الثانـــــــــــــــــــــــــي
اســــــــــــــتقلل نظريــــــــــــــة العقود الداريــــــــــــــة
نشأ الكثير من الجدل حول الطبيعة القانونية للعقود التي تبرمها الدولة مع الغير ،وقد دار هذا النقاش بين
قدسـية اللتزامات التعاقديـة وبيـن امتيازات الدولة التشريعيـة والداريـة التـي تمارس مـن خلل أجهزتهـا
لتحقيــــــــــــــق المصــــــــــــــلحة العامــــــــــــــة ) (.
ول شك أن العقد الداري ناتج عن توافق ارادتين على إنشاء اللتزام شأنه شأن عقود القانون الخاص وفي
هذا المع نى يت ضح أن العنا صر ال ساسية في كل العقد ين واحدة ،في جب أن يتوا فر الر ضا وي جب أن يكون
صـــحيحا وصـــادرا مـــن الجهـــة الداريـــة المختصـــة ،وســـليما مـــن العيوب.
أل في ما يتعلق بالهل ية ،فأحكام ها في الع قد الداري لي ست ك ما هي عل يه في الع قد المد ني لختلف أهل ية
ـــــم ) (. ـــــي الحكـ ـــــبيعي فـ ـــــص الطـ ـــــة الشخـ ـــــن أهليـ الدارة عـ
ك ما يتم يز الع قد الداري في أن الدارة تكون دائما طرفا ف يه ،وأن تكوي نه وأن كان ي تم بتوا فق إدرات ين ل
يكون بمجرد إفصاح فرد معين من أعضاء السلطة الدارية عن أرادته و إنما يتكون من عدة أعمال قانونية
،يشترك في ها أك ثر من ع ضو من أعضاء ال سلطة الدار ية ،لن الخت صاصات الدار ية ل ترت كز في يد
واحدة) ( .
كذلك يجب أن يتوافر السبب في العقود الدارية مثلما هو الحال بالنسبة لعقود القانون الخاص مع ضرورة
أن يكون الباعـــث الدافـــع فـــي العقود الداريـــة هـــو تحقيـــق المصـــلحة العامـــة .
ل.وك ما هو الشأن في عقود القانون الخاص ي جب أن يكون ال سبب موجودا ومشروعا وأل عد الع قد باط ً
ـد ومشروعا ) ( . ل للتحديــد الداري أن يكون محددا أو قاب ً ـل العقــي محـ ـة أخرى يشترط فـ ـن جهـ مـ
والمحـل يتمثـل فـي الحقوق واللتزامات التـي ينشئهـا العقـد على طرفيـه كمـا هـو الحال فـي عقود القانون
الخاص مع ضرورة الذكر بأن محل العقد الداري يتم يز بمرونة خا صة توفرها المتيازات الممنوحة لجهة
ـة .ـلحة العامــض الحيان تحقيقا للمصـ ـي بعــن فـ ـل التزامات المتعاقديـ
ـا تعديـ
ـي تخولهـ الدارة والتـ
وب سبب التشا به ال كبير ب ين الركان في هذ ين العقد ين ،لم يت فق الشراح على مو قف وا حد إزاء ا ستقلل
نظريــة العقــد الداري عــن النظريــة التقليديــة لعقود القانون الخاص ،وقــد برز اتجاهان :
التجاه الول :
ذ هب ال ستاذ Dugitإلى أ نه ل يو جد فرق أ ساسي ب ين الع قد المد ني والع قد الداري لنه ما متفقان في
عناصــرهما الجوهريــة فالعقــد الداري يتمتــع دائما بالخصــائص نفســها والثار عينهــا .
وعلى هذا ال ساس ل يو جد ع قد إداري متم يز عن العقود ال تي تبرم ب ين الفراد ول كن يو جد اختلف في
الختصـاص القضائي فقـط إذ يرفـع النزاع أمام القضاء الداري لن الدارة تـبرز فـي العقـد بصـفتها سـلطة
عا مة وبق صد ت سيير مر فق عام وإدار ته .والفرق ب ين هذه العقود والعقود المدن ية يش به تما ما الفرق ب ين
العقـد المدنـي والعقود التجاريـة التـي تخضـع للمحاكـم التــجارية لسـتهدفها أغراضــا تجاريـة ) ( .
التجاه الثانـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي:
يمثـل هذا التجاه الذي يختلف عـن السـابق طائفــة مـن الفقــهاء منهـم السـتاذ ) ( Jeze .و de
) (. laubadereاللذان ذهبـا إلى أن النظام القضائي فـي القانون الداري نظام خاص مسـتقل عـن نظام
القانون الخاص لختلف منابعهما ومصادرهما القانونية الساسية ،كما أن العقود الدارية تختلف هي أيضا
عـن عقود القانون الخاص من ح يث نظام منازعاتهـا والقوا عد السـاسية التـي تختلف ب صورة عامـة عن
قواعـد القانون المدنـي وتناقضهـا أحيانا ،وهذه الخصـوصية تمليهـا متطلبات المصـلحة العامـة التـي تهدف
العقود الداريـــــــــــــــــــــة إلى تحقيقهـــــــــــــــــــــا .
وال حق أ نه ل يمكن نا الت سليم ب ما ذ هب إل يه التجاه الول وأن كان ينطوي على حقي قة مفاد ها وجود نقاط
توا فق كبيرة ب ين العقود الدار ية وعقود القانون الخاص ،أل أن هذا التوا فق ل ين في وجود نظام قانو ني
متميـز يخضـع له العقـد الداري ،ينبـذ الفكرة القائلة بوحدة العقـد سـواء إبرام بيـن الفراد أم بينهـم وبيـن
الدولة.
ففـي الوقـت الذي تكون فيـه المصـالح متكافئة والمتعاقدان متسـاويين فـي عقود القانون الخاص نجـد أن
المصلحة العامة في ظل عقود القانون العام تتميز بالولوية إذ تقدم المصلحة العامة للدارة على المصلحة
الخاصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة للفراد ) (.
والدارة بهذه الحال وبو صفها قائ مة على تحق يق الم صلحة العا مة تتم تع بحقوق و امتيازات ل يتم تع ب ها
المتعاقد معها تخولها حق مراقبة تنفيذ العقد وتوجيه المتعاقد نحو السلوب الصلح في التنفيذ ،وحق تعديل
شروط العقـد بإرادتهـا المنفردة ،دون أن ي ستطيع المتعاقـد أن يتمسـك بقاعدة أن العقـد شريعـة المتعاقد ين
يضاف إلى ذلك بعـض الحقوق و المتيازات الخرى التـي ل مثيـل لهـا فـي عقود القانون الخاص ،التـي ل
تهدر مصــلحة المتعاقــد وإنمــا تجعــل مصــلحته ثانويــة بالنســبة للمصــلحة العامــة ) (.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــث الثالث المبحـ
ــــــــــــــــــــــد الداري ــــــــــــــــــــــف بالعقـ التعريـ
اختلف القضاء و الفقه في وضع تعريف محدد للعقود الدارية ،وقد حاول القضاء الداري في فرنسا ومصر
ـــــة. ـــــية للعقود الداريـ ـــــم هذا الخلف بتحديــــــد المبادئ الرئيسـ والعراق حسـ
وفي ذلك عرفت المحكمة الدارية العليا في مصر العقد الداري بأنه" العقد الذي يبرمه شخص معنوي من
أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره ،وأن تظهر نيته في الخذ بأسلوب القانون
ــي عقود القانون الخاص") (. ــة فـ ــر مألوفـ ــد شرطا أو شروطا غيـ ــن العقـ العام ،وذلك بتضميـ
وقد أيد جانب كبير من الفقهاء في مصر هذا التجاه ،منهم الدكتور سليمان محمد الطماوي ،الذي ذهب إلى
أن العقد الداري" هو العقد الذي يبرمه شخص معنوي عام بقصد تسيير مرفق عام أو تنظيمه ،وتظهر في
نية الدارة في الخذ بأحكام القانون العام ،وآية ذلك أن يتضمن شروطا استثنائية وغير مألوفة في القانون
الخاص أو يخول المتعاقـــد مـــع الدارة الشتراك مباشرة فـــي تســـيير المرفـــق العام" ) ( .
ويبدو أن الرأي الغالب سواء في مصر أم العراق قد أستقر على أن العقد يكتسب صفته الدارية إذا توافرت
ـــــــــــي : ـــــــــــر هـ ـــــــــــة عناصـ ـــــــــــه ثلثـ فيـ
ــــــــا معنويا. ــــــــد شخصـ ــــــــي العقـ ــــــــد طرفـ -1أن يكون أحـ
-2أن يتصـــــــــــــل هذا العقـــــــــــــد بمرفـــــــــــــق عام .
-3أن تختار الدارة وســــــــــــــــــــــــــــــــــائل القانون العام .
الفصـــــــــــــــــــــــــل الثانـــــــــــــــــــــــــي
المعيار المميـــــــــــــــــــــز للعقـــــــــــــــــــــد الداري
مر تمييز العقد الداري عن عقود الدارة الخرى بمراحل زمنية متعاقبة بدأت بمحاولة المشرع تمييز عقود
الدارة بإراد ته ،و فق ما ي سمى في نظر ية الع قد الداري بمرحلة العقود الدار ية بتحد يد القانون ثم أعق بت
ذلك مرحلة أخرى وضـع فيهـا القضاء الداري عدة معاييـر للتمييـز سـميت بمرحلة التمييـز القضائي للعقود
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة . الداريـ
وفــي هذا الفصــل نبحــث هاتيــن المرحلتيــن مــن مراحــل تمييــز العقود الداريــة .
و قد تعر ضت فكرة التحد يد القانو ني للعقود الدار ية لكث ير من الن قد ل سباب تر جع إلى طبي عة ب عض العقود
ال تي قد ل تتلئم مع التكي يف الذي يضف يه علي ها المشرع ،و في الحالت ال تي ين سجم فيها هذا التكي يف مع
طبيعـــــة العقـــــد ومضمونـــــة فإن تحديـــــد المشرع له يكون كاشفا فقـــــط.
لذلك نعت قد أن ترك تحد يد العقود الدار ية للقضاء ل شك أقدر على ك شف الطبي عة القانون ية ل ها ،خا صة إذا
كان هذا القضاء إداريا متخصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــصا.
المبحـــــــــــــــــــــــــث الثانـــــــــــــــــــــــــي
التمييــــــــــــــــــــز القضائي للعقود الداريــــــــــــــــــــة
إزاء النتقادات الموجهـة لتحديـد المشرع للعقود الداريـة و سـعي القضاء نحـو توسـيع اختصـاصه ليشمـل
عقودا أخرى لسد ما في التشريع من نقص – تكفل القضاء بالبحث في الطبيعة القانونية للعقد وفق معايير
محددة مـن قبـل ،وفـي حالة توفرهـا يكون العقـد إداريا ويعكسـه يبقـي العقـد ضمـن دائرة القانون الخاص.
وقـد ظهرت هذه المعاييـر نتيجـة لتطور قضائي طويـل انتقلت فيـه غلبـة كـل معيار على الخـر تباعا .
وسـنتكلم فيمـا يأتـي عـن المعاييـر التـي اعتمدهـا القضاء و الفقـه الداريان فـي تمييـز العقود الداريـة.
أولً -:أن تكون الدارة طرف فــــــــــــــــــي العقــــــــــــــــــد
مـن الم سلم به أن الع قد الذي ل تكون الدارة طرفا ف يه ل ي عد عقدا إداريا ،وهذا الشرط ت ستلزمه المبادئ
العامـة للقانون الداري الذي وجـد ليحكـم نشاط السـلطات الداريـة أمـا العقود التـي تـبرم بيـن الفراد أو
أشخاص القانون الخاص الخرى فأنها تعد من عقود القانون الخاص ولو أبرمت لتحقيق المصلحة العامة .
ل عن الشخاص وأشخاص القانون العام تتم ثل بالدولة و الوزارات و المؤ سسات الدار ية التاب عة ل ها فض ً
العامــة المحليــة مــن محافظات ومدن وأحياء يضفــي القانون عليهــا الشخصــية المعنويــة .
وفي هذا السبيل فقد استقر الرأي على استبعاد عقود القانون الخاص ولو حققت مصلحة عامة إل في أحوال
معي نة بالقياس إلى العقود ال تي تبرم با سم الدارة ولح سابها ،و قد ذ هب القضاء الداري في فرن سا وم صر
إلى أن العقود التي تبرمها الدارة مع أشخاص القانون الخاص تعد إدارية إذا ما ظهر أن أحد المتعاقدين قد
تعاقد باسم الدارة ولحسابها متى توفرت الشروط الخرى من اتصال العقد بالمرفق العام وتضمينه شروطا
اســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتثنائية .
و قد طب قت محك مة التنازع هذا التجاه في ح كم له بشأن ع قد أبرم ته إحدى شركات القت صاد المختلط مع
منشأة خاصة وتتلخص وقائع هذه القضية في أن شركة القتصاد المختلط التي كانت ملتزمة بتسوية وتمهيد
لقري تي " ماسي و انتو ني " بالتعا قد مع منشأة خاصة لمعاونتها في القيام بهذه الشغال واع تبرت المحك مة
في قرارها العقد إداريا على أساس أن شركة القتصاد المختلط لم تتصرف إل باسم قريتي " ماسي و انتوني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــابها) (. " ولحسـ
وقد سلكت محكمة القضاء الداري في مصر النهج نفسه في حكمها الصادر في 1956-4-24الذي جاء
فيه" م تى كان الثا بت أن وزارة التموين بصفتها المشر فة على مر فق التموين بالبلد تدخلت في أمر سلعة
الشاي و اتخذت من الجراءات وأ صدرت من التشريعات ما رأ ته كفيلً بتحق يق ما تهدف إل يه من توف ير
سلعة من السلع مع ضمان وصولها إلى المستهلكين بالسعر المحدد وقد استعملت في سبيل ذلك سلطتها في
الستيلء على هذه السلعة ،ووضعت القواعد التي تحكم تنظيم تداولها وتوزيعها وعهدت بذلك " لجنة توزيع
الشاي " ثم المعبئ ين الذ ين أ صبحوا م سؤلين عن تو صيل هذه ال سلعة ب عد تعبئت ها إلى التجار في مختلف
أنحاء البلد ،م تى كان ثا بت م ما تقدم فإن ذلك في حقيق ته يتض من أمرا بتكل يف هذه اللج نة بخد مة عام ـة
ومــن ثــم تكون التفقـــات و العقود التــي تعقدهـــا اللجنــة هـــي العقود إداريــة") ( .
ول يمكن اعتبار هذا القرار خروجا على شرط أن تكون الدارة أحد طرفي العقد ،فإذا تعاقد طرف من العقد
باسم الدارة ولحسابها فإنه يعد نائبا عن الدارة و تنصرف آثار العقد إلى الجهة الدارية ،ولو أن محكمة
القضاء الداري لم تــــــــــبين بصــــــــــورة واضحــــــــــة هذه الفكرة .
ومن ثم فأن المعيار العضوي ل يكفي لوحده لتمييز العقد الداري ففي الكثير من الحيان تكون الدارة طرف
في هذا العقد إل أنه يعد من عقود القانون الخاص بيد أن شرط وجودها طرفا في العقد يبقى شرطا ًأساسا
لضفاء الصـفة الداريـة عليـه إذا مـا عزز بالشروط الخرى التـي يسـتلزمها القضاء كمعيار لتمييـز العقـد
الداري .
و مع ذلك ف قد ا ستقر القضاء الداري الفرن سي على و صف العقود ب ين شخ صين من أشخاص القانون العام
عقودا إداريــــــــــة مــــــــــا لم يثبــــــــــت العكــــــــــس .
ومـن ذلك قرار محكمـة التنازع عام 1938فـي حكـم U.A.Pوحكـم مجلس الدولة فـي 1988-1-8الذي
اعتبر فيها التفاقات بين حاكم أحد المقاطعات بشأن تحديد توزيع المرافق العامة بين الدول و المحليات من
قبيــــــــــــــــــــــل العقود الداريــــــــــــــــــــــة) ( .
ثانيا :اتصــــــــــــال العقــــــــــــد بنشاط مرفــــــــــــق عام .
.Le Rattachement Aune activite Deservice Public
ل يكفي لعتبار العقد إداريا أن تكون الدارة أحد الطراف إنما يجب البحث فيما إذا كان العقد متعلقا بمرفق
ـــــــــــــــــــــن الوجوه. ـــــــــــــــــــــه مـ عام على وجـ
وبعد أن كان القضاء في فرنسا ومصر يتبنى المعنى العضوي للمرفق تطورت أحكامه للجمع بين المعنيين
– ثـم اسـتقر فيمـا بعـد على المعنـى الموضوعـي – فعرف المرفـق العام بأنـه النشاط الذي تتوله الدولة أو
الشخاص العا مة الخرى ،مباشرة أو التع هد به إلى آخر ين كالفراد أو الشخاص المعنو ية الخا صة ،ول كن
تحــت أشرافهــا ومراقبتهــا وتوجيهاتهــا وذلك لشباع حاجات ذات نفــع عام تحقيقا للصــالح العام .
تطور فكرة المرفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــق العام :
ظهرت فكرة المرفـق العام وتبلورت ابتدءا مـن الربـع الخيـر مـن القرن التاسـع عشـر فأصـبحت الفكرة
السـاسية ،التـي اعتمدتهـا أحكام مجلس الدولة الفرنسـية ومحكمـة التنازع فـي تقريـر معيار الختصـاص
القضاء الداري ومـن حكـم Rotschildالصـادر فـي 1855-9-6و Dekeisterعام 1861و Blanco
بتاريخ .1873-2-8وعزز هذا التجاه وضع العميد Duguitلسس نظريته عن المرافق العامة التي كان
لهـا شأن كـبير فـي نظريات القانون الداري التـي باتـت تقوم على اعتبار المرفـق العام و مقتضيات سـيره،
المــبرر الوحيــد لوجود نظام قانونــي خارج عــن المألوف فــي قواعــد القانون الخاص) ( .
و الدولة في هذا التجاه ت سعى ن حو تحق يق هدف مع ين هو ح سن أداء المرا فق العا مة ،وت ستعمل في هذا
السبيل وسائل القانون العام ،لن المرفق العام أصبح يمثل الفكرة الساسية التي يقوم عليها القانون الداري
ـــاسها. ـــبيقه على أسـ ـــق العام" ويتحدد نطاق تطـ ـــمى " قانون المرافـ ـــبح يسـ الذي أصـ
وعلى هذا السـاس فأن العقود الداريـة ل تكتسـب صـفتها هذه إل إذا اتصـلت بنشاط مرفـق مـن المرافـق
العامـــة ،فأصـــبحت هذه النظريـــة معيارا مميزا للعقـــد الداري عـــن عقود القانون الخاص.
ونتيجة لتطور الحياة الدارية ،و التغيرات الكبيرة التي طرأت في القواعد التي نهضت عليها فكرة المرافق
العامة ،بتأثير من سياسة القتصاد الموجه و المبادئ الشتراكية وزيادة تدخل الدولة في النشاط القتصادي
و الجتما عي و ما را فق ذلك من ظهور المرا فق القت صادية و الجتماع ية و ال صناعية و المرا فق ا لمهن ية
المختلفـة ،لم تعـد نظريـة المرافـق العامـة تحظـى بأهميتهـا السـابقة ممـا عرضهـا للنقـد الشديـد.
ح تى ذ هب الب عض إلى القول أن مفهوم المر فق وأهمي ته بالن سبة للقانون الداري قد أ صبحت ثانو ية ،في
حيــــن أعتــــبر آخرون مــــا حصــــل تطورا فــــي مفهوم المرفــــق العام) ( .
و مع ما أ صاب هذه النظر ية من ن قد بق يت أحكام مجلس الدولة الفرن سي و الم صري تؤ كد ضرورة ات صال
العقــــــد بنشاط مرفــــــق عام لضفاء الصــــــفة الداريــــــة عليــــــه.
غير أن من الفقهاء من ذهب إلى أن فكرة المرفق العام كمعيار لتمييز العقد الداري لم تعد كافية أو صالحة
للتطــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبيق) ( .
مما جعل من الضروري أن يحدد هذا المعيار بإضافة عنصر جديد يتمثل باستعمال أساليب القانون العام ،بعد
أن تبين ما في فكرة المرفق العام من سعة وعدم اقتصار على المرافق الدارية وشموله للمرافق القتصادية
و التجاريـة وتجلى ذلك بظهور المعيار المزدوج الذي يجمـع بيـن فكرتـي المرفـق العام واسـتخدم وسـائل
القانون العام.
ففي عام 1903أصدر مجلس الدولة الفرنسي حكمه في قضية " " Terrirالذي كان يمثل مع تقريره
مفوض الدولة " " Romieuنقطة تحول في قرارات مجلس الدولة ،فقد تعرض مفوض الدولة في تقريره
إلى النظرية الدارية الخاصة بوصفها معيارا لتوزيع الختصاص بين القضائين المدني و الداري وورد في
تقريره" وتتم هذه التفرقة بين ما اقترح تسميته بالدارة العامة Gest - Publو الدارة الخاصة Gest
-Priveeأما على أساس طبيعة المرفق محل النظر وأما على أساس التصرف الذي يتعين تقديره فقد يكون
المرفق مع أهميته لشخص لعام ل يتعلق إل بالدارة دومينه خاص ،وفي هذه الحالة يعتبر الشخص العام
يتصرف كشخص خاص ،كمالك في أوضاع القواعد العامة .ومن جهة أخرى قد يحدث أن الدارة وأن
تصرفت ل كشخص خاص ولكن كشخص عام لمصلحة مرفق عام بالمعنى الحقيقي ل تتمسك بالفادة من
مركزها كشخص عام وتضع نفسها باختيارها في نفس أوضاع الفرد سواء بإبرام أحد عقود القواعد العامة
ذي طابع حدده التقنيين المدني بوضوح " استئجار عقار مثل لتقر فيه مكاتب إدارة ما" ل يفترض بذاته
تطبيق أية قاعدة خاصة بتسيير المرافق العامة") ( .
ومن هذا التاريخ اتجهت آراء الفقه في الغلب إلى رأي مفاده أن الدارة إذا ما اتبعت أساليب القانون العام
فإن عقودها تنطبع بالطابع الداري أما إذا كانت أساليبها متشابهه لساليب الفراد في القانون الخاص
فتكون عقودها مدنية أو تجارية.
وأخذت قرارات مجلس الدولة الفرنسية تتوالى مؤكدة التجاه ذاته ومن ذلك حكم المجلس في -7-31
1912في قضية شركة الجرانيت ورد" ومن حيث أن العقد المبرم بين المدينة و الشركة خل من أي أشغال
تنفذها الشركة وكان محله الوحيد التوريد عند التسليم حسب قواعد وشروط العقود المبرمة بين الفراد،
وإنه بهذا يثير الطلب منازعة ل يختص القضاء الداري بنظرها") ( .
وعلى هذا الساس برزت فكرة العيار المزدوج في فرنسا التي تعد عقدا إداريا إذا كانت الدارة طرفا فيه
واتصل العقد بمرفق عام واتجهت نية الدارة إل الخذ بأسلوب القانون العام.
ومنذ ذلك الوقت برز مفهوم الشروط الستثنائية غير المألوفة التي تخرج عن المألوف في قواعد القانون
المدني معيارا رئيسيا ينهض إلى جانب معيار المرفق العام للتعبير عن نية الدارة في أتباع أسلوب القانون
العام.
فل يكفي وفق هذه النظرية اتصال العقد بمرفق عام لضفاء الصفة الدارية على العقد مثلما ل يكفي تضمن
العقد لشروط استثنائية لعتباره عقدا إداريا) ( .
وفي ذلك قضت المحكمة الدارية العليا في مصر أن علقة العقد بالمرفق العام إذا كانت ضرورية لكي
يصبح العقد إداريا ليس كافية لمنحة تلك الصفة ،اعتبار بأن قواعد القانون العام ليست علقة حتمية
بالمرفق إذ أنه مع اتصال العقد بالمرفق العام فإن الدارة قد ل تلجأ في أبرامة إلى أسلوب القانون العام لما
تراه من مصلحتها في العدول عن ذلك إلى أسلوب القانون الخاص) ( .
وبالرغم من التأييد الكبير الذي حظيت به فكرة المعيار المزدوج حاول أنصار نظرية المرفق العام إحياء
نظريتهم و الكتفاء بها معيارا وحيدا لتمييز العقد الداري واستبعاد وسائل القانون العام ممثلة في الشروط
الستثنائية عن طريق أساليب عدة لعل من أهمها نظرية اشتراك المتعاقد في تسيير المرفق العام.
مما توجب على السيدة "مازران" أن تقيم دعويين واحدة أمام المحاكم العادية والخرى أمام القضاء الداري
.وهذا قضاء غريب تكرر في أحكام أخرى منها قرار محكمة التنازع في 1990-11-26في قضية Mlle
Salliegeاستخدمت فيها السيدة من قبل المستشفى ابتداء لمساعدة المرضـى أثناء تنقلهـم ( مشاركة
مباشرة في الخدمة الطبية ) وكذلك في أعمال غسل الملبس ( غياب المشاركة المباشرة ) وقد تم تكليفها
بهذه العمال الخيرة بعد ذلك فأصبحت شخص من أشخاص القانون الخاص ،وبما أنه قد تم تسريحها من
الخدمة وهي تملك الصفة الخيرة فإن النزاع يعد من اختصاص المحاكم العادية ) (.
إزاء ذلك ل نعتقد بصلحية المعيار المتناوب ليكون معيارا كافيا لتمييز العقد الداري ول نرى مانعا من أن
يشتمل معيار التمييز المبادئ الثلثة التي توصل إليها القضاء الداري في سني تطوره التي استغرقت عقودا
من الزمن ،وهذا المعيار التخييري يوكل به قاضي الموضوع إذ يتفحص العقد ويطبق كل مبدأ من هذه
المبادئ فإذا ما تحقق من توافر أحدها فيه كان العقد إداريا دون الحاجة للبحث في توافرها معا ،وإن هذه
المبادئ متساوية في أهميتها فليس هناك مبدأ رئيسي وآخر مساعد وهذه المبادئ هي :
المبدأ الول :الشتراك المباشر في تنفيذ المرفق العام ذاته .ويقوم هذا المبدأ على أساس اعتبار العقد الذي
يتضمن تنفيذ المتعاقد للمرفق العام ذاته عقدا إداريا دون الحاجة لوجود الشروط غير المألوفة .وقد ظهر
هذا المعيار بحكم بيرتان 1956وحقق نجاحا كبيرا من خلل شموله أغلب الموظفين في الدارات العامة
واعتبار عقود توظيفهم إدارية .
وفي هذا السبيل عد مجلس الدولة الفرنسي العديد من العقود إدارية لن موضوعها هو تنفيذ مرفق عام
ففي قرار مجلس الدولة في قضية Soc-Codiamفي 1994-6-8عد العقد إداريا عندما أبرمته مستشفى
مع شركة أجهزة التلفاز لتأجير أجهزة إلى المرضى .باعتبار أن خدمة الستشفاء تعني بالضافة للعناية
الطبية تحسين ظروف القامة للمرضى كذلك عدت محكمة التنازع في قرار حديث لها في 1995-1-16في
قضية Cie nat,du Rhoc ,EDFالعقد إداريا لنه يسمح بأن تستخدم شركة الكهرباء الفرنسية الطاقة
المنتجة من الشركة الوطنية لمنطقة (الرون) باعتبار أن هذا العقد يتضمن تنسيقا لوظائف الشركتين
المتعلقة بالمرفق العام) ( .
وهذا المبدأ في الحقيقة يتسم بسهولة التطبيق إذ تكفي الشارة إلى طبيعة المهمة التي كان يمارسها
المتعاقد مع الدارة لمعرفة العقد فيما إذا كان إداريا من عدمه ،بالضافة إلى أنه عد أغلب عقود التوظيف
في الدارات العامة عقودا إدارية ومن ذلك عقود الطباء والمهندسين والساتذة والعاملين في المسارح
العامة .
غير أنه مع حسنة شموله جميع الموظفين بمظلة القانون العام فإن القول به سيؤدي في النهاية إلى عدم
الحاجة إلى البحث في مدى ارتباط مبدأ المشاركة في تنفيذ المرفق في العقد الداري لن جل عقود الوظيفة
العامة ستعد إدارية من حيث الموضوع حتما .
المبدأ الثاني :الشروط غير المألوفة -:إن عدم تنفيذ المتعاقد للمرفق ذاته ل يجعل من العقد من عقود
القانون الخاص حتما ،إذ يتوجب على القاضي أن يبحث فيما إذا كان العقد محتويا على شروط غير مألوفة
من عدمه .
ففي هذه الحالة يستعيد مبدأ الشروط الغير مألوفة ،أهميته يذهب الستاذ Chapusإلى القول أن كل عقد
يتم الفصاح عنه يعود للقانون الخاص ول يعترف به كعقد إل تبعا للتأكد بأنه ليس إداريا ل في موضوعه
ول من ناحية شروطه ) (.
المبدأ الثالث :العقود الدارية تبعا لنظمتها :منذ صدور حكم مجلس الدولة الفرنسي في قضية Riviere
du Santعام 1973برز التجاه الذي يعد العقد إداريا ليس من خلل ما يحويه من شروط غير مألوفة
ول من خلل تنفيذ المتعاقد للمرفق العام ذاته وإنما لقيام العقد على نظام قانوني غير مألوف ،وقد أثار هذا
المبدأ عند ظهوره بعض الرتباك بخروجه عن الستقرار النسبي في ظل المعيار المتناوب .
ونعتقد إن هذا المبدأ يمثل قاعدة ثالثة يمكن العتماد عليها في وضع حل لمعضلة التمييز بين العقد الداري
وعقود القانون الخاص ويؤكد ذلك اعتماده من القضاء الداري الفرنسي في الكثير من الحكام .
ومع ذلك وباستثناء بعض قرارات محكمة التنازع التي لم تعد العقود خاضعة لنظام قانوني استثنائي مثال
ذلك قرارها في 1993-10-11في قضية Soc-Central siderurgiqe de richemontفأنه ل يمكننا
أن ننفي كون أن مبدأ النظام القانوني غير المألوف قد أصبح ركنا أو مبدأ مهما في تمييز العقد الداري في
الوقت الحاضر .
المبحث الثالث
التعريف بأهم أنواع العقود الدارية
تبرم الدارة أنواعا مختلفة من العقود الدارية ،منها عقود نظمها المشرع بأحكام خاصة ونص عليها في
القانون المدني ومنها ما ورد عليه النص في لئحة العقود الدارية ،ومنها ما ترك تحديده للقضاء الداري
.
وفي هذا المبحث سنتناول أهم ثلثة عقود إدارية أشارت إليها اغلب التشريعات العربيه ,
وانقسم الفقه الفرنسي إلى اتجاهين ذهب الول نحو اعتبار عقد اللتزام من عقود القانون الخاص ،
ل خصائصه المميزة من حيث منحه الملتزم سلطات من طبيعة خاصة من قبيل سلطته في فرض متجاه ً
أعباء مالية على المنتفعين بالمرفق وسلطته في شغل الدومين العام وما إلى ذلك من امتيازات أخرى
ويوفرها له نظام القانون العام .
أم التجاه الثاني ويتزعمه الفقيه Duguitفيعتبر اللتزام عملً قانوينا مركبا يشتمل على نوعين من
النصوص الول منها يتعلق بتنظيم المرفق العام وبسيره ،وتملك الدارة تعديل هذه النصوص وفقا لحاجة
المرفق .أما النوع الثاني من النصوص فيسمى بالنصوص أو الشروط التعاقدية التي تحكمها قاعدة " العقد
شريعة المتعاقدين " ومنها ما يتعلق بتحديد مدة اللتزام واللتزامات المالية بين المتعاقدين ول تتعدى ذلك
لتشمل أسلوب الخدمات للمنتفعين .
وقد لقى هذا الرأي ترحيبا في القضاء الداري في فرنسا ومصر اذ أن المسلم به فقها وقضاء إن شروط
عقد التزام المرفق العام تنقسم إلى نوعين :شروط لئحية وشروط تعاقدية .الشروط اللئحية فقط هي
التي يملك مانح اللتزام تعديلها بإرادته المنفردة في أي وقت وفقا لمقتضيات المصلحة العامة ،دون أن
يتوقف ذلك على قبول الملتزم .والمسلم به إن التعريفة أو خطوط السير وما يتعلق بهما ،من الشروط
اللئحية القابلة للتعديل بإرادة مانح اللتزام المنفردة.
وقد سعى المشرع العراقي نحو تنظيم أحكام عقد اللتزام ليكفل حسن سير المرفق محل اللتزام ومن ذلك ما
نص عليه ا القانون المدني العراقي بخصوص المساواة بين المنتفعين في المرفق .
وتمارس الدارة في مواجهة الملتزم سلطة الرقابة والشراف على ممارسة عمله وفقا لشروط العقد
والقواعد الساسية لسير المرافق العامة .
على أن ل تصل سلطة الدارة في إصدار قراراتها بمناسبة سلطة الرقابة حدا يغير من طبيعة اللتزام
وتعديل جوهره أو أن تحل محل الملتزم في إدارة المرفق وإل خرج عقد اللتزام عن مضمونه ،وتغير
استغلل المرفق إلى الدارة المباشرة .
ثانيا :عقد الشغال العامة :
عرفت احكام القضاء الداري المختلفه عقد الشغال العامة بانه عقد مقاولة بين شخص من أشخاص
القانون العام وفرد أو شركة بمقتضاه يتعهد المقاول بعمل من أعمال البناء أو الترميم أو الصيانة مقابل
ثمن يحدد في العقد ) (.
ومن هذا التعريف يتبين أنه يتميز عقـد الشغال العامـة بتوافر العناصر التالية:
-1أن يتعلق موضوع العقد بعقار .ويشمل ذلك أعمال البناء والترميم والصيانة الواردة على عقار .
وكذلك بناء الجسور وتعبيد الطرق وما إلى ذلك .
ويخرج من نطاق الشغال العامة العقود الواردة على منقول مهما كانت ضخامته ,فلم يعتبر القضاء
الداري في فرنسا من عقود الشغال العامة التفاقات التي يكون محلها إعداد أو بناء أو ترميم سفينة أو
حظيرة متحركة للطائرات ) (.
وقد توسع مجلس الدولة الفرنسي في مفهوم الشغال العامة وأدخل في اختصاصه كثيرا من العقود التي
تتعلق بصيانة الموال العامة من قبيل أعمال التنظيف والرش في الطرق العامة ،وعقود توريد ونقل المواد
اللزمة للشغال العامة ،وكذلك عقود تقديم مساعدة مالية أو عينية لتنفيذ أشغال عامة ) (.
-2أن يتم العمل لحساب شخص معنوي .سواء كان العقار محل الشغال مملوكا لشخص عام أم مملوكا
لشخص من أشخاص القانون الخاص لكن العمل قد تم لحساب شخص معنوي عام ) (.
كذلك اعترف القضاء الداري الفرنسي بصفة الشغال العامة لشغال المرافق العامة الصناعية والتجارية
التي تدار بالشراف مباشر من مؤسسات عامة ) (.
أو الشغال التي تقوم بها البلدية من تلقاء نفسها في عقار مهدد بالسقوط لكفالة الطمأنينة العامة) (.
الفصل الثالث
إبرام العقــود الداريـــة
ل تملك الدارة حرية واسعة عند التعاقد ،مثلما هو الحال في إبرام الفراد عقودهم .إذ فرض المشرع جملة
من القيود و الجراءات تلتزم الدارة بأتباعها حفاظا على المصلحة العامة و المال العام.
وقد أكدت محكمة القضاء الداري المصرية هذا التجاه عندما قضت" من حيث أن الصل في كيفية إبرام
العقود الدارية و التي يشتد فيها القيد على حرية جهة الدارة عند تعاقدها يرجع إلى أن الشارع هو الذي
يستقل ببيان طريقة إبرام العقود العامة وهو في هذا السبيل يسعى إلى إدراك هدفين كبيرين الول :تحقيق
أكبر وفر مالي للخزينة العامة ،وهذا يستلزم بداهة التزام جهة الدارة اختيار المتعاقد الذي يقدم أفضل
الشروط والضمانات المالية والثاني :مراعاة المصلحة الدارية ويتطلب تبعا لذلك تمكين جهة الدارة من أن
تختار أكفا المتقدمين لداء الخدمة التي تحرص هي على تحقيقها ") (.
وسنتناول في هذا الفصل طرق وأساليب اختيار المتعاقد مع الدارة ثم نبحث في إجراءات التعاقد وفقا لما
ورد بهذه اللئحة وفي مبحثين.
المبحث الول
طرق إبرام العقود الدارية
تتبع إدارة أساليب عدة في إبرام عقودهما الدارة.وفي هذا المجال بينت لئحة العقود الدارية طرق أساسية
لبرام العقود الدارية أوردتها المادة العاشرة من اللئحة هي:
-1المناقصة .
-2الممارسة .
-3التكليف المباشرة.
-4المزايدة العامة .
أولً :المناقصة :
يقوم نظام المناقصة على أساس وجود عدد من الراغبين في التعاقد مع الدارة ،يتنافسون فيما بينهم لتقديم
العطاءات تختـار الدارة أفضلها سعرا وشروطا) ( .
وتلجأ الدارة إلى هذا السلوب عندما تريد الحصول على الخدمات و السلع مثلما وهو الحال في العقود
الشغال العامة و التوريد ،ول يجوز العدول عن أسلوب المناقصة إل في حالت خاصة.
إذ ورد في المادة الحادية عشر "تبرم عقود الشغال ،وعقود التوريد وغيرها من التوريد وغيرها من العقود
الدارية – بصفة عامة – بطريقة المناقصة العامة ول يجوز العدول عن طريق المناقصة العامة إلى طريق
آخر من طرق التعاقد ..إل لمقتضى يستند إلى أحكام هذه اللئحة".
وتقوم المناقصة على ثلثة مبادئ رئيسية هي:
-1العلن عن المناقصة .
-2حرية المنافسة.
-3المساواة بين المتنافسين.
.1العلن عن المناقصة :
إعلن الدارة عن رغبتها بالتعاقد شرط ضروري لضمان فرص متساوية للراغبين بالتعاقد تتيح لهم تقدير
كلفة المشروع موضوع العقد ونوع الخدمات المراد تقديمها وشروطها.
إذا يتوجب على الدارة أن تضع مواصفات تفصيلية كاملة وجداول الكميات التي تبين للفراد البنود و
الجراءات الواجب اتباعها في تنفيذ العقد و الجزاءات التي يمكن توقيعها على المتعاقد في حالة الخلل
بأحكامه أو التأخر في تنفيذه.إضافة إلى صفة المناقصة وشروط العقد العامة) (.
وتتولى لجنة العطاءات العلن عن المناقصة بناء على قرار الجهة المختصة بعد التحقق من صدور الذن
من الجهة المختصة.
.2حرية المنافسة :
من مقتضيات هذا المبدأ إعطاء الحق لكل المقاولين أو الموردين المنتمين للمهنة التي تختص بنوع النشاط
الذي تريد الدارة التعاقد عليه ،أن يتقدموا بعطاءاتهم بقصد التعاقد مع أحدهم وفق الشروط التي تضعها
هي) ( .
ول يجوز للدارة أن تبعد أيا من الراغبين في التعاقد و المنتمين إلى هذه المهنة من الشتراك في
المناقصة.
ويقوم أساس المنافسة الحرة في نظر الستاذ De Laubadereعلى فكرة الليبرالية القتصادية القائمة
على حرية المنافسة ،وفكرة المساواة بين الفراد في النتفاع من خدمات المرافق العامة) (.
بالضافة إلى أن هذا المبدأ يقوم على أساس وقوف الدارة موقفا حياديا إزاء المتنافسين ،فهي ليست حرة
في استخدام سلطتها التقديرية بتقدير فئات المقاولين التي تدعوها وتلك التي تبعدها) (.
إل أن هذا المبدأ ل يسري بإطلقه،إذ ترد علية قيود تقتضيها المصلحة العامة،تسمح للدارة إبعاد بعض
الراغبين بالتعاقد مؤقتا أو نهائيا من التعاقد مع الدارة.
ويتميز هذا السلوب باختصار الجراءات الطويلة التي يستغرقها غالبا طريق المناقصة ،بالضافة إلى طابع
العلنية من خلل معرفة جميع الراغبين بالتعاقد بالسعار التي يقدمها المنافسون ،و التفاوض العلني للوصل
إلى التفاق ،مثلما هو الشأن بالنسبة لعقود القانون الخاص.
المبحث الثاني
إجراءات التعـــاقـــد
يمر التعاقد في العقود الدارية بأربع مراحل ،حددها المشروع في لئحة العقود الدارية وأوجب اتباعها
وهي :
المرحلة الولى :استيفاء الجراءات الشكلية السابقة على التعاقد.
المرحلة الثانية :تقديم العطاءات.
المرحلة الثالثة :فظ المظاريف و البت فيها.
المرحلة الرابعة :إبرام العقد .
المرحلة الولى :استيفاء الجراءات الشكلية السابقة على التعاقد.
يتطلب القانون أن تستكمل الدارة بعض الجراءات الشكلية قبل إبرام العقد وأهمها :
-1العتماد المالي.
-2دراسة الجدوى .
-3الحصول على تصريح بالتعاقد.
)1العتماد المالي -:
الدارة ل تستطيع التعاقد أو إجراء أي تصرف يرتب عليها التزامات مالية ،ما لم يتوفر لديها العتماد
المالي اللزم ،كذلك تلتزم الدارية أن بعدم تجاوز حدود هذا العتماد المالي .ويترتب على مخالفة الدارة
لهذا اللتزام مسئوليتها القانونية.
وقد أوجبت المادة الثامنة من لئحة العقود الدارة تراعي الجهات الدارية حدود العتماد قبل إبرام أي عقد
من العقود الدارية باستثناء العمال أو المشروعات التي تتم بالجهد الذاتي أو التطوعي أو العمل الجماعي
المنظم ،ول يجوز التعاقد على أي عمل أو مشروع غير مدرج بالخطة أو الميزانية .كما ل يجوز التعاقد إل
في حدود العتمادات المدرج بالخطة و الميزانية للعمل موضوع العقد.
وهنا لبد من التساؤل حول مآل العقد الذي يبرم مخالفا لشرط توافر العتماد المالي أو متجاوزا لحدوده .
وفي هذا المجال نجد أن القضاء و الفقه الداريين قد أستقرا على اعتبار تصرف الدارة بإبرام عقودها
الدارية بهذه الظروف يكون صحيحا وملزما لطرافه( ) مع ما يشكله من استحالة تنفيذ الدارة للتزاماتها
المالية في مواجهة المتعاقد معها مما يرتب مسئوليتها القانونية.
وقد بررالقضاء الداري القضاء ذالك بضرورة حماية الفراد في تعاقدهم مع الدارة كون علقتهم مع
الدارة فردية وليست تنظيمية مع وجوب عدم زعزعة الثقة الدارية.
ووفقا للقواعد العامة في التعاقد ل يمنع تعاقد الدارة في هذه الحالة ،من مطالبة المتعاقد فسخ العقد لعدم
تنفيذ الدارة التزاماتها المالية المستحقة لصالحها مع التعويض إذا كان لها مقتضى .
)2دراسة الجدوى :
يوجب المشرع قبل المباشرة بأي إجراء من الجراءات التعاقد دراسة موضوع العقد وإجراء استشارات
متعددة في سبيل إنجاز المشروعات وفقا للمواصفات المطلوبة في الخطة مع مراعاة حدود العتماد المالي
المخصص.
ونعتقد أن هذه الضوابط ل تعدو أن تكون توجيهات للدارة تستنير بها قبل القدام على التعاقد ومع نص
المشرع على وجوب اتباعها ،ل يترتب على مخالفة ذلك اعتبار العقد باطلً.إذ أن دراسة الجدوى من التعاقد
في هذين النصين ل تبلغ حد الستشارة اللزامية أو الذن بالتعاقد .ول يترتب على مخالفة الدارة لهذه
الضوابط إل مسئوليتها أمام السلطة الدارية العليا.
)3التصريح بالتعاقد :
يشترط قبل إبرام العقد الداري الحصول على أذن الجهة المختصة التي يحددها القانون ،وبعكس ذلك ل
يجوز للدارة مباشرة أي إجراء من إجراءات التعاقد .
ويترتب على ذلك أن العقد الذي تبرمه الدارة دون الحصول على الذن معدوما من الناحية القانونية ول
يجوز تصحيحه بصدور إذن لحق.
وعلى ذلك ل تتوافر الرابطة التعاقدية بين الدارة و الطرف الخر ،ويملك هذا الخير المطالبة بالتعويض
الذي لحق به على أساس المسئولية التقصيرية إذا كان له مقتضى.
المرحلة الثانية :تقديم العطاءات :
خلل المدة التي يحددها العلن يتقدم الراغبون بالتعاقد بعطاءاتهم ،ول يعتد بالعطاءات بعد هذه المدة.
إل إذا قررت لجنة العطاءات تمديد مدة قبول العطاءات لسباب تتعلق بقلة عدد العطاءات المقدمة بالنسبة
لهمية المشروع ،أو عندما تطلب مد الميعاد أغلبية الشركات أو المنشآت التي دعيت للمناقصة أو طلب ذلك
عدد كبير من الشركات أو المنشآت الراغبة في التقدم للمناقصة.
محتويات العطاء:
وإذا تم تقديم العطاء فيجب توافر مجموعة من المعلومات و المواصفات التي يتعلق بعضها بالراغب بالتعاقد
بينما يتعلق القسم الخر بالمشروع موضوع المناقصة .وهذه المعلومات ينبغي أن تكون واضحة ودقيقة
بشكل ل يسمح بوجود لبس أو تفسير خاطئ.
وقد استقر التعامل على وجوب احتواء العطاء على ما يأتي :أولً :اسم ولقب وعنوان الراغب بالتعاقد
وتوقيعه شخصيا على العطاء .وإذا كان مقدم العطاء شركة فيجب تقديم عقد تأسيس هذه الشركة ونوعها
ومقدار رأس مالها .
ثانيا :بيان طريقة وأسلوب إنجاز المشروع ونوع المكائن و اللت التي يعتزم الراغب بالتعاقد استعمالها
في التنفيذ
ثالثا :قائمة تتضمن العمال المماثلة التي قام به مقدم العطاء.
رابعا :الوثائق التي تؤيد أن مقدم العطاء غير محروم من التعامل مع الجهات الدارية أو مستبعد من التقدم
للتعامل معها وأنه لم يسبق أن أدين بجناية أو جنحة مخلة بالشرف أو المانة
خامسا :قائمة بالسعار التي يقترح الراغب بالتعاقد ،التعاقد بها.
سادسا :أن يرفق مع العطاء التأمين البتدائي أو المؤقت.
ول يلتفت إلى العطاءات غير مصحوبة بهذا التأمين في الكثير من التشريعات وبعضها يستعيظ عنه بخطاب
ضما وهذا الشرط يضمن جدية التقدم للمناقصة ،وهو من الشروط الساسية للنظر في العطاء ،ومع ذلك
يجوز لمقتضيات المصلحة العامة وبموافقة الجهة طالبة التعاقد النظر في العطاءات غير مصحوبة بالتأمين
ابتدائي ،إذا ما قدم صاحب العطاء أشعار من المصرف بمباشرته إجراءات إصدار التأمين.
إرساء المناقصة ل يعني إلزام الدارة بإبرام العقد مع من رسى عليه العطاء فل يعد قرار الرساء آخر
إجراءات التعاقد وإنما هو إجراء تمهيدي ينتهي بصورة قرار باعتماد الرساء من الجهة المختصة) (.
ل نزاع في أن للجهات الدارية السلطة تقديرية في إبرام العقود بعد فحص العطاءات وإرسائها على
المتعهدين ،ذلك أن تطرح المناقصة في السوق وتقديم العطاءات عنها وفحصها وإرسائها على صاحب
أفضل عطاء كل ذلك ما هو إل تمهيد للعقد الذي تبرمه الحكومة مع المتعهد ومن ثم فهي تملك كلما رأت أن
المصلحة العامة تقضي بذلك إلغاء المناقصة و العدول عنها دون أن يكون لصاحب العطاء أي حق في
إلزامها بإبرام العد أو المطالبة بأي تعويض عن عدم إبرامه.
الفصل الرابع
الحقوق واللتزامات الناشئة عن العقد الداري
إذا أبرم العقد الداري فإنه يترتب عليه جملة من الثار على طرفيه المتعاقدين ،تتمثل في الحقوق
واللتزامات التي تتمتع بها الدارة من جهة وما يقابلها من حقوق والتزامات يتمتع بها المتعاقد من جهة
أخرى .
وبسبب الطبيعة الخاصة للعقود الدارية فإن ما تملكه الدارة من امتيازات يفوق ما يتمتع به المتعاقد الخر
باعتبار أنها تسعى نحو تحقيق الصالح العام .ومن قبيل هذه المتيازات سلطتها في الرقابة والتوجيه
وسلطتها في توقيع الجزاءات على المتعاقد وسلطة تعديل شروط العقد بإرادتها المنفردة .
وعلى ذلك سنتناول حقوق والتزامات المتعاقدين في العقد الداري في مبحثين :
المبحث الول :سلطات الدارة في مواجهة المتعاقد معها .
المبحث الثاني :حقوق المتعاقد في مواجهة الدارة .
المبحث الول
سلطات الدارة في مواجهة المتعاقد معها
مع أن العقود الدارية تتفق مع عقود القانون الخاص في أنها تنشئ بين الطراف حقوقا والتزامات متبادلة،
غير إنها تختلف من حيث عدم تسليمها بقاعدة المساواة بين المتعاقدين ،فتتمتع الدارة بحقوق وامتيازات
ل يتمتع بمثلها المتعاقد ترجيحا للمصلحة العامة على المصلحة الخاصة للمتعاقد .
وفي ذلك تنص المحكمة الدارية العليا في مصر في حكم لها " :فبينما مصالح الطرفين في العقد المدني
متساوية ومتوازنة إذا بكفتي المتعاقدين غير متكافئة في العقد الداري تغليبا للمصلحة العامة على المصلحة
الفردية من ذلك سلطة الدارة في مراقبة تنفيذ شروط العقد وتوجيه أعمال التنفيذ واختيار طريقته وحق
تعديل شروطه المتعلقة بسير المرفق وتنظيمه والخدمة التي يؤديها وذلك بإرادتها المنفردة حسبما تقتضيه
المصلحة العامة دون أن يتحدى الطرف الخر بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين وكذا حق توقيع جزاءات على
المتعاقد وحق فسخ العقد وإنهائه بإجراء إداري دون رضاء هذا المتعاقد إنهاء مبتسرا دون تدخل القضاء".
()
وعلى ذلك نبين فيما يأتي حقوق وسلطات الدارة في مواجهة المتعاقد معها في المجالت التية :
أولً :سلطة الرقابة والتوجيه .
ثانيا :سلطة توقيع الجزاءات على المتعاقد .
ثالثا :سلطة تعديل شروط العقد .
رابعا :سلطة إنهاء العقد .
أولً :سلطة الرقابة والتوجيه Le pouvoir de control et surveillance
تتمتع الدارة بحق الرقابة والشراف على تنفيذ العقد ،كما تملك سلطة توجيه المتعاقد وإصدار الوامر
والتعليمات اللزمة لهذا التنفيذ .
وغالبا ما تشترط الدارة ضمن نصوص عقودها الدارية أو في دفاتر الشروط العامة والخاصة التي تحيل
عليها ،حقها في إصدار القرارات التنفيذية التي تخضع التنفيذ لتوجيهها وتراقب المتعاقد في تنفيذ التزاماته
.
فالدارة عندما تتعاقد مع الشخاص ل تتخلى عن مسئوليتها للمتعاقد معها ،إنما تعاون المتعاقد في تسيير
المرفق تحت إشرافها ورقابتها ،ويكون لزاما عليها الرقابة والتوجيه أثناء عمل المتعاقد في تنفيذ العقد .
ولهذه السلطة نظيرها في عقود القانون الخاص أما في العقود الدارية فأن الدارة تملك سلطات أوسع
تتعدى الرقابة إلى توجيه المتعاقد إلى كيفية التنفيذ والتدخل باختيار الطريقة المناسبة للتنفيذ .
وحق الدارة في الرقابة والتوجيه يختلف في مداه من عقد إداري إلى آخر ،فهي محدودة في عقد التوريد
وأكثر اتساعا في عقود الشغال العامة إذ أن الدارة غالبا ما تمارس هذه السلطة عن طريق إرسال
مهندسيها لزيارة موقع العمل والتأكد من سير العمل وفقا للمدى الزمني المحدد ووفقا للمواصفات المذكورة
في العقد وإصدار الوامر المناسبة في هذا المجال .شريطة أن تكون هذه التعليمات لزمة لتنفيذ العمل .
ومن قبيل رقابة الدارة وأشرفها على تنفيذ عقودها حق الدارة في التدخل في علقة المتعاقد بمستخدميه
وعماله ،وتنظيم ساعات العمل وتحديد الجور الخاصة بهم ) (.
غير أن السلطة ليست مطلقة إذ أن الدارة تلتزم بعدم التعسف باستخدامها لتحقيق أغراض خاصة ل تتعلق
بالمصلحة العامة .ومن جانب أخر يجب أن ل تؤدي الرقابة والتوجيه إلى حد تغيير طبيعة العقد ) (.
المبحـــــــــــــــــــــــــث الثانـــــــــــــــــــــــــي
حقوق المتعاقـــــــــــــد فـــــــــــــي مواجهـــــــــــــة الدارة
مثلما تملك الدارة حقوق في مواجهة المتعاقد معها ،فإن الخير يتمتع بحقوق متماثله وتتمثل هذه الحقوق
فـي حقـه فـي الحصـول على المقابـل النقدي وحقـه فـي اقتضاء ب عض التعويضات ،وأخيرا ح قه في ضمان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد. التوازن المالي للعقـ
أولً :المقابــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل النقدي -:
ي سعى المتعا قد مع الدارة لتحق يق م صالح ماد ية من وراء تعاقده تتم ثل بالمقا بل النقدي للسلع أو الخدمات
ــــــــة . ــــــــه التعاقديـ ــــــــا للدارة وفقا للتزاماتـ ــــــــي قدمهـ التـ
وتختلف طبيعة هذا المقابل باختلف العقود الدارية ،ففي عقد المتياز يتمثل بما يحصل عليه المتعاقد من
ر سوم تفرض على المنتفع ين من خدمات المر فق ،أ ما في عقود التور يد والشغال العا مة ،قد يكون بش كل
الثمــن الذي تدفعــه الدارة نظيــر الســلع التــي تــم توريدهــا أو الشغال التــي تــم تنفيذهــا.
والقاعدة فيمـا يخـص المقابـل المادي تنـص على أن ل يدفـع إل بعـد إنتهاء تنفيـذ العقـد ،وتسـوية الحسـاب
الختامــي إل فــي بعــض الحالت التــي تتعلق بطبيعــة العقــد الذي يتطلب تنفيذه مدة طويلة.
-2أن يكون الفعل الضار صادرا من جهة الدارة المتعاقدة :ومع ذلك فإذا صدر هذا الفعل من جهة أخرى
ل يم نع من ت طبيق نظر ية الظروف الطارئة إذا توافرت شروط ها ،وي ستوي أن يكون هذا الف عل قد صدر
بشكــــــــــــــــــــل تشريــــــــــــــــــــع أو قرار إداري) ( .
-3أن ينتج عن هذا الفعل ضرر للمتعاقد :ويتمثل هذا الضرر في زيادة أعباء تنفيذ شروط التعاقد إلى حد
يخل بالتوازن المالي للعقد ،ول يشترط في هذا الضرر درجة معينة من الجسامة ،فقد يكون جسميا أو يسيرا
وبهذا تختلف نظريـة فعـل الميـر عـن نظريـة الظروف الطارئة التـي تتطلب إصـابة المتعاقـد بضرر جسـيم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا . لتطبيقهـ
-4أن ل تكون الدارة المتعاقدة قد أخطأت بعمل ها الضار :يشترط لت طبيق هذه النظر ية أن تت صرف الدارة
فـــي حدود ســـلطتها المعترف بهـــا وأن ل تكون الدارة قـــد أخطأت باتخاذ هذا العمـــل .
فالدارة تسأل في نطاق هذه النظرية بصرف النظر عن قيام خطأ في جانبها ،ذلك أن المسئولية هنا تكون
مسـئولية عقديـة بل خطـأ أمـا إذا انطوى تصـرفها على خطـأ ،فإنهـا تسـأل على أسـاس هذا الخطـأ ) ( .
-5أن يكون الجراء الذي أ صدرته الدارة غ ير متو قع :يشترط لت طبيق هذه النظر ية أن يكون الجراء أو
التشر يع الجد يد غ ير متو قع ال صدور و قت التعا قد ،فإن المتعا قد مع الدارة يكون قد أبرم الع قد و هو مقدر
لهذه الظروف المـــــر الذي يترتـــــب عليـــــه تعذر الســـــتناد إليهـــــا) (.
و من الم ستقر في هذا المجال أن شرط عدم التو قع ل ين صرف إلى أ صل ال حق في التعد يل ،فهذا التعد يل
متوقـــع مـــن الدارة دائما ،ولكـــن عدم التوقـــع هـــو فـــي حدود هذا التعديـــل ( )
ــــــر -:
ــــــل الميـ
ــــــة عمـ
ــــــبيق نظريـ
ــــــة على تطـ
الثار المترتبـ
يترتب على توافر شروط تطبيق نظرية عمل المير إعادة التوازن المالي للعقد عن طريق تعويض المتعاقد
ل.عـــن الضرار التـــي لحقـــت بـــه نتيجـــة الجراء الذي أصـــدرته الدارة ،تعويضا كام ً
وفي ذلك استقر القضاء الداري على أن يشمل التعويض ما لحق المتعاقد من خسارة بسبب عمل المير من
قبيل ما تحمله من نفقات إضافية ورسوم جديدة ،وكذلك مافاته من كسب يتمثل بالمبالغ التي كان سيحصل
عليها لو لم يختل التوازن المالي للعقد .ويتم تقدير مبلغ التعويض باتفاق الطرفين ،فإذا لم يتم هذا التفاق
فإن القضاء يتولى هذا التقديــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر .
و قد بينت محكمة القضاء الداري المصري السس ال تي يتم من خلل ها تحد يد مقدار التعويض في حكمها
بتاريخ 1957-6-30الذي ورد فيه " أن القاعدة بالنسبة للتعويض على أساس التوازن المالي للعقد ..أنه
إذا لم يكن مقداره متفقا عليه في العقد ،فإن جهة الدارة ل تملك أن تستقل بتقديره ،بل يقدره قاضي العقد
اعتبارا بأنه ينشأ عن تكاليف غير متوقعة ،وإن كل ما هو غير متوقع يعتبر خارجا عن نطاق العقد ،فل
تطبق عليه شروطه ،ولتعبير "عدم التوقع" في هذه الخصوصية معنى خاص بها هو أن التكاليف الزائدة التي
تلقى على عاتق المتعاقد تعتبر غير متوقعة ،ما دام إنها ليست جزءً من التفاق ،بمعنى أنه ل يقابلها في
شروط الع قد أي تقد ير ،والمحك مة إن ما تقدر هذا التعو يض طبقا للقوا عد المقررة في القانون الداري في
هذا الشأن و هو يش مل عن صرين ،الول ما ل حق المتعا قد من خ سارة ،ويتض من هذا العن صر الم صروفات
الفعلية التي أنفقها المتعاقد ،وهذه المصروفات تختلف باختلف الحوال وطبيعة التعديل ونتائجه ،ومثال ذلك
ما إذا طل بت الدارة سرعة إنجاز العمال ،فإن ذلك قد يؤدي إلى زيادة التكال يف على المتعا قد بد فع أثمان
مرتفعة أو زيادة في أجور اليدي العاملة ،كما أنه من الجائز أن يترتب على تعديل العقد أثناء تنفيذه خسائر
متنو عة ،و في هذه الحالة ي جب تقد ير هذه الخ سائر مادا مت عل قة ال سببية قائ مة بين ها وب ين الجراء الذي
طلبت جهة الدارة من المتعاقد معها اتخاذه ،والثاني ما فات المتعاقد مع الدارة من كسب اعتبارا بأن من
حقــــــه أن يعوض عــــــن ربحــــــه الحلل مــــــن عمله ورأس ماله . ) ( " ..
Theorie du L impr .2نظريـــــة الظروف الطارئة evision :
نظرية الظروف الطارئة من خلق مجلس الدولة الفرنسي ،الذي أقرها في حكمه بتاريخ 1916-3-30بشأن
قض ية إنارة مدي نة "بوردو" وتتل خص وقائع القض ية في أن الشر كة الملتز مة بتور يد الغاز لمدي نة بوردو،
أثناء تنفيذ ها للع قد ،وجدت أن السـعار التـي تتقاضاهـا أب عد كثيرا مـن أن تغطـي النفقات ب عد الرتفاع فـي
أ سعار الف حم الم ستخرج م نه الغاز ارتفاعا كبيرا ع قب نشوب الحرب العالم ية الولى ،بح يث ارت فع سعر
الف حم إلى أك ثر من ثل ثة أمثاله ،ف قد كان ث من طن الف حم ع ند إبرام الع قد في عام 23" -1904فرن كا" ،
وارتفـع فـي عام 1916إلى أكثـر مـن " 73فرنكا" ،ممـا أصـبح معـه تنفيـذ الشركـة للتزاماتهـا مرهقا .
وقد طلبت الشركة من بلدية المدينة المتعاقد معها رفع السعار المفروضة على المنتفعين ،فرفضت البلدية
ذلك ،وتمسكت بشروط العقد استنادا إلى قاعدة "العقد شريعة المتعاقدين" المتبعة في عقود القانون الخاص.
وقد عرض النزاع على مجلس الدولة الذي أٌقر بدوره نظرية الظروف الطارئة كسبب لعادة التوازن المالي
للعقد ،وفي ذلك ورد الحكم " ..من حيث أنه نتيجة لحتلل العدو الجزء الكبير من مناطق إنتاج الفحم في
أوربا القارة ،ولصعوبات النقل بالبحر التي تتزايد خطورة أكثر فأكثر سواء بسبب الستيلء على البواخر أو
ب سبب طبي عة أعمال الحرب البحر ية ومدت ها ،فإن الرتفاع الطارئ خلل الحرب العالم ية الحال ية في أ سعار
الف حم ،و هو المادة الول ية في صناعة الغاز بلغ ن سبة ل تو صف ف قط بأن ها ذات طبي عة ا ستثنائية بالمع نى
المعتاد لهذا الل فظ ولك نه أدى كذلك إلى ارتفاع في تكل فة صناعة الغاز لدر جة أخلت ب كل الح سابات ،وجاوز
أقصـى حدود الزيادات التـي كان يمكـن للطرفيـن توقعهـا عنـد إبرام عقـد اللتزام ،وأنـه نتيجـة لجتماع كـل
الظروف السابق بيانها انقلب اقتصاد العقد بصورة مطلقة ،وأن الشركة إذن على حق في التمسك بأنها ل
تستطيع كفالة تشغ يل المر فق بذات الشروط المت فق عليها أ صلً طال ما ا ستمر المو قف غ ير العادي المذكور
أعله "..وخلص المجلس مـن ذلك إلى قوله "بالتزام الشركـة بضمان المرفـق محـل اللتزام ،ومـن ناحيـة
أخرى بأن عليها أن تتحمل فقط خلل هذه الفترة الوقتية جز ًء من النتائج المبهضة لموقف القوة القاهرة..
ـــــا.) (.. ـــــه على عاتقهـ ـــــد بتركـ ـــــير المتزن للعقـ ـــــمح بالتفسـ الذي يسـ
ل مثل ما هو الحال بالن سبة للقوةو من هذا يت ضح أن نظر ية الظروف الطارئة ل تج عل تنف يذ الع قد م ستحي ً
القاهرة التي تعفي المتعاقد من التنفيذ ،فالتنفيذ في نظرية الظروف الطارئة يبقى ممكنا ولكنه مرهق ،وعلى
ذلك ل تعفى المتعاقد من تنفيذ العقد ،إل أنها تمنح المتعاقد الحق في الطلب من الدارة أن تسهم في تحمل
بعـض الخسـائر التـي تلحـق بـه ،ضمانا لحمايـة المرفـق العام واسـتمراره فـي أداء خدماتـه دون انقطاع .
ـــــــة -:
ـــــــر الشروط التيـ
ـــــــة توافـ
ـــــــق هذه النظريـ
يشترط لتحقيـ
-1و قو ع حوادث ا ستثنائية عا مة غ ير متوق عة ب عد إبرام الع قد وأثناء تنفيذهويشترط أل يم كن دفع ها أو
تداركهـا مـن قبيـل الظروف القتصـادية كارتفاع السـعار ارتفاعا فاحشا ،أو سـياسيا مثـل إعلن الحرب ،أو
طـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبيعيا كحدوث زلزال أو فيضان .
ويشترط في هذا الظرف أن ل يكون متوقعا ،و في ذلك بي نت محك مة القضاء الداري ،أن هذا الشرط ينطوي
إلى حد كبير على مع نى المفاجأة في صورة معي نة ،كأن ي جد المتعا قد مع الدارة نف سه إزاء حالة لم ي كن
يتوقع حدوثها ،ل بناء على دفتر الشروط ول من دراسته الولية للمشروع أو على الرغم من تنبيهه أو ما
اتخذه من حي طة ل تفوت على الش خص الب صير بالمور ق بل القدام على ال سهام في ت سيير المر فق العام
والتعاقـــــــــــــــــــــــد بشأنـــــــــــــــــــــــه ( ) .
هذا ويعد الظرف الطارئ غير متوقع ولو كان ذلك يتعلق فقط بنطاق هذا الظرف الطارئ ل بأصله ،فإذا كان
المتعا قد يتو قع ارتفاع ال سعار ولك نه لم ي كن يتو قع ارتفاع ها إلى ال حد الذي و صلت إل يه فإن الشرط ي عد
متوفرا وتطبــــــــــــق النظريــــــــــــة فــــــــــــي هذه الحالة ( ).
ل عن إرادته :فل يستطيع المتعاقد أن يستفيد -2أن يكون الحادث الطارئ خارجا عن إرادة المتعاقد ومستق ً
مـــن هذه النظريـــة ،إذا كان متســـببا بإحداث الظرف الذي جعـــل تنفيـــذ التزامـــه مرهقا .
كذلك يلزم أن ل تكون الدارة هي ال تي ت سببت في إحداث هذا الظرف بخطئ ها أو بفعل ها فتكون ملز مة في
هذه الحالة بتعويض المتعاقد عما لحقه من ضرر وفق قواعد المسئولية أما على أساس الخطأ أو استنادا
إلى فكرة المســؤولية دون خطــأ وفقا لنظريــة عمــل الميــر التــي أوضحناهــا ســابقا .
-3أن يؤدي الظرف الطارئ إلى إلحاق خسائر غير مألوفة ومن شأن هذه الخسائر أن تؤدي إلى اضطراب
فــــــــــــي التوازن المالي للعقــــــــــــد ،وإرهاق المتعاقــــــــــــد.
وعلى ذلك فإن حدوث خ سائر ب سيطة للمتعا قد ل ت سمح بال ستفادة من هذه النظر ية ال تي ت ستلزم أن تكون
الخســــارة الناشئة عــــن الظرف الطارئ تجاوز الخســــارة العاديــــة المألوفــــة .
هذا و من الوا جب أن ين ظر إلى الع قد بمجمله لتحد يد مدى الرهاق الذي ل حق بالمتعا قد فل ين ظر إلى جا نب
من جوا نب الع قد الذي من المم كن أن يكون مجزيا ومعوضا عن العنا صر الخرى ،ال تي أدت إلى الخ سارة
( ).
ـــــــد : ـــــــذ العقـ ـــــــي تنفيـ ـــــــد فـ ـــــــتمر المتعاقـ -4أن يسـ
ل كي يتم كن القا ضي من رد اللتزام المر هق إلى ال حد المعقول ي جب أن يكون اللتزام قائما ولم ي تم تنفيذه،
وهذا الشرط يسـتلزم أن يكون العقـد مـن شانـه أن يمتـد مدة مـن الزمـن تسـمح بتحقيـق الظروف الطارئة،
ويحصــل ذلك فــي الغالب فــي عقود امتياز المرافــق العامــة وعقود التوريــد والشغال العامــة .
ـــــــــة الظروف الطارئة -: ـــــــــبيق نظريـ ـــــــــة على تطـ الثار المترتبـ
أن تطبيق نظرية الظروف الطارئة متى توافرت شروطها ل تعفى المتعاقد من تنفيذ التزاماته فالمتعاقد يبقى
ملزما بالستمرار في تنفيذ العقد ،وهذا ما يميز نظرية الظروف الطارئة عن القوة القاهرة التي تجعل تنفيذ
ل.اللتزام مســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتحي ً
كما تختلف نظرية الظروف الطارئة عن نظرية عمل المير في أنه يترتب على تحقق عمل المير تعويض
ل يشمل ما لحق المتعاقد من خسارة وما فاته من كسب أما في نظرية الظروف الطارئة المتعاقد تعويضا كام ً
فإن التعو يض ل يغ طي إل الخ سائر ال تي نج مت عن الظرف الطارئ وال تي تجاوزت الحدود المعقولة ( ).
و قد بي نت المحك مة الدار ية العل يا هذا المبدأ بقول ها "أن التعو يض الذي تلتزم به ج هة الدارة ل ي ستهدف
تغطية الربح الضائع – أيا كان مقداره أو الخسارة العادية المألوفة في التعامل – وإنما أساسه تحمل الجهة
الداريــــــة المتعاقدة لجزء مــــــن خســــــارة محققــــــة وفادحــــــة"( ).
والدارة في سبيل تعويض المتعاقد ،قد تتفق مع المتعاقد على تعديل العقد وتنفيذه بطريقة تخفف من إرهاقه
وتتح مل ب عض ع بء هذا الرهاق بالقدر الذي يم كن المتعا قد من ال ستمرار بتنف يذ الع قد ،وإذا لم ي تم هذا
التفاق فإنــه للقضاء أن يحكــم بتعويــض المتعاقــد اســتنادا إلى التفســير المعقول للعقــد ( ).
هذا ويتميز حق التعاقد في اقتضاء التعويض وفق نظرية الظروف الطارئة بأنه حق مؤقت ينقضي بانقضاء
الظرف الطارئ ،فل يتصور أن يستمر طويلً ،ويملك أي من المتعاقدين أن يفسخ العقد وذلك بالستناد إلى
نظرية القوة القاهرة التي تجعل تنفيذ اللتزام مستحيلً ويكون الفسخ أما بحكم قضائي أو قرار إداري ومن
ــى . ــض إذا كان له مقتضـ ــحوبا بالتعويـــخ مصـ ــة بالفسـ ــم المحكمـ ــن أن يكون حكـ الممكـ
ومن الملحظ هنا أنه ل يجوز التفاق على إعفاء الدارة من التعويض استنادا إلى نظرية الظروف الطارئة
ــــــــــــــه للنظام العام . ــــــــــــــد باطلً اشتراط الدارة ذلك لمخالفتـ ويعـ
ـة .Theorie des Suj etions imprevuse ـر المتوقعـ
ـة غيـ ـعوبات الماديــة الصـ -3نظريـ
ي صادف المتعا قد مع الدارة في ب عض الحيان وخا صة في عقود الشغال صعوبات ماد ية غ ير متوق عة لم
تد خل في ح ساب طر في الع قد ع ند التعا قد ،وتج عل تنف يذ اللتزام أ شد وطأة على المتعا قد مع الدارة وأك ثر
كلفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة.
وفـي هذه الحالة درج القضاء الداري فـي فرنسـا على ضرورة تعويـض المتعاقـد إذا أدت الصـعوبات التـي
واجه ته إلى قلب اقت صاديات الع قد ،على أ ساس أن الن ية المشتر كة لطراف الع قد اتج هت إلى أن ال سعار
المت فق علي ها في الع قد أن ما وض عت في ظل الظروف العاد ية وأن أي زيادة في ال سعار ب سبب ال صعوبات
ــــا) ( . ــــب معهـ ــــر خاص يتناسـ ــــة تتطلب تقديـ ــــر المتوقعـ ــــة غيـ الماديـ
وغالبا ما تظهر هذه الصعوبات في صورة ظواهر طبيعية كما لو صادفت المتعاقد لحفر نفق كتل صخرية
بالغـة الصـلبة لم يكـن فـي وسـعة توقعهـا رغـم مـا اتخذه مـن حيطـة ودراسـات للمشروع قبـل التنفيـذ .
وقـد طبـق القضاء الداري المصـري هذه النظريـة فقضـت محكمـة القضاء الداري بتاريـخ " 1957-1-20
ومن حيث أن المدعى يؤسس طلب التعويض – في هذه الحالة -على النظرية المعروفة بنظرية الصعوبات
غ ير المتوق عة ،و هي من النظريات ال تي ابتكر ها الف قه والقضاء الداري ،مقتضا ها أ نه ع ند تنف يذ العقود
الدار ية وبخاصة عقود الشغال العامة قد تطرأ صعوبات ماد ية استثنائية لم تد خل في ح ساب طر في الع قد
وتقديرهما عند التعاقد ،وتجعل التنفيذ أشد وطأة على المتعاقد مع الدارة وأكثر كلفة ،فيجب من باب العدالة
تعويضه عن ذلك بزيارة السعار المتفق عليها في العقد زيادة تغطي جميع العباء والتكاليف التي تحملها
اعتبارا بأن ال سعار المت فق عليها في الع قد ل تسري أل على العمال العاد ية المتوقعة ف قط ،وأن هذه هي
نية الطرفين المشتركة ،والتعويض هنا ،ل يتمثل في معاونة مالية جزئية تمنحها جهة الدارة للمتعاقد معها
ل عن جم يع الضرار ال تي يتحملها المقاول ،وذلك بد فع مبلغ إضا في له على ال سعار بل يكون تعويضا كام ً
ـــــــــــــــــــــــا) (".. ـــــــــــــــــــــــق عليهـ المتفـ
شروط تطـــــــــبيق نظريـــــــــه الصـــــــــعوبات الماديـــــــــة
ـــــــة -: ـــــــر الشروط آلتيـ ـــــــة توافـ ـــــــبيق هذه النظريـ يشترط لتطـ
-1أن تكون الصـعوبات ماديـة :وترجـع هذه الصـعوبات فـي الغالب إلي ظواهـر طبيعيـة ترجـع إلى طبيعـة
طبقات التر بة م حل الع قد كأن يكت شف المتعا قد أن الرض المراد تنف يذ الع قد في ها ذات طبي عة صخرية م ما
يقت ضي زيادة مره قة في النفقات و التكال يف ،أو يفا جأ المتعا قد بوجود طبقات غزيرة من ال ـمياه تحتاج
إلى نفقات غيــــــر عـــــــاديه فــــــي ســــــحبها وتجفيفهــــــا ) ( .
كمـا قـد ترجـع الصـعوبات إلى فعـل الغيـر ،وليـس إلى ظواهـر طبيعيـة ،كوجود قناة مملوكـة
لشخـــــــــص ولم يشـــــــــر إليهـــــــــا أو مواصـــــــــفاته (( .
-2أن تكون الصعوبات المادية استثنائية وغير عاديه :اشترط القضاء لتطبيق هذه النظرية مثل إذا كانت
الطب قة ال صلبه من التر بة لم ساحة محدودة وان ما ي جب أن تكون بامتداد غ ير عادى ولم ساحة وا سعه أو
ـــــد ) (. ـــــل العقـ ـــــة محـ ـــــن مجموع المنطقـ ـــــبيره مـ ـــــبة كـ بنسـ
ويترك للقا ضي م سألة ما إذا كا نت ال صعوبات الماد ية ذات طا بع ا ستثنائي من عد مه ويختلف ذلك ح سب
ـــــــــــــــــــل على حده . ـــــــــــــــــــة كـ الحالت المعروضـ
-3أن تكون ال صعوبات الماد ية طارئة أو غ ير متوق عه :يشترط لت طبيق هذه النظر ية أن تكون ال صعوبات
الماديـة طارئة وغيـر متوقعـه وقـت التعاقـد كأن يفاجـأ المتعاقـد بحاله لم يكـن قـد توقعهـا لبناء على دفتـر
الشروط ول فى درا ساته الول يه المشروع أو على الر غم م ما ن به إل يه أو ما اتخذه من حي طه ل تفوت على
الشخـص البصـير بالمور قبـل القدام على المسـاهمة فـي تسـيير المرفـق العام والتعاقـد بشأنـه ) ( .
-4أن يكون مـــن شأن هذه الصـــعوبات أن تلحـــق اضطراب فـــي التوازن المالي للعقــــد :
وعلى ذلك فإذا كان من شأن الصعوبات أن تلحق بالمتعاقد خسائر بسيطة فانه ل يسمح بالستفادة في هذه
النظرية فمن الواجب أن يصل الضرر حدا يتجاوز الخسارة المألوفة ليقلب اقتصاديات العقد ويتبين ،هذا من
ــد. ــة للعقـ ــة الجماليـ ــد زيادة على القيمـــا المتعاقـــي ينفقهـ ــف التـ مقدار النفقات والتكاليـ
-5أن تكون الصعوبات من غير عمل أحد طرفي العقد :يشترط لتطبيق هذه النظرية أن ل يكون للمتعاقد
د خل في أحداث ال صعوبات أو زيادة آثار ها خطورة وأن يث بت ا نه لم ي كن في و سعه تو قى آثار ها وا نه لم
ـــــــه . ـــــــذ التزاماتـ ـــــــه بتنفيـ ـــــــد أثناء قيامـ يخرج على شروط العقـ
ويشترط مـن جانـب آخـر أن ل يكون للداره دخـل فـي وجود تلك الصـعوبات وأن كان يمكـن السـتفادة مـن
نظريــــــــــه عمــــــــــل الميــــــــــر فــــــــــي هذا المجال .
-6أن يستمر المتعاقد في تنفيذ العقد :لكي يستفيد المتعاقد من هذه النظرية يجب أن يستمر في تنفيذ العقد
رغم الصعوبات المادية التي يواجهها ،فإذا توقف فانه يتعرض للجزاءات المتر تبه على إخلله بتنفيذ العقد
ويفقده الحــــق فــــي المطالبــــة بالتعويــــض اســــتنادا إلى هذه النظريــــة .
و فى هذا تت فق نظر يه ال صعوبات الماد يه غ ير المتوقعة مع نظر تي الظروف الطارئة وع مل المير التي ل
تؤدى إلى تحلل المتعاقــــــــــــد مــــــــــــن التزاماتــــــــــــه .
المبحـــــــــــــــــــــــــث الثانـــــــــــــــــــــــــي
النقضاء المبتســــــــــــــــــــر للعقــــــــــــــــــــد الداري
بالضافة إلى النقضاء العادي للعقد الداري ،من الجائز أن ينقضي العقد نهاية مبتسرة قبل أوانه في حالت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة . معينـ
أولً :الفســـــــــــــــــــــخ باتفاق الطرفيـــــــــــــــــــــن:
قد يتفق المتعاقد مع جهة الدارة على إنهاء العقد قبل مدته أو أتمام تنفيذه ،ويكون النهاء في هذه الحالة
اتفاقنـا يسـتند إلى رضـا الطرفيـن وتطبـق على الفسـخ هذا أحكام القالة فـي عقود القانون الخاص .
وقد يكون إنهاء العقد بهذه الطريقة مصحوبا بالتعويض عما فات المتعاقد من كسب نتيجة لنهاء العقد قبل
ــــــــــــق المتعاقدان على ذلك. ــــــــــــا اتفـ ــــــــــــه،إذا مـ أوانـ
ثانيا :الفســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــخ بقوة القانون:
ــبيقا للقواعـــد العامـــة ومنهـــا : ــي حالت معينـــة تطـ ــي العقـــد بقوة القانون فـ ينقضـ
-1هلك م حل الع قد :ينق ضي الع قد بقوة في حالة هلك محله ،إل أ نه ي جب التمي يز ب ين ما إذا كان الهلك
بسبب خارج عن إرادة الطرفين وبين ما إذا كان الهلك بسبب راجع للدارة ففي الحالة الولى ينقضي العقد
دون أن يتحمـــــــل أي مـــــــن الطرفيـــــــن تعويضا بســـــــبب النهاء .
أما في حالة الثانية فإن الدارة تعوض المتعاقد عن هذا النهاء المبتسر الذي تسببت فيه للعقد ،إل إذا كان
هلك محـل التعاقـد تنفيذا لجراء عام كهدم دور آيلة للسـقوط كان المتعاقـد ملتزما بصـيانتها ،إذا توافرت
ــــــــــــــر. ــــــــــــــل الميـ ــــــــــــــة عمـ شروط نظريـ
-2إذا تحق قت شروط معي نة من صوص علي ها في الع قد وي تم التفاق على أن الع قد ي عد مف سوخا من تلقاء
نفســــه فــــي حالة تحققهــــا فينقضــــي العقــــد اعتبارا مــــن هذا التاريــــخ.
-3إذا تحق قت أ سباب معي نة من صوص علي ها في القواني ين واللوائح فعندئذ ي تم أنف ساخ الع قد من تار يخ
تحققهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــخ القضائي : ثالثا :الفسـ
قـد يتقرر فسـخ العقـد الداري بحكـم قضائي بناء على طلب الدارة أو المتعاقـد معهـا فـي حالت معينـة.
أ -الفســــــــــــــــــخ القضائي بســــــــــــــــــبب القوة القاهرة:
تؤدي القوة القاهرة إلى إعفاء المتعاقد من تنف يذ التزاماته إذا ما ث بت أن تحققها بسبب أجنبي ل دخل فيه
ولم يكـــــــــــن فـــــــــــي وســـــــــــعه توقعـــــــــــه .
ويتبين من نص هاتين المادتين أنه إذا ما تحققت القوة القاهرة فإن العقد يعد مفسوخا من تلقاء نفسه ول
تسـتطيع الدارة أن ترغـم المتعاقـد على التنفيـذ،وإذا التجـأ المتعاقـد إلى القضاء للحصـول على حكـم بأن
ـخ ول ينشئه) (. ـي هذه الحالة يقرر الفسـ ـم فـ
ـبي فأن الحكـ ـبب أجنـ
ـع إلى سـ ـذ ترجـ ـتحالة التنفيـ اسـ
و مع ذلك ف قد ذ هب جا نب من الف قه الفرن سي معززا رأ يه بب عض أحكام مجلس الدولة إلى أ نه يتع ين على
المتعاقد أن يلجأ إلى القضاء للحصول على حكم بانفساخ العقد للقوة القاهرة في حين تستطيع الدارة إنهاء
العقــد بقرار منهــا اســتنادا منهــا إلى القوة القاهرة ويكون الفســخ هنــا فســخا إداريا ((.
-2الفســــــــــــــخ القضائي كجزاء للخلل باللتزامات العقديــــــــــــــة :
أن حـق الفسـخ بحكـم قضائي بناء على طلب الدارة أو المتعاقـد ،لخلل الطرف الخـر بتنفيـذ التزاماتـه
مضمون للطرف ين ما دا مت الدارة تملك حق ف سخ الع قد بقرار إداري ا ستنادا إلى خ طأ المتعا قد في تنف يذ
التزاماته العقد ية ،فل تل جأ إلى القضاء لتقر ير الفسخ إل لكي تض من عدم رجوع المتعا قد علي ها بالتعو يض
ــــــــف . ــــــــخ مشوبا بالتعسـ ــــــــا بالفسـ ــــــــبين أن قرارهـ إذا تـ
باسـتثناء حالة طلب إسـقاط اللتزام فـي فرنسـا ،إذ أن القضاء الفرنسـي مسـتقر على أنـه ل يجوز أن يتـم
الفســــــــــــــــــــــخ إل بحكــــــــــــــــــــــم قضائي .
أمـا بالنسـبة للمتعاقـد فل بـد له مـن اللجوء إلى القضاء للحصـول على حكـم بفسـخ العقـد إذا أخلت الدارة
بالتزاماتهــا إخل ًل جســميا ،وإذا حكــم القضاء بذلك فأن آثار الفســخ ترتــد إلى يوم رفــع الدعوى .
-3الفســـــخ فـــــي مقابـــــل حـــــق الدارة فـــــي تعديـــــل العقـــــد :
تملك الدارة ك ما بينا سلطة تغي ير شروط الع قد وإضا فة شروط جديدة ب ما يتراءى ل ها أ نه أك ثر اتفاقا مع
الصـــالح العام ،ويملك المتعاقـــد فـــي مقابـــل هذا الحـــق المطالبـــة بالتعويـــض.
وإذا وجـد المتعاقـد أن التعويـض غيـر كاف لمواجهـة الظروف التـي أوجدهـا التعديـل ،وأن التعديـل تجاوز
إمكانيا ته المال ية وقدرا ته الفن ية وت سبب في قلب اقت صاديات الع قد .فإن للمتعا قد ال حق في المطال بة بف سخ
العقــد قضاء مــع التعويــض ،لن مرجــع الفســخ فــي هذه الحالة هــو تصـــرف الدارة دائما .
رابعا :الفســـــــــــــخ عـــــــــــــن طريـــــــــــــق الدارة :
تملك الدارة فـي بعـض الحالت التـي ينـص عليهـا فـي العقـد أو فـي دفاتـر الشوط العامـة أو لئحـة العقود
الداريــــة أن تفســــخ عقودهــــا الداريــــة ،دون الحاجــــة إلى اللجوء إلى القضاء.
كذلك إذا كان العقد مبرما مع أكثر من متعاقد وتوفي أحد هؤلء المتعاقدين فتملك الدارة الخيار بين إنهاء
ــي تنفيذه. ــتمرار فـ ــن بالسـ ــي المتعاقديـــف باقـ ــن تكليـ
ــن وبيـ ــع رد التأميـ ــد مـ العقـ
ويتـم إنهاء العقـد فـي هاتيـن الحالتيـن بخطاب مسـجل دون الحاجـة إلى اللتجاء إلى القضاء أو اتخاذ أي
إجراءات أخرى .
ومـن جانـب أخـر للدارة أن تنهـي عقودهـا الداريـة دون الحاجـة لنـص فـي قانون أو الئحـة إذا اقتضـت
المصـلحة العامـة ذلك دون وقوع خطـأ مـن جانـب التعاقـد ،مـع تعويضـه عـن ذلك عنـد القتضاء.
وسبق وأن أوضحنا الضوابط الواجب مراعاتها عند إنهاء الدارة لعقودها للمصلحة العامة .