Professional Documents
Culture Documents
الجمعية العلمية
نادي الدراسات القتصادية
:هاتف/فاكس 021 47 75 15
رقم الحساب البنكيN° 16-287/60-200 badr bank :
الموقع www.clubnada.jeeran.com :
البريد اللكترونيcee.nada@caramail.com :
1
الملتقى الوطني الول حول القتصاد الجزائري في كلية العلوم القتصادية و علوم التسيير
اللفية الثالثة
استـمارة مشاركـة
السم :جمال اللقب :سالمي الشهادة :ماجستير في تسيير المؤسسات الرتبة :أستاذ مساعد
المؤسسة :كلية العلوم القتصادية و علوم التسيير – ص .ب 20جامعة عنابـة
الهاتف الشخصي ) 038 ( 89 / 15 / 44 :الفاكس ) 038 ( 86 / 01 / 86 :
البريد اللكترونـي DJAMEL72@ ajeeb.com :
عنوان المداخلة :تكييف منظومة التصال التنظيمي داخل المؤسسات القتصادية بالجزائر مع
تحديات اللفية الثالثة
ملخص المداخلة :ختمت الجزائر ثانـي ألفية في التاريخ الميلدي ،باستعادة التوازنات
القتصادية الكبرى ،بعد التطبيق الصارم لبرامج التصحيح الهيكلي ،التي أملتها ضرورة فك
على قروض الهيآت المالية الدولية ،و في مقدمتها صندوق النقد الختناق المالي ،بالحصول
الدولي ،و التحول نهائيا إلى الليبرالية و اقتصاد السوق .إل أن عودة الروح التنموية و الرجوع
في مسائل عدة ،تحتاج إلى كم إلى قطار النمو في بداية هذه اللفية الثالثة ،لن يتم دون الحسم
هائل من الدراسات الكاديمية و البحاث الميدانية ،مع الستفادة من مزايا اقتصاديات الشقاء و
الجيران ،الذين عالجوا قبلنا أمراضهم القتصادية ،و ضرورة التعجيل بتقييم شامل للسياسات
و النتائج السوسيو – اقتصاديـة التي خلفتها ،و ذلك للتكيف يسرعة مع تحديات السابقة ،
العولمة ،و رهانـات اللفية الثالـثة .و فيما يخص المؤسسات القتصاديـة الوطنية ،فإنها مجبرة
على الستجابة و التكيف مع التحولت السريعة و العميقة في القتصاد العالمي ،اندماجا في
الحركية القتصادية العالمية ،و تفتحا على المحيط التنافسي اقليميا ،متوسطيا و عالميا ،و هو ما
يستلزم إعادة النظر في طرق الدارة و التسيير و التنظيم ،كالقيادة و التصال و التحفيز و
التسوبق و غبرهـا .و لقد ظل التوجيه المركزي و التسيير الداري الحادي مهيمنا على الحياة
القتصادية ،منذ الستقلل ،و اهتمت الدولة طوال ثلثة عقود من البناء القتصادي ،بتطبيق
سياسة الصناعات المصنعة و أقطاب النمو ،التي حاولت اختصار المسافة نحو التقدم الصناعي و
القتصادي ،فتم تهميش عدة وظائف في التسيير ،اعتقادا خاطئا بأن الولوية – آنـذاك – تستدعي
التركيز على الجوانب الكمية و التقنية ،و تأجيل البث في العامل النسانـي ،إلى حين تكوين قاعدة
صناعية صلبة ،و اقتصاد وطني قـوي .إن عدم الهتمام بتطوير و تحسين أداء العاملين ،في
ميدان تسيير الموارد البشرية ،جعل دورها ل يتعدى التوظيف و الجور ،بل إنها كانت عبارة
عن وظيفة إدارية " مهمّشة " مقارنة بالوظائف الستراتيجية للمؤسسة .و عليه ،فإن هذه المداخلة
تحاول تبيان واقع منظومة التصال التنظيمي في المؤسسات القتصادية ،من خلل البحث عن
السباب العميقة و الحقيقية لعدم فعالية التصال التنظيمي ،وفق رؤية تحليلـية نقديـة ،تأخـذ بعين
العتـبار المعـطى النفـسي – الجتماعي ،مع اقتراح حلول علمية و عملية ،تمت صياغتها في
30مقترحـا لتكييف منظومة التصال التنظيمي ،مع تحديات المنافسة الجنبية ،التي سوف
تفرزها اتفاقيات الشراكـة مع التحاد الوروبي ،و النضمام المرتقب للمنظمة العالمية للتجـارة .
تكييف منظومـة التصـال التنظيمي داخل المؤسسات القتصاديـة
بالجزائـر مع تحديـات اللفيـة الثالثـة
2
بقلم :جمال سالمي
أستاذ مساعد – جامـعة عنابـة
DJAMEL72@ ajeeb.com
فاكس ) 038 ( 86 / 01 / 86 :
عناصـر المقـال :
المقدمـة و الشكالـية
– 1من التصـال إلى التصـال التنظيمـي
– 2منظومة التصال التنظيمي داخل المؤسسات القتصاديـة بالجزائر خلل نهاية
اللفية الثانـية
– 3معوقـات التصـال التنظيمي داخـل المؤسسات القتصاديـة بالجزائـر
30 – 4مقـترح لتكييف منظومة التصال التنظيمي داخل المؤسسات القتصاديـة
بالجزائـر مع تحديات اللفية الثالـثة
الخاتمـة
المراجـع
المقدمـة و الشكالـية :
ختمت الجزائر ثاني ألفية في التاريخ الميلدي ،باستعادة التوازنات القتصادية
الكبرى ،بعد التطبيق الصارم لبرامج التصحيح الهيكلي ،التي أملتها ضرورة فك
على قروض الهيآت المالية الدولية ،و في مقدمتها الختناق المالي ،بالحصول
و اقتصاد السوق .إل أن عودة صندوق النقد الدولي ،و التحول نهائيا إلى الليبرالية
الروح التنموية و الرجوع إلى قطار النمو في بداية هذه اللفية الثالثة ،لن يتم دون
الحسم في مسائل عدة ،تحتاج إلى كم هائل من الدراسات الكاديمية و البحاث الميدانية
،مع الستفادة من مزايا اقتصاديات الشقاء و الجيران ،الذين عالجوا قبلنا أمراضهم
القتصادية ،و التقييم الشامل للسياسات السابقة ،و النتائج السوسيو – اقتصاديـة التي
مع تحديات العولمة ،و رهانـات اللفية الثالـثة . خلفتها ،و ذلك للتكيف يسرعة
و فيما يخص المؤسسات القتصاديـة الوطنية ،فإنها مجبرة على الستجابة و
مع التحولت السريعة و العميقة في القتصاد العالمي ،اندماجا في التكيف
الحركية القتصادية العالمية ،و تفتحا على المحيط التنافسي اقليميا ،متوسطيا و عالميا
،و هو ما يستلزم اعادة النظر في طرق الدارة و التسيير و التنظيم ،كالقيادة و
التصال و التحفيز و التسوبق و غبرهـا .
و لقد ظل التوجيه المركزي و التسيير الداري الحادي مهيمنا على الحياة
القتصادية ،منذ الستقلل ،و اهتمت الدولة طوال ثلثة عقود من البناء القتصادي ،
بالمؤسسات الكبرى ،على غرار سوناطراك و سونلغاز ،و الشركة الوطنية للحديد و
الصلب ، S N Sتماشيا مع سياسة الصناعات المصنعة و أقطاب النمو ،التي حاولت
اختصار المسافة نحو التقدم الصناعي و القتصادي ،فتم تهميش عدة وظائف في
3
التسيير ،اعتقادا خاطئا بأن الولوية – آنـذاك -تستدعي التركيز على الجوانب الكمية و
التقنية ،و تأجيل البث في العامل النسانـي ،إلى حين تكوين قاعدة صناعية صلبة ،
و اقتصاد وطني قوي .
إن عدم الهتمام بتطوير و تحسين أداء العاملين ،في ميدان تسيير الموارد
ل يتعدى التوظيف و الجور ،بل إنها كانت عبارة عن البشرية ،جعل دورها
وظيفة إدارية " مهمّشة " مقارنة بالوظائف الستراتيجية للمؤسسة BOURNANE ,
. ))1993و لن التصال التنظيمي يساهم -بشكل كبير جدا -في نجاح المؤسسة
القتصادية ،وبلوغها أهدافها ،مع حفاظها على رصيدها البشري ،وتماسكها التنظيمي
،فإن تفعيل التصال التنظيمي في المؤسسات القتصادية ،أصبح أكثر من ضرورة ،
في ظل تحديات المنافسة الجنبية ،التي سوف تفرزها اتفاقيات الشراكـة مع التحاد
و النضمام المرتقب للمنظمة العالمية للتجارة . الوروبي ،
و عليه ،فإن هذه المداخلة تحاول تبيان واقع منظومة التصال التنظيمي في
المؤسسات القتصادية ،من خلل البحث عن أهم مواطن الخلل ،و السباب العميقة و
الحقيقية لعدم فعالية التصال التنظيمي ،وفق رؤية تحليلـية نقديـة ،تأخـذ بعين
العتـبار المعـطى النفـسي – الجتماعي ،مع اقتراح حلول علمية و عملية ،تمت
صياغتها في 30مقترحـا لتكييف منظومة التصال التنظيمي داخل المؤسسات
القتصاديـة بالجزائـر .
– 1من التصال إلى التصال التنظيمي :
لغـة ،فإن مفهوم التصال مُشتق من كلمة Communisاللًتينية و تعني
بالنجليزية commonأي مُشترَك أو اشتراك ؛ أي محاولة تأسيس نوع من الشتراك ،
أو أكثر ،في المعلومات والفكار والتجاهات .كما يُشير يتضمن شخصين
إلى المعلومات التي تنتقل بِواسطتها تلك الفكار بين الناس ،داخل نسق اجتماعي مُعين
فإن المتتبع لكلمـة "اتصال" في مهما اختلف حجمه .ومـن النـاحية التاريخية ،
اللغات الجنبية يجد أن عبارة ( Communiqueأي يتصل ) وعبارة
( Communicationأي اتصال ) قد ظهرتا -في اللغة الفرنسية -في حوالي النصف
الثانـي من القرن التاسع عشر .والمعنى القاعدي للكلمة الولى هو ( يشارك في ) ...
أو ، participerوهذه الكلمة قريبة من الكلمة اللتينية communicaireالتي تعني
وضـع الشيء في المتناول العام mettre en communأو الدخول في علقـة ما Etre
. en relationوقد تحول هذا المصطلح ليصبح معناه نقل الشيء Transmettreأو
توريثه أو إرساله ،وبذلك تصبح القاطـرات و السيارات و وسائل العلم المكتوبة
وسائل اتصال ؛ أي وسائل مرور من نقطة إلى نقطة .وخلل القرن الثامن عشـر ،ومع
تطور وسائل النقل ،أصبح مصطلح communicationشائعا ،وكان يعني الطرق
والقنوات والخطوط الحديديـة .
4
أما في لغتنا العربيـة ،فكلمة اتصال مشتقة من الجذر "وصل" و الذي يحمل
معنيين ؛ الول هو الربط بين كائنين أي شخصين ،أي إيجاد علقة من نوع معين
تربط الطرفين ،أمًا المعنى الثانـي فهو يعني البلوغ والنتهاء إلى غاية مُعينة .إذن
إلى غــاية مُعينة مِن تلك فالتصال في اللغة العربية هو الصلة والعلقة والبلوغ
الصّلة ( مصطفى حجازي ، 1990 ،ص . ) 19
أما اصطلحا ،فيُعدّ تـعريف "شــانون" و "ويفر" SHANON AND
) WEAVER ) 1949من أكثر تعاريف التصال شهرة ،إذ اعتبر أسـاسا لتعاريف
ونماذج تالية حــاولت شرح عناصر التصال ،وقد قدّما فيه نموذجا لعملية التصال
يرتكز على النظريـة الرياضـية ،ثم طُبّق في العلوم النسانية ،وهو نموذج استخـدم
" كلـود شانون " موظفا أصل لوصف التصال اللكترونـي ،حيث كان
كمهندس في شركة " بــل " للهاتف في الوليات المتحدة المريكية USAووضع
(G. تصميمه المعروف انطلقا من عملية التصـال الـهاتفـي
. ) AMADO et A . Guillet , 1991 , P 4
أما " ويفـر " فقد طور هذه النظرية لحل العديد من مشاكل التفاعل و التبادل في
علم النفس و علم النفس الجتماعي ،و لهذا فقد عرف التصـال كعملية خطية ذات
طـريق واحد ،يجتاز مراحل هي نفسهـا مراحل العملية التصالية الهاتفية ،و تتمثـل
فيما يلي :
الرسالة الرمز المتلقى الرسالة
الرمز الجها
المكان جهاز المرس ز مصدر
المقصود الستقبال ل المرس المعلومات
شكل رقم ( : ) 1مخطط التصال حسب SHANON AND WEAVER
( عسوس ) 1997 ،
و يُخصص "ويليام سكوت" WILLIAM SCOTالتصال أكثر فأكثر ،حيث
يُركز على التصال الداري ،الذي يقول عنه بأنه العملية التي تتضمن نقل
المعلومات ثم تلقي الردود عنها ،عن طريق نظام عام للمعلومات المرتدة – FEED
BACKبِغرض التوصل إلى أفعال مُحدّدة تؤدي إلى تحقيق أهداف التنظيم ( حـنـاوي
محمـد ، 1974 ،ص ) 122و يعتبر هذا التعريف أكثر دِقة و تحديداً ،فالتصال عند
"سكوت" عبارة عن عملية رسمية يخضع لِنظام دقيق مرتبط بالردود و التغذية
العكسية .بناء على ماسبق ،يمكننا استخلص التعريف التالي للتصـال :
" هو عملية إيصال و تلقي و تبادل آراء و أفكار و معلومات بين شخصين أو
أكثر بغرض الفهم أو القناع أو المعرفة ،لتحقيق أهداف مشتركة أو أعمال محـددة ".
هذا عن التصال النسانـي بصفة عامة ،و فيما يخص التصال داخل منظمات
العمال ،و منها المؤسسات الصغيرة و المتوسطة ،فإن المصطلح الملئم لهذا النوع
المحدد من التواصل ،هو التصال التنظيمي ،حيث يرى بعض الباحثين ،مثل "كولد
هيبر" و "بورتز" و "يتسن" و "لزنياك" 1978بأن البحوث الميدانية أثبتت إسهام
5
التصال التنظيمي في حل مشاكل التنسيق ،و التخطيط و العلقات النسانية ،إلى
جانب تنمية الموارد البشرية للمنظمـة ( عشـوي ، 1992 ،ص . ) 141
من هذا المنطلـق ،يمكن تعريف التصال التنظيمـي بأنـه عمليـة هادفـة ،تتم
بين طرفين أو أكثر ،لتبادل المعلومـات و الراء ،وللتأثير في المواقـف والتجاهـات
( مصطفى عشـوي ، 1992 ،ص . ) 16
– 2واقع منظومة التصال التنظيمي في المؤسسات القتصادية بالجزائر
خلل نهاية اللفـية الثانية :
قبل 40سنة من انقضاء اللفية الثانية ،وصل عدد المؤسسات الصناعية في
الجزائر المستقلة الفتية ،سنة ، 1964ما بين 345و 413مؤسسة ،كانت تحت تصرف
القطاع المسير ذاتيا ،حيث كانت أغلبية هذه المؤسسات تتميز بصغر حجمها % 5 ،
( لعللي ، 1994 ،ص . ) 32و لم يكن منها فقط توظف أكثر من 100عامل
قطاع التسيير الذاتي مسيطرا إل على % 6.5من اليد العاملة ،مقارنة مع % 49.6
بالنسبة للشركات الوطنية ،و % 41.2للمؤسسات الخاصة ،فعملت الدولـة في نهاية
الستينات على إفراغ التسيير الذاتي من محتواه الحقيقي ،وذلك عن طريق تحضير
أدوات تمويل نموذج التنمية المعتمد ،ووضع ميكانيزمات و أدوات التسيير المركزي
باتباع نمط التسيير السوفياتـي .لقد رافق القيام بتأميم البنوك و المناجم و المحروقات ،
تحويل المؤسسات المسيرة ذاتيا إلى شركات وطنية ،تؤدي وظائفها الساسية كالنتاج
،التوزيع ،و التسويق … تحت المراقبة المباشرة للدولة و أجهزتها ،وأصبح العمال
موظفين تابعين لها ،مما أثر بشكل كبير و واضح على التصال التنظيمي داخل هذه
في إطار المؤسسات الكبرى ،التي كانت من أهم نتائج اتباع نموذج التنمية ،
النظام الشتراكي ،المرتكز أساسا على استراتيجية الصناعات المصنعة ،كما نادى
بها " دبـرنيس " DEBERNIS Gérard Destaneو نظرية أقطـاب النمـو – التي
جاء بها " فرانسوا بيرو " ، François PEROUXو مع بداية سنة 1965تأسست
بعض الشركات الوطنية مثل :
-الشركة الوطنية للنفط و الغاز SONATRACH
-الشركة الوطنية للحديد و الصلب SNS
-الشركة الوطنية للصناعات النسيجية SONITEX
-الشركة الجزائرية للتأمين SAA
تميزت هذه الفترة بـالتصنيع ،و هيمن المعطى اليديولوجي و الهداف الجتماعية
على الحياة القتصادية ،و أدى العمل المتزايد إلى امتداده خارج الوقات الرسمية ،و
هذا ما أدى إلى الحتكاك المفرط بين العمال فيما بينهم و مع مسئوليهم المباشرين .و
مع بداية 1971كانت الشركات الوطنية تساهم بإنتاج حوالي % 85من المنتجات
الصناعية ،و توظف حوالي % 80من إجمـالي القوى العاملة ،فاتجهت الدولة إلى
تبني نمط التسيير الشتراكي للمؤسسات ،و القائم أساسا على الملكية العامة لوسائل
6
النـتاج ،و صار عمال الشركات طرفا مهما في تسييرها و مراقبتها ،هذا ما كان
يسمح للمسيرين و العمال بالمشاركة في وضع و رسم السياسة العامة للشركة .لقد
حاول هذا النمط خلق تقاليد جيدة في التصال المكثف بين جميع أطراف العملية
النتاجية و الدارية ،بحيث أصبح العامل يعايش و يحاكي زملءه في العمل أكثر من
عائلته .
لقد تميزت هذه الفتـرة باتصال مرن في نفس المستوى التنظيمي ،أي ما
يصطلح عليه بالتصال الفقي ،مع غزارة في التصال النازل ،و غياب شبه كلي
للتصال الصاعد الفعـال .لقد كان من أهداف هذا النمط من التسيير خلق التنسيق و
في الشركة ،و التقليل ما أمكن من التوافق بين مصالح الطراف الفاعلة
التناقضات الموجودة .إل أن التطبيق الميدانـي أتى بالكثير من النتـائج غير
المشجعـة ،منها :
/ 1سيطرة الجهـاز المركـزي على عملية اتخاذ القرارات ،مما جعل
الصلحيات المنصوص عليها في القانون الساسي شكلية ،ل يمكن تجسيدها عمليا ،
في ظل اقتصاد مهيكل بشكل يرجع فيه اتخاذ القرارات النهائية للجهاز المركزي ،
وهو ما يؤدي إلى بيروقراطية ،و تضييع كبير للوقت .
/ 2عدم التحديد الدقيق لوظائف الطراف المعنية باتخاذ القرارات .
/ 3جمود و عدم مرونة العلقات .
/ 4غياب الطر و الهياكل التي تضمن عدم خروج مجلس العمال و الدارة معا ،
عن الطار العام المحدد وعن أهداف الشركة .
/5ظهور تصارع شبه دائم بين الدارة و مجلس العمال .
/6طبيعة و نوعية بعض المور المتعلقة بالتسيير اليومي للشركة ،يتطلب نوعا من
التخصص و الحتراف ،مما يجعل من الفضل عدم طرحها للمناقشات
العامـة ،أو للتصويت عليها من طرف كل العمال .
/7بروز سلوكيات سلبية ساهمت – كما يقول لعللي ( – ) 1994في النيل من نفسية
المسيرين و العمال النزهاء ،فقد أصبح ممثلو العمال المنتخبين عرضة
للمساومات ،من قبل بعض المسيرين في الدارة المحلية أو المركزية ،بل أن
الغرب أن بعض المسيرين أنفسهم أصبحوا – هم أيضا – عرضة لضغوطات من
ممثلي العمال لتلبية أغراضهم الشخصية الضيقة ،و صار لبعض ممثلي العمال
قوة تفاوضية أكبر من المسيرين أنفسهم ،للحصول على المتيازات داخل المؤسسة
( سيارات ،مكاتب …) مما أثر سلبيا على مردوديـة العمال ،و دفعهم للقيام
بالضرابات المطولة عن العمل ( تدوم أحيانا عدة أسابيع ) ،فقط لعزل ممثليهم
أو الشركة . على مستوى الوحدة
/ 8تفشي مظاهر التذمر و عدم الرضى لدى العاملين .
7
/ 9الحجم الكبير للشركات ،تجسيدا لمنطق التسيير المركزي ،فقد توصلت عملية
التشخيص و الحوصلة التي قامت بها وزارة التخطيط و التهيئة العمرانية
إلى التأكيد على الحجم الكبير لهذه الشركات ،مما للعشرية 1980 – 1967
جعلها صعبة التسيير ،و قيام الشركات بوظائف سياسية و اجتماعية .
منذ بداية الثمانينات ،حدث التراجع ،و قامت الدولة بالبحث عن مبررات
التحول نحو نمط آخر من التسيير ،إل أن التباطؤ كان شديدا و مقصودا .و كانت
البداية مع عمليات إعادة الهيكلة لهذه الشركات الكبرى إلى مؤسسات عمومية ،تكون
صغيرة الحجم ،ليتمكن المسيرون من التحكم فيها ،و تحسين مردوديتها المالية و
القتصادية ،و قد أطلق على هذه العملية إعادة الهيكلة العضوية Restructuration
) Organique ) 1982للشركات الوطنية .
أسفرت هذه العملية عن تضاعف عدد المؤسسات عدة مرات ،و صارت تسمى
بالمؤسسات العمومية ،ثم تمت إعادة الهيكلة المالية Restructuration
) Financière ) 1988بهدف تمكين المؤسسات العمومية الجديدة من النطلق
بنفس جديد في العملية النتاجية .
لقد كان التخلص من البيروقراطية ،و المركزية المعرقلة لنشاط المؤسسة ،و القاتلة
و البداع ،واحدا من أبرز أهداف هذه التغيرات ،إضافة إلى لروح المبادرة
تحميل مسيري هذه المؤسسات عواقب النتائج ،التي تحصل عليها مؤسساتهم ،و
كذلك وهو الهم – في نظرنا – إفساح المجال للقطاع الخاص كي يخفف عن خزينة
الدولة ،مبالغ ضخمة من الستثمارات – و خاصة بالعملة الصعبة – كانت تكلفها
الشركات الوطنية ذات المردود الضعيف ،و اليراد المتدهور عاما بعد عام ،ولقد
ارتفع العدد من 100شركة وطنية – قبل إعادة الهيكلة – إلى 460مؤسسة عمومية
اقتصادية .جاءت بعد ذلك مرحلة الستقلليـة التي بدأت خاصة منذ ، 1988فقد فشلت
المؤسسات العمومية القتصادية مرة أخرى ،و لم تستطع التخلص من عجـزها ،رغم
التطهير المالي الذي قامت به الدولـة دون جدوى عـدة مرات ( MIRAOUI. A ,
، ) 1998مما جعل هذه الخيرة تتجه تدريجيا إلى نفض يديها من هذه المؤسسات ،
بإعطائها استقلليتـها المـالية و التسييريـة ،و إنشاء صناديق المساهمة ،التي تقوم
بتسيير و مراقبة أموال الدولة لدى المؤسسات المستقلة ،ثم الشروع في خوصصة
المؤسسات العمومية المفلسة ،منذ صدور قانون الخصخصة سنة . 1995
إن الهم بالنسبة لنا -في هذه الدراسـة – هو المشهد التصالـي في مؤسساتنا
القتصادية ،فقد رافق هذه التغـيرات المتتاليـة ،ظهـور جو نفسي و اجتماعي ،ل
يبعث أبدا على الرتياح ،بفعل تغير أنماط التسيير و علقـات العمـل ،و تغـير
تـركيبة المجتمـع ،مما أثـر سلبا و بصفة واضحـة ،علـى العلقات التصالية داخل
المؤسسات العمومية القتصادية ،و كان من نتائجها السلبية ما يلي :
- 1عرفت المؤسسة -في هـذه الفتـرة – تسيبـا إداريـا و تنظيميا فضيعا .
8
- 2أصبح غرض العامل من أداء واجبه هو الجر ل غير .
- 3غيـاب دور فعـال للنقابـات .
و نتيجة لتأزم الوضاع القتصاديـة ،عرفـت المؤسسـات الجزائريـة مرحلـة
الصلحات ،التي رافقها انفتاح سياسي و إعلمي واسع و " مفاجئ " ،و انعكس
ذلك على الطار التصالي ،حيث أعطت النقابـات للعامـل الحـق في الدفـاع عن
حقوقه ،فظهرت الضرابات لتعزيز موقف التصال الصاعد – الذي طالما شهد
و التعبير عن رأيه دون الخوف خمول -بحيث أصبح للعامل حق الحتجاج
على منصبه أو مستقبله ،و أصبح التصال مرنا و في متناول الجميع الدعوة إلى
الضراب أو الحتجاج على قرار ،و لكن الصراعات اليديولوجية التي كانت لها
امتدادات طبيعية ،في الوسط المهني ،أفسدت العلقات ،و شحنت الجواء بغيوم
الشك ،و التربص ،و تصفية الحسابـات .
– 3معوقـات التصـال التنظيـمي داخل المؤسسات القتصاديـة بالجزائـر :
قبل التطرق لنتائج دراستنا الميدانـية ،يفيدنا الطلع على دراسات سابقة في
بلورة رؤية مبدئية عن واقع و عوائق التصال التنظيمي داخل المؤسسات القتصادية
بالجزائر .
ففي دراسة لمحمـد مزيـان ( ، ) 1995حول التصال وعلقته بتغير اتجاهات
العمال نحو العمل ،أجراها بالمؤسسة الوطنية للشغال البترولية الكبرى ،وجد أن :
أ % 41.66 -من المستجوبين يرون أن التصالت بين المسؤولين و العمال سيئة .
ب % 67.5 -يرون أن الدارة ل تنشر المعلومات في آجالها المحددة .
جـ % 70.83 -يفضلون التصال الشفوي و المقابلت الفردية كأحسن وسيلة للتصال
بالمسؤولين .
د % 61.66 -اعتبروا أن التصال أفضل الوسائل لحل المشاكل .
هـ % 43.33 -يحصلون على المعلومات المهنية من زملء العمل ( التصال غير
الرسـمي ) .
و في دراسة أخـرى ،قام بها فريق بحث من جامعة الجزائـر ،عن وضعية
المؤسسات العمومية القتصادية الجزائريـة ،شملت العينة 64مؤسسة موزعة على
إلى النتائج التالية : مختلف القطاعات ،توصل
أ – يدير مؤسساتنا القتصادية إداريون ليسوا مسيرين ،منفذين لقرارات تتخذ خارج
التنظيم .
ب – تنظيـم جامد و دون استراتيجية ،غير قادر – و أحيانا غير راغب – على تحقيق
أهدافه.
جـ – متخذو القرار يفتقرون إلى الكفاءة ،الديناميكية و روح المبادرة .
د – % 62.5من المؤسسـات ( التي تمثل عينة البحث ) تتميز بتنظيـم قائـم عـلى
مبـادئ FAYOLو % 90.6منها ذو شكل هرمي Structure / Image
9
، Pyramidaleكما أن % 67.2منها تباشر سلّمية صارمة في المراقبة
و هو ما يتناقض مع التفكير التنظيمي Hiérarchie stricte de contrôle
النظامي الذي يدعو إلى المرونة في التسيير .
هـ % 84.4 -من المؤسسات تصرح بضمان التصال الداخلي .
و – % 48.4من الحالت توجد فيها اتصالت منتظمة .
ز – % 60.9منها تستعمل إشعارات عمل داخلي . Notes de Service
ط – % 76.6منها يلجأ إلى الجتماعات في عملية التصال .
ظ – % 12.6منها فقط يستعمل نشرات داخلية . Bulletins Internes
م – % 17.2تلجأ إلى استعمال الملصقات . Affichage
ك – تمثل الوسائل الخرى للتصال . % 78.1
ل – % 60.9من التصالت ليست في شكل أوامر .
ي – من أدلة البيروقراطية أن % 35.9من الحالت تحتكر فيها المعلومات في
مستويات معينة ،كما أن % 43.8فقط من المؤسسات تصـل فيها المعلومـات في
و آخـرون ،1994 ،ص – ص . ) 190 – 183 : الوقت المحـدد ( أوكيـل
و قد تبين من دراستنا الميدانية لبعض المؤسسات القتصاديـة ،في بعض وليات
الشرق الجزائــري ،أن التصـال التنظيمـي يتأثــر بمعوقــات عديدة صـنفناها -حسـب 1
11
– 3إن الخـلل التقـني في وسائـل التصـال التنظيمـي الموجودة قيد الستعمال
في المؤسسة يؤدّي إلى إعـاقة السير العـادي لمختلف عمليـات التصـال التنظيمـي
داخل المؤسسـة عن طريق :
– 1صعوبات الحصول على التلكس أو الفاكس .
- 2معاناة الشبكات التلفونية من أعطال وتقادم وانعدام للخطوط .
- 3بطء البريد أو ضياعه .
- 4سوء الصيانة .
- 5المواصلت و النتقال المكانـي .
- 6أدوات غير كافية مثل عدم توفر عدد كاف من خطوط الهاتف
لتغطية حجم التصال .
أمـا فيما يخص المعوقـات التنظيمية ،فقد بينت نتائج الدراسـة أن مؤسساتنا
القتصاديـة ما تزال عاجزة عن التكيف مع التغيرات الكبرى ،التي تعرفها البلد نحو
و ما يرافقه من تطوير في أنمـاط التسيير و التعـامل مع ديناميكية اقتصاد السوق ،
العاملين ،كما بقيت الذهنيـات التي ل تبالي بالعتبارات النسانيـة ،و في مقدمتها
أي طموح تنظيمي في اللحاق بالركب التصال التنظيمـي ،تقف حجر عثرة أمام
العالمي المتقـدم ،و في هذا السياق ،فإن وجود نقائـص تنظيمية عديدة و متراكمة ،
سوف تعرقـل التصال التنظيمـي داخـل المؤسسات القتصاديـة ،و تزيـد من "
ل العفن " التنظيمي ،المعيـق لي تطـوّر أو تحسـّن ،من ذلك على سبيل المثال
الحصر :
- 1إن المصدر الرئيسـي للمعلومـات – التي يحصل عليها غالبية العـاملين – لم
يكن الهيكل الرسمي للتصال التنظيـمي ،و ل وسائل إعـلم المؤسسـة ،بـل عن
طريق التصـالت الخفيـة غير الرسميـة ؛ من خلل الشاعـات أو أثناء الحـاديث
مع الزمـلء . العاديـة اليوميـة
– 2إن أبرز انطباع يحملـه أغلـب الفـراد عن نـوعية التنظيـم ،الـذي تتميز
به المؤسسـات ،التي يعملون بها هي أنها تتسم بـالجمـود و البيروقـراطيـة– في أشـدّ
مظاهرها السلبيـة – و ليس كمـا نادى بها ، MAX WEBERوهي -كما وصفها
بعض الباحثين -بيروقراطية ليست بالمعنى الويبري بل بالمعنى المتبادل اليوم :
عراقيل و فوضى . .وهو السبب المباشر – في رأينا – للجـوء العاملين إلى البحث
عن المعلومات المهنيـة من مصادر أخرى ،حجتهم في ذلك -كما اتضح من مقابلتنا
لبعضهم -جمود التنظيم و عدم قدرته على تلبية احتياجاتهم المعلوماتيـة في الوقت
المناسب ،و كذلك البيروقراطية المعرقلـة لكـل اتصال تنظيمـي فعال .
– 3يـرى أفراد المؤسسـة أن التعـاون و التفاعـل بين الدارة والعاملين ،لوجود له إل
أحيانا ،في المواعيد " الهامة " و المواقف " الصعبة " ،وفي دراسة مقارنة بين أجواء
العمل في كل من الجزائـر و مونتريال بكندا ،وجد أحد الباحثين -من خـلل
12
الملحظات و المعـاينات الميدانية -أن كثيرا مـن رؤسـاء المصالح Les chefs des
servicesيـستخـدمـون مناصبـهم كوسائـل لمعاقبـة الـعمـال (AKTOUF , (291
.1985 , P
– 4تعـانـي أجـواء العمـل من مظـاهر سلبية للغـاية ،تشـكّل " بؤرة " جدّ
مناسبة لنسف أي تقـارب أو تفاعـل بين العاملـين أبرزهـا تكهرب الجو بسموم الشك و
الغياب الكبير و المتنامي للثقـة بين العاملين .
- 5وجـود التحالفـات أو الحلف Clansالتي تتكـون بين البعض دون
البعـض ضد البعض ،مما أدى بأغلب العاملـين إلى البحث عن تكتل عمالي ،يوفر ما
عجز التنظيم الرسمي عن توفيره من معلومات و اتصالت .
- 6عـدم احتـرام السلّـم التنظيمـي أثنـاء القيـام بالتصالت التنظيميـة .
– 7الشيء اليجابـي في هذه المؤسسات محل الدراسة هو أن العاملين يتلقون
الوامـر واللوائـح و التعليمـات من المسؤول المباشر ،و هو ما يفيد كثيرا سريان
التصال التنظيمي النازل من أعلى إلى أسفل .
– 8يسود الغموض – لـدى غـالبية العاملين – حول أهداف وسياسات
ل يعرفـون عنهـا شيئا يُذكـر ،و في أحسن الحوال ل تتعدى المؤسسة ،فهم
معلوماتهم القدر البسيط جدا الذي يمكن حتى لرجـل الشارع أن يعرفـه .
أمـا فيما يخـص المعوقـات البيئـية ،فقد تبين أن منظومة التصال التنظيمي
تتأثر إلى حد بعيد بالمتغيرات البيئية التي تحيط بالمؤسسة ،و لذلك كانت المعوقات
البيئية من أخطر الحواجز التي تعيق فعالية التصال داخل المؤسسـات .
وقـد كشفت الدراسـة ما يلي :
- 1إن التبـاعد الجغـرافـي بين الوحدات والفروع التابعة للمؤسسة،وتعدد مواقع
العمل يؤدي إلى مشاكل في التصال التنظيمـي ،مشـكّل معيـقا بيئيـا لـه .
– 2ينتج عـن اختلف القيم و الفـكار و المرجعيـات الثقافيـة لفـراد المؤسسة
إعـاقة عمليات التصـال التنظيمي و تحقيق فجـوات اتصاليـة بين العاملـين ،قد تصل
و احتدام الصراع نتيجة تناقض القيم بين الفراد ،داخل التنظيم . إلى الجفوة
– 3تتـأثر اتصـالت الفـراد بمـا يجـري حاليا في البـلد ،و رمـت الزمـة
بظـللها على عمليات التصـال التنظيمي داخـل المؤسسة ؛ فقد تأثـرت أحاديث
و اتصالتهم -حسب إجاباتهم -تأثرا " كبيرا للغاية "بيوميـات الوضـع العاملين
و بالتقلبات و الحـداث ،و كذا بالمفـاجآت السياسية التي المنـي المأساوي ،
مرت بها الجزائر -بوتيرة سريعة ،متسارعة ومتسرّعة -في سبيـل " دَمَقـْرطـَة"
الساحة السياسية ،كما تأثرت اتصالت الفـراد -أيضا -بالحـوال المترديـة للمعيشـة
في هـذه السنوات العجـاف ،و كان للوضـع القتصـادي المتدهـور تأثيره الكبير أيضا
على أحاديث الفراد ،خـاصة ما يحـدث من تسريح للعمال ،و غلق لبعض
المؤسسات ،و تحرير عشوائي النشاطات و السعار .
13
- 4يرى أغلب العامليـن أن التصـالت الخارجيـة لمؤسـستهم مـع غيرهـا مـن
المنظمـات و الدارات دون المستوى بـل "سيئة" ،و هو ما يزيد من القيود و
العراقيـل التـي يسـببها المحيـط ،و التـي تنعكـس بشكـل سـلبي على التصـالت
التنظيمية الداخليـة .
30 – 4مقترح لتكييـف منظومـة التصـال التنظيمـي فـي المؤسـسات
القتصاديـة بالجزائـر مع تحديات اللفية الثالثة :
إن تكييف منظومـة التصال التنظيمي في المؤسسات القتصادية الجزائريـة مع
تحديات اللفية الثالثة ،يتوقف بالدرجة الولى -في نظري – على مدى مراعاة هذه
المنظومة لخصوصيات و صفـات الفـرد الجزائـري ،و طبيعة التحولت التي يمر بها
مجتمعنا في هذه السنوات .
لذلك ،فإن اقتراح نموذج جزائري فعال للتصال التنظيمي ،ل يمكن أبدا أن يكون
سهل ،و قائمـا على استيراد النماذج الجنبية ،و تطبيقها حرفيا دون ،تعديلها أو
تكييفها مع الـواقع الجزائـري المختلـف ،في كثير من مظاهره عن مصادر تلك النماذج
.
إن التواضع العلمي يفرض علينا القرار – منذ البدايـة -بـأن ما سنقترحه ل يعدو أن
يكون مجـرد " محاولـة " ،لـها ما لها ،و عليها ما عليها ،لكن عذرهـا هو التأسيس
و اقتحام الفراغ المهـول ،الذي تعانيه الدراسـات التصاليـة في هذا للبدايـة ،
الجانـب .
فيما يخص المعوقـات النفسية ،نقترح ما يلي :
– 1ينبغي العمل بجد للقضاء على العقد النفسية التي تشكلت تاريخيا بفعل تراكمات
سلبية لوضاع قهرية صبغت الشخصية الجزائرية على أساس النفعاليـة و المبالغـة في
و الحساس المزدوج الغريب بـالدونية و ما يرافقهـا من مـازوشية النطوائية ،
تـارة ،و بـالفوقية و ما قد يلزمها من سادية تـارة أخـرى .
– 2العمل على تهيئة الجو المهني العائلي المشجع نفسيا على العطاء و البقاء ،و ذلك
عن طريق :
- 1– 2محاربة الميول التسلطية للمسؤولين و الميول الرضوخية للعاملين .
– 2 – 2القضاء على الظلم و " الحقرة " و التفرقة في المعاملة ،بتبني العدل و
و منهجية اتصال مع العاملين . المساواة كمنهج تعامل
- 3 – 2تجفيف منابـع الخوف من التصال التنظيمي .
– 4 – 2خلق أجواء التفاهم بين جميع الفئات المهنية ،و ردم الهوة السيكولوجية بين
و العمـال . الطـارات
– 5 – 2تشجيع التصالت على أساس مهني و أخوي .
– 3تحسين القدرات الدراكيـة للعاملين عن طريق التدريب و التكوين المتواصل على
و التواصل . حسن الصغاء
14
– 4تطوير عادات الستماع و النصات ،فمـن الضـروري على الذين يتواصلون أن
يكونوا محل إنصات و إصغاء واستماع ،وذلك بطريقة موضوعية ،تكفل لهم عرض
وجهة نظرهم بشكل كامل و نهـائي قبل تشكيـل أيـة إجابـة ،و في هذا الطار ننصح
بما يلي :
1 – 4التوقف عن الحديث بغية الصغاء الجيد للمتحدث ،فالمرء ل يستطيع النصات
إذا ما كان يتحدث .
- 2 – 4مساعدة المتحدث على أن يشعر بأنه حر في الكلم ،لكي يشعر بالرتياح .
- 3 – 4العمل على إزالة المشتتات بتجنب النقر بالصابع أو إحداث ضجة ،أو تقليب
الوراق .
– 4 – 4إظهار الـتعاطف مع المتحدث و محاولة رؤية وجهة نظره .
– 5 – 4التحلي بالصبر و عدم مقاطعة المتحدث أو ترك المكان قبل أن ينتهي ،و كذلك
تمالك الشعور و تجنب الغضب و النفعال فالشخص الغاضب غالبا ما يحصل على
المعنى الخاطئ للكلمات .
- 6 – 4التخفيف من المجادلة و النقد حتى ل يتخذ المتحدث موقفا دفاعيا أو يتصرف
بغضب ،فالذي يجادل حتى ل تخسر الموقف .
– 5تحسين ثقافتنا البسيكوسوسيولوجية من أجل الوصول إلى معرفة أحسن و تحديد
و التصدي لها قبل فوات الوان . أدق للمعوقات
– 6المعالجة الفورية لكل المشكلت النسانية في التنظيم ،والعمل -إن تعذّر ذلك -
على أن تكون واضحة على المدى البعيد بدل أن تظل فاعلة بنشاط بشكل خفي يسمم جو
العمل و يشوش التصالت و يعيقها .
– 7النظـر في شكـاوي العامـلين بجدية و اهتمام و عدم تعمد إهمالها .
– 8تنمية الشعور بالنتماء للمؤسسة لدى العاملين ببث الطمأنينة في نفوسهم و الرتياح
و إقناعهم بأن المؤسسة يمكن – بل يجب -أن تصبح بيتهم الثانـي . في صدورهم
و فيما يخص المعوقات التقنيـة ،فإننا نقترح ما يلي :
– 9صيانة قنوات و وسائل التصال التنظيمي ،و معالجة الخلل التقني في حينه حتى ل
يعيق التصال لفترة زمنية أطـول .
– 10اختيار وسيلة التصال الملئمة ،و عدم الكتفاء بالقناة الشفويـة .
– 11العناية بـوسائل إعلم المؤسسة كالجرائد و النشرات الداخلية و النقاط
التوضيحية ،و عدم اقتصارها على فئة ضيقة و لغة أجنبية ل يتقنها إل القليلون .
أما فيما يخص المعوقات التنظيمية ،فيمكننا اقتراح ما يلي :
– 12تطوير نوعية التنظيم بإضفاء المرونة على الهياكل و القضاء على الجمود و
التصلـب و التقادم .
– 13محاربة السلوكات البيروقراطية السلبية .
15
" – 14دمقرطة " الحياة المهنيـة داخل المؤسسـة ،و يعتبر المزج بين شبكـتي النجمـة
و الهـرم شكل اتصاليا مفيدا في بعث الحياة الديمقراطية بين العاملين داخل جدران
المنظمات .
– 15التقليـل مـا أمـكن من تكهـرب أجـواء العمـل عن طريـق :
– 1 – 15بنـاء جسـور الثقـة بين العاملـين .
- 2 – 15تشجيع أساليب التنفيس و الفضفضة و السترخـاء كـالنكت و المـزاح الخفيـف
و المجامـلت وسـائر اللفتـات التي تبني شبكة علقـات مهنيـة متينـة و متمـاسكة.
– 3 – 15تخفيـض إمكانيـات التوتر و النـزاع التي تـؤدي إلى هيمنـة الشـك و انعدام
الثقة .
– 16يجب أن ل تتـأخر المعلـومات عن موعدها المحـدد .
– 17توفير الحرية في التصال التنظيمي لزيادة الرضا عند العاملين و تقوية درجة
انجذاب العضو للجماعـة .
– 18التعامل الذكي مع التنظيمات الخفية و التصالت غير الرسميـة ،فمن العبث
تفكيك الجماعات غير الرسمية ،وعلى السياسة الحكيمة أن تعمل على التوفيق بين
اهتمامات الدارة و اهتمامات العمال ،بحيث تعمـل هذه الجماعات أو التحالفات Les
Clansعلى تحقيق نفس الهداف ،بدل من إحباط كل منهما لجهود الخرى ،و في
رأيي أن الحتواء خير سبيل للستفـادة من هذه الحـلف ،خاصة و أنها أكثر فاعلية
من التنظيم الرسمي .
– 19إدراج التصـال التنظيمـي كـمعيـار لكفـاءة الـمؤسسة وإعطائـه المكانـة اللئقـة
بـه .
– 20العمل على تفعيل منظومـة التصال التنظيمي في المؤسسة ،مهما كانت معقدة و
متعددة الشكـال ،حتى تكون منسجمة و متطـورة ،مثلما فعلت حاليا أغلب المؤسسات
الناجحة عالميا .
– 21توسيع دائرة المشاركة في اتخاذ القرارات و تفويض السلطات و تحمـل
المسؤوليات .
– 22وضع وسائل و إمكانيات التقييم المستمر لفعالية نشاطـات المؤسسة في مجال
التصال التنظيمي ،و هي الطريقة التي تعمل على متابعة التطـور أو تدارك العثـرات
و الخطاء قبل تراكمها و استحالـة معالجتها .
– 23إحاطة العاملين الذكور و العاملت الناث بنفس النمط المتساوي من المعاملة ،
دون تفضيـل أحدهما على الخر ،تجنيبا لمحيط العمل مساوئ التمييز و النحياز ،و
تخليصا للـذهنيات من رواسبها التقليدية البالية حول النشاط المهني للمـرأة .
– 24توضيح الهداف و السياسات و القوانين الداخلية للمؤسسة لجعل العمال في
و في مستوى التحديات التي تواجهها مؤسستهم ،و القضاء على الصورة ،
الغموض الذي يكتنف هذه المسائل .
16
– 25الهتمام بالتصال التنظيمي الصاعد عن طريق ما يلي :
– 1 – 25تشجيع التغذية العكسية . FEED-BACK
– 2– 25الصغاء إلى هموم العاملين و انشغالتهم .
– 26تعميق الثقافة التنظيمية لدى العاملين لضمان الحد الدنى من الروابط و التوافق
بينهم .
و أخيرا ،و فيما يخص المعوقات البيئيـة ،فإننـا نقترح ما يلي :
– 27تحسين أداء التصـالت الخـارجية للمؤسسـة ،للتخلص من القيـود التي قد
يفرضها المحيط الخارجي .
– 28التخفيف من حدة التناقضات في الفكار و القيم و الثقافات ،بالتقريب بين جميع
عن طريق خلق و رعاية ثقافـة معتدلة و جامعة للمؤسسة ،مع الخذ بعين العاملين
و العادات اللغوية التي تُع ّدلُ طريقـة فهم العلقات التنظيمية العتبار القيم المحلية
و مكانة الفرد في الجماعة .
– 29العمل قدر المكان على التخفيف من حدّة تأثير أحوال البلد و أوضاعها السيئـة
على عمليات التواصل بين أفراد المؤسسة .
– 30تبني هموم العاملين و مطالبهم -قدر المكان – لقطع الطريق أمام المتاجرة بتلك
و المطـالب ،و إظهار الهتمام و التعاطف معهم . الهموم
الـخاتمـة
إن مسألة التصال التنظيمي يجب أن تثير اهتمام الكثير من مسيري المؤسسات
القتصاديـة بالجزائر ،خاصة و أن توقيع اتفاقية الشراكة مع التحاد الوروبي ،و
النضمام المرتقب للمنظمة العالمية للتجارة ،سيفتح الباب على مصراعيه أمام
المؤسسات الجنبية القوية ،و التي تطور باستمرار أساليب التسيير و التنظيم و
التصال ،للبقاء في القمة ،و التفوق على الخرين .فالمسيرون الذيـن يريدون النجاح
في بنـاء شبكة علقات مهنية متينة ،عليهم أن يبحثـوا بـجد عن أفضل الطرق ،و أنجع
الساليب ،لتوفير الراحـة النفسيـة و البدنية للعاملـين ،و السيولة المعلوماتية الكاملـة ،
حتى يقدموا أقصى مـا لديهـم من جهـد في العمـل .
لقد أصبح لزاما على مسيري مؤسساتنا الوطنية ،إعادة النظر في طـرق و أساليب
الدارة والتسيير و التنظيم ،و بالخص في مجـال العلقات النسانيـة ،و إدارة
المـوارد البشريـة ،و ذلك عبر تعديل أو تغيير السياسة التصالية المتبعة ،بشكل
يمكنها من الستمرار و التطور ،و النماء ،في ظل الكم الهائـل المتسارع الرهيب ،
من التغيرات المتواصلة يوميا ،محليا و عالميا ،و هذا حتى يتسنى لمؤسساتنا
القتصاديـة إثبات مكانتها ،و توضيح صورتها ،والتعريف بمنتجاتها و نشاطاتها ،
مغاربيا ،متوسطيا و عالميا .
لكـن البحـث الكـاديمي في الجزائـر ،يكـاد يخلو من هذا الجانب الهام جدا ،ولم يُول –
للسف الشديد – اهتماما لئقا بمكانته في المنظمات .و كان لهمال معالجة الجوانب
17
النفسية والجتماعية في المحيط المهني آثار سلبية و تراكمات خطـيرة ،أفضت إلى ما
نحن عليه من تدهور رهيب في العلقات الصناعية و علقات العمل .
قد كان هـدفنا من هذا البحث القيام بتشخيص واقع و عوائق التصال التنظيمي في
مؤسساتنا القتصادية الوطنية ،ذلك أن أفراد التنظيم سيجدون أنفسهم ،عرضة لعمليات
تواصل يومية ومستمرة ،سوف تصطدم حتما بحواجـز و عوائـق ،وعـراقيل متنوعة
و خطيرة ،و الحقيقة أنه لو لم تكن هناك حواجز و عراقيل ،لتمت عمليات التصال
التنظيمي – في المؤسسات و التنظيمات – بشكل فعال و ممتاز ،و لصبح أفرادها
ملئكـة ،أو آلت ميكانيكية صماء ،و لكن الطابع البشري للفراد ،و أوضاعهم
النفسية ـ الجتماعية ،و قدراتهم الدراكية الذهنية ،و ميولتهم العاطفية ـ العلئقية ،
تصبغ جوا خاصا على فعاليات التواصل ،فتشحن الجواء المهنية بـك ّم هائل رهيب
من المشكلت ،التي تعيق ـ بل شك ـ فعالية التصال التنظيمي ،كما ترهق القائمين
عليه .و ل يمكن اعتبار الجانب النسانـي المفسر الوحيد للمعوقـات ،فهناك أيضا
مشاكـل التنظيم ؛ من حيث حجمه ،و مدى تأقلمه مع التغيرات الحاصلـة داخليـا و
خارجيا ،إضافة إلى شبكات التصال التنظيمي المتنوعة ،و مدى استيعابها للقدرات
التصالية لفرادهـا ،يضاف لذلك كله ،عدد من المشاكل التقنية ،التي لها ارتباطات
وثيقة بقنوات التصال ،و أسـاليبـه ووسائلـه ،و مـدى الخلل و التشويش الذي يطالـها
بفعل التقادم ،دون إغفال المعوقات البيئية المتعددة و المؤثرة على التصال داخل
المؤسسات ،سلبا و إيجابا .
و يمكن التصدي لهذه المعوقات ،عبر اتباع حلول علمية و عملية ،اقترحنا بعضا منها
فيما سبق ،مع الخذ بعين العتبار خصوصية الفرد الجزائري ،و التغيرات السوسيو
سياسية ،و تحديات الفية الثالثة ،خاصة تأثيرات العولمة الرأسماليـة " المتأمركـة " ،
الزاحفـة بقوة الشياء على اقتصاديات دول التخلف الجنوبي كالجزائـر.
المراجـع :
) 1أوكيل سعيد و آخرون ( : ) 1994استقللية المؤسسات العمومية القتصادية ،
ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر .
) 2جمال سالمي ( : ) 2000معوقات التصال التنظيمي في المؤسسات القتصادية
بالجزائر ،مذكرة ماجستير في تسيير المؤسسات ،جامعة فرحات عباس ،سطيف .
) 3حناوي محمد ( : ) 1974السلوك التنظيمي ،دار الفكر ،الردن ،الطبعة الولى .
) 4عسوس عمر ( : ) 1997ماهية التصال ،في مطبوعة التصال في المؤسسة ،
يوم دراسي حول التصال داخل المؤسسات ،عنابة في 26أفريل . 1997
) 5عشوي مصطفى ( : ) 1992أهمية التصال في تسيير المؤسسات ،مقال منشور
في كتاب عالم التصال ،تأليف جماعي ،بإشراف عبد الرحمن عزي ،ديوان
المطبوعات الجامعية ،الجزائر .
18
، التصال و علقته بتغير اتجاهات العمال نحو العمل: ) 1995 ( ) محمد مزيان6
الصادرة عن، منشور كمقال في المجلة الجزائرية للتصال، ملخص رسالة ماجستير
: ص. ص، 1996 جانفي، 13 العدد، جامعة الجزائر، معهد علوم العلم و التصال
. 266 – 259
: المراجع باللغات الجنبية
Aktouf .O ) 1985 ( : Le travail industriel contre l'homme ,éd.Entreprise ) 7
. Nationale du livre , Alger
Amado.G et Guillet.A ) 1991 ( : Dynamique des communications ) 8
. dans les groupes , ed: Armond Colin, 2 ème édition , Paris
Bournane .L ) 1993 ( : Aspects sociaux de la transition vers ) 9
l’économie de marché et gestion des ressources humaines , cité in :
L’économie , mensuel économique , édité par l’Agence Algérie Presse
. Service , N° 3 , P. P 21 –29 , Algérie
Miraoui .A ) 1998 ( : Le rapport de l'entreprise publique au ) 10
marché en Algérie , cité in : Perspectives , revue publiée par l'unité de
recherche ) Travail – Santé – Développement ( , Institut d’économie et
. de gestion , Université Badji Mokhtar , Annaba , N ° 4 , P . P : 2 – 19
19