Professional Documents
Culture Documents
103
مقدمة:
الل غة قدر الن سان .فل غة الن سان هي عال مه .وحدود ل غة الن سان هي
حدود عالمه .فهي ولء وانتماء ،وثقافة وهوية ،ووطن وشخصية.
فاللغبة هبي الهواء الذي نتنفسبه ،والماء الذي نشرببه ،والطعام الذي نأكله،
والفكبر الذي يدور فينبا وحولنبا .فهبي تحمبل المجتمبع فبي جوفهبا ،وتعببر عبن
ضميره ،وتشكل حياته ،وتوجه سلوك أفراده ،وجماعاته ،ونظمه ومؤسساته.
واللغبة هبي الم التبي تنسبج شبكبة الوفاق بيبن أفراد المجتمبع وجماعاتبه،
ونظمبه ومؤسبساته ،وقيمبه ومعتقداتبه .فل وفاق بدون لغبة .ول مجتمبع بدون
وفاق.
وكمبا تسبهم اللغبة فبي صبياغة المجتمبع ،فإن المجتمبع يسبهم بدوره فبي
صياغتها وتطوير ها .فالجما عة الناط قة بالل غة هي ال تي ت هب اللفاظ معاني ها،
وتشتق من المفردات ما يعبر عن مستحدثاتها ومراميها.
واللغة منهج للتفكير ،ونظام للتصال والتعبير .فثقافة كل مجتمع كامنة في
لغتبه ،وفبي معجمهبا ،ونحوهبا ،وصبرفها ،ونصبوصها ،وفنهبا ،وأدبهبا ..فل
حضارة إنسانية دون نهضة لغوية.
أزمة العربية في بلدها:
الل غة العرب ية أ هم مقومات الثقا فة ال سلمية .و هي أك ثر اللغات الن سانية
ارتباطاً بعقيدة ال مة وهويت ها وشخ صيتها .لذلك صمدت أك ثر من سبعة ع شر
قرناً سبجلً أمينا لحضارة أمتهبا وازدهارهبا .،وشاهدا على إبداع أبنائهبا وهبم
يقودون ركب الحضارة التي سادت الرض حوالي تسعة قرون.
وفي اللغة العربية ذاتها سمات تميزها .من أهم هذه السمات قدرتها الفائقة
على حسباسية التواصبل ،فاللغبة العربيبة لغبة غنيبة ودقيقبة إلى حبد كببير .فقبد
ا ستوعبت التراث ين العر بي وال سلمي ،ك ما ا ستوعبت ما ن قل إلي ها من تراث
104
بة
بة والرومانيببية واليونانيب
بة كالفارسب بم والشعوب ذات الحضارة القديمب المب
والم صرية ..إلخ .ك ما نقلت إلى البشر ية في فترة ما ،أ سس الحضارة وعوا مل
التقدم في العلوم الطبيعية والرياضيات والطب والفلك والموسيقى .وما تزال تنقل
إلى العالم اليوم العقيدة الشاملة ممثلة فبي كتاب ال وسبنة رسبول ال صبلى ال
عل يه و سلم .فالقرآن نزل بل سان عر بي مبين .وهذه حقائق ي جب تر سيخها في
عقول الناشئة ،كمبا ينبغبي أن تكون أهدافبا ثابتبة لعلوم اللغبة والدب والفنون
خاصة ،والعلوم النسانية والجتماعية عامة.
و هي ل غة مو سيقية شاعرة .فإذا تكلم ذو بيان فإ نك تطرب ل سماعها ،وتف هم
بيان ها ،وترتاح لمعاني ها وأ صواتها .و هي بهذا الجرس والرن ين من حت العر بي
التفوق فبي الداء كلماً وكتاببة ،وغناء وشعراً على وزن وقافيبة .لذلك يجبب
التركيز في مناهج تعليمها على تدريب المتعلم على التذوق الدبي والفني ،وعلى
الحساس بالجمال في الداء اللغوي ،وعلى حسن اللقاء.
وهي لغة متميزة من الناحية الصوتية؛ فقد اشتملت على جميع الصوات في
اللغات السامية .وأصواتها تستغرق كل جهاز النطق عند النسان ،ابتداء بما بين
الشفتيبن فبي نطبق حروف كالباء والميبم والفاء ،وانتهاء ،بجوف الناطبق فبي
حروف كاللف والواو والياء ،)1(.لذلك فإن تدريبب البناء على إخراج الحروف
مبن مخارجهبا ،ونطبق الصبوات بطريقبة سبليمة ،يعتببر هدفاً مبن أهبم أهداف
مناهج تعليم اللغة العربية.
وبالرغم من تميز اللغة العربية ،إل أننا نعيش أزمة لغوية طاحنة ،هي
– في الواقع – دليل على انتكاسة المة وتبعيتها ،وتخلفها عن الركب .ويرجع
نبيل علي أسباب الزمة إلى عوامل كثيرة من أهمها:
.1عدم إلمام الكثيرين لدينا بجوانب إشكالية اللغة؛ حيث يقتصر تناولها في
أغلب الحوال على الجوانبب التعليميبة ،والمصبطلحية ،خوفاً مبن الخوض فبي
دراسة علقة اللغة العربية بالدين والسياسة القومية والوطنية.
105
.2قصور العتاد لمعظم منظرينا اللغويين .وخاصة بعد أن أصبحت الل غة
سباحة سباخنة للتداخبل الفلسبفي ،والعلمبي ،والتربوي ،والفنبي ،والعلمبي،
والتقاني.
.3خطأ التشخيص لدائنا اللغوي .حيث يوجه التهام إلى إدانة اللغة العربية
ذات ها ،ت حت ز عم أن هذه الل غة الن سانية العظي مة تح مل بداخل ها كوا من التخلف
الفكري والعجز عن تلبية مطالب العصر!
.4البتعاد عبن السببب الحقيقبي وراء ذلك ،وهبو العولمبة القتصبادية.
وانبهار الجماهير العربية بثقافة الغرب ولغاتها ،وتدهور اهتمام الجماهير باللغة
العربيبة ،وعدم اعتزازهبم بهبا .وإلحاق أبنائهبم بالمدارس الخاصبة والجامعات
الخاصة ،التي تعلم باللغات الجنبية ،والفتخارُ بذلك واعتبارُه نوعاً من الوجاهة
الجتماعيبة ،ودليلً على التقدم الحضاري !!! وهنبا تقوم اللغبة العربيبة دليلً
شاهداً على النتكاسة الثقافية للمة في الوقت الحاضر.
.5غياب إرادة ال صلح اللغوي .إننبا نعانبي من أزمبة لغو ية حادة تلطبخ
جبين نا الحضاري .وجاءت تكنولوج يا المعلومات لتض يف إلى ال مة بعداً جديدا،
يتعلق بضرورة معالجبة اللغبة العربيبة آلياً بواسبطة الحاسبوب )2(.ومبع ذلك
فحركات التعر يب توا جه معار ضة شديدة ب عد أن سارت شوطاً ل بأس به من
قبل .والحكومات عاجزة ،أو فلنقل بصراحة غير راغبة في فرض تشريع ملزم
بعدم استخدام اللغات الجنبية في التعليم ،وفي لفتات المحلت ،وغير راغبة في
أن تقتدي ح تى بإ سرائيل ال تي تحرم ا ستخدام الم صطلح الج نبي الذي ي تم إقرار
مقابل له باللغة العبرية ..ووصل بهم المر إلى أنهم يعلمون أبناء العرب اللغة
العربية باللغة العبرية!
.6عول مة تعليم نا ،بح يث ل تع كس سياساته ،ومفاهي مه ،و سلوك مدر سيه،
وأداء طلبه ،ما للغة الم من أهمية .فالهتمام باللغة العربية ل يتم إل من خلل
المقرر الخاص ب ها! وأ ما المقررات الخرى ف هي حرة طلي قة من قيود العرب ية
واللتزام بها .وفي مقرر اللغة العربية ذاته ،يتم اختزال العربية في النحو .ويتم
106
اختزال الن حو في إعراب أواخر الكلم! ويصل المر إلى حد البكاء عندما تعلم
اللغبة العربيبة مبن قببل المدرسبين باللهجات العاميبة! ...وهكذا لم يثمبر التعليبم
العرببي – فبي الواقبع -إل مزيداً مبن عزوف الطلب عبن مداومبة تعلم لغتهبم
الم ،وتذوق مآثرها!
.7التعل يم باللغات الجنب ية على م ستوى التعل يم العام والعالي ،بالر غم من
الحقيقة العلمية التي أجمع عليها الباحثون واللغويون ،وهي أن التعليم بغير اللغة
الم يغلق مفاتيبح الفكبر ،ويعوق عمليبة البداع والبتكار لدى المتعلميبن ،إل أن
المخططين للسياسة التعليمية قد صموا آذانهم – رغم العتراضات المتكررة في
كل الندوات والمؤتمرات – عن سماع ذلك .و سمحوا بإنشاء المدارس ال تي تعلم
باللغات الجنبيبة على مسبتوى التعليبم العام وهبو المبر المحرم لدى الدول
المتقدمبة .كمبا سبمحوا بفتبح الشعبب والقسبام التبي تعلم باللغات الجنبيبة على
م ستوى التعل يم العالي .غ ير ناظر ين إلى التجر بة الم صرية القدي مة ال تي كا نت
تعلم الطب باللغة العربية ،وخرجت الفذاذ النادرين الذين ل يثق معظم الناس إل
بطبهم وعلمهم .وغير مهتمين بالتجربة السورية الرائعة السائدة حاليا!
ول قد أدى الهتمام بالتعل يم باللغات الجنب ية إلى إهمال حر كة التعر يب بل
وإلى معارض ته من ق بل كثير ين من الكاديمي ين ،بل و من ب عض رواد الحدا ثة
وما بعدها!.
إن نا بحا جة إلى إثارة و عي القيادات ال سياسية في الو طن العر بي بخطورة
المشكلة اللغويبة .التبي هبي مبن الخطورة والهميبة بحيبث يصبعب علجهبا أو
تناول ها من دون إ ستراتيجية واض حة لل صلح اللغوي الشا مل ،وذلك في إطار
خ طة قوم ية أك ثر شمول لعداد القطار العرب ية للدخول إلى ع صر المعلومات
()3
والمعرفة.
107
إن رسم الخطة القومية سالفة الذكر يتطلب الجابة عن السئلة التية:
-كيف نهيئ لغتنا العربية لمطالبة عصر المعلومات؟
-كيبف نبعبث الحياة فبي كيان هذه اللغبة العظيمبة تنظيرا،
وتعليما ،واستخداما؟
-كيف نحررها من احتكارية بعض المتخصصين فيها الذين
يدورون حولها ول يردون حوضها؟
-كيف نخرجها من دائرة اهتمام المتخصصين فقط إلى الدائرة
الوسع والشمل .وخاصة بعد أن صار علم اللغة الحديث
يستند – فيما يستند -إلى الرياضيات ،والهندسة،
والحصاء ،والمنطق ،والبيولوجي ،والفسيولوجي،
والسوسيولوجي ،وأخيراً علم الحاسوب ونظم المعلومات؟
-كيبف نهتبم بالمعالجبة الليبة للغبة العربيبة ،ونعرّب نظبم
التشغ يل ،ونن تج لغات برم جة عرب ية ،ون ستعد للدخول إلى
()4
عصر الترجمة اللية عن طريق اللغة العربية.
إن التقاعس في هذه المور في غاية الخطورة؛ حيث إن إسرائيل قد تقدمت
إلى منظمة الوحدة الوروبية لتطوير نظم الترجمة اللية من لغات دول السوق
إلى الل غة العرب ية (ل العبر ية)؛ وذلك ح تى تتأ هل لدخول ال سواق العرب ية من
هذا الباب ،وحتى تستطيع النفاذ المباشر إلى التفاصيل الفنية الدقيقة لتعريب نظم
المعلومات ،والحتفاظ بالسبرار التكنولوجيبة الدقيقبة لتعريبب نظبم المعلومات.
فإذا سمحنا لسرائيل أن تتولى نيابة عنا مهمة معالجة اللغة العربية آلياً ،فعندئذ
( )5
تكون قد حلت بنا كارثة ثقافية كبرى.
ضرورة تعليم الناشئة مبادئ البرمجة:
إن نظم التشغيل تتعامل حاليا مع اللغة العربية مثلها مثل غيرها من اللغات
الخرى على مسبتوى عنصبر الحرف .لكبن مبع تقدم نظبم التشغيبل التبي ل
108
محالة ،سوف ترت قي هذه الن ظم للتعا مل مع الكل مة العرب ية ،أي على الم ستوى
الصبرفي ،ثبم مبع الجملة العربيبة؛ أي المسبتوى النحوي .لكبن هذا يحتاج إلى
جهود المسبتثمرين ،ومسباهمة الباحثيبن والخببراء والمطوريبن؛ لن شركات
المايكروسوفت الجنبية ليس لديها الدافع للنفاق على اللغة العربية ،وليس لديها
الخببراء فبي هذه اللغبة أيضاً .لذا يحتاج المبر إلى جهود المخلصبين مبن أبناء
الوطن العربي في كل هذه المجالت.
كمبا أننبا فبي أمبس الحاجبة إلى أن نعلم صبغارنا مبادئ البرمجبة باللغبة
العرب ية؛ نظراً إلى العل قة الوثي قة ب ين البرم جة والف كر من جا نب ،وب ين الف كر
والل غة من جا نب آ خر .و قد عر بت لغات سهلة لل صغار م ثل ل غة "الل جو" ول غة
"البي سك" إل أن جهود التعر يب قد توق فت – لل سف – هي الخرى ،في ظل
غياب الحماس للتعريب عموماً إضافة إلى أسباب أخرى.
109
النظريات اللغوية وموقفها من النحو:
لكن تدريس النحو قد خضع لنظريات لغوية حددت موقفها عبر التاريخ.
إن الن حو العر بي من ح يث محتواه وطرائق تدري سه ب ك ما يعلم عند نا ب
ليبس علماً لتربيبة الملكبة اللسبانية العربيبة ،وإنمبا هو علم تعليبم وتعلم صبناعة
القوا عد النحو ية! و قد أدى هذا مع مرور الز من ،إلى النفور من دار سته ،وإلى
ضعف الناشئة في اللغة ذاتها.
إن جو هر المشكلة ل يس في الل غة ذات ها ،إن ما هو في كون نا نتعلم العرب ية
قوا عد صنعة ،وإجراءات تلقين ية ،وقوالب صماء ،نتجرع ها تجرعا عقي ما ،بدل
()7
من تعلمها لسان أمة ،ولغة حياة.
إ نه ل يم كن ف هم دور الن حو في تدر يس الل غة العرب ية ،دون ف هم النظريات
التي تفسر نظام اللغة ،وتحكم طرائق تعليمها وتعلمها على مر العصور.
ويمكبن القول بب بصبفة عامبة بب إن تفسبيرَ نظام اللغبة وطريق َة تعليمهبا
وتعلم ها ،والوقو فَ على دور الن حو في ذلك ،قد مر عبر الع صور من خلل
ثلث نظريات رئيسية هي :
-النظرية البنيوية
-والنظرية السلوكية
-والنظرية المعرفية
وسبنعرض لكبل نظريبة مبن هذه النظريات ،ولدور النحبو فيهبا مبن حيبث
المبنى والمعنى والتعليم والتعلم فيما يأتي من هذه الورقة.
النظرية البنيوية
يرى البا حث أن "البنيو ية" ا سم حد يث ن سبياً لطروحات قدي مة .بدأ ها المام
عبدالقاهر الجرجاني ب المتوفى سنة 471هب ب فيما يسمى بنظرية "النظم" التي
تناول ها بالتفصيل في كتا به :دلئل العجاز .ثم أعاد طرحها ب بشكل أو بآ خر
بب دي سبوسير تحبت اسبم "البنيويية" .ثبم أعاد الحديبث عنهبا تشومسبكي فبي
الستينات من القرن العشرين تحت اسم النظرية "التحويلية التوليدية" أو "النحو
التوليدي" ،الذي ظبن كثيبر مبن الباحثيبن أنهبا ثورة فبي كيفيبة تعلم اللغبة غيبر
مسبوقة!
110
البنيوية بين عبدالقاهر
ودي سوسير وتشومسكي
اهتم السابقون على المام عبدالقاهر الجرجاني باللفاظ وجعلوا لها شأنا
كببيرا فبي تحقيبق بلغبة الكلم .ورفبض عبدالقاهبر ذلك بشدة ،على اعتبار أن
اللفاظ عنده تاب عة للمعا ني ،وأ نه "ل يت صور أن تعرف لل فظ موضعاً من غ ير
أن تعرف معناه ،ول أن تتوخبى فبي اللفاظ مبن حيبث هبي ألفاظ ترتيبا ونظما،
وإن ما تتو خى الترت يب في المعا ني ،وتع مل الف كر هناك ،فإذا تم لك ذلك اتبعت ها
اللفاظ وقفوت ب ها آثار ها .وإ نك إذا فر غت من ترت يب المعا ني في نف سك ،لم
تح تج إلى أن ت ستأنف فكراً في ترت يب اللفاظ؛ بل تجد ها تتر تب لك بح كم أنها
خدم للمعاني ،وتابعة لها ،ولحقة بها .إن العلم بمواقع المعاني في الن فس ،علم
( )8
بمواقع اللفاظ الدالة عليها في النطق.
فالعجاز في النص القرآني أو النص الدبي البليغ عند عبدالقاهر ل يكمن
في اللفاظ بالدرجة الولى ،وإنما يكمن في الفكار .فطريقة بناء الفكرة وترتيبها
وإخراج ها هي أ ساس البل غة .والبل غة ال تي تر جع إلى الف كر أك ثر من الل فظ
تج عل لغت ها عالم ية ،ي ستمتع ب ها أ صحاب اللغات الخرى ح ين تتر جم ل هم .فلن
يستمتع غير العربي ب مثل ب بنص عربي يترجم له ،إذا كان كل ما يميزه هو
مجموعة من اللفاظ العرب ية الجميلة لن الترجمة لن تستطيع مهما بلغت دقتها
( )9
نقل جمال اللفاظ العربية ،وإنما يستمتع حيث يكون النص ذا قيمة فكرية.
إن ال ّنظْم عند عبدالقاهر ذو مستويين :مستوى فكري نفسي ،ومستوى لفظي
صوتي ،والول هو الذي يستدعي الثاني ويؤلفه ،وليس العكس .فهو يربط بين
البلغبة -باعتبارهبا فناً قوليا -وبيبن الفنون الجميلة الخرى ،مثبل الرسبم
والن حت والت صوير والن قش .ويرى أن الفنان هو الذي ي هب المادة الخام وجوداً
جديداً ،ف قد يتناول اثنان قط عة من الح جر ،فيش كل وا حد منه ما من هذه المادة
111
تمثالً رائع الدقة والجمال ،يكاد ينطق بالمعاني التي أودعها فيه الفنان ،في حين
يصنع منها الخر مسخا مشوها ل يعبر عن شيء .وهنا تجد الفارق كبيراً بين
الصبورتين مبع أنهمبا فبي الصبل مبن مادة واحدة .وكذلك الحال بيبن الشاعبر
()10
والشاعر الخر في توخيهما معاني النحو ووجوهه التي هي محصول ال ّنظْم
والعمل البلغي الجميل في نظرية عبدالقاهر ل يمكن الفصل فيه بين الشكل
والمضمون .ول يم كن الن ظر ف يه إلى كل جزئ ية على حده .ولك نه ي جب الن ظر
إليه باعتباره كلً متماسكاً .فالنظم من النظام .فلو أخذنا مثل جزءاً من التمثال
الجميبل كأنبف التمثال ،وفصبلناه عبن بقيبة الجسبم ،فإنبه ل يمكبن الحكبم عليبه
بالجمال أو عدمه ،إنما يحكم عليه بموضعه من التمثال وتناسقه معه.
كذلك المر في الفن القولي؛ فال ّنظْم أن تكون كل جزئية فيه في خدمة النظام
العام .وأن تكون كل جزئية في مكانها من التعبير تقديماً أو توسطا أو تأخيرا.
وأن تكون هناك علة وسببب يقتضبي وضبع كبل جزئيبة فبي مكانهبا ،حتبى لو
وضعت جزئية في غير مكانها لختل ال ّنظْم .وهذا ل يمكن أن تحققه اللفاظ ول
غراببة الكلمات ول خفتهبا ،وإنمبا يكون بمراعاة المعانبي النحويبة للكلمات،
وموافقة هذه المعاني النفسية.
فالنظم إذن عند عبدالقاهر هو إدراك المعاني النحوية والملءمة بينها وبين
المعا ني النف سية في ن سج الكلم وتركي به .أو بمع نى آ خر :هو إدراك المعا ني
()11
النحوية ،واستغلل هذا الدراك في حسن الختيار والتأليف.
وليس المقصود بالمعاني النحوية هنا المعنى الشائع للنحو ،الذي هو إعراب
أواخبر الكلم ،ونطبق الكلم حسبب القواعبد العرابيبة .وإنمبا المقصبود بقيبة
القرائن النحويبة مبن الذكبر والحذف ،والتقديبم والتأخيبر ،والبتداء والخبار.
فتنظر في وجوه كل باب وفروقه .فتعرف لكل حال موضعها .وتجيء بها حيث
ينبغي لها ،وتوضع في معناها الخاص الذي يلئم المعاني النفسية في نسج الكلم
وتركيبه .فالسم ،أي اسم ،قد تجيء به فاعل مرة ،وقد تجيء به مفعول مرة
أخرى ،وقد تقدمه مرة ثالثة ،وقد تؤخره مرة رابعة ،لنه يدل على معنى نفسي
112
خاص في ن ظم الكلم وتركي به في كل حالة .فهناك فوارق ب مثل ب ب ين أن
تقول :زيبد ينطلق وينطلق زيبد ،وزيبد المنطلق ،والمنطلق زيبد ...وهناك
فوارق فبي وجوه الشرط والجزاء بب مثل بب بيبن أن تقول :إن تخرج أخرج،
وإن خرج تَ خرج تُ ،وإن تخرج فأ نا خارج .. ،وكذلك ال مر في الحال ،و في
الفاعل والمفعول ..إلخ
إذن لكي يتحقق ال ّنظْم ل يكتفى بالدراك الواعي للمعاني النحوية ،بل لبد
مبن إدراك كيفيبة اسبتغلل هذه المعانبي فبي بناء العبارة ونسبجها ،فبناء العبارة
ونسبجها عنبد عبدالقاهبر -يتطلب أمريبن :الول الختيار والثانيي التألييف .أميا
الختيار فيراد به اختيار الكلمة المناسبة للمعنى النفسي لدى الديب .وهنا ينبغي
إدراك أ نه ح تى في المترادفات ،هناك كل مة أف ضل من كل مة في سياق مع ين،
بينما الخرى قد تكون هي الفضل في سياق آخر .أما التأليف فيراد به وضع
كل كل مة في مكان ها المنا سب من العبارة وف قا لمعنا ها النحوي؛ فو ضع الكل مة
موضع البتداء يختلف عن وضعها موضع الخبار .ومجيء الخبر مقدما يختلف
عبن مجيئه فبي موضعبه مؤخرا .ومجيبء المفعول مقدماً على الفعبل والفاعبل
يختلف عن مجيئه في موض عه بعده ما ..وهكذا ..فال عبرة بمدى وفاء الكل مة
()12
للمعاني النفسية في نسج الكلم وتركيبه.
اللغويون المحدثون:
وقد حاول الباحثون ب على نحو ما فعل عبدالقاهر ب بناء ماسماه بنظرية
إ سلمية لل غة ،تقوم على أ ساس أن الل غة عمل ية عقل ية معقدة تتجلى في تو خي
معا ني الن حو ب ين معا ني الكلمات بناء على مقتضيات الع قل ،لبناء تراك يب في
الذهبن متطابقبة مبع مقاصبد المتكلم وأغراضبه .هذه التراكيبب أسباسها المعانبي
النحويبة والمعانبي المعجميبة ،حيبث إن عمليات التفكيبر العقليبة ل تتعامبل مبع
معاني الكلمات مفردة ،بل تتعامل معها عندما تكون مرتبطة بمعاني النحو .هذه
العمليات العقلية تربط أغراض المتكلم بهذه التراكيب في داخل الذهن ،ثم تربط
113
هذه التراكيبب مبع شكلهبا الصبوتي بب اللفاظ بب فبي خارج الذهبن ،فبي الفبم
()13
واللسان والبلعوم
وعلى هذا ترى هذه النظر ية أن المعا ني هي ال ساس في ترك يب الكلم،
بينما تبقى الصوات ب أي اللفاظ ب تابعة لهذه المعاني وخادمة لها .كما ترى
هذه النظرية أن اختلف اللسن بين البشر آية من آيات ال ،قال تعالى " :ومن
آياتبه خلق السبموات والرض واختلف ألسبنتكم وألوانكبم إن فبي ذلك ليات
للعالمين"( .الروم)22 :
ويرى صاحب هذه الفكرة أن ال قد أودع في جهاز اكتساب اللغة وإنتاجها
قوانيبن أسباسية لي لغبة إنسبانية فبي كبل زمان ومكان .فمعانبي الكلم :الخببر
وال ستفهام والتع جب وال مر والن هي ،و ما إلى ذلك ،كل ها متوفرة لجم يع الب شر.
إضا فة إلى ذلك فقانون ال سناد من م سند وم سند إل يه هو الركيزة ال ساسية في
بناء الكلم الن ساني.وعمل ية ال سناد هذه تقوم على قوا عد التعل يق ال تي ذكر ها
الجرجاني .وهي قواعد فطرية وضعها ال في ذهن النسان .وترى أن السم له
أهميبة كببيرة فبي عمليبة السبناد مقارنبة بالفعال والحروف التبي ل تقوم بهذا
الدور .قال تعالى " :وعلم آدم السبماء كلهبا ثبم عرضهبم على الملئكبة فقال
أنبئوني بأسماء هؤلء إن كنتم صادقين" (البقرة)31:
وترى هذه النظريبة أن قواعبد التعليبق السبابق الشارة إليهبا تسباعد على
وصبف الختلف بيبن اللغات .كمبا يرى صباحب هذه الدراسبة أن النظريبة
ال سلمية لل غة والفكار ال تي ا ستندت إلي ها ،ل ها إمكانات هائلة لم تتح قق ب عد.
()14
ويمكن تحقيقها إذا توفرت لها الهمم والعزائم والرغبات الصادقة.
العمومية اللغوية والعمومية في لغة الجينات:
ويم كن الر بط ب ين القوان ين ال ساسية لكت ساب الل غة وإنتاج ها في الت صور
السلمي السابق ،وبين ماسماه بعض الباحثين ب وهو بصدد بيان أوجه اللتقاء
والفتراق ب ين الل غة الن سانية ول غة الجينات ب بالعموم ية اللغو ية )15(.ف قد ث بت
نظرياً ،ومبن خلل البحوث الميدانيبة للنثربولوجيبا اللغويبة ،أن جميبع اللغات
114
ال ساسية تشترك في خ صائص عديدة ،سواء على م ستوى ال صوتيات ،أو بن ية
الكلمات ،أو تراكيب الجمل وأنماطها .أما لغة الجينات فهي ل غة عامة مشتر كة
بين جميع الكائنات .وهي تتسم بدرجة عالية من العمومية ،حيث تستخدم نفس
البجد ية الرباع ية ،ون فس الكود الورا ثي ،أو مع جم الكلمات (الكودونات) ،ال تي
تشفر لنفس مجموعة الحماض المينية.
وتفيبد القراءة فبي سبفر النسبان أو الجينوم البشري ( )16أن المادة الوراثيبة
ل كل الناس سواء .ن حن الب شر جمي عا نشترك في %99.9من مادت نا الوراث ية؛
بت ضئيلة جدا، بن الشعوب ضئيلة جداً .وهذه الفروق ،وإن كانب فالختلفات بيب
موجودة .وسبتجد مبن يضخبم فيهبا مبن العنصبريين وأنصبار تميبز الجناس،
وخاصة ممن يمتلكون العلم في زماننا؛ فمن يمتلك العلم هو صاحب القوة.
ولكن ينبغي الحاطة بأنه رغم العمومية اللغوية والعمومية في لغة الجينات،
إل أن عمومية لغة الجينات تفوق عمومية اللغات النسانية ،نظراً لوحدة أبجدية
لغة الجينات ،واختلف أبجدية اللغات النسانية واختلف معاجمها .إل أنه يبقى
أنهما يشتركان في صفة العموم ية ،ول ينب غي استبعاد أن العموم ية اللغوية هي
نتاج العموم ية في ل غة الجينات ...وذلك يحتاج إلى المز يد من الب حث بالتعاون
مع العلماء المهتمين بكشف أسرار خريطة الجينوم البشري ،والعلقة بين اللغة
وبين البيولوجيا الجزيئية.
لقبد واجبه اللغويون قديمبا وحديثبا سبؤالً مهما هبو :كييف للغية النسيانية
المحدودة من ح يث عدد الحروف والكلمات أن تولد هذه العداد اللنهائ ية من
التعاب ير اللغو ية؟ وجاءت الجا بة من ق بل على يد عبدالقا هر الجرجا ني ،في
سياق حديثه عن المعاني النحوية التي هي الساس في تشكيل ال ّنظْم .فهو يرى
أن النظم إنما يكون بمراعاة المعاني النحوية للكلمات وموافقتها للمعاني النفسية.
فالمقصود بالمعنى النحوي هو الدور الذي تؤديه الكلمة في التركيب ،واختلف
هذا الدور للكلمة الواحدة باختلف التراكيب التي توضع فيها هذه الكلمة.
115
إذن فالكل مة الواحدة تكت سب معا ني كثيرة بح سب المكا نة ال تي تأخذ ها في
التراكيب ،فإن جاءت فاعلً يكون لها معنى ،وإن جاءت مفعول يكون لها معنى
آ خر ،وإن جاءت ظرفاً يكون ل ها معنبى ثالث ،وإن جاءت حالً ،أو تمييزا ،أو
مضافا إل يه ،أو مبتدأ ،أو خبراً ،أو ا سما لن أو خبرا لكان ...الخ فإن ها ت عبر
عن معان مختلفة .وأحيانا تأتي نفس الكلمة مصاغة في صيغة معينة ،كصيغة
المبال غة ،أو ا سم الفا عل ،أو ال صفة المشب هة ،أو ا سم المفعول؛ فيختلف المع نى
النحوي لهبا فبي كبل حالة .وكذلك المبر إذا جاءت على وزن فعَل بفتبح العيبن
فإنهبا تختلف عنهبا هبي نفسبها إذا جاءت على وزن فعُل بضبم العيبن ..وهكذا
وهلم جراً.
والجد ير بالملح ظة ه نا أن اختلف و ضع الكل مة في الترك يب يولد معا ني
نحو ية كثيرة .والعرب ية ه نا من أغ نى لغات العالم .ل كن الجدر بالملح ظة ه نا
أيضاً هبو أن إدراك الفوارق الدقيقبة التبي يحدثهبا تغييبر مكانبة كبل كلمبة فبي
الجملة ،وإدراك الوضع المناسب للكل مة بحيث تغطي المعنى النفسي المطلوب،
هو الذي يحقق معنى ال ّنظْم ،وهو سر البلغة في القول البليغ.
وقبد عببر المام عببد القاهبر عبن هذا "التوليبد النحوي" الذي يحدث نتيجبة
الوضبع الدقيبق للكلمبة فبي الجملة أو العبارة ،وقبد أعطبى مثالً لذلك بقوله:
"فلين ظر في ال خبر إلى الوجوه ال تي ترا ها في قولك ز يد منطلق ،وز يد ينطلق ،
وينطلق زيبد ،ومنطلق زيبد ،وز يد المنطلق ،وز يد هو المنطلق ...ولننظبر في
الشرط والجزاء إلى الوجوه ال تي ترا ها في قولك إن تخرج أخرج ،وإن خرج تَ
خرجتبُ ،وإن تخرج فأنبا خارج ،وأنبا خارج إن خرجبت ،وأنبا إن خرجبت
خارج.كما يمكن النظر في الحال إلى الوجوه التي تراها في قولك :جاءني زيد
م سرعاً ،وجاء ني ي سرع ،وجاء ني و هو م سرع ،وجاء ني و قد أ سرع ( )17وهكذا
ي تم تول يد المعا ني النحو ية الكثيرة من ألفاظ قليلة وذلك باختلف مو ضع الكل مة
في الجملة ،وبإدراك المعاني الدقيقة للكلمة في السياق ،مما يولد المعاني النحوية
المختلفة.
116
النحو التوليدي لدى عبدالقاهر وتشومكسي:
وقد جاءت الجابة عن السؤال السابق .وهو كيف للغة النسانية المحدودة
الحروف والكلمات أن تولد هذه العداد اللنهائيية مين التعابيير اللغويية؟ على
ل سان تشوم سكي صاحب نظر ية "النحيو التوليدي" فبي الع صر الحد يث ،ال تي
تتناول كيفيبة توليبد الصبيغ اللغويبة المتعددة مبن الكلمات وأشباه الجمبل والتبي
تلخصها مقولته الشهيرة :اللغة هي الستخدام اللمحدود لموارد محدودة.
ويو جه نب يل علي الن ظر إلى العل قة في الخا صية التوليد ية ب ين البيولوج يا
الجزيئ ية وب ين الل غة .فإذا كا نت الل غة ت ستطيع أن تولد معا ني نحو ية كثيرة من
مفردات وحروف قليلة ،ف قد أظ هر مشروع الجينوم خ طأ التقديرات ال سابقة لعدد
جينات النص الوراثي البشري ،والتي تقدر حاليا بمال يزيد عن 35ألف جين،
إذ ل ببد أن يكون هذا الرقبم غيبر دقيبق ،وإل فكيبف لهذا العدد المحدود مبن
الجينات أن يولد كببل هذه البروتينات والنزيمات والوظائف الفسببيولوجية،
والخصائص البيولوجية والغرائز النفسية؟ لكن الجابة جاءت عن طريق نظرية
النحبو التوليدي التبي تتناول توليبد الصبيغ اللغويبة المتعددة مبن حروف وكلمات
ومقاطع محدودة.
و في ظل ماطرحناه من "التول يد النحوي" الذي بدأه عبدالقا هر ،وب نى حوله
تشومكسبي نظريتبه اللغويبة ،ل يبدو غريببا أن يكون عنوان المحاضرة التبي
ألقا ها أ حد علماء البيولو جي في ح فل من حه جائزة نو بل هو :التول يد النحوي
()18
للحياة
لقد أقام المام عبدالقاهر نظريته في ال ّنظْم على ثنائية المعاني واللفاظ .إل
أنه قد أعلى من شأن المعاني وجعلها الساس في اختيار اللفاظ وتركيبها ،حيث
قال :إ نه ل يت صور أن تعرف لل فظ موضعاً من غ ير أن تعرف معناه ،ول أن
تتوخى في اللفاظ ،من حيث هي ألفاظ ترتيباً ونظما ،وإنما تتوخى الترتيب في
المعا ني ،وتع مل الف كر هناك .فإذا تم لك ذلك اتبعت ها اللفاظ وقفوت ب ها آثار ها.
117
وإ نك إذا فر غت من ترت يب المعا ني في نف سك لم تح تج إلى أن ت ستأنف فكراً في
ترتيب اللفاظ ،بل ستجدها تتر تب لك بحكم أن ها خدم للمعاني وتابعة لها ،ولحقة
بهبا .وإن العلم بمواقبع المعانبي فبي النفبس ،علم بمواقبع اللفاظ الدالة عليهبا فبي
()19
النطق.
على النسبق نفسبه تقريبا أقام تشومكسبي نظريتبه اللغويبة على أسباس أن
منظومة اللغة ذا تُ بنية ثنائية .ويقصد بذلك أن الجملة اللغوية لها بنية سطحية
ظاهرة هي تلك التي ننطق بها (أي اللفاظ) ،وبن ية منطق ية عمي قة ،وهي البن ية
ال تي تتش كل في مخ صاحب الجملة ق بل الن طق ب ها (أي المعا ني المرت بة)...
وعملية الخراج الصوتي هي عملية تحول هذه البنية العميقة ،أي البنية الفكرية،
وقبد تجسبدت ألفاظاً ،وأصبواتا ،ونببراً وتنغيما ،وتقديما وتأخيرا ،وإظهاراً،
وحذفا ،وإضماراً ...إلخ.
وهكذا نرى أن الثنائيبة اللغويبة لدى العالميبن واضحبة .ولكننبا نرى أن
عبدالقاهر كان مبدعاً في تأكيده أن بنية اللغة إنما تبدأ في الذهن بالوقوف على
المعاني وترتيبها ،والعلم بمواقعها في النفس ،وما يستتبع ذلك من دقة الختيار
والترت يب لللفاظ المنطو قة .ورب ما كان ذلك هو ال سبب في أن دي سوسير قد
سمى الفكار والمعاني "البنية العميقة".
لكن نا ب مع ذلك ب نف هم من مع نى "النّظْم" أن عبدالقا هر قد ج عل الثنائ ية
تتلشبى فبي عنصبر ثالث هو النّظْم .وجعبل البل غة كل متكاملً مبن المعنبى
واللفظ معاً .وبما أن الكل أكبر من مجموع الجزاء ،فالنظم ب إذن ب عنصر
(.)20
ثالث .فالثنائية اللغوية قد تحولت على يديه إلى ثلثية
119
وبناء على هذا الرجاء والسبتحالة فبي الوصبول إلى المعنبى ،أطلقبت
التفكيكيبة حريبة قراءة النصبوص ...حتبى النصبوص المقدسبة .فهناك عدد ل
نهائي مبن القراءات المحتملة لكبل نبص ،وفقبا لخلفيبة القارئ وهدفبه مبن وراء
القراءة .وعلى هذا الساس جاءت نظرية القراءة التي أسسها جاك دريدا ،والتي
اسبتحدثت منهجاً لتفكيبك النبص المكتوب ،والكشبف عبن تناقضاتبه الكامنبة،
(.)23
وثغرات فكر مؤلفه ،ومناوراته اللغوية.
والن تسبتخدم العولمبة السبلوب التفكيكبي فبي هجومهبا على الثقافات
الخرى ،وخاصبة الثقافبة العربيبة السبلمية ،بقصبد تقطيبع أوصبالها ،وعزل
ثوابتها عن متغيراتها ،ثم إعادة بنائها على نحو جديد لخدمة أغراض المعولِمين!
ما دور النحو في الحفاظ على اللغة؟ وكيف يدرس وفقا لهذه النظرية؟
إن المد خل في تدر يس الل غة ب وفقاً لهذه النظر ية ب هو شرح النظام النحوي
والصرفي ( البنية العميقة) ثم النطلق من هذه المعاني النحوية وقواعدها إلى
المهارات اللغويبة الخرى والتطببيق عليهبا ،مبن خلل اللفاظ والجمبل والمثلة
والشوا هد والن صوص ..إلخ و هو مان سميه حال يا بالطري قة "القيا سية" في تعل يم
الل غة العرب ية للناطق ين ب ها ،وطري قة "الن حو والترج مة" في مجال تعل يم الل غة
العربية لغير الناطقين بها.
لقبد ظبن البعبض أن الطريقبة القياسبية تعود إلى عصبر النهضبة فبي البلد
الورب ية ،كأ ثر من آثار الممار سة في اللغت ين اليونان ية واللتين ية .ل كن التار يخ
يروي ل نا أن هذه الطري قة عمي قة في ممار سة تعل يم الل غة في التار يخ العر بي
السبلمي ،خاصبة فبي كتاب سبيبويه ،وكتبب اببن عقيبل ،وشذور الذهبب،
والشمو ني وغير ها من الك تب ال تي تب عت الطري قة القيا سية في تعل يم العرب ية
لبنائها وطريقة النحو والترجمة في تعليم العربية لغير الناطقين بها.
120
والطريقية القياسيية هبي إحدى طرق التفكيبر التبي يسبتخدمها العقبل فبي
الو صول من المعلوم إلى المجهول .والف كر في القياس ينت قل من القاعدة العا مة
إلى الحالت الجزئيببة بناء على القاعدة؛ أي مببن القانون العام إلى الحالت
الخاصة.ولما كانت الجزيئات قد ل تنطوي كلها تحت القاعدة العامة ؛ فقد أدى
هذا إلى الحذف ،والتقدير ،والتأويل ،واختلف الراء في المسألة الواحدة .لكن
المشكلة أن تدر يس الن حو صار غا ية في ذا ته لدى المتأخر ين؛ ح يث ن ظر إل يه
على أنبه وسبيلة لتنميبة ملكات العقبل وطريقبة التفكيبر ،بصبرف النظبر عبن
الممارسة اللغوية الصحيحة!
وتقوم طري قة الن حو والترج مة في التدر يس على شرح القوا عد والنطلق
منهبا إلى تعليبم قراءة النصبوص العربيبة وترجمتهبا إلى اللغات الم أو اللغات
المحل ية .و قد اعت مد على هذه الطري قة في تعل يم العرب ية في جنوب شرق آ سيا،
وفبي أفريقيبا .حيبث كان الطلب يحفظون سبور القرآن ،وتشرح لهبم اللفاظ
والمعا ني ،ثم تشرح القوا عد ال تي ت ساعد على ف هم التراك يب ،ثم يدربون على
قراءة النصوص وكتابتها وترجمتها إلى اللغات المحلية.
121
طرائق التدريس وفقا للنظرية البنيوية:
.1يلم الدارس بقوا عد الل غة العرب ية ويتعرف على أ صواتها وقواعد ها
وخصائصها أولً.
.2تقدم القواعبد النحويبة حسبب الترتيبب المنطقبي لهبا ،ثبم يتبم القياس
عليها عن طريق الشواهد والنصوص البلغية.
.3تقدم المثلة والنصبوص والتراكيبب حسبب مبا يقتضيبه نظام اللغبة
وقواعدهبا؛ فاللفاظ تابعبة للمعانبي النحويبة .والطلب -بمسباعدة
ببد على ببول ويطبقون القواعبالمعلم -يردون الفروع إلى الصب
النصوص.
.4ضببط النصبوص والمثلة والشواهبد مرتببط بمعرفبة النظام اللغوي
والقواعد النحوية والصرفية.
".5إذن فتنميبة قدرات الطالب العقليبة هدف أسباسي مبن أهداف هذه
الطريقة حتى يستطيع مواجهة مواقف التعلم المختلفة بمشكلتها غير
المتوق عة .من ه نا يتدرب الطالب كثيرا على القياس النحوي ،وعلى
(
استقراء القاعدة النحوية" في المثلة والشواهد والنصوص البلغية.
)24
النظرية السلوكية
122
تقوم نظرية الملكة اللسانية عند ابن خلدون على أسس ثلثة:
()25
أولها :أن "السمع أبو الملكات اللسانية"
ثانيها :أن اللغة هي "عبارة المتكلم عن مقصوده .وتلك العبارة فعل لساني.
()26
فل بد أن تصير ملكة متقررة في العضو الفاعل لها وهو اللسان".
ثالثهيا :أن تربيبة الملكبة ل يحتاج إلى النحيو ،الذي هبو علم صبناعة
العراب.
أما السلوكيون المحدثون فقد تمثلت آراؤهم في كتاب "السلوك اللغوي" الذي
أصدره عالم النفس السلوكي المشهور سكنر عام 1957م .فقد لجأ السلوكيون في
محاولتهم تفسير السلوك اللغوي إلى العوامل الخارجية التي تؤثر فيه .فالسلوك
اللغوي في نظرتهم عبارة عن مثير واستجابة.
وقبد شبن تشومسبكي هجومبا عنيفاً فبي مقالة له عام 1959ينتقبد فيهبا
كتاب سكنر سالف الذكر ورؤيته السطحية للسلوك اللغوي.
وبعبد السبتينيات انتقبل الهتمام إلى المتعلم ذاتبه باعتباره عاملً أسباسيا
وفاعلً فبي عمليبة تعلم اللغبة .ومبن ثبم بدأ التركيبز على المتعلم وحاجاتبه
والغراض التي يتعلم اللغة من أجلها.
ولكن كيف يكتسب النسان اللغة؟ سؤال طرح كثيراً دون إجابة شافية في
معظبم الحالت .نحبن ندرك المدخلت إلى الموقبف التعليمبي؛ لن هذا نصبنعه
بأيدينا .ونحن قادرون على قياس المخرجات عن طريق أساليب القياس المختلفة.
لكن نا لندري ح تى الن ماذا يحدث دا خل العمليات ،أي دا خل ال مخ الن ساني،
هذه المعجزة المحيرة ،صنع ال الذي أحسن كل شيء.
123
سكنز والسلوكيون:
للجاببة عبن السبؤال الذي بدأنبا ببه هذا الحديبث ،وهيو كييف يكتسيب
الصيغار اللغية الم؟ على نفبس النمبط تقريبا الذي قال ببه اببن خلدون اسبتحالت
اللغة في نظر سكنر ،صاحب النزعة السلوكية المحضة في علم النفس المعرفي
إلى نظام لكت ساب العادات .ف هي نوع من أنواع ال سلوك الشفاهي ل يختلف عن
غيره مبن أنواع السبلوك الخرى ،التبي يكتسببها الفرد مبن خلل الخببرة،
والتجرببة ،والمحاولة والخطبأ .وبذلك تحولت اللغبة إلى مجرد نوع مبن أنواع
السلوك السمعي الشفاهي! كما رأينا عند ابن خلدون.
وبهذا التف سير حاول سكنر أن يخ ضع الل غة ق سرا لثنائ ية المث ير وال ستجابة.
أي أن الل غة مدخلت ومخرجات .وأغ فل بذلك جو هر القض ية ،ح يث يك من ال سر
اللغوي ،أي العمليات التبي تحدث بيبن المثيبر والسبتجابة .باختصبار لقبد افترض
سكنر عدم وجود عل قة أو و سيط ب ين المث ير وال ستجابة ،ور بط ب ين المث ير ورد
الف عل مباشرة دون اعتبار ل ما يحدث بينه ما دا خل ال مخ الن ساني )27(.وذلك خل فا
للفهم البنيوي الذي يفترض وجود بنية عميقة داخل المخ البشري لمعالجة المعلومات
اللغوية وغير اللغوية .وبذلك وضعت البنيوية أساس علم النفس المعرفي.
124
استجابة ؟ مثير
فلو أخضعنبا هذا النموذج لمفهوم النّظُيم المكون مبن مدخلت وعمليات،
ومخرجات ،فإننبا نجبد أن نموذج سبكنر قبد قفبز فوق العمليات ولم يعترف
بوجودها أصلً .أما ابن خلدون فقد حاول وصف ما يحدث داخل النفس نتيجة
الحفظ والتكرار فقال" :إن الملكات ل تحصل إل بتكرار الفعال؛ لن الفعل يقوم
أولً وتعود منبه للذات صبفة ،ثبم يتكرر فتكون حالً .ومعنبى الحال أنهبا صبفة
غير راسخة .ثم يزداد التكرار فتكون ملكة أي صفة راسخة".
وعلى العكس من ذلك ،فقد تأثر كل من دي سوسير وتشومكسي بافتراض
كا نط وجود قدرة ذات ية كام نة في الع قل الن ساني ،أو "غريزة" لغو ية تتوارث ها
أجيال البشبر أو بنيبة عميقبة قوامهبا نسبق معرفبي كامبن فبي العقبل يرببط بيبن
المدخلت والمخرجات.
وفبي غياب البحبث العلمبي التطببيقي لثبات صبحة هذه الفرضيبة لجبأ
تشومسكي إلى التجريد الفلسفي لثبات وجود هذه الغريزة لكي يفسر الكيفية التي
يكتسبب بهبا الطفال لغتهبم الم ،وذلك بتطويبع هذه الغريزة للمطالب الخاصبة
للبيئة اللغويبة التبي ينشأون فيهبا ...وهكذا اسبتحالت اللغبة وفقبا لهذا النموذج
الفترا ضي إلى غريزة بشر ية أو إن سانية عا مة ،مثل ها م ثل غير ها من الغرائز
بم
بم وبيئاتهب بهم ولغاتهب
با الناس جميعاً على اختلف أجناسب بي يشترك فيهب التب
الجتماعية.
126
طريقة تربية الملكة اللسانية:
قد يكون من المنا سب أن نع يد طرح سؤال تشوم سكي :ك يف يتعلم الط فل
اللغة؟ وكيف ينشأ هذا النسق المعرفي؟ أو كيف تبنى هذه الغريزة أو الملكة؟
يقول العلمة ابن خلدون" :السمع أو الملكات اللسانية" .وهذا يعني أن بناء
الغريزة والملكة اللغوية يبدأ بالستماع الجيد إلى النصوص الجميلة.
يقول ابن خلدون " " فالمتكلم من العرب حين كانت ملكة اللغة العربية
موجودةً فيهم يسمع كلم أهل جيله ،وأساليبهم في مخاطباتهم ،وكيفية تعبيرهم
عن مقاصدهم ..فيلقنها كذلك ،ثم ل يزال سماعه لذلك يتجدد في كل لحظة ،
127
ومن كل متكلم ،واستعماله يتكرر إلى أن يصير ذلك ملكة وصفة راسخة ،
ويكون كأحدهم ،وهكذا تصيرت اللسن واللغات من جيل إلى جيل " ،وأبرز
مثال على ذلك أن أبناءنا يتعلمون اللهجات العامية ويستخدمونها مثلنا تماما بدون
منهج أو معلم .
إذن ،فالملكة اللسانية التي كان يتمتع بها العرب قديما لم تكن جبلة وطبعا ،
وإنما حصلت لمن حصلت له نتيجة للعرف والعادة ،والمعايشة المستمرة للنطق
الفصيح في بيئة الفرد اللغوية .فالملكة الصحيحة تتكون بتكرار الستماع إلى
اللغة الفصيحة ،وممارستها كلما وتحدثا .
كيف فسدت " الملكة " ؟ يقول ابن خلدون " :فسدت هذه الملكة لمضر
بمخالطتهم العاجم ،وسبب فسادها أن الناشئ من الجيل صار يسمع في
العبارة عن المقاصد كيفيات أخرى غير الكيفيات التي كانت للعرب ،فيعبر بها
عن مقصوده ...ويسمع كيفيات العرب أيضا ،فاختلط عليه المر ،وأخذ من
هذه وهذه ،فاستحدث ملكة ( ثانية) وكانت ناقصة عن الولى .وهذا هو معنى
فساد اللسان العربي .ولهذا كانت لغة قريش أفصح اللغات العربية وأصرحها
لبعدهم عن بلد العجم من جميع جهاتهم" .ولذلك كان أهل صناعة العربية
يحتجون بها .لكن فساد اللسان العربي استمر في عصر ابن خلدون ،وازداد
فساداً واضطرابا مع تقدم الزمن حتى عصرنا الحاضر .
كيف وضع النحو أو علم صناعة العراب ؟
يقول ابن خلدون " :لما جاء السلم وفارقوا ( أي المسلمون ) الحجاز
لطلب الملك الذي كان في المم والدول ،وخالطوا العجم ،تغيرت تلك الملكة
بما ألقي إليها السمع من المخالفات التي للمستعربين – والسمع أبو الملكات
اللسانية – ففسدت بما ألقى إليها مما يغايرها ،لجنوحها إليه باعتياد السمع.
وخشي أهل العلوم منهم أن تفسد تلك الملكة رأسا ،ويطول العهد بها ،فينغلق
القرآن والحديث على الفهوم ،فاستنبطوا من مجاري كلمهم قوانين لتلك الملكة
128
مطردة ،شبه الكليات والقواعد يقيسون عليها سائر أنواع الكلم ،ويلحقون
الشباه بالشباه ،مثل أن الفاعل مرفوع ،والمفعول منصوب ،والمبتدأ مرفوع.
ثم رأوا تغير الدللة بتغير حركات هذه الكلمات ،فاصطلحوا على تسميته
إعرابا .وتسمية الموجب لذلك التغير عاملً ،وأمثال ذلك .وصارت كلها
اصطلحات خاصة بهم .فقيدوها بالكتاب وجعلوها صناعة لهم مخصوصة ،
واصطلحوا على تسميتها بعلم النحو .وأول من كتب فيها أبو السود الدؤلي من
بني كنانة .ويقال بإشارة من علي رضي ال عنه .إلى أن انتهت إلى الخليل بن
أحمد الفراهيدي أيام الرشيد .فهذب الصناعة ،وكمل أبوابها .وأخذ عنه سيبويه
فكمل تفاريعها واستكثر من أدلتها وشواهدها ،ووضع فيها كتابه المشهور ،الذي
صار إماما لكل ما كتب فيها من بعد .
ثم يدخل ابن خلدون إلى جوهر المشكلة ،ويتحدث عن صلة النحو بهذه
الملكة اللسانية ،فيقول عن صناعة العربية وقوانين العراب إنها " :علم بكيفية
ل نفس كيفية " ثم يشرح الفكرة بالتفريق بين " الملكة " و " قوانين الملكة " ،أي
بين العلم النظري ،والممارسة العملية ،ويقدم تمثيلً لذلك بمن يجيد " علم
ل ،أو بمن يجيد " علم التجارة " ول يقدر على الخياطة " ول يمارسها عم ً
ممارستها .فإذا سألته عنها شرحها لك خطوة خطوة ،ولو طالبته بتنفيذ ما شرح
أو شيء منه لم يحكمه .ويؤكد ابن خلدون رأيه هذا بتمثيل آخر أقرب إلى واقع
القضية وهي العلقة بين النحو والملكة اللسانية فيقول :إن كثيرا ممن درسوا
النحو وتعمقوا أصوله وفروعه وأفنوا أعمارهم في البحث عن مسائله ومشاكله
ولم يجيدوا هذه الملكة اللسانية ،ل يستطيعون التعبير اللغوي الصحيح .بينما
كثير من الكتاب والشعراء ممن أجادوا هذه الملكة يعبرون عما يريدون بطلقة
وسلسة وإن لم يتعمقوا النحو وقضاياه .
يوضح ابن خلدون هذه القضية في فصل في المقدمة بعنوان " :فصل في
أن ملكة هذا اللسان غير صناعة العربية ومستغنية عنها في التعليم " والسبب
129
في ذلك أن صناعة العربية إنما هي معرفة قوانين هذه الملكة ومقاييسها
خاصة ،فهي علم بكيفية ،ل نفس كيفية ،فليست نفس الملكة ،وإنما هي
بمثابة من يعرف صناعة من الصنائع علماً ،ول يحكمها عملً .مثل أن يقول
بصير بالخياطة غير محكم لملكتها – في التعبير عن بعض أنواعها : -الخياطة
هي أن يدخل الخيط في خرت البرة ،ثم يغرزها في لفق الثوب مجتمعين ،
ويخرجها من الجانب الخر بمقدار كذا ،ثم يردها إلى حيث ابتدأت ويخرجها ..
الخ ،وهو إذا طولب أن يعمل ذلك بيده ل يحكم منه شيئا .وكذا لو سئل عالم
بالنجارة عن تفصيل الخشب فيقول :هو أن تضع المنشار على رأس الخشبة ،
وتمسك بطرفه ،وآخر قبالتك ممسك بطرفه الخر وتتعاقبانه بينكما ...إلخ،
وهو إن طولب بهذا العمل أو شيء منه لم يحكمه .
" وهكذا العلم بقوانين العراب مع هذه الملكة في نفسها ،فإن العلم
بقوانين العراب ،إنما هو علم بكيفية العمل ( وليس العمل نفسه ) .وكذلك
تجد كثيرا من جهابذة النحاة والمهرة في صناعة العربية المحيطين علما بتلك
القوانين ،إذا سئل في كتابة سطرين إلى أخيه ،أو ذي مودته ،أو شكوى
ظلمة ،أو قصدا من قصوده ،أخطأ فيها عن الصواب ،وأكثر من اللحن ،ولم
يجد تأليف الكلم لذلك ،والعبارة عن المقصود على أساليب اللسان العربي،
وكذا نجد كثيرا ممن يحسن هذه الملكة ،ويجيد الفنين من المنظوم والمنثور ،
وهو ل يحسن إعراب الفاعل من المفعول ،ول المفعول من المجرور ول شيئا
من قوانين صناعة العربية .فمن هذا تعلم أن تلك الملكة هي غير صناعة
العربية ،وأنها مستغنية عنها بالجملة. )29( .
إذن فكيف تربّى الملكة اللغوية في رأي ابن خلدون ؟
لكن المتعلم العربية الن – كما كان المر في عهد ابن خلدون – ل يملك
هذا المناخ اللغوي الصافي ،وذلك المشرب العذب المتاح الذي كان ميسورا
لجيال العرب قبل تسرب اللكنة وحدوث الخلط والضطراب في اللسان العربي.
بل العكس هو الصحيح .إذ يحيط به من كل جانب ما يدفعه دفعا عن صحة اللغة
وجمالها اجتماعيا وثقافيا :استماعا ،وقراءة ،وكتابة .ولم يعد في متناول يده
130
ذلك النموذج المثالي الطيع الصيل الذي يلفته له المجتمع فيحاكيه ويحتذيه دون
تعمد ! إذا كان هذا هو حال المجتمع عموما ،فماذا نعمل على مستوى المناهج
الدراسية على وجه الخصوص ؟
يرى ابن خلدون أنه بعد أن انتهى العهد الذي كانت فيه تربية الملكة اللسانية
طبعا وسليقة ،فإنه ل بد من اصطناع المناخ اللغوي اصطناعا متعمدا ،واتخاذ
الوسائل التي توصل إلى إجادة الملكة اللسانية .فيقول " :ووجه التعليم لمن
يبتغي هذه الملكة ويروم تحصيلها ،أن يأخذ نفسه بحفظ كلمهم ( العرب) القديم
الجاري على أساليبهم من القرآن والحديث ،وكلم السلف ،ومخاطبات فحول
العرب في أسجاعهم وأشعارهم ،وكلمات المولدين أيضا في سائر فنونهم ،حتى
يتنزل لكثرة حفظه لكلمهم من المنظوم والمنثور منزلة من نشأ بينهم ،ولقن
العبارة عن المقاصد منهم ،ثم يتصف بعد ذلك في التعبير عما في ضميره على
حسب عبارتهم ،وتأليف كلماتهم ،وما وعاه وحفظه من أساليبهم ،وترتيب
ألفاظهم ،فتحصل له هذه الملكة بهذا الحفظ والستعمال ،ويزداد بكثرتها
رسوخا ،وقوة.
ثم يربط بين كثرة المحفوظ والستعمال وبين قوة التعبير بلغة ونقدا ،
فيقول " :وعلى قدر المحفوظ وكثرة الستعمال تكون جودة المقول المصنوع
نظما ونثرا ،ومن حصل على هذه الملكات فقد حصل على لغة مضر ،وهو
الناقد البصير بالبلغة فيها ،وهكذا يجب أن يكون تعلمها ،وال يهدي من يشاء
()30
بفضله وكرمه".
تكوين العادات اللغوية:
يقول ابن خلدون :إن " الملكات ل تحصل إل بتكرار الفعال ،لن الفعل
يقوم أول وتعود منه للذات صفة ،ثم يتكرر فتكون حالً ،ومعنى الحال أنها
()31
صفة غير راسخة ،ثم يزيد التكرار فتكون ملكة أي صفة راسخة.
ك ما يري أن الن صوص المختارة للدرا سة والح فظ ي جب أن ت بث في ثنايا ها
مسائل اللغة والنحو ،بحيث يتعرف الدارس من خللها على أهم قوانين العربية ،
131
ويؤكد أن الملكة ل تربى من خلل نصوص تحفظ دون فهم " ،فالملكة لتحصل
من الحفظ دون الفهم " .
132
من العرض السابق لتصور ابن خلدون في تربية الملكة اللسانية يمكن استنباط ما
يأتي :
أول ً :ل قد قرر ا بن خلدون فكر ته ،و هي أن ترب ية المل كة الل سانية ل يضر ها
عدم حفبظ القواعبد النحويبة ،وفقدان العراب ،إذ تغنبي عنبه القرائن ،وهبي
فكرة جريئة ،لم يجرؤ أحد قبله أو بعده على القول بها على هذا النحو المتكامل
.فهبو – إذن – يرى أن فقدان العراب مبن لغات المصبار فبي عهده – وكمبا
هبو الحال فبي لغتنبا الن – ليبس بضائر لهبا ،مادامبت تؤدي مهمتهبا فبي الفهبم
والفهام وتوضيح المراد.
ثانياً :قدم ابن خلدون تصوره في إطار نظرته الجتماعية للغة على أنها " ملكة
" تكتسبب بالتعليبم والمران والدرببة ،ومادامبت هذه " الملكبة " قبد تحققبت
للمسبتخدمين للغبة فبي المصبار فبي عهدة ،فإنهبا تكون صبحيحة بليغبة بدون
العراب ،إذ فيها من القرائن ما يغني عنه.
ثالثاً :يرى ابن خلدون أن تربية " الملكة اللسانية " يمكن أن يستغنى عن حفظ
القواعبد والعلمات العرابيبة فبي أداء المعنبى ،بمبا أسبماه " القرائن الدالة على
خصوصيات المقاصد " كالتقديم والتأخير ،والحذف ،والحروف غير المستقلة .
رابعاً :إن تربية " الملكة اللسانية " ل تتم إل من خلل حفظ النصوص الصلية
الراقيبة والشواهبد الحيبة المتطورة " وعلي قدر المحفوظ ،وكثرة السبتعمال ،
تكون جودة المصنوع نظما ونثرا ،وهكذا ينبغي أن يكون تعلمها " .
خام ساً :أن ي تم تناول الن صوص ك ما تن طق فعل ،وأن ت تم درا ستها من ح يث
مسبتوى الصبوات ،والحروف ،وبنيبة الكلمبة ،والتركيبب والدللة ،فهذا هبو
المفهوم الحديث للنحو .
سادساً :إن " المل كة الل سانية " ل تر بى من خلل ن صوص تح فظ دون ف هم ،
فالملكة ل تحصل من الحفظ دون الفهم .
133
إن ترب ية " المل كة الل سانية " وف قا لنظر ية ا بن خلدون ،يم كن أن ت تم من
خلل ت طبيق أ سلوب في تخط يط المن هج ،وتنفيذه ،وتقوي مه ،ومتابع ته ،على
النحو التالي :
134
المتخ صصة في درا سة الل غة .فالفرد يم كن أن يتعلم الل غة الثان ية بالمحاكاة ك ما
يتعلم الطفل لغته الم.
-الفرد يتعلم ثقافبة اللغبة مبن خلل النصبوص والعبارات التبي تحكبي
عادات الشعوب وتقاليدها وأساليب حياتها ،وفنونها وآدابها وكل ما يميزها عن
غيرها.
-الل غة تعلم من خلل الل غة ذات ها ،ول يس من خلل لغات أخرى ،
فالمتعلم لببد أن يفكبر باللغبة التبي يتعلمهبا مبن خلل منهجهبا الفكري ونظامهبا
الدللي.
-لبد من اصطناع بيئة لغوية طبيعية؛ حيث تدرس النصوص والمثلة
والشوا هد في موا قف طبيع ية ترت بط بمدلولت الن صوص ،أو عن طر يق تمث يل
الدوار ،أو عن طر يق تعلم الشياء الموجودة بالف عل في البيئة ال تي يو جد في ها
المتعلم ،كما في الطريقة المباشرة لتعليم اللغات لغير الناطقين بها.
-إن الفرد يتعلم لغ ته الثان ية ك ما يتعلم الط فل لغ ته الولى ،أي عن
طريبق الرببط المباشبر بيبن السبماء والمسبميات .فالسبتخدام الفعلي للغبة فبي
الحياة أساس التعلم .
-ي تم تعل يم الن حو بأ سلوب غ ير مبا شر من خلل الت عبيرات المحك مة
والنصوص الجميلة التي يتم تكرار الستماع إليها وممارستها.
-تنميببة قدرة المتعلم على المحاكاة ،والنطببق الصببحيح،
واكتسباب مهارات الكلم ،يفوق الهتمام بتنميبة المهارات
()33
العقلية ،والقدرة على القياس والستقراء والستنتاج.
يترتب على المنطلقات السابقة أن تسير طريقة التدريس غالبا كما يأتي :
135
– 1تدر يب المتعلم على مهارات ال ستماع الج يد ثم مهارات الكلم ال سليم .ثم
تدريبه على قراءة ما استمع إليه وتحدث به ،ثم كتابة ما قرأه .
– 2تدريبب المتعلم على عادات السبتماع الجيبد ،والكلم السبليم ،وتعزيبز هذه
العادات.
– 3يعلم النحو من خلل النماط اللغوية التي استمع إليها وتكلم بها ،وليس عن
طر يق عزل القوا عد النحو ية عن الن صوص الواردة ب ها .ول تعلم إل القوا عد
الواردة في النصوص ،حتى لوحدث إغفال لبعض القواعد النحوية؛ على اعتبار
أن القواعد التي ل ترد في لغة الحياة لضرورة لدراستها لغير المتخصصين.
النظرية المعرفية
تش ير النظر ية المعرف ية "إلى ت صور نظري لتعل يم اللغات 0000ي ستند
إلى الفهم الواعى لنظام اللغة كشرط لتقانها .وأن الكفاية اللغوية سابقة على
()34
الداء اللغوي وشرط لحدوثه ".
وهذا يعني أن يتوافر لدى المتعلم درجة من السيطرة الواعية على النظام
ال ساسي لل غة ،ح تى تن مو لد يه امكانات ا ستعمالها بسبهولة وي سر فبي مواقبف
طبيعية .
فتعلم الل غة وف قا لهذه النظر ية هو عمل ية ذهن ية واع ية لكت ساب القدرة
على السيطرة على النماط الصوتية والنحوية والمعجمية للغة ،وذلك من خلل
( )35
تحليل هذه النماط باعتبارها محتوى معرفيا .
فالتعلم – إذن – نشاط ذهنبي .يعتمبد على قدرة الفرد البتكاريبة فبي
اسبتخدامه للقليبل الذي تعلمبه فبي مواقبف جديدة .وهكذا نحبس بمذاق النحبو
التحويلي التوليدي لتشومسكي في هذه النظرية .
136
تعتمد هذه النظرية كما يذكر رشدي طعيمة على عدة منطلقات ،من أهمها
ما يأتي :
– 1اللغة الحية محكومة بقواعد أو نظم ثابتة .وتعلم اللغة عملية إدراك عقلي
واع لنظامها .واستخدام اللغة يعتمد على قدرة الفرد على ابتكار جمل وعبارات
لم يسبق له سماعها أو استخدامها.
-2إن قواعد اللغة ثابتة في نفوسنا .فقدرتنا على استعمال اللغة ليس سببه هو
أن نا نكرر ما سمعناه بش كل آلي ب حت ،ول كن في قدرت نا الذهن ية على ت طبيق
قواعد ثابتة على أمثلة متغيرة .فقواعد اللغة مثل قواعد الشطرنج ،يتقنها الفرد
إن تعلمها في موقف طبيعي يمارس فيه بالفعل هذه القواعد.
– 3النسان خاصة مزود بالقدرة على تعلم اللغات .إن تعلم اللغة صفة إنسانية
فهو موجود في النساق البيولوجية للنسان .فتعلم اللغة أمر يمكن أن يحدث في
أي وقت من حياة النسان مادام قد أخذ مكانة في موقف ذي معنى لديه .
– 4إن تعلم اللغة يتضمن التفكير بها .وإن الممارسة الواعية للغة هي تلك التي
()36
تتم في إطار من المعنى وليس في مجرد التدريب اللى عليها .
– 5تولى هذه النظر ية المعرف ية اهتماماً خا صا بتعل يم المهارات اللغو ية الر بع
في وقت واحد.
– 6تعتببر السبيطرة على نظام اللغبة شرطبا لممارسبتها .وهذا يعنبى ضرورة
السيطرة على النظمة الصوتية والمعجمية بالضافة إلى نظام القواعد النحوية.
– 7تعتمبد هذه النظريبة على عنصبر الفهبم ،الذي يعنبى أن تكون الممارسبة
اللغوية ممارسة واعية ،وليست تكراراً آليا لتدريبات نمطية مكررة دون معرفة
للسباب الحقيقية وراءها.
– 8الممارس للغبة مبن خلل هذه النظريبة لديبه مصبفاة ،تمبر مبن خللهبا
()37
الممارسة اللغوية قبل وقوعها.
دور النحو في التدريس :
137
– 1يتح تم على الطالب اللمام بالنظام ال صوتي والنحوي وال صرفي والمعج مي
كي يتمكن من ممارسة اللغة العربية وهو على وعي بنظامها .
– 2يسير الدرس وفق الطريقة الستنباطية ،أو وفق ما يسمى "بالمنظّم المتقدم"
أو "المنظّمات المتقدمة" التي تهدف إلى "مساعدة الطالب على تحقيق بنية معرفية
تت صف بالثبات ،والوضوح ،والتنظ يم ،ور بط المادة التعليم ية بال خبرات ال سابقة
للطالب .وتهيئة كل الظروف الممكنة التي تجعل التعليم ذا معنى ،وتسهل مهمة
ن مو المفاه يم الوظيف ية ،وإيضاح المفاه يم الغام ضة ،وربط ها بالبن ية المعرف ية
للمتعلم .
– 3تعتمبد هذه الطريقبة على أمريبن :أولهميا العتماد على صبيغ منظمبة
وملئمة لتفكير المتعلم عند تقديم المفاهيم المعرفية ،وتقديم المفاهيم بشكل متدرج
في عموميت ها وشمول ها ،وال مر ال خر ،ر بط المادة التعليم ية بحياة المتعلم ،أي
()38
تقديمها من خلل ما هو مفيد عنده
- 4تقدم النصبوص فبي مواقبف ذات معنبى لدى المتعلم ،ويحتوي على
المفاهيم المراد شرحها .عن طريق شرح هذه النصوص يتم عرض هذه المفاهيم
والقواعد ،وتوضيح أبعاد النظام اللغوي للغة العربية .ثم يأتي التطبيق في مواقف
تشتمل على نصوص وحوارات وألعاب لغوية ..إلخ.
- 5إن الهدف ل يس هو ح صر الموا قف ال تي يم كن أن ي مر ب ها الطالب ثم
التدر يب علي ها ك ما في النظر ية ال سلوكية .ل كن الهدف هو تدر يب المتعلم على
السبتخدام الواعبي للقاعدة فبي مواقبف جديدة يصبعب توقعهبا أو التنببؤ بهبا
أوحصبرها .وهنبا تلتقبي النظريبة المعرفيبة مبع نظريبة النّظ ْم ونظريبة النحبو
التوليدي؛ حيبث يتبم تطببيق القاعدة الواحدة فبي مواقبف غيبر محدودة وغيبر
متوقعة .وهنا يكون القياس والتحويل والبتكار.
-6التركيبز فبي التدريبس وفقاً لهذه النظريبة على تنميبة القدرة الذهنيبة عنبد
الطالب ،وتدريبه على قواعد الستنتاج والستقراء وعلى مبادئ التعميم والتطبيق
من خلل شرح مف صل للقوا عد وتف سيرها ح تى تت ضح في ذ هن المتعلم .فالتعلم
138
الواعبي لقواعبد اللغبة شرط أسباسي لممارسبتها .وفهبم القواعبد ل ببد أن يسببق
التطبيق عليها.
-7بما أن التعليم في هذه النظرية يبدأ بالفهم الواعي للمفاهيم النحوية فالممارسة
عليها ،فإن الكتب المقررة على الطلب تسير على أساس المنهج الستنباطي أو
القياسي ،الذي يبدأ بعرض المفاهيم ثم التدريب عليها.
-8الدرس يبدأ بعرض مادة جديدة ،وتمرينات عليها ،ثم أنشطة لغوية تطبيقية.
-9كل المهارات تعلم في و قت وا حد .تبدأ بعرض المادة المراد تعلم ها ،ثم
ال ستماع إلى ال نص أو المو قف الت صالي ،والتدر يب على ا ستنتاج ما ف يه من
مفاهيم ،ثم تطبيق هذه المفاهيم على مواقف جديدة مناسبة لنوعية المتعلمين.
نعرض فيميا يلي طريقية مقترحية تقوم على أسياس السيتفادة مين
مميزات النظريات البنيوية ،والسلوكية ،والمعرفية .وتتكون من ثلث مراحل :
التخطيط ،والتنفيذ ،والمتابعة.
أول مرحلة التخط يط :ي تم تحد يد القوا عد النحو ية المقررة لفئة المتعلم ين
حسب الهدف من التعلم ،وحسب نوعية الدارسين وخبراتهم السابقة ،وبما يتسق
مع منطق النظام في اللغة العربية .يتم اختيار النصوص الجميلة المناسبة ،والتي
تتسق مع حركة الحياة وثقافة اللغة العربية .ويتم الربط بين هذين على اعتبار أن
تعلم القواعبد المقررة سبيتم اسبتنباطا واسبتنتاجا واسبتقراء مبن خلل هذه
النصوص.
ثان يا :التنف يذ ي تم تناول الن صوص المنا سبة -ل كل مرحلة أو ل كل صف
دراسبي -بالدراسبة والفهبم ،والتحليبل ،والتفسبير ،والنقبد والتقويبم ،واسبتنباط
القواعد المقررة ،من خلل الجراءات التية:
-1السببتماع إلى النببص منطوقاً نطقا جيدا ممثلً
للمع نى ،مرة أو مرت ين ،ثم مناق شة فكر ته العا مة،
139
وأفكاره الرئيسببية ،والتعرف على قائل النببص
ومناسبة قوله.
-2التدريبب على قراءة النبص قراءة جهريبة ،مبع
الترك يز على معال جة الجوا نب ال صوتية ،واللفظ ية،
والتركيبية من حيث معناها ومبناها.
-3الوقوف على نظام اللغة وقوانين العراب المناسبة
لهذه المرحلة أو لهذا ال صف ك ما هي موجودة في
النبص مبع التركيبز على أسبس السبتنتاج وقواعبد
ال ستقراء ،وقوا عد التعم يم لنظام الل غة ،ومجالت
التطبيق.
-4قراءة النبص قراءة صبامتة ،دفعبة واحدة ،أو على
دفعات ،بحيبث تحمبل كبل دفعبة فكرة رئيسبية ،ثبم
بد
بير ،والنقببل ،والتفسببة ،والتحليب
تناوله بالدراسب
والتقويم.
-5الوقوف على المعاييبر والقيبم ونواحبي الجمال فبي
النص وقواعد ذلك.
-6حفبظ النبص حفظاً جيدا (إن كان مبن القرآن أو
السبنة أو الدب شعره ونثره) ،بحيبث ينطببع فبي
ن فس المتعلم ،فيقت بس م نه ،وين سج على منواله في
كلمه وكتابته.
-7التعببير كتاببة عبن موضوع النبص بعبد دراسبته
والقراءة حوله.
ثال ثا :التقو يم والمتاب عة ،وي تم في خطوت ين :الولى وتتم ثل في تقو يم
تعبير التلميذ وفقا للمعايير التالية:
140
أ -سلمة النطق واللقاء
ب -سلمة الكتابة ووضوح الخط.
ج -سلمة السلوب (كل ما يتصل بالنحو والصرف)
د -سلمة المعاني.
هب -تكامل المعاني.
و -منطقية العرض.
ز -جمال المعنى والمبنى.
الخطوة الثان ية :وتتم ثل في معال جة الخطاء اللغو ية الشائ عة في ت عبير
التلميبذ مبن حيبث المبنبى والمعنبى أثناء التدريبس وفيمبا يلي ذلك مبن
دروس .وهنا يجب ملحظة عدة أمور مهمة:
.1أنه يجب التعرض لبعض قضايا النحو ذات الهمية
للدراسبين مبن خلل إطار لغوي متكامبل ،سبواء
كانبت قضايبا متصبلة بالصبوات ودللة اللفاظ
والتراكيبب أو كانبت متصبلة ببعبض السباليب
النحوية أو البلغية.
.2أنبه يجبب الكتفاء فبي المرحلة البتدائيبة بدراسبة
مكونات الجملة العربيبة عامبة ،وكمبا ترد فبي
الن صوص ،على أن ي تم تف صيل ذلك في المرا حل
التالية.
.3ل يخصبص لكبل مفهوم نحوي نبص قائم بذاتبه،
ح تى ل تلوى أعناق الن صوص أو ت صطنع لخد مة
الن حو ،وإن ما يدرس في كل نص ما يحتو يه من
الساليب النحوية والبلغية المنشودة.
141
.4أن ي تم درا سة ال ساليب النحو ية ك ما هي منطو قة
فبي النبص ،دون التعرض للحذف أو التقديبر أو
عوامل العراب في مراحل التعليم العام.
.5أن يحاط المتعلم ببيئة لغو ية عرب ية سليمة في كل
جوانب المؤسسة التعليمية التي ينتمي إليها.
الهوامش
142
.6رشدي طعيمبه :المرجبع فبي تعليبم اللغبة العربيبة ،جامعبة أم القرى،
الجزء الول ص .399
.7أنظر :علي أحمد مدكور :تدريس فنون اللغة العربية ،الطبعة الشرعية
الثالثة ،دار الفكر العربي1423،هب،2002،ص .287
.13سعود بن حميد السبيعي "نحو نظرية إسلمية للغة" في مجلة جامعة أم
القرى للعلوم التربويبة والجتماعيبة والنسبانية ،العدد الثانبي ،المجلد
عشر ،ربيع 121هب ،يوليو 2000م.20-5،
.15نبيبل علي" :وراثبة اللغبة ولغبة الوراثبة" فبي الكتبب وجهات نظبر،
القاهرة ،دار الشروق ،العدد( ،)27أبريل 2001م ،ص .26
.16أح مد م ستجير "الجينوم :قراءة في سفر الن سان" ،في الك تب وجهات
نظر ،القاهرة ،دار الشروق ،العدد ( ،)18يوليو 2000م ،ص .14
.18نبيل علي" :وراثة اللغة ولغة الوراثة" مرجع سابق ،ص .26
143
.19عبدالقاهر الجرجاني ،دلئل العجاز ،مرجع سابق ،ص44.
.21د.هبب .روبنبز :موجبز تاريبخ علم اللغبة ،عالم المعرفبة رقبم ،227
الكويبت .المجلس الوطنبي للثقافبة والفنون والداب ،الكويبت رجبب
1418هب ،نوفمبر 1997م ص 321 -318وانظر أيضا نبيل علي:
"وراثة اللغة ولغة الوراثة" ،مرجع سابق ،ص .22
.25أن ظر :علي أح مد مدكور :تدر يس فنون الل غة العرب ية ،مر جع سابق،
الفصل الخامس بتدريس النحو.
.26ابن خلدون :مقدمة ابن خلدون ،بيروت ،لبنان ،دار القلم ،ط ، 1978 ،1
ص546:
144
.32مح مد عب يد :في الل غة ودرا ستها ،القاهرة ،عالم الك تب ،1974 ،ص
55وما بعدها.
.33رشدي أح مد طعي مه :المر جع في تعل يم العرب ية ،مر جع سابق ،ص
.360
145