You are on page 1of 28

‫التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية‪:‬‬

‫تقنية جديدة لتقويم فاعلية التدخلت المهنية‬


‫في الممارسة المهنية للخدمة الجتماعية‬

‫الستاذ الدكتور‪ /‬سامي عبد العزيز الدامغ‬


‫أستاذ الخدمة الجتماعية‬
‫قسم الدراسات الجتماعية ‪ -‬جامعة الملك سعود‬

‫التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية‪:‬‬


‫تقنية جديدة لتقويم فاعلية التدخلت المهنية‬
‫في الممارسة المهنية للخدمة الجتماعية‬

‫مقدمة‬
‫الهدف الرئيس لممارسة خدمة الفرد هو حل مشكلت العميل أو التقليل من حدتها‬
‫وآثارها باستخدام أفضل الطرق المهنية وبأقصر وقت ممكن وبدون أن يؤدي ذلك إلى حدوث‬
‫مشكلت أخرى للعميل‪ .‬ولعل أفضل طريقة للتأكد من فاعلية الممارسة المهنية مع العميل هي‬
‫استخدام تقنية منهجية علمية موضوعية قابلة للتطبيق وإعادة التطبيق من قبل ممارسين‬
‫آخرين‪ .‬وحتى وقت قريب ‪-‬نسبيا‪ -‬لم تكن هذه التقنية متاحة للخصائيين الجتماعيين إل‬
‫باستخدام المنهج التجريبي التقليدي الذي يعتمد على تصميمات تنطوي على مجموعات‬
‫تجريبية ومجموعات ضابطة‪.‬‬
‫ولكن استخدام المنهج التجريبي التقليدي واللجوء إلى المجموعات التجريبية‬
‫والضابطة للتحقق من فاعلية التدخل المهني والممارسة المهنية ينطوي على العديد من‬
‫المشكلت‪ ،‬فالمشكلة الولى تكمن في أن تكوين مجموعة تجريبية يتطلب وجود مجموعة من‬
‫الفراد في نفس الوقت يعانون من نفس المشكلة ويتقدمون لنفس المؤسسة الجتماعية ويتم‬
‫معالجتهم أو تقديم المساعدة المهنية لهم عن طريق نفس الخصائي الجتماعي‪ .‬وحيث أن‬
‫مثل هذا المطلب يصعب تحقيقه دائما في ممارسة خدمة الفرد‪ ،‬فالفراد يأتون في أوقات‬
‫مختلفة وقد ل يعانون من نفس المشكلة كما أن الخصائي الجتماعي المعـالج له طاقة‬
‫معينة في العمل ل يستطيع تجاوزها حتى لو رغب في ذلك‪.‬‬
‫أما المشكلة الثانية فهي مشكلة تتعلق بأخلقيات البحث وأخلقيات المهنة‪ ،‬فاستخدام‬
‫مجموعة ضابطة يعني من الناحية المنهجية أن أفراد المجموعة الضابطة يماثلون أفراد‬
‫المجموعة التجريبية في كل شيء حتى المشكلة التي يعانون منها ومع ذلك ل يقدم لها علج‬
‫أو تدخل مهني وذلك بهدف التحقق من فاعلية التدخل المهني المقدم للمجموعة التجريبية‪.‬‬
‫وهذا يتعارض مع فلسفة مهنة الخدمة الجتماعية التي تنادي بضرورة إيقاف اللم التي‬
‫يعاني منها الفراد بأسرع وقت ممكن (الصادي وعجوبة‪.)1983 ،‬‬
‫وفي ضوء ما تقدم يمكن تحديد مشكلة البحث في "كيفية التحقق من فاعلية الممارسة‬
‫المهنية في خدمة الفرد بطريقة عملية وبدون الوقوع في مشكلت منهجية أو أخلقية بحثية‬
‫أو مهنية"‪.‬‬
‫وحيث أن الخدمة الجتماعية مهنة متجددة وتسعى دائما لتطوير أدائها‪ ،‬فلقد‬
‫استفادت من التقنية المنهجية المتاحة في العلوم الخرى وخاصة علم النفس‪ ،‬حيث بدأت‬
‫المهنة في منتصف السبعينيات الميلدية تقريبا في الغرب بتوظيف التصميمات التجريبية مع‬
‫الحالت الفردية وذلك بهدف التحقق من فاعلية الممارسة المهنية وبدن اللجوء لمجموعات‬
‫تجريبية أو ضابطة‪.‬‬
‫ويهدف هذا البحث لعرض هذه التقنية المنهجية الجديدة بطريقة نقدية وتحديد مدى‬
‫إمكانية الستفادة منها في الممارسة المهنية لخدمة الفرد‪.‬‬
‫وسيحاول الباحث من خلل عرضه لهذه التصميمات الجابة على التساؤلت التالية‪:‬‬
‫هل تساعد التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية على تقويم فاعلية الممارسة‬ ‫‪.1‬‬
‫المهنية في الخدمة الجتماعية بطريقة عملية؟‬
‫هل تخلو التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية من مشكلت منهجية؟‬ ‫‪.2‬‬
‫هل تخلو التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية من مشكلت أخلقية بحثية؟‬ ‫‪.3‬‬
‫هل يمكن الستفادة من التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية في الممارسة‬ ‫‪.4‬‬

‫‪2‬‬
‫المهنية لخدمة الفرد؟‬
‫وسيتبع الباحث المنهج الوصفي في تقديمه للتصميمات التجريبية مع الحالت‬
‫الفردية‪ ،‬وسيعتمد في ذلك على مسح للمراجع والدبيات الخاصة بالموضوع‪.‬‬

‫التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية‬

‫تعرف التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية على أنها "تكرار جميع البيانات‬
‫والمعلومات عبر الوقت عن نسق مفرد سواء كان هذا النسق فردا أو عائلة أو مجموعة من‬
‫الشخاص أو منظمة أو حتى مجتمعا صغيرا" ( ‪.) Bloom & Fischer, 1982:8‬‬
‫وتوفر التصميمات التجريبية مع الحالت الفرديـة طريقة علمية منظمة لجمع‬
‫وعرض وتحليل البيانات‪ ،‬وتعتمد هذه التصميمات على التدخـل المهني المخطط له من‬
‫البداية إلى النهاية‪ ،‬والذي يهدف إلى إحداث تغيير مقصود في مشكلـة أو سلوك العميل‪،‬‬
‫وتؤدي التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية وظيفة أساسية على صعيدي الممـارسة‬
‫والبحث في الخدمة الجتماعية‪ ،‬فخصائص هذه التصميمات تجعلها قابلة للستخدام من قبل‬
‫الخصـائي الجتماعي الذي يقوم بممارسة الخدمة الجتماعية‪ ،‬وكذلك من قبل الباحث (‬
‫‪.) Polster & Lynch, 1985:389‬‬
‫ولعل أهم ما يميز التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية عن غيرها من‬
‫تصميمات البحث التجريبية الحقيقية هو تكرار تطبيق المقياس ‪ repeated measures‬خـلل‬
‫فترة زمنية معينة‪ ،‬فالخصائي الجتماعي يقوم بتطبيـق المقياس المراد تطبيقـه على‬
‫مرحلتين متصلتين‪ ،‬مرحلـة الخـط القـاعدي ومرحلـة التدخل المهني (‪Hayes,‬‬
‫‪ .)1981:195; Nelson, 1981:31‬ويفضل أن يبدأ القياس في مرحلة مبكرة بقدر المستطاع‪،‬‬
‫كما يفضل استخدام أكثر من مقيـاس متى كان ذلك متاحا حتى تزداد مصداقية البحث‪،‬‬
‫وتلعب خبرة الخصائي الجتماعي دورا كبيرا في إمكانية تكوين تصور ملئم للمشكلة قبل‬
‫نهاية المقابلة الولى‪ .‬وحين بدء القياس من المقابلة الولى فإنه مع نهاية الفترة الطبيعية‬
‫التي تستغرقها عملية التشخيص‪ ،‬سوف يكون الخصائي قد حصل على خط قاعدي أو قياس‬
‫للمشكلة أو السلوك المراد تغييره أو تعديله‪ ،‬وبصفة عامة فإن إجراء القياس في مرحلة‬
‫مبكرة يساعد الخصائي الجتماعي في التأكد من الفروض التشخيصية‪ ،‬ومن ثم التوصل إلى‬
‫التشخيص النهائي (‪.)Hayes, 1981:195‬‬
‫ويمكن تصنيف التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية على أنها تصميمات بحث‬
‫شبه تجريبية ‪ quasi-exprimental designs‬وذلك بناء على المفاهيم والمحددات التي‬
‫وضعها كامبل واستانلي (‪ .) Campbell & Stanley, 1963‬حيث أستخدم في بناء هذه‬

‫‪3‬‬
‫التصميمات المنطق نفسه المستخدم في بناء تصميمات البحث التجريبية الحقيقية‪ ،‬إل أنها‬
‫تفتقر إلى وجود المجموعة الضابطـة ‪ control group‬والتوزيع العشوائي ‪randomization‬‬
‫لفراد العينة (‪ .)Rucdeschel & Farris, 1981:413‬فالتصميمات التجريبية مع الحالت‬
‫الفردية تعمل على إيضاح العلقات الوظيفية بين المتغير المستقل والمتغير التابع ‪ ،‬شأنها في‬
‫ذلك شأن تصميمات البحث التجريبية الحقيقية‪ ،‬فل يختلف المنطق التجريبي الذي تستند عليه‬
‫التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية وتصميمات البحث التجريبية الحقيقية‪ ،‬إذ إن كل‬
‫منهما يشتمل على تحديد أثر التدخل المهني عن طريق مقارنة قيمة المتغير التابع في ظروف‬
‫تجريبية مختلفة‪ ،‬ويتم ذلك في تصميمات البحث التجريبية بتعريض المجموعة الضابطة‬
‫والمجموعة التجريبية لظروف تجريبية متماثلة عدا المتغير المستقل والذي يتم حجبه عن‬
‫المجموعة الضابطة‪ ،‬أما في التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية فيكون ذلك بتعريض‬
‫نسق العميل لظروف تجريبية مختلفة (مرحلة الخط القاعدي ومرحلة التدخل المهني) وعلى‬
‫نحو متتابع‪ ،‬وتشترك التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية مع منهج دراسة الحالة‬
‫‪( Case study method‬أحد مناهج طرق البحث الكيفية) في التركيز على دراسة الحالة بعمق‬
‫وعدم قابلية نتائجهما للتعميم لصغر حجم العينة المستخدمة‪ ،‬وإن كانت التصميمات التجريبية‬
‫مع الحالت الفردية تتفوق على منهج دراسة الحالة في كونها تستخدم بغرض التقويم (تقويم‬
‫فاعلية التدخل المهني)‪ .‬فالتصميمات التجريبية مع الحالت الفردية مبنية على المنطق‬
‫التجريبي‪ ،‬أما منهج دراسة الحالة فل يقدم سوى وصف للمتغير التابع موضع الدراسة‪.‬‬
‫ومهما كانت درجة شمولية الوصف فإنه ل يقدم إيضاحا للضبط التجريبي‪ .‬وبمعنى أخر‪،‬‬
‫يفتقر منهج دراسة الحـالة إلى الساس والمنطق التجريبي اللزم لعزو التغيير الذي حدث‬
‫في المتغير التـابع للتدخل المهـني المستخدم (المتغير المستقل )‪ ،‬وكذلك تشترك‬
‫التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية في عملية تكرار القياس مع تصميمات السلسل‬
‫الزمنية ‪ ، time series desiqns‬إذ يتم في تصميمات السلسل الزمنية تكرار قياس المتغير‬
‫التابع قبل وبعد التدخل المهني‪ .‬ولما كانت تصميمات السلسل الزمنية ل تقدم فكرة عن مدى‬
‫فاعلية التدخل المهني أثناء حدوثه‪ ،‬كان هناك حاجة لوجود تصميمات تساعد على معرفة ما‬
‫يحدث خلل مرحلة التدخل المهني ‪ ،‬ومن هنا كانت التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية‬
‫نقطة انطلق من تصميمات السلسل الزمنية‪ ،‬إذ يتم في التصميمات التجريبية مع الحالت‬
‫الفردية تكرار قياس المتغير التابع قبل التدخل المهني وفي أثنائه وأحيانا بعده (تبعا لنوع‬
‫التصميــــم المستخدم) (الدامغ‪.)1996 ،‬‬
‫وتشترك تصميمات البحث التجريبية الحقيقية مع تصميمات السلسل الزمنية في‬
‫خاصية عدم إمكانية إحداث تغيير أو تعديل في التدخل المهني حتى يتم النتهاء منه تماما‪،‬‬

‫‪4‬‬
‫أما التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية فتمكن الممارس المهني من إحداث تغيير أو‬
‫تعديل في التدخل المهني‪ ،‬أو حتى إيقافه واستبداله بآخر متى ثبت عدم فعاليته (الدامغ‪،‬‬
‫‪.)1996‬‬

‫خطوات ومراحل تطبيق التصميمات التجريبية مع‬


‫الحالت الفردية‬

‫الخطوة الولى‪ :‬تحديد المشكلة التي يعاني منها‬


‫العميل‪:‬‬
‫أول خطوات استخدام التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية هي تحديد المشكلة‬
‫التي يعاني منها العميل‪ ،‬حيث يقوم الخصائي الجتماعي بالتحديد الدقيق للمشكلة أو السلوك‬
‫المراد تغييره أو تعديله‪ ،‬والذي يتمثل في اتجاهات العميل‪ ،‬أو مشاعره واستجاباته‪ ،‬أو‬
‫أفكاره ومعتقداته‪ ،‬أو ظروفه البيئية‪ ،‬أو أي من العوامل السابقة مجتمعة (& ‪Bloom‬‬
‫‪ .)Fischer, `1982:54-56‬إذ إن غموض الموقف وعدم تحديده بدقة‪ ،‬يعد من أهم المعوقات‬
‫لتحديد التدخل المهني الملئم وتعيين أبعاده وتقنياته وأهدافه‪.‬‬
‫ومن الضرورة بمكان أن يكون تحديد المشكلة دقيقا بما فيه الكفاية مما يسمح‬
‫بقياسها مباشرة أو قياس مؤشرات تدل عليها‪ ،‬حيث أن المشكلة التي ل يتم تحديدها بشكل‬
‫دقيق وواضح‪ ،‬يصعب التعامل معها وتحديد التدخـل المهني المناسب لها وبالتالي قياس‬
‫مدى فاعلية التدخل المهني معها‪.‬‬

‫الخطوة الثانية‪ :‬إعداد المقياس‪:‬‬


‫تعرف عمليـة القيـاس عـادة بأنها الجراءات التي عن طريقهـا يجري إعطاء‬
‫قيم معينـة أو علمات معينة للشياء تبعا لمجموعة من الضوابط والنظم التي تحكمها‪،‬‬
‫وهذه القيـم أو العلمات قد تكون أسمـاء أو صفـات (على سبيل المثـال‪ :‬ذكر‪ ،‬أنثى ‪. .‬‬
‫إلخ) أو أرقاما وهي الكثر شيوعـا (على سبيـل المثـال ‪ :‬أوافـق بشدة = ا‪ ،‬أوافق =‬
‫‪ ، 2‬ل أدري = ‪ ، 3‬ل أوافق =‪ ، 4‬ل أوافق على الطلق = ‪Boolm & Fischer, 1982:( )5‬‬
‫‪.)32-33; Tripodi, 1994: 16-18‬‬
‫بعد أن يتم تحديد المشكلة تحديدا دقيقا واضحا‪ ،‬يتم تحديد المقياس المناسب للمشكلة‬
‫التي يعاني منها العميل‪ .‬ويفضل استخدام المقاييس المقننة التي سبق إعدادها والتي تتميز‬
‫بدرجة مطمئنة من الصدق والثبـات‪ .‬وفي حالة تعذر وجود مقياس مقنن يقيس المشكلة‬
‫التي يعاني منها العميل‪ ،‬يمكن للخصائي الجتماعـي بناء مقياس يتناسب مع مشكلة العميل‬
‫(‪.)Bloom, Fischer & Orme, 1995‬‬

‫‪5‬‬
‫وبناء المقياس ليس بالعملية السهلة في أي حـال من الحـوال‪ ،‬بل يجرى عن‬
‫طريق خطـوات معقـدة وحسـاسـة ل يتسع المجـال لذكرهـا في هذا البحث‪ ،‬إل أنه‬
‫يجب التنبيـه عند بنـاء المقيـاس إلى أنه يتميز بالصـدق والثبات إلى درجة مطمئنة (‬
‫‪.)Tawney & Gast, 1984:88-89‬‬

‫الخطوة الثالثة‪ :‬بناء الخط القاعدي ‪: Baseline‬‬


‫الخط القاعدي هو تكوين فكرة ثابتة وواضحة عن المشكلة التي يعاني منها العميل‪،‬‬
‫حيث يقوم الخصائي بقياس أبعاد الموقف الشكالي أو السلوك المراد تغييره أو تعديله‬
‫والذي يعد بمثابة المتغير التابع دون إحداث تدخل مهني أو تقديم مساعدة للعميل‪ ،‬ويتعين أن‬
‫يكون القياس بصورة متكررة ودورية ولفترة من الزمن تختلف حسب طبيعة المشكلة‪ ،‬بهدف‬
‫التأكد من ثبـات ذلك المتغير‪ ،‬بمعنى التأكد من أن الموقف الشكالي أو السلوك المراد‬
‫تغييره أو تعديله يمثل الواقع الفعلي الذي يتفق العميل مع الخصائي على أهمية إخضاعه‬
‫للتغيير المطلوب (الدامغ‪.)1996 ،‬‬

‫الخطوة الرابعة‪ :‬تحديد أهداف التدخل المهني‪:‬‬


‫إن الفرق بين تحديد المشكلة وتحديد الهداف هو الفرق نفسه بين ما هو كائن وبين‬
‫ما يجب أن يكون‪ ،‬وكما سبق أن ذكرنا‪ ،‬فإن التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية‬
‫بالضافة إلى كونها طريقه بحث فهي طريقة ممارسة في الخدمة الجتماعية‪ ،‬ومن هذا‬
‫المنطلق فإن تحديد الهداف يأخذ طابع الهمية‪ ،‬حيث إن تحديد الهداف يملي على الخصائي‬
‫الجتماعي اختيار الطرق الملئمة للتدخل‪ ،‬وتحديد تقنيات الممارسة وأساليبها التي تحقق‬
‫الهداف المبتغاة (‪.) Nelson, 1984:5‬‬

‫الخطوة الخامسة‪ :‬التعريف الدقيق للتدخل المهني‪:‬‬


‫بعد تحديد المشكلـة وتعريفها تعريفا دقيقا والتأكد من ثباتها من خلل عملية القياس‬
‫التي يقوم بها الخصائي الجتماعي‪ ،‬يتم تحديد التدخل المهني (المتغير المستقل)‪ ،‬وتعريفه‬
‫تعريفا إجرائيا دقيقا وواضحا‪ ،‬بمعنى اختيار النماذج أو السـاليب التي سوف تستخدم في‬
‫التعـامل مع الموقف الذي يكوّن المشكلة – أو السلوك المحدد الذي جرى التفاق على‬
‫تغييره أو تعديله – والتي يجب أن تتسق مع نوعية التعديل أو التغيير المراد تحقيقه حسب‬
‫الهداف التي سبق تحديدها (‪ )Gambrill & Barth, 1980: 16: nelson, 1985:3‬ويرجع ذلك‬
‫لسببين‪ ،‬أولهما‪ :‬أنه إذا لم يجر تعريف التدخل المهني تعريفا دقيقا واضحا فلن يكون‬
‫باستطاعة الخرين من ممارسين أو باحثين إعادة استخدام التدخل المهني نفسه مع عملء‬
‫آخرين مما يفقد القيمة البحثية للتصميمـات التجريبية مع الحالت الفردية أو أي طريقة‬

‫‪6‬‬
‫بحث أخرى‪ ،‬وثانيهما‪ :‬أنه بدون التعريف الواضح الدقيق للتدخـل المهني لن يكون‬
‫باستطاعة الممارس المهني تقديم نتيجة جازمة لمدى فاعلية تدخله المهني (& ‪Polster‬‬
‫‪.)Lynch, 1985:387‬‬

‫الخطوة السادسة‪ :‬التدخل المهني ‪:Intervention‬‬


‫بعد أن يتأكد الخصائي الجتماعي من ثبات المتغير التابع إلى درجة تسمح بملحظة‬
‫أي تغيير قد يطرأ عليه‪ ،‬يقوم الخصائي الجتماعي بالتدخل مهنيا مع العميل وتقديم عملية‬
‫المساعدة‪ .‬والتدخل المهني هو كل ما يعمله الخصائي الجتماعي أو يقوله أو يقدمه للعميل‬
‫بهدف حل المشكلة التي يعاني منها أو التقليل من حدتها وآثارها السلبية عليه‪ .‬وتستمر‬
‫عملية قياس المشكلة (المتغير التابع) خلل فترة تقديم التدخل المهني بالطريقة الدورية‬
‫نفسها التي جرى إتباعها في مرحلة الخط القاعدي‪.‬‬

‫الخطوة السابعة‪ :‬التمثيل البياني‪:‬‬


‫يعد التمثل البياني أحد خصائص التصميمـات التجريبية مع الحالت الفردية‪ .‬ول‬
‫يتطلب التمثيل البياني للتصميمات التجريبية مع الحالت الفردية أكثر من ورقـة واحدة‬
‫يرسم فيها التصميم المستخدم (أنظر الشكال رقم (‪ )1‬و (‪ )2‬و (‪ )3‬و (‪ )4‬و (‪ )5‬و (‪،))6‬‬
‫وبعدها يقوم الخصائي الجتماعي بتسجيل القياس وتمثيله بيانيا في الحال بعد كل مقابلة مع‬
‫العميل بدأً من مرحلة الخط القاعدي وحتى يكتمل التدخل المهني‪ ،‬ويحقق التمثيل البياني‬
‫هدفين‪ ،‬أولهما‪ :‬يسهل على الخصائي القائم بالتدخل المهني سرعة استرجاع المعلومات‬
‫الخاصة بالعميل‪ ،‬والتي يحتاجها قبل البدء بأي مقابلة جديدة مع العميل‪ ،‬فكل ما يحتاجه‬
‫الخصائي الجتماعي هو النظر إلى الرسـم البياني ليعرف حالة العميل‪ .‬وثانيهما‪ :‬يسهل‬
‫التمثيل البياني عملية الشراف على الخصائيين الجتماعيين في المؤسسات خصوصا تلك‬
‫التي يوجد بها عدد كبير من الخصائيين وكل يعمل مع مجموعـة من الحالت‪ ،‬فمن‬
‫الصعوبة على مدير المؤسسة أو المشرف على الخصائيين الجتماعيين متابعة كل حالة على‬
‫حدة‪ ،‬وقراءة ملف كل حـالة‪ ،‬أو حتى مقابلة جميع الخصائيين الجتماعيين لسؤالهم عن‬
‫الحالت التي يعملون معها‪ ،‬ولكن بإمكانه وبسهولة الحصول على رسـم بيـاني عن كل‬
‫حالة ل يحتاج معها إل إلى إلقاء نظرة واحدة ليعرف آخر ما وصلت إليه حالة العميل‪.‬‬

‫الخطوة الثامنة‪ :‬تحليل البيانات‪:‬‬

‫‪7‬‬
‫يتم تحليل البيانات في التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية بالنظر المباشر‬
‫لنتائج القياس التي تم تمثيلها بيانيا (‪ .)Bloom, Fischer & Orme, 1995‬ويأخذ تحليل‬
‫البيـانات شكلين رئيسين‪ ،‬أولهما‪ :‬خلل فترة التدخل المهني نفسها‪ ،‬فخلفا لتصميمات‬
‫البحث التجريبية الحقيقية والتي يضطر معها الباحث أو الممارس إلى النتهاء من تدخله‬
‫المهني حتى يستطيع أن يقوم مدى فعاليته مع العميل‪ ،‬تمكن التصميمات التجريبية مع‬
‫الحالت الفردية الممارس أو الباحث من متابعة التدخل المهني وتقويمه في الحال‪ .‬أما الشكل‬
‫الثاني فيتم بعد انتهاء عملية التدخل المهني‪ ،‬حيث يتم التعرف على مدى التحسن العام على‬
‫حالة العميل وتحديد مدى استفادته أو عدمها من التدخل المهني المستخدم معه‪.‬‬

‫وكما هو ملحظ‪ ،‬فإن الخطوات والمراحل آنفة الذكر متسقة تماما مع عمليات خدمة‬
‫الفرد (الدراسة والتشخيص والعلج)‪ ،‬حيث ل يتم تقديم التدخل المهني في التصميمات‬
‫التجريبية مع الحالت الفردية إل بعد دراسة المشكلة وتحديدها وتحديد التدخل المهني‬
‫وتقنياته وأهدافه‪.‬‬

‫أنواع التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية‬

‫تتكون التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية من عنصرين رئيسين هما الخط‬


‫القاعدي والتدخل المهني‪ ،‬حيث يجري في مرحلة الخط القاعدي‪ ،‬كما ذكرنا سابقا‪ ،‬قياس‬
‫المتغير التابع قبل بدء التدخل المهني‪ ،‬ويجري في مرحلة التدخل المهني قياس المتغير التابع‬
‫في أثناء التدخل المهني‪ .‬ومن هذين العنصرين يمكن بناء العديد من التصميمات التي تتفاوت‬
‫في قوتها والهدف من استخدامها وطريقة استخدامها ومزاياها وعيوبها‪ .‬ويستخدم في‬
‫التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية الحرف(أ) ليرمز لمرحلة الخط القـاعدي‪،‬‬
‫ويستخدم الحرف (ب) ليرمز لمرحلة التدخل المهني‪ ،‬كما يستخدم الحرف (س) ليرمز لمرحلة‬
‫تدخل مهني أخرى (وتستخدم بقية الحروف (د) (هـ) (و)…ألخ‪ ،‬لتدل على تدخلت مهنية‬
‫أخرى كذلك)‪ .‬وفيما يلي عرض لبعض النماذج الممثلة للتصميمات التجريبية مع الحالت‬
‫الفردية‪:‬‬

‫التصميم الول‪ :‬تصميم (أ‪-‬ب) ‪:A-B Design‬‬


‫يعد هذا التصميم أساس التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية وأبسطها من‬
‫الناحيتين المنطقية والعملية‪ ،‬إذ يحوي مرحلتين فقط‪ :‬مرحلة الخط القاعدي ومرحلة التدخل‬
‫المهني (انظر شكل رقم ا)‪ ،‬ويرتكز هذا التصميم على افتراض أن المشكلة الملحظة‬
‫والظروف المحيطة بها أو المسببة لها ثابتة نسبيا‪ ،‬لذا فإن التغيير الذي قد يلحظ في مرحلة‬

‫‪8‬‬
‫التدخل المهني يمكن أن يعزى للتدخل المهني نفسه‪ ،‬وهذا التصميم من أكثر التصميمات‬
‫شيـوعا واستخداما لكونه يتناسب مع معظم أنواع التدخل المهني التي يستخدمها‬
‫الخصائيون الجتماعيون‪ .‬وينتقد هذا التصميم لكونه ل يعطي الممارس المهني فكرة عن‬
‫وضع العميل بعد مرحلة التدخل المهني وإنهاء العملية العلجية‪ ،‬فمن الممكن أن تعزى‬
‫النتائج الملحظة على مشكلة ‪ /‬سلوك العميل خلل فترة التدخل المهني إلى عوامل أو‬
‫مؤثرات أخرى‪ .‬ومن هذا المنطلق فإن استخدام هذا التصميم ل يمّكن الخصائي الجتماعي‬
‫من الوصول إلى نتيجة قاطعة بشأن تدخله المهني‪ .‬بمعنى أن تدخله المهني هو المؤثر‬
‫الوحيد الذي أثر في سلوك العميل أو مشكلته‪.‬‬

‫شكل رقم ( ‪) 1‬‬


‫تصميم (أ‪-‬ب)‬

‫مرحلة الخط القاعدي‬ ‫مرحلة التدخل المهني‬


‫‪10‬‬ ‫أ‬ ‫ب‬
‫‪9‬‬
‫‪8‬‬
‫‪7‬‬
‫‪6‬‬
‫‪5‬‬
‫‪4‬‬
‫‪3‬‬
‫‪2‬‬
‫‪1‬‬

‫المقابلت مع العميل‬
‫التصميم الثاني‪ :‬تصميم (أ‪-‬ب‪-‬أ) ‪: A-B-A Design‬‬
‫يحوي تصميم (أ‪-‬ب‪-‬أ) مرحلة الخط القاعدي‪ ،‬ومرحلة التدخل المهني ومرحلة‬
‫العودة إلى الخط القاعدي (انظر شكل رقم ‪ ،)2‬والهدف من هذا التصميم هو التأكد أن التغيير‬
‫الملحظ في فترة التدخـل المهني ناجم عن التدخل المهني نفسه وليس لي سبب آخر‪،‬‬
‫ويقوم الخصائي الجتماعي الذي يستخدم هذا التصميم بمقارنة مرحلة التدخل المهني‬
‫بمرحلة الخط القاعدي‪ .‬وجدير بالذكر أن هذا التصميم ل يتناسب مع جميع المشاكل التي‬
‫يتعامل معها الخصائي الجتماعي‪ ،‬ول جميع أنواع التدخل المهني المتاحة للخصائي‬
‫الجتماعي‪ ،‬فقد يعاني العميل من قصور في معرفة أمر ما‪ ،‬وتأخذ طبيعة التدخل المهني‬
‫عملية تبصير العميل وتثقيفه‪ ،‬وعندما يقوم الخصائي الجتماعي بتبصير العميل وتثقيفه‬

‫‪9‬‬
‫فإنه ل يستطيع سحب أو حجب ما قدمه للعميل مرة أخرى‪ ،‬ومن ثمّ فإن فترة العودة إلى‬
‫الخط القاعـدي تكون في الواقع امتدادا لفترة التدخل المهني (‪ .)Thomas, 1978:21‬وقد‬
‫يكون أنسب أنواع التدخل المهني مع تصميم (أ‪-‬ب‪-‬أ) هو اتجاه تعديل السلوك حيث يعتمد‬
‫على (مثير ‪ -‬استجابة)‪ ،‬بحيث يكون التدخـل المهني هو المثير والتغيير المُلحظ في سلوك‬
‫العميل هو الستجابة‪ ،‬وهنا بإمكان الخصائي الجتماعي حجب المثير عن العميل ليتأكد ما‬
‫إذا كانت استجابة العميل مرتبطة بالتدخل المهني فقط وليس لها علقة بعوامل أخرى‪.‬‬
‫ومن النتقادات التي وجهت إلى هذا التصميم أنه يبدأ بمرحلة الخط القاعدي‪ ،‬ومن ثم‬
‫مرحلة التدخل المهني‪ ،‬وينتهي بعودة إلى مرحلة الخط القاعدي‪ ،‬وهذا يعني بطريقة أو‬
‫بأخرى العودة بالعميل من حيث بدأ‪ ،‬أو الوضع الذي كان عليه قبل مرحلة التدخل المهني‪،‬‬
‫وعلى الرغم من أن هذا النتقاد منطقي من الناحية النظرية‪ ،‬فإنه غير متماسك من الناحية‬
‫العملية‪ ،‬حيث إن جميع أنواع التدخل المهني تنتهي في وقت من الوقات‪ ،‬لذا فإن هذا‬
‫التصميم ل يختلف عن تصميم (أ‪-‬ب) إل في كونه يخضع العميل لفترة متابعة بعد التدخل‬
‫المهني وقبل إنهاء العملية العلجية برمتها‪.‬‬
‫شكل رقم ( ‪) 2‬‬
‫تصميم (أ‪-‬ب‪-‬أ)‬
‫مرحلة الخط القاعدي‬ ‫مرحلة التدخل المهني‬ ‫مرحلة العودة للخط القاعدي‬
‫‪10‬‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫أ‬
‫‪9‬‬
‫‪8‬‬
‫‪7‬‬
‫‪6‬‬
‫‪5‬‬
‫‪4‬‬
‫‪3‬‬
‫‪2‬‬
‫‪1‬‬

‫المقابلت مع العميل‬
‫التصميم الثالث‪ :‬تصميم (أ‪-‬ب‪-‬أ‪-‬ب) ‪: A-B-A-B Design‬‬
‫يحوي هذا التصميم أربع مراحل مختلفة‪ ،‬وهي مرحله الخط القاعدي‪ ،‬ومرحلة التدخل‬
‫المهني الول‪ ،‬ومن ثم مرحلـة العودة إلى الخط القاعدي‪ ،‬ويحدث فيها إيقاف التدخل‬
‫المهني‪ .‬وأخيرا مرحلة إعادة التدخل المهني (انظر شكل رقم ‪ ،)3‬وهذا التصميم يعتبر من‬
‫أقوى التصميمـات التجريبية مع الحـالت الفردية فهو يمكن الخصائي الجتماعي من‬
‫الحكـم ‪-‬إلى حد كبير‪ -‬على مدى فاعلية تدخله المهني‪ ،‬فباستطاعة الخصائي الجتماعي‬

‫‪10‬‬
‫أن يتأكد لدرجة كبيرة أن تدخله المهني فعال مع العميل‪ ،‬إذا لحظ أنه في كل مرحلة يقدم‬
‫فيها التدخل المهني يحصـل على نتائج إيجابية‪ ،‬وفي كل مرحلة ل يكون فيها التدخل المهني‬
‫مقدما‪ ،‬تختفي النتائج اليجابية‪ .‬وكما هو ملحظ فإن هذا التصميم يعد امتدادا لتصميم (أ‪-‬‬
‫ب‪-‬أ)‪ ،‬إذ يزيد عليه بمرحلة إعادة التدخل المهني التي ينتهي فيها تصميم (أ‪-‬ب‪-‬أ)‪ ،‬وهذا‬
‫التصميم ينهي العملية العلجية بمرحلة تدخل مهني‪ ،‬وهو بذلك يتحاشى النقد الساسي‬
‫الموجه لتصميم (أ‪-‬ب‪-‬أ)‪.‬‬

‫شكل رقم ( ‪) 3‬‬


‫تصميم (أ‪-‬ب‪-‬أ‪-‬ب)‬

‫مرحلة الخط القاعدي‬ ‫مرحلة التدخل المهني‬ ‫مرحلة إعادة التدخل المهني مرحلة العودة للخط القاعدي‬
‫‪10‬‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫ب‬
‫‪9‬‬
‫‪8‬‬
‫‪7‬‬
‫‪6‬‬
‫‪5‬‬
‫‪4‬‬
‫‪3‬‬
‫‪2‬‬
‫‪1‬‬

‫المقابلت مع العميل‬

‫التصميم الرابع‪ :‬تصميم (ب‪-‬أ‪-‬ب) ‪:B-A-B Design‬‬


‫يحوي هذا التصميم ثلث مراحل‪ :‬مرحلة التدخل المهني‪ ،‬ومرحلـة الخـط‬
‫القـاعدي‪ ،‬ومرحلة إعادة التدخل المهني (انظر شكل رقم ‪ ،)4‬ويختلف هذا التصميـم عن‬
‫غيره من التصميمات اختلفا جذريا‪ ،‬وذلك لكونه يبدأ بمرحلـة التدخل المهني مباشرة‬
‫وبدون المرور بمرحلة الخط القـاعدي‪ ،‬وهذا التصميـم ل يستخـدم في حالت الممارسة‬
‫المهنية العادية‪ ،‬بل يقتصر استخدامه على أوقات الضرورة ‪ ،‬ومع نموذج التدخل في الزمات‬
‫‪ ، crisis intervention‬وكلهما يتطلب إجراء تدخل مهني مباشر مع العميل بدون اللجوء إلى‬
‫مرحلة الخط القاعدي‪ ،‬وبعد تقديم التدخل المهني وتهدئة المشكلة الطارئة التي يعاني منها‬
‫العميل يقوم الخصائي بإيقاف التدخل المهني‪ ،‬ويبدأ مرحلة بناء الخط القاعدي للمشكلة حتى‬
‫يتأكد من ثبات القياس‪ ،‬وأخيرا يقوم الخصائي الجتماعي بإعادة التدخل المهني نفسه‪،‬‬
‫ويعاب على هذا التصميم انه ل يُمكن الخصائي الجتماعي من إعطاء حكم قاطع لتدخله‬

‫‪11‬‬
‫المهني لفتقاده لمرحلة الخط القاعدي‪ ،‬والتي عن طريقها يستطيع الممارس المهني تقويم‬
‫مشكلة سلوك العميل قبل إجراء التدخل المهني‪.‬‬

‫شكل رقم ( ‪) 4‬‬


‫تصميم (ب‪-‬أ‪-‬ب)‬
‫مرحلة التدخل المهني‬ ‫مرحلة الخط القاعدي‬ ‫مرحلة العودة للتدخل المهني‬
‫‪10‬‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫ب‬
‫‪9‬‬
‫‪8‬‬
‫‪7‬‬
‫‪6‬‬
‫‪5‬‬
‫‪4‬‬
‫‪3‬‬
‫‪2‬‬
‫‪1‬‬

‫المقابلت مع العميــل‬

‫التصميم الخامس‪ :‬تصميم (أ‪-‬ب‪-‬س‪-‬د)‪: A-B-C-D Design‬‬


‫يختلف هذا التصميم عن غيره من التصميمات لكونه يحوي نوعين من التدخل‬
‫المهني‪ ،‬فهو يتكون من ثلث مراحل‪ :‬ابتداءً بمرحلـة الخط القاعدي‪ ،‬ومرورا بمرحلة‬
‫التدخل المهني الول‪ ،‬وينتهي بمرحلة التدخل المهني الثاني (انظر شكل رقم ‪ ،)5‬وكما هو‬
‫ملحظ فإن هذا التصميم يعد امتدادا للتصميم الساس (أ‪-‬ب) مع زيادة مراحل تدخل مهني‬
‫أخرى‪ ،‬وهناك العديد من السباب التي قد تجعل الخصائي الجتماعي يفضل استخدام هذا‬
‫التصميم على غيره من التصميمات الخرى‪ ،‬فمن الممكن استخدام هذا التصميم إذا رأى‬
‫الخصائي الجتماعي أن تدخله المهني الول غير ناجح‪ ،‬فقد يقرر استخدام تدخل مهني آخر‪،‬‬
‫والجدير بالذكر أنه من النادر في ممارسـة الخدمة الجتماعية أن يقوم الخصـائي‬
‫الجتماعي باستخدام تدخل مهني واحد فقط‪ ،‬فكثيرا ما يقــوم الخصائي الجتماعي‬
‫باستخدام أكثر من تدخل مهني مع العميل للوصول به إلى الهداف العلجيــــة المنشودة‬
‫( ‪.) Bloom & Fischer, 1982:355‬‬
‫وقد يلجأ الخصائي الجتماعي إلى هذا التصميم إذا احتاج إلى تدريب العميل على‬
‫بعض المهارات التي تساعده على الحفاظ على النتائج اليجابية الناتجة عن مرحلة التدخل‬
‫المهني الول بدون مساعدة الخصائي الجتماعي‪ ،‬وفي هذه الحالة يستخدم الخصائي‬

‫‪12‬‬
‫الجتماعي هذا التصميم ليفصل بين مرحلة التدخل المهني الول وبين التدخل المهني الثاني‬
‫(المهـارات اللزمة للحفاظ على النتائج اليجابية)‪ ،‬وذلك ليستطيع تحديد مدى محافظة‬
‫العميل على نتائج التدخل المهني الول‪.‬‬
‫إل أن هذا التصميم ل يخلو من جوانب نقص‪ ،‬فاستخدام أكثر من تدخل مهني يجعل‬
‫من الصعب على الخصائي الجتماعي الوصول إلى نتيجة حتمية بشأن التدخل المهني‬
‫الثاني‪ ،‬فبمقدور الخصائي الجتماعي ملحظة الفرق بين مرحلة الخط القاعدي ومرحلة‬
‫التدخـل المهني الول ليحدد أثر التدخـل المهني الول على مشكلة سلوك العميل‪ ،‬ولكن‬
‫ليس بمقدوره تحديد أثر التدخـل المهني الثاني على مشكلة سلوك العميل‪ ،‬وذلك لكون‬
‫التدخل المهني الول قد حدث بالفعل‪ ،‬ومن ثم فإن الثر الملحظ في فترة التدخل المهني‬
‫الثاني قد يكون متأثرا بالتدخل المهني الول‪ ،‬إل أنه في حالة ملحظة أثر ثابت في مرحلة‬
‫التدخل المهني الول بغض النظر عما إذا كان هذا الثر سلبيا أو إيجابيا‪ ،‬فإن باستطاعة‬
‫الخصائي الجتمـاعي أن يحصل على دليل على أثر التدخل المهني الثاني على مشكلة‬
‫سلوك العميل‪.‬‬

‫شكل رقم ( ‪) 5‬‬


‫تصميم (أ‪-‬ب‪-‬س‪-‬د)‬
‫مرحلة الخط القاعدي‬ ‫مرحلة التدخل المهني‬ ‫مرحلة التدخل المهني الثالث مرحلة التدخل المهني الثاني‬
‫‪10‬‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫د‬
‫‪9‬‬
‫‪8‬‬
‫‪7‬‬
‫‪6‬‬
‫‪5‬‬
‫‪4‬‬
‫‪3‬‬
‫‪2‬‬
‫‪1‬‬

‫المقابلت مع العميل‬

‫يمثل هذا التصميم طريقة مختلفة لتنفيذ تصميم (أ‪-‬ب) آنف الذكـر‪ ،‬ويختلف عنه‬
‫من حيث أنه يمكن أن يستخدم مع حالت مختلفة في نفس الوقت مع ضرورة استخدام فترات‬
‫زمنية متفاوتة للخط القاعدي بما يسمح بعمل مقارنات منطقية بين الحالت المختلفة (أنظر‬
‫شكل رقم ‪ .)6‬فكما ذكرنا سابقا‪ ،‬فإن أحد عيوب تصميم (أ‪-‬ب) الساسية أنه ل يوفر‬

‫‪13‬‬
‫ضمانات أن التحسن الملحظ في مرحلة التدخل المهني يعود فقط للتدخل المهني المستخدم‪،‬‬
‫وليس لحتمالت أخرى خارج عملية التدخل المهني ومستقلة عنها‪ .‬لذا فإنه عندما يستخدم‬
‫نفس التصميم ونفس التدخـل المهني مع حالت متشابهة ولكن تختلف في طول وقصر فترة‬
‫الخط القاعدي‪ ،‬فإن ذلك كفيلً ‪-‬إلى حد كبير‪ -‬بتقليل النقد الموجه ضد تصميم (أ‪-‬ب)‪ ،‬إذ‬
‫يمكن الحكم بدرجة كبيرة من الثقة على مدى فاعلية التدخل المهني‪ ،‬حيث تقوم كل حالة‬
‫مستقلة مقام العينة الضابطة للخرى‪ ،‬بدون اللجوء عمليـا إلى استخـدام عينـة ضابطة‪،‬‬
‫حيث لم يتم حرمان أي فرد من التدخل المهني‪ .‬لذا فإن ميزة هذا التصميم الساسية أنه يمكن‬
‫من الحكـم على مدى فاعلية التدخل المهني المستخدم بدون اللجوء إلى إيقاف التدخل‬
‫المهني (‪.)Kucera & Axelrod, 1995: 62‬‬

‫شكل رقم ( ‪) 6‬‬


‫التصميم متعدد الخطوط القاعدية‬
‫مرحلة الخط القاعدي‬ ‫مرحلة التدخل المهني‬
‫‪10‬‬ ‫أ‬ ‫ب‬
‫‪9‬‬
‫‪8‬‬
‫‪7‬‬
‫‪6‬‬
‫‪5‬‬
‫‪4‬‬
‫‪3‬‬
‫‪2‬‬
‫‪1‬‬

‫المقابلت مع العميل‬

‫مرحلة الخط القاعدي‬ ‫مرحلة التدخل المهني‬


‫‪10‬‬ ‫أ‬ ‫ب‬
‫‪9‬‬
‫‪8‬‬
‫‪7‬‬
‫‪6‬‬
‫‪5‬‬
‫‪4‬‬
‫‪3‬‬
‫‪2‬‬
‫‪1‬‬

‫المقابلت مع العميل‬

‫‪14‬‬
‫مزايا التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية‬

‫للتصميمات التجريبية مع الحالت الفردية العديد من الخصائص التي تجعلها متفوقة‬


‫على غيرها من تصميمات البحث التجريبية الحقيقية من ناحية وملئمة لطبيعة الخدمة‬
‫الجتماعية من ناحية أخرى‪ ،‬وهذه الخصائص هي‪:‬‬

‫‪ -1‬ملءمتها للمشاكل التي تتعامل معها الخدمة‬


‫الجتماعية‪:‬‬
‫إن التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية تسمح للخصائي الجتماعي الممارس‬
‫بالعمل مع العملء كل على حدة‪ ،‬وحسب ظروف العميل‪ ،‬وبالتالي وضع خطة علجية تكون‬
‫ملئمة لطبيعة المشكلة التي يعاني منها العميل(‪ ،)Barth, 1981:20‬وكثيرا ما يعاب على‬
‫المنهج الكمي ‪ ،‬والذي تندرج تحته تصميمات البحث التجريبية الحقيقية‪ ،‬أنه يهدر الفروق‬
‫الفردية‪ ،‬حيث يتم التعامل مع العملء من حيث هم جماعات وليسوا أفرادا لهم طبيعتهم‬
‫وظروفهم ومشاكلهم الخاصة‪ ،‬والتي غالبا ما تكون متباينة ‪ ،‬لذا فإن استخدام التصميمات‬
‫التجريبية مع الحالت الفردية كفيل بتلفي هذه المشكلة الكامنة في تصميمات البحث‬
‫التجريبية الحقيقية (‪.)Fischer, 1981:201;Levy,1987:591‬‬

‫‪ - 2‬قابليتها للتعديل‪:‬‬
‫إن طبيعة التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية تتطلب جمع البيانات بصفة‬
‫دورية ( يومية ‪ ،‬نصف أسبوعية ‪ ،‬أسبوعية ‪ . .‬إلخ‪ ،.‬حسب طبيعة المشكلة والظروف‬
‫المحيطة بها)‪ ،‬لذا فإن هذه السمة للتصميمـات التجريبية مع الحالت الفردية تجعل من‬
‫السهل على الخصـائي الجتماعي أن يلحظ ما إذا كانت الخطة العلجية المستخدمة مع‬
‫العميل تأتي بنتائج إيجابية أو سلبية‪ ،‬وفي حالة ملحظة النتائج السلبية‪ ،‬ما على الخصائي‬
‫الجتماعي إل عدم الستمرار في الخطة العلجيـة ليمنـع تدهور الحالة‪ ،‬كما أن باستطاعته‬
‫استبدال الخطة العلجية بأخرى ملئمة‪ ،‬أما في حـالة استخـدام تصميمـات البحث‬
‫التقليدية‪ ،‬فإن على الخصائي الجتماعي النتظار حتى نهايـة الخطـة العلجية المرسومة‬
‫تماما ثم جمع البيانات مرة أخرى للتأكد من نتيجة التدخل المهني سلبيـة كانت أو إيجابية (‬
‫‪.)Cross, 1984:276; Fischer, 1981:201;Polster & Lynch, 1985:382‬‬

‫‪ -‬سهولة استخدامها‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪15‬‬
‫جرت العادة على أل يقوم الممارسون المهنيون من الخصائيين الجتماعيين بإجراء‬
‫البحوث‪ ،‬حيث إن ذلك ليس من طبيعة عملهم‪ ،‬ويترك ذلك للباحثين من أساتذة الجامعات‬
‫وطلب الدراسات العليا‪ ،‬هذا المر جعل معظم الدراسات التي تجرى تخدم أهداف الباحثين‬
‫أنفسهم‪ ،‬ول تمت بصلة في معظم الحيان للممارسين أو للعملء‪ ،‬أما في حالة استخدام‬
‫التصميمـات التجريبية مع الحالت الفردية فإن البحث يهدف إلى تقويم التدخل المهني كما‬
‫قد يهدف إلى التأكد من فاعلية تدخل مهني جديد‪ ،‬وكل الهدفين يخدم الممارس المهني‬
‫والعميل في الوقت نفسه‪.‬‬

‫‪ - 4‬توفر نموذج لرساء ممارسة فعالة للعميل‬


‫وللمؤسسة وللمجتمع‪:‬‬
‫إن استخدام التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية من قبل الخصائيين‬
‫الجتماعيين مع عملئهم كفيل ببناء قاعدة معرفية لهم للستفادة منها خلل ممارستهم‬
‫للخدمة الجتماعية‪ ،‬فالتصميمات التجريبية مع الحالت الفردية تسـاعد الخصائي‬
‫الجتماعي على تقويم تدخله المهني بصفة مستمرة في أثناء مرحلة التدخل المهني نفسها‬
‫مما يجعله قادرا على تعديل التدخل المهني أو تغييره تماما إذا لم يحدث التغيير المرغوب‬
‫فيه‪ ،‬وبالتالي الوصول إلى تدخل مهني ناجح مع العميل ‪ ،‬لذا فإن العتماد على التصميمات‬
‫التجريبية مع الحالت الفردية من قبل الخصائيين الجتماعيين كفيل ‪ ،‬إلى حد كبير‪ ،‬بوجود‬
‫ممارسة فعالة للخدمة الجتماعية (‪ .)Briar, 1979:xi; Blythe & Briar, 1985:488‬ومع‬
‫مداومة استخدام هذه التصميمات من قبل الممارسين المهنيين سوف يكون باستطاعتهم‬
‫إرساء قاعدة معرفية فعالة للخدمة الجتماعية كفيلة بقيام المهنة بما هو مناط بها من قبل‬
‫المجتمع‪ ،‬وما هو متوقع منها من قبل عملئها‪.‬‬

‫‪ -‬استغناؤها عن العينة الضابطة‪:‬‬ ‫‪5‬‬


‫خلفا لتصميمات البحث التجريبية الحقيقية والتي تعتمد على المقارنة بين‬
‫المجموعات التجريبية والضابطة‪ ،‬فإن التصميمات التجريبية مع الحـالت الفردية تعتمد‬
‫على نسـق العميل (سواء كان ذلك النسق فردا واحدا‪ ،‬أو مجموعة من الفراد‪ ،‬أو أسرة)‬
‫من حيث هو عينة تجريبية وضابطة في الوقت نفسه‪ ،‬ويتم ذلك عن طريق مقارنة مرحلة‬
‫التدخل المهني مع مرحلة الخط القاعدي لنسق العميل نفسه‪ ،‬وهنا تبرز قوة التصميمات‬
‫التجريبية مع الحالت الفردية حيث إنها توفر تغذية عكسية مستمرة للخصائي الجتماعي‬
‫عن سير التدخل المهني خلل مرحلة التدخل المهني نفسها ممـا يجعله قادرا على تغيير أو‬
‫تعديل التدخل المهني إذا لم يساعد على تحقيق الهدف المنشـود‪ ،‬كما أن هذه الخاصية‬

‫‪16‬‬
‫للتصميمات التجريبية مع الحالت الفردية تجعل الخصائي الجتماعي غنيا عن استخدام عينة‬
‫ضابطة للتأكد من نتيجة تدخله المهني خاصة وأن العينة الضابطة ل تتوافر دائما في حقل‬
‫الخدمة الجتماعية‪ ،‬كما أن هذه الخاصية تجعل الخصائي الجتماعي يتحاشى (كما سنتناول‬
‫ذلك بالتفصيل لحقا) المشكلة الخلقية البحثية‪ ،‬والتي تنتج عن استخدام عينة ضابطة ل‬
‫يقدم لها تدخل مهني‪.‬‬
‫العينة في التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية هي عبارة عن نسق العميل‪،‬‬
‫سواء كان ذلك النسق فردا واحدا أو أسرة أو مجموعة من الفراد تشكل فيما بينها نسقا‪،‬‬
‫وهذه الخاصية الموجودة في التصميمات التجريبية مع الحـالت الفردية تمثل تغيرا جذريا‬
‫في مفاهيم البحث السائدة في المنهج الكمي‪ ،‬فقبل ظهور التصميمات التجريبية مع الحالت‬
‫الفردية كان المنهج الكيفي يتفوق على المنهج الكمي من حيث قدرته على دراسة حالة‬
‫واحدة فقط‪ ،‬وهو ما يسمى بمنهج دراسة الحالة‪ ،‬أما بعد ظهور هذه التصميمـات فمن‬
‫الممكن دراسة حالة واحدة فقط باستخدام المنهج الكمي‪ ،‬وهنا يراعى أنه في حالة استخدام‬
‫التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية مع مجموعة من الفراد أو جماعة‪ ،‬يقوم‬
‫الخصائي بحساب الوسط الحسابي لستجابات الفراد على المقياس ليحصل على استجابة‬
‫الجماعة (‪.) Polster & Lynch, 1985:383‬‬

‫‪ - 6‬تحاشيها للمشكلة الخلقية البحثية الناتجة عن‬


‫استخدام العينة الضابطة‪:‬‬
‫إحدى المشكلت المصاحبة لتصميمات البحث التجريبية الحقيقية التي تعتمد على‬
‫المقارنة بين المجموعات التجريبية والضابطة هي المشكلة الخلقية البحثية‪ ،‬والناتجة عن‬
‫استخدام عينة ضابطة ل يقدم لها تدخـل مهني (‪Bloom & Fischer, 1982:13; Fischer,‬‬
‫‪ .)1981: 199 - 200‬فمن الناحية المنطقية يجب أن تماثل العينة الضابطة العينة التجريبية‬
‫تماما حتى يمكن‪ ،‬إلى حد كبير‪ ،‬الجزم بنتيجة ما‪ ،‬فإذا كانت العينة التجريبية تعاني من‬
‫مشكلة ما‪ ،‬يجب أن تكون المشكلة نفسها موجودة عند العينة الضابطة‪ ،‬لذا فإن تقديم تدخل‬
‫مهني (عملية المساعدة) للعينة التجريبية فقط يثير بعض التساؤلت المهمة‪ ،‬وعلى سبيل‬
‫المثال‪ :‬ما المصلحة التي جناها أفراد العينة الضابطة؟ هل يجـوز حجب عملية المساعدة‬
‫عن أفراد العينة الضابطة رغم أن حاجتهم لها مثل حاجة أفراد العينة التجريبية؟‬
‫وتبرز أهمية هذه التساؤلت في ضوء فلسفة الخدمة الجتماعية‪ ،‬والتي تقوم على‬
‫احترام كرامة النسان‪ ،‬وعلى تقديم المساعدة لمن يحتاجها من أفراد المجتمع‪ ،‬أما‬
‫التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية فتتحاشى هذه المشكلة الخلقية حيث يقوم نسق‬
‫العميل بدور العينة الضابطة والعينة التجريبية مما يجعلها ملئمة لطبيعة المهنة وفلسفتها‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ -7‬إيجاد الممارس‪-‬الباحث‪:‬‬
‫يمكن للمتتبع لدبيات الخدمة الجتماعية أن يلحظ بيسر أن الكتابات تشير إلى وجود‬
‫فجوة بين الممارسين المهنيين للخدمة الجتماعية والباحثين في تخصص الخدمة الجتماعية‬
‫(الدامغ‪ :1996 ،‬البريثن‪Bloom & Fischer, 1982: Bloom, Fisher & Orme, :1998 ،‬‬
‫‪ .)1995: Cowger & Kagle, 1980: Fischer, 1981: Grinnell & Williams, 1990‬وأسباب‬
‫هذه الفجوة كثيرة‪ ،‬حيث أشـار البعض أن الممارسين المهنيين من الخصائيين الجتماعيين‬
‫ليسوا معدين أساسا لربط البحث بالممـارسة (‪Casselman, 1972; Kirk, 1979; Kirk,‬‬
‫‪ ،)Osmalov & Fischer, 1976‬وأشار آخرون أن الخصـائيين الجتماعيين الممارسين قلما‬
‫يرجعون إلى أدبيـات الخدمة الجتماعية للطلع ولمعرفة الجديد في الحقل (& ‪Penka‬‬
‫‪ .)Kirk, 1991: 513‬وأرجع آخرون أسباب الفجوة إلى أن البحاث والدراسات الميدانية في‬
‫الخدمة الجتماعية ل تقدم للممارس المهني طريقة تطبيق واضحة تمكنه من توظيفها أثناء‬
‫الممارسة المهنية (‪ ،)Cowger & Kagle, 1980‬أو إلى أن ممارسي الخدمة الجتماعية ل‬
‫يستوعبون ول يطبقون نتائج البحاث خلل الممارسة المهنية للخدمة الجتماعية (‪O’Hare,‬‬
‫‪.)1991: 220‬‬
‫وبغض النظر عن أسباب الفجوة القائمة بين الممارسين والباحثين‪ ،‬فإن التصميمات‬
‫التجريبية مع الحالت الفردية تمكن من تجسير الفجوة بين الممارسين والباحثين ووجود‬
‫الممارس‪-‬الباحث‪ .‬فهذه التصميمات وخطواتها تتطلب إتباع إجراءات منهجية وبالتالي‬
‫تتطلب معرفة منهجية‪ ،‬وهي في الوقت نفسه ل يمكن تنفيذها إل عن طريق أخصائي‬
‫اجتماعي ممارس للخدمة الجتماعية‪ ،‬لذا فإن استخدامها كفيل بإيجاد الممارس‪-‬الباحث‪،‬‬
‫وهو ما أشار إليه الكثيرون (الدامغ‪Bloom & Fischer, 1982: Bloom, Fischer :1996 ،‬‬
‫‪.)& Orme, 1995: Fischer, 1981‬‬

‫النتقادات الموجهة لتصميمات التجريبية مع الحالت‬


‫الفردية‬

‫على الرغم من كل ما ذكر من سمات تُميز التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية‬


‫عن غيرهـا من التصميمات التقليدية وملءمتها لطبيعة الخدمة الجتماعية‪ ،‬يبقى هناك‬
‫العديد من النتقادات التي وجهت لها‪ ،‬والتي يمكن حصرها في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ -‬عدم قابليتها للتعميم‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪18‬‬
‫بما أن التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية تطبق غالبا على أعداد قليلة من‬
‫الفراد‪ ،‬فإن النتائـج المتوصل إليها باستخـدام هذه التصميمـات ل يمكن تعميمهـا‬
‫بالدرجة نفسها التي تعمم بها نتائج الدراسات التي تستخدم أعدادا أكثر من الفراد‪ ،‬فحتى‬
‫يمكـن تعميــم نتائــج الدراسـات التي جرى استخدام التصميمات التجريبية مع‬
‫الحـالت الفرديـة فيهـا يجب إعــادة إجرائهـا مع عملء آخريـن‪ ،‬وعن طريق‬
‫ممارسـين مهنيين آخريـن‪ ،‬وفي مؤسســات أخـرى حتى يكـون لهـا مصداقيـة أكثر‬
‫(‪Thomes, 1983: 605; Levy, 1983: 584; Fischer, 1981: 202; Grinnell & Williams,‬‬
‫‪.)1990:254‬‬

‫‪ - 2‬تعذر القياس لبعض الحالت‪:‬‬


‫قد تتطلب المقاييس التي يستخدمها الخصائي الجتماعي مع التصميمات التجريبية‬
‫مع الحالت الفردية أن يقوم العميل بنفسه بتعبئة المقياس المستخدم مما قد يحد من‬
‫استخدامها مع فئات كثيرة من العملء‪ ،‬ومثال على ذلك‪:‬‬
‫الطفال الذين ل يستطيعون القراءة والكتابة‪ ،‬والذين ل تمكنهم قدراتهم العقلية‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫لصغر سنهم‪ ،‬من تقويم المشكلة التي يعانون منها‪.‬‬
‫الميون من البالغين‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫كبار السن الذين ل يستطيعون التركيز بما فيه الكفاية لتعبئة المقياس المستخدم‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫المعاقون الذين تمنعهم إعاقتهم من الكتابة‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫المتخلفون عقليا‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫إل أنه بإمكان الخصائي الجتماعي الذي يتعامل مع الحالت آنفة الذكر أن يتحاشى‬
‫استخدام المقاييس التي تتطلب استجابة العميل ‪ ،‬ويستعيض عن ذلك بمقاييس أخرى يقوم‬
‫الخصائي الجتماعي نفسه بتعبئتها أو ملحظتها‪ ،‬وحتى تخلو المقاييس التي يستخدمها‬
‫الخصائي الجتمـاعي من التحيز‪ ،‬بقدر المكان‪ ،‬يستحسن أن يستعين بأخصائيين‬
‫اجتماعيين آخرين لمراقبة وتسجيل السلوك المراد قياسه(‪.)Denzin, 1989: 134‬‬

‫– استهلكها للجهد والوقت‪:‬‬ ‫‪3‬‬


‫لقد انتقد الكثيرون التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية لكونها تتطلب الكثير‬
‫من الوقت والجهد للقيام بها‪ ،‬وتتضح مصداقية مثل هذا النتقاد في الدول العربية بوجه‬
‫خاص‪ ،‬حيث تمارس الخدمة الجتماعية بصفة شبه كاملة في مؤسسات حكومية‪ ،‬وغالبا ما‬
‫تعاني هذه المؤسسات‪ ،‬بالضافة إلى أشياء أخرى‪ ،‬من قلة عدد الخصائيين الجتماعيين‬

‫‪19‬‬
‫وكثرة العملء والمستفيدين من الخدمات الجتماعية‪ ،‬ومن هذا المنطلق فإن استخدام‬
‫التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية قد يكون أمرا غير عملي‪.‬‬
‫إل أن مثل هذا المر يطرح سؤالً غاية في الهمية‪ ،‬وهو "هل تهدف الخدمة‬
‫الجتماعية إلى تقديم خدمات كمية أم كيفية؟" فإذا كانت الجابة عن السؤال أن الخدمة‬
‫الجتماعية تهدف إلى تقديم خدمات كمية أي خدمة أكبر عدد ممكن من العملء بغض النظر‬
‫عن نوعية الخدمة وفعاليتها‪ ،‬فإن ذلك سوف يؤدي إلى تقديم خدمات اجتماعية دون‬
‫المستوى المطلوب لعملء الخدمة الجتماعية‪ ،‬أما إذا كانت الجابة أن الهدف هو تقديم‬
‫خدمات كيفية تهتم بنوعية الخدمة وفعاليتها‪ ،‬فإن ذلك لن يأتي بدون صرف الوقت والجهد‪،‬‬
‫وزيادة عدد الخصائيين الجتماعيين في المؤسسات الجتماعية‪.‬‬

‫‪ -‬تقيدها بالمدرسة السلوكية‪:‬‬ ‫‪4‬‬


‫يسود العتقاد بأن طبيعة التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية تتطلب بالضرورة‬
‫أن تكون المشكلة المراد حلها قابلة للقياس‪ ،‬أو أن يكون السلوك المراد تغييره أو تعديله‬
‫ظاهرا بحيث يمكن قياسه‪ ،‬لذا فقد انتقدت التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية لكونها‬
‫مرتبطة بالمدرسة السلوكية‪ ،‬والتي يؤمن أنصارها بالمقولة المشهورة "إذا لم تستطع‬
‫ملحظة المشكلة‪ ،‬فلن تستطيع قياسها‪ ،‬وإذا لم تستطع قياس المشكلة‪ ،‬فلن تستطيع حلها"‪،‬‬
‫لذا فإن استخدام التصميمـات التجريبية مع الحالت الفردية سوف يحد من قدرة الممارس‬
‫المهني في اللجوء إلى أطر نظرية غير المدرسة السلوكية‪ ،‬ومن هذا المنطلق فإن‬
‫التصميمات التجريبية مع الحـالت الفردية ليست بطريقة مثلى لبناء المعرفة في الخدمة‬
‫الجتماعية‪ ،‬وإن قيمة هذه التصميمات تتضاءل مقارنة بمنهج دراسة الحالة (‪Ruckdeschel‬‬
‫‪ .)& Farris, 1981:414‬إل أن هذا النتقاد ليس له أساس من الصحة‪ ،‬ويمثل تحيزا ل‬
‫مسوغ له ضد التصميمـات التجريبية مع الحالت الفردية‪ .‬فالتصميمات التجريبية مع‬
‫الحالت الفردية منهج بحث‪ ،‬والمنهج ل يتبع لنظرية أو اتجاه نظري بذاته‪ ،‬بل هو مستقل‪،‬‬
‫ومن الممكن توظيفه للجابة عن تساؤلت بحثية أو لثبات فرضيات ل تمت للمدرسة‬
‫السلوكية بصلة (‪ .)Hayes, 1981: 194‬وجدير بالذكر أنه ل توجد دراسة علمية واحدة تثبت‬
‫بما ل يدع مجالً للشك أن التصميمـات التجريبية مع الحالت الفردية ل تناسب أي نموذج‬
‫نظري للممارسة في الخدمة الجتماعيـة‪ ،‬بل على العكس‪ ،‬فالذين تخلوا عن تحيزهم أو‬
‫حذرهم وحاولوا إثبات ملءمة التصميمـات التجريبية مع الحالت الفردية مع نماذج ممارسة‬
‫غير المدرسة السلوكية نجحوا في ذلك (‪.) Dean & Reinherz, 1986: 71‬‬

‫‪20‬‬
‫كما أن العتقاد بأن التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية ل تمكن الخصائي من‬
‫التعامل إل مع المشكلت التي يمكن ملحظتها فقط‪ ،‬أو ل تمكنه من التعامل مع العمليات‬
‫العقلية والحاسيس مثل الخـوف والقلق ‪ ،‬قد تعرض للنتقاد‪ ،‬فلقد ثبت أن مثل هذه‬
‫العمليات العقلية والحاسيس يمكن ملحظتها عن طريق سلوك ظاهر يدل عليها (مثل فرقعة‬
‫الصابع وعض الشفتين دليلً على القلق) (‪.) Polster & Lynch, 1985:383‬‬

‫تعليق‬
‫ل تزال التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية تشغل بال الكثيرين في حقل الخدمة‬
‫الجتماعية‪ ،‬فهي كانت ول تزال تحظى بكتابات وافرة في المراجع العلمية‪ ،‬كما أن تطبيقها‬
‫واستخدامها في مجالت ممارسة الخدمة الجتماعية في ازدياد مستمر‪ ،‬والمهتمون بهذه‬
‫التصميمات ينقسمون إلى فئتين‪ :‬الفئة الولى مؤيدة تماما لها‪ ،‬وترى أنها تمثل المل‬
‫بالنسبة للخدمة الجتماعية‪ ،‬وأن وصول الخدمة الجتماعية إلى ممارسة فعالة مثبتة ميدانيا‬
‫سوف ل يتم إل عن طريق التطبيق المستمر لتصميمات التجريبية مع الحالت الفردية‪،‬‬
‫والفئة الثانية معارضة لهذه التصميمات وترى أنها سوف تقود المهنة إلى التدهور عبر‬
‫الوقت‪ ،‬وذلك لنها تمثل لهم عملية انسياق ل مسوغ له خلف الجراءات التي لن تقدم ولن‬
‫تؤخر في مدى فاعلية الخدمة الجتماعية مع عملئها (‪.)Gordon, 1983: 182‬‬
‫ويبدو أن كلتا الفئتين مبالغة في حكمها‪ ،‬فالتصميمات التجريبية مع الحالت الفردية‬
‫ل تمثل ثورة علمية في الخدمة الجتماعية كما ذهب إليه فيشر (‪ ،)Fischer, 1981:200‬كما‬
‫أنها ليست دعوة لتقويض المهنـة أو انسياقا ل مسوغ له خلف الجراءات‪ ،‬فهي كما‬
‫وضحنا سـابقا فيها العديد من جوانب القوة‪ ،‬وكذلك العديد من جوانب الضعف والقصور‪،‬‬
‫كما أن استخدامها يتلءم مع فئة من عملء الخدمة الجتماعية ونوعية من المشكلت التي‬
‫تتعامل معها المهنة‪ ،‬وقد ل يتلءم مع فئة أخرى من العملء أو مع نوعية أخرى من‬
‫المشكلت‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن الخصائيين الجتماعيين دائما مطالبون باستخدام نماذج ممارسة‬
‫فعالة وذات مصداقية عالية ومثبتة ميدانيه عن طريق الممارسة الفعلية لها‪ ،‬فإن مثل هذه‬
‫النماذج لم توجد بعد في الخدمة الجتماعية‪ ،‬وذلك يعود إلى العديد من السباب التي لها‬
‫علقة وثيقة بطبيعة المهنة ذاتها‪ ،‬فالحدود التي تمارس من خللها المهنة ليست معروفة‪،‬‬
‫فهي تمارس تقريبا في كل مجال يحتاج فيه النسان إلى مساعدة اجتماعية أو نفسية (‬
‫‪ .)Trader, 1977:10‬يضاف إلى ذلك أنه ل يوجد في الخدمة الجتماعية إطار نظري موحد‬
‫ينطلق منه جميع المنتمين إلى المهنة (‪ .)Trader, 1977:10‬فهناك العديد من الطر النظرية‬

‫‪21‬‬
‫التي تستند إليها مهنة الخدمة الجتماعية‪ ،‬والتي أتت إليها من العديد من التخصصـات‬
‫وثيقة الصلة بها‪ ،‬وعلى الخص علمي النفس والجتماع‪ ،‬وهذه الطر النظرية ليست‬
‫بالضرورة متناسقة فيما بينها‪ ،‬مما يجعل ممارسة المهنة عرضة للعديد من التجاهات‪ ،‬وذلك‬
‫تبعا لما يؤمن به الممارس المهني من تلك الطر النظريـة‪ ،‬لذا فإن التصميمات التجريبية‬
‫مع الحالت الفردية ل تساعد على زيادة فاعلية الممارسة‪ ،‬إذ تبقى فاعلية الممـارسة‬
‫مرتبطة بنوع التدخل المهني المستخدم‪ ،‬ويقتصر دور التصميمات التجريبية مع الحالت‬
‫الفردية في هذا السياق على التأكد من فاعلية الممارسة‪.‬‬
‫والتصميمات التجريبية مع الحالت الفردية ملئمة تماما لمفهوم الممارس ‪ -‬الباحث‬
‫في الخدمة الجتماعية‪ ،‬وذلك لن استخدامها يتطلب القيام بإجراءات بحثية بالضافة إلى‬
‫خطوات التدخل المهني (‪ ،)Howe,1974:3‬وخلفا لتصميمات البحث التجريبية الحقيقية‪،‬‬
‫والتي تقوم التدخل المهني بعد انتهائه‪ ،‬فإن التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية توفر‬
‫تغذية عكسية مستمرة للتدخل المهني مما يجعل قياس أثر التدخل المهني على المشكلة أو‬
‫السلوك المراد تعديله أو تغييره ممكنا‪ ،‬وبالتالي من الممكن تغيير التدخل المهني‪ ،‬أو إجراء‬
‫تحسينات فيه قبل النتهاء منه تمـاما (‪.)Polster & Lynch, 1985:381‬‬
‫وتلئم التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية طبيعة الخدمة الجتماعية‪ ،‬حيث‬
‫إنها تمكن الخصائي الجتماعي من التعامل مع كل حالة على حدة حسب طبيعة المشكلة التي‬
‫يعاني منها العميل مما يؤدي إلى عدم إهدار للفروق الفردية بين العملء‪ ،‬وبالضافة إلى ذلك‬
‫فإن استخدام هذه التصميمات سوف يقلل من البحوث التي تجرى عن طريق الباحثين الذين‬
‫يزورون المؤسسات لجراء بحوثهم حيث يضايق الباحث ‪ -‬الزائر عملء الخدمة‬
‫الجتماعية‪ ،‬ويولد عندهم الحساس بأنهم أصبحوا حقل تجارب للباحثين‪ ،‬كما يعطيهم‬
‫الحساس بأن سرية مشكلتهم مهددة مما يؤدي بالتالي إلى عدم تعاونهم بالشكل المطلوب‬
‫مع الباحثين‪ .‬وربما يكون ذلك الشعور أقوى لدى أفراد الدول النامية‪ ،‬وذلك لنهم ربما ل‬
‫يقدرون الهدف من البحاث وقيمتها مقارنه بأفراد الدول المتقدمة‪ ،‬لذا فإن استخدام‬
‫التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية في الدول النامية قد يكون أعظم فائدة منه في‬
‫الدول المتقدمة‪ ،‬حيث من المتوقع أن يتعاون العميل مع الممارس‪-‬الباحث وتكون إجابته أكثر‬
‫صدقا وثباتا‪ .‬وفي الدول النامية ل تعطى البحاث القيمة نفسها المعطاة لها في الدول‬
‫المتقدمة‪ ،‬وبالتالي فإن حجم الدعم المخصص لجراء البحاث أقل بكثير من ذلك الموجود في‬
‫الدول المتقدمة‪ .‬ومن هذا المنطلق فإن استخدام التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية‬
‫سوف يمكن المؤسسات الجتماعية من إجراء أبحاث تقويمية لدائها وبصفة دائمة كما‬

‫‪22‬‬
‫سوف يمكنها من أن تصبح أكثر فاعلية مع عملئها بدون اللجوء إلى إجراء البحاث‬
‫المكلفة‪.‬‬
‫وهناك العديد من العلماء في الخدمة الجتماعية ممن يؤكدون أن مقومات الممارسة‬
‫"الكلينيكية" (خدمة الفرد) في الخدمـة الجتماعية تتفق تماما مع مقومات وخصائص‬
‫التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية‪ ،‬لذا يؤكدون ضرورة استخدامها وجعلها جزءا من‬
‫ممارسة الخدمة الجتماعية "الكلينيكية" حتى تكون أكثر فاعلية مع العملء (& ‪Bloom‬‬
‫‪ .)Fischer, 1982:7; Blythe &Briar, 1985:487;Campbell, 1990:13‬ومع ذلك فإن‬
‫التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية ‪-‬على حد علمنا‪ -‬ليس لها ذكر في المراجع‬
‫العربية ‪-‬إل ما ندر‪ ،-‬كما أنها ل تدرس لطلب الخدمة الجتماعية في الوطن العربي ضمن‬
‫طرق البحث أو ضمن طرق التدخل المهني‪ ،‬وحتى أكون عادل فإن التصميمـات التجريبية‬
‫مع الحالت الفردية لم تعط ما تستحقه من اهتمـام حتى في الغرب‪ ،‬وذلك لعدة أسباب‪ ،‬كما‬
‫ذهب إليه هيز (‪ ،)Hayes, 1981:194‬وهي ما يلي‪:‬‬
‫أول‪ :‬إنه لم يتم التفكير فيها جيدا‪ ،‬فالتصميمات التجريبية مع الحالت الفردية تدرس في‬
‫معاهد التدريب المتخصصة والجامعات من قبل غير المتخصصين‪ ،‬والذين تنقصهم الخبرة في‬
‫ممارسة الخدمة الجتماعية وطبيعتها‪ ،‬والذين يميلون إلى مناهج البحث التقليدية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الطريقة التي تدرس بها التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية‪ ،‬وكذلك الكتابات‬
‫عنها لم تكن أساسا موجهة إلى الممارس المهني‪ ،‬وإنما هي لثبات أنها علميا تضاهي‬
‫تصميمات البحث التجريبية الحقيقية التي تعتمد على المقارنة بين المجموعات التجريبية‬
‫والضابطة‪ ،‬مما يجعل العيوب التي تعاني منها التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية‬
‫يبالغ في تكبير حجمها‪ ،‬وبالتالي ترفض من قبل الممارس المهني الذي ل يستطيع التفريق‬
‫بين المتطلبات الضرورية للممارسة المهنية للخدمة الجتماعية وبين العيوب المنهجية‬
‫البسيطة‪ ،‬والتي تكون في الغالب نسبية مقارنة بتصميمات البحث التجريبية الحقيقية التي‬
‫تعتمد على المقارنة بين المجموعات التجريبية والضابطة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬بما أن التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية طورت أساسا عن طريق‬
‫السلوكيين فإنها في الغالب تكون مرتبطة بالمدرسة السلوكية مما يجعلها تقابل بالرفض من‬
‫قبل الممارسين المهنيين لهذا السبب‪ ،‬وهذا ما يدعو للسف حقا‪ ،‬حيث إن المنهج ل يتبع ول‬
‫يخضع لي نظرية أو اتجاه نظري على الطـلق‪ ،‬فمن الممكن استخدام التصميمات‬
‫التجريبية مع الحالت الفردية للتحقق من أسئلة بحثية ليس لها علقة بالمدرسة السلوكية‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬عدم قدرة الممارسين المهنيين من الخصائيين الجتماعيين على التمييز بين‬
‫التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية وبين المنهج التجريبية الحقيقية القائم على‬

‫‪23‬‬
‫المقارنة بين الجماعتين‪ .‬فالخير فقط يرمز للبحث أما التصميمات التجريبية مع الحالت‬
‫الفردية فل ينظر إليها على أنها طريقة بحث حقيقية‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬إن البحوث التي تعتمد على التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية منهجا‬
‫لها تشق طريقها بصعوبة بالغة إلى الدوريات وأوعية النشر العلمية‪ ،‬وذلك بسبب جهل‬
‫المحكمين في تلك الدوريات بطبيعة الممارسة المهنية للخدمة الجتماعية ومتطلباتها‬
‫الحقيقية‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬إن معظم المؤسسات الجتماعية متحفظة تجاه الدراسات العلمية وبخاصة تلك‬
‫التي تأخذ طابع التقويـم‪ ،‬وكون التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية تهدف أساسا إلى‬
‫تقويم التدخـل المهني ومدى فعاليته مع العميل المستفيد من الخدمات الجتماعية فإنها‬
‫ليست محل ترحيب من قبل المؤسسات الجتماعيـة‪ .‬وعلى الرغم من أن آراء هيز (‪Hayes,‬‬
‫‪ )1981:194‬تمثل قي نظري الواقع في الغرب بصورة عامة‪ ،‬فإنها ل تخلو من بعض‬
‫المغالطات‪ ،‬فعلى سبيل المثال وجد براير وبليث (‪ )Briar & Blythe, 1985:484‬أن‬
‫المؤسسات الجتماعية ترحب بالتصميمات التجريبية مع الحالت الفردية‪ ،‬وكل ما من شأنه‬
‫أن يقوم تدخلها المهني والخدمات التي تقدمها للعملء ما دام أن الهدف هو تحسين الداء‬
‫وزيادة الفاعلية‪.‬‬
‫وفي رأينا‪ ،‬فإن التصميمات التجريبية مع الحالت الفردية توفر للخصائيين‬
‫الجتماعيين بالفعل منهجية تتناسب مع طبيعة مهنة الخدمة الجتماعية لتقويم تدخلتهم‬
‫المهنية وتخلو من مشكلت منهجية أو أخلقية بحثية أو مهنية‪ ،‬مما يجعل الستفادة منها في‬
‫الممارسة المهنية لخدمة الفرد ليست ممكنة فحسب‪ ،‬بل مطلوبة‪.‬‬
‫المصادر العربية‬

‫البريثن‪ ،‬عبد العزيز عبد ال‬


‫مدى الفادة من الرسائل العلمية في الممارسات المهنية للخدمة الجتماعية‪.‬‬ ‫‪1998‬‬
‫رسالة ماجستير غير منشورة‪ .‬الرياض‪ :‬جامعة الملك سعود‪.‬‬
‫الدامغ‪ ،‬سامي عبد العزيز‬
‫تصميمات النسق المفرد‪ .‬مجلة العلوم الجتماعية‪ .‬المجلد الرابع والعشرون‪.‬‬ ‫‪1996‬‬

‫العدد (‪ .)1‬ربيع ‪1996‬م‪ .‬الكويت‪.‬‬


‫الصادي‪ ،‬أحمد فوزي وعجوبة‪ ،‬مختار إبراهيم‬
‫الخدمة الجتماعية وقضايا التنمية في الدول النامية‪ .‬الرياض‪ :‬دار اللواء‬ ‫‪1983‬‬
‫للنشر والتوزيع‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫المصادر الجنبية‬
Barth, R.P.
1981 Education for Practice-Research: Toward a Reorientation Journal
of Education for Social Work 17 (January):19-25

Bloom, M & Fischer, J


1982 Evaluating Practing Practice: Guidelines for the accountable
Professional. Englewood Cliffs, NJ: Practice Hall, Inc.

Bloom, M., Fischer, J. & Orme, J.


1995 Evaluating Practing Practice: Guidelines for the accountable
Professional. Needham Heights: Massachussets: Allyn & Bacon.

Blythe, B. J. & Briar, S.


1985 Developing Empirically Based Models of Practice Social Work 30
(Gune): 483-488

Briar, S.
1979 Foreword PP Ix - xi in S. Jayaratne & R. Levy Empirical Clinical
Practice. New York: Columbia University Press.

Briar, S. & Blythe, B.J


1985 Agency Support for Evaluating the Outcomes of social Work
Services Administration in Social Work 9 ( February ): 25-36.

Campbell, D. T. & Stanley, J.C.


1963 Experimental and Quasi-Experimental Designs for Research.
Chicago: Rand Mcnally.

Campbell, J.A,
1990 Ability of Practitioners to Estimate Client Acceptance of Single-
Subject Evaluation Prcedures Social Work 35 (January):9-14.

25
Casselman, B.
1972 "On the Practitioners' Orientation Toward Research" Smith
College Studies in Social Work 42 (March) 211 - 233.

Cowger, C. & Kagel, J.


1980 Social Work Research: What’s the Use?”, pp 82 in K. Dea (Ed.)
Preceptives for the Future. NASW, Washington, D.C.

Cross, D.G.
1984 Single-Case Desigin: The Neglected Alternative for the Evalation
of Family Therapy Australion Journal of Family Therapy 5
(April): 175 279.
Dean, R.G. & Reinherz, H.
1986 Psychodynamic Practice and Single System Design: The odd
Couple Journal of Social Work Education 22 (Febuary): 71-81.

Denzin, N.K.
1989 The Research Act. Englewood Cliffs, NJ: Prentice Hall.

Fischer
1981 The Social Work Revolution Social Work 26 (may): 199-207

Gambrill, E. & Barth, R.


1980 Single-Case Study Designs Revisited Social Work Research and
Abstracts 16 (March): 15-29.

Gordon, W.E.
1983 Social Work Revolution or Evolution?” Social Work 28 (May-
June) : 181-185.

Grinnell, R. & Williams, M.


1990 Research in Social Work: A Primer. Itasca, IL: F.E. Peacock
Publishers, Inc.

Hayes, S.C.
1981 Single Case Experimental Design And Empirical Clinical Practice
Journal of Consulting and Clinical Psychology 49 (February) 193-
211.

Howe, H.
1974 Casework Self-Evaluation: A Single Subject Approach Social
Service Review 48 (January): 1-23.

Kirk, S.
1979 Understanding Research Utilization in Social Work”. In A. Rubin
& A. Rosenblatt (Eds.). Sourcebook on Research Utilization (pp. 3-
15). New York: Council of Social Work Education.

Kirk, S., Osmalov, M. & Fischer, J.

26
1976 "Social Workers Involvement in Research" Social Work Research
21 (February) 121 - 124.

Kucera, J. & Axelrod, S.


1995 Multiple-Baseline Designs”, pp 46-62 in S. Neuman & S.
McCormick (Eds.) Single-Subject Experimental Research:
Application for Literacy. Newark: Delaware. International
Reading Association.
Levy, R.L.
1983 Overview of Single-Case Experiment, pp 583 - 602 in A.
Rosenblatt & D. Waldfogel (Eds.) Handbook of Clinical Social
Work. San Francisco: Josey-Bass.

Levy, R. I.
1987 Single subject Research Designs Encyclopedia of Social Work
Vol.2 (18th Edition) 588 - 593.

Nelson, J. C.
1981 Issues in Single-subject Research for Nonbehaviorisists” Social
Work Research & Abstracts 17 (February):31 - 37.

Nelson, J. C.
1984 Intermediate Treatment Goals as Variables in Single-Case
Research Social Work Research and Abstracts 20 (march): 3-10.

Nelson, J. C.
1985 Verifying the Independent Variable In Single-Subject Research
Social Work Research and Abstracts 21 (February): 3-8.

O’Hare, T.
1991 “Integrating Research & Practice: A framework for
Implementation”. Social Work. 36 (3). May. 220-223.

Penka, C. & Kirk, S.


1991 “Practitioner Involvement in Clinical Evaluation”. Social Work 36
(6). November. 513-518.

Polster, R.A. & Lynch, M.


1985 Single Subject Designs, pp 381 - 422 in R.m. Grinnell (Ed.) Social
Work Research and Evaluation. Itasca, IL: F.E. Peacock
Publishers.

Ruckdeschel, R.A. & Farris, B.E.


1981 Assessing Practice: A Critical Look at the Single-Case Design
Social Casework 62 (September): 413- 419 .

Tawney, J.W. & Gast, D.L.


1984 Single Subject Research in Special Education. Columbus: Charles
E. Merrill Publishing Company.

27
Thomas, E.J.
1978 Research and Service in Single- case Experimentation: Conflicts
and Choices Social Work Research and Abstracts 14 (April): 20 -
31.

Thomas, E. J.
1983 Problems and Issues in Single-Case Experimentation: pp 603 - 622
in A. Rosenblatt & D. Waldrogel (Eds.) Handbook Of Clinical
Social Work. San Francisco: Jossey-Bass.

Trader, H.P.
1977 Survival Strategies for Oppressed Minorities Social Work 22
(April): 10 -13.

Tripodi, T.
1994 A primer on Single-Subject Design for Clinical Social Workers.
Washington, DC: NASW Press.

28

You might also like