Professional Documents
Culture Documents
إن تحديد طبيعة الدراسات التصالية المتعلقة بجمهور وسائل العلم تتوقف على معالجة العوامل الرئيسية المحركة
لها وعلى أهداف الجهة الممولة كما نتوقف على طبيعة العلقة القائمة بين الجمهور و مقرري السياسة العلمية
للمؤسسة أو النظام الجتماعي السياسي .تعمل وسائل العلم في إنتاج رسائل إعلمية معينة لجمهور معين لتحقيق
.أهداف معينة
وعلى الرغم من أهمية الطار اليديولوجي و السياسي في تحديد طبيعة الجمهور إل انه ل يعتبر الطرف النهائي في
:تحديد العملية التصالية ونقتصر على معالجة العوامل المؤثرة في هذه الدراسات و أهم نظريات تكوين الجمهور
1. عوامل تطوير دراسات الجمهور :و تتمثل في أربعة عناصر متداخلة في أسبابها ووسائلها ومختلفة في أهدافها
:
2.
احتلت الدعاية مجال واسعا عن طريق الصحافة المكتوبة والسينما المتنقلة ولسيما أثناء الحرب العالمية الولى(
)1918-1914و الثانية ( )1945-1939لتشمل عدد اكبر من أفراد المجتمعات الجماهيرية التي تعيرها النظريات
الفلسفية و السيكولوجية على أنهم مجرد تجمعا ت بشرية إذ يتحكم فيها القادة القوياء واستمرت الدعاية كمحرك نشيط
لدراسات الجمهور إلى الوقت الراهن مع اختلف الساليب و الهداف باختلف المراحل التاريخية التي أعقبت
الحرب العالمية الثانية .اعتمدت دراسات الجمهور على نتائج أبحاث العلماء وفلسفة السيكولوجية و السوسيولوجية و
الثنية أمثال دروس فرويد ،ماركن،وآخرون الذين وضعوا نظريات حول الطبيعة البشرية الفردية و الجماعية
وتفاعلتها النفسية و الجتماعية محاولة لفهم الشعوب مثل :النازية،الفاشية ،الشيوعيون،والليبراليون واستمرت
.الدعاية إلى غاية انهيار المعسكر الشيوعي في نهاية الثمانيات
ول تزال الدعاية اليديولوجية للحزاب و التيارات الفكرية واحدة من العوامل المنشطة للدراسات المنتصبة على
الجمهور سواء بالحملت النتخابية الدورية و الظرفية لستمالة الرأي العام لفرضه قضايا و أفكار معينة بأساليب
دقيقة وعالية في إعداد أو إنجاز الحملت واستفتاء في الرأي العام ونشاطات العلقات العامة الرامية إلى تحسين
.صورة الشخص أو المؤسسة أو النظام لدى الجمهور
:ب) الشهار
يعتبر الشهار والعلنات التجارية المحرك البارز في إعطاء دفع قوي لدراسات الجمهور سواء نعلق المر بالمعلنين
.أو الناشرين أو موزعي الرسائل الشهارية على الجمهور
عرفت أبحاث الجمهور تطورا في و م أ بعد الحرب العالمية 2ليصبح ميدانا متخصصا يستجيب نموه لحتياجات
.مجموع صناعي إلكتروني يركز على الجانب السمعي
و مع انتشار ظاهرة "كونية" (النشاطات العلمية ) و باستعماله المكثف لتكنولوجيات العلم الجديدة والتي تعمل
طابع الكونية على الجمهور (عولمة بالموازاة مع عالمية القتصاد والثقافة ( globalisationعلى
الستهلكية و الحملت التسويقية أصبح بالمكان دراسة هذا الشكل من الجمهور المتعرض للرسائل الشهارية من
.القنوات الفضائية ومواقع شبكة الويب
إن العلقة بين الشهار والدعاية يكاد تختفي أهمية التفرقة بينهما إذ هناك ارتباط وثيق بينهما فالعلنات هي بشكل
أو آخر دعاية للبضاعة أو خدمة وهي في نفس الوقت تحمل مضامين بيولوجية و ثقافية سائدة في مجتمعات معدي
.ومرسلي الرسائل الشهارية
يعتبر عامل من عوامل تنشيط دراسات الجمهور و الستجابة لفكرة الديمقراطية حيث تعمل الحكومات على كسب
تأييد رعاياها في القرارات و المحافظة على قبول الرعايا ومصالحهم تحسبا للنتخابات اللحقة و تعمل الحزاب
السياسية و الشخاص المتنافسة على السلطة تخصيص أموال معتبرة للحملت العلمية بتمويل الصحف و وسائل
.العلم الخرى قصد كسب الرأي العام لصالحهم
كان ظهور دراسات الرأي العام كلزمة للنظمة الديمقراطية ثم تلتها دراسات الجمهور مع انتشار وسائل العلم
كمظهر من مظاهر ممارسة الديمقراطية .و قد تكثفت بحوث الجمهور خلل النصف الثاني من القرن 20ضمن
تطور الدراسات العلمية بصفة عامة حتى أصبحت صناعة قائمة بحد ذاتها متخصصة في قياس الرأي العام تعمل
.لحساب الحزاب و الحكومات و المصالح المالية و التجارية بم فيها وسائل العلم نفسها
و في نفس السياق تأثير الفكار الجديدة حول الجيال الجديدة لحقوق النسان في تطور دراسات الجمهور خاصة بعد
العلن العالمي لحقوق النسان سنة 1948الذي أنشأ الجيل الجديد الحق في العلم و الحقوق المجاورة و المشابهة
و أصبح هذا الحق قانونيا في 1966بعدما كان حقا نظريا في 1948حيث من حق الجمهور أن يطلع على المعلومات
و الراء التي تلبي حاجاته و تستجيب لهتماماته لذا استوجب فرض دراسات لمعرفة احتياجات الجمهور العلمية
.المتغيرة بتغير ظروف المكان و الزمان بصرف النظر عن كونه مستهلكا أو ناخبا
برزت الحاجة إلى دراسة جمهور وسائل العلم دراسة معمقة لهداف علمية أكاديمية في النصف الثاني من القرن
العشرين بعد التقدم الهائل في الدراسات المتعلقة بنظام مصادر الرسائل العلمية و مضامينها و وسائل العلم و
الثار التي قد تحدثها في سلوكيات الجمهور .فالكم الهائل من الدراسات التسويقية و توجهات الرأي العام وفرت جوا
للمقاربات المبريقية مما دفع بالباحثين العلميين إلى اختبار و إعادة صياغتها من أجل إثراء مشروع النظري
العلمية للعلم و التصال و قد ازداد الهتمام بهذه الدراسات و الحاجة إليها بعدما تبنت دول العالم الثالث أفكار
الحداثة و التنمية و قدرات وسائل العلم على المساهمة في عملية النتقال من المجتمعات التقليدية إلى المجتمعات
الحديثة وفقا لنظرية العلم النمائي و قد تجسد ذلك في إنشاء معاهدة متخصصة في الدراسات العلمية على
.مستوى أغلب جامعات تلك الدول تحت إشراف اليونسكو على برامجها
و كانت البداية الفعلية للهتمام العلمي بجمهور وسائل العلم مع ظهور فكرة الوظيفة التعليمية لوسائل العلم إذ
أجرى علماء النفس السلوكي بحوثا يسرت نظريات التعليم واستعمال وسائل العلم في لغراض تعليمية و تدريبية
لذلك نجد جل الباحثين في المجتمعات الحديثة العهد بالتصال يكتفون بدراسات تعليمية للحصول على درجة علمية أو
.ترقية مهنية
2. :نظريات تكوين الجمهور
لزالت الدراسات الوصفية المنبثقة عن التوسع في استعمال السوسيوغرافيا تشكل الطابع الغالب لبحاث الجمهور
وجل الدراسات المهتمة باستعمال وسائل العلم وتأثيراتها على الجمهور و لكن نتائج هذه البحاث ل تكتسي أهمية
كبرى بالنسبة للتراكم المعرفي لن منطلقاتها وأهدافها الغالبة إما تجارب أو انتخابية ظرفية وتنطبق هذه الملحظة
على المجتمعات المنتجة والمصدرة للتكنولوجيات و اليديولوجيات "العلميتين" وتنعدم مثل هذه الدراسات في
.المجتمعات الهامشية لسباب حضارية سياسية و اقتصادية و ثقافية واجتماعية
وتبقى نتائج الدراسات التسويقية محدودة لقتصارها على عوامل ديمغرافية واجتماعية تستعمل لتحديد حجم و تشكيل
.الجمهور وطبيعة أنماط سلوكياته
أن السن والطبقة والدخل ومستوى التعليم لها أهمية كبيرة في تحديد حجم ( )MCQUUIL 1984يرى مكويل
جمهور أي وسيلة إعلمية لن كل منها يتدخل في تحديد حجم الوقت و كمية المال اللزمين لستعمال وسائل العلم
فالسن يحدد مدى الستعداد و الحرية في اختيار واستعمال وسائل العلم حيث أن الطفال الصغار مثل يخضعون
لختيار العائلة و يتعرضون للتلفزة أكثر من أي وسيلة أخرى ومع تقدم السن يتغير إذ يكتسب حرية في تعامله مع
وسائل العلم فيؤدي إلى استعمال الراديو و الذهاب إلى السينما وعندما يصبح الشخص رب العائلة يعود إلى السباق
.المنزلي ولكن باهتمامات مختلفة مثل تخصيص وقت أكبر لقراءة الصحف
أما الدخل المرتفع فيقلل من استعمال التلفزة هذه العتبارات وغيرها مثل النوع ومكان القامة تساعد على وصف
الجمهور وصفا مقبول وتساعد على التقرب من حجمه ونوعيته ولقد أسفرت الدراسات عن تأسيس مجموعة من
تهدف إلى تصنيف الجمهور وفق فئات ( ( typologyالنظريات تتكامل فيما بينها لعطاء نمطية وصفية للجمهور
وشرائح ديمغرافية وتحديد خصائصها وأساليب اتصالها ليسهل في النهاية تحليل واقعها في سياق اجتماعي ثقافي و
.تاريخي
و نتطرق إلى أهم النظريات المتداولة في الدبيات العلمية النجلوسكسونية بصفة خاصة لكونها الرائدة في هذا
:الميدان
إن النظرية في حد ذاتها واسعة و لكنها تتضمن عنصرين رئيسيين في كل بنية لجمهور معين ويتدخلن بشكل مباشر
:في فهم بعض جوانب تكوين جمهور وسيلة إعلمية معينة من وجهة نظر تاريخية
العنصر الول :و يتعلق بتاريخ وسيلة العلم نفسها إذ أن هذه الوسائل تطورت تاريخيا بالتدرج في توجهها لجماعات
اجتماعية معينة قبل أن تتوسع لجماعات أخرى فالجريدة مثل وجهت في أول مرة إلى قراء ذكور مدنيين (حضر أي
يقيمون في المدينة) ينتمون إلى طبقة اجتماعية متوسطة ،يشتغلون في حقل سياسي كما أن التلفزية وريث الفيلم و
الراديو ،الترفيه و التسلية و قضاء وقت الفراغ ،تتوجه في الغالب إلى النساء و الطفال دون سن التمدرس و العجزة
و المرضى و العاطلين عن العمل
العنصر الثاني :يخص نجاحات بعض وسائل العلم في تكوين و تطوير هوية أو شخصية اعلمية مميزة تتجه لنوع
فهذه النظرية تعنى بتفسير نوعية le mondeمعين من الجمهور مثل هيئة الذاعة و التلفزيون بي بي سي و جريدة
.جمهور الوسيلة العلمية من خلل تحليل مضمون عرض الذي تقدمه و مرتبط بمجرى الزمن
تهتم هذه النظرية بالعرض الذي تقدمه وسائل العلم لنها تعتني بشكل مباشر بالسوق سواء تعلق المر بالوسيلة
العلمية كسلعة أو كناقلة لرسائل إشهارية حول سلع مادية أو خدمات موجهة لزبائن و هي تشير إلى تأثير الشهار
على السياسة العلمية للمؤسسات و مضامين الرسائل العلمية التي تنقلها إلى جمهور معين فل يمكن إقامة مشروع
.إعلمي ناجح دون دراسة دقيقة توقيعية لمستهلكي الرسائل العلمية العلنية
ز تندرج ضمن " giving the public wat it wantsتركز هذه النظرية على مقولة " إعطاء الجمهور ما يريد
نظريات العروض التي تقدمها وسائل العلم و جوهر هذه النظرية أن تكوين جمهور وسيلة إعلمية هو نتيجة أفعال
و خيارات عدد واسع من الفراد و يختلف كل فعل أو اختيار على اختلف الذواق و المصالح و الهتمامات و
اختلف القدرات العقلية للفراد و ترى هذه النظرية البراغماتية أن أنواع المحتوى المقدم على أساس الدراسة و
.التجريب من شأنه أن ينبئ بتوقعات معقولة حول حجم وتكوين الجمهور
تندرج هذه النظرية ضمن نظريات الطلب و تركز على الستعدادات و الفائدة من استقبال الرسائل العلمية اكثر من
تركيزها على المحتوى من قبل الجماعات الجتماعية كما أنها تتوفر على ثلث عناصر :وقت الفراغ المتوفر ،و
المستوى التعليمي و وفرة المال حيث يمكن النظر الى استعمال وسائل العلم من قبل مختلف الفئات الجتماعية
كمركب لكل من هذه العناصر و بالتالي فان الطفال و النساء و المسنين هي فئات متوفرة لديها وقت فراغ و قلة من
المال حيث هذه الفئات غير مكلفة و تأخذ وقتا أوسع كما أن المستوى الثقافي له دور في تكوين الجمهور إلى جانب
.الدخل و توفر وسائل ترفيه وإعلم بديلة لوسائل العلم الجماهيرية
من نظريات الطلب ،تتمحور على حوافز تدفع الجمهور الى استعمال وسائل العلم الجماهيرية بهدف إشباع حاجاته
و حلول لمشاكله النفسية و الجتماعية و حاجته إلى العلم و الترفيه فهذا يحدد حجم الجمهور و نوعه .و تبدو هذه
النظرية أكثر ملءمة لدراسة تكوين الجمهور إل أنها تخلط بين المحتوى و الوظيفة في علقة واحد لواحد مع أن
.مضمونا واحد ل يمكن أن يشبع احتياجات عديدة و متنوعة و ل يمكنه أن يحل مشاكل نفسية و اجتماعية مختلفة
من زاوية تاريخية ،استهلكية ،اختلفات فردية ،وظائف وسائل العلم الجتماعية ...الخ و كل واحدة تهمل السياقات
الثقافية و الجتماعية التي يوجد فيها الجمهور و المرتبطة بفضاء الحية المحلية حيث أن الفراد أو الجماعات يميلون
إلى إعطاء الهمية للمحتوى العلمي المتعلقة بالمحيط القريب المألوف لديهم تخضع للقيم الجتماعية و الروحية
السائدة فمن هنا فان مناهج البحاث و الدراسات الموضوعية المعتمد عليها تأخذ بعين العتبار ظروف البيئة
.الجتماعية و الثقافية و القتصادية و خاصة ظروف المكان و الزمان لكل جمهور
لقد تبين من خلل عرض بعض الجوانب النظرية و المفاهيمية المتعلقة بجمهور وسائل العلم و الدراسات الخاصة
به أن الباحثين المهتمين بهذا الميدان ل يتعاملون مع أنموذج واحد أو مقاربة واحدة للتصال الجماهيري ولكنهم
.يعالجون شيئا أكثر بقليل من مجموعة من التطلعات البديلة
إن الدراسات العلمية لم تتوصل بعد إلى اعتماد أدبيات موحدة فهناك مثل مصطلحات من مثل "دراسات التصال
الجماهيري" " ،علوم العلم و التصال" مجودة في الدبيات الغربية و قد يعود تنوع مصطلحات العلم و
التصال إلى عدم التوصل بعد إلى صياغة نظريات تعيد بلورة مبدأ تداخل العلوم الذي تم التخلي عنه منذ انفصال
العلوم الخرى عن الفلسفة واعتماد فلسفة التخصص و النماذج المتبعة في البحث العلمي العلمي و واقعه حتى في
الدول المتقدمة لم تتوصل بعد إلى صياغة "كيان نظري متكامل لعلم التصال" باعتباره أحد العلوم المستقبلية غير أن
هذا المر لم يوجد له مثيل في الدول النتقالية و في مقدمتها الدول العربية و الراجح أن هناك عديد من المحاولت
النادرة التي قام بها بعض الباحثين العرب في ميدان الدراسات العلمية لم تنشر على نطاق واسع لسباب عدة لعل
أن في مقدمتها أن الحقائق المتعلقة بالواقع الجتماعي و لو أنها نسبية و ل تنتمي للعلوم الصحيحة المر الذي يلغي
.الحرية العلمية المتمثلة في حرية الفكر و حرية البحث العلمي و التعبير عن النتائج و النشر
و من هنا يبقى المصدر الوحيد للدراسات النظرية و المبريقية ذات المصداقية و الدللة العلمية هو المجتمعات
المتطورة التي جعلت من العلم و المعرفة و التكنولوجيات الروافد الساسية و المنة لنهضتها و استمرارها في
.النهوض و التطور الدائم في الزمن و المكان
لكن عند محاولة توظيف هذه المعارف العلمية فيما يتعلق بالعلوم النسانية و الجتماعية تطرح أمام الباحثين تحديات
ابستيمولوجية كبرى من نوع آخر ،و تواجه محاولت تأصيل و توظيف مناهج بحث نشأت في بيئات ثقافية و
اجتماعية و نفسية معينة من أجل تحقيق أهداف مغايرة و تعدد النماذج و النظريات و المقاربات و الساليب المنهجية
.مكن من تراكم تراث نظري و منهجي متطور تطورا تصاعديا
تجدر الثارة في هذا التذكير التاريخي إلى هذا التقسيم الذي يبدو مساير للتسلسل الزمني إذ هو محاولة قراءة التطور
الذي مهدته أبحاث الجمهور عبر مختلف المراحل التاريخية انطلقا من وقائع الوضع الراهن و تدخلت عوامل
محيطية لعبت دورا بارزا في رسم معالم مميزة لتاريخ نظريات التأثير وهيكلة فعل التلقي و تفكيك البيئة الجتماعية
بتصور نموذج اتصالي جزئي لجمهور مجزأ ومحاولة تخطي الوجود المادي للجمهور و تبني السلوك المعبر عن هذا
.الوجود اللمادي في العالم اللكتروني إذ يعتبر هذا الجمهور له قدرة التواجد في كل مكان وفي نفس الزمان
ومن أبرز تلك العوامل المساعدة ،مصالح الحكومات والمشرعين واحتياجات الصناعات ونشاطات الجماعات
الضاغطة واهتمامات مروجي الدعاية السياسية والتجارية وتنامي دور الرأي العام في الحياة السياسية و الجتماعية و
.موطنة العلوم الجتماعية التي تضفي نوعا من الطابع العلمي يخرجها قليل من الدائرة اليديولوجية
:وقبل القيام بتصنيف تراث أبحاث الجمهور من المفيد إبراز أهم المحطات في هذا التاريخ الطبيعي لبحاث الجمهور
تمتد هذه المرحلة من بداية القرن العشرين إلى أواخر الثلثينات منه ويمكن أن يطلق عليها مرحلة ما قبل التحريات أو
التحقيقات العلمية حيث كانت المحاولت التي تتناول العلقة بين ما تبثه وسائل العلم والجمهور المتلقي عبارة عن
.انطباعات أراء ونظريات ذاتية أكثر منها استنتاجات لتحليل وقائع موضوعية
في هذه المرحلة كانت النضرة لوسائل العلم أنها مصدر لقوى خفية خارقة تعمل على صقل الرأي و العتقادات
وفقا لرادة أولئك الذين يملكون سلطة الرقابة على هذه الوسائل و توجبه نشاطاتها نحو مواضيع معينة ويمتلكون قوة
الـتأثير و لم تكن هذه الفكار قائمة على أساس تحريات علمية بل مجرد أراء مستوحاة من الملحظة الشعبية التي
تكتسبها الصحافة و الوسائط الجديدة و ما زاد في ترسيخ فكرة التأثير تدعيم المعلن و الحكومات المبراطورية في
أوربا خلل الحربين العالميتين الولى والثانية .خاصة النطاق الواسع الذي شهده الراديو و التلفزيون إذ أن أول نوع
من التآلف مع هذه الوسائل تتضمنه "نظرية المعنى العام" التي تشير إلى الفكار التي يكونها عامة الناس حول
موضوع معين و المستمدة أساسا من التجربة المباشرة و الستعمال الشخصي لهذه الوسائل و النطباعات التي تولدها
هذه التجربة و يثير هذا الستعمال ،و قد أثارت مؤشرات فضاء التصال و العلم الجديد فضول الباحثين المهتمين
بمتابعة ظواهر الحياة الجتماعية و ملحظة التغيرات المتتالية وخاصة التأثيرات الحاصلة في سلوك الناس فجاءت
البدايات الولى للتحريات الموضوعية في مجال البحث العلمي تحاول توظيف خلصات التأملت النظرية و
التجارب المنهجية التي كانت قد توصلت إليها مختلف فروع المعرفة الجتماعية و النفسية ل سيما السوسيولوجيا
العامة والسيكولوجية الفردية والجتماعية في تفسير الظواهر الجديدة و العلقات القائمة و الممكن قيامها بين مختلف
.التغيرات التي أسندت لوسائل العلم
فقد تميزت الدراسات العلمية منذ انطلقتها الولى بالتوجه السوسيولوجي و السيكولوجي الجتماعي بالدرجة
.الولى،هذا التوجه الذي يلزمها عبر تاريخها الطبيعي
و الحداث الكبرى التي شهدتها تلك المرحلة الولى عجلت إيجاد مناهج وتقنيات جديدة لفهم و تفسير مكانة دور
وسائل العلم أسست لبروز اتجاه امبريقي سيسمح بتجاوز قصور انطباعات المعرفة العلمية و الفكار التأملية و
.النمطية النظرية على تفسير الظاهرة التصالية الجديدة
ظهر في سياق العتقادات و التفكير مع بداية العشرية الرابعة من القرن الماضي نوع جديد من التحريات أسس
لدخول البحث العلمي في مجال الجمهور استنادا إلى منهج المسح و التجربة الخبرية ويعتمد على خلصات علم النفس
.الجتماعي و الرياضيات و الحصاء و السير ينقيا
وقد أجريت دراسات امبريقية متفرقة على تأثير أنواع من المحتوى خاصة الفلم وبرامج الحملت النتخابية و
الشهارية وهذا ما قام به ""لزارسفالد"" حول دور الصحافة في الحملة النتخابية لرئاسيات 1940وتأثير الفيلم
.السينمائي على الجنود المريكيين
وقد أسندت تلك الدراسات ابتداء من دراسة "لزارسفالد" و "كاتز" دورا متواضعا لوسائل العلم في إحداث
التأثيرات المتوقعة أو غير المنتظرة وغير المرغوب فيها لخصت في دراسة حول أبحاث الجمهور للباحث "جوزاف
كلبر" سنة 1962وفيه العبارة "إن وسائل التصال ل تعمل عادة كسبب ضروري وكاف للتأثير في الجمهور ولكن
" ".بالحرى تعمل ضمن جملة من عوامل التبليغ" الوسيطة المترابطة
ولم يكن سهل أن تتغير الراء خارج المجتمع العلمي الجتماعي وكان من الصعب أيضا قبول هذه الفكار الجديدة
(إن وسائل العلم يحدث في كل الظروف نفس التأثيرات البالغة) بالنسبة لولئك الذين تعودوا على تصميم الحملت
الشهارية و الدعائية على أساس الفكار السابقة ومحترفي العلم الذين كانوا يؤمنون بالقوى السحرية لوسائل
مهنتهم وقد سلم العديد من الباحثين ابتداء من الستينات بممارسة وسائل العلم لنوع من التأثير يحدث غالبا على
المدى البعيد وقد اتسع هذا التفكير بانتشار التلفزيون كوسيلة تكنولوجية منزلية وحيدة وهي تعتبر ميزة القرن الماضي
إلى أن ظهر الحاسوب الشبكات العالمية " النترنت " في عملية تفاعلية متمايزة لم يسبق لها مثيل في تاريخ دراسات
تأثير تكنولوجيات التصال الحديثة و أدخلت أبعاد جديدة التعرض التزامني و اللتزامني وأنماط السلوك التصالي
و تكلم حول الجيل الثالث من دراسات التلقي إلى """Morleyوقد استمرت هذه المرحلة من التنظير إلى أن جاء
جانب "دانيال ميلر" و "دون سليتز" تتعلق بالمقاربة الثنوغرافية لتحليل استعمال النترنت في بيئات سوسيوثقافية
".مختلفة
وقد طرح التساؤلت حول كيف أن ثقافة معينة تحاول أن تستمر في "منزلها" في المحيط التصالي السريع التحول
(غير المستقر) و كيف يمكن لهذه الثقافة أن تكيف وتدمج هذا الوسيط في خصوصياتها المحلية و تطوعه لخدمة
عملية التعولم و معرفة الثار (التأثيرات المتبادلة )بين تلك العناصر المدمجة واستمر التفكير في وجود "تأثير " و
"تأثير قوي " الذي يطبع بين رسائل العلم و الجمهور وخاصة درجة التعرض لها وقياس التغيير (نوع التغيير ) أو
.نقل نوع التنوع أي تغير المواقف و الراء و الفكار
بعد عرض حول دراسات تأثير وسائل العلم في الجمهور ولكن الجدر قوله أن وسائل العلم ل تتوفر في ذاتها
على قوة تأثير ولكن يتوقف المر على اعتقاد الناس في قدرتها على التغيير مجرى الحداث و الفكار و التجاهات
و كان كاري ( )1978قد حاول تفسير إشكالية التأثير و درجاته و اللتأثير و حدوده بتغيير العتقاد في قدرة وسائل
.العلم
فقد ناد العتقاد في قدرة وسائل العلم الجماهيري على التأثير البالغ في فترة الثلثينيات تحت ظل ضغوطات نفسية
و تيارات السياسية وفرت أجواء الحرب و خلقت الرضية خصبة لنتاج بعض أنواع التأثير فحين نهاية الستينيات
وبداية السبعينيات شهدت توترات دولية نتيجة الحروب العربية السرائيلية ( )1967/1973و أزمتي البترول سنتي (
)1985 -1973و زيادة الصراع اليديولوجي (إ.س /و.م.أ) إضافة إلى سقوط جدار برلين ( )1989و غيرها من
الزمات التي عرضت البنيات الجتماعية للهتزازات و جعلتها أكثر حساسية لوسائل التصال الجماهيري خاصة و
أن هذه الوسائل تكاد تحتكر الحقائق و الراء حول الوقائع ل سيما القنوات التلفزيونية الفضائية النية و المواقع
.اللكترونية المتخصصة على النترنت
غير أن بعض الباحثين يعتقدون أن المر ل يتعلق بقدرة وسائل العلم على التأثير بقدر ما يتعلق باجتماع أسباب قد
.تكون مصادفة زمنية جعلت وسائل العلم تبدو بتلك القوة في مرحلة تاريخية معينة
مما يزيد في تلك الفتراضية لوسائل العلم الجماهيري أن الحكومات و أصحاب الماليستعملون وسائل العلم في
محاولة التأثير على الناس و مراقبة و توجيه سلوكهم هذا يعني أن وسائل العلم يمكن أن تكون في ظروف
تاريخية ،نفسية ،اجتماعية ،اقتصادية ذات قوة بالغة بالنظر الى الستجابات الفورية أو المتوسطة التي يبديها الناس
.ازاء الدعوات الهادفة الى تغيير المواقف و الراء في اتجاه يخدم مصالح هذه الطراف
في هذا الصدد ،يمكن تمييز التوجهات الحديثة الكبرى لبحاث الجمهور التي تبلورت منذ السبعينيات ضمن
نوعين من التيارات البحثية ،النوع الول الذي يمكن أن نطلق عليه :أنموذج التأثير ،الذي أحدث قطيعة مع النموذج
السائدة منذ الربعينيات ،حيث تخلى عن تحليل التأثير قصير المدى ،حجر الزاوية في نظرية لزارسفيلد ليهتم
على المدى البعيد لمجموع أنظمة وسائل العلم (مؤسسات اجتماعية) ،خاصة( )COGNITIVEبالتأثير الدراكي
.البحاث المتعلقة بتكوين الرأي العام
وظهر النوع الثاني الذي يمكن أن نسميه أنموذج التلقي ،في بداية الثمانينات ليهتم بالكيفية التي "يؤول بها الملتقى
الرسائل العلمية" أي التركيز على عملية التلقي في حد ذاتها باعتبارها ممارسة لها أسسها اجتماعيا وثقافيا ،
وباعتبارها عملية بناء اجتماعي للمعاني التي يضيفها المتلقي على الرسائل العلمية
ويشمل هذا الصنف عموما ،مجموعة النظريات والمقاربات التي تناولت التأثير البالغ والمباشر والتأثير المحدود
.الفوري الطويل المدى ثم المزيد من التأثير
وهي تهتم بالتغير أو التحول الذي قد يلحظ في سلوكيات الجمهور ومواقفه وحالته النفعالية الذهنية الدراكية
.والمعرفية أثناء وبعد التعرض لوسائل العلم وعلقة هذا التغيير مقارنة بالوضع السابق للتعرض
وتوصف هذه النماذج بكونها تشاؤمية لنظرتها السلبية لقدرة الجمهور على مقاومة القوة الخارقة لوسائل العلم
.التي تحدث تأثيرا في اتجاه خطي شاقولي
ونموذج الوخز البري )power ful media( ،ونشير هنا إلى نموذج القوى البالغة لوسائل العلم
.والقذيفة السحرية ()hypodermie paradigm
وفي المرحلة اللحقة ظهرت نظرية أقل تشاؤما مثل تأثير وسائل العلم غير المباشر عبر قادة الرأي أو التدفق
العلمي عبر خطوتين والتدفق عبر خطوة واحدة ثمة التدفق عبر خطوات متعددة ،ثم العودة إلى مزيد من التأثير
المعمم على عدد متزايد من الناس مع تزايد الزمات ،والتوترات وتزايد تحكم وسائل التصال الحديثة في النشر التي
للمعلومات عبر وسائل أقل تكلفة وأقل جهدا وسهلة الولوج إليها وأكثر قابلية للستعمال ،إذ تعتبر أسرع تكيفا مع
.حاجيات الناس المتمايزة وأكثر جاذبية وفي متناول جماعة من الناس غير محدودة عدديا
فبالرغم من اتساع اعتقاد أن هذا الصنف له قدرة في إحداث تأثير إل أنه فقد العديد من النماذج خاصة
النموذجين التقليدين الولين :القوى الخفية والقذيفة السحرية ،الذين سادا في البدايات في محاولت تفسير إقبال الناس
.على مشاهدة الفيلم الجذاب أو قراءة القصة المشوقة
كما كاد يختفي أنموذج العلم اللنهائي الذي يزعم أن لوسائل العلم دور كبير وفعال في حث الناس وتهيئتهم
.النمانية لمجتمعاتهم ،وانتقالها من الحالة التقليدية إلى الحداثة ( )tamauffللنطلقة
وهناك نماذج لم يعد لها أهمية مثل أنموذج المبربالية الثقافية ،والغزو الثقافي الذي ازدهر خلل العقدين السادس
والسابع من القرن الماضي ،وهناك نماذج أخرى تتجدد تبعا للمستحدثات التكنولوجية وتلح على البقاء والستمرار
ونموذج تحديد ( )use and grati ficatiorلرتباطها بتيارات اليديولوجية مثل :نموذج الستعمال والشباع
.مواضيع الهتمام ونموذج لولب الصمت
يقصد بها النظرية العامة والنظرات الفرعية والمقاربات التي حولت محور الدراسة من محتوى الرسالة
وعلقاته بالتأثير الذي قد يحدث في سلوك الجمهور أي علقة الرسالة بالتأثير الناجم عن محاولة الجابة عن التساؤل
.الولي ماذا تفعل وسائل العلم في الجمهور
في نموذج لزويل التركيز على مصير الرسالة بعدما يتلقاها الجمهور النتقائي القوي والفعال الذي أعيد له
.العتبار نتيجة تغيير إستراتيجية البحث إلى ماذا يفعل الجمهور بوسائل العلم؟
وأحدثت هذه المقاربة إشكالية جديدة بأنموذج الستعمال والشباع لـ :كاتز وأنموذج التفاعل والتأويلت لـ :مورلي نقل
.نوعية في أبحاث الجمهور إذ أصبح التركيز على العلقة بين الرسالة والمتلقي
وتعتبر هذه النظرية امتدادا لنظرية التأثير والتقبل اللمانية التي ظهرت في أوساط الستينيات من القرن الماضي
موازاة مع التيارات الماركيسية والواقعية الجدلية والمناهج البيوغرافية التي تركز اهتماماتها على المبدع حياته
.ظروفه أو القائم بالتصال أو المرسل
كما جاءت موازية للتيارات النقدية التقليدية التي كان ينصب اهتمامها على المعنى وكذا التيارات البنيوية دون
.مراعاة القارئ
وترى نظرية التلقي أن أهم شيء في عملية التواصل الدبي هي تلك المشاركة الفعالة بين المشارك والقارئ أي
الفهم الحقيقي للدب ينطلق من وضع القارئ في مكانه الحقيقي وإعادة العتبار له باعتباره هو المرسل إليه والمستقبل
.للنص ومستهلكه لن المؤلف ما هو إل قارئ للعمال السابقة
ويركز المنظرون العلميون على الدور الذي يلعبه الجمهور في فك رموز الرسائل وإضفاء معاني عليها أي
.المعنى الذي يقصده القائم بالتصال
وتعتبر نظرية التلقي واحدة من أبرز النظريات المعاصرة التي أعادت العتبار لفعل التلقي كأساس لعملية
تواصلية من المرسل والمستقبل إذ تهتم بتفسير آليات فهم النصوص والصور العلمية فالمعنى يولد لدى المشاهد
.والنص
ويرى أصحاب هذه النظرية أن العوامل السياقية لها تأثير أكثر من العوامل النصية على الطريقة التي يشاهد بها
.المتلقي الفلم أو البرنامج التلفزيوني
يعتقد الباحث مخلوف بوكروح أن الفضاء الكثر ملئمة لدراسة عملية تلقي الرسالة هو المسرح إذ فيه تتجلى
.استجابة الجمهور بصورة مباشرة
يحلل الباحثون الثقافيون الثقافة الجماهيرية على أنها تعبير عن العلقات بين الفراد والطبقات الجتماعية في
السياق الجتماعي والسياسي الخاص بالمجتمعات الرأسمالية وينظرون لوسائل العلم كجزء ل يتجزأ من نظام
.التفاعلت الرمزية
يساهم في انتاج فضاء رمزي أكثر مما هي أدوات في خدمة طبقة مهيمنة ،وهنا يلتقي منظور الدراسات الثقافية
".مع منظور الستعمال والشباع في القول " أنّ الناس هم الذين يفعلون شيئا بوسائل العلم وليس العكس
ولفهم تأويل مشاهدة معين لمنتوج تلفزيوني ما ،يلجأ الباحثون لمنظور أكثر نفعية حيث يستعملون بكثافة المناهج
.النثوغرافية لجمع المعطيات :الستجوابات العميقة والملحظة المباشرة والملحظة بالمشاركة
ويرجع الفضل في تطوير المنهج النثروبولولجي في دراسات التصال الجماهيري عامة ،و دراسات الجمهور
بصفة خاصة إلى تيار البحاث المتعلقة بالسر والتكنولوجيات الحديثة المتولدة عن الستعمال العائلي التنامي
للمبتكرات التكنولوجية الجديدة (التلفزيون ،مسجل ،قارئ الفيديو ،الحاسوب) ،إذ يركز على تحليل البرامج العلمية
العامة والمجالت السياسية .وقد طرحت تساؤلت في هذا السياق حول الحصص المسماة التصال السياسي الموجه
لجمهور عريض غير منسجم قبل أن تشمل جميع النواع المسماة شعبية(رياضية ،منوعات ،أوبرات.)...كما طرحت
القضايا المتعلقة بالعينة التمثيلية مثل النوع (ذكر .أنثى) و النتماء الطبقي .وكان هدف هذا التيار الوصول إلى
.مؤشرات تأويل الجمهور للرسائل العلمية انطلقا من متغيرات النوع والنتماء الطبقي الجتماعي
إذ أظهرت هذه الدراسة درجات التعقيد وأنماط فك الرموز واستحالة فهم القراءات الممكنة انطلقا من النتماء
.الطبقي الجتماعي وحده
لقد بدأ الهتمام ينصب حول الستعمالت الثرية في منتصف الثمانينات حيث كان قد تم العتراف للمتلقي بدور
فعّال في بناء معاني الرسائل العلمية و بأهمية السيّاقة الذي تتم فيه عملية التلقى حيث استبدل مفهوم " فك الترميز"
.بمفهوم " سياق " وتحول مركز الهتمام إلى عملية "المشاهدة" وفهم هذا النشاط بحد ذاته
وقد اهتم مورلي في هذه الدراسة التي استعمل فيها المنهج النثوغرافي بالتفاعلت بين مختلف أفراد العائلة
أمام الشاشة الصغيرة و قد اهتم بالختلفات بين عائلة ما و أخرى وبين أفراد العائلة الواحدة من جهة ثانية مركزا
على علقة السلطة بين الجنسين و بين البالغين و القصر دون إهمال إطار التحليل وبنية الجمهور من منظور النتماء
الطبقي والتربية اليديولوجية التي تحدد السياق الجتماعي و الثقافي الذي تحلل فيه تركيبة الجمهور و واقعه وأنماط
.تفاعله
تميز التطور الولي لنموذج التلقي بانتقال اهتمامات البحث من قضايا اليديولوجية و تحليل الرسائل المتلفزة
من خلل التساؤلت حول البنية الطبقية وعملية فك الرموز إلى التمايز في ممارسة المشاهدة من منظور النوع داخل
.العائلة
وهكذا أثارت مسألة فضول العديد من الباحثين الذين اهتموا كل حسب النموذج الذي ينطلق منه وحسب طبيعة
أهداف البحث لمختلف جوانب عملية التلقي سواء تعلق بالمتلقي أو بالنص أو بطبيعة العلقة بينهما أو بالتأويل (فك
(.الرموز
تستمد المفاهيم الجديدة المتعلقة بجمهور وسائل العلم وسلوكياته وأبحاثه ومقوماتها أساسا من الدبيات التي
أوجدتها تيارات ما بعد الحداثة ابتداء من القرن العشرين ،ومن الجواء التي خلقتها تكنولوجيات العلم والتصال
.المستجدة في المحيط التصالي المتحرك
تكثف استعماله منذ العقد الثامن للقرن العشرين ،للدللة على تشكيلة ()post-modernitsmإن مفهوم ما بعد الحداثة
واسعة من التغيير في أنماط التفكير ،مشيرا على العموم إلى التيارات النقدية للحقائق المطلقة والهويات ،في الفلسفة ،
الفن الموسيقي ،الهندسة المعمارية ،الدب ،الشعر ،التاريخ في هذه المجالت بالذات مواقف إيديولوجية أكثر من
.كونه يعبر عن حقبة زمنية في تاريخ الحضارة النسانية ،كما يشير إلى البعد التكنولوجي
قد شاع استعمال مصطلح ما بعد الحداثة بعد دخوله ،أول المجال الفلسفي سنة 1979جون فرانسوا ليوطار ،
".الذي نشر "شرط ما بعد الحداثة
وقد تتجلى أفكار ما بعد الحداثة في جوانب التلقي المختلفة وفي نشر المستحدثات.ومن خلل دراسة ابستمولوجية
للباحث "جاب نيكول يزن" والنقاشات التي كانت قد حامت من قبل حول العناصر الكثر تداول في أبحاث الجمهور
.على يد كل من مورلي ،كاران ،فيسك و سلتير ،وغيرهم