Professional Documents
Culture Documents
إهــــــــــــداء
كلمـــــــــــــــة شكـــــــــــــــر
2
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
مقدمــــــــــــــــة
3
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
تشكـل الضرائب والرسـوم التـي فـي حكمهـا أهـم مورد مالي لميزانيـة الدولة والجماعات المحليـة ،وتسـاهم
بشكل فعال في تمويل النفقات العمومية ،وإنعاش الحياة القتصادية والجتماعية بالبلد.
وقــد عهــد المشرع لدارة الضرائب والخزينــة العامــة ،أمــر فرضهــا وتحصــيلها وزودهــا مــن الســلطات
والمتيازات العامـة بمـا يكفـي لداء وظيفتهـا تلك ،وفـي المقابـل سـن ضمانات واسـعة للخاضعيـن للضريبـة لحمايتهـم
من كل تعسف أو شطط قد يرتكب في حقهم من طرف الدارة الضريبية ضد حقوقهم المالية.
ويسـتمد اللزام الضريـبي مصـدره مـن مضمون الدسـتور كقانون أسـمى ،حيـث نـص الدسـتور المغربـي المعدل سـنة
1996فــي المادة 17بأن " على الجميــع أن يتحمــل كــل قدر اســتطاعته التكاليــف العموميــة التــي للقانون وحده
الصلحية لحداثها وتوزيعها حسب الجراءات المنصوص عليها في الدستور" .
و يقوم النظام الضريــبي بالمغرب على الثلثيــة الجبائيــة المعروفــة لدى أغلب الدول ،فــي إطار عولمــة النظمــة
الضريبيــة أي إخضاع الشركات لضريبــة خاصــة ،والشخاص الذاتييــن وشركات الشخاص لضريبــة عامــة على
الدخـل بالنسـبة لمجموع دخولهـم ،ثـم ضريبـة عامـة على النفاق وبعـض الضرائب النوعيـة كالضريبـة المهنيـة أو
الحضرية إلى جانب النظام الجبائي المحلي.
غيـر أن الدارة الضريبيـة التـي منحهـا المشرع عدة صـلحيات تتعلق بتأسـيس الوعاء الضريـبي ،قـد تخـل ببعـض
الضمانات القانونيـة المخولة للملزميـن مـن مثـل :التبليـغ بفرض الضريبـة ،احترام الجراءات المسـطرية المتعلقـة
بتصحيح أسس الضريبة أو الفرض التلقائي لها ،العفاءات الجبائية ...
مما يؤدي إلى نشوء نزاع بين الدارة والملزم.
والنزاع الضريـبي فـي مفهومـه الضيـق ،كخلف بيـن طرفيـن ،همـا الدارة والملزم ،يدفـع فيـه كـل طرف بموقـف
متعارض مع موقف الطرف الخر أمام جهاز قضائي يفصل بينهما بإصدار حكم تنفيذي وملزم.
وفي مفهوم أوسع يعرف النزاع الجبائي بأنه " مجموعة الساليب القانونية التي يتم بمقتضاها فض النزاعات التي
( )1
تنشأ عن تطبيق قانون الضريبة من طرف الدارة الجبائية على الملزم".
وينحصـــر النزاع الجبائي فـــي صـــنفين هاميـــن همـــا المنازعات فـــي الوعاء contentieux de l’assiette
والمنازعات في التحصيل .contentieux de recouvrement
وسـنقتصر على تعريـف منازعات الوعاء الضريـبي لن بحثنـا سـيتناولها فقـط " ،فالنزاع فـي الوعاء هـو نزاع فـي
أسـاس الضريبـة ،أي النزاع الذي يخول للجهـة التـي تبـث فيـه صـلحية البحـث فيمـا إذا كانـت الضريبـة قـد تأسـست
مطابقة للمقتضيات التشريعية والتنظيمية ،وفي حالة ما إذا تبين لها العكس فمن سلطتها أن تقرر إسقاطا جزئيا أو
كليا لهذه الضريبة.
فالنزاع في الوعاء ل يخلو من احتمالين اثنين :
.1عبد القادر ثيعلتي ،النزاع الضريبي في التشريع المغربي ،دار النشر المغربية ،طبعة 2002ص .12
4
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
•إمــا أن الملزم ل ينازع مبدأ خضوعــه للضريبــة ،وإنمــا ينازع فــي العناصــر الواقعيــة التــي اعتمدتهــا
الدارة أو اللجنة الضريبية كأساس لتحديد الضريبة وهنا يطالب بإسقاط جزئي لمبلغها ونكون هنا أمام
نزاع في الوقائع.
•وإمـا أن الملزم ينازع مبدأ خضوعـه للضريبـة ،أي يعتـبر وضعـه غيـر مشمول بنطاق تطبيقهـا ،وهنـا
يطلب بإسقاطها كليا ونكون أمام نزاع قانوني.
وتجدر الشارة ،إلى أن الملزم ل يحـق له أن يرفـع نزاعـه فـي الوعاء الضريـبي مباشرة إلى القضاء الداري ،بـل
إن القانون اشترط صـراحة لصـحة الدعوى القضائيـة فـي المجال الجبائي أن يسـتنفذ الملزم طعنـا سـابقا أمام الدارة
الجبائيــة ،أو أمام اللجان الضريبيــة حســب الحالت ،فتقديــم المطالبــة النزاعيــة أمام الدارة الجبائيــة فــي مجال
منازعات الوعاء الضريبي إجراء إلزامي قبل نشر الخلف أمام أنظار القضاء.
لكن إذا باشرت الدارة الجبائية فحصا جبائيا في حق الملزم ،أو أعادت النظر في العناصر التي صرح بها ،فيحق
للملزم التقدم بالطعن مباشرة أمام اللجن الضريبية المختصة.
وبعـد اسـتنفاد الطعـن خلل المرحلة الداريـة يحـق له التقدم بالمنازعـة الضريبيـة أمام القضاء الداري طبقـا للمادة
الثامنة من القانون رقم 90/41المحدث للمحاكم الدارية ( )1التي نصتعلى ما يلي " :تختص المحاكم الدارية ...
تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالنتخابات والضرائب ونزع الملكية لجل المنفعة العامة ،وبالبث
في الدعاوى المتعلقة بتحصيل الديون المستحقة للخزينة العامة".
وقــد نظــم الباب الخامــس مــن نفــس القانون مــن المادة 28إلى المادة 36اختصــاص المحاكــم الداريــة فيمــا يتعلق
بالضرائب وتحصيل الديون المستحقة للخزينة والديون التي في حكمها.
وقـد عرفـت منازعات الوعاء أمام القضاء بالمغرب تطورات متلحقـة ،فقبـل الحمايـة كان "القضاء الجبائي" يقوم
به والي المظالم ،فقد كان بإمكان من أصابه ضرر من أحد عمال المملكة أن يتقدم بتظلم إلى وزير الشكايات الذي
يسجله ويلخصه ويعرضه على السلطان ،وبالفعل تقدم العديد من المواطنين بتظلماتهم إلى والي المظالم بخصوص
الحيف والظلم الذي كان يمارس عليهم من طرف بعض جباة الضرائب.
و السلطان بنفسه كان ينظر في بعضها.
أمــا خلل فترة الحمايــة ،فقــد أدخلت فرنســا بمقتضــى بنود الحمايــة لســنة 1912عدة إصــلحات همــت النظام
القضائي المغربي وذلك بإنشاء محاكم صلحية ،محاكم ابتدائية ،ومحاكم استئنافية.
و صــدرت خلل هذه الفترة عدة نصــوص ذات طبيعــة جبائيــة مثــل ظهيــر 9أكتوبر 1920بإحداث ضريبــة على
()2
البحار وظهير 9نونبر 1926الذي يتعلق باستخلص الديون للبلدية...
.1قانون رقم 41-90الصادر بالجريدة الرسمية عدد 4227بتاريخ .03/11/1993
.2العربي الكزداح " الطعون الجبائيـة في ظل المحاكم الداريـة بالمغرب" أطروحة لنيل الدكتورة في الحقوق ،الموسم الجامعـي ،2004-2003
جامعة محمد الخامس أكدال ،كلية الحقوق ،من ص 15إلى ص .46
5
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
و حددت هذه النصـوص المحاكم المختصـة فـي النزاع الجبائي والجراءات التي يلزم القيام بهـا لرفع النزاع أمامها
– أي المحكمة البتدائية. -
أما بعد استقلل المغرب فقد تم إنشاء المجلس العلى بمقتضى الظهير الشريف الصادر في 27شتنبر .1957
وخلل هذه الفترة وبالرغم من الصلحات المتوالية التي عرفها الجهاز القضائي ،فإن المحاكم البتدائية كانت هي
المختصة في منازعات الوعاء الضريبي بالنظر للولية العامة التي تتمتع بها في جميع أنواع القضايا طبقا للفصل
18من قانون المسطرة المدنية( ،)1ويمكن استئناف الحكام الصادرة عنها أمام محاكم الستئناف.
فـي حيـن أن المجلس العلى يختـص بالطعـن بالنقـض ،والطعون الراميـة إلى إلغاء القرارت الداريـة بسـبب تجاوز
السلطة.
وفــي ســنة 1993ســيتم إنشاء المحاكــم الداريــة كمحاكــم متخصــصة بالنظــر فــي المنازعات الداريــة ومنهــا
( )2
منازعات الوعاء الضريبي وذلك مواكبة للتحولت الكبرى التي عرفها المغرب.
وأخيرا تـم إصـدار القانون رقـم 80-03المحدث لمحاكــم السـتئناف الداريـة تأكيدا لرغبـة المغرب فــي بناء دولة
الحـق والقانون القائمة على احترام المشروعية ومبادئ حقوق النسـان ،وبالتالي ستصبح الغرفة الدارية بالمجلس
العلى تقوم بدورهـا الصـيل كمحكمـة قانون بعـد أن كانـت ولمدة 13سـنة تنظـر كمحكمـة موضوع فـي اسـتئناف
( )3
الحكام الصادرة عن المحاكم الدارية .
ويحتل هذا الموضوع أهمية بالغة في الظروف الراهنة اعتبارا لما يلي :
-راهنية البحث بالنظر للصلحات التي يعرفها المغرب من أجل جلب الستثمارات وتمتيع المقاولت
بكافـة الضمانات القانونيـة ،ومـن بينهـا الضمانات التـي يوفرهـا القضاء الداري بخصـوص المنازعات
الضريبية.
-القانون الضريــبي يحتــل أهميــة قصــوى فــي حياة المجتمعات لرتباطــه بالقتصــاد الذي هــو عصــب
المجتمـع ،ومصـدر العديـد مـن النزاعات الدوليـة خاصـة مسـائل الزدواج الضريـبي الدولي ،والوطنيـة،
وكدا عنصر أساسي في التنمية.
-موضوع منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري لزال يتميز بقلة الدراسات القانونية
والبحوث العلمية داخل فضاء الجامعة المغربية ومن ثمة فإن المجال لزال خصبا للبحث والتنقيب.
.1قانون رقم 47-447المتعلق بالمسطرة المدنية ،منشورات إيديسوفت للطباعة والنشر ،الطبعة الولى 2004-2003مطبعة النجاح الجديدة.
.2العربي الكزداح " م.سابق من ص 15إلى ص .46
.3كلمـة وزيـر العدل السـباق بأشغال اليوم الدراسـي الذي نظمتـه المدرسـة الوطنيـة للدارة حول موضوع " تطور القضاء الداري بالمغرب فـي
ضوء أحداث محاكم استئناف الدارية " يوم 22نونبر .2006
6
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
كمـا أنـا أغلب المنازعات المطروحـة أمام القضاء الداري المتعلقـة بالضريبـة هـي منازعات الوعاء ،وأن سـلطات
القاضـي ودوره خللهـا دور واسـع تفتـح أمامـه باب الجتهاد والبداع وتجاوز ثغرات النصـوص الضريبيـة التـي
تتميز بالتشتت والغموض ،خلفا لمنازعات التحصيل التي للقاضي دور محدود فيها.
وموضوع المنازعات الضريبيـة يطرح عدة أسـئلة فـي سـياق التحولت الديمقراطيـة التـي يعرفهـا المغرب ،وتنامـي
ثقافة حقوق النسان وحقوق الملزم الضريبي.
فإلى أي حـد سـن المشرع الضريـبي نصـوص قانونيـة تتضمـن وتحتوي ضمانات لصـالح الملزم الطرف الضعيـف
فـي المعادلة الضريبيـة ،أمام إدارة قويـة هـي إدارة الضرائب؟ ومـا دور القضاء الداري فـي حمايـة هاثـه الضمانات
التشريعية؟ وهل عمل على خلق قواعد ومبادئ جديدة لصالح الملزم؟
وترتيبـا على مـا سـبق فإن إشكاليـة البحـث التـي تتفرع إلى مجموعـة مـن الشكاليات ،تتلخـص فـي البحـث عـن
التوازن بين طرفي العلقة في منازعات الوعاء الضريبي ،وعن الضمانات التي خولها التشريع الجبائي للملزم،
وكيــف عمــل القاضــي الجبائي على حمايتهــا ،أو ســن ضمانات جديدة مــن خلل اجتهاداتــه فــي مجال الوعاء
الضريبي ،وذلك عبر دراسة بعض أهم المنازعات التي عرضت أمامه في المجال.
وسـنعتمد فـي معالجـة ودراسـة هذه الشكاليـة على الدارسـات التحليليـة والنقديـة للعمـل القضائي الصـادرة فـي مجال
الوعاء الضريبي وفقا للمناهج التالية :
-المنهـج التاريخـي :لمعرفـة مدى التطور الحاصـل فـي تناول الجتهادات القضائيـة لبعـض الشكالت
التي كانت مثيرة للجدل الفقهي والقانوني.
-المنهــج المقارن :لبراز نقــط التقاطــع والختلف مــع بعــض النماذج القضائيــة وخاصــة الفرنســية
والمصرية.
-المنهــج التحليلي :لبراز خصــائص و مميزات العمــل القضائي ومــن خلل تحليــل مضمون الحكام
والقرارات الصادرة في مادة تنازع الوعاء الضريبي.
وقد واجهتنا عدة صعوبات خلل إعداد هذا البحث يمكن إجمالها في :
-أن البحـث العلمـي والجامعـي فـي هذا المجال ل زال فـي بدايتـه ،كمـا أن الدراسـات والمقالت والكتـب قليلة جدا
ومشتتة عبر رفوف المكتبات بالمغرب.
-نذرة الحكام والقرارات القضائيـة المنشورة فـي مادة الوعاء الضريـبي ناهيـك عـن تحليلهـا ودراسـتها أو التعليـق
عليها ،مما اضطرنا إلى التنقل إلى المحكمة الدارية بالدار البيضاء لمرات عديدة قصد جمع البعض منها.
وسنتناول موضوع منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري بالتعرض لمحورين أساسيين هما:
•الفصل الول :العمل القضائي في مجال منازعات الوعاء الضريبي .
•الفصل الثاني :تقييم العمل القضائي في مادة الوعاء الجبائي .
وسنختم البحث ببعض الخلصات والتوصيات لتجاوز بعض الثغرات التي وقفنا عليها خلل البحث.
7
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
8
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
.-1عبد الغني خالد " المسطرة في القانون الضريبي المغربي" طبعة ،2002مطبعة دار النشر المغربية ص . 150
9
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
10
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
أمام هذه المشاكـل التـي أثيرت بسـبب مـا اعتـبر عدم التبليـغ ،تدارك المشرع المـر وأدخـل تعديلت مهمـة
على هذه المسـطرة خلل قانون الماليـة لسـنة ،1995حيـث نظـم عمليـة التبليـغ بطرق أخرى أضيفـت إلى المراسـلة
( )1
بالبريد المضمون.
وحيـث نصـت المادة 15منـه " :إذا تعذر تسـليم التبليـغ المقرر بالعنوان الذي حدده الخاضـع للضريبـة فـي
إقراراتــه ،أوعقوده ،أو مراســلته المدلى بهــا إلى المفتــش التابــع له ،مكان فرض الضريبــة عليــه لي ســبب مــن
السباب غير المتناع من تسلمه ،بوشر التبليغ المذكور بواسطة المأمورين المحلفين التابعين لدارة الضرائب ،أو
أعوان كتابــة الضبــط ،أو العوان القضائييــن ،أو بالطريقــة الداريــة ،ويجــب أن يقوم العون المبلغ بتقديــم الوثيقــة
المراد تبليغهـا على المعنـي بالمـر فـي ظرف مغلق ويثبـت التسـليم بشهادة تحرر فـي نسـختين وفـق مطبوع تقدمـه
(.)2
الدارة ،وتسلم نسخة من هذه الشهادة إلى المعني بالمر"
إل أن هذه المادة خضعت بدورها لتعديلت إذ استبدلت بالمادة 13من قانون المالية لسنة ،1996وكذا بالمادة 10
من قانون المالية رقم 55-00للسنة المالية .2001
وباســتقراء هذه المادة يتــبين بأنهــا جاءت بمقتضيات جديدة ،كــل مــا يمكــن القول عنهــا أنهــا خولت الدارة
الجبائيـة إمكانيات وصـلحيات واسـعة ومبسـطة تمكنهـا مـن إجراء عمليـة التبليـغ دون التقيـد بأي مسـطرة ،إذ يكفيهـا
تبليغ الخاضع للضريبة بعنوانه المصرح به لدى مفتش الضرائب ،بالطرق المشار إليها بالمادة 10ليعتبر التبليغ
ســليما مــن الناحيــة القانونيــة بعــد انصــرام 10أيام لتاريــخ إثبات تعذر ذلك التســليم ،وهــو مــا يخالف المقتضيات
( )3
التشريعية التي كان معمول بها في هذا الطار.
عمــل المشرع المغربــي على جمــع المقتضيات المتعلقــة بالمراقبــة والمنازعات فــي وعاء الضريبــة داخــل
()4
كتاب المساطر الجبائية الذي تضمنته المادة 22من قانون مالية .2005
وهكذا أصبحت المادة 10من الكتاب المذكور المرجع الوحيد فيما يتعلق بمسطرة التبليغ في القانون الضريبي
11
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
المغربـي ،حيـث تضمنـت هذه المادة الصـيغة النهائيـة التـي جاء بهـا تعديـل قانون الماليـة لسـنة 2001بالضافـة إلى
مستجد تمثل في تحميل مسؤولية عدم توصل الملزم في الحالة التي تقوم فيها الدارة بالتبليغ فيتعذر عليها بسبب ما
ذكره القانون كالتالي :
•إذا وقع تسليمها.
•بالنسـبة للشخاص الطـبيعيين إمـا للشخـص المعنـي إمـا بموطنـه لقاربـه أو مسـتخدمين عنده أو لكـل
شخص آخر يسكن أو يعمل مع من وجهت إليه الوثيقة أو في حالة رفض تسلم الوثيقة المذكورة ،بعد
انصرام أجل العشرة أيام التالية لرفض التسلم.
•فيمــا يخــص الشركات و الهيئات الخرى المشار إليهــا فــي المادة 8مــن القانون رقــم 17.89المتعلق
بالضريبـة العامـة على الدخـل ،إلى الشريـك الرئيسـي أو الممثـل القانونـي للشركـة أو مسـتخدميها أو أي
شخص آخر يعمل مع الخاضع للضريبة الموجهة إليه.
•إذا تعذر تســليمها إلى الخاضــع للضريبــة بالعنوان المدلى بــه إلى مفتــش الضرائب عندمــا يتــم توجيــه
الوثيقـة فـي رسـالة مضمونـة الوصـول مـع إشعار بالتسـلم أو بواسـطة أعوان كتابـة الضبـط أو العوان
القضائيين أو بالطريقة الدارية ويتم إرجاع الوثيقة مذيلة ببيان غير مطالب به ،أو انتقل من عنوانه،
أو عنوان غير معروف ،أو غير تام ،أو أماكن مغلقة أو أن الخاضع للضريبة غير معروف بالعنوان،
فـي هذه الحالت يعتـبر الظرف مسـلما بعـد انصـرام أجـل العشرة أيام التاليـة لتاريـخ إثبات تعذر تسـليم
الظرف المذكور.
و قــد حافظــت المدونــة العامــة للضرائب الصــادرة فــي قانون ماليــة 2007على نفــس المقتضيات ،التــي
اعتبرها بعض الباحثين على أن أقل ما يقال عنها أنها أجهضت جميع الضمانات التي نص عليها قانون المالية
()1
لسنة .1995
12
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
وفـي هذا السـياق ذهبـت المحكمـة الداريـة بمكناس فـي احـد قراراتهـا إلى أن التفاقيات التـي تبرمهـا الدارة
الضريبيــة مــع بعــض الهيئات المهنيــة قصــد تبســيط المســاطر ،والتقنيات المحاســبية ل تؤدي إلى اســتبعاد قواعــد
المسـطرة التواجهيـة ،ذلك أن الدارة إذ ا كان لهـا حـق مراجعـة السـاس الضريـبي فإن الملزم بالمقابـل يملك حـق
السـتفادة مـن الضمانات المخولة له تشريعيـا ،كمـا أن نفـس الجهـة القضائيـة ذهبـت فـي أحـد أحكامهـا إلى أن عدم
()1
احترام الدارة لجل توجيه الشعار بالفحص يترتب عنه بطلن مسطرة التصحيح.
وقــد عرفــت مواقــف القضاء الداري فــي هذا المجال تطورا لمواكبــة التحولت التــي عرفهــا التشريــع
الضريبي المشار إليه في مجال التبليغ ،فقبل صدور قانون المالية 1995كانت الغرفة الدارية بالمجلس العلى ل
تعتـبر أن طـي التـبيلغ مسـلما تسـليما صـحيحا لصـاحبه إل إذا توصـل بـه شخصـيا أو فـي موطنـه ،بواسـطة الشخاص
الذيــن يفوضهــم القانون تســلم الطــي نيابــة عنــه ،وان رفــض التســلم " :إمــا برجوع طــي التبليــغ الموجــه بالبريــد
المضمون بعبارة غير مطلوب ،كما هو الشأن في النازلة ،فل يشكل تسلما ول رفضا للتسلم الذي يجعل منهما حالة
( )2
تسلم صحيح لطي التبليغ".
وقـد خالفـت الغرفـة الداريـة المغربيـة موقـف القضاء الفرنسـي الذي يعتــبر رجوع الرسـالة إلى المرسـل
بعبارة غيـر مطالب تعتـبر بمثابـة التوصـل القانونـي بعـد إرسـال إشعار إلى المعنـي بالمـر بوجود الرسـالة رهـن
( )3
إشارته.
أمـا بعـد قانون ماليـة سـنة 1995الذي أتـى بمسـتجدات مهمـة ،واكـب القضاء الداري هذا التحول مـن خلل
قرارات الغرفـة الداريـة وأحكام محاكـم الموضوع ،حيـث جاء فـي قرار صـادر عـن المجلس العلى صـادر بتاريـخ
": )4(2002/03/07على الدارة أن تثبت لجوءها إلى البريد المضمون ،وتثبت تعذر تحقق التبليغ في هاته الوسيلة
حتـى تـبرر اسـتعمالها لباقـي الوسـائل الخرى تحـت طائلة بطلن مسـطرة فرض الضريبـة والتبليـغ الذي يتـم عـن
طريـق البريـد المضمون المرسـل إلى الملزم بعنوانـه المـبين فـي إقراراتـه ،أو عقوده ،أو مراسـلته مـع المصـالح
الضريبية".
كما أنا العمل القضائي خلل هذه الفترة عمل على تطبيق المقتضى الجديد الذي أتى به قانون المالية لسنة 1995
القاضي باعتبار رفض التبليغ هو بمثابة تبليغ بعد عشرة أيام من تاريخ الرفض مكرسا بذلك نفس
.1عبد الغني يفوت " المسطرة التواجهية وإجراءات التبليغ في الضريبة العامة على الدخل" مرجع سابق ص .47
.2قرار عدد 1بتاريـخ 1978/12/27فـي الملف رقـم 67701قرار عدد 270بالملف عدد " ،54963المرجـع العملي لجتهاد القضاء الدراي"
ذكره عبد الغني يفوت ،مرجع سابق ص .48
.3محمــد قصــري " المنازعات الجبائيــة المتعلقــة بربــط وتحصــيل الضريبــة أمام القضاء الداري ،الطبعــة الولى ،2005منشورات م.م.إ.م.ت
سلسة " مؤلفات وأعمال جامعية" .ص 26و .27
.4محمد قصري ،م س ص .27
13
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
()1
الفصل ،39ومن ثمة أصدرت المحكمة الدارية بفاس حكما القـــــــاعدة المنصوص عليها في ق.م.م
قاضيــا "بأن رفــض الشعار ل يقطــع التقادم إل مــن تاريــخ التبليــغ القانونــي الذي هــو 10أيام بعــد رفــض تســلم
الشعار ،وأنـه باحتسـاب هذا الجـل يكون قـد مرت أكثـر مـن تلث سـنوات وهـو المـد القانونـي المخول للدارة فـي
( )2
تصحيح الوعاء الضريبي وفرض رسوم تكميلية".
خلل هذه المرحلة يلحظ أن الجتهاد القضائي كان حريصا على ضرورة التطبيق السليم للمساطر
( )3
الجبائية .
أمـا بعـد صـدور قانون ماليـة 2005الذي نظـم التبليـغ بطريقـة مغايرة للقواعـد العامـة المتعارف عليهـا فـي صـحة
التبليـغ حسـب ق.م.م كرد فعـل على أحكام المحاكـم الداريـة القاضيـة ببطلن مسـطرة فرض الضريبـة أو تصـحيح
وعائها لعدم سلمة التبليغ ،وبالتالي سيزيد من حدة المنازعات بين الملزم والدارة الضريبية.
وقد عدد عبد الغني خالد بعض مشاكل التبليغ التي تثار عند التطبيق :
•مشكل التوصل بعنوان الملزم.
•العنوان الناقص.
•مشكلة تعدد الطراف.
•التسليم يدا بيد في المكتب.
•مشكلة المحل المغلق.
()4
•مشكلة التبليغ إلى الخدم.
219 فـي حيـن حافظـت المدونـة العامـة للضرائب الصـادرة بقانون ماليـة 2007على نفـس المقتضيات فـي بالمادة
التي تقول ":يتم التبليغ بالعنوان المحدد من قبل الخاضع للضريبة في إقراراته أو عقوده أو مراسلته المدلى بها،
إلى مفتـش الضرائب التابـع له مكان فرض الضريبـة عليـه إمـا برسـالة مضمونـة مـع إشعار بالتسـلم أو بالتسـليم إليـه،
بواسطة المأمورين المحلفين التابعين لدارة الضرائب أو أعوان كتابة الضبط أو المفوضين القضائيين أو بالطريقة
( )5
الدارية"....
.1قانون رقـم 47-447المتعلق بالمسـطرة المدنيـة ،منشورات إيديسـوفت للطباعـة والنشـر ،الطبعـة الولى 2004-2003مطبعـة النجاح الجديدة
ص .35
.2حكم إداري فاس بالملف 197/2000في قضية بناني إدارة الضرائب غير منشور.
.3محمد قصري ،مرجع سابق ،ص .31
.4عبد الغاني خالد :مرجع سابق الصفحات من 63إلى .66
.5المدونـة العامـة للضرائب الصـادرة بقانون الماليـة 2007الصـادر بمقتضـى الظهيـر الشريـف رقـم 1.06.232فـي 31ديسـمبر 2006يتنفيـذ
قانون المالية رقم . 43.06
14
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
الصـل فـي اللتزام الضريـبي أن يتـم ربطـه إمـا عـن طريـق التصـريح الذي يتقدم بـه الملزم ،أو عـن طريـق
الدارة بواســطة أعوانهــا واللجــن المتخصــصة فــي ذلك ،حســب نوعيــة الضريبــة والليات التشريعيــة والقانونيــة
المعمول بها في هذا المجال.
ويفرض القانون على الملزم التصـريح ببدايـة النشاط الخاضـع للضريبـة لتمكيـن الدارة مـن التعرف على
نشاطـه :التصـريح بالحصـيلة الخاضعـة للضريبـة بالنسـبة للضريبـة العامـة على الدخـل والضريبـة على الشركات،
التصريح برقم العمال الخاضع للضريبة على القيمة المضافة ،ثم التصريح بانتهاء النشاط الخاضع للضريبة .
لكـن هذه المرحلة ليسـت نهائيـة لكون المشرع منـح للدارة كمـا للملزم فرصـة تدارك الخطاء والغفالت
التي يمكن أن تقع في مرحلة الربط ،سواء كان السبب في ذلك هو عدم التصريح أو السهو من طرف الدارة.
كما أن ل شيء يمنع الملزم من أن يعمل على تصحيح الربط الضريبي الذي يراه غير مناسب.
وتتميـز هذه المسـطرة بوجود وسـيلتين للتصـحيح ،تؤديان إلى نتائج مسـطرية مختلفـة وهمـا :تصـحيح الضريبـة عـن
طريق تقويم التصريح المدلى به من طرف الملزم ،وهي مسطرة تواجهية بين هذا الخير والدارة ،توفر للطرفين
إمكانية الحوار وتبادل الحجج من أجل الوصول إلى تقدير مناسب للوعاء الضريبي( الفقرة الولى).
والوسـيلة الثانيـة هـي الفرض التلقائي الذي تقوم بـه الدارة بشكـل انفرادي إمـا بناء على مقتضيات قانونيـة عنـد عدم
تقديــم الملزم للقرار الضريــبي ،أوعدم إرفاق التصــريح بالوثائق اللزمــة لفرض الضريبــة ،أوعنــد عدم مســك
المحاسبة بشكل منتظم ،أو بناء على توقف المسطرة التواجهية في مرحلة من المراحل ( )1 (.الفقرة الثانية)
الفقرة الولى :مسطرة تصحيح أسس الضريبة
الصـل فـي اللتزام الضريـبي هـو التصـريح بالنتيجـة الضريبيـة مـن طرف الملزم أمام الدارة الضريبيـة بشكـل
تلقائي ،خاصـة بعـد التعديلت الخيرة بجميـع دول العالم التـي منحـت السـبقية للتصـريح بالضريبـة على التحديـد
التلقائي للدارة ،بناء على الحصـاءات التـي تقوم بهـا وذلك لشراك الملزم فـي عمليـة الفرض الضريـبي ولتقويـة
الثقة بين الدارة والملزم ،خاصة باعتبار المكلف أنه الوحيد القادر على تقدير فعلي صحيح للمادة الضريبية .
15
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
لكــن الملزم قــد يحاول إخفاء بعــض أســس فرض الضريبــة ،أو بعــض المبالغ المحجوزة برســم الدخول
( )1
المتكونة من الجور ،أو الثمنة أو التصاريح التقديرية المعبر عنها في العقود والتفاقات.
هنـا يحـق لمفتـش الضرائب الدعوة إلى تصـحيح وتقويـم أسـس الضريبـة ،وهذه السـس والمبالغ والتمان
المشار إليهــا أعله ناتجــة عــن إقرار الخاضــع للضريبــة أو رب العمــل أو المديــن باليراد أو ناتجــة على فرض
الضريبة بصورة تلقائية .وفي هذه الحالة يبلغ المفتش إلى الخاضعين للضريبة وفقا للجراءات المنصوص عليها
في المادة 219من المدونة العامة للضرائب رسالة التبليغ الولى والرسالة الثانية يدعوهم فيها للدلء بملحظاتهم
داخل الجل المضروب لذلك .
بيـد أنـه توجـد مسـطرتان لتصـحيح التصـريح بالضريبـة :المسـطرة العاديـة لتصـحيح الضرائب والمسـطرة السـريعة
لتصــحيح الضرائب ويقصــد بهذه الخيرة :المســطرة المتعلقــة بتصــحيح الربــط الضريــبي التــي تتطلب نوعــا مــن
السـرعة فـي حفـظ حقوق الخزينـة مـن الضياع ،وتهـم بعـض الحالت المنصـوص عليهـا فـي المادة 221مـن المدونـة
العامة للضرائب الجديدة وتتميز هذه المسطرة بضرورة إجبار الملزم على أداءه للضرائب قبل المنازعة فيها.
وقــد أثارت هذه المســطرة عدة منازعات بيــن الملزم والدارة أمام القضاء الجبائي ،وإن كان الغالب منهــا مرتبــط
بمسطرة التبليغ السابق مناقشتها ،إل أنه هناك إشكالت ذات أهمية ل تقل شأنا عن مسطرة التبليغ.
وفـي هذا السـياق فإن المحاكـم الداريـة المغربيـة ألزمت القابـض بأن يدلي بوسـائله التقديريـة للتأكـد من صـحتها عند
تصـحيح الضريبـة وفـق أسـس جديدة خلفـا لمـا تقدم بـه الملزم ،وهـو موقـف شجاع مـن شأنـه أن يدفـع القابـض إلى
إعادة تقديــر المادة الضريبيــة ،و القيام بالتحريات الدقيقــة مــا دام أنــه خاضــع لمراقبــة القضاء ،كمــا جاء فــي حكــم
للمحكمـة الداريـة بأكاديـر " حيـث يكون بذلك المشرع قـد افترض أن الصـل هـو الثمـن المصـرح بـه ضمـن العقـد،
وأن لدارة التسجيل أن تلجأ لمسطرة تقويم نقصان الثمنة المعبر عنها في العقود ،والتي يثبت لها من قيامها بقياس
معدل الثمنـة الرائجـة فـي السـوق العقاريـة ،بمكان وزمان معينيـن بالمقارنـة مـع مـا تسـتخلصه مـن عقود البيـع التـي
تقدم لها بقصد تسجيلها وأن بيان السس التي اعتمدتها لتبات ما تدعيه ...
وحيـث يكون بذلك الدفـع المثار مـن قبـل الدارة مـن كونهـا غيـر ملزمـة بالثبات بمقتضـى مـا يمنحـه لهـا
الفصـل 12مـن سـلطة تقديريـة ،يخالف النصـوص والقواعـد المشار إليهـا أعله ،ويحجـب تصـرفاتها عـن رقابـة
( )2
القضاء ويتعين رده "
.1المادة 220من المدونة العامة للضرائب الصادرة بالجريدة الرسمية عدد 5487بتاريخ 1يناير . 25-09-2007
.2حكم عدد 19صادر بتاريخ 1994/12/01من الملف عدد 16/14غ ،ذكره ذ.عبد الغني خالد – مرجع سابق ص 139
16
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
وفيمـا يتعلق بالتصـحيح المرتبـط بمخالفـة القانون الجبائي فإن المحكمـة الداريـة بالدار البيضاء أصـدرت
حكمـا اعتـبرت فيـه أن عمـل الدارة فـي تصـحيح ضريبـة محجوزة فـي المنبـع يندرج ضمـن الفصـل 49مـن قانون
الضريبــة على الشركات المتعلق بالجزاءات المرتبطــة بمخالفــة هذه القاعدة ول يندرج ضمــن الفصــل 39المتعلق
()1
بإجراءات تصحيح الضريبة.
وهكذا أعطـت للدارة حـق تصـحيح وضـع قانونـي مختـل احتفظـت الشركـة بموجبـه بأموال اقتطعتهـا فـي المنبـع مـن
أجور العمال ،دون أن تدلي بها لخزينة الدولة صاحبة هذا المال ،وهو موقف يستدعي معاقبة الشركة المعنية دون
استشارتها.
لذلك فإنـه عندمـا يتعلق المـر بضبـط سـرقة ومخالفـة مقصـودة ،فإن اسـترجاع مبلغ الضريبـة الذي حرمـت
منــه إدارة الضرائب ،ل يســتدعي اســتعمال مســطرة التصــحيح ،وأنــه فــي جميــع الحوال يظــل للملزم الحــق فــي
()2
المنازعة أمام إدارة الضرائب وأمام المحاكم ،وهو موقف معروف لدى القضاء الداري الفرنسي.
وحول إبرام الصـلح حول أسـاس الضريبـة بيـن الدارة الجبائيـة والملزم لحظـت المحكمـة الداريـة بالدار البيضاء :
" حيث أن الطلب يهدف إلى إلغاء مبلغ 78866.00درهم ،المترتب عن الضريبة العامة على الدخل ...والقول إن
الواجب أداؤه هو 8158.00درهم مع النفاد وتحميل الخزينة العامة المصاريف.
وحيث أنه من خلل دراسة وثائق الملف ،تبت للمحكمة أنه خلل مسطرة تصحيح الضريبة وفقا لمقتضيات المادة
105مــن ق.ض.ع.د ،فإن الطاعــن أبدى موافقــة على التعديلت المقترحــة مــن طرف مفتــش الضرائب ،حســبما
يسـتشف مـن وثيقـة التفاق المدلى بهـا مـن طرف وزيـر الماليـة ،والحاملة لتوقيـع الطاعـن والتـي يلتمـس فيهـا مـن
الدارة الموافقة على تجزئة المبالغ المستحقة عليه إلى ستة أجزاء.
( )3
وحيث بناء على ما ذكر يكون الدفع بالمغالة في الضريبة ،ووجود نزاع بشأنها غير مؤسس واقعا وقانونا" .
لكـن مـا يثيـر الكثيـر مـن اللبـس هـو الصـلح المنصـب على الغرامات وفوائد التأخيـر ،ومـن ثمـة نشأت العديـد مـن
النزاعات بهذا الخصوص وقد كان موقف القضاء صريحا حيث وصف هذه الطلبات بصفة الستعطاف بدل الحق،
" وحيــث أن الطلب يرمــي إلى الشهاد بان الشعار بالداء المؤرخ فــي 1995/11/23جاء مخالفــا للمصــالحة
المؤرخة في ،1995/12/10والتي تمت على أساس أداء مبلغ إجمالي ونهائي.
17
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
وحيث أنه من خلل دراسة وثيقة المصالحة المرفقة بمقال الطاعن ،والمودعة بمصلحة المراقبة بمندوبية
الضرائب بأنفا بتاريخ 1995/10/12فإن المحكمة عاينت أن المصالحة المذكورة انصبت على الزيادة في التأخير
المحددة في %25فقط وحدد مبلغ الضريبة في 428967.00درهم قد تنجم عن تطبيق مقتضيات الفصل 48من
قانون الضريبة على القيمة المضافة.
وحيث وبناء على مـا ذكـر تمسـك الطاعن يكون المصـالحة انصـبت على إنهاء النزاع بصفة قطعية غير مبنـي على
()1
أساس واقعي سليم ويتعين رده "
بيد أن الستاذ محمد قصري( )2استعرض بعض الحالت التي اتخذ القضاء الداري مواقف رامية إلى بطلن
مسطرة تصحيح أسس الضريبة :
•بطلن مسـطرة تصـحيح أسـس الضريبـة على الرباح العقاريـة التكميليـة ،التـي تـم ربطهـا حيادا على
اللجنــة الداريــة الســتشارية ،التــي يجــب أن تبدي رأيهــا فــي الســاس الذي ترى مــن اللزم اعتماده
بخصوص تصحيح ضريبة التسجيل*.
•بطلن مسـطرة تصـحيح أسـس الضريبـة فـي إطار نظام التقديـر الجزافـي ،لعدم إثبات مـبررات الزيادة
فـي العنصـر المتغيـر تارة وعدم سـلوك مسـطرة المراجعـة كمـا هـو منصـوص عليـه بالفصـل 107مـن
*.
القانون 17-89تارة أخرى
مــن خلل هذه الحكام والقرارات يتضــح أن القاضــي الجبائي فعــل ســلطته فــي مراقبــة مدى احترام الدارة
لمسطرة التصحيح وأكد مواقف مهمة حماية لمصالح الملزم ،لكن دون المساس بمصالح الخزينة العامة للدولة
إذا تــبين له أن مســطرة تصــحيح الضريبــة احترمــت الجراءات والشكليات المنصــوص عليهــا فــي القانون
الضريبي.
وللقضاء الفرنسـي مواقـف متقدمـة بهذا الخصـوص ،حيـث أنـه يمكـن أن يقوم تلقائيـا هو باسـتبدال السـاس القانونـي
للضريبة بشرط :
)3(.
أن تطلب الدارة ذلك صراحة ،وأن يتم احترام المجال القانوني الذي يراد به إعطاء أساس للقرار المعيب
18
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
لقـد نصـت المدونـة العامـة للضرائب فـي الباب الثالث مـن كتاب المسـاطر الجبائيـة الصـادرة بقانون ماليـة
2007على الحالت التـي يحـق للدارة فرض الضريبـة بصـورة تلقائيـة( أو مـا يسـمى بالتقديـر المباشـر مـن طرف
الدارة ) بالمادتين 229 ،228وهي كالتالي :
ــــ فرض الضريبة بصورة تلقائية عن عدم تقدير القرار بالحصيلة الخاضعة للضريبة أو مجموع الدخل أو
الرباح أو رقم العمال أو عدد العقود أو التفاقيات.
ــــ فرض الضريبة بصورة تلقائية على مخالفة الحكام المتعلقة بتقديم الوثائق المحاسبية وفق المراقبة.
ويقصـد بمسـطرة التحديـد التلقائي للوعاء الضريـبي قيام الدارة الضريبيـة بصـورة انفراديـة بتقديـر وعاء
ضريبة معينة ،وقد تستعين في بعض الحالت بآراء لجن استشارية ،وبالتالي فإن مساهمة الملزم في هذه الحالت
()1
تكون شبه منعدمة.
ومــن ثمــة فإن المحاكــم المغربيــة اعتــبرت أنــه إذا لم يحترم الملزم المســطرة المتعلقــة بالمراقبــة ،ولم يدل
بالوثائق المحاسـبية فإن تقديـر الوعاء الضريـبي تلقائيـا مـن طرف الدارة الضريبيـة ،مـا لم يثبـت الملزم أن الدارة
خرقت المسطرة.
فـي هذا السـياق أصـدرت المحكمـة الداريـة بالبيضاء حكمـا جاء فيـه " وحيـث تقضـي المراقبـة بدايـة على الخاضـع
للضريبــة ،أن يدلي بجميــع الثباتات اللزمــة ويقدم إلى المأموريــن المحلفيــن جميــع الوثائق المحاســبية المطلوب
الطلع عليها حتى يمكن له التمسك بالجراءات المتصلة بالمراقبة.
وحيـث أن المدعيـة فوتـت على نفسـها فرصـة فـض خلفهـا رضائيـا مـع إدارة الضرائب ،وذلك بعـد تقديـم الوثائق
الضرورية لمفتش الضريبة ،ولم تثبت للمحكمة إدعاءاتها في شأن خرق مسطرة المراقبة ،مما يكون معه الدفع في
()2
غير محله".
وهذا الحكم يبين أن الملزم عندما ل يحترم الجراءات اللزمة إبان مسطرة الفرض الضريبي من ضرورة الدلء
بجميـع الوثائق المحاسـبية للدارة الضريبيـة فإن أي دفـع بخرق مسـطرة التقديـر المباشـر يعتـبر باطل ويبقـى دون
جدوى.
كمـا أن المحكمـة الداريـة بالبيضاء اتخذت موقفا مؤيدا لدارة الضرائب اعتبرت فيه أن عدم تقديـم الوثائق
المحاسـبية للمفتـش قرينـة على عدم مسـك المحاسـبة ،ممـا يعطـي للدارة حـق فرض الضريبـة بصـورة تلقائيـة ،حيـث
جاء فـي حكـم لهـا "حيـث عللت المدعيـة عدم تزويـد إدارة الضرائب بالوثائق المحاسـبية مـن أجـل المراقبـة يكون
الطلب أصــبح مســتحيل لوقوع قوة قاهرة تتمثــل فــي الحريــق المذكور ،وإتلف تلك الوثائق ...وحيــث إن واقعــة
الحريق كانت بفاتح شهر أكتوبر ،1994ولم تقم المدعية بإخبار الجهة المختصة لما تعرض له مقرها من ضياع
الوثائق المحاسبية وفق المقتضيات القانونية.
-2حكم المحكمة الدارية بالبيضاء رقم 434بتاريخ 11/11/98ملف .97-1976 .1محمد شكيري – م.س .ص .400
19
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
وحيث بذلك تبقى مقترحات المفتش ،والضرائب المترتبة عليها سليمة وغير مشوبة بأي خلل مسطري أو
( )1
قانوني مما يتعين معه التصريح برفض الطلب".
وفي مقابل هذه المواقف التي أكدت فيها المحاكم الدارية على ضرورة احترام الملزم لللتزامات القانونية المتعلقة
بتقديم الوثائق المحاسبية عند المراقبة وضرورة تقديم القرارات المتعلقة بالحصيلة الخاضعة للضريبة أو مجموع
الدخل أو الرباح أو رقم العمال أو العقود أو التفاقات.
أكدت على ضرورة احترام حقوق الملزم ،خاصــة المســطرة التواجهيــة ،حيــث جاء فــي حكــم لداريــة االبيضاء "
اعتبارا بما ذكر ،يتبين أن إجراءات التصحيح المنجزة في حق المدعي ،بخصوص الضريبة على القيمة المضافة
والضريبة العامة على الدخل ،لم تحترم فيها الجراءات القانونية مما يتعين التصريح ببطلنها مع ما يترتب على
( )2
ذلك قانونيا".
وبعـد عرض هذه الشكالت المتعلقـة بالمسـاطر الجبائيـة سـواء مسـطرة التبليـغ التـي احتلت النصـيب الكـبر أمام
القضاء الداري مـن حيـث عدد الملفات المطروحـة أمامـه ،والتـي كان القضاء الجبائي قبـل قانون ماليـة 2005قـد
اتخــذ مواقــف واجتهادات كرســت ضمانات المســطرة التواجهيــة ،لكــن للســف جاء هذا القانون ليجهــض هذه
الضمانات وخاصة حين اعتبر رجوع طي التبليغ بالبريد المضمون بعبارة غير مطلوب تبليغا قانونيا ،وقد أصبح
القاضي الن ملزما بتطبيق القانون.
كمــا أن العمــل القضائي المتعلق بمســطرتي التصــحيح والفرض التلقائي تميــز بالعمــل على إحداث التوازن بيــن
سلطات الدارة والحفاظ على حقوق المكلف ،خاصة على مستوى الجراءات المسطرية .
فمـا هـي مواقـف القضاء الجبائي فيمـا يخـص تفسـير بعـض مجالت العفاء الضريـبي التـي أتارت ول شـك نقاشات
وجدال فقهيا وقضائيا وحتى تشريعيا أمام قبة البرلمان ؟
الفرع الثاني :تفسير بعض مجالت العفاء الضريبي
إن تحديـد مضمون النـص القانونـي يشكـل صـميم العمـل القضائي ،والقاضـي ل يجـد عناءا كـبيرا فـي إعمال
مقتضى النص كلما كان واضحا وغير قابل للتأويل.
أمـا فـي الحالة المعاكسـة فإن المـر يتطلب منـه مجهودا ذهنيـا اجتهاديـا لسـتخلص مضمونـه الحقيقـي انطلقـا مـن
(.)3
روح وفلسفة كل تشريع
وحيـث أن النصـوص الجبائيـة تتميـز بالتعدد والتشتـت والغموض والتغيـر المسـتمر ممـا يتطلب مـن القاضـي الجبائي
عند تطبيقه للنصوص أن يفعل آليات التفسير والخصوصيات التي
.1المحكمة الدارية البيضاء ،حكم 357بتاريخ 1/7/98ملف 1805/97ذكره ذ عبد الغني خالد – م.س ،ص .193
.2حكم المحكمة الدارية عدد ، 473بتاريخ 2/12/1998في ملف عدد .102/98
-3.عبــد العزيــز يعكوبــي " القضاء الجبائي وحمايــة الســتثمار مــن خلل قرارات المجلس العلى " مداخلة بندوة منظمــة مــن طرف المجلس
العلى بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيسه بالدار البيضاء يومي 18و 19أبريل . 2007ص .17 :
20
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
تميزها ،كما أن تفسير النص الجبائي يعد أحد الليات الساسية لتحقيق العدالة الضريبية.
ويخضع تفسير النص الجبائي لمجموعة من القواعد والحدود حسب ما استقر عليه الفقه والجتهاد القضائي :
•التفسير الضيق للقانون الجبائي.
•الشك يفسر لصالح الملزم.
•عدم جواز اللجوء إلى القياس.
بيد أن قاضي الضريبة يتعين عليه ضبط مناهج التفسير العامة سواء التفسير الداخلي للنص أو الخارجي.
ويحتل العفاء الضريبي وحدوده أهمية قصوى في هذا المجال ويطرح إشكالت كبرى سواء في المجال العقاري
( المطلب الول) أو فـي المجال الفلحـي ( المطلب الثانـي ) وهذا الختيار تـم بناء على أهميـة المجاليـن العقاري
وكذا الفلحي في القتصاد الوطني من جهة أولى ،ولهمية الجتهادات القضائية في المجالين المذكورين من جهة
ثانية.
المطلب الول :العفاءات الضريبية في المجال العقاري
بالنظر لهمية المجال العقاري ودوره المهم في تنمية المغرب وحل أزمة السكن المتفاقمة ة ،وبالنظر لما
لسياسة الضريبية من دور محوري في العملية التنموية ورفع معدل الستثمار وجلب المستثمر الجنبي ،فقد أولى
المشرع المغربــي أهميــة قصــوى لهذا القطاع ومنــح عدة إعفاءات ل زالت مســتمرة لحــد الن ،وفــي جميــع انواع
الضرائب :الضريبة على الشركات ،الضريبة العامة على الدخل و الضريبة على القيمة المضافة ...
وقــد أثارت هذه العفاءات عدة إشكالت ذات أهميـة بالغــة بيـن الملزميــن والدارة الضريبيـة كان للقضاء
الداري الفضل في حل بعضها ،خاصة المرتبطة بتفسير النصوص الجبائية.
حيـث أن جانـب الموضوع فـي المنازعـة الجبائيـة يشكـل المجال السـاسي الذي يتحقـق فيـه الدور الحمائي للقاضـي
الجبائي ،ذلك أن هاجـس المسـتثمر ينصـرف بالدرجـة الولى إلى كيفيـة إعمال المقتضيات المتعلقـة بحدود العفاء
()1
الواردة في القوانين الخاصة بتشجيع الستثمار".
وسنقتصر على مناقشة العفاء من الضريبة على القيمة المضافة بخصوص ما يسلمه الشخص لنفسه من
مبنــى ( الفقرة الولى ) وإشكاليــة الخضوع للمســاهمة الدنيــا على ضريبــة الرباح العقاريــة ( الفقرة الثانيــة) وذلك
بالنظر لهميتهما البالغة ،ولكثرة النزاعات المتعلقة بهما أمام القضاء الجبائي.
21
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
الفقرة الولى :العفاء من الضريبة على القيمة المضافة بخصوص ما يسلمه الشخص لنفسه من مبنى
نصـت المادتيـن 91و 92مـن المدونـة العامـة للضرائب الجديدة الصـادرة بقانون ماليـة 2007فـي الكتاب المتعلق
بالضريبة على القيمة المضافة على عدة إعفاءات ،فالمادة 91ضمت العفاءات دون الحق في الخصم والمادة 92
ضمت العفاءات مع الحق في الخصم.
وقد جاء في المادة 91الفقرة الثالثة ،رقم " 1ما يقوم به أي شخص طبيعي من تسليمه لنفسه من مبنى ل تزيد
مسـاحته المغطاة عـن 300متـر مربـع ،بشرط أن يتعلق المبنـى بوحدة سـكنية غيـر قابلة للقسـمة مسـلمة رخصـة بناء
فـي شأنهـا ،وأن يكون المبنـى معدا للسـكنى الرئيسـية للمعنـي بالمـر طوال أربـع سـنوات تبتدئ مـن تاريـخ رخصـة
السكن أو أي وثيقة أخرى تقوم مقامها ،يطبق العفاء المذكور كذلك على :
•الشركات المدنيـة العقاريـة التـي يؤسـسها أفراد أسـرة واحدة مـن أجـل بناء وحدة سـكنية معدة لسـكناهم
الشخصية الرئيسية.
•الشخاص الطبيعيون أو المعنويين الذين يقومون بتشييد مبان معدة لسكن مستخدميهم في إطار برنامج
معتمد.
تطبق الحكام السابقة على المباني التي سلمت رخص بنائها بعد فاتح " 1992
وممـا تجدر الشارة إليـه أن الفقرة الثالثـة مـن المادة 91قـد رفعـت مـن حجـم المسـاحة المغطاة بمقارنـة مـن
الفقرة -21أ من البند الرابع من المادة السابعة من قانون 30-85المنظم للضريبة على القيمة المضافة سابقا ،حيث
أن المساحة المعفية سابقا كانت هي 240مثر مربع.
( )1
فــي موســوعته الضريبيــة تعريفــا لمفهوم التســليم لذات المســلم باعتباره وقــد عرف ذ فرنســيس لوفييــر
العملية التي يحصل من خللها الشخص على منتوج في ملكيته أو خدمة باستخدام عناصر وأدوات في ملكيته ،بيد
أن التعريـف التشريعـي فـي المادة 256مـن المدونـة العامـة للضرائب الفرنسـية أكثـر توكيدا للدقـة بحيـث يعتـبر أن
هناك تســليما لذات الشخــص المســلم كلمــا عمــد الخاضــع إلى اقتطاع جزء مــن المنتوج أو البضائع أو الخدمات
لحاجياتــه الخاصــة ،أو لحاجيات مســتخدميه ،أو نقله أو تحويله لغايــة ترتبــط بحاجيات المقاولة ،أو حيــن تكون هذه
المنتوجات أو البضائع أو الخدمات أو العناصـر المكونـة لهـا ،مخولة لخصـم جزئي،أو كلي ،للرسـم المدفوع مسـبقا
( )2
عند اقتنائها.
جعفر حسون :مفهوم التسليم لذات الشخص المسلم في مادة الضريبة على القيمة المضافة .1مذكور بمقال
« » la livraison à soi même en matière de TVAمداخلة باليوميـن الدراسـيين حول " العمـل القضائي والمنازعات الضريبيـة "
22
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
أما بخصوص بعض الشكالت المتعلقة بإعفاء المساحة التي ل تتجاوز 240متر مربع من الضريبة على
القيمة المضافة فمحاكم الموضوع نظرت في ملفات عديدة متعلقة بهذه الشكالية مثل :
المحكمـة الداريـة بأكاديـر أصـدرت حكمـا بتاريـخ 14/11/2002فـي الملف الداري رقـم 66/2002ش
والذي تتلخـص وقائعـه فـي كون الطاعن الذي يعتـبر عامل بالخارج قام ببناء منزل شخصـي مـن أجـل السـكن بسـبت
الكردان إقليم تارودانت فقامت الدارة الجبائية تلقائيا بفرض الضريبة على القيمة المضافة على ما سلمه لنفسه من
مسـكن ،وقام بالطعـن فيـه بعـد سـلوك مسـطرة التظلم لعدة أسـباب مـن بينهـا أنـه غيـر ملزم بأداء الضريبـة على القيمـة
المضافـة لكونـه عامل بالخارج ول يتوفـر على سـكن بالمغرب فاشترى بقعـة أرضيـة شيـد عليهـا مسـكنه الشخصـي
وأنــه ل يعتــبر مقاول ول يقوم بعمليات التجزئة أو الســتثمار العقاري المنصــوص عليهــا بالمادة 4مــن القانون
30/85وبالتالي تبقى عملية تشيد منزل خصصه لسكناه الشخصي عملية
( )1
مدنية.
غيـر خاضعـة لتطـبيق الضريبـة على القيمـة المضافـة ،وان مـا سـلمه لنفسـه مـن سـكن ل يدخـل ضمـن تلك
العمليات ول يدخل ضمن نطاق العمليات الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة المنصوص عليها في البند 7من
()2
المادة الرابعة المذكورة وتكون الضريبة المفروضة عليها وفي هذه الحالة غير قانونية وقررت إبطالها.
. .1وخلفا لهذا الموقف فإن ذ.مولي أحمد أبو عسيس رئيس مصلحة الشؤون القانونية للشخاص الطبيعيين بالمديرية العامة للضرائب يعتبر أن
اي اجتهاد يسعى إلى وضع معايير بهدف التمييز بين العمال التجارية و المدنية بغية تحديد الطبيعة الجبائية لهذه العمليات يشكل خروجا صريحا
عـن مقتضيات القانون الضريـبي الذي يتسـم بخصـوصيات تميزه عـن باقـي فروع القانون الخرى مـن القانون المدنـي أو التجاري فـي تعامله مـع
بعض العمليات التي قد تكتسي طابعا غير ما تكتسيه من وجهة نظر النصوص القانونية الخرى.
ويضيف على أن الجميع يتفق على تعريف الضريبة على القيمة المضافة بأنها ضريبة على الستهلك وتطبق على المنتوجات والخدمات المنجزة
داخـل المغرب ،يعنـي ان تطبيقهـا يرتبـط بطبيعـة المنتوج أو الخدمـة وبغـض النظـر عـن المسـتهلك ،ول للطبيعـة القانونيـة للشخـص أو المقاولة التـي
تتولى عملية النتاج أو إنجاز الخدمة.
مداخلة بعنوان " نظام الضريبـة على القيمـة المضافـة المطبقـة على عمليات "مـا يسـلمه الشخـص لنفسـه مـن مبنـى" باليوميـن الدراسـيين .دفاتـر
المجلس العلى عدد 8/2005ــ ص ، 152مطبعة إليت .
.2عبد الرحمان مزوز وعبد ال العلج " حدود العفاء من الضريبة على القيمة المضافة بخصوص ما يسلمه الشخص لنفسـه من سكن " دفاتر
المجلس العلى .م.س ـ ص 150ـ
23
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
وقـد وسـع المجلس العلى مـن مفهوم السـتعمال الشخصـي للسـكن ،باعتبار إسـكان الخ يدخـل ضمنـه ،فقـد
جاء في قرار صادر عن المجلس العلى بتاريخ ، 13/02/1997وخلفا لما ذهبت إليه إدارة الضرائب في دورية
صادرة عنها فـي هذا الشأن تحت رقم 305بتاريخ 04/03/1996بأن مفهوم الستعمال الشخصـي للسكن يقتصـر
على الصـول والفروع ،أمـا إسـكان الخ فـي جزء مـن المبنـى فـي ظروف النازلة فل يدخـل ضمـن الصـول ول
الفروع " حيث أن المشرع لم يحدد في المادة 71المحتج بها مفهوم الستعمال الشخصي للسكن وأن الدورية رقم
305المحتـج بهـا إنمـا تتضمـن وجهـة نظـر الدارة فـي نزاع هـي طرف فيـه ،وليـس مـن شأن تلك الدوريـة أن تمنـع
القضاء من البحث عما قصده المشرع من الستعمال الشخصي للسكنى التي تبنى لهذا الغرض ،وحيث أن إسكان
الخ فــي ظروف النازلة المعروضــة ،ليــس فيــه مــا يخرجهــا عــن نطاق الســتعمال الشخصــي للســكن بالمفهوم
المنصـوص عليـه فـي الفقرة 2مـن المادة 71مـن القانون رقـم 30/85المحتـج بـه ولم يكـن هناك مـا يـبرر فرض
( )1
الضريبة موضوع الدعوى ويكون ما قضى به الحكم المستأنف في محله" .
هذا وقـد اسـتقر عمـل الغرفـة الداريـة بخصـوص هذا الموضوع على الخـد بالتفسـير الضيـق للنصـوص
الجبائيـة مـع تفسـير الغموض فـي كـل نـص ضريـبي لفائدة الملزم ،حيـث ذهبـت فـي نازلة أخرى إلى إضفاء الطابـع
الشخصي للضريبة على القيمة المضافة دون العيني ،حيث جاء في قرار الغرفة الدارية وهي تحكم بإرجاع مبلغ
الضريبة على القيمة المضافة المؤدى بغير وجه حق لفائدة الخزينة على أساس العفاء المقرر للملزم ما يلي " :
حيـث إن النصـوص القانونيـة الضريبيـة الغامضـة تعتـبر لمصـلحة الملزم بالضريبـة وأن المادة 7المذكورة ،وهـي
تحدد الصـناف المعفاة مـن الضريبـة ينـص على إعفاء الشخـص الطـبيعي دون تحديـد مـا إذا كان واحدا أو متعددا
يملك المساحة التي يبنيها لنفسه ،ومراعاة للقاعدة المشار إليها ولن الضريبة على القيمة المضافة هي ضريبة على
السـتهلك ،والعفاء منهـا ذو طابـع شخصـي بالنسـبة للشخـص الطـبيعي فل محـل للزام المسـتهلك بهـا إل بقدر مـا
يشتريـه وقـد كان مـن حـق المسـتأنفين أن يتمسـكا بانهمـا مسـتفيدان مـن العفاء على اسـاس حصـة كـل واحـد منهمـا
والمساحة المبنية ،وليس على أساس مجموع تلك المساحة وأن الحكم المستأنف عندما رخص طلبهما يكون قد أول
( )2
المادة 7المشار إليها أعله تأويل غير صحيح".
وقــد تعرض موقــف القضاء الجبائي بهذا الخصــوص للنقــد ،فهناك مــن اعتــبر أن الجتهاد القضائي انســاق مــع
الستعمال الشائع والموسع للمفهوم وانشغل بأحكام العفاء الواردة في المادة 7في بندها الرابع ،وشروط
.1العربـي الكزداح " الطعون الجبائيـة فـي ظـل المحاكـم الداريـة بالمغرب " أطروحـة لنيـل الدكتورة فـي الحقوق ،جامعـة محمـد الخامـس أكدال ،
الموسم الجامعي ،2003/2004ص .299
. 4/1/2002/ذكره محمد قصري م.س .ص .106 .2قرار الغرفة الدارية عدد 97بتاريخ 28/01/2004بالملف عدد 647
24
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
إعماله ،دون أي التفات للســياق العام للضريبــة على القيمــة المضافــة أولا كرســم له خصــوصياته ،الذي
( )1
ينصرف في الصل إلى التسليم للغير بمقابل واقعة منشئة للضريبة.
()2
كما أن البعض اعتبر أن ما ذهب إليه المجلس العلى ل يندرج تحت أي من المذاهب التفسيرية المعروفة.
الفقرة الثانية :إشكالية الخضوع للمساهمة الدنيا على ضريبة الرباح العقارية
تـم إحداث الضريبـة على الرباح العقاريـة بمقتضـى الفصـل الخامـس مـن قانون الماليـة لسـنة ،1978وهـي ضريبـة
تفرض على الرباح التي يحققها الشخاص الذاتيين ،من عمليات بيع الموال العقارية والحقوق العينية العقارية.
وتتكون فئة الملزميـن بهذه الضريبـة مـن الشخاص الذاتييـن الذيـن يقومون بعمليات التصـرف فــي العقار
بصفة عرضية خارج نشاطهم المهني.
ذلك أنـه بالنسـبة للشخاص المعنوييـن وكذلك الشخاص الذاتييـن العامليـن فـي إطار نشاطهـم المهنـي فإن
الرباح أو فوائض القيمة التي يحققونها أو يكسبونها حين بيعهم العقارات المرصدة لنشاطهم المهني أو سحبها من
اصــل منشآتهــم أو يتخلون عنهــا للغيــر ،تعتــبر محصــولت تدخــل فــي تكويــن أســاس الضريبــة على الشركات أو
الضريبة العامة على الدخل برسم الدخول المهنية حسب الحالة.
وعرف القانون المنظـم للضريبـة على الرباح العقاريـة تعديلت متلحقـة مسـت العديـد مـن المبادئ المرتبطـة بـه،
وأفضـت فـي النهايـة إلى إدماج تلك الضريبـة فـي الضريبـة العامـة على الدخـل بمقتضـى المادة 10مـن قانون الماليـة
رقم 55-00للسنة المالية ،2001وذلك في إطار سياسة تحديث النظام الجبائي الوطني وتبسيطه.
وقـد نشأت عـن تطـبيق هذه الضريبـة نزاعات بيـن الدارة الجبائيـة والملزميـن بهـا تتعلق بمختلف الجوانـب،
ســواء مــن حيــث تحديــد الوعاء المعتمــد لتأســيس الضريبــة أو مبادئ أخرى تتعلق بتأويــل المقتضيات القانونيــة
المرتبطة بالموضوع والتي غالبا ما يتم بشأنها الرجوع إلى القضاء ليقول كلمة الفصل فيها.
25
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
و فيما يخص استحقاق الحد الدنى للضريبة على ثمن التفويت فقد نصت المادة 94من القانون 17-89على
أن سـعر الضريبـة يحدد فـي %20فيمـا يخـص الرباح المحصـل عليهـا أو المثبتـة المنصـوص عليهـا فـي المادة 21
أعله ،غير أن مبلغ الضريبة ل يمكن ان يقل على %3من ثمن البيع كما هو محدد في المادة .86
وإقرار هذا الحد الدنى يرمي إلى الحد من أثار الغش الضريبي الشائع والمتمثل في عدم الفصاح في العقود عن
مجموع الثمن المتعاقد به ،كما هو الشأن بالنسبة لظاهرة الشركات والمقاولت التي تصرح باستمرار بالخسارة في
الستغلل.
ولقد أثيرت عدة قضايا ترتبط بتحديد أساس فرض الضريبة وسعرها ،وخاصة فرض الحد الدنى.
والشكالية المطروحة تتمتل في منازعة الملزمين في تطبيق الحد الدنى للضريبة في حالة حصول ربح ضئيل أو
( )1
خسارة من تفويت عقار .
وقد صدرت قرارات قضائية متناقضة في الموضوع نورد منها :
حكم المحكمة الدارية بأكادير تتلخص وقائعه في كون الطاعن اشترى عقارات بمقتضى عقد توثيقي بمبلغ أجمالي
قدره 55000000.00درهم فقامت إدارة الضرائب بالفرض التلقائي للضريبة على الرباح العقارية على الطاعن
على أساس تمن البيع وطبقت في حقه مبلغ المساهمة الدنيا التي هي آنذاك وقبل التعديل ( %2قبل تعديل ق.م لسنة
)2001مـن ثمـن البيـع ،فطعـن فـي الضريبـة المذكورة بعلة أن الضريبـة المفروضـة غيـر مسـتحقة باعتبار أنـه غيـر
ملزم أصـل بهذه الضريبـة لنـه لم يحقـق أي ربـح ،فتـم إلغاء الضريبـة على الرباح العقاريـة على أسـاس انهـا ل
تستحق إل على أساس ربح محقق على أن ل يقل مبلغ هذه الضريبة عن %2من تمن البيع ،وأنه أمام عدم تحقق
()2
ربح مستحق ،فإنه ل مبرر لتطبيق المساهمة الدنيا للضريبة لعدم وجود اي ضريبة أصل.
.1بلعيـد حفيـظ " ،الشكاليات المرتبطـة بالعفاء وتطـبيق الحـد الدنـى للضريبـة على الرباح العقاريـة" مقال بمجلة دفاتـر المجلس العلى ـــ عدد
8/2005مطبعة أليت ،صفحة .125،126،137،138 :
.2حكـم عدد 240/99بتاريخ 21/10/1999في الملف عدد 361/98ش ذكره الستاذان عبد الرحمان مزوز وعبد ال العلج بمقال " :إشكالية
الخضوع للمساهمة الدنيا على ضريبة الرباح العقارية" مقال بمجلة دفاتر المجلس العلى المرجع نفسه ص .143
26
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
وقـد أيـد المجلس العلى هذا الحكـم بالقرار عدد 449المؤرخ فـي 29/3/2001بالملف الداري عدد 517
،4/1/2000حيث علل قراره بما يلي :
حيـث أن مقتضات الفصـل الخامـس مـن قانون الماليـة لسـنة 1978تنـص فـي بندهـا الول على أنـه تفرض ضريبـة
الرباح العقارية التي يحققها أشخاص وبالتالي تكون المحكمة قد ركزت قضاءها على أساس عندما ألغت الضريبة
موضوع النزاع ،علما أن مقتضيات هذا البند من الفصل المذكور ل تحمل أي تأويل أو تعيين أخر باعتبار أنها لم
تنــص على أي اســتثناء لحكامهــا وإن مــا اعتمده المســتأنف فل علقــة له بتاتــا بالبنــد المذكور ،إذ المــر يكون
منحصرا حول مسألة شرط فرض هذا النوع من الضرائب ل غير.
وحيث يستخلص مما سبق وجوب تأييد الحكم المستأنف"
وترى إدارة الضرائب خلف ذلك وتدفـع بأن المجلس العلى تبنـى قراءة جزئيـة للبنـد السـالف الذكـر ،فـي
حين أن هذا البند يتضمن فقرتين تمثل الولى المبدأ في تطبيق سعر الضريبة ،والثانية جاءت في صيغة الستثناء
تحدد سـعر الحـد الدنـى وأسـاس تطـبيقه ،وهكذا فإن المشرع لم يربـط تطـبيق هذا السـعر بتحقيـق أي ربـح ،بـل أسـس
()1
الضريبة محسوبة بحدها الدنى بثمن التفويت.
وهكذا نجـد المحاكـم الداريـة وكذا المجلس العلى قـد فسـر هذه المادة لصـالح الملزم باعتبار الشـك يفسـر لصـالحه
ودافع بذلك عن حقوق الملزم وخالف بذلك تأويل الدارة وخبراؤها .
ومـن ثمـة فإن القضاء الداري عمـل على تفسـير مجالت العفاء فـي المجال العقاري فـي جزء كـبير منهـا لصـالح
الملزم وحـد مـن رغبـة الدارة فـي توسـيع مجالت الوعاء الضريـبي والتـي يهمهـا بشكـل كـبير جمـع الضرائب حتـى
ولو وصل بها المر في بعض الحالت حد العتداء على حقوق الملزمين ،وهو ما تصدى له القضاء الجبائي في
الشكالت السابق مناقشتها وتحليلها.
27
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
يعتبر القطاع الفلحي القطاع الساس في القتصاد المغربي قبل وبعد الستقلل ،ويشغل فئات واسعة من
أبناء الشعـب المغربـي خاصـة فـي العالم القروي ،ومـن ثمـة فقـد منـح المشرع المغربـي امتيازات خاصـة لهذا القطاع
همـت عدة مجالت لكـي يلعـب الدور المنوط بـه فـي التنميـة الشاملة للبلد ،وفـي هذا السـياق تـم إعفاءه مـن الضرائب
إلى غاية سنة ،2000وتم تمديدها إلى سنة .2010
وبالنظر إلى التطورات التي عرفها القطاعو المتجلية في دخول واستعمال الليات الحديثة والعصرية ،فقد طرح
هذا الوضــع عدة نزاعات بيــن الفلحيــن والدارة الضريبيــة حول حدود العفاء مــن الضرائب ،علمــا أن دخول
اللت حول طبيعة النشاط من فلحي إلى تجاري أو صناعي كما سنوضح ،فما هو السند القانوني لعفاء القطاع
الفلحي من الضريبة بجميع أنواعها ؟ وما هي أهم التطورات التي عرفها الطار القانوني ؟ ( الفقرة الولى) وما
هو موقف القضاء الجبائي من هذه الشكالت ؟(الفقرة الثانية).
الفقرة الولى :إعفاء القطاع الفلحي :السند القانوني والتطور الذي عرفه
إن الهدف مـن تشريـع مبدأ العفاء الضريـبي بصـفة عامـة هـو تمتيـع المخاطـب بـه بامتيازات ماليـة تسـاعد
على تخفيـف العبـء الضريـبي عنـه ،حتـى يتسـنى له المشاركـة بشكـل إيجابـي فـي تطور المجال الذي ينتمـي إليـه،
والمغرب يعتــبر مــن الدول التــي تعتمــد فــي اقتصــادها على الفلحــة ،ولهذا فقــد أقــر ظهيــر 1984-03-21إعفاء
الدخول الفلحية من جميع الضرائب المباشرة مؤقتا إلى غاية .2010
وقد عرف تضريب القطاع الفلحي بالمغرب عدة تطورات قبل هذا التاريخ ،ففي أواخر القرن التاسع عشر وبداية
القرن العشرين عرف المغرب ضريبتين هما:
الولى :ضريبــة العشــر وتفرض على الزراعات على أســاس الدخــل الذي يتــم تقديره طبقــا للمردوديــة المتوقعــة
لحصيلة السنة الزراعية.
الثانية :الزكاة وتطبق على الحيوانات الليفة والمرباة.
وفـي سـنة 1915تمـت صـياغة قانون تنظيمـي لكـل مـن هاتيـن الضريبتيـن وذلك فـي إطار مـا عرف بالترتيـب الذي
ظل قائما إلى غاية 1961حيث تم إحداث الضريبة الزراعية بمقتضى ظهير رقـم 1-61-438بتاريخ 30دجنبر
1962وتؤسس هذه الضريبة على :
-مقدار ما تنتجه الراضي عن كل هكتار من مزروعات أو أشجار.
-مقدار ما تنتجه أشجار الفواكه المتفرقة أو المغروسة بانتظام.
-محصول الماشية.
28
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
و بقي الحال على ذلك إلى أن تم إصدار الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 84-46الصادر في 21مارس .1984
و بمقتضى الفصل الول من هذا الظهير يتم إعفاء كل أنواع الدخول الفلحية المفروضة عليها الضريبة الزراعية
المشار إليها أعله ،من جميع الضرائب المباشرة المفروضة حال ومستقبل وذلك إلى غاية .2010
وجديــر بالذكــر أن القانون الطار لســنة 1984نــص فــي فصــله الثانــي على اســتحداث ضريبــة عامــة على دخول
الشخاص الطـبيعيين تسـمى الضريبـة العامـة على الدخـل وضريبـة دخول الشخاص المعنوييـن و تدعـى الضريبـة
على الشركات)1(.
بيـد أن مفهوم الدخل الفلحـي المعفى من الضرائب عرف بعـض الختلفات خاصـة مع التطورات السابق ذكرها،
وفي هذا الطار :
-حسب خبرة أمرت بها محكمة إدارية اعتبرت أن تربية النحل في صناديق خشبية وفقا للشكل التقليدي
المعمول به في ميدان الفلحة يعتبر عمل فلحيا صرفا ،و قد أيد المجلس العلى هذا التعريف.
-وفـي تعريـف لمحكمـة إداريـة أخرى ،اعتـبرت أن النشاط الذي يتطلب أسـاسا تدخـل النسـان بواسـطة
المكننـة والليات العصـرية فضل عـن عمليـة الشراء والبيـع والمضاربـة لتحقيـق الربـح يندرج ضمـن
النشطة التجارية.
إذن المعيار السائد في هذين التصنيفين هو معيار التقنيات المستعملة في النشاط الفلحي.
وخلفا لهذا التوجه ،نجد أن النشاط الفلحي له تعريف آخر في النظام الفرنسي ،فالمادة الثانية من القانون الفرنسي
رقم 120-88بتاريخ 30دجنبر 1988والمتعلق بملئمة الستغلل الفلحي لبيئته القتصادية.
والجتماعية ،تحدد النشطة الفلحية كالتالي :
•تلك النشطـة التـي تتناسـب والتحكـم والسـتغلل فـي الدورة البيولوجيـة لكـل صـنف نباتـي أو حيوانـي
والمؤسسة للمراحل الضرورية لتسلسل هذه الدورة.
•تلك النشطة المزاولة من طرف مشغل فلحي سواء تعلق بالمتداد العادي لعملية النتاج أو المعتمدة
فقط على الستغلل.
.1المصـطفى الخضـر " :تحديـد مفهوم الدخول والنشطـة الفلحيـة المعنيـة بالعفاء مـن الضرائب المباشرة" مجلة دفاتـر المجلس العلى .م.س
ص 183و .185
29
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
و تعتبر تربية الحيوانات نشاطا فلحيا بغض النظر عن أصناف الحيوانات المرباة أو التقنيات المستعملة أو حجم
()1
الستغلل أو مالك الحيوانات.
فمـا موقـف القاضـي الجبائي المغربـي مـن هذه الشكالت التـي طرحـت بخصـوص إعفاء القطاع الفلحـي والتقنيات
الحديثة التي أصبحت تستعمل في هذا القطاع ؟
الفقرة الثانية :موقف القضاء الجبائي من بعض إشكالت إعفاء القطاع الفلحي
منــذ إنشاء المحاكــم الداريــة عرضــت عليهــا مجموعــة مــن القضايــا تتعلق بإعفاء بعــض النشطــة ذات الطبيعــة
الفلحيـة ،منهـا مدى إخضاع مربـي الماشيـة للضريبـة المهنيـة على بيـع منتوج الحليـب الذي تدره أبقاره وعـن مدى
خضوعــه للضريبــة باعتباره يمارس نشاطــا فلحيــا ،وخلل هاتــه المنازعات كانــت إدارة الضرائب تعتــبر نشاط
المدعـي المتمثـل فـي تربيـة البقار مـن أجـل إنتاج الحليـب وتسـويقه عمل تجاريـا يخضـع للضريبـة المهنيـة وبالتالي
للضريبة العامة على الدخل.
وكانت تعمل على إصدار كل من ضريبة "البتانتا" والضريبة العامة على الدخل في مواجهة مربي الماشية ،بينما
يتمسك هذا الخير بكونه يمارس نشاطا فلحيا معفى من الخضوع لمثل هاته الضرائب.
إل أن القضاء الداري حســم هذا الموضوع ســواء على مســتوى محاكــم الموضوع ( )2أو على مســتوى الغرفــة
الداريــة بالمجلس العلى ( )3معتــبرا أن مربــي الماشيــة يمارس نشاطــا فلحيــا معفــى مــن جميــع أنواع الضرائب
بمدلول الفصل الول من ظهير 1984حيث جاء في حكم إدارية فاس :
" حيـث إن مهنـة الفلحـة داخلة بحكـم طبيعتهـا وحسـب مدلول الفصـل الول مـن الظهيـر الشريـف الصـادر بتاريـخ
31/3/1984ضمـن العفاء مـن جميـع أنواع الضرائب وبذاك فإن ضريبـة البتانتـا على مهنـة الفلحـة تعتـبر مـن
المجالت المحددة بمقتضــى الظهيــر الشريــف المشار إليــه أعله ومشمولة بالعفاء إلى غايــة 31/12/2000ممــا
يبقى معه إخضاع المدعى لها مفتقدا للسند القانوني ،والطلب الرامي إلى الحكم بإلغائها مؤسس ".
وجاء فـي قرار الغرفـة الداريـة وهـي تؤكـد نفـس المنحـى فيمـا يلي " ظهيـر 61/9/1984يشمـل جميـع الضرائب
المتعلقـــة بالفلحة بما فيها الضريبة المهنية ما دامت لها علقة بالنشــــاط الفلحـــي لنه لم يــرد
30
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
أي اسـتثناء صـريح بذلك ،ومـن ثـم يكون إخضاع المسـتأنف عليـه لضريبـة أعفـى المشرع بنـص صـريح
()1
التكليف بها غير قائم على أساس صحيح ".
هذا وفــي إطار القراءة القانونيــة للعفاء الضريــبي المتعلق بالمجال الفلحــي ،يجــب التمييــز بيــن النشاط الفلحــي
الناتـج عمـا تدره الرض مـن عطاء ومـا تقدمـه الماشيـة مـن كسـب معفـى مـن الخضوع للضريبـة ودخول النشاط
الفلحـي الذي تلعـب المكننـة الدور الرئيسـي فيـه ( ،كمـا سـبق الذكـر) والذي ينتهـي فيـه النشاط الفلحـي الطـبيعي ،إذ
يصبح تدخل عامل خارجي في تحويل النشاط الفلحي إلى نشاط صناعي كما هو الشأن بالنسبة لتربية الدواجن
بطريقة عصرية.
فقــد ذهبــت إداريــة فاس إلى اعتبار الممارســة الطاغيـة لنشاط تربيــة الدواجـن ل يعتــبر عمل فلحيــا بطــبيعته،
وبالتالي ل يستفيد من مقتضيات ظهير .1984
وهـو نفـس توجـه الغرفـة الداريـة بالمجلس العلى عندمـا رفضـت دفوع الملزم المتعلقـة بإعفائه مـن الضريبـة
( )2
باعتباره يمارس نشاطا فلحيا متمثل في توفره على جهاز خاص لتبريد المنتوج الفلحي.
وقــد جاء فــي قرار الغرفــة مــا يلي " :حيــث إنــه ممــا ل نزاع فيــه أن الدخول موضوع الخضاع الضريــبي ليــس
مصدرها عمل فلحيا محضا ،أي ناتجا عما تدره الرض من عطاء أو تقدمه الماشية من كسب ،دون تدخل اللة
فـي الصـنع ،ممـا ل يعـد عمل فلحيـا صـرفا ،وإنمـا هـو جهاز خاص بالتبريـد والحفاظ على المنتوج الفلحـي مـن
التعفن وضمان بيع الغلل الفلحية على مدار السنة ،فما أثير من كونه يستفيد من العفاء الضريبي غير منتج وكان
()3
ما قضى به الحكم المستأنف مؤسسا".
فانطلقا من هاته المواقف المميزة للعمل القضائي سواء على مستوى المحاكم الدارية أو الغرفة الدارية ،يلحظ
أن القاضي الداري قد فسر المقتضيات القانونية المتعلقة بالعفاء المقرر للنشاط الفلحي تفسيرا يتلءم والظرفية
القتصادية.
لذا ذهـب القضاء إلى شمول الضيعـة الفلحيـة مـن العفاء مـن الضريبـة الحضريـة فـي إطار ظهيـر ،1984مـع
تفعيل مقتضيات قانون التعمير ،وذلك تشجيعا للستثمارات الفلحية وإحداث هاته الضيعات في المجالت القروية.
.1محمد قصري :م.س ص 106و .107
.2أنس السبتي " قراءة في العفاءات الضريبية المتعلقة بالمجال الفلحي والشكاليات التي تطرحها المادة 7من قانون 85-30المتعلق بالضريبة
على القيمة المضافة" دفاتر المجلس العلى .م.س ص .177
.3قرار الغرفة الدارية المؤرخ في 8/5/2000بالملف 4/1/2000/ 688ذكره ذ.محمد قصري م.س ص .107
31
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
والغايـة هـي إعفاء الضيعات الفلحيـة مـن الضريبـة الحضريـة ،فقـد ورد فـي قرار الغرفـة الداريـة " أن
الدوائر والجماعات الحضريــة والمراكــز المحددة والمنصــوص عليهــا بالمادة الثانيــة مــن القانون 89-37المتعلق
بالضريبـة الحضريـة هـي وحدات إداريـة قائمـة بذاتهـا ومسـتقلة كـل واحدة عـن الخرى ،وأن المسـافة الفاصـلة بيـن
الضيعة والجماعة ل تخرج عن نطاقها ول تتعداها إلى غيرها من الجماعات الحضرية والمراكز المحددة.
وحيث إنه تبعا لما ذكر فإن ضيعة المستأنف تقع بالجماعة القروية لعين الشقف وخارج المدار الحضري
لمركز راس الماء التابع لهذه الجماعة ول تقع بمناطق امتداد الجماعة الحضرية لفاس أكدال ،لذا فإن الفقرة الثانية
(
من القانون 90-12غير قابلة للتطبيق عليها ويكون الفرض الضريبي المطعون فيه غير مشروع ويتعين إلغاءه".
)1
ونفـس الشيـء طبقتـه المحاكـم عنـد نظرهـا للطعون المتعلقـة بالضريبـة العامـة على الدخـل المتعلقـة بالدخول الفلحيـة
عندما اعتبرت أن هاته الدخول المفروضة عليها الضريبة دخول فلحية صرفة فهي معفاة.
وقـد أثارت هذه الوضعيـة إشكالت مسـطرية وذلك عندمـا يتعلق المـر بدخول فلحيـة ودخول أخرى وعزم الملزم
على المنازعة في أساس فرض الضريبة ،فطرحت إشكالية إلزامية المسطرة من عدمها.
فإذا كان الرأي الراجـح قـد ذهـب إلى أن إقرار مبدأ العفاء بشكـل كلي يعفـي الملزم مـن سـلوك المسـطرة الداريـة
لعدم مخاطبته بنصوص القانون التي تمتعه بنظام العفاء ،فإن المر يختلف كثيرا بالنسبة للعفاء المشفوع بدخول
مستثناة من هذا العفاء.
لذا اختلفـت مواقـف المحاكـم الداريـة حول إمكانيـة اعتبار وجود دخول فلحيـة ضمـن الضريبـة العامـة على الدخـل
وصـعوبة فصـلها عـن باقـي الدخول الخرى ،مـبررا يحلل الملزم مـن المسـطرة الداريـة والبـث فـي الطلب برمتـه.
( )2
وهذا ما يفسر تدخل القاضي الداري وتطبيق قاعدة التفسير للنص الغامض بالصلح للملزم.
انطلقـا مـن القراءة التحليليـة لموقـف القضاء الداري مـن مبدأ العفاء والتفسـيرات الواردة بالقرارات والحكام
المشار إليها سابقا سواء المتعلقة بالعفاء في المجال العقاري أو الفلحي ،يتبين الدور اليجابي للجتهاد القضائي
فـي تفعيـل النصـوص الضريبيـة والتعـبير عـن الغايـة التشريعيـة مـن سـنها ،وكذلك إظهار الدور الذي تضطلع بـه
المحاكم الدارية ومعها الغرفة الدارية بالمجلس العلى لتفسير النصوص الغامضة انطلقا من مفهوم أن الجتهاد
القضائي يعتـبر أداة مـن أداوات التنميـة ،إن لم نقـل قاطرة التنميـة ووسـيلة مـن وسـائل تشجيـع السـتثمار لكونـه هـو
الذي يوفر الحماية القانونية ويحقق الطمأنينة والثقة في العدالة.
32
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
يحتل الثبات أهمية قصوى لدى القاضي بل أساس ومحور تشكل قناعة القاضي ،لنه ل يوجد حق بدون
إثبات ،والتحقيق باعتباره آلية تسهل وتساهم في إثبات الحقوق أو تقييدها ذا أهمية بالغة في جميع الدعاوى وخاصة
في المجال الضريبي.
وقـد نظـم ق.ل.ع فـي فصـوله 399إلى 460قواعـد الثبات ،و قانون المسـطرة المدنيـة قواعـد التحقيـق فـي
فصــوله مــن 55إلى .102وهكذا فبالرغــم مــن أن النزاعات الضريبيــة تنتمــي إلى القانون الداري فإن القواعــد
المسطرية هي نفسها المنصوص عليها في القانون الخاص وخاصة قواعد المسطرة.
بيد أن هناك بعض الختلفات والخصوصيات من مثل استبعاد اليمين والشهود كوسيلتي إثبات كما هو ثابت قانونا
وقضاء ( الفرع الول ) ،وبمـا أن الدعوى الضريبيـة تندرج فـي أغلبهـا فـي إطار القضاء الشامـل ،وبمـا أن القاضـي
الداري المغربـي مدعـو لن يلعـب دور المفتـش السـلمي للضريبـة ،فإن مرحلة التحقيـق فـي الدعوى التـي يقوم بهـا
القاضـي المقرر تبدو مرحلة حاسـمة فـي تكييـف هذه الخيرة وتوجيههـا ،بحيـث يجـب عليـه اسـتعمال جميـع الوسـائل
)1(.
القانونية والمسطرية المتوفرة لديه لكي يظهر حقيقة اللزام الضريبي ويطبقها على الطراف
كما سنتناول في هذا المبحث موضوعا ذا أهمية بالغة وهو أثر الحكم ببطلن مسطرة فرض الضريبة أو تصحيح
وعائهــا على اللتزام الضريــبي ،فإذا كان الخلل بالقواعــد المســطرية التــي تنظمــه مســطرة فرض الضريبــة
وتصحيح وعائها كما سلف الذكر ،يرتب بطلنها لتعلقها بإجراءات جوهرية من قبل النظام.
فهـل يترتـب على الحكـم ببطلن تلك المسـطرة المتعلقـة بفرض الضريبـة انقضاء اللزام الضريـبي ،أم بمعنـى آخـر
هل يحق لدارة الضرائب أن تصحح الخلل المسطري المذكور لتعيد فرض الضريبة أو تصحيح وعائها في إطار
مسطرة أخرى سليمة؟.
إذن فمـا هـي الثار القانونيـة المترتبـة عـن الجراءات الباطلة خلل مسـطرة فرض الضريبـة أو أثارهـا على اللزام
الضريبي ؟ ( .الفرع الثاني)
33
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
ســنتناول فــي هذا الفرع وســائل التحقيــق والثبات فــي القانون الضريــبي والخصــوصيات المميزة لهــا عــن قواعــد
القانون الخاص فـي المجال المسـطري ،كمـا سـنتناول بالتحليـل بعـض الشكالت المطروحـة أمام القضاء الداري
بهذا الخصوص.
تتوقف مصداقية الحقوق المدعى بها على قوة الحجج المثبتة لها ،لذلك فالحق يكون عديم الفائدة إذا عجز عن إثبات
وجوده ،لكـن القاضـي قـد ل يقتنـع بالوسـائل المثارة أمامـه أو أن وسـائل الثبات هذه تكون ناقصـة أو غامضـة فيلجـأ
()1
إلى إجراءات التحقيق من بحث وخبرة لتشكيل قناعاته.
إذا تـبين للقاضـي أن عناصـر الثبات المقدمـة مـن الطرفيـن ل تمكـن مـن تكويـن نظرة وافيـة عـن النزاع أو ل تكفـي
لتكويـن قناعـة واضحـة ،يجوز له بناء على طلب الطراف أو أحدهـم أو تلقائيـا أن يأمـر باتخاذ إجراءات التحقيـق
()2
وهي :الخبرة ،البحث ،المعاينة كما ينص على ذلك الفصل 55من ق.م.م .
•أ -الخبرة :
الخبرة من بين أهم إجراءات التحقيق وأكثرها تطبيقا في العمل القضائي ،والخبرة بمعناها الواسع لها عدة معاني
ومفاهيم ،غير أن الخبرة المقصودة في بحثنا هذا هي الخبرة القضائية )l’expertise judicaire ، )3وقد عرفها
السـتاذ عبـد العزيـز توفيـق بأنهـا " العمليات والتقاريـر التـي يقوم بهـا الخـبير المعيـن مـن طرف المحكمـة فـي مسـالة
()4
فنية يأنس القاضي من نفسه الكفاية العلمية أو الفنية للقيام بها ".
34
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
وتخضـع الخـبرة لمجموعـة مـن المبادئ هـي :أن ل يتعلق موضوعهـا بمسـألة قانونيـة أو إجراء معاينـة أو
(
سماع شهود ،كما ل يجوز أن تكون الخبرة لمطلب أصلي في الدعوى.
ويتم اختيار الخبير استنادا إلى قدراته أو علمه أو فنه ،ومهمته إبداء رأيه للمحكمة في المسائل الفنية المحددة له من
طرف القاضي والتي ل علقة لها بالقانون ،ويتمتع باستقلل فني في إنجاز تقريره ،غير أن الخبير رغم استقلله
يتوجب عليه عدم الدلء برأي أو بيان في مسألة لم ترد في النقط التي حددها القاضي.
كما انتداب الخبير أمر موكول لسلطة القاضي التقديرية ،فهو وحده الذي يملك حق الستجابة لطلب إجراء الخبرة
()1
أو عدم إجرائها.
وقد خول المشرع المغربي للخصوم حق تجريح الخبراء كما هو مبين في الفصل 6من قانون المسطرة المدنية،
كما يمكن للقاضي استبدال الخبير المعين من طرفه تلقائيا أو بناء على طلب الخصوم و يعين خبيرا آخر محله.
وينجـز الخـبير المأموريـة بعـد اسـتدعاء الطراف تحـت طائلة بطلن الخـبرة ،وبعـد محاولة إجراء التصـالح
بين الطراف والستماع إلى أقوالهم والحجج التي يتقدمون بها ،تم يضع تقريره داخل الجل المحدد له.
ومن المسلم به أن مضمون تقرير الخبير وأرائه غير ملزمة للقاضي ،فهي على سبيل الستئناس فقط ،وإذا
اتضح له أنها ناقصة أو لم تف بالغرض ،جاز له أن يأمر بإجراء خبرة إضافية ،أو خبرة مضادة يجريها خبير أو
خبراء آخرون حسب أهمية المنازعة ،والذين يقدمون بدورهم تقارير أخرى.
مـا يلحـظ مـن خلل تفحصـنا لجـل الحكام الصـادرة عـن المحكمـة الداريـة بالدار البيضاء المبنيـة على الخـبرة ،أن
القضاة بهذه المحكمــة ل يأخذون مضمون الخــبرة على ســبيل الســتئناس فــي إصــدار أحكامهــم ولكنهــم يبنون تلك
( )2
الحكام على مضمون الخبرة لتصبح هذه الخيرة تقريرية بكل ما للكلمة من معنى.
35
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
36
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
غاية الثبات في المادة الضريبة بالنسبة للدارة تكمن في إعطائها صلحيات وإمكانية إثبات توفر شروط
إعمال النـص الجبائي خاصـة مـا يتعلق بإثبات الواقعـة المنشئة للضريبـة ،أو إثبات المادة الضريبيـة بصـفة عامـة،
والجراءات المرتبطة بفرضها أو تصحيحها ،وأيضا إثبات المخالفة للنظام الجبائي ،وذلك بهدف تطبيق النصوص
القانونية الضريبية وخلق نوع من المساواة في تحمل العباء العامة.
أمــا بالنســبة للملزم فالهدف مــن الثبات هــو تمكينــه مــن إثبات دخله أو رقــم أعماله الحقيقــي أو عدم توفــر
()1
الواقعة المنشئة للضريبة ،أو تحقيق دخل أو ربح أقل ،أو استفادته من ربح ضريبي .
وقد نظم المشرع نظام الثبات في المادة الضريبية بالرجوع للقواعد العامة،حيث نجد أن المادة 399من
قانون اللتزامات والعقود تؤكــد على أن إثبات اللتزام على مدعيــه ،والتــي يصــعب تطبيقهــا فــي المجال الجبائي،
()2
بالنظر لنعدام التوازن بين الدارة والمكانيات التي تتوفر عليها والملزم الطرف الضعيف في العلقة .
ويقوم الثبات في المجال الجبائي على عدة مبادئ يمكن إجمالها في ما يلي :
.1يتحمل عبء الثبات من يدعي خلف الصل .
.2يتحمل عبء الثبات من كلفه المشرع باحترام إلتزام إجرائي :
•الدارة في مسطرة الفرض التلقائي
•الدارة أو الملزم في مسطرة التبليغ حسب من يباشر المسطرة.
•الملزم في مسطرة المنازعة في الضريبة .
•الدارة في مسطرتي الفحص والتصحيح باعتبارها الجهة التي بادرت إلى مباشرة المسطرة.
.3يعفى من عبء الثبات من كانت القرينة لصالحه ،سواء كانت قرينة قانونية بسيطة أو قرينة واقعية
أو قرينة قضائية.
.4يتحمـل عبـء الثبات مـن يدعـي خلف تقديـر اللجـن :سـواء اللجنة الوطنيـة للنظـر فـي الطعون الجبائيـة
أو اللجة المحلية لتقدير الضريبة.
( )3
.5ل يجب تحميل المتقاضي أكثر مما في وسعه.
.1عبـد الرحمان أبليل " ،بعـض جوانـب نظام الثبات فـي المادة الجبائيـة" مقال ب دفاتـر المجلس العلى عدد 8/2005مطبعـة إليـت ،ص
245الدار البيضاء.
.2محمد شكيري ،م.س ص .616
ص .256،249،248،247 .3عبد الرحمان أبليل ،مرجع سابق
37
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
38
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
39
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
ج .القرينة القضائية :وهي القرينة التي يستمدها القاضي من واقع الحال أو من واقعة معلومة ليصل إلى واقعة
غير معروفة ،وقد أقر الجتهاد القضائي بعض القرائن مثل :
•دخول الملزم فــي حوار مــع إدارة الضرائب ومباشرتــه لجراءات لحقــة قرينــة على علمــه اليقينــي
بالجراءات السابقة.
•قرينة وجود إخفاء السس الضريبية ناجم عن التصرف غير العادي في التسيير مثل :
-التخلي عن قروض أو عن فوائد .
-منح قرض بدون فائدة.
-وجود مصاريف مبالغ فيها.
-منح تعويضات تفوق قيمة العمل المنجز.
()1
وفي هذه الحالت من حق الملزم إثبات عكس القرينة سواء على مستوى المبدأ أو المبلغ.
مما سبق يتضح أن الخبرة تبقى الوسيلة ذات الهمية البالغة على مستوى إجراءات التحقيق التي يلجأ إليها القاضي
الجبائي ،كما أن وسائل الثبات في المادة الضريبية متعددة ومتنوعة كما سبق الذكر لكن تبقى الوثائق المحاسبية
الوسيلة الكثر استعمال في الثبات سواء من طرف الدارة أو الملزم.
فكيف تعامل القضاء مع بعض الشكالت التي طرحتها وسائل التحقيق والثبات هاته ؟ .
المطلب الثاني :الشكالت المتعلقة بالتحقيق والثبات :
بالنظــر لن الدعوى الضريبيــة تحســم على مســتوى وســائل التحقيــق وآليات الثبات ،وبالنظــر لقصــور التشريــع
الضريبي في تنظيم وتقنين هذا المجال بشكل مستقل عن المسطرة المدنية والقانون الخاص ( خاصة ق.ل.ع) ،فقد
أثيرت عدة إشكالت أمام القاضي الجبائي والتي سنحاول تناولها في هذا المطلب.
و من ثمة ،سنقتصر على الشكالت المتعلقة بالخبرة باعتبارها الوسيلة الكثر من طرف القضاء لجوءا إليها في
المنازعات الجبائيـة ،وكذا إنفراد الخـبراء بحسـم هذه المنازعات مـن حيـث العتداد بآرائهـم يشكـل كامـل مـن طرف
القضاء ( الفقرة الولى) ،كمــا ســنتناول مواقــف القضاء مــن عبــء الثبات ،والتوجــه الذي ســارت عليــه محاكــم
الموضوع والغرفة الدارية بالمجلس العلى (.الفقرة الثانية)
الفقرة الولى :إشكالية الخبرة في المادة الجبائية :
كما سبق الذكر فإن الخبرة يخضع تنظيمها للقواعد المنصوص عليها ما بينالمادة 55إلى 66من ق.م.م ،وبالتالي
فليس هناك أي تميز يخص المنازعات الجبائية.
إذن كيف تعامل القاضي الجبائي مع هذه الوسيلة كآلية للتحقيق ؟
40
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
بعــد انتداب الخـبير مـن طرف المحكمـة يقوم هذا الخيــر باســتدعاء الطراف باليوم والســاعة التــي ســتجري فيهــا
الخبرة ،ويدعوهم فيها للحضور قبل الميعاد بخمسة أيام على القل برسالة مضمونة مع الشعار بالتوصل،
( ف 63من ق.م.م) ويعتبر هذا الجراء ذا طبيعة جوهرية تحت طائلة بطلن تقرير الخبير لمساسه بحق الدفاع.
وفي هذا الطار ألغى المجلس العلى لهذا السبب حكما صادرا عن محكمة دنيا ،ومما جاء فيه " حيث أن
الطالب تمسـك أنـه لم يسـتدع الخـبرة التـي اعتمدت عليهـا المحكمـة واكتفـى الحكـم المطعون فيـه على الجواب على
ذلك ،فإن الخـبير اسـتدعى الطراف برسـائل مضمونـة مـع الشعار بالتوصـل ،والحالة أن تقريـر الخـبير ليـس مرفقـا
بمـا يثبـت إتمام السـتدعاء المشار إليـه وأن المحكمـة عندمـا اعتمدت على الخـبرة مـن هذا القبيـل لم تمكـن المجلس
العلى مــن مراقبــة مدى ســلمة تطبيقهــا لمقتضيات الفصــل 63مــن ق.م.م ،ممــا يجعــل حكمهــا منعدم الســاس
( )1
القانوني" .
كما أنه يجب على المحكمة التأكد من سلمة كافة إجراءات الخبرة ،فإذا ما تبين لها أن إجراءها قد طبق
بشكـل غيـر سـليم ،وكان هذا الجراء يتعلق بالنظام العام ،جاز لهـا الحكـم ببطلن الخـبرة مـن تلقاء نفسـها ،أمـا إذا لم
)2(.
يكن كذلك فليس لها الحكم بذلك إل بناء على طلب الخصوم
وبالرغـم مـن أن القانون يمنـح القاضـي سـلطة تقديريـة واسـعة فـي الخـد بنتائج الخـبرة أو ل ،فإن أغلب المهتميـن
بالقطاع الضريبي لحظوا أن أغلبية الحكام التي أجريت بشأنها خبرة يتم فيها الحكم بناءا على ما جاء في تقرير
()3
الخبراء ل مجرد الستئناس بها فقط.
والمثلة في هذا الباب كثيرة ولعل ذلك راجع إلى الدقة العلمية التي تتميز بها هذه التقارير ،والتي غالبا ما تتضمن
مفاهيم ذات محتوى تقني و محاسبي دقيق ،وليس مجرد النظر في المسائل الجرائية للعمليات الجبائية و من بينها
الحكم الصادر عن المحكمة الدارية بالرباط ،حيث ذهبت فيه إلى تبني رأي الخبير جملة وتفصيل ،ومما جاء فيه
" :وحيـث أنـه بعـد تفحـص المحكمـة لتقريـر الخـبرة المنجزة مـن طرف الخـبير ...تـبين لهـا أنـه جاء مسـتوفيا لكـل
الشروط الشكليـة والموضوعيـة إذ قام بتقديـم رقـم المعاملت فـي غياب محاسـبة مضبوطـة بشكـل دقيـق معتمدا على
كـل المعطيات المتطلبـة ،كمـا برر تقديراتـه على حجـج ثابتـة ،أمـا الدارة الجبائيـة فـم تدل بمـا يخالف ذلك لذا ارتأت
( )4
المصادقة على هذا التقرير والحكم ببطلن الضريبة المتنازع بشأنها في ما زاد على تقرير الخبير ."...
41
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
و فـي حكـم صـادر عـن المحكمـة الداريـة بالبيضاء اعتـد القاضـي كليـة على تقريـر الخـبير كمـا جاء فـي
منطوق الحكم " :وحيث إن الخبرة المأمور بها جاءت مطابقة للواقع والقانون ولم تكن موضوع طعن أو معارضة
مـن الطرف الخـر ،المـر الذي ارتأت معـه المحكمـة السـتئناس بهـا واعتماد مـا جاء فيهـا كأسـاس لتصـحيح وربـط
الضريبة.
وعلى ذلك يمكـن القول بأن رأي الخـبير يعتـبر حاسـما فـي النزاع الجبائي ،نظرا لمتلكـه المعرفـة العلميـة
والتقنية الدقيقة بالحقل الضريبي ،و غياب قاض جبائي متخصص في الوقت الحالي ،وتحول الخبير إلى قاض في
( )1
الظل ،ل يملك القاضي الحقيقي إل مسايرته وإصدار ما اتخذه قاض الظل من قرار.
ويزداد الأمــر أهميــة إذا علمنــا أن واقــع عمــل الخــبراء بالمغرب يعرف اختللت كــبيرة مــن انتشار الرشوة فــي
صـفوف بعضهـم ،وخضوعهـم للضغوطات وضعـف تكويـن البعـض الخـر ،ممـا يؤثـر بشكـل سـلبي على طبيعـة
التوازن الذي يجب أن يكون سائدا بين الملزم والدارة الضريبية مما يمس بالعدالة الضريبية.
42
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
كما يلحظ أن قضاء المحاكم الدارية ينحو نحو إخضاع الملزم لثبات عكس ما تدعيه المصالح الجبائية،
كلمـا كان هناك إخلل صـريح مـن لدنـه لحدى المسـاطر أو اللتزامات التـي أوجبهـا عليـه المشرع كمـا هـو الشأن
بالنسـبة للخلل بقواعـد المحاسـبة ،فقـد جاء فــي حكــم صـادر عـن المحكمــة الداريــة بالبيضاء مـا يلي " :حيــث
خضعت الشركة المدعية لمراقبة محاسبية من طرف المفتش فيما يخص الضريبة على الشركات ،والضريبة على
القيمة المضافة برسم .91-90
وحيــث أن المفتــش وقــف على تلك الخللت المســطرة بمقرر اللجنــة الوطنيــة ومنهــا إخفاء بعــض الشريــة
والبيوع ....وعدم إدراج عمليات في المحاسبة بالرغم من إنجاز الشركة لها.
وحيـث أن المدعيـة لم تثبـت خلف ذلك سـواء أثناء الطعـن الداري أو القضائي ممـا يتعيـن معـه التصـريح برفـض
( )1
الطلب "
ومـع ذلك اتجهـت مجموعـة الجتهادات القضائيـة إلى إلزام الدارة أيضـا بإثبات سـند التضريـب حيـث جاء فـي حكـم
صـادر عـن ابتدائيـة سـل بتاريـخ " : 7/12/1990ذهـب الفقـه والجتهاد القضائي إلى توزيـع عبـء الثبات بيـن
الدارة الضريبيـة والملزم بالضريبـة ولو كان ذلك يخالف مـن حيـث الظاهـر القاعدة القائلة بان عبـء الثبات على
المدعـي " هكذا جاء فـي حكـم لداريـة الرباط الصـادر بتاريـخ " 1997:/15/4إدعاء المدعـي عدم ملكيتـه للعقار
()2
موضوع ضريبة التضامن الوطني المتنازع بشأنها يجعل الثبات على الدارة الضريبة"
أمــا على صــعيد القضاء الفرنســي( )3نجــد أن تحمــل عبــء الثبات محدد بوضوح حســب التجاه العام للجتهاد
القضائي في الحالت التالية :
.1حكم رقم 81ملف رقم 25/97صادر بتاريخ .5/2/98أشار إليه الباحث العربي الكزداح .م.س ص .261
.2محمد شكيري .م.س ص .617
.3عبد القادر التيعلتي ،م.س ص .149
43
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
.1حكم إدارية فاس رقم 238/95بتاريخ 1/11/95ملف رقم 86/94ذكره الباحث العربي الكزداح م.س ص .267
وهـو نفـس الموقـف اتخدتـه المحكمـة الداريـة بالبيضاء ،حيـث رفضـت طلب شركـة إلغاء الضريبـة على الشركات والضريبـة على القيمـة المضافـة
لعجزهـا عـن إثبات عكـس الخللت الخطيرة التـي شابـت حسـابات سـنة محاسـبية " حكـم رقـم 81بتاريـخ 5/2/1998ملف رقـم 85/97غ ذكره
نفس الباحث.
.2طعـن رقـم 110سـنة 16/12/1948 ،17أورده زكريـا بيومـي " المنازعات الضريبيـة فـي ربـط الضريبـة " ،طبعـة جامعـة القاهرة 1990ص
427ذكره نفس الباحث.
.3حكم بتاريخ 20/10/1999في الملف ،89/99أشار إليه ذ.عبد الرحمان أبليل .م.س ص .259
.4حكم صادر عن إدارية فاس بتاريخ 8مارس 1995من الملف 77/94تحت عدد 95-31نفس المرجع ص .262
44
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
مما سبق نخلص إلى أن دور القاضي الجبائي في توجيه الدعوى وتوزيع عبء الثبات بين طرفي النزاع
ليـس دورا سـلبيا بـل هـو دور إيجابــي وفعال بحسـب مزاعـم الطرفيـن ( الدارة والملزم) فمـن ادعـى شيئا يخالف
الوضع الجبائي الثابت أصل أو عرضا أو ظاهرا يكون هو المدعي الذي عليه الثبات ،ل فرق في ذلك بين الملزم
)1(.
والدارة الجبائية ،فهما سواء
هكذا يتـبين أن نظام الثبات هـو جزء مـن العمليـة الجبائيـة :سـواء تعلق بقواعـد توزيعـه وتحديـد الجهـة التـي تتحمـل
عبئه أو تعلق بوسائله الخاصة أو العامة.
وبالرغـم مـن أن المشرع المغربـي لم يخصـص بعـد نظام الثبات الجبائي بنصـوص قانونيـة مسـتقلة تتعرض لهـم
جوانبــه ،فإن القضاء مدعــو لن يســتنبط قواعــد هذا النظام مــن مختلف النصــوص الجبائيــة ،ومــن طبيعــة العمليــة
الجبائية وخصوصية المعاملة بين الملزم والدارة الجبائية.
الفرع الثاني :أثر الحكم ببطلن مسطرة فرض الضريبة أو تصحيح وعائها على اللتزام الضريبي :
الخلل بالقواعـد المسـطرية التـي تنظـم مسـطرة فرض الضريبـة وتصـحيح وعائهـا كمـا سـلف الذكـر يرتـب
بطلنهـا لتعلقهـا بإجراءات جوهريـة مـن قبـل النظام العام ،فهـل يترتـب على الحكـم ببطلن تلك المسـطرة المتعلقـة
بفرض الضريبــة قضاءا إنقضاء اللتزام الضريــبي ،أو بمعنــى آخــر هــل يحــق لدراة الضرائب أن تصــحح الخلل
المسطري المذكور لتعيد فرض الضريبة على الملزم من جدي.
وفـي هذا الطار يجـب التمييـز بيـن مسـطرة الفرض التلقائي للضريبـة ومسـطرة تصـحيح أسـاسها ( المطلب الول)،
والحالت التي يقضى فيها من طرف اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الجبائية ببطلن مسطرة تصويب الضريبة
( المطلب الثاني).
المطلب الول :مسطرتا الفرض التلقائي وتصحيح الساس الضريبي :
يختلف الثــر القانونــي لبطلن مســطرة الفرض الضريــبي عــن مســطرة تصــحيح الســاس ،خاصــة على
مستوى تقادم المسطرة الضريبية .ويحتل هذا الموضوع أهمية قصوى بالنظر للثار القانونية المترتبة عنه المتعلقة
بتقادم إمكانية إعادة فرض الضريبة من جديد مما يضيع عن الخزينة العامة منتوجا ضريبيا مهما.
فبالرجوع للقانون الضريـبي وخاصـة المادة 23مـن كتاب المسـاطر الجبائيـة نجده لم يتطرق للموضوع إل
فيما يخص مسطرة تصحيح الساس الضريبي ،حيث نصت كل من الفقرة الرابعة والخامسة من الفصل 113على
قطـع التقادم بالتبليـغ المنصـوص عليـه فـي المادة 107و 108فيمـا يتعلق بالتصـحيحات التـي تقوم بهـا الدارة على
إثـر المراقبـة الضريبيـة المقررة فـي المادة 105مـن القانون ،وذلك خلفـا لمقتضيات المادة 381مـن ق.ل.ع التـي
سوت بين المطالبة القضائية وغير القضائية في قطع التقادم.
45
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
وهذا الســياق المتعلق بأثــر الجراء الباطــل على قطــع التقادم ومدى إمكانيــة إدارة الضرائب إعادة مســطرة فرض
الضريبة من جديد بعد بطلن مسطرة قضاء يجب التمييز بين مسطرة الفرض التلقائي للضريبة ومسطرة تصحيح
()1
أساسها.
الفقرة الولى :مسطرة الفرض التلقائي للضريبة
كمــا ســبقت الشارة ،المشرع لم ينظــم هذا الموضوع ،ويرى يبعــض الفقهاء أن هناك فراغ تشريعــي ل
يمكــن حله ولو بافتراض إمكانيــة الرجوع إلى الفصــل 389مــن ق.ل.ع ،علمــا أن الجراءات المتعلقــة بفرض
الضريبـة بشكـل تلقائي المنصـوص عليهـا بالفصـل 103مـن القانون 17-89ومثيله بالثلثيـة الضريبيـة ل ينطوي
على أية مطالبة بقدر ما تعتبر وسائل قانونية وإجرائية لفرض الضريبة وأن المطالبة بدين الضريبة ل تستقيم إل
فـي ظـل إنذارات ضريبيـة وأن حـل هذا الفراغ التشريعـي يكمـن فـي الرجوع إلى القواعـد العامـة التـي تحكـم اجـل
)2(.
التقادم وأجل السقوط .وباعتبار أن آجال القيام بتلك الجراءات هي آجال سقوط وليس آجال تقادم
ويقابـل هذا الرأي رأي آخـر مفاده أن اللتزام الضريـبي واجـب دسـتوري ووطنـي وأن اللتزام الضريـبي تعـبير عن
المواطنـة لتمويـل نفقات الشأن العام ول يعقـل أن يبطله فسـاد مسـطرة تأسـيس الضريبـة وأن المبادئ العامـة للقانون
ومنها مبدأ اللتزام الضريبي المضمون دستوريا تجعل الدارة محقة في إقامة مسطرة فرض الضريبة داخل أجل
أمد التقادم وأنه ل يعقل أن تكون إجراءات مسطرة تصحيح الوعاء الضريبي قاطعة للتقادم والحال أن المر يتعلق
بضريبيــة تكميليــة فقــط وأن إجراءات مســطرة فرض الضريبــة بصــورة تلقائيــة كضريبــة أصــلية وفاء لللتزام
الضريبي ل تقطع التقادم سواء بالنسبة لدارة الضرائب التي أقدمت على إعادة مسطرة فرض الضريبة بصورة
تلقائية بعد إلغائها قضاء ول بوجود حكم قضائي في الموضوع ،هذا وقد تدخل المشرع الجبائي بقانون المالية لسنة
2005فـي كتاب الجبائية ونص فـي المادة 33منه على أنه ينقطع التقادم بالتبليغين المنصوص عليهما فـي البند 1
مـن المادة 19مـن الفقرة الولى مـن المادة 20المتعلقتيـن بإجـــراءات فرض الضريبـة بصـــورة تلقائــــية ،ويبقـى
التساؤل حول تطبيق هذا المقتضــــى القانونــــــــــــي
46
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
مطروحـا فـي حالة مـا إذا كانـت تلك الجراءات القاطعـة للتقادم أو إحداهـا فاسـدة وكانـت قـد مرت أكثـر مـن أربـع
سنوات على الواقعة المنشئة للضريبة ،فهل يرتب ذلك الإجراء الباطل بعدم صحة التبليغ لثره فيما يخص قطع
التقادم واحتساب أمد جديد للتقادم المذكور.
هنـا يذهـب البعـض إلى أن الجراءات التـي تمـت على وجـه صـحيح والغيـر باطلة هـي التـي مـن شانهـا أن
تقطـع التقادم ومـن تـم إذا بينـت أن الجراءات المتعلقـة بفرض الضريبـة بصـورة تلقائيـة والمقصـود بهـا الدعوة إلى
تقديـم القرار والخبار بالسـاس المنوي اعتماده فـي إصـدار الضريبـة كانـت باطلة فـي الوقـت الذي مضـت على
الواقعـة المنشئة للضريبـة أمـد التقادم المحددة فـي أربـع سـنوات يسـقط حـق الدارة فـي فرض الضريبـة باعتبار أن
الجراء الباطــل ل يترتــب عليــه أي اثــر قانونــي ،هذا وعلى خلف إذا مــا كان قــد تقرر بطلن مســطرة فرض
الضريبــة قضاء لفســاد الجراءات المقررة فــي تأسـيسها وكانــت مدة التقادم المحددة فـي أربــع ســنوات مــن تاريــخ
الواقعـة لم تمـض بعـد آنذاك يمكـن للدارة إعادة إجراءات فرض الضريبـة وأن فـي شأن تبليـغ الملزم بالدعوة إلى
)1(.
تقديم القرار أن يرتب لثره فيما يخص قطع التقادم
وهذا هو موقف القضاء الداري المغربي في العديد من قراراته ومنها قرار المحمودي الصادرعن الغرفة
الداريــة بالمجلس العلى ضــد إدارة الضرائب بالملفيــن 425و 96/ 425عدد 198الصــادر بتاريــخ /10/2
1999الذي نص على ان قيام الدارة بإجراءات الفصل 107من قانون 89-17في تصحيح الضريبة دون سلوك
مسطرة الشعار بالفحص المنصوص عليها بالفصل 105من نفس القانون ل يرتب أثره فيما يخص قطع التقادم.
إن المشرع الجبائي لئن خول للدارة حــق تصــحيح أوجــه النقصــان أو الخطاء ومختلف الغفالت الكليــة أو
الجزئيــة الملحظــة فــي تأســيس الضريبــة داخــل الربــع ســنوات المواليــة لســنة الواقعــة المنشئة للضريبــة ،عمل
بمقتضيات الفصــل 113مــن القانون 81-17ومثيله بالثلثيــة الضريبيــة (الضريبــة على الشركات،الضريبــة على
القيمـة المضافـة والضريبـة على الدخـل) الفصـل 23مـن كتاب المسـاطر الجبائيـة لقانون الماليـة لسـنة 2005فقـد قيـد
هذا الحــق بالطار الزمنــي المحدد أعله وإلزاميــة ســلوك مســطرة التصــحيح المتعلقــة بالتبليــغ القانونــي برســالتي
التصحيح الولى والثانية والجراءات الموالية المنصوص عليها بالفصول 107من القانون 17-89والفصول 39
إلى 41من القانون 24-86ما لم يكن الملزم قد انخرط في
47
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
عملية التقادم المبكر أو حالة التسوية الجبائية اللذان يعتبران مانعا قانونيا لمباشرة مسطرة تصحيح الساس
الضريبي.
المقتضيات الجبائيـة السـابقة ترتـب عـن الخلل بمسـطرة الشعار بالفحـص وأجـل تـبيلغ رسـالة التصـحيح
الثانية هو إلغاء مسطرة التصحيح برمتها ،أو تقرير بطلنها كما هو وارد بقانون المالية لسنة 98-97حينما نص
على عدم إمكانيـة إثارة حالة البطلن تلك أمام اللجنـة الوطنيـة لول مرة ،ومؤدى ذك أن بطلن مسـطرة التصـحيح
يشمل جميع الجراءات المتخذة في إطار مسطرة تصحيح الساس الضريبي من أولها إلى الجراء الذي كان سببا
في بطلنها ما دام أن المشرع نص صراحة على بطلن مسطرة التصحيح وليس بطلن الجراء القانوني في حد
ذاتــه ،ولذلك فلو أن إدارة الضرائب احترمــت مســطرة الشعار بالفحــص وآجال رســالة التبليــغ الولى ولم تلتزم
بضابــط أجــل رســالة التبليـغ الثانيـة يلحــق البطلن جميـع إجراءات التصــحيح بمــا فيهــا الصـحيحة والباطلة وعلى
الدارة أن تعيـد مسـطرة التصـحيح مـن البدايـة على شرط عدم تغييـر أسـاس الضريبـة الوارد بالرسـالة الولى .لكـن
هـل يرتـب الجراء الباطـل المذكور أثره فيمـا يخـص قطـع التقادم أو بمعنـى آخـر هـل يجوز للدارة ولو مـع بطلن
مسـطرة تصـحيح أسـاس الضريبـة قضاء لبطلن أي إجراء مـن إجراءات التصـحيح أن تعيـد مسـطرة التصـحيح مـن
جديد وتدارك المر في ظل مسطرة جديدة.
وقد أكد هذا التوجه المحكمة الدارية بوجدة بقولها بعد إلغاء مسطرة تصحيح الساس الضريبي مخالفتها للقانون "
علما أن اللغاء ينصب على المسطرة التي يمكن للدارة بناء على ما ذكر تصحيح الوضع بإجراء مسطرة سليمة
()1
للمراجعة وبتمتيع الجهة الملزمة بجميع الضمانات القانونية "
هذا بخصوص آثار الحكم ببطلن مسطرة فرض الضريبة أو تصحيح وعائها على اللتزام الضريبي ،فما
موقـف التشريـع والقضاء مـن الثار القانونيـة المترتبـة عـن بطلن مسـطرة تصـحيح الوعاء الضريـبي المقررة مـن
طرف اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة ؟
المطلب الثاني :على مستوى مقررات اللجنة الوطنية القاضية ببطلن المسطرة الضريبية:
فـي هذا الطار ينبغـي أن نميـز بيـن الحالة التـي تقضـي فيهـا ببطلن مسـطرة تصـحيح الضريبـة للخلل بمقتضيات
الفصـل 39مـن قانون الضريبـة على الشركات والفقرة الثامنـة مـن الفصـل 11مـن كتاب المسـاطر الجبائيـة لقانون
المالية لسنة 2005حيث تملك هاته الجهة الدارية الحق في البث في حالت البطلن المثارة
48
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
مسـبقا أمام اللجنـة المحليـة لتقديـر الضريبـة المتمثلة فـي حالة عدم توجيـه الشعار بالتحقيـق طبقـا لمـا تطلبـه القانون
وحالة عدم تبليـغ جواب المفتـش على ملحظات الخاضعيـن داخـل الجـل القانونـي ،والحالة التـي تقرر فيهـا اللجنـة
المذكورة بعدم إمكانية البث لفوات الجل القانوني المقرر لها للنظر في الطعن المرفوع إليها 12شهرا من تاريخ
تقديـم الطعـن ،والحالة التـي ينـص فيهـا القضاء بإلغاء مقرر اللجنـة الوطنيـة والضريبـة المفروضـة على ضوء ذلك
للخلل بالمسطرة القانونية الواجب إتباعها أثناء المثول أمام تلك اللجنة.
الفقرة الولى :حالة بطلن مسطرة تصويب الضريبة للخلل بالشعار بالتحقيق
تنص المادة 113من قانون الضريبة العامة على الدخل 89-17ومثيلتها في الثلثية الضريبة الضريبية بما معناه
أنه يوقف التقادم طوال الفترة الممتدة من تاريخ تقديم الطعن إلى اللجان المحلية لتقدير الضريبة إلى انصرام الشهر
الثالث التالي للشهــر الذي صــدر فيــه المقرر النهائي عــن اللجان المذكورة أو اللجنــة الوطنيــة للنظــر فــي الطعون
المتعلقة بالضريبة.
وقـد جاءت المادة 23مـن كتاب المسـاطر الجبائيـة لقانون الماليـة لسـنة 2005بتعديـل طفيـف يتعلق باحتسـاب وقـف
التقادم إلى غايـة انصـرام أجـل الثلثـة أشهـر التاليـة لتاريـخ تبليـغ المقرر الصـادر بصـورة نهائيـة إمـا عـن اللجنـة
المذكورة و إمــا عــن اللجنــة الوطنيــة لذلك فتقريــر بطلن مســطرة تصــويب الضريبــة مــن طرف اللجنــة الوطنيــة
للخلل بمقتضيات الشعار بالتحقيق أو عند جواب المفتش داخل الجل القانوني ،كما ذهبت إليه اللجنة المذكورة
فـي إحدى قراراتهـا يضـع الدارة بيـن خياريـن فإمـا أن تعيـد مسـطرة تصـويب الضريبـة بكاملهـا ابتداء مـن توجيـه
الشعار بالتحقيـق وتبليغـه للملزم ومواصـلة باقـي الجراءات المتطلبـة فـي التصـويب داخـل مدة التقادم بعـد احتسـاب
مدة الوقف شريطة أن ل تتعدى السس التي سبق فرضها في ظل المسطرة السابقة المختلة .
وإمـا أن تقدم الطعـن القضائي المقرر المذكور أمام المحكمـة المختصـة داخـل الجـل القانونـي وفـي هاتـه الحالة
تتحمل الثار القانونية الناتجة عن رفض طعنها وهو فوات أمد التقادم لعادة مسطرة تصويب الضريبة في إطار
( )1
تحقيق اللتزام الضريبي.
الفقرة الثانية :حالة الخلل بالمسطرة القانونية الواجب إتباعها أثناء المثول أمام اللجنة
إذا كانت اللجنة الوطنية ممنوعة من البت في المسائل القانونية التي تتعلق بتفسير وتأويل النصوص القانونية وإن
الملزم يحتفظ بعرضها أمام المحكمة المختصة بمناسبة النزاع القضائي التي تنظر المحكمة غالبا في إطار القضاء
الشامـل والتـي تملك فيـه سـلطة تصـحيح جميـع الوضاع القانونيـة المختلة سـواء المتعلقـة بالواقـع أو القانون ،فإن
الملزم فـي هذا الطار يملك صـلحية المنازعـة القضائيـة بمناسـبة الطعـن فـي مقرر اللجنـة الوطنيـة سـواء المتعلقـة
49
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
منهــا بمســطرة تصــحيح الوعاء الضريــبي أو المتعلقــة منهــا بمســطرة المثول أمام اللجنـة الوطنيــة ومســطرة اتخاذ
مقرراتها.
وقد يحدث كما ذهبت إلى ذلك الغرفة الدارية في إحدى قراراتها أن تقضي ببطلن مقرر اللجنة الوطنية لخلل
اللجنة بضمان حق الدفاع بعدم استدعاء الملزم لحضور أشغال اللجنة.
كمـا يمكـن للقضاء أن يقضـي ببطلن مقرر اللجنـة الوطنيـة للخلل بوجوب التعليـل فمـا هـو أثـر هذا البطلن على
اللتزام الضريبي من حيث انقضائه أو إمكانية إعادة المسطرة لتحقيقه؟.
بالرجوع إلى الفقرة السـادسة مـن الفصـل 113مـن القانون 17-89ومثيله فـي الثلثيـة الضريبيـة والفقرة مـا قبـل
الخيرة من الفصل 23من كتاب المساطر الجبائية لسنة 2005نجده ينص على وقف التقادم طوال الفترة الممتدة
من تاريخ تقديم الطعن أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة لغاية انصرام الشهر الثالث التالي للشهر الذي صدر فيه
المقرر النهائي عــن اللجان المذكورة ،أو لغايــة انصــرام أجــل الثلثــة أشهــر التالي لتاريــخ تبليــغ المقرر الصــادر
بصـورة نهائيـة إمـا عـن اللجنـة المذكورة وإمـا عـن اللجنـة الوطنيـة للنظـر فـي الطعون الضريبيـة .ومؤدى ذلك أن
للدارة الحق في إعادة مسطرة تصحيح الوعاء الضريبي نتيجة بطلن تلك المسطرة أو قرار اللجنة الوطنية قضاء
داخل أمد التقادم المنصوص عليه بالمادة 113من القانون 17-98ومثيله في الثلثية الضريبية.
والفصل 23من كتاب المساطر الجبائية لقانون المالية لسنة 2005مع احتساب أمد وقف التقادم نتيجة اللجوء إلى
مسـطرة اللجان كمـا سـلف الذكـر ،غيـر أنـه مـن الناحيـة العمليـة يتعذر على الدارة إعادة مسـطرة تصـحيح الوعاء
الضريـبي على ضوء صـدور حكـم قضائي نهائي يقضـي ببطلن المسـطرة لفوات أمـد التقادم ولو بعـد احتسـاب مدة
الوقف ،على اعتبار أن إجراءات تحقيق الدعوى على مستوى مرحلة المحكمة الدارية والغرفة الدارية بالمجلس
العلى تستغرق أمد التقادم المذكور.
ومـن هنـا يمكـن للدارة إذا اقتنعـت بتعليـل الحكـم القضائي البتدائي الصـادر عـن المحكمـة الداريـة المختصـة وكان
أمد التقادم لم يمضي بعد باحتساب مدة الوقف المنصوص عليه أعله آنذاك يمكنها أن تعيد مسطرة تصحيح الوعاء
)1(.
الضريبي تداركا للخللت التي شابتها في إطار تحقيق اللتزام الضريبي
وختامــا لهذا الفرع نخلص إلى القول أن بطلن مســطرة الفرض التلقائي الضريــبي لضريبــة أصــلية نتيجــة إخلل
الدارة بالجراءات القانونيــة الجديدة وكتاب المســاطر الجبائيــة لقانون الماليــة لســنة 2005التــي نــص على أن
التبليغات المتعلقـة بالدعوة إلى تقديـم القرار أو إتمامـه مـن شأنهـا أن تقطـع التقادم ،كان يسـودها فراغ تشريعـي ل
يمكن سده ولو بالرجوع إلى القواعد العامة ل.ق.ع مما طرح إشكال عميقا حول الثار
50
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
المترتبة على بطلن تلك المسطرة على اللتزام الضريبي بين إمكانية إعادة تلك المسطرة لتحقيق اللتزام
الضريـبي داخـل أمـد التقادم ،وبيـن تعذر إمكانيـة إعادة تلك المسـطرة لتحقيـق اللتزام الضريـبي لعدم وجود مـبرر
قانونـي فـي إطار الفراغ التشريعـي المذكور ،هذا على خلف بطلن تصـحيح الوعاء الضريـبي قضاء ،حيـث تعتـبر
تبليغ الجراءات المتطلبة في تصحيحها قاطعة التقادم وتسلك الدارة على ضوء ذلك الحق في إعادة تلك المسطرة
داخـل أمـد التقادم سـواء بصـفة تلقائيـة أو بعـد اتخاد مقرر بإلغاء تلك المسـطرة مـن طرف اللجنـة الوطنيـة مـع الخـد
بعين العتبار أمد الوقف في احتساب مدة التقادم ،أو على إثر صدور مقرر قضائي نهائي ببطلن تلك المسطرة ما
لم يمضـي أمـد التقادم كمـا يمكـن للدارة على إثـر صـدور مقرر بإلغاء مسـطرة التصـويب مـن طرف اللجنـة الوطنيـة
أن تسـتعمل الخياريـن معـا وهمـا إعادة المسـطرة مـن جديـد وبالموازاة الطعـن فـي مقرر اللجنـة الوطنيـة أمام القضاء
الداري المختص للمحافظة على هاجس تحقيق اللتزام الضريبي .
51
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
52
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
يعتـبر تقييـم عمـل المؤسـسات ضرورة أسـاسية لدعـم وتأسـيس كـل الخطوات والجراءات الصـلحية على أسـس
واضحة وعملية.
والتقييم أصبح جزءا من التدبير الحديث لجميع المؤسسات بمختلف أشكالها ،وفي هذا الطار يلحظ قلة الدراسات
والبحاث التــي تعنــى بتقييــم العمــل القضائي عمومــا والقضاء الداري خصــوصا ،ســواء داخــل فضاء الجامعــة
المغربية أو من طرف مؤسسات البحث العلمي.
وتجدر الشارة إلى أن البنـك العالمـي قـد حدد بعـض المؤشرات وعناصـر قياس أداء القضاء فـي تقريره الصـادر
سنة .)1(1999
ويقصد بالتقييم معرفة القيمة ،أي تحديد قيمة الشيء أو المعنى أو العمل ،أي وجه من أوجه النشاط ،وذلك لهدف
معني معلوم ومحدد من قبل.
ويهدف التقييـم إلى الحكـم على مدى التوافـق بيـن الهداف المرسـومة له وبيـن مـا حققـه بالفعـل ،وترنـو هذه العمليـة
أيضا إلى معرفة مدى نجاح القضاء في إرضاء المتقاضين.
وحسب البنك الدولي ،لقياس الداء القضائي ل بد من العتماد على ثلثة عناصر:
•القانون الموضوعي.
•صنع القرار القضائي.
•الدارة القضائية.
أما معاير قياس الداء القضائي فهي :
•أول :المعيار الكمـي -مقياس الفاعليـة : -ويقصـد بـه فحـص الخارج عـن قيمـة المخرجات القضائيـة
على المدخلت القضائية.
•ثانيــا :المعيار الكيفــي ـ ـ مقياس الفعاليةـ ـ :ويقصــد بــه نوعيــة القضاء الجبائي أهــو عادل وموثوق بــه
ويمكن توقع أحكامه.
وهذه المعايير التي سنعتمد عليها في دراسة وتقييم أداء القاضي الجبائي خلل هذا الفصل ،أول لمعرفة أهمية عمل
القاضي الجبائي في حماية حقوق الملزم ـ أي الفاعلية ـ ( المبحث الول) .وثانيا تحليل ومناقشة بعض الحدود التي
تعيق عمل القاضي الداري على أن يكون في مستوى تطلعات المتقاضين ـ مقياس الفعالية ـ ( المبحث الثاني).
53
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
إذا كانـت المنازعات الجبائيـة هـي وسـيلة دفاع حقيقيـة بيـد الملزم تمكنـه مـن إقامـة توازن نسـبي بيـن مـا عليـه مـن
واجبات ومـا له مـن حقوق فـي المادة الجبائيـة ،وهـي إضافـة إلى ذلك تمكـن مـن خلق حوار دائم وتفاهـم مسـتمر بيـن
فرقاء العلقة الجبائية وتعطي المكلف فرصة المساهمة والمشاركة المباشرة في إعداد الدين الضريبي الواجب في
( )1
حقه.
ويروم هذا المبحث الغوص والنظر في الدور الذي لعبه القضاء الجبائي منذ إنشاء المحاكم الدارية سنة 1993في
حمايـة حقوق الملزم وتكريـس الضمانات المخولة له قانونـا ،خاصـة وأن القانون الداري هـو قانون وليـد الجتهاد
قضائي ومجال للخلق والبداع ،كمــا أن القاضــي الداري يلعــب دورا تفســيريا للمقتضيات التشريعيــة والتنظيميــة
وبالتالي فهو يشكل مصدرا من مصادر القانون الجبائي.
فما هي مجالت هذه الحماية ؟ وما هي المنهجية المعتمدة من طرف القاضي الداري في ذلك ؟
كما سبق الذكر فإن المنازعات الدارية هي ملك للمحكمة وليس للخصوم ،وأن القاضي الداري يلعب دورا إيجابيا
ملموسا في توجيه الدعوة الوجهة الصحيحة.
وفـي هذا السـياق عمـل القاضـي الداري المغربـي بالرغـم مـن حداثـة التجربـة بالمغرب مـن تأصـيل بعـض القواعـد
لصـالح الملزم سـواء فـي الجانـب المسـطري ( المطلب الول) أو فـي جانـب موضوع الدعاوى التـي طرحـت أمامـه
( المطلب الثاني) .
المطلب الول :على مستوى تطبيق القواعد الشكلية المتعلقة بالطعن القضائي
التجربـة العمليـة للعمـل القضائي بالمغرب تؤكـد أنـه يحسـم فـي العديـد مـن الملفات أسـاسا فـي الشكـل ويتشدد فـي ذلك
( الصــفة ،الوثائق ،)... ،لكــن بالرغــم مــن ذلك فإن القاضــي الداري حاول إيجاد العديــد مــن الحلول لهذا الشكال
بالتخفيــف والتلطيــف مــن بعــض القيود المســطرية على مســتوى الجال ( الفقرة الولى ) أو بعــض الجراءات
المسطرية ( الفقرة الثانية) .
.1عبــد الرحمــن أبليل " المنازعات الجبائيــة بالمغرب بيــن النظريــة والتطــبيق " م.س ،ص .50وللمزيــد مــن التفصــيل أنظــر زكريــا بيومــي
المنازعات الضريبية في ربط الضريبة ،مطبعة القاهرة ،1990 ،ص , 301
54
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
55
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
الحالة اعتــبر القضاء الداري أن طعنــه يبقــى مقبول شكل لتقديمــه وفــق الشروط والجال المنصــوص عليهــا فــي
( )1
الطعن القضائي
.4قبول الطعن في مقر إدارة الضرائب ولو قدم خارج الشهر السابع الموالي لجل الستة أشهر المحددة لجواب
الدارة متى قدم داخل أجل شهر من تاريخ التبليغ به :
بالرغم من أن القانون الضريبي حدد أجل الطعن القضائي في الشهر السابع الموالي لنقضاء أجل الدارة للجواب،
فإنـه قـد يحدث أن تتباطـأ الدارة فـي الجواب خارج الجال ويتقدم الملزم بطعنـه بعـد ذلك .وجوابـا على هذا الشكال
ذهبـت الغرفـة الداريـة وهـي تلغـي حكـم إداريـة فاس التـي قضـت بعدم القبول " وحيـث أنـه ارتأت إدارة الضرائب
تحقيق هذه الضمانة عن طريق الرفض الصريح بعد أن يكون الجل قد انتهى ولم تبد في رفضها الصريح ما يفيد
أنـه مجرد تأكيـد لي رفـض سـابق كمـا هـو الشأن فـي النازلة فل مجال لحسـاب أجـل الطعـن الضريـبي على أسـاس
رفـض ليـس له محـل وأن الحكـم المسـتأنف ومـا قضـى بخلف ذلك يكون إحدى الضمانات التـي تقررت لصـالح مـن
( )2
فرضت عليه الضريبة .
الفقرة الثانية :على مستوى الجراءات المسطرية
لقد خول القانون الضريبي لفائدة الملزم العديد من الضمانات والحقوق ذات طبيعة مسطرية منها :
•المســطرة التواجهيــة التــي ســبق الحديــث عنهــا ،اللجان الضريبيــة ،و الضمانات أثناء الفرض التلقائي
للضريبـة ،وكدا أثناء المرحلة القضائيـة التـي اسـتطاع القضاء الجبائي التأسـيس لمجموعـة مـن القواعـد
الراميـة إلى التلطيـف والتخفيـف مـن حدة الجراءات المسـطرية ،إلى جانـب المراقبـة الصـارمة لمدى
احترام الدارة لحقوق الملزم خلل مسطرة تصحيح الساس الضريبي أو الفرض التلقائي للضريبة.
ونذكر على سبيل المثال :
-الدور اليجابـي للقاضـي الداري وهـو ينظـم الدعوى بتطـبيق الفصـل 32مـن ق.م.م
أخدا بعيــن العتبار خصــوصية المنازعــة الضريبيــة وذلك بالعمــل على إنذار الملزم
المدعــي على تصــحيح مقاله إذا شابتــه عيوب شكليــة ،أنــه بإمكانــه تصــحيحها أثناء
الدعوى ،ســواء تعلقــت بالصــفة ،أو بأداء الرســوم القضائيــة أو بالتوجيــه الصــحيح
( )3
للدعوى.
ـ قاعدة أن حرمان الملزم من مسطرة اللجان الضريبية رغم إخباره الدارة بالرغبة في ذلك
56
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
)1(.
يجعل الضريبة المفروضة في هذا الوضع قمينة باللغاء
* عدم جواز الزيادة فــي المقدار الضريــبي المؤســس على التقديــر الموضوعــي للخــبير " :حيــث إن اعتماد
الخـبير فـي تقديره لرقـم المعاملت على معطيات موضوعيـة ومدققـة لم تبـد الدارة الضريبيـة أي معارضـة أو
( )2
تحفظ بشأنها يقتضي الحكم ببطلن الضريبة فيما زاد على تقديرات الخبير".
-قبول المنازعــة الضريبيــة دون أن تكون مســبوقة بالطعــن الداري فــي حالة القول
بخرق مسـطرة فرض الضريبـة مثلمـا جاء فـي حكـم" حيـث إن المحكمـة كانـت على
صـــواب عندمـــا اعتـــبرت أن وجوب التظلم معلق على ســـبقية إشعار الملزم حســـب
( )3
الفصل 28من القانون المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة "
•قبول المنازعة المتعلقة بالرسوم المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها ولو دون التقيد بمسطرة الفصل
43ــ حاليـا الفصـل 48مـن قانون 78.00ــ مـن ظهيـر 30/9/1976المتعلق بالتنظيـم الجماعـي " :
حيــث إن المنازعــة فــي فرض الضرائب والرســوم المســتحقة للجماعات المحليــة وهيئاتهــا منظمــة
بمقتضـى القانون رقـم 30.89والذي حدد الفصـل 16منـه إجراءات مسـطرة التظلم قبـل عرض النزاع
على القضاء فكانـت مسـطرة الفصـل 43مـن قانون التنظيـم الجماعـي بدون محـل فـي مثـل هذه القضايـا
()4
"..
ــ يعتـد بالتظلم ولو رفـع إلى جهـة غيـر مختصـة مـا دام أنـه بإمكان الجهـة المتظلم لديهـا لرتباطهـا العضوي بالجهـة
)5(.
المعنية بالتظلم إحالة التظلم إليها
هذه بعــض الشارات بخصــوص الجتهادات التــي ســاهمت فــي التخفيــف مــن حدة العوائق الشكليــة التــي تميــز
المسطرة الضريبية ،فما هي إضافات القضاء الجبائي على مستوى الموضوع ؟.
المطلب الثاني :على مستوى تطبيق قواعد الموضوع
إن اسـتقراء الجتهاد القضائي فـي مادة المنازعات الجبائيـة ،يعتـبر مـن الهميـة بمكان خاصـة بعـد إنشاء المحاكـم
الداريـة ،ول يقتصــر إبداع القضاء الداري على مســتوى التخفيــف مـن الشكليات المســطرية بـل يمتــد المــر إلى
الموضوع وهـو السـاس لحمايـة حقوق الملزم دون المسـاس بالمال العام ،مسـترشدا فـي ذلك بمجموعـة مـن القواعـد
والمبادئ (الفقرة الولى) .وكذا قبول دعوى اللغاء فــي مجال المنازعات الجبائيــة بالرغــم مــن أنهــا تنتمــي إلى
القضاء الشامل( الفقرة الثانية).
.1عبد الرحمن أبليل " المنازعات الجبائية بالمغرب بين النظرية والتطبيق" م.س ص .305
.2العربي الكزداح .م.س ص .455
.3قرار الغرفة الدارية بالملف 1140/15/1/98ذكره ذ.قصري .م.س ص .84
.4قرار الغرفة الدارية عدد 370بالملف 838/4/2/2001ذكره ذ.قصري .م.س ص .85
57
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
إن الخـذ بطريقـة القياس فـي مادة الضرائب يعنـي تفسـير النصـوص الضريبيـة تفسـيرا واسـعا ،وهـو مـا يخالف مبدأ
التفسير الضيق الذي يميز ويطبع هذه المادة ،لذلك فإن استبعاد طريقة القياس عن هذه المادة ما هو إل نتيجة حتمية
لتطبيق مبدأ التفسير الضيق المذكور آنفا.
ويؤكــد هذا الطرح مــا تحرص التنصــيص عليــه القوانيــن الماليــة فــي المغرب لكــل ســنة و المرخصــة بتحصــيل
الضرائب المشرعة قانونا :من أنه يحظر تحت طائلة العقاب جنائيا استيفاء الضريبة مهما كان الوصف ،أو السم
( )2
الذي تجبى به ،غير مأذون فيها بموجب أحكام القانون.
.1حكـم إداريـة أكاديـر ،رقـم 40/95بتاريـخ 8/6/95وأكده قرار بتاريـخ 15/2/1996تحـت رقـم .100ذكره عبـد المعطـي القدوري ،م.س ،ص
.48-47
.2عبد المعطي القدوري .نفسه ص .49-48
58
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
.1حكم إدارية مكناس عدد 7/94/3بتاريخ ،19/2/95ذكره الباحث العربي الكزداح بأطروحته م.س ،ص .455
.2عبد الرحمن أبليل ،م.س ص .305
59
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
وقد أعاد الستاذ جيل باشولبي في مؤلفه المنازعة الضريبية ،أنه من خلل إطللة سريعة على الجتهاد القضائي
الفرنسـي خلل 20سـنة الخيرة ،اتضـح له أن دعوى اللغاء تمثـل مكانـة بارزة فـي المنازعات الضريبيـة ،فأهـم
القرارات فـــي مادة الضرائب صـــادرة فـــي إطار دعوى اللغاء لتجاوز الســـلطة ،لن دعوى اللغاء يضيـــف ،ل
()1
توازيها أية دعوى قضائية.
ولقد حدد القضاء الداري الحالت التي يبت فيها كقاضي إلغاء وهيكالتالي :
أول :القرارات الفردية المنفصلة
يقصـد بهـا القرارات التـي تصـدر فـي مادة الضرائب دون أن ينتـج عنهـا قرار بفرض الضريبـة ،ومثالهـا القرارات
الصـادرة عـن المجلس الجماعـي فـي شكـل مداولة والتـي مـن شأنهـا إحداث رسـوم بلديـة والمقرارت العامـة المتعلقـة
بتنظيم الضريبة .
وفــي هذا الطار فقــد قبلت المحكمــة الداريــة بفاس طعنــا بإلغاء القرار الداري الصــادر عــن المديــر الجهوي
للضرائب القاضـي برفـض تمكيـن الطاعـن مـن شهادة العفاء مـن الضريبـة بعـد أن تبـت لديهـا توافـر شروط العفاء
( )2
في حقه استنادا لمقتضيات قانون المالية النتقالي .45-95
كما اعتبر القضاء الفرنسي القرار الصادر عن الدارة الضريبية برفض طلب الملزم بتأجيل الداء ،قرار منفصل
)3(.
خاضعا لرقابة قاض اللغاء
وكذا القرارالصــادر بناء على تظلم اســتعطافي برفــض العفاء أو التخفيــض مــن ضرائب مباشرة فرضــت على
()4
الملزم بصفة قانونية.
ثانيا :القرارات التنظيمية
الجتهاد القضائي فـي مجال دعاوى اللغاء المتعلقـة بالطعـن فـي القررارت التنظيميـة عرف تطورا مهمـا خاصـة
المتعلقـة بالمناشيـر والتعليمات الضريبيـة الصـادرة فـي ميدان الضرائب ،وهكذا ألغـى مجلس الدولة الفرنسـي بتاريـخ
( )5
4/5/1990منشورا لنه تضمن إضافات في القانون الضريبي فأضحى بذلك ذا طابع تنظيمي.
كمـا أن المنشور الصـادر عـن وزيـر الداخليـة الموجـه إلى رؤسـاء المجالس الجماعيـة الذي يفسـر فيـه نطاق تطـبيق
القانون 30.89والذي يوضـح فيـه أن اللوحـة المهنيـة للطـبيب والمحامـي تعتـبر خاضعـة للرسـم الجماعـي ومشمولة
بالفصل 192من نفس القانون يعتبر قرارا إداريا يمكن الطعن فيه بدعوى اللغاء المخالفة للقانون،
وبالفعل تم الطعن فيه ،و قرر القضاء أن لوحة المحامي غير خاضعة لي رسم جبائي.
.1عبد المعطي القدوري ،م.س ص .51
.2حكم إدارية فاس رقم 124بتاريخ .18/2/1998ذ.محمد قصري .م.س ص .36
.4 .3مجلس الدولة :قرار 10/2/1984و :قرار 18/12/1970ذكرهمـا ذ.جميـل باشولي ،المنازعات الضريبيـة ،طبعـة ،1994نقل عـن عبـد
المعطي القدوري .م.س ص .53
.5عبد المعطي القدوري م.س ،ص .53
60
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
أمـا بالنسـبة للجـل القانونـي للمنازعة فـي هذه المناشيـر والدوريات ،فإنـه أجـل مفتوح ل يسـري إل مـن تاريـخ النشـر
في الجريدة الرسمية ،وحيث أن هذه المناشير ل تنشر في الجريدة الرسمية فل يوجد أي أجل للمنازعة في المنشور
الضريبي أمام القضاء.
إذن تفعيـل مبادئ القانون الضريـبي وقبول دعوى اللغاء فـي مجال دعوى المنازعـة فـي وعاء الضريبـة سـاهما فـي
دعم حقوق الملزم وتحقيق نوع من التوازن بينه وبين الدارة الضريبية.
الفرع الثاني :القاضي الجبائي ودوره في تشجيع الستثمار
لقد تزايد الحديث في السنوات الخيرة عن دور القضاء في حماية الستثمار ،وهو ما ينم عن درجة الوعي بأهمية
المؤسسة القضائية باعتبارها القاطرة التي يعول عليها في ركب التنمية.
وإن القوة التنافسـية لبلد مـا ل تحدد فقـط بامكانياتـه القتصـادية ،وإنمـا أيضـا بقوانينـه ،وعدالتـه ،فالحمايـة القانونيـة
والقضائية عنصران أساسيان في تدعيم القدرة التنافسية ،وترسيخ مكانة الدولة كمصدر لجلب الستثمارات ،علما
()1
أن الهدف ليس فقط جلب الستثمارات وإنما الحفاظ عليها وتشجيعها .
وتعتبر السياسية الجبائية إحدى الليات الساسية لتحقيق هذه الغايات ،فالضريبة ليست فقط موردا أساسيا بالنسـبة
لميزانية الدولة ،بل هي أيضا أداة لتوجيه الستثمار وتوسيع مردوديته وتحفيز الدخار.
وقد عمل المغرب على سن قوانين ضريبية خاصة بتشجيع الستثمار الوطني والجنبي على حد سواء،
فميثاق الستثمار الذي صاغه المشرع المغربي بمقتضى القانون الطار رقم 95.19والذي حاول فيه تدارك عيب
التشتت الذي طال النصوص السابقة وطابعها القطاعي يندرج في سياق تحسين مناخ الستثمار في المغرب والرفع
من جاذبيته.
لكن مهما كانت جادبية القوانين والعفاءات الضريبية في مجال الستثمار ،فإن فعاليتها رهينة بكيفية تطبيقها من
طرف السلطة القضائية.
وحسـب رئيـس المجلس العلى الحالي " فالسـتثمار بدون عدالة ل يحقـق الربـح وحسـب ،بـل يهدد الرأسـمال نفسـه،
مما يؤدي ليس فقط إلى عدم استجلب رأسمال الجنبي ،بل وتهريب رؤوس الموال الوطنية والجنبية الموجودة
()2
بالداخل".
وبالتأسيس على ما سبق ،تتضح معالم دور قضاء في تحقيق الحماية اللزمة للستثمار ،وحيث أن الضريبة تشكل
إحدى المحددات السـاسية التـي تتحكـم فـي اختيارات المسـتثمر وطنيـا كان أو أجنبيـا ،لذلك مـن الطـبيعي أن تكون
النزاعات المرتبطة بها ،والحلول القضائية بشأنها من محددات هذا الختيار أيضا.
.1ذمحمـد لمزوغـي " القضاء الداري ومجال تدخله فـي حمايـة السـتثمار" المجلة المغربيـة للدارة المحليـة والتنميـة عدد مزدوج 52-51يوليوز
– أكتوبر .2003ص .31
.2ادريــس الضحااك " أي مناخ لممارســة الحقوق أثناء الشغــل" بحــث ثــم تقديمــه فــي ندوة أكاديميــة المملكــة المغربيــة حول " حقوق النســان
والتشغيل بين التنافسية واللية " بتاريخ 22ابريل .1996ذكره ذ عبد العزيز يعكوبي م.س .ص .5
61
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
ومــن ثمــة ســنحاول الوقوف فــي هذا الفرع على مجالت و مظاهــر الدور الحمائي للقاضــي الجبائي للمســتثمر
( المطلب الول) وكذا التأصـيل القضائي لحـق المسـتثمر مـن السـتفادة مـن بعـض المتيازات فـي قطاعـي التعليـم
الحر والمجال الصناعي ( المطلب الثاني)
المطلب الول :الدور الحمائي للقاضي الجبائي للمستثمرين:
إن دخول القانون المحدث للمحاكـم الداريـة حيـز التنفيـذ بظهيـر 10/09/1993أدى فعل إلى رفـع مختلف العراقيـل
الماديـة والمعنويـة التـي كانـت فـي ظـل النظام السـابق تعسـر سـبيل اللجوء إلى القضاء ،وخاصـة عندمـا نـص الفصـل
الثامن منه على الختصاص الشامل في المجال الضريبي.
وقـد عمـل القضاء الداري على حمايـة المسـتثمرين لمـا يتميـز بـه مـن تبسـيط لمسـطرة التقاضـي ،تخصـص الرقابـة،
وتعميـق الرقابـة ( الفقرة الولى ) وكذا المنهجيـة المعتمدة فـي تفسـير القوانيـن الضريبيـة والرقابـة القويـة على سـلطة
الدارة في تقدير الجزاءات والغرامات ( الفقرة الثانية).
الفقرة الولى :القضاء الداري ودعم الستثمار
إن إحداث القضاء الداري والقضاء التجاري جاء فـي سـياق التحولت الكـبرى والمهمـة التـي عرفهـا المغرب منـد
سـياسة التقويـم الهيكلي وإعادة النظـر فـي الدور التدخلي للدولة وفتـح المجال أمام المبادرة الحرة ،وتأهيـل القوانيـن
والمؤسسات والمجتمع لهذه الغايات ،ولرفع رهان التنمية ومواجهة رياح العولمة العاتية.
فإنشاء المحاكـم الداريـة جاء لهذه الهداف و لطمأنـة رأس المال الجبان كمـا يقال بإنشاء سـلطة قضائيـة قادرة على
مراقبة أعمال السلطة الدارية والحد من أي شطط محتمل.
وقـد عرف المغرب بعـد إنشاء المحاكـم الداريـة موجـة مـن الصـلحات مثـل تفويـض الختصـاص للسـادة الولة
والعمال ،خلق المراكز الجهوية للستثمار وتشجيع التدبير اللمتمركز للستثمار ،كما تم تحديث الترسانة القانونية
المغربيــة :مثــل مدونــة التجارة ،قانون الشركات ،ميثاق الســتثمار،قانون المنافســة ،قانون البورصــة ،مدونــة
الصفقات العمومية ،قانون حماية الملكية الصناعية.
وتوجـت هذه الصـلحات بإحداث محاكـم السـتئناف الداريـة ،وقـد جاء فـي خطاب الملك بتاريـخ 8ماي " 1990
نطلب مـن المسـتثمرين أن يأتوا ليسـتثمروا عندنـا ،ولكـن إذا لم يعرفوا أن بلدنـا تنعـم بالسـلم والضمان الجبائي فإنهـم
لن ياتوا ".
فإنشاء القضاء الداري حقق عدة مزايا للمستثمرين :
و كما سبق الذكر أن القانون الجبائي من القوانين التي تتميز بالتشعب والتعقد ،وأن إنشاء محاكم إدارية أسند إليها
الحق في النظر في المنازعات الضريبية وذلك لتسريع الرقابة وجعلها أكثر فعالية وعمقا.
بيـــد أن القضاء الداري كقضاء متخصـــص له أثار إيجابيـــة هامـــة ،حيـــث يمكـــن مـــن إيجاد الحلول المناســـبة
للكتضاض الذي تعرفـه المحاكـم البتدائيـة وكذا المجلس العلى ،والذي كان السـبب الرئيسـي فـي التأخيـر الكـبير
للبث في الملفات.
62
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
فتخفيف العبء عن المحاكم الدارية وعن المجلس العلى سيقلل من المستوى الكمـي للقضايا المعروضة عليها،
ويدفعهــا إلى الرفــع مــن إنتاجيتهــا ،كمــا أن المحاكــم الداريــة بتخصــصها فــي نوع معيــن مــن القضايــا ،لن تعرف
الكتضاض ممـا سـيمكنها مـن الفصـل مـن القضايـا الداخلة فـي اختصـاصها فـي أجال قصـيرة ،الشيـء الذي سـيستفيد
منه كثيرا المؤسسات القتصادية خاصة وأن عامل الزمن له أهمية كبرى في نجاح المقاولة.
كما أن تخصص المحاكم الدارية سيؤثر في طبيعة الرقابة ذاتها من خلل توسيع وتعميق هذه الرقابة على علقة
المستثمر بالدارة.
وقــد تجلى ذلك فــي ظهور فئة مــن القضاة المتخصــصين والملميــن بجميــع جوانــب ومعطيات الواقعيــن الداري
والقتصــادي ،ومؤهليــن ليجاد الحلول المناســبة للنشاط القتصــادي ومشاكــل المســتثمرين ،خاصــة وأن القانون
الداري هـو قانون قضائي بامتياز لنـه خرج مـن رحمـه ،بالتالي فإن العمـل القضائي يسـاهم فـي ظهور اجتهادات
)1(.
تساهم في الدفع ببلدنا إلى المام
وبالفعــل فإن القضاء الداري ســاهم فــي إيجاد الحلول واتخــذ مواقــف مشهود بهــا لدعــم حقوق الملزميــن وخاصــة
لصالح قطاع المال والعمال حماية لهم من شطط الدارة الضريبية ،وكذا إعطاء تأويلت للنصوص تخدم العدالة
الجبائية مثل:
•التخفيف من الشروط الشكلية لقبول دعوى الضريبة.
•التشدد في ضرورة احترام الدارة للمسطرة الضريبية.
•الحماية القضائية للملزم وللضمانات المخولة له تشريعيا.
•إقرار حق الملزم في العفاءات الجبائية .
وهذه نقط سبق أن تناولناها خلل هذا البحث ،وغيرها كثير.
الفقرة الثانية :المستثمر وهاجس الخضوع للضريبة
القاضي ل يجد عناء كبيرا في إعمال مقتضى النص كلما كان واضحا وغير قابل للتأويل،أما في الحالة المعاكسة
فإن المر يتطلب منه مجهودا ذهنيا اجتهاديا لستخلص مضمونه الحقيقي انطلقا من خلفيات وفلسفة كل تشريع.
وإذا كان المشرع يراعـي فـي صـياغته للنصـوص الوضوح والدقـة منعـا لكـل تطـبيق غيـر سـليم أو لخطـأ فـي التفسـير
إل أنه يصعب عليه في كثير من الحيان مهما بلغت درجة مهارته وحرصه أن يجعل من النص القانوني مستوعبا
لكل الجزيئات الواقعية التي ينظمها ،ومن ثم يأتي دور القاضي لستكمال هذا الدور من خلل الجتهاد.
.1أمال المشرقي " :دور المحاكم الدارية في حماية النشاط القتصادي " مقال ب م.م.إ.م.ت عدد .19أبريل –يونيو .1997ص .17،16
-محمد لمزوغي " القضاء الداري ومجال تدخله في حماية الستثمار" مقال بـ م.م.إ.م.ت عدد مزدوج 52-51يوليوز -أكتوبر .2003ص -31
.32
63
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
وقـد شكلت القوانيـن الخاصـة بتشجيـع السـتثمار بالنظـر للغموض واللتباس الذي يعتري نطاق بعـض مقتضياتهـا
على مستوى التطبيق ،مجال خصبا للجتهاد القاضي بهدف تحديد نطاق العفاء المقرر بمقتضاها.
ففي ملف شركة " تريكوفيل " نجدها تتمسك بكونها تأسست بتاريخ 8/5/1987وأنه بعد حصولها على الرخصة
رقـم 692/97مـن بلديـة مكناس شرعـت فـي بناء محلهـا بالحـي الصـناعي ،وأن أول عمليـة تجاريـة قامـت بهـا كانـت
بتاريــخ 25/2/1989واعتبارا لمقتضيات المادتيــن 1و 2مــن قانون 13/8/1973الخاص بتشجيــع المؤســسات
المصــدرة لمنتوجات الصــناعة العصــرية والتقليديــة ،الممدد لمدة العفاء إلى عشــر ســنوات مــن الضرائب على
الرباح ،في حين تتمسك إدارة الضرائب بكون الشركة المدعية لم تقم بأول عملية تصدير إل سنة 1990وبالتالي
فإن القانون الواجب التطبيق هو قانون رقم 88/01الصادر بتاريخ 1988،/4/5والذي خفض العفاء لمدة خمس
سـنوات ،وجوابـا على هذا الشكال اعتـبرت المحكمـة الداريـة بمكناس فـي حكمهـا الصـادر بتاريـخ ،1/8/2002
والذي تــم تأييده بمقتضــى قرار الغرفــة الداريــة الصــادر بتاريــخ " 28/6/2006أن المزايــا المنصــوص عليهــا
بمقتضى ظهير 13غشت 1973تطبق على المؤسسات التي تمارس أو تعتزم ممارسة النشطة المقررة من أجلها
هذه المزايا ومعنى ذلك ،أن هناك ضابطين محددين لمكانية الستفادة من العفاء هما :
أول الممارسة الفعلية للنشطة المذكورة بعد نشر هذا الظهير ،وثانيا هو اعتزام ممارسة هذه النشطة بعد نشره،
وخلصت المحكمة إلى الحق المكتسب للشركة في الستفادة من العفاء لمدة عشر سنوات.
وهناك قرارات وأحكام متعددة تؤكد الحق في العفاء من بعض المتيازات المقررة قانونا.
بيد أن رقابة القاضي الجبائي على تقدير الدارة في توقيع الجزاءات والغرامات يساهم في دعم وطمأنة المستثمر
إلى جانب تأكيد وحماية الضمانات المقررة قانونا.
فبعـد إقرار القاضـي لمبدأ مناعـة سـلطة الدارة التقديريـة مـن الرقابـة مـن قبـل القاضـي الداري نفسـه ،عرف هذا
المبدأ تراجعا في إطار التطور الجتهادي اللحق.
وتطويــر أليات الرقابــة لحتواء المجال التقديري فــي القرارات الداريــة ل يندرج فــي ســياق تحقيــق حمايــة أكــبر
للفراد بمـا فـي ذلك المخاطـبين بالفرض الضريـبي .وتمثـل هذا التطور فـي اعتماد نظريـة الغلط البيـن فـي التقديـر
ونظرية الموازنة لرقابة جانب الملئمة في القرار الداري.
وبخصوص موقف الغرفة الدارية من رقابة سلطة الدارة في تقدير الجزاءات والغرامات ،أصدرت قرارا بتاريخ
16/01/2003أوضحت فيه بأنه " ما دام أن الغرامات والجزاءات الخرى ترتبت على المستأنف بطريق قانوني،
ول يطعـن فـي شرعيتهـا ،كمـا أن رفـض الدارة طلب إعفائه منهـا يسـتند إلى سـلطتها التقديريـة ،ومـا دام لم يثبـت أن
()1
قرار الدارة يتسم بالنحراف والشطط في استعمال السلطة فإن قرارها يبقى قانونيا".
.1الملف الداري عدد 2001 /1657/4/1غير منشور.
64
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
ل شـك أن السـلطة التقديريـة المعترف بهـا لدارة الضرائب فـي هذه الحالة تسـتهدف تمكينهـا مـن معالجـة الوضاع
المختلفـة بحسـب مـا تسـتحقه كـل حالة على حدة ،واعتبارا لذلك متـى تـبين أن الجزاءات القاسـية المتخذة مـن قبـل
الدارة تؤدي إلى تأزيـم الوضعيـة الماليـة للشركـة والتعجيـل بانهيارهـا ،فإن المـر فـي مثـل هذه الحالت يسـتدعي
رقابة تقدير الدارة في توقيع الجزاء وبالتالي بإلغائه بناء على أنه مشوب بغلط بين في التقدير.
وجاء في قرار لمجلس الدولة الفرنسي " :تستهدف فرض قدر أقل من المنطق وحسن التقدير على رجال الدارة،
()1
فإذا كان في وسعهم أن يختاروا فليس معنى ذلك أن يفعلوا ما يشاؤون".
وعليـه فإن إنشاء المحاكـم الداريـة سـاهم فـي إلى حـد مهـم فـي حمايـة المسـتثمرين وفتـح إمكانيـة الطعـن فـي قرارات
الدارة أمام قضاء متخصص له دراية مهمة بالمجال الضريبي.
المطلب الثاني :إقرار حق الملزم في الستفادة من المتيازات المقررة في مجال الستثمار
لعـب القضاء الداري دورا هامـا فـي تشجيـع السـتثمارات العقاريـة والسـياحية والصـناعية وسـاهم بشكـل فعال فـي
التنميـة القتصـادية والجتماعيـة بالبلد عـن طريـق إقرار حـق الملزم فـي مجال السـتثمار بمختلف أشكاله وخاصـة
قي مجالي التعليم الخاص ( الفقرة الولى ) و الصناعي( الفقرة الثانية).
الفقرة الولى :التحفيز على الستثمار في قطاع التعليم الحر
فــي نازلة عرضــت على القضاء الداري تتعلق بتصــنيف مؤســسة التعليــم الخاصــة ومــا إذا كانــت تعتــبر مؤســسة
تجاريـة تؤدي نسـبة أقـل مـن محدد فـي %0.50مـن واجـب الحـد الدنـى للشتراك المنصـوص عليـه بالمادة 104
مكرر من القانون 17-89أم نسبة %6لصنف المهن المميزة بعلمة ف.
وكانــت إدارة الضرائب قــد حددت هاتــه النســبة فــي النســبة العلى وهــي %6وتمســك الملزم بكون تحديدهــا فــي
مواجهته كان بشكل مخالف للقانون و تم تعطيل النتفاع بالمتيازات المقررة له في هذا المجال الستثماري ،وبعد
أن بينـت الغرفـة الداريـة بالمجلس العلى طبيعـة مؤسـسة التعليـم الخاصـة وأهميـة السـتثمار فـي المجال التعليمـي،
والنصوص الجبائية المشجعة للستثمار في هذا المجال انتهت إلى القول بأن مؤسسة التعليم الخاصة تعتبر مؤسسة
تجاريـة وتسـتفيد مـن التخفيـض المحدد لهذه النشاطات ،وحددت بالتالي نسـبة الضريبـة الواجـب أداؤهـا بمقتضـى
المادة 104أعله في %0.50بدل %6المفروضة من طرف إدارة الضرائب حيث جاء في قرارها ما يلي :
" حيـث إن جوهـر النزاع هـو معرفـة طبيعـة مؤسـسة التعليـم الخاصـة وهـل المـر يتعلق فعل بمؤسـسة تجاريـة أم
مؤسسة مدنية لمعرفة نسبة الضريبة الواجب أداؤها من طرفها على الدخل العام".
.1عبد العزيـز يعكوبي .م.س ص .26-25القرار جاء في كتاب الدكتور سليمان الطماوي " النظرية العامـة للقرارات الداريـة " دراسة مقارنـة
ص .83الطبعة السادسة .
65
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
وكمـا أشار إلى ذلك الحكـم المسـتأنف ،فإن قانون 15/88عندمـا أشار إلى إمكانيـة إحداث مؤسـسة التعليـم الخاص
بواسطة أشخاص ذاتيين أو معنويين وما أمر به من تحفيز على الستثمار في قطاع الضريبية ،يكون قد أقر بمبدأ
المشاركـة فـي هذا المجال الذي يتحقـق بالجمـع بيـن عنصـر رأس المال وعنصـر الكفاءة العلميـة مـن أجـل اسـتثمار
زبائن والحصـول على أرباح وعدم جواز حمـل المؤسـسة لسـم تحمله مؤسـسة عموميـة ،ممـا يضفـي على مؤسـسة
التعليم الخاص طبيعة العمل التجاري الصرف القائم على استثمار أموال بقصد جني الربح.
وحيــث ينتــج ممــا ســبق أن مؤســسة التعليــم الحــر قابلة لضفاء الطبيعــة التجاريــة عليهــا ممــا يكون جهــة إدارة
الضرائب عندمـا اعتمدت على نسـبة الشتراك المحدد فـي %6بالنسـبة لصـنف المهـن المميزة بعلمـة ف حسـب
المادة 104مكرر وليـس على نسـبة %0.50قـد أسـست جدولتهـا لدى الضريبـة الذي يحتمله المسـتأنف عليهـا على
نسبة مخالفة لواقع النزاع وغير التي يقتضيها القانون المطبق بخصوصه)1(.
الفقرة الثانية :التحفيز على الستثمار في المجال الصناعي
لقـد أحدث القانون 4/88المتعلق بتشجيـع السـتثمار فـي المجال الصـناعي تدابيـر تحفيزيـة جديدة تهدف إلى تشجيـع
المقاولت على الستثمار في هذا المجال ،ونص الفصل 16منه بما معناه أنه مجرد توسعة نشاط المؤسسة داخل
المنطقة الرابعة بعد قبول البرنامج الستثماري والمصادقة عليه من لدن إدارة الضرائب وباختيار المستثمر بشكل
نهائي ل رجعة فيه لنظام تخفيض %50من واجب الضريبة على الرباح المهنية.
فإن ذلك التخفيض يشمل الرباح المحصل عليها من طرف المؤسسة ول ينحصر فقط في نطاق تلك التوسعة ،كما
كان منصوص عليه بالفصل 19السابقة بالقانون 17/82قبل تعديله.
وقـد عرضـت على القضاء الداري نازلة مـن هذا القبيـل تمسـكت فيهـا شركـة المشروبات الغازيـة بتوسـعة نشاطهـا
فـي إطار برنامـج اسـتثمار مصـادق عليـه ومقبول مـن طرف إدارة الضرائب ،وأنهـا بذلك تكون محقـة فـي تخفيـض
%50مـن مبلغ الضريبـة عـن الرباح المهنيـة ،وكانـت إدارة الضرائب قـد متعتهـا بالتخفيضات المذكورة فـي حدود
توسعة نشاط المؤسسة وتمسكت بهذا الخضاع الضريبي.
وذهبـت الغرفـة الداريـة بالمجلس العلى وهـي تقـر حـق الشركـة الطاعنـة بالسـتفادة مـن التدابيـر التحفيزيـة
والتشجيعيـة على السـتثمار فـي المجال الصـناعي بتمتعهـا بتخفيـض %50مـن الضريبـة على الرباح المهنيـة عـن
حصــيلة المؤســسة ككــل ،عمل بمقتضيات الفصــل 19مــن القانون 4/88بعــد تعديله ،والذي وســع مجال العفاء
بالنســبة المذكورة ليجعله شامل لنشاط المؤســسة ككــل وليــس فقــط فــي نطاق التوســعة كمــا كان معمول بــه ســابقا
بالقانون 17/82جاء في قرارها ما يلي :
66
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
"لكن حيث يتضح من مراجعة تنصيص الحكم المستأنف أن المحكمة الدارية عللت قضاءها بإلغاء المقرر
الضريـبي الصـادر عـن إدارة الضرائب ،بأنـه يسـتفاد مـن الصـياغة القانونيـة للفصـل 19مـن قانون 17/82كمـا وقـع
تعديله بقانون 4/88أن مجرد إحداث أو توسعة نشاط المؤسسة داخل المنطقة الثالثة ،وبعد قبول البرنامج
الستثماري والمصادقة عليه من لدن الدارة الضريبية وباختيار المستثمر بشكل نهائي ل رجعة فيه ،لنظام
تخفيض %50من واجب الضريبة على الرباح المهنية أو النظام الستهلك السريع.
فإن ذلك التخفيـض يشمـل الرباح المحصـل عليهـا مـن طرف المؤسـسة ،ول ينحصـر ذلك فـي نطاق توسـعتها لن
الفصـل 19بعـد تعديله عـبر بكلمـة إحداث أو توسـعة النشاط بمعنـى أن أيـا منهمـا يقضـي إلى السـتفادة مـن تخفيـض
%50فـي مبلغ الضريبـة بالنسـبة للمؤسـسة ككـل ،ولو أراد المشرع خلف ذلك لضمـن الفصـل المذكور عبارة فـي
نطاق التوسعة فقط كما ورد بالفصل 19المذكور قبل تعديله ...ولذلك فإن المحكمة المطعون في حكمها فقد طبقت
مقتضيات الفصل 19من قانون 17/82الذي وقع تعديله بقانون 4/88تطبيقا سليما وأولت مقتضياته تأويل قانونيا
)1(. "...
وتأسـيسا على مـا تـم تناوله فيمـا تقدم ،تـبين أن العلقـة بيـن الجبايـة والسـتثمار تعتـبر على درجـة مـن الهميـة
والدقـة ،وكلمـا كانـت هذه العلقـة مضبوطـة وموزونـة بالشكـل اللزم ،كلمـا سـاهم كـل منهمـا فـي إثراء الخـر ،فل
يتصور قيام مشاريع استثمارية ضخمة وقوية دون سياسة جبائية حكيمة.
ويعتـبر القاضـي الجبائي حلقـة مهمـة فـي صـياغة هذه العلقـة فهـو الحكـم الذي يعطـي القاعدة الضريبيـة بعدهـا
الحقيقي ،ومضمونها الجتماعي والقتصادي بين ما هو مقرر تشريعا وبين ما يفرزه التطبيق العلمي على مستوى
العمل الداري.
ومـن خلل السـوابق القضائيـة التـي تمـت مناقشتهـا اتضحـت الهميـة البالغـة للجتهاد القضائي فـي دعـم السـتثمار
وحماية المستثمرين .
وعليه يتعين دعم هذه السلطة وتقويتها ودعمها بالوسائل الكفيلة لتحقيق قضاء نزيه عادل ومستقل.
67
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
إن تحليل ودراسة بعض حدود عمل القاضي الجبائي ليس الهدف منه التنقيص والتقليل من قيمة العمل القضائي
الصـادر فـي المادة الجبائيـة الذي ول شـك ،ذو أهميـة بالغـة – كمـا سـبق الذكـر ـــ بالرغـم مـن حداثـة تجربـة المحاكـم
الدارية كقضاء متخصص في نزاعات المواطن–الدارة.
بـل إن هذه الدراسـة تهدف إلى الكشـف عـن بعـض الحدود لتجاوزهـا ولتطويـر قضائنـا الداري والرفـع مـن جودة
عمله.
هذا مع الشارة إلى أن هذا التقييم يبقى نسبيا بحكم قلة الحكام المنشورة في المادة ،بل والنتقائية حتى في النشر،
دون أن ننسى الصعوبات البالغة التي واجهناها للحصول على الحكام والقرارات التي قمنا بدراستها.
وتتنوع هذه الحدود إلى معوقات مرتبطـة بالقاضـي الجبائي نفسـه ( الفرع الول) ومعوقات مرتبطـة بمحيـط عمـل
هذا الخير ( الفرع الثاني).
الفرع الول :الحدود المرتبطة بالقاضي الجبائي
يلعـب القاضـي الجبائي دورا محوريـا فـي تحقيـق العدالة الضريبيـة ،ودعـم ثقـة المتقاضيـن فـي القضاء الداري .لكـن
لتحقيـق ذلك ،ل بـد أن يتمتـع القاضـي الجبائي بمسـتوى عال مـن التكويـن فـي المادة الجبائيـة ( المطلب الول) ،وأن
تتميـز أحكامـه بالجودة اللزمـة( المطلب الثانـي) ،وهمـا المران اللذان ل يتوفران إلى حـد كـبير فـي العمـل القضائي
الجبائي بالمملكة.
مـن المعلوم أن المعهـد العالي للقضاء وشروط الولوج إليـه ،تفترض الحصـول على الجازة فـي القانون الخاص
ممـا يؤدي إلى غلبـة التكويـن المدنـي والخاص على قضاة المسـتقبل ،خاصـة بعـد تعتـر تجربـة قبول طلبـة القانون
العام (.الفقرة الولى) كمــا أن القانون الضريــبي يتميــز بالتشتــت والغموض ،وصــعوبة ضبــط الجوانــب التقنيــة
والمحاسبية له إل من طرف المتخصصين في المجال ،وغياب التكوين المستمر للقضاة.
كـل هذه العوامـل وغيرهـا تنعكـس بشكـل سـلبي على العمـل القضائي الجبائي وعلى جودة الحكام الصـادرة( الفقرة
الثانية).
الفقرة الولى :التكوين المدني للقاضي الضريبي
يعانـي القاضـي الضريـبي مـن محدوديـة التكويـن فـي المادة الضريبيـة ،ليـس مـن حيـث المسـاطر والجراءات التـي
تتقاســم فيهــا المادة الضريبيــة مــع المواد الخرى ،بــل مــن حيــث التخصــص الفنــي والتقنــي المفترض لللمام التام
68
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
بالنازلة الضريبيـة ،ويتجلى فـي تكوينـه المدنـي الصـرف داخـل المعهـد العالي للقضاء وتأثيـر ذلك على حسـمه فـي
جوهرها ،المر الغاية في الهمية بالنسبة لطراف المنازعة الضريبية.
ويرجـع ذلك إلى تأثيـر الموروث التاريخـي على تكويـن القاضي الضريبي من جانـب اسـتمرار احتفاظـه بالنهل من
القانون المدني من أجل تسوية النزاعات الضريبية بالرغم من خصوصياتها ،وبالرغم من نهاية عهد وحدة القضاء
مع شروع المحاكم الدارية سنة 1993في الشتغال.
حيـث أن القاضـي العادي ظـل فـي وظيفتـه إلى حدود سـنة 1993يتماهـى مـع القاضـي الداري بمـا أنـه صـاحب
()1
الختصاص للبث في كل القضايا مهما كانت طبيعتها.
هذا بالرغـم مـن أن القانون الضريـبي عليـه إجماع مـن طرف الفقهاء على أنـه قانون يتمتـع بالسـتقللية عـن القانون
المدني ومن ثم فإن القواعد الواجبة التطبيق هي قواعد القانون العام وليس قواعد القانون الخاص.
هذا دون الحاجة للشارة إلى حالة الطلق غير الرجعي التي أعلنها رواد القانون العام عن القانون الخاص
-ليون دوكي ورواد مدرسة المرفق العام مثل .-
كمـا أن ضعـف تكويـن القضاة فـي المادة الضريبيـة ،والتغيرات التـي تعرفهـا القوانيـن الضريبيـة سـنويا تجعـل القضاة
غير قادرين على مسايرة التطورات والتعديلت التي تعرفها.
بيـد أن القانون الضريـبي يتميـز بالدقـة والتعقـد والتقنيـة ممـا يزيـد مـن صـعوبة القاضـي فـي ضبطـه واسـتيعاب فلسـفته
( )2
القانونية.
ويعمـق هذا المـر تطـبيق قواعـد المسـطرة المدنيـة فـي الجراءات أمام المحاكـم الداريـة عـن طريـق الحالة مـن
القانون 90/41على قانون الجراءات المدنيـة ،مـع العلم أننـا لم نكـن نتوفـر على مدونـة للمسـاطر الضريبيـة إل مـع
القانون المالي سنة 2005حيث تم إصدار كتاب المساطر الجبائية.
وقــد تجلى التكويــن المدنــي للقاضــي الضريــبي أثناء العمــل القضائي ،فكثيرا مــا كان يؤدي غموض النصــوص
الضريبية وصعوبة فهمها إلى اعتماد القضاء على قواعد القانون المدني مستعمل سلطته في التفسير التي ل تختلف
بشيء عن تلك المستعملة في إطار المنازعة العادية.
والحقيقة أن هذا التوجه قد يتناقض مع بعض المبادئ التي يقوم عليها القانون الضريبي.
69
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
إن هذه الخاصية كانت ولزالت تطبع القضاء الضريبي بالمغرب مما يحرم الخزينة والمكلفين على حد سواء من
ضمانات كثيرة.
فقبـل إنشاء المحاكـم الداريـة صـدر قرار عـن محكمـة السـتئناف بالرباط بتاريـخ 22مارس ( 1990ملف إداري
) 88-77والذي جاء فيه ما يلي :
" حيـث أن الفصـل 62مـن ق.ل.ع يقضـي بأن اللتزام المبنـي على سـبب غيـر مشروع يعتـبر كأن لم يكـن ،وأن
السبب يعتبر غير مشروع إذا كان مخالفا للخلق الحميدة أو النظام العام ...
وحيـث أن الموال التـي يمكـن أن تجـبى مـن بيوت الدعارة ل يمكـن اعتبارهـا ربحـا خاضعـا للضريبـة لن محـل
اللتزام فيها غير مشروع ...
والحقيقة أن هذا الموقف ل يمكن التسليم به للعتبارات التالية:
•لم يراع ذاتيـة القانون الضريـبي والذي ل يهتـم بشرعيـة الفعـل بقدر مـا يهتـم بموضوع الربـح ،فمتـى
تحقق الربح وجد وعاء الضريبة.
•ظهير 1959المتعلق بالضريبة على الرباح المهنية ،موضوع المنازعة في هذا القرار ،ل يوجد به
نص يحرم صراحة إخضاع الموال التي يكون محل اللتزام فيها غير مشروع.
•اســتناد المحكمــة إلى المادة 62مــن ق.ل.ع وهــو قانون يطبــق على اللتزامات العاديــة بيــن أطراف
)1(.
متساوية في الحقوق واللتزامات ،في حين أن اللتزام الضريبي مصدره القانون العام
وقـد اسـتمر هذا التوجـه حتـى بعـد إنشاء المحاكـم الداريـة والقطـع مـع عهـد وحدة القضاء ،فقـد أصـدرت المحكمـة
الداريـة لمكناس حكمـا ألغـت فيـه الضريبـة العامـة على الدخـل المفروضـة على نشاط جمعيـة رياضيـة اسـتنادا إلى
ظهيـر 1958الذي يؤكـد على غياب هدف الربـح فـي نشاط الجمعيـة رغـم أن الدارة أثبتـت بأن المسـتفيدين يؤدون
واجبات مهمة من حيث مبلغها مقابل الستفادة من التجهيزات الرياضية .
كما ذهبت إدارية فاس إلى أن عقد الكراء المبرم بين شخصين ل يعتبر عقد شركة ما دام العقد الول ينصب على
العقار ،علمـا أن الحكـم انطلق فـي تعليله مـن تعريـف عقـد الكراء حسـب الفصـل 627مـن ق.ل.م ولعقـد الشركـة
( )2
انطلقا من الفصل 982من نفس القانون.
مما سبق يتضح بشكل جلي أن ضعف تكوين القاضي الداري في المادة الجبائية يجعله ميال لعتماد قواعد القانون
الخاص ،بالرغم من خصوصية القانون الضريبي واستقلله عن باقي فروع القانون الخاص والعام الخرى.
هذه الشكالية ل زالت مطروحة وترتبط أشد الرتباط بقاعدة استقللية القانون الضريبي أو اندماجه في
.1عبد الرحمان أبليل ،م.س ،ص 294و .295
.2محمد شكيري .م.س .636
حكم رقم 46/95بتاريخ 16/11/1995منشور بمجلة المعيار ،عدد 22دجنبر .1996
70
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
محدوديـة تكويـن القاضـي فـي المادة الضريبيـة يجعله ملزمـا فـي العديـد مـن الحالت بانتداب الخـبير ليفـك طلسـم
الوثائق ذات الطبيعة المحاسبية ،خاصة وأن القاضي ملزم بالبث فيما أحيل إليه من القضايا بالرغم من الكراهات
التي قد يتعرض إليها ،وإل اعتبر وفقا للقانون الجنائي ناكرا للعدالة.
لكن مع ذلك فإن الخبرة تلعب دورا بالغ الهمية في العمل القضائي كوسيلة تحقيق ،والقاضي له الحق في انتداب
الخـبراء فـي المسـائل التقنيـة والفنيـة لمسـاعدته على تكويـن قناعتـه ،لكـن دراسـة العمـل القضائي للمحاكـم الداريـة
بالمغرب يؤكد حقائق أخرى منها :
أن المحاكم تقضي بالخبرة حتى في المسائل القانونية ،فقد جاء في قرار للمحكمة الدارية بوجدة ما يلي :
"إن تمسك أحد الطراف بعدم مسك دفاتر تجارية منتظمة ل يغل يد القاضي عن الستعانة بأهل الخبرة عند وجود
أمور تقنية محاسبتية ضريبية يصعب على المحكمة الكشف عنها يجوز إسناد القضاء للخبراء بمأمورية البحث عن
()1
النص القانوني الواجب التطبيق متى وجدت حالة تشعب القوانين وكثرتها في مادة قانونية معينة ".
لكن ل يجب التذرع بتعقد المادة الضريبية للحكم بالخبرة ،فكل تقنية تحكم المادة الضريبية هي أيضا في جانب آخر
مؤطرة بقاعدة قانونيـة ،يفترض فـي القاضـي العلم بهـا ،واللمام بهـا لكونهـا تدخـل فـي صـميم القانون الذي يفترض
العلم به.
بل إن رأي القاضي الضريبي حول الخبرة يذهب بعيدا حد الشعور بضرورتها حينما يجزم في أحد الحكام " أن
إجراء خبرة تقنية ضروريا" وفي بعض الحيان من خلل أحكام عدة تقترن هذه الضرورة بموضوعية عدم القدرة
على الحســم فــي الدعوى الضريبيــة فــي غياب الخــبير ،وذلك حينمــا يقتنــع القاضــي أن " المحكمــة ل تتوفــر على
()2
العناصر الكافية للبث في النازلة خاصة أن المر يتطلب تقنيات وعمليات حسابية دقيقة "...
.1حكـم بتاريـخ 5/5/1999فـي الملف رقـم 1/8عدد 85/99ذكره ذ.إبراهيـم أحطاب بمقال بعنوان " إشكاليـة الخـبرة فـي المادة الجبائيـة" دفاتـر
المجلس عدد 8/2005ص .277مطبعة إليت.
.2د .نجاة العماري ،م.س ص 400و 401
* المر التمهيدي بالملف عدد 84/94بتاريخ .1995-06-26
* المر التمهيدي بالملف عدد 126/95بتاريخ .1995-07-03
71
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
أضف إلى ذلك أن هناك بعض الوامر التمهيدية ل تحدد مهمة الخبير بشكل دقيق أوأنها تسند إلى خبير غير مؤهل
للقيام بهـا ل يمكـن أن ينتـج عنـه إل صـياغة تقريـر وصـفي ،ل يفيـد المحكمـة فـي شيـء أمام تزايـد رفـض الخـبراء
)1(.
المؤهلين عمليا إسناد مهام الخبرة إليهم ،مع أن أسماءهم مدرجة في جدول الخبراء
كما أن بعض الوامر التمهيدية ل تحترم التخصص في تعيين الخبراء مما يترتب عنها نتائج سلبية من حيث المس
بمصداقية الحكام والضرار بمصالح المتقاضين.
إضافـة إلى ذلك هناك بعـض الممارسـات اللخلقيـة( رشوة ،محسـوبية )...يقوم بهـا بعـض الخـبراء لفائدة الملزم
( )2
تنعكس سلبا على العمل القضائي في المادة الجبائية وعلى حقوق الخزينة .
لكـن الخطـر مـا فـي المـر هـو المصـادقة على أغلب التقاريـر المنجزة مـن طرف الخـبراء عندمـا تكون محترمـة
()3
للشكل المطلوب قانونا بالرغم من أن المحكمة غير ملزمة بذلك.
ودون مناقشــة المآخــذ المقدمــة مــن طرف الدفاع ،علمــا أن الحكــم الذي ل يجيــب على الدفوعات يكون معرضــا
للبطال لمسـه بحقوق الدفاع ولكونـه ناقـص التعليـل الموازي لنعدامـه ،ومثال على ذلك الحكـم الصـادر عـن إداريـة
البيضاء بتاريخ " 1999-9-8حيث أن الخبرة مستوفية لسائر شروطها الشكلية والموضوعية ل يسع المحكمة إل
( )4
المصادقة عليها لكونها مطابقة للمادة 63من ق.م.م".
باستثناء قلة منها قد يشكك القاضي الضريبي في الخبرة المأمور بإجرائها في الحكم التمهيدي ،فينتدب خبيرا آخر
محل الول.
ممـا سـبق يتضـح أن سـلطة فـض المنازعات الضريبيـة قـد عرفـت انسـيابا مـن القاضـي إلى الخـبير الذي أصـبح هـو
الحاكـم الفعلي والمقرر الحقيقـي فـي ملفات المنازعات الجبائيـة أمام القضاء الداري ،وتحولت الخـبرة مـن وسـيلة
تحقيق كما نص على ذلك قانون المسطرة المدنية ،إلى وسيلة إتباث قوية.
ويرجع ذلك إلى ضعف التكوين الذي يعاني منه القاضي الضريبي في المادة الجبائية ومن تمة يتعين على القضاة
بدل مجهود كبير لتجاوز هذا النقص وهذا التقصير.
.1محمد الهني " إشكالية الخبرة في المادة المدنية " مجلة الشعاع عدد 24دجنبر ،2001نقل عن ذ .إبراهيم أحطاب مرجع سابق ص .279
.2محمـد شكري ،م.س .ص 637نقل عـن سـعاد بنور " العمـل القضائي فـي المادة الجبائيـة" رسـالة لنيـل دبلوم الدراسـات العليـا ،كليـة الحقوق
البيضاء.1999/2002 ،
3. lamiai Sophia , op.cit, p.103.
.4بالملف عدد 1713/7/99ذكره ذ إبراهيم أخطاب ،م.س ،ص .279
72
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
تعرف الحكام الصـادرة فـي منازعات الوعاء الضريـبي التـي ينتجهـا القاضـي الضريـبي العديـد مـن الحدود سـواء
على مستوى الشكل أو على مستوى الموضوع.
فالمشرع ألزم القاضي الضريبي النظر في مدى احترام المقالت للشروط الشكلية ونخص بالذكر الفصلين 1و 32
من قانون المسطرة المدنية ،ومختلف الشروط الخرى المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب .تم مناقشة
الدفوعات التــي يتقدم بهــا الدفاع فــي الموضوع ،لكــن الملحــظ أن القاضــي الضريــبي يحســم شكل فــي الدعوى
الضريبيـة بشكـل كـبير ( الفقرة الولى) ،بيـد أن مضمون بعـض الحكام أثار العديـد مـن الملحظات والنقـد ( الفقرة
الثانية).
باسـتقراء مجموعـة مـن الحكام الصـادرة عـن المحاكـم الداريـة للمملكـة ،يتضـح أن الكثيـر منهـا تطرق فقـط
للمسائل الشكلية دون الخوض في مضمون المنازعة ،فصدرت أحكام عدة بعدم القبول لوجود إخللت شكلية غالبا
ما تكون من جانب الملزم كعدم احترام ضوابط التظلم التمهيدي وآجاله و كذلك عندما تكون ملتمسات المدعين غير
مطابقة لمقالتهم بحيث ل يتبين القاضي مطالب المدعين .
( )1
و كذلك الحال حين تنصب المنازعة في وعاء الضريبة فترفع ضد محصل الضرائب.
عوض أن ترفع ضد المدير الجهوي للضرائب لنه هو الذي له الصفة في تمثيل الدارة الضريبية ،وليس الخازن
الجهوي الذي له الصفة في التقاضي في دعاوى التحصيل فقط.
والمثلة على ذلك كثيرة في العمل القضائي للمحاكم الدارية ،ففي تقييم للحكام الصادرة عن إدارية الرباط مثل
خلل سنة 1995والتي يناهز عددها 65حكما نجد أنها موزعة على الشكل التي:
-عدد الحكام القاضية بعدم قبول الدعوى 28 :حكما أي .%43
-عدد الحكام القاضية برفض الطلب 20 :حكما أي .%30
-عدد الحكام المستجاب فيها للطلب 14 :حكما .
( )2
-الباقي يشكل تنازل عن الدعوى .
وكذلك المــر بالنســبة للمحكمــة الداريــة لمدينــة الدارالبيضاء التــي دأبــت على معاقبــة تجاهــل الملزم للمقتضيات
السابقة برفض دعواه الضريبية.
.1محمد شكيري ،م.س ،ص .634
.2عبد الرحمن أبليل ،م.س ص .312
73
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
و مـن قبيـل ذلك مـا أصـدرته بتاريـخ 1996-03-27فـي الملف 44/95غ ،حينمـا اعتـبرت أنـه تطبيقـا للفصـل 7مـن
قانون المحاكـم الداريـة والفصـلن 1و 515مـن قانون المسـطرة المدنيـة تقرر عدم قبول الدعوى ،لختلل إحدى
الشروط الشكليـة الجوهريـة فـي التقاضـي التي هي الصـفة ،الهليـة،والمصـلحة المنصـوص عليهـم فـي الفصـل الول
من ق.م.م ،وكذا توجيه الدعوى ضد جهة ليست لها صفة تمثيل الدارة الضريبية( ف .)515
وفي الحكم رقم 1860ملف 286/96الصادر سنة ،1997والتي يبرز من خلله أن الملزم قد وجه الدعوى ضد
الخازن العام ووزير المالية و مديرية الضرائب المباشرة ومصلحة الضرائب لمدينة سطات وقابض مدينة برشيد
والعون القضائي للمملكـة ،ولن الحـق كان حسـب هذه المحكمـة أن وزيـر الماليـة ل صـفة له فـي تمثيـل الدولة أمام
القضاء ،فإنها قررت رفض دعواه استنادا إلى الفصول المحددة للصفة.
وهكذا توالت مواقف المحكمة طيلة السنوات الخيرة غير مكترثة بالنفاذ إلى جوهر الدعوى الضريبية ،استنادا إلى
)1(.
إخلل المدعي بالعيب الشكلي السابق الذكر
إن هذه الحكام القاضيــة بعدم قبول الدعوى لعتبارات شكليــة وحتــى لو كانــت هذه الشكليات مــن النظام العام أو
ذات طبيعــة جوهريــة ،تؤكــد المنحــى الشكلي للقضاء الجبائي والرغبــة فــي تجنــب الغوص والنظــر فــي الدعاوى
الضريبية على مستوى الجوهر والموضوع.
وكان أولى بالقاضي الجبائي في هذا المجال أن يفعل سلطته في إنذار الطراف بتصحيح المسطرة.
فكيف هو العمل القضائي عند نظره في جوهر الدعوى الضريبية؟
الفقرة الثانية :ضعف الجتهاد والبداع في موضوع الدعوى الضريبية
القانون الداري هو قانون قضائي بامتياز ،ذلك أن ظروف نشأتـه جعلتـه يلعـب دورا هامـا ومتميزا فـي ابداع الكثيـر
مــن قواعــد ومبادئ هذا القانون ،خاصــة فــي المجالت التــي لم يكــن يجــد فيهــا حل للنزاع المعروض عليــه فــي
()2
المصادر الخرى أي مصادر القانون الداري.
لكـن المر غير ذلك بالنسـبة للمحاكـم الدارية بالمغرب خاصة فـي الملفات والقضايـا الضريبيـة التي تتميـز بالتعقـد
وهيمنـة الجوانـب المحاسـبية ،ويسـاهم فـي ذلك ارتفاع الحسـم الشكلي الذي يحـد مـن القدرة البداعيـة والجتهاديـة
للقاضــي الضريــبي ،لكــن عندمــا ينظــر فــي الدعوى مــن جانــب الموضوع فإن حســمه ل يتعدى مــا تشترك فيــه
المنازعات الضريبيـة مـع باقـي المنازعات مـن خصـائص ،ممـا يعـد ضعفـا مـن الناحيـة الجتهاديـة .ويوضـح هذا
المـر بعـض الحكام المتعلقـة بمـا يدخـل فـي اعتبار السـس الخاضعـة للضريبـة ،سـواء الضرائب غيـر المباشرة
كالضريبة على القيمة المضافة ،أو الضرائب المباشرة كضريبة التسجيل أو الضريبة العامة على الدخل.
74
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
إل أن هذه الحكام ل تتعدى التطـبيق الوتوماتيكـي للنصـوص الضريبيـة الواضحـة ،بينمـا تفتقـر أحكام القاضـي
الضريبي إلى تحديد المبلغ الضريبي الواجب الداء ،أو الحكم بالسترجاع بعد احتساب المبلغ وتقدير الخصومات
والعفاءات الجزئية أو المرحلية.
ويظهــر مــن أحكام أخرى أن المحكمــة مــا أن يظهــر لهــا مــن وثائق الملف المعروضــة عليهــا عدم مســك الملزم
بالضريبـة ليـة أوراق محاسـبية ،حتـى تقول بشرعيـة التصـحيح المقام مـن طرف الدارة الضريبيـة دون النفاد إلى
مبلغه ،فيعتبر ذلك كافيا لخضاع الملزم للمبلغ المقدر من قبلها.
هذا بغض النظر عن بعض قضايا البث في الجوهر ،التي ترتكز المحكمة في الحسم فيها على بعض القواعد التي
تخرج عـن نطاق القانون الضريـبي كالقانون التجاري ،أو أن اجتهاده يقتصـر على نقاط تظـل قاسـما مشتركـا بيـن
()1
فروع القانون الخرى والقانون الضريبي .
كمـا أن القاضـي الجبائي وبعـد أكثـر عشـر سـنوات مـن العمـل القضائي لم يسـتطع تكويـن رأي نهائي حول الطبيعـة
القانونيـة للطعـن الجبائي ،وإمكانيـة التعاطـي مـع دعوى اللغاء بسـبب تجاوز السـلطة فـي الميدان الجبائي ،فبعـض
المحاكم الدارية تذهب إلى حد رفض ممارستها باعتبار أن القضاء الشامل هو الميدان الطبيعي لممارسة الدعوى
الجبائية ،وتذهب محاكم أخرى إلى عكس ذلك بالقول بإمكانية ممارسة دعوى اللغاء ولكن في نطاق ضيق ودون
( )2
معيار واضح.
هذا مـع العلم ،أن العمـل القضائي فـي المادة الجبائيـة المتعلق بالوعاء يتميـز بظاهرة سـلبية تتجلى فـي انتفاء عنصـر
الوحدة الذي يعتـبر مـن المسـتلزمات السـاسية للعمـل القضائي داخـل أي بلد ،فتوحيـد الحكام والقرارات عامـل مهـم
وأساسي لستقرار أي نظام.
والحالت على موطـن الختلفات والتناقضات كثيرة فـي عمـل المحاكـم الداريـة ،حتـى أننـا أصـبحنا نجـد أن كـل
محكمة إدارية تخلق توجها خاصا بها يتميز ويختلف عن الخرى ،والمثلة عن هذه الظاهرة تطال قواعد مسطرية
وموضوعية بالغة الهمية ( :مسطرة التظلم الداري ،انعقاد الختصاص للقضاء الستعجالي )...
ممـا سـبق يتضـح بشكـل جلي أن العمـل القضائي فـي المادة الجبائيـة يعانـي مـن حدود بالغـة الهميـة مرتبطـة أسـاسا
بضعــف تكويــن القاضــي الجبائي فــي المادة الضريبيــة ممــا يؤدي إلى اهتمامــه بالجانــب الشكلي على حســاب
الموضوع وانسياب سلطة الحسم في الدعوى لفائدة الخبير.
إل أنه إلى جانب هذا النقص الذي يعرفه عمل القاضي الجبائي هناك حدود مرتبطة بمحيط عمله.
75
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
سـاهمت فـي الحـد مـن تطور العمـل والجتهاد القضائي فـي المادة الضريبيـة إلى جانـب الحدود المرتبطـة بالقاضـي
الجبائي مــن ضعــف التكويــن فــي المادة الضريبيــة وضعــف الجتهاد على مســتوى موضوع الدعوى الضريبيــة،
عوامـل أخرى مرتبطـة بمحيـط القاضـي الجبائي أي المحيـط الذي له علقـة مباشرة وتأثيـر كثيـر على عمـل القاضـي
وتعاطيه مع الملف الضريبي ونخص بالذكر :
المشرع ،المسطرة أمام القضاء الداري ،ضعف الوعي الجبائي لدى الملزم ،و دور الدفاع.
كـل هذه المسـتويات لهـا تأثيـر كـبير فـي الحـد مـن تطور مسـار عمـل القضاء الجبائي و إعاقـة القدرة على الجتهاد
وسد ثغرات المادة الجبائية ودعم ضمانات الملزم.
وســـنتناول فـــي هذا الفرع الحدود المرتبطـــة بدور المشرع والمســـطرة أمام القضاء الداري( المطلب الول) ثـــم
الحدود المرتبطة بالملزم والدفاع ( المطلب الثاني)
يلعب التشريع في المادة الجبائية دورا محوريا في تطوير العمل القضائي وحماية الملزم من أي شطط تقوم به
الدارة في حقه ،وكذا مسايرة الجتهاد القضائي وتعديل النصوص القانونية وفقه.
كما أن المسطرة القضائية تبقى الحجر الساس في ضمان العدالة الجبائية وتبسيط مقاضاة الدارة أمام القضاء،
إل أنهما ساهما إلى حد ليس باليسير في الحد من تطور الجتهاد القضائي.
فالمشرع أقـبر اجتهادات قضائيـة متواترة لسـنوات ( الفقرة الولى) ،فـي حيـن أن المسـطرة أمام القضاء الداري
وبخاصة المسطرة المتعلقة بالمادة الجبائية هي كذلك تؤثر على تطور الجتهاد القضائي( الفقرة الثانية).
كمـا سـبق الذكـر فإن الجتهاد القضائي هـو مـن كان وراء تأسـيس قواعـد قانونيـة خاصـة بالدارة ،وميـز بيـن
قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص ،ووضع أسس الدعاوى الدارية.
ومن ثمة سمي القانون الداري بكونه قانون قضائي لنه تميز بعدم التقنيين بالنظر للتطورات الكبيرة التي عرفها
و يعرفها:
وفي هذا السياق ظل القاضي الداري يعمل باستمرار على سد الثغرات التي يعرفها التشريع عن طريق
76
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
خلق قواعد قانونية جديدة ،ومع تواتر الجتهادات القضائية يتبناها المشرع ويصادق عليها في شكل قوانين ،وذلك
حفاظا على خاصية أساسية من خصائص القانون الداري ،وكذلك القانون الجبائي الذي هو فرع من فروع القانون
الداري لنه ينظم مجال أساسي هو مجال الضرائب والرسوم التي تعد المورد الساسي لميزانية الدولة .
إل أنه للسف الشديد فإن ما وقع هو خلف ذلك بالمغرب ،إذ عمل المشرع على تبني مواقف الدارة و خالف بل
وأقبر اجتهادات قضائية متواترة كانت تساهم في حماية الملزم وتأكيد الضمانات الممنوحة له ،بالضافة إلى مرور
مختلف التعديلت التي تعرفها القوانين الضريبية بالقانون المالي السنوي والذي ل يعطي الوقت الكافي للبرلمانيين
في مناقشته مناقشة كافية وتقديم التعديلت اللزمة عليه ،دون أن ننسى طريقة التصويت على القانون المالي التي
تحد من الحرية الكافية للفرق البرلمانية وخاصة المعارضة في تعديل البنود التي تمس بالضمانات المخولة للملزم.
وقد تجلى ذلك بوضوح من خلل كتاب المسـاطر الجبائية الصادر سنة 2005وخاصة الفقرة الخيرة من الفصل
العاشر من كتاب التبليغ الذي ينص على أنه " إذا تعذر تسليم التبليغ إلى الخاضع للضريبة بالعنوان المدلى به إلى
مفتشي الضريبة عندما يتم توجيه الوثيقة في رسالة مضمونة الوصول مع إشعار بالتسليم أو بواسطة أعوان كتابة
الضبط أو العوان القضائيين أو بالطريقة الدارية وتم إرجاع الوثيقة ببيان غير مطالب به أو انتقل من العنوان أو
عنوان غير معروف أو غير تام أو أماكن مغلقة أو خاضع للضريبة غير معروف بالعنوان ،في هذه الحالت يعتبر
الظرف مسلما بعد انصرام أجل العشرة أيام التالي لتاريخ إثبات تعذر
()1
التسليم ".
هذا الفصل جاء ليجهض جميع الضمانات التي نص عليها قانون المالية لسنة 1995وقد جاء ردا على العديد
مـن الجتهادات القضائيـة التـي سـبق أن تناولناهـا إبان الحديـث عـن مسـطرة التبليـغ والتـي ألغـت عددا كـبيرا مـن
( )2
الواجبات الضريبية من طرف المحاكم الدارية بسبب عدم توصل الملزم ،أوعدم احترام الدارة لمساطر التبليغ.
وقــد خالف هذا الفصــل حتــى القواعــد المنصــوص عليهــا بقواعــد المســطرة المدنيــة ،بــل وحتــى لقواعــد التبليــغ
المنصوص عليها بمدونة التحصيل .15-97
وهذه التعديلت المجهضــة لحقوق الملزم والتــي ســتضيع عــن الملزم مباشرة المســطرة التواجهيــة إبان مســطرة
التصحيح وبالتالي ستخلق أوضاع مأساوية بالنسبة للملزمين.
كما أن المادة 22من قانون الضريبة العامة على الدخل المعدلة بمقتضى قانون المالية لسنة 2005أفادت
.1كتاب المســاطر الجبائيــة الصــادر بالمادة 22مــن قانون الماليــة رقــم 26-04لســنة الماليــة ،2005الجريدة الرســمية عدد 5278بتاريــخ
30/12/2004ص .4162
-2ذ .سميرة شقشاق ،م.س ،ص .89
77
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
اسـتثناء الخاضعيـن لهذه الضريبـة وفـق النظام الجغرافـي من تطـبيق المسـطرة التواجهيـة فـي حالة تصـريح الملزم
وفـق قاعدة الحـد الدنـى للضريبـة ،وذلك لقطـع الطريـق على الجتهاد القضائي الذي جرى بـه العمـل مـن إلزاميـة
مراعاة المفتــش للجراءات التواجهيــة فــي أي تصــحيح يعتزم القيام بــه ســواء أكان الملزم خاضعــا لنظام النتيجــة
()1
الصافية أو النظام الجزافي.
ممـا سـبق نسـتخلص أن الدارة الضريبيـة تضطلع بدور هام فـي بلورة النصـوص الضريبيـة مـا دامـت هـي التـي
تقترح تلك النصـوص حيـث يتـم تحضيرهـا مـن طرف مديريـة الضرائب بالنظـر للطابـع التقنـي لهذه المادة ،ثـم يتـم
تمريرها بمساعدة الغلبية الحكومية داخل البرلمان ،والذي يجهل أغلب أعضاءه خصوصيات القانون الضريبي،
()2
باستثناء بعض أعضاء اللجنة المالية المكلفة بدارسة القانون المالي.
والخلصة هي توريط المشرع في إقبار الجتهادات القضائية المتواترة التي تحمي مصالح الملزم.
تتميـز المسـطرة الضريبيـة بالتعقيـد ،خصـوصا على مسـتوى تنوع الجال وكثرتهـا ،سـواء بالنسـبة لمسـطرة
التصحيح ،مسطرة الفرض التلقائي ،آجال البت بالنسبة للجن الضريبية ،أواجل الطعن أمام القضاء الداري.
هذا التعقيــد يؤثــر على عدد الملفات المطروحــة أمام القضاء وســرعة البــث فيهــا ،إذ أن البطــء فــي تســوية
المنازعات الجبائية ظاهرة متكررة في المرحلة القضائية ،وهو ما يحول دون حسم الدعاوى والقضايا المعروضة
على المحاكم و أجهزة القضاء في الوقات الملئمة ،وعدم إيصال الحقوق لصحابها في الوقات المناسبة .
وقد أرجع البعض هذا البطء إلى عدة عوامل منها:
•قلة الوسائل المادية والبشرية والتقنية :القضاة ومساعديهم ...
•تأخر الطراف في تقديم مذكراتهم الجوابية وجاهزية الملفات.
•غموض النصوص الضريبية ،مما يحول دون إنجاز الدعاوى والقضايا في أوقاتها المناسبة.
()3
•تأخر التبليغات القضائية.
.1قرار عدد 695مؤرخ في 3/6/1999في الملف عدد ،1232/5أورده محمد شكري ،م.س .ص .643
.2محمد شكيري ،م.س ،ص .75
.3عبد الرحمان أبليل ،م.س ،ص 292و .293
كمـا أن تكلفـة المسـطرة أمام القضاء الداري جـد مرتفعـة وتتوزع بيـن الرسـوم القضائيـة التـي تشكـل عائقـا أمام
ممارسة حق الطعن في قرارات الدارة الجبائية ،باستثناء دعوى اللغاء التي أصبحت معفية بمقتضى قانون -90
( )1
41المنشئ للمحاكم الدارية.
78
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
كما أن أتعاب الخبراء والمحامين وتكاليف السفر والتنقل وإعداد الملف القضائي تساهم في ارتفاع تكلفة التقاضي
وتمنع بعض الملزمين من اللجوء إلى القضاء ويفضلون بسبب ذلك تسوية خلفاتهم مع الدارة الجبائية ولو بطرق
غير مشروعة عن طريق الرشاوى أو الصلح ...
كمـا أن قلة المحاكـم الداريـة وتواجدهـا بالمدن الكـبرى بالمغرب والتـي ل تتجاوز سـبعة محاكـم تجعـل العديـد مـن
الملزمين غير قادرين على التقدم بالطعن أمام المحاكم الدارية بالنظر لبعدها عنهم ،فكيف يتصور أن يطعن ملزم
أمام محكمة تبعد عنه بما ل يقل عن 400كلم ،بل تصل إلى 1500كلم بالنسبة لمدن الجنوب.
ويزداد المر صعوبة إذا علمنا أن محاكم الستئناف الدارية ل تتجاوز ثلثة محاكم بعد إحداثها.
بيــد أن تطــبيق قانون المســطرة المدنيــة أمام القضاء الداري يطرح عدة إشكالت بالنظــر للختلف بيــن الطار
الجرائي للخصومة المدنية وخصائص المنازعة الدارية ،كما أن القانون الضريبي له مسطرة خاصة نص عليها
كتاب المساطر الجبائية ،لكن هذا التداخل طرح عدة ،إشكالت مثل :
الصـفة القانونيـة للدولة فـي التقاضـي :ذلك أن الدولة تتكون مـن مجموعـة مـن المرافـق العموميـة قـد واكبـه نوع مـن
التبعيض الذي طال صفتها في التقاضي ،فالمدير الجهوي للضرائب هو الذي يمثل الدولة في منازعات الوعاء ،في
حيـن أن الخازن الجهوي هـو الذي يمارس الدعاوى المتعلقـة بالتحصـيل ،كمـا أن الوكيـل القضائي للمملكـة يتعيـن
إدخاله في الدعاوى التي ترمي إلى التصريح بمديونية أحد أشخاص القانون العام وهذا ما طرح عدة إشكالت لدى
دفاع الملزمين كما سبق توضيحه.
بيد أن شرط القيام بإجراء سابق لرفع الدعاوي ( مثل ف 48من الميثاق الجماعي) و الفصل 40من ق.م.م الذي
يرتــب فــي حالة عدم الدلء بالمســتنتجات خلل الجــل المحدد ،ممــا يؤدي إلى إصــدار حكــم غيابــي أو بمثابــة
حضوري ،وهذا الجـل غيـر كافـي للدارة ،كمـا أن مسـطرة النفاذ المعجـل ،والغرامـة التهديديـة كـل هذه الجراءات
تؤكـد أن المسـطرة المدنيـة غيـر قادرة على اسـتيعاب الخصـوصيات المتعلقـة بالمنازعات الداريـة عمومـا والجبائيـة
()2
خصوصا .
أضف إلى كل ما سبق إشكالية عدم تنفيذ الحكام القضائية الصادرة ضد الدارة والتي تؤثر على مصداقية
العدالة والعمل القضائي عموما ،ويضرب في العمق دولة الحق والقانون ومبادئ حقوق النسان وحقوق الملزم ،ل
سيما وأن الموال العامة غير قابلة للحجز عليها كيفما كان نوع الحجز تحفيظيا أو تنفيذيا أو حجزا بين يدي الغير.
هذا الوضع أنتج وضعيات مأساوية للعديد من الملزمين بالضريبة بسبب عدم تنفيذ الحكام الدارية.
79
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
وقبل أن نختم هذه الفقرة ل بد من الشارة إلى أن هرم القضاء الداري لم يكتمل بعد بالرغم من دخول المغرب من
قانون 41-90عهد ازدواجية القضاء ،وذلك بعدم إنشاء مجلس الدولة كأعلى هيئة قضائية تسهر على توحيد العمل
القضائي في المادة الدارية وتضمن حقوق المتقاضين والملزمين.
إذن المسـطرة أمام القضاء الجبائي تسـاهم فـي الحـد مـن تطور الجتهاد القضائي وذلك مـن خلل تعقدهـا ،البطـء
الذي يميزها ،قلة المحاكم الدارية ،بعدها عن الملزم ،ارتفاع التكلفة ،وعدم ملئمة المسطرة المدنية لخصوصيات
المنازعات الجبائية.
كل هذه الخصائص التي تميز المسطرة أمام القضاء الداري والدور السلبي للمشرع ساهما في التأثير بشكل سلبي
على تطور العمل و الجتهاد القضائيين.
بجانـب الحدود المرتبطـة بالمشرع والمسـطرة ،هناك أدوار ل يسـتهان بهـا ،قام بهـا الملزم والدفاع فـي إضعاف
تطور العمـــل القضائي والتأصـــيل لقواعـــد ضامنـــة لحقوق الملزم والعدالة الضريبيـــة وتحقيـــق التراكـــم اللزم
للجتهادات القضائية في المادة الجبائية وخاصة المتعلقة بمنازعات الوعاء الضريبي.
وسنتناول في الفقرة الولى ضعف الوعي الجبائي ،وفي الفقرة الثانية إسهام الدفاع في الرفض الشكلي للدعوى
الضريبية بسبب ضعف تكوين المحامين في المادة الجبائية.
إذا كان الملزم هـو الشخـص الذي تفرض عليـه الضريبـة أي الذي يتحمـل العبـء القانونـي بغـض النظـر عـن إمكانيـة
نقلها إلى شخص آخر.
فإن الملزم يبقـى الطرف السـاسي فـي العلقـة الضريبيـة ،لنـه مـن يتحمـل أداء الضريبـة ،وبالتالي تمويـل النفقات
العامة للدولة.
وينقسم الملزمون إلى ممول بسيط وممول متوسط وممول كبير(.)1
-1محمد شكيري ،م س،ص .126
وتقع على الملزم التزامات كثيرة مثل :مسك المحاسبة،التصريح بالضريبة ،و دفع الضريبة.
80
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
كمــا أن للملزم عدة حقوق أمام الدارة الضريبيــة منهــا ضمان الحــق فــي العتراض على القرارات الضريبيــة إذا
كانـت تعرف بعـض الخللت ،الحـق فـي السـتعلم الضريـبي ،ضمان اسـترداد مـا دفـع بغيـر حـق ( ،)1والحـق فـي
اللجوء إلى القضاء للطعن إما في أساس تقييم الوعاء الضريبي أو إجراءات التحصيل الضريبية.
هذه اللتزامات والحقوق المخولة له تقتضي أن يكون هذا الخير على مستوى عال من الوعي الجبائي.
إل أن واقـع هذا الوعـي لدى الملزميـن وخاصـة الحـق فـي اللجوء إلى القضاء الداري للطعـن فـي ربـط أو تحصـيل
الضريبــة يبقــى دون المســتوى المطلوب ويتجلى ذلك مــن خلل المقارنــة بيــن النزاعات المطروحــة أمام الدارة
الضريبية وعدد الملفات المرفوعة إلى القضاء الجبائي:
()2
المنازعات الضريبية ( المرحلة الدارية)
عدد التظلمات المودعة والمعالجة على مستوى المديريات الجهوية
81
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
الطعون
السنة
المحكومة المسجلة
371 240 1998
235 171 1999
228 112 2000
116 200 2001
()1
الطعون الضريبية أمام المحكمة الدارية بالبيضاء
مــــن خلل هذه الجداول يتضــــح أن عدد الطعون أمام المسجل 186
1999
الدارة تفوق بشكــل كــبير عدد الملفات المطروحــة أمام المحكوم 163
المسجل 225
القضاء الداري والتــي ل تتجاوز بعــض المئات ،وهــي 2000
المحكوم 191
نسبة ضئيلة جدا ل تساهم في إتاحة إمكانية تراكم العمل المسجل 253
2001
القضائي وبالتالي الجتهاد القضائي فــــــــــــــــي المادة المحكوم 210
الضريبيـة .ويرجـع هذا الوضـع إلى عدم توفـر المكلفيـن المسجل 265
2002
على " وعـي قضائي" الذي يعـد مـن أهـم المعوقات التـي المحكوم 202
المسجل 240
تحول دون مقاضاتهـم لدارة الضرائب ،كمـا أن الدارة 2003
المحكوم 318
الضريبيـــة ل تســـاهم بالشكـــل المطلوب فـــي توعيـــة المسجل 372
2004
الملزميـن بحقوقهـم والضمانات المخولة لهـم فـي الميدان المحكوم 301
الجبائي ()1 المسجل 918
2006
المحكوم 549
الرحمان أبليل ،م.س ،ص .290 إلىعبد
.2006 .1999د.
1 ( ،)1نشرا ت المحكمة الدارية بالدار البيضاء الصادرة ما بين
الفقرة الثانية :إسهام الدفاع في الرفض الشكلي للدعوى الضريبية
الدفاع هـو الجناح الثانـي للعدالة إلى جانـب القضاء ،وفـي الدعاوى الداريـة ألزم المشرع المتقاضـي بضرورة أن
يرفـع المقال موقـع مـن طرف محام مسـجل فـي جدول هيئة مـن هيئات المحاميـن بالمغرب طبقـا للمادة 3مـن قانون
()1
رقم 41-90المحدث للمحاكم الدارية
82
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
ويرجـع هذا الشرط إلى أن المسـطرة كتابيـة ومـن الضروري على كـل مـن يترافـع أمام القضاء ،أن يكون ملمـا
بالقانون ولن يتحقق هذا الشرط إل في المحامي بحكم تكوينه وبحكم تجربته العملية داخل المحاكم.
إل أن واقـع المحاميـن يؤكـد بالملموس محدوديـة اللمام بالمادة الضريبيـة لديهـم بحكـم التكويـن الخاص لغلبهـم
وبحكــم قلة الملفات الرائجــة أمام المحاكــم الداريــة ،ويتضــح ذلك بشكــل واضــح مــن خلل القانون الضريــبي
ومحدودية تكوين المحامين فيه ،خاصة وأنه يتميز بتعقد المساطر ويتطلب مجهودا كبيرا للتمكن منه.
وحسب إحد الباحثات ( )2فإن الرفض الشكلي لدعاوى الضريبية قد بلغ نسبة تزيد عن %46من مجموع القضايا
المحكومة ،وأن المر فيما يتعلق بالوامر فاق ،%60بل إن القضايا الستعجالية الصادرة عن المحكمة الدارية
للبيضاء قـد جاوز عدم قبول الطلب فيهـا لخللتهـا الشكليـة ،% 90هذه الحصـائيات تؤكـد بمـا ل يدع مجال للشـك
أن أغلب المحامين لهم وعي جد محدود بالمادة الضريبية ،و المفارقة الكبيرة تظهرأيضا أن ملفات كثيرة للمحامين
ليـس بصـفتهم كذلك ،ولكـن بصـفتهم هـم أنفسـهم ملزميـن بالضريبـة ،ينيبون عنهـم زملئهـم فـي دعواهـم ،إل أنهـم
يخسرون الدعاوى لعدم احترام شكليات رفعها.
وقد أكد الستاذ أبليل أن %60من الدعاوى يقضي المجلس العلى بعدم قبولها لسباب مسطرية مع العلم أنها
مقدمة من محامين مقبولين للترافع لدى المجلس العلى(.)2
ولتجاوز هذا الوضع على المحامين الذين يعتبرون العامل الساسي والمهم في بلورة أي اجتهاد قضائي أن يعملوا
على تحسين معارفهم في المادة الجبائية حتى يقع الدفاع بصفة صحيحة وجدية عن حقوق الملزمين.
وفـي هذا الطار ووعيـا مـن هيئة المحاميـن بالدار البيضاء بهذا الضعـف فقـد أدمجـت مادة المنازعات الضريبيـة فـي
التكويـن السـاسي للمحاميـن المتمرنيـن و التكويـن المسـتمر للمحاميـن الرسـميين ويؤطـر هذه المادة أطـر ذات كفاءة
( )3
عالية في المادة الضريبية.
ومـن ثمـة فإن الملزم والدفاع عوض أن يكون مسـاهمين فـي تدعيـم الجتهاد القضائي ،وجدنهمـا قـد سـاهما بشكـل
ليستهان به في الحد من تطور العمل القضائي وجعله أكثر اجتهادا وإبداعا.
إذن محيط عمل القاضي الجبائي هو الخر له دور جد مهم إعاقة تطور العمل القضائي ،سواء المشرع ،المسطرة،
الملزم ،أو الدفاع.
83
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
وأنــه مــن ثمــة يجــب تجاوز بعــض الختللت التــي يعرفهــا التشريــع الجبائي ،وعلى الجمعيات المهنيــة وغرف
الصـناعة التقليديـة والتجاريـة أن تقوم بواجبهـا فـي تعريـف الملزميـن بحقوقهـم والضمانات المخولة لهـم بمقتضـى
القانون الضريبي.
أمـا المحامـي فل عذر له فـي أن يجهـل التشريـع الضريـبي أو يرتكـب بعـض العيوب المسـطرية التـي تؤدي إلى عدم
قبولها شكل ،وفي هذا السياق لقد حان الوقت لقرار نظام التخصص في مجال مهنة المحاماة.
84
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
مـن خلل هذا التقييـم الذي قمنـا بـه فـي هذا الفصـل اتضحـت لنـا بعـض مظاهـر أهميـة العمـل القضائي فـي
المادة الجبائيـة و الدور الخلق الذي قام بـه القاضـي الجبائي فـي دفـع عجلة الجتهاد والبداع سـواء على مسـتوى
الشكل أو الموضوع .
ففــي الجانــب الشكلي عمــل القاضــي الجبائي على تلطيــف المســطرة الجبائيــة ،وأبدع بعــض الضمانات
الجديدة لفائدة الملزم فيما يخص المسطرة وكل ذلك من أجل الحفاظ على حقوق وضمانات الملزم .
أما على مستوى الموضوع فقد فعل بعض مبادئ القانون الضريبي وفتح إمكانية قبول دعوى اللغاء في
المجال الضريبي بالرغم من أن القضاء الشامل هو المجال الطبيعي لها.
أضف إلى ما سبق ،الدور الخلق للقاضي الجبائي في تشجيع الستثمار من خلل إقرار حقوق الملزمين
في الستفادة من المتيازات المقررة لهم في مجال العفاءات الضريبية.
بيد أن هذا التقييم الذي اعتمدنا فيه الجانب الكمي والكيفي ومقياس الفاعلية والفعالية لم يمنعنا من الحديث
وتحليـل بعـض الحدود التـي تميـز العمـل القضائي فـي المادة ،وركزنـا بالسـاس على ضعـف تكويـن أطراف العلقـة
في منازعات الوعاء الضريبي سواء القاضي الجبائي ،الملزم ،الدفاع.
وكذا دور المشرع والمسطرة في الحد من تطور الجتهاد القضائي.
ويمكـن القول أن هذا التقييـم المتواضـع هـو عبارة عـن خلصـات شخصـية هذا مـع العلم أن حجـم العمـل
القضائي الصادر في المادة الجبائية لزالت قليلة ،وأن الجتهاد القضائي لزال في بدايته ويحتاج إلى عامل الزمن
لتحقيق التراكم اللزم لتطوره ولحل بعض الشكاليات والثغرات التي تعرفها النصوص الضريبية.
كمــا أن تقييــم العمــل القضائي فــي مجال الوعاء الضريــبي يحتاج إلى عقــد أيام دراســة وندوات وطنيــة
يشارك فيهـا أخصـائيون وفاعلون فـي الحقـل ،ودراسـات علميـة جماعيـة لتعميـق النظـر فـي مجالت القوة ومظاهـر
الضعـف التـي تعتري هذا العمـل ،كـل ذلك مـن أجـل تحقيـق التوازن المنشود بيـن حقوق الخزينـة العامـة وضمانات
الملزم وحقوقه.
وذلك بهدف إعداد تصـورات ومشاريـع إصـلحية للمنظومـة القانونيـة الجبائيـة والدارة الضريبيـة فـي
علقتها بالملزمين وإصلح النظام القضائي الداري لتجاوز الثغرات وتدعيم الجوانب اليجابية.
خاتمــــــة عامـــــــة:
تحقيق التوازن بين مصالح الدارة الضريبية والملزم بالضريبة ،يبقى رهانا مرتبطا بعدة إصلحات
يجب القيام بها لتجاوز كل الثغرات التي يعرفها العمل القضائي في مجال المنازعات الضريبية .
85
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
هذا بالرغـم ممـا سـجلناه خلل البحـث مـن دراسـة عدة قرارات وأحكام التـي سـاهمت فـي حمايـة الملزم
وضمان حقوقـه والحـد مـن كـل الخللت التـي يمكـن أن تقوم بهـا الدارة الضريبيـة سـواء خلل مصـلحة التصـحيح
الضريبي أو خلل مصلحة الفرض التلقائي للضريبة .
لكــن تبقــى الســمة العامــة للعمــل القضائي فــي منازعات الوعاء الضريــبي بحكــم تعقــد المادة وتشتــت
النصـوص القانونيـة المؤطرة لهـا وضعـف بحـث أسـس الضريبـة على ضوء المعطيات المهنيـة والقتصـادية ،هـي
المقاربــة الغائبــة عــن عمــل قضائنــا فــي مادة منازعات الوعاء الضريــبي ممــا يفرض التأكيــد على ضعــف العمــل
القضائي عموما في المادة الجبائية ،وعدم ارتقاء قضاءنا الضريبي إلى مستوى القضاء المحدث للقواعد القانونية
وهو ما اتضح من خلل المقاربة الكمية والكيفية لعمل المحاكم الدارية التي قمنا بها في طي البحث.
وأنـه مـن ثمـة يتعيـن القيام بعدة إصـلحات وتعديلت ذات طبيعـة جوهريـة تهـم النظام الجبائي ،الدارة
الجبائية في علقتها بالملزمين ،إصلح الجامعة والنظام القضائي بالمغرب.
أ .إصلح النظام الجبائي:
يمكـن أن نسـجل بكـل إيجابيـة صـدور المدونـة العامـة للضرائب لول مرة فـي تاريـخ المغرب بقانون الماليـة لسـنة
2007واحتوت في جنباتها النصوص الضريبية التي كانت متفرقة وكذا كتاب المساطر الجبائية ،وقد كان إصدار
المدونة مطلبا ملحا لجميع الفاعلين في الحقل الضريبي ،إل انه بالرغم من ذلك فإن النظام الجبائي المغربي يحتاج
إلى جانب التقنين ،إصلح العديد من العيوب التي تؤثر على العمل القضائي وتحد من قدرته الجتهادية ،ونخص
بالذكر:
* أن النصوص الضريبية سيما المتعلقة بالوعاء يجب أن تكون على درجة كبيرة من الوضوح بحيث ل تدع مجال
للتأويل ،وذلك لتفادي كل خطأ في التفسير أو انحراف في التطبيق إعمال لسلطة تقديرية غير سليمة.
بالضافـة إلى ذلك ينبغـي أن يشمـل تبسـيط وتوضيـح النصـوص القانونيـة المكونـة للنظام الجبائي المغربـي ،الطار
()1
القانوني المنظم للمنازعات الجبائية سواء تعلق المر بالمرحلة الدارية أو المرحلة القضائية.
1
-عبـد الرحيـم التيجانـي " المنازعات الجبائيـة فـي مجال تحصـيل الضرائب المباشرة نموذج الضريبـة على الشركات" بحـث لنيـل دبلوم الدراسـات
العليا موسم ، 2000-1999ص .174
* تطعيـم كتاب المسـاطر الجبائيـة بمواقـف الدارة مـن خلل المذكرات التفسـيرية وبعـض الجتهادات القضائيـة فـي
مجال الفحــص والمنازعــة ،كمــا يتعيــن نشرهــا وتعميمهــا على نطاق واســع على الملزميــن ليكونوا على بينــة مــن
الجراءات التي يجب أن يسلكوها في حالت خضوعهم لفحص أو رغبتهم في منازعة الدارة قضائيا أو إداريا.
* الحفاظ على اسـتقرار القانون الضريـبي وعدم القدام على التعديلت المتتاليـة لنفـس المقتضيات ،وهذا مـن شأنـه
تعزيز الحماية القانونية من التغيير المستمر للتشريع.
86
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
* إعادة النظر في النظام الجبائي بالشكل الذي يؤدي إلى تحقيق توازن العبء الجبائي وقد تناقل الدباء السلطانيين
بعضهـم عـن بعـض المقولة المشهورة " الملك بالجنـد والجنـد بالمال ،والمال بالجبايـة ،والجبايـة بالعمارة ،والعمارة
بالعدل".
وفـي هذا السـياق يجـب أن يتـم تعديـل المنظومـة الضريبيـة المغربيـة وفـق معاييـر العدالة الجبائيـة ولذلك فإن القانون
الضريــبي يجــب أن يكون موضوع نقاش ديمقراطــي حقيقــي ويأخــذ بعيــن العتبار مفهوم المنفعــة العامــة ،إعادة
التوزيع ،العدالة ،وتصاعدية القتطاعات الضريبية.
ب -تحديث الدارة الضريبية:
إن الهتمام بتحسـين العلقـة مـا بيـن الدارة الجبائيـة والملزم أضحـت ضرورة ملحـة فـي الوقـت الراهـن وذلك
لتجاوز طابـــع الكراه الذي يميـــز الضريبـــة وطرق فرضهـــا وتحصـــيلها وكذا مختلف العوائق التـــي تحول دون
التواصل الجيد بين الدارة والملزم وذلك عبر:
* توظيف العدد الكافي من الطر الكفأة لتعزيز مصالح المراقبة والوعاء لتجاوز النقص الكبير في هذا المجال.
* إصـلح هياكـل الدارة الضريبيـة وذلك بتعميـم أجهزة المعلوميات على مختلف المصـالح لتحسـين التواصـل مـع
المنظمات المهنيـة ،وجمهور الملزميـن لتعريفهـم بحقوقهـم ،ولتعميـم القرار اللكترونـي ،و تسـريع سـرعة البـت فـي
التظلمات سواء أمام الدارة أو اللجان الضريبية.
* محاربة العناصر المرتشية والفاسدة في الدارة الضريبية وتوقيع العقوبات اللزمة على جميع المستويات الدنيا
والعليا ،علما أن هذه الظواهر جد منتشرة في إدارة الضرائب بشكل ظاهر للعيان كما ل يخفى على أحد ،ومن تم
تضيع حقوق الخزينة العامة وكذا حقوق الملزمين والوطن بأكمله.
لن أي إصلح تشريعي لن تكون له الفعالية اللزمة إذا لم تكن هناك إدارة ضريبية قوية ونظيفة.
ج -إصلح القضاء الجبائي:
إن تفعيـل القضائي الجبائي وتحسـين مسـتواه ل يمكـن أن يتـم إل بتحمـل الجامعـة المغربيـة مسـؤوليتها فـي
هذا المجال ،ذلك أن القاضــي قبــل أن يلتحــق بســلك القضاء ،فهــو خريــج إحدى كليات الحقوق ( شعبــة القانون
الخاص ) حيث يتعرفون على المادة الضريبية ضمن مادة المالية العامة وذلك بصورة مقتضبة وبصورة أوسع إذا
تمكنوا مـن متابعـة دراسـتهم فـي إطار السـلك الثالث ودراسـة القانون الضريـبي ،وأنـه لذلك يتعيـن إدخال تعديلت
جذرية لتطوير بنيات البحث العلمي ،وتكوينه ليكون جديرا بمحراب العدالة سواء أصبح قاضيا أو محاميا وترجمة
شعب عملية كالقانون الضريبي والمنازعات الجبائية.
كمـا ل ينبغـي إغفال إعداد القاضـي على مسـتوى المعهـد الوطنـي للدارسـات القضائيـة و على مسـتوى التكويـن
المستمر عن طريق الندوات داخل الوطن وخارجه وإعطاء العناية اللزمة لموضوع المنازعات الضريبية المكان
اللئق بها في برامج التكوين الساسي والمستمر.
87
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
وكذا رفــع مســتوى مهارات القاضــي الفكريــة والعمليــة والتفاوضيــة ،وتوفيــر المراجــع العلميــة فــي المادة
الضريبيـة وذلك عـبر إحداث مكتبات قانونيـة حديثـة ،أو مجهزة بكـل المحاكـم ،لمسـايرة كـل التطورات التـي يعرفهـا
المجال القانوني والحقل الضريبي خاصة سواء الوطني او الدولي.
أمـا على مسـتوى الهرم القضائي بالمغرب فإنـه حان الوقـت لدعـم لمركزيـة حقيقيـة للرقابـة القضائيـة
وتقريـب القضاء الجبائي مـن المتقاضيـن ولن يتـم ذلك إل عـبر إنشاء المحاكـم الداريـة بمختلف القاليـم و العمالت
بالمملكة ولتجاوز حالة البعد الكبير بين المحاكم الدارية والملزمين.
وفي هذا الطار لقد حان الوقت لنشاء مجلس الدولة كأعلى هيئة قضائية تعلو القضاء الداري للدخول
في عهد ازدواجية القانون والقضاء من بابه الواسع ولتوحيد الرؤية والجتهاد القضائي الجبائي بالمغرب ،والسير
على خطى مجلس الدولة الفرنسي ومجلس الدولة المصري اللذان أصبحا مرجعين بالعالم على مستوى الجتهادات
القضائية.
بيـد أن إصـلح النظام الجرائي و المسـطري أمام القضاء الجبائي ل يقـل أهميـة عمـا سـبق الشارة إليـه وذلك مـن
خلل القيام بما يلي:
* توحيد آجال رفع الدعوى الضريبية أمام القضاء .
* تحديد أطراف كل نوع من أنواع المنازعات بشكل ل لبس فيه ول غموض.
* إعادة النظر في صيغة ومواد اختصاص المحاكم الدارية في المادة الجبائية.
ونشيـر هنـا إلى ضرورة أن يتـم ضبـط الجتهادات القضائيـة وتصـنيفها قصـد نشرهـا بشكـل رسـمي ليتسـنى لجميـع
المتدخلين في الحقل الجبائي مواكبة المستجدات التي يعرفها العمل والجتهاد القضائيين وتقديم نقدهم واقتراحاتهم
بخصوصهما.
ولكي ل تفوتنا الفرصة فإن سؤال تخليق أجهزة العدالة ،القضاء ،الدفاع ،كتابة الضبط من كل مظاهر الرشوة
التــي أصــبحت منتشرة بشكــل غايـة فــي البشاعــة أضحــى ضرورة حضاريــة لربــح رهان القضاء العادل الضامــن
للعدالة الجتماعية ورهانات التنمية ولرفع تحديات اللفية الثالثة ورياح العولمة.
وحاصـل الكلم أن هده الصـلحات المجمـع عليهـا هـي إصـلحات ذات طبيعـة اسـتعجالية ،حالة السـتعجال
فيها قصوى ل تستدعي التأخير أو حتى التمهل.
الفهـــــــــــرس
2..........................................................................................................................................................مقدمـــــــــــــة
88
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
الفقرة الولى :العفاء من الضريبة على القيمة المضافة بخصوص ما يسلمه الشخص لنفسه من
مبنى 20............................................................................................................................
الفقرة الثانية :إشكالية الخضوع للمساهمة الدنيا على ضريبة الرباح العقارية23...................
الفقرة الولى :إعفاء القطاع الفلحي :السند القانوني والتطورات التي عرفها
26...................
الفقرة الثانية :موقف القضاء الجبائي من بعض إشكالت إعفاء القطاع الفلحي28...............
31....................... المبحث الثاني :التحقيق والثبات ،واثر الحكم ببطلن المسطرة الضريبية
الفرع الول :التحقيق والثبات في الدعوى الضريبية32.......................................................
المطلب الول :وسائل التحقيق والثبات 32 ...........................................................................
43...... الفرع الثاني :أثر الحكم ببطلن المسطرة الضريبية على اللتزام الجبائي
43.................. المطلب الول :على مستوى الفرض التلقائي ،وتصحيح الساس الضريبي
89
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
الفقرة الولى :حالة بطلن مسطرة تصويب الضريبة للخلل بالشعار بالتحقيق
47.........
الفقرة الثانينة :حالة الخلل بالمسنطرة القانونينة الواجنب إتباعهنا أتناء المثول أمام اللجننة
الوطنية47....................................................................................................................................
خاتمة الفصل الول50................................................................................................................
الفصل الثاني :تقييم العمل القضائي في مادة الوعاء الجبائي51....................................
المبحث الول :أهمية عمل القاضي الجبائي في حماية حقوق الملزم52............................
الفرع الول :تأصيل بعض القواعد لصالح الملزم 52.........................................................
52.......... المطلب الول :على مستوى تطبيق القواعد الشكلية المتعلقة بالطعن القضائي
المطلب الثاني :إقرار حق الملزم في الستفادة من المتيازات المقررة للملزم في مجال بعض
الستثمارات63..............................................................................................................
90
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
المطلب الول :دور المشرع والمسطرة أمام القضاء الجبائي في الحد من تصور
الجتهاد القضائي 74...............................................................................................................
78............ المطلب الثاني :دور الملزم والدفاع في الحد من تطور الجتهاد القضائي
خاتمة عامة
83.....................................................................................................................
لئحـــــــة المراجـــــــــــــع
1- :الكتب
* احمــد الحضرانــي ,النظام الجبائي المحلي على ضوء التشريــع المغربــي والمقارن,الطبعــة الولى,دار النشــر
المغربية,الدار البيضاء ,2001منشورات م.م.إ.م.ت ,سلسلة مؤلفات و أعمال جامعية.
91
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
* أحمد سنيهجي,الوجيز في القانون الداري المغربي و المقارن ,مكناس ،الطبعة الثانية .1998
* الجيللي أمزيــــد ,مباحــــث فــــي مســــتجدات القضاء الداري,منشورات م.م.إ.م.ت ,ســــلسلة مؤلفات و أعمال
جامعية,عدد ,50دار النشر المغربية البيضاء،الطبعة الولى .2003,
* الحسن البوعيسي ,كرونولوجيا الجتهاد القضائي في المادة الدارية ,الطبعة الولى 2002وزان.
* خالد الشرقاوي السـموني ،الخـبرة القضائيـة على ضوء قانون المسـطرة المدنيـة و الجتهاد القضائي,منشورات
م.م.إ.م.ت ,دار النشر المغربية,الدار البيضاء ،عدد .1998 ,7
* رابح راتب,الممول و المادة الضريبة,دار النهضة العربية.1991,
* عبد الغني خالد ,المسطرة في القانون الضريبي المغربي ,دار النشر المغربية البيضاء.2002,
* عبد القادر التيعلثي ,النزاع الضريبي في التشريع المغربي,دار النشر المغربية البيضاء.1997,
* عبــد الســلم أديــب ,الســياسة الضريبيــة إســتراتيجية التنميــة,دراســة تحليليــة للنظام الجبائي المغربــي -1956
,2002الطبعة الولى ,1998إفريقيا الشرق الرباط.
* رابح راتب,الممول و المادة الضريبة,دار النهضة العربية.1991,
* عبد الله حارسي,الوجيز في القضاء الداري فاس,السنة الجامعية .1997-1996
* مولي إدريس الحلبي الكتاني ,مسطرة التقاضي الداري ،دار النشر المغربية البيضاء ،طبعة .1997
* محمد السماحي ,مسطرة المنازعة في الضريبة ,دار أبي رقراق الرباط ،الطبعة الثانية.2003,
* محمــد مرزاق وعبــد الرحمان أبليل ,المنازعات الجبائيــة بالمغرب بيــن النظري و التطــبيق,مــع تقييــم لتجربــة
المحاكم الدارية في المادة الجبائية ,مطبعة المنية ،الطبعة الثانية .1998
* محمد شكيري ,القانون الضريبي المغربي دراسة تحليلة,منشورات م.م.إ.م.ت ,مطبعة المعاريف الجديدة الرباط
الطبعة الثانية .2005
*محمـــد قصـــري ,المنازعات الجبائيـــة المتعلقـــة بربـــط وتحصـــيل الضريبـــة أمام القضاء الداري,منشورات
م.م.إ.م.ت,عدد ،62مطبعة المعاريف الجديدة الرباط ،الطبعة الولى .2005
* محمد قزيبر,مدخل لدارسة المالية العامة ,مكناس ،مكتبة سلجماسة .2001
* محمــد زكرياء بيومــي,المنازعات الضريبيــة فــي ربــط و تحصــيل الضرائب,جامعــة القاهرة,منشورات عكاظ،
الطبعة الولى .1990,
-2الرسائل و الطروحات-:
* إبراهيم مهم ,المنازعات الجبائية في ظل المحكمة الدارية بالبيضاء ،رسالة لنيل د.د.ع ،كلية الحقوق البيضاء،
.1999
92
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
* جميلة الدليمــي ,الضريبــة و إشكاليــة النتقال الديمقراطــي بالمغرب,أطروحــة لنيــل الدكتورة ،كليــة الحقوق
البيضاء.2005 ،
* الحبيب العطشان ,المنازعات الجبائية بالمغرب,رسالة لنيل د.د.ع.م ،كلية العلوم القانونية والقتصادية الرباط ،
السنة الجامعية . 2001-2000
* حســن صــعيب ,القضاء الداري المغربــي,دراســة تحليليــة للقانون المحدد للمحاكــم الداريــة,أطروحــة لنيــل
الدكتورة ،كلية الحقوق أكدال الرباط .2003 ،
* حميد دزاليس ,المنازعات الضريبية في مجال التحصيل ,رسالة لنيل د.د.ع .كلية الحقوق البيضاء .2000
* سميرة بنخيي ،المنازعة على أساس الضريبة على الشركات،المرحلة الدارية،رسالة لنيل د.د.ع ،كلية الحقوق،
.2000
* عبـد السـلم أديـب,الصـلح الجبائي و التنميـة بالمغرب,د.د.ع فـي القانون العام ،السـنة الجامعيـة ،1994كليـة
العلوم القانونية القتصادية الرباط.
* عبــد الغنــي شكور ،منازعات الضرائب المباشرة بيــن التســوية الداريــة و الحــل القضائي،رســالة لنيــل د.د.ع ،
،1993كلية العلوم القانونية و القتصادية البيضاء.
* عبـــد الرحيـــم التيجانـــي ,المنازعات الجبائيـــة فـــي مجال تحصـــيل الضرائب المباشرة,نموذج الضريبـــة على
الشركات ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا ،كلية الحقوق البيضاء .2001،
* عزيزة زيمان ,المنازعات الجمركية,رسالة لنيل د.د.ع ،كلية الحقوق البيضاء . 1999،
* العربـي الكزداح ،الطعون الجبائيـة فـي ظـل المحاكـم الداريـة بالمغرب,أطروحـة لنيـل الدكتورة ،كليـة الحقوق
أكدال الرباط .2004 ،
* عبـد القادر مسـاعد ,القضاء الداري المغربـي ضمانـة للحقوق و الواجبات,أطروحـة لنيـل الدكتورة ،كليـة الحقوق
اكدال الرباط.2004 ،
* عبـــد الرحيـــم التجانـــي ،المنازعات الجبائيـــة فـــي مجال تحصـــيل الضرائب المباشرة ,نموذج الضريبـــة على
الشركات ،رسالة لنيل د.د.ع ،كلية الحقوق الرباط اكدال. 2003 ،
* عبـد الحميـد الحنودي ،تحصـيل الديون العموميـة فـي التشريـع و القضاء المغربـي,أطروحـة لنيـل دكتورة ،كليـة
الحقوق الرباط ،أكدال .2006 ،
* محمد بيصة ،المنازعة في قانونية قرارات الدارة المكلفة بربط الضريبة بين دعوى اللغاء و طعون القضاء
الشامل,أطروحة دكتورة ،كلية الحقوق البيضاء . 2004 ،
* نجاة العماري ،المنازعات الضريبيـة,أطروحـة لنيـل الدكتوراه فـي الحقوق ،كليـة العلوم القانونيـة و القتصـادية
الدار البيضاء ،بدون تاريخ.
93
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
* نجيــب علم,القضاء الداري المغربــي فــي ظــل الصــلح الجديــد,رســالة لنيــل د.د.ع.م ،كليــة الحقوق البيضاء
.1998
* فوزية الكون ،القاضي الجبائي ،رسالة لنيل د.د.ع.م ،كلية الحقوق البيضاء ،سنة .2000-1999
* فريد مريم ,المنازعات في مجال التحصيل,رسالة د.د.ع ،كلية الحقوق البيضاء ،كلية الحقوق البيضاء. 2000 ،
* فاطمة حوسني ,منازعات القضاء الضريبي ,رسالة لنيل د.د.ع .كلية الحقوق البيضاء .1998
* فتيحة لمعاشي ،وضعية المكلف في التشريع الضريبي المغربي و علقته بالدارة،جامعة محمد الخامس أكدال
الرباط.2001-2000,
* ياســمين بوخال ،العدالة الضريبـة ودورهـا فـي التنميـة,نموذج الضريبـة على الدخـل ،رسـالة لنيـل د.د.ع ،كليـة
الحقوق اكدال ،الرباط.2003 ،
-3المجلت و المقالت:
* أحمــد الحضرانــي ،حول تضريــب لوحــة المحامــي ،الرســم المفروض على شغــل الملك الجماعيــة العامــة,
(م.م.إ.م.ت) عدد .1996 ، 16
* أمال المشرفي ،دور المحاكم في الدارية في حماية النشاط القتصادي( ،م.م.إ.م.ت) عدد .1997 ،19
* جعفــر حســون ،الطبيعيــة القانونيــة للمنازعات الضريبيــة فــي ضوء قانون ,41-90المحدث و المنظــم للمحاكــم
الدارية( ,م.إ.م.ت)سلسلة مواضيع الساعة,عدد .1996 ،4
* الجيللي أمزيد ،إشكالية تطبيق قانون المسطرة المدنية في مجال المنازعات الدارية ( ،م.م.إ.م.ت) عدد ، 36
.2001
* حسـن حـبيب ،إشكاليـة عدم تنفيـذ الحكام القضائيـة الصـادرة ضـد الدارة( ،م.م.إ.م.ت) عدد ,59نونـبر -دجنـبر
.2004
* سـميرة شقشاق ،طرق التبليـغ و تطورهـا عـبر القوانيـن الماليـة و الجتهادات القضائيـة ,مجلة م.إ.م.ت ,عدد -62
,2005 ,63
* عبــد الرحيــم الجامعــي ،الشكاليات التــي يطرحهــا قانون المحاكــم الداريــة فــي مجال المنازعات الجبائيــة,
(م.م.إ.م.ت) سلسلة مواضيع الساعة,عدد 4،1996
* عبد الرحيم حزيكر ،تنوع القضاء المختص في دعوى تحصيل الضرائب تكامل أم تناقض ,م.م.إ.م.ت ,عدد -63
.2005 ,62
94
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
* عبد القادر تيعلثي" ،الضمانات الجبائية من خلل التشريع و القضاء" (م.م.إ.م.ت)عدد ,19ابريل-يوليو .1997
* عبد المعطي القدوري ،الحماية القضائية للملزم في مجال المنازعات الجبائية (م.م.إ.م.ت) عدد ,19ابريل-يوليو
.1997
* عبـد العزيـز يعقوبـي ،الجراءات الداريـة لربـط الضريبـة و مسـطرة الطعـن فيهـا قضائيـا( ،م.م.إ.م.ت) سـلسلة
مواضيع الساعة عدد . 19
* عصام بن جلون ،التنفيذ الجبري ضد الدارة( ،م.م.إ.م.ت) عدد ،59نونبر -دجنبر .2004
* محمد قصري ،تنازع الختصاص بين المحاكم حول مدونة تحصيل الديون العمومية( ,م.م.إ.م.ت) عدد مزدوج
,52-51يونيو .2003
* محمـد لمزوغـي ،القضاء الداري ومجال تدخله فـي حمايـة السـتثمار( ,م.م.إ.م.ت) عدد مزدوج ,52-51يونيـو
.2003
* محمد النجاري ,تساؤلت حول اختصاص المحاكم الدارية في مسطرة منازعات تحصيل الضرائب على ضوء
المدونة الجديدة( ,م.م.إ.م.ت) سلسلة مواضيع الساعة,عدد .2001 ,31
* محمد شكيري ,خصوصية المنازعة في مجال الفحص الضريبي ،منشورات دفاتر المجلس العلى .2007
* محمد النجاري ،الضريبة الحضرية و ضمانات الملزم( ،م.م.إ.م.ت) عدد .1999 ،26
* محمد أنتك ،المنازعات الضريبية,مجلة المحاكم المغربية،عدد . 2000- 82
* مصطفى ابن شريف ،المنازعات الضريبية في التشريع المغربي ،مجلة المناظرة,عدد .1999 -3
*محمد عنبر ،المنازعات الضريبية في القانون المغربي،مجلة دراسات قضائية.2001-2006,
* مصطفى أبوكريش ،إدارة المنازعات الضريبية في ربط وتحصيل الضرائب,عمان,دار المناهج اليداع .2003
* نعيمة سيف الدين ,مسطرة فرض الضريبة الحضرية و المنازعة فيها مداخلة باليوم الدراسي المنظم من طرف
المجلس العلى بالرباط ماي ،2005منشورات المجلس العلى ،مطبعة إليت.
* مجموعة القوانين المتعلقة بالضرائب الرئيسية ,مجلة م.إ.م.ت,سلسلة –نصوص ووثائق -الطبعة الولى .2004
* المنازعات الجبائية في ظل المحاكم الدارية ,مجلة م.إ.م.ت,عدد .1996, 4
* المحاكـم الداريـة و الصـعوبات المثارة على مسـتوى التطـبيق فـي ميدان المنازعات الجبائيـة(م.م.إ.م.ت)سـلسلة
مواضيع الساعة,عدد ,4ص 1996. ،75
* أربعون سنة من القضاء الداري (م.م.إ.م.ت) عدد .1998 ,14
* المنازعات الجبائية وأهم تطبيقاتها العملية,مجلة المحاكم المغربية,عدد 1997 ،54
* النشاط العام للمحكمة الدارية بالدار البيضاء لسنة ،,1997وزارة العدل.
* النشاط العام للمحكمة الدارية بالدار البيضاء لسنة ,1998إلى ,2006وزارة العدل.
* الحصاءات السنوية للمجلس العلى لسنة ،2005طباعة ريم كوم ,مركز النشر و الثوثيق القضائي.2005،
95
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
* الندوة الجهويـة بمناسـبة الذكرى الخمسـينية لتأسـيس المجلس العلى الدار البيضاء,يومـي 19-18أبريـل ,2007
مداخلة ذ .عبد العزيز اليعقوبي القضاء الجبائي و حماية الستثمار من خلل قرارات المجلس العلى.
* أشغال المائدة المسـتديرة فـي موضوع المنظومـة الجبائيـة المغربيـة,سـؤال العدالة ؟ مـن تنظيـم مركـز البحاث و
الدراسات الضريبية المنظمة برحاب كلية الحقوق,الدار البيضاء 7,يوليوز .2007
* مداخلة وزيـــر العدل الســـابق باليوم الدراســـي حول تطور القضاء الداري بالمغرب فـــي ضوء إحداث محاكـــم
الستئناف الدارية المنعقدة بالمدرسة الوطنية الدارية,بتاريخ 22نونبر .2006
* أشغال اليوميـن الدراسـيين حول "العمـل القضائي والمنازعات الضريبيـة" مـن تنظيـم المجلس العلى و المديريـة
العامة للضرائب بتاريخ ،29-28 ،مارس ,2005منشورات دفاتر المجلس العلى ,عدد ,2005-8مطبعة البيت.
* الدسـتور المغربـي,المراجـع لموجـب اسـتفتاء 13شتنـبر ,1996منشورات م.م.إ.م.ت ،سـلسلة نصـوص ووثائق،
عدد .1999 ،24
* قانون مالية سنة ،2007رقم 43-03الصادر بالجريدة الرسمية عدد .5487
* المدونة الجديدة العامة للضرائب ،وفق المادة 6من قانون المالية رقم 35-05للسنة المالية ,2006وفق المادة
9منه ،منشورات (.م.م.إ.م،ت) سلسلة نصوص ووثائق عدد ،144الطبعة الولى .2006
* قانون رقم ،41-90المحدث للمحاكم الدارية و المنشورات بالجريدة الرسمية عدد ,4227بتاريخ .199.11.3
* قانون المسطرة المدنية رقم 1-47-447منشورات مؤسسة إيديسوفت ،الطبعة الولى 2004-.2003
96
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
* Cyrille David, Olivier Fouquet, Marie Aimée, Bernard Plaqnet, Les grands
Arrêts de la jurisprudence fiscale, collection Droit public, 2eme édition, édition Sirey,
Paris, France 1991.
* Michelle Rousset, le contentieux administratif, Edition la porte Rabat Maroc
1996 .
* Pacteau Bernard : Contentieux administratif 2eme édition refondue, 1989,
Presses Universitaires de France, Paris.
* René Chapus, Droit du contentieux administratif ; 5 eme édition, édition
Montchrestien ; 1995, Paris, France.
B- Thèses et Mémoires :
B -Revues et Articles :
97
منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الداري
98