You are on page 1of 56

‫سورة آل عمران‬

‫*تناسب خواتيم البقرة مع أوائل آل عمران*‬


‫س ْبكُم بِهِ اللّ ُه َف َيغْ ِفرُ ِلمَن يَشَاء َو ُي َعذّ ُ‬
‫ب‬ ‫سكُمْ أَ ْو تُخْفُو ُه يُحَا ِ‬ ‫سمَاواتِ َومَا فِي الَرْضِ َوإِن ُت ْبدُواْ مَا فِي أَن ُف ِ‬ ‫البقرة من خواتيمها قوله تعالى (لّلّ ِه ما فِي ال ّ‬
‫سمَاء (‪ )5‬آل عمران) ل‬ ‫ي ٌء فِي الَ ْر ضِ َولَ فِي ال ّ‬ ‫ى عََليْ هِ شَ ْ‬ ‫خفَ َ‬ ‫ل يَ ْ‬‫ي ٍء َقدِي ٌر (‪ ))284‬وفي بداية آل عمران (إِنّ اللّ هَ َ‬ ‫مَن يَشَاء وَاللّ ُه عَلَى كُلّ شَ ْ‬
‫ما في السموات وما في الرض وإن تبدوا ما في السموات وما في الرض إن ال ل يخفى عليه شيء في الرض ول في السماء كأنها جزء‬
‫ب مَن يَشَاء وَاللّ هُ‬ ‫لرْحَا ِم َكيْ فَ يَشَاء (‪ ))6‬في آل عمران وقال في البقرة ( َفيَغْ ِفرُ لِمَن يَشَاء َو ُيعَذّ ُ‬ ‫من ها‪ ،‬إذن مرتب طة‪( .‬هُ َو اّلذِي يُ صَوّ ُر ُك ْم فِي ا َ‬
‫ي ٍء َقدِي ٌر (‪ ))284‬ذكر ما يشاء في التصوير وذكر ما يشاء في الخاتمة‪ ،‬يصوركم في الرحام كيف يشاء هذا في بداية المر والخِلقة‬ ‫عَلَى كُلّ شَ ْ‬
‫شيْ ٍء َقدِي ٌر (‪ ))284‬يتصرف كيف يشاء في الخاتمة إذن تصرف في‬ ‫ب مَن يَشَاء وَاللّ ُه عَلَى كُلّ َ‬ ‫يتصرف كيف يشاء ثم ( َفيَغْ ِفرُ ِلمَن يَشَاء َو ُيعَذّ ُ‬
‫ب مَن يَشَاء) المفهوم من الية أن ال يتصرف كما‬ ‫التصوير كيف يشاء وتصرّف في الخاتمة كما يشاء‪ .‬آية البقرة تقول ( َفيَغْ ِفرُ ِلمَن يَشَاء َو ُي َعذّ ُ‬
‫ف يَشَاء) صارت المبتدأ والخاتمة بمشيئته سبحانه‪ .‬في نهاية البقرة‬ ‫ب مَن يَشَاء) (هُوَ اّلذِي يُ صَوّ ُركُ ْم فِي الَرْحَا ِم كَيْ َ‬ ‫يشاء ( َف َيغْفِرُ ِلمَن يَشَاء َو ُي َعذّ ُ‬
‫ق َبيْ نَ‬
‫ل نُفَرّ ُ‬ ‫ن بِاللّهِ َومَلئِ َكتِ هِ َو ُكُتبِ هِ وَرُسُلِ ِه َ‬‫ل آمَ َ‬ ‫ل بِمَا أُنزِلَ ِإَليْ ِه مِن ّربّهِ وَا ْلمُ ْؤمِنُونَ كُ ّ‬ ‫ذكر من آمن بال والملئكة والكتب والرسل (آمَ نَ الرّسُو ُ‬
‫ل (‪ ))3‬هذه كتب‪،‬‬ ‫ل التّ ْورَاةَ وَالِنجِي َ‬ ‫صدّقا ّلمَا َبيْ نَ َي َديْ هِ وَأَنزَ َ‬ ‫ب بِا ْلحَقّ ُم َ‬ ‫سلِ ِه (‪ ))285‬وذكر في أول آل عمران الكتب (نَزّ َ‬
‫ل عََليْ كَ ا ْل ِكتَا َ‬ ‫حدٍ مّن رّ ُ‬ ‫َأ َ‬
‫والمنزَل عليهم هم الرسل إذن من آمن بهذه آمن بتلك فإذن ذكر الكتب وما في آخر البقرة وذكرها في أول آل عمران‪ .‬ثم قال في خاتمة البقرة‬
‫عزِي ٌز ذُو انتِقَا ٍم (‪))4‬‬ ‫شدِيدٌ وَاللّهُ َ‬ ‫عذَابٌ َ‬ ‫ت اللّهِ َلهُ ْم َ‬ ‫ن كَفَرُو ْا بِآيَا ِ‬ ‫ن (‪ ))286‬وفي بداية آل عمران (إِنّ اّلذِي َ‬ ‫ص ْرنَا عَلَى الْقَ ْومِ ا ْلكَافِرِي َ‬
‫لنَا فَان ُ‬ ‫ت مَ ْو َ‬‫(أَن َ‬
‫ج َهنّ مَ َو ِبئْ سَ ا ْل ِمهَادُ (‪ ))12‬قال فانصرنا على القوم الكافرين ثم قال قل للذين كفروا ستغلوبن وكأنها‬ ‫سُتغَْلبُونَ َوُتحْشَرُو نَ إِلَى َ‬ ‫(قُل لّّلذِي نَ َكفَرُو ْا َ‬
‫ن (‪ ))286‬ثم ذكر في أوائل آل عمران نصر المسلمين‬ ‫ص ْرنَا عَلَى الْقَ ْو مِ ا ْلكَافِرِي َ‬ ‫استجابة لهم‪ ،‬استجاب لهم دعاءهم‪ ،‬كأنها استجابة‪ .‬ثم ذكر (فَان ُ‬
‫في معركة بدر ( َقدْ كَا نَ َلكُ ْم آيَ ٌة فِي ِف َئتَيْ نِ ا ْلتَ َقتَا ( ‪ ))13‬فكأنها استجابة للدعاء الذي دعوا به (فَان صُ ْرنَا عَلَى ا ْلقَوْ ِم ا ْلكَافِرِي نَ)‪ ،‬قل لهم وفعل‪ ،‬قل‬
‫ل هم موج هة للكفار‪ ،‬قال للر سول قل ل هم ستغلبون‪ ،‬هم قالوا فان صرنا على القوم الكافر ين فقال تعالى قل ل هم ستغلوبن وف عل إذن ا ستجابة‬
‫ت ( ‪))7‬‬ ‫ت هُنّ ُأمّ ا ْل ِكتَا بِ وَُأخَ ُر ُمتَشَا ِبهَا ٌ‬ ‫ح َكمَا ٌ‬ ‫ت مّ ْ‬ ‫ب ِمنْ هُ آيَا ٌ‬ ‫ل عََليْ كَ ا ْل ِكتَا َ‬
‫بالقول وبالفعل‪ ،‬إذن هي مترابطة‪ .‬وقد يكون من الترابط (هُوَ اّلذِ يَ أَن َز َ‬
‫ب (‪ ))7‬وقال في البقرة (لَ‬ ‫ل مّنْ عِندِ َرّبنَا َومَا يَ ّذكّرُ ِإلّ أُوْلُواْ ال ْلبَا ِ‬ ‫ن آ َمنّا بِهِ كُ ّ‬ ‫ن فِي ا ْلعِلْ ِم يَقُولُو َ‬
‫إلى أن يقول ( َومَا َيعْلَ ُم َتأْوِيلَهُ ِإلّ اللّهُ وَالرّاسِخُو َ‬
‫س َعهَا (‪ ))286‬أن تم ل تعرفون المتشا به والرا سخون في العلم يقولون آم نا به ول يعلم تأويله إل ال ول يكلف ال نف سا إل‬ ‫ُيكَلّ فُ اللّ هُ َنفْ سًا ِإلّ وُ ْ‬
‫ن عِندِ َرّبنَا) إذن ليس في طاقتكم أن‬ ‫ل مّ ْ‬‫ن آ َمنّا بِ ِه كُ ّ‬ ‫وسعها‪ ،‬هذا ليس من شأنكم ليس في طاقتكم معرفة المتشابه (وَالرّا سِخُونَ فِي ا ْلعِلْ ِم يَقُولُو َ‬
‫س َعهَا (‪ ))286‬في التفكير والقصد والفعل‪.‬‬ ‫ل ُيكَلّفُ اللّ ُه نَفْسًا ِإلّ وُ ْ‬‫تبحثوا هذا المر وال ل يكلفكم هذا المر ( َ‬
‫سبَتْ) هذه في العمل وتلك في آل عمران في العتقاد والتفسير‪ .‬حتى في التكليف أو عدم التكليف‬ ‫سبَتْ وَعََل ْيهَا مَا ا ْكتَ َ‬ ‫ربما تتمة الية (َلهَا مَا َك َ‬
‫بالعتقاد‪ ،‬وسعها أي شيء ليس في وسعك ل تفكر فيه‪ ،‬إذن صار ترابط من حيث العمل ومن حيث العتقاد والتفسير والتأويل الذي ليس في‬
‫وسعك ل يكلفك ربك به‪ ،‬إذن صار هناك ترابط في أكثر من نقطة‪.‬‬
‫**هدف السورة‪ :‬الثبات**‬
‫كل سورة من سور القرآن الكريم لها وحدة موضوع واسم كل سورة مستوحى من هذا الموضوع‪ .‬وهدف سورة آل عمران‪ :‬الثبات‪ ،‬فبعد أن‬
‫عرض ال تعالى لنا المنهج الذي يجب علينا أن نتبعه في سورة البقرة جاءت سورة آل عمران لتدلنا على الطرق التي تعيننا على الثبات على‬
‫هذا المنهج سواء كنا من حديثي العهد بالمنهج أو قديمي العهد فكل المؤمنين يحتاجون الى الثبات على المنهج حتى ل يتخاذلوا ول يخافوا أن‬
‫يزيغوا أو يضلوا‪.‬‬
‫وسورة آل عمران تنقسم الى قسمين اثنين‪:‬‬
‫‪.1‬القسم الول من الية ‪ )120 – 1‬هذه اليات تدلنا على كيفية الثبات فكريا في مواجهة الفكار الخارجية‪.‬‬
‫‪.2‬القسم الثاني من الية(‪ 121‬ذ الى نهاية السورة) وفيها كيفية الثبات داخليا‪.‬‬
‫وقد بدأت سورة آل عمران بالثبات فكريا من الخارج لتجهيز البيئة المحيطة ثم انتقلت للثبات الداخلي للفرد‪ .‬وسورة آل عمران تتمحور حول‬
‫حادثتين‪:‬‬
‫‪.1‬حادثة وفد نصارى نجران الذي يمثل أول حوار للديان في التاريخ وكيف نثبت في مواجهة الفكار الخارجية من‬
‫خلل المناقشة مع وفد نصارى نجران وهي تعلمنا فكرة مناقشة أهل الكتاب عامة‪.‬‬
‫‪.2‬والحادثة الثانية غزوة أحد لتدلنا على كيفية الثبات العملي ورغم أن غزوة أحد وقعت قبل حادثة وفد نجران إل أن‬
‫ورودها بعدها انما هو لتحقيق فكرة الثبات الخارجي اولً ثم الداخلي‪.‬‬
‫ن يَ َديْهِ وَأَنزَلَ التّوْرَاةَ وَالِنجِيلَ)‪.‬‬
‫صدّقا ّلمَا َبيْ َ‬
‫ق مُ َ‬
‫ب بِالْحَ ّ‬
‫ل عََل ْيكَ ا ْل ِكتَا َ‬
‫بداية السورة ونهايتها يدلن على ان الحق معنا وعلينا ان نتمسك به‪( .‬نَزّ َ‬
‫صبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتّقُواْ اللّهَ َلعَّلكُ ْم تُفِْلحُونَ) ‪ .‬آية ‪ 200‬ونستعرض سورة آل عمران ومحاورها‪:‬‬ ‫ن آ َمنُواْ ا ْ‬ ‫آية ‪ 3‬و(يَا َأّيهَا اّلذِي َ‬
‫الثبات على الحق‪ :‬اليات كثيرة في الثبات لكل الطبقات وكل الناس‬
‫ل َتمُوتُنّ ِإلّ وَأَنتُم مّسِْلمُونَ) آية ‪102‬‬‫ق تُقَاتِهِ َو َ‬
‫•(يَا َأّيهَا اّلذِينَ آ َمنُو ْا اتّقُواْ اللّ َه حَ ّ‬
‫جمِيعًا َولَ َتفَ ّرقُواْ) آية ‪103‬‬ ‫ل اللّهِ َ‬ ‫حبْ ِ‬‫صمُو ْا بِ َ‬
‫عتَ ِ‬‫•(وَا ْ‬
‫حبّ الصّابِرِينَ) آية‬ ‫س َتكَانُواْ وَاللّ ُه يُ ِ‬‫ض ُعفُواْ َومَا ا ْ‬ ‫سبِيلِ اللّهِ َومَا َ‬ ‫ي قَاتَلَ َمعَهُ ِرّبيّونَ َكثِي ٌر َفمَا وَ َهنُواْ ِلمَا َأصَا َبهُ ْم فِي َ‬ ‫•( َوكََأيّن مّن ّنبِ ّ‬
‫‪146‬‬
‫ل * فَانقََلبُو ْا ِب ِنعْمَ ٍة مّنَ اللّهِ‬ ‫س ُبنَا اللّهُ َو ِنعْمَ الْ َوكِي ُ‬ ‫خشَوْهُ ْم فَزَادَهُمْ إِيمَانا َوقَالُواْ حَ ْ‬ ‫ج َمعُواْ َل ُك ْم فَا ْ‬ ‫س َقدْ َ‬ ‫•(اّلذِينَ قَالَ َلهُمُ النّاسُ إِنّ النّا َ‬
‫ل عَظِيمٍ) آية ‪174 – 173‬‬ ‫س ُهمْ سُوءٌ وَا ّتبَعُواْ ِرضْوَانَ اللّهِ وَاللّ ُه ذُو فَضْ ٍ‬ ‫َو َفضْلٍ لّ ْم َيمْسَ ْ‬
‫صبِرُواْ َوصَابِرُو ْا وَرَابِطُواْ وَاتّقُواْ اللّ َه َلعَّلكُ ْم تُفْلِحُونَ) آية ‪200‬‬ ‫•(يا َأّيهَا اّلذِينَ آ َمنُو ْا ا ْ‬
‫وسورة آل عمران تُحذّر من الشياء التي تضيع الثبات وتشكل عقبة في طريقه‪.:‬عقبات الثبات‪:‬‬
‫ل ْنعَامِ‬
‫خيْلِ ا ْلمُسَ ّومَةِ وَا َ‬ ‫طرَ ِة مِنَ الذّهَبِ وَالْ ِفضّةِ وَا ْل َ‬ ‫ت مِنَ النّسَاء وَا ْلبَنِينَ وَالْ َقنَاطِيرِ ا ْلمُقَن َ‬ ‫شهَوَا ِ‬ ‫س حُبّ ال ّ‬ ‫‪ُ (.1‬زيّنَ لِلنّا ِ‬
‫ب )(آية ‪)14‬‬ ‫حيَا ِة ال ّدنْيَا وَاللّ ُه عِندَهُ حُسْنُ ا ْلمَآ ِ‬ ‫ث ذَِلكَ َمتَاعُ ا ْل َ‬ ‫وَالْحَ ْر ِ‬
‫ع ْنهُمْ إِنّ اللّ َه غَفُورٌ حَلِيمٌ)‬ ‫سبُواْ وَلَ َق ْد عَفَا اللّ ُه َ‬ ‫ن ِب َبعْضِ مَا َك َ‬ ‫شيْطَا ُ‬ ‫ستَزَّلهُمُ ال ّ‬‫ج ْمعَانِ ِإنّمَا ا ْ‬ ‫‪(.2‬إِنّ اّلذِينَ تَوَلّوْ ْا مِنكُ ْم يَوْمَ ا ْلتَقَى ا ْل َ‬
‫(آية ‪ )155‬وهي تدل على أن الذين تولوا في غزوة أحد من المسلمين استزلهم الشيطان نتيجة بعض ذنوبهم السابقة‪.‬‬
‫شيْ ٍء َقدِيرٌ) (آية ‪.)165‬‬ ‫علَى كُلّ َ‬ ‫سكُمْ إِنّ اللّهَ َ‬ ‫ل هُ َو مِنْ عِندِ َأ ْنفُ ِ‬ ‫ص ْبتُم ّمثَْليْهَا قُ ْلتُ ْم َأنّى هَـذَا قُ ْ‬ ‫‪ (.3‬أَوََلمّا أَصَا َب ْتكُم مّصِيبَةٌ َقدْ أَ َ‬
‫أي كان المسلمون قد انتصروا أول المر على الكفار ثم نتيجة حب الشهوات عصوا الرسول لذا فان ما أصابهم هو‬
‫من عند أنفسهم ومن معاصيهم‪.‬‬
‫ثم تتحدث السورة عن‪ :‬عوامل الثبات‪:‬‬
‫حمَةً ِإّنكَ أَنتَ الْوَهّابُ) آية ‪ ،8‬واليات في‬ ‫غ قُلُو َبنَا َبعْدَ ِإذْ َه َد ْيتَنَا وَ َهبْ َلنَا مِن ّلدُنكَ رَ ْ‬ ‫‪.1‬اللجوء الى ال تعالى‪َ ( :‬رّبنَا لَ تُ ِز ْ‬
‫س ِم ْعنَا ُمنَادِيًا ُينَادِي لِلِيمَانِ أَنْ‬ ‫ن مِنْ أَنصَارٍ * ّرّبنَا ِإّننَا َ‬ ‫ك مَن ُتدْخِلِ النّا َر فَ َقدْ أَخْ َز ْيتَهُ َومَا لِلظّاِلمِي َ‬ ‫آخر السورة ( َرّبنَا ِإّن َ‬
‫سيّئَا ِتنَا َوتَ َو ّفنَا مَ َع البْرَارِ * َرّبنَا وَآ ِتنَا مَا وَعَد ّتنَا عَلَى ُرسُِلكَ َولَ‬ ‫عنّا َ‬ ‫آ ِمنُو ْا بِ َرّبكُ ْم فَآ َمنّا َرّبنَا فَاغْفِرْ َلنَا ُذنُو َبنَا َوكَفّ ْر َ‬
‫عمْرَانَ َربّ ِإنّي‬ ‫ف ا ْلمِيعَادَ)(‪ )192،193،194‬وكذلك دعاء زوجة عمران (ِإ ْذ قَاَلتِ ا ْمرَأَ ُة ِ‬ ‫ل تُخْلِ ُ‬ ‫خ ِزنَا يَوْمَ ا ْل ِقيَامَةِ ِإّنكَ َ‬ ‫تُ ْ‬
‫ك دَعَا َزكَ ِريّا‬ ‫سمِيعُ ا ْلعَلِيمُ) آية ‪ 35‬وكذلك دعوة سيدنا زكريا ( ُهنَاِل َ‬ ‫ل ِمنّي ِإّنكَ أَنتَ ال ّ‬ ‫حرّرًا َفتَ َقبّ ْ‬ ‫طنِي مُ َ‬ ‫ك مَا فِي بَ ْ‬ ‫َنذَرْتُ َل َ‬
‫سمِيعُ الدّعَاء)آية ‪ 38‬وسورة آل عمران هي أكثر السور التي ورد فيها‬ ‫طيّبَةً ِإّنكَ َ‬ ‫ك ذُ ّريّةً َ‬ ‫ب َهبْ لِي مِن ّل ُدنْ َ‬ ‫َربّهُ قَالَ رَ ّ‬
‫دعاء لننا إذا اردنا الثبات على المنهج علينا أن ندعو ال تعالى ونلجأ إليه حتى يعيننا على الثبات لننا بأمسّ الحاجة‬
‫إلى عون ال تعالى للثبات‪.‬‬
‫سنًا َوكَفَّلهَا‬ ‫حَ‬ ‫حسَنٍ وَأَنبَ َتهَا َنبَاتًا َ‬ ‫عبّاد‪ .‬السيدة مريم وعبادتها‪( :‬فتقبّلها َرّبهَا بِ َقبُولٍ َ‬ ‫‪.2‬العبادة‪ :‬وهذه السورة مليئة بنماذج ُ‬
‫ن عِندِ اللّهِ إنّ اللّ َه يَ ْرزُقُ‬ ‫ت هُ َو مِ ْ‬ ‫ك هَـذَا قَالَ ْ‬ ‫ل يَا مَ ْريَمُ َأنّى َل ِ‬ ‫ج َد عِندَهَا ِرزْقا قَا َ‬ ‫ل عََل ْيهَا َزكَ ِريّا ا ْلمِحْرَابَ وَ َ‬ ‫َزكَ ِريّا كُّلمَا دَخَ َ‬
‫حيَـى‬ ‫ك ِبيَ ْ‬‫حسَابٍ) آية ‪ ، 37‬وسيدنا زكريا ( َفنَادَتْهُ ا ْلمَل ِئكَةُ وَهُ َو قَائِ ٌم يُصَلّي فِي ا ْلمِحْرَابِ أَنّ اللّ َه ُيبَشّ ُر َ‬ ‫مَن يَشَاء ِبغَيْرِ ِ‬
‫ن آ ِمنُواْ‬ ‫س ِم ْعنَا ُمنَادِيًا ُينَادِي لِلِيمَانِ أَ ْ‬ ‫سّيدًا َوحَصُورًا َو َنبِيّا مّنَ الصّاِلحِينَ) آية ‪ّ ( ، 39‬رّبنَا ِإّننَا َ‬ ‫ص ّدقًا ِبكَِلمَةٍ مّنَ اللّهِ وَ َ‬ ‫مُ َ‬
‫سّيئَاتِنَا َوتَ َو ّفنَا مَ َع البْرَارِ) آية ‪.193‬‬ ‫عنّا َ‬ ‫بِ َرّبكُ ْم فَآ َمنّا َربّنَا فَاغْفِ ْر َلنَا ذُنُو َبنَا َوكَفّ ْر َ‬
‫خيْرِ‬‫‪.3‬الدعوة إلى ال‪ :‬لنه لما يدعو أحدنا غيره إلى ال تعالى فهذا يعين على الثبات‪( .‬وَ ْل َتكُن مّنكُمْ ُأمّةٌ َيدْعُونَ إِلَى ا ْل َ‬
‫س تَ ْأمُرُونَ‬ ‫خيْرَ ُأمّةٍ أُخْ ِرجَتْ لِلنّا ِ‬ ‫ن ا ْلمُنكَرِ وَأُ ْولَـ ِئكَ ُهمُ ا ْلمُ ْفلِحُونَ) آية ‪ ،104‬و(كُنتُمْ َ‬ ‫ن بِا ْل َمعْرُوفِ َو َي ْنهَوْنَ عَ ِ‬ ‫َو َي ْأمُرُو َ‬
‫خيْرًا ّلهُم ّم ْنهُمُ ا ْلمُ ْؤ ِمنُونَ وََأ ْكثَرُهُمُ ا ْلفَاسِقُونَ) آية‬ ‫ن بِاللّ ِه وَلَ ْو آمَنَ أَهْلُ ا ْل ِكتَابِ َلكَانَ َ‬ ‫بِا ْل َمعْرُوفِ َو َت ْنهَوْنَ عَنِ ا ْلمُنكَرِ َوتُ ْؤمِنُو َ‬
‫‪110‬‬
‫ن فِي‬ ‫جنُو ِبهِمْ َو َيتَ َفكّرُو َ‬ ‫علَىَ ُ‬ ‫ن يَ ْذكُرُونَ اللّهَ ِقيَامًا َو ُقعُودًا وَ َ‬ ‫‪.4‬وضوح الهدف‪ :‬يجب أن يكون الهدف واضحا في الحياة‪( .‬اّلذِي َ‬
‫ب النّارِ) آية ‪191‬‬ ‫عذَا َ‬ ‫سبْحَا َنكَ فَ ِقنَا َ‬ ‫ت هَذا بَاطِلً ُ‬ ‫سمَاوَاتِ وَالَرْضِ َرّبنَا مَا خَلَ ْق َ‬ ‫خَلْقِ ال ّ‬
‫جمِيعًا َولَ‬ ‫ل اللّهِ َ‬ ‫حبْ ِ‬ ‫صمُو ْا بِ َ‬ ‫عتَ ِ‬ ‫‪.5‬الخوّة‪ :‬تركيز على الخوّة في الدين بشكل شديد لنها من أهم ما يُعين على الثبات‪( .‬وَا ْ‬
‫شفَا حُفْ َرةٍ مّنَ النّارِ‬ ‫علَىَ َ‬ ‫خوَانًا َوكُنتُمْ َ‬ ‫حتُم ِب ِن ْعمَتِهِ إِ ْ‬ ‫صبَ ْ‬
‫ن قُلُو ِبكُ ْم فَأَ ْ‬ ‫ف َبيْ َ‬
‫تَ َف ّرقُواْ وَا ْذكُرُو ْا ِن ْعمَةَ اللّ ِه عََل ْيكُمْ ِإذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلّ َ‬
‫ختَلَفُو ْا مِن َبعْ ِد مَا جَاء ُهمُ‬ ‫َفأَن َق َذكُم ّم ْنهَا َكذَِلكَ ُي َبيّنُ اللّ ُه َلكُ ْم آيَاتِهِ َلعَّلكُ ْم َتهْ َتدُونَ) آية ‪ ،103‬و( َولَ َتكُونُو ْا كَاّلذِينَ تَ َف ّرقُواْ وَا ْ‬
‫ب عَظِيمٌ) آية ‪.105‬‬ ‫عذَا ٌ‬ ‫ت وَأُوْلَـ ِئكَ َلهُ ْم َ‬ ‫ا ْلبَ ّينَا ُ‬
‫النصف الول من سورة آل عمران يدعو للثبات فكريا ويتمثل في مناقشة راقية للرسول مع أهل الكتاب ليعرض معهم أين الحق‪ .‬وقد أقام‬
‫وفد نجران في مسجد الرسول وناقشهم فيه أيضا‪ .‬وعلينا ان نتخذ هذه التعاليم لمحاورة الذين اختلفوا معنا في المعتقد ونقتدي بالرسول‬
‫كيف تثبّت سورة آل عمران المؤمنين؟‪:‬‬
‫حكِيمُ‬ ‫ل هُ َو ا ْلعَزِيزُ الْ َ‬ ‫ط لَ إِلَـهَ ِإ ّ‬ ‫لئِكَةُ وَأُ ْولُواْ ا ْلعِلْ ِم قَآ ِئمَا بِالْ ِقسْ ِ‬ ‫ش ِهدَ اللّ ُه َأنّهُ لَ إِلَـهَ ِإلّ هُ َو وَا ْلمَ َ‬ ‫تقوية عقيدة المسلمين قبل النقاش‪َ ( .‬‬ ‫‪o‬‬
‫سرِيعُ‬ ‫ل مِن َب ْعدِ مَا جَاءهُمُ ا ْلعِ ْل ُم َبغْيًا َب ْينَهُمْ َومَن َيكْفُ ْر بِآيَاتِ اللّ ِه َفإِنّ اللّهِ َ‬ ‫ختَلَفَ اّلذِينَ أُ ْوتُو ْا ا ْل ِكتَابَ ِإ ّ‬ ‫لسْلَمُ َومَا ا ْ‬ ‫ن عِندَ اللّ ِه ا ِ‬ ‫ن الدّي َ‬ ‫* إِ ّ‬
‫لمّيّينَ أَأَسَْل ْمتُ ْم فَإِنْ َأسَْلمُو ْا فَ َقدِ ا ْه َتدَواْ وّإِن تَوَلّوْاْ‬ ‫ن ا ّت َبعَنِ َوقُل لّّلذِينَ أُ ْوتُواْ ا ْل ِكتَابَ وَا ُ‬ ‫جهِيَ لِلّهِ َومَ ِ‬ ‫ك فَ ُقلْ أَسَْلمْتُ َو ْ‬ ‫ب * فَإنْ حَآجّو َ‬ ‫حسَا ِ‬ ‫الْ ِ‬
‫سمَاوَاتِ‬ ‫لغُ وَاللّ ُه بَصِي ٌر بِا ْل ِعبَادِ) (اليات ‪ )20 – 18‬واليات (‪َ( )87 –85 –83‬أ َف َغيْ َر دِينِ اللّ ِه َي ْبغُونَ َولَهُ أَسَْلمَ مَن فِي ال ّ‬ ‫فَِإّنمَا عََل ْيكَ ا ْلبَ َ‬
‫ل ِمنْهُ وَ ُه َو فِي الخِ َر ِة مِنَ ا ْلخَاسِرِينَ)‪.‬‬ ‫لسْلَ ِم دِينًا فَلَن يُ ْقبَ َ‬ ‫غيْ َر ا ِ‬
‫جعُونَ * َومَن يَ ْبتَغِ َ‬ ‫ض طَوْعًا َوكَرْهًا وَإَِليْ ِه يُرْ َ‬ ‫وَالَرْ ِ‬
‫ل َنعْ ُبدَ ِإلّ‬ ‫ب َتعَالَوْ ْا إِلَى كََلمَةٍ سَوَاء َبيْ َننَا َو َبيْ َنكُمْ َأ ّ‬ ‫ل يَا أَ ْهلَ ا ْل ِكتَا ِ‬ ‫إيجاد نقاط اتفاق بين المسلمين وأهل الكتاب (الية ‪ 64‬و ‪( )84‬قُ ْ‬ ‫‪o‬‬
‫ش َهدُو ْا بَِأنّا مُسِْلمُونَ) (قُلْ آ َمنّا بِاللّهِ َومَا أُن ِزلَ‬ ‫ضنَا َبعْضا أَ ْربَابًا مّن دُونِ اللّ ِه َفإِن تَوَلّوْ ْا فَقُولُواْ ا ْ‬ ‫خ َذ َبعْ ُ‬ ‫ل يَتّ ِ‬‫ش ْيئًا َو َ‬‫ك بِهِ َ‬ ‫ل نُشْ ِر َ‬ ‫اللّهَ َو َ‬
‫ح ٍد مّ ْنهُمْ‬ ‫ق َبيْنَ أَ َ‬ ‫ل نُفَرّ ُ‬ ‫ي مُوسَى وَعِيسَى وَال ّن ِبيّونَ مِن ّرّبهِ ْم َ‬ ‫سبَاطِ َومَا أُوتِ َ‬ ‫سحَقَ َو َيعْقُوبَ وَالَ ْ‬ ‫سمَاعِيلَ وَإِ ْ‬ ‫ل عَلَى ِإبْرَاهِيمَ وَِإ ْ‬ ‫عََل ْينَا َومَا أُنزِ َ‬
‫َونَحْنُ لَ ُه مُسِْلمُونَ)‪.‬‬
‫الحجج والبراهين وسيلة القرآن للتثبيت‪ :‬من أسس الحوار والمناقشة بعد ما سبق أن نقيم الدلة العقلية والمنطقية لقناع من‬ ‫‪o‬‬
‫ن فِي ِإبْرَاهِيمَ‬ ‫ب ثِ ّم قَالَ لَ ُه كُن َف َيكُونُ) آية ‪( ،59‬يَا أَهْلَ ا ْل ِكتَابِ لِ َم تُحَآجّو َ‬ ‫خلَقَ ُه مِن تُرَا ٍ‬ ‫ل آدَمَ َ‬ ‫ل عِيسَى عِندَ اللّ ِه َكمَثَ ِ‬ ‫نحاورهم‪( .‬إِنّ َمثَ َ‬
‫ن فِيمَا َليْسَ َلكُم بِهِ‬ ‫جتُ ْم فِيمَا َلكُم بِهِ عِل ٌم فَلِ َم تُحَآجّو َ‬ ‫جْ‬ ‫ل َتعْقِلُونَ) آية ‪( ،65‬هَاأَنتُ ْم هَؤُلء حَا َ‬ ‫َومَا أُنزَِلتِ التّورَاةُ وَالنجِيلُ ِإلّ مِن َبعْدِهِ َأفَ َ‬
‫عبَادًا لّي مِن دُونِ‬ ‫س كُونُو ْا ِ‬ ‫حكْمَ وَالّنبُوّ َة ثُ ّم يَقُولَ لِلنّا ِ‬ ‫عِلْمٌ وَاللّ ُه َيعْلَمُ وَأَنتُ ْم لَ َتعَْلمُونَ) آية ‪( ،66‬مَا كَانَ ِلبَشَرٍ أَن يُ ْؤ ِتيَهُ اللّ ُه ا ْل ِكتَابَ وَا ْل ُ‬
‫ن ِبمَا كُنتُ ْم ُتعَّلمُونَ ا ْلكِتَابَ َو ِبمَا كُنتُ ْم َتدْرُسُونَ)آية ‪.79‬‬ ‫اللّهِ وَلَـكِن كُونُو ْا َربّا ِنيّي َ‬
‫ق بِا ْلبَاطِلِ‬ ‫ن الْحَ ّ‬ ‫ل ا ْل ِكتَابِ لِ َم تَ ْلبِسُو َ‬
‫ش َهدُونَ * يَا أَهْ َ‬ ‫ت اللّهِ وَأَنتُ ْم تَ ْ‬ ‫ن بِآيَا ِ‬ ‫ل ا ْل ِكتَابِ ِلمَ َتكْ ُفرُو َ‬‫تحذير أهل الكتاب من التكذيب (يَا أَهْ َ‬ ‫‪o‬‬
‫ل يُ َؤدّهِ ِإَل ْيكَ‬ ‫ب مَنْ إِن تَ ْأ َمنْهُ بِقِنطَا ٍر يُ َؤدّهِ إَِل ْيكَ َو ِم ْنهُم مّنْ إِن َت ْأ َمنْهُ ِبدِينَا ٍر ّ‬ ‫حقّ وَأَنتُ ْم َتعْلَمُونَ) آية ‪َ ( ، 71-70‬ومِنْ أَ ْهلِ ا ْل ِكتَا ِ‬ ‫َو َتكْ ُتمُونَ الْ َ‬
‫ن عَلَى اللّهِ ا ْل َكذِبَ وَهُ ْم َيعَْلمُونَ)آية ‪.75‬‬ ‫سبِيلٌ َو َيقُولُو َ‬ ‫لمّيّينَ َ‬ ‫س عََليْنَا فِي ا ُ‬ ‫ك بَِأّنهُ ْم قَالُو ْا َليْ َ‬‫ت عََليْ ِه قَآ ِئمًا ذَِل َ‬ ‫ل مَا دُمْ َ‬ ‫ِإ ّ‬
‫سكُ ْم ثُمّ‬ ‫سنَا وأَنفُ َ‬ ‫ل تَعَالَوْ ْا َندْعُ َأ ْبنَاءنَا َوَأبْنَاءكُمْ َونِسَاءنَا َونِسَاء ُكمْ وَأَنفُ َ‬ ‫ك مِنَ ا ْلعِلْ ِم فَ ُق ْ‬‫ك فِيهِ مِن َبعْدِ مَا جَاء َ‬ ‫جَ‬ ‫التحدّي الشديد‪َ ( :‬فمَنْ حَآ ّ‬ ‫‪o‬‬
‫علَى ا ْلكَا ِذبِينَ) آية ‪61‬‬ ‫جعَل ّل ْعنَةُ اللّهِ َ‬ ‫ل َفنَ ْ‬ ‫َنبْ َتهِ ْ‬
‫ب مَنْ إِن تَ ْأ َمنْ ُه بِقِنطَا ٍر يُؤَدّهِ إَِل ْيكَ َو ِم ْنهُم مّنْ إِن تَ ْأ َمنْهُ ِبدِينَا ٍر لّ يُ َؤدّهِ إَِل ْيكَ ِإلّ مَا‬ ‫العدل في النظرة الى أهل الكتاب ( َومِنْ أَهْلِ ا ْل ِكتَا ِ‬ ‫‪o‬‬
‫ن عَلَى اللّهِ ا ْل َكذِبَ وَهُ ْم َيعَْلمُونَ)آية ‪َ( ،75‬ليْسُو ْا سَوَاء مّنْ أَهْلِ‬ ‫سبِيلٌ َو َيقُولُو َ‬ ‫لمّيّينَ َ‬ ‫س عََليْنَا فِي ا ُ‬ ‫ك بَِأّنهُ ْم قَالُو ْا َليْ َ‬ ‫ت عََليْ ِه قَآ ِئمًا ذَِل َ‬ ‫دُمْ َ‬
‫جدُونَ) آية ‪.113‬‬ ‫ا ْل ِكتَابِ ُأمّ ٌة قَآئِمَ ٌة َيتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء الّليْلِ وَهُ ْم يَسْ ُ‬
‫ن عَلَى ا ْلعَاَلمِينَ) آية‬ ‫عمْرَا َ‬ ‫ل ِ‬ ‫صطَفَى آدَمَ َونُوحًا وَآلَ ِإبْرَاهِيمَ وَآ َ‬ ‫الثناء على النبياء الذين أُرسلوا الى اليهود والنصارى (إِنّ اللّهَ ا ْ‬ ‫‪o‬‬
‫ك عَلَى نِسَاء ا ْلعَاَلمِينَ) آية ‪.42‬‬ ‫طفَا ِ‬ ‫طهّ َركِ وَاصْ َ‬ ‫طفَاكِ َو َ‬ ‫ل ِئكَةُ يَا مَ ْريَمُ إِنّ اللّهَ اصْ َ‬ ‫‪( ،33‬وَِإ ْذ قَاَلتِ ا ْلمَ َ‬
‫سنَ ٌة تَسُؤْ ُهمْ‬ ‫سكُمْ حَ َ‬ ‫سْ‬ ‫بعد كل هذه البراهين يثبت المؤمن فكريا‪ .‬ونلحظ أن القسم الول من السورة اختتمت اليات بآية تتكلم عن الثبات (إِن َتمْ َ‬
‫ن مُحِيطٌ) آية ‪ .120‬واختتمت آيات القسم الثاني بآية‬ ‫ش ْيئًا إِنّ اللّ َه ِبمَا َيعْمَلُو َ‬ ‫ل يَضُ ّركُ ْم َك ْيدُهُمْ َ‬ ‫صبِرُواْ َو َتتّقُو ْا َ‬ ‫سّيئَةٌ يَ ْفرَحُواْ ِبهَا َوإِن َت ْ‬ ‫ص ْبكُمْ َ‬‫وَإِن تُ ِ‬
‫صبِرُواْ َوصَابِرُو ْا وَرَابِطُواْ وَاتّقُواْ اللّ َه َلعَّلكُ ْم تُفْلِحُونَ) آية ‪200‬‬ ‫تتكلم عن الثبات أيضا (يا َأّيهَا اّلذِينَ آ َمنُو ْا ا ْ‬
‫النصف الثاني من السورة‪ :‬يتحدث هذا القسم عن غزوة أحد لنها تركت في نفوس المسلمين أثرا شديدا من جرّاء عصيانهم لوامر الرسول‬
‫ل يذكر ال تعالى فضله على المسلمين (وَِإذْ‬ ‫ونلحظ تسلسل قصة غزوة أحد وتثبيت المسلمين تأتي على سياق غاية في الحكمة سبحانه‪ ،‬أو ً‬
‫ن*‬ ‫ن مِنكُمْ أَن تَفْشَلَ وَاللّهُ وَِلّي ُهمَا وَعَلَى اللّ ِه فَ ْل َيتَوَكّلِ ا ْلمُ ْؤ ِمنُو َ‬ ‫سمِي ٌع عَلِيمٌ * ِإذْ َهمّت طّآئِ َفتَا ِ‬ ‫عدَ لِلْ ِقتَالِ وَاللّهُ َ‬ ‫ك ُتبَوّىءُ ا ْلمُ ْؤ ِمنِينَ َمقَا ِ‬ ‫ت مِنْ أَهِْل َ‬ ‫غدَوْ َ‬ ‫َ‬
‫ف مّنَ ا ْلمَل ِئكَ ِة مُنزَلِينَ)‬ ‫لثَ ِة آلَ ٍ‬ ‫شكُرُونَ * ِإذْ تَقُولُ لِ ْلمُ ْؤ ِمنِينَ أَلَن َيكْفِيكُمْ أَن ُيمِ ّدكُمْ َرّبكُم ِبثَ َ‬ ‫َولَ َقدْ َنصَ َركُمُ اللّ ُه ِب َبدْرٍ وَأَنتُمْ َأذِلّةٌ فَاتّقُواْ اللّهَ َلعَّلكُ ْم تَ ْ‬
‫حسّو َنهُم بِِإذْنِهِ‬ ‫عدَهُ ِإذْ تَ ُ‬‫ص َد َقكُمُ اللّهُ وَ ْ‬‫(اليات من ‪ )124 – 121‬ثم يرفع من روحهم المعنوية فيخفف عنهم ثم يلوم المخالفين لوما رقيقا (وَلَ َقدْ َ‬
‫ع ْنهُمْ ِل َي ْبتَلِ َيكُمْ‬
‫ن مِنكُم مّن يُرِي ُد ال ّدنْيَا َومِنكُم مّن يُرِيدُ الخِ َرةَ ُثمّ صَ َر َفكُ ْم َ‬ ‫حبّو َ‬ ‫ص ْيتُم مّن َبعْ ِد مَا أَرَاكُم مّا تُ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫لمْرِ وَ َ‬ ‫عتُ ْم فِي ا َ‬ ‫حتّى ِإذَا َفشِ ْلتُمْ َو َتنَازَ ْ‬ ‫َ‬
‫ل عََل ْيكُم مّن َبعْدِ ا ْلغَمّ َأ َمنَةً ّنعَاسًا َيغْشَى‬ ‫ل عَلَى ا ْلمُ ْؤ ِمنِينَ) (آية ‪ )152‬ثم يرفع روحهم المعنوية مرة أخرى (ثُمّ أَنزَ َ‬ ‫ضٍ‬ ‫عفَا عَنكُمْ وَاللّ ُه ذُو فَ ْ‬ ‫َولَ َقدْ َ‬
‫ن فِي‬ ‫خفُو َ‬ ‫لمْ َر كُلّهُ لِلّ ِه يُ ْ‬‫ل إِنّ ا َ‬ ‫شيْ ٍء قُ ْ‬‫لمْ ِر مِن َ‬ ‫ناَ‬ ‫ن هَل ّلنَا مِ َ‬ ‫غيْرَ ا ْلحَقّ ظَنّ ا ْلجَا ِهِليّةِ يَقُولُو َ‬ ‫ن بِاللّ ِه َ‬ ‫ظنّو َ‬ ‫سهُ ْم يَ ُ‬‫طَآئِفَ ًة مّنكُمْ وَطَآ ِئفَ ٌة قَدْ أَ َه ّم ْتهُمْ أَنفُ ُ‬
‫ج ِعهِمْ‬ ‫ب عََل ْيهِمُ الْ َقتْلُ إِلَى مَضَا ِ‬ ‫ن ُكتِ َ‬ ‫شيْ ٌء مّا ُقتِ ْلنَا هَا ُهنَا قُل لّ ْو كُنتُ ْم فِي ُبيُوتِكُمْ َلبَ َرزَ اّلذِي َ‬ ‫لمْرِ َ‬ ‫ك يَقُولُونَ لَ ْو كَانَ َلنَا مِنَ ا َ‬ ‫ل ُيبْدُونَ َل َ‬ ‫سهِم مّا َ‬‫أَنفُ ِ‬
‫صدُورِ) (آية ‪ )154‬ثم يذكر أسباب الهزيمة والمعصية (الية ‪.)152‬‬ ‫ص مَا فِي قُلُو ِبكُمْ وَاللّ ُه عَلِي ٌم بِذَاتِ ال ّ‬ ‫صدُو ِركُ ْم وَِل ُيمَحّ َ‬ ‫َوِليَ ْبتَلِيَ اللّهُ مَا فِي ُ‬
‫مرتبط ببدايات السورة في قوله تعالى (زين للناس حب الشهوات) وهذه الشهوات هي التي تدفع للمعصية وكذلك الربا تؤدي الى الخلفات‬
‫عفَةً وَاتّقُو ْا اللّهَ َلعَّلكُ ْم تُفِْلحُونَ) آية ‪.130‬‬ ‫ضعَافًا مّضَا َ‬ ‫ن آ َمنُو ْا لَ َت ْأكُلُواْ ال ّربَا أَ ْ‬ ‫ولهذا وردت آية الربا في سورة آل عمران أيضا (يَا َأّيهَا اّلذِي َ‬
‫أما تسمية السورة بـ (آل عمران) فهي إكرام لزوجة عمران والسيدة مريم ابنة عمران فالسيدة مريم عليها السلم كانت رمزا للثبات في العبادة‬
‫طنِي ُمحَرّرًا) وحينها كان المسجد القصى مأخوذا من‬ ‫ك مَا فِي بَ ْ‬ ‫والعفّة وزوجة عمران كانت رمزا للثبات بنصرة السلم (رَبّ ِإنّي َنذَرْتُ َل َ‬
‫المؤمنين فنذرت ما في بطنها لخدمة المسجد القصى ووضعتها أنثى وتقبلها ال تعالى منها‪ .‬وكذلك سورة آل عمران فيها نظرة عالية للمرأة‬
‫بذكر زوجة عمران ومريم عليها السلم التي رفعت من الروح المعنوية لدى سيدنا زكريا فدعا ربه أن يهب له ذرية صالحة‪ .‬وفي هذا‬
‫إشارة أن رمز الثبوت هم النساء ولذا جاء ترتيب سورة النساء مباشرة بعد سورة آل عمران‪ .‬هذا وال أعلم‪.‬‬
‫ملحوظة‪:‬هناك سمة تعبيرية للسورة أي سورة تكثر فيها كلمات معينة مثل كلمة ال في سورة البقرة وكلمة الرب في سورة آل عمران والرحمن‬
‫والرحمة في سورة مريم أكثر سورة في القرآن تردد فيها الرحمة والرحمن‪.‬‬

‫***من اللمسات البيانية فى سورة آل عمران***‬


‫آية (‪:)3‬‬
‫*ما الفرق بين دللة كلمة الكتاب والقرآن؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫علَما للكتاب الذي أُنزل على الرسول‬
‫من ناحية اللغة كلمة قرآن هي في الصل في اللغة مصدر الفعل قرأ مثل غفران وعدوان‪ .‬ثم استعملت َ‬
‫(القرآن)‪.‬‬
‫ط (أنزل الكتاب) لم يُنزّل مكتوبا‬
‫أما الكتاب فهي من الكتابة وأحيانا يسمى كتابا لن الكتاب متعلق بالخط‪ ،‬وأحيانا يطلق عليه الكتاب وإن لم يُخ ّ‬
‫وإنما أُنزل مقروءا ولكنه كان مكتوبا في اللوح المحفوظ قبل أن ينزّل على رسول ال ‪.‬‬
‫أما من ناحية الستعمال فيلحظ أنه يستعمل عندما يبدأ بالكتاب يكون يتردد في السورة ذكر الكتاب أكثر بكثير مما يتردد ذكر القرآن أو قد ل‬
‫تذكر كلمة القرآن مطلقا في السورة‪ .‬أما عندما يبدأ بالقرآن يتردد في السورة ذكر كلمة القرآن أكثر الكتاب أو قد ل يرد ذكر الكتاب مطلقا في‬
‫السورة وإذا اجتمع القرآن والكتاب فيكونان يترددان في السورة بشكل متساو تقريبا ونأخذ بعض المثلة‪:‬‬
‫ل {‪ )}3‬وورد الكتاب ‪ 33‬مرة في‬ ‫ل التّوْرَاةَ وَالِنجِي َ‬
‫صدّقا ّلمَا َبيْنَ َيدَيْهِ وَأَنزَ َ‬
‫ق مُ َ‬
‫حّ‬‫ل عََل ْيكَ ا ْلكِتَابَ بِالْ َ‬
‫في سورة آل عمران بدأ السورة بالكتاب (نَزّ َ‬
‫السورة ولم ترد كلمة القرآن ول مرة في السورة كلها‪.‬‬
‫*من برنامج (ورتل القرآن ترتيلً)‪:‬‬
‫لقد عبّر السياق القرآني عن نزول الكتب السماوية بالفعلين‪( :‬نزّل) لما ذكر القرآن و(أنزل) لما ذكر التوراة والنجيل‪ ،‬أل يشعرك ذلك بمعنى‬
‫جليل يريد ال تعالى أن يقذفه في قلبك في هذا التغاير بين الفعلين؟ نعم‪ ،‬عندما استخدم ال تعالى فعل (نزّل) بالتضعيف أشعرك هذا التضعيف‬
‫بالقوة والشدة زيادة عن الفعل أنزل وهذه الشدة تؤذن بقوة نزول القرآن في كيفيته وكمّيته وذلك تعظيما لقدر القرآن وشأنه‪.‬‬
‫صدّقا ّلمَا َبيْنَ َي َديْهِ (‪ )3‬آل عمران) انظر إلى هذا التعبير وما يضفيه من تعظيم لقدر القرآن فقوله تعالى (بين يديه) فيه استعارة لفظية فكأنه‬
‫(مُ َ‬
‫جعل القرآن أمام الكتب السابقة جميعها وجعلها في شرفه وضيافته أل تجد نفسك تقول إذا أردت تعظيم شخص ما "جلس الناس بين يدي فلن"؟‬
‫آية (‪:)6‬‬
‫*فـي اجتهاد مـن إحدى المشاهدات فـي التأمـل فـي اليات فـي سـورة آل عمران التـي تختـم بــ‬
‫(العزيز الحكيم) وجدت أن السياق يكون للمستقبل فهل هذا صحيح؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫تأملها كان في مكانه في سورة آل عمران لكن هذا الكلم ل يكون عاما في كل كلم ال سبحانه وتعالى وإنما الذي وجدناه أنه قد يكون‬
‫ف يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ‬ ‫للمستقبل وقد يكون للمر الثابت حينما يكون وصفا ل سبحانه وتعالى كهذه الية‪( :‬هُوَ اّلذِي يُصَوّ ُركُ ْم فِي ا ْلأَ ْرحَا ِم كَيْ َ‬
‫حكِي ُم (‪ )6‬آل عمران) تصوير ال عز وجل للناس في الرحام ليس مستقبلً وإنما هو دائم ثابت‪.‬‬ ‫ا ْلعَزِيزُ الْ َ‬
‫في سورة البقرة ست آيات كلها للمستقبل (اليات‪ ،)260-240-228-220-209-129 :‬في آل عمران أربع آيات كلها للدائم ( اليات‪-6 :‬‬
‫‪ ،)126-62-18‬في النساء (اليات ‪ )165-158-56‬آية واحدة للمعنى الثابت كهذه الية في آل عمران ( َ‬
‫ش ِهدَ اللّهُ َأنّهُ لَا ِإلَهَ إِلّا هُوَ وَا ْلمَلَا ِئكَةُ‬
‫حكِي ُم (‪ .)18‬العزيز الحكيم قيامه بالقسط هو ليس للمستقبل وإنما هو ثابت دائم‪ .‬في المائدة مرة‬ ‫َوأُولُو ا ْلعِ ْل ِم قَا ِئمًا بِا ْلقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ ا ْلعَزِيزُ ا ْل َ‬
‫للمستقبل ومرة حكم عام (اليات‪ ،)118-38 :‬النفال في أربعة مواضع للدوام (اليات‪ )67-63-49-10 :‬وفي التوبة موضعين للمستقبل‬
‫والدوام (اليات‪ ،)71-40 :‬إبراهيم الية ‪ ،4‬النحل آية ‪ ،60‬النمل الية ‪ ،9‬العنكبوت الية ‪ 26‬و ‪ ،42‬الروم ‪ ،27‬لقان ‪ 9‬و ‪ ،27‬سبأ ‪،27‬‬
‫فاطر ‪ ،2‬الزمر ‪ ،1‬غافر ‪ ،8‬الشورى ‪ ،3‬الجاثية ‪ 2‬و ‪ ،27‬الحقاف ‪ ،2‬الفتح ‪ 7‬و ‪ ،19‬الحديد ‪ ،1‬الحشر ‪ 1‬و ‪ ،24‬الممتحنة ‪ ،5‬الصف ‪،1‬‬
‫الجمعة ‪ 1‬و ‪ ،3‬التغابن ‪ . ،18‬فحتى يكون الحكم عاما ينبغي أن نمر بكل اليات لن هذا كلم ال عز وجل ولذلك ينبغي أن يكون إستقصاء‬
‫وإحاطة بما في السور‪.‬‬
‫آية (‪:)7‬‬
‫*ما دللة آيات متشابهات في القرآن الكريم؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ت فََأمّا اّلذِينَ في قُلُو ِبهِ ْم َزيْغٌ‬
‫خ ُر مُتَشَا ِبهَا ٌ‬
‫ت هُنّ أُمّ ا ْل ِكتَابِ وَأُ َ‬
‫ح َكمَا ٌ‬
‫ت مّ ْ‬
‫ب ِمنْهُ آيَا ٌ‬‫ل عََل ْيكَ ا ْل ِكتَا َ‬‫قال تعالى في سورة آل عمران (هُوَ اّلذِيَ أَنزَ َ‬
‫ن عِندِ َرّبنَا َومَا َي ّذكّرُ ِإلّ‬‫ل مّ ْ‬ ‫ن آ َمنّا بِهِ كُ ّ‬
‫ن مَا تَشَابَهَ ِمنْهُ ا ْب ِتغَاء الْ ِف ْتنَةِ وَا ْب ِتغَاء تَأْوِيلِهِ َومَا َيعْلَ ُم َتأْوِيلَهُ ِإلّ اللّهُ وَالرّاسِخُونَ فِي ا ْلعِلْ ِم يَقُولُو َ‬‫َف َيّتبِعُو َ‬
‫ب {‪ .}7‬هذه اليات ل يعلمها إل ال تعالى وقد تكون متعلقة بال تعالى أو القدر أو أمور أخرى لسنا مكلّفين بها ول نعلمها‪ .‬أما‬ ‫ُأوْلُواْ ال ْلبَا ِ‬
‫اليات المحكمات فهي التي تكون متعلقة بالبشر فعلينا إتّباع المحكمات واليمان بالمتشابهات‪.‬‬
‫*د‪.‬أحمد الكبيسى‪:‬‬
‫خرُ ُمتَشَا ِبهَاتٌ﴿‪ ﴾7‬آل عمران) وفعلً الحكام ثلث القرآن التي ل يوجد فيها تشابه‪ ،‬لكن التشابه في هذا‬
‫معنى هذا أن ثلثي القرآن فيه متشابه (وَأُ َ‬
‫الكتاب في اليات المتشابهة‪.‬‬
‫ْ َ َ‬
‫ه إ ِ ّل‬ ‫ما يَعْل َ ُ‬
‫م تَأوِيل ُ‬ ‫عمران (وَ َ‬ ‫*إذا كانت الوقفة على كلمة الراسخون في العلم في آية سورة آل‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َّ َّ‬ ‫ن آ َمنَّا بهِ ك ُ ٌّ‬ ‫َ‬
‫ب (‪ ))7‬فكيف‬ ‫ما يَذكُر إ ِل أولو اللبَا ِ‬
‫عنْدِ َربِّنَا وَ َ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬
‫ل ِ‬ ‫ن فِي الْعِلْم ِ يَقُولُو َ َ ِ‬
‫خو َ‬
‫س ُ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ه وَالَّرا ِ‬
‫يكون تفسير الية؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫علمات الوقف ليست توقيفية وإنما من خلل ما كتبه علماء الوقف والبتداء ومما أخذ‪ .‬لكن هنا يوجد رواية أنه هناك وقف على كلمة العلم‬
‫(والراسخون في العلم) فاعترض عليهم بعض الصحابة وُنسِب إلى إبن عباس أنه قال‪ :‬والراسخون يعلمونه وأنا أعلمه أنا من الراسخين الذين‬
‫ل كما قلت هناك رواية بالوقف على الراسخون في العلم وما ورد به رواية ل يُردّ لكن نختار ما عليه‬ ‫يعلمونه‪ .‬الكلم في هذه الية يستدعي أو ً‬
‫ت هُنّ‬‫ح َكمَا ٌ‬
‫ت مُ ْ‬
‫ب ِمنْهُ َآيَا ٌ‬
‫ل عََل ْيكَ ا ْل ِكتَا َ‬
‫جمهور المسلمين وما يوافق سياق الية‪ .،‬علمة الوقف في المصحف على كلمة (إل ال) (هُوَ اّلذِي َأنْزَ َ‬
‫ن مَا تَشَابَ َه ِمنْهُ ا ْب ِتغَا َء الْ ِف ْتنَةِ وَا ْبتِغَا َء تَأْوِيلِهِ َومَا َيعْلَ ُم تَأْوِيلَهُ إِلّا اللّهُ‪ 3‬وَالرّاسِخُونَ فِي‬
‫ن فِي قُلُو ِبهِمْ َزيْ ٌغ َف َيتّ ِبعُو َ‬
‫ت فََأمّا اّلذِي َ‬
‫ُأمّ ا ْل ِكتَابِ َوأُخَ ُر ُمتَشَابِهَا ٌ‬
‫ب (‪ ))7‬ليس هناك علمة على كلمة العِلم‪ .‬لكن في الروايات موجود هنا وقف‬ ‫ع ْندِ َرّبنَا َومَا يَ ّذكّرُ إِلّا أُولُو الْأَ ْلبَا ِ‬
‫ل مِنْ ِ‬
‫ا ْلعِلْ ِم يَقُولُونَ َآ َمنّا بِ ِه كُ ّ‬
‫واللجان العلمية إختارت الوقف على لفظة الجللة‪.‬‬
‫هنا عندنا كلمات‪ :‬محكمات‪ ،‬متشابهات‪ ،‬تأويل ينبغي أن نفسر كل كلمة حتى نصل إلى المرجح في الوقف‪.‬الن بصورة أولية الراجح في الوقف‬
‫هذا (والراسخون في العلم يعلمون تأويله) حتى قسم رفض أن تكون الواو هنا عاطفة وإنما قال هي إستئنافية حتى في الوقف‪ :‬يعني وما يعلم‬
‫تأويله إل ال لنه حصر ثم قال إستأنف كلما والراسخون في العلم يعلمونه أيضا ويقولون‪.‬‬
‫ت هُنّ ُأمّ ا ْل ِكتَابِ) هذه اليات منها تستنبط الحكام‪ :‬الحلل والحرام والمواعظ والنصائح وكل شيء لن القرآن‬ ‫ح َكمَا ٌ‬
‫ت مُ ْ‬
‫حينما يقول تعالى (َآيَا ٌ‬
‫منهج حياة وكل ما يتعلق بمنهج الحياة يُستنبط من هذه اليات فهي أمٌ للكتاب كله‪.‬‬
‫(وَُأخَ ُر ُمتَشا ِبهَاتٌ)هي اليات التي فيها مساحتان‪ :‬مساحة للفهم العام شأنها شأن المحكمات‪ ،‬ومساحة لما إختصّ ال عز وجل بعلمه‪( .‬الراسخون‬
‫ل من عند ربنا) ول يخوضون فيه لنهم يعلمون جيدا أنهم لن يصلوا فيه إلى نتيجة لن هذا مما إختص ال عز وجل‬ ‫في العلم يقولون آمنا به ك ٌ‬
‫به نفسه (الماهيّات)‪ .‬لكن المعنى العام مفهوم‪.‬‬
‫في زمن عمر بن الخطاب رضي ال عنه جاء رجل تحققت فيه هذه الية (الذين في قلوبهم زيغ يتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة وإبتغاء‬
‫ب ) وبدأ يثير بلبلة بين المسلمين‬‫عنّا يَ ْومًا مِنَ ا ْل َعذَا ِ‬
‫ف َ‬
‫ج َهنّ َم ادْعُوا َرّبكُ ْم يُخَفّ ْ‬
‫تأويله) يريد أن يحدث فتنة فبدأ يسأل ( َوقَالَ اّلذِينَ فِي النّارِ ِلخَ َزنَةِ َ‬
‫عن الماهية و الكيفية ف ُرفِع المر إلى عمر فقال‪ :‬هذا نحن نؤمن به فأخذ الدِرّة وصار يضربه بها‪.‬‬
‫( َومَا َيعْلَ ُم تَ ْأوِيلَهُ ِإلّا اللّهُ) التأويل له معنيان‪ :‬التفسير والبيان ويشمل جميع القرآن أو حقيقة الشيء ومآله ويشمل القسم الثاني من المتشابه‪.‬وهذا‬
‫مما إختص ال عز وجل به نفسه‪ .‬فإذن سيكون معنى الية فسيكون أن كتاب ال عز وجل كل آياته محكمة والمتشابه منها فيه مساحة‪ .‬من‬
‫خلل هذا الشرح هذا معنى السياق‪ .‬أين يكون الوقف السليم؟ (إل ال) وعند ذلك نقول (والراسخون في العلم يقولون آمنا به) لنه ما الفائدة من‬
‫مدحهم إذا لم يكونوا مؤمنين هذا اليمان؟ فإذا كان الراسخون في العلم يقولون هذا الكلم فمن باب أولى الذين هم أقلّ علما أن يقولوا هذا في‬
‫المساحة الثانية من المتشابه مما سُمي متشابها‪.‬‬
‫* ما الفرق بين الجتهاد والتأويل والتفسير؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫الجتهاد هو بذل الجهد والوسع في الوصول إلى الحكم في طلب المر‪ .‬إجتهد أي بذل جهده للوصول إلى الحكم‪ .‬يقولون المراد بها رد القضية‬
‫سنّة ول يقول من رأيه ويقول‬ ‫التي تعرض للحاكم الذي يفتي بالقضية ويصل بها إلى الحكم الصحيح ويردّها عن طريق القياس إلى الكتاب وال ُ‬
‫سنّة يحاول القياس عليها ويستخلص الحكم‪ .‬الجتهاد إذن بذل الجهد للوصول إلى‬ ‫أنا اجتهدت‪ .‬هنك شروط للمجتهد‪ ،‬ماذا ورد في الكتاب وال ُ‬
‫سنّة ول يرده إلى رأيه مباشرة‪ .‬يُسأل ما حكم هذه؟ فالجتهاد بذل الوسع‬ ‫الحكم (الحكم الشرعي) في رد المر عن طريق القياس إلى الكتاب وال ُ‬
‫سنّة في أمر‬ ‫سنّة فينظر ماذا ورد في الكتاب وال ُ‬
‫والجهد في طلب المر للوصول إلى الحكم الصحيح عن طريق القياس بردّه إلى الكتاب وال ُ‬
‫مشابه للمسألة فمثلً يقيس حكم المحدرات على حكم الخمر‪.‬‬
‫التأويل هو نقل ظاهر اللفظ إلى دللة أخرى‪ .‬ظاهر اللفظ شيء وأنت تنقله إلى شيء آخر لسبب من السباب‪ .‬سورة النصر مثلً تأويلها عند‬
‫ابن عباس أنها نعي رسول ال ‪ ،‬هذا أمر غير مصرّح به في الية وإنما ينقله إلى معنى آخر لسبب من السباب‪ .‬قوله تعالى ( َومَا َيعْلَ ُم تَأْوِيلَهُ‬
‫ن آ َمنّا بِهِ (‪ )7‬آل عمران) هذا للمتشابه ينقل ظاهر اللفظ إلى دللة أخرى‪ .‬يقال مثلً لشخص‪ :‬في بيتك فأر‪،‬‬ ‫ن فِي ا ْلعِلْ ِم يَقُولُو َ‬
‫ِإلّ اللّهُ وَالرّاسِخُو َ‬
‫ل يقصد به الفأر الحيوان وإنما في بيتك فاسق لن الرسول سمّى الفأر بالفويسقات‪ .‬وتقول لشخص‪ :‬يلغ في إنائك كلب وهو ما عنده كلب‬
‫ل لكنك تقصد شخص يدخل على بيته فيفعل كذا‪ .‬ل بد أن تكون لها قرينة تفهم منها‪ .‬المتكلم يضبط ول يتأول كما شاء وله شروط ول‬ ‫أص ً‬
‫ل (‪ )100‬يوسف) أوّل الشمس والقمر إلى البوين‬ ‫ي مِن َقبْ ُ‬
‫ل (هَـذَا تَأْوِيلُ رُ ْؤيَا َ‬
‫يمكن لي كان أن يأوّل كيف يشاء‪ .‬تأويل الحلم يسمى تأوي ً‬
‫والكواكب للخوة‪ ،‬ينقل ظاهر المر إلى دللة أخرى‪ .‬هذا له ضوابط يعرفها أهل العلم‪.‬‬
‫التفسير كشف المراد عن اللفظ‪ ،‬كشف مفردات‪ ،‬ما معنى هذه الكلمة؟ تفسير عبارة غير واضحة لشخص تفسرها له‪ ،‬آية غير واضحة تشرحها‬
‫وتفسرها‪ .‬إذا كان المعنى العام ل يعرفه أو ل يعرف معنى مفردات نقول يفسر القرآن‪.‬‬
‫هل لهذه الكلمات مراتب؟ أهل الشأن يذكرون ضوابط خاصة لكل واحد منهم وليس لكل واحد أن يفسر هكذا‪ .‬ومن أول الضوابط التبحّر في‬
‫سنّة وأسباب النزول‪.‬‬ ‫علم اللغة ويقولون ول تُغني المعرفة اليسيرة‪ ،‬ثم يذكرون أمورا تتعلق بالحديث وال ُ‬
‫ت (‪ )7‬آل عمران)‬ ‫مت َ َ‬
‫شاب ِ َها ٌ‬ ‫ب وَأ ُ َ‬
‫خُر ُ‬ ‫م الْكِتَا ِ‬‫ن أ ُ ُّ‬
‫ت ه ُ َّ‬ ‫حك َ َ‬
‫ما ٌ‬ ‫ت ُّ‬
‫م ْ‬ ‫ه آيَا ٌ‬
‫من ْ ُ‬ ‫ك الْكِتَا َ‬
‫ب ِ‬ ‫*(هُوَ الَّذ ِيَ أَنَز َ‬
‫ل عَلَي ْ َ‬
‫ن أم الكتاب) ولم‬
‫م قال ربنا تعالى (ه ّ‬ ‫م الشيء أصله لن الم هي الوالدة وهي أصل المولود فل ِ َ‬ ‫أ ّ‬
‫ن أصل الكتاب أو أساسه؟(ورتل القرآن ترتيل)ً‬ ‫يقل هُ ّ‬
‫في هذا التعبير القرآني (هنّ أم الكتاب) تصوير عميق ليات القرآن وهو أسمى معنى مما لو قلنا‪ :‬هنّ أصل الكتاب فقد جعل ال تعالى في هذا‬
‫التعبير آيات القرآن كلما ل يمكن فصله فل يمكنك أن نتصور آيات ال جميعها بمعزل عن اليات المحكمات كما ل يمكن لذي عقل أن‬
‫ن آ َمنّا بِهِ (‪ )7‬آل عمران) الرسوخ هو الثبات والتمكن في المكان‪ ،‬تقول رسخت القدم‬
‫ن فِي ا ْلعِلْ ِم يَقُولُو َ‬
‫يتصور مولودا دون والدة‪( .‬وَالرّاسِخُو َ‬
‫شبَه‪ .‬فانظر‬
‫أي ل تزلّ وجبلٌ راسخ أي ل يتزحزح والراسخ في العلم هو الذي تمكن من علم كتاب ال وقامت عنده الدلة بحيث ل تزحزحه ال ُ‬
‫لو جاء البيان القرآني بقوله "والعلماء" هل كان سيعطي القوة ذاتها التي جاءت بهاهذه الستعارة (والراسخون في العلم)؟ تأمل واعرف الجواب‬
‫بنفسك‪.‬‬
‫آية (‪:)10‬‬
‫*من برنامج (ورتل القرآن ترتيلً)‪:‬‬
‫(وَأُولَـ ِئكَ ُهمْ َوقُودُ النّا ِر (‪ )10‬آل عمران) في هذه الجملة من الية القرآنية لطائف عدة تجعلك تقف أمامها وقفة التأمل في محارب بيان ال‬
‫تعالى‪ .‬أولً‪ :‬قال تعالى (وَأُولَـ ِئكَ ُهمْ َوقُودُ النّارِ) فأتى بالضمير (هم) بين المبتدأ والخبر ولو حذف الضمير (هم) لت ّم المعنى‪ :‬أولئك وقود‬
‫النار‪ .‬فائدة الضمير هنا تأكيد وقصر العذاب عليهم‪ .‬ثانيا‪ :‬جاءت الجملة بتعبير (وقود النار) وهذا تصوير وتمثيل للكافرين حيث آلوا إلى وقود‬
‫للنار وهذا التعبير جاء ليسلب الكافرين كل خصائص النسان ومميزاته ويصورهم في صورة الحطب والخشب الذي تُشعّر به النار‪ .‬فانظر‬
‫كيف شمل هذا التصوير القرآني شدة العذاب مع شدة الهانة للكافرين‪.‬‬
‫آية (‪:)11‬‬
‫َ‬
‫م‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه بِذ ُنُوبِهِ ْ‬ ‫خذَهُ ُ‬ ‫م كَذَّبُوا ْ بِآيَاتِنَا فَأ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫من قَبْلِه‬ ‫ن ِ‬ ‫َ‬ ‫ن وَال ّذِي‬ ‫ل فِْرعَوْ َ‬ ‫ِ‬ ‫بآ‬ ‫ِ‬
‫* ما الفرق بين اليات (كَدأ ْ‬
‫َ‬
‫ت اللهِّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫م ك َفُروا بِآيَا ِ‬
‫َّ‬
‫َ‬ ‫من قَبْلِهِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن وَالذِي َ‬ ‫ل فِْرعَوْ َ‬ ‫بآ ِ‬ ‫َ‬
‫ب (‪ )11‬آل عمران) و(كدَأ ِ‬ ‫شدِيد ُ الْعِقَا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫وَالل ّ ُ‬
‫من‬‫ن ِ‬‫ن وَالذِي َ‬ ‫ل فِْرعَوْ َ‬ ‫بآ ِ‬
‫ْ‬
‫ب (‪ )52‬النفال) و (كَدَأ ِ‬ ‫شدِيد ُ الْعِقَا ِ‬ ‫ه قَوِيٌّ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إ ِ َّ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه بِذ ُنُوبِهِ ْ‬ ‫خذَهُ ُ‬ ‫فَأ َ َ‬
‫ن وك ُ ٌّ‬ ‫م وَأَغَْرقْنَا آ َ‬ ‫َ‬
‫ن (‪)54‬‬ ‫مي َ‬‫ل كَانُوا ْ ظَال ِ ِ‬ ‫ل فِْرعَو َ َ‬ ‫م فَأهْلَكْنَاهُم بِذ ُنُوبِهِ ْ‬ ‫ت َربِّهِ ْ‬ ‫م كَذَّبُوا ْ بآيَا ِ‬ ‫قَبْلِهِ ْ‬
‫النفال)؟ما الفرق بين كذبوا بآياتنا وكفروا بآياتنا؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ل شك أن الكفر أع ّم من التكذيب لن التكذيب حالة من حالت الكفر‪ .‬ننظر كيف يكون التعبير مع كذبوا وميف يكون التعبير مع كفروا ولما‬
‫شدِيدُ ا ْلعِقَابِ (‬ ‫خذَهُمُ اللّ ُه ِب ُذنُو ِبهِ ْم وَاللّ ُه َ‬
‫ن مِن َقبِْلهِ ْم كَ ّذبُو ْا بِآيَا ِتنَا َفأَ َ‬‫ل فِرْعَوْنَ وَاّلذِي َ‬ ‫اختار هنا كذبوا وهنا كفروا؟ في آل عمران قال تعالى ( َكدَأْبِ آ ِ‬
‫شدِيدُ ا ْل ِعقَا بِ (‪)52‬‬ ‫خذَهُ مُ اللّ ُه بِ ُذنُو ِبهِ ْم إِنّ اللّ َه قَوِيّ َ‬ ‫ن مِن َقبِْلهِ ْم كَفَرُو ْا بِآيَا تِ اللّ ِه فَأَ َ‬ ‫عوْ نَ وَاّلذِي َ‬ ‫ل فِرْ َ‬‫‪ )11‬آل عمران) و في النفال قال (كَدَأْ بِ آ ِ‬
‫النفال) أكّد بـ (إ نّ) وأضاف كلمة (قوي) لنه لما كان الكفر أع مّ وأشدّ شدد وأكّد (إن ال قوي شديد العقاب) وهناك قال (وال شديد العقاب)‬
‫فإن أولً لما قال كفروا وكفروا أع ّم من كذبوا فعمم (إن ال قوي شديد العقاب) أكّد قوته وشدد عقابه ولو قال شديد العقاب في الية الثانية ل‬
‫تدل على أنه قوي فقد يكون شديد العقاب ولكن غير قوي‪.‬‬
‫ل كَانُواْ‬ ‫ل فِرْعَو نَ َوكُ ّ‬ ‫ن مِن َقبِْلهِ ْم َك ّذبُواْ بآيَا تِ َرّبهِ ْم َفأَهَْل ْكنَاهُم بِ ُذنُوبِهِ مْ وَأَغْ َرقْنَا آ َ‬ ‫ل فِرْعَوْ نَ وَاّلذِي َ‬ ‫في سورة النفال نف سها آ ية أخرى (كَدَأْ بِ آ ِ‬
‫ن (‪ )54‬النفال) عرفنا كيف ختم الية (وال شديد العقاب) (إن ال قوي شديد العقاب) لم اختار هنالك كذبوا وهنا كفروا وهنا في النفال‬ ‫ظَاِلمِي َ‬
‫ع ْنهُ مْ َأمْوَاُلهُ مْ َولَ‬ ‫ي َ‬‫ن كَفَرُواْ لَن ُتغْنِ َ‬ ‫كذبوا؟ نلحظ قلنا أن الك فر أع ّم من التكذيب‪ ،‬ننظر في اليات‪ :‬ذكر في آل عمران حالة جزئية (إِنّ اّلذِي َ‬
‫ش ْيئًا (‪ )10‬آل عمران) ذ كر أمر ين‪ :‬الموال والولد ول كن هل عدم الغناء هذا ف قط؟ هناك التباع‪ ،‬الل هة‪ ،‬ال سلطان وال‬ ‫َأ ْولَدُهُم مّ نَ اللّ هِ َ‬
‫عذَابِ اللّ ِه مِن‬ ‫ن َ‬ ‫عنّا مِ ْ‬‫س َت ْكبَرُواْ ِإنّا ُكنّا َلكُ ْم َت َبعًا َفهَلْ أَنتُم ّم ْغنُونَ َ‬ ‫ضعَفَاء ِلّلذِينَ ا ْ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫جمِيعًا َفقَا َ‬‫تعالى ذكر كثيرا من حالت الستغناء ( َوبَ َرزُواْ لِلّ ِه َ‬
‫عنّ ي سُلْطَانِيهْ (‪ )29‬الحا قة) ال سلطان‪( ،‬وَمَا ظََل ْمنَاهُ مْ وَلَ ـكِن ظََلمُواْ‬ ‫ك َ‬ ‫عنّ ي مَالِي هْ (‪َ )28‬هلَ َ‬ ‫شَيْ ٍء (‪ )21‬إبراه يم) هذا غ ير الولد‪( ،‬مَا أَغْنَى َ‬
‫ش ْيئًا (‪ )26‬النجم) الشفعاء‪ .‬إذن ذكر‬ ‫عُتهُ مْ َ‬‫شيْ ٍء (‪ )101‬هود) اللهة‪( ،‬لَا ُت ْغنِي شَفَا َ‬ ‫ع ْنهُ مْ آِل َهُتهُ مُ اّلتِي َيدْعُو نَ مِن دُو نِ اللّ ِه مِن َ‬ ‫ت َ‬‫غنَ ْ‬ ‫سهُ ْم َفمَا أَ ْ‬
‫أَنفُ َ‬
‫حالة جزئية فلما ذكر حالة جزئية ذكر حالة جئية من الكفر وهي التكذيب‪.‬‬
‫عذَا بَ ا ْلحَرِي قِ ( ‪ )50‬ذَلِ كَ ِبمَا َقدّمَ تْ َأيْدِيكُ مْ َوأَنّ اللّ هَ َليْ سَ بِظَلّ مٍ‬ ‫(وَلَ ْو تَرَى ِإذْ َيتَ َوفّى اّلذِي نَ َكفَرُو ْا ا ْلمَل ِئكَ ُة يَضْ ِربُو نَ ُوجُو َههُ مْ وََأدْبَارَهُ مْ َوذُوقُو ْا َ‬
‫ب ( ‪ )52‬النفال) حالة عامة ليس‬ ‫شدِيدُ ا ْل ِعقَا ِ‬
‫خذَهُ مُ اللّ ُه بِ ُذنُوبِهِ مْ إِنّ اللّ َه قَ ِويّ َ‬ ‫لّ ْلعَبِيدِ (‪َ )51‬كدَأْ ِ‬
‫ب آلِ ِفرْعَوْ نَ وَاّلذِي نَ مِن َقبِْلهِ ْم كَفَرُو ْا بِآيَا تِ اللّ هِ َفأَ َ‬
‫فيها ذكر حالة جزئية‪ .‬لما ذكر حالة جزئية وصفهم بحالة جزئية وهو التكذيب ولما ذكر حالة عامة ذكر بأمر عام وختم كل آية بما يناسبها‪.‬‬
‫ن(‬ ‫حدُو َ‬ ‫ت اللّ ِه يَجْ َ‬ ‫ن بِآيَا ِ‬
‫ل ُي َكذّبُونَ كَ َوَلكِنّ الظّاِلمِي َ‬ ‫ن َفِإّنهُ مْ َ‬ ‫التكذيب جزء من الكفر بآيات ال‪ .‬رب العالمين قال ( َقدْ َنعْلَ مُ ِإنّ هُ َليَحْ ُزنُ كَ اّلذِي يَقُولُو َ‬
‫س ُهمْ‬
‫س َتيْ َق َنتْهَا أَنفُ ُ‬
‫حدُوا ِبهَا وَا ْ‬‫جَ‬ ‫‪ )33‬النعام) إذن الجحود غير التكذيب‪ ،‬هناك جحود وتكذيب وكفر‪ .‬ل يكذب لكن يرى أن ل ولدا! هناك فرق‪( .‬وَ َ‬
‫ظ ْلمًا وَعُلُوّا (‪ )14‬النمل) حالة جزئية لن حالت الكفر ليست محددة بهذه الجزئية‪ .‬التكذيب من الكفر وهو حالة جزئية من الكفر‪.‬‬ ‫ُ‬
‫هل ي ستقيم المع نى اللغوي ال سليم أن يأ تي بجالة عا مة ثم يأ تي بالتكذ يب؟ هذا ل يس من الل غة وإن ما من البل غة‪ .‬الح مق العر بي يتكلم كلما‬
‫صحيحا لكن ليست بليغا‪ .‬أي جملة على السياق النحوي صحيحة لكن هل هي بليغة؟ فرق أن يأتي بالكلم صحيحا وبين هل هو بلغة؟ هل هذا‬
‫ما يقتضيه السياق والمقام؟ وجمال القرآن يكمن في هذه الشياء وليس في النحو‪.‬‬
‫ْـ‬
‫ن (‪ )11‬آل عمران) فرعون واحـد مـن جمهرة كـبيرة مـن المكذبيـن والجاحديـن‬ ‫ل فِْرعَوْـ َ‬ ‫*(كَدَأ ِ‬
‫بآ ِ‬
‫المتألهيـن فـي التاريـخ الذيـن ذكـر بعضهـم القرآن فهـل مـن سـبب فـي تخصـيصه هنـا دون غيره مـن‬
‫أمثال عاد وثمود؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫نعم‪ ،‬فهذا التخصيص يناسب ثقافة المخاطَب بهذه الية وهم اليهود والنصارى لنهم أعلم وألصق بأخبار فرعون كما أن العرب أعلم وألصق‬
‫بأخبار عاد وثمود‪ .‬وهلك فرعون معلوم لليهود بخلف هلك عاد وثمود‪.‬‬
‫آية (‪:)14‬‬
‫*ما دللة بناء الفعل ُزين للمجهول؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫في القرآن خط تعبيري واضح أن ربنا سبحانه وتعالى ل يسند العيب لنفسه وإنما ينسب له الخير وذكرنا أمثلة كثيرة في القرآن (وَِإذَآ َأ ْن َعمْنَا‬
‫ن يَؤُوسًا (‪ )83‬السراء) لم يقل مسسناه بالشر وإن كان الكل من عند ال سبحانه وتعالى‬ ‫عَلَى الِنسَانِ أَعْ َرضَ َونَأَى بِجَا ِنبِهِ وَِإذَا مَسّهُ الشّ ّر كَا َ‬
‫ب إَِل ْيكُمُ الْإِيمَانَ َو َزيّنَ ُه فِي قُلُو ِبكُ ْم (‪)7‬‬ ‫ت (‪ )14‬آل عمران) لم يقل زين لهم بينما يذكر (وََلكِنّ اللّهَ َ‬
‫حبّ َ‬ ‫شهَوَا ِ‬ ‫س حُبّ ال ّ‬ ‫لكن تأدبا ( ُزيّنَ لِلنّا ِ‬
‫ب (‪ )6‬الصافات)‪.‬‬ ‫سمَاء الدّ ْنيَا بِزِينَةٍ ا ْلكَوَاكِ ِ‬
‫الحجرات) (ِإنّا َزّينّا ال ّ‬
‫ب ال َّ‬
‫ن‬‫ساء َوالْبَنِي َ‬ ‫ن الن ِّ َ‬
‫م َ‬ ‫ت ِ‬‫شهَوَا ِ‬ ‫ح ُّ‬‫س ُ‬ ‫ِ‬ ‫ن لِلنَّا‬‫*ما دللة تقديم الولد على الموال فى قوله تعالى(ُزي ِّ َ‬
‫َ‬
‫ة‬
‫حيَا ِ‬‫متَاعـُ ال ْ َ‬
‫ك َ‬ ‫ث ذَل ِـ َ‬‫حْر ِـ‬‫مةِ وَالن ْ َعامـ ِ وَال ْ َ‬ ‫سوَّ َ‬‫م َـ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫ضةِ وَال ْ َ‬
‫خي ْ ِ‬ ‫ن الذَّهَـ ِ‬
‫ب وَال ْ ِ‬
‫ف َّ‬ ‫م َـ‬‫مقَنطََرةِ ِ‬‫وَالْقَنَاطِيرِ ال ْ ُ‬
‫ب {‪ )}14‬سورة آل عمران؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬ ‫مآ ِ‬‫ن ال ْ َ‬
‫س ُ‬‫ح ْ‬‫عندَهُ ُ‬‫ه ِ‬ ‫الدُّنْيَا َوالل ّ ُ‬
‫ت مِنَ النّسَاء وَا ْل َبنِينَ‬
‫شهَوَا ِ‬
‫س حُبّ ال ّ‬ ‫ب يقدّم الولد على غيرهم وفي حبّ الشهوات قدّم النساء على باقي الشهوات ( ُزيّنَ لِلنّا ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫في مواطن ال ُ‬
‫ب {‪.)}14‬‬ ‫حسْنُ ا ْلمَآ ِ‬
‫حيَاةِ الدّ ْنيَا وَاللّ ُه عِندَهُ ُ‬
‫ك َمتَاعُ الْ َ‬
‫ل ْنعَامِ وَا ْلحَ ْرثِ ذَِل َ‬
‫ل ا ْلمُسَ ّومَةِ وَا َ‬
‫خيْ ِ‬
‫ن الذّهَبِ وَالْ ِفضّةِ وَالْ َ‬
‫وَالْ َقنَاطِيرِ ا ْلمُقَنطَ َرةِ مِ َ‬
‫ب الولد‬ ‫أما فى مواطن اللهاء كقوله تعالى فى سورة المنافقون (لتلهكم أموالكم ول أولدكم عن ذكر ال) قدّم الموال على الولد مع أنّ حُ ّ‬
‫أكثر لكن اللتهاء بالمال يكون أكثر لذا قدّم الموال على الولد للتحذير‪.‬‬
‫ب ال َّ‬
‫ساء وَالْبَنِي َ‬
‫ن (‪ )14‬آل عمران) ل ِ َ‬
‫م لم يقل ُزيّن للرجال طالما‬ ‫ن الن ِّ َ‬
‫م َ‬
‫ت ِ‬
‫شهَوَا ِ‬ ‫ح ُّ‬
‫س ُ‬ ‫*(ُزي ِّ َ َ‬
‫ن لِلن ّا ِ‬
‫ذكر في الية (من النساء)؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫حيَاةِ‬
‫ك َمتَاعُ الْ َ‬
‫ث ذَِل َ‬
‫لنْعَامِ وَا ْلحَرْ ِ‬
‫ل ا ْلمُسَ ّومَةِ وَا َ‬
‫خيْ ِ‬
‫ن الذّهَبِ وَالْ ِفضّةِ وَالْ َ‬
‫ت مِنَ النّسَاء وَا ْل َبنِينَ وَالْ َقنَاطِيرِ ا ْلمُقَنطَرَ ِة مِ َ‬
‫شهَوَا ِ‬
‫س حُبّ ال ّ‬ ‫الية ( ُزيّنَ لِلنّا ِ‬
‫ب (‪ ))14‬عندما ذكر البنين هذا ألمح إلى رغبة النساء في ذلك‪ ،‬هن يحملن البنين ويرغبن فيه‪ .‬إذن البنين ليست‬ ‫الدّ ْنيَا وَاللّ ُه عِندَهُ حُسْنُ ا ْلمَآ ِ‬
‫خاصة بالرجال‪ ،‬عندما ذكر البنين هذا إلماح وليس تصريح إلى رغبة النساء فيه لكن لم يشأ أن يخدش حياءها ولم يقل زُين للنساء حب‬
‫الشهوات من الرجال‪ ،‬كلمة البنين فيها إشارة إلى معاشرة الرجال وإل كيف يأتي الولد؟ بمعاشرة الرجال فلما قال البنين دخل فيه النساء‬
‫تضمينا ل تصريحا‪ .‬الناس يحبون شهوة النساء والبنين والذهب والفضة‪ ،‬البنين يحبها الرجال والنساء إذن دخلت النساء في الية تلميحا وليس‬
‫تصريحا ولكن لم يصرّح حتى ل يخدش حياءها ما قال زين للنساء حب الشهوات من الرجال‪ ،‬لما ذكر البنين دخل فيه النساء تلميحا‪ .‬لم يقل‬
‫ُزيّن للرجال حب الشهوات من النساء لن الرجال يسعون في ذلك وينفقون في ذلك والناس هذه أعم لن البنين والقناطير المقنطرة من الذهب‬
‫والفضة ليست خاصة بالرجال ولو قال الرجال فأين يذهب النساء؟ أل يحبون القناطير المقنطرة؟! فعمم لكن دخل فيه النساء تلميحا يعني حب‬
‫النساء للرجال دخله تلميحا بذكر البنين لنه ل يحسن أن يذكر أن يحب النساء الرجال لكن الرجال ليس عندهم مانع يجهرون بذلك ويتحدثون‬
‫بذلك ويسعون في هذا المر وينفقون المال في هذا المر فل مانع أن يصرّح بهم في الية لكن النساء في الغالب يتعففن عن ذكر ذلك ل يُحسن‬
‫ب البنين والقناطير‬ ‫أن يقال فيهن ما يقال في الرجال لكن الية شملت النساء أولً دخلت تحت العموم في كلمة الناس وذكرها تلميحا بح ّ‬
‫المقنطرة إذن دخلت النساء في الية تلميحا لكن لم يخدش حياءها وكلمة الناس تضم الجنسين الرجال والنساء‪.‬‬
‫* ما مـن شـك أن القناطيـر المقنطرة هنـا يُراد بهـا المال والتيان بهذا اللفـظ (القناطيـر المقنطرة)‬
‫م عدل ربنــا تعالى عــن المال إلى هذه العبارة؟(ورتــل القرآن‬ ‫يلقــي ظل ً ترســمه هذه العبارة فل ِ ـ َ‬
‫ترتيلً)‬
‫ل على المال المضاعف والكثرة‬ ‫إنه َنهَم المال ولو كان ربنا يريد مجرد الميل إلى المال لعبّر باللفظ الصريح لكن القناطير المقنطرة تدل أو ً‬
‫وتضفي تصويرا لشره النسان الذي ل يكتفي بالدراهم التي تسد حاجته بل يسعى إلى تكديس المالل وتجميعه إرواءً لحبه للمال وشرهه‪.‬‬
‫حيَا ِة ال ّد ْنيَا (‪ )14‬آل عمران) انظر إلى هذا البيان وتأمل دقة السلوب القرآني‪ .‬فبعد الطناب السابق والسهاب في ذكر الشهوات‬ ‫(ذَِلكَ َمتَاعُ ا ْل َ‬
‫حتى كاد المرء يذهل من تصوير ال تعالى للشهوات الدنيوية ولمور البذخ والنعيم تأتي كلمة المتاع المؤذنة بال ِقلّة وهو ما يُستمتع به مدة ثم‬
‫يزول‪ .‬وما كان ال تعالى ليبين قيمة الحياة الدنيا الحقيقية لينتزع تعلق القلوب بها لول استعمال هذه الكلمة فانظر واعتبر!‪.‬‬
‫آية (‪:)17‬‬
‫َ‬
‫حارِ (‪ )17‬آل عمران) تُرى أل‬
‫س َ‬
‫ن بِال ْ‬
‫ستَغْفِرِي َ‬ ‫ن وَال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ن وَال ْ ُ‬
‫من ِفقِي َ‬ ‫ن وَالْقَانِتِي َ‬ ‫ن وَال َّ‬
‫صادِقِي َ‬ ‫*(ال َّ‬
‫صابِرِي َ‬
‫يستقيم المعنى إذا أغفلنا حرف العطف (و) بين الصفات؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫فالصل في تعدد الخبار ترك العطف فنقول مثلً‪ :‬هذا هو المسلم الصدوق المين المخلص‪ ،‬فلِ َم ورد حرف العكف بين الصفات؟ لقد اختاره‬
‫حذِف حرف العطف وهذا القصد هو الشارة إلى كمال الموصوف‬ ‫ال سبحانه وتعالى لبيانه الجليل إيذانا بمعنى خصوصي ما كان ليتحصّل لو ُ‬
‫وهو قوله (وال بصير بالعباد) في كل صفة بحيث تنزل كل صفة منزلة مستقلة وما ذاك إل لقوة الموصوف في تلك الصفة وكأنه يقول‪ :‬وال‬
‫بصير بالعباد الصابرين‪ ،‬وال بصير بالعباد الصادقين‪ ،‬وال بصير بالعباد القانتين وهكذا‪ .‬هذا هو المعنى الذي نستفيده من تكرار حرف العطف‬
‫بين هذه الصفات‪.‬‬
‫َ‬
‫ص الله سبحانه وتعالى الستغفار بوقت معين‬‫مخ ّ‬ ‫حار (‪ )17‬آل عمران) ل ِ َ‬
‫س َ ِ‬
‫ن بِال ْ‬
‫فرِي َ‬
‫ستَغْ ِ‬ ‫*(وَال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫م لم يقل مثلً الصابرين في البأساء؟(ورتل القرآن‬‫ولم يخص الصفات الخرى بقيد أو صفة؟ فل ِ َ‬
‫ترتيلً)‬
‫سحَر لمر أراده ال‬‫إن الصبر يُحمد في كل وقت وليس للصبر وقت يفضّل فيه عن غيره وكذلكم الصدق ولكن تخصيص وقت الستغفار بال َ‬
‫تعالى لك أيها المؤمن أن هذا الوقت فيه من الهدوء ما يجعل العابد أشد إخلصا وخشوعا ل تعالى وفيه بُعدٌ عن الرياء أمام الناس فل يراك في‬
‫هذا الوقت إل من تقصده وهو ال عز وجل‪.‬‬
‫آية (‪ :)18‬انظر آية (‪)6‬‬
‫*د‪.‬أحمد الكبيسى‪:‬‬
‫ش ِهدَ اللّ ُه َأنّهُ لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ وَا ْلمَلَا ِئكَةُ وَأُولُو ا ْلعِلْ ِم ﴿‪ ﴾18‬آل عمران) (ِإّنمَا يَخْشَى اللّ َه ِمنْ‬
‫العلم والفهم في هذا الدين أفضل من أي عبادة أخرى ( َ‬
‫عبَادِهِ ا ْلعَُلمَاءُ) ل يجب أن تكون عالما (من تعلّم كلمة أو كلمتين أو ثلثا أو أربعا أو خمسا إل أدخله ال الجنة)‪ .‬حينئذٍ بعد هذا‪ ،‬بعد المتقين‬ ‫ِ‬
‫الذين هم شريحة من المؤمنين إيمان خاص تطلع شريحة متقون يأتي السلم الخير السلم الذي هو السلم المطلق العملي صفة الخلق‬
‫المجتبون الخيار هؤلء طبعا تفاصيلهم موجودة‪.‬‬
‫َ‬ ‫شهد الل ّه أَن َه ل َ إلَـه إل َّ هُو وال ْملَئِك َ ُ ُ‬
‫م(‬ ‫ه إِل ّ هُوَ الْعَزِيُز ال ْ َ‬
‫حكِي ُ‬ ‫ط ل َ إِلَـ َ‬
‫س ِ‬ ‫ة وَأوْلُوا ْ الْعِلْم ِ قَآئ ِ َ‬
‫ما ً بِالْقِ ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ِ َ ِ‬ ‫ُ ّ ُ‬ ‫*( َ ِ َ‬
‫‪ )18‬آل عمران) ما الدللة والعراب لقائما ً بالقسط؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫جوْر والظلم‪ .‬أقسط أزال الجور والظلم (همزة‬ ‫قائما بالقسط أي قائما بالعدل القسط هو العدل‪ .‬قَ سَط جار وظلم مصدره القَ سْط بفتح القاف وهو ال َ‬
‫طبًا (‪ )15‬الجن) القاسطون‬ ‫ج َهنّ َم حَ َ‬
‫ن َفكَانُوا لِ َ‬
‫السلب) إسمه القِ سْط بكسر القاف والمصدر إقساط (أفعل إفعال)‪ .‬القِسط هو العدل (وََأمّا ا ْلقَا سِطُو َ‬
‫ن (‪ )42‬المائدة) أي الذين يعدلون‪ .‬إذن قائما بالقسط أي قائما بالعدل شهد ال وشهدت الملئكة وشهد أولو‬ ‫أي الظالمون‪( ،‬إِنّ اللّ َه يُحِبّ ا ْل ُمقْ سِطِي َ‬
‫العلم شهدوا أنه ل إله هو أي شهدوا له بالتوحيد والقيام بالق سط‪ ،‬كونه قائما بالقسط‪( ،‬قائما) في أش هر العاريب أن ها حال لزمة‪ .‬الصل في‬
‫الحال التحول والنتقال سمي حالً لن ها تتحول‪ ،‬أق بل راكبا أق بل ضاحكا‪ ،‬ال صل في ها التحول و قد تأ تي الحال لز مة ثابتة في موا طن‪ .‬الحال‬
‫ض ْعتُهَا أُنثَى (‬
‫ت رَبّ ِإنّي َو َ‬
‫يتعلق بالفعل أو ما يشبه الفعل أو فيه معنى الفعل‪ .‬والصل فيها أن تكون منتقلة وقد تكون ثابتة لزمة كما قال (قَالَ ْ‬
‫‪ )36‬آل عمران) أن ثى حال ثاب تة لن الن ثى لن تتحول إلى ذ كر‪ ،‬جاء مبت سما سيتحول الن مبت سم و سيتغير‪ .‬إذن هنالك حال لز مة ويقولون‬
‫خلق ال الزرافـة يديهـا أطول مـن رجليهـا (أطول) حال لن تتحول‪ .‬مسـألة اللزوم والنتقال فـي الحال مخصـوصة بالحال نفسـها‪ .‬يقول تعالى‬
‫ضعِيفًا (‪ )28‬الن ساء) لن يقوى‪ ،‬ولد ته أع مى لن يُب صر هذه لز مة ل تتحول‪ .‬إذن رب نا قال قائما بالق سط ل ين فك " هو ال حق‬ ‫ن َ‬ ‫ق الِن سَا ُ‬
‫( َوخُلِ َ‬
‫ستَقِيمًا ( ‪ )126‬النعام) لن يعو جّ‪ .‬هذه‬ ‫صرَاطُ َربّ كَ مُ ْ‬‫صادقا" ال حق ل يكون كاذبا إذن هذا ال حق ل يتغ ير إذن ( صادقا) حال لز مة‪( ،‬وَهَ ـذَا ِ‬
‫الشهادة أ نه ل إله إل هو قائما بالق سط في هذه الحال اللز مة التوح يد والقيام بالق سط على اللزوم‪ .‬شهدوا على أمر ين ل إله إل هو مع القيام‬
‫بالقسط على وجه الدوام وإن كان والبعض يجوّز إعراب (قائما) صفة لكلمة إله التي هي مبنية (ل إله) مبنية‪ ،‬إسم ل النافية للجنس‪ .‬إذن على‬
‫العراب المشهور أن (قائما) حال وصاحب الحال ال سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫*ما الفرق بين القسط والعدل؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫حصّة والنصيب ولذلك كلمة القسط تستعمل في القرآن في الوزن وفي غيره (وَإِنْ‬ ‫القسط يكون أولً في الوزن وغيره وله معنيان العدل وال ِ‬
‫ل لم يستعمل العدل مع‬ ‫ش َهدَاء لِلّ ِه (‪ )135‬النساء) ‪ .‬أو ً‬ ‫سطِ ُ‬ ‫ط (‪ )42‬المائدة) (يَا َأّيهَا اّلذِينَ آ َمنُو ْا كُونُو ْا قَوّامِينَ بِالْقِ ْ‬ ‫حكُم َب ْي َنهُمْ بِالْ ِقسْ ِ‬‫ح َكمْتَ فَا ْ‬ ‫َ‬
‫الميزان مطلقا في القرآن كله لم يستعمل إل القسط لن القسط هو الحصة والنصيب والغرض من الميزان أن يأخذ النسان نصيبه ولذلك لم ترد‬
‫ط (‪ )152‬النعام) ومن أسماء الميزان القسطاس (وَأَ ْوفُوا ا ْل َكيْلَ إِذا كِ ْلتُمْ وَ ِزنُواْ‬ ‫ن بِا ْلقِسْ ِ‬
‫في القرآن كلمة العدل مع الوزن (وََأ ْوفُواْ ا ْل َكيْلَ وَا ْلمِيزَا َ‬
‫ستَقِي ِم (‪ )35‬السراء) باعتبار يأخذ حقه‪ .‬القسط عامة لكن مع الميزان لم تستعمل إل كلمة القسط لن من معاني القسط الحصة‬ ‫سطَاسِ ا ْلمُ ْ‬ ‫بِالقِ ْ‬
‫ط(‬ ‫س بِا ْلقِسْ ِ‬
‫والنصيب والغرض من الميزان الحصة والنصيب‪ .‬وللعلم كلمة يقوم لم ترد في القرآن مع العدل (قوامين بالقسط) فقط (ِليَقُومَ النّا ُ‬
‫سطِ (‪ )18‬آل عمران )‬ ‫ل ِئكَةُ وَأُوْلُو ْا ا ْلعِلْ ِم قَآ ِئمَا بِا ْلقِ ْ‬
‫ل هُوَ وَا ْلمَ َ‬ ‫ش ِهدَ اللّهُ َأنّ ُه لَ ِإلَـهَ ِإ ّ‬ ‫ط (‪ )127‬النساء) ( َ‬ ‫‪ )25‬الحديد) (وَأَن تَقُومُواْ ِل ْليَتَامَى بِالْ ِقسْ ِ‬
‫ط (‪ )85‬هود)‪.‬‬ ‫ن بِالْ ِقسْ ِ‬ ‫ن (‪ )9‬الرحمن) ( َويَا قَ ْومِ أَ ْوفُو ْا ا ْل ِمكْيَا َ‬
‫ل وَا ْلمِيزَا َ‬ ‫ن بِالْ ِقسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا ا ْلمِيزَا َ‬ ‫(وََأقِيمُوا الْ َوزْ َ‬
‫آية (‪:)19‬‬
‫م ( ‪ )19‬آل عمران) هل عددت كلمات هذه الية؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬ ‫عند َ اللّهِ ال ِ ْ‬
‫سل َ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫*(إ ِ َّ‬
‫ن الدِّي َ‬
‫إنها على قِلّتها استطاعت أن تأتي ببيان عظيم الدين السلمي وفضيلته بأجمع عبارة وأوجزها‪ .‬لقد جاءت الية على صفة الحصر‪ ،‬حصر‬
‫الدين في السلم دون غيره وذلك لتعريف إسم (إنّ) أي الدين وخبره أي السلم وكأن ال تعالى يقول ل دين إل السلم‪ .‬أل ترى أنك تقول‬
‫أحمد الناجح فتحصر النجاح بأحمد بخلف أحمد ناجحٌ أي هو ناجح من بين الناجحين‪ .‬ثم أكّد ال تعالى انحصار الدين بالسلم أكثر باستعمال‬
‫حرف التوكيد (إنّ)‪.‬‬
‫آية (‪:)20‬‬
‫*ما هو السلوك التركيبي للفعل يُسلم من حيث التعدّي واللزوم؟ هنا جاء الفعل يُسلم متعدياً‬
‫بـحرف الجر (إلى) وفي مواطن أخرى في القرآن متعديا ً بحرف الجر اللم (فَل َ َ‬
‫موا وَب َ ّ ِ ِ‬
‫شر‬ ‫سل ِ ُ‬
‫هأ ْ‬‫ُ‬
‫خبتِين (‪ )34‬الحج) (فَقُ ْ َ‬
‫ه (‪ )20‬آل عمران) فما الفرق بين تعديه باللم‬ ‫ي لِل ّ ِ‬
‫جه َ‬
‫ت َو ْ ِ‬ ‫سل َ ْ‬
‫م ُ‬ ‫لأ ْ‬ ‫م ْ ِ َ‬‫ال ْ ُ‬
‫وتعديه بإلى؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫جهَهُ ِإلَى اللّهِ)‪ ،‬البقية باللم أو من دون حرف جر‬ ‫سلِمْ َو ْ‬‫أكثر ما ورد في القرآن متعديا باللم ولم ترد بإلى إل فقط في سورة لقمان ( َومَن يُ ْ‬
‫ن (‪ )44‬النمل) (قَالَ أَ ْ‬
‫سَلمْتُ لِ َربّ‬ ‫ت مَعَ سَُل ْيمَانَ لِلّهِ َربّ ا ْلعَاَلمِي َ‬‫(وََلكِن قُولُوا أَسَْل ْمنَا (‪ )14‬الحجرات)‪ .‬ما الفرق بين أسلم إلى وأسلم لـ؟ (وََأسَْلمْ ُ‬
‫ب ا ْلعَاَلمِينَ (‪ )66‬غافر) ما الفرق بينهما في الدللة؟ أسلم إليه معناه دفعه إليه‪ ،‬تسليم دفعه إليه أو‬ ‫ا ْلعَاَلمِينَ (‪ )131‬البقرة) (وَُأمِ ْرتُ أَنْ أُسِْلمَ لِرَ ّ‬
‫فوّض أمره إليه هذ المشهور‪ ،‬من التوكل‪ .‬أسلم بمعنى انقاد وخضع ومنها السلم النقياد‪ .‬أسلم الشيء إليه أي دفعه إليه‪ ،‬أعطاه إليه بانقياد‬
‫هذه أسلمه إليه أو فوض أمره إليه وهذا أشهر معنى لسلم إليه‪ .‬أسلم ل معناه انقاد له وجعل نفسه سالما له أي خالصا له‪ ،‬جعل نفسه ل خالصا‬
‫ن (‪ )44‬النمل) انقدت له وخضعت وجعلت نفسي سالمة له خالصة ليس‬ ‫ت مَعَ سَُل ْيمَانَ لِلّهِ َربّ ا ْلعَاَلمِي َ‬ ‫سَلمْ ُ‬‫أخلص إليه‪ .‬لما قالت ملكة سبأ (وَأَ ْ‬
‫لحد فيه شيء‪ .‬وإبراهيم قال (قَالَ أَسَْلمْتُ ِلرَبّ ا ْلعَاَلمِينَ) أسلم له أي انقاد له وجعل نفسه خالصة له أما أسلم إليه معناها دفعه إليه لذا يقولون‬
‫أسلم ل أعلى من أسلم إليه لنه لم يجعل معه لحد شيء‪ ،‬ومن يسلم وجهه إلى ال اختلفت الدللة أسلم إليه أي فوّض أمره إليه يعني في‬
‫الشدائد (وَُأفَوّضُ َأمْرِي إِلَى اللّ ِه (‪ )44‬غافر) أو في النقياد أما أسلم ل فجعل نفسه خالصا ليس لحد شيء‪ .‬لذلك قال القدامى أسلم له أعلى من‬
‫أسلم إليه لنه إذا دفعه إليه قد يكون لم يصل لكن سلّم له اختصاص واللم للملك (أسلم ل) ملّك نفسه ل ولذلك قالوا هي أعلى‪.‬‬
‫* متى تثبت الياء ومتى تحذف كما في قوله (واخشوني‪ ،‬واخشون)؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫هذا التعبير له نظائر في القرآن (اتّبعني‪ ،‬إتبعنِ‪ ،‬كيدوني‪ ،‬كيدونِ‪ ،‬أخّرتني‪ ،‬أخرتنِ)‪ .‬أما إخشوني واخشونِ فوردت الولى في سورة البقرة‬
‫والثانية وردت في المائدة‪ .‬عندما تحذّر أحدهم التحذير يكون بحسب الفِعلة قد تكون فِعلة شديدة‪ .‬مثلً لو أحدهم اغتاب آخر تقول له إتقِ ربك‬
‫وقد يريد أن يقتل شخصا فتقول له إتقي ال‪ ،‬فالتحذير يختلف بحسب الفعل إذا كان الفعل كبيرا يكون التحذير أشد‪ .‬فعندما يُطهِر الياء يكون‬
‫التحذير أشد في جميع القرآن عندما يُظهِر الياء يكون المر أكبر‪.‬‬
‫سبْحَانَ اللّهِ َومَا َأ َن ْا مِنَ ا ْل ُمشْ ِركِينَ (‪ )108‬يوسف)‬ ‫سبِيلِي َأدْعُو إِلَى اللّ ِه عَلَى بَصِيرَ ٍة َأنَاْ َومَنِ ا ّت َب َعنِي وَ ُ‬ ‫ل هَـذِهِ َ‬ ‫مثال آخر في غير التحذير (قُ ْ‬
‫ل ّميّينَ أَأَسَْل ْمتُ ْم َفإِنْ أَسَْلمُو ْا فَ َقدِ ا ْه َتدَواْ وّإِن تَوَلّوْ ْا فَِإّنمَا عََل ْيكَ‬
‫ج ِهيَ لِلّهِ َومَنِ ا ّت َبعَنِ َوقُل لّّلذِينَ أُ ْوتُواْ ا ْل ِكتَابَ وَا ُ‬
‫ن حَآجّوكَ َفقُلْ َأسَْلمْتُ وَ ْ‬
‫بالياء (فَإ ْ‬
‫ا ْلبَلَغُ وَاللّ ُه بَصِي ٌر بِا ْل ِعبَادِ (‪ )20‬آل عمران) بدون ياء‪ .‬ننظر أي الذي يحتاج إلى اتّباع أكثر؟ الذي يدعو إلى ال على بصيرة أو مجرد أن‬
‫يكون مسلما فقط؟ ل شك أن الداعية ينبغي أن يكون متّبعا أكثر في سلوكه وعمله لنه داعية إلى ال ينبغي أن يكون مثلً في سلوكه ومعرفته‬
‫هذا يحتاج للياء (فاتبعوني)‪ .‬المتبعين ليسوا كالدعاة الذين يحتاجون لتّباع أكثر لذا قال (ومن اتبعني) أما عموم المسلمين فل يعرفون إل القليل‬
‫من الحكام‪ .‬إذن موطن الدعوة إلى ال على بصيرة تحتاج لمقدار اتّباع أكثر فقال (فاتبعوني) بالياء‪.‬‬
‫آية (‪:)21‬‬
‫*ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله (يقتلون النبيين بغير الحق) سورة البقرة وقوله (ويقتلون‬
‫النبياء بغير حق) سورة آل عمران؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ض مِن بَقِْلهَا َو ِقثّآئِهَا َوفُو ِمهَا‬ ‫ت الَرْ ُ‬ ‫ك يُخْرِجْ َلنَا ِممّا تُنبِ ُ‬ ‫حدٍ فَا ْدعُ َلنَا َرّب َ‬ ‫طعَامٍ وَا ِ‬ ‫صبِ َر عَلَىَ َ‬ ‫قال تعالى في سورة البقرة (وَِإ ْذ قُ ْلتُ ْم يَا مُوسَى لَن نّ ْ‬
‫س َكنَةُ َوبَآؤُوْ ْا ِبغَضَ ٍ‬
‫ب‬ ‫ت عََل ْيهِمُ الذّلّةُ وَا ْلمَ ْ‬
‫ض ِربَ ْ‬
‫سأَ ْلتُمْ وَ ُ‬‫خيْرٌ ا ْهبِطُواْ ِمصْرا فَإِنّ َلكُم مّا َ‬ ‫ستَ ْبدِلُونَ اّلذِي هُوَ َأ ْدنَى بِاّلذِي هُوَ َ‬ ‫سهَا َو َبصَِلهَا قَالَ َأتَ ْ‬ ‫عدَ ِ‬ ‫وَ َ‬
‫ك ِبمَا عَصَواْ ّوكَانُواْ َي ْع َتدُونَ {‪ )}61‬وقال في سورة آل عمران (إِنّ‬ ‫ق ذَِل َ‬‫ن النّ ِبيّينَ ِب َغيْرِ الْحَ ّ‬
‫ن بِآيَاتِ اللّهِ َويَ ْقتُلُو َ‬ ‫ك بَِأّنهُ ْم كَانُو ْا َيكْفُرُو َ‬‫مّنَ اللّ ِه ذَِل َ‬
‫ت عََل ْيهِ ُم الذّلّةُ َأيْنَ‬‫س َفبَشّرْهُم ِبعَذَابٍ َألِي ٍم {‪ )}21‬و(ضُ ِربَ ْ‬ ‫ط مِنَ النّا ِ‬ ‫ن بِالْ ِقسْ ِ‬
‫ن ِبغَيْ ِر حَقّ َويَ ْقتُلُونَ اّلذِينَ يَ ْأ ُمرُو َ‬ ‫ن بِآيَاتِ اللّهِ َويَ ْقتُلُونَ ال ّن ِبيّي َ‬ ‫ن يَكْ ُفرُو َ‬ ‫اّلذِي َ‬
‫ن الَن ِبيَاءَ‬‫ن بِآيَاتِ اللّهِ َويَ ْقتُلُو َ‬ ‫ك بَِأّنهُ ْم كَانُو ْا َيكْفُرُو َ‬
‫س َكنَةُ ذَِل َ‬
‫ت عََل ْيهِمُ ا ْلمَ ْ‬
‫ض ِربَ ْ‬‫ب مّنَ اللّهِ وَ ُ‬ ‫حبْلٍ مّنَ النّاسِ َوبَآؤُوا ِبغَضَ ٍ‬ ‫ل مّنْ اللّهِ َو َ‬ ‫حبْ ٍ‬
‫ل بِ َ‬ ‫مَا ُثقِفُواْ ِإ ّ‬
‫ن {‪ .)}112‬جمع المذكر السالم إذا كان معه جمع كثرة فإنه يفيد القَلّة وإذا لم يكن معه جمع تكسير‬ ‫عصَوا ّوكَانُو ْا َي ْعتَدُو َ‬ ‫ك بِمَا َ‬ ‫ق ذَِل َ‬‫ِب َغيْرِ حَ ّ‬
‫يستعمل للقلة والكثرة‪( .‬النبيين) عندما يكون معه جمع تكسير يفيد القلة أما (النبياء) فتفيد جمع الكثرة‪.‬‬
‫وهناك أمر آخر هو عندما يذكر معاصي بني إسرائيل يذكر النبياء‪.‬‬
‫ثم أن الختلف بين ذكر كلمة (بغير حق) و(بغير الحق) تدل على أن استعمال كلمة (الحق) معرّفة تعني الحق الذي يدعو للقتل فهناك أمور‬
‫يستحق بها القتل‪ .‬أما استعمال (بغير حق) نكرة فهي تعني ل حق يدعو إلى القتل ول إلى غيره‪ .‬فإذا أراد تعالى أن يبيّن لنا العدوان يذكر‬
‫(بغير حق) ‪ ،‬فعندما يقول يقتلون النبياء بغير حق هذا أعظم وأكبر جرما من يقتلون النبيين بغير حق لن النبياء أعم وأشمل وحق من دون‬
‫أي داعي هذا أكبر جرما وأعظم من يقتلون النبيين بغير الحق والنبيين أقل والحق الحق الذي يدعو إلى القتل فذاك أعظم‪ ،‬هذا من حيث اللغة‬
‫وإن شاء ال ثم ننظر في السياق لحقا لما نلحظ مقام الذم والكلم على بني إسرائيل في قوله يقتلون النبياء بغير حق أكثر وأعظم من يقتلون‬
‫النبيين بغير الحق‪.‬‬
‫يمكن قراءة ما جاء حول هذا الموضوع في كتاب التعبير القرآني للدكتور فاضل في موضوع التشابه والختلف‬
‫معنى كلمة النبيين والنبياء‪ :‬قال أن النبيين هي كصفة ساعة يُنبأ أما النبياء فهي جمع نبي أي بعد أن أصبح نبيا) هذا وال أعلم‪).‬‬
‫قّ (‪ )21‬آل عمران) قال تعالى (بغير حق) أفيجوز قتل النبيين بحق؟‬‫ح ٍ‬ ‫ن النَّبِيِّي َ‬
‫ن بِغَيْرِ َ‬ ‫*(وَيَقْتُلُو َ‬
‫وهل من حق في قتل النبيين؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫للوهلة الولى يظن الغافل عن بيان ال تعالى وقصده أنه يجوز قتل النبياء بحق ويحرم قتلهم بغير حق وهذا ضعف في فهم الحكم‪ .‬فالقيد‬
‫(بغير حق) جاء في الجملة ليوضح زيادة وتشويه قبح فعل بني إسرائيل بقتل النبياء‪ ،‬فتأمل!‪.‬‬
‫آية (‪:)23‬‬
‫*(أَل َم تر إلَى الَّذي ُ‬
‫ب (‪ )23‬آل عمران) لقد جاءت الية بعبارة (أوتوا الكتاب)‬ ‫ن الْكِتَا ِ‬
‫م َ‬ ‫ن أوْتُوا ْ ن َ ِ‬
‫صيبًا ِّ‬ ‫ِ َ‬ ‫ْ ََ ِ‬
‫فما المعنى الذي أضافته عبارة (نصيباً)؟(ورتل القرآن ترتيل)ً‬
‫إن النصيب هو القسط والحظ وقد جاءت نكرة للدللة على التهاون بهم والتقليل من شأنهم‪ .‬وجاءت (من) بمعنى التبعيض زيادة في ذلك‬
‫التهاون والتقليل تعريضا بأنهم ل يعلمون من كتابهم إل حظا يسيرا‪.‬‬
‫آية (‪:)24‬‬
‫*ما الفرق بين دللة الجمع في معدودة ومعدودات؟‬
‫د‪.‬فاضل السامرائى‪:‬‬
‫القاعدة‪ :‬جمع غير العاقل إن كان بالفراد يكون أكثر من حيث العدد من الجمع السالم كأنهار جارية وأنهار جاريات‪ ،‬فالجارية أكثر من حيث‬
‫العدد من الجاريات‪ ،‬وأشجار مثمرة أكثر من مثمرات وجبال شاهقة أكثر من حيث العدد من شاهقات ‪ ،‬فهذه من المواضع التي يكون فيها‬
‫المفرد أكثر من الجمع‪.‬‬
‫ن بَخْسٍ‬ ‫معدودات جمع قلّة وهي تفيد القلّة (وهي أقل من ‪ )11‬أما معدودة تدل على أكثر من ‪ ،11‬وقد قال تعالى في سورة يوسف (وَ َ‬
‫شرَوْ ُه ِبثَمَ ٍ‬
‫دَرَا ِه َم َمعْدُودَةٍ) أي أكثر من ‪ 11‬درهما‪ ،‬ولو قال معدودات لكانت أقل‪.‬‬
‫ن {‪ )}24‬اختيار كلمة‬ ‫سنَا النّارُ ِإلّ َأيّاما ّمعْدُودَاتٍ وَغَرّهُ ْم فِي دِي ِنهِم مّا كَانُو ْا يَ ْفتَرُو َ‬
‫ك بَِأّنهُ ْم قَالُواْ لَن َتمَ ّ‬
‫مثال‪ :‬قال تعالى في سورة آل عمران (ذَِل َ‬
‫(معدودات) في هذه الية لن الذنوب التي ذُكرت في هذه الية أقلّ‪.‬‬
‫د‪.‬أحمد الكبيسى‪:‬‬
‫ت (‪ )24‬آل‬ ‫سنَا النّارُ ِإلّ َأيّامًا ّم ْعدُودَا ٍ‬ ‫سنَا النّارُ ِإلّ َأيّاما ّم ْعدُودَ ًة (‪ )80‬البقرة) وآية أخرى (ذَِلكَ ِبَأنّهُ ْم قَالُواْ لَن َتمَ ّ‬
‫اليهود قالوا ( َوقَالُواْ لَن َتمَ ّ‬
‫عمران) المعدودات يعني أنا عندي أيام محددة تتكرر كل سنة ما تختلف مثل أيام العيد‪ ،‬مثل رمضان وفي الحج (وَاذْكُرُواْ اللّ َه فِي َأيّامٍ‬
‫ت (‪ )203‬البقرة) في كل سنة ما تتغير‪ ،‬هذه المعدودات‪ .‬حينئذ هذه لها معنى‪ .‬في أيام معدودة عندنا ‪ 360‬يوم أنا أربع خمس أيام ل‬ ‫ّم ْعدُودَا ٍ‬
‫على التعيين سنسافر أيام معدودة لمر ما‪ ،‬هذه معدودة لنها ليست محددة ‪.‬‬
‫إذن هما مذهبان كما قلنا اليهود والنصارى وغيرهم كما أن المسلمين مذاهب وآراء وأفكار ونحن في كل جزئية هناك أفكار للعلماء تختلف‬
‫ق ِبمَا لَ‬‫وهذا في غاية الصحة العلمية أن العلماء يختلفون وهذا العقل البشري الذي ل يختلف هو الحيوان ( َو َمثَلُ اّلذِينَ كَ َفرُو ْا َك َمثَلِ اّلذِي يَ ْنعِ ُ‬
‫ل دُعَاء َو ِندَاء (‪ )171‬البقرة) مليون نعجة تقودها بصوت واحد‪ .‬قسم من بني إسرائيل ال سيعذبنا خمسة أيام من أيام شهر ما وآخرون‬ ‫سمَعُ ِإ ّ‬
‫يَ ْ‬
‫قالوا خمسة أيام ليست معلومة وال تعالى لما نقل آراءهم وأفكارهم بهاتين الكلمتين لخص لنا أن بني إسرائيل منقسمون في هذه اليام‪.‬‬
‫ما كَانُوا ْ يَفْتَُرو َ‬
‫ن (‪ )24‬آل عمران) وليس‬ ‫م فِي دِينِهِم َّ‬
‫*ما دللة (غرهم) فى قوله تعالى(وَغََّرهُ ْ‬
‫طمعهم؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫جلّ جلل ال في إحكام بيانه فلو قال طمّعهم في دينهم لما عبرت كلمة طمّعهم عما أراده ال تعالى من معنى كما عبّرت عنه لفظة غرّهم‪ .‬إن‬
‫السياق التعبيري يعلمك أن المخالفة إذا لم تكن عن غرور فالقلع عنها مرجو أما المغرور فل يُترقّب منه إقلع أبدا‪.‬‬
‫آية (‪:)25‬‬
‫* ما الفرق بين (ماعملت) و (ماكسبت)؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ن (‪ ))111‬قال وتوفى كل نفس ما عملت وفي آيات‬ ‫عمِلَتْ وَ ُه ْم لَ يُظَْلمُو َ‬ ‫س مّا َ‬ ‫ل نَ ْف ٍ‬ ‫سهَا َوتُ َوفّى كُ ّ‬ ‫ل عَن نّفْ ِ‬ ‫ل نَ ْفسٍ ُتجَادِ ُ‬
‫اليتان هما (يَوْ َم تَ ْأتِي كُ ّ‬
‫ب فِيهِ‬ ‫ت (‪ )281‬البقرة) وآل عمران ( َفكَيْفَ ِإذَا َ‬
‫ج َم ْعنَاهُمْ ِليَ ْو ٍم لّ َريْ َ‬ ‫سبَ ْ‬
‫س مّا كَ َ‬ ‫ل نَ ْف ٍ‬ ‫ن فِيهِ ِإلَى اللّ ِه ثُ ّم تُ َوفّى كُ ّ‬‫جعُو َ‬‫أخرى قال (وَاتّقُو ْا يَ ْومًا تُرْ َ‬
‫ت (‪ .))25‬في آية النحل قال ماعملت‪ .‬في سياق الموال يقول (ما كسبت) وفي سياق العمل يقول (ما عملت)‪ .‬في آل‬ ‫سبَ ْ‬‫س مّا كَ َ‬ ‫ل َنفْ ٍ‬‫َو ُو ّفيَتْ كُ ّ‬
‫ظَلمُونَ (‪ )161‬آل عمران) الغل هو‬ ‫سبَتْ وَ ُه ْم لَ يُ ْ‬ ‫س مّا كَ َ‬ ‫ل نَفْ ٍ‬‫ل يَوْمَ ا ْل ِقيَامَ ِة ثُ ّم تُ َوفّى كُ ّ‬
‫ت ِبمَا غَ ّ‬ ‫ل يَ ْأ ِ‬
‫عمران ( َومَا كَانَ ِلنَبِيّ أَن َيغُلّ َومَن يَغْلُ ْ‬
‫جعُونَ فِيهِ إِلَى‬ ‫الخذ من المغنم قبل اقتسام الغنائم‪ ،‬وهو متعلق بالموال والكسب فقال(ما كسبت)‪ ،‬في البقرة في سياق الموال (وَاتّقُو ْا يَ ْومًا تُ ْر َ‬
‫ي مِنَ ال ّربَا إِن كُنتُم‬ ‫ت (‪ )281‬البقرة) وقبلها أمور مادية من ترك الربا (يَا َأّيهَا اّلذِي َ‬
‫ن آ َمنُواْ اتّقُواْ اللّ َه َوذَرُو ْا مَا بَقِ َ‬ ‫سبَ ْ‬
‫س مّا كَ َ‬ ‫ل نَفْ ٍ‬ ‫اللّ ِه ثُ ّم تُ َوفّى كُ ّ‬
‫سرَ ٍة (‪ ،))280‬آية الدين ((‪ )282‬البقرة) في سياق‬ ‫سرَ ٍة َفنَظِرَةٌ إِلَى مَيْ َ‬‫مّ ْؤ ِمنِينَ (‪ )278‬البقرة) الربا كسب حرام‪ ،‬آية المعسِر (وَإِن كَانَ ذُو عُ ْ‬
‫صبَرُواْ إِنّ‬ ‫جرُو ْا مِن بَ ْعدِ مَا ُفتِنُو ْا ثُمّ جَا َهدُواْ وَ َ‬ ‫الموال فناسب ذكر الكسب أما آية النحل ليس لها علقة بالكسب وقال قبلها (ثُمّ إِنّ َرّبكَ لِّلذِينَ هَا َ‬
‫َرّبكَ مِن بَ ْعدِهَا َلغَفُورٌ رّحِيمٌ (‪ )110‬النحل) ليس فيها كسب فالجهاد والفتنة والصبر ليست كسبا‪ .‬ففي سياق الموال قال كسب وفي سياق‬
‫س ْبتُ ْم (‪ )134‬البقرة) جعلها‬ ‫سبَتْ وََلكُم مّا كَ َ‬ ‫العمال قال عمل‪ .‬الكسب منوط بالمال في الغالب ولهذا يقول تعالى (تِ ْلكَ ُأمّ ٌة َقدْ خَلَتْ َلهَا مَا كَ َ‬
‫كالموال وككسب النسان‪.‬‬
‫آية (‪)26‬‬
‫من‬ ‫شاء وتُذِ ُّ‬
‫ل َ‬ ‫َ‬ ‫شاء وَتُعُِّز َ‬
‫من ت َ َ‬ ‫من ت َ َ‬ ‫م َّ‬ ‫مل ْ َ‬
‫ك ِ‬ ‫شاء وَتَنز ِعُ ال ْ ُ‬
‫من ت َ َ‬ ‫مل ْ َ‬
‫ك َ‬ ‫ك تُؤْت ِي ال ْ ُ‬
‫مل ْ ِ‬
‫ك ال ْ ُ‬
‫مال ِ َ‬‫م َ‬ ‫ل اللَّه ُ َّ‬
‫*(قُ ِ‬
‫شاء (‪ )26‬آل عمران) لو تأملت الســياق لرأيــت أنــه يقتضــي أن يقول تؤتــي الملك مــن تشاء‬ ‫تَ َ‬
‫وتأخذه ممـن تشاء للمقابلة بيـن التيان والخـذ كمـا قابـل بيـن العزة والذل (وتعـز مـن تشاء وتذل‬
‫ملك بالنزع دون الخذ؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬ ‫ص ال ُ‬ ‫مخ ّ‬ ‫من تشاء) فل ِ َ‬
‫إن لفظ النزع يفيد تمسك المالك بملكه وعدم خروجه عنه بسهولة كما يفيد اقتلع الملك من مقرّه بشدّة لن المالك ل يتخلى عنه لو كان المر‬
‫بيده‪.‬‬
‫ملك بضم الميم؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ملك بكسر الميم و ُ‬
‫*ما الفرق بين ِ‬
‫ص َر (‪ )51‬الزخرف) يعني الحكم‬ ‫ل يَا قَ ْومِ أََليْسَ لِي مُ ْلكُ مِ ْ‬
‫ن فِي قَ ْومِ ِه قَا َ‬
‫هناك فرق بين مُلك ومِلك‪ ،‬المُلك الحُكم فرعون قال ( َونَادَى ِفرْعَوْ ُ‬
‫وليس مملوكة له‪ .‬والمِلك من التملّك فصاحب المُلك مَلِك وصاحب المِلك مالك في الفاتحة نقول ملك يوم الدين ومالك يوم الدين لنه تعالى‬
‫الملك والمالك‪ .‬لما يقول (ملك السموات والرض) يعني هو الحاكم ولما يقول (له ما في السموات والرض) هذا التملك مملوكة له‪ .‬فإذن في‬
‫مجموعة هذه اليات أنه هو المالك وهو الملك‪ ،‬كل آية ل تدل على الخرى (له ما في السموات) من التملك فهو ملكهما ومالكهما كما قال‬
‫ك ِممّن تَشَاء) بيده التصرف فهي ملكه‪ .‬في‬ ‫تعالى (قُلِ الّلهُ ّم مَاِلكَ ا ْلمُ ْلكِ (‪ )26‬آل عمران) المُلك هو مِلكه (تُ ْؤتِي ا ْلمُ ْل َ‬
‫ك مَن تَشَاء َوتَن ِزعُ ا ْلمُ ْل َ‬
‫الفاتحة هنالك قراءتان متواتران ملك يوم الدين ومالك يوم الدين‪ ،‬الية نزلت مرتين مرة ملك يوم الدين ومرة مالك يوم الدين وهي قراءات‬
‫نزل بها جبريل وأقرها رسول ال بأمر من ربه‪ .‬هناك عشر قراءات متواترة عن الرسول أقرها الرسول بأمر من ربه‪.‬‬
‫آية (‪:)27‬‬
‫*ما اللمسة اليانية في استخدام فعل (يخرج) وليس الصيغة السمية كما فى سورة النعام؟‬
‫(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫قاعدة نحوية‪ :‬السم يدل على الثبوت والفعل يدل على الحدوث والتجدد‪ .‬وهذه الية تدخل في هذه القاعدة‪.‬‬
‫ن (‪ ))95‬و (فَالِقُ‬ ‫ي ذَلِكُ ُم اللّ ُه فََأنّى تُ ْؤ َفكُو َ‬
‫حّ‬‫ت مِنَ الْ َ‬
‫ي مِنَ ا ْل َميّتِ َومُخْ ِرجُ ا ْل َميّ ِ‬ ‫خرِجُ ا ْلحَ ّ‬
‫حبّ وَالنّوَى يُ ْ‬ ‫فى سورة النعام قال تعالى (إنّ اللّ َه فَاِلقُ الْ َ‬
‫سبَانًا ذَِلكَ تَ ْقدِيرُ ا ْلعَزِي ِز ا ْلعَلِيمِ (‪ ))96‬أبرز صفات الحيّ الحركة والتجديد (من الحياة) وقد قال‬ ‫حْ‬ ‫شمْسَ وَا ْل َقمَرَ ُ‬ ‫س َكنًا وَال ّ‬
‫جعَلَ الّليْلَ َ‬ ‫صبَاحِ َو َ‬‫الْإِ ْ‬
‫ي (يُخرج الحي من الميت) جاء بالصيغة الفعلية التي تدل على الحركة‪ .‬ومن صفات الميّت هو السكون لذا جاء بالصيغة السمية‬ ‫تعالى مع الح ّ‬
‫مع ما تقتضيه من السكون‪.‬‬
‫ل فِي ا ْلّنهَا ِر َوتُولِجُ ال ّنهَا َر فِي الّليْلِ‬ ‫وكلمة (يُخرج) ل تأتي دائما مع الحركة وإنما تأتي حسب سياق اليات كما في سورة آل عمران (تُولِجُ الّليْ َ‬
‫حسَابٍ {‪ )}27‬لن سياق اليات كلها في التغييرات والتبديلت‬ ‫ق مَن تَشَاء بِ َغيْرِ ِ‬ ‫ي َوتَرْزُ ُ‬ ‫ت مِنَ الْحَ ّ‬ ‫ت َوتُخْ ِرجُ اَل َميّ َ‬‫ي مِنَ ا ْل َميّ ِ‬
‫خرِجُ ا ْلحَ ّ‬
‫َوتُ ْ‬
‫علَىَ‬
‫خيْرُ ِإّنكَ َ‬
‫ل مَن تَشَاء بِ َي ِدكَ الْ َ‬ ‫ك ِممّن تَشَاء َوُتعِ ّز مَن تَشَاء َوتُذِ ّ‬ ‫ك مَن تَشَاء َوتَن ِزعُ ا ْلمُ ْل َ‬ ‫ك ا ْلمُ ْلكِ تُ ْؤتِي ا ْلمُ ْل َ‬
‫والحداث التي تتجدد (قُلِ الّلهُ ّم مَاِل َ‬
‫شيْ ٍء َقدِي ٌر {‪()}26‬إيتاء الملك ونزعه‪ ،‬تعز من تشاء وتذل من تشاء‪ ،‬تولج الليل وتولج النهار) كلها في التغيرات وليست في الثبات وهذا ما‬ ‫كُلّ َ‬
‫يُعرف بمطابقة الكلم لمقتضى الحال‪.‬‬
‫آية (‪:)28‬‬
‫ه ( ‪ )28‬آل‬
‫س ُ‬ ‫م الل ّ ـ ُ‬
‫ه نَفْ ـ َ‬ ‫حذُِّرك ُ ـ ُ‬
‫* على مــن يعود الضميــر فــي يحذركــم وفــي نفســه فــي اليــة (وَي ُ َ‬
‫عمران)؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫الضمير يعود على ال تعالى‪ ،‬أن ال سبحانه وتعالى يحذر العباد نفسه‪.‬‬
‫م لم يقل ويحذركم الله غضبه أو سطوته؟(ورتل القرآن‬
‫ه ( ‪ )28‬آل عمران) ل ِ َ‬
‫س ُ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه نَفْ َ‬ ‫ذُّرك ُ ُ‬
‫ح ِ‬‫*(وَي ُ َ‬
‫ترتيلً)‬
‫أي رادع لك أشد من هذا اللفظ وال تعالى يحذرك من نفسه أي يحذرك من ذاته‪ ،‬فبهذا اللفظ كان المعنى أعم في الحوال لنه لو قيل ويحذركم‬
‫ال غضبه لتُوهِم أن رضى ال ل يضر معه مخالفة أوامره‪.‬‬
‫آية (‪:)29‬‬
‫*ما دللة تقديم وتأخير كلمة (تخفوا) في آية سورة البقرة وسورة آل عمران؟(د‪.‬فاضل‬
‫السامرائى)‬
‫ب مَن‬
‫س ْبكُم بِهِ اللّهُ َف َيغْ ِفرُ ِلمَن يَشَاءُ َو ُي َعذّ ُ‬
‫خفُو ُه يُحَا ِ‬‫سكُمْ أَ ْو تُ ْ‬
‫سمَاواتِ َومَا فِي الَرْضِ َوإِن ُت ْبدُو ْا مَا فِي أَن ُف ِ‬
‫قال تعالى في سورة البقرة (لّلّ ِه ما فِي ال ّ‬
‫سمَاوَاتِ َومَا فِي‬ ‫صدُو ِركُمْ أَ ْو ُتبْدُو ُه َيعَْلمْهُ اللّهُ َو َيعْلَ ُم مَا فِي ال ّ‬‫خفُو ْا مَا فِي ُ‬ ‫شيْ ٍء َقدِي ٌر {‪ )}284‬وقال في آل عمران (قُلْ إِن تُ ْ‬ ‫يَشَاءُ وَاللّ ُه عَلَى كُلّ َ‬
‫ي ٍء َقدِي ٌر {‪ .)}29‬المحاسبة في سورة البقرة هي على ما يُبدي النسان وليس ما يُخفي ففي سياق المحاسبة قدّم البداء‬ ‫ال ْرضِ وَاللّ ُه عَلَى كُلّ شَ ْ‬
‫أما في سورة آل عمران فالية في سياق العلم لذا قدّم الخفاء لنه سبحانه يعلم السر وأخفى‪.‬‬
‫آية (‪:)30‬‬
‫* هل أفردت الرأفة عن الرحمة في القرآن؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫س مَن يَشْرِي نَفْسَ ُه ا ْب ِتغَاء مَ ْرضَاتِ اللّ ِه وَاللّهُ‬ ‫ن النّا ِ‬ ‫فقط في موطنين في القرآن كله قال (وال رؤوف بالعباد) في موطنين‪ :‬في سورة البقرة ( َومِ َ‬
‫ن َبيْ َنهَا َو َب ْينَهُ‬
‫ت مِن سُوَ ٍء تَ َودّ لَوْ أَ ّ‬ ‫عمِلَ ْ‬‫حضَرًا َومَا َ‬ ‫خيْ ٍر مّ ْ‬‫ت مِنْ َ‬ ‫عمِلَ ْ‬ ‫س مّا َ‬ ‫ل نَفْ ٍ‬ ‫ف بِا ْل ِعبَادِ (‪ )207‬البقرة) وفي سورة آل عمران (يَوْ َم تَ ِ‬
‫ج ُد كُ ّ‬ ‫رَؤُو ٌ‬
‫ف بِا ْل ِعبَادِ (‪ ))30‬ما قال تعالى رؤوف رحيم‪ .‬فلماذا؟‬ ‫حذّ ُركُمُ اللّ ُه نَفْسَ ُه وَاللّهُ رَؤُو ُ‬ ‫َأ َمدًا َبعِيدًا َويُ َ‬
‫ش ِهدُ اللّهَ‬ ‫حيَا ِة ال ّدنْيَا َويُ ْ‬
‫ج ُبكَ قَوْلُ ُه فِي الْ َ‬‫س مَن ُيعْ ِ‬ ‫ن النّا ِ‬ ‫لو لحظنا السياق الذي وردت فيه اليتان يتوضح المر‪ .‬في سورة البقرة قال تعالى ( َومِ َ‬
‫سعَى فِي‬ ‫ب الفَسَادَ وَِإذَا تَوَلّى َ‬ ‫ل يُحِ ّ‬ ‫سلَ وَاللّ ُه َ‬ ‫حرْثَ وَالنّ ْ‬ ‫سدَ ِف ِيهَا َو ُيهِْلكَ الْ َ‬
‫سعَى فِي الَرْضِ ِلُيفْ ِ‬ ‫خصَا ِم (‪ )204‬وَِإذَا تَوَلّى َ‬ ‫عَلَى مَا فِي قَ ْلبِهِ وَهُوَ أََلدّ الْ ِ‬
‫ج َهنّمُ وََل ِبئْسَ ا ْل ِمهَا ُد (‪)206‬‬ ‫سبُهُ َ‬‫لثْ ِم فَحَ ْ‬ ‫حبّ الفَسَا َد (‪ )205‬وَِإذَا قِيلَ لَ ُه اتّقِ اللّهَ أَ َ‬
‫خ َذتْهُ ا ْلعِزّ ُة بِا ِ‬ ‫ث وَالنّسْلَ وَاللّ ُه لَ يُ ِ‬ ‫س َد ِف ِيهَا َو ُيهِْلكَ ا ْلحَرْ َ‬ ‫الَ ْرضِ ِليُفْ ِ‬
‫ف بِا ْل ِعبَا ِد (‪ )207‬البقرة) السياق ل يحتمل رحمة لما يقول (فحسبه جهنم) كيف‬ ‫شرِي نَ ْفسَهُ ا ْب ِتغَاء مَرْضَاتِ اللّ ِه وَاللّهُ رَؤُو ٌ‬ ‫س مَن يَ ْ‬ ‫َومِنَ النّا ِ‬
‫ل ذَِلكَ فََل ْيسَ‬ ‫خذِ ا ْلمُ ْؤ ِمنُونَ ا ْلكَافِرِينَ أَوِْليَاء مِن دُوْنِ ا ْلمُ ْؤ ِمنِينَ َومَن يَ ْفعَ ْ‬ ‫ل يَتّ ِ‬ ‫يناسب الرحمة؟ ل يناسب ذكر الرحمة‪ .‬في الية الثانية قال تعالى ( ّ‬
‫حذّ ُركُمُ اللّ ُه نَ ْفسَهُ وَإِلَى اللّ ِه (‪ )28‬آل عمران) مقام تحذير وليس مقام رحمة ول يتناسب التحذير مع‬ ‫يءٍ ِإلّ أَن َتتّقُو ْا مِ ْنهُ ْم تُقَا ًة َويُ َ‬ ‫مِنَ اللّ ِه فِي شَ ْ‬
‫الرحمة لن التحذير يعني التهديد‪ .‬فقط في هذين الموضعين والسياق اقتضاهم أفردت الرأفة عن الرحمة‪.‬‬
‫ف بِالْعِبَادِ (‪ )30‬آل عمران) ما دللة تعريف العباد ؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬ ‫*(وَالل ّ ُ‬
‫ه َرؤُو ُ‬
‫لحظ لو قلت وال رؤوف بعباده أل تجد أن المعنى سيكون قاصرا على فئة من العباد دون غيرها إن التعريف في كلمة (العباد) بـ (أل) أفاد‬
‫الستغراق فرأفة ال تعالى شاملة لكل الناس مسلمهم وكافرهم‪.‬‬
‫آية (‪:)33‬‬
‫*ما الفرق بين اصطفى واختار؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫الختيار هو أن تختار من غير متشابهات كأن أختار قلما من بين ورقة وكتاب وقلم (وربك يخلق ما يشاء ويختار)‪ .‬أما الصطفاء فهو أن‬
‫أختار من بين أشياء متناظرة متشابهة (إن ال اصطفى آدم) اصطفاه من متناظرين‪.‬‬
‫آية (‪:)35‬‬
‫* ما الفرق بين (يتقبل من) و(يتقبل عن)فى الحديث عن التوبة ؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫القبول هو أخذ الشيء برضى‪ .‬التوبة هي النابة إلى ال سبحانه وتعالى‪ .‬كلُ إنسان معرّض للخطأ وخير الخطائين التوابون‪ .‬فالتوبة هي الكفّ‬
‫عن المخالفة و العودة إلى طاعة ال سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫استعمال (عن) بدل (من)‪:‬كلمة (عن) تستعمل حينما يكون الكلم هو عودة إلى ال سبحانه وتعالى والمتكلِم المباشر هو ال سبحانه وتعالى أو‬
‫هو معلوم عن طريق الغيبة لما يقول (هو) يعني ال سبحانه وتعالى عبّر عنها بصيغة الغيبة لرفع الشأن والمقام من حيث اللغة‪.‬‬
‫الفرق بين (عن الشيء) و(من الشيء)‪:‬عندما نقول‪":‬فلن كان يمشي بسيارته وخرج من الطريق السريع" معناه وجد منفذا متصل بالطريق‬
‫السريع وخرج‪ .‬لكن لو قيل لك‪" :‬فلن بسيارته خرج عن الطريق السريع" معناه إنحرف كأنما انقلبت سيارته‪ .‬هذه الصورة الن نحن نفهمها‬
‫بعد ألف عام فكيف كان العربي يفهم الفرق بين من وعن؟‪.‬‬
‫(عن) لمجاوزة الشيء‪( ،‬من) لبتداء الغاية كأنه ابتدأت غايته من الطريق‪ .‬مع (من) كأنه تبقى الصِلة هناك شيء ولو صلة متخيلة أما (عن)‬
‫ففيها انقطاع (يضلون عن سبيل ال) أي ل تبقى لهم صلة‪ .‬فما فائدة هذه القطيعة؟ القطيعة مقصودة مرادة‪ .‬التوبة ترتقي إلى ال سبحانه وتعالى‬
‫ل به‪ .‬وهذه التوبة يتخيل النسان صورة مادية للصلة بال‬ ‫ولو قيل في غير القرآن (يقبل التوبة من عباده) كأن الثم الذي تاب عنه يبقى متص ً‬
‫سبحانه وتعالى والصلة‬
‫ك هُمُ الضّآلّونَ (‪ )90‬آل عمران) بناها للمجهول (بناها للمفعول) ولم يأت‬ ‫ل تَ ْو َبُتهُمْ وَُأوْلَـ ِئ َ‬
‫(إِنّ اّلذِينَ َكفَرُو ْا َب ْعدَ إِيمَا ِنهِ ْم ثُمّ ا ْزدَادُو ْا كُفْرًا لّن تُ ْقبَ َ‬
‫بحرف جرّ‪ ،‬ما قال لم يقبل ال توبتهم لنهم ل يستحقون أن يذكر معهم إسم ال تعالى‪ .‬هذه التوبة الموجودة عنهم ل تقبل ل منهم ول عنهم ول‬
‫لهم لنهم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا‪.‬‬
‫ل ِمنْهُ وَهُ َو فِي الخِرَ ِة مِنَ ا ْلخَاسِرِينَ (‪ )85‬آل عمران) الذي يصدر عنه أي دين ل يُقبل منه‪ ،‬يقال أنه ل‬ ‫ل ِم دِينًا فَلَن يُ ْقبَ َ‬
‫غيْ َر الِسْ َ‬ ‫( َومَن َي ْبتَغِ َ‬
‫يوجد إنسان بل دين حتى الملحد دينه اللحاد لن الدين هو أن تدين بشيء‪ .‬والسلم هو دين النبياء جميعا لكن مع مراعاة أن إسلم أي نبي‬
‫هو لزمانه فالنبي التابع الذي بعده ينبغي أن يتبعه أتباع النبي السابق حتى يصل المر إلى خاتم النبياء ‪.‬‬
‫صرِينَ (‪ )91‬آل‬ ‫عذَابٌ أَلِيمٌ َومَا َلهُم مّن نّا ِ‬
‫حدِهِم مّلْءُ ال ْرضِ ذَ َهبًا وََلوِ ا ْفتَدَى بِهِ أُوْلَـ ِئكَ َلهُ ْم َ‬ ‫ل مِنْ َأ َ‬ ‫(إِنّ اّلذِينَ َكفَرُواْ َومَاتُواْ وَهُ ْم كُفّا ٌر فَلَن يُ ْقبَ َ‬
‫سنًا (‪ )37‬آل عمران) لم يعدّيها وإنما تقبلها هي‪ِ( ،‬إ ْذ قَاَلتِ ا ْمرَأَ ُة ِ‬
‫عمْرَانَ َربّ‬ ‫حَ‬
‫حسَنٍ وَأَنبَ َتهَا َنبَاتًا َ‬ ‫عمران) بناها للمجهول‪َ ( ،‬فتَ َقبَّلهَا َرّبهَا بِ َقبُولٍ َ‬
‫سمِيعُ ا ْلعَلِي ُم (‪ )35‬آل عمران) ليس من كلم ال المباشر على لسان الباري سبحانه‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ل ِمنّي ِإّنكَ أَن َ‬ ‫طنِي ُمحَرّرًا َفتَ َقبّ ْ‬ ‫ك مَا فِي بَ ْ‬ ‫ِإنّي َنذَرْتُ َل َ‬
‫وتعالى وإنما على لسان البشر‪.‬‬
‫آية (‪:)36‬‬
‫ن الَّر ِ‬
‫جيمـ ِ (‪ )36‬آل عمران) انظـر إلى‬ ‫م ن ال َّ‬
‫شيْطَا ِـ‬ ‫ك وَذُّرِيَّتَهَـا ِ َـ‬ ‫م وِإِن ّ ِـي أ ُ ِ‬
‫عيذُهَـا ب ِـ َ‬ ‫مْري َـ َ‬ ‫سـ َّ‬
‫ميْتُهَا َ‬ ‫*(وَإِن ّ ِـي َ‬
‫ن) في (وإني أعيذها) مع أن المقام مستعمل في إنشاء الدعاء فما الظل الذي يلقيه‬ ‫التوكيد بـ (إ ّ‬
‫هذا التأكيد على العبارة؟(ورتل القرآن ترتيل)ً‬
‫إن مجيء مريم بنتا خلفا لما كانت ترجو أمها وتأمل يؤذن بأنها ستُعرِض عنها فل تشتغل بها فقالت (وإني أعيذها) مؤكدة هذا الخبر والدعاء‬
‫بإظهار الرضى بما قدّر ال تعالى لها ولذلك انتقلت إلى الدعاء لها تعبيرا عن الرضى والمحبة‪.‬‬
‫آية (‪:)37‬انظر آية (‪)35‬‬
‫سنًا (‪ )37‬آل عمران) المفروض أن يقال‬ ‫َ‬
‫ح َــ‬
‫*قال تعالى فــي مريــم عليهــا الســلم (وَأنبَتَهَــا نَبَات ًــا َ‬
‫إنباتاً‪،‬ما اللمسة البيانية؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ض َنبَاتًا (‪ )17‬نوح) لم يقل إنباتا لكن هذا يكون لغرض‪ .‬إذا‬ ‫أحيانا نأتي بالفعل ونأتي بمصدر فعل آخر كما في قوله تعالى (وَاللّهُ أَنبَ َتكُم مّنَ الَْأرْ ِ‬
‫كان الفعلن بمعنى واحد أو حتى لم يكونا بمعنى واحد يكون لغرض آخر مثل قوله تعالى (وتبتل إليه تبتيل) المفروض تبتّلً‪ .‬تبتيل مصدر بتّل‬
‫وبتل غير تبتّل تماما والمعنى مختلف‪ .‬ليجمع المعنيين يأتي بالفعل للدللة ويأتي بالمصدر من فعل آخر من دللة أخرى فيجمع بينهما حتى‬
‫يجمع المعنيين‪ .‬فبدل أن يقول‪ :‬وتبتل إليه تبتلً وبتّل نفسك إليه تبتيلً يقول (وتبتل إليه تبتيلً) فيجمع المعنيين وهذا من أعجب اليجاز‪ .‬هذه‬
‫الية (وَا ْذكُرِ اسْمَ َرّبكَ َو َت َبتّلْ ِإَليْهِ َت ْبتِيلًا (‪ )8‬المزمل) فيها أمور في غاية الغرابة في اليجاز‪ .‬في مريم قال ( َفتَ َقبَّلهَا َرّبهَا بِ َقبُو ٍ‬
‫ل حَسَنٍ وَأَن َب َتهَا‬
‫سنًا (‪ )37‬آل عمران) لم يقل إنباتا لنه لو قال إنباتا هو ال تعالى أنبتها فالمنبِت هو ال تعالى لم يجعل لها فضلً لكن أنبتها فنبتت نباتا‬
‫َنبَاتًا حَ َ‬
‫حسنا جعل لها من معدنها الكريم قبول هذا النبات وأنبتها فنبتت نباتا حسنا أي طاوعت هذا النبات فجعل لها قبول‪ ،‬فجعل لها فضل في معدنها‬
‫ل فنبتت نباتا‬
‫الكريم‪ .‬بينما لو قال إنباتا لم يجعل لها فضلً رب العالمين أنبتها يفعل ما يشاء‪ ،‬لكن نباتا جعل لها فضلً‪ ،‬هي نبتت وجهل لها فض ً‬
‫حسنا فجعل لها في معدنها قبول لهذا النبات فنبتت نباتا حسنا‪.‬‬
‫*مـا اللمسـة البيانيـة فـي تقديـم شبـه الجملة (عليهـا زكريـا) فـي قوله تعالى فـي سـورة آل عمران‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جدَ‬‫ب وَ َ‬
‫حَرا َـ‬‫م ْ‬‫ل عَلَيْهَـا َزكَرِي َّـا ال ْ ِ‬
‫خ َ‬ ‫ما د َ َ‬ ‫سنا ً وَكَفَّلَهَـا َزكَرِي َّـا كُل ّـ َ‬
‫ح َـ‬ ‫ن وَأنبَتَهَـا نَبَاتا ً َ‬‫سـ َ ٍ‬
‫ح َ‬ ‫ل َ‬ ‫(فَتَقَبَّلَهَـا َربُّهَـا بِقَبُو ٍ‬
‫ب‬‫سا ٍ‬ ‫ح َ‬‫شاءُ بِغَيْرِ ِ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ه يَْرُز قُ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫عندِ الل ّهِ إ َّ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت هُوَ ِ‬ ‫ك ه َـذ َا قَال َ ْ‬ ‫م أن َّى ل َ ِ‬ ‫مْري َ ُ‬ ‫عندَه َا رِْزقا ً قَا َ‬
‫ل ي َا َ‬ ‫ِ‬
‫{‪)}37‬؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫قاعدة نحوية‪ :‬يقول سيبويه في التقديم والتأخير‪ :‬يقدمون الذي هو أهمّ لهم وهم أعنَى به‪.‬‬
‫والتقديم والتأخير في القرآن الكريم يقرره سياق اليات فقد يتقدم المفضول وقد يتقدم الفاضل‪ .‬والكلم في الية في سورة آل عمران واليات‬
‫التي سبقتها في مريم عليها السلم وليس في زكريا ول في المحراب لذا قدّم عليها لن الكلم كله عن مريم عليها السلم‪.‬‬
‫َ‬
‫سنًا‬‫ح َـ‬‫ن َوأنْبَتَهَـا نَبَات ًـا َ‬ ‫س ٍ‬ ‫ح َـ‬‫ل َ‬ ‫*مـا سـر الختلف فـي اسـتعمال (وكفّلهـا زكريـا) (فَتَقَبَّلَهَـا َربُّهَـا بِقَبُو ٍ‬
‫َ‬ ‫وَكَفَّلَهَا َزكَرِيَّا (‪ )37‬آل عمران) بالتضعيف و(أكفلنيها) بالهمزة (إ ِ َّ‬
‫ة‬
‫ج ً‬‫ن نَعْ َ‬
‫سعُو َ‬ ‫سعٌ وَت ِ ْ‬ ‫خي ل َ ُ‬
‫ه تِ ْ‬ ‫ن هَذ َا أ ِ‬
‫ب (‪ )23‬ص)؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬ ‫خطَا ِ‬‫ل أَكْفِلْنِيهَا وَعََّزنِي فِي ال ْ ِ‬
‫حدَةٌ فَقَا َ‬
‫ة وَا ِ‬
‫ج ٌ‬
‫ي نَعْ َ‬
‫وَل ِ َ‬
‫هي من الكفالة‪ .‬الكافل الذي يتولى التربية والرعاية والتوجيه هذا الكافل فهو قد كفله هذا المولود أو النسان‪ .‬لما يُضعّف (كفّلها) كفّلت مثل‬
‫علّمت فيه معنى التكثير والمبالغة والتدرج‪ .‬لما أُكفّل شيئا معناه أتدرج في تربيته وأتدرج في أمره‪َ ( .‬وكَفَّلهَا َزكَ ِريّا) جعله يكفلها مع التشدد مع‬
‫أنه يتدرج في كفالتها‪.‬‬
‫فى سورة ص أكفلها ‪ :‬مجرد إيصال الكفالة‪( .‬أكفلينها) يعني أعطني هذه النعجة أجعلهامع نعاجي أى أكفلنى اياها‪.‬‬
‫*(ورتل القرآن ترتيلً)‪:‬‬
‫سنًا (‪ )37‬آل عمران) انظر كيف شبّه ال تعالى إنشاءه مريم بإنبات النبات الغضّ على طريق من الستعارة زيادة في‬ ‫قال تعالى‪(:‬وَأَن َب َتهَا َنبَاتًا حَ َ‬
‫لطف ال تعالى بمريم والعناية بها أضف إلى ذلك أنه أورد أنبت بالتعدية وجعل من ذاته فاعلً لفعل النبات وما ذلك إل تشريفا وتعظيما‬
‫لقدرها الشريف‪.‬‬
‫ن عِندِ اللّ ِه (‪ )37‬آل عمران) لقد سبق الجواب استفهام عن المكان (أنّى لك هذا) أي من أين لك هذا؟ فكان الجواب من جنس‬ ‫ت هُ َو مِ ْ‬
‫(قَالَ ْ‬
‫الستفهام بإيراد ما يدل على المكان (عند)‪ .‬لكن كان يجزئها أن تقول (من ال) ويفهم السامع المقصود لكن جاءت الية بالضمير (هو) لدللة‬
‫التعظيم والتفخيم لرزق ال تعالى ثم جاءت بلفظ (عند) لتدل على نسبة الرزق إلى ال تعالى‪.‬‬
‫قصة زكريا عليه السلم‪:‬‬
‫آية (‪:)38‬‬
‫خر زكريا‬ ‫ة طَيِّب َ ً‬
‫ة (‪ )38‬آل عمران) لماذا أ ّ‬ ‫من لَّدُن ْ َ‬
‫ك ذُّرِي َّ ً‬ ‫ب لِي ِ‬
‫ب هَ ْ‬ ‫ك دَعَا َزكَرِيَّا َرب َّ ُ‬
‫ه قَا َ‬
‫ل َر ِّ‬ ‫*(هُنَال ِ َ‬
‫الدعاء إلى هذا الوقت وفي هذا المقام أي وقت رؤيته لمر خارق في رزق مريم؟ (ورتل القرآن‬
‫ترتيلً)‬
‫تأمل وانظر إلى الية السابقة كيف نبّهته إلى الدعاء مشاهدة خوارق العادة مع قول مرسم (هو من عند ال) فلذلك عمد إليه بطلب الولد في غير‬
‫أوانه مع ما يتناسب مع عطاء ال تعالى لمريم في غير أوانه‪.‬‬
‫آية (‪:)39‬‬
‫*ورتل القرآن ترتيلً‪:‬‬
‫ب (‪ )39‬آل عمران) انظر إلى السلوب الذي جاءت به البشرى لزكريا كيف بدأت الية‬ ‫حرَا ِ‬
‫قال تعالى ( َفنَا َدتْهُ ا ْلمَل ِئكَةُ وَهُ َو قَائِ ٌم يُصَلّي فِي ا ْلمِ ْ‬
‫بالفاء العاطِفة إيذانا بسرعة الجابة لدعاء زكريا‪ .‬ثم عبّر عن البشرى بالنداء وكأنه نداء من بعيد تعبيرا عن فرح الملئكة العظيم باستجابة ال‬
‫تعالى لدعاء زكريا‪.‬‬
‫*ما سبب التذكير مرة والتأنيث مرة مع الملئكة في القرآن الكريم؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ج َمعُونَ {‪ )}73‬بالتذكير‪ ،‬وفي سورة آل عمران ( َفنَادَتْهُ ا ْلمَل ِئكَةُ وَهُ َو قَائِ ٌم يُصَلّي فِي ا ْلمِحْرَابِ‬ ‫جدَ ا ْلمَلَا ِئكَةُ كُّلهُمْ َأ ْ‬
‫سَ‬‫قال تعالى في سورة ص (فَ َ‬
‫ن {‪ )}39‬جاءت الملئكة بالتأنيث‪.‬‬ ‫حصُورا َو َن ِبيّا مّنَ الصّالِحِي َ‬
‫سيّدا وَ َ‬
‫صدّقا بِكَِلمَ ٍة مّنَ اللّهِ وَ َ‬ ‫حيَـى مُ َ‬
‫ن اللّ َه يُبَشّ ُركَ ِبيَ ْ‬
‫أَ ّ‬
‫الحكم النحوي‪ :‬يمكن أن يؤنّث الفعل أو يُذكّر إذا كان الجمع جمع تكسير كما في قوله تعالى (قالت العراب آمنا) و(قالت نسوة في المدينة)‬
‫فيجوز التذكير والتأنيث من حيث الحكم النحوي‪.‬‬
‫اللمسة البيانية‪ :‬أما لماذا اختار ال تعالى التأنيث في موطن والتذكير في موطن آخر فهو لن في اليات خطوط تعبيرية هي التي تحدد تأنيث‬
‫وتذكير الفعل مع الملئكة‪ .‬وهذه الخطوط هي‪:‬‬
‫في القرآن الكريم كله كل فعل أمر يصدر إلى الملئكة يكون بالتذكير (اسجدوا‪ ،‬أنبئوني‪ ،‬فقعوا له ساجدين)‬ ‫‪.1‬‬
‫كل فعل يقع بعد ذكر الملئكة يأتي بالتذكير أيضا كما في قوله تعالى (والملئكة يدخلون عليهم من كل باب) و(الملئكة يشهدون)‬ ‫‪.2‬‬
‫(الملئكة يسبحون بحمد ربهم)‬
‫كل وصف إسمي للملئكة يأتي بالتذكير (الملئكة المقرّبون) (الملئكة باسطوا أيديهم) (مسوّمين‪ ،‬مردفين‪ ،‬منزلين)‬ ‫‪.3‬‬
‫كل فعل عبادة يأتي بالتذكير (فسجد الملئكة كلهم أجمعين) (ل يعصون ال ما أمرهم) لن المذكر في العبادة أكمل من عبادة النثى‬ ‫‪.4‬‬
‫ولذلك جاء الرسل كلهم رجالً‪.‬‬
‫شدّة وقوة حتى لو كان عذابين أحدهما أشدّ من الخر فالشدّ يأتي بالتذكير (ولو ترى إذا يتوفى الذين كفروا الملئكة‬ ‫كل أمر فيه ِ‬ ‫‪.5‬‬
‫يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق) (يتوفى) جاءت بالتذكير لن العذاب أشد (وذوقوا عذاب الحريق) أما في قوله‬
‫ف من الية السابقة‪ .‬وكذلك‬ ‫تعالى (فكيف إذا توفتهم الملئكة يضربون وجوههم وأدبارهم) (تتوفاهم) جاءت بالتأنيث لن العذاب أخ ّ‬
‫في قوله تعالى (ونزّل الملئكة تنزيل) بالتذكير وقوله تعالى (تتنزّل عليهم الملئكة) بالتأنيث وقوله (تنزل الملئكة والروح فيها من‬
‫كل أمر) بالتأنيث‪.‬‬
‫لم تأت بشرى بصيغة التذكير أبدا في القرآن الكريم فكل بشارة في القرآن الكريم تأتي بصيغة التأنيث كما في قوله تعالى (فنادته‬ ‫‪.6‬‬
‫الملئكة) و(قالت الملئكة)‬
‫*ما الفرق التعبيري والبياني بين قصة زكريا عليه السلم في سورتي مريم وآل عمران ولماذ‬
‫جاء في إحداها ثلث ليال وفي الخرى ثلثة أيام؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫إذا استعرضنا اليات في كلتا السورتين نجد فروقات منها‪ :‬ثلث ليال وثلثة أيام‪ ،‬وسبحوا بكرة وعشيا (نكرة) واذكر اسم ربك وسبح بالعشي‬
‫والبكار (معرّفة)‪ ،‬وتقديم مانع الذرية من جهة زكريا على جهة زوجته في آية وتأخيرها في الثانية‪ ،‬وذكر الكبر مرة أنه بلغه ومرة أن زكريا‬
‫بلغه‪ ،‬وتقديم العشي على البكار مرة وتأخيرها مرة‪ ،‬وطلب ال تعالى من زكريا التسبيح له مرة وطلب زكريا من قومه التسبيح ل‪ ،‬وسياق‬
‫اليات في السورتين يدل على أمور أخرى‪ ،‬وهنالك أكثر من مسألة تجعل المشهدين متقابلين تقابل الليل والنهار وسنستعرض كل منها على‬
‫حدة فيما سيتقدم‪:‬‬
‫شيْبا وَلَمْ‬ ‫س َ‬ ‫شتَعَلَ الرّأْ ُ‬ ‫عبْدَهُ َزكَ ِريّا {‪ِ }2‬إ ْذ نَادَى َربّ ُه نِدَاء خَ ِفيّا {‪ }3‬قَالَ رَبّ ِإنّي وَهَنَ ا ْلعَظْ ُم ِمنّي وَا ْ‬ ‫ك َ‬ ‫حمَةِ َرّب َ‬ ‫قال تعالى في سورة مريم ( ِذكْرُ رَ ْ‬
‫جعَلْهُ‬‫ل َيعْقُوبَ وَا ْ‬ ‫ث مِنْ آ ِ‬ ‫ب لِي مِن ّلدُنكَ وَِليّا {‪ }5‬يَ ِرثُنِي َويَ ِر ُ‬ ‫ت امْ َرَأتِي عَاقِرا َفهَ ْ‬‫ي مِن َورَائِي َوكَانَ ِ‬ ‫َأكُن ِبدُعَا ِئكَ َربّ شَ ِقيّا {‪ }4‬وَِإنّي خِ ْفتُ ا ْلمَوَاِل َ‬
‫ت امْ َرَأتِي عَاقِرا َوقَ ْد بََلغْتُ‬ ‫س ِميّا {‪ }7‬قَالَ َربّ َأنّى َيكُونُ لِي غُلَامٌ َوكَانَ ِ‬ ‫جعَل لّ ُه مِن َقبْلُ َ‬ ‫حيَى لَ ْم نَ ْ‬
‫سمُ ُه يَ ْ‬
‫ك ِبغُلَامٍ ا ْ‬‫ضيّا {‪ }6‬يَا َزكَ ِريّا ِإنّا ُنبَشّ ُر َ‬ ‫رَبّ َر ِ‬
‫ل آ َي ُتكَ أَلّا ُتكَلّمَ النّاسَ ثَلَاثَ‬ ‫جعَل لّي آيَ ًة قَا َ‬ ‫شيْئا {‪ }9‬قَالَ َربّ ا ْ‬ ‫ي َهيّنٌ َو َقدْ خََل ْق ُتكَ مِن َقبْلُ وَلَ ْم َتكُ َ‬‫ل َرّبكَ هُ َو عََل ّ‬ ‫ك قَا َ‬
‫ل كَذَِل َ‬ ‫ع ِتيّا {‪ }8‬قَا َ‬ ‫مِنَ ا ْل ِكبَ ِر ِ‬
‫ك دَعَا َزكَ ِريّا َربّهُ‬ ‫شيّا {‪ )}11‬وقال في سورة آل عمران ( ُهنَاِل َ‬ ‫سبّحُوا ُبكْرَةً وَعَ ِ‬‫ب َفأَوْحَى إَِل ْيهِمْ أَن َ‬ ‫حرَا ِ‬ ‫ج عَلَى َق ْومِهِ مِنَ ا ْلمِ ْ‬ ‫خرَ َ‬ ‫َليَالٍ سَ ِويّا {‪ }10‬فَ َ‬
‫صدّقا‬
‫حيَـى مُ َ‬ ‫ك ِبيَ ْ‬‫سمِيعُ الدّعَاء {‪َ }38‬فنَادَتْهُ ا ْلمَل ِئكَةُ وَهُ َو قَائِ ٌم يُصَلّي فِي ا ْلمِحْرَابِ أَنّ اللّ َه ُيبَشّ ُر َ‬ ‫طيّبَةً ِإّنكَ َ‬ ‫قَالَ َربّ َهبْ لِي مِن ّل ُد ْنكَ ذُ ّريّةً َ‬
‫ل مَا‬‫ل َكذَِلكَ اللّ ُه يَ ْفعَ ُ‬ ‫سيّدا َوحَصُورا َو َنبِيّا مّنَ الصّاِلحِينَ {‪ }39‬قَالَ رَبّ َأنّىَ َيكُونُ لِي غُ َ‬
‫لمٌ َو َقدْ بََل َغنِيَ ا ْل ِكبَرُ وَامْرََأتِي عَاقِ ٌر قَا َ‬ ‫ِبكَِلمَةٍ مّنَ اللّهِ وَ َ‬
‫لبْكَا ِر {‪)}41‬‬ ‫ح بِا ْلعَشِيّ وَا ِ‬ ‫سبّ ْ‬
‫لثَةَ َأيّامٍ ِإلّ َرمْزا وَا ْذكُر ّرّبكَ َكثِيرا وَ َ‬ ‫ل ُتكَلّمَ النّاسَ ثَ َ‬ ‫ل آ َيتُكَ َأ ّ‬‫ي آيَ ًة قَا َ‬
‫جعَل لّ َ‬ ‫باْ‬ ‫يَشَا ُء {‪ }40‬قَالَ رَ ّ‬
‫الفرق بين ليال وأيام‪ :‬اليوم هو من طلوع الشمس إلى غروبها (باختلف المفهوم المستحدث السائد أن اليوم يشكل الليل والنهار)‪ ،‬أما اليلل هو‬
‫سبْعَ َليَالٍ َو َثمَا ِنيَةَ َأيّامٍ حُسُوما َفتَرَى‬ ‫سخّرَهَا عََل ْيهِمْ َ‬ ‫من غروب الشمس إلى بزوغ الفجر‪ .‬وقد فرّق بينها القرآن في قوله تعالى في سورة الحاقة ( َ‬
‫عجَا ُز نَخْلٍ خَا ِويَةٍ {‪ )}7‬وهذا هو التعبير الصلي للغة‪ .‬وفي آية سورة آل عمران ل يستطيع زكريا أن يكلّم الناس‬ ‫الْقَ ْو َم فِيهَا صَرْعَى َكَأنّهُمْ أَ ْ‬
‫ثلث أيام بلياليهن لكن جعل قسم منها في سورة آل عمران وقسم في سورة مريم‪.‬‬
‫هناك مقدمات للقصة جعله يختار الليل في سورة مريم وهي‪:‬‬
‫خ ِفيّا {‪ )}3‬هذا النداء الخفي يذكّر بالليل لن خفاء النداء يوحي بخفاء الليل فهناك تناسب بين الخفاء والليل‪.‬‬ ‫النداء الخفي (ِإذْ نَادَى َربّ ُه ِندَاء َ‬
‫شيْبا) وكلمة عتيّا تعني التعب الشديد وقد ذكر في‬ ‫ش َتعَلَ الرّأْسُ َ‬ ‫ن ا ْلعَظْ ُم ِمنّي وَا ْ‬
‫ذكر ضعفه وبلوغ الضعف الشديد مع الليل (قَالَ رَبّ ِإنّي وَهَ َ‬
‫آيات سورة مريم مظاهر الشيخوخة كلها مع الليل مل لم يذكره في آل عمران لن الشيخوخة تقابل الليل وما فيه من فضاء وسكون والتعب‬
‫الشديد يظهر على النسان عندما يخلد للراحة في الليل‪ ،‬أما الشباب فيقابل النهار بما فيه من حركة‪.‬‬
‫ل َيعْقُوبَ) يعني بعد الموت والموت عو عبارة عن ليل طويل ولم يذكر هذا المر في آل عمران‪.‬‬ ‫ث مِنْ آ ِ‬ ‫ويذكر في سورة مريم (يَ ِرثُنِي َويَ ِر ُ‬
‫والن نأتي إلى صلب الموضوع‪:‬‬
‫حيَـى‬ ‫ك ِبيَ ْ‬ ‫هناك أمر أساسي لو نظرنا في ورود اليتين في السورتين نجد أن البشارة بيحيى في سورة آل عمران (أَنّ اللّ َه ُيبَشّ ُر َ‬
‫سمُهُ‬
‫سيّدا َوحَصُورا َو َنبِيّا مّنَ الصّاِلحِينَ) أكبر وأعظم مما جاء في سورة مريم (يَا َزكَ ِريّا ِإنّا ُنبَشّ ُركَ ِبغُلَامٍ ا ْ‬ ‫صدّقا ِبكَِلمَةٍ مّنَ اللّهِ وَ َ‬ ‫مُ َ‬
‫سمِيّا {‪ )}7‬كان التفصيل بالصفات الكاملة في آل عمران ليحيى أكثر منها في سورة مريم وهذه البشارة لها‬ ‫ل َ‬ ‫جعَل لّ ُه مِن َقبْ ُ‬ ‫حيَى َل ْم نَ ْ‬‫يَ ْ‬
‫أثرها بكل ما يتعلق بباقي النقاط في اليتين‪.‬‬
‫س ثَلَثَةَ َأيّامٍ ِإلّ َرمْزا) وفي مريم‬ ‫ل ُتكَلّ َم النّا َ‬‫ومما ل شك فيه أن عِظم البشارة يقتضي عظم الشكر لذا قال في آل عمران (آ َي ُتكَ َأ ّ‬
‫س ِويّا) فاليوم أبين من الليل بلظهار هذه الية والذكر في الليل أقل منه في النهار والية أظهر‬ ‫ل آ َيتُكَ أَلّا تُكَلّمَ النّاسَ ثَلَاثَ َليَالٍ َ‬ ‫(قَا َ‬
‫وأبين في النهار من الليل‪.‬‬
‫ل ْبكَارِ)‪ ،‬وفي مريم زكريا هو‬ ‫شيّ وَا ِ‬ ‫سبّحْ بِا ْلعَ ِ‬
‫ك كَثِيرا َو َ‬ ‫طلب ال تعالى من زكريا ذكر ربه والتسبيح في آل عمران (وَا ْذكُر ّرّب َ‬
‫شيّا) وتسبيح زكريا‬ ‫سبّحُوا ُبكْرَةً وَعَ ِ‬ ‫ب َفأَوْحَى إَِل ْيهِمْ أَن َ‬ ‫حرَا ِ‬‫ج عَلَى َق ْومِهِ مِنَ ا ْلمِ ْ‬ ‫خرَ َ‬‫الذي طلب من قومه أن يسبحوا ال بكرة وعشيا (فَ َ‬
‫ل على شكره ل تعالى من تسبيح قوم زكريا‪.‬‬ ‫أد ّ‬
‫ك كَثِيرا) وهذا مناسب لعِظم البشارة وطلب منه الجمع بين الذكر الكثير‬ ‫طلب ال تعالى من زكريا أن يذكره كثيرا (وَا ْذكُر ّرّب َ‬
‫شيّا)‪.‬‬
‫سبّحُوا ُبكْرَةً وَعَ ِ‬ ‫سبّحْ بِا ْلعَشِيّ وَالِ ْبكَار) أما في مريم فقال تعالى على لسان زكريا مخاطبا قومه (فَأَ ْوحَى إَِل ْيهِمْ أَن َ‬ ‫والتسبيح (وَ َ‬
‫ل على عِظم الشكر ل تعالى‪.‬‬ ‫إذن في آية آل عمران ذكر وتسبيح كثير ويوقم به زكريا نفسه وهو أد ّ‬
‫ى َيكُونُ لِي غُلَمٌ َو َقدْ بََل َغنِيَ ا ْل ِكبَرُ وَامْ َرَأتِي عَاقِرٌ‬ ‫زكريا قدّم مانع الذرية في آل عمران من جهته على جهة زوجته (قَالَ َربّ َأنّ َ‬
‫ل َكذَِلكَ اللّ ُه َي ْفعَلُ مَا يَشَا ُء {‪ )}40‬وهذا ناسب أمره هو بالذكر والتسبيح‪ ،‬أما في مريم فقدّم مانع الذرية من زوجته على الموانع فيه‬ ‫قَا َ‬
‫ع ِتيّا {‪ )}8‬وهذا ناسب المر لغيره بالتسبيح‬ ‫ت مِنَ ا ْل ِكبَ ِر ِ‬ ‫ت امْرََأتِي عَاقِرا َو َقدْ بََلغْ ُ‬
‫(قَالَ رَبّ َأنّى َيكُونُ لِي غُلَامٌ َوكَانَ ِ‬
‫ت امْرََأتِي عَاقِرا) ونسأل ما الداعي لتقديم المانع في كل سورة‬ ‫وفي آل عمران قال (وَامْرََأتِي عَاقِر) أما في سورة مريم فقال ( َوكَانَ ِ‬
‫على الشكل الذي ورد في السورتين؟ نقول أن العقر إما أن يكون في حال الشباب أو أنه حدث عند الكبر أي انقطع حملها وفي آل‬
‫عمران (وامرأتي عاقر) يحتمل أنه لم تكن عاقرا قبل ذلك هذا من حيث اللغة‪ ،‬أما في سورة مريم (وكانت امرأتي عاقرا) تفيد أنها‬
‫كانت عاقرا منذ شبابها فقدّم ما هو أغرب‪ .‬والعقيم في اللغة هي التي ل تلد مطلقا‪.‬‬
‫ن اللّ َه ُيبَشّ ُركَ‬
‫حرَابِ أَ ّ‬‫البشارة جاءت في آية آل عمران لزكريا وهو قائم يصلي في المحراب ( َفنَا َدتْهُ ا ْلمَل ِئكَةُ وَهُ َو قَائِ ٌم يُصَلّي فِي ا ْلمِ ْ‬
‫خرَجَ‬‫حيَـى) ولم ترد في آيو سورة مريم فلم يذكر فيها أنه كان قائما يصلي في المحراب وإنما وردت أنه خرج من المحراب (فَ َ‬ ‫ِبيَ ْ‬
‫حرَابِ) فذكر في آل عمران الوضعية التي تناسب عِظم البشارة‪.‬‬ ‫عَلَى قَ ْومِهِ مِنَ ا ْلمِ ْ‬
‫شيّا)‪ .‬لمّا ذكر الليل‬ ‫ل ْبكَار) على خلف آية سورة مريم ( ُبكْرَةً وَعَ ِ‬ ‫شيّ وَا ِ‬ ‫ح بِا ْلعَ ِ‬
‫سبّ ْ‬‫قدّم العشي على البكار في آية سورة آل عمران (وَ َ‬
‫في سورة مريم (ثلث ليال) قدّم بكرة على عشيا (ان سبحوا بكرة وعشيا) لن البكرة وقتها من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس‬
‫والعشي وقتها من صلة الظهر إلى المغرب فعندما ذكر الليل ناسب ذكر البكرة لنها تأتي مباشرة بعد الليل ثم تأتي العشية ولو قال‬
‫عشيا أولً لكانت ذهبت فترة بكرة بدون تسبيح‪ .‬أما في آل عمران (ثلثة أيام) وجب تقديم العشي على البكار ولو قال بكرة وعشيا‬
‫لذهبت البكرة والعشي بدون تسبيح فقدّم ما هو أدلّ على الشكر في اليتين‪.‬‬
‫لماذا جاءت بكرة وعشيا نكرة في سورة مريم ومعرفة في آل عمران (بالعشي والبكار)؟ ال تفيد العموم ل الخصوص والمقصود‬
‫بـ (العشي والبكار) على الدوام وهي أدلّ على الدوام عظم الشكر لذا ناسب مجيئها في آية آل عمران لتناسب عظم البشارة وما‬
‫تستوجبه من عظم الشكر‪.‬‬
‫ونسأل لماذا لم يقل صباحا ومساء؟ لن الصباح والمساء يكون في يوم بعينه‪.‬‬
‫وذكر في آل عمران أن الكِبر بلغه ( َو َقدْ بََل َغنِيَ ا ْل ِكبَرُ) فكأن الكبر يسير وراءه حثيثا حتى بلغه فالكِبر هنا هو الفاعل‪ ،‬أما في سورة‬
‫ع ِتيّا) فكأنه هو الذي بلغ الكِبر وهذا يدل على اختلف التعبير بين السورتين‪.‬‬ ‫مريم ( َو َق ْد بََلغْتُ مِنَ ا ْل ِكبَ ِر ِ‬
‫* ما الفرق بين كلمة ولد وغلم واستخدام الفعل يفعل ويخلق في قصتي زكريا ومريم؟(د‪.‬فاضل‬
‫السامرائى)‬
‫سّيدًا وَحَصُورًا َو َن ِبيّا‬ ‫ص ّدقًا ِبكَِلمَ ٍة مِنَ اللّهِ وَ َ‬‫حيَى ُم َ‬ ‫ك ِبيَ ْ‬‫صلّي فِي ا ْلمِحْرَابِ أَنّ اللّ َه ُيبَشّ ُر َ‬ ‫قال تعالى في سورة آل عمران ( َفنَادَتْهُ ا ْلمَلَا ِئكَةُ وَهُ َو قَائِ ٌم يُ َ‬
‫مِنَ الصّاِلحِينَ (‪ )39‬قَالَ َربّ َأنّى َيكُونُ لِي غُلَامٌ َو َقدْ بََل َغنِيَ ا ْل ِكبَرُ وَامْرََأتِي عَاقِ ٌر قَالَ َكذَِلكَ اللّ ُه يَ ْفعَلُ مَا يَشَا ُء (‪ ))40‬في تبشير زكريا بيحيى‬
‫‪.‬‬
‫ن مَ ْريَمَ َوجِيهًا فِي ال ّدنْيَا وَالَْآخِرَةِ‬ ‫سمُهُ ا ْل َمسِيحُ عِيسَى ابْ ُ‬ ‫ن اللّ َه يُبَشّ ُركِ ِبكَِلمَ ٍة ِمنْهُ ا ْ‬
‫وقال تعالى في سورة آل عمران (ِإذْ قَالَتِ ا ْلمَلَا ِئكَةُ يَا مَ ْريَمُ إِ ّ‬
‫ن َف َيكُونُ (‪))47‬‬ ‫ل كَذَِلكِ اللّ ُه يَخُْلقُ مَا يَشَاءُ ِإذَا َقضَى َأمْرًا َفِإّنمَا يَقُولُ لَ ُه كُ ْ‬ ‫سنِي بَشَ ٌر قَا َ‬ ‫ت رَبّ َأنّى َيكُونُ لِي َوَلدٌ وََل ْم َيمْسَ ْ‬ ‫َومِنَ ا ْل ُمقَ ّربِينَ (‪ )45‬قَالَ ْ‬
‫في تبشير مريم بعيسى ‪.‬‬
‫*وإذا سألنا أيهما أيسر أن يفعل أوأن يخلق؟ الجواب أن يفعل ونسأل أحدهم لم تقعل هذا فيقول أنا أفعل ما أشاء لكن ل يقول أنا أخلق ما أشاء‪.‬‬
‫فالفعل أيسرمن الخلق ‪.‬‬
‫ل آخر أيهما أسهل اليجاد من أبوين أو اليجاد من أم بل أبّ؟ يكون الجواب بالتأكيد اليجاد من أبوين وعليه جعل تعالى الفعل‬ ‫*ثم نسأل سؤا ً‬
‫اليسر (يفعل) مع المر اليسر وهو اليجاد من أبوين‪ ،‬وجعل الفعل الصعب (يخلق) مع المر الصعب وهو اليجاد من أم بل أبّ‪.‬‬
‫حيَى (‪ ))39‬فكان ردّ زكريا (قَالَ‬ ‫ك ِبيَ ْ‬‫أما ما يتعلق باستخدام كلمة ولد أو غلم‪ :‬إن ال تعالى لمّا بشّر زكريا بيحيى قال تعالى (أَنّ اللّ َه ُيبَشّ ُر َ‬
‫رَبّ َأنّى َيكُونُ لِي غُلَامٌ (‪ ))40‬لن البشارة جاءت بيحيى ويحيى غلم فكان الجواب باستخدام كلمة غلم‪ .‬أما لمّا بشرمريم بعيسى قال تعالى‬
‫سنِي‬ ‫ت رَبّ َأنّى َيكُونُ لِي َوَلدٌ وََل ْم َيمْسَ ْ‬ ‫سمُهُ ا ْلمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَ ْريَمَ (‪ ))45‬فجاء ردّها (قَالَ ْ‬ ‫ك ِبكَِلمَةٍ ِمنْهُ ا ْ‬ ‫(ِإ ْذ قَاَلتِ ا ْلمَلَا ِئكَ ُة يَا مَ ْريَمُ إِنّ اللّ َه ُيبَشّ ُر ِ‬
‫شرٌ (‪))47‬جاء في الية (كلمة منه) والكلمة أع ّم من الغلم ولمّا كان التبشير باستخدام (كلمة منه) جاء الر ّد بكلمة ولد لن الولد يُطلق على‬ ‫بَ َ‬
‫ت مَا شَا َء اللّهُ لَا قُوّ َة إِلّا بِاللّهِ إِنْ‬ ‫جّن َتكَ قُ ْل َ‬
‫خلْتَ َ‬ ‫الذكر والنثى وعلى المفرد والجمع وقد ورد في القرآن استخدامها في موضع الجمع (وَلَوْلَا ِإذْ دَ َ‬
‫ك مَالًا وَوََلدًا (‪ )39‬الكهف)‪.‬‬ ‫ل مِ ْن َ‬ ‫تَرَنِ َأنَا َأ َق ّ‬
‫ب أ َـ َّ‬
‫ن‬ ‫حَرا ِـ‬ ‫صل ِّي فِـي ال ْ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ة وَهُوَ قَائ ِـ ٌ‬
‫م ي ُـ َ‬ ‫مَلئِك َ ُ‬
‫ه ال ْ َ‬
‫عمران (فَنَادَت ْـ ُ‬ ‫* مـا معنـى قوله تعالى فـي سـورة آل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن (‪))39‬؟(د‪.‬حسـام‬ ‫حي َ‬ ‫م نَـ ال َّـ‬
‫صال ِ ِ‬ ‫صوًرا وَنَبِي ًّـا ِ‬ ‫ح ُـ‬ ‫سيِّدًا وَ َ‬ ‫م نَـ الل ّـهِ وَـ َ‬ ‫دّقًا بِكَل ِ َ‬
‫مةٍ ِ‬ ‫صـ ِ‬
‫م َ‬
‫حي َـى ُ‬ ‫شُر َـ‬
‫ك بِي َ ْ‬ ‫الل ّـ َ‬
‫ه يُب َ ّ ِ‬
‫النعيمى)‬
‫كلمة السيّد هو النبيل الكريم المالك أحيانا يعني سيكون وجيها في قومه هذا معنى السيّد‪ .‬الحصور هو من حصر النفس عن إرتكاب الشهوات‬
‫أي أنه سيُلزِم نفسه بأن يكون عفيفا‪ .‬من تكوينه‪ ،‬من صغره سيحصر نفسه عن ما ل ينبغي أن يرتكبه وإستعملت صيغة فعول التي هي للتكثير‬
‫والمبالغة‪ :‬مثل حاصر حصور مثل غافر غفور‪.‬‬
‫آية (‪:)40‬‬
‫* ما الفرق بين العقيم والعاقر؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫كلهما إمتناع الحمل أو النجاب‪ ,‬لكن أنظر إلى لغة العرب‪ .‬كيف ننطق الراء؟ الفم مفتوح والراء يتكرر‪ ،‬والميم‪ :‬الفم مقفل مجرى النطق‬
‫الطبيعي أُغلق ويخرج الصوت من النف غنّة من النف‪ .‬ويقال لقحت الناقة عن عُقر‪ ،‬يعني ناقة مضى عليها زمن لم تحمل ثم حملت قالوا‬
‫ي ا ْل ِكبَرُ‬
‫هذه عاقر‪ .‬عقر بالراء لن الراء أهون من الميم وليس فيها غلق‪ .‬إذن العقر قد يعقبه حمل‪( .‬قَالَ رَبّ َأنّى َيكُونُ لِي غُلَامٌ َو َق ْد بََلغَنِ َ‬
‫ل مَا يَشَا ُء (‪ )40‬آل عمران) لما قال عاقرا يمكن أن تحمل‪ .‬لما دعا ال كان يتوقع أن يستجيب ال تعالى له‬ ‫ل َكذَِلكَ اللّ ُه يَ ْفعَ ُ‬
‫وَامْرََأتِي عَاقِ ٌر قَا َ‬
‫لكن مع ذلك لما فوجيء بأن ما دعا به ال صار صار مستغربا (وكانت امرأتي عاقرا) والعاقر يمكن أن تحمل‪.‬‬
‫العُقم هوالداء الذي ل يُبرأ منه وكلمة العقم ل نتيجة من ورائه‪.‬يقال رح ٌم معقومة أي مسدودة ل تنفتح ول تلد‪ .‬ويقال ريح عقيم ل تلقح سحابا‬
‫ول شجرا ويوم القيامة يوم عقيم لنه ل يوم بعده‪ .‬الن يستعملون معالجة العقم هذا إستعمال محدث‪ ،‬العقر يعالج لكن العقم فليس هناك مجال‬
‫في النجاب‪.‬‬
‫*ما دللة الستفهام ب(أنّى)؟ (ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫لمٌ َو َقدْ بََل َغنِيَ ا ْل ِكبَ ُر (‪ )40‬آل عمران) المعنى المراد كيف يكون لي غلم؟ وجاءت الية من باب‬
‫ى َيكُونُ لِي غُ َ‬
‫فى قوله تعالى (قَالَ رَبّ َأنّ َ‬
‫التعجب وليس من باب الشك في صدق الوعد‪ .‬لكن الية لم تستفهم بـ (كيف) الحالية وإنما استخدمت (أنّى) فهل يمكنك أن تستخلص معنى‬
‫المكان الذي وضعت (أنّى) له؟ إنهما مكانان وليس مكانا واحدا وهما الكِبر عدم النجاب فيتعذر في هذين المكانين الولدة‪.‬‬
‫‪):‬آية (‪41‬‬
‫ة (‪)41‬‬ ‫جعَل ل ِّ َ‬
‫ي آي َ ً‬ ‫با ْ‬ ‫* ما الحكمة في طلب زكريا عليه السلم أن يجعل الله تعالى له آية (قَا َ‬
‫ل َر ِّ‬
‫آل عمران)؟(د‪,‬فاضل السامرائى)‬
‫ط َمئِنّ قَ ْلبِي (‬
‫حيِـي ا ْلمَ ْوتَى قَالَ أَوََلمْ تُ ْؤمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن ّليَ ْ‬
‫أولً قد يكون للطمئنان كما قال سيدنا إبراهيم (وَِإ ْذ قَالَ ِإبْرَاهِيمُ رَبّ َأ ِرنِي َكيْفَ تُ ْ‬
‫‪ )260‬البقرة) احتمال كبير أنها لطمئنان القلب والية تعني علمة تدل على هذا المر ليطمئن قلبي وتثبت قلبي‪ .‬ليس فيها شيء أن يطلب‬
‫زكريا الطمئنان كما فعل سيدنا إبراهيم والمر الثاني أن يتلقى النعمة بالشكر قبل حصول الية يبدأ بشكر هذه النعمة التي سينعم بها ال‬
‫سبحانه وتعالى على زكريا بأن يهب له غلما ما أراد أن ينتظر إلى حين مجيء الغلم وإنما أراد أن يسبق هذا بالشكر عند ظهور الية‬
‫بمجيء الغلم فيبدأ بشكر ال سبحانه وتعالى ول يؤخرها فهذه علمة الحصول فيبدأ بالشكر ول يؤخرها إلى حين مجيء الية واستعجال‬
‫السرور أيضا يريد أن يرى التأييد مباشرة حتى تدخل السرور على قلبه‪.‬‬
‫‪):‬آية (‪43‬‬
‫*ما دللة تقديم السجود على الركوع في الخطاب لمريم؟(د‪,‬فاضل السامرائى)‬
‫الحكام تُذكر عموما للناث والذكور إل إذا كان الحكم خاصا بالنساء مثل قوله تعالى مخاطبا مريم في سورة آل عمران (يَا مَ ْريَمُ ا ْقُنتِي لِ َرّب ِ‬
‫ك‬
‫جدِي وَا ْر َكعِي مَعَ الرّا ِكعِينَ {‪ )}43‬وفي تأخير الركوع هنا دللة مع أنه يأتي قبل السجود في الصلة وهذا لنه تعالى جاء بالكثرة قبل القِلّة‬
‫وَاسْ ُ‬
‫لن في كل ركعة سجدتين وركوع واحد لذ قدّم السجود على الركوع في الية‪ .‬وفي الحكام على المرأة القتداء بالرجال مع التخفّي‪.‬‬
‫جدِي) التي وردت لمريم مرة واحدة في القرآن؟(د‪.‬فاضل‬
‫س ُ‬
‫* لماذا وردت كلمة (وَا ْ‬
‫السامرائى )‬
‫ي أن ثى أخرى وأمرها بال سجود لقال ا سجدي وهناك كلمات عديدة لم تتكرر في القرآن م ثل ال صمد والنفاثات والفلق‬
‫لم تتكرر ل نه لو خا طب أ ّ‬
‫وغاسق ووقب وضيزى ولو اقتضى المر لكررها‪.‬‬
‫م اقْنُتِي لَِرب ِّ ِ‬
‫ك‬ ‫مْري َ ُ‬
‫* ما اللمسة البيانية في ترتيب القنوت والركوع والسجود في الية (يَا َ‬
‫ن (‪ )43‬آل عمران)؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬ ‫جدِي وَاْركَعِي َ‬
‫معَ الَّراكِعِي َ‬ ‫س ُ‬
‫وَا ْ‬
‫جدِي وَا ْر َكعِي مَعَ الرّا ِكعِينَ) هذه كلها لم تتكرر لنه لم يخاطب بها أنثى لكن هذه الية‬ ‫سُ‬‫أما اللمسة البيانية في الية (يَا مَ ْريَمُ ا ْقُنتِي لِ َرّبكِ وَا ْ‬
‫جدًا َوقَا ِئمًا (‪ )9‬الزمر)‪ ،‬واسجدي‬ ‫ن هُ َو قَا ِنتٌ آنَاء الّليْلِ سَا ِ‬
‫متدرجة من الكثرة إلى القلة‪ ،‬اقنتي عموم العبادة في الصل‪ ،‬قنت أي عبد وخضع (َأمّ ْ‬
‫أقل من القنوت واركعي أقل لن السجود أكثر من الركوع ولكل ركعة سجدتان وهناك سجود ليس في الصلة كسجود السهو والتلوة والشكر‬
‫جدُوا‬
‫ن آ َمنُوا ا ْر َكعُوا وَاسْ ُ‬
‫فالسجود أكثر من الركوع‪ .‬لماذا التدرج من الكثرة إلى القلة؟ في آية أخرى تدرج من القلة إلى الكثرة (يَا َأّيهَا اّلذِي َ‬
‫ن (‪ )77‬الحج)‪ .‬في الية قال واركعي مع الراكعين والراكعين مذكّر وصلة المرأة في بيتها أكثر‪ ،‬لمّا‬ ‫خيْرَ َلعَّلكُ ْم تُ ْفلِحُو َ‬
‫عبُدُوا َرّبكُمْ وَا ْفعَلُوا الْ َ‬
‫وَا ْ‬
‫قال مع الراكعين (مع الرجال في المساجد) مفضولة ولو صلّت في بيتها لكان أفضل‪ .‬لما قال مع الراكعين أخّرها وقدّم ما هو أفضل‪ .‬الرسول‬
‫عبُدُوا َرّبكُمْ وَا ْفعَلُوا‬
‫جدُوا وَا ْ‬
‫قال ل تمنعوا النساء مساجد ال لكن صلتها في البيت أفضل‪ .‬في آية أخرى (يَا َأّيهَا اّلذِينَ آ َمنُوا ا ْر َكعُوا وَاسْ ُ‬
‫خيْرَ َلعَّلكُ ْم تُفِْلحُونَ) بدأ من القلة إلى الكثرة وهذا بحسب ما يقتضيه السياق‪.‬‬ ‫الْ َ‬
‫ن (‪)43‬‬ ‫جدِي وَاْركَعِي َ‬
‫معَ الَّراكِعِي َ‬ ‫س ُ‬ ‫م اقْنُتِي لَِرب ِّ ِ‬
‫ك وَا ْ‬ ‫مْري َ ُ‬
‫*ما دللة جمع المذكر فى قوله تعالى (يَا َ‬
‫آل عمران)؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫إن المخاطَب بهذا المر هو مريم وكان حريّا أن تخاطبها الملئكة بقولهم‪ :‬واركعي مع الراكعات ول يخفى أن في ذلك إشارة واضحة إلى‬
‫فضل السيدة مريم عليها السلم بالذن لها بالصلة مع الجماعة وهذه خصوصية لها من بين نساء بني إسرائيل إظهارا لمعنى ارتفاعها عن‬
‫النساء وهذا هو السر في مجيء (الراكعين) بصيغة المذكر ل المؤنث‪.‬‬
‫)آية (‪:)45‬انظر آية (‪39‬‬
‫* ما اللمسة البيانية في ذكر عيسى مرة والمسيح مرة وابن مريم مرة في القرآن‬
‫الكريم؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫لو عملنا مسحا في القرآن الكريم كله عن عيسى نجد أنه يُذكر على إحدى هذه الصيغ‪:‬‬
‫‪ ‬المسيح‪ :‬ويدخل فيها المسيح ‪ ،‬المسيح عيسى ابن مريم‪ ،‬المسيح ابن مريم (لقبه)‬
‫‪ ‬عيسى ويدخل فيها‪ :‬عيسى ابن مريم وعيسى (إسمه)‬
‫‪ ‬ابن مريم (كُنيته)‬
‫حيث ورد المسيح في كل السور سواء وحده أو المسيح عيسى ابن مريم أو المسيح ابن مريم لم يكن في سياق ذكر الرسالة وإيتاء البيّنات أبدأً‬
‫ح عِيسَى ابْنُ‬ ‫سمُهُ ا ْلمَسِي ُ‬ ‫ك ِبكَِلمَةٍ ِمنْهُ ا ْ‬ ‫ولم ترد في التكليف وإنما تأتي في مقام الثناء أو تصحيح العقيدة‪ِ( .‬إ ْذ قَاَلتِ ا ْلمَلَا ِئكَ ُة يَا مَ ْريَمُ إِنّ اللّ َه ُيبَشّ ُر ِ‬
‫ن مَ ْريَمَ رَسُولَ اللّهِ َومَا َقتَلُوهُ َومَا صََلبُوهُ َوَل ِكنْ‬ ‫ح عِيسَى ابْ َ‬ ‫مَ ْريَمَ َوجِيهًا فِي ال ّد ْنيَا وَا ْلآَخِرَ ِة َومِنَ ا ْل ُمقَ ّربِينَ (‪ )45‬آل عمران) ( َوقَ ْوِلهِمْ ِإنّا َقتَ ْلنَا ا ْلمَسِي َ‬
‫ن عِلْمٍ إِلّا ا ّتبَاعَ الظّنّ َومَا َقتَلُو ُه يَقِينًا (‪ )157‬النساء) (َل َقدْ كَ َفرَ اّلذِينَ قَالُوا إِنّ اللّ َه هُوَ‬ ‫ك ِمنْهُ مَا َلهُ ْم بِ ِه مِ ْ‬‫شّ‬‫ختََلفُوا فِيهِ لَفِي َ‬‫شبّهَ َلهُ ْم وَإِنّ اّلذِينَ ا ْ‬ ‫ُ‬
‫سمَاوَاتِ وَا ْلأَ ْرضِ َومَا‬ ‫جمِيعًا َولِلّ ِه مُ ْلكُ ال ّ‬ ‫ض َ‬‫ن فِي ا ْلأَرْ ِ‬ ‫ن مَ ْريَمَ وَُأمّهُ َومَ ْ‬ ‫ن ُيهِْلكَ ا ْلمَسِيحَ ابْ َ‬ ‫ش ْيئًا إِنْ أَرَادَ أَ ْ‬
‫ك مِنَ اللّهِ َ‬‫ل َفمَنْ َيمِْل ُ‬‫ن مَ ْريَ َم قُ ْ‬ ‫ا ْلمَسِيحُ ابْ ُ‬
‫ن مَ ْريَمَ َوُأمّهُ َآيَةً وَآَ َو ْينَا ُهمَا إِلَى‬ ‫جعَ ْلنَا ابْ َ‬ ‫ي ٍء َقدِي ٌر (‪ )17‬المائدة) وكذلك ابن مريم لم تأتي مطلقا بالتكليف (وَ َ‬ ‫ق مَا يَشَاءُ وَاللّ ُه عَلَى كُلّ شَ ْ‬ ‫َب ْينَ ُهمَا يخُْل ُ‬
‫ن (‪ )57‬الزخرف)‪.‬‬ ‫صدّو َ‬ ‫ك ِمنْهُ يَ ِ‬ ‫ب ابْنُ مَ ْريَ َم َمثَلًا ِإذَا قَ ْو ُم َ‬‫َربْوَةٍ ذَاتِ َقرَارٍ َو َمعِينٍ (‪ )50‬المؤمنون) (وََلمّا ضُ ِر َ‬
‫ص ّدقًا ِلمَا َبيْنَ َيدَيْ ِه ِمنَ‬ ‫ن مَ ْريَ َم مُ َ‬ ‫أما عيسى في كل أشكالها فهذا لفظ عام يأتي للتكليف والنداء والثناء فهو عام ( َوقَ ّف ْينَا عَلَى َآثَارِهِ ْم ِبعِيسَى ابْ ِ‬
‫ل الْحَقّ‬ ‫ن مَ ْريَ َم قَوْ َ‬ ‫ن (‪ )46‬المائدة) (ذَِلكَ عيسَى ابْ ُ‬ ‫ن َيدَيْ ِه مِنَ التّوْرَاةِ وَ ُهدًى َومَوْعِظَةً لِ ْل ُمتّقِي َ‬ ‫صدّقًا ِلمَا َبيْ َ‬
‫ل فِيهِ ُهدًى َونُورٌ َو ُم َ‬ ‫التّوْرَاةِ وََآ َت ْينَاهُ ا ْلِإنْجِي َ‬
‫ح ْكمَةِ َولُِأ َبيّنَ‬ ‫جئْ ُتكُ ْم بِا ْل ِ‬
‫ل َقدْ ِ‬ ‫ن (‪ )34‬مريم) ول نجد في القرآن كله آتيناه البينات إل مع لفظ (عيسى) (وََلمّا جَا َء عِيسَى بِا ْل َبّينَا ِ‬
‫ت قَا َ‬ ‫اّلذِي فِي ِه َيمْتَرُو َ‬
‫ن فِيهِ فَاتّقُوا اللّ َه وَأَطِيعُونِ (‪ )63‬الزخرف) ولم يأت أبدا مع ابن مريم ول المسيح‪ .‬إذن فالتكليف يأتي بلفظ عيسى أو‬ ‫ختَِلفُو َ‬
‫َل ُكمْ َبعْضَ اّلذِي تَ ْ‬
‫ن ُكنْتُمْ‬ ‫ل اتّقُوا اللّهَ إِ ْ‬ ‫سمَا ِء قَا َ‬
‫ل عََل ْينَا مَا ِئدَةً مِنَ ال ّ‬ ‫ن ُينَزّ َ‬ ‫ستَطِيعُ َرّبكَ أَ ْ‬ ‫ل يَ ْ‬‫ن مَ ْريَ َم هَ ْ‬ ‫ن يَا عِيسَى ابْ َ‬ ‫الثناء أيضا وكلمة عيسى عامة (إِ ْذ قَالَ الْحَوَا ِريّو َ‬
‫مُ ْؤ ِمنِينَ (‪ )112‬المائدة) فالمسيح ليس اسما ولكنه لقب وعيسى اسم أي يسوع وابن مريم كنيته واللقب في العربية يأتي للمدح أو الذم والمسيح‬
‫معناها المبارك‪ .‬والتكليف جاء باسمه (عيسى) وليس بلقبه ول كُنيته‪.‬‬
‫)آية (‪:)47‬انظر آية (‪40(-)39‬‬
‫ك الله يخلق مـا يشاء) وقال فـي آيـة أخرى (كذل َـ‬
‫ك الله‬ ‫*فـي سـورة آل عمران قال تعالى (كذل ِـ‬
‫ك) الولى بالكسر؟ (د‪.‬فاضل السامرائى )‬ ‫يفعل ما يشاء) فلماذا جاءت (كذل ِ‬
‫كذلك هو في الصل لمخاطبة المذكر وقد تستعمل عامة لكن الصل أن يقال ذل كَ بفتح الكاف للمخاطب المذكر وذل كِ للمخاطبة وذلكما للمثنى‬
‫وذلك نّ لج مع المؤ نث وذل كم لج مع المذ كر‪.‬قال الشا عر ( قد ظفرت بذل كِ) يخا طب المرأة‪ .‬ذا إ سم الشارة للمشار إل يه والكاف للمخا طب‪ ،‬ذل كَ‬
‫المخاطب رجل وذل كِ المخاطب أنثى وليس له علقة بالمشار إليه نفسه‪( .‬فذلكن الذي لمتنني فيه) في سورة يوسف المخاطب جمع النسوة‪ ،‬ذا‬
‫إ سم الشارة ليو سف و (لك نّ) لمجمو عة الن سوة‪( ،‬فذا نك برهانان من ر بك)‪ .‬أ سماء الشارة هي ال تي تتغ ير أ ما الكاف ف هي للمخا طب (أولئ كَ‬
‫رجال) المخاطب واحد‪ .‬قد تستعمل الكاف المفتوحة للجمع لكن إذا أراد أن يخصص يستعمل الكاف المفتوحة للمخاطب المفرد وذل كِ للمخاطبة‬
‫المفردة وليس لها علقة بالمشار إليه‪.‬‬
‫م عبّر الله تعالى عن تكوين عيسى بالفعل‬ ‫خل ُقُ َ‬
‫ما ي َ َ‬
‫شاء (‪ )47‬آل عمران) ل ِ َ‬ ‫ك الل ّ ُ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫ل كَذ َل ِ ِ‬
‫*(قَا َ‬
‫(يخلق) بينما عبر عن تكوين يحيى بالفعل (يفعل) في قوله (كذلك الله يفعل ما يشاء)؟(ورتل‬
‫القرآن ترتيلً)‬
‫عبّر ال تعالى عن تكوين عيسى بالفعل يخلق لنه إيجاد كائن من غير السباب المعتادة ولو كان بالوسائل المعتادة لورد الفعل يفعل أو‬
‫يصنع كما في الية السابقة في جواب الملئكة لزكريا (كذلك ال يفعل ما يشاء)‪.‬‬
‫‪):‬آية (‪49‬‬
‫*ما معنى الخلق فى الية الكريمة؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫طيْرًا‬
‫خ فِي ِه َفيَكُونُ َ‬
‫طيْ ِر فَأَنفُ ُ‬
‫الخلق له معاني وقد ينسب إلى النسان تقول خلقت هذا الشيء كما قال عيسى (َأنّي أَخُْلقُ َلكُم مّنَ الطّينِ َك َه ْيئَةِ ال ّ‬
‫بِِإذْنِ اللّ ِه (‪ )49‬آل عمران) يأتي بمعنى التصوير‪.‬‬
‫* كيف أحيا عيسى الموتى مع أن الشهيد يطلب العودة ليقتل في سبيل الله فل يؤذن‬
‫له؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫عيسى ما أحيا الموتى من عند نفسه‪.‬ال سبحانه وتعالى ل يعيد الميت إلى حياته في الدنيا لكن هذه معجزة‪ .‬ال سبحانه وتعالى ل يجعل العصي‬
‫أفاعي لكنه جعلها أفعى معجزة لموسى‪ .‬ال سبحانه وتعالى ل يجعل الشجرة تمشي لكنه جعلها تمشي وتأتي إلى الرسول هذه معجزة ولذلك‬
‫طيْ ِر فََأنْفُخُ‬
‫ن َكهَ ْيئَةِ ال ّ‬
‫خلُقُ َلكُ ْم مِنَ الطّي ِ‬ ‫لما ننظر في الية ‪ 49‬من سورة آل عمران (وَرَسُولًا إِلَى َبنِي إِسْرَائِيلَ َأنّي َقدْ ِ‬
‫ج ْئتُكُ ْم بَِآيَ ٍة مِنْ َرّبكُمْ َأنّي أَ ْ‬
‫ن فِي ُبيُو ِتكُمْ إِنّ فِي ذَِلكَ َلَآيَةً َل ُكمْ ِإنْ‬
‫حيِي ا ْلمَ ْوتَى ِبِإذْنِ اللّهِ َوُأنَ ّبُئكُ ْم ِبمَا تَ ْأكُلُونَ َومَا َتدّخِرُو َ‬
‫ص وَأُ ْ‬
‫طيْرًا ِبِإذْنِ اللّهِ َوُأبْرِئُ ا ْلَأ ْكمَهَ وَالَْأبْرَ َ‬
‫فِي ِه َف َيكُونُ َ‬
‫ُك ْنتُ ْم مُ ْؤمِنِينَ (‪ ))49‬يقول تعالى على لسان عيسى قال‪ :‬بآية من ربكم ما قال من عندي وهي علمة وأمارة على صدق نبوته (بإذن ال) فال‬
‫سبحانه وتعالى يعطّل قوانينه لجل النبياء‪ .‬ألم يعطل إحراق النار لبراهيم؟ النار تحرق هذا قانون لكن عطّل القانون‪.‬‬
‫* مـا الفرق بيـن (بإذن الله ) فـى سـورة آل عمران و(بإذنـي)فـى سـورة المائدة؟ ومـا الفرق فـي‬
‫استعمال الضمير فيها وفيه؟ وما دللة إستعمال إذ وعدم إستعمالها في اليات (‪ )49‬آل عمران و‬
‫(‪ )110‬المائدة؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫بإذني وبإذن ال‪:‬‬
‫ح عِيسَى‬ ‫سمُهُ ا ْلمَسِي ُ‬ ‫ك ِبكَِلمَةٍ ّمنْهُ ا ْ‬ ‫الكلم كان عن سيدنا عيسى في الية الولى في سورة آل عمران (ِإ ْذ قَاَلتِ ا ْلمَلئِكَ ُة يَا مَ ْريَمُ إِنّ اللّ َه ُيبَشّ ُر ِ‬
‫س فِي ا ْل َمهْدِ َو َكهْلً َومِنَ الصّاِلحِينَ (‪ ))46‬الكلم على لسان الملئكة ثم بدأ‬ ‫ن مَ ْريَمَ َوجِيهًا فِي ال ّدنْيَا وَالخِرَةِ َومِنَ ا ْلمُ َق ّربِينَ (‪َ )45‬ويُكَلّمُ النّا َ‬ ‫ابْ ُ‬
‫ق مَا يَشَاء ِإذَا قَضَى‬ ‫ل َكذَِلكِ اللّ ُه يَخْلُ ُ‬ ‫سنِي بَشَ ٌر قَا َ‬ ‫كلم مريم عليها السلم متجها إلى ال سبحانه وتعالى (قَالَتْ َربّ َأنّى َيكُونُ لِي وََلدٌ وَلَ ْم َيمْسَ ْ‬
‫ل (‪ ))48‬وجيها في الدنيا والخرة ويعلمه‪ ،‬هذا العطف‪ .‬ما زال‬ ‫ح ْكمَةَ وَالتّوْرَاةَ وَالِنجِي َ‬ ‫َأمْرًا فَِإّنمَا يَقُولُ لَ ُه كُن َف َيكُونُ (‪َ )47‬و ُيعَّلمُهُ ا ْل ِكتَابَ وَا ْل ِ‬
‫ج ْئتُكُم بِآيَ ٍة مّن ّرّبكُمْ َأنّي‬ ‫الكلم على لسان الملئكة لمريم‪ .‬وجيها ورسولً إلى بني إسرائيل‪ ،‬رسول بماذا؟ (وَرَسُولً إِلَى َبنِي إِسْرَائِيلَ َأنّي َقدْ ِ‬
‫حيِـي ا ْلمَ ْوتَى بِِإذْنِ اللّهِ وَُأ َنّبئُكُم ِبمَا تَ ْأكُلُونَ َومَا‬ ‫لبْرَصَ وَأُ ْ‬ ‫طيْرًا بِِإذْنِ اللّهِ وَُأبْرِى ُء ال ْكمَهَ وا َ‬ ‫خ فِيهِ َف َيكُونُ َ‬ ‫طيْ ِر َفأَنفُ ُ‬ ‫َأخْلُقُ َلكُم مّنَ الطّينِ َك َهيْئَةِ ال ّ‬
‫ن فِي ذَِلكَ ليَةً ّلكُمْ إِن كُنتُم مّ ْؤ ِمنِينَ (‪ ))49‬يعني عيسى هو سيقول هذا الكلم‪( ،‬حكاية حال ماضية) في الماضي قال‬ ‫ن فِي ُبيُو ِتكُمْ إِ ّ‬ ‫َتدّخِرُو َ‬
‫ج ْئُتكُم بِآيَ ٍة مّن ّرّبكُمْ) ما هذه الية؟ بيان هذه الية؟ (َأنّي أَخُْلقُ َلكُم مّنَ الطّينِ‬ ‫هكذا‪ .‬فإذن الذي بدأ يتكلم الن سيدنا عيسى فقال‪َ( :‬أنّي َقدْ ِ‬
‫ن فِي ُبيُوتِكُمْ‬ ‫خرُو َ‬ ‫حيِـي ا ْلمَ ْوتَى بِِإذْنِ اللّهِ وَُأ َنّبُئكُم بِمَا َت ْأكُلُونَ َومَا تَدّ ِ‬ ‫لبْرَصَ وَُأ ْ‬ ‫طيْرًا بِِإذْنِ اللّهِ وَُأبْرِى ُء ال ْكمَهَ وا َ‬ ‫خ فِيهِ َف َيكُونُ َ‬ ‫طيْرِ فَأَنفُ ُ‬
‫َك َه ْيئَةِ ال ّ‬
‫ن (‪ ))49‬بيان هذه الية (فأنفخ فيه) يعني أنا لنه يتكلم عن نفسه فقال (فأنفخ)‪.‬‬ ‫ك ليَةً ّل ُكمْ إِن كُنتُم مّ ْؤ ِمنِي َ‬ ‫ن فِي ذَِل َ‬ ‫إِ ّ‬
‫ح الْ ُقدُسِ‬ ‫ك بِرُو ِ‬ ‫ك ِإذْ َأّي ْدتُ َ‬
‫فى آية سورة المائدة‪ :‬الكلم هنا من ال سبحانه وتعالى (ِإذْ قَالَ اللّ ُه يَا عِيسَى ابْنَ مَ ْريَ َم ا ْذكُ ْر ِن ْعمَتِي عََل ْيكَ وَعَلى وَاِلدَ ِت َ‬
‫طيْرًا بِِإ ْذنِي‬ ‫خ فِيهَا َفتَكُونُ َ‬ ‫طيْ ِر بِِإ ْذنِي َف َتنْفُ ُ‬
‫ن َكهَ ْيئَةِ ال ّ‬ ‫ق مِنَ الطّي ِ‬ ‫ل وَِإذْ تَخْلُ ُ‬ ‫ح ْكمَةَ وَالتّوْرَاةَ وَا ْلِإنْجِي َ‬ ‫س فِي ا ْل َمهْدِ َو َكهْلًا وَِإذْ عَّل ْمتُكَ ا ْل ِكتَابَ وَالْ ِ‬ ‫ُتكَلّمُ النّا َ‬
‫سحْرٌ‬ ‫ن َهذَا إِلّا ِ‬ ‫ت فَقَالَ اّلذِينَ كَ َفرُوا ِم ْنهُمْ إِ ْ‬ ‫ج ْئ َتهُ ْم بِا ْل َبيّنَا ِ‬
‫ع ْنكَ ِإذْ ِ‬
‫ل َ‬ ‫ت َبنِي إِسْرَائِي َ‬ ‫خرِجُ ا ْلمَ ْوتَى بِِإ ْذنِي وَِإذْ كَفَ ْف ُ‬ ‫ص بِِإ ْذنِي َوِإذْ تُ ْ‬ ‫ئ الَْأ ْكمَهَ وَا ْلَأبْرَ َ‬ ‫َوُتبْرِ ُ‬
‫خ فِيهَا) الكلم من ال عز وجل إلى عيسى ‪.‬‬ ‫ُمبِينٌ (‪ )110‬المائدة) الكلم مع عيسى وليس على لسانه فقال (تخلق) ‪َ ( ،‬ف َتنْفُ ُ‬
‫فيه وفيها‪:‬‬
‫هو خلق لهم بمعنى التكوين أو الصنع من مواد أولية كان ال سبحانه وتعالى قد جعلها بين أيدينا‪ ،‬اليجاد على غير مثال سابق هذا ل سبحانه‬
‫وتعالى من ل شيء‪ ،‬هو صنع هيئة طير من طين‪ ،‬عندنا هيئة الطير والطين فإذا أريد الشارة إلى الهيئة قال (فأنفخ فيها) يعني في هذه الهيئة‬
‫أي في هذه الصورة‪ .‬هو صنع صورة تشبه الطير فهذه الصورة هي هيئة طير من طين‪ ،‬وإذا أراد أن يشير إلى الطين قال (فأنفخ فيه) ‪ .‬ولكن‬
‫لماذا هنا نظر إلى الهيئة وهنا نظر إلى الطين؟‬
‫طيْرًا) هنا (فيه) أي في هذا الطين‪ .‬يعني ذكر‬ ‫خ فِيهِ َف َيكُونُ َ‬ ‫طيْ ِر َفأَنفُ ُ‬ ‫ن َك َهيْئَةِ ال ّ‬ ‫فى آية آل عمران هذا كلم عيسى (َأنّي َأخْلُقُ َلكُم مّنَ الطّي ِ‬
‫أصل التكوين حتى يذكرهم أن هذا طين جعلت منه طيرا‪ ،‬عندنا قراءة (فيكون طائرا) يطيرأو من الطيور‪ .‬هنا يريد أن يكلمهم عن‬
‫معجزة‪،‬والشيءالمعجز إذا قدّمه حالة واحدة تكفي‪ ،‬يأتي بطين يصنع منه كالطير ينفخ فيه فيكون طيرا ويطير‪ ،‬هذه تكفي في الحجة على صدق‬
‫نبوءته‪ .،‬فلما كان يتحدث عن حاله معهم ذكر حالة واحدة وكان الشارة إليها بالتذكير (فأنفخ فيه) أي في هذا الطين الموجود بين أيديكم‪.‬‬
‫س فِي ا ْل َم ْهدِ َو َكهْلًا وَِإذْ عَّل ْم ُتكَ ا ْل ِكتَابَ‬ ‫س ُتكَلّ ُم النّا َ‬ ‫ح الْ ُقدُ ِ‬ ‫ك بِرُو ِ‬‫آية المائدة كانت في تعداد نعم ال عز وجل على عيسى ولذلك جاءت (ِإذْ َأّي ْدتُ َ‬
‫ص ِبِإذْنِي وَِإ ْذ تُخْ ِرجُ‬ ‫طيْرًا بِِإ ْذنِي َوُتبْرِئُ ا ْلَأ ْكمَهَ وَالَْأبْرَ َ‬ ‫خ فِيهَا َف َتكُونُ َ‬ ‫طيْرِ ِبِإذْنِي َف َتنْفُ ُ‬‫ق مِنَ الطّينِ َك َه ْيئَةِ ال ّ‬ ‫ح ْكمَةَ وَالتّوْرَاةَ وَالِْإ ْنجِيلَ وَِإذْ تَخُْل ُ‬ ‫وَالْ ِ‬
‫ج ْئ َتهُ ْم بِا ْل َبّينَاتِ) كله اذكر هذا واذكر هذا‪ ،‬نُظِر فيه إلى الهيئة وجاء التأنيث لن التأنيث أصلح‬ ‫ع ْنكَ ِإذْ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ت َبنِي إِسْرَائِي َ‬ ‫ا ْلمَ ْوتَى ِبِإذْنِي وَِإ ْذ كَ َففْ ُ‬
‫للتعدد‪ .‬لما تقول لغير العاقل "الشجرات فيها" لما تقول (فيها) يعني متعددة كأن الهيئة صارت أكثر من حالة فهي إذن في مجال بيان تعداد نعم‬
‫ال سبحانه وتعالى عليه فاختار التأنيث لن التأنيث أليق مع جمع غير العاقل‪ .‬تعداد النِعم كثير يعني هو يذكر له نعما كثيرة‪ :‬اذكر كذا واذكر‬
‫طيْرًا بِِإ ْذنِي)‪ .‬لما قال (فيها) معناه صارت هيئات متعددة لن الشارة بضمير‬ ‫خ فِيهَا َف َتكُونُ َ‬ ‫طيْ ِر ِبِإذْنِي َف َتنْفُ ُ‬
‫كذا (وَِإذْ تَخُْلقُ مِنَ الطّينِ َك َهيْئَةِ ال ّ‬
‫المؤنث (فيها) يشير إلى هذا التعدد‪ ،‬فهذا هو الختيار‪ .‬هو من حيث اللغة الصل أنه إذا نظر إلى الهيئة أنّث وإذا نظر إلى الطين ذكّر فمرة‬
‫نظر إلى الهيئة ومرة نظر إلى الطين‪ .‬لكن الذي قوّى اختيار النظر إلى الهيئة أن ضمير المؤنث يشار به إلى المتعدد فجاء بضمير المؤنث في‬
‫موضع تعداد النعم لن فيه تعداد للنعم فاختير التأنيث‪ .‬هذا جزء من السؤال‪ ،‬واتضح الفرق بين (بإذني) و(بإذن ال) لن جهة الكلم مختلفة‪.‬‬
‫تكرار (إذ)‪:‬‬
‫تكررت في آية سورة المائدة ولم تذكر في آية سورة آل عمران لنه في المائدة كان هناك تعداد لنِعم ال سبحانه وتعالى عليه‪ ،‬أما في آل‬
‫عمران ما كان هناك نوع من التعداد للنعم وإنما كان نوع من بيان حال عيسى وهو يتكلم ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ص الله تعالى معجزة عيسـى عليـه‬ ‫ن الل ّـهِ) ل ِـ َ‬
‫م خ ّـ‬ ‫حي ِــي ال ْ َ‬
‫موْت َـى بِإِذ ْـ ِ‬ ‫ص وَأ ْ‬ ‫*(وَأبْرِىءُ الك ْ َ‬
‫م َهـ والبَْر َـ‬
‫السلم بشفاء هذه المراض؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫وكيف يمكن علجه‬ ‫إنك لو عدت إلى التوراة لوجدت اهتماما بالغا في أحكام البرص الذي أطال في بيانها بعدما وصفه الوحي لموسى‬
‫فجاءت هذه المعجزة فائدة لهم في دينهم ودنياهم ودليلً آخر على فقه عيسى بالتوراة وأحكامها‪.‬‬
‫*أربعة مدلولت لفظية تنّزه الله تعالى وتثبت صفاته وتنفي ألوهية عيسى عليه السلم كما‬
‫يدّعيها البعض‪ (:‬الشيخ خالد الجندي)‬
‫خ فِي ِه َف َيكُونُ‬ ‫طيْ ِر فََأنْفُ ُ‬
‫ن َكهَ ْيئَةِ ال ّ‬
‫خلُقُ َلكُ ْم مِنَ الطّي ِ‬
‫ج ْئتُكُ ْم بَِآيَ ٍة مِنْ َرّبكُمْ َأنّي أَ ْ‬
‫قال تعالى في سورة آل عمران (وَرَسُولًا إِلَى َبنِي إِسْرَائِيلَ َأنّي َقدْ ِ‬
‫ن ُكنْتُ ْم مُ ْؤ ِمنِينَ‬
‫ن فِي ذَِلكَ َلَآيَةً َلكُمْ إِ ْ‬ ‫ن فِي ُبيُو ِتكُمْ إِ ّ‬
‫حيِي ا ْلمَ ْوتَى بِِإذْنِ اللّهِ وَُأ َنبّ ُئكُ ْم ِبمَا تَ ْأكُلُونَ َومَا َتدّخِرُو َ‬ ‫طيْرًا بِِإذْنِ اللّهِ وَُأبْرِئُ ا ْلَأ ْكمَهَ وَالَْأبْ َرصَ وَأُ ْ‬
‫َ‬
‫(‪ ))49‬هذه الية حملت تنزيها كاملً ل تعالى وإثباتا لصفاته ونفيا أن تكون هذه الفعال لعيسى بأربعة مدلولت لفظية هي‪:‬‬
‫ل فل بد‬ ‫اولً‪ :‬قوله (ورسولً إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم) كونه رسول يقتضي مرسِلً فعيسى هو مرسَل وليس مرسِل فإذا كان مرسَ ً‬
‫أن يكون هناك من أرسله وهو ال تعالى‪ .‬إذن كل الفعال التي تؤيد صدق الرسالة ل بد أن تكون ممن أرسله ل من الرسول نفسه والمعجزات‬
‫التي صاحبت عيسى هي من قِبل ال تعالى وليس من نفسه‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬قوله تعالى (أني قد جئتكم بآية من ربكم) الية هي المعجزة والعلمة والبرهان فالذي جاء به عيسى هو آية من ال تعالى لذا قال (من‬
‫ربكم) واختيار لفظ من ربكم ليستثير اليمان فيهم ونوازع اليقين ونلحظ الفرق بين استعمال كلمة ربكم في هذه القصة واستعمال كلمة (ال)‬
‫في قصة موسى مع بني اسرائيل (إن ال يأمركم أن تذبحوا بقرة) وهذا لن بني اسرائيل يميلون الى التكذيب والعتراض لذا جاءت اليات‬
‫كلها تشير إلى أن المر من ال تعالى (إن ال يأمركم‪ ،‬إنه يقول)‪.‬‬
‫طيْرًا بِِإذْنِ اللّ ِه ) قوله (بإذن ال) نقلت الفعل من دائرة المكان بالنسبة لعيسى‬ ‫خ فِيهِ َف َيكُونُ َ‬ ‫طيْ ِر َفَأنْفُ ُ‬
‫ن َك َهيْئَةِ ال ّ‬
‫ثالثا‪ :‬قوله (َأنّي َأخْلُقُ َلكُ ْم مِنَ الطّي ِ‬
‫إلى دائرة القدرة والستطاعة ل تعالى‪.‬‬
‫حيِي ا ْلمَ ْوتَى بِِإذْنِ اللّهِ) تكرير قوله (بإذن ال) تنسب الفعل إلى ال تعالى وهذا يدل على أن‬ ‫رابعا‪ :‬قوله تعالى (وَُأبْرِئُ ا ْلَأ ْكمَهَ وَالَْأبْ َرصَ وَأُ ْ‬
‫المعجزات كانت من قبل ال تعالى وليس من قِبل عيسى ‪.‬‬
‫*ما الفرق بين المعجزة والكرامة والخارقة؟(الشيخ خالد الجندي)‬
‫المعجزة‪ :‬هي أمر خارق للعادة يجريه ال تعالى على أيدي النبياء إذا أرسلهم لحد من خلقه وشرحها علماء التوحيد بأنها أمر خارق للعادة‬
‫يقترن بدعوى النبو ة ‪ .‬وللمعجزة شروط هي ‪:‬‬
‫‪.1‬أنها قد تتكرر وتكون مصاحبة لدعوة النبوة ‪.‬‬
‫‪.2‬ومن شروطها أن يبيّن النبي من فعل هذه المعجزة وينسبها ل تعالى وكل النبياء في القصص القرآني نسبوا المعجزات إلى ال‬
‫تعالة (ناقة ال وسقياها) (رحمة من ربي) (وما فعلته عن أمري) (هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر) وفي قصة‬
‫السراء والمعراج قال تعالى (سبحان الذي أسرى بعبده ليلً)‪.‬‬
‫‪.3‬والشرط الخير أن تكون المعجزة من جنس ما برع به القوم في زمن النبي الذي تجري المعجزة على يديه (بنو اسرائيل‬
‫اشتهروا بالسحر في زمن موسى ‪ ،‬وفي زمن عيسى اشتهروا بالطب وفي زمن محمد اشتهر العرب باللغة وبرعوا فيها‬
‫فكانت معجزات النبياء من جنس ما برع به القوم‪.‬‬
‫الكرامة‪ :‬هي أمر خارق للعادة يجريه ال تعالى على أيدي الولياء لكن لها مواصفات‪:‬‬
‫ي ل يستطيع تكرار هذه الكرامة لنها ل تقتون بدعوة نبوة‪.‬‬ ‫*وهي أن الول ّ‬
‫*ثم إن الكرامة تثبيت للولي وليس للناس كما في حال المعجزة ‪.‬‬
‫ي يستحي من إظهار الكرامة وإذا ظهرت نبّه الناس إلى فاعلها الحقيقي وهو ال تعالى‪.‬‬ ‫*والول ّ‬
‫* ثم إن الولية تترتب على اليمان الذي هو في القلب ول يعلمه إل ال تعالى فالكرامة تُمنح ول تُطلب‪.‬‬
‫الخارقة‪ :‬أمر خارق للعادة يجريه الشيطان على أيدي أوليائه (المعالجة باليحاء) كما قال تعالى في قصة موسى مع فرعون (يخيّل إليه من‬
‫سحرهم أنها تسعى) وهذه الخارقة أو المعالجة باليحاء يستخدمها الطباء في هذا العصر من باب الطب الحديث لشفاء المرضى يحبث‬
‫يستثيرون قوة المناعة في الجسد‪ .‬ولعل من أمثلة هذه الخوارق ما نراه في الهند من الذين يعبدون البقر ويمشون على النار أو على الماء فهذا‬
‫مما يجريه الشيطان على أيدي أوليائه‪.‬‬
‫َ‬ ‫ن كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُ ُ‬
‫ن الل ّهِ) هل هناك خالق غير‬
‫ن طَيًْرا بِإِذ ْ ِ‬
‫خ فِيهِ فَيَكُو ُ‬ ‫ّ‬
‫ن الطِي ِ‬
‫م َ‬ ‫*(أَنِّي أ َ ْ‬
‫خلُقُ لَك ُ ْ‬
‫م ِ‬
‫الله تعالى؟(الشيخ خالد الجندي)‬
‫الخلق يأتي بمعنيين في القرآن الكريم‪:‬‬
‫* أولهما الخلق بمعنى التصرف واليجاد المطلق وهذا ل تعالى فقط واليجاد من عدم هو فعل ال تعالى فقط كما خلق تعالى آدم وخلق الماء‬
‫والروح والتراب وكل الموجودات في الكون‪.‬‬
‫*وثانيهما الخلق بمعنى التصرف واليجاد المقيّد‪ .‬وهذا للبشر لنه يخلق من موجودات في الكون وخلق البشر هو عبارة عن تصوره لشيء ثم‬
‫يخلق هذا الشيء من خامات موجودة فعلً‪.‬‬
‫والفرق بين خلق ال تعالى المطلق وخلق البشر المقيّد هو‪:‬‬
‫أن ال تعالى يخلق من عدم أما البشر فيخلق من خامات موجودة في الكون‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أن خلق ال تعالى يتكاثر لن ال تعالى خلق الكائنات وأوجد لها القدرة على التكاثر (تكاثر فردي كالخليا وتكاثر زوجي‬ ‫‪‬‬
‫وغيرها) أما خلق النسان فليس له قدرة على التكاثر بنفسه ‪ .‬الستنساخ ل يعتبر خلقا وإنما هي خلية تتكاثر وال تعالى هو الذي‬
‫أعطى هذه الخلية القدرة على التكاثر وليس البشر‪.‬‬
‫ل ثم يكبر فيصبح شابا ثم يشيخ ويهرم ثم يموت فله عمر محدد وأجل‬ ‫خلق ال تعالى له القدرة على النمو فيخلق النسان طف ً‬ ‫‪‬‬
‫مسمى أما خلق البشر فليس له هذه القدرة على النمو وليس له عمر‪.‬‬
‫فكلمة خلق تطلق على معنى عام وهو الخلق من عدم وهذه قدرة ال تعالى وحده وتطلق على معنى خاص وهو خلق النسان المحدود وهو‬
‫ليس من عدم وليس له قدرة على التكاثر ول النمو‪.‬‬
‫ي ينمو ويتكاثر أما النسان فيخلق تمثال أي الهيئة فقط ولهذا‬ ‫ال تعالى لديه ما يسمى بالحياة وهي تحويل الكائن المادي الصامت الميت إلى ح ّ‬
‫قال تعالى على لسان عيسى (وأخلق لكم من الطين كهيئة الطير) في هذه المرحلة خلق عيسى هيئة الطير ولم يخلق طيرا وهذه الهيئة‬
‫صارت طيرا بإذن ال في المرحلة الثانية (فيكون طيرا بإذن ال) سميّ طيرا لما نفخت فيه الروح بإذن ال تعالى‪.‬‬
‫ك َف َعدََلكَ (‪ ))7‬خلق تعالى النسان أولً على شكل هيئة ثم سواه ثم عدله‬ ‫ك فَسَوّا َ‬ ‫غ ّركَ بِ َرّبكَ ا ْلكَرِي ِم (‪ )6‬اّلذِي َ‬
‫خلَ َق َ‬ ‫ن مَا َ‬ ‫قال تعالى (يَا َأّيهَا ا ْلِإنْسَا ُ‬
‫ي صُورَ ٍة مَا شَاءَ َر ّك َبكَ (‪ ))8‬نحن الصور‬ ‫بكل الوظائف الحيوية بقي أن يجعله في الصورة المناسبة التي اختارها ال تعالى له فقال (فِي أَ ّ‬
‫والنسان الحقيقي هو من أسرار الحياة التي أودعها ال تعالى في الكائنات‪ .‬فالذي يموت تكون جثته هي صورة النسان أما النسان الحقيقي‬
‫ن (‪ ))169‬هؤلء‬ ‫ع ْندَ َربّهِ ْم يُ ْر َزقُو َ‬
‫حيَا ٌء ِ‬
‫سبِيلِ اللّهِ َأمْوَاتًا بَلْ َأ ْ‬
‫سبَنّ اّلذِينَ ُقتِلُوا فِي َ‬‫حَ‬ ‫الذي كان فيه يصعد إلى ال تعالى وقال تعالى (وَلَا تَ ْ‬
‫ن عََل ْيهَا‬
‫الشهداء والمؤمنون أحياء عند ربهم يرزقون والكافرون أحياء عند ربهم لكنهم ل يرزقون وإنما يعذبون بدليل قوله تعالى (النّا ُر ُيعْرَضُو َ‬
‫ب (‪ ))46‬ونحن نرى أجساد الفراعنة محنطة في المتاحف أمامنا فالجسد يمر‬ ‫شدّ ا ْلعَذَا ِ‬
‫عوْنَ أَ َ‬
‫ل فِرْ َ‬
‫شيّا َويَوْ َم تَقُو ُم السّاعَةُ َأدْخِلُوا آَ َ‬‫غدُوّا وَعَ ِ‬
‫ُ‬
‫بمراحل تكوينية طينية ثم تعود للتراب أما النسان الحقيقي فهو عند ال تعالى‪.‬‬
‫فالهيئة هي الشيء الذي يمكن للنسان أن يعمله وتحتاج إلى خلق لكنه مقيّد على قدرة النسان (وعلّم آدم السماء كلها) العلم الستنتاجي‬
‫التراكمي الذي يفرّق النسان عن الحيوان‪ .‬أودع ال تعالى العقل البشري القدرة على الستنتاج أما الجنّ وباقي المخلوقات فليس لها قدرة على‬
‫الستنتاج‪ .‬العلم عند النسان تراكمي يمكنه من أن يصنع الشيء من مشاهداته (كالسيارة والطائرة والغواصة) لكنه ل يصنع الشيء‪.‬‬
‫*ماالفرق بين قوله تعالى (بإذني) وقوله (بإذن الله) ؟(الشيخ خالد الجندي)‬
‫خ فِي ِه َف َيكُونُ‬ ‫طيْ ِر فََأنْفُ ُ‬
‫ن َكهَ ْيئَةِ ال ّ‬‫ج ْئتُكُ ْم بَِآيَ ٍة مِنْ َرّبكُمْ َأنّي أَخُْلقُ َلكُ ْم مِنَ الطّي ِ‬ ‫قال تعالى في سورة آل عمران (وَرَسُولًا إِلَى بَنِي ِإسْرَائِيلَ َأنّي َقدْ ِ‬
‫ن ُكنْتُ ْم مُ ْؤ ِمنِينَ‬
‫ن فِي ذَِلكَ َلَآيَةً َلكُمْ إِ ْ‬ ‫ن فِي ُبيُو ِتكُمْ إِ ّ‬ ‫حيِي ا ْلمَ ْوتَى بِِإذْنِ اللّهِ وَُأ َنبّ ُئكُ ْم ِبمَا تَ ْأكُلُونَ َومَا َتدّخِرُو َ‬ ‫طيْرًا بِِإذْنِ اللّهِ وَُأبْرِئُ ا ْلَأ ْكمَهَ وَالَْأبْ َرصَ وَأُ ْ‬ ‫َ‬
‫س فِي ا ْل َم ْهدِ َو َكهْلًا‬ ‫س ُتكَلّ ُم النّا َ‬ ‫(‪ ))49‬وفي سورة المائدة (ِإذْ قَالَ اللّ ُه يَا عِيسَى ابْنَ مَ ْريَ َم ا ْذكُ ْر ِن ْعمَتِي عََل ْيكَ وَعَلى وَاِلدَ ِتكَ ِإذْ َأّي ْد ُتكَ بِرُوحِ الْ ُقدُ ِ‬
‫طيْرًا بِِإ ْذنِي َوتُبْ ِرئُ الَْأ ْكمَهَ وَا ْلَأبْرَصَ‬ ‫خ فِيهَا َف َتكُونُ َ‬ ‫طيْ ِر بِِإ ْذنِي َفتَنْفُ ُ‬
‫ن َكهَ ْيئَةِ ال ّ‬ ‫ق مِنَ الطّي ِ‬ ‫ح ْكمَةَ وَالتّوْرَاةَ وَالِْإنْجِيلَ وَِإ ْذ تَخْلُ ُ‬
‫َوِإذْ عَّل ْم ُتكَ ا ْلكِتَابَ وَا ْل ِ‬
‫ن َهذَا إِلّا سِحْ ٌر ُمبِينٌ (‪))110‬‬ ‫ن كَفَرُوا ِم ْنهُمْ إِ ْ‬ ‫ل اّلذِي َ‬‫ت َفقَا َ‬ ‫جئْ َتهُ ْم بِا ْل َبّينَا ِ‬
‫ع ْنكَ ِإذْ ِ‬
‫سرَائِيلَ َ‬ ‫ت َبنِي إِ ْ‬‫ج ا ْلمَ ْوتَى بِِإذْنِي َوِإذْ كَ َففْ ُ‬
‫بِِإ ْذنِي وَِإ ْذ تُخْرِ ُ‬
‫(بإذني) جاءت في سورة المائدة لن ال تعالى يعلم أن هناك من سيدّعي ألوهية عيسى فقطع عليهم تعالى خط من زعم اللوهية‪ .‬فإذا فهم‬
‫أحدهم من آية سورة آل عمران (بإذن ال) أن عيسى هو ال كما يقولون افتراء يعود إلى سورة المائدة التي فيها الكلم موجه من ال تعالى إلى‬
‫عيسى حتى يفهم الناس أن الذي يبرئ الكمه والبرص ويحي الموتى هو ال تعالى وليس عيسى فالقرآن يدعم بعضه بعضا‪.‬‬
‫آية (‪:)50‬‬
‫*ورتل القرآن ترتيلً‪:‬‬
‫ي مِنَ التّوْرَاةِ (‪ )50‬آل عمران) في هذا الجزء من الية تمثيل جميل لحاله المسبق فإنك تعلم أن معنى ما بين يدي أي ما‬
‫ن يَدَ ّ‬
‫ص ّدقًا ّلمَا َبيْ َ‬
‫( َومُ َ‬
‫تقدم قبلي ولكن الغريب في هذا المر أن الكلم يُفهم منه أنه ذو عهد قريب بنزول التوراة والمعلوم أن بينه أي بين عيسى ونزول التوراة‬
‫أزمنة طويلة لكن استطاعت هذه الصورة أن تدل على إتصال العمل بأحكامها حتى مجيء عيسى فكأنها لم تسبقه بزمن طويل‪.‬‬
‫آية (‪:)52‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫* ما الفرق بين (وإذ ْ أَوحيت إلَى ال ْحواريي َ‬
‫ن‬
‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬
‫م ْ‬‫شهَد ْ بِأنَّنَا ُ‬‫منَّا وَا ْ‬
‫سولِي قَالُوا آ ََ‬‫منُوا بِي وَبَِر ُ‬ ‫ن آَ ِ‬‫نأ ْ‬ ‫َ َ ِ ِّ َ‬ ‫َ ِ ْ ََ ْ ُ ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّـ‬ ‫َ‬
‫صارِي إِلى الل هِ قَا َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫م الكفَْر قَا َ‬ ‫ح َ‬ ‫(‪ )111‬المائدة) و(فَل َـ َّ‬
‫ح نُـ‬
‫نـ ن َ ْ‬‫حوَارِي ّو َ‬‫ل ال َ‬ ‫م نْـ أن ْـ َ‬
‫ل َ‬ ‫منْهُـ ُ‬
‫سى ِ‬ ‫عي َـ‬
‫سّـ ِ‬ ‫ما أ َ‬
‫ن (‪ )52‬آل عمران)؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬
‫م ْ‬
‫َ‬
‫شهَد ْ بِأنَّا ُ‬ ‫منَّا بِاللَّهِ َوا ْ‬ ‫َ َ‬
‫صاُر الل ّهِ آ َ‬
‫َ‬
‫أن ْ َ‬
‫س عِيسَى ِم ْنهُم(ُ كلمة منهم إشارة إلى بني إسرائيل‪ ،‬بعد أن كلّمهم ودعاهم وأظهر لهم المعجزات وطالبوه بإحياء‬
‫فى آية آل عمران ‪(:‬فََلمّا َأحَ ّ‬
‫الموتى وإبراء الكمه والعمى يبصر‪ .‬بعد كل هذه المعجزات المفروض النسان أن ل تأخذه العزة بالثم‪ .‬لما يرى هذه الشياء وهي معجزات‬
‫ملموسة ومشاهدة من قبل مئات من الناس وليس شخصا واحدا‪ .‬مع ذلك كفروا به وقالوا هذا سحر وأنت ساحر والسحرة يفعلون هذا‪ .‬فأحس‬
‫عيسى منهم الكفر عند ذلك توجّه إليهم بالدعوة وبالسؤال‪ :‬من يناصرني إلى إبلغ دين ال عز وجل؟ هذه الشريعة؟ إذن هو يسأل عمن‬
‫ينصره؟ عن أنصار والنصرة تقتضي الجمع‪( .‬من أنصاري إلى ال) قال الحواريون (والحواري في اللغة بمعنى المنقّى المصفّى بحيث لما‬
‫تذهب عنه الشوائب يكون أبيض كالثوب البيض منقى من الشوائب)‪( .‬قال الحواريون نحن أنصار ال) كان يمكن أن يكتفوا بقول (نحن) وإنما‬
‫أرادوا أن يوضحوا ويبينوا أي نحن أنصار دين ال‪ ،‬فقولهم أنصار ال فيه بيان وتأكيد‪( .‬آمنا بال) لن هو سألهم من أنصاري إلى ال؟ فقالوا‬
‫آمنا بال الذي تدعوننا لنصرة دينه (واشهد بأنا مسلمون)فعل أمر لعيسى اشهد علينا أننا مطبقون لشرع ال‪ ،‬لهذا اليمان‪ .‬اليمان في القلب‬
‫ل يظهر والسلم تطبيق عملي فنحن نطبق عمليا‪ .‬اليات تضمنت تأكيدات وبيان‪ :‬أنصار ال‪ ،‬آمنابال‪ ،‬بأنا‪ ،‬وأنّ للتوكيد فيها معنى الضم‪.‬‬
‫فقلّل التوكيد في (أنّ) حتى يتوصل إلى الدغام الموحي بصورة الجمع ولم يقل (بأننا) لن فيها تفريق‪.‬أصلها (أنّ والتحقت بها‪ :‬نا) نحن عندنا‬
‫ن منتهية بنون مشددة لما تلتحق بها (نا) التي هي للمتكلمين أو المعظّم لنفسه يكون عندنا ثلث‬ ‫الحرف المشبهة بالفعل فيها أنّ‪ ،‬كأنّ‪ ،‬لكنّ إ ّ‬
‫نونات فأحيانا العرب يخففون بحذف إحدى النونين فيقولون إنّي وإنّك‪ .‬مع (نا) للمتكلمين يفعل الشيء نفسه إنّا وإننا‪ ،‬لكنا ولكننا وكأنا وكأننا ما‬
‫أن يحافظ على كيانها فتكون (نا) مفصولة عنها (إننا‪ ،‬كأننا‪ ،‬لكننا)‪ .‬وإما أن يخفف بحذف النون الثانية فتدغم النون الولى لنها نون الضمير‬
‫فتصير‪ :‬كأنا‪ ،‬لكنا‪ ،‬إنا‪ .‬فهنا حذف وخفف لن التوكيدات كثرت فخفف التأكيد وتوصّل عن طريق هذا إلى الدغام المشعِر بهذا اللتصاق بين‬
‫أنصار ال لذا قال (واشهد بأنا مسلمون) ولم يقل بأننا لن الصورة صورة مناصرة يراد لها صفّ وقرب وإلتصاق‪.‬‬
‫في آية المائدة الكلم على اليمان وهو إلهام ال عز وجل لهذه الصفوة أن تؤمن‪ ،‬و هذه الية ليس فيها تأكيدات فحوفظ على (إنّ) كاملة حتى‬
‫يكون فيها التأكيد لسلمهم‪( .‬واشهد بأننا) أننا آكد من أنّا من حيث التأكيد‪( .‬واشهد بأننا مسلمون) فيها إلتفات‪ .‬قال آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا‬
‫واشهد بأننا مسلمون ولم يقولوا مؤمنون لن اليمان ل يظهر وعيسى عليه السلم يحتاج لمن يظهر له علمة اليمان وعلمة اليمان التطبيق‬
‫(السلم) النبي يريد منهم أن يظهروا إسلمهم واشهد أننا مطبقون لهذا اليمان لن اليمان يكون ضمنا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫*في سورة الصف قال تعالى ‪(:‬يَا أَيُّها الَّذِي َ‬
‫م‬
‫مْري َ َ‬
‫ن َ‬ ‫سى اب ْ ُ‬ ‫عي َ‬‫ل ِ‬ ‫صا ََر الل ّهِ ك َ َ‬
‫ما َقا َ‬ ‫منُوا كُونوا أن َ‬ ‫نآ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صاُر الل ّهِ (‪ ))14‬وفي آل عمران تكررت‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫ل ال ْحواريُون نحن أ َ‬
‫َ‬
‫َ َ ِّ َ ْ ُ‬ ‫صارِي إِلَى اللَّهِ قَا َ‬ ‫ن أن َ‬
‫لِل ْحواريين م َ‬
‫َ َ ِ ِّ َ َ ْ‬
‫صاُر الل ِّ‬
‫ه‬ ‫ن‬‫ل ال ْحواريُون نحن أ َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ق‬ ‫ه‬‫ّ‬ ‫الل‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫صار‬ ‫ن‬‫ل من أ َ‬‫َ‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ف‬‫ُ‬ ‫ك‬‫ْ‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫من‬ ‫سى‬ ‫عي‬ ‫س‬‫َ‬ ‫الية (فَل َ َ َ‬
‫َ‬ ‫َ َ ِّ َ َ ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ ُْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ما أ َ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫شهد بأ َ‬
‫ن (‪ ))52‬عيسى ينسب النصرة إليه وهم يقولون نحن أنصار الله‬ ‫مو‬ ‫ل‬ ‫س‬‫م‬ ‫ا‬
‫َ ْ ِ ّ ُ ْ ِ ُ َ‬‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ا‬‫منَّا بِاللّهِ َ‬
‫و‬ ‫آ َ‬
‫مباشرة فما دللة هذا؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫أولً ما معنى (مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ)؟ هذا التعبير يحتمل معنيين الول أنا أنصر ال (إِن تَنصُرُوا اللّ َه يَنصُ ْركُ ْم (‪ )7‬محمد) ينصر دينكم‪ ،‬فمن‬
‫يكون معي في نصرة دين ال؟ أنا أنصر حتى أنتهي إلى ال‪ ،‬حتى أفضي إلى ربي حتى نصل إلى ربنا‪ .‬فمن يكون معي في نصرة ال (إِن‬
‫تَنصُرُوا اللّ َه يَنصُ ْركُمْ)؟ أنا أنصر ال أنصر دينه فمن يكون معي في ذلك؟ هذا شكل والشكل الثاني إن ال ينصرني في هذا المر فمن يكون‬
‫معي في نصرة ال إياي؟ ينصرني يعني يؤيدني فمن يكون معي في هذا المر؟ وهذه يعبر عنها بـ (مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ) يعني أنا سأفعل‬
‫وينصرني ال بشكل ما فمن يكون معي في ذلك؟‪ ،‬أنا أنصره وهو ينصرني فمن يكون معي؟ هذا السؤال يحتمل المعنيين وقد ذكرهما‬
‫المفسرون والية تستوعب المعنيين‪.‬‬
‫ومن ينصر دين ال ينصره ال هي متلزمة وفي الحالتين يجمعهما قوله تعالى (إِن تَنصُرُوا اللّ َه يَنصُ ْركُمْ) ولذلك المران مطلوبان والمعنيين‬
‫صرُوا اللّ َه يَنصُ ْر ُكمْ) فيها المعنيين من يكون نصيرا معي لدين ال وال ينصره؟ نصر ال له صور كثيرة وليس‬ ‫ذكرهما المفسرون لن (إِن تَن ُ‬
‫له صورة واحدة‪ ،‬التثبيت هو نوع من النصر وكون النسان ثابتا على دينه والفتنة ل تضره هذا نصر‪ .‬إذن هذان المعنيان هما مما يجمعهما‬
‫صرُوا اللّ َه يَنصُ ْر ُكمْ)‪ .‬يبقى السؤال لماذا قال نحن أنصار ال؟ ولم يقل نحن أنصارك إلى ال؟ هم للعلم بأنهم سينصرونه‬ ‫قوله تعالى (إِن تَن ُ‬
‫وإن لم يكن معهم حتى لو مات أو قتل لنهم لو قالوا نحن أنصارك إلى ال سيتعلق التصر بوجوده إذا كان معهم (أنصارك) فإذا أفضى‬
‫انفضوا‪ ،‬نحن أنصارك انتهى ما بينهما‪ ،‬نحن أنصار فلن فإذا ذهب انتهى المر‪ .‬قالوا (نَحْنُ أَنصَا ُر اللّهِ) يعني سنكون سواء كنت معنا أو لم‬
‫تكن معنا على الطلق‪ .‬لو قالوا نحن أنصارك إلى ال معناه أن النصرة ستنقطع بعد ذهابه لكن لما قالوا نحن أنصار ال النصرة ل تنقطع‬
‫حتى بعد ذهابه‪ .‬حتى هو لم يقل من أنصار ال؟ وإنما قال (مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ) لنه لو قال من أنصار ال؟ لدّعى كل واحد أنه أنصار ال‬
‫وحتى اليهود تقول نحن أنصاره‪ .‬إذن هو يريد نصرة ال عن طريق الدين الذي جاء به فهو مكلف ورسول ولم يرد أن يعمم السؤال وإل لقال‬
‫كل واحد نحن أنصار ال من وجهة نظرهم‪ .‬إذن السؤال (مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ) ولم يقل من أنصار ال؟ السؤال فيه نظر والجابة فيها نظر‬
‫أيضا‪ .‬والجابة (نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ) لم يقولوا نحن أنصارك يعني هو ما يسأل من أنصار ال؟ لنه سيجيب كثيرون وسيدّعون أنهم أنصار ال‬
‫وإن لم يكونوا من أتباعه‪ .‬الكل أنصار ال والجابة لم تكن نحن أنصارك إلى ال حتى ل تكون متعلقة به وإنما بال مباشرة حتى لو ذهب وهذا‬
‫يعلم صدقهم من خلل هذا الكلم فهم فعلً صادقون ولم يربطوا الجابة به شخصيا وإنما بأصل الرسالة وأصل الدعوة‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬هل قالوا فعلً هذا الكلم؟‬
‫هم قالوا مدلول هذا الكلم لن ربنا سبحانه وتعالى حتى لو كان بغير لسان العرب يترجم أدق الترجمة لكن بأسلوب معجز‪ ،‬أدق الترجمة وينقل‬
‫المعاني أدقهل لكن بأسلوب معجز‪ .‬هم لم يتكلموا العربية فربنا نقل عنهم معنى الكلم تماما بأسلوبه المعجز كما قالوا وبالتالي حينما نقل عن‬
‫فرعون نقل الكلم الذي يريده فرعون لكن بأسلوب معجز وتعبير أدبي‪ .‬أنا قرأت ترجمات لشاعر مترجمين مختلفين هي المعاني واحدة لكن‬
‫لكل مترجم أسلوب مختلف بحسب ما أوتي من قوة بيان قصص نقرأها مترجمة لكن المترجم يعطيها وإن كانت الحداث هي واحدة لكن كيف‬
‫تصاغ وكيف تنقل؟ هذا ما حدث بالفعل لكن ال تعالى نقله لنا بأسلوب معجز‪.‬‬
‫‪):‬آية (‪54‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن (‪ )54‬آل عمران) ولماذا‬ ‫خيُْر ال ْ َ‬
‫ماكِرِي َ‬ ‫َ‬ ‫َوالل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫مكََر الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫مكَُروا وَ َ‬
‫* ما هو المكر في قوله تعالى (وَ َ‬
‫سماه الله تعالى المكر؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫خيْرُ ا ْلمَاكِرِينَ) هم دبروا وال عز وجل يدبّر وهو خير المدبرين‪.‬‬
‫المكر في اللغة معناه التدبير‪ ،‬أن يدبر الشيء يرتبه‪َ (.‬و َمكَرُوا َو َمكَرَ اللّهُ وَاللّهُ َ‬
‫آية (‪:)55‬‬
‫ك إِل َـ َّ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫ك وََرافِعُـ َ‬
‫متَوَفِّي َـ‬
‫سى إِن ّ ِـي ُ‬
‫عي َـ‬ ‫ل الل ّـ ُ‬
‫ه ي َـا ِ‬ ‫*مـا هـي طبيعـة وفاة عيسـى فـي قوله تعالى (إِذ ْ قَا َ‬
‫َ‬
‫ي لم‬ ‫ن ك َ َفُروا (‪ )55‬آل عمران) كيــف يتوفاه الله تعالى مــع أننــا نقول أنــه ح ّـٌ‬ ‫ن ال ّذِي َـ‬
‫م َـ‬ ‫مطَهُِّر َـ‬
‫ك ِ‬ ‫وَ ُ‬
‫يُتوفى؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫قبل أن نخوض في مسألة عيسى نحتاج الى تلخيص موجز جدا فنقول إن الحياة هي وعاء للروح‪ ،‬هذا الوعاء ينكسر بالموت أو القتل فإذا‬
‫انكسر الوعاء توفيت الروح أو ُقبِضت هذه الصورة الولى صورة انكسار الحياة وقلنا أن الحياة غير الروح فأن يكون الشيء حيّا ليس شرطا‬
‫أن تكون فيه روح‪ .‬والصورة الثانية التي تقبض فيها الروح هي صورة النائم وهو ليس ميّتا‪ ،‬النائم ُأخِذت روحه و ُقبِضت ولكن كل أجهزة‬
‫جسمه تشتغل إنما تشتغل بحدود معينة أما روحه فتسرح في ملكوت ال تعالى ولذا فإنها ترى ما ل يراه وهو يقظان‪ .‬أحيانا روح النسان ترى‬
‫أشياء ممكن أن يكون يراها وهي مستقبل أو تؤوّل كما ورد في القرآن الكريم في سورة يوسف في قضية الملك وسبع سنبلت تأويلها مستقبلي‬
‫وفي بعض الحيان يرى النسان شيئا لو كان يقظانا ل يراه وهو يقع في حاله‪ .‬روح النائم خارج الوعاء وال تعالى يردها الى الوعاء ولذلك‬
‫ي لكن ليس فيه‬ ‫نتكلم بجوار النائم فل يسمع بعض الجهزة تكون معطلة مؤقتا أما سائر الجهزة كالقلب وضخ الدم والتنفس فكلها تعمل فهو ح ّ‬
‫روح‪ .‬وقلنا أن النطفة فيها حياة باتفاق العلماء لكن ليس فيها روح حتى ينفخ فيها الملك الروح بعد ‪ 120‬يوما وهذه مسألة فقهية‪.‬‬
‫عندنا صورتان لخروج الروح بالموت (مفارقة الحياة) إما بالموت أو القتل وبالنوم‪ .‬عيسى وجوده معجزة حقيقة‪ ،‬وُجِد بمعجزة (وجوده من‬
‫الم شيء معجز)‪ .‬فمجيء الحياة إليه معجزة فمفارقته الحياة معجزة أيضا لذلك نقول هو صورة ثالثة للوفاة (الوفاة إما بانتهاء الحياة أو النوم)‬
‫بالنسبة لعيسى قبضت روحه و ُرفِع جسمه حيّا (الموت هو توقف أجهزة وأجزاء الجسم) هي صورة ثالثة معجزة لعيسى ‪ .‬لمّا ُرفِع الى‬
‫السماء بجسمه الحيّ وبروحه التي استوفيت و ُقبِضت تعود روحه إلى جسمه لن الرسول رآه مع سائر النبياء بأجسامهم وأرواحهم في رحلة‬
‫المعراج لن النبياء أيضا ُردّت لهم أرواحهم وأجسادهم وعيسى له خصوصية في عقيدة المسلمين أن الحياة التي يحياها في السماء وسيأتي‬
‫يوم وتُوجّه الى الرض‪ .‬في نزوله نحن عندنا المسيح عندما ينزل في الحاديث الصحيحة أنه يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية‪.‬‬
‫كسر الصليب وقتل الخنزير تؤيد الحديث الصحيح الخر الذي يقول فيه " والذي نفسي بيده لو كان موسى بين أظهركم ما وسِعه إل أن‬
‫يتّبعني" النبي السابق إذا ُكتِب له أن يعود الى الرض ينبغي له أن يتّبع النبي اللحق‪ .‬فعيسى سينزل بدين محمد وهو أحد اتباع رسول ال‬
‫ول ينزل بشريعته هو‪ ،‬إن شريعته نُسِخت بشريعة محمد ‪.‬‬
‫لكن ال تعالى قال ‪( :‬إني متوفيك ورافعك إليّ) فلِم لم يقل (ورافعك إليّ) فقط؟‬
‫(متوفيك) هو ينبغي أن يغادر الدنيا بالوفاة هل هذا أمر منوط بعيسى بحد ذاته أو هل وردت هذه الكلمة مع غيره؟‬
‫ن (‪ )61‬النعام) و( َف َكيْفَ ِإذَا تَ َو ّف ْتهُمُ ا ْلمَلَا ِئكَ ُة يَضْ ِربُونَ وُجُو َه ُهمْ وََأ ْدبَارَهُ ْم (‬ ‫ت تَ َو ّفتْهُ رُسُُلنَا وَهُمْ لَا يُفَرّطُو َ‬
‫ح َدكُمُ ا ْلمَوْ ُ‬
‫حتّى ِإذَا جَاءَ أَ َ‬‫قال تعالى ( َ‬
‫سبِيلًا (‪ )15‬النساء) التوفي بوجود حدث كل الفعال تدل على‬ ‫جعَلَ اللّهُ َلهُنّ َ‬ ‫حتّى َيتَ َوفّاهُنّ ا ْلمَوْتُ َأ ْو يَ ْ‬‫ن فِي ا ْل ُبيُوتِ َ‬ ‫‪ )27‬محمد) و(فََأمْ ِ‬
‫سكُوهُ ّ‬
‫سحب الروح فالموت في (يتوفاهن الموت) سبب والملئكة في (توفتهم الملئكة) سبب ورسلنا إيضاح للملئكة‪ .‬يبقى انقضاء الحياة بأحد‬
‫ل وإما بغير سبب خارجي فيكون الموت‪( .‬الموت مفارقة الحياة ل بسبب خارجي والقتل بسبب خارجي)‪.‬‬ ‫طريقين إما بسبب خارجي فيكون قت ً‬
‫علماؤنا اتفقوا على أنه مع عيسى لم يكن نوما ونسبوا ذلك الى ابن عباس وهذا رأي القرطبي والطبري يذكران ذلك وهذا تصحيح فيما نقل‬
‫عن ابن عباس لم يكن نوما ولم يكن مفارقة حياة فهو صورة ثالثة لن وجوده معجزة‪ .‬وأسباب (ملك الموت‪ ،‬الملئكة‪ ،‬رسلنا‪ ،‬الموت) هذا كله‬
‫وسيلة لقبض الروح لكن المتوفّي الحقيقي هو ال تعالى الذي يتوفى النفس‪.‬‬
‫هل نفهم من الية أن عيسى حيّ عند قراءة هذا التعبير القرآني‪( :‬متوفيك ورافعك)؟‬
‫كل نفهم من قوله تعالى أنه مات ورفعه‪ .‬التوفي أخذ الروح والرفع رفع بالجسم الحيّ‪ .‬لما قال تعالى (متوفيك) يعني قبض الروح ولما قال‬
‫(ورافعك اليّ) رفعا بالجسم الحيّ أو الهيكل‪ .‬ونلحظ قوله تعالى (ومطهرك) التطهير للروح والبدن حتى ل يمسه أعداؤه بأذى أو بضرر أو‬
‫ت فِيهِ ْم فََلمّا تَ َو ّف ْيتَنِي ُكنْتَ َأنْتَ‬
‫شهِيدًا مَا دُمْ ُ‬ ‫بشيء يسيء إليه‪ .‬الرفع لجسمه لتطهيره من كل أدران الرض ومن فيها‪ .‬قال تعالى ( َو ُكنْتُ عََل ْيهِ ْم َ‬
‫شهِي ٌد (‪ )117‬المائدة) هنا اقتصر على كلمة توفيتني أي أخذت روحي‪ .‬لمّا توفّاه هل أخذ روحه وترك‬ ‫يءٍ َ‬ ‫ل شَ ْ‬ ‫ت عَلَى كُ ّ‬ ‫ب عََل ْيهِمْ وََأنْ َ‬
‫ال ّرقِي َ‬
‫ك مِنَ اّلذِينَ كَ َفرُوا) هذه تثبت أنها ليست مجرد وفاة‬ ‫طهّ ُر َ‬
‫جسمه؟ القرآن يفسر بعضه بعضا (ِإذْ قَالَ اللّ ُه يَا عِيسَى ِإنّي مُتَ َوفّيكَ وَرَا ِف ُعكَ إِلَيّ َومُ َ‬
‫وإنما وفاة ورفع وتطهير‪ .‬ورد ذكر اسم عيسى أو المسيح أو ابن مريم حسب الحصاء في القرآن الكريم في ‪ 35‬آية‪ 3 .‬مواضع فقط تتعلق‬
‫شبّهَ َل ُهمْ (النساء)) والقرآن يقول (وما قتلوه وما‬ ‫صَلبُوهُ وََلكِنْ ُ‬
‫بالوفاة‪ ،‬موضعان فيهما كلمة توفيتني ومتوفيك وموضع فيه ( َومَا َقتَلُوهُ َومَا َ‬
‫حكِيمًا (‪ )158‬النساء) هنا إشارة إلى الرفع‪ .‬الية الولى‬ ‫صلبوه)‪َ ( .‬ومَا َقتَلُو ُه يَقِينًا (‪ )157‬النساء) تأكيد (بَلْ َر َفعَهُ اللّهُ ِإَليْهِ َوكَانَ اللّ ُه عَزِيزًا َ‬
‫فيها التوفي فقط والثالثة الرفع فقط والية الثانية فيها توفي ورفع وتطهير‪.‬‬
‫ْ َ َ َ‬
‫سى إِن ّ ِـي‬
‫عي َـ‬ ‫ل الل ّـ ُ‬
‫ه ي َـا ِ‬
‫َ‬
‫* لماذا جاء نداء الله تعالى لعيسـى (يـا عيسـى) فـي سـورة آل عمران (إِذ قا‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ق ال ّذِي َ‬ ‫ن اتَّبَعُو َ‬
‫ل ال ّذِي َ‬ ‫ن ال ّذِي َ‬ ‫مطَهُِّر َ‬ ‫ك إِل َ َّ‬
‫ن كَفَُروا إِلى يَو ْ ِ‬
‫م‬ ‫ك فَو ْ َ‬ ‫ع‬ ‫ن ك َ َفُروا وَ َ‬
‫جا ِ‬ ‫م َ‬
‫ك ِ‬ ‫ي وَ ُ‬ ‫ك َوَرافِع ُ َ‬
‫متَوَفِّي َ‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫م إِل َـ َّ‬
‫ن (‪ ))55‬وليـس(يـا عيسـى إبـن‬
‫ختَلِفُو َـ‬ ‫ما كُنْت ُـ ْ‬
‫م فِيهـِ ت َ ْ‬ ‫م فِي َـ‬ ‫حك ُـ ُ‬
‫م بَيْنَك ُـ ْ‬ ‫جعُك ُـ ْ‬
‫م فَأ ْ‬ ‫مْر ِ‬
‫ي َ‬ ‫الْقِيَا َ‬
‫مةِ ث ُـ َّ‬
‫مريم)كما في سورة المائدة ؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫عيسى نودي أربع مرات في القرآن الكريم كله‪ .‬في ثلث مرات يناديه ال سبحانه وتعالى في مرة قال (عيسى) مجرّدا وفي مرتين (يا‬
‫عيسى إبن مريم) والمرة الخرى نودي فيها على لسان الحواريين (يا عيسى إبن مريم)‪ .‬في النداء مرة واحدة نودي بإسمه المجرّد بأداة النداء‬
‫يا‪ .‬لما تنادي إنسانا بإسمه المجرّد هناك صورتان‪ :‬العلى ينادي الدنى (العلى منصبا وجاها) عندما يناديه بإسمه المجرّد هذا نوع من‬
‫التحبب والتقرّب‪ .‬والمناسبة هنا مناسبة توفّي فل بد أن يرقق الكلم معه أنه أنت قريب مني لن هذا معناه قُرب فقال (ِإ ْذ قَالَ اللّ ُه يَا عِيسَى ِإنّي‬
‫حكُ ُم َب ْينَكُ ْم فِيمَا ُك ْنتُمْ فِيهِ‬
‫ج ُعكُ ْم َفأَ ْ‬
‫ي مَرْ ِ‬
‫ن كَفَرُوا إِلَى يَ ْومِ الْ ِقيَامَةِ ثُمّ ِإلَ ّ‬
‫ن كَفَرُوا وَجَاعِلُ اّلذِينَ ا ّت َبعُوكَ فَ ْوقَ اّلذِي َ‬
‫ك مِنَ اّلذِي َ‬
‫طهّ ُر َ‬
‫ُمتَ َوفّيكَ َورَا ِف ُعكَ ِإلَيّ َومُ َ‬
‫ن (‪ ))55‬هناك مانع في غير القرآن أن يقول‪ :‬يا عيسى إبن مريم‪ ،‬ل ينفع معناه‪ .‬يا عيسى أنت قريب مني أنا سأتوفّاك وسأرفعك إليّ‬ ‫ختَِلفُو َ‬
‫تَ ْ‬
‫ففي هذا الموضع ل يحتاج إلى أن يذكر أمّه‪ .‬فيها نوع من التحبب لنه يريد أن يتوفاه فناداه بالتقرّب (يا عيسى) ول مجال لذكر أمه هنا‪.‬‬
‫ك إِل َ َّ‬
‫ي (‪ )55‬آل عمران) ما دللة متوفيك؟(د‪.‬فاضل‬ ‫ك وََرا ِفعُ َ‬
‫متَوَفِّي َ‬
‫سى إِنِّي ُ‬
‫عي َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ه يَا ِ‬ ‫*(إِذ ْ قَا َ‬
‫السامرائى )‬
‫التوفي ليس هو الموت‪.‬‬
‫الشكال عند متوفيك‪ ،‬قد يفهمون أن التوفي هو الموت‪ .‬الموت هو حالة من حالت التوفّي التوفي ليس بالضرورة الموت (اللّ ُه َيتَ َوفّى ا ْلأَنفُ َ‬
‫س‬
‫ن ( ‪)42‬‬ ‫سمّى إِنّ فِي ذَلِ كَ لَآيَا تٍ لّقَ ْو ٍم َيتَ َفكّرُو َ‬
‫ل مُ َ‬
‫جٍ‬‫ل الُْأخْرَى ِإلَى أَ َ‬ ‫سكُ اّلتِي َقضَى عََل ْيهَا ا ْلمَ ْو تَ َويُرْ سِ ُ‬ ‫ت فِي َمنَا ِمهَا َف ُيمْ ِ‬‫حِي نَ مَ ْو ِتهَا وَاّلتِي لَ ْم َتمُ ْ‬
‫الز مر) ال يتو فى الن فس ح ين موت ها ويتو فى ال تي لم ت مت في منام ها قالوا الق بض عن الت صرف الختياري في حالة النوم هو ل يس مختارا‬
‫فقبضه عن التصرف الختياري ومن معاني التوفي في اللغة النوم فالتوفي ليس معناه الموت قد يكون من المعاني‪ .‬الموت انتهاء الحياة القبض‬
‫ت (‪ )15‬النساء) الموت نزع الروح من الجسد بصورة نهائية دون إعادة في النوم فيها إعادة‬ ‫ى يَتَ َوفّاهُنّ ا ْلمَوْ ُ‬
‫حتّ َ‬
‫ت َ‬ ‫ن فِي ا ْل ُبيُو ِ‬
‫سكُوهُ ّ‬‫الكامل (فََأمْ ِ‬
‫ق بض الروح وذ هب في ملكوت ال ك ما في الحد يث تخرج الروح فتذ هب وتأ تي ت حت العرش ورب نا يطلع ها على ما شاء وهذه عن الرؤى‬
‫الصادقة‪ .‬متوفيك أي قبضه عن التصرف في الدنيا اختيارا لكنه لم يمت‪ .‬التوفي ليس معناه الموت حصرا‪ ،‬ورافعك إليّ لكنه ليس ميتا حصرا‬
‫سهِ ْم ( ‪ )97‬الن ساء) هذا بمع نى الموت‪ .‬إذن التو في بمع نى الموت‬ ‫ن تَ َوفّاهُ مُ ا ْلمَل ِئكَةُ ظَالِمِي َأنْفُ ِ‬
‫كالنائم يتوفاه برو حه ل كن ج سده باق‪( .‬إِنّ اّلذِي َ‬
‫وبمعنى القبض عن التصرف في الحياة وفي الية متوفيك أي قبضه عن التصرف في الحياة‪ .‬عندنا كلم في اللغة إذا كان هنالك أثر صحيح‬
‫عن الرسول نقطع به لكن من حيث اللغة التوفي ليس معناه الموت ضرورة ولكن من أحد معانيه الموت‪ .‬في اللغة وفي القرآن (اللّ ُه يَتَ َوفّى‬
‫سمّى)‬ ‫ل مُ َ‬ ‫سكُ اّلتِي قَضَى عََل ْيهَا ا ْلمَوْتَ َويُرْسِلُ ا ْلأُخْرَى إِلَى َأجَ ٍ‬ ‫ت فِي َمنَا ِمهَا َف ُيمْ ِ‬‫الْأَن ُفسَ حِينَ مَ ْو ِتهَا ) لما تموت انتهى قبض روحها (وَاّلتِي لَ ْم َتمُ ْ‬
‫وال تي لم ت مت يتوفا ها في منام ها المنام توفّي في سمك ال تي ق ضى علي ها الموت (أي يأخذ ها) وير سل ال تي هي نائ مة‪ .‬متوف يك ه نا ل تع ني‬
‫بالضرورة الموت إل إذا كان هناك أثر صحيح عن الرسول بذلك‪ .‬إذن من حيث الدللة ل تعني الية أن عيسى مات من حيث اللغة إل‬
‫إذا كان هناك دليل والدللة الدقيقة تتأتى من حيث السياق‪.‬‬
‫آية (‪:)57-56‬‬
‫ُ‬ ‫َ َـ َ َ‬
‫م عَذ َاب ًـا َ‬
‫شدِيدًا فِـي‬ ‫ن كَفَُروا فَأعَذِّبُهُـ ْ‬ ‫ما ال ّذِي َـ‬
‫*فـي سـورة آل عمران عندمـا تحدث عـن الكفار (فأ ّ‬
‫ن (‪ ))56‬قال (فأعذبهـم) حاضـر وعندمـا تحدث عـن المؤمنيـن‬ ‫صرِي َ‬ ‫ن نَا ِـ‬‫م ْـ‬
‫م ِ‬ ‫ما لَهُـ ْ‬
‫خَرةِ وَـ َ‬‫الدُّنْي َـا وَاْل َ ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َــ َ َ‬
‫ن (‪ ))57‬قال‬ ‫مي َــ‬ ‫ب الظال ِ ِ‬ ‫ح ّــُ‬‫ه َل ي ُ ِ‬
‫م َوالل ّــ ُ‬
‫جوَرهُــ ْ‬‫مأ ُ‬‫ت فَيُوَفِّيهِــ ْ‬
‫حا ِ‬‫صال ِ َ‬‫ملُوا ال ّــَ‬
‫منُوا َوعَ ِ‬ ‫نآ َ‬‫ما ال ّذِي َــ‬ ‫(وَأ ّ‬
‫(فيوفّيهـــم) ولم يقـــل فأوفيهـــم‪ .‬العمـــل كله لله تعالى فلماذا قال فـــي الولى فأعذبهـــم ثـــم‬
‫فيوفّيهم؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫اليات التي في سورة آل عمران في هذا الموضع فيها نوع من التنويع والتلوين بين الفراد والجمع وبين الحاضر والغائب لكن لكلٍ موضعه‪.‬‬
‫ق اّلذِينَ‬
‫ن كَفَرُوا وَجَاعِلُ اّلذِينَ ا ّت َبعُوكَ فَوْ َ‬
‫ك مِنَ اّلذِي َ‬
‫طهّ ُر َ‬
‫ننظر في اليات يبدأ بقوله تعالى (ِإ ْذ قَالَ اللّ ُه يَا عِيسَى ِإنّي ُمتَ َوفّيكَ وَرَا ِف ُعكَ إَِليّ َومُ َ‬
‫ن (‪ ))55‬لمّا يقول‪( :‬إذ قال) قال للغائب لكن حينما نسمع (إذ قال ال) ال‬ ‫ختَِلفُو َ‬
‫ح ُكمُ َب ْي َنكُ ْم فِيمَا ُك ْنتُ ْم فِيهِ تَ ْ‬
‫ج ُعكُ ْم فَأَ ْ‬
‫ي مَ ْر ِ‬
‫كَ َفرُوا إِلَى يَوْمِ ا ْل ِقيَامَ ِة ثُمّ إِلَ ّ‬
‫عز وجل حاضر في القلب دائما فهو حاضر في قلبك عندما تقول ال الحضور دائم فصار عندك‪ :‬قال للغائب وال حاضر فلوّنت العبادة بين‬
‫غائب وحاضر‪( .‬يا عيسى إني متوفيك) إنّي هنا الفراد لن هذا أمر ل يُنسب إل ل عز وجل‪(.‬وجاعل الذين اتّبعوك) نشدد على كلمة‬
‫(اتبعوك) حتى ل تُفهم خطأ‪ :‬الذين اتبعوك اي الذين اتبعوا عيسى بمبادئه التي جاء فيها وليست المحرّفة فالكلم عن الذين اتبعوه قبل‬
‫ي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون) الذي هو خلف أمته‪( .‬فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والخرة‬ ‫التحريف‪( .‬ثم إل ّ‬
‫وما لهم من ناصرين) لحظ الحضور المتكلم الحاضر لماذا؟ لن العذاب دنيا وآخرة‪.‬‬
‫(وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفّيهم أجورهم وال ل يحب الظالمين) اولً‪ :‬الجور متى تُدفع؟ بعد العمل فينبغي أن ينتهي العمل حتى‬
‫تُدفع الجور فإذن المر غائب سوف ينتهي العمل وسوف يوفّون الجور‪ ،‬هذه واحدة‪( .‬أوفّيهم) الن ل يستعمل السين معنى ذلك أنه تراخى‬
‫المر لنها تدل على التراخي تراخي الموضوع‪( .‬فيوفيهم) بالمضارع وهو الغيبة هنا تتناسب مع غيبة الجور التي ستعطى لهم هذه مسألة‬
‫الحقيقة (فأعذبهم) في الدنيا يعذبون‪( ،‬فأحكم) عند رجوعكم أحكم مباشرة‪ ،‬كيف؟ يتكلم عن نفسه يتحدث معهم ثم يقلب الكلم بهذا القُرب؟‪( .‬أما‬
‫الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفّيهم أجورهم) صار بُعد‪ ،‬جاء ابتعاد في الكلم عن الكلم الول‪ .‬أنت أمام عبارة انتهت وبدأت عبارة أخرى‪.‬‬
‫لم يقل (والذين آمنوا) وإنما العبارة تبدأ (أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفّيهم أجورهم) صار هناك مسافة مبتعدة ابتعدت فقال (فيوفيهم)‬
‫هذه واحدة‪ .‬والمسألة الثانية لما استعمل الغيبة لن عندنا في نهاية الية قاعدة عامة‪ ،‬القاعدة العامة جاءت بالغيبة (وال ل يحب الظالمين) هذه‬
‫قاعدة عامة‪ .‬لم يقل أنا ل أحب الظالمين إنما يعني هو ل يحب الظالمين فكأن يوفيهم كانت تمهيدا لمجيء هذه القاعدة العامة (فيوفيهم‬
‫أجورهم)‪( .‬وال ل يحب الظالمين) غيب وهي قاعدة عامة فمهّد لها بالعبارة التي فيها الغيب (فيوفيهم أجورهم) بينهما مجانسة ل شك لكن قلنا‬
‫هناك تلوين في العبارة بين الحضور والغيبة‪ :‬حضور وغيبة‪ ،‬حضور وغيبة‪ ،‬لكن وفي الوقت نفسه يمكن أن تكون (فنوفّيهم أجورهم) وعند‬
‫حكِي ِم (‪ .))58‬هناك روايتان (فيوفيهم) و (فنوفيهم)‪( .‬فيوفيهم) ترتبط بالقاعدة العامة‬‫ك َنتْلُو ُه عَل ْيكَ مِنَ ا ْلَآيَاتِ وَالذّكْرِ ا ْل َ‬
‫ذلك تكون ممهِدة لقوله (ذَِل َ‬
‫‪( ،‬نوفيهم) تنسجم مع ما قبلها من المتحدث لكن صار المعظم نفسه (نحن نصنع كذا وهو واحد لتعظيم ال تعالى) ومهّدت لـ (ذلك نتلوه عليك‬
‫من اليات والذكر الحكيم) صار فيه تعظيم‪.‬‬
‫ن َف َيكُونُ (‪ ))59‬رجع إلى الفراد‪ .‬لحظ الغيبة والحضور والتعظيم وعدم التعظيم‬ ‫ب ثُ ّم قَالَ لَ ُه كُ ْ‬
‫عنْدَ اللّ ِه َك َمثَلِ َآدَ َم خََلقَهُ مِنْ تُرَا ٍ‬
‫ل عِيسَى ِ‬
‫ن َمثَ َ‬
‫(إِ ّ‬
‫كل في موضعه لن هنا (خلقه) الخلق هنا إفراد لعيسى أولدم‪ .‬هذا التنويع نقول حقيقة التنويع بوصفه تنويعا في الصل هو نوع من إراحة‬
‫ل يراد به واحد هذا التلوين لكن‬‫القراءة يعني هذا التلوين يرتاح فيه القارئ ‪ :‬مرة مفرد ومرة جمع‪ ،‬مرة يتحدث عن نفسه ومرة غائب وفي ك ّ‬
‫مع هذه الزمة نجد أن كل كلمة جاءت في موضعها‪.‬‬
‫آية (‪:)58‬‬
‫*ورتل القرآن ترتيلً‪:‬‬
‫حكِي ِم (‪ )58‬آل عمران) أُنظر إلى البعاد التي تحملها كلمة (عليك) فأولً فيها تشريف الخطاب من ال‬‫ك مِنَ اليَاتِ وَال ّذكْرِ الْ َ‬
‫(ذَِلكَ َنتْلُو ُه عََل ْي َ‬
‫العظيم بدللة نون العظمة في (نتلوه)‪ .‬وثانيا تجد إيراد هذه الكلمة أي (عليك) تصديقا لدعوى الرسالة وآية من آيات صدق النبوة إذ أنه لم يكن‬
‫يعلم ذلك‪.‬‬
‫*ما دللة (الحكيم)فى وصف الذكر؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫الحكيم لها أكثر من دللة إما أن تكون من الحُكم أو من الحِكمة‪ .‬الحكيم قد تكون إسم مفعول بمعنى محكم (فعيل بمعنى مفعول مثل قتيل بمعنى‬
‫حكِي ِم (‪ )58‬آل عمران) وفي سورة هود قال تعالى (الَر ِكتَابٌ‬
‫ن اليَاتِ وَال ّذكْرِ ا ْل َ‬
‫ك َنتْلُو ُه عََل ْيكَ مِ َ‬
‫مقتول) وحكيم بمعنى مُحكم قال تعالى (ذَِل َ‬
‫خبِي ٍر (‪ ))1‬يعني مُحكم‪.‬‬ ‫حكِيمٍ َ‬
‫ت مِن ّلدُنْ َ‬
‫ت آيَاتُ ُه ثُ ّم فُصّلَ ْ‬
‫ح ِكمَ ْ‬
‫ُأ ْ‬
‫آية (‪:)61‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ساءك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ساءنَا وَن ِ َ‬ ‫ل ت َ َعالَوْا ْ نَدْعُ أبْنَاءنَا وَأبْنَاءك ُ ْ‬
‫م وَن ِ َ‬ ‫ن الْعِلْم ِ فَقُ ْ‬‫م َ‬ ‫ك ِ‬
‫َ‬
‫جاء َ‬‫ما َ‬ ‫من بَعْدِ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ك فِي ِ‬ ‫حآ َّ‬
‫ج َ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬‫*(فَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن (‪ )61‬آل عمران) إن الفئة المجادِلة‬ ‫ة اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِي َ‬ ‫جعَل ل ّعْن َ ُ‬
‫ل فَن َ ْ‬ ‫م ث ُ َّ‬
‫م نَبْتَهِ ْ‬ ‫سك ُ ْ‬
‫سنَا وأنفُ َ‬
‫وَأنفُ َ‬
‫م جمع في المباهلة البناء والنساء ودُعوا إليها وكان‬ ‫من وفد نجران كانت من الرجال البالغين فل ِ َ‬
‫يكفي أن يقال (وأنفسنا وأنفسكم)؟( ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫إن من ظهرت مكابرته في الحق وحب الدنيا علِم أن أهله ونساءه أحب إليه من الحق وأنه يخشى سوء العيش وفقدان الهل ول يخشى عذاب‬
‫الخرة لذلك طالبهم ال تعالى بإحضارهم وهذا يزرع الخوف في قلوبهم من إلحاق الذى واللعنة بهم‪.‬‬
‫آية (‪ :)62‬انظر آية (‪)6‬‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ن إِلَـهٍ إِل ّ الل ّ ُ‬
‫ه (‪ )62‬آل عمران) لو قلنا‪ :‬هذا القصص الحق لت ّ‬ ‫م ْ‬‫ما ِ‬ ‫ص ال ْ َ‬
‫حقُّ وَ َ‬ ‫ن هَـذ َا لَهُوَ الْقَ َ‬
‫ص ُ‬ ‫*(إ ِ َّ‬
‫ن) والضمير (هو) في قوله تعالى (إن هذا لهو)؟ (ورتل القرآن‬ ‫المعنى المراد فما فائدة دخول (إ ّ‬
‫ترتيلً)‬
‫دخول الحرف المشبه بالفعل (إنّ) يفيد تأكيد الجملة وقد زاد تأكيدها بدخول ضمير الفصل (لهو) الذي يفيد التوكيد والقصر وما ذاك إل‬
‫لزعزعة ثقة أصحاب المِلل بدينهم‪ .‬فكأن ال تعالى يقول لهم إن هذا هو القصص الحق وحده ل ما تقصّه كتب أصحاب المِلل الخرى‬
‫وعقائدهم‪.‬‬
‫حتى تسمية ضمير الفصل قالوا يفصل الخبر عن الصفة وهذا أصل التسمية‪ ،‬أصل التسمية حتى يعلم أن الذي بعده خبر وليس صفة لنه أحيانا‬
‫ص الْحَقّ)‪ ،‬هذا القصص الحق يحتمل أن يكون القصص بدل فيها إلتباس فإذا أردنا‬
‫ن هَـذَا َلهُوَ ا ْلقَصَ ُ‬
‫يأتي السائل أن هذا صفة وبعده خبر‪( ،‬إِ ّ‬
‫أن نجعل القصص هو الخبر وليس الصفة نقول هذا هو القصص والحق تكون صفة وإذا أردنا أن نقرر أن حتما القصص ليس خبرا نقول هذا‬
‫القصص هو الحق يكون الحق هنا خبر للقصص‪ ،‬القصص بدل لهذا‪ ،‬هذا أصل التسمية حتى يفصل وأن ما بعجها خبر وليس صفة‪ ،‬هذا أصل‬
‫التسمية ثم ذكر له فوائد في الغالب القصر الحقيقي أو الدعائي (تدعي أن فلن شاعر مثلً وهو ليس بشاعر) أو التوكيد‪ .‬أما في قوله تعالى‬
‫حدٌ) هذا ضمير الشأن وليس ضمير الفصل‪ .‬ضمير الفصل على الرجح ليس له محل من العراب‪ ،‬نقول هو ضمير مبني ونعده‬ ‫ل هُوَ اللّهُ أَ َ‬
‫(قُ ْ‬
‫حرفا وهذا من أشهر القوال لنه لو كان إسما يذكر له محل من العراب‪ ،‬في أشهر القوال أنه حرف ل محل له من العراب‪.‬‬
‫َ‬
‫ن إِلَـهٍ إِل ّ الل ّ ُ‬
‫ه (‪ )62‬آل عمران)؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬ ‫م ْ‬
‫ما ِ‬
‫*ما فائدة (من)فى قوله تعالى (وَ َ‬
‫هذه تسمى في اللغة مِنْ الستغراقية التي تستغرق كل ما دخلت عليه‪َ ( .‬ومَا مِنْ إِلَـهٍ ِإلّ اللّ ُه (‪ )62‬آل عمران) استغرقت جميع اللهة‪( .‬أن‬
‫ل َنذِي ٍر (‪ )19‬المائدة) تستغرق كل ما دخلت عليه‪ .‬لما تقول ما جاءني رجل فيها احتمالين أنه ما جاءك رجل وإنما‬ ‫تَقُولُو ْا مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ َو َ‬
‫رجلين أو أكثر وما جاءني رجل أي واحد من هذا الجنس أما ما جاءني من رجل تستغرق الجنس بكامله لم يأتك ل واحد ول أكثر من هذا‬
‫الجنس‪ .‬ما أصاب من مصيبة أي أي مصيبة كبيرة أو صغيرة لم يشذ عنها مصيبة واحدة فيما يحدث في كل الدنيا ل يمكن أن تقع مصيبة إل‬
‫وهي مدونة في كتاب وخارج الكتاب ل تقع وهذا على سعة علم ال وإحاطته بالشياء صغيرة أو كبيرة حيثما وقعت هي مدونة مكتوبة في‬
‫كتاب من قبل أن تقع‪.‬‬
‫*ما الفرق بين الُرشد والحق؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫الحق ليس مناقضا للرُشد ول الرُشد مناقضا للحق‪ .‬الحق أعم من الرُشد‪ ،‬يعني يوصف بالحق أحيانا ما ل يوصف بالرشد ويُخبر عنه بما ل‬
‫حقّ (‪ )61‬البقرة) (ِإنّ‬ ‫شدًا (‪ )6‬النساء) هل يمكن أن يقال آنستم منهم حقا؟ كل‪َ ( .‬و َي ْقتُلُونَ ال ّنبِيّينَ ِب َغيْرِ الْ َ‬ ‫ستُم ّمنْهُ ْم رُ ْ‬ ‫ن آنَ ْ‬ ‫يخبر بالحق يعني (فَإِ ْ‬
‫ق (‪ )27‬المائدة) كلها ل‬ ‫ل عََل ْيهِ ْم َنبََأ ا ْبنَيْ آ َدمَ بِالْحَ ّ‬‫ق (‪ )86‬آل عمران) (وَاتْ ُ‬
‫حّ‬‫ش ِهدُواْ أَنّ الرّسُولَ َ‬ ‫ق (‪ )62‬آل عمران) (وَ َ‬ ‫حّ‬ ‫صصُ الْ َ‬ ‫هَـذَا َلهُ َو الْقَ َ‬
‫ق (‪ )57‬النعام) ل يصح أن يقال يقص الرُشد‪( ،‬ثُمّ ُردّواْ إِلَى اللّ ِه مَ ْولَهُمُ‬ ‫ص الْحَ ّ‬
‫حكْمُ ِإلّ لِلّ ِه يَقُ ّ‬
‫يصح فيها الرُشد‪ ،‬الحق أعم من الرشد (إِنِ ا ْل ُ‬
‫ق (‪ )32‬يونس) الحق أعمّ‪ .‬وهذا أول فرق بين الحق والرشد أن الحق أعم وأنه يُذكر في أمور ل‬ ‫الْحَقّ (‪ )62‬النعام) ( َفذَِلكُمُ اللّهُ َرّبكُ ُم الْحَ ّ‬
‫يصح فيها ذكر الرُشد‪.‬‬
‫المر الخر أن الرُشد ل يقال إل في العاقل العاقل يوصف بالرُشد أما الحق عام‪ ،‬نقول القتل بالحق‪ ،‬هذا المال حق لك‪ ،‬إذن ال هو الحق‪،‬‬
‫الجنة حق والنار حق‪ .‬هنالك أمران حقيقة‪ :‬أولً الحق أع ّم من الرُشد يُخبر به عن النسان وغيره ومن ناحية اخرى الرُشد خاص بالعاقل‪ ،‬إذن‬
‫الرشد قسم من الحق وليس الحق كله‪ ،‬كل رشد هو حق لكن ليس حق رشدا باعتبار الحق أعمّ‪.‬‬
‫آية (‪:)64‬‬
‫ل الْكتا ب تعالَوا ْ إلَى كَل َمة سواء بينن ا وبينك ُم أَلَّ‬
‫ل ي َا أَهْ َ‬
‫*ما دللة الفعل (تعالوا) فى قوله تعالى(قُ ْ‬
‫َ ٍ َ َ َََْ َََْ ْ‬ ‫َِ ِ ََ ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ه (‪ )64‬آل عمران)؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬ ‫نَعْبُد َ إِل ّ الل ّ َ‬
‫أل تجد أن في هذه الية رفعة وسموا فتأمل صيغة المر بفعل (تعالوا) والصل فيه طلب الجتماع في مكان عالٍ وهو هنا (الكلمة) وهو تمثيل‬
‫رائع حيث جعل كلمة التوحيد تشبه المكان المراد به الرتفاع وهو مكان سامٍ يسمو بمن يلحق به‪.‬‬
‫(فَإِن تَوَلّ ْواْ (‪ )64‬آل عمران) جيء في هذا الشرط بحرف (إن) ولم يأت بغيره وما ذاك إل لن التولّي بعد نهوض الحجة وما قبلها من الدلة‬
‫غريب الوقوع وهذا من المعاني التي تفيدها (إن) التي جاءت في قوله تعالى (فإن تولوا) فتأمل!‪.‬‬
‫آية (‪:)72‬‬
‫*د‪.‬حسام النعيمى‪:‬‬
‫جعُونَ (‬
‫ل عَلَى اّلذِينَ َآ َمنُوا وَجْ َه ال ّنهَارِ وَاكْ ُفرُوا َآخِرَهُ َلعَّلهُ ْم يَ ْر ِ‬
‫ل ا ْل ِكتَابِ َآ ِمنُوا بِاّلذِي ُأنْزِ َ‬
‫قال تعالى فى سورة آل عمران ( َوقَاَلتْ طَائِفَ ٌة مِنْ أَهْ ِ‬
‫‪ ))72‬وفي هذه الية طريفة تُذكر وفيها فائدة وهي أن الكسائي وكان من أحد القُرّاء وعالم نحو كان مؤدبا لولد الرشيد وكان ذا صوت جميل‬
‫ت خطأ ل‬ ‫فيقول صلّيت بالرشيد يوما فأعجبتني نفسي (إذا أحب ال عبدا ينبهه الى خطئه) والعجاب بالنفس قد يُحبِط العمل قال وال أخطأ ُ‬
‫ن هذه؟ قلت يا أمير المؤمنين قد يكبو‬ ‫يخطئه الصبيان قرأت (يرجعين) فتهيّب الرشيد أن يردها عليّ فلما انتهيت قال الرشيد يا كسائي قراءة مَ ْ‬
‫الجواد فقال فنعم‪ .‬وهذا نوع من التربية فينبغي للنسان أن ل تعجبه نفسه فيؤدّب‪.‬‬
‫لماذا قال القرآن (طائفة)؟ يستعمل القرآن الكريم لفظ طائفة وفريق وفرقة والقرآن ل يجعل الكلم عاما وهذا ما يسمى بالروح العلمي في‬
‫التعبير فل نعمم ونقول قال جميع الناس‪.‬هناك فرق بين كلمة طائفة وفريق أو فرقة ولكل كلمة من هذه معناها فالفرقة هي جماعة عددها كثير‬
‫سمّيت فرقة كأنها فرّقت جمعا أما الطائفة فهي الجماعة البارزة التي كأنها تطفو على السطح ظاهرة وهي أقل من الفِرقة وهؤلء كأنهم‬ ‫وُ‬
‫ظاهرين بارزين لنه كان لديهم مخططا وهو أن يدخلوا في السلم صباحا ثم يرتدوا في المساء حتى يقول الناس ل بد أنهم رأوا ما ل ينبغي‬
‫فيرتدوا ايضا‪ .‬وليست كل طائفة تخطط وإنما الطائفة هم قوم ظاهرون كما في قوله تعالى (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) لم ينزع عنهما‬
‫صفة اليمان ويقال أن الصهيونية لها قيادة مستمرة على مدى الفي عام تنقل تجاربها الذين هم (حكماء صهيون) كلما هلك واحد دخل واحد‬
‫آخر في هذه العصبة او القيادة فتجاربهم مستمرة متواصلة وخبراتهم متراكمة ومن خبراتهم في ذلك الزمان أنهم يكلّفون بعضهم بالدخول في‬
‫دين ال في الصباح (الكلم في آية سورة آل عمران عن اليهود) ثم يرتدوا في المساء ليرتد الخرون‪.‬‬
‫آية (‪:)74‬‬
‫*ما دللة وصف الفضل بالعظيم فى الية (‪ )74‬آل عمران؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫ن (‪ )72‬وَلَا تُ ْؤ ِمنُوا إِلّا ِلمَ نْ‬ ‫جعُو َ‬ ‫ل عَلَى اّلذِي نَ َآ َمنُوا َوجْ هَ ال ّنهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِ َر هُ َلعَّلهُ ْم يَرْ ِ‬ ‫ب َآمِنُوا بِاّلذِي ُأنْزِ َ‬
‫قال تعالى‪َ (:‬وقَالَ تْ طَائِفَ ٌة مِ نْ أَهْلِ ا ْل ِكتَا ِ‬
‫ن يَشَاءُ وَاللّ هُ وَا سِ ٌع عَلِي ٌم (‬
‫ل ِبيَدِ اللّ ِه يُ ْؤتِي هِ مَ ْ‬
‫ع ْندَ َرّبكُ مْ ُقلْ إِنّ الْ َفضْ َ‬
‫ل مَا أُوتِيتُ مْ أَ ْو يُحَاجّوكُ ْم ِ‬‫حدٌ ِمثْ َ‬
‫ن يُ ْؤتَى أَ َ‬ ‫َتبِ عَ دِي َنكُ مْ ُقلْ إِنّ ا ْل ُهدَى ُهدَى اللّ هِ أَ ْ‬
‫ضلِ ا ْلعَظِي ِم (‪ )74‬آل عمران‪ .‬ه نا الف ضل من سوب مباشرة وم سند الى ال تعالى فجاء بل فظ العظ يم‬ ‫ح َمتِ ِه مَ نْ يَشَاءُ وَاللّ ُه ذُو الْفَ ْ‬ ‫ص بِرَ ْ‬ ‫ختَ ّ‬‫‪ )73‬يَ ْ‬
‫سبِق بالتنكير (عظيم)‬ ‫وكذلك ذكر الرحمة الواسعة فذكر العظيم‪.‬و جاءت بلفظ العظيم معرّفا لن ما قبلها معرّفا ويأتي بالتنكير عندما يكون قد ُ‬
‫ل عَظِي ٍم (‪ )174‬ف ضل جاءت‬ ‫سهُ ْم سُوءٌ وَا ّت َبعُوا ِرضْوَا نَ اللّ هِ وَاللّ ُه ذُو َفضْ ٍ‬ ‫ضلٍ لَ ْم َيمْ سَ ْ‬ ‫ك ما في آ ية سورة آل عمران(فَانْقََلبُوا ِب ِنعْمَ ٍة مِ نَ اللّ هِ َوفَ ْ‬
‫نكرة فجاء لفظ عظيم نكرة ايضا‪.‬‬
‫آية (‪:)75‬‬
‫م ن إن تأ ْمن ه بدينار ل َّ يؤَد ه إلَي َ َ‬ ‫ه بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَي ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ك إِل ّ َ‬
‫ما‬ ‫ُ ِّ ِ ِ ْ‬ ‫منْه ُم َّ ْ ِ َ َ ْ ُ ِ ِ َ ٍ‬ ‫ك وَ ِ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ن إِن تَأ َ‬
‫م ْ‬ ‫ل الْكِتَا ِ‬
‫ب َ‬ ‫ن أه ْ ِ‬ ‫م ْ‬
‫*(وَ ِ‬
‫ما (‪ )75‬آل عمران) إن الفعل (يأمن) يتعدى بحرف الجر (على) فنقول‪ :‬أمنته على‬ ‫ت عَلَي ْهِ قَآئ ِ ً‬‫م َ‬‫دُ ْ‬
‫م عدّى الفعـل )تأمنـه) فـي اليـة بالباء‬ ‫سـّري وقال تعالى على لسـان يعقوب (هـل آمنكـم عليـه) فل ِـ َ‬ ‫ِ‬
‫فقال (تأمنه بقنطار) دون تأمنه على قنطار؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫عدّيَ الفعل تأمنه‬
‫الحرف (على) يدل على التمكن فإذا قلت أمنته على سِرّي أي جعلته متمكنا منه وراعيا له‪ .‬وفي هذه الية (إن تأمنه بقنطار) ُ‬
‫بالباء لليماء إلى أن هذه المانة أريد بها المعاملة والوديعة والمانة بالمعاملة‪.‬‬
‫آية (‪:)77‬‬
‫*ما دللة وصف الثمن بالقليل؟ (د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫الثمن هو المقابل أو العِوَض وكلمة ثمن أوالثمن وردت في أحد عشر موضعا في القرآن الكريم كله‪ .‬في موضع واحد فقط لم يوصف فى سورة‬
‫المائدة(‪ .)106‬ووصف مرة واحدة بأنه بخسفى سورة يوسف وفى الماكن الخرى وصف بأنه قليل‪.‬‬
‫لما ننظر في اليات‪ :‬الية التي لم يوصف بها تتعلق بشهادة على وصية فهنا المر يتعلق بمصالح الناس الذين لهم وصية‪ .‬وحتى يشمل‬
‫الحقير والعظيم والمادي والمعنوي والنفيس والتافه يعني حتى يقطع عليهم الطريق لي تأويل‪.‬‬
‫الثمن القليل جاء حيثما ورد في الكلم عن حق ال سبحانه وتعالى ومعنى ذلك أن العدوان على حق ال سبحانه وتعالى مهما بلغ فهو ثمن قليل‬
‫تحقيرا لشأنه وتهوينا من قدره‪.‬أي ثمن يناسب آيات ال عز وجل؟ ل شيء‪ .‬فكل ثمن هو يقل في شأن آيات ال سبحانه وتعالى‪ .‬فحيثما ورد‬
‫الكلم عن آيات ال وعن عهد ال سبحانه وتعالى كله ثمن قليل ل يقابل‪ .‬وليس معنى ذلك ثمن قليل أنه يمكن أن يشتروا به ثمنا كثيرا‪.‬كل‪،‬‬
‫وإنما بيان إلى أن هذا الثمن الذي أخذتموه ل يقابل آيات ال فهو قليل في حق ال سبحانه وتعالى وكل ثمن يؤخذ مقابل ذلك فهو قليل مهما‬
‫ن ِب َعهْدِ اللّهِ وََأ ْيمَا ِنهِ ْم َث َمنًا قَلِيلًا أُوَل ِئكَ لَا خَلَاقَ َلهُ ْم فِي الَْآخِرَةِ وَلَا ُيكَّلمُهُ ُم اللّهُ وَلَا َينْظُرُ ِإَليْهِ ْم يَ ْومَ الْ ِقيَامَةِ وَلَا يُ َزكّيهِمْ وََلهُمْ‬
‫شتَرُو َ‬‫عظُم‪( .‬إِنّ اّلذِينَ يَ ْ‬
‫عذَابٌ أَلِيمٌ (‪ )77‬آل عمران) هذا الثمن سماه قليلً‪.‬‬ ‫َ‬
‫ن (‪ )187‬آل‬ ‫شتَرُو َ‬ ‫س مَا يَ ْ‬ ‫شتَ َروْا بِهِ َث َمنًا قَلِيلًا َف ِبئْ َ‬
‫ظهُورِ ِه ْم وَا ْ‬ ‫خذَ اللّ ُه مِيثَاقَ اّلذِينَ أُوتُوا ا ْل ِكتَابَ َلُت َبيّ ُننّهُ لِلنّاسِ َولَا َت ْكتُمُونَ ُه َفنَ َبذُوهُ وَرَاءَ ُ‬ ‫(وَِإذْ أَ َ‬
‫عمران) هذا ماضي صار‪ .‬وصفه بالقِلة أيا كان هذا الثمن هم باعوه في نظرهم بثمن عظيم لكن وصفه القرآن بالقِلة فبئس ما يشترون‪.‬‬
‫ع ْندَ َرّبهِمْ إِنّ‬
‫جرُهُ ْم ِ‬ ‫ن بَِآيَاتِ اللّ ِه َثمَنًا قَلِيلًا أُوَل ِئكَ َلهُمْ أَ ْ‬ ‫شتَرُو َ‬‫شعِينَ ِللّهِ لَا يَ ْ‬
‫ن بِاللّهِ َومَا ُأنْزِلَ إَِل ْيكُمْ َومَا ُأنْ ِزلَ إَِل ْيهِمْ خَا ِ‬ ‫ن مِنْ أَهْلِ ا ْل ِكتَابِ َلمَنْ يُ ْؤمِ ُ‬‫(وَإِ ّ‬
‫ب (‪ )199‬آل عمران) ليس معناه يشترون ثمنا عظيما ولكن هذا الثمن مهما كان نوعه فهو قليل في مقابل التضحية بآيات ال‬ ‫اللّهَ سَرِيعُ ا ْلحِسَا ِ‬
‫سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫في تسع آيات وصف الثمن بأنه قليل ‪ ،‬إما أن ينهاهم عن ذلك أو يثبته لهم بأنهم فعلوا ذلك وما قبضوه قليل‪.‬‬
‫أل يمكن أن يأتى الوصف بالبخس والقليل معا؟ يمكن إذا أُريد بالبخس ما هو ليس من قدر الشيء الذي بيع ول يستقيم مع آيات ال‪ .‬ليس هناك‬
‫شيء بقدر اليات لذلك ل يستقيم إل القلّة‪.‬‬
‫*ورتل القرآن ترتيلً‪:‬‬
‫ظرُ إَِل ْيهِ ْم يَوْمَ ا ْل ِقيَامَةِ َولَ يُ َزكّيهِمْ وََلهُمْ‬
‫ل يَن ُ‬
‫ل ُيكَّل ُمهُمُ اللّهُ َو َ‬
‫ك لَ خَلَقَ َلهُ ْم فِي الخِرَةِ َو َ‬
‫ن ِب َعهْدِ اللّهِ َوَأ ْيمَانِهِ ْم َث َمنًا قَلِيلً أُوْلَـ ِئ َ‬
‫شتَرُو َ‬‫(إِنّ اّلذِينَ يَ ْ‬
‫عذَابٌ أَلِيمٌ (‪ )77‬آل عمران) تدبر في هذا التعبير عن غضب ال تعالى ومقته للكافرين‪ ،‬فلم يقل ربنا تعالى أولئك غضب ال عليهم ومقتهم بل‬ ‫َ‬
‫ل يُ َزكّيهِمْ) لن عدم الكلم يدل على شدة اغضب لدرجة أن التكلم ل يستطيع أن يخاطب‬ ‫ل يَنظُرُ إَِل ْيهِ ْم يَوْمَ ا ْل ِقيَامَةِ َو َ‬‫قال ( َولَ ُيكَّل ُمهُمُ اللّهُ َو َ‬
‫المغضوب عليه‪ .‬وفي سلب النظر إليهم من ال سبحانه وتعالى إشارة إلى شدة مقتهم وعدم استحقاقهم لدنى عذر وقم آثر ال تعالى أن يعبر‬
‫عن غضبه عليهم بعدم النظر وعدم الكلم لليماء إلى أنهم ل يستحقون أن ينالوا أدنى عطف أو رحمة من ال تعالى بل قد استحقوا الغضب‬
‫والنار‪.‬‬
‫آية (‪:)78‬‬
‫ن منهم لَفَريقًا يلْوو َ‬
‫ن‬
‫م َ‬
‫سبُوهُ ِ‬ ‫ح َ‬
‫ب لِت َ ْ‬‫سنَتَهُم بِالْكِتَا ِ‬‫ن أل ْ ِ‬‫َ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫*ما دللة تكرار الكتاب فى قوله تعالى (وَإ ِ َّ ِ ْ ُ ْ‬
‫ن عَلَى اللّهِ‬ ‫ه وَيَقُولُو َ‬‫عندِ الل ّ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عندِ اللّهِ وَ َ‬
‫ما هُوَ ِ‬ ‫ن ِ‬‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ب وَيَقُولُو َ‬
‫ن هُ َ‬ ‫ن الْكِتَا ِ‬
‫م َ‬‫و ِ‬ ‫ما هُ َ‬ ‫الْكِتَا ِ‬
‫ب َو َ‬
‫ن (‪ )78‬آل عمران)؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬ ‫مو َ‬‫م يَعْل َ ُ‬
‫ب وَهُ ْ‬‫الْكَذِ َ‬
‫لحظ التكرار في هذه الية فقد كرّر ال تعالى كلمة الكتاب مع أن النظم كان يستقيم لو قيل‪ :‬لتحسبوه من الكتاب وما هو منه‪ ،‬ويقولون هو من‬
‫عند ال وما هو من عنده‪ ،‬لكنه جاء بهذا التكرار لقصد الهتمام بالسمين‪ :‬الكتاب ولفظ الجللة وذلك يجرّك إلى الهتمام بما يتعلق بهما من‬
‫خبر‪.‬‬
‫*ما الفرق بين النفى ب(ما) و (لم)؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫(ما) في الغالب تقال للرد على قول في الصل يقولون في الرد على دعوى‪ ،‬أنت قلت كذا؟ أقول ما قلت‪ .‬أما (لم أقل) قد تكون من باب‬
‫الخبار فليست بالضرورة أن تكون ردا على قائل لذلك هم قالوا لم يفعل هي نفي لـ(فعل) بينما ما فعل هي نفي لـ (لقد فعل)‪ .‬حضر لم‬
‫ن بِاللّ ِه مَا قَالُواْ َولَ َق ْد قَالُو ْا كَِلمَةَ ا ْل ُكفْ ِر (‪ )74‬التوبة) (ما اتخذ) ضد قول اتخذ صاحبة ول ولدا‪ ،‬لم‬ ‫يحضر‪ ،‬ما حضر نفي لـ قد حضر (يَحِْلفُو َ‬
‫ض وَلَمْ‬ ‫ن نَذِيرًا (‪ )1‬اّلذِي لَ ُه مُ ْلكُ ال ّ‬
‫سمَاوَاتِ وَا ْلأَرْ ِ‬ ‫عبْدِهِ ِل َيكُونَ لِ ْلعَاَلمِي َ‬
‫علَى َ‬
‫يتخذ قد تكون من باب الخبار والتعليم ( َتبَا َركَ اّلذِي نَزّلَ ا ْلفُ ْرقَانَ َ‬
‫ي ٍء فَ َقدّرَ ُه تَ ْقدِيرًا (‪ )2‬الفرقان) هذا من باب التعليم وليس ردا على قائل وليس في السياق أن‬ ‫ق كُلّ شَ ْ‬‫خذْ وََلدًا َولَ ْم َيكُن لّ ُه شَرِيكٌ فِي ا ْلمُ ْلكِ وَخََل َ‬
‫َيتّ ِ‬
‫ع ْبدِهِ) يخبرنا إخبارا ‪ .‬بينما نلحظ لما قال في محاجته للمشركين (ما اتخذ‬ ‫ن عَلَى َ‬ ‫هناك من قال وردّ عليه وإنما تعليم (تَبَا َركَ اّلذِي نَزّلَ الْ ُف ْرقَا َ‬
‫سبْحَانَ اللّهِ‬
‫ضهُ ْم عَلَى َبعْضٍ ُ‬ ‫ق وََلعَلَا َبعْ ُ‬ ‫ب كُلّ إِلَ ٍه ِبمَا خَلَ َ‬‫ن َمعَهُ مِنْ إِلَهٍ ِإذًا ّلذَهَ َ‬
‫خذَ اللّ ُه مِن وََلدٍ َومَا كَا َ‬ ‫ال من ولد) هم يقولون اتخذ ال ولد (مَا اتّ َ‬
‫سبُو ُه مِنَ ا ْل ِكتَابِ َومَا‬
‫ب ِلتَحْ َ‬
‫س َن َتهُم بِا ْل ِكتَا ِ‬ ‫ن (‪ )91‬المؤمنون)‪ .‬لما رد على المشركين وقولهم قال (ما اتخذ) و(وَإِ ّ‬
‫ن ِمنْهُمْ َلفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْ ِ‬ ‫صفُو َ‬‫عمّا يَ ِ‬ ‫َ‬
‫ن عِندِ اللّ ِه (‪ )78‬آل عمران)‪َ ( .‬ومِنَ‬ ‫ن هُ َو مِنْ عِندِ اللّهِ َومَا هُ َو مِ ْ‬ ‫هُ َو مِنَ ا ْل ِكتَابِ (‪ )78‬آل عمران) يقولون هو من عند ال فيرد عليهم ( َويَقُولُو َ‬
‫ل آ َمنّا بِاللّهِ َوبِا ْليَوْ ِم الخِرِ َومَا هُم ِبمُ ْؤ ِمنِينَ (‪ )8‬البقرة)‪.‬‬ ‫س مَن يَقُو ُ‬ ‫النّا ِ‬
‫آية (‪:)79‬‬
‫* فماذا نفهم من قوله (ولكن كونوا ربانيين)؟ (ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫عبَادًا لّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ َربّا ِنيّينَ ِبمَا كُنتُ ْم ُتعَّلمُونَ‬
‫س كُونُو ْا ِ‬
‫حكْمَ وَالّنبُوّ َة ثُ ّم يَقُولَ لِلنّا ِ‬
‫شرٍ أَن يُ ْؤتِيَهُ اللّهُ ا ْل ِكتَابَ وَا ْل ُ‬
‫قال تعالى (مَا كَانَ ِلبَ َ‬
‫ن (‪ )79‬آل عمران) لو تأملت في هذه الية المحكمة السبك لوجدت نفسك تغوص في عجائب فصاحة القرآن الكريم‬ ‫ا ْلكِتَابَ َو ِبمَا كُنتُ ْم َتدْرُسُو َ‬
‫وقوة نظمه‪ .‬انظر كيف يختار القرآن ألفاظه ليرقى إلى أعظم المعاني التي تعجز عنها ألسنة البشر إذ كان بمقدوره أن يتمم هذه الية من جنس‬
‫الجزء السابق فيقول" ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون ال ولكن كونوا عبادا ل‪ .‬فماذا نفهم من قوله (ولكن كونوا ربانيين)؟ إن الربّاني‬
‫هو المنسوب إلى الربّ وما ذاك إل لمزيد اختصاص المنسوب بالمنسوب إليه ليكون المعنى على أقوى ما يكون أي أن يكونوا مخلصين ل‬
‫تعالى دون غيره‪.‬‬
‫حكم والنبوة؟(الشيخ خالد الجندي)‬
‫*ما الفرق بين الكتاب وال ُ‬
‫ن كُونُوا‬‫عبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللّهِ وََلكِ ْ‬
‫س كُونُوا ِ‬
‫حكْمَ وَالّنبُوّةَ ثُ ّم يَقُولَ لِلنّا ِ‬
‫ن يُ ْؤ ِتيَهُ اللّهُ ا ْل ِكتَابَ وَالْ ُ‬
‫قال تعالى في سورة آل عمران (مَا كَانَ ِلبَشَرٍ أَ ْ‬
‫ن (‪ ))79‬يؤتيه تدل على أن اليتاء هو المنحة التي تُؤتى للمؤتى إليه من المؤتي والذي‬ ‫ن بِمَا ُك ْنتُ ْم ُتعَّلمُونَ ا ْل ِكتَابَ َو ِبمَا ُكنْتُ ْم َتدْرُسُو َ‬
‫َربّا ِنيّي َ‬
‫يسري على آدم يسري على سائر النبياء والقرآن الكريم أوضح أن النبي ل بد أن يكون بشرا لن هذا أمر ضروري لنه لو لم يكن بشرا‬
‫لبطُلت القدوة (ما كان لبشر) ول بد أيضا من أن يكون من نفس جنس البشر (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ) فالفارق ليس في بشريته وإنما‬
‫بالوحي إليه والمِنح والعطايا هي من ال تعالى يؤتيها من يشاء من خلقه والعجازات النبوية ل تخضع للمقياس البشري‪.‬‬
‫الكتاب‪ :‬ال تعالى قد يُرسل كتابا من عنده على أحد النبياء وهو الوحي مطلقا سواء كان مكتوبا أو غير مكتوب ويُطلق على الجل (كتابا‬
‫مؤجلً) ويُطلق على القانون الثابت (إن الصلة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) ويُطلق على الوحي (الكتاب والحُكم) بدأ بالكتاب تعبيرا عن‬
‫الوحي ويطلق على القرآن (ذلك الكتاب ريب فيه) فالكتاب يقصد منه الوحي بشكل عام وقيل كتاب أحد النبياء كما ذهب بعض المفسرين أنه‬
‫النجيل كتاب ال تعالى لعيسى وقيل أن الكتاب في الية المقصود به القرآن لن بعض الصحابة أرادوا أن يعظّموا الرسول ويسجدوا له‬
‫وأرادوا المبالغة فقال "ل تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبد ال ورسوله" فنزلت الية‪ .‬وسواء كان المعنى المقصود‬
‫من الكتاب النجيل فالية ترد على النصارى الذين الّهوا المسيح عيسى ابن مريم وإن كان يعني الوحي فالية تبين القانون الذي أوضحه ال‬
‫تعالى فيه‪.‬‬
‫الحُكم‪ :‬تشمل الحكمة لن الحُكم هو أن ينزل المر في منزلته الصحيحة ومنها إحكام اقفال القارورة وإحكام الغطاء والمُحكم هو الذي ل يسمح‬
‫سنّة الصحيحة‪.‬‬ ‫بأي تسرّب أي الحكمة ومنه الحُكم‪ .‬والحكمة وضع المر من نصابه الصحيح (ويعلمه الكتاب والحكمة) أي ال ُ‬
‫النبوة‪ :‬نبي أي نُبئ والنبأ العظيم هو الخبر إذا نزل على واحد من خلق ال تعالى‪ .‬عندما يوحي تعالى على بشر نُبئ يتحول الى نبي فإذا كُلّف‬
‫بالتبليغ للناس أصبح رسولً‪ .‬الخِضر كان نبيا ولم يبلّغ الناس فهو ليس برسول‪ .‬كذلك ذو القرنين ولقمان وغيرهم كُلّفوا بمهام ولم يُكلّفوا‬
‫بالتبليغ‪ .‬ولهذا كل رسول نبي وليس كل نبي رسول وعدد النبياء المرسلين ‪ 25‬نبي رسول أما عدد النبياء غير المرسلين فغير محدود‪ .‬من‬
‫ضمن مهاك النبياء نصرة الرسل وتأكيد نبوتهم والتطبيق العملي لما يُكلّف به الرسل‪.‬‬
‫آية (‪:)80‬‬
‫مُرك ُ ـم بِالْكُفْرِ بَعْد َ إِذ ْ أَنت ُ ـم ُّ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن (‪ )80‬آل‬‫مو َ‬
‫سل ِ ُ‬
‫م ْـ‬ ‫ن أْربَاب ً ـا أيَأ ُ‬ ‫ملَئِك َ َ‬
‫ة وَالنِّبِيِّي ْ ـ َ‬ ‫م أَن تَت َّ ِ‬
‫خذ ُوا ْ ال ْ َ‬ ‫مَرك ُ ـ ْ‬
‫*(وَل َ يَأ ُ‬
‫مـ مـن النهـي فهل ّ قيـل فـي هذه اليـة‬ ‫عمران) لقـد جاء السـياق القرآنـي بالنفـي وتعلم أن النفـي أع ّ‬
‫(وينهاكم) بدل (ول يأمركم)؟ (ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫الجواب في هذه الية لطيفة يمكن أن تستشفّها حين تعلم أن المسيح لم ينههم عن إتخاذ الملئكة والنبيين أربابا لنه ل يخطر بالبال أن تتلبّس‬
‫به أمة متدينة‪ ،‬فاقتصرت الية بنفي المر ل بالنهي ولذلك عقّب بالستفهام النكاري (أيأمركم بالكفر بعد إذا أنتم مسلمون)‪.‬‬
‫آية (‪:)81‬‬
‫َ‬
‫مةٍ‬ ‫حك ْ َ‬‫ب َو ِ‬ ‫ن كِتَا ٍ‬‫م ْ‬
‫م ِ‬ ‫َ‬
‫ما آتَيْتُك ُ ْ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫ميثَا قَ النَّبِيِّي َ‬‫ه ِ‬ ‫*لماذا لم تذكر النبوة في آية آل عمران (وَإِذ ْ أ َ َ‬
‫خذ َ الل ّ ُ‬
‫صري‬ ‫م إِ ْ ِ‬ ‫م عَلَى ذَلِك ُ ْ‬ ‫م وَأ َ َ‬
‫خذ ْت ُ ْ‬
‫ن ب ه ولَتن صرن َه قَا َ َ َ‬
‫ل أأقَْرْرت ُ ْ‬ ‫من ُ َّ ِ ِ َ َ ْ ُ ُ ّ ُ‬ ‫م لَتُؤْ ِ‬ ‫معَك ُـ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫صـدِّقٌ ل ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ُ‬ ‫سو ٌ‬ ‫م َر ُـ‬ ‫جاءَك ُ ْ‬ ‫م َ‬‫ث ُ َّ‬
‫م ن ال َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قَالُوا أقَْرْرن َا قَا َ‬
‫ن‬‫ما كَا َ‬ ‫ن (‪ ))81‬مع أن ها وردت في الية قبل ها َ( َ‬ ‫شاهِدِي َ‬ ‫م ِ َ‬ ‫معَك ُ ْ‬ ‫شهَدُوا وَأن َا َ‬ ‫ل فَا ْ‬
‫َ‬ ‫لِب َ َـ‬
‫ن‬‫ن الل ّـهِ وَلَك ِـ ْ‬‫م نْـ دُو ِـ‬‫عبَادًا لِي ِ‬ ‫ل لِلنَّا سِـ كُونُوا ِ‬ ‫م يَقُو َ‬ ‫م َوالنُّبُوَّةَ ث ُـ َّ‬ ‫حك ْـ َ‬ ‫ب وَال ْ ُ‬ ‫ه الْكِتَا َـ‬ ‫ه الل ّـ ُ‬ ‫ن يُؤْتِي َـ ُ‬ ‫شرٍ أ ْ‬ ‫َ‬
‫ن (‪))79‬؟ (د‪.‬حسام النعيمى)‬ ‫سو َ‬ ‫م تَدُْر ُ‬ ‫ما كُنْت ُ ْ‬ ‫ب وَب ِ َ‬ ‫ن الكِتَا َ‬‫ْ‬ ‫مو َ‬ ‫ّ‬
‫م تُعَل ِ ُ‬‫ما كُنْت ُ ْ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫َ‬
‫كُونُوا َرب ّانِي ِّي َ‬
‫الية الولى كان الكلم فيها أولً بإطلق (مَا كَانَ ِلبَشَرٍ) هذا البشر الذي يؤتيه ال سبحانه وتعالى الكتاب والحكم والنبوة ما كان له أن يقول‬
‫كونوا عبادا لي من دون ال‪ ،‬ل يجوز له ول يتوقع منه ذلك وهذا في الكلم على أهل الكتاب الذين جعلوا من أنبيائهم كأنهم آلهة أو معبودين‬
‫من دون ال بل هم جعلوا حتى بعض علمائهم الكبار فصاروا يطيعونهم في معصية ال سبحانه وتعالى‪ .‬فلما ذكر البشر ذكر النبوة‪ ،‬لو لم تذكر‬
‫النبوة هاهنا ولو في غير القرآن ما ذكرت النبوة‪ ،‬يقولون نعم هذا خاص بالعلماء آتاهم الكتاب والحكم لكن نحن نقول نحن عباد لنبيائنا فجاءت‬
‫كلمة النبوة هنا حتى تنفي هذا الحتمال‪( .‬الذين أوتوا الكتاب) أي الذين نقل إليهم الكتاب فهم ممن أوتوا الكتاب‪ ،‬النباع أوتوا الكتاب ونحن من‬
‫التباع‪ ،‬نحن أوتينا الكتاب عن طريق محمد ‪ .‬ولو لم تكن النبوة كان يلتبس المر وكان ممكن أن يدًعوا أنه صحيح نحن الذين أوتوا الكتاب‬
‫ل نجعله إلها لكن النبي نجعله إلها‪ .‬فهذه فائدة ذكر كلمة النبوة‪.‬‬
‫عندنا (بما كنتم تعلّمون) وفى قراءة (بما كنتم تعلَمون) تعلّمون وتعلمون لن العالِم يعلّم فالمعنى متقارب‪ .‬تدرسون تقويّها أنه تعلمون وتدرسون‬
‫(تعلّمون وتدرسون)‪.‬‬
‫(النبوة) وفى قراءة (النبوءة)‪ .‬النبي من النباوة بمعنى الرفيع الشأن (نبا ينبو بمعنى ارتفع يرتفع) النباوة بمعنى الرفعة‪ .‬إما أن تكون من النبأ‬
‫لنه ينبيء عن ال عز وجل وإما من رفعة شأنه كلهما وارد‪.‬‬
‫حكْمَ وَالّنبُوّةَ) لما قال بشر ذكر النبوة‪ .‬هنا لما‬
‫ن يُ ْؤ ِتيَهُ اللّ ُه ا ْل ِكتَابَ وَالْ ُ‬
‫الية الولى تلحظ أنه في بدايتها ذكر النبيين‪ ،‬هناك قال (مَا كَانَ ِلبَشَرٍ أَ ْ‬
‫ح ْكمَةٍ) فل يحتاج إلى ذلك‪ .‬فإذن هناك لما‬ ‫ن ِكتَابٍ َو ِ‬ ‫خذَ اللّ ُه مِيثَاقَ ال ّن ِبيّينَ َلمَا َآ َت ْيتُكُ ْم مِ ْ‬
‫ذكر النبيين فل داعي لعادتها مرة أخرى لنه قال (وَِإذْ أَ َ‬
‫لم يذكر النبيين ذكر النبوة وهنا ذكر النبيين فلم يحتاج لذكر النبوة‪.‬‬
‫معَك ُـ ْ‬
‫م‬ ‫ما َ‬ ‫صـدِّقٌ ل ِّـ َ‬
‫م َ‬‫ل ُّ‬
‫سو ٌ‬‫م َر ُـ‬ ‫جاءك ُـ ْ‬ ‫م َ‬ ‫حك ْ َ‬
‫مةٍ ث ُـ َّ‬ ‫ب وَ ِ‬ ‫ما آتَيْتُك ُـم ّ ِـ‬
‫من كِتَا ٍـ‬ ‫ن ل َـ َ‬
‫ميثَاق َـ النَّبِيِّي ْـ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫خذ َ الل ّـ ُ‬ ‫*(وَإِذ ْ أ َ َ‬
‫َ‬ ‫صرِي قَالُوا ْ أَقَْرْرن َا قَا َ‬ ‫م وَأ َ َ‬ ‫ن ب ه ولَتن صرن َه قَا َ َ َ‬
‫معَك ُم‬ ‫شهَدُوا ْ وَأنَا ْ َ‬ ‫ل فَا ْ‬ ‫م إِ ْ‬‫م عَلَى ذَلِك ُ ْ‬ ‫خذ ْت ُ ْ‬ ‫ل أأقَْرْرت ُ ْ‬ ‫من ُ َّ ِ ِ َ َ ُ ُ ّ ُ‬ ‫لَتُؤْ ِ‬
‫ن (‪ )81‬آل عمران) كيــف يأخــذ ميثاق النــبيين قبــل مجيــء الرســل؟ (د‪.‬فاضــل‬ ‫م ن ال َّ‬
‫شاهِدِي َــ‬ ‫ِّ َــ‬
‫السامرائى)‬
‫ي لتؤمنن به ولتنصرنه وليتبعه وفي الحديث‬ ‫قيل لم يبعث ال نبيا منذ آدم إلى سيدنا عيسى إل أخذ عليه هذا الميثاق إذا جاء محمد وأنت ح ّ‬
‫"وال لو كان موسى حيّا بين أظهركم لما وسعه إل أن يتبعني" فهو إذن أخذ ميثاق النبيين جميعا أنه لئن جاء الرسول الخاتم ليؤمنن به‪ ،‬أأقررتم‬
‫وأخذتم على ذلك إصري قالوا أقررنا‪ .‬إذن أخذ الميثاق على كل النبياء لئن بُعث هذا الرسول الخاتم وهو موجود ليؤمنن به ولينصرنه فكل‬
‫صرِي) الصر هو العهد الثقيل‪ ،‬الميثاق القوي‪ .‬وقرأ تُ أنه آدم عندما أُخرج من الجنة نظر‬ ‫خذْتُ ْم عَلَى ذَِلكُ مْ إِ ْ‬
‫النبياء تعلم بقدوم الرسول ‪( .‬وََأ َ‬
‫إليها فرأى على بابها مكتوب ل إله إل ال محمد رسول ال‪.‬‬
‫آية (‪:)83‬‬
‫َ‬ ‫*(أَفَغَير دين اللّه يبغُون ول َ َ‬
‫ن (‪ )83‬آل‬ ‫ها وَإِلَيْهِ يُْر َ‬
‫جعُو َ‬ ‫ض طَوْعًا وَكَْر ً‬
‫ت وَالْر ِ‬
‫ماوَا ِ‬ ‫من فِي ال َّ‬
‫س َ‬ ‫سل َ َ‬
‫م َ‬ ‫هأ ْ‬‫َ َ ُ‬ ‫ِ َْ‬ ‫َْ ِ ِ‬
‫عمران) لم ابتدأت اليـة بالسـتفهام وحقهـا مـن حيـث الظاهـر أن تبدأ بالنهـي أي ل تبتغوا غيـر ديـن‬
‫الله؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫تدبّر واعتبر من هذه الية التي جاءت على طريقة الستفهام النكاري الذي يحمل معاني التوبيخ والتحذير إذ كيف يمكن للنسان أن يختار دينا‬
‫غير دين ال والجرام العلوية الكبيرة انصاعت لمره وأسلمت؟!‬
‫آية (‪:)84‬‬
‫ما أُنْزِ َ‬ ‫ما أُنْزِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫عي َ‬ ‫ما ِ‬‫س َ‬ ‫م وَإ ِـ ْ‬ ‫ل إِلَى إِبَْراهِي َـ‬ ‫ل إِلَيْن َـا وَـ َ‬ ‫من َّـا بِالل ّـهِ وَـ َ‬ ‫*مـا الفرق بيـن أنزلنـا إليـك (قُولُوا آ َ‬
‫م َل نُفَّرِـقُ بَي ْـ َ‬
‫ن‬ ‫م نْـ َربِّهِـ ْ‬
‫نـ ِ‬ ‫ي النَّبِيُّو َ‬ ‫َ‬ ‫ما أُوت ِـ‬ ‫َ‬ ‫َـ‬ ‫سى و‬ ‫عي َـ‬ ‫سى وَ ِ‬ ‫مو َـ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ما أُوت ِـ‬‫َ‬ ‫َـ‬ ‫طو‬ ‫سبَا ِ‬ ‫َـ‬
‫ب وَاْل ْ‬ ‫حاقَ وَيَعْقُو َـ‬ ‫س َ‬‫وَإ ِـ ْ‬
‫ما أنْزِ َ‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ما أنْزِ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن (‪ )136‬البقرة) وأنزلنا عليك (ق ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ل عَليْن َا و َ َ‬ ‫من ّا بِالل هِ و َ َ‬ ‫لآ َ‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫نل ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫م وَن َ ْ‬ ‫منْه ُ ْ‬‫حدٍ ِ‬ ‫أ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ن َربِّه ِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬‫سى وَالنَّبِيُّو َ‬ ‫عي َ‬ ‫سى وَ ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ي ُ‬ ‫ما أوت ِ َ‬ ‫ط وَ َ‬ ‫سبَا ِ‬‫ب وَاْل ْ‬ ‫حاقَ وَيَعْقُو َ‬ ‫س َ‬‫ل وَإ ِ ْ‬ ‫عي َ‬ ‫ما ِ‬‫س َ‬ ‫م وَإ ِ ْ‬ ‫عَلَى إِبَْراهِي َ‬
‫َ‬
‫ن )‪ )84‬آل عمران)؟‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫ح ُ‬‫م وَن َ ْ‬ ‫منْهُ ْ‬ ‫حدٍ ِ‬ ‫نأ َ‬ ‫َل نُفَّرِقُ بَي ْ َ‬
‫*د‪.‬حسام النعيمى‪:‬‬
‫لما تأتي (إلى) معناها الغاية‪ ،‬الوصول‪ .‬ولما تأتي (على) فيها معنى نوع من الستعلء‪ .‬مثل(خرج على قومه في زينته) فيها نوع من العلو‪.‬لما‬
‫تأتي‪ :‬أُرسل إليه أو أُرسل إلينا كأنه قريب منا وباشرنا نحن‪ ،‬مسّنا‪ .‬وعلينا‪ :‬فيه نوع من التلقّي من علوّ‪ .‬لكن لِ َم استعمل هذا هنا واستعمل هذا‬
‫هنا؟ ل َم قال مرة إلينا ومرة علينا؟‬
‫ننظر في آية البقرة (وما أنزل إلينا) وفي آل عمران (وما أنزل علينا) نلحظ آية البقرة كان في بدايتها نوع من الدعوة أو مباشرة الدعوة لغير‬
‫المسلمين من المسلمين أن يكونوا معهم يأتوا إلى دينهم فهو حديث بشري بين البشر عندئذ قالوا نحن وصل إلينا أو ورد إلينا ما هو خير مما‬
‫عنكم‪ .‬فيها معنى الوصول لحظ اليات (آمنا بما أنزل إلينا) هذا شيء وصل إلينا يعني تسلّمناه ل نحتاج إلى ما عندكم‪ .‬فلما قال (أنزل إلينا)‬
‫العطف عادة يكون مثل المعطوف عليه ‪.‬‬
‫بينما في آية آل عمران الكلم عن ميثاق أُخِذ على النبياء أن يوصوا أتباعهم باتّباع النبي الجديد الذي سيأتي‪ .‬ميثاق من ال عز وجل ففيه علو‬
‫ح ْكمَ ٍة ثُمّ‬
‫ق ال ّنبِيّينَ َلمَا َآ َتيْ ُتكُ ْم مِنْ ِكتَابٍ وَ ِ‬
‫خذَ اللّ ُه مِيثَا َ‬
‫وفيه ذكر للسماء أو للسموات ففيها علو فناسب أن يقول (أُنزل علينا)‪ .‬لحظ اليات (وَِإذْ َأ َ‬
‫ن(‬‫ش َهدُوا وََأنَا َم َعكُ ْم مِنَ الشّا ِهدِي َ‬
‫ل فَا ْ‬
‫خذْتُ ْم عَلَى ذَِلكُمْ ِإصْرِي قَالُوا َأ ْقرَ ْرنَا قَا َ‬
‫ص ُرنّهُ قَالَ أََأقْ َر ْرتُمْ وََأ َ‬
‫ن بِهِ َوَلتَنْ ُ‬
‫صدّقٌ ِلمَا َم َعكُمْ َلتُ ْؤمِنُ ّ‬‫ل مُ َ‬‫جَا َءكُمْ رَسُو ٌ‬
‫‪))81‬‬
‫ي ال ّن ِبيّونَ مِنْ َرّبهِمْ) أعاد كلمة (أُوتي) ‪ .‬وفي‬ ‫ي مُوسَى وَعِيسَى َومَا أُوتِ َ‬ ‫هناك شيء آخر يلفت النظر في اليات‪ :‬أنه في آية البقرة قال ( َومَا أُوتِ َ‬
‫ي مُوسَى وَعِيسَى وَال ّن ِبيّونَ مِنْ َرّبهِمْ) حذف أوتي‪ .‬لماذا؟ لن إيتاء النبيين ورد في آل عمران قبل قليل (َلمَا َآ َت ْيُتكُمْ) فلم‬ ‫آل عمران قال ( َومَا أُوتِ َ‬
‫يكررها بينما هناك لم يذكرها فكررها‪.‬‬
‫*د‪.‬أحمد الكبيسى‪:‬‬
‫ط ﴿‪ ﴾84‬آل‬ ‫سبَا ِ‬‫ب وَالَْأ ْ‬‫سمَاعِيلَ وَِإسْحَاقَ َو َيعْقُو َ‬ ‫ل عَلَى ِإبْرَاهِي َم وَإِ ْ‬
‫ل عََل ْينَا َومَا ُأنْ ِز َ‬
‫قضية أخرى وهذه عجيبة العجائب أيضا (قُلْ َآ َمنّا بِاللّهِ َومَا ُأنْزِ َ‬
‫ط ﴿‪ ﴾136‬البقرة)‪ .‬ما الفرق‬ ‫سبَا ِ‬
‫سمَاعِيلَ وَِإسْحَاقَ َو َيعْقُوبَ وَالَْأ ْ‬ ‫عمران) في آية أخرى (قُولُوا َآ َمنّا بِاللّهِ َومَا ُأنْزِلَ إَِل ْينَا َومَا ُأنْ ِزلَ إِلَى ِإبْرَاهِيمَ وَإِ ْ‬
‫ل عََل ْينَا) وبين (َآ َمنّا بِاللّهِ َومَا ُأنْزِلَ إَِل ْينَا)؟ نقول هبطت الطائرة على المطار ثم توجهت إلى قاعة الضيوف إلى وليس‬ ‫بين (َآ َمنّا بِاللّ ِه َومَا ُأنْزِ َ‬
‫على إذا كل شيء يأتي من العلى ل بد أن يصل إلى غاية‪ ،‬ما الذي جاء من أعلى؟ الوحي‪ .‬من الذي وصل إليه الوحي؟ النبي صلى ال عليه‬
‫ل عََليْنَا) هذا تصديق بالوحي أننا نحن نؤمن نحن المسلمون نؤمن بأن هذا القرآن جاء من العلى من‬ ‫وسلم‪ ،‬إذا لما قال (َآ َمنّا بِاللّهِ َومَا ُأنْ ِز َ‬
‫ل عََليْنَا)‬‫ق ﴿‪ ﴾102‬النحل) على محمد صلى ال عليه وسلم (َآ َمنّا بِاللّهِ َومَا ُأنْ ِز َ‬ ‫س مِنْ َرّبكَ بِالْحَ ّ‬ ‫ل نَزّلَهُ رُوحُ الْ ُقدُ ِ‬ ‫الوحي من رب العالمين (قُ ْ‬
‫ي من ال‬ ‫ق بالوحي‪َ( ،‬آ َمنّا بِاللّهِ َومَا ُأنْ ِزلَ إَِل ْينَا) تصديقٌ بالرسالة والرسول‪ ،‬إذا لم يكذب جبريل وليس هذا من كلم جبريل وإنما هو وح ٌ‬ ‫تصدي ٌ‬
‫من العلى وصل إلى النبي صلى ال عليه وسلم والنبي صلى ال عليه وسلم‪ .‬نحن نؤمن بأنه رسول وأنه صادق ول يمكن أن يغيره أو يزوره‬
‫فهاتان القضيتان هذا الـ (على) والـ (إلى) إحداهما تلفت أنظار الناس أنظار المسلمين إلى دقة العتقاد بأن هذا القرآن موحى به من ال فهو‬
‫ل عََل ْينَا) و (َآ َمنّا بِاللّهِ َومَا ُأنْ ِزلَ‬ ‫تصديقٌ بالربوبية واللوهية ( َومَا ُأنْ ِزلَ إَِل ْينَا) تصديقٌ بالرسالة والرسول وهذا هو الفرق بين (َآ َمنّا بِاللّ ِه َومَا ُأنْزِ َ‬
‫ل عََل ْيكُمْ ﴿‬‫ِإَليْنَا)‪ .‬طبعا الكلم في هذا طويل يعني لما يقول أحيانا رب العالمين مثلً هنا يقول يا محمد قل ثم يقول قولوا وال يقول ( َومَا َأنْ َز َ‬
‫‪ ﴾231‬البقرة) هذا يعني أنك أنت المسلم هذا القرآن خالد ول شك فيه ول لحظة لنك أنت قلت أنت آمنت بذلك‪ ،‬آمنت بما أنزل عليك (تصديق‬
‫الربوبية والوحي)‪ ،‬بما أنزل إليك (تصديق الرسالة والرسول) رب العالمين يخاطب كل المم القادمة‪ ،‬كل المسلمين القادمين في الجيال القادمة‬
‫يقول لهم قولوا آمنا بما أنزل علينا‪ ،‬رب العالمين بهذه العبارة التي كررها على المم فمرة قال للنبي صلى ال عليه وسلم مرة قال قل إلينا وقل‬
‫علينا وفهمناها‪ ،‬يقول للمة قولوا ما أنزل علينا المة لماذا؟ رب العالمين يعلمنا بهذا أسلوبا من أساليب التعامل مع القرآن‪ ،‬وهذا القرآن الذي‬
‫ثبت عندنا بالتجربة أنه صالحٌ لكل زمان ومكان كيف ذلك؟ أن أسلوب التعامل معه أنك عليك أن تفترض أن القرآن أنزل عليك اليوم‪ ،‬نحن‬
‫الن في القرن الخامس عشر‪ ،‬في القرن العشرين بعد ‪ 15‬قرن من السلم وإلى يوم القيامة كل قرن عليه أن يتعامل مع القرآن كما لو كان‬
‫أنزل عليه الن‪( ،‬أنزل عليه) لماذا؟ عليه أن يفهمه بموازين عصره وبفتوحات عصره وبعلوم عصره وبحاجات عصره وإل ل تفقه معناه يبقى‬
‫معطلً‪ ،‬ما السبب؟ السبب أن التوراة والنجيل حرفت بالكامل لماذا؟ لن التوراة والنجيل ليست هي معجزة النبي صلى ال عليه وسلم سيدنا‬
‫موسى وسيدنا عيسى‪ ،‬الكتاب التوراة والنجيل ليس بمعجز معجزة سيدنا موسى كما تعرفون العصا وفلق البحر وكثير من المعجزات التي‬
‫رآها بنو إسرائيل بأعينهم ومع ذلك كذبوها وسيدنا عيسى عليه السلم كما تعرفون أيضا يعني يبرئ الكمه والبرص ويحيي الموتى الخ‬
‫المعجزات اليقينية فالفرق بين القرآن الكريم والتوراة والنجيل أن القرآن الكريم هو معجزة النبي الخالدة وليس له معجزة أعظم ول أول ول‬
‫بعد ول قبل هذه المعجزة من حيث أن هذا القرآن يستطيع كل واحد منذ أن أنزل ونزل إلى يوم القيامة أن يفهمه فهما مخالفا للخر وكلهما‬
‫ن ل حصر‬ ‫صحيح‪ ،‬كل واحد يفهمه بعقليته ومدى معرفته وفرشة حضارته وحاجاته وتقاليد عصره وتقاليد مجتمعه‪ .‬الكلمة القرآنية معبأة بمعا ٍ‬
‫ى جديد لم يخطر على بال الذي‬ ‫لها ولحظ أنت المفسرين في كل جيل لحظ أنت بين كل مفسر ومفسر حوالي مائة سنة كل واحد يأتي بمعن ً‬
‫ل منا عليه أن يفهم القرآن كما لو كان قد أنزل عليه الن هذا الفرق‪.‬‬ ‫سبقه وكلهما صحيح ذاك صحيح في زمانه وهذا صحيح في زمانه وك ٍ‬
‫* ما الفرق بين أنزل وأوتي ؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫هذه الية فيها إنزال وإيتاء‪ .‬نسأل سؤالً‪ :‬مَ نْ من النبياء المذكورين ذُكرت له معجزة تحدّى بها المدعوين؟ موسى وعيسى عليهما السلم ولم‬
‫يذكر معجزان للمذكورين الباقين‪ .‬هل هذه المعجزة العصى وغيرها إنزال أو إيتاء؟ هي إيتاء وليست إنزالً ولذلك فرّق بين من أوتي المعجزة‬
‫التي كان بها البرهان على إقامة نبوّته باليتاء وبين النزال‪ ،‬هذا أمر‪ .‬كلمة (أوتي) عامة تشمل النزال واليتاء‪ .‬الكُتب إيتاء‪ .‬أنزل يعني أنزل‬
‫من السماء وآتى أعطاه قد يكون العطاء من فوق أو من أمامه بيده‪ .‬لما يُنزل ربنا تبارك وتعالى الكتب من السماء هي إيتاء فاليتاء أع ّم من‬
‫ي موسى وعيسى وال ّن ِبيّونَ مِن ّرّبهِمْ) دخل فيها‬
‫النزال لذلك لما ذكر عيسى وموسى عليهما السلم ذكر اليتاء لم يذكر النزال ثم قال ( َومَا أُوتِ َ‬
‫ل ويكون إيتاء لكن ما أوتي موسى وعيسى عليهما السلم‬ ‫كل النبييبن لنه ما أوتوا من وحي هو إيتاء‪َ ( .‬ومَا أُنزِلَ على ِإبْرَاهِي مَ) قد يكون إنزا ً‬
‫في هذه الية هذا إيتاء وليس إنزالً لنه يتحدث عن معجزة ولنهما الوحيدان بين المذكورين اللذين أوتيا معجزة‪ .‬الخرون إنزال وعندما يتعلق‬
‫المر بالمعجزة قال إيتاء‪.‬‬
‫* هل العرب كانت تفهم هذا الكلم؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫من حيث اللغة العرب تفهم الفرق بين أوتي وأُنزل بالمعنى العام لكن هنا تأتي لنما نقرأ القرآن ونعلم أن موسى أوتي آيات حتى يُلزِم فرعون‬
‫حجّة ألزمهم بما آتاه وليس بما أُنزل إليه‪ .‬وموسى أُنزِل عليه بعد خروجه من مصر‪ .‬هو أظهر معجزته وليس الكتاب لن اللواح‬ ‫وقومه ال ُ‬
‫أخذها بعد أن خرج من مصر‪ .‬المر كان يتعلق باليتاء وليس بالنزال بالنسبة لموسى يتعلق بالمعجزة كالعصا واليد في تسع آيات‪ .‬وعيسى‬
‫طيْ ِر فَأَنفُخُ فِيهِ‬
‫ن َكهَ ْيئَةِ ال ّ‬
‫خلُقُ َلكُم مّنَ الطّي ِ‬
‫ج ْئتُكُم بِآيَ ٍة مّن ّرّبكُمْ َأنّي أَ ْ‬ ‫كان يتحداهم باليات وليس بما أُنزل إليه (وَرَسُولً إِلَى َبنِي إِسْرَائِيلَ َأنّي َقدْ ِ‬
‫حيِـي ا ْلمَ ْوتَى ِبِإذْ نِ اللّ ِه وَُأ َنبّ ُئكُم ِبمَا تَ ْأكُلُو نَ َومَا َتدّخِرُونَ فِي ُبيُو ِتكُ مْ إِنّ فِي ذَلِكَ ليَةً ّلكُ مْ إِن‬
‫لبْرَ صَ وَُأ ْ‬
‫طيْرًا ِبِإذْنِ اللّ هِ َوُأبْرِىءُ ال ْكمَهَ وا َ‬
‫َف َيكُونُ َ‬
‫كُنتُم مّ ْؤمِنِينَ (‪ )49‬آل عمران) لم يتحداهم أبدا بما أُنزل وإنما بما أُوتي وهما الوحيدان فيما ذكر دعوتهما بالتحدي بما أوتوا وليس بالنزال‪.‬‬
‫* لماذا ل يُذكر سيدنا اسماعيل مع ابراهيم واسحق ويعقوب في القرآن؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫توجد في القرآن مواطن ذُكر فيها ابراهيم واسماعيل ولم يُذكر اسحق وهناك ‪ 6‬مواطن ذُكر فيها ابراهيم واسماعيل واسحق ومنها‪(:‬قُلْ َآ َمنّا بِاللّهِ‬
‫حدٍ ِم ْنهُ ْم‬
‫ق َبيْنَ َأ َ‬‫ن مِنْ َرّبهِمْ لَا نُ َفرّ ُ‬
‫سبَاطِ َومَا أُو ِتيَ مُوسَى وَعِيسَى وَال ّنبِيّو َ‬
‫سحَاقَ َو َيعْقُوبَ وَالْأَ ْ‬
‫سمَاعِيلَ وَإِ ْ‬
‫ل عَلَى ِإبْرَاهِيمَ وَِإ ْ‬
‫ل عََل ْينَا َومَا ُأنْزِ َ‬
‫َومَا ُأنْزِ َ‬
‫سِلمُونَ (‪ )84‬آل عمران‬ ‫َونَحْنُ لَ ُه مُ ْ‬
‫وكل موطن ذُكر فيه اسحق ذُكر فيه اسماعيل بعده بقليل أو معه مثل (‪ )49‬و (‪ )54‬مريم‪ .‬إل في موطن واحد في سورة العنكبوت (‪.)27‬‬
‫وفي قصة يوسف ل يصح أن يُذكر فيها اسماعيل لن يوسف من ذرية اسحق وليس من ذرية اسماعيل‬
‫وقد ذُكر اسماعيل مرتين في القرآن بدون أن يُذكر اسحق في سورة البقرة (‪ )127( )125‬لن اسحق ليس له علقة بهذه القصة وهي رفع‬
‫القواعد من البيت أصلً‪.‬‬
‫ط (‪)84‬‬
‫سبَا ِ‬ ‫َ‬
‫ب وَال ْ‬
‫حقَ وَيَعْقُو َ‬ ‫س َ‬ ‫عي َ‬
‫ل وَإ ِ ْ‬ ‫ما ِ‬
‫س َ‬
‫م وَإ ِ ْ‬ ‫ما أُنزِ َ‬
‫ل عَلَى إِبَْراهِي َ‬ ‫ما أُنزِ َ‬
‫ل عَلَيْنَا َو َ‬ ‫منَّا بِاللّهِ وَ َ‬ ‫*(قُ ْ‬
‫لآ َ‬
‫آل عمران) في آي أخرى جاءت تعدية الفعل (أنزل) بحرف الجر (إلى) فقال (وما أنزل إلينا)‬
‫م عُدِّي الفعل هنا بحرف الجر (على) دون (إلى)؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬ ‫فل ِ َ‬
‫النزال يقتضي عُلُوّا فوصول الشيء المنزّل وصول استعلء والحرف (إلى) يفيد الوصول فقط فكان لزاما والحديث في معرض الفتخار‬
‫بالتنزيل أن يستعمل البيان اللهي حرف (على) دون غيره‪.‬‬
‫آية (‪ :)85‬انظر آية (‪)35‬‬
‫آية (‪:)86‬‬
‫*ما الفرق من الناحية البيانية بين (جاءهم البيّنات) و(جاءتهم البيّنات) في القرآن‬
‫الكريم؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫هناك حكم نحوي مفاده أنه يجوز أن يأتي الفعل مذكرا والفاعل مؤنثا‪ .‬وكلمة البيّنات ليست مؤنث حقيقي لذا يجوز تذكيرها وتأنيثها‪ .‬لماذا جاء‬
‫بالستعمال فعل المذكر (جاءهم البيّنات) مع العلم أنه استعملت في غير مكان بالمؤنث (جاءتهم البيّنات)؟‬
‫جاءتهم البيّنات بالتأنيث‪ :‬يؤنّث الفعل مع البيّنات إذا كانت اليات تدلّ على النبوءات فأينما وقعت بهذا المعنى يأتي الفعل مؤنثا كما في قوله‬
‫حكِي ٌم {‪.)}209‬‬ ‫ت فَاعَْلمُواْ أَنّ اللّ َه عَزِي ٌز َ‬ ‫تعالى في سورة البقرة (فَإِن زَلَ ْلتُ ْم مّن َبعْ ِد مَا جَاء ْتكُمُ ا ْل َبّينَا ُ‬
‫أما جاءهم البيّنات بالتذكير‪ :‬فالبيّنات هنا تأتي بمعنى المر والنهي والتذكير فيه معنى القوة إختيار القوة وحيثما وردت كلمة البيّنات بهذا‬
‫حقّ‬‫ش ِهدُواْ أَنّ الرّسُولَ َ‬‫ف َي ْهدِي اللّ ُه قَوْما كَ َفرُو ْا َبعْدَ إِيمَا ِنهِمْ وَ َ‬ ‫المعنى من المر والنهي يُذكّر الفعل كما في قوله تعالى في سورة آل عمران (كَيْ َ‬
‫ب عَظِيمٌ‬‫عذَا ٌ‬
‫ختَلَفُو ْا مِن َب ْعدِ مَا جَاءهُمُ ا ْل َبّينَاتُ َوأُوْلَـ ِئكَ َلهُ ْم َ‬ ‫ن تَفَ ّرقُو ْا وَا ْ‬ ‫ن {‪ )}86‬و ( َو َ‬
‫ل َتكُونُواْ كَاّلذِي َ‬ ‫ل يَ ْهدِي ا ْلقَوْمَ الظّاِلمِي َ‬
‫َوجَاءهُمُ ا ْل َبّينَاتُ وَاللّ ُه َ‬
‫ت مِن ّربّي وَُأمِ ْرتُ أَنْ أُسِْلمَ لِ َربّ ا ْلعَاَلمِينَ {‪.)}66‬‬ ‫ن مِن دُونِ اللّهِ َلمّا جَاءنِيَ ا ْل َبّينَا ُ‬ ‫عُبدَ اّلذِينَ َتدْعُو َ‬ ‫{‪ )}105‬وفي سورة غافر (قُلْ ِإنّي نُهِيتُ أَنْ أَ ْ‬
‫م (‪ )86‬آل عمران) يجيــء البيان القرآنــي مــن جديــد‬ ‫ما كَفَُروا ْ بَعْد َ إِي َ‬
‫مانِهِ ـ ْ‬ ‫ف يَهْدِي الل ّ ـ ُ‬
‫ه قَوْ ـ ً‬ ‫*(كَي ْ ـ َ‬
‫بالسـتفهام ويُعرِض عـن البيان بالخـبر لغر ضٍـ أراده الله تعالى ل يتأتـى إل بهذا السـتفهام‪ ،‬فمـا هـو‬
‫هذا الغرض؟(ورتل القرآ‪ ،‬ترتيلً)‬
‫لو أعملت فكرك في حال القوم وكيف كفروا وكذبوا بعدما شهدوا الحق لعلمت أن المراد بالستفهام إستبعاد الهداية عنهم وهذا حالهم‪.‬‬
‫آية (‪:)88‬‬
‫*ما الفرق بين استخدام كلمة (يُنصرون) في سورة البقرة وكلمة (يُنظرون) في سورة البقرة‬
‫وآل عمران؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ل هُ ْم يُنصَرُونَ {‪ )}86‬وقال في سورة البقرة‬ ‫ع ْنهُمُ ا ْل َعذَابُ َو َ‬
‫ف َ‬
‫ل يُخَفّ ُ‬
‫خرَ ِة فَ َ‬
‫حيَاةَ الدّ ْنيَا بِالَ ِ‬
‫شتَرَ ُواْ الْ َ‬‫قال تعالى في سورة البقرة (أُولَـ ِئكَ اّلذِينَ ا ْ‬
‫ع ْنهُمُ ا ْل َعذَابُ َولَ ُه ْم يُنظَرُونَ‬
‫ف َ‬
‫خفّ ُ‬
‫ل يُ َ‬ ‫ل هُ ْم يُنظَرُونَ {‪ )}162‬وفي سورة آل عمران (خَاِلدِي َ‬
‫ن فِيهَا َ‬ ‫ع ْنهُمُ ا ْل َعذَابُ َو َ‬
‫ف َ‬
‫خفّ ُ‬
‫ل يُ َ‬
‫ن فِيهَا َ‬
‫أيضا (خَاِلدِي َ‬
‫{‪)}88‬‬
‫لو نظرنا في سياق اليات في سورة البقرة التي سبقت آية ‪ 86‬لوجدنا اليات تتكلم عن القتال والحرب والمحارب يريد النصر لذا ناسب أن‬
‫تختم الية ‪ 86‬بكلمة (ينصرون) أما في الية الثانية في سورة البقرة وآية سورة آل عمران ففي اليتين وردت نفس اللعنة واللعنة معناها الطرد‬
‫من رحمة ال والبعاد والمطرود كيف تنظر إليه؟ كلمة يُنظرون تحتمل معنيين ل يُمهلون في الوقت ول يُنظر إليهم نظر رحمة فإذا أُبعد‬
‫النسان عن ربه وطُرد من رحمة ال فكيف يُنظر إليه فهو خارج النظر فلما ذكر اليتين في سورة البقرة وسورة آل عمران استوجب ذكر‬
‫(يُنظرون)‪.‬‬
‫آية (‪: )91(-)90‬انظر آية (‪)35‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫م اْزدَادُوا ْ كُفًْرا ل ّن‬ ‫م ث ُ َّ‬ ‫ن َ كَفَُروا ْ بَعْد َ إِي َ‬
‫مانِه ِ ْ‬ ‫ن ال ّذِي َ‬‫* ما وجه الختلف من الناحية البيانية بين قوله (إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫م ك ُ ّفاٌر فَلَن يُقْب َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫م وَأُوْل َــئ ِ َ‬
‫ل‬ ‫ماتُوا ْ َوهُـ ْ‬ ‫ن ال ّذِي نَـ كَفَُروا ْ َو َ‬‫نـ (‪ )90‬آل عمران) (إ ِـ َّ‬ ‫ضآل ّو َ‬‫م ال ّ‬
‫ك هُـ ُ‬ ‫تُقْب َ َ‬
‫ل تَوْبَتُهُـ ْ‬
‫َ‬ ‫و افْتَدَى ب ِهِ أُوْل َـئ ِ َ‬ ‫َ‬
‫ن (‪ )91‬آل‬ ‫من نَّا ِ‬
‫صرِي َ‬ ‫ما لَه ُم ِّ‬
‫مـ و َ َ‬
‫ب ألِي ٌ‬ ‫ك لَه ُ ْ‬
‫م عَذ َا ٌ‬ ‫ض ذَهَب ًا وَل َ ِ‬ ‫م ْ‬
‫لءُ الْر ِ‬ ‫حدِهِـم ِّ‬
‫نأ َ‬‫م ْ‬
‫ِ‬
‫عمران)؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ينبغـي أن نعلم الفرق بيـن الواو والفاء فـي التعـبير حتـى نحكـم‪ .‬الواو لمطلق الجمـع‪ ،‬الجمـع المطلق‪ ،‬قـد يكون عطـف جملة على جملة (فَالِقُـ‬
‫جعَلَ َلكُمُـ النّجُومَـ ِل َت ْهتَدُو ْا بِهَا فِي ظُُلمَاتِـ ا ْلبَرّ‬ ‫شمْسَـ وَالْ َقمَرَ حُس ْـبَانًا ذَلِكَـ َت ْقدِيرُ ا ْلعَزِي ِز ا ْلعَلِيمِـ (‪ )96‬وَهُوَ اّلذِي َ‬ ‫جعَلَ الّليْلَ سَـَكنًا وَال ّ‬ ‫ح َو َ‬ ‫الِص ْـبَا ِ‬
‫ن (‪ )97‬النعام)‪ .‬الفاء تفيد السبب‪ ،‬هذا المشهور في معناها (درس فنجح) فإذا كان ما قبلها سببا لما بعدها‬ ‫ت لِقَ ْو ٍم َيعَْلمُو َ‬
‫وَا ْلبَحْ ِر َقدْ َف صّ ْلنَا اليَا ِ‬
‫أي الذي ق بل يف ضي ل ما بعد ها يأ تي بالفاء ول يأ تي بالواو ل نه لمطلق الج مع‪ .‬هذا ح كم عام ثم إن الفاء يؤ تى ب ها في التبك يت أي التهد يد‪ .‬لو‬
‫عند نا عبارتين إحداهما في ها فاء والخرى بغ ير فاء و هو من باب الجواز الذِ كر وعدم الذِ كر ن ضع الفاء مع الشد توكيدا‪( .‬إِنّ اّلذِي نَ آ َمنُو ْا ثُمّ‬
‫صدّوا عَن‬ ‫سبِيلً (‪ )137‬النساء) ليس فيها فاء‪( .‬إِنّ اّلذِي نَ كَ َفرُوا وَ َ‬ ‫كَ َفرُو ْا ثُمّ آ َمنُو ْا ثُمّ كَفَرُو ْا ثُمّ ا ْزدَادُو ْا كُفْرًا لّ ْم َيكُ نِ اللّ ُه ِليَغْ ِفرَ َلهُ مْ َولَ ِل َي ْهدِ َيهُ ْم َ‬
‫سبِيلِ اللّ هِ ُثمّ مَاتُوا وَ ُه ْم كُفّا ٌر فَلَن َيغْفِ َر اللّ هُ َل ُه مْ (‪ )34‬محمد) لنهم ل تُرجى لهم توبة‪ .‬وفي الولى هم أحياء قد يتوبون‪ .‬لما لم يذكر الموت لم‬ ‫َ‬
‫ن (‪ )90‬آل عمران)‬ ‫ل تَ ْوبَ ُتهُ مْ وَُأوْلَ ـ ِئكَ ُه مُ الضّآلّو َ‬
‫يأت بالفاء ول ما ذ كر الموت جاء بالفاء (إِنّ اّلذِي نَ َكفَرُو ْا َب ْعدَ إِيمَا ِنهِ ْم ثُمّ ا ْزدَادُو ْا كُفْرًا لّن تُ ْقبَ َ‬
‫صرِينَ (‪ )91‬آل‬ ‫عذَا بٌ أَلِي مٌ َومَا َلهُم مّن نّا ِ‬ ‫حدِهِم مّلْءُ ال ْر ضِ ذَ َهبًا وََلوِ ا ْفتَدَى بِ هِ أُوْلَـ ِئكَ َلهُ ْم َ‬ ‫(إِنّ اّلذِي نَ َكفَرُواْ َومَاتُواْ وَهُ ْم كُفّا ٌر فَلَن يُ ْقبَلَ مِ نْ َأ َ‬
‫عمران) اليتان فيه ما ن فس الت عبير‪ :‬الن في ب ـ (لن) واحدة جاءت بالفاء فال ية الولى تتحدث عن قوم ماتوا وانتهوا ولن يق بل من هم تو بة ب عد‬
‫الموت( َومَاتُواْ وَهُ ْم كُفّارٌ) انتهى عملهم أما الية الثانية فهي تتحدث عن قوم كفروا ولم يموتوا ومجال التوبة ما زال مفتوحا أمامهم‪ .‬الفاء هنا‬
‫تقع في جواب اسم الموصول لشبهه بالشرط فجاءت الفاء زيادة للتوكيد‪ ..‬النُحاة يقولون قد تأتي الفاء للتوكيد‪.‬‬
‫هناك أمران‪ :‬الول أن الفاء تكون للسبب (سببية) " درس فنجح" سواء كانت عاطفة "ل تأكل كثيرا فتمرض" يُنصب بعدها المضارع‪ .‬ينبغي أن‬
‫ل ِمنْهُ (‪ )85‬آل عمران) (ثُمّ مَاتُوا‬ ‫لسْلَ ِم دِينًا فَلَن يُ ْقبَ َ‬‫غيْرَ ا ِ‬ ‫نعرف الحكم النحوي حتى نعرف أن نجيب‪ .‬التبكيت والتهديد بالفاء أقوى ( َومَن َيبْتَ ِغ َ‬
‫وَ ُه ْم كُفّا ٌر فَلَن َيغْفِ َر اللّ هُ َل ُه ْم (‪ )34‬محمد) في القرآن وغير القرآن إذا كان ما قبلها يدعو لما بعدها‪ ،‬يكون سببا لما بعدها‪ ،‬أو يفضي لما بعدها‬
‫يأتي بالفاء (السببية) ول يؤتى بالواو‪ .‬في غير القرآن نقول ل تأكل كثيرا فتمرض‪ ،‬ذاك أفضى لما بعد‪ ،‬الزيادة في الكل سبب المرض‪ .‬إذن‬
‫هذا كح كم لغوي‪ .‬ما قبل ها سبب ل ما بعد ها وإذا كان ال مر كذلك يؤ تى بالفاء وإذا كان مجرد إخبار تقول فلن سافر وفلن ح ضر‪ ،‬ت خبر عن‬
‫جملة أشياء وليس بالضرورة أن هناك أسباب‪ .‬هذا المعنى اللغوي العام في القرآن (بلسان عربي)‪ .‬إذا كان ما قبلها يفضي لما بعدها يأتي بالفاء‬
‫ونضرب أمثلة ومنها السؤال عن الفرق بين أولم يسيروا وأفلم يسيروا‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬لماذا ل نفهم نحن القرآن الن كما فهموه في السابق؟ لنهم كانوا يتكلمون اللغة على سجيتها ونحن نتعلم ل نعرف النحو ول البلغة‪.‬‬
‫علم اللغة نفسها ل نأخذه إلى على الهامش ول نُحسن الكلم أصلً‪ .‬علم النحو مفيد في فهم نص القرآن الكريم‪ .‬والعلماء يضعون للذي يتكلم في‬
‫القرآن ويفسره شروطا أولها التبحر في علوم اللغة وليس المعرفة ول تغني المعرفة اليسيرة في هذا المر‪ .‬النحو والتصريف وعلوم البلغة‬
‫من التبحّر فيها يجعلك تفهم مقاصد الية فإذا كنت ل تعرف معنى الواو والفاء ول تعرف ما دللة المرفوع والمنصوب لن تفهم آيات القرآن‪.‬‬
‫*ورتل القرآن ترتيلً‪:‬‬
‫ض ذَهَبًا َولَوِ ا ْفتَدَى بِ ِه (‪ )91‬آل عمران) هل يمكن أن تتخيل الرض وهي‬
‫حدِهِم مّلْ ُء الرْ ِ‬
‫ل مِنْ أَ َ‬
‫(إِنّ اّلذِينَ َكفَرُواْ َومَاتُواْ وَهُ ْم كُفّا ٌر فَلَن يُ ْقبَ َ‬
‫مملوءة بالذهب؟ إن ذلك من المستحيلت ولكن القرآن إستطاع بهذه الصورة أن يُكنّي عن الكثرة المتعذرة المستحيلة التي تقوّي بدورها عدم‬
‫قبول التوبة وفداء الكفار الذين ماتوا وهم على ذلك‪.‬‬
‫آية (‪:) 93‬‬
‫*د‪.‬حسام النعيمى‪:‬‬
‫ن (‪ )93‬اليهود حرّفوا التوراة قبل الرسول عن مواضعه‪،‬ومن بعد أن وضعوه في‬ ‫ن كُ ْنتُمْ صَا ِدقِي َ‬
‫ل فَ ْأتُوابِالتّوْرَا ِة فَاتْلُوهَا إِ ْ‬
‫قال تعالى‪( :‬قُ ْ‬
‫مواضعه عادوا مرة أخرى وحرّفوه‪.‬غيّروا فيها تغييرا جديدا ومع ذلك بقيت إشارة إلى نبوة محمد في التوراة‪.‬‬
‫آية ( ‪:)94‬‬
‫َ‬ ‫ك فَأُوْل َــئ ِ َ‬
‫نـ (‪ ))94‬آل عمران‬
‫مو َ‬‫م الظ ّال ِ ُ‬
‫ك هُـ ُ‬ ‫من بَعْدِ ذَل ِـ َ‬ ‫ن افْتََرىَ عَلَى الل ّـهِ الْكَذِـ َ‬
‫ب ِـ‬ ‫*قال تعالى (فَ َ‬
‫م ِـ‬
‫عرف كلمـة الكذب مـع أن القرآن الكريـم اسـتخدمها نكرة كمـا فـي سـورة يونـس (‪ )17‬مـا دللة‬
‫تنكير الكذب أو تعريفه؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫المعرفة هى ما دلّ على شيء معين‪ .‬الكذب يقصد شيئا معينا بأمر معين هنالك أمر في السياق يقصده فذكر الكذب‪ ،‬فلما يقول الكذب فهو كذب‬
‫ل مَا حَرّمَ‬ ‫ن حِـلّ ّل َبنِي إِسْرَائِيلَ ِإ ّ‬ ‫طعَا ِم كَا َ‬‫عن أمر معين بالذات مذكور في السياق أما عندما يقول كذب فيشمل كل كذب مثل قوله تعالى (كُلّ ال ّ‬
‫ب مِن َب ْعدِ ذَِلكَ َفأُوْلَـ ِئكَ‬ ‫ى عَلَى اللّهِ ا ْل َكذِ َ‬ ‫ن (‪َ )93‬فمَنِ ا ْفتَ َر َ‬ ‫ل فَ ْأتُو ْا بِالتّوْرَا ِة فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَا ِدقِي َ‬
‫ل عَلَى نَ ْفسِ ِه مِن َقبْلِ أَن ُتنَزّلَ التّوْرَاةُ ُق ْ‬‫ِإسْرَائِي ُ‬
‫ن (‪ )94‬آل عمران) الكلم عن الطعام‪ ،‬أمر معين‪ ،‬هو حرّم على نفسه وكذب على ال وقال حرّم كذا قال فاتوا بالتوراة في هذه‬ ‫ُهمُ الظّاِلمُو َ‬
‫ى عَلَى اللّهِ ا ْل َكذِبَ) لن الكذب في مسألة معينة محددة‪.‬‬ ‫المسألة مسألة الطعام فقال ( َفمَنِ ا ْفتَرَ َ‬
‫ج ِرمُونَ (‪)17‬‬ ‫ل يُفْلِحُ ا ْلمُ ْ‬
‫التنكير كذب يشمل كل كذب وليس الكذب في مسألة معينة ( َفمَنْ أَظَْل ُم ِممّنِ ا ْفتَرَى عَلَى اللّ ِه َك ِذبًا أَ ْو َكذّبَ بِآيَاتِهِ ِإنّ ُه َ‬
‫يونس) لم يذكر مسألة معينة حصل كذب فيها فالكذب عام‪.‬إذن التنكير في اللغة يفيد العموم والشمول‪.‬‬
‫*ورتل القرآن ترتيلً‪:‬‬
‫ب مِن َب ْعدِ ذَِلكَ َفأُوْلَـ ِئكَ هُ ُم الظّاِلمُونَ (‪ )94‬آل عمران) الفتراء هو الكذب والفتراء في الصل مأخوذ من الفري‬
‫ى عَلَى اللّهِ ا ْل َكذِ َ‬
‫( َفمَنِ ا ْفتَرَ َ‬
‫وهو قطع الجلد‪ ،‬وإفترى الجلد كأنه اشتدّ في تقطيعه تقطيع إفساد‪ .‬فأُطلق الفتراء على الكذب بغرض الفساد وأيّ إفساد أعظم من إفساد‬
‫شريعة ال تعالى؟!‬
‫آية (‪:)96‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن أ َ َّو َ‬
‫ن (‪ )96‬آل عمران) هل البيت الحرام‬ ‫مبَاَرك ًا َوهُدًى لِلْعَال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫س لَل ّذِي بِبَك ّ َ‬
‫ة ُ‬ ‫َ‬
‫ض عَ لِلن ّا ِ‬
‫ت ُو ِ‬
‫ل بَي ْ ٍ‬ ‫* (إ ِ َّ‬
‫ضع للناس؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬ ‫كان موجودا ً قبل ابراهيم عليه السلم وهل بُني أو ُو ِ‬
‫علماؤنا خاضوا في هذا المر منهم من قال بناه آدم‪ ،‬ومنهم من قال إبتدأ بناءه نوح ومنهم من قال بنته الملئكة‪ .‬بعض المفسرين يقول حتى‬
‫يجمع الراء والروايات الواردة قال يمكن أن نقول بنته الملئكة وبمرور الوقت خرب وجدده آدم ثم جدده إبراهيم‪.‬قول ال تعالى (إن أول بيت‬
‫وضع للناس للذي ببكة) يعني في هذا المكان الذي يزدحم فيه الناس ولم يقل (مكة) لن مكة كبيرة واسعة حتى ل يأتي شخص ويقول البيت‬
‫ليس هنا وإنما في مكان آخر في مكة‪( .‬للذي ببكة) هذا الذي تزدحمون عنده قاطع ولم ترد فيه قراءة أخرى‪.‬‬
‫* ما سبب المغايرة بين استعمال (بكة) و(مكة) في القرآن؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫ن دَخَلَ ُه كَانَ َآ ِمنًا وَلِلّ ِه عَلَى النّا ِ‬
‫س‬ ‫ت َمقَامُ ِإبْرَاهِيمَ َومَ ْ‬ ‫قال تعالى‪(:‬إِنّ أَوّلَ َبيْتٍ ُوضِعَ لِلنّاسِ لَّلذِي بِ َبكّ َة ُمبَا َركًا وَ ُهدًى لِ ْلعَاَلمِينَ (‪ )96‬فِيهِ َآيَا ٌ‬
‫ت بَ ّينَا ٌ‬
‫ي عَنِ ا ْلعَاَلمِينَ (‪ )97‬آل عمران) هنا بكة ولم ترد حتى في القرآءات الشاذة مكة‪ .‬والية‬ ‫غنِ ّ‬
‫ن اللّ َه َ‬‫ن كَفَ َر فَإِ ّ‬ ‫سبِيلًا َومَ ْ‬‫ستَطَاعَ إَِليْهِ َ‬
‫ناْ‬ ‫حِجّ ا ْل َبيْتِ مَ ِ‬
‫ع ْنهُ ْم ِببَطْنِ َمكّ َة مِنْ َب ْعدِ أَنْ َأظْ َف َركُ ْم عََل ْيهِمْ َوكَانَ اللّ ُه ِبمَا َت ْعمَلُونَ بَصِيرًا (‪ )24‬الفتح) هنا أيضا ما‬ ‫ع ْنكُمْ وََأ ْي ِد َيكُمْ َ‬
‫ف َأيْ ِد َيهُمْ َ‬
‫الخرى (وَهُ َو اّلذِي كَ ّ‬
‫اطّلعت على قراءة بكة‪ .‬هو الباء والميم يتعاوران لن المخرج واحد من الشفتين الميم طبعا خيشومية متوسطة والباء شديدة انفجارية‪ .‬ليس‬
‫مسألة إبدال لو جئنا للشتقاق‪ :‬نجد أن كلمة بكة مأخوذة من البكّ (ب‪-‬ك‪-‬ك) بكك بمعنى ازدحم فكأن القرآن الكريم يريد أن يقول لنا إن أول‬
‫بيت وضع للناس للذي ببكة ولذلك أكّده (للذي) لنا هو المكان الذي تزدحمون فيه في الطواف مكان الزدحام ووضحه أكثر قال (فِيهِ َآيَاتٌ‬
‫ت مَقَامُ ِإبْرَاهِيمَ)‪ .‬قد يقول قائل‪ :‬لماذا؟ كأنه تحرزا حتى ل يأتي يوم من اليام ويقول قائل إن أول بيت في مكة لكن ليس في هذا الموضع‬ ‫َبّينَا ٌ‬
‫وإنما هو في موضع آخر‪ .‬يعني مكة هي المدينة فحتى يعيّنه قال البيت الذي تزدحمون حوله هوهو الذي كان أول بيت وضع (مكان مزدحم)‬
‫لو قال (الذي بمكة) مكة واسعة يأتي شخص يقول لك ليس هذا البيت هو المقصود ربما يكون في مكان آخر‪ .‬المدينة نفسها مكة لنها تمكّ‬
‫الناس كأنها تمتصهم للمجيء إليها يعني من مكّ الفصيل ضرع أمه‪ ،‬تجذب الناس إليها وهي المدينة الواسعة وفعلً لو كانوا عند البيت ل ميزة‬
‫ف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة فاستعملت مكة‪.‬‬ ‫بكفّ القتال عنهم لنهم ل يقاتلون عند البيت لكن ببطن مكة عموما يمكن يصير قتال فك ّ‬
‫*هل يجوز أن تكون الميم مبدلة كما يقول النحويون من الباء مثل كقول (لزم ولزب) و(سبد شعره وسمد)؟‬
‫ل يبعد هذا في الحقيقة أن يكون هناك لكن هذا أصل وهذا أصل‪ .‬يعني إبدال الميم من الباء أو العكس لوجود هذا التشابه قد يحصل لكن هنا‬
‫صار لهذه معنى ولهذه معنى بينما لزم ولزب معنى واحد نفس المعنى فقط‪ .‬هم عندما يبدلون ل يغيّرون المعنى لكن لما يبدل الجانب‬
‫الصوتي المعنى ل يتغير إنما بسبب خلل في السمع أو تقديم وتأخير‪ .‬عندما يقول هذه ضربة لزم وضربة لزب لنه الباء صحيح هو شديد‬
‫وانفجاري ومجهور لكن إذا وقفت عليه من غير قلقلة يموت جهره يعني يصير كأنه بين بين لزب ولزم حقيقة يصير ‪ P‬بالنجليزية لن‬
‫ولدته تكون بعمليتين‪ :‬انطباق وانفصال فلما ينطبق ول ينفصل يكون نصف باء يعني نصف شديد والميم نصف شديد يبدأ شديدا ويخرج‬
‫الهواء من التف تتمثل فيه صفة الشدة أولً وصفة الرخاوة في الخر‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن أَوَّ َ‬
‫ن (‪ )96‬آل عمران) لقد مّر في سورة‬ ‫مبَاَركًا وَهُدًى ل ِّلْعَال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫س لَل ّذِي بِبَك ّ َ‬
‫ة ُ‬ ‫َ‬
‫ضعَ لِلن ّا ِ‬
‫ت وُ ِ‬
‫ل بَي ْ ٍ‬ ‫*(إ ِ َّ‬
‫م جاءت الية هنا بكلمة‬
‫البقرة قوله تعالى (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل) فل ِ َ‬
‫(وضع) ولم يتكرر فعل (يرفع)؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫إعلم أن الوضع هنا هو الحطّ وهو ضد الرفع ولما كان الشيء المرفوع بعيدا عن التناول كان الموضوع قريب التناول وأُطلق هنا الوضع ليدل‬
‫على دنوّه وقربه ولتهيئة إنتفاع الناس به وأُطلق الرفع في بناء إبراهيم للبيت تشريفا لبراهيم وإسماعيل عليهما السلم في رفع قواعد البيت‪.‬‬
‫(إِنّ أَوّلَ َبيْتٍ ُوضِعَ لِلنّاسِ لَّلذِي بِ َبكّ َة (‪ )96‬آل عمران) إذا علمت أن بكة هي مكة وأن المقصود من البيت هو الكعبة فلِ َم لم تصرّح الية بإسم‬
‫العلم (الكعبة) ولِ َم جاءت بلفظ بكة دون مكة؟ أضف إلى معلوماتك أن بكة بالباء إسم موضع البيت ومكة بالميم هي إسم بقية الموضع‪ ،‬هذا من‬
‫جهة‪ .‬ومن جهة أخرى عدل عن إسم العلم وهو (الكعبة) إلى تعريفه بالموصولية بأنه (للذي ببكة) لن هذه الصلة أشهر عند السامعين بخلف‬
‫إسم الكعبة فقد أُطلِق إسم الكعبة على القُلّيس الذي أطلقه أبرهة الحبشي في صنعاء لذا كان الختيار الفصح (بكة) لهمية هذا المكان‬
‫ولخصوصية ما يتعلق به من أحكام‪.‬‬
‫آية (‪:)97‬‬
‫َ‬
‫ن آَ ِ‬
‫منًا وَلِل ّهِ عَلَى‬ ‫ه كَا َ‬ ‫خل َ ُ‬
‫ن دَ َ‬ ‫م ْ‬‫م َو َ‬ ‫م إ َِبَْراهِي َ‬ ‫مقَا ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ت بَيِّنَا ٌ‬
‫َ‬
‫*قال تعالى في سورة آل عمران (فِيهِ آيَا ٌ‬
‫ن (‪ ))97‬وقال في‬ ‫مي َ َ‬‫ن الْعَال َ ِ‬ ‫ي عَ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه غَن ِ ٌّ‬ ‫ن كَفََر فَإ ِ َّ‬ ‫م ْ‬‫سبِيًل وَ َ‬‫ستَطَاعَ إِلَيْهِ َ‬
‫نا ْ‬‫ِ‬ ‫م‬
‫ت َ‬ ‫ج الْبَي ْ ِ‬
‫ح ُّ‬
‫س ِ‬
‫ِ‬ ‫النَّا‬
‫ه لَغَن ِ ٌّ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫ميد ٌ (‪ ))8‬فما‬ ‫ح ِ‬
‫ي َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ميعًا فَإ ِ َّ‬ ‫ج ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ن فِي الْر ِ‬ ‫م ْ‬‫م َو َ‬ ‫ن تَكْفُُروا أنْت ُ ْ‬
‫سى إ ِ ْ‬‫مو َ‬ ‫سورة ابراهيم (وَقَا َ‬
‫ل ُ‬
‫سبب الختلف؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫غنِيّ‬
‫ن كَفَرَ َفإِنّ اللّ َه َ‬
‫سبِيلًا َومَ ْ‬
‫ستَطَاعَ إَِليْهِ َ‬
‫ت مَنِ ا ْ‬
‫س حِجّ ا ْل َبيْ ِ‬
‫ن دَخَلَ ُه كَانَ َآ ِمنًا وَلِلّ ِه عَلَى النّا ِ‬
‫ت بَ ّينَاتٌ َمقَامُ ِإبْرَاهِيمَ َومَ ْ‬
‫في سورة آل عمران(فِيهِ َآيَا ٌ‬
‫عَنِ ا ْلعَاَلمِينَ (‪ ))97‬باستخدام صيغة الماضي وفي آية سورة ابراهيم (وإن تكفروا) بصيغة المضارع‪ .‬فعل الماضي بعد إداة الشرط مع‬
‫المستقبل يفترض الحدث مرة واحدة أما فعل المضارع فيدلّ على تكرار الحدث‪.‬‬
‫آية (‪:)98‬‬
‫*ورتل القرآن ترتيلً‪:‬‬
‫ن بِآيَاتِ اللّ ِه (‪ )98‬آل عمران) انظر كيف تنوع الخطاب القرآني بأساليب النشاء وما ذلك إل لغراض أرادها من‬ ‫ل يَا أَ ْهلَ ا ْل ِكتَابِ ِل َم تَكْ ُفرُو َ‬
‫(قُ ْ‬
‫ورائه‪ ،‬فأولً جاء بالمر (قُل) إهتماما بالمقول وافتتح المقول بالنداء تسجيلً عليهم ثم بالستفهام إنكارا لكفرهم بآيات ال تعالى فتذوق تفنن‬
‫التعبير القرآني ودلللته‪.‬‬
‫آية (‪:)100‬‬
‫* لماذا قال تعالى (أوتوا الكتاب) ولم يقل (آتيناهم الكتاب)؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫صدّقٌ‬‫ل مّنْ عِندِ اللّ ِه مُ َ‬ ‫القرآن الكريم يستعمل أوتوا الكتاب في مقام الذم ويستعمل آتيناهم الكتاب في مقام المدح‪ .‬قال تعالى (وََلمّا جَاء ُهمْ رَسُو ٌ‬
‫ل َيعَْلمُونَ (‪ )101‬البقرة) هذا ذم‪( ،‬يَا َأّيهَا اّلذِينَ آ َمنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ‬ ‫ظهُورِهِ ْم َكَأنّهُ ْم َ‬
‫ب ِكتَابَ اللّ ِه وَرَاء ُ‬ ‫ق مّنَ اّلذِينَ أُوتُواْ ا ْل ِكتَا َ‬ ‫ّلمَا َمعَهُ ْم َنبَ َذ فَرِي ٌ‬
‫ب يَ ُردّوكُم بَ ْعدَ إِيمَا ِنكُ ْم كَا ِفرِينَ (‪ )100‬آل عمران) هذا ذم ‪ .‬بينما آتيناهم الكتاب تأتي مع المدح (اّلذِينَ آ َت ْينَاهُ ُم ا ْل ِكتَابَ‬ ‫فَرِيقًا مّنَ اّلذِينَ أُوتُو ْا ا ْلكِتَا َ‬
‫ب مِن َقبْلِ ِه هُم بِ ِه يُ ْؤ ِمنُونَ (‪ )52‬القصص) مدح ‪ .‬هذا خط عام في القرآن على كثرة‬ ‫ق تِلَ َوتِهِ (‪ )121‬البقرة) مدح‪(،‬اّلذِينَ آ َت ْينَاهُمُ ا ْل ِكتَا َ‬ ‫َيتْلُونَهُ حَ ّ‬
‫ما ورد من أوتوا الكتاب وآتيناهم الكتاب حيث قال أوتوا الكتاب فهي في مقام ذم وحيث قال آتيناهم الكتاب في مقام ثناء ومدح‪ .‬القرآن الكريم‬
‫له خصوصية خاصة في استخدام المفردات وإن لم تجري في سنن العربية‪ .‬أوتوا في العربية ل تأتي في مقام الذم وإنما هذا خاص بالقرآن‬
‫الكريم‪ .‬عموما رب العالمين يسند التفضل والخير لنفسه (آتيناهم الكتاب) لما كان فيه ثناء وخير نسب اليتاء إلى نفسه‪ ،‬أوتوا فيها ذم فنسبه‬
‫ب (‪ )14‬الشورى)‪ ،‬أما‬ ‫ك ّمنْهُ مُرِي ٍ‬
‫شّ‬‫ب مِن َب ْعدِهِمْ لَفِي َ‬
‫ن اّلذِينَ أُو ِرثُوا ا ْل ِكتَا َ‬‫حمِلُوهَا (‪ )5‬الجمعة) (وَإِ ّ‬ ‫حمّلُوا التّ ْورَا َة ثُمّ لَ ْم يَ ْ‬‫للمجهول (مَثَلُ اّلذِينَ ُ‬
‫عبَادِنَا (‪ )32‬فاطر) هذا مدح‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫صطَ َف ْينَا مِ ْ‬ ‫قوله تعالى (ثُمّ أَوْ َر ْثنَا ا ْل ِكتَابَ اّلذِينَ ا ْ‬
‫آية (‪:)101‬‬
‫*ورتل القرآن ترتيلً‪:‬‬
‫ت اللّهِ َوفِيكُمْ رَسُولُ ُه (‪ )101‬آل عمران) انظر هنا كيف استطاع الستفهام أن يُلقي ظلله البلغية‬
‫ف َتكْفُرُونَ وَأَنتُ ْم ُتتْلَى عََل ْيكُ ْم آيَا ُ‬
‫( َو َكيْ َ‬
‫فالستفهام هنا ليس حقيقيا بل خرج إلى معنى الستبعاد‪ ،‬إستبعاد كفر المؤمنين ونفيه‪.‬‬
‫آية (‪:)103‬‬
‫*د‪.‬أحمد الكبيسى‪:‬‬
‫مرة واحد أعرابي بدوي كان جالسا وأحد القرّاء أعتقد أنه عبد ال بن مسعود يقرأ القرآن في المسجد النبوي والعرابي ينصت للقارئ فقرأ هذه‬
‫حفْرَ ٍة مّنَ النّا ِر َفأَن َق َذكُم مّ ْنهَا (‪ )103‬آل عمران) فانتفض العرابي وقال‪ :‬وال ما أخرجنا منها وهو يريد أن يعيدنا فيها‬
‫الية ( َوكُنتُ ْم عََلىَ شَفَا ُ‬
‫ثانية فقال ابن مسعود خذوها من غير فقيه‪.‬‬
‫* ما اللمسة البيانية في استعمال تفرقوا و تتفرقوا في القرآن الكريم؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫حتُمْ‬
‫صبَ ْ‬‫ن قُلُو ِبكُ ْم فََأ ْ‬
‫ف بَيْ َ‬
‫عدَا ًء فَأَلّ َ‬
‫جمِيعًا وَلَا تَفَ ّرقُوا وَا ْذكُرُوا ِن ْعمَةَ اللّ ِه عََل ْيكُمْ ِإذْ ُك ْنتُمْ أَ ْ‬ ‫حبْلِ اللّ ِه َ‬ ‫صمُوا بِ َ‬ ‫عتَ ِ‬ ‫قال تعالى في سورة آل عمران(وَا ْ‬
‫ن (‪.)103‬‬ ‫حفْرَ ٍة مِنَ النّا ِر فََأنْ َق َذكُ ْم ِمنْهَا َكذَِلكَ ُي َبيّنُ اللّهُ َلكُمْ َآيَاتِهِ َلعَّلكُ ْم َت ْهتَدُو َ‬ ‫ِب ِن ْعمَتِهِ إِخْوَانًا َو ُكنْتُ ْم عَلَى شَفَا ُ‬
‫نلحظ في القرآن كله وليس فقط في هذه الية الحذف كما جاء في القرآن مثل (تنزّل وتتنزّل‪ ،‬تبدّل وتتبدّل‪ -‬توفاهم وتتوفاهم) وهذا الحذف في‬
‫عموم القرآن وحيث ورد مثل هذا التعبير في القرآن سواء في الفعل أو غيره يكون لحد أمرين‪:‬‬
‫‪ .1‬للدللة على أن الحدث أقلّ‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يكون في مقام اليجاز‪.‬‬
‫ل فقال تفرقوا‪ ،‬أما‬ ‫في آية (‪ )103‬آل عمران فالكلم هنا عن أمة واحدة لكل المسلمين وقد نهاهم ال تعالى عن أي جزء من التفرّق ولو كان قلي ً‬
‫ص ْينَا بِهِ ِإبْرَاهِيمَ َومُوسَى وَعِيسَى أَنْ َأقِيمُوا الدّينَ وَلَا َتتَفَ ّرقُوا فِيهِ‬ ‫ح ْينَا إَِل ْيكَ َومَا وَ ّ‬ ‫ن الدّينِ مَا وَصّى بِ ِه نُوحًا وَاّلذِي أَ ْو َ‬ ‫في قوله تعالى (شَ َرعَ َلكُ ْم مِ َ‬
‫ب (‪ )13‬الشورى) فالكلم لكل البشر وذكر كل النبياء من زمن‬ ‫ن يَشَاءُ َو َيهْدِي إَِليْ ِه مَنْ ُينِي ُ‬ ‫ج َتبِي إَِليْ ِه مَ ْ‬ ‫َكبُ َر عَلَى ا ْلمُشْ ِركِينَ مَا َتدْعُوهُمْ إَِليْهِ اللّ ُه يَ ْ‬
‫نوح إلى قيام الساعة فقال تتفرقوا‪.‬‬
‫*وفى إجابة أخرى‪(:‬د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ص ْينَا بِهِ ِإبْرَاهِيمَ َومُوسَى وَعِيسَى أَنْ َأقِيمُوا الدّينَ‬ ‫ح ْينَا إَِل ْيكَ َومَا َو ّ‬ ‫ن الدّينِ مَا َوصّى بِ ِه نُوحًا وَاّلذِي أَوْ َ‬ ‫قال تعالى في سورة الشورى (شَ َرعَ َلكُ ْم مِ َ‬
‫ب (‪ ))13‬وقال في سورة آل عمران‬ ‫ن ُينِي ُ‬‫ن يَشَاءُ َو َي ْهدِي إَِليْهِ مَ ْ‬ ‫ج َتبِي إَِليْهِ مَ ْ‬ ‫ن مَا َتدْعُو ُهمْ إَِليْهِ اللّ ُه يَ ْ‬ ‫َولَا َتتَفَ ّرقُوا فِي ِه َكبُرَ عَلَى ا ْلمُشْ ِركِي َ‬
‫حفْرَةٍ‬
‫حتُ ْم ِب ِن ْعمَتِهِ إِخْوَانًا َو ُكنْتُ ْم عَلَى شَفَا ُ‬
‫صبَ ْ‬
‫ف َبيْنَ قُلُوبِكُ ْم َفأَ ْ‬‫عدَا ًء َفأَلّ َ‬
‫جمِيعًا وَلَا تَ َف ّرقُوا وَا ْذكُرُوا ِنعْمَةَ اللّ ِه عََل ْيكُمْ ِإ ْذ ُكنْتُمْ أَ ْ‬ ‫ل اللّهِ َ‬ ‫حبْ ِ‬
‫صمُوا بِ َ‬ ‫عتَ ِ‬ ‫(وَا ْ‬
‫ن (‪ ))103‬في الية الولى الوصية خالدة من زمن سيدنا نوح إلى خاتم النبياء‬ ‫مِنَ النّا ِر فََأنْ َق َذكُ ْم ِمنْهَا َكذَِلكَ ُي َبيّنُ اللّهُ َلكُمْ َآيَاتِهِ َلعَّلكُ ْم َت ْهتَدُو َ‬
‫فجاء الفعل (تتفرقوا) أما في الية الثانية فهي خاصة بالمسلمين لذا جاء الفعل (تفرّقوا)‪ .‬السبب واضح لن المة المحمدية هي جزء من المم‬
‫السلمية المذكورة في الية الولى وآية آل عمران هي جزء والمة المخاطبة فيها جزء من المم المخاطبة في آية سورة الشورى‪ .‬وكذلك‬
‫فالحدث ممتد في الولى قال (تتفرقوا) والحدث محدد في الثانية فقال (تفرقوا)‪ .‬والملحظ في الية فالولى وصية خالدة لمة السلم على مدى‬
‫الزمان من زمن نزح إلى خاتم النبياء (ول تتفرقوا فيه) لن هذا هو المأتى الذي يدخل إليه أعداء السلم فيتفرقون به لذا جاءت الوصية‬
‫خالدة مستمرة فنهاهم عن التفرّق‪ ،‬ونلحظ أنه تعالى وصّى المم مرة ووصّى المة السلمية مرتين‪ .‬والية الولى أشد تحذيرا للمة‬
‫السلمية (شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحا والذي أوحينا إليك) لم يكتف بـ(شَرَع لكم) بل زاد (والذي أوحينا إليك)‪ .‬شرعه لنا في‬
‫ص المة السلمية في الية الثانية‪.‬والحذف له سببان هنا الول لن المة المحمدية‬ ‫الوصية العامة لنوح وخصّ بالذي أوحينا إليك ثم خ ّ‬
‫أصغر‪ .‬ونهانا عن التفرّق مهما كان قليلً وأراد ربنا تعالى أن نلتزم بهذا المر (ل تفرقوا) وقال (واعتصموا بحبل ال جميعا) جاء بالحال‬
‫المؤكّدة (جميعا) وأراد التشديد على اللتزام بهذا المر‪ .‬أكد على الجمع الكامل وعلى سبيل العموم والستغراق كأنه فرض عين على الجميع‬
‫فل يُعفى أحد من المسؤولية أن ل نتفرق وأن نعتصم بحبل ال الفرد قد يهدم أمّة كما أنه قد يبني أمة وأن ل نتفرّق هو فرض عين وليس‬
‫فرض كفاية‪ ،‬وذكرهم بنعم ال عليهم ونهاهم عن التشبّه بمن تفرّق واختلف (ول تكونوا كالذين تفرقوا) وتوعدهم على الختلف بالعذاب‬
‫العظيم وأطلق العذاب ولم يحصره في الخرة إنما قد يطالهم في الدنيا والخرة‪ .‬المصدر ل يعمل بعد وصفه وصِف بـ عظيم بمعنى اذكروا‬
‫يوم تبيض وجوه وتسود وجوه (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) ليست متعلقة بالعذاب العظيم‪ .‬التفرّق يكون عذابه عظيما في الدنيا والخرة‪.‬‬
‫وقوله تعالى (والذي أوحي نا إل يك) اختار ال سم المو صول (الذي) عند ما ذ كر شري عة مح مد ولم ي قل (و ما أوحي نا إل يك) مع أن كليه ما ا سم‬
‫ص من (ما) التي تشترك في المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث والعاقل وغير العاقل أما (الذي) فهي‬ ‫موصول لن (الذي) أعرف وأخ ّ‬
‫للمفرد وتسمى مختص‪ .‬وقد بيّن تعالى شريعتنا وعرفناها وعرفنا الوامر والنواهي فجاء بالعرف (إسم الموصول الذي)‪ ،‬ل نعلم على وجه‬
‫التفصيل ما وصّى ال تعالى نوحا وعيسى وموسى وابراهيم لذا اختار سبحانه (ما) إسم الموصول غير المعرّف‪.‬‬
‫*ورتل القرآن ترتيلً‪:‬‬
‫جمِيعًا َولَ َتفَ ّرقُو ْا (‪ )103‬آل عمران) الحبل في الصل ما يُش ّد به للرتقاء أو النجاة أو نحوه‪ .‬فانظر بلغة‬
‫حبْلِ اللّهِ َ‬ ‫صمُو ْا بِ َ‬‫عتَ ِ‬
‫قال تعالى (وَا ْ‬
‫القرآن العظيمة في تصويره لهيئة اجتماعهم على دين ال كاستمساك جماعة بحبل أُلقي إليهم من منقذ لهم من غرق أو سقوط ليرتقوا به إلى‬
‫القمم‪ .‬فما أعظم هذه الستعارة التمثيلية البليغة التي جُعلت الية فيه على أقوى وجه لتمام البلغة لكثرة ما فيها من المعاني‪.‬‬
‫شفَا حُفْ َر ٍة مّنَ النّا ِر فَأَن َق َذكُم ّم ْنهَا (‪ )103‬آل عمران) تدبر هذا التمثيل الرائع لهذه النعمة التي حظيت بها المة‪ .‬أل ترى كيف نقلك‬
‫( َوكُنتُ ْم عَلَىَ َ‬
‫قوله تعالى (شفا حفرة) إلى عالم التخيل وكيف استطاع هذا القول أن يقرّب لك المعقول باستعارة المحسوس إليه‪ .‬فالنار حقيقة وتصويرها‬
‫بحفرة تمثيل وتصوير لكنك ما كنت لتتخيل شناعة هذا الموقف وحال إنقاذك منها دون هذه الصورة الرائعة فما أكمل بيان ال عز وجل!‬
‫آية (‪:)105‬‬
‫* ما الفرق بين جاءهم البينات وجاءتهم البينات؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫القرآن أحيانا يستعمل معنى الكلمة فيذكر ويؤنث بحسب المعنى‪ .‬البيّنات حيث كانت بمعنى العلمات الدالّة واليات والمعجزات أنّثها وحيث‬
‫ل يَنظُرُونَ ِإلّ أَن يَ ْأ ِت َيهُمُ اللّ ُه فِي‬ ‫حكِيمٌ (‪ )209‬هَ ْ‬ ‫ت فَاعَْلمُواْ أَنّ اللّ َه عَزِي ٌز َ‬ ‫كانت بمعنى المر والنهي ذكّرها‪( .‬فَإِن زَلَ ْلتُ ْم مّن َبعْ ِد مَا جَاء ْتكُمُ ا ْل َبّينَا ُ‬
‫ل ِن ْعمَةَ اللّ ِه مِن َب ْعدِ مَا‬ ‫ن آيَةٍ َبّينَةٍ َومَن ُيبَدّ ْ‬‫ل كَ ْم آ َت ْينَاهُم مّ ْ‬
‫ل َبنِي إِسْرَائِي َ‬ ‫لمْرُ َوإِلَى اللّ ِه تُرْجَ ُع المُو ُر (‪ )210‬سَ ْ‬ ‫ياَ‬ ‫ل مّنَ ا ْل َغمَامِ وَا ْلمَل ِئكَةُ َوقُضِ َ‬ ‫ظلَ ٍ‬
‫ُ‬
‫ضهُ ْم دَرَجَاتٍ وَآ َتيْنَا‬ ‫ض مّ ْنهُم مّن كَلّمَ اللّهُ َو َرفَ َع َبعْ َ‬ ‫ضهُ ْم عَلَى َبعْ ٍ‬ ‫ل فَضّ ْلنَا َبعْ َ‬ ‫ب (‪ )211‬البقرة) هذه آيات‪( .‬تِ ْلكَ الرّسُ ُ‬ ‫شدِيدُ ا ْلعِقَا ِ‬ ‫جَاءتْهُ َفإِنّ اللّهَ َ‬
‫ن آمَنَ‬ ‫ختَلَفُو ْا َف ِمنْهُم مّ ْ‬
‫ت وََأيّ ْدنَا ُه بِرُوحِ الْ ُقدُسِ َولَوْ شَاء اللّ ُه مَا ا ْقتَتَلَ اّلذِينَ مِن َبعْدِهِم مّن َبعْ ِد مَا جَاء ْتهُمُ ا ْل َبّينَاتُ َولَـكِنِ ا ْ‬ ‫ن مَ ْريَ َم ا ْلبَ ّينَا ِ‬
‫عِيسَى ابْ َ‬
‫ل مَا يُرِيدُ (‪ )253‬البقرة) هذه آيات‪( .‬يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم ‪...‬من بعد ما‬ ‫َو ِم ْنهُم مّن َكفَرَ وَلَ ْو شَاء اللّ ُه مَا ا ْق َتتَلُواْ وَلَـكِنّ اللّ َه يَ ْفعَ ُ‬
‫حبْلِ اللّهِ‬ ‫صمُو ْا بِ َ‬‫عتَ ِ‬ ‫سِلمُونَ (‪ )102‬وَا ْ‬ ‫ق تُقَاتِهِ َولَ َتمُوتُنّ ِإلّ َوأَنتُم مّ ْ‬ ‫ن آ َمنُو ْا اتّقُو ْا اللّهَ حَ ّ‬ ‫جاءتهم البينات) هذه معجزات‪ .‬في التذكير (يَا َأّيهَا اّلذِي َ‬
‫حفْرَ ٍة مّنَ النّا ِر فَأَن َق َذكُم ّمنْهَا‬ ‫شفَا ُ‬‫حتُم ِب ِن ْعمَتِهِ إِخْوَانًا َوكُنتُ ْم عََلىَ َ‬ ‫صبَ ْ‬
‫ف َبيْنَ قُلُو ِبكُمْ َفأَ ْ‬ ‫عدَاء َفأَلّ َ‬‫ل تَ َف ّرقُواْ وَا ْذكُرُو ْا ِن ْعمَةَ اللّ ِه عََل ْيكُمْ ِإ ْذ كُنتُمْ أَ ْ‬ ‫جمِيعًا َو َ‬ ‫َ‬
‫ن ا ْلمُنكَرِ وَأُ ْولَـ ِئكَ ُهمُ ا ْلمُ ْفلِحُونَ‬ ‫ن بِا ْل َمعْرُوفِ َو َي ْنهَوْنَ عَ ِ‬ ‫ن (‪ )103‬وَ ْل َتكُن مّنكُمْ ُأمّ ٌة يَدْعُونَ إِلَى الْ َ‬
‫خيْرِ َو َي ْأمُرُو َ‬ ‫َكذَِلكَ ُي َبيّنُ اللّهُ َلكُ ْم آيَاتِهِ َلعَّلكُ ْم َت ْهتَدُو َ‬
‫ب عَظِيمٌ (‪ )105‬آل عمران) ذكّر لنها بمعنى الدين أو‬ ‫عذَا ٌ‬ ‫ختَلَفُو ْا مِن َبعْ ِد مَا جَاء ُهمُ ا ْل َبيّنَاتُ وَأُوْلَـ ِئكَ َلهُ ْم َ‬ ‫(‪َ )104‬ولَ َتكُونُو ْا كَاّلذِينَ تَ َف ّرقُواْ وَا ْ‬
‫المر والنهي وليست بمعنى المعجزات وإنما هي أوامر بمعنى المر والنهي أو الدين وحبل ال‪.‬‬
‫آية (‪:)110‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫م َـ‬
‫َ‬
‫ن بِالل ّـهِ وَلَوْ آ َ‬
‫منُو َـ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫منْكَرِ وَتُؤْ ِ‬ ‫ن عَـ ِ‬‫ف وَتَنْهَوْـ َ‬ ‫معُْرو ِـ‬ ‫ن بِال ْ َ‬
‫مُرو َـ‬ ‫ت لِلنَّا سِـ تَأ ُ‬‫ج ْـ‬‫خرِ َ‬‫مةٍ أ ُ ْ‬
‫خيَْر أ ُ َّ‬
‫م َ‬ ‫* (كُنْت ُـ ْ‬
‫َ‬ ‫أَهْ ُ‬
‫م جاء لفـظ‬ ‫ن (‪ )110‬آل عمران)ل ِـ َ‬ ‫سقُو َ‬‫م الْفَا ِـ‬ ‫ن وَأكْثَُرهُـ ُ‬‫منُو َـ‬ ‫م ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫منْهُـ ُ‬
‫م ِ‬‫خيًْرا لَهُـ ْ‬
‫ن َ‬ ‫ب لَكَا َـ‬ ‫ل الْكِتَا ِـ‬
‫كنتم في الماضي؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫(كنتم خير أمة أُخرجت للناس) يعني هذا وجودكم هذه كينونتكم‪( .‬أُخرجت للناس) يعني أُوجِدت إيجادا‪ .‬كنتم خير أمة أخرجت للناس ل تعني‬
‫في الماضي والن أنتم لستم خير أمة لكن أنتم كوّنتم أمة خيرية‪ .‬لماذا كوّنتم؟ لن هذه المة أمة عالمية ليست أمة عرقية‪ .‬من بدء السلم كان‬
‫فيها العربي والفارسي والحبشي والرومي وليس عبثا أن يدخل هؤلء في السلم في أول تكوينه في مكة في بنية السلم‪ .‬هذا التكوين يكوين‬
‫خيري ثم وصفهم (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بال)‪ .‬هذا المر بالمعروف والنهي عن المنكر والكينونة متصلة بالوجود‬
‫حقيقة‪.‬‬
‫مسألة (كان) وكونها ل تشير الى الماضي دائما ولكن بحسب موقعها قد تشير الى معنى الستمرار (وكان ال غفورا رحيما) يعني هذا هو ال‬
‫هذا شأنه سبحانه وتعالى أنه غفورً رحيم‪ .‬أنه بهذه الصفة وال تعالى موصوف بالمغفرة وبالرحمة وهذا كونه هكذا وجوده ول يعني أنها في‬
‫الماضي‪.‬‬
‫س (‪ )110‬آل عمران)؟(د‪.‬حسام‬ ‫َ‬
‫ت لِلن ّا ِ‬
‫ج ْ‬ ‫مةٍ أ ُ ْ‬
‫خرِ َ‬ ‫خيَْر أ ُ َّ‬ ‫* ما المقصود بكلمة أمة في الية (كُنت ُ ْ‬
‫م َ‬
‫النعيمى)‬
‫خيْ َر‬
‫المّة في اللغة لها أكثر من معنى‪ ،‬من معانيها الجماعة من الناس الذي هم على فكر واحد أو على إعتقاد واحد يسمون أمة ولذلك (كُنتُمْ َ‬
‫ن بِاللّ ِه (‪ )110‬آل عمران) هذا ل يعني العِرق العربي وإنما أمة السلم يعني‬ ‫ن عَنِ ا ْلمُنكَرِ َوتُ ْؤ ِمنُو َ‬
‫ف َوتَ ْنهَوْ َ‬
‫ن بِا ْل َمعْرُو ِ‬
‫س تَ ْأمُرُو َ‬‫جتْ لِلنّا ِ‬ ‫ُأمّةٍ ُأخْرِ َ‬
‫بدخولكم هذا الدين ومن دخل معكم تكونون أمة‪ .‬لكن عندنا معاني أخرى لكلمة أمّة‪ ،‬في اللسان نجد ينقل أكثر من معنى لهذه اللفظة فمن‬
‫معانيها المة الرجل المتفرد في علمه‪ ،‬في خلقه‪ ،‬لما يكون منفردا في شيء يقولون فلن أمة يعني كأن المة اجتمعت فيه بكل عقولها بكل‬
‫أذهانها‪ .‬من معاني المة الرجل ال ُمتّبَع‪ .‬وكِل هذين المعنيين يصلح على إبراهيم الرجل الذي ل نظير له والمام المتّبع‪ .‬مثل قوله تعالى (إِنّ‬
‫حنِيفًا) قال أبو عبيدة ان أمة أي إماما" فإذن يحتمل من حيث اللغة هذا المعنى أيضا المعنى الخر ل يبعد أنه كان أمة‬ ‫ِإبْرَاهِي َم كَانَ ُأمّةً قَا ِنتًا لِلّهِ َ‬
‫كان منفردا عن سواه بالرسالة‪ ،‬بالنبوة‪ ،‬هول نظير له بينهم‪.‬‬
‫س (‪ )110‬آل عمران)مـــــا فائدة البناء‬
‫ِـــــ‬ ‫ت لِلنَّا‬
‫ج ْـــــ‬ ‫مةٍ أ ُ ْ‬
‫خرِ َ‬ ‫خيَْر أ ُ َّ‬
‫م َ‬‫*فـــــى قوله تعالى (كُنت ُـــــ ْ‬
‫للمجهول؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ما قال خرجت لن ربنا أخرجها إخراجا‪ ،‬هذه المة السلمية ربنا أخرجها بالصورة التي أرادها أُخرجت للناس ولم يقل خرجت من تلقاء‬
‫نفسها‪( .‬خرجت) يعني خرجت من نفسها وليست برسالة‪ ،‬أخرج فعل متعدي (أخرجته)‪ ،‬خرج فعل لزم (خرجت من البيت)‪( .‬أُخرجت للناس)‬
‫أي أن ال سبحانه وتعالى أخرجها على نمط معيّن كما يريد ولم تخرج من تلقاء نفسها كما تخرج الحشائش والدغال في النبات‪ .‬الزارع ينتقي‬
‫ويعلم ما يزرع وهذه المة أُخرِجت إخراجا إلى الناس ولم تخرج من تلقاء نفسها وفق منهج معين معدّ واختيار دقيق‪ .‬هذه المة أُخرجت بهذا‬
‫المنهج لهذا الغرض للناس كافة‪.‬‬
‫*ما سر تقديم وتأخير (يؤمنون بالله) في آيات سورة آل عمران؟(الشيخ خالد الجندي)‬
‫ن بِاللّهِ وَا ْليَوْمِ‬‫جدُونَ (‪ )113‬يُ ْؤ ِمنُو َ‬ ‫سُ‬‫ت اللّهِ َآنَا َء الّليْلِ وَهُ ْم يَ ْ‬
‫قال تعالى في سورة آل عمران (َليْسُوا سَوَا ًء مِنْ أَهْلِ ا ْل ِكتَابِ ُأمّةٌ قَا ِئمَةٌ َيتْلُونَ َآيَا ِ‬
‫ن (‪ ))114‬وقال تعالى في آية أخرى في نفس‬ ‫خيْرَاتِ وَأُوَل ِئكَ مِنَ الصّالِحِي َ‬ ‫ن عَنِ ا ْل ُم ْنكَرِ َويُسَارِعُونَ فِي الْ َ‬ ‫ن بِا ْل َمعْرُوفِ َو َينْهَوْ َ‬‫خرِ َويَ ْأمُرُو َ‬ ‫الْآَ ِ‬
‫خيْرًا َل ُه ْم مِ ْنهُمُ ا ْلمُ ْؤ ِمنُونَ‬
‫ن بِا ْل َمعْرُوفِ َو َت ْنهَوْنَ عَنِ ا ْل ُم ْنكَرِ َوتُ ْؤ ِمنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ َآمَنَ أَهْلُ ا ْل ِكتَابِ َلكَانَ َ‬‫س تَ ْأمُرُو َ‬
‫خيْرَ ُأمّةٍ أُخْ ِرجَتْ لِلنّا ِ‬‫السورة ( ُك ْنتُمْ َ‬
‫ن (‪ ))110‬إذا لحظنا ترتيب المواصفات في اليتين لوجدنا أن آية ‪ 114‬في سورة آل عمران جاء فيها (يؤمنون بال) في‬ ‫سقُو َ‬ ‫َوَأكْثَرُ ُهمُ الْفَا ِ‬
‫البداية ثم تلها يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر أما في الية ‪ 110‬فجاءت في آخر الترتيب وذلك لن الخطاب في هذه الية هو‬
‫للمسلمين ونحن آخر المم من حيث الترتيب الزمني فجاء اليمان بال آخرا لن هناك من سبقونا باليمان من أهل الكتاب من اليهود‬
‫والنصارى‪ .‬أما في الية ‪ 114‬فالخطاب لهل الكتاب الذين أسلموا قبل بعثة الرسول وفي زمن أنبيائهم موسى وعيسى عليهما السلم لذا‬
‫جاء قوله تعالى يؤمنون بال أولً في الترتيب ثم المر بالمعروف والنهي عن المنكر‪.‬‬
‫(يسارعون في الخيرات)المسارعة في الخيرات هو أسلوب القرآن الكريم وهناك فرق بين فعل الخير وبين المسارعة فيه وال تعالى يريد منا‬
‫المسارعة في الخير ويريدنا أن نلجأ إليه كالذي يفِرّ (ففروا الى ال) ولم يقل امشوا أو اذهبوا‪ .‬المسارعة إذن واجبة وهي التوجه باقبال واندفاع‬
‫الى ال تعالى ول نكون كالمنافقين الذين إذا قاموا الى الصلة قاموا كسالى‪.‬‬
‫ل حراما أو يحرّم‬ ‫(يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)المعروف هو ما تعارف عليه الناس واتفقوا عليه بشرط أن يصطدم بشرع أي ل يح ّ‬
‫حللً‪ .‬أما المنكر فهو ما استنكره الناس كالكذب والغش والغدر والعتداء على الخرين والخوض في العراض والخيانة وغيرها‪.‬‬
‫َ‬
‫ن َوأكْثَُرهُ ُ‬
‫م‬ ‫منُو َ‬ ‫م ال ْ ُ‬
‫مؤْ ِ‬ ‫منْهُ ُ‬
‫*لماذا عبّر تعالى بكلمة الفاسقين بدل الكافرين في قوله تعالى ( ِ‬
‫ن (‪ )110‬آل عمران)؟(الشيخ خالد الجندي)‬ ‫الْفَا ِ‬
‫سقُو َ‬
‫ن بِاللّ هِ وَلَوْ َآمَ نَ أَ ْهلُ ا ْل ِكتَا بِ َلكَا َ‬
‫ن‬ ‫ن عَ نِ ا ْل ُم ْنكَرِ َوتُ ْؤ ِمنُو َ‬
‫ن بِا ْل َمعْرُو فِ َو َت ْنهَوْ َ‬
‫س تَ ْأمُرُو َ‬
‫خيْرَ ُأمّةٍ أُخْ ِرجَ تْ لِلنّا ِ‬
‫قال تعالى في سورة آل عمران (كُ ْنتُ مْ َ‬
‫ن (‪ ))110‬نعلم أن المؤمن ين يقابل هم الكافرون ول كن ال تعالى ا ستخدم ل فظ (الفا سقين) في مقا بل‬ ‫سقُو َ‬‫خيْرًا َلهُ ْم ِم ْنهُ مُ ا ْلمُ ْؤ ِمنُو نَ وََأ ْكثَرُ ُه مُ الْفَا ِ‬
‫َ‬
‫المؤمن ين في ال ية ‪ .‬المؤ من عك سها كا فر وطائع عك سها فا سق‪ .‬وك ما أن اليمان مرا حل ا سلم‪ ،‬إيمان‪ ،‬تقوى‪ ،‬إح سان‪ ،‬اطمئنان كذلك الك فر‬
‫مراحل‪ .‬وكلمة كافر تُطلق على واحد من ثلثة أنواع‪:‬‬
‫‪.1‬ملحد وهو الذي ل يؤمن بوجود إله‬
‫‪.2‬مشرك وهو الذي يؤمن بوجود ال ولكنه يُشرك معه إلها آخر‬
‫‪.3‬وكافر وهو الذي يؤمن بوجود إله واحد لكنه يرفض عبادته وتصديق ما بعثه إلى رسله‪.‬‬
‫جدُوا إِلّا ِإبْلِي سَ‬
‫سَ‬‫جدُوا لَِآدَ َم فَ َ‬
‫إبليس عليه لعنة ال تعالى كان يعترف بوجود ال الواحد لكنه رفض أوامر ال تعالى وعصاه (وَِإ ْذ قُ ْلنَا لِ ْلمَلَا ِئكَةِ ا سْ ُ‬
‫ن (‪ )34‬البقرة)‪.‬‬
‫ن مِنَ ا ْلكَافِرِي َ‬
‫س َت ْكبَرَ َوكَا َ‬
‫َأبَى وَا ْ‬
‫والك فر إما أن يكون عن جهالة ويقال ل صاحبه كا فر أ صلي وإما أن يكون عن علم كأن يكون مؤمنا ثم يكفر مثل ابل يس ويقال ل صاحبه فا سق‬
‫(فسق اشتقت من فسقت النواة من التمرة إذا خرجت منها بمعنى كانت فيها ثم خرجت منها) فالخارج من منهج ال تعالى يسمى فاسق (وَِإذْ قُ ْلنَا‬
‫ن بَدَلًا (‬
‫عدُ ّو بِئْ سَ لِلظّاِلمِي َ‬
‫ق عَ نْ َأمْ ِر َربّ هِ َأ َف َتتّخِذُونَ هُ َوذُ ّرّيتَ هُ أَوِْليَا َء مِ نْ دُونِي وَ ُه مْ َل ُك ْم َ‬
‫ن مِ نَ الْجِنّ َففَ سَ َ‬
‫س كَا َ‬
‫جدُوا إِلّا ِإبْلِي َ‬
‫سَ‬‫جدُوا لَِآدَ مَ َف َ‬
‫سُ‬‫ِل ْلمَلَا ِئكَةِ ا ْ‬
‫‪ )50‬الكهف) فالفاسق هو أسوأ أنواع الكفار‪.‬‬
‫إذن من حيث العقيدة هناك كافر ومشرك وملحد ومن حيث الصل هناك كافر أصلي وكافر فاسق ومن حيث إعلن الكفر هناك كافر صريح‬
‫ومنافق‪.‬‬
‫وقوله تعالى (منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقين) الية تتحدث عن الذين كانوا يعرفون علمات الرسول من كتبهم ويعرفون صفاته ف التوراة‬
‫والنج يل ثم حرّفو ها وكتموا علي ها فأولئك كفروا و هم يعلمون أن الر سول حق من ق بل أن يُب عث وكفروا به ب عد البع ثة فكان من الن سب‬
‫استخدام لفظ الفاسقين بدل الكافرين فسبحان ال تعالى ما أعظم هذا القرآن وما أعظم هذه اللغة التي بها نزل!‬
‫ْ‬
‫ن بِالل ّـهِ (‪ )110‬آل‬
‫منُو َـ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫منكَرِ وَتُؤْ ِ‬ ‫ن عَـ ِ‬
‫ف وَتَنْهَوْـ َ‬ ‫ن بِال ْ َ‬
‫م ْعُرو ِـ‬ ‫مُرو َـ‬ ‫ت لِلنَّا سِـ تَأ ُ‬
‫ج ْـ‬ ‫مةٍ أ ُ ْ‬
‫خرِ َ‬ ‫خيَْر أ ُ َّ‬ ‫*(كُنت ُـ ْ‬
‫م َ‬
‫عمران) إذا علمـت أن الهتمام غالبا هـو سـبب التقديـم فـي الكلم دون غيره فهـل لقائل أن يقول‬ ‫ً‬
‫إن اليمان بالله يأتـي فـي المرتبـة الثانيـة بعـد فضيلة المـر بالمعروف والنهـي عـن المنكـر؟(ورتـل‬
‫القرآن ترتيلً)‬
‫الجواب طبعا ل وإنما قدّم ما هو الهم في هذا المقام للتنويه بفضيلة المر بالمعروف والنهي عن المنكر وتأخر الكلم عن اليمان دليلً على‬
‫أن إيمانهم ثابت محقق من قبل وتأخير ما هو أقوى في التربة ل يضعف من أهميته وإنما يزيد من أهمية ما سبقه‪.‬‬
‫*فـى سـورة الحديـد قال تعالى (وكثيـر منهـم فاسـقون) وفـي آل عمران اسـتخدم إسـم التفضيـل‬
‫(أكثر) فلماذا؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ب َف ِم ْنهُم ّمهْ َتدٍ َو َكثِي ٌر ّمنْهُ ْم فَاسِقُونَ (‪ ))26‬ثم‬ ‫جعَ ْلنَا فِي ذُ ّرّي ِت ِهمَا الّنبُوّةَ وَا ْل ِكتَا َ‬ ‫قال سبحانه وتعالى فى سورة الحديد (وََل َقدْ أَرْسَ ْلنَا نُوحًا وَِإبْرَاهِيمَ وَ َ‬
‫حمَةً وَرَ ْهبَا ِنيّةً ا ْب َتدَعُوهَا مَا َك َتبْنَاهَا‬ ‫جعَ ْلنَا فِي قُلُوبِ اّلذِينَ ا ّت َبعُوهُ رَ ْأفَةً وَ َر ْ‬ ‫سِلنَا َوقَ ّف ْينَا ِبعِيسَى ابْنِ َم ْريَمَ وَآ َتيْنَاهُ الْإِنجِيلَ َو َ‬ ‫قال (ثُ ّم قَ ّف ْينَا عَلَى آثَارِهِم بِرُ ُ‬
‫ن (‪))27‬‬ ‫عََل ْيهِمْ إِلّا ا ْب ِتغَاء ِرضْوَانِ اللّ ِه َفمَا رَعَوْهَا حَقّ رِعَايَ ِتهَا فَآ َت ْينَا اّلذِينَ آ َمنُوا ِم ْنهُمْ أَجْرَ ُهمْ َو َكثِيرٌ ّم ْنهُ ْم فَاسِقُو َ‬
‫كثير على وزن فعيل وهي صفة مشبهة‪ ،‬أكثر إسم تفضيل‪ .‬يعبّر بـ (أكثر) إذا كان السياق في تعداد أسوأ الصفات والطالة في ذكرها‪.‬‬
‫(أكثرهم) جاءت صيغة التفضيل هذه في مكانين في المائدة وآل عمران‪ .‬في آية الحديد ذكر وانتقل إلى كلم آخر ليس له علقة بأهل الكتاب‪،‬‬
‫ن فِي‬ ‫فالكلم عن أهل الكتاب جزء من آية ثم انتقل بكلم آخر ليس له علقة بأهل الكتاب‪ ..‬في آل عمران اليات من (يَا أَهْلَ ا ْل ِكتَابِ لِ َم تُحَاجّو َ‬
‫ن فِيمَا َل ْيسَ َلكُ ْم بِهِ عِ ْلمٌ وَاللّهُ‬ ‫جتُ ْم فِيمَا َلكُ ْم بِ ِه عِلْ ٌم فَِل َم تُحَاجّو َ‬ ‫ن (‪ )65‬هَا َأ ْنتُ ْم هَؤُلَا ِء حَاجَ ْ‬ ‫ن بَ ْعدِهِ َأفَلَا َتعْقِلُو َ‬ ‫ِإبْرَاهِيمَ َومَا ُأنْزَِلتِ التّوْرَاةُ وَالِْإنْجِيلُ ِإلّا مِ ْ‬
‫س بِِإبْرَاهِيمَ‬ ‫ن مِنَ ا ْلمُشْ ِركِينَ (‪ )67‬إِنّ أَوْلَى النّا ِ‬ ‫حنِيفًا مُسِْلمًا َومَا كَا َ‬ ‫ن َ‬ ‫َيعْلَمُ وََأ ْنتُمْ لَا َتعَْلمُونَ (‪ )66‬مَا كَانَ ِإبْرَاهِي ُم َيهُودِيّا وَلَا نَصْرَا ِنيّا َوَلكِنْ كَا َ‬
‫ن(‬ ‫شعُرُو َ‬ ‫سهُمْ َومَا يَ ْ‬ ‫ن (‪َ )68‬ودّتْ طَائِفَ ٌة مِنْ أَ ْهلِ ا ْل ِكتَابِ َلوْ ُيضِلّو َنكُمْ َومَا يُضِلّونَ ِإلّا َأنْ ُف َ‬ ‫ي ا ْلمُ ْؤ ِمنِي َ‬
‫ن ا ّتبَعُوهُ وَ َهذَا ال ّنبِيّ وَاّلذِينَ َآ َمنُوا وَاللّهُ وَلِ ّ‬ ‫َلّلذِي َ‬
‫ن (‪َ )71‬وقَاَلتْ‬ ‫حقّ وََأ ْنتُمْ َتعَْلمُو َ‬ ‫طلِ َو َتكْ ُتمُونَ الْ َ‬ ‫ق بِا ْلبَا ِ‬‫حّ‬‫ب لِ َم تَ ْلبِسُونَ الْ َ‬ ‫ن (‪ )70‬يَا أَهْلَ ا ْل ِكتَا ِ‬ ‫شهَدُو َ‬ ‫ت اللّهِ وََأ ْنتُ ْم تَ ْ‬ ‫ن بَِآيَا ِ‬‫ل ا ْل ِكتَابِ لِ َم َتكْ ُفرُو َ‬ ‫‪ )69‬يَا أَهْ َ‬
‫ل إِنّ‬ ‫ن (‪ )72‬وَلَا تُ ْؤ ِمنُوا إِلّا ِلمَنْ َتبِعَ دِينَكُ ْم قُ ْ‬ ‫جعُو َ‬ ‫خرَهُ َلعَّلهُ ْم يَرْ ِ‬ ‫ل عَلَى اّلذِينَ َآ َمنُوا وَجْهَ ال ّنهَارِ وَاكْفُرُوا آَ ِ‬ ‫طَائِفَ ٌة مِنْ أَهْلِ ا ْل ِكتَابِ َآ ِمنُوا بِاّلذِي ُأنْزِ َ‬
‫ح َمتِهِ‬ ‫ص بِرَ ْ‬ ‫ختَ ّ‬ ‫ن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِ ٌع عَلِي ٌم (‪ )73‬يَ ْ‬ ‫ل ِبيَدِ اللّ ِه يُ ْؤتِيهِ مَ ْ‬ ‫ن الْ َفضْ َ‬ ‫ع ْندَ َرّبكُ ْم قُلْ إِ ّ‬
‫ل مَا أُوتِيتُمْ أَ ْو يُحَاجّوكُ ْم ِ‬ ‫حدٌ ِمثْ َ‬‫ا ْلهُدَى ُهدَى اللّ ِه أَنْ يُ ْؤتَى َأ َ‬
‫ت عََليْهِ‬ ‫ن تَ ْأ َمنْهُ ِبدِينَارٍ لَا يُ َؤدّهِ إَِل ْيكَ إِلّا مَا ُدمْ َ‬ ‫ن تَ ْأ َمنْ ُه بِ ِقنْطَارٍ يُ َؤدّهِ إَِل ْيكَ َو ِمنْهُ ْم مَنْ إِ ْ‬
‫ب مَنْ إِ ْ‬ ‫ل ا ْلعَظِي ِم (‪َ )74‬ومِنْ أَهْلِ ا ْل ِكتَا ِ‬ ‫ن يَشَاءُ وَاللّ ُه ذُو ا ْلفَضْ ِ‬ ‫مَ ْ‬
‫ن(‬ ‫ن (‪ )75‬بَلَى مَنْ أَ ْوفَى ِب َعهْدِهِ وَاتّقَى فَإِنّ اللّهَ ُيحِبّ ا ْل ُمتّقِي َ‬ ‫ن عَلَى اللّهِ ا ْل َكذِبَ وَهُ ْم َيعَْلمُو َ‬ ‫سبِيلٌ َويَقُولُو َ‬ ‫س عََل ْينَا فِي ا ْلُأ ّميّينَ َ‬ ‫ك بَِأّنهُ ْم قَالُوا َليْ َ‬ ‫قَا ِئمًا ذَِل َ‬
‫ن ِب َعهْدِ اللّهِ َوَأيْمَا ِنهِ ْم َث َمنًا قَلِيلًا أُوَل ِئكَ لَا خَلَاقَ َلهُ ْم فِي الَْآخِرَةِ وَلَا ُيكَّلمُهُمُ اللّهُ وَلَا َينْظُرُ إَِل ْيهِ ْم يَوْ َم الْ ِقيَامَةِ وَلَا يُ َزكّيهِمْ َوَلهُمْ‬ ‫شتَرُو َ‬ ‫‪ )76‬إِنّ اّلذِينَ يَ ْ‬
‫عنْدِ اللّهِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ع ْندِ اللّهِ َومَا هُ َو مِ ْ‬ ‫ن هُ َو مِنْ ِ‬ ‫سبُو ُه مِنَ ا ْل ِكتَابِ َومَا هُ َو مِنَ ا ْل ِكتَابِ َويَقُولُو َ‬ ‫س َنتَهُ ْم بِا ْلكِتَابِ ِلتَحْ َ‬ ‫ن ِم ْنهُمْ لَ َفرِيقًا يَلْوُونَ أَ ْل ِ‬‫عذَابٌ أَلِيمٌ (‪ )77‬وَإِ ّ‬ ‫َ‬
‫ل ا ْل ِكتَابِ‬ ‫ل يَا أَهْ َ‬ ‫ن (‪ )98‬قُ ْ‬ ‫شهِي ٌد عَلَى مَا َت ْعمَلُو َ‬ ‫ن بَِآيَاتِ اللّهِ وَاللّهُ َ‬ ‫ل يَا أَ ْهلَ ا ْل ِكتَابِ ِل َم تَكْ ُفرُو َ‬ ‫ن عَلَى اللّهِ ا ْل َكذِبَ وَهُ ْم َيعَْلمُونَ (‪ ))78‬ومن (قُ ْ‬ ‫َو َيقُولُو َ‬
‫ن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ اّلذِينَ‬ ‫ن (‪ )99‬يَا َأّيهَا اّلذِينَ َآ َمنُوا إِ ْ‬ ‫عمّا َتعْمَلُو َ‬ ‫ل َ‬ ‫ش َهدَاءُ َومَا اللّ ُه بِغَا ِف ٍ‬ ‫ن تَ ْبغُو َنهَا عِوَجًا وََأ ْنتُمْ ُ‬ ‫سبِيلِ اللّ ِه مَنْ َآمَ َ‬ ‫صدّونَ عَنْ َ‬ ‫ِل َم تَ ُ‬
‫ص ْم بِاللّ ِه فَ َق ْد ُهدِيَ إِلَى صِرَاطٍ‬ ‫ن َيعْتَ ِ‬ ‫ف َتكْفُرُونَ وََأ ْنتُمْ ُتتْلَى عََل ْيكُمْ َآيَاتُ اللّهِ َوفِيكُمْ َرسُولُهُ َومَ ْ‬ ‫ب يَ ُردّوكُ ْم َبعْدَ إِيمَا ِنكُمْ كَافِرِينَ (‪َ )100‬وكَيْ َ‬ ‫أُوتُوا ا ْل ِكتَا َ‬
‫خيْرًا َلهُ ْم ِم ْنهُمُ‬ ‫ن َ‬ ‫ل ا ْل ِكتَابِ َلكَا َ‬ ‫ن عَنِ ا ْل ُمنْكَرِ َوتُ ْؤ ِمنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ َآمَنَ أَهْ ُ‬ ‫ن بِا ْل َمعْرُوفِ َو َت ْنهَوْ َ‬ ‫جتْ لِلنّاسِ َت ْأمُرُو َ‬ ‫خيْرَ ُأمّةٍ ُأخْرِ َ‬ ‫ستَقِيمٍ (‪( ))101‬كُ ْنتُمْ َ‬ ‫مُ ْ‬
‫ن مَا ثُقِفُوا إِلّا‬ ‫ت عََل ْيهِ ُم الذّلّةُ َأيْ َ‬ ‫ن (‪ )111‬ضُ ِربَ ْ‬ ‫ن يَضُرّو ُكمْ إِلّا َأذًى َوإِنْ ُيقَاتِلُوكُ ْم يُوَلّو ُكمُ الَْأ ْدبَا َر ثُمّ لَا ُينْصَرُو َ‬ ‫ن وََأ ْكثَرُهُمُ ا ْلفَاسِقُونَ (‪ )110‬لَ ْ‬ ‫ا ْلمُ ْؤمِنُو َ‬
‫س َكنَ ُة ذَِلكَ بَِأّنهُ ْم كَانُوا َيكْفُرُونَ ِبَآيَاتِ اللّهِ َويَ ْقتُلُونَ ا ْلَأنْ ِبيَاءَ ِب َغيْرِ حَقّ‬ ‫ت عََل ْيهِمُ ا ْلمَ ْ‬‫ب مِنَ اللّهِ َوضُ ِربَ ْ‬ ‫ل مِنَ النّاسِ َوبَاءُوا ِبغَضَ ٍ‬ ‫حبْ ٍ‬‫ل مِنَ اللّهِ َو َ‬ ‫حبْ ٍ‬ ‫بِ َ‬
‫ن بِاللّهِ‬‫ن (‪ )113‬يُ ْؤ ِمنُو َ‬ ‫جدُو َ‬ ‫ل ا ْل ِكتَابِ ُأمّ ٌة قَا ِئمَةٌ َيتْلُونَ َآيَاتِ اللّهِ َآنَاءَ الّليْلِ وَ ُه ْم يَسْ ُ‬ ‫ن (‪َ )112‬ليْسُوا سَوَا ًء مِنْ أَهْ ِ‬ ‫عصَوْا َوكَانُوا َي ْعتَدُو َ‬ ‫ك ِبمَا َ‬ ‫ذَِل َ‬
‫ن ُيكْفَرُوهُ‬ ‫خيْ ٍر فَلَ ْ‬‫ن (‪َ )114‬ومَا يَ ْفعَلُوا مِنْ َ‬ ‫ك مِنَ الصّالِحِي َ‬ ‫خيْرَاتِ وَأُوَل ِئ َ‬ ‫ن فِي الْ َ‬ ‫ن عَنِ ا ْل ُمنْكَرِ َويُسَارِعُو َ‬ ‫ف َويَ ْنهَوْ َ‬‫ن بِا ْل َمعْرُو ِ‬ ‫وَا ْليَوْمِ ا ْلآَخِ ِر َويَ ْأمُرُو َ‬
‫ن (‪ ))115‬آيات كثيرة أفاض فيها فقال (أكثر)‪ .‬أما التي ل يطيل فيها فيقول (كثير)‪ .‬قد تشترك صيغة فعيل في المبالغة‬ ‫وَاللّ ُه عَلِي ٌم بِا ْل ُمتّقِي َ‬
‫والصفة المشبهة وإسم المفعول من حيث الصيغة فقط أما إذا كان أصل الفعل متعديا تصير مبالغة وإذا كان أصل الفعل لزما تصير صفة‬
‫مشبهة‪ .‬مثال‪ :‬سميع من سمع وهو فعل متعدي إذن سميع صيغة مبالغة‪ ،‬عليم من علم وهو فعل متعدي إذن عليم مبالغة‪ ،‬حتى في رحيم قالوا‬
‫إذا كانت من رحِم فعل متعدي فهي مبالغة وإذا كانت من رَحُم فعل لزم تصير صفة مشبهة‪ .‬وعندنا فعُل أبلغ من فعِل وأحيانا نحوّل إلى فعُل‬
‫بقصد المبالغة‪ .‬طويل من طال فعل لزم فطويل صفة مشبهة وكذلك قصير وقبيح وجميل صفة مشبهة‪.‬‬
‫آية (‪:)111‬‬
‫ن‬
‫م وَإ ِـ ْ‬‫سؤْهُ ْ‬‫ة ت َـ ُ‬‫سن َ ٌ‬‫ح َـ‬‫َ‬ ‫م‬‫سك ُ َ ْ‬
‫س ْ‬ ‫م َـ‬ ‫ن تَ ْ‬‫* لماذا جاءت (يضُّركـم) بالرفـع فـي آيـة سـورة آل عمران (إ ِـ ْ‬
‫حي طٌـ (‬ ‫م ِ‬‫َـ ُ‬‫ن‬ ‫و‬‫ُ‬ ‫مل‬
‫ب ِـ َ َ ْ َ‬
‫ع‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫ن الل ّـ َ‬
‫ه‬ ‫شيْئًا إ ِـ َّ‬
‫م َ‬ ‫ضُّرك ُـ ْ‬
‫م كَيْدُهُـ ْ‬ ‫صبُِروا وَتَتَّقُوا َل ي َ ُ‬
‫ن ت َـ ْ‬
‫حوا بِهَـا وَإ ِـ ْ‬ ‫سيِّئ َ ٌ‬
‫ة يَفَْر ُ‬ ‫صبْك ُ ْ‬
‫م َـ‬ ‫ت ُـ ِ‬
‫‪))120‬؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫أولً من يقول أن (يضُرّكم) مرفوعة؟ ومن يقول إنها حالة رفع؟ هذا الفعل مجزوم وللية قراءتان متواترتان إحداها بالفتح (يضرّكم) والثانية‬
‫بالرفع (يضرّكم)‪ .‬هذا الفعل مجزوم بالسكون حُرّك للتقاء الساكنين وكانت الحركة الض ّم للتباع‪ .‬وهذا الفعل (ضرّ) فعل ثلثي مضعّف إذا‬
‫جُزِم وكان مضموم العين في المضارع مثل ع ّد يعُدّ وشدّ يشدّ إذا جُزم فعليه أربعة أحوال‪:‬‬
‫ق اللّهَ وَ َرسُولَ ُه فَإِنّ‬ ‫ن يُشَاقِ ِ‬ ‫ك بَِأّنهُمْ شَاقّوا اللّهَ وَ َرسُولَهُ َومَ ْ‬ ‫‪.1‬فكّ الدغام مع الجزم (يضرر) مثل قوله تعالى (ذَِل َ‬
‫حبِطَتْ‬ ‫ن دِينِ ِه َفيَمُتْ وَ ُه َو كَافِ ٌر فَأُوَل ِئكَ َ‬ ‫ب (‪ )13‬النفال) و قوله تعالى ( َومَنْ يَ ْر َتدِ ْد ِمنْكُ ْم عَ ْ‬ ‫شدِيدُ ا ْلعِقَا ِ‬ ‫اللّهَ َ‬
‫ن (‪ )217‬البقرة) وهذا يسري على جميع‬ ‫ب النّا ِر ُهمْ فِيهَا خَاِلدُو َ‬ ‫صحَا ُ‬ ‫عمَاُلهُ ْم فِي ال ّد ْنيَا وَا ْلآَخِ َرةِ وَأُوَل ِئكَ أَ ْ‬ ‫أَ ْ‬
‫المضعّفات في حالة الجزم إذا أُسند إلى ضمير مستتر أو اسم ظاهر‪.‬‬
‫ن يَ ْر َتدّ ِم ْنكُ ْم عَنْ دِينِهِ فَسَ ْوفَ‬ ‫‪.2‬الدغام والفتح كأن نقول لن يضُرّك كما في قوله تعالى (يَا َأّيهَا اّلذِينَ َآ َمنُوا مَ ْ‬
‫حبّونَهُ (المائدة ‪ )54‬بالفتح وهذا مجزوم لكن لمّا صار ادغام التقى ساكنان فعندما‬ ‫حبّهُمْ َوُي ِ‬‫يَ ْأتِي اللّ ُه بِقَ ْومٍ ُي ِ‬
‫ادغمنا الول يصير ساكنا والثاني ساكن فل بد من الحركة وعندنا أوجه تحريك إما أن نحركه بالفتح لنها‬
‫حرّك بالفتح لنها‬ ‫أخفّ الحركات مثل (يرتّد) مجزوم وعلمة جزمه السكون لكن حُرّك للتقاء الساكنين و ُ‬
‫أخف الحركات‪.‬‬
‫ن يُشَاقّ اللّ َه َفإِنّ اللّهَ‬ ‫ك بَِأّنهُمْ شَاقّوا اللّهَ َورَسُولَهُ َومَ ْ‬ ‫‪.3‬الدغام مع الكسر كقولنا ل يُضّر ومثل قوله تعالى (ذَِل َ‬
‫ب (‪ )4‬الحشر)‪.‬‬ ‫شدِيدُ ا ْل ِعقَا ِ‬‫َ‬
‫‪.4‬الدغام مع الض ّم إذا كانت العين مضمومة مثل يضُر‪ ،‬يعُد‪ ،‬يمّد يصِحّ أن نقول لم ي ّمدّ ولم يمِدّ ولم ي َمدّ‪.‬‬
‫فالفعل إذن ليس مرفوعا ولكنه ًمجزوم وعلمة جزمه السكون وحُرّك للتقاء الساكنين وكانت الحركة الضمّ للتباع هذا من ناحية التفضيل‬
‫النحوي‪ .‬لكن يبقى السؤال لماذا اختير في هذه القراءة الضم؟ مع أن الكثر والشيع هو الفتح لن الفتحة أخف الحركات وهو ما عليه الكثير‬
‫من القُرّاء ؟‬
‫ضرّكم بالفتح تعني كأنه ليس هناك ضرر‬ ‫قراءة حفص هي التي تقرأ بالضمّ‪ .‬من المُسلّمات أن الضمّ أثقل الحركات والفتحة أخفّها عندما نقول ي ُ‬
‫ن يُقَاتِلُو ُك ْم يُوَلّوكُمُ‬ ‫ضرّوكُمْ إِلّا َأذًى وَإِ ْ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ل لكن إذا قلنا يضرّكم بالضم فهي تعني أنه هناك أذى ولكن ل يضركم كما في قوله تعالى (لَ ْ‬ ‫أص ً‬
‫صبِرُوا َو َتتّقُوا) إشارة إلى أن يضرّكم بالرفع ل تعني مسح‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫ن (‪ )111‬آل عمران) ولذا قال تعالى في هذه الية (وَإِ ْ‬ ‫صرُو َ‬
‫الَْأ ْدبَا َر ثُمّ لَا يُنْ َ‬
‫الضرر ولكن يبقى شيء من مخلّفاته التي ل ترقى إلى الضرر مما يؤذي النفس ولهذا جاءت الية بعدها بالصبر‪ .‬فحالة الرفع هنا حالة ثقيلة‬
‫أما حالة الفتح فهي أخف منها فناسب حركة العراب الحالة التي تأتي فيها‪.‬‬
‫وقد يسأل سائل لماذا تختلف القراءات والية نفسها وفيها قراءتان متواترتان بالرفع والفتح؟ قالوا هناك مواقف في الزمن ومواقف في‬
‫الشخاص والناس ليسوا على وتيرة واحدة فيلقي بعضهم حالت أشد من حالت والزمن ليس واحدا فقد تكون حالة أثقل من حالة وقد يكون ما‬
‫يلقاه شخص غيرما يلقاه شخص آخر فلذلك خالف وهي إشارة إلى الحالة الواقعية للحياة فل تكون على وتيرة واحدة لذا جاءت في القراءات‬
‫احداها أثقل من الخرى‪.‬‬
‫ومن هذا كله نقول أن (يضرّكم) في الية مجزومة لنه فعل مضعّف عينه مضمومة وجاءت للتّباع‪ .‬ونلخّص ما قلناه في أحوال جزم الفعل‬
‫الثلثي المضعّف وكان مضموم العين ونقول أن كلها ممكنة سواء كان الفعل أمر أو فعل مجزوم إذا أُسند إلى ضمير مستتر أو اسم ظاهر‬
‫حالت فك الدغام‪ ،‬الدغام مع الفتح أو الكسر كلها جائزة والدغام مع الض ّم هذا الذي فيه الشرط فلو كان فعل الشرط ماضيا يمكن أن يكون‬
‫حذّ ُركُ ُم اللّ ُه نَفْسَهُ‬‫ن َبيْ َنهَا َو َب ْينَهُ َأ َمدًا بَعِيدًا َويُ َ‬‫ت مِنْ سُو ٍء تَ َودّ لَوْ أَ ّ‬ ‫عمِلَ ْ‬ ‫حضَرًا َومَا َ‬ ‫خيْ ٍر مُ ْ‬
‫ت مِنْ َ‬ ‫عمِلَ ْ‬
‫س مَا َ‬ ‫ل نَفْ ٍ‬ ‫ج ُد كُ ّ‬‫مرفوعا ويُعدّ ماضيا (يَوْ َم تَ ِ‬
‫ف بِا ْل ِعبَا ِد (‪ )30‬آل عمران) ولو كان الفعل مضارعا ل يحتمل الرفع‬ ‫‪.‬وَاللّهُ َرءُو ٌ‬
‫م اْلَدْبَاَر ث ُ َّ‬ ‫ُ‬
‫ن(‬ ‫م َل يُن ْ َ‬
‫صُرو َ‬ ‫م يُوَل ّوك ُ ُ‬
‫ن يُقَاتِلُوك ُ ْ‬
‫*لماذا جاءت كلمة (تنصرون) غير مجزومة في الية (وَإ ِ ْ‬
‫‪ ))111‬مع أنها معطوفة على مجزوم؟(الشيخ خالد الجندي)‬
‫يقاتلوكم ويولوكم فعلن مجزومان الول هو فعل الشرط (وإن يقاتلوكم) والثاني جواب الشرط (يولوكم) ثم قال تعالى (ثم ل يُنصرون) بدون‬
‫جزم مع وجود حرف العطف (ثم) وهذا ليس خطأ لغويا في القرآن حاشا ل كما يدعي بعض المستشرقين الذين يحهلون اللغة العربية ولهؤلء‬
‫ل من عباده‬‫ل قبل إعراب الجمل والكلمات لن العراب تابع للفهم كما نجد في قوله تعالى (إنما يخشى ا َ‬
‫نقول أنه علينا أن نفهم القرآن أو ً‬
‫العلماءُ) ونقول أن قوله تعالى (ثم ل تُنصرون) ليست معطوفة على ما قبلها ولكنها تفيد الستئناف على التراخي وتعني أن أعداء ال تعالى لن‬
‫يُنصروا على المؤمنين وليس عندهم نُصرة من ال تعالى حتى لو كان عندهم عدّة النصر فهو ل يُنصرون على الطلق فل يوجد عاصي‬
‫يُنصر من عند ال تعالى فهي إذن جملة مستقلة لوحدها وليست معطوفة على ما قبلها‪ .‬واستخدام الفعل المضارع في الية (يقاتولكم‪ ،‬يولوكم)‬
‫تفيد الستمرار لن القتال ضد الدين مستمر (ولن ترضى عنك اليهود ول النصارى حتى تتبع ملتهم) والخطاب في الية موجه للمة المسلمة‬
‫التي تقيم الشريعة وتعرف حدود ال تعالى‪.‬‬
‫*ما الفرق بين الضرر والذى؟(الشيخ خالد الجندي)‬
‫ن يُقَاتِلُوكُ ْم يُوَلّوكُمُ ا ْلَأ ْدبَا َر ثُمّ لَا ُينْصَرُونَ (‪ ))111‬والكلم في الية موجه للمؤمنين‬ ‫قال تعالى في سورة آل عمران (لَنْ َيضُرّوكُمْ إِلّا َأذًى وَإِ ْ‬
‫عن الفاسقين الذين كفروا برسول ال مع علمهم بصدقه وصدق رسالته ونبوته ‪ .‬الذى هو نوع من أنواع الضرر والضرر نوعان ضرر‬
‫قاصر وضرر متعدّي فلو شرب أحدهم خمرا يكون قد أضر نفسه فهذا ضرر قاصر اقتصر على الشخص نفسه أما أن يدخّن النسان بين‬
‫الناس فهذا ضرر متعدي للغير وهو ضِرار كما جلء في الحديث الشريف "ل ضرر ول ضِرار"‬
‫ينقسم الضرر من حيث التأثير إلى قسمين ضرر قاصر وضرر متعدي ومن حيث مفعوله ينقسم إلى قسمين أيضا ضرر مؤقت وضرر بائن‬
‫والضرر المؤقت هو الذي يستمر لفترة زمنية بسيطة أما الضرر البائن فهو الذي يستمر مفعوله لوقت طويل‪ .‬والضرر المؤقت هو ما يسمى‬
‫إيذاء أو أذى أما الضرر البائن فهو الضرر الحقيقي المقصود في اللغة‪ .‬فلو كان اليلم مؤقتا يسمى إيذاء وإن كان دائما يسمى ضررا لنه‬
‫يدوم وقتا أطول‪.‬‬
‫ن مِنْ جَلَابِي ِبهِنّ ذَِلكَ‬ ‫عَليْهِ ّ‬
‫جكَ َوبَنَا ِتكَ َونِسَاءِ ا ْلمُ ْؤ ِمنِينَ ُيدْنِينَ َ‬
‫ي قُلْ ِلأَزْوَا ِ‬
‫ل دقيقا فقال تعالى (يَا َأّيهَا ال ّنبِ ّ‬ ‫وقد استعمل القرآن الكريم كلمة أذى استعما ً‬
‫غفُورًا رَحِيمًا (‪ )59‬الحزاب) النظرة تؤذي لنها مؤقتة غير دائمة‪ ، .‬وقال تعالى في سورة الحزاب‬ ‫ن ُيعْ َرفْنَ فَلَا يُ ْؤذَيْنَ َوكَانَ اللّ ُه َ‬ ‫َأ ْدنَى أَ ْ‬
‫عذَابًا ُمهِينًا (‪ ))57‬فمجرد أذى الرسول يستوجب لعنة ال تعالى‬ ‫عدّ َل ُهمْ َ‬‫أيضا (إِنّ اّلذِينَ يُ ْؤذُونَ اللّهَ وَ َرسُولَهُ َل َع َنهُمُ اللّ ُه فِي ال ّد ْنيَا وَا ْلآَخِ َرةِ وَأَ َ‬
‫في الدنيا والخرة ولهم عذاب مهين جزاء إيذائهم للرسول ‪ .‬وقال تعالى في سورة البقرة ( َفمَنْ كَانَ ِم ْنكُ ْم مَرِيضًا أَ ْو بِهِ َأذًى مِنْ رَ ْأسِ ِه فَ ِف ْديَةٌ‬
‫طهّرْنَ َف ْأتُوهُنّ‬ ‫ن فَِإذَا تَ َ‬
‫طهُرْ َ‬‫حتّى يَ ْ‬
‫عتَزِلُوا النّسَا َء فِي ا ْل َمحِيضِ وَلَا تَ ْق َربُوهُنّ َ‬ ‫ل هُوَ َأذًى فَا ْ‬ ‫ض قُ ْ‬
‫ك عَنِ ا ْلمَحِي ِ‬ ‫سأَلُو َن َ‬
‫سكٍ) ( َويَ ْ‬ ‫ص َدقَةٍ أَ ْو نُ ُ‬
‫صيَامٍ أَوْ َ‬ ‫مِنْ ِ‬
‫سبِيلِ اللّ ِه ثُمّ لَا يُ ْت ِبعُونَ مَا َأنْفَقُوا َمنّا وَلَا َأذًى‬ ‫طهّرِينَ (‪( ))222‬اّلذِي َ‬
‫ن ُينْفِقُونَ َأمْوَاَل ُه ْم فِي َ‬ ‫حبّ التّوّابِينَ َوُيحِبّ ا ْل ُمتَ َ‬ ‫حيْثُ َأمَ َر ُكمُ اللّهُ إِنّ اللّ َه يُ ِ‬ ‫مِنْ َ‬
‫ن مَطَرٍ أَ ْو ُك ْنتُ ْم مَرْضَى‬ ‫ن بِكُمْ َأذًى مِ ْ‬ ‫ح عََل ْيكُمْ إِنْ كَا َ‬‫جنَا َ‬ ‫ح َزنُونَ (‪ ))262‬وفي سورة النساء (وَلَا ُ‬ ‫ف عََل ْيهِمْ َولَا هُ ْم يَ ْ‬‫عنْدَ َرّبهِمْ وَلَا خَوْ ٌ‬ ‫َل ُهمْ أَجْرُ ُه ْم ِ‬
‫ن يُقَاتِلُوكُمْ‬ ‫عذَابًا ُمهِينًا (‪ ))102‬وفي آية سورة آل عمران (لَنْ َيضُرّوكُمْ إِلّا َأذًى وَإِ ْ‬ ‫عدّ لِ ْلكَا ِفرِينَ َ‬ ‫حذْ َركُمْ إِنّ اللّهَ أَ َ‬ ‫خذُوا ِ‬ ‫ح َتكُمْ َو ُ‬ ‫ضعُوا َأسْلِ َ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ن (‪ ))111‬فالية تدل على أن ما يسمعه المؤمنون من الفاسقين هو ليس إل أذى كلميا فقط وليس ضررا لنهم‬ ‫يُوَلّو ُكمُ الَْأ ْدبَا َر ثُمّ لَا ُينْصَرُو َ‬
‫مؤمنون متمسكون بإيمانهم والخطاب في الية هو للمؤمنين أما غير المؤمنين فلن يكون ضرر الفاسقين أذى بالنسبة لهم‪.‬‬
‫آية (‪:)112‬انظر آية (‪)21‬‬
‫*مامعنى الضرب في القرآن الكريم؟ (الشيخ خالد الجندي)‬
‫ك بَِأّنهُ ْم كَانُوا‬
‫س َكنَةُ ذَلِ َ‬
‫ت عََل ْيهِ مُ ا ْلمَ ْ‬
‫ب مِ نَ اللّ هِ َوضُ ِربَ ْ‬
‫ل مِ نَ النّا سِ َوبَاءُوا ِبغَضَ ٍ‬
‫حبْ ٍ‬
‫ل مِ نَ اللّ هِ وَ َ‬
‫حبْ ٍ‬
‫ت عََل ْيهِ ُم الذّلّةُ َأيْ نَ مَا ثُ ِقفُوا ِإلّا بِ َ‬‫ض ِربَ ْ‬‫قال تعالى ( ُ‬
‫ك ِبمَا عَ صَوْا َوكَانُوا يَ ْع َتدُو نَ (‪ )112‬آل عمران) ضرب بمعنى ألزم ودمغ يقال ضربت النقود‬ ‫َيكْفُرُو نَ ِبَآيَا تِ اللّ هِ َويَ ْقتُلُو نَ ا ْلَأنْ ِبيَاءَ ِب َغيْرِ حَقّ ذَلِ َ‬
‫ح فر على المعدن ر سما أو ا سما ح تى ل يُم سح‪ .‬وضرب الش يء أي الت صق به الت صاقا شديدا ك ما قال تعالى (وليضر بن بخمر هن على‬ ‫أي ُ‬
‫جيوبهن) بمعنى اللصاق والتثبيت وعدم المفارقة‪.‬‬
‫*ورتل القرآن ترتيلً‪:‬‬
‫شبّهت الذلة وهي أمر‬‫ت عََل ْيهِ ُم الذّلّةُ َأيْنَ مَا ثُ ِقفُو ْا (‪ )112‬آل عمران) معنى ضرب الذلة إتصالها بهم وإحاطتها ففيه إستعارة مكنية إذ ُ‬
‫ض ِربَ ْ‬
‫( ُ‬
‫شبّه اتصالها وثباتها بضرب ال ُقبّة وشدّ أطنابها بحيث يصعب أن يتنزعوا هذه المذلة‬ ‫معقول غير محسوس ي ُقبّة أو خيمة شملتهم وأحاطت بهم و ُ‬
‫عنهم فهل يمكن أن تؤدي صورة أخرى ما أفادته هذه الصورة القرآنية الفريدة؟‬
‫آية (‪:)114‬‬
‫*ورتل القرآن ترتيلً‪:‬‬
‫ت (‪ )114‬آل عمران) المسارعة في الخير الرغبة في الستكثار منه والمبادرة إليه‪ .‬وفيه إستعارة لطيفة تُدرّك بالتأمل‬‫خيْرَا ِ‬
‫ن فِي ا ْل َ‬
‫( َويُسَارِعُو َ‬
‫والتدبر‪ .‬فحرف (في) هنا استعارة تخيلية تؤذن بتشبيه الخيرات بطريق يسير فيه السائرون أما إذا قلت يسارعون إلى الخيرات فالمرء لم يبلغ‬
‫بعدُ الخيرات بل يسعى لبلوغها‪.‬‬
‫آية (‪:)115‬‬
‫*ما معنى يُكفروه في قوله تعالى في سورة آل عمران (وما يفعلوا من خير فلن‬
‫يُكفروه)؟(الشيخ خالد الجندي)‬
‫ن (‪ ))115‬هناك فريقان من الناس فريق اتبع الح قّ وفريق لم يؤمنوا‪ .‬يُكفروه أي‬‫ن ُيكْفَرُو هُ وَاللّ ُه عَلِي ٌم بِا ْل ُمتّقِي َ‬
‫خيْ ٍر فَلَ ْ‬
‫قال تعالى ( َومَا يَ ْفعَلُوا مِ نْ َ‬
‫يُغطى عنهم أو يمنع عنهم أو يُحجب عنهم أي أن كل عمل خير تجده عند ال تعالى لكن بشرط التقوى والية أشارت للشرطين في العمل‪:‬‬
‫ل يقبل من العمل إل ما كان خالصا ل تعالى (أل ل الدين الخالص) (مخلصا له الدين)‬
‫وما كان صحيحا صالحا الذي ينجي يوم القيامة‪.‬‬
‫آية (‪:)117‬‬
‫*ما الفرق بين كلمة ريح ورياح في القرآن الكريم؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ل رِيحٍ فِيهَا صِرّ‬
‫حيَا ِة ال ّدنْيَا َك َمثَ ِ‬
‫ن فِي هِـذِهِ ا ْل َ‬
‫ل مَا يُن ِفقُو َ‬
‫كلمة ريح في القرآن الكريم تستعمل للشّر كما في قوله تعالى في سورة آل عمران (مَثَ ُ‬
‫ن {‪)}117‬‬ ‫سهُ ْم يَظِْلمُو َ‬
‫ظَل َمهُمُ اللّهُ وَلَـكِنْ أَنفُ َ‬
‫سهُ ْم فَأَ ْهَلكَتْهُ َومَا َ‬
‫ث قَ ْومٍ ظََلمُواْ أَنفُ َ‬
‫ت حَرْ َ‬
‫َأصَابَ ْ‬
‫ل ال ّريَاحَ بُشْرا‬ ‫أما كلمة الرياح فهي تستعمل في القرآن الكريم للخير كالرياح المبشّرات كما في قوله تعالى في سورة العراف (وَهُوَ اّلذِي يُرْسِ ُ‬
‫ن{‬ ‫خرِجُ الْم ْوتَى َلعَّلكُ ْم تَ َذكّرُو َ‬
‫ت َكذَِلكَ نُ ْ‬ ‫ل ال ّثمَرَا ِ‬
‫جنَا بِهِ مِن كُ ّ‬
‫ت فَأَنزَ ْلنَا بِهِ ا ْلمَاء فََأخْرَ ْ‬
‫حتّى ِإذَا َأقَلّتْ سَحَابا ثِقَالً سُ ْقنَاهُ ِلبَلَ ٍد ّميّ ٍ‬ ‫ح َمتِهِ َ‬
‫َبيْنَ َيدَيْ َر ْ‬
‫‪)}57‬‬
‫غ ِم ْنهُمْ عَنْ‬
‫ن مَن َي ْعمَلُ َبيْنَ َي َديْهِ بِِإذْنِ َربّهِ َومَن يَ ِز ْ‬‫عيْنَ الْ ِقطْرِ َومِنَ الْجِ ّ‬
‫شهْرٌ َوأَسَ ْلنَا لَ ُه َ‬‫حهَا َ‬‫ش ْهرٌ وَرَوَا ُ‬ ‫غدُوّهَا َ‬ ‫ن الرّيحَ ُ‬ ‫سَليْمَا َ‬
‫وفي سورة سبأ (وَلِ ُ‬
‫سعِيرِ {‪ )}12‬استعملت كلمة ريح مع سليمان لكنها لم تُخصص لشيء فجاءت عامة قد تكون للخير أو للشر لن ال‬ ‫عذَابِ ال ّ‬ ‫َأمْ ِرنَا نُ ِذقْ ُه مِنْ َ‬
‫سخّرها لسليمان يتصرف بها كيف يشاء‪.‬‬
‫*ورتل القرآن ترتيلً‪:‬‬
‫سهُ ْم َفأَهَْل َكتْهُ َومَا ظََل َمهُمُ اللّ ُه (‪ )117‬آل عمران) تدبر‬
‫ث قَوْمٍ ظََلمُواْ أَنفُ َ‬
‫صرّ أَصَابَتْ حَ ْر َ‬
‫حيَا ِة الدّ ْنيَا َك َمثَلِ رِيحٍ فِيهَا ِ‬
‫ن فِي هِـذِهِ الْ َ‬
‫ل مَا يُنفِقُو َ‬
‫( َمثَ ُ‬
‫هذا التمثيل القرآني ستجد أنك أمام صورة في غاية في الدقة والحاطة بالمور‪ .‬فقوله تعالى (ظلموا أنفسهم) ليس جزءا من الصورة لو سقط‬
‫الكلم لكان المعنى تاما ل لبس فيه لكنه صار إدماجا في التمثيل ليُكسبه تفظيعا وتشويها ولينفي ما يمكن أن يتحصل للسامع من الشفقة والرحمة‬
‫على حال أصحاب الحرث الهالك‪.‬‬
‫آية (‪:)118‬‬
‫*ورتل القرآن ترتيلً‪:‬‬
‫خذُواْ بِطَانَةً مّن دُو ِنكُمْ (‪ )118‬آل عمران) البِطانة بكسر الباء في الصل داخل الثوب لكن البيان اللهي يتخذها لتصوير‬
‫ل َتتّ ِ‬
‫(يَا َأّيهَا اّلذِينَ آ َمنُو ْا َ‬
‫حالة صديق الرجل وخصيصه الذي يطّلع على شؤونه فيكون كبطانة الثياب في شدة القرب من صديقه‪.‬‬
‫ن (‪ )118‬آل عمران) قال تعالى (تعقلون) ولم يقل تعلمون أو تفقهون؟ أل تؤدي‬ ‫م تَعْقِلُو َ‬
‫*(إِن كُنت ُ ْ‬
‫ذات المعنى؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫إن هذه اليات آيات فراسة وتوسّم في اختيار من يثق به النسان ويتخذه صديقا لذلك عبّر عنها بالعقل لنه أع ّم من العلم والفقه اللذين ل‬
‫يكشفان حقيقة هذه الفئة‪.‬‬
‫آية (‪:)120‬انظر آية (‪)111‬‬
‫م (‪ )121‬آل عمران)‬‫ميعٌ عَلِي ٌ‬
‫س ِ‬ ‫ل وَالل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫عد َ لِلْقِتَا ِ‬
‫مقَا ِ‬
‫ن َ‬
‫منِي َ‬ ‫ن أَهْل ِ َ‬
‫ك تُبَوِّىءُ ال ْ ُ‬
‫مؤْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫* (وَإِذ ْ غَدَوْ َ‬
‫ت ِ‬
‫المقاعد جمع مقعد وهو مكان القعود أي الجلوس على الرض‪ .‬وأنت تعلم أن الحرب والقتال‬
‫م لم يأت البيان بأن يقول‪ :‬وإذ غدوت من أهلك‬ ‫ليسا مكان قعود ول جلوس بل وقوف وقيام فل ِ َ‬
‫تبوئ المؤمنين مواقف للقتال؟ لن الوقوف أولى؟ (ورتل القرآن ترتيل)ً‬
‫إعلم أن إضافة مقاعد لسم القتال قرينة على أنه أطلق المواضع اللئقة بالقتال التي يثبت فيها المقاتل ول ينتقل عنها فعبّر عن الثبات والتمكن‬
‫في المقاعد دون الوقوف لن الوقوف عرضة الحركة وعدم الثبات‪.‬‬
‫آية (‪:)123‬‬
‫* ما فائدة (قد) مع الفعل الماضي هل تفيد التأكيد؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫(قد) تفيد التحقيق والتحقيق ل ينفك عنها إذا دخلت على الماضي وأحيانا يجتمع معها التقريب والتوقّع‪ .‬التحقيق ل ينفك‪ ،‬ل محالة واقع إذا‬
‫دخلت على الماضي وقد يكون مع التحقق التقريب أو التوقّع أو تجتمع كلها لكن يبقى التحقيق معها‪( .‬يَا َبنِي آ َدمَ َقدْ أَنزَ ْلنَا عََل ْيكُمْ ِلبَاسًا يُوَارِي‬
‫سَوْءَا ِتكُ ْم (‪ )26‬العراف) (قد) هنا ل فيها توقّع من بني آدم ول فيها تقريب لكن فيها معنى التحقيق‪( .‬وَلَ َق ْد نَصَ َركُ ُم اللّ ُه بِ َبدْرٍ وَأَنتُمْ َأذِلّةٌ (‪)123‬‬
‫حدَى الطّائِ َف ِتيْنِ َأّنهَا َلكُ ْم (‪ )7‬النفال) وفيها تقريب‪ .‬التحقيق ل يفارق (قد)‪.‬‬ ‫آل عمران) فيها توقّع لن ال تعالى وعدهم بالنصر (وَِإ ْذ َيعِ ُدكُمُ اللّهُ ِإ ْ‬
‫إذا دخلت على الفعل المضارع قد يكون للتحقيق والتكثير‪( .‬قد) حرف وإعرابها حرف تحقيق مبني (سائر الحروف مبنية)‪.‬‬
‫آية (‪:)124‬‬
‫* ما الفرق بين آلف وألوف (وهم ألوف) في القرآن؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫آلف من أوزان القِلّة‪ ،‬ج مع قلة‪( .‬أفعال) من أوزان القِلّة‪ :‬أفعُل‪ ،‬أفعال‪ ،‬أفعِلة‪ ،‬فِعلة‪ .‬من أوزان القِلّة وألوف من الكثرة‪ .‬لذلك قال رب نا سبحانه‬
‫ن (‪ )124‬آل عمران) ( ُيمْ ِددْكُ مْ َربّكُم بِ َ‬
‫خمْ سَ ِة آل فٍ مّ نَ ا ْلمَل ِئكَةِ مُ سَ ّومِينَ (‬ ‫لثَةِ آلَ فٍ مّ نَ ا ْلمَل ِئكَةِ مُنزَلِي َ‬
‫وتعالى (أَلَن َيكْفِيكُ مْ أَن ُيمِ ّدكُ ْم َربّكُم ِبثَ َ‬
‫ت(‬ ‫‪ )125‬آل عمران) لن القلة من الثلثة إلى العشرة فإن تجاوزها دخل في الكثرة (أَلَ ْم تَرَ إِلَى اّلذِينَ خَرَجُو ْا مِن دِيَارِهِمْ وَهُ ْم ُألُوفٌ َ‬
‫حذَرَ ا ْلمَوْ ِ‬
‫‪ )243‬البقرة) قال بعضهم قطعا أك ثر من عشرة آلف وق سم أو صلهم إلى أربعين ألفا‪ .‬آلف إلى حد العشرة جمع قلة‪ ،‬ألوف ما تجاوز العشرة‬
‫وهي جمع كثرة‪.‬‬
‫آية (‪:)125‬‬
‫ْ‬
‫ن ال ْ َ‬
‫ملئِكَةِ‬ ‫م َ‬
‫ف ِّ‬
‫سةِ آل ٍ‬
‫م َ‬ ‫م َربُّكُم ب ِ َ‬
‫خ ْ‬ ‫مدِدْك ُ ْ‬ ‫صبُِروا ْ وَتَتَّقُوا ْ وَيَأتُوكُم ِّ‬
‫من فَوْرِهِ ْ‬
‫م هَـذ َا ي ُ ْ‬ ‫*(بَلَى إِن ت َ ْ‬
‫ن (‪ )125‬آل عمران) تحمل هذه الية في كياتها لفتات بلغية رائعة‪ .‬أل ترى أن حق‬ ‫مي َ‬‫سوِّ ِ‬
‫م َ‬
‫ُ‬
‫السياق أن يكون كالتالي‪ :‬إن تصبروا وتتقوا يمددكم ربكم بخمسة آلف من الملئكة ويأتوكم من‬
‫م قدَّم (ويأتوكم من فورهم) على المداد؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫فورهم؟ فل ِ َ‬
‫إن تقدم المعطوف يوحي بتعجيل الطمأنينة إلى نفوس المؤمنين وسرعة النصر قبل تحقق جزاء الشرط وهو قوله تعالى (ويمددكم)‪.‬‬
‫آية (‪:)126‬انظرآية (‪)6‬‬
‫*ما اللمسة البيانية في التقديم والتأخير في آية (‪)10‬النفال وآية (‪ )126‬آل عمران؟‬
‫د‪.‬فاضل السامرائى‪:‬‬
‫حكِي ٌم {‪ ) }10‬وفي سورة‬ ‫عزِيزٌ َ‬ ‫ن عِندِ اللّهِ إِنّ اللّ َه َ‬ ‫ل مِ ْ‬ ‫ن بِهِ قُلُوبُكُمْ َومَا النّصْرُ ِإ ّ‬‫ط َمئِ ّ‬‫جعَلَهُ اللّهُ ِإلّ بُشْرَى وَِلتَ ْ‬ ‫قال تعالى في سورة النفال ( َومَا َ‬
‫حكِي ِم {‪ )}126‬لماذا جاءت قلوبكم مقدّمة على‬ ‫ن عِندِ اللّهِ ا ْلعَزِي ِز الْ َ‬ ‫ل مِ ْ‬ ‫ن قُلُو ُبكُم بِهِ َومَا النّصْرُ ِإ ّ‬ ‫ط َمئِ ّ‬
‫شرَى َلكُمْ وَِلتَ ْ‬ ‫جعَلَهُ اللّهُ ِإلّ بُ ْ‬
‫آل عمران ( َومَا َ‬
‫به في النفال ومتأخرة في آل عمران؟ يجب أن نرى أولً سياق اليات في السورتين‪ ،‬سياق آية آل عمران فيه ذكر لمعركة بدر وتمهيد‬
‫ل تَحْ َزنُوا وَأَنتُ ُم الَعْلَوْنَ إِن كُنتُم‬
‫ل تَ ِهنُوا َو َ‬ ‫لمعركة أحد وما أصاب المسلمون من حزن وقرح والمقام مقام مسح على القلوب وطمأنة لها ( َو َ‬
‫ل يُحِبّ‬
‫شهَدَاء وَاللّ ُه َ‬
‫خ َذ مِنكُ ْم ُ‬
‫ن آ َمنُواْ َويَتّ ِ‬
‫ح ّمثْلُهُ َوتِ ْلكَ اليّا ُم نُدَاوُِلهَا بَيْنَ النّاسِ وَِل َيعْلَمَ اللّ ُه اّلذِي َ‬
‫س الْقَ ْو َم قَرْ ٌ‬
‫ح َف َقدْ مَ ّ‬
‫سكُ ْم قَرْ ٌ‬
‫سْ‬ ‫مّ ْؤ ِمنِينَ {‪ }139‬إِن يَمْ َ‬
‫ن {‪ )}140‬وغيرها من آيات التصبير والمواساة وخصص البشرى بهم (بشرى لكم) وبه تعود على المداد السماوي لذا قدّم القلوب‬ ‫الظّاِلمِي َ‬
‫(قلوبكم) على (به) لن المقام مقام تصبير ومواساة والكلم مسح على القلوب‪ .‬أما في آية النفال قدّم (به) على (قلوبكم) لن الكلم على المداد‬
‫السماوي الذي هو محور آيات سورة النفال وكذلك لم يخصص البشرى وجعلها عامة (وما جعله ال إل بشرى)‪.‬‬
‫د‪.‬أحمد الكبيسى‪:‬‬
‫ط َمئِنّ بِ ِه‬ ‫ط َمئِنّ قُلُو ُبكُ ْم بِ هِ ﴿‪ ﴾126‬آل عمران) وفي سورة النفال ( َومَا َ‬
‫جعَلَ هُ اللّ هُ إِلّا بُشْرَى وَِلتَ ْ‬ ‫جعَلَ هُ اللّ هُ إِلّا بُشْرَى َلكُ مْ وَِلتَ ْ‬
‫في قوله تعالى ( َومَا َ‬
‫ط َمئِنّ ُقلُو ُبكُمْ بِهِ) بهذا القرآن لما قال تطمئن قلوبكم يعني يتكلم عن القلب المطمئن وينبغي‬ ‫قُلُو ُبكُ ْم ﴿‪ ﴾10‬النفال)‪ .‬فرب العالمين عندما قال (وَِلتَ ْ‬
‫ط َم ِئنّةُ ﴿ ‪ ﴾27‬ا ْرجِعِي إِلَى‬ ‫أن يكون قلب المؤ من مطمئنا لن اطمئنان قلب المؤ من هو هدف من أهداف هذا القرآن الكر يم (يَا َأّيتُهَا النّفْ سُ ا ْلمُ ْ‬
‫ضيّ ًة ﴿‪ ﴾28‬الفجر) من حيث أن هذه النفس والقرآن الكريم يطلق كلمة النفس على القلب والقلب على النفس أحيانا وهذا كل مٌ‬ ‫ضيَ ًة مَرْ ِ‬
‫َربّ كِ رَا ِ‬
‫آخر تحدثنا عنه سابقا والن العلم الحديث يثبت أن التفكير يبدأ بالقلب وليس بالدماغ‪ .‬كان سابقا يقولون كل كلمة قلب يعني دماغ ل‪ ،‬الن القلب‬
‫ط َمئِنّ قُلُو ُبكُ ْم بِ هِ) قدّم اطمئنان القلوب يعني عليكم أن تجتهدوا لكي تطمئن قلوبكم‬ ‫القلب والدماغ الدماغ والنفس النفس‪ .‬فرب العالمين يقول (وَِلتَ ْ‬
‫ط َمئِنّ بِ هِ قُلُو ُبكُ مْ) يجب أن تتعامل مع القرآن تعاملً علميا بفه ٍم وتدبر لكي يستطيع هذا القرآن بفهمك هذا أن‬ ‫بهذا القرآن الكريم‪ .‬لما يقول (وَِلتَ ْ‬
‫نفسـ‬
‫ٍ‬ ‫قلبـ أو أي‬‫ٍ‬ ‫يُدخ ِل الطمأنينـة على قلبـك ونفسـك إذا همـا قضيتان قضيـة أن القرآن مشحون بقو ٍة جدليـة بحيـث يسـتطيع أن يُطمئِن أي‬
‫ل ت ستل م نه قدر ته‬ ‫متزعز عة‪ ،‬وعلى نف سك أو قل بك أو عقلك أن يكون مطمئنا إذن ه ما قضيتان قض ية أن هذا القرآن ك يف تتعا مل م عه تعام ً‬
‫على الطمأنينة‪ ،‬القضية الثانية عليك أن ترعى قلبك أو نفسك أو عقلك لكي يطمئن من تعامله ذلك مع القرآن الكريم ‪.‬‬
‫م عبّر الله تعالى عن الثقة والمان بقوله (ولتطمئن قلوبكم)؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫*ل ِ َ‬
‫في هذه الكلمة من الدللة ما يقصر غيرها من الكلمات عن التعبير‪ .‬فسكون القلب يعني عدم اضطراب نبضات القلب الناجم عن الخوف والهلع‬
‫وإذا كان القلب طبيعيا بنبضاته فهذا يعني أن النسان في حال أمن وكأنه خارج إطار الحرب بل هو في دار سلم وأمن‪.‬‬
‫آية (‪:)129‬‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫فُر ل ِ َ‬
‫ض يَغْ ِ‬
‫ما َف ِي الْر ِ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ماوا ِ‬‫س َ َ‬ ‫ما ف ِي ال َّ‬ ‫(يغفر) في قوله تعالى (وَلِل ّهِ َ‬ ‫َ‬
‫*ما دللة تقديم وتأخير‬
‫مل ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫ماوَا ِ‬ ‫س َ‬‫ك ال َّ‬ ‫ه ُ‬ ‫ه لَ ُ‬
‫ن الل ّ َ‬‫م أ َّ‬ ‫م تَعْل َ ْ‬ ‫آل عمران) (أل َ ْ‬ ‫َ‬
‫م ( ‪)129‬‬ ‫ه غَفُوٌر َر ِ‬
‫حي ٌ‬ ‫شاءُ وَالل ّ ُ‬‫ن يَ َ‬
‫م ْ‬
‫ب َ‬ ‫شاءُ وَيُعَذِّ ُ‬ ‫يَ َ‬
‫ه عَلَى ك ُ ِّ‬ ‫َ‬
‫ي ٍء قَدِيٌر ( ‪ )40‬المائدة) ؟(د‪.‬حسـام‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫شاءُ وَالل ّـ ُ‬
‫ن يَ َ‬
‫م ْـ‬‫شاءُ وَيَغْفُِر ل ِ َ‬ ‫ن يَ َ‬‫م ْـ‬
‫ب َ‬‫ض يُعَذِّ ُـ‬‫وَالْر ِـ‬
‫ْ‬
‫النعيمى)‬
‫لو نظرنا في اليات سنجد أن تقديم المغفرة على العذاب هو الصل لنه (كتب ربكم على نفسه الرحمة) وفي الحديث في صحيح البخاري‬
‫"رحمتي سبقت غضبي" لكن في الية ‪ 40‬في سورة المائدة؟ هذا المر يتعلق بقطع اليد (والسارق والسارقة)قدّم العذاب لن الكلم في البداية‬
‫كان على عذاب ثم على مغفرة فل بد أن يتقدم العذاب ولو عسكت لما إستقام الكلم‪ .‬بينما الماكن الخرى الكلم كان إعتياديا على مغفرة ال‬
‫تعالى وعذابه فدائما يقدم الرحمة ويردف بالعذاب يقدم الرحمة ترغيبا للمطيعين ويؤخر العذاب ويذكره تحذيرا من المعصية‪.‬‬
‫آية (‪:)132‬‬
‫* لماذا يرد في القرآن أحيانا ً أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأحيانا ً أخرى يرد وأطيعوا الله‬
‫والرسول؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫في القرآن قاعدة عامة وهي أنه إذا لم يتكرر لفظ الطاعة فالسياق يكون ل وحده في آيات السورة ولم يجري ذكر الرسول في السياق أو أي‬
‫ن {‪ .)}132‬والمر الخر أنه إذا تكرر لفظ الطاعة فيكون قطعيا‬ ‫حمُو َ‬ ‫إشارة إليه كما جاء في سورة آل عمران (وَأَطِيعُواْ اللّ َه وَالرّسُولَ َلعَّلكُ ْم تُرْ َ‬
‫يءٍ‬
‫عتُمْ فِي شَ ْ‬
‫لمْرِ مِنكُ ْم َفإِن َتنَازَ ْ‬
‫قد ذُكر فيه الرسول في السياق كما في قوله تعالى (يَا َأّيهَا اّلذِينَ آ َمنُو ْا أَطِيعُواْ اللّهَ َوأَطِيعُواْ الرّسُولَ وَأُوْلِي ا َ‬
‫ل {‪ }59‬النساء) و (قُلْ َأطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرّسُولَ َفإِن‬ ‫ن تَأْوِي ً‬
‫خيْرٌ وََأحْسَ ُ‬ ‫فَ ُردّوهُ ِإلَى اللّهِ وَالرّسُولِ إِن كُنتُ ْم تُ ْؤ ِمنُونَ بِاللّهِ وَا ْليَ ْومِ الخِ ِر ذَِلكَ َ‬
‫حمّ ْلتُ ْم وَإِن تُطِيعُو ُه َت ْهتَدُوا َومَا عَلَى الرّسُولِ إِلّا ا ْلبَلَاغُ ا ْل ُمبِينُ {‪ }54‬النور) وهذا ما جرى عليه القرآن كله‬
‫حمّلَ وَعََل ْيكُم مّا ُ‬
‫تَوَلّوا َفِإّنمَا عََليْهِ مَا ُ‬
‫كقاعدة عامة‪.‬‬
‫آية (‪:)133‬‬
‫ن (‪ )133‬آل‬‫متَّقِي َـ‬
‫ت لِل ْ ُ‬ ‫ض أُ ِ‬
‫عد ّـَ ْ‬
‫َ‬
‫ت وَالْر ُـ‬
‫ماوا ُ‬ ‫جنَّةٍ عَْر ُ‬
‫ضهَـا ال ّـَ‬
‫س َ َ‬ ‫من َّربِّك ُـ ْ‬
‫م وَ َ‬ ‫فَرةٍ ّـِ‬ ‫سارعُوا ْ إِلَى َ‬
‫مغْ ِ‬ ‫*(وَـ َ ِ‬
‫عمران) ترى لو قلت وأســرعوا إلى مغفرة أتُحقــق ذات الغرض والفائدة التــي تحققهــا صــيغة‬
‫(وسارعوا)؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫بالطبع ل فالبيان القرآني جاء بصيغة سارعوا للمبالغة في طلب السراع‪ .‬وتنكير (مغفرة) ووصلها بقوله (من ربكم) مع استطاعة الضافة‬
‫مباشرة بأن يقول‪ :‬وسارعوا إلى مغفرة ربكم غرضه التضخيم والتعظيم‪ .‬ثم لسائل أن يسأل لِ َم جاء البيان اللهي بقوله جنة عرضها ولم يقل‬
‫جنة طولها؟ سيأتي الجواب أن الكلم هنا على طريقة التشبيه البليغ والصل‪ :‬وجنة عرضها كعرض السماء والرض كما جاء في سورة‬
‫الحديد والغرض هنا أريد به تمثيل شدة التساع ليُطلق العنان لخيال السامع فإذا كان عرض الجنة بهذا التساع صعب التخيّل فكيف يكون‬
‫طولها؟!‬
‫* ما الفرق البياني بين آية ‪ 133‬من سورة آل عمران وآية ‪ 21‬من سورة الحديد؟(د‪.‬فاضل‬
‫السامرائى)‬
‫عدّتْ لِ ْل ُمتّقِينَ) وقال تعالى في سورة الحديد‬ ‫سمَاوَاتُ وَالَْأرْضُ أُ ِ‬ ‫ضهَا ال ّ‬ ‫جنّ ٍة عَ ْر ُ‬ ‫قال تعالى في سورة آل عمران (وَسَارِعُوا إِلَى َمغْفِرَ ٍة مِنْ َرّبكُمْ وَ َ‬
‫ك فَضْلُ اللّ ِه يُ ْؤتِي ِه مَنْ يَشَاءُ وَاللّ ُه ذُو‬ ‫عدّتْ لِّلذِينَ آ َمنُوا بِاللّهِ َورُسُلِ ِه ذَِل َ‬ ‫سمَاءِ وَالَْأرْضِ أُ ِ‬ ‫ضهَا َكعَرْضِ ال ّ‬ ‫جنّةٍ عَ ْر ُ‬ ‫(سَابِقُوا ِإلَى َمغْفِرَ ٍة مِنْ َرّبكُمْ َو َ‬
‫ضلِ ا ْلعَظِيمِ) ‪.‬‬
‫الْفَ ْ‬
‫في اليتين أكثر من وقفة‪ :‬قضية الواو وانعدامها‪ ،‬السموات والسماء‪ ،‬عرضها وكعرض‪ ،‬للمتقين و للذين آمنوا بال ورسله‪ ،‬ذلك فضل ال ولم‬
‫ترد في الية الثانية‪.‬‬
‫*السماء والسموات ‪:‬‬
‫السماء في اللغة وفي المدلول القرآني لها معنيان‪:‬‬
‫‪1‬ـ واحدة السموات السبع‪ ،‬كقوله تعالى‪" :‬ولقد َزيّنا السّما َء الدنيا ِبمَصابيح " الملك‪.‬‬
‫‪2‬ـ كل ما عل وارتفع عن الرض ـ فسقف البيت في اللغة يسمى سماء‪.‬‬
‫ل يُذْ ِهبَنّ َك ْيدُهُ مَا َيغِيظُ"الحج‪15:‬يقول‬ ‫سمَا ِء ثُمّ ْل َيقْطَ ْع فَ ْل َينْظُ ْر هَ ْ‬
‫سبَبٍ ِإلَى ال ّ‬ ‫خرَ ِة فَ ْل َيمْ ُددْ بِ َ‬
‫صرَهُ اللّ ُه فِي الدّ ْنيَا وَالْآ ِ‬ ‫ن يَنْ ُ‬ ‫ن يَظُنّ أَنْ لَ ْ‬‫ن كَا َ‬ ‫قال تعالى‪ " :‬مَ ْ‬
‫المفسرون ‪(:‬أي ليمد حبل إلى سقف بيته ثم ليخنق نفسه) فالسماء هنا بمعنى السقف‪.‬‬
‫سمَا ِء مَاءً َفسَاَلتْ أَ ْو ِديَةٌ بِ َقدَرِهَا " ّالرعد‪.17:‬‬ ‫ل مِنَ ال ّ‬ ‫ـ وقد تكون بمعنى السحاب‪َ" :‬أنْزَ َ‬
‫ـ وقد تكون بمعنى المطر ‪ " :‬ينزل السماء عليكم مدرارا" نوح‪.‬‬
‫س ُكهُنّ إِلّا اللّهُ "النحل‪. 79:‬‬ ‫سمَا ِء مَا ُيمْ ِ‬
‫ت فِي جَوّ ال ّ‬ ‫طيْ ِر مُسَخّرَا ٍ‬ ‫ـ وقد تكون بمعنى الفضاء والجو ‪" :‬أَلَ ْم يَ َروْا إِلَى ال ّ‬
‫سمَاءِ)(النعام‪. )125:‬‬ ‫ص ّعدُ فِي ال ّ‬ ‫حرَجا كََأّنمَا يَ ّ‬ ‫ضيّقا َ‬ ‫صدْرَهُ َ‬ ‫جعَلْ َ‬ ‫ن يُضِلّ ُه يَ ْ‬‫ـ وذكرهذا الرتفاع العالى( َومَنْ يُ ِردْ أَ ْ‬
‫فالسماء كلمة واسعة جدا قد تكون بمعنى السحاب أو المطر أو الفضاء أو السقف ‪ ،‬وبهذا تكون السموات والسموات موطن الملئكة جزءا من‬
‫السماء ‪ ،‬لن السماء كل ما عل وارتفع مما عدا الرض‪ ،‬والسموات جزء منها بهذا المعنى الواسع الذي يشمل الفضاء والسقف والمطر‬
‫والسحاب‪ ،‬فإن (السماء) تكون أوسع من (السموات) فهي تشملها وغيرها‪.‬‬
‫سمَاوَاتِ وَالَْأرْضِ) (الفرقان‪ )6:‬وقال‪" :‬ربي يعلم القول في السماء والرض" لن القول أوسع من‬ ‫قال تعالى‪ " :‬قُلْ َأنْ َزلَهُ اّلذِي َيعْلَمُ السّرّ فِي ال ّ‬
‫السر‪ ،‬فهو قد يكون سرا أوجهرا والسر جزء منه‪،‬‬
‫فلما وسع قال (القول) وسع وقال (في السماء)‪ .‬ولما ضيق وقال (السر) قال (السموات) ‪.‬‬
‫*عرضها‪ ،‬كعرض ‪:‬‬
‫ولذلك لما قال (السموات) قال (عرضها السموات)‪ ،‬ولكن عندما اتسعت اتساعا هائل جاء بأداة التشبيه (عرضها كعرض السماء) لن المشبه به‬
‫عادة أبلغ من المشبه‪ ،‬فهي ل تبلغ هذا المبلغ الواسع الذي يشمل كل شيء‪.‬‬
‫كلمة (السماء) تأتي عامة "والسماء بنيناها بأيد" ‪" ،‬وفي السماء رزقكم وما توعدون" ‪" ،‬أأمنتم من في السماء‪ "..‬ثم تتسع لشياء أخرى‪ ،‬فعندما‬
‫يقول‪" :‬سبع سموات طباقا" فهي ليست الفضاء ول السقف ول السحاب‪ ،‬فعندما اتسعت قال (كعرض السماء)لنها أقوى وأوسع وأشمل وعلى‬
‫هذا بني التعبير كله في اليتين ‪.‬‬
‫هناك استعمل الكاف للتشبيه وهنا لم يستخدمها‪ .‬السموات جمع السماء‪ .‬صحيح هي مفرد لكن حينما يأتي وحدها تأتي لعدة مصالح‪ .‬السماء‬
‫والرض عظيمة جدا فاستعمل لها التشبيه لنها غير محدودة لكن لما استعمل السموات إستعمل التحديد (عرضها السموات والرض) للتقريب‪.‬‬
‫لكن العربي لما يسمع عرضها عرض السموات والرض قد يفهم منها السماء الولى الواحدة لكن لما قال (كعرض السماء والرض) يفهم أن‬
‫هذا إطلق‪( .‬كعرض) أقوى من (عرضها) وأشمل وأوسع هكذا يُفهم‪.‬‬
‫*أعدت للمتقين‪ ،‬أعدت للذين آمنوا ‪:‬‬
‫عندما ضيق حددها للمتقين ثم وصفهم في اليات التالية‪ ،‬وعندما وسع عمم القول ليسع الخلق (الذين آمنوا بال ورسله) وهؤلء المتقون جزء‬
‫من الذين آمنوا‪ ،‬ولم يحدد عمل محددا لهؤلء‪.‬‬
‫*سابقوا‪ ،‬سارعوا ‪:‬‬
‫عندما قال (سارعوا) قال (عرضها السموات والرض)‪ ،‬وعندما قال (سابقوا) قال (كعرض السماء والرض)‬
‫كثرة الخلق المتجهين لمكان واحد تقتضي المسابقة‪ ،‬فإن قلّوا اقتضى ذلك المسارعة فقط ‪ ،‬وليس المسابقة‪.‬‬
‫اتسع المكان فاتسع الخلق ‪ ،‬ذكر السماء التي تشمل السموات وزيادة ‪ ،‬وذكر الذين آمنوا بال ورسله وهي تشمل المتقين وزيادة ‪ ،‬ثم زاد وقال‪:‬‬
‫"ذلك فضل ال" ‪ .‬لن الفضل أوسع مما جاء في آل عمران بل الفضل واضح إذ جاءت عامة‬
‫*تكرار العطف ‪:‬‬
‫وكذلك لو لحظنا الناحية الفنية لرأينا وضع كل واحدة يناسب ما هي فيه‪ ،‬ففي سورة الحديد تتكرر عبارات (آمنوا بال) و(الفضل العظيم)‬
‫و(يضاعف لهم) ففيها تفضلت كثيرة‪ .‬وكذلك وضع الواو في سارعوا ‪ ،‬آية آل عمران فيها تعاطفات‪ ،‬أماالخرى فبل عطف وفي آل عمران‬
‫نرى المتقين والمر بالتقوى يتكرر عدة مرات‪.‬‬
‫ضعَافًا‬
‫لما نأتي إلى سياق اليات لذا نقول دائما فهم اليات يكون بالرجوع إلى السياق‪ .‬نلحظ الية الولى (يَا َأّيهَا اّلذِينَ َآ َمنُوا لَا تَ ْأكُلُوا ال ّربَا أَ ْ‬
‫ن (‪ ))132‬هناك‬ ‫حمُو َ‬‫عدّتْ لِ ْلكَا ِفرِينَ (‪ )131‬وََأطِيعُوا اللّهَ وَالرّسُولَ َلعَّلكُ ْم تُ ْر َ‬ ‫ن (‪ )130‬وَاتّقُوا النّارَ اّلتِي أُ ِ‬ ‫مُضَاعَفَ ًة وَاتّقُوا اللّهَ َلعَّلكُ ْم ُتفْلِحُو َ‬
‫تشريع ونهي عن ارتكاب إثم عظيم‪ ،‬ودعوة للتقوى‪ ،‬اتقوا ما يوصلكم إلى النار‪ ،‬لحظ الواوات‪ ،‬ثم (وسارعوا إلى مغفرة) جاءت الية في‬
‫غيْثٍ‬
‫ل َ‬ ‫حيَا ُة ال ّدنْيَا َل ِعبٌ وََلهْوٌ وَزِينَةٌ َوتَفَاخُ ٌر َبيْ َنكُمْ َو َتكَاثُ ٌر فِي الَْأمْوَالِ وَالْأَ ْولَا ِد َكمَثَ ِ‬
‫إطار العطف‪ .‬بينما الية الخرى في سورة الحديد (َأّنمَا الْ َ‬
‫حيَا ُة ال ّدنْيَا ِإلّا َمتَاعُ ا ْلغُرُو ِر (‬
‫شدِيدٌ َو َمغْفِرَ ٌة مِنَ اللّهِ َورِضْوَانٌ َومَا الْ َ‬ ‫عذَابٌ َ‬ ‫خرَ ِة َ‬ ‫صفَرّا ثُ ّم َيكُونُ حُطَامًا َوفِي ا ْلآَ ِ‬
‫ج َفتَرَا ُه مُ ْ‬
‫عجَبَ ا ْل ُكفّا َر َنبَاتُ ُه ثُ ّم َيهِي ُ‬
‫أَ ْ‬
‫‪ ))20‬فيها نوع من اليضاح والشرح لقضية معينة ثم ما عندنا نهي أو أمر فجاءت (سابقوا) من غير الواو‪( .‬وسارعوا) لما يكون تشريع‬
‫ويكون هناك إثم عظيم وهوالربا على ارتكاب المخالفة‪ .‬وكان كثير من المسلمين يتعاطون بالربا قبل تحريمه فلما جاء التحريم طلب منهم أن‬
‫يسارعوا وليست مسألة مسابقة وإنما كل واحد مسؤول عن فعله لنه أمر شخصي فطلب إليه أن يُسرع إلى مغفرة‪ .‬كيف يُسرع لها؟ بالتوبة‬
‫والتوبة شخصية فجاءت كلمة سارعوا‪ .‬ليس هناك مجال للمسابقة أنت وآخَر‪ .‬الن المناسبة تعنيك والكلم على الربا والربا شخصي‪ .‬لكن‬
‫(سابقوا) الكلم على الدنيا والدنيا فيها منافسات وتنافس ولعب وما من لعب إل وفيه منافسة واللهو يتنافس فيه الناس والتفاخر الناس يتنافسون‬
‫فيه‪ .‬اللعب واللهو كلُ يريد أن يظهر شأنه فيه وتفاخر يتسابقون في الفخر‪ .‬الموضوع ليس هنا ولكن المسابقة هي أن تتسابقوا إلى مغفرة من‬
‫ربكم تلجأون إلى ال تعالى عن هذا اللهو والعبث لكن فيه تسابق والسباق قطعا فيه سرعة وزيادة‪.‬‬
‫آية (‪:)134‬‬
‫*(ورتل القرآن ترتيلً)‪:‬‬
‫ظ (‪ )134‬آل عمران) الكظم لغة الخفاء والمساك وهو مأخوذ من كظم القِربة إذا ملها وأمسك فمها وعلى هذا‬ ‫ظمِينَ ا ْلغَيْ َ‬
‫فى قوله تعالى (وَا ْلكَا ِ‬
‫تكون الية تمثيلً رائعا بحق الخُلُق العظيم من جهتين‪ :‬أولً إخفاء الغضب من جهة وثانيا إمساكه عند وصوله حد المتلء تماما كالماء إذا‬
‫خيف أن يظهر من القربة وهي هنا النفس الغاضبة‪.‬‬
‫آية (‪:)135‬‬
‫*د‪.‬أحمد الكبيسى‪:‬‬
‫يقول النبي صلى ال عليه وسلم ذ كما رواه البخاري‪( -‬إن عبدا أذنب ذنبا فقال يا رب أذنبت ذنبا فاغفره لي فقال الرب‪ :‬علم عبدي أن له ربا‬
‫يغفر الذنوب قد غفرت لعبدي‪ ،‬ثم عمل ذنبا آخر فقال يا رب قد أذنبت ذنبا فاغفره لي فقال الرب‪:‬علم عبدي أن له ربا يغفر الذنوب قد غفرت‬
‫لعبدي‪ ،‬ثم أذنب ذنبا آخر فقال يا رب قد أذنبت ذنبا فاغفره لي فقال الرب‪ :‬علم عبدي أن له ربا يغفر الذنوب قد غفرت له وليفعل عبدي ما‬
‫يشاء) إذا كان كلما أذنب استغفر فليذنب يعني ل ييأس من رحمتي ورب العالمين سبحانه وتعالى في الية (وَاّلذِينَ ِإذَا َفعَلُوا فَاحِشَ ًة أَوْ ظََلمُوا‬
‫س َتغْفَرُوا ِلذُنُو ِبهِمْ َومَنْ َيغْ ِف ُر ال ّذنُوبَ إِلّا اللّهُ وََلمْ ُيصِرّوا عَلَى مَا َفعَلُوا وَهُ ْم َيعَْلمُونَ ﴿‪ ﴾135‬أُوَل ِئكَ جَزَاؤُهُ ْم َمغْفِرَ ٌة مِنْ‬
‫سهُ ْم َذكَرُوا اللّ َه فَا ْ‬ ‫َأ ْنفُ َ‬
‫َربّهِ ْم ﴿‪ ﴾136‬آل عمران) وقال النبي صلى ال عليه وسلم (ما أص ّر من استغفر ولو عاد في اليوم سبعين مرة)‪ .‬إذا يا سيدي الكريم إياك أن‬
‫يلعب بك إبليس! تُب إلى ال عز وجل وادعُ ال أن يثبتك على التوبة ويتقبلها منك وإذا عدت مرة أخرى أسرع بالعودة إلى ال عز وجل هكذا‬
‫س َتغْفِ ْر ِلذَ ْن ِبكَ ﴿‪ ﴾19‬محمد)‪.‬‬ ‫(فَاعَْلمْ َأنّهُ لَا إِلَ َه إِلّا اللّهُ وَا ْ‬
‫آية (‪:)137‬‬
‫* ما الفرق بين استعمال كلمتي عقاب وعذاب كما وردتا في القرآن الكريم؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫هناك رأي لبعض العلماء أن هذه الكلمات هي من لهجات مختلفة فليس بينها فروق ويستدلون بكلمة السكين والمُدية‪ .‬لكن التدقيق هو ليست‬
‫السماء فقط وإنما أحيانا الشتقاقات نجد تصرفا فيها فهذا يدعونا إلى التأمل في جميع اليات التي وردت فيها هذه اللفظة وننظر هل هي‬
‫موازية مقارنة للفظة الخرى؟ هل هناك فارق ولو دقيق؟ نجمع كل اليات التي فيها كلمة عقب ومشتقاتها عقاب وعاقبة وعوقب ومعاقبة بكل‬
‫إشتقاقاتها وكذلك كلمة عذّب عذاب يعذب معذب تعذيبا يعذبون‪ .‬الذي وجدناه في هذا أن العقاب وما إشتق منه ورد في ‪ 64‬موضعا في القرآن‬
‫الكريم والعذاب وما إشتق منه ورد في ‪ 370‬موضعا‪ .‬فلما نظرنا في اليات وجدنا أن هناك تناسبا بين الصوت والمعنى‪ :‬هو العذاب عقاب‬
‫والعقاب عذاب‪ .‬لكن يلفت النظر أن الثلثي هو (ع‪-‬ذ‪-‬ب) و(ع‪-‬ق‪-‬ب) إذن الذال والقاف‪ .‬كيف ننطق القاف؟ لن القاف يسمونه إنفجاري‬
‫أوالقدامى شديد يعني يُولد بإنطباق يعقبه إنفصال مفاجيء مثل الباء‪ ،‬بينما الذال المشددة فيها رخاوة وفيها طول‪ .‬من هنا وجدنا أن كلمة العقاب‬
‫تكون للشيء السريع والسريع يكون في الدنيا لن القاف أسرع‪ .‬والذال فيها إمتداد‪ ،‬هذا المتداد يكون في الدنيا والخرة‪ ،‬العذاب يأتي في الدنيا‬
‫ويأتي في الخرة‪ .‬عندما نأتي إلى اليات نجدها تتحدث عن عقوبة للمشركين في الدنيا يسميه عذابا وفي الخرة يسميه عذابا (فعذبهم بدخول‬
‫النار)‪ .‬أما العقاب ففي الدنيا‪ .‬هذا من خلل النظر في جميع اليات لكن هناك نظرية تحتاج لتنبيه أنه لما يأتي الوصف ل عز وجل ل يكون‬
‫مؤقتا ل بدنيا ول بآخرة فلما يقول‪( :‬وال شديد العقاب) هذه صفة ثابتة عامة يعني هذه صفته سبحانه لكن لما يستعمل كلمة العقاب مع البشر‬
‫يستعملها في الدنيا لم تستعمل في الخرة‪ .‬كذلك العذاب إستعملها للعذاب في الدنيا وفي الخرة وإستعملها (وأن ال شديد العذاب) لن العقاب‬
‫فيه سرعة وردت في القرآن (إن ربك سريع العقاب) وليس في القرآن سريع العذاب‪ .‬لذلك نقول هذه اللغة لغة سامية ينبغي أن تُعطى حقها فل‬
‫يجوز التنصّل عنها وهي بهذه الروعة وهذا السمو أن الحرف الواحد بتغير صوته تغير المعنى مع أن المعنى متقارب‪.‬‬
‫العاقبة للخير لنها بمعنى نتيجة العمل يعني ما يعقب العمل‪ ،‬عاقبة هذا العمل بمعنى ما يعقبه‪ ،‬ما يأتي بعده قد يكون خيرا وقد يكون شرا‪.‬‬
‫ن(‬ ‫ن عَا ِقبَةُ ا ْل ُم َك ّذبِي َ‬
‫ف كَا َ‬
‫ض فَانْظُروا َكيْ َ‬
‫سنَنٌ َفسِيرُوا فِي الْأَ ْر ِ‬
‫ن َقبِْلكُمْ ُ‬ ‫ولذلك إستعمل العاقبة في ‪ 32‬موضعا في القرآن كله هكذا ( َقدْ خَلَ ْ‬
‫ت مِ ْ‬
‫‪ )137‬آل عمران‪.‬‬
‫آية (‪:)140‬‬
‫*ما دللة ذكر وحذف اللم فى آيتى آل عمران (‪)141-140‬؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫حبّ الظّاِلمِينَ (‪ )140‬آل عمران) هذه معطوفة‬ ‫ل يُ ِ‬
‫ش َهدَاء وَاللّ ُه َ‬
‫خذَ مِنكُمْ ُ‬
‫ك اليّا ُم ُندَاوُِلهَا َبيْنَ النّاسِ وَِل َيعْلَ َم اللّهُ اّلذِينَ آ َمنُواْ َو َيتّ ِ‬ ‫في قوله تعالى ( َوتِ ْل َ‬
‫ص اللّهُ اّلذِينَ آ َمنُواْ َو َيمْحَقَ ا ْلكَافِرِينَ (‪ )141‬آل عمران) إحداها فيها لم والخرى ليس فيها لم‪ ،‬قسم فيها عطف‪ .‬الذي فيه لم يكون‬ ‫(وَِل ُيمَحّ َ‬
‫ش َهدَاء) أيّها الكثر يعلم ال الذين آمنوا أو يتخذ شهداء؟ يعلم ال الذين آمنوا أكثر‪( .‬وَِل ُيمَحّصَ‬ ‫خذَ مِنكُمْ ُ‬ ‫أقوى وآكد (وَِل َيعْلَ َم اللّهُ اّلذِينَ آ َمنُواْ َو َيتّ ِ‬
‫ي الكثر تمحيص الذين آمنوا أو محق الكافرين؟ تمحيص الذين آمنوا فجاء باللم والخرى لم يذكر فيها‬ ‫اللّهُ اّلذِينَ آ َمنُواْ َو َيمْحَقَ ا ْلكَافِرِينَ) أ ّ‬
‫اللم‪ ،‬هذا المتعلق بالية‪ .‬وعندنا قاعدة الذكر آكد من الحذف‪.‬‬
‫ه (‪ )140‬آل عمران) انظـر كيـف اسـتطاعت ابلغـة‬ ‫مثْل ُـ ُ‬ ‫سّـ الْقَوْـ َ‬
‫م قَْر ٌحـ ِّ‬ ‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬
‫م قَْر ٌحـ فَقَد ْ َ‬ ‫سـ ْ‬
‫م َ‬
‫*(إِن ي َ ْ‬
‫القرآنيــة أن تنقــص مــن قدر المصــيبة على المؤمنيــن‪ .‬فأيــن تكمــن البلغــة فــي هذه اليــة‬
‫التصويرية؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫لقد عبّر ال تعالى عن المصيبة بقوله (يمسسكم) ولم يقل يصبكم لن المسّ أصله اللمس باليد فيكون أمرا سطحيا ل يخترق الجسد خلف الفعل‬
‫يصبكم الذي يفيد اختراق القرح إلى داخل الجسد وهذا مؤذن بالتخفيف‪ .‬ثم صور الهزيمة بالقرح أي الجرح وهو هنا مستعمل في غير حقيقته‬
‫فيكون بذلك إستعارة للهزيمة إذ ل يصح أن يراد بها الحقيقة لن الجراح التي تصيب الجيش ل يُعبأ بها إذا كان معها النصر ناهيك عن أن‬
‫تصوير الهزيمة بالقرح مؤذن بالشفاء منه‪.‬‬
‫ه (‪ )140‬آل عمران) لعـل سـائل ً يسـأل ل ِـ َ‬
‫م اختار‬ ‫مثْل ُـ ُ‬
‫ح ِّ‬ ‫س الْقَوْـ َ‬
‫م قَْر ٌـ‬ ‫م َّـ‬
‫ح فَقَد ْ َ‬ ‫سك ُ ْ‬
‫م قَْر ٌـ‬ ‫س ْ‬
‫م َـ‬
‫*(إِن ي َ ْ‬
‫س) ولم يكونــا فــي زمــن‬ ‫البيان اللهــي صــيغة المضارع فــي (يمســسكم) والماضــي فــي (م ّــ‬
‫واحد؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫إنها دقة التعبير في إيراد الحقائق الواقعية فالتعبير عما أصاب المسلمين بصيغة المضارع في (يمسسكم) لقربه من زمن يوم أحد وعما أصاب‬
‫المشركين بصيغة الماضي (مسّ القوم) لبُعدِه لنه حصل يوم بدر‪.‬‬
‫آية (‪:)143‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫*(ولَقَد كُنت م تمنَو ن ال ْمو ت من قَب َ‬
‫ن (‪ )143‬آل عمران) إنك‬ ‫م تَنظُُرو َ‬ ‫ل أن تَلْقَوْـهُ فَقَد ْ َرأيْت ُ ُ‬
‫مو هُ وَأنت ُـ ْ‬ ‫ْ ِ‬ ‫َ ْ َ ِ‬ ‫َ ْ ُـ ْ َ َ ّ ْـ َ‬
‫م عدل الله تعالى فـي اليـة إلى ذكـر الموت‬ ‫تعلم أن موت المؤمـن فـي المعركـة هـو الشهادة فل ِـ َ‬
‫دون الشهادة فلم يقـــل‪ :‬ولقـــد كنتـــم تمنون الشهادة أو قيّده فقال‪ :‬تمنون الموت فـــي ســـبيل‬
‫الله؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫حبَ اللقاء ولو كان فيه الموت ولم يرضوا التحصن في المدينة والدفاع‬
‫إن هذه الية جاءت في معرض اللوم للمسلمين الذين أظهروا الشجاعة و ُ‬
‫دون الحرب كما أشار به الرسول فلذلك نزع ال تعالى صفة التشريف عن الموت في سبيل ال وهي الشهادة وعدل عنها وصرّح بلفظ‬
‫الموت فقط‪.‬‬
‫آية(‪:)144‬‬
‫َ‬ ‫ت أ َ ْو قُت ِ َ‬ ‫ل أَفَإِن َّ‬ ‫َ‬
‫من‬ ‫م عَلَى أعْقَابِك ُـ ْ‬
‫م وَـ َ‬ ‫ل انقَلَبْت ُـ ْ‬ ‫ما َـ‬ ‫س ُ‬‫من قَبْل ِـهِ الُّر ُـ‬ ‫ت ِـ‬ ‫خل َـ ْ‬
‫ل قَد ْ َ‬ ‫سو ٌ‬ ‫مد ٌ إِل ّ َر ُـ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬
‫ما ُ‬ ‫*(وَـ َ‬
‫ن‬‫ما كَا َـ‬ ‫ن (‪ )144‬آل عمران) و(وَـ َ‬ ‫َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫جزِي الل ّـ ُ‬ ‫شيْئًا وَـ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ضَّر الل ّـ َ‬‫قبَي ْـهِ فَلَن ي َ ُ‬ ‫َ‬
‫شاكِرِي َـ‬ ‫سي َ ْ‬ ‫ى عَ ِ‬‫ب َـعَل َ‬ ‫يَنقَل ِـ ْ‬
‫َ‬
‫ة‬
‫خَر ِ‬ ‫ب ال ِ‬ ‫من يُرِد ْ ثَوَا َـ‬
‫منْهَـا وَـ َ‬ ‫ب الدُّنْي َـا نُؤْت ِـهِ ِ‬ ‫من يُرِد ْ ثَوَا َـ‬ ‫جل ً وَـ َ‬‫مؤَ َّ‬
‫ن الله كِتَاب ًـا ُّ‬ ‫ت إِل ّ بِإِذ ْـ ِ‬ ‫مو َـ‬ ‫ن تَ ُ‬ ‫سأ ْ‬ ‫لِنَفْـ ٍ‬
‫ن (‪ )145‬آل عمران) مـا الفرق بيـن سـيجزي وسـنجزي؟(د‪.‬فاضـل‬ ‫َ‬ ‫جزِي ال ّ‬
‫شاكِرِي َـ‬ ‫سن َ ْ‬ ‫منْهَـا وَـ َ‬ ‫نُؤْت ِـهِ ِ‬
‫السامرائى)‬
‫ن (‪ )144‬آل عمران) (فلن يضر ذ وسيجزي ال) هو لم‬ ‫سيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِي َ‬‫شيْئًا وَ َ‬ ‫ى عَ ِق َبيْ ِه فَلَن يَضُرّ اللّ َه َ‬‫ب عَلَ َ‬
‫الية توضح المسألة ( َومَن يَنقَِل ْ‬
‫ن (‪ )145‬آل عمران)‬
‫سنَجْزِي الشّاكِرِي َ‬
‫خرَ ِة نُ ْؤتِ ِه ِمنْهَا وَ َ‬
‫يتكلم بضمير المتكلم أما الية الثانية ( َومَن يُ ِر ْد ثَوَابَ الدّ ْنيَا نُ ْؤتِ هِ ِم ْنهَا َومَن يُ ِردْ ثَوَا بَ ال ِ‬
‫بال سناد إلى ضم ير المتكلم (نؤ ته من ها ذ و سنجزي) الف عل في الحال ين م سند إلى ضم ير المتكلم ال أ ما تلك فلن ي ضر ال شيئا و سيجزي ال‬
‫الشاكرين يعني ل ينقلب على عقبيه هذا شخص والذي يجزي هو آخر وهو ال سبحانه وتعالى أما الثانية الفاعل واحد والمؤتي واحد والمجازي‬
‫واحد وسنجزي الشاكرين هو ل سبحانه وتعالى‪ .‬الفرق أنه صرّح بالفاعل في آية وأضمر في الخرى‪.‬‬
‫َ‬ ‫ت أ َ ْو قُت ِ َ‬ ‫ل أَفَإِن َّ‬ ‫َ‬
‫من‬ ‫م عَلَى أعْقَابِك ُ ْ‬
‫م َو َ‬ ‫ل انقَلَبْت ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫من قَبْلِهِ الُّر ُ‬
‫س ُ‬ ‫ت ِ‬‫خل َ ْ‬‫ل قَد ْ َ‬‫سو ٌ‬‫مد ٌ إِل ّ َر ُ‬
‫ح َّ‬‫م َ‬‫ما ُ‬‫* (وَ َ‬
‫ن (‪ )144‬آل عمران) ما اللمسة‬ ‫َ‬ ‫جزِي الل ّ ُ‬
‫ه ال ّ‬ ‫شيْئًا وَ َ‬
‫ه َ‬‫ضَّر الل ّ َ‬
‫قبَيْهِ فَلَن ي َ ُ‬ ‫َ‬
‫ري َ‬ ‫شاك ِ ِ‬ ‫سي َ ْ‬ ‫ى عَ ِ‬ ‫ب عَل َ‬ ‫يَنقَل ِ ْ‬
‫البيانية في ختام الية؟ وما دللة استخدام الشكر بدل الصبر؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫السؤال كان لماذا الشاكرين وليس الصابرين؟ سيجزي ال الشاكرين معناها سيثيب الثابتين على دين السلم أي صبروا فثبتوا فشكروا الشكر‬
‫مرحلة أخرى‪ ،‬صبر فثبت فشكر على صبرهم ‪ ،‬الشكر مرحلة بعد الصبر وأع ّم منها‪ ،‬الصبر على المصيبة والثبات والشكر على صبرهم‬
‫وثباتهم أنهم لم يضلوا فشكروا‪ .‬فالشكر يكون مرحلة بعد الصبر لن الشكر اقتضى الصبر وزيادة‪ .‬الصبر فقط صبر على الفراق مرحلة لكن‬
‫المطلوب ما بعد هذه المرحلة ليس مجرد الصبر ولكن أن يثبتوا ويشكروا ربهم على أنهم ثبتوا وشكروا ربهم على إتمام النعمة لن الرسول ل‬
‫يرحل إل بعد إكمال النعمة فإذا ذهب الرسول ومات فإنما يكون بعد إتمام الدين فيشكروا ال تعالى على أمرين على ثباتهم وعلى إتمام الدين‬
‫ن ال ِكتَابًا مّؤَجّلً َومَن يُ ِردْ ثَوَابَ‬‫ن تَمُوتَ ِإلّ بِِإذْ ِ‬‫فربنا سبحانه وتعالى سيجزي الشاكرين‪ .‬وقبل هذه الية السياق في الشكر ( َومَا كَانَ ِلنَ ْفسٍ أَ ْ‬
‫سنَجْزِي الشّا ِكرِينَ (‪ ))145‬السياق في الشكر‪ .‬الشاكرين الذين شكروا ال سبحانه وتعالى‬ ‫ب الخِرَ ِة نُ ْؤتِهِ ِم ْنهَا َو َ‬
‫الدّ ْنيَا نُ ْؤتِهِ ِم ْنهَا َومَن يُ ِردْ ثَوَا َ‬
‫على أنه صبّرهم وثبّتهم فشكروا ويشكرون ال تعالى على أنه أت ّم الدين كله لن الرسول ل يذهب إل بعد تمام الدين‪ ،‬اقتضى الشكر على تمام‬
‫الدين‪ ،‬فاقتضى الشكر من أكثر من جهة أعمّ وهي مرحلة بعد الصبر وعلى تمام الدين إذن ذكر ما هو أعمّ وأه ّم والمرحلة الخرى فال تعالى‬
‫يريد منا الشكر في كل شيء‪ ،‬إذا كنت قد صبرت على البلية فلك أجر الصابرين فإن شكرت كان أجرك أعلى‪ ،‬شكرته على صبرك هذه عبادة‬
‫وشكرته على العبادة هذه صارت عبادة أخرى‪ .‬الصبر على المصيبة عبادة هذا له أجر فإن شكرته على أن ثبتك على هذا الصبر صارت‬
‫شكُو ُر (‬‫عبَادِيَ ال ّ‬‫ل مّنْ ِ‬‫شكْرًا َوقَلِي ٌ‬
‫ل دَاوُودَ ُ‬ ‫عمَلُوا آ َ‬
‫عبادة أخرى وكأن الشكر مرحلة الرضا عما حدث لهم بقضاء ال وقدره وهذه مرحلة أعلى (ا ْ‬
‫‪ )13‬سبأ)‪.‬‬
‫ت أَوْ قُت ِ َ‬ ‫خل َت من قَبلِه الُرس ُ َ‬ ‫َ‬
‫ل انْقَلَبْت ُ ْ‬
‫م‬ ‫ما َ‬
‫ن َ‬ ‫ل أفَإ ِ ْ‬
‫َ‬
‫ل قَد ْ َ ْ ِ ْ ْ ِ ّ ُ‬
‫َ‬
‫سو ٌ‬ ‫مد ٌ إ ِ ّل َر ُ‬
‫ح َّ‬
‫م َ‬‫ما ُ‬‫*ما سبب نزول الية (وَ َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شاكِرِين(‪ ))144‬في‬ ‫ه ال ّ‬ ‫جزِي الل ُ‬ ‫شيْئًا وَ َ‬
‫سي َ ْ‬ ‫ضَّر الل َ‬
‫ه َ‬ ‫ن يَ ُ‬‫ب عَلى عَقِبَيْهِ فَل ْ‬ ‫ن يَنْقَل ِ ْ‬ ‫عَلَى أعْقَابِك ُ ْ‬
‫م وَ َ‬
‫م ْ‬
‫سورة آل عمران التي قرأها أبو بكر بعد وفاة الرسول ؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫هي لها سبب نزول ولكن إستفاد منها أبو بكر الصديق عندما توفي الرسول بينما هي كانت نزلت في وقت قريب من وفاة الرسول في‬
‫ُأحُد عندما خرج صارخ أنه محمد ُقتِل فارتبك الناس فمن جملة من ارتبك أحد المهاجرين ل يذكرون من هو لكنه يروي القصة وشاعت‪:‬‬
‫جاء إلى رجل من النصار يتشّحط في دمه فقال له أشعرت أن محمدا ُقتِل؟ فقال النصاري الذي يتشحط في دمه يعني يموت إن كان محمد‬
‫ُقتِل فقد بلّغ فقاتلوا عن دينكم‪ .‬هذا المعنى فأنزل ال سبحانه وتعالى هذه الية وقرأها أبو بكر الذي عصم ال تعالى به المة في أول فتنة‬
‫تتعرض لها‪ .‬كان يمكن أن يتقاتلوا فيما بينهم لكن عصم ال سبحانه وتعالى المة وأبو بكر له عواصم كثيرة من القواصم رضي ال عنه‬
‫وأرضاه‪.‬‬
‫ت أ َ ْو‬ ‫ل أَفَإِن َّ‬
‫ما َ‬ ‫من قَبْلِهِ الُّر ُ‬
‫س ُ‬ ‫ت ِ‬‫خل َ ْ‬
‫ل قَد ْ َ‬
‫سو ٌ‬ ‫َ‬
‫مد ٌ إِل ّ َر ُ‬
‫ح َّ‬
‫م َ‬ ‫(و َ‬
‫ما ُ‬ ‫*ما وجه العجاز فى قوله تعالى َ‬
‫َ‬
‫م (‪ )144‬آل عمران)؟(د‪.‬أحمد الكبيسى)‬ ‫م عَلَى أعْقَابِك ُ ْ‬
‫ل انقَلَبْت ُ ْ‬
‫قُت ِ َ‬
‫مسألة وفاة الرسول البعض يقولون ذكرى استشهاد الرسول والبعض يقول ذكرى وفاته فهل هذا صحيح؟ نحن نحتفل الن بالمولد النبوي‬
‫ت مِن َقبْلِهِ‬
‫ل َقدْ خَلَ ْ‬
‫ح ّمدٌ ِإلّ َرسُو ٌ‬
‫وهذه الخلفات مما أخبر بها النبي أنها سوف تدب بين الفرقة حتى يضاد أحدنا الخر‪ ,‬الية واضحة ( َومَا مُ َ‬
‫عقَا ِبكُ ْم (‪ )144‬آل عمران) وهذا أيضا من إعجاز القرآن الكريم لن محمدا مات مقتولً بالسُم وهذه‬ ‫ت أَ ْو ُقتِلَ انقََل ْبتُ ْم عَلَى أَ ْ‬
‫ل َأفَإِن مّا َ‬
‫الرّسُ ُ‬
‫قضية ثابتة حتى في آخر أيامه لما كان يتألم قال‪" :‬إن الس ّم الذي أخذته في خيبر قطّع أبهري" وهذا حديث صحيح والنبي بعد ثلث سنوات‬
‫من تناوله الشاة المسمومة التي دسّها اليهود إليه فأخذ منها لقمة من الذراع وكانت هذه المرأة اليهودية تعرف أن محمدا يحب لحم الذراع‬
‫فدسّت في الذراع سما قاتلً فما أن وضعه على شفتيه حتى ألقاه قال إن هذا يحدثني أنه مسموم لكن بعد أن مسّت شفتيه مسا رقيقا‪ ،‬هذا المسّ‬
‫ل وقتل ميتا وهكذا نعرف إعجاز الية ول حول ول قوة إل بال وال‬ ‫تغلغل فيه السم وبقي يعاني منه ثلث سنوات فمات مسموما فهو مات قتي ً‬
‫يا ابنتي نحن في عصر علينا أن نتمسك بهذا الدين وإل هلكنا‪ ،‬نحن في فتن يصبح الرجل فيها مؤمنا ويُمسي كافرا هذا الشقاق المتعمد هذا‬
‫ن (‪)42‬‬ ‫عمّا َيعْمَلُ الظّاِلمُو َ‬
‫ل َ‬
‫سبَنّ اللّ َه غَافِ ً‬
‫حَ‬‫الخلف المصطنع الذي هو لمصلحة الغير وال تعالى يتولى الصالحين ( َولَ تَ ْ‬
‫‪):‬آية (‪145‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جًل ﴿‪ ﴾145‬آل‬ ‫ن الل ّهِ كِتَابًا ُ‬
‫مؤَ َّ‬ ‫بِإِذ ْ ِ‬ ‫ت إ ِ ّل‬
‫مو َ‬
‫ن تَ ُ‬
‫سأ ْ‬ ‫ما كَا َ‬
‫ن لِنَفْ ٍ‬ ‫*ما معنى الكتاب فى قوله تعالى(وَ َ‬
‫عمران) ؟(د‪.‬أحمد الكبيسى)‬
‫كتاب الموت والكون فيه كتاب كامل‪ ،‬دليل كامل‪ .‬إذا كان دليل السيارة جزئي فاللوح المحفوظ هو الكتاب الكامل الذي فيه هذا الكون‪.‬‬
‫ن أََرادَ اْل ِ‬
‫خَرةَ‬ ‫م ْ‬‫تعالى(و َ‬
‫َ‬ ‫*ما الفرق بين صيغة الفعل بالماضى مرة وبالمضارع مرة فى قوله‬
‫ب الدُّنْيَا‬ ‫ن يُرِ ْد ثَوَا َ‬
‫م ْ‬ ‫و(و َ‬
‫َ‬ ‫شكُوراً(‪ )19‬السراء‬ ‫م ْ‬
‫م َ‬‫سعْيُهُ ْ‬
‫ن َ‬ ‫ك كَا َ‬ ‫ن فَأُولَئ ِ َ‬ ‫مؤْ ِ‬
‫م ٌ‬ ‫سعْيَهَا وَهُوَ ُ‬‫سعَى ل َ َها َ‬ ‫وَ َ‬
‫ن(‪ )145‬آل عمران؟(د‪.‬فاضل‬ ‫َ‬ ‫جزِي ال ّ‬ ‫ب اْل ِ‬‫ن يُرِدْ ثَوَا َ‬
‫شاكِرِي َ‬ ‫سن َ ْ‬
‫منْهَا وَ َ‬
‫خَرةِ نُؤْتِهِ ِ‬ ‫م ْ‬‫منْهَا وَ َ‬
‫نُؤْتِهِ ِ‬
‫السامرائى)‬
‫شكُورا(‪ )19‬السراء‪ ،‬ذكر الخرة وجاء بالفعل الماضي‬ ‫س ْع ُيهُمْ َم ْ‬
‫ك كَانَ َ‬ ‫س ْع َيهَا وَهُ َو مُ ْؤمِنٌ َفأُوَل ِئ َ‬
‫سعَى َلهَا َ‬
‫خرَةَ وَ َ‬
‫فى قوله تعالى‪َ ( :‬ومَنْ َأرَادَ الْآ ِ‬
‫سنَجْزِي‬
‫ن يُ ِردْ ثَوَابَ الْآخِرَ ِة نُ ْؤتِ ِه مِ ْنهَا َو َ‬
‫ن يُ ِردْ ثَوَابَ الدّ ْنيَا نُ ْؤتِهِ ِم ْنهَا َومَ ْ‬‫لن الخرة واحدة وهي تراد‪ .‬لكن عندما تحدث عن الدنيا قال‪َ ( :‬ومَ ْ‬
‫الشّاكِرِينَ(‪ )145‬آل عمران‪.‬‬
‫لن إرادة الثواب تتكرر دائما‪ .‬كل عمل تفعله تريد الثواب‪ ،‬فهو إذن يتكرر والشيء المتكرر جاء به بالمضارع يشكر‪ ،‬فالشكر يتكرر لن النعم‬
‫حصُوهَا إِنّ ا ْلِأنْسَانَ َلظَلُو ٌم َكفّا ٌر ‪ "34‬إبراهيم‬ ‫ن َت ُعدّوا ِن ْعمَتَ اللّ ِه ل تُ ْ‬
‫ل تنتهي " وَإِ ْ‬
‫فالشكر يتكرر‪ ،‬كلما أحدث لك نعمة وجب عليك أن تحدث له شكرا أما الكفر فهو أمر واحد حتى إن لم يتكرر‪ ،‬فإن كفر النسان بأمر ما فقد‬
‫كفر‪ ،‬إن كفر بما يعتقد من الدين بالضرورة فقد كفر‪ ،‬ل ينبغي أن يكرر هذا المر لنه إن أنكر شيئا من الدين بالضرورة واعتقد ذلك فقد كفر‬
‫وانتهى ول يحتاج إلى تكرار‪ ،‬أما الشكر فيحتاج إلى تكرار لن النعم ل تنتهي‪ .‬وفيه إشارة إلى أن الشكر ينبغي أن يتكرر وأن الكفر ينبغي أن‬
‫يقطع‪ ،‬فخالف بينهما في التعبير فجاء بأحدهما في الزمن الحاضر الدال على التجدد والستمرار وجاء بالخر في الزمن الماضي الذي ينبغي‬
‫أن ينتهي‪.‬‬
‫آية (‪:)146‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ضعُفُوا ْ َو َ‬
‫ما‬ ‫ل اللّهِ َو َ‬
‫ما َ‬ ‫سبِي ِ‬
‫م فِي َ‬
‫صابَهُ ْ‬ ‫ما وَهَنُوا ْ ل ِ َ‬
‫ما أ َ‬ ‫ه رِبِّيُّو َ‬
‫ن كَثِيٌر فَ َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ي قَات َ َ‬
‫ل َ‬ ‫من نَّب ِ ٍ ّ‬ ‫*(وَكَأيِّن ِّ‬
‫ن (‪ )146‬آل عمران) لقد جمعت الية بين الضعف والوهن وهما‬ ‫صابِرِي َ‬‫ب ال َّ‬ ‫ح ُّ‬
‫ه يُ ِ‬ ‫ستَكَانُوا ْ وَالل ّ ُ‬
‫ا ْ‬
‫متقاربتان تقاربا يبلغ حد الترادف فهل يمكن الستغناء عن أحدهما دون الخر؟(ورتل القرآن‬ ‫ً‬
‫ترتيلً)‬
‫الواقع أن كل واحد منهما أفاد معنى أراده البيان القرآني وهما هنا مجازان فالوهن أقرب إلى خَوَر العزيمة والياس في النفوس والضعف أقرب‬
‫إلى الستسلم والفشل في المقاومة‪ .‬ثم بعد ذلك تجيء الستكانة لتعبر عن الخضوع والمذلة للعدو بعد الوهن والضعف ومن لطائف النظم‬
‫القرآني ترتيبها في الذكر بحسب ترتيبها في الحصول فإنه إذا خارت العزيمة فشلت العضاء واستسلمات ورضخت للمذلة من العدو‪.‬‬
‫‪):‬آية (‪147‬‬
‫صْرنَا عَلَى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ت أقْدَا َ‬
‫من َا وان ُ‬ ‫م إِل ّ أن قَالُوا ْ ربَّن َا اغْفِْر لَن َا ذ ُنُوبَن َا وَإ ِ ْ‬
‫سَرافَنَا ف ِي أ ْ‬
‫مرِن َا وَثَب ِّ ْ‬ ‫ن قَوْلَه ُ ْ‬
‫ما كَا َ‬
‫* (و َ َ‬
‫ن (‪ )147‬آل عمران) فيهـــا قراءتان بالرفـــع والنصـــب فمـــا الفرق؟(د‪.‬فاضـــل‬ ‫الْقَوْـــم ِ الْكَافِرِي َـــ‬
‫السامرائى)‬
‫ن قَوَْلهُ مْ ِإلّ أَن قَالُواْ ر ّبنَا اغْ ِفرْ َلنَا ُذنُو َبنَا وَِإ سْرَا َفنَا فِي َأمْ ِرنَا َو َثبّ تْ َأ ْقدَامَنَا وان صُ ْرنَا عَلَى الْقَ ْو ِم‬
‫في آية واحدة قرئت قراءتين متواترتين ( َومَا كَا َ‬
‫ِينـ (‪ )147‬آل عمران) بتقديـم خـبر (كان) و(أن قالوا) إسـمها مؤخـر‪ ،‬والقراءة الثانيـة (ومـا كان قولُهـم إل أن قالوا) قولُهـم إسـم (كان)‬ ‫ا ْلكَافِر َ‬
‫والمصدر المؤول خبرها‪ ،‬إذن من حيث اللغة ليس فيها إشكال ويبقى السؤال ما سبب الختيار؟ أو لماذا قرئت مرتين؟ معناه أن هنالك معنى‬
‫كل قراءة لها معنى‪ ،‬أما من حيث اللغة والنحو فليس فيها إشكال‪ .‬نأخذ الصل بالرفع يعني ما كان قولُهم إل هذا وحتى يتضح الكلم نجعل‬
‫(هذا) هي مكان (إل أن قالوا)‪ .‬ما كان قولُهم بالرفع‪( ،‬ما كان) يصير هذا خبر‪ ،‬إذن ما كان قولُهم إل هذا القول لم يقولوا غيره في هذا المقام‬
‫س َتكَانُواْ وَاللّ ُه يُحِبّ‬‫ض ُعفُواْ وَمَا ا ْ‬ ‫سبِيلِ اللّ هِ وَمَا َ‬ ‫و هو مقام حرب وقتال ( َوكََأيّ ن مّ ن ّنبِيّ قَاتَلَ َمعَ هُ ِرّبيّو نَ َكثِي ٌر فَمَا وَ َهنُواْ لِمَا َأ صَا َبهُ ْم فِي َ‬
‫ن (‪ )147‬آل‬ ‫غفِرْ لَنَا ُذنُوبَنَا وَإِ سْرَا َفنَا فِي َأمْرِنَا َو َثبّ تْ َأ ْقدَامَنَا وان صُ ْرنَا عَلَى ا ْلقَوْ مِ ا ْلكَا ِفرِي َ‬ ‫ال صّابِرِينَ (‪ )146‬وَمَا كَا َ‬
‫ن قَوَْل ُه مْ ِإلّ أَن قَالُواْ ربّنَا ا ْ‬
‫غفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا‬ ‫عمران) مـا كان قولُهـم إل هذا القول يعنـي فـي هذا المكان لم يقولوا إل هذا الشيـء يطلبون المغفرة والتثـبيت والنصـر (ربّنَا ا ْ‬
‫سرَا َفنَا فِي َأمْرِنَا َوثَبّ تْ َأ ْقدَامَنَا وان صُ ْرنَا عَلَى الْ َقوْ مِ ا ْلكَافِرِي نَ) ما كان قولُ هم (بالر فع) إل هذا القول في هذا المو قف لم يقولوا غيره‪ .‬أ ما‬ ‫َوإِ ْ‬
‫بالن صب (قولَ هم) ت صبح ما كان هذا إل قولَ هم يقدّم ال خبر‪ ،‬في الر فع ما كان قولُ هم إل هذا (ه نا خبر) الن نقدّم ال خبر ت صير ما كان هذا إل‬
‫قولَهم‪ .‬نضع مكان (إل أن قالوا) (هذا) حتى تتضح المسألة للسامع‪ .‬أول مرة (ما كان قولُهم إل هذا) يعني أنهم ما قالوا إل هذا الكلم في هذا‬
‫المو قف لم يقولوا غيره‪ .‬الن نقدّم ال خبر‪ ،‬في الن صب ما كان هذا إل قول هم لم يقله أ حد غير هم‪ ،‬لم ي قل هذا إل هؤلء لن هذه الفئة المؤم نة‪.‬‬
‫الن صار عندنا معنيين‪ :‬المعنى الول أنهم لم يقولوا غير هذا القول وهذا المقال وهذا الدعاء في هذا الموقف والقول الخر لم يقل هذا القول‬
‫غيرهم‪ ،‬أنهم وحدهم هم الذين قالوا هذا القول فصار مدح في القول والشخاص في القراءتين مدح القائل ومدح المقول‪ .‬إذن باجتماع القراءتين‬
‫المتواترين أصبح المدح للقائل والمقول وإثباتُها ما كان قولَهم‪ .‬مثل ما أخي إل هذا‪ ،‬ما هذا إل أخي يعني ليس هو صديقي وإنما أخي‪ ،‬أما ما‬
‫أخي إل هذا يعني ليس عندي أخ إل هذا‪ ،‬وهذه أيضا فيها حصر‪.‬‬
‫‪):‬آية(‪151‬‬
‫* في سورة آل عمران (ومأواكم النار وبئس مثوى الظالمين) ما هو المثوى؟ولماذا لم ترد‬
‫كلمة مثوى في حال أهل الجنة أبداً؟ (د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫المثوى في اللغة المنزل أو المكان الذي يثوي فيه النسان‪ .‬والثواء هو النحسار في مكان ويكون عادة النسان فيه قليل الحركة مثل المسكن‪،‬‬
‫المنزل‪ ،‬الحجرة التي يبيت فيها‪،‬الثواء هو التوى يعني الستقرار في مكان واحد وإن كان فيه حركة فهو حركة ضيّقة‪ .‬والمأوى استعمل في‬
‫النار وفي الجنة فالجنة تضم صاحبها والنار تضم صاحبها لكن شتان بين الضمتين‪ ،‬بين إحتضان الجنة للنسان وإحتضان النار للنسان‪ .‬فكلمة‬
‫الثوى والثواء استعملت في حال الدنيا لنه منزل يثوي إليه أو يأوي إليه لذلك نجدها في أكثر من سورة في حال الدنيا‪ .‬في الخرة إستعمل‬
‫اللفظة للنار لماذا؟ لن الجنة ليست منطقة ضيقة محصورة إنا نتبوأ من الجنة حيث نشاء‪ ،‬فيها السعة والنطلق‪ .‬لحظ مثلً‪( :‬أكرمي مثواه)‬
‫أي نُزُله في الدنيا‪.‬‬
‫ما أ َ ْ‬ ‫َ‬
‫شَركُوا ْ بِاللّهِ (‪)151‬‬ ‫ن كَفَُروا ْ الُّرعْ َ‬
‫ب بِ َ‬ ‫ب ال ّذِي َ‬
‫سنُلْقِي فِي قُلُو ِ‬
‫*ما دللة اللقاء فى قوله تعالى ( َ‬
‫آل عمران)؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫حقيقة اللقاء هو رمي الشيء على الرض كقوله تعالى (فألقوا حبالهم وعصيّهم)‪ .‬فهو هنا إذن مجاز على طريقة الستعارة فاللقاء مؤذِن‬
‫بتمكّن الرعب من قلوبهم‪.‬‬
‫آية (‪:)152‬‬
‫* فى سؤال عن أصل كلمة شيطان وهل لها جذور عربية؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫عدَهُ ِإ ْذ تَحُسّو َنهُم بِِإ ْذنِهِ (‪ )152‬آل عمران) فإذا كانت‬
‫ص َدقَكُمُ اللّهُ وَ ْ‬
‫س كما في قوله تعالى (وََل َقدْ َ‬‫ح ّ‬‫كلمة حسّان‪ .‬إما أن تكون من الحُسن أو من ال َ‬
‫س هو القتل) تكون غير منصرفة‪ ،‬شاعر الرسول حسان بن ثابت ورد‬ ‫س (الحَ ّ‬
‫من الحُسن يكون منصرفا لن النون أصلية وإذا كان من الحَ ّ‬
‫ي فهي ممنوعة من الصرف وإذا‬ ‫ممنوعا من الصرف فهو من الحَ سّ‪ .‬وكذلك كلمة ريّان إذا كانت من الر يّ أو من الريْن‪ .‬إذا كانت من الر ّ‬
‫ن رَجِي ٍم ( ‪ )25‬التكوير) القرآن استعملها‬ ‫شيْطَا ٍ‬
‫كانت من الريْن فهي مصروفة‪ .‬وأنا أر جح أن شيطان من شطن لنه منصرف ( َومَا هُ َو بِقَ ْولِ َ‬
‫مصروفة وقد يعترض أحدهم في النحو‪ .‬الجذر الذي اشتق منه شيطان يدل على الحالة التي م ّر بها إبليس‪ :‬إحترق غضبا فعصى ربه لما قال‬
‫له اسجد لدم أو بعُد في الشرّ وذهب بعيدا فالمر يحتمل‪.‬‬
‫*من برنامج ورتل القرآن ترتيلً‪:‬‬
‫ن (‪ )152‬آل عمران) انظر إلى‬
‫حبّو َ‬
‫ص ْيتُم مّن َب ْعدِ مَا َأرَاكُم مّا تُ ِ‬
‫لمْ ِر وَعَ َ‬
‫عتُ ْم فِي ا َ‬
‫حتّى ِإذَا فَشِ ْلتُمْ َو َتنَازَ ْ‬
‫عدَهُ ِإ ْذ تَحُسّو َنهُم بِِإ ْذنِهِ َ‬
‫ص َدقَكُمُ اللّهُ وَ ْ‬
‫(وََل َقدْ َ‬
‫دقة النظم القرآني بترتيب الفعال الدالّة على الحدث‪ :‬الفشل‪ ،‬التنازع والعصيان‪ .‬فقد رتبها على حسب ترتيبها في الحصول وهو ضجر بعض‬
‫الرُماة من ملزمة مواقعهم ثم التنازع في ملزمة الموقف وفي اللحاق بالجيش في الغنيمة‪ .‬ونشأ عن التنازع تصميم معظمهم على مفارقة‬
‫الموقع وفيه عصيان لمر النبي بالملزمة‪.‬‬
‫ن (‪ )152‬آل عمران) لقد كان عصيان الصحابة في معركة‬ ‫حبُّو َ‬ ‫ما أََراكُم َّ‬
‫ما ت ُ ِ‬ ‫من بَعْدِ َ‬
‫صيْتُم ِّ‬
‫*(وع َ َ‬
‫َ‬
‫ً‬
‫حد مخالفة لمر النبي وسميت هذه المخالفة عصيانا مع أن تلك المخالفة كانت عن اجتهاد ل‬ ‫ُ‬
‫أ ُ‬
‫م عبّر الله تعالى عن مخالفتهم بالعصيان ولم يقل‬
‫عن استخفاف والعصيان من الستخفاف فل ِ َ‬
‫وخالفتم؟ (ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫سُميت عصيانا لن المقام ليس مقام اجتهاد فإن شأن الحرب الطاعة المطلقة للقائد من دون تأويل لذلك جاءت بصيغة العصيان زيادة عليهم في‬
‫التقريع‪.‬‬
‫آية (‪:)153‬‬
‫* ما دللة كتابة كلمة (كي ل) منفصلة مرة في آية سورة الحشر و(لكيل) موصولة في آية سورة‬
‫آل عمران؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ل لكن يبدو في هذا الرسم ملحظ بياني وال أعلم في أكثر من موطن‪ .‬فمرة تكتب (لكي ل) مفصولة ومرة‬ ‫أولً خط المصحف ل يقاس عليه أص ً‬
‫(لكيل) موصولة‪ .‬وأقول أن هذا ليس فقط للخط وإنما لمر بياني‬
‫علَى مَا فَا َتكُمْ َولَا مَا‬
‫ح َزنُوا َ‬ ‫غمّا ِبغَمّ ِل َكيْلَا تَ ْ‬
‫ل يَدْعُوكُ ْم فِي ُأخْرَاكُ ْم َفَأثَا َبكُ ْم َ‬‫حدٍ وَالرّسُو ُ‬ ‫ن عَلَى َأ َ‬‫صعِدُونَ وَلَا تَلْوُو َ‬ ‫في آية سورة آل عمران (ِإ ْذ تُ ْ‬
‫ن (‪ )153‬جاءت لكيل متصلة لن المعنى يدل على أن الغمّ متصل بالغمّ غ ّم الهزيمة وغمّ فوات الغنائم وهذا‬ ‫خبِي ٌر ِبمَا َت ْعمَلُو َ‬
‫َأصَا َبكُمْ وَاللّهُ َ‬
‫ل وَِلذِي الْ ُق ْربَى وَا ْل َيتَامَى وَا ْلمَسَاكِينِ‬ ‫ل الْقُرَى فَلِلّهِ وَلِلرّسُو ِ‬ ‫اقتضى الوصل فوصل (لكيل)‪.‬وفي آية سورة الحشر (مَا َأفَاءَ اللّ ُه عَلَى رَسُولِ ِه مِنْ أَهْ ِ‬
‫شدِيدُ ا ْلعِقَابِ) (‪ )7‬فصل‬ ‫عنْهُ فَا ْنتَهُوا وَاتّقُوا اللّ َه إِنّ اللّهَ َ‬ ‫خذُوهُ َومَا َنهَاكُ ْم َ‬
‫ل فَ ُ‬
‫غ ِنيَا ِء ِم ْنكُمْ َومَا َآتَاكُ ُم الرّسُو ُ‬
‫سبِيلِ كَيْ لَا َيكُونَ دُولَ ًة َبيْنَ ا ْلأَ ْ‬ ‫وَابْنِ ال ّ‬
‫(لكي ل) هنا لنه يريد أن يفصل الموال لنها ل ينبغي أن تبقى دُولة بين الغنياء وإنما يجب أن تتسع الموال لتشكل الفقراء فاقتضى الفصل‬
‫في رسم (لكي ل) في هذه الية‪.‬‬
‫وهذا المر نقول أنه من باب الجواز فهو جائز أن تكتب لكيل متصلة أو منفصلة (لكي ل) لكنها تُرسم أيضا بما يتناسب مع الناحية البيانية‬
‫والبلغية بحيث تتناسب مع الحكام‪.‬‬
‫حدٍ‬ ‫ن عَلَى أ َ‬‫ن َول َ تَلْوُو َ‬ ‫*تأسوا بمعنى تحزنوا واستخدمهاَ القرآن في آل عمران (إِذ ْ ت ُ ْ‬
‫صعِدُو َ‬
‫َ‬ ‫م ِفي أ ُ ْ‬
‫م َوالل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫صابَك ُ ْ‬ ‫م وَل َ َ‬
‫ما أ َ‬ ‫حَزنُوا ْ عَلَى َ‬
‫ما فَاتَك ُ ْ‬ ‫م ٍ لِّكَيْل َ ت َ ْ‬
‫ما ً بِغَ ّ‬ ‫م فَأثَابَك ُ ْ‬
‫م غُ َّ‬ ‫خَراك ُ ْ‬ ‫ل يَدْعُوك ُ ْ‬ ‫سو ُ‬ ‫وَالَّر ُ‬
‫ن (‪ ))153‬ما اللمسة البيانية في الية؟ (د‪,‬فاضل السامرائى)‬ ‫ملُو َ‬
‫ما تَعْ َ‬
‫خبِيٌر ب ِ َ‬
‫َ‬
‫ن عََل ْيهِ ْم (‪)88‬‬ ‫ل تَحْزَ ْ‬ ‫كِل الفعلين يدل على الحزن عندنا حزِن يحزَن وحزَن يحزُن‪ ،‬حزِن يحزَن فعل لزم ليس متعديا تقول حزِن عليه و( َو َ‬
‫ح ُزنُنِي أَن َتذْ َهبُواْ بِ ِه (‪)13‬‬ ‫حزُنكَ قَوُْل ُه ْم (‪ )76‬يس) (الكاف مفعول به)‪.‬حزِن يحزُن متعدي‪ ،‬حزنني وأحزنني (قَالَ ِإنّي َليَ ْ‬ ‫الحجر)‪( ،‬فَلَا يَ ْ‬
‫يوسف)‪ .‬اللغة العليا حزَن يحزُن وتستعمل أحزن أيضا‪ ،‬أحزن من حَزَن‪ .‬الفعل أسي يأسى يسمونه الباب الرابع (لكيل ل تأسوا) وأسى بمعنى‬
‫حزن أيضا ( َف َكيْفَ آسَى عَلَى قَ ْومٍ كَافِرِينَ (‪ )93‬العراف) هي أأسى‪ ،‬فهو أسي يأسى‪ ،‬كلهما يفيد الحزن لكن الفارق بين لكيل تحزنوا ولكيل‬
‫تأسوا في الحزن مشقة أكثر وشدة لنه قريب من معنى الحزْن الذي هو الغلظ والشدة في الرض (اللهم ل سهل إل ما جعلته سهلً وأنت تجعل‬
‫الحزْن إذا شئت سهلً) الحزْن أي الصعب وتقال للرض الصعبة‪ .‬إذن الحزن فيه غِلظ وشدة في الرض والحُزن هو الغلظ والشدة في النفس‪.‬‬
‫أيهما أثقل؟ الحُزن أثقل على النفس من الحزْن ‪ ،‬الحزْن تجتازه وانتهى المر أما الحُزن فيبقى في النفس‪ .‬الحَزن فتحة والحُزن ضمة فاختاروا‬
‫الضمة لما هو أثقل لنها تتناسب اللفظة مع مدلولها أو المعنى ‪.‬‬
‫* هل هناك تفاضل بين الحركات العرابية؟‬
‫هي ليست هكذا ولكن عندنا الفتحة أخف الحركات تليها الكسرة والضمة أثقلها لحظنا أن العرب تراعي كثيرا من هذه المور تجعل الثقيل‬
‫للثقيل سواء في الحركات أو في اللفظ عموما وليس فقط في الحركات وتناسب اللفظ والمعنى‪ ،‬لما يتحول الفعل إلى َفعُل يتحول إما للتعجب أو‬
‫للمدح والذم أو المبالغة أو التحوّل مثل فقِه وفَقُه‪ ،‬فقُه صار فقيها أما فقِه فجزئية‪ ،‬عَسِر وعَسُر‪ ،‬عسِر عليه المر أما عسُر فالمر هو عسير‪.‬‬
‫جهِمْ َوذُ ّريّا ِتهِ ْم (‪)23‬‬ ‫ح مِنْ آبَا ِئهِمْ َوأَزْوَا ِ‬ ‫ن يَدْخُلُونَهَا َومَنْ صَلَ َ‬ ‫عدْ ٍ‬‫ت َ‬ ‫جنّا ُ‬‫خَطَب ألقى خطبة وخَطُب صار خطيبا‪ .‬الحركة تغير الدللة تماما‪َ ( .‬‬
‫الرعد) ما قال صلُح قال من صَلَح رأفة بالعباد ‪ .‬صلُح أي صار صالحا إلى حد كبير من الصلح وال تعالى من رحمته بعباده يكفيه أن يكون‬
‫النسان صالحا ل أن يبلغ ذلك المبلغ في الصلح‪ .‬هذه قاعدة عامة لكن السماع هو الذي يقطع بذلك أحيانا‪.‬‬
‫ل تَلْوُونَ‬ ‫صعِدُونَ َو َ‬ ‫لكيل تأسوا ول تحزنوا" اتضح أن الحزن أشد من السى معناه تحزنوا أشد من تأسوا‪ .‬ننظر في السياق ونقدّر‪ :‬في (ِإ ْذ تُ ْ‬
‫خبِي ٌر ِبمَا َتعْمَلُونَ) هذا الكلم بعد واقعة‬ ‫غمّا ِبغَمّ ّل َكيْلَ َتحْ َزنُو ْا عَلَى مَا فَا َتكُمْ َولَ مَا أَصَا َبكُمْ وَاللّهُ َ‬ ‫خرَاكُ ْم فََأثَا َبكُ ْم ُ‬
‫ل َيدْعُوكُمْ فِي أُ ْ‬‫حدٍ وَالرّسُو ُ‬ ‫عَلَى أ َ‬
‫ل تَحْ َزنُو ْا عَلَى مَا‬ ‫غمّا ِبغَمّ ّل َكيْ َ‬
‫أُحد وما حصل لهم من شدة ومشقة وهزيمة وجراح وما فاتهم من الغنائم كانت شديدة عليهم قال تعالى (فََأثَابَكُ ْم ُ‬
‫فَا َتكُمْ َولَ مَا أَصَا َبكُمْ)‪ .‬الحُزُن في أحد على أمرين على ما فاتهم وعلى ما أصابهم‪ ،‬لكيل تحزنوا على ما فاتكم من الغنائم ول ما أصابهم من‬
‫الجراح فالحزن على أمرين على ما فاتهم وعلى ما أصابهم‪ .‬أما في الحديد (لكيل تأسوا على ما فاتكم) أمر واحد (ول تفرحوا بما آتاكم) هذه‬
‫نعمة تفرحوا بما آتاكم من النعم‪ .‬في أُحُد أمران في الحزن فقطعا في أحد الحزن أكثر لن الحزن على أمرين ما فاتهم وما أصابهم أما في‬
‫الحديد فالحزن على ما فاتهم فقط‪ .‬بعد معرفة الفرق بين حزن وأسي نضع الحزن في آية آل عمران وتأسوا في آية الحديد وكل كلمة في مكانها‬
‫البلغي ول يوجد ترادف في القرآن الكريم وإنما هو حتى عند اختيار لغة على لغة يكون مقصودا‪ ،‬كل كلمة لها دللة واختيارها له سبب‬
‫مقصود فالتعبير القرآني تعبير فني مقصود‪ ،‬كل كلمة كل عبارة كل حرف مقصود‪.‬‬
‫ل فَخُورٍ) بينما في آل عمران قال‬ ‫ختَا ٍ‬
‫ل مُ ْ‬‫ب كُ ّ‬ ‫والملحظ أنه في الحديد لما قال (ِل َكيْلَا تَ ْأسَوْا عَلَى مَا فَا َتكُمْ وَلَا َتفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللّ ُه لَا يُحِ ّ‬
‫خبِي ٌر ِبمَا َت ْعمَلُونَ (‪ ))153‬هذه حزن فب َم يفخر؟ هناك يفخر بما آتاهم (ِلكَيْلَا‬ ‫ل تَحْ َزنُو ْا عَلَى مَا فَا َتكُمْ َولَ مَا أَصَا َبكُمْ وَاللّهُ َ‬ ‫غمّا ِبغَمّ ّل َكيْ َ‬
‫(فََأثَابَكُ ْم ُ‬
‫ل مَا َأصَا َبكُمْ) بم‬ ‫ل تَحْ َزنُو ْا عَلَى مَا فَا َتكُمْ َو َ‬ ‫ل فَخُورٍ) هذا يفخر بما آتى‪ّ( ،‬ل َكيْ َ‬ ‫ختَا ٍ‬
‫ل ُم ْ‬ ‫حبّ كُ ّ‬ ‫تَ ْأسَوْا عَلَى مَا فَا َتكُمْ وَلَا َتفْرَحُوا ِبمَا آتَاكُمْ وَاللّهُ لَا يُ ِ‬
‫يفخر؟ هذه ليست مثل هذه‪.‬‬
‫آية (‪:)154‬‬
‫َ‬
‫م (‪ )154‬آل عمران) وليس من مضاجعهم؟(د‪.‬فاضل‬
‫جعِهِ ْ‬
‫ضا ِ‬
‫م َ‬ ‫م الْقَت ْ ُ‬
‫ل إِلَى َ‬ ‫ب عَلَيْهِ ُ‬ ‫* (لَبََرَز ال ّذِي َ‬
‫ن كُت ِ َ‬
‫السامرائى)‬
‫يذهبون إلى مضاجع هم من الموت ح يث يموتون‪ ،‬إلى مضا جع الموت ول يس من الفراش‪ ،‬ل يس كل هم يقومون من الفراش‪ ،‬كل هم يقومون من‬
‫المضجع‪ .‬لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم التي يموتون فيها إذن المضجع النهائي الذي يموتون فيها‪ ،‬إلى مضاجعهم أي إلى حيث‬
‫الموت‪.‬‬
‫*ورتل القرآن ترتيلً‪:‬‬
‫سهُ ْم (‪ )154‬آل عمران) المنة من المن والنعاس أول النوم‬ ‫ل عََل ْيكُم مّن َبعْدِ ا ْلغَمّ َأ َمنَةً ّنعَاسًا َيغْشَى طَآئِفَ ًة مّنكُمْ وَطَآ ِئفَ ٌة قَدْ أَ َه ّم ْتهُمْ أَنفُ ُ‬
‫(ثُمّ أَنزَ َ‬
‫وكان مقتضى الظاهر أن يقدّم النعاس ويؤخر المنة لن (أمنة) بمنزلة النتيجة والغاية للنعاس تماما كما جاء في آية النفال (إذ يغشيكم النعاس‬
‫جعِلت كالمنزّل من ال تعالى لنصرهم ولن المن فيه سكينة واطمئنان للنفس أكثر من‬ ‫أمنة منه) ولكنه قدّم المنة هنا تشريفا لشأنها حيث ُ‬
‫النعاس‪ .‬فالنعاس يُخشى منه أن يكون نوما ثقيلً وعندها يؤخَذون على حين غرّة‪.‬‬
‫م قال عـن الطائفـة الولة (منكـم) ولم يقي ّـد الثانيـة بهذا الوصـف فقال تعالى (يغشـى طائفـة‬ ‫*ل ِـ َ‬
‫منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم) ولم يقل طائفة منكم وطائفة منك قد أهمتهم أنفسهم؟(ورتل‬
‫القرآن ترتيلً)‬
‫انظر إلى ما يفيده الوصف (منكم) في كِل الطائفتين‪ :‬فعبّر عن الولى التي يغشاها النعاس بقوله (طائفة منكم) أما الثانية فهي فئة منافقة لذلك‬
‫ترك ال تعالى وصفها بـ (منكم) لنه ليست من المؤمنين الذين أمّنهم ال تعالى بالنعاس‪.‬‬
‫م ال َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫سبُوا ْ (‪ )155‬آل‬
‫ما ك َـ َ‬
‫ض َـ‬ ‫شيْطَا ُ‬
‫نـ بِبَعْـ ِ‬ ‫ستََزل ّهُ ُ‬ ‫ن إِن َّـ َ‬
‫ما ا ْـ‬ ‫معَا ِـ‬ ‫م الْتَقَـى ال ْ َ‬
‫ج ْ‬ ‫ن ال ّذِي نَـ تَوَل ّوْا ْ ِ‬
‫منك ُـ ْ‬
‫م يَوْـ َ‬ ‫*(إ ِـ ّ‬
‫عمران) إســتزلل الشيطان إياهــم هــو الهزيمــة واســتزلهم بمعنــى أزل ّــهم فمــا فائدة الســين‬
‫والتاء؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫إعلم أن زلة الهزيمة هي من أعظم الزلّت لذلك جاءت على صيغة إستزل لتأكيد وتفظيع هذا الفعل‪.‬‬
‫آية(‪:)158(-)157‬‬
‫*ما دللة تقديم وتأخير الموت في آيتي سورة آل عمران؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫سبِيلِ اللّهِ أَ ْو ُمتّمْ َل َمغْ ِفرَ ٌة مّنَ اللّ ِه‬
‫لما نأتي إلى آيتي سورة آل عمران يلفت نظرنا فيها شيء وهي قول ال سبحانه وتعالى (وََلئِن ُقتِ ْلتُمْ فِي َ‬
‫ن (‪ ))158‬نلحظ في الولى قدّم القتل وفي الثانية قدّم الموت‪ .‬قد يقول‬ ‫ن (‪ )157‬وََلئِن ّمتّمْ أَ ْو ُقتِ ْلتُمْ لِلَى ال تُحْ َ‬
‫شرُو َ‬ ‫ج َمعُو َ‬
‫خيْ ٌر ّممّا يَ ْ‬
‫حمَةٌ َ‬
‫َورَ ْ‬
‫قائل أن هذا لغرض التلوين والتنويع في السلوب وهذا طبيعي حتى ل يصير نفس الرتابة‪ .‬لكن هناك شيء آخر وهو‪ :‬لما تكلم عن سبيل ال‬
‫يعني الشهادة قدّمها على الموت العتيادي لن الشهادة مقدمة لن للشهداء منزلة‪ .‬لكن لما يتكلم عن الموت والقتل العتيادي النسان يموت‬
‫موتا اعتياديا‪ ،‬قد يُقتَل خطأ‪ ،‬قد يُقتل بثأر‪ ،‬قد يقتل في الجهاد‪ ،‬قد تقتله أفعى‪ ،‬فقدّم الشيء الطبيعي‪ ،‬قدّم الكثر الذي هو الموت‪ ،‬هذه لفتة بيانية‬
‫أردنا أن نبينها‪.‬‬
‫متم بالكسر؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫متم بالضم و ِ‬
‫* ما الفرق بين ُ‬
‫ن (‪ )157‬وََلئِ ْ‬
‫ن ُمتّمْ أَ ْو ُقتِ ْلتُمْ لَإِلَى اللّهِ‬ ‫ج َمعُو َ‬
‫خيْ ٌر ِممّا يَ ْ‬
‫حمَةٌ َ‬
‫سبِيلِ اللّهِ أَ ْو ُمتّمْ َل َمغْفِرَ ٌة مِنَ اللّهِ َورَ ْ‬
‫قال تعالى فى سورة آل عمران‪(:‬وََلئِنْ ُقتِ ْلتُ ْم فِي َ‬
‫ل مبني في محل رفع الفاعل (للمتكلم) أو مُت‬ ‫ن (‪ )158‬مُتم هذه مسندة إلى المعلوم‪ .‬مات يموت فيقول مُت أنا وهنا تكون التاء فاع ً‬ ‫حشَرُو َ‬‫تُ ْ‬
‫ت ومِتُ أنا) تُكسر الميم (َأ َي ِعدُكُمْ َأّنكُمْ ِإذَا ِمتّمْ َو ُكنْتُ ْم تُرَابًا‬ ‫أنت‪ .‬لكن إذا أردت أن تبنيها للمجهول يعني وقع عليه الموت بمعنى أُميت تصير (مِ ّ‬
‫ن (‪ )35‬المؤمنون)‪ .‬موضوع الضم والكسر لن هذا فعل أجوف والجوف عندما يُبنى للمجهول يكون بهذه الصيغة‪.‬‬ ‫خرَجُو َ‬
‫عظَامًا َأّنكُ ْم مُ ْ‬
‫وَ ِ‬
‫ك (‪ )159‬آل عمران)‬ ‫حوْل ِ َ‬
‫ن َ‬ ‫ضوا ْ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ب لَنفَ ُّ‬ ‫ت فَظ ًّا غَلِي َ‬
‫ظ الْقَل ْ ِ‬ ‫م َولَوْ كُن َ‬
‫ت لَه ُ ْ‬
‫ن الل ّهِ لِن َ‬
‫م َ‬
‫مةٍ ِّ‬
‫ح َ‬ ‫*(فَب ِ َ‬
‫ما َر ْ‬
‫مـا فائدة تقديـم الجار والمجرور (فبمـا رحمـة) على الفعـل (ل ِـنت) مـع أن الصـل‪ :‬لنـت لهـم برحمـة‬
‫من الله؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫هذه الية من رحمة ال تعالى على المؤمنين وقد عبّر عن هذه الرحمة بأسلوب جميل فقد استطاع التقديم في الية أن يُغني المعنى بشيء من‬
‫الحصر أي برحمة ال ل بغير ذلك لن النبي لمّته‪ .‬كما أفاد القصر في هذا الموضع التعريض بأن أحوالهم كانت مستوجبة غِلظة ولكن ال‬
‫تعالى ألن خُلُق رسوله رحمة بهم لحكمة في سياسة المة والذي قوّى القصر وأكّده زيادة (ما) بعد باء الجرّ‪.‬‬
‫آية(‪:)161‬انظر آية (‪)25‬‬
‫َ‬
‫ما لَي ْـ َ‬
‫س‬ ‫نـ بِأفْواهِهِـ ْ‬
‫م َ َـ‬ ‫*مـا الفرق بيـن كلمـة أفواههـم فـي قوله تعالى فـي سـورة آل عمران (يَقُولُو َ‬
‫ف ي قُلُوبه م والل َّ َ‬
‫ن‬‫م َ‬‫ن ِ‬‫خل ّفُو َ‬ ‫م َ‬‫ك ال ْ ُ‬
‫ل لَ َ‬
‫سيَقُو ُ‬‫ن (‪ ))167‬وألسنتهم في سورة الفتح ( َ‬ ‫مو َ‬ ‫ما يَكْت ُ ُ‬
‫م بِ َ‬‫ه أعْل َ ُ‬‫ِ ِ ْ َ ُ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْــ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫م(‬ ‫س فِــي قُلوبِهِــ ْ‬ ‫ما لي ْــ َ‬
‫م َــ‬‫سنَتِهِ ْ‬
‫ن بِأل ِ‬ ‫موَالن َــا وَأهْلون َــا فَا ْــ‬
‫ستَغْفِْر لن َــا يَقُولو َــ‬ ‫ب َ‬
‫شغَلتْن َــا أ ْ‬ ‫العَْرا ِــ‬
‫‪))11‬؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫اللسان هو جزء من الفم والصل في الكلم أن نقول‪ :‬قال فلن كذا وإذا أردت التأكيد فتقول ‪ :‬قال بلسانه‪ .‬والصورة الثانية لما يريد المخالفة‬
‫لما في نيّة النسان فتقول‪ :‬قال بلسانه غير ما يُبطن وغير ما يُخفي‪ .‬عندنا صورتان للستعمال‪ :‬فهي إما للتأكيد أو للموازنة لما يبطنه‪ .‬فقال‬
‫بلسانه غير ما في قلبه (لما يكون مقابلة)‪ .‬لكن لماذا يستعمل اللسان مرة والفم مرة؟ والعلقة بين اللسان والفم علقة مكانية‪.‬‬
‫قاعدة عامة‪ :‬لم يذكر القول باللسان أو بالفم إل في موضع الذمّ في القرآن الكريم‪ .‬واللسان جزء من الفم معنى ذلك أن الكلمة التي تخرج من‬
‫اللسان أو باللسان كلمة طبيعية‪ .‬لكن بفمه كأنه يمل بها فمه فيها إشارة إلى نوع من الثرثرة والتعالي ونوع من التفخيم والتضخيم‪.‬وفيها‬
‫‪) .‬دللةعلى ثبوت هذه الصفة لهم ودوامها وتكرارها(قول غير ما يبطن‬
‫الية التي ورد فيها (بأفواههم) كانت وصفا للمنافقين في المدينة‪ ،‬هؤلء كان فيهم شيخ المنافقين عبد ال بن أُبي بن سلول الذي كان قومه‬
‫ينظمون له الخرز ليتوجونه ملكا على المدينة قبل السلم‪ ،‬فصدره موغر ضد السلم و المسلمين‪ .‬لكنه هو وجيه في قومه‪ ،‬كبير ول يرتضي‬
‫أن يُنسب إليه الخوف أو الجُبن في القتال والوس والخزرج هم أبناء الحروب‪ .‬ولهذا كأن القرآن يريد أن يبيّن أن هؤلء المنافقون قالوا هذه‬
‫ن نَافَقُوا‬ ‫الكلمة بنوع من الترفّع والتعالي (وليعلم الذين نافقوا) صار الكلم بعد إنتهاء معركة أُحُد وأنها كانت تجربة أو كانت خبرة‪( .‬وَِل َيعْلَ َم اّلذِي َ‬
‫س فِي ُقلُو ِبهِمْ‬ ‫ن يَقُولُونَ ِبَأفْوا ِههِ ْم مَا َليْ َ‬
‫ب ِمنْهُمْ ِللْإِيمَا ِ‬
‫سبِيلِ اللّهِ أَ ِو ا ْد َفعُوا قَالُوا لَ ْو َنعْلَ ُم ِقتَالًا لَا ّتبَ ْعنَاكُ ْم ُهمْ لِ ْلكُفْ ِر يَ ْو َم ِئذٍ َأقْ َر ُ‬
‫َوقِيلَ َلهُ ْم َتعَاَلوْا قَاتِلُوا فِي َ‬
‫وَاللّهُ أَعْلَ ُم ِبمَا َي ْكُتمُونَ (‪))167‬يقينا هذه العبارة قالوها بأفواههم كما يقال بالفم الملن يعني لو نعلم أنكم ستقاتلون‪ ،‬سوف ل يكون هناك قتال‬
‫نحن ل نخرج معكم وهم أضعفوا المسلمين بعدم خروجهم‪.‬‬
‫فى الية الثانية (بألسنتهم) الذين يقولون بألسنتهم هم من العراب مسلمين ليسوا من المنافقين لن الرسول عندما ذهب للعمرة إستنفر‬
‫المسلمين وإستنفر العراب أن يأتوا معه تحسّبا لحدوث قتال وساق الهديَ تحسبا‪ .‬لو قال للمنافقين بألسنتهم يضعف الحال ول يصور حالهم هم‬
‫كانوا متكبرين فقال بأفواههم وليس بألسنتهم‪ .‬وهؤلء كانوا معتذرين فل تتناسب بأفواههم‪ .‬الصورة ل تتناسب فكل كلمة في القرآن في مكانها‪.‬‬
‫آية (‪:)162‬‬
‫*ما الفرق بين ختام اليتين(و ْ‬
‫صيُر (‪ )162‬آل عمران) و(مأواكم النار هى‬ ‫س ال ْ َ‬
‫م ِ‬ ‫جهَن َّ ُ‬
‫م وَبِئ ْ َ‬ ‫مأوَاهُ َ‬
‫َ َ‬
‫مولكم وبئس المصير)الحديد؟(د‪.‬فاضل السامرائى‬
‫س ا ْلمَصِي ُر (‪ )162‬آل عمران) ونحوها إنما قيلت وهم في الدنيا والدنيا ل تزال غير منقضية وأما‬
‫ج َهنّمُ َوبِئْ َ‬
‫كل اليات التي ورد فيها ( َومَأْوَا ُه َ‬
‫فى سورة الحديد (مأواكم النار هى مولكم وبئس المصير)فإنه قيل وهم في الخرة وقد ضرب السور بينهم وبين المؤمنين وأتاهم العذاب من‬
‫قبله فالنار قريبة منهم فقال (هي مولكم)‪.‬‬
‫(وبئس المصير) هذه أنسب خاتمة لهم فقد كانوا في ترقبهم وأمانيهم ينتظرون المصير الحسن والمستقبل المشرق فكانت لهم الظلمة والمصير‬
‫السوأ‪.‬‬
‫آية (‪:)164‬‬
‫م يَتْلُو عَلَيْهِ ْ‬
‫م‬ ‫سوًل ِ‬
‫منْهُ ْ‬ ‫م َر ُ‬ ‫*ما دللة الفرق في الترتيب بين آية سورة البقرة (َربَّنَا وَابْعَ ْ‬
‫ث فِيهِ ْ‬
‫م يَتْلُو‬ ‫َ‬ ‫آَيَات ِ َ‬
‫سهِ ْ‬ ‫ن أنْفُ ِ‬‫م ْ‬‫سوًل ِ‬ ‫م ( ‪ ))129‬وآية سورة آل عمران (َر ُ‬ ‫ة وَيَُزكِّيهِ ْ‬
‫م َ‬ ‫ب وَال ْ ِ‬
‫حك ْ َ‬ ‫م الْكِتَا َ‬‫مهُ ُ‬‫ك وَيُعَل ِّ ُ‬
‫ب َوال ْ ِ‬ ‫م الْكِتَا َ‬ ‫عَلَيْه َ‬
‫ة (‪ ))164‬؟(د‪.‬عمر عبد الكافى)‬ ‫حك ْ َ‬
‫م َ‬ ‫مهُ ُ‬‫م وَيُعَل ِّ ُ‬
‫م آيَاتِهِ وَيَُزكِّيهِ ْ‬ ‫ِ ْ‬
‫وردت في القرآن الكريم مثل هذه اليات أربع مرات ثلث منها عن ال تعالى ومرة على لسان ابراهيم وهي اليات التالية‪:‬‬
‫ح ْكمَةَ َو ُيعَّل ُمكُ ْم مَا لَ ْم َتكُونُوا‬‫‪.1‬سورة البقرة ( َكمَا أَ ْرسَ ْلنَا فِيكُمْ رَسُولًا ِم ْنكُمْ َيتْلُو عََل ْيكُمْ َآيَا ِتنَا َويُ َزكّيكُمْ َو ُيعَّلمُكُمُ ا ْل ِكتَابَ وَا ْل ِ‬
‫ن (‪))151‬‬ ‫َتعَْلمُو َ‬
‫ح ْكمَةَ‬
‫عَليْهِمْ َآيَاتِهِ َويُ َزكّيهِمْ َو ُيعَّل ُمهُمُ ا ْل ِكتَابَ وَالْ ِ‬
‫سهِ ْم َيتْلُو َ‬ ‫‪.2‬آل عمران (لَ َق ْد مَنّ اللّ ُه عَلَى ا ْلمُ ْؤ ِمنِينَ ِإ ْذ َبعَثَ فِيهِمْ َرسُولًا مِنْ َأنْ ُف ِ‬
‫ل ُمبِينٍ (‪))164‬‬ ‫َوإِنْ كَانُوا مِنْ َقبْلُ َلفِي ضَلَا ٍ‬
‫ح ْكمَةَ َوإِنْ كَانُوا مِنْ‬ ‫ث فِي ا ْلُأ ّميّينَ رَسُولًا ِم ْنهُ ْم َيتْلُو عََل ْيهِمْ َآيَاتِهِ َويُ َزكّيهِمْ َو ُيعَّلمُهُ ُم ا ْل ِكتَابَ وَا ْل ِ‬ ‫‪.3‬سورة الجمعة ((هُوَ اّلذِي َبعَ َ‬
‫ل ُمبِينٍ (‪)))2‬‬ ‫ضلَا ٍ‬
‫َقبْلُ َلفِي َ‬
‫ح ْكمَةَ َويُ َزكّيهِمْ‬
‫ث فِيهِمْ رَسُولًا ِم ْنهُ ْم يَتْلُو عََل ْيهِمْ َآيَا ِتكَ َو ُيعَّلمُهُ ُم ا ْل ِكتَابَ وَا ْل ِ‬ ‫‪ .4‬وعلى لسان ابراهيم ‪:‬سورة البقرة (( َرّبنَا وَا ْبعَ ْ‬
‫حكِي ُم (‪)))129‬‬ ‫ِإّنكَ َأنْتَ ا ْلعَزِي ُز الْ َ‬
‫ل أخّر جانب تزكية الخلق إلى آخر‬ ‫وهذا يعود إلى ترتيب الولويات والهمية في الخطابين‪ ،‬فعندما دعا ابراهيم ربه أن يرسل رسو ً‬
‫مرحلة بعد تلوة اليات وتعليمهم الكتاب والحكمة‪.‬‬
‫ل يتلو عليهم آياته‬ ‫أما في آية سورة الجمعة وسورة البقرة (‪ )151‬وسورة آل عمران فالخطاب من ال تعالى بأنه بعث في الميين رسو ً‬
‫ويزكيهم قبل مرحلة يعلمهم الكتاب والحكمة لن الجانب الخُلُقي يأتي قبل الجانب التعليمي ولن النسان إذا كان غير مزكّى في خلقه لن يتلقى‬
‫الكتاب والحكمة على مُراد ال تعالى والرسول من أهم صفاته أنه على خلق عظيم كما شهد له رب العزة بذلك في قوله ( َوِإّنكَ َلعَلى خُلُقٍ‬
‫عَظِي ٍم (‪ )4‬القلم)‪.‬‬
‫والتزكية هي ربع المهمّة المحمدية (تلوة اليات‪ ،‬تعليم الكتاب‪ ،‬تعليم الحكمة‪ ،‬التزكية)‪.‬‬
‫(من برنامج هذا ديننا للدكتور عمر عبد الكافي على قناة الشارقة)‪.‬‬
‫ل فَادرؤُوا ع َ َ‬
‫م قال ربنا (فادرؤوا عن‬‫ن (‪ )168‬آل عمران) ل ِ َ‬
‫صادِقِي َ‬ ‫ت إِن كُنت ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫مو ْ َ‬ ‫سك ُ ُ‬
‫ن أنف ُ ِ‬
‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫*(قُ ْ‬
‫أنفسكم الموت) ولم يقل فاحموا أنفسكم من الموت؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫آثر ربنا تعالى أن يعبّر بـ (فادرؤوا عن أنفسكم الموت) لن الدرء يعني الدفع وفي هذا إيماء إلى أن الموت يأتي بشكل مفاجئ وقوي ل ِقبَل‬
‫للمرء على مقاومته ودفعه‪ .‬أما الحماية فهي تدل على أن المرء يرى الخطر المدلهّم به ويريد أن يحمي نفسه بينما الموت ليس بمرئي ومشاهد‬
‫حتى يصون النسان نفسه منه‪.‬‬
‫آية (‪:)170‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ل َـ ْ‬
‫م‬ ‫ن بِال ّذِي َـ‬
‫شُرو َ‬
‫ستَب ْ ِ‬ ‫ن فَ ْ‬
‫ضل ِـهِ وَي َـ ْ‬ ‫م ْـ‬ ‫م الل ّـ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫ما آتَاهُـ ُ‬ ‫ن ب ِـ َ‬
‫حي َـ‬‫* مـا دللة كلمـة (خلفـك) فـي اليـة ((فَرِ ِ‬
‫َ‬
‫ن (‪)170‬فـي سـورة آل عمران؟(د‪.‬فاضـل‬ ‫حَزنُو َـ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫َ‬
‫م وَل هُـ ْ‬ ‫ف عَلَيْهِـ ْ‬ ‫م أ َ ّل َ‬
‫خوْـ ٌ‬ ‫خلْفِهِـ ْ‬
‫ن َ‬
‫م ْـ‬
‫م ِ‬ ‫يَل ْ َ‬
‫حقُوا بِهِـ ْ‬
‫السامرائى)‬
‫بعد نقيضة قبل وأظهر استعمال لها في الزمان‪ .‬أما خلف فهي نقيضة ُقدّام (وهي في الغالب للمكان) هذا من حيث اللغة‪ .‬والخلف في اللغة‬
‫هوالظهر أيضا‪.‬‬
‫ل خلف محل بعد (ثُ ّم عَ َف ْونَا‬ ‫أحيانا ل يصح وضع إحداهما مكان الخرى فل يمكننا أن نضع خلف مكان بعد ففي هذه اليات ل يمكن أن تح ّ‬
‫ن فِي‬ ‫سدُو َ‬‫ن مَا َأمَ َر اللّ ُه بِهِ أَنْ يُوصَلَ َويُفْ ِ‬ ‫طعُو َ‬
‫ع ْهدَ اللّ ِه مِنْ َب ْعدِ مِيثَاقِهِ َويَقْ َ‬‫ن (‪ )52‬البقرة) (اّلذِينَ َينْقُضُونَ َ‬ ‫شكُرُو َ‬‫ع ْنكُ ْم مِنْ َب ْعدِ ذَِلكَ َلعَّلكُ ْم تَ ْ‬
‫َ‬
‫ن (‪ )27‬البقرة) لنها متعلقة بالزمان‪.‬‬ ‫سرُو َ‬ ‫الْأَ ْرضِ أُوَل ِئكَ ُهمُ ا ْلخَا ِ‬
‫ن ( ‪ )17‬العراف)‬ ‫جدُ َأ ْكثَرَ ُه مْ شَاكِرِي َ‬
‫شمَائِِلهِ مْ وَلَا تَ ِ‬
‫ن بَيْ نِ َأ ْيدِيهِ مْ َومِ نْ خَلْ ِفهِ مْ وَعَ نْ َأ ْيمَا ِنهِ مْ وَعَ نْ َ‬
‫أما خلف فهي في الصل للمكان‪( ،‬ثُمّ َلَآ ِتيَ ّنهُ ْم مِ ْ‬
‫ضلِ هِ‬
‫ن بِمَا َآتَا ُه مُ اللّ ُه مِ نْ فَ ْ‬ ‫ن (‪ )9‬يس) وكذلك قوله تعالى (فَ ِرحِي َ‬ ‫ش ْينَاهُ مْ َف ُه مْ لَا يُبْ صِرُو َ‬ ‫سدّا َفأَغْ َ‬
‫خلْ ِفهِ ْم َ‬ ‫سدّا َومِ نْ َ‬
‫جعَلْنَا مِ نْ َبيْ نِ َأ ْيدِيهِ مْ َ‬ ‫( َو َ‬
‫ح َزنُو نَ (‪ )170‬آل عمران) الذ ين مع هم في المعر كة والقتال ف هي في‬ ‫ف عََل ْيهِ مْ وَلَا هُ ْم يَ ْ‬ ‫حقُوا ِبهِ ْم مِ نْ خَ ْل ِفهِ مْ أَلّا خَوْ ٌ‬ ‫س َتبْشِرُونَ بِاّلذِي نَ لَ ْم يَلْ َ‬ ‫َويَ ْ‬
‫الصل خلف في المكان‪.‬‬
‫آية (‪:)173‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ب الل ّـهِ‬ ‫ن ال ّذِي نَـ يَتْلُو َ‬
‫نـ كِتَا َـ‬ ‫*مـا دللة اسـتخدام الفعـل الماضـي والمضارع فـي آيـة سـورة فاطـر (إ ِـ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جاَرةً ل ّن تَبُوَر {‪ )}29‬؟(د‪.‬فاضــل‬ ‫ن تِ َ‬
‫جو َــ‬ ‫سّرا ً وَعََلنِي َ ً‬
‫ة يَْر ُ‬ ‫ما َرَزقْنَاهُــ ْ‬
‫م ِــ‬ ‫صَلةَ َوأنفَقُوا ِ‬
‫م ّــَ‬ ‫موا ال ّــَ‬
‫وَأقَا ُ‬
‫السامرائى)‬
‫ن تِجَارَةً لّن َتبُو َر {‪ .)}29‬يتلون‬ ‫ب اللّ ِه وََأقَامُوا ال صّلَا َة وَأَن َفقُوا ِممّا رَ َز ْقنَا ُه ْم سِرّا وَعَلَا ِنيَةً يَ ْرجُو َ‬ ‫ن َيتْلُو نَ ِكتَا َ‬
‫قال تعالى في سورة فاطر (إِنّ اّلذِي َ‬
‫فعل مضارع وأقاموا فعل ماضي والفعل المضارع يدل على الحال والتجدد والستقبال والماضي مضى هذا هو الصل وفي الية ذكر تعالى‬
‫ل لن تلوة القرآن أك ثر من ال صلة لن إقا مة ال صلة ل تكون إل بقراءة القرآن وقراءة القرآن تكون في كل و قت وإقا مة‬ ‫أك ثر ما يتجدد أو ً‬
‫الصلة هي أكثر من النفاق إذن فالفعال مرتّبة في الية بحسب الكثرة وبحسب الستمرار فبدأ بما هو أكثر بالكثر والكثر استمرارا ثم بما‬
‫دونها كثرة (الصلة) ثم القل (النفاق)‪.‬‬
‫وفعل أقاموا هو فعل ماضي فهل هو مضى؟ الفعل الماضي بعد إسم الموصول يكون له زمنان فقد يكون له زمن ماضي مثل قوله تعالى (الذين‬
‫قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم) وقد يحتمل معنى المضي والستقبال مثل قوله تعالى (إِنّ اّلذِي نَ َي ْكُتمُو نَ مَا أَن َز ْلنَا مِ نَ ا ْلبَ ّينَا تِ‬
‫ب عََل ْيهِمْ وََأنَا‬
‫صلَحُواْ َو َبّينُواْ فَأُوْلَـ ِئكَ َأتُو ُ‬ ‫ن {‪ِ }159‬إلّ اّلذِينَ تَابُواْ َوأَ ْ‬ ‫عنُو َ‬ ‫س فِي ا ْل ِكتَابِ أُولَـ ِئكَ يَل َعنُهُمُ اللّهُ َويَ ْل َعنُهُمُ اللّا ِ‬
‫وَا ْلهُدَى مِن َب ْعدِ مَا َبيّنّاهُ لِلنّا ِ‬
‫التّوّا بُ الرّحِي ُم {‪ }160‬سورة البقرة) هذه الفعال الماضية في الية (تابوا وأصلحوا وبيّنوا) تدل على احتمال الستقبال لنها جاءت بعد الكتمان‬
‫(إن الذين يكتمون)‪ .‬أصلً زمن الفعل الماضي بعد السم الموصول يحتمل المضي ويحتمل الستقبال‪ .‬وهنالك أمور قطعية وهنالك أمور تبقى‬
‫مشتركة‪ .‬أما (كان) فلها أزمنة خاصة بها فهي تفيد الستمرارية (كان ول يزال) وتأتي أصلً للستقبال كما في وصف اليات للخرة (وفتحت‬
‫السماء فكانت أبوابا) وفي الحديث عن ال تعالى (وكان ال غفورا رحيما) فهي تدل على كونه غفور رحيم وهذا كونه سبحانه‪.‬‬
‫*(ورتل القرآن ترتيلً) ‪:‬‬
‫ل (‪ )173‬تبصّر في هذه الصورة الرائعة التي‬
‫س ُبنَا اللّهُ َو ِنعْمَ الْ َوكِي ُ‬
‫خشَوْهُ ْم فَزَادَهُمْ إِيمَانا َوقَالُواْ حَ ْ‬
‫ج َمعُواْ َل ُك ْم فَا ْ‬
‫س َقدْ َ‬
‫(اّلذِينَ قَالَ َلهُمُ النّاسُ إِنّ النّا َ‬
‫ترسلها الريشة القرآنية بدقة متناهية تسلب اللباب‪ ،‬إنها صورة هؤلء المؤمنين الذين استعلوا على جراحهم في غزوة أحد واستعلوا على آلمهم‬
‫ولم يفقدوا شجاعتهم وتبتلهم ويقينهم بال عز وجل فلما خوّفهم الناس بجموع المشركين التي تجمعت لستئصالهم ما زادهم هذا التخويف إل‬
‫إيمانا ويقينا وثباتا وعزيمة وقالوا (حسبنا ال ونعم الوكيل)‪.‬‬
‫آية(‪ :)174‬انظر آية (‪)74‬‬
‫َ‬
‫ل الْعَظِيمِ) وفي آل عمران (وَالل ّ ُ‬
‫ه ذ ُو‬ ‫ه ذ ُو الْفَ ْ‬
‫ض ِ‬ ‫* ختمت الية في سـورة الحديـد بالتعريف (وَالل ّـ ُ‬
‫ل عَظِيم ٍ (‪ ))174‬فما الفرق؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬ ‫فَ ْ‬
‫ض ٍ‬
‫س ُبنَا اللّهُ‬
‫خشَوْهُ ْم فَزَادَهُمْ إِيمَانا َوقَالُواْ حَ ْ‬‫ج َمعُواْ َل ُك ْم فَا ْ‬‫س َقدْ َ‬‫في آل عمران في أُحد وفي نجاتهم مما كان يراد بهم (اّلذِينَ قَالَ َلهُمُ النّاسُ إِنّ النّا َ‬
‫ل عَظِي ٍم (‪ ))174‬هذا أكبر أو النور‬ ‫ضوَانَ اللّهِ وَاللّ ُه ذُو َفضْ ٍ‬ ‫سهُمْ سُوءٌ وَا ّت َبعُواْ رِ ْ‬ ‫َو ِنعْمَ ا ْل َوكِيلُ (‪ )173‬فَانقََلبُو ْا ِب ِنعْمَ ٍة مّنَ اللّهِ َوفَ ْ‬
‫ضلٍ لّ ْم َيمْسَ ْ‬
‫والرحمة والمغفرة؟ انقلبوا لم يمسسهم سوء‪ ،‬المغفرة والرحمة والنور أكبر لذا قال ذو الفضل العظيم‪.‬أما لو مسهم سوء لهم أجر‪ .‬أما (يَا َأّيهَا‬
‫غفُورٌ رّحِي ٌم (‪))28‬كفلين من رحمته‬ ‫ن بِهِ َو َيغْ ِفرْ َلكُمْ وَاللّ ُه َ‬
‫جعَل ّل ُك ْم نُورًا َتمْشُو َ‬
‫ح َمتِهِ َويَ ْ‬
‫ن آ َمنُوا اتّقُوا اللّ َه وَآ ِمنُوا بِ َرسُولِ ِه يُ ْؤ ِتكُ ْم كِفَْليْنِ مِن رّ ْ‬
‫اّلذِي َ‬
‫ويغفر لكم ويجعل لكم نورا هذه أكبر إذن وال ذو الفضل العظيم‪ .‬التعريف يفيد العموم والشمول والتنكير يفيد التقليل‪.‬‬
‫آية (‪:)178-176‬‬
‫َـ َ‬
‫ْر َإِنَّهُـ ْ‬
‫م‬ ‫ن فِـي الْكُف ِ‬ ‫سارعُو َ‬‫ك ال ّذِي نَـ ي ُـ َ ِ‬ ‫حُزن‬ ‫*مـا الفرق بيـن خواتيـم اليات فـي سـورة آل عمران (وَل َ ي َ ْ‬
‫ً‬ ‫شيئا ً يريد الل ّـ َ َ‬
‫ن ال ّذِي نَـ‬ ‫ب عَظِي ٌمـ (‪ )176‬إ ِـ َّ‬
‫َ‬
‫م عَذ َا ٌـ‬ ‫ْ‬ ‫ُـ‬ ‫خَرةِ َولَه‬ ‫حظ ّـا فِـي ال ِ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬ ‫ُـ‬ ‫ل لَه‬ ‫جعَ َ‬ ‫ه أل ّ ي َ ْ‬‫ُ‬ ‫ه َ ْ ُ ِ ُ‬ ‫ضُّروا ْ الل ّـ َ‬ ‫لَن ي َ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫ن ك َ َفُروا ْ أن َّـ َ‬‫ن ال ّذِي َـ‬
‫سب َ َّ‬
‫ح َـ‬ ‫ب ألِي ٌمـ (‪ )177‬وَل َ ي َ ْ‬ ‫م عَذ َا ٌـ‬ ‫شيْئًا َولهُـ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ضُّروا ْ الل ّـ َ‬ ‫ن لَن ي َ ُ‬ ‫شتََروُا ْ الْكُفَْر بِالِي َ‬
‫ما ِـ‬ ‫ا ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن (‪))178‬؟(د‪.‬فاضــل‬ ‫ب ُّ ِ‬
‫مهي ٌــ‬ ‫م عَذ َا ٌــ‬ ‫ما وَلهْــ ُ‬ ‫م لِيَْزدَادُوا إِث ْــ ً‬‫ملِي لهُــ ْ‬ ‫ما ن ُ ْ‬
‫م إِن ّــ َ‬
‫سهِ ْ‬
‫خيٌْر ِلنفُــ ِ‬ ‫م َ‬‫ملِي لهُــ ْ‬ ‫نُ ْ‬
‫السامرائى)‬
‫حظّا فِي الخِرَ ِة‬
‫جعَلَ َل ُه مْ َ‬
‫شيْئا يُرِيدُ اللّ ُه َألّ يَ ْ‬
‫ن فِي ا ْلكُفْرِ ِإّنهُ مْ لَن يَضُرّو ْا اللّ َه َ‬
‫حزُن كَ اّلذِي نَ يُ سَارِعُو َ‬
‫نقرأ اليات ونو ضح سبب الختيار‪َ ( .‬ولَ يَ ْ‬
‫ب عَظِيمٌ (‪ ))176‬ذكر أن هؤلء يعجلون في الكفر‪ ،‬يسارعون في الكفر فربنا هددهم يريد ال أن ل يجعل لهم حظا في الخرة ل في‬ ‫عذَا ٌ‬
‫َوَلهُ ْم َ‬
‫عذَابٌ أَلِي ٌم (‬
‫ش ْيئًا وَلهُ ْم َ‬
‫شتَرَ ُواْ ا ْلكُفْ َر بِالِيمَانِ لَن يَضُرّواْ اللّهَ َ‬ ‫الخرين فإذن ذكر العذاب العظيم وهو أشد العذاب‪ .‬إنما الية الخرى (إِنّ اّلذِينَ ا ْ‬
‫‪ ))177‬الذي يشتري بضاعة يطلب الربح فإذا خسر يتألم‪ ،‬إن الذين اشتروا الكفر باليمان يعني تركوا اليمان واشتروا الكفر خسروا والخاسر‬
‫ب ّمهِينٌ ( ‪ ))178‬هؤلء أملى لهم‬ ‫عذَا ٌ‬
‫سهِمْ ِإّنمَا ُنمْلِي َلهُمْ ِليَ ْزدَادُواْ ِإ ْثمًا وََلهْ ُم َ‬
‫خيْرٌ لّأَنفُ ِ‬
‫ن كَفَرُو ْا َأنّمَا ُنمْلِي َل ُهمْ َ‬
‫سبَنّ اّلذِي َ‬
‫حَ‬‫يتألم فله عذاب أليم‪َ ( .‬ولَ يَ ْ‬
‫من المال والرزق والسعة يملي لهم ما هو خير لهم في ظاهره ما يفخرون به وما هو يعتزون به وقد يستطيلون على خلق ال‪ ،‬هذا المستطيل‬
‫يُهان فجاء بصفة ضد ما كان يصنع في حياته الدنيا‪ ،‬كان يعتز ويفخر فيهان‪ .‬العذاب متحقق في الثلثة لكن كل واحدة تناسب ما قيل فيه ومن‬
‫قيل فيه‪.‬‬
‫َـ َ‬
‫ضُّروا ْ الل ّـ َ‬
‫ه‬ ‫ن فِـي الْكُفْرِ إِنَّهُـ ْ‬
‫م لَن ي َ ُ‬ ‫سارِعُو َ‬ ‫ك ال ّذِي َـ‬
‫ن ي ُـ َ‬ ‫*مـا اللمسـة البيانيـة فـى قوله تعالى(وَل َ ي َ ْ‬
‫حُزن‬
‫ً‬ ‫شيئا ً يريد الل ّ ـ َ َ‬
‫م (‪ )176‬آل عمران)؟ (ورتــل‬ ‫ب عَظِي ٌ ـ‬‫م عَذ َا ٌ ـ‬ ‫خَرةِ َولَهُ ـ ْ‬‫حظ ّ ـا فِ ـي ال ِ‬‫م َ‬‫ل لَهُ ـ ْ‬ ‫ه أل ّ ي َ ْ‬
‫جعَ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ ُ ِ ُ‬
‫القرآن ترتيلً)‬
‫انظر إلى هذه الستعارة التمثيلية لحال أهل الكفر والنفاق والتي قوّاها تعدية المسارعة بـ (في) عوضا عن (إلى) فقال تعالى (يسارعون في‬
‫الكفر) ولم يقل إلى الكفر‪ .‬وبيان ذلك أنه شبّه حال حرصهم وجدّهم في تكفير الناس وإدخال الشك على المؤمنين بحال الطالب المسارع إلى‬
‫تحصيل شيء يخشى أن يفوته‪ .‬فأفادت يسارعون في الكفر أنهم لم يكتفوا بالكفر بل توغلوا في أعماقه‪.‬‬
‫آية(‪:)179‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫شاءُ فَآ َ ِ‬
‫منُوا بِالل ّـ ِ‬ ‫ن يَ َ‬
‫م ْـ‬
‫سلِهِ َ‬
‫ن ُر ُـ‬
‫م ْـ‬
‫جتَب ِـي ِ‬ ‫ن الل ّـ َ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫*ماذا اسـتخدم لفـظ يجتـبي فـي آيـة سـورة (وَلَك ِـ َّ‬
‫م (‪ )179‬آل عمران) ولم يقــــــل يختار أو‬ ‫ور سلِه وإ ن تؤْمنوا وتتَقُوا فَلَك ُــــــ َ‬
‫جٌر عَظِي ٌــــــ‬ ‫مأ ْ‬‫ْ‬ ‫ََّ‬ ‫َ ُ ُــــــ ِ َ ِــــــ ْ ُ ِ ُ‬
‫يصطفي؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫جبَيَ والجباية هي الضمّ والجمع يعني أنك تضم الشيء إليك وتجمعه إليك‪.‬‬ ‫الفعل اجتبى واختار بصيغة افتعل نفس الصيغة لكن اجتبى من َ‬
‫فيسمون الجابية للمكان الذي يجمعون فيه الماء كأنه يصير اختلط وامتزاج للماء فكأن الية الكريمة التي تشير إلى الجتباء فيها معنى الجمع‬
‫خيَر فيه معنى الخير ولكن‬
‫والضمّ والتقريب يعني شدة القرب من ال سبحانه وتعالى‪ .‬أما الختيار ففيه النتقاء للخير والفضل لن فيه معنى َ‬
‫ليس فيه معنى الضم والقرب‪ .‬فإذا أراد الشارة إلى مجرد الخيرية يستعمل يختار وإذا أراد معنى الجمع والتقريب والضم يستعمل اجتباء‪.‬‬
‫َ َ‬
‫خيًْرا‬ ‫من فَ ْ‬
‫ضل ِهِ هُوَ َ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫ما آتَاه ُ ُ‬ ‫خلُو َ‬
‫نـ ب ِ َ‬ ‫ن ال ّذِي َ‬
‫ن يَب ْ َ‬ ‫سب َ ّ‬
‫ح َ‬‫*ما مع نى يطوقون فى قوله تعالى (وَل َ ي َ ْ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫مةِ (‪ )180‬آل عمران)؟ (ورتل القرآن ترتيلً)‬ ‫خلُوا ْ بِهِ يَوْ َ‬
‫م الْقِيَا َ‬ ‫ما ب َ ِ‬ ‫سيُطَوَّقُو َ‬
‫ن َ‬ ‫شٌّر ل ّهُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ل ّهُ ْ‬
‫م بَ ْ‬
‫ل هُوَ‬
‫يطوقون مشتقّ من الطوق وهو ما يُلبس تحت الرقبة فوق الصدر وفي هذا الكلم تصوير جميل بحيث جعل أموال الذين يبخلون أطواقا يوم‬
‫القيامة يعذّبون بحملها‪ .‬والطوق في الدنيا ُيتّخذ للزينة ولكنه يتحول مع البُخل إلى زِنة ل يمكت حملها وقد اختار ال تعالى الطوق دون غيره‬
‫لنه أظهر للعيان بقصد التشهير بهم يوم الحشر‪.‬‬
‫آية (‪:)180‬‬
‫ض ) ؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬ ‫َ‬ ‫ث ال َّ‬ ‫*مادللة تقديم (لله)فى قوله تعالى (وَلِلّهِ ِ‬
‫ت وَالْر ِ‬
‫ماوَا ِ‬
‫س َ‬ ‫ميَرا ُ‬
‫خبِي ٌر (‪ )180‬آل عمران) فأنفقوا حتى تنالوا جزاء المنفقين قبل أن تنتقل رغما عنكم وتذهب‬
‫سمَاوَاتِ وَالَرْضِ وَاللّ ُه ِبمَا َت ْعمَلُونَ َ‬
‫(وَلِلّ ِه مِيرَاثُ ال ّ‬
‫إلى ال تعالى‪ ،‬أنفقوا حتى تنالوا ‪ .‬وقدّم الجار والمجرور (ل) أنها ستؤول إليه حصرا وإذا قال ميراث السموات والرض ل ليس فيها قصر‬
‫ول حصر‪ .‬التقديم عندنا شكلين‪ :‬يقدم على العامل وتقديم على غير العامل‪ .‬مثلً تقديم الخبر على المبتدأ (ول ميراث السموات والرض)‬
‫ميراث مبتدأ و(ل) لفظ الجللة خبر مقدّم وهذا من باب جواز التقديم وليس من باب الوجوب لن ميراث السموات والرض معرفة مضافة إلى‬
‫معرفة وليست نكرة تقديم الخبر على المبتدأ يسمونه من باب تقديم المعمول على العامل وهذا التقديم يفيد التخصيص أو الهتمام حسب‬
‫السياق‪ .‬قد يفيد القصر كما في قوله (إياك نعبد) وأصلها نعبدك‪ .‬هنا قال تعالى (ول ميراث السموات والرض) هذا اهتمام هو ستؤول إليه‬
‫حصرا ول تؤول إلى جهة أخرى مع الهتمام‪.‬‬
‫آية(‪:)185(-)181‬‬
‫ما تُوَفَّوْـ َ‬
‫ن‬ ‫ت وَإِن َّـ َ‬
‫موْـ ِ‬ ‫َ‬ ‫ة ال ْ‬
‫س ذ َائِقَ ُ‬ ‫ٍ‬
‫* لماذا اسـتخدم لفـظ (ذائقـة) فـي آيـة سـورة آل عمران (ك ُ ُّ‬
‫ل نَفْـ‬
‫َ‬
‫متَاعُ ال ْ ُغ ُ ِ‬
‫رور (‬ ‫حيَاةُ الدُّنْيَا إ ِ ّل َ‬ ‫ما ال ْ َ‬ ‫جن َّ َ‬
‫ة فَقَد ْ فَاَز وَ َ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫خ َ‬ ‫ن النَّارِ وَأُد ْ ِ‬
‫ح عَ ِ‬
‫حزِ َ‬‫ن ُز ْ‬
‫م ْ‬‫مةِ فَ َ‬ ‫م ال ْ ِ‬
‫قيَا َ‬ ‫جوَرك ُ ْ‬
‫م يَوْ َ‬
‫ُ‬
‫أ ُ‬
‫ق (‪ )181‬آل عمران)؟ لماذا اسـتعمل الذوق مـع‬ ‫حرِي ِـ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ل ذ ُوقُوا عَذ َا َـ‬‫‪ )185‬وفـي قوله تعالى (وَنَقُو ُ‬
‫الموت والعذاب؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫حذِف أحد طرفيه فإذا صُرّح بالمشبّه به تسمى تصريحية وإذا لم‬
‫نحن عندنا في العربية ما يسمى بالستعارة‪ .‬يقولون الستعارة هي تشبيه ُ‬
‫يُصرّح به تسمى مكنية‪ .‬هنا (كل نفس ذائقة الموت) الذوق للسان معنى ذلك أنّه شبّه الموت بشيء يُذاق ثم حذف المشبه به فهي مكنية وكذلك‬
‫العذاب‪ .‬ما الفائدة من هذه الستعارة المكنية؟ هنا عندما يقول (ذائقة الموت) (ذوقوا عذاب الحريق) إشارة إلى شدة اللتصاق والتصال بحيث‬
‫ل وإنما يُذاق والعذاب ليس‬
‫كأن الموت يتحول إلى شيء يكون في الفم بأقرب شيء من النسان بحيث يذوقه ويتحسسه يعني الموت ليس خيا ً‬
‫خيالً وإنما هو سيُذاق ذوقا‪ .‬فكما أن الشيء يوضع على اللسان فيحسه هكذا سيكون قُرب الموت من النسان والتصاقه به وهكذا سيكون‬
‫العذاب من القرب واللتصاق بهذا المعذّب لنه سيكون في فمه فهذا هو الغاية من هذه الستعارة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ما قَالُوا ْ (‪ )181‬آل عمران) أل‬ ‫سنَكْت ُ ُ‬
‫ب َ‬ ‫ن أغْنِيَاء َ‬
‫ح ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه فَ ِ‬
‫قيٌر وَن َ ْ‬ ‫ن قَالُوا ْ إ ِ َّ‬
‫ل ال ّذِي َ‬‫ه قوْ‬
‫ع الل ُ‬
‫م َ‬ ‫*(ل ّقَد ْ َ‬
‫س ِ‬
‫م جاء بالفعل (سمع) وعدل عن‬ ‫علمه ما قالوا؟ فل ِ َ‬ ‫تجزم أخي المؤمن بأن سمع الله تعالى دليل ِ‬
‫الفعل علِم؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫إنما أريد بهذا الفعل التهديد واليذان بأن ما يقولونه فيه جرأة عظيمة وأن الستخفاف بالرسول وبالقرآن إثم عظيم وكفر على كفر‪ .‬ولذلك‬
‫قال تعالى (لقد سمع) المستعمل في لزم معناه وهو التهديد على كلم فاحش‪ .‬فليس المقصود إعلمهم بأن ال تعالى علِم بذلك بل التهديد كما‬
‫يقول أحدنا لولده‪ :‬إني أسمع ما تقول‪ ،‬فهو ل يريد إبلغه بأنه يسمعه بل يريد أن يهدده‪.‬‬
‫آية (‪:)183‬‬
‫ََ‬ ‫ن الل َّـ‬ ‫َ‬
‫حت َّـى‬‫ل َ‬ ‫سو ٍ‬ ‫م نَـ لَِر ُـ‬ ‫ه عَهِد َ إِلَيْن َـا أ ّل نُؤْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ن قَالُوا إ ِـ َّ‬ ‫َـ‬ ‫*مـا دللة التذكيـر والتأنيـث فـي قوله تعالى(ال ّذِي‬
‫َ‬ ‫ن تَأْكُل ُـ‬
‫ن‬
‫م إ ِـ ْ‬‫موهُـ ْ‬ ‫م قَتَلْت ُ ُ‬ ‫م فَل ِـ َ َ‬ ‫ت وَبِال ّذِي قُلْت ُـ ْ‬ ‫ن قَبْلِي بِالْبَي ِّنَا ِـ‬ ‫ْـ‬ ‫م‬
‫ل ِ‬ ‫س ٌ‬
‫م ُر ُـ‬‫ْ‬ ‫جاءَك ُـ‬‫ل قَد ْ َ‬ ‫ه النَّاُر قُ ْ‬‫ُ‬ ‫ٍـ‬ ‫يَأْتِيَن َـا بِقُْربَا‬
‫م نْـ‬‫سوهُ ِ‬ ‫ل ال ّذِي نَـ ن َـ ُ‬ ‫ه يَقُو ُ‬ ‫ُ‬ ‫م يَأْت ِـي تَأْوِيل ُـ‬ ‫ه يَوْـ َ‬ ‫ُ‬ ‫نـ إَِّل تَأْوِيل َـ‬‫ل يَنْظُُرو َ‬ ‫ن (‪ )183‬آل عمران)و(هَ ْ‬ ‫صادِقِي َ‬ ‫م َـ‬ ‫كُنْت ُـ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ل غَيَْر الذِي كُن ّا نَعْ َ‬
‫م ُ‬ ‫م َ‬ ‫فعُوا لن َا أوْ نَُرد ُّ فَن َ ْع َ‬ ‫ش َ‬ ‫شفَعَا َء فَي َ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬‫ل لنَا ِ‬ ‫قّ فَهَ ْ‬
‫ح ِ‬ ‫س ُ‬
‫ل َربِّنَا بِال َ‬ ‫ت ُر ُ‬ ‫جاءَ ْ‬‫ل قَد ْ َ‬ ‫قَب ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن (‪ )53‬العراف) ؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬ ‫ما كَانُوا يَفْتَُرو َ‬ ‫م َ‬ ‫ل عَنْهُ ْ‬ ‫ض ّ‬
‫م وَ َ‬ ‫سهُ ْ‬ ‫سُروا أنْفُ َ‬ ‫خ ِ‬‫قَد ْ َ‬
‫بحسب القاعدة النحوية المعروفة أنه جائز باعتبار أن جمع التكسير يجوز تذكيره وتأنيثه‪ .‬يؤنّث الفعل عندما يكون الفاعل أكثر وإذا كان أقل‬
‫عرَابُ َآ َمنّا ‪ )14(..‬الحجرات) استخدم الفعل قالت مؤنثا لن العراب ُكثُر‪ .‬وكذلك في قوله تعالى‬ ‫يُذكّر الفعل‪ .‬كما جاء في قوله أيضا (قَالَتِ الْأَ ْ‬
‫ن َقبْلِي بِا ْل َبّينَا تِ َوبِاّلذِي قُ ْلتُ ْم فَلِ َم َقتَ ْلُتمُوهُ مْ إِ نْ‬
‫سلٌ مِ ْ‬‫ل َق ْد جَا َءكُ مْ رُ ُ‬
‫ن تَ ْأكُلُ هُ النّا ُر قُ ْ‬‫حتّى َي ْأتِ َينَا بِ ُق ْربَا ٍ‬ ‫عهِدَ إَِل ْينَا أَلّا نُ ْؤمِ نَ لِ َر سُولٍ َ‬
‫(اّلذِي نَ قَالُوا إِنّ اللّ َه َ‬
‫ن نَ سُو ُه مِ نْ‬‫ل َينْظُرُو نَ إِلّا َتأْوِيلَ ُه يَوْ َم يَ ْأتِي تَأْوِيلُ ُه يَقُولُ اّلذِي َ‬ ‫ُك ْنتُ ْم صَادِقِينَ (‪ )183‬آل عمران) هؤلء مجموعة من الرسل أما في قوله تعالى (هَ ْ‬
‫ع ْنهُ ْم مَا كَانُوا يَ ْفتَرُونَ‬ ‫ل َ‬
‫سهُمْ َوضَ ّ‬ ‫ل َقدْ خَسِرُوا َأنْفُ َ‬ ‫غيْرَ اّلذِي ُكنّا نَ ْعمَ ُ‬
‫ل َ‬ ‫ش َفعُوا َلنَا أَ ْو نُ َردّ َف َن ْعمَ َ‬ ‫ل َقدْ جَاءَتْ ُرسُلُ َرّبنَا بِا ْلحَقّ َفهَلْ َلنَا مِنْ شُ َفعَا َء َفيَ ْ‬ ‫َقبْ ُ‬
‫(‪ )53‬العراف) المذكورون هم جميع الرسل وهم أكثر من الولى لذا جاء الفعل مؤنثا‪.‬‬
‫آية (‪:)185‬‬
‫ت وَإِنَّهُــم َّ‬ ‫ت (‪ )185‬آل عمران) (إِن ّــَ َ‬ ‫* (ك ُ ُّ‬
‫ن (‪ )30‬الزمــر) مــا دللة‬
‫مي ِّتُو َــ‬ ‫مي ّــِ ٌ‬
‫ك َ‬ ‫ة ال ْ َ‬
‫موْــ ِ‬ ‫س ذ َآئِقَ ُ‬
‫ل نَفْــ ٍ‬
‫استخدام كلمة ذائقة مع الموت؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫أولً الذوق هو إدراك الطعم واستعمله هنا من باب المجاز لن الموت ل يُذاق كالطعام وشاع في كلم العرب إطلق الذوق على الخير والشر‬
‫ن (‪ )106‬آل عمران) (وََلئِ نْ َأ َذقْنَا هُ رَ ْ‬
‫حمَةً‬ ‫ب ِبمَا ُك ْنتُ ْم تَكْ ُفرُو َ‬
‫والقرآن استعمله في العذاب والرحمة ولم يخصصه بشيء فقال تعالى (فَذُوقُو ْا ا ْلعَذَا َ‬
‫ّمنّا (‪ )50‬فصلت) ل يختص الذوق بالموت تحديدا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ه فَنَبَذ ُوه ُـ َوَراء ظُهُورِهِـ ْ‬
‫م (‪)187‬‬ ‫ه لِلنَّا سِـ وَل َ تَكْت ُ ُ‬
‫مون َـ ُ‬ ‫ب لَتُبَيِّنُن َّـ ُ‬
‫ميثَاق َـ ال ّذِي نَـ أوتُوا ْ الْكِتَا َـ‬ ‫*(وَإِذ ْ أ َ َ‬
‫خذ َ الل ّـ ُ‬
‫ه ِ‬
‫آل عمران) بهذه اللفاظ البســيطة اســتطاع القرآن أن يوضــح ســوء عمــل اليهود مــع ميثاق الله‬
‫فكيف ذلك؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫انظر تفصيل الية‪:‬‬
‫أولً عطف بالفاء فقال (فنبذوه) إشارة إلى سرعة نبذهم وعدم احترامهم لميثاق ال فالفاء تفيد الترتيب والتعقيب‪.‬‬
‫ثانيا إستعار الفعل (نبذ) لعدم العمل بالعهد تشبيها للعهد بالشيء المنبوذ في عدم النتفاع به إذ أصل النبذ الطرح واللقاء‪.‬‬
‫ثالثا مثّل بقوله (وراء ظهورهم) عن الضاعة والهمال لن شأن المهتم به المتنافَس عليه أن يُجعل نصب العين ويُحرَس ويُشاهَد‪.‬‬
‫آية (‪:)186‬‬
‫*هل اللم فى الية هى لم التوكيد؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫سكُ ْم (‪ )186‬آل عمران) هذه اللم واقعة في جواب قسم مقدّر‪ ،‬هي في النحو ل تسمى لم‬ ‫ن فِي َأمْوَاِلكُ ْم وَأَنفُ ِ‬
‫هذه اللم تسمى لم القسم (َلُتبْلَوُ ّ‬
‫التوكيد وإنما لم القسم‪ ،‬لم واقعة في جواب قسم مقدم‪ ،‬لذهبن نعربها لم واقعة في جواب القسم‪ .‬لم يذكر (وال) لنه لما تقول لفعلن كذا هذا‬
‫ليس عليه حنث لكن لما تقول وال عليها حنث إذا لم ينفذ‪ .‬عندنا ألفاظ تستعمل مثل لعمرك‪ ،‬يمين ال‪ ،‬أيم ال وأيمُنُ ال‪.‬‬
‫آية (‪:)191‬‬
‫*ما دللة كلمة قيام ؟وما الفرق بين قنت وقنط؟ (الشيخ خالد الجندي)‬
‫جدِي وَا ْر َكعِي مَعَ الرّا ِكعِينَ (‪ )43‬آل عمران) ((إِنّ ِإبْرَاهِي َم كَانَ ُأمّ ًة قَا ِنتًا لِلّ ِه َ‬
‫حنِيفًا وََل ْم َيكُ‬ ‫قنت في اللغة تعني خشع (يَا مَ ْريَمُ ا ْقُنتِي لِ َرّبكِ وَاسْ ُ‬
‫ن اللّ َه َيغْفِ ُر ال ّذنُوبَ‬‫حمَةِ اللّهِ إِ ّ‬ ‫سهِمْ لَا تَ ْقنَطُوا مِنْ رَ ْ‬
‫س َرفُوا عَلَى َأ ْنفُ ِ‬ ‫ن (‪ )120‬النحل)) أما قنط فهي تعني يئس (قُلْ يَا ِ‬
‫عبَادِيَ اّلذِينَ أَ ْ‬ ‫ش ِركِي َ‬
‫مِنَ ا ْلمُ ْ‬
‫جمِيعًا ِإنّ ُه هُوَ ا ْل َغفُورُ الرّحِي ُم (‪ )53‬الزمر)‬ ‫َ‬
‫وقد عبّر تعالى عن الصلة يالقيام لنها بداية الصلة وفيها تكبيرة الحرام وابتداء الصلة إنما يعبّر عن إدراك الركعة بالركوع وعبّر عن‬
‫جدْ وَا ْقتَرِبْ)‬‫سُ‬
‫طعْهُ وَا ْ‬
‫الخشوع والدعاء والقتراب بالسجود لن أقرب الحالت في الصلة السجود (كَلّا لَا تُ ِ‬
‫جنُو ِبهِمْ‬
‫علَى ُ‬ ‫ن يَ ْذكُرُونَ اللّهَ ِقيَامًا َو ُقعُودًا وَ َ‬
‫حرَابِ) وقال (اّلذِي َ‬ ‫في سورة آل عمران قال تعالى في زكريا ( َفنَا َدتْهُ ا ْلمَلَا ِئكَةُ وَهُ َو قَائِ ٌم يُصَلّي فِي ا ْلمِ ْ‬
‫ب النّا ِر (‪ ))191‬والرسول يقول "صلّ قائما فإن لم تقدر‬ ‫عذَا َ‬ ‫سبْحَا َنكَ فَ ِقنَا َ‬
‫ت َهذَا بَاطِلًا ُ‬ ‫ض َرّبنَا مَا خََلقْ َ‬ ‫سمَاوَاتِ وَا ْلأَرْ ِ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫ن فِي خَلْ ِ‬ ‫َو َيتَ َفكّرُو َ‬
‫فقاعدا فإن لم تقدر فمضطجعا"‪.‬‬
‫ن عَلَى‬ ‫ل قَوّامُو َ‬‫قوموا‪ :‬جاءت وراء الصلة ولم يختر سبحانه الركوع أو السجود لن كلمة قيام تتناسب مع قيام الرجل على بيته وأهله (الرّجَا ُ‬
‫ضهُ ْم عَلَى بَعْضٍ َو ِبمَا َأنْ َفقُوا مِنْ َأمْوَاِلهِمْ)(النساء) قوامون أي قائمين بالحفاظ على شؤونهم وخدمة أمورهم والصلة‬ ‫النّسَاءِ ِبمَا َفضّلَ اللّ ُه َبعْ َ‬
‫تحتاج إلى رعاية ومتابعة فكما أمرنا ال تعالى بالحفاظ على نسائنا أمرنا بالحفاظ على الصلة وهذا من تناسق القرآن الكريم‪ .‬فعندما ترى‬
‫زوجا قانتا خاشعا ل يمكن أن يكون جبارا على زوجته وإن لم يكن وهذه منتشرة بيننا يكون هذا الخاشع القانت لم يستوفي صلته (إِنّ الصّلَاةَ‬
‫ص َنعُونَ (‪ ))45‬فلو صلّى حقيقة ما تجاسر على زوجته أو تكبّر وتحبّر‪.‬‬ ‫َت ْنهَى عَنِ الْ َفحْشَاءِ وَا ْل ُم ْنكَرِ وََل ِذكْرُ اللّهِ َأ ْكبَرُ وَاللّهُ َيعْلَ ُم مَا تَ ْ‬
‫آية (‪:)193‬‬
‫* الفرق بين كفّر عنهم سيئاتهم وغفر لهم ذنوبهم وح ّ‬
‫ط عنهم خطاياهم؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫السيئات هي الصغائر صغار الذنوب والذنب أكبر والخطيئة عامة‪ .‬لماذا يستعمل مع السيئات التكفير والمغفرة مع الذنوب ( َرّبنَا فَاغْ ِفرْ َلنَا ُذنُو َبنَا‬
‫سّيئَا ِتنَا (‪ )193‬آل عمران)؟ قلنا السيئات الصغائر والذنوب الكبائر‪ ،‬التكفير في الصل الستر وكفر الشيء أي ستر الكافر في‬ ‫عنّا َ‬
‫َو َكفّ ْر َ‬
‫الشريعة هو الذي خرج عن الملة هذا في الصطلح وفي اللغة يعني ستر‪ .‬وأصلها كفر البذرة أي غطاها وسترها بتراب ومأخوذ أصلً من‬
‫الزرع فالزارع يسمونه الكافر لنه يستر البذرة في الرض‪ ،‬كفرها أي سترها والليل سمي كافرا لنه يستر الناس (لي فيك أجر مجاهد إن‬
‫صح أن الليل كافر) من أسماء الليل الكافر لنه يستر‪ .‬نأتي إلى المغفرة من المِغفَر والمِغفر هو الغفر والستر‪ ،‬المِغفر وهو الذي يُلبس في‬
‫الحرب حتى يمنع السِهام‪.‬أيها المنع من الصابة المِغفر أو التراب في الرض؟ المِغفر أمنع‪ .‬الليل يستر لكن ل يمنع سهما أو إصابة وإنما‬
‫يستر على العموم لكن لو جاءت ضربة ل تمنع أما المِغفر يمنع‪ ،‬فلما كان الذنب أكبر فهو يحتاج إلى مانع أكبر لذا قال معه مغفرة لن الذنب‬
‫أكبر‪ ،‬الذنب يصيب النسان إصابة كبيرة فيحتاج إلى مغفرة كما يحتاج المِغفر في الحرب‪ .‬لما كان الذنب أكبر إحتاج لمانع أكبر ولمغفرة أشدّ‪.‬‬
‫سّيئَا ِتنَا)‪.‬‬
‫عنّا َ‬
‫كفر ستر قد تكون بدون منع أو قد تكون بمانع خفيف لذا قال (فَاغْ ِفرْ َلنَا ذُنُو َبنَا َوكَفّ ْر َ‬
‫عندما تكفر البذرة في التربة تحتاج حفرة صغيرة وتسترها لكن المغفرة أكبر‪ .‬إذن الذنب هو أكبر من السيئة ولذلك يستعمل معه المغفرة لنه‬
‫لما كان أكبر احتاج لوقاية أكبر والخطيئة عامة قد تكون لكبر الذنوب وقد تكون للصغائر تستعمل فيها كلها‪ ،‬السيئة صغائر وقد تكون من اللمم‬
‫‪,‬أنت تقول أسأت إلى فلن ول تقول له أذنبت معه‪ .‬والذنب أكبر‪ ،‬يستعمل كفر عنا سيئاتنا لنها صغيرة ومع الذنوب يقول غفران‪.‬‬
‫َـ‬
‫من َّـا (‪ )193‬آل عمران) ل ِـ َ‬
‫م آثـر القرآن‬ ‫منُوا ْ بَِرب ِّك ُـ ْ‬
‫م فَآ َ‬ ‫نآ ِ‬
‫نأ ْ‬ ‫ما ِـ‬
‫منَادِي ًـا يُنَادِي لِلِي َ‬
‫معْنَا ُ‬ ‫*(َّربَّن َـا إِنَّن َـا َـ‬
‫س ِ‬
‫تصوير الدعوة بالنداء؟ (ورتل القرآن ترتيلً)‬
‫إعلم أن حقيقة النداء هو الصوت المرتفع والمنادي هو الذي يرفع صوته بالكلم ويبالغ في الصياح به ومن المعلوم أن دعوة النبي لم تكن‬
‫بالصياح ورفع الصوت فِلمَ آثر القرآن تصوير الدعوة بالنداء؟ ما ذاك إل ليبيّن حرص النبي على المبالغة في السماع بالدعوة هذا من جهة‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى لما دعاهم كانوا في حالة الكفر وهي بعيدة عن اليمان فكان النداء مجازيا لدللة بُعدِهم وأن النبي كان في موضع عالٍ‬
‫يناديهم وهو موضع اليمان‪.‬‬
‫ار (‪)191‬‬ ‫ب الن َّ ِ‬ ‫ك فَقِن َا عَذ َا َ‬ ‫حان َ َ‬ ‫ت هَذا بَاطِل ً ُ‬
‫سب ْ َ‬
‫َ‬
‫خلَق ْ َ‬‫ما َ‬ ‫*لم جاء الدعاء ب(ربنا) فى قوله تعالى (َربَّن َا َ َ‬
‫منَادِي ًـا يُنَادِي‬ ‫معْنَا ُ‬ ‫صار (‪َّ )192‬ربَّن َـا إِنَّن َـا َ‬
‫سـ ِ‬ ‫م نْـ أن َـ ٍ‬ ‫مي نَـ ِ‬ ‫ما لِلظ ّال ِ ِ‬ ‫ه وَـ َ‬
‫خَزيْت َـ ُ‬ ‫ل النَّاَر فَقَد ْ أ َ ْ‬ ‫خ ِ‬ ‫من تُد ْ ِ‬‫ك َـ‬ ‫َربَّن َـا إِن َّـ َ‬
‫َ‬ ‫َـ‬
‫مع َـ البَْرارِ (‪َ )193‬ربَّن َـا‬ ‫سي ِّئَاتِنَا وَتَوَفّن َـا َ‬ ‫من َّـا َربَّن َـا فَاغْفِْر لَن َـا ذ ُنُوبَن َـا وَكَفِّْر عَن َّـا َـ‬ ‫م فَآ َ‬ ‫منُوا ْ بَِرب ِّك ُـ ْ‬ ‫نآ ِ‬‫نأ ْ‬ ‫ما ِـ‬ ‫لِلِي َ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫م َرب ّه ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ب له ُ ْ‬ ‫جا َ‬‫ست َ َ‬‫ميعَاد َ (‪ )194‬فَا ْ‬ ‫ْ‬
‫ف ال ِ‬‫خل ِ ُ‬ ‫ك ل َ تُ ْ‬ ‫َ‬
‫مةِ إِن ّ َ‬ ‫ْ‬
‫م القِيَا َ‬ ‫خزِن َا يَو ْ َ‬ ‫ك وَل َ ت ُ ْ‬ ‫سل ِ َ‬ ‫َ‬
‫ما وَعَدت ّن َا عَلى ُر ُ‬ ‫َ‬ ‫وَآتِن َا َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ض (‪ )195‬آل عمران)؟(ورتل القرآن‬ ‫من بَعْ ٍ‬ ‫ضكُم ِّ‬ ‫من ذ َكَرٍ أوْ أنثَى بَعْ ُ‬ ‫منكُم ِّ‬ ‫ل ِّ‬ ‫م ٍ‬ ‫ل عَا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ضيعُ عَ َ‬ ‫أنِّي ل َ أ ِ‬
‫ترتيلً)‬
‫تأمل هذا التعبير بالدعاء (ربنا) دون إسم الجللة فلم يقولوا يا ال وما ذاك إل لما في وصف الربوبية من الدللة على الشفقة بالمربوب ومحبة‬
‫الخير له ومن العتراف بأنهم عبيده‪ .‬ولِردّ حُسن دعائهم بمثله قال ال تعالى (فاستجاب لهم ربهم)‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ل‬
‫م ٍ‬ ‫م َ‬
‫ل عَا ِ‬ ‫ضيع ُـ عَ َ‬ ‫ب لَهُـ ْ‬
‫م َربُّهُـ ْ‬
‫م أن ّ ِـي ل َ أ ِ‬ ‫جا َ‬ ‫ذكر أو أنثـى) فـى اليـة(فَا ْـ‬
‫ست َ َ‬ ‫ٍ‬ ‫*مـا دللة قوله تعالى (مـن‬
‫َ ُ‬
‫ض (‪ )195‬آل عمران)؟(ورتل القرآن ترتيلً)‬ ‫ضكُم ِّ‬
‫من ب َ ْع ٍ‬ ‫من ذ َكَرٍ أوْ أنثَى بَعْ ُ‬
‫منكُم ِّ‬
‫ِّ‬
‫قد يظن السامع لهذه الية الكريمة أن قوله تعالى (من ذكر أو أنثى) زيادة كان الولى الستغناء عنها ولكن هذا القول جاء لحكمة بليغة فلو‬
‫استعرضت العمال التي أتى بها أولو اللباب المذكورون في الية لوجدت أن أكبرها اليمان ثم الهجرة ثم الجهاد‪ .‬ولما كان الجهاد أكثر‬
‫ظ لهن في تحقيق الوعد على لسان الرسل فأتى بالتفصيل (من ذكر وأنثى)‪.‬‬ ‫تكرارا خيف أن يُتوهَم أن النساء ل ح ّ‬
‫َ‬
‫ما‬
‫رار (‪ )193‬آل عمران) وقال (وَ َ‬ ‫ِ‬ ‫معَ الب ْ َ‬ ‫*قال تعالى (َربَّنَا فَاغْفِْر لَنَا ذ ُنُوبَنَا وَكَفِّْر عَنَّا َ‬
‫سيِّئَاتِنَا وَتَوَفّنَا َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫م‬
‫صْرنَا عَلى القَوْ ِ‬ ‫ت أقْدَا َ‬
‫منَا وان ُ‬ ‫مرِنَا وَثَب ِّ ْ‬‫سَرافَنَا فِي أ ْ‬ ‫فْر لَنَا ذ ُنُوبَنَا َوإ ِ ْ‬ ‫ن قَوْلَهُ ْ‬
‫م إِل ّ أن قَالُوا ْ ربَّنَا اغْ ِ‬ ‫كَا َ‬
‫ن (‪ )147‬آل عمران) لماذا اختلف الخاتمة؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬ ‫الْكَافِرِي َ‬
‫سرَا َفنَا فِي َأمْ ِرنَا َوثَبّ ْ‬
‫ت‬ ‫كيف تأتي الخاتمة؟ الخاتمة تختلف بحسب السياق والغرض‪.‬الية ( َومَا كَانَ قَ ْوَلهُمْ ِإلّ أَن قَالُواْ ر ّبنَا اغْفِرْ َلنَا ذُنُو َبنَا وَإِ ْ‬
‫سبِيلِ‬‫ي قَاتَلَ َمعَهُ ِرّبيّونَ َكثِي ٌر َفمَا وَ َهنُواْ ِلمَا َأصَا َبهُ ْم فِي َ‬ ‫ن (‪ )147‬آل عمران) قبلها مباشرة ( َوكََأيّن مّن ّنبِ ّ‬ ‫ص ْرنَا عَلَى ا ْلقَوْ ِم ا ْلكَافِرِي َ‬
‫َأ ْقدَا َمنَا وان ُ‬
‫حبّ الصّابِرِينَ (‪ ))146‬هل يمكن في القتال أن تقول توفّنا؟ تقول في القتال انصرنا‪ ،‬لذا ل يجوز أن‬ ‫س َتكَانُواْ وَاللّ ُه يُ ِ‬‫ض ُعفُواْ َومَا ا ْ‬
‫اللّهِ َومَا َ‬
‫نقتطعها ونضع لها خاتمة‪ .‬ول يمكن أن تضع خاتمة تلك الية في هذه الية لن كل منها في سياق واحدة في سياق حرب وقتال وطلب الثبات‪.‬‬
‫ل (ون تعدوا نعمت ال ل تحصوها) وردت مرتين كل مرة بخاتمة‪ ،‬الية الواردة في سورة النحل (وَإِن َتعُدّو ْا ِن ْعمَةَ‬ ‫والقدامى يضربون لنا مثا ً‬
‫حصُوهَا إِنّ اللّهَ َلغَفُورٌ رّحِي ٌم (‪ ))18‬هي في بيان صفات ال فختمها بقوله (إن ال لغفور رحيم) أما الثانية ففي بيان صفات النسان‬ ‫اللّ ِه لَ تُ ْ‬
‫ن الِنسَانَ لَظَلُو ٌم كَفّا ٌر (‪ )34‬إبراهيم) النعم ل‬ ‫ل تُحْصُوهَا إِ ّ‬ ‫وجحوده‪ ،‬فلما كانت في بيان صفات النسان وجحوده ختمها (وَإِن َتعُدّو ْا ِن ْعمَتَ اللّ ِه َ‬
‫تحصى لكن النسان ظلوم كفار مع أن ِنعَم ال إن النسان متتالية عليه ومتتابعة لكنه ظلوم كفار‪ ،‬السياق هكذا واحدة في صفات ال وواحدة في‬
‫ل تذكر حادثة‬ ‫صفات النسان فل يصح أن تؤخذ الية مقتطعة من سياقها‪ .‬حتى في حياتنا اليومية نذكر أمرا لكن الغرض من ذكره يختلف‪ ،‬مث ً‬
‫عهِد به‬ ‫غريبة تدل على كسل شخص لكنك تذكر الحادثة لبيان صفة الشخص أو للتندر منها أو لبيان أن هذا الشخص ل يصلح في المكان الذي ُ‬
‫إليه أو سيفرّط في المسألة‪ ،‬هي مسألة واحدة لكن ما الغرض من الذي ذكرته؟ التعقيب يكون بحسب الغرض من الذكر في حادثة واحدة يمكن‬
‫أن نذكرها في أماكن متعدة وفي جلسات متعددة وهكذا ينبغي أن يكون النظر في خواتيم اليات عموما ل نقتطعها وإنما نضعها في سياقها‬
‫وننظر الغرض في هذه الية‪.‬‬
‫آية (‪:)195‬‬
‫ن اتَّقَوْاْ‬ ‫َ‬
‫ن ال ّذِي َ‬‫ِ‬ ‫* آيتان متتابعتين في خواتيم سورة آل عمران فيها ذكر الجنة واحدة فيها خلود (لَك ِ‬
‫خيٌْر لِّلَبَْرارِ (‬ ‫عند َ الل ّهِ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫عندِ الل ّهِ و َ َ‬
‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِفيه َا نُُزل ً ِّ‬ ‫حتِه َا الَن ْ َهاُر َ‬
‫خالِدِي َ‬ ‫من ت َ ْ‬
‫جرِي ِ‬
‫ت تَ ْ‬‫جنَّا ٌ‬
‫م َ‬‫م لَه ُ ْ‬
‫َربَّه ُ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫عندِ الل ّـهِ وَالل ّـ ُ‬
‫ه‬ ‫من ِ‬ ‫حتِهَـا النْهَاُر ثَوَاب ًـا ّ ِـ‬
‫من ت َ ْ‬ ‫جرِي ِـ‬ ‫جنَّا ٍـ‬
‫ت تَ ْ‬ ‫م َ‬‫خلَنَّهُـ ْ‬
‫‪ ))198‬والخرى مـن دون خلود (وَلد ْ ِ‬
‫َ‬
‫ب (‪ ))195‬فلماذا هذا الختلف؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬ ‫ن الث ّوَا ِ‬
‫س ُ‬‫ح ْ‬ ‫عندَهُ ُ‬ ‫ِ‬
‫حتِهَا‬ ‫ت تَجْرِي مِن َت ْ‬ ‫جنّا ٍ‬ ‫لدْخَِلّنهُ ْم َ‬‫سّيئَا ِتهِمْ َو ُ‬
‫ع ْنهُ ْم َ‬‫لكَفّرَنّ َ‬ ‫سبِيلِي َوقَاتَلُواْ َو ُقتِلُو ْا ُ‬‫خرِجُو ْا مِن ِديَارِ ِه مْ َوأُوذُواْ فِي َ‬ ‫نقرأ اليت ين (فَاّلذِي نَ هَاجَرُواْ وَأُ ْ‬
‫ن كَفَرُو ْا فِي ا ْلبِلَ ِد (‪)196‬‬ ‫ب (‪ ))195‬ليس فيها ذكر الخلود‪ ،‬وبعدها مباشرة (لَ َيغُ ّرنّ َ‬
‫ك تَقَلّبُ اّلذِي َ‬ ‫ل ْنهَا ُر ثَوَابًا مّن عِندِ اللّهِ وَاللّ ُه عِندَهُ حُسْنُ الثّوَا ِ‬ ‫اَ‬
‫ل مّنْ عِندِ اللّهِ َومَا عِندَ‬ ‫ل ْنهَا ُر خَاِلدِينَ فِيهَا نُ ُز ً‬ ‫ح ِتهَا ا َ‬
‫ت تَجْرِي مِن تَ ْ‬ ‫جنّا ٌ‬‫ج َهنّمُ َو ِبئْسَ ا ْل ِمهَادُ (‪َ )197‬لكِنِ اّلذِينَ اتّقَ ْواْ َرّبهُمْ َلهُمْ َ‬ ‫ل ثُمّ مَأْوَا ُهمْ َ‬ ‫ع قَلِي ٌ‬
‫َمتَا ٌ‬
‫لبْرَارِ (‪ .))198‬هاتان اليتان الولى لم يذكر فيها الخلود والثانية ذكر فيها الخلود‪ .‬أولً من حيث الوضع قبل الية التي ذكر فيها‬ ‫خيْرٌ لّ َ‬‫اللّ هِ َ‬
‫ن اتّقَوْاْ‬ ‫ع قَلِيلٌ) ع كس المتاع القليل الدائم لما قال متاع قليل قال بعد ها (َلكِ نِ اّلذِي َ‬ ‫لدِ (‪َ )196‬متَا ٌ‬ ‫ل َيغُ ّرنّ كَ تَ َقلّ بُ اّلذِي نَ َكفَرُو ْا فِي ا ْلبِ َ‬‫الخلود قال ( َ‬
‫لبْرَارِ) ي جب أن يكون خلود ح تى ل يكون متاع‬ ‫خيْ ٌر لّ َ‬
‫ن عِندِ اللّ هِ وَمَا عِندَ اللّ هِ َ‬ ‫ن فِيهَا نُ ُزلً مّ ْ‬ ‫ل ْنهَارُ خَاِلدِي َ‬‫حتِهَا ا َ‬‫جنّا تٌ َتجْرِي مِن تَ ْ‬ ‫َربّهُ مْ َل ُه مْ َ‬
‫ل ْنهَارُ خَاِلدِي نَ فِيهَا) عكس المتاع القليل الذي ذُكر قبل هذه الية‪ .‬هذه مسألة والمسألة الخرى قال في‬ ‫ح ِتهَا ا َ‬‫جرِي مِن تَ ْ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫جنّا ٌ‬ ‫قليل‪ ،‬فقال (َلهُ مْ َ‬
‫سبِيلِي َوقَاتَلُواْ َو ُقتِلُواْ) هؤلء من الذين اتقوا ربهم إذن هم داخلين في زمرة الذين‬ ‫جرُواْ وَُأخْ ِرجُو ْا مِن ِديَارِهِ مْ وَأُوذُو ْا فِي َ‬ ‫ن هَا َ‬ ‫الية الولى (فَاّلذِي َ‬
‫ن (‪ )177‬البقرة) فإذن الذين هاجروا‬ ‫ص َدقُوا وَأُولَـ ِئكَ ُه مُ ا ْل ُمتّقُو َ‬ ‫ن َ‬ ‫اتقوا‪ ،‬قال تعالى (وَال صّابِرِينَ فِي ا ْلبَأْ سَاء والضّرّاء َوحِي نَ ا ْل َبأْ سِ أُولَـ ِئكَ اّلذِي َ‬
‫ل ْنهَا ُر خَاِلدِي نَ فِيهَا)‬‫ح ِتهَا ا َ‬ ‫ت تَجْرِي مِن تَ ْ‬ ‫جنّا ٌ‬ ‫هم هؤلء فلما ذكر في المتقين أنهم خالدون دخل فيه أولئك‪ ،‬لما قال (َلكِ نِ اّلذِي نَ اتّ َقوْاْ َرّبهُ مْ َلهُ مْ َ‬
‫دخل فيها أولئك الذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم قطعا‪ .‬من ناحية أخرى أيها أشمل وأعم؟ الذين اتقوا ربهم أو الذين هاجروا وأخرجوا من‬
‫شرِ قِ وَا ْل َمغْرِ بِ‬ ‫س ا ْلبِرّ أَن تُوَلّواْ وُجُو َهكُ ْم ِقبَلَ ا ْلمَ ْ‬ ‫ديارهم وأوذوا في سبيلي؟ الذين اتقوا ربهم‪ ،‬التقوى من جملته أمور كثيرة كما ذكر تعالى (ّليْ َ‬
‫حبّهِـ ذَوِي ا ْلقُرْبَى وَا ْل َيتَامَى وَا ْلمَسـَاكِينَ وَابْنَـ السّـبِيلِ‬ ‫ل عَلَى ُ‬ ‫َولَــكِنّ ا ْلبِ ّر مَن ْـ آمَنَـ بِاللّهِـ وَا ْليَوْمِـ الخِرِ وَا ْلمَلئِكَةِ وَا ْل ِكتَابِـ وَالنّ ِبيّينَـ وَآتَى ا ْلمَا َ‬
‫ن ِب َعهْدِهِ مْ ِإذَا عَا َهدُواْ وَال صّابِرِينَ فِي ا ْلبَأْ سَاء والضّرّاء وَحِي نَ ا ْلبَ ْأ سِ أُوَل ـ ِئكَ اّلذِي نَ‬ ‫وَال سّآئِلِينَ وَفِي ال ّرقَا بِ وََأقَا مَ ال صّلةَ وَآتَى ال ّزكَاةَ وَا ْلمُوفُو َ‬
‫ك هُ مُ ا ْل ُمتّقُو نَ (‪ )177‬البقرة) أولئك هم جزء من هؤلء‪ ،‬فأين نضع هذا الجر العلى؟ نضعه هكذا كما ورد في القرآن‪ .‬ليس‬ ‫ص َدقُوا َوأُولَـ ِئ َ‬ ‫َ‬
‫جنّا تٍ َتجْرِي مِن‬ ‫لدْخَِلّنهُ مْ َ‬ ‫هذا فقط وإنما هنالك أمورا أخرى‪ ،‬الذين اتقوا ربهم أعلى لنه أولئك قسم من هؤلء‪ .‬في الية الولى قال تعالى ( َو ُ‬
‫ن فِيهَا) أن تكون لهم جنات أعلى من يدخلهم جنات فالدخال ل‬ ‫لنْهَارُ خَاِلدِي َ‬ ‫ح ِتهَا ا َ‬
‫جرِي مِن تَ ْ‬ ‫ت تَ ْ‬‫جنّا ٌ‬ ‫ل ْنهَارُ) وفي الية الخرى قال (َل ُهمْ َ‬ ‫ح ِتهَا ا َ‬ ‫تَ ْ‬
‫يقتضي أن تملك حديقة فإذن قال (لهم جنات) في الذين هم أعلى وأعم وأشمل وفي الجزء قال (لدخلنهم جنات)‪ ،‬قال خالدين فيها وفي الثانية لم‬
‫ل من عند ال والخرى ثوابا والنزل أعلى لن النزل هو ما تعده للضيف من إكرام وإطعام وصلة وقد يأتي النزل‬ ‫يقل خالدين فيها‪ .‬وقال نز ً‬
‫بمعنـى المنزل ف هو في ضيافـة الرح من‪ ،‬النزل هو تجه يز المكان والطعام وال صلة أ ما الثواب إعطاء ال جر قـد تع طي ال جر ول كن ليـس‬
‫ل من عند ال وقسم من التفاسير قال النزل‬ ‫بالضرورة أن تنزله ضيفا‪ .‬لم يقل في الية الولى فقط خالدين فيها وإنما أضاف شيئا آخر فقال نز ً‬
‫ن مّ نَ اللّ هِ َأ ْكبَ ُر ذَلِ كَ ُهوَ الْ َفوْزُ ا ْلعَظِي ُم (‪ )72‬التوبة)‬ ‫ما يعد للضيف فقالوا إذا كانت هذه الجنة نزل فماذا بعد النزل ّ؟ لن ال تعالى قال ( َورِضْوَا ٌ‬
‫وق سم ف سر هذه ال ية على رؤ ية ال لن الرضوان ورؤ ية ال تعالى أعلى من الج نة فإذن ما ذكره في ال ية الخرى ل يس ف قط ذ كر الخلود‬
‫جنّا تٌ‬
‫وعدمه وإنما هو أصلً الثواب اختلف والجور اختلفت فصار في الية الخرى التي هي أعم وأشمل فقال (َلكِ نِ اّلذِي نَ اتّ َقوْاْ َرّبهُ مْ َل ُه مْ َ‬
‫لبْرَار) والذين اتقوا من البرار لن ال تعالى قال (وَلَـكِنّ ا ْلبِ ّر مَ نِ‬ ‫خيْرٌ لّ َ‬
‫ل مّ نْ عِندِ اللّ هِ َومَا عِندَ اللّ هِ َ‬ ‫ل ْنهَارُ خَاِلدِي نَ فِيهَا نُ ُز ً‬
‫ح ِتهَا ا َ‬ ‫جرِي مِن تَ ْ‬ ‫تَ ْ‬
‫اتّقَى (‪ )189‬البقرة) وقال (ّليْ سَ ا ْلبِرّ أَن تُوَلّواْ ُوجُو َهكُ ْم ِقبَلَ ا ْلمَشْرِ قِ وَا ْل َمغْرِ بِ وَلَــكِنّ ا ْلبِ ّر مَن ْـ آمَ نَ بِاللّهِـ وَا ْليَوْمِـ الخِرِ وَا ْلمَل ِئكَةِ وَا ْل ِكتَا بِ‬
‫ن ِب َعهْدِهِ ْم‬‫سبِيلِ وَالسّآئِلِينَ َوفِي ال ّرقَابِ وََأقَا َم ال صّلةَ وَآتَى ال ّزكَاةَ وَا ْلمُوفُو َ‬ ‫حبّهِ ذَوِي الْقُ ْربَى وَا ْل َيتَامَى وَا ْلمَسَاكِينَ وَابْ نَ ال ّ‬ ‫ل عَلَى ُ‬ ‫وَال ّنبِيّي نَ وَآتَى ا ْلمَا َ‬
‫ن ( ‪ )177‬البقرة) فإذن هؤلء المتقون هم‬ ‫ك هُ ُم ا ْل ُمتّقُو َ‬ ‫ص َدقُوا وَأُوَل ـ ِئ َ‬
‫ن فِي ا ْلبَأْ سَاء والضّرّاء وَحِي نَ ا ْلبَ ْأ سِ أُولَ ـ ِئكَ اّلذِي نَ َ‬ ‫ِإذَا عَا َهدُواْ وَال صّابِرِي َ‬
‫سبِيلِي َوقَاتَلُواْ َو ُقتِلُواْ‬ ‫خرِجُو ْا مِن ِديَارِهِ مْ َوأُوذُواْ فِي َ‬ ‫أبرار فناسب من كل ناحية أن يذكر علو منزلته‪ .‬ليس هذا فقط‪ ،‬هو قال (فَاّلذِي نَ هَاجَرُواْ وَأُ ْ‬
‫ن الثّوَا بِ) ع كس الخروج الدخول وع كس‬ ‫ح سْ ُ‬‫ل ْنهَارُ ثَوَابًا مّ ن عِندِ اللّ هِ وَاللّ ُه عِندَ هُ ُ‬ ‫حتِهَا ا َ‬‫جرِي مِن تَ ْ‬ ‫ت تَ ْ‬
‫جنّا ٍ‬ ‫سّيئَا ِتهِمْ َولُدْخَِلّنهُ مْ َ‬‫ع ْنهُ ْم َ‬‫لكَفّرَنّ َ‬ ‫ُ‬
‫الخراج الدخال أخرجوا مبنـي للمجهول وعكـس المـبين للمجهول مبنـي للمعلوم‪ ،‬قال (وَُأخْرِجُو ْا مِن دِيَارِهِمـْ) وربنـا قال (لدخلنهـم) لم يقـل‬
‫لدْخَِلّنهُ مْ)‪ ،‬هم أُخرجوا بأيدي كفرة‬ ‫يدخلون‪ ،‬ومن ديارهم مقابل ها جنات‪ ،‬أخرجوا ف عل ماضي مب ني للمجهول و في الثانية رب نا الذي يدخل هم ( َو ُ‬
‫صبِرُواْ وَ صَابِرُواْ وَرَابِطُواْ‬ ‫ن آ َمنُواْ ا ْ‬ ‫من ديار هم وال تعالى يدخل هم جنات‪ .‬ل يس هذا ف قط وإن ما هذه اليات في خوات يم آل عمران (يَا َأيّهَا اّلذِي َ‬
‫ن (‪ ))200‬السورة تنتهي بهذه الية‪ ،‬صابروا أعلى من اصبروا درجة‪ ،‬الذين هاجروا هؤلء أشدّ أو الذين أخرجوا من‬ ‫وَاتّقُواْ اللّ هَ َلعَّلكُ ْم تُفْلِحُو َ‬
‫ديارهم وأوذوا؟ الذين أخرجوا من ديارهم فقال اصبروا بمقابل هاجروا وصابروا بمقابل أخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي‪ ،‬وقال ورابطوا‬
‫صبِرُواْ وَ صَابِرُو ْا وَرَابِطُواْ وَاتّقُواْ اللّ هَ َلعَّلكُ مْ‬ ‫لن هم في الثغور المقاتلة في الحرب والمراب طة في الحرب‪ ،‬ل ما أ مر تعالى (يَا َأيّهَا اّلذِي نَ آ َمنُو ْا ا ْ‬
‫سبِيلِي َوقَاتَلُواْ َو ُقتِلُواْ) هاجروا مقابل اصبروا‪ ،‬الذين أخرجوا‬ ‫جرُواْ وَُأخْ ِرجُو ْا مِن ِديَارِ ِه مْ وَأُوذُو ْا فِي َ‬ ‫ن هَا َ‬‫تُ ْفلِحُو نَ) هي مرتبة تماما كالية (فَاّلذِي َ‬
‫من ديارهم وأوذوا مقابل صابروا‪ ،‬قاتلوا وقتلوا مقابل رابطوا‪ ،‬نفس الترتيب‪ ،‬و(اتقوا ال لعلكم تفلحون) مقابل (لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات)‬
‫فمرتبة بحسب الشدة وبحسب ما ذكر في الية التي قبلها بالترتيب‪ .‬آخر ما قال تعالى في آل عمران أمر بالتقوى (واتقوا ال) أمر الذين آمنوا‬
‫صبِرُواْ َوصَابِرُو ْا وَرَابِطُواْ وَاتّقُواْ اللّ َه َلعَّلكُ ْم تُفْلِحُونَ) وفي ابتداء السورة التي بعدها في سورة النساء قال‬ ‫بتقوى ال‪ ،‬أمرهم (يَا َأّيهَا اّلذِينَ آ َمنُو ْا ا ْ‬
‫ن بِ هِ وَالَ ْرحَا مَ‬ ‫جهَا َوبَثّ مِ ْن ُهمَا رِجَالً َكثِيرًا َونِ سَاء وَاتّقُواْ اللّ هَ اّلذِي تَ سَاءلُو َ‬ ‫ق ِم ْنهَا زَوْ َ‬‫خلَ َ‬
‫حدَةٍ وَ َ‬
‫س اتّقُواْ َرّبكُ مُ اّلذِي خََل َقكُم مّن نّفْ سٍ وَا ِ‬ ‫(يَا َأّيهَا النّا ُ‬
‫ن عََل ْيكُ مْ َرقِيبًا (‪ ))1‬بدأت بالتقوى أيضا‪ ،‬ختم آل عمران بالتقوى وبدأ سورة النساء بالتقوى‪ ،‬أمر المؤمنين ثم التفت إلى الناس فقال‬ ‫إِنّ اللّ َه كَا َ‬
‫ص المؤمن ين بالتقوى‬ ‫س اتّقُواْ َرّبكُ مُ) وأمر هم بالتقوى‪ ،‬الكا فر ينب غي أن يد خل في ال سلم والمفروض أن يد خل في ال سلم‪ ،‬خ ّ‬ ‫(يَا َأيّهَا النّا ُ‬
‫والناس يجب أن يتقوا لن ال تعالى خلقهم للعبادة فهو أمر الوّلين بالتقوى ثم التفت إلى الناس فقال (اتقوا ربكم) وقال اتقوا ربكم وقال اتقوا ال‬
‫ل َكثِيرًا َونِسَاء وَاتّقُواْ اللّ َه اّلذِي تَسَاءلُونَ‬ ‫جهَا َوبَثّ ِم ْنهُمَا رِجَا ً‬ ‫ق مِ ْنهَا زَ ْو َ‬
‫حدَةٍ َوخَلَ َ‬
‫خلَ َقكُم مّن نّفْسٍ وَا ِ‬ ‫س اتّقُو ْا َرّبكُمُ اّلذِي َ‬ ‫في آية واحدة (يَا َأّيهَا النّا ُ‬
‫لبْرَارِ) (يَا َأيّهَا‬ ‫خيْرٌ لّ َ‬
‫ل مّ نْ عِندِ اللّ هِ وَمَا عِندَ اللّ هِ َ‬ ‫ل ْنهَا ُر خَاِلدِي نَ فِيهَا نُ ُز ً‬
‫حتِهَا ا َ‬‫ت تَجْرِي مِن تَ ْ‬ ‫جنّا ٌ‬ ‫بِ هِ) وقبل ها قال (َلكِ نِ اّلذِي نَ اتّ َقوْاْ َرّبهُ مْ َلهُ مْ َ‬
‫ن بِ هِ) فذكر ال والرب‬ ‫جهَا َوبَثّ ِم ْن ُهمَا رِجَالً َكثِيرًا َونِ سَاء وَاتّقُواْ اللّ َه اّلذِي تَ سَاءلُو َ‬ ‫ق ِم ْنهَا زَ ْو َ‬
‫حدَةٍ وَخَلَ َ‬
‫س اتّقُواْ َرّبكُ مُ اّلذِي خََل َقكُم مّن نّفْ سٍ وَا ِ‬ ‫النّا ُ‬
‫مع المؤمنين وطالب عموم الناس بذلك‪.‬‬
‫آية(‪ :)199‬انظر آية (‪)77‬‬
‫*مــا الفرق مــن الناحيــة البيانيــة بيــن فعــل أنزل ونّزل وبيــن أُنزل إليــك وأُنزل عليــك؟(د‪.‬فاضــل‬
‫السامرائى)‬
‫أنزل على صيغة أف عل ونزّل على صيغة فعّل و هي تف يد التكث ير كقوله تعالى (تفجُر ل نا من الرض ينبو عا) وقوله (فتفجّر النهار) ا ستعمل‬
‫صيغة تف جر للينبوع وال صيغة ال تي تف يد التكث ير تفجّر للنهار لن ها أك ثر‪ .‬كم أن فعّل تف يد التدرج ك ما جاء في سورة آل عمران (نزّل عل يك‬
‫الكتاب بالحق مصدقا لمل بين يديه من التوراة والنجيل‪ ،‬آية ‪ )2‬وقوله تعالى (وأنزل التوراة والنجيل) وقوله تعالى (والكتاب الذي نزّل على‬
‫رسوله) هنا التنزيل كان منجمّا وصيغة نزّل تفيد الهتمام‪ ،‬أما في قوله تعالى (وأنزل التوراة والنجيل) جاء الفعل أنزل لنه نزل جملة واحدة‪.‬‬
‫وعلى هذا النحو الفرق بين فعل وصّى التي يستخدم للمور المعنوية وقعل أوصى للمور المادية‪.‬‬
‫ثم إن ا ستخدام أنزل إل يك أو أنزل عل يك ل ها دللت ها أيضا‪ .‬نزله إل يك لم ت ستعمل إلّ للعا قل ك ما جاءت في القرآن للت عبير عن الر سول (نُزّل‬
‫إليكم)‪ ،‬أما عليك فتستعمل للعاقل وغير العاقل كما في قوله تعالى (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل) وقوله تعالى (نزّله على قلبك)‪.‬‬
‫وفي العقوبات لم يستعمل إل على ولم تأتي إلى مع العقوبات‪.‬‬
‫آية (‪:)200‬‬
‫* ما الفرق بين اصبروا وصابروا؟(د‪.‬فاضل السامرائى )‬
‫صابروا أعلى من ا صبروا تحتاج إلى صبر أك ثر ثم صابروا في ها أيضا معنى ا صبروا على ما هو أشدّ و صابروا لو ك نت في الحرب وكان‬
‫أما مك مقاتل صابر فينبغي أنت أن تغلبه في الصبر‪ ،‬أنت تصابره‪ ،‬يع ني هو أمامك ل يس يجزع ويفرّ أمامك وا حد صابر فل تف ّر من أمامه‬
‫وينبغي أن تغلبه في الصبر‪.‬‬
‫*(ورتل القرآن ترتيلً)‪:‬‬
‫صبِرُواْ َوصَابِرُو ْا (‪ )200‬آل عمران) هذه دعوة ال المؤمنين إلى الصبر لكن أل يُغني واحد منهما عن الخر الصبر أو‬
‫(يَا َأّيهَا اّلذِينَ آ َمنُو ْا ا ْ‬
‫المصابرة؟ الحقيقة أن الدعوة إلى الصبر دون المصابرة مدعاة للتزلزل والفشل وإذا لم يقترن الصبر بالمصابرة والمجاهدة على الصبر حتى‬
‫يلين الخصم فإنه ل يجني منه شيئا لن نتيجة الصبر تكون لطول الصابرين صبرا كقول الشاعر‪:‬‬
‫ولكنهم كانوا على الموت أصبَرا‬ ‫سقيناهم كأسا سقونا بمثلها‬
‫فالمصابرة هي سبب النصر على الخصوم في ساحات الوغى‪.‬‬
‫*ما الفرق بين السلم واليمان؟(د‪.‬أحمد الكبيسى)‬
‫السلم يتطور حتى يصبح مصدّق مصدق أن يكون دخل بلسانه ثم قرأ وقال وال أبدا ل إله إل ال فعلً وال هو الخالق الرازق وما في غيره‬
‫عمِلُوا الصّاِلحَاتِ ﴿‪﴾25‬‬ ‫ول أشرك به شيئا وكل ما عداه باطل‪ ،‬اقتنع صار مؤمنا عاما هذا الذي صار مؤمنا عاما ال قال ( َوبَشّرِ اّلذِينَ َآ َمنُوا وَ َ‬
‫البقرة) كلما تقرأ (آمنوا وعملوا الصالحات) هذا الذي كان مسلما بلسانه صدق قلبه واعتقد ثم صدق بقلبه وصار عملي يؤدي الصلوات ويؤدي‬
‫الزكاوات صار مؤمنا عاما دخل في دائرة اليمان لكن بدون رتبة‪ ،‬يعني أنت في الجيش لكن بدون رتبة لكنك في الجيش أصبحت مقبولً‬
‫صبْ ِر وَالصّلَاةِ وَِإّنهَا َل َكبِيرَةٌ إِلّا عَلَى‬ ‫س َتعِينُوا بِال ّ‬ ‫جنّةِ ُه ْم فِيهَا خَاِلدُونَ ﴿‪ ﴾82‬البقرة) (وَا ْ‬ ‫عمِلُوا الصّالِحَاتِ أُوَل ِئكَ َأصْحَابُ ا ْل َ‬ ‫(وَاّلذِينَ َآ َمنُوا وَ َ‬
‫صيَامُ ﴿‪ ﴾183‬البقرة) (ِإنّ‬ ‫عَليْكُ ُم ال ّ‬‫شعِينَ ﴿‪ ﴾45‬البقرة) يعني هذا خطاب لشخص مصدق روح صلي روح صوم (يَا َأّيهَا اّلذِينَ َآ َمنُوا ُكتِبَ َ‬ ‫الْخَا ِ‬
‫ن كِتَابًا مَ ْوقُوتًا ﴿‪ ﴾103‬النساء) (يَا َأّيهَا اّلذِينَ َآ َمنُوا َأنْفِقُوا ِممّا رَ َز ْقنَا ُكمْ ﴿‪ ﴾254‬البقرة) كل العبادات التي تترتب على‬ ‫ت عَلَى ا ْلمُ ْؤ ِمنِي َ‬
‫الصّلَا َة كَانَ ْ‬
‫السلم بدأ هذا الذي أسلم بلسانه يعتقد بأن ما يفعله صحيحا وأن عليه واجبات فهذا فدخل في حظيرة اليمان العام صار من ضمن (يَا َأّيهَا‬
‫ط ﴿‪ ﴾135‬النساء) يعني الحلل والحرام يعني هذا‬ ‫صبِرُوا َوصَابِرُوا ﴿‪ ﴾200‬آل عمران) (يَا َأّيهَا اّلذِينَ َآ َمنُوا كُونُوا َقوّامِينَ بِا ْلقِسْ ِ‬ ‫اّلذِينَ َآ َمنُوا ا ْ‬
‫الرجل آمن بقلبه وبدأ يعمل الحلل والحرام هذا مؤمن عام‪ .‬إذا المرحلة الولى السلم القولي والمرحلة الثانية انتقال إلى اليمان بالتصديق‬
‫ح ِب ْبكُمُ اللّهُ﴿‪ ﴾31‬آل‬ ‫حبّونَ اللّ َه فَا ّت ِبعُونِي يُ ْ‬ ‫ن ُك ْنتُمْ ُت ِ‬‫والعمل هذا المؤمن العام يترقى حتى يصير مؤمنا خاصا إتباعه للنبي إتباعا واضحا (قُلْ إِ ْ‬
‫عمران) كيف نعرف هذا؟ إذا امتدحه ال في الكتاب العزيز‪ .‬رب العالمين امتدح شرائح من المؤمنين مدحا عظيما وأعطاك مواصفاتهم‪ ،‬أعطى‬
‫ح ِببْكُ ُم اللّهُ) إتباع‬
‫حبّونَ اللّ َه فَا ّت ِبعُونِي يُ ْ‬ ‫ل يتبع (إِنْ ُك ْنتُ ْم تُ ِ‬ ‫مواصفاتهم حينئذٍ هذا المؤمن الخاص الذي يبدأ تعامله مع النبي تطبيقا من الن رج ً‬
‫مع ورع وحينئذٍ هذا صار من الوجهاء من المقدّمين في الطريق إلى ال في النهاية إذا استمر سيصل إلى أعلى الدرجات‪.‬‬

‫****تناسب افتتاح السورة وخاتمتها****‬


‫ن يَ َديْ هِ َوَأنْزَلَ التّوْرَاةَ وَا ْلِإنْجِيلَ (‬ ‫ص ّدقًا ِلمَا َبيْ َ‬ ‫ب بِا ْلحَقّ مُ َ‬ ‫ل عََليْ كَ ا ْل ِكتَا َ‬ ‫حيّ الْ َقيّو ُم (‪ )2‬نَزّ َ‬ ‫آل عمران ذكر في مفتتحها (الم (‪ )1‬اللّ هُ لَا إِلَ هَ إِلّا ُهوَ الْ َ‬
‫شدِيدٌ وَاللّ ُه عَزِي ٌز ذُو ا ْنتِقَا ٍم (‪ ))4‬وفي أواخر السورة قال (وَإِنّ مِ نْ‬ ‫عذَا بٌ َ‬ ‫ن كَفَرُوا ِبَآيَا تِ اللّ هِ َلهُ ْم َ‬ ‫ل الْ ُف ْرقَا نَ إِنّ اّلذِي َ‬ ‫ل ُهدًى لِلنّا سِ وََأنْزَ َ‬ ‫ن َقبْ ُ‬‫‪ )3‬مِ ْ‬
‫ت اللّ ِه َثمَنًا قَلِيلً أُوْلَـ ِئكَ َلهُ ْم أَجْرُ ُه ْم عِندَ َرّبهِ مْ ِإنّ اللّ هَ‬ ‫ن بِآيَا ِ‬ ‫شتَرُو َ‬ ‫ل يَ ْ‬‫شعِي نَ لِلّ ِه َ‬ ‫ل إَِل ْيكُ مْ َومَآ أُنزِلَ إَِل ْيهِ ْم خَا ِ‬‫أَ ْهلِ ا ْل ِكتَا بِ َلمَن يُ ْؤمِ نُ بِاللّ هِ َومَا أُنزِ َ‬
‫ن يَ َديْهِ وََأنْزَلَ‬ ‫ص ّدقًا ِلمَا َبيْ َ‬
‫ق مُ َ‬ ‫ب بِا ْلحَ ّ‬ ‫ب (‪ ))199‬ذكر الكتب في أول السورة وذكر المصدّقين بالكتب في خواتيمها ( نَزّ َ‬
‫ل عََل ْيكَ ا ْل ِكتَا َ‬ ‫سَرِيعُ ا ْلحِسَا ِ‬
‫ن بِاللّهِ َومَا‬ ‫س وََأنْزَلَ ا ْلفُ ْرقَانَ) وفي أواخرها ذكر الذين اهتدوا بهذه الكتب (وَإِنّ مِنْ أَ ْهلِ ا ْل ِكتَابِ َلمَن يُ ْؤمِ ُ‬ ‫ل ُهدًى لِلنّا ِ‬ ‫ل (‪ )3‬مِنْ َقبْ ُ‬ ‫التّوْرَاةَ وَا ْلِإنْجِي َ‬
‫شدِيدٌ وَاللّ ُه عَزِي ٌز ذُو ا ْنتِقَا مٍ (‪ ))4‬في مطلع‬ ‫ب َ‬ ‫عذَا ٌ‬ ‫أُن ِزلَ إَِل ْيكُ مْ َومَآ أُنزِلَ ِإَل ْيهِ مْ) القرآن والتوراة والنجيل‪ .‬ثم قال (إِنّ اّلذِي نَ َكفَرُوا بَِآيَا تِ اللّ هِ َل ُه مْ َ‬
‫س ا ْل ِمهَادُ (‪ ))197‬كأنما هذه الية تأتي‬ ‫ج َهنّ مُ َو ِبئْ َ‬‫ن كَفَرُوا فِي ا ْلبِلَادِ (‪َ )196‬متَا عٌ َقلِيلٌ ثُمّ مَأْوَا ُه ْم َ‬ ‫ك تَقَلّ بُ اّلذِي َ‬ ‫السورة وفي الخواتيم قال (لَا َيغُ ّرنّ َ‬
‫ت ُهنّ أُمّ‬ ‫ح َكمَا ٌ‬ ‫ت مّ ْ‬ ‫ب ِمنْ هُ آيَا ٌ‬ ‫ل عََليْ كَ ا ْل ِكتَا َ‬ ‫بعد الية التي في مفتتح السورة‪ ،‬هذا تناسب‪ .‬ثم ذكر أولي اللباب في أول ال سورة (هُوَ اّلذِ يَ أَنزَ َ‬
‫ا ْلكِتَاب ِـ وَُأخَ ُر ُمتَشَا ِبهَاتٌـ َفَأمّاـ اّلذِين َـ فـي ُقلُو ِبهِم ْـ َزيْغٌـ َف َيّت ِبعُون َـ مَا تَشَابَه َـ ِمنْهُـ ا ْبتِغَاء ا ْل ِفتْنَةِ وَا ْب ِتغَاء تَ ْأوِيلِه ِـ وَمَا َيعْلَمُـ تَأْوِيلَهُـ ِإلّ اللّهـُ) ويسـتمر‬
‫حمَةً‬ ‫ل تُ ِزغْ قُلُوبَنَا َبعْدَ ِإذْ َه َد ْيتَنَا وَهَبْ َلنَا مِن ّلدُنكَ َر ْ‬ ‫ب (‪َ )7‬رّبنَا َ‬ ‫ن عِندِ َرّبنَا َومَا َيذّكّرُ ِإلّ أُ ْولُواْ ال ْلبَا ِ‬ ‫ل مّ ْ‬ ‫ن آ َمنّا بِ ِه كُ ّ‬
‫ن فِي ا ْلعِ ْل ِم يَقُولُو َ‬‫(وَالرّاسِخُو َ‬
‫ف الّليْلِ وَال ّنهَا ِر لََآيَا تٍ ِلأُولِي‬ ‫ختِلَا ِ‬ ‫سمَاوَاتِ وَا ْلأَرْ ضِ وَا ْ‬ ‫ب (‪ ))8‬هذا كلم أولو اللباب و في خوات يم ال سورة قال (إِنّ فِي خَلْ قِ ال ّ‬ ‫ِإنّ كَ أَن تَ الْوَهّا ُ‬
‫ك فَقِنَا‬‫سبْحَا َن َ‬
‫ت َهذَا بَاطِلًا ُ‬ ‫سمَاوَاتِ وَا ْلأَ ْر ضِ َربّنَا مَا خَلَ ْق َ‬ ‫ن فِي خَلْ قِ ال ّ‬ ‫ب (‪ )190‬اّلذِي نَ َي ْذكُرُو نَ اللّ َه ِقيَامًا َو ُقعُودًا وَعَلَى ُ‬
‫جنُو ِبهِ مْ َو َيتَ َفكّرُو َ‬ ‫الْأَ ْلبَا ِ‬
‫سّيئَا ِتنَا َوتَ َو ّفنَا مَعَ البْرَارِ‬‫عنّا َ‬ ‫غفِرْ َلنَا ُذنُوبَنَا َو َكفّ ْر َ‬ ‫ن آ ِمنُو ْا بِ َرّبكُمْ فَآ َمنّا َرّبنَا فَا ْ‬‫س ِم ْعنَا ُمنَادِيًا ُينَادِي لِلِيمَانِ أَ ْ‬ ‫عذَابَ النّا ِر (‪ ))191‬ثم ذكر ( ّرّبنَا ِإّننَا َ‬ ‫َ‬
‫(‪ ))193‬نفـس الدعاء الذي ذكره أولو اللباب فـي أول السـورة ذكـر مثله فـي خواتيمهـا‪ ،‬هذا تناسـب أن يذكـر أولو اللباب ودعاءهـم فـي أول‬
‫ف ا ْلمِيعَا َد (‬ ‫خلِ ُ‬ ‫ب فِيهِ إِنّ اللّهَ لَا يُ ْ‬ ‫السورة ويذكر أولو اللباب ودعاءهم في خواتيم السورة‪ .‬في أول السورة قال ( َرّبنَا ِإنّكَ جَامِ ُع النّاسِ ِليَوْمٍ لَا َريْ َ‬
‫ل تُخِْل فُ ا ْلمِيعَادَ (‪ ))194‬ليوم ل ريب فيه هذا يوم القيامة‬ ‫‪ ))9‬وفي الخواتيم قال ( َرّبنَا وَآ ِتنَا مَا وَعَد ّتنَا عَلَى ُر سُِلكَ َولَ ُتخْ ِزنَا يَوْ مَ ا ْل ِقيَامَةِ ِإنّ كَ َ‬
‫ف ا ْلمِيعَادَ)‪ ،‬هذا تناسب‪.‬‬ ‫ل تُخْلِ ُ‬ ‫( َرّبنَا وَآ ِتنَا مَا وَعَد ّتنَا) كأنما دعاء ما ذُكر في الول (ِإّنكَ َ‬

‫*****تناسب خاتمة آل عمران مع فاتحة النساء*****‬


‫ن (‪ ))200‬وفي بداية النساء (يَا َأّيهَا‬ ‫صبِرُواْ وَصَابِرُواْ َورَابِطُواْ وَاتّقُواْ اللّهَ َلعَّلكُ ْم تُ ْفلِحُو َ‬
‫في خاتمة آل عمران قال تعالى‪(:‬يَا َأّيهَا اّلذِينَ آ َمنُواْ ا ْ‬
‫صبِرُواْ‬ ‫حدَةٍ (‪ ))1‬إذن صار الخطاب عاما للمؤمنين في خاتمة آل عمران (يَا َأّيهَا اّلذِي َ‬
‫ن آ َمنُواْ ا ْ‬ ‫س اتّقُواْ َرّبكُمُ اّلذِي خََل َقكُم مّن نّفْسٍ وَا ِ‬
‫النّا ُ‬
‫َوصَابِرُواْ وَرَابِطُو ْا وَاتّقُواْ اللّهَ) وأنتم يا أيها الناس اتقوا ربكم إذن كلهم مأمورون بالتقوى‪ .‬المؤمنون هم فئة من الناس والناس أعمّ‪ ،‬المؤمنون‬
‫صبِرُواْ َوصَابِرُو ْا وَرَابِطُواْ وَاتّقُواْ اللّهَ) ثم التفت إلى الناس لن ليس كلهم بهذه الستطاعة فقال‬ ‫أمرهم بأكثر من التقوى (يَا َأّيهَا اّلذِينَ آ َمنُو ْا ا ْ‬
‫اتقوا ربكم الناس فيهم وفيهم (اتقوا ربكم) هذه مطالبين فيها أما المرابطة فليس كلهم مطالبون فيها فمنهم الضعيف والمريض‪ .‬هنا علقة‬
‫الخاص بالعام المؤمنين والناس وبين التقوى وغير التقوى إذن صار ارتباط المر للمؤمنين ولعموم الناس‪.‬‬

You might also like