Professional Documents
Culture Documents
fr
سورة سبأ
*تناسب خواتيم الحزاب مع فواتح سبأ*
س عَنِ السّاعَ ِة قُلْ ِإّنمَا عِ ْل ُمهَا ك النّا ُ السورتان الثالثة والثلثون والرابعة والثلثون وهما الحزاب وسبأ .قال سبحانه في أواخر الحزاب (يَسْأَُل َ
ل بَلَى َو َربّي َلتَ ْأ ِت َينّكُ ْم عَالِمِ ا ْل َغيْبِ لَا َيعْزُبُع ْندَ اللّهِ َومَا ُيدْرِيكَ َلعَلّ السّاعَ َة َتكُونُ َقرِيبًا ()) وفي سبأ قال ( َوقَالَ اّلذِينَ كَ َفرُوا لَا َت ْأتِينَا السّاعَ ُة قُ ْ ِ
ب مُبِينٍ ()) الكلم عن الساعة .ذكر في أواخر الحزاب صغَ ُر مِنْ ذَِلكَ وَلَا َأ ْكبَرُ ِإلّا فِي ِكتَا ٍ ض وَلَا َأ ْ سمَاوَاتِ وَلَا فِي ا ْلأَرْ ِ ل ذَرّ ٍة فِي ال ّ عنْ ُه ِمثْقَا ُ َ
جدُونَ َوِليّا وَلَا َنصِيرًا ()) إلى أن قال (ِل ُيعَذّبَ سعِيرًا () خَاِلدِينَ فِيهَا َأ َبدًا لَا يَ ِ عدّ َلهُ ْم َ عقوبة الكافرين وذكر المؤمنين قال (إِنّ اللّهَ َلعَنَ ا ْلكَافِرِينَ وَأَ َ
غفُورًا رَحِيمًا ()) وذكر المؤمنين (يَا َأّيهَا ش ِركَاتِ َو َيتُوبَ اللّ ُه عَلَى ا ْلمُ ْؤ ِمنِينَ وَا ْلمُ ْؤمِنَاتِ َوكَانَ اللّهُ َ اللّهُ ا ْل ُمنَافِقِينَ وَا ْل ُمنَا ِفقَاتِ وَا ْلمُشْ ِركِينَ وَا ْلمُ ْ
ن يُطِعِ اللّهَ وَ َرسُولَ ُه فَ َق ْد فَا َز فَوْزًا عَظِيمًا ()) ذكر عقوبة عمَاَلكُمْ َو َيغْ ِفرْ َلكُ ْم ُذنُو َبكُمْ َومَ ْ
صلِحْ َلكُمْ أَ ْ
سدِيدًا () يُ ْ اّلذِينَ َآ َمنُوا اتّقُوا اللّ َه َوقُولُوا قَوْلًا َ
ق كَرِي ٌم ())( ،يُصْلِحْ َلكُمْ عمِلُوا الصّاِلحَاتِ أُوَل ِئكَ َلهُ ْم َمغْفِرَةٌ َورِزْ ٌ ي اّلذِينَ َآ َمنُوا وَ َ الكافرين وما أعد للمؤمنين من فوز ،وقال في بداية سبأ (ِليَجْزِ َ
سعَوْا فِي ق كَرِي ٌم ()) .ذكر الكافرين (وَاّلذِينَ َ عمَاَلكُمْ َو َيغْفِرْ َلكُ ْم ُذنُو َبكُمْ َومَنْ يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَ ُه فَ َقدْ فَا َز فَوْزًا عَظِيمًا ()) (أُوَل ِئكَ َلهُ ْم َمغْفِرَةٌ َورِزْ ٌ أَ ْ
ب اللّهُ ا ْل ُمنَافِقِينَ وَا ْل ُمنَا ِفقَاتِ
سعِيرًا () هذا في العذابِ( ،ل ُيعَذّ َ عدّ َلهُمْ َب مِنْ رِجْزٍ َألِي ٌم ()) (إِنّ اللّهَ َلعَنَ ا ْلكَافِرِينَ وَأَ َ عذَا ٌَآيَاتِنَا ُمعَاجِزِينَ أُوَل ِئكَ َلهُ ْم َ
سعَوْا فِي َآيَا ِتنَا ُمعَاجِزِينَ أُوَل ِئكَ َلهُمْ غفُورًا رَحِيمًا ()) وفي سبأ (وَاّلذِينَ َ وَا ْلمُشْ ِركِينَ وَا ْلمُشْ ِركَاتِ َو َيتُوبَ اللّ ُه عَلَى ا ْلمُ ْؤ ِمنِينَ وَا ْلمُ ْؤ ِمنَاتِ َوكَانَ اللّ ُه َ
جزٍ أَلِي ٌم ()) الجزاء في الجر وفي العقاب وفي إنكار الساعة وفي اليمان بها. ب مِنْ رِ ْ عذَا ٌ َ
**هدف السورة :الستسلم لله سبيل بقاء الحضارات**
هذه السورة مكيّة وقد ضربت مثالين مهميّن لنماذج حضارات راقية :قصة سيدنا داوود وسليمان وقصة سبأ.
*أما قصة سيدنا داوود وسليمان فكانت نموذجا لحضارة قوية راقية استقرّت وانتشرت لنها كانت مستسلمة ل تعالى (وَلَ َق ْد آ َتيْنَا دَاوُو َد ِمنّا
حدِيدَ) آية وفي استخدام القرآن لكلمة (أوّبي) دللة على منتهى الستسلم ،وقد سخر ال تعالى طيْرَ َوأََلنّا لَهُ ا ْل َ
ل أَ ّوبِي َمعَهُ وَال ّجبَا ُ َفضْلًا يَا ِ
لسليمان الريح وعين القطر والجن لمّا استسلم ل تعالى.
ل كُلُوا مِن رّ ْزقِ َرّبكُمْ شمَا ٍجّنتَانِ عَن َيمِينٍ َو ِس َك ِنهِ ْم آيَةٌ َ
سبٍَإ فِي مَ ْ *ويأتي النموذج العكسي لقصة سليمان وداوود في قصة سبأ (َل َقدْ كَانَ ِل َ
سدْ ٍر قَلِيلٍشيْ ٍء مّن ِ خمْطٍ وََأثْلٍ وَ َ ن ذَوَاتَى ُأكُلٍ َ
جّنتَيْ ِ
جّن َتيْهِ ْم َ
سيْلَ ا ْلعَرِمِ َو َبدّ ْلنَاهُم بِ َ
ب غَفُو ٌر * فَأَعْ َرضُوا فََأرْسَ ْلنَا عََل ْيهِ ْم َ طّيبَةٌ َورَ ّ
شكُرُوا لَ ُه بَ ْلدَةٌ َوَا ْ
ل نُجَازِي إِلّا ا ْلكَفُورَ) آية إلى .هذه الحضارة العريقة لنها لم تستسلم ل تعالى ولم تعبده كان مصيرها الزوال. * ذَِلكَ جَ َز ْينَاهُم ِبمَا كَ َفرُوا وَهَ ْ
وتسمية السورة بـ (سبأ) هو رمز لي حضارة ل تستسلم ل تعالى لن الستسلم ل هو سبيل بقاء الحضارات أما الحضارات البعيدة عن ال
لن تستمر في الكون مهما ارتقت وعظمت تماما مثل مملكة سبأ .ففي كل عصر يمكننا أن نضع اسما مكان سبأ ينطبق عليهم قول ال تعالى
فيهم فلكل عصر سبأ خاص.
***من اللمسات البيانية فى سورة سبأ***
آية ():
*مقا اللمسقة البيانيقة فقي تقديقم الرحيقم على الغفور فقي سقورة سقبأ وققد وردت فقي باققي القرآن
الغفور الرحيم؟(د.فاضل السامرائى)
في آية واحدة وردت تقديم الرحيم على الغفور وفي بقية اليات تقديم الغفور على الرحيم .لو لحظنا آية سبأ التي تقدم فيها الرحيم على
ل المغفرة تكون للمكلّفين والرحمة عامة حتى الحيوانات تشملها الرحمة لكن المغفرة للمكلفين .سورة سبأ لم يتقدم الية ما يتعلق الغفور .أو ً
خبِيرُ () َيعْلَ ُم مَا يَِلجُ حكِيمُ ا ْل َ
ح ْمدُ فِي الْآخِرَ ِة وَهُوَ الْ َ
ت َومَا فِي ا ْلأَرْضِ َولَهُ الْ َ سمَاوَا ِحمْدُ لِلّهِ اّلذِي لَ ُه مَا فِي ال ّ بالمكلّفين وإنما تقدّمها أمر عام قال (ا ْل َ
ج فِيهَا وَهُوَ الرّحِيمُ ا ْل َغفُو ُر ()) ليس فيها ذكر للمكلفين .ذِكر المكلفين جاء بعدها سمَاء َومَا َيعْرُ ُ ل مِنَ ال ّ ج ِم ْنهَا َومَا يَنزِ ُ خرُ ُفِي الَْأرْضِ َومَا يَ ْ
صغَ ُر مِن ذَِلكَ سمَاوَاتِ وَلَا فِي ا ْلأَرْضِ وَلَا أَ ْ ل ذَرّ ٍة فِي ال ّعنْهُ ِمثْقَا ُ
ب َ ل بَلَى َو َربّي َلتَ ْأ ِت َينّكُ ْم عَالِمِ ا ْل َغيْبِ لَا َيعْزُ ُ ( َوقَالَ اّلذِينَ كَ َفرُوا لَا َت ْأتِينَا السّاعَ ُة قُ ْ
ج ِم ْنهَا)خرُ ُب ّمبِينٍ ()) إذن تأخر ذكر المكلفين فتأخر ما يتعلق بهم (الغفور) .الولى عامة (يَعْلَ ُم مَا يَلِجُ فِي الَْأرْضِ َومَا يَ ْ َولَا َأ ْكبَرُ إِلّا فِي ِكتَا ٍ
تقدمت العامة ولهذا قدّم الرحمة لما كان ما تقدم أمرا عاما ليس خاصا بالمكلفين قدم الرحمة ولما ذكر المكلفين فيما بعد قدم الغفور فيما بعد.
عَليْهِ إِنّ اللّهَ
ل عَا ٍد فَل ِإ ْثمَ َغيْ َر بَاغٍ َو َولذلك في جميع المواطن في القرآن بل استثناء إذا قال غفور رحيم يتقدم ذكر المكلفين ( َفمَنِ اضْطُ ّر َ
س َتغْ ِفرُواْ اللّ َه إِنّ اللّ َه غَفُورٌ رّحِي ٌم () البقرة) هؤلء مكلّفونَ( ،أفَلَ َيتُوبُونَ إِلَى اللّهِ حيْثُ َأفَاضَ النّاسُ وَا ْ غفُورٌ رّحِي ٌم () البقرة) (ثُمّ َأفِيضُو ْا مِنْ َ َ
جمِيعًا ِإنّهُ ُهوَ حمَةِ اللّهِ إِنّ اللّ َه يَغْ ِف ُر ال ّذنُوبَ َ
سهِمْ لَا َت ْقنَطُوا مِن رّ ْ ي اّلذِينَ أَسْ َرفُوا عَلَى أَن ُف ِ عبَادِ َ ل يَا ِ س َتغْ ِفرُونَهُ وَاللّ ُه غَفُورٌ رّحِي ٌم () المائدة) (قُ ْ َويَ ْ
ا ْلغَفُو ُر الرّحِي ُم () الزمر).
آية ():
ض وَل َ فِي ال َّ َ ب ع َن َّرب ِّ َ
ماء) وقوله
س َ ل ذََّرةٍ فِي الْر ِ
مثْقَا ِ
من ِّ
َ
ك ِ ما يَعُْز ُ
*ما الفرق بين قوله تعالى (وَ َ
ض)؟(د.فاضل السامرائى) ْ َ ل ذََّرةٍ فِي ال َّ
مثْقَا ُ (َل يَعُْز ُ
ت وَل فِي الْر ِ ماوا ِ
س َ َ ه ِ
ب عَن ْ ُ
ب عَنشهُودا ِإذْ تُفِيضُونَ فِيهِ َومَا َيعْزُ ُ ل ُكنّا عََل ْيكُمْ ُ
عمَلٍ ِإ ّن مِنْ َل تَ ْعمَلُو َ
شأْنٍ َومَا َتتْلُو مِنْ ُه مِن ُقرْآنٍ َو َ
ن فِي َ قال تعالى في سورة يونس ( َومَا َتكُو ُ
ب مّبِينٍ {}) وقال في سورة سبأ ( َوقَالَ اّلذِينَ كَ َفرُوا لَا ل فِي ِكتَا ٍ
صغَ َر مِن ذَِلكَ وَل َأكْبَرَ ِإ ّ سمَاء َولَ َأ ْ ل فِي ال ّ لرْضِ َو َ ل ذَرّ ٍة فِي ا َّرّبكَ مِن مّثْقَا ِ
صغَ ُر مِن ذَِلكَ وَلَا َأ ْكبَرُ إِلّا فِي ِكتَابٍ
سمَاوَاتِ وَلَا فِي الَْأرْضِ وَلَا أَ ْ ل ذَرّ ٍة فِي ال ّ عنْهُ ِمثْقَا ُ
ب َ
ل بَلَى َو َربّي َلتَ ْأ ِتيَ ّنكُ ْم عَالِمِ ا ْل َغيْبِ لَا يَعْ ُز ُ
تَ ْأتِينَا السّاعَ ُة قُ ْ
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
ّمبِينٍ {}) .بداية الية مختلفة ،التذييل متشابه ،آية سبأ جاءت تذييل وتعقيبا للحديث عن الساعة ،آية يونس جاءت لبيان مقدار إحاطة علم ال
بكل شيء ،وسعة ذلك العلم ،ترتب على هذا اختلف التعبير بين اليتين كما سنوضح فيما يلي:
•في آية سورة يونس استخدم (ما) أما في سورة سبأ استخدمت (ل) والسبب أن في الولى جاء سياق الكلم عن مقدار إحاطة علم
ال تعالى بكل شيء كما جاء في أول الية (وما تكون في شأن) .أما في الية الثانية في سورة سبأ فالسياق في التذييل والتعقيب
على الساعة .و(ل) هذه قد تكون ل النافية (ل يعزب) وتكون للستقبال مثل (ل تجزي نفس عن نفس شيئا) وقد تكون للحال
(مالي ل أرى الهدهد) .إذن (ل) مطلقة تكون للحال أو للمستقبل وهي أقدم حرف نفي في الهربية وأوسعها استعمالً .وهي مع
المضارع تفيد الستقبال وهو مطلق كما في قوله تعالى (ل تأتينا الساعة إل بغتة) فجاء الردّ من ال تعالى (بلى لتأتينكم) و(ل
يعزب) كل الجواب يقتضي النفي بـ (ل) .وجاء استخدام الضمير (عنه) في آية سورة سبأ لنه تقدّم ذكر ال تعالى قبله ،أما في
سورة يونس فلم يتقدم ذكر ال تعالى فجاءت الية (وما يعزب عن ربك).
•عالم الغيب في سورة سبأ وكلمة عالم ل تأتي إل مع المفرد (عالم الغيب والشهادة) وعالم إسم فاعل كقوله تعالى (غافر الذنب)
أما علّم فهي تقتضي المبالغة مثل (غفّار).
•من مثقال ذرة :من الزائدة الستغراقية وهي تفيد الستغراق والتوكيد .نقول في اللغة (ما حضر رجل) وتعني أنه يحتمل أنه لم
يحضر أي رجل من الجنس كله أو رجل واحد فقط .وإذا قلنا :ما حضر من رجل :فهي تعني من جنس الرجل وهي نفي قطعي.
وقوله تعالى في سورة يونس (من مثقال ذرة) للتوكيد لن الية في سياق إحاطة علم ال بكل شيء لذا اقتضى السياق استخدام
(من) الستغراقية التوكيدية.
•التقديم والتأخير في السماء والرض :الكلم في سورة يونس عن أهل الرض فناسب أن يقدم الرض على السماء في قوله
تعالى (وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الرض ول في السماء) أما في سورة سبأ فالكلم عن الساعة والساعة يأتي أمرها
من السماء وتبدأ بأهل السماء (فصعق من في السموات والرض) و(ففزع من في السموات ومن في الرض) ولذلك قدّم السماء
على الرض في قوله تعالى (ل يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ول في الرض).
•السماء والسموات :استخدمت السماء في سورة يونس لن السياق في الستغراق فجاء بأوسع حالة وهي السماء لنها أوسع
بكثير من السموات في بعض الحيان .فالسماء واحدة وهي تعني السموات أو كل ما عل وفي سورة سبأ استخدم السموات حسب
ما يقتضيه السياق.
•الفرق بين (ول أصغرُ) في سورة سبأ و(ول أصغرَ) في سورة يونس :في سورة يونس (أصغرَ) إسم مبني على الفتح ول هي
النافية للجنس وتعمل عمل إنّ وهي تنفي الجنس على العموم .ونقول في اللغة :ل رجلَ حاض ٌر بمعنى نفي قطعي( .هل من
رجل؟ ل رجلَ) وهي شبيهة بحكم (من) السابقة .إذن جاء باستغراق نفي الجنس مع سياق اليات في السورة .أما في سورة سبأ
فالسياق ليس في الستغراق ونقول في اللغة :ل رجلُ حاضرٌ( .هل رجلٌ؟ ل رجلٌ) فهي إذن ليست للستغراق هنا.
آية ():
َ
نه عَي ْ َ سلْنَا ل َ ُ
شهٌْر وَأ َحه َا َشهٌْر وََروَا ُح غُدُوُّه َا َ
ن الّرِي َما َ سلَي ْ َ*ما دللة كلمة (الريح)فى قوله تعالى(وَل ِ ُ
َ
سعِيرِ َ ب ال ّ ن عَذ َا ِم ْه ِ ْ
مرِن َا نُذِق ُ
نأ ْم عَ ْ
منْه ُ ْ ْ
من يَز ِغ ِ ن َرب ِّهِ و َ َ ن يَدَي ْهِ بِإِذ ْ ِ م ُ
ل بَي ْ َ من يَعْ َ
ن َ ن ال ْ ِ
ج ِّ الْقِطْرِ وَ ِ
م َ
{}) ولماذا جاءت على صيغة الفراد؟(د.فاضل السامرائى)
س َتمِرّ {})س مّ ْح ٍ كلمة ريح في القرآن الكريم تستعمل للشّر كما في قوله تعالى في سورة القمر (ِإنّا أَرْسَ ْلنَا عََل ْيهِمْ رِيحا صَرْصَرا فِي يَوْ ِم نَ ْ
ق {}) وسورة ن سَحِي ٍ طيْرُ أَ ْو َتهْوِي بِهِ الرّيحُ فِي َمكَا ٍ خطَفُهُ ال ّ سمَاء َفتَ ْ ش ِركْ بِاللّ ِه َفكََأّنمَا خَ ّر مِنَ ال ّ
ن بِهِ َومَن يُ ْ
ش ِركِي َغيْ َر مُ ْحنَفَاء لِلّ ِه َ وسورة الحجّ ( ُ
عَليْنَا بِ ِه َتبِيعا {}).جدُواْ َل ُكمْ َ
ن الرّيحِ َفيُغْ ِر َقكُم ِبمَا كَ َف ْرتُ ْم ثُ ّم لَ تَ ِل عََل ْيكُمْ قَاصِفا مّ َ سَ السراء (َأمْ َأمِنتُمْ أَن ُيعِي َدكُ ْم فِيهِ تَارَةً ُأخْرَى َفيُرْ ِ
ح فَأَنزَ ْلنَا ِمنَ
أما كلمة الرياح فهي تستعمل في القرآن الكريم للخير كالرياح المبشّرات كما في قوله تعالى في سورة الحجر (وَأَرْسَ ْلنَا ال ّريَاحَ لَوَاقِ َ
ح َمتِهِ
ل ال ّريَاحَ بُشْرا َبيْنَ َيدَيْ رَ ْ سُت ا ْلبَرّ وَا ْلبَحْرِ َومَن يُرْ ِ ظُلمَا ِ سمَا ِء مَا ًء َفأَسْ َق ْينَا ُكمُوهُ َومَا أَنتُمْ لَ ُه بِخَا ِزنِينَ {}) وسورة النمل (َأمّن َي ْهدِيكُ ْم فِي ُ ال ّ
ن {}). عمّا يُشْ ِركُو َ َأإِلَ ٌه مّعَ اللّ ِه َتعَالَى اللّ ُه َ
غ ِم ْنهُمْ عَنْ ن مَن َي ْعمَلُ َبيْنَ َي َديْهِ بِِإذْنِ َربّهِ َومَن يَ ِز ْ عيْنَ الْ ِقطْرِ َومِنَ الْجِ ّ شهْرٌ َوأَسَ ْلنَا لَ ُه َ
حهَا َ ش ْهرٌ وَرَوَا ُ
غدُوّهَا َن الرّيحَ ُ وفي سورة سبأ (وَلِسَُل ْيمَا َ
سعِيرِ {}) استعملت كلمة ريح مع سليمان لكنها لم تُخصص لشيء فجاءت عامة قد تكون للخير أو للشر لن ال سخّرها عذَابِ ال ّ َأمْ ِرنَا نُ ِذقْ ُه مِنْ َ
لسليمان يتصرف بها كيف يشاء.
آية ():
عبَاد ِي ال َّ
شكُوُر ()) لماذا ورد فعل اعملوا مع ن ِ شكًْرا َوقَلِي ٌ ملُوا آ َ
ل دَاوُود َ ُ
َ م ْ
ل ِّ *في سورة سبأ (اعْ َ
أن القرب إلى العققل أن يقول اشكروا آل داوود شكرا ً باعتبار الشكقر مصقدر؟ ولماذا ورد الفعقل
اعملوا ولم يقل افعلوا؟(د.فاضل السامرائى)
شكْرًا) ما معناها وما إعرابها؟ إعملوا شكرا احتمال مفعول به وليس مفعول
ل دَاوُودَ ُ
عمَلُوا آ َ
لو قال اشكروا لصار شكرا مفعول مطلق لكن (ا ْ
مطلق إعملوا الشكر وهو إشارة أن الشكر يُعمَل عمل وليس لسانا فقط إعملوا الشكر مثل اعملوا طاعة الشكر أيضا عمل أنت إذا لم تعمل بما
أعطاك ال من النعم فلست بشاكر ولو بقيت تقول بلسانك الشك ل طول الوقت يعني إذا كان عندك مال ولم تؤدي حقه فلست بشاكر إذن شكر
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
النعمة تأدية حقها وتقول باللسان والعمل فإذن الشكر عمل عندما تعمل شيء في مالك تفيد الخرين هذا عمل هذا من الشكر هذا المر الول لو
قال اشكروا شكرا ليس له هذه الدللة .الن قال اعملوا شكرا إشارة أن الشكر هو ليس فقط كلما وإنما عمل أيضا .ويحتمل أن يكون شكرا
ل لجله .إذن يمكن أن يكون مفعول به مفعول لجله ،اعملوا لجل الشكر أنتم أعطاكم نِعَم فاعملوا لتشكروه اللم لم التعليل ،إذن صار مفعو ً
أو مفعول لجله وقد يكون مفعول مطلق أو حال إعملوا شاكرين المصدر بمعنى الحال مثل (يَا َأّيهَا اّلذِينَ آ َمنُواْ ِإذَا لَقِيتُمُ اّلذِينَ َكفَرُو ْا زَحْفا ()
النفال) زحفا حال .إذن اعملوا شكرا فيها جملة معاني وهي مقصودة ومرادة لو قال اشكروا شكرا لكان معنى واحد تحديدا بينما هنا المفعول
به والمفعول لجله والمفعول المطلق والحال أيّ الشمل؟ اعملوا أشمل اتسعت دائرة الدللة .وأيضا قال اعملوا وليس افعلوا لن العمل بقصد
ولو قال افعلوا آل داوود شكرا ليس بالضرورة أن يكون بقصد (إنما العمال بالنيات) ال تعالى حكمه عام كيف يشاء ل أحد يحاسبه.
فى إجابة أخرى للدكتور فاضل:
شكْرًا) الشكر ليس لسانا فقط وإنما هو عمل ولذلك أعربها قسم مفعول به اعملوا الشكر ،مثلً لو أعطاك ال مالً فشكره ليس ل دَاوُودَ ُ
عمَلُوا آ َ
(ا ْ
أن تقول الحمد ل فقط وإنما أن تؤدي حقّه فإن لم تؤدي حقه فأنت لست بشاكر ولو بقيت تشكر ربك كلما طوال عمرك يعني شكر النعم القيام
شكْرًا) .وقسم يجعل شكرا حال أي اعملوا كونكم شاكرين وقسم ل دَاوُودَ ُ عمَلُوا آ َ
بحقها فالشكر عمل مع القول وليس قولً فقط .اعملوا الشكر (ا ْ
يجعلها مفعول لجله وهي ليس كما قيل شاكروا آل داوود شكرا وإنما هذا واحد من المعاني وإنما الشكر هو عمل أن تؤدي الحقوق التي عليك
فيما آتاك ال من النعم ،أن تقوم به عملً .أعطاك ال جاها فتنفع الناس بجاهك في الخير ،أعطاك ال علما وكتمته أنت آثم حتى لو قلت الحمد
شكُورُ) الشكور مبالغة فالذي يشكر ربه دائما لن
عبَادِيَ ال ّ
ن ِ
ل مّ ْ
ل على ما أعطاني من النعمة ،إذا كنت كاتما للعلم فأنت لست بشاكرَ ( .وقَلِي ٌ
هذا متعلق بالعمال ومتعلق باللسان.
آية ():
*ما دللة كلمة منسأته في آية سورة سبأ ؟(د.فاضل السامرائى)
ل مِنسََأتَهُ فََلمّا خَ ّر َت َبيّنَتِ ا ْلجِنّ أَن لّ ْو كَانُوا َيعَْلمُونَ
ض تَ ْأكُ ُ
ت مَا دَّلهُ ْم عَلَى مَ ْوتِهِ إِلّا دَابّةُ ا ْلأَرْ ِض ْينَا عََليْهِ ا ْلمَوْ َ
قال تعالى في سورة سبأ (فََلمّا قَ َ
ن {}) ،والمنسأة هي العصى .نسأ في اللغة لها دللتين نسأ البعير إذا جرّه وساقه والمنسأة هي عصى عظيمة ب مَا َلبِثُوا فِي ا ْل َعذَابِ ا ْل ُمهِي ِ
ا ْلغَيْ َ
تُزجر بها البل لتسوقها ونسأ بمعنى أخّر الشيء (النسيء) .فلماذا اذن استعمل كلمة منسأة ولم يستعمل كلمة عصى؟ قلنا أن المنسأة لها معنيين
وهما سوق البل والتأخير وفي قصة سليملن هذه العصى كانت تسوق الجنّ إلى العمل مع أن سليمان كان ميتا إلى أن سقطت العصى وسقط
ب مَا َلبِثُوا فِي ا ْل َعذَابِ ا ْل ُمهِينِ) فكما أن الراعي يسوق البل لتسير فهذه المنسأة كانت سليمان (فََلمّا خَ ّر َتبَ ّينَتِ ا ْلجِنّ أَن لّ ْو كَانُوا َيعَْلمُونَ ا ْلغَيْ َ
تسوق الجنّ .والمنسأة كأنها مدّت حكم سليمان فهي أخّرت حكمه إلى أن سقط .فاستعمالها في قصة سليمان أفاد المعنيين واستعمالها من
الجهتين اللغويتين في غاية البيان من جهة السوق ومن جهة التأخير.
ش بها على غنمه خرَى {}) ليه ّ ي فِيهَا مَآ ِربُ أُ ْ غنَمِي َولِ َ ش ِبهَا عَلَى َي عَصَايَ َأتَ َوكُّأ عََل ْيهَا وَأَهُ ّ أما في قصة موسى فاستعمل كلمة العصى (قَالَ ِه َ
وبها رحمة بالحيوان وعكس الولى ول يناسب استخدام كلمة منسأة.
آية ():
َق سأ َ ُ *مقا الفرق بيقن اليتيقن (قُقل َّل ت سأَلُون عَق َ َ
م يَقُولُو َ
نق ملُو َ
نق ( ) سقبأ) و (أ ْ ل عَق َّ
ما تَعْ َ من َقا وََل ن ُق ْ
جَر ْ
ما أ ْ ّ َ ُق ْ
ْ َ ه فَعَل َق َّ
ن () هود)؟ ومقا دللة نسقب الجرام مو َق جَر ُ م َّق
ما ت ُ ْ ريءٌ ِّ مي َوأنَا ب َ ِ ي إِ ْ
جَرا ِق ن افْتََريْت ُق ُ افْتََراه ُق قُ ْ
ل إ ِق ِ
للمؤمنين والعمل لغير المؤمنين؟(د.فاضل السامرائى)
عمّا َتعْمَلُونَ ()) هي في سياق الدعوة والتبليغ والمحاجّة وهذا من باب النصاف في الكلم حتى ل َ عمّا َأجْ َر ْمنَا وَلَا نُسَْأ ُ
ن َ آية سبأ (قُل لّا تُسْأَلُو َ
يستميلهم يقول نحن ل نُسأل عما أجرمنا إذا كنا مجرمين كما ل تُسألون أنتم عن إجرامنا إذا كنا كذلك .أراد أن يستميل قلوبهم فقال (عما
تعلمون) هذا يسموه من باب النصاف في الدعوة ،غاية النصاف ل يريد أن يثيره خاصة في باب التبليغ يريد أن يفتح قلبه بالقبول وإذا قال
ل مّبِينٍ ()) هذا في باب الدعوة وفي باب التبليغ يجعله في تجرمون معناه أغلق باب التبليغ .وقال قبلها (وَِإنّا أَوْ ِإيّا ُكمْ َلعَلَى ُهدًى أَ ْو فِي ضَلَا ٍ
عمْتُم مّن ل ادْعُوا اّلذِينَ زَ َ باب النصاف في الكلم حتى ل يغلق الباب وهذا غاية النصاف .لن السياق في سورة سبأ هو في سياق الدعوة (قُ ِ
حقّ وَهُوَ ا ْل َفتّاحُ ا ْلعَلِي ُم ()) يريد أن يستميل ح بَ ْي َننَا بِالْ َ
جمَ ُع َبيْ َننَا َرّبنَا ثُ ّم يَ ْفتَ ُل يَ ْ ض قُلِ اللّ ُه ()) (قُ ْ سمَاوَاتِ وَالْأَ ْر ِ ل مَن يَرْ ُز ُقكُم مّنَ ال ّ دُونِ اللّ ِه ()) (قُ ْ
قلوبهم وأل يغلق الباب فقال لهم كذلك.
جرَامِي وََأنَ ْا بَرِي ٌء ّممّا تُجْ َرمُونَ () هود) هذه في قصة سيدنا نوح (قل إن ي إِ ْ
في حين في آية سورة هود (أَ ْم يَقُولُونَ ا ْفتَرَا ُه قُلْ إِنِ ا ْفتَ َر ْيتُهُ َفعََل ّ
ج َرمُونَ) إذا أنتم نسبتم إليّ الفتراء ي ِإجْرَامِي وََأ َن ْا بَرِي ٌء ّممّا تُ ْ افتريته فعلي إجرامي) لن الذي يفتري على ال تعالى مجرم (قُلْ إِنِ ا ْفتَ َريْتُ ُه َفعَلَ ّ
ولست كذلك أنتم مجرمون بحقي إذا نسبتم الفتراء إليّ أني أفتري على ال وأنا لست كذلك فأنتم مجرمون بحقي إذن وإن افتريته فأنا مجرم
(فعلي إجرامي) وإن لم أكن كذلك فأنتم نسبتم الفتراء إليّ وأنا بريء من ذلك فأنتم إذن مجرمون بحقي.
المقصود بتجرمون نسبة الفتراء إلى نبي ال هذا هو إجرام القوم في حقه ،هذا أمر .والمر الخر قال (فعلي إجرامي) واحد وقال (تجرمون)
جمع كثير وفيه استمرار لنهم هم نسبوا إليه أمرا واحدا (افتريته) افترى الرسالة ،افترى الكلم (فعلي إجرامي) لكن هم مستمرون إجرامهم
ن فَلَ َت ْب َتئِسْ ِبمَا كَانُواْ
ل مَن قَ ْد آمَ َكثير مستمر هذا قيل في باب غلق الدعوة لما قال له ربه تعالى (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ َأنّهُ لَن يُ ْؤمِنَ مِن قَ ْو ِمكَ ِإ ّ
حيَ إِلَى نُوحٍ َأنّهُ ن () هود) هنا مفاصلة وليس كتلك الية السياق الذي فيها محاجّة يأمل أنهم يعودوا فيستميل قلوبهم ،هذا انغلق هنا ( َوأُو ِ يَ ْفعَلُو َ
ل مَن َق ْد آمَنَ) انتهت المسألة وصارت مفاصلة لنه غلق باب الدعوة والتبليغ( .مما تجرمون) أي الجرام المستمر من ن مِن قَ ْو ِمكَ ِإ ّ
لَن يُ ْؤمِ َ
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
السابق وإلى الن فتبقوا مجرمين إلى أن يهلككم ربكم لذا قال (تجرمون) ولم يقل من إجرامكم لنه ليس إجراما واحدا .ما يفعلونه من المعاصي
هو إجرام مستمر لكن كلم نوح كان منصبا على الفتراء (إن افتريته).
الواو في قوله تعالى (وأنا بريء) هي عطف جملة على جملة.
مع الرسول قال (عما أجرمنا) هذا من باب النصاف كما أنت تتكلم مع شخص ل تريد أن تثيره فتقول :قد علِم ال الصادق مني ومنك وإن
أحدنا لكاذب ،هذا غاية النصاف ل تقول له أنت كاذب .الرسول يريد أن يفتح القلوب ويستميلها ل أن يغلقها هذا يسمى غاية النصاف في
الكلم.
آية ():
* ما اللمسة البيانية في عدم ذكر الجواب فى بعض آيات القرآن الكريم؟ (د.فاضل السامرائى)
قد يُحذف للتعظيم وهذا ورد كثيرا في القرآن كما حذف جواب القسم في أوائل سورة ق (ق وَا ْلقُرْآَنِ ا ْل َمجِي ِد ()) .جواب الشرط يُحذف في
ع ْندَ َرّبهِ ْم يَ ْرجِعُ
ن ِ
ن مَ ْوقُوفُو َن ِبهَذَا ا ْلقُرْآَنِ وَلَا بِاّلذِي َبيْنَ َيدَيْهِ وَلَ ْو تَرَى ِإذِ الظّاِلمُو َ ن كَفَرُوا لَنْ نُ ْؤمِ َ ل اّلذِي َ
القرآن كثيراُ كما في قوله تعالى ( َوقَا َ
ت () النشقاق) (وَلَوْ سمَا ُء انْشَقّ ْ
ن () سبأ) وقوله تعالى (ِإذَا ال ّ س َت ْكبَرُوا لَوْلَا َأ ْنتُمْ َل ُكنّا مُ ْؤ ِمنِي َ
ضعِفُوا لِّلذِينَ ا ْ
ستُ ْ ل يَقُولُ اّلذِينَ ا ْ ضهُمْ إِلَى َبعْضٍ الْقَ ْو َ َبعْ ُ
ق () النفال) وذلك حتى يذهب الذهن كل مذهب وهذا أمر حرِي ِ عذَابَ الْ َ ض ِربُونَ ُوجُو َههُمْ وََأ ْدبَارَ ُهمْ َوذُوقُوا َ تَرَى ِإذْ َيتَ َوفّى اّلذِينَ كَ َفرُوا ا ْلمَلَا ِئكَةُ يَ ْ
عظيم فهناك من يستدعي العقوبات.
* مققا دللة اسققتخدام صققيغة صقبّار شكور ولماذا جاءت صققبّار مقد ّقمة على شكور؟(د.فاضققل
السامرائى)
أولً كلمة (صبّار) الصبر إما أن يكون على طاعة ال أو على ما بصيب النسان من الشدائد .فالصلة تحتاج إلى صبر وكذلك سائر العبادات
كالجهاد والصوم .والشدائد تحتاج للصبر.
شدّة (لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين) أما كلمة (شكور) فالشكر إما أن يكون على النعم (واشكروا نعمة ال) أو على النجاة من ال ّ
شدّة والكرب. فالشكر إذن يكون على ما يصيب النسان من ال ّنعَم أو فيما يُنجيه ال تعالى من ال ّ
إذا نظرنا في القرآن كله نجد أنه تعالى إذا كان السياق في تهديد البحر يستعمل (صبّار شكور) وإذا كان في غيره يستعمل الشكر فقط .ففي
صبّارٍ
ل َ ن فِي ذَِلكَ لََآيَاتٍ ِلكُ ّ حرِ ِب ِن ْعمَةِ اللّهِ ِليُ ِر َيكُ ْم مِنْ َآيَاتِهِ إِ ّ ك تَجْرِي فِي ا ْلبَ ْ سورة لقمان مثلً قال تعالى في سياق تهديد البحر (أَلَ ْم تَرَ أَنّ ا ْلفُ ْل َ
ختّا ٍر كَفُو ٍر ()) وفي حدُ بَِآيَاتِنَا إِلّا كُلّ َ جَ صدٌ َومَا يَ ْ ن فََلمّا نَجّاهُمْ إِلَى ا ْلبَ ّر َف ِمنْهُ ْم ُم ْقتَ ِ ل دَعَوُا اللّ َه مُخِْلصِينَ لَهُ الدّي َج كَالظّلَ ِ ش َيهُ ْم مَوْ ٌ
شكُورٍ () وَِإذَا غَ َِ
شكُورٍ ()) صبّارٍ َ ل َ ن فِي ذَِلكَ َلَآيَاتٍ ِلكُ ّ ظهْرِهِ إِ ّ ح َفيَظْلَلْنَ رَوَا ِكدَ عَلَى َ
سكِنِ الرّي َ ش ْأ يُ ْ
سورة الشورى (إِنْ يَ َ
وهناك أمر آخر وهو أن كلمة صبّار لم تأت وحدها في القرآن كله وإنما تأتي دائما مع كلمة شكور وهذا لن الدين نصفه صبر ونصفه الخر
ن فِي ذَِلكَج قَ ْو َمكَ مِنَ الظُّلمَاتِ ِإلَى النّو ِر َوذَكّرْ ُهمْ ِبَأيّامِ اللّهِ إِ ّ شكر كما في قوله تعالى في سورة ابراهيم (وَلَ َقدْ أَ ْرسَ ْلنَا مُوسَى ِبَآيَا ِتنَا أَنْ أَخْ ِر ْ
ن فِي ذَِلكَل ُممَزّقٍ إِ ّ جعَ ْلنَا ُهمْ أَحَادِيثَ َومَ ّز ْقنَا ُه ْم كُ ّ سهُ ْم فَ َسفَا ِرنَا وَظََلمُوا َأنْ ُف َعدْ َبيْنَ أَ ْ شكُو ٍر ()) وفي سورة سبأ (فَقَالُوا َرّبنَا بَا ِ صبّا ٍر َ
ت ِلكُلّ َ َلَآيَا ٍ
شكُو ٍر ()). صبّا ٍر َ
ت ِلكُلّ َ َلَآيَا ٍ
والن نسأل لماذا استعمل صيغة صبّار على وزن (فعّال)؟ وهذا السؤال يدخل في باب صيغ المبالغة وهو موضوع واسع لكننا نوجزه هنا فيما
يخصّ السؤال.
صيغ المبالغة :مِفعال ،فعّال وفعول كل منها لها دللة خاصة.
مِفعال( :معطاء ومنحار ومعطار) هذه الصيغة منقولة من اللة كـ (مفتاح ومنشار) فنقلوها إلى المبالغة ،فعندما يقولون هو معطاء فكأنه صار
آلة للعطاء ،وقولنا امرأة معطار بمعنى زجاجة عطر أي أنها آلة لذلك.
والدليل على ذلك أن صيغة المبالغة هذه (مِفعال) تُجمع جمع اللة ول تُجمع جمع المذكر السالم ول جمع المؤنث السالم ،فنقول مثلً مفتاح
مفاتيح ،ومنشار مناشير ،ومحراث محاريث ،ورجل مهذار ورجال مهاذير ،فيجمع جمع اللة ،ولذلك ل يؤنث كاللة
هيجتني حزنا يا موقد النار يا موقد النار بالهندي والغار
شبّت لغانية بيضاء معطار بين الرصافة والميدان أرقبها
فل نقول معطارات وإنما نجمع معطار على معاطير ،فنقول نساء معاطير ورجال معاطير ،وامرأة مهذار رجال مهاذير..فهي من الصيغ التي
يستوي فيها المذكر والمؤنث ،ول تجمع جمعا سالما ،فل نقول امرأة معطارة وإنما نقول امرأة معطار ورجل معطار ،ونجمعها جمع اللة
(معاطير) للرجال والنساء .هذه هي القاعدة
صيغة فعّال :من الحِرفة .والعرب أكثرما تصوغ الحِرَف على وزن فعّال مثل نجّار وحدّاد وبزّاز وعطّار ونشّار .فإذا جئنا بالصفة على وزن
الصيغة (فعال) فكأنما حرفته هذا الشيء .وإذا قلنا عن إنسان أنه كذّاب فكأنما يحترف الكذب .والنجّار حرفته النجارة .إذن هذه الصيغة هي من
الحِرفة وهذه الصنعة تحتاج إلى المزاولة .وعليه فإن كلمة صبّار تعني الذي يحترف الصبر .وقد وردت هذه الصيغة في القرآن الكريم في
صفات ال تعالى فقال تعالى (فعّال لما يريد) قوله تعالى غفّار بعدما يقول (كفّار) ليدلّ على أن الناس كلما أحدثوا كفرا واستغفروا غفر ال
غفّارًا () نوح). س َتغْفِرُوا َرّبكُمْ ِإنّهُ كَانَ َ تعالى لهم (فَقُ ْلتُ ا ْ
صيغة فعول :مأخوذة من المادة (المواد) مثل الوقود وهو الحطب الذي يوقد ويُستهلك في التّقاد ،والوضوء الماء الذي يُستهلك في الوضوء،
والسحور ما يُؤكل في السحور ،والسفوف وهو ما يُسفّ ،والبخور وهو ما يُستهلك في التبخير .فصيغة فعول إذن تدل على المادة التي تُستعمل
في الشيء الخاصة به .وصيغة فعول يستوي فيها المؤنّث والمذكر فنقول رجل شكور وامرأة شكور .ول نقول شكورة ول بخورة ول وقودة
شكُر صبُر و ُ مثلً .وكذلك صيغة فعول ل تُجمع جمع مذكر سالم أو جمع مؤنّث سالم فل نقول رجال صبورين أو نساء صبورات وإنما نقول ُ
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
غفُر .وعليه فإن كلمة شكور التي هي على وزن صيغة فعول منقولة من المادة .فإذا قلنا صبور فهي منقولة من المادة وهي الصبر وتعني وُ
أن من نصفه بالصبور هو كله صبر ويُستنفذ في الصبر كما يُستنفذ الوقود في النار .وكذلك كلمة غفور بمعنى كله مغفرة ولذلك قالوا أن أرجى
حمَةِ اللّهِ إِنّ اللّ َه َيغْفِرُ
سهِمْ لَا تَ ْقنَطُوا مِنْ رَ ْ
عبَادِيَ اّلذِينَ َأسْ َرفُوا عَلَى َأنْفُ ِل يَا ِ آية في القرآن هي ما جاء في سورة الزُمر في قوله تعالى (قُ ْ
جمِيعًا ِإنّ ُه هُوَ ا ْل َغفُورُ الرّحِي ُم ()).
ب َ
الذّنُو َ
وهنا نسأل أيهما أكثر مبالغة فعول أو فعّال؟ فعول بالتأكيد أكثر مبالغة من فعّال ولذلك فكلمة صبور هي أكثر مبالغة وتعني أنه يفني نفسه في
الصبر أما كلمة صبّار فهي بمعنى الحِرفة.
ونسأل أيضا أيهما ينبغي أكثر في الحياة الصبر أو الشكر؟ الشكر بالتأكيد لن الشكر يكون في كل لحظة والشكر يكون على نعم ال تعالى علينا
وهي نعم كثيرة وينبغي علينا أن نشكر ال تعالى عليها في كل لحظة لننا في نعمة من ال تعالى في كل لحظة .وقد امتدح ال تعالى ابراهيم
س َتقِي ٍم ()) واستعمل كلمة ط مُ ْج َتبَاهُ وَ َهدَاهُ إِلَى صِرَا ٍ
ش ِركِينَ () شَاكِرًا لَِأ ْن ُعمِهِ ا ْ
حنِيفًا َولَ ْم َيكُ مِنَ ا ْلمُ ْ
عليه السلم بقوله (إِنّ ِإبْرَاهِي َم كَانَ ُأمّةً قَانِتًا لِلّهِ َ
(أنعُم) لنها تدل على جمع القِلّة لنه في الواقع أن نِعم ال تعالى ل تُحصى فل يمكن أن يكون إنسان شاكرا لنعم ال ،والنسان في نعمة في كل
ن َت ُعدّوا ِن ْعمَةَ اللّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنّ اللّهَ َلغَفُورٌ َرحِي ٌم () النحل). الحوال هو في نعمة في قيامه وقعوده ونومه ..الخ كما جاء في قوله تعالى (وَإِ ْ
وعليه فإن الشكر يجب أن يكون أكثر من الصبر فالصبر يكون كما أسلفنا إما عند الطاعات وهي لها أوقات محددة وليست مستمرة كل لحظة
كالصلة والصيام أو الصبر على الشدائد وهي ل تقع دائما وكل لحظة على عكس النّعم التي تكون مستمرة في كل لحظة ول تنقطع تنقطع
لحظة من لحظات الليل أو النهار ،وتستوجب الشكر عليها في كل لحظة فالنسان يتقلب في نعم ال تعالى.
ومما تقدّم نقول أنه تعالى جاء بصيغة صبّار للدللة على الحِرفة وكلمة شكوربصيغة فعول التي يجب أن يستغرقها النسان في الشكر للدللة
على أن النسان يستغرق في الشكر ،ويكفي أن يكون النسان صبّارا ول يحتاج لن يكون صبورا .أما صيغة شكور فجاء بها لن النسان
ينبغي أن يشكر ال تعالى على الدوام وحتى لو فعل فلن يوفّي ال تعالى على ِنعَمه.
آية ():
ما َرأَوُا
ة ل َق َّ سُّروا النَّدَا َ
م َ َق
سَرةِ ( ) مريقم) والندامقة (وَأ َ م ال ْ َ
ح ْق م يَوْق َ
َ
*مقا الفرق بيقن الحسقرة (وَأنذِْرهُق ْ
ب () سبأ)؟ (د.فاضل السامرائى) الْعَذ َا َ
ن يَنقَلِ ْ
ب صرَ َك ّرتَيْ ِ
الحسرة هي أشد الندم حتى ينقطع النسان من أن يفعل شيئا .والحسير هو المنقطع في القرآن الكريم لما يقول (ثُمّ ا ْرجِعِ ا ْلبَ َ
صرُ خَاسِأً وَ ُهوَ حَسِي ٌر () الملك) حسير أي منقطع ،إرجع البصر كرتين ،ثم ارجع البصر ،الحسير المنقطع .الحسير المنقطع والحسرة ِإَل ْيكَ ا ْلبَ َ
سرَ ًة عَلَى ا ْل ِعبَا ِد () يس) هذه هي أشد الندم بحيث ينقطع النسان عن أن يفعل شيئا ويقولون يكون تبلغ به درجة ل ينتفع به حتى ينقطع( .يَا حَ ْ
أكبر الحسرات على النسان وليس هناك أكبر منها .الندم قد يندم على أمر وإن كان فواته ليس بذلك لكن الحسرة هي أشد الندم والتلهف على
ما فات وحتى قالوا ينقطع تماما .يقولون هو كالحسير من الدواب الذي ل منفعة فيه (أدرك إعياء عن تدارك ما فرط منه) .في قصة ابني آدم
ح مِنَ النّادِمِينَ () المائدة) الندم له درجات أيضا ولكن الحسرة صبَ َي سَوْء َة أَخِي َفأَ ْ ب فَأُوَارِ َ
ل هَـذَا ا ْلغُرَا ِ
عجَ ْزتُ أَنْ َأكُونَ ِمثْ َ
ل يَا َويَْلتَا أَ َ
قال (قَا َ
ت عََل ْيهِ ْم () البقرة) منقطعة ول فائدة من الرجوع سرَا ٍ
عمَاَلهُمْ حَ َك يُرِيهِمُ اللّهُ أَ ْ
أشد الندم ،هي من الندم لكن أقوى من الندم يبلغ الندم مبلغا( .كَذَِل َ
مرة ثانية.
آية ():
َ
سعَوْ َ
ن فِقي آيَاتِن َقا (وال ّذِي َق
ن ي َق ْ *مقا دللة الفعقل المضارع يسقعون فقي قوله تعالى فقي سقورة سقبأ َ
ن {})؟(د.فاضل السامرائى)ضُرو َ
ح َ
م ْ
ب ُ ن أُوْلَئ ِ َ
ك فِي الْعَذ َا ِ جزي َ
معَا ِ ِ
ُ
الفعل المضارع له أزمنة كثيرة فقد يكون للمضي (فلم تقتلون أنبياء ال) أو للحال أو الستمرار أو الستقبال .فهو إذن له زمن متّسع اتساعا
كبيرا .وهنا في الية استعمل للمزاولة وليس بالضرورة ما كان في المستقبل فقط ولو قال سعوا لحتمل أن يكون هذا الساعي تاب ول يقام
عليه هذا المر لكن الذي هو مستمر هو الذي يُقام عليه المر.
وقد ورد هذا الفعل (يسعون) بصيغة المضارع أيضا في سورة المائدة {}) و{}.
آية ():
*متى يأتي الضر قبل النفع في القرآن؟(د.فاضل السامرائى)
القدامى بحثوا في هذه المسألة وقالوا حيث يتقدم ما يتضمن النفع يسبق النفع وحيث يتقدم ما يتضمن الضر يقدم الضر( .قُل لّ َأمِْلكُ ِلنَهفْسِي
ل نَذِيرٌ َوبَشِيرٌ لّ َقوْ ٍم يُ ْؤ ِمنُونَ () العراف) قدم ي السّوءُ إِنْ َأنَاْ ِإ ّ سنِ َ
خيْرِ َومَا مَ ّت مِنَ ا ْل َ س َتكْثَ ْر ُب لَ ْ
ل مَا شَاء اللّهُ وَلَ ْو كُنتُ أَعَْلمُ ا ْل َغيْ َ نَ ْفعًا َولَ ضَرّا ِإ ّ
ل فَأُوْلَـ ِئكَ ُهمُ الْخَاسِرُونَ () العراف) فلما قدم الهداية قدم النفع (مَن َيهْدِ اللّهُ النفع على الضر وقال قبلها (مَن َيهْدِ اللّ ُه َفهُوَ ا ْل ُم ْه َتدِي َومَن يُضِْل ْ
خيْرِ) قدم النفع على الضر إذن مناسب هنا تقديم النفع على ت مِنَ الْ َ
س َت ْكثَرْ ُ
ب لَ ْ َفهُوَ ا ْل ُم ْهتَدِي) .وقال بعدها في نفس السياق (وَلَ ْو كُنتُ أَعْلَمُ ا ْل َغيْ َ
ستَ ْأخِرُونَ سَاعَةً َولَ
ل يَ ْ
جلٌ ِإذَا جَاء أَجَُلهُ ْم فَ َل مَا شَاء اللّهُ ِلكُلّ ُأمّةٍ أَ َ ل نَ ْفعًا ِإ ّالضر لن تقدّمها .في تقديم الضر( :قُل لّ َأمِْلكُ ِلنَ ْفسِي ضَرّا َو َ
س الِنسَانَ
خيْرِ () يونس) هذا ضرَ ( ،وِإذَا مَ ّ س ِتعْجَاَلهُم بِا ْل َ
ن () يونس) هنا قدم الضر وقبلها قال تعالى (وََل ْو يُعَجّلُ اللّهُ لِلنّاسِ الشّرّ ا ْ ستَ ْق ِدمُو َ
يَ ْ
عذَابُ ُه َبيَاتًا أَ ْو َنهَارًا () يونس) تقديم الضر عنْهُ ضُرّ ُه () يونس) وبعدها قال (قُلْ أَ َرَأيْتُمْ إِنْ َأتَاكُ ْم َ ش ْفنَا َ عدًا َأوْ قَآ ِئمًا فََلمّا كَ َ
الضّ ّر دَعَانَا ِلجَنبِهِ أَ ْو قَا ِ
أنسب.
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
س ِه ْم نَ ْفعًا َولَ ضَرّا ()) قبلها (وَلِلّهِل َيمِْلكُونَ ِلأَنفُ ِ
خ ْذتُم مّن دُونِهِ َأوِْليَاء َ
ض قُلِ اللّ ُه قُلْ َأفَاتّ َ
سمَاوَاتِ وَالَ ْر ِ
ل مَن رّبّ ال ّمثال آخر في الرعد (قُ ْ
ضرّا () سبأ) قبلها ض نّ ْفعًا وَلَا َ
ضكُمْ ِل َبعْ ٍ
ل () الرعد)( .فَا ْليَوْمَ لَا َيمِْلكُ َبعْ ُ سمَاوَاتِ وَالَرْضِ طَوْعًا َوكَرْهًا وَظِلُلهُم بِا ْل ُغدُوّ وَالصَا ِ جدُ مَن فِي ال ّ سُ
يَ ْ
عبَادِهِ َويَ ْقدِرُ لَ ُه () سبأ) بسط الرزق نفع ويقدر ضر فقالوا حيث يتقدم ما يتضمن النفع يقدم النفع قال (قُلْ إِنّ َربّي َيبْسُطُ الرّزْقَ ِلمَن يَشَاء مِنْ ِ
وحيث يتقدم ما يتضمن الضر يقدم الضر.
*ما اللمسة البيانية في استخدام (الذي) مرة ومرة (التي) مع عذاب النار؟(د.فاضل السامرائى)
ن {}ب النّا ِر اّلذِي كُنتُم بِهِ ُت َكذّبُو َ
عذَا َ
ن فَسَقُوا َفمَأْوَا ُهمُ النّا ُر كُّلمَا َأرَادُوا أَن يَخْ ُرجُوا ِمنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا َوقِيلَ َلهُ ْم ذُوقُوا َ
في سورة السجدة (وََأمّا اّلذِي َ
ضرّا َونَقُولُ ض نّفْعا وَلَا َ ضكُمْ ِل َبعْ ٍ
) الخطاب في السورة موجّه للفاسقين و(الذي) يشير إلى العذاب نفسه .أما في سورة سبأ (فَا ْليَوْمَ لَا َيمِْلكُ َبعْ ُ
عذَابَ النّارِ اّلتِي كُنتُم ِبهَا ُتكَ ّذبُونَ {}) فالخطاب في هذه السورة موجّه إلى الكافرين و(التي) مقصود بها النار نفسها .فالفاسق ِلّلذِينَ ظََلمُوا ذُوقُوا َ
ل ول ينكرون العذاب يمكن أن يكون مؤمنا ويمكن أن يكون كافرُا فهو ل يُكذّب بالنار إنما يُكذّب بالعذاب أما الكافرون فهم يُكذّبون بالنار أص ً
فقط وإنما يُنكرون النار أصلً.
آية ():
مكَا ٍق
ن بَعِيدٍ () سقبأ)؟ (د.فاضقل من َّ نق بِالْغَي ْق ِ
ب ِ ل وَيَقْذِفُو َ *ما معنى هذه الية (وَقَد ْ كَفَُروا ب ِهِ ِ
من قَب ْ ُ
السامرائى)
ن َبعِيدٍ () َوقَ ْد كَفَرُوا بِهِ مِن َقبْلُ َويَ ْق ِذفُونَ ش مِن َمكَا ٍ ب () َوقَالُوا آ َمنّا بِهِ وََأنّى َل ُهمُ ال ّتنَاوُ ُ
ن قَرِي ٍ
خذُوا مِن ّمكَا ٍ (وَلَ ْو تَرَى ِإذْ َفزِعُوا فَلَا فَ ْوتَ وَأُ ِ
ب مِن ّمكَانٍ َبعِيدٍ) هم الن في الخرة ن بِا ْل َغيْ ِ
ن َبعِيدٍ ()) هذه فيها احتمالن أو دللتان :الولى قال ( َو َقدْ َكفَرُوا بِ ِه مِن َقبْلُ َو َي ْقذِفُو َ ب مِن ّمكَا ٍبِا ْلغَيْ ِ
ل َبيْ َنهُمْ َو َبيْنَ مَا
ن َبعِي ٍد ()) وحتى قيل (وَحِي َ ش مِن َمكَا ٍ ب () َوقَالُوا آ َمنّا بِهِ وََأنّى َلهُمُ ال ّتنَا ُو ُن َقرِي ٍ
خذُوا مِن ّمكَا ٍ ت وَأُ ِ
((وَلَ ْو تَرَى ِإذْ فَزِعُوا َفلَا فَوْ َ
ب ()) كفروا بال ،ليس هذا فقط وإنما ذكروا من صفات ال والشرك ،قسم قال ك مّرِي ٍشّعهِم مّن َقبْلُ ِإنّهُ ْم كَانُوا فِي َ شيَا ِن َكمَا ُفعِلَ ِبأَ ْ
ش َتهُو َ
يَ ْ
الملئكة بنات ال وقسم قال ل إبن وقسم ذكروا في صفاتخ من المور مثل واحد يقذف ل يعلم أين هو الشيء والمكان بعيد .أنت تريد أن
ترمي شيئا ما يجب أن تعرف أين هو حتى ترميه ويجب أن تكون المسافة معقولة حتى توصله ،أنت تقذف بالغيب ،ل تعلم أين هو؟ والمكان
ب مِن بعيد فكيف يصل إليه؟ هؤلء حالهم في الكلم على صفات ال وما هم فيه مثل هذاَ ( .و َقدْ َكفَرُوا بِ ِه مِن َقبْلُ) كفروا بالَ ( ،ويَ ْق ِذفُونَ بِا ْلغَيْ ِ
ن َبعِيدٍ) هم هكذا في الدنيا ،يقذفون بالغيب أي يرجمون الكلم عن ال تعالى جزافا فهذا هو حالهم أولً كفروا ثم ذكروا من الصفات في ال ّمكَا ٍ
فيذكرون من صفات ال كأنهم يقذفون بالغيب من مكان بعيد هذا تصوير عجيب ل يعلمون بما يرمون ول أين يرمون ول يعلمون هو في أي
وجهة ومن مكان بعيد! والقذف في اللغة هو الرمي.
****تناسب فواتح سورة سبأ مع خواتيمها****
سمَاوَاتِ َولَا فِي عنْ ُه ِمثْقَالُ ذَرّ ٍة فِي ال ّ
ب َ
ل بَلَى وَ َربّي َل َت ْأتِ َيّنكُ ْم عَاِلمِ ا ْل َغيْبِ لَا َيعْزُ ُ
ن كَفَرُوا لَا تَ ْأتِينَا السّاعَ ُة قُ ْ
ل اّلذِي َ
في أوائلها قال تعالى ( َوقَا َ
ب () َوقَالُوا آ َمنّا بِهِ ن قَرِي ٍ خذُوا مِنْ َمكَا ٍ ن ()) وفي آواخرها (وَلَ ْو تَرَى ِإ ْذ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَُأ ِ ب ُمبِي ٍ
صغَ ُر مِنْ ذَِلكَ وَلَا َأ ْكبَرُ إِلّا فِي ِكتَا ٍالْأَ ْرضِ وَلَا َأ ْ
ن َبعِيدٍ ()) الكلم عن الساعة ،أنى لهم التناوش به وقد كفروا به من قبل؟ هذا الكلم كله عن الساعة .ثم ذكر جزاء َوَأنّى َلهُمُ ال ّتنَا ُوشُ مِن َمكَا ٍ
ش َتهُونَل َبيْ َنهُمْ َو َبيْنَ مَا يَ ْ
ق كَرِي ٌم ()) وفي الخر (وَحِي َ عمِلُوا الصّالِحَاتِ أُوَل ِئكَ َلهُ ْم َمغْفِ َرةٌ وَرِ ْز ٌ جزِيَ اّلذِينَ َآ َمنُوا وَ َ الذين آمنوا في أول السورة (ِليَ ْ
شكّ مُرِيبٍ ()) هؤلء ربنا يرزقهم وهؤلء حيل بينهم وبين ما يشتهون ،في البداية ذكر جزاء عهِ ْم مِنْ َقبْلُ ِإّنهُ ْم كَانُوا فِي َ
شيَا ِ
ل بِأَ ْ
َكمَا ُفعِ َ
المؤمنين وفي النهاية ذكر جزاء الكافرين.
***** تناسب خواتيم سبأ مع فواتح فاطر*****
ن َبعِي ٍد ()ش مِنْ َمكَا ٍ ب () َوقَالُوا َآ َمنّا بِهِ وََأنّى َلهُ ُم ال ّتنَا ُو ُ ن قَرِي ٍ خذُوا مِنْ َمكَا ٍ ذكر في خاتمة سبأ عاقبة الكافرين (وَلَ ْو تَرَى ِإ ْذ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَُأ ِ
ق فَلَا
عدَ اللّهِ حَ ّ
ن َبعِيدٍ ()) هذا الكلم كله في الخرة وفي أوائل فاطر قال (يَا َأّيهَا النّاسُ إِنّ وَ ْ ن َمكَا ٍ
ب مِ ْ ن َقبْلُ َويَ ْق ِذفُونَ بِا ْلغَيْ َِو َق ْد كَفَرُوا بِهِ مِ ْ
ب ()) ذكر عاقبتها والن حذرنا ن قَرِي ٍ خذُوا مِنْ َمكَا ٍ حيَا ُة ال ّدنْيَا َولَا َيغُ ّرّنكُ ْم بِاللّهِ ا ْلغَرُو ُر ()) ،لما قال (وَلَ ْو تَرَى ِإ ْذ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَُأ ِ َتغُ ّرّنكُمُ الْ َ
حيَا ُة ال ّدنْيَا َولَا َيغُ ّرّنكُ ْم بِاللّهِ ا ْلغَرُو ُر () إِنّ
ق فَلَا َتغُ ّرّنكُمُ الْ َ
عدَ اللّ ِه حَ ّ
من أن نقع في ذلك الموقع وفي أن نقف في ذلك الموقف (يَا َأيّهَا النّاسُ إِنّ وَ ْ
عمِلُوا الصّاِلحَاتِ شدِيدٌ وَاّلذِينَ َآ َمنُوا وَ َ ب َ عذَا ٌ سعِي ِر () اّلذِينَ كَ َفرُوا َلهُ ْم َ ب ال ّ صحَا ِ ح ْزبَهُ ِل َيكُونُوا مِنْ أَ ْ
عدُوّا ِإّنمَا يَدْعُو ِ خذُو ُه َ عدُ ّو فَاتّ ِ
شيْطَانَ َلكُ ْم َ ال ّ
عمِلُوا الصّاِلحَاتِ َلهُ ْم َمغْفِرَةٌ َوأَجْ ٌر َكبِي ٌر ()) فالتناسب في َل ُهمْ َمغْ ِفرَةٌ وََأجْ ٌر َكبِي ٌر ()) ذكر العذاب الشديد في خاتمة سبأ وقال (وَاّلذِينَ َآ َمنُوا وَ َ
العذاب والعقوبة في الموقفين.
تم بحمد ال وفضله تجميع وترتيب هذه الخواطر القرآنية للستاذ عمرو خالد واللمسات البيانية في سورة سبأ كما تفضل بها الدكتور فاضل
صالح السامرائي والدكتور حسام النعيمى زادهما ال علما ونفع بهما السلم والمسلمين والدكتور أحمد الكبيسى وقامت بنشرها الخت الفاضلة
سمر الرناؤوط فى موقعها إسلميات جزاهم ال عنا خير الجزاء ..فما كان من فضلٍ فمن ال وما كان من خطأٍ أوسهوٍ فمن نفسى ومن
الشيطان.
أسأل ال تعالى ان يتقبل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم وأن ينفعنا بهذا العلم فى الدنيا والخرة ويلهمنا تدبر آيات كتابه العزيز على النحو
الذى يرضيه وأن يغفر لنا وللمسلمين جميعا يوم تقوم الشهاد ول الحمد والمنة .وأسألكم دعوة صالحة بظهر الغيب عسى ال أن يرزقنا حسن
الخاتمة ويرزقنا صحبة نبيه الكريم فى الفردوس العلى.
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
الرجاء توزيع هذه الصفحات لتعم الفائدة إن شاء ال وجزى ال كل من يساهم في نشر هذه اللمسات خير الجزاء في الدنيا والخرة.